icon ONLINE ARABIC KEYBOARD ™
Advertisement

أحمد أنور سيد أحمد الجندي

أحمد أنور سيد أحمد الجندي 1917م - 2002م أديب ومفكّر إسلامي مصري. نشأته ولد «أنور الجندي» عام 1917 بقرية ديروط التابعة لمركز أسيوط بصعيد مصر، ويمتد نسبه لعائلة عريقة عُرفت بالعلم، فجده لوالدته كان قاضياً شرعياً يشتغل بتحقيق التراث، وكان والده مثقفاً يهتم بالثقافة الإسلامية، وكان «أنور» - الذي تسمى باسم «أنور باشا» القائد التركي الذي اشترك في حرب فلسطين والذي كان ذائع الشهرة حينئذ - قد حفظ القرآن الكريم كاملاً في كتَّاب القرية في سن مبكرة، ثم ألحقه والده بوظيفة في بنك مصر بعد أن أنهى دراسة التجارة بالمرحلة التعليمية المتوسطة، ثم واصل دراسته أثناء عمله، حيث التحق بالجامعة في الفترة المسائية ودرس الاقتصاد وإدارة الأعمال، إلى أن تخرج في الجامعة الأمريكية بعد أن أجاد اللغة الإنجليزية التي سعى لدراستها حتى يطلع على شبهات الغربيين التي تطعن في الإسلام. مشواره في الكتابة بدأ «أنور الجندي» الكتابة في مرحلة مبكرة حيث نشر في مجلة أبولو الأدبية الرفيعة التي كان يحررها الدكتور أحمد زكي أبو شادي عام 1933 م، وكانت قد أعلنت عن مسابقة لإعداد عدد خاص عن شاعر النيل حافظ إبراهيم، فكتب مقالة رصينة تقدم بها وأجيزت للنشر، وكان يقول: «ما زلت أفخر بأني كتبت في أبولو وأنا في هذه السن - 17 عاماً - وقد فتح لي هذا باب النشر في أشهر الجرائد والمجلات آنئذ مثل البلاغ وكوكب الشرق والرسالة وغيرها من المجلات والصحف». وتُشَكِّلُ سنة 1940 م علامة فارقة في حياة الأستاذ أنور الجندي، وذلك عندما قرأ ملخصاً عن كتاب «وجهة الإسلام» لمجموعة من المستشرقين، ولفت نظره إلى التحدي للإسلام ومؤامرة التغريب، وهو يصف ذلك بقوله: «وبدأت أقف في الصف: قلمي عدتي وسلاحي من أجل مقاومة النفوذ الفكري الأجنبي والغزو الثقافي، غير أني لم أتبين الطريق فوراً، وكان عليّ أن أخوض في بحر لجي ثلاثين عاماً.. كانت وجهتي الأدب، ولكني كنت لا أنسى ذلك الشيء الخفي الذي يتحرك في الأعماق.. هذه الدعوة التغريبية في مدها وجزرها، في تحولها وتطورها». وهكذا بدأ «أنور الجندي» بميدان الأدب الذي بلغ اختراقه حداً كبيراً، حيث كان أكثر الميادين غزواً في حينها وأعلاها صوتاً وأوسعها انتشارًا، فواجه قمم هذا الميدان، مثل «طه حسين» و«العقاد» و«أحمد لطفي السيد» و«سلامة موسى» و«جورحي زيدان» و«توفيق الحكيم» وغيرهم، وأقام الموازين العادلة لمحاكمة هؤلاء في ميزان الإسلام وصحة الفكرة الإسلامية، فأخرج عشرات الكتب من العيار الفكري الثقيل مثل: «أضواء على الأدب العربي المعاصر»، و«الأدب العربي الحديث في معركة المقاومة والتجمع والحرية»، و«أخطاء المنهج الغربي الوافد»، و«إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام»، خص منها «طه حسين» وحده بكتابين كبيرين، هما: «طه حسين وحياته في ميزان الإسلام»، و«محاكمة فكر طه حسين»؛ ذلك لأن «الجندي» كان يرى أن «طه حسين» هو قمة أطروحة التغريب، وأقوى معاقلها، ولذلك كان توجيه ضربة قوية إليه هو قمة الأعمال المحررة للفكر الإسلامي من التبعية، وخلال ذلك كان يتحرى الدقة والإنصاف، فقد جاءت كتاباته الرصينة منصفة في الوقت نفسه لأصحاب الفكرة الإسلامية الصحيحة من أمثال «مصطفى صادق الرافعي» و«علي أحمد باكثير» و«السحار» و«كيلاني» و«محمود تيمور» وغيرهم من أصحاب الفكر المعتدل والأدب المتلزم. إسهاماته وكان الأستاذ «أنور الجندي» باحثاً دؤوباً وذو همة عالية، وهو يقول عن نفسه مبينا دأبه في البحث والاطلاع: «قرأت بطاقات دار الكتب، وهي تربو على مليوني بطاقة، وأحصيت في كراريس بعض أسمائها. راجعت فهارس المجلات الكبرى كالهلال والمقتطف والمشرق والمنار والرسالة والثقافة، وأحصيت منها بعض رؤوس موضوعات، راجعت جريدة الأهرام على مدى عشرين عاماً، وراجعت المقطم والمؤيد واللواء والبلاغ وكوكب الشرق والجهاد وغيرها من الصحف، وعشرات من المجلات العديدة والدوريات التي عرفتها في بلادنا في خلال هذا القرن، كل ذلك من أجل تقدير موقف القدرة على التعرف على (موضوع) معين في وقت ما». وقد لقى «الجندي» في طريق جهاده بالكلمة الكثير من العناء والعنت، فقد تعرض للظلم والأذى، فضلاً عن أنه اعتقل لمدة عام سنة 1951م. وقد أخذ «الجندي» على نفسه وضع منهج إسلامي متكامل لمقدمات العلوم والمناهج، يكون زادًا لأبناء الحركة الإسلامية ونبراساً لطلاب العلم والأمناء في كل مكان؛ فأخرج هذا المنهج في 10 أجزاء ضخمة يتناول فيه بالبحث الجذور الأساسية للفكر الإسلامي التي بناها القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما واجهه من محاولات ترجمة الفكر اليوناني الفارسي والهندي، وكيف انبعثت حركة اليقظة الإسلامية في العصر الحديث من قلب العالم الإسلامي نفسه - وعلى زاد وعطاء من الإسلام - فقاومت حركات الاحتلال والاستغلال والتغريب والتخريب والغزو الفكري والثقافي.. ويذكر أن هذه الموسوعة الضخمة تعجز الآن عشرات المجامع ومئات المؤسسات والهيئات أن تأتي بمثلها، أو بقريب منها، وكان للقائه بالشيخ «حسن البنا» أثر في إخراج تلك الموسوعة. كذلك كانت من القضايا الرئيسية التي شغلت حيزاً كبيراً من فكره، هي قضية تحكيم الشريعة الإسلامية، حيث كان يقول: «أنا محام في قضية الحكم بكتاب الله، ما زلت موكلاً فيها منذ بضع وأربعين سنة»، وقد صنف «الجندي» ما يربو على مائتي كتاب وأكثر من ثلاثمائة رسالة في مختلف قضايا المعرفة والثقافة الإسلامية، ومن أهم كتبه: «أسلمة المعرفة»، و«نقد مناهج الغرب»، و«الضربات التي وجهت للأمة الإسلامية»، و«اليقظة الإسلامية في مواجهة الاستعمار»، و«أخطاء المنهج الغربي الوافد»، و«تاريخ الصحافة الإسلامية»،ومن إسهاماته أيضا كتاب «الصحافة والأقلام المسمومة» الصادر عن دار الإعتصام لعام 1980م وفيه يحمل على منهج بعض الصحف المصرية في نشر ما أسماه«منهج زعزعة أسس المجتمع الإسلامي»في الفترة ما بين نكبة 1948م ونكسة 1967م كما يتضح من عنوان الكتاب الفرعى وكان آخر كتبه هو كتاب «نجم الإسلام لا يزال يصعد»، وقد أوصى قبل وفاته بأن يتم تصنيف كتبه ومكتبته كلها، ثم دفعها لمؤسسة إسلامية تقوم بطرح هذه المكتبة للجمهور من القراء والباحثين للاستفادة منها، وقد شدد على أن كل تراثه الفكري يجب أن يكون وقفاً للمسلمين. تكريمه وقد حصل الأستاذ «الجندي» على جائزة الدولة التقديرية عام 1960، وشارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية التي عقدت بعواصم العالم الإسلامي في الرياض والرباط والجزائر ومكة المكرمة والخرطوم وجاكرتا. كما حاضر في عدد من الجامعات الإسلامية مثل جامعة الإمام محمد بن سعود، والمجمع اللغوي بالأردن. ومع كل هذا الجهد والنبوغ الذي جعله يتبوأ مكانة مرموقة بين كبار المفكرين والمدافعين عن الإسلام، إلا أنه كان زاهداً في الشهرة والأضواء وعاش رجلاً بسيطاً لا يعرف الثراء ولا الترف في المسكن أو الملابس وغير ذلك من أمور الحياة، وكان مع ذلك عفيفاً لا يقبل شيئا على محاضراته وأفكاره، بل حتى الجوائز التقديرية كان يرفضها ويأباها، وكان عندما يسئل عن ذلك يقول: «أنا اعمل للحصول على الجائزة من الله ملك الملوك»؛ ولهذا كان زاهداً في الأضواء وفي الظهور، ولم يكن يحبذ اللقاءات التلفزيونية أو الفضائية، وكان كل همه التأليف، وكان يدعو ربه دائماً بأن يعطيه الوقت الذي يمكنه من كتابة ما يريد؛ ولذلك فإن مشاركاته في الفضائيات كانت قليلة جداً تكاد تقتصر على بعض التسجيلات في أبو ظبي والرياض. وفاته وفي مساء الاثنين 13 ذي القعدة سنة 1422 هـ الموافق 28 يناير 2002م توفي إلى رحمة الله المفكر الكبير الأستاذ «أنور الجندي» عن عمر يناهز 85 عاماً قضى منها في حقل الفكر الإسلامي قرابة 70 عامًا يقاتل من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية الأصيلة ورد الشبهات الباطلة والأقاويل المضللة وحملات التغريب والغزو الفكري، ف رحمة واسعة. قالوا عنه * قال عنه الكاتب جمال سلطان: عندما ذهبت مع صديق، قبل سنوات، لتقديم واجب العزاء لأسرة فقيد الإسلام الكبير الأستاذ أنور الجندي في بيته الكائن بمنطقة «الطالبية» أحد الأحياء الشعبية الفقيرة في القاهرة، كانت صورة هائلة تستحوذ على خيالي وفكري، صورة المفكر الكبير الذي أثرى المكتبة العربية والإسلامية بأكثر من مائتي كتاب، أكرر، مائتي كتاب، في الأدب العربي والفكر الإسلامي وقضايا التغريب والأصالة والدفاع عن هوية الأمة وشخصيتها التاريخية وحضارتها ودينها، وبقدر هذه الهالة الكبيرة التي كانت تستحوذ على ذهني وتستغرقني بقدر المفارقة عندما دخلنا إلى بيته شديد التواضع في ذلك الحي الشعبي، وهو بيت قديم متهالك، لا تحس فيه أية مسحة من الترف، حتى أن ابنته الوحيدة قالت لنا إن الأستاذ أنور لم يكن لديه حتى سخان للمياه، على كبر سنه وشدة برد الشتاء في مصر، وكان من عجائب ما سمعناه منها أن هذا الشيخ الكبير الغارق في بحر من الكتب وأكوام الصحف والمجلات، كان يحرص كل صباح على أن يعد بنفسه «سندويتشات» حفيدته ثم يصحبها للمدرسة القريبة، ثم يشتري لأسرتها احتياجاتها اليومية من الأسواق والبقالات المجاورة، ثم يعود إلى مكتبه ليواصل رحلة عطائه، أعجب من ذلك ما حكته وبعض جيرانه عن أن الرجل كان يخرج لصلاة الفجر، وأحيانا كان يجد خط الماء وقد تعطل وانقطعت المياه عن المنطقة، فيحمل معه أوعية للماء «جراكن» ويملؤها ثم يضعها أمام باب كل جار، ويقول لابنته عندما تعاتبه «إن الله سائلني عن هؤلاء»، ذكرتني هذه الواقعة بحديث جرى بيني وبين المرحوم الأستاذ حسن عاشور صاحب مكتبة الاعتصام أحد أبرز ناشري كتب أنور الجندي، قال: عاتبت الأستاذ أنور ذات يوم لأنه تأخر عن موعده معي في المكتبة الكائنة بوسط القاهرة، فاعتذر الرجل بأنه لا يقوى على ركوب الحافلة العمومية «الأوتوبيس» أثناء عودتها من الهرم باتجاه وسط القاهرة لشدة زحامها وضعف صحته عن المزاحمة، فيضطر لركوبها في الاتجاه الآخر قرب نهاية الخط لكي يتسنى له الجلوس وينتظرها حتى تعود، يقول الرجل: كان أنور الجندي يتزاحم في الحافلات العمومية بينما هناك صبية صغار من المحسوبين على الصحافة والقلم يمرحون في شوارع القاهرة بأحدث السيارات، رحم الله أنور الجندي، كان منقطعا للعلم والعمل والزهد والتقرب إلى الله، تقول ابنته انها كانت عندما تقع عينها على صحيفة أو مجلة تتحدث عنه وتثني عليه فتهرع إليه بالجريدة مستبشرة، تجده يشيح عنها ويقول: دعك من هذه «القشور» التي تضيع الوقت والبركة، كان الرجل فقيرا لا عن عجز وإنما عن زهد وقناعة، حتى أنه كان يوزع الجوائز التي يحصل عليها من بعض أعماله على فقراء منطقته، رغم أنه منهم، وأنور الجندي بميزان الفكر والقلم أحد أهم أعلام الفكر العربي في القرن العشرين، وإن كانت الصحافة، خاصة المؤدلجة، المهيمنة على زوايا الفكر والثقافة ومنابرها في العالم العربي حاولت قبره في حياته كما تجاهلته بعد رحيله، منذ أكثر من خمسة وستين عاما عرفت الصحافة العربية قلم أنور الجندي الأديب والمفكر والكاتب، وعلى مدار هذه السنين الطويلة تواصل عطاء الرجل، ومثل سجلا رائعا لمعارك ال

مؤلفات أنور الجندي

  • السنة النبوية في مواجهة شبهات الاستشراق أنور الجندي
  • المعارك الأدبية