المطلع على دقائق زاد المستقنع «فقه الجنايات والحدود»

عبد الكريم اللاحم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[الجنايات]

المُطْلِعْ عَلى دَقَائِق زَاد المُسْتَقْنِع «فقه الجنايات والحدود» [1]

(ح) دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع، 1432 هـ فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية أثْنَاء النشر اللَّاحِم، عَبد الكَريم بن محمَّد المطلع على دقائق زَاد المستقنع فقه الْجِنَايَات وَالْحُدُود/ عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد اللاحم - الرياض 1432 هـ 4 مج 423 صفحة: 17 × 24 سم. ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 1 - 60 - 8055 - 603 - 978 (ج 1) 1 - الْجِنَايَات (فقه إسلامي) أ - العنوان ديوي 255 ... 1219/ 1432 رقم الْإِيدَاع: 1219/ 1432 ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 1 - 60 - 8055 - 603 - 978 (ج 1) جَمِيْعُ الحُقُوقِ مَحَفُوظَةٌ الطَّبْعَةُ الأُوْلَى 1432 هـ - 2011 م دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع المملكة الْعَرَبيَّة السعودية ص. ب: 27261 - الرياض: 11417 هَاتِف: 4914776 - 4968994 - فاكس: 4453203 E-mail: [email protected]

المقدمة

المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فهذا فقه الجنايات وما توجبه، نقدمه للقراء والباحثين والمدرسين بعدما قدمنا لهم سابقيه (فقه المعاملات المالية، وفقه الأسرة). ويشمل الموضوعات الآتية: 1 - تعريف الجناية. 2 - حكم الجناية. 3 - ما تثبت به الجناية. 4 - أنواع الجناية. 5 - ما توجبه الجناية. أسأل الله أن ينفع به، وأن يجعله خالصًا لوجهه. وصلى الله وسلم على نبينا عمد وعلى آله وصحبه أجمعين. المؤلف

الموضوع الأول تعريف الجناية

الموضوع الأول تعريف الجناية وفيه مبحثان: 1 - تعريف الجناية بالمعنى العام. 2 - تعريف الجناية بالمعنى الخاص.

المبحث الأول تعريف الجناية بالمعنى العام

المبحث الأول تعريف الجناية بالمعنى العام الجناية بالمعنى العام: هي الاعتداء على الدين أو العقل أو البدن أو العرض أو المال. المبحث الثاني تعريف الجناية بالمعنى الخاص الجناية بالمعنى الخاص: هي الاعتداء على البدن بما يوجب قصاصا أو مالا أو كفارة.

الموضوع الثاني حكم الجناية

الموضوع الثاني حكم الجناية وفيه ثلاثة مباحث هي: 1 - بيان الحكم 2 - الدليل 3 - التوجيه

المبحث الأول بيان الحكم

المبحث الأول بيان الحكم الجناية حرام بلا خلاف، ويختلف حكمها باختلاف نوعها وحجمها. فتارة تكون شركا، وتارة تكون كفرا وتارة تكون فسقا كما سيأتي في أنواع الجناية. المبحث الثاني الدليل وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول الدليل من الكتاب من أدلة تحريم الجناية من الكتاب قوله تعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (¬1). المطلب الثاني الدليل من السنة من أدلة تحريم الجناية من السنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [190]. (¬2) سنن الترمذي، كتاب الفتن، باب ما جاء: دماءكم وأموالكم / 2159.

المطلب الثالث الإجماع

المطلب الثالث الإجماع فإن الجناية محرمة بلا خلاف بين العقلاء على وجه الأرض منذ أهبط إليها آدم عليه السلام. المطلب الرابع الدليل من المعقول الدليل العقلي على تحريم الجناية: أنها تنافي الحكمة من إيجاد العباد لعبادة الله تعالى؛ لأن العبادة تشمل فعل ما يريد الله فعله سواء كان واجبا أم مندوبا أم مباحًا، وترك ما لا يريد الله فعله سواء كان محرما أم مكروها. وهذا الفعل وذلك الترك يستدعي ما لا يتم إلا به، ومن مستلزماته استقرار الحياة واستتاب الأمن على الدين والعقل والنفس والعرض والمال والجناية تنافي ذلك، فيعود أثرها على منافاة الحكمة من إيجاد الخلق؛ لأنها إما أن تمنعها أو تقللها أو تضعفها أو تكدر صفوها.

الموضوع الثالث ما تثبت به الجناية

الموضوع الثالث ما تثبت به الجناية وفيه أربعة مباحث هي: 1 - البينة. 2 - الإقرار. 3 - البينة على الإقرار. 4 - القسامة.

المبحث الأول ثبوت الجناية بالبينة

المبحث الأول ثبوت الجناية بالبينة وفيه مطلبان هما: 1 - الثبوت. 2 - التوجيه. المبحث الأول الثبوت إذا وجدت البينة على الجناية أثبتت بها. المطلب الثاني التوجيه وجه ثبوت الجناية بالبينة حديث: (البينة على المدعي) (¬1). المبحث الثاني ثبوت الجناية بالإقرار وفيه مطلبان هما: 1 - الثبوت. 2 - التوجيه. المطلب الأول الثبوت إذا أقر الجاني بالجناية ثبتت عليه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الدعاوى والبينات 10/ 252.

المطلب الثاني التوجيه

المطلب الثاني التوجيه وجه ثبوت الجناية بالإقرار: ما ورد أن رجلا أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل يجره بنسع، فقال: إن هذا قتل أخي. فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذهب به فاقتله) (¬1). المبحث الثالث ثبوت الجناية بالبينة على الإقرار وفيه مطلبان هما: 1 - الثبوت. 2 - التوجيه. المطلب الأول الثبوت إذا قامت البينة على الإقرار بالجناية ثبتت بها. المطلب الثاني التوجيه وجه ثبوت الجناية بالبينة على الإقرار: أن الجناية تثبت بالإقرار بها، فإذا ثبت الإقرار بالبينة ثبتت الجناية به. المبحث الرابع ثبوت الجناية بالقسامة وسيأتي بعد الديات إن شاء الله، حيث ذكره المؤلف هناك. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو/ 450.

الموضوع الرابع أنواع الجناية

الموضوع الرابع أنواع الجناية وفيه مبحثان هما: 1 - أنواع الجناية بالمعنى العام. 2 - أنواع الجناية بالمعنى الخاص.

المبحث الأول أنواع الجناية بالمعنى العام

المبحث الأول أنواع الجناية بالمعنى العام وفيه خمسة مطالب هي: 1 - الجناية على الدين. 2 - الجناية على العقل. 3 - الجناية على البدن. 4 - الجناية على العرض. 5 - الجناية على المال. المطلب الأول الجناية على الدين وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - المراد به. 2 - أمثلته. 3 - أدلته. المسألة الأولى: المراد بالاعتداء على الدين: المراد بالجناية على الدين: التكذيب به، ورده، ورفض الانقياد له. المسألة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الاعتداء على الدين ما يأتي: 1 - الشرك. 2 - الكفر. 3 - الفسق. المسألة الثالثة: الدليل: من أدلة تحريم الاعتداء على الدين ما يأتي:

المطلب الثاني الجناية على العقل

1 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} (¬3). المطلب الثاني الجناية على العقل وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - المراد به. 2 - أمثلته. 3 - دليل تحريمه. المسألة الأولى: بيانه المراد بالجناية على العقل: الجناية على العقل: إذهابه، أو إضعافه، مطلقا أو مؤقتا؛ بمسكر أو مخدر، سواء كان من الشخص نفسه أم من غيره. المسألة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الجناية على العقل ما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [6 - 7]. (¬2) سورة الأعراف، الآية: [40 - 41]. (¬3) سورة السجدة، الآية: [20].

المطلب الثالث الجناية على البدن

1 - شرب الخمر. 2 - تعاطي المسكرات والمخدرات الأخرى. المسألة الثالثة: دليل التحريم: من أدلة تحريم الجناية على العقل ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2). 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) (¬3). 4 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) (¬4). المطلب الثالث الجناية على البدن وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - المراد به. 3 - دليله. 2 - أمثلته. ¬

_ (¬1) سورة المائدة: [91]. (¬2) سورة المائدة، الآية: [90]. (¬3) سنن أبي داود، باب النهي عن المسكر (3679). (¬4) سنن أبي داود، باب النهي عن المسكر (3681).

المطلب الرابع الجناية على العرض

المسألة الأولى: المراد بالجناية على البدن: المراد بالجناية على البدن: إحداث الضرر فيه بما يوجب العقوبة، من قتل أو قطع، أو جرح. المسألة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الجناية على البدن ما يأتي: 1 - الإتلاف للنفس أو بعضها. 2 - الجرح والكسر. 3 - الإيلام بالضرب، واللكز، والخنق، ونحو ذلك. المسألة الثالثة: الدليل: من أدلة تحريم الجناية على البدن ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (¬3). المطلب الرابع الجناية على العرض وفيه ثلاث مسائل هي: ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [190]. (¬2) سورة النساء، الآية: [93]. (¬3) سورة الإسراء، الآية: [33].

1 - بيان المراد به. 2 - أمثلته. 3 - دليله. المسألة الأولى: المراد بالجناية على العرض: الجناية على العرض فعل ما يسيئ إلى المجنى عليه في عرضه أو نسبته إليه. المسألة الثانية: الأمثلة: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة الفعل. 2 - أمثلة النسبة. الفرع الأول: أمثلة الفعل: من أمثلة الجناية على العرض بالفعل ما يأتي: 1 - الزنا. 2 - اللواط. 3 - الاستمتاع بما دون الفرج ومنه ما يأتي: 1 - التقبيل. ب - الوطء دون الفرج. 3 - الجس واللمس. الفرع الثاني: أمثلة النسبة: من أمثلة النسبة ما يأتي: 1 - القذف بالزنا. 2 - القذف باللواط. 3 - الغيبة والنميمة. المسألة الثالثة: الدليل: وفيها فرعان هما: 1 - دليل تحريم الجناية على العرض بالفعل. 2 - دليل تحريم الجناية على العرض بالنسبة.

الفرع الأول: دليل تحريم الجناية على العرض بالفعل: وفيه ثلاثة أمور: 1 - دليل تحريم الزنا. 2 - دليل تحريم اللواط. 3 - دليل تحريم الاستمتاع بما دون الفرج. الأمر الأول: دليل تحريم الزنا: من أدلة تحريم الجناية على العرض بالزنا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (¬1). 2 - قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} (¬2). الأمر الثاني: دليل تحريم اللواط: من أدلة تحريم الجناية على العرض باللواط ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} (¬3). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) (¬4). ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [32]. (¬2) سورة النور، الآية: [2]. (¬3) سورة الأعراف، الآية: [80 - 81]. (¬4) سنن أبي داود، باب فيمن عمل عمل قوم لوط (4462).

الأمر الثالث: الدليل على تحريم الجناية على العرض بما دون الوطء: من أدلة ذلك ما ورد أن رجلا أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها فها أنا ذا فاقض في ما شئت. فقال له عمر - رضي الله عنه -: لقد سترك الله لو سترت نفسك، فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فقام الرجل فانطلق فاتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا فدعاه وتلا عليه قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (¬1) (¬2). الفرع الثاني: الدليل على تحريم الجناية على العرض بنسبة ما يشين: وفيه أمران هما: 1 - دليل تحريم الجناية على العرض بنسبة فعل الفاحشة. 2 - دليل تحريم الجناية على العرض بالغيبة والنميمة. الأمر الأول: الدليل على تحريم الجناية على العرض بنسبة فعل الفاحشة: من أدلة تحريم الجناية على العرض بنسبة فعل الفاحشة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة هود، الآية: [114]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع (4468). (¬3) سورة النور، الآية: [23].

المطلب الخامس الجناية على المال

2 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬1). الأمر الثاني: الدليل على تحريم الجناية على العرض بالغيبة والنميمة: من أدلة تحريم الجناية على العرض بالغيبة والنميمة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (¬2). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما، فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس) (¬3). المطلب الخامس الجناية على المال وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - المراد بالجناية على المال. 2 - الأمثلة. 3 - الدليل. المسألة الأولى: بيان المراد بالجناية على المال: المراد بالجناية على المال: كل ما يحول بينه وبين صاحبه بغير حق. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4]. (¬2) سورة الحجرات، الآية: [12]. (¬3) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب الغيبة (6052).

المسألة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الجناية على المال ما يأتي: 1 - الغصب. 2 - السرقة. 3 - الاختلاس. 4 - الإتلاف. 5 - الجحد. 6 - التطفيف. 7 - الغش والخداع. 8 - الربا. 9 - الرشوة. 10 - القمار. المسألة الثالثة: الدليل: من أدلة تحريم الجناية على المال ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (¬2). 3 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} (¬3). 4 - قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬4). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [188]. (¬2) سورة النساء، الآية: [29]. (¬3) سورة آل عمران، الآية: [130]. (¬4) سورة البقرة، الآية: [275].

المبحث الثاني أنواع الجناية بالمعنى الخاص

المبحث الثاني أنواع الجناية بالمعنى الخاص وفيه مطلبان هما: 1 - أنواع الجناية على النفس. 2 - أنواع الجناية على ما دون النفس. المطلب الأول أنواع الجناية على النفس قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: وهي عمد يختص القود به بشرط القصد وشبه عمد وخطأ. الكلام في هذا المطلب في خمس مسائل هي: 1 - القتل العمد. 2 - القتل شبه العمد. 3 - القتل الخطأ. 4 - القتل الملحق بالخطأ. 5 - القتل بالسبب. المسألة الأولى: القتل العمد: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - تعريف القتل العمد. 2 - حكمه. 3 - أمثلته. الفرع الأول: تعريف القتل العمد: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: فالعمد أن يقصد من يعمله آدميًا معصوما فيقتله بما يغلب على الظن موته. الكلام في هذا الفرع في أمرين هما: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف.

الأمر الأول: التعريف: القتل العمد كما قال المؤلف: أن يقصد القاتل من يعلمه آدميًا معصوما فيقتله بما يغلب على الظن موته به. الأمر الثاني: ما يخرج بالتعريف: وفيه ستة جوانب هي: 1 - ما يخرج بكلمة (أن يقصد). 2 - ما يخرج بكلمة (من يعلمه). 3 - ما يخرج بكلمة (آدميا). 4 - ما يخرج بكلمة (معصوما). 5 - ما يخرج بكلمة (فيقتله). 6 - ما يخرج بكلمة (بما يغلب على الظن موته به). الأمر الأول: ما يخرج بكلمة (أن يقصد): وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - أمثلته. الجانب الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (أن يقصد) حصول القتل من غير قصد، بأن يحصل القتل من غير قصد الفعل، أو من غير قصد المقتول أو من غير قصد القتل، أو يكون القاتل غير معتبر القصد. الجانب الثاني: الأمثلة: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - أمثلة عدم قصد الفعل. 2 - أمثلة عدم قصد المقتول. 3 - أمثلة عدم قصد القتل. : - أمثلة عدم اعتبار القصد. الجزء الأول: عدم قصد الفعل: من أمثلة عدم قصد الفعل ما يأتي:

1 - أن يكون القاتل يشتغل في سيارة فتنحدر فتقتل آدميا، فإنه والحالة هذه لم يكن يقصد تحريك السيارة وإنما تحركت من ذاتها. 2 - أن يكون القاتل يصلح سلاحا فيثور ويقتل آدميا. فإنه والحالة هذه لم يقصد تثوير السلاح ولكنه ثار من غير قصد. 3 - أن ينقلب نائم على صبي فيقتله، فإنه في هذه الحالة لم يقصد الانقلاب، وإنما انقلب من غير شعور. الجزء الثاني: أمثلة عدم قصد المقتول: من أمثلة عدم قصد المقتول ما يأتي: 1 - أن يرمي القاتل صيدا فيصيب آدميا. 2 - أن يرمي ما يظنه صيدا فيكون آدميا. 3 - أن يرمي شاخصا يظنه جمادا فيكون آدميا. 4 - أن يرمي جمادا فيصيب إنسانا. الجزء الثالث: أمثلة عدم قصد القتل: من أمثلة عدم قصد القتل ما يأتي: 1 - أن يقصد بالضرب التأديب فيموت المؤدب به. 2 - أن يموت القتيل في المصارعة من غير إرادة قتله. 3 - أن يموت القتيل في السباحة أثناء تعليمه. 4 - أن يموت القتيل أثناء عملية علاجية مع أخذ الأسباب والاحتياطات. الجزء الرابع: أمثلة عدم اعتبار القصد: من أمثلة عدم اعتبار القصد ما يأتي: 1 - قتل الصبي. 2 - قتل زائل العقل كالمجنون.

الأمر الثاني: ما يخرج بكلمة (من يعلمه): وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. الجانب الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (من يعلمه) قتل من لم يعلمه. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة قتل من لم يعلمه ما يأتي: 1 - أن يدهس شخصا لم يعلمه، كان يكون في ظلمة، أو مستترا بما يحجبه عن الرؤية، أو ملفوفا بما يخفى شخصه. 2 - أن يرمي في موضع يظنه خاليا فيصيب إنسانا لم يعلم به. الأمر الثالث: ما يخرج بكلمة (آدميا): وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. الجانب الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (آدميا) إذا قصد القاتل غير آدمي، فإنه لا يعتبر عمدا، ولا تترتب عليه أحكام العمد. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة قصد غير الآدمي ما يأتي: 1 - أن يقصد القاتل صيدا فيصيب آدميا. 2 - أن يرمي جمادا فيصيب آدميا. الأمر الرابع: ما يخرج بكلمة (معصوما): وفيه جانبان هما:

1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. الجانب الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (معصوما) قصد غير المعصوم، فإنه لا يعتبر عمدا ولا تترتب عليه أحكامه، ولو ظهر أن المقتول معصوم. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة قصد غير المعصوم ما يأتي: 1 - أن يقصد في دار الحرب من يظنه حربيا فيصيب غير حربي. 2 - أن يقصد من يظنه زانيا محصنا فيصيب غيره. 3 - أن يقصد من يظنه مرتدا لا تقبل توبته فيصيب غيره. 4 - أن يقصد من يظنه من وجب عليه القتل قصاصا فيصيب غيره. الأمر الخامس: ما يخرج بكلمة (فيقتله): وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. الجانب الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (فيقتله) ما لو لم يمت المجنى عليه بالجناية. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما يخرج بكلمة (فيقتله) ما يأتي: 1 - أن يقصد آدميا معصوما فيضربه بما يقتل فيعالج ويسلم. 2 - أن يقصد آدميا معصوما فيلقيه في نار فيتخلص منها ويسلم. 3 - أن يقصد آدميا معصوما فيلقيه في ماء يغرقه فيتخلص ويسلم.

الأمر السادس: ما يخرج بكلمة (بما يغلب على الطن موته به): وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. 3 - توجيه ربط الحكم بالآلة. الجانب الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (بما يغلب على الظن موته به) مالا يغلب على الظن الموت به. الجانب الثاني: الأمثلة: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة ما يغلب على الظن الموت به. 2 - أمثلة ما لا يغلب على الظن الموت به. الجزء الأول: أمثلة ما يغلب على الظن الموت به: أمثلة ذلك ستأتي في أمثلة القتل العمد ومن ذلك ما يأتي: 1 - الطعن بالسكين ونحوها. 2 - الضرب بالمسدس ونحوه. 3 - الإلقاء في ماء لا يمكن التخلص منه. 4 - الإلقاء في نار لا يمكن التخلص منها. الجانب الثاني: أمثلة ما لا يقتل غالبا: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - الضرب بالعصى الصغيرة. 2 - الضرب الخفيف في غير مقتل. 3 - الإلقاء في الماء اليسير. الجانب الثالث: توجيه ربط الحكم بالآلة: وجه ربط الحكم بالآلة: أن الدليل على إرادة القتل أحد أمرين هما: 1 - قصد القتل. 2 - الآلة المستعمل فيه.

والقصد أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه، ولو ريط الحكم به لأدى إلى إسقاط القصاص بدعوى عدم إرادة القتل، فتعين اعتبار الآلة لظهور دلالتها على القتل غالبا. الفرع الثاني: حكم القتل العمد: وفيه خمسة أمور هي: 1 - القتل الواجب. 2 - القتل المحرم. 3 - القتل المستحب. 4 - القتل المكروه. 5 - القتل المباح. الأمر الأول: القتل الواجب: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلته. 2 - دليله. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة القتل الواجب ما يأتي: 1 - قتل الحربي. 2 - قتل المرتد. 3 - قتل المحارب. 4 - قتل الزاني المحصن. 5 - قتل القاتل غيلة. الجانب الثاني: الدليل: وفيه خمسة أجزاء هي: 1 - دليل قتل الحربي. 2 - دليل قتل المرتد. 3 - دليل قتل المحارب. 4 - قتل الزاني المحصن. 5 - قتل القاتل غيلة.

الجزء الأول: دليل قتل الحربي: من أدلة قتل الحربي ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (¬2). الجزء الثاني: دليل قتل المرتد: من أدلة قتل المرتد حديث: (من بدل دينه فاقتلوه) (¬3). الجزء الثالث: دليل قتل المحارب: من أدلة قتل المحارب قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا} (¬4). الجزء الرابع: دليل قتل الزاني المحصن: من أدلة قتل الزاني المحصن ما يأتي: 1 - رجم ماعز - رضي الله عنه - (¬5). 2 - رجم الغامدية - رضي الله عنها - (¬6). الجزء الخامس: دليل قتل القاتل غيلة: دليل قتل القاتل غيلة: ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قتل سبعة من أهل صنعاء قتلوا غلامًا، وقال: (لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به) (¬7). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [191]. (¬2) سورة محمد، الآية: [4]. (¬3) سنن الترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في المرتد (1458). (¬4) سورة المائدة، الآية: [33]. (¬5) صحيح البخاري، باب رجم المحصن (6812). (¬6) سنن أبي داود، باب المرأة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمها (4440). (¬7) صحيح البخاري، الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل (6896).

الأمر الثاني: القتل المحرم: وفيه جانبان هما: 1 - بيانه. 2 - دليله. الجانب الأول: بيان القتل المحرم: القتل المحرم هو قتل المعصوم بغير حق. الجانب الثاني: الدليل: من أدلة تحريم القتل ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (¬1). 2 - حديث: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) (¬2). 3 - حديث: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) (¬3). الأمر الثالث: القتل المستحب: وفيه جانبان هما: 1 - بيانه. 2 - دليله. الجانب الأول: بيان القتل المستحب: القتل المستحب قتل القريب في الحرب إذا سب الله ورسوله أو سب أحدهما (¬4)، فإنه للقاتل مستحب. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [33]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم ظلم المسلم (32/ 4256). (¬3) سنن الترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في المرتد (1458). (¬4) مغني المحتاج (4/ 3).

الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه عدم الوجوب. 2 - توجيه الاستحباب. الجزء الأول: توجيه عدم الوجوب: وجه عدم وجوب قتل القريب في الحرب إذا سب الله أو سب رسوله: أنه يرمتعين على القريب فلا يكون واجبا عليه. الجزء الثاني: توجيه الاستحباب: لعل وجه استحباب قتل القريب في الحرب إذا سب الله أو سب رسوله ترجح المصلحة في قتله على المفسدة بقطيعة الرحم بقتله. الأمر الرابع: القتل المكروه: وفيه جانبان هما: 1 - بيانه. 2 - توجيهه. الجانب الأول: بيان القتل المكروه: القتل المكروه: قتل القريب في الحرب إذا لم يسب الله ولا رسوله (¬1). الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه جواز القتل. 2 - توجيه الكراهة. الجزء الأول: توجيه جواز القتل: وجه جواز قتل القريب في الحرب إذا لم يسب الله ولا رسوله: أنه حربي والحربي يجوز لكل مسلم قتله. ¬

_ (¬1) مغني المحتاج (4/ 3).

الجزء الثاني: توجيه كراهة القتل: لعل وجه كراهة قتل القريب في الحرب إذا لم يسب الله ورسوله أن قتل القريب من قطيعة الرحم، فلا ينبغي لقريبه أن يترصده بالقتل ويترك قتله لغيره. الأمر الخامس: القتل المباح: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلته. 2 - التوجيه. الجانب الأول: أمثلة القتل المباح: من أمثلة القتل المباح ما يأتي: 1 - القتل قصاصا. 2 - قتل الإمام للأسير (¬1). الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه قتل القصاص. 2 - توجيه قتل الأسير. الجزء الأول: توجيه قتل القصاص: وجه وصف القتل قصاصا بالإباحة: أنه حق لولي الدم خاصة فيجوز له استيفاؤه والعفو عنه، وهذا هو معنى الإباحة؛ لأنها التخيير بين الفعل والترك. الجزء الثاني: توجيه قتل الأسير: وجه وصف قتل الأسير بالإباحة: أن الإمام مخير فيه بين قتله وتركه، وهذا هو معنى الإباحة كما تقدم. ¬

_ (¬1) مغني المحتاج (4/ 3).

الفرع الثالث: أمثلة القتل العمد: وفيه سبعة عشر أمرا هي: 1 - القتل بالمحدد. 2 - القتل بالمثقل. 3 - القتل بالحبس. 4 - القتل بالخنق. 5 - القتل بالإغراق. 6 - القتل بالإحراق. 7 - القتل بالإلقاء للحيوان المفترس. 8 - القتل بانهاش الحشرات والدواب السامة. 9 - القتل بالسم. 10 - القتل بالإلقاء من شاهق. 11 - القتل بالعين. 12 - القتل بالسحر. 13 - القتل بفعل الفاحشة. 14 - القتل بالصعق الكهربائي. 15 - القتل بالشهادة بما يوجب القتل. 16 - القتل بالحكم بالقتل. 17 - القتل بالأمر بالقتل. الأمر الأول: القتل بالمحدد: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: مثل أن يجرحه بما له مور في البدن. الكلام في هذا الأمر في ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان المراد بالمحدد. 2 - أمثلته. 3 - توجيه التفريق بينه وبين غيره. الجانب الأول: بيان المراد بالمحدد: المراد بالمحدد: كل ما يجرح، سواء كان صغيرا أم كبيرا، وسواء كان من الحديد أم من غيره، وسواء كان سلاحا أم غيره.

الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة المحدد ما يأتي: 1 - السيف. 2 - الفأس والقدوم. 3 - الرمح. 4 - السكين. 5 - القزاز المحدد. 6 - الحجر المحدد. 7 - الخشب المحدد. 8 - العظم المحدد. 9 - الساطور. 10 - المنشار. الجانب الثالث: توجيه التفريق بين المحدد والمثقل: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الفرق. 2 - توجيه التفريق. الجزء الأول: بيان الفرق: من الفروق بين المحدد والمثقل ما يأتي: 1 - المحدد يقتل بحده، والمثقل يقتل بثقله. 2 - المحدد يدمي والمثقل لا يدمي. 3 - المحدد ينفذ في الجسم والمثقل لا ينفذ. 4 - المحدد يقتل ولو كان صغيرا، الثقل لا يقتل إذا كان صغيرا. الجزء الثاني: توجيه التفريق: وجه التفريق بين المحدد والمثقل: أن المحدد يقتل ولو كان صغيرا؛ لأن له نفوذا في الجسم ويسبب النزيف، وهو يقتل غالبا بخلاف المثقل فإن الصغير منه لا يقتل غالبا.

الأمر الثاني: القتل بالمثقل: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: أو يضربه بحجر ونحوه أو يلقي عليه حائطا. الكلام في هذا الأمر في خمسة جوانب هي: 1 - ضابط المثقل. 2 - أمثلته. 3 - الخلاف في القتل به. 4 - حصول القتل بما لا يقتل غالبا. 5 - المرجع في تحديد ما يقتل وما لا يقتل. الجانب الأول: ضابط المثقل: المثقل: ما يقتل بثقله لا بحده. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة القتل بالمثقل ما يأتي: 1 - القتل بالحجر الكبير. 2 - القتل بالخشبة الكبيرة. 3 - القتل بالحديدة الكبيرة غير المحددة. 4 - الدهس بالسيارة. 5 - الصدم بالسيارة من غير جرح. 6 - الضرب بعجلة السيارة. 7 - الإلقاء من شاهق. 8 - الضرب بالمجني عليه في الأرض. الجانب الثالث: الخلاف في القتل بالمثقل: وفيه جزءان هما: 1 - محل الخلاف. 2 - الخلاف. الجزء الأول: محل الخلاف: محل الخلاف: اعتبار القتل بالمثقل قتل عمد أو عدم اعتباره عمدا.

الجزء الثاني: الخلاف: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في اعتبار القتل بالمثقل قتل عمد على قولين: القول الأول: أنه يعتبر عمدا. القول الثاني: أنه لا يعتبر عمدا. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: مما وجه به القول باعتبار القتل بالمثقل قتل عمد ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها رتبت القصاص على القتل وهو يشمل القتل بالمثقل. 2 - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها جعلت لولي المقتول ظلما سلطانا على القاتل لقتل، والمقتول بالمثقل مقتول ظلما، فيكون لوليه سلطان على قاتله بقتله. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) سورة الإسراء، الآية: [33].

3 - ما ورد أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر فقتله رسول - صلى الله عليه وسلم - بين حجرين (¬1). 4 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى وإما أن يقتل) (¬2). 5 - أن المثقل يقتل غالبا فيثبت القصاص بالقتل به كالمحدد. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: مما وجه به القول بعدم اعتبار القتل بالمثقل قتل عمد ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل) (¬3). ووجه الاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: أنه سماه عمد الخطأ ولم يسمه عمدا. الوجه الثاني: أنه أوجب فيه الدية ولم يوجب فيه القصاص. 2 - أن العمد لا يمكن ضبطه بما يقتل غالبا لحصول العمد بدونه كما في الجرح الصغير فيجب ضبطه بالجرح. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، باب القود بغير حديد (4535). (¬2) سنن أبر داود، باب ولي الدم يرض بالدم. (¬3) سنن أبي داود، باب دية الخطأ شبه العمد (4547).

الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول باعتبار القتل بالمثقل عمدا. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح اعتبار القتل بالمثقل عمدا بما يلي: 1 - أنه أقوى أدلة. 2 - أن عدم اعتباره عمدا يؤدي إلى أن من أراد أن يتخلص من شخص قتله بمثقل؛ لأن دفع المال يسير في سبيل التخلص ممن يراد التخلص منه، فيسد هذا الباب باعتبار القتل بالمثقل عمدا موجبا للقصاص. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن الاحتجاج بعدم انضباط العمد بما يقتل غالبا. الشيء الأول: الجواب عن الاحتجاج بالحديث: يجاب عن ذلك بحمله على ما لا يقتل غالبا جمعا بينه وبين أدلة القول الراجح. الشيء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بعدم انضباط العمد بما يقتل غالبا: يجاب عن ذلك: بأن الكلام فيما إذا وجد اليقين بحصول الغلبة به دون ما شك في حصول الغلبة فيه. الجانب الرابع: حصول القتل بما لا يقتل غالبا: وفيه جزءان هما:

1 - إذا كان الضرب ونحوه في مقتل. 2 - إذا لم يكن الضرب في مقتل. الجزء الأول: إذا كان الضرب في مقتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة المقاتل. 2 - حكم القتل. الجزئية الأولى: أمثلة المقاتل: من أمثلة المقاتل ما يأتي: 1 - الكلى. 2 - الكبد. 3 - الخاصرة. 4 - الخصيتين. الجزئية الثانية: حكم القتل: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا كان الضرب بما لا يقتل في مقتل فهو عمد. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار الضرب بما لا يقتل قتل عمد إذا كان في مقتل: أنه يقتل غالبا فكان كالضرب بما يقتل. الجزء الثاني: إذا لم يكن الضرب في مقتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان القتل بتكرار الضرب. 2 - إذا لم يكن بتكرار الضرب. الجزئية الأولى: إذا كان القتل بتكرار الضرب: وفيها فقرتان هما:

1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا كان القتل بما لا يقتل بتكرار الضرب إلى الموت كان عمدا. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون القتل بما لا يقتل عمدا إذا كان القتل بتكرار الضرب أنه يقتل غالبا فكان عمدا كالقتل بالمثقل الكبير. الجزئية الثانية: إذا لم يكن القتل بما لا يقتل بتكرير الضرب: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان بسبب حالة المضروب. 2 - إذا لم يكن بسبب حالة المضروب. الفقرة الأولى: إذا كان القتل بسبب حالة المضروب: وفيها شيئان هما: 1 - أمثلة حالة المضروب. 2 - حكم القتل. الشيء الأول: أمثلة حالة المضروب الموثرة في الموت: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - أن يكون الضرب في حال مرض المقتول. 2 - أن يكون الضرب في حالة ضعف البنية للمقتول. 3 - أن يكون الضرب في حر شديد. 4 - أن يكون الضرب في برد شديد. الشيء الثاني: حكم القتل: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه.

النقطة الأولى: بيان الحكم: إذا كان الضرب بما لا يقتل غالبا في حال لا يتحمل المضروب فيها الضرب كان القتل عمدا. النقطة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار القتل بما لا يقتل غالبا قتل عمد إذا كان في حال لا يتحمل المضروب فيها الضرب: أنه يقتل غالبا فيكون كالقتل بما يقتل. الفقرة الثانية: إذا لم يكن القتل بما لا يقتل بسبب حال المضروب: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأولى: بيان الحكم: إذا لم يكن القتل بما لا يقتل بسبب حال المضروب لم يكن عمدا. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم اعتبار القتل بما لا يقتل عمدا إذا لم يكن بسبب حال المضروب: أنه لا يقتل غالبا فلا يعتبر عمدا. الجانب الرابع: المرجع في تحديد ما يقتل وما لا يقتل: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المرجع. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان المرجع: المرجع في تحديد ما يقتل وما لا يقتل العرف الطبي. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه الرجوع إلى العرف. 2 - توجيه تحديد العرف الطبي.

الجزئية الأولى: توجيه الرجوع إلى العرف: وجه الرجوع إلى العرف أنه لم يرد في الشرع تحديد لما يقتل وما لا يقتل وما لم يرد له تحديد في الشرع يرجع فيه إلى العرف؛ لأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال. الجزئية الثانية: توجيه تحديد العرف الطبي: وجه تحديد العرف الطبي لمعرفة ما يقتل وما لا يقتل: أن الطب أقدر على ذلك من غيره، باعتبار معرفته بتحمل الجسم وعدم تحمله. الأمر الثالث: القتل بالحبس: قال المؤلف: أو يحبسه ويمنعه الطعام أو الشراب فيموت من ذلك في مدة يموت فيها غالبا. الكلام في هذا الأمر في ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان المراد بالقتل بالحبس. 2 - الأمثلة. 3 - تحديد الحبس القاتل. الجانب الأول: بيان المراد بالقتل بالحبس: المراد بالقتل بالحبس: المنع مما تتوقف عليه الحياة. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة القتل بالحبس ما يأتي: 1 - إغلاق المحل على المجني عليه بحيث لا يصل إليه شيء. 2 - ربط المجني عليه بحيث لا يمكنه أن يتناول شيئا. 3 - شد فيه بحيث لا يصل إليه شيء.

الجانب الثالث: تحديد الحبس القاتل: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحد. 2 - التوجيه. الجزء الأوّل: بيان الحد: حدّ الحبس القاتل يختلف باختلاف الزمان والمكان وحال المجني عليه فيرجع في ذلك إلى العرف. الجزء الثاني: التوجيه: وجه الرجوع إلى العرف في تحديد الحبس القاتل: أنَّه لم يرد لذلك تحديد في الشرع، وما لم يرد له تحديد في الشرع يرجع فيه إلى العرف. الأمر الرابع: القتل بالخنق: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: أو يخنقه. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - بيان المراد بالخنق. 2 - الأمثلة. الجانب الأوّل: بيان المراد بالخنق: المراد بالخنق كتم النفس. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة الخنق ما يأتي: 1 - كتم الفم والأنف. 2 - ضغط الحلق. 3 - الحبس في محلّ ضيق مكتوم. 4 - الخنق بالمواد الخانقة. 5 - الخنق بغمس الوجه في الماء أو التراب بما يمنع النفس.

الأمر الخامس: القتل بالإغراق: قال المؤلف: أو في نار أو ماء يغرقه ولا يمكنه التخلص منهما. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - الإغراق المعتبر. 2 - الإغراق غير المعتبر. الجانب الأوّل: الإغراق المعتبر: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد بالإغراق المعتبر. 2 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان المراد بالإغراق المعتبر: الإغراق المعتبر هو الإغراق في ماء لا يمكن التخلص منه، سواء كان لكثرته، أم لضعف الملقى فيه. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الإغراق المعتبر ما يأتي: 1 - إلقاء الصغير. 2 - إلقاء الذي لا يحسن السباحة. 3 - إلقاء المريض. 4 - الإلقاء في الماء الجاري الشديد. 5 - الإلقاء في الماء بعيدا عن اليابس. 6 - الإلقاء في ماء تربته تمسك الواقع فيه. الجانب الثاني: الإغراق غير المعتبر: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان المراد بالإغراق غير المعتبر. 2 - أمثلته. 3 - توجيه عدم الاعتبار. الجزء الأوّل: بيان المراد بالإغراق غير المعتبر: الإغراق غير المعتبر هو الإلقاء في ماء يمكن التخلص منه.

الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الإغراق غير المعتبر ما يأتي: 1 - أن يكون الملقى في الماء يحسن السباحة فلم يخرج من الماء حتى غرق. 2 - أن يكون الماء قليلًا لا يغرق الملقى فيه لكنه بقي فيه حتى غرق. 3 - أن يكون إسعاف الملقى فيه ممكنا لكنه لم يطلب الإسعاف حتى غرق. الجزء الثالث: توجيه عدم الاعتبار: وجه عدم الاعتبار للغرق بما يمكن التخلص منه: أن الغرق حصل بفعل المجنى عليه ببقائه في الماء إلى أن غرق مع إمكان تخلصه بنفسه أو بالإسعاف لو طلبه. الأمر السادس: القتل بالإحراق: قال المؤلف: أو في نار أو ماء يغرقه ولا يمكن التخلص منهما. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - الإحراق المعتبر. 2 - الإحراق غير المعتبر. الجانب الأوّل: الإحراق المعتبر: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد بالإحراق المعتبر. 2 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان المراد بالإحراق المعتبر: الإحراق المعتبر هو الإلقاء في نار لا يمكن التخلص منها سواء كان ذلك لكبرها أم لضعف الملقى فيها. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الإحراق المعتبر ما يأتي:

1 - الإلقاء في نار كبيرة تحرق من يلقى فيها فور إلقائه. 2 - الإلقاء في ماء شديد الحرارة يحرق من يلقى فيه فور إلقائه. 3 - الإلقاء في زيت شديد الحرارة يحرق من يلقى فيه فور إلقائه. 4 - أن يكون الملقى في النار مكبلا. 5 - أن يكون الملقى في النار شيخا هرما. 6 - أن يكون الملقى في النار مريضا. 7 - أن يكون الملقى في النار نضوا الخلقة. 8 - أن يكون الملقى في النار صغيرا. الجانب الثاني: الإحراق غير المعتبر: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان المراد بالإحراق غير المعتبر. 2 - الأمثلة. 3 - توجيه عدم الاعتبار. الجزء الأوّل: بيان المراد بالإحراق غير المعتبر: الإحراق غير المعتبر هو الإلقاء في نار يمكن التخلص منها. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الإحراق غير المعتبر ما يأتي: 1 - الإلقاء في نار يسيرة يمكن التخلص منها لكنه بقي فيها حتى مات. 2 - الإلقاء في ماء لم تشتد حرارته فيستمر الملقى فيه حتى يغلي ويقتله. 3 - الإلقاء في زيت على النار لم تشتد حرارته فيبقى فيه الملقى عنادا حتى تشتد حرارته ويقتله. الجزء الثالث: توجيه عدم الاعتبار: وجه عدم اعتبار الإحراق بما يمكن التخلص منه: أن القتل لم يحصل بالإلقاء وإنما حصل ببقاء الملقى فيه إلى أن احترق.

الأمر السابع: القتل بالإلقاء للحيوان المفترس: وفيه جانبان هما: 1 - الإلقاء المعتبر. 2 - الإلقاء غير المعتبر. الجانب الأوّل: الإلقاء المعتبر: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الإلقاء المعتبر. 2 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان الإلقاء المعتبر: الإلقاء المعتبر هو الجمع بين الحيوان وبين المجني عليه في حال يغلب على الظن قتل الحيوان له. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الجمع بين الحيوان والمجني عليه في حال يغلب على الظن قتل الحيوان له ما يأتي: 1 - الإلقاء في جحر الأسد. 2 - الإلقاء في ممر ضيق للأسد حال مروره. 3 - الإلقاء على الأسد في زريبته. 4 - الإلقاء على الأسد وهو جائع. الجانب الثاني: الإلقاء غير المعتبر: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الإلقاء غير المعتبر. 2 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان الإلقاء غير المعتبر: الإلقاء غير المعتبر: الإلقاء في حال لا يغلب على الظن قتل الحيوان للملقى عليه.

الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الإلقاء في حال لا يغلب على الظن قتل الحيوان للملقى عليه ما يأتي: 1 - الإلقاء في مكان لإسباع فيه فتأتي السباع إليه فتأكله. 2 - الإلقاء لسبع صغير لا يقتل عادة فيقتله. الأمر الثاني: القتل بانهاش الحشرات والدواب: وفيه جانبان هما: 1 - الانهاش المعتبر. 2 - الإنهاش غير المعتبر. الجانب الأوّل: الإنهاش المعتبر: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الإنهاش المعتبر. 2 - الأمثلة. 3 - تحديد السامة وغير السامة. الجزء الأوّل: بيان الإنهاش المعتبر: الإنهاش المعتبر هو إنهاش الدواب السامة. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة إنهاش الدواب السامية ما يأتي: 1 - إنهاش الثعابين بإلقائها أو بالإلقاء عليها، أو الجمع بينهما في مكان أو طريق ضيق. 2 - إنهاش العقارب بإلقائها أو بالإلقاء عليها أو الجمع بينهما في مكان أو طريق ضيق.

الجزء الثالث: تحديد السامة وغير السامة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المرجع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان المرجع: المرجع في تحديد السامة وغير السامة الطب. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه الرجوع إلى الطب في تحديد السامة وغيرها أنهم أهل الاختصاص بما لديهم من خبرة وإمكانات. الجانب الثاني: الإنهاش غير المعتبر: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الإنهاش غير المعتبر. 2 - الأمثلة. 3 - التوجيه. الجزء الأوّل: بيان الإنهاش غير المعتبر: الإنهاش غير المعتبر هو: إنهاش الدواب غير السامة. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الإنهاش غير المعتبر ما يأتي: 1 - إلقاء المجني عليه مكتوفا في مكان واسع فتنهشه الحيات وتلدغه العقارب. 2 - إنهاش الدواب غير السامة. الجزء الثالث: التوجيه: وجه عدم اعتبار العمد في الإنهاش غير المعتبر: أن القتل حصل بما لا يقتل غالبا.

الأمر التاسع: القتل بالسم: قال المؤلف: أو يقتله بسحر أو بسم. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - حال اعتبار القتل بالسم عمدا. 2 - حال عدم اعتبار القتل بالسم. الجانب الأوّل: حال اعتبار القتل بالسم عمدا: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان حال اعتبار القتل بالسم عمدا. 2 - الأمثلة. 3 - المرجع في تحديد كون السم يقتل غالبا. الجزء الأوّل: بيان حال اعتبار القتل بالسم عمدا: يعتبر القتل بالسم عمدا إذا كان يقتل غالبا. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة اعتبار القتل بالسم قتل عمد ما يأتي: 1 - وضع السم للمقتول بالطعام. 2 - وضع السم للمقتول في الشراب. 3 - حقن السم في جسم المقتول بالإبرة. 4 - وضع السم في جرح في المقتول. الجزء الثاث: المرجع في تحديد كون السم المستعمل يقتل أو لا يقتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المرجع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان المرجع: المرجع في تحديد كون السم المستعمل قاتلا أم غير قاتل الطب.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه الرجوع إلى الأطباء في تحديد كون السم المستعمل قاتلا أم غير قاتل: أنهم أهل الاختصاص بما لديهم من إمكانات وخبرة. الجانب الثاني: حال عدم اعتبار القتل بالسم عمدا: وفيه جزءان هما: 1 - بيان حال عدم اعتبار القتل بالسم عمدا. 2 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان حال عدم اعتبار القتل بالسم عمدا: لا يعتبر القتل بالسم عمدا إذا كان لا يقتل غالبا. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة عدم اعتبار القتل بالسم عمدا ما يأتي: 1 - إذا كان السم ضعيفًا لا يقتل غالبا. 2 - إذا كان السم المتناول قليلًا لا يقتل غالبا. 3 - إذا كان واضع السم لم يقصد المتناول له. 4 - إذا كان المتناول للسم عالمًا به. الأمر العاشر: القتل بالإلقاء من شاهق: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: أو يلقيه من شاهق. الكلام في هذا الأمر في جانبين: 1 - حالة كون الإلقاء عمدا. 2 - حالة عدم كون الإلقاء عمدا. الجانب الأوّل: حالة كون الإلقاء عمدا: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الحالة. 2 - من يحدد كون الإلقاء يقتل.

3 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان حالة كون الإلقاء يقتل: حالة اعتبار كون الإلقاء من شاهق قتل عمد: إذا كان يموت الملقى منه غالبا. الجزء الثاني: من يحدد كون الإلقاء يقتل غالبا: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان من يحدد. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان من يحدد: المرجع في تحديد كون الإلقاء يقتل غالبا الطب. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه الرجوع إلى العرف في تحديد كون الإلقاء يقتل: أنَّه لم يرد له حدّ في الشرع وما لم يرد له حدّ في الشرع يرجع فيه إلى العرف. الجزء الثالث: الأمثلة: من أمثلة الإلقاء من شاهق الذي يقتل غالبا ما يأتي: 1 - الإلقاء من البناء العالي. 2 - الإلقاء من الشجرة العالية. 3 - الدحرجة من الجبل العالي القائم بحيث لا يستطيع المدحرج منه إمساك نفسه. 4 - الإلقاء في حفرة عميقة. الجانب الثاني: حالة عدم كون الإلقاء عمدا: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان حالة كون الإلقاء لا يعتبر قتل عمد. 2 - المرجع في تحديد كون الإلقاء لا يقتل غالبا. 3 - الأمثلة.

الجزء الأوّل: بيان الحالة: حالة عدم اعتبار الإلقاء قتل عمد: إذا كان لا يقتل غالبا. الجزء الثاني: المرجع في تحديد كون الإلقاء لا يقتل غالبا: المرجع في تحديد كون الإلقاء لا يقتل غالبا العرف كما تقدم في تحديد كونه يقتل. الجزء الثالث: الأمثلة: من أمثلة كون الإلقاء لا يقتل ما يأتي: 1 - الإلقاء من بناء قصير. 2 - الإلقاء من شجرة قصيرة. 3 - الإلقاء في حفرة قصيرة. الأمر الحادي عشر: القتل بالعين: وفيه جانبان هما: 1 - حالة اعتبار القتل بالعين قتل عمد. 2 - حالة عدم اعتبار القتل بالعين قتل عمد. الجانب الأوّل: حالة اعتبار القتل بالعين قتل عمد: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحالة. 2 - التوجيه. الجزء الأوّل: بيان الحالة: يعتبر القتل بالعين قتل عمد إذا تعمد العائن قتل المعيون وكان معروفا بالقتل بالعين وقادرا على التحكم فيها. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اعتبار القتل بالعين قتل عمد إذا كان العائن معروفا بالقتل بالعين وقادرا على التحكم فيها: أنَّه حصل القتل منه بما يقتل غالبا بإرادته واختياره فكان عمدا كالقتل بالسلاح.

الجانب الثاني: حالة عدم اعتبار القتل بالعين قتل عمد: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحالة. 2 - التوجيه. الجزء الأوّل: بيان الحالة: لا يعتبر القتل بالعين قتل عمد فيما يلي: 1 - إذا كان العائن غير معروف بالقتل بالعين. 2 - إذا كان لا يملك التحكم في الإصابة بالعين. 3 - إذا أصاب من غير قصد. الجزء الثالث: التوجيه: وفيه ثلاث جزئيات هي: الجزئية الأولى: توجيه عدم اعتباره قتل عمد إذا لم يكن العائن معروفا بالقتل بالعين: وجه ذلك: أن القتل حصل بما لا يقتل غالبا. الجزئية الثانية: توجيه عدم اعتباره قتل عمد إذا كان لا يملك التحكم فيها: وجه ذلك: أن القتل حصل من غير إرادة ولا اختيار فلم يكن عمد كحفر البئر وانقلاب النائم. الجزئية الثالثة: توجيه عدم اعتباره قتل عمد إذا أصاب من غير قصد: وجه ذلك: أن العائن لم يقصد القتل، فلم يكن عمدا، كمن رمى صيدا فأصاب إنسانا. الأمر الثاني عشر: القتل بالسحر: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: أو يقتله بسحر. الكلام في هذا الأمر في ثلاثة جوانب هي:

1 - تعريف السحر. 2 - حالة كون القتل بالسحر قتل عمد. 3 - حالة كون القتل بالسحر ليس قتل عمد. الجانب الأوّل: تعريف السحر: السحر عزائم ورقى وعقد وأدوية يتوصل بها إلى ضرر المسحور. الجانب الثاني: حالة كون القتلى بالسحر قتل عمد: وفيه جزءان هما: 1 - بيان حالة القتل العمد. 2 - المرجع في تحديد كون السحر المستعمل يقتل غالبا. الجزء الأوّل: بيان حالة القتل العمد: يعتبر القتل بالسحر قتل عمد إذا كان يقتل غالبا. الجزء الثاني: المرجع في بيان أن السحر المستعمل في القتل يقتل غالبا: المرجع في بيان أن السحر المستعمل في القتل يقتل غالبا: من يعرف ذلك، فقد يوجد من كان يستعمل السحر ثمَّ تاب، فيرجع إليه في ذلك. الجانب الثالث: حالة كون القتل بالسحر ليس قتل عمد: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحالة. 2 - المرجع في بيان أن السحر المستعمل لا يقتل. الجزء الأوّل: بيان حالة كون القتل بالسحر لا يعتبر قتل عمد: لا يعتبر القتل بالسحر قتل عمد إذا كان لا يقتل غالبا. الجزء الثاني: المرجع في بيان كون السحر المستعمل لا يقتل غالبا: المرجع في ذلك: إلى من يعرفه كما تقدم في المرجع في بيان أن السحر يقتل غالبا.

الأمر الثالث عشر: القتل بفعل الفاحشة: وفيه جانبان هما: 1 - حالة اعتبار القتل بفعل الفاحشة قتل عمد. 2 - حالة عدم اعتبار القتل بالفاحشة قتل عمد. الجانب الأول: حالة اعتبار القتل بالفاحشة قتل عمد: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الحالة. 2 - المرجع في بيان كون فعل الفاحشة يقتل غالبا. 3 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان الحالة المعتبرة قتل عمد: يعتبر القتل بفعل الفاحشة قتل عمد إذا كان يقتل غالبا. الجزء الثاني: المرجع في بيان كون الفاحشة المفعولة تقتل: المرجع في ذلك إلى الطب، فإن قرر الطب أن الفاحشة المفعولة تقتل غالبا اعتبرت قتل عمد. الجزء الثالث: الأمثلة: من أمثلة كون الفاحشة تقتل غالبا ما يأتي: 1 - أن تسبب نزيفا للمفعول به لا يقف حتى الموت. 2 - أن تسبب تفككا وآلاما في الموضع تؤدي إلى الموت. 3 - إذا كان المفعول به صغيرا أو مريضا أو نضو الخلقة. الأمر الرابع عشر: القتل بالصعق الكهربائي: وفيه جانبان هما:

1 - حالة كون القتل بالصعق الكهربائي قتل عمد. 2 - حالة عدم كون القتل بالصعق الكهربائي قتل عمد. الجانب الأوّل: حالة كون القتل بالصعق الكهربائي قتل عمد: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الحالة. 2 - المرجع في بيان كون الكهرب المستعمل يقتل غالبا. 3 - الأمثلة. الجزء الأوّل: بيان الحالة: يعتبر القتل بالكهرباء قتل عمد إذا كان يقتل غالبا. الجزء الثاني: المرجع في بيان كون الكهرب المستعمل يقتل غالبا: المرجع في ذلك أهل الخبرة بقوة الكهرباء وتأثيره. الجزء الثالث: الأمثلة: من أمثلة القتل بالكهرباء ما يأتي: 1 - أن يجعل الكهرب في ماء ويلقى الشخص فيه. 2 - أن يلقى الشخص على أسلاك الكهرباء العارية من غير واقي. 3 - أن تلقى أسلاك الكهرباء العارية على الشخص من غير واقي. الجانب الثاني: حالة كون القتل بالكهرباء غير عمد: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحالة. 2 - المرجع في بيان كون الكهرب لا يقتل غالبا. الجزء الأوّل: بيان الحالة: لا يعتبر القتل بالكهرباء قتل عمد إذا كان لا يقتل غالبا.

الجزء الثاني: المرجع في بيان كون الكهرباء لا يقتل غالبا: المرجع في ذلك إلى أهل الخبرة بالكهرب وقوته كما تقدم في بيان كون الكهرب يقتل غالبا. الأمر الخامس: القتل بالشهادة: قال المؤلف: أو شهدت عليه بينة بما يوجب قتله ثمَّ رجعوا وقالوا: عمدنا قتله ونحو ذلك. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - الشهادة المعتبرة قتل عمد. 2 - الشهادة التي لا تعتبر قتل عمد. الجانب الأوّل: الشهادة المعتبرة قتل عمد: وفيه خمسة أجزاء هي: 1 - بيان الشهادة المعتبرة قتل عمد. 2 - الأمثلة. 3 - الدليل على اعتبارها قتل عمد. 4 - التوجيه. 5 - شرط اعتبارها قتل عمد. الجزء الأوّل: بيان الشهادة المعتبرة قتل عمد: الشهادة المعتبرة قتل عمد: هي الشهادة بما يوجب القتل. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الشهادة بما يوجب القتل ما يأتي: 1 - الشهادة على المحصن بالزنا. 2 - الشهادة بالقتل العمد. 3 - الشهادة بالردة التي لا تقبل فيها التوبة كسب الله وسب رسوله.

الجزء الثالث: الدليل على اعتبار الشهادة قتل عمد: يدلّ لذلك ما ورد أن رجلين شهدا عند علي - رضي الله عنه - على رجل أنَّه سرق فقطعه، ثمَّ رجعا عن شهادتهما، فقال علي - رضي الله عنه -: (لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما. وغرمهما دية يده) (¬1). الجزء الرابع: التوجيه: وجه اعتبار الشهادة بما يوجب القتل قتل عمد: أنها تؤدي إلى القتل غالبا. الجزء الخامس: شرط اعتبار الشهادة قتل عمد: وفيه ثلاث جزئيات: 1 - بيان الشرط. 2 - التوجيه. 3 - ما يثبت به تعمد القتل. الجزئية الأولى: بيان الشرط: من الشروط المعتبرة لكون الشهادة قتل عمد ما يأتي: 1 - أن تكون الشهادة بما يوجب القتل. 2 - أن يتعمد الشهود قتل المشهود عليه. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه الشرط الأوّل. 2 - توجيه الشرط الثاني. الفقرة الأولى: توجيه الشرط الأوّل: وجه اشتراط كون الشهادة بما يوجب القتل أنها إذا لم تكن موجبة للقتل لم تكن مؤدية للقتل غالبا فلا تكون قتل عمد. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل، ما بين (6895، 6896).

الفقرة الثانية: توجيه الشرط الثاني: وجه اشتراط تعمد الشهود قتل المشهود عليه: أنَّه لا يتحقق القتل العمد وهو تعمد القتل إذا لم يقصد بالشهادة القتل. الجزئية الثالثة: ما يثبت به تعمد القتل: يثبت تعمد القتل بالشهادة: بإقرار الشهود، أو بالشهادة على إقرارهم. الجانب الثاني: الشهادة التي لا تعتبر قتل عمد: وفيه جزءان هما: 1 - الشهادة بما لا يوجب القتل. 2 - الشهادة من غير تعمد القتل. الجزء الأول: الشهادة بما لا يوجب القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الشهادة بما يحتم القتل ما يأتي: 1 - الشهادة بجحد فريضة الصلاة. 2 - الشهادة بجحد فريضة الزكاة. 3 - الشهادة بجحد فريضة الحج. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم اعتبار الشهادة بما لا يحتم القتل قتل عمد: أنَّه لا يؤدي إلى القتل غالبا؛ لأنَّ بإمكان المشهود عليه أن يتوب ويرجع إلى الإِسلام بالإقرار بما جحده. الجزء الثاني: الشهادة بما يوجب القتل من غير تعمد القتل: وفيه جزئيتان هما:

1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الشهادة بما يوجب القتل من غير تعمد القتل ما يأتي: 1 - الشهادة على المحصن بالزنا مع الجهل بأنّه يرجم. 2 - الشهادة على شخص بأنّه يسب الله مع الجهل بأنّه يتحتم قتله. 3 - الشهادة بالقتل العمد كذبا ظنا أن الوليّ سيعفوا، أو يقبل المال. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم اعتبار الشهادة بما يوجب القتل عمدا إذا لم يتعمد القتل: أن شرط العمد لم يتحقق فيه وهو تعمد القتل. الأمر السادس عشر: القتل بالحكم بالقتل: وفيه جانبان هما: 1 - الحكم المعتبر قتل عمد. 2 - الحكم الذي لا يعتبر قتل عمد. الجانب الأوّل: الحكم المعتبر قتل عمد: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - بيان الحكم المعتبر قتل عمد. 2 - الأمثلة. 3 - التوجيه. 4 - شرط اعتبار الحكم بالقتل قتل عمد. الجزء الأوّل: بيان الحكم المعتبر قتل عمد: الحكم المعتبر قتل عمد: هو الحكم بالقتل مع العلم بعدم استحقاق القتل. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الحكم بالقتل مع العلم بعدم استحقاق القتل ما يأتي: 1 - الحكم بالرجم مع العلم بكذب شهود الزنا أو عدم عدالتهم.

2 - الحكم بالرجم مع عدم اكتمال الشهادة. 3 - الحكم بالقصاص مع العلم بكذب الشهود أو عدم عدالتهم. 4 - الحكم بالقصاص مع عدم اكتمال الشهادة. 5 - الحكم بالردة بما لا تقبل فيه التوية مع العلم بكذب الشهود. الجزء الثالث: التوجيه: وجه اعتبار الحكم بما يوجب القتل مع العلم بعدم ثبوته قتل عمد: أنَّه يؤدي إلى القتل غالبا. الجزء الرابع: شرط اعتبار الحكم بالقتل قتل عمد: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الشرط. 2 - التوجيه. 3 - ما يثبت به تعمد القتل. الجزئية الأولى: بيان الشرط: من الشروط لكون الحكم بالقتل قتل عمد ما يأتي: 1 - أن يكون الحكم بما يوجب القتل. 2 - تعمد الحاكم للقتل. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه الشرط الأوّل. 2 - توجيه الشرط الثاني. الفقرة الأولى: توجيه الشرط الأوّل: وجه اشتراط كون الحكم بما يوجب القتل: أنَّه إذا كان الحكم بما لا يوجب القتل لم يكن مؤديا إلى القتل غالبا فلا يكون قتل عمد.

الفقرة الثانية: توجيه الشرط الثاني: وجه اشتراط تعمد الحاكم قتل المحكوم عليه: أنَّه إذا لم يتعمد قتل المحكوم عليه لم يتحقق شرط القتل العمد، وهو تعمد القتل. الجزئية الثالثة: ما يثبت به تعمد القتل: يثبت تعمد الحاكم للقتل بالحكم بالقتل بإقراره أو بالشهادة على إقراره: الجانب الثاني: الحكم الذي لا يعتبر قتل عمد: وفيه جزءان هما: 1 - الحكم بما لا يوجب القتل. 2 - الحكم بالقتل من غير تعمد للقتل. الجزء الأوّل: الحكم بما لا يوجب القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الحكم بما لا يوجب القتل ما يأتي: 1 - الحكم بالردة بجحد فريضة الصلاة. 2 - الحكم بالردة بجحد فريضة الزكاة. 3 - الحكم بالردة بجحد فريضة الحج. 4 - الحكم بالردة بجحد فريضة الصوم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم اعتبار الحكم بما لا يوجب القتل قتل عمد: أنَّه لا يؤدي إلى القتل غالبا؛ لأنَّ بإمكان المحكوم عليه أن يسقط الحكم عنه بالإقرار بما ادعى عليه جحده وحكم به عليه.

الجزء الثاني: الحكم بما يوجب القتل من غير تعمد للقتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الحكم بما يوجب القتل من غير تعمد القتل ما يأتي: 1 - الحكم على المحصن بثبوت الزنا مع عدم اكتمال نصاب الشهادة عند الحاكم فيرجم بحكمه ظنا منه أن الحد الجلد. 2 - الحكم بثبوت القتل العمد العدوان مع علم الحاكم بعدم ثبوته ظنا منه أن الوليّ سيعفو أو يقبل المال. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم اعتبار الحكم بما يوجب القتل قتل عمد إذا لم يتعمد الحاكم القتل: أن شرط العمد لم يتحقق وهو تعمد القتل. الأمر السابع عشر: الأمر بالقتل: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإن أمر بالقتل غير مكلف أو مكلفا يجهل تحريمه، أو أمر به السلطان ظلما من لا يعرف ظلمه فيه فقتل فالقود أو الدية على الآمر، وإن قتل المأمور المكلف عالمًا تحريم القتل فالضمان عليه دون الآمر. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - إذا كان المأمور غير مكلف. 2 - إذا كان المأمور مكلفا. الجانب الأوّل: إذا كان المأمور غير مكلف: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة غير المكلف. 2 - مسؤولية القتل.

الجزء الأوّل: الأمثلة: من أمثلة غير المكلف ما يأتي: 1 - الصغير. 2 - المجنون. 3 - المعتوه. الجزء الثاني: مسؤولية القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان المسؤولية: إذا كان المأمور بالقتل غير مكلف كانت مسؤولية القتل على الآمر سواء كان الآمر السلطان أم غيره، وسواء كان مطاعا كالسيد أم غيره. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه عدم مسؤولية القاتل. 2 - توجيه مسؤولية الآمر. الفقرة الأولى: توجيه عدم مسؤولية القاتل: وفيه عدم مسؤولية القاتل غير المكلف ما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ) (¬1). 2 - أن من شروط القصاص قصد القتل، وغير المكلف ليس له قصد معتبر. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أيصيب حدا/ 2398.

الفقرة الثانية: توجيه مسؤولية الآمر: وجه مسؤولية الآمر بالقتل إذا كان القاتل غير مكلف ما يأتي: 1 - أنَّه إذا اجتمع السبب والمباشرة وتعذرت مسؤولية المباشر توجهت المسؤولية للمتسبب، ومسؤولية المباشر هنا متعذرة لما تقدم فتتوجه المسؤولية للمتسبب وهو الآمر. 2 - أنَّه لو لم يحمل الآمر المسؤولية مع تعذر مسؤولية المباشر لاتخذ القتل بالأمر وسيلة إلى إهدار القصاص. الجانب الثاني: إذا كان القاتل مكلفا: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان القاتل يجهل تحريم القتل. 2 - إذا كان القاتل يعلم تحريم القتل. الجزء الأوّل: إذا كان القاتل يجهل تحريم القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المراد بالجهل بتحريم القتل. 2 - مسؤولية القتل. الجزئية الأولى: بيان المراد بالجهل بتحريم القتل: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المراد بالجهل. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المراد بجهل تحريم القتل: المراد بجهل تحريم القتل: جهل تحريم القتل من حيث هو لا الجهل بتحريم قتل المأمور بقتله.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه حمل الجهل بتحريم القتل على تحريم القتل من حيث هو: أنَّه إذا علم تحريم القتل لم يجز الإقدام على القتل حتى تعلم إباحته. الجزئية الثانية: مسؤولية القتل: وفيها فقرتان: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المسؤولية: إذا كان المأمور بالقتل يجهل تحريم القتل كانت مسؤولية القتل على الآمر، سواء كان الآمر السلطان أم غيره، وسواء كان مطاعا كالسيد أم غيره. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه عدم مسؤولية القتل. 2 - توجيه مسؤولية الآمر. الشيء الأوّل: توجيه عدم مسؤولية القاتل: وجه عدم مسؤولية القاتل إذا كان يجهل تحريم القتل ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نفت التعذيب عمن لم يرسل إليه رسول يبلغه شرع الله وأمره ونهيه، والجاهل بتحريم القتل لقرب عهده بالإِسلام وبعده عن دياره لم تبلغه الرسالة فلا تطبق عليه أحكامها ولا يؤاخذ بارتكاب منهياتها. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [15].

2 - أن القصاص شرع للردع والزجر، والردع لا يناسب من لم يعلم المنع. الشيء الثاني: توجيه مسؤولية الآمر: وجه مسؤولية الآمر بالقتل إذا كان القاتل غير عالم بتحريمه ما يأتي: 1 - أنَّه إذا اجتمع السبب والمباشرة وتعذرت مسؤولية المباشر توجهت المسؤولية للمتسبب كمن ألقى معصوما لحيوان فقتله، ومسؤولية المباشر هنا متعذرة لما تقدم فتتوجه المسؤولية إلى المتسبب وهو الآمر. 2 - أنَّه إذا لم تحمل الآمر المسؤولية مع تعذر مسؤولية المباشر اتخذ القتل بالأمر وسيلة إهدار القصاص. الجزء الثاني: إذا كان المأمور يعلم تحريم القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان الآمر السلطان. 2 - إذا كان الآمر غير السلطان. الجزئية الأولى: إذا كان الآمر السلطان: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان القاتل يعلم ظلم السلطان في هذا القتل. 2 - إذا كان القاتل لا يعلم ظلم السلطان في هذا القتل. الفقرة الأولى: إذا كان القاتل يعلم ظلم السلطان في هذا القتل: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الشيء الأوّل: المسؤولية: إذا كان القاتل يعلم ظلم السلطان في القتل كانت مسؤولية القتل عليه.

الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه مسؤولية القاتل. 2 - توجيه عدم مسؤولية السلطان. النقطة الأولى: توجيه مسؤولية القاتل: وجه مسؤولية القاتل إذا كان يعلم ظلم السلطان في قتل من أمر بقتله: أنَّه المباشر للقتل من غير عذر؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. النقطة الثانية: توجيه عدم مسؤولية السلطان: وجه عدم مسؤولية السلطان عن القتل إذا كان المأمور يعلم ظلمه فيه: أنَّه متسبب والقاتل مباشر، والمباشرة - حيث لا مانع - مقدمة على السبب، والمانع هنا منتف فيقدم المباشر وتنتفى مسؤولية المتسبب. الفقرة الثانية: إذا كان القاتل لا يعلم ظلم السلطان للمقتول: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الشيء الأوّل: بيان المسؤولية: إذا كان القاتل لا يعلم ظلم السلطان للمقتول: كانت مسؤولية القتل على السلطان. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه عدم مسؤولية القاتل. 2 - توجيه مسؤولية السلطان.

النقطة الأولى: توجيه عدم مسؤولية القاتل: وجه عدم مسؤولية القاتل إذا كان لا يعلم ظلم السلطان للمقتول: أنَّه معذور بالجهل؛ لأنَّ الأصل في السلطان ألا يقتل إلا بحق. النقطة الثانية: توجيه مسؤولية السلطان: وجه مسؤولية السلطان عن القتل إذا كان القاتل يجهل ظلمه فيه: أن مسؤولية المباشر ممتنعة؛ لأنه معذور، وإذا تعذرت مسؤولية المباشر توجهت المسؤولية إلى المتسبب، كإنهاش الحية والسبع. الجزئية الثانية: إذا كان الآمر غير السلطان: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المسؤولية: إذا كان الآمر بالقتل غير السلطان كانت مسؤولية القتل على القاتل مطلقا سواء كان مطاعا كالسيد أم غير مطاع. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه مسؤولية القاتل. 2 - توجيه عدم مسؤولية الآمر. الشيء الأوّل: توجيه مسؤولية القاتل: وجه مسؤولية القاتل عن القتل إذا كان الآمر غير السلطان: أن القاتل هو المباشر للقتل من غير عذر، والمباشر - حين انتفاء المانع - هو المسؤول والمانع هنا منتف فيكون المباشر هو المسؤول.

الشيء الثاني: توجيه عدم مسؤولية الآمر: وجه عدم مسؤولية الآمر: أنَّه متسبب والقاتل مباشر والمباشرة - حيث لا مانع - مقدمة على السبب والمانع هنا منتف فتنتفي مسؤولية المتسبب، كالحافر مع المردى. المسألة الثانية: القتل شبه العمد: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وشبه العمد أن يقصد جناية لا تقتل غالبا، ولم يجرحه كمن ضربه في غير مقتل بسوط أو عصا صغيرة أو لكزه ونحوه. الكلام في هذه المسألة في خمسة فروع هي: 1 - تعريف شبه العمد. 2 - تسميته. 3 - أمثلته. 4 - الفرق بينه وبين العمد. 5 - الخلاف فيه. الفرع الأوّل: تعريف القتل شبه العمد: وفيه أمران هما: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف. الأمر الأوّل: التعريف: شبه العمد: أن يقصد من يعلمه آدميا معصوما فيقتله بما لا يقتل غالبا. الأمر الثاني: ما يخرج بالتعريف: وفيه جانبان هما: 1 - ما يخرج بكلمة (ما لا يقتل). 2 - ما يخرج بباقي كلمات التعريف. الجانب الأوّل: ما يخرج بكلمة (ما لا يقتل): يخرج بهذه الكلمة القتل بما يقتل فإنَّه عمد كما تقدم.

الجانب الثاني: ما يخرج بباقي كلمات التعريف: تقدم ما يخرج بها في تعريف العمد. الفرع الثاني: أسماء القتل شبه العمد: وفيه أمران هما: 1 - بيان الأسماء. 2 - التوجيه. الأمر الأوّل: بيان الأسماء: من أسماء القتل شبه العمد ما يأتي: 1 - شبه العمد. 2 - خطأ العمد. 3 - عمد الخطأ. الأمر الثاني: توجيه التسمية: وجه تسمية شبه العمد بما ذكر: أن فيه شبها بالعمد وشبها بالخطأ. فيشبه العمد في قصد الجناية، ويشبه الخطأ في عدم قصد القتل. الفرع الثالث: الأمثلة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: كمن ضربه في غير مقتل بسوط أو عصا صغيرة أو لكزه ونحوه. الكلام في هذا الفرع في ثلاثة أمور هي: 1 - إيراد الأمثلة. 2 - توجيه كونها شبه عمد. 3 - حالة كونها عمدا. الأمر الأوّل: إيراد الأمثلة: من أمثلة القتل شبه العمد ما يأتي:

1 - الضرب السوط. 2 - الضرب بالعصا الصغيرة. 3 - اللكز باليد. 4 - الضرب بالحجر الصغير. 5 - الإلقاء في ماء قليل. 6 - القتل بسحر لا يقتل غالبا. 7 - القتل بسم لا يقتل غالبا. 8 - الصياح بصبي أو معتوه على سطح أو جدار عال أو فوق شجرة. 9 - الصياح بعاقل على سطح أو جدار عال أو فوق شجرة عالية. الأمر الثاني: توجيه كون القتل بما ذكر شبه عمد: وجه ذلك: أنَّه لا يقتل غالبا. الأمر الثالث: حالة كون القتل بما ذكر عمدا: وفيه جانبان هما: 1 - بيان حالة كونه عمدا. 2 - التوجيه. الجانب الأوّل: بيان حالة كون القتل بالأمثلة المذكورة عمدا: يكون القتل بالأمثلة المذكورة ونحوها عمدا في ثلاث حالات: الحالة الأولى: إذا كان الفعل متواليا حتى الموت. الحالة الثانية: إذا كان في مقتل. الحالة الثالثة: إذا كان في حالة ضعف، من صغر أو مرض، أو جوع، أو عطش، أو حر، أو برد، ونحو ذلك. الجانب الثاني: التوجيه: وجه كون القتل بالأمثلة المذكورة ونحوها عمدا إذا كرر أو كان في مقتل أو في حالة ضعف: أنَّه في هذه الحالة يؤدي إلى الموت غالبا فيكون عمدا.

الفرع الرابع: المقارنة بين العمد وشبه العمد: وفيه أمران هما: 1 - ما يتفقان فيه. 2 - ما يختلفان فيه. الأمر الأوّل: ما يتفقان فيه: مما يتفق فيه القتل العمد والقتل شبه العمد ما يأتي: 1 - قصد الجناية، ففي كل منهما تكون الجناية مقصودة. 2 - تغليظ الدية كما سيأتي فيما يوجبه القتل. الأمر الثاني: ما يختلفان فيه: مما يختلف فيه القتل العمد والقتل شبه العمد ما يأتي: 1 - آله القتل فآلة القتل العمد تقتل غالبا، وآله القتل شبه العمد لا تقتل غالبا. 2 - موجب الجناية، فالعمد قصاص، وشبه العمد لا قصاص فيه. 3 - مسؤولية الدية فمسؤولية دية العمد على الجاني. ومسؤولية شبه العمد على العاقلة. 4 - شبه العمد فيه كفارة والعمد لا كفارة فيه على المشهور كما يأتي يما يوجبه القتل. 5 - تأجيل الدية فدية العمد حالة ودية شبه العمد مقسطة. الفرع الخامس: الخلاف فيه: وفيه أمران هما: 1 - محلّ الخلاف. 2 - الخلاف.

الأمر الأوّل: محلّ الخلاف: محلّ الخلاف في شبه العمد في كونه عمدا أو قسما مستقلا. الأمر الثاني: الخلاف: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأوّل: الأقوال: اختلف في كون شبه العمد قسما مستقلا على قولين: القول الأوّل: أنَّه قسم مستقل. القول الثاني: أنَّه عمد. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأوّل: توجيه القول الأوّل: مما وجه به القول الأوّل ما يأتي: 1 - ما ورد أن امرأتين من هذيل اقتتلتا فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن دية جنينها عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها (¬1). ووجه الاستدلال به: أنَّه جعل الدية على العاقلة، والعاقلة لا تحمل دية العمد. وذلك دليل على أنَّه ليس بعمد. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب القسامة، باب دية الجنين/ 1681/ 36.

2 - حديث: (ألا إن في قتيل خطأ العمد قتيل السوط والعصا والحجر مائة من الإبل) (¬1). 3 - حديث: (عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه) (¬2). الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: مما وجه به القول الثاني ما يأتي: 1 - أنَّه ليس في كتاب الله إلا العمد والخطأ فمن زاد قسما ثالثا زاد على النص. 2 - أن القتل بفعل عمد فكان عمدا كالقتل بالجرح الصغير والغرز بالإبرة. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأوّل: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن شبه العمد قسم ثالث بين العمد والخطأ، ليس عمدا محضا ولا خطأ محضا. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح إثبات شبه العمد: أن أدلته أقوى وأظهر. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزئيتان هما: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب في دبة الخطأ شبه العمد/ 4547. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/ 4565.

1 - الجواب عن الاحتجاج بعدم ورود شبه العمد في القرآن. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن شبه العمد قتل بفعل متعمد. الجزئية الأولى: الجواب عن الدليل الأوّل: يجاب عن الاحتجاج بعدم ورود شبه العمد في القرآن من وجوه: الوجه الأوّل: أن شبه العمد وارد في القرآن وذلك في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬1). وقد جاء شبه العمد عن الرسول كما في أدلة القول الأوّل، فيجب أخذه. الوجه الثاني: أنَّه لو لم يرد شبه العمد في القرآن لم يمنع ذلك من وروده بالسنة وقد ورد كما في أدلة المثبتين. الوجه الثالث: أن العمل بالسنة كالعمل بالقرآن لما تقدم ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) (¬2)، وقد ثبت شبه العمد في السنة كما في أدلة المثبتين فيجب الأخذ به. الجزئية الثالثة: الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن الاحتجاج بأن قتل شبه العمد قتل بفعل عمد فيكون قتل عمد كالقتل بالجرح الصغير: بأنّه اجتهاد في مقابلة النص فلا يعتد به. المسألة الثالثة: القتل الخطأ: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: والخطأ أن يفعل ماله فعله مثل أن يرمي صيدا أو غرضا أو شخصا فيصيب آدميا لم يقصده وعمد الصبي والمجنون. الكلام في هذه المسألة في خمسة فروع هي: ¬

_ (¬1) سورة الحشر، الآية: [7]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب السنة/ باب لزوم السنة/ 4604.

1 - تعريف الخطأ. 2 - الدليل. 3 - الأنواع. 4 - مناقشة المفهوم من عبارة المؤلف. 5 - المقارنة بين الخطأ وشبه العمد. الفرع الأول: التعريف: القتل الخطأ هو القتل من غير قصد، سواء كان بفعل مباح أو محظور. الفرع الثاني: الدليل: من أدلة القتل الخطأ، قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (¬1). الفرع الثالث: أنواع القتل الخطأ: وفيه أمران هما: 1 - قتل المعصوم بالفعل المباح. 2 - قتل المعصوم بالفعل المحظور. الأمر الأوّل: قتل المعصوم بالفعل المباح: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة قتل المعصوم بالفعل المباح ما يأتي: 1 - قتل المعصوم حال إرادة الصيد. 2 - قتل المعصوم حال إرادة مستحق القتل ومنه ما يأتي: أ - قتل المسلم في صف الكفار لظنه كافرا. ب - قتل المعصوم حال إرادة الزاني المحصن. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [92].

ج - قتل المعصوم حال إرادة مستحق القصاص. د - قتل المعصوم حال إرادة المرتد. 3 - قتل المعصوم حال إرادة شاخص غيره. الجانب الثاني: التوجيه: وجه كون قتل المعصوم في الأمثلة المذكورة قتل خطأ ما يأتي: 1 - أن المقتول لم يقصد بالقتل فلا ينطبق عليه حدّ القتل العمد. 2 - أن الفعل مأذون فيه والإذن ينافي الضمان. الأمر الثاني: قتل المعصوم بالفعل المحظور: وفيه جانبان هما: 1 - قتل المعصوم بفعل محظور لم يقصد به معصوم. 2 - قتل المعصوم بفعل قصد به معصوم غيره. الجانب الأوّل: قتل المعصوم بفعل محظور لم يقصد به معصوم: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الخلاف. الجزء الأوّل: الأمثلة: من أمثلة قتل المعصوم بالفعل المحظور الذي لم يقصد به معصوم ما يأتي: 1 - قتل المحرم للمعصوم حال إرادة الصيد. 2 - قتل المعصوم حال إرادة إتلاف ماله ظلما، ومن ذلك ما يأتي: أ - قتله حال إرادة حيوانه. ب - قتله حال هدم بيته مع الجهل أنَّه فيه. ج - قتله حال إحراق متجره مع الجهل أنَّه فيه.

د - قتله حال إحراق سيارته مع الجهل أنَّه فيها. الجزء الثاني: الخلاف: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان محلّ الخلاف. 2 - الخلاف. الجزئية الأولى: بيان محلّ الخلاف: الخلاف في اعتبار القتل المذكور في الأمثلة قتل عمد أو خطأ. الجزئية الثانية: الخلاف: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الأقوال: اختلف في اعتبار القتل المذكور قتل عمد أو خطأ على قولين: القول الأوّل: أنَّه قتل عمد وهو ظاهر عبارة المؤلف. القول الثاني: أنَّه قتل خطأ. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول الأوّل: بأنّه قتل معصوم غير مأذون فيه بما يقتل غالبا فيكون عمدا.

الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول الثاني: بأن المقصود بالفعل غير آدمي، وإصابة الآدمي المعصوم خطأ فلا يكون عمدا. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأوّل: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول الأوّل. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن قتل المعصوم بفعل لم يقصد به ليس بعمد: أن شرط العمد وهو القصد لا يتحقق به. الشيء الثاني: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنّه ليس كل فعل لم يؤذن فيه يعد قتل عمد؛ لأنَّ القتل العمد له شروط غير عدم الإذن في الفعل ومنها قصد المقتول كما تقدم في ضابطه، ولهذا لا يعد عمدا حفر البئر تعديا ولو تلف به المعصوم. الجانب الثاني: قتل المعصوم بفعل قصد به معصوم غيره (¬1): وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الخلاف. ¬

_ (¬1) فصل عما قبله لاختلاف الترجيح.

الجزء الأوّل: الأمثلة: من أمثلة قتل المعصوم بفعل قصد به معصوم غيره ما يأتي: 1 - قتل المسلم بفعل قصد به الذمي. 2 - قتل الحر بفعل قصد به الرقيق. 3 - قتل من لم يجن بفعل قصد به الجاني خطأ. الجزء الثاني: الخلاف: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان محلّ الخلاف. 2 - الخلاف. الجزئية الأولى: محلّ الخلاف: الخلاف في اعتبار القتل المذكور عمدا أو خطأ. الجزئية الثانية: الخلاف: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الأقوال: اختلف في قتل المعصوم بفعل قصد به معصوم غيره على قولين: القول الأوّل: أنَّه قتل عمد. القول الثاني: أنَّه قتل خطأ. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني.

الشيء الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول الأوّل: بأن حرمة المقتول كحرمة المقصود فتكون الجناية عليه كالجناية على المقصود؛ لعدم الفرق. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول الثاني: بأن شرط العمد وهو القصد غير متحقق في هذا القتل فلا يعتبر عمدا. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأوّل: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول الأوّل. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن قتل المعصوم بفعل قصد به معصوم غيره عمدا ما يأتي: 1 - أن دليله أظهر. 2 - أن عدم اعتباره عمدا وسيلة إلى القتل بحجة أن المقتول لم يقصد بالقتل فيجب اعتباره عمدا سدا لهذا الباب. الفرع الرابع: مناقشة عبارة المؤلف: وفيه أربعة أمور هي: 1 - محلّ المناقشة. 2 - الأمثلة.

3 - المناقشة. 4 - توجيه العبارة. الأمر الأوّل: بيان محلّ المناقشة: محلّ المناقشة عبارة (أن يفعل ماله فعله). الأمر الثاني: الأمثلة التي تتناولها العبارة: من الأمثلة التي تتناولها العبارة ما يأتي: 1 - قتل المعصوم من غير قصده حال قصد حيوانه. 2 - قتل المعصوم من غير قصده حال قصد ثمرة شجرة. 3 - قتل المعصوم من غير قصده حال إحراق متجره وهو فيه ظنا أنَّه خارجه. 4 - قتل المعصوم من غير قصده حال إحراق سيارته وهو فيها ظنا أنَّه خارجها. الأمر الثالث: المناقشة: نوقشت هذه العبارة: بأن المفهوم منها يقتضي أن الفعل غير المأذون فيه إذا أدى إلى قتل معصوم ولم يقصد به يعتبر قتل عمد ولو كان المقصود به أقل حرمة من الآدمي، وهذا محلّ نظر؛ لأنَّ من شرط القتل العمد قصد المجني عليه بالجناية وهذا الشرط غير متحقق إذا كان المقتول غير مقصود. الأمر الرابع: توجيه العبارة بما يدفع الإشكال: يندفع الإشكال المذكور إذا كانت العبارة: أن يفعل ماله فعله، مثل أن يرمي صيدا أو غرضا أو شخصا، أو يقصد بما ليس له فعله من حرمته دون حرمة الآدمي فيصيب آدميا لم يقصده. الفرع الخامس: المقارنة بين القتل الخطأ وشبه العمد: وفيه أمران هما: 1 - ما يتفقان فيه. 2 - ما يختلفان فيه.

الأمر الأوّل: ما يتفقان فيه: مما يتفق فيه الخطأ وشبه العمد ما يأتي: 1 - عدم القصاص. 2 - وجوب الدية. 3 - وجوب الكفارة. 4 - تحمل العاقلة للدية. 5 - تقسيط الدية. الأمر الثاني: ما يختلفان فيه: مما يختلف فيه الخطأ وشبه العمد ما يأتي: 1 - قصد الجناية ففي شبه العمد تكون الجناية مقصودة وفي الخطأ غير مقصودة. 2 - تغليظ الدية ففي شبه العمد تكون الدية مغلظة وفي الخطأ مخففة. المسألة الرابعة: ما أجري مجري الخطأ: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - ضابطه. 2 - أنواعه. 3 - الفرق بينه وبين الخطأ. الفرع الأول: ضابط ما أجري مجرئ الخطأ: ما أجري مجرى الخطأ هو ما لا يتحقق فيه القصد المعتبر للقتل. الفرع الثاني: أنواع ما أجري مجري الخطأ: وفيه أمران هما: 1 - القتل من غير قصد. 2 - القتل بقصد غير معتبر. الأمر الأوّل: القتل من غير قصد: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه.

الجانب الأوّل: الأمثلة: من أمثلة القتل من غير قصد ما يأتي: 1 - انقلاب النائم على الصبي. 2 - انقلاب المخدر على الصبي. 3 - الوقوع على الشخص من علو أو في حفرة. 4 - القتل بالسبب ومنه ما يأتي: أ - حفر البئر. ب - نصب السكين ونحوها. ج - ربط الدابة في الطريق الضيق. د - وضع الحجارة في الطريق الضيق. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه عدم اعتباره خطأ. 2 - توجيه إلحاقه بالخطأ. الجزء الأوّل: توجيه عدم اعتباره خطأ: وجه عدم اعتبار ما أجرى مجرى الخطأ خطأ: أن الخطأ غير متحقق فيه؛ لأنَّ القصد معتبر فيه وهو غير متحقق فيما أجرى مجراه. الجزء الثاني: توجيه إلحاقه بالخطأ: وجه إلحاق ما أجرى مجرى الخطأ بالخطأ: أنَّه يشترك في الإتلاف من غير إرادته. الأمر الثاني: القتل بقصد غير معتبر: وفيه جانبان هما: 1 - القتل من الصبي. 2 - القتل من فاقد العقل. الجانب الأوّل: القتل من الصبي: وفيه خمسة أجزاء هي:

1 - حدّ الصغر. 2 - أمثلة قتل الصغير. 3 - توجيه عدم اعتبار قتله خطأ. 4 - توجيه إلحاق قتله بالخطأ. 5 - توجيه عدم اعتبار قتله عمدا. الجزء الأوّل: حدّ الصغر: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحد. 2 - الدليل. الجزئية الأولى: بيان الحد: حدّ الصغر: ما دون البلوغ. الجزئية الثانية: الدليل: من أدلة اعتبار الصغير ما دون البلوغ ما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) (¬1). 2 - ما ورد أن ابن عمر - رضي الله عنهما - عرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه ورأى أنَّه لم يبلغ، وعرض عليه وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه ورأى أنَّه قد بلغ (¬2). الجزء الثالث: توجيه عدم اعتبار عمد الصبي قتل خطأ: وجه ذلك: أن تعريف الخطأ لا ينطبق عليه الاعتبار عدم العمد فيه، وعمد الصبي متحقق فيه العمد. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا/ 4398. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان سن البلوغ/ 1868.

الجزء الرابع: توجيه إلحاق عمد الصبي بالخطأ: وجه إلحاق عمد الصبي بالخطأ أن قصده غير معتبر فيشترك مع الخطأ في عدم القصد. الجزء الخامس: توجيه عدم اعتبار عمد الصبي قتل عمد: وجه عدم اعتبار عمد الصبي عمدا ما يأتي: 1 - الحديث المتقدم في بيان حدّ الصغر. 2 - أن العمد يشترط فيه القصد والصبي لا اعتبار لقصده. الجانب الثاني: القتل من فاقد العقل: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - القتل من فاقد العقل بالجنون. 2 - القتل من فاقد العقل بسبب مباح. 3 - القتل من فاقد العقل بسبب محرم. الجزء الأوّل: القتل من فاقد العقل بالجنون: وفيه ثلاثة جزئيات هي: 1 - دليل عدم اعتباره عمدا. 2 - توجيه إلحاقه بالخطأ. 3 - توجيه عدم اعتباره خطأ. الجزئية الأولى: دليل عدم اعتبار العمد من المجنون عمدا: من أدلة ذلك ما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ) (¬1). 2 - أن العمد يشترط فيه القصد والمجنون لا اعتبار لقصده. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حد/ 4398.

الجزنية الثانية: توجيه إلحاق عمد المجنون بالخطأ: وجه إلحاق عمد المجنون بالخطأ: أنَّه يشترك معه في عدم القصد. الجزنية الثالثة: توجيه عدم اعتبار عمد المجنون خطأ: وجه عدم اعتبار عمد المجنون خطأ: أن تعريف الخطأ لا ينطبق عليه؛ لاعتبار عدم العمد فيه وعمد المجنون متحقق فيه العمد. الجزء الثاني: القتل من فاقد العقل بسبب مباح: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - أمثلة زوال العقل بسبب مباح. 2 - توجيه عدم اعتبار قتله عمدا. 3 - توجيه عدم اعتبار قتله خطأ. 4 - توجيه إلحاق قتله بالخطأ. الجزنية الأولى: أمثلة زوال العقل بسبب مباح: من أمثلة زوال العقل بالسبب المباح ما يأتي: 1 - زوال العقل بالبنج لإجراء بعض العمليات. 2 - زوال العقل بالنوم. 3 - زوال العقل بالإغماء. الجزنية الثانية: توجيه عدم اعتبار قتله عمدا: وجه عدم اعتبار قتل زائل العقل بسبب مباح قتل عمد ما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه: (وعن المجنون حتى يفيق). ووجه الاستدلال به: أن رفع القلم عن المجنون لعدم إدراكه وعدم تعديه بزوال عقله، وزائل العقل بالسبب المباح بمعناه، ورفع القلم يقتضي عدم المؤاخذه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حد/ 4389.

2 - أن زائل العقل لا يعي ما يقول فلا يؤاخذ به، والمعذور بزوال عقله لا يؤاخذ على زواله، فلا يؤاخذ على ما يترتب عليه. الجزئية الثالثة: توجيه عدم اعتبار قتل زائل العقل قتلاً خطأ: وجه عدم اعتبار قتل زائل العقل قتلًا خطأ: أن تعريف قتل الخطأ لا ينطبق عليه؛ لاعتبار عدم العمد فيه، ومحل البحث في قتل زائل العقل: ما تحقق العمد فيه. الجزئية الرابعة: توجيه إلحاق قتل زائل العقل بالقتل الخطأ: وجه إلحاق قتل زائل العقل بالخطأ: أن قصده غير معتبر فيشترك مع الخطأ في عدم القصد. الجزء الثالث: القتل من فاقد العقل بسبب محرم: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان فقد العقل بالإكراه. 2 - إذا كان فقد العقل بالاختيار. الجزئية الأولى: القتل من فاقد العقل بسبب محرم بالإكراه: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - ضابط الإكراه. 2 - الأمثلة. 3 - حكم القتل. الفقرة الأولى: بيان الضابط: ضابط الإكراه أن يحمل الشخص على تناول ما يزول به العقل بالتهديد بما يضر في النفس أو العرض أو الأهل أو المال من قادر على إيقاعه. الفقرة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الإكراه على تناول ما يزيل العقل ما يأتي: 1 - الإكراه على شرب الخمر.

2 - الإكراه على تناول المسكرات الأخرى. 3 - الإكراه على تناول البنج. الفقرة الثالثة: حكم القتل: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الشيء الأوّل: بيان الحكم: القتل من فاقد العقل بالسكر مكرها كقتل زائل العقل بالسبب المباح على ما تقدم. الشيء الثاني: التوجيه: وجه اعتبار القتل من زائل العقل بالسكر مكرها كالقتل من زائل العقل بالسبب المباح: أنَّه لا اختيار له في زوال عقله فلا يؤاخذ به. الشيء الثالث: الدليل: من أدلة عدم المؤاخذة بالسكر لمن أكره عليه ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬2). الجزئية الثانية: القتل من فاقد العقل بالسكر مختارا: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) سورة النحل، الآية: [106]. (¬2) سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره/ 2043.

الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في القتل من زائل العقل بالسكر اختيارا على قولين: القول الأوّل: أنَّه كقتل العاقل. القول الثاني: أنَّه كقتل المجنون. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول بأن قتل زائل العقل بالسكر اختيارا كقتل الصاحي بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها مطلقة فيدخل فيها زائل العقل بالسكر. 2 - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬2). ووجه الاستدلال بها كوجه الاستدلال بالآية السابقة. 3 - حديث: (من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي أو يقتل) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنَّه عام يدخل فيه من قتل حال سكره. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم اعتبار القتل من زائل العقل قتل عمد بما يأتي: 1 - أن زائل العقل بالسكر كالمجنون لا يعقل ما يقول فلا يؤاخذ به. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) سورة المائدة، الآية: [45]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/ 1355.

2 - أن زائل العقل بالسكر لا يقع طلاقه؛ لأنه لا يعقله فلا يعتبر قتله عمدا؛ لأنه لا يعقله. 3 - أن عمد الصبي كالخطأ؛ لأنه لا يعقله فكذلك عمد زائل العقل بالسكر؛ لأنه لا يعقله. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - اعتبار قتل زائل العقل بالسكر مختارا قتل عمد كقتل الصاحي. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن القتل من زائل العقل بالسكر مختارا قتل عمد: أنه لو لم يعتبر عمدا لأدى إلى إسقاط القصاص؛ لأن بإمكان من أراد أن يقتل أن يسكر ويقتل وهو سكران فلا يجب عليه قصاص. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الجواب عن قياس السكر على الجنون. 2 - الجواب عن قياس القتل على الطلاق. 3 - الجواب عن قياس السكران على الصبي.

النقطة الأولى: الجواب عن قياس السكر على الجنون: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن إيجاب القصاص على السكران سد لباب القتل لئلا يتخذ السكر طريقا إلى القتل فتذهب بذلك حكمة القصاص، والمجنون لا دخل له في إيجاد الجنون لنفسه ويبعد إيجاده لنفسه حتى يتخذه طريقا إلى القتل. النقطة الثانية: الجواب عن قياس القتل على الطلاق: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن وقوع الطلاق من السكران محل خلاف. الوجه الثاني: أن قياس قتل السكران على طلاقه قياس مع الفارق وذلك من وجهين: الوجه الأول: أن الطلاق لفظ لم يفت به شيء بخلاف القتل فقد فاتت به نفس المقتول. الوجه الثاني: أن اعتبار القتل من زائل العقل مختارا قتل عمد لمنع جعله وسيلة إلى القتل لما تقدم في الترجيح، وهذا المعنى ليس موجودا في الطلاق؛ لأنه ممكن من غير إزالة العقل. النقطة الثالثة: الجواب عن قياس قتل السكران على قتل الصبي: يجاب عن ذلك بما تقدم في الجواب عن قياسه على قتل المجنون. الفرع الثالث: المقاونة بين الخطأ والملحق به: وفيه أمران هما: 1 - ما يتفقان فيه. 2 - ما يختلفان فيه.

الأمر الأول: ما يتفقان فيه: مما يتفق فيه الخطأ والملحق به ما يأتي: 1 - الضمان فكل منهما مضمون. 2 - نوع الضمان، فالضمان في كل منهما بالدية. 3 - الكفارة، فتجب الكفارة في كل منهما. 4 - تخفيف الدية، فدية كل منهما مخففة. 5 - تقسيط الدية فدية كل منهما مقسطة. الأمر الثاني: ما يختلفان فيه: مما يختلف فيه الخطأ والملحق به: قصد الفعل، فالفعل في الخطأ مقصود، وفي الملحق به غير مقصود. المسألة الخامسة: القتل بالسبب: وفيها خمسة فروع هي: 1 - معناه. 2 - أمثلته. 3 - تسميته. 4 - الفرق بينه وبين القتل الملحق بالخطأ. 5 - الخلاف فيه. الفرع الأول: معنى القتل في السبب: القتل بالسبب: هو القتل بسبب الفعل لا بالفعل. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة القتل بالسبب ما يأتي:

1 - أن يحفر حفرة من بئر أو بيارة ونحو ذلك، فيما يرتاده الناس من الشوارع والحدائق والمنتزهات فيموت بها إنسان معصوم. 2 - أن يضع في الطريق الضيق ما يعثر به المارة من تراب أو حجارة، أو حديد أو خشب أو عتب، فيعتر به إنسان معصوم فيموت. 3 - أن يربط في الطريق الضيق ما يتضرر به المارة من كلب عقور أو حيوان صائل، فيتلف إنسان معصوما. 4 - أن يصب ماء في الطريق الضيق فيزلق به إنسان معصوم أو يرمى فيه زبالة فيعتر بها ويموت. الفرع الثالث: التسمية: سمى هذا النوع من القتل قتلا بالسبب؛ لأن القتل به حصل بالسبب وليس بالفعل. الفرع الرابع: الفرق بينه وبين القتل الملحق بالخطأ: الفرق بين القتل بالسبب والقتل الملحق بالخطأ: أن القتل الملحق بالخطأ حصل بالفعل نفسه، والقتل بالمسبب حصل بسبب الفعل لا به. الفرع الخامس: الخلاف في القتل بالسبب: وفيه أمران: 1 - محل الخلاف. 2 - الخلاف. الأمر الأول: محل الخلاف: محل الخلاف في القتل بالسبب كونه قسما مستقلا، أو داخلا في الملحق بالخطأ. الأمر الثاني: الخلاف: وفيه أربعة جوانب هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح 4 - أثر الخلاف. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في القتل بالسبب على قولين: القول الأول: أنه قسم مستقل. القول الثاني: أنه ملحق بالخطأ. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن القتل بالسبب قسم مستقل: بأن القتل إما أن يكون بفعل الشخص أو متولدا منه، والمتسبب في القتل لم يحصل القتل بفعله ولم يتولد منه، فإن واضع الحجر في الطريق مثلا فعله وضع الحجر، ولم يحصل القتل من وضع الحجر ولم يتولد منه بل حصل بالعثور بالحجر، وحافر البئر في الطريق فعله الحفر والقتل لم يحصل بالحفر ولم يتولد منه بل حصل بالسقوط فلا يكون المتسبب قاتلا بل متسبب في القتل. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن القتل بالسبب ملحق بالخطأ وليس قسما مستقلا: بأنه لا يمكن اعتباره خطأ لعدم قصد الفعل القاتل فيه، وهو السقوط والعثور مثلا، وقد شارك الخطأ في حكمه فيكون ملحقا به. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي:

المطلب الثاني الجناية على ما دون النفس

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن القتل بالسبب قسم مستقل. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن القتل بالسبب قسم مستقل: أنه أظهر دليلا. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه لا يلزم من مشاركة القتل بالسبب للخطأ في حكمه إلحاق به؛ لإمكان ذلك وهو قسم مستقل. الجانب الرابع: أثر الخلاف: لا يظهر أثر للخلاف في اعتبار القتل بالسبب قسما مستقلا أو ملحقا بالخطأ؛ لأنه لا خلاف في اتحاد الحكم فيها. المطلب الثاني الجناية على ما دون النفس وفيه مسألتان هما: 1 - أنواع الجناية على ما دون النفس. 2 - سراية الجناية على ما دون النفس. المسألة الأولى: أنواع الجناية على ما دون النفس: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - القطع. 2 - الكسر. 3 - الجرح.

الفرع الأول: القطع: وفيه أمران هما: 1 - بيان المعنى. 2 - الأمثلة. الأمر الأول: بيان المعنى: القطع هو: إبانة الشي المقطوع من موضعه سواء فارق الجسم أو بقي معلقا فيه. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الجناية بالقطع ما يأتي: 1 - قطع اليد. 2 - قطع الرجل. 3 - قطع الذكر. 4 - قطع الخصيتين. 5 - قطع الشفرين. 6 - قطع اللسان. 7 - قطع الشفتين. 8 - قطع الجفون. 9 - قطع الأنف. 10 - قطع الحاجبين. 11 - قطع الأذنين. 12 - قطع الثديين. الفرع الثاني: الكسر: وفيه أمران هما: 1 - بيان المعنى. 2 - الأمثلة. الأمر الأول: بيان المعنى: الكسر إحداث فصل في العظم، سواء كان بالطول أم بالعرض وسواء انفصلت أجزاء العظم عن بعضها أو انشرخ العظم من غير فصل.

الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الكسر ما يأتي: 1 - كسر الساق. 2 - كسر الفخذ. 3 - كسر الحوض. 4 - كسر الظهر. 5 - كسر الذراع. 6 - كسر المرفق. 7 - كسر الحنك. 8 - كسر السن. الفرع الثالث الجرح: وفيه أمران هما: 1 - معناه. 2 - أمثلته. الأمر الأول: معنى الجرح: الجرح: إحداث شق في اللحم من غير قطع. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الجرح ما يأتي: 1 - جرح لحم الساق. 2 - جرح لحم الفخذ. 3 - جرح الإلية. 4 - جرح الذراع. 5 - جرح العضد. 6 - جرح الوجه. 7 - جرح الرأس. المسألة الثانية: سراية الجناية فيما دون النفس: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - معنى السراية. 2 - أمثلتها. 3 - ضمانها.

الفرع الأول: معنى السراية: سراية الجناية: أن تتعدى ما كانت عليه فتقتل أو تمتد إلى غير موضعها أو تنتقل إليه. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة سراية الجناية ما يأتي: 1 - أن تكون الجناية بقطع اليد فتقتل. 2 - أن تكون بقطع إصبع فتسري إلى الكف. 3 - أن تكون بقطع الكف فتسري إلى اليد. 4 - أن تكون بقطع القدم فتسري إلى الرجل. الفرع الثالث: الضمان: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الضمان 2 - التوجيه. 3 - نوع الضمان. الأمر الأول: الضمان: سراية الجناية مضمونة بلا خلاف (¬1). الأمر الثاني: التوجيه: وجه ضمان سراية الجناية: أنها أثر لفعل مضمون وأثر المضمون مضمون. الأمر الثاني: نوع الضمان: وفيه جانبان هما: ¬

_ (¬1) الشرح مع المقنع والإنصاف 25/ 299.

1 - بيان نوع الضمان. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان نوع الضمان: ضمان سراية الجناية كضمان أصلها من قصاص أو دية. الجانب الثاني: التوجيه: وجه إلحاق السراية بأصلها في نوع الضمان: أن الفرع له حكم الأصل، والسراية فرع عن أصل الجناية فيأخذ حكمه.

المبحث الخامس ما توجبه الجناية في الاصطلاح

المبحث الخامس (*) ما توجبه الجناية في الاصطلاح وفيه مطلبان هما: 1 - القصاص 2 - الديات. المطلب الأول القصاص وفيه مسألتان هما: 1 - القصاص في النفس. 2 - القصاص فيما دون النفس. المسألة الأولى: القصاص في النفس: وفيها ثمانية فروع هي: 1 - معنى القصاص في النفس. 2 - حكمه. 3 - حكمته. 4 - صفة وجوبه. 5 - مستحقه. 6 - شروط القصاص. 7 - ما يسقط به. 8 - استيفاؤه. الفرع الأولى: معنى القصاص في النفس: القصاص في النفس قتل القاتل. الفرع الثاني: حكم القصاص: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - حكم القصاص بالنسبة للجاني. 2 - حكم القصاص بالنسبة للحاكم. 3 - حكم القصاص بالنسبة لولي الدم.

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع، وهو المبحث [الثالث]

الأمر الأول: حكم القصاص بالنسبة للجاني: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الحكم 2 - الدليل. 3 - ما يترتب على الحكم. الجانب الأول: الحكم: حكم القصاص بالنسبة للجاني الوجوب. الجانب الثاني: الدليل: من أدلة وجوب القصاص على الجاني ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أن كتب في القرآن معناه فرض وأوجب والخطاب متناول للقاتلين؛ لأنهم من جملة المؤمنين فتكون الآية دالة على وجوب القصاص عليهم. 2 - حديث: (من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي وإما أن يقتل) (¬2). ووجه الاستدلال بالحديث: أنه جعل الخيار بين القتل والعفو عنه لولي القتيل ولم يجعل للقاتل خيارا، وذلك دليل على أن القاتل ليس له أن يمتنع من القصاص إذا طلب منه. 3 - أنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه تخيير القاتل في قبول القصاص أو الامتناع منه إذا طلبه ولي الدم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/1355.

4 - أنه لو خير القاتل لامتنع منه؛ لأن النفوس بطبيعتها تفر من القتل، وبذلك تبطل شريعة القصاص. الجانب الثالث: آثار الحكم: وفيه جزءان هما: 1 - الاعتراف بالقتل. 2 - التسليم للقصاص. الجزء الأول: الاعتراف: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الاعتراف. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم الاعتراف: اعتراف القاتل بالقتل واجب عليه لا يجوز له إنكاره، ولا التهرب عن الإمساك به، ويجب عليه أن يسلم نفسه لولي القتيل أو للجهات الأمنية المسؤولية عنه. الجزئية الأولى: التوجيه: وجه وجوب تسليم القاتل لنفسه وتحريم التهرب عليه: أن القصاص حق واجب في رقبته يجب عليه الوفاء به كالدين وهذا الوفاء بتسليم نفسه فيكون واجبا عليه. الأمر الثاني: حكم القصاص بالنسبة للحاكم: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الحكم. 2 - معنى وجوب القصاص عليه. 3 - التوجيه.

الجانب الأول: بيان الحكم: حكم القصاص بالنسبة للحاكم الوجوب. الجانب الثاني: معنى وجوب القصاص على الحاكم: وجوب القصاص على الحاكم أن يقيمه ويمكن المستحق منه. الجانب الثالث: التوجيه: وجه وجوب إقامة الحاكم للقصاص ما يأتي: 1 - إقامة العدل بين الناس، واستيفاء الحقوق من بعضهم لبعض. 2 - منع الظلم والتعديات وسفك الدماء للأخذ بالثأر والانتصار للنفس. 3 - توطيد الأمن في المجتمع ومنع الفوضى فيه حتى يأمن الناس على نفوسهم وأموالهم وأعراضهم ويمتدوا في تحصيل معايشهم ومصالحهم. 4 - تحقيق الحياة التي شرع الله القصاص من أجلها بقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (¬1). الأمر الثالث: حكم القصاص بالنسبة لولي الدم: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الحكم: حكم القصاص بالنسبة لولي الدم الجواز. الجانب الثاني: التوجيه: وجه وصف القصاص بالنسبة لولي الدم بالجواز: أنه خاص به له أن يستوفيه وله أن يعفو عنه، وهذا هو معنى الجواز. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [179].

الفرع الثالث: الحكمة من مشروعية القصاص: وفيه أمران هما: 1 - بيان الحكمة. 2 - الرد على من يزعم أن القصاص تكثير للقتل. الأمر الأول: بيان الحكمة من مشروعية القصاص: الحكمة من مشروعية القصاص ما ورد بقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} (¬1). فمشروعية القصاص للمحافظة على الحياة، حياة من يراد قتله، وحياة من يريد قتله، وحياة أسرة من يراد قتله وقبيلته وحياة من يريد القتل وحياة أسرته وحياة قبيلته. وذلك أنه إذا حصل القتل ولم يقتص من القاتل ثأرت أسرة القتيل لقتيلهم فقتلوا القاتل، ثم تثأر أسرة القاتل من قاتله، ثم تثأر أسرة القتيل الأول من قاتل قتيلهم الثاني وهكذا فيكثر القتل ويستمر. والقصاص يمنع هذا وذلك من وجهين: الوجه الأول: أنه إذا عرف من هم بالقتل أنه سيقتل قصاصا كف عن القتل فأحيا نفسه وأحيا قبيلته، وأحيا من هم بقتله وأحيا قبيلته. الوجه الثاني: أنه إذا اقتص من القاتل برد غضب أولياء المقتول فلم يقتلوا بدل قتيلهم أحدا من قبيلة القاتل، فلا تطلب هذه القبيلة قتل أحد من قبيلة القتيل الأول، وبذلك ينتفي القتل وتكثر الحياة. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [179].

الأمر الثاني: الرد على من يزعم أن القصاص تكثير للقتل: وفيه جانبان هما: 1 - بيان وجهة نظرهم. 2 - الرد عليها. الجانب الأول: بيان وجهة النظر: وجهة نظر من يزعم أن القصاص تكثير للقتل: أنه يضيف المقتص منه إلى قتيله، فيكون المقتول اثنين بدل قتيل واحد. الجانب الثاني: الرد: يرد على من أعمى الله بصيرته فزعم أن القصاص تكثير للقتل، أو تعامي عن الحق في مشروعية القصاص: بأن القتل في القصاص لا يتجاوز القاتل وقتيله، أما القتل حيث ترك القصاص فلا يقف عند حدكما تقدم في بيان الحكمة. الفرع الرابع: صفة وجوب القصاص: وفيه أمران هما: 1 - بيان المراد بصفة الوجوب. 2 - صفة الوجوب. الأمر الأول: بيان المراد بصفة الوجوب: المراد بصفة وجوب القصاص: وجوبه عينا، أو مخيرا بينه وبين الدية. الأمر الثاني: صفة الوجوب: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - الخلاف 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - ما يترتب على الخلاف.

الجانب الأول: الخلاف: اختلف في صفة وجوب القصاص على قولين: القول الأول: أن القصاص واجب عينا والدية بدل عنه. القول الثاني: أن كلا من القصاص والدية واجب بنفسه على التخيير. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب القصاص عينا بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نصت على أن المكتوب هو القصاص، والمكتوب هو الواجب دون غيره. 2 - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬2). ووجه الاستدلال بها: أنها جعلت بدل النفس نفسا وهذا هو القصاص، ولم تذكر بدلا غيره، فدلت على أن القصاص واجب على التعيين. 3 - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية [178]. (¬2) سورة المائدة، الآية: [45]. (¬3) سورة الإسراء، الآية: [33].

ووجه الاستدلال بالآية: أنها فسرت السلطان بالقتل بقوله: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} والقتل هو القصاص، فيكون هو الواجب عينا. 4 - قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها حددت العقوبة بالمثل والمثل هو القتل، فيكون هو الواجب عينا. 5 - قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها حددت الاعتداء بالمثل، والاعتداء بالقتل فتكون عقوبته القتل، وهو القصاص. 6 - حديث: (العمد قود) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنه حدد عقوبة القتل العمد بالقود ولم يذكر الدية فيكون هو الواجب عينا؛ لأنه لو وجب غيره لذكره. 7 - حديث: (كتاب الله القصاص) (¬4). ووجه الاستدلال به: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم بالقصاص ولم يذكر غيره، ولو وجب غيره لذكره. 8 - أن الآدمي متلف مثلي والمال لا يماثله، فيتعين القصاص لتحقق المماثلة فيه. ¬

_ (¬1) سورة النحل، الآية: [126] (¬2) سورة البقرة، الآية: [194]. (¬3) سنن الدارقطني، كتاب الحدود والديات 3/ 94. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القصاص في السن/ 4595.

الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالتخيير بين القصاص والدية بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أوجبت على الجاني إذا عفى ولي الدم عن القصاص إلى الدية أن يؤديها إليه بإحسان، فتكون الدية واجبة باختيار الولي من غيررضا الجاني، ولو لم تكن واجبة بالقتل لم يكن للولي اختيارها. 2 - حديث: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي أو يقاد) (¬2). ووجه الاستدلال بالحديث: أنه جعل الخيار بين القتل والدية لولي الدم، ولم يعتبررضا الجاني، وهذا نص في محل الخلاف. 3 - حديث: (من أصيب بدم أو خبل فإنه يختار إحدى ثلاث إما أن يقتص وإما أن يعفو وإما أن يأخذ الدية) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنه جعل الخيار في الاقتصاص وأخذ الدية للولي دون اعتبار لرضا الجاني، وذلك دليل على أنه لا يعتبر. 4 - أن إحياء نفس المعصوم واجب وإتلافها بغير حق حرام، فإذا اختار الولي الدية تعينت من غير رضا الجاني، إحياء لنفسه ومنعا لإتلافها، ولم يجز له الرفض فلا يمكن منه. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/1355. (¬3) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو/ 4496.

الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن أدلة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب القصاص على التخيير بينه وبين الدية. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص على التخيير بينه وبين الدية: أن الأدلة تجتمع فيه، والجمع بين الأدلة أولى من الترجيح والأخذ ببعضها دون بعض. الجزء الثالث: الجواب عن أدلة القول المرجوح: يجاب عن أدلة هذا القول من وجهين: الوجه الأول: أن المراد بها إذا اختار الولي القصاص، وهذا ليس محل الخلاف، فلا خلاف في أنه إذا طلب الولي القصاص وجب تمكينه منه. الوجه الثاني: على التسليم بأن المراد بها القصاص فإنها لا تمنع وجوب الدية بأدلة أخرى وقد وجدت كما في أدلة القول الثاني. الفرع الخامس: مستحق القصاص: وفيه أمران هما: 1 - بيان المستحق. 2 - صفة الاستحقاق. الأمر الأول: بيان المستحق: وفيه جانبان هما: 1 - مستحق القصاص من الأولياء. 2 - استحقاق السلطان للقصاص.

الجانب الأول: مستحق القصاص من الأولياء: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف فيمن يستحق القصاص من الأولياء على أربعة أقوال: القول الأول: أنه للورثة مطلقا الرجال والنساء العصبة وأصحاب الفروض، سواء كان الإرث بالنسب أم بالسبب. القول الثاني: أنه للورثة بالنسب دون الورثة بالسبب. القول الثالث: أنه للعصبات الذكور. القول الرابع: أنه للعصبة الذكور وللنساء الوارثات على تقدير ذكورتهن إذا لم يشاركهن عاصب. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. 4 - توجيه القول الرابع. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الاستدلال لحصر القصاص في الورثة. 2 - الاستدلال لاستحقاق النساء للقصاص. 3 - الاستدلال لدخول الزوجين في المستحقين للقصاص.

الفقرة الأولى: الاستدلال لحصر حق القصاص في الورثة: من أدلة انحصار حق القصاص في الورثة ما يأتي: 1 - حديث: (يعقل عن المرأة عصبتها من كلانوا، ولا يرثون منها إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها لورثتها وهم يقتلون قاتلها) (¬1). ووجه الاستدلال بالحديث: أنه جعل الورثة هم الذين يقتلون القاتل بقوله: (وهم يقتلون قاتلها). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن العقل ميراث بين الورثة على قدر إرثهم (¬2). ووجه الاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: أنه جعل العقل وهو الدية ميراث، وذلك دليل على تخصيص الورثة به، ومن ورث الدية ورث القصاص لعدم الفرق؛ لأن الكل حق من حقوق المورث فيكون خاصا بالورثة كسائر التركة. الوجه الثاني: أن الدية بدل عن القصاص عند بعض العلماء فإذا اختص الورثة بها اختصوا بالقصاص؛ لأن البدل له حكم المبدل. الفقرة الثانية: الاستدلال لاستحقاق النساء لحق القصاص: من أدلة استحقاق النساء لحق القصاص ما يأتي: 1 - حديث: (من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوا أو يأخذوا العقل) (¬3). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات 8/ 58. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات 8/ 58. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/1355.

ووجه الاستدلال به: أنه جعل الخيار بين القتل وأخذ الدية لأهل القتيل دون تقييد بالذكور، وذللث دليل على دخول النساء؛ لأنهن من جملة الأهل. 2 - ما تقدم في الاستدلال لتخصيص الورثة بحق القصاص. والاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: أنه مطلق في الورثة فيشمل النساء؛ لأنهن من جملة الورثة. الوجه الثاني: اعتبار العقل على قدر الفروض، وغالب الفروض للنساء فيدخلن فيه. 3 - أن حق القصاص يورث عن القتيل والنساء من جملة الورثة. الفقرة الثالثة: الاستدلال لدخول الزوجين في المستحقين للقصاص: من أدلة دخول الزوجين في المستحقين للقصاص ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورث زوجة أشيم الضبابي من دية زوجها (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - أتي بقاتل فقالت زوجة القتيل: قد عفوت، فقال عمر: الله أكبر عتق القتيل (¬2). 3 - حديث: (من قتل له قتيل فاهله بين خيرتين) (¬3). ووجه الاستدلال به: أن الزوجة من الأهل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي) (¬4). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات، باب ميراث الدم والعقل 8/ 57. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب العفو/18188. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/1355. (¬4) صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب حديث الإفك/ 2770.

الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه استحقاق الوارثين بالنسب. 2 - توجيه عدم استحقاق الوارثين بالسبب. الفقرة الأولى: توجيه استحقاق الوارثين بالنسب: وجه استحقاق الوارثين بالنسب للقصاص هي أدلة القول الأول على ذلك. الفقرة الثانية: توجيه عدم استحقاق الوارثين بالسبب: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه عدم استحقاق الزوجين. 2 - توجيه عدم استحقاق الوارثين بالولاء. الشيء الأول: توجيه عدم استحقاق الزوجين: مما وجه به عدم استحقاق الزوجين للقصاص ما يأتي: 1 - أن القصاص شرع للتشفي، ولا حاجة بالزوجين إلى التشفي لعدم القرابة. 2 - أن الزوجية تنقطع بالموت والقصاص لا يثبت إلا بعده فلا يكون للزوجين حق فيه. 3 - أن الزوجين لا يرثان الولاء فلا يرثان القصاص. 4 - أن الزوجين لا يعقل أحدهما عن الآخر فلا يكون له حق في القصاص. الشيء الثاني: توجيه عدم استحقاق الوارثين بالولاء: مما وجه به عدم استحقاق الوارثين بالولاء للقصاص: أن القصاص شرع للتشفي والوارث بالولاء لا حاجة به للتشفى لعدم القرابة.

الجزئية الثانية: توجيه القول الثالث: مما استدل به للقول بحصر القصاص بالعصبات الذكور ما يأتي: 1 - أن القصاص لرفع العار فيختص بالذكور؛ لأنهم الذين يلحقهم العار بتركه دون النساء، فلا يلحقهن العار فلا يكون لهن حق فيه. 2 - أن النساء لا يتمكن من استيفاء القصاص فلا يكون لهن حق فيه. 3 - أن النساء لا يرثن الولاء فكذلك القصاص؛ لأن مبناهما على النصرة وهن لسن من أهل النصرة. 4 - أن استيفاء القصاص والعفو عنه يحتاج إلى نظر كولاية النكاح، والنساء قاصرات النظر ويخدعن فلا يكون لهن حق فيه كما لم يكن لهن حق في ولاية النكاح. 5 - أن النساء لا يعقلن فلا يكون لهن حق في القصاص. الجزئية الرابعة: توجيه القول الرابع: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه تخصيص حق القصاص بالذكور. 2 - توجيه عدم دخول الزوجين في حق القصاص. الشيء الأول: توجيه تخصيص حق القصاص بالذكور: مما وجه به تخصيص حق القصاص بالذكور ما تقدم في توجيه القول الثالث. الشيء الثاني: توجيه عدم دخول الزوجين في حق القصاص: من أدلة عدم دخول الزوجين في حق القصاص ما تقدم في توجيهه في القول الثاني.

الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن القصاص حق لجميع الورثة بالنسب والسبب دون غيرهم. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بثبوت القصاص لجميع الورثة ما يأتي: 1 - أن أدلته أظهر وأقوى. 2 - عدم نهوض أدلة المخالفين على إثبات ما ذهبوا إليه كما سيأتي في الجواب عنها. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول بتخصيص حق القصاص بالذكور. 2 - الجواب عن وجهة القول بعدم إثبات حق القصاص لأحد من الزوجين. الفقرة الأولى: الجواب عن وجهة تخصيص حق القصاص بالذكور: وفيه خمسة أشياء: الشيء الأول: الجواب عن الاحتجاج بأن القصاص لرفع العار فيختص بالرجال: يجاب عن ذلك بما يأتي:

1 - أن القصاص لحفظ الحياة وصيانة الدماء وليس لرفع العار لقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (¬1). 2 - على التسليم بأن القصاص لرفع العار فإن العار لاحق بالنساء بترك القصاص. الشيء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن النساء لا يتمكن من استيفاء الحقوق: يجاب عن ذلك بما يأتي: 1 - أن عدم التمكن من القصاص لا يمنع من ثبوت الحق فيه لما يأتي: 1 - أن ذلك لم يمنع من ثبوت حق القصاص للمريض والشيخ الكبير. ب - أنه يمكن استيفاء العاجز عن الاستيفاء بنفسه أو أن يوكل. الشيء الثالث: الجواب عن قياس القصاص على الولاء: يجاب عن ذلك من عدة وجوه: الوجه الأول: أنه قياس في مقابلة النص كما تقدم في أدلة القول الراجح فلا يعتد به. الوجه الثاني: أنه معارض بقياس أقوى منه وهو قياس القصاص على الدية، فإنه أولى من قياسه على الولاء؛ لأن الدية تورث بلا خلاف أما الولاء فلا يورث. الوجه الثالث: أن تعليل القصاص بالنصرة غير صحيح؛ لأن علة القصاص حفظ الحياة، لقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية [179]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [179].

الوجه الرابع: أنه على التسليم بتعليل القصاص بالنصرة فإن نفي النصرة عن النساء بإطلاق غير صحيح؛ لأن ذلك ممكن منهن ولو بالمال. الشيء الرابع: الجواب عن قياس القصاص على ولاية النكاح: يجاب عن ذلك بما يأتي: 1 - أنه قياس في مقابلة النص كما تقدم. 2 - أنه معارض بقياس أولى منه، وهو قياس القصاص على الدية، فإنه أولى من قياسه على النكاح كما تقدم. الشيء الخامس: الجواب عن قياس القصاص على العقل: يجاب عن ذلك بما يأتي: 1 - أنه قياس في مقابلة النص كما تقدم فلا يعتد به. 2 - أنه لا يلزم من عدم العقل عدم استحقاق القصاص لما يأتي: 1 - أن ابن المرأة لا يعقل عنها إذا لم يكن من عصبتها، ولم يمنعه ذلك من حق الاقتصاص والعفو. ب - أن إعفاء المرأة من العقل تخفيف عليها، والتخفيف لا يسقط الحق كما أن إسقاط المرأة لدينها عن وجها لا يسقط حقها عليه. الفقرة الثانية: الجواب عن وجهة القول بعدم إثبات حق القصاص لأحد من الزوجين: وفيها أربعة أشياء: الشيء الأول: الجواب عن الاحتجاج بأن القصاص للتشفي والزوجان ليسا بحاجة إلى التشفي لعدم القرابة: أجيب عن ذلك من أربعة وجوه:

الوجه الأول: أن مشروعية القصاص ليست خاصة بالتشفي لأنها أيضًا لحفظ الحياة وحقن الدماء. الوجه الثاني: أن حاجة الزوجين إلى التشفي قد تكون أشد من غيرهم. لأن رابطة الزوجية أقوى من رابطة النسب. الوجه الثالث: أنه على التسليم بعدم حاجة الزوجين إلى التشفي لا يمنع ذلك من ثبوت الحق في القصاص؛ لأنه ثابت للمولى المعتق وهو ليس بقريب ولا حاجة به إلى التشفى. الوجه الرابع: أنه يلزم على التعليل بالتشفي إثبات حق القصاص للإخوة لأم، وذوي الأرحام لحاجتهم إلى التشفي وهو لا يثبت لعهم. الشيء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن الزوجية تنقطع بالموت والقصاص لا يجب إلا بعده، فلا يكون للزوجين حق فيه: أجيب عن ذلك: بأن ثبوت حق القصاص بحكم الزوجية، وحكمها باق بدليل التوارث وجواز تغسيل أحد الزوجين للآخر. الشيء الثالث: الجواب عن الاحتجاج بقياس إرث القصاص على إرث الولاء: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص فلا يصح. الجواب الثاني: أنه معارض بقياس أولى منه وهو قياس القصاص على الدية، فإنه أولى من قياسه على الولاء؛ لأن الدية تورث والولاء لا يورث.

الشيء الرابع: الجواب عن الاحتجاج بأن الزوجين لا يعقل أحدهما عن لآخر: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس مع الفارق فلا يعتد به. الجواب الثاني: أنه لا يلزم من عدم العقل عدم استحقاق القصاص؛ لأن بن المرأة لا يعقل عنها إذا لم يكن من عصبتها ولم يمنعه ذلك من حق لاقتصاص والعفو. الجانب الثاني: استحقاق السلطان للقصاص: وفيه جزءان هما: 1 - حالة الاستحقاق. 2 - الاستحقاق. الجزء الأول: حالة الاستحقاق: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان حالة الاستحقاق. 2 - الأمثلة. الجزئية الأولى: حالة الاستحقاق: حالة استحقاق السلطان للقصاص إذا لم يعلم للقتيل ولي. الجزئية الثانية: الأمثلة: من أمثلة القتيل الذي لا يعلم له ولي ما يأتي: 1 - اللقيط. 2 - القادم إلى بلاد الإسلام ولم يعلم له ولي. 3 - المنفي باللعان على القول بأن القصاص للعصبات الذكور.

الجزء الثاني: الاستحقاق: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في استحقاق السلطان للقصاص على قولين: القول الأول: أنه يملكه. القول الثاني: أنه يملكه إن كان القتيل من أهل دار الحرب ولا يملكه إن كان القتيل من أهل دار الإسلام. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول الأول بما يأتي: 1 - حديث: (السلطان ولي من لا ولي له) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن السلطان اعتبر وليا لمن لا ولي له، ومن لا يعلم له ولي لا ولي له فيكون وليه السلطان. وإذا كان السلطان هو وليه جاز أن يستوفي القصاص له. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب النكاح، باب في الولي/2083.

2 - أن عثمان - رضي الله عنه - عفي عن عبد الله بن عمر لما قتل الهر مزان يظنه قاتل أبيه، وقال: هذا رجل من أهل الأرض وأنا وليه أعفو عنه وأؤدي ديته (¬1). وكان بمحضر من الصحابة ولم ينكر، ومن ملك العفو عن القصاص ملك استيفاؤه. 3 - أن الحق في دم من لا يعلم وليه للمسلمين، والنائب عنهم هو السلطان فله أن يقتض من قاتله إذا كانت المصلحة لهم في ذلك. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه ملك السلطان للقصاص إذا كان القتيل من أهل دار الحرب. 2 - توجيه عدم ملك السلطان للقصاص إذا كان القتيل من أهل دار الإسلام. الشيء الأول: توجيه ملك السلطان للقصاص: وجه ملك السلطان للقصاص إذا كان القتيل من أهل دار الحرب: أن الظاهر أنه لا ولي له من المسلمين فيكون السلطان هو وليه لما تقدم من أدلة القول الأول. الشيء الثاني: توجيه عدم ولاية السلطان للقصاص: وجه القول بعدم ملك السلطان للقصاص إذا كان القتيل من أهل دار الإسلام: بأن الظاهر أنه لا يخلو من ولي من المسلمين فلا يملك السلطان القصاص من قاتله؛ لأن قيام ولاية الولي تمنع ولاية السلطان. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات، باب أحد الأولياء إذا عدا على رجل فقتله بأنه قاتل أبيه 80/ 61.

الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأنه إذا لم يعلم للقتيل ولي كان وليه السلطان. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأنه إذا لم يعلم للقتيل ولي كان وليه السلطان: أن أدلته أظهر وأقوى. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول بما يأتي: 1 - أن الأحكام تبنى على غلبة الظن لا بما في الواقع ونفس الأمر؛ لأن ذلك قد يتعذر. 2 - أن المجهول ينزل منزلة العدوم؛ لأن الأصل عدمه. 3 - أن الاحتمالات لا تبني عليها الأحكام. الأمر الثاني: صفة الاستحقاق: وفيه جانبان هما: 1 - المراد بصفة الاستحقاق. 2 - صفة الاستحقاق. الجانب الأول: بيان المراد بصفة استحقاق القصاص: المراد بصفة استحقاق القصاص: وجوبه على سبيل الاشتراك بين الأولياء أو على سبيل الاستقلال لكل واحد منهم.

الجانب الثاني: صفة الاستحقاق: وفيه أرلعة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - ما يترتب على الخلاف. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في صفة استحقاق القصاص على قولين: القول الأول: أنه يجب لجميع الأولياء على سبيل الاشتراك بين صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وإنثاهم وحاضرهم وغائبهم. القول الثاني: أنه يجب لكل واحد من الأولياء على سبيل الانفراد. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب القصاص لجميع الأولياء على وجه الاشتراك بما يأتي: 1 - أن القصاص حق للقتيل يورث عنه فيثبت لجميع الأولياء على سبيل الاشتراك كالمال. 2 - أن الدية تورث على سبيل الاشتراك وهي أحد ما يوجبه القتل فيكون القصاص كذلك. 3 - أن القصاص يسقط بعفو بعض الأولياء، ولو لم يكن مشتركا لما سقط بذلك، ولكان لكل واحد استيفاؤه لثبوته له على وجه الكمال.

4 - أن إثبات القصاص لكل واحد من الأولياء يؤدي إلى استقلال المستوفي به وتفويته على الباقين. 5 - أن ثبوت الشي الواحد لأكثر من واحد على وجه الانفراد ممتنع؛ لأن تصرف أحدهم فيه يفوته على غيره، كانفراد أكثر من واحد في الرغيف الواحد إذا أكله أحدهم لم يبق لغيره منه شيء. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بثبوت القصاص لكل واحد من الأولياء على وجه الكمال بما يأتي: 1 - أن ثبوت القصاص بالقرابة، وهي لا تتجزأ فلا يتجزأ القصاص والاشتراك فيما لا يتجزأ ممتنع. 2 - أن القتل تصرف في الروح، وهي لا تتجزأ فلا يتجزأ القصاص كذلك. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بثبوت القصاص للأولياء على وجه الاشتراك. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بثبوت القصاص لجميع الأولياء على وجه الاشتراك قوة أدلته وعدم نهوض أدلة المخالفين لإثبات ما يدعونه.

الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. 3 - الجواب عن الدليل الثالث. الفقرة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن هذا الدليل من وجهين: الوجه الأول: أن سببية القرابة لثبوت القصاص لا يمنع الاشتراك فيه، بدليل أن القرابة هي سبب استحقاق الدية، ولم يمنع ذلك الاشتراك فيها. الوجه الثاني: أن الممتنع الاشتراك في الاستيفاء وهذا لا يمنع الاشتراك في الثبوت، كما أن امتناع الاشتراك في نحر البدنة في الهدي والأضحية لا يمنع الاشتراك فيها. الفقرة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن هذا الدليل بالوجه الثاني من الإجابة عن الدليل الأول. الجزء الرابع: ما يترتب على الخلاف: مما يترتب على الخلاف ما يأتي: 1 - الاستقلال بالقصاص من بعض الأولياء: فعلى القول بثبوت القصاص مشتركا لا يجوز وعلى القول بثبوته على سبيل الاستقلال يجوز. 2 - الضمان بقتل الجاني قبل الاتفاق: فعلى القول بثبوت القصاص على سبيل الاشتراك يلزم الضمان، وعلى ثبوته على سبيل الاستقلال لا يجب الضمان.

3 - سماع الدعوى من بعض الأولياء على الجاني: فعلى ثبوت القصاص على سبيل الاشتراك لا تسمع، وعلى ثبوته على سبيل الاستقلال تسمع. 4 - سقوط القصاص بعفو البعض: فعلى ثبوت القصاص على سبيل الاشتراك يسقط وعلى ثبوته على سبيل الاستقلال لا يسقط. الفرع السادس: شروط القصاص في النفس: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الشروط المعتبرة في القاتل. 2 - الشروط المعتبرة في القتيل. 3 - الشروط المعتبرة في القتل. الأمر الأول: الشروط المعتبرة في القاتل: وفيه تسعة جوانب هي: 1 - التكليف. 2 - الالتزام. 3 - الاختيار. 4 - العلم بتحريم القتل. 5 - انتفاء الولادة. 6 - انتفاء ملكية القاتل للمقتول. 7 - انتفاء البغي. 8 - المكأفاة. 9 - انتفاء المشاركة ممن لا يجب القصاص عليه. الجانب الأول: التكليف: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: الثاني التكليف فلا قصاص على صغير ولا مجنون. الكلام في هذا الجانب في أربعة أجزاء هي:

1 - المراد بالتكليف. 2 - دليل الاشتراط. 3 - توجيه الاشتراط. 4 - ما يخرج بالشرط. الجزء الأول: المراد بالتكليف: التكليف: هو التأهل لتحمل المسؤولية بالعقل والبلوغ. الجزء الثاني: دليل الاشتراط: دليل اشتراط التكليف للقصاص حديث: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ) (¬1). الجزء الثالث: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط التكليف للقصاص: أن من شرط القصاص قصد القتل، وغير المكلف لا قصد له كما تقدم فلا يجب القصاص عليه. الجزء الرابع: ما يخرج بشرط التكليف: وفيه جزئيتان هما: 1 - الصغير. 2 - زائل العقل. الجزئية الأولى: الصغير: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - حد الصغر. 2 - دليل الخروج. 3 - توجيه الخروج. الفقرة الأولى: حد الصغر: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحد. 2 - دليل التحديد. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398.

الشيء الأول: بيان الحد: حد الصغر البلوغ. الشيء الثاني: دليل التحديد: دليل تحديد الصغر بالبلوغ ما يأتي: 1 - ما ورد ابق عمر - رضي الله عنه - عرض على الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه، وعرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه (¬1). 2 - ما ورد في قتل من أنبت من بني قريظة وترك من لم ينبت (¬2). الفقرة الثانية: دليل الخروج: دليل خروج الصغير من وجوب القصاص عليه حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬3)، وفيه: (والصغير حتى يبلغ). الفقرة الثالثة: توجيه الخروج: وجه خروج الصغير من وجوب القصاص عليه: أن من شروط وجوب القصاص قصد القتل، والصغير ليس له قصد معتبر. الجزئية الثانية: زائل العقل: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - زائل العقل بالجنون. 2 - زائل العقل بسبب مباح. 3 - زائل العقل بسبب محرم. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب بيان سن البلوغ/1868. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في الغلام يصيب الحد/ 4404. (¬3) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق/4398.

الفقرة الأولى: زائل العقل بالجنون: وفيها شيئان هما: 1 - دليل خروج المجنون ممن يجب عليه القصاص. 2 - توجيه الخروج. الشيء الأول: دليل الخروج: دليل خروج المجنون ممن يجب عليه القصاص. حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1)، وفيه: (المجنون حتى يفيق). الشيء الثاني: التوجيه: وجه خروج المجنون ممن يجب عليه القصاص: أن من شرط القصاص قصد القتل، والمجنون ليس له قصد معتبر. الفقرة الثانية: زائل العقل بسبب مباح: وفيها شيئان هما: 1 - الأمثلة. 2 - توجيه الخروج. الشيء الأول: أمثلة فاقد العقل بسبب مباح: من أمثلة زوال العقل بسبب مباح ما يأتي: 1 - زوال العقل بالنوم. 2 - زوال العقل بالبنج للعلاج. الشيء الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج زائل العقل بسبب مباح ممن مجب عليه القصاص: أن من شروط القصاص قصد القتل، وزائل العقل ليس له قصد معتبر، وهو معذور في زوال عقله فلا يؤاخذ به. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398.

الفقرة الثالثة: زائل العقل بسبب محرم: وفيها شيئان هما: 1 - زائل العقل بالإكراه. 2 - زائل العقل بالاختيار. الشيء الأول: زائل العقل بسبب محرم بالإكراه: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - ضابط الإكراه. 2 - أمثلة الإكراه. 3 - توجيه الخروج من وجوب القصاص. النقطة الأولى: ضابط الإكراه: الضابط للإكراه على زوال العقل: الحمل على تناول ما يزول به العقل بالتهديد بما يضر النفس أو العرض أو المال من قادر عليه. النقطة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الكراه على تناول ما يزول به العقل ما يأتي: 1 - الحمل على شرب الخمر بالتهديد بالقتل. 2 - الحمل على تناول البنج بالتهديد باتلاف المال. 3 - الحمل على تناول المسكر بالتهديد على انتهاك العرض. النقطة الثالثة: توجيه الخروج: وجه خروج زائل العقل بالإكراه من وجوب القصاص عليه ما يأتى: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1)، وفيه: (والمجنون حتى يفيق). ووجه الاستدلال به: أن رفع القلم عن المجنون لعدم إدراكه وعدم تعديه بزوال عقله، وزائل العقل بالسكر مكرها بمعناه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398.

2 - أن زائل العقل لا يعي ما يفعل فلا يؤاخذ به، والمعذور بزوال عقله لا يؤاخذ على زواله، فلا يؤاخذ بما يترتب عليه. الشيء الثاني: زائل العقل بسبب محرم مختارا: وفيه نقطتان هما: 1 - من زال عقله بالسكر مختارا فلم يعد. 2 - من زال عقله بالسكر مختارا ثم عاد. النقطة الأولى: من زال عقله بالسكر مختارا فلم يعد: وفيها قطعتان هما: 1 - خروجه من وجوب القصاص عليه. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الخروج من وجوب القصاص: من زال عقله بالسكر مختارا فلم يعد لا قصاص عليه. القطعة الثانية: التوجيه: وجه خروج من زال عقله بالسكر مختارا فلم يعد من وجوب القصاص: أنه صار كالمجنون في عدم رجوع عقله فيأخذ حكمه. النقطة الثانية: من زال عقله بالسكر مختارا ثم عاد: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في وجوب القصاص ممن زال عقله بالسكر مختارا ثم عاد إذا قتل حال سكره على قولين: القول الأول: أنه يجب عليه. القول الثاني: أنه لا يجب عليه. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب القصاص على من زال عقله بالسكر مختارا ثم عاد إذا قتل حال سكره بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها مطلقة فيدخل فيها زائل العقل بالسكر من غير عذر. 2 - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬2). ووجه الاستدلال بها كوجه الاستدلال بالآية التي قبلها. 3 - حديث: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي وإما أن يقتل) (¬3). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) سورة المائدة، الآية: [45]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/1355.

ووجه الاستدلال به: أنه عام فيدخل فيه من قتل حال سكره. 4 - أن الأصل في القتل العمد القصاص لعموم أدلته فخرج منه المعذور وبقي فيه ما عداه. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: ووجه القول بعدم وجوب القصاص على السكران ولو كان غير معذور بسكره بما يأتي: 1 - أن زائل العقل بالسكر كالمجنون لا يعقل ما يقول أو يفعل فلا يؤاخذ به. 2 - أن زائل العقل بالسكر لا يقع طلاقه؛ لأنه لا يعقله. فلا يجب عليه القصاص بقتله؛ لأنه لا يعقله. 3 - أن القصاص لا يجب على الصبي بقتله؛ لأنه لا يقتله. وزائل العقل لا يعقل القتل فلا يجب عليه القصاص به. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - الله اعلم - وجوب القصاص على غير المعذور بسكره ولو كان قتله حال سكرء. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص على زائل العقل بالسكر من غير عذر: أنه لو لم يجب القصاص عليه لأدى إلى إسقاط القصاص؛ لأن بإمكان

من أراد أن يقتل أن يسكر ويقتل وهو سكران فلا يجب عليه قصاص، وبذلك يكثر القتل وتنتفي حكمة القصاص، وهي منع القتل أو تقليله. الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - الجواب عن قياس السكران على المجنون. 2 - الجواب عن قياس القتل على الطلاق. 3 - الجواب عن قياس السكران على الصبي. الجملة الأولى: الجواب عن قياس السكران على المجنون: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن إيجاب القصاص على السكران سد لباب القتل، لئلا يتخذ السكر طريقا إلى القتل فتذهب بذلك حكمة القصاص والمجنون لا دخل له في إيجاد الجنون لنفسه، ويبعد إيجاده لنفسه حتى يتخذه طريقا إلى القتل. الجملة الثانية: الجواب عن قياس القتل على الطلاق: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: منع عدم وقوع طلاق السكران إذا كان سكره من غير عذر: الجواب الثاني: أن قياس قتل السكران على الطلاق قياس مع الفارق وذلك من وجهين: الوجه الأول: منع عدم وقوع طلاق السكران إذا كان سكره من غير عذر.

الوجه الثاني: أن إيجاب القصاص على السكران منع لجعله وسيلة إلى القتل كما تقدم في توجيه الترجيح، وهذا المعنى ليس موجود في الطلاق؛ لأنه ممكن من غير إزالة العقل. الجملة الثالثة: الجواب عن قياس السكران على الصبي: يجاب عن قياس السكران على الصبي: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن إيجاب القصاص على السكران سد لباب القتل لئلا يتخذ السكر وسيلة إلى القتل فتذهب حكمة القصاص والصبي لا دخل له في عدم عقله حتى يتخذ وسيلة إلى القتل. الجانب الثاني: الالتزام: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - معنى الالتزام. 2 - أمثلة الملتزم. 3 - توجيه اشتراط الالتزام. 4 - من يخرج بشرط الالتزام. الجزء الأول: معنى الالتزام: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان معنى الالتزام. 2 - بيان المراد بالالتزام في شروط القصاص. الجزئية الأولى: معنى الالتزام: يطلق الالتزام عن معان منها: 1 - التكفل بالشيء، ومنه التزم بالأمر إذا تكفل به. 2 - التحمل ومنه التزم بالأمر إذا تحمله واستعد للقيام بما يترتب عليه.

الجزئية الثانية: بيان المراد بالالتزام في شروط القصاص: المراد بالالتزام في شروط القصاص: قبول تطبيق أحكام الإسلام من القصاص، والحدود، والتعازير، والكف عن الممنوعات في الإسلام، من القتل والزنا والسرقة وسائر المحرمات. الجزء الثاني: أمثلة الملتزم: من أمثلة الملتزم ما يأتي: 1 - الذمي. 2 - المعاهد. 3 - المستأمن. الجزء الثالث: توجيه اشتراط الالتزام لوجوب القصاص: وجه اشتراط الالتزام لوجوب القصاص: أن غير الملتزم بأحكام الإسلام لا يطالب بتطبيقها عليه؛ لأن الشخص لا يطالب بما لم يلتزم به، والقصاص من أحكام الإسلام فلا يطالب به من لم يلتزم به. الجزء الرابع: من يخرج بشرط الالتزام: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان من يخرج. 2 - توجيه الخروج. الجزئية الأولى: بيان من يخرج: الذي يخرج من وجوب القصاص عليه بشرط الالتزام الحربي، فلا يجب عليه القصاص في حال حوابته ولا بعد إسلامه لو أسلم. الجزئية الثانية: توجيه الخروج: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه خروج الحربي من القصاص من حال الحرابة.

2 - توجيه خروج الحربي من وجوب القصاص بعد إسلامه. الفقرة الأولى: توجيه خروج الحربي من وجوب القصاص حال المحارية: وجه خروج الحربي من وجوب القصاص عليه حال الحرابة ما يأتي: 1 - ما تقدم في توجيه اشتراط الالتزام. 2 - أنه لو قدر عليه حال حرابته لكان مستحق القتل بالحرابة لا بالقصاص. الفقرة الثانية: توجيه خروج الحربي من وجوب القصاص بعد إسلامه بشرط الالتزام: وجه خروج الحربي من وجوب القصاص عليه بعد إسلامه بشرط الالتزام: أن الإسلام يجب ما قبله لما يأتي: 1 - قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الإسلام يجب ما قبله) (¬2). 3 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يقتص من وحشي قاتل حمزة. الجانب الثالث: الاختيار: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ومن أكره مكلفا على قتل مكافئه فقتله فالقتل والدية عليهما. الكلام في هذا الجانب في جزءين هما: 1 - معنى الاختيار. 2 - من يخرج به. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، الآية: [38]. (¬2) صحبح مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله/ 192/ 121.

الجزء الأول: معنى الاختيار: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المعنى. 2 - بيان المراد به في شروط القصاص. الجزئية الأولى: بيان معنى الاختيار: يطلق الاختيار على معان منها: 1 - تفضيل الشيء على غيره، ومنه أخذ اللبن وترك الخمر. 2 - ترجيح تصرف على غيره، ومنه: (ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما) (¬1). 3 - التصرف من غير تأثير ملجئ. الجزئية الثانية: بيان المراد بالاختيار في شروط القصاص: المراد بالاختيار في شروط القصاص حرية التصرف، وهو التصرف من غير تأثير ملجئ. الجزء الثاني: ما يخرج به: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان من يخرج. 2 - أمثلة الإكراه. 3 - مسؤولية القتل من المكره. الجزئية الأولى: بيان من يخرج: يخرج بشرط الاختيار: المكره على القتل على الخلاف الآتي في مسؤولية القتل. الجزئية الثانية: أمثلة الإحراه على القتل: من أمثلة الإكراه على القتل ما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في التجاوز في الأمر/ 4785.

1 - أن يهدد قطاع الطريق أحد المارة بالقتل إن لم يقتل رفيقه فيقتله. 2 - أن يهدد الفساق المرأة بالقتل إن لم تقتل زوجها فتقتله. 3 - أن يهدد ذو سلطان مكلفا بالقتل إن لم يقتل من يأمره بقتله فيقتله. الجزئية الثالثة: مسؤولية القتل: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان القاتل غير مكلف. 2 - إذا كان القاتل مكلفا. الفقرة الأولى: إذا كان القاتل غير مكلف: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان المسؤولية: إذا كان المأمور بالقتل غير مكلف كانت مسؤولية القتل على الآمر. الشيء الثاني: التوجيه: وجه كون المسؤولية على الآمر إذا كان القاتل غير مكلف: أن القاتل لا تتوجه إليه المسؤولية فتكون على المتسبب؛ لأنه إذا اجتمع المتسبب والمباشر ولم يكن المباشر أهلا للمسؤولية توجهت المسؤولية إلى المتسبب لئلا تضيع المسؤولية. الفقرة الثانية: إذا كان القاتل مكلفا: وفيها شيئان هما: 1 - إذا كان القاتل جاهلا بتحريم القتل. 2 - إذا كان القاتل عالما بتحريم القتل. الشيء الأول: إذا كان القاتل جاهلا بتحريم القتل: وفيه ثلاث نقاط هي:

1 - المراد بجهل التحريم. 2 - صورة جهل التحريم. 3 - المسؤولية. النقطة الأولى: المراد بجهل التحريم: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان المراد بجهل التحريم. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان المراد بالجهل بالتحريم: المراد بالجهل بالتحريم: الجهل بتحريم القتل من حيث هو وليس الجهل بتحريم قتل المأمور بقتله. القطعة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار الجهل بالتحريم تحريم القتل من حيث هو: أن من يعلم تحريم القتل لا يجوز له أن يقدم على قتل أحد حتى يعلم إباحة قتله فلا يقدم عليه بمجرد الأمر. النقطة الثانية: صورة الجهل بتحريم القتل: يتصور الجهل بتحريم القتل في حديث العهد بالإسلام البعيد عن ديار المسلمين ومخالطتهم، وهذا قد يوجد في المؤمن السابق حين تباعد الديار، وضعف وسائل الاتصال، أما الآن فقد أصبح العالم كله في حكم البلد الواحد، فيبعد الجهل بالأحكام الظاهرة في كل دين. النقطة الثالثة: المسؤولية: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه.

القطعة الأولى: بيان المسؤولية: إذا كان المباشر جاهلا بتحريم القتل كانت مسؤوليته على الآمر. القطعة الثانية: التوجيه: وجه تحميل مسؤولية القتل للآمر إذا كان القاتل جاهلا بتحريم القتل: أن القاتل معذور بالجهل بتحريم القتل فلا تتوجه المسؤولية إليه، وإذا لم تتوجه المسؤولية إلى القاتل توجهت إلى الآمر؛ لأنه إذا اجتمعت المباشرة والتسبب وتعذرت مسؤولية المباشر كانت المسؤولية على المتسبب لئلا تضيع المسؤولية. الشيء الثاني: إذا كان القاتل عالما بتحريم القتل: وفيه نقطتان هما: 1 - إذا كان الإكراه على قتل غير معين. 2 - إذا كان الإكراه على قتل معين. النقطة الأولى: إذا كان الإكراه على قتل غير معين: وفيها قطعتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - المسؤولية. القطعة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الإكراه على قتل غير المعين ما يأتي: 1 - إن لم تقتل اليوم رجلا فسأقتلك. 2 - إن لم تقتل اليوم ذميا فسأقتلك. 3 - إن لم تقتل اليوم معاهدا فسأقتلك. القطعة الثانية: المسؤولية: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه.

الشريحة الأولى: بيان المسؤولية: إذا كان الإكراه على قتل غير معين: كانت المسؤولية على القاتل. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه كون مسؤولية القتل على القائل إذا كان الإكراه على قتل غير معين: الإكراه لا يتحقق في قتل غير المعين؛ لأنه لم يتوجه إليه، وإنما القاتل هو الذي اختار من قتله دون غيره من الناس. النقطة الثانية: إذا كان الإكراه على قتل معين: وفيها قطعتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - المسؤولية. القطعة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الإكراه على قتل المعين ما يأتي: 1 - اقتل هذا الرجل وإلا قتلتك. 2 - اقتل فلان بن فلان وإلا قتلتك. 3 - اقتل زميلك فلانا وإلا قتلتك. القطعة الثانية: المسؤولية: وفيها أربع شرائح هي: 1 - إذا لم يكن مكافئا للآمر ولا للقاتل. 2 - إذا كان مكافئا للقاتل دون الآمر. 3 - إذا كان مكافئا للآمر دون القاتل. 2 - إذا كان مكافئا للآمر والقاتل. الشريحة الأولى: إذا لم يكن المقتول مكافئا للآمر ولا للقاتل: وفيها جملتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - المسؤولية.

الجملة الأولى: الأمثلة: من أمثلة عدم مكأفاة المقتول للآمر ولا للقاتل ما يأتي: 1 - أن يكون المقتول رقيقا والآمر والقاتل حرين. 2 - أن يكون المقتول ذميا والآمر والقاتل مسلمين. الجملة الثانية: المسؤولية: وفيها ما يأتي: أولا: المسؤولية: إذا كان المقتول غير مكافئ للآمر ولا للقاتل فلا قصاص على واحد منهما. ثانيا: التوجيه: وجه عدم وجوب القصاص على الآمر ولا على القاتل إذا كان المقتول لا يكافئ واحد منهما: أن من شرط القصاص مكأفاة المقتول للقاتل، فإذا انتفت المكأفاة انتفى القصاص. الشريحة الثانية: إذا كان المقتول مكافئا للقاتل دون الآمر: وفيها جملتان هما: 1 - مسؤولية الآمر. 2 - مسؤولية المأمور. الجملة الأولى: مسؤولية الآمر: وفيها ما يلي: أولا: بيان المسرولية: إذا كان المقتول غير مكافئ للآمر فلا قصاص عليه. ثانيا: التوجيه: وجه عدم وجوب القصاص على الآمر إذا لم يكن يكافئه المقتول: هو عدم تحقق شرط وجوب القصاص، وهو المكأفاة.

الجملة الثانية: مسؤولية المأمور: فيها ما يلى: أولا: الخلاف: إذا كافأ المقتول القاتل ولم يكافئ الآمر فقد اختلف في وجوب القصاص على القاتل على قولين: القول الأول: أنه يقتص منه. القول الثاني: أنه لا يقتص منه. ثانيا: التوجيه: وفيه ما يأتي: أ - توجيه القول الأول: وجه القول بالاقتصاص من القاتل إذا كان كافأة المقتول ولم يكافئ الآمر بما يلي: 1 - عموم أدلة القصاص. 2 - أن المأمور قاتل عمدا عدوانا فيجب عليه القصاص كما لو قتل من غير إكراه. 3 - أن الآمر لا يجب عليه القصاص لعدم تحقق شرطه وهو المكأفاة، فلو لم يجب القصاص على المأمور لأدى إلى إهدار الدم. ب - توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب القصاص على المأمور بما يأتي:

1 - حديث: (إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬1). 2 - أن المكره على الزنا لا يجب عليه الحد، فكذلك المكره على القتل لا يجب عليه القصاص. 3 - أن المكره على كلمة الكفر لا تترتب عليه أحكام الردة، فكذلك المكره على القتل لا يجب عليه القصاص. 4 - أن القصاص للردع والزجر، وهذا لا يحصل من المكره؛ لأنه لا يحتاج إلى الردع. 5 - أن المكره مسلوب الإرادة، كالآلة للآمر، فلا يجب عليه القصاص، كما لو ألقاه الآمر على المقتول أو ضربه به. ثالثا: الترجيح: وفيه ما يأتي: أ - بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب القصاص. ب - توجيه الترجيح: وجه ترجيح وجوب القصاص على المأمور: أن أدلته أظهر. ج - الجواب عن أدلة القول الآخر: وفيه ما يأتي: 1 - الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن هذا الدليل بأنه عام مخصوص بأدلة القصاص. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره/ 2043.

2 - الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن هذا الدليل بأن سقوط الحد عن المكره على الزنا؛ لأنه حق لله وحقوق الله مبناها على التسامح، ولهذا تسقط بالشبهة ويسقط الإثم مع الإكراه. 3 - الجواب عن الدليل الثالث: يجاب عن هذا الدليل بما أجيب به عن الدليل الثاني. 4 - الجواب عن الدليل الرابع: يجاب عن هذا الدليل: بأن دعوى عدم حاجة المكره إلى الردع غير صحيحة لما يأتي: أ - أن حاجته إلى الردع حتى لا يقدم حياته على حياة غيره، ومصلحته على مصلحة غيره. ب - أن حكمة القصاص ليست قاصرة على الردع والزجر بل من حكمه شفاء غيض أولياء المقتول بقتل قاتله وتغييبه عن أعينهم كما غيب قتيلهم. 5 - الجواب عن الدليل الخامس: يجاب عن هذا الدليل: بأن دعوى سلب إرادة القاتل غير صحيحة؛ لأنه إنما أقدم على القتل لاستبقاء حياته وتقديم مصلحته، والإرادة بذلك ظاهرة. الشريحة الثالثة: إذا كان المقتول مكافئا للآمر دون القاتل: وفيها جملتان هما: 1 - مسؤولية القاتل. 2 - مسؤولية الآمر. الجملة الأولى: مسؤولية القاتل: وفيها ما يلي:

أ - بيان المسؤولية: إذا كان المقتول غير مكافئ للقاتل فلا قصاص عليه. ب - التوجيه: وجه عدم وجوب القصاص على القاتل إذا لم يكافئه المقتول: عدم تحقق شرط القصاص وهو المكأفاة. الجملة الثانية: مسؤولية الآمر: وفيها ما يلي: أولا: الخلاف: اختلف في مسؤولية الآمر بالقتل عن القصاص إذا كافأه المقتول دون القاتل على قولين: القول الأول: أنه يقتص منه. القول الثاني: أنه لا يقتص منه. ثانيا: التوجيه: وفيه ما يلي: 1 - توجيه القول الأول: وجه القول بالاقتصاص من الآمر بما يلي: 1 - أن الآمر تسبب إلى القتل بما يفضي إليه غالبا فوجب عليه القصاص، كإنهاش السبع والحية. 2 - أن الآمر هو القاتل حقيقة؛ لأن المأمور كالآلة لا اختيار له، والقصاص على مستعمل الآلة لا عليها.

3 - أنه لا يجب القصاص على القاتل لعدم المكأفاة فيجب القصاص على الآمر صيانة للدماء عن الإهدار. ب - توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم القصاص على الآمر بما يأتي: 1 - أن الإكراه على الزنا أو الكفر لا يوجب الحد على المكره فكذلك الإكراه على القتل لا يوجب القصاص. 2 - أن الإكراه على إتلاف المال لا يرتب الضمان فكذلك الإكراه على القتل. 3 - أن الآمر متسبب والقاتل مباشر، ولا حكم للسبب مع المباشرة. ثالثا: الترجيح: وفيه ما يأتي: 1 - بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو وجوب القصاص. ب - توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص: أنه لو لم يجب على الآمر القصاص لاتخذ الإكراه طريقا إلى القتل فتذهب الحكمة من القصاص، وذلك أنه إذا أريد التخلص من شخص أكره على قتله ودفعت ديته، ج - الجواب عن وجهة المخالفين: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعدم وجوب الحد على الآمر بالزنا والكفر:

يجاب عن ذلك: بأنه لا فائدة للآمر بالإكراه على الزنا والكفر فلا يكون سقوط الحد وسيلة إلى الإكراه عليهما؛ بخلاف الإكراه على القتل كما تقدم في الترجيح. 2 - الجواب عن الاحتجاج بعدم ضمان الآمر بإتلاف المال: يجاب عن ذلك: بأنه ممنوع، وذلك أن الآمر يلزمه الضمان ويرجع المأمور عليه كالمغرور مع الغار. الشريحة الرابعة: إذا كان المقتول مكافئا للآمر والقاتل: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ لله تعالى -: ومن أكره مكلفا على قتل مكافئه فقتله فالقتل أو الدية عليهما. الكلام في هذه الشريحة في ثلاث جمل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجملة الأولى: الخلاف: إذا كان المقتول مكافئا للآمر والقاتل فقد اختلف في مسؤولية القصاص على أربعة أقوال: القول الأول: أنه يجب القصاص على كل منهما. القول الثاني: أن القصاص على الآمر دون القاتل. القول الثالث: أن القصاص على القاتل دون الآمر. القول الرابع: أنه لا قصاص على واحد منهما. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها أربع جمل هي:

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. 4 - توجيه القول الرابع. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: أولا: توجيه وجوب القصاص على الآمر: وجه القول بوجوب القصاص على الآمر بما يأتي: 1 - أنه تسبب بما يفضي إلى القتل غالبا فوجب عليه القصاص كما لو أنهشه سبعا أو حية. 2 - أنه لو لم يجب القصاص على الآمر لاتخذ الإكراه على القتل طريقا إلى القتل فتبطل بذلك حكمة القصاص. وذلك أنه إذا أراد شخص أن يتخلص من أعدائه سلط بعضهم على قتل بعمق بالإكراه فيتخلص من بعضهم بالقتل بالإكراه، ومن الآخر بالتسبب في إيجاب القصاص عليه. ثانيا: توجيه وجوب القصاص على القاتل: وجه إيجاب القصاص على القاتل: أنه قاتل عمدا عدوانا فيجب عليه القصاص كما لو لم يكره لعموم أدلة القصاص. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: أولا: توجيه عدم وجوب القتل على المأمور. وجه القول بعدم وجوب القتل على المأمور بما يأتي:

1 - حديث: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬1). 2 - أنه لو أكره على الزنا لما وجب عليه الحد فكذلك القصاص. 3 - أنه لو تلفظ بكلمة الكفر مكرها لم يترتب عليه حكم الكفر من الإثم والردة، فكذلك إذا أكره على القتل لم يترتب عليه حكمه. 4 - أن القصاص للردع والزجر وهذا لا يحصل بالقصاص من المكره؛ لأنه منته من نفسه وإنما دفع إلى القتل بالإكراه، فلا يحتاج إلى ردع ولا زجر. 5 - أن المكره مسلوب الإرادة فكان كالآلة، فلم يجب عليه القصاص كما لو ألقاه على المقتول أو ضربه به. ثانيا: توجيه وجوب القصاص على الآمر المكره: وجه إيجاب القصاص على الآمر بما وجه به وجوب القصاص عليه في القول الأول. الجملة الثالثة: توجيه القول الثالث: أولا: توجيه القول بوجوب القصاص على القاتل. وجه وجوب القصاص على القاتل ما تقدم في توجيه ذلك في توجيه القول الأول. ثانيا: توجيه عدم وجوب القصاص على الآمر: وجه عدم وجوب القصاص على الآمر: بأن الآمر متسبب والقاتل مباشر ولا حكم للسبب مع المباشرة. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره/ 2043.

الجملة الرابعة: توجيه القول الرابع: أولا: توجيه عدم وجوب القصاص على الآمر: وجه عدم وجوب القصاص على الآمر ما تقدم في توجيه ذلك في توجيه لقول الثاني. ثانيا: توجيه عدم وجوب القصاص على الآمر: وجه عدم وجوب القصاص على الآمر ما تقدم في توجيه ذلك في توجيه المذهب الثالث. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب القصاص على الآمر والقاتل. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص على الآمر والمأمور: أنه لو لم يجب لقصاص عليهما لاتخذ الإكراه طريقا إلى القتل وبذلك تذهب حكمة مشروعية القصاص. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: أولا: الجواب عن عدم إيجاب القصاص على المأمور. الجواب عن ذلك كما يلي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث.

أجيب عن ذلك بأنه عام مخصوص بأدلة وجوب القصاص بدليل أن القاتل بالإكراه يأثم والمعفو عنه لا إثم فيه، ولو كان القاتل بالإكراه معفوا عنه لما أثم، لأن الله أكرم من أن يعاقب على حقه وقد شرع العفو عن حق العباد. ولو قيل بعدم الإثم لما لزم منه سقوط القصاص؛ لأن الإثم لحق الله والقصاص حق لآدمي وحقوق الله مبناها على المسامحة، ولهذا تسقط بالشبهة ويسقط الإثم مع الإكراه. ثالثا: الجواب عن قياس القتل مع الإكراه على الإكراه على التلفظ بكلمة الكفر. أجيب عن ذلك: بأن عدم المؤاخذة بالنطق بكلمة الكفر مع الإكراه؛ لأن ذلك حق الله وحقوق الله مبناها على المسامحة. رابعا: الجواب عن الاحتجاج بأن القصاص للردع والمكره لا يحتاج ردع. أجيب عن ذلك من وجهين: الوجه الأول: أن مشروعية القصاص ليست قاصرة على الردع بل هو مع ذلك للتشفي بقتل القاتل وتغييبه عن أنظار أولياء القتيل. الوجه الثاني: أن دعوى عدم حاجة المكره إلى الردع غير صحيحة؛ لأنه يحتاج إلى رادع حتى لا يقدم مصلحة نفسه وحياته على حياة غيره ومصلحته. خامسا: الجواب عن اعتبار القاتل المكره كالآلة: أجيب عن ذلك: بأن القتل فعل ينشأ عنه الزهوق وقد وجد هذا من المأمور حقيقة، بدليل الحس والمشاهدة والقول بأنه مسلوب الإرادة ممنوع لسببين: الأول: أنه قتل استبقاء لنفسه وهذا يدل على قصده واختياره.

الثاني: أنه يأثم بالإجماع ولو كان مسلوب الإرادة لما أثم كالمجنون. الجانب الرابع: العلم بتحريم القتل: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد بالعلم بتحريم القتل. 2 - ما يخرج بشرط العلم بتحريم القتل. الجزء الأول: بيان المراد بالعلم بتحريم القتل: المراد بالعلم بتحريم القتل ما يأتي: 1 - العلم بتحريم القتل من حيث هو. 2 - العلم بتحريم قتل المقتول. الجزء الثاني: ما يخرج بشرط العلم بالقتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجاهل بتحريم القتل من حيث هو. 2 - الجاهل بتحريم قتل المقتول. الجزئية الأولى: الجاهل بتحريم القتل من حيث هو: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة الجاهل بتحريم القتل من حيث هو. 2 - توجيه الخروج. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الجاهل بتحريم القتل من حيث هو ما يأتي: 1 - حديث العهد بالإسلام البعيد عن دياره. 2 - الذمي حديث العهد بديار الإسلام الجاهل بأحكامه.

3 - المعاهد حديث العهد بديار الإسلام الجاهل بأحكامه. وهذا في الزمن الماضي حين تباعد البلدان وضعف الاتصالات، أما الآن فقد صار العالم كله في حكم البلد الواحد. الفقرة الثانية: توجيه الخروج: مما يوجه به خروج الجاهل بتحريم القتل من حيث هو ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية أنها نفت التعذيب عمن لم يرسل إليه رسول يبلغه شرع الله وأمره ونهيه، والجاهل بتحريم القتل لقرب عهده بالإسلام وبعده عن دياره لم تبلغه الرسالة فلا تطبق عليه أحكامها ولا يؤاخذ بارتكاب نواهيها. 2 - أن القصاص للردع، والردع لا يناسب من لم يعلم المنع. الجزئية الثانية: الجاهل بتحريم قتل المقتول: وفيه فقرتان هما: 1 - أمثلة الجاهل بتحريم قتل المقتول. 2 - توجيه الخروج. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الجاهل بتحريم قتل المقتول ما يأتي: 1 - من يرمي المسلم في صف الكفار لا يعلم أنه مسلم. 2 - من يقتل معصوم الدم يظنه مباح الدم، كان يرى شخصا هاربا من موضع الرجم فيظن أنه المقدم للرجم فيقتله. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [15].

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه خروج الجاهل بتحريم المقتول من وجوب القصاص: أنه معذور بالجهل، كمن رمى آدميا يظنه صيدًا. الجانب الخامس: انتفاء الولادة بين القاتل والمقتول: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: الرابع: عدم الولادة فلا يقتل أحد الأبوين وإن علا بالولد وإن سفل، ويقتل الولد بكل منهما. الكلام في هذا الأمر في جزءين هما: 1 - قتل الوالد بالولد. 2 - قتل الولد بالوالد. الجزء الأول: قتل الوالد بالولد: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - قتل الأب بالولد. 2 - قتل الأم بالولد. 3 - قتل الجد بولد الولد: 4 - قتل الجدة بولد الولد. الجزئية الأولى: قتل الأب بالولد: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في الاقتصاص من الأب بولده على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا يقتص منه مطلقا سواء تعمد قتله أم لا. القول الثاني: أنه يقتص منه مطلقا سواء تعمد قتله أم لا. القول الثالث: أنه يقتص منه إن تعمد قتله وإلا فلا.

الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الشيء الأول: توجيه القول الأول: مما وجه به القول بعدم الاقتصاص بما يأتي: 1 - أن الاقتصاص من الأب لولده ينافي البر بالوالدين الثابت بقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} (¬1). وقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (¬2). وقوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} (¬3). وقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (¬4). وقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} (¬5). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه) (¬6). 2 - حديث: (لا يقاد الوالد بولده) (¬7). ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [23]. (¬2) سورة الإسراء، الآية: [24]. (¬3) سورة لقمان، الآية: [14]. (¬4) سورة الإسراء، الآية: [23]. (¬5) سورة الإحقاف، الآية: [15]. (¬6) صحيح مسلم، كتاب العتق/ 1510/ 25. (¬7) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه/ 1400.

3 - حديث: (لا يقتل الوالد بولده) (¬1). 4 - أن الولد جزء من الوالد فلا يتلف الأصل لتلف الجزء. 5 - أن الأبوة شبهة يدرأ بها القصاص. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: من أدلة وجوب القصاص على الأب بقتل ولده ما يأتي: 1 - أدلة القصاص ومنها ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬2). ب - حديث: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يودى) (¬3). 2 - أن الأب والولد متكافئان فيقتل كل واحد منهما بالآخر كالأجنبيين. 3 - أن الولد يقتل بالأب فيقتل الأب به، للتكافئ بينهما كالأجنبيين. الشيء الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بوجوب القصاص على الأب بولده إذا تعمد قتل ولده: بأن المانع من الاقتصاص من الأب لولده: أن شفقة الأبوة تبعد أن يتعمد قتله وهذه شبهة يدرأ بها القصاص عنه: فإذا تحقق تعمده لقتله كما لو ضجعه وذمجه أو شق بطنه زالت عنه هذه الشبهة فوجب عليه القصاص. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه/ 1401. (¬2) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة / 1355.

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة المخالفين. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم الاقتصاص من الوالد لولده. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم الاقتصاص من الوالد لولده قوة أدلته. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. النقطة الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: وفيه قطعتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص. 2 - الجواب عن قياس قتل الأب بالولد على قتل الأجنبي بالأجنبي. القطعة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص: يجاب عن ذلك: بأن أدلة القصاص مخصوصة بأادلة منع الاقتصاص من الوالد لولده. القطعة الثانية: الجواب عن قياس الأب على الأجنبي: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص فلا يعتد به. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ لأن منع الاقتصاص من الوالد بولده لشفقة الأبوة، وهي لا توجد عند الأجنبي.

النقطة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: يجاب عن ذلك: بأنه ليس المانع من قتل الأب بولده عدم تحقق العمد في فعله؛ لأن العمد متحقق فيه بدليل أن الأجنبي يقتل به، ولكن المانع حق الأبوة وهو موجود في صورة الاضجاع وشق البطن فلا يقتل به. الجزئية الثانية: قتل الأم بالولد: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في الاقتصاص من الأم لولدها على قولين: القول الأول: أنه لا يقتص منها. القول الثاني: أنه يقتص منها. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الاقتصاص من الأم لولدها بما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقتل الوالد بولده) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فتدخل الأم فيه؛ لأن وصف الوالد يصدق عليها؛ لقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (¬2). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء في الرجل يقتل ولده/ 1400. (¬2) سورة الإسراء، الآية: [23].

2 - قياس الأم على الأب بجامع الولادة في كل منهما، فإذا سقط القصاص عنه كانت الأم أولى بالسقوط؛ لأنها أولى بالبر وأكثر شفقة. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه الاقتصاص من الأم بولدها بما يأتي: 1 - عموم أدلة وجوب القصاص ومنها ما تقدم. 2 - أن الأم لا ولاية لها على الولد فيقتص منها به كالأخ. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاقتصاص من الأم بولدها. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الاقتصاص من الأم بولدها: أن أدلته أظهر وأقوى. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص. 2 - الجواب عن الاحتجاج بعدم ولاية الأم على الولد. النقطة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بأدلة القصاص: يجاب عن ذلك: بأنها مخصوصة بأدلة القول بعدم القصاص من الأم والخاص مقدم على العام.

النقطة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بعدم الولاية: يجاب عن ذلك: بأن الولاية لا اعتبار لها بدليل أن الأب لا يقتل بولده الكبير وهو لا ولاية له عليه. الجزئية الثالثة: الاقتصاص من الجد بولد ولده: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في الاقتصاص من الجد بولد ولده على قولين: القول الأول: أنه لا يقتص منه. القول الثاني: أنه يقتص منه. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الاقتصاص من الجد بولد ولده بما يأتي: 1 - حديث: (لا يقتل والد بولده) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن الجد والد فيدخل في عموم الحديث وولد الولد ولد فيتناوله الحديث. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب في الرجل يقتل ولده/ 1400.

2 - أن الجد أب والأب لا يقتص منه فكذلك الجد. والدليل على أن الجد أب ما يأتي: أ - قوله تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (¬1). ب - قول يوسف: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} (¬2). فإبراهيم وإسحاق أجداد وأطلق عليهم آباء. 3 - أن الجد له سبب في وجود ولد ولده فلا يعدم من أجله. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالاقتصاص من الجد بولد ولد بما يأتي: 1 - أدلة وجوب القصاص ومنها ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬3). ب - حديث: (من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى أو يقتل) (¬4) 2 - أن الجد وولد ولده متكافئان فيقاد أحدهما بالآخر كالأجنبيين. 3 - أن الولد يقتل بالجد فيقتل الجد به للتكافيء بينهما كالأجنبيين. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. ¬

_ (¬1) سورة الحج، الآية: [78]. (¬2) سورة يوسف، الآية: [38]. (¬3) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬4) صحيح مسلم، كتب الحج، باب تحريم مكة / 1355.

3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاقتصاص من الجد بولد ولده. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الاقتصاص من الجد بولد ولده: أن أدلته أظهر وأقوى. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص. 2 - الجواب عن قياس الجد على الأجنبي. النقطة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن ذلك: بأن أدلة القصاص مخصوصة بأدلة منع الاقتصاص من الجد بولد ولده. النقطة الثانية: الجواب عن قياس الجد على الأجنبي: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص فلا يعتد به. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ لأن منع القصاص من الجد بولد ولده لشفقة الأبوة، وهي غير موجودة عند الأجنبي. الجزئية الرابعة: قتل الجدة بولد ولدها: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه.

3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في قتل الجدة بولد ولدها على قولين: القول الأول: أنها لا تقتل به. القول الثاني: أنها تقتل به. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الاقتصاص من الجدة بولد ولدها بما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقتل الوالد بولده) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن كلمة الوالد مطلقة فتشمل كل والد وإن علا، وكلمة الولد مطلقة فتشمل كل ولد وإن سفل. 2 - أن الجدة أم كما أن الجد أب فكما لا يقتل الجد بولد ولده لا تقتل الجدة بولد ولدها. 3 - أن الجدة لها سبب في وجود ولد ولدها فلا تعدم من أجله. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول الثاني: بما يلي: 1 - عموم أدلة القصاص. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب في الرجل يقتل ولده/ 1400.

2 - أن ولد الولد يكافيء الجدة فتقتل به كالأجنبي. 3 - أن ولد الولد يقتل بالجدة فتقتل به كالأجنبي. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاقتصاص من الجدة بولد ولدها. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الاقتصاص من الجدة بولد ولدها: أن أدلته أقوى وأظهر. الشيء الثالث: الجواب عن أدلة القول المرجوح: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص. 2 - الجواب عن قياس الجدة على الأجنبي. النقطة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص: بأنها مخصوصة بأدلة القول بعدم الاقتصاص. النقطة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن قياس الجدة على الأجنبي بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص فلا يعتد به.

الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ وذلك أن عدم الاقتصاص من الجدة لشفقة الأمومة، وهي غير موجودة عند الأجنبي. الجزء الثاني: قتل الولد بالوالد: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: ويقتل الولد بكل منهما. الكلام في هذا الجزء في ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اخثلف في الاقتصاص من الولد للوالد على قولين: القول الأول: أنه يقتص منه. القول الثاني: أنه لا يقتص منه. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالاقتصاص من الولد للوالد بما يأتي: 1 - عموم أدلة القصاص ومنها ما يأتي: أ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ب - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى أو يقتل) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة / 1355.

ووجه الاستدلال بهذه الأدلة: أنها عامة فيدخل الولد في عمومها، ولا مخصص له من هذا العموم فيقتص منه لوالده بمتقضى هذا. 2 - أن الولد يحد بقذف والده فيقتل به كالأجنبي. 3 - أن الأب أعلى من الأجنبي بحق الأبوة، والولد يقتل بالأجنبي فإذا قتل بالأدنى قتل بالأعلى من باب أولى. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الاقتصاص للوالد من الولد بما يأتي: 1 - حديث: (لا يقاد الأب من ابنه ولا الابن من أبيه). 2 - قياس الولد على الوالد بجامع أن كلا منهما لا تقبل شهادته للآخر. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالاقتصاص من الولد للوالد. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالاقتصاص من الولد للوالد: أن أدلته أقوى وأظهر دلالة. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجرح: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن الحديث. 2 - الجواب عن القياس.

الشيء الأول: الجواب عن الحديث: أجيب عنه: بأنه من حديث سراقة وقد روي عنه: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقيد الأب من ابنه ولا يقيد الابن من أبيه) (¬1)، فيجب ردهما للتعارض بينهما، أو ترجيح رواية الاقتصاص لموافقتها للأدلة الأخرى. الشيء الثاني: الجواب عن القياس: أجيب عنه: بأنه قياس مع الفارق وذلك من وجهين: الوجه الأول: أن الأب أعلى من الولد فلا يصح قياسه عليه. الوجه الثاني: أن القصاص شرع للردع والزجر، والحاجة إلى الردع والزجر في جانب الولد، لا في جانب الوالد وذلك لسببين: الأول: يرجع إلى الوالد، وذلك أن ما لديه من الشفقة والرغبة في بقاء ولده لإحياء ذكره يمنعه من الإقدام على قتله فلا يحتاج إلى الردع والزجر. السبب الثاني: يرجع إلى الولد، وذلك أن محبته لوالده لنفسه لا لذات والده؛ للنفع الذي يصل إليه من جهته، وهذالا يمنعه من قتله، وقد يحمله تعجل الحصول إلى أملاكه إلى قتله فيكون بحاجة إلى الردع بإيجاب القصاص عليه. الجانب السادس: انتفاء ملكية القاتل للمقتول: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف في الاشتراط. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه/ 1399.

الجزء الأول: الخلاف في الاشتراط: اختلف في اشتراط انتفاء ملكية القاتل للمقتول على قولين: القول الأول: أنه شرط فلا يقتل السيد بعبده. القول الثاني: أنه لا يشترط فيقتل السيد بعبده. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم قتل السيد بعبده بما يأتي: 1 - ما ورد أن رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفاه سنة ومحى سهمه من المسلمين ولم يقده به وأمره أن يعتق رقبة (¬1). 2 - حديث: (لا يقاد الوالد بولده ولا السيد بعبده). 3 - ما ورد أن عمر قال: لو لم أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يقاد المملوك من مولاه ولا الوالد من ولده لاقتدك به) (¬2). ووجه الاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: نسبة منع قتل السيد بعبده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. الوجه الثاني: أن عمر - رضي الله عنه - لم يقد المملوك من سيده. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات، باب ما روى فيمن قتل عبده / 8/ 36. (¬2) السنن الكبرى، كتاب الجنايات، باب ما روى فيمن قتل عبده 8/ 36.

4 - ما ورد أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما قالا: من قتل عبده جلد مائة وحرم سهمه مع المسلمين (¬1). 5 - ما ورد أن رجلا قطع مذاكير عبده فلم يقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه إذا لم يقد العبد من سيده في الطرف لم يقد منه في النفس من باب أولى. 6 - أنه لو أقيد العبد من سيده كان القود للسيد على نفسه، والشخص لا يقاد من نفسه لنفسه. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: مما وجه به القول بقتل السيده بعبده ما يأتي: أ - عموم أدلة القصاص ومنها ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬3). 2 - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬4). 3 - حديث: (ومن قتل له قتيل فأهله بخير النظرين اما أن يقتل وإما أن يؤدي) (¬5). ب - حديث: (من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه) (¬6). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات، باب ما روي فيمن قتل عبده/ 8/ 37. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب من قتل عبد أو مثل به/ 4519. (¬3) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬4) سورة المائدة، الآية: [45]. (¬5) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1355. (¬6) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب من قتل عبده/ 4515.

الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاقتصاص من السيد لعبده. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الاقتصاص من السيد لعبده: أن أدلته أخص وأظهر. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه فقرتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص. 2 - الجواب عن الاحتجاج بحديث: (من قتل عبده قتلناه). الفقرة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص: أجيب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص: بأنه مخصص بأدلة المانعين للقصاص للعبد من سيده. الفقرة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بحديث: (من قتل عبده قتلناه) بجوابين: الجواب الأول: أنه ضعيف. الجواب الثاني: أنه منسوخ بأدلة المانعين، ويؤيد النسخ ما ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: أنهما ما كانا يقيدان العبد من سيده. الجانب السابع: انتفاء البغى من القاتل على المقتول: ومحله قتال أهل البغي، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.

الجانب الثامن: المكأفاة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - المراد بالمكأفاة. 2 - الأمثلة. 3 - الاشتراط. الجزء الأول: المراد بالمكافأة: المراد بمكأفاة القاتل للمقتول: ألا يفضل المقتول القاتل بحرية ولا إسلام. الجزء الثاني: الأمثلة: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة المكأفاة. 2 - أمثلة عدم المكأفاة. الجزئية الأولى: أمثلة المكأفاة: من أمثلة مكأفاة القاتل للمقتول ما يأتي: 1 - قتل المسلم للمسلم. 2 - قتل الحر للحر. 3 - قتل الرقيق للرقيق. 4 - قتل الكافر للكافر. الجزئية الثانية: أمثلة عدم المكأفاة: من أمثلة عدم مكأفاة القاتل للمقتول ما يأتي: 1 - قتل الكافر للمسلم. 2 - قتل الرقيق للحر. الجزء الثالث: الاشتراط: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم الاشتراط: مكأفاة القاتل للمقتول ليست شرطا للقصاص فيقتص للأعلى من الأدنى بلا خلاف.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جواز الاقتصاص من الأدنى للأعلى: أنه إذا اقتص له من المساوي كان الاقتصاص من الأدنى أولى؛ لأنه استيفاء لبعض الحق وتنازل عن باقيه وذلك جائز بلا خلاف. الجانب التاسع: انتفاء المشاركة ممن لا يجب القصاص عليه: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: وإن اشترك فيه اثنان لا يجب القود على أحدهما منفردا، لأبوة أو غيرها فالقود على الشريك. الكلام في هذا الجانب في جزءين هما: 1 - بيان محل البحث. 2 - الاشتراط. الجزء الأول: بيان محل البحث: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان محل البحث. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان محل البحث: محل البحث إذا كان فعل كل واحد لا يقتل وحده لو انفرد، وإنما حصل القتل بالفعلين مجتمعين، أما إذا كان فعل كل واحد يقتل وحده لو انفرد فليس محلا للبحث كما سيأتي في قتل الجماعة بالواحد. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه اعتبار محل البحث ما إذا كان فعل كل واحد لا يقتل وحده إذا انفرد وإنما حصل القتل بالفعلين مجتمعين: أنه إذا كان فعل كل واحد يقتل وحده لو انفرد، كان قتل الشريك بفعله بقطع النظر عن فعل شريكه، فلا يؤثر فعل المشارك في إسقاط القصاص منه.

الجزء الثاني: الاشتراط: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - إذا كان عدم وجوب القصاص لقصور في السبب. 2 - إذا كان عدم وجوب القصاص لمعنى في المشارك وليس لقصور في السبب. 3 - الفرق بين ما إذا كان عدم وجوب القصاص لقصور في السبب وما إذا كان لمعنى في المشارك. الجزئية الأولى: إذا كان عدم وجوب القصاص في السبب: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - وجوب القصاص. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة عدم وجوب القصاص لقصور في السبب ما يأتي: 1 - مشاركة المخطئ للعامد. 2 - مشاركة الصبي للبالغ والمجنون للعاقل. 3 - مشاركة الآدمي لغير الآدمي. الفقرة الثانية: وجوب القصاص: وفيها ثلاثة أشياء: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في وجوب القصاص على شريك من لا يجب القصاص عليه لقصور في السبب على قولين:

القول الأول: أنه يجب القصاص عليه. القول الثاني: أنه لا يجب القصاص عليه. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب القصاص على شريك من لا يجب القصاص عليه لقصور السبب بما يأتي: 1 - أن فعله عمد عدوان فيجب به القصاص عليه كما لو انفرد. 2 - أنه شارك في القتل عمدا عدوانا فوجب عليه القصاص كشريك الأجنبي. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب القصاص على شريك من لا يجب عليه القصاص لقصور السبب بما يأتي: 1 - أن القتل بفعل مضمون وغير مضمون فلم يتمحض عمدا فلم يجب به قصاص كشبه العمد. 2 - أن القتل بجرحين من واحد عمد وخطأ لا قصاص فيه فكذلك إذا كانا من اثنين. 3 - أن القصاص يدرأ بالشبهة ومشاركة من لا يجب القصاص عليه يحدث شبهة، لعدم العلم بمن حصل الزهوق بفعله فيدرأ القصاص بها. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي:

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوه. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم وجوب القصاص. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم وجوب القصاص بما يأتي: 1 - أنه أحوط، والخطأ في العفو أولى من الخطأ في العقوبة. 2 - أن إسقاط القصاص إلى بدل وهو المال، والقصاص إلى غير بدل، لعمل بماله بدل أولى من العمل بما ليس له بدل. الجزئية الثانية: إذا كان عدم وجوب القصاص لمعنى في الشريك: وفيه فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - القصاص. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة مشاركة من لا يجب عليه القصاص لمعنى فيه ما يأتي: 1 - مشاركة الوالد في قتل ولده. 2 - مشاركة المسلم في قتل الكافر. 3 - مشاركة الحر في قتل الرقيق. الفقرة الثانية: القصاص: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الشيء الأول: الخلاف: إذا كان عدم وجوب القصاص لمعنى في المشارك فقد اختلف في وجوب القصاص على شريكه على قولين: القول الأول: أنه يجب عليه القصاص. القول الثاني: أنه لا يجب عليه القصاص. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب القصاص على شريك من لا يجب عليه القصاص لمعنى فيه بما يلي: 1 - أن فعله عمد عدوان فيجب به القصاص عليه كما لو انفرد. 2 - أنه شارك في القتل العمد العدوان فوجب عليه القصاص كشريك من يجب القصاص عليه. 3 - أن فعل كل واحد من الشريك والمشارك سبب لفعل شريكه ومباشرة في نفسه فيكون فعل كل واحد منهما موجبا للقصاص عليه باعتباره مباشرة، لكنه سقط الوجوب عمن لا يجب القصاص عليه لمعنى فيه وبقي الوجوب بحاله على من عداه لعدم المانع. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب القصاص على شريك من لا يجب القصاص عليه لمعنى فيه بما يأتي:

1 - أن القتل حصل بفعل موجب وهو فعل الشريك وغير موجب وهو فعل المشارك فلم يتمحض عمدا فلم يوجب القصاص كشبه العمد. 2 - أن القصاص يدرأ بالشبهة ومشاركة من لا يجب عليه القصاص تحدث شبهة لعدم العلم بمن حصل الزهوق بفعله فيدرأ القصاص بها. الشيء الثالث: الترجيح: وفيها ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب القصاص. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص ما يأتي: 1 - أن أدلته أظهر. 2 - أن عدم إيجاب القصاص يؤدي إلى إسقاطه، بالقتل بالمشاركة فيوجب القصاص سدا لهذا الباب. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها قطعتان هما: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. القطعة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن الاحتجاج بأن القتل حصل بفعل موجب وفعل غير موجب: بأنه غير صحيح؛ لأن كلا من الفعلين موجب؛ لأنه عمد عدوان، وإنما لم يجب القصاص على المشارك لمعنى فيه وليس لأن فعله غير موجب فيبقى القصاص على الشريك على مقتضاه.

النقطة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن فعل المشارك يحدث شبهة لعدم العلم بمن حصل القتل بفعله: بأن الشبهة فيما لو لم يكن فعل الشارك موجبا للقصاص، أما في حال إيجابه للقصاص فلا شبهة. الجزئية الثالثة: الفرق بين ما إذا كان عدم وجوب القصاص لقصور في السبب، وما إذا كان لمعنى في المشارك: الفرق بينهما: أن الفعل في حال عدم الوجوب لقصور السبب غير موجب للقصاص؛ لعدم تمحضه عمدا عدوانا. والفعل في حال عدم الوجوب لمعنى في المشارك: أن الفعل موجب للقصاص لولا المانع، وهو المعنى القائم بالمشارك، لتمحضه عمدا عدوانا. الأمر الثامن: المكأفاة: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: الثالث المكأفاة بأن يساويه في الدين والحرية والرق، فلا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد وعكسه يقتل. الكلام في هذا الأمر في ثلاثة جوانب هي: 1 - المراد بالمكأفاة. 2 - الأمثلة. 3 - الاشتراط. الجانب الأول: المراد بالمكأفاة: المراد بمكأفاة القاتل للمقتول: ألا يفضله بحرية ولا إسلام. الجانب الثاني: الأمثلة: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة المكأفاة. 2 - أمثلة عدم المكأفاة.

الجزء الأول: أمثلة المكأفاة: من أمثلة المكأفاة ما يأتي: 1 - قتل المسلم للمسلم. 2 - قتل الحر للحر. 3 - قتل الرقيق للرقيق. 4 - قتل الكافر للكافر. الجزء الثاني: أمثلة عدم المكأفاة: من أمثلة عدم المكأفاة ما يأتي: 1 - قتل الكافر للمسلم. 2 - قتل الرقيق للحر. الجانب الثالث: الاشتراط: وفيه جزءان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاشتراط: مكأفاة القاتل للمقتول ليست شرطا للقصاص، فيقتص للأعلى من الأدنى بلا خلاف، فيقتص للمسلم من الكافر، ويقتص من العبد للحر. الجزء الثاني: التوجيه: وجه الاقتصاص للأعلى من الأدنى: أنه إذا اقتص له من المساؤوي كان الاقتصاص له من الأدنى من باب أولى؛ لأنه استيفاء لبعض الحق وتنازل عن باقيه وذلك جائز بلا خلاف. الأمر الثاني: الشروط المعتبرة في القتيل: وفيه سبعة جوانب هي: 1 - آدميته. 2 - حياته. 3 - استقرار حياته. 4 - انتفاء جزئيته من القاتل.

5 - انتفاء ملكية القاتل له أو لبعضه. 6 - عصمته. 7 - مكافأته للقاتل. الجانب الأول: آدمية المقتول: قال المؤلف: فالعمد أن يقصد من يعلمه آدميًا معصوما فيقتله. الكلام في هذا الجانب في جزءين هما: 1 - معنى آدمية المقتول. 2 - توجيه الاشتراط. الجزء الأول: معنى أدمية المقتول: معنى آدمية المقتول: كونه آدميًا فإن لم يكن آدميًا فلا قصاص ولو كانت قيمة المقتول تفوق دية القاتل. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم قتل القاتل إذا كان المقتول غير آدمي: أن القصاص شرع لحفظ حياة الآدميين كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬1)، فلو قتل القاتل لغير الآدمي لا انتفت حكمة القصاص؛ لأن ذلك قضاء على الحياة وليس حفظا لها. الجانب الثاني: حياة المجني عليه: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة الجناية على غير الحي. 2 - توجيه الاشتراط. الجزء الأول: أمثلة الجناية على الميت: من أمثلة الجناية على الميت ما يأتي: 1 - شق بطن الميت بقصد قتله لظنه حيا. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [179].

2 - قطع رأس الميت بقصد قتله لظنه حيا. الجزء الثاني: توجيه اشتراط الحياة في المجنى عليه: وجه اشتراط الحياة في المجني عليه حين الجناية عليه: أنه إذا كان ميتا قبلها لم يتحقق القتل بها. الجانب الثالث: استقرار حياة المجني عليه: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة الجناية على غير مستقر الحياة. 2 - توجيه الاشتراط. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة الجناية على غير مستقر الحياة ما يأتي: 1 - الجناية على الجنين إذا سقط وحياته غير مستقرة. 2 - شق بطن المذبوح قبل انتهاء حياته. 3 - ذبح مشقوق البطن قبل انتهاء حياته. الجزء الثاني: توجيه اشتراط حياة المجني عليه حين الجناية عليه: وجه اشتراط حياة المجني عليه حين الجناية عليه: أن الذي حياته غير مستقرة في حكم الميت؛ لأن الحياة غير المستقرة وجودها كعدمها. الجانب الرابع: انتفاء جزئية المقتول من القاتل: وقد تقدم ذلك في الشروط المعتبرة في القاتل. الجانب الخامس: انتفاء ملكية القاتل للمقتول أو بعضه: وقد تقدم ذلك في الشروط المعتبرة في القاتل.

الجانب السادس: عصمة المقتول: قال المؤلف في شروط القصاص: وهي أربعة عصمة القتول، فلو قتل مسلم ذمي حربيا أو مرتدا لم يضمنه بقصاص ولا دية. الكلام في هذا الجانب في أربعة أجزاء هي: 1 - المراد بالعصمة. 2 - ما تحصل به العصمة. 3 - وقت اعتبار العصمة. 4 - ما تزول به العصمة. الجزء الأول: معنى العصمة: المراد بالعصمة: عصمة الدم، وهي تحريم القتل. الجزء الثاني: ما تحصل به العصمة: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - الإسلام. 2 - عقد الذمة. 3 - العهد. 4 - الأمان. الجزئية الأولى: الإسلام: وفيها فقرتان هما: 1 - ما تحصل به العصمة. 2 - الدليل. الفقرة الأولى: ما تحصل به العصمة بالإسلام: تحصل العصمة بالإسلام بما يأتي: 1 - شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. 2 - إقامة الصلاة. 3 - إيتاء الزكاة.

الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على حصول العصمة بما ذكر قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) (¬1). الجزئية الثانية: عقد الذمة: وفيها فقرتان هما: 1 - المراد بعقد الذمة. 2 - الدليل على العصمة به. الفقرة الأولى: المراد بعقد الذمة: المراد بعقد الذمة إبقاء أهل الكتاب ومن في حكمهم على دينهم في بلاد الإسلام على أن يدفعوا الجزية للمسلمين ويلتزموا بأحكام الإسلام عليهم. الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على حصول العصمة بعقد الذمة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (¬2). فإن مفهومه تحريم قتلهم إذا دفعوا الجزية. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قتل معاهدا في غير كنهه (¬3) حرم الله عليه الجنة) (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله/ 22. (¬2) سورة التوبة، الآية: [29]. (¬3) في غير الحال التي يجوز قتله فيها. (¬4) سنن أبي داود، باب الوفاء للمعاهد وحرمة دمه/ 2760.

3 - حديث: (من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة) (¬1). الجزئية الثالثة: العهد: وفيها فقرتان هما: 1 - المراد بالعهد. 2 - الدليل على العصمة به. الفقرة الأولى: بيان المراد بالعهد: المراد بالعهد: الاتفاق مع بعض الكفار على ترك القتال. الفقرة الثانية: الدليل على حصول العصمة بالعهد: من أدلة حصول العصمة بالعهد ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قتل معاهدا في غير كنهه حرم الله عليه الجنة) (¬2). 2 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (¬3). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أمرت بالوفاء بالعقود، والعهد من العقود، ومن الوفاء بها، تحريم قتل المعاهد، وهذه هي عصمة الدم. الجزئية الرابعة: الأمان: وفيها فقرتان هما: 1 - المراد بالأمان. 2 - الدليل على حصول العصمة به. الفقرة الأولى: بيان المراد بالأمان: المراد بالأمان: الإذن لحربي بدخول دار الإسلام لغير الحرب ومن ذلك ما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن النسائي، تعظيم قتل المعاهد/ 8/ 24، 25. (¬2) سنن أبي داود، باب الوفاء للمعاهد وحرمة دمه/ 2760. (¬3) سورة المائدة/ 1.

1 - التجارة. 2 - العمل. 3 - التعرف على الإسلام للنظر في الدخول فيه. الفقرة الثانية: الدليل على حصول العصمة به: من أدلة حصول العصمة بالأمان ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (¬1). 2 - أدلة حصول العصمة بالعهد، ومنها ما تقدم، وذلك أن الأمان عهد. الفقرة الثالثة: وقت اعتبار العصمة: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان محل البحث. 2 - أمثلة محل البحث. 3 - وقت اعتبار العصمة. الشيء الأول: بيان محل البحث: محل البحث: إذا اختلفت حال المجني عليه بين صدور الفعل القاتل والزهوق، أو بين الإصابة والزهوق. الشيء الثاني: الأمثلة: وفيه نقطتان هما: 1 - أمثلة تغير حال المجني عليه بين الفعل والإصابة. 2 - أمثلة تغير حال المجني عليه بين الإصابة والزهوق. النقطة الأولى: أمثلة تغير حال المجني عليه بين الفعل والإصابة: من أمثلة تغير حال المجني عليه بين الفعل والإصابة ما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة التوبة، الآية: [6].

1 - أن يرمي حر مسلم حربيا أو مرتدا فيسلم بعد الرمي وقبل الإصابة ويموت مسلما. 2 - أن يرمي حر مسلم مثله فيرتد بعد الرمي وقبل الإصابة ويموت مرتدا. النقطة الثانية: أمثلة تغير حال المجني عليه بين الإصابة والزهوق: من أمثلة تغير حال المجني عليه بين الإصابة والزهوق ما يأتي: 1 - أن يجرح حر مسلم مثله فيرتد ويموت بالجرح مرتدا. 2 - أن يجرح حر مسلم مرتدا ثم يسلم ويموت بالجرح مسلما. 3 - أن يجرح حر مسلم حربيا ثم يسلم ويموت بالجرح مسلما. الجزء الثالث: وقت اعتبار العصمة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: إذا اختلفت حال المجني عليه بين صدور الفعل والزهوق أو بين الجرح والزهوق فقد اختلف في وقت اعتبار العصمة على خمسة أقوال: القول الأول: أنه من حين الفعل إلى الزهوق، فإن زالت بين ذلك فلا قصاص، سواء طال زمن الزهوق أم قصر. القول الثاني: أنه حال صدور الفعل فلا أثر لحدوثها ولا لزوالها بعده. القول الثالث: أنه حال الفعل وحال الزهوق ولا أثر لزوالها بينهما، سواء طال زمن الزوال أم قصر. القول الرابع: أنه من حين صدور الفعل إلى الزهوق إلا أنه لا يؤثر الزوال اليسير.

القول الخامس: أنه وقت الزهوق فإذا وجدت العصمة حال الزهوق وجب القصاص ولو كانت معدمة قبله. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها خمس فقرات: الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وفيه ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه اعتبار العصمة وقت صدور الفعل. 2 - توجيه سقوط القصاص بزوال العصمة بعد الفعل. 3 - توجيه عدم وجوب القصاص إذا عادت العصمة قبل الزهوق. الشيء الأول: توجيه اعتبار العصمة وقت صدور الفعل: وجه اعتبار العصمة وقت صدور الفعل: بأنه إذا كان محل الفعل غير مضمون عند صدوره لم ينقلب مضمونا بتغير الحال بعده. الشيء الثاني: توجيه سقوط القصاص بزوال العصمة بعد الفعل: وجه سقوط القصاص بزوال العصمة بعد صدور الفعل وقبل الزهوق: بأن أثر الفعل وجد في حال لو وجد فيها لم يوجب القصاص فلا يكون الأثر فيها موجبا كذلك. الشيء الثالث: توجيه عدم وجوب القصاص إذا عادت العصمة قبل الزهوق: وجه عدم وجوب القصاص إذا عادت العصمة قبل الزهوق: بأن أثر الفعل حصل في حالة ضمان وغيرها فلا يجب قصاص كالجرحين في حال ضمان وغيرها، وكالجرحين في عمد وخطأ.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن المعتبر وجود العصمة وقت الفعل بأن الضمان بفعل الجاني، ولا فعل له بعد صدور الفعل منه، فوجب اعتبار العصمة وعدمها بحالة صدور الفعل كما في الصيد، فإنه لو ارتد الرامي بعد إرسال السهم إلى الصيد وقبل الإصابة لم يحرم وإذا أرسل السهم وهو مرتد لم يحل ولو أسلم قبل إصابته، فكذلك لا يؤثر في حكم الفعل من حيث الضمان وعدمه تغير حال المحل بعد صدوره. الفقرة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن العبرة بوجود العصمة حال صدور الفعل وحال الزهوق ولو تغيرت الحال بينهما: بأنها إذا وجدت العصمة عند صدور الفعل وعند الزهوق فقد وجد سبب الوجوب زمن انعقاد الفعل وزمن استقراره وهو عصمة المجني عليه، فانعقد الفعل موجبا واستقر موجبا، فوجب أن يرتب عليه حكمه، وهو وجوب القصاص دون نظر إلى تغيرها حال المجنى عليه بينهما؛ لأن تأثير الفعل في هذه الحالة مشكوك فيه فلا يترك السبب المعلوم للمانع المشكوك فيه. الفقرة الرابعة: توجيه القول الرابع: وفيه شيئان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - توجيه الاستثناء. الشيء الأول: توجيه الاشتراط: وجه اعتبار وجود العصمة من صدور الفعل إلى الزهوق بما وجه به في توجيه القول الأول.

الشيء الثاني: توجيه استثناء الزمن اليسير: وجه الزوال اليسير للعصمة: أن الزمن اليسير لا يظهر للسراية أثر فيه فلا يسقط به القصاص. الفقرة الخامسة: توجيه القول الخامس: وجه القول بأن المعتبر وجود العضمة حال الزهوق: بأن استقرار الفعل عند الموت: إذ لا يحكم بكونه نفسا أو جرحا فقط إلا بالموت بالسراية أو البرء فتعتبر حالة الموت. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول باعتبار العصمة من صدور الفعل إلى الزهوق. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باعتبار العصمة من صدور الفعل إلى الزهوق ما يأتي: 1 - أن تغير حال المجني عليه شبهة يدرأ بها القصاص. 2 - أن إسقاط القصاص بتغير حال المجني عليه أحوط صيانة لدم الجاني. 3 - أن إسقاط القصاص إلى بدل وهو المال، والقصاص إلى غير بدل وما كان إلى بدل أولى بالاعتبار مما ليس له بدل.

الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه أربعة أشياء هي: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. 3 - الجواب عن وجهة القول الرابع. 4 - الجواب عن وجهة القول الخامس. الشيء الأول: الجواب عن وجهة القول الثاني: أجيب عن وجهة هذا القول من وجهين: الوجه الأول: أن قياس تغير حال المجني عليه على تغير حال الرامي للصيد غير صحيح؛ لأن التغيير في مسألة الصيد في الرامي فلا يؤثر مثل ما لو رماه وهما ذميان فأسلم الرامي قبل وقوع السهم بالمرمي إليه ثم وقع به فقتله. ومحل الخلاف في تغير حال مورد الفعل وهو المجني عليه، فنظيره لو رمى مسلم غزالا وقبل وقوع السهم به حوله الله كلبا، ففي هذه الحالة لا يؤكل فكذلك إذا ارتد المسلم بعد الرمي وقبل الإصابة؛ لوقوع السهم به وهو في غير حالة ضمان. الشيء الثاني: الجواب عن وجهة القول الثالث: يجاب عن وجهة هذا القول بأن تأثير الفعل وسريانه زمن الإهدار وإن كان مشكوكا فيه فإن احتمال تأثير سريانه شبهة يسقط بها القصاص؛ لأن القصاص لا يجب مع الشبهة. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول الرابع: يجاب عن استثناء أهل القول الرابع للزمن اليسير: بأن احتمال التأثير قائم ولو كان الزمن يسيرا، وذلك شبهة يسقط بها القصاص كما تقدم.

الشيء الرابع: الجواب عن وجهة القول الخامس: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن حكم الفعل يثبت من حين صدوره لكنه ثبوت مراعا، فإذا حصل الموت به تبين أنه قتل من حين وقوعه وليس الحكم بكون قتلا أو غير قتل يحدث عند الموت فاعتبرت حالة الفعل أيضًا. الجانب الرابع: ما تزول به العصمة: وفيه جزءان هما: 1 - الأمور التي تزول بها العصمة. 2 - عقوبة قتل غير المعصوم. الجزء الأول: الأمور التي تزول بها العصمة: من الأمور التي تزول بها العصمة ما يأتي: 1 - الردة. 2 - البغي حال القتال. 3 - الحرابة إذا تحتم القتل كما إذا حصل من المحارب قتل. 4 - الزنا بعد الإحصان. 5 - القتل العمد العدوان بالنسبة لأولياء الدم. 6 - عدم التزام الذمي بأحكام الإسلام. 7 - نقض المعاهد للعهد. 8 - نهاية أمان المستأمن بعد إبلاغه مأمنه. الجزء الثاني: عقوبة القاتل لغير المعصوم: وفيه جزئيتان هما: 1 - القصاص. 2 - التعزير. الجزئية الأولى: القصاص: وفيها فقرتان هما:

1 - حكم القصاص. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم القصاص: قتل غير المعصوم لا يجب به قصاص بلا خلاف. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب القصاص بقتل غير المعصوم: أن شرط وجوب القصاص وهو العصمة لا يتحقق بقتل غير المعصوم، فلا يجب بقتله قصاص. الجزئية الثانية: التعزير: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم التعزير. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم التعزير: قتل غير المعصوم يوجب التعزير فعلى الحاكم أن يعزره بما يراه مؤدبا له ورادعا لأمثاله. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه التعزير لقاتل غير المعصوم ما يأتي: 1 - أن تنفيذ عقوبة القتل حق عام، وتنفيذ الحقوق العامة خاص بولي الأمر فلا يفتات بها عليه. 2 - أن النظر في زوال العصمة وعدمه إلى الإمام فلا يحكم بها غيره. 3 - أن ولاية غير الإمام لتنفيذ العقوبات يحدث الفوضى ويفتح المجال للتعديات فيمنع سدا لهذا الباب. 4 - ويريد قتل من وجب عليه القصاص بغير إذن الإمام على ما تقدم: أن احتمال العفو عنه إلى لحظة التنفيذ فلا يجوز الإقدام على قتله بغير إذن الإمام.

الأمر السابع: مكافأة المجني عليه للجاني: قال المؤلف: الثالث: المكأفاة، بأن يساويه في الدين والحرية والرق فلا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد، وعكسه يقتل، ويقتل الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر. الكلام في هذا الأمر في خمسة جوانب: 1 - معنى المكافأة. 2 - اشتراطها. 3 - ما تعتبر فيه. 4 - ما لا تعتبر فيه. 5 - وقت اعتبارها. الجانب الأول: معنى المكافأة: معنى المكافأة في باب القصاص: المساواة والمماثلة. الجانب الثاني: الاشتراط: وفيه جزءان هما: 1 - الاشتراط. 2 - توجيه الاشتراط. الجزء الأول: الاشتراط: مكافأة المجني عليه للجاني شرط في وجوب القصاص عليه. الجزء الثاني: توجيه الاشتراط: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - توجيه اشتراط المكافأة في المجني عليه دون الجاني.

الجزئية الأولى: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط المكافأة لوجوب القصاص قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} (¬1). الجزئية الثانية: توجيه اشتراط المكافأة في المجني عليه دون الجاني: وجه ذلك: أن القصاص يقتضي المساواة والعدل، وأخذ الأعلى بالأدنى ظلم وعدوان فلا يجوز، بخلاف أخذ الأدنى بالأعلى فإنه تنازل عن بعض الحق وذلك جائز من غير محذور. الجانب الثالث: ما تعتبر المكافأة فيه: وفيه ستة أجزاء هي: 1 - العصمة. 2 - سلامة الذات. 3 - الحرية. 4 - الذكورة. 5 - الدين. 6 - العدد. الجزء الأول: العصمة: وهذا لا خلاف فيه فلا قصاص في قتل غير المعصوم كما تقدم. الجزء الثاني: سلامة الذات: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة سلامة الذات. 2 - اعتبار المكافأة فيها. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة سلامة الذات ما يأتي: 1 - الصحة. 2 - الشرف. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 178.

3 - الفضيلة. الجزئية الثانية: اعتبار المكافأة في سلامة الذات: وفيها فقرتان هما: 1 - الاعتبار. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الاعتبار: سلامة الذات لا يعتبر في المكافأة في القصاص، فيقتل الصحيح بالمريض، والشريف بالوضيع، والفاضل بالمفضول. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم اعتبار المكافأة في السلامة إطلاق الأدلة. ومن ذلك ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ووجه الاستدلال بها: أنها لم تقيد بالمكافأة بالسلامة فتبقى على إطلاقها. 2 - حديث: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يؤدي أو يقتل) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه لم يقيد بالمكافأة بالسلامة فيبقى على إطلاقه. الجزئية الثالثة: المكافأة في الحرية: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان المجني عليه ملكا للجاني. 2 - إذا لم يكن المجني عليه ملكا للجاني. الفقرة الأولى: إذا كان المجني عليه ملكا للجاني: وقد تقدم ذلك في الشروط المعتبرة في القاتل. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 178. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1355.

الفقرة الثانية: إذا لم يكن المجني عليه ملكا للجاني: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: إذا كان المجني عليه ليس ملكا للجاني، فقد اختلف في القصاص من قاتله الحر على قولين: القول الأول: أنه لا يقتص منه. القول الثاني: أنه يقتص منه. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: مما وجه به القول بعدم الاقتصاص من الحر للعبد ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها قابلت كل جنس بجنسه وذلك يقتضي ألا يقتل بغير جنسه، ولو قتل الحر بالعبد لكان مقتولا بغير جنسه، وذلك ينافي مقتضى هذه المقابلة. 2 - حديث: (لا يقتل حر بعبد) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: (178). (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، باب لا يقتل حر بعبد/ 8/ 35.

3 - قول علي - رضي الله عنه -: (من السنة ألا يقتل حر بعبد) (¬1). 4 - ما ورد أن أبا بكر وعمر كانا لا يقتلان الحر بالعبد) (¬2). 5 - أن القصاص يقتضي المساواة ولا مساواة بين الحر والعبد. 6 - أن الحر لا يقتص منه للعبد في الطرف بالإجماع فلا يقتص منه له في النفس؛ لأن القطع أخف من القتل، فإذا لم يجب الأخف لم يجب الأثقل من باب أولى. 7 - أن الحر لا يحد بقذف العبد فلا يقتل به؛ لأنه إذا لم يحد بقذف العبد وهو أخف فلأن لا يجب القتل وهو أثقل من باب أولى. 8 - أن الواجب بقتل العبد خطأ قيمته بالغة ما بلغت، والواجب بالحر الدية، فإذا اختلف حكمهما في الخطا وجب أن يختلف حكمهما في العمد كذلك. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: مما وجه به القول بالاقتصاص للعبد من الحر ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬3). ووجه الاستدلال بها: أنها مطلقة في كل قتيل فتشمل العبد إذا قتله الحر. 2 - قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬4). ووجه الاستدلال بها: أنها مطلقة فتشمل أخذ نفس الحر بنفس العبد. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب لا يقتل حر بعبد/ 8/ 34. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، باب لا يقتل حر بعبد/ 8/ 34. (¬3) سورة البقرة، الآية: 178. (¬4) سورة المائدة، الآية: 45.

3 - عموم أدلة القصاص الأخرى, فإنها لم تفرق بين قتيل وقتيل، ولا بين قاتل وقاتل، ولا بين حر وعبد، ومن ذلك ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (¬1). ووجه الاستدلال بها: أنها عامة في كل مقتول ظلما، والعبد بقتل الحر له مقتول ظلما فيثبت هذا السطان لوليه على الحر. 2 - قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (¬2). ووجه الاستدلال بها: أنها عامة في كل معتد, والحر بقتل العبد معتد، فيجوز لولي العبد مجازاة الحر بمثل اعتدائه وهو القتل. 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (العمد قود) (¬3). فإنه عام في كل عمد، فيشمل عمد الحر على العبد. 4 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودي أو يقتل) (¬4). فإنه عام في كل قتيل سواء كان حرا أم عبدا، ولم يفرق بين كون القاتل له حرا أو عبدا. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: 33. (¬2) سورة البقرة، الآية: 194. (¬3) سنن الدارقطني 3/ 94. (¬4) صحيح، كتاب الحج، باب تحريم مكة / 1355.

النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاقتصاص من الحر للعبد. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الاقتصاص من الحر للعبد: أن أرلته خاصة وأدلة القول الثاني عامة، والخاص مقدم على العام. النقطة الثالثة: الجواب عن أدلة القول الآخر: وفيها قطعتان هما: 1 - الجواب الإجمالي. 2 - الجواب التفصيلي. القطعة الأولى: الجواب الإجمالي: يجاب عن أرلة القول المرجوح إجمالا: بأنها عامة وأدلة القول الراجح خاصة والخاص مقدم على العام. القطعة الثانية: الجواب التفصيلي: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}. 2 - الجواب عن الاحتجاج بقوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}. 3 - الجواب عن الاحتجاج بعموم أدلة القصاص. الشريحة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن ذلك: بأن أول الآية محمول على آخرها، وآخرها تفسير لأولها فقوله: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} تفسير لقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ

الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} وقد قابل كل جنس بجنسه ومقتضى ذلك ألا يقتل بغير جنسه كما تقدم في توجيه الاستدلال بها للقول الأول. الشريحة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن ذلك: بأنه في شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا إذا ورد شرعنا بخلاف فليس شرعا لنا، وقد ورد شرعنا بخلافه كما تقدم في أدلة القول الأول. الشريحة الثالثة: الجواب عن الدليل الثالث: يجاب عن ذلك: بما تقدم في الجواب الإجمالي. الجزء الرابع: المكافأة في الذكورة: وفيه جزئيتان هما: 1 - معنى المكافأة في الذكورة. 2 - الاشتراط. الجزئية الأولى: معنى المكافأة في الذكورة: معنى المكافأة في الذكورة: الاتفاق بين الجاني والمجني عليه في الذكورية. الجزئية الثانية: الاشتراط: وفيها فقرتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - الرجوع على أولياء المرأة بفضل دية الرجل. الفقرة الأولى: الاشتراط: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الشيء الأول: الخلاف: اختلف في قتل الرجل بالمرأة قصاصا على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يقتل بها مطلقا سواء كانت زوجة له أم لا. القول الثاني: أنه لا يقتل بها مطلقا سواء كانت زوجة له أم لا. القول الثالث: أنه لا يقتل بها إن كانت زوجة له وإلا قتل. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بقتل الرجل بالمرأة قصاصا بما يأتي: 1 - عموم نصوص القصاص، فإنها لم تخص قاتلا دون قاتل، ولا قتيلا دون قتيل، فيدخل في عمومها قتل الذكر بالأنثى، ومن هذه النصوص ما يأتي: أ - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬1). وذلك أنها لم تفرق بين نفس ونفس قاتلة أو مقتولة. ب - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: 45. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 33.

فإنها لم تفرق بين مظلوم ومظلوم ولا بين ولي وولي، والمرأة بقتل الرجل لها مقتولة ظلما فتدخل في هذا العموم فيستحق وليها على قاتلها هذا السلطان. ج - حديث: (ومن قتل له قتيل فأهله بخير النظرين إما أن يؤدي وإما أن يقتل) (¬1). وذلك أن مَنْ مِنْ صيغ العموم، وقتيل بعد شرط فيشمل الأنثى إذا قتلها الذكر. 2 - حديث: (فإنهم يقتلون قاتلها) (¬2)، فإنه مطلق فيشمل كل قاتل، فيدخل الرجل فيه. 3 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل يهوديا بجارية (¬3). 4 - ما ورد في كتاب عمرو بن حزم لأهل اليمن وفيه: (وأن الرجل يقتل بالمرأة) (¬4). 5 - أن الرجل يحد بقذف المرأة فيقتل بها كالرجلين والمرأتين. 6 - أن الحكمة من مشروعية القصاص حفظ النفوس والردع والزجر عن سفك الدماء والداعي إليه في قتل الرجل بالمرأة أقوى منه في قتل الرجل بالرجل لأمور منها: أ - كراهية توريث المرأة. ب - مخافة العار خصوصا عند ما يوجد من المرأة ريبة. ج - ضعف النساء عن الدفاع فلا يخشى من يريد قتل المرأة من المقاومة. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1355. (¬2) سنن النساني، 8/ 43. (¬3) صحيح البخاري، الديات، باب ما يذكر في الأشخاص، 2413. (¬4) سنن النسائي 8/ 58.

النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه هذا القول بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه قابل الأنثى بالأنثى، ومفهوم هذه المقابلة يقتضي ألا يقتل الذكر بالأنثى؛ لأنه لو قتل بها كان خلافا لهذا المفهوم. 2 - أن الأنثى لا تساوي الذكر في الدية فلا تكافئه في القصاص فلا يقتل بها. النقطة الثالثة: توجيه القول الثالث: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه قتل الرجل بالمرأة إذا لم تكن زوجة له. 2 - توجيه عدم قتل الرجل بالمرأة إذا كانت زوجة له. القطعة الأولى: توجيه قتل الرجل بالمرأة إذا لم تكن زوجة له: وجه قتل الرجل بالمرأة إذا لم تكن زوجة له بما وجه به قتله بها مطلقا وقد تقدم في أدلة القول الأول. القطعة الثانية: توجيه عدم قتل الرجل بالمرأة إذا كانت زوجته: وجه القول بعدم قتل الرجل بالمرأة إذا كانت زوجة له بما يأتي: 1 - أن النكاح يشبه ملك الرقبة، وملك الرقبة شبهة يدرأ بها القصاص، فكذلك النكاح، فكما لا يقتل السيد بعبده فكذلك لا يقتل الرجل بقتل امرأته. 2 - أن ما بين الزوجين غالبا من المودة والرحمة كما وصف الله بقوله تعالى: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (¬2) يشبه شفقة الأبوة فيكون ذلك شبهة ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 178. (¬2) سورة الروم، الآية: 21.

مانعة من تعمد الزوج للقتل، كما أن شفقة الأبوة شبهة مانعة من ذلك فيدرأ القصاص عن الزوج كما يدرأ عن الأب. 3 - أن حقوق الزوج على الزوجة من وجوه الطاعة والاحترام ونحو ذلك يشبه حقوق الوالد على الولد، وقتل الزوج ينافي الوفاء بهذه الحقوق، كما أن قتل الأب ينافي حقوق الأب على ولده، فلا يقتل الزوج بالزوجة كما لا يقتل الوالد بالولد. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بقتل الرجل بالمرأة مطلقا سواء كان زوجا لها أم لا. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح قتل الرجل بالمرأة مطلقا: أن أدلته أقوى وأظهر. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها قطعتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. القطعة الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: وفيها شريحتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالآية. 2 - الجواب عن الاحتجاج باختلاف الدية.

الشريحة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالآية: أجيب عن ذلك: بأن شرط العمل بالمفهوم ألا يعارضه منطوق وهذا المفهوم معارض بمنطوق أدلة القول الأول فلا يعمل به. الشريحة الثانية: الجواب عن الاحتجاج باختلاف الدية: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص فلا يحتج به. الجواب الثاني: أن المال لا اعتبار له في المكافأة بدليل أن الحر لا يقتل بالعبد ولو كانت قيمته أضعاف دية الحر، والعبد يقتل بالعبد ولو كانت قيمة القاتل أضعاف قيمة المقتول. القطعة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن ذلك: بأن الزوجة تقتل بالزوج، ولو كان النكاح شبهة مانعة من القصاص لما قتلت به؛ لأن حقوق الزوجية ثابتة لكل واحد من الزوجين على الآخر، وربما كانت الزوجة أكثر عطفا على الزوج منه عليها. الفقرة الثانية: الرجوع على أولياء المرأة بفضل دية الرجل: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في رجوع أولياء الرجل إذا قتل بالمرأة على أوليائها بفضل ديته على قولين: القول الأول: أنهم لا يرجعون. القول الثاني: أنهم يرجعون.

الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم رجوع أولياء الرجل على أولياء المرأة إذا قتل بها بما يأتي: 1 - أدلة قتل الرجل بالمرأة، فإنها لم توجب مع القتل شيئا، فإيجاب الرجوع بشيء سواه زيادة على ما دلت عليه بلا دليل. 2 - حديث: (من أصيب بدم أو خبل (¬1) فهو بالخيار بين أحد ثلاث: إما أن يقتل أو يأخذ العقل أو يعفو، فإن أراد لرابعة فخذوا على يديه) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه حصر استحقاق المجني عليه في إحدى هذه الخصال، ومنعه من الزيادة عليها، وليس في شيء منها الجمع بين المال والقصاص، وهذا نص في إبطال الرجوع بفضل دية الرجل على المرأة. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول برجوع أولياء الرجل على أولياء المرأة بفضل ديته إذا قتل بها بما يأتي: 1 - ما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال لأولياء المرأة: إن شئتم فأدوا نصف الدية واقتلوه (¬3). 2 - أن دية المرأة نصف دية الرجل فإن قتل بها بقي فضل فيجب دفعه لورثته. ¬

_ (¬1) الخبل: العرج والجراح. (¬2) سنن أبي داود، باب الإمارة، باب العفو عن الدم/4496. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، باب في الرجل يقتل المرأة عمدا/ 5/ 410.

الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الرجوع على أولياء المرأة بشيء. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم رجوع أولياء الرجل على أولياء المرأة: أن أدلته أقوى وأظهر. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها قطعتان هما: 1 - الجواب عما روي عن علي. 2 - الجواب عن الاحتجاج بفرق الدية. القطعة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بما روي عن علي: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن في ثبوته عن علي مقالا. الجواب الثاني: أنه قد روي عنه خلافه (¬1) فترد الروايتان لتعارضهما، أو تقدم الموافقة للجمهور لترجحها به. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، في الرجل يقتل المرأة عمدا 5/ 410.

الجزء الخامس: المكافأة في الدين: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: الثالث: المكافأة بأن يساويه في الدين والحرية والرق، فلا يقتل مسلم بكافر. الكلام في هذا الجزء في جزئيتين هما: 1 - قتل المسلم بالكافر. 2 - قتل الكافر بالمسلم. الجزئية الأولى: قتل المسلم بالكافر: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - قتل المسلم بالحربي. 2 - قتل المسلم بالمعاهد والمستأمن. 3 - قتل المسلم بالذمي. الفقرة الأولى: قتل المسلم بالحربي: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الحكم: المسلم لا يقتل بالحربي إجماعا، سواء قتله في المعركة أم في غيرها. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم الاقتصاص للحربي: أنه غير معصوم؛ لأن قتله مأذون فيه، كما قوله تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} (¬1). الفقرة الثانية: قتل المسلم بالمعاهد والمستأمن: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 191.

الشيء الأول: بيان الحكم: المسلم لا يقتل بالمعاهد ولا بالمستأمن. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم قتل المسلم بالمعاهد والمستأمن ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (¬1). ووجه الاستدلال بها: أنها نفت السبيل للكافرين على المؤمنين والاقتصاص المسلم للكافر أعظم سبيل للكافرين على المؤمنين. 2 - حديث: (لا يقتل مؤمن بكافر) (¬2). الفقرة الثالثة: قتل المسلم بالذمي: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في الاقتصاص من المسلم للذمي على قولين: القول الأول: أنه لا يقتص له منه. القول الثاني: أنه يقتص له منه. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 141. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الديات، باب العاقلة/6903.

النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الاقتصاص من المسلم للذمي بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نفت السبيل للكافرين على المؤمنين، واقتصاص الذمي من المسلم أعظم سبيل للكافرين على المؤمنين. 2 - حديث: (المسلمون تتكافأ دماؤهم) (¬2). ووجه الاستدلال به: أن مفهومه عدم مكافأة دماء غير المسلمين لدمائهم فلا يقتص من المسلم لغيره. 3 - حديث: (لا يقتل مسلم بكافر) (¬3). ووجه الاستدلال به: أن الذمي كافر فيدخل في إطلاق الحديث. 4 - أن المسلم لا يقتل بالمستأمن فلا يقتل بالذمي. 5 - أن في عصمة الذمي شبهة، والشبهة يدرأ بها القصاص، فلا يجب على المسلم القصاص بقتله، وذلك أن المبيح لدمه قبل العهد هو الكفر والكفر قائم به، وإنما حرم الله دمه للعهد، والعهد عارض، فكان ذلك شبهة يدرأ بها القصاص كالملك مع الرضاع فيمن ملك أخته من الرضاع فوطئها فإنه يدرأ عنه الحد لقيام سبب الإباحة وهو الملك والرضاع عارض، فكان ذلك شبهة يدرأ بها الحد. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 141. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب أيقاد المسلم بالكافر/ 4530. (¬3) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء لا يقتل مسلم بكافر/1412.

6 - أنه لا يقتص من المسلم للذمي في الطرف فكذلك في النفس من باب أولى. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه الاقتصاص من المسلم للذمي بما يأتي: 1 - عموم أدلة القصاص ومنها ما يأتي: أ - قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (¬1). ب - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬2). ج - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (¬3). د - حديث: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى أو يقاد) (¬4). هـ - حديث: (العمد قود) (¬5). 2 - ما ورد أن رسول الله قتل مسلما بذمي وقال: (أنا أولى من وفى بذمته) (¬6) 3 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - أقاد ذميا من مسلم (¬7). 4 - ما ورد عن عمر - رضي الله عنه - أنه أقاد ذميا من مسلم (¬8). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 178. (¬2) سورة المائدة، الآية: 45. (¬3) سورة الإسراء، الآية: 33. (¬4) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1355. (¬5) سنن الدارقطني 3/ 94. (¬6) السنن الكبرى للبيهقي، باب ضعف الخبر الذي روي في قتل المؤمن بالكافر 8/ 30. (¬7) السنن الكبرى للبيهقي الروايات في قتل المسلم بالكافر عن علي 8/ 34. (¬8) السنن الكبرى للبيهقي الروايات في قتل المسلم بالكافر عن عمر 8/ 32.

5 - أن المسلم يقطع بسرقة مال الذمي، وأمر المال أهون من النفس، فإذا قطع المسلم بسرقة مال الذمي قتل به. 6 - أن الذمي إذا قتل ذميا ثم أسلم قتل به، فكذلك إذا قتله وهو مسلم؛ لأنه في الحالين مسلم عند الاقتصاص منه. 7 - أن تحقيق الحكمة من القصاص بقتل المسلم بالذمي أولى من تحقيقها بقتل المسلم بالمسلم؛ لأن الدافع للمسلم إلى قتل الذمي وهو شدة العداوة بينهما أقوى من الدافع للمسلم إلى قتل المسلم. 8 - أن الذمي يقتل بالمسلم فيقتل المسلم به. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم قتل المسلم بالكافر ولو كان ذميا. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم قتل المسلم بالكافر قوة أدلته. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها سبع قطع هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعمومات أدلة القصاص. 2 - الجواب عن الاحتجاج بما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 3 - الجواب عن الاحتجاج بما ورد عن علي - رضي الله عنه -.

4 - الجواب عن الاحتجاج بما ورد عن عمر - رضي الله عنه -. 5 - الجواب عن الاحتجاج بقطع المسلم بسرقة مال الذمي. 6 - الجواب عن الاحتجاج بقتل الذمي إذا أسلم. 7 - الجواب عن الاحتجاج بقتل الذمي بالمسلم. القطعة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بعموم الأدلة: أجيب عن الاحتجاج بدموم أدلة القصاص بأنها مخصوصة بأدلة القول الأول. القطعة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بما ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أجيب عن ذلك بما يأتي: 1 - أنه ضعيف. 2 - أنه منسوخ بحديث: (لا يقتل مومن بكافر). 3 - أن المسلم الذي قتله الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان ذميا حين الجناية، وهذا يقتل لسببين: الأول: وجور المكافأة حين الجناية. الثاني: حتى لا يتخذ الإسلام وسيلة إلى إسقاط القصاص. القطعة الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بما روي عن علي - رضي الله عنه -: أجيب عن ذلك بجوابين: الأول: أنه ضعيف. الثاني: أنه مخالف لما رواه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والعبرة بما روى لا بما رأى. القطعة الرابعة: الجواب عما روي عن عمر - رضي الله عنه -: أجيب عن ذلك بما يأتي:

1 - أنه ضعيف. 2 - أنه قد روي عنه خلافه (¬1) وهو أولى منه؛ لموافقته لأدلة عدم القتل. 3 - أنه مخالف لحديث: (لا يقتل مؤمن بكافر). القطعة الخامسة: الجواب عن الاحتجاج بقطع المسلم بسرقة مال الذمي: أجبب عن ذلك بجوابين: الجواب الأولى: أن القطع في السرقة حق لله وليس قصاصا. وهو حد، والحدود لا تشترط فيها المكافأة بدليل أن الحر يحد إذا زنى بالأمة. الجواب الثاني: أن قياس الاقتصاص في النفس على الاقتصاص في الطرف أولى من قياسه على القطع في السرقة؛ لأن الكل قصاص والمسلم لا يقتص منه للذمي في الطرف فلا يقتص منه له في النفس؛ لأن القصاص في النفس أشد من القصاص في الطرف فإذا سقط الأخف سقط الأشد من باب أولى. القطعة السادسة: الجواب عن الاحتجاج بقتل الذمي إذا أسلم: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن قتل الذمي إذا أسلم لوجود التكافئ وقت الجناية. الجواب الثاني: أن الاقتصاص من الذمي إذا أسلم حتى لا يتخذ ذلك حيله على إسقاط القصاص. القطعة السابعة: الجواب عن الاحتجاج بقتل الذمي بالمسلم: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن أخذ الأدنى بالأعلى تنازل عن بعض الحق، وأخذ الأعلى بالأدنى تجاوز للحق وأخذ لأكثر منه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي الروايات عن عمر في قتل المؤمن بالكافر 8/ 32.

الجزئية الثانية: قتل الكافر بالكافر: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - قتل الذمي بالذمي. 2 - قتل الذمي بالمعاهد والمستأمن. 3 - قتل الذمي بالحربي. الفقرة الأولى: قتل الذمي بالذمي: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الحكم: الاقتصاص من الذمي للذمي صحيح من غير خلاف سواء اتفق دينهما أم اختلف فيقتل اليهودي به وبالنصراني، ويقتلان بالمجوسي ويقتل بهما. الشيء الثاني: التوجيه: وجه الاقتصاص من الذميين لبعضهم: أنهم متكافئون في العصمة ويحرم قتل بعضهم بعضا كالمسلمين مع بعضهم. الفقرة الثانية: الاقتصاص من الذمي للمعاهد والمستأمن: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في الاقتصاص من الذمي للمستأمن والمعاهد على قولين: القول الأول: أنه يقتص منه له. القول الثاني: أنه لا يقتص منه له.

الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالاقتصاص من الذمي للمعاهد والمستأمن بما يأتي: 1 - أنهما متكافئان في العصمة والكفر، فيقتل أحدهما بالآخر كالمسلم بالمسلم والذمي. 2 - أنه يقطع بسرقة مالهما فيقتل بهما؛ لأنهما إذا تساويا في الأخف تساويا في الأثقل كذلك. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الاقتصاص من الذمي للمعاهد والمستأمن: بأن المعاهد والمستأمن في عصمتهما شبهة؛ لأنها مؤقتة مدة العهد والأمان، ثم يعودان إلى إباحة الدم بخلاف الذمي فإن عصمته مؤلدة فلا مساواة بينهما، فلا يقتل الذمي بهما. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - الاقتصاص من الذمي للمعاهد والمستأمن. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح الاقتصاص من الذمي للمعاهد والمستأمن: قوة أدلته وضعف أدلة المخالفين لما سيأتي عليها من مناقشات.

النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأنه لا فرق بين الذمي مدة التزامه وبين المعاهد والمستأمن مدة أمانهما؛ لأن عصمة كل منهما معلقة بشرط، فإذا كان في عصمة المعاهد والمستأمن شبهة كان في عصمة الذمي شبهة، فاستويا؛ لأن الكفر المبيح لقتلهما موجور عند كل منهما وعدم الرادع عن القتل موجود في كل منهما، فكما أن الحربي قد تحمله حرابته على القتل؛ لأنه سيلحق بدار الحرب فكذلك الذمي سيحمله كفره على القتل واللحاق بدار الكفر. الفقرة الثالثة: الاقتصاص من الذمي للحربي: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الحكم: الحربي لا يقتص له من الذمي بلا خلاف. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم الاقتصاص من الذمي للحربي: أن شرط القصاص غير متحقق في قتل الذمي للحربي؛ لعدم مكافأة الحربي للذمي في العصمة، فالحربي مهدر، والذمي معصوم، والمعصوم لا يقتص منه للمهدر. الجزء السادس: المكافأة في العدد (¬1): قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وتقتل الجماعة بالواحد. الكلام في هذا الجزء في جزئيتين هما: 1 - المراد بالمكافأة في العدد. 2 - الاشتراط. ¬

_ (¬1) ويعبر عنه بقتل الجماعة بالواحد.

الجزئية الأولى: المراد بالمكافأة في العدد: المراد بالمكافأة في العدد: أن يكون القاتل بعدد المقتول فلا يقتل بالواحد أكثر واحد. الجزئية الثانية: الاشتراط: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الاشتراط. 2 - شرط قتل الجماعة بالواحد عند من لا يشترط. 3 - ما يجب بقتل الجماعة للواحد عند من يشترط. الفقرة الأولى: الاشتراط: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في اشتراط المكافأة في العدد لوجوب القصاص على قولين: القول الأول: أنها لا تشترط فيقتل الجماعة بالواحد. القول الثاني: أنها تشترط فلا يقتل بالواحد أكثر من واحد. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بقتل الجماعة بالواحد بما يأتي:

1 - عموم أدلة القصاص؛ فإنها لم تفرق في وجوب القصاص بين ما إذا كان القاتل واحدا أو أكثر ومنها ما يأتي: أ - قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). ب - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (¬2). ج - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (العمد قود) (¬3). د - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يودى) (¬4). 2 - الآثار الواردة عن الصحابة في قتل الجماعة بالواحد ومن ذلك ما يأتي: أ - ما ورد عن عمر - رضي الله عنه - أنه قتل جماعة من أهل صنعاء بواحد وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به (¬5). ب - ما ورد عن علي - رضي الله عنه - أنه قتل جماعة من الحرورية بعبد الله بن خباب (¬6). 3 - أن القصاص يجب للواحد على الواحد فيجب للواحد على الجماعة كحد القذف. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 178. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 33. (¬3) سنن الدارقطني 3/ 194. (¬4) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1355. (¬5) صحيح البخاري، الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل ...... / 6896. (¬6) سنن الدارقطني 3/ 32.

4 - أن عدم قتل الجماعة بالواحد يؤدي إلى إسقاط القصاص؛ لأن بإمكان من أراد أن يقتل أن يتفق مع غيره على القتل ويقتلون من يريدون. النقطة الثانيةك توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم قتل الجماعة بالواحد بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} (¬1). ووجه الاستدلال بها من ثلاثة وجوه: الوجه الأول: أن معنى القصاص المساواة ولا مساواة بين الواحد والجماعة، لأن كل واحد يساويه، فلا يساوي الجميع، ولهذا إذا قتل الواحد جماعة قتل بواحد منهم وأخذ من ماله دية الباقين. الوجه الثاني: أنه قوبل فيها الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى. وظاهر هذا ألا يقتل فيها بالحر أكثر من حر واحد، ولا بالعبد أكثر من عبد، ولا بالأنثى أكثر من أنثى. الوجه الثالث: أن مقابلة الجنس بالجنس تقتضي اعتبار المكافأة في الأوصاف، وإذا كان التفاوت في الأوصاف يؤثر في إسقاط القصاص فالتفاوت في العدد أولى. 2 - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 178. (¬2) سورة المائدة، الآية: 45.

ووجه الاستدلال بها: أنها قابلت النفس بالنفس فلا يؤخذ أكثر من نفس بنفس واحدة. 3 - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (¬1). ووجه الاستدلال بها: أنها نهت عن الإسراف في القتل وهو القصاص وقتل الجماعة بالواحد إسراف لا يجوز. 4 - أن القصاص لا يجب إلا بالقتل وهو إزهاق الروح وقتل الجماعة حصل بجموع فعلهم لا بفعل واحد منهم؛ لأن القتل لا يتجزأ ففعل كل واحد جزء علة وليس علة مستقلة فلا يجب به القصاص؛ لأن القصاص لا يجب بإتلاف بعض النفس. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بقتل الجماعة بالواحد. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بقتل الجماعة بالواحد قوة أدلته وضعف أدلة المخالفين لما يأتي في الجواب عنها. النقطة الثالثة: الجواب عن أدلة المخالفين: وفيها أربع قطع هي: ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: 33.

1 - الجواب عن الاحتجاج بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ}. 2 - الجواب عن الاحتجاج بقوله: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}. 3 - الجواب عن قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا}. 4 - الجواب عن الاحتجاج بأن القصاص لا يجب إلا بالقتل. القطعة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الجواب عن الوجه الأول. 2 - الجواب عن الوجه الثاني. 3 - الجواب عن الوجه الثالث. الشريحة الأولى: الجواب عن الوجه الأول: أجيب عن هذا الوجه بأربعة أجوبة: الجواب الأول: أن المراد بالقصاص في الآية قتل القاتل فيشمل الجماعة، وليس المراد المساواة. الجواب الثاني: على التسليم بأن المراد بالقصاص المساواة فإن المراد به المساواة في الأفعال، بأن يفعل الجاني مثل فعله، فإن كان قاتلا قتل، وإن كان قاطعا قطع، فلا يقتل قاطع، ولا يكتفى بقطع قاتل، وكل واحد من الجماعة قاتل فيفعل به مثل فعله وهو القتل. الجواب الثالث: على التسليم بأن المراد بالقصاص المساواة في الأشخاص فإن المساواة المعتبرة المساواة في الحرمة، وحرمة الواحد كحرمة الجماعة. الجواب الرابع: على التسليم بأن الواحد لا يساوي الجماعة فإنه مساو لكل واحد منهم، وكل واحد منهم قاتل فيقتل به.

الشريحة الثانية: الجواب عن الوجه الثاني: أجيب عن هذا الوجه: بأنه ليس المراد بالمقابلة في الآية المقابلة في الوحدة، بل المراد مقابل جنس الحر يحنسه، ومقابلة جنس العبد بجنسه، ومقابلة جنس الأثنى بجنس الأنثى. فيشمل الواحد والجماعة؛ لأن وصف الحر يطلق على الأحرار ووصف العبد يطلق على العبيد، ووصف الأنثى يطلق على الإناث، وعلى هذا فلا دلالة في الآية على منع قتل الجماعة بالواحد. الشريحة الثالثة: الجواب عن الوجه الثالث: أجيب عن هذا الوجه بجوابين: الجواب الأول: أنه لا أثر للتفاوت في الأوصاف في إسقاط القصاص كما تقدم في قتل الذكر بالأنثى والحر بالعبد. الجواب الثاني: على التسليم بتأثير تفاوت الأوصاف في إسقاط القصاص فإنه لا يلزم من ذلك تأثير التفاوت في العدد فيه؛ لأن زيادة الوصف تمنع وجود المماثلة فيه. ولهذا منعت زيادة الوصف من وجوب حد القذف فلا يحد حر بقذف عبد، ولم تمنعه زيادة العدد فيحد الجماعة بقذف الواحد. القطعة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}. بأن المراد الجنس لا الوحدة فيشمل الواحد والجماعة؛ لأن لفظ النفس يطلق على النفس الواحدة وعلى النفوس. والآية للرد على من يأخذ النفس بالطوف، أو يأخذ بالنفس أنفسا لم تقتل، فكان المعنى - والله أعلم - القتل بالقتل والقاتل بالقاتل.

القطعة الثالثة: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عن الاحتجاج بقوله تعالى: {فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}. بجوابين: الجواب الأول: أن الإسراف في القتل قتل غير القاتل أو قتل القاتل وغيره، أو زيادة التعذيب في قتل القاتل، أما قتل القاتل ولو تعدد فعدل وإنصاف ورد للظلم وردع عن العدوان وحفظ للنفوس وحقن للدماء؛ لأن حق القتيل ثابت على كل واحد من الجماعة، فاستيفاء هذا الحق لا يعد إسرافا، كاستيفاء سائر الحقوق. الجواب الثاني: أن قوله: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} يقتضي أن يكون السلطان للولي على الجماعة كسلطانه على الواحد لإطلاقه، وبذلك تكون الآية حجة للقول الأول. القطعة الرابعة: الجواب عن الدليل الرابع: أجيب عن الاحتجاج بأن القصاص لا يجب إلا بالقتل وهو لا يتجزأ: بأن الذي لا يتجزأ هو زهوق الروح وليس هذا هو القتل؛ لأن القتل هو الفعل المؤثر في زهوق الروح، وهذا حاصل من فعل كل واحد من الجماعة، فيقتضي وجوب القصاص عليه. الفقرة الثانية: شروط قتل الجماعة بالواحد عند من لا يشترط المكافأة في العدد: وفيها شيئان هما: 1 - إذا كان القتل بالتواطئ. 2 - إذا كان القتل بغير التواطئ.

الشيء الأول: إذا كان القتل بالتواطئ: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - معنى التواطئ. 2 - أمثلته. 3 - ما يشترط للقتل حين القتل به. النقطة الأولى: معنى التواطئ: التواطؤ على القتل هو الاتفاق عليه قبل الشروع فيه. النقطة الثانية: أمثلة التواطئ على القتل: من أمثلة التواطئ على القتل ما يأتي: 1 - الاتفاق على أن البعض يحرس، والبعض ردء والبعض يباشر. 2 - الاتفاق على أن البعض يمسك والبعض يقتل. 3 - الاتفاق على أن البعض يحضر آلات القتل والبعض يقتل. النقطة الثالثة: ما يشترط للقصاص إذا كان القتل بالتواطئ: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف فيما يشترط لقتل الجماعة بالواحد إذا كان القتل بالتواطئ على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا يعتبر له أكثر من حضور كل واحد منهم لقصد القتل واستعداده له لو لم يقتل غيره، فمتى حصل القتل بطريق التواطئ قتل الجميع، سواء صلح فعل كل واحد منهم للقتل أم لم يصلح له. أم صلح فعل

بعضهم دون بعض، وسواء باشروا القتل جميعا أم باشره بعضهم ما دام غير المباشر مستعدا للقتل لو لم يقتل غيره. القول الثاني: أنه يشترط له وجود الفعل من كل واحد منهم وتأثيره في الزهوق دون صلاحيته للقتل، فكل من وجد منه فعل مؤثر في الزهوق وجب عليه القصاص، سواء صلح فعله للقتل أم لم يصلح له. القول الثالث: أنه يشترط له أن يصلح فعل كل واحد للقتل. القطعة الثالثة: التوجيه: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه هذا القول بما يأتي: 1 - أن الحاضر للقتل من المتواطئين عليه في حكم المباشر له؛ لأنه لو لم يقتل غيره لقتل فيجب عليه القصاص كالمباشر. 2 - أن من لم يباشر القتل من الحاضرين ليقتل لو لو يقتل غيره قد تسبب في القتل بما يفضي إليه، وهو التواطؤ على القتل والحضور لأجله مع الاستعداد له؛ لأنه بالمواطأة على القتل والحضور له قويت عزيمة المباشر ودفعه ذلك إلى القتل وأقدم عليه وانهارت به قوى المجني عليه فضعف عن الدفاع، وبهذا تم القتل فكان الحاضر كمن كتف إنسانا وطرحه لحيوان مفترس فأكله. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها جملتان هما:

1 - توجيه اشتراط مباشرة القتل. 2 - توجيه عدم اشتراط صلاحية الفعل للقتل. الجملة الأولى: توجيه اشتراط مباشرة القتل: وجه اشتراط مباشرة القتل: أن من لم يباشر القتل من المتواطئين لم يوجد منه غير النية فلا يجب القصاص عليه، كمن حاول القتل فلم يقدر عليه. الجملة الثانية: توجيه عدم اشتراط صلاحية الفعل للقتل: وجه عدم اشتراط صلاحية فعل كل واحد من المتواطئين على القتل: أنه لو لم يجب القصاص على المتواطئين إذا لم يصلح فعل كل واحد للقتل لأدى إلى اتخاذ التواطئ على القتل بما لا يصلح للقتل وسيلة إلى إسقاط القصاص بالاتفاق على فعل ما لا يصلح للقتل من كل واحد منهم، وبذلك تذهب الحكمة من القصاص وهو الردع والزجر وحفظ الدماء. الشريحة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول باشتراط صلاحية فعل كل واحد من المتواطئين للقتل بأنه شرط في غير التواطئ فيشترط في حال التواطئ لعدم الفرق؛ لأنه لا فرق بينهما إلا نية القتل حال التواطئ وهذا لا أثر له في إيجاب القصاص، بدليل أن من حاول القتل فلم يتمكن منه لا يجب عليه القصاص فلا يكون التواطؤ موجبا للقصاص على من لا يصلح فعله للقتل. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة المخالفين.

الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول باشتراط مباشرة القتل ولو لم يصلح فعل كل واحد منهم للقتل. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باشتراط الاشتراك في القتل: أن أدلته أظهر. الشريحة الثالثة: الجواب عن أدلة المخالفين: وفيها جملتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الأول. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الجملة الأولى: الجواب عن وجهة القول الأول: الجواب عن وجهة هذا القول كما يلي: أولاً: الجواب عن الدليل الأول. أجيب عن هذا الدليل: بأن مجرد قصد القتل لا يوجب القصاص بدليل أن من حاول القتل فلم يقدر عليه لا يجب لقصاص عليه. ثانيا: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن هذا الدليل بثلاثة أجوية: الجواب الأول: أن مجرد الحضور للقتل لا أثر له فيه فلا يكون سببا فيه فلا يجب القصاص به. الجواب الثاني: أنه على التسليم بسببية الحضور للقتل فيه فإنه غير ملجئ، والسبب غير الملجئ لا يجب به قصاص.

الجواب الثالث: أنه على التسليم بسببية الحضور للقتل لتقوى المباشرة به، فإن ذلك لا يكون إلا في حال ضعف المباشر عن المقاومة من غير الحاضر فلا يعمم الحكم على جميع الصور. الجملة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن قياس المشتركين في القتل بالتواطئ على المشتركين فيه من غير تواطئ قياس مع الفارق؛ لأن إسقاط القصاص عمن لا يصلح فعله للقتل في حال التواطئ وسيلة إلى أن يتخذ القتل بالتواطئ على القتل بما لا يصلح له من الأفعال طريقا إلى القتل فتبطل بذلك حكمة القصاص كما تقدم في الاستدلال للقول الراجح وهذا لا يوجد في غير حال التواطئ. الشيء الثاني: إذا كان القتل بغير التواطئ: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - معنى القتل من غير تواطئ. 2 - أمثلة القتل من غير تواطئ. 3 - شروط القصاص بالقتل بغير تواطئ. النقطة الأولى: معنى القتل من غير تواطئ: القتل من غير تواطئ: هو حصول القتل من كل واحد من غير علم الآخر أو اتفاق معه. النقطة الثانية: الأمثلة: من أمثلة قتل الجماعة للواحد من غير تواطئ ما يأتي: 1 - أن يكون للشخص أعداء فيريد كل واحد منهم قتله ويطلق النار عليه من غير علم الآخر أو اتفاق معه، فتقع الإصابات فيه بوقت واحد.

2 - أن يريد جماعة قتل شخص لأخذ ماله فيطلق كل واحد منهم النار عليه من غير علم الآخر أو اتفاق معه فتقع الإصابات فيه بوقت واحد. 3 - أن يسكر بعض الفساق فيقتلون أحدهم بالضرب من غير اتفاق منهم عليه. 4 - أن يريد بعض الفساق محارم الشخص فيطلق كل واحد النار عليه من غير علم الآخر أو اتفاق معه، فتقع الإصابات فيه بوقت واحد. النقطة الثالثة: شرط القصاص من الجماعة بقتل الواحد من غير تواطئ: وفيها قطعتان هما: 1 - الشرط. 2 - ما يجب إذا لم يتحقق الشرط. القطعة الأولى: الشرط: وفيها شريحتان هما: 1 - صلاحية فعل كل واحد للقتل. 2 - أن يكون فعل كل واحد في حال حياة مستقرة. الشريحة الأولى: اشتراط الصلاحية: وفيها جملتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: الأمثلة: أولاً: أمثلة الصلاحية: من أمثلة صلاحية فعل كل واحد للقتل ما يأتي:

1 - أن يضرب أحدهم مع الصدر ضربا قاتلا، ويضرب الآخر مع الظهر ضربا قاتلا. 2 - أن يشق أحدهم البطن ويحز الآخر الرقبة. 3 - أن يقطع كل واحد يدا فينزف حتى يموت. ثانيا: أمثلة عدم الصلاحية: من أمثلة عدم الصلاحية ما يأتي: 1 - أن يضرب كل واحد ضربات بعصا صغيرة. 2 - أن يضرب كل واحد ضربات بحجر صغير. 3 - أن يلكز كل واحد في غير مقتل لكزات غير قاتلة. الجملة الثانية: التوجيه: أولا: توجيه القصاص: وجه وجوب القصاص من الجماعة بالواحد إذا صلح فعل كل واحد منهم للقتل: أن كل واحد منهم يجب عليه القصاص لو انفرد فيجب عليه القصاص مع غيره. ثانيا: توجيه عدم القصاص: وجه عدم وجوب القصاص من الجماعة بقتل الواحد إذا لم يصلح فعل كل واحد للقتل: أن فعل كل واحد لا يوجب القصاص لو انفرد فلا يوجبه مع غيره. الشريحة الثانية: اشتراط كون فعل كل واحد في حال حياة مستقرة: وفيها أربع جمل هي: 1 - معنى الحياة المستقرة. 2 - معنى الحياة غير المستقرة.

3 - الأمثلة. 4 - توجيه اشتراط كون الحياة حال الجناية مستقرة. الجملة الأولى: معنى الحياة المستقرة: الحياة المستقرة: هي الحياة الصالحة للاستمرار ما لم يطرأ عليها ما يقطعها. الجملة الثانية: معنى الحياة غير المستقرة: الحياة غير المستقرة: هي الحياة التي لا تصلح للاستمرار وتنتهي ولو لم يطرأ عليها ما يقطعها. الجملة الثالثة: الأمثلة: أولا: أمثلة الحياة المستقرة: من أمثلة الحياة المستقرة ما يأتي: 1 - حياة الإنسان السليم. 2 - حياة المريض مرضا خفيفا. ثانيا: أمثلة الحياة غبر المستقرة: من أمثلة الحياة غير المستقرة ما يأتي: 1 - حياة مشقوق البطن. 2 - حياة مقطوع الرأس. 3 - حياة اللديغ في آخرها إذا كانت من حيوان قاتل. الجملة الرابعة: توجيه اشتراط كون الحياة حال الجناية مستقرة: وجه اشتراط كون الحياة حال الجناية مستقرة: أن الفعل حال الحياة غير المستقرة لا أثر له في القتل؛ لحصول القتل قبله فلا يوجب قصاصا، كالجناية على الميت. القطعة الثانية: ما يجب إذا لم يتحقق الشرط: وفيها شريحتان هما: 1 - إذا لم يتحقق الشرط في فعل الجميع.

2 - إذا لم يتحقق الشرط في فعل البعض. الشريحة الأولى: إذا لم يتحقق الشرط بفعل الجميع: وفيها جملتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان ما يجب: إذا لم يصلح فعل كل واحد للقتل لم يجب القصاص ووجبت عليهم الدية. الجملة الثانية: التوجيه: أولا: توجيه عدم وجوب القصاص: وجه عدم وجوب القصاص على الجماعة بقتل الواحد إذا لم يصلح فعل كل واحد للقتل: أن فعل كل واحد لا يوجب القصاص لو انفرد فلا يوجبه مع غيره. ثانيا: توجيه وجوب الدية: وجه وجوب الدية إذا لم يجب القصاص: أنه قتل معصوم لا مانع من ضمانه فيجب ضمانه، وقد تعذر القصاص، لعدم تحقق شرطه وهو صلاحية الفعل للقتل فوجبت الدية. الشريحة الثانية: إذا لم يتحقق الشرط في فعل البعض: وفيها جملتان هما: 1 - إذا اختار الولي المال. 2 - إذا اختار الولي القصاص. الجملة الأولى: إذا اختار الولي المال: وفيها ما يلي: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه.

أولا: بيان ما يجب: إذا اختار الولي المال كان الواجب دية واحدة على الجميع. ثانيا: التوجيه: وفيه ما يلي: أ - توجيه عدم وجوب أكثر من دية. ب - بيان كيفية تحمل الدية. أ - توجيه عدم وجوب أكثر من دية: وجه عدم وجوب أكثر من دية بقتل الجماعة للواحد ما يأتي: 1 - أنه قتل واحد لنفس واحدة فلا يجب به أكثر من دية واحدة كالقتل من الواحد. 2 - أن القتل من الجماعة خطأ لا يجب به إلا دية واحدة فكذلك القتل منهم عمدا. 3 - أن الدية ضمان للمقتول وهو واحد، وليست فداء للقاتلين فلا تعدد بتعددهم. ب - بيان كيفية تحمل الدية. وفيه ما يلي: 1 - بيان كيفية التحمل. 2 - التوجيه. أولا: بيان كيفية الحمل: إذا اشترك في قتل الواحد أكثر من واحد وزعت الدية على عددهم بقطع النظر عن فعلهم، فلو وجد من أحدهم جرح واحد ومن الآخر عدد من الجروح كان على كل واحد منهم نصف الدية.

ثانيا: التوجيه: وجه توزيع الدية على القاتلين بالتساوي بقطع النظر عن عدد الإصابات: أن تأثير الإصابات لا ينضبط فقد تكون الإصابة الواحدة أشد تأثيرا من تأثير عدد من الإصابات. الجملة الثانية: إذا اختار الولي القصاص: وفيها ما يلي: 1 - ما يجب على من تحقق الشرط في فعله. 2 - ما يجب على من لم يتحقق الشرط في فعله. أولا: ما يجب على من تحقق الشرط في فعله: وفيه ما يلي: أ - بيان ما يجب. ب - التوجيه. أ - بيان ما يجب. إذا تحقق شرط القصاص في فعل بعصق القاتلين بأن صلح للقتل وجب القصاص عليه، سواء كان واحدا أم أكثر. ب - التوجيه: وجه وجوب القصاص على من تحقق الشرط في فعله: أن فعله يوجب القصاص منه لو انفرد فيوجبه مع غيره لعدم الفرق. ثانيا: ما يجب على من لم يتحقق شرط القصاص في فعله: وفيه ما يلي: أ - بيان ما يجب. ب - التوجيه.

أ - بيان ما يجب: إذا لم يتحقق شرط القصاص في فعل بعض القاتلين وجب على كل واحد منهم قسطه من الدية. ب - التوجيه: وفيه ما يلي: 1 - توجيه تقسيط الدية. 2 - بيان كيفية التقسيط. 1 - توجيه التقسيط: وجه تقسيط الدية ما تقدم في توجيه كون الواجب دية واحدة. 2 - بيان كيفية التقسيط: وفيه ما يأتي: أ - بيان كيفية التقسيط. ب - التوجيه. أ - بيان كيفية التقسيط: كيفية تقسيط الدية: أن تقسم الدية على عدد القاتلين من يجب عليهم القصاص ومن لا يجب عليهم وما يخص كل واحد هو قسطه من الدية. ب - التوجيه: وجه تقسيط الدية بالكيفية المذكورة: أن الواجب دية واحدة فلا يلزم كل واحد أكثر من قسطه منها. الفقرة الثالثة: ما يجب بقتل الجماعة للواحد عند من يشترط المكافأة في العدد: وفيها ثلاثة أشياء: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. 3 - الطريق لتعيين من يقتل.

الشيء الأول: بيان ما يجب: إذا اشترك الجماعة بقتل الواحد اقتص من أحدهم وأخذ من كل واحد من الباقين قسطه من الدية. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه الاقتصاص. 2 - توجيه أخذ الدية. النقطة الأولى: توجيه الاقتصاص: وجه الاقتصاص: أن فعل كل واحد يوجب القصاص إذا انفرد فيجب به القصاص مع غيره لعدم الفرق. النقطة الثانية: توجيه وجوب القسط من الدية على من لم يقتص منه: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه وجوب الدية. 2 - توجيه التقسيط. 3 - بيان كيفية التقسيط. الشيء الأول: توجيه وجوب الدية على من لم يقتص منه: وجه وجوب الدية على من لم يقتص منه: أن فعله موجب لأحد الأمرين: القصاص أو الدية - لو انفرد فوجب ذلك عليه مع غيره لعدم الفرق، فلما سقط القصاص عنه بالاقتصاص من شريكه وجبت عليه الدية، كالمشارك من لا يجب عليه القصاص. الشيء الثاني: توجيه تقسيط الدية: وجه تقسيط الدية: أن الواجب دية واحدة فلا يجب على الواحد أكثر من قسطه منها؛ لأنه لو وجب عليه أكثر من قسطه لكان الواجب أكثر من دية.

الشيء الثالث: بيان كيفية التقسيط: كيفية تقسيط الدية على القاتلين تقدمت فيما إذا لم يتحقق شرط القصاص فعل بعض القاتلين. الشيء الثالث: الطريق لتعيين من يقتل: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الطريق. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الطريق: تعيين من يقتل يرجع إلى ولي المقتول. النقطة الثانية: التوجيه: وجه الرجوع إلى ولي المقتول في تعيين من يقتل: أن القتل واجب على كل حد من القاتلين لا بعينه فيخير الولي في تعيينه كالواجب المخير. الجانب الرابع: ما لا تعتبر المكافأة فيه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - ضابطه. 2 - الأمثلة. 3 - التوجيه. الجزء الأول: ضابط ما لا تعتبر المكافأة فيه: الذي لا تعتبر المكافأة فيه هو التفاوت في الصفات. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما لا تعتبر المكافأة فيه من الصفات ما يأتي: 1 - الكبير والصغر، فيقتص للصغير من الكبير. 2 - المرض والصحة فيتقص للمريض من السليم.

3 - العقل والجنون، فيقتص للمجنون من العاقل. 4 - النقص والكمال، فيقتص لناقص الأعضاء من كاملها. 5 - الذكورة والأنوثة فيقتص للأنثى من الذكر كما تقدم. 6 - العلم والجهل فيقتص للجاهل من العالم. 7 - الشرف والفضل فيقتص للوضيع من الشريف وللمفضول من الفاضل. الجزء الثالث: التوجيه: وجه عدم اعتبار المكافأة في الصفات: عموم أدلة القصاص ومنها ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (¬1). 2 - قوله تعالى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (¬2). 3 - حديث: (ومن قتل له قتيل فأهل بين خيرتين إما أن يودى أو يقتل) (¬3). 4 - حديث: (العمد قود) (¬4). الجانب الخامس: وقت اعتبار المكافأة: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة تغير المكافأة. 2 - وقت اعتبارها. الجزء الأول: أمثلة تغير المكافأة: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة تغير المكافأة ما بين الفعل والإصابة. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [45]. (¬2) سورة الإسراء، الآية: [33]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1355. (¬4) سنن الدارقطني 3/ 194.

2 - أمثلة تغير المكافأة ما بين الإصابة والزهوق. الجزئية الأولى: أمثلة تغير المكافأة ما بين الفعل والإصابة: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة تغير المكافأة في الجاني. 2 - أمثلة تغير المكافأة في المجني عليه. الفقرة الأولى: أمثلة تغير المكافأة بين الفعل والإصابة في الجاني: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - أن يرمي الكافر مسلما ثم يسلم قبل وقوع السهم. 2 - أن يرمي المسلم كافرا ثم يرتد قبل وقوع السهم. 3 - أن يرمي عبد حرا ثم يعتق قبل وقوع السهم. 4 - أن يرمي مرتد مسلما ثم يتوب قبل وقوع السهم. الفقرة الثانية: أمثلة تغير المكافأة ما بين الفعل والإصابة في المجني عليه: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - أن يرمي مسلم كافرا ثم يسلم قبل الإصابة. 2 - أن يرمي المسلم مرتدا ثم يسلم قبل الإصابة. 3 - أن يرمي الحر رقيقا ثم يعتق قبل الإصابة. الجزئية الثانية: أمثلة تغير المكافأة ما بين الإصابة والزهوق: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة تغير المكافأة ما بين الإصابة والزهوق في الجاني. 2 - أمثلة تغير المكافأة ما بين الإصابة والزهوق في المجني عليه. الفقرة الأولى: أمثلة تغير المكافأة ما بين الإصابة والزهوق في الجاني: من أمثلة ذلك ما يأتي:

1 - أن يجرح مرتد مسلما ثم يسلم المرتد قبل أن يموت المجني عليه. 2 - أن يجرح كافرا مسلما ثم يسلم الكافر قبل أن يموت المجني عليه. 3 - أن يجرح رقيق حرا ثم يعتق قبل أن يموت المجني عليه. الفقرة الثانية: أمثلة تغير المكافأة ما بين الإصابة والزهوق في المجني عليه: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - أن يجرح المسلم كافرا ثم يسلم قبل أن يموت. 2 - أن يجرح المسلم مرتدا ثم يسلم قبل أن يموت. 3 - أن يجرح الحر رقيقا ثم يعتق قبل أن يموت. الجزء الثاني: وقت اعتبار المكافأة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: إذا تغيرت حال الجاني أو المجني عليه ما بين الفعل والزهوق أو ما بين الإصابة والزهوق فقد اختلف في وقت اعتبار المكافأة على خمسة أقوال: القول الأول: أنه من حين الفعل إلى الزهوق، فإن تغيرت المكافأة بين ذلك فلا قصاص، سواء طال زمن التغير أم قصر. القول الثاني: أنه حال صدور الفعل فلا أثر لتغيرها بعده. القول الثالث: أنه حال الفعل وحال الزهوق ولا أثر لزوالها بينهما، سواء طال زمن التغير أم قصر.

القول الرابع: أنه من حين صدور الفعل إلى الزهوق إلا أنه لا يؤثر زمن التغير اليسير القول الخامس: أنه وقت الزهوق، فإذا وجدت المكافأة عند الزهوق وجب القصاص ولو كانت معدومة قبله. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها خمس فقرات: الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وفيه ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه اعتبار المكافأة وقت صدور الفعل. 2 - توجيه سقوط القصاص بزوال المكافأة بعد الفعل. 3 - توجيه عدم وجوب القصاص إذا عادت المكافأة قبل الزهوق. الشيء الأول: توجيه اعتبار المكافأة وقت صدور الفعل: وجه اعتبار المكافأة وقت صدور الفعل: بأنه إذا كان الفعل غير موجب للقصاص وقت صدوره لوصف في المحل لم يوجبه بعد صدوره، لعدم إمكان التحكم فيه، كالملقى من غير اختياره على القتيل. الشيء الثاني: توجيه سقوط القصاص بزوال المكافأة بعد الفعل: وجه سقوط القصاص بزوال المكافأة بعد الفعل وقبل الزهوق: بأن أثر الفعل وجد في حال لو وجد الفعل فيها لم يجب فيه قصاص فلا يكون الأثر فيها موجبا له كذلك. الشيء الثالث: توجيه عدم وجوب القصاص إذا عادت المكافأة قبل الزهوق: وجه عدم وجوب القصاص بعود المكافأة قبل الزهوق: بأن أثر الفعل وجد في حال ضمان وغيرها فلا يجب به قصاص كالجرحين في حال ضمان وغيره وكالجرحين عمد وخطأ.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن المعتبر وجود المكافأة وقت الفعل: بأن الضمان بفعل الجاني , ولا فعل له بعد صدور الفعل منه فوجب اعتبار المكافأة وعدمها مجال صدور الفعل، كما في الصيد فإنه لو ارتد الرامي بعد إرسال السهم إلى الصيد وقبل الإصابة لم يحرم، وإن أرسل السهم وهو مرتد لم يحل ولو أسلم قبل الإصابة، فكذلك لا يؤثر في حكم الفعل من حيث وجوب القصاص وعدمه تغير حال المحل بعد صدوره. الفقرة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن العبرة بوجود المكافأة حال صدور الفعل وحال الزهوق، ولو تغيرت الحال بينهما: بأنها إذا وجدت المكافأة عند صدور الفعل، وعند الزهوق، فقد وجد سبب الوجوب زمن انعقاد الفعل وزمن استقراره وهو المكافأة فانعقد الفعل موجبا واستقر موجبا، فوجب أن يرتب عليه حكمه، وهو وجوب القصاص، دون نظر إلى تغير حال المجني عليه بينهما؛ لأن تأثير الفعل في هذه الحال مشكوك فيه فلا يترك السبب المعلوم لمانع مشكوك فيه. الفقرة الرابعة: توجيه القول الرابع: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - توجيه الاستثناء. الشيء الأول: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط وجود المكافأة من صدور الفعل إلى الزهوق بما وجه به في توجيه القول الأول.

الشيء الثاني: توجيه استثناء الزوال اليسير: وجه استثناء الزوال اليسير للمكافأة: بأن الزمن اليسير لا يظهر للسراية أثر فيه فلا يسقط به القصاص. الفقرة الخامسة: توجيه القول الخامس: وجه القول بأن العبرة وجود المكافأة حال الزهوق: بأن أثر الفعل لا يبين إلا عند الموت؛ إذ لا يحكم بكونه نفسا أو جرحاً فقط إلا بالموت بالسراية أو بالبرء فتعتبر حالة الموت. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول باعتبار المكافأة من صدور الفعل إلى الزهوق. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باعتبار المكافأة من صدور الفعل إلى الزهوق ما يأتي: 1 - أن تغير حال المجني عليه شبهة صالحة لأن يدرأ القصاص بها. 2 - أن درء القصاص بتغير حال المجني عليه أحوط لصيانة دم الجاني والاحتياط أولى من الإهدار؛ لأنه قد يكون معذورا. 3 - أن إسقاط القصاص ليس إهدارا للدم بل هو نزول إلى المال. 4 - أن في عدم القصاص تأليفا بين الأسرتين وهو أولى من شحذ الضغائن والأحقاد بينهما.

الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها أربعة أشياء هي: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. 3 - الجواب عن وجهة القول الرابع. 4 - الجواب عن وجهة القول الخامس. الشيء الأول: الجواب عن وجهة القول الثاني: أجيب عن وجهة هذا القول من وجهين: الوجه الأول: أن قياس تغير حال المجني عليه على تغير حال الرامي للصيد غير صحيح؛ لأن التغيير في مسألة الصيد في الرامي فلا يؤثر، مثل ما لو رماه وهما ذميان فأسلم الرامي قبل وقوع السهم بالمرمي ثم وقع به فقتله، ومحل الخلاف في تغير حال مورد الفعل وهو المجني عليه، فنظيره لو رمى مسلم غزالا وقبل وقوع السهم به قلبه الله كلبا، ففي هذه الحالة لا يؤكل، فكذلك إذا ارتد المسلم بعد الرمي وقبل الإصابة؛ لوقوع السهم به وهو غير مكافئ. الوجه الثاني: أنه يلزم عليه الاقتصاص من المسلم بالمرتد فيما لو رمى مسلم مثله فارتد المرمي بعد الرمي وقبل الإصابة؛ لأنه عمد عدوان، وهذا اللازم غير صحيح فيكون اعتبار المكافأة حال صدور الفعل فقط غير صحيح. الشيء الثاني: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن تأثير الفعل وسريانه زمن الإهدار وإن كان مشكوكا فيه فإن احتمال تأثيره وسريانه شبهة يدرأ بها القصاص؛ لأن القصاص يدرأ بالشبهات. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول الرابع: يجاب عن استثناء أهل القول الرابع للزمن اليسير: بأن احتمال التأثير قائم ولو كان الزمن يسيرا وذلك شبهة يدرأ بها القصاص كما تقدم.

الشيء الرابع: الجواب عن وجهة القول الخامس: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن حكم الفعل يثبت عند وجوده لكنه ثبوت مراعا، فإذا حصل الموت تبين أنه قتل من حين وقوعه، وليس الحكم بكونه قتلا أو غير قتل يحدث عند الموت فاعتبرت حالة الفعل أيضًا. الفرع الثالث: في الشروط المعتبرة في القتل: وفيه أربعة أمور هي: 1 - كونه عمدا. 2 - كونه عدوانا. 3 - كونه بدار الإِسلام. 4 - عدم الاشتراك فيه ممن لا يجب القصاص عليه. الأمر الأول: كون القتل عمدا: وفيه جانبان هما: 1 - ضابط القتل العمد. 2 - دليل اعتباره لوجوب القصاص. الجانب الأول: ضابط القتل العمد: ضابط القتل العمد تقدم في أنواع القتل. الجانب الثاني: دليل اعتبار العمد شرطا لوجوب القصاص: دليل ذلك: هي أدلة وجوب القصاص وتقدمت في موضعها. الأمر الثاني: كون القتل عدوانا: وفيه جانبان هما: 1 - ضابط القتل العدوان. 2 - اعتبار العدوان شرطا لوجوب القصاص.

الجانب الأول: ضابط القتل العدوان: القتل العداون ما كان بغير حق ولا عذر. الجانب الثاني: توجيه اعتبار العدوان في القتل شرطا لوجوب القصاص: وجه اعتبار العدوان في القتل شرطا لوجوب القصاص: أن القصاص للردع والزجر عن القتل محافظة على الحياة، والقتل من غير عدوان لا يحتاج إلى رادع؛ لأنه إما بحق أو بعذر. الأمر الثالث: كون القتل في دار الإِسلام: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في اشتراط كون القتل في دار الإِسلام للقصاص على قولين: القول الأول: أنه يشترط فلا يجب القصاص بالقتل في غير دار الإِسلام. القول الثاني: أنه لا يشترط فيجب القصاص ولو كان القتل في غير دار الإسلام. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول باشتراط كون القتل في دار الإِسلام لوجوب القصاص بما يأتي:

1 - قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها لم تذكر لقتل المؤمن في دار الحرب جزاء غير الكفارة، ولو كان يجب غير الكفارة لذكر، وذلك دليل على عدم وجوب القصاص. 2 - ما ورد أن أسامة بن زيد قتل مسلما بدار الحرب بعد ما قال: لا إله إلا الله. فلامه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتله، ولم يوجب عليه شيئًا (¬2). وهذا يدل على أن المسلم في دار الحرب غير مضمون. 3 - أن مشروعية القصاص للمحافظة على الحياة والحاجة إلى ذلك عند قصد القتل للعداوة، ولا يكون ذلك إلا عند المخالطة، وهي لا توجد بين من في دار الإِسلام ومن في دار الحرب. 4 - أن استيفاء القصاص متعذر، لانعدام المنعة فيها. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب القصاص بالقتل بدار الحرب بما يأتي: 1 - عموم أدلة القصاص فإنها لم تفرق بين القتل بدار الإِسلام ودار الحرب، ومن ذلك ما يأتي: أ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬3). ب - حديث: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى أو يقتل) (¬4). ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [92]. (¬2) صحيح البخاري، باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} 6872. (¬3) سورة البقرة، الآية: (178). (¬4) صحيح البخاري، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين/ 6880.

الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب القصاص. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص بالقتل في دار الحرب ما يأتي: 1 - أن أدلته: أقوى وأظهر. 2 - أن عدم وجوب القصاص بالقتل في دار الحرب يؤدي إلى إبطال حكمة القصاص بالتحايل على من يراد قتله بإدخاله في دار الحرب وقتله فيها، أو انتهاز فرصة وجوده في دار الحرب وقتله فيها. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - الجوب عن الاستدلال بالآية. 2 - الجواب عن الاستدلال بقصة أسامة. 3 - الجواب عن الاستدلال بأن الحاجة إلى الردع حين المخالطة. 4 - الجواب عن الاحتجاج بتعذر استيفاء القصاص بدار الحرب. الجزئية الأولى: الجواب عن الاستدلال بالآتي: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن عدم وجوب القصاص. 2 - الجواب عن عدم وجوب الدية.

الفقرة الأولى: الجواب عن عدم وجوب القصاص: أجيب عن ذلك بأنها في القتل الخطأ، والقتل الخطأ لا قصاص فيه. الفقرة الثانية: الجواب عن عدم وجوب الدية: أجيب عن ذلك: بأن الأولياء كفار محاريون فلا تدفع إليهم الدية حتى لا يتقووا بها على المسلمين. الجزئية الثانية: الجواب عن الاحتجاج بقصة أسامة: أجيب عن ذلك بما يأتي: 1 - ما أجيب به عن عدم الدية في الآية. 2 - أن أسامة كان معذورا، وذلك من وجهين: الوجه الأول: أن أصل القتل كان مأذونا فيه، والإذن ينافي الضمان. الوجه الثاني: أنه كان متأولا لقوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} (¬1). الجزئية الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بأن الحاجة إلى الردع حين المخالطة: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه يلزم عليه عدم وجوب القصاص في دار الإِسلام إذا حصل القتل العمد العدوان مع تباعد البلدين؛ لعدم المخالطة وهذا باطل. الجواب الثاني: أنه يلزم عليه وجوب القصاص بين الأسيرين والتاجرين إذا قتل أحدهما الآخر في دار الحرب عمدا عدوان؛ لوجود المخالطة، وهو لا يجوز على هذا القول. ¬

_ (¬1) سورة غافر، الآية: [85].

الجزئية الرابعة: الجواب عن الاحتجاج بتعذر القصاص لعدم المنعة: أجيب عن ذلك: بأن تعذر الاستيفاء بدار الحرب لا يمنع من الوجوب وتعلق الحق في الذمة والمطالبة به حين امكان الاستيفاء، كما أن تصرف المفلس في مذته لا يمنع وجوب الحق عليه مع تعذر الوفاء حين الإفلاس. الأمر الرابع: انتفاء المشاركة في القتل: وفيه جانبان هما: 1 - معنى المشاركة في القتل. 2 - أثر المشاركة في القتل على وجوب القصاص. الجانب الأول: معنى المشاركة في القتل: المشاركة في القتل: أن يقع القتل من أكثر من واحد. الجانب الثاني: أثر المشاركة في القتل على وجوب القصاص: وفيه جزءان هما: 1 - أثر المشاركة إذا كان القصاص يجب على جميع المشاركين. 2 - أثر المشاركة إذا كان وجوب القصاص على بعض المشاركين. الجزء الأول: أثر المشاركة في القتل على وجوب القصاص إذا كان يجب القصاص على جميع المشاركين: الاشتراك في القتل ممن يجب على جميعهم القصاص تقدم في قتل الجماعة بالواحد في بحث المكافأة في شروط القصاص. الجزء الثاني: أثر المشاركة في القتل على وجوب القصاص إذا كان وجوب القصاص على بعض المشاركين: وقد تقدم ذلك في الشروط المعتبرة في الجاني.

الفرع السابع: ما يسقط به القصاص: وفيه خمسة أمور هي: 1 - فوات محل القصاص. 2 - جنون القاتل بعد القتل. 3 - إرث القاتل للقصاص. 4 - العفو عن القصاص. 5 - الصلح عن القصاص. الأمر الأول: فوات محل القصاص: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - بيان محل القصاص. 2 - بيان ما يفوت به. 3 - توجيهه. 4 - وجوب المال به. الجانب الأول: بيان محل القصاص: محل القصاص نفس الجاني إذا كانت الجناية قتلا، وطرفه إن كانت الجناية قطعا. الجانب الثاني: ما يفوت به محل القصاص: إن كانت الجناية قتلا كان الفوات بموت الجاني سواء كان موته بالقتل أم بغيره، وإن كانت الجناية قطعا كان الفوات أن يزول من الجاني مثل ذلك العضو الذي قطعه من المجني عليه. الجانب الثالث: التوجيه: وجه فوات القصاص بفوات محله: أنه إذا انعدم المحل تعذر القصاص. الجانب الرابع: وجوب الدية: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه.

3 - الترجيح. 4 - منشأ الخلاف. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في وجوب الدية بفوات محل القصاص على قولين: القول الأول: أنها تجب. القول الثاني: أنها لا تجب. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الدية إذا فات محل القصاص بما يلي: 1 - أن الواجب بالعمد أحد أمرين هما: أ - القصاص. ب - الدية. فإذا تعذر القصاص بفوات محله تعينت الدية. 2 - أنه كان لولي المجني عليه أن يعدل إلى المال مع بقاء محل القصاص لما تقدم، فإذا تعذر القصاص كان له ذلك من باب أولى. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الدية بفوات محل القصاص: بأن الواجب بالجناية عمدا هو القصاص والدية بدل عنه فلا تجب إلا برضا الجاني، فإذا مات تعذر رضاه فلم تجب. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح.

3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالوجوب. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الدية بفوات محل القصاص: أن الخلاف في وجوبها مبني على الخلاف في صفة وجوب القصاص وقد تقدم أن الراجح وجوب القصاص على التخيير بينه وبين الدية فإذا تعذر القصاص تعينت الدية. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك بأنه مبني على قول مرجوح فيكون مرجوحا. الجزء الرابع: منشأ الخلاف: منشأ الخلاف في وجوب الدية هو الخلاف في صفة وجوب القصاص، فمن قال: إن القصاص واجب عينا والدية بدل عنه قال: إن الدية لا تجب بفوات محل القصاص، ومن قال: إن القصاص واجب على التخيير بينه وبين الدية قال: إنه إذا فات محل القصاص وجبت الدية. الأمر الثاني: سقوط القصاص بجنون الجاني: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - محل البحث. 2 - سقوط القصاص بالجنون. 3 - حال الاقتصاص من المجنون. 4 - وجوب الدية بسقوط القصاص بالجنون. الجانب الأول: محل البحث: وفيه جزءان هما:

1 - بيان محل البحث. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان محل البحث: محل البحث سقوط القصاص بالجنون إذا كان الجنون بعد القتل، أما إذا كان القتل حال الجنون فإن القصاص لم يجب فلا يوصف بالسقوط. الجزء الثاني: التوجيه: وجه حصر البحث في سقوط القصاص بالجنون فيما إذا كان الجنون بعد القتل أنه إذا كان القتل حال الجنون لم يجب القصاص فلا يوصف بالسقوط لما تقدم. الجانب الثاني: سقوط القصاص: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في سقوط القصاص بالجنون على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا يسقط سواء كان الجنون قبل الحكم بثبوت القصاص أم لا، وسواء رجيت الإفاقة أم لا. القول الثاني: أنه يسقط إن كان الجنون قبل الحكم ولا يسقط بعده. القول الثالث: أنه يسقط إن كانت ترجى الإفاقة وإلا لم يسقط. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

3 - توجيه القول الثالث. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم سقوط القصاص بالجنون بعد القتل بما يلي: 1 - أن القصاص تعلق في الذمة في الصحة فلا يسقط بالجنون بعده كالبيع وسائر العقود. 2 - أن إسقاط القصاص بالجنون بعد القتل يؤدي إلى إسقاط الحكمة من القصاص بادعاء الجنون بعد القتل، والوسيلة لها حكم الغاية فلا يسقط. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه السقوط قبل الحكم. 2 - توجيه عدم السقوط بعد الحكم. الفقرة الأولى: توجيه السقوط قبل الحكم: وجه سقوط القصاص بالجنون بعد القتل إذا كان الجنون قبل الحكم بوجوب القصاص: أنه إذا كان الجنون قبل الحكم لم يكن الجنون محلا لإثباته عليه؛ لأنه حكم تكليفي والمجنون ليس من أهل التكليف. الفقرة الثانية: توجيه عدم السقوط إذا كان الجنون بعد الحكم: وجه عدم سقوط القصاص عن المجنون إذا كان الجنون بعد الحكم أنه ثبت عليه القصاص بالحكم فلا يسقط كسائر الحقوق. الجزئية الثالثة: توجيه القول الثالث: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه السقوط حين اليأس. 2 - توجيه عدم السقوط حين عدم اليأس.

الفقرة الأولى: توجيه السقوط حين اليأس: وجه سقوط القصاص بالجنون بعد القتل في حال اليأس من الإفاقة: أنه يتعذر القصاص حال الإفاقة وهو شرط فيسقط. الفقرة الثانية: توجيه عدم سقوط القصاص بالجنون بعد القتل حين رجاء الإفاقة: أنه يمكن تنفيذ القصاص في حال الإفاقة فلا يسقط. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم السقوط مطلقا. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم سقوط القصاص بالجنون بعد القتل مطلقا أن أدلته أقوى وأظهر. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الفقرة الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: أجيب عن وجهة هذا القول بما يأتي: 1 - أن الوجوب بالقتل وليس بالحكم، والقاتل حين القتل أهل فيتوجه الوجوب عليه.

2 - أن الحكم وصف كاشف للوجوب وليس مؤسسا له، وإذا لم يكن الحكم مؤسسا للوجوب لم يتوقف الوجوب عليه، وإذا كان القصاص واجبا قبل الحكم لم يسقط بالجنون قبله. الفقرة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن وجهة هذا القول: بأنه مبني على كون القصاص في حال الإفاقة، وذلك ليس بقيد على القول بعدم السقوط فيقتص من المجنون ولو في جنونه. الجانب الثالث: حال الاقتصاص من المجنون: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في الاقتصاص من المجنون حال جنونه على قولين: القول الأول: أنه يقتص منه. القول الثاني: أنه لا يقتص منه فتنتظر إفاقته، فإن أيس منها سقط عنه القصاص. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بتنفيذ القصاص من المجنون حال جنونه: بأنه حق تعلق بذمته فيستوفى منه حال جنونه كقضاء ديونه.

الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الاقتصاص من المجنون حال جنونه بأن القصاص حكم تكليفي والمجنون ليس من أهل التكليف، فلا يقتص منه حال الجنون. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هوالقول بالاقتصاص. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح الاقتصاص من المجنون حال جنونه أنه أقوى دليلا. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة القول بعدم الاقتصاص من المجنون: بأن الخطاب بتنفيذ القصاص من المجنون موجه إلى وليه كقضاء ديونه، والولي مكلف فيصح توجيه الخطاب إليه، ولا يتوقف على إفاقة المجنون. الجانب الرابع: وجوب الدية بسقوط القصاص عن المجنون: وفيه جزءان هما: 1 - وجوب الدية. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الوجوب: إذا سقط القصاص عن المجنون وجبت الدية. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما:

1 - توجيه الوجوب على القول بأن الواجب أحد أمرين. 2 - توجيه الوجوب على القول بأن الواجب القصاص عينا. الجزئية الأولى: توجيه وجوب الدية بسقوط القصاص على القول بأن الواجب أحد أمرين: وجه ذلك: أن الواجب المخير بين أمرين إذا تعذر أحدهما تعين الآخر، كالعتق والصيام في الكفارة، والواجب بقتل العمد القود أو المال، فإذا سقط القود تعين المال. الجزئية الثانية: توجيه وجوب الدية على القول بأن الواجب بقتل العمد القود عينا: وجه ذلك: أن سقوط القصاص عن المجنون عند أهل هذا القول عدم الحكم به لسبق الجنون للحكم، فلا يكون هو الواجب، وإذا لم يجب القصاص تعين المال كالقتل الخطأ. الأمر الثالث: إرث القاتل للقصاص أو بعضه: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - سقوط القصاص. الجانب الأول: الأمثلة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - أمثلة إرث القاتل لجميع القصاص. 2 - أمثلة إرث القاتل بعض القصاص. 3 - أمثلة إرث القصاص من لا يقتص له من الجاني.

الجزء الأول: أمثلة إرث القاتل لجميع القصاص: من أمثلة إرث الجاني لجميع القصاص: أن يقتل أحد الأخوين أباهما ثم يموت الذي لم يقتل ولا يخلف وارثا غير أخيه القاتل. وبيان ذلك: أنه لما قتل أحد الأخوين أباهما استحق القصاص له الذي لم يقتله على أخيه، فلما مات مستحق القصاص ولم يخلف وارثا غير أخيه انتقل القصاص بالإرث منه إلى أخيه فاستحق القاتل دم نفسه بالإرث. الجزء الثاني: إرث الجاني بعض القصاص: من أمثلة إرث الجاني لبعض القصاص ما يأتي: 1 - أن يقتل أحد الأخوين أمهما وهي في عصمة أبيهما ثم يقتل الآخر أباهما. وبيان ذلك: أنه لما قتل الأول الأم استحق القصاص لها منه الآخر والأب، فلما قتل الثاني الأب ورث قاتل الأم نصيب الأب من قصاصها فانتقل إليه بعض القصاص بالإرث فاستحق بعض دم نفسه. 2 - أن يقتل أحد الأخوين أباهما، ثم يموت الذي لم يقتل عن بنته وأخيه القاتل. وبيان ذلك: أنه لما قتل الأب استحق القصاص له الذي لم يقتل، فلما مات ولم يخلف غير بنته وأخيه انتقل القصاص منه إلى ابنته وأخيه نصفين فاستحق القاتل بعض دم نفسه. الجزء الثالث: أمثلة ما إذا ورث القصاص من لا يقتص له من القاتل: من أمثلة ذلك: أن يقتل شخص أخا زوجته وله منها ولد وليس للقتيل وارث غير أخته زوجة القاتل، ثم تموت الزوجة بعد أن أبانها الزوج.

وبيان ذلك: أنه لما قتل الزوج أخا زوجته وليس له وارث غيرها استحقت القصاص له على زوجها، فلما ماتت وقد أبانها الزوج ورثها ابنها الذي هو ابن القاتل، فانتقل إليه القصاص الذي على أبيه بالإرث من أمه، والأب لا يقتص منه لولده. الجانب الثاني: سقوط القصاص: وفيه جزءان هما: 1 - السقوط. 2 - التوجيه. الجزء الأول: السقوط: إذا ورث القاتل القصاص أو بعضه أو ورثه من لا يقتص له من القاتل سقط القصاص. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - توجيه سقوط القصاص بإرثه كله. 2 - توجيه سقوط القصاص بإرث بعضه. 3 - توجيه سقوط القصاص إذا ورثه من لا يقتص له من القاتل. الجزئية الأولى: توجيه سقوط القصاص بإرثه كله: وجه سقوط القصاص بإرثه كله: أن الجاني صار هو مستحق القصاص من نفسه، فلا يقتص له منها؛ لأن الشخص لا يقتص له من نفسه. الجزئية الثانية: توجيه سقوط القصاص بإرث بعضه: وجه سقوط القصاص بإرث بعضه: أن القصاص لا يتجزأ، فإذا ورث الجاني بعضه امتنع الاقتصاص من ذلك الجزء؛ لأنه لا يقتص للشخص من

نفسه، وإذا امتنع القصاص من الجزء امتنع الكل كما لو عفى بعض الورثة؛ لأن القصاص لا يتجزأ كما تقدم. الجزئية الثالثة: توجيه سقوط القصاص إذا ورثه من لا يقتص له من الجاني: وجه ذلك: أنه إذا لم يقتص من الجاني لمستحقه بجناية الجاني عليه هو لم يقتص منه بجناية الجاني على مورثه من باب أولى. الأمر الرابع: العفو عن القصاص: وفيه ثمانية جوانب هي: 1 - معنى العفو. 2 - حكم العفو. 3 - شروط العفو. 4 - من يملك العفو. 5 - عفو بعض الأولياء. 6 - أثر العفو. 7 - العفو عن بعض القاتلين. 8 - القتل بعد العفو. الجانب الأول: معنى العفو: وفيه جزءان هما: 1 - معنى العفو في اللغة. 2 - العفو في الاصطلاح. الجزء الأول: معنى العفو في اللغة: العفو في اللغة يطلق على معاني منها: أ - المحو والتجاوز، ومنه ما يأتي: 1 - (عفى الله عنك) أي محى ذنويك وتجاوز عنها. 2 - العفو عن الزلة، أي: التجاوز عنها ومحو أثرها. 3 - العفو عن الحق، أي محوه والتجاوز عنه. 4 - عفو الديار، أي انطماسها وامحاء معالمها.

ب - الزائد عن الحاجة ومنه: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (¬1). الجزء الثاني: العفو في الاصطلاح: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المعنى. 2 - الاشتقاق. الجزئية الأولى: بيان المعنى: العفو في الاصطلاح: المحو والتجاوز عن أثر الجناية أو بعضه. الجزئية الثانية: الاشتقاق: اشتقاق العفو الاصطلاحي من المحو؛ لأن العافي يمحو أثر الجناية عن الجاني. الجانب الثاني: حكم العفو: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. 3 - حكمة العفو. الجزء الأول: بيان الحكم: العفو عن القصاص مستحب وهو أفضل من تنفيذه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه استحباب العفو عن القصاص بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (¬2). 2 - قوله تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [219]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬3) سورة المائدة، الآية: [45].

3 - عموم قوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (¬1). وقوله تعالى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (¬2). وقوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (¬3). 4 - حديث: (وما عفى رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا) (¬4). 5 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو (¬5). الجزء الثالث: حكمة العفو: من حكم العفو عن القصاص ما يأتي: 1 - إزالة الأحقاد والأضغان بين أولياء القاتل وأولياء المقتول. 2 - تقوية الروابط بين الأسرتين. 3 - تقوية الروابط بين المجتمع؛ لأنه مكون من الأسر، فإذا حصل الترابط بينها كان المجتمع كذلك. الجانب الثالث: شروط العفو: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - شروط العافي. 2 - شروط المعفو عنه. 3 - شروط الصيغة. 4 - شروط القتل. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [237]. (¬2) سورة آل عمران، الآية: [134]. (¬3) سورة الشورى، الآية: [40]. (¬4) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب استحباب العفو / 2588. (¬5) سنن أبي داود، باب الإِمام يأمر بالعفو/ 4496.

الجزء الأول: شروط العافي: وفيه جزئيتان هما: 1 - التكليف. 2 - ملك العافي للعفو. الجزئية الأولى: التكليف: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - شروط التكليف. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - ما يخرج بشرط التكليف. الفقرة الأولى: شروط التكليف: يشترط للتكليف شرطان هما: أ - البلوغ. ب - العقل. الفقرة الثانية: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط التكليف لصحة العفو عن القصاص: أن العفو إسقاط للحق وتفويت له، فلا يصح من غير المكلف كالطلاق، والعتاق، وسائر التصرفات. الفقرة الثالثة: ما يخرج بشرط التكليف: وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان ما يخرج: يخرج بشرط التكليف: الصبي وفاقد العقل. فلا يصح العفو عن القصاص منهما. الشيء الثاني: التوجيه: وجه خروج الصبي وفاقد العقل ممن يصح العفو منه ما تقدم في توجيه الاشتراط.

الجزئية الثانية: ملك العافي للعفو: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان المراد بملك العفو. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - ما يخرج بالشرط. الفقرة الأولى: بيان المراد بملك العافي للعفو: المراد بملك العافي للعفو: أن يكون من أولياء المقتول الذين يصح عفوهم. الفقرة الثانية: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط ملك العافي عن القصاص للعفو عنه: أن العفو إسقاط للحق ومن لا يملكه لا يملك إسقاطه فلا يصح منه. الفقرة الثالثة: ما يخرج: وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الشيء الأول: بيان ما يخرج: يخرج بشرط ملك العافي عن القصاص للعفو عنه الأجنبي فلا يصح عفوه عنه. الشيء الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج الأجنبي ممن يصح عفوه عن القصاص: ما تقدم في أصل الاشتراط. الجزء الثاني: شروط المعفو عنه: وفيه جزئيتان هما: 1 - ألا يكون قاطع طريق. 2 - ألا يكون قاتل غيلة.

الجزئية الأولى: كون القتل بغير قطع الطريق: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا تاب القاتل قبل القدرة عليه. 2 - إذا قدر عليه قبل أن يتوب. الفقرة الأولى: إذا تاب قبل القدرة عليه: وفيها شيئان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الشيء الأول: الاشتراط: إذا تاب القاتل بقطع الطريق قبل القدرة عليه صح العفو عنه، وسقط اشتراط عدم القتل بقطع الطريق لصحة العفو عنه. الشيء الثاني: التوجيه: وجه سقوط اشتراط عدم القتل بقطع الطريق عمن قتل بقطع الطريق إذا تاب قبل القدرة عليه: أن الاشتراط لتحتم القتل وتحتم القتل وعدم صحة العفو حال الاتصاف بقطع الطريق فإذا تاب قبل القدرة عليه زال عنه هذا الوصف وصار كمن قتل بغير قطع الطريق، فصح العفو عنه. الفقرة الثانية: إذا لم يتب قبل القدرة عليه: وفيها شيئان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الشيء الأول: الاشتراط: إذا لم يتب من قتل بقطع الطريق قبل القدرة عليه لم يصح العفو عنه، ولم يسقط عنه اشتراط عدم القتل بقطع الطريق.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم سقوط اشتراط عدم القتل بقطع الطريق إذا لم يتب القاتل بقطع الطريق قبل القدرة عليه: أن قتله متحتم؛ لأنه حق لله فلا يسقط بالعفو عنه، كعفو المزني بها عن الزاني، وكعفو المسروق منه عن السارق. الجزئية الثانية: كون القتل غير غيلة: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - معنى قتل الغيلة. 2 - أمثلته. 3 - شرط انتفاء قتل الغيلة لصحة العفو. الفقرة الأولى: معنى قتل الغيلة: قتل الغيلة: الاحتيال على الشخص ومخادعته حتى يتمكن منه فيقتل. الفقرة الثانية: الأمثلة: من أمثلة قتل الغيلة ما يأتي: 1 - أن يدعى الشخص لغداء ونحوه فإذا دخل المنزل واطمأن غدر به وقتل. 2 - أن يدعي الشخص لمشاركة في نزهة، فإذا تمكن منه قتل. 3 - أن يخرج مشتري السيارة بصاحبها بدعوى أنه سيفحصها فإذا تمكن منه قتله. 4 - أن يطلب من الشخص الاسعاف لمنقطع في الصحراء فإذا تمكن منه قتل. الفقرة الثالثة: شرط انتفاء قتل الغيلة لصحة العفو: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 3 - الترجيح. 2 - التوجيه.

الشيء الأول: الخلاف: اختلف في شرط انتفاء القتل غيلة لصحة العفو على قولين: القول الأول: أنه يشترط فإذا كان القتل غيلة لم يقبل عفو أولياء الدم. القول الثاني: أنه لا يشترط فإذا عفا أولياء الدم عن قاتل لغيله قبل عفوهم. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم صحة عفو أولياء الدم عن القاتل غيلة بما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قتل سبعة من أهل صنعاء بغلام، وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به. والاستدلال به من أربعة وجوه: الوجه الأول: أنه لم يرد أن أولياء الدم طالبوا بالقتل. الوجه الثاني: أنه لم يرد أن عمر - رضي الله عنه - سأل أولياء الدم عن القتل. الوجه الثالث: أن عمر - رضي الله عنه - جعل القتل إليه بقوله: لقتلتهم. ولم يجعله إلى الأولياء. الوجه الرابع: أنه لم ينكر على عمر قوله ولا فعله فيكون إجماعا. 2 - أن قتل الغيلة من الإفساد في الأرض فتكلون عقوبته إلى الإِمام كالحرابة. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بصحة عفو أولياء الدم عن القاتل غيلة بما يأتي:

1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (¬1). إلى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}. ووجه الاستدلال بالآية: أنها مطلقة فيدخل فيها قاتل الغيلة. 2 - قوله تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها جعلت السلطان على القاتل لولي المقتول وهي عامة فيدخل فيها ولي المقتول غيلة. 3 - (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يودى أو يقاد) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنه جعل الخيار بين القود والدية لولي القتيل وهو عام فيدخل فيه ولي المقتول غيلة. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم صحة العفو، وأن قتل القاتل غيلة إلى الإِمام فله أن يقتل القاتل غيلة ولو عفا عنه الأولياء. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) سورة الإسراء، الآية: [33]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1355.

النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم صحة عفو الأولياء عن القاتل غيلة: أنه أردع للمفسدين وأكثر تحقيقا للأمن. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عنها بأن قتل الغيلة خارج من عمومها بفعل الصحابة وبالقياس على المحاربين. الجزء الثالث: شروط الصيغة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - ضابط صيغة العفو عن القصاص. 2 - أمثلة الصيغة. 3 - التوجيه. الجزئية الأولى: ضابط الصيغة: ضابط صيغة العفو عن القصاص: أن تكون صريحة في العفو. الجزئية الثانية: الأمثلة: من أمثلة صيغة العفو عن القصاص ما يأتي: 1 - عفوت عن القصاص. 2 - تنازلت عن القصاص. 3 - لا أريد القصاص. 4 - لن نطالب بالقصاص. 5 - تصدقت بالقصاص من الجاني. 6 - أسقطت القصاص. الجزئية الثالثة: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه كون الصيغة صريحة في العفو. 2 - توجيه عدم التقيد بلفظ معين.

الفقرة الأولى: توجيه اشتراط كون الصيغة صريحة في العفو: وجه اشتراط كون الصيغة صريحة في العفو ما يأتي: 1 - أن الأصل عدم العفو فإذا لم تكن الصيغة صريحة لم تنهض لرفعه. 2 - أن الاحتمال في الصيغة يوقع في الخلاف والنزاع والخصام. الفقرة الثانية: توجيه عدم التقيد بلفظ معين: وجه عدم تقييد صيغة العفو عن القصاص بلفظ معين ما يأتي: 1 - أن التحديد يحتاج إلى دليل، ولم يرد لصيغة العفو عن القصاص تحديد في الشرع فلا تحدد إلا بدليل. 2 - أن المقصود المعنى فيصح بكل ما يدل عليه؛ كالبيع. الجزء الرابع: شروط القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الشرط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الشروط: من شروط القتل لصحة العفو عن القصاص ما يأتي: 1 - ألا يكون القتل في حرابة. 2 - ألا يكون القتل غيلة. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه الشرط الأول. 2 - توجيه الشرط الثاني. الفقرة الأولى: توجيه الشرط الأول: وجه اشتراط عدم كون القتل في الحرابة لصحة العفو عن القصاص: أن عقوبة القتل في الحرابة حد، والحدود لا يصح العفو عنها.

الفقرة الثانية: توجيه الشرط الثاني: وجه اشتراط عدم كون القتل غيلة لصحة العفو عن القصاص ما يأتي: 1 - أن عدم صحة العفو عن القاتل غيلة أردع للمفسدين، وأكثر تحقيقا للأمن وحفظا للدماء. 2 - أن العفو عن القاتل غيلة يجرئ المفسدين على القتل بها ويفتح المجال لسفك الدماء ويكثر الفساد والإفساد. الجانب الرابع: من يملك العفو: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - بيان من يملك العفو من الأولياء. 2 - عفو ولي المحجور عليه. 3 - عفو السلطان. 4 - عفو المجني عليه. الجزء الأول: من يملك العفو عن القصاص من الأولياء: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان من يملك العفو. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان من يملك العفو: الذي يملك العفو عن القصاص من الأولياء هم الورثة خاصة سواء كانوا ذكررا أو إناثا، أم ذكورا وإناثا، صغارا كانوا أم كبارا، وسواء كان إرثهم بالنسب أم بالسبب. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - توجيه تخصيص العفو بالورثة. 2 - توجيه ملك النساء للعفو. 3 - توجيه ملك الوارثين بالسبب للعفو.

الفقرة الأولى: توجيه تخصيص العفو بالورثة: وجه تخصيص العفو بالورثة بما يلي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قضى بأن يعقل عن المرأة عصبتها من كانوا, ولا يرثون منها إلا ما فضل عن ورثتها، وإن قتلت فعقلها لورثتها وهم يقتلون قاتلها) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه جعل قتل القاتل للورثة فلا يدخل معهم فيه غيرهم. 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن العقل ميراث بين الورثة على قرابتهم (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه جعل العقل وهو الدية ميراثا، وهو دليل على تخصيصهم به، ومن اختص بالدية اختص بالقصاص لعدم الفرق، ومن اختص بالشيء اختص بالعفو عنه. 3 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - كان يقسم الدية على قدر الميراث (¬3). الفقرة الثانية: توجيه ملك النساء للعفو عن القصاص: وجه ملك النساء للعفو عن القصاص بما يأتي: 1 - ما تقدم من تخصيص القصاص بالورثة، وذلك أن النساء من جملة الورثة. 2 - حديث: (ومن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوا أو يأخذوا العقل) (¬4). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، باب ديات الأعضاء/ 4564. (¬2) سنن أبي داود، باب ديات الأعضاء/ 4564. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، باب ميراث الدم والعقل / 8/ 58. (¬4) سنن الترمذي، باب ما جاء في حكم ولى القتيل في القصاص / 1405.

ووجه الاستدلال بالحديث: أنه جعل الخيار بين القتل وأخذ الدية لأهل القتيل والنساء من أهله فيدخلن فيمن يملك العفو. 3 - أن القصاص يورث، وإذا وردت دخل النساء في العفو عنه لأنهن من جملة الورثة. الفقرة الثالثة: توجيه ملك الوارثين بالسبب للعفو عن القصاص: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه ملك الوارثين بالولا. 2 - توجيه ملك الزوجين. الشيء الأول: توجيه ثبوت العفو عن القصاص بالولا: وجه ثبوت العفو عن القصاص بالولاء ما تقدم من أدلة ثبوته للورثة؛ لأن المولى من ضمن الورثة. الشيء الثاني: توجيه ثبوت العفو عن القصاص للزوجين: وجه ثبوت العفو عن القصاص للزوجين ما يأتي: 1 - ما تقدم من أدلة ثبوت العفو عن القصاص للورثة؛ لأن الزوجين من جملة الورثة. 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورث الزوجة من الدية (¬1). ووجه الاستدلال به: أن الزوجة ورثت من الدية ومن ورث الدية ورث القصاص لعدم الفرق. 3 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورث الزوج من الدية (¬2). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب ميراث الدم والعقل 8/ 57. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الجنين/ 4575.

4 - ما ورد أنه رفع إلى عمر - رضي الله عنه - رجلًا قتل رجلًا فأراد أولياء المقتول قتله فقالت امرأة القاتل: قد عفوت عن حصتي من زوجي فقال عمر: عتق الرجل من القتل (¬1). الجزء الثاني: عفو ولي المحجور عليه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان المراد بالمحجور عليه. 2 - أمثلة وجوب القصاص للمحجور عليه. 3 - العفو عن القصاص الواجب للمحجور عليه. الجزئية الأولى: بيان المراد بالمحجور عليه: المراد بالمحجور عليه: المحجور عليه لحظ نفسه وهم: 1 - الصبي. 2 - المجنون. 3 - السفيه. 4 - المعتوه. الجزئية الثانية: أمثلة وجوب القصاص للمحجور عليه: من أمثلة وجوب القصاص للمحجور عليه ما يأتى: 1 - أن يكون المقتول عبدا لأحدهم. 2 - أن يكون المقتول أم أحدهم ولا ولي لها سواه. الجزئية الثالثة: العفو: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم العفو. 2 - من يملك العفو. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب العفو /10/ 3/ 18188.

الفقرة الأولى: حكم العفو: وفيها شيئان هما: 1 - العفو على غير مال. 2 - العفو على مال. الشيء الأول: العفو على غير مال: وفيه نقطتان: 1 - حكم العفو. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان حكم العفو: عفو ولي المحجور عليه عن القصاص على غير مال لا يجوز ولا يصح. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز عفو ولي المحجور عليه عن قصاصه على غير مال: أنه لا مصلحة للمولى عليه فيه، فلا يملكه الولي؛ لأنه لم يؤذن له فيما لا مصلحة للمولى عليه فيه. الشيء الثاني: العفو على مال: وفيه نقطتان هما: 1 - العفو على أقل من الدية. 2 - العفو على الدية فأكثر. النقطة الأولى: العفو على أقل من الدية: وفيها قطعتان هما: 1 - إذا لم يمكن تحصيل الدية. 2 - إذا أمكن تحصيل الدية. القطعة الأولى: إذا لم يمكن تحصيل الدية: وفيها شريحتان هما:

1 - إذا كان عدم الإمكان للإعسار. 2 - إذا كان عدم الإمكان للإنكار. الشريحة الأولى: إذا كان عدم الإمكان للإعسار: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجملة الأولى: الخلاف: إذا كان عدم إمكان الحصول على الدية لإعسار الجاني فقد اختلف في جواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. الجملة الثانية: التوجيه: أولًا: توجيه القول الأول: وجه القول مجواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية إذا لم يمكن تحصيل الدية لإعسار الجاني: بأن عدم العفو على أقل من الدية في هذه الحال يعرض حق المحجور عليه للضياع وما لا يدرك كله لا يترك جله. ثانيا: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم جواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية ولو كان الجاني معسرا: بأن العفو على أقل من الدية تضييع لبعض حق المولى عليه، وذلك لا يجوز كإتلافه.

الجملة الثالثة: الترجيح: أولًا: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الجواز. ثانيا: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم جواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية: أن وجهة نظره أقوى وأظهر. ثالثا: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأنه يمكن العفو على كل الدية أو أكثر، ويؤخذ لموجود ويثبت الباقي في الذمة إلى ميسرة، أو يعدل إلى القصاص، فلا يكون ترك العفو على أقل من الدية والحالة ما ذكر تعريضا للحق للضياع. الشريحة الثانية: إذا كان عدم الإمكان للإنكار (¬1): وفيها ثلاث جمل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجملة الأولى: الخلاف: إذا كان عدم إمكان الحصول على الدية لإنكار الجاني للقتل فقد اختلف في جواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية على قولين: القول الأول: أنه يجوز. ¬

_ (¬1) فصل عما قبله لاختلاف الترجيح.

القول الثاني: أنه لا يجوز. الجملة الثانية: التوجيه: أولًا: توجيه القول الأول: وجه القول بجواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية إذا لم يمكن الحصول على الدية لإنكار الجاني للقتل: أن عدم العفو على أقل من الدية في هذه الحال يعرض حق المحجور عليه للضياع؛ لعدم ثبوت القتل، وما لا يدرك كله لا يترك جله. ثانيا: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم جواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية ولو كان الجاني منكرا للقتل: بأن العفو على أقل من الدية تضييع لبعض الحق المولى عليه، وذلك لا يجوز كإتلافه. الجملة الثالثة: الترجيح: أولًا: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أنه إذا كان الجاني منكرا للقتل ولم يمكن إثباته جاز العفو ولو على أقل من الدية. ثانيا: توجيه الترجيح: وجه ترجيح جواز العفو على أقل من الدية إذا كان الجاني منكرا للقتل ولم يمكن إثباته عليه: أنه لا يمكن إلزام الجاني بالدية إذا رفضها لعدم ثبوت القتل، ولا الرجوع إلى القصاص؛ للعلة نفسها فيجوز أخذ البعض لئلا يضيع الكل؛ لأن ما لا يدرك كله لا يترك جله.

القطعة الثانية: العفو على أقل من الدية إذا أمكن تحصيل الدية: وفيها شريحتان هما: 1 - حالة إمكان تحصيل الدية. 2 - العفو. الشريحة الأولى: حالة إمكان تحصيل الدية: حال إمكان تحصيل الدية إذا كان القتل ثابتا بالبينة أو الإقرار. الشريحة الثانية: العفو: وفيها جملتان هما: 1 - حكم العفو. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان الحكم: إذا كان تحصيل الدية ممكنا لم يجز لولي المحجور عليه العفو على أقل منها. الجملة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز عفو ولي المحجور عليه على أقل من الدية إذا أمكن تحصيلها: أن ذلك تضييع لبعض حق المولى عليه من غير حاجة فلا يجوز كإتلافه. النقطة الثانية: العفو على الدية فأكثر: وفيها قطعتان هما: 1 - إذا كان المولى عليه محتاجا. 2 - إذا كان المولى عليه غير محتاج. القطعة الأولى: إذا كان المولى عليه محتاجا: وفيها شريحتان هما: 1 - أمثلة الحاجة. 2 - حكم العفو.

الشريحة الأولى: أمثلة الحاجة: من أمثلة حاجة المولى عليه: ألا يكون للمولى عليه مال ولا متفق. الشريحة الثانية: العفو: وفيه ثلاث جمل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجملة الأولى: الخلاف: إذا كان المولى عليه محتاجا فقد اختلف في عفو وليّه على الدية على قولين: القول الأول: أنه يصح مطلقا، سواء كان المولى عليه صبيا أم مجنونا. القول الثاني: أنه إن كان المولى عليه مجنونا صح وإلا لم يصح. الجملة الثانية: التوجيه: أولًا: توجيه القول الأول: وجه القول بجواز عفو ولي المحجور عليه إلى الدية إذا كان محتاجا ولو كان المولى عليه صبيا بما يأتي: 1 - أن العفو إلى الدية أحظ للمولى عليه، ليدفع حاجته بالمال. 2 - أن عدم العفو إلى الدية يعرض حق المولى عليه للضياع؛ لأنه قد يموت الجاني مفلسا فيفوت القصاص وتتعذر الدية.

ثانيا: توجيه القول الثاني: أ - توجيه القول بجواز العفو إذا كان الولى عليه مجنونا. وجه القول بجواز العفو إذا كان المولى عليه مجنونا: بأن الجنون ليس له أمد ينتهي إليه، وقد يطول وقد يستمر فيتضرر المجنون بالانتظار مع الحاجة. ب - توجيه عدم جواز العفو إذا كان المولى عليه صغيرا: وجه عدم جواز العفو إذا كان المولى عليه صغيرا: بأن الصغر له أمد معلوم ينتهي إليه، فلا يجوز العفو؛ لأنه يفوت التشفي بالقصاص عليه. الجملة الثالثة: الترجيح: أولًا: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - جواز العفو مطلقا. ثانيا: توجيه الترجيح: وجه القول بجواز العفو مطلقا: أن حاجة المولى عليه إلى المال حاضرة، والتشفي بالقصاص قد يحصل وقد لا يحصل؛ لأنه قد يموت الجاني قبله، أو يموت المولى عليه. ثالثا: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن مدة انتظار الصغير قد تطول كما لو استحق القصاص وهو حمل أو رضيع فيتضرر بالانتظار كالمجنون. الفقرة الثانية: من يملك العفو: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الشيء الأول: الخلاف: اختلف فيمن يملك العفو عن قصاص المولى عليه على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه ملك لجميع الأولياء. القول الثاني: أنه ملك للأب والوصي والحاكم. القول الثالث: أنه ملك للأب والجد خاصة. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن العفو عن قصاص المولى عليه حق لجميع الأولياء: بأن القصاص حق من حقوق الأولياء فيصح التصرف فيه من كل ولي. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - توجيه عفو الأب. 2 - توجيه عفو الوصي. 3 - توجيه عفو الحاكم. القطعة الأولى: توجيه عفو الأب: وجه عفو الأب بماله من كمال الشفقة والحرص على مصلحة موليه، فإن ذلك يمنعه من العفو على مالٍ إذا لم تكن المصلحة فيه. القطعة الثانية: توجيه عفو الوصي: وجه عفو الوصي: بأن اختيار الأب له وصيا يدل على شفقته وحرصه على مصلحة المولى عليه فيأخذ حكم الأب.

القطعة الثالثة: توجيه عفو الحاكم: وجه عفو الحاكم: بأنه نائب عن ولي الأمر العام فيأخذ حكمه وولاية ولي الأمر العام عامة فيدخل فيها العفو عن قصاص القاصرين. النقطة الثالثة: توجيه القول الثالث: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه عفو الأب والجد. 2 - توجيه منع عفو غيرهما. القطعة الأولى: توجيه عفو الأب والجد: وجه عفو الأب والجد بما وجه به عفو الأب في القول الثاني. القطعة الثانية: توجيه منع غير الأب والجد: وجه منع عفو غير الأب والجد: بأنه ليس لغيرهما من الشفقة والعطف ما يحمل على الحرص على مصلحة المولى عليه كالأب والجد، فلا يصح عفوهم. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن العفو عن قصاص المولى عليه لجميع الأولياء. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن حق العفو عن قصاص الولى عليه لجميع الأولياء: أنه حق من حقوق المولى عليه ولم يرد ما يخصصه بولي دون ولي، والأصل عدم التخصيص فيبقى على عمومه.

النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن وجهة هؤلاء: بأن العفو عن القصاص يبنى على المصلحة لا على الشفقة، وإدراك المصلحة لا يختص بالأب ولا وصية ولا بالجد، ووجود الشفقة عندهم يخولهم للعفو ولا يقصره عليهم. الجزء الثالث: عفو السلطان: وفيه جزئيتان هما: 1 - حالة عفو السلطان. 2 - حكم العفو. الجزئية الأولى: حالة عفو السلطان: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان حالة العفو. 2 - أمثلة من لا ولي له. الفقرة الأولى: بيان حالة العفو: عفو السلطان إذا كان المقتول لا ولي له. الفقرة الثانية: أمثلة من لا ولي له: من أمثلة من لا ولي له ما يأتي: 1 - اللقيط. 2 - من قدم من غير بلاد المسلمين ولم يعلم له ولي. 3 - المنفي باللعان على القول بأن القصاص للعصبة المذكور. الجزئية الثانية: العفو: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كانت المصلحة في القتل. 2 - إذا لم تكن المصلحة في القتل.

الفقرة الأولى: إذا كانت المصلحة في القتل: وفيها شيئان هما: 1 - بيان حالة كون المصلحة في القتل. 2 - العفو. الشيء الأول: بيان حالة كون المصلحة في القتل: تكون المصلحة في القتل إذا كان القاتل معروفا بالقتل وله سوابق فيه. الشيء الثاني: العفو: وفيه نقطتان هما: 1 - حكم العفو. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان حكم العفو: إذا كانت المصلحة في قتل الجاني لم يصح للسلطان العفو عنه. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم صحة عفو السلطان عن القصاص إذا كانت المصلحة في قتل الجاني: أن السلطان نائب عن المسلمين وتصرفه لهم بناء على المصلحة، ولا مصلحة لهم في العفو إذا كانت الصلحة في القتل، فلا يصح العفو، ويتعين قتل الجاني، لوقاية المجتمع من شره. الفقرة الثانية: إذا لم تكن المصلحة في القتل: وفيها شيئان هما: 1 - العفو على غير مال. 2 - العفو على مال. الشيء الأول: العفو على غير مال: وفيه نقطتان هما:

1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان حكم العفو: عفو السلطان عن القصاص على غير مال لا يصح. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم صحة عفو السلطان عن القصاص على غير مال: أنه نائب عن المسلمين وتصرفه له مبني على المصلحة، وعفوه عن القصاص على غير مال لا مصلحة لهم فيه فلا يصح. الشيء الثاني: العفو على مال: وفيه نقطتان: 1 - العفو على أقل من الدية. 2 - العفو على الدية فأكثر. النقطة الأولى: عفو السلطان على أقل من الدية: وفيها قطعتان هما: 1 - حكم العفو. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: حكم العفو: عفو السلطان عن القصاص على أقل من الدية كعفو ولي المحجور عليه وقد تقدم تفصيل ذلك. القطعة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار السلطان كولي المحجور عليه في العفو عن القصاص على أقل من الدية: أن كلا منهما يتصرف في الأصلح للمولى عليه فيكون حكمهما سواء. النقطة الثانية: عفو السلطان عن القصاص على الدية فأكثر: وفيها قطعتان هما:

1 - حكم العفو. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: حكم العفو: عفو السلطان عن القصاص على الدية فأكثر إذا لم تكن المصلحة في القتل جائز. القطعة الثانية: التوجيه: وجه جواز عفو السلطان عن القصاص على الدية فأكثر إذا لم تكن المصلحة القتل ما يأتي: 1 - أن فيه مصلحة للمسلمين بالمال. 2 - أن فيه حقنا لدم القاتل من خيرمفسدة ولا مضرة. الجزء الرابع: عفو المجنى عليه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - صفات عفو المجني عليه. 2 - ما يسقط به القصاص منها. 3 - الخلاف بين الجاني والمجني عليه في صفة العفو. الجزئية الأولى: بيان الصفات: من صفات عفو المجني عليه ما يأتي: 1 - العفو عن المال. 2 - العفو عن القصاص. 3 - العفو المطلق. 4 - العفو على غير شيء. 5 - العفو عن الجناية. 6 - العفو عن الجناية وما يحدث منها. 7 - العفو إلى المال. الجزئية الثانية: ما يسقط به القصاص من الصفات: وفيها فقرتان هما:

1 - بيان صفات العفو التي يسقط القصاص بها. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان صفات العفو التي يسقط القصاص بها. صفات عفو المجني عليه التي يسقط القصاص بها ما يأتي: 1 - العفو عن القصاص. بأن يقول: عفوت عن القصاص. 2 - العفو إلى الدية: بأن يقول: أريد الدية. 3 - العفو على غير شيء: بأن يقول: لا أريد شيئا. 4 - العفو عن الجناية: بأن يقول: عفوت عن الجناية، ولا يزيد. 5 - العفو عن الجناية وما يحدث منها، بأن يقول: عفوت عن الجناية وما يحدث منها. 6 - العفو المطلق: بأن يقول: عفوت، ولا يحدد صفة العفو. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها سبعة أشياء: الشيء الأول: توجيه عدم السقوط إذا كان العفو عن المال: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه عدم السقوط. 2 - توجيه الفرق بين العفو عن المال والعفو إلى المال. النقطة الأولى: توجبه عدم سقوط القصاص بالعفو عن المال: وجه عدم سقوط القصاص بالعفو عن المال: أن الواجب بالقتل العمد أحد شيئين: القصاص أو الدية، والعفو عن أحدهما لا يستلزم العفو عن الآخر،

لأنهما حقان متغايران، كما أن إسقاط أحد الدينين لا يستلزم سقوط الآخر، فلو كان ثمن المبيع نقودا وقطعة أرض لم يلزم من إسقاط أحدهما إسقاط الآخر. النقطة الثانية: الفرق بين العفو عن المال والعفو إلى المال: وفيها قطعتان هما: 1 - الفرق من حيث اللفظ. 2 - الفرق من حيث المعنى. القطعة الأولى: الفرق من حيث اللفظ: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان لفظ العفو عن المال. 2 - بيان لفظ العفو إلى الال. الشريحة الأولى: بيان لفظ العفو عن المال: من ألفاظ العفو عن المال ما يأتي: 1 - عفوت عن الدية. 2 - لا أريد المال. 3 - لا نريد الدية. 4 - لا حاجة لنا في الدية. الشريحة الثانية: بيان لفظ العفو إلى المال: من ألفاظ العفو إلى الال ما يأتي: 1 - قبلنا الدية. 2 - رضينا بالدية. 3 - تكفينا الدية. 4 - أعطونا الدية. القطعة الثانية: الفرق بينهما من حيث المعنى: الفرق بينهما من حيث المعنى: أن إسقاط المال لا يستلزم إسقاط القصاص كما تقدم. أما العفو إلى المال فإنه عدول عن القصاص إلى المال وهذا هو إسقاطه.

الشيء الثاني: توجيه سقوط القصاص بالعفو عنه: وجه سقوط القصاص بالعفو عنه: أنه نص فيه وهو محض حق المجني عليه، فيسقط بإسقاطه كالدين. الشيء الثالث: توجيه سقوط القصاص بطلب الدية: وجه ذلك: أن الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القصاص أو الدية، فإذا اختير أحدهما سقط الآخر. الشيء الرابع: توجيه سقوط القصاص بالعفو على غير شيء: وجه سقوط القصاص بالعفو إلى غير شيء: أنه نفي لكل ما توجبه الجناية والقصاص من ضمن ذلك. الشيء الخامس: توجيه سقوط القصاص بالعفو عن الجناية: وجه ذلك: أن العفو عن الشيء يستلزم العفو عما يوجبه، والقصاص مما توجبه الجناية فيسقط بالعفو عنها. الشيء السادس: توجيه سقوط القصاص بالعفو عن الجناية وما توجبه: وجه ذلك: أن القصاص مما توجبه الجناية فإذا عفي عما توجبه دخل القصاص فيه. الشيء السابع: توجيه سقوط القصاص بالعفو المطلق: وجه ذلك: أن العفو المطلق يصدق على كل ما توجبه الجناية فيشمل القصاص؛ لأنه مما توجبه. الجانب الخامس: عفو بعض الأولياء: وفيه جزءان هما:

1 - الأمثلة. 2 - سقوط القصاص. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة عفو بعض الأولياء ما يأتي: 1 - عفو الزوجة. 2 - عفو الزوج. 2 - عفو الأم. 4 - عفو الأب. 5 - عفو الأخت. 6 - عفو الأخ. الجزء الثاني: سقوط القصاص: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - منشا الخلاف. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في سقوط القصاص بعفو بعض الأولياء على قولين: القول الأول: أنه يسقط. القول الثاني: أنه لا يسقط. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بسقوط القصاص بعفو البعض بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178].

ووجه الاستدلال بالآية: أن المراد بها العفو عن القصاص وشيء نكره في سياق الشرط فيشمل العفو عن أي جزء من أي عاف. 2 - قوله تعالى: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} (¬1). فإنها في القصاص، ووجه الاستدلال بالآية: أنها اعتبرت العفو عن القصاص صدقة وكفارة ولا يكون ذلك إلا إذا سقط القصاص بالعفو، والآية عامة؛ لأن (من) من صيغ العموم فتشمل كل متصدق ولو كان واحدا. 3 - ما ورد أن - رضي الله عنه - أسقط القصاص بعفو أخت القتيل (¬2). 4 - أن الدم لا يتجزأ فإذا عفا بعض الأولياء سقط نصيبه، ولا يمكن استيفاء نصيب من لم يعفو بدون نصيب من عفى فيسقط القصاص جميعه. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم سقوط القصاص بعفو بعض الأولياء: بأن من لم يعف لم يرض بإسقاط حقه فإذا طلبه وجب تمكينه منه. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بسقوط القصاص بعفو البعض. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [45]. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب العفو / 18188.

الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بسقوط القصاص بعفو البعض أنه أقوى أدلة وأظهر دلالة. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول من وجهين: الوجه الأول: أنه لا يدفع الضرر بضرر مثله أو أشد فلا يدفع ضرر من لم يعفو بضرر الجاني باستيفاء ما عفي عنه من أجزائه. الوجه الثاني: أن من لم يعف يمكن تعويضه بحقه من الدية؛ بخلاف الجاني فلا يمكن تعويضه. الجانب السادس: أثر العفو: وفيه جزءان هما: 1 - بيان أثر العفو. 2 - الدليل. الجزء الأول: بيان الأثر: أثر العفو عن القاتل: رجوع عصمته كحاله قبل القتل منه. الجزء الثاني: الدليل: من أدلة عصمة القاتل بالعفو عنه ما يأتي: قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها اعتبرت القتل بعد العفو عدوانا وتوعدت عليه بالعذاب الأليم، ولو لم تعد العصصة للقاتل بعد العفو لما اعتبرت قتله عدوانا، ولما استحق المعتدي عليه هذا الوعيد. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178].

الجانب السابع: العفو عن بعض القاتلين: وفيه جزءان هما: 1 - المثال. 2 - أثره في إسقاط القصاص عن الباقين. الجزء الأول: المثال: من أمثلة العفو عن بعض القاتلين: أن يشترك جماعة في قتل واحد فيعفو الأولياء عن بعضهم ويطلبوا القصاص من البعض الآخر. الجزء الثاني: سقوط القصاص: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في سقوط القصاص عمن لم يعف عنهم بالعفو عن غيرهم على قولين: القول الأول: أنه لا يسقط. القول الثاني: أنه يسقط. الجزئية الثانية: التوجيه: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم سقوط القصاص عمن لم يعف عنهم بالعفو عن غيره: بأن القصاص واجب على كل واحد من القاتلين على سبيل الانفراد، فيمكن استيفاؤه منه على سبيل الانفراد من غير تعد على المعفو عنهم، فلم يؤثر إسقاط القصاص عن بعضهم في إسقاطه عن الباقين، كإسقاط الدين عن بعض المدينين وكما لو جنى كل واحد منهم منفردا.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بسقوط القصاص عمن لم يعف عنه بالعفو عمن عفي عنه: بأن العفو عن أحد القاتلين يحدث شبهة فيمن يجب عليه القصاص، والقصاص يبدرأ بالشبهة. وذلك أن القتل إزهاق الروح وهو لا يتعدد فلا ينسب إلى أكثر من واحد فيكون القتل حاصلا من واحد لا بعينه، فإذا عفي عن بعضهم احتمل أنه القاتل واحتمل أن القاتل غيره، وهذه شبهة فيمن يجب عليه القصاص والقصاص لا يجب مع الشبهة. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم السقوط. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم السقوط: أنه أقوى دليلا وأظهر دلالة. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن القتل فعل يحدث منه إزهاق الروح، وليس إزهاق الروح نفسه، والفعل يمكن حصوله من أكثر من واحد على وجه الكمال فينسب إلى كل واحد منفردا، وإذا نسب إلى كل واحد منفردا جاز أن يقتص منه منفردا فلم يتأثر وجوب القصاص عليه بالعفو عن غيره.

الجانب الثامن: القتل بعد العفو: وفيه جزءان هما: 1 - قتل بعض الأولياء. 2 - قتل الوكيل بعد عفو الموكل. الجزء الأول: قتل بعض الأولياء: وفيه جزئيتان هما: 1 - القتل من أولياء لم يعفو عن الجاني بعد عفو غيرهم عنه. 2 - القتل من بعض الأولياء المشتركين في استحقاق القصاص. الجزئية الأولى: القتل من أولياء لم يعفوا بعد عفو غيرهم: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم القتل. 2 - أثره. الفقرة الأولى: حكم القتل: وفيها شيئان هما: 1 - القتل بإذن الإمام. 2 - القتل من غير إذن الإمام. الشيء الأول: القتل بإذن الحاكم: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الحكم: القتل من أولياء لم يعفو بعد عفو غيرهم إذا كان بإذن الحاكم كان جائزا. النقطة الثانية: التوجيه: وجه جواز القتل من أولياء لم يعفو بعد عفو غيرهم، إذا كان بإذن: أن ذلك محض حقهم، ولم يوجد مانع منه؛ لأنه لا افتيات فيه ولا تعد فيكون جائزا.

الشيء الثاني: القتل من غير إذن الإمام: وفيه نقطتان هما: 1 - حكم القتل. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: حكم القتل: تنفيذ القصاص من غير إذن الحاكم لا يجوز. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز تنفيذ القصاص من غير إذن الحاكم: أن فيه افتياتا على ولي الأمر، وفتحا لباب الفوضى والظلم والعدوان فلا يجوز. الفقرة الثانية: أثر القتل: وفيها شيئان هما: 1 - أثره في الحق الخاص. 2 - أثره في الحق العام. الشيء الأول: الأثر في الحق الخاص: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الأثر: قتل الجاني من الأولياء الذين لم يعفوا بعد عفو غيرهم لا يرتب أثرا لأوليائه من قصاص ولا دية. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم تأثير قتل الجاني من الأولياء الذين لم يعفوا بعد عفو غيرهم في إثبات الحق لهم: أنهم يستحقون قتل الجاني بقتيلهم منفردين عن غيرهم؛ لأن قتل وليهم منفردا عن قتل ولي غيرهم، فلا يؤثر عفو غيرهم في إسقاط حقهم.

الشيء الثاني: الأثر في الحق العام: وفيه نقطتان هما: 1 - إذا كان القتل بإذن. 2 - إذا كان القتل بلا إذن. النقطة الأولى: إذا القتل بإذن: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان الأثر: إذا كان قتل الجاني من الأولياء الذين لم يعفوا بعد عفو غيرهم بإذن لم يرتب أثرا. القطعة الثانية: التوجيه: وجه عدم تأثير قتل الجاني من الأولياء الذين لم يعفوا بعد عفو غيرهم بإذن في إثبات الحق العام: أنه استيفاء مأذون فيه، والاستيفاء المأذون فيه لا يرتب أثرا. النقطة الثانية: إذا كان القتل من غير إذن: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان الأثر: إذا كان قتل الجاني من الأولياء الذين لم يعفوا بعد عفو غيرهم بغير إذن استحقوا التعزير بما يراه الحاكم. القطعة الثانية: التوجيه: وجه استحقاق الأولياء الذين لم يعفوا للتعزير إذا قتلوا الجاني بعد عفو غيرهم بغير إذن: أن فيه افتياتا على السلطة العامة وفتحا لباب الفوضى والظلم والعدوان فيستحقون عليه التعزير.

الجزئية الثانية: القتل من بعض الاْولياء المشتركين في استحقاق القصاص: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم القتل. 2 - أثر القتل. الفقرة الأولى: حكم القتل: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الحكم: قتل الجاني من المشتركين في استحقاق القصاص بعد العفو عنه لا يجوز، سواء كان القتل من العافي نفسه أم من غيره. الشيء الثاني: التوجيه: وجه تحريم قتل الجاني من المشتركين في استحقاق القصاص بعد العفو عنه ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬1). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأول: أنها اعتبرت القتل بعد العفو عدوانا والعدوان لا يجوز. الوجه الثاني: أنها توعدت القاتل بعد العفو بالعذاب الأليم وذلك لا يكون إلا على محظور. 2 - حديث: (من أصيب بدم أو خبل فهو بالخيار بين ثلاث، إما أن يقتل أو يعفو أو يأخذ الدية، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) سنن أبي داود/ كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو/ 4496.

3 - أن العفو عن الجاني يعيد العصمة إليه وقتل المعصوم لا يجوز. الفقرة الثانية: أثر القتل: وفيها شيئان هما: 1 - أثر القتل في القصاص. 2 - أثر القتل في الدية. الشيء الأول: أثر القتل في القصاص: وفيه نقطتان هما: 1 - أثر القتل بالنسبة للعافي. 2 - أثر القتل بالنسبة لغير العافي. النقطة الأولى: أثر القتل بالنسبة للعافي نفسه: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في قتل العافي عن الجاني إذا قتله بعد عفوه عنه على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه كالقاتل ابتداء يخير فيه ولي الجاني بين القتل والعفو إلى المال، والعفو إلى غير شيء. القول الثاني: أنه يتحتم قتله. القول الثالث: أن أمره إلى الحاكم. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث.

الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: مما وجه به القول الأول ما يأتي: 1 - قوله تعالى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها عامة فيدخل القاتل بعد عفوه فيها. 2 - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها عامة في كل مقتول ظلما، ومن قتل بعد العفو عنه مظلوم فيكون لوليه هذا السلطان على قاتله. 3 - حديث: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين اما أن يودى أو يقاد) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنه عام فيدخل فيه من قتل بعد العفو عنه. 4 - أن المعفو عنه معصوم فينطبق على قاتله ما ينطبق على القاتل ابتداء. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بتحتم القتل بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬4). ووجه الاستدلال بالآية: أنها جعلت عقوبة المعتدى بعد العفو العذاب الأليم، والمراد بالاعتداء قتل الجاني بعد العفو عنه والمراد بالعذاب الأليم القتل، وذلك دليل على تحتم القتل. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) سورة الإسراء، الآية: [33]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة / 1355. (¬4) سورة البقرة، الآية: [178].

2 - حديث: (لا أعفي من تتل بعد أخذ الدية) (¬1). ووجه الاستدلال بالحديث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعف القاتل بعد أخذ الدية) وهذا دليل على تحتم قتله؛ لأنه لو لم يتحتم قتله لصح إعفاؤه. الشريحة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول برد أمر القاتل للجاني بعد العفو عنه إلى الحاكم: بما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل أمر القاتل لمن عفى عنه إلى السلطان. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم: أن القاتل بعد العفو كالقاتل ابتداء. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح اعتبار القاتل بعد العفو كالقاتل ابتداء ما يأتي: 1 - قوة أدلته وضعف أدلة المخالفين. 2 - أن القاتل ابتداء أشد جرما من القاتل بعد العفو؛ لأن القاتل ابتداء لا شبهة له، ولا سبب يدفعه إلى القتل سوى الظلم والعدوان، أما القاتل بعد العفو فالدافع إلى القتل ما استقر في نفسه من الحزن على قريبه وإحساسه بالظلم والعدوان وهضم الحق. فإذا جاز العفو عن القاتل ابتداء كان القاتل بعد العفو مثله، إن لم يكن أولى. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب لا أعفى من قتل بعد أخذ الدية / 4507.

الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها جملتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الجملة الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: أولا: الجواب عن الاستدلال بالآية: أجيب عن ذلك: بأن العذاب الأليم إذا أطلق كان المراد به عذاب الآخرة فلا يكون المراد به القتل وبذللث تنتفي دلالة الآية على تحتم القتل. ثانيا: الجواب عن الاستدلال بالحديث: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه ضعيف؛ لأنه من رواية مطر الوراق وهو ضعيف. الجواب الثاني: أن معنى (لا أعفي): لا أمنع ولي الدم من القصاص إذا طلبه فلا يدل على تحتم القتل. الجملة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن ذلك من وجهين: الوجه الأول: أنه من صحيفة غير معروفة. الوجه الثاني: أنه على التسليم بوجود هذه الصحيفة فإنها لا تعارض عمومات الأدلة الدالة على تخيير الولي بين العفو أو القتل أو الدية. النقطة الثانية: أثر القتل بالنسبة لغير العافي: وفيها قطعتان هما: 1 - القتل بعد العلم بالعفو. 2 - القتل قبل العلم بالعفو.

القطعة الأولى: القتل بعد العلم بالعفو: وفيه ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: إذا عفى بعض أولياء الدم عن الجاني فقتله من لم يعف منهم مع علمه بالعفو فقد اختلف في وجوب القصاص عليه على قولين: القول الأول: أنه يجب القصاص عليه. القول الثاني: أنه لا يجب القصاص عليه. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب القصاص على من لم يعف من الأولياء إذا قتل الجاني بعد عفو غيره عنه عالما بالعفو: أنه قتل معصوما مكلافئا عمدا عدوانا، وهو يعلم أنه لا حق له في قتله فوجب عليه القصاص كما لو قتل غير الجاني وكما لو قتله بعد عفو نفسه. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب القصاص على من لم يعفو من الأولياء إذا قتل الجاني بعد عفو غيره عنه، ولو كان عالما بالعفو: بأن بعصق العلماء يرى بقاء حق من لم يعف من الأولياء في القصاص ولو عفى غيره، وهذه شبهة تدرأ عنه القصاص،

الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أنه يجب عليه القصاص. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص بما يأتي: 1 - أنه أكثر تحقيقا لصيانة الدماء. 2 - أنه يسد باب الفوضى والظلم والتعديات. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن الخلاف لا يسقط القصاص إذا كان هو الراجح، كما يقتص من قاتل المسلم بالذمي مع وجود الخلاف فيه. القطعة الثانية: القتل قبل العلم بالعفو: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: إذا قتل الجاني من لم يعفو من الأولياء بعد عفو غيره قبل علمه بالعفو فقد اختلف في وجوب القصاص عليه على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه لا قصاص عليه.

القول الثاني: أنه يقتص منه. القول الثالث: أنه يقتص منه إن كان القتل بعد الحكم بسقوط القصاص وإلا لم يقتص منه. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم وجوب القصاص: بأن القاتل معذور باعتقاده بقاء حقه، والأصل بقاؤه حتى يثبت العلم بسقوطه. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب القصاص: بأن القتل عمد عدوان بعد سقوط الحق في القتل في الواقع ونفس الأمر فيوجب القصاص كقتل المعصوم ظنا أنه غير معصوم كمن قتل من يظنه قاتل أبيه. الجملة الثالثة: توجيه القول الثالث: أولا: توجيه إيجاب القصاص إذا كان القتل بعد الحكم بسقوط القصاص. وجه وجوب القصاص إذا كان القتل بعد الحكم بسقوط القصاص: بأن حكم الحاكم يرفع الخلاف فلا يبقى بعده شبهة بإباحة القتل، فيكون القتل موجبا للقصاص؛ لأنه عمد عدوان بلا شبهة. ثانيا: توجيه عدم وجوب القصاص إذا كان القتل قبل الحكم بسقوط القصاص:

وجه عدم وجوب القصاص إذا كان القتل قبل الحكم بسقوط القصاص: بأن سقوط القصاص بعفو بعصق الأولياء محل خلاف بين العلماء وذلك شبهة يدرأ بها القصاص. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم وجوب القصاص. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم القصاص ما يأتي: 1 - أن الأصل إباحة دم الجاني بالنسبة للقاتل، ولم يعلم بزوال هذا الأصل بالعفو، وذلك عذر يدرأ به عنه القصاص. 2 - أن الأصل عصمة دم القاتل من الأولياء فلا يستباح إلا بيقين، وقتله للجاني هو معذور فيه كما تقدم فلا يستباح به دمه. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: أولاً: الجواب عن وجهة القول الثاني: أ - الجواب عن الاحتجاج بسقوط القصاص: أجيب عن ذلك: بأنْ سقوط القصاص لا يوجب القصاص قبل العلم به، والكلام فيما إذا كان القتل قبل العلم بسقوط القصاص.

ب - الجواب عن القياس: أجيب عن قياس قاتل الجاني من الأولياء بعد العفو عنه قبل علمه بالعفو على قاتل من يظنه قاتل أبيه من وجهين: الوجه الأول: منع وجوب القصاص على قاتل من يظنه مباح الدم. الوجه الثاني: أن قياس قاتل الجاني على قاتل من يظنه مباح الدم قياس مع الفارق، وذلك أن الأصل إباحة دم الجاني بالنسبة لولي الدم، وهذه شبهة يدرأ بها القصاص، أما من ظن أنه مباح الدم فالأصل عصمة دمه فلا يستباح بمجرد الظن. ثانيا: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن الشبهة قائمة ولو بعد الحكم بسقوط القصاص، وهي عدم العلم بسقوط القصاص، فلا يجب معها القصاص. الشيء الثاني: الدية: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الحكم: إذا قيل بعدم وجوب القصاص على قاتل الجاني بعد العفو عنه وجبت عليه الدية. النقطة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية على قاتل الجاني بعد العفو عنه إذا قيل بعدم وجوب القصاص عليه: أن الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القصاص أو الدية، فإذا لم يجب القصاص بقيت الدية.

الجزء الثاني: قتل الوكيل في استيفاء القصاص للجاني بعد عفو الموكل: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - ما يرتبه. 2 - متعلق حق أولياء قتيل الجاني. 3 - متعلق حق أولياء الجاني. 4 - التراجع. الجزئية الأولى: ما يرتبه: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان القتل بعد العلم بالعفو. 2 - إذا كان القتل قبل العلم بالعفو. الفقرة الأولى: ما يرتبه القتل بعد العلم بالعفو: وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يرتبه. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان ما يرتبه: إذا قتل وكيل استيفاء القصاص الجاني بعد عفو الموكل عالما بالعفو كان كالقاتل ابتداء لمن يعلمه معصوما محرم القتل يخير فيه ولي الجاني بين القصاص والمال والعفو. الشيء الثاني: التوجيه: وجه اعتبار الوكيل إذا قتل بعد عفو الموكل مع علمه بالعفو كالقاتل ابتداء: أنه قتل عمدا عدوانا من يعلمه معصوما محرم الدم من غير عذر ولا شبهة فكان كالقاتل ابتداء. الفقرة الثانية: القتل قبل العلم بالعفو: وفيها شيئان هما: 1 - القصاص. 2 - الدية.

الشيء الأول: القصاص: وفيه نقطتان هما: 1 - حكم القصاص. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: حكم القصاص: إذا استوفى الوكيل في القصاص بعد عفو الموكل قبل علمه بالعفو فلا قصاص عليه. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب القصاص على الوكيل في استيفائه إذا قتل بعد عفو الموكل وقبل علمه بالعفو ما يأتي: 1 - أنه معذور بالجهل بالعفو. 2 - أن الأصل إباحة قتل الجاني فكان كمن قتل مسلما في دار الحرب يظنه حربيا. 3 - أن الأصل عصمة دم الوكيل فلا تزول بالقتل مع الشبهة. الشيء الثاني: الدية: وفيه خمس نقاط هي: 1 - وجوب الدية. 2 - من يتحملها ابتداء. 3 - الرجوع بها على الموكل. 4 - تحمل عاقلة الوكيل لها. 5 - المستحق لها. النقطة الأولى: وجوب الدية: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الحروف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في وجوب الدية بقتل الوكيل في استيفاء القصاص للجاني بعد العفو وقبل علمه بالعفو على قولين: القول الأول: أنها تجب. القول الثاني: أنها لا تجب. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الدية: بأن قتل الجاني بعد العفو عنه قتل لمعصوم بغير حق فيوجب الضمان. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه عدم وجوب الدية على ولي الدم. 2 - توجيه عدم وجوب الدية على الوكيل. الجملة الأولى: توجيه عدم وجوب الدية على ولي الدم: وجه عدم وجوب الدية على ولي الدم بأنه لم يباشر القتل وليس له فيه سبب ملجئ. الجملة الثانية: توجيه عدم وجوب الدية على الوكيل: وجه عدم وجوب الدية على الوكيل بأنه معذور بالجهل بالعفو فلا يلزمه ضمان.

القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب الدية. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الدية: بأن العفو عن الجاني يعيد العصمة إليه، وقتل المعصوم يوجب الدية. الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها جملتان هما: 1 - الجواب عن توجيه عدم وجوب الدية على ولي الدم. 2 - الجواب عن توجيه عدم وجوب الدية على الوكيل. الجملة الأولى: الجواب عن توجيه عدم وجوب الدية على ولي الدم: الجواب عن ذلك: سيأتي في رجوع الوكيل على الموكل بالدية. الجملة الثانية: الجواب عن توجيه عدم وجوب الدية على الوكيل: أجيب عن ذلك: بأن الجهل بالعفو - وإن أسقط القود والإثم - فإنه لا يسقط الدية كمن رمى صيدا فأصاب معصوما؛ ولأن القتل إتلاف والإتلاف لا يسقط بالجهل. النقطة الثانية: من يتحمل الدية ابتداء: وفيها ثلاث قطع هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: إذا قيل بوجوب الدية بقتل وكيل استيفاء القصاص للجاني بعد العفو عنه قبل علمه بالعفو فقد اختلف فيمن تلزمه ابتداء على قولين: القول الأول: أنها تلزم الوكيل. القول الثاني: أنها تلزم الموكل. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بلزوم الدية ابتداء للوكيل: بأنه هو المباشر للقتل ولا مانع من إلزامه بها فتلزمه. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بلزوم الدية للموكل: بأن القتل كان بأمره وتسليطه على وجه لا ذنب للمباشر فيه فكان الضمان عليه، كما لو أمر به عبده الأعجمي الجاهل بتحريم القتل. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بلزوم الدية للوكيل. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بلزوم الدية ابتداء للوكيل: أنه إذا أمكن تضمين المباشر قدم على المتسبب، والوكيل هو المباشر وتضمينه ممكن فتكون الدية في الابتداء عليه. الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن قياس قتل الوكيل بعد العفو على قتل المأمور به وهو يجهله قياس مع الفارق فلا يصح، وذلك أن أمر الوكيل بحق فلا يرتب ضمانا، وأمر الجاهل بحكم القتل بغير حق فيلزمه به الضمان. النقطة الثالثة: رجوع الوكيل بالدية على الموكل: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في رجوع الوكيل في استيفاء القصاص بالدية على الموكل على قولين: القول الأول: أنه يرجع بها. القول الثاني: أنه لا يرجع بها. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما:

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول برجوع وكيل استيفاء القصاص على الموكل بالدية إذا ألزم بها: بأن الموكل غره بترك إعلامه بالعفو فيرجع عليه بما لزمه بسببه، كالغار بنكاح الأمة على أنها حرة، وكالمتلف للمغصوب بأمر الغاصب جاهلا بالغصب، وكالقاتل بأمر السلطان ظلما يظنه بحق إذا ألزموا بضمان ما أتلفوه. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم رجوع وكيل استيفاء القصاص على الموكل بالدية إذا ألزم بها: أن العافي محسن وما على المحسنين من سبيل. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالرجوع. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول برجوع الوكيل على الموكل: بأن قتل الجاني حصل بسببه من غير تعد من الوكيل ولا تفريط منه فاستحق الرجوع بما ضمنه بسببه عليه. الشرمجة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن إحسان العافي يرجع إلى الجاني دون الوكيل فلا يؤثر في رجوعه بما ضمنه بسببه عليه.

النقطة الرابعة: تحمل عاقلة الوكيل للدية إذا لم يرجع بها على الموكل: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في تحمل عاقلة الوكيل للدية إذا لم يرجع بها على الموكل على قولين: القول الأول: أنها لا تحملها. القول الثاني: أنها تحملها. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم تحمل عاقلة وكيل استيفاء القصاص للدية إذا لم يرجع بها على الموكل: بأن القتل عمد محض والعاقلة لا تحمل العمد المحض. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بتحمل عاقلة وكيل استيفاء القصاص إذا لم يرجع بها على الموكل: بأن القتل من عمد الخطأ؛ لأن الوكيل معذور بجهل العفو وذلك تحمله العاقلة. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي:

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الدية على العاقلة. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتحمل عاقلة الوكيل للدية: أنه أظهر دليلا. الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن اعتبار استيفاء الوكيل للقصاص بعد العفو عنه عمدا محضا غير صحيح؛ لأنه معذور بالجهل فيكون بعمد الخطأ أشبه. النقطة الخامسة: مستحق الدية: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان المستحق. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان المستحق: إذا وجبت الدية للجاني بقتل وكيل الاستيفاء له قبل العلم بالعفو كان حكمها حكم ماله. القطعة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار دية الجاني من ضمن تركته: أنها حق له فتكون من ضمن تركته كسائر حقوقه. الجزئية الثانية: متعلق حق أولياء قتيل الجاني: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان العفو على غير مال. 2 - إذا كان العفو على مال.

الفقرة الأولى: إذا كان العفو على غير مال: إذا كان عفو أولياء قتيل الجاني على غير مال لم يبق لهم حق فلا حاجة إلى متعلق. الفقرة الثانية: إذا كان العفو على مال: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المتعلق. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان المتعلق: متعلق حق أولياء قتيل الجاني هو تركة الجاني: وجه تعلق حق اْولياء قتيل الجاني بتركة الجاني: أنها دين عليه ناشيء عن فعله فيتعلق بتركته كسائر ديونه. الجزئية الثالثة: متعلق حق أولياء الجاني: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المتعلق. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المتعلق: متعلق حق أولياء الجاني بقاتله وهو الوكيل. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تعلق حق أولياء الجاني بقاتله وهو الوكيل: أنه المباشر لقتله والمباشر هو المتعلق الأول للحق حيث لا مانع ولا مانع هنا من تعلق الحق بالمباشر فيتعلق به. الجزئية الرابعة: التراجع: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المراد بالتراجع. 2 - توجيه التراجع.

الفقرة الأولى: بيان المراد بالتراجع: المراد بالتراجع رجوع أولياء قتيل الجاني في تركة الجاني، ورجوع أولياء الجاني على قاتله وهو وكيل الاستيفاء ورجوع وكيل الاستيفاء على موكله. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاثة أشياء: 1 - توجيه رجوع أولياء قتيل الجاني في تركته. 2 - توجيه رجوع أولياء الجاني على قاتله. 3 - توجيه رجوع قاتل الجاني على موكله. الشيء الأول: توجيه رجوع أولياء قتيل الجاني في تركته: وجه رجوع أولياء قتيل الجاني في تركة الجاني: أنها هي متعلق حقهم كما تقدم. الشيء الثاني: توجيه رجوع أولياء الجاني على قاتله: وجه رجوع أولياء الجاني على وكيل الاستيفاء: أنه المباشر لقتل الجاني. الشيء الثالث: توجيه رجوع الوكيل على موكله: وجه رجوع وكيل الاستيفاء على موكله: أنه غره حيث لم يعلمه بالعفو، فيرجع عليه بما لزمه بسببه، كالغار بنكاح الأمة على أنها حرة. الأمر الخامس: الصلح عن القصاص: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - معنى الصلح عن القصاص. 2 - حكم الصلح عن القصاص. 3 - سقوط القصاص بالصلح عنه.

الجانب الأول: معنى الصلح عن القصاص: الصلح عن القصاص هو التنازل عن القصاص بعوض. الجانب الثاني: حكم الصلح عن القصاص: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: الصلح عن القصاص جائز بلا خلاف، وهو أفضل من استيفائه، سواء كان بمثل الدية أو أقل منها أو أكثر، وسواء كان بنقود أو عين أو عروض، وسواء كان حالا أم مؤجلا. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - توجيه الجواز. 2 - توجيه تفضيله. 3 - توجيه عدم تقييده بجنس أو مقدار. الجزئية الأولى: توجيه جواز الصلح: وجه جواز الصلح عن القصاص ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين اما أن يودى أو يقاد) (¬2). 3 - أنه يجوز العفو عن القصاص مجانا فيجوز تعويضا؛ لأنه حق ولي الدم فيجوز معاوضته عنه كسائر حقوقه. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [178]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/ 1355.

الجزئية الثانية: توجيه تفضيل الصلح عن القصاص: وجه تفضيل الصلح على القصاص ما يأتي: 1 - أن فيه إحياء لنفس الجاني فيدخل في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (¬1). 2 - قوله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (¬3). 4 - أن العفو إحسان والإحسان محبوب إلى الله لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. الجزئية الثالثة: توجيه عدم تقييد الصلح عن القصاص بجنس أو عدد: وجه عدم تقييد الصلح عن القصاص بجنس ولا عدد بما يأتي: 1 - أن العوض الماخوذ في مقابل القصاص وليس في مقابل مال فلا ربا فيه. 2 - ما ورد (أن الحسن والحسين بذلا لمستحق القصاص على هدبة بن خشرم سمبع ديات فلم يقبل). الفرع الثامن: استيفاء القصامه: وفيه خمسة أمور هي: 1 - معنى استيفاء القصاص. 2 - مستحقه. 3 - شروطه. 4 - كيفيته. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [32]. (¬2) سورة الشورى، الآية: [40]. (¬3) سورة آل عمران، الآية: [134].

5 - تنفيذه. الأمر الأول: معنى استيفاء القصاص: استيفاء القصاص: تنفيذه بقتل القاتل، وقطع القاطع، وجرح الجارح. الأمر الثاني: مستحق استيفاء القصاص: مستحق استيفاء القصاص: هو مستحق القصاص وقد تقدم. الأمر الثالث: شروط استيفاء القصاص: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - تكليف المستحق. 2 - الاتفاق عليه. 3 - أمن التعدي فيه. الجانب الأول: تكليف المستحق: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان المراد بالمكلف. 2 - توجيه اشتراط التكليف. 3 - الاستيفاء حين تخلف التكليف. الجزء الأول: بيان المراد بالمكلف: المراد بالمكلف: البالغ العاقل. الجزء الثاني: توجيه اشتراط التكليف: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - ما يخرج بالشرط. الجزئية الأولى: توجيه اشتراط التكليف لاستيفاء القصاص: وجه اشتراط التكليف لاستيفاء القصاص: أن من أهداف القصاص التشفي وغير المكلف لا يدركه.

الجزئية الثانية: ما يخرج بشرط التكليف: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الفقرة الأولى: بيان ما يخرج: يخرج بشرط التكليف غير المكلف، وهو غير العاقل والصغير. الفقرة الثانية: توجيه الخروج: توجيه غير العاقل والصغير بشرط التكليف: ما تقدم في توجيه أصل الاشتراط. الجزء الثالث: الاستيفاء حين تخلف التكليف: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا اختص بالقصاص غير المكلف. 2 - إذا شاركه فيه المكلف. الجزئية الأولى: إذا اختص بالقصاص غير المكلف: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة اختصاص غير المكلف بالقصاص. 2 - الاستيفاء. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة اختصاص غير المكلف بالقصاص: أن يكون القتيل رقيقه. الفقرة الثانية: الاستيفاء: وفيها شيئان هما: 1 - استيفاء غير المكلف بنفسه. 2 - النيابة عنه. الشيء الأول: استيفاء غير المكلف بنفسه: وفيه نقطتان هما:

1 - تمكينه من القصاص. 2 - الاعتداد به لو وقع. النقطة الأولى: التمكين من القصاص: وفيها قطعتان هما: 1 - حكم التمكين. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: حكم التمكين: تمكين غير المكلف في استيفاء القصاص لا يجوز. القطعة الثانية: التوجيه: وجه منع غير المكلف من استيفاء القصاص ما يأتي: 1 - أنه لا يحسنه. 2 - أنه لا يؤمن من تعديه فيه. 3 - أنه قد يتعدى إلى غير الجاني. النقطة الثانية: الاعتداد باستيفاء غير المكلف لو وقع: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في الاعتداد بقصاص غير المكلف لو وقع على قولين: القول الأول: أنه لا يعتد به. القول الثاني: أنه يعتد به. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الاعتداد باستيفاء غير المكلف للقصاص بما يأتي: 1 - أنه ليس من أهل الاستيفاء. 2 - أنه لا يحصل باستيفائه التشفي، وهو من مقاصد القصاص؛ لأنه لا يدركه ولا يشعر به. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالاعتداد باستيفاء غير المكلف للقصاص بما يأتي: 1 - أنه أتلف عين حقه بنفسه فكان كما لو أتلف وديعة له عند غيره فكما لا يجب له على الوديع شيء إذا اتلف وديعة نفسه لا مجب له على الجاني شيء إذا قتله. 2 - أنه لو لم يعتد باستيفائه لوجب عليه ضمان الجاني بدينه فلا فائدة بأخذه الدية وهو سيدفعها إلى أوليائه. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالاعتداد باستيفاء غير المكلف للقصاص بنفسه. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالاعتداد باستيفاء غير المكلف ووقوعه موقعه: أن استيفاء القصاص هو قتل ولي القتيل للقاتل وقد حصل.

الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن التشفى جزء من مقاصد القصاص وله مقاصد أهم من التشفى، ومنها الردع والزجر والتخلص من الجناة والمجرمين، وهذا يحصل باستيفاء غير المكلفين. الشيء الأول: النيابة عن غبر المكلف في استيفاء القصاص: وفيه نقطتان هما: 1 - حكم النيابة. 2 - النائب. النقطة الأولى: حكم النيابة: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في النيابة عن غير المكلف في استيفاء القصاص على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: مما وجه به القول الأول ما يأتي:

1 - أن الحسن بن علي - رضي الله عنه - قتل عبد الرحمن بن ملجم ولم ينتظر بلوغ إخوته. 2 - أن القصاص أحد بدلي النفس فيجوز للولي استيفاؤه كالدية. 3 - أن تأخير القصاص قد يفوت حق المولي عليه كما لو مات الجاني مفلسا. 4 - أن الأب يلي نكاح المولى عليه فيستوفي القصاص الواجب له؛ لأن الكل من الولاية على النفس وهي ثابتة للأب. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم النيابة عن غير الكلف في استيفاء القصاص بما يأتي: 1 - أن الولي لا يملك إطلاق زوجة موليه فلا يملك استيفاء القصاص له. 2 - أن من مقاصد القصاص التشفي، وهو لا يحصل للمستحق باستيفاء غيره له. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم نيابة ولي غير المكلف في استيفاء القصاص عنه. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح منع النيابة عن غير المكلف في استيفاء القصاص له ما يأتي: 1 - أن العفو عن القصاص مطلوب، وهو متوقع من غير المكلف عند تكليفه فينتظر.

2 - أن التأخير لصالح الجاني والمستحق. فصالح المستحق من وجهين: الوجه الأول: أنه قد يعفو فيستفيد المال. الوجه الثاني: أنه إذا استوفى بنفسه حصل له التشفى المطلوب بالقصاص. ومصلحة الجاني من وجهين كذلك: الوجه الأول: أن تأخير القصاص ابقاء لحياته مدة الانتظار، وذلك في صالحه. الوجه الثاني: أنه قد يعفى عنه فيسلم من القتل. الشرمجة الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيها أربع جمل: 1 - الجواب عن قتل الحسن لابن ملجم. 2 - الجواب عن قياس استيفاء القصاص على استيفاء الدية. 3 - الجواب عن فوات الحق بالانتظار. 4 - الجواب عن قياس ولاية استيفاء القصاص على ولاية النكاح. الجملة الأولى: الجواب عن قتل الحسن لابن ملجم: يجاب عن ذلك: بأن قتل ابن ملجم ليس قصاصا بل لأنه قاتل غيلة وذلك إلى الإمام. الجملة الثانية: الجواب عن قياس استيفاء القصاص على استيفاء الدية: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن استيفاء الدية لا يفوت به على غير المكلف شيء فيستوى في قبضه هو وغيره؛ بخلاف استيفاء القصاص فيفوت به التشفي وهو أهم أهدافه.

الجملة الثالثة: الجواب عن احتمال فوات الحق بالانتظار: أجيب عن ذلك: بأن استيفاء القصاص يفوت حق التشفي وهو متيقن، وفوات الحق بالانتظار محتمل، والفوات المتيقن أشد من الفوات المحتمل. الجملة الرابعة: الجواب عن قياس استيفاء القصاص على ولاية النكاح: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن عقد النكاح تحصيل للمصلحة واستيفاء القصاص تفويت لها فلا يصح. النقطة الثانية: النائب عن غير المكلف في استيفاء القصاص: وفيها أربع قطع هي (¬1): 1 - نيابة الأب. 2 - نيابة وصي الأب. 3 - نيابة الحاكم. 4 - نيابة باقي الأولياء. القطعة الأولى: نيابة الأب: وفيها شريحتان هما: 1 - النيابة. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: النيابة: نياب الأب عن غير المكلف في استيفاء القصاص لا خلاف فيها بين القائلين بجواز النيابة. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه جواز نيابة الأب عن غير المكلف في استيفاء القصاص: أن الأب كامل الشفقة على ولده فيكون تشفيه بتنفيذ القصاص مثل تشفي ولده فيأخذ حكمه في تنفيذ القصاص عنه. ¬

_ (¬1) فصلت هذه القطع عن بعضها لاختلاف التوجيه فيها.

القطعة الثانية: نيابة وصي الأب: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: اختلف في نيابة وصي الأب في تنفيذ القصاص لغير المكلف على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بصحة نيابة وصي الأب في تنفيذ القصاص لغير المكلف: بقياس ولاية استيفاء القصاص على ولاية النكاح؛ لأن الأب لم يوصه إلا بعد أن عرف كمال شفقته وحرصه على مصلحة المولى عليه. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم صحة نيابة الوصي عن غير المكلف في استيفاء القصاص: أن من مقاصد القصاص التشفي وهو لا يحصل باستيفاء غير المستحق. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم جواز نيابة الوصي في استيفاء القصاص. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم صحة ولاية الوصي في تنفيذ القصاص بما يأتي: 1 - أن دليله أظهر. 2 - أنه أحفظ لحق غير المكلف. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن قياس استيفاء القصاص على ولاية النكاح قياس مع الفارق؛ لأن ولاية النكاح تحصيل مصلحة واستيفاء القصاص تفويت لها. القطعة الثالثة: نيابة الحاكم: وفيها شريحتان هما: 1 - حال ولايته. 2 - تنفيذه للقصاص. الشريحة الأولى: حال الولاية: وفيها جملتان هما: 1 - بيان حال الولاية. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان حال الولاية: ولاية الحاكم حين عدم الأب. الجملة الثانية: التوجيه: وجه تحديد ولاية الحاكم بحال عدم الأب: أن الأب يختص بكمال الشفقة على المولى عليه والحرص على مصلحته فلا يقدم السلطان عليه. الشريحة الثانية: تنفيذ الحاكم للقصاص: وفيها ثلاث جمل هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجملة الأولى: الخلاف: اختلف في نيابة الحاكم عن غير المكلف في استيفاء القصاص على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. الجملة الثانية: التوجيه: أولا: توجيه القول الأول: وجه القول بجواز ولاية الحاكم للقصاص عن غير المكلف: بأن السلطان ولي من لا ولي له، ومن لا أب له بمنزلة من لا ولي له؛ لأن غير الأب لا يستوفي القصاص فيكون السلطان وليه فيستوفى القصاص له. ثانيا: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم نيابة السلطان في استيفاء القصاص لغير المكلف بأن من مقاصد القصاص التشفى وهذا لا يحصل في استيفاء السلطان فلا يتولاه. الجملة الثالثة: الترجيح: أولاً: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم جواز استيفاء السلطان لقصاص غير المكلف. ثانيا: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بمنع استيفاء السلطان لقصاص غير المكلف قوة دليله وضعف دليل المخالفين.

ثالثا: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن وجهة القول بنيابة السلطان عن غير المكلف في استيفاء القصاص: بأن حاصله إثبات النيابة للسلطان والخلاف في استيفاء السلطان للقصاص وثبوت النيابة لا يستلزم إثبات الاستيفاء. القطعة الرابعة: نيابة باقي الأولياء: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: اختلف في نيابة باقي الأولياء عن غير المكلف في تنفيذ القصاص على قولين: القول الأول: أن نيابتهم صحيحة. القول الثاني: أن نيابتهم لا تصح. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بنيابة باقي الأولياء عن غير المكلف في تنفيذ القصاص بأن الهدف من استيفاء الولي لقصاص غير المكلف خشية ضياع حقه بموت الجاني مفلسا أو هربه، وهذا لا يختلف من ولي إلى ولي. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم جواز استيفاء باقي الأولياء لقصاص غير المكلف: بأن أهم مقاصد القصاص التشفي، وهذا لا يتحقق باستيفاء غير المستحق فلا يستوفيه.

الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيه ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم صحة النيابة لغير الأب عن غير المكلف في تنفيذ القصاص. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم صحة النيابة لغير الأب عن غير المكلف في تنفيذ القصاص: قوة وجهة نظره وضعف وجهة نظر المخالفين. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن وجهة القول بصحة نيابة غير الأب في استيفاء القصاص عن غير المكلف: بأن الهدف من القصاص التشفي وهذا لا يتحقق باستيفاء غير لمستحق، وإنما جوز للأب؛ لأنه بمنزلة المستحق كما تقدم. الجزئية الثانية: استيفاء القصاص إذا اشترك فيه المكلف وغيره: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة الاشتراك في القصاص من المكلف وغيره. 2 - انتظار غير المكلف في الاستيفاء. الفقرة الأولى: أمثلة الاشتراك في القصاص من المكلف وغيره: من أمثلة الاشتراك في القصاص من المكلف وغيره ما يأتي: 1 - اشتراك العاقل وغيره. 2 - اشتراك الصغير والكبير.

الفقرة الثانية: انتظار غير المكلف في الاستيفاء: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: إذا كان استحقاق القصاص مشتركا بين مكلف وغيره فقد اختلف في انتظاره على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه ينتظر مطلقا سواء كان الشريك الأب أم غيره. القول الثاني: أنه لا ينتظر مطلقا سواء كان الشريك الأب أم غيره. القول الثالث: أنه لا ينتظر إن كان الشريك الأب دون غيره. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بانتظار غير المكلف باستيفاء القصاص بما يأتي: 1 - أن القصاص للتشفى وذلك لا يحصل باستيفاء غير المستحق. 2 - أن القصاص أحد بدلي النفس فلا يجوز لبعض الأولياء الانفراد به كالدية. 3 - أن الانتظار يضمن لغير المكلف حقه ولا يفوت على المكلف حقه. 4 - أن عفو المكلف عن القصاص عند تكليفه محتمل والعفو مطلوب فينتظر.

النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الانتظار مطلقا بما يأتي: 1 - أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قتل عبد الرحمن بن ملجم ولم ينتظر الصغار. 2 - أن الانتظار فيه تعريض للدم بالضياع، بموت الجاني مغلسا أو هربه. النقطة الثالثة: توجيه القول الثالث: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه عدم انتظار الأب. 2 - توجيه انتظار غير الأب. القطعة الأولى: توجيه عدم انتظار الأب: وجه عدم انتظار الأب لتكليف موليه في استيفاء القصاص بما يأتي: 1 - أن الأب له ولاية على نفس موليه فيستوفي القصاص المشترك بينهما. 2 - أن الأب يستوفي قصاص موليه الخاص به فيستوفى القصاص المشترك بينهما من باب أولى. القطعة الثانية: توجيه انتظار غير المكلف في استيفاء القصاص المشترك بينه وبين غير أبيه: وجه انتظار غير المكلف في استيفاء القصاص المشترك بينه وبين غير أبيه بما يأتي: 1 - أن استيفاء القصاص من الولايهْ على النفس، وغير الأب لا ولاية له على النفس فلا يستوفيه.

2 - أن من مقاصد القصاص التشفي واستيفاؤه من غير مستحقه يفوته عليه فلا يستوفيه. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الانتظار مطلقا، سواء كان المشارك لغير المكلف أباه أم غيره. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالانتظار مطلقا: أنه أقوى أدلة وأظهر. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها قطعتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. القطعة الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: وفيها شريحتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بقتل الحسن لعبد الرحمن بن ملجم. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن الانتظار يعرض الحق للضياع. الشريحة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بقتل الحسن لعبد الرحمن بن ملجم: اْجيب عن ذلك: بأن قتله كان سياسة وليس قصاصا وذلك لأحد الأمور الآتية:

1 - أنه قاتل غيلة. 2 - أنه مستحل للدم الحرام. 3 - أنه ساع في الأرض بالفسار. الشريحة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بأن الانتظار يعرض الحق للضياع: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن العفو يفوت القصاص وليس ممنوعا. الجواب الثاني: أن استيفاء القصاص من غير مستحق تضييع للحق وليس تعريضا، فإذا جاز جاز الانتظار من باب أولى. القطعة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: وفيها شريحتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالولاية. 2 - الجواب عن الاحتجاج باستيفاء الأب للقصاص الخاص. الشريحة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالولاية: أجيب عن ذلك: بأن الولاية تقتضي تحصيل المصلحة لا تضييعها، واستيفاء القصاص تضييع للمصلحة وليس تحصيلا لها. الشريحة الثانية: الجواب عن الاحتجاج باستيفاء القصاص الخاص: أجيب عن ذلك: بأن استيفاء الأب للقصاص الخاص بموليه ممنوع كما تقدم في استيفاء القصاص الخاص بغير المكلف. الجانب الثاني: اتفاق الأولياء على استيفاء القصاص: وفيه جزءان هما: 1 - إذا تعدد القتلى لقاتل واحد، وكان أولياء كل قتيل غير أولياء الآخر. 2 - إذا تعدد القتلى لقاتل واحد وكان أولياء كل قتيل هم أولياء الآخر.

الجزء الأول: إذا تعدد القتلى لقاتل واحد وكان أولياء كل قتيل غير أولياء القتيل الآخر: وفيه جزئيتان هما: 1 - اشتراط الاتفاق. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: اشتراط الاتفاق: إذا تعدد القتلى لقاتل واحد وكان أولياء كل قتيل غير أولياء القتيل الآخر، لم يشترط لاستيفاء أولياء كل قتيل موافقة أولياء القتيل الآخر. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم اشتراط الاتفاق من أولياء كل قتيل على استيفاء القصاص إذا كان أولياء كل قتيل غير أولياء القتيل الآخر: أن القصاص يجب لأولياء كل قتيل وجويا كاملا مستقلا عن الوجوب لأولياء القتيل الآخر؛ لأن عفوهم لا يمنعه. الجزء الثاني: إذا كان القتيل واحدا أو كان أولياء كل قتيل هم أولياء الآخر: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - اشتراط اتفاق الأولياء على الاستيفاء. 2 - انتظار تكليف غير المكلف. 3 - انتظار الغائب. 4 - قتل بعض الأولياء قبل الاتفاق. الجزئية الأولى: اشتراط الاتفاق: وقد تقدم ذلك في عفو بعض الأولياء. الجزئية الثانية: انتظار تكليف غير المكلف: وقد تقدم ذلك في شرط التكليف.

الجزئية الثالثة: انتطار الغائب: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كانت الغيبة قريبة. 2 - إذا كانت الغيبة بعيدة. الفقرة الأولى: إذا كانت الغيبة قريبة: وفيها شيئان هما: 1 - ضابط الغيبة القريبة. 2 - الانتظار. الشيء الأول: ضابط الغيبة القريبة: الغيبة القريبة: ما أمكنت فيها المكاتبة ووصول الأخبار. الشيء الثاني: الانتظار: وفيها نقطتان هما: 1 - الانتظار. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: الانتظار: إذا كان في مستحقي القصاص غائب غيبة قريبة وجب انتظاره. النقطة الثانية: التوجيه: وجه انتظار الغائب غيبة قريبة ما يأتي: 1 - أن العفو مطلوب، وهو من الغائب محتمل فينتظر. 2 - أن الغائب غيبة قريبة في حكم الحاضر؛ لإمكان مراجعته بلا ضرر، لحاضر يجب معرفة رأيه فيكون الغائب غيبة قريبة كذلك. الفقرة الثانية: إذا كانت الغيبة بعيدة: وفيها شيئان هما: 1 - ضابط الغيبة البعيدة. 2 - الانتظار.

الشيء الأول: ضابط الغيبة البعيدة: وفيه نقطتان: 1 - بيان الضابط. 2 - الأمثلة. النقطة الأولى: بيان الضابط: الغيبة البعيدة: ما لا تمكن فيها المراجعة والمكاتبة. النقطة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الغائب غيبة بعيدة ما يأتي: 1 - الأسير. 2 - المفقود. الشيء الثاني: الانتظار: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: إذا كان في مستحقي القصاص غالْب غيبة بعيدة فقد اختلف في انتظاره على قولين: القول الأول: أنه ينتظر. القول الثاني: أنه لا ينتظر. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بانتظار الغائب في استيفاء القصاص ولو كانت غيبة بعيدة بما يأتي: 1 - أن القصاص للتشفي وذلك لا يحصل باستيفاء غير المستحق. 2 - أن القصاص أحد بدلي النفس فلا يجوز لبعض الأولياء الاستقلال به كالدية. 3 - أن الانتظار يضمن للغائب حقه ولا يفوت على الحاضر حقه. 4 - أن عفو الغائب عن القصاص محتمل، والعفو مطلوب فينتظر. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم انتظار الغائب البعيد في استيفاء القصاص بما يأتي: 1 - أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قتل ابن ملجم ولم ينتظر بلوغ الصغار. 2 - أن انتظار الغائب يعرض الحق للضياع: لموت الجاني مفلسا أو هروبه. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالانتظار. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بانتظار الغائب ولو كانت غيبته بعيدة: أنه يحقق مصلحة الغائب ولا يضر الحاضر.

القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها شريحتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بقتل الحسن لعبد الرحمن بن ملجم. 2 - الجواب عن الاحتجاج بفوات الحق بالانتظار. الشريحة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بقتل ابن ملجم: أجيب عن ذلك: بأنه ليس قصاصا، ولكنه سياسة وذلك لأحد الأسباب الآتية: 1 - أن قتله لعلي - رضي الله عنه - كان غيلة. 2 - أنه قد ارتد بقتله لعلي - رضي الله عنه - لاستحلاله الدم الحرام. 3 - أنه بقتل علي - رضي الله عنه - كان ساعيا في الأرض بالفساد. الشريحة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بتعريض الحق للضياع بالانتظار: بما يأتي: أ - منع كون انتظار الغائب يعرض الحق للضياع، فإنه لو فرض فوات القصاص بموت الجاني أو هروبه فإنه يرجع إلى الدية وهي لا تفوت بالانتظار. 2 - أنه على التسليم بفوات القصاص بالانتظار، فإن القصاص يفوت حق الغائب من التشفي بالقصاص ونصيبه من الدية لو اختارها وليس أحد الحقين أولى بالمراعاة من الآخر. 3 - أنه على التسليم بأن الانتظار يعرض الحق للضياع بفوات الاقتصاص، فإنه يفوت إلى بدل وهو الدية، وحق الغائب بالاقتصاص يفوت إلى غير بدل، وما يفوت إلى غير بدل أولى بالمراعاة مما يفوت إلى بدل؛ لأنه أكثر ضررا.

الجزء الثالث: قتل بعض الأولياء للجاني قبل اتفاق الأولياء عليه وقبل العفو عنه: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الإقدام على القتل. 2 - ما يجب به. الجزئية الأولى: حكم الإقدام على القتل: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: الإقدام على الاقتصاص من القاتل قبل اتفاق الأولياء عليه لا يجوز. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحريم قتل الجاني قبل اتفاق الأولياء عليه بما يأتي: 1 - أن العفو قبل الاتفاق عليه محتمل وهو مطلوب فلا يجوز استيفاء القصاص مع احتمال العفو؛ لأن ذلك شبهة لا يجوز استيفاء القصاص معها. 2 - أن استيفاء القصاص حق لجميع الأولياء فلا يجوز بغير إذنهم. الجزئية الثانية: ما يجب بقتل الجاني قبل الاتفاق عليه: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا أجازه باقي الأولياء. 2 - إذا لم يجزه باقي الأولياء. الفقرة الأولى: إذا أجاز القتل باقي الأولياء: وفيها شيئان هما: بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان ما يجب: إذا أجاز بقية الأولياء قتل الجاني من غير إذنهم لم يجب به على قاتله شيء.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه سقوط ما يترتب لبقية الأولياء على قاتل الجاني بغير إذنهم إذا أجازوا القتل: أن الحق في ذلك لهم، فإذا أجازوه وقع موقعه وكان كما لو اتفقوا عليه قبل القتل؛ لأن الإجازة اللاحقة كالإجازة السابقة. الفقرة الثانية: إذا لم يجز باقي الأولياء القتل: وفيها شيئان هما: 1 - ما يجب لشريك القاتل. 2 - ما يجب لأولياء الجاني. الشيء الأول: ما يجب لشريك القاتل: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - مسؤولية الواجب. النقطة الأولى: بيان ما يجب: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان ما يحب: الواجب لشريك قاتل الجاني ما زاد عما يستحقه القاتل من دية مورثهم قتيل الجاني. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه الوجوب. 2 - توجيه مقدار الواجب. الشريحة الأولى: توجيه الوجوب: وجه استحقاق شركاء القاتل للجاني نصيبهم من الدية: أن الواجب بقتل العمد أحد شيئين القصاص أو الدية، وقد فات القصاص بقتل الجاني بغير إذنهم فتعينت لهم الدية كما لو كان القاتل للجاني أجنبي.

الشريحة الثانية: توجيه مقدار الواجب: وجه كون الواجب لشريك القاتل ما زاد عما يستحقه من دية مورثهم: أنه شريك في القصاص أو الدية، فلما استوفى نصيبه في القصاص سقط نصيبه من الدية، وبقى من فاته القصاص نصيبه من الدية. النقطة الثانية: مسؤولية الواجب: وفيها أربع قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - ما يترتب على الخلاف. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف في المسؤول عما يستحقه شركاء قاتل الجاني على قولين: القول الأول: أن المسؤول هو قاتل الجاني. القول الثاني: أنه يتعلق بتركة الجاني. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن قاتل الجاني هو المسؤول عما يستحقه شركاؤه من الدية: بأنه هو الذي فوت القصاص عليهم بقتله للجاني بغير إذنهم فيرجعون عليه ببدله وهو الدية كما لو أتلف وديعة لهم.

الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن ما يستحقه شركاء قاتل الجاني هو تركة الجاني: أنه بدل عن القصاص ومتعلق القصاص الجاني فتتعلق به الدية كذلك كما لو مات الجاني من غير قتل. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بتعلق ما يستحق شركاء قاتل الجاني بتركة الجاني. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن متعلق ما يستحقه شركاء قاتل الجاني هو تركة الجاني: أن سبب وجوبه هو قتل مورثهم فيتعلق الوجوب بمن حصل منه القتل لمورثهم وهو الجاني كالقصاص، وقد فات القصاص بقتل الجاني فيتعلق بدله وهو الدية بتركة الجاني كما لو مات من غير قتل، أوكان القاتل غير الشريك. الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأنه لا يلزم من فوات القصاص بقتل الجاني تعلق الواجب بالمفوت له، كما لوكان القاتل غير الشريك، وكقتل المدين. القطعة الرابعة: ما يترتب على الخلاف: وفيها شريحتان هما:

1 - ما يترتب على القول بتعلق حق شركاء القاتل بتركة الجاني. 2 - ما يترتب على القول بتعلق حق شريك قاتل الجاني بقاتله. الشريحة الأولى: ما يترتب على القول بتعلق حق شركاء القاتل بتركة الجاني: مما يترتب على القول بتعلق الحق بتركة الجاني ما يأتي: 1 - صحة إبراء ورثته. 2 - رجوع ورثة الجاني إذا أبرئوا على قاتله بقسط العافي من دية الجاني. 3 - رجوع ورثة الجاني على قاتله بالواجب لشركائه إن لم يعفوا. 4 - صحة أخذ الواجب من تركة الجاني ولو لم يتعذر أخذه من قاتله. 5 - عدم مطالبة شريك القاتل للقاتل بشيء ولو تعذر أخذ الواجب من تركة الجاني. الشريحة الثانية: ما يترتب على القول بتعلق الحق بقاتل الجاني: مما يترتب على القول بتعلق الواجب بقاتل الجاني ما يأتي: 1 - صحة إبرائه من شركائه. 2 - صحة أخذ الواجب منه ولو كان الجاني مفلسا. 3 - عدم رجوع ورثة الجاني على قاتله بشيء. 4 - عدم الرجوع على تركة الجاني بشيء ولو كان قاتله مفلسا. الشيء الثاني: ما يجب لأولياء الجاني: وفيه نقطتان هما: 1 - الدية. 2 - القصاص. النقطة الأولى: الدية: وفيها قطعتان هما:

1 - على القول بتعلق الواجب لشركاء القاتل بتركة الجاني. 2 - على القول بتعلق الواجب لشركاء القاتل بالقاتل. القطعة الأولى: ما يجب لورثة الجاني على القول بتعلق حق شركاء القاتل بتركة الجاني: وفيها شريحتان هما: 1 - إذا عفا شريك القاتل. 2 - إذا لم يعف شريك القاتل. الشريحة الأولى: إذا عفا شريك القاتل: وفيها جملتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان الواجب: إذا عفا شريك القاتل كان لورثة الجاني الرجوع على القاتل بقسط العافي من دية الجاني. الجملة الثانية: التوجيه: وجه استحقاق ورثة الجاني الرجوع على القاتل بقسط العافي من دية الجاني: أن القاتل استوفاه بغير حق فلزمته ديته. الشريحة الثانية: إذا لم يعف شريك القاتل: وفيها جملتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان ما يجب: إذا لم يعف شريك القاتل كان لورثة الجاني الرجوع على القاتل بقسط شريكه من دية قتيل الجاني.

الجملة الثانية: التوجيه: وجه استحقاق ورثة الجاني للرجوع على قاتله بقسط الشريك من دية قتيل الجاني: أنه السبب في رجوع الشريك على تركة الجاني بتفويت القصاص عليه فوجب الرجوع عليه. القطعة الثانية: إذا قيل بتعلق الواجب بقاتل الجاني: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان الواجب: إذا قيل بتعلق الواجب بقاتل الجاني لم يجب لورثته شيء سواء عفا شريك القاتل أم لم يعف. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه عدم الوجوب إذا عفا شريك القاتل. 2 - توجيه عدم الوجوب إذا لم يعف شريك القاتل. الجملة الأولى: توجيه عدم الوجوب إذا عفا شريك القاتل: وجه عدم استحقاق ورثة الجاني لشيء إذا عفا شركاء القاتل، وكان الحق متعلقا بقاتل الجاني: أن العفو عن القاتل، وذلك كإعفاء الدائن للكفيل بعد إلزامه بالسداد، فكما لا يجوز للمدين الرجوع على الكفيل بما أعفي منه لا يجوز لورثة الجاني الرجوع على القاتل بما أعفى منه. الجملة الثانية: توجيه عدم الوجوب إذا لم يعف شريك القاتل: أولا: توجيه عدم الرجوع بحق شريك القاتل:

وجه عدم رجوع ورثة الجاني على قاتله بحق شريكه: أن القاتل هو الذي سيدفعه إلى شريكه ولم يدفعوا هم له شيئا، فلم يستحقوا الرجوع به. ثانيا: توجيه عدم رجوع ورثة الجاني على قاتله: وجه عدم رجوع ورثة الجاني على قائله بديته إذا لم يعف الشريك أن دم الجاني مستحق لورثة قتيله ولم يعفوا عنه فلا يستحق ورثته بقتله الرجوع بشيء. النقطة الثانية: القصاص: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: إذا قتل بعض أولياء القتيل الجاني قبل الاتفاق عليه فقد اختلف في وجوب القصاص عليه على قولين: القول الأول: أنه لا يجب عليه. القول الثاني: أنه يجب عليه. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم وجوب القصاص على قاتل الجاني: بأن قاتله له شبهة وهي الاشتراك في استحقاق القصاص منه، والقصاص يدرأ بالشبهة فلا يقتص منه.

الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب القصاص من قاتل الجاني بما يأتي: 1 - أن القاتل ممنوع من الاقتصاص من غير إذن شركائه، فإذا قتل وجب عليه القصاص، كالأجنبي. 2 - أن القاتل استوفى أكثر من حقه فوجب عليه القصاص كما لو وجب له قصاص في الطرف فقتله. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم وجوب القصاص. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم وجوب القصاص على قاتل الجاني: أن الشبهة في قتله للجاني ظاهرة والقصاص يدرأ بالشبهات. الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها جملتان هما: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. الجملة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن قياس قتل أحد أولياء الدم للجاني على قتل الأجنبي له: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الأجنبي لا شبهة له فيجب عليه القصاص، والمشارك في استحقاق القصاص من الجاني له شبهة في قتله فلا يجب القصاص عليه.

الجملة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن قياس اقتصاص الشريك على القتل بدلا من قطع الطرف: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن القتل بدل القطع لا شبهة فيه بخلاف اقتصاص الشريك فإن الشبهة فيه ظاهرة. الجانب الثالث: أمن التعدي في الاستيفاء: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة التعدي. 2 - الاستيفاء. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة تعدي القصاص إلى غير الجاني ما يأتي: 1 - أن يجب القصاص على حامل. 2 - أن يجب القصاص على حائل فتحمل. 3 - أن يجب القصاص على مرضع لا بعيش ولدها بدونها. الجزء الثاني: الاستيفاء: وفيه جزئيتان هما: 1 - الاستيفاء من الحامل. 2 - الاستيفاء من المرضع. الجزئيلا الأولى: استيفاء القصاص من الحامل: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم الإقدام على الاستيفاء. 2 - ضحان الحمل. الفقرة الأولى: الإقدام على الاستيفاء: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه.

الشيء الأول: بيان الحكم: الاقتصاص من الحامل لا يجوز. الشيء الثاني: التوجيه: وجه تحريم الاقتصاص من الحامل ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نهت عن الاعتداء، ومقتضى النهي التحريم، والاقتصاص من الحامل اعتداء؛ لأنه يتعدى إلى ولدها فيكون محرما. 2 - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نهت عن الإسراف في القتل وقتل الحامل إسراف؛ لأنه يتعدى إلى ولدها فيكون محرما. 3 - قوله للغامدية: (إرجعي حتى تضعي ما في بطنك) (¬3). 4 - أن الاقتصاص من الحامل قبل وضعها: يفوت حق الحمل وهو منع القصاص من أجله، وتأخير القصاص يحقق الحقين، وهو أولى من إهداء أحدهما. الفقرة الثانية: ضمان الحمل: وفيها شيئان هما: 1 - حالات الحمل. 2 - الضمان. الشيء الأول: حالات الحمل: وفيها نقطتان هما: ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 190. (¬2) سورة الإسراء، الآية: 33. (¬3) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمها/ 4440.

1 - بيان الحالات. 2 - ما يجب به الضمان منها. النقطة الأولى: بيان الحالات: حالات الحمل بعد خروجه كما يلي: 1 - أن يخرج ما لم يتبين فيه خلق إنسان. 2 - أن يخرج ميتا. 3 - أن يخرج حيا حياة غير مستقرة. 4 - أن يخرج حيا حياة مستقرة ثم يموت. النقطة الثانية: ما يجب به الضمان من الحالات: الحالات التي يجب بها الضمان: هي ما عدا الحالة الأولى من الحالات السابقة. الشيء الثاني: الضمان: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - شروط الضمان. 2 - نوع الضمان. 3 - مسؤولية الضمان. النقطة الأولى: شروط الضمان: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الشرط. 2 - ما يعرف به. 3 - أثر تخلفه. القطعة الأولى: بيان الشرط: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان الشرط. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان الشرط: يشترط لضمان الحمل: أن يكون موته بسبب القصاص من أمه.

الشريحة الثانية: التوجيه: وجه اشتراط سببية القصاص في موت الحمل لضمانه: أن الضمان فرع لسبب الموت، فإذا لم يكن القصاص هو سبب الموت لم يوجد سبب الضمان، فلم يلزم الضمان. القطعة الثانية: ما يعرف به الشرط: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان ما يعرف به. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: ما يعرف به: طريقة معرفة سببية القصاص موت الحمل هو الطب. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه تحديد الطب لمعرفة سببية القصاص لموت الحمل: أنه الذي يعرف طبائع الأجسام وما يؤثر فيها وما تتأثر به ونتائج الأثر. القطعة الثالثة: أثر تخلف الشرط: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان الأثر: إذا لم يتحقق موت الحمل بسبب القصاص من أمه انتفى الضمان. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه انتفاء الضمان إذا لم يتحقق الشرط: أن الأصل عدم الضمان فلا يجب مع انتفاء شرطه؛ لأن من لازم انتفاء الشرط انتفاء المشروط.

النقطة الثانية: نوع الضمان: وفيها قطعتان هما: 1 - الغرة. 2 - الدية. القطعة الأولى: الضمان بالغرة: وفيها أربع شرائح هي: 1 - بيان المرادة بالغرة. 2 - قيمتها. 3 - حالات الضمان بها. 4 - دليل الضمان بها. الشريحة الأولى: بيان المراد بالغرة: الغرة: عبد أو أمة. الشريحة الثانية: قيمة الغرة: قيمة الغرة: عشر دية أم الجنين. الشريحة الثالثة: حالات الضمان بها: حالات الضمان بالغرة ما يأتي: 1 - إذا ولد الحمل ميتا. 2 - إذا كانت حياته غير مستقرة. الشريحة الرابعة: دليل ضمان الحمل بالغرة: من أدلة ضمان الحمل بالغرة ما يأتي: 1 - ما ورد أن امرأة قتلت ضرتها وما في بطنها، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجنينها بغرة عبد أو أمة (¬1). 2 - أن الدية الكاملة لكامل الحياة، وغير مستقر الحياة حياته ناقصة والجنين مظنون الحياة. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب القسامة، باب دية الجنين/1681.

القطعة الثانية: الضمان بالدية: وفيها شريحتان هما: 1 - حالة الضمان بالدية. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: حالة الضمان بالدية: يضمن الحمل بالدية إذا خرج حيا حياة مستقرة ثم مات بسبب القصاص من أمه. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه ضمان الحمل بالدية الكاملة في الحالة المذكورة: أنه أخذ حكم الأحياء فيضمن كما يضمن غيره من الأحياء. النقطة الثالثة: مسوولية الضمان: وفيها أربع قطع هي (¬1): 1 - إذا كان العالم بالحمل المباشر للقصاص وحده. 2 - إذا كان العالم بالحمل الحاكم وحده. 3 - إذا كان العالم بالحمل المباشر والحاكم جميعا. 4 - إذا جهل الحمل من المباشر والحاكم جميعا. القطعة الأولى: إذا كان العالم بالحمل هو المباشر للقصاص وحده: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) فصلت هذه القطع عن بعضها لما يأتي: 1 - اختلاف الترجيح فيها. 2 - تيسير فهم الحكم في كل منهما.

الشريحة الأولى: الخلاف: إذا كان العالم بالحمل هو المباشر للقصاص وحده، فقد اختلف في المسؤول عن الضمان على قولين: القول الأول: أن الضمان على المباشر. القول الثاني: أن الضمان على الحاكم. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الضمان على المباشر إذا كان هو العالم بالحمل وحده: بأنه إذا اجتمع المتسبب والمباشر من غير مانع كان المسؤول هو المباشر، ولا مانع بالمباشر هنا فتكون مسؤولية الضمان عليه. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب الضمان على الحاكم ولو كان العالم بالحمل هو المباشر وحده: بأن الحاهم مفرط حيث لم يتحقق من وضع المرأة، ويتأكد من وجود الحمل أو عدمه. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأنه إذا كان العالم بالحمل هو المباشر للقصاص وحده كانت مسؤولية الضمان عليه. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بمسؤولية المباشر للقصاص لضمان الحمل إذا كان هو العالم بالحمل وحده: أنه المباشر للقصاص والحاكم متسبب، والمباشرة أقوى من التسبب، والمتسبب لا يحمل المسؤولية إلا إذا قام بالمباشرة مانع وليس بالمباشر هنا مانع فيكون هو المسؤول دون المتسبب. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه على التسليم بتفريط الحاكم فإنه لا يرقى إلى ترجيح تضمينه على تضمين المباشر مع علمه. القطعة الثانية: إذا كان العالم بالحمل هو الحاكم وحده: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: إذا كان العالم بالحمل هو الحاكم وحده فقد اختلف في المسؤول عن الضمان على قولين: القول الأول: أن الضمان على الحاكم. القول الثاني: أن الضمان على المباشر.

الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن مسؤولية ضمان الحمل على الحاكم وحده: أن المباشر معذور بالجهل فتكون المسؤولية على الحاكم كالآمر لعبده الأعجمي الذي لا يعلم تحريم القتل. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن مسؤولية ضمان الحمل على المباشر ولو كان العالم الحاكم وحده: أنه إذا اجتمعت المباشرة مع التسبب كانت المسؤولية على المباشر؛ لأن المباشرة أقوى من التسبب. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أنه إذا كان الحاكم هو العالم وحده أن مسؤولية الضمان عليه. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القولط بأن الحاكم هو المسؤول عن الضمان إذا كان هو العالم بالحمل وحده: أن المباشر منفذ لحكمه جاهل ببطلانه فيكون كالآلة له.

الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن تقديم المباشرة على السبب إذا خلت المباشرة من المانع، والمانع هنا قائم وهو عذر المباشر بالجهل. القطعة الثالثة: إذا استوى الحاكم والمباشر بالعلم: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: إذا استوى الحاكم والمباشر في العلم بالحمل فقد اختلف في مسؤولية ضمان الحمل على قولين: القول الأول: أن المسؤول هو المباشر. القول الثاني: أن المسؤول هو الحاكم. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بمسؤولية المباشر: بأنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب ولم يكن المباشر معذورا كان المباشر هو المسؤول، والمباشر هنا لا عذر له؛ لأنه عالم بالحمل وتحريم الاقتصاص من الحامل، ولا عذر له بحكم الحاكم؛ لأنه معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بمسؤولية الحاكم عن ضمان الحمل ولو كان المباشر عالما: بأن المباشر معذور؛ لأنه منفذ لحكم الحاكم وهو كالآلة له. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بمسؤولية المباشر. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بمسؤولية المباشر: أنه هو المباشر للقصاص من غير عذر ولا حجة له مجكم الحاكم؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن حكم الحاكم غير ملجئ فلا يصلح عذرا مع العلم بالحمل والتحريم. القطعة الرابعة: إذا استوى الحاكم والمباشر في الجهل: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: إذا استوى الحاكم والمباشر في الجهل بالحمل فقد اختلف في مسؤولية ضمان الحمل على قولين:

القول الأول: أنه الحاكم. القول الثاني: أنه المباشر. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بمسؤولية الحاكم عن ضمان الحمل إذا استوى في الجهل في الحمل: بأن الحاكم هو الذي يعلم الحكم وعليه أن يتأكد من الحال قبل إصدار الحكم فإذا لم يفعل كان مفرطا فيلزمه الضمان. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بمسؤولية المباشر إذا استوى مع الحاكم في الجهل أن المباشرة أقوى من التسبب فتكون المسؤولية على المباشر، كالمردي مع الحافر. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأنه إذا استوى الحاكم والمباشر في الجهل كان الضمان على الحاكم. الجملة الثانية: التوجيه: وجه ترجيح القول بمسؤولية الحاكم عن ضمان الحمل إذا استوى هو والمباشر بالجهل: أن المباشر معذور بالجهل أما الحاكم فلا عذر له؛ لأنه يعلم الحكم وكان يجب عليه قبل إصدار الحكم باستيفاء القصاص أن يتثبت من خلو محل الحكم من الموانع، وإذا لم يفعل كان مفرطا، والمفرط يلزمه الضمان.

الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن تقديم المباشرة على السبب إذا لم يوجد مرجح للسبب على المباشرة، والمرجح هنا موجود وهو علم الحاكم بالحكم وجهل المباشر به كما تقدم في الترجيح. الجزئية الثانية: الاستيفاء من المرضع: وفيها فقرتان هما: 1 - الاستيفاء. 2 - ما يترتب عليه. الفقرة الأولى: الاستيفاء: وفيها شيئان هما: 1 - إذا كان الولد يعيش من غير أمه. 2 - إذا كان الولد لا يعيش من غير أمه. الشيء الأول: إذا كان الولد يعيش من غير أمه: وفيه نقطتان هما: 1 - ما يعيش به. 2 - الاستيفاء. النقطة الأولى: بيان ما يعيش به الطفل بدون أمه: من الأمور التي يعيش بها الطفل بدون أمه ما يأتي: 1 - الألبان المجففة. 2 - المرضعات. 3 - لبن الحيوان الطازج، سواء كان من الضرع مباشرة أم بالسقي بعد الحلب. النقطة الثانية: الاستيفاء: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه.

القطعة الأولى: بيان الحكم: إذا كان الطفل يستغني عن لبن أمه جاز الاقتصاص منها قبل أن تفطمه، والأولى تأخير الاقتصاص منها حتى تفطم ولدها. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه جواز الاقتصاص. 2 - توجيه التأخير. الشريحة الأولى: توجيه جواز القصاص: وجه جواز القصاص من المرضع إذا كان ولدها يعيش بدونها: أن تأخير القصاص من أجل ولدها، فإذا استغنى عنها لم يكن لتأخير القصاص ضرورة فكان جائزا. الشريحة الثانية: توجيه التأخير: وجه استحباب تأخير القصاص من المرضع ولو عاش ولدها بدونها: أ - أنه أضمن لولدها؛ لأن لبنها أكثر مناسبة له من غيرها وأنفع له منه. ب - أنه يحقق مصلحة الطفل ولا يضر صاحب الحق. الشيء الثاني: إذا كان الطفل لا يعيش من غير أمه: وفيه نقطتان هما: 1 - أسباب كونه لا يعيش من غير أمه. 2 - الاستيفاء. النقطة الأولى: أسباب كون الطفل لا يعيش من غير أمه: من أسباب كون الطفل لا يعيش من غير أمه ما يأتي: 1 - ألا يقبل الرضاع من غيرها. 2 - ألا يوجد ما يغذى به. 3 - ألا يناسبه غير لبن أمه.

النقطة الثانية: الاستيفاء: وفيها قطعتان هما: 1 - حكم الاستيفاء. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان الحكم: استيفاء القصاص من المرضع قبل فطام ولدها لا يجوز. القطعة الثانية: التوجيه: وجه تحريم استيفاء القصاص من المرضع قبل فطام ولدها ما يأتي: 1 - حديث: (إذا قتلت المرأة عمدا لم تقتل حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملا، وحنى تكفل ولدها) (¬1). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجل رجم الغامدية حتى كفلت ولدها (¬2). والقصاص مثله. 3 - أنه إذا منع الاستيفاء من الحامل حفاظا على ولدها كان منع الاستيفاء من المرضع أولى؛ لأنه بعد الوضع متحقق الحياة وقبل الوضع لا تعلم حياة. 4 - أن الاستيفاء من المرضع يعرض الولد للهلاك، وتعريض المعصوم للهلاك لا يجوز. الفقرة الثانية: ما يترتب على استيفاء القصاص من المرضع قبل الفطام: وفيها شيئان هما: 1 - إذا كان الرضيع يعيش بدون أمه. 2 - إذا كان الرضيع لا يعيش بدون أمه. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، باب الحامل يجب عليها القود/ 2694. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجمها/ 4442.

الشيء الأول: إذا كان الرضيع يعيش بدون أمه: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يترتب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان ما يترتب: إذا كان الرضيع يعيش بدون أمه لم يترتب على استيفاء القصاص منها شيء. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم ترتب شيء على الاقتصاص من المرضع قبل فطام ولدها إذا كان يعيش بدونها: أن الاقتصاص منها مأذون فيه، والإذن ينافي الضمان. الشيء الثاني: إذا كان الظاهر أن الطفل لا يعيش بدون أمه: وفيه نقطتان هما: 1 - إذا عاش الطفل. 2 - إذا لم يعش. النقطة الأولى: إذا عاش الطفل: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان ما يترتب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان ما يترتب: إذا عالش الطفل بعد قتل أمه فلا شيء على المقتص منها ولو كان الظاهر أنه لا يعيش بدونها. القطعة الثانية: التوجيه: وجه عدم ترتب الضمان على المقتص من المرضع قبل الفطام إذا عاش الطفل: أن الأم مستوجبة للقتل وكان منع القصاص الخوف على الطفل، فلما عاش الطفل لم يوجد سبب للضمان فلم يجب بقتلها ضمان.

النقطة الثانية: إذا لم يعش الطفل: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الضمان. 2 - نوع الضمان. 3 - مسؤولية الضمان. القطعة الأولى: الضمان: وفيها شريحتان هما: 1 - حكم الضمان. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: حكم الضمان: إذا مات الرضيع بسبب الاقتصاص من أمه وجب ضمانه. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه ضمان الرضيع إذا مات بسبب الاقتصاص من أمه: أنه مات بفعل غير مأذون فيه، يؤدي إلى الموت غالبا فوجب ضمانه، كمن حبس عنه الطعام والشراب مدة يموت مثله في مثلها غالبا. القطعة الثانية: نوع الضمان: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان نوع الضمان. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان نوع الضمان: إذا مات الرضيع بسبب الاقتصاص من أمه قبل فطامه؛ لأنه لا يعيش بدونها، كان ضمانه بالدية كاملة. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما:

1 - توجيه ضمانه بالدية كاملة. 2 - توجيه عدم ضمانه بالقصاص. الجملة الأولى: توجيه الضمان بالدية كاملة: وجه ضمان الرضيع بالدية كاملة: أنه آدمي كامل حي حياة مستقرة فيكون ضمانه بالدية كاملة كالكبير. الجملة الثانية: توجيه عدم الضمان بالقصاص: وجه عدم ضمان الرضيع بالقصاص إذا مات بسبب القصاص من أمه قبل الفطام: أنه لم يقصد بالقتل فلا يكون قتله عمدا. القطعة الثالثة: مسورلية الضمان: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان المسؤولية: إذا مات الرضيع بسبب الاقتصاص من أمه كانت مسؤولية ضمانه على المباشر للاقتصاص منها. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه مسؤولية المقتص من المرضع عن ضمان رضيعها إذا اقتص منها ورضيعها لا يعيش بدونها: أنه قتله بسبب يؤدي إلى موته غالبا، وهو الاقتصاص من أمه وهو لا يعيش بدونها، فوجب عليه الضمان كمن حبس إنسانا ومنعه من الطعام والشراب بمدة يموت مثله في مثلها غالبا. الأمر الرابع: كيفية التنفيذ: وفيه أربعة جوانب هي:

1 - الاقتصاص بالسيف. 2 - الاقتصاص بمثل ما حصل به القتل. 3 - الاقتصاص بوسائل القتل الحديثة. 4 - التخدير عند القتل. الجانب الأول: الاقتصاص بالسيف: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان القتل بقطع الرقبة. 2 - إذا لم يكن القتل بقطع الرقبة. الجزء الأول: إذا كان القتل بقطع الرقبة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: إذا كان القتل بقطع الرقبة فلا خلاف في جواز الاقتصاص بقطع الرقبة بالسيف ونحوه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جواز القصاص بقطع الرقبة إذا كان القتل بذلك ما يأتي: 1 - أن المماثلة تحصل به. 2 - أنه أخف أنواع القتل وأقل في التعذيب وأسرع في الإراحة. الجزء الثاني: إذا لم يكن القتل بقطع الركبة: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا رضي أولياء الدم. 2 - إذا لم يرض أولياء الدم. الجزئية الأولى: إذا رضي أولياء الدم: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه.

الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا رضي أولياء الدم بالاقتصاص بقطع الرقبة جاز ذلك بلا خلاف. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جواز الاقتصاص بقطع الرقبة ولو كان القتل بغيره إذا رضي أولياء الدم: ما تقدم في توجيه الاقتصاص به إذا كان القتل به. الجزئية الثانية: إذا لم يرض أولياء الدم: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: إذا كان القتل بغير حز الرقبة فقد اختلف في القصاص بحز الرقبة على قولين: القول الأول: أنه لا يقتص إلا بحز الرقبة. القول الثاني: أنه يجوز بغيره مما حصل به القتل وما هو أخف منه. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأنه لا يقتص إلا بالسيف لو كان القتل بغيره بما يأتي: 1 - حديث: (لا قود إلا بالسيف) (¬1). ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، كتاب الديات، باب لا قود إلا بالسيف/2667.

2 - حديث: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة) (¬1). 3 - أن المقصود من القصاص الإعدام وقد أمكن ذلك بضرب الرقبة فلا يجوز التعذيب بغيره فيما لو حصل القتل بغيره. 4 - أن القتل بغير قطع الرقبة أكثر تعذيبا فلا يقتص به كلما لا يقتص بالآلة الكالة لو حصل القتل بها. 5 - أن القصاص بغير قطع الرقبة لا تؤمن معه الزيادة على فعل الجاني؛ لأنه قد لا يموت به فيحتاج إلى قطع الرقبة، والزيادة تعد، والتعدي لا يجوز. 6 - أن الاقتصاص بغير قطع الرقبة مثلة والمثلة لا تجوز. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بجواز الاقتصاص بغير السيف بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أمرت بالعقوبة بالمثل وهي مطلقة فيدخل فيها القصاص. 2 - قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (¬3). 3 - قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الصيد والذبائح، باب الأمر بإحسان الذبح/ 1955/ 57. (¬2) سورة النحل، الآية: 26. (¬3) سورة البقرة، الآية: 194. (¬4) سورة الشورى، الآية: 40.

4 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رض رأس يهودي بين حجرين) (¬1). 5 - حديث: (من حرق حرقناه، ومن غرق غرقناه) (¬2). 6 - أن من مقاصد القصاص التشفي وذلك أكمل في القصاص بمثل ما حصل به القتل. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن أدلة القول الآخر. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - جواز المماثلة في القصاص. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بجواز المماثلة في القصاص: قوة أدلته وضعف أدلة المخالفين، كما سيأتي في مناقشتها. الشيء الثالث: الجواب عن أدلة المخالفين: وفيه ست نقاط: النقطة الأولى: الجواب عن الاستدلال بالحديث: (لا قود إلا بالسيف): أجيب عن الاستدلال بالحديث: بأنه ضعيف لا يقوم به حجة (¬3). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب يقاد من القاتل/4527. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات 8/ 43. (¬3) سنن ابن ماجة، كتاب الديات، باب (لا قود إلا بالسيف) /2667.

النقطة الثانية: الجواب عن الاستدلال بحديث: (وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة): أجيب عن ذلك بأنه عام مخصوص بأدلة المماثلة في القصاص. النقطة الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بأن المقصود من القصاص الإماتة: أجيب عن ذلك: بأن ما ذكر بعض مقاصد القصاص وليس كل مقاصده لأن من مقاصده التشفي، وهو لا يكتمل بغير المماثلة. النقطة الرابعة: الجواب عن الاحتجاج بأن الاقتصاص بغير السيف فيه زيادة ايلام للجاني فلا تتحقق به المماثلة: أجيب عن ذلك: بأن المماثلة في الفعل وليس في الإيلام؛ لأن الإيلام لا ينضبط؛ لأن الأشخاص ليسوا فيه سواء فلا يعلق الحكم به. النقطة الخامسة: الجواب عن القول بأن القصاص بغير قطع الرقبة لا ثوء من معه الزيادة بحز الرقبة فيما لو لم يمت الجاني بمثل فعله: أجيب عن ذلك: بأن ولي المجني عليه يملك الإيلام والإماتة فإذا لم تحصل الإماتة بالإيلام بمثل فعل الجاني حازت الإماتة بغيره. النقطة السادسة: الجواب عن الاحتجاج بأن القصاص بغير قطع الرقبة مثله: أجيب عن ذلك: بأن الممنوع المثلة ابتداء لا على سبيل المجازاة بالمثل جمعا بين الأدلة. الجانب الثاني: الاقتصاص بما حصل به القتل: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - إذا كان القتل بماح. 2 - إذا كان القتل بمحرم. 3 - ما يجهز به على الجاني إذا فعل به مثل فعله فلم يمت.

الجزء الأول: الاقتصاص بمثل فعل الجاني إذا كان مباحا: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان لا يختلف الناس بالموت به. 2 - إذا كان يختلف الناس بالموت به. الجزئية الأولى: إذا كان لا يختلف الناس بالموت به: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاقتصاص به. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة ما لا يختلف الناس بالموت به ما يأتي: 1 - التفريق. 2 - التحريق. 3 - رض الرأس. 4 - شق البطن. الفقرة الثانية: الاقتصاص: وفيها شيئان هما: 1 - حكم الاقتصاص. 2 - الاستدلال والتوجيه. الشيء الأول: الاقتصاص: الاقتصاص من الجاني بمثل فعله إذا كان بمباح لا خلاف فيه بين القائلين بجواز المماثلة في القصاص. الشيء الثاني: الاستدلال والتوجيه: أدلة الاقتصاص بمثل فعل الجاني إذا كان بمباح ما تقدم في الاستدلال للقول الثاني في الاقتصاص بغير السيف. الجزئية الثانية: الاقتصاص بمثل فعل الجاني إذا كان يختلف الناس في الموت به: وفيها فقرتان هما:

1 - الأمثلة. 2 - الاقتصاص. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة ما يختلف الناس بالموت به ما يأتي: 1 - منع الطعام والشراب. 2 - حبس الخارج من السبيلين أو أحدهما. 3 - التكليف بالأعمال الشاقة. 4 - تثقيل الجسم بما يقتل غالبا، من الأحجار والحديد، وأكياس التراب ونحوها. الفقرة الثانية: الاقتصاص: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: إذا كان ما فعله الجاني بالقتيل يختلف الناس في الموت به فقد اختلف القائلون بالمماثلة فيما يقتل به الجاني على قولين: القول الأول: أنه يقتل بقطع الرقبة. القول الثاني: أنه يقتل بمثل فعله. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالاقتصاص بقطع الرقبة: بأن الاقتصاص بغير قطع الرقبة لا تؤمن معه الؤيادة على ما فعله الجاني بالمجني عليه؛ لأنه قد لا يموت بالقدر الذي فعله بالمجني عليه فيحتاج إلى قطع الرقبة أو الزيادة من جنس فعل الجاني، والزيادة على فعل الجاني تعد في القصاص فلا يجوز. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالاقتصاص بمثل فعل الجاني ولو كان يختلف الناس في الموت به بالأدلة على جواز المماثلة في القصاص، وقد تقدمت في الاستدلال للقول الثاني في الاقتصاص بغير قطع الرقبة. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالمماثلة، ولو كان فعل الجاني يختلف الناس في الموت به. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالمماثلة في القصاص ولو كان فعل الجاني يختلف الناس في الموت به: أن المعتبر المماثلة بالفعل وليس بقدر الألم أو سرعة الموت؛ لأن ذلك لا ينضبط فلا يعلق الحكم به.

النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن ذلك: بأن ولي المجني عليه يملك الإيلام والإماتة، فإذا لم تحصل الإماتة بالإيلام بمثل فعل الجاني جازت الإماتة بغيره أو بالزيادة عليه من جنسه، فلا يمنع احتمال الزيادة الاقتصاص بالمماثلة. الجزء الثاني: الاقتصاص بمثل فعل الجاني إذا كان محرما: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان فعل الجاني له شبيه. 2 - إذا كان فعل الجاني ليس له شبيه. الجزئية الأولى: الاقتصاص بمثل فعل الجاني إذا كان له شبيه: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاقتصاص. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة فعل الجاني المحرم الذي له شبيه ما يأتي: 1 - اللواط كرها. 2 - الإكراه على الزنا. 3 - الإكراه على تناول المسكر. الفقرة الثانية: الاقتصاص: وفيها شيئان هما: 1 - الاقتصاص. 2 - الكيفية. الشيء الأول: الاقتصاص: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

النقطة الأولى: الخلاف: اختلف في الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني المحرم على قولين: القول الأول: أنه لا يقتص به. القول الثاني: أنه يقتص به. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بمنع الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني بما يأتي: 1 - أن المماثلة تعذرت؛ لأن فعل الجاني محرم فلا يجوز الاقتصاص بمثله. 2 - أن الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني لا تؤمن فيه الزيادة، والزيادة تعد، والتعدي في القصاص لا يجوز. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بجواز الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني بما يأتي: 1 - أن الاقتصاص بفعل الجاني محرم فلا يجوز الاقتصاص به، فيعدل إلى ما يشبهه. 2 - أن المماثلة في القصاص مطلوبة، فإذا تعذرت عدل إلى أقرب الأشياء تحقيقا لها وهو الفعل المشابه. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني المحرم لا يجوز. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الاقتصاص بمثل فعل الجاني المحرم لا يجوز ما يأتي: 1 - أنه لم يرد له نظير في الشرع. 2 - أنه لا يؤمن فيه التعدي وزيادة التعذيب وذلك لا يجوز. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن طلب المماثلة حين الإمكان فإذا لم تمكن لم تكن مطلوبة. الشيء الثاني: كيفية الاقتصاص: وفيه نقطتان هما: 1 - كيفية الاقتصاص على القول بمنع الاقتصاص بالشبيه. 2 - كيفية الاقتصاص على القول بالاقتصاص بالشبيه. النقطة الأولى: كيفية الاقتصاص على القول بمنع الاقتصاص بالشبيه: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الكيفية. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان الكيفية: إذا منع الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني المحرم كان الاقتصاص بقطع الرقبة. القطعة الثانية: التوجيه: وجه الاقتصاص بقطع الرقبة إذا منع الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني المحرم: أن قطع الرقبة أيسر وأخف وأسرع.

النقطة الثانية: كيفية الاقتصاص بما يشبه فعل الجاني على القول بجوازه: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الكيفية إذا كان القتل بالإكراه على اللواط أو الزنا. 2 - بيان الكيفية إذا كان القتل بالإكراه على تناول المسكر. القطعة الأولى: بيان الكيفية إذا كان القتل بالإكراه على اللواط أو الزنا: كيفية ذلك: أن يدخل في دبر الجاني خشبة وتحرك حتى يموت. القطعة الثانية: كيفية القصاص إذا كان القتل بالإكراه على تناول المسكر: كيفية ذلك: أن يجرع الجاني ماء أو سائلا آخر حتى تنفجر معدته ويموت. الجزئية الثانية: إذا كان فعل الجاني المحرم ليس له شبيه مباح: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاقتصاص. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة القتل بالمحرم الذي لا شبيه له ما يأتي: 1 - القتل بالسحر. 2 - القتل بتسليط الشياطين. 3 - القتل بالعين. الفقرة الثانية: الاقتصاص: وفيها شيئان هما: 1 - ما يقتص به. 2 - التوجيه. الشيء الأول: ما يقتص به: إذا كان القتل بمحرم لا شبيه له من المباحات كان القتل بقطع الرقبة.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه الاقتصاص بقطع الرقبة إذا كان القتل بمحرم لا شبيه له من المباح: أن القتل بمثل فعل الجاني أو ما يشبهه متعذر، فيرجع إلى أيسر القتل وذلك هو قطع الرقبة. الجزء الثالث: ما يجهز به على الجاني إذا لم يمت بمثل فعله: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: إذا فعل بالجاني مثل فعله فلم يمت فقد اختلف فيما يجهز به عليه على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يجهز عليه بقطع الرقبة. القول الثاني: أنه يكرر عليه الفعل حتى يموت. القول الثالث: أنه يجهز عليه بالأخف من قطع الرقبة أو تكرير الفعل. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول الأول: بأن قطع الرقبة أسهل وأسرع فيجهز عليه به. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بتكرير الفعل: بأنه أقرب إلى المماثلة فيجهز به.

الفقرة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بفعل الأسهل: بأن المقصود إزهاق الروح فيجهز عليه بما هو الأسهل للمقتول وأسرع في الإجهاز عليه. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالإجهاز بقطع الرقبة. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالإجهاز بقطع الرقبة ما يأتي: 1 - أنه لا يختلف من شخص إلى شخص. 2 - أنه أيسر وأسهل وأسرع إزهاقا للروح. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الشيء الأول: الجواب عن وجهة القول الثاني: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن المماثلة بالفعل وقد حصلت لما فعل بالجاني مثل فعله، ولم يبق إلا إزهاق الروح وهذا لا تتأتى المماثلة فيه، لاختلاف الناس فيه.

الشيء الثاني: الجواب عن وجهة القول الثالث: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن اليسر بقطع الرقبة واضح لا يختلف من شخص إلى شخص بخلاف تكرير الفعل فيختلف من شخص إلى شخص وتختلف وجهات النظر فيه، فلا يعدل عن الأمر الواضح إلى ما يتوقف على النظر والاجتهاد. الجانب الثالث: الاقتصاص بالوسائل الحديثة: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة وسائل القتل الحديثة. 2 - الاقتصاص. الجزء الأول: أمثلة وسائل القتل الحديثة: من وسائل القتل الحديثة ما ياتي: 1 - الصعق الكهربائي. 2 - الشنق. 3 - التخدير. الجزء الثاني: الاقتصاص بوسائل القتل الحديثة: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا رضي الولي. 2 - إذا لم يرض الولي. الجزئية الأولى: تنغيت القصاص بوسائل القتل الحديثة إذا رضي الولي: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا رضي الولي بتنفيذ القصاص بوسائل القتل الحديثة جاز.

الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه الجواز. 2 - توجيه التوقف على رضا الولي. الشيء الأول: توجيه الجواز: وجه جواز تنفيذ القصاص بوسائل القتل الحديثة أنها أسرع إجهازا على القتيل وأخف إيلاما فيجوز كحز الرقبة. الشيء الثاني: توجيه التوقف على رضا الوفي: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه التوقف على الرضا. 2 - توجيه التنفيذ بعد الرضا. النقطة الأولى: توجيه التوقف على الرضا: وجه توقف تنفيذ القصاص بوسائل القتل الحديثة على رضا الولي: أن الحق في ذلك له، فلا يفتات عليه فيه. النقطة الثانية: توجيه التنفيذ بعد الرضا: وجه تنفيذ القصاص بوسائل القتل الحديثة إذا رضي الولي: أن الحق له فإذا رضي بالتنفيذ بها فقد تنازل عن حقه في التنفيذ بما هو أشد منها فكان جائزا. الجانب الرابع: التخدير عند القصاص: وفيه جزءان هما: 1 - إذا رضي الولي. 2 - إذا لم يرض الولي. الجزء الأول: إذا رضي الوفي: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان الحكم: إذا رضي الولي بتخدير الجاني عند القصاص جاز ذلك. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جواز تبنيج الجاني عند القصاص إذا رضي الولي: أن الحق في إيلام الجاني له، فإذا تنازل عنه جاز. الجزء الثاني: إذا لم يرض الولي بالتبنيج: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: إذا لم يرض الولي بتخدير الجاني عند القصاص لم يجز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز تخدير الجاني عند القصاص إذا لم يرض الولي: أن من حقه إيلام الجاني بالقصاص فلا يجوز تفويته عليه بغير رضاه. الأمر الخامس: تنفيذ القصاص: وفيه خمسة جوانب هي: 1 - شروط المنفذ. 2 - اجتماع الأولياء على التنفيذ. 2 - اجتماع الأولياء على التنفيذ. 3 - طريق تعيين المنفذ. 4 - التوكيل في التنفيذ. 5 - حضور السلطان للتنفيذ. الجانب الأول: شروط المنفذ: وفيه خمسة أجزاء هي:

1 - الإِسلام. 2 - التكليف. 3 - معرفة القتل. 4 - القدرة على القتل. 5 - الذكورة. الجزء الأول: الإِسلام: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - حالة الاشتراط. 2 - صورة استحقاق الكافر القصاص من المسلم. 3 - توجيه الاشتراط. 4 - طريق تنفيذ قصاص الكافر من المسلم. الجزئية الأولى: حالة الاشتراط: اشتراط الإِسلام في منفذ القصاص إذا كان المقتص منه مسلما، أما إذا كان المقتص منه غير مسلم لم يشترط في المنفذ الإِسلام. الجزئية الثانية: صورة استحقاق الكافر القصاص من المسلم: من صور استحقاق الكافر للقصاص من المسلم ما يأتي: 1 - أن يكون القتيل مسلما وليّه ذمي كابنه وأخيه. 2 - أن يكون الكافر وكيلا للمسلم في تنفيذ القصاص من مسلم. الجزئية الثالثة: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط الإِسلام في تنفيذ القصاص في المسلم ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [141].

ووجه الاستدلال بالآية: أنها نفت أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل، وتمكين الكافر من تنفيذ القصاص من المسلم يجعل له عليه أعظم سبيل فلا يجوز. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الإِسلام يعلو ولا يعلى عليه) (¬1). ووجه الاستدلال بالحديث: أنه أثبت للإسلام العلو على غيره ونفى علو غيره عليه، وتمكين الكافر من تنفيذ القصاص في المسلم يجعل العلو للكافر على المسلم فلا يجوز. 3 - أن الكافر لا يؤمن أن يزيد في تعذيب المسلم أو يمثل به. فلا يمكن من الاقتصاص منه. الجزئية الرابعة: طريق تنفيذ قصاص الكافر من المسلم: إذا وجب للكافر قصاص على مسلم أمر بتوكيل مسلم، فإن فعل وإلا أمر الحاكم مسلما يستوفي له القصاص. الجزء الثاني: التكليف (¬2): وفيه جزءان هما: 1 - المراد بالتكليف. 2 - توجيه الاشتراط. الجزئية الأولى: المراد بالتكليف: المراد بالتكليف: الاتصاف بالبلوغ والعقل. الجزئية الثانية: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط التكليف في منفذ القصاص ما يأتي: ¬

_ (¬1) إرواء العليل / 5/ 106/ 1268. (¬2) هذا لا يرد حال انتظار التكليف وإنما يرد حال عدم الانتظار.

1 - أن غير المكلف لا يحسن القتل. 2 - أن غير المكلف قد يزيد في تعذيب الجاني ويقتل من غير مقتل. الجزء الثالث: معرفة القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - دليل الاشتراط. الجزئية الأولى: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط معرفة المنفذ بالقتل: أن من لا يعرف القتل قد يزيد في تعذيب الجاني، ولا يسرع في الإجهاز عليه. الجزئية الثانية: دليل الاشتراط: دليل الاشتراط معرفة منفذ القصاص للقتل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة) (¬1). الجزء الرابع: القدرة على القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - من يخرج بالشرط. الجزئية الأولى: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط القدرة على القتل في منفذ القصاص: أن من لا يقدر على القتل يريد في تعذيب الجاني ويتأخر في الإجهاز عليه. الجزئية الثانية: من يخرج بالشرط: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان من يخرج. 2 - توجيه الخروج. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الأضاحي، باب في المسلم يضحي / 2815.

الفقرة الأولى: بيان من يخرج: يخرج بشرط القدرة على القتل العاجز عنه، ومنهم ما يأتي: 1 - الشيخ الهرم. 2 - المريض. 3 - الخواف. الفقرة الثانية: توجيه الخروج: وجه خروج من لا يقدر على القتل: أنه يزيد في التعذيب ولا يجوز على القتيل. الجزء الخامس: الذكورة: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - من يخرج بالشرط. الجزئية الأولى: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط الذكورة في منفذ القصاص: أن الرجال أقدر على التنفيذ وأقوى في التحمل والثبات. الجزئية الثانية: من يخرج: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان من يخرج. 2 - توجيه الخروج. الفقرة الأولى: بيان من يخرج: يخرج بشرط الذكورة المرأة فلا يجوز أن تتولى القصاص ولا تمكن منه. الفقرة الثانية: توجيه منع المرأة من تنفيذ القصاص: وجه منع المرأة من تنفيذ القصاص: أن الغالب على المرأة الخور، وعدم الصبر والتحمل وقد تنهار عند التنفيذ فلا تستطيع إكماله فيتعذب المقتص منه قبل إكمال القصاص.

الجانب الثاني: اجتماع الأولياء على التنفيذ: وفيه جزءان هما: 1 - إذا قيل بمنع القصاص بغير قطع الرقبة. 2 - إذا قيل بجواز الاستيفاء بمثل فعل الجاني. الجزء الأول: إذا منع الاستيفاء بغير قطع الرقبة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: إذا منع الاستيفاء بغير قطع الرقبة كان اجتماع الأولياء على تنفيذ القصاص ممنوعا. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه منع اجتماع الأولياء على تنفيذ القصاص إذا منع الاستيفاء بغير قطع الرقبة: أن الاجتماع على القصاص فيه زيادة إيلام على الجاني، وزيادة الإيلام تعد، والتعدي في القصاص لا يجوز. الجزء الثاني: اجتماع الأولياء على تنفيذ القصاص إذا قيل بجواز التنفيذ بمثل فعل الجاني: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا لم يختلف الإيلام بفعل الجماعة عن فعل الواحد. 2 - إذا اختلف الإيلام بفعل الجماعة عن فعل الواحد. الجزئية الأولى: الاجتماع على القصاص إذا لم يختلف الإيلام بفعل الجماعة عن فعل الواحد: وفيها فقرتان هما:

1 - الأمثلة. 2 - الاجتماع. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة ما لا يختلف إيلامه بالنسبة للفرد والجماعة ما يأتي: 1 - التغريق. 2 - التحريق. 3 - التثقيل. 4 - كتم النفس. 5 - الإلقاء من شاهق. 6 - الإلقاء في حفرة. 7 - ردم التراب على الجاني. 8 - إلقاء المثقل عليه. 9 - إلقاء الحائط عليه. 10 - الإلقاء للحيوانات المفترسة. الفقرة الثانية: الاجتماع في تنفيذ القصاص: وفيها شيئان هما: 1 - حكم الاجتماع. 2 - التوجيه. الشيء الأول: الاجتماع على التنفيذ: إذا كان تنفيذ القصاص بما لا يختلف إيلامه بفعل الجماعة عنه بفعل الواحد جاز اجتماع الجماعة عليه. الشيء الثاني: التوجيه: وجه جواز اجتماع الأولياء على تنفيذ القصاص إذا كان لا يختلف الإيلام بفعل الجماعة عنه بفعل الواحد: أنه لا فرق بين تنفيذه من الجماعة وبين تنفيذه من الواحد، فلا تنتفي المماثلة فيجوز بفعل الجماعة كما يجوز بفعل الواحد. الجزئية الثانية: إذا اختلف الإيلام بفعل الجماعة عن فعل الواحد: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاجتماع على التنفيذ.

الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الأفعال التي يختلف فيها فعل الجماعة عن فعل الواحد ما يأتي: 1 - الضرب. 2 - الجرح. 3 - الرمي بالبنادق. 4 - الطعن. الفقرة الثانية: الاجتماع على التنفيذ: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الحكم: إذا اختلف الإيلام بفعل الجماعة عن فعل الواحد لم يجز اجتماع الأولياء على القصاص. الشيء الثاني: التوجيه: وجه منع اجتماع الأولياء على تنفيذ القصاص إذا اختلف الإيلام بفعل الجماعة عن فعل الواحد: أن فعل الجماعة فيه زيادة إيلام للجاني فيكون تعديا، والتعدي في القصاص لا يجوز. الجانب الثاني: طريق تعيين المنفذ إذا امتنع الاجتماع على التنفيذ: وفيه جزءان هما: 1 - طريق التعيين. 2 - توكيل من يتعين. الجزء الأول: طريق التعيين: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان لا يصلح للتنفيذ إلا واحد. 2 - إذا كان يصلح للتنفيذ أكثر من واحد.

الجزئية الأولى: إذا كان لا يصلح للتنفيذ إلا واحد: وفيها فقرتان هما: 1 - تعينه للتنفيذ. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: تعين من يصلح للتنفيذ: إذا لم يصلح للتنفيذ إلا واحد تعين له. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تعين من لا يصلح للقصاص غيره لتنفيذه: أن من لا يصلح لا يجوز تمكينه من التنفيذ؛ خوفا من تعذيبه للجاني، أو زيادته في التنفيذ أو عجزه عنه. الجزئية الثانية: إذا كان يصلح للتنفيذ أكثر من واحد: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا اتفق الأولياء على واحد منهم. 2 - إذا لم يتفقوا على واحد منهم. الفقرة الأولى: طريق تعيين المنفذ إذا اتفق الأولياء على واحد منهم: وفيها شيئان هما: 1 - التعين. 2 - التوجيه. الشيء الأول: التعين: إذا اتفق الأولياء على واحد منهم للتنفيذ تعين. الشيء الثاني: التوجيه: وجه تعين من اتفق الأولياء عليه لتنفيذ القصاص: أن الحق في ذلك لهم فإذا تنازلوا عنه لأحدهم جاز. الفقرة الثانية: طريق تعيين المنفذ إذا لم يتفق الأولياء: وفيها ثلاثة أشياء هي:

1 - طريق التعيين. 2 - دخول من لا يصلح في القرعة. 3 - امتناع التنفيذ ممن خرجت القرعة له. الشيء الأول: طريق التعيين: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الطريق. 2 - رفض الأولياء للقرعة. النقطة الأولى: بيان الطريق: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: إذا تشاح الأولياء في تولي تنفيذ القصاص فقد اختلف في طريق تعيين من يتولاه على قولين: القول الأول: أنه يعين بالقرعة. القول الثاني: أن الحاكم يعين من يتولاه. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه العمل بالقرعة. 2 - توجيه تقديم القرعة على تعيين الحاكم.

الجملة الأولى: توجيه العمل بالقرعة: وجه العمل بالقرعة: أن الأولياء لا مزية لبعضهم على بعض فيعين أحدهم بالقرعة كما في سائر الحقوق. الجملة الثانية: توجيه تقديم القرعة على تعيين الحاكم: وجه ذلك: أن القرعة أقرب إلى الرضا وأبعد عن المحاباه. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بتعيين المنفذ من قبل الحاكم: بأنه لا مزية لبعض الأولياء على بعض فيرجع إلى اجتهاد الحاكم كسائر مسائل الخلاف. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالعمل بالقرعة. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالعمل بالقرعة: أنه أعدل وأبعد عن التهمة والمحاباة. الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن الاجتهاد في الأمور المختلفة، أما الأمور المتساوية فلا مجال للاجتهاد فيها؛ لأنه لا مزيه لبعضها على بعض، إلا ميول المجتهد، وهذا لا يعتبر مرجحا.

النقطة الثانية: رفض الأولياء للقرعة: وفيها نقطتان هما: 1 - طريق التعيين. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: طريق التعيين: إذا رفض الأولياء القرعة لتعيين المنفذ للقصاص ولم يتفقوا عليه كان للحاكم أن يتخذ أحد الطرق الآتية: 1 - أن يتولى إجراء القرعة بنفسه. 2 - أن يعين من يقوم بالتنفيذ من غير قرعة. 3 - أن يؤجل التنفيذ إلى أن يتفق الأولياء على المنفذ. القطعة الثانية: التوجيه: وجه تخيير الحاكم فيما تقدم إذا رفض الأولياء التعيين: أنه تعذر تعيين المنفذ من قبل الأولياء فكان المرجع في ذلك إلى الحاكم كما لو تشاجر الأولياء في التزويج. الشيء الثاني: دخول العاجز عن التنفيذ في القرعة: وفيه نقطتان هما: 1 - أمثلة العاجز. 2 - الدخول في القرعة. النقطة الأولى: الأمثلة: من أمثلة العاجز عن تنفيذ القصاص ما يأتي: 1 - الشيخ الكبير. 2 - المريض. 3 - الأشل. 4 - المرأة. 5 - من لا يتحمل مباشرة التنفيذ.

النقطة الثانية: الدخول في القرعة: وفيها قطعتان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الدخول: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: اختلف في دخول العاجز عن تنفيذ القصاص في القرعة لتعيين المنفذ على قولين: القول الأول: أنه يدخل. القول الثاني: أنه لا يدخل. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بدخول العاجز عن تنفيذ القصاص بالقرعة لتعيين المنفذ: بأن العاجز صاحب حق فيدخل كالقادر. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم دخول العاجز عن تنفيذ القصاص في القرعة لتعيين المنفذ: بأن القرعة لتعيين المنفذ والعاجز عن التنفيذ ليس من أهله فلا يدخل في القرعة.

الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم الدخول. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم دخول العاجز عن تنفيذ القصاص في قرعة تعيين المستوفي: أنه لا فائدة من دخوله؛ لأنه لو خرجت له القرعة لم يمكن من التنفيذ. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن العاجز عن تنفيذ القصاص لا حق له فيه، ودخوله في استحقاق القصاص لا يعطيه الحق في تنفيذه. فلا يدخل في قرعة التعيين لمن يتولاه. الشيء الثالث: امتناع التنفيذ ممن خرجت القرعة له: وفيه نقطتان هما: 1 - أمثلة الامتناع. 2 - من يتولى التنفيذ. النقطة الأولى: الأمثلة: من أمثلة امتناع التنفيذ ممن خرجت له القرعة ما يأتي: 1 - امتناع من خرجت له القرعة عن التنفيذ. 2 - حدوث العجز عن التنفيذ لمن خرجت القرعة له.

3 - موت من خرجت له القرعة قبل التنفيذ. النقطة الثانية: من يتولى التنفيذ: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: إذا امتنع التنفيذ ممن خرجت له القرعة فقد اختلف فيمن يتولاه على قولين: القول الأول: أنها تعاد القرعة بين الباقين. القول الثاني: أنه يوكل. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بإعارة القرعة: بأن امتناع من خرجت له القرعة عن التنفيذ في حكم التنازل عن حقه في التنفيذ فيرجع الحق إلى جميع الباقين من غير تعيين لعدم المميز بينهم فيرجع إلى القرعة كابتدائها. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالتوكيل: بأن التنفيذ حق من حقوق من خرجت له القرعة، فجاز له التوكيل فيه كسائر حقوقه. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي:

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بإعادة القرعة. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بإعادة القرعة: أنه أقرب إلى العدل بين الأولياء. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس حق تنفيذ القصاص على سائر الحقوق قياس مع الفارق, لأن سائر الحقوق لا شريك فيها، بخلاف تنفيذ القصاص فإن الشركة فيه قائمة. الجزء الثاني: توكيل الأولياء لمن يتعين منهم: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم التوكيل. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم التوكيل: إذا تعين أحد الأولياء لتنفيذ القصاص وإن على باقي الأولياء أن يوكلوه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه توكيل أولياء القصاص لمن يتعين منهم لتنفيذه: أن الاستيفاء حق لجميعهم فلا يجوز استيفاؤه بغير إذنهم. الجانب الرابع: التوكيل في تنفيذ القصاص: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - حكم التوكيل. 2 - حضور الموكل للتنفيذ.

3 - أجرة الوكيل. الجزء الأول: حكم التوحيل: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: التوكيل في استيفاء القصاص جائز من غير خلاف. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جواز التوكيل في استيفاء القصاص ما يأتي: 1 - ما ورد من السنة في ذلك ومنه ما يأتي: أ - حديث العسيف، وفيه: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (¬1). فإنه وإن كان في الحد فإن القصاص مثله. ب - حديث ماعز، وفيه: (إذهبوا به فارجموه) (¬2). 2 - أن الحاجة تدعو إلى التوكيل فيه لما يأتي: أ - أنه قد يجب القصاص لعاجز عن استيفائه، فلو لم يجز التوكيل فيه لتعذر الاستيفاء. ب - أن الولى قد لا يريد استيفاء القصاص بنفسه، فلو لم يجز التوكيل فيه لتعذر الاستيفاء. 3 - أن القصاص حق لمن وجب له فيجوز له التوكيل كسائر حقوقه. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا/ 1697. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/ 4426.

الجزء الثاني: حضور الموكل للتنفيذ: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في استيفاء الوكيل للقصاص في غيبة الموكل على قولين: القول الأول: أنه لا يجوز. القول الثاني: أنه يجوز. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم جواز اقتصاص الوكيل في غيبة الموكل بما يأتي: 1 - أن عفو الولي الغائب محتمل وذلك شبهة لا يجوز استيفاء القصاص معها. 2 - أن الموكل إذا حضر قد يرحم الجاني عند مشاهدة الموقف فيعفو والعفو مطلوب فيلزم حضوره رجاء العفو. 3 - أن الموكل قد يعزل الوكيل فتبطل الوكالة فينفذ الوكيل بغير حق. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بجواز استيفاء الوكيل للقصاص في غيبة الموكل بما يأتي: 1 - أن تنفيذ القصاص حق من الحقوق فيجوز تنفيذه في غيبة الموكل كما يجوز في حضرته كسائر الحقوق.

2 - أن من أهداف التوكيل: عدم قدرة الموكل على الحضور، فإذا ألزم بالحضور لم تحقق الوكالة كل أهدافها. 3 - أن الموكل قد يكون غائبا غيبة بعيدة ويكلفه الحضور مبالغ قد تشق عليه أو يعجز عنها، فلا يلزم بالحضور لمجرد احتمال العفو. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - جواز تنفيذ الوكيل مع غيبة الموكل. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بجواز تنفيذ الوكيل في غيبة الموكل: أن أدلته أظهر. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج باحتمال العفو. 2 - الجواب عن الاحتجاج باحتمال العزل. الشيء الأول: الجواب عن الاحتجاج باحتمال العفو: يجاب عن ذلك بما يأتي: 1 - أن القصاص لا يكون إلا بعد محاولات للعفو من الأولياء واليأس منه واحتمال العفو منهم بعد ذلك بعيد.

2 - أن الظاهر أن الموكل لو عفا أعلم الوكيل فإذا لم يعلمه كان الظاهر عدم العفو؛ لأن الأصل عدمه. 3 - أن قضاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحكمون في البلاد النائية والقريبة ويقيمون الحدود مع احتمال النسخ، ولو كان احتمال سقوط العقوبة مانعا من إقامتها لما صح ذلك. 4 - أنه لم يلزم حضور الشهود مع احتمال رجوعهم. 5 - أنه لم يلزم حضور القاضي مع احتمال تغير اجتهاده. الشيء الثاني: الجواب عن احتمال عزل الوكيل: أجيب عن احتمال عزم الوكيل بما يأتي: 1 - أن الوكيل لا ينعزل قبل علمه بالعزل، كما هو رأي بعض العلماء فيكون تصرفه قبل العلم بالعزل صحيحا ولو عزل. 2 - أنه لو امتنع استيفاء الوكيل باحتمال العزل لما صح تصرف الوكيل مع غيبة الوكل في جميع الأمور؛ لأن احتمال العزل وارد فيها، ومنع تصرف الوكيل مع غيبة الموكل في غير القصاص باطل بلا خلاف فيبطل في القصاص كذلك. الجزء الثالث: أجرة الوكيل: وفيه جزئيتان هما: 1 - مسؤولية الأجرة عند الفقهاء. 2 - الحل. الجزئية الأولى: مسؤولية الآجرة عند الفقهاء: وفيها فقرتان هما:

1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المسؤولية: إذا احتاج وكيل تنفيذ القصاص إلى أجرة كانت مسؤولية الأجرة على الجاني. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه مسؤولية الجاني عن أجرة الوكيل تنفيذ القصاص فيه: أنه السبب في وجوبها؛ لأنه لو لم يحن ما وجب عليه القصاص، ومن لازم ذلك عدم وجوب الأجرة. الجزئية الثانية: الحل: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحل. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحل: الحل أن تعين الدولة من يتولى التنفيذ وتدفع أجرته من بيت المال. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه التعيين. 2 - توجيه فرض البدل. الشيء الأول: توجيه التعيين: وجه تعيين منفذ للقصاص: أنه قد لا يوجد من يتولى التنفيذ عند الحاجة إلى التنفيذ. الشيء الثاني: توجيه فرض البدل في بيت المال: وجه ذلك: أنه قد لا يوجد متبرع مع قيام الحاجة إلى المنفذ.

الجانب الخامس: حضور السلطان للتنفيذ: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان المستوفي مندوب السلطان. 2 - إذا كان المستوفي ولي المقتول. الجزء الأول: حضور السلطان للتنفيذ إذا كان المستوفي مندوب السلطان: وفيه جزئيتان هما: 1 - الحضور. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الحضور: إذا كان المستوفي مندوب السلطان فلا حاجة للحضور. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم الحاجة إلى حضور السلطان لاستيفاء القصاص إذا كان المستوفي مندوبه: أن حضور السلطان لمنع الحيف والتعدي كما سيأتي، وذلك منتف إذا كان المستوفي هو مندوب السلطان. الجزء الثاني: حضور السلطان لاستيفاء القصاص إذا كان المستوفي ولي القتيل: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الحضور. 2 - الهدف من الحضور. 3 - الاستيفاء من غير حضور. الجزئية الأولى: الحضور: وفيها فقرتان هما: 1 - الحضور. 2 - من ينوب عن السلطان.

الفقرة الأولى: الحضور: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في حضور الحاكم للقصاص على قولين: القول الأول: أن حضوره لازم. القول الثاني: أن حضوره غير لازم. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بلزوم حضور الحاكم للقصاص بما يأتي: 1 - أن القصاص لا يؤمن فيه الحيف والتعدي فيلزم حضور الحاكم لمنع الحيف والتعدي فيه. 2 - أنه قد يتولى التنفيذ من لا يحسن القصاص باعتبار أنه يحسنه وهو لا يحسنه، فيلزم حضور الحاكم لمنعه إذا ظهر أنه لا يحسنه. 3 - أن أولياء الجاني قد يحاولون منعه من القتل عند مشاهدة الموقف فيعتدون على المقتص ويحصل القتال بينهم وبين أولياء القتيل فيلزم حضور الحاكم لتفادي هذا الاحتمال.

النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم لزوم حضور السلطان لإقامة القصاص بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نسبت القتل إلى الولي، ولم تشترط حضور السلطان. 2 - ما ورد أن رجلًا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم برجل يقوده بنسعه فقال: يا رسول الله إن هذا قتل أخي فسأله رسول الله فاعترف، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذهب به فاقتله) (¬2). ووجه الاستدلال به: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله ولم يحضره. 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوه أو يأخذوا الدية) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنه جعل القتل للأولياء ولم يشترط حضور السلطان. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [33]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب القسامة، باب صحة الإقرار بالقتل/ 1680/ 32. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة / 1355.

النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم لزوم الحضور. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم لزوم حضور السلطان لاستيفاء القصاص: أن الاشتراط يحتاج إلى دليل ولا دليل. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة القول بلزوم حضور السلطان لتنفيذ القصاص بما يأتي: 1 - أن ما ذكر يمكن أن يتم من غير حضور السلطان كما يأتي في الفقرة الثانية: (من ينوب عن السلطان). 2 - أن ما ذكر احتمالات، والاحتمالات لا تبنى عليها الأحكام. الفقرة الثانية: من ينوب عن السلطان في حضور القصاص: وفيها شيئان هما: 1 - بيان من ينوب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان من ينوب: ينوب عن السلطان في حضور القصاص من ينيبه من الجهات الأمنية أو غيرها. الشيء الثاني: التوجيه: وجه نيابة من ذكر عن السلطان في حضور القصاص: أن الهدف من الحضور - كما سيأتي - تفادي السلبيات التي قد توجد عند التنفيذ، فإذا وجد من يقوم بذلك ممن ينيبه السلطان تحقق الهدف من حضوره فلم يلزم. الجزئية الثانية: الهدف من حضور السلطان لاستيفاء القصاص: وفيها فقرتان هما:

1 - بيان الهدف. 2 - الأمثلة. الفقرة الأولى: بيان الهدف: الهدف من حضور السلطان تفادي ما قد يحدث من السلبيات عند التنفيذ. الفقرة الثانية: الأمثلة: من أمثلة السلبيات التي يخشى منها عند تنفيذ القصاص ما يأتي: 1 - الحيف والتعدي من المقتص. 2 - تولى القصاص من لا يحسنه بحجة أنه يحسنه. 3 - القصاص بآلة كالة زيادة في التعذيب، ومبالغة في التشفي. 4 - قيام أولياء الجاني بالحيلولة دون قتله عند مشاهدة الموقف فيحصل القتال والقتل بينهم وبين أولياء القتيل وتعظم المفسدة. الجزئية الثالثة: الاستيفاء من غير حضور السلطان: وفيها فقرتان هما: 1 - الاستيفاء بإذن السلطان. 2 - الاستيفاء بغير إذن السلطان. الفقرة الأولى: الاستيفاء بإذن السلطان: وفيها شيئان هما: 1 - حكم الاستيفاء. 2 - التوجيه. الشيء الأول: حكم الاستيفاء: تنفيذ القصاص بإذن السلطان جائز ولو لم يحضره. الشيء الثاني: التوجيه: وجه جواز تنفيذ القصاص بإذن السلطان من غير حضوره: أن منع التنفيذ بغير إذنه لئلا يفتات عليه فتحصل الفوضى واختلال الأمن فإذا أذن زال هذا المحذور فجاز القصاص.

الفقرة الثانية: الاستيفاء بغير إذن السلطان: وفيها شيئان هما: 1 - حكم الاستيفاء. 2 - أثر الاستيفاء. الشيء الأول: حكم الاستيفاء: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الحكم: تنفيذ القصاص بغير إذن الحاكم لا يجوز. النقطة الثانية: التوجيه: وجه منع تنفيذ القصاص بغير إذن الحاكم: أنه مجال للتعديات وإحداث الفوضى والإخلال بالأمن. الشيء الثاني: أثر التنفيذ بغبر إذن الإِمام: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الأثر: من آثار تنفيذ القصاص بغير إذن الحاكم: التعزير للمرتكبين. النقطة الثانية: التوجيه: وجه التعزير على تنفيذ القصاص بغير إذن الحاكم: الردع والزجر عن الافتيات وفعل المخالفات.

المسألة الثانية: القصاص فيما دون النفس: وفيها أحد عشر فرعا هي: 1 - معناه. 2 - أنواعه. 3 - موجبه. 4 - صفة وجوبه. 5 - حكمه. 6 - من يجري بينهم. 7 - ما يجري فيه. 8 - شروطه. 9 - العفو عنه. 10 - استيفاؤه. 11 - سرايته. الفرع الأول: معنى القصاص فيما دون النفس: القصاص فيما دون النفس: أن يفعل بالجاني مثل فعله بالمجني عليه من قطع أو جرح أو كسر. الفرع الثاني: أنواع القصاص فيما دون النفس: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - القصاص في الطرف. 2 - القصاص في الجرح. 3 - القصاص في كسر العظام. الأمر الأول: القصاص في الطرف: وفيه جانبان هما: 1 - معناه. 2 - أمثلته. الجانب الأول: بيان المعنى: القصاص في الطرف: أن يقطع من الجاني مثل ما قطع من المجني عليه.

الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة القصاص في الطرف ما يأتي: 1 - قطع الأذن بالأذن. 2 - قطع الأنف بالأنف. 3 - قلع العين بالعين. 4 - قطع السنن بالسن. 5 - قطع الشفة بالشفة. 6 - قطع الجفن بالجفن. 7 - قطع اللسان باللسان. 8 - قطع الثدي بالثدي. 9 - قطع الكف بالكف. 10 - قطع الذراع بالذراع. 11 - قطع اليد باليد. 12 - قطع الذكر بالذكر. 13 - قطع الخصية بالخصية. 14 - قطع الشفر بالشفر. 15 - قطع القدم بالقدم. 16 - قطع الساق بالساق. 17 - قطع الرجل بالرجل. الأمر الثاني: القصاص في الجراح: وفيه جانبان هما: 1 - معناه. 2 - أمثلته. الجانب الأول: معنى القصاص في الجروج: القصاص في الجراح: شق لحم الجاني مثل شقه للحم المجني عليه في موضعه. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة القصاص في الجراح ما يأتي: 1 - شق لحم الرأس في الموضحة. 2 - شق لحم الوجه في الموضحة. 3 - شق لحم العضد. 4 - شق لحم الذراع. 5 - شق لحم الفخذ. 6 - شق لحم الساق.

الأمر الثالث: القصاص في كسر العظام: وفيه جانبان هما: 1 - معناه. 2 - مثاله. الجانب الأول: معنى القصاص بكسر العطام: القصاص بكسر العظام: كسر عظم الجاني الذي كسر مثله في المجني عليه. الجانب الثاني: المثال: من أمثلة القصاص بكسر العظام ما يأتي: 1 - كسر السنن. 2 - كسر الترقوة. الفرع الثالث: موجبه: وفيه أمران هما: 1 - بيان الموجب. 2 - التوجيه. الأمر الأول: موجب القصاص فيما دون النفس: الجناية العمد العدوان كموجب القصاص في النفس. الأمر الثاني: التوجيه: وجه تخصيص القصاص فيما دون النفس بالجناية العمد العدوان: أن القصاص للردع والزجر، وغير المتعمد لا يحتاج إلى ردع ولا زجر, لأنه لم يرد الجناية، ومن لا يريد الشيء لا يحتاج إلى رادع عنه. الفرع الرابع: صفة وجوب القصاص فيما دون النفس: وفيه أمران هما: 1 - بيان الصفة. 2 - التوجيه.

الأمر الأول: بيان الصفة: صفة وجوب القصاص فيما دون النفس كصفة وجوبه في النفس على ما تقدم. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اعتبار صفة وجوب القصاص فيما دون النفس كصفة وجوبه في النفس: أن القصاص فيما دون النفس فرع عن القصاص في النفس، والفرع يأخذ حكم الأصل. الفرع الخامس: حكم القصاص فيما دون النفس: وفيه أمران هما: 1 - حكمه من حيث المشروعية. 2 - حكمه من حيث متعلقه. الأمر الأول: حكم القصاص فيما دون النفس من حيث المشروعية: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل. الجانب الأول: بيان الحكم: القصاص فيما دون النفس مشروع بلا خلاف. الجانب الثاني: التوجيه: وجه مشروعية القصاص فيما دون النفس بما يأتي:

1 - قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (¬1). 2 - ما ورد أن الربيع أخت أنس بن النضر كسرت ثنية امرأة فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى بالقصاص (¬2). 3 - أن القصاص فيما دون النفس فرع عن القصاص في النفس فإذا ثبت القصاص في النفس ثبت فيما دونها من باب أولى. 4 - أن القصاص فيما دون النفس أخف من القصاص في النفس؛ لأن القصاص في النفس إتلاف للكل والقصاص فيما دونها إتلاف للبعض، وإتلاف البعض أخف من إتلاف الكل، فإذا ثبت القصاص في الأثقل ثبت في الأخف من باب أولى. الأمر الثاني: حكم القصاص فيما دون النفس من حيث متعلقه: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - حكمه بالنسبة للجاني. 2 - حكمه بالنسبة للحاكم. 3 - حكمه بالنسبة للمجني عليه. وقد تقدم ذلك في حكم القصاص في النفس. الفرع السادس: من يجري بينهم القصاص فيما دون النفس: وفيه أمران هما: ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [45]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القصاص من السنن / 4595.

1 - بيان من مجري بينهم. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان من يجري بينهم القصاص فيما دون النفس: من جرى بينهم القصاص في النفس جرى بينهم القصاص فيما دونها ومن لا فلا. الأمر الثاني: التوجيه: وجه تحديد جريان القصاص فيما دون النفس بمن يجري بينهم القصاص في النفس: أن القصاص فيما دون النفس فرع عن القصاص في النفس والفرع له حكم الأصل، فمن ثبت بينهم القصاص في النفس يثبت بينهم القصاص فيما دونها ومن لا يجري بينهم القصاص في النفس لا يجري بينهم فيما دونها. الفرع السابع: ما يجري فيه القصاص فيما دون النفس: وفيه أمران هما: 1 - ما له حد ينتهي إليه. 2 - ما ليس له حد ينتهي إليه. الأمر الأول: ما له حد ينتهي إليه: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - القصاص. الجانب الأول: الأمثلة: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة ما له حد في القطع. 2 - أمثلة ما له حد في الجرح. الجزء الأول: أمثلة ما له حد في القطع: من أمثلة ما له حد ينتهي إليه في القطع ما يأتي:

1 - ما رن الأنف وهو مالان منه. 2 - الكف. 3 - الذراع من المرفق. 4 - القدم من الكعب. 5 - الساق من الركبة. الجزء الثاني: أمثلة ما له حد ينتهي إليه في الجرح: من أمثلة ما له حد ينتهي إليه في الجرح ما يأتي: 1 - الموضحة في الرأس أو الوجه. 2 - جرح العضد إذا انتهى إلى العظم. الجانب الثاني: القصاص فيما له حد ينتهي إليه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - حكم القصاص. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الجزء الأول: حكم القصاص: القصاص فيما دون النفس إذا كان له حد ينتهي إليه لا خلاف فيه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه جواز القصاص فيما دون النفس إذا كان له حد ينتهي إليه: أن الحيف مأمون فيه فيجوز القصاص فيه. الجزء الثالث: الدليل: دليل جواز القصاص فيما دون النفس إذا كان له حد ينتهي إليه هي أدلة أصل المشروعية للقصاص فيما دون النفس وقد تقدمت. الأمر الثاني: ما ليس له حد ينتهي إليه: وفيه جانبان هما:

1 - الأمثلة. 2 - القصاص. الجانب الأول: الأمثلة: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة ما ليس له حد ينتهي إليه في القطع. 2 - أمثلة ما ليس له حد ينتهي إليه في الجرح. الجزء الأول: أمثلة ما ليس له حد ينتهي إليه في القطع: من أمثلة ما ليس له حد ينتهي إليه في القطع ما يأتي: 1 - كسر قصبة الأنف وهي ما صلب منه. 2 - هشم الرأس. 3 - كسر الذراع. 4 - كسر الساق. 5 - كسر الفخذ. 6 - كسر العضد. الجزء الثاني: أمثلة ما ليس له حد ينتهي إليه من الجروح: من أمثلة ما ليس له حد ينتهي إليه من الجروح ما يأتي: 1 - جرح العضد إذا لم يصل إلى العظم. 2 - جرح الذراع إذا لم ينته إلى العظم. 3 - جرح الفخذ إذا لم يتنه إلى العظم. 4 - جرح الساق إذا لم ينته إلى العظم. الجانب الثاني: القصاص: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجزء الأول: الخلاف: اختلف في القصاص فيما دون النفس إذا لم يكن له حد ينتهي إليه على قولين: القول الأول: أنه لا يجوز. القول الثاني: أنه يجوز. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم جواز القصاص فيما لا حد له ينتهي إليه: بأنه لا يؤمن من الحيف فيه، والحيف ظلم فلا يجوز. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بجواز القصاص فيما لا حد له بما يأتي: 1 - أنه يمكن القصاص فيه بلا حيف؛ لأن المختص يمكنه تحديد محله من غير زيادة، وبذلك ينتفي الخوف من الحيف، فيجوز كما لو كان له حد. 2 - أن أدلة القصاص مطلقة، والأصل في المطلق الإطلاق إلا بدليل، ولا دليل. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بجواز الاقتصاص من غير مفصل. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بجواز القصاص من غير مفصل: أن ذلك ممكن بلا حيف خصوصا بعد تقدم الطب ووجود وسائل القطع المخصصة التي لا تتجاوز محل التحديد. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن القول بأن القطع من غير المحدد لا يؤمن معه الحيف: بأن الحكم منوط بأمن الحيف فإذا أمن الحيف جاز القصاص وقد تقدم في الترجيح أن الحيف مأمون ولو كان القطع من غير حد فيكون جائزا. الفرع الثامن: شروط القصاص فيما دون النفس: وفيه ستة أمور هي: 1 - كون الجناية عمدا. 2 - كون الجاني يقاد بالمجني عليه في النفس. 3 - أمن الحيف. 4 - المماثلة في الاسم والموضع. 5 - المماثلة في الصحة والكمال. 6 - المماثلة في العدد. الأمر الأول: كون الجناية عمدا: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - ما يخرج بالشرط. الجانب الأول: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط كون الجناية عمدا: ما تقدم في توجيه ذلك في شروط القصاص في النفس.

الجانب الثاني: ما يخرج بشرط كون الجناية عمدا: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. 3 - توجيه الخروج. الجزء الأول: بيان ما يخرج: يخرج بشرط كون الجناية عمدا ما يأتي: 1 - الجناية شبه العمد. 2 - الجناية الخطأ. 3 - الجناية المجراه مجرى الخطأ. 4 - الجناية بالسبب. الجزء الثاني: الأمثلة: وفيه أربع جزئيات هي: الجزئية الأولى: أمثلة شبه العمد: من أمثلة الجناية شبه العمد على ما دون النفس ما يأتي: 1 - الضرب عمدا بعصا صغيرة لا يكسر مثلها غالبا فيحصل الكسر. 2 - الضرب عمدا بحجر صغير لا يكسر مثله غالبا فيحصل الكسر. الجزئية الثانية: أمثلة الخطأ: من أمثلة الجناية على ما دون النفس خطأ ما يأتي: 1 - أن يقصد بالضرب حيوانا فيصيب إنسانا. 2 - أن يقصد شاخصا فيصيب يد إنسان. الجزئية الثالثة: أمثلة ما أجرى مجرى الخطأ: من أمثلة ما أجرى مجرى الخطأ ما يأتي: 1 - أن ينقلب النائم على صبي فيكسر يده. 2 - عمد الصبي والمجنون.

الجزئية الرابعة: أمثلة الجناية على ما دون النفس بالسبب: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - أن يحفر بئرا عدوانا فيسقط بها إنسان فينكسر. 2 - أن يضع حجرا في طريق ضيق فيعثر به إنسان فينجرح. الجزء الثالث: توجيه الخروج: وجه خروج ما ذكر بشرط كون الجناية عمدا ما وجه به في شروط القصاص بالجناية على النفس. الأمر الثاني: كون الجاني يقاد بالمجني عليه في النفس: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - ما يخرج. الجانب الأول: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط كون الجاني يقاد بالمجني عليه في النفس: أن القصاص بالجناية على ما دون النفس فرع عن القصاص بالجناية على النفس فمن أقيد بالجناية على النفس أقيد بالجناية على ما دون النفس ومن لا فلا. الجانب الثاني: بيان ما يخرج: وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الجزء الأولى: بيان ما يخرج: يخرج بشرط كون الجاني يقاد بالمجني عليه ما يأتي: 1 - انتفاء العصمة بالمجني عليه فلا يقاد المسلم بالحربي. 2 - انتفاء المكافأة فلا يقاد الحر بالعبد. 3 - انتفاء الولادة فلا يقاد الوالد بالولد.

4 - انتفاء الملك فلا يقاد السيد بمملوكه. الأمر الثالث: أمن الحيف: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - المراد بالأمن من الحيف. 2 - ما يؤمن به الحيف. 3 - تجاوز الجانية للحد الذي يؤمن به الحيف. الجانب الأول: المراد بالأمن من الحيف: الأمن من الحيف: أن يؤمن تجاوز القصاص ما فعله الجاني بالمجني عليه. الجانب الثاني: ما يؤمن به الحيف: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان القصاص بالقطع. 2 - إذا كان القصاص بالجرح. الجزء الأول: ما يؤمن به الحيف إذا كان القصاص بالقطع: وفيه ثلاثة جزئيات هي: 1 - ما يؤمن به الحيف. 2 - التوجيه. 3 - الأمثلة. الجزئية الأولى: بيان ما يؤمن به الحيف: يحصل الأمن من الحيف إذا كان القصاص بالقطع: أن يكون القطع من المفصل. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه الأمن من الحيف إذا كان القطع من مفصل: أن المفصل محدد لا يقع الخطأ في القطع منه. الجزئية الثالثة: الأمثلة: من أمثلة القطع من مفصل ما يأتي:

1 - القطع من الكعب. 2 - القطع من الركبة. 3 - القطع من الكوع. 4 - القطع من المرفق. الجزء الثاني: ما يؤمن به الحيف إذا كان القصاص بالجرح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان ما يؤمن به. 2 - التوجيه. 3 - الأمثلة. الجزئية الأولى: بيان ما يؤمن به الحيف: يحصل الأمن من الحيف إذا كان القصاص بالجرح: إذا كان ينتهي إلى عظم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه الأمن من الحيف إذا كان الجرح ينتهي إلى عظم: أن العظم واضح لا يقع الخطأ في الانتهاء إليه. الجزئية الثالثة: الأمثلة: من أمثلة الجرح المنتهي إلى عظم ما يأتي: 1 - الموضحة سواء كانت في الرأس أم في الوجه. 2 - الجرح في التندوة. 3 - الجرح على الضلع. الجانب الثالث: تجاوز الجناية للحد الذي يؤمن به الحيف: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ولا يقتص في غير ذلك من الشجاج والجروح غير كسر سن إلا أن يكون أعظم من الموضحة كالهاشمة والمنقلة والمأمومة فله أن يقتص موضحة وله أرش الزائد. الكلام في هذا الجانب في جزءين هما:

1 - أمثلة تجاوز الجناية للحد الذي يؤمن به الحيف. 2 - القصاص. الجزء الأول: أمثلة تجاوز الجناية للحد الذي يؤمن به الحيف: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - الهاشمة، وهي التي تهشم العظم. 2 - المنقلة، وهي التي تهشم العظم وتنقله عن موضعه. 3 - المأمومة وهي التي تصل إلى الدماغ. 4 - قطع بعض قصبة الأنف وهو ما صلب منه. 5 - قطع الذراع بين المرفق والكوع. 6 - قطع الساق بين الركبة والكعب. الجزء الثاني: القصاص: وفيه جزئيتان هما: 1 - القصاص من موضع القطع. 2 - القصاص من المفصل الذي قبله. الجزئية الأولى: القصاص من موضع القطع: وقد تقدم ذلك في القصاص من غير مفصل ولا حد. الجزئية الثانية: القصاص من المفصل أو الحد الذي دون القطع: وفيها فقرتان هما: 1 - القصاص. 2 - أرش الزائد. الفقرة الأولى: القصاص: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الأمثلة. 2 - القصاص.

3 - التوجيه. الشيء الأول: الأمثلة: وفيها نقطتان هما: 1 - أمثلة الاقتصاص من الحد الذي دون الجناية. 2 - أمثلة الاقتصاص من المفصل الذي دون الجناية. النقطة الأولى: أمثلة القصاص من الحد الذي دون الجناية: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - الاقتصاص من الهاشمة موضحة. 2 - الاقتصاص من المنقلة موضحة. 3 - الاقتصاص من الآمة موضحة. 4 - الاقتصاص بقطع مارن الأنف في الجناية بقطع القصبة. النقطة الثانية: أمثلة الاقتصاص من المفصل الذي دون الجناية: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - الاقتصاص بقطع الكف في الجناية بقطع الذراع. 2 - الاقتصاص من المرفق في الجناية بقطع العضد. 3 - الاقتصاص بقطع القدم في الجناية بقطع الساق. 4 - الاقتصاص من الركبة في الجناية بقطع الفخذ. الشيء الثاني: القصاص: إذا تجاوزت الجناية المفصل أو الحد الذي يؤمن الحيف بالقصاص فيه، جاز القصاص من ذلك المفصل أو ذلك الحد.

الشيء الثالث: التوجيه: وجه جواز الاقتصاص من المفصل أو الحد الذي دون محل الجناية ما يأتي: 1 - أنه يجوز لو كانت الجناية منه فكذلك حال الزيادة؛ لأنها لا تضعف الحق بل تؤكده وتقويه. 2 - أن الاقتصاص من دون محل الجناية ترك لبعض الحق، وترك بعض الحق جائز كترك جميعه وأولى. 3 - أن عدم القصاص يؤدي إلى إسقاط القصاص؛ لأن بإمكان من أراد أن يقطع أو يجرح ويسلم من القصاص، أن يقطع من غير مفصل أو يجرح من غير حد. الفقرة الثانية: أرش الزائد: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الأرش. 2 - استحقاق الأرش. الشيء الأول: بيان الأرش: وفيه نقطتان هما: 1 - إذا كان في الزائد مقدر. 2 - إذا لم يكن في الزائد مقدر. النقطة الأولى: إذا كان في الزائد مقدر: وفيها قطعتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - بيان الأرش. القطعة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الزائد الذي فيه مقدر ما يأتي: 1 - الموضحة. 2 - المنقلة.

القطعة الثانية: بيان الأرش: إذا كان الزائد فيه مقدر كان إرشه ما زاد عن محل القصاص. فالأرش في الأمثلة المذكورة ما زاد عن دية الموضحة من دية الزائد، ففي الهاشمة نصف عشر الدية، وفي المنقلة عشر الدية. النقطة الثانية: إذا لم يكن في الزائد مقدر: وفيها قطعتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - بيان الأرش. القطعة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الزائد الذي ليس فيه مقدر ما يأتي: 1 - الذراع من غير كف. 2 - الساق من غير قدم. الفطعة الثانية: الأرش: إذا كان الزائد لا مقدر فيه كان أرشه حكومة، فيقدر الجاني عبدا فيه الزائد وتعرف قيمته، ويقدر عبدا مفقود الزائد وتعرف قيمته والفرق بين القيمتين هو الأرش. الشيء الثاني: استحقاق الأرش: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: اختلف في استحقاق أرش الزائد على قولين: القول الأول: أنه يستحق. القول الثاني: أنه لا يستحق.

النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول باستحقاق الأرش: بأن الزائد كان مستحق الأخذ بالقصاص لولا خوف الحيف فلما امتنع القصاص لخوف الحيف وجب العدول إلى البدل وهو الأرش. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بمنع استحقاق الأرش: بأن الجناية واحدة في عضو واحد فلا توجب بدلين المال والقصاص. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - استحقاق الأرش. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باستحقاق الأرش: أن الحق متعلق بجميع محل الجناية، والزائد لم يستوف الحق فيه بالقصاص فيجب بدله وهو الأرش. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول بجوابين:

الجواب الأول: أنه استدلال بمحل الخلاف فلا يصح. الجواب الثاني: أن أخذ الأرش للزائد ليس جمعا بين القصاص والمال, لأن محل المال غير محل القصاص؛ لأن محل القصاص ما قطع، ومحل المال ما لم يقطع، فلا ينطبق عليهما الجمع بين القصاص والمال في محل واحد. الأمر الرابع: المماثلة في الاسم والموضع: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - الأمثلة. 2 - الاشتراط. 3 - توجيه الاشتراط. 4 - أخذ غير المماثل. الجانب الأول: الأمثلة: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة المماثل في الاسم. 2 - أمثلة المماثل في الموضع. الجزء الأول: أمثلة المماثل في الاسم: من أمثلة المماثلة في الاسم ما يأتي: 1 - الكف بالكف. 2 - الذراع بالذراع. 3 - الساق بالساق. 4 - الإِصبع بالإصبع. الجزء الثاني: أمثلة المماثلة في الموضع: من أمثلة المماثلة في الموضع ما يأتي: 1 - اليمين باليمين. 2 - الشمال بالشمال. 3 - الأعلى بالأعلى، والأسفل بالأسفل. 4 - الشجة بالرأس بالشجة بالرأس. 5 - الشجة بالقفا بالشجة بالقفا. 6 - الشجة بالوجه بالشجة بالوجه.

الجانب الثاني: الاشتراط: المماثلة في الاسم والموضع شرط لوجوب القصاص، فلا تؤاخذ يمين بشمال، ولا رجل بيد، ولا سن أعلى بسن أسفل وهكذا. الجانب الثالث: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط المماثلة في الاسم والموضع لوجوب القصاص: أنه إذا فعل بالجاني غير ما فعل بالمجني عليه لم يكن قصاصا لعدم المماثلة. الجانب الرابع: أخذ غير المماثل: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - أمثلته. 2 - حكمه. 3 - ما يترتب عليه. 4 - سقوط القصاص به. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة أخذ غير المماثل ما يأتي: 1 - أخذ اليمين بدل الشمال. 2 - أخذ الشمال بدل اليمين. 3 - أخذ البنصر بدل الخنصر. 4 - أخذ الخنصر بدل البنصر. 5 - أخذ الإبهام بدل السبابة. 6 - أخذ السبابة بدل الإبهام. الجزء الثاني: حكم أخذ غير المماثل: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الأخذ. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم الأخذ: أخذ غير المماثل في القصاص لا يجوز، سواء كان الاختلاف في الاسم أو في الموضع، وسواء كان بتراض أو بغيره.

الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه منع الأخذ حين التراضي. 2 - توجيه منع الأخذ من غير تراض. الفقرة الأولى: توجيه منع الأخذ حين التراضي: وجه منع أخذ غير المماثل حين التراضي: أن جسم الإنسان ملك لله فلا يملك بذل شيء منه. الفقرة الثانية: توجيه منع الأخذ حين عدم التراضي: وجه منع أخذ غير المماثل حين عدم التراضي: أنه ظلم وعدوان فلا يجوز. الجزء الثالث: ما يترتب على الأخذ: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان عمدًا. 2 - إذا كان خطأ. الجزئية الأولى: إذا كان عمدا: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان بغير رضا الجاني. 2 - إذا كان برضا الجاني. الفقرة الأولى: إذا كان بغير رضا الجاني: وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يترتب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان ما يترتب: إذا كان أخذ غير المماثل بغير رضا الجاني كان كالجناية عليه ابتداء. الشيء الثاني: التوجيه: وجه اعتبار أخذ غير المماثل عمدا من غير رضا الجاني كالجناية عليه ابتداء: أنه غير مأذون فيه حسا ولا شرعا، فيكون ظلما.

الفقرة الثانية: ما يترتب إذا كان الأخذ برضا الجاني: وفيها شيئان هما: 1 - القصاص (¬1). 2 - الدية (¬2). الشيء الأول: القصاص: وفيه نقطتان هما: 1 - الوجوب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: الوجوب: إذا أخذ في القصاص غير المماثل عمدا برضا الجاني فلا قصاص. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب القصاص بأخذ غير المماثل عمدا برضا الجاني: أن الإذن شبهة، ولا قصاص مع شبهة. الشيء الثاني: الدية: وفيه نقطتان هما: 1 - الوجوب. 2 - الدية. النقطة الأولى: الوجوب: إذا أخذ في القصاص غير المماثل عمدا وجبت الدية ولو كان برضا الجاني. النقطة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية بأخذ غير المماثل عمدا ولو كان برضا الجاني: أنه إتلاف بغير حق فيرتب الضمان، وذلك أن الآدمي لا يملك شيئا من جسمه فلا يصح بذله لشيء منه، فيكون إتلافه تعديا يوجب الضمان. ¬

_ (¬1) المراد: القصاص للجاني على الآخذ. (¬2) المراد: الدية للجاني على الآخذ.

الجزئية الثانية: ما يترتب إذا كان الأخذ خطأ: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يترتب. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة أخذ غير المماثل في القصاص خطأ ما يأتي: 1 - أن يظن أنه محل القصاص. 2 - أن يظن أنه يجوز. 3 - أن يخرجه الجاني دهشة فيقطع. الفقرة الثانية: ما يترتب: وفيها شيئان هما: 1 - القصاص. 2 - الدية. الشيء الأول: القصاص: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الحكم: إذا أخذ المجني عليه غير المماثل خطأ فلا قصاص عليه. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب القصاص بأخذ غير المماثل خطأ: أن الخطأ لا قصاص فيه في النفس فكذلك الطرف. الشيء الثاني: الدية: وفيه نقطتان هما: 1 - على القول بسقوط القصاص. 2 - على القول بعدم سقوط القصاص.

النقطة الأولى: وجوب الدية على القول بسقوط القصاص: وفيها قطعتان هما: 1 - الوجوب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الوجوب: إذا قيل بسقوط القصاص بأخذ المجني عليه غير المماثل لم تجب الدية للجاني. القطعة الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب الدية للجاني إذا قيل بسقوط القصاص بأخذ المجني عليه لغير المماثل بما يأتي: 1 - أن ما أخذه المجني عليه قد اعتبر في حكم حقه فلا تلزمه الدية بأخذه. 2 - أنه لو أخذت منه الدية عما أخذه وقد سقط به حقه في القصاص في المماثل بقيت الجناية عليه من غير ضمان، وهذا لا يجوز. النقطة الثانية: وجوب الدية على القول بعدم سقوط القصاص: وفيها قطعتان هما: 1 - الوجوب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الوجوب: إذا أخذ غير المماثل في القصاص ولم يقل بسقوط القصاص وجبت الدية. القطعة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية بأخذ غير المماثل في القصاص إذا قيل بعدم سقوط القصاص ما يأتي: 1 - أنه إتلاف بغير حق فيرتب الضمان. 2 - أنه إتلاف والإتلاف يستوي فيه العمد والخطأ.

الجزء الرابع: سقوط القصاص (¬1): وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: إذا قطع غير المماثل في القصاص فقد اختلف في سقوط القصاص به عن القصاص في المماثل على قولين: القول الأول: أنه يسقط سواء كان القاطع عالما أم جاهلا. القول الثاني: أنه لا يسقط سواء كان القاطع عالما أم جاهلا. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيه فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه السقوط حال العلم. 2 - توجيه السقوط حال الجهل. الشيء الأول: توجيه القول بالسقوط حال العلم: وجه السقوط حال العلم بما يأتي: 1 - أن قطع غير المماثل تعد فيسقط به قطع المماثل كقطع الشمال في السرقة بدل اليمين. ¬

_ (¬1) المراد: سقوط القصاص عن الجاني في المماثل.

2 - أن قطع غير المماثل مع العلم عدول عن قطع المماثل ورضا به فيسقط به قطع المماثل. 3 - أن عدم السقوط يؤدي إلى التعدي في القصاص بقطع يدي الجاني مثلا بيد واحدة وهو لا يجوز. الشيء الثاني: توجيه السقوط حال الجهل: وجه السقوط حال الجهل: أن قطع غير المماثل لا يخلو من تفريط ونتيجة التفريط على المفرط. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه عدم السقوط حال العلم. 2 - توجيه عدم السقوط حال الجهل. الشيء الأول: توجيه عدم السقوط حال العلم: وجه عدم السقوط حال العلم: بأن القصاص يقتضي المماثلة وهي لا تتحقق بقطع غير المماثل. الشيء الثاني: توجيه عدم السقوط حال الجهل: وجه عدم السقوط حال الجهل: بأن قطع غير المماثل حال الجهل لا يدل على الرضا به ولا يستلزم إسقاط القصاص بالمماثل فلا يسقط به. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالسقوط. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بسقوط القصاص: أن عدم السقوط قد يتخذ وسيلة إلى التعدي في القصاص بحجة الغلط أو الجهل فتضاعف العقوبة على الجاني وإلحاق الضرر الكبير به بقطع كلتا يديه أو كلتا رجليه أو نحو ذلك، فيسقط القصاص سدا لهذا الباب. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول بأربعة أجوبة: الجواب الأول: أن اشتراط المماثلة في القصاص: إذا لم يحصل تعد وهو متحقق هنا. الجواب الثاني: أن القصاص في المماثل بعد أخذ غيره تعد وليس مماثلة. الجواب الثالث: أن المماثلة متحققة في الاسم، وعدم تحقق المماثلة في الموضع يغتفر منعا للتعدي؛ لأن التعدي أعظم ضررا من فوات المماثلة. الجواب الرابع: أن القصاص للتشفي وهو حاصل بقطع النظير. الأمر الخامس: المماثلة في الصحة والكمال: قال المؤلف: الثالث: استواؤهما في الصحة والكمال، فلا تؤخذ صحيحة بشلاء ولا كاملة الأصابع بناقصة، ولا عين صحيحة بقائمة ويؤخذ عكسه ولا أرش. الكلام في هذا الأمر بأربعة جوانب هي:

1 - الأمثلة. 2 - الاشتراط. 3 - توجيه الاشتراط. 4 - أخذ غير المماثل. الجانب الأول: الأمثلة: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - أمثلة الاستواء في الصحة. 2 - أمثلة الاستواء في الكمال. 3 - أمثلة الاختلاف في الصحة. 4 - أمثلة الاختلاف في الكمال. الجزء الأول: أمثلة الاستواء في الصحة: من أمثلة الاستواء في الصحة ما يأتي: 1 - اليد السليمة بالسيد السليمة. 2 - الرجل السليمة بالرجل السليمة. 3 - الكف السليمة بالكف السليمة. 4 - القدم السليمة بالقدم السليمة. الجزء الثاني: أمثلة الاستواء في الكمال: من أمثلة الاستواء في الكمال ما يأتي: 1 - الكف كاملة الأصابع بالكف كاملة الأصابع. 2 - القدم كاملة الأصابع بالقدم كاملة الأصابع. الجزء الثالث: أمثلة الاختلاف في الصحة: من أمثلة الاختلاف في الصحة ما يأتي: 1 - اليد الشلاء باليد السليمة. 2 - الرجل الشلاء بالرجل السليمة. 3 - الكف الشلاء بالكف السليمة. 4 - القدم الشلاء بالقدم السليمة. الجزء الرابع: أمثلة الاختلاف في الكمال: من أمثلة الاختلاف في الكمال ما يأتي: 1 - اليد بلا كف بيد ذات كف. 2 - الرجل بلا قدم برجل ذات قدم.

3 - الكف ناقصة الأصابع بكف كاملة الأصابع. 4 - القدم ناقصة الأصابع بقدم كاملة الأصابع. الجزء الخامس: أمثلة الاستواء في المرض: من أمثلة الاستواء في المرض ما يأتي: 1 - الرجل الشلاء بالرجل الشلاء. 2 - الرجل التي لا تنثني برجل لا تنثني. 3 - الرجل التي لا تمتد برجل لا تمتد. الجزء السادس: أمثلة الاستواء في النقص: من أمثلة الاستواء في النقص ما يأتي: 1 - اليد بلا كف بيد بلا كف. 2 - الرجل بلا قدم برجل بلا قدم. 3 - الكف بلا أصابع بكف بلا أصابع. 4 - القدم بلا أصابع بقدم بلا أصابع. الجانب الثاني: الاشتراط: المماثلة في الصحة والكمال شرط لوجوب القصاص فلا تؤخذ صحيحة بمريضة ولا كاملة بناقصة. الجانب الثالث: التوجيد: وجه اشتراط المماثلة في الصحة والكمال لوجوب القصاص: أنه إذا فعل بالجاني غير ما فعل بالمجني عليه لم يكن قصاصا لعدم المماثلة. الجانب الرابع: أخذ غير المماثل: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - أخذ الكامل بالناقص. 2 - أخذ الناقص بالكامل. 3 - أخذ الصحيح بالمريض. 4 - أخذ المريض بالصحيح.

الجزء الأول: أخذ الكامل بالناقص: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الحكم. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة أخذ الكامل بالناقص ما يأتي: 1 - أخذ اليد ذات الكف بناقصة الكف. 2 - أخذ الكف كاملة الأصابع بناقصة الأصابع. 3 - أخذ الرجل ذات القدم بناقصة القدم. 4 - أخذ القدم كامل الأصابع بناقص الأصابع. الجزئية الثانية: حكم الأخذ: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: أخذ الكامل بالناقص لا يجوز. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز أخذ الكامل بالناقص بما يلي: 1 - أن مبنى القصاص على المماثلة، ولا تماثل بين الكامل والناقص. 2 - أن أخذ الكامل بالناقص إن كان بغير رضا الجاني كان تعديا وظلما فلا يجوز، وإن كان برضاه كان الزائد مبذولا من غير ذي صفة؛ لأن الجاني لا يملك نفسه، فلا يملك بذل شيء منها بغير حق والمجني عليه لا يستحق الزائد فلا يصح بذله إياه.

الجزء الثاني: أخذ الناقص بالكامل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأخذ إذا رضي المجني عليه. 2 - الأخذ إذا لم يرض المجني عليه. الجزئية الأولى: الأخذ إذا رضي المجني عليه: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم الأخذ. 2 - الأرش. الفقرة الأولى: حكم الأخذ: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في أخذ الناقص بالكامل إذا رضي المجني عليه على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأخذ الناقص بالزائد إزا رضي المجني عليه: بأن الحق في ذلك له، فإذا رضي بأقل منه فقد أسقط حقه في الناقص فكان جائزا؛ لأنه لو أسقط القصاص كله كان جائزا، وما جاز إسقاطه كله جاز إسقاط بعضه.

النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم أخذ الناقص بالكامل: أن مقتضى القصاص المماثلة، وهي غير محققة هنا. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالجواز. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه جواز ترجيح القول بجواز أخذ الناقص بالكامل: أنه تنازل عن الحق، والتنازل عن الحق غير ممنوع. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول بجوابين: الجواب الأول: أن اشتراط المماثلة في القصاص لمنع الاعتداء بأخذ غير الحق أو أكثر منه، وذلك منتف هنا؛ لأن المأخوذ أقل من الواجب. الجواب الثاني: أن المماثلة متحققة؛ لأن الناقص يساوي ما يقابل من الكامل، والزائد في حكم المعدوم للتنازل عما يقابله من الناقص. الفقرة الثانية: الأرش: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المراد بالأرش. 2 - أخذ الأرش.

الشيء الأول: بيان المراد بالأرش: وفيه نقطتان هما: 1 - إذا كان المفقود من الناقص له دية. 2 - إذا لم يكن للمفقود من الناقص دية. النقطة الأولى: إذا كان المفقود من الناقص له دية: وفيها نقطتان هما: 1 - بيان الأرش. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان الأرش: إذا كان للمفقود من الناقص دية كانت هي الأرش. القطعة الثانية: التوجيه: وجه كون أرش المفقود من الناقص ديته: أنه لو كان موجودا لم يجب فيه حين العفو إلى المال غير ديته فكذلك إذا كان تالفا. النقطة الثانية: إذا لم يكن للمفقود من الناقص دية: وفيها قطعتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأرش. القطعة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الذي لا دية له من المفقود من الناقص ما يأتي: 1 - اليد الشلاء. 2 - الرجل الشلاء. 3 - لسان الأخرس. القطعة الثانية: بيان الأرش: وفيها شريحتان هما:

1 - بيان الأرش. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان الأرش: وفيه ثلاث جمل هي: 1 - بيان الأرش. 2 - طريق معرفته. 3 - المثال. الجملة الأولى: بيان الأرش: الأرش: هو قسط ما بين القيمتين (¬1) من الدية. الجملة الثانية: طريقة معرفة الأرش: طريق معرفة الأرش كما يلي: 1 - يقدر المجني عليه عبدا سليما وتعرف قيمته. 2 - يقدر عبدا به الجناية بعد برئها وتعرف قيمته. 3 - تطرح القيمة حال وجود الجناية من القيمة حال السلامة والحاصل هو الفرق بين القيمتين. 4 - يضرب الفرق بالدية ويقسم الناتج على القيمة حال السلامة وما يخرج هو الأرش. الجملة الثالثة: المثال: من أمثلة ذلك: أن يكون الجاني مشلول الكف ويقطع يدا سليمة من المرفق، فيقتص المجني عليه من المرفق ويطالب بأرش الكف. فلمعرفة الأرش يقدر الجاني عبدا سليما وتعرف قيمته، ثم يقدر عبدا به الشلل وتعرف قيمته، فإذا كانت قيمته حال السلامة مائة ألف (100000) ¬

_ (¬1) قيمة الجاني سليما وقيمته والجناية به.

وقيمته حال الشلل (80000) ثمانية طرحت القيمة حال الشلل من القيمة حال السلامة ثم يضرب الناتج بالدية ويقسم على القيمة حال السلامة والناتج هو الأرش، فإذا كانت دية الجاني في هذا المثال (100000) عمل كما يأتي: (100000 - 80000 = 20000 × 100000 ÷ 100000 = 20000). الشيء الثاني: أخذ الأرش: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: إذا أخذت الناقصة بالسليمة فقد اختلف في أخذ أرش النقص على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بجواز أخذ أرش النقص: بأن المفقود لم يشمله القصاص فيجوز أخذ عوضه كإتلافه. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم جواز أخذ أرش الناقص بأنه يؤدي إلى الجمع بين القصاص والأرش في عضو واحد وذلك لا يجوز.

النقطة الثالثة: الترجيح: وفيه ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بجواز الأخذ. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأخذ الأرش: أن الحق متعلق بجميع المحل، والناقص لم يستوف الحق فيه بالقصاص فالأصابع المقطوعة مثلا لم تستوف بالقصاص، فيجب بدلها وهو الأرش. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول بجوابين: الجواب الأول: أنه استدلال بمحل الخلاف فلا يجوز. الجواب الثاني: أن أخذ الأرش للناقص ليس جمعا بين القصاص والمال؛ لأن محل المال غير محل القصاص، فمحل القصاص هو الموجود من العضو، ومحل الأرش هو الناقص منه فافترقا. الفقرة الثانية: أخذ الناقص بالكامل إذا لم يرض المجني عليه: وفيها شيئان هما: 1 - حكم الأخذ. 2 - التوجيه. الشيء الأول: حكم الأخذ: إذا لم يرض المجني عليه بأخذ الناقص بالكامل لم يلزمه.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز الإلزام بأخذ الناقص بالكامل: أن الناقص أقل من الحق فلا يجوز الإلزام به من غير رضا. الجزء الثالث: أخذ الصحيح بالمريض: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأخذ. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة أخذ الصحيح بالمريض ما يأتي: 1 - أخذ اليد السليمة باليد الشلاء. 2 - أخذ الكف السليمة بالكف الشلاء. 3 - أخذ الرجل السليمة بالرجل الشلاء. 4 - أخذ القدم السليمة بالقدم الشلاء. الجزئية الثانية: الأخذ: أخذ الصحيح بالمريض كأخذ الكامل بالناقص وتقدم. الجزء الرابع: أخذ المريض بالصحيح: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأخذ. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة أخذ المريض بالصحيح ما يأتي: 1 - أخذ اليد الشلاء باليد الصحيحة. 2 - أخذ الكف الشلاء بالكف الصحيحة. 3 - أخذ الرجل الشلاء بالرجل السليمة. 4 - أخذ القدم الشلاء بالقدم السليمة. الجزئية الثانية: الأخذ: أخذ المريض بالسليم كأخذ الناقص بالكامل وتقدم.

الأمر السادس: المماثلة في العدد (¬1): وفيه جانبان هما: 1 - معنى المماثلة في العدد. 2 - الاشتراط. الجانب الأول: معنى المماثلة في العدد: المماثلة في العدد: أن يكون عدد المجني عليه كعدد الجاني، فلا يقتص من أكثر من واحد بواحد. الجانب الثاني: الاشتراط: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإذا قطع جماعة طرفا أو جرحوا جرحا يوجب القود فعليهم القود. الكلام في هذا الجانب في جزءين هما: 1 - الخلاف. 2 - الشرط. الجزء الأول: الخلاف: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الأقوال: اختلف في اشتراط المماثلة في العدد للقصاص فيما دون النفس على قولين: القول الأول: أنه لا يشترط فيقتص للواحد من الجماعة. القول الثاني: أنه يشترط فلا يقتص للواحد من أكثر من واحد. ¬

_ (¬1) ويعبر عنه بقطع الجماعة بالواحد.

الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالاقتصاص من الجماعة بالواحد فيما دون النفس بما يأتي: 1 - ما ورد أن رجلين شهدا عند علي - رضي الله عنه - على رجل بالسرقة فقطع يده، ثم جاءا بآخر وقالا: هذا هو السارق وأخطأنا في الأول، فرد شهادتهما وغرمهما دية الأول، وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما. فأخبر أن القصاص على كل واحد منهما لو تعمدا قطع يد واحدة. 2 - أنه يقتص من الجماعة بالواحد في النفس، وما دونها فرع عنها، فإذا جاز ذلك في النفس جاز فيما دونها من باب أولى؛ لأن القصاص في النفس إتلاف للجملة، والقصاص فيما دونها إتلاف للبعض. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بمنع الاقتصاص من الجماعة بالواحد فيما دون النفس بما يأتي: 1 - أن الأطراف يعتبر التساوي فيها، والطرف الواحد لا يساوي الأطراف. 2 - أن القصاص للردع والزجر، وقطع الجماعة للواحد أو جرحه نادر فلا يستدعي ردعا ولا زجرا. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - جواز الاقتصاص من الجماعة بالواحد فيما دون النفس. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالاقتصاص من الجماعة بالواحد فيما دون النفس: أن ترك القصاص يؤدي إلى اتخاذ الاجتماع على الجناية على ما دون النفس وسيلة إلى إسقاط القصاص فيتجرأ المجرمون على الإجرام. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بأن الطرف الواحد لا يساوي الأطراف. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن القصاص للردع والزجر ... الخ الشيء الأول: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن الاحتجاج بأن الطرف لا يساوي الأطراف: بأن الأنفس تؤخذ بالنفس الواحدة وهي لا تساويها وإذا جاز ذلك في القصاص في النفس جاز في القصاص في الطرف من باب أولى؛ لأن القصاص في النفس إتلاف للكل والقصاص فيما دونها إتلاف للبعض وإتلاف الكل أعظم من إتلاف البعض. الشيء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن القصاص للردع والزجر ... بجوابين: الجواب الأول: أن القصاص ليس خاصا بالردع والزجر؛ لأدن من أهدافه التشفي، وذلك من حق المجني عليه، فلا يصح تفويته عليه.

الجواب الثاني: أن دعوى ندرة الاجتماع على الجناية على ما دون النفس دعوى غير صحيحة؛ فإن أهدافه لا تقل عن أهداف القتل، فإذا احتاج الاجتماع على القتل إلى رادع كان الاجتماع على الجناية على ما دون النفس كذلك. الجزء الثاني: الشرط: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - بيان الشرط. 2 - أمثلة تحققه. 3 - توجيه الاشتراط. 4 - أثر تخلف الشرط. الجزئية الأولى: بيان الشرط: يشترط للاقتصاص من الجماعة للواحد في الطرف: أن تحصل الجناية بمجموع فعلهم بأن لا تتميز أفعالهم عن بعضها. الجزئية الثانية: أمثلة تحقق الشرط: من أمثلة تحقق الشرط ما يأتي: 1 - أن يشهد جماعة على شخص بما يوجب القطع فيقطع ثم يرجعون عن شهادتهم. 2 - أن يحكم جماعة على شخص بما يوجب القطع فيقطع ثم يرجعون عن حكمهم. 3 - أن يلقي جماعة شخصا من شاهق أو في حفرة فتنقطع يده أو رجله. 4 - أن يلقي جماعة على شخص حديدة أو صخرة فتقطع يده أو رجله. 5 - أن يضع جماعة يد شخص أو رجله تحت حديدة ويتحاملوا عليها حتى تنقطع. 6 - أن يلقي جماعة شخصا لحيوان فيقطع يده أو رجله.

الجزئية الثالثة: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط حصول الجناية بمجموع فعل الجماعة: أنه إذا تميز فعل بعضهم عن بعض كان لكل فعل حكمه ولم تكن الجناية بفعلهم. الجزئية الرابعة: أثر تخلف الشرط: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة تخلف الشرط. 2 - بيان الأثر. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة تخلف الشرط ما يأتي: 1 - أن يقطع كل واحد من جانب غير الجانب الذي يقطع منه الآخر. 2 - أن يقطع أحدهم أحد المنخرين، ويقطع الآخر المنخر الآخر، ويقطع الثالث الحاجز بينهما. الفقرة الثانية: بيان الأثر: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الأثر: إذا تميز فعل كل واحد عن فعل الآخر كان لفعل كل واحد حكمه. الشيء الثاني: التوجيه: وجه كون لكل واحد حكم فعله: أنه لا اشتراك في أفعالهم فيختص كل واحد بحكم فعله كما لو انفرد. الفرع التاسع: العفو عن القصاص فيما دون النفس: وفيه ثلاثة أمور هي:

1 - حكم العفو. 2 - التوجيه. 3 - الأثر. الأمر الأول: حكم العفو: العفو عن القصاص فيما دون النفس مستحب كالعفو عن القصاص في النفس. الأمر الثاني: التوجيه: وجه استحباب العفو عن القصاص فيما دون النفس: ما وجه به استحباب العفو عن القصاص في النفس وقد تقدم. الأمر الثالث: ما يترتب على العفو: العفو عن القصاص فيما دون النفس فيما يترتب عليه كالعفو عن القصاص في النفس وقد تقدم. الفرع العاشر: استيفاء القصاص فيما دون النفس: وفيه أربعة أمور هي: 1 - معناه. 2 - شروطه. 3 - كيفيته. 4 - التبنيج له. الأمر الأول: معنى استيفاء القصاص: استيفاء القصاص تنفيذه. الأمر الثاني: شروط استيفاء القصاص فيما دون النفس: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - أمن الحيف. 2 - برء المجني عليه. 3 - حضور السلطان أو نائبه.

الجانب الأول: أمن الحيف: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - المراد بأمن الحيف. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - ما يتحقق به أمن الحيف. الجزء الأول: المراد بأمن الحيف: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المراد. 2 - أمثلة الحيف. الجزئية الأولى: بيان المراد بأمن الحيف: أمن الحيف في القصاص: أن يؤمن تعدي القصاص لمحله. الجزئية الثانية: أمثلة الحيف: من أمثلة الحيف في القصاص فيما دون النفس ما يأتي: 1 - أن يكون القطع من أول الذراع فيقطع من نصفه. 2 - أن يكون القطع من أول المرفق فيقطع من آخره. 3 - أن يكون القطع من أول الساق فيقطع من نصفه. 4 - أن يكون القطع من أول الفخذ فيقطع من آخره. الجزء الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط أمن الحيف للقصاص فيما دون النفس: أن الحيف ظلم عتداء فلا يجوز ما يؤدي إليه؛ لأن الوسيلة لها حكم الغاية. الجزء الثالث: ما يتحقق به أمن الحيف: وفيه جزئيتان هما: 1 - ضابط ما يتحقق به. 2 - أمثلته.

الجزئية الأولى: ضابط ما يتحقق به: يتحقق أمن الحيف في القصاص: أن يكون القطع من مفصل أوله حد ينتهي إليه. الجزئية الثانية: الأمثلة: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة القطع من المفصل. 2 - أمثلة القطع من الحد. الفقرة الأولى: أمثلة القطع من المفصل: من أمثلة القطع من المفصل ما يأتي: 1 - القطع من الكوع. 2 - القطع من المرفق. 3 - القطع من الكعب. 4 - القطع من الركبة. الفقرة الثانية: أمثلة القطع من الحد: من أمثلة القطع من الحد ما يأتي: 1 - قطع مارن الأنف المنتهي بقصبة الأنف. 2 - قطع الذكر المنتهي بالخصية. 3 - قطع الثدي المنتهي بالصدر. 4 - قطع الأذن المنتهية بعظم الرأس. 5 - القصاص في الموضحة المنتهي بالعظم. الجانب الثاني: برء المجني عليه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - دليله. الجزء الأول: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط براءة المجني عليه للقصاص في الطرف: أن الجناية قد تسري إلى النفس أو الطرف أو يكون لها آثار أخرى، فينتظر البرء لمعرفة ما تستقر الجناية عليه.

الجزء الثاني: دليل الاشتراط: دليل اشتراط برء المجني عليه للقصاص في الطرف ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقتص من جرح حتى يبرأ (¬1). الجانب الثالث: حضور السلطان أو نائبه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - دليله. الجزء الأول: توجيه الاشتراط: وجه حضور السلطان لاستيفاء القصاص فيما دون النفس: خشية حصول الحيف والتعدي فيه. سواء كان في القصاص أو من الجاني وأوليائه على المجني عليه أو أوليائه. الجزء الثاني: الدليل: الدليل على اشتراط حضور السلطان أو نائبه للقصاص فيما دون النفس: أن ذلك شرط في استيفاء القصاص في النفس فيكون شرطا في استيفائه في الطرف من باب أولى؛ لأن خوف الحيف فيه أشد وضرره أكبر؛ لأن أثر الحيف في القصاص في النفس ينتهي بالموت، وأثر الحيف في القصاص فيما دون النفس يبقى مدى الحياة. الجانب الرابع: الخبرة من المقتص: وفيه جزءان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني، كتاب الحدود والديات /3/ 88.

الجزء الأول: الاشتراط: معرفة المقتص للقصاص فيما دون النفس وخبرته فيه شرط في الاستيفاء لا بد منه. الجزء الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط الخبرة في المقتص للقصاص: أن غير العارف به لا يؤمن حيفه فيه، فلا يصح استيفاؤه له ولا يجوز. الأمر الثالث: حيفية القصاص فيما دون النفس: وفيه جانبان هما: 1 - كيفية القصاص بالقطع. 2 - كيفية القصاص بالجرح. الجانب الأول: حيفية القصاص بالقطع: وفيه جزءان هما: 1 - كيفية القصاص من المفصل. 2 - كيفية القصاص من غير المفصل. الجزء الأول: كيفية القصاص من المفصل: يتبع في القصاص من المفصل ما يأتي: 1 - يربط ما فوق المفصل ربطا قويا بحيث يمنع تدفق الدم حين القطع. 2 - يشد الجزء المراد قطعه إلى أن يتميز مفصله عما قبله. 3 - توضع آله القطع في المفصل ويحز بقوة إلى أن ينفصل. 4 - يغمس المقطع بمادة مغلية من زيت أو دهن حتى تنسد أفواه العروق ويقف نزيف الدم، أو يكمم المقطع بما يسكر العروق ويوقف الدم، وهو أولى؛ لأنه لا يؤلم ولا يتعدى ضرره بخلاف المادة المغلية فإنها تتعدى إلى ما حول المقطع فتحرقه.

الجزء الثاني: كيفية القصاص بالقطع من غير المفصل: يتبع في القصاص من غير المفصل ما يأتي: 1 - يعلم محل القطع باللون المناسب. 2 - يشق اللحم الذي فوق محل القطع حتى يتبين العظم. 3 - يوضع المنشار في محل القطع من العظم ويدار حتى يتم القطع. 4 - يتم الحسم بما تقدم فيما إذا كان القطع من المفصل. الجانب الثاني: كيفية القصاص بالجرح: وفيه جزءان هما: 1 - تحديد مساحة القصاص. 2 - كيفية القصاص. الجزء الأول: تحديد مساحة القصاص: وفيه جزئيتان هما: 1 - التحديد. 2 - كيفية التحديد. الجزئية الأولى: التحديد: يقدر محل القصاص في الجرح من الجاني بقدره من المجني عليه. الجزئية الثانية: كيفية التحديد: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الكيفية. 2 - التوجيه. 3 - المثال. الفقرة الأولى: بيان الكيفية: كيفية تحديد مساحة محل القصاص كما يأتي: 1 - تحديد المساحة في المجني عليه بالمقياس المعتبر.

2 - تنسب هذه المساحة إلى العضو الذي فيه الجناية من المجني عليه. 3 - يحدد مثل هذه النسبة في الجاني في العضو المماثل للعضو الذي فيه الجناية من المجني عليه. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحديد محل القصاص بالنسبة أن الأجسام تختلف فلو حدد محل القصاص بالحجم وكان عضو الجاني أصغر من عضو المجني عليه تجاوز ما يستحقه المجني عليه من الجاني. وكان أقل مما يستحقه إذا كان الأمر بالعكس كما يتضح بالمثال. مساحة الجناية .... النسبة .... المستحق .... التعليل .... من المجني عليه .... من الجاني ... 10 ملي مربع ... ربع الرأس ... ثمن الرأس ... ربع الرأس ... لو اعتبر الحجم لم يأخذ المجني عليه حقه. 100 ملى مربع ... ربع الرأس ... ثمن الرأس ... ثمن الرأس ... أنه لو اعتبر الحجم لأخذ المجني عليه أكثر من حقه. الجزء الثاني: كيفية القصاص: وفيه جزئيتان هما: 1 - كيفية القصاص إذا كانت الجناية بالمساحة. 2 - كيفية القصاص إذا كانت الجناية بالشق فقط. الجزئية الأولى: كيفية القصاص إذا كانت الجناية بالمساحة: إذا كانت الجناية بالمساحة حددت المساحة بالطريقة السابقة وأخذت من محلها في عضو الجاني.

الجزئية الثانية: كيفية القصاص إذا كانت الجناية بالشق فقط: إذا كانت الجناية بالشق كانت كيفية القصاص كما يلي: 1 - تعلم أطراف الشق في المجني عليه. 2 - يقاس ما بين العلامتين وتعرف نسبته من العضو المجني عليه. 3 - يعلم بقدر هذه النسبة من عضو الجاني المماثل لعضو المجني عليه. 4 - يشق هذا المقدار من الجاني بعمقه من المجني عليه. الأمر الرابع: التبنيج للقصاص: وفيه جانبان هما: 1 - إذا رضي المجني عليه. 2 - إذا لم يرض المجني عليه. الجانب الأول: التبنيج إذا رضي المجني عليه: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: إذا رضي المجني عليه بتبنيج الجاني عند القصاص جاز ذلك. الجزء الثاني: التوجيه: وجه جواز تبنيج الجاني عند القصاص: أن الحق في ذلك للمجني عليه فإذا رضي به جاز. الجانب الثالث: إذا لم يرض المجني عليه: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه.

الجزء الأول: بيان الحكم: إذا لم يرض المجني عليه بتبنيج الجاني عند القصاص لم يجز. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز التبنيج للجاني عند القصاص منه إذا لم يرض المجني عليه: أن إيلامه بالقصاص من حق المجني عليه فإذا لم يرض بإسقاطه لم يجز؛ كإسقاط أصل القصاص. الفرع الحادي عشر: سراية القصاص فيما دون النفس: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - معنى السراية. 2 - أنواع السراية. 3 - ضمان السراية. الأمر الأول: معنى السراية: السراية تجاوز الأثر حجمه. الأمر الثاني: أنواع السراية: وفيه جانبان هما: 1 - السراية إلى النفس. 2 - السراية إلى ما دون النفس. الجانب الأول: السراية إلى النفس: وفيه جزءان هما: 1 - معناه. 2 - أمثلته. الجزء الأول: بيان المعنى: سراية القود فيما دون النفس إلى النفس: أن يتعدى أثره إلى الموت بنزيف أو ألم.

الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة سراية القصاص فيما دون النفس إلى النفس ما يأتي: 1 - أن تقطع الكف قصاصا فينزف المقطوع إلى أن يموت. 2 - أن يقطع الذراع قصاصا فيستمر ألمه إلى الموت. 3 - أن يجرح الفخذ قصاصا فينزف إلى الموت. 4 - أن يوضح الرأس قصاصا فيستمر ألمه إلى الموت. الجانب الثاني: السراية إلى ما دون النفس: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المعنى. 2 - الأمثلة. الجزء الأول: بيان المعنى: سراية القصاص فيما دون النفس إلى ما دونها: أن يتجاوز أثر القصاص محله إلى عضو آخر أو جرح. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة سراية القصاص فيما دون النفس إلى ما دون النفس ما يأتي: 1 - أن يتعدى قطع الإصبع إلى إصبع آخر. 2 - أن يتعدى قطع الكف إلى الذراع. 3 - أن يتعدى جرح الذراع إلى العضد. 4 - أن يتعدى جرح الساق إلى الفخذ. الأمر الثالث: ضمان سراية القصاص: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان القصاص في حال يخشى فيها السراية. 2 - إذا لم يكن في حال يخشى فيها السراية.

الجانب الأول: إذا كان القصاص في حال يخشى فيها السراية: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - أمثلة الحال التي يخشى فيها السراية. 2 - المرجع في تحديد الخوف من السراية. 3 - الضمان. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة الحال التي يخشى فيها السراية ما يأتي: 1 - شدة الحر. 2 - شدة البرد. 3 - تلوث الجو بما يضاعف أثر الجروح. 4 - أن يكون الجاني مريضا بمرض لا يلتئم معه الجرح أو لا يرقأ معه الدم. الجزء الثاني: المرجع في تحديد الخوف من السراية: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المرجع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان المرجع: المرجع في تحديد الخوف من السراية هم الأطباء المتخصصون. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه تخصيص تحديد الخوف من السراية بالأطباء: أنهم الذين يعرفون خصائص الجسم وما يؤثر فيه دون غيرهم. الجزء الثالد: الضمان: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الضمان. 2 - التوجيه.

الجزئية الأولى: حكم الضمان: إذا نفذ الضمان في حال يخشى فيها السراية كانت السراية مضمونة. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه ضمان سراية القصاص فيما دون النفس إذا نفذ في حال يخشى فيها السراية ما يأتي: 1 - أن تنفيذ القصاص في هذه الحال تعد والتعدي يوجب الضمان. 2 - أن القصاص في هذه الحال غير مأذون فيه، وغير المأذون مضمون. الجانب الثاني: إذا لم يكن القصاص في حال يخشى فيها السراية: وفيه جزءان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الضمان: إذا كان القصاص في حال لا يخشى فيها السراية فلا ضمان. سواء كانت السراية إلى النفس إم إلى ما دونها. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم ضمان سراية القصاص فيما دون النفس إذا كان تنفيذه في حال لا يخشى فيها السراية ما يأتي: 1 - أنه لم يحصل بالقصاص تعد ولا تفريط. 2 - أن القصاص مأذون فيه، والمأذون غير مضمون. [انتهى القصاص والحمد لله، ويليه الديات بإذن الله].

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المُطْلِعْ عَلى دَقَائِق زَاد المُسْتَقْنِع «فقه الجنايات والحدود» [2]

(ح) دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع، 1432 هـ فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية أثْنَاء النشر اللَّاحِم، عَبد الكَريم بن محمَّد المطلع على دقائق زَاد المستقنع فقه الْجِنَايَات وَالْحُدُود/ عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد اللاحم - الرياض 1432 هـ 4 مج 381 صفحة: 17 × 24 سم. ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 8 - 61 - 8055 - 603 - 978 (ج 2) 1 - الْجِنَايَات (فقه إسلامي) أ - العنوان ديوي 255 ... 1219/ 1432 رقم الْإِيدَاع: 1219/ 1432 ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 8 - 61 - 8055 - 603 - 978 (ج 2) جَمِيْعُ الحُقُوقِ مَحَفُوظَةٌ الطَّبْعَةُ الأُوْلَى 1432 هـ - 2011 م دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع المملكة الْعَرَبيَّة السعودية ص. ب: 27261 - الرياض: 11417 هَاتِف: 4914776 - 4968994 - فاكس: 4453203 E-mail: [email protected]

المطلب الثاني الديات

المطلب الثاني الديات وفيه ست عشرة مسألة هي: 1 - تعريف الدية. 2 - دليل مشروعيتها. 3 - صفة مشروعيتها. 4 - ما يوجب الدية. 5 - مسؤولية الدية. 6 - ديات النفس. 7 - ديات الأعضاء. 8 - ديات المنافع. 9 - ديات الشجاج. 10 - ديات الفتوق. 11 - ديات كسر العظام. 12 - الحكومة. 13 - دية الجنين. 14 - العاقلة وما تحمله. 15 - كفارة القتل. 16 - القسامة.

المسألة الأولى: تعريف الدية: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - التعريف. 2 - الاشتقاق. 3 - أسماؤها. الفرع الأول: التعريف: الدية: هي المال الذي يؤدي إلى المجني عليه أو ورثته بسبب الجناية عليه، سواء كان ذلك للنفس أم الأعضاء أم الجروح أم المنافع كصا سيأتي تفصيله إن شاء الله. الفرع الثاني: الاشتقاق: اشتقاق الدية من التأدية؛ لأنها تؤدي إلى أولياء الدم أي تعطى إياهم. الفرع الثالث: أسماء الدية: من أسماء الدية ما يأتي: 1 - الدية، ومن ذلك قوله تعالى: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (¬1). 2 - العقل، ومن ذلك حديث: (ومن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوا أو يأخذوا العقل) (¬2). الدم، ومنه قول الشاعر: أكلت دما إن لم أرعك بضرة ... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [92]. (¬2) سنن الترمذي، باب ما جاء في حكم ولي القتيل في القصاص/1405.

المسألة الثانية: دليل مشروعية الدية: من أدلة مشروعية الدية ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} (¬1). 2 - قوله - رضي الله عنه -: (ومن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إما أن يودى أو يقتل) (¬2). 3 - الإجماع فإنه لا خلاف في مشروعيتها. المسألة الثالثة: صفة وجوب الدية: وفيها فرعان هما: 1 - بيان المراد بصفة الوجوب. 2 - بيان صفة الوجوب. الفرع الأول: بيان الراد بصفة الوجوب: المراد بصفة الوجوب: وجوب الدية على سبيل البدل عن القصاص فلا تجب إلا برضا الجاني. أو على سبيل التخيير بينها وبين القصاص فلولي الدم أن يقتص أو يأخذ الدية من غير رضا الجاني. الفرع الثاني: بيان صفة الوجوب: صفة وجوب الدية ينبني على الخلاف في صفة وجوب القصاص، فعلى القول بأنه واجب عينا يكون وجوب الدية على البدل، وعلى أن وجوب القصاص على التخيير تكون الدية واجبة على التخيير كذلك. وقد تقدم تفصيل ذلك في صفة وجوب القصاص. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [92]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حرمة مكة/1355.

المسألة الرابعة: ما يوجب الدية: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: كل من أتلف إنسانا بمباشرة أو سبب لزمته ديته. الكلام في هذه المسألة في فرعين هما: 1 - ضابط ما يوجب الدية. 2 - أنواع ما يوجب الدية. الفرع الأول: ضابط ما يوجب الدية: تجب الدية بكل إتلاف للإنسان أو بعضه بغير حق، سواء كان الإتلاف للنفس أو العضو أو المنفعة. الفرع الثاني: أنواع ما يوجب الدية: وفيه أربعة أمور هي: 1 - بيان الأنواع. 2 - أمثلتها. 3 - وجوب الدية بها. 4 - مسؤولية الدية. الأمر الأول: بيان أنواع ما يوجب الدية: وفيه خمسة جوانب هي: 1 - الإتلاف العمد. 2 - الإتلاف شبه العمد. 3 - الإتلاف الخطأ. 4 - الإتلاف الملحق بالخطأ. 5 - الإتلاف بالسبب. وفيه خمسة أجزاء هي: 1 - الإتلاف بسبب الفعل. 2 - الإتلاف بسبب الاستيلاء. 3 - الإتلاف بسبب الاستعداء. 4 - الإتلاف بسبب الاستدعاء.

5 - الإتلاف بسبب تنفيذ الأمر. الأمر الثاني: أمثلة ما يوجب الدية: وفيه خمسة جوانب: الجانب الأول: أمثلة الإتلاف العمد: من أمثلة الإتلاف العمد ما تقدم في القصاص ومنه ما يأتي: 1 - الإتلاف بالسلاح. 2 - الإتلاف بالإلقاء من شاهق. 3 - الإتلاف بالضرب الذي يقتل مثله غالبا. الجانب الثاني: أمثلة الإتلاف شبه العمد: من أمثلة الإتلاف شبه العمد ما تقدم في القصاص ومنه ما يأتي: 1 - الإتلاف بالضرب بعصا صغيرة. 2 - الإتلاف بالضرب بحجر صغير. الجانب الثالث: أمثلة الإتلاف خطأ: من أمثلة الإتلاف خطأ ما يأتي: 1 - إتلاف المعصوم حين قصد الصيد. 2 - إتلاف المعصوم حين قصد شاخص غيره. 3 - إتلاف المسلم حين قصد غير المسلم. الجانب الرابع: أمثلة الإتلاف الملحق بالخطأ: من أمثلة ذلك ما تقدم في القصاص ومنه ما يأتي: 1 - انقلاب النائم على الصبي. 2 - وقوع الشخص من شاهق على آخر. 3 - دهس الشخص في الزحام. الجانب الخامس: أمثلة الإتلاف بالسبب: وفيه ستة أجزاء هي:

الجزء الأول: أمثلة الإتلاف بسبب الفعل: من أمثلة الإتلاف بسبب الفعل ما يأتي: 1 - أن يحفر الشخص حفرة غير مأذون له فيها فيتلف بها معصوم. 2 - أن يشهر سلاحًا في زحام فيتلف به معصوم. 3 - أن يضع في الطريق الضيق حجرا أو حديدا أو خشبا فيتلف به معصوم. الجزء الثاني: أمثلة التلف بسبب الغصب: من أمثلة ذلك أن يستولي على حر صغير فتصيبه صاعقة أو تنهشه حية وهو تحت يده. 2 - أن يستولى على مجنون فيقع في بئر أو يسقط من شجرة أو تنهشه حية، أو تصيبه صاعقة وهو تحت يده. الجانب الثالث: أمثلة التلف بسبب التقييد: من أمثلة ذلك ما يأتي: ا - أن يغل شخصا ويقيده بحضرة حيوان مفترس فيتلفه. 2 - أن يغل شخصا ويقيده بحضرة ثعبان فينهشه. 3 - أن يغل شخصا ويقيده في واد فيسيل الوادي ويتلفه. الجزء الرابع: أمثلة التلف بالاستعداء: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - أن يستعدي الشرطة على مدين له فيتلف. 2 - أن يستعدي الشرطة على خصم له فيتلف. 3 - أن يستعدي الشرطة على زوجة له ناشز فتتلف. الجزء الخامس: أمثلة التلف بالاستدعاء: من أمثلة ذلك ما يأتي:

1 - أن يستدعي القاضي شخصا لاستكشاف حق الله فيتلف. 2 - أن تستدعي الشرطة شخصا للتحقيق معه فيتلف. 3 - أن تستدعي الهيأة شخصا متهما للتحقيق فيما نسب إليه فيتلف. الجزء السادس: أمثلة التلف بسبب تنفيدت الأمر: 1 - أن يأمر شخصا بنزول بئر فيقع ويتلف. 2 - أن يأمر شخصا بصعود شجرة فيقع ويتلف. 3 - أن يأمر شخصا بإخراج شيء من الماء فيغرق. 4 - أن يأمر شخصا بإخراج شيء من الحريق فيحترق. 5 - أن يأمر شخصا بإنقاذ حيوان من سبع فيفترسه. الأمر الثالث: وجوب الدية: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - وجوب الدية بالعمد وشبهه والخطأ وما جرى مجراه. 2 - وجوب الدية بالسبب. 3 - وجوب الدية بالإتلاف بالتأديب. الجانب الأول: وجوب الدية بالعمد وشبهه والخطأ وما جرى مجراه: وفيه جزءان هما: 1 - الوجوب. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الوجوب: وجوب الدية بالعمد وشبهه والخطأ وما جرى مجراه لا خلاف فيه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب الدية بالإتلاف العمد وشبهه والخطأ وما جرى مجراه:

أنه إتلاف لمعصوم بغير حق فيجب ضمانه. الجانب الثاني: وجوب الدية بالإتلاف بالسبب: وفيه خمسة أجزاء هي: 1 - وجوب الدية بالتلف بسبب الفعل. 2 - وجوب الدية بالتلف بسبب الاستيلاء. 3 - وجوب الدية بالتلف بسبب الاستعداء. 4 - وجوب الدية بالتلف بمسبب الاستدعاء. 5 - وجوب الدية بالتلف بسبب تنفيذ الأمر. الجزء الأول: وجوب الدية بالتلف بسبب الفعل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الوجوب. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الوجوب: وجوب الدية بالتلف بسبب الفعل لا خلاف فيه في الجملة. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية بالتلف بسبب الفعل: أنه إتلاف لمعصوم بغير حق فيجب ضمانه. الجزء الثاني: وجوب الدية بالتلف بسبب الاستيلاء: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإن غصب حرا صغيرا فنهشته حية أو أصابته صاعقة أو مات بمرض أو غل حرا مكلفا وقيده فمات بالصاعقة أو الحية وجبت الدية. الكلام في هذا الجزء في جزئيتين هما:

1 - إذا كان المستولى عليه رقيقا. 2 - إذا كان المستولى عليه حرا. الجزئية الأولى: إذا كان المستولى عليه رقيقا: وفيها فقرتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الضمان: إذا كان المستولى عليه رقيقا وجب ضمانه مطلقا سواء كان صغيرا أم كبيرا، وسواء كان موته بالصاعقة أم بالحية أم بغيرهما. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه ضمان الرقيق بالتلف تحت يد المستولى عليه: أنه مال والمال يصح غصبه ويجب ضمانه بكل حال. الجزئية الثانية: إذا كان المستولى عليه حرا: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان المستولى عليه مكلفا. 2 - إذا كان المستولى عليه غير مكلف. الفقرة الأولى: إذا كان المستولى عليه مكلفا: وفيه شيئان هما: 1 - إذا غله المستولى عليه وقيده. 2 - إذا لم يغله ولم يقيده. الشيء الأول: إذا كان المستولى عليه مغلولا مقيدا: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: أو غل مكلفا وقيده فمات بالصاعقة أو الحية وجبت الدية. الكلام في هذا الشيء في نقطتين هما: 1 - المثال. 2 - الدية.

النقطة الأولى: المثال: من أمثلة التلف بالتقييد: أن يستولى ظالم على رجل بالغ عاقل فيكتفه ويقيده ويلقيه في مكان لا يستطيع التخلص منه فتنهشه في هذا الكان حية أو تنزل عليه صاعقة فتقتله. النقطة الثانية: الدية: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الوجوب. 2 - التوجيه. 3 - الاعتراض والجواب عنه. القطعة الأولى: الوجوب: إذا غل الشخص وقيده في مكان لا يستطيع التخلص منه فنهشته حية أو أصابته صاعقة فتلف وجب ضمانه. القطعة الثانية: التوجيه: وجه ضمان من غل وقيد في مكان لا يستمع التخلص منه فأصابته صاعقة أو نهشته حية فتلف: أن المقيد حال بينه وبين التخلص من هذا المكان والهروب مما يعرض له فيه حتى تلف فوجب عليه ضمانه، كما لو أمسكه لمن يريد قتله حتى قتله. القطعة الثالثة: الاعتراض وجوابه: وفيها شريحتان هما: 1 - الاعتراض. 2 - الجواب. الشريحة الأولى: الاعتراض: الاعتراض: أن يقال: إن نهش الحية وإصابة الصاعقة أمر من الله لا يد للمقيد فيها.

الشريحة الثانية: الجواب: يجاب عن الاعتراض المذكور: بأن الأشياء كلها بأمر الله ولكن تقييد الشخص وتكتيفه في هذا المكان هو الذي منعه من مفارقته والدفاع عن نفسه، ولولا ذلك لأمكنه مفارقة المكان والهروب من الحية ولسلم مما أصابه فيه. الشيء الثاني: إذا كان المستولى عليه غير مكتوف ولا مقيد: وفيه نقطتان هما: 1 - المثال. 2 - الدية. النقطة الأولى: المثال: من أمثلة الاستيلاء - على المكلف من غير تقييد: أن يستولي ظالم على رجل بالغ عاقل ويلزمه بالعمل عنده من غير تقييد فتصيبه صاعقة أو تنهشه حية وهو يعمل لديه فيتلف. النقطة الثانية: الدية: وفيها قطعتان هما: 1 - الوجوب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الوجوب. إذا تلف المستولى عليه من غير تكتيف ولا تقييد بالحية أو بالصاعقة لم يضمن. القطعة الثانية: التوجيه: وجه عدم ضمان المكلف بالاستيلاء عليه من غير تقييد ولا تكتيف ما يأتي: 1 - أن الحر لا تثبت عليه اليد التي هي سبب الضمان. 2 - أنه كان بإمكانه الهرب والدفاع عن نفسه والتخلص مما أصابه.

الفقرة الثانية: إذا كان المستولى عليه غير مكلف: وفيها شيئان هما: 1 - إذا مات بسبب يختص بالمكان. 2 - إذا مات بسبب لا يختص بالمكان. الشيء الأول: إذا مات بسبب يختص بالمكان: وفيه نقطتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الضمان. النقطة الأولى: الأمثلة: من الأمثلة الخاصة بالمكان ما يأتي: 1 - الحية المستوطنة في المكان. 2 - الصاعقة التي ينزلها الله في المكان. 3 - المرض المعروف في المكان، مثل الجدري والحصباء والحماء. 4 - أسباب الغرق من الأودية والأنهار والبحار والآبار. 5 - شدة الحر أو شدة البرد. النقطة الثانية: الضمان: وفيها قطعتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الضمان: إذا استولى على غير المكلف فمات بالحية أو الصاعقة أو المرض المختص بالمكان وجب عليه الضمان. القطعة الثانية: التوجيه: وجه ضمان غير المكلف إذا استولى عليه فمات بسبب يختص بالمكان بما يلي:

1 - أن المستولى على غير المكلف هو الذي جاء به إلى هذا المكان الذي أصيب بما أصيب به فيه. 2 - أن غير المكلف لا يستطيع التصرف والتخلص مما أصابه فلزم ضمانه، كما لو حبسه. الشيء الثاني: إذا كان الموت بسبب لا يختص بالمكان: وفيه نقطتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الضمان. النقطة الأولى: الأمثلة: من الأمثلة التي لا تختص بمكان الاستيلاء ما يأتي: 1 - الأمراض العامة الموجودة في المكان وغيره. 2 - المرض المستأصل في الشخص نفسه كالفشل الكلوي، أو الوباء الكبدي، أو السرطان. 3 - القصف العام للبلاد، أو الكيماويات. النقطة الثانية: الضمان: وفيها قطعتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الضمان: إذا كان تلف المستولى عليه ليس بسبب خاص بالمكان لم يجب ضمانه. القطعة الثانية: التوجيه: وجه عدم ضمان المستولى عليه إذا لم يكن موته بسبب خاص بالمكان: أن الموت ليس بسبب الاستيلاء فلا يكون سبباً للضمان، والأصل عدم الضمان.

الجزء الثالث: وجوب الدية بسبب الاستعداء: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان الاستعداء بحق. 2 - إذا كان الاستعداء بغير حق. الجزئية الأولى: إذا كان الاستعداء بحق: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الضمان. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الاستعداء بحق ما يأتي: 1 - أن يكون المستعدى عليه متعدياً على حق من حقوق المستعدى. 2 - أن يكون المستعدى عليه مماطلاً. 3 - أن يكون المستعدى عليه جاحداً. 4 - أن تكون المستعدى عليها ناشزاً. الفقرة الثانية: الضمان: وفيها شيئان هما: 1 - إذا لم يتعد التلف المستعدى عليه. 2 - إذا تعدى التلف المستعدى عليه. الشيء الأول: إذا لم يتعد التلف المستعدى عليه: وفيه نقطتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: الضمان: إذا كان الاستعداء بحق فلا ضمان عليه للمستعدى عليه. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم ضمان المستعدى عليه إذا كان الاستعداء عليه بحق ما يأتي:

1 - أن الاستعداء بحق مأذون فيه والإذن ينافي الضمان. 2 - أن المستعدى عليه هو السبب في الاستعداء عليه فيكون هو الجاني على نفسه فلا يستحق الضمان. الشيء الثاني: إذا تعدى التلف المستعدى عليه: وفيه نقطتان هما: 1 - المثال. 2 - الضمان. النقطة الأولى: الأمثلة: من أمثلة تعدي التلف بالاستعداء إلى غير المستعدى عليه ما يأتي: 1 - أن يكون المستعدى عليه امرأة حاملاً فتسقط. 2 - أن يفزع بعض أهل المستعدى عليه فيموت. النقطة الثانية: الضمان: وفيها قطعتان هما: 1 - ضمان المستعدى عليه. 2 - ضمان من تعدى التلف بالاستعداء إليه. القطعة الأولى: ضمان المستعدى عليه: وقد تقدم ذلك فيما إذا لم يتعد التلف بالاستعداء المتعدى عليه. القطعة الثانية: ضمان من تعدى التلف بالاستعداء إليه: وفيها شريحتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: الضمان: إذا تعدى التلف بالاستعداء إلى غير المستعدى عليه وجب ضمانه.

الشريحة الثانية: التوجيه: وجه ضمان من تعدى التلف بالاستعداء إليه ما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - طلب امرأة حاملاً فأسقطت فضمنه (¬1). 2 - أن من تعدى التلف إليه لا ذنب له فيكون تلفه بغير حق فيجب ضمانه. الجزئية الثانية: إذا كان الاستعداء بغير حق: وفيها فقرتان هما: 1 - المثال. 2 - الضمان. الفقرة الأولى: المثال: من أمثلة الاستعداء بغير حق ما يأتي: 1 - أن يدعي شخص على آخر حقاً له وهو كاذب ويستعدي الشرطة عليه فيتلف. 2 - أن يدعي رجل على امرأة أنها زوجته وهو كاذب ويستعدي الشرطة عليها فتتلف. 3 - أن يدعي شخص على آخر سرقة وهو كاذب ويستعدي عليه الشرطة فيتلف. الفقرة الثانية: الضمان: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب من أفزعه السلطان 9/ 458/ 180810.

الشيء الأول: الخلاف: إذا تلف المستعدى عليه بغير حق فزعاً فقد اختلف في ضمانه على قولين: القول الأول: أنه يضمن. القول الثاني: أنه لا يضمن. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب ضمان المستعدى عليه بغير حق إذا مات فزعاً بما يأتي: 1 - أن التلف بسبب الاستعداء فوجب الضمان كحفر البئر ووضع الحجر في الطريق بغير حق. 2 - القياس على جنين المرأة إذا سقط من الفزع من الاستعداء. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الضمان: بأن الاستعداء لا يقتل غالباً فلا يجب به الضمان. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الضمان.

النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الضمان بالتلف بسبب الاستعداء بغير حق: أنه قتل لمعصوم بغير حق فيجب به الضمان. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن تعليق الحكم بما يقتل غالباً للتحقق من حصول القتل به، فإذا ثبت القتل بالاستعداء لم يبحث عن كونه يقتل؛ لأن الهدف الذي من أجله علق الحكم بما يقتل قد تحقق. الجزء الرابع: وجوب الدية بالاستدعاء: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإذا طلب السلطان امرأة لكشف حق الله تعالى، أو استعدى عليها رجل بالشُّرَطِ في دعوى له عليها فأسقطت ضمنه السلطان والمستعدي، ولو ماتت فزعاً لم يضمنا. الكلام في هذا الجزء في جزئيتين هما: 1 - إذا كان الاستدعاء بحق. 2 - إذا كان الاستدعاء بغير حق. الجزئية الأولى: إذا كان الاستدعاء بحق: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الضمان. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الاستدعاء بحق ما يأتي: 1 - أن تتهم المرأة في عرضها فتستدعى لكشف الحقيقة. 2 - أن تتهم في عقيدتها فتستدعى لمعرفة أمرها. 3 - أن تتهم في أمور أمنية فتستدعى للتحقيق معها.

4 - أن تتهم في أمور أخلاقية فتستدعى للتأكد مما نسب إليها. الفقرة الثانية: الضمان: وفيها شيئان هما: 1 - إذا لم يتعد التلف المستدعى. 2 - إذا تعدى التلف المستدعى. الشيء الأول: إذا لم يتعد التلف المستدعَى: وفيه نقطتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: الضمان: إذا كان الاستدعاء بحق فلا ضمان للمستدعَى. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم ضمان المستدعى إذا كان الاستدعاء بحق ما يأتي: 1 - أن الاستدعاء بحق مأذون فيه والإذن ينافي الضمان. 2 - أن المستدعى هو السبب في استدعائه فيكون هو الجاني على نفسه، والجاني على نفسه لا يستحق الضمان. الشيء الثاني: إذا تعدى التلف المستدعى: وفيه نقطتان هما: 1 - المثال. 2 - الضمان. النقطة الأولى: المثال: من أمثلة تعدي التلف بالاستدعاء إلى غير المستدعَى: أن يكون المستدعى حاملاً فتسقط جنيناً.

النقطة الثانية: الضمان: وفيها قطعتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الضمان: إذا تعدى التلف بالاستدعاء إلى غير المستدعى وجب ضمانه. القطعة الثانية: التوجيه: وجه ضمان من تعدى التلف بالاستدعاء إليه ما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - طلب امرأة حاملاً فأسقطت فضمنه (¬1). 2 - أن من تعدى التلف إليه لا ذنب له فيكون تلفه بغير حق فيجب ضمانه. الجزئية الثانية: إذا كان الاستدعاء بغير حق: وفيها فقرتان هما: 1 - المثال. 2 - الضمان. الفقرة الأولى: المثال: من أمثلة الاستدعاء بغير حق ما يأتي: 1 - أن يستدعي الحاكم شخصاً ليرعبه من غير حق فيفزع ويموت. 2 - أن يستدعي السلطان امرأة لمجرد الشك فيها من غير تثبت فتنزعج وتموت. الفقرة الثانية: الضمان: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب من أفزعه السلطان/ 9/ 458/ 18010.

الشيء الأول: الخلاف: إذا تلف المستدعَى بغير حق بسبب الفزع من المستدعي فقد اختلف في ضمانه على قولين: القول الأول: أنه يضمن. القول الثانى: أنه لا يضمن. الشيء الثانى: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأوّل: وجه القول بوجوب ضمان المستدعَى إذا مات فزعاً من المستدعِى ما يأتي: 1 - أن التلف حصل بسبب المستدعي فيجب عليه الضمان كحافر البئر وواضع الحجر في الطريق. 2 - القياس على جنين المرأة إذا سقط بالفزع من الاستدعاء. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الضمان: بأن الاستدعاء لا يقتل غالباً فلا يجب به الضمان. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الضمان.

النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الضمان بالتلف بسبب الاستدعاء بغير حق: أنه قتل لمعصوم بغير حق فيجب به الضمان. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن تعليق الحكم بما يقتل غالبا للتحقق من حصول القتل به، فإذا ثبت القتل بالاستدعاء لم يبحث عن كونه يقتل؛ لأن الهدف الذي من أجله علق الحكم بما يقتل قد تحقق. الجزء الخامس: وجوب الضمان بالتلف بسبب تنفيد الأمر: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ومن أمر شخصا مكلفا أن ينزل بئراً أو يصعد شجرة فهلك به لم يضمنه، ولو أن الآمر سلطان كما لو استأجره سلطان أو غيره. الكلام في هذا الجزء في جزئيتين هما: 1 - الأمثلة. 2 - الضمان. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة التلف بسبب تنفيذ الأمر ما يأتي: 1 - التلف بسبب تنفيذ الأمر بصعود الشجرة. 2 - التلف بسبب تنفيذ الأمر بنزول البئر. 3 - التلف بسبب تنفيذ الأمر بصعود حائط عال. 4 - التلف بسبب تنفيذ الأمر برد حيوان صائل. 5 - التلف بسبب تنفيذ الأمر بعبور واد أو نهر جارف.

الجزئية الثانية: الضمان: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان المأمور غير مكلف. 2 - إذا كان المأمور مكلفا. الفقرة الأولى: إذا كان المأمور غير مكلف: وفيها شيئان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. الشيء الأول: الضمان: إذا تلف غير المكلف بتنفيذ الأمر وجب ضمانه سواء كان الآمر السلطان أو غيره. الشيء الثاني: التوجيه: وجه ضمان غير المكلف إذا تلف بتنفيذ الآمر ما يأتي: 1 - أن غير المكلف لا يدرك النافع من الضار، ولا أسباب التلف من أسباب السلامة. الفقرة الثانية: إذا كان المأمور مكلفا: وفيه شيئان هما: 1 - إذا كان الآمر السلطان. 2 - إذا كان الآمر غير السلطان. الشيء الأول: إذا كان الآمر السلطان: وفيه نقطتان هما: 1 - إذا كان السلطان تخاف سطوته. 2 - إذا كان السلطان لا تخاف سطوته. النقطة الأولى: إذا كان السلطان تخاف سطوته: وفيها قطعتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه.

القطعة الأولى: الضمان: إذا كان الآمر سلطانا تخشى سطوته بالضرب أو الحبس أو الفصل من العمل أو انتهاك العرض أو غير ذلك وجب الضمان. القطعة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الضمان بالتلف بسبب تنفيذ الأمر إذا كان الآمر سلطانا تخشى سطوته: أن أمره في حكم الإكراه، والإكراه يجب به الضمان. النقطة الثانية: إذا كان السلطان لا تخشى سطوته: وفيها قطعتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: الضمان: إذا كان السلطان لا تخشى سطوته لم يجب الضمان. القطعة الثانية: التوجيه: وجه عدم الضمان بالتلف بسبب تنفيذ الأمر إذا كان الآمر سلطانا لا تخشى سطوته ما يأتي: 1 - أن الأمر غير ملجئ. 2 - أن المأمور يدرك النافع من الضار، وكان بإمكانه أن يرفض تنفيذ الأمر؛ لأنه لا خطر فيه ولا ضرر في تركه، فلما لم يفعل كان هو القاتل لنفسه، كمن أمر بقتل نفسه فقتلها. الشيء الثاني: إذا كان الآمر غير السلطان: وفيه نقطتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه.

النقطة الأولى: الضمان: إذا كان الآمر غير السلطان لم يجب بتلف المكلف بتنفيذ أمره ضمان. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم الضمان بتلف المكلف بتنفيذ أمر غير السلطان ما يأتي: 1 - أن غير السلطان لا تجب طاعته ولا تخشى سطوته. 2 - أن غير السلطان يمكن التخلص منه بواسطة السلطان. الجانب الثالث: الضمان بالتلف بالتأديب: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإذا أدب الرجل ولده، أو سلطان رعيته، أو معلم صبيه، ولم يسرف لم يضمن ما تلف به، ولو كان التأديب لحامل فأسقطت جنينا ضمنه المؤدب. الكلام في هذا الجانب في خمسة أجزاء هي: 1 - معنى التأديب. 2 - حكم التأديب. 3 - دليل التأديب. 4 - ضمان التلف بالتأديب. 5 - أنواع التأديب. الجزء الأول: معنى التأديب: التأديب هو التقويم والإصلاح والتهذيب. الجزء الثاني: حكم الضرب للتأديب: يختلف حكم الضرب للتأديب باختلاف المؤدب وحال التأديب والحاجة إلى التأديب وظروف التأديب. الجزء الثالث: دليل مشروعية التأديب: من أدلة مشروعية التأديب ما يأتي:

1 - قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع) (¬2). 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (واضربوهن ضرباً غير مبرح) (¬3). الجزء الرابع: الضمان بالتلف بالتأديب: وفيه جزئيتان هما: 1 - ضمان محل التأديب. 2 - ضمان من يتعدى إليه التلف بالتأديب. الجزئية الأولى: ضمان محل التأديب: وفيها فقرتان هما: 1 - حالات الضمان. 2 - حالات عدم الضمان. الفقرة الأولى: حالات الضمان: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحالات. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الحالات: يجب الضمان بالتلف بالتأديب في الحالات الآتية: 1 - إذا لم يوجد مبرر للتأديب بأن لم يوجد ما يقتضي التأديب. 2 - إذا لم يكن المؤدَّب قابلا للتأديب بأن كان غير مميز أو غير عاقل. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [34]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة/495. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - / 147/ 1218.

3 - إذا لم يكن الهدف من الضرب التأديب. 4 - إذا لم يكن للمؤدب ولاية على المؤدب. 5 - إذا زاد التأديب عن الحاجة. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه خمس نقاط: النقطة الأولى: توجيه الضمان إذا كان التأديب من غير سبب: وجه ذلك: أن الضرب في هذه الحالة يعتبر تعديا وظلما؛ لأنه لا مبرر له. النقطة الثانية: توجيه الضمان إذا كان محل التأديب لا يقبله: وجه ذلك: أنه لا فائدة في التأديب إذاً فيكون ظلما وعدوانا. النقطة الثالثة: توجيه الضمان إذا انتفى هدف التأديب: وجه ذلك: أنه يخرج عن التأديب إلى الانتقام والانتصار للنفس، فيكون عدوانا وظلما. النقطة الرابعة: توجيه الضمان إذا كان التأديب من غير ذي ولاية: وجه ذلك: أن هذا التأديب غير مأذون فيه، وعدم الإذن يرتب الضمان. النقطة الخامسة: توجيه الضمان إذا زاد التأديب عن الحاجة: وجه ذلك أن ما زاد غير مأذون فيه وعدم الإذن يرتب الضمان كالزيادة في الحدود. الفقرة الثانية: حالات عدم الضمان: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحالات. 2 - التوجيه.

الشيء الأول: حالات انتفاء الضمان: ينتفي الضمان بالتأديب إذا تحققت الشروط الآتية: 1 - وجود مقتضي التأديب من ترك للمأمور أو فعل للمحظور. 2 - قبول محل التأديب للتأديب بأن يفهم الهدف من التأديب ويستفيد منه. 3 - أن يكون الهدف التأديب وليس الانتقام والانتصار للنفس. 4 - ثبوت الولاية على محل التأديب. 5 - انتفاء الزيادة في التأديب. الشيء الثاني: التوجيه: وجه انتفاء الضمان بالتلف إذا تحققت الشروط: أن التأديب حينئذٍ يكون مأذونا فيه والإذن ينافي الضمان. الجزئية الخامسة: أنواع التأديب بالنسبة لمحله: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الأنواع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الأنواع: من أنواع التأديب بالنسبة لمحله ما يأتي: 1 - تأديب الولد. 2 - تأديب التلميذ. 3 - تأديب الزوجة. 4 - تأديب المملوك. 5 - تأديب العصاة. 6 - تأديب اليتيم. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها ستة أشياء هي:

الشيء الأول: توجيه تأديب الولد: من أدلة تأديب الولد ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أمرت بوقاية الأهل من النار والأولاد من الأهل، والتأديب من أسباب الوقاية فيكون مشروعا. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر) (¬2). الشيء الثاني: توجيه تأديب التلميذ: وجه تأديب التلميذ: أن التلميذ قد لا يلتزم، والالتزام واجب فيؤدب حتى يلتزم؛ لأن الوسيلة لها حكم الغاية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. الشيء الثالث: توجيه تأديب الزوجة: من أدلة مشروعية تأديب الزوجة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} (¬3). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وليضربها ضربا غبر مبرح) (¬4). الشيء الرابع: توجيه تأديب المملوك: وجه تأديب المملوك: أنه قد لا يلتزم من غير ضرب فيباح ضربه حتى يلتزم. ¬

_ (¬1) سورة التحريم، الآية: [6]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة/ 495. (¬3) سورة النساء، الآية: [34]. (¬4) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - 147/ 1218.

الشيء الخامس: توجيه تأديب العصاة: من أدلة مشروعية تأديب العصاة ما يأتي: 1 - أدلة الحدود والتعازير. 2 - أن تأديبهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 3 - أن عدم تأديبهم يؤدي إلى انتشار الفساد والإفساد وتخريب المجتمعات للإخلال بالأمن. الشيء السادس: توجيه تأديب الأيتام الذين تحت الولاية: من أدلة مشروعية تأديب الأيتام الذين تحت الولاية ما يأتي: 1 - حديث: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) (¬1). 2 - أن عدم تأديبهم تضييع لهم وإخلال بالولاية وذلك لا يجوز. الفقرة الثانية: ضمان من يتعدى إليه التلف بالتأديب: وفيها شيئان هما: 1 - مثال تعدى التلف بالتأديب. 2 - الضمان. الشيء الأول: مثال تعدي التلف بالتأديب: من أمثلة ذلك أن تؤدب الحامل فيتلف ولدها. الشيء الثاني: الضمان: وفيه نقطتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: الضمان: إذا تلف الحمل بتأديب أمه وجب ضمانه. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، حديث رقم (893).

النقطة الثانية: التوجيه: وجه ضمان الحمل إذا تلف بتأديب أمه ما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - طلب امرأة حاملا فأسقطت فضمن ولدها (¬1). 2 - أن الحمل لا ذنب له فيكون إتلافه ظلما وعدوانا وذلك يوجب الضمان. المسألة الخامسة: مسؤولية الضمان: وفيه ثلاثة فروع هي: 1 - المسؤولية بين المباشر والمتسبب. 2 - المسؤولية بين العاقلة والجاني. 3 - مسؤولية إتلاف الرقيق. الفرع الأول: المسؤولية بين المباشر والمتسبب: وفيه أمران هما: 1 - بيان المراد بالمباشر والمتسبب. 2 - مسؤولية الضمان. الأمر الأول: بيان المراد بالمباشر والمتسبب: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد بالمباشر والمتسبب. 2 - الأمثلة. الجانب الأول: بيان المراد بالمباشر والمتسبب: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد بالمباشر. 2 - بيان المراد بالمتسبب. الجزء الأول: بيان المراد بالمباشر: المباشر: من يكون الإتلاف بفعله. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب من أفزعه السلطان 9/ 458/ 80810.

الجزء الثاني: بيان المراد بالمتسبب: المتسبب: من يكون الإتلاف بسببه لا بفعله. الجانب الثاني: الأمثلة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - أمثلة الإتلاف بالمباشرة منفردة عن السبب. 2 - أمثلة الإتلاف بالسبب منفردا عن المباشرة. 3 - أمثلة الإتلاف بالمباشرة مع السبب. الجزء الأول: أمثلة الإتلاف بالمباشرة منفردة عن السبب: وفيه جزئيتان هما: 1 - مثال الإتلاف بالمباشرة على سبيل الانفراد. 2 - مثال الإتلاف بالمباشرة على سبيل الاشتراك. الجزئية الأولى: مثال الإتلاف بالمباشرة على سبيل الانفراد: من أمثلة الإتلاف بالمباشرة على سبيل الانفراد: أن يلقي شخص آخر من شاهق أو في حفرة أو في ماء أو في نار. الجزئية الثانية: مثال الإتلاف بالمباشرة على سبيل الاشتراك: من أمثلة ذلك: أن يشترك اثنان في شنق آخر أو يلقوه في ماء أو في نار أو نحو ذلك. الجزء الثاني: أمثلة الإتلاف بالسبب منفردا عن المباشرة: وفيه جزئيتان هما: 1 - مثال الإتلاف بالسبب منفردا عن المباشرة على سبيل الانفراد. 2 - مثال الإتلاف بالسبب منفردا عن المباشرة على سبيل الاشتراك. الجزئية الأولى: مثال الإتلاف بالسبب على سبيل الانفراد: من أمثلة ذلك: أن يوقف شخص سيارته في الطريق فيتلف بها إنسان.

الجزئية الثانية: مثال الإتلاف بالسبب على سبيل الاشتراك: من أمثلة ذلك: أن يحفر جماعة حفرة في الطريق فيتلف بها إنسان. الجزء الثالث: أمثلة الإتلاف بالمباشرة مع السبب: من أمثلة ذلك: أن يلقي شخصا مكتوفا على أسد فيقتله. الأمر الثاني: مسؤولية الضمان: وفيه جانبان هما: 1 - إذا امتنعت مسؤولية المباشر. 2 - إذا لم تمتنع مسؤولية المباشر. الجانب الأول: إذا امتنعت مسؤولية المباشر: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - المسؤولية. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة امتناع مسؤولية المباشر ما يأتي: 1 - أن يلقي الشخص مكتوفا بحضرة الأسد فيقتله. 2 - أن يلقي الشخص مقيدا بحضرة حية فتنهشه. 3 - أن يأمر بالقتل مجنونا فيقتل. الجزء الثاني: المسؤولية: وفيه جزئيتان هما: 1 - المسؤولية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: المسؤولية: إذا امتنعت مسؤولية المباشر كانت المسؤولية على المتسبب.

الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه امتناع مسؤولية المباشر. 2 - توجيه مسؤولية المتسبب. الفقرة الأولى: توجيه امتناع مسؤولية المباشر: وجه امتناع مسؤولية المباشر: أنه لا يعقل والعقل شرط للمسؤولية. الجانب الثاني: إذا لم تمتنع مسؤولية المباشر: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - المسؤولية. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة إمكان مسؤولية المباشر: أن يكون عاقلا بالغا. الجزء الثاني: المسؤولية: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان المسؤولية: إذا أمكنت مسؤولية المباشر كانت المسؤولية عليه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه مسؤولية المباشر دون المتسبب: أن المباشرة أقوى تأثيرا وإليها ينسب التلف. الفرع الثانى: المسؤولية بين العاقلة والجاني: وسيأتي ذلك في مسألة العاقلة وما تحمله إن شاء الله تعالى.

الفرع الثالث: مسؤولية إتلافات الرقيق: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإن جنى رقيق خطأ أو عمدا لا قود فيه أو فيه قود واختير فيه المال، أو أتلف مالا بغير إذن سيده تعلق ذلك برقبته، فيخير سيده بين أن يفديه بأرش جنايته أو يسلمه إلى ولي الجناية فيملكه أو يبيعه ويدفع ثمنه. الكلام في هذا الفرع في أمرين هما: 1 - أمثلة إتلافات الرقيق. 2 - متعلق إتلافات الرقيق. الأمر الأول: أمثلة إتلافات الرقيق: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة الإتلافات المالية. 2 - أمثلة الإتلافات الجنائية. الجانب الأول: أمثلة الإتلافات المالية: من أمثلة الإتلافات المالية ما يأتي: 1 - إحراق السيارة. 2 - إحراق المتجر. 3 - ذبح الحيوان. الجانب الثاني: أمثلة الإتلافات الجنائية: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - القتل. 2 - القطع. 3 - الكسر. 4 - الجرح. الأمر الثاني: متعلق إتلافات الرقيق: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - إذا كان بإذن سيده. 2 - إذا لم يكن بإذن سيده.

3 - الفرق بين تعلق الإتلافات بذمة السيد وتعلقها برقبة الرقيق. الجانب الأول: إذا كانت إتلافات الرقيق بإذن سيده: وفيه جزءان هما: 1 - متعلق الإتلافات. 2 - التوجيه. الجزء الأول: متعلق الإتلافات: إذا كانت إتلافات الرقيق بإذن السيد تعلقت بذمة السيد. الجزء الثاني: التوجيه: وجه تعلق إتلافات الرقيق بالسيد إذا كانت بإذنه: أن الرقيق كالسوط للسيد، فكما أن إتلافات السوط على الضارب به فكذلك إتلافات الرقيق بإذن سيده. الجانب الثانى: إذا لم يكن بإذن سيده: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - متعلق الإتلافات. 2 - التوجيه. 3 - خيارات السيد. الجزء الأول: متعلق الإتلافات: إذا كانت إتلافات الرقيق بغير إذن السيد تعلقت برقبته. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه عدم تعلقها بذمة السيد. 2 - توجيه تعلقها برقبة العبد. الجزئية الأولى: توجيه عدم تعلق الإتلافات بذمة السيد: وجه عدم تعلق إتلافات الرقيق بذمة السيد إذا لم تكن بإذنه: أن مقتضي الضمان منتف عنه فلا أثر له فيها بمباشرة ولا سبب.

الجزئية الثانية: توجيه تعلق الإتلافات برقبة الرقيق: وجه تعلق الإتلافات برقبة الرقيق: أنها إتلافات آدمي واجبة الضمان، ولا يمكن تعلقها بذمة السيد لما تقدم ولا أن تتعلق بذمة الرقيق؛ لأنه حال الرق لا مال له، وانتظار حريته يضر بصاحب الحق بالانتظار، وقد يموت قبل الحرية فيضيع الحق فوجب أن تتعلق برقبته. الجزء الثالث: خيارات السيد فى الرقيق: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الخيارات. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الخيارات: إذا تعلقت إتلافات الرقيق برقبته كان لسيده فيه ثلاثة خيارات: الخيار الأول: أن يفديه بضمان إتلافاته. الخيار الثاني: أن يبيعه ويدفع ثمنه إلى صاحب الحق أو يدفع له ما يستحقه منه. الخيار الثالث: أن يسلم الرقيق إلى صاحب الحق ملكا له، أو ليبيعه ويأخذ ثمنه أو ما يستحقه منه. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه اعتبار الخيار للسيد. 2 - توجيه الخيارات. الفقرة الأولى: توجيه اعتبار الخيار للسيد: وجه اعتبار الخيار للسيد ما يأتي: 1 - أن الرقيق لا يخرج بالجناية عن ملكه. 2 - أن صاحب الحق ليس له إلا الحق بقطع النظر عن وسيلة وصوله إليه.

الفقرة الثانية: توجيه الخيارات: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه الفداء. 2 - توجيه البيع. 3 - توجيه تسليم الرقيق. الشيء الأول: توجيه الفداء: وجه فداء السيد لرقيقه الجاني: أنه قد لا يريد أن يفرط فيه لما يتميز به من الصفات فيفضل فداءه على بيعه أو تسليمه، فيجوز له ذلك؛ لأن الحق له. الشيء الثاني: توجيه البيع: وجه تولي السيد لبيع عبده الجاني: أنه قد يرغب ذلك ليطمئن على سلامة إجراءات البيع والحصول على الثمن الحقيقي للرقيق، والحق في ذلك له فلا يمنع منه. الشيء الثالث: توجيه تسليم الرقيق للمجني عليه: وجه تسليم الرقيق للمجني عليه: أنه قد يريد التخلص منه ويرتاح من إجراءات البيع والاستلام والتسليم، وذلك من حقه فلا يحال دونه. الجانب الثالث: الفرق بين تعلق الإتلافات بذمة السيد وبين تعلقها برقبة الرقيق: الفرق بين تعلق الإتلافات بذمة السيد وبين تعلقها برقبة الرقيق من وجوه: الوجه الأول: أنه إذا كان التعلق بذمة السيد لزمه بقطع النظر عن قيمة العبد، سواء كانت بقدر الحق أو أقل أو أكثر. الوجه الثاني: أنه لا يلزم صاحب الحق قبول الرقيق لو بذل له، ولو طلبه لم يلزم إعطاؤه إياه.

الوجه الثالث: أنه لو كان التعلق برقبة الرقيق لم يلزم السيد شيء ولو كان غنيا وقيمة الرقيق لا تفي بالحق. الوجه الرابع: أنه لو بذل السيد الرقيق لصاحب الحق لزمه قبوله ولو كانت قيمته لا تفي بالحق. الوجه الخامس: أنه لو مات الرقيق لم يلزم السيد؛ لأنه لا أثر له في الجناية. المسألة السادسة: ديات النفس: وفيها أربعة فروع هي: 1 - أصول الدية. 2 - مقادير الدية. 3 - تغليظ الدية. 4 - أسنان الدية. الفرع الأول: أصول الدية: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الأصول. 2 - اعتبار قيمتها. 3 - سلامتها من العيوب. الأمر الأول: بيان الأصول: وفيه جانبان هما: 1 - بيانها. 2 - الخيار فيها. الجانب الأول: بيان الأصول: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجزء الأول: الخلاف: اختلف في أصول الدية على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الإبل هي الأصل وباقي الأصناف تقوم بها. القول الثاني: أن أصول الدية خمسة وهي: 1 - الإبل. 2 - البقر. 3 - الغنم. 4 - الذهب. 5 - الفضة. القول الثالث: أن الأصول ستة هي: 1 - الإبل. 2 - البقر. 3 - الغنم. 4 - الذهب. 5 - الفضة. 6 - الحُلل. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الإبل هى الأصل بما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه لم يذكر غير الإبل فتكون هي الأصل. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الخطأ شبه العمد/4547.

2 - أن ديات الأعضاء تقدر بها، ولو كان غيرها أصلا لقدرت به. 3 - أن التغليظ والتخفيض لا يعتبر بغيرها. 4 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قوم باقي الأصول بها، فقال: ألا إن الإبل قد غلت، فقوم على أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاه، وعلى أهل الحُلل مائتي حُلة (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه علل تقادير الدية من غير الإبل بغلاء الإبل، وذلك دليل على أن هذا التقدير تقويم. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن أصول الدية الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة بما يأتي: 1 - ما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن: (وإن في النفس المومنة مائة من الإبل، وعلى أهل الورق ألف دينار) (¬2). 2 - ما ورد أن رجلا من بني عدي قتل فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ديته اثني عشر ألفا (¬3). الجزئية الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن أصول الدية: الإبل والبقر، والغنم، والذهب، والفضة، والحُلل بما ورد أن عمر - رضي الله عنه - خطب فقال: (إن الإبل قد غلت، فقوم على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاي ألفي شاة، وعلى أهل الحُلل مائتي حُلة (¬4). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب الدية كم هي/ 4542. (¬2) السنن الكبرى/ جماع/ أسنان الإبل/ 8/ 73. (¬3) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب كيف أمر الدية/ 17273. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب الدية كم هي/ 4542.

الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن الإبل هي الأصل. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح اعتبار الإبل هي الأصل في الدية ما يأتي: 1 - أنها منضبطة لا تختلف باختلاف الزمان والمكان. 2 - أن التغليظ والتخفيف لا يكون إلا بها. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: أجيب عن وجهة الأقوال الأخرى بحملها على التقويم بدليل قول عمر: ألا إن الإبل قد غلت. حيث علل تحديد مقادير الأنواع الأخرى بغلاء الإبل. الجانب الثاني: الخيار فى الأصول: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - معنى الخيار. 2 - من يكون له الخيار 3 - دفع الدية من أكثر من أصل. 4 - تقرير الدية من أحد الأصول. الجزء الأول: معنى الخيار: الخيار في الأصول: أن تؤدي الدية من أي واحد منها. الجزء الثاني: من يكون له الخيار: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان من يكون له الخيار. 2 - التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان من يكون له الخيار: الذي له الخيار في أصول الدية هو من تلزمه الدية. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جعل الخيار لمن تلزمه الدية في دفعها من أحد أصولها: أنها واجبة على التخيير فتبرأ الذمة بأحد أنواعها كخصال الكفارة. الجزء الثالث: دفع الدية من أكثر من أصل: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الدفع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم الدفع: لم أر من تعرض لذلك، والذي يظهر - والله أعلم - الجواز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جواز دفع الدية من أكثر من أصل ما يأتي: 1 - أنه أيسر في الأداء. 2 - أنه لا محذور فيه. 3 - أنه لا فرق بين دفع الكل من أحد الأصول أو دفع البعض منه. الجزء الرابع: تقرير الدية من أحد الأصول: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكمه. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: الذي يظهر - والله أعلم - أن ذلك يجوز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه تقرير الدية من أحد الأصول ما يأتي: 1 - أن الواجب يتأدى بأي واحد منها كما تقدم.

2 - أن المصلحة قد تقتضي ذلك، لاستقرار الأمور وقطع النزاع، ومنع الخصومات. الأمر الثاني: اعتبار القيمة: وفيه جانبان هما: 1 - المراد باعتبار القيمة. 2 - الاعتبار للقيمة. الجانب الأول: المراد باعتبار القيمة: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد بالاعتبار. 2 - المثال. الجزء الأول: بيان المراد بالاعتبار: المراد باعتبار القيمة: تساوي قيم أصول الدية بأن تكون قيمتها سواء. الجزء الثاني: المثال: مثال تساوي قيم أصول الدية كما يلي: الاْصل - القيمة 100 مائة بعير - 12000 اثنا عشر ألفا 200 مائتا بقرة - 12000 اثنا عشر ألفا 2000 ألفا شاة - 12000 اثنا عشر ألفا 1000 ألف دينار - 12000 اثنا عشر ألفا 200 مائتا حُلة - 12000 اثنا عشر ألفا الجانب الثاني: اعتبار القيمة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ولا اعتبار للقيمة بل السلامة. الكلام في هذا الجانب في جزأين هما:

1 - اعتبار القيمة. 2 - التوجيه. الجزء الأول: اعتبار القيمة: تساوي أصول الدية في القيمة لا يعتبر فيصح دفع أي أصل منها ولو كان أقل قيمة من غيره. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم اعتبار تساوي أصول الدية في القيمة: أن ذلك غير ممكن وغير الممكن لا يكلف به. الأمر الثالث: السلامة من العيوب: وفيه جانبان هما: 1 - المراد بالسلامة من العيوب. 2 - اعتبار السلامة من العيوب. الجانب الأول: بيان المراد بالسلامة من العيوب: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد. 2 - أمثلتها. الجزء الأول: بيان المراد بالعيوب: المراد بالعيوب العيوب العرفية وهي ما ينقص القيمة عند الناس. الجزء الثاني: الأمثلة: وفيه ثلاثة جزئيات هي: 1 - أمثلة العيوب في الإبل والبقر والغنم. 2 - أمثلة العيوب في الذهب والفضة. 3 - أمثلة العيوب في الحُلل.

الجزئية الأولى: أمثلة العيوب في الإبل والبقر والغنم: من أمثلة العيوب في الإبل والبقر والغنم ما يأتي: 1 - العرج. 2 - العور. 3 - الجرب. 4 - المرض. 5 - الهزال. 6 - الكبر. الجزئية الثانية: أمثلة العيوب في الذهب والفضة: من أمثلة العيوب في الذهب والفضة: أن تكون مغشوشة برصاص أو نحاس، أو نحو ذلك. الجزئية الثالثة: أمثلة العيوب في الحُلل: من أمثلة العيوب في الحُلل ما يأتي: 1 - أن تكون بالية. 2 - أن تكون رديئة القماش. 3 - أن تكون مستعملة. 4 - أن تكون مخرقة. الجانب الثاني: اعتبار السلامة من العيوب: وفيه جزءان هما: 1 - اعتبار السلامة. 2 - التوجيه. الجزء الأول: اعتبار السلامة: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا رضي المستحق. 2 - إذا لم يرض المستحق. الجزئية الأولى: إذا رضي المستحق: وفيها فقرتان هما: 1 - اعتبار السلامة. 2 - التوجيه.

الفقرة الأولى: السلامة: إذا رضي المستحق للدية بها معيبة لم تشترط سلامتها. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم اعتبار سلامة الدية من العيوب إذا رضي المستحق: أن الحق في ذلك له وحده، فإذا رضي بها معيبة فقد أسقط حقه، وذلك من حقه، كما يجوز له إسقاط الدية نفسها. الجزئية الثانية: إذا لم يرض المستحق: وفيها فقرتان هما: 1 - اعتبار السلامة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: اعتبار السلامة: إذا لم يرض مستحق الدية بها معيبة اعتبرت سلامتها. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار سلامة الدية من العيوب إذا لم يرض بها المستحق معيبة: أن ذلك من حقه فلا تلزمه معيبة من غير رضاه؛ لأن الأصل فيها اعتبار السلامة كسائر الحقوق. الفرع الثاني: مقادير الدية: وفيه أمران هما: 1 - مقادير ديات الأحرار. 2 - مقادير ديات المماليك. الأمر الأول: مقادير ديات الأحرار: وفيه جانبان هما: 1 - مقادير ديات الذكور. 2 - مقادير ديات الإناث.

الجانب الأول: مقادير ديات الذكور: وفيه جزءان هما: 1 - مقادير ديات المسلمين. 2 - مقادير ديات غير المسلمين. الجزء الأول: مقادير ديات المسلمين: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المقادير. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان المقادير: مقادير ديات الحر المسلم كما يلي: النوع - المقدار - التمييز الإبل - 100 - مائة بعير. البقر - 200 - مائتا بقرة. الغنم - 2000 - ألفا شاة. الذهب - 1000 - ألف مثقال. الفضة - 12000 - اثنا عشر ألف درهم. الحُلل - 200 - مائتا حلة. الجزئية الثانية: الدليل: من أدلة مقادير الدية ما تقدم حين إيراد الخلاف في أصولها. الجزء الثاني: مقادير ديات غير المسلمين: وفيه جزئيتان هما: 1 - مقادير ديات أهل الكتاب. 2 - مقادير ديات غير أهل الكتاب من الكفار.

الجزئية الأولى: مقادير ديات أهل الكتاب: وفيها فقرتان هما: 1 - المراد بأهل الكتاب. 2 - مقادير دياتهم. الفقرة الأولى: المراد بأهل الكتاب: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المراد بأهل الكتاب. 2 - توجيه تسميتهم. الشيء الأول: بيان المراد بأهل الكتاب: أهل الكتاب اليهود والنصارى. الشيء الثاني: توجيه تسميتهم: وجه تسمية اليهود والنصارى بأهل الكتاب: أن لهم كتبا منزلة على أنبيائهم، فكتاب اليهود التوراة المنزل على موسى عليه السلام، وكتاب النصارى الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام. الفقرة الثانية: مقادير دياتهم: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في دية أهل الكتاب على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنها نصف دية المسلم. القول الثاني: أنها كدية المسلم. القول الثالث: أنها ثلث دية المسلم.

الشيء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن دية أهل الكتاب نصف دية المسلم بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين (¬1). 2 - حديث: (عقل الكافر نصف عقل المسلم) (¬2). النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن دية أهل الكتاب كدية المسلمين بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (¬3). ووجه الاستدلال بالآية: أنها ذكرت دية المسلم ودية الذمي من غير فرق، وهذا يدل على أنهما سواء. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، كتاب الديات، باب دية الكافر/ 2644، (¬2) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء فى دية الكافر/1413. (¬3) سورة النساء، الآية: [92].

2 - ما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: دية اليهودي والنصراني مثل دية المسلم. 3 - ما روي عن عمر (¬1) وعثمان (¬2) وابن مسعود (¬3) - رضي الله عنهم -. 4 - أن الكتابي آدمي حر معصوم كالمسلم فتكون ديته كدية المسلم. النقطة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن دية أهل الكتاب ثلث دية المسلم بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، أربعة آلاف) (¬4). وذلك ثلث الدية. 2 - ما ورد عن عمر أنه جعل ديه اليهودي والنصراني أربعة آلاف (¬5). الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن دية أهل الكتاب على النصف من دية المسلمين. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب دية المجوسي/ 18495. (¬2) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب دية المجوسي/ 18492. (¬3) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب دية المجوسي/18497. (¬4) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب دية أهل الكتاب/ 18474. (¬5) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء في دية الكفار/1413.

النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن دية اليهودي على النصف من دية المسلمين: أن دليله أقوى. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها ثلاث قطع: القطعة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالآية: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن الآية فسرتها السنة وبينت المراد بالدية في الموضعين. الجواب الثاني: أن الإطلاق للدية في الآية لا يستلزم المساواة؛ لأن المراد الدية المحددة لكل واحد، كما يقال: إقض كل ذي حق حقه، فكما لا يلزم التساوي هنا لا يلزم التساوي في الدية في الآية. القطعة الثانية: الجواب عما ورد من تحديد دية الكتابي بأربعة آلاف درهم: أجيب عن ذلك بأنه معارض بأقوى منه، وهو أدلة القول الأول. القطعة الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بما ورد من جعل دية الكتابي كدية المسلم: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه معارض بأصح منه ومن ذلك أدلة القول الأول: الجواب الثاني: أنه محمول على التغليظ لكون القتل عمدا، كما أضعف عمر - رضي الله عنه - قيمة الناقة على حاطب لما نحرها أعبده بسبب تجويعه لهم. القطعة الرابعة: الجواب عن القياس: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع النص فلا يعتد به. الجزئية الثانية: ديات غير أهل الكتاب من الكفار: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه.

3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في دية غير أهل الكتاب من الكفار على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنها نصف دية المسلم كدية أهل الكتاب. القول الثاني: أنها ثمانمائة درهم. القول الثالث: أنها كدية المسلم. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيه ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الشيء الأول: توجيه القول الأول: مما وجه به هذا القول ما يأتي: 1 - حديث: (سنوا فيهم سنة أهل الكتاب) (¬1). 2 - حديث: (عقل الكفار نصف عقل المسلمين) (¬2). الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: مما وجه القول بأن دية غير أهل الكتاب من الكفار ثمانمائة درهم: ما ورد عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك ومنهم: عمر (¬3) وعثمان وابن مسعود (¬4). ¬

_ (¬1) الموطأ، كتاب الزكاة، باب جزية أهل الكتاب والمجوس/ 1/ 278/ 42. (¬2) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب دية الكافر/1413. (¬3) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب دية المجوس/ 18484. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية أهل الذمة 8/ 101.

الشيء الثالث: توجيه القول الثالث: مما وجه به القول: بأن دية غير الكتابي من الكفار كدية المسلم ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} (¬1) إلى قوله: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}. ووجه الاستدلال بالآية: أنها أطلقت الدية في موضعين، وهذا يقتضي التسوية. 2 - أن غير المسلم آدمي حر معصوم كالمسلم فتكون ديته كديته. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن دية غير أهل الكتاب من الكفار نصف دية المسلم كأهل الكتاب. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح إلحاق الكفار من غير أهل الكتاب في الدية بأهل الكتاب: أنه لا فرق بينهم في الكفر والعصمة، وما خص به أهل الكتاب من الأحكام، كإباحة نسائهم وطعامهم لا يستلزم تمييزهم في الدية. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [92].

الشيء الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه ثلاث نقاط: النقطة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالآية: أجيب عن ذلك بما تقدم في الجواب عن الاحتجاج بها على أن الكتابي كالمسلم. النقطة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بما ورد عن بعض الصحابة: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنها لا تخلو من مقال. الجواب الثاني: أنها قضايا أعيان لا عموم لها. النقطة الثالثة: الجواب عن القياس: أجيب عن قياس الكافر على المسلم بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص فلا يعتد به. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق فلا يصح. الجانب الثاني: نسبة ديات الإناث إلى ديات الرجال: وفيه جزءان هما: 1 - بيان النسبة. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان النسبة: ديات الإناث على النصف من ديات الذكور، سواء في ذلك المسلمات والكافرات، الكتابيات والوثنيات. الجزء الثاني: التوجيه: وجه تنصيف ديات الإناث من ديات الذكور ما يأتي:

1 - حديث: (ودية المرأة على النصف من دية الرجل) (¬1). 2 - ما حكى من الإجماع عليه (¬2). الأمر الثاني: مقادير ديات الرقيق: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ودية قن قيمته. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - مقادير دية الرقيق القن. 2 - مقادير دية البعض. الجانب الأول: مقدار دية الرقيق القن: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان المراد بالقن. 2 - أنواع القن. 3 - الدية. الجزء الأول: بيان المراد بالقن: القن الرقيق الخالص الذي لم يعتق منه شيء. الجزء الثاني: أنواع القن: أنواع القن هم من يأتي: 1 - المكاتب. 2 - المدبر. 3 - المعلق عتقه على شرط أو صفة. 4 - أم الولد. 5 - غير هؤلاء من الرقيق الذي لم يعتق منه شيء. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي 8/ 95، والاستذكار لابن عبد البر 25/ 63، والتمهيد له 17/ 358. (¬2) الإجماع لابن المنذر 72، والإشراف له 3/ 92.

الجزء الثالث: الدية: وفيه جزئيتان هما: 1 - دية غير المكاتب. 2 - دية المكاتب. الجزئية الأولى: دية غير المكاتب: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان التلف باليد. 2 - إذا كان التلف بالجناية. الفقرة الأولى: إذا كان التلف باليد: وفيها شيئان هما: 1 - مثال التلف باليد. 2 - الدية. الشيء الأول: مثال التلف باليد: التلف باليد أن يكون الرقيق مغصوبا فيموت عند الغاصب. الشيء الثاني: الدية: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الدية. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الدية: إذا كان تلف الرقيق تحت اليد من غير جناية ضمن بقيمته بالغة ما بلغت. النقطة الثانية: التوجيه: وجه ضمان الرقيق بقيمته إذا تلف تحت اليد: أنه بالغصب ينزل منزلة الأموال، وضمان الأموال بقيمتها. الفقرة الثانية: إذا كان التلف بالجناية: وفيها ثلاثة أشياء:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف فيما يضمن به القن إذا تلف بالجناية على قولين: القول الأول: أنه يضمن بقيمته ولو زادت على دية الحر. القول الثاني: أنه يضمن بقيمته ما لم تزد على دية الحر. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثانى. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن دية القن إذا تلف بالجناية قيمته بما يلي: 1 - أنه مال متقوم فيضمن بالقيمة كسائر الأموال. 2 - أنه لو تلف باليد ضمن بالقيمة فكذلك إذا تلف بالجناية. 3 - أنه لو نقصت قيمته عن دية الحر ضمن بها فكذلك إذا زادت، تحقيقا للعدل، أما أن يعامل بالأضر فهذا ظلم وجور. 4 - أن اعتبار الرقيق مالا يقتضي أن يضمن بقيمته كسائر الأموال. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بضمان الرقيق بقيمته ما لم تزد على دية الحر بما يأتي: 1 - أن ضمان الرقيق ضمان آدمي كضمان الحر فلا يزاد عليه. 2 - أن الحر أشرف من الرقيق لخلوه من نقص الرق فلا يزاد الرقيق عليه؛ لئلا يكون الفاضل مفضولا.

الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن دية الرقيق قيمته بالغة ما بلغت، سواء كان تلفه باليد أو بالجناية. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن دية الرقيق قيمته أن أدلته أظهر. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه قطعتان هما: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. القطعة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن هذا الدليل بثلاثة أجوبة: الجواب الأول: أن الآدمية في الرقيق ملغاة حكما، باعتباره ما لا يباع ويشترى. الجواب الثاني: أن قياس الرقيق على الحر قياس مع الفارق؛ لأن الرقيق مال يباع ويشترى بخلاف الحر، فلا يقاس ما يجرى فيه البيع والشراء على الممنوع فيه.

الجواب الثالث: القياس حال زيادة القيمة وعدم القياس إذا لم تزد تناقض فإما أن تعتبر فيه الآدمية في الحالين أو تلغى في الحالين أما أن تعتبر في حال دون حال فهذا تناقص لا يصح. القطعة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن هذا الدليل بجوابين: الجواب الأول: أن الذي فضل الحر ورفعه عن المالية هو الذي نقص الرقيق بالرق، وسواه بالمال وجعله سلعة تباع وتشترى، وهذا التفريق يقتضي أن يعطى كل جنس حكمه. الجواب الثاني: أن تحديد دية الحر دون الرقيق دليل على أن دية الرقيق غير محددة بل تختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص والأحوال. الجزئية الثانية: دية المكاتب: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان المراد بالمكاتب. 2 - الدليل على اعتباره قنا. 3 - ديته. الفقرة الأولى: بيان المراد بالمكاتب: المكاتب هو الذي يشتري نفسه من سيده بثمن يؤديه مقسطا. الفقرة الثانية: الدليل على أن المكاتب قن: الدليل على اعتبار المكاتب قنا حديث: (المكاتب قن ما بقي عليه درهم) (¬1). الفقرة الثالثة: دية المكاتب: وفيها ثلاثة أشياء هي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب العتق، باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته/3926.

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في دية المكاتب على قولين: القول الأول: أن ديته كدية القن الخالص. القول الثاني: أن دية ما وفي ثمنه دية حر ودية الباقي دية قن. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن المكاتب في ديته كالقن الخالص: الحديث المتقدم، وذلك أنه اعتبره قنا فتكون ديته دية قن. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن دية المكاتب فيما وفى دية حر ما يأتي: 1 - ما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في المكاتب يقتل أنه يؤدى ما أدى من كتابته دية الحر وما بقي دية العبد (¬1). 2 - ما روي عن علي - رضي الله عنه - في ذلك (¬2). 3 - القياس على المبعض؛ لأن ما يقابل الموفى من الثمن يشبه الجزء المعتق من المبعض. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية المكاتب/ 4581. (¬2) سنن النسائي، القسامة، دية المكاتب 8/ 46.

الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن دية المكاتب كدية القن. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن دية المكاتب كدية القن: أن دليله صريح في كونه قنا، وحكى بعضهم الإجماع عليه، وإذا ثبت كونه قنا لم يبق مجال للاجتهاد في ديته. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن الاحتجاج بما روي عن علي. 3 - الجواب عن القياس على البعض. القطعة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالحديث: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن في ثبوته نظرا (¬1). الجواب الثاني: أنه معارض بحديث: المكاتب عبد ما بقي عليه درهم وهو أقوى منه. ¬

_ (¬1) هامش (1) على حديث 4581 من سنن أبي داود.

القطعة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بما روى عن علي: أجيب عن ذلك بالجواب الثاني عن الاحتجاج بالحديث. القطعة الثالثة: الجواب عن القياس: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق فلا يصح؛ وذلك أن الجزء الحر من البعض حكمه حكم الحر، والجزء المقابل لما وفي من قيمة المكاتب حكمه حكم القن. الجانب الثاني: دية البعض: وفيه جزءان هما: 1 - دية الجزء الحر. 2 - دية الجزء الرقيق. الجزء الأول: دية الجزء الحر: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان مقدار الدية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان مقدار الدية: دية الجزء الحر من المبعض كدية الحر. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه كون دية الجزء الحر من المبعض كدية الحر: أن أحكام هذا الجزء كأحكام الحر فلا يصح بيعه، ويملك به، وديته من أحكامه فتكون كدية الحر. الجزء الثاني: دية الجزء الرقيق: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان مقدار الدية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: مقدار الدية: دية الجزء الرقيق من المبعض كدية القن الخالص.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه كون دية الجزء الرقيق من المبعض كدية القن الخالص: أن أحكام هذا الجزء أحكام الرقيق الخالص فيصح بيعه ولا يملك به وما يكسبه به لسيده، ومن أحكامه ديته فتكون كدية الرقيق الخالص. الفرع الثالث: تغليظ الدية: وفيه ستة أمور هى: 1 - معنى تغليظ الدية. 2 - الجناية التي تغلظ فيها الدية. 3 - نوع الدية التي يكون فيها التغليظ. 4 - صفة التغليظ. 5 - تغليظ الدية فيما دون النفس. 6 - الدية قبل التغليظ. الأمر الأول: معنى تغليظ الدية: تغليظ الدية رفع صفاتها. الأمر الثاني: الجناية التي تغلظ الدية فيها: الجناية التي تغلظ الدية فيها: هي العمد وشبهه. الأمرالثالث: نوع الدية التي يكون فيها التغليظ: الدية التي يكون فيها التغليظ هي الإبل خاصة دون غيرها من الأنواع. الأمر الرابع: صفة التغليظ: وفيه جانبان هما: 1 - صفة التغليظ في العمد. 2 - صفة التغليظ في شبه العمد. الجانب الأول: صفة التغليظ في العمد: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - التغليظ بأسنان الإبل. 2 - التغليظ بجنس الإبل. 3 - التغليظ بحلول الدية. 4 - التغليظ بتحميل الجاني للدية.

الجزء الأول: التغليظ بأسنان الإبل: وفيه جزئيتان هما: 1 - التغليظ الرباعي. 2 - التغليظ الثلاثي. الجزئية الأولى: التغليظ الرباعي: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الأسنان. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الأسنان: أسنان الإبل في التغليظ الرباعي كما يلي: 25 خمس وعشرون بنت مخاض وهي ما تم لها سنة سميت بذلك؛ لأن أمها في الغالب تكون ماخضا أي حاملا. 25 خمس وعشرون بنت لبون وهي ما تم لها سنتان سميت بذلك؛ لأن أمها في الغالب قد ولدت وصارت ذات لبن. 25 خمس وعشرون حقه وهي ما تم لها ثلاث سنين سميت بذلك؛ لأنها استحقت أن يطرقها الفحل وأن يحمل عليها. 25 خمس وعشرون جذعة، وهي ما تم لها أربع سنين سميت بذلك؛ لأنها في الغالب قد جدعت ثناياها. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحديد اسنان الإبل في دية العمد بما ذكر ما يأتي: ما ورد أن الدية على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت أرباعا (¬1). 25 خمس وعشرون جذعة. 25 خمس وعشرون حقة. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية شبه العمد/ 4552.

25 خمس وعشرون بنت لبون. 25 خمس وعشرون بنت مخاض. الجزئية الثانية: التغليظ الثلاثي: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الأسنان. 2 - التوجيه. 3 - من يطبق عليه. الفقرة الأولى: بيان الأسنان: أسنان الإبل في التغليظ الثلاثي كما يلي: 30 ثلاثون حقة. 30 ثلاثون جذعة. 40 أربعون خلفة، وهى الناقة العشراء. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحديد أسنان الإبل في التغليظ الثلاثي بما ذكر ما يأتي: 1 - حديث: (ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - أخذ الدية من قتادة (¬2). 30 ثلاثين حقة. 30 ثلاثين جذعة. 40 أريعين خلفة. الفقرة الثالثة: من يطبق التغليظ الثلاثي عليه: وفيها شيئان هما: 1 - بيان من يطبق عليه. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية شبه العمد/4547. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية شبه العمد/ 4550.

الشيء الأول: بيان من يطبق عليه: تطبيق التغليظ الثلاثي يرجع إلى الحاكم الذي يفصل في القضية فيطبقه على من يرى تطبيقه عليه حسب الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة والجريمة؛ لأن ذلك يختلف باختلافها. الجزء الثاني: التغليظ بجنس الإبل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجنس المعتبر في التغليظ. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الجنس المعتبر: جنس الإبل المعتبر في التغليظ هو الإناث، فلا يكون في دية العمد ذكر. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه حصر دية العمد في الإناث ما يأتي: 1 - ما تقدم في بيان أسنانها حيث لم يرد فيها ذكر. 2 - الإناث أعلى وأنفس نظرا لأنها تنمو بالإنتاج بخلاف الذكور فإنها لا تزيد. الجزء الثالث: التغليظ بحلول الدية: وفيه جزئيتان هما: 1 - الحلول. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الحلول: دية العمد كلها حالة فلا يؤجل منها شيء. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه حلول دية العمد ما يأتي: 1 - ما تقدم من أخذ عمر الدية من قتادة فإنه لم يرد فيها تأجيل. 2 - أن الأصل في الحق الحلول فلا يؤجل إلا بدليل ولم يرد في تأجيل دية العمد دليل.

الجزء الرابع: التغليظ بتحميل الجاني للدية: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - التحميل. 2 - التوجيه. 3 - مسؤولية الدية إذا تعذر أخذها من الجاني. الجزئية الأولى: تحميل الجاني للدية: دية العمد تطلب من الجاني وحده فلا يحمل أحد منها شيئا. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه مطالبة الجاني وحده بدية العمد ما يأتي: 1 - أنها واجبة بفعله واختياره، فلا يكون له عذر يقتضي المساعدة. 2 - أن مساعدة الجاني العامد يشجعه على معاودة الإجرام وتكثير القتل. 3 - أن تحميل العاقلة للدية مساعدة للجاني، ولعامد ليس أهلا للمساعدة. 4 - أن القتل العمد قليل وقوعه فلا يجحف بالجاني تحميله الدية. الجزئية الثالثة: مسؤولية الدية إذا تعذر أخذها من الجاني: وفيها فقرتان هما: 1 - أسباب تعذر أخذ الدية من الجاني. 2 - المسؤولية. الفقرة الأولى: أسباب تعذر أخذ الدية من الجاني: من أسباب تعذر أخذ الدية من الجاني ما يأتي: 1 - ألا يكون له مال. 2 - أن يخفى ماله. الفقرة الثانية: مسؤولية الدية: إذا تعذر أخذ الدية من الجاني بقيت في ذمته كسائر ديونه.

الجانب الثاني: صفة التغليظ في شبه العمد: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - صفة التغليظ. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الجزء الأول: صفة التغليظ: التغليظ في شبه العمد في أسنان الإبل وجنسها وصفتها وقد تقدم بيان ذلك في صفة التغليظ في العمد. الجزء الثاني: الدليل: الدليل على التغليظ في شبه العمد: حديث: (ألا إن في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون خلفة في بطونها أولادها) (¬1). الجزء الثالث: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه التغليظ. 2 - توجيه قصره على أسنان الإبل وجنسها وصفتها. الجزئية الأولى: توجيه التغليظ: وجه تغليظ دية شبه العمد ما يأتي: 1 - الحديث المتقدم. 2 - أن فيه شبها بالعمد بقصد الجناية فألحق به في التغليظ. الجزئية الثانية: توجيه قصر التغليظ على صفة الإبل: وجه ذلك: أن شبه العمد فيه شبه من الخطأ في عدم قصد القتل فألحق به في التقسيط وتحميل الدية للعاقلة. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية شبه العمد/4547.

الأمر الخامس: تغليظ الدية في الجناية على ما دون النفس: وفيه جانبان هما: 1 - حكم التغليظ. 2 - أمثلة التغليظ. الجانب الأول: حكم التغليظ: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: الجناية على ما دون النفس في تغليظ الواجب كالجناية على النفس. الجزء الثاني: التوجيه: وجه تغليظ الواجب بالجناية على ما دون النفس: أن ما دون النفس فرع عن النفس فيجري مجراها في التغليظ. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة تغليظ الواجب بالجناية على ما دون النفس ما يأتي: 1 - الواجب في الموضحة خمس من الإبل: من غير تغليظ يكون كما يلي: بنت مخاض، وابن مخاض، وبنت لبون، وحقة، وجذعة. وفي التغليظ يكون كما يلي: بنت مخاض وربع بنت مخاض، وبنت لبون، وربع بنت لبون، وحقه وربع حقة، وجذعة، وريع جذعة. 2 - دية اليد خمسون بعيرا، من غير تغليظ تكون كما يلي: عشر بنات مخاض، وعشرة بني مخاض، وعشر بنات لبون، وعشر حقاق، وعشر جذعات. وفي التغليظ تكون كما يلي: اثنا عشر بنت مخاض ونصف بنت مخاض، واثنا عشر بنت لبون ونصف بنت لبون، واثنا عشر حقة ونصف حقة، واثنا عشر جدعة ونصف جدعة.

الأمر السادس: مقادير الدية من الإبل قبل التغليظ: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المقادير. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان المقادير: مقادير الدية من الإبل قبل التغليظ كما يلي: 20 عشرون بنت مخاض. 20 عشرون ابن مخاض. 20 عشرون بنت لبون. 20 عشرون حقة. 20 عشرون جذعة. الجانب الثاني: الدليل: الدليل على أن الدية من الإبل كما ذكر حديث: (وفي دية الخطأ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض وعشرون بني مخاض، وعشرون بنت لبون) (¬1). الفرع الرابع: أسنان الإبل والبقر والغنم في الدية: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - أسنان الإبل. 2 - أسنان البقر. 3 - أسنان الغنم. الأمر الأول: أسنان الإبل: أسنان الإبل في الدية تقدم بيانها في التغليظ. الأمر الثاني: أسنان البقر: أسنان البقر في الديةكما يلى: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب الدية كم هي/ 4545.

1 - مائة مسنة وهي ما تم له سنتان. 2 - مائة تبيع أو تبيعة وهو ما تم له سنة. الأمر الثالث: أسنان الغنم: وفيه جانبان هما: 1 - أسنان الضأن. 2 - أسنان المعز. الجانب الأول: أسنان الضأن: إذا كانت الدية من الضأن كان نصفها ثنايا ونصفها جذعان. الجانب الثاني: أسنان المعز: إذا كانت الدية من المعز كانت كلها ثنايا، فلا يقبل أقل من ذلك إلا برضا. المسألة السابعة: ديات الأعضاء: وفيها فرعان هما: 1 - المراد بالأعضاء. 2 - دياتها. الفرع الأول: المراد بالأعضاء: وفيه أمران هما: 1 - بيان المراد بالأعضاء. 2 - أمثلتها. الأمر الأول: بيان المراد بالأعضاء: الأعضاء هي أجزاء الجسم الذي يتكون منها. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الأعضاء ما يأتي: 1 - الأذنان. 2 - العينان. 3 - الجفون. 4 - الحاجبان.

5 - الأنف. 6 - الشفتان. 7 - اللسان. 8 - الأسنان. 9 - اللحيان. 10 - الشعور. 11 - الثديان. 12 - التندوتان. 13 - الترقوتان. 14 - اليدان. 15 - الكفان. 16 - الذراعان. 17 - العضدان. 18 - الرجلان. 19 - القدمان. 25 - الساقان. 21 - الفخذان. 22 - الأضلاع. 23 - الذكر. 24 - الخصيتان. 25 - الشفران. 26 - الكليتان. 27 - الأصابع. الفرع الثاني: الديات: وفيه أمران هما: 1 - إذا كانت الجناية قطعا. 2 - إذا لم تكن الجناية قطعا. الأمر الأول: إذا كانت الجناية قطعا: وفيه جانبان هما: 1 - قطع الكل. 2 - قطع البعض. الجانب الأول: قطع الكل: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان العضو المقطوع أنفا أو أذنا.

2 - إذا لم يكن العضو المقطوع أنفا ولا أذنا. الجزء الأول: إذا كان العضو المقطوع أنفا أو أذنا: وفيه جزئيتان هما: 1 - الدية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الدية: إذا كان العضو المقطوع أنفا أو أذنا وجبت فيه الدية مطلقا سواء كان مشلولا قبل القطع أم سليما. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية بقطع الأذن أو الأنف ولو كان مشلولا: أن الفائدة بالشكل وقد زال بالقطع. الجزء الثاني: إذا لم يكن العضو المقطوع أنفا ولا أذنا: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان قبل القطع مشلولا. 2 - إذا لم يكن قبل القطع مشلولا. الجزئية الأولى: إذا كان العضو المقطوع قبل القطع مشلولا: وفيها فقرتان هما: 1 - ما يجب فيه. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الواجب: إذا كان العضو المقطوع قبل القطع مشلولا كان الواجب فيه حكومة، سواء أعيد أم لم يعد. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب في العضو المشلول حكومة: أنه ناقص المنفعة أو معدومها فلا يكون للدية فيه مقابل.

الجزئية الثانية: إذا لم يكن العضو المقطوع قبل القطع مشلولا: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا أعيد. 2 - إذا لم يعد. الفقرة الأولى: إذا أعيد العضو المقطوع: وفيها شيئان هما: 1 - إذا أعيد العضو نفسه. 2 - إذا أعيد غيره. الشيء الأول: إذا أعيد العضو نفسه: وفيه نقطتان هما: 1 - إذا أعيد بعيب. 2 - إذا أعيد من غير عيب. النقطة الأولى: إذا أعيد العضو المقطوع معيبا: وفيها قطعتان هما: 1 - إذا قيل بوجوب الدية بالقطع ولو أعيد. 2 - إذا لم يقل بوجوب الدية إذا أعيد. القطعة الأولى: إذا قيل بوجوب الدية ولو أعيد: وفيها شريحتان هما: 1 - ما يجب. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان ما يجب: إذا قيل بوجوب الدية ولو أعيد العضو لم يجب للعيب أرش. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب أرش العيب إذا أعيد العضو معيبا على القول بوجوب الدية بالقطع ولو أعيد المقطوع: أن وجوب الدية على اعتبار العضو غير موجود، فلا ترد المسؤولية عن سلبيات إعادته.

القطعة الثانية: إذا قيل بعدم وجوب الدية إذا أعيد العضو المقطوع: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان ما يجب: إذا قيل بأنه إذا أعيد العضو لم تجب الدية فأعيد معيبا وجب أرش عيبه. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه وجوب أرش العيب إذا أعيد العضو المقطوع معيبا على القول بعدم وجوب الدية إذا أعيد. أن العضو المعاد في حكم العضو الموجود فيكون عيبه كعيب العضو المجني عليه من غير قطع إذا عاب بالجناية عليه. النقطة الثانية: إذا أعيد العضو نفسه من غير عيب: وفيه ثلاث قطع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: إذا أعيد العضو المقطوع نفسه من غير عيب فقد اختلف في وجوب الدية له على قولين: القول الأول: أنها تجب. القول الثاني: أنها لا تجب. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الشريحة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم سقوط الواجب بإعادة المقطوع بما يأتي: 1 - أن العادة لم تجر بالإعادة، ونجاح الإعادة نادر والنادر لا حكم له. 2 - أن نجاح العود هبة جديدة من الله فلا يسقط به ما وجب. الشريحة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بسقوط ما وجب إذا نجحت الإعادة: بالقياس على عود الشعر والسن، فإنه يسقط بعوده ما يجب فيه. القطعة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشريحة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم السقوط ولو نجحت الإعادة. الشريحة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم سقوط الواجب ما يأتي: 1 - أن أدلة الوجوب مطلقة فلا يصح تقييدها إلا بدليل ولا دليل. 2 - أنه لم يؤثر القول بالسقوط في غير ما جرت العادة بعوده عن أحد من السلف. 3 - أن الواجب تعلق في الذمة بمجرد القطع فلا يسقط إلا بأداء أو إسقاط ولم يوجد شيء من ذلك، وإعادة العضو ليس واحدا منهما.

الشريحة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن قياس ما لم تجر العادة به على ما جرت به العادة قياس مع الفارق فلا يعتد به. الشيء الثاني: إذا كان العضو المعاد غير المقطوع: وفيه نقطتان هما: 1 - سقوط الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: سقوط الواجب: إذا قيل بعدم سقوط الواجب إذا كان المعاد هو العضو المقطوع، لم يسقط الواجب إذا كان المعاد غيره من باب أولى، وقد تقدم أن الراجح عدم السقوط إذا كان المعاد هو العضو المقطوع فيكون هنا كذلك. النقطة الثانية: التوجيه: وجه عدم سقوط الواجب إذا كان المعاد غير المقطوع: أن الدية للعضو المقطوع وهو لم يعد. الفقرة الثانية: إذا لم يعد العضو المقطوع ولا غيره: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - دية ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد. 2 - دية ما في الإنسان منه شيئان. 3 - دية ما في الإنسان منه أكثر من شيئين. الشيء الأول: دية ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد: وفيه نقطتان هما:

1 - بيان ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد. 2 - دية ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد. النقطة الأولى: بيان ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد: ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد هو: 1 - الأنف. 2 - اللسان. 3 - الذكر. النقطة الثانية: الدية: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الدية. 2 - الدليل. القطعة الأولى: بيان الدية: ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد ديته دية النفس. القطعة الثانية: الدليل: الدليل على وجوب الدية بإتلاف ما ليس في الإنسان منه إلا شيء واحد حديث: (وفي الذكر الدية، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية) (¬1). الشيء الثاني: دية ما في الإنسان منه شيئان: وفيه نقطتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يجب. ¬

_ (¬1) سنن النساني، القسامة، باب عقل الأصابع 8/ 58.

النقطة الأولى: الأمثلة: من أمثلة ما في الإنسان منه شيئان ما يأتي: 1 - الأذنان. 2 - الحاجبان. 3 - العينان. 4 - الشفتان. 5 - الثديان. 6 - التندوتان. 7 - الكليتان. 80 - الخصيتان. 9 - الشفران. 10 - اليدان. 11 - الرجلان. 12 - اللحيان. 13 - الأليتان. النقطة الثانية: ما يجب: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان ما يجب: إذا قطع من الإنسان ما فيه منه شيئان فديته دية النفس. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها شريحتان هما: 1 - التوجيه العام. 2 - التوجيه الخاص بكل عضو. الشريحة الأولى: التوجيه العام: وجه وجوب الدية لكل ما في الإنسان منه عضوان ما يأتي: 1 - النصوص الواردة في غالبها كما سيأتي. 2 - الإجماع في كثير منها كما سيأتي.

3 - قياس ما لا نص فيه منها ولا إجماع على ما فيه نص أو إجماع. الشريحة الثانية: التوجيه الخاص بكل عضو: وفيها ثلاث عشرة جملة. الجملة الأولى: توجيه وجوب الدية في الأذنين: وجه وجوب الدية في الأذنين ما يأتي: 1 - حديث: (وفي الأذنين الدية) (¬1). 2 - ما ورد أن عمر وعليا رضي الله عنهما قضيا فيهما بالدية (¬2). 3 - أن فيهما نفعا وجمالا لا كسائر الأعضاء. 4 - أنه ليس في البدن غيرهما من جنسهما. الجملة الثانية: توجيه وجوب الدية في الحاجبين: وجه وجوب الدية في الحاجبين ما يأتي: 1 - أن فيهما نفعا وجمالا. 2 - أنه لا يوجد في البدن غيرهما من جنسهما. الجملة الثالثة: توجيه وجوب الدية في العينين: وجه وجوب الدية في العينين ما يأتي: 1 - حديث: (وفي العينين الدية) (¬3). 2 - الإجماع. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب الأذنين 8/ 85، وسنن الدارقطني بلفظ في الأذن خمسون 3/ 309. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب الأذنين 8/ 85. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية العينين 8/ 86.

3 - أن فيهما نفعا وجمالا. 4 - أنه لا يوجد في البدن غيرهما من جنسهما. الجملة الرابعة: توجيه وجوب الدية في الشفتين: وجه وجوب الدية في الشفتين ما يأتي: 1 - حديث: (وفي الشفتين الدية) (¬1). 2 - أن فيهما نفعا وجمالا. 3 - أنه لا يوجد في الإنسان غيرهما من جنسهما. الجملة الخامسة: توجيه وجوب الدية في الثديين: وجه وجوب الدية في الثديين ما يأتي: 1 - الإجماع. 2 - أن فيهما نفعا وجمالا. 3 - أنه لا يوجد في البدن غيرهما من جنسهما. الجملة السادسة: توجيه وجوب الدية في تندوتي الرجل: وجه وجوب الدية في ثندوتي الرجل ما يأتي: 1 - القياس على ثديي المرأة. 2 - أن فيهما جمالا كالثديين. 3 - أنه لا يوجد في البدن غيرهما من جنسهما. الجملة السابعة: توجيه وجوب الدية في الكليتين: وجه وجوب الدية في الكليتين ما يأتي: 1 - أن فيهما منفعة لا يعيش الإنسان بدونها. 2 - أنه لا يوجد في الجسم غيرهما من جنسهما. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية الشفتين 8/ 86.

الجملة الثامنة: توجيه وجوب الدية في الخصيتين: وجه وجوب الدية في الخصيتين ما يأتي: 1 - حديث: (وفي البيضتين الدية) (¬1). 2 - أن فيهما نفعا وجمالا. 3 - أنه لا يوجد في الجسم غيرهما من جنسهما. الجملة العاشرة: توجيه وجوب الدية في اليدين: أ - حديث: (وفي اليدين الدية) (¬2). 2 - الإجماع. 3 - أنه لا يوجد في الجسم غيرهما من جنسهما. الجملة الحادية عشرة: توجيه وجوب الدية في الرجلين: أ - حديث: (وفي الرجلين الدية) (¬3). 2 - الإجماع. 3 - أنه لا يوجد في الجسم غيرهما من جنسهما. الجملة الثانية عشرة: توجيه وجوب الدية في اللحيين: وجه وجوب الدية في اللحيين ما يأتي: 1 - أن فيهما نفعا وجمالا. 2 - أنه لا يوجد في الجسم غيرهما من جنسهما. ¬

(¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية الذكر والأنثيين. 8/ 97. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية اليدين والرجلين 8/ 91. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية اليدين والرجلين /8/ 91.

الجملة الثالثة عشرة: توجيه وجوب الدية في الأليتين: وجه وجوب الدية في الأليتين ما يأتي: 1 - أن فيهما نفعا وجمالا. 2 - أنه لا يوجد في الجسم غيرهما من جنسهما. الشيء الثالث: دية ما في الإنسان منه ثلاثة أشياء: وفيه نقطتان هما: 1 - بيانه. 2 - ما يجب فيه. النقطة الأولى: بيان ما في الإنسان منه ثلاثة أشياء: ما في الإنسان منه ثلاثة أشياء هو مارن الأنف، ففيه المنخران والحاجز بينهما. النقطة الثانية: ما يجب: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان ما يجب: وفيها شريحتان هما: 1 - ما يجب في المارن كله. 2 - ما يجب في أجزائه. الشريحة الأولى: بيان ما يجب في المارن كله: وفيهما جملتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان ما يجب: قطع مارن الأنف كله تجب فيه الديةكاملة كالنفس.

الجملة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية في مارن الأنف ما يأتي: 1 - أن مارن الأنف لا يوجد في الإنسان منه إلا شيء واحد. 2 - أن فيه جمالا ظاهرا ونفعا بينا. الشريحة الثانية: ما يجب في أجزاء المارن: وفيها جملتان هما: 1 - بيان أجزاء المارن. 2 - ما يجب في كل جزء. الجملة الأولى: بيان أجزاء المارن: المارن ثلاثة أجزاء هي: 1 - المنخران. 2 - الحاجز بينهما. الجملة الثانية: ما يجب في كل جزء: وفيها ما يأتي: 1 - بيان ما يجب. الواجب في كل جزء من أجزاء المارن ثلث الدية. ب - التوجيه: وجه وجوب ثلث الدية في كل جزء من أجزاء المارن: أن الدية توزع على ما في الإنسان منه أكثر من شيء بعدده، والمارن ثلاثة أجزاء كما تقدم فتوزع الدية عليه أثلاثا. الشيء الرابع: دية ما في الإنسان منه أربعة أشياء: وفيه نقطتان هما:

1 - بيانه. 2 - ما يجب فيه. النقطة الأولى: بيان في الإنسان منه أربعة أشياء: الذي يوجد في الإنسان منه أربعة أشياء هو أجفان العينين، فإنها أربعة، في كل عين جفنان أعلى وأسفل. النقطة الثانية: ما يجب: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان ما يجب في الأجفان كلها. 2 - ما يجب في كل جفن. القطعة الأولى: بيان ما يجب في الأجفان كلها: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان ما يجب: قطع الأجفان كلها يوجب الدية كاملة. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية في الأجفان كلها: أن فيها نفعا ظاهرا وجمالا بينا، فإنها تغطى العينين وتقيهما من الحر والبرد والغبار والأتربة وتمسحهما عما يؤذيهما. القطعة الثانية: ما يجب في كل جفن: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان ما يجب: الواجب بكل جفن ربع الدية.

الشريحة الثانية: التوجيه: وجه وجوب ريع الدية في كل جفن أن كل عدد تجب الدية في جملته تجب في أجزائه بالحصة. الشيء الخامس: دية ما في الإنسان منه أكثر من أربعة أشياء: وفيه خمس نقاط هي: 1 - الأصابع. 2 - الأظفار. 3 - الأنامل. 4 - الأسنان. 5 - الشعور. النقطة الأولى: الأصابع: وفيها قطعتان هما: 1 - الإصبع الكامل. 2 - الإصبع الناقص. القطعة الأولى: الإصبع الكامل: وفيها شريحتان هما: 1 - المراد بالأصبع الكامل. 2 - ما يجب فيه. الشريحة الأولى: بيان المراد بالإصبع الكامل: الإصبع الكامل ما لم يذهب منه شيء. الشريحة الثانية: ما يجب فيه: وفيها جملتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان ما يجب: الواجب في الإصبع الكامل عشر الدية عشر من الإبل. سواء كان من يد أو رجل وسواء كان بأنملتين كالإبهام، أم بثلاث أنامل كما في الأصابع.

الجملة الثانية: التوجيه: وجه وجوب عشر الدية في الإصبع الواحد ما يأتي: 1 - حديث: (دية أصابع اليدين والرجلين عشر من الإبل لكل إصبع) (¬1). 2 - حديث: (هذه وهذه سواء) (¬2). يعني الإبهام والخنصر. 3 - أن أصابع اليدين عشر، وأصابع الرجلين عشر فقسمت الدية عليها كما قسمت على عدد الأجفان. القطعة الثانية: الأصبع الناقصة: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان المراد بالإصبع الناقصة. 2 - ما يجب. الشريحة الأولى: بيان المراد بالإصبع الناقصة: الإصبع الناقصة ما ذهب بعضها. الشريحة الثانية: ما يجب فيها: وفيها جملتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان ما يجب: الواجب في الإصبع الناقصة ما بقى من ديتها. الجملة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب في الإصبع الناقصة ما بقي من ديتها: أن دية اليد والرجل تقسم على الأصابع، ودية الإصبع تقسم على أناملها، فيكون الواجب في الفائت من الإصبع ما يقابله من ديتها. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء في دية الأصابع/ 1391. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/ 4558.

النقطة الثانية: الأظفار: وفيها قطعتان هما: 1 - حالة الوجوب. 2 - ما يجب. القطعة الأولى: حالة الوجوب: وفيها شريحتان هما: 1 - بيان حالة الوجوب. 2 - التوجيه. الشريحة الأولى: بيان حالة الوجوب: حالة الوجوب ضمان الظفر: إذا قلع فلم يعد. الشريحة الثانية: التوجيه: وجه تقييد حالة ضمان الظفر بما إذا قلع فلم يعد: أنه إذا عاد لم يفت بقلعه شيء فلا يجب به شيء كقطع الزائد منه. القطعة الثانية: ما يجب: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: إذا قلع الظفر فلم يعد فقد اختلف فيما يجب فيه على قولين: القول الأول: أن الواجب فيه خمس دية الإصبع. القول الثاني: أن الواجب فيه حكومة. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الجملة الأولى: توجيه القول الأول: لم أر لهذا القول توجيه، ويمكن أن يوجه بأن ما ينقص من نفع الإصبع بذهاب الظفر يقدر بالخمس فيجب في ذهابه ما يقابل ذلك وهو الخمس. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه هذا القول: بأن التقدير يحتاج إلى دليل وليس على التقدير دليل. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول الآخر. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب الحكومة. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الحكومة: أن توجيهه أظهر. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن الأصل عدم التقدير ولا دليل عليه فلا يصار إليه. النقطة الثالثة: الأنامل: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان ما يجب: الواجب في كل أنملة ما يخصها من دية الإصبع، فلكل واحدة من أنملتي الإبهام نصف ديته خمس من الإبل، وفي كل أنملة من أنامل غيرها ثلث ديته، ثلاثة أبعرة وثلث بعير.

القطعة الثانية: التوجيه: وجه توزيع دية الأصابع على أناملها: أن الدية توزع على الأصابع، فتوزع دية كل إصبع على أجزائه كذلك. النقطة الرابعة: الأسنان: وفيها قطعتان هما: 1 - أسنان الكبير. 2 - أسنان الصغير. القطعة الأولى: أسنان الكبير: وفيها شريحتان هما: 1 - الأسنان. 2 - الأضراس. الشريحة الأولى: الأسنان: وفيها جملتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان ما يجب: دية الأسنان خمسة أبعرة لكل سن. الجملة الثانية: التوجيه: وجه تحديد السن بخمسة أبعرة ما يأتي: 1 - حديث: (في السن خمس من الإبل) (¬1). 2 - حديث: (في الأسنان خمس خمس) (¬2). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية الأسنان/8/ 89. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/4563.

3 - الإجماع. الشريحة الثانية: الأضراس: وفيها جملتان هما: 1 - إذا قلعت مع الأسنان. 2 - إذا قلعت أفرادا. الجملة الأولى: إذا قلعت مع الأسنان بجناية واحدة: وفيها ما يلي: أولا: الخلاف: إذا سقطت الأضراس مع الأسنان بجناية واحدة فقد اختلف فيما يجب فيها على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها دية واحدة. القول الثاني: أن الواجب فيها دية مستقلة لكل سن وضرس. وقد تقدم بيان دية الأسنان وسيأتي الخلاف في دية الأضراس. ثانيا: التوجيه: وفيه ما يأتي: 1 - توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب دية واحدة بما يأتي: 1 - أن النفس بمنافعها وأجزائها لا يجب فيها إلا دية واحدة فكذلك أجزاؤها من باب أولى. 2 - أن سائر الأجزاء كالكفين والقدمين مع الأصابع لا يجب فيهما بالجناية الواحدة إلا دية واحدة، فكذلك الأضراس مع الأسنان.

ب - توجيه القول الثاني: وجه القول بأنه يجب بكل ضرس دية مستقلة ولو قلعت مع الأسنان بجناية واحدة بما يأتي: 1 - حديث: (في الأسنان خمس خمس) (¬1). وهو عام فتدخل فيه الأضراس؛ لأنها أسنان؛ لحديث: (الأسنان سواء الثنية والضرس سواء) (¬2). ثالثا: الترجيح: وفيه ما يلي: أ - بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأنه لا يجب بالجناية الواحدة إلا دية واحدة. ب - توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأنه لا يجب بالجناية الواحدة إلا دية واحدة: أن الأضراس والأسنان تعتبر عضوا واحدا باسم الأسنان ولم يرد أن العضو الواحد يجب به أكثر من دية. ج - الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك بحمله على قلعها أفرادا حتى لا تتجاوز ديتها دية النفس، ولا تخالف سائر الأعضاء كالكفين والقدمين مع الأصابع. الجملة الثانية: إذا قلعت أفرادا: وفيها ما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/4563. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/ 4559.

أولا: الخلاف: اختلف فيما يجب في الأضراس إذا قلعت بجناية مستقلة عن الأسنان على أقوال: القول الأول: أنها كالأسنان - يجب بكل واحد خمسة أبعرة. القول الثاني: أنه يجب بكل واحد بعيران. القول الثالث: أنه يجب بكل واحد بعير واحد. ثانيا: التوجيه: وفيه ما يأتي: أ - توجيه القول الأول: وجه القول بأن الأضراس كالأسنان يجب بكل ضرس خمسة أبعرة بما يأتي: 1 - حديث: (في الأسنان خمس خمس) (¬1). فإنه عام فتدخل فيه الأضراس؛ لأنها أسنان. 2 - حديث: (الأسنان سواء الثنية والضرس سواء) (¬2). ب - توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب بالضرس بعيران: بأن الواجب بكل سن خمسة أبعرة بالإجماع والأسنان اثنا عشر سنا فيكون الواجب فيها ستين بعيرا، والأضراس عشرون فإذا كان الواجب بكل ضرس بعيرين كان الواجب فيها أريعين بعيرا، وبذلك تكمل الدية مائة بعير. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/4563. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/ 4559.

ج - توجيه القول الثالث: وجه القول بأن الواجب بكل ضرس بعير واحد بما ورد أن عمر - رضي الله عنه - جعل في كل ضرس بعيرا واحدا. ثالثا: الترجيح: وفيه ما يلي: أ - بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن في كل ضرس خمسة أبعرة. ب - توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب بالضرس بالجناية المستقلة خمسة: أبعرة: أن دليله أظهر. ج - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه ما يلي: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن الكلام في الجناية على الأضراس أفرادا وليس في سقوطها بجناية واحدة، فالواجب حينئذ دية واحدة في الجميع من غير مراعاة لما يجب في كل سن أو ضرس. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن وجهة هذا القول: بأنه معارض بما هو أولى منه وأظهر، فيكون العمل به أولى وأظهر. القطعة الثانية: أسنان الصغير: وفيها شريحتان هما:

1 - إذا لم تعد. 2 - إذا عادت. الشريحة الأولى: إذا لم تعد: وفيها جملتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان الواجب: إذا لم تعد أسنان الصغير بعد سقوطها بالجناية عليها كان الواجب فيها لواجب بأسنان الكبير الجملة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار أسنان الصغير إذا لم تعد كأسنان الكبير ما يأتي: 1 - حديث: (وفي السن خمس من الإبل) (¬1). فإنه عام فيشمل أسنان الصغير. 2 - حديث: (في الأسنان خمس خمس) (¬2). ووجه الاستدلال به كالذي قبله. الشريحة الثانية: إذا عادت: وفيها جملتان هما: 1 - إذا عادت سليمة. 2 - إذا عادت معيبة. الجملة الأولى: إذا عادت أسنان الصغير سليمة: وفيها ما يلي: أ - بيان الواجب: إذا عادت أسنان الصغير سليمة فلا شيء فيها. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية الأسنان 8/ 89. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/4563.

ب - التوجيه: وجه عدم وجوب شيء بسقوط أسنان الصغير إذا عادت سليمة: أنه لم يذهب عليه بسقوطها شيء فلا يجب به شيء. الجملة الثانية: إذا عادت معيبة: وفيها ما يلي: أولا: أمثلة العيوب: من أمثلة العيوب ما يأتي: 1 - أن تعود قصيرة. 2 - أن تعود طويلة. 3 - أن تعود مائلة. 4 - أن تعود متغيرة اللون. 5 - أن تعود متحركة. 6 - أن تعود فيها شروخ. ثانيا: ما يجب: وفيه ما يلي: أ - بيان ما يجب: إذا عادت أسنان الصغير معيبة كان الواجب فيها حكومة. ب - التوجيه: وفيه ما يلي: 1 - توجيه عدم وجوب الدية: وجه ذلك: أن الدية في الذهاب، والأسنان العائدة لم تذهب. 2 - توجيه وجوب الأرش: وجه وجوب الأرش: أن العيب نقص فيجب جبره بالأرش.

النقطة الخامسة: الشعور: وفيها قطعتان هما: 1 - بيانها. 2 - ما يجب فيها. القطعة الأولى: بيانها: الشعور التي يجب ضمانها هي: 1 - شر الرأس. 2 - شعر الحاجبين. 3 - أهداب العينين. 4 - شعر اللحية. القطعة الثانية: ما يجب فيها: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - ما يجب فيها إذا عادت. 2 - ما يجب فيها إذا لم تعد. 3 - ما يجب فيها إذا عاد بعضها دون بعض. الشريحة الأولى: ما يجب فيها إذا عادت: وفيها جملتان هما: 1 - ما يجب فيها إذا عادت سليمة. 2 - ما يجب فيها إذا عادت معيبة. الجملة الأولى: ما يجب فيها إذا عادت سليمة: وفيها ما يلي: أولا: بيان ما يجب فيها: إذا عادت الشعور سليمة لم يجب فيها شيء. ثانيا: التوجيه: وجه عدم وجوب الدية في الشعور إذا عادت سليمة: أنه لم يفت بقلعها شيء فلم يلزم به شيء.

الجملة الثانية: إذا عادت الشعور معيبة: وفيها ما يلي: أولا: أمثلة العيب: من أمثلة عيب الشعور إذا عادت بعد قلعها ما يأتي: 1 - أن تعود متغيرة اللون. 2 - أن تعود متغيرة الشكل، كان تعود جعدة وقد كانت سبطة أو العكس. 3 - أن تعود طويلة. 4 - أن تعود قصيرة. 5 - أن تعود ناقصة. ثانيا: ما يجب: وفيه ما يلي: 1 - بيان ما يجب: إذا عادت الشعور معيبة وجب فيها حكومة. 2 - التوجيه: وفيه ما يلي: أ - توجيه وجوب الحكومة: وجه وجوب الحكومة بالشعور إذا عادت معيبة: أن العيب نقص والنقص يجب جبره. ب - توجيه عدم وجوب الدية: وجه عدم وجوب الدية: أن الدية في مقابل التلف وهي لم تتلف. الشريحة الثانية: ما يجب بالشعور إذا لم تعد: وفيها ثلاث جمل هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجملة الأولى: الخلاف: إذا لم تعد الشعور فقد اختلف فيما يجب فيها على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها الدية. القول الثاني: أن الواجب فيها حكومة. الجملة الثانية: التوجيه: وفيها ما يلي: أولا: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الدية: بأن الشعور فيها جمال ظاهر ونفع بين، فالجمال ظاهر، والنفع بكونها تغطى ما تحتها وتحفظه من الحر والبرد والغبار والأتربة، وسائر ما يتعرض له. ثانيا: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب بالشعور حكومة: بأن نفعها في الجمال وذهاب الجمال لا يستوجب الدية. الجملة الثالثة: الترجيح: وفيها ما يلي: أولا: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الواجب في الشعور حكومة. ثانيا: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الحكومة بذهاب الشعور ما يأتي:

1 - أنه لا ضرر بذهابها ونفعها قليل. 2 - أنه لا نص فيها، وقياسها على المنصوص قياس مع الفارق للفرق بينهما في النفع والضرر. 3 - أن الذاهب بذهابها هو الجمال، وذهاب الجمال وحده لا تجب به الدية بدليل عدم وجوبها في تشوهات الجسم بالحريق ونحوه. ثالثا: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن قياس الشعور على غيرها من الأعضاء قياس مع الفارق؛ لأنها لا تساويها في النفع والضرر. الشريحة الثالثة: الواجب بما لم يعد من الشعور إذا عاد بعضها دون بعض: وفيها جملتان هما: 1 - إذا قيل: بأن الواجب بالشعور الدية. 2 - إذا قيل: بأن الواجب بالشعور حكومة. الجملة الأولى: الواجب بما لم يعد من الشعور على القول بأن الواجب بالكل الدبة: وفيها ما يلي: أولا: بيان الواجب: إذا قيل: بأن الواجب بالكل الدية كان الواجب بما لم يعد قسطه من الدية. ثانيا: التوجيه: وجه كون الواجب بالجزء الذي لم يعد من الشعور قسطه من الدية: أن الدية تقسط على ما تجب فيه من الأعضاء كالعينين والأصابع فتقسط على الشعور كذلك.

الجملة الثانية: الواجب بما لم يعد من الشعور على القول بأن الواجب بالكل حكومة: وفيها ما يلي: أولا: بيان الواجب: إذا قيل: بأن الواجب بالكل حكومة فالواجب بالجزء الذي لم يعد حكومة. ثانيا: التوجيه: وجه كونه الواجب بالجزء الذي لم يعد من الشعور حكومة: أن الجزء له حكم الأصل، فإذا كان الواجب في الأصل حكومة كان الواجب في الجزء حكومة. الجانب الثاني: إذا كانت الجناية بقطع البعض: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة قطع بعض العضو ما يأتي: 1 - قطع بعض الأذن. 2 - قطع بعض الجفن. 3 - قطع بعض الأنف. 4 - قطع بعض الشفة. 5 - قطع بعض اللسان. 6 - قطع بعض حلمتي الثدي. 7 - قطع بعض التندوة. 8 - قطع بعض الذكر. 9 - قطع بعمق الخصيتين. 10 - قطع بعض الشفرين. 11 - قطع الكف بلا أصابع. 12 - قطع الذراع بلا كف. 13 - قطع القدم بلا أصابع. 14 - قطع الساق بلا قدم.

الجزء الثاني: الواجب: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان الباقي له قيمة. 2 - إذا لم يكن للباقي قيمة. الجزئية الأولى: إذا كان الباقي له قيمة: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب على سبيل الإجمال. 2 - بيان الواجب على سبيل التفصيل. الفقرة الأولى: بيان الواجب على سبيل الإجمال: وفيها شيئان هما: 1 - الواجب فيما فيه مقدر. 2 - الواجب فيما لا مقدر فيه. الشيء الأول: الواجب فيما فيه مقدر: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب في الفائت فيما فيه مقدر قسطه من المقدر. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بالفائت مما فيه مقدر قسطه من الدية: أنه أقرب إلى الحقيقة من الحكومة؛ لأنها تبنى على الاجتهاد والمقدر لا اجتهاد فيه. الشيء الثاني: الواجب فيما لا مقدر فيه: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه.

النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب في الفائت مما لا مقدر فيه حكومة. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب في الفائت مما لا مقدر فيه حكومة: أنه لا يوجد مقدر يرجع إليه، فلم يبق لبيان الواجب إلا الحكومة. الفقرة الثانية: بيان الواجب على سبيل التفصيل: وفيها أربعة عشر شيئا: الشيء الأول: الواجب بقطع بعض الأذن: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان ما يجب: الواجب بما يقطع من الأذن بالحساب من ديتها يقدر بالأجزاء كالثلث، والربع، ثم يؤخذ مثله من الدية، فإذا كان الذاهب النصف وجب نصف الدية، وإن كان الثلث وجب الثلث وإن كان أقل أو أكثر فبحسابه. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب فيما يقطع من الأذن نسبته من الدية: أن الأذن فيها دية، فإذا وجبت الدية في جميعه وجبت في بعضه بحسابه، كما تقسط دية اليد على الأصابع. الشيء الثاني: الواجب بقطع بعض الجفن: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه.

النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب بقطع بعض الجفن قسطه من الواجب فيه. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بقطع بعض الجفن قسطه من الواجب فيه: أن الأجفان فيها الدية، وما وجبت الدية في جميعه وجبت في بعضه بقسطه، كما تقسط دية اليد على الأصابع وكما تقسط دية الأجفان عليها. الشيء الثالث: الواجب بقطع بعض الأنف: وفيه نقطتان هما: 1 - الواجب بقطع بعض المارن. 2 - الواجب بقطع القصبة من غير مارن. النقطة الأولى: الواجب بقطع بعض المارن: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. القطعة الأولى: بيان الواجب: الواجب بقطع بعض مارن الأنف قسطه من ديته. القطعة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب فيما يقطع من مارن الأنف قسطه من ديته: أن مارن الأنف فيه الدية، وما وجبت الدية في جملته وجبت في بعضه بقسطه، كما تقسط الدية على أجزائه. النقطة الثانية: الواجب بقطع القصبة من غير مارن: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه.

القطعة الأولى: بيان الواجب: الواجب بقصبة الأنف دون المارن حكومة. القطعة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الحكومة في قصبة الأنف دون المارن: أنه لا مقدر فيها، وما لا مقدر فيه لا سبيل إلى تحديد الواجب فيه إلا الحكومة كأرش العيب. الشيء الرابع: الواجب بقطع بعض الشفة: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب بقطع بعض الشفة قسطه من الواجب فيها. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بقطع بعض الشفة قسطه من الواجب فيها: أن فيها مقدرا، وما كان فيه مقدر كان الواجب في بعضه قسطه من المقدر فيه، كالأصابع والأجفان. الشيء الخامس: الواجب بقطع بعض اللسان: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب بقطع بعض اللسان قسطه من ديته. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بقطع بعض اللسان قسطه من ديته: أن في جميعه الدية، وما كان في جميعه الدية كان الواجب في بعضه قسطه منها.

الشيء السادس: الواجب بقطع الحلمتين مع بقاء الثديين: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: اختلف فيما يجب بقطع الحلمتين مع بقاء الثديين على قولين: القول الأول: أن الواجب بقطعهما الدية. القول الثاني: أن الواجب بقطعهما حكومة. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الدية بقطع حلمتي الثديين: بأن قطعهما يذهب بالجمال والمنفعة كقطع الأصابع مع بقاء الكف. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب بقطع حلمتي الثديين حكومة: بأنه لا يذهب بقطعهما غير الجمال، والواجب في الجمال حكومة. النقطة الثانية: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الدية. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب بقطع الحلمتين الدية: أن فائدة الثديين تذهب بقطع الحلمتين؛ لأنه لا يمكن رضاع اللبن بدونهما، وقد لا يستمسك خروجه بدون الحلمتين فتجب بقطعهما الدية كالثديين، وكالحشفة وأصابع اليدين. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن القول بأنه لا يذهب بقطع الحلمتين إلا الجمال: بأنه غير صحيح؛ لأن المنفعة تذهب كذلك كما تقدم في الترجيح. الشيء السابع: الواجب بقطع بعض الثندوتين: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب ببعض ثندوتي الرجل ينبني على الخلاف فيما يجب في الثندوتين، فعلى القول بأن الواجب فيهما الدية يكون الواجب بالتالف منهما قسطه من ديتهما، وعلى أن الواجب فيهما حكومة يكون الواجب في التالف منهما حكومة. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب ببعض ثندوتي الرجل ينبني على الخلاف فيهما: أن المقطوع من الثندوتين فرع لهما والفرع ينبني على الأصل.

الشيء الثامن: الواجب بقطع الذكر من غير الحشفة: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: اختلف في الواجب بقطع الذكر من غير الحشفة على قولين: القول الأول: أن الواجب فيه حكومة. القول الثاني: أن الواجب فيه ثلث الدية. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول: بأن الواجب بقطع الذكر من غير حشفة حكومة بما يأتي: 1 - أن الذكر بلا حشفة لا تقدير فيه وما لا تقدير فيه يكون الواجب فيه حكومة. 2 - أن الذكر بلا حشفة ذاهب المنفعةكاليد الزائدة، واليد الزائدة لا مقدر فيها فكذلك الذكر بلا حشفة. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب بقطع الذكر من غير حشفة ثلث الدية: بقياسه على العين القائمة السادة لمكانها، وذلك أن القائمة السادة لمكانها فيها ثلث الدية؛ لحديث: (وفي العين القائمة السادة لمكانها ثلث الدية) (¬1). ¬

_ (¬1) سنن النسائي، كتاب القسامة، باب العين العوراء/ 8/ 49.

فيكون الذكر بلا حشفة كذلك؛ لأنه شاغل مكانه. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - القول بأن الواجب حكومة. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب حكومة: أن الذكر بلا حشفة ليس فيه تقدير فلا يصار إلى التقدير إلا بدليل ولا دليل. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن قياس الذكر مقطوع الحشفة على العين القائمة قياس مع الفارق فلا يصح، وذلك أن العين القائمة لم يذهب جمالها، لأنها سادة لمكانها، أما الذكر مقطوع الحشفة فلا جمال فيه ولا منفعة. الشيء التاسع: قطع بعض الخصيتين: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب بقطع بعض الخصيتين قسط المقطوع من ديتهما. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بقطع بعض الخصيتين قسطه من ديتهما: أن فيهما مقدرا، وما فيه مقدر يكون الواجب فيه قسطه من دية أصله كأنامل الأصابع.

الشيء العاشر: قطع بعض الشفرين: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان ما يجب: الواجب بقطع بعض الشفرين قسطه من الواجب فيهما. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بقطع بعمق الشفرين قسطه من ديتهما: أن فيهما مقدرا، والواجب ببعض ما فيه مقدر قسطه من المقدر؛ لأنه أقرب إلى تحقيق الواجب من الحكومة. الشيء الحادي عشر: الواجب بقطع الكف بعد قطع الأصابع: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الواجب: الواجب بقطع الكف بعد قطع الأصابع حكومة. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بقطع الكف بعد قطع الأصابع حكومة ما يأتي: 1 - أنه لا مقدر فيه. 2 - أن الدية وجبت في الأصابع فلا تجب مرة أخرى. 3 - أن منفعة الكف من غير الأصابع ناقصة فلا تجب بها الدية كالعضو الأشل. الشيء الثاني عشر: قطع الذراع بلا كف: قطع الذراع بلا كف كقطع الكف بلا أصابع.

الشيء الثالث عشر: قطع القدم بلا أصابع: قطع القدم بلا أصابع كقطع الكف بلا أصابع. الشي الرابع عشر: قطع الساق بلا قدم: قطع الساق بلا قدم كقطع الذراع بلا كف. الجزئية الثانية: إذا لم يكن للباقي قيمة: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الواجب: إذا لم تكن للباقي من العضو المقطوع بعضه قيمة كان الواجب فيه ما يجب في قطع جميعه. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب فيما قطع من العضو المقطوع بعضه إذا لم يبق لباقيه قيمة ما يجب بقطع جميعه: أن الموجود في حكم المعدوم فيأخذ المقطوع حكم الجميع. الأمر الثاني: إذا لم تكن الجناية قطعا: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - إذا كانت الجناية كسرا. 2 - إذا كانت الجناية جرحًا. 3 - إذاكانت الجناية شللا. الجانب الأول: إذا كانت الجناية كسرا: وفيه جزءان هما: 1 - وقت تقرير الواجب. 2 - الواجب.

الجزء الأول: وقت تقرير الواجب: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان وقت التقدير. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان وقت التقدير: وقت تقدير الواجب بالكسر بعد البرء. الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على تقدير الواجب بالكسر بعد البرء ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يستقاد من الجرح حتى يبرأ المجروح (¬1). 2 - ما ورد أن رجلًا طُعن في ركبته، فقال: يا رسول الله أقدني: فقال رسول الله: (لا حتى يبرأ) (¬2). الجزئية الثالثة: التوجيه: وجه تأخير تقدير الواجب إلى البرء: أنه لا يعلم الواجب قبله؛ لاحتمال أن يبرأ المجني عليه سليما فلا يستحق شيئًا، واحتمال أن تسري الجناية إلى النفس أو إلى عضو أو موضع آخر فيختلف الواجب. الجزء الثاني: الواجب: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا برئ سليما. 2 - إذا برئ معيبا. ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني 3/ 88. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الجنايات /8/ 67.

الجزئية الأولى: إذا برئ سليما: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الواجب: إذا برئ الكسر سليما فلا شيء فيه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب شيء بالكسر إذا برئ سليما ما يأتي: أنه لم يفت به على المجني عليه شيء؛ لأن محل الكسر عاد كما كان فلم يجب به شيء كالسنن والشعر إذا عاد. الجزئية الثانية: إذا بارئ الكسر معيبا: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة العيب. 2 - ما يجب. الفقرة الأولى: أمثلة العيب: من أمثلة العيب ما يأتي: 1 - العرج. 2 - العضب. 3 - نقص القدرة. الفقرة الثانية: ما يجب: وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان ما يجب: إذا برئ الكسر معيبا وجب فيه حكومة.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه كون الواجب بالعيب بالكسر بعد البرء حكومة: أنه لا مقدر فيه وليس معنى ما فيه مقدر فيتعذر التقدير فيه. الجانب الثاني: إذا كانت الجناية جرحًا: هذا الجانب كالجانب الذي قبله. الجانب الثالث: إذا كانت الجناية شللا: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان الشلل في الأنف والأذن. 2 - إذا لم تكن الجناية في الأنف ولا في الأذن. الجزء الأول: إذا كان الشلل في الأنف أو الأذن: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف فيما يجب بشلل الأذن والأنف على قولين: القول الأول: أن الواجب حكومة. القول الثاني: أن الواجب الدية. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب في شلل الأذن والأنف حكومة: بأن النفع والجمال باق في الأذن والأنف بعد الشلل فلا يبقى للدية موجب. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في شلل الأنف والأذن الدية: بأن ما وجبت الدية في قطعه وجبت في شلله كاليد والرجل والذكر. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الواجب حكومة. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب حكومة: أن توجيهه أظهر. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن نفع الأنف والإذن بأن مع الشلل، بخلاف باقي الأعضاء فلا نفع فيها بعده. الجزء الثاني: إذا كان الشلل في غير الأنف والأذن: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة شلل الأعضاء ما يأتي:

1 - شلل الأجفان. 2 - شلل الشفتين. 3 - شلل اللسان. 4 - شلل الثديين. 5 - شلل الذكر. 6 - شلل الخصيتين. 7 - شلل الشفرين. 8 - شلل اليدين. 9 - شلل الرجلين. الجزئية الثانية: الواجب: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا ذهبت المنفعة كلها. 2 - إذا ذهب بعضها. الفقرة الأولى: إذا ذهبت المنفعة كلها: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الواجب: الواجب بشلل العضو إذا ذهبت منفعته كلها ديته. الشيء الثاني: التوجيه: وجه وجوب دية العضو بشلله: أن فائدته تذهب ويصبح وجوده كعدمه، فتجب ديته بشلله كما تجب بقطعه. الفقرة الثانية: إذا كان الذاهب بعض المنفعة: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الواجب: إذا بقي من المنفعة شيء في العضو بعد شلله كان الواجب فيه حكومة.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه كون الواجب الحكومة بشلل العضو إذا بقي فيه منفعة: أن الواجب في مقابل النفع فيكون الواجب بقدر ما فات منه، وليس لذلك طريق إلا الحكومة. المسألة الثامنة: ديات المنافع: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وفي كل حاسة دية كاملة وهي السمع والبصر، والشم، والذوق، وكذا الكلام، والعقل، ومنفعة المشي، والأكل، والنكاح، وعدم استمساك البول، أو الغائط، وفي عين الأعور الدية كاملة، وإن قلع الأعور عين الصحيح المماثلة لعينه الصحيحة عمدا فعليه دية كاملة ولا قصاص، وفي قطع يد الأقطع نصف الدية كغيره. الكلام في هذه المسألة في سبعة فروع: 1 - المراد بالمنافع. 2 - أمثلتها. 3 - ما يدرك به ذهاب المنفعة. 4 - الخلاف في ذهاب المنفعة. 5 - الواجب بذهاب المنفعة. 6 - وقت دفع الواجب. 7 - عود المنفعة. الفرع الأول: المراد بالمنافع: المنافع جمع منفعة، وهي الفائدة من العضو. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة المنافع ما يأتي: 1 - السمع. 2 - البصر. 3 - الشم. 4 - الذوق.

5 - اللمس. 6 - الكلام. 7 - العقل. 8 - المشي. 9 - النكاح. 10 - التحكم في خروج البول. 11 - التحكم في خروج الغائط. 12 - التحكم في خروج الريح. 13 - خروج البول. 14 - خروج الغائط. 15 - الأخذ والإعطاء. 16 - البطش. الفرع الثالث: ما يدرك به ذهاب المنفعة: كان لإدراك ذهاب المنفعة وسائل مختلفة في الزمان السابق يذكرها الفقهاء، وقد أغنى عنها الطب الحديث بوسائله التي لا تخطئ غالبا. ومن تلك الوسائل ما يأتي: 1 - تعريض مدعي ذهاب البصر لضوء الشمس فإن لم يتأثر بها كان قرينة على صدقه، وإن تأثر بها كان دليلًا على كذبه. 2 - تعريض مدعي ذهاب الشم للروائح الكريهة فإن تأثر بها فهو كاذب وإلا فهو صادق. 3 - تعريض مدعي ذهاب السمع للأصوات المزعجة فإن لم يتأثر بها كان صادقا، وإلا كان كاذبا. 4 - تعريض مدعي ذهاب الذوق للأشياء شديدة المرارة أو الملوحة أو الحموضة، فإن لم يتأثر بها كان صادقا وإلا كان كاذبا. الفرع الرابع: الخلاف في ذهاب المنفعة: وفيه أمران هما: 1 - قبول الدعوى. 2 - من يقبل قوله.

الأمر الأول: قبول الدعوى: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان ذهاب المنفعة ظاهرا. 2 - إذا كان ذهاب المنفعة خفيا. الجانب الأول: إذا كان ذهاب المنفعة ظاهرا: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - قبول الدعوى. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة ذهاب المنفعة الظاهر ما يأتي: 1 - العرج. 2 - الشلل. 3 - ذهاب الشعر. 4 - اسوداد العينين. 5 - بياض العينين. 6 - انسداد الحلق. الجزء الثاني: قبول الدعوى: وفيه جزئيتان هما: 1 - القبول. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: القبول: إذا كان ذهاب المنفعة ظاهرا لم تقبل دعوى عدم ذهابها. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم قبول الدعوى إذا كان ذهاب المنفعة ظاهرا: أن الواقع يكذبها، وإذا كذب الظاهر الدعوى لم تقبل. الجانب الثاني: إذا كان ذهاب المنفعة خفيا: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - قبول الدعوى.

الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة كون ذهاب المنفعة خفيا ما يأتي: 1 - ذهاب البصر مع بقاء العين بحالها. 2 - ذهاب الشم مع بقاء الأنف بحاله. 3 - ذهاب السمع مع بقاء الأذن بحالها. 4 - ذهاب الذوق مع بقاء اللسان بحاله. الجزء الثاني: قبول الدعوى: وفيه جزئيتان: 1 - قبول الدعوى. 2 - من يقبل قوله. الجزئية الأولى: قبول الدعوى: وفيها فقرتان هما: 1 - القبول. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: القبول: إذا كان ذهاب المنفعة خفيا جاز قبول الدعوى في ذهابها. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه قبول الدعوى في ذهاب المنفعة إذا كان ذهابها خفيا: أن ذهابها غير مجزوم فيه، فيمكن أن تكون ذاهبة ويمكن العكس، فتقبل الدعوى للفصل فيها. الجزئية الثانية: من يقبل قوله: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا أمكن معرفة ذلك بالوسائل المادية. 2 - إذا لم يمكن معرفة ذلك بالوسائل المادية.

الفقرة الأولى: إذا أمكن معرفة ذهاب المنفعة بالوسائل المادية: وفيها شيئان هما: 1 - من يقبل قوله. 2 - التوجيه. الشيء الأول: من يقبل قوله: إذا أمكن معرفة ذهاب المنفعة بالوسائل المادية قبل قول من يوافق قوله ما تظهره الوسائل المادية. الشييء الثاني: التوجيه: وجه قبول قول من يوافق قوله ما تظهره الوسائل المادية. حديث: (البينة على المدعى) (¬1). وذلك أن هذه الوسائل من البينة فيقبل قول ما تظهره. الفقرة الثانية: إذا لم يمكن معرفة ذهاب المنفعة بالوسائل: وفيها شيئان هما: 1 - سبب عدم معرفة ذلك بالوسائل. 2 - من يقبل قوله. الشيء الأول: سبب عدم معرفة ذهاب المنفعة بالوسائل: سبب ذلك ما يأتي: 1 - عدم وجود الوسائل المبينة لذهاب المنفعة أو بقائها. 2 - عدم التوصل بها إلى اكتشاف الأمر. الشيء الثاني: من يقبل قوله: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان من يقبل قوله. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الدعاوى والبينات 10/ 252.

النقطة الأولى: بيان من يقبل قوله: إذا لم يتم التوصل بالوسائل المادية إلى معرفة ذهاب المنفعة أو عدمه فالقول قول المجني عليه. النقطة الثانية: التوجيه: وجه قبول قول المجني عليه في ذهاب المنفعة إذا لم يكن معرفة ذلك بالوسائل المادية: أن ذلك لا يعرف إلا من قبله. الفرع لخامس: الواجب بذهاب المنفعة: وفيه أمران هما: 1 - إذا ذهبت المنفعة مع العضو. 2 - إذا ذهبت المنفعة من غير العضو. الأمر الأول: إذا ذهبت المنفعة مع العضو: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كانت المنفعة متولدة من العضو. 2 - إذا لم تكن المنفعة متولدة من العضو. الجانب الأول: إذا كانت المنفعة متولدة من العضو: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة ذهاب المنفعة المتولدة من العضو معه ما يأتي: 1 - ذهاب البصر مع العين. 2 - ذهاب الذوق مع اللسان. 3 - ذهاب الكلام مع اللسان. 4 - ذهاب الجماع مع الذكر.

الجزء الثاني: ما يجب: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان ما يجب: إذا ذهبت المنفعة المتولدة من العضو معه لم يجب إلا ديته. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب الدية للمنفعة المتولدة من العضو إذا كان ذهابها معه: أنه لا وجود لها من غيره وما لا وجود له لا دية له، كذهاب المنافع بالموت. الجانب الثاني: إذا لم تكن المنفعة متولدة من العضو: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة المنفعة التي ليست متولدة من العضو ما يأتي: 1 - ذهاب الشم بذهاب الأنف. 2 - ذهاب السمع بذهاب الأذن. الجزء الثاني: الواجب: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الواجب: إذا ذهبت المنفعة التي لم تتولد من العضو معه وجب لكل واحد ديته فيجب للعضو ديته وللمنفعة ديتها.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدية للعضو وللمنفعة إذا ذهبت معه، وهي غير متولدة منه: أن كل واحد أصل بنفسه وليس أحدهما متولدا من الآخر ولا تابعا له فتجب دية كل واحد كما لو انفرد كل واحد منهما عن الآخر. الأمر الثاني: ما يجب بذهاب المنفعة منفردة عن العضو: وفيه جانبان هما: 1 - ما يجب بذهاب الكل. 2 - ما يجب بذهاب البعض. الجانب الأول: ما يجب بذهاب الكل: وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان ما يجب: إذا ذهبت المنفعة كلها وجبت الدية كلها. الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب الدية بالمنفعة إذا ذهبت كلها ما يأتي: 1 - حديث: (وفي السمع الدية) (¬1). 2 - ما ورد أن رجلًا رمى رجلًا بحجر في رأسه فذهب سمعه وعقله ولسانه ونكاحه، فقضى فيه عمر بأربع ديات (¬2). 3 - حديث: (وفي المشام الدية). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية السمع 8/ 85. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب ذهاب العقل من الجناية 8/ 86.

4 - حديث: (وفي العقل الدية) (¬1). الجانب الثاني: ما يجب بذهاب البعض: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يجب. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة ذهاب بعض المنفعة ما يأتي: 1 - ذهاب السمع من إحدى الأذنين. 2 - ضعف سمع الأذنين. 3 - ضعف الشم. 4 - ذهاب بصر إحدى العينين. 5 - ضعف بصر العينين. 6 - ضعف الذوق. 7 - ضعف عمل الفكين. 8 - ضعف الجماع. 9 - ضعف الشهوة الجنسية. 10 - ضعف الشهوة للطعام. الجزء الثاني: ما يجب: وفيه جزئيتان: 1 - إذا كان البعض قائما مقام الكل. 2 - إذا كان البعض ليس قائما مقام الكل. الجزئية الأولى: إذا كان البعض قائما مقام الكل: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يجب. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة بعض المنافع التي تقوم مقام الكل ما يأتي: 1 - عين الأعور فإنها تقوم مقام العينين. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية السمع 8/ 86.

2 - سمع إحدى الأذنين التي لا يسمع إلا بها فإنه يقوم مقام سمع الأذنين. الفقرة الثانية: ما يجب: وفيها شيئان هما: 1 - إذا كان التآلف البصر. 2 - إذا كان التآلف السمع. الشيء الأول: إذا كان التآلف البصر: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: إذا كان التالف البصر فقد اختلف فيما يجب فيه على قولين: القول الأول: أن الواجب دية كاملة. القول الثاني: أن الواجب نصف الدية. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب دية كاملة بما يأتي: 1 - قضاء الصحابة بذلك من غير مخالف (¬1). 2 - أن إذهاب بصر عين الأعور إذهاب لمنفعة البصر كله فتجب به الدية كاملة كما لو ذهب من العينين. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى, كتاب الديات، باب الصحيح يصيب عين الأعور 8/ 94.

القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب بعين الأعور نصف الدية بما يأتي: 1 - حديث: (وفي العين خمسون من الإبل) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه مطلق لم يقيد بعين الصحيح أو عين الأعور. فتدخل عين الأعور فيه. 2 - حديث: (وفي العينين الدية) (¬2). فإن مقتضاه ألا يجب في العين الواحدة أكثر من نصف الدية، سواء قلعهما واحد أم اثنان، في وقت واحد أم في وقتين، وقالع الثانية قالع عين أعور، فلو وجب عليه بقلع الثانية دية لكان الواجب عليه في العينين دية ونصف وهو خلاف النص. 3 - أن ما يضمن نصف الدية مع نظيره يضمن به مع ذهابه وحده. 4 - أن ذهاب سمع الأذن التي لا يسمع إلا بها لا يجب به إلا نصف الدية، فكذلك إتلاف البصر بإتلاف العين التي لا يبصر إلا بها. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب الدية كاملة. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية العينين 8/ 86. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الزكاة، باب كيف فرض الصدقة 4/ 89، 90.

القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الدية كاملة بإتلاف بعض المنفعة القائم مقام كل المنفعة: أن ما فات بإتلاف بعض المنفعة القائم مقام كل المنفعة بمنزلة إتلاف كل المنفعة وكل المنفعة تجب به الدية كاملة فكذلك ما كان بمنزلته. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها ثلاث شرائح: 1 - الجواب عن الاستدلال بالحديث. 2 - الجواب عن قياس الإتلاف حين الانفراد على الإتلاف حين الاشتراك. 3 - الجواب عن قياس إتلاف البصر على إتلاف السمع. الشريحة الأولى: الجواب عن الاستدلال بالحديث: أجيب عن الاستدلال بالحديث بحمله على ما إذا لم يذهب بها كل البصر وذلك في حال كون الأخرى موجودة، بدليل ما يأتي: 1 - إجماع الصحابة على أن في عين الأعور كامل الدية. 2 - الإجماع على أن عين الأعور لا تقلع بعين الصحيح المماثلة لعينه مع أن قوله تعالى: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} (¬1) يقتضي ذلك. الشريحة الثانية: الجواب عن القياس: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الإتلاف حال الانفراد إتلاف للبصر كاملا فتجب به دية البصر كاملة، بخلاف الإتلاف حال وجود العين الأخرى فإنه إتلاف لبعض البصر فلا يجب به أكثر مما يجب. ¬

_ (¬1) سورة المائدة: [45].

الشريحة الثالثة: الجواب عن قياس إتلاف البصر على إتلاف السمع: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه من صور محل الخلاف والراجح فيه هو الراجح هنا. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ لأن إتلاف سمع الأذن التي لا يسمع إلا بها لا تذهب كل المنفعة، فيمكن التفاهم بالإشارة، بخلاف ذهاب البصر فلا يتأتي فيه ذلك خصوصا إذا ذهب السمع معه. الشيء الثاني: إذا كان التالف السمع: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: إذا كان التالف السمع فقد اختلف فيما يجب به على قولين: القول الأول: أن الواجب فيه دية كاملة. القول الثاني: أن الواجب به نصف الدية. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الدية كاملة بما يأتي:

1 - حديث: (وفي السمع مائة من الإبل) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فيشمل إتلاف السمع من الأذن الواحدة أو من الأذنين. 2 - أن الدية كاملة تجب بإتلاف بعض البصر القائم مقام الكل كما تقدم فيكون اتلاف بعض السمع القائم مقام الكل كذلك. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب بإتلاف بعض السمع نصف الدية ولو كان قائما مقام الكل بما يأتي: 1 - حديث: (وفي الأذنين الدية) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه جعل الدية في الأذنين كليهما فيكون لكل أذن نصفها، وهو مطلق فيشمل إتلاف الأذن وحدها أو مع الأخرى. 2 - أن كل شيئين وجب فيه نصف الدية مع نظيره وجب فيه نصف الدية منفردا لعدم الفرق. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيبها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن الواجب كامل الدية. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب السمع 8/ 85. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب الأذنين 8/ 85.

القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الدية كاملة: أن ما فات بسمع الأذن الواحدة إذا كان لا يسمع إلا بها يساوي ما يفوت بسمع الأذنين، فيجب فيه ما يجب بفوات سمع الأذنين وهو الدية كاملة. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه شريحتان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بالحديث. 2 - الجواب عن اعتبار الإتلاف حال الانفراد بالإتلاف حال الاجتماع. الشريحة الأولى: الجواب عن الاستدلال بالحديث: أجيب عنه بجوابين: الجواب الأول: أنه ليس في محل الخلاف؛ لأنه في الأذنين والخلاف في السمع، والسمع غير الأذنين. الجواب الثاني: أنه في الأذنين حال الاجتماع، وهو يختلف عن حال الانفراد كما سيأتي في الشريحة الثانية. الشريحة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن اعتبار الإتلاف حال الانفراد بالإتلاف حال الاجتماع: بأن بينهما فرقا، وذلك أن إتلاف سمع الأذن الواحدة حال الانفراد يساوي إتلاف سمع الأذنين وإتلافه حال الاجتماع لا يساوي إلا إتلاف سمع الأذن الواحدة. الجزئية الثانية: إذا كان البعض ليس قائما مقام الكل: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يجب.

الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة البعض الذي لا يقوم مقام الكل ما يأتي: 1 - بصر عين صحيح العينين. 2 - سمع إحدى أذني صحيح الأذنين. 3 - يدأ قطع إحدى اليدين. 4 - رجل أقطع إحدى الرجلين. 5 - منخر مقطوع أحد المنخرين. الفقرة الثانية: ما يجب: وفيها شيئان هما: 1 - إذا كان الجاني ليس له إلا بعض قائم مقام الكل. 2 - إذا كان الجاني سليم الكل. الشيء الأول: إذا كان الجاني ليس له إلا بعض قائم مقام الكل: وفيه نقطتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يجب. النقطة الأولى: الأمثلة: من أمثلة كون الجاني على بعض المنفعة ليس له إلا بعض المنفعة: 1 - إتلاف الأعور بصر إحدى عيني صحيح العينين. 2 - إتلاف أصم إحدى الأذنين سمع إحدى أذني صحيح الأذنين. النقطة الثانية: ما يجب: وفيها قطعتان هما: 1 - إذا كان المتلف مثل الموجود في الجاني. 2 - إذا لم يكن المتلف مثل الموجود في الجاني.

القطعة الأولى: إذا كان المتلف مثل الموجود في الجاني: وفيها شريحتان هما: 1 - إذا كانت الجناية عمدا. 2 - إذا لم تكن الجناية عمدا. الشريحة الأولى: إذا كانت الجناية عمدا: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجملة الأولى: الخلاف: إذا كان المتلف مثل الموجود في الجاني وكانت الجناية عمدا فقد اختلف في الواجب على قولين: القول الأول: أن الواجب دية كاملة. القول الثاني: أن الواجب نصف الدية. الجملة الثانية: التوجيه: وفيها ما يلي: أولًا: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب دية كاملة بما يأتي: 1 - إجماع الصحابة على ذلك (¬1). 2 - أن المجني عليه منع من إتلاف بصر يضمن بدية كاملة فوجب له دية كاملة. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب عين الأعور 9/ 333 وما بعدها.

ثانيا: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب نصف الدية بما يأتي: 1 - حديث: (وفي العينين الدية) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه جعل الدية في العينين كليهما، فيكون الواجب في كل عين نصفها، وهو مطلق فيشمل ما إذا كان الجاني عنده المنفعة كاملة أو ليس عنده إلا بعضها. 2 - أنه لو كان الجاني يملك المنفعة كاملة لم يجب عليه إلا نصف الدية فكذلك إذا كان لا يملك إلا بعضها. 3 - أنه لم يذهب على السليم إلا نصف البصر فلا يستحق إلا نصف الدية. الجملة الثالثة: الترجيح: وفيها ما يلي: أولًا: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الدية كاملة. ثانيا: توجيه الترجيح: وجه ترجيح وجوب الدية كاملة: أنها افتداء لبصر الجاني وليس في مقابل ما فات من بصر المجني عليه، والواجب في بصر الجاني دية كلاملة كما تقدم فيكون هو الواجب للمجني عليه. ثالثا: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة القول المرجوح بما يأتي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الزكاة، باب كيف كان فرض الصدقة 4/ 89، 90.

1 - الجواب عن الاستدلال بالحديث: يجاب عن ذلك بحمله على ما إذا لم يكن الواجب فداء لمنفعة الجاني، بدليل إجماع الصحابة - رضي الله عنهم - على إيجاب الدية كاملة كما تقدم في الاستدلال للقول الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن قياس حاله كون الجاني لا يملك إلا بعض المنفعة على حاله ملكه للمنفعة كاملة: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الواجب في الحالة الأولى في مقابل إتلاف منفعة الجاني والواجب في الحالة الثانية في مقابل إتلاف منفعة المجني عليه، ومنفعة الجاني منفعة كاملة، فتجب بها الدية كاملة ومنفعة المجني عليه نصف المنفعة فلا يجب فيها إلا نصف الدية. 3 - الجواب عن الدليل الثالث: يجاب عن ذلك: بأن الواجب افتداء لمنفعة الجاني وليس مقابل ما فات على المجني عليه، والواجب في إتلاف منفعة الجاني دية كاملة؛ لأنها منفعة كاملة. الشريحة الثانية: إذا لم تكن الجناية عمدا: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. 3 - الفرق بين ما إذا كانت الجناية عمدا وبين ما إذا لم تكن عمدا. الجملة الأولى: بيان ما يجب: إذا لم تكن الجناية عمدا فليس فيها إلا نصف الدية ولو كان الجاني ليس له إلا بعض المنفعة. الجملة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب نصف الدية بإتلاف نصف المنفعة ولو كان الجاني ليس له إلا نصف المنفعة ما يأتي:

1 - الإجماع (¬1). 2 - أن ذلك هو الأصل لما يأتي: 1 - حديث: (وفي العينين الدية) (¬2). ب - حديث: (وفي العين الواحدة خمسون من الإبل) (¬3). الجملة الثالثة: الفرق بين ما إذا كانت الجناية عمدا وبين ما إذا لم تكن عمدا: الفرق بينهما أن الواجب في حالة كون الجناية عمدا افتداء لبصر الجاني الذي سيذهب كله بالقصاص لو اقتص منه، والواجب في حال عدم العمد افتداء لما ضاع من بصر المجني عليه وهو النصف لعدم وجوب القصاص. القطعة الثانية: إذا لم يكن التالف مثل الموجود في الجاني: وفيها شريحتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الشريحة الأولى: الأمثلة: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - أن يكون التالف في المجني عليه البصر الأيمن والموجود في الجاني البصر الأيسر. 2 - أن يكون الموجود في الجاني البصر الأيمن والتألف في المجني عليه البصر الأيسر. ¬

_ (¬1) الشرح مع المقنع والانصاف 25/ 555. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الزكاة، باب كيف كان فرض الصدقة 4/ 89، 90. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب دية العينين 8/ 86.

3 - أن يكون الموجود في الجاني السمع الأيمن وما أتلفه في المجني عليه السمع الأيسر. 4 - أن يكون الموجود في الجاني السمع الأيسر وما أتلفه في المجني عليه السمع الأيمن. الشريحة الثانية: الواجب: وفيها جملتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: بيان الواجب: الواجب فيما إذا كان المتلف في المجني عليه غير الموجود في الجاني: نصف الدية. الجملة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب نصف الدية فيما إذا لم يكن المتلف في المجني عليه مثل الموجود في الجاني ما تقدم فيما إذا لم تكن الجناية عمدا. الفرع السادس: وقت في دفع الواجب: وفيه أمران هما: 1 - إذا رجى عودا لنفعة. 2 - إذا لم يرج عودا لنفعة. الأمر الأول: إذا رجى عودا لمنفعة: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة عودا لمنفعة. 2 - وقت الدفع. الجانب الأول: أمثلة عودا لمنفعة: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - المرجع في تقرير عودا لمنفعة ووقته.

الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة عودا لمنفعة ما يأتي: 1 - عود البصر. 2 - عود السمع. 3 - عود الذوق. 4 - عود الشم. 5 - عود الجماع. الجزء الثاني: المرجع في تقريرعود المنفعة أو عدمه: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان المرجع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان المرجع: المرجع في تقرير عود المنفعة هم الأطباء المتخصصون. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه كون المرجع في تقرير عود المنفعة الأطباء المتخصصون أنهم الذين يعرفون طبائع الأجسام وعاهاتها ودوائها. الجانب الثاني: وقت الدفع: وفيه جزءان هما: 1 - إذا حدد للعود وقت. 2 - إذا لم يحدد للعود وقت. الجزء الأول: وقت الدفع إذا حدد لعود المنفعة مدة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان وقت الدفع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان وقت الدفع: إذا حدد لعود المنفعة وقت كان وقت الدفع إذا عادت المنفعة أو مضت المدة المحددة لعودتها.

الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه الدفع قبل مضي المدة إذا عادت المنفعة. 2 - توجيه الدفع إذا مضت المدة ولو لم تعد المنفعة. الفقرة الأولى: توجيه الدفع قبل مضي المدة إذا عادت المنفعة: وجه الدفع إذا عادت المنفعة قبل مضي المدة: أن تأخير الدفع لانتظار عود المنفعة حتى يعرف مقدار الواجب، فإذا عادت المنفعة حصل المطلوب ولم يبق لانتظار المدة فائدة. الفقرة الثانية: توجيه الدفع إذا مضت المدة ولم تعد المنفعة: وجه ذلك: أنها إذا لم تعد المنفعة بعد المدة قل الأمل في عودتها وكان الانتظار إضرارا بصاحب الحق من غير فائدة. الجزء الثاني: وقت الدفع إذا لم يحدد لعود المنفعة مدة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان وقت الدفع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان وقت الدفع: إذا لم يحدد لعود المنفعة وقت كان الدفع من حين تقرير عدم التحديد. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه الدفع من حين التقرير. 2 - توجيه تأخير الدفع إلى التقرير.

الفقرة الأولى: توجيه وجوب الدفع حين تقرير عدم عود المنفعة: وجه الدفع حين تقرير عدم عود المنفعة: أنه إذا تقرر عدم عود المنفعة تبين لا فائدة في الانتظار فوجب دفع الحق؛ لأنه لا يجوز التأخير من غير فائدة. الفقرة الثانية: توجيه انتظار التقرير: وجه انتظار التقرير أن احتمال عود المنفعة قائم فيجب الانتظار حتى يتبين الأمر ويعلم الواجب. الأمر الثاني: وقت الدفع إذا لم يرج عود المنفعة: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - وقت الدفع. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة عدم رجاء عود المنفعة ما يأتي: 1 - عدم رجاء عود الكلام إذا قطع اللسان. 2 - عدم رجاء عود البصر إذا فقئت العين. 3 - عدم رجاء عود اللبن إذا قطع الثدي. 4 - عدم رجاء عود الجماع إذا استؤصل الذكر. 5 - عدم رجاء عود المشي على الرجلين إذا قطعتا. الجانب الثاني: وقت الدفع: وفيه جزءان هما: 1 - بيان وقت الدفع. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان وقت الدفع: إذا لم يرج عود المنفعة كان وقت الدفع من ثبوت الحق.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب دفع الحق من حين ثبوته: أن الأصل الحلول ولا مبرر للتأجيل فيكون دفع الحق من ثبوته واجبا. الفرع السابع: عود المنفعة: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة عود المنفعة: 1 - عود البصر. 2 - عود السمع. 3 - عود الكلام. 4 - عود الذوق. 5 - عود اللبن. 6 - عود الجماع. 7 - عود الحركة. 8 - عود المشي. 9 - عود السنن. 10 - عود الشعر. الأمر الثاني: الواجب: وفيه جانبان هما: 1 - إذا عادت المنفعة بحالها. 2 - إذا عادت المنفعة ناقصة. الجانب الأول: إذا عادت المنفعة بحالها: وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان ما يجب: إذا عادت المنفعةكما كانت لم يجب بالجناية عليها شيء.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم وجوب شيء بالجناية على المنفعة إذا عادت كما كانت: أن الدية في مقابل ما يفوت، وإذا عادت المنفعة كما كانت لم يفت منها شيء فلا يجب لها شيء. الجانب الثاني: إذا عادت المنفعة ناقصة: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الجزء الأول: الأمثلة: وفيه جزئيتان هما: 1 - إيراد الأمثلة. 2 - المرجع في تقرير النقص. الجزئية الأولى: إيراد الأمثلة: من أمثلة عود المنفعة ناقصة ما يأتي: 1 - نقص السمع. 2 - نقص البصر. 3 - نقص الشم. 4 - نقص الكلام. 5 - نقص الحركة. 6 - نقص المشي. 7 - نقص الشعر. 8 - نقص القدرة الجنسية. الجزئية الثانية: المرجع في تحديد النقص: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المرجع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المرجع: المرجع في تقرير نقص المنفعة الأطباء المتخصصون.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون المرجع في تحديد نقص المنفعة الأطباء: أنهم الذين يدركون ذلك بما لديهم من خبرة وأجهزة. الجزء الثاني: الواجب: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان في المنفعة مقدر. 2 - إذا لم يكن في المنفعة مقدر. الجزئية الأولى: إذا كان في المنفعة مقدر: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة ما فيه مقدر ما يأتي: 1 - السمع. 2 - الكلام. 3 - البصر. الفقرة الثانية: الواجب: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الواجب: إذا كان في المنفعة مقدر كان الواجب بما فات منها نسبته من المقدر. الشيء الثالث: التوجيه: وجه كون الواجب بما فات من المنفعة نسبته من المقدر فيها: أن ذلك أقرب إلى الحقيقة من الحكومة.

الجزئية الثانية: إذا لم يكن في المنفعة مقدر: وفيها فقرتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الفقرة الأولى: الأمثلة: من أمثلة ما ليس فيه مقدر من المنافع ما يأتي: 1 - اللمس. 2 - كون الوجه لو تغير بالجناية ثم عاد. الفقرة الثانية: الواجب: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: الواجب: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: الواجب: الواجب فيما لا مقدر فيه حكومة. النقطة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب فيما لا مقدر فيه حكومة: أنه متلف واجب الضمان، فإذا لم يكن فيه مقدر لم يكن لتقدير الواجب فيه طريق إلا الحكومة كأرش العيب. المسألة التاسعة: ديات الشجاج: وفيها فرعان هما: 1 - تعريف الشجاج. 2 - الواجب.

الفرع الأول: التعريف: وفيه أمران هما: 1 - التعريف. 2 - الأمثلة. الأمر الأول: التعريف: الشجاج هو الجرح في الرأس والوجه خاصة فلا يطلق على باقي جروح البدن، كالصدر والظهر والفخذ وغيرها. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الشجاج ما يأتي: 1 - الحارصة. 2 - الدامعة. 3 - الباضعة. 4 - المتلاحمة. 5 - السمحاق. 6 - الموضحة. 7 - الهاشمة. 8 - المنقلة. 9 - اللآمة. 10 - الدامغة. الفرع الثاني: الواجب: وفيه أمران هما: 1 - الواجب للرجل: 2 - نسبة ما للمرأة إلى ما للرجل. الأمر الأول: الواجب للرجل: وفيه جانبان هما: 1 - الواجب فيما لا مقدر فيه. 2 - الواجب فيما فيه مقدر. الجانب الأول: الواجب فيما لا مقدر فيه: وفيه خمسة أجزاء هي:

1 - الحارصة. 2 - البازلة. 3 - الباضعة. 4 - المتلاحمة. الجزء الأول: الحارصة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيانها. 2 - تسميتها. 3 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: بيان المراد بالحارصة: الحارصة هي التي تحرص الجلد ولا تدميه. الجزئية الثانية: تسميتها: سميت الحارصة بهذا الاسم؛ لأنها تحرص الجلد وتشقه. الجزئية الثالثة: ما يجب فيها: وفيها فقرتان هما: 1 - الواجب. 2 - معنى الحكومة. الفقرة الأولى: بيان الواجب: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الواجب: الواجب في الحارصة حكومة. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - وجه كون الواجب في الحارصة حكومة. 2 - وجه عدم استحقاق شيء إذا لم يوجد فرق بين القيمتين.

النقطة الأولى: توجيه كون الواجب في الحارصة حكومة: وجه ذلك: أنه لا مقدر فيها ولا نظير لها من المقدر وما كان كذلك لا سبيل إلى تحديد الواجب فيه إلا الحكومة. النقطة الثانية: توجيه عدم استحقاق المجني عليه لشيء إذا لم يوجد فرق بين القيمتين: وجه ذلك: أنه لم يحصل للمجني عليه ضرر يستوجب التعويض. الفقرة الثانية: الحكومة: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان المعنى. 2 - المثال. 3 - شرط استحقاق الحكومة. الشيء الأول: بيان المعنى: الحكومة: أن يقدر المجني عليه عبدا خاليا من الجناية وتحدد قيمته، ثم يقدر عبدا به الجناية قد برئت وتحدد قيمته. ويعطي نسبة الفرق بين القيمتين من ديته إن وجد فرق وإلا فلا شيء له. الشيء الأول: المثال: وفيه نقطتان هما: 1 - مثال وجود الفرق. 2 - مثال عدم الفرق. النقطة الأولى: مثال وجود الفرق: من أمثلة وجود الفرق ما يأتي: أن تكون قيمة المجني عليه خاليا من الجناية ألف شيء 1000 وقيمته بعد برئه من الجناية ثمانمائة شيء 800، الفرق بينهما 200 مئتا شيء، وهو الخمس فتكون الحكومة خمس الدية عشرين بعيرا.

النقطة الثانية: مثال عدم وجود الفرق: من أمثلة عدم وجود الفرق ما يأتي: أن تكون قيمة المجني عليه خاليا من الجاية 1000 ألف شيء وقيمته والجاية به قد برئت 1000 ألف شيء، لا يوجد بين القيمتين فرق، فلا يكون هناك حكومة. الشيء الثالث: شرط استحقاق الحكومة: وفيه أربع نقاط هي: 1 - بيان الشرط. 2 - توجيه الشرط. 3 - حالة الشرط. 4 - مثال بلوغ الحكومة المقدر. النقطة الأولى: بيان الشرط: شرط استحقاق الحكومة ألا تبلغ المقدر. النقطة الثانية: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط عدم بلوغ الحكومة المقدر لاستحقاقها: ألا يكون الواجب فيما دون المقدر كالواجب في المقدر. النقطة الثالثة: حالة الاشتراط: حالة اشتراط عدم بلوغ الحكومة المقدر: إذا كانت الجناية في محل فيه مقدر. النقطة الرابعة: مثال بلوغ الحكومة المقدر: من أمثلة ذلك ما يأتي: أن يقدر المجني عليه دامعة عبدا قيمته خاليا من الجناية 1000 ألف شيء، وقيمته بعد البرء 950 تسعمائة وخمسون شيئًا الفرق بينهما خمسون، وهو نصف العشر، فتكون الحكومة نصف العشر خمس من الإبل، وهو الواجب في الموضحة، فلا يعطى المجني عليه الحكومة بل ينقص منها.

الجزء الثاني: الدامعة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيانها. 2 - أسماؤها. 3 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: بيان المراد بالدامعة: الدامعة بالعين المهملة هي التي تشق الجلد وترمي. الجزئية الثانية: أسماؤها: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الأسماء. 2 - توجيه التسمية. الفقرة الأولى: بيان الأسماء: للدامعة عدة أسماء منها: 1 - البازلة. 2 - الدامعة. 3 - الدامية. الفقرة الثانية: توجيه التسمية: وفيها ثلاثة أشياء: الشيء الأول: توجيه التسمية بالبازلة: سميت بذلك لأنها تبزل اللحم أي تشقه وتقطعه. الشيء الثاني: توجيه التسمية بالدامعة: سميت بذلك تشبيها للدم يخرج نقطا بدمع العين. الشيء الثالث: توجيه التسمية بالدامية: سميت بذلك لخروج الدم منها.

الجزئية الثالثة: الواجب في الدامعة: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الثانية: الخلاف: اختلف فيما يجب في الباضعة على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها حكومة. القول الثاني: أن الواجب فيها بعير. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجبه القول الأول: وجه القول بأن الواجب في الدامعة حكومة بما يأتي: أنه لم يرد فيها تقدير وليس لها من المقدر نظير وما كان كذلك فطريق تحديد الواجب فيه الحكومة كسائر الجراحات في البدن. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في الدامعة بعير ما روي أن زيد بن ثابت قال: في الدامعة بعير (¬1). الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب ما دون الموضحة من الشجاج 8/ 84.

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن الواجب في الدامعة حكومة. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في الدامعة حكومة: أن توجيهه أظهر. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن هذا القول: بأنه معارض بحديث: (قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموضحة بخمس من الإبل ولم يقض فيما دونها) (¬1). الجزء الثالث: الباضعة: وفيها ثلاث جزئيات هي: 1 - المراد بها. 2 - تسميتها. 3 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: بيان المراد بها: الباضعة هي التي تبضع اللحم وتشقه. الجزئية الثانية: التسمية: سميت الباضعة بهذا الاسم؛ لأنها تبضع اللحم وتشقه. الجزئية الثالثة: الواجب فيها: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الديات، باب الموضحة كم فيها 5/ 349.

3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف فيما يجب في الباضعة على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها حكومة. القول الثاني: أن الواجب فيها بعيران. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب في الباضعة حكومة، بما يأتي: أنه لم يرد فيها تقدير وليس لها من المقدر نظير، وما كان كذلك فطريق تحديد الواجب فيه الحكومة كسائر الجراحات في البدن. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في الباضعة بعيران ما روي أن زيد بن ثابت قال: في الباضعة بعيران (¬1). الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب ما دون الموضحة من الشجاج 8/ 84.

الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الواجب في الباضعة حكومة. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في الباضعة حكومة: أن التقدير توقيف ولا توقيف فيها. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يؤقت فيما دون الموضحة شيئًا (¬1). فيكون ما روى زيد رأي له قد خالفه غيره كما سيأتي عن عمر وعثمان رضي الله عنهما في السمحاق. الجزء الرابع: المتلاحمة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان المراد بها. 2 - تسميتها. 3 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: المراد بالمتلاحمة: المتلاحمة هي الداخلة في اللحم المتمكنة منه. الجزئية الثانية: التسمية: وجه تسمية المتلاحمة بهذا الاسم: أنها متمكنة في اللحم. الجزئية الثالثة: الواجب فيها: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الديات، باب الموضحة كم فيها 5/ 349.

الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في الواجب في المتلاحمة على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها حكومة. القول الثاني: أن الواجب فيها ثلاثة أبعرة. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول الأول: بأنه لم يرد فيها مقدر، وليس لها من المقدر نظير فيكون الواجب فيها حكومة كالحارصة وسائر جراحات البدن. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في المتلاحمة ثلاثة أبعرة بما ورد عن زيد بن ثابت أنه الواجب فيها ثلاثة أبعرة (¬1). الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشي الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الواجب في المتلاحمة حكومة. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب ما دون الموضحة من الشجاج 8/ 84.

الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في التلاحمة حكومة: أن التقدير توقيف والمتلاحمة لا تقدير فيها. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوقت فيما دون الموضحة شيئًا (¬1). فيكون ما روي عن زيد رأي له قد خالفه غيره كما سيأتي عن عمر وعثمان رضي الله عنهما في السمحاق. الجزء الخامس: السمحاق (¬2): 1 - المراد بها. 2 - تسميتها. 3 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: بيان المراد بالسمحاق: السمحاق هي التي تصل إلى قشرة رقيقة فوق العظم يقال لها السمحاق ولا تخرقها. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الديات، باب الموضحة كم فيها 5/ 349. ومصنف عبد الرزاق باب الموضحة 9/ 307. (¬2) فصلت هذه الجنايات عن بعضها لما يأتي: 1 - التسهيل على القارئ الذي يريد بضعها دون بعض. 2 - أن بعض الأقوال في بعضها فلا ينطبق على غيره فلا يعتبر قولا في الجميع. 3 - إبراز معانيها. 4 - إبراز أسمائها وتعليلها. 5 - اختلاف الأقوال في بعضها عن بعض كما سيأتي في السمحاق.

الجزئية الثانية: تسميتها: سميت السمحاق بهذا الاسم؛ لأن القشرة التي تصل إليها تسمى السمحاق. من تسمية الحال باسم المحل. الجزئية الثالثة: ما يجب فيها: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف فيما يجب في السمحاق على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الواجب فيها حكومة. القول الثاني: أن الواجب فيها أربعة أبعرة. القول الثالث: أن الواجب فيها نصف الواجب في الموضحة. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب في السمحاق حكومة: بأن السمحاق لم يرد فيها تقدير وليس لها من المقدر نظير، فتكون الحكومة هي الواجب فيها. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في السمحاق أربعة أبعرة ما يأتي:

1 - ما ورد عن زيد بن ثابت من أن الواجب في السمحاق أربعة أبعرة (¬1). 2 - ما ورد عن علي في ذلك (¬2). الشيء الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن السمحاق فيها نصف ما في الموضحة: ما ورد عن عمر وعثمان رضي الله عنهما من أن في السمحاق نصف أرش الموضحة (¬3). الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن الواجب في السمحاق حكومة. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في السمحاق حكومة: أن التقدير يحتاج إلى توقيف والسمحاق لا توقيف فيها. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها نقطتان هما: 1 - الجواب عما ورد عن زيد. 2 - الجواب عما ورد عن عمر وعثمان. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب الموضحة 9/ 307. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب الملطى 9/ 313. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، باب ما دون الموضحة 8/ 83.

النقطة الأولى: الجواب عما ورد عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: أجيب عن ذلك بأنه معارض بما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يوقت فيما دون الموضحة شيئًا (¬1)، فيكون ما ورد عن زيد - رضي الله عنه - رأي له قد خالفه غيره كما تقدم عن عمر وعثمان رضي الله عنهما. النقطة الثانية: الجواب عما ورد عن عمر - رضي الله عنه -: أجيب عن ذلك بأنه رأي له قد عارضه ما ورد أن رسول الله لم يفرض في غير الموضحة شيئًا، وقد خالفه غيره كما تقدم عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -. الجانب الثاني: ما فيه مقدر: وفيها خمسة أجزاء هي: 1 - الموضحة. 2 - الهاشمة. 3 - المنقلة. 4 - الآمة. 5 - الدامغة. الجزء الأول: الموضحة: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - المراد بها. 2 - تسميتها. 3 - محلها. 4 - الواجب فيها. الجزئية الاؤلى: بيان المراد بالموضحة: الموضحة هي التي تشق اللحم وتبرز العظم وتوضحه. الجزئية الثانية: تسميتها: سميت الموضحة بهذا الاسم؛ لأنها توضح العظم وتبينه. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الديات، باب الموضحة كم فيها 5/ 349.

الجزئية الثالثة: محلها: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المحل. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المحل: محل الموضحة الرأس والوجه خاصة. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحديد محل الموضحة بالرأس والوجه: أنها لفظ لغوي، وهذا هو مقتضى اللغة. الجزئية الرابعة: ما يجب فيها: وفيها فقرتان هما: 1 - الواجب في موضحة الرجل. 2 - الواجب في موضحة المرأة. الفقرة الأولى: الواجب في موضحة الرجل: وفيه ثلاثة أشياء: 1 - إذا كانت في الرأس. 2 - إذا كانت في الوجه. 3 - إذا كانت في سائر الجسد. الشيء الأول: موضحة الرجل إذا كانت في الرأس: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الواجب. 2 - الدليل. 3 - صفة الواجب. النقطة الأولى: بيان الواجب: لا خلاف في أن الواجب في موضحة الرجل إذا كانت في الرأس خمس من الإبل.

النقطة الثانية: الدليل: الدليل على الواجب في موضحة الرأس ما يأتي: 1 - حديث: (في الموضحة خمس من الإبل) (¬1). 2 - حديث: (في المواضع خمس خمس) (¬2). 3 - الإجماع، فلا خلاف في أن الواجب في موضحة الرأس خمس من الإبل. النقطة الثالثة: صفة الواجب: وفيها قطعتان هما: 1 - إذا كانت الجناية عمد أو شبه عمد. 2 - إذا كانت الجناية خطأ أو ملحقا به. القطعة الأولى: إذا كانت الجناية عمدا أو شبه عمد: إذاكانت الجناية عمدا أو شبه عمد كانت صفة الأرش كما يلي: 1 - بنت مخاض وريع بنت مخاض. 2 - بنت لبون وربع بنت لبون. 3 - حقة وربع حقة. 4 - جذعة وربع جذعة. القطعة الثانية: إذا كانت الجناية خطأ أو ملحقا به: إذاكانت الجناية خطأ أو ملحقا به كانت صفة الأرش كما يلي: 1 - بنت مخاض وهي ما تم لها سنة. 2 - ابن مخاض وهو ما تم له سنة. 3 - بنت لبون وهي ما تم لها سنتان. 4 - حقة وهي ما تم لها ثلاث سنين. 5 - جذعة وهي ما تم لها أربع سنين. الشيء الثاني: الواجب في موضحة الرجل إذا كانت في الوجه: وفيه ثلاث نقاط هي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الزكاة، باب كيف فرض الصدقة 4/ 90. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب أرش الموضحة 8/ 81.

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: اختلف في موضحة الوجه على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الموضحة في الوجه كالموضحة في الرأس. القول الثاني: أن الواجب في موضحة الوجه عشر من الإبل. القول الثالث: أن الواجب فيها حكومة. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن موضحة الرأس والوجه سواء بما يأتي: 1 - إطلاق النصوص. 2 - ما ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أن الموضحة في الرأس والوجه سواء (¬1). القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول الثاني: بأن الموضحة في الوجه أعظم شيئا؛ لأنها في الرأس يسترها الشعر والعمامة، أما في الوجه فلا يسترها شيء، وهو مجمع المحاسن وعنوان الجمال. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب أرش الموضحة 8/ 82.

القطعة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول الثالث: بأن الموضحة في الوجه بعيدة عن الدماغ فأشبهت موضحة سائر البدن. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الموضحة في الوجه والرأس سواء. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الموضحة في الوجه كالموضحة في الرأس: بأن دليله نص، خصوصا ما ورد عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيها شريحتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الشريحة الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: أجيب عن ذلك بأن زيادة الشين لا أثر لها بدليل أنه لا فرق بين الكبيرة والصغيرة. الشريحة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثاني: أجيب عن ذلك: بأن القرب والبعد من الدماغ لا أثر له بدليل أن الموضحة في الصدر كغيرها من مواضع الجسم وهي أقرب إلى القلب.

الشيء الثالث: الواجب في موضحة الرجل في سائر الجسد: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. القطعة الأولى: الخلاف: اختلف فيما يجب في الموضحة في غير الرأس والوجه من الجسد على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها حكومة. القول الثاني: أنها كالموضحة في الرأس. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجبه القول الأول: وجه القول بأن الواجب في الموضحة في غير الرأس حكومة بما يأتي: 1 - أن الموضحة لا تطلق لغة على الجراحة في غير الرأس والوجه. 2 - قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: الموضحة في الرأس والوجه سواء. حيث يدل بمفهومه أن غيرهما بخلافهما. 3 - أن الشين بما في الرأس والوجه أكثر وأخطر مما في سائر الجسد فلا يلحق به. 4 - أن إيجاب أرش الموضحة في غير الرأس والوجه يؤدي إلى أن يجب في الموضحة فيه أكثر من ديته، كالموضحة في الأنملة، فإن الواجب في الموضحة خمس من الإبل، والواجب في الأنملة ثلاث وثلث.

القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الموضحة في غير الرأس والوجه مثلها فيهما: بالقياس عليهما؛ لأن كلا منهما يسمى موضحة. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الواجب في الموضحة في غير الرأس والوجه حكومة. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في الموضحة في غير الرأس والوجه حكومة: أن أدلته أظهر. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: منع إطلاق اسم الموضحة على الجراحة في غير الرأس والوجه. الجواب الثاني: أن قياس الجراحة في غير الرأس والوجه على الموضحة في الرأس والوجه قياس مع الفارق فلا يصح، وذلك أن الموضحة في الرأس والوجه أشد خطرا وأكثر شيئا من الجراحة في غيرهما فلا يصح القياس. الفقرة الثانية: الواجب في موضحة المرأة: وفيها ثلاثة أشياء هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في الواجب في موضحة المرأة على قولين: القول الأول: أنها كالرجل. القول الثاني: أنها على النصف من الرجل. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن موضحة المرأة كالرجل بما يأتي: 1 - اطلاق النصوص حيث لم تفرق بين الرجل والمرأة في مقدار الأرش. 2 - أن عقل المرأة كعقل الرجل فيما دون الثلث، وأرش الموضحة أقل بكثير من ثلث الدية. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: هذا القول مبني على أن عقل المرأة على النصف من عقل الرجل في القليل والكثير وسيأتي تفصيل ذلك. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن موضحة المرأة كموضحة الرجل. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن موضحة المرأة كموضحة الرجل: أن أدلته أظهر. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول بأنه مبني على قول مرجوح كما سيأتي فيكون مرجوحا. الجزء الثاني: الهاشمة: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - المراد بها. 2 - تسميتها. 3 - موضعها. 4 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: المراد بالهاشمة: الهاشمة هي التي توضح العظم وتهشمه، فإن هشمت العظم من غير يضاح، أو أوضحته من غير هشم فليست هاشمة. الجزئية الثانية: تسميتها: سميت الهاشمة بهذا الاسم لهشمها العظم. الجزئية الثالثة: موضعها: موضع الهاشمة الرأس والوجه كالموضحة. الجزئية الرابعة: الواجب فيها: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - إذا وجد الإيضاح والهشم. 2 - إذا وجد الهشم من غير إيضاح. 3 - إذا وجد الإيضاح من غير هشم.

الفقرة الأولى: إذا وجد الهشم والإيضاح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف فيما يجب في الهاشمة على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الواجب فيها عشر من الإبل. القول الثاني: أن الواجب فيها حكومة. القول الثالث: أن الواجب في الوضحة خمسة أبعرة وفيما زاد حكومة. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول الأول: بما ورد عن زيد بن ثابت أن الواجب في الهاشمة عشر من الإبل (¬1). النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في الهاشمة حكومة: بأنه لم يرد فيها تقدير فيكون الواجب فيها حكومة كسائر ما لا تقدير فيه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب الهاشمة/ 8/ 82.

النقطة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن الواجب في الهاشمة موضحة وحكومة: بأن الموضحة فيها مقدر، وما زاد عنها ليس فيه تقدير فيكون فيما فيه مقدر ما قدر فيه وما لا تقدير فيه يكون الواجب فيه حكومة كسائر ما لا تقدير فيه. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو كون الواجب في الهاشمة عشر من الإبل. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في الهاشمة عشر من الإبل: أن دليله نص في الموضوع، ولم يظهر له مخالف من الصحابة. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن وجهة المخالفين: بأن دعوى عدم النقل غير صحيحة لما ورد عن زيد بن ثابت المذكور في أدلة القول الأول. الفقرة الثانية: إذا وجد الهشم من غير إيضاح: وفيها شيئان هما: 1 - المثال. 2 - الواجب. الشيء الأول: المثال: من أمثلة الهشم من غير إيضاح: أن تكون الجناية بمثقل. فتهشم العظم ولا تشق اللحم.

الشيء الثاني: الواجب: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: إذأكان الهشم بلا إيضاح فقد اختلف فيما يجب فيه على قولين: القول الأول: أن الواجب فيه حكومة. القول الثاني: أن الواجب فيه خمس من الإبل. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب حكومة: بأن القدر في الهاشمة حين ما يكون معها موضحة فإذا خلت من الموضحة لم يكن فيها مقدر، وما لا مقدر فيه الواجب فيه حكومة. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب فيها خمس من الإبل: بأن الواجب في الهاشمة عشر من الإبل، خمس للإيضاح وخمس للهشم فإذا وجد أحدهما دون الآخر وجب فيه خمس كالإيضاح وحده. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن الواجب حكومة. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في الهاشمة من غير إيضاح حكومة بأن آثار الهشم لن تقتصر على الهشم بل ستصيب اللحم الذي فوق العظم ولو لم تجرحه، وهذا لا بد له من قيمه فلا يكفى فيه ما يقابل الهشم، ولهذا تجب الحكومة في الضرب بالمثقل من غير هشم ولا إيضاح. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه على التسليم بأن الخمس الزائدة على أرش الموضحة للهشم وحده، فإن آثار الضرب بما فوق العظم تبقى من غير تعويض، وهذا لا يجوز بدليل أن الحكومة تجب في الضرب بالمثقل من غير هشم ولا إيضاح. الجزء الثالث: المنقلة: وفيها أربع جزئيات هي: 1 - المراد بها. 2 - تسميتها. 3 - موضعها. 4 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: بيان المراد بالمنقلة: المنقلة هي التي توضح العظم وتهشمه وتنقل عظامه عن موضعها. الجزئية الثانية: التسمية: سميت المنقلة بهذا الاسم لنقلها العظام عن موضعها. الجزئية الثالثة: موضعها: موضع المنقلة الرأس والوجه كغيرها من الشجاج.

الجزئية الرابعة: الواجب فيها: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - الدليل. الفقرة الأولى: بيان الواجب: الواجب في المنقلة خمس عشرة من الإبل. الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على الواجب في المنقلة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في كتابه عمرو بن حزم: (وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل) (¬1). الجزء الرابع: المأمومة: وفيه خمس جزئيات هي: 1 - المراد بها. 2 - أسماؤها. 3 - تسميتها. 4 - محلها. 5 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: بيان المراد بالمأمومة: المأمومة هي الجناية الواصلة إلى أم الدماغ. الجزئية الثانية: أسماؤها: هذه الجناية تسمى الأمومة، وتسمى الآمة. الجزئية الثالثة: توجيه التسمية: سميت المأمومة بهذا الاسم؛ لأنها تصل إلى أم الدماغ، وهي جلدة فيها الدماغ، سميت بذلك؛ لأنها تحوط الدماغ وتجمعه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، جماع أبواب ديات ما دون النفس 8/ 81.

الجزئية الرابعة: محلها: محل المأمومة الرأس خاصة. الجزئية الخامسة: الواجب فيها: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الواجب: الواجب في المأمومة ثلث الدية. الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على وجوب ثلث الدية في المأمومة ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في كتاب عمرو بن حزم: (وفي المأمومة ثلث الدية) (¬1) 2 - ما روي عن علي أن فيها ثلث الدية (¬2). الجزء الخامس: الدامغة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - المراد بها. 2 - تسميتها. 3 - الواجب فيها. الجزئية الأولى: بيان المراد بالدامغة: الدامغة بالغين المعجمة هي التي تخرق الجلدة وتصل إلى الدماغ. الجزئية الثانية: التسمية: سميت الدامغة بهذا الاسم لوصولها إلى الدماغ. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب المأمومة 8/ 82، 83، ومصنف عبد الرزاق 9/ 316. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، باب المأمومة 8/ 83، والمصنف 9/ 316.

الجزئية الثالثة: الواجب فيها: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف فيما يجب بالدامغة على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها ثلث الدية. القول الثاني: أن الواجب فيها ثلث الدية وحكومة. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول الأول: بأن الدامغة كالمأمومة فيكون الواجب فيهما سواء، كقطع الكف مع المرفق جميعا. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في الدامغة ثلث الدية وحكومة: بأن الدامغة تزيد على المأمومة خرق جلدة الدماغ وهذا أكثر ضررا فيكون الواجب فيه أكثر. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب ثلث الدية مع الحكومة. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في الدامغة ثلث الدية وحكومة: أن وجهة نظره أظهر، فليس من العدل أن يذهب الزائد هدرا وأن يسوى بين الضار والأكثر ضررًا بلا دليل. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن قياس الدامغة مع المأمومة على الذراع مع الكف قياس مع الفارق؛ لأن اليد عضو واحد فتكون ديته واحدة، أما الشجاج مختلف، ولذا اختلف الواجب فيها، فاختلفت الهاشمة عن الموضحة، والمنقلة عن الهاشمة، والآمة عن المنقلة مع أن الموضع واحد. الجزء الثاني: نسبة ما للمرأة إلى ما للرجل: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في نسبة ما للمرأة إلى ما للرجل على أربعة أقوال: القول الأول: أنها كالرجل مطلقا فيما قل أو كثر. القول الثاني: أنها على النصف مطلقًا فيما قل أو كثر. القول الثالث: أنها كالرجل في الثلث فما دون. القول الرابع: أنها كالرجل فيما دون الثلث.

الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها أربع فقرات هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. 4 - توجيه القول الرابع. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن المرأة كالرجل مطلقا في القليل والكثير بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فتدخل المرأة فيه؛ لأنها نفس مؤمنة. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن المرأة على النصف مطلقا بما يأتي: 1 - قول علي - رضي الله عنه -: جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر (¬2). 2 - أن الرجل والمرأة شخصان تختلف ديتهما فاختلف أرش أطرافهما، كالمسلم والكافر. 3 - أن الجناية لها أرش مقدر فكان من المرأة على النصف من الرجل. الفقرة الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن المرأة كالرجل في الثلث فما دون بما يأتي: 1 - حديث: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها) (¬3). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب دية النفس 8/ 83. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، باب ما جاء في جراح المرأة 8/ 96. (¬3) سنن النسائي / عقل المرأة 8/ 45.

2 - ما ورد عن سعيد بن المسيب أنه لما سئل عن أصابع المرأة سوى بينها وبين الرجل في ثلاثة أصابع وقال: هكذا السنة (¬1). وقوله: هكذا السنة له حكم المرفوع. 3 - أن الثلث لم يتجاوز حد القلة بدليل صحة الوصية به. الفقرة الرابعة: توجيه القول الرابع: وجه القول بأن المرأة مثل الرجل فيما دون الثلث بما يأتي: 1 - أن الثلث في حد الكثرة بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: (والثلث كثير) (¬2). 2 - حديث: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها) (¬3). ووجه الاستدلال به: أن حتى لانتهاء الغاية فلا يدخل ما بعدها فيما قبلها، بدليل قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} (¬4). 3 - أن العاقلة تحمل الثلث، وذلك دليل على أنه مخالف لما دونه. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة المخالفان. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن المرأة كالرجل فيما دون الثلث فلا تساويه في الثلث فما دون، ولا تنقص عنه فيما قل عنه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب ما جاء في جراح المرأة 8/ 96. (¬2) صحيح البخاري، الوصايا، الوصية بالثلث/ 2744. (¬3) سنن النسائي: عقل المرأة 8/ 45. (¬4) سورة التوبة، الآية: 1291.

الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح كون المرأة كالرجل فيما دون الثلث دون غيره: قوة أدلته وضعف أدلة المخالفين بما سيرد في الجواب عنها. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيها أربعة أشياء: الشيء الأول: الجواب عن دليل القول الأول: أجيب عن استدلال أهل هذا القول بحديث: (في كل نفس مؤمنة مائة من الإبل). بأنه مطلق يحمل على المقيد، المفرق بين دية الرجل والمرأة، ومنه: 1 - حديث: (عقل المرأة على النصف من عقل الرجل) (¬1). 2 - حديث: (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ ثلث ديتها) (¬2). الشيء الثاني: الجواب عن دليل القول الثاني: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. النقطة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عما ورد عن عمرو علي بثلاثة أجوبة: الجواب الأول: أنه لم يثبت عنهما (¬3). الجواب الثاني: أنه قد ورد عن عمر خلافه (¬4). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي 8/ 95. (¬2) سنن النسائي، عقل المرأة 8/ 45، ومصنف عبد الرزاق 9/ 356/ 17756. (¬3) الشرح مع المقنع والانصاف 25/ 391. (¬4) مصنف عبد الرزاق باب متى يعاقل الرجل المرأة 9/ 395/ 17753.

الجواب الثالث: أن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قد خالفهما (¬1). النقطة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني والثالث: أجيب عن ذلك: بأنها اجتهادات في مقابل النصوص واجتهاد الصحابة، فلا يعتد بها. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول الثالث: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. 3 - الجواب عن الدليل الثالث. النقطة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه محتمل دخول الثلث وعدم دخوله وإذا قام الاحتمال سقط الاستدلال. الجواب الثاني: أن الاستدلال به مخالف لما ورد عن الصحابة من عدم المساواة في الثلث. النقطة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عما ورد عن سعيد بن المسيب بأنه فهم له قد خالفه غيره فيه. النقطة الثالثة: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن الثلث في حد الكثير كما تقدم في أدلة القول الرابع. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى، باب ما جاء في جراحات المرأة 8/ 96.

الجواب الثاني: أن النصوص الواردة في المساواة لم تقيد حد المساواة بالقلة لا بالكثرة فالتقييد بها تحكم. المسألة العاشرة: الفتوق (¬1): وفيها فرعان هما: 1 - الجائفة. 2 - ما سوى الجائفة. الفرع الأول: الجائفة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - تعريفها. 2 - موضعها. 3 - حالاتها. الأمر الأول: تعريف الجائفة: وفيه جانبان هما: 1 - التعريف. 2 - الأمثلة. الجانب الأول: التعريف: الجائفة هي التي تصل باطن الجوف بالخارج. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة الجائفة ما يأتي: 1 - ما ينفذ إلى الجوف من البطن. 2 - ما ينفذ إلى الجوف من الظهر. 3 - ما ينفذ إلى الجوف من الصدر. 4 - ما ينفذ إلى الجوف من النحر. 5 - ما ينفذ إلى الحلق من الرقبة. ¬

_ (¬1) الفرق بين الشجاج والفتوق: أن الشجاج في الرأس والفتوق في غيره.

الأمر الثالث: موضع الجائفة: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في موضع الجائفة على قولين: القول الأول: أنها خاصة بما ينفذ إلى الجوف. القول الثاني: أنها عامة في كل ما ينفذ إلى مجوف مثل ما يأتي: 1 - الأذن من الصدغ. 2 - الأنف من المارن أو القصبة. 3 - الفم من الخد، أو من تحت الحنك. 4 - الحلق من الرقبة. 5 - من المثانة إلى الفرج. 6 - من تحت القبل إلى الدبر. 7 - خرق الأمعاء. 8 - خرق الرحم. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الجائفة خاصة بما ينفذ إلى الجوف: بأن هذا هو الوارد فيها. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الجائفة شاملة لكل ما يصل إلى الجوف: أن اشتقاق الجائفة من الجوف، والجوف يطلق على كل ما لا يرى من المجوف فكل ما انتهى إليه كان جائفة.

الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الجائفة خاصة بما يصل إلى الجوف. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الجائفة خاصة بما يصل إلى الجوف: أن الخلاف ليس في التسمية بل فيما يجب، ولم يرد ما يجب في الجائفة في غير ما يصل إلى الجوف، والأصل عدم الوجوب. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك بما تقدم في توجيه الترجيح: وهو أن الخلاف ليس في التسمية بل فيما يجب ولم يرد ما يجب في الجائفة في غير ما يصل إلى الجوف والأصل عدم الوجوب. الأمر الثالث: حالات الجائفة: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الحالات. 2 - ما مجب فيها. الجانب الأول: بيان الحالات: من حالات الجائفة ما يأتي: 1 - أن تكون من الخارج إلى الداخل. 2 - أن تكون من الداخل إلى الخارج. 3 - أن تكون في الداخل إلى مجوف في الداخل.

4 - أن تكون بإزالة الحاجز بين الجائفتين. 5 - أن تكون بتوسيع الجائفة نفسها. الجانب الثاني: الواجب في الجائفة: وفيه خمسة أجزاء هي: الجزء الأول: ما يجب في الجائفة إذا كانت من الخارج إلى الداخل: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - الدليل. الجزئية الأولى: بيان ما يجب: إذا كانت الجائفة من الخارج إلى الداخل كان الواجب فيها ثلث الدية من غير خلاف يعتد به. الجزئية الثانية: الدليل: من أدلة وجوب ثلث الدية بالجائفة ما يأتي: حديث: ) (وفي الجائفة ثلث الدية) (¬1). الجزء الثاني: ما يجب في الجائفة إذا كانت من الداخل إلى الخارج: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الجائفة من الداخل ما يأتي: 1 - أن ينفذ السهم أو الرمح ونحوهما من البطن إلى الظهر أو من الجنب إلى الجنب. أو من أحد جانبي الرقبة إلى الجانب الآخر. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، جماع أبواب الديات فيما دون النفس 8/ 81.

2 - أن يزل مبضع الطبيب من الأمعاء فيخترق الجنب. 3 - أن يزل المنظار من موضع العملية فيخرق البطن أو الظهر أو الجنب. 4 - أن يدخل الرمح أو السهم من فتق البطن وينفذ من الظهر أو الجنب. الجزئية الثانية: الواجب: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف فيما يجب بالجائفة من الداخل إلى الخارج على قولين: القول الأول: أن الواجب فيها ثلث الدية. القول الثاني: أن الواجب فيها حكومة. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب ثلث الدية في الجائفة ولو كانت من الداخل إلى الخارج بما يلي: 1 - ما ورد أن رجلا رمى رجلا بسهم فأنفذه فقضى أبو بكر - رضي الله عنه - بثلثي الدية (¬1). ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب الجائفة 9/ 368/ 17617، 17623.

2 - ما ورد عن عمر - رضي الله عنه - أنه قضى في الجائفة إذا نفذت الجوف بأرش جائفتين. 3 - أن الفتق من الداخل إلى الخارج لا يخرج عن كونه جائفة فيجب به أرش الجائفة. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب في الجائفة من الداخل إلى الخارج حكومة: بأنه لم يرد في غير الجائفة من جروح البدن تقدير، والفتق من الداخل إلى الخارج ليس جائفة؛ لأن الجائفة هي الفتق من الخارج إلى الداخل، وإذا لم تكن جائفة لم يكن فيها مقدر، فلم يبق فيها غير الحكومة. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الواجب في الجائفة من الداخل إلى الخارج ثلث الدية. الشي الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب في الجائفة من الداخل إلى الخارج ثلث الدية: أنه أقوى دليلا وأظهر تعليلا.

الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأنه مبني على أن الفتق من الداخل إلى الخارج لا يعتبر جائفة، وهو غير صحيح لما يأتي: 1 - أن الجائفة هي فتق الباطن على الظاهر سواء كان البدء من الداخل أم من الخارج لعدم الفرق في العنى. 2 - أن قصر الجائفة على ما كان من الخارج إلى الداخل مبني على المعتاد في ذلك وهذا لا أثر له، بدليل أن المعتاد كون الجائفة بالحديدة ولو حصل الفتق بغير حديدة كان جائفة بلا خلاف. 3 - أنه لا دليل على ذلك وما لا دليل عليه لا اعتبار له. الجزء الثالث: ما يجب بالجائفة في الداخل إلى مجوف في الداخل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يجب. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الجائفة في الداخل إلى مجوف في الداخل ما يأتي: 1 - أن تكون من البلعوم إلى الحلقوم. 2 - أن تكون من الرحم إلى الجوف. 3 - أن تكون من الأمعاء إلى الجوف. 4 - أن تكون من الأمعاء إلى الأمعاء. الجزئية الثانية: الواجب: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الفقرة الأرلى: بيان الواجب: الواجب بالفتق في الداخل إلى مجوف في الداخل حكومة.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون الواجب بالفتق في الداخل إلى مجوف في الداخل حكومة: أن التقدير لم يرد في غير الجائفة، وهذا الفتق لا يعتبر جائفة لما تقدم من أن الجائفة فتق ما بين الداخل والخارج، وإذا لم تكن جائفة فلا مقدر فيها فتتعين الحكومة فيها. الجزء الرابع: ما يجب حين إزالة الحاجزبين الجائفتين: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - إذا كانت الإزالة من الجاني. 2 - إذا كان الزوال بالسرية. 3 - إذا كانت الإزالة من المجني عليه أو من وليه أو بإذنهما. 4 - إذا كانت الإزالة من أجنبي. الجزئية الأولى: إذا كانت الإزالة من الجاني: وفيها فقرتان هما: 1 - ما يجب حسب إيراد بعض الفقهاء. 2 - ما يجب حسب وجهة النظر. الفقرة الأولى: ما يجب حسب إيراد بعض الفقهاء (¬1): وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الواجب: إذا كانت إزالة الحاجز بين الجائفتين من الجاني كان الواجب ثلث الدية، بدل ثلثي الدية قبل الإزالة. ¬

_ (¬1) الشرح مع المقنع والإنصاف 26/ 26.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه كون الواجب بالجائفة بعد إزالة الجاني للحاجز بينهما ثلث الدية بدلا من ثلثي الدية قبله ما يأتي: 1 - أن الجائفتين بإزالة الحاجز بينهما تصيران جائفة واحدة، فلا يجب أكثر من دية الجائفة الواحدة. 2 - أنه لو لم يكن بينهما حاجز لم يجب بهما غير ثلث الدية فكذلك بعد إزالة الحاجز لعدم الفرق. الفقرة الثانية: ما يجب حسب وجهة النظر: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. 3 - الجواب عن وجهة الرأي الآخر. الشيء الأول: بيان ما يجب: الذي يظهر - والله أعلم - أنه إذا أزال الجاني الحاجز بين الجائفتين كان الواجب عليه دية كاملة، الثلثان بالجائفتين الأوليين، والثلث الآخر بإزالة الحاجز بينهما. الشيء الثاني: التوجيه: وجه إيجاب الدية كاملة لإزالة الجاني للحاجز بين الجائفتين ما يأتي: 1 - أنه لو كان المزيل للحاجز المجني عليه لم يتغير الواجب وكون المزيل للحاجز الجاني لا أثر له؛ لأن العبرة بالأثر لا بالمؤثر.

2 - أن ثلثي الدية قد استقر في ذمة الجاني قبل إزالة الحاجز ولم يطرأ عليه ما يسقطه؛ لأن إزالة الحاجز جناية جديدة فلا تعود على أثر الجناية السابقة بالإبطال. 3 - أن الجناية بإزالة الحاجز لو كانت في موضع آخر لاعتبرت جائفة مستقلة فكذلك إذا كانت بين الجائفتين، وقد يكون الحاجز بين الجائفتين كثيرا يفوق إحدى الجائفتين أو كليهما. 4 - أن آلام إزالة الحاجز وأخطاره قد تفوق آلام الجائفة ابتداء وأخطارها، نظرا لتأثر المحل بالجنايات السابقة. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة الرأي الآخر: وفيه نقطتان هما: 1 - الإجابة عن الاحتجاج بأن إزالة الحاجز تصير الجائفتين جائفة واحدة. 2 - الإجابة عن الاحتجاج بأنه لو لم يوجد الحاجز لم يجب سوى ثلث الدية. النقطة الأولى: الجواب عن الحجة الأولى: أجيب عن ذلك: بأن إزالة الأجنبي لا تصير الجائفتين كالجائفة الواحدة. ولم يكن لذلك أثر على الواجب فيهما قبل الإزالة، فلم يكن المؤثر هو الإزالة. النقطة الثانية: الإجابة عن الحجة الثانية: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأنه قياس لأثر عدة جنايات على أثر جناية واحدة، وبينهما فرق. الجزئية الثانية: إذا كان الزوال بالسراية: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه.

الفقرة الأولى: بيان ما يجب: زوال الحاجز بالسراية كإزالة الجاني على ما تقدم. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون زوال الحاجز بين الجائفتين بالسراية كإزالة الجاني له: أن سراية الجناية في الضمان حكم الجناية نفسها حسب القاعدة: أثر غير المأذون مضمون. الجزئية الثالثة: إذا كانت الإزالة بفعل المجني عليه أو وليه أو بإذنهما: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الواجب: إذا كانت إزالة الحاجز بين الجائفتين بفعل المجني عليه أو وليه أو بإذنهما، كان الواجب بكل جائفة ثلث الدية، ولا أثر للإزالة. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم تأثر الواجب بالجائفتين بعد إزالة الحاجز بينهما من المجني عليه أو وليه أو بإذنهما: أن فعل المجني عليه لا يجب له به شيء؛ لأنه لو وجب لوجب له عليه وذلك لا فائدة فيه. الجزئية الرابعة: إذا كانت إزالة الحاجز من الأجنبي: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الواجب: إذا كانت إزالة الحاجز بين الجائفتين بفعل أجنبي وجب عليه ثلث الدية، والثلثان على الجاني الأول.

الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه استمرار الثلثين على الجاني الأول. 2 - توجيه وجوب الثلث على الأجنبي. الشيء الأول: توجيه استمرار الثلثين على الجاني الأول: وجه ذلك أنه كان ثابتا في ذمته ولم يطرأ عليه ما يسقطه. الشيء الثاني: توجيه وجوب الثلث على الأجنبي: وجه ذلك أن فعله جناية مستقلة فوجب ترتيب أثرها عليها كما لو لم تكن بإزالة الحاجز. الجزء الخامس: إذا كانت الجائفة بتوسيع الجائفة: الكلام في توسيع الجائفة كالكلام في إزالة الحاجز بين الجائفتين على ما تقدم. الفرع الثاني: ما سوي الجائفة: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - الواجب. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة ما سوى الجائفة من الفتوق على الخلاف فيه ما يأتي: 1 - ما ينفذ إلى الأذن من الصدغ. 2 - ما ينفذ إلى الأنف من المارن أو القصبة. 3 - ما ينفذ إلى الفم من الخد أو من تحت الحنك. 4 - ما ينفذ إلى الحلق من الرقبة. 5 - ما ينفذ من المثابة إلى الفرج. 6 - ما ينفذ إلى الدبر من تحت القبل. 7 - خرق الأمعاء. 8 - خرق الرحم. 9 - خرق الحاجز بين القلب وسائر الجوف.

الأمر الثاني: الواجب: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الواجب: يختلف الواجب في سائر فتوق البدن بناء على الخلاف فيما يعتبر منها جائفة وما لا يعتبر فما اعتبر منها جائفةكان الواجب فيه ثلث الدية، وما لم يعتبر منها جائفة كان الواجب فيه حكومة. الجانب الثاني: التوجيه: وجه بناء الواجب بسائر فتوق الجسم على اعتبار الجائفة: أن ما سوى الجائفة من الجروح والفتوق لا مقدر فيه فما اعتبر من الفتوق جائفة شمله التقدير، وما لم يعتبر جائفة لم يشمله. المسألة الحادية عشرة: ديات كسر العظام: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - المراد بكسر العظام. 2 - أمثلة كسر العظام. 3 - الواجب بكسر العظام. الفرع الأول: المراد بكسر العظام: كسر العظم فصل بعضه عن بعض كليا أو جزئيا. الفرع الثاني: أمثلة كسر العظام: من أمثلة كسر العظام ما يأتي: 1 - كسر عظم الترقوة. 2 - كسر عظم الضلع. 3 - كسر عظم العضد. 4 - كسر عظم الذراع.

5 - كسر عظم الزند. 6 - كسر عظم الفخذ. 7 - كسر عظم الساق. الفرع الثالث: الواجب بكسر العظام: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف فيما يجب بكسر العظام على ثلاثة أقوال: القول الأول: أن الواجب في الجميع حكومة. القول الثاني: أن الواجب في الضلع وفي كل واحدة من الترقوتين بعير، وفي كل من الزراع والزند الواحد، والعضد، والفخذ والساق بعيران وما سوى ذلك حكومة. القول الثالث: أن الواجب في كل من الضلع وكل واحدة من الترقوتين بعير، وفي كل واحد من الزندين بعيران وما سوى ذلك حكومة. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب في الجميع حكومة بما يأتي: 1 - أن التقدير توقيف ولا توقيف في شيء من العظام.

2 - أن الأصل عدم التقدير ولا دليل على التقدير. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - توجيه الواجب في الضلع. 2 - توجيه الواجب في الترقوتين. 3 - توجيه الواجب في الزند. 4 - توجيه الواجب في كل من الذراع، والعضد، والفخذ والساق. الجزء الأول: توجيه الواجب في الضلع: وجه الواجب في الضلع ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - جعل فيه بعيرا (¬1). الجزء الثاني: توجيه الواجب في الترقوة: وجه الواجب في الترقوة ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - جعل فيها بعيرا (¬2). الجزء الثالث: توجيه الواجب في الزند: وجه الواجب في الزند ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - جعل فيه بعيرين (¬3). الجزء الرابع: توجيه الواجب في حل من الزراع والعضد والفخذ والساق: وجه ذلك: القياس على القدر، وذلك أن الذراع والعضد والساق والفخذ أولى من الزندين فما وجب فيهما وجب فيها من باب أولى. الجانب الثالث: توجيه القول الثالث: وجه هذا القول: أن التقدير يحتاج إلى دليل فما ورد التقدير فيه عمل به، وما لم يرد فيه تقدير يكون الواجب فيه حكومة، وقد ورد التقدير في الضلع والترقوتين والزندين كما تقدم فيقتصر عليه، وتكون الحكومة في الباقي. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب الضلع 9/ 367/ 17607. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب الترقوة 9/ 361/ 17578. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، الزند يكسر 5/ 437/ 27779.

الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الواجب في الجميع حكومة. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب حكومة: أن التقدير يحتاج إلى توقيف ولم يثبت في هذه العظام توقيف. الجانب الثاث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: يجاب عن وجهة الأقوال الأخرى بحمل ما ورد على الاجتهاد فيكون حكومة، يدل لذلك ما يأتي: 1 - أنه لم يرفع منها شيء. 2 - وجود الاختلاف فيها، ومن ذلك ما يأتي: أ - الترقوة، فورد أن فيها عشرين دينارا، وورد أن فيها أربعين دينارا. ب - الضلع، فورد أن فيه عشرين دينارا، وورد أن فيه أربعين دينارا. المسألة الثانية عشرة: الحكومة: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى: والحكومة: أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثم يقوم وهي به قد برئت فما نقص من القيمة فله مثل نسبته من الدية، فإن كانت قيمته عبدا سليما ستين، وقيمته بالجناية خمسين ففيه سدس ديته. الكلام في هذه المسألة في خمسة فروع هي:

1 - المراد بالحكومة. 2 - صفة تطبيقها. 3 - مثال تطبيقها. 4 - حالة تطبيقها. 5 - شرط استحقاقها. الفرع الأول: بيان المراد بالحكومة: الحكومة: هي الاجتهاد في تحديد الواجب. الفرع الثاني: صفة تطبيق الحكومة: صفة تطبيق الحكومة كما ذكر المؤلف: أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم والجناية به قد برئت ويعرف الفرق بين القيمتين ويعطي نسبته من الدية. الفرع الثالث: المثال: من أمثلة تطبيق الحكومة على المجني عليه ما يأتي: الدية ... القيمة حال السلامة ... القيمة حال الجناية ... الفرق بين القيمتين ... النسبة ... المستحق 120 ... 160 ... 120 ... 40 ... 25 % ... 30 120 ... 100 ... 80 ... 20 ... 20 % ... 24 الفرع الرابع: حال تطبيق الحكومة: وفيه أمران هما: 1 - بيان حالة التطبيق. تطبيق الحكومة فيما لا مقدر فيه إن لم يوجد صلح. الأمر الثاني: التوجيه: وجه كون الحكومة فيما لا مقدر فيه ولم يوجد صلح: أنه إذا وجد ذلك كان العمل به ولم يوجد حاجة إلى الحكومة.

الفرع الخامس: شرط استحقاق الحكومة: وفيه خمسة أمور هي: 1 - بيان الشرط. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - حالة الاشتراط. 4 - مثال بلوغ: الحكومة المقدر. 5 - وجهة النظر في الاشتراط. الأمر الأول: بيان الشرط: شرط استحقاق الحكومة ألا تبلغ المقدر. الأمر الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط عدم بلوغ الحكومة المقدر لاستحقاقها: ألا يكون الواجب فيما دون القدر كالواجب في المقدر. الأمر الثالث: حالة الاشتراط: حالة اشتراط عدم بلوغ الحكومة المقدر لاستحقاقها إذا كانت الجناية في محل فيه مقدر. الأمر الرابع: مثال بلغ الحكومة المقدر: أن تكون الجناية بازلة فيقدر المجني عليه عبدا قيمته خاليا من الجناية 1000 ألف شيء، وقيمته بعد البرء 950 تسعمائة وخمسون شيئا، الفرق بينهما خمسون وهو نصف العشر، فتكون الحكومة نصف عشر الدية خمس من الإبل، وهي الواجب في الموضحة فلا يعطى المجني عليه الحكومة بل ينقص منها شيء كما في الرسم الآتي: الدية ... القيمة حال السلامة ... القيمة حال الجناية ... الفرق بين القيمتين ... النسبة ... الحكومة ... المستحق 120 ... 100 ... 95 ... 5 ... 5 % ... 12 ... 11.75

الأمر الخامس: وجهة النظر: وفيه جانبان هما: 1 - بيان وجهة النظر. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان وجهة النظر: وجه النظر إلا يطبق هذا الشرط على إطلاقه بل ينظر إلى سبب زيادة الحكومة على المقدر. الجانب الثاني: التوجيه: توجيه وجهة النظر: أنه قد يكون سبب زيادة الحكومة سعة مساحة محلها، وأثر الجناية فيه، فلا يقارن عمل المقدر وهو قد لا يتجاوز المليمتر كما لو كانت الضربة بمسمار أو رأس سكين، وقد تكون سعة الساحة أشد ألما وشيئا من العمق، فيترك للحكومة مجال لتقدير الضرر والتعويض عنه. المسألة الثالثة عشرة: دية الجنين: وفيها ثمانية فروع هي: 1 - تعريف الجنين. 2 - شروط ضمان الجنين. 3 - ما يضمن به الجنين. 4 - المراد بالغرة. 5 - صفات الغرة. 6 - تعدد الغرة بتعدد الجنين. 7 - مقدار قيمة الغرة. 8 - أخذ البدل عن الغرة. الفرع الأول: تعريف الجنين: وفيه أمران هما: 1 - التعريف. 2 - الاشتقاق.

الأمر الأول: التعريف: وفيه جانبان هما: 1 - تعريف الجنين في اللغة. 2 - تعريف الجنين في الاصطلاح. الجانب الأول: تعريف الجنين في اللغة: الجنين لغة يطلق على كل مستتر. الجانب الثاني: تعريف الجنين في الاصطلاح: الجنين في الاصطلاح: يطلق على الحمل في البطن فإذا ولد حيا حياة مستقرة صار ولدا، وإن ولد ميتا صار سقطا. الأمر الثاني: الاشتقاق: اشتقاق الجنين من الاجتنان وهو الاستتار، ومنه قيل للجن وهم من سوى الإنس جن، لاستتارهم عن العيون فهو فعيل بمعنى فاعل أي جنين بمعنى جان. الفرع الثاني: دليل ضمان الجنين: من أدلة ضمان الجنين: ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بجنينٍ بغرةٍ عبدٍ أو أمة (¬1). الفرع الثالث: شروط ضمان الجنين. وفيه أمران هما: 1 - أن يتبين فيه خلق الإنسان. 2 - أن يكون موته بسبب الجناية على أمه. الأمر الأول: أن يتبين في الجنين خلق إنسان: وفيه جانبان هما: 1 - ما يعرف به خلق الإنسان. 2 - توجيه الاشتراط. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، باب دية الجنين/ 1681/ 34.

الجانب الأول: ما يعرف به خلق الإنسان: وفيه جزءان هما: 1 - ما يعرف به إذا لم يولد. 2 - ما يعرف به إذا ولد. الجزء الأول: ما يعرف به خلق الإنسان إذا لم يولد الجنين: وفيه جزئيتان هما: 1 - صورة عدم ولادة الجنين. 2 - ما يعرف به خلق الإنسان. الجزئية الأولى: صورة عدم ولادة الجنين: من صور ذلك ما يأتي: 1 - أن تموت أمه قبل وضعه فيبقى في بطنها. 2 - أن يجري لأمه عملية غسيل فيرمى مع النفايات قبل معرفة أمره. الجزئية الثانية: ما يعرف به خلق الإنسان في الجنين قبل وضعه: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يعرف به. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان ما يعرف به: إذا لم يولد الجنين كان طريق معرفة خلقه الطب. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحديد خلق الإنسان في الجنين قبل ولادته: أن ذلك ممكن بما وصل إليه الطب من تقدم في الخبرة والوسائل الحديثة كما أثبت ذلك الواقع. الجزء الثاني: ما يعرف به خلق الإنسان في الجنين إذا ولد: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان ما يعرف به. 2 - التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان ما يعرف به: إذا ولد الجنين أمكن معرفة خلق الإنسان فيه بأحد طريقين: الطريق الأول: الطب كما تقدم. الطريق الثاني: القوابل. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه معرفة خلق الإنسان في الجنين بطريق الطب وقد تقدم. 2 - توجيه معرفة خلق الإنسان في الجنين بطريق القوابل. وجه ذلك أنه ثابت بالعادة والتجربة. الجانب الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط تبين خلق الإنسان في الجنين لضمانه: أن ضمان الجنين لإنسانيته، وما لم يتبين فيه خلق الإنسان لا تثبت له الإنسانية فلا يضمن ضمان الإنسان. الأمر الثاني: أن يكون موته بسبب الجناية على أمه: وفيه جانبان هما: 1 - ما يعرف به موت الجنين بسبب الجناية على أمه. 2 - توجيه الاشتراط. الجانب الأول: ما يعرف به موت الجنين بسبب الجناية على أمه: يعرف موت الجنين بسبب الجناية على أمه بما يأتي: 1 - عن طريق الطب. 2 - أن يسقط بعد الجناية مباشرة. 3 - أن تبقى أمه متألمة حتى يسقط.

4 - أن تسكن حركته بعد الجناية على أمه مباشرة إلى أن يسقط. الجانب الثاني: الاشتراط: وجه اشتراط موت الجنين بسبب الجناية على أمه: أن الضمان بسبب الجناية، فإذا لم يثبت الموت بسبب الجناية لم يوجد سبب للضمان. الفرع الرابع: ما يضمن به الجنين: وفيه ثمانية أمور هي: 1 - بيان ما يضمن به. 2 - المراد بالغرة. 3 - وجه تسميتها. 4 - شروط الغرة. 5 - تعدد الغرة بتعدد الجنين. 6 - قيمة الغرة. 7 - أخذ البدل عن الغرة. 8 - مسؤولية الغرة. الأمر الأول: ما يضمن به الجنين: وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يضمن به. 2 - الدليل. الجانب الأول: بيان ما يضمن به: ضمان الجنين بغرة. الجانب الثاني: الدليل: دليل ضمان الجنين بغرة: ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بجنين المرأة بغرة عبد أو أمة (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، الديات، جنين المرأة / 6954.

الأمر الثاني: المراد بالغرة: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد. 2 - الدليل. الجانب الأول: بيان المراد بالغرة: الغرة عبد أو أمة. الجانب الثاني: الدليل: الدليل على أن الغرة عبد أو أمة: الحديث المتقدم في الجانب الأول. الأمر الثالث: توجيه تسمية الغرة: سميت الغرة بهذا الاسم؛ لأنها من أنفس كالأموال، والأصل في الغرة الخيار. الأمر الرابع: شروط الغرة: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الشروط. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الشروط: من الشروط الواجبة في الغرة ما يأتي: 1 - ألا يقل عمرها عن سبع سنين. 2 - ألا يكون فيها شيء من العيوب، ومن ذلك ما يأتي: 1 - ضعف العقل. 2 - العضب. 3 - الشلل. 4 - الخرس. 5 - الهزال المزمن. 6 - العمى.

7 - الصمم. 8 - عدم وضوح الجنس (الخنثى). 9 - قطع اليد أو الرجل أو شيء منهما. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه العمر. 2 - توجيه السلامة من العيوب. الجزء الأول: توجيه العمر. وجه اشتراط العمر: أن من دون السبع يحتاج إلى حضانة ورعاية فلا يستفاد منه إلا بعد حين. الجرء الثاني: توجيه اشتراط السلامة من العيوب: وجه اشتراط السلامة من العيوب ما يأتي: 1 - أن العيوب تقلل القيمة، وتضعف النفعة أو تقضى عليها. 2 - أن الغرة حيوان واجب بأصل الشرع فتجب سلامته من العيوب كالزكاة والنسك. الأمر الخامس: تعدد الغرة بتعدد الجنين: وفيه جانبان هما: 1 - مثال تعدد الجنين. 2 - تعدد الغرة. الجانب الأول: مثال تعدد الجنين: من أمثلة تعدد الجنين: أن يكون الحمل متعددا. الجانب الثاني: تعدد الغرة: وفيه جزءان هما: 1 - التعدد. 2 - التوجيه.

الجزء الأول: التعدد: إذا تعدد الجنين تعددت الغرة بحسبه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه تعدد الغرة بتعدد الجنين: أنها ضمان لآدمي فتتعدد بتعدده كالديات. الأمر السادس: قيمة الغرة: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان القيمة. 2 - الدليل. 3 - أسنان الإبل. الجانب الأول: بيان القيمة: قيمة الغرة نصف عشر الدية خمس من الإبل. الجانب الثاني: الدليل: الدليل على تقدير قيمة الغرة بخمس من الإبل ما يأتي: 1 - ما ورد عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - ومنهم عمر وزيد بن ثابت. 2 - أن ذلك أقل ما قدره الشرع في الجنايات وهو أرش الموضحة. الجانب الثالث: أسنان الإبل: وفيه جزءان هما: 1 - أسنان الإبل في العمد وشبهه. 2 - أسنان الإبل في الخطأ وما ألحق به. الجزء الأول: أسنان الإبل في العمد وشبهه: إذا كان سقوط الجنين بالجناية على أمه عمدا أو شبهه كانت أسنان الإبل أرباعا كما يأتي:

1 - بنت مخاض وريع بنت مخاض. 2 - بنت لبون وربع بنت لبون. 3 - حقه وربع حقة. 4 - جذعة وربع جذعة. الجزء الثاني: أسنان الإبل إذا كانت الجناية خطأ أو ملحقا به: إذا كان سقوط الجنين بالجناية على أمه خطأ أو ملحقا به كانت أسنان الإبل أخماسا كما يأتي: 1 - بنت مخاض. 2 - ابن مخاض. 3 - بنت لبون. 4 - حقة. 5 - جذعة. الأمر السابع: أخذ بدل الغرة: وفيه جانبان هما: 1 - حين التراضي. 2 - حين عدم التراضي. الجانب الأول: أخذ بدل الغرة حين التراضي: وفيه جزءان هما: 1 - حكم الأخذ. 2 - التوجيه. الجزء الأول: حكم الأخذ: إذا تراضي الجاني وولي الجنين على أخذ العوض عن الغرة جاز. الجزء الثاني: التوجيه: وجه جواز أخذ البدل عن الغرة حين التراضي: أن الحق للجاني وولي الجنين فإذا تراضيا على البدل جاز؛ لعدم المنازع، وعدم المحذور. الجانب الثاني: أخذ بدل الغرة حين عدم التراضي: وفيه جزءان هما: 1 - حكم الأخذ. 2 - التوجيه.

الجزء الأول: حكم الأخذ: أخذ البدل عن الغرة حين عدم التراضي لا يجوز، سواء كان الامتناع من الجاني أو من ولي الجنين. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز أخذ العوض عن الغرة حين عدم التراضي: أن أخذ البدل معاوضة والمعاوضة من غير تراض لا تجوز. الأمر الثامن: مسؤولية الغرة: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان المسؤولية: مسؤولية الغرة على الجاني، سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ. الجانب الثاني: التوجيه: وجه مسؤولية الجانى عن الغرة أنها إن كانت الجناية عمدا فإن العاقلة لا تحمل العمد، وإن كانت خطأ فإنها أقل من ثلث الدية، والعاقلة لا تحمل ما دون الثلث. المسألة الرابعة عشر: العاقلة: وفيها تسعة فروع هي: 1 - ضابط العاقلة. 2 - تسميتها. 3 - من يدخل فيها. 4 - من لا يدخل فيها. 5 - ما لا تحمله. 6 - كيفية التحمل. 7 - أثر تغير الحال على العقل. 8 - عقل الدولة عما لا عاقلة له. 9 - تأجيل الدية على العاقلة.

الفرع الأول: ضابط العاقلة: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: عاقلة الإنسان عصباته كلهم من النسب والولاء، قريبهم وبعيدهم، حاضرهم وغائبهم حتى عمودي النسب. الكلام في هذا الفرع في أمرين هما: 1 - ضابط العاقلة. 2 - دليله. الأمر الأول: ضابط العاقلة: عاقلة الإنسان - كما قال المؤلف - عصابته. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على حصر العاقلة بالعصبات: حديث: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عقل المرأة بين عصباتها من كانوا) (¬1). الفرع الثاني: تسميتها: سميت العاقلة بهذا الاسم للأسباب الآتية: 1 - أنها تعقل لسان ولي المقتول. 2 - أنها تمنع القاتل من العدوان منه أو عليه. 3 - أنها تعقل الإبل بفناء ولي المقتول ليستلمها. 4 - أنها تتحمل العقل وهو الدية. الفرع الثالث: من يدخل في العاقلة: وفيه أمران هما: 1 - بيان من يدخل. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/ 4563.

الأمر الأول: بيان من يدخل: يدخل في العاقلة جميع العصبة المذكور من النسب والولاء. قريبهم وبعيدهم حاضرهم وغائبهم. الأمر الثاني: التوجيه: وجه دخول جميع العصبة في العاقلة ما يأتي: 1 - حديث: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عقل المرأة بين عصبتها من كانوا) (¬1). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل العقل على العصبة (¬2). 3 - أن عصبة الإنسان هم ورثته إذا لم يكن له وارث غيرهم والغنم بالغرم. الفرع الرابع: من لا يدخل في العاقلة: وفيه أحد عشر أمرا هي: 1 - النساء. 2 - الزوج. 3 - ذوو الأرحام. 4 - الفروع. 5 - الأصول. 6 - الصغير. 7 - الفقير. 8 - المريض المزمن والشيخ الهرم. 9 - المخالف في الدين. 10 - المحارب. 11 - الرقيق. الأمر الأول: عدم دخول النساء في العاقلة: وفيه جانبان هما: 1 - عدم الدخول. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب دية الأعضاء/ 4563. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب من العاقلة التي تغرم 8/ 106.

الجانب الأول: عدم الدخول: النساء لا يدخلن في العاقلة مطلقا، سواء كن غنيات أم فقرات، قريبات أم بعيدات، وارثات أم محجوبات. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم دخول النساء في العاقلة ما يأتي: 1 - حديث: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عقل المرأة على عصبتها من كانوا) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه حصر العقل في العصبة والنساء لسن من العصبة. 2 - أن مبنى العقل على النصرة والنساء لسن من أهلها. الأمر الثاني: عدم دخول الزوج في العاقلة: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان من العصبة. 2 - إذا لم يكن من العصبة. الجانب الأول: إذا كان الزوج من العصبة: وفيه جزءان هما: 1 - مثال كون الزوج من العصبة. 2 - الدخول. الجزء الأول: مثال كون الزوج من العصبة: يكون الزوج من العصبة إذا كان ابن عم سواء كان قريبا أم بعيدا. الجزء الثاني: الدخول: وفيه جزئيتان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء/ 4563.

الجزئية الأولى: الدخول: إذا كان الزوج من عصبة الزوجة كان من عاقلتها. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه دخول الزوج في العاقلة إذا كان من العصبة: أن ضابط العاقلة وأدلتها تشمله فيدخل فيها. الجانب الثاني: إذا لم يكن الزوج من العصبة: وفيه جزءان هما: 1 - المثال. 2 - الدخول. الجزء الأول: المثال: إذا لم يكن الزوج من القبيلة لم يكن من العصبة. الجزء الثاني: الدخول: وفيه جزئيتان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الدخول: إذا لم يكن الزوج من العصبة لم يكن من العاقلة. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم دخول الزوج في العاقلة إذا لم يكن من العصبة: أن ضابط العاقلة لا ينطبق عليه؛ لأنه ليس عاصبا، ولا من أهل النصرة؛ لأنه أجنبي من قبيلة الزوجة فلا تناصر بينهم. الأمر الثالث: ذوو الأرحام: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلتهم. 2 - دخولهم.

الجانب الأول: أمثلة ذوي المحارم: من أمثلة ذوى الأرحام ما يأتي: 1 - لأخ لأم إذا لم يكن ابن عم وبنوه. 2 - العم لأم وبنوه. 3 - الخال وبنوه. 4 - أبو الأم إن لم يكن عما وآباؤه. 5 - أبناء البنات. 6 - أبناء بنات الابن. 7 - أبناء الأخوات. 8 - أبناء بنات الإخوة. 9 - أبناء بنات أبناء الإخوة. 10 - أبناء بنات الأعمام. 11 - أبناء بنات أبناء الأعمام. الجانب الثاني: الدخول: وفيه جزءان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الدخول: ذوو الأرحام ليسو من العاقلة، سواء قربوا أم بعدوا. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم دخول ذوي الأرحام في العاقلة: أن ضابط العاقلة لا ينطبق عليهم فليسوا عصبة ولا من أهل النصرة؛ لأنه لا تناصر بينهم وبين قبيلة القاتل. الأمر الرابع: الفروع: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجانب الأول: الخلاف: اختلف في دخول ذكور الفرع في العاقلة على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنهم يدخلون مطلقا سواء كانوا من قبيلة الزوجة أو لا. القول الثاني: أنهم لا يدخلون مطلقا سواء كانوا من قبيلة الزوجة أو لا. القول الثالث: اْنهم إن كانوا من قبيلة الزوجة دخلوا وإلا لم يدخلوا. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بدخول الابن في العاقلة مطلقا ما يأتي: 1 - حديث: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعقل المرأة على عصبتها من كانوا) (¬1). ووجه الاستدلال بالحديث: أنه جعل العقل بين العصبة، والابن أقرب العصبة وأولاهم فيكون أولهم دخولا في العاقلة. 2 - أن العقل مبناه على النصرة، والولد أولى بالنصرة فتكون النصرة في حق الولد ألزم وأوجب. 3 - أن الغنم بالغرم، والولد هو الأحق بالميراث فيكون هو الأولى بالعقل. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم دخول الفرع في العاقلة بما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب ديات الأعضاء/4563.

1 - ما ورد أن امرأة قتلت ضرتها ثم ماتت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدية المقتولة، وجعل ميراث القاتلة لبنيها (¬1). 2 - أن مال الفرع كمال الأصل فلا يجب فيه دية كمال القاتل. الجزء الثالث: توجيه القول الثالث: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه الدخول إذا كان الفرع عاصبا للقاتل. 2 - توجيه عدم الدخول إذا كان الفرع غير عاصب للقاتل. الجزئية الأولى: توجيه الدخول: وجه دخول الفرع في العاقلة إذا كان عاصبا للقاتل ما تقدم من أدلة القول الأول. الجزئية الثانية: توجيه عدم الدخول: وجه عدم دخول الفرع في العاقلة إذا لم يكن عاصبا للقاتل: أن ضابط العاقلة لا ينطبق عليه فليس عاصبا ولا ناصرا. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالدخول مطلقا. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بدخول الفرع في العاقلة: أن أدلته أقوى وأظهر. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الديات، باب العاقلة/ 6909.

الجزء الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن مال الفرع كمال الأصل. 3 - الجواب عن الاحتجاج بأن الفرع الذي ليس من القبيلة ليس من أهل النصرة. الجزئية الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالحديث: يجاب عن ذلك بأن التوريث لا يمنع العقل، بدليل أن الأخ والعم وابن العم يرثون إذا لم يحجبوا ولم يمنعهم ذلك من العقل. الجزئية الثانية: الجواب عن الاحتجاج بأن مال الفرع كمال الأصل: أجيب عن ذلك بأنه غير صحيح لسببين: الأول: أنه لا يجوز للأصل أن يمتلك من مال الفرع إلا بقيود، ولو كان كماله لجاز له التملك مطلقا من غير قيود. الثاني: أنه لا يجوز للفرع أن يتملك من مال الأصل من غير إذنه ولو كان كماله لما احتجاج التملك منه إلى إذن. الجزئية الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بأن الفرع الذي ليس من القبيلة ليس من أهل النصرة: أجيب عن ذلك بأربعة أجوبة: الجواب الأول: أن ذلك لم يمنع الإرث فلا يمنع العقل. الجواب الثاني: أن ذلك لم يمنع وجوب النفقة فلا يمنع العقل. الجواب الثالث: أن العقل من البر والبر واجب فيكون العقل واجبا. الجواب الرابع: أنه على التسليم بعدم وجوب النصرة فإن ذلك بالنسبة لغير الأصل لما ثبت من وجوب بره وصلته والإحسان إليه.

الأمر الخامس: الأصول: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في وجوب الأصول في العاقلة على قولين: القول الأول: أنهم يدخلون. القول الثاني: أنهم لا يدخلون. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بدخول الأصول في العاقلة بما وجه به دخول الفرع. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم دخول الأصول في العاقلة، بما وجه به عدم دخول الفرع. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - دخول الأصول في العاقلة.

الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح دخول الأصول في العاقلة ما تقدم في ترجيح دخول الفرع. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: اْجيب عن وجهة هذا القول بما أجيب به عن الاحتجاج به لعدم دخول الفرع. الأمر السادس: دخول غير المكلف: وفيه جانبان هما: 1 - المراد بغير المكلف. 2 - الدخول. الجانب الأول: المراد بغير المكلف: غير المكلف الصغير والذي لا يعقل. الجانب الثاني: الدخول: وفيه جزءان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الدخول: غير المكلف لا يدخل في العاقلة حسب ما ذكره المؤلف. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم دخول غير المكلف في العاقلة: أن العقل مبني على النصرة وغير المكلف ليس من أهلها. الأمر السابع: الفقير: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجانب الأول: الخلاف: اختلف في دخول الفقير في العاقلة على قولين: القول الأول: أنه لا يدخل. القول الثاني: أنه يدخل. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم دخول الفقير في العاقلة بما يأتي: 1 - أن العقل مواساة فلا تلزم الفقير كالزكاة. 2 - أن وجوب العقل تخفيف على القاتل فلا يثقل به من لا جناية منه. 3 - أنه إذا كان الغني لا يكلف ما يثقل ويجحف بماله، فالفقير أولى بأن لا يثقل عليه. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بدخول الفقير في العاقلة بأنه من أهل النصرة فيدخل في العاقلة كالغني. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الدخول. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم دخول الفقير في العاقلة: أنه أظهر دليلا. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن النصرة بدنية ومالية، والنصرة المالية هي المرادة من العاقلة؛ لأن النصرة البدنية لا تعتبر في أداء المال، والفقير ليس من أهل النصرة المالية لعدم ما لا يؤدى. الجواب الثاني: أن المقصود بتحميل المال أداؤه، والفقير لا يستطيع الأداء فلا فائدة في تحميله. الأمر الثامن: المريض الزمن والشيخ الهرم: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في دخول المريض الزمن والشيخ الهرم في العاقلة على قولين: القول الأول: أنه لا يدخل. القول الثاني: أنه يدخل. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم دخول المريض الزمن والشيخ الهرم في العاقلة: بأن مبنى العقل على النصرة وهما ليسا من أهلها، ولهذا لا يجب عليهما الجهاد. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بدخول المريض الزمن والشيخ الهرم في العاقلة: بأن المريض الزمن والشيخ الهرم من أهل المواساة ولهذا تجب عليهما الزكاة والنفقة. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - الدخول. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه دخول المريض الزمن والشيخ الهرم في العاقلة: أن العقل مبناه على النصرة المالية، وهما قادران عليها. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأنه إن أريد بالنصرة النصرة البدنية فهذا ليس هو المطلوب، وإن أريد النصرة المالية فهما من أهلها؛ لأنهما قادران عليها. الأمر التاسع: المخالف في الدين: وفيه جانبان هما: 1 - المثال. 2 - الدخول.

الجانب الأول: المثال: مثال المخالف في الدين: ما يأتي: 1 - المسلم مع الكافر. 2 - الكتابي مع الوثني. الجانب الثاني: الدخول: وفيه جزءان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الدخول: المخالف في الدين لا يدخل في العاقلة. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم دخول المخالف في الدين في العاقلة: أن العقل يبنى على المناصرة والمواساة، ولا مناصرة ولا مواساة مع اختلاف الدين. الأمر العاشر: المحارب: وفيه جانبان هما: 1 - المثال. 2 - الدخول. الجانب الأول: المثال: مثال المحارب من بين بلاده وبلاد القاتل حرب قائمة بالفعل أولا عهد بينهما بحيث يمكن أن تقوم الحرب بينهما في أي وقت. الجانب الثاني: الدخول: وفيه جزءان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه.

الجزء الأول: الدخول: الحربي لا يدخل في العاقلة. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم دخول الحربي في العاقلة: أن العقل يبنى على المواساة والنصرة ولا مواساة ولا نصرة بين المتحاريين. الأمر الحادي عشر: الرقيق: وفيه جانبان هما: 1 - الدخول. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الدخول: الرقيق لا يدخل في العاقلة. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم دخول الرقيق في العاقلة ما يأتي: 1 - أنه ليس من أهل المواساة والنصرة لأنه ومنافعه مملوك لسيده. 2 - أنه لا مال له؛ لأنه لا يملك، ولو ملك فهو وما ملكه لسيده لحديث: (من باع عبدا له مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) (¬1). الفرع الخامس: ما لا تحمله العاهلة: وفيه أمران هما: 1 - ما لا تحمله العاقلة من حيث السبب. 2 - ما لا تحمله العاقلة من حيث المقدار. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب البيوع، باب في العبد يباع وله مال/3433.

الأمر الأول: مالا تحمله العاقلة من حيث السبب: وفيه خمسة جوانب هي: 1 - العمد المحض. 2 - شبه العمد. 3 - العبد. 4 - الصلح. 5 - الاعتراف. الجانب الأول: العمد المحض: وفيه جزءان هما: 1 - ما فيه القصاص. 2 - ما لا قصاص فيه. الجزء الأول: ما فيه القصاص: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيانه. 2 - مثاله. 3 - توجيه عدم حمل العاقلة له. الجزئية الأولى: بيان ما يجب به القصاص: الذي يجب به القصاص هو العمد المحض. الجزئية الثانية: الأمثلة: من أمثلة ما يجب به القصاص ما يأتي: 1 - قتل النفس. 2 - قطع الطرف كقطع اليد أو الرجل. 3 - إتلاف المنفعة كإتلاف البصر. الجزئية الثالثة: توجيه عدم حمل العاقلة لما فيه القصاص: وجه عدم حمل العاقلة لما فيه القصاص ما يأتي:

1 - أن حمل العاقلة للدية من باب النصرة والمواساة، وما فيه القصاص لا عذر للجاني فيه فلا يستحق النصرة ولا المواساة ولا التخفيف. 2 - أن تحمل العاقلة لا فيه القصاص يجرئ على الإجرام والاعتداء. 3 - أن الجاني يجب ردعه ومنعه من الاعتداء، وتحمل الدية عنه يزيده تسلطا واعتداء. الجزء الثاني: ما لا قصاص فيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلته. 2 - تحمل العاقلة له. الجزئية الأولى: أمثلة ما لا قصاص فيه من العمد المحض: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - الآمة والدامغة. 2 - الجائفة. الجزئية الثانية: تحمل العاقلة له: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في تحمل العاقلة لما لا قصاص فيه من العمد المحض على قولين: القول الأول: أنها لا تحمله. القول الثاني: أنها تحمله. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن العاقلة لا تحمل العمد المحض ولو كان لا قصاص فيه بما يأتي: 1 - قول ابن عباس: (لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فيشمل كل عمد ومنه ما لا قصاص فيه. 2 - أن ما لا قصاص فيه جناية عمد فلا تحمله العاقلة كالموجبة للقصاص. 3 - أن جناية الأب على ابنه لا تحملها العاقلة مع أنه لا قصاص فيها فكذلك جناية غيره. 4 - أن العقل تخفيف عن الجاني ومواساة له، والعامد غير معذور فلا يستحق التخفيف ولا المواساة. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن العاقلة تحمل العمد الذي لا قصاص فيه: بأنه يشبه الخطأ من حيث إنه لا قصاص فيه، والخطأ تحمله العاقلة، فكذلك العمد إذا كان مثله. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيه ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن العمد لا تحمله العاقلة ولو كان لا قصاص فيه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب من قال: لا تحمل العاقلة عمدا/ 8/ 104.

الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن العاقلة لا تحمل العمد ولو كان لا قصاص فيه بما يأتي: 1 - أن وجهة نظره أقوى وأظهر. 2 - أن حمل العاقلة له يجرئ على الجناية ويكثر الجريمة. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن علة حمل العاقلة للدية التخفيف عن الجاني، ومواساته وليست لعدم القصاص بدليل أنها لا تحمل الدية عن الأب إذا قتل ولده مع أنه ليس فيه قصاص، وقد تقدم أن المتعمد ليس أهلا للتخفيف ولا المواساة. الجانب الثاني: شبه العمد: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في حمل العاقلة لشبه العمد على قولين: القول الأول: أنها تحمله. القول الثاني: أنها لا تحمله. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بتحمل العاقلة لجناية شبه العمد بما يأتي:

1 - ما ورد أن امرأتين اقتتلتا فقتلت إحداهما الأخرى، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدية المقتولة على عصبة القاتلة (¬1). 2 - أن شبه العمد يشبه الخطأ في عدم قصد القتل فيستوجب المواساة والتخفيف كالخطأ. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن شبه العمد لا تحمله العاقلة بما يأتي: 1 - أن شبه العمد يشبه العمد في قصد الفعل، والعمد لا تحمله العاقلة فكذلك ما يشبهه. 2 - أن دية شبه العمد دية مغلظة كدية العمد فلا تحمله العاقلة كالعمد. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - حمل العاقلة لشبه العمد. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتحمل العاقلة لدية شبه العمد: أن شبه العمد يشبه العمد في قصد الفعل ويشبه الخطأ في عدم قصد القتل فيلحق بالعمد في تغليظ الدية ويلحق بالخطأ في تحميل العاقلة لديته وهذا هو مقتضى الدليل، حيث ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الديات، باب العاقلة/ 6909.

غلظت دية شبه العمد كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا إن دية شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل، منها أريعون في بطونها أولادها) (¬1). وحمل العاقلة لديته، كما في حديث: (اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها) (¬2). الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن مشابهة شبه العمد للعمد يقابله مشابهته للخطأ، وليس إعمال أحد الشبهين بأولى من إعمال الآخر، فيرجع إلى مرجح آخر، وقد تقدم بيان ذلك في الترجيح. الجانب الثالث: العبد: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في تحمل العاقلة لقيمة العبد إذا قتل على قولين: القول الأول: أنها لا تحملها. القول الثاني: أنها تحملها. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الدية، باب في دية شبه العمد/4547. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الدية، باب دية الجنين/4576.

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم تحمل العاقلة للجناية على العبد بما يأتي: 1 - قول ابن عباس: لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا (¬1). 2 - أن العاقلة لا تحمل أطرافه فلا تحمل دية نفسه كالبهيمة. 3 - أن الواجب في العبد قيمة تختلف باختلاف صفاته فلم تحمله العاقلة كسائر القيم. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن العاقلة تحمل قيمة العبد إذا قتل: بأنه يساوي الحر بما يلي: أ - الآدمية فكل منهما آدمي. ب - القصاص فكل منهما يجب القصاص بقتله. ج - الكفارة فكل منهما تجب الكفارة بقتله. فيجب أن يساويه في تحمل العاقلة لبدله. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم تحمل العاقلة لقيمة العبد. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، الديات، باب من قال: لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا. 8/ 104.

الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم تحمل العاقلة لقيمة العبد ما يأتي: 1 - أن الأصل عدم تحمل العاقلة للدية ولا دليل على تجميل العاقلة لقيمة العبد فلا تحملها استصحابا لهذا الأصل. 2 - أن العاقلة لو حملت قيمة العبد لحملت قيمة المتلفات المالية الأخرى، لأنها مال مثله. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بآدمية العبد. 2 - الجواب عن الاحتجاج بوجوب القصاص. 3 - الجواب عن الاحتجاج بوجوب الكفارة بقتل العبد. الفقرة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالآدمية: يجاب عن ذلك بأنه خرج عن الآدمية حكما إلى المالية بدليل أنه يضمن ضمان الأموال. الفقرة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بوجوب القصاص: يجاب عن ذلك بأن هذا الوصف غير مطرد فلا يصح علة بدليل أن القصاص يجب في الطرف ولا تحمله العاقلة. الفقرة الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بوجوب الكفارة: يجاب عن ذلك بأن هذا الوصف غير مطرد فلا يصح علة بدليل أن الكفارة تجب بقتل الجنين ولا تحمل العاقلة بدله.

الجانب الرابع: الصلح: وفيه جزءان هما: 1 - مثال الصلح. 2 - تحمل العاقلة له. الجزء الأول: مثال الصلح: من أمثلة الصلح: أن يدعى القتل على الشخص فينكر ولا بينة ويصالح المدعي على التنازل عن هذه الدعوى بمبلغ من المال. الجزء الثاني: تحمل العاقلة لمقابل هذا الصلح: وفيه جزئيتان هما: 1 - التحمل. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: التحمل: الصلح لا تحمله العاقلة، سواء كان قليلاً أم كثيرا. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم تحمل العاقلة لعوض الصلح ما يأتي: 1 - قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: (لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا) (¬1). 2 - أن الصلح ثبت بالرضا والاختيار من غير بينة ولا دليل على الدعوى وكان بالإمكان رفض الدعوى حتى يقوم الدليل عليها. 3 - تحميل العاقلة للصلح وسيلة إلى التحيل لتحميل العاقلة ما لا يلزمها بالاتفاق مع المدعي على إقامة الدعوى والصلح معه بجزء مما يتم الحصول عليه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، الديات، باب من قال: لا تحمل العاقلة عمدا/8/ 104.

الجانب الخامس: الاعتراف: وفيه جزءان هما: 1 - مثال الاعتراف. 2 - التحمل. الجزء الأول: المثال: من أمثلة الاعتراف بالقتل: أن يدعي على شخص القتل لمعصوم فيعترف، ويُطالب بالدية. الجزء الثاني: التحمل: وفيه جزئيتان هما: 1 - التحمل. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: التحمل: الاعتراف بالقتل من مسؤولية المعترف فلا تتحمل منه العاقلة شيئا. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم تحمل العاقلة لما يجب بالاعتراف بالقتل: ما تقدم في توجيه عدم تحمل العاقلة لما يجب بالصلح. الأمر الثاني: ما لا تحمله العاقلة من حيث المقدار: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف فيما لا تحمله العاقلة من حيث المقدار على خمسة أقوال: القول الأول: أن العاقلة تحمل الدية ولا تحمل ما دونها.

القول الثاني: أنها لا تحمل الثلث وتحمل ما فوقه. القول الثالث: أنها تحمل الثلث فما فوقه ولا تحمل ما دونه. القول الرابع: أنها تحمل السن والموضحة ولا تحمل ما دونها. القول الخامس: أنها تحمل القليل والكثير. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه خمسة أجزاء هي: الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن العاقلة لا تحمل ما دون الدية. بما يأتي: 1 - أن ما دون الدية يجري مجرى الأموال والعاقلة لا تحمل الأموال فلا تحمله. 2 - أن الأصل مسؤولية الجاني عن جنايته خولف ذلك في الدية لورود النص به فيبقى ما عداه على مقتضاه. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن العاقلة لا تحمل الثلث: بأن حمل العاقلة للدية عن الجاني للتخفيف، والثلث قليل بدليل جواز الوصية به فلا يستوجب التخفيف. الجزء الثالث: توجيه القول الثالث: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه حمل العاقلة للثلث. 2 - توجيه عدم حصل العاقلة لما دون الثلث. الجزئية الأولى: توجيه حمل العاقلة للثلث: وجه حمل العاقلة للثلث: بأنه كثير لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (والثلث كثير) (¬1). فتحمله العاقلة للتخفيف عن الجاني. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث/ 2744.

الجزئية الثانية: توجيه عدم حمل العاقلة لما دون الثلث: وجه عدم حمل العاقلة لما دون الثلث بما يأتي: 1 - أن الأصل وجوب الضمان على الجاني؛ لأنه موجب جنايته وبدل متلفه فكان عليه كسائر الجنايات، والمتلفات، خولف في الثلث لأنه كثير يجحف بمال الجاني فيبقى ما دونه على الأصل ومقتضى الدليل. 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قضى في الدية لا يحمل منها شيء حتى تبلغ عقل المأمومة. الجزء الرابع: توجيه القول بحملى العاقلة للسن والموضحة: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه حمل العاقلة للسن والموضحة. 2 - توجيه عدم تحميل العاقلة لما دون السن والموضحة. الجزئية الأولى: توجيه حمل العاقلة للسن والموضحة: وجه تحميل العاقلة للسن والموضحة: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حمل العاقلة لدية الجنين (¬1)، وهي نصف عشر الدية، وهي الواجب في السن والموضحة فتحمله العاقلة عملا بهذا الحديث، وإذا حملت هذا المقدار حملت ما فوقه من باب أولى. الجزئية الثانية: توجيه عدم حمل العاقلة لما دون الموضحة والسن: وجه ذلك: بأن الأصل أن الجناية على الجاني، وقد خولف هذا الأصل في تحميل العاقلة دية الجنين فيبقى ما دونه على مقتضاه. الجزء الخامس: توجيه القول الخامس: وجه القول بأن العاقلة تحمل القليل والكثير: بأن من حمل الكثير حمل القليل كالجاني. ¬

_ (¬1) صحيح البخارى، كتاب الديات، باب العاقلة/ 6909.

الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - تحميل العاقلة للثلث فما فوقه دون ما قل عنه. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتحميل العاقلة للثلث فما فوقه دون ما قل عنه: أن الأصل مسؤولية الجاني عن جنايته لقوله تعالى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬1). وقد خولف هذا الأصل في الثلث كما ورد عن عمر - رضي الله عنه - (¬2). فيبقى ما دونه على مقتضاه. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه خمس جزئبات هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بأن الشرع ورد بحمل الدية ولم يرد بحمل ما دونها. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن ما دون الدية يجري مجرى الأموال. 3 - الجواب عن الاحتجاج بأن الثلث قليل. 4 - الجواب عن الاحتجاج بتحميل العاقلة لدية الجنين. 5 - الجواب عن الاحتجاج بقياس القليل على الكثير. ¬

_ (¬1) سورة النجم، الآية: 38. (¬2) المحلى، كتاب العقول، مقدار ما تحمله العاقلة، المسألة 2145.

الجزئية الأولى: الجواب عن الاحتجاج بأن الشرع لم يرد بحمل ما دون الدية: يجاب عن هذا الاحتجاج بجوابين: الجواب الأول: أن ورود الشرع بحمل الدية لا يمنع من حمل ما دونها إذا دل عليه دليل، وقد ورد الدليل على ذلك كما يأتي في الجواب الثاني. الجواب الثاني: أن الشرع قد ورد بتحميل العاقلة للثلث كما تقدم عن عمر - رضي الله عنه -، ومثل ذلك لا يقضي به عمر برأيه فيحمل على أن فيه دليلا لم يذكره. الجزئية الثانية: الجواب عن الاحتجاج بأن ما دون دية النفس يجري مجرى الأموال بدليل أنه لا كفارة فيه: يجاب عن ذلك بأن دية ما دون النفس تحمله العاقلة إذا بلغ دية النفس وهو لا كفارة فيه. الجزئية الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بأن الثلث قليل: أجيب عن ذلك بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الثلث كثير) (¬1). الجزئية الرابعة: الجواب عن الاحتجاج بتحميل العاقلة لدية الجنين: أجيب عن ذلك من وجهين: الوجه الأول: أن حمل العاقلة لدية الجنين إذا مات مع أمه. الوجه الثاني: لو سلم حمل العاقلة لدية الجنين منفردا فلأنها دية آدمي كاملة وليست جزءا من دية، وهو محل الخلاف. الجزئية الخامسة: الجواب عن الاحتجاج بقياس القليل على الكثير: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن القليل ليس فيه إجحاف بمال الجاني، بخلاف الكثير فإن الإجحاف فيه على الجاني ظاهر. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث/ 1628/ 8.

الفرع السادس: كيفية تحمل العاقلة للدية: وفيه أمران هما: 1 - ترتيب العاقلة. 2 - مقدار ما يحمله كل واحد. الأمر الأول: ترتيب العاقلة: وفيه جانبان هما: 1 - القاعدة في الترتيب. 2 - الترتيب. الجانب الأول: القاعدة في الترتيب: ترتيب العصبة في العقل كترتيبهم في الميراث، يبدأ بالعصبة بالنسب ثم بالعصبة بالولاء. ويبدأ بالأقدم جهة ثم بالأقرب درجة، ثم بالأقوى. الجانب الثاني: الترتيب: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - بيان الترتيب. 2 - توجيه الترتيب. 3 - العمل بالترتيب. 4 - تقديم ذي القرابتين. الجزء الأول: بيان الترتيب: ترتيب العاقلة كما يلي: 1 - البنوة (¬1)، وتشمل الأبناء وأبناءهم وإن نزلوا. 2 - الأبوة (¬2)، وتشمل الأب وآباءه من قبله وإن علوا. ¬

_ (¬1) على القول بدخول الفروع. (¬2) على القول بدخول الأصول.

3 - الأخوة، وتشمل الإخوة لغير أم وبنيهم وإن نزلوا. 4 - العمومة، وتشمل الأعمام وإن علوا وبنيهم وإن نزلوا. 5 - الولاء، وتشمل المعتق وعصبته بالنسب ثم بالولاء. الجزء الثاني: توجيه الترتيب: وجه ترتيب العاقلة حسب القرب: أن العقل حق يستحق بالتعصيب فقدم الأقرب فالأقرب كالميراث وولاية النكاح. الجزء الثالث: العمل بالترتيب: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في العمل في الترتيب في توزيع الدية على العاقلة على قولين: القول الأول: أنه يعمل به فيبدأ بالقريب ثم بالذي يليه فلا يتجاوز القريب إلى من بعده إلا إذا لم يفوا بالدية حسب قدرتهم. القول الثاني: أنه يسوى بين القريب والبعيد ويقسم على جميعهم. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالعمل بترتيب العاقلة في توزيع الدية عليهم: أن العقل حق استحق بالتعصيب فوجب أن يقدم فيه الأقرب فالأقرب كالميراث وولاية النكاح.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالتسوية بين العاقلة بعيدهم وقريبهم: بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل الدية على العاقلة ولم يفرق بين قريبهم وبعيدهم. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب الترتيب. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالعمل بترتيب العاقلة في توزيع الدية عليهم بما يأتي: 1 - أن الغرم بالغنم والعصبة مرتبون في الغنم فيجب ترتيبهم في الغرم. 2 - أن العقل للنصرة والمواساة والأولى بذلك الأقرب فالأقرب كالنفقة. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأنه لا تنافي بين تحميل العصبة والترتيب؛ لأن الدية حال الترتيب محملة للعصبة، وإنما قدم الأولى بتحملها. الجزء الرابع: تقديم ذي القرابتين: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - المراد بذي القرابتين. 2 - اجتماع ذي القرابتين مع ذي القرابة الواحدة. 3 - تقديم ذي القرابتين.

الجزئية الأولى: بيان المراد بذي القرابتين: المراد بذي القرابتين الشقيق مع الذي لأب. الجزئية الثانية: اجتماع ذي القرابتين: وفيها فقرتان هما: 1 - الجهات التي محتمع فيها ذو القرابتين مع ذي الجهة الواحدة. 2 - الأمثلة. الفقرة الأولى: الجهات التي يجتمع فيها ذو الجهتين مع ذي الجهة: الجهات التي يجتمع فيها ذو الجهتين مع ذي الجهة الواحدة هي: 1 - جهة الأخوة. 2 - جهة العمومة. الفقرة الثانية: الأمثلة: من أمثلة اجتماع ذي الجهتين مع ذي الجهة الواحدة ما يأتي: 1 - الأخ الشقيق مع الأخ لأب. 2 - ابن الأخ الشقيق مع ابن الأخ لأب. 3 - العم الشقيق مع العم لأب. 4 - ابن العم الشقيق مع ابن العم لأب. الجزئية الثالثة: تقديم ذي القرابتين: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في تقديم ذي الجهتين على قولين: القول الأول: أنه يقدم. القول الثاني: أنه لا يقدم.

الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتقديم ذي القرابتين على ذي القرابة الواحدة بما يأتي: 1 - أن ذي القرابتين يقدم في الميراث وولاية النكاح فيقدم في العقل. 2 - أنه يقدم على ابنه؛ لأنه أقرب منه فيقدم على أخيه من أبيه لأنه أقوى منه، فكما يقدم بالقرابة يقدم بالقوة. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تقديم ذي القرابتين بما يأتي: أن العقل يستفار بالتعصيب، وقرابة الأم لا تؤثر فيه. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالتقديم. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتقديم ذي القرابتين: أن قرابة الأم تؤثر في التقديم في الميراث، فتؤثر في التقديم في العقل؛ لعدم الفرق.

الشيء الثالث: الجواب عن رجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن عدم تأثير قرابة الأم في التعصيب لم يمنع من تأثيرها في التقديم في الميراث وهو بالتعصيب فلا يمنع تأثيرها في التقديم في العقل كذلك ولو كان بالتعصيب. الأمر الثاني: مقدارما يحمله حل واحد من العاقلة من الدية: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المقدار. 2 - التكرار. الجانب الأول: بيان المقدار: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف فيما يجب على كل واحد من العاقلة من الدية على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يرجع في تقديره إلى اجتهاد الحاكم. القول الثاني: أنه يفرض على الغني نصف دينار وعلى المتوسط ريعه. القول الثالث: أن أكثره أربعة دراهم ولا حد لأقله. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - توجيه المْول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث.

الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بتوزيع الدية على العاقلة باجتهاد الحاكم: بأنه لا تقدير فيه من الشرع وما كان كذلك فالمرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه فرض النصف على الغني. 2 - توجيه فرض الربع على المتوسط. الفقرة الأولى: توجيه فرض النصف على الغني: وجه هذا الفرض: بأن النصف أقل ما يتقدر في الزكاة فيعتبر التقدير به. الفقرة الثانية: توجيه فرض ريع المثقال على المتوسط: وجه ذلك: بأن ما دون ريع المثقال شيء تافه؛ وكذا لا يقطع به في السرقة. الجزئية الثالثة: توجيه القول الثالث: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه تحديد الأكثر. 2 - توجيه عدم تحديد الأقل. الفقرة الأولى: توجيه تحديد الأكثر: يمكن توجيه هذا القول: بأن ما زاد على أربعة دراهم فيه إجحاف بمن فرض عليه وإثقال عليه. الفقرة الثانية: توجيه عدم تحديد الأقل: وجه ذلك: بأن الواجب على سبيل المواساة للقرابة فلا يتقدر أقله كالنفقة. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالرجوع إلى اجتهاد الحاكم. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالرجوع إلى اجتهاد الحاكم: 1 - أن التقدير لا يصار إليه إلا بتوقيف ولا توقيف. 2 - أنه سيرجع إلى اجتهاد الحاكم في تحديد الغني والتوسط فيرجع إليه في تحديد الواجب. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن ذلك: بأن اعتبار الواجب في العقل بالواجب بالزكاة لا يصح؛ لأن الواجب في الزكاة منضبط لأنه منسوب إلى المال المزكى؛ بخلاف الواجب في العقل فإنه يختلف باختلاف العقل والعاقلة كثرة وقلة، فلا يطرد في كل واقعة. الجانب الثاني: تكرار التوزيع: وفيه جزءان هما: الجزء الأول: بيان المراد بتكرار التوزيع: المراد بتكرار التوزيع: إعادة توزيع الدية على العاقلة كلما حل القصد.

الجزء الثاني: التكرار: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا لم تتغير حال العاقلة. 2 - إذا تغيرت حال العاقلة. الجزئية الأولى: إذا لم تتغير حال العاقلة: وفيها فقرتان هما: 1 - إعادة التوزيع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم الإعادة: إذا لم تتغير حال العاقلة عند حلول القصد لم يعد التوزيع. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم إعادة التوزيع إذا لم تتغير حال العاقلة عند حلول القصد: أن التوزيع لن يتغير فلا حاجة إلى إعادته. الجزئية الثانية: إعادة التوزيع إذا تغيرت حال العاقلة: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة تغير حال العاقلة. 2 - الإعادة. الفقرة الأولى: أمثلة تغير حال العاقلة: من أمثلة تغير حال العاقلة ما يأتي: 1 - الموت. 2 - اختلال العقل. 3 - افتقار الغنى. 4 - غنى الفقير. 5 - تغير الدين. 6 - بلوغ الصغير. 7 - رجوع العقل. 8 - حرية الرقيق. الفقرة الثانية: إعادة التوزيع: وفيها شيئان هما:

1 - حكم الإعادة. 2 - التوجيه. الشيء الأول: حكم الإعادة: إذا تغيرت حال العاقلة عند حلول القصد وجب إعادة التوزيع. الشيء الثاني: التوجيه: وجه إعادة التوزيع إذا تغيرت حال العاقلة عند حلول القصد: أن الواجب يتغير بتغير حال العاقلة. فيعاد التوزيع لتحديد الواجب الجديد حسب حال العاقلة. الفرع السابع: أثر تغير الحال على العقل: وفيه أمران هما: 1 - أثر حدوث المانع. 2 - أثر زوال المانع. الأمر الأول: أثر حدوث المانع: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة تغير الحال. 2 - الأثر. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة تغير حال الشخص ما يأتي: 1 - الموت. 2 - الافتقار. 3 - زوال العقل. الجانب الثاني: الأثر: وفيه جزءان هما: 1 - إذا حدث المانع بعد الوجوب. 2 - إذا حدث المانع قبل الوجوب. الجزء الأول: إذا حدث المانع بعد الوجوب: وفيه جزئيتان هما:

1 - مثال حدوث المانع بعد الوجوب. 2 - الأثر. الجزئية الأولى: أمثلة حدوث المانع بعد الوجوب: من أمثلة حدوث المانع بعد الوجوب ما يأتي: 1 - أن يموت الشخص بعد وجوب العقل عليه. 2 - أن يفتقر الشخص بعد وجوب العقل عليه. 3 - أن يزول عقل شخص بعد وجوب العقل عليه. الجزئية الثانية: الأثر: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في سقوط الواجب بعد وجوبه على قولين: القول الأول: أنه لا يسقط. القول الثاني: أنه يسقط. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم سقوط العقل بعد الوجوب بما يأتي: أن العقل حق ثابت في الذمة قبل حدوث المانع فلا يسقط بحدوثه كسائر الحقوق.

الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالسقوط: بأنه لو كان المانع موجودا قبل الوجوب لما وجب، فكذا إذا حدث المانع بعد الوجوب لعدم الأهلية في الحالين. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم السقوط. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم سقوط العقل بحدوث المانع بعد ثبوته: أن الحق لا يسقط إلا بقضائه أو الإبراء منه، وليس حدوث المانع واحدا منهما. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن قياس حالة حدوث المانع بعد الوجوب على وجوده قبل الوجوب بأنه قياس مع الفارق؛ لأن وجود المانع قبل الوجوب يجعل المحل مشغولا بالمانع فلا يقبل الوجوب بخلاف حدوث المانع بعد الوجوب، فإنه يجد المحل مشغولا بالواجب فلا يجد مجالا لتفريغه. 2 - أنه لو سقط الواجب قبل المانع بحدوثه لسقطت الحقوق كلها بذلك، وهذا غير صحيح فيكون سقوط العقل الواجب قبل حدوث المانع غير صحيح. الجزء الثاني: إذا حدث المانع قبل الوجوب: وفيه جزئيتان هما: 1 - مثال حدوث المانع قبل الوجوب. 2 - أثر حدوث المانع قبل الوجوب.

الجزئية الأولى: مثال حدوث المانع قبل الوجوب: من أمثلة حدوث المانع قبل الوجوب ما يأتي: 1 - الموت قبل حلول القسط. 2 - الافتقار قبل حلول القسط. 3 - الجنون قبل حلول القسط. الجزئية الثانية: أثر حدوث المانع قبل الوجوب: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الأثر: إذا حدث المانع بعد سبب العقل وقبل وجوب القسط لم يلزم من حدث له المانع منه شيء. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب شيء من العقل من حدث له المانع قبل وجوله: أن العقل مال يجب على سبيل المواساة فلا يلزم قبل الوجوب كالزكاة، فلو مات صاحب المال أو افتقر قبل الحول لم يجب عليه زكاة فكذلك العقل. الأمر الثاني: أثر المانع: وفيه جانبان هما: 1 - أثر زوال المانع بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب. 2 - أثر زوال المانع بعد زمن الوجوب. الجانب الأول: زوال المانع بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأثر.

الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة زوال المانع قبل زمن الوجوب ما يأتي: 1 - أن يسلم الكافر قبل تمام حول الجناية. 2 - أن يبلغ الصبي قبل تمام حول الجناية. 3 - أن يفيق المجنون قبل تمام حول الجناية. 4 - أن يعتق الرقيق قبل تمام حول الجناية. 5 - أن يغتني الفقير قبل تمام حول الجناية. الجزء الثاني: الأثر: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في وجوب العقل على من زال المانع عنه قبل تمام حول الجناية على قولين: القول الأول: أنه يجب عليه. القول الثاني: أنه لا يجب عليه. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب العقل على من زال عنه المانع قبل تمام حول الجناية: بأنه صار من أهل الوجوب زمن الوجوب.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب العقل على من زال عنه المانع أثناء الحول بأنه لم يكن أهلا عند سبب الوجوب فلم يلزمه العقل كالزكاة إذا أسلم الكافر عند تمام الحول. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب العقل. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب العقل على من زال عنه المانع أثناء الحول: أن العبرة بزمن الوجوب، بدليل أن من زالت أهليته قبل زمن الوجوب لم يلزمه شيء كما تقدم، ومن زال عنه المانع زمن الوجوب صار أهلا للوجوب في زمن الوجوب فيكون من أهل الوجوب. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن هناك فرقا بين الزكاة والعقل، فالزكاة يشترط توفر شروطها كل الحول، بخلاف العقل بدليل أنه لا يسقط الواجب بزوال الأهلية بعد الوجوب كما تقدم، والزكاة لو طرأ المانع قبل استقرار الوجوب لم تجب فلو ارتد مالك المال قبل تمام الحول لم يكن عليه زكاة. الجانب الثاني: أثر زوال المانع بعد زمن الوجوب: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأثر.

الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة زوال المانع بعد زمن الوجوب ما يأتي: 1 - أن يسلم الكافر بعد الحول. 2 - أن يعتق الرقيق بعد الحول. 3 - أن يبلغ الصبي بعد الحول. 4 - أن يفيق المجنون بعد الحول. الجزء الثاني: الأثر: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الأثر. إذا كان زوال المانع بعد الحول لم يجب على من زال المانع عنه من قسط ذلك العام شيء. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب شيء من العقل على من زال عنه المانع بعد الحول: أن الوجوب مربوط بالوقت فلا أثر لزوال المانع بعده، كالصلاة إذا زال المانع بعد خروج الوقت. الفرع الثامن: عقل بيت المال عمن لا عاقلة له: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة من لا عاقلة له. 2 - العقل. الأمر الأول: أمثلة من لا عاقلة له: من أمثلة من لا عاقلة له ما يأتي: 1 - اللقيط. 2 - المنفي باللعان. 3 - من أتى إلى بلاد الإسلام ولم يعرف له عصبة.

الأمر الثاني: العقل: وفيه جانبان هما: 1 - العقل. 2 - التوجيه. الجانب الأول: العقل: من لزمته الدية وليس له عاقلة عقل عنه بيت المال. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عقل بيت المال عمن لا عاقلة له: أن بيت المال وارث من لا وارث له، وإذا ورثه عقل عنه كعصبته. الفرع التاسع: تأجيل الدية على العاقلة: وفيه أربعة أمور هي: 1 - التأجيل. 2 - دليل التأجيل. 3 - صفة التأجيل. 4 - بدء الأجل. الأمر الأول: التأجيل: تأجيل الدية على العاقلة لا خلاف فيه. الأمر الثاني: دليل التأجيل: من أدلة تأجيل الدية على العاقلة ما يأتي: 1 - ما ورد عن عمر وعلي رضي الله عنهما (¬1). 2 - أن العقل واجب على سبل المواساة فكان مؤجلا كالزكاة. الأمر الثالث: صفة التأجيل: وفيه ثلاثة جوانب هي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الديات، باب تنجيم الدية على العاقلة 8/ 109، 110.

1 - إذا كان الواجب دية كاملة. 2 - إذا كان الواجب أقل من الدية. 3 - إذا كان الواجب أكثر من الدية. الجانب الأول: صفة تأجيل الدية إذا كانت كاملة: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد بالدية الكاملة. 2 - صفة التأجيل. الجزء الأول: بيان المراد بالدية الكاملة: المراد بالدية الكاملة دية المسلم الحر. الجزء الثاني: صفة التأجيل: صفة تأجيل الدية الكاملة كما يلي: 1 - الثلث الأول عند تمام الحول الأول. 2 - الثلث الثاني عند تمام الحول الثاني. 3 - الثلث الثالث عند تمام الحول الثالث. الجانب الثاني: صفة تأجيل الدية إذا كانت غير كاملة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان المراد بالدية غير الكاملة. 2 - الأمثلة. 3 - صفة التأجيل. الجزء الأول: بيان المراد بالدية غير الكاملة: المراد بالدية غير الكاملة: ما قل عن دية المسلم الحر. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة الدية غير الكاملة ما يأتي: 1 - دية المرأة. 2 - دية غير المسلم. 3 - دية الطرف.

الجزء الثالث: صفة التأجيل: صفة تأجيل الدية غير الكاملة كما يلي: 1 - ما يساوي ثلث الدية الكاملة عند تمام الحول الأول. 2 - الباقي إن لم يزد على الثلث عند تمام الحول الثاني. 3 - ما زار على الثلث - إن وجد - عند تمام الحول الثالث. الجانب الثالث: صفة تأجيل الدية إذا زادت على الدية الكاملة: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التأجيل. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة الدية الزائدة على الدية الكاملة ما يأتي: 1 - دية السمع والبصر. 2 - دية الأنثيين والذكر. 3 - دية الذوق والكلام. الجزء الثاني: صفة التأجيل: إذا كان الواجب أكثر من الدية الكاملة كانت صفة التأجيل كصفته إذا لم يزد الواجب على الدية الكاملة على ما تقدم، وقيل: لا يزيد الواجب في نهاية كل عام على ثلث الدية ولو زادت المدة عن ثلاث سنوات. الأمر الرابع: بدء الأجل: وفيه جانبان هما: 1 - بدء المدة في القتل. 2 - بدء المدة فيما دون القتل. الجانب الأول: بدء المدة في القتل: وفيه جزءان هما: 1 - بيان بدء المدة. 2 - التوجيه.

الجزء الأولى: بيان بدء المدة: إذا كان الواجب بالقتل كان بدء المدة من حين الزهوق. الجزء الثاني: التوجيه: وجه بدء المدة بالقتل من حين الزهوق: أن الزهوق هو سبب الوجوب، فيبدأ الأجل منه. الجانب الثاني: بدء المدة فيما دون القتل: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان الواجب بالجرح. 2 - إذا كان الواجب بالسراية. الجزء الأول: إذا كان الواجب بالجرح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: إذا كان الواجب بالجرح فقد اختلف في بدء المدة على قولين: القول الأول: أن بدء المدة من حين الجرح. القول الثاني: أن بدء المدة من حين الاندمال. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول ببدء المدة من حين القطع أو الجرح بأن ذلك هو سبب الوجوب فتبدأ المدة منه؛ ريطا للمسبب بسببه.

الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول ببدء المدة من حين الاندمال: بأن ذلك هو وقت استقرار الواجب؛ لاحتمال سراية الجناية قبل الاندمال. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول ببدء المدة من حين الاندمال. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول ببدء المدة من حين الاندمال: أنه هو وقت استقرار الوجوب وما قبله وجوب مراعى. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأنه لا تنافي بين ريط المسبب بسببه وبين بدء المدة من الاندمال؛ لأن ريط السبب بسببه يحصل بالإيجاب، ولا يلزم من الإيجاب بدء مدة التسديد، فيجوز تأخير التسديد عن الإيجاب إذا وجد لذلك مقتض، والمقتضي هنا موجود وهو ما تقدم بيانه في توجيه القول الراجح. الجزء الثاني: إذا كان الوجوب بالسراية: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان بدء المدة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان بدء المدة: إذا كان الواجب بالسراية كان بدء المدة من حين الاندمال.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه اعتبار بدء المدة إذا كان الواجب بالسراية من حين الاندمال: أنه قبل الاندمال لا يعلم ما تستقر الجناية عليه، فيتطرق إلى الواجب الاحتمال، فلا تبدأ المدة للتردد في الوجوب ومقدار الواجب. المسألة الخامسة عشر: كفارة القتل: وفيها ستة فروع هي: 1 - معنى الكفارة. 2 - تسميتها. 3 - اشتقاقها. 4 - حكمها. 5 - أنواع الكفارة. 6 - وصف الكفارة. الفرع الأول: معنى الكفارة: الكفارة: عبادة خاصة في خطيئة خاصة. الفرع الثاني: تسميتهما: سميت الكفارة كفارة؛ لأنها تكفِّر الذنب بإذن الله، إذا توافرت شروطها. الفرع الثالث: اشتقاقها: اشتقاق الكفارة من الكفْر وهو الستر؛ لأنها تستر الذنب بإذن الله. الفرع الرابع: حكم الكفارة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الحكم. 2 - دليل الحكم. 3 - صفة الحكم. الأمر الأول: بيان الحكم: حكم الكفارة: الوجوب إذا وجد المقتضي.

الأمر الثاني: دليل الحكم: دليل الحكم قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬1). الأمر الثالث: سبب الحكم: وفيه خمسة جوانب: 1 - القتل العمد. 2 - القتل شبه العمد. 3 - القتل الخطأ. 4 - القتل الجاري مجرى الخطأ. 5 - القتل بالسبب. الجانب الأول: القتل العمد: وفيه ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في سببية القتل العمد للكفارة على قولين: القول الأول: أنه لا يعتبر سببا. القول الثاني: أنه يعتبر سببا. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم سببية القتل العمد لوجوب الكفارة بما يأتي: 1 - أن الله ذكر الكفارة في الخطأ ولم يذكرها في العمد واكتفى فيه بالوعيد بالخلود في النار، ولو كانت الكفارة واجبة به لذكرها. 2 - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر الحارث بن سويد بن الصامت، وعمرو بن أمية الضمري بالكفارة (¬1). الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب الكفارة بالقتل العمد بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في رجل أوجب بالقتل: (أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار) (¬2). 2 - أن القتل العمد أولى بالكفارة من الخطأ؛ لأن جرمه أعظم وحاجته إلى التكفير أشد. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الكفارة. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الكفارة بالقتل العمد بما يأتي: ¬

_ (¬1) القصة في السيرة النبوية لابن هشام 3/ 186، طبعة مصطفى البابي الحلبي. (¬2) سنن أبي داود، كتاب العتق، باب ثواب العتق/ 3964.

1 - أن من أهداف الكفارة إشعار الجاني بخطيئته، والعامد أولى بذلك. 2 - أن العامد أولى بمحو الذنب عنه؛ لأنه أعظم ذنبا وأشد إثما. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيها ثلاث فقرات: الفقرة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بعدم النص على الكفارة في قتل العمد: أجيب عن هذا الاحتجاج: بأن عدم النص على الكفارة في قتل العمد اكتفاء بالنص عليها في قتل الخطأ؛ لأنها إذا أوجبت في قتل الخطأ كان وجوبها في قتل العمد أولى. الفقرة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بعدم أمر القاتلين بالكفارة: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن ذلك كان قبل وجوب الكفارة. الجواب الثاني: أنه على التسليم بأنه بعد وجوب الكفارة فلأنه كان أمرا مستقرا لا يحتاج إلى أمر جديد. الفقرة الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بأن العمد أعظم من أن تكفره الكفارة: أجيب عن ذلك بما يأتي: 1 - أن تكفير الكفارة للعمد إلى الله. 2 - أن فعل العبادة واجب بسببه بقطع النظر عن أثره؛ لأن ذلك غيب لا يعلمه إلا الله. الجانب الثاني: سببية شبه العمد للكفارة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجزء الأول: الخلاف: اختلف في وجوب الكفارة بشبه العمد على قولين: القول الأول: أنها تجب. القول الثاني: أنها لا تجب. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الكفارة في شبه العمد بما يأتي: 1 - أنه ملحق بالخطأ فيما يأتي فيلحق به في وجوب الكفارة. أ - عدم القصاص. ب - حمل العاقلة للدية. ج - تأجيل الدية. 2 - أن حمل الدية عنه لوجوب الكفارة عليه، فلو لم تجب الكفارة عليه لخلا من وجوب شيء وهذا لم يرد الشرع به. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الكفارة في شبه العمد: بأنه يشبه العمد في تغليظ الدية فيأخذ حكمه في عدم وجوب الكفارة. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب الكفارة. الجزئية الثانية؛ توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الكفارة في شبه العمد ما يأتي: أنه أكثر شبها بالخطأ منه بالعمد. 2 - أن الراجح وجوب الكفارة بالعمد فكذلك ما ألحق به. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول بما يأتي: 1 - أن مشابهة شبه العمد للعمد يقابلها مشابهته للخطأ وهي أقوى منها. 2 - أن الراجح في العمد وجوب الكفارة به فيلحق شبه العمد به. الجانب الثالث: سببية القتل الخطأ للكفارة: وفيه جزءان هما: 1 - السببية. 2 - التوجيه. الجزء الأول: السببية: سببية القتل الخطأ للكفارة لا خلاف فيه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه سببية القتل الخطأ للكفارة. قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬1). الجانب الرابع: سببية ما ألحق بالخطأ: وفيه ثلاثة أجزاء هي: ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في سببية ما أجرى مجرى الخطأ للكفارة على قولين: القول الأول: أنها تجب به. القول الثاني: أنها لا تجب به. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الكفارة بالقتل الجاري مجرى الخطأ: بأنه قتل فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (¬1). الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الكفارة بالقتل الجاري مجرى الخطأ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) (¬2). ووجه الاستدلال به: أن رفع القلم يقتضي عدم التكليف والكفارة من التكليف فلا تجب على غير المكلف. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/ 4398.

الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الكفارة. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الكفارة بالقتل الجاري مجرى الخطأ بما يأتي: 1 - أن دليله أظهر. 2 - أنه أحوط. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن رفع القلم يرفع الإثم ولا يسقط الواجب، بدليل وجوب الدية. الجانب الخامس: سببية القتل بالسبب لوجوب الكفارة (¬1): وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في سببية القتل بالسبب لوجوب الكفارة على قولين: القول الأول: أنها تجب به. القول الثاني: أنها لا تجب به. ¬

_ (¬1) فصل عما قبله لاختلاف التوجيه.

الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الكفارة بالقتل بالسبب: بأنه قتل تجب به الدية فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (¬1). الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الكفارة بالقتل بالسبب بأنه ليس فيه مباشرة للقتل فلا يصدق عليه أنه قتل. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الكفارة. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الكفارة: أن القتل بالسبب تجب به الدية، ووجوب الدية بالقتل، وإذا ثبت القتل وجبت الكفارة؛ لأنها كالدية تجب بالقتل. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

الفرع الخامس: أنواع الكفارة: وفيه أمران هما: 1 - المتفق عليه. 2 - المختلف فيه. الأمر الأول: المتفق عليه: وفيه جانبان هما: 1 - بيانه. 2 - دليله. الجانب الأول: بيان المتفق عليه من أنواع كفارة القتل: المتفق عليه من أنواع كفارة القتل هو: 1 - العتق. 2 - الصيام. الجانب الثاني: الدليل: الدليل على العتق والصيام في كفارة القتل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (¬1). إلى قوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}. الأمر الثاني: المختلف فيه من أنواع كفارة القتل: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيانه. 2 - حالة التكفير به. 3 - الخلاف فيه. الجانب الأول: بيان المختلف فيه من أنواع كفارة القتل: المختلف فيه من أنواع كفارة القتل هو الإطعام. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

الجانب الثاني: حالة التكفير بالإطعام: وفيه جزءان هما: 1 - بيان حالة التكفير. 2 - الدليل. الجزء الأول: بيان حالة التكفير بالإطعام: التكفير بالإطعام حين تعذر العتق والصيام. الجزء الثاني: الدليل: الدليل على أن التكفير بالإطعام في القتل حين تعذر العتق والصيام: قوله تعالى في كفارة الظهار بعد الأمر بالصيام: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (¬1). حيث رتب الانتقال إلى الإطعام على عدم استطاعة الصيام. الجانب الثالث: الخلاف فيه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الأقوال: اختلف في الإطعام في كلفارة القتل على قولين: القول الأول: أنه لا يكفر به. القول الثاني: أنه يكفر به. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. ¬

_ (¬1) سورة المجادلة، الآية: 4.

الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الإطعام في كفارة القتل: بأنه لم يذكر في كفارة القتل ولو كان جائزا لذكر. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالإطعام في كفارة القتل بقياسه على الإطعام في كفارة الظهار، وكفارة الوطء في نهار رمضان. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - جواز الإطعام في كفارة القتل. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح الإطعام في كفارة القتل ما يأتي: 1 - أن اشتراط الإيمان في الرقبة في كفارة الظهار والوطء بالقياس على اشتراطه في كفارة القتل فيصح قياس الإطعام في كفارة القتل على الإطعام في كفارة الظهار والوطء. 2 - أن التكفير بالإطعام حين تعذر غيره أولى من عدم التكفير مطلقا؛ لأنه إن كان مجزئا وقع موقعه، وإلا لم يضر وكان صدقة. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عنه بما يأتي: 1 - أن عدم ورود الإطعام في الآية لا يمنع من ثبوته بدليل آخر، وقد وجد ما يدل عليه كما تقدم في دليل القول الراجح والترجيح.

2 - أن اشتراط الإيمان في الرقبة لم يرد في كفارة الظهار والوطء وقد اشترط قياسا على اشتراطه في كفارة القتل. الفرع السادس: وصف الكفارة: وفيه أمران هما: 1 - وصف الكفارة من حيث الترتيب بين أنواعها. 2 - وصف الكفارة من حيث ما يتعلق بأنواعها. الأمر الأول: وصف الكفارة من حيث الترتيب بين أنواعها: وفيه جانبان هما: 1 - حكم الترتيب. 2 - الدليل. الجانب الأول: حكم الترتيب: الترتيب بين أنواع الكفارة واجب وهو شرط للإجزاء فيبدأ بالعتق، ثم بالصيام، ثم بالإطعام، فلا يجزئ التكفير بالصيام مع القدرة على العتق، ولا يجزئ التكفير بالإطعام مع القدرة على الصيام. الجانب الثاني: الدليل: وفيه جزءان هما: 1 - دليل الترتيب بين العتق والصيام. 2 - دليل الترتيب بين الصيام والإطعام. الجزء الأول: دليل الترتيب بين العتق والصيام: دليل الترتيب بين العتق والصيام قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (¬1). إلى قوله: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

ووجه الاستدلال بالآية أنها رتبت الصيام على عدم وجود الرقبة، وذلك دليل على شرطية الترتيب. الجزء الثاني: دليل الترتيب بين الصيام والإطعام: دليل الترتيب بين الصيام والاطعام قوله تعالى في كفارة الظهار: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها رتبت الانتقال إلى الإطعام على عدم استطاعة الصيام، وهذا نص في وجوب الترتيب وشرطه للإجزاء. الأمر الثاني: وصف الكفارة من حيث ما يتعلق بأنواعها: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - وصف الرقبة. 2 - وصف الصيام. 3 - وصف الإطعام. الجانب الأول: وصف الرقبة: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - الإيمان. 2 - السلامة من العيوب. 3 - عدم انعقاد سبب العتق. 4 - عدم تعلق حق الغير. الجزء الأول: الإيمان: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الاشتراط. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة المجادلة، الآية: 4.

الجزئية الأولى: الاشتراط: لا خلاف في أن الإيمان شرط في كفارة القتل. الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على اشتراط الإيمان في كفارة القتل قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (¬1). فإنه نص في الشرط. الجزئية الثالثة: التوجيه: وجه اشتراط الإيمان في الكفارة ما يأتي: 1 - أن عتق الكافر يمكنه من اللحاق بالكفار، ولذلك من السلبيات ما يأتي: 1 - البعد عن الإسلام والمسلمين. 2 - أنه يزيد عدد الكفار ويقوي شوكتهم. 3 - أنه قد يكون جاسوسا يكشف مواطن الضعف في المسلمين ويظهر عوراتهم لأعدائهم. الجزء الثاني: السلامة من العيوب: وفيه ثلاثة جزئيات هي: 1 - ضابط العيوب المؤثرة. 2 - أمثلتها. 3 - اشتراط السلامة منها. الجزئية الأولى: ضابط العيوب المؤثرة: العيوب المؤثرة في الكفارة كل ما يضر بالعمل ضررا بينا. الجزئية الثانية: الأمثلة: من العيوب المؤثرة في العمل تأثيرا بينا ما يأتي: 1 - الجنون. 2 - الشلل. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

3 - المرض الذي لا يرجى برؤه. 4 - وهناك عيوب أخرى يذكرها بعض الفقهاء وهي محل نظر ومنها ما يأتي: 1 - العمى. 2 - قطع بعض الأصابع. الجزئية الثالثة: اشتراط السلامة من العيوب: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في اشتراط السلامة من العيوب في الكفارة على قولين: القول الأول: أنه شرط. القول الثاني: أنه ليس بشرط. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول باشتراط السلامة: بأن المقصود من العتق تمليك الرقيق منافعه وتمكينه من التصرف لنفسه، وهذا لا يتحقق مع العيوب المضرة بالعمل. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه هذا القول: بأن لفظ العتق مطلق والأصل عدم التقييد فلا يجوز التقييد إلا بدليل ولا دليل.

الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالاشتراط. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باشتراط السلامة: أن الهدف من العتق كون العتيق عضوا فعالا في المجتمع، ومع العيوب المانعة من العمل يكون عبئا على المجتمع فيترك عند سيده ليكفي المجتمع مؤنته. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن هذا القول: بأن تقييد الرقبة بالسلامة من العيوب مأخوذ من الهدف المراد تحقيقه من العتق كما تقدم في الترجيح. الجزء الثالث: عدم انعقاد سبب العتق: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة انعقاد سبب العتق. 2 - الاشتراط. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة ما انعقد سبب عتقه ما يأتي: 1 - ما علق عتقه على صفة عند وجودها. 2 - من يعتق على المكفر بالشراء. 3 - ما اشترى بشرط العتق. 4 - أم الولد. 5 - المكاتب. 6 - المدبر.

الجزئية الثالثة: الاشتراط: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في اشتراط عدم انعقاد سبب العتق في الكفارة على قولين: القول الأول: أنه لا يشترط. القول الثاني: أنه يشترط. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول الأول بما يأتي: 1 - أن الرقبة مطلقة والأصل عدم الاشتراط. 2 - أن عتق من انعقد سبب عتقه يصدق عليه أنه عتق رقبة. فيكون مجزيا فلا يشترط عدم انعقاد سبب العتق. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول باشتراط عدم انعقاد سبب العتق: بأن عتق من انعقد سبب عتقه مستحق بسبب آخر غير العتق في الكفارة. فلا يصدق عليه العتق بعتقه في الكفارة. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي:

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الواجح: الراجح - والله أعلم - عدم الاشتراط. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الاشتراط: أن عتق من انعقد سبب عتقه قبل وجود سببه تعجيل لحريته، وهذه فائدة لا تحصل بعتقه بسبب قد يتحقق وقد لا يتحقق. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن العتق بالكفارة غير العتق بالسبب المنتظر لما يأتي: 1 - أن العتق بالكفارة ناجز والعتق بالسبب المنتظر مؤجل والناجز غير المؤجل. 2 - أن العتق بالكفارة محقق والعتق بالسبب مظنون قد يحصل وقد لا يحصل؛ لأنه قد يموت الرقيق قبل حصوله. الجزء الرابع: عدم تعلق حق الغير بالرقيق: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة تعلق حق الغير بالرقبة. 2 - اشتراط عدم تعلق حق الغير بالرقبة. الجزئية الأولى: أمثلة تعلق حق الغير بالرقبة: من أمثلة تعلق حق الغير بالرقبة ما يأتي: 1 - أن تكون مرهونة. 2 - أن تكون جانية بما يوجب القصاص.

الجزئية الثانية: اشتراط عدم تعلق حق الغير في الرقبة: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في اشتراط عدم تعلق حق الغير في الرقبة على قولين: القول الأول: أنه لا يشترط. القول الثاني: أنه يشترط. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم اشتراط السلامة من تعلق حق الغير بالرقبة بما يأتي: 1 - أن هذا التعلق قد يزول فيعفو المجني عليه أو يقبل المال وينفك الرهن بالتسديد أو خروج الرهن من يد المرتهن. 2 - أنه لو فرض عدم زوال الحق المتعلق بالرقبة فإنه يستفيد بتعجيل العتق بالكفارة، فقد يرث من مورث يموت قبله أو يكسب مالا قبل تنفيذ الحكم ينفقه في وجوه الخير فينفعه قبل موته. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه هذا القول: بأن تعلق حق الغير بالرقبة ينقص قيمتها فلا تكون رقبة كاملة فلا تجزئ لنقصها بهذا التعلق.

الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاشتراط. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم اشتراط السلامة من تعلق حق الغير في الرقبة: أن الأصل عدم الاشتراط ولا دليل عليه. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن نقص القيمة لا أثر له في الإجزاء، كالشراء بأقل من ثمن المثل. الجانب الثاني: وصف الصيام: وفيه جزءان هما: 1 - مقداره. 2 - تتابعه. الجزء الأول: مقدار الصيام: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا بدئ من أول الشهر الهلالي. 2 - إذا لم يبدأ من أول الشهر الهلالي. الجزئية الأولى: إذا بدئ من أول الشهر الهلالي: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المقدار. 2 - التوجيه.

الفقرة الأولى: بيان المقدار: مقدار الصيام إذا بدئ من أول الشهر الهلالي شهران هلاليان، من أول يوم في الشهر الأول إلى آخر يوم من الشهر الذي بعده، بقطع النظر عن كونهما كاملين أو ناقصين أو أحدهما كامل والآخر ناقص. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحديد الصيام في كفارة القتل بشهرين هلاليين: قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ} (¬1). والشهر شرعا هو الشهر الهلالي، فيصرف التحديد إليه. الجزئية الثانية: إذا لم يبدأ من أول الشهر الهلالي: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المقدار. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان المقدار: إذا لم يبدأ الصيام من أول الشهر الهلالي كانت المدة ستين يوما. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون مدة الصيام ستين يوما في كفارة القتل إذا لم يبدأ من أول الشهر الهلالي: أنه لا يمكن اعتبار الأيام الملفقة من الشهرين شهرا هلاليا، فيرجع إلى اعتبار الشهر بالعدد، والشهر بالعدد ثلاثون يوما. الجزء الثاني: التتابع: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - معنى التتابع. 2 - اشتراط التتابع. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

3 - ما يقطع التتابع. 4 - ما لا يقطع التتابع. الجزئية الأولى: معنى التتابع: معنى التتابع في الصيام: سرده بحيث لا يفطر في أثنائه ولا يصام غيره فيه سوى ما يأتي. الجزئية الثانية: اشتراط التتابع: وفيها فقرتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الاشتراط: التتابع في صيام الكفارة شرط لصحته، فلو حصل الفطر في أثنائه من غير عذر ولو في آخر يوم بطل ووجب استئنافه، والبدء فيه من أوله. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه اشتراط التتابع في صيام كفارة القتل قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها قيدت الصيام بالتتابع ولو لم يكن شرطا لما قيد به؛ لعدم الفائدة فيه. الجزئية الثالثة: ما يقطع التتابع: ينقطع التتابع في الصوم بما يأتي: 1 - الفطر فيه من غير عذر ولو في آخر جزء منه. 2 - صيام غيره فيه سوى ما يأتي فيما لا يقطع التتابع. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 92.

الجزئية الرابعة: ما لا يقطع التتابع: وفيها فقرتان هما: 1 - الصوم. 2 - الفطر. الفقرة الأولى: الصوم: وفيها شيئان هما: 1 - بيانه. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الصوم الذي لا يقطع التتابع: الصوم الذي لا يقطع التتابع في صوم الكفارة هو صوم شهر رمضان خاصة دون غيره كصوم النذر وقضاء رمضان. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم انقطاع التتابع بصوم شهر رمضان: أن شهر رمضان لا يتسع لغيره ولا يصلح صوم غيره فيه. الفقرة الثانية: الفطر: وفيها شيئان هما: 1 - ضابط الفطر الذي لا يقطع التتابع. 2 - أنواعه. الشيء الأول: ضابط الفطر الذي لا يقطع التتابع: الفطر الذي لا يقطع التتابع هو الفطر لعذر. الشيء الثاني: أنواع الفطر الذي لا يقطع التتابع: وفيه نقطتان هما: 1 - الفطر الواجب. 2 - الفطر غير الواجب.

النقطة الأولى: الفطر الواجب: وفيها قطعتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - توجيه عدم انقطاع التتابع. القطعة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الفطر الواجب ما يأتي: 1 - الفطر للحيض والنفاس. 2 - فطر أيام العيدين. 3 - فطر أيام التشريق. 4 - فطر المريض مرضا مخوفا. 5 - الفطر لإنقاذ معصوم. القطعة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - توجيه الفطر للحيض والنفاس. 2 - توجيه الفطر أيام التشريق والعيدين. 3 - توجيه الفطر لإنقاذ معصوم. الشريحة الأولى: توجيه عدم انقطاع التتابع بالفطر للحيض والنفاس: وجه عدم انقطاع التتابع بالفطر للحيض والنفاس ما يأتي: 1 - أن الفطر للحيض والنفاس واجب باصل الشرع فلا يصح الصوم فيهما. 2 - أنه لا يمكن التحرز منهما خصوصا الحيض. الشريحة الثانية: توجيه عدم انقطاع التتابع بفطر العيدين وأيام التشريق: وجه عدم انقطاع التتابع بفطر العيدين وأيام التشريق: أن الفطر فيها واجب بأصل الشرع فلا يصح الصوم فيها. الشريحة الثالثة: توجيه عدم انقطاع التتابع بالفطر لإنقاذ المعصوم: وفيها جملتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - توجيه عدم الانقطاع.

الجملة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الفطر لإنقاذ المعصوم ما يأتي: 1 - فطر المريض لإنقاذ نفسه. 2 - فطر الحامل والمرضع سواء كان خوفا عليهما أو على ولديهما. 3 - الفطر لإنقاذ الحريق أو الغريق ونحوهما. الجملة الثانية: توجيه عدم انقطاع التتابع: وجه عدم انقطاع التتابع: أن هذا الفطر واجب؛ لأن إنقاذ المعصوم واجب فيكون الفطر لذلك بعذر. النقطة الثانية: الفطر غير الواجب: وفيها أربع قطع هي: 1 - فطر فاقد العقل. 2 - الفطر جهلا أو نسيانا. 3 - الفطر للسفر. 4 - الفطر للإكراه. القطعة الأولى: فطر فاق العقل: وفيها شريحتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - توجيه عدم انقطاع التتابع. الشريحة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الفطر لفاقد العقل ما يأتي: 1 - الفطر للجنون جميع اليوم. 2 - الفطر للإغماء جميع اليوم. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه الفطر. 2 - توجيه عدم انقطاع التتابع.

الجملة الأولى: توجيه الفطر: وجه الفطر بالجنون والإغماء جميع اليوم: أن الصيام يفتقر إلى النية وهي لا تصح من فاقد العقل. الجملة الثانية: عدم انقطاع التتابع: وجه عدم انقطاع التتابع بفطر فاقد العقل أنه لا اختيار له في هذا الفطر فيكون معذورا، والمعذور لا ينقطع التتابع بفطره. القطعة الثانية: الفطر جهلا أو نسيانا: وفيها شريحتان هما: 1 - أمثلة الفطر جهلا أو نسيانا. 2 - توجيه عدم انقطاع التتابع. الشريحة الأولى: أمثلة الفطر جهلا أو نسيانا: من أمثلة الفطر جهلا أو نسيانا ما يأتي: 1 - من أفطر ناسيا أن صومه كفارة يجب فيها التتابع. 2 - من أفطر جاهلا وجوب التتابع. الشريحة الثانية: توجيه عدم انقطاع التتابع: وجه عدم انقطاع التتابع بالفطر جهلا أو نسيانا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: ما ورد أن الله قال: (قد فعلت) (¬2). 2 - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬3). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 286. (¬2) تفسير ابن كثير للآية. (¬3) سنن ابن ماجه، باب طلاق المكره والناسي/2043.

القطعة الثالثة: الفطر للسفر: وفيها شريحتان هما: 1 - ضابط السفر الذي لا ينقطع التتابع بالفطر فيه. 2 - الانقطاع. الشريحة الأولى: ضابط السفر: السفر الذي لا ينقطع التتابع فيه بالفطر فيه هو السفر الذي يباح الفطر فيه، وتحديده في صلاة المسافر. الشريحة الثانية: الانقطاع: وفيها جملتان هما: 1 - إذا كان الهدف من السفر الفطر. 2 - إذا لم يكن الهدف من السفر الفطر. الجملة الأولى: إذا كان الهدف من السفر الفطر: وفيها ما يأتي: أولا: حكم السفر: وفيه ما يأتي: 1 - بيان الحكم: السفر للفطر لا يجوز. 2 - التوجيه: وجه عدم جواز السفر للفطر: أنه تحيل لإسقاط الواجب وذلك لا يجوز. ثانيا: حكم الفطر: وفيه ما يأتي:

1 - حكم الفطر: الفطر في السفر من أجل الفطر لا يجوز. 2 - التوجيه: وجه عدم جواز الفطر في السفر من أجل الفطر: أنه تحيل لإسقاط الواجب، وهو لا يجوز. ثالثا: انقطاع التتابع: وفيه ما يأتي: 1 - الانقطاع: الفطر في السفر من أجل الفطر يقطع التتابع. 2 - التوجيه: وجه انقطاع التتابع بالفطر في السفر من أجل الفطر: أن الفطر بغير عذر، والفطر بغير عذر يقطع التتابع. الجملة الثانية: إذا لم يكن الهدف من السفر الفطر: وفيها ما يلي: أولا: حكم السفر: وفيه ما يأتي: 1 - بيان الحكم: إذا لم يقصد بالسفر الفطر كان مباحا. 2 - التوجيه: وجه جواز السفر إذا لم يقصد به الفطر: أنه لا محذور فيه. ثانيا: الفطر: وفيه ما يأتي:

1 - حكم الفطر: إذا لم يقصد بالسفر الفطر كان الفطر مباحا. 2 - التوجيه: وجه جواز الفطر في السفر الذي لم يقصد به الفطر: أنه لا محذور فيه. ثالثا: انقطاع التتابع: وفيه ما يأتي: 1 - الانقطاع: الفطر في السفر الذي لم يقصد به الفطر لا يقطع التتابع. 2 - التوجيه: وجه عدم انقطاع التتابع بالفطر في السفر الذي لم يقصد به الفطر: أن الفطر بعذر، والفطر بعذر لا يقطع التتابع. القطعة الرابعة: الفطر للإكراه: وفيها شريحتان هما: 1 - أمثلة الفطر للإكراه. 2 - توجيه عدم انقطاع التتابع. الشريحة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الإكراه على الفطر: الإكراه على الوطء. الشريحة الثانية: توجيه عدم انقطاع التتابع بالفطر للإكراه: وجه عدم انقطاع التتابع بالفطر للإكراه ما يأتي: 1 - الحديث المتقدم في توجيه عدم انقطاع التتابع بالفطر نسيانا.

2 - أنه إذا لم ينقطع التتابع بالفطر في السفر مع عدم الإلجاء فيه كان عدم انقطاعه مع الإلجاء أولى؛ لأن الملجأ مسلوب الإرادة، فلا ينسب إليه فعل. الجانب الثالث: وصف الإطعام: وفيه جزءان هما: 1 - نوعه. 2 - مقداره. الجزء الأول: نوع الإطعام: وفيه جزئيتان هما: 1 - ضابطه. 2 - أمثلته. الجزئية الأولى: ضابط ما يطعم منه: الإطعام من قوت البلد. الجزئية الثانية: أمثلة ما يطعم منه: من أمثلة ما يخرج منه في الكفارة ما يأتي: 1 - البر. 2 - الشعير. 3 - الأرز. 4 - التمر. 5 - الزبيب. 6 - الدخن. الجزء الثاني: مقدار الإطعام: وفيه جزئيتان هما: 1 - مقدار الكل. 2 - مقدار ما يعطى لكل واحد. الجزئية الأولى: مقدار الكل: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان المقدار. 2 - الدليل.

الفقرة الأولى: بيان المقدار: مقدار الكفارة جملة: إطعام ستين مسكينا. الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على مقدار الكفارة جملة قوله تعالى: في كفارة الظهار: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (¬1). الجزئية الثانية: مقدارما يعطى لكل مسكين: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المقدار. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان المقدار: الواجب لكل مسكين مد بر أو نصف صاع من غيره. الشيء الثاني: التوجيه: وجه كون الواجب لكل مسكين ما ذكر ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فإن مدي شعير مكان مد بر) (¬2). 2 - قول الرسول لامرأة أوس بن الصامت: (اذهبي إلى فلان الأنصاري فإن عنده شطر وسق من تمر أخبرني أنه يريد أن يتصدق به فلتأخذيه فليتصدق به على ستين مسكينا) (¬3). وشطر الوسق ثلاثون صاعا، فيكون للمسكين نصف صاع. ¬

_ (¬1) سورة المجادلة، الآية: 4. (¬2) إرواء الغليل/2096. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، باب من له الكفارة بالإطعام 7/ 389.

المسألة السادسة عشرة: القسامة: وفيها ثمانية فروع هي: 1 - تعريف القسامة. 2 - اشتقاقها. 3 - مشروعيتها. 4 - شروطها. 5 - الأيمان فيها. 6 - سقوطها. 7 - ما يجب بها. 8 - انتظار الغائب وغير المكلف. الفرع الأول: تعريف القسامة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وهي أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم. الكلام في هذا الفرع في أمرين هما: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف. الأمر الأول: التعريف: القسامة كما قال المؤلف: أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم. الأمر الثاني: ما يخرج بالتعريف: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - ما يخرج بكلمة (أيمان مكررة). 2 - ما يخرج بكلمة (في دعوى قتل). 3 - ما يخرج بكلمة (معصوم). الجانب الأولى: ما يخرج بكلمة (أيمان مكررة): يخرج بكلمة (أيمان مكررة) ما يكتفى فيه باليمين الواحدة كسائر الدعاوى، فلا يعتبر قسامة. الجانب الثاني: ما يخرج بكلمة (في دعوى قتل): وفيه جزءان هما:

1 - بيان ما يخرج. 2 - الخروج. الجزء الأول: بيان ما يخرج: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. الجزئية الأولى: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (في دعوى قتل) ما دون القتل. الجزئية الثانية: الأمثلة: من أمثلة ما يخرج بكلمة (في دعوى قتل) ما يأتي: 1 - دعوى قطع الطرف. 2 - دعوى الجروح. 3 - دعوى كسر العظام. 4 - إتلاف المنافع. الجزء الثاني: الخروج: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الحروف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في القسامة فيما دون القتل على قولين: القول الأول: أنها لا تجرى فيه. القول الثاني: أنها تجري فيه. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم جريان القسامة فيما دون القتل بما يأتي: 1 - أن القسامة جاءت في دعوى القتل لعظم حرمة النفس، وما دونها لا يساويها فلا يقاس ضليها. 2 - أن القسامة جاءت في القتل؛ لأن القتيل لا يستطيع التعبير عن قاتله بخلاف ما دون القتل فإن المجني عليه بإمكانه التعبير عن المعتدي عليه، فلا تشرع القسامة ويكتفي بيمين واحدة كسائر الدعاوى. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول مجريان القسامة فيما دون القتل بما يأتي: 1 - أنها إذا أجريت القسامة في القتل وهو يؤدي إلى القتل كان جريانها فيما دون القتل أولى؛ لأن القتل أعظم خطرا فإذا جازت القسامة في الأشد جازت في الأسهل لقلة خطره. 2 - أن عدم إعمال القسامة فيما دون القتل يؤدي إلى إضاعة الدماء؛ لأن إثباتها بالبينة قد يتعسر، ومن جنى على قطع الطرف، أو الجرح أو الكسر أو إذهاب المنفعة لا يتورع عن الحلف على نفي ما ادعى به عليه. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن القياس. 2 - الجواب عن دعوى ضياع الدماء بعدم مشروعية القسامة.

الشيء الأول: الجواب عن القياس: يجاب عن قياس ما دون القتل على القتل: بأن القسامة جاءت على خلاف القياس فلا يصح القياس. الشيء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن عدم مشروعية القسامة فيما دون القتل يؤدي إلى ضياع الدماء: يجاب عن ذلك بقلب الدليل: بأن مشروعية القسامة فيما دون القتل يؤدي إلى إهدار الدماء؛ وذلك أنه وسيلة إلى الادعاء ظلما على برئ وقطعه أو إتلاف بعض منافعه بالقسامة. الجانب الثالث: ما يخرج بكلمة (معصوم): وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - أمثلته. 3 - توجيه الخروج. الجزء الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (معصوم) دعوى قتل غير المعصوم. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة غير المعصوم ما يأتي: 1 - الحربي. 2 - المرتد. 3 - الزاني المحصن. 4 - من وجب عليه القصاص. 5 - المحارب. 6 - الذمي بعد الإخلال بالذمة. 7 - المعاهد بعد نقض العهد.

الجزء الثالث: توجيه الخروج: وجه خروج غير المعصوم بكلمة (معصوم) أن غير المعصوم لا يجب قتل قاتله لو ثبتت الدعوى فلا فائدة بالقسامة لإثباتها. الفرع الثاني: اشتقاق القسامة: وفيه أمران هما: 1 - الاشتقاق. 2 - توجيه الاشتقاق. الأمر الأول: الاشتقاق: اشتقاق القسامة من القسم وهو الحلف. الأمر الثاني: توجيه الاشتقاق: وجه اشتقاق القسامة من القسم: أن الحكم فيها يبنى على الأيمان التي يؤديها أحد الطرفين. الفرع الثاني: مشروعية القسامة: وفيها ثلاثة أمور هي: 1 - المشروعية. 2 - دليل المشروعية. 3 - حال المشروعية. الأمر الأول: مشروعية القسامة: القسامة مشروعة بلا خلاف. الأمر الثاني: دليل مشروعية القسامة: الأصل في مشروعية القسامة: أن عبد الله بن سهل الأنصاري قتل في خيبر فادعى أولياؤه على اليهود، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (يقسم خمسون منكم على رجل

منهم فيدفع إليكم بومته) فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف. فقال - صلى الله عليه وسلم -: (تبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم). فقالوا: قوم كفار ضلال. فوداه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عنده (¬1). الأمر الثالث: حال مشروعية القسامة: وفيه جانبان هما: 1 - بيان حال المشروعية. 2 - التوجيه. الجانب الأول: حال المشروعية: مشروعية القسامة إذا تحققت شروطها. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم مشروعية القسامة إذا لم تحقق شروطها: أن الشرط يلزم من عدمه العدم، فإذا عدم الشرط عدم المشروط فإذا لم تتحقق شروط القسامة لم تشرع. الفرع الرابع: شروط القسامة: وفيه عشرة أمور هي: 1 - دعوى القتل. 2 - اللوت. 3 - اتفاق الأولياء على الدعوى. 4 - أن يكون في المدعين رجال مكلفون. 5 - أن تكون الدعوى على واحد معين. 6 - ألا تثبت الدعوى بدون القسامة. 7 - تكليف المدعى عليه. 8 - إمكان القتل منه. 9 - وصف القتل. 10 - كون الدعوى في قتل معصوم. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4520.

الأمر الأول: دعوى القتل: وفيه جانبان هما: 1 - ما يخرج بهذا الشرط. 2 - الخلاف فيه. الجانب الأول: ما يخرج: وفيه جزءان هما: 1 - ضابط ما يخرج. 2 - أمثلته. الجزء الأول: ضابط ما يخرج: الذي يخرج بشرط دعوى القتل: ما دون القتل. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما يخرج بشرط دعوى القتل ما يأتي: 1 - دعوى قطع الطرف. 2 - دعوى الجرح. 3 - دعوى الكسر. 4 - دعوى إتلاف المنفعة. الجانب الثاني: الخلدف في خروج ما سوى دعوى القتل من القسامة: وقد تقدم ذلك فيما يخرج بالتعريف. الأمر الثاني: اللوت: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ومن شرطها اللوت، وهو العداوة الظاهرة، كالقبائل التي يطلب بعضها بعضا بالتأثر، فمن ادعى عليه القتل من غير لوث حلف يمينا واحدة وبرئ. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - ضابط اللوت. 2 - أمثلته.

الجانب الأول: ضابط اللوت: اللوت: هو القرينة الظاهرة على صحة الدعوى. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة القرينة على صحة الدعوى ما يأتي: 1 - أن يوجد القتيل في موضع بين أهله وبين القتيل أو أوليائه عداوة ظاهرة، كالطلب بالثأر، والنزاع في أمر من الأمور. 2 - أن يوجد عند القتيل رجل معه سلاح ملطخ بالدم. 3 - أن يذكر القتيل قبل موته أن قاتله فلان، وبينهما سبب ظاهر يحمل على القتل. 4 - أن يوجد قتيل في الطريق ويوجد سيارة قد عبرت هذا الطريق وفيها أثر الدهس، كالدم في كفراتها، أو وجهها، أو أسفلها. 5 - أن يوجد رجل هارب من الموضع الذي فيه القتيل وقد أصاب الدم ملابسه. ويثبت التقرير الطبي أن هذا الدم هو دم القتيل. الأمر الثالث: اتفاق الأولياء: وفيه جانبان هما: 1 - المراد بالاتفاق. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان المراد باتفاق الأولياء: المراد باتفاق الأولياء ما يأتي: 1 - الاتفاق على المطالبة: فلا يكفي المطلب بالدم من بعض الأولياء دون بعض.

2 - الاتفاق على دعوى القتل فلا يكفي دعوى القتل من البعض وسكوت الباقين. 3 - الاتفاق على القتل فلو أنكره بعضهم أو نفى علمه فلا قسامة. 4 - الاتفاق على عين المدعى عليه، فلو حصل فيه خلاف، أو كانت الدعوى على مبهم، أو على أكثر من واحد فلا قسامة. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه أربعة أجزاء: الجزء الأول: توجيه الاتفاق على المطالبة: وجه اشتراط الاتفاق على الطالبة: أن الحق للجميع فلا يكفى طلب البعض كالقصاص. الجزء الثاني: توجيه الاتفاق على دعوى القتل: وجه ذلك: أن الساكت لا ينسب إليه قول. الجزء الثالث: توجيه الاتفاق على القتل: وجه ذلك: أنه لو كذب بعضهم بعضا بطلت الدعوى. الجزء الرابع: توجيه الاتفاق على عين القاتل: وجه ذلك: أنه لو حصل خلاف في القاتل بطلت الدعوى لتناقضها. الأمر الرابع: أن يكون في المدعين رجال مكلفون: وفيه جانبان هما: 1 - دليل الاشتراط. 2 - ما يخرج بالشرط.

الجانب الأول: دليل الاشتراط: دليل الاشتراط: قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في دليل مشروعية القسامة: (يقسم خمسون رجلا منكم) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه علق القسم بالرجال، ومفهوم ذلك أن غيرهم لا يقسم ولا يصح القسم منه. الجانب الثاني: ما يخرج: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - خروج النساء. 2 - خروج الصبيان. 3 - خروج فاقد العقل. الجزء الأول: خروج النساء: وفيه أرهلع جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - ما يترتب على الخلاف. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في خروج النساء من القسامة على قولين: القول الأول: أنهن يخرجن فلا تطلب الأيمان منهم ولا تصح. القول الثاني: أنهن لا يخرجن فتطلب الأيمان منهم وتصح. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4520.

الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بخروج النساء من القسامة بما يأتي: 1 - حديث: (يقسمم خمسون رجلا منكم) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه علق الأيمان بالرجال، ومفهومه أنه لا مدخل للنساء فيها. 2 - أن القسامة حجة يثبت قتل العمد بها فلا تسمع من النساء كالشهادة. 3 - أن الدعوى في جناية قتل ولا مدخل للنساء في إثباته. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بدخول النساء في القسامة: بأن القسامة يمين في دعوى فتشرع في حق النساء كسائر الأيمان. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن القسامة لا مدخل للنساء فيها. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح خروج النساء من القسامة: أنه أظهر دليلا. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب ترك القود في القسامة/4526.

الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن من الدعاوى ما لا تقبل أيمان النساء فيه، ومن ذلك إثبات القتل وهو محل الخلاف. الجزئية الرابعة: ما يترتب على الخلاف: مما يترتب على الخلاف سقوط القسامة إذا لم يوجد غير النساء، فعلى أن القسامة لا تشرع لهن تسقط، وعلى أنها مشروعة لهن لا تسقط. الجزء الثاني: خروج الصبيان: وفيه جزئيتان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الخروج: خروج الصبيان من القسامة لا خلاف فيه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه خروج الصبيان من القسامة ما يأتي: 1 - حديث: (يقسم منكم خمسون رجلا) (¬1). ووجه الاستدلال به أنه علق الأيمان بالرجال، ومفهوم ذلك أن غيرهم لا تصح منه اليمين. 2 - أن الأيمان حجة والصبيان لا حجة بأقوالهم. الجزء الثالث: خروج فاقد العقل: وفيه جزئيتان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب ترك القود في القسامة/4526.

الجزئية الأولى: الخروج: خروج فاقد العقل من القسامة لا خلاف فيه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه خروج فاقد العقل من القسامة: أنه بمعنى الصبي لحديث: (رفع القلم عن ثلاثة، النائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق والصغير حتى يبلغ) (¬1). الأمر الخامس: كون الدعوى على معين: وفيه جانبان هما: 1 - الدليل. 2 - ما يخرج به. الجانب الأول: الدليل: الدليل على اشتراط تعيين المدعى عليه في القسامة: حديث: (يقسم خمسون رجلا منكم على رجل منهم) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه حدد المقسم عليه برجل، وهذا يقتضي تحديد عين المدعى عليه. الجانب الثاني: ما يخرج: وفيه جزءان هما: 1 - المبهم. 2 - العدد. الجزء الأول: المبهم: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الخروج. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4520.

الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الدعوى على المبهم ما يأتي: 1 - الدعوى على أحد هذين. 2 - الدعوى على أحد هؤلاء. 3 - الدعوى على أحد آل فلان. الجزئية الثانية: الخروج: وفيها فقرتان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الخروج: المبهم لا تصح الدعوى عليه. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم صحة الدعوى في القسامة على المبهم ما يأتي: 1 - الحديث المتقدم، فإنه يقتضي تحديد عين المدعى عليه. 2 - أن المبهم لا يمكن تنفيذ الحكم عليه. الجزء الثاني: العدد: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الخروج. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الدعوى على العدد ما يأتي: 1 - الدعوى على هؤلاء. 2 - الدعوى على زيد وإخوانه. 3 - الدعوى على أولا زيد. الجزئية الثانية: الخروج: وفيها فقرتان هما:

1 - الخروج. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الخروج: الدعوى على أكثر من واحد في القسامة لا تصح. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم صحة الدعوى في القسامة على أكثر من واحد ما يأتي: 1 - الحديث المتقدم، حيث حدد المقسم عليه برجل واحد. 2 - أن القسامة دليل ضعيف فلا يتجاوز مورد النص وهو الواحد. الأمر السادس: ألا تثبت الدعوى بغير القسامة: وفيه جانبان هما: 1 - الاشتراط. 2 - توجيه الاشتراط. الجانب الأول: الاشتراط: إذا ثبتت الدعوى بغير القسامة لم تشرع. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم مشروعية القسامة إذا ثبتت الدعوى بدونها: أن القسامة لإثبات الدعوى، فإذا ثبتت الدعوى بدونها لم يكن لها حاجة فلا تشرع. الأمر السابع: تكليف المدعى عليه: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة الدعوى على غير المكلف. 2 - الاشتراط. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة الدعوى على غير المكلف ما يأتي: 1 - الدعوى على الصبي. 2 - الدعوى على غير العاقل.

الجانب الثاني: الاشتراط: وفيه جزءان هما: 1 - الإشتراط. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاشتراط: تكليف المدعى عليه أحد الشروط لصحة القسامة. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اشتراط تكليف المدعى عليه لصحة القسامة ما يأتي: 1 - أن الدعوى لا تسمع على غير المكلف. 2 - أن القسامة توجب القصاص وغير المكلف لا يقتص منه. الأمر الثامن: إمكان القتل من المدعى عليه: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة عدم الإمكان. 2 - الاشتراط. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة عدم إمكان القتل من المدعى عليه ما يأتي: 1 - أن يكون المدعى عليه حال القتل بعيدا عن موضعه بعدا يتعذر معه وصوله إليه في حينه. 2 - أن يكون المدعى عليه مريضا مرضا يمنع وقوع القتل منه، كان يكون القتل بالضرب، والمدعى عليه طريح الفراش، أو مشلولا أو شيخا هرما. 3 - أن يكون المدعى عليه صغيرا لا يتصور وقوع القتل منه. الجانب الثاني: الاشتراط: وفيه جزءان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه.

الجزء الأول: الاشتراط: إمكان القتل من المدعي عليه شرط لصحة القسامة. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اشتراط إمكان القتل من المدعى عليه لصحة القسامة: أنه إذا كان لا يمكن وقوع القتل من المدعى عليه كان الحس مكذبا للدعوى، وإذا كذب الحس الدعوى لم تقبل. الأمر التاسع: وصف الدعوى بما توجبه من قصاص أو دية: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاشتراط. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة وصف الدعوى ما يأتي: 1 - أن يقول المدعى: إن القتل كان عمدا. 2 - أن يقول: إن القتل كان شبه عمد. 3 - أن يقول: إن القتل كان خطأ. الجانب الثاني: الاشتراط: وفيه جزءان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاشتراط: وصف القتل في القسامة شرط لصحتها. الجزء الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط وصف القتل لصحة القسامة: أن الواجب بها يختلف باختلاف نوع القتل فيجب تحديده ليتحدد الواجب به.

الأمر العاشر: أن تكون الدعوى في قتل معصوم: وفيه جانبان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الاشتراط: كون الدعوى في قتل معصوم شرط لصحة القسامة. الجانب الثاني: التوجيه: وجه اشتراط كون الدعوى في القسامة في قتل معصوم: أن غير المعصوم غير مضمون فلا أثر للقسامة في قتله. الفرع الخامس أيمان القسامة: وفيه تسعة أمور هي: 1 - عددها. 2 - كونها بحضرة الحاكم. 3 - من يؤديها. 4 - ما يلزم كل واحد منها. 5 - صفتها. 6 - من يبدأ بها. 7 - النكول عنها. 8 - ردها. 9 - أثر اللحن فيها. الأمر الأول: عدد أيمان القسامة: وفيها جانبان هما: 1 - بيان العدد. 2 - الدليل. الجانب الأول: بيان العدد: عدد أيمان القسامة خمسون يمينا بلا خلاف.

الجانب الثاني: الدليل: الدليل على أن أيمان القسامة خمسون يمينا حديث: (يقسم خمسون منكم) (¬1). الأمر الثاني: كون الأيمان بحضرة الحاكم: وفيه جانبان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الاشتراط: أداء الأيمان بحضرة الحاكم شرط لصحتها وقبولها، فلو حصل الإقسام بغير حضرة الحاكم لم تصح ولم تقبل. الجانب الثاني: التوجيه: وجه اشتراط كون الأيمان بحضرة الحاكم: أنها بمنزلة البينة فلا يعتد بها بغير حضرة الحاكم. الأمر الثالث: من يؤدي الأيمان: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان من يؤدي الأيمان. 2 - عددهم. 3 - ترتيبهم. الجانب الأول: بيان من يؤدي أيمان القسامة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب ترك القود في القسامة/ 4520.

الجزء الأول: الخلاف: اختلف فيمن يؤدي أيمان القسامة على قولين: القول الأول: أن الذي يؤدي أيمان القسامة هم ذكور الورثة المكلفون. القول الثاني: أن الذي يؤدي الأيمان هم الذكور مطلقا ورثوا أو لم يرثوا. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الألى: توجيه القول الأول: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - توجيه اختصاصها بالذكور. 2 - توجيه اختصاصها بالمكلفين. 3 - توجيه اختصاصها بالورثة. الفقرة الأولى: توجيه اختصاص أيمان القسامة بالذكور: وقد تقدم ذلك في دخول النساء في القسامة. الفقرة الثانية: توجيه اختصاص أيمان القسامة بالمكلفين: وقد تقدم ذلك في خروج غير المكلفين من القسامة. الفقرة الثالثة: توجيه اختصاص أيمان القسامة بالوارثين: وجه ذلك: أن أيمان القسامة أيمان في حق فلا تلزم غير صاحب الحق كسائر الأيمان، وصاحب الحق في الدية هم الوارثون فلا تلزم الأيمان غيرهم. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن أيمان القسامة لا تختص بالورثة بحديث: (يقسم منكم خمسون رجلا) (¬1). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب ترك القود في القسامة/ 4526.

والاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: أنه طلب القسم من خمسين رجلا وهو يعلم أن هذا العدد لا يتوفر في الورثة في هذه الدعوى. الوجه الثاني: أن الخطاب لأبناء عم القتيل وهم محجوبون بالإخوة. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو عدم اختصاص أيمان القسامة بالورثة. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم اختصاص أيمان القسامة بالورثة: أنه أظهر دليلا وأقوى تعليلا. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه معارض بأقوى منه، وهو دليل القول الأول. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق، وذلك أن غير صاحب الحق في سائر الدعاوى لا علاقة له بها، بخلاف غير الوارث في القسامة فإن علاقته بها ظاهرة؛ لأن الضرر يلحقه، وهو العار والخطورة من القاتل. الجانب الثاني: عدد من يحلف: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه.

3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في عدد من يحلف أيمان القسامة على قولين: القول الأول: أن الذي يحلف ذكور الورثة المكلفون ولو كان واحدا. القول الثاني: أن الذي يحلف خمسون رجلا من الوارثين وغير الوارثين. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه هذا القول بحديث: (تحلفون خمسين يمينا) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه ذكر عدد الأيمان ولم يذكر عدد الحالفين. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول الثاني: بحديث: (يحلف خمسون رجلا منكم) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه قال: (يحلف خمسون رجلا) ولم يقل: تحلفون خمسين يمينا، وهذا صريح في عدد الحالفين، لا عدد الأيمان. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4526. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4520.

الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول الثاني، وأنه لا بد من حلف خمسين رجلا من الورثة وغيرهم. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب حلف خمسين رجلا من الورثة وغيرهم ما يأتي: 1 - أن دليله أظهر. 2 - أنه أحوط للدماء. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن ذلك: بأن ما استدلوا به مطلق فيمن يحلف، ودليل القول الراجح مقيد بخمسين حالفا، فيحمل المطلق على المقيد. الجانب الثالث: ترتيب الحالفين: وفيه جزءان هما: 1 - ترتيبهم على القول بأنهم الوارثون. 2 - ترتيبهم على القول بأنهم الوارثون وغيرهم. الجزء الأول: ترتيب الحالفين على القول بأنهم الوارثون: وفيه جزئيتان هما: 1 - الترتيب. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الترتيب: إذا قيل: بأن الحالفين هم الوارثون لم يوجد ترتيب. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم ترتيب الحالفين إذا كانوا هم الوارثين: أن الأيمان تقسم عليهم بحسب إرثهم فلا يوجد تقديم ولا تأخير.

الجزء الثاني: ترتيب الحالفين على القول: بأنهم الوارثون وغيرهم: وفيه جزئيتان هما: 1 - الترتيب. 2 - الأمثلة. الجزئية الأولى: الترتيب: وفيها فقرتان هما: 1 - التقديم بالإرث. 2 - التقديم بالقرب. الفقرة الأولى: التقديم بالإرث: إذا اجتمع الوارثون وغيرهم قدم الوارثون ثم غيرهم، فإن استوعب الوارثون الأيمان لم يتجاوزوا إلى غير الوارثين. وإلا أدخل من يكمل من غير الوارثين. الفقرة الثانية: التقديم بالقرب: إذا اختلف الحالفون في القرب والبعد قدم الأقرب فالأقرب، فإن استوعب الأقربون الأيمان وإلا حلف من بعدهم. الجزئية الثانية: الأمثلة: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة التقديم بالإرث. 2 - أمثلة التقديم بالقرب. الفقرة الأولى: أمثلة التقديم بالإرث: من أمثلة التقديم بالإرث ما يأتي: المثال ... المقدم ... التعليل 1 - أبناء وإخوة ... الأبناء ... الوارثون 2 - إخوة وأبناء إخوة ... الإخوة ... الوارثون 3 - أبناء إخوة وأعمام ... أبناء الإخوة ... الوارثون

الفقرة الثانية: أمثلة التقديم بالقرب: من أمثلة التقديم بالقرب ما يأتي: المثال ... المقدم ... التعليل 1 - زوجة وشقائق وأم (¬1) وإخوة وأبناء إخوة ... الإخوة ... الأقربون 2 - زوجة وأخوات لأب وأم وأبناء إخوة وأعمام ... أبناء الإخوة ... الأقربون 3 - شقائق وأم وأخت لأم وأعمام وأبناء أعمام ... الأعمام ... الأقربون الأمر الرابع: ما يلزم كل واحد من الأيمان: وفيه جانبان هما: 1 - ما يلزم. 2 - جبر الكسر. الجانب الأول: بيان ما يلزم: وفيه جزءان هما: 1 - ما يلزم كل واحد على القول بوجوب الحلف من خمسين رجلا. 2 - ما يلزم كل واحد على القول بأن الحالفين هم الورثة. الجزء الأول: ما يلزم كل واحد على القول بوجوب الحلف من خمسين رجلا: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا وجد الخمسون. 2 - إذا لم يوجد الخمسون. الجزئية الأولى: ما يلزم إذا وجد الخمسون: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يلزم. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) ذكرت الإناث في الأمثلة ليتضح أن التقديم بالقرب لا بالإرث.

الفقرة الأولى: بيان ما يلزم: إذا وجد خمسون حالفا لم يلزم الواحد أكثر من يمين واحدة. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه الاكتفاء بيمين واحدة لكل واحد: أن المقصود حلف خمسين يمينا، وذلك يحصل بحلف يمين واحدة من كل واحد من الخمسين حالفا فلا يبقى بعد ذلك إلى الزيادة حاجة. الجزئية الثانية: ما يلزم كل واحد إذا لم يوجد الخمسون: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يلزم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان ما يلزم: إذا قل الحالفون عن الخمسين قسمت الأيمان عليهم بالتساوي. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القسمة. 2 - توجيه التسوية. الشيء الأول: توجيه القسمة: وجه قسمة الأيمان على الموجود من الحالفين: أنه يجب استيعاب العدد الممكن من الخمسين فتقسم الأيمان عليهم ليتحقق الاستيعاب الممكن. الشيء الثاني: توجيه التسوية: وجه التسوية في قسم الأيمان على الموجود من الحالفين: أنه لا ميزة لبعضهم على بعض على القول بوجوب استيعاب الخمسين.

الجزء الثاني: ما يلزم كل واحد على القول بأن الحالفين هم الوارثون: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف القائلون بأن أيمان القسامة خاصة بذكور الورثة فيما يلزم كل واحد على قولين: القول الأول: أن الأيمان تقسم على الورثة حسب إرثهم. القول الثاني: أن الأيمان تلزم كل واحد من ذكور الورثة. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه التوزيع. 2 - توجيه بناء قدر الأيمان على نسبة الإرث. الشيء الأول: توجيه التوزيع: وجه توزيع الأيمان على الأولياء ما يأتي: 1 - حديث: (يقسم خمسون منكم) (¬1). ¬

_ (¬1) سنن أبي راود، كتاب الديات، باب ترك القود في القسامة/ 4520.

ووجه الاستدلال به: أنه طلب الأيمان من الجميع ولم يطلبها من كل واحد. 2 - أن الأيمان حجة للمدعين فلا تطلب من كل واحد كالبينة. الشيء الثاني: توجيه بناء قدر الأيمان على نسبة الإرث: وجه ذلك: أن لزوم الأيمان مقابل استحقاق الإرث بدليل أن غير الوارث لا يحلف، فتكون الأيمان بنسبته. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بلزوم الأيمان لكل واحد: بأن ما يحلفه الواحد إذا انفرد يحلفه مع الجماعة كاليمين في سائر الدعاوى. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالتوزيع. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتوزيع الأيمان: أنه يلزم على تحليف كل واحد للخمسين زيادة الأيمان عما ورد وهو لا يجوز. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن قياس أيمان القسامة على اليمين في سائر الدعاوى غير صحيح، وذلك لسببين: الأول: أنها ليست حجة للمدعي فلا تكون كالبينة، فلا تلزم كل واحد.

الثاني: أن اليمين في سائر الدعاوى لا تنقسم فكملت وجبر الكسر. كاليمين المنكسرة في القسامة. الثالث: أن قياسها على اليمين يعارضه قياسها على البينة وهو أولى؛ لأنها بينة. الجانب الثاني: جبر الكسر: وفيه جزءان هما: 1 - الجبر. 2 - من يجبر عليه. الجزء الأول: الجبر: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجبر. 2 - المثال. الجزئية الأولى: الجبر: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم الجبر. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم الجبر: جبر اليمين المنكسرة في القسامة واجب. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جبر الكسر في القسامة: أن تكميل الخمسين واجب ولا يمكن تبعيض اليمين ولا تحميل بعضهم لها عن بعض فوجب تكميل اليمين المنكسرة في حق كل واحد. الجزئية الثانية: المثال: من أمثلة جبر الكسر ما يأتي:

الورثة ... الأيمان قبل الجبر ... الأيمان بعد الجبر (1) زوج 1/ 4 ... 1/ 2, 12 ... 13 ابن (ب) 1/ 2, 37 ... 38 (2) زوج 1/ 4 ... 1/ 2, 12 ... 13 ... ابن ب ... 1/ 3, 12 ... 13 ... ابن ب ... 1/ 3, 12 ... 13 ... ابن ب ... 1/ 3, 12 ... 13 الجزء الثاني: من يجبر عليه الكسر: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - الأمثلة. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف فيمن يجبرعليه الكسر على قولين: القول الأول: أنه يجبر على كل واحد. القول الثاني: أنه يجبر على من عليه أكثر الكسر. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما:

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بجبر الكسر على كل واحد بما يلي: 1 - أن اليمين في سائر الدعاوى تكمل في حق كل واحد بقطع النظر عن نسبة استحقاقه من محل الدعوى فكذا في القسامة. 2 - أنها إذا تساوت الكسور جبر الكسر في حق كل واحد فكذلك إذا اختلفت. 3 - أن جبر الكسر الأصغر كجبر الكسر الأكبر؛ لأن الكل جبر كسر. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بحبر الكسر الأكبر: بأنه قليل بالنسبة لجبر الكسر الأصغر فإنه كثير، وتحميل القليل أولى من تحميل الكثير. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - جبر الكسر بالنسبة للجميع. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بجبر الكسر بالنسبة للجميع: أنه أسلم من السلبيات المترتبة على جبر الكسر الأكبر الآتية في الجواب عن وجهة هذا القول. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول بما يأتي:

1 - أنه إسقاط لليمين عمن يلزمه بعضها وهذا لا يجوز. 2 - أنه يفضي إلى أن يتحمل اليمين غير من وجبت عليه عمن وجبت عليه وهذا لا يجوز كاليمين الكاملة وكالجزء الأكبر. الجزئية الرابعة: الأمثلة: وفيها فقرتان هما: 1 - مثال جبر الكسور كلها. 2 - مثال جبر الكسر الأكبر. الفقرة الأولى: مثال جبر الكسور كلها: وقد تقدم ذلك في جبر الكسر. الفقرة الثانية: مثال جبر الكسر الأكبر: من أمثلة جبر الكسر الأكبر ما يأتي: المثال ... الأيمان قبل الجبر ... الأيمان بعد الجبر أخ لأم 1/ 6 ... 1/ 3, 8 ... 8 أخ لأب 1/ 6 ... 1/ 3, 41 ... 42 أب ... 1/ 6 ... 1/ 3, 8 ... 8 ابن ... 2/ 3, 41 ... 42 الأمر الخامس: صفة اليمين: وفيه جانبان هما:

1 - صفة اليمين. وفيه جانبان هما: 1 - صفة اليمين بالنسبة للمدعي. 2 - صفة اليمين بالنسبة للمدعي عليه. الجانب الأول: صفة اليمين بالنسبة للمدعي: وفيه ستة أجزاء هي: 1 - بيان المقسم به. 2 - تسمية الدعى عليه. 3 - تسمية المقتول ونسبته إلى الحالف. 4 - نفي المشاركة في القتل أو إثباتها. 5 - وصف القتل بالعمد أو شبهه أو الخطأ. 6 - أمثلة القسم. الجزء الأول: المقسم به: يصح القسم بكل اسم من أسماء الله أو صفة من صفاته. الجزء الثاني: تسمية المدعى عليه: وفيه جزئيتان هما: 1 - التسمية. 2 - قيام الإشارة مقام التسمية. الجزئية الأولى: حكم التسمية: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: تسمية المدعى عليه ونسبه بما يتحدد به في القسامة واجب.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه وجوب تسمية المدعى عليه ونسبه في القسامة: أنه لا يتأتى تنفيذ الحكم عليه حتى يتحدد تحديدا لا لبس فيه، ولا يتم ذلك إلا بذكر الاسم والنسب بما يحدده. الجزئية الثانية: قيام الإشارة مقام ذكر الاسم والنسب: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم الاكتفاء بالإشارة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: الإشارة إلى المدعى عليه تقوم مقام ذكر الاسم والنسب. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه الاكتفاء بالإشارة إلى المدعى عليه عن ذكر اسمه ونسبه: أن المقصود من ذكر الاسم والنسب تحديد المدعى عليه تحديدا لا لبس فيه، والإشارة إليه تحقق هذا الهدف فيكتفى بها. الجزء الثالث: تسمية المقتول، ونسبته إلى المقسم: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم التسمية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: تسمية المقتول ونسبته إلى المقسم في القسامة واجب. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب تسمية المقتول ونسبته إلى المقسم ما يأتي:

1 - أنه يجب تحديد المقتول تحديدا لا لبس فيه ولا يتحقق ذلك إلا بتسميته ونسبه. 2 - أن القسم لا يصح إلا من وارث المقتول فيجب أن ينسبه المقسم ويذكر قرابته منه لتعرف صلته به ودخوله في المقسمين. الجزء الرابع: نفي المشاركة في القتل أو إثباتها: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - حكم النفى والإثبات. الجزئية الأولى: الأمثلة: وسيأتي ذلك في الجزء السادس، أمثلة القسم. الجزئية الثانية: حكم نفى المشاركة أو إثباتها: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: نفى المشاركة أو إثباتها في القسامة واجب فلا تصح بدونه. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه وجوب إثبات المشاركة في القتل أو نفيها في القسامة: أن الحكم يختلف بسبب الاشتراك والانفراد فيجب إثبات ذلك أو نفيه ليتحدد الحكم المبني عليه. الجزء الخامس: وصف القتل بالعمد أو شبهه أو بالخطأ: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: وصف القتل بالعمد أو شبهه أو بالخطأ واجب.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب وصف القتل بالعمد أو شبهه أو بالخطأ في القسامة: أن الحكم يختلف باختلاف ذلك، فيجب بيانه ليتحدد الحكم المبني عليه. الجزء السادس: أمثلة القسم: وفيه جزئيات: الجزئية الأولى: إثبات العمد ونفي المشاركة: من ذلك: والله إن زيد بن عمر بن سعيد المساح قد قتل ابني جميل بن محمد الصباغ عمدا لم يشاركه فيه أحد. الجزئية الثانية: أمثلة إثبات العمد والمشاركة: من ذلك: بالله إن زيد بن عمرو بن سعيد المساح وأخاه محمد بن عمرو بن سعيد المساح قد قتلا ابني جميل بن محمد الصباغ عمدا. الجزئية الثالثة: أمثلة إثبات شبه العمد ونفي المشاركة: من ذلك: تالله إن زيد بن عمرو بن سعيد المساح قد قتل ابني محمد بن جميل الصباغ شبه عمد لم يشاركه فيه أحد. الجزئية الرابعة: أمثلة إثبات شبه العمد والمشاركة: من ذلك: تالله إن زيد بن عمرو بن سعيد المساح وأخاه محمد بن عمرو بن سعيد المساح قد قتلا أخي صالح بن غانم الصباغ شبه عمد. الجزئية الخامسة: أمثلة إثبات الخطأ ونفي المشاركة: من أمثلة ذلك: وعزة الله لقد قتل زيد بن عصرو بن سعيد المساح أبي محمد بن جميل الصباغ خطأ وحده لم يشاركه فيه أحد. الجزئية السادسة: أمثلة إثبات الخطأ والمشاركة: من أمثلة ذلك: وعزة الله لقد قتل زيد بن عمرو بن سعيد المساح هو وأخوه محمد بن سعيد المساح ابن أخي محمد بن صالح الصباغ خطأ.

الجانب الثاني: صفة اليمين بالنسبة للمدعى عليه: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - بيان المقسم به. 2 - نفي القتل والمشاركة فيه والإعانة عليه وفعل ما يوصل إليه أو يعين عليه. 3 - تسمية القتيل ونسبه. 4 - الأمثلة. الجزء الأول: بيان المقسم به: وقد تقدم ذلك في صفة القسم بالنسبة للمدعي. الجزء الثاني: نفي القتل: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم النفي. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم النفي: يجب على المدعى عليه في القسم نفي القتل والمشاركة فيه والإعانة عليه وفعل ما يوصل إليه أو يعين عليه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب نفي المدعى عليه القتل: أن ذلك هو الدعوى فلا يبرأ منها إلا بنفيها. الجزء الثالث: تسمية القتيل ونسبه: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم التسمية. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم التسمية: تسمية المدعى عليه للقتيل واجب لا يتم القسم إلا به. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب تسمية القتيل في قسم المدعى عليه: أن القتيل هو المقسم على نفي قتله فلا يتحدد المقسم عليه بغير ذكر اسمه.

الجزء الرابع: الأمثلة: من أمثلة قسم المدعى عليه ما يأتي: 1 - والله ما قتلت محمد بن عبد الله الهاشمي ولا شاركت في قتله ولا أعنت عليه ولا فعلت ما يقتله أو يكون سببا في قتله أو يعين عليه. 2 - وعزة الله وجلاله إني لبرئ من قتل زيد بن بكر بن محمد القاسمي ومن المشاركة في قتله أو الإعانة عليه أو فعل ما يكون سببا في موته أو الإعانة عليه. 3 - برب السموات والأرض وما فيهن ما قتلت سعد بن عبد الله بن محمد الوراق ولا شاركت في قتله ولا أعنت عليه ولا فعلت ما يكون سببا في قتله. الأمر السادس: من يبدأ بالأيمان: قال المؤلف - رحمه الله تعالى - ويبدأ بأيمان الرجال من ورثة الدم فيحلفون خمسين يمينا. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - البدء بين المدعي والمدعى عليه. 2 - البدء بين أولياء القتيل. الجانب الأول: البدء بين المدعي والمدعى عليه: وفيه جزءان هما: 1 - بيان من يبدأ. 2 - التوجيه. الجزء الأولى: بيان من يبدأ: الذي يبدأ بأيمان القسامة هم أولياء القتيل. الجزء الثاني: التوجيه: وجه بدء أولياء القتيل بالأيمان: أنها بمنزلة البينة وهي على المدعي، والأولياء هم المدعون.

الجانب الثاني: من يبدأ بالأيمان من أولياء القتيل: وقد تقدم ذلك في ترتيب الأولياء. الأمر السابع: النكول عن اليمين: وفيه جانبان هما: 1 - نكول الأولياء. 2 - نكول المدعى عليه. الجانب الأول: نكول الأولياء: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - حكمه. 2 - دليله. 3 - توجيهه. 4 - ما يترتب عليه. الجزء الأول: حكم نكول الأولياء: نكون الأولياء عن الأيمان جائز. الجزء الثاني: الدليل: دليل نكول الأولياء عن الأيمان: ما ورد أن الأنصار لا رفضوا الأيمان لم يجبرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليها، ولم يحكم عليهم به. الجزء الثالث: التوجيه: وجه جواز نكول الأولياء عن الأيمان: أنها حجتهم فلا تلزمهم كالبينة. الجزء الرابع: ما يترتب على نكول الأولياء: وفيها جزئيتان هما: 1 - إذا نكل الكل. 2 - إذا نكل البعض. الجزئية الأولى: إذا نكل الكل: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يترتب. 2 - الدليل.

الفقرة الأولى: بيان ما يترتب: إذا رفض الأولياء كلهم الأيمان ردت على المدعى عليه. الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على رد الأيمان على المدعى عليه: ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رفض الأنصار الأيمان قال: (تبرئكم يهود بأيمان خمسين رجل منهم) (¬1). الجزئية الثانية: إذا نكل البعض: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا كان الواجب بالقسامة القود. 2 - إذا كان الواجب بالقسامة المال. الفقرة الأولى: إذا كان الواجب بالقسامة القود: وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يترتب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان ما يترتب: لم أر من تعرض لذلك، والذي يظهر - والله أعلم - أنها ترد الأيمان على الباقين. الشيء الثاني: التوجيه: وجه رد الأيمان إذا نكل بعض الأولياء على الباقين ما يأتي: 1 - أن من نكل من الأولياء سقط اعتباره كالنساء، 2 - أن من لم ينكل لو لم يوجد غيره حلف الأيمان كلها، فكذلك إذا كان الموجود معه ناكلا. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4520.

الفقرة الثانية: إذا كان الواجب بالقسامة المال: وفيها شيئان هما: 1 - بيان ما يترتب. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان ما يترتب: إذا كان الواجب بالقسامة المال حلف من لم ينكل ما عليه من الأيمان واستحق نصيبه. الشيء الثاني: التوجيه: وجه كون من لم ينكل عن الأيمان يحلف ما عليه: أنه لو كان معه صغير أو غائب كان الحكم كذلك، فكذلك إذا كان من معه ناكلا. الجانب الثاني: نكول المدعى عليه: وفيه جانبان هما: 1 - حكمه. 2 - ما يترتب عليه. الجزء الأول: الحكم: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: نكول المدعى عليه جائز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جواز نكول المدعى عليه عن الأيمان: أنها حجته التي يبرأ بها من الدعوى ومن حقه أن يؤديها أو يرفضها؛ لأن أثر ذلك عليه أو له وحده. الجزء الثاني: ما يترتب: وفيه ثلاث جزئيات هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: إذا نكل المدعى عليه عن الأيمان فقد اختلف فيما يترتب عليه علي قولين: القول الأول: أنه لا يترتب عليه شيء. القول الثاني: أنها تجب عليه الدية. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه عدم وجوب القصاص. 2 - توجيه عدم وجوب الدية. الشيء الأول: توجيه عدم وجوب القصاص: وجه عدم وجوب القصاص بنكول المدعى عليه عن الأيمان: أن الأيمان حجة ضعيفة فلا يناط بها إراقة الدم كالشاهد واليمين. الشيء الثاني: توجيه عدم وجوب الدية: وجه عدم وجوب الدية بنكول المدعى عليه من الأيمان: أن مشروعية الأيمان في حق المدعي وليس في حق المدعى عليه فلا يحكم عليه بالنكول عما لا يلزمه كإحضار البينة، فإنه لا يحكم على المدعى عليه بالامتناع عن تقديمها. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب الدية بنكول المدعى عليه عن الأيمان بما يأتي:

1 - أن الحكم بالنكول ثابت في سائر الدعاوى فيثبت في القسامة كذلك. 2 - أنه إذا لم يجب القصاص بالنكول، ولم تجب الدية، أدى إلى إهدار الدم وإسقاط حق المدعين مع إمكان جبره فلم يجز، كما في سائر الدعاوى. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الواجح: الراجح - والله أعلم - عدم وجوب شيء. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم وجوب شيء ما يأتي: 1 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يلزم اليهود بشيء. 2 - أن الحكم بالدية حين النكول حكم بمجرد الدعوى، وذلك لا يجوز. 3 - أن الحكم بالشيء فرع عن ثبوت سببه، ووجوب الدية فرع عن ثبوت القتل وهو لم يثبت. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن قياس نكول المدعى عليه في القسامة على نكوله في سائر الدعاوى. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن عدم إيجاب المال يفضي إلى إهداء الدم وإسقاط حق المدعين.

الشيء الأول: الجواب عن القياس: يجاب عن ذلك بأنه قياس مع الفارق فلا يصح، وذلك أن النكول في سائر الدعاوى نكول عن واجب؛ لأن اليمين في سائر الدعاوى على المدعى عليه؛ لحديث: (البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه) (¬1). بخلاف الأيمان في القسامة فإنها على المدعي وليست على المدعى عليه. الشيء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن عدم إيجاب المال يؤدي إلى إهدار الدم: يجاب عن ذلك بثلاثة أجوبة: الجواب الأول: أن مسؤولية الدم لم تثبت على المدعى عليه. الجواب الثاني: أنه يمكن ضمان الدم من بيت المال كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الجواب الثالث: أن إهدار الدم راجع إلى نكول المدعي عن الأيمان، وليس راجعا إلى نكول المدعى عليه. الأمر الثامن: رد اليمين: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: فإن نكل الورثة أو كانوا نساء حلف المدعى عليه خمسين يمينا وبرئ. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - رد اليمين على المدعى عليه. 2 - ردها إلى المدعى إذا نكل عنها المدعى عليه. الجانب الأول: رد الأيمان على المدعى عليه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الدعاوى والبينات، باب البينة على المدعي 10/ 252.

1 - حكم الرد. 2 - حالة الرد. 3 - ما يترتب على الرد. الجزء الأول: حكم الرد: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا رضي الأولياء. 2 - إذا لم يرض الأولياء. الجزئية الأولى: رد الأيمان على المدعى عليه إذا رضي الأولياء: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل. الفقرة الأولى: بيان الحكم: رد الأيمان في القسامة على المدعى عليه إذا رضي الأولياء جائز. الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على رد الأيمان في القسامة على المدعى عليه: ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رفض الأنصار الحلف قال: (تبرئكم يهود بحلف خمسين رجلا منهم) (¬1). وهذا صريح في جواز الرد. الجزئية الثانية: رد اليمين على المدعى عليه إذا لم يرض الأولياء: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم الرد. 2 - الدليل. الفقرة الأولى: حكم الرد: إذا لم يرض الأولياء برد اليمين على المدعى عليه لم ترد. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4520.

الفقرة الثانية: الدليل: الدليل على عدم رد اليمين على المدعى عليه إذا لم يرض الأولياء: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يحلف اليهود لما لم يرض الأنصار بأيمانهم. الجزء الثاني: حالة الرد: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان حالة الرد. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان حالة الرد: رد أيمان القسامة على المدعى عليه إذا نكل عنها المدعي ورضي بأيمان المدعى عليه. الجزئية الثانية: الدليل: وفيها فقرتان هما: 1 - الدليل على توقف الرد على رفض المدعي للأيمان. 2 - الدليل على توقف الرد على رضا المدعي بأيمان المدعى عليه. الفقرة الأولى: الدليل على توقف الرد على رفض المدعي للأيمان: الدليل على ذلك: ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدأ بها الأنصار ولم يردها على اليهود إلا بعد رفض الأنصار لها. الفقرة الثانية: الدليل على توقف الرد على رضا المدعي بأيمان المدعى عليه: الدليل على ذلك: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يحلف اليهود لما لم يرض الأنصار بأيمانهم. الجزئية الثالثة: التوجيه: وجه عدم رد أيمان القسامة على المدعى عليه حتى يرفضها المدعي: أن البدء بها حق للمدعي فلا يتجاوز بها قبل رفضه لها، كما يتوقف خلف المدعى عليه على عدم تقديم البينة من المدعي.

الجزء الثالث: ما يترتب على الرد: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا أدى الأيمان. 2 - إذا نكل عنها. الجزئية الأولى: ما يترتب إذا أدى المدعى عليه الأيمان: وفيها فقرتان هما: 1 - البراءة من القتل. 2 - البراءة من المال. الفقرة الأولى: البراءة من القتل: وفيها شيئان هما: 1 - البراءة. 2 - الدليل. الشيء الأول: البراءة: إذا ردت أيمان القسامة على المدعى عليه فأداها برئ من القصاص بلا خلاف. الشيء الثاني: الدليل: الدليل على براءة المدعى عليه من القصاص إذا ردت عليه الأيمان فأداها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (تبرئكم يهود بخمسين يمينا) (¬1). أي تبرأ من دمكم. الفقرة الثانية: البراءة من المال: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب الموادعة/3173.

الشيء الأول: الخلاف: إذا ردت أيمان القسامة على المدعى عليه فأداها فقد اختلف في براءته بذلك من المال على قولين: القول الأول: أنه لا يبرأ. القول الثاني: أنه يبرأ. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم براءة المدعى عليه من المال بأداء الأيمان بما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قضى بالأيمان والدية (¬1). النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول ببراءة المدعى عليه من المال بأداء الأيمان: بحديث: (تبرئكم يهود بخمسين يمينا) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه حكم ببراءة المدعى عليه بأداء الأيمان، وهو مطلق فيشمل البراءة من المال. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب القسامة 10/ 35. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب الموادعة/3173.

1 - يمان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالبراءة. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول ببراءة المدعى عليه من المال بأداء الأيمان: أن دليله من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - ودليل الآخر من فعل عمر - رضي الله عنه -، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحق وأولى من فعل عمر. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك بما تقدم في توجيه الترجيح. الجزئية الثانية: ما يترتب على رد الأيمان على المدعى عليه إذا نكل عنها المدعي: وقد تقدم ذلك في النكول عن اليمين. الجانب الثاني: رد الأيمان على المدعي إذا نكل عنها المدعى عليه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في رد الأيمان في القسامة على المدعي بعد نكول المدعى عليه عنها على قولين: القول الأول: أنها لا ترد. القول الثاني: أنها ترد.

الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الرد بما يأتي: 1 - أن اليمين المردودة على المدعي بعد نكول المدعى عليه عنها لا ترد على المدعى عليه مرة أخرى في سائر الدعاوى فكذلك في القسامة إذا ردت على المدعى عليه لنكول المدعي عنها لم ترد عليه. 2 - أنه لو جاز ردها إلى المدعي بعد نكول المدعى عليه عنها لجاز ردها إلى المدعى عليه مرة أخرى بعد نكول المدعي عنها مرة أخرى لعدم الفرق، وهذا يؤدي إلى عدم استقرار الحكم فلا يجوز. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بجواز الرد: بأن اليمين في سائر الدعاوى ترد على المدعي إذا نكل عنها المدعى عليه، فترد في القسامة كذلك؛ لأن نكول المدعى الأول بمنزلة عدم تقديمه للبينة فلا يعتبر نكولا عن اليمين، فلا يعتبر الرد عليه ردا بعد النكول. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم الرد.

الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الرد: أن توجيهه أظهر. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأن قياس رد اليمين على المدعي بعد نكوله عنها على ردها عليه في سائر الدعاوى غير صحيح؛ لأن اليمين في سائر الدعاوى لم تطلب من المدعي قبل نكول المدعى عليه عنها فلا يعتبر ناكلا، بخلاف أيمان القسامة فقد طلبت من المدعي أولا فنكل عنها. الأمر التاسع: أثر اللحن في القسم: وفيه جانبان هما: 1 - إذا لم يغير المعنى. 2 - إذا غير المعنى. الجانب الأول: إذا لم يغير المعنى: وفيه جزءان هما: 1 - المثال. 2 - الأثر. الجزء الأول: المثال: من أمثلة اللحن في القسم الذي لا يغير العنى: رفع المقسم به أو نصبه، مثل: واللهُ بالرفع أو بالنصب. الجزء الثاني: الأثر: إذا لم يغير اللحن المعنى لم يؤثر في صحة القسم. الجانب الثاني: إذا غير اللحن المعنى: وفيه جزءان هما: 1 - المثال. 2 - الأثر.

الجزء الأول: المثال: من أمثلة اللحن في القسم الذي يغير المعنى ما يأتي: 1 - والله ما قتلته، بفتح التاء، فإنه يغير المعنى من التكلم إلى الخطاب. 2 - والله ما قتلتوه فإنه يغير المعنى من الإفراد إلى الجمع ومن التكلم إلى لخطاب. الجزء الثاني: الأثر: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الأثر: إذا تغير المعنى باللحن لم يصح القسم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم صحة القسم إذا تغير المعنى باللحن: أنه لا يحقق المراد من القسم، فينقل إسناد القتل من المتكلم إلى غيره. الفرع السادس: سقوط القسامة: وفيه أمران هما: 1 - أسباب السقوط. 2 - تحمل بيت المال لدية القتيل. الأمر الأول: أسباب السقوط: من أسباب سقوط القسامة ما يأتي: 1 - أن يكون الأولياء كلهم نساء على القول بعدم دخول النساء في القسامة. 2 - عدم اللوث كالدهس في الزحام، ووجود القتيل في موضع ليس بينه وبين أهله عداوة. 3 - إذا لم يقسم الأولياء ولم يرضوا بأيمان المدعى عليهم.

الأمر الثاني: تحمل بيت المال لدية القتيل: وفيه جانبان هما: 1 - التحمل. 2 - التوجيه. الجانب الأول: التحمل: إذا سقطت القسامة كانت الدية في بيت المال. الجانب الثاني: التوجيه: وجه تحمل بيت المال للدية إذا سقطت القسامة ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع الدية من بيت المال (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - دفع الدية للمدهوس في الكعبة من بيت المال بمشورة علي - رضي الله عنه - (¬2). 3 - ما ورد أن عليا دفع دية المدهوس في زحام الجمعة من بيت المال (¬3). الفرع السابع: ما يجب بالقسامة: وفيه أمران هما: 1 - القصاص. 2 - الدية. الأمر الأول: القصاص: وفيه جانبان هما: 1 - حالة الوجوب. 2 - الوجوب. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب الموادعة/3173. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب من قتل في زحام/ 10/ 18317/51. (¬3) مصنف عبد الرزاق، باب من قتل في زحام 10/ 18316/51.

الجانب الأول: حالة الوجوب: وجوب القصاص بالقسامة: إذا كانت دعوى القتل عمدا محضا، فإن كانت شبه عمد أو خطأ فلا قصاص. الجانب الثاني: الوجوب: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في وجوب القصاص بالقسامة على قولين: القول الأول: أنه يجب. القول الثاني: أنه لا يجب. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب القصاص بما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (تحلفون خمسين يمينا على واحد منهم ويدفع إليكم برمته) (¬1). 2 - أن القسامة تثبت القتل وصفته، وإذا ثبت القتل العمد وجب القصاص. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4520.

3 - ما ورد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقاد بالقسامة (¬1). الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب القصاص بالقسامة بما يأتي: 1 - حديث: (إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب من الله ورسوله) (¬2). 2 - أن القسامة تبنى على الظن وحكم الظاهر فلا يسفك بها الدم. 3 - أن القسامة لا يثبت بها النكاح فلا يثبت بها القصاص كالشاهد واليمين. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب القصاص. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القصاص بالقسامة: أنه أصح دليلا وأقوى تعليلا. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن القسامة تبنى على الظن. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4521. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الديات، باب القسامة/ 4521.

3 - الجواب عن الاحتجاج بقياس القصاص على النكاح. الفقرة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن هذا الدليل: بأنه معارض بأقوى منه. الفقرة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن هذا الدليل بجوابين: الجواب الأول: أنه اجتهاد في مقابلة النص. الجواب الثاني: أن الشارع اعتبر القسامة وعمل بها. الفقرة الثالثة: الجواب عن الدليل الثالث: يجاب عن هذا الدليل بجوابين: الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص فلا يعتد به. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق، وذلك أن النكاح يثبت بالشهادة لا بالقسم، فلو أقسم اثنان ممن يعتد بشهادتهم في النكاح أن فلانة زوجة لفلان ثبتت الزوجية بالشهادة لا بالأيمان؛ لأن الأيمان شهادات مؤكدة بالأيمان. ولا يرد أن الأيمان في القسامة شهادات فلا يحتاج إلى كثرتها؛ لأنها من أطراف الدعوى وهم لا يشهدون لأنفسهم. الأمر الثاني: الدية: وفيه جانبان هما: 1 - حالة الوجوب. 2 - الوجوب. الجانب الأول: حالة الوجوب: وجوب الدية إذا كانت الدعوى في غير قتل العمد.

الجانب الثاني: الوجوب: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: إذا كانت الدعوى في القسامة في غير قتل العمد كان الواجب الدية. الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب الدية بالقسامة: أن القصاص يجب بها كما تقدم وهو أشد منها وإذا وجب الأشد كان وجوب الأخف أولى. الفرع الثامن: انتظار الغائب وغير المكلف: وفيه أمران هما: 1 - إذا كان الواجب القصاص. 2 - إذا كان الواجب الدية. الأمر الأول: إذا كان الواجب القصاص: وفيه جانبان هما: 1 - الانتظار. 4 - التوجيه. الجانب الأول: الانتطار: إذا كان الواجب بالقسامة القصاص وجب الانتظار، فلا يقسم الحاضر حتى يقدم الغائب، ولا يقسم الكبير حتى يبلغ الصغير. الجانب الثاني: التوجيه: وجه الانتظار إذا كان الواجب القصاص: أن القصاص حق للجميع وهو لا يتبعض، فلا يستفاد من حلف الحاضر أو الكبير قبل قدوم الغائب أو بلوغ الصغير.

الأمر الثاني: إذا كان الواجب الدية: وفيه جانبان هما: 1 - الانتظار. 2 - عدد الأيمان على القول بعدم الانتظار. الجانب الأول: الانتطار: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: إذا كان الواجب بالقسامة الدية فقد اختلف في انتظار الغائب وغير المكلف على قولين: القول الأول: أنه ينتظر. القول الثاني: أنه لا ينتظر. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالانتظار بما يأتي: 1 - أن الدية لا تثبت إلا بثبوت القتل، وهو لا يثبت إلا بأيمان الجميع؛ لأن الأيمان كالبينة، والحق لا يثبت قبل اكتمالها.

2 - أن الانتظار في حالة وجوب القصاص واجب فكذلك إذا كان الواجب الدية؛ لأن الكل لا يثبت إلا بثبوت القتل. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الانتظار بما يأتي: 1 - أن الدية تتجزأ فيقسم الحاضر ويأخذ نصيبه منها، وبذلك تنتفي الحاجة إلى الانتظار. 2 - أن الانتظار يضر بالحاضر من غير حاجة فلا يجوز. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالانتظار. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالانتظار: أن استحقاق الدية متوقف على ثبوت القتل، وهو لا يثبت إلا باكتمال الأيمان، وهي لا تكتمل إلا بأيمان كل من تلزمهم فلا ينوب فيها بعضهم عن بعض. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بإمكان تجزئ الدية. 2 - الجواب عن الاحتجاج بالضرر بالانتظار.

الفقرة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن الاحتجاج بتجزئ الدية: بأن الانتظار لعدم ثبوت القتل قبل اكتمال الأيمان وليس لعدم التجزئ فليس لإمكان التجزئ أثر في الانتظار أو عدمه. الفقرة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: يجاب عن الاحتجاج بالضرر بالانتظار: بأن هذا الضرر على التسليم به يقابله ضرر المتهم بتحميله ما لم يثبت عليه، والضرر لا يزال بالضرر. الجانب الثاني: الأيمان اللازمة لكل واحد إذا قيل بعدم الانتظار: وفيه جزءان هما: 1 - الأيمان اللازمة للحاضر المكلف. 2 - الأيمان اللازمة للغائب إذا حضر وغير المكلف إذا كلف. الجزء الأول: الأيمان اللازمة للحاضر المكلف: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في الأيمان اللازمة لكل واحد من الحاضرين المكلفين إذا قيل بعدم الانتظار على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يقسم كل واحد بنسبة استحقاقه من الدية. القول الثاني: أنه يقسم كل واحد خمسين يمينا. القول الثالث: أن الأيمان تقسم على الحاضرين المكلفين بنسبة استحقاقهم من الدية بقطع النظر عن الغائبين وغير المكلفين.

الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن يقسم كل واحد بنسبة استحقاقه من الدية بما يأتي: 1 - أنه لو اكتمل الجميع لم يلزم كل واحد إلا بنسبة استحقاقه فكذلك إذا انفرد. 2 - أنه لا يستحق أكثر من قسطه من الدية فلا يلزمه أكثر من قسطه من الأيمان. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن يقسم كل واحد خمسين يمينا بما يأتي: 1 - أن الحكم لا يثبت إلا بالبينة الكاملة، والبينة الكاملة في القسامة هي الأيمان كلها. 2 - أن الأيمان في القسامة كاليمين في سائر الدعاوى، واليمين في سائر الدعاوى تلزم كل واحد فكذلك أيمان القسامة. الفقرة الثالثة: توجيه القول الثالث: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه توزيع الأيمان على الحاضرين. 2 - توجيه عدم الإلزام بالأيمان كلها لكل واحد. الشيء الأول: توجيه توزيع الأيمان على الحاضرين: وجه توزيع الأيمان على الحاضرين دليله للمذهب الثاني.

الشيء الثاني: توجيه عدم الإلزام بالأيمان كلها لكل واحد: وجه ذلك بما يأتي: 1 - أن الأيمان هي حجة المدعين فلا تطلب من كل واحد كالبينة. 2 - أن الشارع لم يطلب أكثر من خمسين يمينا فإذا كملت بالتوزيع على الحاضرين لم يلزم أكثر منها. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بتوزيع الأيمان على الحاضرين المكلفين بقطع النظر عن الغائبين وغير المكلفين. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتوزيع الأيمان على الحاضرين المكلفين: أنه أسلم من السلبيات الواردة على الأقوال الأخرى. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه شيئان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الأول. 2 - الجواب عن وجهة القول الثاني. الشيء الأول: الجواب عن وجهة القول الأول: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن قياس حال الانفراد على حال الاكتمال.

2 - الجواب عن قياس نسبة الأيمان على نسبة الاستحقاق. النقطة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن قياس حال الانفراد على كل حال الاجتماع بأنه قياس مع الفارق؛ لأنه في حال الاجتماع تكمل البينة فيثبت الاستحقاق أما في حالة الانفراد فلا تكتمل البينة بالاكتفاء بالنسبة فلا يثبت الاستحقاق. الشيء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن قياس نسبة الأيمان على نسبة الاستحقاق: بأن ذلك في حال ثبوت الحق باكتمال البينة باكتمال الأيمان، أما إذا لم يثبت الحق لعدم اكتمال البينة باكتمال الأيمان فلا قياس. الشيء الثاني: الجواب عن وجهة القول الثاني: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بأن البينة لم تكتمل. 2 - الجواب عن قياس أيمان القسامة على اليمين في الدعاوى. النقطة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بأن البينة لم تكتمل: أجيب عن ذلك: بأنها إذا وزعت الأيمان على الحاضرين واقسموها كملت البينة ولم يبق لأيمان غيرهم حاجة كما إذا قدم البينة أحد الشركاء. النقطة الثانية: الجواب عن قياس أيمان القسامة على اليمين في سائر الدعاوى: أجيب عن ذلك بثلاثة أجوبة: الجواب الأول: أن اليمين في سائر الدعاوى ليست حجة للمدعي فلا تكون كالبينة فلا تلزم كل واحد.

الجواب الثاني: أن اليمين في سائر الدعاوى لا تنقسم فلزمت كل واحد، كاليمين المنكسرة في القسامة. الجواب الثالث: قياس أيمان القسامة على اليمين في سائر الدعاوى يعارضه قياسها على البينة وهو أولى منه؛ لأنها بينة. الجزء الثاني: الايمان اللازمة للغائب إذا حضر وغير المكلف إذا حلف: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - ما يلزم على القول بتوزيع الأيمان على الجميع. 2 - ما يلزم على القول بتوزيع الأيمان على الحاضرين. 3 - ما يلزم على القول بلزوم الخمسين لكل واحد. الجزئية الأولى: ما يلزم على القول بتوزيع الأيمان على الجميع: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يلزم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان ما يلزم: إذا قيل بتوزيع أيمان القسامة على جميع الأولياء لم يلزم الغائب وغير المكلف إلا نسبة ما يستحقه من الدية. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه كون ما يلزم الغائب وغير المكلف من أيمان القسامة إلا نسبة ما يستحقه من الدية: أن أيمانهم تبنى على أيمان من قبلهم، وتعتبر تكميلا لها، فلا تزيد على نسبة ما يستحقونه من الدية كلما لو كانوا من جملة الحاضرين. الجزئية الثانية: ما يلزم على القول بتوزيع الأيمان على الحاضرين: وفيها فقرتان هما:

1 - بيان ما يلزم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان ما يلزم: إذا قيل بتوزيع أيمان القسامة على الحاضرين لم يلزم الغائب وغير المكلف شيء. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم لزوم شيء من أيمان القسامة للغائب وغير المكلف على القوله: بأنها توزع على الحاضرين: أن البينة تكتمل ويثبت الحق بأيمان الحاضرين المكلفين فلا يبقى لأيمان غيرهم فائدة وتنتفي الحاجة إليها. الجزئية الثالثة: ما يلزم على القول بلزوم الخمسين لكل واحد: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يلزم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان ما يلزم: إذا قيل: بلزوم كل الأيمان لكل واحد كانت الأيمان كلها مطلوبة من الغائب وغير المكلف. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه طلب أيمان القسامة كلها من الغائب إذا حضر وغير المكلف إذا كلف ما تقدم في توجيه هذا القول. انتهت الجنايات والحمد لله، وتليها الحدود إن شاء الله.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

[الحدود]

المُطْلِعْ عَلى دَقَائِق زَاد المُسْتَقْنِع «فقه الجنايات والحدود» [3]

(ح) دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع، 1432 هـ فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية أثْنَاء النشر اللَّاحِم، عَبد الكَريم بن محمَّد المطلع على دقائق زَاد المستقنع فقه الْجِنَايَات وَالْحُدُود/ عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد اللاحم - الرياض 1432 هـ 4 مج 504 صفحة: 17 × 24 سم. ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 5 - 62 - 8055 - 603 - 978 (ج 3) 1 - الْجِنَايَات (فقه إسلامي) أ - العنوان ديوي 255 ... 1219/ 1432 رقم الْإِيدَاع: 1219/ 1432 ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 5 - 62 - 8055 - 603 - 978 (ج 3) جَمِيْعُ الحُقُوقِ مَحَفُوظَةٌ الطَّبْعَةُ الأُوْلَى 1432 هـ - 2011 م دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع المملكة الْعَرَبيَّة السعودية ص. ب: 27261 - الرياض: 11417 هَاتِف: 4914776 - 4968994 - فاكس: 4453203 E-mail: [email protected]

المقدمة

المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فهذا فقه الحدود ويشمل الموضوعات الآتية: 1 - المباحث العامة. 2 - حد الزنا. 3 - عقوبة اللواط. 4 - عقوبة إتيان البهيمة. 5 - حد القذف. 6 - حد المسكر. 7 - التعزير. 8 - حد السرقة. 9 - حد قطاع الطريق. 10 - دفع الصائل. 11 - قتال البغاة. 12 - حد الردة. أسأل الله أن ينفع به، وأن يجعله خالصا لوجهه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. المؤلف

الموضوع الأول المباحث العامة

الموضوع الأول المباحث العامة وفيه أحد عشر مبحثاً هي: 1 - تعريف الحد. 2 - ما يثبت به الحد. 3 - حكم إقامة الحد. 4 - شروط إقامة الحد. 5 - موضع إقامة الحد. 6 - الصفة التي يقام عليها الحد. 7 - ضمان المحدود. 8 - اجتماع الحدود. 9 - تأخير إقامة الحد. 10 - تخفيف الحد. 11 - مسؤولية تنفيذ الحد.

المبحث الأول تعريف الحد

المبحث الأول تعريف الحد وفيه مطلبان هما: 1 - تعريف الحد في اللغة. 2 - تعريف الحد في الاصطلاح. المطلب الأول تعريف الحد في اللغة وفيه مسألتان هما: 1 - التعريف. 2 - الإطلاقات. المسألة الأولى: التعريف: الحد في اللغة: المنع، ومنه: العلامات التي تفصل بين الأملاك؛ لأنها تمنع دخول بعضها على بعض. المسألة الثانية: الإطلاقات: يطلق الحد على معان كثيرة منها ما يأتي: 1 - المحرمات، ومنه قوله تعالى بعد ذكر ما يحرم على الصائم: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} (¬1). 2 - الواجبات، ومنه قوله تعالى بعد ذكر ما يجب في المطلقات: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [187]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [229].

المطلب الثاني تعريف الحد في الإصطلاح

3 - العلامات التي تفصل بين الأملاك. 4 - نهاية الملك من الأرض، فيقال: هذا حد ملك فلان. 5 - التعريف، وهو الوصف الجامع لأفراد الموصوف المانع من دخول غيرها فيها. المطلب الثاني تعريف الحد في الإصطلاح وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف. 3 - الأمثلة. المسألة الأولى: التعريف: الحد في الاصطلاح: عقوبة مقدرة شرعا في معصية. المسألة الثانية: ما يخرج بالتعريف: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - ما يخرج بكلمة (مقدرة). 2 - ما يخرج بكلمة (شرعا). 3 - مايخرج بكلمة (معصية). الفرع الأول: ما يخرج بكلمة (مقدرة): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - المثال. الأمر الأول: بيان ما يخرج: خرج بكلمة (مقدرة) العقوبة غير المقدرة.

الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما يخرج بكلمة مقدرة ما يأتي: 1 - التأديب، كضرب الولد على ترك الواجب مثل الصلاة. 2 - التعزير، كالضرب على ما دون الحد، كمقدمات الزنا والسرقة. الفرع الثاني: ما يخرج بكلمة (شرعا): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - المثال. الأمر الأول: بيان ما يخرج: خرج بكلمة (شرعا) العقوبة المقدرة بالاجتهاد. الأمر الثاني: المثال: من أمثلة العقوبة المقدرة بالاجتهاد (ما يقدره القاضي على المعاصي التي لا تقدير فيها من الشرع، ومن ذلك ما يأتي: 1 - حيازة المخدرات. 2 - ئرويج المخدرات. 3 - اللمس والتقبيل. 4 - الوطء من غير إيلاج. الأمر الثالث: ما يخرج بكلمة في معصية: هذا القيد لا مفهوم له؛ لأن جميع العقوبات المقدرة شرعا في معصية. المسألة الثالثة: الأمثلة: من أمثلة العقوبات المقدرة شرعا ما يأتي: 1 - حد الزنا. 2 - حد القذف. 3 - حد السرقة.

المبحث الثاني ما يثبت به الحد

المبحث الثاني ما يثبت به الحد وفيه مطلبان هما: 1 - الإقرار. 2 - الشهادة. المطلب الأول الإقرار وفيه مسألتان هما: 1 - ثبوت الحد به. 2 - الرجوع عنه. المسألة الأولى: ثبوت الحد بالإقرار: وفيها فرعان هما: 1 - ثبوت الحد. 2 - الدليل. الفرع الأول: ثبوت الحد: ثبوت الحد بالإقرار لا خلاف فيه. الفرع الثاني: الدليل: الدليل على ثبوت الحد بالإقرار ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام الحد على ماعز بإقراره (¬1). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام الحد على الغامدية بإقرارها (¬2). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/ 4419. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4440.

3 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (¬1). المسألة الثانية: الرجوع عن الإقرار بالحد: وفيها فرعان هما: 1 - قبول الرجوع. 2 - أثر الرجوع على الحد. الفرع الأول: قبول الرجوع: وفيه ثلاثة أمور في: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في قبول الرجوع عن الإقرار بالحد على قولين: القول الأول: أنه مقبول. القول الثاني: أنه لا يقبل. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقبول الرجوع عن الإقرار بالحد بما يأتي: 1 - أن ماعزا لما هرب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه) (¬2). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4445. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/ 4419.

2 - أن الحد ثبت بالإقرار، فإذا رجع عنه بطل ما ثبت به كالرجوع عن الشهادة. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم قبول الرجوع عن الإقرار بالحد بما يأتي: 1 - أن ماعزا لما هرب لم يترك، ولو كان الرجوع مقبولا لترك؛ لأنه يصبح برجوعه معصوماً فلا يجوز قتله. 2 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يحمل قتلة ماعز ديته، ولو كان الرجوع مقبولا. لحملهم إياها؛ لأن قتله يكون بغير حق. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - قبول الرجوع. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح قبول الرجوع: أن أدلته أقوى وأظهر. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن عدم ترك ماعز لما قال: ردوني. 2 - الجواب عن عدم تحميل قتلة ماعز لديته. الجزء الأول: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن قتل ماعز بعد رجوعه: أن هروبه وقوله ليس صريحا في الرجوع.

المطلب الثاني الشهادة

الجزء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن عدم تحميل قتلة ماعز لديته: أن هروب ماعز وقوله ليس صريحا في الرجوع، وذلك شبهة تسقط بها الدية. الفرع الثاني: أثر الرجوع: وفيه أمران هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الأثر: رجوع المقر بالحد عن إقراره به يسقطه عنه، ويعصمه من إقامته عليه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه سقوط الحد الثابت بالإقرار بالرجوع عنه: أن الإقرار هو وسيلة إثبات الحد فإذا بطل بطل ما ترتب عليه؛ كرجوع الشهود عن الشهادة. المطلب الثاني الشهادة وفيه مسألتان هما: 1 - ثبوت الحد. 2 - الدليل. المسألة الأولى: ثبوت الحد: ثبوت الحد بالشهادة لا خلاف فيه. المسألة الثانية: الدليل: الدليل على ثبوت الحد بالشهادة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4].

المبحث الثالث حكم إقامة الحد

المبحث الثالث حكم إقامة الحد وفيه سبعة مطالب هي: 1 - بيان الحكم. 2 - دليل الحكم. 3 - توجيه الحكم. 4 - الحكمة من إقامة الحد. 5 - مسؤولية تنفيذ الحكم. 6 - نية تنفيذ الحكم. 7 - حضور الحاكم لتنفيذ الحكم. المطلب الأول بيان الحكم إقامة الحد واجب لا يجوز تركه أو التساهل فيه. المطلب الثاني دليل الحكم من أدلة وجوب إقامة الحد ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [2]. (¬2) سورة النور، الآية: [4]. (¬3) سورة المائدة: الآية: [38].

المطلب الثالث توجيه إقامة الحد

المطلب الثالث توجيه إقامة الحد وجه وجوب إقامة الحدود: أن الدوافع والمغريات في المعاصي تحمل ضعاف النفوس إلى الوقوع فيها، فلو لم تقم الحدود لاستشرى الشر وانتشر الفساد في الأرض، ومن رحمة الله بالعباد أن شرع العقوبات الرادعة لكف أهل الإجرام والمفسدين. المطلب الرابع الحكمة من إقامة الحدود وفيه مسألتان هما: 1 - الحكمة الخاصة بالمحدود. 2 - الحكمة العامة له ولغيره. المسألة الأولى: الحكمة الخاصة بالحدود: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكمة. 2 - دليلها. الفرع الأول: بيان الحكمة: الحكمة الخاصة بالمحدود من إقامة الحد عليه: هي تكفير الذنوب ومحو السيئات. الفرع الثاني: الدليل: من أدلة تكفير الذنب بالحد ما يأتي:

المطلب الخامس مسؤولية تنفيد الحد

1 - حديث: (بايعوني على ألا تسرقوا ولا تزنوا ... فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارته) (¬1). المسألة الثانية: الحكمة العامة للمحدود وغيره من إقامة الحد: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكمة. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحكمة: الحكمة من إقامة الحد للمحدود وغيره: الردع عن الوقوع في المعصية، والزجر عن الرجوع إليها. الفرع الثاني: التوجيه: وجه كون إقامة الحد رادعا للمحدود وغيره عن العود إلى المعصية والوقوع في غيرها: أن الشخص إذا هم بالمعصية تذكر ما جرى له أو لغيره من العقوبة فكف عن الإقدام عليها، ولذا وصف القصاص بأنه حياة بقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬2). المطلب الخامس مسؤولية تنفيد الحد وفيه مسألتان هما: 1 - بيان المسؤولية العامة. 2 - تنفيذ السيد للحد على مماليكه. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، باب الحدود كفارة/ 6784. (¬2) سورة البقرة، الآية: [179].

المسألة الأولى: بيان المسؤولية العامة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيقيمه الإمام أو نائبه. الكلام في هذه المسألة في فرعين هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - بيان المراد بالإمام أو نائبه. الفرع الأول: بيان المسؤولية: وفيه أمران هما: 1 - تحديد المسؤولية. 2 - التوجيه. الأمر الأول: تحديد المسؤولية: المسؤول عن تنفيذ الحد: هو الإمام أو نائبه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه إناطة إقامة الحدود بالإمام أو نائبه ما يأتي: 1 - أنه يحتاج إلى الاجتهاد في إثباته وصفته. 2 - أنه لا يؤمن فيه من الحيف والتعدي. 3 - أن ترك إقامة الحد إلى غير الإمام أو نائبه يؤدي إلى الفوضى والتعدي. الفرع الثاني: المراد بالإمام أو نائبه: وفيه أمران هما: 1 - بيان المراد بالإمام. 2 - بيان المراد بنائب الإمام. الأمر الأول: بيان المراد بالإمام: المراد بالإمام الرئيس الأعلى للدولة، ومن بيده تصريف أمورها.

الأمر الثاني: بيان المراد بنائب الإمام: المراد بنائب الإمام في تنفيذ الحدود من يسند إليه إقامتها من أمير أو قاض أو عمدة أو غيرهم. المسألة الثانية: تنفيذ السيد للحد على مماليكه: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان الحد إتلافا. 2 - إذا كان الحد جلدا. الفرع الأولى: إذا كان الحد إتلافا: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - التنفيذ. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة الحد إتلافا ما يأتي: 1 - القتل بالردة. 2 - القتل بالحرابة. 3 - القطع بالسرقة. الأمر الثاني: التنفيذ: وفيه جانبان هما: 1 - حكم التنفيذ. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الحكم: إذا كان الحد إتلافا لم يجز للسيد تنفيذه. الجانب الثاني: التوجيه: وجه منع السيد من تنفيذ الحد بالإتلاف ما يأتي:

1 - أن الإتلافات يجب الاحتياط لها؛ لعظم خطرها، وهذا لا يدركه السيد لا يتحاشاه. 2 - أن الإتلافات لا يمكن تداركها. الفرع الثاني: إذا كان الحد جلدا: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: إذا كان الحد جلدا فقد اختلف في تنفيذ السيد له على ممالكيه على قولين: القول الأول: أنه ينفذه. القول الثاني: أنه لا ينفذه. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن للسيد تنفيذ حد الجلد على مملوكه بما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها) (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم) (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب العبد الزاني/ 2152. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب إقامة الحد على المريض/4473.

3 - أن السيد يملك تأديب مملوكه، وحد الجلد من جنسه. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بمنع إقامة السيد الحد على مملوكه بما يأتي: 1 - أن من لا يملك إقامة الحد على الحر لا يملكه على المملوك، كالصبي. 2 - أن الحد حق لله فيفوض إلى السلطان كحد الحر. 3 - أن إثبات الحد مجتاج إلى اجتهاد لا يدركه إلا الفقيه. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بجواز إقامة السيد لحد الجلد على مماليكه. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن إقامة السيد لحد الجلد على ممالكيه: أقوى دليلا. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الجواب عن قياس السيد على الصبي. 2 - الجواب عن قياس حد المملوك على حد الحر. 3 - الجواب عن الاحتجاج بحاجة إثبات الحد إلى فقيه. الجزء الأول: الجواب عن الدليل الأول: اْجيب عن قياس السيد على الصبي بجوابين:

المطلب السادس نية تنفيذ الحد

الجواب الأول: أنه قياس في مقابلة النص. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ لأن السيد يملك تأديب أمته وتزويجها والصبي لا يملك ذلك. الجزء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن قياس حد المملوك على حد الحر: بأنه قياس في مقابلة النص فلا يعتد به. الجزء الثالث: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عن الاحتجاج بأن إثبات الحد يحتاج إلى فقيه: بأن ذلك لا يمنع إقامة الحد بعد ثبوته، ولا تلازم بين إقامة السيد للحد وإثباته له، لإمكان إثبات الحد عند الحاكم وإقامته من السيد. المطلب السادس نية تنفيذ الحد وفيه مسألتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - ما يراد بالاشتراط. المسألة الأولى: الاشتراط: نية إقامة الحد شرط لاعتباره، فلو أوقعت العقوبة بغير نية إقامة الحد لم تعتبر حدا. المسألة الثانية: ما يراد بالاشتراط: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - امتثال أمر الله. 2 - الإصلاح. 3 - دفع الفساد.

الفرع الأولى: امتثال أمر الله: وفيه أمران هما: 1 - توجيه كون إقامة الحد امتثالا لأمر الله. 2 - الدليل على الأمر بإقامة الحد. الأمر الأول: توجيه كون إقامة الحد امتثالا لأمر الله: وجه ذلك: أن الله قد أمر بإقامة الحدود، وبذلك تكون إقامتها امتثالا لهذا الأمر. الأمر الثاني: الدليل على الأمر بإقامة الحدود: من الأدلة على الأمر بإقامة الحدود ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬2). 3 - حديث: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (¬3). الفرع الثاني: الإصلاح: وفيه أمران هما: 1 - توجيه كون إقامة الحد إصلاحا. 2 - الدليل على أن إقامة الحد إصلاح. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [2]. (¬2) سورة النور، الآية: [4]. (¬3) سنن الترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في الرجم على الثيب/1433.

الأمر الأول: توجيه كون إقامة الحد إصلاحا: وجه كون إقامة الحد إصلاحا ما يأتي: 1 - أنه يكف عن الفساد والإفساد. 2 - أنه يردع المفسدين. 3 - أنه يقوم الفاسدين. الأمر الثاني: الدليل على أن إقامة الحد إصلاح: من أدلة كون إقامة الحد إصلاحًا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬1). فقد جعل تنفيذ القصاص سببًا في استقرار الحياة، وذلك بمنع الظلم والعدوان، وتحقيق هذا الهدف من أعظم الإصلاح، وإقامة الحد لا تقل في الإصلاح عن تنفيذ القصاص، إن لم تكن أكثر. 2 - حديث: الحد يقام في الأرض خبر لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحا) (¬2). الفرع الثالث: دفع الفساد: وفيه أمران: هما: 1 - توجيه كون إقامة الحدود دفعا للفساد: 2 - الدليل على أن إقامة الحدود دفعا للفساد. الأمر الأول: توجيه كون إقامة الحدود دفعا للفساد: وجه كون إقامة الحدود دفعا للفساد ما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [179]. (¬2) سنن ابن ماجه، كتاب الحدود، باب إقامة الحد/ 2537، 2538.

المطلب السابع حضور تنفيذ الحد

1 - أن من يقام عليه الحد يرتدع عن العود إليه، أو ارتكاب غيره. 2 - أن من يشاهد إقامة الحد، أو يبلغه خبره ينزجر عن مقارفة الذنب أو الوقوع في غيره. الأمر الثاني: الدليل على أن إقامة الحدود تدفع الفساد: من أدلة ذلك ما يأتي: 1 - {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ} (¬1). 2 - {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} (¬3). المطلب السابع حضور تنفيذ الحد وفيه مسألتان هما: 1 - حضور الحاكم. 2 - حضور غيره. المسألة الأولى: حضور الحاكم: وفيها فرعان هما: 1 - الحضور. 2 - الدليل. ¬

_ (¬1) سورة هود، الآية: [116]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [251]. (¬3) سورة الحج، الآية: [40].

الفرع الأول: الحضور: حضور الحاكم لإقامة الحد غير لازم. الفرع الثاني: الدليل: من أدلة عدم لزوم حضور الحاكم لإقامة الحد ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في ماعز: (اذهبوا به فارجموه) (¬2). 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في السارق: (اذهبوا به فاقطعوه) (¬3). ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بتنفيذ هذه الحدود ولم يحضرها. المسألة الثانية: حضور غير الحاكم: وفيها أربعة فروع هي: 1 - الحضور. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. 4 - مقدار الحضور. الفرع الأول: الحضور: حضور طائفة من المؤمنين لإقامة الحد واجب. الفرع الثاني: الدليل: الدليل على وجوب حضور طائفة من الؤمنين لإقامة الحد: قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬4). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في الرجم على الثيب/1433. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب لا يرجم المجنون والمجنونة/6815. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة/ باب السارق أو لا تقطع يده اليمنى. 8/ 271. (¬4) سورة النور، الآية: [2].

الفرع الثالث: التوجيه: وجه حضور إقامة الحد أنه أبلغ في الردع والزجر. الفرع الرابع: مقدار الحضور: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في عدد من يلزم حضورهم إقامة الحد على أقوال: القول الأول: أنه واحد مع مقيم الحد. القول الثاني: أنه اثنان. القول الثالث: أنه ثلاثة. القول الرابع: أنه أربعة. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جوانب: الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول: بأن اللازم حضوره واحد مع مقيم الحد: بأنه قول ابن عباس (¬1). الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن اللازم حضوره اثنان: بأن الطائفة اسم لما زاد على الواحد قله أثنان (¬2). ¬

_ (¬1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي في تفسير الآية. (¬2) تفسير الطبري للآية 17/ 147، ومصنف عبد الرزاق / 13505.

الجانب الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن اللازم حضوره ثلاثة: بأن الطائفة جماعة، وأقل الجمع ثلاثة (¬1). الجانب الرابع: توجيه القول الرابع: وجه القول بأن اللازم حضوره أربعة بالقياس على شهود الزنا (¬2). الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن اللازم حضورهم ثلاثة فما فوق. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - توجيه الاكتفاء بالثلاثة. الجزء الأول: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط الثلاثة: أنه أكثر تحقيقًا للهدف من الحضور، وهو نقل خبر الحد، وإشاعته. الجزء الثاني: توجيه الاحتفاء بالثلاثة: وجه الاكتفاء بالثلاثة: أن حضورهم يحقق الهدف من الحضور، وهو كشف الجريمة والتشهير بالمجرم لزجره وردع غيره. ¬

_ (¬1) تفسير الطبري للآية 17/ 147. (¬2) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي في تفسير الآية، وتفسير الطبري للآية 17/ 149.

الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن القول الأول والثاني. 2 - الجواب عن القول الرابع. الجزء الأول: الجواب عن القول الأول والثاني: يجاب عن ذلك: بأن ما قل عن الثلاثة لا يحقق الهدف من الحضور وما لا يحقق الهدف لا يكتفى به. الجزء الثاني: الجواب عن القول الرابع: يجاب عن ذلك: بأن قياس عدد حضور إقامة الحد على عدد الشهود: قياس مع الفارق؛ لأن اشتراط العدد في الشهادة يراد به درء الحدود وستر الأعراض والاحتياط لها، والحضور يراد به إذاعة إقامة الحد ونشر خبره؛ ليحصل الردع والزجر به، وذلك يتحقق بالثلاثة فيكتفى بهم. المطلب السابع إظهار تنفيذ الحد وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - حكم الإظهار. 2 - صفة الإظهار. 3 - الهدف من الإظهار. المسألة الأولى: حكم إظهار التنفيذ: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل.

الفرع الأولى: بيان الحكم: إظهار تنفيذ الحد واجب. الفرع الثاني: الدليل: من أدلة إظهار الحد ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬1). 2 - أن إقامة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلها معلنة. المسألة الثانية: صفة الإظهار: وفيها فرعان هما: 1 - صفة الإظهار. 2 - الأمثلة. الفرع الأولى: بيان الصفة: صفة إظهار تنفيذ الحد: أن يكون بمشهد من الناس. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة تنفيذ الحد بمشهد من الناس ما يأتي: 1 - أن يقام الحد بحضور جماعة من الناس لا يقل عددهم عن ثلاثة كما تقدم. 2 - أن يقام الحد في مجمع الناس، ومن ذلك ما يأتي: أ - عند المساجد. ب - في الأسواق. ج - عند المدرسة. د - في مقر العمل. هـ - أمام كمرة التلفزيون. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [2].

المسألة الثانية: الهدف من إظهار تنفيد الحد: من أهداف إظهار تنفيذ الحد ما يأتي: 1 - الزيادة في إيلام المحدود حينما تنكشف جريمته أمام الحاضرين، والمشاهدين. 2 - المبالغة في الردع والزجر حينما ينتشر خبر التنفيذ.

المبحث [الرابع] شروط التنفيذ

المبحث الثالث شروط التنفيذ وفيه خمسة مطالب هي: 1 - ثبوت موجب الحد. 2 - تكليف مرتكب الحد. 3 - التزام مرتكب الحد. 4 - انتفاء موانع إقامة الحد. 5 - انتفاء الجهل بتحريم موجب الحد. المطلب الأول ثبوت موجب الحد وفيه مسألتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - ما يثبت به الحد. المسألة الأولى: الاشتراط: وفيها فرعان هما: 1 - حكم الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: حكم الاشتراط: ثبوت موجب الحد شرط لإقامته، فلا يقام بدونه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط ثبوت موجب الحد لإقامته: أن موجب الحد هو سبب إقامته، والمسبب يتوقف تحقيقه على وجود سببه. الفرع الثاني: ما يثبت به موجب الحد: يختلف ما يثبت به موجب الحد من حد إلى آخر، وسيأتي تفصيل ذلك - إن شاء الله - في مواضعه من الحدود.

المطلب الثاني تكليف مرتكب موجب الحد

المطلب الثاني تكليف مرتكب موجب الحد وفيه مسألتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - ما يحصل به التكليف. المسألة الأولى: الاشتراط: وفيها فرعان هما: 1 - الاشتراط. 2 - الدليل. الفرع الأول: الاشتراط: تكليف مرتكب موجب الحد شرط لإقامته عليه. الفرع الثاني: الدليل: الدليل على اشتراط تكليف مرتكب موجب الحد لإقامته عليه حديث: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ) (¬1). المسألة الثانية: ما يحصل به التكليف: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الإسلام. 2 - العقل. 3 - البلوغ. الفرع الأول: الإسلام: وسيأتي ذلك في شرط الالتزام إن شاء الله. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا / 4398.

الفرع الثاني: العقل: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الاشتراط. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: العقل أحد شروط الحكم بالتكليف فلا تكليف بدونه. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على اشتراط العقل للحكم بالتكليف الحديث المتقدم في الاستدلال للتكليف. الأمر الثالث: التوجيه: وجه اشتراط العقل للحكم بالتكليف: أن فاقد العقل لا يدرك معنى الخطاب، وتكليفه بما لا يدركه تكليف بما لا يطاق وهو محال. الفرع الثالث: البلوغ: وفيه أمران هما: 1 - ما يحصل به البلوغ. 2 - الاشتراط. الأمر الأول: ما يحصل به البلغ: وفيه جانبان هما: 1 - ما يحصل به البلوغ للذكر. 2 - ما يحصل به البلوغ للأنثى. الجانب الأول: ما يحصل به البلوغ للذكر: يحصل البلوغ للذكر بأحد العلامات الآتية وهي:

المطلب [الثالث] التزام مرتكب الحد

1 - بلوغ خمس عشرة سنة. 2 - إنزال المني. 3 - إنبات الشعر الخشن حول القبل. الجانب الثاني: ما يحصل به البلغ للأنثى: يحصل البلوغ للأنثى بما ياني: 1 - العلامات التي يحصل بها البلوغ للذكر. 2 - الحيض. 3 - الحمل. الأمر الثاني: الاشتراط: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الاشتراط. 2 - دليل الاشتراط. 3 - توجيه الاشتراط. الجانب الأول: الاشتراط: البلوغ أحد الشروط للحكم بالتكليف فلا تكليف من غير بلوغ. الجانب الثاني: دليل الاشتراط: دليل اشتراط البلوغ للتكليف: أن من دون البلوغ قاصر النظر فلا يعتبر أهلا لتحمل المسؤولية، لذا كان شرطا في دفع ماله إليه، كلما في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (¬1). المطلب الخامس التزام مرتكب الحد وفيه ثلاث مسائل هي: ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [6].

1 - معنى الالتزام. 2 - المراد بالالتزام. 3 - شرط الالتزام. المسألة الأولى: معنى الالتزام: الالتزام قبول تطبيق أحكام الإسلام. المسألة الثانية: المراد بالملتزم: وفيها فرعان هما: 1 - ضابط اللتزم. 2 - بيان اللتزم. الفرع الأول: ضابط الملتزم: الملتزم: هو القابل لتطبيق أحكام الإسلام عليه. الفرع الثاني: بيان الملتزم: الملتزم هو المسلم والذمي دون الحربي، والمعاهد والمستأمن. المسألة الثالثة: شرط الالتزام: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. 3 - من يخرج بالشرط. الفرع الأول: الاشتراط: التزام مرتكب الحد لأحكام الإسلام شرط لإقامته عليه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط التزام مرتكب موجب الحد لإقامته عليه: أن غير الملتزم ليس بينه وبين المسلمين اتفاق يلزم به، ولا يعترف بأحكام الإسلام حتى تطبق عليه، فلا يكون للمسلمين عليه ولاية يطبقون بها أحكامهم عليه.

الفرع الثالث: من يخرج بالشرط: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الحربي. 2 - المعاهد. 3 - المستأمن. الأمر الأول: الحربي: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد بالحربي. 2 - توجيه خروجه. الجانب الأول: بيان المراد بالحربي: الحربي هو الذي ينتمي إلى دولة محاربة للمسلمين سواء كانت الحرب قائمة بينهما أو يمكن أن تقوم في أي وقت. الجانب الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج الحربي من إقامة الحد عليه ما تقدم في توجيه خروج غير الملتزم، لأن الحربي غير ملتزم ودمه مهدر من غير ارتكاب موجب للحد. الأمر الثاني: المعاهد: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد به. 2 - توجيه خروجه. الجانب الأول: بيان المراد بالمعاهد: المراد بالمعاهد هو الذي يكون بينه وبين المسلمين عهد على عدم الاعتداء مدة معينة، سواء كان العهد شخصياً أم دولياً. الجانب الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج المعاهد من إقامة الحد عليه ما تقدم في توجيه خروج غير الملتزم، لأن المعاهد غير ملتزم، وإذا أخل بعهده حل دمه.

المطلب الرابع انتفاء موانع إقامة الحد

الأمر الثالث: المستأمن: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد بالمستأمن. 2 - توجيه الخروج. الجانب الأول: بيان المراد بالمستأمن: المستامن هو الذي يدخل دار الإسلام بأمان من الدولة أو أحد أفراد المسلمين لأداء مهمة أو تجارة أو عمل ثم يخرج. الجانب الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج المستأمن من إقامة الحد عليه ما تقدم في توجيه خروج غير الملتزم؛ لأن المستأمن غير ملتزم وإذا اعتدى على المسلمين حل دمه. المطلب الرابع انتفاء موانع إقامة الحد وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلة الموانع. 2 - الاشتراط. المسألة الأولى: أمثلة موانع إقامة الحد: من موانع إقامة الحد ما يأتي: 1 - الحمل. 2 - المرض إذا لم يكن الحد قتلا. 3 - شدة الحر إذا لم يكن الحد قتلا. 4 - شدة البرد إذا لم يكن الحد قتلا. 5 - لجوء الجاني إلى الحرم. وسيأتي تفصيل ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى. المسألة الثانية: الاشتراط: وفيها فرعان هما:

المطلب الخامس انتفاء الجهل بتحريم موجبات الحد

1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الاشتراط: انتفاء موانع إقامة الحد شرط لإقامته. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط انتفاء موانع إقامة الحد لإقامته ما سيأتي عند إيراد هذه الموانع إن شاء الله. المطلب الخامس انتفاء الجهل بتحريم موجبات الحد وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - أسباب الجهل بالتحريم. 2 - قبول دعوى الجهل بالتحريم. 3 - اشتراط انتفاء الجهل بالتحريم. المسألة الأولى: أسباب الجهل بالتحريم: من أسباب الجهل بتحريم موجبات الحد ما يأتي: 1 - قرب إسلام المرتكب لموجب الحد، مع بعده عن ديار الإسلام. 2 - الانقطاع عن الناس كمن ولد وعاش في بادية بعيدة، منعزلا عن الناس وأخبارهم، وهذا يتصور قبل تطور وسائل الإعلام وتيسر الاتصالات، أما بعد ذلك فمستبعد الجهل من أحد بتحريم موجبات الحدود؛ لأن الكرة الأرضية أصبحت كالبلد الواحد لا يخفى ما في أطرافها على ما في وسطها، ولا ما في وسطها على ما في أطرافها. المسألة الثانية: قبول دعوى الجهل بالتحريم: وفيها فرعان هما:

1 - إذا أمكن الجهل. 2 - إذا لم يمكن الجهل. الفرع الأول: قبول دعوي الجهل إذا أمكن الجهل: وفيه فرعان هما: 1 - أسباب إمكان الجهل. 2 - قبول الدعوى. الأمر الأول: أسباب إمكان الجهل: أسباب إمكان الجهل بتحريم موجبات الحد: ما نقدم في أسباب الجهل بالتحريم. الأمر الثاني: القبول: وفيه جانبان هما: 1 - القبول. 2 - التوجيه. الجانب الأول: القبول: إذا أمكن الجهل بتحريم موجب الحد جاز قبول الدعوى. الجانب الثاني: التوجيه: وجه قبول دعوى الجهل بتحريم موجب الحد إذا أمكن. أن الظاهر صدق الدعوى، والعمل بالظاهر جائز شرعاً. الفرع الثاني: قبول الدعوى إذا لم يمكن الجهل: وفيه أمران هما: 1 - موانع الجهل. 2 - قبول الدعوى. الأمر الأول: موانع الجهل: وفيه جانبان هما:

1 - أمثلة الموانع. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الأمثلة: من موانع الجهل بتحريم أسباب الحد ما يأتي: 1 - أن يكون الشخص عائشا في بلاد الإسلام. 2 - أن يكون الشخص مخالطا للمسلمين ويعلم أخبارهم. 3 - أن تصل إلى الشخص أخبار المسلمين في وسائل الإعلام. الجانب الثاني: توجيه المنع: وجه امتناع الجهل بتحريم موجبات الحد إذا كان الشخص عائشا في بلاد المسلمين، أو معهم، أو تصل إليه أخبارهم: أن الظاهر عدم الجهل، والعمل بالظاهر وغلبة الظن جائز شرعا. الأمر الثاني: قبول الدعوى: وفيه جانبان هما: 1 - القبول. 2 - التوجيه. الجانب الأول: القبول: إذا وجدت أسباب منع الجهل بتحريم موجبات الحد لم تقبل دعوى الجهل. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول دعوى الجهل بتحريم موجبات الحد إذا قامت أسباب منع الجهل ما يأتي:

1 - أن الدعوى خلاف الظاهر، فلا تقبل وهذا من تعارض الأصل مع الظاهر، وترجح الظاهر والقاعدة أنه إذا تعارض الأصل والظاهر وترجح الظاهر قدم الظاهر على الأصل. 2 - أنه لو قبلت دعوى الجهل مع أن الظاهر يكذبها لأمكن كل واحد أن يدعي الجهل وتقبل دعواه.

المبحث [الخامس] موضع إقامة الحد

المبحث الرابع موضع إقامة الحد وفيه خمسة مطالب هي: 1 - إقامة الحد في المسجد. 2 - إقامة الحد في الحرم المكي. 3 - إقامة الحد في الحرم المدني. 4 - إقامة الحد في الغزو. 5 - إقامة الحد في الثغور. المطلب الأول إقامة الحد في المسجد قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيقيمه الإمام أو نائبه في غير مسجد. الكلام في هذا المطلب في ثلاث مسائل هي: 1 - حكم إقامة الحد في المسجد. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. المسألة الأولى: حكم إقامة الحد في المسجد: إقامة الحد في المسجد لا تجوز. المسألة الثانية: الدليل: الدليل على منع إقامة الحد في المسجد ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله نهى عن إقامة الحدود في المساجد (¬1). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في إقامة الحد في المسجد/ 4490.

المطلب الثاني إقامة الحد في الحرم المكي

2 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في بول الأعرابي: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه نهى عن البول في المسجد وذلك غير مأمون ممن يقام عليه الحد. المسألة الثالثة: التوجيه: وجه منع إقامة الحد في المسجد ما تقدم في توجيه الاستدلال بالدليل الثاني. المطلب الثاني إقامة الحد في الحرم المكي وفيه مسألتان هما: 1 - إقامة الحد في الحرم المكي على مرتكبه فيه. 2 - إقامة الحد في الحرم المكي على مرتكبه خارجه. المسألة الأولى: إقامة الحد في الحرم المكي على مرتكبه فيه: وفيها فرعان هما: 1 - حكم إقامة الحد. 2 - التوجيه. الفرع الأول: حكم إقامة الحد: إقامة الحد في الحرم على مرتكبه فيه لا خلاف فيه (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد/285. (¬2) الشرح مع المقنع والإنصاف 26/ 227، وتفسير الطبري 5/ 604. لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}.

الفرع الثاني: التوجيه: وجه إقامة الحد فى الحرم على مرتكبه فيه ما يأتي: 1 - قول ابن عباس رضى الله عنهما: ومن أحدث في الحرم حدثا أقيم عليه الحد (¬1). 2 - أن عدم إقامة الحد في الحرم على مرتكبه فيه يؤدي إلى الاستخفاف بالحدود، وانتشار الفساد فيه. 3 - أن مرتكب الحد في الحرم قد انتهك حرمته بارتكاب الحد فيه فلم يبق للحرم في حقه حرمة تحميه وتمنعه من إقامة الحد عليه فيه. المسألة الثانية: إقامة الحد في الحرم على مرتكبه خارجه: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان الحد قتلا. 2 - إذا كان الحد غير قتل. الفع الأول: إذا كان الحد قتلا: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة الحد بالقتل. 2 - إقامة الحد بالقتل. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة الحد بالقتل ما يأتي: 1 - رجم الزاني المحصن. 2 - قتل المحارب. 3 - القصاص. 4 - قتل المرتد. 5 - قتل الحربي. ¬

_ (¬1) تفسير الطبري 5/ 604، لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}.

الأمر الثاني: القتل: وفيه جانبان هما: 1 - حكم القتل. 2 - الوسيلة إلى تنفيذ القتل. الجانب الأول: حكم القتل: وفيه جزءان هما: 1 - حكم القتل. 2 - التوجيه. الجزء الأول: حكم القتل: قتل اللاجئ إلى الحرم في الحرم لا يجوز. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز قتل اللاجئ إلى الحرم فيه ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يسفك فيها دم) (¬1). 2 - قول ابن عباس - رضي الله عنه -: (من أحدث حدثا في غير الحرم ثم لجأ إليه لم يعرض له (¬2). 3 - قول ابن عمر رضي الله عنهما: لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هجته (¬3). الجانب الثاني: الوسيلة إلى تنفيذ القتل: وفيه ثلاثة أجزاء هي: ¬

_ (¬1) تفسير الطبري لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}. (¬2) تفسير الطبري لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}. (¬3) تفسير الطبري لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}.

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في الوسيلة التي يخرج بها من الحرم من لجأ إليه لتنفيذ القتل فيه على قولين: القول الأول: أنه يخرج بالقبض عليه. القول الثاني: أنه يضيق عليه حتى يخرج، فلا يطعم، ولا يسقى ولا يؤوى، ولا يعامل ببيع، ولا شراء ولا يحاكى. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بإخراج الجاني من الحرم بما يأتي: 1 - ما ورد عن ابن الزبير أنه أخرج مولى لمعاوية وقتله (¬1). 2 - أن عدم إخراج من لجأ إليه يؤدي إلى أن يكون مأوى للمجرمين فتتعطل إقامة الحدود عليهم، أو تأخيرها. 3 - أن عدم إخراج من لجأ إلى الحرم من المجرمين وسيلة إلى هروبهم واختفائهم، وذلك تضييع للحقوق المتعلقة في أعناقهم. ¬

_ (¬1) تفسير الطبرى لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}

4 - عموم الأدلة، كأدلة استيفاء القصاص، والرجم، وقتل قطاع الطريق؛ فإنها عامة في كل مكان وزمان فيدخل الحرم فيها. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه عدم الإخراج. 2 - توجيه التضييق. الفقرة الأولى: توجيه عدم الإخراج: وجه القول بعدم الإخراج بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أن إخراج الملتجئ إلى الحرم ينافي أمنه فيه، وذلك خلاف مدلول الآية. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يسفك فيها دم) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه لا يمكن حمله على الدم بغير حق؛ لأن ذلك حرام في الحرم وغيره، فتعين أن يكون المراد الدم بحق. الفقرة الثانية: توجيه وسيلة الإخراج: وجه القول بالتضيق على من لجأ إلى الحرم حتى يخرج بقول ابن عباس: إذا أصاب الرجل حدا قتلا أو سرقة فدخل الحرآلم يبايع ولم يؤو حتى يتبرم فيخرج من الحرم فيقام عليه الحد (¬3). ¬

_ (¬1) سورة آل عمران، الآية: [97]. (¬2) تفسير الطبري لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}. (¬3) تفسير الطبري لقوله تعالى في سورة آل عمران 97: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}.

الجزء الثالث: الترجيح: ولمحيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالإخراج. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بإخراج الجناة من الحرم لإقامة الحد عليهم خارجه ما يأتي: 1 - أن حجته أظهر. 2 - أنه الذي يحقق المصلحة لما سبق في توجيهه، ولما يأتي في الجواب عن وجهة المخالفين. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الجواب عن أصل القول. 2 - الجواب عن الاحتجاج بالآية. 3 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. الفقرة الأولى: الجواب عن أصل المذهب: يجاب عن أصل المذهب بأن المضايقة تكاد تكون متعذرة لما يأتي: 1 - كثرة سكان الحرم وتوسع العمران فيه. 2 - أن الجاني لا علامة عليه فلا يعرف فيضيع في الناس. 3 - أنه لن يجمع الناس على المضايقة وسيجد الجاني من يتعامل معه ويؤويه.

4 - أنه على التسليم بإمكان المضايقة من كل الناس لن يلجئه ذلك إلى الخروج؛ لإمكان تحصيله ما يعيش به مما يستغني عنه الناس من بقايا المأكولات والمشروبات وما يبذله المحسنون للناس من الأغذية في كل مكان من غير رقيب. الفقرة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بالآية: يجاب عن الاحتجاج بالآية بأنها فيمن يدخل الحرم من غير المجرمين جمعا بينها وبين أدلة العقوبات. الفقرة الثالثة: الجواب عن الاستدلال بالحديث: يجاب عن الاحتجاج بالحديث: بأن المراد به القتال فيه، بدليل قوله: (وإنما أحلت لي ساعة من نهار) والمباح في تلك الساعة هو القتال وليس استيفاء الحدود؛ لأن ذلك مباح في كل زمان ومكان لعموم أدلة العقوبات. الفرع الثاني: إذا كان الحد غير القتل: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة الحد بغير القتل. 2 - إقامة الحد في الحرم. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة الحد بغير القتل ما يأتي: 1 - الجلد. 2 - القطع. الأمر الثاني: إقامة الحد غير القتل في الحرم: وفيه جانبان هما: 1 - إقامة الحد. 2 - وسيلة الإخراج من الحرم لإقامة الحد. الجانب الأول: إقامة الحد: وفيه ثلاثة أجزاء:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في إقامة الحد بغير القتل في الحرم على من ارتكبه خارجه ثم لجأ إليه على قولين: القول الأول: أنه يقام عليه الحد فيه. القول الثاني: أنه لا يقام عليه فيه. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - التوجيه الخاص بالقطع. 2 - التوجيه الخاص بالجلد. 3 - التوجيه العام. الفقرة الأولى: التوجيه الخاص بالقطع: وجه القول بجواز القطع في الحرم قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها مطلقة لم تقيد بمكان فيدخل فيها الحرم. الفقرة الثانية: التوجيه الخاص كالجلد: وجه القول بجواز الحد في الحرم بما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [38].

1 - قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬1). ووجه الاستدلال بها كوجه الاستدلال بآية القطع. 2 - أن الجلد كالتأديب والتأديب يجوز في الحرم فكذلك الحد. الفقرة الثالثة: التوجيه العام: وجه القول بجواز إقامة الحد في الحرم إذا كان دون القتل بأن منع إقامة الحد في الحرم على اللاجئ إليه يجعله ملجأ للمجرمين وقطاع الطرق، فيضيع الحق الذي لديهم أو يتأخر تنفيذه عليهم وهذا لا يجوز. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم إقامة الحد في الحرم ولو كان دون القتل بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (¬2). وجه الاستدلال بالآية: أن إقامة الحد في الحرم على اللاجئ إليه يجعله غير آمن وهذا ينافي مدلول الآية. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما) (¬3). الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [2]. (¬2) سورة آل عمران، الآية: [97]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب تحريم مكة/1354/ 446.

الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم جواز إقامة ما دون القتل من الحدود على اللاجئ إلى الحرم فيه. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم جواز إقامة ما دون القتل من الحدود على اللاجئ إلى الحرم فيه: أنه أظهر دليلا. الجزئية الثالثة؛ الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها أربع فقرات هي: 1 - الجواب عن الاستدلال بإطلاق الآيات. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن عدم تنفيذ الحد في الحرم على اللاجئ فيه يجعله ملجأ للمجرمين. 3 - الجواب عن الاحتجاج بأن الجلد كالتأديب. 4 - الجواب عن قياس إقامة الحد على الملتجئ إلى الحرم على مرتكب الحد فيه. الفقرة الأول: الجواب عن الاستدلال بإطلاق الآيات: يجاب عن ذلك بأن إطلاق الآيات مقيد بأدلة المنع. الفقرة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بأن عدم تنفيذ الحد في الحرم يجعله مأوى للمجرمين: يجاب عن ذلك بأنه غير صحيح؛ لأنه يمكن إخراج اللاجئ إليه وإقامة الحد عليه. الفقرة الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بأن الجلد تأديب: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق لما يأتي:

المطلب الثالث إقامة الحد في الحرم المدني

1 - أن التأديب لا يصل إلى قدر الحد. 2 - أن التأديب لا يجب إشهاره. 3 - أن التأديب لا يخل بأمن المؤدب. 4 - أن التأديب يكثر فيشق إخراج المؤدب من الحرم كلما ساغ التأديب فيؤدي إلى ترك التأديب. الفقرة الرابعة: الجواب عن قياس اللاجئ إلى الحرم على مرتكب الحد فيه: يجاب عن ذلك بأنه قياس مع الفارق؛ لأن مرتكب الحد في الحرم منتهك لحرمته فلا يحميه من إقامة الحد عليه فيه. أما الملتجئ إليه فإنه معظم له فيحميه من إقامة الحد عليه فيه. الجانب الثاني: وسيلة لإخراج من الحرم لإقامة الحد: من وسائل إخراج اللاجئ إلى الحرم منه ما يأتي: 1 - ما تقدم في تنفيذ القتل. 2 - الضبط والإخراج بالقوة. المطلب الثالث إقامة الحد في الحرم المدني وفيه مسألتان هما: 1 - إقامة الحد. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: إقامة الحد: إقامة الحد في الحرم المدني جائز بلا خلاف. المسألة الثانية: التوجيه: وجه جواز إقامة الحدود في الحرم المدني ما يأتي:

المطلب الرابع إقامة الحد في الغزو

1 - عموم الأدلة حيث إنها لم تفرق بين الأمكنة في إقامة الحدود فيها، خرج منها الحرم المكي بالدليل وبقى ما عداه على هذا العموم. 2 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقيم الحدود في المدينة ولم ينقل أنه كان يخرج المحدود منها. 3 - فعل الصحابة، فإنهم ما كانوا يخرجون من تقام عليهم الحدود من المدينة. 4 - أن الأصل جواز إقامة الحد في كل مكان ولم يرد ما يخرج الحرم المدني من هذا الأصل. المطلب الرابع إقامة الحد في الغزو وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المسألة الأولى: الخلاف: اختلف في إقامة الحد في الغزو على قولين: القول الأول: أن الحد لا يقام في الغزو. القول الثاني: أنه يقام الحد. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها فرعان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الفرع الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بمنع إقامة الحد في الغزو بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تقطع الأيدي في الغزو) (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى الناس ألا يجلد أمير جيش ولا سرية رجلا من المسلمين وهو غاز (¬2). 3 - ما ورد عن أبي الدرداء أنه نُهيَ أن يقام على أحد حد في أرض العدو (¬3). الفرع الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بإقامة الحد في الغزو: إطلاق الأمر بإقامة الحدود فإنها لم تقيد بزمان ولا مكان. المسألة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول. الفرع الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - منع إقامة الحد في الغزو. الفرع الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بمنع إقامة الحد في الغزو ما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في الرجل يسرق في الغزو/2408. (¬2) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، في إقامة الحد على الرجل في أرض العدو/ 5/ 549. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، في إقامة الحد على الرجل في أرض العدو 5/ 549/.

المطلب الخامس إقامة الحد في الثغور

1 - أن أدلته نص في الموضوع. 2 - أن إقامة الحد في الغزو يضعف معنويات الجيش. 3 - أن إقامة الحد في الغزو يخشى منه لحوق المحدود بالعدو، فيكشف أسرار الجيش ومواطن الضعف فيه. الفرع الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن ذلك: بأن إطلاق الأمر بإقامة الحدود مقيد بأدلة المانعين. المطلب الخامس إقامة الحد في الثغور وفيه مسألتان هما: 1 - بيان المراد بالثغور. 2 - إقامة الحد في الثغر. المسألة الأولى: بيان المراد بالثغور: وفيها فرعان هما: 1 - بيان المراد بها. 2 - وجه تسميتها. الفرع الأول: بيان المراد بالثغور: الثغور جمع ثغر وهي البلدان المتاخمة لبلاد العدو، الواقعة على الحدود بين بلاد الإسلام وبلاد الكفار. الفرع الثاني: وجه التسمية: سميت الثغور بهذا الاسم لأنها منافذ إلى بلاد المسلمين. المسألة الثانية: إقامة الحد في الثغر: وفيها فرعان هما: 1 - حكم إقامة الحد. 2 - التوجيه.

الفرع الأول: بيان الحكم: إقامة الحدود في الثغور مشروع بلا خلاف (¬1). الفرع الثانى: التوجيه: وجه إقامة الحدود في الثغور ما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى أبي عبيدة في الشام أن يجلد من شرب الخمر ثمانين جلدة (¬2). 2 - أن الثغور من بلاد الإسلام فتنفذ فيها الحدود كغيرها. 3 - أن أهل الثغور بحاجة إلى الردع والزجر كغيرهم. ¬

_ (¬1) الشرح مع المقنع والإنصاف 26/ 233. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي/ كتاب السير باب من زعم ألا تقام الحدود في أرض الحرب 9/ 105.

المبحث السادس الصفة التي يقام عليها الحد

المبحث السادس الصفة التي يقام عليها الحد قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ويضرب الرجل في الحد قائما بسوط لا جديد ولا خلق، ولا يمد ولا يربط ولا يجرد بل يكون عليه قميص أو قميصان ولا يبالغ في ضربه بحيث يشق الجلد، ويفرق الضرب على بدنه، ويتقى الرأس والوجه والفرج والمقاتل، والمرأة كالرجل فيه، إلا أنها تضرب جالسة وتشد عليها ثيابها، وتمسك يداها، لئلا تنكشف. الكلام في هذا المبحث في ثلاثة مطالب هي: 1 - هيئة المحدود. 2 - صفة الجلد. 3 - صفة السوط. المطلب الأول هيئة المحدود وفيه مسألتان هما: 1 - صفة اللباس. 2 - حالة المحدود. المسألة الأولى: صفة اللباس: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الصفة. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الصفة: وفيه أمران هما: 1 - بيان الصفة. 2 - الأمثلة.

الأمر الأول: بيان الصفة: يكون اللباس حال الجلد عاديا، ليس صفيقا ولا خفيفا. الأمر الثاني: الأمثلة: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة اللباس الصفيق. 2 - أمثلة اللباس الخفيف. الجانب الأول: أمثلة اللباس الصفيق: من أمثلة اللباس الصفيق ما يأتى: 1 - العبايات. 2 - الجاكيت. 3 - البالطو. 4 - الفروة. 5 - القمصان المرادفه بعضها فوق بعض. 6 - القميص من الجلد، أو النايلون الثقيل. الجانب الثاني: أمثلة اللباس الخفيف: من أمثلة اللباس الخفيف ما يأتي: 1 - الفنيلة. 2 - القميص الناعم الذي لا يخفى البشرة. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه منع اللباس الصفيق. 2 - توجيه منع اللباس الخفيف. الأمر الأول: توجيه منع اللباس الصفيق: وجه منع اللباس الصفيق: أنه يقي من ألم الضرب فلا يتحقق الهدف منه.

الأمر الثاني: توجيه منع الحد باللباس الخفيف: وجه منع اللباس الخفيف أنه لا يمنع جرح الجسم بالضرب، والمقصود الإيلام وليس الجرح. المسألة الثانية: حالة المحدود: وفيها فرعان هما: 1 - بيان حالة الرجل. 2 - بيان حالة المرأة. الفرع الأول: بيان حالة الرجل: وفيه أمران هما: 1 - بيان الحالة. 2 - الدليل. الأمر الأول: بيان الحالة: يضرب الرجل في الحد بثيابه واقفا، فلا يمد ولا يقيد ولا يجرد. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على ضرب الرجل في الحد واقفاً ما يأتي: 1 - قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ليس في ديننا مد ولا قيد ولا تجريد (¬1). 2 - قول علي - رضي الله عنه -: يضرب الرجل قائما والمرأة قاعدة (¬2). الفرع الثاني: حالة المرأة: وفيه أمران هما: 1 - بيان الحالة. 2 - الدليل. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب الأشربة والحد فيها/ 9/ 326. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، باب الأشربة والحد فيها/ 8/ 327.

المطلب الثاني صفة الجلد

الأمر الأول: بيان الحالة: المرأة تضرب جالسة مشدودة عليها ثيابها. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على ضرب المرأة جالسة ما يأتي: 1 - الأثر المتقدم عن علي - رضي الله عنه -. 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمر بالجهنية فشدت عليها ثيابها (¬1). المطلب الثاني صفة الجلد وفيه مسألتان هما: 1 - بيان صفة الجلد. 2 - ما يتقى. المسألة الأولى: بيان الصفة: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الصفة. 2 - الدليل. الفرع الأول: بيان الصفة: يكون الضرب في الحدود وسطا بين الشديد والخفيف، ويفرق على البدن سوى ما يتقى. الفرع الثاني: الدليل: وفيه أمران هما: 1 - الدليل على نوع الضرب. 2 - الدليل على تفريق الضرب. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 327.

الأمر الأول: الدليل على نوع الضرب: الدليل على نوع الضرب ما يأتي: 1 - قول عمر للجلاد: اضرب ولا يرى إبطك (¬1). 2 - قول عمر - رضي الله عنه -: اضرباها ولا تخرقا جلدها (¬2). الأمر الثاني: الدليل على تفريق الضرب: الدليل على تفريق الضرب ما يأتي: 1 - قول عمر - رضي الله عنه - للجلاد: وأعط كل عضو حقه (¬3). 2 - قول علي - رضي الله عنه - للجلاد: أضرب واعط كل عضو حقه واتق وجهه ومذاكيره (¬4). 3 - أن حصر الضرب في موضع من الجسم يضر، فيشق الجلد، ويدمي، وقد يشل محل الضرب فتتعطل منافعه. المسألة الثانية: ما يتقي: وفيها فرعان هما: 1 - بيان ما يتقى. 2 - الدليل. الفرع الأول: بيان ما يتقي: يجب أن يتقى في الجلد ما يأتي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للببهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 326. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 327. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 326. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 327.

1 - الوجه. 2 - الرأس. 3 - الفرج. 4 - المقاتل ومنها ما يأتي: أ - الكبد. ب - الكليتين. جـ - الخصيتين. الفرع الثاني: الدليل: وفيه أربعة أمور هي: 1 - الدليل على اجتناب الوجه. 2 - الدليل على اجتناب الرأس. 3 - الدليل على اجتناب الفرج. 4 - الدليل على اجتناب المقاتل. الأمر الأول: الدليل على اجتناب الوجه: الدليل على اجتناب الوجه ما يأتي: 1 - ما ورد من النهي عن ضرب الوجه (¬1). 2 - أن ضرب الوجه قد يتعدى إلى فقء العين أو كسر الأنف أو الأسنان. أو يحدث الصدد. (ميل الوجه). الأمر الثاني: الدليل على اجتناب الرأس: الدليل على اجتناب الرأس ما يأتي: 1 - أنه محل المخ وهو مركز العقل والإحساس وقد يحدث بضربه الشلل والوفاة. 2 - أن ضرب الرأس قد يشق الجلد ويهشم العظم. 3 - أن الرأس قليل اللحم فيكون ألمه شديدا. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب العتق، باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه/2559.

المطلب الثالث صفة السوط

الأمر الثالث: الدليل على اجتناب الفرج: الدليل على اجتناب الفرج ما يأتي: 1 - أن ضرب الفرج ألمه شديد. 2 - أنه من المقاتل فقد يؤدي ضربه إلى القتل، والقتل بالحد غير مراد. 3 - قول علي للجلاد: واتق وجهه ومذكيره (¬1). الأمر الرابع: الدليل على اجتناب المقاتل: الدليل على اجتناب المقاتل ما يأتي: 1 - أن ضرب المقاتل شديد الألم. 2 - أن ضرب المقاتل قد يقتل والقتل بالحد غير مراد. المطلب الثالث صفة السوط وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - بيان الصفة. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. المسألة الأولى: بيان الصفة: يجب أن يكون السوط وسطاً بين الغليظ والرقيق، وبين الجديد القوي والقديم البالى. المسألة الثانية: دليل صفة السوط: دليل صفة السوط ما يأتي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 327.

1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بسوط مكسور فقال: (فوق هذا) فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال: (بين هذين) فأتي بسوط قد لان فأمر بالجلد به (¬1). 2 - ما ورد أن عمر أتى بسوط فيه شدة فقال: أريد ألين من هذا. ثم أتى بسوط لين فقال: أريد أشد من هذا. فأتي بسوط بين السوطين، فقال للجلاد: اضرب ولا يرى بياض إبطك (¬2). المسألة الثالثة: التوجيه: وجه التوسط في سوط الجلد في الحد: أن الشديد يضر والبالي لا يؤدي الغرض. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 327. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة والحد فيها 8/ 326.

المبحث [السابع] ضمان المحدود

المبحث الثامن ضمان المحدود قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ومن مات في حد فالحد قتله. الكلام في هذا المبحث في مطلبين هما: 1 - إذا حصل التلف بتعد. 2 - إذا كان التلف من غير تعد. المطلب الأول إذا كان التلف بتعد وفيه مسألتان هما: 1 - صور التعدي. 2 - الضمان. المسألة الأولى: صور التعدي: من صور التعدي في الحد ما يأتي: 1 - الزيادة في عدد الضرب أو كيفيته. 2 - الضرب في موضع ممنوع. 3 - إقامة الحد في وقت غير مناسب كشدة برد أو حر. 4 - إقامة الحد في حال لا تناسب، ومن ذلك ما يأتي: أ - المرض. ب - الزمانة. جـ - الحيض. د - النفاس. هـ - الحمل. و- ضعف الخلقة. المسألة الثانية: الضمان: وفيها ثلاثة فروع هي:

المطلب الثاني إذا كان التلف من غير تعد

1 - الضمان. 2 - التوجيه. 3 - مسؤولية الضمان. الفرع الأول: الضمان: إذا تلف المحدود بالتعدي وجب ضمانه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه ضمان المحدود إذا تلف بالتعدي ما يأتي: 1 - قول علي: ما كنت مقيما حدا على أحد فيموت إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه لنا (¬1). 2 - أن التعدي غير مأذون فيه وغير المأذون مضمون. الفرع الثالث: مسؤولية الضمان: وقد تقدم ذلك في الجنايات في مسؤولية الآمر والمأمور. المطلب الثاني إذا كان التلف من غير تعد وفيه مسألتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: الضمان: إذا تلف المحدود بالحد من غير تعد لم يضمن. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الخمر/ 39/ 1707.

المسألة الثانية: التوجيه: وجه عدم ضمان المحدود إذا تلف بالحد من غير تعد ما يأتي: 1 - قول علي - رضي الله عنه -: ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر لو مات وديته؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه لنا (¬1). 2 - أن الحد مأذون فيه والمأذون غير مضمون؛ لأن الإذن ينافي الضمان. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الخمر/ 39/ 1707.

المبحث [الثامن] اجتماع الحدود

المبحث التاسع اجتماع الحدود وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - اجتماع حدود الله. 2 - اجتماع حدود الآدمي. 3 - اجتماع حدود الله مع حدود الآدمي. المطلب الأول اجتماع حدود الله وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - اجتماع القتل مع القتل. 2 - اجتماع القتل مع غيره. 3 - اجتماع غير القتل. المسألة الأولى: اجتماع القتل مع القتل: وفيها فرعان هما: 1 - صور اجتماع القتل مع القتل. 2 - ما يقدم منها. الفرع الأول: صور اجتماع حدود الله مع القتل: من صور ذلك ما يأتي: 1 - زنا المحصن مع الردة. 2 - زنا المحصن مع ترك الصلاة. 3 - زنا المحصن مع القتل في المحاربة. 4 - الردة مع القتل في المحاربة. 5 - ترك الصلاة مع القتل في المحاربة. الفرع الأول: ما يقدم منها: وفيه أمران هما:

1 - إذا كان في بعضها حق لآدمي. 2 - إذا لم يكن في بعضها حق لآدمي. الأمر الأول: إذا كان فى بعضها حق لآدمي: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التقديم. الجانب الأول: الأمثلة: وفيه جزءان هما: 1 - مثال اجتماع حق الله وحق الآدمي في القتل. 2 - مثال اجتماع ما فيه حق الله وحق الآدمي مع الخالص لله. الجزء الأول: مثال اجتماع حق الله وحق الآدمي فى القتل: مثال ذلك: قتل القاتل في الحرابة، فإن القتل للحرابة حق لله والقتل للقتل حق للآدمي. الجزء الثاني: مثال اجتماع ما فيه حق الله وحق الآدمي مح الخالص لله: مثال ذلك: قتل القاتل في الحرابة مع باقي أنواع القتل لحق الله. الجانب الثاني: التقديم: وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يقدم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان ما يقدم: إذا اجتمع في القتل ما فيه حق لله وحق للآدمي مع الخالص لحق الله، قدم ما فيه حق لله وحق للآدمي على الخالص لحق الله. الجزء الثاني: التوجيه: وجه تقديم ما فيه حق لله وحق للآدمي من أنواع القتل: أن حق الآدمي يبنى على المشاحة.

الأمر الثاني: إذا لم يكن في بعضها حق لآدمي: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان بعضها أشد من بعض. 2 - إذا لم يكن بعضها أشد من بعض. الجانب الأول: إذا كان بعضها أشد من بعض: وفيه جزءان هما: 1 - المثال. 2 - التقديم. الجزء الأول: المثال: مثال اختلاف القتل في الشدة: الرجم مع غيره. الجزء الثاني: التقديم: وفيه جزئيتان هما: 1 - التقديم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: التقديم: لم أر من تعرض لهذا، والذي يظهر - والله أعلم - تقديم الأشد. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه تقديم الأشد من أنواع القتل: أن الأشد يحقق الأخف بخلاف الأخف. فإنه لا يحقق الأشد. المسألة الثانية: اجتماع القتل من حدود الله مع غيره منها: وفيها فرعان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاكتفاء بالقتل. الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة اجتماع القتل من حدود الله مع غيره منها ما يأتي: 1 - الرجم مع القطع. 2 - الرجم مع الجلد.

3 - القتل للردة مع القطع. 4 - القتل للردة مع الجلد. 5 - القتل لترك الصلاة مع القطع. 6 - القتل لترك الصلاة مع الجلد. 7 - القتل للحرابة مع القطع. 8 - القتل للحرابة مع الجلد. الفرع الثاني: الاكتفاء بالقتل: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: إذا اجتمع حدان لله فيها قتل فقد اختلف في الاكتفاء بالقتل عن غيره على قولين: القول الأول: أنه يكتفى به. القول الثاني: أنه لا يكتفى به. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالاكتفاء بالقتل بما يأتي: 1 - قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: إذا اجتمع حدان أحدهما قتل أحاط القتل بذلك (¬1). 2 - أنها حدود لله فيها قتل فسقط ما دونه كالمحارب إذا قتل وأخذ المال. 3 - أن الحدود تراد للزجر ومع القتل لا يبقى للزجر فائدة. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، باب في الرجل يسرق ويشرب /28126.

الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الاكتفاء بالقتل: بأن ما وجب مع غير القتل وجب مع القتل كقطع اليد مع القتل قصاصا. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاتة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالاكتفاء بالقتل. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالاكتفاء بالقتل: أن أدلته أظهر. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس غير القتل من الحدود على القصاص قياس مع الفارق، وذلك من وجهين: الوجه الأول: أن الحدود حق لله تعالى، والقصاص حق لآدمي وحق الله مبناه على المسامحة، وحقوق الآدميين مبناها على المشاحة. الوجه الثاني: أن الحدود لمجرد الردع والزجر وذلك ينعدم بالقتل، أما القصاص فإنه للتشفي بجانب الردع والزجر، والتشفى لا يحققه القتل وحده. المسألة الثالثة: اجتماع غير القتل: وفيها فرعان هما:

1 - الأمثلة. 2 - الاكتفاء ببعضها. الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة اجتماع غير القتل من الحدود ما يأتي: 1 - زنا غير المحصن مع السرقة. 2 - زنا غير المحصن مع الشرب. 3 - اجتماع السرقة مع الشرب. الفرع الثانى: الاكتفاء ببعضها: وفيه أمران هما: 1 - إذا كانت الحدود من جنس واحد. 2 - إذا لم تكن الحدود من جنس واحد. الأمر الأول: إذا كانت الحدود المجتمعة من جنس واحد: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاكتفاء بأحدها. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة اجتماع الجنس الواحد من الحدود غير القتل ما يأتي: 1 - تكرر الزنا من البكر قبل الجلد. 2 - تكرر السرقة قبل القطع. 3 - تكرر الشرب قبل الجلد. الجانب الثاني: الاكتفاء بالحد الواحد: وفيه جزءان هما: 1 - الاكتفاء. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاكتفاء بالحد الواحد: إذا تكرر الجنس الواحد من الحد قبل إقامته كفى حد واحد بلا خلاف.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه الاكتفاء بحد واحد للجنس الواحد المكرر من الحدود: أن محل الحد الواحد وسببه واحد فأجزء واحد كالقتل والكفارة. الأمر الثاني: إذا لم تكن الحدود من جنس واحد: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - إيقاع جميعها. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة اجتماع الحدود المختلفة ما يأتي: 1 - حد السرقة مع حد الزنا بالجلد. 2 - حد السرقة مع حد الشرب. 3 - حد الزنا بالجلد مع حد الشرب. الجانب الثاني: إيقاعها: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الإيقاع. 2 - ما يبدأ به. 3 - الموالاة بينها. الجزء الأول: إيقاعها: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الإيقاع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم الإيقاع: إذا اجتمعت حدود غير القتل من أجناس مختلفة وجب إيقاعها بلا خلاف. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه إيقاع جميع الحدود المجتمعة من أجناس: أن سبب الوجوب مختلف فيجب لكل سبب حكمه، كما لو تفرقت.

الجزء الثاني: ما يبدأ به: وفيها جزئيتان هما: 1 - حكم تقديم بعضها على بعض. 2 - ما يبدأ به. الجزئية الأولى: حكم تقديم بعض الحدود على بعض: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم التقديم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم التقديم: الحدود غير القتل يجوز تقديم بعضها على بعض. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جواز تقديم بعض الحدود على بعض: أن الأصل الجواز ولم يرد في الترتيب بينها دليل. الجزئية الثانية: ما يبدأ به: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا اختلفت في الشدة. 2 - إذا تساوت في الشدة. الفقرة الأولى: إذا اختلفت في الشدة: وفيها شيئان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يبدأ به. الشيء الأول: الأمثلة: من أمثلة الحدود المختلفة في الشدة ما يأتي: 1 - القطع مع الجلد. 2 - جلد الزاني وجلد الشارب. 3 - قطع السارق وقطع المحارب.

الشيء الثاني: ما يبدأ به: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يبدأ به. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان ما يبدأ به: إذا اجتمعت الحدود المختلفة في الشدة بدئ بالأخف منها. فيبدأ بحد الشرب قبل حد الزنا، ويبدأ بالقطع للسرقة قبل القطع للحرابة. النقطة الثانية: التوجيه: وجه البدء بالأخف في الحدود المختلفة في الشدة: أن البدء بالأشد قد يفوت الأخف فيما لو أدى إلى التلف. الفقرة الثانية: إذا تساوت الحدود في الشدة: وفيها شيئان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يبدأ به. الشيء الأول: الأمثلة: من أمثلة استواء الحدود في الشدة ما يأتي: الجلد للشرب، وللقذف على القول بأنه حق لله. الشيء الثاني: ما يبدأ به: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يبدأ به. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان ما يبدأ به: إذا تساوت الحدود في الشدة بدئ بأي واحد منها.

النقطة الثانية: التوجيه: وجه البدء بأي واحد من الحدود المتساوية في الشدة: أنه لا ميزة لأي واحد منها ولا أثر له. الجزء الثالث: الموالاة بينها: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم الموالاة. 2 - الفترة اللازمة بين الحدين. الجزئية الأولى: حكم الموالاة: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: الموالاة بين الحدود المجتمعة لا يجوز. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز الموالاة بين إقامة الحدود المجتمعة على الواحد ما يأتي: 1 - أنه لم يرد بالموالاة بينها دليل. 2 - أن الموالاة بينها قد تؤدي إلى التلف وذلك لا يجوز؛ لأن الحد للتأديب والردع والزجر وليس للإتلاف. الجزئية الثانية: الفترة اللازمة بين الحدين: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الفترة. 2 - من يحددها. الفقرة الأولى: بيان الفترة: وفيها شيئان هما:

المطلب الثاني اجتماع حدود الآدمي

1 - بيان الفترة. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الفترة: لا حد للفترة اللازمة بين الحدين، فينتظر بالحد الثاني في انتفاء الخوف من الضرر بإيقاع الحد الآخر. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم تحديد الفترة بين الحدين: أن القصد تفادي الضرر بالموالاة، وذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فمتى انتفى الخوف من الضرر جاز إيقاع الحد الثاني. الفقرة الثانية: من يحدد الفترة: وفيها شيئان هما: 1 - بيان من يحدد الفترة. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان من يحدد الفترة: الذي يحدد الفترة بين إيقاع الحدين هو الطب. الشيء الثاني: التوجيه: وجه إسناد تحديد الفترة بين الحدين إلى الطب: أنه الذي يعرف بواسطته انتفاء الضرر وعدمه؛ للخبرة بتحمل الأجسام وضعفها والأمراض وخطرها. المطلب الثاني اجتماع حدود الآدمي وفيه مسألتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الإيقاع.

المسألة الأولى: الأمثلة: من اجتماع حدود الآدمي ما يأتي: 1 - القتل مع القطع. 2 - القتل مع حد القذف. 3 - القطع مع حد القذف. المسألة الثانية: الإيقاع: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان فيها قتل. 2 - إذا لم يكن فيها قتل. الفرع الأول: إذا كان في الحدود المجتمعة لآدمى قتل: وفيها ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في إيقاع الحدود لآدمي المجتمعة مع القتل على قولين: القول الأول: أنها توقع كلها. القول الثاني: أنه لا يوقع إلا القتل. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بإيقاع جميع حقوق الآدمي المجتمعة ولو كان فيها قتل: بأنها حقوق لآدمي أمكن استيفاؤها فوجب كسائر حقوقهم.

الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالاكتفاء بالقتل بما يأتي: 1 - قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: إذا اجتمع حدان أحدهما القتل أحاط القتل بذلك (¬1). 2 - قياس حقوق الآدمي على حقوق الله. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - استيفاء الجميع. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح استيفاء جميع الحدود ما يأتي: 1 - أن من مقاصد استيفاء حقوق الآدميين التشفي، وهو لا يحصل بالقتل دون غيره من الحقوق. 2 - أن الحقوق إذا كانت لأكثر من واحد أن كل واحد يريد استيفاء حقه وهو لا يحصل باستيفاء حق غيره. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزءان هما: ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، في الرجل يسرق ويشرب/28126.

1 - الجواب عما ورد عن ابن مسعود. 2 - الجواب عن قياس حقوق الآدميين على حقوق الله. الجزء الأول: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن ما ورد عن ابن مسعود بجوابين: الجواب الأول: حمله على حدود الله؛ لأن الحدود إذا أطلقت انصرفت إلى حدود الله. الجواب الثاني: أنه رأي له وقد خولف فيه كما ورد عن ابن عباس أنه قال: إذا وجب على الرجل القتل ووجب عليه حدود لم تقم عليه الحدود إلا الفرية (¬1). الجزء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: الجواب عن قياس حقوق الآدميين على حقوق الله بأنه قياس مع الفارق فلا يصح، وذلك أن حقوق الله مبنية على المسامحة وحقوق الآدميين مبنية على المشاحة. الفرع الثانى: إيقاع حدود الآدميين المجتمعة بلا قتل: وفيه أمران هما: 1 - الإيقاع. 2 - ما يبدأ به. الأمر الأول: الإيقاع: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كانت لواحد. 2 - إذا كانت لأكثر من واحد. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب الحدود، باب الذي يأتي الحدود ثم يقتل/ 18226.

الجانب الأول: إذا كانت الحدود لواحد: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان سببها واحداً. 2 - إذا كان سببها مختلفاً. الجزء الأول: إذا كان سببها واحدا: وفيه جزئيتان هما: 1 - المثال. 2 - الإيقاع. الجزئية الأولى: المثال: مثال الحدود متحدة الجنس والسبب: حد القذف المتكرر قبل إقامة الحد. الجزئية الثانية: الإيقاع: وفيها فقرتان هما: 1 - الإيقاع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الإيقاع: إذا اجتمع عدد من الحدود وكانت من جنس واحد وسببها واحد لم يوقع منها إلا واحد (¬1). الفقرة الثانية: التوجيه: وجه الاكتفاء بحد واحد إذا كانت الحدود لواحد وهي من جنس واحد سببها واحد ما يأتي: 1 - أنها حدود من جنس واحد وسببها واحد فتتداخل كالقتلين (¬2). والقطعين (¬3). ¬

_ (¬1) فإن كل قذف يوجب حدا، والسبب واحد وهو القذف، وجنس الحد واحد وهو الجلد. (¬2) القتل في الحرابة والقتل قصاصا، فإن القتل قصاصا يسقط بقتل الحرابة. (¬3) القطع قصاصا والقطع في السرقة فإن القطع قصاصا يسقط قطع السرقة.

2 - أنها لو كانت لله كزنا البكر المتكرر قبل إقامة الحد لم يقم إلا حد واحد فكذلك إذا كانت لآدمي. الجزء الثاني: إذا كان سبب الحدود مختلفا: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الإيقاع. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة حدود الآدمي الواحد مختلفة الجنس ما يأتي: القطع مع حد القذف. الجزئية الثانية: الإيقاع: وفيها فقرتان هما: 1 - الإيقاع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الإيقاع: إذا اجتمع عدد من الحدود لواحد وكان سببها مختلفا وجنسها مختلفا أوقعت كلها، فلو وجد القذف مع القطع حد للقذف ثم القطع. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه إقامة كل الحدود إذا كانت مختلفة وسببها مختلفا: أنها حدود من أجناس وأسبابها مختلفة فلا يتأدى بعضها بإقامة بعض، فوجب إقامة جميعها كما لو كانت لله أو لأكثر من واحد. الجانب الثاني: إذا كانت الحدود لأكثر من واحد: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الإيقاع.

الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة الحدود المجتمعة لأكثر من واحد ما يأتي: 1 - قذف شخص وقطع آخر. 2 - قذف أكثر من شخص بكلمات. 3 - قطع أكثر من شخص. الجزء الثاني: الإيقاع: وفيه جزئيتان هما: 1 - الإيقاع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الإيقاع: إذا اجتمعت حدود لأكثر من واحد أوقعت كلها. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه إيقاع جميع الحدود المجتمعة لأكثر من واحد: أن إيقاع حدود بعضهم يعد إيقاعا لحدود غيره كقضاء الديون. الأمر الثاني: ما يبدأ به: وفيه جانبان هما: 1 - إذا تساوت الحدود في الشدة. 2 - إذا اختلفت الحدود في الشدة. الجانب الأول: إذا تساوت الحدود فى الشدة: وفيه جزءان هما: 1 - المثال. 2 - ما يبدأ به. الجزء الأول: المثال: مثال اجتماع الحدود المتساوية في الشدة ما يأتي: 1 - القذف لأكثر من واحد بكلمات. 2 - قطع كف شخص وقدم آخر. 3 - قطع يمين شخص وشمال آخر.

الجزء الثاني: ما يبدأ به: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا تساوى زمن الاستحقاق. 2 - إذا اختلف زمن الاستحقاق. الجزئية الأولى: إذا تساوت الحدود فى زمن الاستحقاق: وفيها فقرتان هما: 1 - ما يبدأ به. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: ما يبدأ به: إذا تساوت الحدود في زمن الاستحقاق بدئ بأي واحد منها. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه التخيير في البدء بأي واحد من الحدود المتساوية: أنه لا ميزة لبعضها على بعض فتتساوى في البدء في التنفيذ. الجزئية الثانية: إذا اختلف زمن الاستحقاق: وفيها فقرتان هما: 1 - ما يبدأ به. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: ما يبدأ به: إذا اختلف زمن استحقاق الحدود المجتمعة بدئ بالأسبق. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه البدء بالأسبق إذا وجد السبق: أن السبق بالوجوب ميزة للسابق على المسبوق فيقدم عليه. الجانب الثاني: إذا اختلفت الحدود فى الشدة: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يبدأ به.

المطلب الثالث اجتماع حدود الآدمى مع حقوق الله

الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة الحدود المختلفة في الشدة الجلد مع القطع. الجزء الثاني: ما يبدأ به: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان ما يبدأ به. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان ما يبدأ به: إذا اختلفت الحدود في الشدة بدئ بالأخف منها. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه البدء بالأخف من الحدود: أن البدء بالأشد قد يؤدي إلى التلف فيفوت الأخف، بخلاف البدء بالأخف فلا يخشى منه ذلك. المطلب الثالث اجتماع حدود الآدمى مع حقوق الله وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - اجتماع القتل مع القتل. 2 - اجتماع القتل مع غيره. 3 - اجتماع غير القتل. المسألة الأولى: اجتماع القتل مع القتل: وفيها فرعان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التنفيذ. الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة اجتماع القتل لحق الله مع القتل لحق الآدمي ما يأتى:

1 - القصاص مع الرجم. 2 - القصاص مع القتل للحرابة. 3 - القصاص مع الردة. 4 - القصاص مع القتل لترك الصلاة. 5 - القصاص مع القتل تعزيرا. الفرع الثاني: التنفيذ: وفيه أمران هما: 1 - التنفيذ. 2 - ما يقدم. الأمر الأول: التنفيذ: إذا اجتمع القتل لحق الله تعالى والقتل لحق الآدمي تداخلا، فبأيهما سبق دخل فيه الآخر. الأمر الثاني: ما يقدم: وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يقدم. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان ما يقدم: إذا اجتمع القتل لحق الله والقتل لحق الآدمي قدم القتل لحق الآدمي، فيقدم القتل قصاصا على القتل للردة. وما فيه حق للآدمي على الخالص لحق الله، فيقدم القتل للحرابة على القتل للردة. الجانب الثاني: التوجيه: وجه تقديم القتل لحق الآدمي على القتل لحق الله: أن حق الآدمي مبني على المشاحة، وحق الله مبني على المسامحة.

المسألة الثانية: اجتماع القتل مع غيره: وفيها فرعان هما: 1 - صور اجتماع القتل مع غيره. 2 - تنفيذ غير القتل. الفرع الأول: صور اجتماع القتل مع غيره: صور اجتماع القتل مع غيره كما يلي: 1 - القتل لحق الآدمي مع غيره من حقوق الله كالقتل قصاصا. مع القطع للسرقة. 2 - القتل لحق الآدمي مع غيره من حقوق الآدميين كالقتل قصاصا مع القطع قصاصا. 3 - القتل لحق الله مع غيره من حقوق الله كالرجم مع القطع للسرقة. 4 - القتل لحق الله مع غيره من حقوق الآدميين، كالقتل للردة مع القطع قصاصا. الفرع الثاني: تنفيذ غير القتل: وفيه أمران هما: 1 - تنفيذ حقوق الله. 2 - تنفيذ حقوق الآدميين. الأمر الأول: تنفيذ حقوق الله: وفيه جانبان هما: 1 - التنفيذ. 2 - التوجيه. الجانب الأول: التنفيذ: حدود الله من الحدود غير القتل تدخل في القتل فلا تستوفى سواء كان القتل لحق الله أم لحق الآدميين.

الجانب الثاني: التوجيه: وجه دخول غير القتل من حدود الله في القتل ما يأتي: 1 - قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: إذا اجتمع حدان أحدهما القتل أحاط القتل بذلك (¬1). 2 - أن حقوق الله تبنى على المسامحة فيدخل أصغرها في أكبرها. الأمر الثاني: تنفيذ حقوق الآدمي: وفيه جانبان هما: 1 - التنفيذ. 2 - الموالاة بينها. الجانب الأول: التنفيذ: وفيه جزءان هما: 1 - التنفيذ. 2 - التوجيه. الجزء الأول: التنفيذ: حقوق الآدميين غير القتل لا تدخل في القتل فتستوفى قبله. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم سقوط غير القتل من حقوق الآدميين بالقتل: ما يأتي: 1 - أن حقوق الآدميين تبنى على المشاحة فلا تسقط إلا بالعفو عنها أو استيفائها. ¬

_ (¬1) مصنف اين أبي شيبة، كتاب الحدود، في الرجل يسرق ويشرب /28126.

2 - أن من أهداف استيفاء حدود الآدميين التشفى، وهو لا يحصل بفعل البعض. الجانب الثاني: الموالاة بينها: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان القتل لحق الله تعالى. 2 - إذا كان القتل لحق الآدمي. الجزء الأول: إذا كان القتل لحق الله تعالى: وفيه جزئيتان هما: 1 - الموالاة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الموالاة: إذا كان القتل لحق الله تعالى نفذت حقوق الآدميين متوالية. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه الموالاة بين تنفيذ حقوق الآدميين إذا كان القتل لحق الله: أن القتل متحتم فلا فائدة في التأخير. الجزء الثاني: إذا كان القتل لحق الآدميين: وفيه جزئيتان هما: 1 - الموالاة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الموالاة: إذا كان القتل لحق آدمي انتظر باستيفاء كل واحد حتى يؤمن الضرر من الذي قيله. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه تأخير الاستيفاء لكل واحد حتى يؤمن الضرر من الذي قبله:

ما يأتي: 1 - أن الموالاة قد تفوت النفس فيفوت بها القصاص. 2 - أن العفو عن القتل لحق الآدمي جائز والتأخير يقوي احتمال العفو فيؤخر. المسألة الثالثة: اجتماع غير القتل من حقوق الله وحقوق الآدميين: وفيها فرعان هما: 1 - التنفيذ. 2 - التقديم. الفرع الأول: التنفيذ: وفيه أمران هما: 1 - التنفيذ. 2 - التوجيه. الأمر الأول: التنفيذ: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان يفوت محل الحد بتنفيذ أحد الحدين. 2 - إذا كان لا يفوت محل الحد بتنفيذ أحد الحدين. الجانب الأول: إذا كان يفوت محل الحد بتنفيذ أحد الحدين: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التنفيذ. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة ما يفوت به محل الحد بتنفيذ أحد الحدين ما يأتي: 1 - قطع اليد قصاصا وفي السرقة. 2 - قطع الرجل قصاصا وفي السرقة.

الجزء الثاني: التنفيذ: وفيه جزئيتان هما: 1 - التنفيذ. 2 - التقديم. الجزئية الأولى: التنفيذ: وفيها فقرتان هما: 1 - التنفيذ. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: التنفيذ: إذا كان تنفيذ أحد الحدين يفوت به محل الحد لم يمكن تنفيذ غير حد واحد. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم إمكان تنفيذ أكثر من حد إذا كان محل الحد يفوت به: أنه إذا نفذ أحد الحدين لم يبق محل لتنفيذ الآخر. الجزئية الثانية: التقديم: وفيها فقرتان هما: 1 - ما يقدم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: ما يقدم: إذا كان تنفيذ أحد الحدين يفوت محل الحد قدم تنفيذ حدود الآدمي. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تقديم حدود الآدميين على حدود الله: أن حقوق الآدميين على المشاحة، وحدود الله تبنى على المسامحة. الجانب الثاني: إذا كان محل الحد لا يفوت بتنفيذ أحد الحدين: وفيه جزءان هما:

1 - الأمثلة. 2 - التنفيذ. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة ما لا يفوت به محل الحد بتنفيذ أحد الحدين ما يأتي: 1 - حد الشرب مع حد القذف. 2 - الجلد بالزنا مع حد القذف. الجزء الثاني: التنفيذ: وفيه جزئيتان هما: 1 - التنفيذ. 2 - التقديم. الجزئية الأولى: التنفيذ: وفيه فقرتان هما: 1 - التنفيذ. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: التنفيذ: إذا كان تنفيذ أحد الحدين لا يفوت به محل الحد نفذا جميعا. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تنفيذ الحدين جميعا إذا كان تنفيذ أحدهما لا يفوت به محل الحد: أن محل الحد باق يمكن تنفيذ الحد الثاني فيه. الجزئية الثانية: التقديم: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا اختلف الحدان في الشدة. 2 - إذا لم يختلف الحدان في الشدة. الفقرة الأولى: إذا اختلف الحدان في الشدة: وفيها شيئان هما: 1 - المثال. 2 - ما يبدأ به.

الشيء الأول: المثال: مثال اختلاف الحدين في الشدة ما يأتي: 1 - حد الزنا مع حد الشرب. 2 - حد الزنا مع حد القذف. الشيء الثاني: ما يبدأ به: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يبدأ به. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: ما يبدأ به: إذا اختلفت الحدود في الشدة بدئ بالأخف منها. النقطة الثانية: التوجيه: وجه البدء بالأخف من الحدود المختلفة في الشدة: أن البدء بالأشد قد يؤدي إلى التلف فيفوت الأخف. الفقرة الثانية: إذا لم يختلف الحدان في الشدة: وفيها شيئان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التقديم. الشيء الأول: الأمثلة: من أمثلة عدم اختلاف الحدين في الشدة حد الشرب مع حد القذف. الشيء الثاني: ما يبدأ به: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يبدأ به. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان ما يبدأ به: إذا لم يختلف الحدان في الشدة بدئ بحد الآدمي فينفذ حد القذف قبل حد الشرب.

النقطة الثانية: التوجيه: وجه تقديم تنفيذ حد الآدمي على حد الله: أن حقوق الآدميين تبنى على المشاحة، وحقوق الله تبنى على المسامحة.

المبحث [التاسع] تأخير إقامة الحد

المبحث العاشر تأخير إقامة الحد وفيه مطلبان هما: 1 - أسباب التأخير. 2 - التأخير. المطلب الأول أسباب التأخير من أسباب التأخير ما يأتي: 1 - التأخير للحمل. 2 - التأخير للنفاس. 3 - التأخير للحيض. 4 - التأخير للمرض. 5 - التأخير للرضاع. 6 - التأخير للزمانة. 7 - التأخير للبرء من حد سابق. 8 - التأخير للبرد والحر. المطلب الثاني التأخير وفيه مسألتان هما: 1 - تأخير الحد للحمل. 2 - تأخير الحد لغير الحمل. المسألة الأولى: تأخير الحد للحمل: وفيها فرعان هما: 1 - التأخير. 2 - نهاية التأخير. الفرع الأول: التأخير: وفيه أمران هما:

1 - التأخير. 2 - دليل التأخير. الأمر الأول: التأخير: تأخير إقامة الحد على الحامل واجب سواء كان قتلا أم دونه، وسواء كان من حلال أم من حرام. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على تأخير إقامة الحد على الحامل ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر الحد عن الجهنية (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - أخر الحد بمشورة معاذ - رضي الله عنه - (¬2). 3 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - أخر الحد عن الحامل حتى وضعت (¬3). 4 - أن إقامة الحد على الحامل يتعدى إلى ولدها وهو لا ذنب له. الفرع الثاني: نهاية التأخير: وفيه أمران هما: 1 - إذا كان الحد قتلا. 2 - إذا كان الحد دون القتل. الأمر الأول: إذا كان الحد قتلا: وفيه جانبان هما: 1 - بيان نهاية التأخير. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان نهاية التأخير: إذا كان الحد قتلا كانت نهاية التأخير عن الحامل إلى الوضع. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4440. (¬2) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، باب من قال إذا فجرت وهي حامل/ 29411. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، من قال إذا فجرت وهي حامل/29409.

الجانب الثاني: التوجيه: وجه تحديد نهاية تأخير الحد عن الحامل بالوضع: أن التأخير للمحافظة على الحمل، فإذا وضع زال الخوف عليه. الأمر الثاني: إذا كان الحد دون القتل: وفيه جانبان هما: 1 - بيان نهاية التأخير. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان نهاية التأخير: إذا كان حد الحامل دون القتل كانت نهاية التأخير إلى أن تضع وتشفى من نفاسها سواء كان الحد قطعا أم جلدا. الجانب الثاني: التوجيه: وجه تأخير الحد غير القتل عن الحامل إلى وضعها وشفائها ما يأتي: 1 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - لما وجد الزانية في نفاسها تركها وأقره الرسول - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 2 - أن إقامة الحد على النفساء يضرها والضرر لا يجوز؛ لأن الغرض من الحد التأديب لا الإضرار. المسألة الثانية: تأخير الحد لغير الحمل: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان الحد قتلا. 2 - إذا كان الحد دون القتل. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب تأخير الحد عن النفساء 34/ 1705.

الفرع الأول: إذا كان الحد قتلا: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - التأخير. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة القتل حدا ما يأتي: 1 - قتل المحارب. 2 - قتل الردة. 3 - قتل تارك الصلاة. 4 - رجم الزاني. الأمر الثاني: التأخير: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الحكم: إذا كان الحد قتلا لم يؤخر لغير الحامل. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم تأخير القتل حدا لغير الحمل ما يأتي: 1 - أن التأخير لا يفيد. 2 - أن التأخير قد يؤدي إلى التلف قبل إقامة الحد فيفوت إقامته. الفرع الثاني: إذا كان الحد دون القتل: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - التأخير. الأمر الأول: الأمثلة: أمثلة غير القتل من الحدود ما يأتي:

1 - القطع. 2 - الجلد. الأمر الثاني: التأخير: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الحكم: تأخير غير القتل من الحدود للعذر واجب. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه التأخير للنفاس. 2 - توجيه التأخير لباقي الأسباب. الجزء الأول: توجيه التأخير للنفاس: وجه تأخير غير القتل من الحدود للنفاس ما يأتي: 1 - أن إقامة الحد على النفساء قد يؤدي إلى تلفها، وذلك لا يجوز؛ لأن الحد للتأديب وليس للإتلاف. الجزء الثاني: توجيه تأخير الحد لباقي الأسباب: وجه تأخير الحد لباقي الأسباب: أن إقامة الحد حال العذر قد يؤدي إلى التلف أو الإضرار، وذلك لا يجوز؛ لأن الحد للتأديب وليس للضرر أو الإتلاف كما تقدم.

المبحث [العاشر] تخفيف الحد

المبحث الحادي عشر تخفيف الحد وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - أسباب التخفيف. 2 - صفة التخفيف. 3 - حكم التخفيف. المطلب الأول أسباب التخفيف من أسباب التخفيف: أن يكون مرتكب الحد لا يتحمله لمرض لا يرجى برؤه. المطلب الثاني صفة التخفيف الصفة الأولى: في آلة الجلد كعذق النخلة أو سعفها. الصفة الثانية: في تخفيف الضرب. الصفة الثالثة: في آلة الجلد وتخفيف الضرب. المطلب الثالث حكم التخفيف وفيه مسألتان هما: 1 - إذا كان سبب التخفيف يرجى زواله. 2 - إذا كان سبب التخفيف لا يرجى زواله.

المسألة الأولى: إذا كان سبب التخفيف يرجى زواله: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: إذا كان سبب التخفيف يرجى زواله فقد اختلف في تخفيف الحد على قولين: القول الأول: أنه يخفف. القول الثاني: أنه لا يخفف. الفرع الثانى: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالتخفيف بما يلي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المريض الضني (¬1): (خذوا مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة) (¬2). 2 - أنه إما أن يقام عليه الحد مع التخفيف، أو لا يقام عليه، أو يقام عليه من غير تخفيف، وترك الحد لا يجوز؛ لأنه ترك للأمر، وإقامة الحد من غير تخفيف يؤدي إلى التلف وهذا لا يجوز؛ لأن الحد تأديب وليس إتلافا، فتعين التخفيف. ¬

_ (¬1) ضعيف الجسم من المرض. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب إقامة الحد على المريض/ 4472.

الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم التخفيف بما يلي: 1 - أن النصوص لم تفصل بين الصحيح والسقيم، فلا يجوز تقييدها من غير دليل. 2 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجل الحد عن النفساء ولم يخففه وهذا ظاهر في عدم التخفيف. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم التخفيف. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم التخفيف: أن الأصل عدم التخفيف فلا يصار إليه بلا دليل، وما استدل به المخالفون سيأتي الجواب عنه. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جانبان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن الحصر. الجانب الأول: الجواب عن الاحتجاج بالحديث: يجاب عن ذلك بجوابين:

الجواب الأول: أن فيه مقالا (¬1). الجواب الثاني: أنه في الميؤوس من شفائه. الجانب الثاني: الجواب عن الحصر: أجيب عنه: بأن الأمر ليس منحصرا فيما ذكروه؛ لأنه يمكن تأخير الحد إلى زوال السبب فيقام عليه الحد على صفته، أو يصل الأمر إلى اليأس فيأخذ حكم من لا يرجى زوال سببه على ما يأتي. المسألة الثانية: إذا كان سبب التخفيف لا يرجى زواله (¬2): وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: إذا كان سبب التخفيف لا يرجى زواله فقد اختلف في تخفيف الحد على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. ¬

_ (¬1) الإشراف لابن المنذر 3/ 12 والإجماع له/ 69. (¬2) أفرد عما قبله لاختلاف الترجيح.

الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بجواز التخفيف بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المريض الضني (¬1): (خذوا مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة) (¬2). 2 - أنه إما أن يقام عليه الحد مع التخفيف، أو لا يقام عليه، أو يقام عليه من غير تخفيف، وترك الحد لا يجوز؛ لأنه ترك للأمر، وإقامة الحد من غير تخفيف يؤدي إلى التلف وهذا أيضًا لا يجوز؛ لأن الحد تأديب وليس إتلافا، فتعين التخفيف. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم التخفيف بما يأتي: 1 - أن النصوص لم تفصل بين السليم والسقيم، فلا يجوز تقييدها من غير دليل. 2 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجل الحد عن النفساء ولم يخففه، وهذا ظاهر في عدم جواز التخفيف. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالتخفيف. ¬

_ (¬1) ضعيف الجسم من المرض. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب إقامة الحد على المريض/ 2472.

الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بجواز التخفيف: أن إقامة الحد على صفته متعذر؛ لأنه يفضي إلى التلف كما تقدم، وإقامته مخففا أولى من تركه. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جانبان هما: 1 - الجواب عن إطلاق النصوص. 2 - الجواب عن تأجيل الحد عن النفساء. الجانب الأول: الجواب عن إطلاق النصوص: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: حملها على المستطيع؛ لأنه الغالب. الجواب الثاني: قلبها على المستدل بها؛ وذلك أنها أوجبت إقامة الحد، وإقامته على وجه الكمال متعذر كما تقدم فيتعين إقامته مخففا تنفيذا للأمر بإقامة الحد. الجانب الثاني: الجواب عن تأجيل الحد عن النفساء: أجيب عن ذلك: بأنه فيمن يرجى زوال سبب التخفيف عنه، وهو ليس من محل الخلاف.

المبحث [الحادي] عشر مسؤولية إقامة الحد

المبحث الثاني عشر مسؤولية إقامة الحد وقد تقدم ذلك في المطلب الخامس: من مطالب حكم إقامة الحد.

الموضوع الثاني حد الزنا

الموضوع الثاني حد الزنا وفيه تسعة مباحث هي: 1 - تعريف الزنا. 2 - حكم الزنا. 3 - ما يثبت به الزنا. (طريق إثبات الزنا). 4 - حد الزنا. 5 - شروط حد الزنا. 6 - من يقام عليه حد الزنا. 7 - ما يدرأ به حد الزنا. 8 - أثر الزنا على النكاح. 9 - نسب ولد الزنا.

المبحث الأول تعريف الزنا

المبحث الأول تعريف الزنا وفيه مطلبان هما: 1 - التعريف العام. 2 - التعريف لما يجب به الحد. المطلب الأول التعريض العالم الزنا بالمعنى العام: وطء الرجل المرأة في قبلها من غير نكاح ولا شبهة ولا ملك. المطلب الثاني التعريف لما يجب به الحد من الزنا وفيه مسألتان هما: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف. المسألة الأولى: التعريف: الزنا الذي يجب به الحد هو: وطء رجل مكلف مختار عالم بالتحريم لامرأة مشتهاة طبعا في قبلها من غير نكاح ولا شبهة ولا ملك. المسألة الثانية: ما يخرج بالتعريف: وفيها اثنا عشر فرعًا هي: 1 - ما يخرج بكلمة (وطء) 2 - ما يخرج بكلمة (رجل). 3 - ما يخرج بكلمة (مكلف). 4 - ما يخرج بكلمة (مختار).

5 - ما يخرج بكلمة (عالم بالتحريم). 6 - ما يخرج بكلمة (امرأة). 7 - ما يخرج بكلمة (مشتهاة). 8 - ما يخرج بكلمة (طبعا). 9 - ما يخرج بكلمة (في قبلها). 10 - ما يخرج بكلمة (من غير نكاح). 11 - ما يخرج بكلمة (ولا شبهة). 12 - ما يخرج بكلمة (ولا ملك). الفرع الأول: ما يخرج بكلمة (ولا ملك). وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - ما يخرج. 2 - دليل الخروج. 3 - ما يجب به. الأمر الأول: ما يخرج: وفيه جانبان هما: 1 - استمتاع الرجل بالمرأة بما دون الفرج. 2 - استمتاع المرأة بالمرأة. الجانب الأول: استمتاع الرجل بالمرأة بما دون الفرج: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلته. 2 - حكمه. الجزء الأول: الأمثلة: من أمثلة ما دون الوطء من الاستمتاع ما يأتي: 1 - القبلة. 2 - الضم. 3 - اللمس. 4 - النظر. 5 - الجس. 6 - المفاخذة.

الجزء الثاني: الحكم: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل. الجزئية الأولى: بيان الحكم: الاستمتاع بالمرأة الأجنبية حرام ولو كان دون الوطء. الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على تحريم الاستمتاع بالأجنبية ولو كان دون الوطء: ما ورد أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني وجدت امرأة في البستان فأصبت منها كل شيء غير أني لم أنكحها فافعل بي ما تشاء، فقرأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى (¬1): {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ولم يقره (¬2). ووجه الاستدلال به: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرشد السائل إلى ما يذهب السيئات فدل على أن فعله منها، ولو لم يكن محرما لما كان منها. الجانب الثاني: استمتاع المرأة بالمرأة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - صفته. 2 - الاسم. 3 - حكمه. الجزء الأول: صفة استمتاع المرأة بالمرأة: استمتاع المرأة بالمرأة: أن تفترش المرأة المرأة كالرجل وتضع قبلها على قبلها وتدلكه به. ¬

_ (¬1) سورة هود، الآية: [114]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} / 39/ 2763.

الجزء الثاني: الاسم: استمتاع المرأة بالمرأة يسمى السحاق، والمساحقة. الجزء الثالث: الحكم: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: استمتاع المرأة بالمرأة حرام لا يجوز، وقد يكون من الكبائر. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه تحريم استمتاع المرأة بالمرأة ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان) (¬1). 2 - القياس على استمتاع الرجل بالرجل؛ لأن كلا منهما يقضي الوطر ويقلل الرغبة في النكاح، فيقل النسل، وتضعف الأمة، وتقل قوامة الرجال على النساء، وتفوت مكاثرة النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنبياء. الأمر الثاني: دليل الخروج: دليل خروج الاستمتاع دون الفرج من تعريف الزنا ما يأتي: ما ورد أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني وجدت امرأة في البستان فأصبت منها كل شيء غير إني لم أنكحها فافعل بي ما تشاء. فقرأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (¬2) ولم يحده (¬3). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب ما جاء في حد اللوطي 8/ 233. (¬2) سورة هود، الآية: [114]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} /39/ 2763.

ووجه الاستدلال به: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرشده إلى ما يذهب السيئات ولم يحده، ولو كان الاستمتاع بما دون الفرج زنا لحده فلما لم يحده دل على أنه ليس بزنا. الأمر الثالث: ما يجب بالاستمتاع دون الوطء: وفيه جانبان هما: 1 - ما يجب قبل التوبة. 2 - ما يجب بعد التوبة. الجانب الأول: ما يجب قبل التوبة: وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان ما يجب: الاستمتاع دون الفرج قبل التوبة يوجب التعزير. الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب التعزير بالاستمتاع بما دون الفرج لغير التائب: أنه انتهاك محرم لا حد فيه فيجب به التعزير. الجانب الثاني: ما يجب بعد التوبة: وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان ما يجب: التوبة من الاستمتاع بما دون الفرج: تسقط عقوبته. الجزء الثاني: التوجيه: وجه سقوط عقوبة الاستمتاع بما دون الفرج بالتوبة: ما تقدم في الاستدلال لخروج ما دون الوطء من تعريف الزنا.

الفرع الثاني: ما يخرج بكلمة (رجل): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - دليل الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (رجل) الصغير، فإن وطأه لا يعد زنا. الأمر الثاني: دليل الخروج: دليل خروج من دون البلوغ من تريف الزنا بكلمة (رجل) حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه (والصبي حتى يكبر). الفرع الثالث: ما يخرج بكلمة (مكلف): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (مكلف) من تعريف الزنا من يأتي: 1 - الصغير. 2 - المجنون. الأمر الثاني: دليل الخروج: دليل خروج غير المكلف من تعريف الزنا بكلمة (مكلف) حديث: (رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصبي حتى يكبر) (¬2). الفرع الرابع: ما يخرج بكلمة (مختارا): وفيه ثلاثة أمور هي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398. (¬2) سنن أبي داود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398.

1 - بيان ما يخرج. 2 - الدليل. 3 - إمكانية الإكراه على الزنا. الأمر الأول: بيان ما يخرج: خرج بكلمة (مختارا) المكره فإنه لا يصدق عليه تعريف الزاني. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على خروج غير المختار بالوصف بالزنا بكلمة (مختارا) ما يأتي: 1 - حديث: (إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬1). 2 - قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2). وذلك أن المكره ليس في سعه ترك ما أكره عليه فلا يكلف بتركه. الأمر الثالث: إمكانية الزنا بالإكراه: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في وقوع الزنا بالإكراه على قولين: القول الأول: أنه لا يقع. القول الثاني: أنه يقع. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره/2043. (¬2) سورة البقرة، الآية: [286].

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم وقوع الزنا بالإكراه: بأن الوطء لا يكون إلا بالانتشار والإكراه ينافيه، فإذا وجد الانتشار انتفى الإكراه. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بإمكان الزنا بالإكراه: بأن الوسيلة متحققة والدافع موجود، والمانع معدوم. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بإمكان الزنا بالإكراه. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بإمكان الزنا بالإكراه: أن وجهته أظهر. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك بأن الخوف من ترك الوطء وليس من الوطء والخوف من ترك الوطء إن لم يحمل على الانتشار لم يمنعه. الفرع الخامس: ما يخرج بكلمة (عالم بالتحريم): وفيه أمران هما: 1 - أمثلة الجهل بالتحريم. 2 - الخروج من حد الزنا.

الأمر الأول: أمثلة الجهل بالتحريم: من أمثلة أسباب الجهل بالتحريم ما يأتي: 1 - قرب العهد بالإسلام مع إمكان الجهل بالتحريم. 2 - البعد عن الناس كمن يعيش في بادية بعيدة ولم يتصل بالناس. الأمر الثاني: الخروج: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - توجيه الخروج. الجانب الأول: الخروج: الوطء من الجاهل بتحريم الزنا لا يدخل في حد الزنا. الجانب الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج الوطء من الجاهل بتحريم الزنا عن حد الزنا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬1). 2 - ما ورد عن بعض الصحابة من عدم إقامة الحد على من جهله ومن ذلك ما يأتي: أ - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قال لجارية حامل من الزنا: أحبلت؟ قالت: نعم من مرعوش بدرهمين. تستهل به لا تكتمه، وكانت ثيبا فاستشار من عنده من الصحابة وفيهم عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، فأشار عليه علي وعبد الرحمن بحدها، وقال عثمان: أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه، فقال عمر: صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه فجلدها عمر مائة وغربها عاما. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [15].

والاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: قول عمر وعثمان ما الحد إلا على من علمه. الوجه الثاني: أن عمر لم يرجمها وكان حدها الرجم واكتفى بتعزيرها بالجلد والتغريب (¬1). ب - ما ورد أنه كتب إلى عمر في رجل قيل له: متى عهدك بالنساء؟ قال: البارحة. قيل له: قد هلكت. قال: ما علمت أن الله حرم الزنا. فكتب عمر: أن يستحلف ما علم أن الله حرم الزنا ويخلى سبيله (¬2). الفرع الخامس: ما يخرج بكلمة (امرأة): وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - خروج وطء الصغيرة. 2 - خروج وطء الذكر. 3 - خروج وطء الحيوان. الأمر الأول: خروج وطء الصغيرة: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد بالصغيرة. 2 - الخروج. الجانب الأول: بيان المراد بالصغيرة: المراد بالصغيرة: التي لا تصلح للوطء عادة. الجانب الثاني: الخروج: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب درء الحدود بالشبهات 8/ 238. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب درء الحدود بالشبهات 8/ 239.

الجزء الأول: الخلاف: اختلف في خروج وطء الصغيرة من حد الزنا على قولين: القول الأول: أنه لا يعتبر زنا. القول الثاني: أنه يعتبر زنا. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن وطء الصغيرة لا يعتبر زنا بما يأتي: أن الصغيرة لا تشتهى عادة فيكون وطؤها كإدخال الإصبع في فرجها. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم خروج وطء الصغيرة عن حد الزنا: بما يأتي: أن وطء الصغيرة وطء في فرج آدمية فلا يخرج عن حد الزنا كوطء الكبيرة. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الخروج. الجزء الثاني: توجيه عدم الخروج: وجه ترجيح عدم خروج وطء الصغيرة من حد الزنا: أنه لا فرق بينه وبين وطء الكبيرة من حيث الهدف من الوطء وهو حصول اللذة وقضاء الوطر.

الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن عدم كمال اللذة بوطء الصغيرة على التسليم به لا يمنع من وصفه بالزنا كوطء الحائض والنفساء. الأمر الثاني: خروج وطء الذكر: وفيما ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في خروج وطء الذكر من حد الزنا على قولين: القول الأول: أنه لا يخرج فيسمى زنا. القول الثاني: أنه يخرج فلا يسمى زنا. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم خروج وطء الذكر عن حد الزنا بما يأتي: 1 - حديث: (إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان) (¬1). 2 - أنه إيلاج في فرج آدمي فكان زنا كالإيلاج في فرج المرأة. 3 - أنه فاحشة فيكون زنا كالفاحشة بين الرجل والمرأة. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب حد اللوطي 8/ 233.

الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بخروج وطء الذكر عن حد الزنا بما يأتي: أن اسمه غير اسم الزنا فهو يسمى لواطا ولا يسمى زنا. 2 - أنه مختلف في حده كما سيأتي فلم يطبق عليه حد الزنا. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - خروج وطء الرجل عن حد الزنا. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بخروج وطء الذكر عن حد الزنا: وجود الخلاف في تطبيق حد الزنا عليه؛ لأنه لو كان زنا لما اختلف فيه. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن القياس على وطء المرأة. الجزئية الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالحديث: أجيب عن ذلك: بأنه ضعيف (¬1). ¬

_ (¬1) إرواء الغليل 8/ 16 والتلخيص الحبير 4/ 55.

الجزئية الثانية: الجواب عن القياس: أجيب عن ذلك: بأنه منتقض بوطء الميتة والصغيرة فإن كل واحد منهما فاحشة، وإيلاج في فرج آدمي وهو غير داخل في حد الزنا. الأمر الثالث: خروج وطء الحيوان: وفيه جانبان هما: 1 - حكمه. 2 - خروجه. الجانب الأول: بيان الحكم: الاستمتاع بوطء الحيوان حرام، سواء كان من الذكر أم من الأنثى (¬1). الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه تحريم استمتاع الرجل. 2 - توجيه تحريم استمتاع المرأة. الجزئية الأولى: توجيه تحريم استمتاع الرجل: وجه تحريم استمتاع الرجل بالحيوان ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30)} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها حصرت رفع اللوم بالحافظين لفروجهم عن غير أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم؛ وذلك دليل على لوم غيرهم، واللوم لا يكون إلا على الممنوع. ¬

_ (¬1) كاللاتي يمكن القرود من أنفسهن، ويربين الكلاب عليه. (¬2) سورة المعارج، الآية: [29] و [30].

2 - حديث: (من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه) (¬1). الجزئية الثانية: توجيه استمتاع المرأة بالحيوان: وجه تحريم استمتاع المرأة بالحيوان: القياس على الرجل لعدم الفرق. الفرم السادس: ما يخرج بكلمة (مشتهاه): وفيه أمران هما: 1 - بإن ما يخرج. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان ما يخرج: مما يخرج بكلمة (مشتهاه) ما يأتي: 1 - وطء الميتة فإنه لا يدخل في حد الزنا. 2 - وطء البهيمة، فإنه لا يدخل في حد الزنا. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج وطء البهيمة والميتة من حد الزنا: أن النفوس الأبية والطباع السليمة تعافه وتنفر منه، فلا يحتاج إلى حد يردع عنه. الفرع السابع: ما يخرج بكلمة (طبعا): وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الأمثلة. 3 - التوجيه. الأمر الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (طبعا) ما يشتهى عند ذوي النفوس المريضة، والطباع المنحرفة. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب فيمن أتى بهيمة/ 4464.

الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما لا يشتهى طبعا ما يأتي: 1 - وطء الميتة. 2 - وطء البهيمة. 3 - وطء الدبر سواء كان من رجل أم امرأة. الأمر الثالث: التوجيه: وجه خروج ما لا يشتهى طبعا من حد الزنا ما يأتي: 1 - أن العبرة بالطباع المعتدلة المستقيمة، لا الطباع المريضة المنحرفة فإنهم يستطيبون الخبائث كالجعلان والصراصير. 2 - أن السلبيات المترتبة على الزنا لا توجد فيه مثل: 1 - إفساد الفرش. 2 - اختلاط الأنساب. الفرع الثامن: ما يخرج بكلمة (في قبلها): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان ما يخرج: خرج بكلمة (في قبلها) من حد الزنا: وطء المرأة في دبرها فإنه لا يعتبر زنا. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج وطء المرأة في دبرها من حد الزنا ما يأتي: 1 - أن وطء الدبر له اسم غير الزنا فاسمه اللواط لا الزنا. 2 - أن حده مختلف فيه كما سيأتي، فلم يطبق عليه حد الزنا. ولو كان زنا لطبق حد الزنا عليه.

الفرع التاسع: ما يخرج بكلمة (من غير نكاح): وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. 3 - المراد بالنكاح. الأمر الأول: بيان ما يخرج: خرج بكلمة (من غير نكاح) الوطء بنكاح، فإنه لا يعد زنا. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج الوطء بنكاح من حد الزنا: أن الوطء بنكاح مأذون فيه شرعا، والوطء المأذون فيه شرعا لا يعتبر زنا. الأمر الثالث: المراد بالنكاح: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد بالنكاح. 2 - ما يخرج به. الجانب الأول: بيان المراد بالنكاح: المراد بالنكاح: النكاح الصحيح. الجانب الثاني: ما يخرج بقيد الصحيح: وفيه جزءان هما: 1 - النكاح الفاسد. 2 - النكاح الباطل. الجزء الأول: النكاح الفاسد: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - ضابطه. 2 - أمثلته. 3 - خروجه.

الجزئية الأولى: ضابط النكاح الفاسد: النكاح الفاسد ما اختل شرطه، أو هو ما فيه خلاف. الجزئية الثانية: الأمثلة: من أمثلة النكاح الفاسد ما يأتي: 1 - النكاح بلا ولي. 2 - النكاح بلا شهود. 3 - النكاح من غير رضا. 4 - نكاح المتعة. 5 - نكاح الشغار. 6 - نكاح المحلل. 7 - نكاح المرأة في عدة أختها. 8 - نكاح الخامسة في عدة الرابعة البائن. 9 - نكاح المجوسية. الجزئية الثالثة: الخروج: وفيه ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في خروج الوطء في النكاح الفاسد من حد الزنا على قولين: القول الأول: أنه يخرج فلا يجب الحد به. القول الثاني: أنه لا يخرج فيجب الحد به. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيه شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بخروج الوطء في النكاح الفاسد من حد الزنا: بأن الاختلاف في النكاح الفاسد شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات، فلا يجب به الحد، فلا يكون زنا. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم خروج الوطء في العقد الفاسد من حد الزنا: بأن العقد الفاسد وجوده وعدمه سواء، فيكون الوطء فيه كالوطء بلا عقد وذلك زنا. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بخروج الوطء في العقد الفاسد من حد الزنا فلا يجب به حد. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بخروج الوطء في العقد الفاسد من حد الزنا: أن العقد شبهة والحد لا يجب مع الشبهة. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن اعتبار الوطء في العقد الفاسد كالوطء بلا عقد غير صحيح؛ لأن العقد الفاسد فيه شبهة وهو الخلاف في صحته، والوطء بلا عقد لا شبهة فيه.

الجزء الثاني: النكاح الباطل: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - ضابطه. 2 - أمثلته. 3 - خروجه. الجزئية الأولى: ضابط النكاح الباطل: النكاح الباطل: ما اختل ركنه، وهو ما لا خلاف في بطلانه. الجزئية الثانية: الأمثلة: من أمثلة النكاح الباطل ما يأتي: 1 - نكاح المحارم كالأم والأخت. 2 - نكاح المعتدة في عدتها. 3 - نكاح الخامسة. 4 - نكاح المرأة على أختها أو عمتها أو خالتها. الجزئية الثالثة: خروج الوطء في النكاح الباطل من حد الزنا: وفيها فقرتان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الخروج: الوطء في النكاح الباطل زنا بلا خلاف. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم خروج الوطء في النكاح الباطل من حد الزنا: أنه لاختلاف في بطلانه، فيكون وجوده كعدمه. الفرع العاشر: ما يخرج بكلمة (ولا شبهة): وفيه ثلاثة أمور هي:

1 - معنى الشبهة. 2 - أمثلة الوطء بالشبهة. 3 - خروج الوطء بالشبهة من حد الزنا. الأمر الأول: معنى الشبهة: تطلق الشبهة على معان منها: 1 - التباس الممنوع بالمأذون. 2 - ظن الممنوع مأذونا. 3 - التباس الحرام بالحلال. 4 - التباس الحق بالباطل. الأمر الثاني: أمثلة الوطء بالشبهة: من أمثلة الوطء بالشبهة ما يأتي: 1 - وطء الأجنبية لظنها الزوجة. ومن ذلك ما يأتي: أ - أن يجد الأجنبية في فراشه فيظنها زوجته. ب - أن يدخل على الرجل غير من عقد له عليها. ج - أن يدعو زوجته فيأتيه غيرها. 2 - وطء الأجنبية لظنها الأمة. 3 - وطء الأمة المشتركة لظن الإباحة. 4 - وطء الأمة من بيت المال لظن الإباحة. 5 - وطء الأمة من الغنيمة قبل القسمة. 6 - وطء الزوجة بعقد فاسد. الأمر الثالث: خروج الوطء بالشبهة من حد الزنا: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الخروج: الوطء بالشبهة لا يدخل في حد الزنا فلا يرتب عليه حكمه.

الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج وطء الشبهة من حد الزنا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬1). 2 - حديث: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬2). ووجه الاستدلال بهذين النصين: أن وطء الشبهة خطأ وقد تجاوز الله عن الخطأ فيدخل وطء الشبهة فيه. 3 - حديث: (ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنه أمر بدرء الحدود، والشبهة مما يدرأ به الحدود فتدرأ بها. الفرع العاشر: ما يخرج بكلمة (ولا ملك): وفيه أمران هما: 1 - معنى الملك. 2 - خروج الوطء بالملك من حد الزنا. الأمر الأول: معنى الوطء في الملك: الوطء في الملك: وطء السيد لأمته. الأمر الثاني: خروج الوطء بالملك من حد الزنا: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [286]. (¬2) سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره/ 2043. (¬3) سنن الترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء في درء الحدود/ 1424.

الجانب الأول: الخروج: الوطء بملك اليمين لا يدخل في حد الزنا. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج الوطء بالملك من حد الزنا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة المعارج، الآية: (29) و [30]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب وطء السبايا/2157.

المبحث الثاني حكم الزنا

المبحث الثاني حكم الزنا وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - بيان الحكم. 2 - دليله. 3 - حكمة التحريم. المطلب الأول بيان الحكم الزنا حرام في جميع الأديان بالإجماع وهو من أكبر الكبائر. المطلب الثاني أدلة تحريم الزنا من أدلة تحريم الزنا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (¬1). 2 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬2). 3 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الذنب أعظم؟ قال: (أن تجعل دله ندا وهو خلقك)، فقيل: ثم أي؟ قال: (أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك)، فقيل: ثم أي؟ قال: (أن تزاني حليلة جارك) (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [32]. (¬2) سورة الفرقان، الآية: [68 - 69]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب/ 141/ 86.

المطلب الثالث الحكمة من تحريم الزنا

4 - الإجماع، فإنه لا خلاف في تحريم الزنا. المطلب الثالث الحكمة من تحريم الزنا لا شك أن كل ما شرعه الله طلبا أو منعا لصلحة المكلف لتحقيق مصلحته ودفع الضرر عنه، وسأشير إلى بعض الحكم في تحريم الزنا فيما يلي: 1 - حفظ الأنساب التي تقوم عليها الحياة الإنسانية من التعارف والتآلف، والمودة، والتعاون والنصرة. 2 - حفظ الأعراض والكرامة التي يفتك بها الزنا لو أبيح. 3 - تحقيق الأمن من الاعتداءات والاغتصابات التي لا حد لها. 4 - حفظ النسل من ضياع المسؤولية والحفظ والرعاية حينما لا يجد الطفل أبا ولا أما ولا أسرة تؤويه وتعوله وتحميه. 5 - حفظ المجتمع من التفكك والانهيار حين يفقد الترابط والانتماء. 6 - حفظ الأمة من الانهيار حينما يكتفي أفرادها باشباع رغباتهم بالعلاقات الوقتية غير مبالين بالإنجاب والتناسل. 7 - المحافظة على الترابط الأسري والاجتماعي الذي ينعدم لو أبيح الزنا بسبب انعدام علاقة الطفل بالأبوة والأمومة والأسرة. 8 - المحافظة على المجتمع من الأمراض الفتاكة التي يحدثها الاتصال الجنسي غير المشروع.

9 - المحافظة على العلاقات الزوجية التي تنعدم لو أبيحت العلاقات الجنسية غير المشروعة؛ لاكتفاء كل من الزوجين - إذا وجدت الزوجية - بصديقة وعشيقة، غير مبال بالطرف الآخر.

المبحث الثالث ما يثبت به الزنا

المبحث الثالث ما يثبت به الزنا وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - الاعتراف. 2 - الشهادة. 3 - الحمل. المطلب الأول ثبوت الزنا بالاعتراف وفيه أربع مسائل هي: 1 - الثبوت. 2 - مرات الاعتراف. 3 - اتحاد المجلس. 4 - الرجوع عن الاعتراف. المسألة الأولى: الثبوت: وفيها فرعان هما: 1 - الثبوت. 2 - الدليل. الفرع الأولى: الثبوت: ثبوت الزنا بالاعتراف لا خلاف فيه وهو أقوى وسائل إثباته. الفرع الثاني: الدليل: الدليل على ثبوت الزنا بالاعتراف: ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام حد الزنا بالاعتراف، ومن ذلك ما يأتي:

1 - رجم ماعز (¬1). 2 - رجم الغامدية (¬2). 3 - رجم المرأة التي زني بها العسيف (¬3). المسألة الثانية: مرات الاعتراف: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في عدد مرات الاعتراف التي يثبت بها الزنى على قولين: القول الأول: أنها أربع مرات. القول الثاني: أنها مرة واحدة. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول باشتراط الإقرار أربع مرات بما يلي: 1 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ردد ماعزا أربع مرات، ثم قال له: (قد أقررت على نفسك أربع مرات) (¬4). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/ 4419. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4445. (¬3) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4445. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/ 4419.

2 - القياس على الشهادة. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بإقامة حد الزنا بالاعتراف مرة واحدة بما يأتي: 1 - حديث: (واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أنيسا بتكرير الاعتراف، وهو يصدق على المرة الواحدة. 2 - أن القتل يثبت بالاعتراف مرة واحدة فكذلك الحد. 3 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجم الغامدية بإقرار واحد. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول باشتراط الأربع مرات. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باشتراط الأربع ما يأتي: 1 - أن دليله أظهر. 2 - أنه أحوط. 3 - أن الحد يدرأ بالشبهة، والرجوع عن الإقرار جائز، وذلك شبهة يمكن درء الحد بها. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/4445.

المطلب الثالث الشهادة على الزنا

الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن محل الخلاف الإقرار المجرد، وما استدلوا به معه الحمل وانتشار الخبر. المسألة الثانية: اتحاد المجلس: قال المؤلف - رحمه الله تعالى - الثالث: ثبوت الزنا، ولا يثبت إلا بأحد أمرين: أحدهما: أن يقر به أربع مرات في مجلس أو مجالس. الكلام في هذه المسألة في فرعين هما: 1 - اشتراط الاتحاد. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الاشتراط: اتحاد مجلس الإقرار ليس شرطا في قبوله فيقبل الإقرار ولو تفرق. الفرع الثاني: الدليل: الدليل على قبول الإقرار ولو تفرق: أن ماعزا أقر في أكثر من مجلس وقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إقراره. المسألة الرابعة: الرجوع عنه الإقرار: وقد تقدم ذلك في الموضوع العام. المطلب الثالث الشهادة على الزنا قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: الثاني: أن يشهد عليه في مجلس واحد بزنا واحد يصفونه أربعة ممن تقبل شهادتهم فيه، سواء أتوا الحاكم جملة أم متفرقين.

الكلام في هذا المطلب في ثلاث عشرة مسألة هي: 1 - ثبوت الزنا بالشهادة. 2 - عدد الشهود. 3 - شروط الشهود. 4 - وصف الزنا. 5 - تعيين شريك المقذوف. 6 - تعيين مكان الزنا. 7 - تعيين زمان الزنا. 8 - أثر اختلاف الشهود. 9 - اتحاد المجلس. 10 - اتحاد وقت حضور الشهود. 11 - توقف قبول الشهادة على الدعوى. 12 - انتفاء ما يكذب الشهادة. 13 - اجتماع الشهادة مع الإقرار. المسألة الأولى: ثبوت الزنا بالشهادة: وفيها فرعان هما: 1 - الثبوت. 2 - الدليل. الفرع الأول: الثبوت: ثبوت الزنا بالشهادة لا خلاف فيه. الفرع الثاني: الدليل: الدليل على ثبوت الزنا بالشهادة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4].

2 - قوله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (¬1). 3 - ما ورد أن سعد بن عبادة قال: أرأيت إن وجدت مع امرأتى رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (نعم) (¬2). المسألة الثانية: عدد الشهود: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - العدد. 2 - أثر نقص العدد. 3 - رجوع الشهود. الفرع الأول: العدد: وفيه أمران هما: 1 - بيان العدد. 2 - الدليل. الأمر الأول: بيان العدد: عدد شهود الزنا أربعة شهود بلا خلاف. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على عدد شهود الزنا ما تقدم في الاستدلال لثبوت الزنا بالشهادة. الفرع الثاني: أثر نقص الشهود: وفيه أمران هما: 1 - أثر النقص قبل الاكتمال. 2 - أثر النقص بعد الاكتمال. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [13]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب اللعان/ 15/ 1498.

الأمر الأول: أثر النقص قبل الاكتمال: وفيه جانبان هما: 1 - أثر النقص على الشهود. 2 - أثر النقص على المشهود عليه. الجانب الأول: أثر النقص على الشهود: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - الدليل. الجزء الأول: بيان أثر نقص شهود الزنا عليهم: أثر نقص شهود الزنا عليهم: أن يعتبروا قذفة ويحدوا حد القذف. الجزء الثاني: الدليل: الدليل على حد شهود الزنا إذا نقصوا عن النصاب ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - جلد قذفة المغيرة حين لم يكتملوا (¬2). الجانب الثاني: أثر نقص الشهود قبل الاحتمال على المشهود عليه: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - الدليل. الجزء الأول: بيان الأثر: أثر نقص الشهود قبل الاكتمال على المشهود عليه: عدم وجوب الحد عليه. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4]. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا/235.

الجزء الثاني: الدليل: الدليل على عدم وجوب الحد على المشهود عليه ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها وصفت القذفة بالزنا إذا لم يأتوا بالشهداء بالكذب، ومقتضى ذلك عدم ثبوت الزنا وإذا لم يثبت الزنا انتفى الحد. 2 - أن عمر - رضي الله عنه - لم يحد المغيرة حين نقص عدد الشهود (¬2). الأمر الثاني: أثر نقص الشهود بعد الاحتمال: وفيه جانبان هما: 1 - مثال نقص الشهود بعد الاكتمال. 2 - أثر النقص. الجانب الأول: مثال النقص: مثال نقص الشهود بعد الاكتمال: أن يحصل الرجوع من بعضهم. الجانب الثاني: أثر النقص: وفيه جزءان هما: 1 - أثر النقص على الشهود. 2 - أثر النقص على المشهود عليه. الجزء الأول: أثر النقص على الشهود: وفيه جزئيتان هما: 1 - أثر النقص على الراجع. 2 - أثر النقص على الباقين. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [13]. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا/8/ 234.

الجزئية الأولى: أثر النقص على الراجع: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في تأثير نقص الشهود بعد اكتمالهم على الراجع على قولين: القول الأول: أنه لا يؤثر عليه فلا يجب الحد عليه. القول الثاني: أنه يؤثر عليه فيجب الحد عليه. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيه شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم تأثير نقص عدد الشهود بعد اكتماله على الراجع بما يأتي: 1 - أن العدد اكتمل ووجب الحد قبل رجوعه فلم يجب عليه حد كما لو لم يرجع. 2 - أن عدم حده يشجعه على الرجوع فينقذ المشهود عليه من الحد. 3 - أن حده يثنيه عن الرجوع فيسبب إقامة الحد على المشهود عليه بغير حق. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب الحد بما يأتي:

1 - أن الشهود برجوع بعضهم ينقص عددهم فيصيرون قذفة وبذلك يجب الحد عليهم، كما لو كانوا ناقصين قبل الرجوع، والراجع من جملتهم فيجب الحد عليه. 2 - أن الراجع برجوعه أقر على نفسه بكذبه على المشهود عليه وبذلك يكون قاذفا فيجب الحد عليه. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: كيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الحد. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الحد: أن الرجوع اعتراف بالكذب على المشهود عليه وذلك قذف يوجب الحد. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه نقطتان هما: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني والثالث. النقطة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن قياس حالة الرجوع على حالة عدم الرجوع: بأنه قياس مع الفارق؛ لأنه في حالة عدم الرجوع لا يعلم الكذب فلا يثبت القذف. بخلاف حالة الرجوع فإنه يتبين الكذب فيثبت القذف.

النقطة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني والثالث: أجيب عن ذلك: بأن الراجع إما أن يكون كاذبا بشهادته أو صادقا، فإن كان كاذبا وجب حده للقذف، ولم يجز تركه من أجل التشجيع على الرجوع؛ لأن ذلك تعطيل لحد من حدود الله وذلك لا يجوز، وإن كان صادقا في شهادته لم يجز له الرجوع لما يأتي: 1 - أن الرجوع يسقط حدا واجبا على المشهود عليه وذلك لا يجوز. 2 - أن الرجوع سيرتب حد القذف على بقية الشهود بغير حق وذلك لا يجوز. 3 - أن ضرر المشهود عليه يقابله ضرر بقية الشهود بإقامة حد القذف عليهم وهم أولى بدفع الضرر عنهم؛ لأنه بغير حق، وحد الشهود عليه بحق. الجزئية الثانية: أثر نقص الشهود على من لم يرجع منهم: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في تأثير نقص الشهود برجوع من رجع على من لم يرجع منهم على قولين: القول الأول: أنه يؤثر فيحدون. القول الثاني: أنه لا يؤثر فلا يحدون. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالتأثير: بأنه إذا رجع بعض الشهود نقص عددهم فكانوا قذفة كما لو نقص عددهم ابتداء. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم التأثير: بأنه إذا اكتمل العدد ثبت الحد فلم يؤثر الرجوع كحكم الحاكم. الفقرة الثانية: الترجيح: وفيه ثلاثة أشياء: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: كيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالتأثير. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالتأثير بما يأتي: 1 - أنه أوضح دليلا. 2 - أنه لو رجع الجميع حدوا فكذلك إذا رجع البعض لعدم الفرق. 3 - أنه إذا حد الراجع مع مصلحة المشهود عليه برجوعه كان غيره أولى. الجزء الثاني: أثر النقص على المشهود عليه: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان الأثر: إذا نقص الشهود لم يجب الحد على الشهود عليه، سواء كان النقص ابتداء أو بالرجوع. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب الحد إذا نقص الشهود ما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر لم يحد المغيرة لما لم يكتمل الشهود (¬1). 2 - أنه إذا نقص الشهود بطلت الشهادة وإذا بطلت الشهادة لم يثبت الزنا، وإذا لم يثبت الزنا فلا حد. الفرع الثالث: وجود شهود الزنا: وفيه أمران هما: 1 - رجوع البعض. 2 - رجوع الكل. الأمر الأول: رجوع البعض: وقد تقدم ذلك في نقص الشهود. الأمر الثاني: رجوع كل الشهود: وفيه جانبان هما: 1 - حكم الرجوع. 2 - أثر الرجوع. الجانب الأول: حكم الرجوع: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان الرجوع بحق. 2 - إذا كان الرجوع بغير حق. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا/8/ 234.

الجزء الأول: إذا كان الرجوع بحق: وفيه جزئيتان هما: 1 - مثال الرجوع بحق. 2 - الرجوع. الجزئية الأولى: المثال: مثال الرجوع عن الشهادة بحق: أن تكون الشهادة كذبا وزورا. الجزئية الثانية: حكم الرجوع: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا كانت الشهادة بغير حق كان الرجوع واجبا. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه وجوب الرجوع. 2 - توجيه تحريم الشهادة بغير حق. الشيء الأول: توجيه وجوب الرجوع: وجه وجوب الرجوع عن الشهادة: إذا كانت بغير حق: أنها حرام، والرجوع عن الحرام واجب. الشيء الثاني. توجيه تحريم الشهادة بغير حق: وجه تحريم الشهادة بغير حق ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} (¬1). فإن لفظ الزور عام تدخل فيه الشهادة بغير حق. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان، الآية: [72].

2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا وشهادة الزور) (¬1). 3 - أن الشهادة بغير حق ظلم للمشهود عليه، والظلم حرام لقوله تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا) (¬2). الجزء الثاني: حكم الرجوع إذا كان بغير حق: وفيه جزئيتان هما: 1 - مثال الرجوع بغير حق. 2 - الرجوع. الجزئية الأولى: مثال الرجوع بغير حق: مثال الرجوع عن الشهادة بغير حق: أن يثبت الزنا عند الشاهد فيشهد به ثم يرجع عن شهادته. الجزئية الثانية: الرجوع: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا كان الرجوع عن الشهادة بغير حق لم يجز. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تحريم الرجوع عن الشهادة إذا كانت حقا ما يأتي: 1 - أنه كتم للشهادة وكتم الشهادة لا يجوز؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (¬3). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الشهادات، باب شهادة الزور/ 2301. (¬2) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة/ باب تحريم الظلم/ 55/ 2577. (¬3) سورة البقرة، الآية: [283].

2 - أن في الرجوع عنها إسقاطا لحد عن المشهود عليه وذلك لا يجوز بعد بلوغ الحاكم. الجانب الثاني: أثر الرجوع: وفيه جزءان هما: 1 - أثر رجوع الشهود على المشهود عليه. 2 - أثر رجوع الشهود على الشهود. الجزء الأول: أثر رجوع الشهود على المشهود عليه: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الأثر: أثر رجوع شهود الزنا على المشهود عليه عدم ثبوت الحد عليه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم ثبوت حد الزنا على المشهود عليه إذا رجع الشهود: أنه إذا رجع الشهود لم يثبت الزنا، وإذا لم يثبت الزنا انتفى الحد. الجزء الثاني: أثر رجوع الشهود على الشهود: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الأثر: أثر رجوع شهود الزنا عليهم ثبوت الحد عليهم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه ثبوت الحد على الشهود إذا رجعوا عن الشهادة: أن رجوعهم اعتراف بكذبهم فيما شهدوا به وذلك قذف يوجب الحد.

المسألة الثالثة: شروط الشهود: وفيها ستة فروع هي: 1 - الذكورة. 2 - الحرية. 3 - العدالة. 4 - الإسلام. 5 - البصر. 6 - انتفاء الزوجية. الفرع الأول: الذكورة: وفيه أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: الذكورة شرط في شهود الزنا فلا يقبل النساء فيها. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول النساء في شهادة الزنا ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (¬1). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأول: أن لفظ الأربعة وصف لعدد الذكور. الوجه الثاني: أنها تقتضي الاكتفاء باربعة ولو قبل النساء لم يكف الأربعة؛ لأن الثنتين بواحد، وهذا خلاف النص. 2 - أن النساء يتطرق إليهن الضلال، وهذه شبهة والحدود تدرأ بالشبهات. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [41].

الفرع الثاني: الحرية: وفيه أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: الحرية شرط في شهادة الزنا فلا يقبل الرقيق فيها. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول شهادة العبيد في الزنا: أن شهادتهم في غيره مختلف فيها وهذا شبهة يدرأ الحد بها. الفرع الثالث: العدالة: وفيها أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: العدالة شرط في شهود الزنا: فلا يقبل فيها فاسق ولا مستور الحال. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه عدم قبول شهادة الفاسق. 2 - توجيه عدم قبول شهادة مستور الحال. الجانب الأول: توجيه عدم قبول شهادة الفاسق: وجه عدم قبول شهادة الفاسق أن خبره مشكوك فيه وهذه شبهة يدرأ بها القصاص فيدرأ بها الحد.

الجانب الثاني: توجيه عدم قبول شهادة مستور الحال: وجه عدم قبول شهادة مستور الحال في الزنا خشية أن يكون فاسقا. الفرع الرابع: الإسلام: وفيه أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: الإسلام شرط في شهادة الزنا فلا يقبل فيها كافر، سواء كان كتابيا أم غيره، وسواء كانت على مسلم أم غيره. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول شهادة الكافر في الزنا: أنه غير عدل فلا يوثق بخبره. الفرع الخامس: البصر: وفيه أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: البصر شرط في شهادة الزنا فلا يقبل فيها كفيف. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول شهادة الأعمى في الزنا: أن شهادة الزنا من شرطها وصف الفعل، والعمى لا يدركه. الفرع السادس: انتفاء الزوجة: وفيه أمران هما:

1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: انتفاء الزوجية شرط في شهادة الزنا فلا تقبل شهادة الزوج فيها. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول شهادة الزوج في الزنا ما يأتي: 1 - أن شهادة الزوج إقرار بعداوته لزوجته فلا تقبل شهادته عليها. 2 - أن شهادة الزوج على زوجته بالزنا قذف لها، والمشروع حينئذٍ هو اللعان بينهما. المسألة الرابعة: وصف الزنا: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - كيفية الوصف. 2 - اشتراط الوصف. 3 - أثر اختلاف الوصف. الأمر الأول: الاشتراط: وصف شهود الزنا لكيفيته شرط لقبول شهادتهم عليه. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على اشتراط وصف شهود الزنا لكيفيته ما تقدم للاستدلال لكيفية الوصف في الموضوعات العامة. الأمر الثالث: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - أمثلة ما يحترز منه.

الجانب الأول: التوجيه: وجه اشتراط وصف شهود الزنا لكيفيته: الاحتراز من أن تكون شهادتهم على ما لا يوجب الحد. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما يحترز منه مما لا يجب به الحد ما يأتي: 1 - الوطء بين الفخذين خارج الفرج. 2 - الوطء على السرة فوق الفرج. 3 - مقدمات الوطء قبل الإيلاج. 4 - العبث في الفرج من غير انتصاب ولا إيلاج. الفرع الثالث: أثر الاختلاف في الوصف: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة الاختلاف في الوصف. 2 - الأثر. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة اختلاف الشهود في الوصف ما يأتي: 1 - أن يقول بعضهم: رأيت ذكره في فرجها. 2 - أن يقول بعضهم: رأيت الرجل فوق المرأة بصفة من يجامعها. 3 - أن يقول بعضهم: رأيت الرجل وهو يقوم من فوق المرأة بصفة الفارغ من الجماع. الأمر الثاني: الأثر: وفيه جانبان هما: 1 - الأثر على الشهود. 2 - الأثر على المشهود عليه.

الجانب الأول: الأثر على الشهود: وفيه جزءان هما: 1 - الأثر على من ذكر الإيلاج. 2 - الأثر على من لم يذكر الإيلاج. الجزء الأول: الأثر على من ذكر الإيلاج: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الأثر: إذا اختلف شهود الزنا في وصفه، وكان فيهم من ذكر الإيلاج وجب حد القذف عليه. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب حد القذف على من ذكر الإيلاج من شهود الزنا إذا اختلفوا في الوصف: أنه قد رمى المشهود عليه بالزنا صريحا ولم تكمل الشهادة فكان قاذفا. 2 - أن عمر جلد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة حين خالفهم الرابع (¬1). الجزء الثاني: أثر الاختلاف على من لم يذكر الإيلاج: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الأثر: إذا اختلف شهود الزنا في وصفه لم يجب على من لم يذكر الإيلاج شيء. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب الحد على من لم يذكر الإيلاج من شهود الزنا ما يأتي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا 8/ 234.

1 - أن ما ذكروه لا يعتبر قذفا. 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - لم يحد الذي لم يذكر الإيلاج من الشهود (¬1). الجانب الثاني: أثر اختلاف شهود الزنا في وصفه على المشهود عليه: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الأثر: إذا اختلف شهود الزنا في وصفه فلا حد على المشهود عليه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم وجوب الحد على المشهود عليه إذا اختلف الشهود في الوصف: أنه لم يثبت الزنا، وإذا لم يثبت الزنا فلا حد. المسألة الخامسة: تعيين شريك المقذوف: وفيها فرعان هما: 1 - بيان المراد بشريك المقذوف. 2 - التعيين. الفرع الأول: بيان المراد بشريك المقذوف: المراد بشريك المقذوف: الطرف الآخر في الجريمة وهو الزاني إن كانت المقذوفة المرأة، والزانية إن كان المقذوف الرجل. الفرع الثاني: التعيين: وفيه ثلاثة أمور هي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا/ 8/ 235.

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في تعيين شريك المقذوف على قولين: القول الأول: أنه لا يلزم. القول الثاني: أنه يلزم. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم لزوم تعيين شريك المقذوف بما يأتي: 1 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل الغامدية عن شريكها. 2 - أنه قد يتعذر تعيين الشريك فيؤدي اشتراطه إلى تضييع الحدود. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بلزوم ذكر الشريك بما يأتي: 1 - أن المرأة قد تكون ممن اختلف في إباحتها فلا يجب الحد. 2 - أن شهادة أحدهم قد تكون على فعل غير ما شهد عليه الآخر فلا يجب الحد. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم لزوم ذكر الشريك. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم لزوم ذكر الشريك ما يأتي: 1 - أن المقصود إثبات موجب الحد وليس معرفة الشريك. 2 - إنه إذا ثبت موجب الحد فلا فائدة في معرفة الشريك؛ لأن المقصود إقامة الحد وليس معرفة شريك من يقام عليه. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن المدعى عليه سيدفع عن نفسه إن وجدت الإباحة أو شبهة الإباحة، فلا يتوقف ذلك على إخبار الشهود. المسألة السادسة: تعيين مكان الزنا: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في تعيين شهود الزنا لمكانه على قولين: القول الأول: أنه يلزم. القول الثاني: أنه لا يلزم.

الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأنه يلزم شهود الزنا تعيين مكانه: بأنه لو لم يعين المكان احتمل أن ما شهد به بعضهم غيرما شهد به البعض الآخر فلا تكتمل الشهادة فيلزم التعيين لدفع هذا الاحتمال. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم لزوم التعيين بما يأتي: - أنه لا يلزم التعيين في الإقرار؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسأل ماعزا والغامدية عن مكان فعلهما، وإذا لم يلزم التعيين في الإقرار لم يلزم في الشهادة. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب تعيين المكان. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب تعيين المكان ما يأتي: 1 - أنه يدفع احتمال اختلاف الواقعة.

2 - أنه يكشف كذب الشهود لو اختلفوا فيه. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس الشهادة على الإقرار قياس مع الفارق فلا يصح؛ وذلك أن اشتراط تعيين المكان في الشهادة لدفع احتمال اختلاف الواقعة أو التواطؤ على الكذب، وهذا غير وارد في الإقرار؛ لأن المقر هو الذي يخبر عن نفسه فلا يرد احتمال الكذب، أو أن الفاعل غيره. المسألة السابعة: تعيين زمان الزنا: الكلام في تعيين الزمان كالكلام في تعيين المكان. المسألة الثامنة: أثر اختلاف الشهود: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة الاختلاف. 2 - أثر الاختلاف. الفرع الأول: أمثلة الاختلاف: من أمثلة اختلاف شهود الزنا ما يأتي: 1 - الاختلاف في المكان. 2 - الاختلاف في الزمان. 3 - الاختلاف في وصف لباس المرأة. 4 - الاختلاف في وصف الفعل. 5 - الاختلاف في الإكراه والرضا. الفرع الثاني: أثر الاختلاف: وفيه أمران هما: 1 - أثر الاختلاف على ثبوت الزنا. 2 - أثر الاختلاف على الشهود. الأمر الأول: أثر اختلاف شهود الزنا على ثبوته: وفيه جانبان هما:

1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الأثر: إذا اختلف شهود الزنا في وصفه بطلت شهادتهم عليه وصاروا قذفة يجب حدهم حد القذف. الجانب الثاني: التوجيه: وجه حد شهود الزنا إذا اختلفوا في وصفه: أن شهادتهم عليه تبطل فلا يثبت ما شهدوا به فيكونون قذفة. المسألة التاسعة: اتحاد المجلس: وفيها فرعان هما: 1 - المراد باتحاد المجلس. 2 - اشتراط اتحاد المجلس. الفرع الأول: المراد باتحاد المجلس: المراد باتحاد المجلس: مجيء الشهود كلهم في يوم واحد إلى القاضي في مقر عمله وقت الدوام، ولو خرج من المكتب وعاد. الفرع الثاني: الاشتراط: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في اشتراط اتحاد المجلس لقبول الشهادة بالزنا على قولين: القول الأول: أنه شرط. القول الثاني: أنه ليس بشرط.

الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالاشتراط بما يأتي: 1 - أن عمر - رضي الله عنه - حد الثلاثة بمجرد عدم اكتمال الشهادة ولم ينتظر مجيء رابع (¬1) ولو لم يكن المجلس معتبرا لما حدهم حتى ييأس من مجيء من يكملهم. 2 - أنه لو لم يشترط اتحاد المجلس لما أقيم حد للقذف أبدا لأن الزمن لا ينتهي فما من زمن إلا وبعده آخر. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الاشتراط بما يأتي: 1 - أن المجلس لم يذكر في آيات الشهادة ولو كانت شرطا لذكر. 2 - أن كل شهادة قبلت مع غيرها قبلت مفردة كسائر الشهادات. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - اشتراط المجلس. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا 8/ 235.

الجانب الثاني: التوجيه: وجه ترجيح القول باشتراط المجلس: أنه أظهر دليلا. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن عدم ورود المجلس في الآيات. 2 - الجواب عن قياس الشهادة بالزنا على سائر الشهادات. الجزء الأول: الجواب عن عدم ورود المجلس في الآيات: أجيب عن ذلك: بأن الآيات لم تتعرض الشروط قبول الشهادة ولذا لم تذكر العدالة ولا وصف الزنا. الجزء الثاني: الجواب عن قياس الشهادة على الزنا على سائر الشهادات: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن اكتمال الشهادة على الزنا بعد تنفيذ الحكم بحد الشهود لا يقبل بخلاف سائر الشهادات فإنها تقبل ولو بعد تنفيذ الحكم. المسألة العاشرة: اتحاد وقت الحضور: وفيها فرعان هما: 1 - المراد باتحاد وقت الحضور: المراد باتحاد وقت الحضور: مجيء الشهود مع بعضهم: وفيه أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه.

الأمر الأول: الاشتراط: حضور الشهود مع بعضهم غير معتبر لقبول شهادتهم. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم اشتراط اتحاد وقت حضور الشهود لقبول شهادتهم ما يأتي: 1 - ما ورد أن الشهود على المغيرة جاءوا متفرقين وقبل عمر شهادتهم (¬1). 2 - أن اجتماع الشهود في المجلس في حكم مجيئهم مجتمعين. 3 - أن آخر المجلس كأوله فمن جاء في آخره كمن جاء في أوله فيكون اجتماعهم في آخره كمجيئهم جميعا في أوله. المسألة الحادية عشرة: توقف قبول الشهادة على الدعوى: وفيها فرعان هما: 1 - التوقف. 2 - التوجيه. الفرع الأول: التوقف: قبول الشهادة على الزنا لا يتوقف على الدعوى، فيجوز قبولها بلا مدع. الفرع الثاني: التوجيه: وجه قبول الشهادة على الزنا بلا مدع ما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قبل شهادة الشهود على المغيرة بلا مدع (¬2). 2 - أن شهادة الجارود وصاحبه على قدامة بن مظعون قبلت من غير دعوى (¬3). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا 8/ 235. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا 8/ 235. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب 8/ 316.

3 - أن الحد حق لله فلم تفتقر الشهادة عليه إلى دعوى كسائر العبادات. 4 - أن الحد ليس له مستحق من البشر فلو توقف قبول الشهادة عليه على مدع لتعطلت الحدود. المسألة الثانية عشر: انتفاء ما يكذب الشهادة: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة ما يكذب الشهادة. 2 - أثر ما يكذب الشهادة على الحد. الفرع الأول: أمثلة ما يكذب الشهادة: من أمثلة ما يكذب الشهادة على الزنا ما يأتي: 1 - الرتق في المرأة. 2 - الجب في الرجل. 3 - عذرة المرأة. الفرع الثاني: أثر ما يكذب الشهادة: وفيه أمران هما: 1 - أثره على المقذوف. 2 - أثره على الشهود. الأمر الأول: أثر ما يكذب الشهادة على حد المقذوف: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الأثر: إذا وجد في الرجل أو المرأة ما يكذب الشهادة فلا حد عليهما. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم وجوب الحد على المقذوف إذا وجد ما يكذب الشهادة عليه: أن الزنا لا يثبت بالشهادة لتكذيب الحس لها، وإذا لم يثبت الزنا لم يجب الحد لعدم الموجب.

الأمر الثاني: أثر ما يكذب الشهادة على الشهود: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الأثر: إذا وجد في الرجل أو المرأة ما يكذب الشهادة وجب حد القذف على الشهود. الجانب الثاني: التوجيه: وجه وجوب حد القذف على الشهود إذا وجد ما يكذبهم: أنهم يكونون قذفة بتكذيب الواقع لهم، والقاذف يجب حده. المسألة الثالثة عشرة: اجتماع الشهادة مع الإقرار: وفيها أربعة فروع هي: 1 - اكتمال الشهادة والإقرار. 2 - اكتمال الشهادة دون الإقرار. 3 - اكتمال الإقرار دون الشهادة. 4 - عدم اكتمال الشهادة والإقرار. الفرع الأول: اكتمال الشهادة والإقرار: وفيه أمران هما: 1 - مثال اكتمال الشهادة والإقرار. 2 - أثر الإقرار على الشهادة. الأمر الأول: مثال اكتمال الشهادة والإقرار: مثال ذلك: أن يقر المشهود عليه أربع مرات، ويشهد عليه بما أقر به أربعة شهود. الأمر الثاني: أثر الإقرار على الشهادة: وفيه جانبان هما:

1 - الأثر. 2 - ما يترتب. الجانب الأول: الأثر: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الأثر: إذا أقر المشهود عليه بالزنا بما شهد به عليه لم يؤثر إقراره في الشهادة عليه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم تأثير الإقرار بالزنا على الشهادة عليه ما يأتي: 1 - أن البينة قد اكتملت فلم يؤثر فيها الإقرار كما لو لم يوجد. 2 - أن البينة إحدى حجتي الزنا فلم تبطل بوجود الحجة الأخرى. 3 - أن الإقرار لا يبطل بالشهادة فكذلك الشهادة لا تبطل به. 4 - أن الإقرار يؤكد الشهادة ويقويها، ويوافقها ولا ينافيها، فلا يقدح فيها، كتزكية الشهود والثناء عليهم من المشهود عليه. الجانب الثاني: ما يترتب: من الآثار المترتبة على عدم تأثر الشهادة بالإقرار ما يأتي: 1 - عدم سقوط الحد بالرجوع عن الإقرار فيقام بالشهادة. 2 - عدم سقوط الحد برجوع الشهود أو بعضهم عن الشهادة فيقام بالإقرار. 3 - عدم وجوب الحد على الشهود لو رجعوا أو رجع بعضهم. الفرع الثاني: اكتمال الشهادة دون الإقرار: وفيه أمران هما: 1 - التأثر. 2 - التوجيه.

الأمر الأول: التأثر: إذا اكتملت الشهادة دون الإقرار عمل بالشهادة ولم يؤثر فيها الإقرار. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم تأثر الشهادة إذا لم يكتمل الإقرار، أن الشهادة لا تتأثر بالإقرار الكامل كما تقدم، وإذا كان الأمر كذلك لم تتأثر بالإقرار الناقص من باب أولى. الفرع الثالث: اكتمال الإقرار دون الشهادة: وفيه أمران هما: 1 - ما يعمل به. 2 - الأثر. الأمر الأول: ما يعمل به: وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يعمل به. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان ما يعمل به: إذا اكتمل الإقرار دون الشهادة عمل به دونها. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه العمل بالإقرار. 2 - توجيه عدم العمل بالشهادة. الجزء الأول: توجيه العمل بالإقرار: وجه العمل بالإقرار: أنه حجة مكتملة فوجب العمل به كما لو انفرد. الجزء الثاني: توجيه عدم العمل بالشهادة: وفيه جزئيتان هما:

1 - توجيه عدم العمل. 2 - الدليل. الجزئية الأولى: توجيه عدم العمل: وجه عدم العمل بالشهادة: أنها ناقصة فلا يجوز العمل بها. الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على عدم العمل بالشهادة الناقصة قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها اشترطت للعمل بالشهادة أربعة شهداء، ومفهوم ذلك أن ما دون هذا العدد لا يعمل بشهادته فلا يعمل بها. الأمر الثاني: الأثر: وفيه جانبان هما: 1 - أثر العمل بالإقرار. 2 - أثر عدم العمل بالشهادة. الجانب الأول: أثر العمل بالإقرار: وفيه جزءان: 1 - إقامة الحد على المقر. 2 - عدم حد الشهود. الجزء الأول: إقامة الحد على المقر: وفيه جزئيتان هما: 1 - إقامة الحد. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: إقامة الحد: إذا اكتمل الإقرار بالزنا من المشهود عليه به وجب حده ولو لم تكتمل الشهادة به عليه. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4].

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه إقامة الحد على المقر بالزنا إذا اكتمل إقراره به ولو لم تكتمل الشهادة به عليه: أن الإقرار حجة يجب بها الحد إذا انفردت فيجب بها مع غيرها؛ لأنه أقوى. الجزء الثاني: عدم إقامة الحد على الشهود: وفيه جزئيتان هما: 1 - عدم إقامة الحد. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: عدم إقامة الحد: إذا اكتمل الإقرار فلا حد على الشهود. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم إقامة الحد على شهود الزنا إذا أقر المشهود عليه به أنه اعترف بما رمي به فلا يكون رميه به قذفا. الجانب الثاني: أثر عدم العمل بالشهادة: وفيه جزءان هما: 1 - عدم حد المشهود عليه إذا رجع عن إقراره. 2 - حد الشهود لو رجع المشهود عليه عن إقراره. الجزء الأول: عدم حد المشهود عليه إذا رجع عن إقراره: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم ترك الحد. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم ترك الحد: إذا رجع المقر بالزنا عن إقراره وكانت الشهادة لم تكتمل فلا حد عليه.

الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه عدم الحد بالإقرار. 2 - توجيه عدم الحد بالشهادة. الفقرة الأولى: توجيه عدم الحد بالإقرار: وجه عدم إقامة الحد على المقر بالزنا بالإقرار إذا رجع عنه أن الحد يسقط بالعدول عن الإقرار لما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هرب ماعز قال: (ألا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لامهم على عدم ترك ماعز لما هرب وطلب الرجعة إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولو كان الحد لا يسقط بالعدول عن الإقرار لما لامهم عليه. 2 - أن العدول شبهة يدرأ بها الحد. 3 - أن رجوع الشهود قبل إقامة الحد يسقطه، فكذلك الرجوع عن الإقرار. الفقرة الثانية: توجيه عدم الحد بالشهادة: وجه عدم إقامة الحد بالشهادة: أنها لم تكتمل فلا يجوز إقامة الحد بها لما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬2). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/ 4419. (¬2) سورة النور، الآية: [4].

2 - قوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (¬1). 3 - أن عمر - رضي الله عنه - لم يقم الحد لما لم تكتمل الشهادة (¬2). الجزء الثاني: حد الشهود إذا رجع المشهود عليه عن إقراره: وفيه جزئيتان هما: 1 - الحد. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الحد: إذا أقر المشهود عليه بما شهد به عليه به فلا حد على الشهود ولو رجع عن إقراره. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم وجوب الحد على الشهود إذا أقر به المشهود عليه ولو رجع عنه ما يأتي: 1 - أن الرجوع عن الإقرار لا يقبل في حق الغير فلا يجب الحد على الشهود به. 2 - أن الإقرار - وإن رجع عنه - يبقى شبهة يدرأ بها الحد عن الشهود. الفرع الرابع: عدم اكتمال كل من الشهادة والإقرار: وفيه أمران هما: 1 - تلفيق الشهادة منهما. 2 - أثر عدم العمل بالتلفيق. الأمر الأول: التلفيق: وفيه جانبان هما: 1 - التلفيق. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية [13]. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب شهود الزنا إذا لم يكتملوا/234.

الجانب الأول: التلفيق: إذا لم يكتمل الشهود ولم يكتمل الإقرار لم تكتمل الشهادة بالتلفيق منهما. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم تكميل الشهادة بالتلفيق من الشهود والإقرار أن كل واحد منهما بينة مستقلة لها أحكامها. الأمر الثاني: أثر عدم العمل بالتلفيق: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الأثر: إذا لم تكتمل الشهادة على الزنا من شهادة الشهود والإقرار فلا أثر لهما في إثبات الحد على الشهود ولا على المشهود عليه. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه عدم وجوب الحد على الشهود. 2 - توجيه عدم وجوب الحد على المشهود عليه. الجزء الأول: توجيه عدم وجوب الحد على الشهود: وجه عدم وجوب الحد على الشهود: أن الإقرار ينفي عنهم القذف، وإذا انتفى القذف انتفى الحد؛ لأنه شبهة. الجزء الثاني: توجيه عدم ثبوت الحد على المشهود عليه: وجه عدم ثبوت الحد على المشهود عليه: أن الشهادة لم تكتمل عليه وإذا لم تكتمل الشهادة عليه فلا حد عليه.

المطلب الثالث الحمل

المطلب الثالث الحمل وفيه مسألتان هما: 1 - حالة إثبات الزنا بالحمل. 2 - إثبات الزنا بالحمل. المسألة الأولى: حالة إثبات الزنا بالحمل: وفيها فرعان هما: 1 - بيان حالة الإثبات. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان حالة الإثبات: حالة إثبات الزنا بالحمل: إذا لم تكن المرأة ذات فراش. الفرع الثاني: التوجيه: وجه تحديد حالة إثبات الزنا بالحمل في حالة عدم الفراش ما يأتي: 1 - أنه إذا وجد الفراش كان الظاهر كون الحمل لصاحب الفراش فلا يثبت به الزنا. 2 - أن الحدود تدرأ بالشبهات، ووجود الفراش شبهة فيدرأ الحد بها. المسألة الثانية: إثبات الزنا بالحمل: وفيها فرعان هما: 1 - السؤال عن سبب الحمل. 2 - إثبات الزنا. الفرع الأول: السؤال: وفيه أمران هما: 1 - حكم السؤال. 2 - دعوى ما يدرأ الحد.

الأمر الأول: حكم السؤال: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الحكم: السؤال عن سبب الحمل واجب فلا يقام الحد قبل السؤال. الجانب الثاني: التوجيه: وجه السؤال عن سبب الحمل قبل إقامة الحد: أنه قد يوجد له سبب غير الزنا. الأمر الثاني: دعوى ما يدرأ به الحد: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة ما يدرأ به الحد. 2 - قبول الدعوى. الجانب الأول: أمثلة ما يدرأ به الحد: من أمثلة ما يدرأ به الحد بالحمل ما يأتي: 1 - الوطء بالشبهة. 2 - الإكراه. 3 - استدخال الماء. 4 - الاضطرار. الجانب الثاني: قبول الدعوى: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: إذا ادعت الحامل من غير فراش ما يدرأ به الحد فقد اختلف في قبول دعواها على قولين:

القول الأول: أنها تقبل دعواها فلا تحد. القول الثاني: أنها لا تقبل ويجب عليها الحد. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بقبول دعوى سبب الحمل بما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر أتي بامرأة قد حملت فادعت أنها كانت نائمة فدرأ عنها الحد (¬1). 2 - ما ورد أن عمر أتي بامرأة قد حملت فخلى سبيلها. 3 - ما ورد عن علي وابن عباس - رضي الله عنهما - أنهما قالا: إذا كان في الحد لعل وعسى فهو مطل (¬2). 4 - ما ورد عن ابن مسعود أنه قال: إذا اشتبه عليك الحد فادرأ ما استطعت (¬3). 5 - أن الحدود تدرأ بالشبهات، ووجود ما يدرأ به الحد شبهة. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم درء الحد عن الحامل بما يأتي: ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب البكر والثيب تستكرهان 7/ 409/ 13664. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب التعريض 7/ 13727/425. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، باب درء الحدود بالشبهات/29086.

1 - قول عمر - رضي الله عنه -: الحد واجب على كل من زني من الرجال والنساء إذا كان محصنا إذا قامت البينة أو الاعتراف أو كان الحبل (¬1). 2 - ما ورد أن عثمان أراد رجم امرأة ولدت لستة أشهر (¬2). 3 - قول علي - رضي الله عنه -: الزنا زناءان، زنا سر، وزنا علانية، فزنا السر أن يشهد الشهود، فيكون الشهود أول من يرمي، وزنا العلانية أن يظهر الحبل أو الاعتراف فيكون الإمام أول من يرمي (¬3). الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - قبول الدعوى وعدم الحد. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بقبول دعوى ما يدرأ به الحد ما يأتي: 1 - أنه محتمل. 2 - أنه أحوط. 3 - أنه يتفق مع تشوف الشرع لدرء الحدود. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عما ورد عن الصحابة من ترتيب الحد على الحمل بحمله على ما إذا إذا لم يوجد ما يدرأ به؛ ليتفق مع مع ورد عنهم من درء الحد بما يقتضيه. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب رجم الثيب في الزنا 15/ 1691. (¬2) مصنف عبد الرزاق، الطلاق، باب التي تضع لستة أشهر 7/ 13446/351. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، فيمن يبدأ بالرجم 14/ 545/ 29415.

المبحث الرابع حد الزنا

المبحث الرابع حد الزنا وفيه مطلبان هما: 1 - حد الحر. 2 - حد الرقيق. المطلب الأول حد الحر وفيه مسألتان هما: 1 - حد الثيب. 2 - حد البكر. المسألة الأولى: حد الثيب: وفيها فرعان هما: 1 - المراد بالثيب. 2 - الحد. الفرع الأول: المراد بالثيب: وفيه أمران هما: 1 - الثيوبة بالمعنى العام. 2 - الثيوبة التي يختلف بها الحد. الأمر الأول: الثيوبة بالمعنى العام: الثيوبة بالمعنى العام هي زوال البكارة بالوطء. الأمر الثاني: الثيوبة التي يختلف بها الحد: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - المراد بالثيوبة. 2 - المراد بالإحصان. 3 - شروط الإحصان.

الجانب الأول: المراد بالثيوبة: الثيوبة التي يختلف بها الحد هي الإحصان والثيب بهذا المعنى هو المحصن. الجانب الثاني: المراد بالإحصان: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: والمحصن من وطئ امرأته المسلمة أو الذمية في نكاح صحيح، وهما بالغان عاقلان حران. الكلام في هذا الجانب في جزءين هما: 1 - بيان الإحصان. 2 - شروط الإحصان. الجزء الأول: بيان المراد بالإحصان: الإحصان هو الوطء في نكاح صحيح والزوجان بالغان عاقلان حران (¬1). الجزء الثاني: شروط الإحصان: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - إيراد الشروط إجمالا. 2 - إيراد الشروط بالتفصيل. 3 - أثر تخلف الشروط. الجزئية الأولى: إيراد الشروط إجمالا: شروط الإحصان إجمالا كما يلي: 1 - الوطء. 2 - النكاح. 3 - صحة النكاح. 4 - بلوغ الزوجين. 5 - العقل في كل من الزوجين. 6 - الحرية في كل منهما. ¬

_ (¬1) لم أذكر قيد الإسلام؛ لأنه يخرج بقيد (في نكاح صحيح)؛ لأن نكاح غير المسلمة والكتابية غير صحيح.

الفقرة الأولى: الوطء: وفيها خمسة أشياء: الأول: الاشتراط: الوطء شرط لا بد منه لاعتبار الإحصان. الشيء الثاني: دليل الاشتراط: دليل اشتراط الوطء للإحصان: الإجماع فلا خلاف فيه. الشيء الثالث: مقدار الوطء: مقدار الوطء المعتبر للإحصان: تغييب الحشفة في الفرج. الشيء الرابع: أن يكون في القبل: وفيه نقطتان هما: 1 - دليل الاشتراط. 2 - ما يخرج به. النقطة الأولى: دليل اشتراط القبل: دليل اشتراط القبل حديث: (والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه اشترط للرجم الثيوبة والثيوبة لا تكون إلا بالوطء في القبل. النقطة الثانية: ما يخرج: وفيها قطعتان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - أمثلته. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 12/ 1690.

القطعة الأولى: بيان ما يخرج: يخرج باشتراط القبل: الوطء في غيره. القطعة الثانية: الأمثلة: من أمثلة الوطء في غير القبل ما يأتي: 1 - الوطء في الدبر. 2 - الوطء في غير الفرج. الشيء الخامس: ما يخرج بشرط الوطء: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - أمثلته. 3 - دليل الخروج. النقطة الأولى: بيان ما يخرج: يخرج بشرط الوطء ما دون الوطء. النقطة الثانية: الأمثلة: من أمثلة ما يخرج بشرط الوطء ما يأتي: 1 - النظر. 2 - القبلة. 3 - اللمس. 4 - الجس. 5 - الضم. 6 - الخلوة. النقطة الثالثة: دليل الخروج: دليل خروج ما دون الوطء بشرط الوطء: دليل اشتراط القبل. الفقرة الثانية: كون الوطء في نكاح: وفيها شيئان هما: 1 - دليل الاشتراط. 2 - ما يخرج.

الشيء الأول: دليل الاشتراط: دليل اشتراط كون الوطء في نكاح: الإجماع، فلا خلاف في أن الإحصان لا يحصل بالوطء في غير نكاح. الشيء الثاني: ما يخرج: وفيه ثلاث نقاط: 1 - بيان ما يخرج. 2 - أمثلته. 3 - دليل الخروج. النقطة الأولى: بيان ما يخرج: يخرج بشرط النكاح: الوطء بغير نكاح. النقطة الثانية: الأمثلة: من أمثلة ما يخرج بشرط النكاح ما يأتي: 1 - الزنا. 2 - وطء الشبهة. 3 - الوطء بالتسري. النقطة الثالثة: دليل الخروج: دليل خروج الوطء بغير نكاح بشرط النكاح: الإجماع. الفقرة الثالثة: صحة النكاح: وفيها شيئان هما: 1 - بيان المراد بالنكاح الصحيح. 2 - ما يخرج بشرط صحة النكاح. الشيء الأول: كيان المراد بالنكاح الصحيح: النكاح الصحيح: ما لا خلاف فيه وهو ما استوفى شروطه وأركانه.

الشيء الثاني: ما يخرج بشرط صحة النكاح: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الخروج. النقطة الأولى: بيان ما يخرج: يخرج بشرط صحة النكاح ما يأتي: 1 - النكاح الفاسد. 2 - النكاح الباطل. النقطة الثانية: الخروج: وفيها قطعتان هما: 1 - خروج النكاح الفاسد. 2 - خروج النكاح الباطل. القطعة الأولى: خروج النكاح الفاسد: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشريحة الأولى: الخلاف: اختلف في حصول الإحصان بالوطء في النكاح الفاسد على قولين: القول الأول: أنه لا يحصل. القول الثاني: أنه يحصل. الشريحة الثانية: التوجيه: وفيها جملتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الجملة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم حصول الإحصان بالوطء في النكاح الفاسد: بأن الوطء في النكاح الفاسد وطء في غير ملك فلا يحصل به الإحصان كوطء الشبهة. الجملة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بحصول الإحصان بالوطء في النكاح الفاسد: بأنه يشارك النكاح الصحيح في كثير من الأحكام، ومنها ما يأتي: 1 - وجوب المهر. 2 - وجوب الطلاق. 3 - وجوب العدة. 4 - تحريم الربيبة وأم الزوجة. 5 - لحوق الولد: فيأخذ حكمه في تحقيق الإحصان. الشريحة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث جمل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجملة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم حصول الإحصان. الجملة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم حصول الإحصان بالوطء في النكاح الفاسد ما يأتي: 1 - أن كمال النعمة لا يحصل به. 2 - أن الحد يدرأ بالشبهات والخلاف في حصول الإحصان شبهة فيدرأ بها الحد.

3 - أن الأصل عصمة الدم فلا يستباح بأمر مختلف فيه. الجملة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن الاحتجاج بمشاركة النكاح الفاسد للنكاح الصحيح: بأن ما ذكروه حاصل بالوطء وليس بالعقد كحصوله بوطء الشبهة. القطعة الثانية: خروج النكاح الباطل: وفيها ثلاث شرائح هي: 1 - بيان المراد بالنكاح الباطل. 2 - مثاله. 3 - خروجه. الشريحة الأولى: كيان المراد بالنكاح الباطل: النكاح الباطل ما أجمع على بطلانه وهو ما اختل ركنه. الشريحة الثانية: المثال: مثال النكاح الباطل: نكاح أم الزوجة. الشريحة الثالثة: الخروج: وفيها جملتان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجملة الأولى: الخروج: خروج الوطء في النكاح الباطل مما يحصل به الإحصان لا خلاف فيه. الجملة الثانية: التوجيه: وجه خروج الوطء في النكاح الباطل مما يحصل به الإحصان: أنه لا يعتبر نكاحا. الفقرة الثالثة: بلوغ الزوجين: وفيها ثلاثة أشياء هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في اشتراط البلوغ للإحصان بالوطء على قولين: القول الأول: أنه يشترط فلا يحصل الإحصان بوطء الصبي. القول الثاني: أنه لا يشترط فإذا وطء الصبي صار محصنا. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول باشتراط البلوغ لحصول الإحصان بالوطء بحديث: (الثيب بالثيب جلد مائة والرجم) (¬1). ووجه الاستدلال بالحديث: أنه لم يعتبر للرجم غير الثيوبة، ولو كانت تحصل قبل البلوغ لوجب الرجم قبل البلوغ وهو خلاف الإجماع. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم اشتراط البلوغ لحصول الإحصان بالوطء: بأن وطء الصغير يحصل به الإحلال للمطلق ثلاثا فيحصل به الإحصان. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 12/ 1690.

3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. النقطة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالاشتراط. النقطة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باشتراط البلوغ لحصول الإحصان: أن وطء الصغير لا يحصل به كمال النعمة. النقطة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن الإحصان يختلف عن الإحلال؛ لأن ترتيب الإحلال على الوطء عقوبة للمطلق بما تأباه الطباع وتعافه النفوس، وهذا يحصل بوطء غير البالغ، بخلاف ترتيب زيادة العقوبة على الإحصان فإنه لكمال النعمة وهي لا تحصل بوطء الصغير. الفقرة الخامسة: العقل: الكلام في العقل كالكلام في البلوغ على ما تقدم في الفقرة الرابعة. الفقرة السادسة: الحرية: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الشيء الأول: الخلاف: اختلف في اشتراط الحرية للإحصان على قولين: القول الأول: أنها شرط. القول الثاني: أنها ليست شرطا.

الشيء الثاني: التوجيه: وفيه نقطتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. النقطة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول باشتراط الحرية للإحصان: أن الإحصان شرط للرجم؛ لأن الرجم لا يتنصف وتطبيقه كاملا خلاف النص والإجماع. النقطة الثانية: توجيه القول الثاني: يمكن توجيه هذا القول: بأن الإحصان بالوطء وهو حاصل من الرقيقين كالحرين. الشيء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الترجيح حسب ما ذكره المؤلف. 2 - الترجيح حسب وجهة النظر. 3 - الفرق بين الترجيحين. النقطة الأولى: الترجيح حسب ما ذكره المؤلف: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول باشتراط الحرية. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باشتراط الحرية للإحصان: أنه أقوى دليلا.

القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأنه مجرد رأي مخالف للنص والإجماع فلا يعتد به. النقطة الثانية: الترجيح حسب وجهة النظر: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول الآخر. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم الاشتراط. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: توجيه ترجيح عدم الاشتراط: أن الرقيق لا يختلف عن الحر في أن كلا منهما مكلف وطيء في قبل في نكاح صحيح. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن ذلك: بأن النص والإجماع في تنصيف الحد، وليس لنفي الإحصان، وتنصيف الحد لا ينافي الإحصان، فيوجد الإحصان إذا وجد شرطه، وهو الوطء في قبل من مكلف في نكاح صحيح، وينصف الحد إذا وجد شرطه وهو الرق. النقطة الثالثة: الفرق بين الترجيحين: يظهر الفرق بين الترجيحين إذا أعتق الرقيق بعد الوطء المعتبر. فعلى الاشتراط لا يكون محصنا بذلك الوطء وعلى عدم الاشتراط يكون محصنا به. الجزئية الثالثة: تخلف الشروط: وفيها فقرتان هما:

1 - تخلف الشروط في كلا الطرفين. 2 - تخلف الشروط في أحد الطرفين. الفقرة الأولى: تخلف الشروط في كلا الطرفين: وفيها شيئان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأثر. الشيء الأول: الأمثلة: من أمثلة تخلف شروط الإحصان في كلا الطرفين ما يأتي: 1 - أن يكونا صغيرين. 2 - أن يكونا غير عاقلين. 3 - أن يكونا رقيقين. 4 - أن يكون نكاحهما فاسدا. 5 - أن يكون نكاحهما باطلا. 6 - ألا يحصل الوطء. الشيء الثاني: الأثر: وفيه نقطتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. النقطة الأولى: بيان الأثر: إذا تخلف شرط الإحصان في كلا الطرفين انتفى الإحصان عن كلا الطرفين. النقطة الثانية: التوجيه: وجه انتفاء الإحصان عن كلا الطرفين إذا كان تخلف الشرط في كلا الطرفين: أن المانع من الإحصان متحقق في كل منهما، وهو انتفاء الشرط في كل منهما. الفقرة الثانية: تخلف الشرط في أحد الطرفين: وفيها شيئان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأثر.

الشيء الأول: الأمثلة: من أمثلة تخلف شرط الإحصان في أحد الطرفين ما يأتي: 1 - أن يكون أحدهما بالغا والآخر صغيرا. 2 - أن يكون أحدهما عاقلا والآخر غير عاقل. 3 - أن يكون أحدهما حرا والآخر رقيقا. 4 - أن يكون الزوج مسلما والزوجة كتابية. الشيء الثاني: الأثر: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. النقطة الأولى: الخلاف: اختلف في تأثير تخلف الشروط في أحد الطرفين دون الآخر على قولين: القول الأول: أنه يؤثر في الطرفين، فلا يحصل الإحصان لواحد منهما. القول الثاني: أنه يؤثر فيمن تخلف الشرط فيه دون من اكتملت فيه الشروط. النقطة الثانية: التوجيه: وفيها قطعتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. القطعة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بتأثير تخلف الشرط في أحد الطرفين على الطرفين بما يأتي: 1 - أن الوطء إذا لم يحصن أحد الطرفين لم يحصن الطرف الآخر، كالتسري.

2 - أنه إذا كان أحد الطرفين ناقصا كان الوطء ناقصا فلا يحصل به الإحصان كما إذا كانا ناقصين. القطعة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تأثير تخلف الشرط في أحد الطرفين على من كملت الشروط فيه بما يأتي: 1 - أنه إذا زنى الكبير وجب عليه الحد. وإذا زنى الصغير لم يجب عليه. 2 - أن النعمة تكمل فيمن كملت الشروط فيه دون من لم تكتمل فيه. النقطة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث قطع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. القطعة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بتأثير الطرفين. القطعة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتأثر الطرفين: أن تأثر من نقصت الشروط فيه لعدم كلمال النعمة، وإذا لم تكتمل النعمة في أحد الطرفين لم تكتمل في الطرف الآخر، وإذا لم تكتمل النعمة لم يحصل الإحصان. القطعة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الإحصان يشترط فيه كمال النعمة، لذا لا يحصل بالوطء في الدبر، بخلاف الزنا فلا يشترط فيه كمال النعمة، ولذا يجب الحد بالوطء في الدبر فافترقا.

الفرع الثاني: الحد: وفيه أمران هما: 1 - الرجم. 2 - الجلد. الأمر الأول: الرجم: وفيه ستة جوانب هي: 1 - دليل الرجم. 2 - كيفية الرجم. 3 - أول من يرجم. 4 - الحفر للمرجوم. 5 - ربط المرجوم. 6 - حجم ما يرمى به. الجانب الأول: دليل الرجم: الدليل على رجم الزاني المحصن ما يأتي: 1 - حديث: (الثيب بالثيب جلد مائة والرجم) (¬1). 2 - حديث: (راغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) (¬2). 3 - رجم الرسول - صلى الله عليه وسلم - الماعز (¬3). 4 - رجم الرسول - صلى الله عليه وسلم - للغامدية (¬4). 5 - رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهوديين (¬5). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 12/ 1690. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على جور/ 2695. (¬3) صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب لا يرجم المجنون/ 6815. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4440. (¬5) صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب قوله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} / 3635.

6 - قول عمر - رضي الله عنه - أمام الصحابة من غير إنكار: رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجمنا بعده (¬1). الجانب الثاني: كيفية الرجم: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الكيفية. 2 - الدليل. الجزء الأول: بيان الكيفية: كيفية الرجم أن يرمى بالحجارة حتى يموت. الجزء الثاني: دليل الكيفية: دليل كيفية الرجم ما ورد في رجم من رجم. الجانب الثالث: أول من يرجم: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كان الحد ثابتا بالإقرار. 2 - إذا كان الحد ثابتا بالبينة. الجزء الأول: إذا كان الحد ثابتا بالإقرار: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان من يبدأ. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان من يبدأ: إذا كان الحد ثابتا بالإقرار فأول من يرجم الحاكم أو نائبه. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب الاعتراف بالزنا/ 1829.

الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على أن من يرجم الحاكم ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - قال: الزنا زناءان، زنا سر وزنا علانية فزنا السر أن يشهد الشهود فيكون الشهود أول من يرمي، ثم الإمام ثم الناس، وزنا العلانية أن يظهر الحبل أو الاعتراف فيكون الإمام أول من يرمي (¬1). الجزء الثاني: إذا كان الحد ثابتا بالبينة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان من يبدأ بالرمي. 2 - الدليل. الجزئية الأولى: بيان من يبدأ بالرمي: إذا كان الزنا ثابتا بالبينة: فأول من يبدأ بالرمي الشهود. الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على أن أول من يبدأ بالرمي الشهود ما ورد عن علي المتقدم. الجزئية الثالتة: التوجيه: وجه كون من يبدأ بالرمي الشهود إذا كان الحد ثابتا بالشهادة ما يأتي: 1 - إبعاد التهمة بالكذب عنهم. 2 - رجاء أن يرجعوا عن الشهادة إذا رأوا الموقف. الجانب الرابع: الحفر للمرجوم: قال المؤلف - رحمه الله تعالى - ولا يحفر للمرجوم في الزنا. الكلام في هذا الجانب في ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة/ كتاب الحدود، فيمن يبدأ بالرمي/ 29414.

3 - الترجيح. الجؤء الأول: الخلاف: اختلف في الحفر للمرجوم على أربعة أقوال: القول الأول: أنه لا يحفر له مطلقا سواء كان المرجوم رجلا أم امرأة، وسواء ثبت الحد ببينة أم إقرار. القول الثاني: أنه يحفر له مطلقا، سواء كان المرجوم رجلا أم امرأة، وسواء ثبت الحد ببينة أم إقرار. القول الثالث: أنه يحفر له إن ثبت الحد بالبينة ولا يحفر له إن ثبت الحد بالإقرار، سواء كان المرجوم رجلا أم امرأة. القول الرابع: أنه يحفر له إن كان المرجوم امرأة ولا يحفر له إن كان رجلا سواء ثبت الحد بالبينة أم بالإقرار. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. 4 - توجيه القول الرابع. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الحفر للمرجوم مطلقا بما يأتي: 1 - ما ورد عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أنه قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجم ماعز خرجنا به إلى البقيع فوالله ما أوثقناه ولا حفرنا له، ولكنه قام لنا فضربناه

بالعظام والمدر والخزف فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت (¬1). والاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: التصريح بعدم الحفر. الوجه الثاني: الهروب؛ لأنه لو كان في حفرة لم يستطيع الهروب. 2 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أنيسا بالحفر للتي زنى بها العسيف، ولم يرد أنه حفر لها. 3 - أن الحفر زيادة تعذيب فلا يجوز من غير دليل. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالحفر مطلقا بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم امرأة فحفر لها (¬2). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالحفر للغامدية (¬3). 3 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفر لماعز (¬4). الجزئية الثالثة: توجيه القول الثالث: وجه القول بالحفر إن ثبت الحد بالبينة وعدم الحفر إن ثبت بالإقرار: بأنه إذا ثبت الحد بالبينة لم يقبل إنكاره فيحفر له حتى لا يهرب، وإذا ثبت بالإقرار قبل الرجوع فيه فلم يحفر له حتى يتمكن من الهرب. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا/ 1694/ 20. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4443. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا/ 1695/ 23. (¬4) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا/ 1695/ 23.

الجزئية الرابعة: توجيه القول الرابع: وجه القول بالحفر للمرأة دون الرجل بما يأتي: 1 - أن عورة المرأة أغلظ والحفر أستر لها. 2 - أن تحمل المرأة أقل من تحمل الرجل فيحفر لها حتى لا تضطرب فتتكشف. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الحفر مطلقا. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الحفر مطلقا ما يأتي: 1 - أن أكثر الروايات تدل عليه. 2 - أن الحفر يستر بعض الجسم فلا تصيبه الحجارة وهذا خلاف الأولى. 3 - أنه قد يشق إخراج المرجوم من الحفرة خصوصا إذا كان ثقيل الجسم أو تراكمت عليه الحجارة في الحفرة فأمسكته. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. 3 - الجواب عن وجهة القول الرابع.

الفقرة الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن أدلته يعارضها أدلة القول الراجح، فيرجع إلى الأصل وهو عدم الحفر. الفقرة الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن الهرب يمكن منعه بغير الحفر، كالإيثاق فلا يتعين. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول الرابع: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن الستر يمكن بغير الحفر كشد الثياب كما ورد فلا يتعين الحفر. الجانب الخامس: ربط المرجوم: وفيه جزءان هما: 1 - الربط عند الحاجة. 2 - الربط عند عدم الحاجة. الجزء الأول: الربط عند الحاجة: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة الحاجة. 2 - حكم الربط. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة الحاجة إلى الربط أن يخش هرب المرجوم فتشق إعادته إلى موضع الرجم، حيث الحجارة ومعظم الراجمين. الجزئية الثانية: حكم الربط: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا دعت الحاجة إلى ربط المرجوم جاز.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جواز ربط المرجوم إذا دعت الحاجة إليه: أنه يحقق المصلحة في الإنجاز على المرجوم ويتفادى المفسدة المحتملة من هربه. الجزء الثاني: الربط عند عدم الحاجة: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة عدم الحاجة. 2 - حكم الربط. الجزئية الأولى: أمثلة عدم الحاجة إلى الربط: من أمثلة عدم الحاجة إلى الربط ما يأتي: 1 - أن يكون المحدود كفيف البصر. 2 - أن يكون المحدود مقطوع الرجل. 3 - أن يكون المحدود جلدا يثبت للحجارة. الجزئية الثانية: حكم الريط: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا لم يوجد حاجة إلى ربط المحدود لم يربط. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم ريط المحدود إذا لم يوجد حاجة ما يأتي: 1 - أن الربط لتفادي هروبه، فإذا أمن الهروب انتفت الحاجة إلى الربط. 2 - قول أبي سعيد: فوالله ما أوثقناه ولا حفرنا له. الجانب السادس: حجم ما يرمى به: وفيه جزءان هما:

1 - بيان الحجم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحجم: الأولى أن يكون ما يرمى به المرجوم من الحجارة كحجم فنجال القهوة الكبير أو فوقه قليلا أو دونه قليلا ويجوز بأكبر من ذلك. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - توجيه التحديد بمثل الفنجال. 2 - توجيه الرمى بما فوقه. 3 - توجيه الرمي بما دونه. الجزئية الأولى: توجيه التحديد بالرمي بمثل الفنجال: وجه ذلك: أن ما فوق هذا الحجم يقتل سريعا فلا يحصل الإيلام الرادع، وما دونه قد لا يقتل، أو يتأخر القتل به فيزيد به التعذيب وذلك لا ينبغي. الجزئية الثانية: توجيه جواز الرمى بالحجر الكبير: وجه ذلك قول أبي سعيد في رجم ماعز: فاشتد فاشتددنا خلفه حتى أتى الحرة فأنتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة (¬1). الجزئية الثالثة: توجيه جواز الرمي بالحجر الصغير: وجه ذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمى بحصاة مثل الحمصة ثم قال: (ارموا) (¬2). الأمر الثاني: الجلد: وفيه جانبان هما: 1 - حكم الجلد. 2 - الموالاة بينه وبين الرجم. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب من اعتراف على نفسه بالزنا/ 1694/ 23. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4444.

الجانب الأول: حكم الجلد: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في جلد الثيب على قولين: القول الأول: أنه يجلد. القول الثاني: أنه لا يجلد. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول يحلد الثيب بما يأتي: 1 - حديث: (والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) (¬1). 2 - ما ورد عن علي - رضي الله عنه -: أنه جلد ورجم (¬2). 3 - قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬3). ووجه الاستدلال بها: أنها عامة فيدخل فيها الثيب؛ لأنه زاني. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 1690. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب رجم المحصن/ 6812. (¬3) سورة النور، الآية: [2].

الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الجلد بما يأتي: 1 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزا ولم يجلده. 2 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رجم الغامدية ولم يجلدها. 3 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بجلد التي زنى بها العسيف. 4 - أن الرجم حد فيه قتل فلم يجتمع معه جلد. 5 - قول ابن مسعود: إذا اجتمع حدان فيهما قتل أحاط القتل بذلك (¬1). 6 - أن الحد للردع والزجر وذلك حاصل بالرجم فلا يزاد عليه. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول الآخر. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن المحصن لا يجلد. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم جلد المحصن: أنه أقوى دليلا. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بالآية. 2 - الجواب عن الاحتجاج بما روي عن علي. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، في الرجل يسرق ..... / 28708.

الفقرة الأولى: الجواب عن الاستدلال بالآية: يجاب عن الاستدلال بالآية: بأن عمومها مخصوص بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الفقرة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بما روي عن علي - رضي الله عنه -: أجيب عن ذلك: بأنه اجتهاد منه وهو معارض بفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو أولى منه. الجانب الثاني: الموالاة بين الجلد والرجم: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: إذا قيل مجواز الجلد والرجم للمحصن لم تجب الموالاة بينه وبين الرجم، والموالاة بينهما أولى. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه عدم الموالاة. 2 - توجيه الأولوية. الجزئية الأولى: توجيه عدم الموالاة: وجه عدم الموالاة بين الجلد والرجم ما يأتي: 1 - أنه لا دليل على الموالاة والأصل عدمها. 2 - ما ورد عن علي - رضي الله عنه - أن جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة. الجزئية الثانية: توجيه الأولوية: وجه أولوية الموالاة بين الجلد والرجم ما يأتي: 1 - أنه أقل أمد لتعذيب المحدود مما لو ترك يعاني من آلام الجلد قبل رجمه.

2 - أن مآله إلى القتل فلا فائدة في تركه بعد الجلد. المسألة الثانية: حد البكر: وفيه ثلاثة فروع هي: 1 - المراد بالبكر. 2 - حد البكر. 3 - توجيه التفريق بينه وبين الثيب. الفرع الأول: بيان المراد بالبكر: البكر من لم تتوفر فيه شروط الإحصان السابقة. الفرع الثاني: الحد: وفيه أمران هما: 1 - الجلد. 2 - التغريب. الأمر الأول: الجلد: وفيه جانبان هما: 1 - بيان مقدار الجلد. 2 - الدليل. الجانب الأول: المقدار: مقدار الجلد مائة جلدة. الجانب الثاني: دليل الجلد: دليل الجلد ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [2]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 1690.

الأمر الثاني: التغريب: وفيه ثمانية جوانب هي: 1 - معنى التغريب. 2 - حكم التغريب. 3 - الهدف من التغريب. 4 - مدة التغريب. 5 - مسافة التغريب. 6 - موضع التغريب. 7 - الاعتياض بالسجن عن التغريب. 8 - تغريب المرأة. الجانب الأول: معنى التغريب: التغريب: إبعاد الزاني عن البلد الذي زنى فيه. الجانب الثاني: حكم التغريب: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في حكم التغريب من حيث هو على قولين: القول الأول: أنه يغرب. القول الثاني: أنه لا يغرب. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالتغريب بما يأتي:

1 - حديث: (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) (¬1). 2 - حديث: (وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام) (¬2). 3 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرب (¬3). 4 - ما ورد أن أبا بكر غرب (¬4). 5 - ما ورد أن عمر غرب (¬5). الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم التغريب بما يأتي: 1 - ما ورد عن عمر أنه غرب ربيعة بن أمية بن خلف في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل وتنصر، فقال عمر: لا أغرب مسلما بعد هذا أبدا (¬6). 2 - ما ورد أن عليا قال: حسبهما من الفتنة أن ينفيا (¬7). 3 - أن التغريب لم يرد في القرآن فإيجابه زيادة على النص. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 1690. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور/2695. (¬3) سنن الترمذي، كتاب الحدود، ما جاء في النفي/1438. (¬4) سنن الترمذي، كتاب الحدود، ما جاء في النفي/1438. (¬5) سنن الترمذي، كتاب الحدود، ما جاء في النفي/1438. (¬6) مصنف عبد الرزاق، كتاب الحدود، باب النفي/ 13319. (¬7) مصنف عبد الرزاق، كتاب الحدود، باب البكر/13313.

3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالتغريب. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالتغريب: أن أدلته أقوى وأظهر. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عما ورد عن عمر وعلي. 2 - الجواب عن عدم ورود التغريب في القرآن. الفقرة الأولى: الجواب عن الاحتجاج بما روي عن عمر وعلي: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه معارض بما روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قول وفعل. الجواب الثاني: أنه قد روي عنهما خلافه، وهو أولى لموافقته قول غيرهما. الفقرة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بعدم ورود التفريب في القرآن: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أن العمل بالسنة عمل بالقرآن لما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة الحشر، الآية: [7]. (¬2) سورة النساء، الآية: [80].

3 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) (¬1). الجواب الثاني: أن الرجم غير موجود في القرآن وهو ثابت بلا خلاف. الجانب الثالث: الهدف من التغريب: الهدف من التغريب ما يأتي: 1 - معاقبة الزاني بإبعاده عن وطنه وأهله وأقاربه وأحبته وأصدقائه، وهذا تعذيب نفسي لا يقل ألمه عن ألم التعذيب البدني. 2 - إبعاد الزاني عن موقع الجريمة ومن وقعت به حتى لا يذكرها فتتوق نفسه إليها ويسعى إلى معاودتها. الجانب الرابع: مدة التغريب: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المدة. 2 - دليلها. الجزء الأول: بيان المدة: مدة التغريب سنة. الجزء الثاني: الدليل: الدليل على تحديد مدة التغريب بسنة ما يأتي: 1 - حديث: (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) (¬2). 2 - حديث: (وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام) (¬3). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب السنن، باب لزوم السنة/ 4604. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 1690. (¬3) صحيح البخاري، باب الصلح، باب إذا اصطلحوا على جور/2695.

الجانب الخامس: مسافة التغريب: وفيها ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في تحديد مسافة التغريب على قولين: القول الأول: أنها لا تحدد ويرجع في تحديدها إلى ما يحقق الهدف من التغريب. القول الثاني: أنها تحدد بمسافة القصر. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم تحديد مسافة التغريب بما يأتي: 1 - أنه لم يرد لها تحديد في الشرع والتحديد يحتاج إلى دليل. 2 - أنه اختلف ما ورد عن الصحابة في التغريب، ومن ذلك ما يأتي: 1 - ما ورد أن أبابكر - رضي الله عنه - نفى من المدينة إلى فدك (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - نفى من المدينة إلى خيبر، ونفى من المدينة إلى البصرة (¬2). ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب النفى/13328. (¬2) مصنف عبد الرزاق، كتاب الحدود، باب النفي/ 13321.

جـ - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - نفى من الكوفة إلى البصرة (¬1). الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه تحديد مسافة التغريب بمسافة القصر بما يأتي: 1 - أن ما دون مسافة القصر في حكم الحضر، بدليل أن ما دونها لا تثبت فيه أحكام المسافرين، ولا يستباح به شيء من أحكامهم. 2 - أنه لم يرد النفى إلى أقل منها. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم التحديد. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم التحديد لمسافة التغريب ما يأتي: 1 - أنه لم يرد لمسافة القصر تحديد في الشرع والأصل عدم التحديد. 2 - أن الهدف من التغريب قطع العلاقة بين المغرب والبلد المغرب منه، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فما كان محققا لهذا الهدف في عصر من حدد المسافة بمسافة القصر أصبح لا يحققه في وقت هذا التأليف. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: مجاب عن وجهة من حدد مسافة التغريب بمسافة القصر: بأن هذه المسافة لا تحقق الهدف من التغربب فلا يكتفى بها. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب الحدود، باب النفي/13323.

الجانب السادس: موضع التغريب: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - ما يشترط فيه. 2 - تغييره. 3 - السجن فيه. الجزء الأول: ما يشترط في موضع التغريب: وفيه جزئيتان هما: 1 - ما يشترط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان ما يشترط في موضع التغريب: يشترط في الموضع الذي يغرب إليه: أن يكون ملتزما بالآداب محافظا على الأخلاق. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه اشتراط ما ذكر في موضع التغريب: أنه إذا كان غير ملتزم كان التغريب إليه إغراء للمغرب إليه بما أبعد عنه، فيكون كما قيل: ألقاه في اليم مكتوفا وقال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء الجزء الثاني: تغيير موضع التغريب: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - التغيير. 2 - حالة التغيير. 3 - موضع التغيير. الجزئية الأولى: التغيير: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان حكم التغيير. 2 - التوجيه.

الفقرة الأولى: بيان حكم التغيير: إذا وجد المقتضي التغيير وجب التغيير. الفقرة الثانية: توجيه التغيير: وجه تغيير موضع التغريب إذا وجد المقتضي ما تقدم في توجيه التغريب. الجزئية الثانية: حالة التغيير: حالة تغيير موضع التغريب: إذا زني المغرب فيه. الجزئية الثالثة: موضع التغيير: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الموضع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان موضع التغيير: إذا زني المغرب في الموضع الذي غرب إليه وجب تغريبه إلى غير الموضع الذي غرب منه. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تغريب الزاني إلى غير البلد الذي غرب منه إذا وجد المقتضي لتغيير موضع تغريبه: أن إرجاعه إلى الموضع الذي غرب منه قطع للتغريب، وليس تغريبا، وإعادة له إلى ما غرب من أجله. الجزء الثالث: السجن في بلد التغريب: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في سجن المغرب في بلد التغريب على قولين: القول الأول: أنه يسجن. القول الثاني: أنه لا يسجن. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما. 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بسجن المغرب في موضع التغريب بما يأتي: 1 - أن تركه في بلد لا يعرف فيه يعرضه للفتنة لعدم الرقيب. 2 - أن سجنه في بلد التغريب أضمن لبقائه فيه لئلا يعود إلى بلده ويتخفى فيه فلا يتحقق التغريب. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم السجن في بلد التغريب بما يأتي: أن الحبس زيادة على التغريب لا دليل عليه فلا يشرع كالزيادة على العام. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم السجن.

الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم السجن: أنه عقوبة لا دليل عليها، فلا تشرع من غير دليل. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. الشيء الأول: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن الاحتجاج بأن ترك السجن يعرض الغرب للفتنة لعدم الرقيب: بأن البلد كله رقيب خصوصا إذا كان بلدا محافظا وهو شرط في بلد النفي. الشيء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن السجن أضمن للبقاء في بلد التغريب: بأنه يمكن ضمان البقاء في بلد التغريب بغير السجن، ووسائل ذلك كثيرة منها: 1 - أن يجعل على المغربين رقابة خفية تتابعهم وتعرف وجودهم وغيابهم. 2 - أن يحدد لهم مكان يتواجدون فيه في أوقات محددة. الجانب السابع: الاعتياض بالسجن عن التغريب: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الاعتياض. 2 - حالة الاعتياض. 3 - شروط الاعتياض. الجزء الأول: الاعتياض: الاعتياض بالسجن عن التغريب عند الاقتضاء جائز.

الجزء الثاني: حالة الاعتياض: الاعتياض بالسجن عن التغريب: إذا لم يحقق التغريب الهدف منه. الجزء الثالث: شرط الاعتياض: يشترط للاعتياض بالسجن عن التغريب أن يحقق السجن الهدف من التغريب. الجانب الثامن: تطبيق التغريب على المرأة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى - وغرب عاما ولو امرأة. الكلام في هذا الجانب في جزءين هما: 1 - التغريب مع المحرم. 2 - التغريب من غير المحرم. الجزء الأول: التغريب مع المحرم: وفيه جزئيتان هما: 1 - التغريب. 2 - مسؤولية مصاريف المحرم. الجزئية الأولى: التغريب: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: تغريب المرأة مع المحرم واجب. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه وجوب تغريب المرأة مع المحرم: أن التغريب واجب عليها، وقد أمكن بلا محذور ولا ضرر، فكان واجب التنفيذ. الجزكية الثانية: مسوولية نفقة المحرم: وفيها ثلاث فقرات هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في مسؤولية نفقة المحرم على قولين: القول الأول: أنها على المرأة. القول الثاني: أنها على الدولة. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتحميل المرأة مسؤولية نفقة المحرم بما يأتي: أن نفقة المحرم واجبة بسببها فتكون من مسؤوليتها، كنفقة المحرم في الحج. الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بتحميل بيت المال لمسؤولية نفقة المحرم بما يأتي: أن نفقة المحرم من مؤنة إقامة الحد فتكون من مسؤولية الدولة كأجرة الجلاد. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول الآخر. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن مسؤولية مصروفات المحرم على المرأة.

الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتحميل المرأة مصروفات المحرم: أن وجولها بسببها فتلزمها كضمان متلفاتها. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن وجهة المخالفين بما يأتي: 1 - أن وجوب أجرة الجلاد في بيت المال غير مسلم؛ لأنها كأجرة منفذ القصاص، وهي على الجاني. 2 - أنه على التسليم بأن أجرة الجلاد في بيت المال فإنها تختلف عن مصاريف المحرم؛ لأن أجرة الجلاد من لازم إقامة الحد وذلك من مسؤولية الدولة، أما مصاريف المحرم فإنها لمصلحة المرأة وليست من لازم إقامة الحد. الجزء الثاني: تغريب المرأة من غير محرم: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في تغريب المرأة بلا محرم على قولين: القول الأول: أنها تغرب. القول الثاني: أنها لا تغرب. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بتغريب المرأة بلا محرم ما يأتي:

حديث: (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فيشمل المرأة، ولم يقيد وجوبه على المرأة بوجود المحرم فلا يلزم. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن المرأة لا تغرب بلا محرم بما يأتي: 1 - حديث: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله وباليوم الأخر أن تسافر فوق ثلاث إلا مع ذي محرم) (¬2). 2 - أن تغريب المرأة بغير محرم يعرضها للفتنة ويغريها بالفجور، ويسلط الفساق عليها. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أنه إذا تعذر تغريب المرأة مع المحرم سقط عنها التغريب. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه سقوط التغريب عن المرأة إذا تعذر المحرم: أن التغريب للإبعاد عن موقع الجريمة لإبعادها عن الذاكرة، والتغريب بلا محرم يفتح المجال للجريمة فتكون النتيجة عكسية. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 1690. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم/1338.

المطلب الثاني حد الرقيق

الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن إطلاق الأمر بالتغريب يقيده منع السفر بلا محرم. الفرع الثالث: توجيه الفرق بين البكر والثيب: وجه الفرق بين البكر والثيب في الحد ما يأتي: 1 - أن الثيب قد أنعم الله عليه بما يقضي به حاجته ويدفع به ضرره، فكفر بنعمة الله عليه، وتعدى إلى ما حرم عليه فكانت جريمته أشد واستحق عقوبة أغلظ. أما البكر فقد يلتمس له بعض العذر حيث لا يجد ما يقضي حاجته ويدفع به ضرره. 2 - أن الثيب أصبح عضوا فاسدا مفسدا في المجتمع وضاع الأمل في صلاحه فوجب بتره. أما البكر فإن الأمل في صلاحه حينما يستغنى بالنكاح لم ينقطع فاكتفي يحلده عن إعدامه. المطلب الثاني حد الرقيق قال المؤلف - رحمه الله تعالى: والرقيق خمسين جلدة ولا يغرب. الكلام في هذا المطلب في مسألتين هما: 1 - غير التغريب. 2 - التغريب. المسألة الأولى: غير التغريب: وفيها فرعان هما:

1 - حد الأمة. 2 - حد العبد. الفرع الأول: حد الأمة: وفيه أمران هما: 1 - حد المحصنة. 2 - حد غير المحصنة. الأمر الأول: حد المحصنة: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في حد الأمة المحصنة على قولين: القول الأول: أنه خمسون جلدة. القول الثاني: أنه الرجم. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن حد الأمة خمسون جلدة ولو كانت محصنة: قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [25].

الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول برجم الأمة المحصنة بما يأتي: 1 - حديث: (الثيب بالثيب جلد مائة والرجم) (¬1). 2 - أن الرجم حد لا يتبعض فوجب تكميله كالقطع. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول الأول. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن حد الأمة خمسون جلدة ولو كانت محصنة: أن دليله نص في محل الخلاف. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزثيتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن القياس. الجزئية الأولى: الجواب عن الاحتجاج بالحديث: أجيب عن الاحتجاج بالحديث: بأنه محمول على الأحرار جمعا بينه وبين الآية. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 1690.

الجزئية الثانية: الجواب عن القياس: أجيب عن قياس الرجم على القطع: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن القطع لم يرد له معارض فيبقى على عمومه، والرجم ورد له معارض وهو التنصيف، لأنه لا يتنصف، فيعمل بالمخصص. الأمر الثاني: حد غير المحصن (¬1): وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في حد الأمة غير المحصنة على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه خمسون جلدة. القول الثاني: أنه مائة جلدة. القول الثالث: أنه لا حد عليها. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. ¬

_ (¬1) فصل لاختلاف المذاهب فيه.

الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن حد الأمة غير المحصنة خمسون جلدة بقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نصفت العذاب على المحصنات وإذا نصف على المحصنات كان تنصيفه على غيرهن أولى. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تنصيف الحد على غير المحصنات بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها عامة فتشمل الأمة خصت منها المحصنات بالآية السابقة وبقي غيرهن في هذا العموم. الجزء الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بعدم وجوب الحد على الأمة إذا لم تحصن بالآية السابقة. ووجه الاستدلال بها: أنها خصت العذاب بالمحصنات ومفهوم ذلك: أن غير المحصنات لا عذاب عليهن والعذاب هو الحد. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [25]. (¬2) سورة النور، الآية: [2].

الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن حد الأمة خمسون جلدة ولو كانت غير محصنة. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتنصيف الحد على الأمة ولو كانت غير محصنة سلامة دليله وورود المناقشة على أدلة المخالفين. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الجزئية الأولى: الجواب عن وجهة القول الثاني: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن أصل القول. 2 - الجواب عن الدليل. الفقرة الأولى: الجواب عن أصل القول: الجواب عن أصل القول: بأن الله غلظ عقوبة المحصن بالرجم وخفف عن غيره بالجلد، فتخفيف عقوبة المحصن وتغليظ عقوبة غيره مخالف لما شرعه الله فلا يعتد به. الفقرة الثانية: الجواب عن الدليل: أجيب عن الاستدلال بالآية: بأن الآية وإن كان ظاهرها تخصيص التخفيف بالمحصنات فإنها تدل على التخفيف عن غيرهن بطريقة الأولى. كدلالة النهي

عن التأفف للوالدين بقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (¬1). على النهي عن غيره بطريقة الأولى. الجزئية الثانية: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن وجهة هذا القول بجوابين: الجواب الأول: أن الآية في تخفيف الحد وليست في تخصيصه. الجواب الثاني: أنه على التسليم بأن الآية خاصة بالمحصنات فإن وجوب الحد على غيرهن يؤخذ من أدلة أخوى ومنها ما يأتي: 1 - عموم الأدلة مثل: أ - قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬2). ب - قوله: (البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام) (¬3). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة تزني ولم تحصن، فقال: (إذا زنت فاجلدوها) (¬4). الفرع الثاني: حد العبد: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [23]. (¬2) سورة النور، الآية: [2]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنا/ 1690. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في الأمة تزني/ 2429.

الأمر الأول: الخلاف: اختلف في حد العبد على قولين: القول الأول: أن حده كحد الحر. القول الثاني: أن حده نصف حد الحر. الأمر الثالث: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول الأول: بما يأتي: 1 - أن أدلة الحد عامة ولم يرد ما يخرج العبد منها. 2 - القياس على الحر لعدم الفرق فكل منهما آدمي مكلف يحتاج إلى راع. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بتنصيف الحد على العبد بالقياس على الأمة؛ لأن كلا منهما رقيق. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 1 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم التنصيف.

الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم تنصيف الحد على العبد ما يأتي: أنه لا يظهر فرق بين العبد والحر، وكونه مملوكا لا يقتضي التخفيف؛ لأن صفة الملك غير مؤثرة في إسقاط الحق أو تخفيفه بدليل حقوق الآدميين. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن قياس العبد على الأمة: بأنه قياس مع الفارق فلا يصح. ووجه الفرق بينهما ما يأتي: 1 - أن الأمة هي محل الفعل، وهي ضعيفة قد يلح عليها في الطلب أو تغرى فتستجيب، إما خوفا أو طمعا، بخلاف العبد فإن الطلب يأتي منه، ولا مؤثر عليه، فيحتاج إلى قوة الردع. 2 - أن الأمة ممتهنة مبتذلة، فتقوى الأطماع فيها، ويكثر التأثير عليها، وهذا - والله أعلم - هو سبب التخفيف عنها، وهذا مفقود في العبد، فلا يوجد مبرر للتخفيف. المسألة الثانية: التغريب: وفيها فرعان هما: 1 - تغريب العبد. 2 - تغريب الأمة. الفرع الأول: تغريب العبد: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الأمو الأول: الخلاف: اختلف في تغريب العبد على قولين: القول الأول: أنه يغرب. القول الثاني: أنه لا يغرب. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتغريب العبد بما يأتي: 1 - أن أدلة التغريب عامة ولا مخرج للعبد منها فتشمله. 2 - ما ورد أن ابن عمر غرب مملوكا له (¬1). الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تغريب العبد بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة تزني ولم تحصن فقال: (إذا زنت فاجلدوها ... ) (¬2) ولم يذكر تغريبا. 2 - قول علي - رضي الله عنه -: إن أمة لرسول - صلى الله عليه وسلم - زنت فأمرني أن أجلدها (¬3). ولم يذكر تغريبا. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب النفي/13317. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في الأمة تزني/ 2469. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب تأخير الحد عن النفساء/ 1705/ 34.

3 - أن الضرر في تغريب العبد على سيده، وذلك من وجوه: الأول: أنه يحرم من خدمته مدة الغربة. الثاني: أنه يتحمل تكاليفه في غربته، وهو لا يستفيد منه. الثالث: أنه يعرضه للإباق من سيده. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجحى - والله أعلم - هو القول بوجوب التغريب. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب التغريب للعبد أن أدلته أظهر وأسلم من المناقشة. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن عدم ذكر التغريب في بعض الأحاديث. 2 - الجواب عن تضرر السيد بالتغريب. الجزء الأول: الجواب عن عدم ورود التغريب في بعض الأدلة: يجاب عن ذلك: بأنه لا يمنع من وروده في أدلة أخرى. وقد ورد كما في أدلة القول الأول. الجزء الثاني: الجواب عن تضرر السيد بالتغريب: يجاب عن ذلك: بأن تضرر السيد لا يمنع من تنفيذ الحد لما يأتي:

1 - أن الضرر يحصل بالجلد ولم يمنع من تنفيذه. 2 - أن الضرر يحصل بالاقتصاص من العبد ولم يمنع من تنفيذه. 3 - إن الضرر يحصل بالقطع بالسرقة ولم يمنع من تنفيذه. الفرع الثاني: تغريب الأمة: وفيه أمران هما: 1 - حكم التغريب. 2 - التوجيه. الأمو الأول: حكم التغريب: تغريب الأمة كتغريب الحرة، وقد تقدم الخلاف فيه والراجح منه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم تغريب الأمة ما يأتي: 1 - ما تقدم في ترجيح عدم تغريب الحرة. 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة تزني ولم تحصن، فقال: (إذا زنت فاجلدوها) (¬1) ولم يرد فيه تغريب. 3 - قول علي - رضي الله عنه -: إن أمة لرسول - صلى الله عليه وسلم - زنت فأمرني أن أجلدها (¬2). ولم يذكر أنه أمر بالتغريب. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في الأمة تزني ولم تحصن/ 2469. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب تأخير الحد عن النفساء 34/ 1705/.

المبحث الخامس شروط حد الزنا

المبحث الخامس شروط حد الزنا وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - حصول الوطء. 2 - انتفاء الشبهة. 3 - ثبوت الزنا. المطلب الأول حصول الوطء قال المؤلف - رحمه الله تعالى: ولا يجب الحد إلا بثلاثة شروط: أحدها: تغييب حفشته الأصلية كلها في قبل أو دبر أصليين من آدمي حي حراما محصنا. الكلام في هذا المطلب في أربع مسائل هي: 1 - ما يحصل به الوطء. 2 - دليل الاشتراط. 3 - ما يخرج بشرط الوطء. 4 - شروط اعتبار الوطء زنا. المسألة الأولى: ما يحصل به الوطء: وفيها فرعان هما: 1 - بيان ما يحصل به الوطء. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان ما يحصل به الوطء: يحصل الوطء بإيلاج كل الحشفة أو قدرها من مجبوب. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما:

1 - توجيه حصول الوطء به. 2 - توجيه عدم حصول الوطء بما دونه. الأمر الأول: توجيه حصول الوطء به: وجه حصول الوطء بإيلاج الحشفة: أن ذلك هو الذي تتعلق به أحكام الوطء، ومنها ما يأتي: 1 - وجوب الغسل. 2 - وجوب كمال المهر. 3 - الإحلال للمطلق ثلاثا. 4 - وجوب الكفارة. 5 - إفساد الإحرام. 6 - وجوب الفدية. الأمرالثاني: توجيه عدم حصول الوطء بما دونه: وجه عدم حصول الوطء بما دون إيلاج الحشفة: أنه لا يترتب به شيء من أحكام الوطء المذكورة. المسألة الثانية: دليل الاشتراط: دليل اشتراط الوطء لوجوب حد الزنا. قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث ماعز: (أنكتها حتى غاب ذلك منك في ذلك منها) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن مفهومه يدل على أنه لو لم يحصل ما ذكر ما وجب الحد. المسألة الثالثة: ما يخرج بشرط الوطء: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - ضابط ما يخرج. 2 - أمثلته. 3 - دليل الخروج. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/2428.

الفرع الأول: ضابط ما يخرج: يخرج بشرط الوطء ما دون الوطء. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما يخرج بشرط الوطء ما يأتي: 1 - القبلة. 2 - الضم. 3 - اللمس. 4 - الجس. 5 - النظر. 6 - الكلام. الفرع الثالث: دليل الخروج: دليل خروج ما عدا الوطء بشرط الوطء: ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنكتها) (¬1). المسألة الرابعة: شروط اعتبار الوطء زنا: وفيها خمسة فروع هي: 1 - كون الوطء في فرج. 2 - كون الفرج أصليا. 3 - كون الفرج من آدمي. 4 - كون الآدمي حيا. 5 - كون الوطء حراما محضا. الفرع الأول: كون الوطء في فرج: وفيه أمران هما: 1 - دليل الاشتراط. 2 - ما يخرج. الأمر الأول: دليل الاشتراط: دليل اشتراط كون الوطء في فرج ما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/2428.

1 - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لماعز: (أنكتها حتى غاب ذاك منك في ذاك منها، كما يغبب المرود في المكحلة والرشا في البير؟ ) (¬1). 2 - ما ورد أن رجلا قال لرسول - صلى الله عليه وسلم -: إني وجدت امرأة في البستان فأصبت منها كل شيء غير أني لم أنكحها، فافعل في ما شئت (¬2). فلم يحده الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الأمر الثاني: كون الفرج أصليا: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - أمثلة الفرج غير الأصلي. 2 - توجيه الخروج. 3 - ما يخرج. الأمر الأول: أمثلة الفرج غير الأصلي: من أمثلة الفرج غير الأصلي ما يأتي: 1 - قبل الخنثى المشكل. 2 - ما يفتح في الجسم بديلا للفرج الأصلي عند الحاجة. الأمر الثاني: توحيه الاشتراط: وجه اشتراط كون الفرج أصليا: أن الفرج غير الأصلي ليس محلا للوطء، لا شرعا ولا عرفا، فيكون كالوطء في سائر البدن. فكما لا يعد ذلك زنا، لا يعتبر الوطء في الفرج غير الأصلي زنا. الأمر الثالث: ما يخرج بالشرط: وفيه جانبان هما: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/2428. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع/4468.

1 - ما يخرج. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بشرط كون الوطء في فرج أصلي الوطء في الفرج غير الأصلي وقد تقدمت أمثلته. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج الوطء في غير الفرج الأصلي بشرط كون الوطء في فرج أصلي ما تقدم في توجيه الاشتراط. الفرع الثالث: كون الفرج فرج آدمي: وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بشرط كون الوطء بفرج آدمي: الوطء في فرج غير الآدمي. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج الوطء في غير الآدمي: أنه ليس محلا للوطء فلا يعتبر الوطء فيه زنا. الفرع الرابع: كون الآدمي حيا: وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بشرط كون الموطوء حيا: وطء الميتة.

الأمر الثاني: الخروج: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في خروج وطء الميتة من الوطء الموجب للحد على قولين: القول الأول: أنه يخرج فلا يجب بوطء الميتة حد. القول الثاني: أنه لا يخرج فيجب الحد به. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم وجوب الحد بوطء الميتة بما يأتي: 1 - أن الميتة ليست محلا للوطء فلا يجب الحد بوطئها كوطء الصغيرة والوطء خارج الفرج. 2 - أن الميتة تنفر منها النفوس وتعافها الطباع فلا تدعو الحاجة إلى الردع عن وطئها. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب الحد بوطء الميتة بما يأتي: 1 - عموم النصوص الموجبة للحد. 2 - أنه إذا وجب الحد بوطء الحية كان وجوبه بوطء الميتة أولى لما يأتي:

1 - أن الحية قد يوجد منها شهوة وتلذذ، وذلك منتف في الميتة. 2 - أن انتهاك حرمة الميتة أعظم وأبشع من الحية، فإن لم يقتض ذلك تغليظ العقوبة لم يقتض تخفيفها. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم وجوب الحد. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم وجوب الحد بوطء الميتة بما يأتي: 1 - أن أدلته أقوى وأسلم من المناقشة. 2 - أن من أهداف تحريم الزنا حفظ الأنساب، ومنع اختلاط المياه، وإفساد الفرش، وهذا منتف بوطء الميتة. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجواب عن إطلاق النصوص. 2 - الجواب عن بشاعة وطء الميتة. الجزئية الأولى: الجواب عن إطلاق النصوص: يجاب عن ذلك: بأن وطء الميتة لا ينطبق عليه حد الزنا فلا تتناوله النصوص.

المطلب الثاني انتفاء الشبهة

الجزئية الثانية: الجواب عن بشاعة وطء الميتة: يجاب عن ذلك: بأن الحكم مربوط بوصف الزنا، وليس مربوطا بالبشاعة، لذا فإن اللواط أبشع من الزنا، وإتيان البهيمة أبشع من اتيان المرأة، ولم يوجب ذلك حد الزنا. الفرع الخامس: كونه الوطء حراما محضا: وسيأتي ما يخرج به في المطلب الثاني. المطلب الثاني انتفاء الشبهة قال المؤلف - رحمه الله تعالى - الثاني: انتفاء الشبهة، فلا يحد بوطء أمة له فيها شرك، أو لولده، أو وطء امرأة ظنها زوجته، أو سريته، أو في نكاح باطل اعتقد صحته، أو نكاح أو ملك مختلف فيه، ونحوه، أو أكرهت المرأة على الزنا. الكلام في هذا المطلب في مسألتين هما: 1 - أمثلة الوطء بالشبهة. 2 - توجيه عدم وجوب الحد. المألة الأولى: أمثلة الوطء بالشبهة: من أمثلة الوطء بالشبهة ما يأتي: 1 - وطء الأمة المشتركة. 2 - وطء الأمة من الغنيمة قبل القسمة. 3 - وطء المسلم للأمة من بيت المال. 4 - وطء الفقير للأمة الموقوفة على الفقراء. 5 - وطء الوارث للأمة من التركة قبل القسمة. 6 - وطء الأمة من ربح المضاربة. 7 - وطء أمة الولد قبل تملكها. 8 - وطء أمة الولد المشتركة بين الولد وغيره.

المطلب الثالث ثبوت الزنا

9 - وطء الأمة المبيعة مدة الخيار. 10 - وطء المستأجر للأمة المؤجرة. 11 - وطء الأجنبية لظنها الزوجة. 12 - الوطء في النكاح الفاسد. 13 - الوطء في الملك المختلف فيه. 14 - الوطء بالإكراه. 15 - الوطء في العدة من طلاق مختلف فيه. المسألة الثانية: توجيه عدم وجوب الحد: وجه عدم وجوب الحد بوطء الشبهة ما يأتي: 1 - حديث: (ادرأوا الحدود بالشبهات) (¬1). 2 - أن الأصل عدم وجوب الحد فلا يطبق مع الشك في وجوبه؛ لأنه حكم بالظن، وإضرار بالمحدود من غير يقين. المطلب الثالث ثبوت الزنا وفيه مسألتان هما: 1 - ما يثبت به الزنا. 2 - توجيه الاشتراط. المسألة الأولى: ما يثبت به الزنا: وقد تقدم ذلك. المسألة الثانية: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط ثبوت الزنا لإقامة الحد: أن الزنا هو سبب وجوب الحد، والمسبب لا يتقدم على سببه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما جاه في درء الحد/ 1424.

المبحث السادس من يقام عليه حد الزنا

المبحث السادس من يقام عليه حد الزنا لا يقام حد الزنا إلا على من تتوفر فيه شروطه، وقد تقدمت. المبحث السابع ما يدرأ به حد الزنا وقد تقدم ذلك في شروط حد الزنا. المبحث الثامن أثر الزنا على النكاح (¬1) وفيه مطلبان هما: 1 - أثر الزنا على النكاح القائم. 2 - أثر الزنا على النكاح المستقبل. المطلب الأول أثر الزنا على النكاح القائم وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - أثر الزنا على نكاح الأصول. 2 - أثر الزنا على نكاح الفروع. 3 - أثر الزنا على نكاح المزني بها. المسألة الأولى: أثر الزنا على نكاح الأصول: وفيها فرعان هما: ¬

_ (¬1) تقدم تفصيل ذلك في فقه الأسرة، في المحرمات في النكاح.

1 - أثر الزنا بالفروع على نكاح الأصول. 2 - أثر الزنا بحلائل الأصول على نكاح الأصول. الفرع الأول: أثر الزنا بالفروع على نكاح الأصول: وفيه أمران هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الأثر: الزنا بالفروع يبطل نكاح الأصول، فالزنا بالبنت وإن نزلت يبطل نكاح أمها وإن علت. الأمر الثاني: التوجيه: وجه بطلان نكاح الأصول بالزنا بالفروع ما يأتي: 1 - حديث: (لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها) (¬1). 2 - حديث: (إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة حرمت عليه أمها وابنتها) (¬2). 3 - حديث: (ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها). ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث: أنها مطلقة فيدخل فيها الوطء بالحرام. الفرع الثاني: أثر الزنا بحلائل الأصول على نكاحهم: وفيه أمران هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب الزنا لا يحرم الحلال 7/ 170. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، باب الزنا لا يحرم الحلال 7/ 170.

الأمر الأول: بيان الأثر: الزنا بحلائل الأصول يبطل نكاحهم. الأمر الثاني: التوجيه: وجه بطلان نكاح الأصول بزنا الفروع بحلائلهم ما يأتي: 1 - قياس وطء الزنا على وطء النكاح. 2 - قياس وطء الزنا على وطء الشبهة. المسألة الثانية: أثر الزنا بالأصول على نكاح الفروع: وفيها فرعان هما: 1 - أثر الزنا بالأصول على نكاح الفروع. 2 - أثر زنا الأصول بحلائل الفروع على نكاحهم. الفرع الأول: أثر الزنا بالأصول على نكاح الفروع: وفيه أمران هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الأمو الأول: بيان الأثر: الزنا بالأصول يبطل نكاح الفروع، فالزنا بأم الزوجة وإن علت يبطل نكاحها. الأمر الثاني: التوجيه: وجه بطلان نكاح الفروع بالزنا بالأصول: ما تقدم في توجيه بطلان نكاح صول بالزنا بالفروع. الفرع الثاني: أثر زنا الأصول بحلائل الفروع: وفيه أمران هما:

1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الأثر: زنا الأصول بحلائل الفروع يبطل نكاحهم. الأمر الثاني: التوجيه: وجه بطلان نكاح الفروع بزنا الأصول بحلائلهم ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أن النكاح يطلق على الوطء، وهي مطلقة فتشمل الوطء الحرام. 2 - ما تقدم في توجيه بطلان نكاح الأصول بالزنا بالفروع. المسألة الثالثة: أثر الزنا عدى نكاح المزني بها: وفيه فرعان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الأثر: الزنا بالمرأة لا يبطل نكاحها. الفرع الثاني: التوجيه: وجه عدم بطلان نكاح المزني بها بالزنا ما يأتي: 1 - القياس على وطء الشبهة. 2 - أنها ليست داخلة في المحرمات فتبقى على أصل الإباحة. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [22].

المطلب الثاني أثر الزنا على النكاح المستقبل

المطلب الثاني أثر الزنا على النكاح المستقبل وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - أثر الزنا بالمرأة على نكاحها. 2 - أثر الزنا بالمرأة على نكاح أصولها. 3 - أثر الزنا بالمرأة على نكاح فروعها. المسألة الأولى: أثر الزنا بالمرأة على نكاحها: وقد تقدم ذلك في فقه الأسرة في المحرمات من النكاح، المسألة الثالثة. المسألة الثانية: أثر الزنا بالمرأة على نكاح أصولها: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الأثر: الزنا بالمرأة يحرم نكاح أصولها. الفرع الثاني: التوجيه: وجه تحريم الزنا بالمرأة لنكاح أصولها: ما تقدم في توجيه بطلان نكاح صول بالزنا بالفروع. المسألة الثالثة: أثر الزنا بالمرأة على نكاح فروعها: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الأثر: الزنا بالمرأة يحرم نكاح فروعها.

الفرع الثاني: التوجيه: وجه تحريم الزنا بالمرأة لنكاح فروعها ما تقدم في توجيه بطلان نكاح الفروع بالزنا بالأصول. المطلب التاسع نسب ولد الزنا وقد تقدم ذلك في فقه الأسرة فيما يثبت به النسب.

الموضوع الثالث حد اللواط

الموضوع الثالث حد اللواط قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وحد لوطي كزان. الكلام في هذا الموضوع في ثلاثة مباحث: 1 - تعريف اللواط. 2 - حكمه. 3 - عقوبته.

المبحث الأول تعريف اللواط

المبحث الأول تعريف اللواط وفيه مطلبان هما. 1 - التعريف. 2 - توجيه التسمية. المطلب الأول التعريف اللواط هو: إتيان الرجل الرجل في دبره. المطلب الثاني توجيه التسمية سمي إتيان الرجل الرجل لواطا نسبة إلى قوم لوط؛ لأنهم أول من فعله. المطلب الثاني حكم اللواط وفي مسألتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: بيان الحكم: اللواط حرام بلا خلاف، وهو من أعظم الذنوب وأبشع الجرائم. المسألة الثانية: التوجيه: وجه تحريم اللواط ما يأتي:

1 - إقرار الله تعالى قول لوط لقومه: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} (¬1). والفواحش حرام لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (¬2). 2 - أن الله عذب على هذه الفعلة أشد العذاب، والعذاب لا يكون على غير الحرام. 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط) (¬3). 4 - حديث: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) (¬4). والقتل لا يكون بغير ذنب. 5 - إجماع الصحابة على قتل اللوطي، ولو لم يكن حراما لما قتلوه. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف، الآية: [80]. (¬2) سورة الأنعام، الآية: [151]. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب تحريم اللواط/8/ 231. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب فيمن عمل قوم لوط/ 4462.

المبحث [الثالث] عقوبة اللوطي

المبحث الثاني عقوبة اللوطي وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - بيان العقوبة. 2 - شروط العقوبة. 3 - صفة العقوبة. المطلب الأول بيان العقوبة وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المسألة الأولى: الخلاف: اختلف في عقوبة اللوطي على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنها كعقوبة الزنا. القول الثاني: أنها القتل. القول الثالث: أنها التعزير. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث.

الفرع الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن عقوبة اللواط كعقوبة الزنا: بأن الله سمى كل واحد منهما فاحشة، فتكون عقوبتهما واحدة. الفرع الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن عقوبة اللواط القتل ما يأتي: 1 - حديث: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) (¬1). 2 - عمل الصحابة. الفرع الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن عقوبة اللواط التعزير: بأن الحد يحتاج إلى دليل، ولا دليل على وجوب الحد باللواط فتكون عقوبته التعزير. المسألة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الفرع الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالقتل. الفرع الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن عقوبة اللواط القتل: أن دليله نص. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب فيمن يعمل عمل قوم لوط/ 4462.

المطلب الثالث شروط عقوبة اللواط

الفرع الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه أمران هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الأول. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الأمر الأول: الجواب عن وجهة القول الأول: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه قياس مع الفارق وذلك من وجوه: الوجه الأول: أن اللواط أفحش من الزنا؛ لأنه في فرج لا يباح بحال، لا بعقد ولا غيره، أما الزنا ففي فرج يباح بالعقد. الوجه الثاني: أن الحصول على اللواط أيسر من الحصول على الزنا؛ لأن اختلاط الذكور غير ممنوع ولا مستنكر، فيحتاج إلى رادع أشد. الوجه الثالث: أن اللواط يقضي على الرجولة ويذيب شخصية المجتمع بخلاف الزنا فلا يغير من الأنوثة شيئا. الأمر الثاني: الجواب عن وجهة القول الثالث: يجاب عن وجهة هذا القول بما يأتي: أن دعوى عدم ورود الدليل على عقوبة اللواط غير صحيح؛ لأن الدليل قد ورد، كما في أدلة القول الثاني. المطلب الثالث شروط عقوبة اللواط وفيه مسألتان هما: 1 - بيان الشروط. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: بيان الشروط: شروط عقوبة اللواط هي شروط حد الزنا المتقدمة.

المطلب الثالث صفة العقوبة

المسألة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار شروط حد الزنا لعقوبة اللواط: أنها تشبهها في العقوبة فيجب الاحتياط لها كعقوبة الزنا. المطلب الثالث صفة العقوبة وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المسألة الأولى: الخلاف: اختلف في صفة عقوبة اللواط على أقوال: القول الأول: أنه يرجم حتى يموت سواء كان بكرا أم ثيبا. القول الثاني: أنه يحرق. القول الثالث: أنه يلقى من علو ويرمى بالحجارة. القول الرابع: أنه يرجم المحصن ويجلده غيره. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها أربعة فروع: الفرع الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالرجم: بما ورد عن علي أنه رجم لوطيا (¬1). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي / 8/ 232.

الفرع الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالتحريق بما ورد أن أبا بكر - رضي الله عنه - حرق لوطيا بمشورة من الصحابة (¬1). الفرع الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بالرمي من علو: بما ورد عن ابن عباس أنه قال: ينظر إلى أعلى بناء في القرية فيرمى منكسا ثم يتبع بالحجارة (¬2). الفرع الرابع: توجيه القول الرابع: وجه القول برجم المحصن وجلد البكر بما روي عن ابن الزبير أنه رجم المحصن وجلد من لم يحصن (¬3). المسألة التالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى. الفرع الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالقتل مطلقا. الفرع الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول: بأن عقوبة اللواط القتل: أنه مقتضى النص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب حد اللواط/8/ 232. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب حد اللوطي/8/ 232. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب حد اللوطي/ 8/ 233.

الفرع الثالث: الجواب عن الأقوال الأخرى: يجاب عن وجهة هذه الأقوال بما يأتي: 1 - أنها معارضة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو أولى منها. 2 - أنها قضايا أعيان لا عموم لها، وقد يكون لها مبررات لا تنطبق على كل قضية.

الموضوع الرابع عقوبة إتيان البهيمة

الموضوع الرابع عقوبة إتيان البهيمة وفيه مبحثان هما: 1 - حكم إتيان البهيمة. 2 - عقوبة إتيان البهيمة.

المبحث الأول حكم إتيان البهيمة

المبحث الأول حكم إتيان البهيمة وفيه مطلبان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. المطلب الأول بيان الحكم إتيان البهيمة حرام بلا خلاف. المطلب الثاني التوجيه وجه تحريم إتيان البهيمة بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها قصرت نفي اللوم على إتيان الأزواج وما ملكت الأيمان، ومفهوم ذلك، أن الذين لا يحفظون فروجهم عن غير الأزواج وما ملكت أيمانهم ملومون، واللوم يدل على التحريم؛ لأن المباح لا يلام على إتيانه، وهي عامة لكل ما سوى الأزواج وما ملكت الأيمان فيدخل إتيان البهيمة فيها. 2 - حديث: (من أتى بهيمة فاقتلوه) (¬2). ووجه الاستدلال به: أن القتل من أعظم العقوبات فلا يكون على غير الحرام. ¬

_ (¬1) سورة المعارج، الآية: [29 - 30]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب فيمن أتى بهيمة/ 4464.

المبحث الثاني عقوبة إتيان البهيمة

المبحث الثاني عقوبة إتيان البهيمة وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المطلب الأول الخلاف اختلف في عقوبة إتيان البهيمة على قولين: القول الأول: أن عقوبته التعزير. القول الثاني: أن عقوبته القتل. المطلب الثاني التوجيه وفيه مسألتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. المسألة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن عقوبة إتيان البهيمة التعزير بما يأتي: 1 - أن الأصل عدم الحد ولم يثبت في إتيان البهيمة دليل يعتمد عليه. 2 - أن البهيمة لا تشتهى فلا يحتاج إتيانها إلى رادع قوي فيكتفى بالتعزير. 3 - أن البهيمة لا حرمة لها ولا يقصد إتيانها فلا يحتاج إلى رادع.

المطلب الثالث الترجيح

4 - أن إتيان البهيمة مجرد تفريغ للشهوة فلا يجب به حد كالاستمناء. 5 - أن إتيان البهيمة لا يترتب عليه إفساد للفرش ولا اختلاط للأنساب فلا يجب به حد كإتيان الميتة. 6 - أنه إذا لم يجب الحد بوطء الصغيرة التي لا تشتهى فلأن لا يجب بإتيان البهيمة من باب أولى. المسألة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن عقوبة إتيان البهيمة القتل بما يأتي: حديث: (من أتى بهيمة فاقتلوه) (¬1). المطلب الثالث الترجيح وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. المسألة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن عقوبة إتيان البهيمة التعزير. المسألة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن عقوبة إتيان البهيمة التعزير: قوة أدلته وضعف دليل المخالفين. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب فيمن أتى بهيمة/ 4464.

المسألة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول بما يأتي: 1 - أنه ضعيف (¬1). 2 - أن ابن عباس قد خالفه وهو مروي عنه، ولو كان ثابتا عنده لما خالفه (¬2) ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب من أتى بهيمة/ 234. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب من أتى بهيمة/ 234.

الموضوع الخامس حد القذف

الموضوع الخامس حد القذف وفيه خمسة مباحث هي: 1 - معنى القذف. 2 - حكم القذف. 3 - صيغ القذف. 4 - ما يثبت به القذف. 5 - حد القذف.

المبحث الأول معنى القذف

المبحث الأول معنى القذف وفيه مطلبان هما: 1 - معنى القذف في اللغة. 2 - معنى القذف في الاصطلاح. المطلب الأول معنى القذف في اللغة القذف في اللغة: الرمي بالشيء، ومنه قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} (¬1). المطلب الثاني معنى القذف في الاصطلاح وفيه مسألتان هما: 1 - بيان المعنى. 2 - الاشتقاق. المسألة الأولى: بيان المعنى: القذف في الاصطلاح: الرمي بالفاحشة. المسألة الثانية: الاشتقاق: اشتقاق القذف في الاصطلاح: من الرمي؛ لأن القاذف يرمي المقذوف بالفاحشة، أي ينسبها إليه ويلصقها به. ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء، الآية: [18].

المبحث الثاني حكم القذف

المبحث الثاني حكم القذف وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. المطلب الأول بيان الحكم القذف حرام بلا خلاف، وهو من أكبر الكبائر. المطلب الثاني الدليل وفيه مسألتان هما: 1 - الدليل على التحريم. 2 - الدليل على أن القذف من الكبائر. المسألة الأولى: الدليل على تحريم القذف: من أدلة تحريم القذف ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬1). 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اجتنبوا السبع الموبقات)، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [23].

المطلب الثالث توجيه تحريم القذف

الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) (¬1). 3 - الإجماع، فإن تحريم القذف لا خلاف فيه. المسألة الثانية: الدليل على أن القذف من الكبائر: الدليل على أن القذف من الكبائر: الحديث المتقدم في دليل الحكم. المطلب الثالث توجيه تحريم القذف وجه تحريم القذف ما يأتي. 1 - صيانة الأعراض عن الانتهاك والتدنيس. 2 - تفادي ما ينشأ عن القذف من العداوات والبغضاء. 3 - اجتناب ما قد ينشأ بين الناس بسببه من الحروب التي تضعف الأمة وتشتت شملها، وتطمع الأعداء فيها. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر، 145/ 90.

المبحث الثالث صيغ القذف

المبحث الثالث صيغ القذف وفيه مطلبان هما: 1 - الصيغ. 2 - تأويلها. المطلب الأول الصيغ وفيه مسألتان هما: 1 - الصيغ الصريحة. 2 - الكنايات. المسألة الأولى: الصيغ الصريحة: وفيها فرعان هما: 1 - ضابطها. 2 - أمثلتها. الفرع الأول: ضابط الصيغ الصريحة: صيغ القذف الصريحة ما لا تحتمل غيره. الفرع الثاني: أمثلة الصيغة الصريحة: من أمثلة صيغ القذف الصريحة ما يأتي: 1 - يا زاني. 2 - يا زانية. 3 - يا لوطي. 4 - يا لوطية. 5 - يا عاهر. 6 - يا عاهرة. 7 - يا منيوك. 8 - يا منيوكة. 9 - قد زنى فرجك. 10 - قد زنيت.

المطلب الثاني تأويل صيغ القذف

المسألة الثانية: كنايات القذف: وفيها فرعان هما: 1 - ضابطها. 2 - أمثلتها. الفرع الأول: ضابط كنايات القذف: كنايات القذف ما يحتمل القذف وغيره. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة كنايات القذف ما يأتي: 1 - يا قحبة. 2 - يا فاجر. 3 - يا خبيثة. 4 - فضحت زوجك. 5 - نكست رأس زوجك. 6 - جعلت لزوجك قرونا. 7 - علقت على زوجك أولادًا من غيره. 8 - أفسدت فراش زوجك. 9 - زنت رجلاك. 10 - زنت عيناك. المطلب الثاني تأويل صيغ القذف وفيه مسألتان هما: 1 - تأويل الصيغ الصريحة. 2 - تأويل الكنايات. المسألة الأولى: تأويل صيغ القذف الصريحة: وفيها فرعان هما: 1 - التأويل. 2 - التوجيه.

الفرع الأول: التأويل: ألفاظ القذف الصريحة لا يقبل تأويلها. الفرع الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول التأويل لصيغ القذف الصريحة: أنها لا تحتمل غير القذف. المسألة الثانية: تأويل كنايات القذف: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة التأويل. 2 - قبول التأويل. الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة تأويل كنايات القذف ما يأتي: اللفظ ... التأويل - فضحت زوجك. ... افشيت سره. - نكست رأس زوجك. ... ثنيت رأس زوجك. - جعلت لزوجك قرونا. ... جعلت لزوجك ظفائر. - أفسدت فراش زوجك. ... خرقت فراش زوجك. - زنت رجلاك. ... مشت رجلاك إلى الزنا. - زنت عيناك. ... تلذذت عيناك بالنظر إلى الأجانب. الفرع الثاني: قبول التأويل: وفيه جزءان هما: 1 - إذا منع منه مانع. 2 - إذا لم يمنع منه مانع. الجزء الأول: قبول تأويل كنايات القذف إذا منع منه مانع: وفيه جزئيتان هما:

1 - الأمثلة. 2 - القبول. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة المانع من قبول تأويل كنايات القذف ما يأتي: 1 - كون اللفظ في حال غضب أو خصومة. 2 - مخالفة الواقع ومنه ما يأتي: أ - جعلت لزوجك قرونا، وهو لا شعر له. ب - أفسدت فراشك زوجك، وهو ليس له فراش. جـ - فضحت زوجك وهي لم تفش له سرا، ولم تنقل عنه خبرا. الجزئية الثانية: القبول: وفيها فقرتان هما: 1 - القبول. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: القبول: إذا وجد مانع من قبول تأويل كنايات القذف لم يقبل. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم قبول تأويل كناية اللفظ إذا وجد المانع منه: أن الظاهر من اللفظ القذف، فلا يقبل غيره مع المانع منه. الجزء الثاني: قبول تأويل كنايات القذف إذا لم يوجد مانع: وفيه جزئيتان هما: 1 - القبول. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: القبول: إذا لم يوجد مانع من تأويل الكناية جاز قبوله.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه قبول كناية القذف إذا عدم المانع: أن اللفظ يحتمل المعنى المؤول إليه، ولا مانع من حمل اللفظ عليه فيجوز حمله عليه؛ لأن ذلك يرجع إلى نية المتكلم، ونية المتكلم لا يعلمها غيره.

المبحث الرابع ما يثبت به القذف

المبحث الرابع ما يثبت به القذف وفيه مطلبان هما: 1 - الإقرار. 2 - الشهادة. المطلب الأول الإقرار وفيه مسألتان هما: 1 - حجيته. 2 - دليله. المسألة الأولى: حجية الإقرار: الإقرار من أقوى الححج، فإذا أقر المدعى عليه بالقذف أخذ بأقراره وثبت عليه القذف. المسألة الثانية: الدليل: الدليل على حجية الإقرار بالقذف ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أن الله أشهد النبيين على أنفسهم وهذا هو الإقرار، ولو لم يكن الإقرار حجة لما كان بالإشهاد عليه فائدة. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران، الآية: [81].

المطلب الثاني الشهادة

2 - أن الإقرار شهادة من الشخص على نفسه، وهو غير متهم عليها، كشهادة الغير وأولى؛ لانتفاء الاتهام. المطلب الثاني الشهادة وفيها مسألتان هما: 1 - عدد الشهود. 2 - الذكورية. المسألة الأولى: عدد الشهود: وفيها فرعان هما: 1 - بيان العدد. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان العدد: عدد شهود القذف شاهدان فلا يقبل أقل منهم. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه اشتراط العدد. 2 - توجيه الاكتفاء بالإثنين. الأمر الأول: توجيه اشتراط العدد: وجه اشتراط العدد في شهادة القذف: الاحتياط للأبرياء وحمايتهم من الافتراء عليهم. الأمر الثاني: توجيه الاكتفاء بالاثنين: وجه الاكتفاء بالاثنين في شهادة القذف: أن هذا العدد هو نصاب الشهادة في غالب حقوق الآدميين ذات الأهمية.

المسألة الثانية: ذكورية الشهود: وفيها فرعان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الاشتراط: الذكورية شرط في شهود القذف فلا يقبل فيه النساء. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط الذكورية في شهود القذف ما يأتي: 1 - أنه مما يطلع عليه الرجال فلا يتعذر إثباته بشهادتهم. 2 - أنه من الحدود، والحدود لا يقبل فيها النساء احتياطا للأعراض، وحماية للأبرياء.

المبحث الخامس حد القذف

المبحث الخامس حد القذف وفيه أحد عشر مطلبا هي: 1 - بيان الحد. 2 - ما يثبت به الحد. 3 - شروط إقامة الحد. 4 - مستحق الحد. 5 - سقوط الحد. 6 - تأجيل الحد. 7 - الخلاف في موجب الحد. 8 - تعدد الحد. 9 - قذف النبي - صلى الله عليه وسلم -. 10 - قذف أم النبي - صلى الله عليه وسلم -. 11 - قذف زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم -. المطلب الأول بيان الحد قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: إذا قذف المكلف بالزنا محصنا جلد ثمانين جلدة إن كان حرا، وإن كان عبدا أربعين، والمعتق بعضه بحسابه، وقذف غير المحصن يوجب التعزير. الكلام في هذا المطلب في مسألتين هما: 1 - قذف المحصن. 2 - قذف غير المحصن. المسألة الأولى: قذف المحصن: وفيها فرعان هما: 1 - تعريف المحصن. 2 - حد قاذفه.

الفرع الأول: تعريف المحصن: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: والمحصن هنا: الحر، المسلم، العاقل، العفيف، الملتزم، الذي يجامع مثله، ولا يشترط بلوغه. الكلام في هذا الفرع في ثلاثة أمور هي: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف. 3 - المحترز بكلمة ولا يشترط بلوغه. الأمر الأول: التعريف: المحصن في باب القذف هو: الحر، المسلم، العاقل، العفيف، الذي يجامع مثله. الأمر الثاني: ما يخرج بالتعريف: وفيه خمسة جوانب هي: 1 - ما يخرج بكلمة (الحر). 2 - ما يخرج بكلمة (المسلم). 3 - ما يخرج بكلمة (العاقل). 4 - ما يخرج بكلمة (العفيف). 5 - ما يخرج بكلمة (الذي يجامع مثله). الجانب الأول: ما يخرج بكلمة (الحر): وفيه جزءان هما: 1 - ما يخرج. 2 - دليل الخروج. الجزء الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (الحر) الرقيق. الجزء الثاني: دليل الخروج: من أدلة خروج الرقيق ممن يجب الحد بقذفه ما يأتي:

1 - قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها جعلت حد الإماء نصف حد المحصنات، والمحصنات هنا الحرائر، وذلك دليل على أن الإماء لا يدخلن في المحصنات، وإذا لم يدخلن في المحصنات لم يحد قاذفهن، لمفهوم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (¬2). 2 - أن الرقيق حرمته ناقصة فلا تنتهض لا يجاب الحد على قاذفة. الجانب الثاني: ما يخرج بكلمة (المسلم): وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الجزء الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (المسلم) غير المسلم. الجزء الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج غير المسلم ممن يجب الحد بقذفه ما يأتي: 1 - أن غير المسلم حرمته ناقصة فلا تنتهض لا يجاب الحد على قاذفه. 2 - أن الحد بقذف المحصن، وغير المسلم ليس محصنا فلا يجب الحد بقذفه. الجانب الثالث: ما يخرج بكلمة (العاقل): وفيه جزءان هما: ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [25]. (¬2) سورة النور، الآية: [4].

1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الجزء الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (العاقل) غير العاقل، وهو الصبي والمجنون. الجزء الثاني: التوجيه: وجه خروج الصبي والمجنون ممن يجب الحد بقذفه: أن العار لا يلحقهما بالقذف. الجانب الرابع: ما يخرج بكلمة (العفيف): وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (العفيف) غير العفيف، وهو من يتهم بفعل الفاحشة. الجزء الثاني: التوجيه: وجه خروج غير العفيف ممن يجب الحد بقذفه: أن غير العفيف لا يلحقه الذم بقذفه؛ لاتصافه بما قذف به. الجانب الخامس: ما يخرج بكلمة (يجامع مثله): وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان من يخرج. 2 - بيان من يجامع مثله. 3 - توجيه الخروج. الجزء الأول: بيان من يخرج: الذي يخرج بكلمة (يجامع مثله) الذي لا يجامع مثله. الجزء الثاني: بيان من لا يجامع مثله: الذي لا يجامع مثله من الذكور من دون العشر، ومن الإناث من دون التسع.

الجزء الثالث: توجيه الخروج: وجه خروج من لا يجامع مثله ممن يجب الحد بقذفه ما يأتي: 1 - أن العار لا يلحقه بقذفه للعلم بكذب القاذف: 2 - أن الحد لا يجب عليهم بزناهم لو حصل فلا يجب الحد بقذفهم؛ لأنهم لا يتضررون به. الأمر الثالث: المحترز بكلمة (ولا يشترط بلوغه): وفيه جانبان هما: 1 - بيان المحترز. 2 - الخلاف فيه. الجانب الأول: بيان المحترز: احترز المؤلف بكلمة (ولا يشترط بلوغه) من قول من يرى ذلك. الجانب الثاني: الخلاف: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الأقوال: اختلف في اشتراط البلوغ للإحصان على قولين: القول الأول: أنه لا يشترط. القول الثاني: أنه يشترط. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم اشتراط البلوغ للإحصان بما يأتي: أن الذي يجامع مثله كالكبير في كونه عفيفا عاقلا يلحقه العار بقذفه فيجب الحد بقذفه كما يجب الحد بقذف الكبير. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول باشتراط البلوغ للإحصان بما يأتي: 1 - أن البلوغ أحد شرطي التكليف فيكون شرطا في الإحصان كالعقل. 2 - أن زنا غير البالغ لا يوجب الحد فلا يجب الحد بالقذف به كالمجنون. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاشتراط. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم اشتراط البلوغ للإحصان ما يأتي: 1 - أنه أكثر صيانة للأعراض. 2 - أن عار القذف إذا لم يحد القاذف يستمر مع المقذوف بعد كبره. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن المجنون لا يلحق العار بقذفه، ولا يعير بما قذف به، بخلاف غير البالغ فإنه يتأثر به، ويلحقه عاره، ويعير به.

الفرع الثاني: حد قاذف المحصن: وفيه أمران هما: 1 - حد الحر. 2 - حد الرقيق. الأمر الأول: حد الحر: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الحد. 2 - الدليل. الجانب الأول: بيان الحد: إذا قذف الحر محصنا فحده ثمانون جلدة. الجانب الثاني: الدليل: الدليل على حد الحر إذا قذف محصنا: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). الأمر الثاني: حد الرقيق: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في حد الرقيق إذا قذف المحصن على قولين: القول الأول: أن حده ثمانون جلدة كحد الحر. القول الثاني: أن حده أربعون جلدة نصف حد الحر. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4].

الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن حد الرقيق في القذف كحد الحر بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها عامة فتشمل الرقيق. 2 - ما ورد عن بعض السلف: أنه جلد الرقيق في الفرية ثمانين (¬2). الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن حد الرقيق في القذف أربعين بما يأتي: 1 - القياس على حد الزنا. 2 - فعل الصحابة ومنه ما يأتي: أ - ما ورد عن أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنه - أنهم كانوا يجلدون العبد أربعين (¬3). ب - ما ورد أن عمر وعليا كانا يضربان العبد بقذف الحر أربعين (¬4). جـ - قول ابن عباس في المملوك يقذف الحر: يجلد أربعين (¬5). ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4]. (¬2) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، من قال: يضرب العبد في القذف ثمانين / 28819. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، من يقذف الحر كم يضرب/28808. (¬4) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، باب في العبد يقذف الحر كم يضرب / 28807. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، باب في العبد يقذف الحر كم يضرب/28806.

الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول: بأن حد الرقيق في القذف أربعون. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن حد الرقيق في الفرية أربعون ما يأتي: 1 - إجماع الصحابة عليه. 2 - أنه إذا أنصف حد الزنا وهو أغلظ كان تنصيفه في القذف أولى. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بالآية. 2 - الجواب عن الاستدلال بفعل بعض السلف. الجزئية الأولى: الجواب عن الاستدلال بالآية: أجيب عن ذلك: بأن الصحابة لم يعملوا بعمومها وهم أعلم بالمراد منها. الجزئية الثانية: الجواب عن الاحتجاج بفعل بعض السلف: أجيب عن ذلك: بأنه معارض بفعل الصحابة وهو أقوى منه وأولى. المسألة الثانية: عقوبة قاذف غير المحصن: وفيها أربعة فروع هي: 1 - عقوبة قاذف الرقيق. 2 - عقوبة قاذف غير المسلم.

3 - عقوبة قاذف غير المكلف. 4 - عقوبة قاذف غير القادر على الوطء. الفرع الأول: عقوبة قاذف الرقيق: وفيه أمران هما: 1 - بيان العقوبة. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان العقوبة: عقوبة قاذف الرقيق التعزير. الأمر الثاني: التوجيه: وجه كون عقوبة قاذف الرقيق التعزير: أن حرمته ناقصة بالرق وتعرضه لما رمي به، فلا ترقى إلى إيجاب الحد على قاذفه. الفرع الثاني: عقوبة قاذف غير المسلم: وفيه أمران هما: 1 - بيان العقوبة. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان العقوبة: عقوبة قاذف غير المسلم التعزير. الأمر الثاني: التوجيه: وجه كون عقوبة قاذف غير المسلم التعزير: أن حرمته ناقصة فلا تنتهض لإيجاب الحد على قاذفه. الفرع الثالث: عقوبة قاذف غير المكلف: وفيها أمران هما: 1 - بيان العقوبة. 2 - التوجيه.

الأمر الأول: بيان العقوبة: عقوبة قاذف غير المكلف التعزير. الأمر الثاني: التوجيه: وجه كون عقوبة قاذف غير المكلف التعزير ما يأتي: 1 - أن غير المكلف لا يلحقه العار بقذفه. 2 - أن غير المكلف لا يجب عليه الحد لو ثبت عليه ما قذف به. الفرع الرابع: عقوبة قاذف غير القادر على الوطء (¬1): وفيه أمران هما: 1 - أمثلته. 2 - عقوبة قاذفه. الأمر الأول: الأمثلة: وفيه جانبان هما: 1 - المانع من الوطء في الذكر. 2 - المانع من الوطء في الأنثى. الجانب الأول: أمثلة المانع من الوطء في الذكر: من أمثلة المانع من الوطء في الذكر ما يأتي: 1 - الصغر. 2 - الجب. 3 - المسح (¬2). 4 - الخصاء. 5 - الرض. 6 - العنة. 7 - المرض. ¬

_ (¬1) فصلت هذه الأنواع عن بعضها؛ لاختلاف التعليل والخلاف في بعضها. (¬2) عدم وجود شيء من الذكر.

الجانب الثاني: أمثلة المانع من الوطء في الأنثى: من أمثلة المانع من الوطء في الأنثى ما يأتي: 1 - الصغر. 2 - الرتق. 3 - العفل. 4 - المسح (¬1). الأمر الثاني: العقوبة: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان المانع من الوطء ظاهرا. 2 - إذا كان المانع من الوطء غير ظاهر. الجانب الأول: إذا كان المانع من الوطء ظاهرا: وفيه جزءان هما: 1 - الأمثلة. 2 - العقوبة. الجزء الأول: أمثلة المانع الظاهر من الوطء: من أمثلة ذلك الصغر فإنه لا يخفى. الجزء الثاني: العقوبة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان العقوبة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: العقوبة: عقوبة قاذف العاجز عن الوطء إذا كان المانع ظاهرا التعزير. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه كون عقوبة قاذف العاجز عن الوطء إذا كان المانع ظاهرا التعزير ما يأتي: ¬

_ (¬1) سد المسلك سد نهائيا.

1 - انتفاء العار عن المقذوف للعلم بكذب القاذف. 2 - أنه لو ثبت المقذوف به لم يجب الحد به، فلا يلحق الضرر به. الجانب الثاني: إذا كان المانع من الوطء خفيا: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف (¬1): اختلف في عقوبة قاذف العاجز عن الوطء إذا كان المانع من الوطء خفيا على قولين: القول الأول: أنه يعزر. القول الثاني: أنه يحد حد القذف. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن عقوبة قاذف العاجز عن الوطء التعزير: بأن الحد لنفي العار، والعاجز عن الوطء لا يلحقه العار بقذفه؛ للعلم بكذب قاذفه. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن عقوبة قاذف العاجز عن الوطء حد القذف بما يأتي: ¬

_ (¬1) لم أجد النص على الخلاف في كل الأمثلة، لكني ألحقت ما لم أجد الخلاف فيه بمحل الخلاف لعدم الفرق بينهما.

1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأول: أنها عامة فيدخل فيها قاذف العاجز عن الوطء. الوجه الثاني: أن العاجز عن الوطء محصن فيدخل قاذفه فيها. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن عقوبة قاذف العاجز عن الوطء حد القذف. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن عقوبة قاذف العاجز عن الوطء الحد: أنه أكثر صيانة للأعراض وأشد زجرا عن انتهاكها. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن إمكان الوطء أمر خفي لا يعلمه كثير من الناس، فلا ينتفي العار عند من لم يعلمه إلا بالحد. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4].

المطلب الثاني ما يثبت به الحد

المطلب الثاني ما يثبت به الحد وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - القذف الصريح. 2 - الكناية. 3 - التعريض. المسألة الأولى: القذف الصريح: وفيها فرعان هما: 1 - ثبوت الحد به. 2 - التوجيه. الفرع الأول: ثبوت الحد: القذف الصريح يثبت به الحد بلا تفصيل. الفرع الثاني: التوجيه: وجه ثبوت الحد بالقذف الصريح بلا تفصيل: أنه لا يحتمل غير القذف فلا يقبل التأويل. المسألة الثانية: الكناية: وفيها فرعان هما: 1 - إذا لم يوجد تأويل. 2 - إذا وجد تأويل. الفرع الأول: إذا لم يوجد تأويل: وفيه أمران هما: 1 - ثبوت الحد. 2 - التوجيه. الأمر الأول: ثبوت الحد: إذا كان القذف بالكناية ولم تؤول ثبت الحد بها.

الأمر الثاني: التوجيه: وجه ثبوت الحد بالكناية إذا لم تؤول: أنها تحتمل القذف ولم تؤول بغيره فتحمل عليه. الفرع الثاني: إذا وجد تأويل: وفيه أمران هما: 1 - إذا قبل التأويل. 2 - إذا لم يقبل التأويل. الأمر الأول: إذا قبل التأويل: وفيه جانبان هما: 1 - ثبوت الحد. 2 - التوجيه. الجانب الأول: ثبوت الحد: إذا كان القذف بالكناية وقبل تأويلها لم يثبت الحد. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم ثبوت الحد بالكناية إذا أولت وقبل تأويلها ما يأتي: 1 - أنها تحتمل غير القذف فإذا فسرت بغيره وقبل تفسيرها حملت عليه درءًا للحد. 2 - أن الحدود تدرأ بالشبهات، واحتمال الكناية لغير القذف إذا فسرت بغيره شبهة فيدرأ الحد بها. الأمر الثاني: إذا لم يقبل التأويل: وفيه جانبان هما: 1 - ثبوت الحد. 2 - التوجيه. الجانب الأول: ثبوت الحد: إذا لم يقبل تأويل الكناية ثبت الحد بها.

الجانب الثاني: التوجيه: وجه ثبوت الحد بالكناية إذا لم يقبل التأويل: أن الكناية تحتمل القذف ولم يقبل تأويلها بغيره فتحمل عليه. المسألة الثالثة: التعريض بالقذف: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة التعريض. 2 - ثبوت الحد بالتعريض. الفرع الأول: أمثلة التعريض: من أمثلة التعريض ما يأتي: 1 - أن يقول الشخص لخصمه في حال الخصومة: ما أنا بزان. 2 - أن يقول: ليست أمي بزانية. 3 - أن يقول: ليس أبي زانيا. 4 - أن يقول: أنا لا أعرف الزانيات. 5 - أن يقول: أنا لم أصاحب اللوطية. الفرع الثاني: ثبوت الحد: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في ثبوت الحد بالتعريض على قولين: القول الأول: أنه لا يثبت به. القول الثاني: أنه يثبت به.

الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول الأول بما يأتي: 1 - ما ورد أن رجلا عرض بامرأته فقال: إنها أتت بغلام أسود فلم يقم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه الحد (¬1). 2 - أن الله أباح التعريض في الخطبة وحرم التصريح، وذلك دليل على الفرق بينهما. 3 - أن الكناية إذا فسرت بغير القذف لم يثبت بها الحد فكذلك التعريض. 4 - أن الأصل عدم وجوب الحد ولا دليل عليه فلا يجب من غير دليل. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب الحد بالتعريض بما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - أقام الحد على من قال لآخر: ما أبي بزان ولا أمي بزانية، وقال: قد عرض بصاحبه (¬2). 2 - ما ورد عن عثمان - رضي الله عنه - أنه جلد رجلا قال لآخر: يا ابن شامة الوذر (¬3)، يعرض بأمه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب من قال: لا حد إلا في القذف الصريح/8/ 252. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب من حد في التعريض/ 8/ 252. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، باب من كان يرى في التعريض عقوبة/28966.

الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الحد. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح الحد بالتعريض: أنه أردع عن الفرية وأحفظ للأعراض. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - الجواب عن عدم حد الرسول - صلى الله عليه وسلم - للرجل. 2 - الجواب عن التفريق بين الكناية والصريح. 3 - الجواب عن عدم العمل بالكناية إذا فسرت بغير القذف. 4 - الجواب عن الاحتجاج بأن الأصل عدم وجوب الحد. الجزء الأول: الجواب عن الاحتجاج بعدم حد الرسول - صلى الله عليه وسلم - للرجل: يجاب عن ذلك: بأنه ليس صريحا في التعريض؛ لأن الرجل جاء مستفتيا ومستغربا وقوع ما سأل عنه وليس معرضا، ولذا بين له الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك ليس غريبا وجوده، كما يوجد في غير بني آدم. الجزء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بالتفريق في الحكم بين الصريح والتعريض: يجاب عن ذلك: بأن هذا التفريق لم يمنع العمل بالكناية إذا لم تفسر بغير القذف.

المطلب الثالث شروط الحد

الجزء الثالث: الجواب عن الاحتجاج بعدم العمل بالكناية إذا فسرت بغير القذف: يجاب عن ذلك: بأنه لا يعمل بها إذا لم يوجد مانع من قبول التفسير، فكذلك التعريض إذا وجد مانع من حمله على غير القذف. مثل كونه في حال الخصومة أو الغضب، إذ يبعد أن يراد به الثنا على المعرض به ومدحه. الجزء الرابع: الجواب عن الاحتجاج بأن الأصل عدم وجوب الحد: يجاب عن ذلك: بأن الدليل فعل الصحابة من غير نكير كما تقدم في الاستدلال للقول الثاني. المطلب الثالث شروط الحد وفيه مسألتان هما: 1 - شروط الوجوب. 2 - شروط التنفيذ. المسألة الأولى: شروط الوجوب: وفيها خمسة فروع هي: 1 - تكليف القاذف. 2 - إحصان المقذوف. 3 - ثبوت القذف. 4 - انتفاء ولادة القاذف للمقذوف. 5 - إمكان وقوع المقذوف به من المقذوف. الفرع الأول: تكليف القاذف: وفيه أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه.

الأمر الأول: الاشتراط: تكليف القاذف شرط لوجوب الحد عليه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط تكليف القاذف لوجوب الحد عليه ما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ) (¬1). 2 - أن غير المكلف لا يدرك معنى ما يقول فلا يؤاخذ به. 3 - أن غير المكلف لا يدرك معنى العقوبة ولا يعي الغرض منها. الفرع الثاني: إحصان المقذوف: وقد تقدم ذلك في تعريف المحصن. الفرع الثالث: ثبوت القذف: وفيه أمران هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الاشتراط: ثبوت القذف شرط لوجوب حده فلا يجب بدونه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط ثبوت القذف لوجوب حده: أن القذف هو سببه فلا يوجد بدونه؛ لأن المسبب لا يوجد من غير وجود سببه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق/4398.

الفرع الرابع: انتفاء ولادة القاذف للمقذوف: وفيه أمران هما: 1 - إذا اعتبر حد القذف حقا لله. 2 - إذا اعتبر حد القذف حقا للمقذوف. الأمر الأول: إذا اعتبر حد القذف حقا لله: وفيه جانبان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الاشتراط: إذا اعتبر حد القذف حقا لله لم يكن انتفاء الولادة شرطا. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم اعتبار انتفاء ولادة القاذف للمقذوف شرطا لوجوب الحد إذا اعتبر الحد حقا لله: أن سبب عدم وجوب حد القذف للولد على الوالد هو أن الولد لا يثبت له على والده شيء من الحقوق، وهذا المعنى منتف في حق الله، فلا تمنع الولادة ثبوت حد القذف بقذف الولد. الأمر الثاني: إذا اعتبر الحد حقا للمقذوف: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في اشتراط انتفاء ولادة القاذف للمقذوف لوجوب الحد على قولين: القول الأول: أنه شرط. القول الثاني: أنه ليس بشرط.

الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول: بالاشتراط بما يأتي: 1 - أن حد القذف حق لآدمي فلا تجب للولد على الوالد كالقصاص. 2 - أن الحد يدرأ بالشبهة والولادة شبهة فيدرأ بها الحد. 3 - أن الوالد لا يقتص منه لولده فلا يجب له الحد عليه. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الاشتراط بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). ووجه الاستدلال بها: أنها عامة فيدخل فيها الوالد إذا قذف ولده. 2 - أن الوالد يحد بالزنا ببنته فيحد بقذفها. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالاشتراط. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4].

الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باشتراط انتفاء ولادة القاذف للمقذوف لوجوب حد القذف: أن حد الوالد لولده ينافي بره الواجب عليه فلا يجوز أن يحد له. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بالآية. 2 - الجواب عن قياس حد القذف على حد الزنا. الجزئية الأولى: الجواب عن الاستدلال بالآية: يجاب عن الاستدلال بالآية: بأن الوالد خارج من عمومها بما يأتي: 1 - أدلة القول الراجح. 2 - عدم قطع الوالد بالسرقة من مال ولده. الجزئية الثانية: الجواب عن القياس: يجاب عن قياس حد القذف على حد الزنا: بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن حد الزنا حق لله فلا يسقط، أما حد القذف فحق للمقذوف فيسقط. الفرع الخامس: إمكان وقوع المقذوف به من المقذوف: قال المؤلف - رحمه الله تعالى: وإن قذف أهل بلد أو جماعة لا يتصور منهم الزنا عادة عزر. الكلام في هذا الفرع في أربعة أمور هي: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. 3 - ما يخرج بالشرط. 4 - العقوبة اللازمة حين الاشتراط. الأمر الأول: الاشتراط: إمكان وقوع المقذوف به من المقذوف شرط لحد قاذفه.

الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط إمكان وقوع المقذوف به من المقذوف لوجوب حد القذف: أنه إذا لم يتصور وقوع الزنا من المقذوف به كان كذب القاذف واضحا لا يلحق العار به، فلا يجب الحد به. الأمر الثالث: ما يخرج بالشرط: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - ضابط ما يخرج. 2 - أمثلته. 3 - توجيه الخروج. الجانب الأول: ضابط ما يخرج بالشرط: الذي يخرج بشرط إمكانية الزنا من المقذوف به: من لا يمكن الزنا منه. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة من لا يتصور الزنا منهم عادة ما يأتي: 1 - أهل البلد الكبير. 2 - جماعة المسجد الكثيرون. 3 - مدرسوا المدرسة الكثيرون. 4 - ما تقدم في قذف العاجز عن الوطء. الجانب الثالث: التوجيه: وجه خروج من لا يتصور منهم الزنا ممن يجب حد القذف بقذفهم. ما تقدم في توجيه الاشتراط. الأمر الرابع: العقوبة اللازمة بقذف من لا يتصور منهم الزنا: وفيه جانبان هما: 1 - بيان العقوبة. 2 - التوجيه.

الجانب الأول: بيان العقوبة: إذا قذف بالزنا من لا يتصور منهم الزنا عادة وجب على قاذفهم التعزير. الجانب الثاني: التوجيه: وجه وجوب التعزير بقذف من لا يتصور الزنا منهم: أنه لا يجب الحد بقذفهم، وصيانة أعراض الناس واجبة، فيجب بقذفهم التعزير، صيانة للأعراض، وردعا للمتلاعبين بها. المسألة الثانية: شروط التنفيذ: وفيها فرعان هما: 1 - الشروط. 2 - حالة الاشتراط. الفرع الأول: الشروط: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - تكليف المقذوف. 2 - حضور المقذوف. 3 - طلب إقامة الحد. الأمر الأول: تكليف المقذوف: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - صورة وجوب حد القذف لغير المكلف. 2 - اشتراط التكليف. 3 - توجيه الاشتراط. الجانب الأول: صورة وجوب حد القذف لغير المكلف: يتصور وجوب حد القذف لغير المكلف في حالتين: الحالة الأولى: أن يزول التكليف بعد القذف. الحالة الثانية: إذا قيل: إن حد القذف يجب بقذف غير المكلف.

الجانب الثاني: اشتراط التكليف: وفيه جزءان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاشتراط: التكليف شرط لتنفيذ حد القذف لغير المكلف، فلا ينفذ قبل تكليفه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اشراط التكليف لتنفيذ حد القذف لغير المكلف ما يأتي: 1 - أن من أهداف إقامة الحد التشفي وهذا لا يتحقق من غير المكلف. 2 - أن احتمال العفو منه وارد فيجب انتظار تكليفه للتأكد من إصراره على المطالبة. الأمر الثاني: الحضور: وفيه جزءان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاشتراط: حضور المقذوف لإقامة الحد شرط فلا يقام في حال غيابه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اشراط حضور المقذوف لإقامة الحد ما يأتي: 1 - أن من أهداف إقامة الحد التشفي وهذا لا يتحقق مع غيبة المستحق. 2 - أن احتمال العفو من المقذوف وارد فيجب حضوره للتأكد من إصراره على المطالبة: الأمر الثالث: طلب إقامة الحد: وفيه جانبان هما:

1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاشتراط: المطالبة بإقامة حد القذف شرط لإقامته فلا يقام بلا طلب. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اشتراط المطالبة بإقامة حد القذف لإقامته ما يأتي: 1 - أنه حق للمقذوف، فلا يستوفي من غير طلبه، كالحجر على المفلس. 2 - أنه يجوز إسقاطه له، فإذا سكت عنه لم يقم؛ لاحتمال العفو. 3 - أن صدق القاذف محتمل فلا يقام الحد عليه من غير طلب المقذوف لاحتمال أن سكوته تصديق لقاذفه. الجانب الثاني: المطلب من غير المقذوف: وفيه جزءان هما: 1 - المطلب من غير المقذوف في حياته. 2 - المطلب من غير المقذوف بعد وفاته. الجزء الأول: المطلب من غير المقذوف في حياته: وفيه جزئيتان هما: 1 - المطلب. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: المطلب: طلب إقامة حد القذف من غير المقذوف في حياته لا يجوز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز المطالبة بإقامة حد القذف من غير المقذوف في حياته ما يأتي:

1 - أن الحق في إقامة الحد له وحده، وضرر تركه لا يعود على غيره، فلا يملكه غيره. 2 - أنه أعلم بنفسه فلا يفتات عليه. الجزء الثاني: المطلب من غير المقذوف بعد وفاته: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا طالب به المقذوف قبل وفاته. 2 - إذا لم يطالب به المقذوف قبل وفاته. الجزئية الأولى: إذا طالب المقذوف بإقامة حد القذف قبل وفاته: وفيها فقرتان هما: 1 - المطالبة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: المطالبة: إذا طالب المقذوف بإقامة حد القذف قبل وفاته جاز لوارثه المطالبة بإقامته. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جواز مطالبة الوارث بإقامة الحد على قاذف مورثه إذا كان قد طالب به: أن ذلك حق من حقوقه فيورث عنه كغيره من حقوقه. الجزئية الثانية: مطالبة وارث المقذوف بإقامة الحد على قاذفه إذا كان لم يطالب به: وفيها فقرتان هما: 1 - المطالبة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: المطالبة: إذا لم يطالب المقذوف بإقامة الحد على قاذفه قبل وفاته لم يجز لوارثه أن يطالب به.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز مطالبة الوارث بإقامة حد القذف على قاذف مورثه إذا لم يطالب به قبل وفاته: أن إقامة الحد لا تستحق قبل المطلب فإذا لم يطلبها المقذوف قبل وفاته لم يستحقها فلا تورث عنه. الفرع الثاني: حالة الاشتراط: وفيه أمران هما: 1 - بيان حالة الاشتراط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان حالة الاشتراط: حالة اشتراط ما ذكر من الشروط إذا اعتبر حد القذف حقا للمقذوف، أما إذا اعتبر حقا لله، أو حقا لله وحقا للمقذوف فلا تشترط. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه عدم الاشتراط إذا اعتبر حد القذف حقا لله. 2 - توجيه عدم الاشتراط إذا اعتبر حد القذف حقا لله وللمقذوف. الجانب الأول: توجيه عدم الاشتراط إذا اعتبر حد القذف حقا لله: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه عدم اشتراط الحضور والتكليف. 2 - توجيه عدم اشتراط المطالبة. الجزء الأول: توجيه عدم اشتراط الحضور والتكليف: وجه عدم اشتراط الحضور والتكليف: أنه لا حق للمقذوف في التنفيذ ولا يسقط بإسقاطه فلا يتوقف على حضوره، ولا تكليفه.

المطلب الرابع مسمى حد القذف

الجزء الثاني: توجيه عدم اشتراط المطالبة: وجه ذلك ما يأتي: 1 - ما تقدم في توجيه عدم اشتراط الحضور والتكليف. 2 - أن حق الله لا مطالب به فلو توقف على المطالبة لم يتم التنفيذ. الجانب الثاني: توجيه عدم الاشتراط إذا اعتبر حد القذف حقا لله وللمقذوف: وجه عدم توقف إقامة حد القذف على المطلب إذا اعتبر حقا لله وللمقذوف: أن حق الله لا يسقط بالاسقاط، فإذا أسقط المقذوف حقه بقى حق الله، وهو لا يملك إسقاطه. المطلب الرابع مسمى حد القذف وفيه أربع مسائل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - أثر الخلاف. المسألة الأولى: الخلاف: اختلف في المستحق لحد القذف على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه حق للمقذوف. القول الثاني: أنه حق لله. القول الثالث: أنه حق الله وحق للمقذوف. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاثة فروع هي:

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الفرع الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن حد القذف حق للمقذوف: بأن مشروعيته خاصة وهي حماية عرض المقذوف من التدنيس وإلصاق التهم الكاذبة به. الفرع الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن حد القذف حق لله: بأن مشروعيته عامة وهي المحافظة على الروابط الاجتماعية، وحمايتها من التفكك والانهيار بسبب العداوات التي تنشأ عن القذف التي قد تؤدي إلى سفك الدماء وقتل الأبرياء. الفرع الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بأن حد القذف حق لله وحق للمقذوف: بأنه يحقق كلا من المصلحة العامة والمصلحة الخاصة، فيكون حقا لله باعتبار، وحقا للمقذوف باعتبار آخر. المسألة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفرع الأول: بيان الراجح الراجح - والله أعلم - هو القول بأن حد القذف حق لله وحق للمقذوف. الفرع الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن حد القذف حق لله وحق للمقذوف: أنه أكثر صيانة للأعراض وذلك من وجهين:

الوجه الأول: أنه إذا كان لله فيه حق إذا بلغ السلطان وجب تنفيذه. الوجه الثاني: أنه إذا كان للمقذوف فيه حق طالب به وبلغه السلطان وبذلك يتحتم تنفيذه. الفرع الثالث الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن تحقيق حد القذف لمصلحة المقذوف، لا يمنع من تحقيقه للمصلحة العامة، وإذا كان كذلك كان حقا لله وحقا للمقذوف. المسألة الرابعة: أثر الخلاف: من أثر الخلاف ما يأتي: 1 - سقوط الحد بالعفو: فعلى أنه حق لله أو حق لله وحق للمقذوف لا يسقط. 2 - توفف تنفيذ الحد على المطالبة: فعلى أنه حق لله لا يتوقف على مطالبة المقذوف، وعلى أنه حق له يتوقف على مطالبته. 3 - توفف التوبة على عفو المقذوف: فعلى أنه حق لله لا تتوقف التوبة على العفو، وعلى أنه حق للمقذوف لتوقف التوبة على عفوه. 4 - تنصف الحد على الرقيق: فعلى أنه حق لله يتنصف كحد الزنا، وعلى أنه حق للمقذوف لا يتنصف. 5 - حد الوالد بقذف ولده: فعلى أن الحد حق لله يحد، وعلى أنه حق للمقذوف لا يحد.

المطلب الخامس سقوط الحد

6 - تأجيل الحد: فعلى أنه حق لله لا يتأجل لجنون ولا غيبة ولا غير ذلك، وعلى أنه حق للمقذوف يؤجل. المطلب الخامس سقوط الحد وفيه مسألتان هما: 1 - السقوط. 2 - المسقطات. المسألة الأولى: السقوط: وفيها فرعان هما: 1 - إذا اعتبر الحد حقا لله. 2 - إذا اعتبر الحد حقا للمقذوف. الفرع الأول: سقوط الحد إذا اعتبر حقا لله: وفيه أمران هما: 1 - السقوط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: السقوط: إذا اعتبر الحد حقا لله لم يسقط بالإسقاط. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم سقوط الحد إذا كان حقا لله: أن إسقاط حقوق الله إسقاط من غير مختص والإسقاط من غير مختص لا يصح. الفرع الثاني: سقوط الحد إذا اعتبر حقا للمقذوف: وفيه ثلاثة أمور هي:

2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في سقوط حد القذف بالإسقاط: إذا اعتبر حقا لآدمي على قولين: القول الأول: أنه يسقط. القول الثاني: أنه لا يسقط. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بسقوط حد القذف بالإسقاط بما يأتي: 1 - أن حد القذف حق للمقذوف فيسقط بإسقاطه كسائر حقوقه. 2 - أن حد القذف لا يستوفى إلا بالطلب فيسقط بالإسقاط كالقصاص. 3 - أنه لو لم يطالب بإقامته لم يقم فكذلك إذا ترك بعد المطلب. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم سقوط حد القذف بالإسقاط: بأنه حد والحدود لا تسقط لإسقاط كحد الزنا والسرقة والشرب فكذلك حد القذف. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالسقوط. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بسقوط حد القذف بالإسقاط: أنه حق لآدمي وحقوق الآدميين كلها تسقط بالإسقاط، ولا دليل على إخراج حد القذف منها. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن وجهة القائلين بعدم سقوط حد القذف بالإسقاط: بأن الحدود التي لا تسقط بالإسقاط هي الحدود التي لله بخلاف ما كان حقا للآدميين، وهو محل الخلاف. المسألة الثانية: المسقطات: وفيه خمسة فروع هي: 1 - الإسقاط. 2 - الموت. 3 - زوال الإحصان. 4 - جنون المقذوف بعد وجوب الحد له. 5 - لحوق القاذف الذمي أو المرتد بدار الحرب. الفرع الأول: الإسقاط: وقد تقدم ذلك في السقوط. الفرع الثاني: الموت: وقد تقدم ذلك في المطالبة بالحد بالنيابة عن المقذوف. الفرع الثالث: زوال الإحصان عن المقذوف: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة زوال الإحصان. 2 - سقوط الحد.

الأمر الأول: أمثلة زوال الإحصان: من أمثلة زوال الإحصان ما يأتي: 1 - فعل الفاحشة. 2 - الردة. الأمر الثاني: سقوط الحد: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في سقوط حد القذف بزوال الإحصان عن المقذوف على قولين: القول الأول: أنه لا يسقط. القول الثاني: أنه يسقط. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم سقوط الحد بزوال الإحصان بما يأتي: 1 - أن شراء الأمة المزني بها لا يسقط الحد. 2 - أن نقص قيمة المسروق عن النصاب بعد السرقة لا يسقط الحد. 3 - أن الحد لا يسقط بجنون المقذوف، فكذلك زوال الإحصان. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بسقوط الحد بزوال الإحصان بما يأتي:

1 - أن زوال الإحصان يقوى قول القاذف، ويدل على تقدم فسق المقذوف. 2 - زوال الإحصان قبل إقامة الحد كفسق الشهود قبل الحكم. 3 - أن الحد لا يقام لو ارتد المقذوف أو جن. 4 - أن الإحصان شرط، والشروط يجب استمرارها إلى إقامة الحد. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم السقوط. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم سقوط حد القذف بزوال الإحصان ما يأتي: 1 - أن الحد قد وجب، والواجب لا يسقط إلا بأدائه أو إسقاطه، وزوال حصان ليس واحدًا منهما. 2 - أن أدلة القول بعدم السقوط أظهر وأسلم من المناقشة. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيه أربع جزئيات هي: 1 - الجواب عن دعوى تقوي قول القاذف بزنا المقذوف. 2 - الجواب عن قياس زوال الإحصان على فسق الشهود. 3 - الجواب عن الاحتجاج بعدم إقامة الحد زمن الردة والجنون. 4 - الجواب عن الاحتجاج بوجوب استمرار الشروط.

الجزئية الأولى: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن دعوى تقوي قول القاذف بزنا المقذوف بجوابين: الجواب الأول: أنه لا تلازم بين الزنا الحادث والزنا المقذوف به؛ لأن الإنسان غير معصوم، فيمكن أن يزل فيقع بما لم يكن واقعا فيه. الجواب الثاني: أن الحد واجب بيقين لتوفر شروطه، ودلالة الزنا الحادث على سبق الزنا أمر مظنون، والمتيقن لا يزول بالمظنون. الجزئية الثانية: الجواب عن قياس زوال الإحصان على زوال العدالة في الشهود قبل الحكم: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن عدالة الشهود شرط للحكم فيجب استمرارها إلى الحكم، أما الإحصان فهو شرط للوجوب وهو موجود حين الوجوب، فلا يؤثر زواله بعده، كزوال عدالة الشهود بعد الحكم. الجزئية الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بعدم إقامة الحد زمن الردة والجنون: يجاب عن ذلك: بأنه لا تلازم بين تأخير إقامة الحد وسقوطه؛ لأن الحق قد يتأخر لعارض ولا يسقط. الجزئية الرابعة: الجواب عن الاحتجاج بوجوب استمرار الشروط: يجاب عن ذلك: بأن الذي يجب استمراره إلى التنفيذ هو شروط التنفيذ كالعقل والإسلام والمطالبة. بخلاف شروط الوجوب فلا يجب استمرارها بعد الوجوب، والإحصان من شروط الوجوب وليس من شروط التنفيذ. الفرع الرابع: زوال عقل المقذوف بعد وجوب الحد له: وفيه أمران هما: 1 - السقوط. 2 - التوجيه.

المطلب السادس تأجيل الحد

الأمر الأول: السقوط: زوال عقل المقذوف بعد وجوب الحد له لا يسقطه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم سقوط الحد بزوال عقل المقذوف بعد وجوبه: أن الحد حق من حقوق المقذوف فلا يسقط بزوال عقله كالملك، والدَّين. الفرع الخامس: لحوق القاذف الذمي أو المرتد بدار الحرب: وفيه أمران هما: 1 - السقوط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: السقوط: إذا وجب الحد على ذمي أو مرتد فلحق بدار الحرب لم يسقط عنه: فإذا عاد أقيم عليه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم سقوط الحد عن الذمي أو المرتد إذا لحق بدار الحرب: أن الحد واجب عليهما ولم يوجد له مسقط فلم يسقط كالدَّين. المطلب السادس تأجيل الحد: وفيه مسألتان هما: 1 - أسباب التأجيل. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: أسباب التأجيل: من أسباب تأجيل الحد ما يأتي: 1 - زوال عقل المقذوف بعد ثبوت الحد له.

المطلب السابع الاختلاف موجب الحد

2 - غيبة المقذوف. 3 - صغر المقذوف على القول بوجوب الحد بقذفه. المسألة الثانية: التوجيه: وجه تأجيل حد القذف إلى قدوم الغائب أو إفاقته أو تكليفه ما يأتي: 1 - أن الهدف من الحد التشفي وذلك لا يحصل مع غيبة المستحق أو جنونه أو صغره. 2 - رجاء العفو عن القاذف من المقذوف. المطلب السابع الاختلاف موجب الحد وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلته. 2 - من يقبل قوله فيه. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الاختلاف في موجب الحد ما يأتي: 1 - الاختلاف في سن المقذوف حين القذف، بأن يقول القاذف: قذفتك وأنت صغير، فيقول المقذوف: قذفتني وأنا كبير. 2 - الاختلاف في رق المقذوف حين القذف، بأن يقول القاذف: قذفتك وأنت رقيق، فيقول المقذوف: قذفتني وأنا حر. 3 - الاختلاف في كفر المقذوف حين القذف: بأن يقول القاذف: قذفتك وأنت كافر. فيقول المقذوف: قذفتني وأنا مسلم. 4 - الاختلاف في زوال عقل المقذوف حين القذف، بأن يقول القاذف: قذفتك وأنت زائل العقل. فيقول المقذوف: قذفتني وأنا عاقل.

المسألة الثانيية: ما يقبل قوله: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان الخلاف في وجود الوصف. 2 - إذا كان الخلاف في وقوع القذف في الوصف. الفرع الأول: إذا كان الخلاف في وجود الوصف: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - من يقبل قوله. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة الاختلاف في وجود الوصف ما يأتي: 1 - أن يقول القاذف: قذفتك وأنت رقيق. فيقول المقذوف: ما كنت رقيقا. 2 - أن يقول القاذف قذفتك وأنت كافر. فيقول المقذوف: ما كنت كافرا. الأمر الثاني: من يقبل قوله: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان المقذوف قد اتصف بمحل الخلاف. 2 - إذا لم يكن المقذوف قد اتصف بمحل الخلاف. الجانب الأول: إذا كان المقذوف قد اتصف بمحل الخلاف: وفيه جزءان هما: 1 - من يقبل قوله. 2 - التوجيه. الجزء الأول: من يقبل قوله: إذا اختلف القاذف والمقذوف في وصف المقذوف حين القذف وكان المقذوف اتصف بمحل الخلاف فالقول قول القاذف.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه قبول قول القاذف إذا كان الخلاف في وصف المقذوف حين القذف وكان قد اتصف به ما يأتي: 1 - أن الأصل براءة ذمة القاذف من الحد فلا يجب عليه مع الشك في وجوبه. 2 - أن الأصل وجود الوصف محل الخلاف فيقبل قول مدعيه. الجانب الثاني: إذا لم يكن المقذوف قد اتصف بالوصف في محل الخلاف: وفيه جزءان هما: 1 - من يقبل قوله. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان من يقبل قوله: إذا اختلف القاذف والمقذوف في وصف المقذوف حين القذف وكان المقذوف لم يتصف بمحل الخلاف فالقول قوله. الجزء الثاني: التوجيه: وجه قبول قول المقذوف إذا كان الخلاف في وصف المقذوف حين القذف، ولم يكن المقذوف قد اتصف به: أن الأصل عدم وجود ذلك الوصف فيكون القول قول من ينفيه. الفرع الثاني: الخلاف في وقوع القذف في الوصف: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - من يقبل قوله. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة الخلاف في وقوع القذف في الوصف ما يأتي:

المطلب الثامن تعدد الحد

1 - أن يقول القاذف: قذفتك وأنت رقيق. فيقول المقذوف: قذفتي وأنا حر. 2 - أن يقول القاذف قذفتك وأنت كافر. فيقول المقذوف: قذفتني وأنا مسلم. 3 - أن يقول القاذف: قذفتك وأنت صغير فيقول المقذوف: قذفتني وأنا كبير 4 - أن يقول القاذف: قذفتك وأنت زائل العقل. فيقول المقذوف: قذفتني وأنا عاقل. الأمر الثاني: من يقبل قوله: وفيه جانبان هما: 1 - بيان من يقبل قوله. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان من يقبل قوله: إذا كان الخلاف في وقوع القذف في الوصف فالقول قول القاذف. الجانب الثاني: التوجيه: وجه قبول قول القاذف إذا كان الخلاف في قوع القذف في الوصف وكان المقذوف قد اتصف به ما يأتي: 1 - أن الأصل براءة ذمة القاذف من الحد فلا يحد مع الشك في وجوبه. 2 - أن الأصل بقاء الصفة التي كان المقذوف متصفًا بها. المطلب الثامن تعدد الحد وفيه مسألتان هما: 1 - تعدد الحد بقذف الجماعة. 2 - تعدد الحد بقذف الواحد. المسألة الأولى: تعدد الحد بقذف الجماعة: وفيها فرعان هما:

1 - قذف الجماعة بكلمة واحدة. 2 - قذف الجماعة بكلمات. الفرع الأول: قذف الجماعة بكلمة واحدة: وفيه أمران هما: 1 - المثال. 2 - ما يجب. الأمر الأول: المثال: من أمثلة قذف الجماعة بكلمة واحدة ما يأتي: 1 - يا زناة. 2 - قد زنيتم. 3 - يا مزاني. 4 - أنتم زناة. الأمر الثاني: ما يجب: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - إذا لم يطلب منهم إلا واحد. 2 - إذا طالب الجميع قبل إقامة الحد. 3 - إذا طلب كل واحد بعد إقامة الحد لغيره. الجانب الأول: إذا لم يطلب منهم إلا واحد: وفيه جزءان هما: 1 - ما يجب. 2 - التوجيه. الجزء الأول: ما يجب: إذا لم يطلب إقامة الحد إلا واحد من المقذوفين بكلمة واحدة لم يجب إلا حد حد. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه إقامة الحد للواحد. 2 - توجيه عدم إقامة الحد للباقين.

الجزئية الأولى: توجيه إقامة الحد للواحد: وجه إقامة الحد للواحد: أن الحق ثابت له وعدم المطلب من غيره لا يسقط به حقه، كما لا يسقط حق بعض الدائنين بإسقاط غيره حقه. الجزئية الثانية: توجيه عدم إقامة الحد للباقين: وجه عدم إقامة الحد للباقين: أن الحد لا يقام إلا بطلب وباقي المقذوفين لم يطلب حقه فلا يقام له من غير طلب. الجانب الثاني: إذا طالب الجميع قبل إقامة الحد: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: إذا كان طلب إقامة الحد من جميع المقذوفين بكلمة واحدة قبل إقامته فقد اختلف فيما يجب لهم على قولين: القول الأول: أن الواجب حد واحد لجميعهم. القول الثاني: أن الواجب لكل واحد حدٌ. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الواجب حد واحد بما يأتي:

1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها لم توجب إلا حدا واحدا ولم تفرق بين قذف الواحد والجماعة. 2 - أن عمر - رضي الله عنه - لم يحد قذفة المغيرة إلا حدا واحدا ولم يحدهم للمرأة. 3 - أن قذف الجماعة بكلمة واحدة قذف واحد فلم يوجب أكثر من حد كقذف الواحد. 4 - أن العار يزول عن المقذوفين بحد واحد؛ لأن الكذب يظهر به فلا يزاد عليه. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأنه يجب لكل واحد حد: أن كل واحد مقذوف فيجب الحد لكل واحد كما لو قذف كل واحد وحده. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو الاكتفاء بحد واحد. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب حد واحد أن أدلته أظهر. ¬

_ (¬1) سورة النور، الآية: [4].

الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قذف كل واحد منفردا يختلف عن قذفه مع غيره؛ لأن المعرة لا تزول عن أحد المقذوفين على وجه الانفراد بإقامة الحد لغيره، بخلاف قذفه مع غيره؛ لأن القذف واحد فإذا ظهر كذبه بالحد زالت المعرة عمن قذفه. الجانب الثالث: إذا طلب كل واحد بعد إقامة الحد لغيره: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. 3 - الفرق بين هذا الجانب والجانب الذي قبله. الجزء الأول: بيان ما يجب: إذا كان طلب إقامة الحد من كل واحد من المقذوفين بكلمة واحدة بعد إقامة الحد للآخر وجب الحد لمن طلبه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه إقامة الحد لمن طلبه من المقذوفين بكلمة واحدة إذا كان طلبه بعد إقامة الحد لغيره: أن حق كل واحد في الحد ثابت فلا يسقط بغير إسقاطه أو استيفائه، واستيفاء من استوفي له لا يسقط حق غيره؛ لأنه قبل طلبه، فيجب استيفاؤه له. الجزء الثالث: الفرق بين هذا الجانب والجانب الذي قبله فيما يجب: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الفرق. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الفرق: الفرق بين هذا الجانب والجانب الذي قبله: أن الواجب في هذا الجانب حد لمن طلبه، والواجب في الجانب الذي قبله حد واحد للجميع.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه التفريق بين ما يجب للجماعة في هذا الجانب والجانب الذي قبله: أن المطلب في هذا الجانب بعد إقامة الحد فلم يسقط حق من لم يطلب بإقامة الحد لمن طلبه. والطلب في الجانب الذي قبله قبل إقامة الحد فيسقط حق من لم يقم له الحد بإقامته لمن أقيم له. الفرع الثاني: قذف الجماعة بكلمات: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الامو الأول: الخلاف: اختلف فيما يجب بقذف الجماعة بكلمات على قولين: القول الأول: أن الواجب حد لكل واحد. القول الثاني: أن الواجب حد واحد للجميع. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الحد لكل واحد بأنها حقوق لآدميين فلم تتداخل كالديون والقصاص. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الواجب حد واحد: بأن القذف جناية توجب حدا فإذا تكررت كفى حد واحد كالسرقة من الجماعة، والزنا بعدد من النساء.

الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن الواجب حد لكل واحد. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الواجب حد لكل واحد: أن دليله أظهر. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن حد الزنا والسرقة حقوق لله فتتداخل، والقذف حقوق لآدميين فلا تتداخل كديونهم. المسألة الثالثة: تعدد الحد بتكرار قذف الواحد: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان التكرار قبل الحد. 2 - إذا كان التكرار بعد الحد. الفرع الأول: إذا كان التكرار قبل الحد: وفيه أمران هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الواجب: إذا كان تكرار القذف قبل الحد لم يجب إلا حد واحد، سواء كان القذف بزنا واحد أم بزنيات.

الأمر الثاني: التوجيه: وجه الاكتفاء بحد واحد إذا تكرر القذف لواحد قبل الحد أن السببب واحد، والموُجَبْ واحد فلم يجب به أكثر من حد واحد كالزنا، والسرقة. الفرع الثاني: إذا كان التكرار بعد الحد: وفيه أمران هما: 1 - إذا كان تكرار القذف بالزنا المقذوف به. 2 - إذا كان تكرار القذف بغير الزنا المقذوف به. الأمر الأول: إذا كان تكرار القذف بالزنا المقذوف به: وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الواجب: إذا كان تكرار القذف بعد الحد بالزنا المقذوف به كان الواجب حدا واحدا. الجانب الثاني: التوجيه: وجه الاكتفا بحد واحد إذا كان تكرار الشهادة بعد الحد بالزنا المقذوف به: أن الصحابة لم يحدوا أبا بكرة لما أعاد الشهادة على المغيرة بعد حده. الأمر الثاني: إذا كان تكرار القذف بعد الحد بغير الزنا المقذوف به: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كان القذف بعد الحد مباشرة. 2 - إذا كان القذف بعد الحد بفترة. الجانب الأول: إذا كان تكرار القذف بعد الحد مباشرة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجزء الأول: الخلاف: اختلف في وجوب الحد بتكرار القذف بعد الحد بغير الزنا المقذوف به: إذا كان بعد الحد مباشرة على قولين: القول الأول: أنه يجب. القول الثاني: أنه لا يجب. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الحد بتكرار القذف بغير الزنا المقذوف به ولو كان بعد الحد مباشرة بما يأتي: 1 - أنه قذف لم يظهر كذبه فيه بحد فيلزم به الحد كما لو طال الفصل. 2 - أن أسباب الحد إذا تكررت بعد الحد الأول ثبت للثاني حكمه كالزنا والسرقة وغيرهما. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الحد: أن القاذف قد حد للمقذوف فلا يحد له مرّة أخرى كما لو كان القذف بالزنا المقذوف به. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح.

الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الحد. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الحد بتكرار القذف بعد الحد بغير الزنا المقذوف به ما يأتي: 1 - أنه أكثر صيانة للأعراض. 2 - أنه قذف جديد فيجب به الحد كما لو لم يسبقه قذف. 3 - أن التوبة من القذف الأول لا تغني عن التوبة من القذف الثاني فكذلك الحد. الجزئية الثانية: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيها فقرتان هما: الفقرة الأولى: الجواب عن الاحتجاج كان القاذف قد حد للمقذوف: يجاب عن ذلك: بأن القاذف لم يحد للمقذوف للقذف محل الخلاف وإنما حد للقذف السابق، وهما سببان مختلفان لا يغني أحدهما عن الآخر. الفقرة الثانية: الجواب عن الاحتجاج بأن القذف بغير الزنا المقذوف به كالقذف بالزنا المقذوف به: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن القذف بالزنا المقذوف به قد حد له فلا يعاد له الحد، أما القذف بغير الزنا المقذوف به فلم يحد له فلا يقاس ما لم يستوف على ما تم استيفاؤه، كالدينين المسدد وغيره. الجانب الثاني: إذا كان القذف الثاني بعد الحد للقذف الأول بزمن: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الواجب. 2 - التوجيه.

المطلب التاسع قذف النبي - صلى الله عليه وسلم -

الجزء الأول: بيان الواجب: إذا طال الزمن بين القذف الثاني وبين الحد للقذف الأول كان الواجب حدا ثانيا. الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب الحد الثاني بالقذف الثاني إذا طال الزمن بين القذف والحد: أن حد القاذف للمقذوف لا يبيح عرضه له، فيظل عرضه محصنا كما لو كان قبل القذف فمتى قذف وجب الحد على قاذفه سواء كان هو القاذفي الأول أم غيره. المطلب التاسع قذف النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه مسألتان هما: 1 - حكمه. 2 - حده. المسألة الأولى: حكم قذف النبي - صلى الله عليه وسلم -: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحكم: قذف النبي - صلى الله عليه وسلم - كفر وردة عن الإسلام. الفرع الثاني: التوجيه: وجه التكفير بقذف النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي: 1 - أنه اعتراض على الله سبحانه وتعالى الذي أرسله، وذلك من وجهين: الوجه الأول: أنه أرسل ناقصا واقعا في الفواحش والمحرمات ومثل ذلك لا يصلح أن يكون رسولا. الوجه الثاني: أنه أرسل من ينهى عما هو واقع فيه ومرتكب له، وهذا لا يستجاب له، بحجة أنه لو كان ممنوعا لما فعله.

2 - أنه تكذيب لله تعالى؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (¬1) والقاذف يقول: إنك لعلى خلق قبيح ذميم. المسألة الثانية: الحد: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الحد. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الفرع الأول: بيان الحد: حد قاذف الرسول - صلى الله عليه وسلم -: القتل. الفرع الثاني: التوجيه: وجه كون عقوبة قاذف النبي - صلى الله عليه وسلم -: القتل ما يأتي: اأنه سب للرسول - صلى الله عليه وسلم - وتنقص له. 2 - أنه اعتراض على الله سبحانه وتعالى في اختياره لتبليغ رسالته. 3 - أنه تكذيب لله في مدحه والثناء عليه. ومن يتجرأ على الله وعلى رسوله خبيث الطوية فاسد السريرة لا يستحق الحياة، ولا يؤمن على إفساد المجتمعات، فيجب مسحه من الوجود؛ اتقاء لخطره وقطعا لشره. ولا يرد أنه إذا ثاب أُمن ذلك منه؛ لأن الغالب في مثله - وإن ظهر منه التوبة خوفا من القتل - فإنه يبقى في الباطن على خبثه، كحال المنافقين {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة القلم، الآية: [4]. (¬2) سررة البقرة، الآية: [14].

المطلب العاشر قذف أم النبي - صلى الله عليه وسلم -

الفرع الثالث: الدليل: الدليل على قتل قاذف الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أنه أهدر دم الذين كانوا يسبونه ومنهم ما يأتي: 1 - ابن خطل الذي أمر بقتله وإن وجد متعلقا بأستار الكعبة. 2 - القينتان اللتان كانتا تغنيان بهجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -. 3 - مقيس بن صبابة. المطلب العاشر قذف أم النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه مسألتان هما: 1 - حكمه. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: حكمه: قذف أم النبي - صلى الله عليه وسلم - كقذفه على ما تقدم. المسألة الثانية: التوجيه: وجه اعتبار قذف أم النبي - صلى الله عليه وسلم - كقذفه: أن ذلك يعود عليه بالسب والنقيصة، وذلك من وجهين: الوجه الأول: اعتباره ولد بغي. الوجه الثاني: التشكيك في نسبه. المطلب الحادى عشر قذف زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفيه مسألتان هما: 1 - حكمه. 2 - حده.

المسألة الأولى: بيان الحكم: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحكم: قذف زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر وردة عن الإسلام. الفرع الثاني: التوجيه: وجه التكفير بقذف زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي: 1 - أنه قدح في اختيار الله لهن زوجات للرسول - صلى الله عليه وسلم - وهن بغايا. 2 - أنه قدح في اختيار الله لهن أمهات للمؤمنين وهن كما ذكر. 3 - أنه تنقص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك من وجهين: الوجه الأول: في اختيارهن وقبولهن زوجات له وهن غير عفيفات. الوجه الثاني: في إمساكهن وهن ذوات أخدان. المسألة الثانية: الحد: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحد. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحد: حد قاذف زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم -: القتل. الفرع الثاني: التوجيه: وجه كون حد قاذف زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - القتل: ما تقدم في توجيه حد قاذف الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

الموضوع السادس حد السكر

الموضوع السادس حد السكر وفيه ستة مباحث هي: 1 - المراد بالمسكر. 2 - إطلاق اسم الخمر على كل مسكر. 3 - حكم المسكر. 4 - تعاطي المسكر. 5 - تخليل المسكر. 6 - حد المسكر.

المبحث الأول المراد بالمسكر

المبحث الأول المراد بالمسكر وفيه مطلبان هما: 1 - بيان المراد به. 2 - أمثلته. المطلب الأول بيان المراد بالمسكر المراد بالمسكر: كل ما يزيل العقل ويغطيه، ويفقد التمييز بين الأشياء من أي نوع وعلى أي وجه وبأي كيفية. المطلب الثاني الأمثلة من أمثلة المسكر ما يأتي: 1 - الخمر. 2 - الأفيون. 3 - الحشيش. 4 - البنج. 5 - الهروين.

المبحث الثاني إطلاق اسم الخمر على المسكر

المبحث الثاني إطلاق اسم الخمر على المسكر قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: وهو خمر من أي شيء كان. الكلام في هذا المبحث في ثلاثة مطالب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المطلب الأول الخلاف اختلف في إطلاق اسم الخمر على كل مسكر على أقوال أشهرها قولان: القول الأول: أن كل مسكر يسمى خمرا. القول الثاني: أن الخمر خاص بما أسكر من عصير العنب. المطلب الثاني التوجيه وفيه مسألتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. المسألة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بإطلاق اسم الخمر على كل مسكر بما يأتي: 1 - حديث: (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام) (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر/ 2003/ 73.

المطلب الثالث الترجيح

2 - حديث: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) (¬1). 3 - حديث: (الخمر من خمسة، من التمر، والحنطة، والشعير، والعسل، والعنب) (¬2). 4 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قال على المنبر: (ألا إن الخمر قد حرمت، وهي من خمسة، من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل (¬3). المسألة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول الثاني: أن الخمر لا يعرف عند العرب إلا من العنب. المطلب الثالث الترجيح وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. المسألة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن كل مسكر خمر. المسألة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن كل مسكر خمر: أن هذا هو نص صاحب اللغة - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر/ 2003/ 75. (¬2) السنن الكبرى، كتاب الحدود، باب تفسير الخمر التي نزل تحريمها 8/ 289. (¬3) السنن الكبرى، كتاب الحدود، باب تفسير الخمر التي نزل تحريمها 8/ 289.

المسألة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قصر الخمر على عصير العنب دعوى غير صحيحة؛ لأنه لما نزل تحريم الخمر أراق الصحابة كل مسكر حتى ما كان للأيتام منه، ولم يتوقفوا في غير عصير العنب حتى يسألوا عنه وهم أفصح العرب، ولو كان غير عصير العنب ليس خمرا لتوقفوا فيه حتى يسألوا عنه، فلما لم يتوقفوا دل على أنه من الخمر.

المبحث الثالث حكم المسكر

المبحث الثالث حكم المسكر قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام. الكلام في هذا المبحث في ثلاثة مطالب هي: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. المطلب الأول بيان الحكم المسكر حرام بالكتاب والسنة والإجماع، فلا يباح تعاطيه بأي وجه من الوجوه، فلا يباح الاتجار به، ولا أكله ولا شربه سوى ما يأتي. المطلب الثاني الدليل من أدلة تحريم المسكر ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1). والاستدلال به من وجوه: الوجه الأول: في قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ} حيث أمر باجتنابه والأصل في الأمر الوجوب. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [90].

المطلب الثالث التوجيه

الوجه الثاني: في قوله: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} حيث جعله من عمل الشيطان، وما كان من عمل الشيطان فإنه حرام. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) (¬1). المطلب الثالث التوجيه من وجوه تحريم المسكر ما يأتي: 1 - حفظ العقول. 2 - الوقاية من السلبيات التي تقع بسببه ومنها ما يأتي: 1 - إيقاع العداوة والبغضاء بين الناس كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (¬2). ب - الصد عن ذكر الله وعن الصلاة كما في الآية السابقة. ج - الوقوع في الفواحش، من القتل والقذف والزنا ولو بالمحارم. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم/ كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر/ 2003/ 75. (¬2) سورة المائدة، الآية: [91].

المبحث الرابع تعاطي المسكر

المبحث الرابع تعاطي المسكر وفيه مطلبان هما: 1 - الاتجار به. 2 - أكله أو شربه. المطلب الأول الاتجار بالمسكر وفيه مسألتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: بيان الحكم: الاتجار بالمسكر لا يجوز. المسألة الثانية: التوجيه: وجه تحريم الاتجار ما يأتي: 1 - حديث: (إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه) (¬1). 2 - حديث: (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) (¬2). المطلب الثاني أكل المسكر وشربه قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: ولا يباح شربه للذة ولا لتداوي ولا عطش ولا غيره، إلا لدفع لقمة غص بها ولم يحضره غيره. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب البيوع، باب ثمن الخمر والميتة / 3488. (¬2) صحيح مسلم، كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام / 2236.

المسألة الأولى: تناول المسكر لدفع الغصة

الكلام في هذا المطلب في أربع مسائل: 1 - تناول المسكر لدفع الغصة. 2 - تناول المسكر للتداوي. 3 - تناول المسكر لدفع العطش. 4 - تناول المسكر للذة. المسألة الأولى: تناول المسكر لدفع الغصة: وفيها أربعة فروع هي: 1 - توجيه ذكره. 2 - حكمه. 3 - شرطه. 4 - مقداره. الفرع الأول: توجيه ذكر دفع الغصة بالسكر: وجه إيراد دفع الغصة بالمسكر - وإن كان بعيد الوقوع - أن المؤلف ذكره، وكذلك غيره من الفقهاء رحمهم الله. الفرع الثاني: حكمه: وفيه أمران هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الحكم: دفع الغصة بالمسكر إذا لم تندفع إلا به وخشي التلف جائز. الأمر الثاني: التوجيه: وجه جواز شرب المسكر لدفع الغصة إذا لم تندفع إلا به ما يأتي: 1 - أن ذلك ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات، لقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة الأنعام، الآية: [119].

2 - أن المصلحة الراجحة تقدم على دفع المفسدة الرجوحة، ومصلحة إنقاذ المعصوم أرجح من مفسدة دفع الغصة بالسكر. 3 - أن دفع المفسدة الكبرى مقدم على دفع المفسدة الصغرى. ومفسدة قتل المعصوم أكبر من مفسدة دفع الغصة بالمسكر. الفرع الثالث: شروط دفع الغصة بالمسكر: وفيه أمران هما: 1 - بيان الشروط. 2 - توجيه الاشتراط. الأمر الأول: بيان الشروط: يشترط لجواز دفع الغصة بالمسكر ما يأتي: 1 - ألا تندفع بغيره. 2 - أن يخش التلف بالغصة. 3 - ألا يزاد على ما تندفع به. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط ما ذكر لجواز دفع الغصة بالمسكر: أن جواز ذلك للضرورة، فإذا أندفعت بغير المسكر لم توجد الضرورة، وإذا زال السبب امتنع المسبب. الفرع الرابع: مقدار ما تندفع به الغصة من المسكر: وفيه أمران هما: 1 - بيان المقدار. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان المقدار: مقدار المسكر الذي يشرب لدفع الغصة ما تندفع به، وذلك يختلف باختلاف حالات الغصة ومقدار ما تندفع به، فتقدر كل حالة بقدرها.

[المسألة الثانية] تناول المسكر للتداوي

الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم تحديد ما تندفع به الغصة من المسكر: أن ذلك لدفع الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، فتقدر كل حالة بحسب ما تندفع به الضرورة فيها. المطلب الثاني تناول المسكر للتداوي وفيه مسألتان هما: 1 - حكم التناول. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: حكم التناول: تناول المسكر للتداوي لا يجوز. المسألة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز تناول المسكر للتداوي ما يأتي: 1 - حديث: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم) (¬1). 2 - حديث: (إنه ليس بدواء ولكنه داء) (¬2). 3 - حديث: (تداووا ولا تتداووا بحرام) (¬3). 4 - أن ضرر شرب المسكر أكبر من نفعه؛ لقوله تعالى: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (¬4) وما كان كذلك فلا خير فيه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الضحايا/ 10/ 5. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر/ 1984. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الضحايا/ باب النهي عن التداوي بما يكون حراما 10/ 5. (¬4) سورة البقرة، الآية: [219].

[المسألة الثالثة] تناول المسكر لدفع العطش

المطلب الثالث تناول المسكر لدفع العطش وفيه مسألتان هما: 1 - حكم التناول. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: حكم التناول: تناول المسكر لدفع العطش لا يجوز. المسألة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز شرب المسكر لدفع العطش: أنه لا يدفع العطش بل يزيده كما قرر ذلك الفقهاء، وإذا كان لا يدفعه لم يبح شربه لدفعه. المطلب الرابع تناول المسكر لغير ما تقدم وفيه مسألتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - حكم التناول. المسألة الأولى: أمثلة تناول المسكر لغير العطش والتداوي، ودفع الغصة: من أمثلة ذلك ما يأتي: 1 - اللذة. 2 - نسيان الهموم والمصائب. 3 - الفرح ونسيان الأحزان. 4 - تقوية النفس على فعل المكروه، كالقتل، والزنا، والسرقة. المسألة الثانية: حكم التناول: وفيها فرعان:

1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحكم: تناول المسكر حرام لا يجوز، لأي سبب من الأسباب وأي غرض من الأغراض، أو هدف من الأهداف، سوى دفع الغصة على ما تقدم. الفرع الثاني: التوجيه: وجه تحريم تناول المسكر لغير دفع الغصة ما تقدم في الاستدلال للحكم.

المبحث الخامس تخلل المسكر

المبحث الخامس تخلل المسكر وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - التخلل الذاتي. 2 - التخلل بالمعالجة. 3 - الفرق بين التخلل الذاتي والتخلل بالمعالجة. المطلب الأول التخلل الذاتي وفيه مسألتان هما: 1 - ضابط التخلل الذاتي. 2 - أثره. المسألة الأولى: ضابط التخلل الذاتي: التخلل الذاتي: هو انقلاب الخمر بنفسها من غير تأثير بنقل أو إضافة، أو تبريد، أو تسخين. المسألة الثانية: أثر التخلل الذاتي: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الأثر: بالتخلل الذاتي تعود المادة إلى الإباحة كحالها قبل التخمر. الفرع الثاني: التوجيه: وجه رجوع الخمر بالتخلل الذاتي إلى حالها قبل التخمر: أن علة تحريمها الإسكار فإذا زال بنفسها عادت إلى أصلها وهو الإباحة.

المطلب الثاني التخلل بالمعالجة

المطلب الثاني التخلل بالمعالجة وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - ضابط التخلل بالمعالجة. 2 - أمثلته. 3 - أثره. المسألة الأولى: ضبط التخلل بالمعالجة: التخلل بالمعالجة هو معالجة الخمر إلى أن تنقلب خلا. المسألة الثانية: أمثلة المعالجة: من أمثلة تخليل الخمر بالمعالجة ما يأتي: 1 - التبريد أو التسخين. 2 - إضافة بعض المواد التي تزيل حدتها. 3 - التحريك أو النقل. 4 - الإبقاء إلى التخلل. المسألة الثالثة: أثر المعالجة: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الأثر: تخلل الخمر بالمعالجة لا يغير من حكمها شيئا، بل تظل على حكمها قبل التخلل. الفرع الثاني: التوجيه: وجه عدم تغير حكم الخمر بالمعالجة ما يأتي: 1 - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن بتخليل الخمر لما حرمت بل أمر بإراقتها، ولو كان تخليلها جائزًا لأمر به؛ لأن الإراقة إتلاف للأموال من غير فائدة.

المطلب الثالث الفرق بين التخلل الذاتي والتخلل بالمعالجة

2 - أن إباحتها بعد التخليل وسيلة إلى إمساكها وذلك لا يجوز؛ لأنه وسيلة إلى تعاطيها. المطلب الثالث الفرق بين التخلل الذاتي والتخلل بالمعالجة وفيه مسألتان هما: 1 - الفرق بينهما من حيث وسيلة التخلل. 2 - الفرق بينهما من حيث الأثر. المسألة الأولى: الفرق من حيث وسيلة التخليل: الفرق بين التخلل الذاتي، والتخلل بالمعالجة من حيث الوسيلة: أن التخلل الذاتي يحصل من غير فعل، والتخلل بالمعالجة لا يحصل إلا بفعل. المسألة الثانية: الفرق من حيث الأثر: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الأثر: الفرق بين التخلل الذاتي والتخلل بالمعالجة من حيث الأثر: أن التخلل الذاتي يعيد الخمر إلى الإباحة، أما التخلل بالمعالجة فلا يغير من الحكم شيئا. الفرع الثاني: التوجيه: وجه الفرق بين التخلل الذاتي والتخلل بالمعالجة من حيث الأثر: أن التخلل الذاتي: ليس للشخص فيه أثر ولا إرادة، فيكون كما لو لم يتخمر، أما التخليل فبفعل الشخص نفسه، وإرادته، وذلك يستلزم إمساك الخمر للتخليل، وإمساك الخمر لا يجوز، فلا يجوز ما يؤدي إليه؛ لأن الوسيلة لها حكم الغاية.

المبحث السادس حد المسكر

المبحث السادس حد المسكر قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: وإذا شربه المسلم مختارا عالما أن كثيره يسكر فعليه الحد ثمانون جلدة مع الحرية، وأربعون مع الرق. الكلام في هذا المبحث في ثلاثة مطالب هي: 1 - موجب الحد. 2 - مقداره. 3 - شروطه. المطلب الأول موجب الحد وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المسألة الأولى: الخلاف: اختلف في موجب حد المسكر على قولين: القول الأول: أنه الشرب مطلقا سواء كان من العنب أم من غيره. القول الثاني: أنه الشرب من العنب والسكر من غيره. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها فرعان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الفرع الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن موجب الحد الشرب مطلقا بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم) (¬1). وجه الاستدلال به: أنه علق الحكم بالشرب ولم يسأل عن المشروب. 2 - قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أمرت باجتناب الخمر ولم تقيده بمشروب دون آخر، ومن شربه لم يجتنبه، فيجب عليه الحد كمن سكر به. الفرع الثاني: توجيه القول الثاني: وفيه أمران هما: 1 - توجيه وجوب الحد بشرب العنب. 2 - توجيه عدم وجوب الحد بغير السكر من غير العنب. الأمر الأول: توجيه وجوب الحد بشرب العنب: وجه وجوب الحد بالشرب من العنب ما تقدم من أدلة القول الأول. الأمر الثاني: توجيه عدم وجوب الحد بغير السكر من غير العنب: وجه عدم وجوب الحد بغير السكر من غير العنب: أن غير العنب ليس خمرا فلا يجب الحد بمجرد شربه، فإذا حصل السكر وجب الحد قياسا على السكر بشرب العنب. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب إذا تتابع في الشرب/ 4482. (¬2) سورة المائدة، الآية: [90].

المطلب الثاني مقدار الحد

المسألة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفرع الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بوجوب الحد بشرب المسكر مطلقا سواء كان من العنب أم من غيره، وسواء حصل السكر به أم لا. الفرع الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الحد بالشرب قوة أدلته وظهور دلالتها. الفرع الثاني: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة القول المرجوح: بأنه مبني على قول مرجوح وهو عدم اعتبار العصير من غير العنب خمرا، والمبني على المرجوح مرجوح. المطلب الثاني مقدار الحد وفيه مسألتان هما: 1 - مقدار حد الحر. 2 - مقدار حد الرقيق. المسألة الأولى: مقدار حد الحر: وفيه ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الفرع الأول: الخلاف: اختلف في مقدار حد الحر في المسكر على قولين: القول الأول: أنه ثمانون جلدة. القول الثاني: أنه أربعون جلدة. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن حد المسكر ثمانون، بما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر استشار الصحابة - رضي الله عنهم - فيه فاتفقوا على جعله ثمانين، فجعله عمر - رضي الله عنه - ثمانين، وعممه على أمرائه (¬1). 2 - أن من سكر هذا ومن هذا افترى فيجعل حده كحد القذف ثمانين، كما قال الصحابة - رضي الله عنهم - (¬2). الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن حد المسكر أربعون بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشارب فضربه بالنعال نحوا من أربعين (¬3). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر 8/ 318. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر 8/ 320. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر 8/ 319.

2 - ما ورد أن أبا بكر - رضي الله عنه - ضرب الشارب أربعين (¬1). 3 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - ضرب الشارب في أول خلافته أربعين (¬2). 4 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - ضرب الشاربين أربعين (¬3). الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن حد المسكر ثمانون. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن حد المسكر ثمانون ما يأتي: 1 - أن ذلك هو الذي استقر عليه الأمر في آخر خلافة عمر - رضي الله عنه - واستمر العمل عليه. 2 - أنه أكثر ردعا وأشد زجرا عن تعاطي المسكرات. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن ذلك: بأن ما خالف الثمانين اجتهادات لم تستقر، وكانت بحسب الوقائع التي طبقت عليها. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر 8/ 319. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي, كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر 8/ 319. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر 8/ 318.

المسألة الثانية: مقدار حد الرقيق: وفيها فرعان هما: 1 - بيان المقدار. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان المقدار: مقدار حد الرقيق في المسكر نصف حد الحر على الخلاف المتقدم. الفرع الثاني: التوجيه: وجه تنصيف الحد على الرقيق قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} (¬1). والاستدلال بالآية له جانبان هما: 1 - توجيه الاستدلال بها على تنصيف الحد على العبد. 2 - توجيه الاستدلال بها على تنصيف حد المسكر. الجانب الأول: توجيه الاستدلال بها على تنصيف الحد على العبد: وجه الاستدلال بالآية على تنصيف الحد على العبد القياس على الأمة، بجامع الرق في كل منهما. الجانب الثاني: توجيه الاستدلال بالآية على تنصيف حد المسكر: وجه الاستدلال بالآية على تنصيف حد المسكر ما يأتي: 1 - أن الفاحشة مطلقة فيدخل فيها المسكر؛ لأنه فاحشة، بدليل قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [25]. (¬2) سورة الأنعام، الآية: [151].

المطلب الثالث شروط وجوب الحد

2 - أن العذاب مطلق فيدخل فيه حد السكر؛ لأنه عذاب. 3 - أنه إذا نصف حد الزنا وهو أغلظ كان تنصيف حد المسكر أولى؛ لأن السكر أخف من الزنا. المطلب الثالث شروط وجوب الحد قال المؤلف - رحمه الله تعالى: وإذا شربه المسلم مختارا عالما أن كثيره يسكر فعليه الحد. الكلام في هذا المطلب في ست مسائل هي: 1 - ثبوت تعاطي المسكر. 2 - الإسلام. 3 - العقل. 4 - العلم. 5 - البلوغ. 6 - الاختيار. المسألة الأولى: ثبوت التعاطي: وفيها فرعان هما: 1 - ما يثبت به. 2 - توجيه الاشتراط. الفرع الأول: ما يثبت به التعاطي: وفيه خمسة أمور هي: 1 - الإقرار. 2 - الشهادة. 3 - التقيؤ. 4 - الرائحة. 5 - السكر. الأمر الأول: الإقرار: وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 - الثبوت. 2 - عدد الإقرار. 3 - الرجوع عنه. الجانب الأول: الثبوت: وفيه جزءان هما: 1 - الثبوت. 2 - الدليل. الجزء الأول: الثبوت: ثبوت تعاطي المسكر بالاعتراف لا خلاف فيه. الجزء الثاني: الدليل: الدليل على ثبوت تعاطي المسكر بالاعتراف ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام حد الزنا بالاعتراف (¬1). كما تقدم، وإذا ثبت حد الزنا بالاعتراف، كان ثبوت شرب السكر بالاعتراف أولى؛ لأن حده أخف من حد الزنا، وإذا ثبت الأثقل ثبت الأخف من باب أولى. 2 - أن الشرب يثبت بالشهادة، وإذا ثبت بالشهادة ثبت بالاعتراف؛ لأن الاعتراف شهادة من المعترف على نفسه وهي أولى بالقبول من شهادة غيره عليه؛ لأنه أعرف بنفسه وأبعد عن التهمة في حقه. الجانب الثاني: عدد الاعتراف: وفيه جزءان هما: 1 - بيان العدد. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان العدد: شرب المسكر يثبت بالإقرار مرة واحدة. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها / 4445.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه ثبوت الشرب بالإقرار مرة واحدة: أنه لا إتلاف فيه فاكتفي فيه بالمرة الواحدة كالقذف. الجانب الثالث: الرجوع عن الإقرار: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - قبوله. 2 - التوجيه. 3 - شرطه. الجزء الأول: القبول: الرجوع عن الإقرار بالشرب يجوز قبوله بشرطه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه قبول الرجوع عن الإقرار بالشرب: أنه حق لله فيقبل فيه الرجوع كسائر الحدود. الجزء الثالث: شروط قبول الرجوع: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الشرط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الشرط: يشترط لقبول الرجوع عن الإقرار بالشرب عدم المنافي، من تقيئ للمسكر أو رائحة. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم قبول الرجوع عن الإقرار بالشرب إذا وجد المنافي: أن المنافي يصدق الإقرار ويكذب الرجوع فلا يقبل الرجوع عنه. الأمر الثاني: الشهادة: وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 - ثبوت الشرب بها. 2 - عدد الشهود. 3 - شروط الشهود. الجانب الأول: ثبوت الشرب بالشهادة: وفيه جزءان هما: 1 - الثبوت. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الثبوت: ثبوت الشرب بالشهادة لا خلاف فيه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه ثبوت الشرب بالشهادة ما يأتي: 1 - أن الزنا يثبت بها كما تقدم وهو أفحش من الشرب، وإذا ثبت الأفحش ثبت الأخف من باب أولى. 2 - أن عثمان - رضي الله عنه - أقام الحد بها (¬1). الجانب الثاني: عدد الشهود: وفيه جزءان هما: 1 - بيان العدد. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان العدد: الشرب يثبت بشهادة شاهدين. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه اشتراط الاثنين. 2 - توجيه الإثبات بالاثنين. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب ما جاء في عدد حد الخمر 8/ 318.

الجزئية الأولى: توجيه اشتراط الاثنين: وجه اشتراط الاثنين لثبوت الشرب أن إثبات الشرب أشد من إثبات المال، فإذا كان المال لا يثبت إلا بشاهدين كان الشرب أولى. الجزئية الثانية: توجيه إثبات الشرب بشاهدين: وجه إثبات الشرب بشاهدين: أنه قليل الخطر في الحد والأثر فكفى في إثباته الشاهدان. الجانب الثالث: شروط الشهود: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - الذكورة. 2 - الحرية. 3 - العدالة. 4 - الإسلام. الجزء الأول: الذكورة: وفيه جزئيتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الاشتراط: الذكورة في شهود الشرب شرط فلا يقبل فيه النساء. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه اشتراط الذكورة في شهود الشرب: أن الحدود يحتاط لها، والنساء يتطرق إليهن النسيان، كلما قال تعالى في تعليل جعل شهادة الاثنتين بشهادة رجل: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [282].

الجزء الثاني: الحرية: وفيه جزئيتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الاشتراط: الحرية في شهود الشرب شرط، فلا يقبل الرقيق فيها. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه اشتراط الحرية في شهود الشرب أن شهادة الرقيق في غير الحدود مختلف فيها، وهذه شبهة تدرأ بها الحدود. الجزء الثالث: العدالة: وفيه جزئيتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الاشتراط: العدالة في شهود الشرب شرط فلا يقبل غير العدل فيها. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه اشتراط العدالة في شهود الشرب: أن غير العدل لا يوثق بخبره فلا يقبل في إثبات الحدود، كما لا يقبل في غيرها وأولى. الجزء الرابع: الإسلام: وفيه جزئيتان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الاشتراط: الإسلام شرط في شهود الشرب فلا يقبل غير المسلم فيها.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه اشتراط الإسلام في شهود الشرب: أن غير المسلم ليس بعدل، وغير العدل لا تقبل شهادته في الشرب كما تقدم. الأمر الثالث: ثبوت الشرب بالتقيء: وفيه جانبان هما: 1 - الثبوت. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الثبوت: تقيء المسكر يثبت به شربه. الجانب الثاني: التوجيه: وجه ثبوت شرب المسكر بتقيئه ما يأتي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - أقام حد الشرب بالتقيئ وقال: من قاءها فقد شربها (¬1). 2 - ما ورد أن عثمان - رضي الله عنه - أقام حد الشرب بالتقيئ: وقال: إنه لم يتقيأها حتى شربها (¬2). الأمر الرابع: ثبوت الشرب بالرائحة: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب/316. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب/316.

الجانب الأول: الخلاف: اختلف في ثبوت الشرب بالرائحة على قولين: القول الأول: أنه يثبت به. القول الثاني: أنه لا يثبت به. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بثبوت الشرب بالرائحة بما يأتي: 1 - ما ورد عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه جلد رجلا وجد منه رائحة الخمر (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - قال: إني وجدت من عبيد الله ريح شراب فأقر أنه شرب الطلاء (¬2). ووجه الاستدلال به: أن الرائحة دلت على الشرب، وإذا كانت تدل على الشرب ثبت الشرب بها. 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في ماعز: (استنكهوه) فإن مفهومه أنه لو وجدت منه رائحة المسكر ثبت بها شربه. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الشرب لا يثبت بالرائحة: بأن الرائحة قد توجد من غير الشرب ومن ذلك ما يأتي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب 8/ 315. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الأشربة، باب من وجد منه ريح شراب 8/ 315.

1 - المضمضة بالمسكر. 2 - شرب ما تشبه رائحته رائحة المسكر كعصير التفاح. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الشرب لا يثبت بالرائحة. الجزء الثاني: التوجيه: وجه ترجيح القول بأن الشرب لا يثبت بالرائحة: أنه لا تلازم بين الشرب والرائحة كما تقدم في الاستدلال. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجواب عما ورد عن ابن مسعود. 2 - الجواب عما ورد عن عمر. الجزئية الأولى: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عما ورد عن ابن مسعود بثلاثة أجوبة: الجواب الأول: أنه يحتمل أنه أقام الحد لقرائن أخرى مع الرائحة، ولم يقمه بمجرد الرائحة. الجواب الثاني: أنه ليس صريحا بأنه أقام الحد؛ لأن الوارد عنه الجلد، وذلك يحتمل أنه تعزير بما دون الحد. الجواب الثالث: أنه رأي له وقد خالفه عمر حيث لم يكتف بالرائحة.

الجزئية الثانية: الجواب عما ورد عن عمر: يجاب عنه بأن إقامته الحد بالإقرار وليس بالرائحة. الأمر الخامس: السكر: وفيه جانبان هما: 1 - ثبوت الشرب. 2 - التوجيه. الجانب الأول: ثبوت الشرب: السكر يثبت به الشرب بلا خلاف. الجانب الثاني: التوجيه: وجه ثبوت الشرب بالسكر: أن الشرب هو سبب السكر، فإذا وجد الأثر وهو السكر لزم وجود المؤثر وهو الشرب؛ لأن الأثر لا يوجد من غير المؤثر. الفرع الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط ثبوت الشرب لوجوب الحد: أن وجوب الحد بسبب الشرب، فإذا لم يثبت الشرب لم يجب الحد؛ لأن السبب لا يوجد مع انتفاء سببه. المسألة الثانية: الإسلام: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الاشتراط. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - ما يخرج بالشرط. الفرع الأول: الاشتراط: الإسلام شرط لإقامة حد الشرب فلا يقام على غير المسلم. الفرع الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط الإسلام لحد الشرب: أن غير المسلم يعتقد حله ويقر عليه ما لم يظهره فلا يحد به.

الفرع الثالث: ما يخرج بالشرط: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. 3 - شروط الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج من حد الشرب بشرط الإسلام غير المسلم فلا يحد به. الأمر الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج غير المسلم من حد الشرب بشرط الإسلام: أن غير المسلم يعتقد حله ويقر عليه ما لم يظهره فلا يحد به. الأمر الثالث: شرط الخروج: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الشرط. 2 - ما يجب بمخالفته. الجانب الأول: بيان الشرط: شرط خروج غير المسلم من حد الشرب ألا يظهره. الجانب الثاني: ما يجب بمخالفته: وفيه جزءان هما: 1 - بيان ما يجب. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان ما يجب: إذا أظهر غير المسلم الشرب أو تظاهر به وجب تعزيره.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه تعزير غير المسلم إذا أظهر الشرب أو تظاهر به: أن من شروط العهد ألا يظهر شيئا من دينه، والتظاهر بشرب المسكر مناف لهذا الشرط، فيجب التأديب عليه. المسألة الثالثة: العقل: وفيها فرعان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الاشتراط: العقل شرط لإقامة حد الشرب، فغير العاقل لا يقام حد السكر عليه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط العقل لإقامة حد الشرب ما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه: (والمجنون حتى يفيق). 2 - أن غير العاقل لا يدرك ما يفعل فلا يؤاخذ به، ولا يدرك الهدف من العقوبة فلا يحقق الحد بالنسبة له الهدف منه. المسألة الرابعة: العلم: وفيها فرعان هما: 1 - العلم بالتحريم. 2 - العلم بالإسكار. الفرع الأول: العلم بالتحريم: وفيه أمران هما: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398.

1 - توجيه الاشتراط. 2 - أسباب الجهل بالتحريم. الأمر الأول: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط العلم بالتحريم لإقامة الحد ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نفت التعذيب عمن لم تبلغه الدعوة. والجاهل بالحكم في حكمه، فلا يستحق التعذيب. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه دل على تجاوز الله عن الخطأ، والجهل أعظم منه، فيكون بالتجاوز أولى. الأمر الثاني: أسباب الجهل: أسباب الجهل بالتحريم تقدمت في المباحث العامة، ومنها ما يأتي: 1 - قرب العهد بالإسلام. 2 - البعد عن الناس والجهل بأخبارهم، حينما كان ذلك. الفرع الثاني: الجهل بالإسكار: وفيه أمران هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - أمثلة الجهل بالإسكار. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [15]. (¬2) سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي/2043.

الأمر الأول: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط العلم بالإسكار: أن الجاهل معفو عنه كما تقدم في الأمر الأول من الفرع الأول. الأمر الثاني: أمثلة الجهل بالإسكار: من أمثلة الجهل بالإسكار ما يأتي: 1 - الجهل بأن الشراب مسكر. 2 - الجهل بأن كثيره يسكر. المسألة الخامسة: البلوغ: وفيها فرعان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الاشتراط: البلوغ شرط لإقامة حد السكر فلا يقام على من دون البلوغ. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط البلوغ لإقامة حد الشرب: أن من دون البلوغ مرفوع عنه القلم لحديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه (والصبي حتى يحتلم). المسألة السادسة: الاختيار: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الاشتراط. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - أمثلة الإكراه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق او يصيب حدا/4398.

الفرع الأول: الاشتراط: الاختيار شرط لإقامة حد الشرب فلا يقام مع الإكراه. الفرع الثاني: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط الاختيار لإقامة حد الشرب ما يأتي: 1 - حديث: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬1). 2 - أن المكره مسلوب الإرادة في فعله فلا يؤاخذ به. الفرع الثالث: أمثلة الإكراه: من أمثلة الإكراه على تناول المسكر ما يأتي: 1 - التهديد بالقتل. 2 - التهديد في الأهل أو الولد أو المال. 3 - حقن المسكر مع الحلق أو الأنف أو بالإبر. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي/2043.

الموضوع السابع التعزير

الموضوع السابع التعزير قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وهو التأديب، وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، كاستمتاع لا حد فيه، وسرقة لا قطع فيها، وجناية لا قود فيها، وإتيان المرأة المرأة، والقذف بغير الزنا ونحوه، ولا يزاد في التعزير على عشر جلدات، ومن استمنى بيده من غير حاجة عزر. الكلام في هذا الموضوع في المباحث الآتية: 1 - معنى التعزير. 2 - حكم التعزير. 3 - موجب التعزير. 4 - أنواع التعزير. 5 - مقدار التعزير. 6 - مسؤولية التعزير. 7 - العفو عن التعزير.

المبحث الأول معنى التعزير

المبحث الأول معنى التعزير وفيه مطلبان هما: 1 - معنى التعزير في اللغة. 2 - معنى التعزير في الاصطلاح. المطلب الأول معنى التعزير في اللغة التعزير في اللغة: المنع ومنه قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} (¬1). أي تمنعونه. المطلب الثاني معنى التعزير في الاصطلاح قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وهو التأديب. الكلام في هذا المطلب في مسألتين هما: 1 - بيان المعنى. 2 - العلاقة بين المعنيين. المسألة الأولى: بيان المعنى: التعزير في الاصطلاح كما قال المؤلف: التأديب. المسألة الثانية: العلاقة بين المعنيين: العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للتعزير: أن في كل منهما منعا، إلا أن المعنى اللغوي أعم فيشمل المنع من كل مكروه، أما المعنى الاصطلاحي فهو خاص بالمنع من المخالفات الشرعية. ¬

_ (¬1) سورة الفتح، الآية: [9].

المبحث الثاني حكم التعزير

المبحث الثاني حكم التعزير قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة. الكلام في هذا المبحث في ثلاثة مطالب هي: 1 - بيان الحكم. 2 - أدلته. 3 - توجيهه. المطلب الأول بيان الحكم التعزير عند الاقتضاء واجب. المطلب الثاني الأدلة من أدلة التعزير ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إنا أخذوها وشطر ماله) (¬1). فإن شطر المال تعزير. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) (¬2) فإن هذا الضرب تأديب. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة /1575. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة/495.

المطلب الثالث التوجيه

3 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم بتحريق بيوت المتخلفين عن الصلاة (¬1). فإن ذلك تعزير. المطلب الثالث التوجيه وجه وجوب التعزير: أنه لو ترك التعزير في المخالفات التي لا حد فيها لاستشرى الفساد ولأصبح الناس فوضى يشتم بعضهم بعضا، ويعتدي بعضهم على بعض من غير رادع ولا زاجر. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب وجوب صلاة الجماعة/ 644.

المبحث الثالث موجب التعزير

المبحث الثالث موجب التعزير وفيه مطلبان هما: 1 - ضابط الموجب. 2 - الأمثلة. المطلب الأول ضابط الموجب موجب التعزير كل معصية لا حد فيها ولا كفارة. المطلب الثاني الأمثلة من أمثلة ما يوجب التعزير ما يأتي: 1 - الاستمتاع دون الفرج. 2 - الوطء المحرم الذي لا حد فيه. 3 - السرقة التي لا قطع فيها. كسرقة ما دون النصاب أو من غير حرز. 4 - السب دون القذف. 5 - القذف بما لا يوجب الحد، كالقذف بغير الزنا. 6 - حيازة المحرمات كحيازة الخمر، وسائر المسكرات، والمخدرات. 7 - المعاملات المالية المحرمة، كالربا، والغش، والتزوير، والرشوة.

المبحث الرابع أنواع التعزير

المبحث الرابع أنواع التعزير وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - التعزير البدني. 2 - التعزير المالي. 3 - التعزير النفسي. المطلب الأول التعزير البدني وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلته. 2 - حكمه. المسألة الأولى: أمثلة التعزير البدني: من أمثلة التعزير البدني: ما يأتي: 1 - الضرب. 2 - السجن. 3 - منع الطعام والشراب. 4 - التكليف بالأعمال. 5 - النفي. المسألة الثانية: حكم التعزير البدني: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحكم: التعزير البدني: جائز، وهو الأصل في التعزير.

المطلب الثاني التعزير المالي

الفرع الثاني: التوجيه: وجه جواز التعزير البدني ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلد الذي وطئ جارية زوجته وقد أحلتها له (¬1). 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - جلد التي نكحت عبدها (¬2). 3 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - جلد الذي أفطر في نهار رمضان (¬3). 4 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - سجن الذي زور خاتم بيت المال وضربه ونفاه. 5 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - سجن الحطيأة لهجائه. المطلب الثاني التعزير المالي وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلته. 2 - حكمه. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة التعزير المالي ما يأتي: 1 - إحراق رحل الغال. 2 - مصادرة الأموال المغشوشة. 3 - مصادرة الأموال المزورة. 4 - إغلاق المتاجر المخالفة. 5 - الفصل من الوظيفة. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن أتى جارية امرأته/ 8/ 239. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب النكاح، باب النكاح وملك اليمين لا يجتمعان 7/ 127. (¬3) مصنف عبد الرزاق، كتاب الأشربة، باب الشرب في رمضان 9/ 231/ 17042.

المطلب الثالث التعزير النفسي

المسألة الثانية: حكم التعزير المالي: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحكم: التعزير المالي جائز عند الاقتضاء، بأن لم يردع غيره، اْو كان أكثر ردعا. الفرع الثاني: التوجيه: وجه جواز التعزير المالي ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإحراق رحل الغال (¬1). 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مانع الزكاة: (وإنا آخذوها وشطر ماله) (¬2). 3 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - أضعف على حاطب قيمة الناقة التي ذبحها أعبده (¬3). المطلب الثالث التعزير النفسي وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلته. 2 - حكمه. المسألة الأولى: الأمثلة: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في عقوبة الغال /2715. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب زكاة السائمة / 1575. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب ما جاء في تضعيف الغرامة 8/ 278.

من أمثلة التعزير النفسي ما يأتي: 1 - اللوم والتوبيخ. 2 - الهجر بالكلام. 3 - الحرمان من المشاركة في الأنشطة. الفرع الأول: بيان الحكم: التعزير النفسي جائز كغيره. الفرع الثاني: التوجيه: وجه جواز التعزير النفسي ما يأتي: 1 - أن المقصود بالتعزير التأديب والردع عن ارتكاب المخالفات، وذلك يحصل بالتعزير النفسي كما يحصل بغيره فيجوز كما يجوز غيره. 2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هجر بعض المتخلفين عن غزوة تبوك.

المبحث الخامس مقدار التعزير

المبحث الخامس مقدار التعزير 1 - إذا كان بالجلد. 2 - إذا كان بغيره. المطلب الأول إذا كان التعزير بالجلد (*) وفيه ثلاث مسائل: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المسألة الأولى: الخلاف: اختلف في مقدار التعزير على أربعة أقوال: القول الأول: أنه لا يزاد على عشرة أسواط. القول الثاني: أنه لا يزاد على أدنى الحدود. القول الثالث: أنه لا يبلغ به عقوبة جنس فعله. القول الرابع: أن الحاكم يقدره بما يحقق المصلحة ويدفع المفسدة. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها أربعة فروع هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. 4 - توجيه القول الرابع.

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وسقط المطلب الثاني فلم يُذكر

الفرع الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم الزيادة في التعزير على عشرة أسواط بحديث: (لا يجلد فوق عشرة أسواط في غير حد من حدود الله) (¬1). الفرع الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأنه لا يبلغ بالتعزير أدني الحدود: بأن المعصية المنصوص على عقوبتها أعظم من التي لم ينص على عقوبتها، فلا يجوز أن تبلغ عقوبة الأخف عقوبة الأشد. الفرع الثالث: توجيه القول الثالث: وفيه أمران هما: 1 - توجيه منع التعزير بعقوبة جنس الفعل. 2 - توجيه جواز زيادة التعزير على عقوبة غير جنس الفعل. الأمر الأول: توجيه منع التعزير بعقوبة جنس الفعل: وجه ذلك: ما تقدم في توجيه القول الثاني. الأمر الثاني: توجيه جواز زيادة التعزير على عقوبة غير جنس الفعل: وجه ذلك: أنه لا يلزم منه زيادة عقوبة الفعل الأدنى على عقوبة الفعل الأعلى، لاْنه قد يكون محل التعزير أعلى من محل الحد. كوطء أمة الزوجة إذا أحلتها ووطء الأمة المشتركة، فإنه أشد من القذف وشرب المسكر، ولذا زيد في ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب كم التعزير/ 6850.

تعزير هذا الوطء على عقوبة القذف والشرب، كما سيأتي في توجيه القول الرابع. الفرع الرابع: توجيه القول الرابع: وجه القول بأن الحاكم يقدر التعزير بما يحقق المصلحة ويدفع المفسده بما يأتي: 1 - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلد الذي وطئ أمة امرأته بإذنها مائة جلدة (¬1). 2 - قول عمر في أمة بين رجلين يطأها أحدهما يجلد مائة جلدة إلا سوطا (¬2). 3 - ما ورد أن عمر جلد الذي زور خاتم بيت المال مائة جلدة. المسألة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة المخالفين. الفرع الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الحاكم هو الذي يقدر التعزير بما يحقق المصلحة ويزجر عن المفسدة. الفرع الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الحاكم هو الذي يقدر التعزير: أن الهدف من التعزير هو تحقيق المصلحة والزجر عن المفسدة، وذلك يختلف باختلاف الأزمنة ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحدود، باب الذي يأتي جارية امرأته 8/ 239. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب الأمة فيها شركاء يصيبها بعضهم/ 7/ 358/ 3466.

والأمكنة والأحوال والأشخاص، فيترك الأمر إلى الحاكم ليقرر ما يراه محققا للهدف من التعزير. الفرع الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه أمران هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالحديث. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأنه لا يبلغ بعقوبة الأخف عقوبة الأشد. الأمر الأول: الجواب عن الاحتجاج بالحديث: أجيب عن ذلك: بأن المراد بالحديث العقوبة مطلقا وليس المراد العقوبة المحددة فتشمل عقوبة التعزير، فيكون الحديث دليلا على جواز زيادة عقوبة التعزير على القدر الوارد في الحديث، ويكون المراد به العقوبات التأديبية غير التعزيرية كتأديب الزوجة والأولاد. الأمر الثاني: الجواب عن الاحتجاج بمنع بلوغ عقوبة الأخف عقوبة الأشد: يجاب عن ذلك: بأن العقوبة منوطة بالمفسدة، فإذا كانت مفسدة الأخف تزيد على مفسدة الأشد لم يمتنع أن تزيد عقوبة الأخف على عقوبة الأشد، كأصحاب السوابق، وإذا لم تزد مفسدة الأخف فلن يبلغ بعقوبته عقوبة الأشد.

المبحث السادس مسؤولية التعزير

المبحث السادس مسؤولية التعزير وفيه مطلبان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. المطلب الأول بيان المسؤولية مسؤولية التعزير: منوطة بالحاكم كالحدود. المطلب الثاني التوجيه وجه إناطة مسؤولية التعزير بالحاكم ما يأتي: 1 - أن الحاكم هو المسؤول عن تحقيق الأمن وضبط الأمور. 2 - أن تعميم مسؤولية التعزير يؤدي إلى الفوضى والظلم والعدوان.

المبحث السابع العفو عن التعزير

المبحث السابع العفو عن التعزير وفيه مطلبان هما: 1 - إذا كان لله. 2 - إذا كان لآدمي. المطلب الأول العفو عن التعزير إذا كان حقا لله وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلة التعزير الذي لله. 2 - العفو. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة التعزير الذي لله ما يأتي: 1 - الفطر في نهار رمضان. 2 - منع الزكاة بخلا. 3 - ترك الصلاة مع الجماعة على القول بوجوبها. 4 - التعامل بالربا. 5 - الغش. 6 - التزوير. 7 - التدليس. 8 - التطفيف. المسألة الثانية: العفو: وفيها فرعان هما: 1 - العفو. 2 - التوجيه. الفرع الأول: العفو: إذا كان التعزير حقا لله جاز للحاكم العفو عنه إذا رأى أن المصلحة فيه.

المطلب الثاني العفو عن التعزير إذا كان حقا لآدمي

الفرع الثاني: التوجيه: وجه جواز العفو عن التعزير إذا كان حقا لله ما يأتي: 1 - ما ورد أن رجلا قال لرسول - صلى الله عليه وسلم -: أصبت من امرأة كل شيء إلا الزنا. فقرأ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قول الله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ولم يعزره (¬1). 2 - أن العفو قد يكون أشد تأثيرا في بعض الناس من العقوبة. المطلب الثاني العفو عن التعزير إذا كان حقا لآدمي وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلة التعزير الذي لآدمي. 2 - العفو. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة التعزير الذي للآدمي ما يأتي: 1 - القذف بغير الزنا واللواط. 2 - السب والشتم. 3 - الضرب الذي لا ضمان فيه. المسألة الثانية: العفو: وفيها فرعان هما: 1 - العفو من صاحب الحق. 2 - العفو من الحاكم. الفرع الأول: العفو من صاحب الحق: وفيه أمران هما: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع/4468.

1 - العفو. 2 - التوجيه. الأمر الأول: العفو: العفو عن التعزير من صاحب الحق جائز. الأمر الثاني: التوجيه: وجه جواز العفو عن التعزير من صاحب الحق: أنه هو صاحب الحق وحده، فإذا عفى عنه جاز، عفوه عنه لعدم المانع، إذ لا مشارك له فيه ولا منازع. الفرع الثاني: العفو من الحاكم: وفيه أمران هما: 1 - حكم العفو. 2 - التوجيه. الأمر الأول: حكم العفو: إذا كان التعزير حقا لآدمي لم يجز للحاكم أن يعفو عنه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز عفو الحاكم عن التعزير الخاص بالآدمي: أنه لا ولاية له على الحقوق الخاصة، فلا يملك العفو عنها، لعدم الصفة. انتهى المجلد الأول ويليه المجلد الثاني وأوله حد السرقة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المُطْلِعْ عَلى دَقَائِق زَاد المُسْتَقْنِع «فقه الجنايات والحدود» [4]

(ح) دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع، 1432 هـ فهرسة مكتبة الْملك فَهد الوطنية أثْنَاء النشر اللَّاحِم، عَبد الكَريم بن محمَّد المطلع على دقائق زَاد المستقنع فقه الْجِنَايَات وَالْحُدُود/ عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد اللاحم - الرياض 1432 هـ 4 مج 380 صفحة: 17 × 24 سم. ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 2 - 63 - 8055 - 603 - 978 (ج 4) 1 - الْجِنَايَات (فقه إسلامي) أ - العنوان ديوي 255 ... 1219/ 1432 رقم الْإِيدَاع: 1219/ 1432 ردمك: 5 - 59 - 8055 - 603 - 978 (مَجْمُوعَة) 2 - 63 - 8055 - 603 - 978 (ج 4) جَمِيْعُ الحُقُوقِ مَحَفُوظَةٌ الطَّبْعَةُ الأُوْلَى 1432 هـ - 2011 م دَارِ كُنُوزِ إشْبِيْلِيَا للنشر والتوزيع المملكة الْعَرَبيَّة السعودية ص. ب: 27261 - الرياض: 11417 هَاتِف: 4914776 - 4968994 - فاكس: 4453203 E-mail: [email protected]

الموضوع الثامن حد السرقة

الموضوع الثامن حد السرقة وفيه اثنا عشر مبحثا هي: 1 - تعريف السرقة. 2 - حكم السرقة. 3 - شروط القطع في السرقة. 4 - مسؤولية القطع. 5 - محل القطع. 6 - الشفاعة في السارق. 7 - تلقين السارق الإنكار. 8 - إعادة المقطوع بعد القطع. 9 - قتل السارق. 10 - تكرار السرقة. 11 - الجو الذي يمنع القطع فيه. 12 - رد المسروق.

المبحث الأول تعريف السرقة

المبحث الأول تعريف السرقة وفيه مطلبان هما: 1 - تعريف السرقة في اللغة. 2 - تعريف السرقة في الاصطلاح. المطلب الأول تعريف السرقة في اللغة السرقة في اللغة: الأخذ على وجه الاختفاء. المطلب الثاني تعريف السرقة في الاصطلاح وفيه مسألتان هما: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف. المسألة الأولى: التعريف: السرقة في الاصطلاح: أخذ الملتزم البالغ نصابا من حرز مثله من مال معصوم لا شبهة له فيه على وجه الاختفاء. المسألة الثانية: ما يخرج بالتعريف: وفيها عشر فروع هي: 1 - ما يخرج بكلمة (أخذ). 2 - ما يخرج بكلمة (الملتزم). 3 - ما يخرج بكلمة (البالغ). 4 - ما يخرج بكلمة (العاقل). 5 - ما يخرج بكلمة (نصابا). 6 - ما يخرج بكلمة (من حرز مثله).

7 - ما يخرج بكلمة (مال). 8 - ما يخرج بكلمة (معصوم). 9 - ما يخرج بكلمة (لا شبهة له فيه). 10 - ما يخرج بكلمة (على وجه الفرع الأول: ما يخرج بكلمة (أخذ): وفيه أمران هما: 1 - ضابط ما يخرج. 2 - أمثلته. الأمر الأول: ضابط ما يخرج: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الضابط. 2 - توجيه الخروج. الجانب الأول: بيان الضابط: الذي يخرج بكلمة (أخذ) ما يحصل تحت اليد من غير فعل من حصل تحت يده. الجانب الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج ما يحصل تحت اليد من غير فعل من حصل تحت يده من تعريف السرقة: أنه لا إرادة لن حصل تحت يده في حصوله فلا يؤاخذ به. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما يحصل تحت اليد من غير فعل من حصل تحت يده ما يأتي: 1 - ما يحصل في المنزل من الملابس ونحوها بفعل الريح. 2 - ما يختلط بالماشية من ماشية الغير كالغنم والبقر والإبل. 3 - ما يدخل في الحضائر من طيور الغير. 4 - ما ينزل من البضائع خطأ في محلات الغير.

الفرع الثاني: ما يخرج بكلمة (الملتزم): وفيه أمران هما: 1 - بيان المراد بالملتزم. 2 - ما يخرج. الأمر الأول: بيان المراد بالملتزم: المراد بالمتلزم، المسلم والذمي. الأمر الثاني: ما يخرج: وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الجانب الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة الملتزم من يأتي: 1 - الحربي. 2 - المعاهد. 3 - المستأمن. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه خروج الحربي. 2 - توجيه خروج المعاهد والمستأمن. الأمر الأول: توجيه خروج الحربي: وجه خروج الحربي من القطع بالسرقة: أن حكمه إذا ظفر به القتل وهو أعظم من القطع؛ لأنه إتلاف للجملة فلا يبقى حاجة إلى القطع. الأمر الثاني: توجيه خروج المعاهد والمستأمن: وجه خروج المعاهد والمستأمن من القطع بالسرقة: أن السرقة تبطل العهد والأمان فيكون حكمهما حكم الحربي.

الفرع الثالث: ما يخرج بكلمة (البالغ): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: يخرج بكلمة (البالغ) من دون البلوغ فلا قطع عليه. الأمر الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج غير البالغ من القطع بالسرقة ما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه (والصبي حتى يحتلم). 2 - أن القطع حكم تكليفي ومن دون البلوغ غير مكلف. الفرع الرابع: من يخرج بكلمة (العاقل): وفيه أمران هما: 1 - بيان من يخرج. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان من يخرج: الذي يخرج بكلمة (العاقل) من يأتي: 1 - المجنون. 2 - المعتوه. 3 - زائل العقل بالمسكر على الخلاف فيه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج غير العاقل من القطع بالسرقة ما تقدم في توجيه خروج غير البالغ. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/4398.

الفرع الخامس: ما يخرج بكلمة (نصابا): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (نصابا) سرقة ما دون النصاب فإنه لا قطع فيه. الأمر الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج سرقة ما دون النصاب من القطع ما يأتي: 1 - حديث: (لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا) (¬1). 2 - أن الأصل عدم القطع فيما لم يدل الدليل على القطع به. الفرع السادس: ما يخرج بكلمة (من حرز مثله): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (من حرز مثله) السرقة من غير حرز المثل. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج السرقة من غير حرز من القطع بالسرقة: حديث: (لا قطع في تمر حتى يؤويه الجرين) (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها / 1684/ 2. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي, كتاب السرقة، باب القطع في كل ما له ثمن 8/ 263.

الفرع السابع: ما يخرج بكلمة (مال): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: وفيه جانبان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - أمثلته. الجانب الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (مال) غير المال. الجانب الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما ليس بمال ما يأتي: أ - المحرم ومنه ما يأتي: 1 - الخمر. 2 - الميتة. 3 - الخنزير. 4 - آلات اللهو الخاصة به. 5 - الأدهان النجسة والمتنجسة. ب - ما لا يعد ما لا ومنه ما يأتي: 1 - التراب. 2 - الآدمي الحر. الأمر الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج ما ليس بمال من القطع بسرقته: أنه لا قيمة له. الفرع الثامن: ما يخرج بكلمة (معصوم): وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان المراد بالمعصوم. 2 - ما يخرج. 3 - توجيه الخروج.

الأمر الأول: بيان المراد بالمعصوم: المعصوم هو المسلم، والذمي، والمعاهد، والمستأمن. الأمر الثاني: بيان من يخرج: الذي يخرج بكلمة (معصوم) في باب السرقة: الحربي. الأمر الثالث: توجيه الخروج: وجه خروج الحربي من القطع بسرقة ماله أن ماله غير محترم، ويجوز الاستيلاء عليه بأي وسيلة وعلى أي وجه. الفرع التاسع: ما يخرج بكملة (لا شبهة له فيه): وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - أمثلة ما فيه شبهة. 3 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (لا شبهة له فيه): ما فيه شبهة. الأمر الثاني: أمثلة ما فيه الشبهة: من أمثلة ما فيه الشبهة ما يأتي: 1 - مال الزوج. 2 - مال الزوجة. 3 - بيت المال. 4 - مال الشريك. 5 - مال السيد. 6 - مال الولد. 7 - مال الوالد. 8 - مال المكاتب. 9 - مال الوقف على جهة يدخل السارق فيها. 10 - الغنيمة.

الأمر الثالث: توجيه الخروج: وجه خروج ما فيه شبهة من القطع بسرقته ما يأتي: 1 - حديث: (ادرأوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم) (¬1). 2 - أن الأصل عدم جواز القطع فلا يقطع مع الشبهة. الفرع العاشر: ما يخرج بكلمة (على وجه الاختفاء): وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - ما يخرج 2 - توجيه الخروج. 3 - الأمثلة. الأمر الأول: ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (على وجه الاختفاء) الأخذ من غير اختفاء. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج ما يؤخذ اختفاء من القطع بأخذه: أن القطع بالسرقة والأخذ من غير اختفاء لا يعتبر سرقة. الأمر الثالث: الأمثلة: من أمثلة الأخذ من غير اختفاء ما يأتي: 1 - الغصب. 2 - الاختلاس. 3 - النهب. 4 - جحد العارية. 5 - جحد الوديعة. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه، كتاب الحدود، ما جاء في درء الحدود/1424.

المبحث الثاني حكم السرقة

المبحث الثاني حكم السرقة وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - بيان الحكم. 2 - توجيهه. 3 - أدلته. المطلب الأول بيان الحكم السرقة حرام، وهي من كبائر الذنوب. المطلب الثاني التوجيه وجه كون السرقة من الكبائر ما يترتب عليها من المفاسد التي منها: 1 - أكل أموال الناس بالباطل. 2 - الإخلال بالأمن، وإحداث الخوف والرعب في المجتمع. 3 - إضعاف النمو الاقتصادي. 4 - زيادة البطالة، وإضعاف العمل. المطلب الثالث الدليل من أدلة تحريم السرقة ما يأتي:

1 - قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أن القطع عقوبة والعقوبة لا تكون إلا على معصية. 2 - قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أن السرقة من أكل الأموال بالباطل وقد نهت الآية عنه. 3 - حديث: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم) (¬3). 4 - حديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) (¬4). ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [38]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [188]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء/1679. (¬4) صحيح البخاري، كتاب المظالم/ باب النهبى/2475.

المبحث الثالث شروط القطع في السرقة

المبحث الثالث شروط القطع في السرقة وفيه ثمانية مطالب: 1 - السرقة. 2 - ما تثبت به السرقة. 3 - مالية المسروق. 4 - بلوغ المسروق نصابا. 5 - إخراج المسروق من الحرز. 6 - انتفاء الشبهة. 7 - المطالبة بالسرقة. 8 - ملكية المسروق منه للمسروق. المطلب الأول السرقة وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - معنى السرقة. 2 - دليل الاشتراط. 3 - ما يخرج بالشرط. المسألة الأولى: معنى السرقة: وقد تقدم ذلك في تعريف السرقة. المسألة الثانية: دليل الاشتراط: دليل اشتراط السرقة للقطع بها: هو أدلة تحريم السرقة المتقدمة. المسألة الثالثة: ما يخرج بالشرط: وفيها ثمانية فروع هي: 1 - الانتهاب. 2 - الاختلاس.

3 - الغصب. 4 - جحد الوريعة. 5 - جحد العارية. 6 - الأخذ ببط الجيب ونحوه. 7 - الغلول. 8 - الخيانة. الفرع الأول: الانتهاب: وفيه أمران هما: 1 - معنى الانتهاب. 2 - خروجه. الأمر الأول: معنى الانتهاب: الانتهاب هو خطف الشيء والهروب بسرعة. الأمر الثاني: الخروج: قال المؤلف - رحمه الله تعالى: فلا قطع على منتهب. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - الخروج. 2 - دليل الخروج. الجانب الأول: الخروج: الانتهاب خارج من القطع بالسرقة، سواء كان الانتهاب من اليد أم من الجيب أم من المحل. الجانب الثاني: دليل الخروج: دليل الانتهاب من القطع في السرقة ما يأتي: 1 - حديث: (ليس على المنتهب قطع) (¬1). 2 - أن القطع بالسرقة وهي لا تنطبق على الانتهاب. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب القطع في الخلسة/ 4391.

الفرع الثاني: الاختلاس: وفيه أربعة أمور هي: 1 - معنى الاختلاس. 2 - خروجه. 3 - الفرق بينه وبين الانتهاب. 4 - الفرق بينه وبين السرقة. الأمر الأول: معنى الاختلاس: الاختلاس هو أخذ الشيء بغفلة أو انشغال من صاحبه. الأمر الثاني: الخروج: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ولا مختلس. الكلام في هذا الأمر في جانبين هما: 1 - الخروج. 2 - دليل الخروج. الجانب الأول: الخروج: الاختلاس لا قطع فيه، سواء كان الاختلاس من الجيب أم من غيره. الجانب الثاني: الدليل: دليل خروج الاختلاس من القطع بالسرقة ما يأتي: 1 - حديث: (ليس على الخائن ولا المختلس قطع) (¬1). 2 - أن القطع بالسرقة، وهي لا تنطبق على الاختلاس. الأمر الثالث: الفرق بين الاختلاس والانتهاب: الفرق بين الاختلاس والانتهاب: أن الاختلاس: الأخذ بغفلة من المأخوذ منه وانشغال عن الآخذ، من غير هروب، أما الانتهاب فهو الأخذ والهرب بسرعة من غير غفلة ولا انشغال. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب القطع في الخلسة 4392، 4393.

الأمر الرابع: الفرق بين الاختلاس والسرقة: الفرق بين الاختلاس والسرقة: أن الاختلاس يحصل مع حضور المأخوذ منه، أما السرقة فتكون بتخف عن المسروق منه. ومن وجه آخر: أن التخفي في الاختلاس في الأخذ دون الجسم. أما السرقة فهي تخف في الأخذ والجسم. الفرع الثالث: الغصب: قال المؤلف - رحمه الله: ولا غاصب. الكلام في هذا الفرع في أمرين هما: 1 - معنى الغصب. 2 - الخروج. الأمر الأول: معنى الغصب: الغصب هو الاستيلاء بالغلبة والقوة من غير رضا. الأمر الثاني: الخروج: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الخروج: الغصب خارج من القطع بالسرقة، سواء كان لثابت أم منقول. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج الغصب من القطع بالسرقة: أن القطع بالسرقة، والغصب لا ينطبق عليه حد السرقة. الفرع الرابع: جعد الوديعة: قال المؤلف - رحمه الله -: ولا خائن في وديعة.

الكلام في هذا الفرع في أمرين هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الخروج: الخيانة في الوديعة خارجة من القطع بالسرقة. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج جحد الوديعة من القطع بالسرقة: أن حد السرقة لا ينطبق عليه. الفرع الخامس: جحد العارية: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: أو عارية. الكلام في هذا الفرع في ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في خروج جحد العارية من القطع على قولين: القول الأول: أنه لا يخرج فيقطع به. القول الثاني: أنه يخرج فلا يقطع به. الأمر الثالث: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالقطع يجحد العارية بما يأتي:

1 - ما ورد أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها (¬1). الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم القطع بالجحد بما يأتي: 1 - حديث: (لا قطع على الخائن) (¬2). 2 - أن القطع بالسرقة، والخيانة ليست سرقة، فلا يقطع بها. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن جحد العارية لا قطع فيه. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم القطع يجحد العارية ما يأتي: 1 - أن حد السرقة لا ينطبق عليه. 2 - أن الأصل عدم القطع ولا دليل عليه، وما استدل به المخالفون سيأتي الجواب عنه. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن ذلك: بأن قطع المرأة كانت بالسرقة وليس بالجحد بدليل ما يأتي: ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره 1688/ 8. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب القطع في الخيانة والخلسة/ 4392.

1 - قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كلمه أسامة في المرأة: (إنما أهلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه عزا القطع إلى السرقة لا إلى الجحد. 2 - ما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: إن قريشا أهمهم أمر المخزومية التي سرقت (¬2). فوصفتها بالسرقة لا بالجحد. 3 - أن حمل القطع على السرقة هو الذي تجتمع فيه الأدلة، ما ورد في القطع، ونفي القطع عن الجاحد. الفرع السادس: الطرار الذي يبط الجيب ونحوه: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ويقطع الطرار الذي يبط الجيب أو غيره ويأخذ منه. الكلام في هذا الفرع في أمرين: 1 - معنى الطرار. 2 - خروجه من القطع. الأمر الأول: معنى الطرار: الطرار هو الذي يشق الجيب ونحوه ويأخذ ما فيه. الأمر الثاني: الخروج من القطع: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف 1688/ 8. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف / 1688/ 8.

الجانب الأول: الخلاف: اختلف في قطع الطرار على قولين: القول الأول: أنه يقطع. القول الثاني: أنه لا يقطع. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقطع الطرار: بأنه قد سرق ما لا محترما من حرز، خفية فيقطع كغيره. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الطرار لا يقطع: بأنه يمكن الاحتراز منه فلا يقطع كالمختلس. الجائب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالقطع. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح قطع الطرار: أنه أشد خطرا من السرقة من البيوت والمحلات؛ لأن المحلات يمكن حفظها بالأبواب والحراسة، أما الطرار فيلاحق الناس في الزحام وأماكن الغفلة والانشغال.

الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول بأنه: وإن كان الإنسان في حال اليقظة والاحتراس، فإن الغفلة لا بد منها خصوصا في الزحام، وحالات الضيق، وهذه هي فرص الطرارين والنشالين. الفرع السابع: الغلول: وفيه أمران هما: 1 - معنى الغلول. 2 - خروج الغال من القطع. الأمر الأول: معنى الغلول: الغلول: هو إخفاء شيء من الغنيمة. الأمر الثاني: خروج الغال من القطع: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الخروج: الغال خارج من القطع فلا قطع بالغلول. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج الغال من القطع ما يأتي: 1 - أن حد السرقة لا ينطبق عليه؛ لأن الغلول إخفاء المجاهد لما يحصل عليه من الغنيمة أو بعضه، وليس أخذ الشيء من مال الغير. 2 - أن الغلول كان موجودا ولم يرد القطع به، كصاحب الشملة، والذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإحراق رحله.

الفرع الثامن: الخيانة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى: ولا خائن. الكلام في هذا الفرع في ثلاثة أمور هي: 1 - معنى الخيانة. 2 - أمثلة الخيانة. 3 - خروج الخائن من القطع. الأمر الأول: معنى الخيانة: الخيانة هي الغدر في موضع الائتمان. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الخيانة ما يأتي: 1 - جحد الوديعة. 2 - جحد العارية. 3 - جحد العين المؤجرة أو أخذ شيء منها. 4 - جحد الدين الذي في الذمة. 5 - جحد العين المرهونة. الأمر الثالث: خروج الخائن من القطع: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الخروج: الخائن خارج من القطع فلا قطع عليه. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج الخائن من القطع ما يأتي:

المطلب الثاني ما تثبت به السرقة

1 - حديث: (ليس على الخائن والمختلس قطع) (¬1). 2 - أن القطع بالسرقة، والخيانة لا ينطبق عليها حد السرقة. المطلب الثاني ما تثبت به السرقة وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - الإقرار. 2 - الشهادة. 3 - القرائن. المسألة الأولى: الإقرار: وفيها أربعة فروع هي: 1 - العمل بالإقرار. 2 - مرات الإقرار. 3 - الرجوع عن الإقرار. 4 - شروط القطع في الإقرار. الفرع الأول: العمل بالإقرار: وفيه أمران هما: 1 - العمل. 2 - التوجيه. الأمر الأول: العمل: الإقرار من أقوى وسائل الإثبات، والعمل به أولى من العمل بالشهادة. الأمر الثاني: التوجيه: وجه العمل بالإقرار ما يأتي: أ - ثبوت العمل به عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك ما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب القطع في الخلسة 4392، 4393.

1 - رجم ماعز بإقراره (¬1). 2 - رجم الغامدية بإقرارها (¬2). 3 - رجم التى زني بها العسيف بإقرارها (¬3). 4 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع سارقا بإقراره (¬4). ب - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - قطع سارقا بإقراره (¬5). جـ - أن الإقرار شهادة من المقر على نفسه وهو غير متهم في حقها. فتقبل كغيرها وأولى. الفرع الثاني: مرات الإقرار: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في عدد مرات الإقرار الموجب للقطع على قولين: القول الأول: أنه مرتان. القول الثاني: أنه مرة. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب رجم ماعز/ 4419. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4440. (¬3) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها/ 4445. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب التلقين بالحد/ 4380. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، في الرجل يقر بالسرقة/ 28774.

الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن عدد مرات الإقرار بموجب القطع مرتان بما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقطع السارق إلا بعد الإقرار مرتين (¬1). 2 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - لم يقطع السارق إلا بعد أن أقر وقال له: شهدت على نفسك (¬2). 3 - أن القطع يتضمن إتلافا في حد فاعتبر فيه التكرار كحد الزنا. 4 - أن الإقرار أحد حجتي القطع فاعتبر فيه التكرار كالشهادة. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بثبوت القطع بالإقرار مرة واحدة بما يأتي: أن القطع يثبت بالإقرار فلم يعتبر فيه التكرار كحق الآدمي. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب التلقين في الحد/ 4380. (¬2) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، باب في الرجل يقر بالسرقة/ 28774.

الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن التكرار شرط في الإقرار. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن التكرار شرط في الإقرار ما يأتي: 1 - أن أدلته أظهر. 2 - أنه أحوط. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه قياس مع الفارق، وذلك من ثلاثة وجوه: الوجه الأول: أنه في مقابل بقياسه على حد الزنا، وهو أولى منه؛ لأن كل منهما حق لله. الوجه الثاني: أن حق الآدمي مبناه على المشاحة فيثبت بالإقرار مرة واحدة، بخلاف القطع فإنه حق لله وهو يبنى على المسامحة، فلا يكتفى فيه بالمرة الواحدة. الوجه الثالث: أن الإقرار بحق الله يجوز الرجوع عنه، والإقرار بحق الآدمي لا يجوز الرجوع عنه لما تقدم. الفرع الثالث: الرجوع عن الإقرار: وفيه أمران هما: 1 - الرجوع قبل البدء بالتنفيذ. 2 - الرجوع أثناء التنفيذ. الأمر الأول: الرجوع عن الإقرار قبل البدء بالتنفيذ: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح.

الجانب الأول: الخلاف: اختلف في قبول الرجوع عن الإقرار بموجب القطع على قولين: القول الأول: أنه يقبل. القول الثاني: أنه لا يقبل. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقبول الرجوع عن الإقرار بما يوجب القطع بما يأتي: 1 - ما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرَّض للمقر بالرجوع فقال: (لا (إخالك سرقت) (¬1) ولو كان الرجوع غير مقبول لما عرَّض له. 2 - أن الإقرار بالزنا يجوز الرجوع عنه، فكذلك موجب القطع من باب أولى. 3 - أن الحدود تدرأ بالشبهات، والرجوع عن الإقرار شبهة فيدرأ الحد بها. 4 - أن رجوع الشهود يقبل فكذلك الإقرار. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم قبول الرجوع عن الإقرار بموجب القطع: بأن الإقرار بموجب القصاص لا يقبل فكذلك القطع. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، 8/ 276.

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - قبول الرجوع. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بقبول الرجوع ما يأتي: 1 - أن أدلته أظهر وأقوى. 2 - أنه أحوط. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس الرجوع عن الإقرار بما يوجب القطع على الرجوع عن الإقرار بما يوجب القصاص: قياس مع الفارق؛ لأن القطع في السرقة حق لله، وحقوق الله تبنى على المسامحة، وحقوق الآدميين مبناها على الضيق والمشاحة. الأمر الثاني: الرجوع عن الإقرار أثناء التنفيذ: وفيه جانبان هما: 1 - قبول الرجوع. 2 - تكميل القطع بعد الرجوع على القول بقبول الرجوع. الجانب الأول: قبول الرجوع: قبول الرجوع عن الإقرار أثناء القطع كقبوله قبل البدء بالقطع مجري فيه الخلاف السابق. الجانب الثاني: تكميل القطع: وفيه جزءان هما:

1 - إذا أمكن ثبوت المقطوع. 2 - إذا لم يمكن ثبوت المقطوع. الجزء الأول: إذا أمكن ثبوت المقطوع: وفيه جزئيتان هما: 1 - إكمال القطع. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: إكمال القطع: إذا أمكن ثبوت المقطوع إذا ترك لم يجز إكمال القطع ولو أذن فيه المقطوع. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه منع إكمال القطع إذا منع المقطوع. 2 - توجيه منع إكمال القطع إذا أذن المقطوع. الفقرة الأولى: توجيه منع إكمال القطع إذا منع المقطوع: وجه منع إكمال القطع إذا منع المقطوع: أن الرجوع عن الإقرار يعيد العصمة للعضو لعدم الموجب للقطع فلا يجوز القطع من غير موجب. الفقرة الثانية: توجيه منع إكمال القطع إذا أذن المقطوع: وجه منع إكمال القطع ولو أذن المقطوع: أنه لا يملك التصرف في شي من جسمه؛ لأنه ملك لله، فلا يصح إذنه بإتلاف شيء منه لعدم الصفة. الجزء الثاني: إكمال القطع إذا لم يمكن ثبوت المقطوع: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا أذن المقطوع. 2 - إذا لم يأذن المقطوع. الجزئية الأولى: إذا أذن المقطوع: وفيها فقرتان هما:

1 - الإكمال. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: إكمال القطع: إذا لم يمكن ثبوت العضو إذا لم يكمل قطعه جاز إكمال قطعه بالإذن فيه. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جواز إكمال قطع العضو إذا لم يمكن ثبوته لو ترك: أنه لا فائدة في بقائه وقد يضر فتجوز إزالته، كالزائدة، والعضو الفاسد. الجزئية الثانية: إذا لم يأذن المقطوع بإكمال القطع: وفيها فقرتان هما: 1 - الإكمال. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الإكمال: إذا لم يأذن المقطوع بإكمال القطع لم يجز القطع ولو كان العضو المقطوع لا فائدة فيه. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز إكمال القطع إذا لم يأذن المقطوع ولو كان بقاء العضو لا فائدة فيه: أن إكمال القطع وتركه من حق المقطوع فلا يجبر عليه. الفرع الرابع: ذكر شروط القطع في الإقرار: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة ما يجب ذكره في الإقرار. 2 - التوجيه. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة ما يجب ذكره في الإقرار ما يأتي: 1 - مقدار المسروق 2 - الحرز.

3 - الإخراج من الحرز. الأمر الثاني: التوجيه: وجه وجوب ذكر شروط السرقة في الإقرار دفع توهم المقر أن فعله يوجب القطع وهو ليس كذلك. المسألة الثانية: الشهادة: وفيها خمسة فروع هي: 1 - عدد الشهود. 2 - شروط الشهود. 3 - شروط الشهادة. 4 - اختلاف الشهود. 5 - الرجوع عن الشهادة. الفرع الأول: عدد الشهود: وفيه أمران هما: 1 - بيان العدد. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان العدد: عدد الشهود الذين يثبت بهم القطع لا يقل عن اثنين. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط تعدد الشهود في إثبات القطع الاحتياط ودفع التوهم من الواحد. الفرع الثاني: شروط الشهود: يشترط في شهود القطع في السرقة ما يشترط في شهود الزنا على ما تقدم هناك. الفرع الثالث: شروط الشهادة: وفيه أمران هما:

1 - بيان الشروط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الشروط: الشروط في الشهادة الموجبة للقطع ذكر ما يزول به اللبس ومن ذلك ما يأتي: 1 - نوع المسروق. 2 - قدر المسروق. 3 - قيمة المسروق. 4 - الحرز. 5 - الإخراج من الحرز. 6 - وصف المسروق. 7 - التاريخ. 8 - مكان السرقة. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط ما ذكر في الشهادة حتى يزول اللبس، لئلا يظن أن ما حصل يوجب القطع وهو لا يوجبه. الفرع الرابع: اختلاف الشهود: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة الاختلاف. 2 - أثر الاختلاف على الحكم. الأمر الأول: أمثلة الاختلاف: من أمثلة اختلاف الشهود ما يأتي: 1 - الاختلاف في التاريخ، مثل أن يحدد بعضهم يوم الجمعة ويحدد الآخر الخميس. 2 - الاختلاف في نوع المسروق، مثل أن يحدد أحدهم أن المسروق عنز، ويحدد الآخر أنه شاة.

3 - الاختلاف في اللون مثل أن يذكر أحدهم أن المسروق أسود ويذكر الآخر أنه أبيض. 4 - الاختلاف في المكان مثل أن يذكر أحدهم أن السرقة من المستودع. ويذكر الآخر أنها من الدكان. الأمر الثاني: أثر اختلاف الشهود على الحكم: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الأثر: إذا اختلف الشهود في وصف السرقة لم تقبل شهادتهم، ولم يثبت القطع بها. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم قبول الشهادة إذا اختلف الشهود أنه لا يكمل نصاب الشهادة لاختلاف الواقعة المشهود بها. الفرع الخامس: الرجوع عن الشهادة: وفيه أمران هما: 1 - قبول الرجوع. 2 - أثر الرجوع. الأمر الأول: قبول الرجوع: الرجوع عن الشهادة مقبول، فإذا رجع الشهود عن الشهادة بطلت شهادتهم. الأمر الثاني: أثر الرجوع: وفيه جانبان هما:

1 - أثر الرجوع قبل الحكم. 2 - أثر الرجوع بعد الحكم. الجانب الأول: أثر الرجوع قبل الحكم: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الأثر: إذا رجع شهود السرقة قبل القطع بطلت شهادتهم ولم بين عليها شيء. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئينان هما: 1 - توجيه عدم القطع. 2 - توجيه عدم ضمان المال. الجزئية الأولى: توجيه عدم القطع: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه عدم قطع المشهود عليه. 2 - توجيه عدم قطع الشهود. الفقرة الأولى: توجيه عدم قطع المشهود عليه: وجه عدم قطع المشهود عليه إذا رجع الشهود: أن سبب القطع السرقة ولم تثبت. الفقرة الثانية: توجيه عدم قطع الشهود: وجه عدم قطع الشهود إذا رجعوا قبل القطع: أنه لم يحصل بشهادتهم قطع فلا يلزمهم القطع؛ لأن قطعهم قصاص، ولم يحصل منهم له موجب. الجزئية الثانية: توجيه عدم ضمان المال: وجه عدم ضمان شهود السرقة للمال إذا رجعوا قبل القطع: أنه لم يلزم بشهادتهم مال يلزمهم ضمانه.

الجزء الثاني: أثر رجوع الشهود بعد القطع: وفيه جزئيتان هما: 1 - أثر الرجوع على الحكم. 2 - أثر الرجوع على الشهود. الجزئية الأولى: أثر رجوع الشهود بعد القطع على الحكم: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الأثر: إذا كان رجوع الشهود بعد القطع لم يكن له أثر على الحكم. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم تأثر الحكم برجوع الشهود بعد القطع: أنه لا فائدة من نقضه لفوات الأوان. الجزئية الثانية: أثر رجوع الشهود بعد القطع عليهم: وفيها فقرتان هما: 1 - إذا تعمدوا القطع. 2 - إذا أخطأوا. الفقرة الأولى: إذا تعمدوا القطع: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأول: كيان الحكم: إذا رجع شهود السرقة بعد القطع وقد تعمدوا القطع وجب قطعهم. الشيء الثاني: التوجيه: وجه وجوب قطع شهود السرقة إذا رجعوا بعد القطع وقد تعمدوا القطع ما يأتي:

1 - ما ورد أن رجلين شهدا عند علي - رضي الله عنه - على رجل أنه سرق فقطعه، ثم رجعا عن شهادتهما، فقال علي - رضي الله عنه -: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما، وغرمها دية يده (¬1). 2 - أنهم تسببوا في قطعه، بما يفضي إليه غالبا فوجب قطعهم، كما لو باشروا قطعه. الفقرة الثانية: إذا أخطأوا: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - الوجيه. الشي الأول: بيان الحكم: إذا رجع شهود السرقة بعد القطع ولم يثبت تعمدهم للقطع لم يقطعوا ولزمتهم دية يد المقطوع، وضمان المسروق. الشيء الثاني: التوجيه: وفيه ثلاث نقاط هي: 1 - توجيه عدم القطع. 2 - توجيه ضمان الدية. 3 - توجيه ضمان المال. النقطة الأولى: توجيه عدم القطع: وجه عدم قطع شهود السرقة إذا رجعوا بعد القطع وهم لما يتعمدوا القطع: أن شرط القصاص العمد وهو غير ثابت فلا يثبت القطع. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل، ما بين/ 6895 و 6896.

النقطة الثانية: توجيه ضمان الدية: وجه وجوب الدية على شهود السرقة. إذا رجعوا بعد القطع وهم لم يتعمدوا ما يأتي: 1 - أنهم تسببوا في القطع بما يفضي إليه غالبا، فلزمهم الضمان وقد سقط القصاص لعدم العمد فتعين المال. 2 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - ضمنهم الدية، كما تقدم. النقطة الثالثة: توجيه ضمان المسروق: وجه ضمان شهود السرقة للمسروق إذا رجعوا بعد القطع: أنه لزم المشهود عليه بسببهم فلزمهم ضمانه كما لو أتلفوه عليه، ولم يلزم رده للشك في صدقهم. المسألة الثالثة: القرائن: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة القرائن. 2 - ما يثبت بها. الفرع الأول: أمثلة القرائن: من أمثلة القرائن ما يأتي: 1 - البصمات سواء كانت على باب الحرز أم على المال المسروق نفسه. 2 - وجود المال المسروق عند المتهم. 3 - الإمساك بمن معه المال هاربا. الفرع الثاني: ما يثبت بالقرائن: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - التحقيق. 2 - التعزير. 3 - القطع.

الأمر الأول: التحقيق: وفيه جانبان هما: 1 - الثبوت. 2 - التوجيه. الجانب الأول: ثبوت التحقيق: القرائن القوية يجوز بها المساءلة والتحقيق. الجانب الثاني: التوجيه: وجه جواز التحقيق مع المتهم إذا وجدت القرائن: أنها تغلِّب الظن على صدق الدعوى. الأمر الثاني: التعزير: وفيه جانبان هما: 1 - حكم التعزير. 2 - التوجيه. الجانب الأول: حكم التعزير: إذا وجدت القرائن القوية على السرقة ولم يثبت الحد جاز التعزير بما يناسب، من الجلد، والسجن، والمال. الجانب الثاني: التوجيه: وجه التعزير لمن تقوِّى القرائن وقوع السرقة منه: أن فعله يوجب الأدب، فإذا لم يثبت القطع بحقه تعين التعزير. لتأديبه وردع أمثاله؛ لأن الإفلات من العقوبة يشجع على ارتكاب الجرائم والإخلال بالأمن. الأمر الثالث: القطع: وفيه جانبان هما:

المطلب الثالث مالية المسروق

1 - حكم القطع. 2 - التوجيه. الجانب الأول: حكم القطع: القطع بمجرد القرائن لا يجوز ولو كانت قوية. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز القطع في السرقة بمجرد القرائن ما يأتي: 1 - أن الأصل العصمة فلا تزول إلا بدليل قاطع، والقرائن يتطرق إليها الاحتمال. 2 - أن الحدود تدرأ بالشبهات، وعدم ثبوت السرقة بدليل قطعي شبهة يدرأ بها الحد. 3 - أن عدم القطع أحوط، والاحتياط في إسقاط القطع أولى من الاحتياط في إيجابه. المطلب الثالث مالية المسروق قال المؤلف - رحمه الله تعالى: ويشترط أن يكون المسروق مالا محترما، فلا قطع بسرقة آلة لهو، ولا محرم كالخمر. الكلام في هذا المطلب في أربع مسائل هي: 1 - معنى المالية. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - ما يخرج بالشرط. 4 - جمع المسروق بين المالية وغيرها. المسألة الأولى: معنى مالية المسروق: مالية المسروق أن يكون متقوما.

المسألة الثانية: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط المالية في المسروق: أن غير المال لا قيمة له فلا تقطع الأيدي به. المسألة الثالثة: ما يخرج بالشرط: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - ضابط ما يخرج. 2 - أمثلته. 3 - توجيه الخروج. الفرع الأول: ضابط ما يخرج: الذي يخرج بشرط المالية ما لا يعتبر مالا. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة ما لا يعتبر مالا ما يأتي: 1 - الخمر ونحوه. 2 - الميتة. 3 - النجس والمتنجس. 4 - السباع. 5 - القطط. 6 - الكلاب. الفرع الثالث: توجيه الخروج: وجه خروج ما ليس بمال من حكم السرقة: أنه لا قيمة له وما لا قيمة له لا يجوز القطع به. المسألة الرابعة: جمع المسروق بين المالية وغيرها: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - أمثلة ما يجمع بين المالية وغيرها. 2 - توجيه الجمع بين المالية وغيرها. 3 - القطع بسرقة ما يجمع بين المالية وغيرها.

الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة ما يجمع بين المالية وغيرها ما يأتي: 1 - الحر الصغير الذي عليه الملابس والحلي. 2 - المصحف الذي عليه الحلية على القول بأنه لا يقطع بسرقته. 3 - آلة اللهو المحلاة. 4 - الآنية التي فيها الخمر. 5 - الصليب أو الصنم من الذهب أو الفضة. 6 - إناء الذهب أو الفضة. الفرع الثاني: توجيه الجمع: وفيه ستة أمور هي: الأمر الأول: توجيه الجمع في المثال الأول: وجه الجمع بين المال وغيره في الحر الذي عليه الملابس أو الحلي: أن الحر لا يعتبر مالا، والملابس والحلي مال. الأمر الثاني: توجيه الجمع في المثال الثاني: وجه الجمع بين المال وغيره في المصحف المحلى: أن المصحف لا يعتبر مالا عند من يرى ذلك والحلية مال. الأمر الثالث: توجيه الجمع في المثال الثالث: وجه الجمع بين المال وغيره في آلة اللهو المحلاة: أن آلة اللهو لا تعد مالا، والحلية مال. الأمر الرابع: توجيه الجمع في المثال الرابع: وجه الجمع بين المال وغيره في الآنية التي فيها الخمر: أن الخمر ليس مالا، والآنية مال.

الأمر الخامس: توجيه الجمع في المثال الخامس: وجه الجمع بين المال وغيره في الصليب والصنم من الذهب أو الفضة: أن المادة وهي الذهب والفضة مال، والشكل ليس مالا؛ لأنه لا قيمة له. الأمر السادس: توجيه المجمع في المثال السادس: وجه الجمع بين المال وغيره في آنية الذهب والفضة: أن المادة وهي الذهب والفضة مال، والشكل كونها آنية ليس مالا؛ لأنه لا قيمة له؛ لأنه لا يجوز اقتناؤها ولا استعمالها. الفرع الثالث: القطع: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في القطع بسرقة ما يجمع بين المال وغيره على قولين: القول الأول: أنه لا يقطع به. القول الثاني: أنه يقطع به. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم القطع بسرقة ما يجمع بين المال وغيره: بأن السرقة جمعت بين مالا يجوز القطع به، وهو غير المال، وما يجوز القطع به وهو المال، وهذا الجمع شبهة فلا يقطع معها؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالقطع بسرقة ما يجمع بين المال وغيره بما يأتي: 1 - إطلاق النصوص حيث لم تفرق بين سرقة المنفرد والمجتمع. 2 - أنه نصاب مسروق من حوز ممن يقطع بالسرقة فيقطع به. كما لو انفرد. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم وجوب القطع. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم القطع بسرقة ما يجمع بين المال وغيره ما يأتي: 1 - أنه أحوط للمعصوم والاحتياط له أولى من الاحتياط للمال. 2 - أن سرقة المشترك لا يقطع بها للشبهة، والمجتمع يشبه المشترك. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن إطلاق النصوص. 2 - الجواب عن قياس المجتمع على المنفرد. الجزء الأول: الجواب عن إطلاق النصوص: يجاب عن ذلك: بأن هذا الإطلاق مقيد بدرء الحدود بالشبهات. الجزء الثاني: الجواب عن قياس المجتمع على المنفرد: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن المجتمع فيه شبهة، والمنفرد لا شبهة له.

المطلب الرابع بلوغ المسروق نصابا

المطلب الرابع بلوغ المسروق نصابا قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ويشترط أن يكون نصابا، وهو ثلاثة دراهم أو ربع دينار، أو عرض قيمته كأحدهما. الكلام في هذا المطلب في أربع مسائل هي: 1 - اعتبار النصاب. 2 - ما يقدر به. 3 - مقداره. 2 - نقصه. المسألة الأولى: اعتبار النصاب: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في اعتبار النصاب للقطع في السرقة على قولين: القول الأول: أنه يعتبر فلا يقطع بما دونه. القول الثاني: أنه لا يعتبر فيقطع بما قل وكثر. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول باعتبار النصاب بما يأتي:

1 - حديث: (لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا) (¬1). 2 - أنه قول كثير من الصحابة ولم يكن لهم في عصرهم مخالف فيكون اجماعا. وممن روي عنه ذلك: عائشة (¬2)، وعمر (¬3)، وعثمان (¬4)، وعلي (¬5) - رضي الله عنهم. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم اعتبار النصاب بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬6). ووجه الاستدلال بها: أنها مطلقة فتشمل سرقة القليل والكثير. 2 - حديث: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده) (¬7). 3 - أن سرقة القليل كسرقة الكثير؛ لأن الكل سرقة مال محترم من حرز ممن يقطع بالسرقة. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها/ 1684/ 2. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه السارق/4383. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة/8/ 260. (¬4) سنن الترمذي، كتاب الحدود، ما جاء في كم تقطع يد السارق/1446. (¬5) سنن الترمذي، كتاب الحدود، ما جاء في كم تقطع يد السارق/1446. (¬6) سورة المائدة، الآية: [38]. (¬7) صحيح مسلم، كتاب الحدود / 1687/ 7.

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول باعتبار النصاب. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول باعتبار النصاب: أن أدلته نص في اعتبار النصاب. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الجواب عن الاستدلال بالآية. 2 - الجواب عن الاستدلال بالحديث. 3 - الجواب عن القياس. الجانب الأول: الجواب عن الاستدلال بالآية: يجاب عن الاستدلال بالآية: أنها مطلقة تقيدها أدلة القول الراجح. الجانب الثاني: الجواب عن الاستدلال بالحديث: أجيب عن ذلك بثلاثة أجوبة: الجواب الأول: أن المراد بالبيضة المغفر وهو ما يتقى به السلاح في الحرب، والمراد بالحبل الحبل الذي له قيمة وليس أي حبل بدليل الأدلة الأخرى المحددة لأقل ما يقطع به. الجواب الثاني: أن المراد تحقير أمر السارق، وأنه يقطع بالشيء القليل، وليس المراد التحديد لما يقع به. الجواب الثالث: المراد التدرج في السرقة من الحقير إلى ما يقطع به.

الجانب الثالث: الجواب عن القياس: يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه في مقابل النص فلا يعتد به. الجواب الثاني: أنه قياس مع الفارق؛ لأن القليل مما يتغاضا عنه ويتسامح فيه بخلاف الكثير فلا يتسامح فيه. المسألة الثانية: ما يقدر به النصاب: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف فيما يقدر به نصاب السرقة على قولين: القول الأول: أنه يقدر بالدراهم. القول الثاني: أنه يقدر بالدراهم أو بالدنانير. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن نصاب السرقة يقدر بالدراهم بما يأتي: 1 - حديث: (لا قطع إلا في عشرة دراهم) (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها 1684/ 2.

2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم (¬1). الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن التقدير بالدراهم أو بالدنانير بما يأتي: 1 - أنه ورد التقدير بكل منهما، فمن التقدير بالدراهم ما تقدم من أدلة القول الأول. ومن التقدير بالدنانير ما يأتي: أ - حديث: (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا) (¬2). ب - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم (¬3). الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن النصاب في السرقة يقدر بكل من الدراهم والدنانير. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن نصاب السرقة يقدر بكل من الدراهم والدنانير ما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع به السارق/4385. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد السرقة ونصابها/ 1684/ 2. (¬3) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه السارق/4387.

1 - أنه ورد التقدير بكل واحد منهما كما تقدم في الاستدلال. 2 - أنه لا تعارض في التقدير بكل واحد منهما؛ لأنهما كالعملة الواحدة. 3 - أن كل واحد منهما أصل في نفسه، وبكل واحد منهما تقوم السلع والعروض. 4 - أن كل واحد منهما يجوز دفعه عن الآخر ويقوم مقامه. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن التقدير بأحد النقدين لا ينافي التقدير بالآخر لا يأتي: 1 - أنه ورد التقدير بكل منهما كما تقدم في الأدلة. 2 - أنهما كالعملة الواحدة، في الشراء وتقدير الأشياء. المسألة الثالثة: مقدار النصاب: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في مقدار نصاب السرقة على أقوال: القول الأول: أنه ثلاثة دراهم أو ربع دينار. القول الثاني: أنه دينار أو عشرة دراهم. القول الثالث: أنه أربعة دراهم. القول الرابع: أنه خمسة دراهم.

الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أربعة أمور هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. 4 - توجيه القول الرابع. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتقدير نصاب السرقة بثلاثة دراهم أو ربع دينار بما يأتي: أنه ورد التقدير بكل واحد منهما كما تقدم في الاستدلال لاعتبار النصاب. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بتقدير نصاب السرقة بدينار أو عشرة دراهم بما يأتي: 1 - قول ابن مسعود: لا يقطع إلا في دينار أو عشرة دراهم (¬1). 2 - حديث: (قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم) (¬2). الأمر الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بتقدير نصاب السرقة بأربعة دراهم بما ورد عن أبي هريرة في ذلك (¬3). الأمر الرابع: توجيه القول الرابع: وجه القول بأن نصاب السرقة خمسة دراهم بقول عمر: لا تقطع الخمس إلا بخمسة (¬4). ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، من قال: لا يقطع في أقل من عشرة دراهم/77. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما يقطع فيه السارق/4387. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، من قال يقطع في أقل من عشرة دراهم/28677. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة/217.

الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن نصاب السرقة ثلاثة دراهم أو ربع دينار. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن نصاب السرقة ثلاثة دراهم أو ربع دينار: أن أدلته نص في الموضوع، وما سواها لا يقاومها. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بحديث: (لا قطع إلا في عشرة دراهم). 2 - الجواب عن الاحتجاج بحديث: (قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد رجل. . . الخ. 3 - الجواب عن الاحتجاج بما روي عن بعض الصحابة. الجانب الأول: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن الاحتجاج بحديث: (لا قطع إلا في عشرة دراهم) بأنه ضعيف فلا يعارض أدلة القول الراجح. الجانب الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بحديث: (قطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم): بأنه لا تعارض بينه وبين القطع بربع الدينار؛ لأن من قطع بالقليل قطع بالكثير من باب أولى.

الجانب الثالث: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عن الاحتجاج بما ورد عن بعض الصحابة بجوابين: الجواب الأول: أنه معارض بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو أولى منه. الجواب الثاني: أنه معارض بفعل غيرهم من الصحابة ومن ذلك ما يأتي: 1 - ما ورد عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قطع بأترجة قيمتها ربع دينار (¬1). 2 - ما ورد أن أبا بكر - رضي الله عنه - قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم (¬2). المسألة الرابعة: نقص النصاب: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإذا نقصت قيمة المسروق أو ملكه السارق لم يسقط القطع، وتعتبر قيمتها وقت إخراجها من الحرز، فلو ذبح فيه كبشا أو شق فيه ثوبا فنقصت قيمته عن نصاب ثم أخرجه، أو تلف فيه المال لم يقطع. الكلام في هذه المسألة في ثلاثة فروع هي: 1 - أمثلة نقص النصاب. 2 - أثر نقص النصاب على القطع. 3 - الوقت المعتبر للقيمة. الفرع الأول: أمثلة نقص النصاب: من أمثلة نقص النصاب ما يأتي: 1 - النقص بسبب نزول الأسعار. 2 - النقص بسبب العيب كذبح الشاة وشق الثوب. الفرع الثاني: أثر نقص النصاب على القطع: وفيه أمران هما: ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب اللقطة، باب في كم تقطع يد السارق/ 18972. (¬2) مصنف عبد الرزاق، كتاب اللقطة، باب في كم تقطع يد السارق/ 18970.

1 - أثر النقص قبل الإخراج من الحرز. 2 - أثر النقص بعد الإخراج من الحرز. الأمر الأول: أثر النقص قبل الإخراج من الحرز: وفيه جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأثر. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة نقص المسروق قبل إخراجه من الحرز ما يأتي: 1 - ذبح الحيوان في الحرز. 2 - شق الثوب ونحوه في الحرز. 3 - تخلل العصير. 4 - تغير الفاكهة. 5 - تعفن اللحم. 6 - كسر الساعة. الجانب الثاني: الأثر: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الأثر: إذا نقصت قيمة المسروق عن النصاب قبل إخراجه من الحرز فلا قطع، سواء كان النقص بسبب السارق أم بسبب غيره. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم القطع بسرقة ما نقص عن النصاب في الحرز: أن القطع بسرقة النصاب، وهي لا تتم إلا بالإخراج من الحرز فإذا نقص النصاب قبل الإخراج من الحرز لم تتحقق سرقة النصاب. الأمر الثاني: أثر النقص بعد الإخراج من الحرز: وفيه جانبان هما:

1 - الأمثلة. 2 - الأثر. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة نقص المسروق بعد الإخراج من الحرز ما يأتي: 1 - النقص بسبب الاستعمال. 2 - النقص بسبب ذبح الحيوان. 3 - النقص بسبب شق الثوب ونحوه. 4 - النقص بسبب تخلل العصير. 5 - النقص بسبب فساد الفاكهة. 6 - النقص بسبب فساد اللحم. الجانب الثاني: الأثر: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في تأثير نقصان المسروق بعد إخراجه من الحرز في القطع على قولين: القول الأول: أنه لا يؤثر فلا يسقط القطع به. القول الثاني: أنه يؤثر فيسقط القطع به. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم تأثير نقص النصاب بعد إخراجه من الحرز في القطع بما يأتي.

1 - قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها علقت القطع بالسرقة وهي تحصل بالإخراج من الحرز، ولم تقيد ذلك بعدم النقص. 2 - أن سبب القطع السرقة، وهي تتم بالإخراج من الحرز. 3 - أن نقص النصاب باستعمال السارق لا يؤثر، فكذلك نقصه بغيره. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بتأثير نقص النصاب بعد الإخراج من الحرز: بأن النصاب شرط فيجب استمراره كسائر الشروط. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم التأثير. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم التأثير: أن أدلته أظهر. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن النصاب شرط لوجوب القطع وذلك يحصل بثبوت السرقة وليس شرطا في تنفيذ القطع فلا يلزم استمراره إلى أن يتم. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [38].

المطلب الخامس الاشتراك في السرقة

الفرع الثالث: الوقت المعتبر لقيمة المسروق: وفيه أمران هما: 1 - بيان الوقت. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الوقت: الوقت المعتبر لتقويم المسروق هو وقت الإخراج من الحرز، فلو كان وقت الإخراج يبلغ النصاب، ثم نقص بعد الإخراج لم يسقط القطع، ولو كانت قيمته وقت الإخراج أقل من النصاب ثم زادت قيمته بعد الإخراج لم يجب القطع. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه عدم سقوط القطع بالنقص بعد الإخراج. 2 - توجيه عدم وجوب القطع بالزيادة بعد الإخراج. الجانب الأول: توجيه عدم سقوط القطع بالنقص بعد الإخراج: وجه ذلك ما ئقدم في أثر النقص بعد الإخراج من الحرز. الجانب الثاني: توجيه عدم وجوب القطع بالزيادة بعد الإخراج: وجه ذلك ما تقدم في أثر النقص قبل الإخراج. المطلب الخامس الاشتراك في السرقة وفيه مسألتان هما: 1 - أمثلة الاشتراك. 2 - القطع بالاشتراك.

المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الاشتراك في السرقة ما يأتي: 1 - أن يفتح اللصوص باب الحوش ويخرجوا منه شاة يحملونها، أو يقودها بعضهم ويدفعها بعضهم. 2 - أن يفتح اللصوص الصندوق ويخرجوا النقود منه يعتقبون حملها أو يحمل كل واحد طرفا من الكيس أو الظرف. 3 - أن يفتح اللصوص المستودع ويخرجوا البضاعة منه يحملونها. 4 - أن يفتح اللصوص المستودع ويدخلوا السيارة ويحملوا البضاعة فيها ويخرجوا بها. المسألة الثانية: القطع بالاشتراك: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان فيهم من لا يجب القطع عليه. 2 - إذا لم يكن فيهم من لا يجب القطع عليه. الفرع الأولى: إذا كان في اللصوص من لا يجب القطع عليه: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة من لا يجب القطع عليه. 2 - القطع. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة من لا يجب القطع عليه من يأتي: 1 - والد المسروق منه. 2 - ولد المسروق منه. 3 - زوج المسروق منها. 4 - زوجة المسروق منه.

5 - عبد المسروق منه. 6 - شريك المسروق منه. الأمر الثاني: القطع: وفيه جانبان هما: 1 - إذا كانت حصة الشريك تبلغ نصابا. 2 - إذا كانت حصة الشريك لا تبلغ نصابا. الجانب الأول: إذا كانت حصة الشريك تبلغ نصابا: وفيه جزءان هما: 1 - القطع. 2 - التوجيه. الجزء الأول: القطع: إذا بلغت حصة الشريك نصابا قطع. الجزء الثاني: التوجيه: وجه قطع الشريك إذا بلغت حصته نصابا: أنه لو انفرد بسرقة هذا المقدار قطع فيقطع إذا سرقه مع غيره. الجانب الثاني: إذا لم تبلغ حصة الشريك نصابا: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في قطع الشريك في السرقة لمن لا يجب عليه القطع إذا لم تبلغ حصته نصابا على قولين: القول الأول: أنه لا يقطع. القول الثاني: أنه يقطع.

الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم القطع بما يأتي: 1 - أن نصيبه لا يقطع به لو انفرد، فكذلك إذا اشترك. 2 - أن مشاركته لمن لا يجب القطع عليه شبهة يدرأ بها القطع عنه. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالقطع بما يأتي: 1 - أن شريك الأب في قطع يد ابنه يقطع ولو لم يقطع الأب، فكذلك شريكه في سرقة ماله. 2 - أنه لو لم يسقط القطع عن الشريك قطع، فكذلك إذا سقط؛ لأن العبرة بالفعل وليس بالفاعل، والفعل يوجب القطع فيقطع به. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم القطع. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم القطع: أنه أحوط، والاحتياط في إسقاط القطع أولى من الاحتياط في إيجابه.

الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن قياس القطع في السرقة على القطع قصاصا. 2 - الجواب عن قياس مشاركة من لا يجب عليه القطع على مشارك من يجب القطع عليه. الفقرة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن قياس القطع في السرقة على القطع قصاصا: بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن فعل الأب في قطع اليد صالح للقصاص وسقوط القود عنه لمعنى فيه يخصه وهو الأبوة، أما فعل الأب في السرقة فغير صالح للقطع للشبهة فيه، وقياس غير الصالح على الصالح قياس مع الفارق فلا يصح. الفقرة الثانية: الجواب عن قياس المشارك لمن لا يجب عليه القطع على مشارك من يجب القطع عليه: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن من يجب عليه القطع لا توجد عنده علة الإسقاط، وقياس من توجد عنده علة الإسقاط على من لا توجد عنده لا يصح. الفرع الثاني: إذا لم يكن فيهم من لا يجب القطع عليه: وفيه أمران هما: 1 - إذا بلغت حصة كل واحد نصابا. 2 - إذا لم تبلغ حصة كل واحد نصابا. الأمر الأول: إذا بلغت حصة حل واحد نصابا: وفيه جانبان هما:

1 - القطع. 2 - التوجيه. الجانب الأول: القطع: إذا بلغت حصة كل واحد من المشتركين في السرقة نصابا وجب القطع على كل واحد منهم. الجانب الثاني: التوجيه: وجه وجوب القطع على كل واحد من المشتركين في السرقة إذا بلغت حصة كل واحد نصابا ما يأتي: 1 - أن كل واحد يجب عليه القطع لو انفرد فيجب عليه القطع مع غيره لعدم الفرق. 2 - أنه لو لم يجب القطع لاتخذ الاشتراك في السرقة وسيلة إلى إسقاط القطع، فتفشوا السرقات ويكثر الفساد. الأمر الثاني: إذا لم تبلغ حصة حل واحد نصابا: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في قطع المشتركين في السرقة إذا لم تبلغ حصة كل واحد نصابا على قولين: القول الأول: أنهم لا يقطعون. القول الثاني: أنهم يقطعون.

الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم وجوب القطع إذا لم تبلغ حصة كل واحد من المشتركين في السرقة نصابا: بأن حصة كل واحد لا يجب بها القطع حال الانفراد، فكذلك حال الاشتراك. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب القطع للمشتركين في السرقة ولو لم تبلغ حصة كل واحد نصابا: بأن الشرع حدد قدر المسروق ولم يحدد عدد السارقين له فيربط الحكم بقدر المسروق لا بعدد السارقين، فإذا بلغ المسروق نصابا وجب القطع لمن سرقه ولو كانوا جماعة. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول الآخر. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب القطع. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب قطع المشتركين في السرقة ولو لم تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا: أنه أكثر ردعا وزجرا عن السرقة وأكثر تحقيقا للأمن.

المطلب السادس إخراج المسروق ما الحرز

الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس حصة الواحد مع غيره على سرقته وحده قياس مع الفارق؛ وذلك أن سرقة الواحد منفردا لما دون النصاب لم يوجد فيها شرط القطع، وهو بلوغ النصاب، فلم يجب القطع بها. أما سرقته مع غيره فقد تحقق فيها شرط القطع لبلوغها النصاب مع غيرها، فيجب القطع بما تحقق فيه الشرط دون ما لم يتحقق فيه. المطلب السادس إخراج المسروق ما الحرز قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وأن يخرجه من الحرز، فإن سرقه من غير حرز فلا قطع. الكلام في هذا المطلب في خمس مسائل هي: 1 - ضابط الحرز. 2 - دليل اشتراط الحرز. 3 - أمثلة الإخراج. 4 - ما يخرج بالشرط. 5 - أمثلة الحرز. المسألة الأولى: ضابط الحرز: الحرز وسيلة الحفظ، وذلك يختلف باختلاف الأموال والبلدان، وجور السلطان وعدله، وقوته وضعفه. المسألة الثانية: دليل اشتراط الحرز: دليل اشتراط الحرز قوله - صلى الله عليه وسلم - في الثمر: (ومن سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة) (¬1). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما لا قطع فيه/ 4390.

المسألة الثالثة: أمثلة الإخراج من الحرز: من أمثلة الإخراج من الحرز ما يأتى: 1 - أن يحمل السارق المسروق ويخرج به بنفسه، في يده، أو جيبه، أو على رأسه، أو يلبسه، أو نحو ذلك. 2 - أن يخرجه من موضعه ويأمر صبيا أو معتوها بإخراجه فيخرجه. 3 - أن يحمله على دابة فتخرج به. 4 - أن يضعه في ماء جار فيخرجه. المسألة الرابعة: ما يخرج بالشرط: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - ضابطه. 2 - دليل الخروج. 3 - ما يجب به. الفرع الأول: ضابط ما يخرج بالشرط: الذي يخرج بشرط الإخراج من الحرز ما يأتي: 1 - ما يتلف فيه. 2 - ما يؤخذ من غير حرز. الفرع الثاني: الأمثلة: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة ما يتلف في الحرز. 2 - أمثلة ما يؤخذ من غير حرز. الأمر الأول: أمثلة ما يتلف في الحرز ما يأتي: 1 - ما يؤكل من الطعام فيه. 2 - ما يحرق من الأشياء فيه. 3 - ما يتكسر من الأدوات والمعدات فيه.

الأمر الثاني: أمثلة ما يؤخد من غير حرز: من أمثلة ما يؤخذ من غير حرز ما يأتي: 1 - أخذ الشاة من قطيع الغنم في الرعى وليس معه راع ولا حارس. 2 - الأخذ من التمر على الشجر. 3 - الأخذ من المحل المفتوح من غير حارس. 4 - الأخذ من السيارة المفتوحة. 5 - الأخذ من النقود على المكتب. 6 - أخذ الحلي من أدراج المطبخ. الفرع الثالث: دليل الخروج: دليل الخروج ما تقدم في الاستدلال لأصل الاشتراط. الفرع الرابع: ما يجب بما يخرج بالشرط: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف فيما يجب بما يتلفه السارق في الحرز على قولين: القول الأول: أن الواجب ضمانه مضاعفا. القول الثاني: أن الواجب ضمانه من غير تضعيف. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما:

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتضعيف الضمان بما يأتي: 1 - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التمر: (ومن سرق منه شيئًا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه ضعف الغرامة فيما لا قطع فيه من التمر، وغير التمر مثله. 2 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - ضعف القيمة على حاطب بن أبي بلتعة لما نحر أعبده ناقة المزني (¬2). ووجه الاستدلال به: كالذي قبله، تضعيف القيمة فيما لا قطع فيه. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تضعيف القيمة: بأن عدم التضعيف هو الأصل في ضمان المتلفات كالمنتهب، والمختلس، والمغصوب، والمتلف في الحرز كغيره من المتلفات. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما لا قطع فيه/ 4390. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب سرقة الأعبد / 18977.

الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم التضعيف. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم التضعيف: أن الأصل براءة الذمة من الزائد عن القيمة ولا دليل عليه، وما استدل به المضعفون سيأتي الجواب عنه. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بالحديث. 2 - الجواب عن الاستدلال بتضعيف عمر القيمة على حاطب. الجزء الأول: الجواب عن الاستدلال بالحديث: أجيب عن ذلك بأنه خلاف الأصل فيقتصر عليه. الجزء الثاني: الجواب عما ورد عن عمر يجاب عن ذلك بجوابين: الجواب الأول: أنه خلاف الأصل فيقتصر عليه. الجواب الثاني: أن تضعيف القيمة على حاطب تعزير له على تجويعه الأعبد كما صرح به، وليس لسقوط القطع؛ لأنها لو كانت الغرامة لسقوط القطع لكانت على الأعبد أنفسهم وليس على سيدهم. المسألة الخامسة: أمثلة الحرز: من أمثلة الحرز ما يأتي:

المطلب السابع انتفاء الشبهة

1 - حرز الأثمان والمجوهرات: الصناديق المعدة لحفظها، والدكاكين لمستودعات الخاصة بها. 2 - حرز السيارات، والآلات والمعدات: الورش والمعارض، والمستودعات لبيوت والأقفال. 3 - حرز الملبوسات والمفروشات: الدكاكين والبيوت والمستودعات. 4 - حرز مواد البناء: المصانع والدكاكين والمستودعات. 5 - حرز الأثاث المكتبي والمنزلي: الدكاكين والبيوت والمستودعات. 6 - حرز الأدوات المنزلية: الدكاكين والبيوت والمستودعات. 7 - حرز الحيوانات: الأحواش والحظائر والرعاة. 8 - حرز الطيور: المخافق والشبوك المعدة لها. 9 - حرز المأكولات والمشروبات: الدكاكين والبيوت والمستودعات. 10 - وسائل الوقود: (الحطب والغاز) البيوت والأحواش، والشبوك. 11 - الأدوات الكهربائية والصحية الدكاكين والمستودعات. 12 - الخيام: البيوت والدكاكين والمستودعات. 13 - الأعلاف: المستودعات والشبوك والحظائر. المطلب السابع انتفاء الشبهة وفيه خمس مسائل هي: 1 - أمثلة الشبهة. 2 - أثر الشبهة في القطع. 3 - قطع الفروع بالسرقة من مال الأصول، وقطع الأصول بالسرقة من مال الفروع.

4 - قطع الحواشي. 5 - قطع الزوجين. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الشبهة ما يأتي: 1 - سرقة الوالد من مال ولده. 2 - سرقة الولد من مال والده. 3 - سرقة أحد الزوجين من مال الآخر. 4 - سرقة المسلم من بيت المال. 5 - سرقة المشترك في الغنيمة لشيء منها. 6 - سرقة الموقوف عليهم من الوقف. 7 - سرقة الشريك من مال الشركة. 8 - السرقة في المجاعة. 9 - سرقة العبد من مال سيده. المسألة الثانية: أثر الشبهة في القطع: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الأثر: إذا كان للسارق شبهة فيما سرق منه فلا قطع عليه. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه تسعة أمور هي: الأمر الأول: توجيه الشبهة في السرقة من مال الولد: الشبهة في السرقة من مال الولد: أن الوالد له نصيب في مال الولد. لحديث: (أنت ومالك لأبيك) (¬1). ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده/ 2291.

الأمر الثاني: توجيه الشبهة في السرقة من مال الوالد: الشبهة في السرقة من مال الوالد: أن نفقته واجبة فيه عند الحاجة. الأمر الثالث: توجيه الشبهة في السرقة من مال أحد الزوجين: وفيه جانبان هما: 1 - الشبهة في سرقة الزوج من مال الزوجة. 2 - الشبهة في سرقة الزوجة من مال الزوج. الجانب الأول: الشبهة في سرقة الزوج من مال الزوجة: شبهة الزوج في السرقة من مال الزوجة ما يأتي: 1 - أن له القوامة عليها فقد يظن أن هذه القوامة تشمل الولاية على مالها. 2 - أنه سينفق ما يسرقه من مالها عليها وعلى عيالها فيظن أن ذلك يخول له الأخذ من مالها بغير علمها. الجانب الثاني: الشبهة في سرقة الزوجة من مال زوجها: شبهة الزوجة في السرقة من مال زوجها: أن لها النفقة عليه، فقد تدعي أنه مقصر في هذه النفقة، فتأخذ من ماله خفية ما تسد به هذا التقصير، كما فعلت امرأة أبي سفيان. الأمر الرابع: توجيه الشبهة في السرقة من بيت المال: الشبهة في سرقة المسلم من بيت المال: أنه مشترك بين جمع المسلمين فتعتبر السرقة منه في ظن السارق، من باب الظفر بالحق. الأمر الخامس: توجيه الشبهة في السرقة من الغنيمة قبل القسمة: الشبهة في السرقة من الغنيمة قبل القسمة: أنها مشتركة بين جميع الغانمين فتعتبر السرقة منها في ظن السارق من نصيبه.

الأمر السادس: توجيه الشبهة في السرقة من الوقف: الشبهة في السرقة من الوقف إذا كان السارق من الموقوف عليهم: أن له نصيبا في الوقف فيعتبر السارق ما أخذه من نصيبه فيه. الأمر السابع: توجيه الشبهة في السرقة من مال الشركة: الشبهة في السرقة من مال الشركة: أن السارق له نصيب فيها فتعتبر السرقة من نصيبه. الأمر الثامن: توجيه الشبهة في السرقة في المجاعة: الشبهة في السرقة في المجاعة: أن السارق قد يكون مضطرا إلى السرقة كما فعل أعبد حاطب ولم يقطعهم عمر - رضي الله عنه -. الأمر التاسع: توجيه الشبهة في سرقة العبد من مال سيده: الشبهة في سرقة العبد من مال سيده: أن نفقته واجبة على السيد فيعتبر ما سرقه من نفقته. المسألة الثالثة: قطع الفروع بالسرقة من مال الأصول، وقطع الأصول بالسرقة من مال الفروع: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وأن تنتفي الشبهة فلا يقطع بالسرقة من مال أبيه وإن علا, ولا من مال ولده وإن سفل، والأب والأم في هذا سواء. الكلام في هذه المسألة في فرعين هما: 1 - قطع الفرع بالسرقة من مال الأصل. 2 - قطع الأصل بالسرقة من مال الفرع. الفرع الأول: قطع الفرع بالسرقة من مال الأصل: وفيه أمران هما:

1 - المراد بالفرع والأصل. 2 - القطع. الأمر الأول: المراد بالفرع والأصل: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد بالفرع. 2 - بيان المراد بالأصل. الجانب الأول: بيان المراد بالفروع: المراد بالفروع من يأتي: 1 - الأبناء وأولادهم وإن نزلوا. 2 - البنات وأولادهن وإن نزلوا. الجانب الثاني: المراد بالأصول: المراد بالأصول من يأتي: 1 - الآباء وإن علوا سواء كانوا من قبل الأب، أم من قبل الأم. 2 - الأمهات وإن علون، سواء كن من قبل الأم أم من قبل الأب. الأمر الثاني: القطع: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في قطع الفرع بالسرقة من مال الأصل على قولين: القول الأول: أنه لا يقطع. القول الثاني: أنه يقطع. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما:

1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم قطع الفرع بالسرقة من مال الأصل بما يأتي: 1 - أن الفرع له شبهة في مال الأصل، والحدود تدرأ بالشبهات. 2 - أن الأصل لا يقطع بالسرقة من مال الفرع فكذلك الفرع، لا يقطع بالسرقة من مال الأصل. 3 - أن نفقة الفرع تجب في مال الأصل حفظا لذاته، فلا يتلف شيء من ذاته حفظا للمال المباح لحفظ ذاته. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقطع الفرع بالسرقة من مال الأصل، بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها مطلقة فيدخل فيها الفرع إذا سرق من الأصل. 2 - حديث: (تقطع اليد بربع الدينار فصاعدا) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه مطلق فيدخل فيه سرقة هذا المقدار من مال الأصل. 3 - أن الفرع يقاد بالأصل فيقطع بالسرقة منه كالأجنبي. 4 - أن الفرع يحد بالزنا بجارية الأصل فيقطع بسرقة ماله كالأجنبي. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [38]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الحدور، باب حد السرقة ونصابها / 1684/ 2.

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم القطع. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم قطع الفرع بسرقة مال الأصل ما يأتي: 1 - أنه أحوط. 2 - أن التساهل في حفظ المال أولى من التساهل في حفظ أجزاء الإنسان، ولذا يجوز إتلاف المال لحفظ النفس، ولا يجوز إتلاف النفس لحفظ المال. 3 - أن الإنسان أعظم حرمة من المال فلا يتلف الأعظم حرمة من أجل الأقل حرمة. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيه ثلاث جزئيات: 1 - الجواب عن الاحتجاج بإطلاق النصوص. 2 - الجواب عن الاحتجاج بقتل الفرع. 3 - الجواب عن الاحتجاج بحد الفرع بالزنا بجارية الأصل. الجزئية الأولى: الجواب عن إطلاق النصوص: يجاب عن ذلك: بأنها مقيدة بدرء الشبهات. الجزئية الثانية: الجواب عن قياس القطع بالسرقة على القتل بالقتل: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ وذلك أن القتل بالقتل فيه تكافؤ بخلاف القطع بالمال فلا تكافؤ فيه.

الجزئية الثالثة: الجواب عن الاحتجاج بحد الفرع بالزنا بجارية الأصل: يجاب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الزنا لا يباح بحال، ولا يحل بالإحلال، بخلاف المال فإنه يباح في حال الضرورة، ويحل بالإحلال. الفرع الثاني: قطع الأصول بالسرقة من مال الفروع: وفيه أمران هما: 1 - حكم القطع. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان حكم القطع: الأصول لا يقطعون بالسرقة من مال الفروع. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم قطع الأصول بالسرقة من مال الفروع ما يأتي: 1 - حديث: (أنت ومالك لأبيك) (¬1) ووجه الاستدلال به: أنه حكم بمال الفرع للأصل فلا يقطع بالأخذ من مال نفسه. 2 - حديث: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنه جعل الفرع من كسب الأصل فلا يقطع بالأخذ من كسب نفسه. المسألة الرابعة: قطع الحواشي: قال المؤلف - رحمه الله -: ويقطع الأخ وكل قريب بسرقته من مال قريبه. الكلام في هذه المسألة في فرعين هما: ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه، كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده/ 2291. (¬2) سنن الترمذي، كتاب الأحكام، باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده/1358.

1 - بيان المراد بالحواشي. 2 - القطع. الفرع الأول: بيان المراد بالحواشي: وفيه أمران هما: 1 - ضابط الحواشي. 2 - أمثلتهم. الأمر الأول: ضابط الحواشي: الحواشي: هم من عدا الأصول والفروع من الأقارب. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الحواشي من يأتي: 1 - الأخوة وأولادهم وإن نزلوا. 2 - الأعمام وإن علوا وأولادهم وإن نزلوا. 3 - العمات وإن علون، وأولادهن وإن نزلوا. 4 - الأخوال وإن علوا، وأولادهم وإن نزلوا. 5 - الخالات وإن علون، وأولادهن وإن نزلوا. الفرع الثاني: القطع: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في قطع الحواشي على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنهم يقطعون مطلقا، ذوو الأرحام وغيرهم، من تجب لهم النفقة وغيرهم. القول الثاني: أنهم يقطعون إلا ذي الرحم المحرم منهم، من تجب له النفقة وغيره. القول الثالث: أنهم يقطعون إلا من تجب له النفقة، ذو الرحم المحرم وغيره. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقطع الحواشي مطلقا بما يأتي: 1 - أدلة القطع بالسرقة. ووجه الاستدلال بها: أنها مطلقة، ولا دليل على إخراج الحواشي منها. 2 - أنها قرابة لا تمنع الشهادة، فلا تمنع القطع كقرابة غير ذي الرحم. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول باستثناء ذي الرحم المحرم من القطع بالسرقة: بأنها قرابة تمنع النكاح، وتبيح النظر، وتوجب النفقة، فتمنع القطع كقرابة الولادة. الجانب الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بالقطع لغير من تجب له النفقة: بأن وجوب النفقة شبهة لاحتمال التقصير فيها والحدود تدرأ بالشبهات.

الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب القطع مطلقا. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب القطع مطلقا ما يأتي: 1 - أن أدلته أظهر وأسلم من المناقشة. 2 - أن ما استدل به المخالفون لا ينتهض على إثبات ما ادعوه كما سيأتي في مناقشتها. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الجزء الأول: الجواب عن وجهة القول الثاني: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس قرابة ذي الرحم المحرم على قرابة الولادة قياس مع الفارق لما يأتي: 1 - أن قرابة الولادة تثبت الحق للوالد في مال الولد، وهذا لا يوجد في قرابة غير الولادة. 2 - أن قرابة الولادة تمنع قبول الشهادة، وهذا لا يوجد في قرابة غير الولادة.

الجزء الثاني: الجواب عن وجهة القول الثالث: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن شبهة وجوب النفقة ليس شبهة لما يأتي: 1 - أن وجوب النفقة لا يبيح الفوضى والإخلال بالأمن. 2 - أن تحصيل النفقة يمكن بغير السرقة. المسألة الخامسة: قطع الزوجين: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ولا يقطع أحد من الزوجين بسرقته من مال خير ولو كان محرزا عنه. الكلام في هذه المسألة في فرعين هما: 1 - قطع الزوج. 2 - قطع الزوجة. الفرع الأول: قطع الزوج: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في قطع الزوج بالسرقة من مال الزوجة المحرز عنه على قولين: القول الأول: أنه لا يقطع. القول الثاني: أنه يقطع. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم قطع الزوج بسرقته من مال الزوجة بما يلي: 1 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - رفع له غلام سرق مرآة زوجة سيده فقال: لا قطع عليه خادمكم أخذ متاعكم (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه إذا لم يقطع الخادم بمال الزوجة فالزوج أولى. 2 - أن الزوج يرث الزوجة من غير حرمان فلا يقطع بسرقة مالها كالوالد والولد. 3 - أن للزوج ولاية على الزوجة وهذه شبهة فقد يظن أن الولاية تمتد إلى المال، فلا يقطع؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات. 4 - أن الزوج يتبسط في مال الزوجة ويكون عليها فيه فلا يقطع بسرقته. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقطع الزوج بسرقته من مال الزوجة بما يأتي: 1 - عموم أدلة القطع بالسرقة. 2 - أن سرقة الزوج من مال الزوجة سرقة مال معصوم من حرز مثله لا شبهة فيه فيجب القطع به كسرقة الأجنبية. 3 - أن الزوج لا حق له في مال الزوجة فيقطع بسرقته كالأجنبي. الأمر الثالث: الترجيح: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول الآخر. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب العبد يسرق مال امرأة سيده 8/ 282.

الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم القطع. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم قطع الزوج بسرقته من مال زوجته قوة الشبهة، لتبسطه في مالها، وقوامته عليها. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعموم الأدلة. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن الزوج لا شبهة له في مال الزوجة. 3 - الجواب بأن الزوج لا حق له في مال الزوجة. الجزء الأول: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن الاحتجاج بعموم الأدلة: بأنه مخصوص بأدلة درء الحدود بالشبهات. الجزء الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن الزوج لا شبهة له: بأن الشبهة قائمة وهي ما تقدم بيانه في أدلة القول الأول. الجزء الثالث: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عن الاحتجاج بأن الزوج لا حق له في مال الزوجة: بأن عدم الحق لا ينفي وجود الشبهة، وهي موجودة كما تقدم. الفرع الثاني: قطع الزوجة: وفيه ثلاثة أمور هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في قطع الزوجة بالسرقة من مال الزوج المحرز عنها على قولين: القول الأول: أنها لا تقطع. القول الثاني: أنها تقطع. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الزوجة لا تقطع بالسرقة من مال الزوج بما يأتي: 1 - أن الزوجة ترث الزوج من غير حجب فلا تقطع بسرقتها من ماله كالوالد والولد. 2 - أن الزوجة تتبسط في مال زوجها فلا تقطع بسرقتها منه كالوالد والولد. 3 - أن نفقة الزوجة واجبة في مال الزوج، وهذه شبهة يجب درء الحد بها. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقطع الزوجة بالسرقة من مال الزوج بما يأتي: 1 - عموم أدلة القطع في السرقة. 2 - أن سرقة الزوجة من مال الزوج سرقة مال معصوم من حرز مثله ممن يجب قطعه فتقطع.

المطلب الثامن المطالبة بالمسروق

الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم القطع. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم قطع الزوجة بالسرقة من مال زوجها: أنه أقوى دليلا. الجانب الثاني: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بعموم الأدلة. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن سرقة الزوجة من مال زوجها سرقة لمال معصوم. الجزء الأول: الجواب عن عموم الأدلة: أجيب عن ذلك: بأن عموم الأدلة مخصوص بأدلة درء الحدود بالشبهات. الجزء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن سرقة الزوجة من مال زوجها سرقة من مال معصوم ... الخ: أجيب عن ذلك: بما أجيب به عن الاحتجاج بعموم الأدلة. المطلب الثامن المطالبة بالمسروق قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وأن يطالب المسروق منه بماله.

الكلام في هذا المطلب في ثلاث مسائل هي: 1 - دليل الاشتراط. 2 - أثر ملك السارق للمسروق. 3 - أثر العفو عن السارق. المسألة الأولى: دليل اشتراط المطالبة: دليل اشتراط المطالبة بالمسروق: قصة سارق رداء صفوان بن أمية - رضي الله عنه - وفيها: أنه لما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقطعه، قال صفوان: إني قد وهبته له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (هذا قبل أن تأتيني به) (¬1) حيث يدل بمفهومه على أنه لو لم يطالب صفوان بردائه لجاز ذلك، ولم يجب القطع. المسألة الثانية: أثر ملك السارق للمسروق: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة تملك السارق للمسروق. 2 - الأثر. الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة تملك السارق للمسروق ما يأتي: 1 - الهبة. 2 - الإرث. 3 - الشراء. 4 - الأجرة. 5 - الصداق. الفرع الثاني: الأثر: وفيه أمران هما: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب فيمن يسرق من حرز/ 4394.

1 - إذا لم يصل الأمر إلى الحاكم. 2 - إذا وصل الأمر إلى الحاكم. الأمر الأول: تملك السارق للمسروق إذا لم يصل الأمر إلى الحاكم: وفيه جانبان هما: 1 - بيان الأثر. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان الأثر: إذا تملك السارق المسروق بأي وجه من وجوه التملك قبل أن يصل الأمر الحاكم فلا قطع عليه. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم وجوب القطع على السارق إذا تملك المسروق قبل أن يرفع الأمر إلى الحاكم: قصة سارق رداء صفوان المتقدمة، وفيها: (هذا قبل أن يأتيني به) حيث يدل بمفهومه أنه لو حصل التملك قبل أن يأتي إلى الحاكم لصح ذلك ولما وجب القطع. الأمر الثاني أثر التملك إذا وصل الأمر إلى الحاكم: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأولى: الخلاف: إذا وصل الأمر إلى الحاكم فقد اختلف في تأثير تملك السارق للمسروق على قولين:

القول الأول: أنه لا يؤثر فلا يسقط القطع به. القول الثاني: أنه يؤثر فلا يجب القطع معه. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم تأثير تملك السارق للمسروق بعد الوصول إلى الحاكم بما يأتي: 1 - قصة سارق رداء، صفوان وفيها: (هذا قبل أن تأتيني به). فإنه صريح في عدم تأثير التملك بعد وصول الأمر إلى الحاكم. 2 - حديث: (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب) (¬1). فإنه صريح في عدم سقوط الحد إذا وصل إلى الحاكم وهو مطلق فيشمل حالة تملك السارق للمسروق. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بتأثير تملك السارق للمسروق ولو بعد وصوله إلى الحاكم: 1 - أن المسروق صار ملكا للسارق فلا يقطع بملكه. 2 - أنه لو ملك المسروق قبل المطالبة لم يجب القطع، فكذلك إذا ملكه بعد المطالبة؛ لأن المسروق في الحالين صار ملكا للسارق. 3 - أن المطالبة بالمسروق يشترط، والشرط يعتبر إستمراره، وإذا ملك السارق المسروق عدمت المطالبة؛ لأن الشخص لا يطالب نفسه وإذا عدم الشرط وهو المطالبة عدم المشروط وهو القطع. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب العفو عن الحد/4376.

الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم التأثير ووجوب القطع. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم التأثير: أن أدلته أظهر. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. 3 - الجواب عن الدليل الثالث. الجزئية الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن الاحتجاج بأن المسروق صار ملكا للسارق بما يأتي: 1 - أن الملك متأخر عن وجوب القطع، والمؤثر لا يتأخر عن الأثر. 2 - أن الملك سبب وعدم القطع مسبب، والسبب لا يتأخر عن السبب. الجزئية الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن قياس الملك بعد المطالبة على الملك قبلها بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الملك قبل المطالبة مقدم على وجوب القطع فيمكن أن يؤثر في عدم وجوبه، بخلاف الملك بعد المطالبة فإنه متأخر عن الوجوب فلا يؤثر في إسقاطه لما تقدم في الجواب عن الدليل الأول.

المطلب التاسع ملك المسروق منه للمسروق

الجزئية الثالثة: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عن الاحتجاج بأن المطالبة شرط: بأن المطالبة شرط لوجوب القطع وليست شرطا للقطع، وقد وجدت المطالبة حين الوجوب فتحقق الشرط. المسألة الثالثة: أثر العفو عن السارق: أثر العفو عن السارق كأثر تملكه للمسروق حسب التفصيل السابق. المطلب التاسع ملك المسروق منه للمسروق وفيه مسألتان هما: 1 - توجيه الاشتراط. 2 - ما يخرج بالشرط. المسألة الأولى: توجيه الاشتراط: وجه اشتراط ملك المسروق منه للمسروق: أن غير المملوك للمسروق منه غير محترم بالنسبة له فلا يقطع بسرقته منه. المسألة الثانية: ما يخرج بالشرط: وفيها فرعان هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان ما يخرج: ما يخرج بشرط ملك المسروق منه للمسروق ما يأتي: 1 - المغصوب. 2 - المسروق. 3 - الوديعة المجحودة. 4 - العارية المجحودة. 5 - المنهوب. 6 - المختلس

الفرع الثاني: التوجيه: وجه خروج ما لا يملكه المسروق منه من القطع بالسرقة ما يأتي: 1 - أن ما لا يملكه المسروق منه ليس محترما بالنسبة له فلا يجب القطع بسرقته منه. 2 - أن من شرط القطع المطالبة بالمسروق، ومن سرق منه ما تقدم لا تصح مطالبته به لعدم ملكه له فلا يقطع بسرقته منه لانتفاء شرطه.

المبحث الرابع مسؤولية القطع

المبحث الرابع مسؤولية القطع وفيه مطلبان هما: 1 - بيان المسؤولية. 2 - التوجيه. المطلب الأول بيانه المسؤولية المسؤول عن القطع في السرقة هو الحاكم. المطلب الثاني التوجيه وجه مسؤولية الحاكم عن القطع في السرقة ما يأتي: 1 - أنه حد ومسؤولية تنفيذ الحدود إلى الحاكم. 2 - أن القطع في السرقة من حقوق الله، والحاكم هو النائب في تنفيذها. 3 - أن تنفيذ غير الحاكم وسيلة إلى الفوضى والتعدي والظلم.

المبحث الخامس محل القطع

المبحث الخامس محل القطع وفيه مطلبان هما: 1 - العضو المقطوع. 2 - محل القطع. المطلب الأول العضو المقطوع وفيه خمس مسائل هي: 1 - ما يقطع في المرة الأولى. 2 - ما يقطع في المرة الثانية. 3 - ما يقطع بعد المرة الثانية. 4 - ذهاب محل القطع. 5 - قطع غير محل القطع. المسألة الأولى: ما يقطع في السرقة الأولى: قال المؤلف - رحمه الله - وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل الكف وحسمت. الكلام في هذه المسألة في فرعين هما: 1 - إذا كانت اليمنى موجودة. 2 - إذا لم تكن اليمنى موجودة. الفرع الأول: إذا كانت اليمنى موجودة: وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يقطع. 2 - الدليل. الأمر الأول: بيان ما يقطع: القطع في السرقة الأولى لليد وهذا لا خلاف فيه.

الأمر الثاني: الدليل: الدليل على قطع اليد اليمنى في السرقة الأولى: ما يأتي: 1 - قراءة ابن مسعود لقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬1) (فاقطعوا أيمانهما) (¬2)، حيث حددت محل القطع، سواء كانت قراءة أم تفسيرا. 2 - قول عمر - رضي الله عنه -: إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه. 3 - أن البطش باليمين أقوى فيكون قطعها أردع. 4 - أن اليمين هي آله السرقة غالبا فناسب العقاب بإعدامها. الفرع الثاني: إذا لم تكن اليمين موجودة: إذا لم تكن اليمين موجودة كان الحكم كما في السرقة الثانية على ما يأتي: المسألة الثانية: ما يقطع في السرقة الثانية: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف فيما يقطع من السارق في المرة الثانية على قولين: القول الأول: أن القطع للرجل اليسرى. القول الثاني: أن القطع لليد اليسرى. ¬

_ (¬1) سورة المائدة, الآية: [38]. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب السارق يسرق أولا 8/ 270.

الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه قطع الرجل. 2 - توجيه قطع اليسرى. الجانب الأول: توجيه قطع الرجل: وجه قطع الرجل ما يأتي: 1 - حديث: (إذا سرق السارق فاقطعوا يده، ثم أن سرق فاقطعوا رجله) (¬1). 2 - أن القطع في المحاربة للرجل دون اليد فكذلك في السرقة. 3 - أن قطع اليد يفوت منفعة اليدين فلا يمكن الأكل ولا الطهارة ولا الدفع عن النفس، فتقطع الرجل تفاديا لهذه السلبيات. الجانب الثاني: توجيه قطع اليسرى: وجه قطع اليسرى: أنه أرفق بالمقطوع بحيث يمشي على عصا، بخلاف قطع اليمنى فلا يمكن ذلك؛ لأن اليد اليمنى مقطوعة، فلا يمكن استعمال العصا بها. واستعماله باليسرى لا يفيد؛ لأنها في غير جهة الرجل المقطوعة لو قطعت اليمنى. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقطع اليد اليسرى بما يأتي: ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني 3/ 181 حديث 292.

1 - قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (¬1). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأول: أنها نصت على قطع اليدين ولم تذكر الرجل. الوجه الثاني: أنها ذكرت الأيدي بلفظ الجمع، ولو كان المقطوع يدا واحدة لم تذكر الأيدي بلفظ الجمع، ولذكرت بلفظ المفرد. 2 - أن اليد هي آلة السرقة فتكون أولى بالقطع من الرجل. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بقطع الرجل. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بقطع الرجل أنه أقوى أدلة. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جانبان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بالآية. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن اليد هي آلة البطش. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [38].

الجانب الأول: الجواب عن الاحتجاج بالآية: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن الوجه الأول. 2 - الجواب عن الوجه الثاني. الجزء الأول: الجواب عن الوجه الأول: يجاب عن هذا الوجه بأن قطع الرجل ورد في السنة (¬1) وبفعل الصحابة - رضي الله عنهم - (¬2). الجزء الثاني: الجواب عن الوجه الثاني: أجيب عن هذا الوجه بما يلي: 1 - أن المراد قطع يد كل من السارق والسارقة بدليل ما يأتي: 1 - أن اليدين لا تقطعان في المرة الأولى. ب - قراءة ابن مسعود (فاقطعوا أيمانهما) حيث جاء بصيغة الجمع والواحد ليس له إلا يمين واحدة. جـ - أن المثنى إذا أضيف إلى المثنى ذكر بلفظ الجمع كقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (¬3). الجانب الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن اليد هي آلة السرقة بما يأتي: 1 - أنه اجتهاد في مقابل النص فلا يعتد به. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب السارق يعود فيسرق 8/ 272. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب السارق يعود فيسرق 8/ 273. (¬3) سورة التحريم، الآية: [4].

2 - أن هذا المعنى لم يعتبر في المحاربة، فلا يعتبر في السرقة. المسألة الثالنة: ما يقطع بعد السرقة الثانية: وفيها فرعان هما؛ 1 - القطع. 2 - ما يقطع. الفرع الأول: القطع: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في قطع السارق بعد المرة الثانية على قولين: القول الأول: أنه لا يقطع بل يحبس ويؤدب. القول الثاني: أنه يقطع. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه بياض لقول الأول: وجه القول بعدم القطع بما يأتي: 1 - ما ورد أن عليا أتي بسارق مقطوع الرجل فلم يقطعه وسجنه ثم جلده وأرسله (¬1). ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الحدود، في السارق يسرق فتقطع يده ورجله/28856.

2 - أنه لو جاز قطع اليدين لقطعت اليسرى في المرة الثانية. 3 - أن قطع اليدين يفوت المنفعة بهما كاملة، فلا يمكن الأكل ولا الشرب ولا الطهارة ولا الدفع عن النفس وهذا بمنزلة الإهلاك للمقطوع فلا يجوز. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالقطع بما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في السارق: (إذا سرق فاقطعوا يده فإن عاد ناقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله) (¬1). 2 - بها ورد أن عمر قطع بعد يد ورجل (¬2). 3 - أن ما زاد على المقطوع الثاني: يقطع في القصاص فيقطع في السرقة. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالقطع. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالقطع بعد الثانية: أنه أقوى أدلة. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزءان هما: ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني، كتاب الحدود / 3/ 181. (¬2) سنن الدارقطني، كتاب الحدود، 3/ 181.

1 - الجواب عن فعل علي. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن قطع الزائد عن المرة الثانية يفوت المنفعة. الجزء الأول: الجواب عن فعل علي: أجيب عن ذلك: بأنه رأي له قد خالفه غيره. الجزء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن قطع الزائد على المرة الثانية يفوت المنفعة: أحب عن ذلك بأن المقطوع هو الذي تسبب في ذلك، فيتحمل نتيجة فعله {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}. المسألة الرابعة: ذهاب محل القطع: وفيها فرعان هما: 1 - الذهاب قبل وجوب القطع. 2 - الذهاب بعد وجوب القطع. الفرع الأول: ذهاب محل القطع قبل وجوب القطع: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يقطع. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة ذهاب محل القطع قبل وجوبه ما يأتي: 1 - أن يسرق ويمينه مقطوعة قصاصا أو بحادث ونحو ذلك. 2 - أن يسرق ويمينه شلاء. الأمر الثاني: ما يقطع: وفيه جانبان هما:

1 - إذا كان له يسرى. 2 - إذا لم يكن له يسرى. الجانب الأول: إذا كان له يسرى: إذا كان السارق مفقود اليمين وله يسرى كان الحكم كما في السرقة في المرة الثانية على ما تقدم. الجانب الثاني: إذا لم يكن للسارق يمين ولا يسار: إذا لم يكن للسارق يمين ولا يسار كان الحكم كما في السرقة بعد المرة الثانية، على ما تقدم. الفرع الثاني: ذهاب محل القطع بعد وجوبه: وفيه أمران هما: 1 - الأمثلة. 2 - القطع. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة ذهاب محل القطع بعد وجوبه ما يأتي: 1 - أن يقطع محل القطع بعد السرقة بقصاص. 2 - أن ينقطع محل القطع بعد السرقة بحادث. 3 - أن يقطع محل القطع بعد السرقة بعملية جراحية. 4 - أن يصاب محل القطع بعد السرقة بشلل. الأمر الثاني: القطع: وفيه جانبان هما: 1 - بيان حكم القطع. 2 - التوجيه. الجانب الأول: بيان حكم القطع: إذا ذهب محل القطع بعد وجوبه سقط القطع.

الجانب الثاني: التوجيه: وجه سقوط القطع بذهاب محله بعد وجوبه: أن الوجوب تعلق بعين التالف فلم يبق للقطع محل فيسقط كما لو تلف محل القصاص. المسألة الثانية: قطع غير محل القطع: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الأمثلة. 2 - حكم القطع. 3 - إجزاء المقطوع عن قطع الواجب. الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة قطع غير محل القطع ما يأتي: 1 - قطع اليسار بدل اليمين. 2 - قطع الرجل بدل اليد. 3 - قطع اليد بدل الرجل كما لو قطع اليد اليسرى بدل الرجل اليسرى. الفرع الثاني: حكم القطع: وفيه أمران هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان الحكم: قطع غير الواجب لا يجوز، سواء كان بإذن المقطوع، أم بغير إذنه. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه المنع حين الإذن. 2 - توجيه المنع حين المنع.

الجانب الأول: توجيه المنع حين الإذن: وجه منع القطع لغير الواجب ولو كان بإذن: أن الإنسان لا يملك التصرف بأعضائه، فيكون إذنه من غير ذي صفة فلا يصح. الجانب الثاني: توجيه المنع حين المنع: وجه المنع من قطع غير الواجب حين المنع منه: أنه عضو معصوم فلا يجوز قطعه بغير حق. الفرع الثالث: إجزاء المقطوع عن قطع الواجب قطعه: وفيه أمران هما: 1 - الإجزاء. 2 - البديل على القول بعدم الإجزاء. الأمر الأول: الإجزاء: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: إذا قطع في السرقة غير ما يجب قطعه فقد اختلف في إجزائه على قولين: القول الأول: أنه يجزئ. القول الثاني: أنه لا يجزئ. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بإجزاء المقطوع عما يجب قطعه بما يأتي: أن قطع غير المقطوع يفضي إلى قطع عضوين بسرقة واحدة. فلا يجوز ويكتفي بالمقطوع. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم إجزاء المقطوع عما يجب قطعه: بأنه لو كان قطع المقطوع قصاصا أو علاجا، لم يجزئ فكذلك إذا قطع بدلا من الواجب. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالإجزاء. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بإجزاء المقطوع عما يجب قطعه بما يأتي: 1 - أنه يحصل المقصود به، وهو اتلاف العضو فيكتفى به. 2 - أن عدم الاكتفاء به يستلزم قطع عضو آخر، وهذا عدوان وظلم؛ لأن قطع عضوين بسرقة واحدة كما تقدم في الاستدلال فلا يجوز. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول الثاني: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه قياس مع الفارق، وذلك أن القطع لغير السرقة لا يحصل به استيفاء الحق للسرقة فيقطع له عضو آخر بخلاف القطع للسرقة فإنه يحصل به استيفاء حقها فيجزئ.

الأمر الثاني: البديل على القول بعدم الإجزاء: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: إذا قطعت اليد اليسرى بدل اليمنى في السرقة فقد اختلف فيما يقطع على القول بأن قطع اليد اليسرى لم يجزئ على قولين: القول الأول: أن الذي يقطع الرجل اليسرى. القول الثاني: أن الذي يقطع اليد اليمنى. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقطع الرجل: بأنه لو كانت اليد اليسرى مقطوعة قبل السرقة لكان القطع للرجل دون اليد. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقطع اليد اليمنى؛ بأنه لو كانت اليد اليسرى مقطوعة قبل السرقة لكان القطع لليد اليمنى وليس للرجل. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح.

المطلب الثاني محل القطع

3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هوالقول بأن الذي يقطع هو الرجل. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الذي يقطع هو الرجل ما يأتي: أن قطع اليد يذهب منفعة الجنس، ويقضي على استفادة الشخص من نفسه في الغذاء والطهارة واللبس وغير ذلك، وهذا في حكم القتل فلا يجوز. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه من صور محل الخلاف كما تقدم في السرقة في المرة الثانية. المطلب الثاني محل القطع وفيه مسألتان هما: 1 - محل القطع في اليد. 2 - محل القطع في الرجل. المسألة الأولى: محل القطع في اليد: وفيها فرعان هما: 1 - بيان محل القطع. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان محل القطع: محل القطع في اليد مفصل الكف عن الذراع. الفرع لثاني: التوجيه: وجه تحديد محل القطع في اليد بمفصل الكف عن الذراع ما يأتي:

1 - قول عمر - رضي الله عنه -: إذا قطعتم السارق فاقطعوا يمينه من الكوع. 2 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدد التيمم بالكف، وقد ورد في الآية بلفظ اليد. المسألة الثانية: محل القطع في الرجل: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في محل القطع من الرجل على قولين: القول الأول: أن القطع من مفصل القدم من الساق. القول الثاني: أن القطع من معقد الشراك في القدم. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن قطع الرجل من المفصل بما يأتي: 1 - أن هذا هو حد الرجل في الوضوء فيجعل القطع منه. 2 - أن عمر - رضي الله عنه - قطع منه (¬1). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب السارق يسرق أولًا 8/ 271.

الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقطع الرجل من مقعد الشراك بما يأتي: 1 - فعل علي - رضي الله عنه - (¬1). 2 - أن ذلك أرفق بالمقطوع بحيث يتمكن من المشي على العقب. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالقطع من المفصل. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن قطع الرجل من المفصل ما يأتي: 1 - أنه الموافق لتحديد الرجل في الطهارة. 2 - أنه أقل ما تطلق عليه الرجل عرفا. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيه جانبان هما: 1 - الجواب عما ورد عن علي. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن القطع من معقد الشراك أرفق. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب السارق يسرق أولًا 8/ 271.

الجانب الأول: الجواب عما ورد عن علي - رضي الله عنه -: أجيب عن ذلك: بأنه رأي له وقد خالفه غيره. الجانب الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن القطع من مقعد الشراك أرفق: بأن مراعاة استيفاء الحد أولى من مراعاة السارق.

المبحث السادس الشفاعة في السارق

المبحث السادس الشفاعة في السارق وفيه مطلبان هما: 1 - الشفاعة في السارق قبل أن يصل إلى الحاكم. 2 - الشفاعة في السارق بعد أن يصل إلى الحاكم. المطلب الأول الشفاعة في السارق قبل أن يصل إلى الحاكم وفيه مسألتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: بيان الحكم: الشفاعة في السارق قبل أن يصل إلى الحاكم جائزة. المسألة الثانية: التوجيه: وجه جواز الشفاعة في السارق قبل أن يصل إلى الحاكم ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب) (¬1). 2 - قصة سارق رداء صفوان وفيها: (هذا قبل أن تأتيني به) (¬2). حيث يدل بمفهومه: أنه لو عفى عنه قبل أن يأتي به لصح العفو ولما وجب القطع. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب العفو عن الحدود/4376. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب فيمن سرق من حرز/ 4394.

المطلب الثاني الشفاعة في السارق بعد أن يصل إلى الحاكم

المطلب الثاني الشفاعة في السارق بعد أن يصل إلى الحاكم وفيه مسألتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: بيان الحكم: الشفاعة في السارق بعد أن يصل إلى الحاكم لا تجوز. المسألة الثاثية: التوجيه: وجه عدم جواز الشفاعة في السارق إذا وصل إلى الحاكم ما يأتي: 1 - الأدلة السابقة في المسألة الأولى، فإنها صريحة في عدم قبول الشفاعة في السارق إذا وصل إلى الحاكم. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم - لأسامة بن زيد حين شفع في المخزومية: (اتشفع في حد من حدود الله) (¬1). 3 - قول ابن عمر: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في حكمه (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، حديث الأنبياء، حديث/ 3475. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الأقضية، باب فيمن يعين على خصومة/3597.

المبحث السابع تلقين السارق الإنكار

المبحث السابع تلقين السارق الإنكار وفيه مطلبان هما: 1 - إذا كان معروفا بالسرقات. 2 - إذا لم يكن معروفا بالسرقات. المطلب الأول إذا كان السارق معروفا بالسرقة وفيه مسألتان هما: 1 - التلقين. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: التلقين: إذا كان السارق معروفا بالسرقات لم يجز تلقينه الإنكار. المسألة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز تلقين السارق الإنكار إذا كان معرفا بالسرقة: أن تلقينه يفتح له باب الإنكار فيفلت من العقاب، وذلك يجرئه على الاستمرار في السرقة والإفساد في الأرض. المطلب الثاني إذا لم يكن السارق مشهورا بالسرقات وفيه مسألتان هما: 1 - التلقين. 2 - التوجيه.

المسألة الأولى: التلقين: إذا لم يكن السارق مشهورا بالسرقات جاز تلقينه الإنكار. المسألة الثانية: التوجيه: وجه جواز تلقين السارق الإنكار إذا لم يكن مشهورا بالسرقة ما يأتي: 1 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بسارق فقال له: (لا إخالك سرقت) (¬1) ردها عليه مرتين. 2 - ما ورد أن عليا - رضي الله عنه - أتي بسارق فانتهره (¬2). 3 - ما ورد أن عمر - رضي الله عنه - أتي بسارق فاعترف، فقال عمر: أرى يد رجل ما هي بيد سارق، فقال الرجل: والله ما أنا بسارق ولكنهم تهددوني. فخلى سبيله (¬3). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في التلقين في الحد/ 2385. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب اعتراف السارق./1878. (¬3) مصنف عبد الرزاق، باب الاعتراف بالعقوبة/ 18793.

المبحث الثامن إعادة العضو المقطوع

المبحث الثامن إعادة العضو المقطوع وفيه مطلبان هما: 1 - حكم الإعادة. 2 - التوجيه. المطلب الأول حكم الإعادة إعادة العضو المقطوع في السرقة لا تجوز. المطلب الثاني التوجيه وجه عدم جواز إعادة العضو المقطوع في السرقة: أن إعدامه من أهداف القطع، ولو أعيد لم يتحقق الهدف من قطعه، وليس المقصود الإيلام بالقطع؛ لأن الإيلام له وسائل كثيرة غير القطع.

المبحث التاسع قتل السارق

المبحث التاسع قتل السارق وفيه مطلبان هما: 1 - إذا لم تتكرر السرقة منه. 2 - إذا تكررت السرقة منه. المطلب الأول قتل السارق إذا لم تتكرر السرقة منه وفيه مسألتان هما: 1 - حكم القتل. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: حكم القتل: إذا لم تتكرر السرقة من السارق لم يجز قتله. المسألة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز قتل السارق إذا لم تكرر السرقة منه: أن الأصل عدم جواز القتل ولا دليل عليه. المطلب الثاني قتل السارق إذا تكررت منه السرقة وفيه مسألتان هما: 1 - حالة القتل. 2 - القتل. المسألة الأولى: حالة القتل: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحالة. 2 - التوجيه.

الفرع الأول: بيان الحالة: حالة القتل إذا سرق بعد قطع يديه ورجليه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه كون القتل بعد قطع اليدين والرجلين: أنه قبل استكمال قطعها يوجد محل لتنفيذ القطع وهو العضو الباقي. المسألة الثانية: القتل: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في قتل السارق إذا سرق بعد قطع يديه ورجليه على قولين: القول الأول: أنه يقتل. القول الثاني: أنه يحبس ولا يقتل. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما. 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالقتل بما ورد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل السارق بعد قطع اليدين والرجلين (¬1). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب السارق يعود فيسرق 8/ 272.

الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم قتل السارق: بأن الأصل عدم القتل، ولم يرد في القتل بالسرقة دليل يعتمد عليه. الفرع الثاني: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم القتل. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم القتل بالسرقة: أنه لا دليل على القتل، وما استدل به المخالفون سيأتي الجواب عنه. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القائلين بالقتل: أجيب عن وجهة هذا القول بجوابين: الجواب الأول: أنه ضعيف. الجواب الثاني: أن الذي أمر بقتله مستحق للقتل بغير السرقة بدليل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله في المرة الأولى.

المبحث العاشر تكرار السرقة

المبحث العاشر تكرار السرقة وفيه مطلبان هما: 1 - تكرار السرقة قبل القطع. 2 - تكرار السرقة بعد القطع المطلب الأول تكرار السرقة قبل القطع وفيه مسألتان هما: 1 - تكرار القطع. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: تكرار القطع: إذا تكررت السرقة قبل القطع تداخلت وكفى قطع واحد، سواء كانت السرقة الثانية للعين نفسها أم لغيرها، وسواء كانت السرقة من المسروق الأول، أم من غيره. المسألة الثانية: التوجيه: وجه تداخل السرقات قبل القطع: أنها حقوق لله فتتداخل كحد الزنا واللواط. المطلب الثاني تكرار السرقة بعد القطع وفيه مسألتان هما: 1 - السرقة للعين نفسها. 2 - السرقة لغير العين.

المسألة الأولى تكرار السرقة للعين نفسها: وفيها فرعان هما: 1 - إذا تغيرت العين. 2 - إذا لم تتغير العين. الفرع الأول: إذا تغير العين: وفيه أمران هما: 1 - أمثلة تغير الشكل. 2 - تكرار القطع. الأمر الأول: أمثلة تغير الشكل: من أمثلة تغير العين المسروقة ما يأتي: 1 - أن يغزل الصوف. 2 - أن ينسج الغزل. 3 - أن يخبز الدقيق. 4 - أن يكون التبر حليا. 5 - أن يكون القماش ملابس. الأمر الثاني: تكرار القطع: وفيه جانبان هما: 1 - التكرار. 2 - التوجيه. الجانب الأول: تكرار القطع: إذا سرق السارق العين التي قطع بها أو لا بعد تغير صفتها قطع بها ثانيا، سواء سرقها من المسروق الأول أم من غيره. الجيانب الثاني: التوجيه: وجه تكرار القطع بتكرير سرقة العين بعد تغير صفتها: أنها بعد تغير صفتها تصبح في حكم عين أخرى فيقطع بها.

الفرع الثاني: إذا لم تتغير العين: وفيها ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: إذا سرق السارق العين التي قطع بها أو لا، قبل أن تتغير صفتها فقد اختلف بالقطع بها ثانيا على قولين: القول الأول: أنه يقطع بها. القول الثاني: أنه لا يقطع بها. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقطع السارق بسرقة العين التي قطع بها ولو لم تتغير صفتها: بأن الزنا بالمزني بها بعد الحد بالزنا الأول يوجب الحد ثانيا، فكذلك سرقة العين بعد القطع بسرقتها الأولى يوجب القطع ثانيا. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم القطع بسرقة العين التي قطع بها إذا لم تتغير صفتها: بأن من حد في قذف لم يحد بتكراره ثانية فكذلك لا يقطع ثانية بسرقة العين التي سبق أن قطع بسرقتها الأولى.

الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب القطع. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القطع ما يأتي: 1 - أن سبب القطع هو السرقة، لا العين، فلا أثر لها في وجوب القطع، والسرقة متحققة بسرقة العين المسروقة، فيجب القطع بها. 2 - أن عدم القطع يجرئ على السرقة للمسروقات، وهذا يخل بالأمن ويحدث الرعب في المجتمع فيجب الردع والزجر عنه. 3 - أن القطع للردع والزجر عن الفساد والاخلال بالأمن وترويع الناس وسرقة المسروقات تسبب ذلك فيجب الردع والزجر عنها. الجانب الثالث: الجواب عن توجيه المخالفين: يجاب عن ذلك بما يأتي: 1 - أن قياس سرقة المسروقات على قذف المقذوف يقابله القياس على الزنا بالمزني بها بعد الحد. 2 - أن قياس سرقة المسروق على قذف المقذوف بالمقذوف بها قياس مع الفارق؛ لأن إعادة القذف بالفعل نفسه فلا يعاقب عليه مرتين، أما السرقة الثانية فإنها فعل آخر غير ما قطع به، ونظيره قذف القاذف للمقذوف بعد الحد

بزنا آخر بالمقذوف بها، وهذا يحد به ولا يكفى عنه الحد بالقذف الأول فكذلك سرقة العين نفسها بعد الحد. المسألة الثانية: تكرار السرقة بعد القطع لغير العين: وفيها فرعان هما: 1 - القطع. 2 - التوجيه. الفرع الأول: القطع: إذا كرر السارق السرقة بعد القطع لغير العين التي قطع بها وجب قطعه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه وجوب القطع بالسرقة بعد القطع لغير العين التي قطع بها: أن السرقة الثانية يجب بها القطع لو لم يسبقها سرقة فكذلك إذا سبقت بسرقة لعدم الفرق.

المبحث الحادي عشر الجو الذي يمنع القطع فيه

المبحث الحادي عشر الجو الذي يمنع القطع فيه وفيه مطلبان هما: 1 - بيان الجو الذي يمنع فيه القطع. 2 - التوجيه. المطلب الأول بيان الجو الذي يمنع القطع فيه الجو الذي يمنع القطع فيه هو شديد الحر وشديد البرد. المطلب الثاني التوجيه وجه المنع من القطع في شدة الحر وشدة البرد: أنه يعرض المقطوع للتلف، والحد للتأديب والردع وليس للإتلاف.

المبحث الثاني عشر رد المسروقات

المبحث الثاني عشر رد المسروقات وفيه مطلبان هما: 1 - رد المسروق إذا كان باقيا. 2 - رد المسروق إذا كان تالفا. المطلب الأول رد المسروق إذا كان باقيا وفيه مسألتان هما: 1 - الرد. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: الرد: إذا كان المسروق موجودا وجب رده. المسألة الثانية: التوجيه: وجه رد المسروق إذا كان باقيا ما يأتي: 1 - حديث: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه) (¬1). ووجه الاستدلال بالحديث: أنه نفى حل مال الغير ما لم تطب به نفسه لمسروق لم تطب به نفس مالكه فلا يحل وإذا كان لا يحل وجب رده. 2 - حديث: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) (¬2). 3 - قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (¬3). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، باب من غصب جارية ثم باعها، ج 6. (¬2) سنن الترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء أن العارية مؤداة / 1266. (¬3) سورة النساء، الآية: [58].

المطلب الثاني ضمان المسروق إذا كان تالفا

ووجه الاستدلال بالآية: أنها أوجبت رد الأمانات إلى أهلها، وهي مقبوضة بحق، فإذا وجب رد المقبوضة بحق كان رد ما أخذ بغير حق أولى. المطلب الثاني ضمان المسروق إذا كان تالفا وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. المسألة الأولى: الخلاف: اختلف في ضمان المسروق إذا كان تالفا على قولين: القول الأول: أنه يضمن مطلقا قبل القطع وبعده. القول الثاني: أنه يضمن قبل القطع ولا يضمن بعده. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها فرعان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفرع الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الضمان مطلقا بما يأتي: 1 - أنه لو كان المسروق موجودا وجب رده للأدلة المتقدمة، فإذا كان تالفا وجب ضمانه، كسائر المتلفات. 2 - أنه يجب ضمان المسروق قبل القطع فكذلك بعده؛ لعدم الفرق.

3 - أن القطع حق لله، وضمان المسروق حق لآدمي، فلا يسقط أحدهما بالآخر كحقوق الآدميين. الفرع الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بوجوب الرد قبل القطع لا بعده: بأن القطع والرد على وجه البدل، والمبدل والمبدل منه لا يجمع بينهما، فالقطع بدل عن ضمان المسروق، فإذا وجد القطع سقط الضمان. المسألة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح: الفرع الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - وجوب الضمان مطلقا. الفرع الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بوجوب الضمان مطلقا قوة أدلته وظهور دلالتها. الفرع الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن اعتبار القطع والضمان بدلان غير صحيح لما يأتي: 1 - اختلاف المستحق، فالمسروق حق لآدمي، والقطع حق لله. 2 - أن القطع لا يسقط بالرد، ولو كانا بدلين لسقط به.

الموضوع التاسع قطاع الطريق

الموضوع التاسع قطاع الطريق وفيه خمسة مباحث هي: 1 - المراد بقطاع الطريق. 2 - شروط أحكام قطاع الطريق. 3 - حالات قطاع الطريق. 4 - عقوبات قطاع الطريق. 5 - توبة قطاع الطريق.

المبحث الأول المراد بقطاع الطريق

المبحث الأول المراد بقطاع الطريق وفيه مطلبان هما: 1 - أسماء قطاع الطريق. 2 - تعريفهم. المطلب الأول أسماء قطاع الطريق وفيه مسألتان هما: 1 - بيان الأسماء. 2 - توجيه التسمية. المسألة الأولى: بيان الأسماء: أسماء قطاع الطريق كما يأتي: 1 - قطاع الطريق. 2 - المحاربون. المسألة الثانية: توجيه التسمية: وفيها فرعان هما: 1 - توجيه تسميتهم بقطاع الطريق. 2 - توجيه تسميتهم بالمحاربين. الفرع الأول: توجيه تسميتهم بقطاع الطريق: سمى قطاع الطريق بهذا الاسم؛ لأنهم يعتدون على الذين يسلكون الطريق، ويأخذون ما معهم، ويخيفونهم، فيترك الناس السير فيه، ويتقطع سلوكلهم له. الفرع الثاني: توجيه تسميتهم بالمحاربين: سمى قطاع الطريق بالمحاربين؛ لأنهم يعرضون للناس بالسلاح ويأخذون ما معهم بالقوة كالمحاربين.

المطلب الثاني تعريف قطاع الطريق

المطلب الثاني تعريف قطاع الطريق قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء أو البنيان فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة. الكلام في هذا المطلب في مسألتين هما: 1 - التعريف. 2 - ما يخرج بالتعريف. المسألة الأولى: التعريف: قطاع الطريق: هم المكلفون الملتزمون الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء أو البنيان، فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة. المسألة الثانية: ما يخرج بالتعريف: وفيها ستة فروع هي: 1 - ما يخرج بكلمة (المكلفون). 2 - ما يخرج بكلمة (الملتزمون). 3 - ما يخرج بكلمة (بالسلاح). 4 - ما يخرج بكلمة (فيغصبونهم). 5 - ما يخرج بكلمة (المال). 6 - ما يخرج بكلمة (مجاهرة). الفرع الأول: ما يخرج بكلمة (المكلفون): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (المكلفون) غير المكلفين.

الأمر الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج غير المكلفين بكلمة (المكلفون) حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه: (والمجنون حتى يفيق). الفرع الثاني: ما يخرج بكلمة (الملتزمون): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (الملتزمون) غير الملتزمين، كالحربيين. الأمر الثاني: التوجيه: وجه خروج غير الملتزمين بكلمة (الملتزمون) أن عقوبات المحاربين من أحكام الإسلام وغير الملتزم بها لا تطبق عليه؛ لأن له أحكامًا خاصة به تطبق عليه. الفرع الثالث: ما يخرج بكلمة (بالسلاح): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (بالسلاح) الخروج من غير سلاح، فإنه لا يعتبر محاربة، ولا قطعًا للطريق. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم اعتبار الخروج من غير سلاح قطعًا للطريق: أنه يمكن فهو الخارجين والتغلب عليهم، فلا يخيفون الطريق، ولا يقطعونه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا / 4398.

الفرع الرابع: ما يخرج بكلمة (فيغصبونهم): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما يخرج. 2 - التوجيه. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (فيغصبونهم) ما يأخذونه من غير مقاومة ولا منازعة فلا تنطبق عليهم أحكام قطاع الطريق. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم اعتبار أخذ المال من غير غصب قطعا للطريق: أن أصحابه لو قاوموا لما أخذ منهم، ولكن إهمالهم الدفاع وتفريطهم بترك المقاومة هو الذي مكن المعتدين منهم. الفرع الخامس: ما يخرج بكلمة (المال): وفيه أمران هما: 1 - بيان ما فيه. 2 - الخروج. الأمر الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (المال) الأعراض؛ لأنها لا تعتبر أموالا. الأمر الثاني: الخروج: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج حسب عبارة المؤلف. 2 - الخروج حسب وجهة النظر. الجانب الأول: الخروج حسب عبارة المؤلف: وفيه جزءان هما:

1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الخروج: الاعتداء على الأعراض بالمغالبة والغصب لا يدخل في المحارية حسب عبارة المؤلف. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم دخول الاعتداء على الأعراض حسب عبارة المؤلف: في الحرابة أنها لا تعتبر مالا. والعبارة مقيدة بالمال فلا تدخل فيها. الجانب الثاني: الخروج حسب وجهة النظر: وفيه جزءان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الخروج: الاعتداء على الأعراض بالمغالبة لا يخرج عن الحرابة سواء كان على النساء أم كان على الذكور. الجزء الثاني: التوجيه: وجه دخول الاعنداء على الأعراض بالغصب والمغالبة في الحرابة ما يأتي: 1 - أن الاعتداء على الأعراض أبشع وأشنع وأقبح من الاعتداء على الأموال. 2 - أن الأموال يمكن التعويض عنها وعار الاعتداء عليها أخف من الاعتداء على الأعراض، أما الأعراض فلا يمكن التعويض عنها وعارها لا ينسى. الفرع السادس: ما يخرج بكلمة (مجاهرة): وفيه أمران هما:

1 - أخذ المال خفية. 2 - أخذ المال اختطافا. الأمر الأول: أخذ المال خفية: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الخروج: أخذ المال خفية لا يدخل في الحرابة ولا تنطبق عليه أحكامها. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج أخذ المال خفية من الحرابة: أنه يمكن التحرز منه فلا يخيف الطريق ولا تنقطع بسببه. الأمر الثاني: أخذ المال اختطافا: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الخروج: أخذ المال اختطافا لا يدخل في قطع الطريق ولا تنطبق عليه أحكامه. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج أخذ المال اختطافا من الحرابة: أنه لا يخيفه الطريق ولا تنقطع بسببه.

المبحث الثاني شروط تطبيق أحكام قطاع الطريق

المبحث الثاني شروط تطبيق أحكام قطاع الطريق وفيه ستة مطالب هي: 1 - ثبوت الحرابة. 2 - الحرابة في الصحراء. 3 - حمل السلاح. 4 - المجاهرة بأخذ المال. 5 - التكليف. 6 - انتفاء الشبهة. المطلب الأول ثبوت الحرابة وفيه مسألتان هما: 1 - ما تثبت به. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: ما تثبت به: الحرابة كغيرها لا تثبت إلا ببينة أو إقرار. المسألة الثانية: التوجيه: وجه اشتراط البينة أو الإقرار لثبوت الحرابة: حديث: (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعى واليمين على من أنكر) (¬1). المطلب الثاني الحرابة في الصحراء وفيه مسألتان هما: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الدعاوى، باب البينة على المدعى/ 10/ 252.

1 - المراد بالصحراء. 2 - الاشتراط. المسألة الأولى: المراد بالصحراء: المراد بالصحراء: الأماكن الخالية من العمران والسكان الذين يمكن بهم الغوث. المسألة الثانية: الاشتراط: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في اشتراط وقوع الحرابة في الصحراء لتطبيق أحكام المحاربين على قولين: القول الأول: أنه شرط فلا تطبق أحكام المحاربين في البنيان. القول الثاني: أنه لا يشترط فتطبق أحكام المحاربين ولو في البنيان. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول باشتراط وقوع الحرابة في الصحراء بما يأتي: 1 - أن البنيان يمكن فيه الغوث وتخليص المعتدى عليه فيه من العدوان عليه، فتقل الحاجة إلى الردع بتطبيق أحكام المحاربين على المعتدين فيه.

2 - أن عقوبة المحاربين تسمى حد قطاع الطريق، وليس في البلد قطع للطريق. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الاشتراط بما يأتي: 1 - أن الآية ربطت الحكم بالحرابة ولم تفرق بين الصحراء والبنيان والأصل حمل المطلق على إطلاقه فلا يقيد إلا بدليل. 2 - أن الحرابة في البنيان أعظم ضررا وأشد خطرا منها في الصحراء لأن ضررها يتعدى إلى غير المعتدى عليه، فتكون أولى بالعقوبة من الصحراء. 3 - أن الذي يسطو في البنيان أشد شراسة وجرأة من الذي يهاجم في الصحراء فيحتاج إلى عقوبة أشد وأغلظ وأقسى ممن يهاجم في الصحراء. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هى: 1 - بيان الراجح. 2 - التوجيه. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الاشتراط، فتطبق عقوبة المحاربين ولو في البنيان. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عقوبة المحاربين ولو في البنيان: أنه لا دليل على تخصيصها بالصحراء، والأصل عدم التخصيص.

الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جانبان هما: 1 - الجواب عن الدليل الأول. 2 - الجواب عن الدليل الثاني. الجانب الأول: الجواب عن الدليل الأول: يجاب عن الاحتجاج بأن البنيان يمكن فيه الغوث: بأن محل الخلاف إذا وجدت الحرابة أما إذا لم توجد الحرابة لوجود الغوث فلا مجال لتطبيق أحكام قطاع الطريق فيرتفع الخلاف. الجانب الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن العقوبة تسمى حد قطاع الطريق وقطع الطريق لا يوجد في البنيان. أجيب عن ذلك من ثلاثة وجوه: الوجه الأول: أن الحكم ربط بالمحاربة والسعي في الأرض بالفساد وذلك متحقق في البنيان، ولم يربط بقطع الطريق. الوجه الثاني: أن تسمية العقوبة بحد قطاع الطريق تسمية فقهية وليست من النص فلا يحتج بها. الوجه الثالث: أن هذه التسمية بناء على الغالب من أن الحرابة تؤثر في قطع الطريق والمبني على الغالب لا يقتصر الحكم عليه، كما في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [23].

المطلب الثالث حمل السلاح

المطلب الثالث حمل السلاح وفيه مسألتان هما: 1 - المراد بالسلاح. 2 - الاشتراط. المسألة الأولى: المراد بالسلاح: وفيها فرعان هما: 1 - ضابطه. 2 - أمثلته. الفرع الأول: ضابط السلاح: السلاح في الحرابة ما يقتل أو يؤدي إلى القتل من أي نوع وبأي شكل. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة السلاح في الحرابة ما يأتي: 1 - السيوف. 2 - البنادق. 3 - الرماح. 4 - الرشاشات. 5 - العصي الغليظة، سواء كانت من الخشب أو الحديد أو منهما. 6 - السكاكين. 7 - السواطير. المسألة الثانية: الاشتراط: وفيها فرعان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الاشتراط: حمل المحاربين للسلاح شرط لاعتبارهم محاربين، وتطبيق أحكام الحرابة عليهم.

المطلب الرابع المجاهرة بأخذ المال

الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط حمل المحاربين للسلاح لتطبيق أحكام الحرابة عليهم: أنهم إذا لم يحملوا السلاح أمكن صدهم والتغلب عليهم، ولم يوجد الخوف منهم. المطلب الرابع المجاهرة بأخذ المال وفيه مسألتان هما: 1 - المراد بالمجاهرة. 2 - الاشتراط. المسألة الأولى: بيان المراد بالمجاهرة: المراد بأخذ المال مجاهرة: أخذه بالقوة والغلبة، وليس بالاختطاف أو التخفي. المسألة الثانية: الاشتراط: وفيها فرعان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الاشتراط: المجاهرة بأخذ المال شرط لتطبيق أحكام الحرابة على المحاربين. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط المجاهرة بأخذ المال لتطبيق أحكام الحرابة: أنه إذا كان الأخذ خفية كان سرقة، وإن كان اختطافا فهو انتهاب، وذلك لا تطبق فيه أحكام الحرابة. المطلب الخامس التكليف وفيه مسألتان هما:

1 - المراد بالتكليف. 2 - الاشتراط. المسألة الأولى: المراد بالتكليف: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان المراد بالتكليف. 2 - التوجيه. 3 - صورة الحرابة من غير المكلف. الفرع الأولى: بيان المراد بالتكليف: المراد بالتكليف: العقل والبلوغ. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط العقل والبلوغ للتكليف حديث: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق وعن الصغير حتى يبلغ) (¬1). الفرع الثالث: صورة وقوع الحرابة من غير المكلف: يتصور وجود الحرابة من غير المكلف بالمشاركة لغيره. المسألة الثانية: الاشتراط: وفيها فرعان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأولى: الاشتراط: تكليف المحارب شرط لتطبيق أحكام الحرابة عليه، فإن كان صغيرا أو مجنونا لم تطبق عليه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط التكليف لتطبيق أحكام الحرابة: الحديث المتقدم في المراد بالتكليف. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا / 4398.

المطلب السادس انتفاء الشبهة

المطلب السادس انتفاء الشبهة وفيه أربع مسائل هي: 1 - أمثلة الشبهة. 2 - الاشتراط. 3 - أثر اشتراط من له الشبهة مع من لا شبهة له في عقوبته. 4 - أثر اشتراط غير المكلف مع المكلف في عقوبته. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الشبهة ما يأتي: 1 - أن يكون قاطع الطريق أبا للمقطوع عليه الطريق. 2 - أن يكون قاطع الطريق زوجًا للمقطوع عليها الطريق. 3 - أن تكون قاطعة الطريق زوجة للمقطوع عليه الطريق. 4 - أن يكون قاطع الطريق مملوكا للمقطوع عليه الطريق. 5 - أن يكون قاطع الطريق مسلما، والمال المقطوع عليه الطريق لبيت المال. المسألة الثانية: الاشتراط: - وفيها فرعان هما: 1 - حكم الاشتراط. 2 - التوجيه. الفرع الأول: حكم الاشتراط: انتفاء الشبهة شرط لتطبيق أحكام الحرابة على المحاربين. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط انتفاء الشبهة لتطبيق أحكام الحرابة: أن الحدود تدرأ بالشبهات فلا يطبق الحد مع وجودها.

المسألة الثالثة: أثر اشتراك من له شبهة مع من لا شبهة له: وفيها فرعان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الأثر. الفرع الأولى: الأمثلة: من أمثلة اشتراك من لا شبهة له مع من له شبهة ما يأتي: 1 - اشتراك الأجنبي مع الأب. 2 - اشتراك الذمي مع المسلم. 3 - اشتراك الأجنبي مع الزوجة. 4 - اشتراك الأجنبي مع الولد. الفرع الثاني: الأثر: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في تأثير اشتراك من له شبهة مع لا شبهة له في إسقاط عقوبة الحرابة على قولين: القول الأول: أنه لا أثر له فيقام حد الحرابة على من لا شبهة له ولو سقط عن من له شبهة. القول الثاني: أنه يؤثر فيسقط حد الحرابة عن الجميع. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم التأثير: أن المانع وهو الشبهة لا يوجد فيمن لا شبهة له فلا يسقط الحد عنه كما لو اشترك مع من لا يجب عليه حد الزنا في وطء امرأة. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالتاثير بأن حكم الجميع واحد فتكون الشبهة في فعل واحد شبهة في حق الجميع. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم التأثير. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم التأثير: أنه أظهر دليلا. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن ما بني عليه وهو اتحاد الحكم غير صحيح، فحكم من لا شبهة له يختلف عن حكم من له شبهة. المسألة الرابعة: أثر اشتراك غير المكلف مع المكلف في إسقاط العقوبة عن المكلف: الكلام في هذه المسألة كالكلام في المسألة التي قبلها.

المبحث الثالث حالات المحاربين

المبحث الثالث حالات المحاربين قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: فمن منهم قتل مكافئا أو غيره كالولد، والعبد، والذمي، وأخذ المال قتل ثم صلب حتى يشتهر. وإن قتل ولم يأخذ مالا قتل حتما ولم يصلب، وإن جنوا بما يوجب قودًا في الطرف تحتم استيفاؤه، وإن أخذ كل واحد من المال قدر ما يقطع بأخذه السارق ولم يقتلوا قطع من كل واحد يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحتما ثم خلي، فإن لم يصيبوا نفسا ولا مالا يبلغ نصاب السرقة نفوا بأن يشردوا فلا يتركون يأوون إلى بلد. الكلام في هذا المبحث في مطلبين هما: 1 - حالات المحاربين. 2 - عقوباتهم. المطلب الأول الحالات وفيه خمس مسائل هي: 1 - القتل وأخذ المال. 2 - القتل من غير أخذ مال. 3 - أخذ المال من غير قتل. 4 - الجناية بما يوجب القود فيما دون النفس. 5 - إخافة السبيل من غير قتل ولا أخذ مال. المطلب الثاني العقوبات وفيه مسألتان هما: 1 - العقوبات. 2 - تطبيق العقوبات على الردء.

[المبحث الرابع] عقوبات قطاع الطريق

المسألة الأولى: العقوبات: وفيها خمسة فروع هي: 1 - عقوبة القتل وأخذ المال. 2 - عقوبة القتل من غير أخذ مال. 3 - عقوبة أخذ المال من غير قتل. 4 - عقوبة الجناية بما يوجب القود فيما دون النفس. 5 - عقوبة إخافة السبيل من غير قتل ولا أخذ مال. الفرع الأول: عقوبة القتل وأخد المال: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - القتل. 2 - الصلب. 3 - القطع. الأمر الأول: القتل: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - حكم القتل. 2 - تحتمه. 3 - صفته. 4 - اعتبار المكأفاة فيه. الجانب الأول: حكم القتل: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل. الجزء الأول: بيان الحكم: قتل المحارب إذا قتل في الحرابة واجب لا يجوز العفو عنه. الجزء الثاني: الدليل: دليل قتل المحارب ما يأتي:

1 - قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (¬1). 2 - قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - للعرنيين (¬2). 3 - ما ورد أن جبريل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - في المحاربين: من قتل وأخذ المال قتل وصلب، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف (¬3). الجانب الثاني: تحتم القتل: وفيه جزءان هما: 1 - معنى التحتم. 2 - الخلاف فيه. الجزء الأول: معنى التحتم: تحتم القتل وجوبه، وعدم جواز العفو عنه، وعدم سقوطه به. الجزء الثاني: الخلاف: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الأقوال. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الأقوال: اختلف في تحتم قتل المحاربين على قولين: القول الأول: أنه يتحتم فلا يجوز العفو عنه ولا يسقط به. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [33 - 34]. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب ما جاء في المحاربين/ 4367. (¬3) إرواء الغليل 8/ 94، حديث 2444.

القول الثاني: أنه لا يتحتم ويجوز العفو عنه ويسقط به. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بتحتم قتل المحاربين إذا قتلوا: أن قتلهم حد من حدود الله وحدود الله يجب تنفيذها، ولا تسقط بالعفو عنهم. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تحتم قتل المحاربين ولو قتلوا: أن الوارد في آية الحرابة التخيير في أمرهم بأو والمخير لا يتحتم. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بتحتم القتل. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتحتم القتل: أنه أظهر دليلا. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن أو في الآية للتنويع وليست للتخيير بدليل ما يأتي:

1 - ما تقدم في بيان جبريل عليه السلام لعقوبة المحاربين (¬1). 2 - ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفصيل عقوبة المحاربين (¬2). 3 - أنه بدئ في العقوبة بالأغلظ ولو كانت للتخيير لبدئ فيها بالأخف كما الجاري في التخيير كما في كفارة اليمين. الجانب الثالث: صفة القتل: وفيه جزءان هما: 1 - أمثلة وسائل القتل. 2 - ما يقتل به. الجزء الأول: أمثلة وسائل القتل: من وسائل القتل ما يأتي: 1 - السيف. 2 - الرمح. 3 - الرمي بالرصاص. 4 - الخنق. 5 - التحريق. 6 - التغريق. 7 - الضرب. 8 - التثقيل. 9 - حبس الهواء. 10 - حبس الغذاء. 11 - الكهرباء. 12 - الإلقاء من شاهق. الجزء الثاني: ما يقتل به: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان ما يقتل به. 2 - الدليل. ¬

_ (¬1) إرواء الغليل 8/ 94، حديث 2444. (¬2) مصنف عبد الرزاق/ باب المحاربة/ 18544.

الجزئية الأولى: بيان ما يقتل به: يكون القتل بأسهل وسائله وأسرعها إزهاقا. الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على القتل بالأسهل: حديث: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة) (¬1). الجانب الرابع: اعتبار المكافأة للقتل: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: فمن منهم قتل مكافئا أو غيره، كالولد لعبد، والذمي، وأخذ المال قتل ثم صلب حتى يشتهر. الكلام في هذا الجانب في ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في اعتبار مكأفاة المقتول للقاتل في الحرابة على قولين: القول الأول: أنها تعتبر. القول الثاني: أنها لا تعتبر. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول باعتبار المكأفاة للقتل في الحرابة بحديث: (لا يقتل مسلم بكافر) (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الصيد والذبائح/ باب الأمر بإحسان الذبح/ 1955. (¬2) صحيح البخاري/ باب كتابة العلم/ 111.

الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم اعتبار المكأفاة: بأن قتل المحارب حد فلا تعتبر فيه المكافأة كالزنا والسرقة. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزنية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم اعتبار المكأفاة. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم اعتبار المكأفاة في القتل في الحرابة: أن دليله أظهر. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن الاحتجاج بحديث: (لا يقتل مسلم بكافر) بأنه محمول على القتل في غير الحرابة. الأمر الثاني: الصلب: وفيه خمسة جوانب هي: 1 - صفته. 2 - تحتمه. 3 - وقته. 4 - مدته. 5 - الحكمة منه. الجانب الأول: صفة الصلب: صفة الصلب أن يربط المصلوب على شاخص من عمود أو خشبة أو جدار أو شجرة أو نخلة أو غير ذلك على هيئة الواقف ممدودة يداه عرضا مواجها للمشاهدين.

الجانب الثاني: تحتم الصلب: وفيه جزءان هما: 1 - التحتم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: التحتم: صلب المحارب واجب لا يجوز تركه، ولا يسقط بالعفو عنه. الجزء الثاني: التوجيه: وجه تحتم صلب المحارب: أنه جزء من الحد، والحد لا يجوز ترك شيء منه كالجلد. الجانب الثالث: وقت الصلب: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في وقت صلب المحارب على قولين: القول الأول: أنه قبل القتل. القول الثاني: أنه بعد القتل. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن الصلب قبل القتل بما يأتي:

1 - أن الصلب عقود ة، والعقوبة للحي لا للميت؛ لأن الميت لا يحس فما لجرح بيت إيلام. 2 - أن الصلب من الجزاء على المحاربة فتكون في حال الحياة كسائر العقوبات. 3 - أن الصلب بعد القتل يؤدي إلى تفسخ المصلوب وامتناع تغسيله. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن الصلب بعد القتل بما يأتي: 1 - أن القتل في الآية مقدم على الصلب فيجب تقديمه عليه. 2 - أن الصلب حال الحياة تعذيب والتعذيب للحيوان منهي عنه. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن الصلب قبل القتل. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن الصلب قبل القتل ما يأتي: 1 - أنه أظهر دليلا. 2 - أنه أكثر ردعا وزجرا. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها فقرتان هما: 1 - الجواب عن الاحتجاج بالآية. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن الصلب حال الحياة تعذيب.

الفقرة الأولى: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن تقديم القتل في الآية على الصلب: بأن العطف للتنويع وليس للترتيب بدليل أن القتل لا يقدم على القطع عند القائلين به. الفقرة الثانية: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن الصلب حال الحياة تعذيب: بأنه إذا ثبت كون الصلب من الحد - وهو كذلك - لم يمنع من الصلب حال الحياة كونه تعذيبًا كالقطع والنفي، والنهي عن تعذيب الحيوان التعذيب بغير حق وإلا لتعطلت العقوبات. الجانب الرابع: مدة الصلب: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في مدة الصلب على قولين: القول الأول: أنه يصلب حتى يشتهر. القول الثاني: أنه يصلب ثلاثة أيام. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن مدة الصلب إلى أن يشتهر: بأن المقصود من الصلب إشهار أمر المحارب فيكتفى بما يحقق هذا الهدف.

الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه التحديد بثلاثة أيام. 2 - توجيه منع الزيادة عليها. الفقرة الأولى: توجيه التحديد بثلاثة أيام: وجه ذلك: أن الثلاثة هي أقل ما يشتهر فيها. الفقرة الثانية: توجيه منع الزيادة على الثلاثة: وجه منع الزيادة على الثلاثة: أنه بعد الثلاثة يشتد نتنه، ويبدأ فيه التفسخ فيصعب غسله وحمله. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن مدة الصلب إلى أن يشتهر. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بأن مدة الصلب إلى أن يشتهر: بأنه لم يرد للمدة تحديد في الشرع فيرجع إلى ما يحقق الهدف وهو الإشهار. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة هذا القول: بأنه لا دليل عليه، والتحديد تشريع، والتشريع يحتاج إلى دليل، وحيث لا دليل فلا تشريع. الجانب الخامس: الحكمة من الصلب: وفيه جزءان هما:

1 - إذا كان الصلب قبل القتل. 2 - إذا كان الصلب بعد القتل. الجزء الأول: إذا كان الصلب قبل القتل: إذا كان الصلب قبل القتل كان الهدف منه إيلام المصلوب وردع غيره. الجزء الثاني: إذا كان الصلب بعد القتل: إذا كان الصلب بعد القتل كان الهدف منه: الردع والزجر لمن يعلم به عن الوقوع في مثله. الأمر الثالث: القطع: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في قطع المحاربين إذا قتلوا وأخذوا المال على قولين: القول الأول: أنهم يقطعون. القول الثاني: أنهم لا يقطعون. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقطع المحاربين إذا أخذوا المال وقتلوا: بأن القتل وأخذ المال جنايتان كل واحدة منهما توجب حدًا منفردأ فكذلك إذا اجتمعا، كالزنا والسرقة.

الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم القطع بما يأتي: 1 - أنه إذا اجتمعت حدود الله فيها قتل دخل ما دون القتل في القتل، كالزنا والسرقة. 2 - قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: إذا اجتمع حدان أحدهما قتل أحاط القتل بجميعها (¬1). 3 - أنه لم يرد القطع مع القتل في بيان جبريل عليه السلام لعقوبة المحاربين. 4 - أنه لم يرد القطع مع القتل في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في عقوبة المحاربين. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - عدم وجوب القطع. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الجمع بين القتل والقطع: أنه لم يرد الجمع بينهما. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: أجيب عن وجهة هذا القول: بأن قياس القتل والقطع في الحرابة على السرقة والزنا غير صحيح؛ لأنه إن كان الزنا غير موجب للقتل فهو قياس مع الفارق؛ ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، كتاب العقول، باب الذي يأتي الحدود ثم يقتل / 18220.

الفرع الثاني: عقوبة القتل من غير أخذ المال

لأن إحدى العقوبتين لا تحقق الهدف من الأخرى؛ لأن الجلد لا يحقق إتلاف اليد، وقطع اليد لا يحقق الجلد، وإن كان الزنا موجبا للقتل فهو من محل الخلاف فلا يحتج به. الفرع الثاني: عقوبة القتل من غير أخذ المال: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: وإن قتل ولم يأخذ المال قتل حتما ولم يصلب. الكلام في هذا الفرع في أمرين هما: 1 - القتل. 2 - الصلب. الأمر الأول: القتل: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - حكم القتل. 2 - تحتمه. 3 - صفته. 4 - اعتبار المكافأة فيه. وفد تقدم ذلك في عقوبة القتل مع أخذ المال. الأمر الثاني: الصلب: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في صلب المحارب إذا قتل ولم يأخذ المال على قولين: القول الأول: أنه يصلب. القول الثاني: أنه لا يصلب.

الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بصلب المحارب إذا قتل ولم يأخذ المال: بأنه محارب يجب قتله فيجب صلبه كمن أخذ المال. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم صلب المحارب إذا قتل ولم يأخذ المال: بأنه لم يرد الصلب في عقوبة من قتل ولم يأخذ المال فلا يصلب من غير دليل. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الصلب. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم صلب المحارب إذا قتل ولم يأخذ المال: أن الصلب عقوبة تحتاج إلى دليل، وحيث إنه لا دليل على الصلب فلا يجوز. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس صلب من لم يأخذ المال على من أخذه قياس مع الفارق؛ لأن من أخذ المال عنده زيادة جناية، وهي أخذ المال

الفرع الثالث: عقوبة من أخذ المال ما غير قتل

فتقتضي زيادة العقوبة، والتسوية بينهما تسوية بين ما يستحق التغليظ وغيره، وهذه تسوية بين المختلفين فلا يجوز. الفرع الثالث: عقوبة من أخذ المال ما غير قتل: قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: وإن أخذ كل واحد من المال قدر ما يقطع بأخذه السارف ولم يقتلوا قطع من كل واحد يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمتا ثم خلى. الكلام في هذا الفرع في ستة أمور هي: 1 - العقوبة. 2 - دليلها. 3 - تحتمها. 4 - صفتها. 5 - مقدار ما يقطع به. 6 - اعتبار الحرز. الأمر الأول: العقوبة: عقوبة من أخذ المال من المحاربين ولم يقتل القطع. الأمر الثاني: الدليل: دليل معاقبة المحارب بالقطع إذا أخذ المال ولم يقتل ما يأتي: قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (¬1). 2 - ما ورد في بيان جبريل عليه السلام لعقوبة المحاربين: وفيه: (ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [33]. (¬2) إرواء الغليل 8/ 94/ 2444.

الأمر الثالث: تحتم القطع: وفيه جانبان هما: 1 - التحتم. 2 - التوجيه. الجانب الأول: التحتم: قطع المحارب إذا أخذ المال ولم يقتل واجب لا يصح العفو عنه، ولا يسقط به. الجانب الثاني: التوجيه: وجه تحتم قطع المحاربين إذا أخذوا المال ولم يقتلوا: أنه حد لله، والحدود لا يصح العفو عنها ولا تسقط به. الأمر الرابع: صفة القطع: وفيه جانبان هما: 1 - ما يقطع. 2 - الموالاة. الجانب الأول: ما يقطع: وفيه خمسة أجزاء هي: 1 - إذا كانت الأرجل والأيدي كلها سليمة. 2 - إذا كانت كلها غير سليمة. 3 - إذا كان بعضها سليما، وبعضها غير سليم. 4 - قطع اليد اليسرى بدلا من اليمنى. 5 - محل القطع. الجزء الأول: إذا كانت الأيدي والأرجل كلها سليمة: وفيه ثلاث جزئيات هي:

1 - بيان ما يقطع. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان ما يقطع: إذا أخذ المحارب المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى. الجزئية الثانية: الدليل: دليل مخالفة القطع الآية والحديث السابقين. الجزئية الثالثة: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه المخالفة. 2 - توجيه البدء باليمنى. الفقرة الأول: توجيه المخالفة: وجه المخالفة في القطع: التيسير على المقطوع في المشي كما تقدم في السرقة؛ لأنه لو كان القطع من جانب واحد لم يمكن الاعتماد على العصا؛ لأن الحاجة إلى الاعتماد جانب الرجل المقطوعة، فإذا كانت اليد في هذا الجانب مقطوعة تعذر إمساك العصا. الفقرة الثانية: توجيه قطع اليد اليمنى: وجه قطع اليد اليمنى: أنها آلة البطش والأخذ فقطعت لتمكنها في تنفيذ الجناية. الجزء الثاني: إذا كانت الأيدي والأرجل كلها غير سليمة: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة عدم السلامة. 2 - القطع. الجزئية الأولى: أمثلة عدم السلامة: من أمثلة عدم السلامة ما يأتي:

1 - القطع قصاصا، أو سرقة، أو مرضا، أو حادثا. 2 - الشلل الكلي أو الجزئي. 3 - استحقاقها في سرقة أو قصاص. الجزئية الثانية: القطع: وفيها فقرتان هما: 1 - سقوط القطع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: سقوط القطع: إذا كانت الأيدي والأرجل كلها مقطوعة أو مستحقة أو شلاء سقط القطع في الحرابة. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - توجيه سقوط القطع إذا كان محله مقطوعا. 2 - توجيه سقوط القطع إذا كان محله مشلولا. 3 - توجيه سقوط القطع إذا كان محله مستحقا. الشيء الأول: توجيه سقوط القطع إذا كان محله مقطوعا: وجه سقوط القطع في الحرابة إذا كان محل القطع مقطوعا: أنه لا محل للتنفيذ فسقط كالغسل في الطهارة. الشيء الثاني: توجيه سقوط القطع إذا كان محله مشلولا: وجه سقوط القطع إذا كان محله مشلولا: أن وجود المحل كعدمه فلا فائدة في قطعه. الشيء الثالث: توجيه سقوط القطع إذا كان المحل مستحقا: وجه سقوط القطع إذا كان محله مستحقا: أن الأسبق هو الأحق.

الجزء الثالث: إذا كان بعض الأيدي والأرجل سليما وبعضها غير سليم: وفيه جزئيتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - ما يقطع. الجزئية الأولى: الأمثلة: من أمثلة سلامة بعض مواضع القطع دون بعض ما يأتي: 1 - سلامة اليد دون الرجل. 2 - سلامة الرجل دون اليد. الجزئية الثانية: ما يقطع: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان ما يقطع. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان ما يقطع: إذا كان بعض مواضع القطع سليما وبعضها غير سليم قطع السليم وسقط القطع في غير السليم. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه قطع السليم: أنه يمكن تنفيذ الحكم فيه: بخلاف غيره فلا يترك المقدور عليه بالعجز عن المعجوز عنه، فإذا كانت اليد سليمة والرجل غير سليمة قطعت اليد وسقط القطع في الرجل وكذا العكس. الجزء الرابع: قطع اليد اليسرى بدلا من اليد اليمنى: قطع اليد اليسرى في الحرابة كقطعها في السرقة على ما تقدم من الخلاف والتفصيل. الجزء الخامس: موضع القطع: موضع القطع في الحرابة هو موضعه في القطع في السرقة وتقدم.

الجانب الثاني: موالاة القطع: وفيه جزءان هما: 1 - صفة الموالاة. 2 - الموالاة. الجزء الأول: صفة الموالاة: موالاة القطع: أن يكون في وقت واحد فلا ينتظر بقطع العضو الثاني برء العضو الأول. الجزء الثاني: الموالاة: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان حكم الموالاة. 2 - التوجيه. 3 - الفرق بين القطع في الحرابة والقطع في القصاص. الجزئية الأولى: حكم الموالاة: موالاة القطع في الحرابة واجب. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب موالاة القطع في الحرابة ما يأتي: 1 - أن عطف الأرجل على الأيدي جاء بالواو وهي تقتضي الجمع، وترك الموالاة نرك لهذا المقتضى فلا يجوز. 2 - أن قطع الأيدي والأرجل عقوبة واحدة فلا تفرق. الجزئية الثالثة: الفرق بين القطع في الحرابة والقطع في القصاص: الفرق بين القطع في الحرابة والقطع في القصاص في الموالاة: أن القطع في الحرابة عقوبة واحدة فلا تفرق، والقطع في القصاص عقوبات فيجوز تفريقها. الأمر الخامس: مقدار المال الذي يقطع به: وفيه ثلاثة جوانب هي:

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: اختلف فيما يقطع به المحارب من المال على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه غير مقدر، فإذا أخذوا المال قطعوا مطلقا، سواء بلغ ما أخذوه ما يقطع به السارق أم لا. القول الثاني: أنه لا يقطع إلا من أخذ ما يقطع به السارق. القول الثالث: أنه إذا بلغ ما أخذه جميعهم ما يقطع به السارق قطعوا سواء بلغت حصة كل واحد ما يقطع به السارق أم لا. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بالقطع بأخذ المال مطلقا بما يأتي: 1 - أن أدلة القطع ربطت القطع بأخذ المال ولم تقيده بمقدار. 2 - أن الأصل عدم التقدير فلا يصار إليه إلا بدليل ولا دليل. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بتخصيص القطع بمن أخذ ما يقطع به السارق بأدلة القطع بالسرقة بحملها على كل واحد.

الجزء الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بتقييد القطع بما إذا بلغ مجموع ما أخذوه ما يقطع به السارق بأدلة السرقة قياسا عليها. الجانبا الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم التحديد. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم التحديد لما يقطع به المحاربون هو إطلاق الأدلة، ومنها ما يأتي: 1 - حديث جبريل وفيه: (ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف) (¬1). 2 - حديث ابن عباس وفيه: (وإذا حارب رأخذ المال ولم يقتل فعليه قطع اليد والرجل من خلاف) (¬2). الأمر السادس: اعتبار الحرز: وفيه جانبان هما: ¬

_ (¬1) إرواء الغليل 8/ 94 حديث 2444. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة، باب قطاع الطريق 8/ 283.

الفرع الرابع: عقوبة الجناية بما يوجب القود فيما دون النفس

1 - بيان المراد بالحرز. 2 - الاعتبار. الجانب الأول: بيان المراد بالحرز: المراد بالحرز تقدم في السرقة. الجانب الثاني: الاعتبار: وفيه جزءان هما: 1 - الاعتبار. 2 - التوجيه. الجزء الأول: الاعتبار: أخذ المحاربين للمال من الحرز شرط لتطبيق حد الحرابة عليهم. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اعتبار الحرز لتطبيق حد الحرابة: أنه إذا أخذ المال من غير حرز لم يكن فيه منازعة ولا شهر سلاح، وذلك شرط في تطبيق حد الحرابة كما تقدم في التعريف وما يخرج به. الفرع الرابع: عقوبة الجناية بما يوجب القود فيما دون النفس: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإن جنوا بما يوجب قودا في الطرف تحتم استيفاؤه. الكلام في هذا الفرع في ثلاثة أمور: 1 - أمثلة الجناية بما يوجب القود في الطرف. 2 - العقوبة. 3 - تحتم استيفاءه القصاص. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة الجناية بما يوجب القود في الطرف ما يأتي:

1 - قطع الطرف كاليد والرجل. 2 - فقء العين. 3 - قطع الأنف. 4 - قطع الأذن. 5 - قطع الذكر. الأمر الثاني: العقوبة: تختلف عقوبة المحاربين في الجناية بما يوجب الجناية فيما دون النفس بناء على الخلاف في تحتم القصاص الآتي فعلى القول بتحتم القصاص يكون هو العقوبة، وعلى القول بعدم تحتم القصاص تكون العقوبة ما يختاره المجني عليه من المال أو القصاص. الأمر الثالث: تحتم استيفاءه القصاص: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأول: الخلاف: احْتلف في تحتم استيفاء القصاص فيما دون النفس على قولين: القول الأول: أنه يتحتم. القول الثاني: أنه لا يتحتم ويكون الخيار فيه لمستحقه. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتحتم استيفاء القصاص فيما دون النفس من المحاربين بما يأتي:

1 - أن ما دون النفس تابع للقتل فيتحتم كالقتل. 2 - أن ما دون القتل قود فيتحتم كالقود في النفس. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تحتم القصاص فيما دون النفس بما يأتي: 1 - أنه لم يرد في عقوبة المحاربين فلا يتحتم. 2 - أن الأصل عدم التحتم فلا يصار إليه إلا بدليل ولا دليل فلا يتحتم. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم التحتم. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم تحتم القصاص من المحاربين فيما دون النفس ما يأتي: 1 - أنه أحظى بالدليل. 2 - أن تحتم الاستيفاء يفوت على المجني عليه حقه في المال إذا أراده. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن الأصل أن استيفاء القصاص في الجناية للمجني عليه، استثنى من ذلك القتل في الحرابة لوجود الدليل، والمستثنى لا يقاس عليه فيقتصر عليه كالعرايا في البيع.

الفرع الخامس: عقوبة من أخاف السبيل من غير قتل ولا أخذ مال

الفرع الخامس: عقوبة من أخاف السبيل من غير قتل ولا أخذ مال: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: فإن لم يصيبوا نفسا ولا ما لا يبلغ نصاب السرقة نفوا، بأن يشردوا فلا يتركون يأوون إلى بلد. الكلام في هذا الفرع في أمرين: 1 - أمثلة إخافة السبيل من غير قتل ولا أخذ مال. 2 - العقوبة. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة إخافة السبيل من غير قتل ولا أخذ مال ما يأتي: 1 - أن يهجم القطاع على المارة فيتغلب المارة عليهم. 2 - أن يهجموا على المارة فلا يجدون معهم ما يريدون فيتركونهم. 3 - أن يعلم المارة بهم قبل وصولهم إليهم فيفلتوا منهم فلا يدركونهم. 4 - أن يخاف المحاربون من الظفر بهم بعد هجومهم فيعدلوا عن مهاجمتهم. الأمر الثاني: العقوبة: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - بيان العقوبة. 2 - دليلها. 3 - المراد بالنفي. 4 - مدة النفي. الجانب الأول: بيان العقوبة: عقوبة المحاربين إذا أخافوا السبيل ولم يقتلوا ولم يأخذوا مالا: النفي. الجانب الثاني: الدليل: دليل نفي المحاربين إذا لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا ما يأتي:

1 - قوله تعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ}. 2 - حديث ابن عباس: وفيه: (وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض) (¬1). الجانب الثالث: المراد بالنفي: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في المراد بنفي المحاربين على أقوال أهمها قولان: القول الأول: أن المراد بالنفي التشريد من الأرض فلا يتركون يأوون إلى بلد. القول الثاني: أن المراد بالنفي الحبس. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بأن المراد بالنفي التشريد بظاهر الآية، وذلك أن النفي هو الطرد، فيكون نفيهم من الأرض طردهم منها، بحيث لا يقر لهم قرار، ويكونون في حكم من ليس على الأرض. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن المراد الحبس بما يأتي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب السرقة باب قطاع الطريق/283.

1 - أن المقصود من النفي كف شر المحاربين والحبس يحققه. 2 - أن الحبس إخراج من الأرض حكما؛ لأن المحبوس ليس مع أهل الأرض. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالحبس. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالحبس: أنه الذي يحقق الهدف ويكف شر المحاربين عن الناس، بخلاف التشريد فإنه لا يحقق ذلك؛ لأنهم لن يعدموا الفرصة التي يغيرون فيها فيخيفون ويسلبون الأموال ويقتلون. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن وجهة المخالفين بأن النفي ليس تعبديا وليس مقصودا لذاته فيتمسك بحرفيته، بل هو معقول العلة وهي ليست خاصة به، فما حققها جاز تطبيقه. الجانب الثالث: مدة النفي: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المدة. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان المدة: لم يرد لنفي المحاربين تحديد مدة فيرجع فيها إلى ما يحقق المصلحة ويكف شرهم.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه الرجوع في مدة نفي المحاربين إلى ما يحقق المصلحة ويكف الشر والفساد: أن المدة لم تحدد شرعا فيرجع إلى ما يحقق الهدف منها. المسألة الثانية: تطبيق عقوبات قطاع الطريق على الردء: وفيها فرعان هما: 1 - بيان المراد بالردء. 2 - تطبيق العقوبات عليه. الفرع الأول: المراد بالردء: وفيه أمران هما: 1 - ضابط الردء. 2 - أمثلته. الأمر الأول: ضابط الردء: الردء هو الناصر، والمعين، ومنه قوله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي} (¬1). الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة الردء ما يأتي: 1 - المدد. 2 - من يصد المدد. 3 - من يجهز السلاح للمباشر. 4 - الاحتياطي المستعد للمباشرة عند الحاجة. الفرع الثاني: تطبيق العقوبة على الردء: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة القصص، الآية: 34.

3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف فى تطبيق عقوبة المحاربين على الردء على قولين: القول الأول: أنها تطبق عليهم. القول الثاني: أنها لا تطبق عليهم، وليس عليهم إلا التعزير. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتطبيق عقوبة المحاربين على الردء بما يأتي: 1 - أن الردء والمباشر يشتركون فيما يحصلون عليه فيشتركون في عقوبته. 2 - أن تنفيذ المباشر لفعله متوقف على معاضدة الردء ومناصرته فيكون كالمباشر. 3 - أنه لو عجز المباشر عن التنفيذ وحده باشر الردء معه فهما كالشيء الواحد. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم تطبيق عقوبة المحارب على الردء بما يأتي: 1 - أن الردء مع المباشر كالمتسبب مع المباشر، وإذا اجتمع المباشر مع المتسبب كانت المسؤولية على المباشر. 2 - أن عقوبة الزنا على الزاني وحده دون المعين عليه.

الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بتطبيق عقوبة المحاربين على ردئهم. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتطبيق عقوبة المحاربين على ردئهم ما يأتي: 1 - أنه أقوى دليلا وأظهر دلالة. 2 - أنه أكثر ردعا وأقوى زجرا. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة القول بعدم تطبيق عقوبة المحاربين على ردئهم: بأن قياس تخصيص عقوبة المحاربين بالمباشر منهم على تخصيص الحد بالمباشر له، قياس مع الفارق؛ لأن الحد مربوط بالمباشر فلا يشمل المعين، بخلاف عقوبة المحاربين فإنها مربوطة بالحرابة والردء محارب فيدخل في المحاربين وتشمله عقوبتهم. المسألة الثالثة: تعميم العقوبات على المحاربين: وفيها فرعان هما: 1 - المراد بالتعميم. 2 - التعميم. الفرع الأول: المراد بالتعميم: وفيه أمران هما:

1 - بيان المراد. 2 - الأمثلة. الأمر الأول: بيان المراد: المراد بتعميم عقوبات المحاربين شمول العقوبات لجميعهم من وقعت منه الجناية وغيره، من باشرها ومن لم يباشرها. الأمر الثاني: الأمثلة: من أمثلة تعميم العقوبات على المحاربين ما يأتي: 1 - قتل الجميع والقاتل واحد. 2 - قطع الجميع والقاطع واحد. 3 - قتل الجميع وصلبهم، والقاتل واحد، وآخذ المال آخر. الفرع الثاني: التعميم: تعميم العقوبة على المحاربين كتطبيق العقوبة على الردء وقد تقدم.

المبحث الخامس توبة قطاع الطريق

المبحث الخامس توبة قطاع الطريق قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: ومن تاب منهم قبل أن يقدر عليه سقط عنه ما كان لله من نفي وصلب وتحتم قتل وأخذ بما للآدميين من نفس وطرف ومال إلا أن يعفى له عنها. الكلام وهذا المبحث في خمسة مطالب هي: 1 - معنى التوبة. 2 - ما تعرف به التوبة. 3 - قبول التوبة. 4 - ما يسقط بالتوبة. 5 - ما لا يسقط بالتوبة. المطلب الأول معنى التوبة التوبة الإقلاع عن فعل الممنوع مع الندم على فعله والعزم على عدم العود إليه. المطلب الثاني ما تعرف به التوبة تعرف التوبة بإعلانها مع ترك الفعل. المطلب الثالث قبول التوبة وفيه مسألتان هما: 1 - قبل القدرة. 2 - بعد القدرة.

المسألة الأولى: قبول التوبة قبل القدرة: وفيها فرعان هما: 1 - صورة التوبة قبل القدرة. 2 - قبول التوبة. الفرع الأول: صورة التوبة قبل القدرة: من صور التوبة قبل القدرة: أن يسلم الشخص نفسه معلنا توبته. 2 - أن يراسل الشخص السلطة بتوبته ويلتزم بوضع يده بأيديهم إذا هم قبلوا توبته. الفرع الثاني: قبول التوبة قبل القدرة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - القبول. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الأمر الأول: قبول التوبة: إذا تاب المحارب قبل القدرة عليه قبلت توبته. الأمر الثاني: الدليل: الدليل على قبول توبة المحاربين قبل القدرة عليهم: قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (¬1). الأمر الثالث: التوجيه: وجه قبول توبة المحاربين قبل القدرة عليهم ما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة المائدة, الآية: 34.

1 - أن الظاهر صدقهم لما يأتي: أ - أنهم لا يخافون من العقوبة قبل القدرة عليهم، فلا يرد أن إظهار التوبة للتخلص منها. ب - أنهم ليسوا مكرهين على التوبة فلا تكون توبتهم للتخلص من الإكراه. 2 - أن قبول التوبة قبل القدرة يرغب فيها ويحمل عليها. 3 - أن قبول التوبة قبل القدرة يجنب سلبيات القبض على المحاربين والصراع معهم. المسألة الثانية: قبول التوبة بعد القدرة: وفيها فرعان هما: 1 - صورة التوبة بعد القدرة. 2 - قبول التوبة. الفرع الأول: صورة التوبة بعد القدرة: من صور التوبة بعد القدرة: أن يظل الشخص مقاوماً ومتهرباً حتى يتم القبض عليه ثم يقول إنه قد تاب. الفرع الثاني: قبول التوبة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - القبول. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الأمر الأول: القبول: إذا كانت توبة المحارب بعد القدرة عليه لم تقبل.

المطلب الرابع ما يسقط بالتوبة

الأمر الثاني: الدليل: الدليل على عدم قبول توبة المحارب إذا كانت بعد القدرة عليه، قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها قيدت قبول التوبة بما قبل القدرة، ومفهوم ذلك أنها إذا كانت بعد القدرة لا تقبل. المطلب الرابع ما يسقط بالتوبة وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - ضابط ما يسقط بالتوبة. 2 - توجيهه. 3 - أمثلته. المسألة الأولى: ضابط ما يسقط بالتوبة من عقوبات الحرابة: الذي يسقط بالتوبة من عقوبات الحرابة ما كان لله تعالى. المسألة الثانية: الأمثلة: من أمثلة ما يسقط بالتوبة من عقوبات المحاربين ما يأتي: 1 - الصلب. 2 - النفي. 3 - تحتم القتل. 4 - القطع. المسألة الثالثة: توجيه السقوط: وجه سقوط ما كان لله من عقوبات الحرابة ما يأتي: 1 - أن حقوق الله مبناها على المسامحة. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: 34.

المطلب الخامس ما لا يسقط بالتوبة

2 - أن في إسقاط هذه الحقوق بالتوبة ترغيباً فيها وحثاً عليها. المطلب الخامس ما لا يسقط بالتوبة وفيه ثلاث مسائل: 1 - ضابطه. 2 - أمثلته. 3 - سقوطه. المسألة الأولى: ضابط ما لا يسقط بالتوبة مما يلزم المحاربين: الذي لا يسقط بالتوبة مما يلزم المحاربين هو حقوق الآدميين. المسألة الثانية: الأمثلة: من أمثلة حقوق الآدميين ما يأتي: 1 - القتل. 2 - القطع. 3 - المال. المسألة الثالثة: السقوط: وفيها فرعان هما: 1 - السقوط بالعفو. 2 - السقوط من غير عفو. الفرع الأول: السقوط بالعفو: وفيه أمران هما: 1 - السقوط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: السقوط: إذا عفي صاحب الحق عن المحاربين سقط ما له عليهم.

الأمر الثاني: التوجيه: وجه سقوط حقوق الآدميين عن المحاربين بالعفو عنها: أنها محض حقهم، فإذا أسقطوها سقطت لعدم المنازع. الفرع الثاني: السقوط من غير عفو: وفيه أمران هما: 1 - السقوط. 2 - التوجيه. الأمر الأول: السقوط: حقوق الآدميين لا يسقط منها شيء بالتوبة بلا عفو. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم سقوط شيء من حقوق الآدميين من غير عفو أن مبناها على المشاحة فلا تسقط من غير مسقط من عفو أو وفاء.

الموضوع العاشر دفع الصائل

الموضوع العاشر دفع الصائل قال المؤلف - رحمه الله -: ومن صال على نفسه أو حرمته أو ماله آدمي أو بهيمة فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك، ولا ضمان عليه، وإن قتل فهو شهيد، ويلزمه الدفع عن نفسه وحرمته دون ماله، ومن دخل منزله رجل متلصص فحكمه كذلك. الكلام في هذا الموضوع في خمسة مباحث هي: 1 - معنى الصائل. 2 - حكم الدفع. 3 - أسلوب الدفع. 4 - الضمان. 5 - دفاع اللصوص.

المبحث الأول معنى الصائل

المبحث الأول معنى الصائل الصائل هو الذي يتعدى على الشخص يريد نفسه أو ماله أو عرضه أو محارمه. المبحث الثاني حكم الدفع وفيه مطلبان هما: 1 - دفع الآدمي. 2 - دفع البهائم. المطلب الأول دفع الآدمي وفيه أربع مسائل هي: 1 - الدفع عن النفس. 2 - الدفع عن العرض والمحارم. 3 - الدفع عن المال. 4 - الدفع عن الغير المسألة الأولى: الدفع عن النفس: وفيها فرعان هما: 1 - الدفع عن النفس في الفتنة. 2 - الدفع عن النفس في غير الفتنة. الفرع الأول: الدفع عن النفس في الفتنة: وفيه أمران هما: 1 - الدفع. 2 - التوجيه.

الأمر الأول: حكم الدفع: الدفع عن النفس في الفتنة جائز ولا يلزم. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه الجواز. 2 - توجيه عدم اللزوم. الجانب الأول: توجيه جواز الدفع: وجه جواز الدفع عن النفس في الفتنة ما يأتي: 1 - حديث: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد) (¬1). الجانب الثاني: توجيه عدم لزوم الدفع: وجه عدم لزوم الدفع في الفتنة ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اجلس في بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك) (¬2). 2 - أن عثمان - رضي الله عنه - ترك القتال لمن بغى عليه (¬3). 3 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة: (كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل) (¬4). المسألة الثانية: الدفع عن النفس في غير الفتنة: وفيها فرعان هما: ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء فيمن قتل دون ماله/ 1421. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الفتن، باب النهي عن السعي في الفتنة/ 4261. (¬3) البداية والنهاية لابن كثير/ 7/ 176. (¬4) طبقات ابن سعد 5/ 245 و 246.

[المسألة الثانية] الدفع عن العرض والمحارم

1 - حكم الدفع. 2 - التوجيه. الفرع الأول: حكم الدفع: الدفع عن النفس في غير وقت الفتنة واجب. الفرع الثاني: التوجيه: وجه وجوب الدفع عن النفس في غير وقت الفتنة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬1). 2 - أن قتل النفس محرم، والتمكين من القتل في حكم القتل. 3 - أن إحياء النفس واجب، والدفع عنها إحياء لها فيجب. المطلب الثاني الدفع عن العرض والمحارم وفيه مسألتان هما: 1 - حكم الدفع. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: حكم الدفع: دفع الصائل عن العرض والمحارم واجب. المسألة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الدفع عن العرض والمحارم ما يأتي: 1 - أنه من تغيير المنكر وتغيير المنكر واجب لحديث: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده) (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 195. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الخطبة يوم العيد 1140.

[المسألة الثالثة] الدفع عن المال

2 - أنه منع من الفاحشة ومنع الفاحشة واجب. المطلب الثالث الدفع عن المال وفيه مسألتان هما: 1 - الدفع بما يؤدي إلى القتل أو قطع الطرف. 2 - الدفع بما لا يؤدي إلى القتل ولا إلى قطع الطرف. المسألة الأولى: الدفع عن المال بما يؤدي إلى القتل أو قطع الطرف: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في الدفاع عن المال بما يؤدي إلى القتل أو قطع الطرف على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بجواز الدفاع عن المال بما يؤدي إلى القتل أو القطع بما يأتي:

1 - حديث: (من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد) (¬1). 2 - ما ورد أن رجلاً قال: يا رسول الله: أرأيت إن جاء رجل يريد مالي. قال: (فلا تعطه مالك)، قال: أرأيت إن قاتلني، قال: (قاتله)، قال: أرأيت إن قتلني. قال: (فأنت شهيد)، قال: أرأيت إن قتلته، قال: (هو في النار) (¬2). 3 - أن عدم الدفع عن المال تضييع له، وذلك لا يجوز، فيكون الدفاع عنه جائزاً. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم جواز الدفع عن المال بما يؤدي إلى القتل: بأن حرمة النفس أعظم من حرمة المال. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالجواز. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بجواز الدفع عن المال ولو بما يؤدي إلى القتل: أن أدلته صريحة في الجواز. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب من قاتل دون ماله/ 2480. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره/225/ 140.

الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن حرمة النفس ما لم تهدر بالاعتداء والصائل معتد فتكون نفسه مهدرة. المسألة الثانية: الدفاع عن المال بما لا يؤدي إلى القتل أو قطع الطرف: وفيها ثلاثة فروع: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في الدفع عن المال بما لا يؤدي إلى القتل أو قطع الطرف على قولين: القول الأول: أنه يجب. القول الثاني: أنه لا يجب. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الدفع عن المال بما لا يؤدي إلى القتل بما يأتي: 1 - أن عدم الدفع تضييع للمال، وتضييع المال لا يجوز، لحديث: (إن الله يكره لكم قيل وقال وإضاعة المال) (¬1) فيجب الدفع عنه. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل/ 593/ 12.

[المسألة الرابعة] الدفع عن الغير

2 - أن الدفع عن المال بما لا يؤدي إلى القتل أو قطع الطرف فيه تحقيق مصلحة حفظ المال من غير مفسدة فيجب. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الدفع عن المال ولو كان بما لا يؤدي إلى القتل أو القطع: بأن المال يجوز بذله وما جاز بذله لم يجب الدفع عنه. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالوجوب. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بالوجوب: أن أدلته أظهر. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن البذل عن اقتناع ورضا يختلف عن الأخذ بالقوة من غير رضا ولا اقتناع، فلا يقاس عليه. المطلب الرابع الدفع عن الغير وفيه مسألتان هما: 1 - الدفع عن الغير في الفتنة. 2 - الدفع عن الغير في غير الفتنة.

المسألة الأولى: الدفع عن الغير في الفتنة: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الحكم: الدفع عن الغير في الفتنة لا يجوز. الفرع الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز الدفع عن الغير في الفتنة ما يأتي: قوله - صلى الله عليه وسلم - في الفتنة: (كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه منع الشخص في الفتنة من الدفاع عن نفسه، وإذا منع من الدفاع عن نفسه كان منع الدفاع عن الغير أولى. 2 - ما ورد أن عثمان - رضي الله عنه - منع من الدفاع عنه وأقره الصحابة على ذلك (¬2). 3 - أن الدفع عن الغير في الفتنة يؤجج الفتنة ويشعل نارها، وهذا ينافي إخمادها والقضاء عليها. المسألة الثانية: الدفع عن الغير في غير الفتنة: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. ¬

_ (¬1) طبقات ابن سعد 5/ 245، 246. (¬2) البداية والنهاية لابن كثير 7/ 176.

الفرع الأول: الخلاف: اختلف في الدفع عن الغير في غير الفتنة على قولين: القول الأول: أنه يجب. القول الثاني: أنه لا يجب. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بوجوب الدفع عن الغير بما يلي: 1 - حديث: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) (¬1). 2 - أن عدم الدفع عن الغير يؤدي إلى انتشار الفساد وتسلط الناس بعضهم على بعض. 3 - أن الدفع عن الغير تحقيق مصلحة بلا مفسدة. 4 - أن الدفع عن الغير تغيير منكر وتغيير النكر واجب على من يقدر عليه. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم وجوب الدفع عن الغير بما يأتي: 1 - منع عثمان الدفع عنه وإقرار الصحابة له عليه؛ لأنه لو كان واجباً لم يمنعهم ولم يقروه عليه. 2 - أنه لا دليل على الوجوب والأصل عدمه. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الإكراه، باب إذا استكرهت المرأة على الزنا/ 6952.

الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالوجوب. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه وجوب الدفع عن الغير: أن تركه يؤدي إلى اختلال الأمن وانتشار الفساد وانتهاك الأعراض وأكل أموال الناس بالباطل. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جانبان هما: 1 - الجواب عن قصة عثمان. 2 - الجواب عن دعوى عدم الدليل. الجانب الأول: الجواب عن الاحتجاج بقصة عثمان: يجاب عن ذلك بما يأتي: 1 - أن ذلك كان في الفتنة، والدفاع فيها يوسعها ويزيد في أضرارها. 2 - أن عثمان - رضي الله عنه - فادى بنفسه الصحابة وأهل المدينة كلهم؛ لأنهم لو دافعوا عنه لنالهم الضرر ولكثر القتل والهرج والمرج ولانتهبت الأموال، وانتهكت الأعراض وانقلبت موازين الأمور. الجانب الثاني: الجواب عن دعوى عدم الدليل: يجاب عن ذلك: بأن الدليل حجة المخالفين.

المطلب الثاني دفع الصائل من البهائم

المطلب الثاني دفع الصائل من البهائم وفيه مسألتان هما: 1 - حكم الدفع. 2 - التوجيه. المسألة الأولى: حكم الدفع: دفع الصائل من الحيوان واجب ولو بالقتل، سواء كان الدفع عن النفس أم الأهل أم المال أم الغير. المسألة الثانية: التوجيه: وفيها فرعان هما: 1 - التوجيه العام. 2 - التوجيه الخاص. الفوع الأول: التوجيه العالم: التوجيه العام لدفع الصائل من الحيوان ما يأتي: 1 - أن الحيوان إذا صال سقطت حرمته. 2 - أن الحيوان مال، والمال يجوز اتلافه لدفع ضرره، ومن ذلك ما يأتي: أ - هدم الجدار المائل. ب - قطع الأشجار المؤذية. جـ - هدم البناء العالي على الجيران الكاشف لبيوتهم. الفرع الثاني: التوجيه الخاص: وفيه أربعة أمور هي: 1 - توجيه الدفع عن النفس. 2 - توجيه الدفع عن الأهل. 3 - توجيه الدفع عن المال. 4 - توجيه الدفع عن الغير.

الأمر الأول: توجيه الدفع عن النفس: وجه وجوب الدفع عن النفس ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬1). وذلك أن عدم الدفع عن النفس من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة. 2 - قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (¬2). وذلك أن عدم دفع الصائل من أسباب قتل النفس. الأمر الثاني: توجيه الدفع عن الأهل: وجه وجوب الدفع عن الأهل حديث: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) (¬3). وذلك أن من المسؤولية عن الأهل دفع الضرر عنهم، ومن دفع الضرر دفع الصائل. الأمر الثالث: توجيه الدفع عن المال: وجه وجوب الدفع عن المال حديث: (إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) (¬4). وذلك أن عدم دفع الصائل عن المال من إضاعته. الأمر الرابع: توجيه الدفع عن الغير: وجه وجوب الدفع عن الغير: أن إنقاذ المعصوم من الهلكة واجب، ودفع الصائل إنقاذ من الهلكة فيكون واجباً. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: 195. (¬2) سورة النساء، الآية: (29). (¬3) صحيح البخاري، باب كراهية التطاول على الرقيق/ 2554. (¬4) صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل 12/ 593.

المبحث الثالث أسلوب الدفع

المبحث الثالث أسلوب الدفع وفيه مطلبان هما: 1 - بيان مراتب الدفع. 2 - التدرج فيها. المطلب الأول بيان مراتب الدفع مراتب دفع الصائل كما يلي: 1 - الكلام. 2 - العصا. 3 - التهديد بالسلاح. 4 - الضرب بالسلاح دون القتل. 5 - القتل. المطلب الثاني التدرج وفيه مسألتان هما: 1 - حالة التدرج. 2 - صفة التدرج. المسألة الأولى: حاكم: التدرج: وفيها فرعان هما: 1 - بيانها. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان حالة التدرج: حالة التدرج في دفع الصائل إذا لم يخش منه المهاجمة والبدء فإن خيف منه ذلك لم يلزم التدرج.

الفرع الثاني: التوجيه: وجه تقييد التدرج بحالة الأمن من مهاجمة الصائل: أنه إذا خيف ذلك جاز بدؤه. بما يكف شره؛ لأن عدم بدئه يعطيه الفرصة للبدء فيفوت الأوان. المسألة الثانية: صفة التدرج: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الصفة. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الصفة: التدرج في دفع الصائل: أن يبدأ بالأسهل فالأسهل، حسب الترتيب المتقدم في بيان مراتب الدفاع والوقوف عندما يحصل الاندفاع به فلا يزاد عليه، فإذا اندفع بالكلام لم ينتقل إلى الضرب، وإذا اندفع بقطع أحد الأعضاء لم يقطع آخر، وإذا اندفع بما دون القتل لم يجز القتل. الفرع الثاني: التوجيه: وجه التدرج في دفع الصائل: أن المقصود دفعه وكف شره لا الإضرار به، فمتى حصل بالأخف لم ينتقل إلى الأشد.

المبحث الرابع الضمان

المبحث الرابع الضمان وفيه مطلبان هما: 1 - إذا لم تثبت الصيالة. 2 - إذا لم تثبت الحاجة إلى صفة الدفع. المطلب الأول إذا لم تثبت الصيالة وفيه مسألتان هما: 1 - ما تثبت به الصيالة. 2 - الضمان إذا لم تثبت. المسألة الأولى: ما تثبت به الصيالة: مما تثبت به الصيالة ما يأتي: 1 - البينة. 2 - الإقرار. 3 - القرائن. المسألة الثانية: توجيه الضمان إذا لم تثبت الصيالة: وجه الضمان إذا لم تثبت الصيالة: أن الأصل الضمان ولم يوجد ما يسقطه. المطلب الثاني إذا لم تثبت الحاجة إلى صفة الدفع المستخدمة فيه وفيه مسألتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الضمان. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة عدم الحاجة إلى صفة الدفع المستعملة فيه ما يأتي:

المبحث الخامس دفاع اللصوص

1 - قتل الصائل بعد هروبه. 2 - قطع يد الصائل وكان يندفع بالضرب. 3 - قطع يد الصائل بعد انحباسه بقطع رجله. المسألة الثانية: الضمان: وفيها فرعان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الضمان: إذا لم يكن لصفة الدفع المستعملة فيه حاجة وجب الضمان. الفرع لثاني: التوجيه: وجه وجوب الضمان إذا لم يكن للصفة المستعملة في الدفع حاجة: أن المقصود هو الدفع وليس الإضرار بالصائل، فإذا استعمل في الدفع ما لا حاجة له فيه كان تعدياً والتعدي يوجب الضمان. المبحث الخامس دفاع اللصوص دفاع اللصوص كدفاع الصائلين على التفصيل المتقدم.

الموضوع الحادي عشر قتال البغاة

الموضوع الحادي عشر قتال البغاة قال المؤلف - رحمه الله -: إذا خرج قوم لهم شوكة ومنعة على الإمام بتأويل سائغ فهم بغاة، وعليه أن يراسلهم فيسألهم ما ينقمون منه، فإن ذكروا مظلمة أزالها، وإن ادعوا شبهة كشفها، فإن فاؤوا وإلا قاتلهم. وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو رئاسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما أتلفته على الأخرى. الكلام على هذا الموضوع في مبحثين هما: 1 - البغاة على الدولة. 2 - البغاة على بعضهم.

المبحث الأول البغاة على الدولة

المبحث الأول البغاة على الدولة وفيه أربع مسائل: 1 - تعريف البغاة. 2 - حكم الخروج على الدولة. 3 - الشروط المعتبرة للحكم على الخارجين بالبغي. 4 - التعامل مع البغاة. المسألة الأولى: تعريف البغاة: وفيها فرعان هما: 1 - التعريف اللغوي. 2 - التعريف الاصطلاحي. الفرع الأول: التعريف اللغوي: البغاة في اللغة: المعتدون، وهم المتجاوزون في الظلم والفساد جمع باغ، وهو المعتدي المتجاوز في الظلم والفساد. الفرع الثاني: التعريف الاصطلاحي: وفيه أمران هما: 1 - التعريف. 2 - معنى كلمات التعريف وما يخرج بها. الأمر الأول: التعريف: البغاة في الاصطلاح: قوم لهم شوكة ومنعة يخرجون على الدولة بتأويل سائغ. الأمر الثاني: معاني كلمات التعريف وما يخرج بها: وفيه ستة جوانب هي:

1 - معنى كلمة (قوم) وما يخرج بها. 2 - معنى كلمة (لهم شوكة) وما يخرج بها. 3 - معنى كلمة (منعة) وما يخرج بها. 4 - معنى كلمة (يخرجون على الدولة) وما يخرج بها. 5 - معنى كلمة (بتأويل) وما يخرج بها. 6 - معنى كلمة (سائغ) وما يخرج بها. الجانب الأول: معنى كلمة (قوم) وما يخرج بها: وفيه جزءان هما: 1 - معنى الكلمة. 2 - ما يخرج بها. الجزء الأول: معنى الكلمة: كلمة (قوم) إذا جاءت مع كلمة النساء فالمراد بها الرجال، ومنه قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} (¬1). وإذا جاءت من غير لفظ النساء شملت الرجال والنساء. ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (¬2). وقوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الحجرات، الآية: 11. (¬2) سورة الذاريات، الآية: 46. (¬3) سورة القمر، الآية: 91.

الجزء الثاني: ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (قوم) النساء فإن البغي على الدولة لا يتأتي منهن منفردات، لضعف إرادتهن وقدرتهن. الجانب الثاني: معنى (لهم شوكة) وما يخرج بها: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان المعنى. 2 - ضابط الشوكة والمنعة. 3 - ما يخرج. الجزء الأول: بيان المعنى: المراد بالشوكة السلاح، ومنه قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (¬1). الجزء الثاني: ضابط الشوكة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الضابط. 2 - الأمثلة. الجزئية الأولى: بيان الضابط: الشوكة آلة القتال، وهي تختلف من حال إلى حال. الجزئية الثانية: الأمثلة: وفيها فقرتان هما: 1 - أمثلة الشوكة في الماضي. 2 - أمثلة الشوكة في الحاضر. الفقرة الأولى. أمثلة الشوكة في الماضي: من أمثلة الشوكة في الماضي ما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، الآية: 7.

1 - الخيل والإبل. 2 - الرماح والأقواس والسيوف ونحوها. 3 - البنادق والمدافع. الفقرة الثانية: أمثلة الشوكة في الرقت الحاضر: من أمثلة الشوكة في الوقت الحاضر ما يأتي: 1 - الطائرات. 2 - الدبابات والسيارات. 3 - المدافع والصواريخ. 4 - القنابل والمتفجرات. الجزء الثالث: ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (لهم شوكة) الذين يخرجون ولا سلاح معهم؛ لأنهم لا يشكلون خطراً على الدولة، ويمكن السيطرة عليهم بيسر وسهولة. الجانب الثالث: معنى كلمة (منعة) وما يخرج بها: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المعنى. 2 - ما يخرج. الجزء الأول: بيان المعنى: المراد بالمنعة الكثرة التي يمنع بعضها بعضاً ويهاب جانبها. الجزء الثاني: ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (المنعة) الجماعة القليلة فلا يعدون بغاة. الجانب الرابع: معنى (يخرجون على الدولة) وما يخرج بها: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المعنى. 2 - ما يخرج. الجزء الأول: بيان المعنى: المراد بالخروج على الدولة: الخروج عن طاعة الحاكم والرئيس الأعلى للدولة.

الجزء الثاني: ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (يخرجون على الدولة) الخروج على بعض أمراء المناطق. فإنه لا ينطبق عليهم وصف البغاة ويعدون مشاغبين. الجانب الخامس: معنى كلمة (لهم تأويل) وما يخرج بها: وفيه ثلاثة أجزاء: 1 - بيان المعنى. 2 - الأمثلة. 3 - ما يخرج. الجزء الأول: بيان المعنى: المراد بالتأويل الحجة والمستمسك الذي يستندون عليه في الخروج. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة التأويل ما يأتي: 1 - دعوى الظلم. 2 - دعوى عدم العدل. 3 - دعوى عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الجزء الثالث: ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (لهم تأويل) الذين يخرجون بلا تأويل. الجانب السادس: معنى كلمة (سائغ) وما يخرج بها: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان المعنى. 2 - ما يخرج. 3 - الأمثلة. الجزء الأول: بيان المعنى: معنى كلمة (سائغ) وجيه مقبول ويصلح حجة.

الجزء الثاني: ما يخرج: الذي يخرج بكلمة (سائغ) التأويل الذي لا وجه له، ولا يصلح الاستناد عليه ولا الاحتجاج به. الجزء الثالث: الأمثلة: من أمثلة التأويل غير السائغ ما يأتي: 1 - الاحتجاج بأن الحاكم ليس من قبيلة البغاة. 2 - الاحتجاج بأن الحاكم ليس من منطقة البغاة. 3 - الاحتجاج بأن الدولة لم توظفهم.

المبحث الثاني الخروج على الدولة وفيه مطلبان هما: 1 - الخروج. 2 - تكييف اتجاهات الانتحاريين. المطلب الأول الخروج وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - حكم الخروج. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. المسألة الأولى: حكم الخروج: الخروج على الدولة المسلمة لا يجوز بوجه من الوجوه مهما كانت الحجة، ولا يبرر ذلك دعاوى التقصير، أو التجاوزات أو ارتكاب بعض الأخطاء لو وجدت. المسألة الثانية: الدليل: من أدلة منع الخروج على الدولة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أمرت بطاعة ولاة الأمور، ومقتضى الأمر الوجوب، والخروج عليهم ينافي طاعتهم فيكون ممنوعاً. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: 59.

2 - حديث: (من أعطى إمامًا صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر) (¬1). 3 - حديث: (ألا من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائنًا من كان) (¬2). المسألة الثالثة: التوجيه: وجه تحريم الخروج على الدولة ما يأتي: 1 - التفريق بين المسلمين وشق عصا الطاعة. 2 - إضعاف شوكة المسلمين وتسليط الأعداء عليهم. 3 - شغل المسلمين عن مواجهة عدوهم بالخروج عليهم. 4 - سفك الدماء المحرمة بغير حق وأكل الأموال بالباطل. 5 - الإخلال بالأمن وانتشار الفساد. 6 - إضعاف الاقتصاد بسبب الخوف والانشغال بالحروب. المطلب الثاني تكييف اتجاهات الانتحاريين وفيه مسألتان هما: 1 - إيراد فئات الخارجين عن قبضة الدولة. 2 - التكييف. المسألة الأولى: إيراد فئات الخارجين عن قبضة الدولة: فئات الخارجين عن قبضة الدولة كما يلي: ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء 46/ 1844. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين 59/ 852.

1 - البغاة. 2 - الخوارج. 3 - قطاع الطرق. المسألة الثانية: التكييف: وفيها فرعان هما: 1 - وصف اتجاهات الانتحاريين. 2 - تكييفها. الفرع الأول: الوصف: من اتجاهات الانتحاريين ما يأتي: 1 - تكفير الدولة والموالين لها. 2 - التكفير لبعض العلماء خصوصاً الموالين للدولة. 3 - استباحة التوصل إلى أهدافهم بأي وسيلة ولو بسفك دماء الأبرياء. الفرع الثاني: التكييف: وفيه أمران هما: 1 - التكييف. 2 - التوجيه. الأمر الأول: التكييف: بعرض اتجاهات الانتحاريين على فئات الخارجين عن قبضة الدولة يظهر أن أقربها لهذا الاتجاه الخوارج. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - توجيه عدم اعتبارهم بغاة. 2 - توجيه عدم اعتبارهم قطاع طريق. 3 - توجيه اعتبارهم خوارج.

الجانب الأول: توجيه عدم اعتبارهم بغاة: وجه عدم اعتبار الانتحاريين بغاة: أنه لا منعة لهم يحتمون بها؛ لأنهم لو ظهروا لقبض عليهم. الجانب الثاني: توجيه عدم اعتبارهم قطاع طريق: . وجه ذلك: أن غالب هدف قطاع الطريق الحصول على المال، وهذا ليس هو هدف الانتحاريين. الجانب الثالث: توجيه اعتبارهم خوارج: وجه ذلك: أن اتجاهاتهم في معظمها تتفق مع اتجاهات الخوارج ولا يؤثر في ذلك تخفيهم وعدم ظهورهم؛ لأنها لم تتح لهم فرصة الظهور، ولو أتيحت لهم لظهروا. المسألة الثالثة: المشروط المعتبرة للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغي: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الشوكة. 2 - المنعة. 3 - التأويل السائغ. الفرع الأول: الشوكة: وفيه أمران هما: 1 - معنى الشوكة. 2 - الاشتراط. الأول: معنى الشوكة: الشوكة هي السلاح. ومنه قوله تعالى: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، الآية: [7].

الأمر الثاني: الاشتراط: وفيه جانبان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الاشتراط: الشوكة شرط للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغى. الجانب الثاني: التوجيه: وجه اشتراط الشوكة للحكم على الخارجين بالبغي: أنه إذا لم يكن لهم شوكة لم يستطيعوا الدفاع عن انفسهم وسهل القضاء عليهم من غير قتال. الفرع الثاني: المنعة: وفيه أمران هما؟ 1 - معنى المنعة. 2 - الاشتراط. الأمر الأول: معنى المنعة: المنعة هي القوة والكثرة التي يدفع بعضها عن بعض. الأمر الثاني: الاشتراط: وفيه جانبان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الاشتراط: المنعة شرط لا بد منه للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغي. الجانب الثاني: التوجيه: وجه اشتراط المنعة للحكم على الخارجين عن قبضة الدولة بالبغي: أنه إذا لم يكن لهم منعة سهل القبض عليهم ولم يحتاجوا إلى قتال.

الفرع الثالث: التأويل السائغ: وفيه أمران هما: 1 - بيان المراد بالتأويل السائغ. 2 - الاشتراط. الأمر الأول: بيان المراد بالتأويل السائغ: وفيه جانبان هما: 1 - بيان المراد بالتأويل السائغ. 2 - بيان المراد بالتأويل غير السائغ. الجانب الأول: بيان المراد بالتأويل السائغ: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد. 2 - الأمثلة. الجزء الأول: بيان المراد: التأويل السائغ: هو المقبول الذي يصلح الاحتجاج به. الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة التأويل السائغ ما يأتي: 1 - وجود بعض المظالم. 2 - عدم القيام ببعض الواجبات. 3 - وجود بعض المخالفات. الجانب الثاني: المراد بالتأويل غير السائغ: وفيه جزءان هما: 1 - بيان المراد. 2 - الأمثلة. الجزء الأول: بيان المراد: التأويل غير السائغ: هو غير المقبول الذي لا يصح الاحتجاج به.

الجزء الثاني: الأمثلة: من أمثلة التأويل غير السائغ ما يأتي: 1 - دعوى أن الحاكم ليس من قبيلة البغاة. 2 - دعوى أن الحاكم ليس من منطقة البغاة. 3 - دعوى أن الحاكم ليس على مذهب البغاة في الفروع. 4 - دعوى أن الحاكم ليس على عقيدة البغاة في الأصول. الأمر الثاني: الاشتراط: وفيه جانبان هما: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الاشتراط: من شروط الحكم على الخارجين عن قبضة الإمام بالبغي التأويل السائغ. الجانب الثاني: التوجيه: وجه اشتراط التأويل السائغ للحكم على الخارجين من قبضة الدولة بالبغي: أنه إذا لم يكن لهم تأويل أو كان تأويلهم غير سائغ لم يكن لهم حجة يتمسكون بها فيعتبرون قطاع طريق يعاملون معاملتهم. المسألة الرابعة: التعامل مع البغاة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وعليه أن يراسلهم فيسألهم ما ينقمون منه، فإذا ذكروا مظلمة أزالها، وإن ادعوا شبهة كشفها، فإن فاءوا وإلا قاتلهم. الكلام في هذه المسألة في ثلاثة فروع هي: 1 - التعامل معهم قبل القتال. 2 - التعامل معهم أثناء القتال. 3 - التعامل معهم بعد القتال.

الفرم الأول: التعامل مع المبغاة قبل القتال: وفيه أربعة أمور هي: 1 - المفاهمة معهم. 2 - تأخير القتال. 3 - التدرج في دفع البغاة. 4 - البدء بالقتال. الأمر الأول: المفاهمة: وفيه جانبان هما: 1 - المفاهمة. 2 - ما بعد المفاهمة. الجانب الأول: المفاهمة: وفيه خمسة أجزاء هي: 1 - حكمها. 2 - وسيلتها. 3 - موضوعها. 4 - الاستجابة للطلبات. 5 - الهدف من المفاهمة. الجزء الأول: حكم المفاهمة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: مفاهمة الدولة مع البغاة قبل القتال واجب فلا يجوز قتالهم قبله. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب المفاهمة مع البغاة قبل القتال ما يأتي: 1 - أن الهدف كف شرهم لا قتلهم، وذلك قد ينتهي بالمفاهمة فتحقن الدماء وتحفظ الأموال.

2 - أنهم إذا اقتنعوا بالمفاهمة كان أصفى للنفوس وأبعد عن الأحقاد والتربص بالمسلمين. الجانب الثاني: وسائل المفاهمة: من وسائل المفاهمة ما يأتي: 1 - المكالمات الهاتفية. 2 - المكاتبات بوسائلها المختلفة ومنها ما يأتي: أ - البريد. ب - الفاكس. جـ - الصحف. د - الانترنت. 3 - الوسطاء من الطرفين. الجزء الثالث: موضوع المفاهمة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان موضوع المفاهمة. 2 - أمثلته. الجزئية الأولى: بيان موضوع المفاهمة: موضوع المفاهمة: سبب خروج البغاة ومطالبهم. الجزئية الثانية: الأمثلة: من أمثلة مطالب البغاة ما يأتي: 1 - إزالة المظالم. 2 - كشف الشبهات. 3 - العدل بين الناس. 4 - القيام بالواجبات. 5 - اجتناب المنهيات. 6 - تغيير المنكرات. الجزء الرابع: الاستجابة للطلبات: وفيه جزئيتان هما: 1 - الاستجابة للطلبات الصحيحة. 2 - الاستجابة للطلبات غير الصحيحة.

الجزئية الأولى: الاستجابة للطلبات الصحيحة: وفيها فقرتان هما: 1 - الاستجابة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الاستجابة: الاستجابة للطلبات الصحيحة واجب. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه وجوب الاستجابة للطلبات الصحيحة ما يأتي: 1 - أن الطلبات الصحيحة واجبة التنفيذ من غير طلب؛ لحديث: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) (¬1) فإذا طلبت كان تنفيذها آكد. 2 - أن الاستجابة للطلبات يحصل به أحد أمرين: الأول: أن البغاة قد يقتنعون ويعدلون عن البغي، وبذلك تجتمع الكلمة وتحقن الدماء وتحفظ الأموال. الثاني: أن تكون الدولة معذورة في القتال لو قاتلوا، حيث لم يبق للبغاة مستمسك يتشبثون به في القتال. الجزئية الثانية: الاستجابة للطلبات غير الصحيحة: وفيها فقرتان هما: 1 - الاستجابة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الاستجابة: الاستجابة للطلبات غير الصحيحة لا تلزم. ¬

_ (¬1) صحيح البخارى، باب كراهية التطاول على الرقيق 2554.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم الاستجابة للطلبات غير الصحيحة: أن الطلبات غير الصحيحة لا تنتهي، فلا تنقطع الحجة بالاستجابة لها، فكلما استجيب لطلب أثير طلب آخر، وهكذا إلى ما لا نهاية له. الجزء الخامس: الهدف من المفاهمة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الهدف. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الهدف: الهدف من المفاهمة بين الدولة والبغاة ما تقدم في توجيه الاستجابة للطلبات، وهو إقناع البغاة بالرجوع، أو الإعذار منهم للقتال. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه قصر الهدف من المفاهمة بين الدولة والبغاة على ما ذكر: أن الزيادة عليه تعد، وظلم، وعدوان، وذلك لا يجوز. الجانب الثاني: ما بعد المفاهمة: وفيه جزءان هما: 1 - إذا كف البغاة عن البغي. 2 - إذا لم يكف البغاة عن البغي. الجزء الأول: إذا كف البغاة عن البغي: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: إذا كف البغاة عن البغي وجب الكف عنهم.

الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب الكف عن البغاة إذا كفوا عن البغي: أن المقصود كف شرهم وقد حصل. الجزء الثاني: إذا لم يكفوا: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الحكم. 2 - الدليل. 3 - التوجيه. الجزئية الأولى: بيان الحكم: إذا لم يكف البغاة عن البغي وجب قتالهم، سواء أجيبت مطالبهم أم لم تجب. الجزئية الثانية: الدليل: الدليل على قتال البغاة إذا لم يكفوا عن البغي ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (¬1). 2 - حديث: (ألا من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائناً من كان) (¬2). 3 - قتال أبي بكر - رضي الله عنه - لمانعي الزكاة (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الحجرات، الآية: [9]. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين/ 1852. (¬3) صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين/ 6925.

4 - قتال علي - رضي الله عنه - للخارجين (¬1) ومنهم ما يأتي: 1 - أهل الجمل. 2 - أهل صفين. 3 - أهل النهروان. الجزئية الثالثة: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه قتالهم إذا لم يكفوا بعد إجابة مطالبهم. 2 - توجيه قتالهم إذا لم يكفوا لعدم إجابة مطالبهم. الفقرة الأولى: توجيه قتالهم إذا لم يكفوا بعد إجابة مطالبهم: وجه قتال البغاة إذا لم يكفوا عن البغي بعد إجابة مطالبهم: أن استمرارهم على البغى بعد إجابة مطالبهم يصبح تعنتاً ومكابرة وعناداً لا مبرر له، فيجب إخضاعهم للطاعة بالقوة. كفاً لشرهم، وتفادياً لأضرارهم، وقضاء على مطامعهم. الفقرة الثانية: توجيه القتال إذا لم يكفوا عن البغي لعدم إجابة مطالبهم: وجه ذلك ما يأتي: 1 - أن تركهم يزيد خطرهم على الدولة بانضمام غيرهم إليهم. 2 - أن تركهم يهدد الدولة بالهجوم عليها كلما واتتهم الفرصة. 3 - أن عدم القضاء عليهم يؤدي إلى الإخلال بالأمن وتعطيل الحركة الاقتصادية، ويوقف الخطوات التنموية. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب استتابة المرتدين، باب من ترك قتال الخوارج/6933.

الأمر الثاني: تأخير القتال: وفيه جانبان هما: 1 - تأخير القتال بطلب البغاة. 2 - تأخير القتال بغير طلبهم. الجانب الأول: تأخير القتال بطلب البغاة: وفيه جزءان هما: 1 - إذا أمن غدرهم. 2 - إذا لم يؤمن غدرهم. الجزء الأول: تأخير القتال بطلب البغاة إذا أمن غدرهم: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم التأخير. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم التأخير: إذا طلب البغاة تأخير القتال وأمنت الدولة غدرهم جاز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه تأخير قتال البغاة إذا طلبوه وأمنت الدولة غدرهم: أن الغرض من القتال إخضاعهم للحق وكف شرهم ودفع ضررهم. فإذا طلبوا تأخير القتال لينظروا في أمرهم ويفكروا في رجوعهم جاز ذلك لعل شرهم يندفع من غير قتال. الجزء الثاني: تأخير القتال بطلب البغاة إذا لم يؤمن غدرهم: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة ما يخاف منه. 2 - حكم التأخير. الجزئية الأولى: أمثلة ما يخاف منه: من أمثلة ما يخاف منه في طلب الإمهال ما يأتي:

1 - أن يكون المراد اجتماعهم على القتال، وإكمال استعدادهم. 2 - أن يكون طلب التأخير انتظارا للإمدادات التي يتقوون بها. 3 - أن يكون المراد خديعة الدولة وأخذها على غرة. 4 - أن يكون المراد إطالة الأمد على جند الدولة فيتفرقون وتضعف عزائمهم فيتركون القتال. الجزئية الثانية: حكم التأخير: وفيها فقرتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: بيان الحكم: إذا لم يؤمن غدر البغاة بطلب تأخير القتال لم يؤخر وتعينت مبادرتهم. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه تعين مبادرة البغاة بالقتال إذا خيف غدرهم: أن تأخير القتال حينئذٍ يعطيهم الفرصة لإكمال استعدادهم ومعاجلتهم للدولة فيجتاحوها أو تعظم أضرارهم بها. الجانب الثاني: تأخير القتال من غير طلب البغاة: وفيه جزءان هما: 1 - التأخير لسبب. 2 - التأخير لغير سبب. الجزء الأول: تأخير القتال لسبب: وفيه جزئيتان هما: 1 - أمثلة أسباب التأخير. 2 - التأخير. الجزئية الأولى: أمثلة أسباب التأخير: من أسباب تأخير القتال ما يأتي:

1 - ضعف قوة الدولة عن مواجهة البغاة. 2 - خوف الخيانة في الدولة. 3 - الأمل في رجوع البغاة إلى الطاعة. 4 - الأمل في اختلاف البغاة وتفرقهم. 5 - الأمل في ضعف معنويات البغاة وضعف عزائمهم. الجزئية الثانية: التأخير: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم التأخير. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم التأخير: إذا كان تأخير القتال لسبب جاز. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جواز تأخير قتال البغاة إذا وجد له سبب: أن المراد من قتالهم كف شرهم ودفع ضررهم، فإذا وجد الأمل في حصول ذلك من غير قتال ولا ضرر منع القتال حقنا للدماء وتفاديا لأضرار القتال. الجزء الثاني: تأخير القتال من غير سبب: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم التأخير. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم التأخير: تأخير قتال البغاة من غير سبب لا يجوز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز تأخير قتال البغاة من غير سبب ما يأتي: 1 - أنه يعرض الدولة للخطر وعظيم الضرر لما يأتي:

أ - أنه يعطي البغاة فرصة لزيارة قوتهم، وارتفاع معنوياتهم. ب - أن البغاة قد يهاجمون الدولة على غرة وعلى غير استعداد فيتمكنون منها، أو يلحقون بها الأضرار التي لم تكن لها بالحسبان. 2 - أن تأخير قتال البغاة من غير سبب تأخير لتغيير المنكر من غير عذر، وذلك لا يجوز. الأمر الثالث: التدرج في معاملة البغاة: وفيه جانبان هما: 1 - صفة التدرج. 2 - حكم التدرج. الجانب الأول: صفة التدرج: صفة التدرج في رفع أهل البغي كما يلي: 1 - مراسلتهم على نحو ما تقدم. 2 - تنفيذ مطالبهم المقبولة. 3 - تأجيل قتالهم حسب التفصيل السابق. 4 - عدم بدئهم بالقتال إن لم يخف منهم. الجانب الثاني: حكم التدرج: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: إذا رجي من التدرج في معاملة البغاة استجابتهم ولم يخش غدرهم وجب التدرج في معاملتهم.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه التدرج في معاملة البغاة إذا رجي استجابتهم: أن الهدف من قتالهم كف شرهم ودفع ضررهم، فإذا حصل ذلك بالأسهل تعين ولم تجز المعاملة بالأشد. الأمر الرابع: البدء بالقتال: وفيه جانبان هما: 1 - إذا خيف غدرهم. 2 - إذا لم يخف غدرهم. الجانب الأول: بدء البغاة بالقتال إذا خيض غدرهم: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: إذا خيف غدر البغاة جاز بدؤهم بالقتال ومبادرتهم به. الجزء الثاني: التوجيه: وجه جواز بدء البغاة بالقتال إذا خيف غدرهم: أن تأخير البدء مع خوف الغدر يعرض أهل العدل للضرر فيما لو باغتهم البغاة وأخذوهم على غرة من غير استعداد، فيجب تفادي هذا الخطر بدفع الشر قبل وقوعه. الجانب الثاني: بدء البغاة بالقتال إذا لم يخض غدرهم: وفيه جزءان هما: 1 - حكم البدء. 2 - التوجيه. الجزء الأول: حكم البدء: إذا لم يخف غدر البغاة لم يبدأوا بالقتال.

الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم بدء البغاة بالقتال إذا لم يخف غدرهم ما يأتي: 1 - قول علي - رضي الله عنه -: لا تبدأوهم بالقتال (¬1). 2 - أن الغرض من قتالهم كف شرهم ودفع ضررهم فينظروا حتى يبدأوا به. 3 - أن عدم بدئهم بالقتال يعطيهم فرصة للتكفير في الرجوع إلى الطاعة والكف عن البغي. الفرع الثاني: التعامل مع البغاة أثناء القتال: وفيه خمسة أمور هي: ا - قتل البغاة. 2 - قتل من لا يقاتل. 3 - القتال بما يعم 4 - الاستعانة بمن يرى قتلهم. 5 - الاستعانة بسلاحهم. الأمر الأول: قتل البغاة أثناء القتال: وفيه جانبان هما: 1 - حكم القتل. 2 - التوجيه. الجانب الأول: حكم القتل: إذا لم يندفع البغاة أثناء القتال إلا بالقتل جاز قتلهم. الجانب الثاني: التوجيه: وجه قتل البغاة حال القتال إذا لم يندفعوا إلا بالقتل ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} (¬2). ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني 3/ 131. (¬2) سورة البقرة، الآية: [191].

ووجه الاستدلال بالآية: أنها أباحت قتل من يقاتل في الحرم مع أنه لا يجوز لقنل فيه، فإذا قاتل البغاة جاز قتلهم كالمقاتل في الحرم. 2 - أن علياً - رضي الله عنه - قتل من يقاتله، كما في وقعة الجمل والحرة، والنهروان. 3 - أنه لا يندفع شرهم إلا بالقتل فجاز كقتل الصائل. 4 - أنهم لو لم يُقتلوا قتلوا وليسوا أولى بترك القتل من غيرهم. الأمر الثاني: قتل من لا يقاتل: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة من لا يقاتل. 2 - قتلهم. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة من لا يقاتل من يأتي: 1 - المنهزم. 2 - الجريح. 3 - النساء إذا لم يقاتلن. 4 - الأسير. 5 - الصبيان إذا لم يقاتلوا. 6 - الشيوخ الفانون الذي لا رأي لهم. الجانب الثاني: قتلهم: وفيه جزءان هما: 1 - حكم القتل. 2 - التوجيه. الجزء الأول: حكم القتل: من لا يقاتل من البغاة لا يجوز قتله. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز القتل لمن لا يقاتل من البغاة ما يأتي:

1 - قوله - رضي الله عنه -: (لا يتبع مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم ولا يقتل أسبرهم) (¬1). 2 - أن المقصود من قتال البغاة كفهم، ومن لا يقاتل منكف بغير قتل، فلا يجوز قتله، كالصائل إذا أدبر. الأمر الثالث: القتال بما يعم: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة ما يعم. 2 - القتال به. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة ما يعم من وسائل الحرب ما يأتي: 1 - الصواريخ. 2 - المدافع. 3 - القنابل. 4 - المتفجرات. 5 - الألغام. الجانب الثاني: القتال بما يعم: وفيه جزءان هما: 1 - إذا قاتل البغاة به. 2 - إذا لم يقاتل البغاة به. الجزء الأول: القتال بما يعم إذا قاتل البغاة به: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم القتال. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى، كتاب أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182.

الجزئية الأولى: حكم القتال: إذا قاتل البغاة بما يعم جاز قتالهم به. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه جواز قتال البغاة بما يعم إذا قاتلوا به ما يأتي: 1 - المعاملة بالمثل. 2 - أن قذائف ما يعم قد تصل إلى أهل العدل من حيث لا تصل إلى البغاة قذائف أهل العدل فيتغلب البغاة عليهم. الجزء الثاني: قتال البغاة بما يعم إذا لم يقاتلوا به: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا لم يمكن التوصل إليهم إلا به. 2 - إذا أمكن التوصل إليهم بغيره. الجزئية الأولى: إذا لم يمكن التوصل إلى البغاة إلا بما يعم: وفيها فقرتان هما: 1 - المثال. 2 - القتال. الفقرة الأولى: المثال: من أمثلة عدم التوصل إلى البغاة بغير ما يعم: أن يتحصنوا بالقلاع والحصون فلا يتوصل إليهم بغير ما يعم. الفقرة الثانية: القتال: وفيها شيئان هما: 1 - القتال. 2 - التوجيه. الشيء الأول: القتال: إذا لم يمكن التوصل إلى البغاة بغير ما يعم جاز قتالهم به.

الشيء الثاني: التوجيه: وجه قتال البغاة بما يعم إذا لم يتوصل إليهم إلا به: أن ذلك ضرورة فيجوز كما لو تحصنوا بمن لا يجوز قتلهم. الجزئية الثانية: إذا أمكن قتال البغاة بغير ما يعم: وفيها فقرتان هما: 1 - القتال. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: القتال: إذا أمكن قتال البغاة بغير ما يعم لم يجز قتالهم بما يعم. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه منع قتال البغاة بما يعم إذا أمكن قتالهم بغيره: أن المقصود من قتالهم كفهم عن البغي وإرجاعهم إلى الطاعة. لا قتلهم وما يعم يقتل من يقاتل ومن لا يقاتل ومن لا يقاتل لا يجوز قتله فلا يجوز القتال بما يقتله مع إمكان القتال بغيره. الأمر الرابع: الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم مدبرين: وفيها جانبان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الاستعانة. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة من يرى قتل البغاة مدبرين من يأتي: 1 - أهل الذمة. 2 - المعاهدون. 3 - المستأمنون. 4 - بعض المسلمين.

الجانب الثاني: الاستعانة: وفيه جزءان هما: 1 - الاستعانة بهم من غير حاجة. 2 - الاستعانة بهم حال الحاجة. الجزء الأول: الاستعانة بهم من غير حاجة: وفيه جزئيتان هما: 1 - الاستعانة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الاستعانة: الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم مدبرين من غير حاجة لا يجوز. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه منع الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم مدبرين: أن قتل البغاة مدبرين لا يجوز، والاستعانة بمن يرى ذلك قد يؤدي إلى قتلهم فلا يجوز. الجزء الثاني: الاستعانة على البغاة إذا دعت الحاجة بمن يرى قتلهم ولو كانوا مدبرين: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا كان يمكن منعهم مما لا يجوز. 2 - إذا كان لا يمكن منعهم مما لا يجوز. الجزئية الأولى: إذا كان يمكن منعهم: وفيها فقرتان هما: 1 - الاستعانة. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: الاستعانة: إذا دعت الحاجة إلى الاستعانة على البغاة بمن يرى قتلهم ولو كانوا مدبرين وكان يمكن منعهم مما لا يجوز جاز.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه جواز الاستعانة على البغاة إذا دعت الحاجة بمن يرى قتلهم مدبرين إذا أمكن منعهم مما لا يجوز: أن السبب في منعهم هو الخوف من قتل من لا يجوز قتله، فإذا أمكن منعهم زال المحذور فجازت الاستعانة. الجزئية الثانية: إذا كان لا يمكن منعهم: وفيها فقرتان هما: 1 - سبب عدم إمكان المنع. 2 - الاستعانة. الفقرة الأولى: سبب عدم امكان المنع: سبب عدم إمكان المنع: هو عدم السيطرة على المستعان بهم، لعدم دخولهم تحت ولاية المستعين بهم. الفقرة الثانية: الاستعانة: وفيها شيئان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الشيء الأول: بيان الحكم: إذا لم يمكن السيطرة على من يراد الاستعانة بهم لم تجز الاستعانة بهم. الشيء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز الاستعانة على البغاة بمن لا يمكن السيطرة عليهم ممن يرى قتلهم مدبرين: أنه إذا لم يمكن السيطرة عليهم لم يؤمن قتلهم لمن لا يجوز قتله، وذلك وسيلة إلى الممنوع والوسيلة إلى الممنوع ممنوع. الأمر الخامس: الاستعانة على البغاة بسلاحهم: وفيه جانبان هما:

1 - أمثلة السلاح. 2 - الاستعانة. الجانب الأول: الأمثلة: من أمثلة سلاح البغاة الذي يستولى عليه ما يأتي: 1 - الرماح. 2 - السيوف. 3 - البواريد. 4 - الخيل. 5 - الإبل. 6 - ما حل محل ما ذكر من السلاح الحديث. الجانب الثاني: الاستعانة: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في جواز الاستعانة على البغاة بما تم الاستيلاء عليه من سلاحهم على قولين: القول الأول: أنه يجوز. القول الثاني: أنه لا يجوز. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بالاستعانة على البغاة بسلاحهم ما يأتي: 1 - القياس على سلاح الكفار.

2 - القياس على نفوسهم فكما يجوز إتلاف نفوسهم في الحرب يجوز إتلاف أموالهم باستعمالها فيها. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بمنع الاستعانة على البغاة بسلاحهم، بأنه مال مسلم فلم يجز الانتفاع به بغير إذنه كباقي أمواله. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - جواز الاستعانة بسلاح البغاة عليهم. الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بجواز الاستعانة بسلاح البغاة عليهم: أن المال ليس بأشد حرمة من النفس والنفس يجوز إتلافها في القتال، فإذا جاز إتلاف النفس كان إتلاف المال أولى. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن ذلك: بأن الضرورات تبيح المحظورات والضرورة قد تدعو إلى الاستعانة بسلاح البغاة عليهم، كأكل طعام الغير في المخمصة. الفرع الثالث: التعامل مع البغاة بعد القتال: وفيه خمسة أمور هي: 1 - ما يتعلق بالأموال. 2 - ما يتعلق بالذرية والنساء.

3 - ما يتعلق بالأسرى. 4 - ما يتعلق بالجرحى. 5 - ما يتعلق بالقتلى. الأمر الأول: ما يتعلق بالأموال: وفيه جانبان هما: 1 - رد الموجود. 2 - ضمان المتلف. الجانب الأول: رد الموجود: وفيه جزءان هما: 1 - حكم الرد. 2 - التوجيه. الجزء الأول: حكم الرد: إذا انتهى القتال وجب رد الموجود من الأموال إلى أربابها إن عرفوا وإلا كان كالأموال التي لا يعرف أربابها. الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب رد الأموال بعد القتال إلى أربابها ما يأتي: 1 - حديث: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه) (¬1). ووجه الاستدلال به: أنه حرم مال المسلم ما لم تطب به نفسه وهؤلاء مسلمون لم تطب أنفسهم بشيء من أموالهم فيجب ردها إليهم. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في البغاة: (ولا يقسم فيؤهم) (¬2). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182.

3 - قول علي - رضي الله عنه - في وقعة الجمل: من وجد شيئا من ماله مع أحد فليأخذه (¬1). الجانب الثاني: ضمان المتلف: وفيه جزءان هما: 1 - ضمان ما أتلف في غير القتال. 2 - ضمان ما أتلف في القتال. الجزء الأول: ضمان ما أتلف في غير القتال: وفيه جزئيتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الضمان: ما أتلف من الأموال في غير القتال وجب ضمانه، سواء كان الإتلاف قبل أم بعد انتهاء القتال، وسواء كان الإتلاف من أهل العدل، أم من البغاة. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه ضمان الأموال المتلفة في غير القتال: أنها أموال معصومة أتلفت بغير حق فوجب ضمانها كما لو لم يوجد قتال. الجزء الثاني: ضمان ما أتلف في القتال: وفيه جزئيتان هما: 1 - ضمان أهل العدل. 2 - ضمان البغاة. الجزئية الأولى: ضمان أهل العدل: وفيها فقرتان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا /8/ 182.

الفقرة الأولى: الضمان: ضمان ما يتلفه أهل العدل من أموال البغاة في القتال غير مضمون. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم ضمان أهل العدل لما يتلفونه من أموال البغاة ما يأتي: 1 - أنهم لا يضمنون الأنفس وهي أعظم حرمة من الأموال، فإذا لم يضمنوا الأنفس كان عدم ضمان الأموال أولى. 2 - أن القتال مأذون فيه فلا يضمن ما تلف به؛ لأن الإذن ينافي الضمان. الجزئية الثانية: ضمان البغاة: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفقرة الأولى: الخلاف: اختلف في ضمان البغاة لما يتلفونه على أهل العدل في القتال من أموال على قولين: القول الأول: أنهم يضمنونه. القول الثاني: أنهم لا يضمنونه. الفقرة الثانية: التوجيه: وفيها شيئان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الشيء الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بأن البغاة يضمنون لأهل العدل ما أتلفوه عليهم أثناء الحرب من أموال: أن ما أتلفوه أموال معصومة أتلفوها بغير حق ولا ضرورة دفع مباح فوجب ضمانها كالذي يتلفونه في غير حال الحرب.

الشيء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم ضمان البغاة لما أتلفوه على أهل العدل من أموال في القتال بما يأتي: 1 - أنها كانت الفتنة بين الناس وفيهم البدريون ولم يكونوا يقيمون حدا بارتكاب فرج بتأويل القرآن، ولا يغرمون مالا أتلف بتأويل القرآن. 2 - أن البغاة طائفة ممتنعة بتأويل سائغ فلم تضمن ما أتلفته على الأخرى كأهل العدل. 3 - أن تضمين البغاة ينفرهم عن الرجوع إلى الطاعة فلم يشرع كتضمين الحربيين. الفقرة الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاثة أشياء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الشيء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم التضمين. الشيء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم التضمين: أنه أظهر دليلا. الشيء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن قياس ما أتلف حال القتال على ما أتلف بغير قتال قياس مع الفارق؛ وذلك أن ما أتلف في غير الحرب أتلف من غير عذر فوجب ضمانه، أما الذي أتلف في الحرب فقد أتلف بعذر وهو الدفاع عن النفس فلا يضمن.

الأمر الثاني: ما يتعلق بالذراري والنساء: وفيه جانبان هما: 1 - سبيهم. 2 - إطلاقهم. الجانب الأول: السبي: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: سبي نساء البغاة وذراريهم لا يجوز. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز سبي نساء البغاة وذراريهم ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في البغاة: (لا يتبع مدبرهم ولا يجاز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يقسم فيؤهم) (¬1). والاستدلال به من وجهين: الأول: أن النساء والذرية من الفيء. الثاني: أنه إذا منع قسم المال كان النساء والذرية أولى. 2 - أنها وقعت الفتن والقتال بين الناس في وقت الصحابة ولم يكن يسبي بعضهم بعضا. 3 - أن النساء والذرية معصومون بالإسلام فلا يجوز سبيهم. الجانب الثاني: إطلاقهم: وفيه ثلاثة أجزاء هي: ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا / 182.

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزء الأول: الخلاف: اختلف في إطلاق أهل العدل لنساء البغاة وذراريهم إذا أسروهم على قولين: القول الأول: أنهم يطلقون. القول الثاني: أنهم يحبسون. الجزء الثاني: التوجيه: وفيه جزئيتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزئية الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بإطلاق نساء البغاة وذراريهم بأنه لا ذنب لهم فلا يحبسون بذنب غيرهم. الجزئية الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بحبس نساء البغاة وذراريهم بأن في حبسهم كسر لقلوب البغاة قد يحملهم على الكف عن القتال والرجوع إلى الطاعة. الجزء الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث حزئيات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزئية الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بإطلاقهم.

الجزئية الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بإطلاق نساء البغاة وذراريهم من الأسر: قوة دليله وضعف دليل المخالفين عن معارضته. الجزئية الثالثة: الجواب عن وجهة المخالفين: يجاب عن ذلك من وجهين: الوجه الأول: أن كسر قلوب البغاة بحبس نسائهم وذراريهم يعارضه إحداث الضرر بالنساء والذرية، ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة. الوجه الثاني: أن تحصيل هذه المصلحة يضر بطرف ثالث لا ذنب له فلا يجوز. الأمر الثالث: ما يتعلق بالأسرى: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - قتلهم. 2 - المفاداة بهم. 3 - حبسهم. الجانب الأول: القتل: وفيه جزءان هما: 1 - القتل 2 - التوجيه. الجزء الأول: القتل: الأسرى من البغاة لا يجوز قتلهم، سواء قتل البغاة أسراهم من أهل العدل أم لا، وسواء رجعوا إلى الطاعة أم لا. الجزء الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز قتل أهل العدل للأسرى ما يأتي:

1 - أن الهدف من قتال البغاة كف شرهم لا قتلهم، والأسرى قد انكف شرهم بالأسر فلا حاجة إلى قتلهم. 2 - أن الأسرى معصومون بالإسلام ولا ذنب لهم يقتلون به فلا يقتلون، ولو قتل البغاة أسراهم من أهل العدل؛ لأن أسرى أهل العدل من البغاة لا سبب لهم في قتل البغاة أسراهم من أهل العدل فلا يقتلون بهم. الجانب الثاني: المفاداة بهم: وفيه جزءان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه. الجزء الأول: بيان الحكم: إذا قبل البغاة فداء أسرى أهل العدل بأسراهم وجب ذلك. الجزء الثاني: التوجيه: وجه وجوب المفاداة بالأسرى: أن تخليص أهل العدل من أسر البغاة واجب، فإذا قبل البغاة المفاداة بهم وجبت لما يأتي: 1 - أن الوسيلة لها حكم الغاية. 2 - أنه لا يجوز قتلهم فلا فائدة من إمساكهم. الجانب الثاني: الحبس: وفيه جزءان هما: 1 - إذا عادوا إلى الطاعة. 2 - إذا لم يعودوا. الجزء الأول: إذا عادوا إلى الطاعة: وفيه جزئيتان هما: 1 - بيان الحكم. 2 - التوجيه.

الجزئية الأولى: بيان الحكم: إذا عاد الأسرى إلى الطاعة وجب إطلاقهم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب إطلاق الأسرى إذا عادوا إلى الطاعة: أن قتالهم لكف شرهم، فإذا عادوا إلى الطاعة انكف شرهم فوجب إطلاقهم لعدم الحاجة إلى حبسهم. الجزء الثاني: إطلاقهم إذا لم يعودوا إلى الطاعة: وفيه جزئيتان هما: 1 - إذا خيف منهم. 2 - إذا لم يخف منهم. الجزئية الأولى: إذا خيف منهم: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم إطلاقهم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم إطلاق الأسرى إذا خيف منهم: إذا خيف من الأسرى بإطلاقهم لم يطلقوا. الفقرة الثانية: التوجيه: وجه عدم جواز إطلاق أسرى البغاة إذا خيف شرهم: أن قتال البغاة لدفع شرهم وإطلاق الأسرى مع الخوف منهم ينافي كف شرهم. الجزئية الثانية: إذا لم يخف شرهم: وفيها فقرتان هما: 1 - حكم إطلاقهم. 2 - التوجيه. الفقرة الأولى: حكم إطلاقهم: إذا لم يخف شر الأسرى بإطلاقهم جاز إطلاقهم.

الفقرة الثانية: التوجيه: وجه إطلاق الأسرى إذا لم يخف شرهم: أن حبسهم لكف شرهم فإذا أمن شرهم زال الموجب لحبسهم فلم يبق له حاجة. الأمر الرابع: ما يتعلق بالجرحى: وفيه جانبان هما: 1 - الإجهاز عليهم. 2 - التوجيه. الجانب الأول: الإجهاز: الجرحى في قتال البغاة لا يجوز الإجهاز عليهم. الجانب الثاني: التوجيه: وجه عدم جواز الإجهاز على الجرحى ما يأتي: 1 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في البغاة: (ولا يجاز على جريحهم) (¬1). 2 - قول علي - رضي الله عنه - في وقعة الجمل: ولا يزفق على جريحهم (¬2). 3 - قول أبي أمامة: شهدت صفين فكانوا لا يجهزون على جريح (¬3). 4 - أن الهدف من قتال البغاة كف شرهم والجرحى قد انكف شرهم بالجرح فلا يخشى شرهم. الأمر الخامس: ما يتعلق بالقتلى: وفيه جانبان هما: 1 - تجهيزهم. 2 - ضمانهم. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاؤوا 8/ 182. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا 8/ 182. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا 8/ 182.

الجانب الأول: التجهيز: وفيه جزءان هما: 1 - إذا تولاه البغاة. 2 - إذا لم يتوله البغاة. الجزء الأول: إذا تولى البغاة التجهيز: وفيه جزئيتان هما: 1 - تركه للبغاة. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: ترك التجهيز للبغاة: إذا تولى البغاة تجهيز قتلاهم تركوا لهم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه ترك تجهيز قتلى البغاة لهم: أن ذلك فرض كفاية فإذا قاموا به سقط الواجب بهم. الجزء الثاني: تجهيز القتلى إذا لم يتوله البغاة: وفيه جزئيتان هما: 1 - حكم التجهيز. 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: حكم التجهيز: إذا لم يتول البغاة تجهيز القتلى وجب على أهل العدل تجهيزهم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه وجوب تجهيز أهل العدل للقتلى إذا لم يجهزهم البغاة ما يأتي: 1 - حديث: (صلوا على من قال: لا اله إلا الله) (¬1). ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني، باب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه 2/ 56.

2 - أنهم مسلمون ليس لهم من يتولى تجهيزهم فيكون تجهيزهم واجباً على المسلمين ويمثلهم أهل العدل فيكون عليهم. الجانب الثاني: الضمان: وفيه جزءان هما: 1 - ضمان أهل العدل لقتلى البغاة. 2 - ضمان البغاة لقتلى أهل العدل. الجزء الأول: ضمان أهل العدل لقتلى البغاة: وفيه جزئيتان هما: 1 - الضمان 2 - التوجيه. الجزئية الأولى: الضمان: إذا لم يندفع البغاة إلا بالقتل فلا ضمان على أهل العدل لمن قتلوه منهم. الجزئية الثانية: التوجيه: وجه عدم ضمان أهل العدل من قتلوه من البغاة: أن قتلهم مأذون فيه والإذن ينافي الضمان. الجزء الثاني: ضمان البغاة لمن قتلوه من أهل العدل: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجزئية الأولى: الخلاف: اختلف في ضمان البغاة لمن قتلوه من أهل العدل على قولين: القول الأول: أنهم لا يضمنونهم.

القول الثاني: أنهم يضمنونهم. الجزئية الثانية: التوجيه: وفيها فقرتان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الفقرة الأولى: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم ضمان أهل البغي لمن قتلوه من أهل العدل ما يأتي: 1 - أنها كانت الفتنة العظمى بين الناس وفيهم البدريون فأجمعوا على ألا يقام حد على رجل ارتكب فرجًا حرامًا بتأويل القرآن، ولا يغرم ما أتلفه بتأويل القرآن (¬1). 2 - أن البغاة فئة ممتنعة بالحرب بتأويل سائغ فلم تضمن ما أتلفته على الأخرى كأهل العدل. 3 - أن تضمين البغاة يفضي إلى تنفيرهم من الرجوع إلى الطاعة فلم يشرع كتضمين أهل الحرب. 4 - أن طلحة قتل عكاشة بن محصن ثم أسلم فلم يغرم شيئا. الفقرة الثانية: توجيه القول الثاني: وجه القول بالتضمين بما يأتي: 1 - قول أبي بكر - رضي الله عنه - لأهل الردة: تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم (¬2). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب من قال: لا تباعة في الجراح/ 8/ 174، 175. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب قتال أهل البغي، باب أهل البغي إذا فاءوا / 8/ 183، 184.

2 - أن القتلى من أهل العدل نفوس معصومة أتلفت بغير حق ولا ضرورة دفع مباح فوجب ضمانها كما لو أتلفت فى غير حال الحرب. الجزئية الثالثة: الترجيح: وفيها ثلاث فقرات هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الفقرة الأولى: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الضمان. الفقرة الثانية: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الضمان: أنه أظهر دليلاً، وأقوى تعليلاً. الفقرة الثالثة: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيها شيئان هما: 1 - الجواب عما روي عن أبي بكر. 2 - الجواب عن عصمة القتلى. الشيء الأول: الجواب عما روي عن أبي بكر: أجيب عما روي عن أبي بكر من وجهين: الوجه الأول: أنه رجع عنه لما قال له عمر: أن يدو قتلانا فلا، فإن قتلانا قتلوا في سبيل الله على ما أمر الله فوافقه أبو بكر ورجع إلى قوله (¬1) ولم ينقل أنه غرم أحدا شيئاً من ذلك. ¬

_ (¬1) الأموال لأبي عبيد 255، 256.

الوجه الثاني: أنه لو ثبت التغريم لما صح القياس؛ لأن المرتدين قوم كفار لا تأويل لهم، والبغاة طائفة من المسلمين لهم تأويل سائغ فلا يصح إلحاقهم بالكفار. الشيء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بعصمة القتلى: أجيب عن ذلك: بأن قتلهم للدفاع عن النفس كقتل الصائل وليس لعدم عصمتهم.

المبحث الثاني البغاة على بعضهم

المبحث الثاني البغاة على بعضهم قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: وإن اقتتلت طائفتان لعصبية، أو رياسة، فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى. الكلام في هذا المبحث في ستة مطالب هي: 1 - المراد بالعصبية. 2 - المراد بالرئاسة. 3 - وصفهم. 4 - ضمان متلفاتهم. 5 - من يلحق بهم. 6 - الإصلاح بينهم. المطلب الأول المراد بالعصبية المراد بالعصبية: الانتصار للطائفة، والقبيلة والعرق حسبها، ونسبها، وسائر صفاتها، ومنها ما يأتي: 1 - الكرم. 2 - الشجاعة. 3 - القوة. 4 - الحمية. 5 - النجدة 6 - الأصالة. المطلب الثاني المراد بالرئاسة المراد بالرياسة: الزعامة، والقيادة والسلطة، فكل طائفة تريد أن تكون الزعامة والقيادة لها على الأخرى، وأن تكون المتبوعة والأخرى هي التابعة.

المطلب الثالث وصف القبيلتين المقتتلتين

المطلب الثالث وصف القبيلتين المقتتلتين وفيه مسألتان هما: 1 - الوصف. 2 - ما يترتب على الوصف. المسألة الأولى: الوصف: إذا اقتتلت طائفتان لعصبية أو رئاسة فهما ظالمتان كما قال المؤلف. المسألة الثانية: ما يترتب على الوصف: من آثار وصف الطائفتين المقتتلتين بالظلم أن تطبق عليهما أحكام الظلمة، ومنها ما يأتي فى المطلب الثالث. المطلب الثالث ضمان متلفاتهم وفيه مسألتان هما: 1 - الضمان. 2 - كيفيته. المسألة الأولى: الضمان: وفيها فرعان هما: 1 - الضمان. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الضمان: إذا اقتتلت طائفتان لعصبية أو رئاسة وجب على كل واحدة ضمان ما أتلفته على الأخرى من نفس أو مال.

المطلب [الخامس] من يلحق بالباغين على بعضهم

الفرع الثاني: التوجيه: وجه وجوب الضمان: أن الإتلاف غير مأذون فيه وعدم الإذن يرتب الضمان؛ لأنه ظلم وعدوان. المسألة الثانية: كيفية الضمان: وفيها فرعان هما: 1 - بيان الكيفية. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان الكيفية: كيفية الضمان: أن يوزع الضمان على عدد المقاتلين بالسوية. الفرع الثاني: التوجيه: وجه التسوية في الضمان بين المقاتلين: أنهم في حكم الواحد؛ لأن من لم يتلف راضي بالإتلاف ولو لم يتلف غيره لأتلف هو. 2 - أن من لم يتلف كالردء لمن باشر الإتلاف، والردء يشترك في الضمان فكذلك من لم يباشر الإتلاف من المقتتلين. المطلب الرابع من يلحق بالباغين على بعضهم وفيه مسألتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - توجيه الإلحاق. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة من يلحق بالبغاة على بعضهم ما يأتي: 1 - المقتتلين للثأر. 2 - المقتتلين لسلب الأموال والنساء والذرية.

المطلب [السادس] الإصلاح بين البغاة على بعضهم

المسألة الثانية: توجيه الإلحاق: وجه إلحاق المقتتلين للتأثر أو للكسب بالمقتتلين للعصبية والرئاسة: أن قتال كل منهما غير مأذون فيه فيكون ظلماً وعدواناً، والإتلاف ظلماً وعدوانا يرتب الضمان. المطلب الخامس الإصلاح بين البغاة على بعضهم وفيه خمس مسائل هي: 1 - حكم الإصلاح. 2 - دليله. 3 - من يتولاه. 4 - مراتبه. 5 - غايته. الفرع الأول: بيان الحكم: الإصلاح بين البغاة على بعضهم واجب لا يجوز تركه. الفرع الثاني: التوجيه: وجه وجوب الإصلاح بين البغاة على بعضهم: أن البغي منكر؛ لأنه ظلم وعدوان، والمنكر يجب تغييره، فيكون الإصلاح واجبا. 2 - أن البغي يفرق الأمة ويضعفها أمام أعدائها فيجب إزالته بالإصلاح. المسألة الثانية: الدليل: الدليل على وجوب الإصلاح بين البغاة على بعضهم ما يأتي:

1 - قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أمرت بالإصلاح ومقتضى الأمر الوجوب. المسألة الثالثة: من يتولى الإصلاح: وفيها فرعان هما: 1 - بيان من يتولى الإصلاح. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان من يتولى الإصلاح: الذي يتولى الإصلاح بين البغاة على بعضهم هي الدولة. الفرع الثاني: التوجيه: وجه إناطة الإصلاح بين البغاة على بعضهم بالدولة: ما يأتي: 1 - أنها المسؤولة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا منه. 2 - أن الإصلاح قد يحتاج إلى قتال أو مال، وذلك من مسؤولية الدولة. المسألة الرابعة: مراتب الإصلاح: وفيها فرعان هما: 1 - بيان المراتب. 2 - التوجيه. الفرع الأول: بيان المراتب: مراتب الإصلاح بين البغاة على بعضهم: كما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة الحجرات، الآية: [9].

1 - المراسلة وتوسيط الوسطاء. 2 - بذل المال إن اقتضى الأمر. 3 - حجز البغاة عن بعضهم. 4 - القتال إن اقتضى الأمر. الفرع الثاني: التوجيه: وجه التدرج في الإصلاح: أن المقصود منه كف بعض البغاة عن بعض فإذا أمكن ذلك بالأخف لم يجز استعمال الأشد؛ لأنه أكثر ضرراً. المسألة الخامسة: غاية الإصلاح: غاية الإصلاح بين البغاة على بعضهم الرد إلى الصواب والكف عن الظلم والعدوان، فمتى وجد ذلك انتهت مهمة المصلحين.

الموضوع الثاني عشر الردة

الموضوع الثاني عشر الردة وفيه ستة مباحث هي: 1 - معنى الردة. 2 - معنى المرتد. 3 - أسباب الردة. 4 - ما تثبت به الردة. 5 - حد الردة. 6 - توبة المرتد.

المبحث الأول معنى الردة

المبحث الأول معنى الردة وفيه مطلبان هما: 1 - معنى الردة في اللغة. 2 - معنى الردة في الاصطلاح. المطلب الأول معنى الردة في اللغة الردة في اللغة: الارتداد، وهو الرجوع، ومنه قوله تعالى: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} (¬1). أي مرجعوه. وقوله تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ} (¬2). أي أرجعناه. وقول سليمان عليه السلام: {رُدُّوهَا عَلَيَّ} (¬3). أي أرجعوها. المطلب الثاني معنى الردة في الاصطلاح قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: المرتد هو الذي يكفر بعد إسلامه. الكلام في هذا المطلب في مسألتين هما: 1 - بيان المعنى. 2 - الاشتقاق. المسألة الأولى: بيان المعنى: الردة في الاصطلاح: الخروج من الإسلام إلى الكفر. ¬

_ (¬1) سورة القصص، الآية: [7]. (¬2) سورة القصص، الآية: [13]. (¬3) سورة ص، الآية: [33].

المسألة الثانية: الاشتقاق: اشتقاق الردة في الاصطلاح من الارتداد وهو الرجوع؛ لأنها رجوع عن الإِسلام إلى الكفر كما تقدم.

المبحث الثاني معنى المرتد

المبحث الثاني معنى المرتد قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: المرتد هو الذي يكفر بعد إسلامه. الكلام في هذا المبحث في مسألتين هما: 1 - معنى المرتد في اللغة. 2 - معنى المرتد في الاصطلاح. المسألة الأولى: معنى المرتد في اللغة: المرتد في اللغة: هو الراجع. ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (¬1). المسألة الثانية: المرتد في الاصطلاح: المرتد في الاصطلاح: هو الذي يخرج من الإِسلام إلى الكفر، سواء كان مولودًا على الإِسلام أم داخلا فيه من الكفر. ¬

_ (¬1) سورة المائدة، الآية: [21].

المبحث الثالث أسباب الردة

المبحث الثالث أسباب الردة قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو اتخذ لله صاحبة أو ولدًا أو جحد بعض كتبه أو رسله أو سب الله أو رسوله فقد كفر، ومن جحد تحريم الزنا أو شيئًا من المحرمات الظاهرة المجمع عليها بجهل عرف ذلك، وإن كان مثله لا يجهله كفر. الكلام في هذا المبحث في أربعة مطالب هي: 1 - الأسباب القولية. 2 - الأسباب الفعلية. 3 - الأسباب الاعتقادية. 4 - الأسباب بالترك. المطلب الأوّل أسباب الردة القولية وفيه خمس مسائل هي: 1 - الإثبات. 2 - النفي. 3 - التنقص. 4 - إدعاء الربوبية. 5 - إدعاء النبوة. المسألة الأولى: الإثبات: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الشرك. 2 - إثبات الصاحبة. 3 - إثبات الولد.

الفرع الأوّل: الشرك: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - أنواع الشرك. 2 - أمثلته. 3 - ما تحصل الردة به منها. الأمر الأوّل: أنواع الشرك: الشرك نوعان هما: 1 - الشرك الأكبر. 2 - الشرك الأصغر. الأمر الثاني: الأمثلة: وفيه جانبان هما: 1 - أمثلة الشرك الأكبر. 2 - أمثلة الشرك الأصغر. الجانب الأوّل: أمثلة الشرك الأكبر: من أمثلة الشرك الأكبر ما يأتي: 1 - دعاء غير الله. 2 - الاستغاثة بغير الله. 3 - نسبة الخلق إلى غير الله. الجانب الثاني: أمثلة الشرك الأصغر: من أمثلة الشرك الأصغر ما يأتي: 1 - الحلف بغير الله. 3 - قول: ما شاء الله وشئت. 3 - قول: لولا الله وفلان. الأمر الثالث: ما تحصل به الردة من أنواع الشرك: وفيه جانبان هما:

1 - بيان ما تحصل به الردة. 2 - التوجيه. الجانب الأوّل: ما تحصل به الردة: الشرك الذي تحصل به الردة: هو الشرك الأكبر، أما الشرك الأصغر فلا تحصل الردة به. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه حصول الردة بالشرك الأكبر. 2 - توجيه عدم حصول الردة بالشرك الأصغر. الجزء الأوّل: توجيه حصول الردة بالشرك الأكبر: وجه حصول الردة بالشرك الأكبر ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (¬2). الجزء الثاني: توجيه عدم الردة بالشرك الأصغر: وجه عدم الردة بالشرك الأصغر ما يأتي: 1 - حديث: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذاك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) (¬3). ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [48]. (¬2) سورة الزمر، الآية: [65]. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب كفر من قال: مطرنا بالنوء /125/ 71.

ووجه الاستدلال به: أنَّه وصف بالكفر من قال ذلك ولم يخرجه من الإسلام. الفرع الثاني: إثبات الصاحبة لله: وفيه أمران هما: 1 - الردة به. 2 - التوجيه. الأمر الأوّل: الردة: من أثبت الصاحبة لله فقد ارتد. الأمر الثاني: التوجيه: وجه الردة بإثبات الصاحبة لله تعالى ما يأتي: 1 - أنَّه تنقص لله تعالى؛ وذلك أن الصاحبة وهي الزوجة إنما تتخذ للمتعة والإيناس والنسل، والله غني عن ذلك كله. 2 - أنَّه تكذيب لله؛ لأنَّ الله قد نفي الصاحبة عن نفسه فقال تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} (¬1). وقال تعالى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} (¬2). الفرع الثالث: إثبات الولد لله تعالى: وفيه أمران هما: 1 - الردة. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام، الآية: [101]. (¬2) سورة الجن، الآية: [3].

الأمر الأول: الردة: من أثبت لله ولدًا فقد ارتد. الأمر الثاني: التوجيه: وجه الردة بإثبات الولد لله تعالى ما يأتي: 1 - أنَّه تكذيب لله تعالى؛ لأنَّ الله قد نفي الولد عن نفسه، فقال تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} (¬1). وقال تعالى: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا} (¬2). وقال تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬3). 2 - أن إثبات الولد لله تنقص له سبحانه؛ لأنَّ الحاجة إلى الولد للتقوي، والدفاع، والاستغناء، والله سبحانه غني عن ذلك كله، فهو القوي المتين، والغني عن العالمين، وهو خالق كل شيء. المسألة الثانية: الردة بالنفي: وفيها فرعان هما: 1 - الردة بنفي الأمور الإيمانية. 2 - الردة بنفي الأحكام التكليفية. الفرع الأول: الردة بنفي الأمور الإيمانية: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام، الآية: [101]. (¬2) سورة الجن، الآية: [3]. (¬3) سورة الإخلاص، الآية: [3].

3 - الدليل. الأمر الأول: الأمثلة: من أمثلة نفي الأمور الإيمانية ما يأتي: 1 - نفي وجود الله كقول الكفار: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} (¬1). وقول فرعون: {ما علمت لكم من إله غيري}. 2 - نفي ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله. 3 - تكذيب الرسل. 4 - التكذيب بالكتب. 5 - التكذيب بالملائكة أو الجن. 6 - التكذيب بما بعد الموت. الأمر الثاني: التوجيه: وجه الردة بنفي الأمور الإيمانية: أن نفيها تكذيب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين. الأمر الثالث: الدليل: من أدلة وجوب الإيمان بالأمور المذكورة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة الجاثية، الآية: [24]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [177].

2 - حديث جبريل المشهور وفيه: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن من نفي شيئًا من ذلك لم يكن مؤمنًا وذلك هو الردة. الفرع الثاني: الردة بنفي الأحكام التكليفية: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الردة بنفي الوجوب. 2 - الردة بنفي الحظر. 3 - الردة بنفي الإباحة. الأمر الأوّل: الردة بنفي الوجوب: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الجانب الأوّل: الأمثلة: من أمثلة الردة بنفي الوجوب ما يأتي: 1 - نفي وجوب الصلاة. 2 - نفي وجوب الزكاة. 3 - نفي وجوب صوم رمضان. 4 - نفي وجوب الحج. الجانب الثاني: التوجيه: وجه الردة بنفي وجوب الأحكام المذكورة: أن نفيها تكذيب لله ورسوله ولإجماع الأمة. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، بيان الإيمان والإِسلام 1 - 8.

الجانب الثالث: الدليل: الدليل على الردة بنفي الأحكام المذكورة: حديث جبريل عليه السلام، وفيه: (الإِسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) (¬1). ووجه الاستدلال بالحديث: أنَّه جعل الإِسلام ما ذكر فيه فمن أنكرها أو أنكر شيئًا منها فليس بمسلم وهذه هي الردة. الأمر الثاني: الردة بنفي الحظر: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الجانب الأوّل: الأمثلة: من أمثلة الردة بنفي الحظر ما يأتي: 1 - نفي تحريم الزنا. 2 - نفي تحريم الربا. 3 - نفي تحريم الخمر. 4 - نفي تحريم ما ذبح لغير الله. الجانب الثاني: التوجيه: وجه الردة بنفي تحريم ما ذكر: أنَّه تكذيب لله ولرسوله، ولإجماع الأمة. الجانب الثالث: الدليل: وفيه أربعة أجزاء هي: 1 - دليل الزنا. 2 - دليل الربا. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، بيان الإيمان والإِسلام 1 - 8.

3 - دليل الخمر. 4 - دليل ما ذبح لغير الله. الجزء الأوّل: دليل الزنا: من أدلة تحريم الزنا قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نهت عن قرب الزنا والأصل في النهي التحريم، فمن أنكر تحريم الزنا كان مكذباً لله ومن كذب الله فهو مرتد. الجزء الثاني: دليل الربا: من أدلة تحريم الربا قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نصت على تحريم الربا، فمن نفي تحريمه فهو مكذب لله، ومن كذب الله فهو مرتد. الجزء الثالث: دليل الخمر: من أدلة تحريم الخمر: من أدلة تحريم الخمر، قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬3). الجزء الرابع: دليل ما ذبح لغير الله: من أدلة تحريم ما ذبح لغير الله قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (¬4). ووجه الاستدلال بالآية: أنها حرمت الأكل مما لم يذكر اسم الله ¬

_ (¬1) سورة الإسراء، الآية: [32]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [275]. (¬3) سورة المائدة، الآية: [90]. (¬4) سورة الأنعام، الآية: [121].

عليه، وهو ما ذبح لغير الله، فمن نفى تحريمه فهو مكذب لله، والمكذب لله مرتد. الأمر الثالث: الردة بنفي الإباحة: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الجانب الأوّل: الأمثلة: من أمثلة الردة بنفي الإباحة ما يأتي: 1 - نفي مشروعية النكاح. 2 - نفي مشروعية البيع. 3 - نفي إباحة الطيبات من المأكولات والمشروبات. الجانب الثاني: التوجيه: وجه الردة بنفي الإباحة: أنَّه تكذيب لله ورسوله وإجماع الأمة. الجانب الثالث: الدليل: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - دليل النكاح. 2 - دليل البيع. 3 - دليل الطيبات. الجانب الأوّل: دليل النكاح: من أدلة مشروعية النكاح، قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [3].

ووجه الاستدلال بالآية: أنها أباحت النكاح فمن أنكر إباحته فهو مكذب لله، والمكذب لله مرتد. الجانب الثاني: دليل إباحة البيع: من أدلة مشروعية البيع قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (¬1). ووجه الاستدلال بها: أنها نص في حل البيع فمن أنكر إباحته فهو مكذب لله، والمكذب لله مرتد. الجانب الثالث: دليل الردة بنفي الطيبات من الرزق: من أدلة الردة بنفي إباحة الطيبات من الرزق، قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها دلت على إباحة الطيبات من الرزق فمن نفي إباحتها فهو مكذب لله والمكذب لله مرتد. المسألة الثالثة: الردة بالتنقص: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - التنقص لله تعالى. 2 - التنقص للرسول - صلى الله عليه وسلم -. 3 - التنقص للقرآن. الفرع الأوّل: التنقص لله تعالى: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [275]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [172].

3 - الدليل. الأمر الأوّل: الأمثلة: من أمثلة التنقص لله تعالى ما يأتي: 1 - نفي ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -. 2 - وصف الله بالفقر كقول اليهود: إن الله فقير ونحن أغنياء. 3 - وصف يد الله بالغل. كقول اليهود: (يد الله مغلولة). 4 - إثبات الصاحبة لله. 5 - إثبات الولد لله. كقول اليهود: عزير بن الله، وقول النصارى: المسيح ابن الله. 6 - نفي الربوبية عن الله. 7 - نفي الوحدانية عن الله. الأمر الثاني: التوجيه: وجه الردة بالتنقص لله تعالى: أنَّه نفي لكمال الله الذي أثبته لنفسه، وأثبته له له رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونفي الكمال عن الله تكذيب لله وتكذيب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتكذيب بالقرآن الذي هو كلام الله. الأمر الثالث: الدليل: من الأدلة الدالة على الردة بالتنقص لله تعالى ما يأتي: أولًا: الأدلة على إثبات الكمال لله، ومن ذلك ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة الشورى، الآية: [11].

2 - قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص]. 3 - قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (¬1). ووجه الاستدلال بهذه الآيات: أنها أثبتت الكمال لله، ونفت عنه النقائص والعيوب، فمن تنقص الله فهو كافر بما دلت عليه وذلك رده. ثانيًا: النص على كفر المستهزئين بالله، كقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬2). الفرع الثاني: التنقص للرسول - صلى الله عليه وسلم -: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الأمر الأوّل: الأمثلة: من أمثلة التنقص للرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي: 1 - وصفه بالسحر. 2 - وصفه بالكهانة. 3 - وصفه بالشعر. 4 - وصفه بالجنون. 5 - وصفه بالكذب. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [255]. (¬2) سورة التوبة، الآية: [65 - 66].

الأمر الثاني: التوجيه: وجه الردة بالتنقص للرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي: 1 - أن تنقص الرسول تنقص لله الذي أرسله. 2 - أن تنقص الرسول تنقص للشريعة التي جاء بها. 3 - أن تنقص الرسول تنقص للكتاب الذي جاء به وهو كلام الله وكل واحد من ذلك رده. الأمر الثالث: الدليل: الدليل على ردة المتنقص للرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي: أولًا: النص على كفر المستهزئين بالرسول - صلى الله عليه وسلم -. كقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬1). ثانياً: الأدلة الدالة على كمال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (¬2). ووجه الاستدلال بالآية: أنها أثبتت كمال الخلق للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فمن تنقصه فهو مكذب لمن أثبت له ذلك، وهو الله سبحانه وتعالى، ومتنقص له، ومن كذب الله وتنقصه فهو مرتد كما تقدم. الفرع الثالث: الردة بالتنقص للقرآن: وفيه ثلاثة أمور هي: ¬

_ (¬1) سورة التوبة، الآية: [65 - 66]. (¬2) سورة القلم، الآية: [4].

1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الأمر الأوّل: الأمثلة: من أمثلة التنقص للقرآن ما يأتي: 1 - امتهان القرآن بأي وجه من وجوه الامتهان. 2 - ادعاء تناقض القرآن. 3 - إدعاء أنَّه مختلق وأنه ليس من عند الله. 4 - إدعاء الإتيان بمثله. الأمر الثاني: التوجيه: وجه الردة بتنقص القرآن: أنَّه تكذيب لله لما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها تحدت بالإتيان بمثل القرآن، ونفت الإتيان بمثله، فمن زعم أنَّه يمكن الإتيان بمثله فهو مكذب لله والمكذب لله مرتد. 2 - قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (¬2). ووجه الاستدلال بهذه الآية: كوجه الاستدلال بالآية التي قبلها. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [22 - 23]. (¬2) سورة الإسراء، الآية: [88].

3 - قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (¬1). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأوّل: في قوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ} فإنَّه يدلّ على أن القرآن من عند الله، فمن زعم أنَّه من عند غير الله وأنه مختلق فهو مكذب لله، والمكذب لله مرتد. الوجه الثاني: في قوله تعالى: {لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} فإنَّه يدلّ على نفي الاختلاف، فمن زعم أن في القرآن اختلافا فهو مكذب لله، والمكذب لله مرتد. 4 - قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (¬2). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأوّل: في قوله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا} فإنَّه يدلّ على أن القرآن منزل من عند الله، فمن زعم أن القرآن من عند غير الله فهو مكذب لله والمكذب لله مرتد. الوجه الثاني: في قوله: {لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} فإنَّه يدلّ على أن القرآن من عند الله؛ لأنه لو لم يكن من عند الله لما خشعت الجبال ولما تصدعت بإنزاله عليها، فمن أنكر أنَّه من عند الله، فهو مكذب لله والمكذب لله مرتد. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [82]. (¬2) سورة الحشر، الآية: [21].

5 - قوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (¬1). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأوّل: في قوله: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} وذلك أنها نفت أن يتطرق الباطل إلى القرآن فمن زعم أنَّه ناقص مختلف أو مختلق فقد كذب الله، ومن كذب الله فهو مرتد. الوجه الثاني: أنها أثبتت تنزيل القرآن من عند الله فمن زعم أنَّه من عند غير الله وأنه مختلق فقد كذب الله ومن كذب الله فهو مرتد. 6 - قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (¬2). والاستدلال بالآية من وجهين: الوجه الأوّل: في قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} فإنَّه يدلّ على أن القرآن منزل من عند الله، فمن زعم أنَّه من عند غير الله فهو مكذب لله، والمكذب لله مرتد. الوجه الثاني: في قوله: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} فإنَّه يدلّ على أن القرآن محفوظ من الله عن التحريف والتبديل، فمن زعم أنَّه يستطيع تحريف القرآن والتغيير فيه فإنَّه مكذب لله والمكذب لله مرتد. 7 - قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة فصلت، الآية: [42]. (¬2) سورة الحجر، الآية: [9]. (¬3) سورة المائدة، الآية: [3].

ووجه الاستدلال بالآية: أنها أخبرت عن إكمال الدين وذلك بإكمال القرآن فمن زعم أن القرآن ناقص فهو مكذب لله والمكذب لله مرتد. المسألة الرابعة: الردة بإدعاء الربوبية: وفيها فرعان هما: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. الفرع الأوّل: الأمثلة: من أمثلة ادعاء الربوبية ما يأتي: 1 - ادعاء النمرود الذي حاج إبراهيم في ربه. 2 - ادعاء فرعون الذي بعث إليه موسى. الفرع الثاني: التوجيه: وجه الردة بادعاء الربوبية: أنَّه إنكار لوجود الله تعالى. كما قال فرعون: {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} (¬1). 2 - وقوله: {يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} (¬2). وذلك أعظم الكفر. المسألة الخامسة: الردة بادعاء النبوة: وفيها ثلاثة فروع هي: ¬

_ (¬1) سورة القصص، الآية: [38]. (¬2) سورة غافر، الآية: [36 - 37].

1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الفرع الأول: الأمثلة: من أمثلة مدعى النبوة: ما يأتي: 1 - مسليمة الكذاب في اليمامة. 2 - سجاح في بني تميم. 3 - الأسود العنسي في اليمن. 4 - طليحة الأسدي في بني أسد. الفرع الثاني: التوجيه: وجه الردة بإدعاء النبوة: أنَّه تكذيب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين. الفرع الثالث: الدليل: الدليل على ردة مدعي النبوة: ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها دلت على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم النبيين، فمن ادعى النبوة بعده فهو مكذب لله، والمكذب لله مرتد. 2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي) (¬2). ووجه الاستدلال بالحديث: أنَّه نفى أن يكون بعده نبي فمن ادعى النبوة فهو مكذب للرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمكذب للرسول - صلى الله عليه وسلم - مرتد. ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب، الآية: [40]. (¬2) سنن الترمذي، باب ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون /2219.

المطلب الثاني أسباب الردة الفعلية

المطلب الثاني أسباب الردة الفعلية وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الردة الفعلية ما يأتي: 1 - السجود لغير الله. 2 - الذبح لغير الله. 3 - النذر لغير الله. 4 - التقرب إلى غير الله، من الجن، والملائكة، والكواكب، والأضرحة. المسألة الثانية: التوجيه: وجه الردة بما ذكر ونحوه: أنَّه عبادة لغير الله، وعبادة غير الله شرك أكبر مخرج من الملة. المسألة الثالثة: الدليل: من الأدلة على الردة بما ذكر ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [83]. (¬2) سورة هود، الآية: [2]، وسورة فصلت، الآية: [14]، وسورة الأحقاف، الآية: [21].

المطلب الثالث أسباب الردة الاعتقادية

3 - قوله تعالى: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} (¬1). ووجه الاستدلال بهذه الآيات: أنها قصرت العبادة على الله فمن عبد غير الله فقد كذب الله وأشرك في عبادته، وذلك ردة. المطلب الثالث أسباب الردة الاعتقادية وفيه أربع مسائل هي: 1 - الأمثلة. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. 4 - الفرق بين الردة الاعتقادية، والردة القولية، والردة الفعلية. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الردة الاعتقادية ما يأتي: 1 - اعتقاد الشريك لله في ربوبيته أو ألوهيته أو فيهما جميعًا. 2 - اعتقاد عدم وجوب ما أوجب الله. 3 - اعتقاد عدم تحريم ما حرم الله. المسألة الثانية: التوجيه: وجه الردة بما ذكر: أنَّه تكذيب لله، والتكذيب لله كفر. المسألة الثالثة: الدليل: وفيها ثلاثة فروع هي: ¬

_ (¬1) سورة هود، الآية: [26]، وسورة يوسف، الآية: [40]، وسورة الإسراء، الآية: [23].

1 - الدليل على الردة باعتقاد الشريك لله. 2 - الدليل على الردة باعتقاد عدم وجوب ما أوجب الله. 3 - الدليل على الردة باعتقاد عدم تحريم ما حرم الله. الفرع الأوّل: الدليل على الردة باعتقاد الشريك لله: وفيه فرعان هما: 1 - الدليل على الردة باعتقاد الشريك لله في الربوبية. 2 - الدليل على الردة باعتقاد الشريك لله في الألوهية. الأمر الأوّل: الدليل على الردة باعتقاد الشريك لله في الربوبية: من أدلة الردة باعتقاد الشريك لله في الربوبية ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (¬1). 2 - قوله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (¬2). 3 - قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} (¬3). ووجه الاستدلال بهذه الآيات: أنها أثبتت لله الخلق والأمر وحده، فمن اعتقد له شريكًا في ربوبيته فقد كذب الله، ومن كذب الله فهو مرتد. الأمر الثاني: الدليل على الردة باعتقاد الشريك لله في الألوهية: من أدلة الردة باعتقاد الشريك لله في الألوهية ما يأتي: ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [29]. (¬2) سورة الأنعام، الآية: [102]. (¬3) سورة الأعراف، الآية: [54].

المطلب الرابع الردة بالترك

1 - قوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬3). 4 - قوله تعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (¬4). ووجه الاستدلال بهذه الآيات: أنها أثبتت الألوهية لله وحده فمن اعتقد أن لله شريكًا في ألوهيته فقد كفر بهذه الآيات، وذلك كفر بالله تعالى. المطلب الرابع الردة بالترك وفيه مسألتان هما: 1 - الأمثلة. 2 - الردة. المسألة الأولى: الأمثلة: من أمثلة الترك ما يأتي: 1 - ترك الصلاة. 2 - ترك الزكاة. 3 - ترك الحج. 4 - ترك الصيام. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [163]. (¬2) سورة البقرة، الآية: [255]، وسورة آل عمران، الآية: [2]. (¬3) سورة آل عمران، الآية: [62]. (¬4) سورة المؤمنون، الآية: [91].

المسألة الثانية: الردة بالترك: وفيها أربعة فروع هي: 1 - الردة بترك الصلاة. 2 - الردة بترك الزكاة. 3 - الردة بترك الحج. 4 - الردة بترك الصيام. الفرع الأوّل: الردة بترك الصلاة: وفيه أربعة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - ما يترتب على الخلاف. الأمر الأوّل: الخلاف: اختلف في الردة بترك الصلاة كسلا وتهاونًا على قولين: القول الأوّل: أنَّه ردة. القول الثاني: أنَّه ليس بردة. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول بالردة بترك الصلاة كسلا وتهاونًا بما يأتي: 1 - حديث: (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) (¬1). 2 - حديث: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة 134/ 82. (¬2) سنن الترمذي، أبواب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة/2621.

3 - قول ابن مسعود - رضي الله عنه -: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخرون ما تفقدون الصلاة) (¬1). 4 - قول عمر - رضي الله عنه -: لا حظ في الإِسلام لمن ترك الصلاة) (¬2). 5 - قول علي: من لم يصل فهو كافر. 6 - قول عبد الله بن شقيق: لم يكن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة (¬3). 7 - أن الصلاة عبادة يدخل بفعلها في الإِسلام فيخرج بتركها منه كالشهادتين. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم الردة بترك الصلاة كسلا وتهاونا بما يأتي: 1 - حديث: (إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) (¬4). 2 - (من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله أدخله الله الجنة على ما كان من عمل) (¬5). ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب تعاهد القرآن ونسيانه/ 9581. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب الحيض، باب ما يفعل من غلبه الدم 1/ 357. (¬3) سنن الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة/ 2622. (¬4) صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب العمل الذي يبتغي به وجه الله/ 6423. (¬5) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: (يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم) / 3435.

3 - حديث: (إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا) (¬1). 4 - حديث: (خمس صلوات كتبهن الله على العبد في اليوم والليلة فمن حافظ عليهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة) (¬2). ووجه الاستدلال به: أنَّه أدخل تارك الصلاة في المشيئة، ولو كان كافرا لم يدخله فيها، ولكان خالدا في النار مع الكفار. 5 - حديث: (يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن بره) (¬3). 6 - حديث: (صلوا على من قال: لا إله إلا الله) (¬4). 7 - قول حذيفة: يأتي على الناس زمان لا يبقى معهم من الإِسلام إلا قول: لا إله إلا الله. فقيل له: وما ينفعهم، قال: تنجيهم من النار لا أبالك (¬5). الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب اختباء النبي دعوته /338/ 199. (¬2) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب في وقت الصبح/ 425. (¬3) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها/ 325. (¬4) سنن الدارقطني، صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه/ 2/ 56. (¬5) سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب ذهاب القرآن والعلم/ 4049.

الجانب الأوّل: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - أن ترك الصلاة كسلا وتهاونًا لا يعتبر ردة. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم التكفير بترك الصلاة مع اعتقاد وجوبها: أنَّه لم ينقل على مر العصور أن تارك الصلاة لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا أنَّه فرق بين الزوجين لترك أحدهما الصلاة ولو وقع لنقل، وذلك كالإجماع على عدم الردة بترك الصلاة مع اعتقاد وجوبها (¬1). الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: أجيب عن ذلك بما يأتي: 1 - أن أدلة من قال بالردة محمولة على الترك جحودًا للوجوب. فيكون القتل للجحود لا للترك. نقل (¬2) عن ابن تيمية قوله: قد فرض متأخروا الفقهاء مسألة يمتنع وقوعها، وهو أن الرجل إذا كان مقراً بوجوب الصلاة فدعي إليها ثلاثًا وامتنع مع تهديده بالقتل ولم يصلِّ حتى قتل هل يموت كافرًا أو فاسقًا على قولين، وهذا الفرض باطل، إذا يمتنع أن يقتنع أن الله فرضها ولا يفعلها، ويصبر على القتل، هذا لا يفعله أحد قط. قال في الإنصاف بعد هذا النقل: قلت: والعقل يشهد بما قال، ويقطع به، وهو عين الصواب الذي لا شك فيه وأنه لا يقتل إلا كافرًا. ¬

_ (¬1) الشرح مع المقنع والإنصاف 3/ 39. (¬2) في الإنصاف مع المقنع والشرح 3/ 40.

2 - أن أدلة من قال بالردة جاءت على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار، لا على الحقيقة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) (¬1). وقوله: (من قال لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما) (¬2). وقوله: (من حلف بغير الله فقد أشرك) (¬3). وقول أبي بكر: كفر بالله من تبرأ من نسب وإن دق) (¬4). وأشباه هذا مما أريد به التشديد في الوعيد. قال ابن قدامة (¬5): وهذا أصوب القولين. الأمر الرابع: ما يترتب على الخلاف: من الأمور التي تترتب على الخلاف ما يأتي: 1 - التجهيز والدفن. فعلى القول بالردة لا يصلى على تارك الصلاة ولا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين. وعلى القول بعدم الردة يغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين. 2 - التفريق بين الزوجين: فعلى القول بالردة يفرق بين الزوجين، وعلى عدم الردة لا يفرق بينهما. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري، باب ما ينهى من سباب، 5/ 2247، وأخرجه مسلم، باب بيان قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (1/ 80 - 81). (¬2) سنن الترمذي، برقم (1535). (¬3) سنن أبي داود، كتاب الإيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالآباء/ 3251. (¬4) مصنف ابن أبي شبية، كتاب الأدب، باب ما يكره للرجل أن ينتمي إليه 26628. (¬5) المغني 3/ 359.

3 - الإرث: فعلى القول بالردة لا يرث ولا يورث ويكون ماله فيئا لبيت مال المسلمين. وعلى القول بعدم الردة يرث المسلمين ويرثونه. الفرع الثاني: الردة بمنع الزكاة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في الردة بمنع الزكاة بخلا على قولين: القول الأوّل: أنَّه ليس ردة. القول الثاني: أنَّه ردة. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول بأن منع الزكاة بخلا لا يعتبر ردة بما يأتي: 1 - أن الصحابة - رضي الله عنهم - توقفوا في قتال مانعي الزكاة في أول الأمر ولو اعتقدوا كفرهم لما توقفوا. 2 - أن الزكاة من فروع الدين، فلم يكن تركها بخلا ردة كالحج.

3 - قول عبد الله بن شقيق: ما كان أصحاب رسول الله يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (¬1). الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن منع الزكاة بخلا ردة: بما يأتي: 1 - قول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: ما تارك الزكاة بمسلم (¬2). 2 - أن أبا بكر - رضي الله عنه - رفض قبول الزكاة من مانعيها حتى يشهدوا أن قتلاهم في النار. ولو لم يكن منع الزكاة ردة لما ألزمهم بذلك. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأوّل: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الردة. بمنع الزكاة بخلا أو كسلا وتهاونًا. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح عدم الردة بمنع الزكاة بخلا لا جحودا ما يأتي: 1 - أن أدلته أقوى وأظهر. 2 - أن الزكاة حق مالي كدين الآدمي فلا يكفر بمنعها. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، باب ما جاء في ترك الصلاة/ 2622. (¬2) مصنف ابن أبي شيبة، ما قالوا في مانع الزكاة 9921.

الجانب الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن قول ابن مسعود. 2 - الجواب عما ورد عن أبي بكر. الجزء الأوّل: الجواب عما ورد عن ابن مسعود: أجيب عن ذلك بما يأتي: 1 - أنَّه من باب التغليظ في الإنكار على مانع الزكاة، وليس لنفي حقيقة الإِسلام. 2 - أن المراد به: أن منع الزكاة ليس من صفات المسلمين، فيكون المعنى: المسلم لا يمنع الزكاة إنما يمنعها غير المسلم، فيكون المنع لعدم الإِسلام، وليس عدم الإِسلام للمنع. الجزء الثاني: الجواب عما ورد عن أبي بكر: أجيب عن ذلك بما يأتي: 1 - أن الذين طلب منهم أبو بكر - رضي الله عنه - كانوا جاحدين. 2 - على التسليم أنهم من المسلمين فلا يلزم أن دخول النار لمنع الزكاة لاحتمال أن ذلك بسبب ما ارتكبوه من الكبائر وإصرارهم عليها. 3 - وعلى التسليم بأنّه بمنع الزكاة فإنَّه لا يلزم خلودهم فيها بل يدخلونها لتطيرهم ثمَّ يخرجون منها كغيرهم من عصاة المسلمين. الفرع الثالث: الردة بترك الحج تهاونًا وكسلا: وفيه أمران هما: 1 - الردة. 2 - التوجيه.

الأمر الأوّل: الردة: تأخير الحج تهاونا وكسلا لا يعتبر ردة بلا خلاف. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم اعتبار تأخير الحج ردة ما يأتي: 1 - ما ورد عن عبد الله بن شقيق أنَّه قال: ما كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة (¬1). 2 - أن فورية الحج محلّ خلاف فلا يحكم بالردة بمجرد تأخيره عملا بقول المجوزين. 3 - أن وجوبه مرة واحدة في العمر، فإذا قيل بجواز تأخيره لم يتحقق الترك إلا بالموت، والموت تنقطع به أحكام التكليف. الفرع الرابع: الردة بترك الصيام: وفيه أمران هما: 1 - الردة بتركه. 2 - التوجيه. الأمر الأوّل: الردة: ترك الصيام كسلا وتهاونا مع الإقرار بوجوبه لا يعتبر ردة بلا خلاف. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم اعتبار ترك الصيام كسلا وتهاونا ردة ما يأتي: 1 - قول عبد الله بن شقيق المتقدم. 2 - أنَّه لا يتكرر فلا يعتبر تركه كفرا كالحج. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي، كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة/ 2622.

المبحث الرابع ما تثبت به الردة

المبحث الرابع ما تثبت به الردة وفيه مطلبان هما: 1 - الإقرار. 2 - البينة. المطلب الأوّل الإقرار وفيه مسألتان هما: 1 - ثبوت الردة به. 2 - الرجوع عنه. المسألة الأولى: ثبوت الردة بالإقرار: وفيه فرعان هما: 1 - الثبوت. 2 - التوجيه. الفرع الأول: الثبوت: من أقر على نفسه بالردة حكم عليه بها. الفرع الثاني: التوجيه: وجه ثبوت الردة بالإقرار: أنَّه شهادة من الشخص على نفسه وهو غير متهم في حقها فيقبل إقراره عليه كالشهادة من غيره وأولى. المسألة الثانية: الرجوع عن الإقرار: وفيها فرعان هما: 1 - قبول الرجوع. 2 - التوجيه.

المطلب الثاني البينة

الفرع الأوّل: قبول الرجوع: إذا رجع المقر على نفسه بالردة عن إقراره قبل رجوعه وخلي سبيله. الفرع الثاني: التوجيه: وجه قبول الرجوع من المقر على نفسه بالردة عن إقراره: أنَّه أعلم بحاله فيقبل قوله في الرجوع كما قبل قوله في الإقرار. المطلب الثاني البينة وفيه خمس مسائل هي: 1 - المراد بالبينة. 2 - عدد الشهود. 3 - شروطهم. 4 - صفة الشهادة. 5 - قبول إنكار الردة الثابتة بالشهادة. المسألة الأولى: المراد بالبينة: المراد بالبينة: الشهود. المسألة الثانية: عدد الشهود: وفيه ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأوّل: الخلاف: اختلف في عدد الشهود على الردة على قولين: القول الأوّل: أنهم اثنان. القول الثاني: أنهم أربعة.

الفرع الثاني: التوجيه: وفيها أمران هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول بأن عدد الشهود على الردة اثنان بما يلي: أن الشهادة على الردة كالشهادة على السرقة والقذف، وذلك يقبل فيه شاهدان، فكذلك الشهادة على الردة. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بأن عدد الشهود على الردة أربعة: أن الشهادة على الردة تؤدي إلى القتل فلا يقبل فيها إلا أربعة كالزنا. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأوّل: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بأن عدد الشهود على الردة اثنان. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول: بأن عدد الشهود بالردة اثنان: أنها لا تختلف عن سائر الشهادات، كالشهادة على السرقة، والقذف والقتل وغيرها وكل هذه تثبت بشاهدين، فكذلك الشهادة على الردة.

الأمر الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن ذلك بأن علة عدد شهود الزنا كونه زنا، وليس لأنه يؤدي إلى القتل بدليل أنَّه يشترط في شهود الزنا من البكر مع أنَّه لا قتل فيه. المسألة الثالثة: شروط الشهود وفيها فرعان هما: 1 - بيان الشروط. 2 - التوجيه. الفرع الأوّل: بيان الشروط: الشروط في شهود الردة كالشروط في شهود غيرها وهي: 1 - الإِسلام. 2 - العدالة. 3 - الذكورة. 4 - التكليف. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أربعة أمور هي: الأمر الأوّل: توجيه اشتراط الإِسلام: وجه اشتراط الإسلام في شهود الردة ما يأتي: 1 - قوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها نفت السبيل للكافرين على المؤمنين وفي قبول شهادة غير المسلم على المسلم أعظم السبيل. 2 - أن غير المسلم ليس بعدل، والعدالة شرط لقبول الشهادة. ¬

_ (¬1) سورة النساء، الآية: [141].

الأمر الثاني: توجيه اشتراط العدالة: وجه اشتراط العدالة في شهود الردة: أن غير العدل لا يقبل خبره؛ لأنه لا يوثق بصدقه. الأمر الثالث: توجيه اشتراط الذكورة: وجه اشتراط المذكورة في شهود الردة: أن عقوبة الرد من الحدود، والحدود لا يقبل فيها النساء لخطورتها. الأمر الرابع: توجيه اشتراط التكليف: وجه اشتراط التكليف في شهود الردة: أن غير المكلف لا يوثق بخبره؛ لعدم الضبط عنده. المسألة الرابعة: صفة الشهادة: صفة الشهادة على الردة: الشهادة على الإتيان بالمكفر، سواء كان قولًا أم فعلا، أم تركا، أم اعتقادا، ومن ذلك ما يأتي: 1 - إنكار الشهادتين. 2 - جحد وجوب الصلاة. 3 - جحد وجوب الزكاة. 4 - جحد وجوب الصوم. 5 - جحد وجوب الحج. 6 - استباحة الزنا. المسألة الخامسة: قبول إنكار الردة الثابتة بالبينة: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأوّل: الخلاف: اختلف في قبول إنكار الردة الثابتة بالبينة على قولين:

القول الأوّل: أنَّه يقبل. القول الثاني: أنَّه لا يقبل. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول بقبول إنكار الردة الثابتة بالبينة بما يأتي: 1 - أن إنكار الردة رجوع إلى الإِسلام، وهذا هو المطلوب فيقبل. 2 - أن إنكار الكفر من المقر به مقبول، فكذلك إنكار الردة. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم قبول إنكار الردة الثابتة بالبينة بما يأتي: 1 - ما ورد أن عليًا - رضي الله عنه -. لما قامت البينة على الزنادقة بالردة لم يقبل إنكارهم وقتلهم وهم ينكرونها. 2 - أن الإنكار تكذيب للبينة فلم يسمع كسائر الدعاوى. 3 - أن الردة تثبت بالبينة فلم يقبل الرجوع عنها بمجرد الإنكار دون الإتيان بالشهادتين كالكفر الأصلي. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح.

3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأوّل: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - قبول إنكار الردة ولو ثبتت بالبينة. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح إنكار الردة ولو ثبتت بالبينة: أن إنكار الردة يتضمن الإقرار بالإِسلام فيقبل لأنَّ ذلك هو المطلوب. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - الجواب عما ورد عن علي. 2 - الجواب عن الاحتجاج بأن الإنكار تكذيب للبينة. 3 - الجواب عن الاحتجاج بأن الردة كالكفر الأصلي. الجانب الأوّل: الجواب عن الدليل الأوّل: أجيب عما ورد عن علي: بأن الزنادقة يظهرون ما لا يبطنون فلا يقبل إنكارهم للردة كإظهارهم للتوبة. الجانب الثاني: الجواب عن الدليل الثاني: أجيب عن الاحتجاج بأن الإنكار تكذيب للبينة. . الخ. بأنه قياس مع الفارق؛ لأنَّ إنكار الردة يحقق المطلوب، وهو الرجوع إلى الإِسلام بخلاف الإنكار في سائر الحقوق فإنَّه لا يؤديه؛ لأنَّ الحق المنكر لا يتأدى بالإنكار.

الجانب الثالث: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عنه بأنّه من محلّ النزاع، وذلك أن إنكار الكافر لكفره دخول في الإِسلام؛ لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال كما قال تعالى (¬1). وقد أنكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على خالد قتله لبني جذيمة بعد قولهم صبأنا وتبرأ من فعله ووداهم (¬2). ¬

_ (¬1) سورة يونس، الآية: [32]. (¬2) فتح الباري 8/ 56، وسيرة ابن هشام 4/ 55.

المبحث الخامس حد الردة

المبحث الخامس حد الردة وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - الحد. 2 - الشروط. 3 - مسؤولية تنفيذ الحد. المطلب الأوّل الحد وفيه ثلاث مسائل هي: 1 - بيان الحد. 2 - الدليل. 3 - قتل المرأة بالردة. المسألة الأولى: بيان الحد: حدّ الردة: القتل. المسألة الثانية: الدليل: الدليل على قتل المرتد ما يأتي: 1 - حديث: (من بدل دينه فاقتلوه) (¬1). 2 - قتل علي - رضي الله عنه - للنصراني. والزنادقة المرتدين (¬2). 3 - أن الردة كفر فتوجب القتل كالكفر الأصلي. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير/ باب لا يعذب بالنار إلا ربها/ 3017. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بالنار إلا ربها/ 3017.

4 - قتل أبي بكر للمرأة المرتدة (¬1). 5 - حديث: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) (¬2). المسألة الثالثة: تطبيق حدّ الردة على المرأة: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأوّل: الخلاف: اختلف في تطبيق حكم الردة على المرأة على قولين: القول الأوّل: أنَّه يطبق عليها وتقتل بها. القول الثاني: أنَّه لا يطبق عليها ولا تقتل بها. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول بقتل المرأة بالردة بما يأتي: 1 - حديث: (من بدل دينه فاقتلوه) (¬3). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب المرتد، باب قتل من ارتد 8/ 204. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب المرتد، باب قتل من ارتد 8/ 294. (¬3) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بالنار إلا ربها/ 3017.

ووجه الاستدلال به: أنَّه عام فيشمل المرأة. 2 - أن امرأة ارتدت فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلها (¬1). 3 - أن امرأة ارتدت في عهد أبي بكر - رضي الله عنه - فقتلها (¬2). 4 - حديث: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنَّه عام فيشمل المرأة. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم قتل المرتدة بما يأتي: 1 - نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء (¬4). 2 - أن أبا بكر - رضي الله عنه - استرق نساء بني حنيفة، وذراريهم (¬5). الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة المخالفين. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالقتل. ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني، كتاب الحدود 3/ 118. (¬2) سنن الدارقطني/ 3/ 114. (¬3) صحيح البخاري، كتاب الديات، باب قول الله تعالى: (النفس بالنفس) / 6878. (¬4) مصنف عبد الرزاق، كتاب المغازي 5/ 407، 9747. (¬5) البداية والنهاية، مقتل مسليمة 9/ 471.

الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بقتل المرتدة، أن أدلته أخص، والخاص مقدم على العام. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: وفيه ثلاثة جوانب: 1 - الجواب عن النهي عن قتل النساء. 2 - الجواب عن استرقاق أبي بكر لنساء بني حنيفة. 3 - الجواب عن قتل الكافرات الأصليات. الجانب الأوّل: الجواب عن النهي عن قتل النساء: أجيب عن ذلك: بأنّه عام وقتل المرتدات خاص والخاص مقدم على العام. الجانب الثاني: الجواب عن سبي أبي بكر لنساء بني حنيفة: أجيب عن ذلك: بأنّه ليس كل نساء بني حنيفة مرتدات والمسبيات من الكافرات الأصليات. الجانب الثالث: الجواب عن قياس المرتدات على الكافرات الأصليات: أجيب عن ذلك بجوابين: الجواب الأوّل: أنَّه قياس مع النص فلا يعتد به. الجواب الثاني: أنَّه قياس مع الفارق، وذلك أن الكافرات الأصليات يرجى إسلامهن حينما يعايشن المسلمين ويعرف الإِسلام، بخلاف المرتدات فقد خرجن عن الإِسلام بعد معرفته فيبعد رجوعهن إليه، خصوصا بعد دعوتهن وإصرارهن.

المطلب الثاني شروط حد الردة

المطلب الثاني شروط حدّ الردة وفيه خمس مسائل هي: 1 - العقل. 2 - البلوغ. 3 - الاختيار. 4 - الإرادة. 5 - العلم بالحكم. المسألة الأولى: العقل: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. الفرع الأوّل: الاشتراط: العقل شرط لتطبيق أحكام الردة على المرتد، فلا تطبق على غير العاقل. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط العقل لتطبيق أحكام الردة على المرتد: أن غير العاقل لا يعي ما يقول، ولا يدرك ما يترتب عليه. الفرع الثالث: الدليل: الدليل على اشتراط العقل لتطبيق أحكام الردة على المرتد: حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه: (المجنون حتى يفيق). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/ 4398.

المسألة الثانية: البلوغ: وفيها أربعة فروع هي: 1 - الاشتراط. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - الدليل. 4 - ما يخرج بالشرط. الفرع الأوّل: الاشتراط: البلوغ يشترط لتطبيق أحكام الردة على المرتد فلا تطبق على غير البالغ. الفرع الثاني: التوجيه: وجه اشتراط البلوغ لتطبيق أحكام الردة على المرتد: أن الحد من الأحكام التكليفية، وغير البالغ ليس من أهلها. الفرع الثالث: الدليل: الدليل على اشتراط البلوغ لتطبيق أحكام الردة على المرتد: حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه: (الصغير حتى يبلغ). الفرع الرابع: ما يخرج: وفيه أمران هما: 1 - خروج من دون التمييز. 2 - خروج المميز. الأمر الأوّل: خروج من دون التمييز: وفيه جانبان هما: 1 - الخروج. 2 - التوجيه. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/ 4398.

الجانب الأوّل: الخروج: خروج من دون التمييز من أحكام الردة لا خلاف فيه. الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج من دون التمييز من أحكام الردة: أنَّه لا يدرك ما يفعل وما يقول. الجانب الثالث: الدليل: الدليل على خروج من دون التمييز من أحكام الردة: حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه: (والصغير حتى يبلغ). ووجه الاستدلال به: أن رفع القلم عمن دون البلوغ يشمله. الأمر الثاني: خروج المميز: وفيه ثلاثة جوانب: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الجانب الأوّل: الخلاف: اختلف في خروج المميز من أحكام الردة على قولين: القول الأوّل: أنه يخرج. القول الثاني: أنَّه لا يخرج. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب المجنون يسرق أو يصيب حدا/ 4398.

1 - توجيه القول الأوّل. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأوّل: توجيه القول الأوّل: وجه القول بخروج المميز من أحكام الردة بما يأتي: 1 - حديث: (رفع القلم عن ثلاثة) (¬1) وفيه: (وعن الصغير حتى يبلغ). ووجه الاستدلال به: أن المميز غير بالغ فيكون القلم مرفوعًا عنه فلا يؤاخذ بما يصدر عنه. 2 - أن الردة توجب القتل فلم تثبت عليه كحد الزنا. 3 - أن الردة حكم تكليفي، وغير البالغ غير مكلف، فلا تطبق أحكام الردة عليه. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم خروج المميز من أحكام الردة بما يأتي: 1 - أن الصبي يصح إسلامه، فقد أسلم علي والزبير - رضي الله عنهما - قبل البلوغ، ومن صح إسلامه صحت ردته. 2 - أن الأعمال الصالحة تكتب له فيصح حجه وصلاته، وصدقته، وإذا كتبت له الأعمال الصالحة، كتب عليه الأعمال السيئة. 3 - أنَّه يصح منه قبول الهبة والوصية والصدقة والنكاح، ويصح طلاقه، وإذا صح ذلك منه صحت ردته. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاث أجزاء هي: ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا/ 4398.

1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بخروج المميز من أحكام الردة. فلو أتى بما يوجبها لم يحكم بردة. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بخروج المميز من أحكام الردة: أن أدلته أقوى وأظهر. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة المخالفين: أجيب عن وجهة المخالفين بأنه قياس مع الفارق؛ لأن ما ذكروه نفع محض، وتطبيق أحكام الردة عليه ضرر محض، فينفسخ نكاحه وتزول أملاكه، وتزول عصمته، وقياس الضار على النافع قياس مع الفارق فلا يصح، ولا يعتد به. المسألة الثالثة: الاختيار: وفيها فرعان هما: 1 - المراد بالاختيار. 2 - الاشتراط. الفرع الأول: المراد بالاختيار: الاختيار هو الإقدام على الفعل بدافع ذاتي من غير مؤثر خارجي. الفرع الثاني: الاشتراط: وفيه أربعة أمور هي: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. 4 - ما يخرج.

الأمر الأول: الاشتراط: الاختيار شرط لتطبيق أحكام الردة على المرتد، فلا يطبق حكم الردة عليه من غير اختيار. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط الاختيار لتطبيق أحكام الردة على المرتد: أن غير المختار مسلوب الإرادة فلا ينسب الفعل إليه. الأمر الثالث: الدليل: الدليل على اشتراط الاختيار لتطبيق أحكام الردة على المرتد حديث: (إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬1). الأمر الرابع: ما يخرج بشرط الاختيار: وفيه أربعة جوانب: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. 4 - دليل الخروج. 4 - شرط الخروج. الجانب الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بشرط الاختيار المكره. الجانب الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج المكره بشرط الاختيار من تطبيق أحكام الردة عليه. ما تقدم في توجيه أصل الاشتراط. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي / 2043.

الجانب الثالث: دليل الخروج: دليل خروج المكره من تطبيق أحكام الردة عليه: ما تقدم في الاستدلال لأصل الاشتراط. الجانب الرابع: شرط الخروج: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الشرط. 2 - توجيه الاشتراط. 3 - دليل الشرط. الجزء الأول: بيان الشرط: يشترط لخروج المكره من تطبيق أحكام الردة عليه: أن يقصد بما يأتي به من أسباب الردة التخلص من الإكراه لا حقيقة ما يأتي به. الجزء الثاني: التوجيه: وجه اشتراط عدم إرادة المكره حقيقة ما أكره عليه للخروج من تطبيق أحكام الردة عليه: أنه إذا قصد حقيقة ما أكره عليه ولم يقصد التخلص من الإكراه كانت الاستجابة للمكره اختيارية فيتحقق ما تقتضيه. الجزء الثالث: الدليل على اشتراط قصد التخلص من الإكراه بالإتيان بما أكره عليه للخروج من أحكام الردة: * قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النحل، الآية: [106].

ووجه الاستدلال بالآية: أنها اعتبرت لعدم المؤاخذة بالإتيان بكلمة الكفر اطمئنان القلب بالإيمان، ومن أتى بكلمة الكفر منشرحا صدره بها لم يكن قلبه مطمئنا بالإيمان فيؤاخذ بما أتى به. المسألة الرابعة: الإرادة: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان المراد بالإرادة. 2 - أمثلة عدم الإرادة. 3 - اشتراط الإرادة. الفرع الأول: بيان المراد بالإرادة: الإرادة قصد حقيقة ما يأتي به من أسباب الردة. الفرع الثاني: الأمثلة: من أمثلة عدم إرادة ما يؤتى به من أسباب الردة ما يأتي: 1 - من أراد أن يقول: الله ليس له شريك. فقال: الله له شريك. 2 - من أراد أن يكتب: الله ليس كمثله شيء، فكتب الله مثله شيء. 3 - من أراد أن يقول: الصلاة واجبة. فقال: الصلاة ليست واجبة. 4 - من أراد أن يقول: محمد رسول الله فقال: محمد عدو الله. الفرع الثالث: الاشتراط: وفيه أربعة أمور هي: 1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. 4 - ما يخرج.

الأمر الأول: الاشتراط: إرادة حقيقة ما يأتي به من أسباب الردة شرط لتطبيق أحكام الردة على من أتى بها، فلو لم يرد حقيقتها لم تطبق أحكام الردة عليه. الأمر الثاني: توجيه الاشتراط: توجيه إرادة المرتد لحقيقة ما أتى به من أسباب الردة: أن العبرة بالمقاصد؛ لحديث: (إنما الأعمال بالنيات) (¬1). الأمر الثالث: الدليل: الدليل على اشتراط إرادة المرتد لحقيقة ما أتي به من أسباب الردة لتطبيق أحكامها عليه ما يأتي: 1 - حديث: (إن الله تجاوز لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬2). ووجه الاستدلال به: أن اللَّه تجاوز عن الخطأ ومن لم يقصد حقيقة ما أتى به كالمخطئ فيكون متجاوزا عنه فلا يؤخذ بما أتى به. 2 - قصة الذي أراد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك. فأخطأ من شدة الفرح وقال: اللهم أنت عبدي وأنا ربك (¬3). الأمر الرابع: ما يخرج: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. 3 - دليل الخروج. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف بدء الوحي / 1. (¬2) سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي / 2043. (¬3) صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب الحض على التوبة والفرح بها 2747.

الجانب الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بشرط إرادة المرتد لحقيقة ما أتى به: ما إذا لم يرد حقيقة ما أتى به، فإنها لا تطبق أحكام الردة عليه. الجانب الثاني: توجيه الخروج: وجه خروج ما إذا لم يرد المرتد حقيقة ما أتى به من أسباب الردة: ما تقدم في توجيه أصل الاشتراط. الجانب الثالث: دليل الخروج: دليل خروج ما إذا لم يرد حقيقة ما أتى به من أسباب الردة ما تقدم في الاستدلال لأصل الاشتراط. المسألة الخامسة: العلم بالحكم: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - بيان المراد بالعلم بالحكم. 2 - أمثلة عدم العلم بالحكم. 3 - الاشتراط. الفرع الأول: بيان المراد بالعلم بالحكم: المراد بالعلم بالحكم: العلم بأن ما أتي به مكفر. الفرع الثاني: أمثلة عدم العلم بالحكم: من أمثلة عدم العلم بالحكم ما يأتي: 1 - أن يأتي العجمي بكلمة مكفرة باللسان العربي وهو لا يعلم أنها مكفرة. 2 - أن يأتي العربي بكلمة مكفرة باللسان العجمي وهو لا يعلم أنها مكفرة. الفرع الثالث: الاشتراط: وفيه أربعة أمور هي:

1 - الاشتراط. 2 - التوجيه. 3 - الدليل. 4 - ما يخرج. الأمر الأول: الاشتراط: علم المرتد بحقيقة ما أتى به شرط للحكم عليه بالردة، فلا يحكم عليه بالردة بما لا يعلم معناه. الأمر الثاني: التوجيه: وجه اشتراط علم المرتد بحقيقة ما أتى به: أن الجاهل كالمخطئ والمخطئ متجاوز عنه فيتجاوز عن الجاهل؛ لأنه مثله. الأمر الثالث: الدليل: الدليل على اشتراط علم المرتد بحقيقة ما أتى به: حديث: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (¬1). ووجه الاستدلال به: أن الجاهل كالمخطئ، والمخطئ متجاوز عنه فيتجاوز عن الجاهل؛ لأنه مثله. الأمر الرابع: ما يخرج: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان ما يخرج. 2 - توجيه الخروج. 3 - دليل الخروج. الجانب الأول: بيان ما يخرج: الذي يخرج بشرط علم المرتد بحقيقة ما أتى به: ما إذا لم يعلم حقيقة ما أتى به، فإنه لا يحكم عليه بالردة به. ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره/ 2043.

المطلب الثالث مسؤولية تنفيذ الحد

الجانب الثاني: التوجيه: وجه خروج من لم يعلم حقيقة ما أتى به: ما تقدم في توجيه الاشتراط. الجانب الثالث: الدليل: دليل خروج من لم يعلم حقيقة ما أتى به من أسباب الردة: ما تقدم في الاستدلال للاشتراط. المطلب الثالث مسؤولية تنفيذ الحد وقد تقدم ذلك في الموضوعات العامة أول الحدود.

المبحث السادس توبة المرتد

المبحث السادس توبة المرتد وفيه ثلاثة مطالب هي: 1 - استتابة المرتد. 2 - ما تحصل به التوبة. 3 - قبول التوبة. المطلب الأول استتابة المرتد وفيه مسألتان هما: 1 - الاستتابة. 2 - مدة الاستتابة. المسألة الأول: الاستتابة: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف اختلف في استتابة المرتد على قولين: القول الأول: أنه يستتاب. القول الثاني: أنه لا يستتاب. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني.

الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول باستتابة المرتد بما يأتي: 1 - أن امرأة ارتدت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر باستتابتها (¬1). 2 - قول عمر - رضي الله عنه -: فهلا حبستموه ثلاثا فأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله، اللهم إني لم أحضر، ولم أرض إذ بلغني (¬2). والاستدلال به من وجهين: الوجه الأول: أن عمر أنكر عدم الاستتابة. الوجه الثاني: أنه برئ من فعلهم. 3 - أن الاستتابة استصلاح، فلا يجوز القتل قبلها؛ لأنه إتلاف. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم استتابة المرتد بما يأتي: 1 - حديث: (من بدل دينه فاقتلوه) (¬3). ووجه الاستدلال به: أنه أمر بالقتل من غير طلب استتابة، ولو كانت واجبة لطلبها. 2 - ما ورد أن معاذا وجد عند أبي موسى الأشعري رجلا مرتدا فأبى أن يجلس حتى قتل (¬4). ولم يأمر باستتابته أو يسأل عنها. ¬

_ (¬1) السنن الكبرى، كتاب المرتد، باب قتل من ارتد عن الإسلام 203. (¬2) مصنف عبد الرزاق، باب في الكفر بعد الإيمان / 18695. (¬3) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب المرتد، باب قتل من ارتد 8/ 195. (¬4) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد 4355.

3 - أن الكافر الأصلي لا يستتاب فكذلك المرتد. 4 - أنه لا يضمن بقتله قبل استتابته، ولو وجبت لضمن. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - واللَّه أعلم - وجوب الاستتابة. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح استتابة المرتد قبل قتله: الإعذار منه، والتبين من أمره، وكشف ما قد يكون لديه من شبهة أو عذر. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن الحديث. 2 - الجواب عن قصة معاذ. الجزء الأول: الجواب عن الحديث: أجيب عن الاستدلال بالحديث: بأن المراد القتل بعد الاستتابة بدليل الأمر بالاستتابة. الجزء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بقصة معاذ: أجب عن ذلك: بأنه قد استتيب قبل قدوم معاذ وبعده قبل قتله (¬1) ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد / 4355.

المسألة الثانية: مدة الاستتابة: قال المؤلف - رحمه الله تعالى -: فمن ارتد عن الإسلام وهو مكلف مختار، رجل أو امرأة دعي إليه ثلاثة أيام. الكلام في هذه المسألة في ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في مدة استتابة المرتد على ثلاثة أقوال: القول الأول: أنها ثلاثة أيام. القول الثاني: أنه يقتل في الحال من غير ضرب مدة. القول الثالث: أنه يستتاب أبدا من غير ضرب مدة. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. 3 - توجيه القول الثالث. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بتحديد مدة استتابة المرتد بثلاثة أيام بما يأتي: 1 - قول عمر: ألا حبستموه ثلاثة أيام وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه لعله يتوب) (¬1). ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق، باب في الكفر بعد الإيمان/ 18695.

2 - أن الردة إنما تكون لشبهة فلا تزول في الحال فوجب أن ينظر مدة ينظر فيها، وأولى ذلك ثلاثة أيام. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقتل المرتد بعد استتابته في الحال بما يأتي: 1 - أن إصراره على الردة بعد الدعوة يغلب على الظن عدم رجوعه فلا يبقى فائدة لإنظاره. 2 - أن الأدلة الدالة على قتل المرتد لم تحدد لقتله مدة، والأصل عدم التحديد. الأمر الثالث: توجيه القول الثالث: وجه القول بعدم قتل المرتد: بأنه ما دام باقيا فالأمل في رجوعه باق فلا يقتل مع رجاء رجوعه؛ لأن استصلاحه أولى من إتلافه. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بتحديد المدة بثلاثة أيام. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بتحديد مدة استتابة المرتد بثلاثة أيام: أنه أظهر دليلا. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة الأقوال الأخرى: وفيه جانبان هما:

المطلب الثاني ما تحصل به التوبة

1 - الجواب عن وجهة القول الثاني. 2 - الجواب عن وجهة القول الثالث. الجانب الأول: الجواب عن وجهة القول الثاني: وفيه جزءان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بأدلة القتل. 2 - الجواب عن الاحتجاج بعدم الفائدة بالانتظار بعد الإصرار. الجزء الأول: الجواب عن الاستدلال بإطلاق الأدلة: يجاب عن ذلك: بأنها لا تمنع التحديد إذا وجد الدليل، وقد وجد، كما في أدلة القائلين به. الجزء الثاني: الجواب عن الاحتجاج بعدم الفائدة بالانتطار بعد الإصرار: يجاب عن ذلك: بأن الأمل لا ينقطع بمجرد الإصرار، فلا بد من مدة ينقطع الأمل فيها. الجانب الثاني: الجواب عن وجهة القول الثالث: أجيب عن القول بعدم القتل بأنه يؤدي إلى تعطيل العمل بأدلة القتل من غير معارض وذلك لا يجوز. المطلب الثاني ما تحصل به التوبة وفيه ست مسائل هي: 1 - ما تحصل به التوبة. 3 - حصول التوبة بفعل الصلاة. 2 - حصول التوبة بإنكار الردة. 4 - حصول التوبة بغير فعل الصلاة.

5 - قبول التوبة بالنية. 6 - الدخول في الإسلام بالإكراه. المسألة الأول: ما تحصل به التوبة: وفيها فرعان هما: 1 - بيان ما تحصل له. 2 - التوجيه. الفرع الأول: ما تحصل به التوبة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان ما تحصل به. 2 - الأمثلة. 3 - الدليل. الأمر الأول: بيان ما تحصل به التوبة: تحصل التوبة بما يأتي: 1 - الإقرار بالمجحود. 2 - فعل المتروك. 3 - نفي المزعوم. الأمر الثاني: الأمثلة: وفيه ثلاثة جوانب: 1 - أمثلة المجحود. 2 - أمثلة المتروك. 3 - أمثلة المزعوم. الجانب الأول: أمثلة المجحود: من أمثلة ما يجحد ما يأتي: 1 - الشهادتان: شهادة ألا إله إلا الله وشهادة أن محمد رسول الله. 2 - الكتب السماوية: القرآن، التوراة، الإنجيل، الزبور.

3 - الأنبياء والرسل. 4 - القدر. 5 - عالمية رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -. 6 - ختم الرسالات والنبوات بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. 7 - هيمنة الشريعة المحمدية على ما سبقها من الشرائع. 8 - الملائكة عليهم السلام. 9 - وجود الجن. 10 - اليوم الآخر. 11 - وجوب الصلاة. 12 - وجوب الزكاة. 13 - وجوب صوم رمضان. 14 - وجوب الحج. 15 - نفي تحريم المحرمات. الجانب الثاني: أمثلة ما يترك: من أمثلة ما يترك ما يأتي: 1 - الصلاة. 2 - الزكاة. الجانب الثالث: أمثلة المزعوم: من أمثلة المزعوم ما يأتي: 1 - ادعاء الربوبية. 2 - ادعاء النبوة. 3 - عبادة غير الله. 4 - إثبات الصاحبة لله. 5 - إثبات الولد لله. 6 - حلول الله في خلقه.

7 - اتحاد الخالق بالمخلوق. الأمر الثالث: الدليل: الدليل على اشتراط ما ذكر لصحة التوبة من الردة ما يأتي: 1 - حديث: جبريل عليه السلام في الإيمان، وفيه: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) (¬1). 2 - حديث جبريل عليه السلام في الإسلام، وفيه: (الإسلام أن تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت الحرام إن استطعت إليه سبيلا) (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} (¬3). 4 - قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (¬4). 5 - قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} (¬5). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم في الإيمان/ 1. (¬2) صحيح مسلم، كتاب الإيمان/ 1. (¬3) سورة المائدة، الآية: [48]. (¬4) سورة الأحزاب، الآية: [40]. (¬5) سورة البينة، الآية: [5].

6 - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬1). 7 - قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (¬2). 8 - قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (¬3). 9 - قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬4). المسألة الثانية: حصول التوبة بإنكار الردة: وقد تقدم ذلك في قبول إنكار الردة الثابتة بالبينة. المسألة الثالثة: حصول التوبة بفعل الصلاة: وفيها فرعان هما: 1 - حصول التوبة. 2 - التوجيه. الفرع الأول: حصول التوبة: إذا صلى المرتد حكم بقبول توبته. الفرع الثاني: التوجيه: وجه قبول توبة المرتد بفعل الصلاة ما يأتي: 1 - أنها تشتمل على الشهادتين وهما الأصل في الدخول في الإسلام. ¬

_ (¬1) سورة البقرة، الآية: [183]. (¬2) سورة آل عمران، الآية: [97]. (¬3) سورة سبأ، الآية: [28]. (¬4) سورة طه، الآية: [5].

2 - ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قوما فسمعهم يؤذنون لم يقاتلهم وقف عنهم، وكان يوصي سراياه بذلك (¬1). 3 - أن الصلاة لها هيأة خاصة بالإسلام فإذا جيء بها على تلك الهيأة دلت على الدخول فيه. المسألة الثالثة: حصول التوبة بفعل غير الصلاة من أركان الإسلام: وفيها فرعان هما: 1 - بيان المراد بأركان الإسلام غير الصلاة. 2 - حصول التوبة بفعلها. الفرع الأول: بيان المراد بأركان الإسلام غير الصلاة: المراد بأركان الإسلام غير الصلاة ما يأتي: 1 - الزكاة. 2 - الصيام. 3 - الحج. الفرع الثاني: حصول التوبة بفعلها: وفيه أمران هما: 1 - حصول التوبة. 2 - التوجيه. الأمر الأول: حصول التوبة: التوبة لا تحصل بفعل غير الصلاة من أركان الإسلام. الأمر الثاني: التوجيه: وجه عدم حصول التوبة من المرتد بفعل غير الصلاة من أركان الإسلام: أن جنسها كان موجودًا عند غير المسلمين فلا يدل إتيانهم بها على الدخول في ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في دعاء المشركين / 2635.

الإسلام بخلاف الصلاة فإن لها هيأة خاصة بالإسلام فإذا أتى بها على هيأتها في الإسلام كان دليلا على الدخول فيه. المسألة الخامسة: حصول التوبة بالنية: وفيها فرعان هما: 1 - حصول التوبة بالنية. 2 - التوجيه. الفرع الأول: حصول التوبة بالنية الرجوع إلى الإسلام: نية الرجوع إلى الإسلام لا تدخل فيه، بل لا بد معها من فعل ظاهر يدل عليه كالشهادتين والصلاة. الفرع الثاني: التوجيه: وجه عدم حصول التوبة من المرتد بنية الدخول في الإسلام: أن النية عمل قلبي لا يطلع عليه فلا يجوز بناء الحكم عليه. المسألة السادسة: حصول الإسلام بالإكراه: وفيها فرعان هما: 1 - إذا كان الإكراه جائزًا. 2 - إذا كان الإكراه غير جائز. الفرع الأول: إذا كان الإكراه جائزا: وفيه أمران هما: 1 - بيان من يجوز إكراههم. 2 - حصول الإسلام. الأمر الأول: بيان من يجوز إكراههم: الذين يجوز إكراههم: الحربيون. الأمر الثاني: حصول الإسلام: وفيه جانبان هما:

1 - حصول الإسلام. 2 - التوجيه. الجانب الأول: حصول الإسلام: إذا أعلن الإسلام من يجوز إكراهه عليه قبل منه، وحكم عليه به. فإن رجع صار مرتدًا وحكم عليه بالردة وطبقت أحكامها عليه. الجانب الثاني: التوجيه: وجه الحكم بالإسلام على من دخل في الإسلام بالإكراه عليه ما يأتي: 1 - ما ورد أن أسامة بن زيد لما قتل رجلا بعد ما قال: لا إله إلا الله. قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله) (¬1). وهذا يدل على أنه دخل في الإسلام بقولها مع أنه قالها تحت بريق السلاح. الفرع الثاني: إذا كان الإكراه غير جائز: وفيه أمران هما: 1 - بيان من لا يجوز إكراههم. 2 - حصول الإسلام. الأمر الأول: بيان من لا يجوز إكراههم: الذين لا يجوز إكراههم على الدخول في الإسلام من يأتي: 1 - أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن ألحق بهم. 2 - المعاهدون. 3 - المستأمنون. الأمر الثاني: الدخول في الإسلام: وفيه أربعة جوانب هي: ¬

_ (¬1) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله/ 158/ 96.

1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. 4 - ما يترتب على الخلاف. الجانب الأول: الخلاف: اختلف في الدخول في الإسلام بالإكراه عليه على قولين: القول الأول: أنه لا يدخل فيه ولا تطبق عليه أحكامه ما لم يستمر عليه بعد زوال الإكراه، فلو ارتد بعد دخوله لم يحكم عليه بالردة ولم تطبق أحكامها عليه. القول الثاني: أنه يدخل فيه وتطبق أحكامه عليه؛ فلو ارتد بعد دخوله فيه حكم عليه بالردة وطبقت عليه أحكامها. الجانب الثاني: التوجيه: وفيه جزءان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجزء الأول: توجيه القول الأول: وفيه ثلاث جزئيات هي: 1 - توجيه عدم الحكم بالإسلام إذا لم يستمر. 2 - توجيه الحكم بالإسلام إذا استمر. 3 - توجيه عدم الحكم بالردة إذا لم يحكم بالإسلام. الجزئية الأولى: توجيه عدم الحكم بالإسلام: وجه عدم الحكم بالإسلام على من أكره على الدخول فيه وهو لا يجوز إكراهه عليه ما يأتي:

1 - أنه أكره على ما لا يجوز إكراهه عليه فلم يثبت حكمه عليه، كالمسلم إذا أكره على الكفر. 2 - أنه أكره على ما لا يجوز إكراهه عليه فلم يثبت حكمه عليه كالإكراه على الإقرار والعتق والطلاق. 3 - أنه لم ينو الدخول في الإسلام فلم يثبت حكمه عليه؛ لحديث: (إنما الأعمال بالنيات) (¬1). الجزئية الثانية: توجيه الحكم بالإسلام إذا استمر عليه بعد زوال الإكراه: وجه ذلك: أنه إذا اقتنع واطمأن قلبه به حكم به عليه، كما لو دخل فيه من غير تأثير عليه. الجزئية الثالثة: توجيه عدم الحكم بالردة إذا لم يحكم بالإسلام: وجه عدم الحكم بالردة على من لم يحكم له بالإسلام لإكراهه عليه إذا رجع عنه: أن الردة هي الخروج من الإسلام، والمذكور لم يحكم بدخوله في الإسلام، فلا يوصف بالخروج منه. الجزء الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بالحكم بالإسلام على من أكره على الدخول فيه، وهو لا يجوز إجباره عليه. بما يأتي: 1 - حديث: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف بدء الوحي/ 1. (¬2) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي إلى الإسلام / 2946.

2 - أن من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، قد أتى بقول الحق فلزمه حكمه، كالحربي إذا أكره عليه. الجانب الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجزء الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم الدخول. الجزء الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم الدخول: أن أدلته أقوى وأظهر. الجزء الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: وفيه جزئيتان هما: 1 - الجواب عن الاستدلال بالحديث. 2 - الجواب عن القياس. الجزئية الأولى: الجواب عن الاستدلال بالحديث: أجيب عن ذلك: بأنه في الكافر الأصلي؛ لأنه يجوز إكراهه على الدخول في الإسلام. الجزئية الثانية: الجواب عن قياس أهل الذمة على الحربي: أجيب عن ذلك: بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الحربي يجوز إجباره على الدخول في الإسلام وقتله إذا لم يدخل، بخلاف الذمي فلا يجوز إكراهه على الإسلام، ولا يجوز قتله إذا لم يسلم؛ لأن لهم ذمة وعهدا يجب الوفاء لهم به.

المطلب الثالث قبول توبة المرتد

المطلب الثالث قبول توبة المرتد قال المؤلف - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: ولا تقبل توبة من سب الله أو رسوله ولا من تكررت ردته بل يقتل بكل حال. الكلام في هذا المطلب في ثلاث مسائل هي: 1 - قبول توبة من سب الله. 2 - قبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم -. 3 - قبول توبة من تكررت ردته. 4 - قبول توبة غير هؤلاء. المسألة الأول: قبول توبة من سب الله تعالى: وفيها فرعان هما: 1 - أمثلة سب الله تعالى. 2 - قبول التوبة. الفرع الأول: أمثلة سب الله: من أمثلة سب الله تعالى. ما يأتي: 1 - وصف الله بالفقر، كقول اليهود: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} (¬1). 2 - وصف الله بغِل اليد كقول اليهود: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} (¬2). 3 - نفي صفات الكمال عن الله، كنفي العلم، والقدرة، والسمع، والبصر. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران، الآية: [181]. (¬2) سورة المائدة، الآية: [64].

الفرع الثاني: قبول التوبة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في قبول توبة من سب الله على قولين: القول الأول: أنها لا تقبل ويقتل ولو تاب. القول الثاني: أنها تقبل فإذا تاب لم يقتل. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم قبول توبة من سب الله: بأن سب الله في الظاهر دليل على فساد الباطن وسوء الاعتقاد، وسيء الاعتقاد لا تقبل توبته. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقبول توبة من سب الله تعالى بما يأتي: 1 - قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، الآية: [37]. (¬2) سورة الزمر، الآية: [35].

3 - قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (¬1). ووجه الاستدلال بالآية: أنها دلت على العفو عن بعض المستهزئين بالله وبرسوله، وهذا يفيد أن توبته مقبولة؛ لأنها لو لم تكن مقبولة ما حصل العفو عنه. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بقبول توبة المرتد ولو كانت توبته بسب الله. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بقبول توبة المرتد ولو كانت ردته بسب الله أنه أظهر دليلا. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول المرجوح: يجاب عن وجهة هذا القول: بأن الخلاف فى قبول التوبة في الدنيا وأحكام الدنيا تبنى على الظاهر؛ لأن السرائر لا يعلمها إلا الله فيرد علمها إليه. المسألة الثانية: قبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم -: وفيها فرعان هما: ¬

_ (¬1) سورة التوبة، الآية: [65 - 66].

1 - أمثلة السب. 2 - قبول التوبة. الفرع الأول: أمثلة السب: من أمثلة سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يأتي: 1 - وصفه بأنه شاعر. 2 - وصفه بأنه ساحر. 3 - وصفه بأنه كاهن. 4 - وصفه بأنه مجنون. 5 - وصفه بأنه كذاب. 6 - وصفه بأنه أبتر. (ليس له عقب). الفرع الثاني: قبول التوبة: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الأمر الأول: الخلاف: اختلف في قبول توبة من سب الرسول على قولين: القول الأول: أنها تقبل. القول الثاني: أنها لا تقبل. الأمر الثاني: التوجيه: وفيه جانبان هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الجانب الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بقبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأتي: [أ] عموم النصوص الدالة على قبول التوبة ومنها ما يأتي:

1 - قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1). 2 - قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (¬2). 3 - قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (¬3). ووجه الاستدلال بالآية: أنها دلت على العفو عن بعض المستهزئين بالله وبرسوله، وهذا يفيد أن توبته مقبولة لأنها لو لم تقبل توبته ما حصل العفو عنه. [ب] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل التوبة ممن سبه لما أسلموا ولم يقتلهم، ولو كان يتحتم قتلهم لقتلهم ولم يقبل توبتهم. [ج] أن الله تبارك وتعالى أعظم حرمة من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم أن توبة من سب الله مقبولة، فإذا قبلت توبة من سب الله كان قبول توبة من سب الرسول أولى. الجانب الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بعدم قبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما يأتي: 1 - أن سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الظاهر دليل على فساد العقيدة في الباطن، وسيء العقيدة لا تقبل توبته. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، الآية: (37). (¬2) سورة الزمر، الآية: (35). (¬3) سورة التوبة، الآية: (65 - 66).

2 - أن توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - حق آدمي وحق الآدمي لا يسقط إلا بالعفو عنه، والعفو من الرسول بعد موته متعذر، فيجب استيفاؤه. الأمر الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة جوانب هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الجانب الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بعدم قبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم -. الجانب الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بعدم قبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمعتدين على جناب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأكثر صيانة لعرضه من السب والتنقص. الجانب الثالث: الجواب عن وجهة القول الأخر: وفيه ثلاثة أجزاء هي: 1 - الجواب عن الاستدلال بالآيات. 2 - الجواب عن قبول الرسول - صلى الله عليه وسلم - توبة من سبه لما أسلموا. 3 - الجواب عن قياس قبول توبة من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - على قبول توبة من سب الله تبارك وتعالى. الجزء الأول: الجواب عن الاستدلال بالآيات: أجيب عن ذلك: بأنها في حق الله سبحانه وتعالى، فلا يقاس عليها حق الآدمي كما سيأتي. الجزء الثاني: الجواب عن قبول الرسول - صلى الله عليه وسلم - توبة من سبه إذا أسلم: أجيب عن ذلك: بأن ذلك حقه فيملك إسقاطه.

الجزء الثالث: الجواب عن القياس: أجيب عن القياس بأنه قياس مع الفارق، وذلك من وجهين: الوجه الأول: أن حقوق الله مبناها على العفو والمسامحة. وحقوق الآدميين مبناها على المشاحة. الوجه الثاني: أن الله حي موجود، والرسول - صلى الله عليه وسلم - ميت، وقياس الميت على الحي قياس مع الفارق؛ لأن الحي يملك إسقاط حقه، بخلاف الميت فيتعذر ذلك منه. المسألة الثالثة: قبول توبة من تكررت ردته: وفيها ثلاثة فروع هي: 1 - الخلاف. 2 - التوجيه. 3 - الترجيح. الفرع الأول: الخلاف: اختلف في قبول توبة من تكررت ردته على قولين: القول الأول: أنها لا تقبل. القول الثاني: أنها تقبل. الفرع الثاني: التوجيه: وفيه أمران هما: 1 - توجيه القول الأول. 2 - توجيه القول الثاني. الأمر الأول: توجيه القول الأول: وجه القول بعدم قبول توبة من تكررت ردته. بما يأتي:

1 - أن ابن مسعود قتل ابن النواحة لما تكررت ردته ولم يقبل توبته (¬1). 2 - قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} (¬2). 3 - أن من تكررت ردته لا يوثق بصدقه في توبته؛ لأنه قد يكون متلاعبا أو مظهرا للتوبة اتقاء للقتل. 4 - أن عليا قتل الزنادقة ولم يستتبهم (¬3)، ولو كانت توبتهم مقبولة لاستتابهم. الأمر الثاني: توجيه القول الثاني: وجه القول بقبول توبة من تكررت ردته بما يأتي: 1 - الآيات الدالة على قبول التوبة من غير تفصيل ومنها ما يأتي: أ - قوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬4). ب - قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (¬5). 2 - قصة الرجل الذي يذنب ثم يتوب، فقال الله فيه: (قد علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء) (¬6). ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في الرسل/ 2761. (¬2) سورة النساء، الآية: [137]. (¬3) السنن الكبرى، كتاب المرتد، باب قتل من ارتد عن الإسلام 8/ 202. (¬4) سورة النساء، الآية: [137]. (¬5) سورة الزمر، الآية: [53]. (¬6) صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب / 2758.

فإنه صريح في قبول التوبة الصادقة ولو تكررت الردة. الفرع الثالث: الترجيح: وفيه ثلاثة أمور هي: 1 - بيان الراجح. 2 - توجيه الترجيح. 3 - الجواب عن وجهة القول المرجوح. الأمر الأول: بيان الراجح: الراجح - والله أعلم - هو القول بالقبول. الأمر الثاني: توجيه الترجيح: وجه ترجيح القول بقبول التوبة ممن تكررت ردته: أن أدلته أقوى وأظهر. الأمر الثالث: الجواب عن وجهة القول الآخر: وفيه أربعة جوانب هي: 1 - الجواب عن قتل ابن مسعود لابن النواحة. 2 - الجواب عن الاستدلال بالآية. 3 - الجواب عن الاحتجاج بأن التوبة مشكوك فيها. 4 - الجواب عن قتل على للزنادقة من غير استتابة. الجانب الأول: الجواب عن الدليل الأول: أجيب عن قتل ابن مسعود لابن النواحة بجوابين: الجواب الأول: أن ابن مسعود قتله لظهور كذبه في توبته؛ لأنه أظهرها ثم تبين أنه لازال على ما كان عليه من كفره.

الجواب الثاني: أنه قتله تنفيذًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: حينما جاء مع رسل مسليمة: (لولا أن الرسل لا تقتل لقتلك) (¬1). الجانب الثاني: الجواب عن الاحتجاج بأن التوبة مشكوك فيها: أجيب عن هذا الاستدلال: بأن الخلاف في قبول التوبة في الدنيا، وأحكام الدنيا تبنى على الظاهر، وليس ما في القلوب، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأسامة لما قتل الرجل بعد قوله: لا إله إلا الله: (أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله). ولما قال أسامة: إنما قالها تعوذ. قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (هلا شققت عن قلبه) (¬2). الجانب الثالث: الجواب عن الدليل الثالث: أجيب عن ذلك: بأن عليا - رضي الله عنه - يعلم من حالهم كذبهم في توبتهم؛ لأنهم لم يأتوا بجديد غير ما كانوا يدعونه من الإسلام وهم على خلافه. انتهت الحدود، والحمد لله، ويليها الأطعمة بإذن الله. ¬

_ (¬1) سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في الرسل/ 2761. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي، كتاب المرتد، باب من ارتد عن الإسلام 8/ 196.

§1/1