يوميات شامية

ابن كنان

المقدمة

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم سموت اللهم بوصف البقاء والقدم، وتعاليت عن لحوق الفناء والعدم، يتقاصر عن دركك عقول العقلاء، وتعجز عن بلوغ غايتك ألسن الفصحاء، والصلاة والسلام على نبيك محمد مبدأ الأنوار العلية، ومن علوم المقدم والتالي إليه كالقضية الجزئية، وعلى آله وأصحابه النجوم السائرة في فلك التوحيد أحسن سير، الواصلين به إلى الحد الذي لا يحد، من نعوت الفضل والخير، وسلم. وبعد: خطبة الكتاب فهذا تاريخ قد حررته، ومن الأخبار النفيسة قد جمعته، فهو نعم السفير في الحضر، والأنيس في السفر، جمع من الفوائد أحسنها، ومن فرائد المنثور والمنظوم أكملها وأجملها، يتعلق بالحوادث اليومية من تاريخ إحدى عشر وألف ومية. أهمية فن التاريخ واعلم أن فن التاريخ، فيه عرفت شعائر الأنبيا، وبه نقلت أخبار من سلف ومن مضى، وبه يقتدى بما كانوا عليه من مكارم الأخلاق، وبه يأبى الشخص عما صدر من الخلاف والشقاق، وكفاه شرفاً أنه علم منه القصص، وبراهين النبوة، وأعلام الرسالة، قال تعالى: " نحن نقصُّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك " وأداء القصص، أداء الخبر على وجهه، وبه بعث الله أنبياءه وصفوته من خلقه. قال تعالى: "وكَلاَّ نقصُّ عليك من أنباءِ الرسل وما نُثبِّتُ به فؤادك، وجاءك في هذه الحقّ وموعظةٌ للمتَّقين ". ودينه وهديه وصل إلينا بالإخبار ثم اعلم أن الأخبار تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأنبياء، والملوك، والعلماء وذوو المراتب، وما كانوا عليه من محاسن الأخلاق. وهذا أيضاً نافع لمن همته عالية، وقريحته صافية، فإن في طباع من هو كذلك، الارتياح لذكر أهل مكارم الأخلاق عند سماع أخبار الكرام والعلماء الأعلام. وكيف وقد قال بعض المفسرين في قوله تعالى: " فاسْألِ العادّين " أن المراد بهم المؤرخون، ومن قوله تعالى في النحل " بالبيّناتِ والزُّبر " أخبار الأمم. فيحب الاقتداء، ويعتبر بعبره، فيرتدع من العيب والردي، ويجنح لحسن الذكر والثناء. ولذلك صارت الأنفس الفاضلة إليه وامقة، وله محبة وعاشقة، فلا يزدري به إلا جاهل معاند، قد نصب لأهل الدين حبال المكايد، أو من عقله مدخول، وقلبه في غلول. وسميته الحوادث اليومية من تاريخ إحدى عشر وألف ومية. محرم الحرام سنة 1111 29 - 6 - 1699م الحكومة وسلطان الممالك الرومية والعربية وبعض العجمية السلطان مصطفى خان بن محمد خان بن عثمان، والوزير الأعظم مصطفى باشا الكبرلي، تلميذ الشمس بن بلبان الصالحي، المحدث المشهور، والباشا، حسن باشا السلحدار، هو كافل دمشق، ورد إليها بالمنزل، عشية يوم السبت، آخر ذي الحجة الحرام سنة عشرة، وأوايل سنة إحدى عشرة وماية وألف، وهو مأمور بالخروج مع الجردة، وقاضي الشام عطا الله أفندي شوي زاده، ومفتي الروم فيض الله أفندي، ومفتي دمشق مولانا الشيخ إسماعيل أفندي ابن الحايك، والمدرسون على حالهم، والأمير قبلان. قضية الشيخ أحمد السبحان المحرم، واستهلت السنة المذكورة بالاثنين على موافقة الوقفة والصوم. ثالثه، الأربعاء، ورد الشهابي الشيخ أحمد بن السبحان البعلي الحنبلي من بعلبك، لوقوع قضية جرت، وهو أن ولده الشاب الشيخ محمد، تشاجر مع رجل ميازري شريف من أهالي البلد، وتشاتما، ثم بعد ذلك دخل الناس بينهما وتصالحوا عند نائبها القاضي عبد الوهاب ابن العلامة الشيخ عبد الحي الصالحي الشهير بابن العكر، وكتب بذلك حجةً. فبعد كم يوم، خرج ذلك الميازري بالأعلام والمزاهر إلى ترابلس، مشتكياً على ابن الشيخ أحمد إلى أصلان باشا اللاذقي، نائب ترابلس، فأرسل أصلان باشا مباشراً، فطلب منهم خمسماية غرش، وقيل سبعماية، وختموا بيت الشيخ أحمد، وخرج الشيخ أحمد هارباً إلى جبة عسال، وجاء للشام. ثم إن ذلك المباشر، أغلظ على أهلية الشيخ أحمد من نساء ورجال، فحصلوها بعد رهن أسباب وبيع ما أمكن من أماكن، فلما وصل الشيخ أحمد لدمشق، حكى ما وقع للأعيان، من علماء ومفتية وآغاوات، ممن له التكلم. وقام معه الشيخ مراد اليزبكي وغيره من علماء الشام وكبارها، وأرسلوا مكاتيب من دمشق ليرجعوا له ما أخذوه، ولم يأت الجواب.

مذاكرة في الإطناب

وقمت معه في ذلك، ثم ذهبنا نحن وإياه لنجمعه في المحب صادق آغا ابن الناشف، وكان إذ ذاك متولي الجوالي، وكان مراده التوجه إلى ترابلس لأجل أموال النصارى، حتى يرافقه، فجمعناه به وعرفناه به، فوعده بوقت الذهاب حتى يهيئ حاجته. مذاكرة في الإطناب ثم خرجنا من عنده إلى عند شيخنا المدقق العلامة ملا عبد الرحيم الكابلي، نزيل دمشق سنة 1109، أبقاه الله تعالى، وتذاكرنا في بحث الأطناب اللفظي والمعنوي، وهو في قوله تعالى: " فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم " لاحتمال معاني كثيرة، منه كتابة الحق والباطل والعقود الفاسدة، مثاله قول الأبوصيري: كلٌّ أمر ناب النّبيّين فالش ... دّة محمودة فيه والرخاء لو يمسّ النضار هون من النّا ... ر، لما اختير للنضار الصّلاء كذا مثله لي فيه، الشيخ عبد الله المقدسي الحنبلي. دروس المؤلف ونقلت لملا عبارة ابن كمال باشا في المعنوي، وذكر أنه في قوله تعالى: " ولا تخطُّه بيمينك ". إلى غير ذلك. قرأت على المولى المزبور سابقاً مبادئ شرح إيساغوجي للفنري، ثم في شرح الشمسية مع حاشيتها للسيد الشريف، وحصة من أواسط المجتبى بقراءة أوايله، على العلامة الشمس بن الطويل الشافعي وحضرت دروس القاضي البيضاوي بقراءة بعض أصحابنا الأفاضل على الملا المذكور، مع الحواشي وغير ذلك، نفع الله به، آمين. الجردة وفيه شرع في التوجه مع الجردة والسفر لملاقات الحج حيث أمكن، وكان الباشا المذكور ورد لكفالة دمشق في يوم السبت عشيةً بالمنزل في آخر ذي الحجة، وهو قريب العهد بخروج لحيته، وهو مأمور بالخروج مع الجردة، مع باشة عجلون ابن القواس لملاقات الحج الشريف، مع أميره محمد أفندي، من أعيان الكتاب بالروم. والحاصل: المتعين للجردة باشتها ابن القواس، وإبراهيم آغا، ابن أخي أصلان باشا ابن أمير الحج سابقاً قبلان باشا، أخي أصلان المذكور، كل ذلك للإعانة على العرب الجلالية الذين أخذوا القطرانة، وقتلوا بعض ينكجرية بها في السنة السابقة، وعملوا متاريس في الحسا على الماء، ويسمى بالتركي: تابوت قرصي، أي تابوت الماء الأسود، لأن الوادي كهيئة التابوت، أحد طرفيه ضيق، والآخر واسع، والله يصلح الأحوال. نفير عام للجردة: وفيه في محرم السادس فيه، وهو يوم السبت، صار نفير عام على الزعماء والينكجرية، للسفر لملاقات الحج الشريف إلى حيث أمكن، خوفاً عليه من العرب، لأنه في سنة عشرة وماية وألف، أخذت العرب الجلالية الجردة كلها، وقتلوا باشتها محمد آغا بن صدي، من أهالي دمشق، وغنمت لشيء كثير. وفيه خرج أوائل الجردة وفي يوم الاثنين الثامن، شارع بدمشق أن بعلبك وجهت لشيخ الإسلام فيض الله أفندي، وأرسل لها وكيلاً، مفتي محروسة طوس، محمد أفندي الطوسي، ومعه جماعة من جماعة شيخ الإسلام المذكور. هرب المباشر بالمال: وفيه بلغنا من الشيخ أحمد بن السبحان، أن أهالي بعلبك اشتكوا على المباشر لوكيل شيخ الإسلام، فأمروه بإحضار المال، وكان بعد لم يسافر إلى ترابلس، فقال لهم: في غد، وقدره سبعماية غرش ثم أصبحوا لم يعلموا له خبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهذه المنزلة، كرامة للشيخ أحمد السبحان، والبغي مصرع مبتغيه وخيم. وفي يوم الأربعاء العاشر في محرم سافر جميع الزعماء والينكجرية ولم يتخلف أحد. سفر الشيخ السبحان يوم الخميس الحادي عشر، سافر الشيخ أحمد المزبور إلى ترابلس، مع آغة الجوالي المتقدم ذكره، لطلب الدراهم التي أُخذت ظلماً، وأخذ الشيخ أحمد معه مكاتيب من أكابر دمشق، من الملا مراد، ومن سعيد أفندي البكري وقاضي الشام، وغيرهم من المشاهير. مذاكرة أدبية وفي يوم الأربعاء السابع عشر، اجتمعت بالفقيه الشيخ منصور الحبال، الفقيه الأديب الناظم، مقابل قناة يخرج منها الماء من أنبوبة من النحاس الأصفر، والماء كالفضة المسبوكة، فقلت له: انظم في ذلك شيئاً، فلم يحضره، فقلت من بحر الرجز: أُنبوبةٌ تحسبها ... من فوق ماءٍ مطلق سبيكةً من فضّةٍ ... لكنّها الحرّ تقي

محمد الكفرسوسي

فتذاكرنا في إعرابه من جهة النحو: فأنبوبة مبتدأ معلوم، وجملة تحسبها الخبر، والرابط ضمير الجملة، وأن سبيكةً مفعول ثان لتحسب، والحر: مفعول مقدم لتقي، ولكن بمعنى إن في أحد إطلاقاتها. وتذاكرنا من جهة بديع الأبيات من الجناس المصحف، وفيه التشبيه البليغ، لأن الأصل كسبيكة. ومن جهة العروض، وأنه من بحر الرجز، لكن دخله الخبن، وهو حذف الثاني الساكن، وفيه الطي، وهو حذف الرابع الساكن، والمجموع يسمى خبلاً، إلى أن انتهى مجلسنا. محمد الكفرسوسي وفيه توفي من كتاب محكمة الباب، القاضي محمد أفندي بن الكفرسوسي، وخلف مالاً وابنتين لا غير، وصلي عليه يوم الخميس بالجامع الكبير، ودفن بتربة الدحداح. تسعير اللحم وفيه نادى حسن باشا، باشة الشام، على اللحم بسبعة مصاري وثمانية مصاري، بنداء القاضي أيضاً. وفي تاريخه، كان رخاء في الفاكهة جداً، أُبيع الرطل التفاح من السكري بمصرية. الشمع لضريح النبي يحيى: وفي تاريخه، في محرم بعد الظهر، ورد الباشا للجامع، والقضاة والعلماء والقبجي، لأجل وضع الشمعات التي أوقفها السلطان مصطفى على ضريح النبي يحيى عليه السلام، وهم قنطار راجح، وعين خادماً بعلوفة، وعمل لهما شبكات، وضعوا واحدة عند رأسه والأخرى في المعزبة الأخرى عند رجليه، ودعا المفتي الحنبلي الشيخ أبو المواهب بحضور الباشا والقبجي والناس، ودعوا للسلطان حفظه الله. وفي تاسع عشر الشهر، تمت السفريات النحاس، وجاءت في غاية الجودة والحسن والنضارة، وحليت بالذهب واللازورد، وكتبت فيها أبيات عربية وتركية. وفي يوم السبت فيه، ورد قفل الباشا، مع محمد باشا، كيخية حسن باشا. حكاية الكمال المصري مع النصراني المسلم وفيه سلمنا على الكمال يونس المصري، مدرس قبة النسر بالجامع الأموي، في داره بالقنوات. وكان ببلاد الروم، وأخبرنا من جهة الأمر الذي حصل له حين ذهابه للروم على جهة ترابلس، قال: كنا خرجنا من عند باشة ترابلس أصلان باشا على ساحل البحر، فخرجوا علينا الفرنج مسكونا وأنزلونا المركب، وأما أنا فأجلسوني في القمرة، فاضطجعت ودخل علي صاحب المركب، وأنا مضطجع فلم أقم له ولا جلست، فقال لم لا تقم؟ فقلت له أنا من العلماء، فسكت ولم يرد علي بشيء، فبعد برهة أنزلني إلى سفل المركب، فنزلت، فما مكثت ساعة حتى نزل إلى عندي أمرد كأنه القمر، لم أر أحسن منه، فقبل يدي وقال: يا سيدي أنت من العلماء؟ فقلت له نعم، فقال: مرادي تعلمني النحو. وكان أخبرني أنه يحفظ كم بيت من شعر العرب العرباء، وأتى إلي بمأكول ومشروب مفتخر وقال: أريد الإسلام، وبلغني الشهادة بإذني سراً، وقال: أجتمع بك في بلاد الروم، وقال: أنا أُتقن الكيمياء وأُعلمك إياها وتعلمني علم النحو، فقلت له: على راسي، وطلب مني مصحفاً فأعطيته، ثم أخرجني إلى ظاهر المركب في أوضة حسنة، ويأتيني كل يوم بالمأكول والمشروب مدة ثلاثة أيام، ففكنا أصلان باشا فخرجنا من المركب وتوجهنا إلى الروم. وفي يوم الجمعة، ركب حسن باشا وجاء وصلى بالجامع عند رأس نبي الله يحيى عليه السلام، وقدامه الريش والإيباشية، وعليه قباء سفرجلي بسمور، وقيل إنه يحفظ القرآن عن ظهر قلبه. حكاية الأمير منصور وأرملة الباشا وفي يوم الاثنين ثالث صفر وأوله الجمعة، خرج حسن باشا لملاقات الحج الشريف وقيل: يمر على صفد لقتل الأمير منصور الدرزي، الضامن صفد من أصلان باشا، من جهة أخذه زوجة أحمد باشا بن صالح باشا الصفدي كافل دمشق وكان أخذها قهراً حين قتل الوزير زوجها أحمد باشا، باشة دمشق، ببلاد الروم من غير عقد ولا نكاح. وكان بلغ أهالي دمشق، وكان بها ناس من صفد للشكاية عليه في ذلك، فقام العلماء والموالي والدولة، وأرادوا الركوب عليه، ويعملوا نفيراً عاماً. واهتم بذلك الشيخ مراد، وقاضي الشام، فخافوا من هروبه على البحر، فتركوا الأمر حتى يأخذوه على حين غفلة. ولما بلغ منصوراً أن خبره اتصل إلى دمشق، أرسل وراء قاضي صفد وهدده ليكتب كتابه، فلم يرض لعدم صحة ذلك على مذهب الإمام الأعظم، فقيل عرض عليه القتل، وقيل قتله. ثم أخذ يتخضع وراسل أعيان دمشق، وهاداهم بكل ممكن حتى فتروا عنه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. احتراق سوق العطارين

إسقاط ضريبة

وفي يوم الاثنين. رابع عشر شهر صفر، احترق السوق عند رأس البزورية. أعني سوق العطارين، غربي مادنة الشحم. إسقاط ضريبة وفي سابع عشر صفر، ورد قبجي من الروم بنحو عشرين سرجاً. وفيه بلغ أن شيخ الإسلام أسقط ربع العوارض عن دمشق وبعلبك والأراضي الشامية كلها. مصطفى بيك وفي يوم الجمعة، ثامن عشر صفر، ورد نجاب من الحج، ومعه مكاتيب تخبر بالحج، وبموت مصطفى بيك، سردار الحج. وفتحوا داره. المكتبة العمرية وفي يوم الاثنين، ثاني عشرين الشهر، فتح متولي العمرية بالصالحية السيد إبراهيم أفندي بن حمزة النقيب خزانتي الكتب الكائنتين بالمدرسة المذكورة، بنظارته عليها، لأجل نفض الكتب، وكان الشيخ مراد اليزبكي والشيخ إسماعيل أفندي بن الحايك، وغيرهما من العلماء والطلبة. وكتب علي من تلك الكتب على وجه العارية كتابين: الأول: لغة الأطباء لجامعة الحافظ ابن عبد الهادي المقدسي الصالحي الحنبلي، وكتاب آخر فيه مختصر التلخيص في المعاني والبيان، وجمع الجوامع، في الأُصول الشافعي، ومختصر الروضة في الأصول الحنبلي. الأول للسبكي الشافعي، والثاني للطوفي البغدادي الحنبلي، وهم عندي إلى الآن. وعمل ضيافةً وضعت في الرواق، ولم أحضر الضيافة ولا فتح الخزانة الثانية، وهما خلوتان لصق البلاط، مقابل الباب في الخط الشرقي. وفي عهدنا تشتمل كل واحدة على ألف مجلدة من ساير العلوم، كالقرآن والنحو والأصول والحديث، إلى غير ذلك من الفنون، وفيها كتب من خط الحافظ جمال الدين المقدسي الحنبلي، وكذا من خط الشمس ابن طولون الحنفي الصالحي. محمد النقيب وفي يوم الأربعاء عشرين صفر توفي السيد محمد بن السيد عبد الكريم ابن حمزة النقيب، وحضر الأعيان والفقهاء، ودفن بباب الفراديس عند جده السيد محمد النقيب في التربة الغربية. دخول المحمل 26 صفر وفي يوم السبت السادس والعشرين من صفر، دخل الحج الشريف في أحسن حال من الرخاء والأمن، ولم يقع ضرر والحمد لله. يوم الأحد السابع والعشرين دخل المحمل، ومحمد باشا الشهير بالأفندي، ووصل ابن القواس للمعظم، والمعنيون إلى معان. جرائم عنيزة وفي يوم الاثنين ثامن عشرين صفر، سلمنا على أصحابنا الحجاج، وأخبرونا أن بني عنيزة أخافوا المدينة قبل وصول الحج، وقتلوا من أهل المدينة ثلاثين رجلاً، غير المماليك والعبيد، قالوا: وأهل عنيزة هم كثيرون، وأرضهم من دون العلا للمدينة. سلطان الهند ومدينته الجديدة وفيه أخبرني صاحبنا السيد مصطفى الخواجا، أنه في هذه السنة اجتمع في الحج بإمام سلطان الهند، واسمه الشيخ محمد الشامي، وحكى له عن سلطان الهند أنه شرع في مدينة عظيمة، دورتها ثلاث أيام، وأكملها، ونقل إليها واستوطنها وسماها باسمه، وعلى أن عرضها كان نحو أيام كثيرة. وأخبر أن السلطان أمر كل وزير بسكنى جهة، وخطوا أسواقها وبيوتها وخاناتها، ووضب لها اثني عشر ألف معمار، ما عدا التوابع. عودة ابن السبحان وفيه ورد الشيخ أحمد السبحان المتقدم ذكره، وحصل جميع الدراهم، ولم يأخذ له أصلان الدرهم الفرد، وأكرمه غاية الإكرام. ملاحقة تاركي الصلاة: وفي آخر الشهر، نادى حسن باشا على تراك الصلاة، وكبس القهوات، لأنه بلغه أنه يكون في القهوات أناس ولا يخرجوا لصلاة الجمعة، فكبسهم مرات، حتى كادت تبطل القهوات لعدم من يجيء إليها خوفاً من الباشا. شعر في الحكمة: وفيه أنشدني صاحبنا مصطفى بيك الترزي من لفظه قول بعضهم: قيمة المرء علمه عند ذي العق ... ل وما في يديه عند الرّعاع فإذا ما حويت علماً ومالاً ... كنت عين الزّمان بالإجماع وإذا منهما غدوت خليّاً ... رحت في الناس من أخسّ المتاع من شعر الشافعي: وأنشدني أيضاً من لفظه للشافعي، رضي الله عنه: قد يعسر المرء في رزقه ... ويرزق الفاجر والكافر ويسلم الأطمس من حفرةٍ ... يسقط فيها الناظر الباصر ويحفظ الجاهل من لفظةٍ ... يهلك فيها العالم الماهر لا يعجب الإنسان من أمره ... هذا الذي قدّره القادر إنارة الأسواق:

أمطار في الصيف:

وفي يوم الخميس، مفتتح ربيع الأول، أمر الباشا أن تشعل أرباب الحوانيت على كل حانوت، قنديلاً لأجل الضوء. وفي يوم الأربعاء سابع الشهر، أنشدني بعض أصحاب لمولانا أحمد أفندي الحلبي، مفتي دمشق الشام في القرنفل لمناسبة جرت، توفي المزبور يوم الخميس في جمادى الآخرة سنة 1105، ودفن بتربة الشيخ رسلان، قدس سره، آمين. أمطار في الصيف: وفي اليوم، الاثنين، في الشهر الذي هو ربيع الأول، نزل بالصالحية مطر غزير، وصار رعد وبرق، وكانت مربعانية الصيف، والله على كل شيء قدير. صاعقة: وقيل وقع صاعقة غربي الشالق مما يلي المدرسة الكوجانية التي بالشرف الشمالي، أي شمالي التكية. وهذا الشرف كان محلة عظيمةً في عصر السبعماية، بأسواق وجوامع وخانات وبيوت وقصور على الميدان الأخضر، وخربت تلك المحلة في عصر الثمانماية. قال ابن طولون: أدركت أني صليت الجمعة في جامع هناك. التدخين ممنوع: وفي يوم الجمعة العاشر، نادى الباشا على التتن لا يشربوه في الأسواق. مدارس في بعلبك: وفيه بلغ أن مفتي طوس، وكيل شيخ الإسلام، مرادهم يعمروا ببعلبك أربع مدارس، والآن الحادية. وبنو متوال مخذولون، والآن تعمر قرى كثيرة كلها سكنتها أهل السنة، وأن ابن الحرفوش، الأمير شديد، طايح الآن في البادية لا يأوي، وله معلوم على فلاحين الشيعة هناك، ومعه نحو الخمسين خيالاً. حملة ثانية على المدخنين: وفي يوم الجمعة، فيه طلع الباشا متخفياً للصالحية وكسروا بعض أقصاب الدخان، وعند الصلاة حضر بالموكب للجامع الأموي. مذاكرة في الحديث الشريف: وفي يوم السبت الثامن عشر، كنا عند الشيخ مراد اليزبكي في داره شمالي الحاجبية، أعني جامع الورد، وأما الحاجبية بالصالحية فتسمى المحمدية، وكان عنده الشيخ أبو الصفا بن الوجيه أيوب، شيخ السلطنة العثمانية، وعنده جماعة من دولة الشام. ومع الشيخ أبي الصفا، كتاب الشيخ تقي الدين المكي في الحديث يتأمل فيه، فتذاكروا في حديث ملئ عمار إيماناً، وفي رواية: عمار ملئ إيماناً، فذكر الشيخ مراد أن الحكمة من تنويع الروايات تنويع الفائدة. وفي التوحيد: ثم جاءت مذاكرة في قول الجنيد: الاشتغال بالحديث ليس من دأب السالكين. فذكر الشيخ مراد كلاماً حسناً، وهو أن العلم، مقدمة على العلم بالله علماً، وذكراً وشهوداً ووجداناً، وعلم الحديث جزء من تلك المقدمة، والجزء لا يحتاج إليه عند الحصول على الكل. وفي المعميات: ثم وردت مذاكرة في المعمى، فقال إنه في اسم هود في قوله تعالى: " ما من دابَّةٍ إلاّ هو آخذ بناصيتها " أراد أخذ الدال من دابة، وهو لطيف. أقول: ومن ألطف ما وجدت في المعمى، تاريخ أعلم العلماء، مولانا حسين الخافقي في العمل الحسابي، قول بعضهم: انقلب محراب الزهد والديانة والدولة، وهي السعادة عند الفرس، وأراد بانقلابها أن تصير هكذا 888 يعني تاريخ وفاته سنة 888 هـ. عرس شامي: وفي يوم السبت، سابع عشرين ربيع الأول، عمل محمد آغا بن سليمان آغا الترجمان، فرح يحيى آغا بن طالو، الشاب الخالي العذار، صهره زوج ابنته، وتكلف كلفةً بالغةً، ودعوا باشة الشام حسن باشا، وقدموا له تقدمةً عظيمةً مكلفةً ما يساوي ثلثماية غرش، وأعطى الجاويشية عشرين غرشاً، والمدخل كل واحد ثلاث غروش، وكانوا سبعة أيضاً، وللمشعلية نحو العشرة غروش، والعشية نحو العشرين، والشعالين نحو خمسة، والموالدية نحو خمسة، وعشية للرجال، وعشية للنساء، ومكث الفرح سبعة أيام، والضيافة: واحدة الظهر، والثانية العصر. ترتيب المدعوين: وفي أول يوم الفرح، كان الباشا وقاضي الشام، وفي ثاني يوم الموالي وجماعاتهم وبقية القضاة والكتاب، ثالث يوم، الشيخ مراد وسادات الصوفية أصحاب الطرقات وجماعتهم وصلحاء العلماء، ثم وجاق الزعماء، ثم وجاق الينكجرية، ثم دولة القلعة كآغة القبول وآغة القلعة، وبقية الأيام تجار وبقية الناس، وتكلفوا كلفةً باذخةً. ترجمة صالح بن صدقة:

نهب أمواله:

وهذا، يحيى آغا بن خليل آغا بن طالو، ابن الذي قتل سنة قتل الآغاوات بدمشق، سنة 1103هـ، والقصة مشهورة، وكان السبب، قتلهم لصالح آغا بن صدقة من متقاعدي دمشق، وكان أنشأ خيرات وعمر مسجداً بخطبة شرقي داره، وأوقف له أوقافاً، ورتب فيه أجزاء ومؤذنين، وعمر جسر ثورا وقنياً كثيرةً، وبلط مواضع ورتب خيرات، وكان يرسل مبرات إلى أربابها، وأدركته: كان أشقر أبيض الرأس واللحية، فيه بعض حول، وأمواله كانت لا تحصى، فقوي الحسد عليه مع ما فيه من الخيرات والمبرات. وكان له حسن تدبير ورأي حسن، وكلمته نافذة في سائر البلاد، وحتى إلى مصر والروم إلى غير ذلك، ثم خنقه قول دمشق ظلماً وحسداً ليظفر بالشهادة، وذلك في يوم سنة 1100، وصلي عليه بجامعه وغسل فيه لأنهم ختموا داره، حتى أخرجوا نساءه منها، ودفن غربي بلال بن حمامه، رضي الله عنه. نهب أمواله: ونهب ماله وذخائره، وأجروا في ذلك دعاوي عليه افتراءً لا أصل لها، رغبةً في المال، لدى أبي الصفا أفندي بن أيوب، وكان نائباً بمحكمة الباب، ولم يبق لورثته شيئاً سوى أملاكه وأوقافه، وبلغت أمواله من تركته ألف كيس توزعوها: هذا يدعي أن له عنده ألف، وهذا خمسماية وهذا ثلثماية وهذا ماية، كل على قدر قوته، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم بعد مدة ورد الكرجي محمد باشا كافلاً بدمشق، ومعه فرمانات بقتل زربا دمشق، وكان من قبله يرد معه ذلك، ويأخذ من الوجاق مالاً ويترك الفرمان. لكن هذا وصي على ذلك وأُكد عليه. أسماؤهم: وكان الزربا آغاوات الشام زاد غرورهم وقوتهم وشأنهم، ورئيسهم كور إبراهيم آغا ومن معه، وكان من رؤسائهم ومتقاعديهم هذا خليل آغا ابن طالو، كذلك مصطفى آغا بن كيوان، وإسماعيل آغا بن كيوان، وقاسم آغا بن كيوان، وسليمان آغا ترجمان، ومحمد آغا بن الترجمان، وجعفر آغا، ومحمد آغا، آغة النيكجرية، ونعمتي جعفر آغا، وعمر آغا الرومي، والكيخية ابن سالم خاير، إلى غير ذلك من أعيان الوجاق. الباشا يداهنهم: ثم إن الباشا أرسل يتلاقاهم بالمودة، وكان الواسطة في ذلك محمد آغا ابن عبدي، من أهالي دمشق، وشكر لهم حسن حاله، وأنه يعطيهم الخط الشريف، ويعرض لهم بالعفو، فدخل في ذهنهم كلامه، وأنهم يدخلوا السرايا، ولا بأس عليهم. فاجتمعوا، فذهب للسرايا منهم جماعة، كآغة الينكجرية محمد القشجي، ومصطفى آغا كيوان، وخليل آغا بن طالو، وبقيت البقية، ودخل مع هؤلاء غير المذكورين في الخط الشريف، وكان سبقهم ابن عبدي وقال: تعالوا هناك وأخرج أنا وأنتم، فلما رآهم دخلوا السرايا ورآهم الباشا من بعيد، قام ابن عبدي وذهب، وهم ما رأوا على أنفسهم الرجوع، فجلسوا فأسقاهم الشربات وأكرمهم، ثم أمر الديوان أفندي بقراءة الخط الشريف، وفيه أسماؤهم وبياض، فما تم الكلام إلا ومسكوا. مقتلهم وأول ما قتلوا موسى آغا ترجمان، وكان شاباً لطيفاً كاملاً، لم يكن مذكوراً في الخط الشريف، فذبح عند النحر، ثم قتلوا البقية وألقوهم خارج السرايا جثثاً بلا رؤوس، وذلك يوم الجمعة 27 رمضان سنة ثلاث وماية وألف، وكانوا بعد جلوسهم سكروا السرايا، فلما أخرجوهم نادوا بالأمان والاطمئنان، وأُمر بقية الآغاوات بالخروج وأن لا أحد يتعرضهم. وهرب محمد آغا وإسماعيل آغا الكيواني إلى بلاد الدروز عند الأمير أحمد ابن معن، وأرسل الباشا للحوق بهم عسكراً، فلم يظفروا بهم. ثم بعد أيام، رفع للقلعة سليمان آغا بن الترجمان، وخنق بقلعة دمشق، وأُرسل رأسه هو والجماعة للروم، ثم نعمتي ثم جعفر آغا ثم عمر آغا الرومي ثم الكيخية، وكل ذلك أصله بسبب دم صالح آغا، وآخرهم قتلاً البلكي التركماني محمد باشا، وكان هو الباش جاويش في كل سنة في الحج الشريف. الشعراء يرثونهم وفيهم يقول الشاعر: نفذ القضاء فلا مردّ لحكمه ... في قتل أربعة بهم فرط الفرط فثلاثةٌ أسقط بلا بدلٍ وفي ... موسى إذا أرّحته: بدل الغلط وقال آخر: لمّا سقى ساقي الحمام شرابه ... أمراء جلّق بالكؤوس المترعة نزل القضاء بمصطفى ومحمّدٍ ... وخليل مع موسى القتيل مبمضيعه أسماؤهم تاريخهم لكنّه ... لم يظهر الا بعد قتل الأربعة وقال آخر:

الأمين المحبي

لهفي على جلّق الهيفاء قد طرقت ... بغادرٍ صير الأحياء أمواتا " تلا إذا زُلزلتْ " في ربعها وتلا ... بشمل أجنادها أرّخت أشتاتا وفي يوم السبت أصبحت دمشق كقول الشاعر: فأصبح بطن مكّة مقشعّراً ... كأنّ الأرض ليس بها هشام وقول الآخر: كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيسٌ ولم يسمر بمكّة سامر وعلى كل حال، كان لهم كلمة ومهابة كلية، كل رجل منهم قد وزير أعظم، والباشا الذي يرد كأنه من بعض جماعتهم، إلى أن انتهى أمرهم، فسبحان من لا تغيره المنون، ولا يصفه الواصفون. وكان لهم قوة بالغة في تجييش الجيوش الأُلوف، وكلمتهم مسموعة في البحر والبر وأطراف البلاد، وورقتهم إلى أي بلدة أو مدينة نافذة أمر من الخط الشريف، يعني من باب المبالغة، حتى من له قضية صعبة في بلد، يجيء للشام لهمتهم وقوتهم. ربيع الثاني، لم يقع فيه ما يؤرخ. الأمين المحبي جمادى الأولى في أوائله، يوم الخميس، توفي إلى رحمة الله أمين جلبي المحبي صاحب النفحة، والتاريخ المشهور، والمضاف والمنسوب، وصلي عليه بالجامع، ودفن بتربة باب الفراديس الشرقية. وكان عالماً أديباً متفنناً منشئاً، قرأ النحو والمنطق والأصول، وأتقن فنون الأدب والنظم، وشعره في غاية الرقة والجودة والحسن، وكان لطيف الهيئة جداً، نحيفاً، كامل الخلقة، أدركته أبيض الرأس واللحية، معظم الملبس والهيئة، حسن النضارة متواضعاً، حليماً ظريفاً في شكله وهيئته، لم ير مثله. وتأسف الناس عليه، ورثاه كثير من أفاضل دمشق بقصائد طنانة، وكان انتهى إليه فن الأدب والشعر والتاريخ، ألف كتباً حساناً، وأتقن بها كل الإتقان، أخذ عن الفتال والعلاء الحصكفي، والشيخ إسماعيل أفندي النابلسي، وأخذ الطريقة الخلوتية عن غوث زمانه السيد محمد العباسي الصالحي الحنبلي الخلوتي، وترجمه في تاريخه وأتقن، رحمه الله وعفا عنه، آمين. جمادى الثانية لم يقع ما يؤرخ. رجب ورد للحج حجاج أروام. باشة الحج شعبان ورد حجاج كثيرون وعلماء وصوفية وتجار وآغوات، وكان أمير الحج المتعين محمد باشا الرومي الشهير بمحمد أفندي، أصله من الأفندية من العلماء، ومنع كبار دولة دمشق من المقارشة معه، كإسماعيل آغا بن كيوان، ومحمد آغا ترجمان، الفاضلين عن القتل، ونزل دار محمد آغا بن عبدي شمالي باب الفراديس. القاضي محمد الشويكي وفي ثاني عشر شعبان، يوم الأحد بعد العصر توفي القاضي محمد ابن القاضي أحمد الشويكي الصالحي بالصالحية، وهو من كتاب محكمة المدرسة الجوزية، عن غير ولد، وله مملوك، وعنده بعض ثروة، وصلي عليه بالسليمية الظهر يوم الاثنين، ودفن في صفة الدعاء بالسفح قرب القاضي علاء بن المرداوي الحنبلي الصالحي، صاحب كتاب التنقيح، تحت الروضة، ومقابل زاوية وتربة الشيخ الجليل الشيخ عبد الرحمن الداودي، شارح أوراد والده الشيخ أبي بكر الداودي صاحب كتاب أدب المريد والمراد. أبو بكر الطعام وفيه توفي الشيخ أبو بكر الطعام، بتشديد العين، نسبةً لبيع الطعم. أخذ في نهايته الطريق الخلوتي عن عيسى الخلوتي الصالحي، واشتغل بالتعبد والأوراد التي تلقنها عن أستاذه، وواظب قيام الليل والتهجد وورد الوسائل والصبح في نفسه، أو مع جماعة الأستاذ وقت الاجتماع، ثم انقطع بالحاجبية، وحج نحو ثلاث مرات. وغسل بالحاجبية، وصلي عليه بالجامع المظفري، ودفن بالسفح، شمالي الداودية، عفي عنه، آمين. رمضان: لم يقع ما يؤرخ. آخر شوال: طلع المحمل والباشا. ذو القعدة: لم يقع فيه ما يؤرخ. القاضي الجديد ذو الحجة: فيه عزل جوي زاده، ودخل قاضي الشام سيف الدين إبراهيم أفندي آخر الشهر، وأول السنة. محرم الحرام سنة 1112 18 - 6 - 1700م الحكومة وسلطان مملكة العرب والروم وبعض العجم السلطان مصطفى بن السلطان محمد بن عثمان، وكافل دمشق حسن باشا، وقاضي الشام، السيد سيف الدين إبراهيم أفندي، والمفتي إسماعيل أفندي، وأمير الحج محمد باشا الأفندي الرومي، بالحج الشريف. وفي يوم الخميس، ورد صاحبنا الأعز عمر آغا بن الناشف من الروم، من قبرس، في البحر. حكاية يوسف أفندي

الطريقة الخلوتية

وفي أوايله حضرنا مع نقيب الأشراف إبراهيم أفندي بن حمزة، ويوسف أفندي قاضي قبرص، بقصر سنان آغا بالصالحية، بحكر الأمير المقدم، وكان ليوسف أفندي أربعون سنةً مفارقاً دمشق، وأصله من طلبة العلم والتصوف، تعانى التجارة مدةً بدمشق، ثم أخذته المقادير إلى الروم، فتعرف بها بآغة البنات بزي جماعة سرايا فرقاه في المناصب والملازمات حتى صار من موالي الروم، وتولى قضاء بير الأغراض وبرصا وقبرس، وقيل أُعطيها سركنةً والله أعلم. فتوجه بعد فراغ منصبه لدمشق وأبقى ولده في بقية المدة، ونزل داراً حسنةً بدمشق في وقف بني الأسطواني، نواحي الخضراء. الطريقة الخلوتية أخذ في بدايته طريق الخلوتي عن السيد محمد العباسي الخلوتي، قطب زمانه، وصحب الوالد مدةً، ولما ورد سأل عني وأرسل إلي متودداً، لمحبته في الوالد، مع شيخنا الشيخ العالم العلامة عبد الرحمن السلمي النحوي، وكان أخاه في طريق السيد محمد العباسي. وحكى رحمه الله تعالى، أن شيخه دعا له في رؤيا رآها وبشره فيها. قال: لما توفي شيخنا السيد محمد العباسي، وقام بالأمر بعده شيخنا الشيخ عيسى الخلوتي سنة 1074، وذلك يوم السبت في ربيع سنة 1074، ودفناه في الدحداح، نمت تلك الليلة كئيباً حزيناً لا أدري كيف أتوجه، فرأيت أني داخل التربة، وإذا بالقبر مفتوح، والشيخ جالس على ركبه، واضع يديه على ركبتيه معتمداً عليهما، قال: وكان هذا دأبه. فقال: يوسف بحذف حرف النداء أخذت على عيسى؟ خذ على عيسى فإني خلفته، فاستيقظت، وكان وقت آخر الليل، فقمت وتوضأت وذهبت إلى عند شيخنا الشيخ عيسى للمدرسة السميساطية، فرأيت ضوءه مشعولاً، فطلعت إلى خلوته بها، فرأيته يصلي التهجد، فوقفت إلى أن فرغ وسلم، فقال لي: لولا أرسلك السيد محمد العباسي ما جئت، اجلس، فجلست فبايعته. ثم في الليلة الثانية رأيتني داخلاً إلى التربة، وإذا بقبر الشيخ مفتوح، والشيخ جالس على الهيئة التي سبق ذكرها، فقال: يوسف بحذف حرف النداء أخذت على عيسى؟ قلت نعم يا سيدي، فقال: أسعدك الله. حكايته في الروم فأخذتني الأقدار إلى الروم، ولما وصلت إلى الروم جلست في خلوة في بعض المدارس، غريباً فقيراً، لا أحد يلتفت إلي مدة أربعة أشهر. فبينما أنا في بعض الأيام، وإذا بعبد أسود مكلف يقول: أين يوسف أفندي؟ فلم أرد، ظننت أنه يطلب أحداً من الأروام، فلم أرد ولم أخرج إليه. فقال لهم: يوسف أفندي الشامي، الذي جاء من الشام منذ أيام، فأشاروا إلي، ففتحت له فقال: قم كلم الآغا. فقمت معه إلى أن وصلنا إلى داره، فلما دخلت عليه قام واعتنقني وسلم علي سلام مودة بالغة، ولم يكن سبق لي صحبة معه ولا اجتماع. فأمرني بأني أُجعل خجا لأولاد خزنته فامتثلت، وأمر بأسبابي التي بالمدرسة أن يأتوني بها إلى مكانه الذي أنا فيه، وفرش أوضةً حسنةً بداره وخادماً، إلى غير ذلك من البر والإحسان والعلوفة مما لا يحصى، إلى أن ترقيت إلى المدارس إلى القضاء، وكل ذلك ببركة سيدي السيد محمد العباسي ودعاءه الذي دعاه. وفيه كانت الخلوة البردبكية بدمشق وذلك في محرم سنة 1112، وكانت الخلوة تحكم في ذي الحجة في سنة إحدى عشرة، في ذي الحجة قبل محرم، فلذا لم تذكر في سنة إحدى عشرة، والله أعلم. يوسف الحنفي وفي آخره توفي يوسف أفندي بالإسهال، وصلى عليه الشيخ عثمان القطان، ودفن في البقعة المقابلة لشباك الشيخ أرسلان، وذلك يوم الاثنين في المحرم من السنة المذكورة، عفي عنه آمين. كارثة الحج

الجردة تدرك الحجاج

صفر: أوله ورد نجاب من الحج، يخبر عن الحج، ومعه مكاتيب ينبغي أن لا تحكى، لما صار في الحج بمنزلة هدية من المهانة. والذي كان قدام لم يشعر بما صار في الآخر، وفقد خلق كثير من الحجاج والأزلام، وأخذوا المحمل والسنجق وحريم الناس، وأُخذ صوان الباشا وحريم، واستفك الحريم والصوان بمال مقدار أكياس، وغالب التجار جاءهم القواس، والذي سلم من القتل مشى، ومن عجز عن المشي تورمت رجلاه فهلك جوعاً وعطشاً. وأخذوا للسقا باشي ثلاثين حملاً تفاريق. وأما الجمال والأموال والأحمال فلا تحصى، إلى أن وصلوا إلى العلا، أراد العرب يكملوا عليهم في العلا، ويأخذوا الحج كله بأحماله وقتل رجاله، فإذا هم بمحمد باشا كيخية حسن باشا، وابن المطرجي وباشة الجردة بنحو عشرين بيرقاً، وهي التي كانت مع الجردة، وفاتوا عنها بيوم، فحموا بقية المشاة وسلم. وشلح من له في عسكر الجردة ثوبين، يلبس واحداً ويلبسوا العراة من نساء ورجال ثوباً واحداً، لأن حريم الباشا تعروا وفكهم بعدهم. الجردة تدرك الحجاج وفي يوم النهبة صار بدمشق ظلمة عظيمة حتى ظهر نجم في السما وقت الظهر. وقتل بالرصاص رجل يسمى الشيخ إبراهيم الحافظ: قاتل العرب مع المقاتلين فجاءه رصاص قتله. قيل إن العرب كانت أربعة ألف بارودة، وأن الشريف أربعماية فرخ، ما تحملوا العرب ساعة حتى راحوا على السيف. وبقي الشريف، وأصاب الرصاص فرسه قتلها. ولما رأت العرب الكواخي والبيارق وعلموا بها قبل العلا ترفعوا بعدما فعلوا ذلك، لم يعلم لهم خبر. وكان مرادهم يفنوا الحج كله، ويأخذوا ما معه. الشيخ يوسف الحنفي وفي يوم الاثنين عشرين في صفر، توفي يوسف أفندي، قاضي قبرص المذكور سابقاً، وصلي عليه بالجامع الظهر، وصلى شيخنا العلامة الشيخ عثمان القطان، ودفن بتربة الشيخ أرسلان في الصفة المقابلة للشباك. دخول المحمل وفيه في آخر صفر، دخل الحج والمحمل ومحمد باشا أفندي، بعدما قاسوا من المهالك ما لا يوصف. فمكث الناس ثلاثة أيام من غير الماء لحيلولة العرب بينهم وبينه، فهلك خلق كثير من العطش، ولا قوة إلا بالله. حبس أمير الحج ربيع الأول، في أوله حبس الباشا أمير الحج محمد باشا أفندي بقلعة دمشق، وذلك في يوم الاثنين. وقيل إن رأس هؤلاء العرب الذين طلعوا بهدية، رجل يقال له الدبيس من أرض العلا. وفيه كان سفر آخر الحج الرومي، كأمين الصر ونحوه. ربيع الثاني، وجمادى الأولى، لم يقع ما يؤرخ. حسن باشا أميراً للحج جمادى الثاني، ورد الأمر الشريف بأمرية الحج لباشة الشام حسن باشا، وأرسلوا له تقويةً بأكياس. وأخذ نحو الألفين من الجمال، وأربعة آلاف قربة، غير بيارق كثيرة. وجمع الزعماء والدولة. وأخذ ذخيرةً لا تحصى. وصهراً للسلطان وفي رجب عقد نكاحه على أُخت السلطان مصطفى، وأرسل شيئاً كثيراً إلى الروم من التحف والخيل ونحو ذلك. وفيه ورد صاحبنا إسماعيل آغا بن الخطاب بتولية السليمية. وعلي آغا بن دلاور آغا بالسليمانية وبالعوارض والخراج، ودخل تحت أكياس. مقتل الشيخ زين العرودكي وفي يوم الخميس الخامس من شعبان، دخل الشيخ عبد الرحيم العرودكي، خادم الشيخ أبي بكر العرودك بالصالحية، على أخيه الشيخ زين ذي المئزر، فرآه مسكراً عليه الباب، ففتحه فإذا أخوه مذبوح مغطى باللحاف، وكان عند زين هذا بعض نزوة، وكان عزباً في دار وحده يعاشر العتورة والفساق، وكان متهماً ببعض الأمور، سامحه الله، وغسل بعد المغرب، ودفن بالجبل، ولم يعلم قاتله بعد، ورمي على حارة الشيخ عرودك مال. الخواجا عمر السفرجلاني وفي يوم الخميس الثاني والعشرين من شعبان، توفي الخواجا عمر السفرجلاني، عن أربع وعشرين ولداً، ذكوراً وإناثاً، وصلي عليه بالأموي، وحضر الباشا للجامع، والقاضي وأعيان البلد، ولم يتخلف أحد من أهل دمشق، وكانت جنازته حافلة، ودفن بالباب الصغير. وكان يحب الخيرات ويكثر منها وعمر كم مساجد، وعمر مسجداً كبيراً له مئذنة، وله أوقاف ومبرات لا تحصى، وطرقات وقني، وله تعابين في الشهري والسنوي واليومي ما لا يحصى، ولم يكن في زماننا مثله في الخير، كان متواضعاً حليماً وقوراً.

مرض الباشا

وفيه ورد من الروم ابن شيخ الإسلام، مفتي السلطنة، قاضياً بمكة. وخرج للقائه الأكابر والأعيان، وجاء ناحية الصالحية ومر على تحت القلعة والباشا على يساره، وهو شريف، وخدمه أسعد أفندي خدمةً عظيمةً. رمضان، ورد الحج، نحو أكراد وداغستان، لكن الحج أقل من العام الماضي. مرض الباشا شوال: في أوائله، تمرض الباشا بالحميرا ودموية. وفيه حبس الباشا الرزنامجي محمد أفندي، ورفعه للقلعة، لكونه سكر، وذهب كسر باب كاتب الديوان من أجل غلام كان يحبه، فأخذه منه، فحمل إلى الباشا سكراناً. فأرسل الباشا خلف نائب الباب، عبد الرحمن أفندي الحلبي المتولي جديداً في الشهر المذكور، فأقام عليه الحد، ثم أرسله للقلعة، وهذا الرزنامجي يحب الأولاد والشراب، ولا قوة إلا بالله. أحمد الخلوتي وفي الأربعاء، سابع الشوال، صلي حاضرةً على الشيخ الفقيه الشيخ أحمد بن الشيخ جمعة الشافعي الخلوتي، وصلي عليه بجامع التوبة ودفن بالدحداح. وفي الشهر المذكور، كان تمام مدة السيد سيف الدين أفندي، وسافر في هذا الشهر إلى الروم. خروج المحمل 15 شوال وفي أحد عشر فيه، أُفرج عن الرزنا مجي على مال وفي يوم الاثنين خامس عشر الشهر طلع المحمل والباشا وفي السبت ثالث عشرين شوال دخل الحلبي. عبد الله العجلوني وفيه دخل باشة أدرنة للقدس ومعه نحو الألف خيال. وفي ثالث عشرينه أيضاً توفي العلامة زين الدين عبد الله العجلوني، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير قرب بلال. حمام الذهبية وفيه تمت عمارة حمام الذهبية، وهي كانت أطباق فوق أطباق للذهبية وطواقي النساء، ثم بطلت الطواقي زمان إسماعيل باشا بدمشق سنة 1107، بإشارة الشيخ أبي المواهب الحنبلي المفتي، وجعلوا موضع تلك الطباق والأماكن التي تخربت وانتركت من تلك الحرفة وهدوها حماماً مليحاً للجامع، وهو حمام كبير من الغايات، وهو بدرجين مطل على جيرون والنوفرة، وتكلف الحمام كثيراً، وعمل في مقابله حوانيت، وفتح في عيد رمضان. حماما السلسلة وانتهى تجديد حمام السلسلة الصغير ووسع، وكان صغيراً جداً، قبل انتهاء هذا بسنة، ووسع أُوضةً زايدةً في حمام السلسلة الكبير بتولية متولي المدرسة، الشيخ عبد الرحمن أفندي المنيني. والسلسلة الصغير لبني الغزي، والكبير نصفه للسميساطية، والباقي لأربابه، والذهبية كله للجامع. يوم الثلاثاء رابع ذي القعدة، وردت المزيربتية وأُخبرت عن الحج أنه بخير داود الترجمان وفي يوم الجمعة، رابع عشر ذي القعدة، دخل داود، ترجمان القاضي الكبير بالشام، حمام الذهبية، فمات عندما خرج، فغسل فيه، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالباب الصغير. دخول القاضي الجديد وفيه دخل قاضي الشام إبراهيم أفندي، خجاة السلطان محمد بن عثمان، وذلك يوم الخميس، آخر الشهر من ذي القعدة، وجاء يوم الجمعة وصلى بالجامع. وفيه خطب بالجامع صهر المفتي الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد أفندي الشامي، لتمرض المفتي الشيخ إسماعيل أفندي، ولتمرض نائبه مدة مرضه، وهو مصطفى جلبي الأُسطواني. الباشا يرفض دفع الصر وفي الجمعة، وردت أخبار العلا وأن الديبس تطلب الصرة من حسن باشا فلم يعطه وقال: ما عندي إلا السيف وكلمه في ذلك أكابر دولة الشام، كإسماعيل آغا الكيواني، وكان معه في الحج، وغيره من الأعيان ليعطي، خوفاً على الحج في الرجعة، وحذروه من العرب، فلم يمكن أن يرجع إلى كلامهم، فتركوا الأمر، ولا قوة إلا بالله. محرم الحرام سنة 1113 7 - 6 - 1701 أمير المؤمنين الحكومة وأول محرمها الثلاثاء، وسلطان مملكة العرب والروم وبعض العجم السلطان مصطفى بن محمد خان، بن عثمان، وباشة الشام حسن باشا بالحج الشريف، والمفتي أبو الفدا إسماعيل أفندي ابن الحايك، والمدرسون على حالهم، والقاضي الكبير إبراهيم أفندي، خجاة السلطان، وكان من العلماء الأجلاء، يحفظ القرآن والشاطبية والألفية وشواهد النحو، مما لا يحصى من الأشعار والفنون. إلزام المدرسين بالدوام وفي مدته حرج على المدرسين في مباشرة الدروس في مدارسهم، وصارت المباشرة ولله الحمد

كارثة الحج سنة 1113 هـ

فباشر المدرسة الجقمقية مولانا أسعد أفندي، والبلخية مولانا محمد أفندي القاري، والظاهرية، مولانا عبد الرحمن أفندي القاري في الدرر والغرر، والكمال الشيخ يونس المصري بالتقوية، وفي السليمانية مدرسها مولانا علي أفندي العمادي، والنورية مدرسها عبد الرحمن أفندي بن أحمد أفندي، مفتي الشام سابقاً، والمفتي الجديد إسماعيل أفندي بالشبلية بالصالحية، وكانت وردت له الفتوى سنة 1108 هـ، وغيرهم في بقية المدارس. كارثة الحج سنة 1113 هـ صفر في الخامس عشر فيه، وردت الأخبار بنهبة الحج من الدبيس في الرجعة عند أبيار الغنم، قرب العلا بأربع ساعات، بعد أن طلع طليعة بخمسماية فارس، فطلبوا الصرة، فقال الباشا: لا أعطي، ما عندي إلا السيف. سقوط القافلة بيد الدبيس وكان الباشا لما طلع للحج جيش جيشاً عظيماً، حتى لما دخل مكة ظنوا أنه السلطان، فاغتر في ذلك، فلما أيسوا من أخذ الصرة توجهوا للقتال، فكر العرب على عسكر الباشا وأخذوهم وشلحوا الأزلام وقتلوهم عن آخرهم، ومسكوا الحج، فكان على الجمل الواحد نحو الخمسة من العرب، فصار الحج مأسوراً إلى جهة الدبيس نحو غرب العلا، لا نحو الشام، بالخيام والصواوين والقضاة والكبراء، وأخذوا الحريم الذي في الحج كله، ومن شذ من الحجاج شلحوه أيضاً، أو قتلوه، فهفي أكثر الناس في الأرمان، وماتوا جوعاً وعطشاً، وأُخذ المحمل والصنجق، ووصل للعلا شرذمة قليلة من الناس، وبعض نساء عجايز عراة، ليس عليهم ساترة، وبقي الحج والجمال وأكثر الناس كالعرضى للدبيس، والنساء مأسورات، وغيرهن من الرجال والأولاد، والطفل يرموه، والعجوز يشلحوها، ثم يطلقوها. وهرب الباشا وحده مشلحاً، جلس تحت شجرة في الأرمان خارج العلا، وألقى على الشجرة ثوباً لأجل الظل. وأما الدواب، فكانت ترمي نفسها في البير لشدة العطش، وكان الحج تلك السنة كثيراً، لكن حزر على العرب الذين أخذوا الحج وقاتلوه ونهبوه نحو الخمسين ألفاً. وجمع الدبيس أموال الحج حتى بقيت الأموال كالبيادر، وأحمال التفاريق والدواب والجمال، مما لا يحصيه إلا الله تعالى. وكان للباشا في العلا بعض ذخاير، فذهب الباشا ماشياً إلى عند الدبيس غربي العلا، لفك المحمل والصنجق وقاضي مكة، صهر شيخ الإسلام بالروم، وشفعوا في تخت له وجملين، ورتبوا صراً لهذا الفكاك. أحوال الحجاج ثم من كان مع الجمال من المشاة والركاب أرسلوهم بالزلوط، والنساء أخذوهن. فأخذوا يمشون في البادية لا يدركون كيف الطريق، حتى هلك غالبهم. حتى من مر من هناك يرى الأموات من الرجال والنساء أجواقاً أجواقاً موتى. ولما ذهب حسن باشا إلى عند الدبيس، قام إليه زيدان، ابن أخيه وضربه على وجهه جرحه، فزجره الدبيس، قاتله الله. الباشا يفتدي الصنجق والمحمل ولم يقع أشد من هذه السنة للحج ولا أبلغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فرجع المحمل والصنجق وقاضي مكة والكل عراة جلس في التخت عارياً على الدف. ففي ثاني يوم، وصل محمد باشا بن بيرم، فأركب المنقطعين، على كل جمل اثنتين وثلاثة، ووزع أسباب الحجاج والجرداوية على الحجاج، ثم رحلوا بعد هذه المقاساة، فما قطعوا منزلة العلا، إلا توفي قاضي مكة ودفن في الطريق، رحمه الله تعالى. وفاة قاضي مكة وكانوا أنزلوه من التخت وعروه، فأخذ يمشي مع كبر سنه إلى أن وصل للعلا، ولعله حصل له من دله على طريق العلا. دخول الحاج 22 صفر وفي يوم الأربعاء ثاني عشرين شهر صفر، ورد الحج الشامي في حال غريبة، كلهم مشاة، حتى السقا باشي، وأمين الصرة، وجماعتهم وغيرهم، لأنه ما فضل عن الدبيس ولا دابة ولا جمل، كله راح، لأنهم أخذوا الحج على نحو خمس درج، فإن الحج كان متوجهاً للشام، صار كله نحو الدبيس بجميع ما فيه، والذي يهرب، يترك أحماله وعياله بعده، ولا يفلت منهم أصلاً، ولو ذهب من أي جهة. ولم يصل لا تخت ولا محارة ولا جمل ولا دابة إلا ما كان للجردة والباشا في العلا استعير له ماعون منها ليطبخ له شيء، وفيوا على رأسه بعباءة، ووصل فقيراً لا شيء له أصلاً. وأما التجار فلم يأت معهم الدرهم الفرد، والمقومين لم يبق لهم شيء، ولا ثوب ولا جمل ولا دابة، بل الكل بالزلوط، وما وصل إلا من كان عمره طويل، لأنهم يقتلوا ويشلحوا.

باشة القدس ينجد الحجاج

ولم يقدر الباشا يدخل مع المحمل، بل دخل كيخيته محمد باشا، وقاضي الشام، ولكن باشة القدس ابن بيرم، ظفر بجمال للعرب، نحو ثمانين، فأخذها، فاستعان بها على المنقطعين، وبلغه الخبر لما وصل لتبوك، فأسرع للعلا، وكانت النهبة في أبيار الغنم، موضع العام الماضي. باشة القدس ينجد الحجاج ولما وصل باشة القدس للعلا، رمى الناس تحت النخل عراةً لا خيام ولا شيء أصلاً، ولا شيئاً من المأكول والعليق، ولا جمال ولا دواب، والباشا تحت شجرة فوقها عباءة، وذخيرة العلا فرقها على الحجاج. وأردف ابن بيرم جماعته على خيل: اثنين اثنين، والجمال اثنين أو ثلاثة وبالدور، ولولا ابن بيرم وصل العلا، لهلكوا عن آخرهم لعدم الذخيرة ودراهم للشراء. وتعوق الحج عن عادته اثني عشر يوماً، والعادة أنه في خامس صفر، ولكن تعوقوا حتى خلصوا المحمل. سفر الباشا وبعد مدة سافر الباشا وحده، ومعه آغا المفردة، ولم يجعل موكباً ولا طبلاً ولا زمراً خوفاً من العامة، وفي الدخول دخل ليلاً ولم يشعر به أحد، ودخل مع المحمل الكيخية فقط. وحسب مال الحج الحلبي وحده سبعة عشر كيس، وإذا كان كذلك، فما بال الحجوج الباقية، والحلبي لا يجي الربع. وصار مع العرب من التحف والذخاير والتفاريق وثقل الباشا ونحاسه وخزنته وصوانه والفرش والدواب والفراء المكلفة من السمور ونحوه، مثل التفاريق السلطانية وأموال جميع من في الحج. والخواجا ابن بيرك الحلبي، كان معه أحمال من الذهب والفضة، نحو مايتي كيس فأكثر، أو خمسماية، لأجل الصرف، وفيه من هو مثله وأمثل، وهذا قدر الصر ألف مرة، وكله من حبس المال وترك الصدقة. حكاية الصر وهذا الصر من جملة أوقاف البر، معدود من الصدقة، فلما منعوه، انظر كيف صار، ولو دفعوه لدفع الله عن الحج هذا السوء الذي صار. وكيف حال، من له علوفة أو صدقة أو رزقة وتنقطع! أما يروم القتل عليها ويستسهل إهدار دم نفسه؟ وهؤلاء العرب تنتظر الصر من السنة للسنة، واعتادوا عليه، ولكن المقدور ما منه مهروب. خلق السبب والمسبب، فلم تقدر الصدقة، فلم يقدر الحفظ من أذى هؤلاء. أحاديث عن فضل الصدقة قال عليه السلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة. وقال عليه السلام: الصدقة تدفع ميتة السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، رواه الترمذي وغيره. وعن أبي ذر الغفاري قال: الصلاة عماد الدين، والجهاد سنام العمل، والصدقة شيء عجيب قالها ثلاث مرات. وسئل عن الصوم فقال قربة فليس به هناك، قيل فأي الصدقة أفضل؟ قال أكثرها، ثم قرأ: " لن تنالوا البّر حتَّى تُنفقُوا ممَّا تحبُّون "، قيل فمن لم يكن عنده ذلك؟ قال: بعفو ما له، يعني يتصدق بفضل ماله. قيل فمن لم يكن عنده مال؟ قال بفضول طعامه. قيل فمن لم يكن عنده ذلك؟ قال يعين، بضم الياء وكسر العين وسكون الياء الثانية. قيل فمن لم يفعل؟ قال يتق النار ولو بشق تمرة. قيل فمن لم يفعل ذلك؟ قال يكف شره عن الناس ولا يظلم أحداً ذكره السمرقندي. قلت: والكلمة الطيبة صدقة، وسقي الماء صدقة. وعنه عليه السلام: ما من رجل يتصدق بصدقة يوماً وليلةً إلا حفظ من أن يموت من لدغة أو هدمة أو موت بغتة. وفي حديث أبي هريرة: ما نقص مال من صدقة وعن ابن مسعود: درهم ينفقه أحدكم في الصحة أفضل من مائة يوصي بها. فضائل الصدقة العشرة قال بعضهم: في الصدقة عشر خصال محمودة: خمسة في الدنيا، وخمسة في الآخرة أولها تطهير المال كما قال عليه السلام: إن بيعكم يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة. والثاني تطهير البدن، كما قال تعالى: " خُذْ من أموالهم صَدَقَةً تُطهِّرهم وتزكّيهم بها ". الثالث أن فيها دفع البلايا والأمراض، كما قال عليه السلام: داووا مرضاكم بالصدقة. الرابع، فيها إدخال السرور على المساكين، وأفضل الأعمال إدخال السرور على أخيك المسلم. الخامس أن فيها سعة المال وسعةً في الرزق، كما قال تعالى: " وما تنفقوا من شيءٍ فهو يخلفُهُ وهو خير الرَّازقين ". وأما التي في الآخرة: أولها أن تكون الصدقة ظلاً لصاحبها في الآخرة من شدة الحر. الثاني أن يكون بها تخفيف الحساب. الثالث أنها تثقل الميزان. الرابع أنها نور على الصراط. الخامس أنها زيادة في الدرجات في الجنة. دخول أصلان باشا

الباشا يسترضي العرب

وفي آخر صفر توجه حسن باشا خفيةً بغير طبل ولا زمر، بغير موكب. وفي يوم الأربعاء، خامس ربيع الأول، دخل كافل دمشق أصلان باشا اللادقي، وكان كافلاً بترابلس، وأن مال ترابلس الذي عليه يصرفه على الحج، ودخل بموكب حافل من على السنانية. وفي الجمعة سابع الشهر، صلى الجمعة بالجامع الكبير، وقدامه الريش والإيباشية والجربحية والجاويشية والكواخي، وانكبت الناس عليه للفرجة. الباشا يسترضي العرب وفي جمادى الأولى، أرسل طيب خاطر كليب، وأعطاه صرته وسلفةً عن السنة القابلة كم كيس، على أن يتضمن أمر الحاج إلى المدينة، ويتكلم مع الدبيس، شيخ بلاد العلا، وفرق على العرب قماشاً وجوخاً وأكرمهم، وأرسل هدايا وطيب خاطر الكل. وأنه لا يقطع عليه من الصر شيئاً، وعرض له بأمر الصلح للسلطنة، والله يحسن الحال. الشيخ إسماعيل الحايك وفي جمادى الأولى، يوم الاثنين، الثالث عشر منه، توفي مولانا العالم العامل العلامة مفتي الإسلام الشيخ إسماعيل أفندي المفتي بدمشق، والخطيب بها، الشهير بابن الحايك. كان علامة وقته في العلوم، وانتهى فقه الإمام الأعظم إليه. وتوفي بمرض الاستسقاء، وصلي عليه الظهر بجامع المصلى، ودفن شرقي أُويس، رضي الله عنه، آمين، وتولى الخطبة مصطفى جلبي الأسطواني، والفتوى بعد لم تأت من الروم. منصور الدرزي في دمشق وفي جمادى الثاني، جاء الأمير منصور الدرزي مع باشة الشام، وهو الذي كان تزوج الامرأة بلا عقد نكاح، وتقدم ليواجه به الأكابر، ونزل دار مرتضى باشا قبلي الشالق، وشمالي جامع البغا. وعمله الكافل آيا باشياً وصنجقاً على وادي التيم، وصار يأتي إلى عنده الأكابر، وفتح بابه. غرامياته في صفد وكان منصور الدرزي يحب النساء، حتى نزل على بنت بصفد، في بيت أبيها، فكتفه وفتح البنت. وكان بلغ أهالي دمشق أموره، حتى أرادوا يجيشوا عليه عسكراً كثيفاً. ثم إنه في دمشق، أراد أن يتصرف فيها وتم على ما هو عليه من الفحش، خصوصاً وأن كلمته نافذة عند أصلان باشا، وصار الناس تروح وتجيء إلى عنده وبعض الأكابر الذين انتفعوا به. حكايته مع المرأة الدمشقية وصار يطلب نساءً، كلما سمع بامرأة يطلبها خفيةً، حتى إنه سمع بامرأة بالميدان حسناء، فراح إلى عندها، ومعه من جماعته اثنان. فبينما هو في دارها، وإذا برجل من تركمان الحقلة ينكجري، دخل عليه ومعه دبوس وقال: ما تعمل هنا؟، فارتبك منه وفزع فزعاً شديداً، ثم قوى نفسه وقام إليه منصور. فلما قام إلى الينكجري ضربه بالدبوس على رأسه أرماه إلى الأرض، وإذا بنحو من عشرين حقلجياً دخلوا إليه مسكوه وفعلوا معه الفاحشة، ثم عرضوا عليه القتل فاستغاث، فقالوا: الذي يتخطى حريم المسلمين له أكثر من ذلك، ثم إنهم أطلقوه وأخذوا ما معه وشلحوه. فخرج من بينهم حافياً بقنباز وقميص، وأخذوا الباقي. وصار هذا الخبر مع النساء والأولاد وعملوا فيه الغناني، والمغنون تقولها، وتم ذلك أكثر من شهر. ثم خرج إلى بلاد الدروز بلاده، وقيل إن المرأة لم يكن بها شيء، وخذل الله الملعون على يد التركمان الحقلجية، ولله الحمد. حكايات أخرى عنه وهذا بعد أن صيره أصلان جربجياً بريشة، ثم صار صنجق وادي التيم، وكان مراده أن يتهجم على نساء الأكابر وينزل على البيوت بجماعته، كما كان فسد في صفد، لأنه كان بها، كلما سمع ببنت حسناء أو امرأة كذلك، جاء إليها ليلاً ومعه كم بارودة مع جماعته ويكتف أهلها من نساء ورجال، وكل من زعق قتله، ويرسل كيخيته حتى لا يطلع عليه أحد، ويصيح ويقول: ما رحت ولا جيت، ولكن " كفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويَّاً عزيزاً " الشيخ محمد القطان ثالث جمادى الثانية. في السنة المذكورة، سنة 1113 توفي الرجل الصالح الشيخ محمد القطان الفاضل الفقيه النحوي الشافعي الخلوتي بالصالحية، وصلي عليه بالخاتونية، ودفن بالسفح. قرأ في بدايته على الشمس بن بلبان، وحفظ القرآن، وأخذ عنه عيسى الخلوتي، وكان صالحاً ورعاً متعبداً ناسكاً لا يقطع قيام الليل، وكان يتحرف بالقطن، ويأكل من كسبه. رجب لم يقع فيه ما يؤرخ. الشيخ عمر التغلبي

تعيينات

وفي شعبان، أوله، توفي بالصالحية الشيخ عمر بن الشيخ رسلان التغلبي عن نحو سبعين سنة، ودفن عند العجمية بقاسيون، وهو من ذرية الأولياء وأرباب الأحوال، وأخرجوا معه الأعلام، بفتح الهمزة. تعيينات وفيه وردت الفتوى للشيخ أبي الصفا بن أيوب، وخطبة الجامع لمصطفى جلبي الأسطواني، مدرس الجوهرية، بعد إسماعيل أفندي المحاسني. وافتى في مدة شغور الفتوى، إلى حين الجواب من الروم، مولانا الشيخ عبد الغني أفندي النابلسي. شهر رمضان: ورد حجاج من الروم من كل فج. شوال: كان العيد الاثنين. القافلة وفي حادي عشره طلع الحج، والمتعين عليه الأمير كافل دمشق أصلان، باشة الشام. محمد باشا وفيه بلغنا أن محمد باشا، كيخية حسن باشا، قتله السلطان، لأنه كان ضمن أمر الحج لحسن باشا المنهوب، وأعطى حسن باشا المنهوب قلعةً بعيدةً في أطراف بلاد الروم. الثلوج تعيق الحجاج ذو القعدة: وردت في أوله المزيربتية، وأخبروا عن الثلج أنه كان كثيراً بحيث كاد الحج أن يهلك، حتى اجتمعوا ودعوا واستغاثوا إلى الله سبحانه من شدة الثلج وكثرته نحو عشرة أيام، وصار على الخيام قامات، وراح جمال وخيام في طريق المزيريب. الشيخ إسماعيل بن بيليك وتوفي بالدنق إمام الباشا الشيخ إسماعيل بن بيليك، ولم يكن في دمشق أحسن صوتاً منه، وذلك عند الصنمين، ودفن في الطريق والحج ماش رحمه الله. الشيخ عبد القادر الدسوقي ذو الحجة: أوله الأحد، يوم الخميس الخامس، فيه توفي الشيخ الصالح الولي السيد عبد القادر الدسوقي، وصلي عليه بالأموي الظهر، ودفن بالباب الصغير، وكانت جنازته حافلة لم يعهد مثلها من سنين. مقتل أمير نابلس وابنه وفي الشهر المذكور قتل الأمير ابن الشافعي النابلسي، من أمراء نابلس وأكابرها. وفي ثاني عشر، فيه قتل ولده، وأُرسلت رؤوسهما إلى الروم وبقيا كل منهما عند باب السرايا ثلاثة أيام. طرد ابن القواس من نابلس وفيه لم يتم لابن القواس أمر نابلس، وجيشوا عليه. وفيه ورد قبلان لدمشق، وسافر لنابلس، وعمل صلحاً بينهم وبين ابن القواس ليدخل إليها، لأنه أُعطي كفالتها، ولم يمكنوه منها لما صار منه في المرة الأولى، فإنه عاد وفسد وخرب دور بعض أكابرها، وقتل رجلاً شريفاً صالحاً، وفحش في تلك الديار ما لا مزيد عليه. وكان في زعمه أن ذلك أخذ ثأر للباشا الذي قتلوه في السنة التي قبل سنة. ثم أراد قبلان حين وصل، الصلح، فلم يمكن، فعاد ابن القواس ترك الأمر، وعاد إلى دمشق لداره، ثم بعد أيام ورد لها كافل من الروم ولم يتعرضوا له بشيء. الشيخ معتوق وفي ثامن عشر ذي الحجة، توفي الرجل الصالح الشيخ معتوق في الصالحية من مجاوري العمرية بالطاعون، وغسل بها وصلي عليه بجامع الحنابلة، ودفن بالروضة، فوق صفة الدعاء. محرم الحرام سنة 1114 محرم الحرام سنة أربع عشرة وماية وألف 28 - 5 - 1702 أمير المؤمنين الحكومة وسلطان ممالك الروم، وبعض ممالك العرب وبعض ممالك العجم مصطفى خان بن محمد خان بن عثمان. والوزير بدمشق أصلان باشا اللادقي. وقاضي الشام إبراهيم أفندي، خجاة السلطان محمد. والمفتي بدمشق مولانا أبو الصفا أفندي. والمدرسون على أحوالهم. في عاشره، عزل قاضي الشام، وتولى نيابة الباب عبد الرحمن أفندي الحلبي. نجم طويل وفيه طلع نجم طويل بذنب، كان أوله عند الربوة من نجمة صغيرة، إلى مادنة الجامع الكائن بالأبارين، ثم اختفى بعد أيام. وفي تاسع عشر محرم، دخل الحج وأصلان باشا والمحمل، ولم يعرض شر، وأما الدبيس فصالحه الباشا وأرضاه، وذلك يوم الجمعة. مقتل أزعر وفيه أن شخصاً كان يحب إنساناً، فوداه في تربة باب الصغير فقتله، فمسكوه وجيء به للحاكم. فأرسل إلى عمه الحاج حسين آغا، خادم نبي الله يحيى عليه السلام، فقالوا: هذا قاتل ابن أخيك، وقد أقر بالقتل، وهذه الشهود، فقال أنتم في حل من قتله، هذا مستاهل القتل من زمان، وذكر مساويه، فعاد الحاكم أخرج القاتل وأطلقه. صفر: لم يقع ما يؤرخ فيه. دخول القاضي الجديد ووفاته

خليل الموصلي

وفي ربيع الأول، في أوله، ورد قاضي الشام الجديد مصطفى أفندي الرومي من الروم، ولم يصل الجمعة إلا مرةً واحدةً، وذلك جمعة دخوله، ثم تمرض بالإسهال والدم نحو عشرة أيام، ففي يوم الاثنين عاشر ربيع الأول، توفي القاضي المزبور، ودفن عند بلال رضي الله عنه. وفي شهر ربيع الثاني، ورد يوم أوايله، ابن شيخ الإسلام من مصر، وهو الذي كان قاضي مكة، وتقدم ذكره في دخول دمشق. خليل الموصلي عاشر ربيع الثاني توفي مولانا العالم الماهر العلامة تقي الدين خليل بن الشيخ الأديب الأكمل، الماهر الأريب عبد الرحمن الموصلي، بالسكة غربي الصالحية، وصلي عليه بالسليمية ودفن عند ضريح تربة الشيخ الولي الشيخ محمد الزغبي، بالزاي المعجمة والغين المعجمة، جواره، غربي القبة. وكان من العلماء الأجلاء. اشتغل في فنون كثيرة من الفقه والأصول والنحو والصرف والفرايض والحساب والجبر والمقابلة وعلم الفلك والهيئة والهندسة والمساحة، حتى في وضع الأوفاق وعلم الشمس وغير ذلك. قرأت عليه حصةً وافرةً في شرح جمع الجوامع في الأصول ورسالة الأندلسية في العروض، رحمه الله وعفا عنه. محيي الدين السلطي وفي يوم الاثنين، ثالث ربيع الثاني، توفي شيخ الأدب بدمشق، الشيخ محيي الدين السلطي الماهر الناظم، وهو قيم الأدب ومرجع أصحاب فن الموسيقى والطرب. له ديوانه المشهور، وله كتابه الجمانات بالأدب وهو من ذوي النكت والنوادر، وصنف في علم النحو ومن نظمه: شعره: قالت الحسناء يا من في شجن ... هل فني بالله حسني يافنن أو لحالي شبهٌ قلت فمن ... ربّ خالين مطبوعين من تعطني منك على صحنٍ ذهب ... فهو ممنوحٌ وإن صدّ وإن منائي رشف ريقٍ من فمٍ ... فإذا لام عذولي قلت: من حسن عذاريه بدا عذري ومن ... وجنته أصبح الورد مجن وله موال قوله: ربّ خالين مطبوعين مقرونين ... تعطي مسك على صحنين ذهب خدين من عذاره بدا عذري من الخدّين ... الورد أصبح عجب زاهي على الخدّين الخد الأول خد الدمع وطريقه في وجهه وهو أثر الحرمان، وهو سواد في الخد، والخد الثاني: الوجنة. وصلي عليه بالأموي ودفن بالباب الصغير. دخول المتسلم الجديد آخر ربيع الثاني، ورد متسلم الباشا الجديد وعزل أصلان من إمرية دمشق والحج. وفي ثامن عشره ورد له إقرار بالإمرية وباشوية ترابلس، والله يحسن الحال. وفي آخره سمع بقرب الباشا الجديد، فخرجت الملاقية فلم يروا له خبراً، ثم ورد أنه معزول فخفف المتسلم وهرب ليلاً، ولم يحاسب على المال الذي أخذه، ثم إنهم عاودوه وقالوا له: خروجك على هذه الكيفية لا يليق، حتى يجيء المتسلم الجديد، وتتحاسب أنت وإياه، وهو إلى الآن، ولم يعلم الغداة بعد لمن يتوجه. الشيخ أحمد البعلي يوم الخميس آخر جمادى الثاني، توفي الشيخ الصالح الفقيه العالم الكامل الفرضي النحوي الشيخ أحمد بن السبحان البعلي الحنبلي مفتي بعلبك في مذهب أحمد، وصلي عليه بجامعها، ودفن عند الشيخ العارف الولي، عبد الله اليوناني الحنبلي. أخذ الفقه الحنبلي عن الشمس بن بلبان بدمشق، وجاور بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر لأجل القراءة عليه، وقرأ في العربية والفرائض والحساب، وتقدم ذكره في الأول. ولاية محمد بيرم باشا رجب وفي يوم الأحد ثامن عشره، دخل باشة الشام محمد باشا بن بيرم الأركلي، منفصلاً عن القدس الشريف. وفي ذلك اليوم خرج باشة القدس إليها، ويقال له أشقر محمد باشا، وخرج لوداعه الأكابر، وكان أشقر مهاباً عليه السكينة والوقار، يكره الظلم، غاية في العلم والحلم والأدب. شعبان، لم يقع ما يؤرخ فيما أعلم. اغتيال الشيخ محمد الخطيب رمضان ثامن عشرينه، توفي الفقيه العالم العلامة مفتي الحنفية ببلدة بعلبك الشيخ محمد بن عبد الرحمن الخطيب الحنفي مقتولاً بالرصاص ببندقية من بعض الأعداء، في أوضته في داره خارج الحريم، وكان عنده ولده وبعض أصحاب، ومعه كتاب يطالع به بعد ما جاء من صلاة التراويح من جامعها الكبير، ففتح رجل الباب سراً أطلقها فجاءت في صدره، فقتل في الحال، ولم يعلم له خبر إلى الآن.

قافلة الحج 3000 جمل

وكان من الفضل والعلم على جانب عظيم. له اجتهاد كلي، وكان يعمل درس الحديث في الثلاثة أشهر بالجامع، وقرأ بدمشق على أفاضلها مدةً مديدةً، وله فهم ثاقب لا يفتر عن المطالعة ولا لحظة، وهو من ذوي المال والثروة، وربما إنه كان في سن الثلاثين، وتوفي المذكور بعد حسين آغا كتخدا شيخ الإسلام، وبعد المفتي الحنبلي الشيخ أحمد بن السبحان. وكل من هؤلاء، ممن اعتصب على الشيخ محمد بن مفتي الشافعية البهائي الشافعي، وكان له سنة في حبس دمشق، وتوفوا الثلاثة في السنة التي حبسوه فيها، فأُخرج بالضرورة، لأنهم توفوا في أواخرها. والبغي مصرع مبتغيه وخيم. فقد ورد في الحديث عنه عليه السلام فيما رواه حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوصى عليه السلام رجلاً بثلاث خصال، فقال له: أكثر من ذكر الموت ليشغلك عما سواه، وعليك بالشكر فإنه زيادة في العمر والرزق، وعليك بالدعاء فإنك لا تدري ما يستجاب لك. وأنهاك عن ثلاثة: لا تنقض عهداً، ولا تسعى على نقضه ولا تستمر على معصية، وإياك والبغي، فإنه من بغي عليه لينصرنه الله، وإياك والمكر فإنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله. ذكره الأردبيلي في تفسيره. ولا زال مضيقاً على المزبور إلى أن قيل: القول قول شيخ الإسلام وأولاده وأحفاده في سائر بلاد بني عثمان، وهذا راجع، وبه أُخرج كما ستأتي قصة قتله، فله نحو السنة وأشهر بالقلعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قافلة الحج 3000 جمل شوال في أوائله سافر للحج الشريف محمد باشا بن بيرم، وخرج المحمل والحج وكتب عسكراً من المغاربة والهنود والروم والأكراد، وجمع جمعاً كبيراً وطيب خاطر كليب وأعطى الصرر بتمامها إلى أربابها، ولم يعارضه معارض حتى رجع، وكان معه من الجمال ثلاثة آلاف جمل. ذو القعدة، وفيه كثر الوباء والطاعون ولا قوة إلا بالله. الشيخ محمد الأكرمي وفي يوم الأربعاء تاسع عشرين ذي الحجة، توفي الشيخ محمد بن الشيخ حسين الأكرمي الحنفي الصالحي، من خدام الشيخ محي الدين بن عربي، وذلك بالطاعون، وكان تزوج جديداً من نحو أربعة أشهر. وصلي عليه بالسليمية ودفن بالسفح قرب إلايجية. الشيخ عبد القادر الصمادي وفي يوم الخميس في اثني عشر من ذي الحجة، توفي الشيخ عبد القادر الصمادي صاحب الطريقة الصمادية القادرية، عن ولد صغير وأخ كبير يقال له السيد صالح. وكان المذكور عهد لولده، فعاد الأكابر وأقاموا مكانه أخاه السيد صالح، وسكن دار أخيه، واستولى على جميع ماله وصلي عليه بالأموي ودفن قرب سيدي بلال، رضي الله عنه. محرم الحرام سنة 1115 27 - 5 - 1703م الحكومة وسلطان مملكة العرب والروم وبعض العجم مصطفى خان ابن محمد خان ابن عثمان، والباشا بالشام ابن بيرم بالحج الشريف، وقاضي الشام إبراهيم أفندي، والمفتي أبو الصفا أفندي، والمدرسون والدولة بحالهم، وأوله الخميس. عمر جلبي الجابي وفي رابعه، يوم الأحد، توفي عمر جلبي الحلبي بالطاعون، من كتاب المحكمة العسكرية، عن وظائف كتبها كلها على ولده عبد الرحمن أفندي الحلبي، ودفن بتربة باب الفراديس. محمد شاهين وفي يوم الجمعة تاسعه، توفي بالصالحية محمد جلبي ابن شاهين، ترجمان المحكمة العربية، وهو من ذرية الحاجب الأمير درويش محمد، صاحب الجامع بالصالحية، قبلي المدرسة العمرية، وصاحب الخانقاه الكاينة فيه، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بالسفح أعلى العجمية، عند تربة الحاجب، وقام مقامه ولده إبراهيم جلبي، وكان عاقلاً كاملاً كثير النصت، وهو متولي الجامع المذكور. الشيخ إبراهيم الخلوتي وفي حادي عشر الشهر، الثلاثاء، توفي مولانا الشيخ إبراهيم بن الوجيه أيوب الخلوتي، صاحب الطريقة الخلوتية، وشيخ السلطنة العثمانية، وصلي عليه بالأموي، ودفن بتربة الفراديس الشرقية عند والده العارف أيوب، رحمه الله تعالى، وكان صاحب ثروة، وعليه تدريس المدرسة الحافظية قبلي الشبلية، ومدخولها حسن جداً. وكان حسن الصوت. أخذ طريق الخلوتي عن السيد محمد غازي الحلبي، خليفة إخلاص دده الخلوتي، وأذن لبني أيوب بالخلافة، فجلس الشيخ إبراهيم وبايع، ثم بعد مدد طويلة كبر سنه، وتعب من المداراة وأخذ الخواطر، فأجلس مكانه أخاه الشيخ أبو السعود الخلوتي المبايع لغازي، وبايع وأقام طريقته إلى أن توفي. عفي عنهم آمين.

قاسم آغا

قاسم آغا وفي يوم الاثنين، ثالث صفر الخير، توفي الشاب الكامل قاسم آغا ابن قاسم آغا متولي السنانية بالطاعون، وأُعلم له، وصلي عليه بالجامع الكبير عن ولد صغير، فأُقيم وكيل في التولية، يقال له السيد حسن، ولم يعلم لمن تتوجه، بل بني قاسم مشروطون في التولية بشرط الواقف. دخول المحمل 10 صفر وفي التاسع منه وهو الأحد، وصل الوفد عند العصر، ودخل يوم الاثنين المحمل والباشا بموكب عظيم، ونزل الباشا بالميدان الأخضر، وأخبروا أن الباشا سلب مقرر أكري بوز وحطه في القيد في قلعة تبوك وصب في قيده الرصاص، وكان كتخدا عنده في طريق الحج، قيل بلغه أنه يسبه وشتمه، وقيل إنه أراد أن يكتب لبعض عرب صبرا، وكانوا جعلوا له مالاً. زيدان يهاجم الجردة وفي قلعة معان خرج على الجردة زيدان أخو الدبيس، ونهب ما فيها وأراد الرجوع بعد ذلك على الحج، فبلغ كليب فركب هو وأميرها ابن القواس فكسروه. ولما دخل الباشا إلى معان كان عسكر الجردة راكباً على زيدان، فصبر الباشا حتى يجيء الخبر، وإذ بالبشاير وردت بالكسرة لزيدان، لأن الباشا بمجرد ما وصل أراد اللحوق بهم فصبروه إلى العشي، فعند العصر جاء الخبر بالنصرة على الجلالية، ورجعوا بالغنيمة، ولله الحمد. محمد الاسطواني ربيع الأول، وأوله الأحد، توفي مولانا القاضي محمد أفندي ابن الاسطواني، الباش كاتب بمحكمة الباب، ودفن بمقبرة الفراديس. سليمان القادري وفيه، ربيع الأول، الأربعاء رابع ربيع الأول، توفي بالمرض العام السيد سليمان خادم الشيخ رسلان بن سليمان القادري، ومدرس جامع السلطان سليم بالصالحية، وخطيب التكية السليمانية، عند الميدان الأخضر، وكان عليه وعظ بالسنانية نحو أربعين عثمانياً، وغير ذلك، بل قيل كان عليه ألف عثمانياً. درس بعد العصر في الثلاثة أشهر عند محراب الشافعي مدةً ثم ترك، ودرس مدةً بين العشاءين في الحديث والرقائق مدةً ثم ترك ذلك، فوجه التدريس لمولانا الشيخ عبد الغني، والوعظ للفاضل البارع الشيخ عثمان بن الشمعة الشافعي، والخطابة وبقية الوظائف على ولده مولانا السيد أحمد. الشاب محمد عويدات وفي يوم الأربعاء أواسط شهر ربيع الأول، توفي الشاب الطالب العلم الشيخ محمد بن الحاج عبد المحسن الشهير بابن عويدات الصالحي الحنفي بالمرض العام، بالصالحية، وكان تولى كتابة الصكوك بالعونية، خدم الطلب مدةً، فقرأ طرفاً في النحو على الشيخ خالد، وشرح القطر إلا كراس، والقواعد الهشامية، في المنطق لحسام كافي، وحاشية البردعي عليه، وملا جلال وشرحه للقاضي، وحصة من شرحه الكبير للكلائي، وحصة من شرح الفنري للتمري الهندي إلى بحث الجنس، ورسالة ملا حنفي في آداب البحث، وفي شرح المختصر إلى حد الفصل والوصل، وكان يعرف العربية والتركية والفارسية، وله نظم، ومن نظمه قوله: شعره: عليك بعلم المنطق البهج الذي ... به الإنسان إن قام أو دعا يقلّد نحر النّاس عقداً منظّماً ... ويلبس للأفكار تاجاً مرصّعاً وله: النّحو يرضع للأذهان من لبنٍ ... لو شابها نور ذاك البدر لانكسفا فكلّ من يرتوي من شربه أبداً ... من الأفاضل معدودٌ من الشّرفا وأنشد في بعضهم له مواليا قوله: ما حرّك العشق إلا قدّك الميّاس ... يا من ضيا ورد خدّه فاق على الماس من عانقك يا مهفهف بعد ردّ الكاس ... حظي على عزّ ما نالو بنو العباس وصلي عليه بعد العصر، ودفن بقاسيون في الروضة. عسكر التجريدة وفي ثاني عشرينه دخل جلبي يوسف باشا، باشة حلب، ونزل صدر الباز، وكان أميراً حليماً من خيار الناس، ومعه نحو الألف خيال وزعماء حلب، وذلك للركوب على جلالية العرب، وهو سردار على سبعة باشاوات، وبعده بثمانية أيام، ورد قرا بولاد العبد، ومعه نحو الخمسمائة. فتنة كبرى في العاصمة

قضية شيخ الإسلام

ثم وردت الأخبار بحصول فتنة عظيمة بإسلام بول من العسكر والرعية، لكون أن شيخ الإسلام أشار على السلطان مصطفى، بقطع علايف القول ممن لا يصلح للسفر لصغره أو كبره، ومن أجل أن شيخ الإسلام جعل مالاً للنصارى ومكنهم من عمارة قلعة شمالي إسلام بول، ومن كونه شاع عنه الرفض، فقام القول والرعية على السلطان، وأن يسلمهم شيخ الإسلام، فهربا إلى محروسة أدرنه. قضية شيخ الإسلام وكان النصارى طلبوا المال، فضاق الحال، فعمل شيخ الإسلام الحيلة في قطع العلايف. كذلك ولعدم السفر، واستيلائه على مناصب المملكة: فالوزير صهره، وقاضي استنبول ابنه، والآخر قاضي مكة، وقاضي العسكر والنقيب وقائم مقام من أقاربه، ويعزل من شاء، ويركب من شاء. فقامت عليه الرعية والدولة، وهم ثمانون ألفاً ومعهم جميع أهل إسلام بول، فخيموا الخيام ليركبوا على أدرنة بعساكر وأجناد لا تحصى مع التوابع من الرعية، فقالوا للسلطان: لو علمنا أن علينا للنصارى جوالي ما تركنا القتال. فقال هم: ما المراد؟ فقالوا شيخ الإسلام وكانوا قتلوا من أولاده ومن جماعته بإسلام بول، حين المواجهة بأدرنة مع أهالي استنبول فقيل: ما المراد؟ قالوا العزل أو تسليم شيخ الإسلام. الفوضى في استانبول وحصل بسبب شيخ الإسلام اختلال وطمع بالغ فيما وضب لهم من المال والإذن لهم بعمارة قلعة وغير ذلك من الاستيلاء على أكثر المناصب، فإن القائم مقام، والوزير، وقاضي العسكرين، وقاضي إسلام بول، كلهم أصهاره وأقاربه. والحاصل في هذه الفتنة، نسوا أمر الحج الشريف ولم يرسلوا جواباً لمن تعين ووصل إلى دمشق من العسكر والباشات لتلك الشغلة. فعاد يوسف باشا سافر إلى حلب، ومعه الزعماء رجعوا أيضاً لأنهم أرسلوا كم عرض ولم يأت الجواب. فسافر يوم الجمعة شروق الشمس، وكان خرج قبله بيوم زعماء حلب، وأما محمد باشا فعلى حاله، وذلك في أواسط ربيع من السنة المذكورة. حكاية الباشا والدائن ومما وقع في تاريخه، أن امرأةً دخلت بعرض حال على محمد باشا ابن بيرم، محصله، أن زوجها محبوس على خمسماية غرش، فأمر بإخراجه وأرسل إلى غريمه وأوقفهما، فقال للرجل الداين: لم حبسته؟ قال إن لي عليه ديناً بموجب حجة، فأخذ الحجة منه فنظر فيها وأطال التأمل، ثم قال للمحبوس: أعطه دراهمه، فقال: أنا فقير ولا أقدر على الوفاء، وهذا الباقي علي من مال الفائدة لا من أصل الدراهم، فقال للغريم: ما تسمح له بشيء، فأبى، فقال أنا أعطيك مائتي غرشاً، وإنه لم يبق له عنده شيء، لأنه جعله صلحاً على تلك الخمسمائة فتناول الحجة وذهب واقتضى المديون، وذهبت المرأة وزوجها. فبعد ثلاثة أيام أرسل الباشا بخلف الغريم المداين وقال له: أنت تدين بالفائدة فأعطني كيساً، فأبى، فقال: أُعطيك رهناً فأبى، فأخرج له رهناً إبلاً نحو المائة وقال خذها إلى أن أُعطيك الدراهم فأبى، فأودعه الحبس بالقيد ثم أطلقه على كيس فأتى له بها حتى أطلقه، وله ماجريات كثيرة. حكايته مع أهل حرستا ومما حكي أن أهل حرستا، كان عليهم اثنى عشر كيساً لرجل يقال له حسن جاويش من أهالي قلعة دمشق، فشكوا إليه حالهم، وأنها وصلته ما عدا ستة أكياس، ولم يقدروا على وفائها، والحجج باقية معه لم يعط ما وصل منها، فأرسل وراءه وأودعه الحبس، وأخذ أرسل الحجج وأبطلها، وطلب منه المال الذي أخذه من الفلاحين، فخرج تحت كم كيس، وخلص أهل حرستا من دينه، وكانوا زمناً طويلاً عجزوا حتى صارت تكبر وتزيد عليهم، ثم خلص أهل القرية بحجة شرعية برضا حاطره وإبراءً من عند القاضي، ووزن صاحب المال للباشا مالاً كثيراً. حكاية ثالثة

حكاية رابعة

ووقع لابن خطيب القلعة الشيخ عبد الرحمن أخذ فلاحة تساوي عشرين كيساً بدون ثمنها من رجل يقال له محمد آغا بن قرندل، كان له عنده دراهم، فطلب منه الفلاحة فأبى أن يعطيه إياها، فألح عليه فباعه إياها في ذمته، وكانت رهناً عنده بحجة، فلم يسلمه إياها، فاشتكى عليه للباشا ليتسلمها في حضرته، فأفسد الباشا مشتراه، وخرب تلك الحجة وسلمه الفلاحة التي لم يستغرقها في قيمة دينه، وأخذها منه بدون ثمنها، فرفعها لصاحبها، وخرج من عند الباشا على مال بعد أن وضع في القيد بالشمس، وكان يعذب في ذلك، وما خرج وتخلص إلا بخمسة أكياس مال. وكان رام قتله وضبط ماله، وكان ذا ثروة باذخة، ربما يتكلم على مائتي كيس، وألغى دينه الذي كان له على ابن قرندل بحضور نائب القاضي. حكاية رابعة وسمع بفرس نواحي قرية سكيك لشيخها صبرة الشيعي، فجاؤوا بها، فأرسل للفلاح وكتب من أجلها عرض حال، مضمونه أنها ليست له، أوله شريك، الأمير منصور الدرزي وتقدم ذكره من جهة القصة التي صارت في الميدان. زمن أصلان باشا فلما سمع بذكر الأمير منصور غضب غضباً شديداً وقال: تخوفني بالأمير منصور، لو كان عندي لقتلته وقطعته إرباً إرباً. ثم إنه قيد الفلاح ووضعه في الشمس، وكان يسمى بالميطاح، ولولا أستاذه صادق آغا لقتله، فما خرج وتخلص إلا بها وخمسمايةً غرش، استدانها وأتى بها إليه. عدل الباشا وهيبته وكان ربما يحمي الداعي والمدعي. وركب على الدروز، وإن غالب الدروز رفعت فلاحتها من البقاع ورحلوا إلى الجبل، وكان جماعته تهابه كثيراً، فلا يقدر أحد يجيء إلى المدينة، بل خارج المدينة، لا يأوي أحد منهم، وكل من رأوه قتلوه وضربوه ضرباً كثيراً حتى يتلفوه، وأهرب العرب الجلالية، ولم يحصل منه للفقراء شيء. محاصرة ابن القواس في معان وفيه حوصر الأمير ابن القواس نواحي جنين بقلعة هناك لأنه تحارش بالنوايلة، وطلب منهم مالاً كان عليهم أيام كفالته عليها، وقصده كان تحريك الفتنة لوجود الباشا، لأنه يستعين به في قتالهم، لكن عارض ابن القواس باشة القدس ونابلس حالاً وهو سفر محمد باشا، وأرسل مصطفى باشا يقول له: احذر أنك لا تشوش عليهم بوجه من الوجوه فلم يمكن، فعجز عنهم، وهرب إلى القلعة وهو إلى الآن محاصر فيها، وقيل ضربه باشة القدس برمح في صدره فحمل إلى القلعة، وهو وجماعته إلى الآن محاصرون حتى أرسل طلب عونةً من باشة الشام محمد باشا ابن بيرم، فأرسل له عشرين بيرقاً من الصارجية. وكان بيرم تولى نابلس والقدس ومسك من أهلها أُناساً دخل بهم إلى الشام مجنزرين حين تولاها وذلك سنة أربعة عشر بعد المائة وألف، ونسأله سبحانه اللطف. تولية السلطان أحمد وفي يوم الأحد خامس عشر جمادى الأُولى في السنة المذكورة، وردت الأخبار من الروم أنه جلس في الخلافة السلطان أحمد أخو السلطان مصطفى، وأن مصطفى خان خلع من الملك، لشدة اعتماده على شيخ الإسلام فيض الله أفندي، ولم يمكن أن يسلمه لهم لأنه أهمل أمر الخلافة، وأن شيخ الإسلام مستولي على عقله، ومن جهة المال الذي رتبه للنصارى على الأروام، ومن جهة الإذن بعمارة قلعة شمالي الروم، ومن جهة ما شاع عنه من الرفض، والله أعلم بحقيقة ذلك. وكان شيخ الإسلام كلمة السلطان مصطفى ولا يفعل شيئاً إلا برأيه، حتى كان ينفذ كلامه على السلطان بل أمضى من كلمة السلطان، حتى يقدموا كلامه عليه، فلا ينفذ إلا رأيه، واستولى على أمور السلطنة كلها، فلذا جلس السلطان أحمد، وكان الجلوس نصف ربيع الأول من السنة المذكورة.

أوقافه بدمشق

وذلك أنه لما ركب أهالي استنبول على مصطفى خان لأجل شيخ الإسلام، أراد شيخ الإسلام أن يأخذ الأختام منه ويصير وزيراً أعظماً ويعارضهم ويحميه منهم، فهرب شيخ الإسلام إلى جهة البحر خوفاً عليه من القتل، فأرسلوا خلفه ومارضوا سركنته، وكان مصطفى خان مفوضاً له جميع الأمور، حتى إنه قوى النصارى وأخذ منهم مالاً وهدايا ترد إليه منهم، ومكنهم من بعض أمور حتى أراد تسليم بعض البلاد إليهم رغبةً في هداياهم وطمعاً في مالهم، وكان شاع عنه الرفض وكثر فيه الكلام. وعلى أن أصله من العجم ولكنه تربى بأرزوم على ما قيل، حتى قيل إنه يتعانى السحر والكيمياء، وأنه ليس له عقيدة حسنة، حتى قيل، والله أعلم، إنه وجد تحت سجادته مصحف، ورأوا في أنحائه أوراقاً مكتوبةً بالدماء على شكل الحمايل، ورأوا كيساً فيه صورة عيسى، وغيره من الصور وصلبان، على ما يزعم الناس والأعداء، وفحشوا في الكلام بما لا يعلمه إلا الله تعالى. أوقافه بدمشق ويرد كلامهم في التشيع، والباقي بالقياس، أنه أوقف وقفاً بدمشق على تدريس الحديث طول السنة بعد العصر، طيلة الأشهر الثلاثة، وعمل عشرين طاشمندياً بعلايف، ومعيد وقارئ عشر، وشرط هذا الدرس تحت قبة النسر، ويكون على أعلم علماء الحديث بالشام. درس في الأموي فجلس للدرس مولانا الحافظ المحدث الشيخ أبو المواهب الحنبلي المفتي، وكان يوماً مشهوداً، وحضر جميع علماء الشام، ولم يتخلف أحد، وحضر أيضاً الشيخ مراد اليزبكي النقشبندي، وشرع في أول صحيح البخاري، وبقي الدرس مدةً مديدةً. ثم لما دخلت الثلاثة أشهر، صاروا يعملوا الدرس بعد الظهر، لأجل الدرس بعد العصر في الثلاثة أشهر، وكان المدرس فيه الكمال يونس المصري الشافعي، إلى أن وقع لشيخ الإسلام ما وقع فبطل، ولا حول ولا قوة إلا بالله. تعذيب شيخ الإسلام ولما عزل السلطان مصطفى، تسلموا شيخ الإسلام وبدعوا فيه كثيراً، وعذبوه بأنواع العذاب ما ينبغي ألا يحكى، حتى قيل: والعهدة على الناقل، خلعوا أصابعه واحدةً بعد واحدة، ووضعوا له الفلقة، وربطوا كفيه بإحدى أُنثييه. والحاصل برحوا فيه التباريح، ثم قطعوا رأسه وأعطوه اليهود والنصارى يجرجروه في الأزقة، ولم يعلم أين دفن. ولعل هذا من البلاء. ولم يكن شيوع الرفض إلا مجدداً عليه، أيام مشيخة شيخ الإسلام، قال الله تعالى: " قُل أعُوذُ بربِّ الفَلقَ " إلى قوله " ومن شر حاسدٍ إذا حسد ". وقيل في سبب قتله: أرسل للشريف سعد يوصيه بتقديم الترضي على علي رضي الله عنه، قبل أبي بكر رضي الله عنه، ولعل ذلك من الفتنة عليه، أو بعض الأعداء. المؤلف ينصف شيخ الإسلام وأما الذي علم من ظاهر حاله أنه أول ما تولى بعلبك، أخرج ابن الحرفوش الشيعي منها، وصار طرودياً. وكان دائماً يتولى حكمها، وكان الشيعي يتزوج بابنة السني، ربما لا يقدر يخالف، فيرفضوها بعد أيام. فرحلت جميع الروافض إلى جبال الإسماعيلية، وانتشأ أكثر من مائة قرية سنية، وبطلت شوكة الأرفاض بالكلية. وكان مرادهم يعمروا أربع مدارس لقراءة الحديث والسنة. وفي أول مشيخته أرسل أوقف درساً عظيماً بالجامع، وعين فيه أعلم علماء الحديث. ولعلها تنازيل وتخيلات تقوم في نفس العدو وترسخ في نفسه، وضدها العاشق يتوهم في محبوبه ما لا يقع، وكله إما من قوة مبغضة أو قوة محبة. حسن الأعور شيخاً للإسلام وقام في المشيخة بعده حسن أفندي الأعور في تلك الحالة، حتى تسكن الفتنة فيجلسوا للفتوى من يستحقها. وقد ورد: أكذب الكذب سوء الظن بالمسلم، فلعله كله من الأعداء ومن تخيلات نفس المبغض كما تقدم، وهذا أمر متعارف في الوجدان، لأن العدو لا يستحسن من أحوال عدوه شيئاً، ولا يحمله إلا على البغض، وتقرب تلك القوى للمخيلة أموراً وأحوالاً غير واقعة. وأما ما قيل من رؤية الأوراق والحمايلي، فربما وضعه بعض الخدام الجهال من غير قصد، وبعض الأخبار كذب محض، لأن قرائن الأحوال ترد ذلك، والباقي بالقياس، والله أعلم. الأفراح بجلوس السلطان

مصادرة شيخ الإسلام وذويه

وفي يوم الجمعة في اثنين وعشرين جمادى الأُولى، ورد قبجي من الروم إلى دمشق يخبر بجلوس السلطان أحمد خان بن عثمان، أخي السلطان مصطفى، ودعا له الخطبا في يومه ذلك، ولم تعمل زينة لعدم الفرمان بذلك، بل ضربت المدافع بالقلعة، وكانت كل ليلة يعمل طلق ويضرب بالنوبة السلطانية، وكله بالقلعة، وفي المرجة عمل الباشا ابن بيرم شعلةً بالميدان الأخضر، وكان نازلاً فيها، وبقي ذلك ثلاثة أيام. مصادرة شيخ الإسلام وذويه ثم ضبط من تركة شيخ الإسلام ما لا يحصى من الأموال والأمتعة، ما لا يحصيه إلا الله، ومن الجواهر والنفايس ما لا يقاس بحد، وكلما وقع من الشهود من وهم القوة الباغضة، وتفرقت دولة شيخ الإسلام، وسلبوا نعمة أقاربه ومواليه وحريمه وأهليته ومن دونهم، وقتلوا منهم أعيانهم، حتى لم يبقوا لهم شيئاً أصلاً، حتى حكي عن ابنه الذي صار قاضي مكة، اتصل بالفقر إلى حالة لا تحكى، يتلظى بالأزقة بصاية زرقاء لا يعرفه أحد، فلا حول ولا قوة إلا بالله. عزل القاضي وفي يوم الجمعة أول جمادى الأولى، كان عزل قاضي الشام إبراهيم أفندي خجاة السلطان مصطفى بن محمد بن عثمان، وجلس نائباً بالباب عبد الرحمن أفندي، ابن القاري. فتنة في القدس جمادى الثاني، بلغ خبر لدمشق بأن مدينة القدس صار فيها فتنة عظيمة، والرأس، نقيب الأشراف فيها، وأنه جيش من النصارى ومن زعر الحارات أناساً كثيرةً حتى قتل من أولاد البلد أكثر من سبعين نفر، ما عدا النصارى والفلاحين. هزيمة منصور الدرزي وقبل تاريخه باثني عشر يوماً، ركب الأمير منصور الدرزي صنجق وادي التيم، بنحو ألفي خيال من الدروز، إلى بعض قرى نابلس يقال لها التوتات، وهي ناحية من نواحي نابلس، تشتمل على قرى تسمى كلها وتلك الأرض بهذا الاسم، ومراده أخذ أكراد كانوا نازلين بها، فخرج عليه من الجبل نحو سبعين خيالاً من جماعة بني القواس، لأن لهم تعلق في بعض تلك القرى وتلك الناحية، وكان معهم بيرقان فقط من جماعة الباشا ابن بيرم، فلما رأوا البيارق ظنوا الباشا ابن بيرم، فانكسروا وهربوا من الأرمان، وهلك أكثرهم من الرعب، لأنهم وجدوا تحت الأرمان خلقاً كثيراً منهم موتى بلا جراحة ولا قتل، فلحقوهم وعروهم، والموتى أخذوا سلبهم كله، والحمد لله على خذلان هذا الملعون، والآن أرسل ابن بيرم عرضاً في الركوب على الدروز، وأرسل ضبط مغلهم في بلاد البقاع في كل موضع لهم فيه شيء. إخراج الأراذل من دمشق وفي يوم الخميس، آخر جمادى الأولى، نادى على الحارات: من كان عنده رجلاً زغلياً أو فاجراً أو مخنثاً أو ديوثاً يخرج، وإلا ما يصير عليه خير. طرح الحرير على التجار وفي يوم الاثنين سادس عشر جمادى الثانية، أرسل ثلاث قناطير حرير من جهة بعلبك، لأنه توكل في ضبطها للسلطنة من أجل شيخ الإسلام المقتول، وطرحها على التجار، وأرسلوا جانباً للشيخ سليمان أخي المفتي أبي المواهب الحنبلي، قدر عشرين رطلاً. تطاول الباشا على أبي الواهب الحنبلي فقام جماعة من التجار إلى الشيخ أبي المواهب الحنبلي ليشفع في هذه الرمية التي على التجار، فأرسل ورقةً مع خادمه ابن القيسي، فتهدده فهرب من وجهه. فلما راح كان عنده محمد آغا ترجمان ابن سليمان آغا، وابن جاويش، وجماعة من آغاوات الشام، فأخبروه بمقام الشيخ وما هو عليه من النسك والعبادة والورع، وكان سبق أنه تطاول على صبيه، وحتى أراد يرمي على الشيخ أبي المواهب لما يعلم ما له من الثروة والمال، وربما أراد أن يأخذ منه مالاً، فنبهوه على مقامه ورتبته في العلم، فأرسل أنه لا يقارش الحكام. التفاف العامة حول العلماء ثم إن التجار وقفوا على أبي المواهب ثانياً، فأرسل ورقةً ثانيةً، وذكر له أن الرعية لا تحمل لهم، فإما أن ترفع هذه الظلامة، وإما أن نهاجر من هذه البلدة، والجمعة ما نقعد عندكم، وأيضاً الحرير للسلطان لا لك فأبعه على كيس السلطان. وكانوا قدموا له أن البلد تقوم كلها عليك من أجل المفتي المذكور، ولو كان معك ألوف يدافعون عنك، لأن قيام العوام صعب، وربما سكرت البلد وتركوا الجمعة فيبلغ السلطنة فيكون سبب غضبهم عليك، فعاد ترك الأمر ورفع الرمية ورجع بالحرير، ولله الحمد. عزل بيرم باشا

دخول القاضي تفسيري زاده

وفي يوم السبت ثالث عشرين جمادى الثاني من هذه السنة سنة 1115، خرج الباشا من ناحية زقاق المرجة من دمشق، قبل الظهر، بعساكر كثيرة، وذلك بسبب أنه عزل. ولم يعط أرباب الأصناف، وأظهر المتسلم الجديد خطاً، بأنه مطلوب رأسه، ولم يكن له حقيقة، فقوى عليه الوهم، فخرج على حين غفلة وتعلى في الجبل، وأرسل ثقله من على برج الروس، وكانت البلد مسكرةً إلا ما قل، وقامت عليه الرعية والينكجرية والزعماء قومةً واحدةً ونهبوا منه بعض شيء ولحقه بعض الأصناف إلى حمص لأجل المال الذي عنده. دخول القاضي تفسيري زاده وفي يوم الخميس، ثامن عشرين جمادى الثانية، دخل مصطفى أفندي تفسيري زاده، قاضي الشام، وخرجت للقائه القضاة والكتاب ونواب النواحي وبعض المدرسين. وقيل وجه لابن بيرم الأُرفا. وفيه صح خبر مقتل شيخ الإسلام، من المتسلم الجديد، وأنهم أعطوه لليهود والنصارى والفساق، وبغوا فيه، وهذا لم يعهد من ملوك بني عثمان. عبد الرحيم بن العفصة وبلغ خبر عن الشيخ عبد الرحيم بن العفصة، بالعين المهملة والفاء والصاد المهملة، راح في هذه الفتنة، أي فتنة شيخ الإسلام، وكان شاباً لا بأس به، ويعظ في رمضان بالكرسي في جامع الأموي: " وما تدري نفسٌ بأي أرضٍ تموت ". السلطان مصطفى يخلع نفسه ثم أخبر المتسلم، أن السلطان مصطفى خلع نفسه، وأودع السلطان في الحبس القديم. اللهم إنا نعوذ بك من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ونعوذ بك اللهم من الهم والحزن، ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. الشيخ محمد المزين وفي يوم الأربعاء، في عشرين جمادى الثانية، توفي الشيخ الصالح الفقيه الشيخ محمد المزين الحنفي، الخطيب بجامع باب شرقي عند حارة الملاح، كان سيداً فاضلاً قادري الطريقة كثير العبادة، كثير الزيارة للصالحين الأحياء والأموات، وصلي عليه بالأموي، ودفن بتربة الشيخ أرسلان قدس الله سره. دخول الوالي مصطفى باشا وفي ليلة الأربعاء، دخل باشة الشام، مصطفى باشا العشي بالمنزل، بعد العشاء بساعتين، وهو متمرض بالتخت، ولم يقف لأحد إلا يسيراً، وذلك في رابع عشرين رجب من السنة 1115، وقيل إنه كان آغة القبي قول بإسلام بول، ودخل إلى عنده الأمراء والآغاوات والأكابر للسلام عليه. قبجي وإشاعات وفي رجب المذكور، ورد قبجي من الروم من على الصالحية، ونزل دار صادق آغا بن أحمد آغا الناشفي، أبقاه الله تعالى، قيل إن القبجي معه خلعة لشريف مكة، واستقرار لباشة مصر المحروسة، وقيل مبعوث إلى أهل مصر في راسه، ولم يتحقق، وقيل هذا الذي تولى قتلة شيخ الإسلام، ولعل الكلام على عكس ذلك، أنه كان من جهة شيخ الإسلام ولكن أرسل، لكن على وجه السركنة، لأن الذي تولى قتلة شيخ الإسلام يكون أعز شيء عندهم، كيف يفارقوه؟ وكلام العوام كثير، كالبحر الزاخر، لا أول له ولا آخر. وكان لهذا الآغا خادم جميل من خدامه، هرب واختفة. ومكث ثلاثة أيام لا أكثر، متوجهاً إلى مصر، وقيل إنه من زربا الروم، له شدة بأس. قاضي مكة في دمشق وفي يوم الاثنين. ثالث عشرين شعبان، ورد مولانا أحمد أفندي العكري، من أعيان دمشق، وهو قاضي مكة المشرفة، ولاقا له الأكابر والأعيان، وأعيان دولة دمشق. ومر على السرايا على سوق الأروام، إلى داره، غربي البيمارستان النوري، بينهما الطريق. وله نحو العشر سنين، واتخذ داراً بإسلام بول وتسرى بجوار، وولد له، جاء بهم إلى الشام، وخرج لتلقيه قاضي الشام مصطفى أفندي. النابلسي مدرساً بالسليمية وفيه ورد تدريس السليمية بالصالحية لمولانا الشيخ عبد الغني، حفظه الله تعالى. ولاية أصلان باشا وفي تاريخه، عزل باشة الشام مصطفى باشا بأصلان باشا اللادقي، وأعطي جميع صنجقيات دمشق، مثل بعلبك وحمص وصفد وغيرها، وأبقوا ترابلس عليه، وهذه ثاني تولية وثالث إمرية. ابن سربوغ وفيه بلغ خبر وفاة الفاضل الشيخ يوسف بن محب الله الشهير بابن سربوغ الصالحي، اشتغل في الطلب مدةً، وقرأ في أنواع العلوم بدمشق على أفاضلها حتى برع، ثم توجه إلى الروم، وسلك هناك سلوكاً حسناً. ولكن لما قتل شيخ الإسلام راح أناس تحت الأرجل من الزحام، ومن قيام هذه الفتنة، كانوا الناس يقتلوا بعضهم بعضاً، ولا قوة إلا بالله، وربما كل من كان يتردد عليه.

الإفراج عن ابن أكري بوز

وفيه بلغ خبر، بأن الباشا ابن بيرم الهارب من دمشق، اشتكى للدولة على أهل دمشق وأنهم نهبوه، وأنهم عصاة، ثم إنهم عرضوا في ابن بيرم يشكوا منه، ويحكوا أحواله وعتوه، وكان محل العرض يوم خروجه من دمشق. الإفراج عن ابن أكري بوز وفيه أفرج عن ابن أكري بوز أحمد آغا التذكرجي من قلعة تبوك، ووصل في أواخر شعبان. وهذا أحمد آغا له تقيد في الطلب، وخبرة بالنحو والشعر وقراءة التصوف، قرأ في الفتوحات المكية على الشيخ عبد الغني وخدمه كثيراً، وله شعر، ومن شعره مضمناً قوله: رماني سمهريّ القدّ بالفتك مولعٌ ... يصول ولا يخشى من اللّوم والعتب يهدّدني طوراً بسهم لحاظه ... ويقصد أحياناً فؤادي بالعضب فلم أدر أيّاً قاتلي غير أنّني ... سمعت بأذني رنّة السّهم في قلبي وقوله في قصيدة ... شرح الشاهدي شرحاً أجاد فيه، بالعربي، وأتقن فيه كل الإتقان، وفيه منقولات حسنة عن أهل اللغة، وترجمه المحبي في الذيل. دخول أصلان باشا ووفاته وفي يوم الاثنين، يوم الثلاثين من شعبان في سنة 1115 المذكورة، دخل باشة الشام أصلان باشا، ومعه نحو الثمانين بيرقاً، من ناحية السنانية بالتخت، متمرضاً أيضاً. وفي يوم الجمعة ثمان عشرة في رمضان، وأوله الثلاثاء، توفي أصلان باشا، باشة الشام، وذلك عند العصر في اليوم المذكور، وصلي عليه بالسنانية، ودفن قرب بلال رضي الله عنه. فيكون مدة مكثه تسعة عشر يوماً، وخرجت الأخبار بموته للروم، ورثاه مولانا الشيخ عبد الغني مؤرخاً: النابلسي يرثيه: يا بني الدّنيا قفوا واعتبروا ... بوزيرٍ أمس في المنصب كان ملك الأموال والجاه وما ... ناله منها سوى هذا المكان فعليه رحمه الله وقد ... حلّ في أعلا فراديس الجنان في أمان الله قل تاريخه: ... مات أصلان شهيداً في أمان أحمد الأسطواني وفي يوم الثلاثاء، سادس شوال سنة 1115، توفي أحمد جلبي الأسطواني، الباش كاتب بمحكمة الباب، وتمرض ثلاثة أيام بالدم، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بباب الفراديس. وكان ماهراً في التوريق، منشئاً بديع الخط والظرف، وكان له حسن هيئة ولين جانب وأخلاق حسنة. وفيه بلغ مجيء ابن بيرم إلى نواحي حمص، ويريد المجيء للشام، ومعه أولاد سيدي عبد القادر الكيلاني الكائنين بحماه. الشيخ عثمان القطان وفي يوم الأحد حادي عشر شوال توفي شيخنا الإمام العلامة المحقق المدقق الفهامة الشيخ عثمان الشهير بالقطان، كان علامة وقته في العلوم العقلية والفنون النقلية. قرأت عليه بالجامع بكرة النهار ملا جلال الدين الدواني، وحضرته في إقراء شرح جمع الجوامع للمحلي بقراءة بعض الأفاضل، ولازمته مدةً بالجامع عند محراب الحنابلة بالمعزبة التي فيها باب المأذنة الغربية، وعليه وظائف، وعليه إعادة تدريس التكية. ولما جاء أحمد باشا الكبرلي ابن الوزير الأعظم، وكان في العلم على جانب عظيم، لم يعجبه غيره. وحصل له محنة في آخر عمره من أجل العفو، حين جلوس السلطان مصطفى، واجتمع هو والسيد عبد الكريم النقيب في تنفيذه، ولا يعطي الباشا شيئاً من الذي كان يؤخذ، فهددهم وأرسل نفاهم وذلك بعد أن عرض فيهم إلى ترابلس إلى قبرص فتلقاهم أصلان باشا، باشة ترابلس، ومكثوا مدةً هناك إلى حين سفر الباشا الأسبق إلى بلاد النصارى. والقصة مشهورة، وذلك في سنة سبع وماية وألف في رمضان. وكان المفتي بدمشق علي أفندي العمادي، والخطيب شيخنا أبو الفداء إسماعيل ابن الحايك، والقاضي سليمان أفندي الرومي. ولما قام الباشا على النقيب لم يقم معه أحد، فطمع فيه، فأرسله من السرايا، وفي ثاني ليلة ذلك، أركب الشيخ عثمان فرساً من التكية إلى ترابلس أيضاً، ولا قوة إلا بالله. ثم إن أفاضل دمشق ارسلوا لموالينا القصائد الطنانة في مدحهم، والتأسف على فراقهم بما لا يخفى. ونظمت في ذلك قصيدةً لأُرسلها له، فورد، فلم أحتج لذلك والحمد لله، وإلى الآن لم أعلمه بها خوفاً من تذكر ذلك، ولكن ذهبت أنا وبعض أصحاب للسلام عليه، وكذلك على السيد عبد الكريم أفندي.

مصطفى باشا واليا

ثم صلوا عليه بالجامع، وكان المطر نازلاً، ودفن قرب أويس رضي الله تعالى عنه، في التربة المقابلة للصابونية. وفي يوم الخميس الثالث عشر، طلع المحمل، والباش مصطفى باشا المعزول بأصلان، والمتولي على الشام بعد موت أصلان. فسبحان من يغير ولا يتغير. مصطفى باشا والياً وكان عليه دين للسلطنة، فتخلص من ذلك، وأرسل له السلطان عفواً من جهة المال للسلطنة، وأن لا يحاسب ولا يرسم عليه، وسمح له صاحب المال، وأعطي الباشوية وإمرية الحج. وهو الفعال لما يشاء. وكان بعد أصلان لم يعلم لمن تتوجه إمرية الحج. خروج القافلة 20 شوال وفي يوم الخميس العشرين منه، طلع الحج، وخرج معه أيضاً، قاضي مكة المشرفة، أحمد أفندي البكري، وولده أسعد أفندي وجماعاتهم وغلمانهم وخدامهم، وحج تلك السنة مولانا عبد الحميد أفندي القاري. ودخل شهر ذي القعدة ولم يقع فيه ما يؤرخ. في الحجة وردت كتب العلا، وأن الحج بخير، ولله الحمد والمنة. محرم الحرام سنة 1116 6 - 5 - 1704م الحكومة محرم سنة 1116، أوله الثلاثاء، وسلطان مملكة العرب والروم السلطان أحمد خان بن عثمان، وباشة الشام مصطفى باشا الرومي، الكافل بعد أصلان، وقاضي الشام مصطفى أفندي تفسيري الرومي، والمفتي أبو الصفا أفندي ابن العارف الوجيه الشيخ أيوب الخلوتي، والعلماء والمدرسون والناس على حالهم. أول دروس النابلسي في السليمية وفي يوم الثلاثاء، أول محرم الحرام سنة 1116 المذكورة، شرع في درس السليمية مولانا الشيخ عبد الغني وردت عليه من الروم، مع أحمد أفندي البكري بأول البيضاوي، وشرع في خطبة بديعة، وحضر الأكابر والأعيان والمفتية، وعن يمينه قاضي الشام مصطفى أفندي، ومخلصه تفسيري زاده. الجردة وفي عاشره خرجت الجردة، وأمير الجردة إسلام باشا ومعه الأمير ابن القواس والأمير كليب شيخ البلاد الحورانية، وبلغ أن في الحج غلاباً بغين المعجمة، ومرادهم يصلوا للعلا، وأنه بارك بالعلا، وكان الوقت فات عن حده، ويأتي ما وقع للحج في ذكر مجيء الحج. وفي عاشر صفر وصلت الجردة للعلا، وكان للحج نحو الثلاثين يوماً، وفرق كليب ميرةً كبيرةً من الغلال، حتى أبيع المد شعير بعشر قروش. مصرع هندي وفيه قتل رجل هندي، كان حكيماً، تحزب عليه رجل من الهنود أولاد المشايخ، النازلين بخلوة القيشاني بالجامع، وأنه سب أجداده وأثبت عليه الكفر، والله أعلم بما أثبتوه عليه، وكان مواظباً على الصلاة بجامع السنانية، وأثبتوا عليه التشيع، وكان يتدخل ويقول ما تكلمت بهذا، ولا قوة إلا بالله. دخول القافلة وفي ربيع الأول دخل المحمل ومصطفى باشا، ودخل الحج وأخبروا أنهم حبستهم العرب ثلاثين يوماً حتى وصلت الجردة وجاءت بميرة كثيرة فرقت على الحج. وفي ربيع الثاني، سافر البلطجية وأمراء الفروسية، وانعزل الحاج مصطفى باشا أمير الحج. قتل نصراني وفي ربيع الثاني قتل نصراني ثبت عليه أنه قتل امرأةً مسلمة. فلما قربوه للقتل أسلم، وكانت المرأة شريفة، ثم قتل. وفي الجمادين لم يقع ما يؤرخ. دخول الولي حسين باشا وفي السبت أول رجب ورد حسين باشا الأشقر. كافلاً بدمشق، متمرضاً بالبارد، وهو أبيض الرأس واللحية. وفيه سمع أن الإمرية على ابن بيرم محمد باشا، وأعطي بلاداً ما عدا دمشق. تبديل القضاة وفي آخره، عزل مصطفى أفندي تفسيري، وورد نايب الباب، لمستقيم أفندي، قاضي الشام الآتي، وبقي في الحكم إلى شوال. وفي شعبان ثم رمضان، لم يؤرخ. وفي شوال، دخل مستقيم أفندي، قاضي الشام من على الصالحية، ولاقا له الكتاب، وزار المحيوي ابن عربي، ومر قبله على برج الروس. وفيه كانت الخلوة البردبكية. خروج القافلة وفيه خرج الحج والمحمل، والأمير ابن بيرم محمد، ومعه من الميرة والعسكر ما لا يحصى، وكان نزل بدار ابن القواس. والبيارق نحو ماية وخمسين بيرقاً. الحج بخير وفي القعدة لم يؤرخ. وفي الحجة بعد العيد، وردت كتب الحجاج بعد يومين، وأن الحج بخير. محرم الحرام سنة 1117 سنة سبع عشرة وماية وألف 25 - 4 - 1705م الحكومة

الجردة

وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد بن عثمان، والكافل بدمشق حسين باشا الأشقر، وقاضي الشام مستقيم أفندي، والمفتي أبو الصفا بن الشيخ أيوب، وأمير الحج محمد باشا ابن بيرم، والعلماء والدولة والمدرسون على حالهم. الجردة وفي عاشر محرم الحرام، توجه حسين باشا لملاقات الحج الشريف مع الجردة، ومرادهم يصلوا إلى أبيار الغنم قبلي العلا، وفي العود يكون الركوب من هناك على كليب. الباشا وابن بيروم فقيل، لما وصلوا إلى المنزل المذكور، ونزل الباشا في الوطاق، ورد الأمير ابن بيرم، وسلم على الباشا الكافل حالاً، فلم يكرمه فحصل لابن بيرم غيظ شديد. وكان الباشا المذكور حليماً فاضلاً خطاطاً ثقيل الرأس ورعاً، يدل حاله على فضله وعلمه. فحصل منه قلة إكرام وقصر في واجبه كثيراً. وكان عليه أن يرحب به، إكراماً له عليه السلام، لأنه وارد من تلك الأماكن المشرفة، ومعفر بتلك الأتربة المفضلة المنوفة، وثانياً، إنه معزول عن دمشق، لأنه تولى كفالتها قبله. الاستعداد لمواجهة كليب فلما وصلوا إلى المزيريب، نزل حسين باشا بوطاقه، والينكجرية والزعماء والفلاحين والدروز ومن سائر البلاد لقتال كليب، وكان ابن بيرم عرض سابقاً في بعض أمور بغرضه، وذكر الهيئة السابقة وأسندها لكليب، وكان دبيس العلاوي يجيء ويروح إلى عند ابن بيرم، وحسين باشا معه طاهر بن رسلان بن رباح. وأما كليب فمعه من العرب ما لا يعلمه إلا الله، حتى قيل تبلغ نحو العشرين ألفاً، وقيل كان عرضه وخيامه وعربه التي نزلت عليه ثلاثة أيام، ومن أرباب الدروع والمقنعين نحو سبعماية فارس. دخول أمير الحج وكان أمير الحج دخل يوم الأربعاء ثاني عشر صفر، والمحمل يوم الخميس، وأرسل يطلب بقية الزعماء والينكجرية، وأرسل إلى أمير الجردة في هذه السنة أي سنة سبع عشرة وماية وألف، حسن باشا بن القواس، وكان بقرية شقحب ومعه نحو العشرين بيرقاً معيناً على كليب، وكان بينه وبين كليب مؤاخاة، فلم يحضر لقتاله، وبقي مكانه، وكان حلف لكليب بالطلاق أنه لا يركب مع العسكر لقتاله. ثم إن كليب صار كل يوم يقرب إلى جهة العسكر ويرسل عرضاً يناشدهم ويقول: احقنوا دماء المسلمين، والباشا يقول: حطوه في قفص الحديد، وكله من جهله بحال العرب، ولم يتحرك من خيامه، والدولة في دمشق طلبوا منه الصلح لكليب ويعطيه مال وجمال، فلم يرض، وكان العسكر مع الباشا نحو عشرة آلاف. حماقة الباشا ثم إن كليب أرسل عرضاً للقاضي بالشام، والأكابر، بإصلاح تلك القضية، فلم يردوا له جواباً ولم يسمعوه من جهتهم خطاباً، وفي مضمونه: أن قتالي إن كان على وجه شرعي نسلم، وإلا، فالوجه العدواني، أقاتلهم وأنهبهم، بينوا لي، أنتم علماء ومفتية، أو ترجعوه، وتحقنوا الدماء وتصلحوها ولكم ما تريدوا، وللسلطنة هيأنا خيلاً ملاحاً لنرسلها للسلطنة، ونرضي خاطر الكل والباشا وغيره، وعرض ذلك للباشا من طرف علماء الشام والقاضي، فلم يرض الباشا بحال وتحير، فتارةً يطلب رأسه، وتارةً مالاً، وفي المثل: خيره تحيره. استمرار الباشا في عناده

مصرع الباشا

ومال القاضي من جهته للصلح، وأرسل خلف المدرسين، وأرسل للصلح حتى يرسلوا له عرضاً مكتوباً في صلح كليب. فلما ورد إلى عند القاضي قالوا له: مرادنا نعمل صلح ونحقن دماء الإسلام، فنفض طوقه وقال: لا أقارش، أفندي كيف أراد يفعل. فسكت الكل وتركوا الأمر، والأمير كليب ينتظر الجواب، والباشا ماكث لا يتحرك من مكانه، وكليب في كل يوم يرحل إلى قرب العسكر، فلما لم يأت الجواب بعد مكث الباشا شهرين ينتظر مسكة كليب، فلما لم يقم أحد ولم يأت جواب، ولم ينفعهم كلام ولا مال توعد الباشا في الصباح، وكان ابن سلامة شار على الباشا أن يغدروا بكليب على حين غفلة قبل أن يهجم على العسكر، فلم يرض، فرحل تلك الليلة ورجع يسوق إلى البرية لعلمه بسبق كليب وهجومه على العسكر، ولا طاقة لهم به، فعند الصباح رأى الباشا والعسكر والعرضي نحو عشرين، ثلاثين خيالاً يخايلوا، وأخذوا أحمالاً للباشا، فقام العسكر جميعه والينكجرية والزعماء وآلاي بيك السباهية وأولاد الينكجرية، وقام الباشا خلفهم، فلما وصلوا إلى قرب الجبل، طلع عليهم من خلف الجبل ما هو مثل الجراد فأخذوهم على درجة واحدة وتركوا الوطاق ومنه هرب، وشلحوه في الطريق وأخذوا جميع الوطاق، وكان الباشا في آخر العسكر فضربه عبد لكليب بالرمح قتله وألقاه على الأرض، ووضع برجل جمل، فلم يتركوا مع العسكر لا قليل ولا كثير، ووردوا الشام حفاةً عراة مشلحين بالزلوط، حتى إن قاضي العرضي الشيخ أبو بكر أفندي كذلك. مصرع الباشا وكان تفادى في طلعته، وانجفل انجفالاً زايداً. وأخذ من الشربات والسكاكر والكلبا سكر والتمور والأولاد والخدام والخيول والمعمول والأثقال ما لا مزيد عليه، وورد كاتب الينكجرية المقابلجي ببشت وعلى رأسه مئزر استقرضه الفلاحون له من القرى. وهذه الكسرة مثل كسرة الفرنج، فإن المسلمين يرجعوا بحوائج بدنهم، وأما في هذه الوقعة فلم يرجعوا بشيء أصلاً، حتى الخيام والخيول والدواب والحمر والبغال والأحمال لم يبق منها. ثم الأثواب البدنية، ولم يرجع ولا فرس واحدة. وهذه الوقعة كانت في الجابية، وبقيت جثة الباشا ثلاثة أيام. باشة القدس يلجأ للخربة وأما باشة القدس فطلع إلى مكان يسمى الخربة، أصلها قرية لها عمارة، دايرها حصين، وفيها بير ماء، طلع إليها هو وجماعته وأخذوا يضربون العرب بالرصاص حتى قتلوا منهم عرباً كثيرةً، ولم يجرؤ أحد أن يهجم عليها لأنهم حصنوها مثل المتاريس بقوة آغوات دمشق كما تقدم، ثم إنهم أرسلوا عرضاً بكليب، بعد أن أخذ جماعة كليب جميع ما في الخيام من الأموال والحوايج والسلاح والخيول ما لا يحصى. ضبط أسباب حسين باشا وأما كليب، فكتب جميع أسباب حسين باشا المقتول وجعلها في دفتر خوفاً من أن تطلبها السلطنة، كتبها له قاضي العرضي الشيخ أبو بكر أفندي، هو وبعض آغات مرسم عليهم عنده. ثم لما طال الحال بالمحصورين بالخربة والمرسم عليهم عنده من دولة دمشق، عرضوا لدمشق: إنا محصورون في الخربة، والعرب حولنا من كل الجهات، فإما تكتبوا لكليب بالمعونة، وإما مال حتى نعطيه ونخرج من الخربة. فلما وصلت الأخبار بقتل الباشا وأن باشة القدس محصور بالخربة، أخرجوا الصنجق فوضعوه على باب السرايا ونادوا بالنفير العام في الأسواق والأزقة بالركوب على كليب، وأرسلوا إلى ابن بيرم يستنخوه بعد أن رحل من دمشق إلى حرستا. وكان الباشا المقتول عرض عليه السفر معه فلم يرض وقال: لست مأموراً إلا بالحج. فلما كان ما كان تغلظ خاطر قاضي الشام عليه فلم يرض أحد، وأهملوه لكونه لم يسافر مع الباشا ولم يسمع لكلامه، لأنه كان ابن بيرم حامل غيظ من الباشا المقتول عند الملاقاة في أبيار الغنم، وعمل عليه شمم كلي، تم في خاطره من ذلك. تحرك الحملة الشعبية

تدخل ابن بيرم

فلما قتل وصار نفير عام طيبوا خاطر ابن بيرم وأرسلوا تدخلوا عليه أن يركب مع الناس على كليب وألحوا عليه، ونادوا على العام والخاص في السفر وأن لا يتخلف أحد، وبرزوا إلى قبة الحاج بالخيام، فخرج القاضي والشيخ مراد والموالي والعلماء والمدرسون وأعيان البلد وأصحاب السجادات وأرباب الزوايا، كل واحد ومعه من جماعته أناس، ثم خرجوا بقية العوام، مما لا يحصى، ولكن من غير تدبير، فلما جاء المساء لم يروا أحداً، ورجع الناس إلى أماكنهم ما عدا أرباب الخيام، حتى إنه من طرف كل عشرين خيالاً لم يبق منهم أحد، فألحوا على ابن بيرم ونادوا مراراً فلم يخرج، فمر عليهم ابن بيرم عند الظهر وقال: لا أحد يتحرك من مكانه، فأقسموا لا يرجعوا بل يقيموا حتى يجيء. تدخل ابن بيرم فبات تلك الليلة بالقنيطرة، فجاء من أخبره عن كليب أنه معين عليك سبعماية فارس، كلهم بالدروع يأخذوك الليلة فما أصبح الصبح إلا ورجع من توه من شدة خوفه من كليب. وكان الباشا السابق معه من العسكر أكثر منه مراراً، لكن اغتاظ عليه أرباب الخيام من الأفندية وأعيان مشايخ الشام، حتى طلع الكمال يونس المصري، والشيخ تقي الدين الحصني، والشيخ إبراهيم السعدي، وكل معه جماعات، والشيخ مراد ومعه ستون خيالاً من قراه، أرسل إليها، والبقية كذلك، ثم أمروا ابن بيرم: لا تنزل دمشق ولا حرستا بل ترحل بالكلية عنهم. وكان لما توجه ابن بيرم إلى الركوب من حرستا على كليب ألزم متقاعدي دمشق وأرباب الوظايف، وجعلوا له مالاً، فلم يرض ورجع في الحال، وكفى الله المؤمنين القتال ثم رجع الكل عن آخرهم. ثم إن أهل الخربة تعوق عليهم الجواب لانشغالهم بما استعدوا من السفر والنفير العام، واشتغلوا عنهم، عادوا وأعرضوا لكليب في أن يطلق حالهم، ففي أثناء إرسال العرض، قام المتسلم مسرعاً من الخربة، ثم لحقه الباشا، باشة القدس قبل الجواب، ففي يوم رجوع ابن بيرم، وصل من أهل الخربة أناس مجرحون، ولا قوة إلا بالله. سكون العاصفة ثم هدت الفتنة، وكل منهم لزم حاله، وذلك في وسط ربيع الأول في السنة المذكورة. والحج دخل في خمسة عشر صفر كما سبق، وركوب الباشا الأشقر في آخر محرم الحرام لملاقات الحج والركوب على كليب. الشيخ أحمد البكري الصديقي ربيع الأول، وفيه جاء خبر بوفاة مولانا الشيخ أحمد أفندي البكري يوم دخوله مصر، وكان متمرضاً ورجع مع الحج المصري، وكان فرغ من قضاء مكة ونزل لما عزل، على مصر، وأن ولده أسعد أفندي توجه في البحر إلى الروم. وكان تولى سابقاً بدمشق قضاء العسكر كما تولى نيابة الباب مراراً، وذهب إلى الروم مراراً، وكان له بها دار عظيمة، وتسرى هناك وولد له أولاد، ثم تولى قضاء دمشق سنة خمس بعد الماية وألف، وتولى محروسة برصا، ثم مكة المشرفة. وكان مراده مصر فحال الأ ... لا غيره المتكل..... فتنة في مكة المكرمة ومن جهة مكة، أُخبرنا أن شريف مكة عبد الكريم، جلس للسلطنة الحجازية بسيفه، ورضي أشرافها، وعزل ابن الأشرم، وكان بنو عثمان قد أرسلوا لابن الأشرم تقريراً. وأخذ عبد الكريم السلطنة بالسيف، وقتل من رجال ابن الأشرم ما لا يحصى، وهرب ابن الأشرم، قيل، فيه جروح كثيرة، وأن الغلاء خف عما كان. وفي آخره سافر بقية الحجاج من دمشق. طاووس في دمشق وفيه ورد طاووس وهرعت الناس للفرجة عليه، وهو طير غريب كثير الألوان، وذنبه إذا فرشه يكون كدارة الرحى المتوسطة، ورأسه صغير جداً، وحجمه قد الأوزة، وفي صوته بشاعة، وقيل إنه يعجب بنفسه ويتخايل، وإذا نظر إلى رجليه صاح استقباحاً. صندوق الدنيا في دمشق وفيه جاء من بلاد حلب صندوق فيه صور البلدان، مثل أدرنة وإسلام بول ودمشق وحلب وغير ذلك، وفي وجه الصندوق، مرآة تنظر فيها تلك الأشكال فترى مثل الحقيقة، وإنما هي نقوش، والمرآة تقوي البصر في المرئي، وفيه صور بلاد النصارى والكنايس والأنهار والبحور والجبال. ابن بيرم في دمشق

زفاف الباشا

ربيع الثاني، في عشرينه، يوم الجمعة، دخل محمد باشا بن بيرم كافلاً بدمشق، ونزل الميدان الأخضر بعساكره وجماعته، وقيل بنية الركوب على العرب الجلالية، وأنه متعين عشرون باشا، والسردار محمد باشا المذكور، وأرسل خلف ظاهر السلامة يستنخيه على بلاد حوران وبصرى وتلك الديرة، وهو في غاية من الحلم والعبادة، خير من المرة الأولى. زفاف الباشا وفي يوم الخميس، أوايل ربيع الثاني، ليلة الجمعة، دخل محمد باشا على بنت حسن باشا الكردي، الباش جاويش، أخت مصطفى بيك الكردي الباش جاويش بعده، المتوفى سنة إحدى عشر في مكة المشرفة، وتقدم ذكره. وفيه أرسل نهب قرية شقحب المنسوبة لابن القواس، لكون ابن القواس كان مؤاخياً لكليب، ولم يحضر مع العسكر على كليب، وفتكوا في النساء والبنات، ولا قوة إلا بالله. إبراهيم السفرجلاني جمادى الأولى، في ثالث عشره، توفي الشيخ إبراهيم السفرجلاني الأمجد الأفضل الأديب الشيخ، ابن محمد السفرجلاني. كان فاضلاً أديباً شاعراً ماهراً، وله ديوان لطيف، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. ومن شعره قوله: صدح الحمام فهاج صدحه ... شجن الفؤاد وسال جرحه وسقاه حبّكم سلاف الشّ ... هد حتى زاد شطحه وعصى العذول لأنّه ... يدعو إلى السّلوان نصحه يا نازلين على العقيق ... عقيق دمعٍ طال سحّه أين الأناة فإنّ لي ... كبداً بكم أعياه قرحه جودوا بإرسال النّسيم ... عسى يدواي القلب نفحه يا جاد روض ربوعكم ... غيثٌ به يخضلّ طلحه وسقى بأكناف الحمى ... غيثاً كطعم الشّهد ملحه وله غير ذلك، عفي عنه، آمين. تجمع العساكر جمادى الثانية، في أوله ورد عسكر من حلب مع كيخية باشة حلب، وعسكر من أدنة أيضاً، وأن حسن باشا سافر للروم ليصلح شأنه من أجل العرض فيه من ابن بيرم. الشيخ بركات الرفاعي وفي أواسطه توفي الشيخ الصالح بركات الرفاعي الصالحي، وأصله من مضايا، قرية بوادي بردى، وكان حصل له جذب في بدايته وتقيد في خدمة الولي الشيخ عثمان أبو الخواتم الصالحي من أرباب الجذب والأحوال، والصحو والكمال، وكل أصابعه خواتم غاصة إلى العظم. وقيل إنها تزيد على ثلاثين، لا يخلع شيئاً منها ولا يقدر، وقيل غير ذلك، وقيل كانت جملة بلدان من البلدان، لأنه كان في عضده سوار غاص فاجتمع جماعة ومسكوه قهراً وردوه وهو يصيح ويقول لا تردوه فالحوا وفكوه عن عضده، فأخذ يتأسف ويتحول ويلطم على يديه، فما مضى شهر من الزمان، إلا وأخذت النصارى بلدةً عظيمة من المسلمين في بلاد الروم. وفيه صلي الظهر على الشيخ بركات يومه ذلك بالخاتونية ودفن بقاسيون، وذلك يوم السبت آخر جمادى الأولى، آخر يوم فيه، وقيل أواسط جمادى الثاني، والله أعلم. سفر الباشا للجردة وفي الشهر المذكور دخل عساكر من أدنة للركوب على كليب. وفي تاسعه يوم الاثنين سافر ابن كرد بيرم من السرايا بعد الظهر، ونزل بقبة الحاج، قيل للركوب على كليب، وقيل لخرب قلعة جبريل لأنه بلغه أن فيها ذخائر العرب، وقيل ينتظر جواباً، لأن كليب أرسل للسلطنة أكياساً وأخذها له حسن باشا رفيقه الذي توجه للروم لإصلاح القضيتين. الشيخ حسن السكري وفيه بحلب، توفي العلامة الشيخ حسن السكري الحلبي مدرس البرهمية. وكان فقيراً في بدايته، ورد على دمشق وحج، ثم إنه ذهب للروم وأثرى جداً، وصار عليه قرى ومالكانات في آخر أمره، وما مات إلا ذو ثروة وذلك ببركة العلم. الشيخ محمد الميقاتي وفي آخره، يوم السابع والعشرين، يوم السبت توفي الشيخ الفاضل الحيسوب الفرضي الماهر، الشيخ محمد الميقاتي. كان ماهراً في فن الفرائض والحساب والفلك، قاطن عند مسجد القرماني بالجسر الأبيض، داخل المحلة، عند دار بني سنان أفندي، كان يؤذن بمسجد القرماني، ودفن بتربة الزغبي، بالزاي والغين المعجمة، الشيخ محمد الولي، وذلك بسفح قاسيون، وصلي عليه الظهر بالخاتونية. رجب، وأوله الخميس، وقيل الأربعاء، ورد محمد باشا ابن بيرم. زلزال دمشق

الزينة للسلطان

وفيه في شعبان سابعه في السنة المذكورة، ليلة الأربعاء. صارت بدمشق زلزلة عظيمة، ولم يهلك أحد إلا رجل واحد في خان عند الأبارين، وأما في البر كثير. الزينة للسلطان وفي سابع عشرينه، جاءت الزينة، وهدأت الزلزلة، وبقيت الزينة عشرة أيام. وقيل في إسلام بول بقيت الزينة عشرين يوماً لأن السلطان جاءه ولدان ذكوراً. رمضان فيه ورد حج من الروم. خروج القافلة 20 شوال شوال فيه طلع الحج في العشرين فيه، ودورة المحمل في الثامن من شوال، وبقي ابن بيرم لم يسافر، وأرسل مكانه ابن أخته عبد الرحمن باشة وكيلاً عنه في إمرية الحج. ولم يتعرض كليب للحج في شيء مع ركوبهم عليه، لكن في العلا أخذ العنزيون الصر، وأخذوا صر كليب له، وأُخذ من الراكب والماشي حتى لم يتركوا أحداً. عزل القاضي في آخره عزل مستقيم أفندي بزيادة ثلاثة أشهر. سقوط قلعة جبريل القعدة، وصل خبر بأن ابن بيرم أخذ قلعة جبريل ولم يجد فيها غير القمح والزيت، فحرقها وحرق، من فيها من الفلاحين، وكان يظن أن فيها أموالاً للعرب. دخول القاضي عارف أفندي في أوله أيضاً، يوم الاثنين، دخل قاضي الشام عارف أفندي ابن إسرائيل، من جهة الصالحية، وزار قبر المحيوي ابن عربي قدس سره، ونزل بعد العشاء وقدامه المشاعل. وفيه جلس باش كاتب موضع محمد جلبي ابن الاستنبولية محمد أمين أفندي، بن صالح أفندي الشامي الأصل الدمشقي الوطن حالاً. الشيخ علي العمادي ذو الحجة يوم الخميس الرابع والعشرون، فيه توفي مولانا العالم العلامة علي أفندي العمادي المفتي لسنة سبع وماية وألف، وصلي عليه بالجامع الأموي ودفن بالباب الصغير. الشيخ محمد الشامي وفي تاسع عشرينه، توفي الشيخ الفاضل الشيخ محمد الشامي الحنفي، ودفن بالباب الصغير. وفيه سافر في أواخره قاضي الشام مستقيم أفندي مع الخزنة. وفيه جاء إقرار لابن بيرم، وضرب كم مدفع. ولد للمؤلف وفيه ولد محمد سعيد يوم الخميس في أوله. الثلج العظيم الثلج العظيم وفي سبته كان الثلج العظيم بدمشق، لم يعهد مثله من زمان، والله أعلم. محرم الحرام سنة 1118 محرم الحرام سنة ثمان عشرة وماية وألف 14 - 5 - 1706م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العجمية وبعض الممالك العربية هو مولانا السلطان أحمد بن محمد خان، وباشة الشام محمد باشا بن بيرم، وقاضي الشام عارف أفندي الذي جاء بعد مستقيم أفندي، والمفتي أبو الصفا بن العارف الشيخ أيوب، وأمير الحج عبد الرحمن باشا، ابن أخت ابن بيرم وهو في الحج الشريف، ونائب الباب إبراهيم أفندي النقيب. الجردة أولها الأربعاء. رابعه الأحد، خرجت الجردة وأميرها محمد باشا ابن بيرم. في خامس عشر محرم، نهبت العرب الجردة ورجع الباشا ومن معه للجابية ولم يسلم معه سوى خزنة المال هرب بها علي الجابية، وأبقى الخيام والصيوان والجمال والأحمال، فأخذ الكل العرب، ولا قوة إلا بالله. عبد الرحمن الموصلي وفي يوم الاثنين عشرين محرم الحرام، توفي إلى رحمة الله الأديب الكامل مولانا الشيخ عبد الرحمن الموصلي الشافعي شيخ الطريقة الكواكبية بدمشق، وصاحب الشعر الرايق والديوان المشهور. مولده سنة ثلاث وثلاثين وألف، وتوفي في هذه السنة، أي سنة ثمانية عشر، فيكون بلغ الثمانين عن أولاد كبار: الشيخ أحمد وهو الذي جلس مكانه، والشيخ حسن، والشيخ إبراهيم، وأما ابنه العلامة الشيخ خليل فقد توفي قبله، وتقدم ذكر وفاته، فلا يعاد. وصلي عليه بجامع المصلى ودفن بتربة مسجد النارنج، ومن شعره رحمه الله، ما أنشدني لنفسه قوله: ولم أطلب التبخير عند فراقنا ... بعود القماريّ كي أزيد به ودّا ولكنني بالعود أبغي تفاؤلاً ... بعودٍ، وما الورد أبغي به الوردا وله قوله: لو مسّ غصنٌ قد روي ببنانه ... لا خضل من لمس البنان وأينعا أو أُسمع الحجر الأصمّ حديثه ... لاهتزّ من لطف الخطاب وشعشعا وله مقصورة حسنة مشهورة مذكورة في ديوانه. صفر، في عشرينه، توفي ولد لعبد الرحمن أفندي القادري، ابن عشر سنوات، وصلي عليه بكرة النهار، ودفن بالباب الصغير. الجارية الهاربة

فيضان النيل

وفيه لقى قاضي الشام عارف أفندي القصير جاريته البيضاء التي كانت هربت من سيدتها على البساتين، من كثرة ما كانت تقتلها، وكان القاضي إذ ذاك بالصالحية، نادى عليها مراراً فلم يظهر لها على خبر، وأمر البساتنية بالتفتيش عليها حتى وجدوها في داخل وردة كبيرة تشرينية مخبأة، فجاؤوا بها إليه بعد أن أرسل إليها من جماعته حتى مسكوها. فيضان النيل وفيه سمعنا أن نيل مصر ساح، وأن أهل مصر استسقوا بالفيض، في جبل المقطم، وعند الجيوشي، وفي القرافة، وعقيب الصلوات، وفي الموادن، وقيل خمسةً وعشرين ذراعاً أو ثلاثة وعشرين. تأخر الحاج وفيه أُخبرنا أن الحج بارك في المدينة المنورة من العرب، وكان المعتاد يجيء في خمسة عشر يوماً في صفر. وفيه يوم الجمعة، جاء قبجي بتقرير لابن بيرم. نزول الأسعار وفيه نزل السعر عما كان، وكانت وصلت الغرارة إلى ثمانية عشر غرشاً، مع محافظة الحكام على الحواصل وضبطها، فنزل بنفسه، ولله الحمد. (من صفحة 106 في الكتاب يوجد خطأ في الترقيم؟ إلى صفحة 123 في الكتاب) غير المفتي أبي الصفا، والقاضي إسحق أفندي بن إسرائيل، والخطيب الأسطواني، ومحمد أفندي العمادي، وزاد في الطلوع معهم الكمال يونس المصري، مدرس قبة النسر بدمشق، والباش كاتب محمد جلبي الأسطواني. ظاهر السلامة يحارب كليباً وفي يومه، بلغ أن ظاهر السلامة جمع جموعاً كثيرةً على قتال كليب، ما ينوف على أحد عشر ألفاً، بالفرمان السابق بيده، وكان سليمان باشا أعرض لكليب وأخبر أن ظاهر سلامة، مختفي، ولا يقدر على تدرك الحج، فكان قرا محمد باشا ينتظر جواب العرض الثاني، ولكن كان معه فرمان بقتل كليب، فتوقف لأجل العرض الثاني، وورد العفو، وأظنه رجع على صيدا. قوات في القلعة وفي يوم الثلاثاء سابع عشر الشهر دخل من الروم ثمان أُوض وسكنوا القلعة. القبض على ثائر القدس وفي يوم الأحد حادي عشرين ذي الحجة أخبرني بعض أكابر الشام، أن نقيب القدس الذي كان عصى فيها، وجمع جموعاً من المسلمين والنصارى ونكل البلاد وصار يحكم بالقدس كما شاء، مسك بحماة متذهباً إلى الروم، وكان في حقه فرمان. اعتقال شيخ الإسلام وفيه بلغنا أن السلطان أحمد عزل صادق أفندي عن مشيخة الإسلام، وسببه فيما سمع، أن صهره يحيى أفندي خلف مالاً نحو الألف كيس، أخفاها عنده إلا ما قل، ثم أخذ السلطان موجوده ليظفر بالمال، فأخذ الثلثين، والثلث للورثة، وأخذ هذا المال ليستعين به على قتال الكفار، لأن المال في دار يحيى أفندي جاء خمسين كيساً، وأخبروا السلطان أحمد أنه ألف كيس عند شيخ الإسلام، فسركن في الحال وضبط موجوده كما سبق. علماء دمشق في صيدا وفي تاسع عشرين الشهر، جاء ناس من جماعة أحمد أفندي البكري الدمشقي، أخبروا عن البكري والقاري والمحاسني أنهم في قلعة صيدا، قال، وهي في البحر. وفي يوم الخميس السابع والعشرين، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، واجتمع خلق كثير من الأكابر والأعيان. وفي يوم الجمعة ثامن عشرين ذي الحجة، وصل مكاتيب من الخزنة السكرية، ومن أولاد الشام الذي سافروا معها، وأنهم بخير. وفي يوم الثلاثاء، ورد من القاضي الجديد الآتي، ورقة في نيابة الباب لعبد الرحمن أفندي القاري، وكان مسركناً بصيدا، فجلس بعض النواب الذين سبقوا، والله يحسن الحال. محرم الحرام سنة 1119 3 - 4 - 1707م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد بن محمد خان بن عثمان، وكافل دمشق سليمان باشا، غايب في الحج الشريف، والمفتي أبو الصفا أفندي، والحاكم نائب القاضي الجديد الآتي، رجل من الأروام، وتاريخه في الجلوس أول يوم في المحرم. عزل القاضي وفيه عزل قاضي الشام عارف أفندي إسرائيل زاده الكجك، ويوم الأحد، أول الشهر على اليقين، وصل نائب القاضي الجديد، والقاضي بعده بالروم. وفيه سافر مولانا الشيخ مراد اليزبكي إلى بلاد الروم، وخرج أولاً على جهة السواحل. الجردة وفي يوم حادي عشر محرم، رجعت مزيربتية الجردة ومعهم قرا محمد باشا، وذهب نحو القنيطرة محافظاً، وأرسل معهم عسكراً إلى الشام.

الشيخ إبراهيم الدالي

وفي ثالث عشر محرم، توجه الشيخ إبراهيم السعدي إلى صيدا لزيارة ابن أخته أسعد، وبقية الجماعة الكاينين بقلعة صيدا، وأخذ لهم من طرف الشام، والله يعجل خلاصهم. وفي أواسطه بلغ خبر بأن عرب بني عطية تعرضوا للجردة، والله يلطف بالمسلمين. الشيخ إبراهيم الدالي صفر، سابعه، يوم الثلاثاء، توفي إبراهيم أفندي بن الدالي أحمد، وصعد به للصالحية، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بتربة الشيخ أبي السعود ابن الشبل البغدادي، قبلي تربة الشيخ محمد الشياح وشرقي روضة تربة الموفق رحمه الله. وكان من تلاميذ الشيخ العارف الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي، وحضره، وهو صلى عليه، وكان حين دخول النعش، كان في فاتحة آخر الدرس، فأوقفوه حتى فرغ الشيخ، ثم شرعوا في الصلاة عليه. وفيه في تاسعه، دخل قاضي الشام الجديد عثمان أفندي رحيقي زاده، وفي يوم العاشر يوم الجمعة صلى في المقصورة. السيل يعترض الحجاج وفيه وصل خبر عن الحج أنه بخير، وأنه عارضهم في منزلة هدية سيل عظيم، وأخذ السيل شاباً من الزعماء بفرسه، من أولاد عبد القادر آغا الرحيم الشهير بأبي الشامات، وكان فرغ لولده هذا عن الزعامة، فصارت محلولاً للباشا، فيحتاج في ردها لكلفة. وفي يوم الاثنين ثالث عشر صفر، جاء الكتاب، وأرسل الباشا للنصارى واليهود يحملوا شمعاً قدام الباشا في يوم دخوله، وأمر بالزينة. وفي يوم الخميس السادس عشر من الشهر دخل الباشا والمحمل وكان موكباً حافلاً، وحرجوا على الزينة، ولم يعهد هذا. وقيل إنه وقع فتنة بين سليمان باشا وأيوب بيك المصري، وكان الظفر للشوام. ومات بمكة السردار ابن قزلباش من نواحي جامع الورد. المناوشات مع الدبيس وبني عطية قيل والسيل الذي بهدية عوقهم أيام، ولم ينج إلا الذين ترفعوا إلى الجبال، وذلك في الرجعة. وقيل عارضهم شيخ البلاد العلاوية وأخوه زيدان، وقاتلهم سليمان باشا وكسرهم وفر الدبيس، وخرج على كليب، وكان مع الجردة، عرب يقال لهم بنو عطية فقاتلهم وكسرهم وقتل منهم شرذمة، وبنو عطية من هوى ظاهر بن سلامة. ولم يذهب للحج ولا للجردة شيء، ولله الحمد والمنة. وفي يوم السبت ثامن عشر الشهر، فكت الزينة، فبقيت الخميس والجمعة والسبت. ربيع الأول، في ثانيه، يوم الخميس توفي ابن الباشا ابن ثمانية أشهر، ومشى الباشا من السرايا إلى التربة، ولقيه قاضي الشام، والمباخر العود مشعولة قدامه. وأظنه كان مؤخراً عن الجنازة كما هو السنة، وقيل حمل فيه إلى السرايا وهو شديد البكاء، ومشى قدامه العلماء والقضاة وأكابر الدولة وقدامهم المباخر بالعنبر، وعلى السحلية مخمل مزركش. ودفن بالباب الصغير في حضرة بلال رضي الله عنه. وفي الرجعة عاد للسرايا راكباً. وفي يوم السبت رابع ربيع الأول سافر شاه بندر إلى عند الأفندية على ستة أكياس. القاضي محمد المعاريكي يوم السبت عشرينه، وصلوا الأفندية ليلاً وواجهوا سليمان باشا. وفي ليلة الاثنين ثاني عشرين ربيع الأول توفي إلى رحمة الله مولانا القاضي محمد بن القاضي حسن المعاريكي الصالحي الحتفي، باش كاتب محكمة العربية، المتولي غالب الأوقاف بنيابة المحكمة الصالحية، ولم يكن أحسن توريقاً ولا خطاً من خطه، وتخرج عليه جماعة من كتاب الصالحية. وكان كاملاً عاقلاً ديناً، طويل القامة نير الشيبة باذخ المنظر. وأُعلم له بالصالحية، وصلي عليه بجامع السلطان سليم، ودفن بالسفح شرقي المولى الشيخ عبد الهادي. رصف طريق الصالحية وفي خامس عشرين ربيع الأول، ألزم الباشا البساتنية بعمل الطريق طريق الصالحية، وكان المعمارية خمس أجواق على طول الطريق. في يوم الجمعة أول ربيع الثاني، صعد للصالحية سليمان باشا وصلى بالسليمية، وزار المحيوي بن عربي وفرق دراهم. وكان له كم يوم بقاعة حسين أفندي بن قرنق بالصالحية. الكشف على مئذنة الأموي الشرقية وفي يوم الجمعة ثامن ربيع الثاني صلى الجمعة بالأموي، ثم صعد هو وقاضي الشام للكشف على المادنه الشرقية لخراب راسها من أيام الزلزلة الكائنة في سنة سبع عشرة وماية وألف. سفر الباشا

حسن باشا أميرا للحج

وفي يوم تاسع عشر ربيع الثاني برز للمرجة لأنه مراده الركوب على نابلس وغيرها، ثم من المرجة رحل للوان، ثم للمزة، ثم ذهب نحو الديماس على جهة البقاع، وفي آخر الشهر كان بمرج عيون، وكان سافر ليلاً لتجري التركمان بدمشق عليه، وشوكتهم الآن قوية. جمادى الأول، لم يقع ما يؤرخ. حسن باشا أميراً للحج جمادى الثاني، الثلاثاء في العاشر فيه، وردت إمرية الحج لحسن باشا ابن القواس. وفيه دخل متسلم الباشا الجديد ليوسف باشا القبطان، وانفصلت الإمرية عن دمشق. وفي يوم الجمعة ثالث عشر الشهر، نودي على السكمان بالخروج من دمشق. يوم الأربعاء ثامن عشر الشهر دخل إبراهيم أفندي بن حمزة نقيب الأشراف الظهر من على الصالحية. عزل الباشا رابع عشرينه، ورد سليمان باشا من سفرة مرج عيون، ناحية البقاع، وهو معزول، ثم سافر بعد أيام من دمشق، وكان أنهم أرسلوا له تقريراً بسنة أخرى، ثم أرسلوا عزلوه. عبد المحسن الخلوتي يوم الأربعاء ثالث عشره، توفي السيد عبد المحسن أفندي الخلوتي، أخذ عن زين القضاة عيسى الخلوتي، وكان مواظباً على قيام الليل وله أوراد وأذكار تلقفها من أستاذه المزبور وصلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح. عبد الجليل الحنبلي وفي خامس عشر جمادى الثاني، توفي الشاب العلامة المحقق المدقق الشيخ عبد الجليل بن المفتي الشيخ أبي المواهب الحنبلي، وصلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح، بالتربة الشرقية. وكان فاضلاً بارعاً فهيماً مواظباً على المطالعة والإقراء، ودرس بالجامع مدةً. نظم الشافية في الصرف وشطر ألفية النحو لابن مالك، أخذ الفرائض والحساب عن والده، وقرأ في المعاني والبيان على الفتال، والأُصول على مولانا الشيخ إسماعيل أفندي ابن الحايك، والنحو على القطان، وقرأ في العقليات على شيخنا الملا عبد الرحيم الكابلي وغيرهم كثير، وكان مرضه الدق، عفي عنه آمين. في آخر جمادى الثاني عمرت القناة المقابلة لجامع السليمية. دخول الوالي يوسف باشا وفي يوم الاثنين، آخر جمادى الثانية، دخل يوسف باشا القبطان ضحوة النهار، وهو رجل تام نير الشيبة مليح الطلعة، وفي يوم الجمعة جاء وصلى بالجامع الكبير، وسأل عن مدرسين الجامع وأمر بالتقيد. وهو كثير الزيارة للأولياء والصالحين. العوام يرجمون القاضي وفي يوم السبت ثاني رجب، رجم العوام القاضي. والسبب أن التركبدية حاشروا الناس على صرفهم وأخذوا حوانيتهم. محمد الروزنامجي وفي اثنين وعشرين شعبان، توفي محمد أفندي الروزنامجي، وكان دفتاراً، وهو مسرف على نفسه سامحه الله، ودفن بالباب الصغير، وخلف ديوناً وعليه وظائف، وغالب سقبا. وفي آخره، ورد حج من الروم، ركباً بعد ركب. الشيخ محب الدين التغلبي يوم الجمعة آخر شعبان، توفي بالصالحية الشيخ محب الدين التغلبي الشيباني، وصلي عليه بالخاتونية، أعني الجديد وحضر للصلاة عليه عثمان أفندي قاضي الشام، ثم بعد الصلاة، رجع إلى عند صالح جلبي المحاسني نايبه بالصالحية ودفن بتربتهم بزاوية عماد، التي في أيديهم الآن قرب دارهم. عتو التركبدية رمضان، أوله السبت على رؤية الهلال. سابعه، سكرت البلد لسبب أن التركبدية قتلوا رجلاً ووقفوا على رأسه، فهرع السكمان بالسيوف المسلولة من الخانات، فهربوا التركبدية والقبوقول للقلعة، فأرسل يوسف باشا فقال للآغا: سلم الغريم، فلم يرض، وتمت البلد مسكرة أيضاً، وكذلك الأحد، ولم يتم أمر. درس في الأموي وفي أثنائه، ابتدأ الشاب الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الكريم الغزي، مقتي الشافعية بدمشق، بالبخاري، مقابل محراب الشافعية، وكان درساً حافلاً، ودعا إليه العلماء والموالي. فحضر السيد إبراهيم أفندي النقيب، وكذلك أبو المواهب الحنبلي المفتي، والشمس محمد الكامدي الشافعي، وأسعد أفندي، وعبد الرحمن أفندي، ومرة أخرى كان الشمس الكاملي، والكمال يونس المصري مدرس قبة النسر. وفي خامس عشر شعبان المبارك، ورد ولدنا الشيخ أحمد من الروم، وكان له نحو سنة كاملة. الشيخ إبراهيم البيطار

مصرع امرأة

شوال، في ثاني عشره، يوم الجمعة، توفي الشيخ الصالح العابد الشيخ إبراهيم البيطار، وصلي عليه بالأموي، وكان ترك الأسباب، وانقطع إلى الله في مسجد النارنج، ثم بعد الصلاة، توجهوا به للصالحية، ودفن بتربة الشيخ محمد الزغبي، بالزاي والغين المعجمة، بسفح قاسيون. يوم الخميس ثامن عشر شوال طلع المحمل إلى قبة الحاج، والأمير حسن باشا ابن القواس ومعه من العسكر والأزلام مائة وعشرون بيرقاً، كل بيرق نحو الخمسين. مصرع امرأة وفيه أصيبت إمرأة بالرصاص، من نواحي جامع المرادية، وصلي عليها بالقرب من جامع الحيواطية. وفي يوم الاثنين رابع عشر شوال، طلع الحج الشريف وهو في غاية من النضارة، والدورة كانت في يوم الثامن من شوال. وفي يوم ثمانية عشر، دخلت الخزنة المالية من مصر. وفيه كان طلوع الحج الشريف يوم الخميس. وفي يوم الثلاثاء ثامن عشر دخل العجمي. وفي ثاني عشرين شوال، الجمعة خرج العجمي، والقاشوش يوم السبت ثالث عشرينه. خطيب القلعة وفيه صلي على الشيخ عبد الرحمن خطيب قلعة دمشق، والساكن فيها، وأعلم له، وكان حصل له لوقة في مرضه، وسوى له إياها الأخ الشيخ محمد بن المجذوب القطناني الخلوتي، ودفن بالدحداح، وعليه وظائف كثيرة، وله ثروة زائدة، وخلف أولاداً ذكوراً، وكلها وجهت لهم. وفي يوم السبت سابع ذي القعدة رحلت الخزنة. وورد أول المزيربتية. فتن في بعلبك وفيه أن رجلاً هندياً ببعلبك في الجبل عند اليوناني، اتهم بمال، فخرج بعض القطاع فقتلوه ظناً أن عنده مال، فلم يجدوا شيئاً. فقام الحاكم رمى عليهم مالاً قدر خمسين غرشاً، ثم نزل إلى الثلاثين، فحاربوه وسكروا البلد فحاصروه في سراياه، فقتل منهم أنفار. فنزلوا لدمشق للشكاية عليه، فطلبوا منهم بينةً، فلم يجئ أحد، فخرجوا من عند الباشا على ثمانية أكياس بعد الحبس والإهانة، فانظر ما صار من تحت ثلاثين غرشاً، فقتل ثلاثة أنفار وخسروا أكياساً. عزل شيخ الإسلام وفي آخر ذي القعدة، وصل خبر من الروم بأن شيخ الإسلام صادق أفندي عزل عن مشيخة الإسلام وقيل، أقيم السيد علي أفندي نقيب الأشراف سابقاً. ذو الحجة، أوله الخميس، في أوله ورد عمر آغا من الروم، ابن أحمد آغا الناشفي. يوم الأحد، حادي عشر ذي الحجة، أخبرني الأخ عمر آغا أن سببه، أن السلطان مات له عمة أو بنت أخ، فخرج الناس للصلاة، وتقدم للصلاة شيخ الإسلام فكبر ثلاثاً ثم سلم. فاغتاظ السلطان وطلب غيره، فجيء ببالي زاده، فوقف مكانه. وكان كبير السن، فلذا ذهل عن الأربع تكبيرات. مكاتيب العلا يوم الاثنين عشرين ذي الحجة، جاء مكاتيب من العلا، وتأخرت عن عادتها، وفيها أن الحج بخير، وأنه طلع عليهم الدبيس، ووقع بينهم وبينه، وعادت إلى الصلح. وفي يوم الثلاثاء حادي عشرين ذي الحجة، عزل محمد أفندي الأسطواني، الباش كاتب، وبقي في مدة عثمان أفندي قاضي الشام أيام لأن مدته إلى محرم. الاثنين، سادس عشرين، ختام الخلوة البردبكية بدمشق. محرم الحرام سنة 1120 محرم الحرام سنة عشرين وماية وألف 24 - 3 - 1708م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية وبعض العجمية، السلطان أحمد ابن السلطان محمد خان بن عثمان. والباشا يوسف باشا القبطان، وقاضي الشام رحيقي. والمفتي أبو الصفا أفندي، والعلماء والمدرسون بحالهم. أوله السبت، ثالثه كان أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر علماء وأعيان، ومولانا العارف العلامة الشيخ عبد الغني وغيره من الأعيان. اكتمال بناء المأذنة الشرقية وفي الاثنين عاشر الشهر، كملت المادنة الشرقية، وكان وقع رأسها من سنة سبع عشرة وماية وألف، سنة الزلزلة. الملا حمزة الكردي يوم الخميس، يوم العشرين من الشهر، توفي العلامة ملا حمزة الكردي مدرس الفارسية والمستوطن بها، عن ولد صغير فرغ له عن وظائفه. وكان في ابتدائه ذهب للروم ويركب بالخدام والتوابع، ثم ترك ذلك، وكان له معرفة بكلام الشيخ محيي الدين. وغيره من العلوم، وصلي عليه بالجامع الكبير، ودفن قرب بلال رضي الله عنه. كليب ينقذ الجردة من الدبيس

شعر للكمالي الصالحي

وفي يوم السبت آخر محرم الحرام، جاء نجاب من الدبيس، وأخبر أنه تعرض للجردة وعوقها ثلاثة أيام، حتى وصل كليب فأخذها ونهب الدبيس وكسره وانجرح الدبيس أيضاً، وهو متمرض، وأخذ منهم جمالاً وأسر منهم جماعة. ثالث عشر صفر، جاء الكتاب وأخبر أن الحج يصل بعد سبعة أيام. شعر للكمالي الصالحي وفي ليلة الثلاثاء سادس عشر صفر، في جامع السليمية، أنشدني إمامها الشيخ إبراهيم الأكرمي، وكان فيه بعض طاعون، بيتين لجده لأمه القاضي الكمالي الصالحي: بطشت يا فصل في دمشق ... بأبنائها أيّ بطش فكم بناتٍ بها بدورٍ ... فأنت صيرّتها بنات نعش وفي يوم الأربعاء، دعينا إلى قصر حسين أفندي حسبي باشا بالميدان الأخضر. إبراهيم حمزة عشرينه في صفر، جاء الكتاب وأخبر أن السيد إبراهيم بن حمزة نقيب الأشراف توفي بذات حج، ودفن مقابل القلعة. وفي الواحد والعشرين ورد سبق الحج. ماء السمرمر وفي الثالث والعشرين، يوم الاثنين، ورد ماء السمرمر ودخلوا فيه من على الأسطحة، وضعوا واحدةً في مادنة العروس، والسليمية واحدة، والتكية واحدة، وجامع المصلى واحدة، واجتمع يوم دخوله ما لا يحصى من الخلق، وخرج المشايخ بالأعلام والمزاهر. دخول الحجاج 24 صفر وفي يوم الرابع والعشرين من صفر، ورد الوفد الشامي في ساعة شروق الشمس، وهم في غاية من الصحة، وحصل ضيق في الميرة وموت جمال، ولكن أدركتهم الجردة، وأن حسن باشا الأمير تهاون في أمر الصر في الطلعة، فعارضوه عند الدار الحمرا، وكان يعدهم كل يوم ويقول إلى غد، إلى أن خرجوا عليه في الدار المزبورة، فنزل وأرضاهم وأعطاهم من الصر ولا قوة إلا بالله، ومات له في الرجعة جمال كثيرة للحج، وتعرض الدبيس لهم، لكن داركهم كليب وبيارق الجردة فكسروهم وانجرح الدبيس، وقيل إنه لا يعيش منه، والحمد لله. يوم الخميس، الخامس والعشرين، دخل المحمل الشريف ونزل حسن باشا بعد أن دخل المحمل عند التركمان في الحقلة لأن عليه دين كثير، وذهبت جماله، فيما سمع. الشيخ يونس المصري ربيع الأول، توفي الشيخ الإمام العالم العلامة الكمال يونس المصري الشافعي مدرس التقوية، ومدرس القبة بجامع بني أمية. وأعلم له، وصلي عليه بالمصلى ودفن بالباب الصغير. نزهة وفي ذلك اليوم، دعانا بعض الأصحاب إلى بستان يقال له بستان ابن القرندس، وكان أيام الزهر، وكان معنا الشيخ إبراهيم الأكرمي، إمام جامع السلطان سليم خان، عليه الرحمة والرضوان. تدريس القبة قيل إن تدريس القبة عرض فيه الباشا للشمس الكامدي، وألزم قاضي الشام بالعرض، وأنه يعطي ما صرفه الشيخ أحمد الغزي الشافعي المفتي على تدريس القبة لحضرة القاضي، قيل أعطاه ماية غرش، وعمل ضيافةً مكلفة للعلماء والموالي. وفي آخر ربيع الأول. رحل السقاباشي وبقية الحجاج ونائب الباب مع نساء عثمان أفندي رحيقي زاده. بيع كتب المدرسة العمرية في سادس عشر ربيع الأول، أنزلوا كتب السيد إبراهيم أفندي ابن حمزة إلى الجامع الأموي لأجل البيع، وبقيت تباع كل يوم إلى مقدار شهر. وخلص الشيخ صادق أفندي بن الخراط الحنفي نحو ثلاثمائة مجلدةً، كلها من وقف العمرية. وكان السيد إبراهيم ناظراً على الكتب الموقوفة بالعمرية، مهما أراد يأخذ منها. وهذه كتب الوقف عند كثير من الناس، لأن الناظر قد يعير منها للطلبة ويكتب اسمه في دفتر حتى لا تتعطل، لشغور المدرسة العمرية عن المجاورين، فإنها خالية ما عدا بعض الفقراء من المتسببة، ولا قوة إلا بالله. الشيخ قاسم المغربي وفيه في ربيع الثاني، الأحد حادي عشرينه توفي الشيخ العالم العارف الصالح المتعبد الناسك الشيخ قاسم الحبشي المغربي، نزيل المدرسة السميساطية وذلك بالطاعون وصلي عليه بالجامع ودفن بالدحداح. وكان أكثر مطالعته في الفتوحات المكية وكتب الشيخ محي الدين الأكبر، ويحل لعبارته. الشيخ عثمان بن حمودة وفي سادس عشرين ربيع الثاني توفي الشيخ العالم الفقيه الشيخ عثمان ابن حمودة الشافعي، كان من أئمة الجامع، وعليه نصف خطابة جامع الآغا، غربي الأبارين، ودفن بالباب الصغير.

تدريس القبة للعجلوني

وفي عشية يوم الثلاثاء، يوم الثلاثين من ربيع الثاني، دخل نائب القاضي مراد أفندي، القاضي الجديد، وسافر عثمان أفندي رحيقي زاده إلى جهة ترابلس. تدريس القبة للعجلوني وفيه بلغ الخبر بأن تدريس قبة النسر وجهت للشيخ العالم الشيخ إسماعيل العجلوني الشافعي وكان بالروم، فأخذها عن محلول الشيخ يونس المصري المذكور. جمادى الأولى قدوم القاضي مراد أفندي يوم الخميس، ليلة الجمعة في الثالث والعشرين من الشهر، ورد قرا مراد أفندي قاضي الشام من حرستا إلى الصالحية، وزار الشيخ محيي الدين بن عربي، ثم نزل على ضوء المشاعل. القاضي محمد الجقمقي جمادى الثاني، أوله السبت، يوم الاثنين سابع عشر، فيه توفي القاضي محمد الجقمقي الحنفي. نصوح باشا والياً وفي يوم الاثنين رابع عشرين جمادى الثاني، دخل متسلم نصوح باشا. وجاء إلى عند القاضي مراد أفندي، وسجل براءته، وعزل يوسف باشا القبطان وخرج من على برج الروس، وكان في الحلم والكمال وقلة الظلم، على جانب، بل لم يقع منه ظلم أحد، وقد دخل على حرستا. نزهة في بستان الوقف وفي يوم الثلاثاء الخامس والعشرين، فيه كنا ببستان الوقف، وكنا نحن وجماعة من الأفاضل: الشيخ إبراهيم أفندي البهنسي، والشيخ إبراهيم، إمام جامع السليمية، والأخ الشيخ محمد الكاتب بن عبد الهادي، وغيرهم. تدريس قبة النسر وفي آخر الشهر، يوم الأحد، ورد الشيخ إسماعيل العجلوني الشافعي بتدريس قبة النسر عن محلول الكمال، الشيخ يونس المصري الشافعي كما سبق. يوم الثلاثين، الاثنين من جمادى الثاني، سافر يوسف باشا القبطان على جهة برج الروس، وخرج لوداعه القضاة والأعيان ودولة الشام، ولم يتخلف أحد، ونزل بالقابون عند المصطبة، وكان حليماً لا يأخذ من أحد شيئاً، ولا يظلم ولا يسفه ولا يقتل، حسن الحال نير الشيبة، معتدل القامة، مهاب المنظر، ولم يحدث منه شر لأحد مدة إقامته بدمشق. ضيافة قبة النسر وفيه دعا مدرس قبة النسر إلى ضيافة الدرس، العلماء والأعيان، وجلس أول شهر رجب الاثنين، وقيل أوله الأحد، للتدريس تحت القبة وحضر بعض أكابر وأعيان. وفي ثاني عشرين رجب، ورد محمد آغا الفلاقنسي من الروم وأخذ الدفتردارية بالشام. وسمع أن محمد جلبي، ابن الاستنبولية، وصل للروم ونزل عند باش قلعة، وحصل له إكرام زائد. حفلة ختان وفي سابع عشرين رجب دعينا إلى ختان عبد الغني بن الشيخ عبد الباقي الجلدة، وكان أكابر وتجار، ولم يأخذ من أحد شيئاً. وفي الخميس عاشر شعبان، أُطلق حسن الآغا القبجي من سركنة قبرص، وكان سركن إليها في ثمانية عشر وماية وألف. نصوح باشا قادم وفي يومه، ورد في البحر في المراكب إلى صيدا نحو ثلاثة آلاف غرارة من الحنطة، من بلاد ناصيف أو ناصوح باشا، وهو باشة الشام والحج، ولكن بعد لم يدخل بل قيل إنه جاية، في حلب. وقيل إن معه من العسكر ما لا يحصى، وأن قاسم آغا بن الدرزي التركماني، جيش جيشاً عظيماً لملاقاته خوفاً من الغدر به لشيوخ الزرباوية وهم في وجل منه، والآن شوكة دولة الشام قوية. نزهة وفي ثالث عشر شعبان، كنا في الصالحية بحاكورة الرومي مع صاحبنا صادق آغا، وكان أرسل إلينا إلى عنده للسير، أبقاه الله. مصطفى الغزاوي وفي يوم الثلاثاء الخامس عشر من شعبان، توفي الشيخ الفاضل مصطفى الغزاوي الخلوتي الشافعي. أخذ الطريقة الخلوتية عن الشيخ أحمد السالمي الحنبلي الصالحي الخلوتي، تلميذ الشيخ أيوب الخلوتي، ثم كان خليفته بعد موت الشيخ أحمد من بعده، وصلي عليه بالجامع، ودفن بتربة باب الفراديس الشرقية. الحج الرومي وفي الثامن عشرينه، فيه دخل أول الحج الرومي، ونزل بنواحي جامع الورد، وقيل باشة الشام كم يوم يدخل دمشق وأنه عند حمص. ختم دروس النابلسي وفيه كان ختم دروس الشيخ عبد الغني، درس التفسير بالسليمية بالصالحية. وكان حضر مولانا محمد أفندي العمادي، وعبد الرحمن أفندي القاري، والنقيب العجلاني، والغزي المفتي الشافعي، والشيخ خليل أفندي الحمصاني، وغيرهم من الأعيان. دخول ناصيف باشا بهيئة غريبة

الباشكاتب

وفي يوم الأربعاء صبيحة يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان، دخل ناصيف باشا بالدرع من على برج الروس وعليه السلاح، مغرق بآلة الحرب، ومعه نحو ألفي خيال، وأربعون حملاً من المال، ما عدا الجمال والبغال والخيول، ولاقى له الأعيان، ومشى قاضي الشام مراد أفندي قدامه رمية حجر لأنه مغرق ولابس الدرع، وعلى رأسه الطاسة، فلم يمش القاضي جنبه، واعتذر للقاضي بذلك. وبلده بودين، ولاقى له ابن الدرزي ومن معه ما يقارب ثلاثين ألفاً. وحضر موكب الباشا من العلماء: قاضي الشام مراد أفندي، تقدم مع جملة الموالي، وأسعد أفندي، والشيخ أبو الصفا أفندي المفتي، ومولانا محمد أفندي العمادي، وعبد الرحمن أفندي القاري، ومحمد أفندي القاري، والنقيب السيد حسن أفندي، ومصطفى أفندي الأسطواني خطيب دمشق، والشيخ عبد الرحمن أفندي المنيني، والشيخ أبو بكر أفندي البعلي، والباش كاتب السيد أحمد أفندي الأسطواني، وضربت له المدافع كما هي العادة. الباشكاتب وفي يوم الثلاثاء، فيه شاع أن الباش كاتب الذي بالروم، توفي بعد أن أتم مصالحه كلها وكان يريد المكث في داره ولا يقارش، وتمم أمر الرقعة في طريق الموالي، ولكن اخترمته المنية. اعتقال شيخ التركمان رمضان، يوم الشك الأربعاء، والخميس أوله اتفاقاً. وفي الخميس ثامن رمضان حبس الباشا عمر شيخ التركماني، من دولة التركمان الزربا، وذلك بقلعة دمشق، جاء ليسلم عليه فحبسه. وفيه ثبت أن أول الشهر كان الأربعاء، برؤية الحجاج، وذلك يوم السابع عشر. عزل آغة الينكجرية وفيه عزل الباشا آغة النيكجرية، وعين عبد الله آغا الرومي، وأودع المعزول بالقلعة. يوم الاثنين السابع والعشرين من رمضان، دخل أول الخزنة. وفيه جاء نيابة العسكرية لقاضي الشام مراد أفندي، عينه قاضي العسكر الذي بالروم عوضاً عن عبد الرحمن أفندي القاري. ختم درس الحديث بالأموي وفي السابع والعشرين، ختم مولانا الشيخ أحمد الغزي درس الحديث مقابل محراب الشافعية، وكانوا في قوله عليه السلام من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وأنا القاسم، والله الرزاق، ولا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق حتى يأتي وعد الله، وفي رواية أمر الله، وهذا لمعاوية رضي الله عنه، عنه عليه السلام، وكان ختماً حافلاً. ثم أنشد الرئيس محمد بن جعفر قصيدةً، ثم أنشد رجل آخر أخرى، قيل إن واحدةً لمصطفى بيك بن الرزي والثانية للشيخ العالم الفاضل الشيخ محمد المحمودي الحنفي. العيد وفي يوم الجمعة أول شوال بالثبوت الشرعي، وردت حجة من حمص بأن العيد الجمعة. عبد الحق الصالحي وفي ثالثه، الأحد، توفي الشيخ عبد الحق الصالحي الشهير بابن السكاكيني الدباغ كان كاتباً قارئاً، كتب كتباً كثيرة بخطه الواضح، وكان كثير النصت وذلك بالريح البارد، وصلي عليه بالجامع الجديد، ودفن بالتربة الخوارزمية بالسفح، وفي سابع عشر طلع المحمل. وفي رابع عشرينه طلع الحج الشامي في السبت الأخير، وهذه السنة بطلت دورة المحمل، ويأتي ذكرها في محلها. إمام التوبة وفي سابع عشر شوال المبارك، توفي الشيخ ناصر الدين، إمام جامع التوبة، كان حافظاً للقرآن العظيم صالحاً. قرأ في الفقه الشافعي علي السيد حسن المنير، وفي النحو على التقي حمزة الرومي الحنبلي. وصلي عليه بجامع التوبة ودفن بالدحداح، وكان المطر نازلاً. سابع عشرين شوال، الثلاثاء، طلع الحج الحلبي. وفي تاسع عشرين شوال المبارك، ليلة السبت، أنشدنا بعض الأصحاب لبعض الشعراء. الشيخ علي السليلاتي وفيه في ذي القعدة ثانيه، الأربعاء، توفي من الصالحين الشيخ علي السليلاتي، وصلي علبه بالخاتونية ودفن بالسفح، كان يحفظ القرآن العظيم، وقرأ في الفقه على ابن بلبان والعدوي وغيرهم ن عفي عنه. أسمهان التذكرجي وفي يوم الأحد، تاسع عشر ذي الحجة، توفيت أسمهان بنت محمد باشا الناشفي التذكرجي، وأُعلم لها، وصلي عليها بالأموي، ودفنت بالباب الصغير. أبو الصفا الخلوتي وفي ليلة الأربعاء، آخر شهر ذي القعدة، توفي مولانا العلامة أبو الصفا أفندي المفتي بن الشيخ أيوب، وصلي عليه بالأموي، وصلى عليه إماماً مولانا الشيخ أبو المواهب الحنبلي المفتي، وكان المترجم قد تولى الفتوى سنة ثلاث عشر وماية وألف.

الكسوف

ذو الحجة، وردت مكاتيب العلا وأن الحج بخير. الكسوف وفي آخره، يوم الاثنين، ثامن عشرينه، كسفت الشمس بعد العصر، وصلى الناس صلاة الكسوف، وغابت هي كاسفة. محرم الحرام سنة 1121 محرم الحرام سنة واحد وعشرين وماية وألف 14 - 3 - 1709م الحكومة وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد بن السلطان محمد خان، والقاضي بدمشق قرا مراد أفندي، والمفتي غير معلوم، وأمير الحج باشة الشام نصوح باشا بالحج، والعلماء والمدرسون على حالهم. الخلوة المحرم وأوله الخميس، في سادس عشره، يوم الخميس، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر مولانا الشيخ عبد الغني وحضر أكابر وأعيان. كتب العمرية وفي ثامن عشر منه أُخرجت كتب خزانة المدرسة العمرية بعدما نفضت ثم أُعيدت إلى أماكنها بنظارة السيد حسن بن السيد إبراهيم أفندي النقيب. نزهة وفيه كنا في سير لبعض أصحابنا بقصر حسين باشا قبلي الميدان الأخضر المطل على بانياس، وكان معنا من الأصحاب عبد الرحيم جلبي الجوخي، ومحمد جلبي بن علي باشا الأطرقلي، وعلي آغا الرومي، والشيخ مصطفى البعلي المنشد، والشيخ مصطفى الأوليا الصالحي المنشد أيضاً. وفي يوم الثلاثين من محرم ورد الكتاب يوم الخميس. صفر، يوم السبت ثانيه، ورد الحج والمحمل، وكنا بميدان الحصى. وفيه بلغنا أن الباشا قتل كليب غيلةً لما جاء للسلام عليه. ودخل الباشا بكرة الاثنين شروق الشمس ومعه نحو السبعين مربوطاً، وأما الرؤوس فوضعت في صناديق عند قبة الحاج ليرسلها إلى الروم، ووضع معها رأس كليب، ولم يظهره للفرجة عليه. موكب دخول الحجاج وصورة موكب دخول الباشا ومعه الموالي: فأول ما ورد الشيخ عبد الرحمن أفندي المنيني، وإلى جنبه مصطفى أفندي الخطيب، ثم السيد أحمد الأسطواني الباش، واسعد بن جلبي البكري، والسيد حسن بن حمزة النقيب، ووهبة جلبي الرومي، ومحمد أفندي القاري، وابن عمه عبد الرحمن أفندي القاري، ثم أسعد أفندي، ثم محمد أفندي العمادي، ثم جاء مع الباشا قرا مراد أفندي قاضي الشام. يوم الرابع عشر من صفر، راسلني الأخ الأعز الأمجد، حسين آغا تركمان حسن، بقصيدة ممتدحاً، ونقلتها في هذا التاريخ من خطه وكان نظمها في ثالث صفر، لكن إرسالها في تاريخه يمتدح الخلوة البردبكية والطريقة الخلوتية. تخريب دور الزربا وفيه أرسل الباشا إلى بيوت الزربا ونهبها، وأمر ألا تسكن بل تترك، وخرب قصر البهنسي الذي رفعه وعلاه في هذه المدة، وأخذت أحجاره وأخشابه المدهونة. وفي يوم السبت الثالث والعشرين، تحرك أهل الميدان ليرحلوا، خوفاً من الباشا وجماعته. ثم إن الباشا حبس جماعةً كثيرةً من أعيان تلك الناحية لكونهم من هوى زربا التركمان. وظائف الفتوى والتدريس وفي يوم السبت آخر صفر، وردت الفتوى لمولانا محمد أفندي العمادي، ووردت المدرسة العذراوية لمولانا وشيخنا العلامة الشيخ عبد الرحيم الكابلي الحنفي، نزيل دمشق، القاطن بناحية تنكزخان، وعرض له بها قاضي الشام قرا مراد أفندي بانحلالها عن أبي الصفا أفندي، المفتي المتقدم ذكره، ومدرسة التكية السليمانية بيد محمد أفندي العمادي، بقيت عليه بعد أخيه علي أفندي، المفتي سابقاً، قبل تاريخ الكتاب. مصرع كبير زعران المزابل وفي يوم السبت أول ربيع الأول، قتل الباشا السيد علي قنبر الساكن بحارة المزابل. كان شجاعاً مقداماً لايهاب الرجال، له عصبة من زعر الحارات، وعملوا الزربا عليه ختماً في وجاق الينكجرية لعياقته. سوق القناطر وفيه أفرج عن الشاه بندر، صاحب سوق القناطر تحت القلعة، لأنه كان اتهم بمال ابن القواس، وخرج على أكياس. وهذا كان وهو في عمارة السوق المذكور، ولم تبطل العمارة في مد حبسه، والسوق هو الذي في خط حايط البغا، ولم يكن هناك إلا حائط الجنينة المطلة على بردى. السيد حسن النقيب وفي أواخر صفر، توفي السيد حسن جلبي بن السيد إبراهيم النقيب بالصالحية، ثم أنزل إلى داره غربي باب السلام، وذلك ليلة الأحد ثالث عشرينه، وأعلم له، وصلي عليه الظهر ودفن بالدحداح. الشيخ محمد البصراوي

التفتيش على المدارس

وفي ليلة الجمعة توفي بالصالحية بالطاعون الشيخ محمد البصراوي مؤدب الأطفال والإمام بالخاتونية، وذلك في يوم التاسع والعشرين من ربيع الأول، وأعلم له بالصالحية، وصلي عليه الظهر، ودفن بسفح قاسيون. وكان طويل القامة بهي المنظر له علم وحسن أخلاق وحسن مودة مع الناس، وأدب واحترام، عفي عنه. التفتيش على المدارس ربيع الثاني، وأوله الاثنين، ورد لقاضي الشام قرا مراد أفندي زيادة على ثلاثة أشهر، وخط شريف بالتفتيش على المدارس والمدرسين. يوم الاثنين الثامن، ورد قبجي بتقرير للباشا ناصيف بالوزارة والإمرية في دمشق، وضرب كم مدفع. أحمد بن مصلح وفي يوم الأحد التاسع من ربيع توفي أحمد آغا ابن مصلح، الساكن شمالي ساروجا ودفن بالدحداح، وكان رجلاً كاملاً ساكناً لا يقارش أمور الناس. الدرس الأول في المرشدية وفي يوم السبت، أرسل إلي قاضي الشام في عمل الدرس بالمدرسة، مدرستي المرشدية الحنفية فامتثلنا، وأمهلنا ليوم الخميس وشرعنا ولله الحمد في يوم الخميس الثالث عشر من ربيع الثاني، في أول كتاب الكشف للإمام النسفي، وذلك بالمدرسة الحنبلية السلطانية الخاتونية المرشدية بالصالحية. وحضر من الأفاضل مولانا الشيخ عبد الرحمن بن عبد الرزاق، من مدرسي الجامع، ثم مولانا البرهان إبراهيم الأكرمي الصالحي الحنفيان، وكذلك مولانا الشيخ شعبان الفقيه الشافعي، وكذلك فخر الكتاب الشيخ مصطفى جلبي الحنفي الباش كاتب بالمحكمة الصالحية، وهو المعيد، والكمال يونس المارديني، والشيخ إبراهيم النحوي نزيل السلطانية، وكذلك سعدي جلبي الأيوبي الحنفي، وكذلك السيد محمد الطيبي الحنفي، وكذلك محمد حلبي الفستقي الحنفي وغيرهم، وذلك بمباشرة شروحه كالعيني وابن الشحنة والزيلعي وملا مسكين. الشيخ إسماعيل باقي وفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى منه، توفي الشيخ إسماعيل بن باقي بيك اليازجي الواعظ، من مدرسي الجامع. أخذ عن العلاء الحصكفي وكذلك مولانا الشيخ إسماعيل بن الحايك وعن البرهان الفتال. وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة والده باقي بيك، المقتول هو وعبد السلام في رمضان زمن قدري باشا. النصرة على عرب كليب وفي يوم الثلاثاء، نصف جمادى الأولى، انتصر الباشا على عرب كليب. وفي عشرينه أخذ قلعة الصلت واصطلح مع النوايلة، وذهب يزور القدس. جمادى الثاني، في آخره، يوم الخميس، سافر قرا مراد أفندي إلى بلاده. غارات الباشا رجب، وأوله الجمعة على رؤية القمر ابن ليلة، يوم الجمعة ثامنه، جاء خبر أن الباشا وصل إلى مرج عيون ومراده التوجه للبقاع، وأخذ من القدس والخليل أكياساً، ومن نابلس أيضاً، وخرب عرابة وسبى أهلها وذراريها، وعاد ومعه منها نساء كلها مرابيط، وهرب الرجال، إلى أن وصل إلى محل هناك، خاف أن يعيب عليه الناس مرابيط النساء، فعاد طلب عشرة آلاف غرش، ضمنها له ابن سلامة، فرجعهن، والشابة الحسناء أخذها السكمان وهربوا بها ولا حول ولا قوة إلا بالله. مصادراته لقرى المعراض قيل إنه مر بالمعراض بالعين المهملة والضاد المعجمة، ناحية نهر الغور، تشتمل على ضياع نحو العشرين ضيعة، فأخذ منهم ثمانين كيساً بعد ما أخذ الذخيرة بأحمالها وبغالها، ثم طلب ماية وخمسين كيساً، وحبس معرفها عنده. وكان المال المذكور مكسوراً عليه للسلطنة. فقالوا له: معنا حيلة نتخلص بها، وهولك. ترسل لكل قرية في ضبط نحاسها وحلي أهلها، وتعين على كل قرية بكباشي وكاتب. فاستحسن ذلك، فأرسل كما قالوا وضبط ما فيها من الفضة والنحاس والأمتعة، وقيل إن ضياع المعراض أربعون ضيعةً، وكل ضيعة تعين عليها باش كاتب. والمعرف لكل قرية معرفها. فجمعوا حلي النساء وعرايفهم وخلاخيلهم وجميع نحاسهم من الحلال والطباخة والصحون، وقوم ذلك له فبلغ نحو الثمانين كيساً، فحملها وانصرف عنهم ولله الحمد. وفي يوم الاثنين رابع رجب، دخل نائب القاضي الجديد وهو رجل نحيف طوال، وقيل إن معه خط شريف بإخراج التراجمين من المحكمة لأنهم يقطعوا قطعيات على الناس لا يعلم بها القاضي، والله يصلح الأحوال. مشروع نهب البقاع

وصول القاضي الجديد

وفي يوم الثلاثاء حادي عشر رجب، انثنى عزم الباشا عن المجيء إلى ناحية البقاع، ونزل من على القنيطرة وداريا، بعد أن كانوا أرسلوا أوراقاً لضياع البقاع من أجل الذخيرة، من كل ضيعة عشرة رؤوس من الغنم، وثلاثين غرارة من الشعير، وعشرين قنطاراً من الرز، وعشرة من السمن، وعشرة من العسل، وثلاثين رطلاً من الخبز، فبطل الكل والحمد لله وكان مؤرخ هذا الكتاب في تلك الناحية في مصالحه. وصول القاضي الجديد وفي يوم السادس عشر ونحن هناك، وصل قاضي الشام من ناحية البقاع، ونزل عند نهر اللاطاني شمالي قرية بر الياس، وقدموا له بعض تقادم، ونائبها صاحبنا الأعز خليل جلبي البهنسي، فحادثته، ومع القاضي محمد آغا البكري، وكان بالروم معه آلاي بيك الشام، ورحل آخر الليل، وربما يبات في الديماس، والثلاثاء يبات بدمر، أو لا يبات، وينزل بعد العشاء على ضوء المشاعل، كما فعل قرا مراد أفندي، وعارف أفندي بن إسرائيل، واسمه هذا مصطفى أفندي حجي زاده. الشيخ عبد الوهاب القباني شعبان وفي أوله، توفي الخواجا الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ العلامة أبو السعود ابن تاج الدين القباني. أخذ الطريقة الخلوتية في ابتدائه عن الوالد عيسى الخلوتي، ولازمه، وكان تردد على الشيخ عبد الغني، وتمرض مدة ثمانية أشهر، وتوفي في أول شعبان، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالدحداح عند والده، عن غير ولد، وخلف نحو الأربعين كيساً. وفيه ورد حج من الأروام وفيه سمع أن العرب طموا أبيار الحج وسدوا البغاظات، والله أعلم بحقيقة الحال. تبكير موعد الحج الحلبي وفيه أرسل الباشا يحث الحج الجلبي على المجيء في رمضان، ومعتاده أن يدخل الشام في اثنين وعشرين من شوال، فيكون الباشا غير حساب الحلبي، لأنه قيل يطلع يوم ثامن شوال. وصف رائع لدورة المحمل وفيه وصى بإبطال دورة المحمل التي كانت تحصل في ثامن يوم من شوال إعلاماً بالحج، وتحريكاً للاشتياق وإرهاباً للعدا، لأنها كانت بصورة رتبها القدماء، أن يوم الدورة يلبس المحمل واللواء، الذي هو الصنجق، في دار العدل غلبا، ثم توردوا الينكجرية والزعماء ودولة القلعة والأعيان والكتاب وأرباب الأقلام وجميع عسكر الباشا، الخيالة والأزلام، فيركب الأمير أو نائبه، قدام المحمل، وكلهم مغرقون بالسلاح، والجربجية والإيباشية بالريش، ويمشوا على حسب المراتب بموكب حافل، وأول الدورة ومبدأ الموكب من باب السرايا إلى السنانية إلى مرقص السودان، على الشاغور، ويمروا على باب شرقي على الشيخ رسلان على برج الروس على السادات، ثم على محلة العمارة ثم على سوق الأبارين ثم على السروجية ثم على الحدر ثم سيدي خليل إلى الاسطبل بعد السرايا، وتجتمع الأمم كلها في أرض السرايا. المشاركون فيه فأول من كان يخرج في أول الموكب من السرايا عكامة الحج أجواقاً أجواقاً معهم العصي بالعمليات، وقدامهم المقدمون في كل جوقة، وهم آغوات كثيرة، وخلفهم الجمال ملبسةً بالجوخ والمخمل والطرز وعليهم زين الحرير، مصفوفة عليهم الأواعي المذهبة والصيني، في شيء مفضض على ظهر الجمل والمحارم الكبيرة، وبقية الجمال هكذا، ويخرجون التخوت وفيهم الأولاد الصغار يتفرجون منها. ترتيب المشاركين ثم بعد انتهاء هؤلاء، تبدو بيارق الطرق، بيارق كثيرة، ثم عسكر الباشا الخيالة والأزلام، ثم دولة الشام، فأولهم الزعماء وآلاي بيك، ثم آغة الينكجرية وجماعته مقنعين بالزرود والدروع والأطبار، ثم جربجية النقر بالريش العظيم، يكون ملبوساً تلبسه أعيان الإيباشية الثمانية وأدركت ثمانية عشر ريشة، وغيري أدرك أربعين، وقبله أدرك ستين ثم الكتاب ثم آغة القلعة بعمامة كبيرة، ثم الدفتدار أيضاً بعمامة كبيرة، ثم كاتب الينكجرية بعمامة، ثم قاضي المحمل وهو قاضي الحج، يتولونها من الروم، ولا تعلق بها لقاضي مكة والمدينة بالقضاء بالحج، ثم أمير الحج ثم المحمل، واللواء والجاويشية حوله، والقبيقول والأزلام، وآغة القول قدام المحمل، وهذا الريش لا يلبسه إلا الجربجي صاحب النقر، ومن فعل من غير نقر أو لبس، أدبوه ومنعوه في وجاقهم، والحاصل يكون يوماً مشهوداً. الضيافة ثم تعمل الضيافة العظيمة في إيوان السرايا حالاً، يشتمل على ألف صحن توضع جملةً، وأظنه من عمل نور الدين الشهيد.

الأمطار الغزيرة

وأما العساكر فإنها تجتمع في هذا الموكب كلها لا يتخلف أحد، فربما يكون العسكر أوله عند سيدي خليل، وآخره عند برج الروس، فانخرمت تلك القواعد، وانمحت آثار تلك العوائد. الأمطار الغزيرة رمضان المبارك، وأوله الاثنين، والشك الأحد، في أوله نزل المطر الوسمي، وبقيت السيول والأمطار نحو جمعة ولله الحمد. عبد الرحمن الجقمقي وفي الخميس حادي عشر الشهر، توفي من المجاذيب الشيخ عبد الرحمن بن محمد الجقمقي، وصلي عليه بالأموي، ودفن بتربة الشيخ أرسلان قدس سره. وفيه ورد حج من الروم، وفي عشرين ورد كذلك. مصير أشقياء التركمان وفيه عفا الباشا عن المال الذي رتبه على الميدان والتركمان من جهة آغاوات التركمان من الزربا، كقاسم آغا وابن المهيني وغيره، وكانوا في شدة بأس وشوكة قوية. وكان لما نهب بيوت الزربا وأخذ ما فيها، وضع في كل دار باشلياً. وهم إلى الآن هاربون ولا يعرف لهم مكان. وهم كثيرون، نحو العشرين والأربعين آغا، جربجية وينكجرية، وهرب معهم ابن القواس. وسبب كسر شوكتهم أن الباشا لم يقدر يعارضهم حتى قتل كليب، وكان من جهتهم، وجاء لدمشق خفية وربطوا معه على الباشا، وأنه يكون في عونهم، ومكث ثلاثة أيام في دار قاسم آغا، وقال: أضع رمحي في سراياه، وآتيكم بعساكر مثل الجراد، فبلغ الباشا فأكمن حتى ظفر فيه، فلما وقع من قتله ما وقع، وضيق عليهم هربوا كلهم وخلوا دورهم خاليةً لا جليس ولا أنيس، وهم إلى الآن، ومع كل آغا جماعة من نفره وجماعته، والله يصلح الأحوال. وقيل حررت بيوت التركمان الآغات والدولة، منهم ومن الرعية، فبلغت ثمانية عشر ألفاً، وقيل إنه يريد أن يجعل على كل بيت خمس مصاري تعين القبجي الذي جاء في النفير العام عليهم، وقيل عفا بالكلية وحط من كيسه. العيد وفي يوم الثلاثين من رمضان عيد الناس الثلاثاء، وكانوا يتسحروا وصلوا تلك الليلية التراويح، وأفطروا بعد عشرين درجة من الشمس، لثبوت هلة رمضان الأحد عند القاضي في يوم الثلاثاء، عند بزوغ الشمس، على رؤية. وفي يوم الخميس العاشر من شوال سافر الباشا والمحمل، وخرج هو قدام العسكر والبيارق خلفه، على خلاف العادة، والبيارق اثنان وثمانون بيرقاً. ولما مر على دار محمد آغا البهنسي أمر بهدم القصر الذي كان بناه، وأنه كان مكلف وتأنق فيه وعلاه، وأمر بهدم دور الذين شاكلهم، كابن الدرزي وابن الحداد، وأمر بهدم توتة شقحب، لحسن باشا ابن القواس الذي كان أمير الحج سنة 1119، وكان جاء عليه دين كثير، وماتت جماله على ما ادعى، وكان يقوى بمال من السلطنة، غير مال الحج، بثمان ماية كيس، لم يعلم كيف صار فيها، وكان مسرفاً على نفسه. وفي يوم الاثنين الرابع عشر دخل الحج الحلبي والأعجام. وفي يوم الثلاثاء، الثاني والعشرين من شوال طلع الحلبي والأعجام. وفيه سمع أن الباشا أغار على عرب هناك وأخذ منهم نحو الأربعماية جمل. القاضي عثمان الصالحي وفيه، يوم الثلاثاء، مات القاضي عثمان بن عبد الباقي الصالحي، وصلي عليه بالسليمية ودفن بالسفح. وفي سابع عشرين شوال، الاثنين وردت المزيربتية وأخبرت أن الحج بخير. القعدة، لم يقع ما يؤرخ. ذو الحجة، في يوم رابع وعشرين، وردت مكاتيب العلا، وأن الحج بخير. محرم الحرام سنة 1122 محرم الحرام سنة اثنتين وعشرين وماية وألف 2 - 3 - 1710م حكومة الشام وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد بن السلطان محمد خان. وباشة الشام نصوح، وقيل ناصيف، بالحج الشريف. وقاضي الشام مصطفى أفندي خجا زاده، والمفتي محمد أفندي العمادي. والمدرسون على حالهم. في أوائله ختم الخلوة البردبكية بدمشق. في آخره ورد الحج الشريف. صفر، فيه وردت الخزنة المالية. ربيع الأول، سافر أمين الصر وبقية حجاج الأروام والخزنة. ربيع الثاني، لم يقع فيه ما يؤرخ. الشيخ موسى القاشقجي

مختارات من شعره

جمادى الأولى فيه توفي الشيخ موسى التركماني الخلوتي الشهير بالقاشقجي. أخذ الفقه والحديث والقرآن وطرفاً من النحو على الشيخ يوسف التركماني الخلوتي الحنفي، وصحب السيد محمد العباسي الحنبلي الخلوتي، وكان فاضلاً ناسكاً مديماً على قيام الليل وصيام الخميس والاثنين، وله أوراد مواظب عليها، تلقنها من أستاذه، وكان يؤم بمسجد هناك قبلي الحقلة، وصلي عليه بمسجده، ودفن بترب التركمان قبلي الحقلة. مختارات من شعره أخبرني، رحمه الله تعالى، أنه قال: استعرت كتاباً من رجل من الأفاضل بالصالحية، يقال له الشيخ رجب الأشرم، فطولت عليه فأرسل يطلبه وأرسل هذين البيتين، قوله: إن كنت غبت في التّيه منّا ... وعزّ منك الوصول موسى موسى فاردد كتابنا إلينا ... قد صار لساننا فيك موسى وأنشدني له موالياً قوله: لما قرّبتو من الهجران مساعيكم ... وقد سهّرتوا من الأجفان مآقيكم أحوجتموني أمور في أراضيكم ... لعلّ عيني تراكم أو تراضيكم نعمان باشا صدراً أعظم وفيه عزل السلطان أحمد وزيره بالروم، وجعل مكانه نعمان باشا ابن مصطفى باشا الكبرلي، وهو، يعني نعمان باشا، من أجلة العلماء، وجلس عن كره منه، وكان في كريد. دار النابلسي الجديدة وفي ستة عشره، الاثنين، فيه كان ختان ختني ولد ولد مولانا الشيخ عبد الغني النابلسي، وهم الشيخ طاهر والشيخ مصطفى، ولدا الشيخ إسماعيل بن الشيخ عبد الغني، حفظهم الله تعالى، وكان الفرح بالقاعة التي أنشأها بالسهم، بالصالحية سنة 1119. الباشا يحاصر الكرك وفي يوم الخميس التاسع عشر، فيه برز نصوح باشة الشام، إلى الميدان الأخضر، ومراده الركوب على الكرك، وهو في تاريخ الشهر محاصر لها، والله يحسن الحال. تفسيري زاده قاضياً بمكة وفي جمادى الثاني، ورد للشام من الروم تفسيري زاده، ومراده الحج، وأعطي قضاء مكة المشرفة، وتقدم أنه تولى الشام سابقاً في جمادى الأولى سنة 1115 ولم يبق في مدة خجا زاده قاضي الشام إلا شهر واحد. زفاف آل الناشفي وفي يوم الاثنين رابع عشر، فيه، كان عقد الشاب يحيى آغا بن الأخ الأعز صادق آغا الناشفي، من متقاعدي دمشق الشام. فيه، في أواخره عقد محمد آغا بن عمر آغا الناشفي على ابنة السيد عمر المقابلجي. رجب المبارك، وأوله الأربعاء، وفيه سمع أن السلطان عزل نعمان باشا عن الوزيرية بطلب منه. سقوط قلعة الكرك وفيه بلغ أن الباشا لما وصل إلى الكرك وحاصرها، فلم يمكنه الوصول إليها لكونها مانعة جداً، ومكث نحو الأربعين يوماً، ولم يؤثر فيها شيء من المكاحل والمدافع، فعمل لغماً تحت الأرض وملأه من البارود وأعطاه النار، فانهدم جانب من القلعة، فصاحوا أهلها بالأمان وأعطاهم الأمان فخرجوا من القلعة، فأمر بكل من كان عنده أحد قتله، ولم يفلتوا من أهلها من الرجال أحد إلا قتلوه بعد أن أمنوهم، ثم أسر النساء والأولاد، ورجع إلى دمشق ودخل ليلاً، وذلك في أواسط شعبان. وفي هذه السنة، كان موت البقر، ولم يبق إلا القليل. محمد باشا صدراً أعظم. وبلغ أن الوزارة صارت لمحمد باشا الوزير، وأمر بالسفر على بلاد النصارى، فركب الوزير المشهور، شكر الله سعيه المشكور، مع العسكر المنصور، حتى وردوا على طابور، فهجم الجميع عليه فأخذوه وكسروا شوكة النصرانية، وأيد الله العساكر المحمدية، وتلك ببركة خير البرية. عزل القاضي شعبان وفي أوله، عزل خجا زاده، ودخل نائب القاضي الجديد، ونزل في النورية، والقاضي بعد لم يسافر. وفي أوايله سافر قاضي الشام خجسي زاده. أحمد الدالي وفي آخره توفي أحمد آغا بن الدالي أحمد. محمد البكري وفيه، في أواخره يوم الثلاثاء سابع العشرين منه، توفي محمد جلبي بن أحمد أفندي البكري بداره بالسكة بالصالحية، وصلي عليه بجامع الماردانية، ودفن بتربة الشيخ رسلان، وكان أخوه أحمد أفندي غائباً في قرية المحمدية مع الباشا. محمد بن الكمال المصري وفيه توفي الشاب الشيخ محمد بن الكمال يونس المصري، ودفن بتربة الحقلة، شمالها. حسين شعبان

دخول القاضي زين العابدين

وفي عصر يوم السبت، أول رمضان توفي خادم الوالد حسين بن شعبان فجأةً بالقولنج، وتمرض من بكرة إلى صفار الشمس، يعني مات عند الغروب، وصلي عليه الظهر بالتوبة، وذلك في يوم الأحد، ودفن بالدحداح. دخول القاضي زين العابدين وفي رابعه، دخل قاضي الشام السيد زين العابدين أفندي، قاضي عسكر زاده، وذلك يوم الثلاثاء رابع شهر رمضان. دخول حجاج الروم وفي يوم الأربعاء خامسه دخل حجاج من الروم وأمين الصر والسقا باشي. وظائف تدريس وورد للسعيد جلبي بن الحلبي المفتي مدرسة النورية وسنجق، طريقة الأروام. ووردت الفارسية لمولانا السيد محمد بن الشيخ مراد اليزبكي، وكانت على عمه أبي زوجته، الملا حمزة الكردي. خالة المؤلف وفي يوم السبت توفيت زوجة الوالد ست حليمة بنت محمد بنت قرندس، وكانت حجت مع الوالد سنة 1085، وصلي عليها بكرة النهار بجامع التوبة، ودفنت بالدحداح من الغرب. خرج ولم يعد وفيه أُطلق ابن حسن آغا القبجي من قبرص، أطلقه نعمان باشا الوزير الأعظم حين تولى، ورجع إلى داره بإسلام بول، وسمع أن أحد أولاده خرج من الدار في بعض الأيام ولم يعد إلى الآن، ولم يعلم ما جرى له بعد ذلك. وهو رجل تام ملتحي، ولعله أكبر أولاده، والله أعلم بحقيقة الحال الواقع. وفيه عاد الزربا إلى دمشق ورؤف الباشا عليهم، وخفوا عن تلك الشآمة التي لهم، وكذلك التركبدية خفوا أيضاً. سيول وأمطار وفي يوم الخميس، يوم الواحد والعشرين، صار في البلدة مطر بالغ حتى جاء سيل عظيم غربي حرستا، خرب فيها أماكن، وجرى هناك ما قدروه كالدجلة، وخرج قاضي كشف من أهل الروم. بالا توزع على طلبة العلم يوم الاثنين الخامس والعشرين، شارع أن الباشا مراده يفرق بالا على المدارس وطلبة العلم واليمة وكتب في دفاتر. والمال يبلغ أربعة أكياس، والإحسان بكل أحد حسن. فضل الصدقة قال عليه السلام: اتقوا النار ولو بشق تمرة وخرج رجل بصدقته، فوضعها في يد زانية فقال: سبحان الله وضعتها في يد زانية، لأعيدن. فخرج فوضعها في يد غني، فقال: سبحان الله وضعتها في يد غني، لأعيدن، فخرج في ثالث يوم فوضع صدقته في يد سارق، فقال: سبحان الله وضعتها في يد سارق لأعيدن. فرأى تلك الليلة قايلاً يقول: إن الله قد قبل صدقتك، ولكن أفضلها أوقعها في محلها، لا أنه لا يؤجر. أحاديث في فضل السخاء وورد: في كل كبد حرى أجر. وورد نبأ في الصحيح من حديث عدي بن حاتم، أنه عليه السلام ذكر النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه، ثم ذكر النار فتعوذ منها وأشاح بوجهه، قال شعبة: أما مرتين فلا أشك، ثم قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة. وفي فضل الصدقة عنه عليه السلام، قال عليه السلام قال الله تعالى: " إنّ هذا دِينٌ اصطفيتُه لنفسي، ولن يُصلحه إلاّ السّخاء وحُسن الخُلُق، فأكرموه فيهما ما استطعتم ". وقال عليه السلام: ما جبل الله أولياءه إلا على السخاء وحسن الخلق. وورد: التدبير نصف المعيشة، وورد: خير الصدقة ما كانت عن ظهر غنى. الباشا يفرق الأموال ثم فرق المال في دار ابن القواس، ما بين عشر زلط وخمسة عشر، وعشرين، وأرسل لرجل نقشبندي ثلاثماية زلطة، وأرسل لعامة الجوامع والمدارس، وللصالحية للمدارس والجوامع ما بلغ الأربعة أكياس. ولم يعلم أن أحداً سبق لمثل ذلك، ومراده كذلك في بلاد الحجاز. العيد شوال، وأوله السبت، وقيل الأحد، في ثالثه، عيد مولانا العلامة الملا عبد الرحيم الكابلي، وكان عنده المفتي الشيخ أبو المواهب الحنبلي، وكذلك مولانا المفتي الشيخ أحمد الغزي الشافعي، ومرادهم يعيدوا على نصوح باشا، وكان بعد، لم يخرج من الحريم. مسألة في الحديث ووقع سؤال في المجلس بمناسبة جرت فيما أورده الطبراني عنه عليه السلام بقوله في مكة اللهم اجعل منانا بها، ولا تجعل منايانا بها، فأجاب عن الأولى مولانا الملا بأن النا للسببية على حالها بأن تكون سبباً للحج لا سبباً للهلاك، واستحسنه الحاضرون.

جلسة علمية

وأجاب الشافعي: الثابت بأن تكون مكة محلاً للخيرات، لا محلاً للمحل والهلاك، فتنقطع الناس عن الزيارة، ويتعطل الحج إلى بيته الحرام. وأجبت بأن هذا لعله كان قبل فتح مكة، فكان يطلب أن تكون محلاً لتمكنه وتمكن أصحابه من الحج، ولا تكون محلاً للهلاك الموجب لغلبة الكفر، وفيها الطلب بالظفر بكفار مكة والنصرة عليهم وفتح مكة، وكان كما طلب، فاستجاب الله دعاءه، فصارت محلاً لمناه ولله الحمد. فاستحسن كل ذلك. جلسة علمية وسألهم رجل من الأفاضل، ما الحكمة أن درهم الحسنة بعشرة أمثالها ودرهم القرض بثمانية عشر، وكان حقه كباقي الحسنات، فسكت الملأ والجماعة وخطر الجواب بأن هذه البشارة مكتوبة على باب الجنة، وأبوابها ثمان فزيدت، وذكرنا الدليل على الثمانية من قوله عليه السلام فتفتح له أبواب الجنة الثمانية. ثم سأل إنسان فقال: من يعمل بأعمال هذه الأبواب يدخلها دفعةً واحدة، فأجابوا: إنه يخير فيدخل من أيها شاء، وهذا أرقى ممن تعين عليه الدخول من باب واحد من أبوابها دون غيره. ثم جيء بالبخور والماورد وودعناه وذهبنا. مقتل موسى آغا وفيه قتل الباشا، موسى آغا، كبير التركبدية، وهو من بلاده، وكان غضب عليه في وقعة الكرك، فلما دخلوا الشام سركنه، فجاء في بعض الأوقات وقع على رجليه، فأشار بعض الناس أنه يريد الغدر، فأمر به فحبس، ثم في آخر الليل قتله وضبط ماله وخيله وأسبابه ما يبلغ ثلاثين كيساً، فالله يحسن الحال. وفيه سافر أعراب الصر وأعطاهم الباشا النصف وأبقى الباقي للمزيريب. فنار من طرابلس وفيه، وذلك في الاثنين العاشر من شوال المبارك، أرسلت وكتبت لبعض الأصحاب وكان في ترابلس، أطلب منه فناراً، وأمرته أن يشتريه لي من الفرنج، وأرسلت له حقه وكلفة التابوت، فما أرسل، ولم يبعث الدراهم يعتذر من ذلك. وأخبرني بعضهم أنه شكا من صغر المكتوب وعتب، فأرسلت أؤكد عليه في ذلك بمكتوب خاص. وفي يوم الخميس، ثاني عشر شوال، طلع الباشا والمحمل، ونزل عند القبة. وأما قول الشام ودولة القلعة، فلم يأذن لهم بالطلوع معه للقبة. وفي يوم الاثنين، سادس عشر من الشهر، طلع الحج الشامي. وفي الثلاثاء دخل الحلبي والأعجام. ويوم الجمعة الواحد والعشرين من الشهر طلع الحلبي والأعجام. الحملة على روسية وفي آخره، أمر السلطان حفظه الله، أن يجيش عسكراً كثيفاً على بلاد النصارى، لأنه وجد منهم الحركة عليه، وعمروا قلعةً بين الطرر والأروام، وأنه فتح خزاين المال، وكتب من العساكر ما لا يحصى. فتن في مصر وفيه بلغ أن أهل مصر نزلوا الباشا، وأرسلوا مع أمير الحج خمسة آلاف خيال، وعلايفهم من مال الخزنة، لكون أمير الشام ناصيف باشا أغلظ على أيوب بك أمير الحج المصري، وعرض عليه القتل، وكان عسكر أيوب بمكة قليلاً. وقلة العسكر من طرف المصري، أنهم على القوانين القديمة، ويعطوا ما عليهم من الصر، فهم في أمن بخلاف الطريق الشامي. وفي سابع عشرين شوال، وردوا المزيربتية، وأخبروا أن الحج في غاية. إبراهيم بن عبد الرزاق وفي يوم الأحد، رابع عشر ذي القعدة الحرام توفي الشيخ إبراهيم بن عبد الرزاق، من أعيان تجار دمشق، وكان يحفظ كلام الله، ديناً ورعاً، متعمماً على زي طلبة العلم، يؤدي حق الله، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالباب الصغير غربي بلال، وعملت صباحيته بالسنانية، وكان المعزي للناس ولده صاحبنا الأخ الشيخ عبد الرحمن. عبد المعطي الفلاقنسي وفي الأحد حادي عشرين ذي القعدة، توفي عبد المعطي جلبي الفلاقنسي، من رؤساء دمشق وأعيان كتابها، وهو من أجل ذوي الأقلام الدفترية تولى الأموي مراراً، وكان ذا ثروة باذخة، وله متعلقات وأقواف وتجارات، وعليه المحاسبجية ونظارات أوقاف كثيرة في الحرمين والمصرين، وعثامنة كثيرة وأملاك وإقطاع وفلاليح، ومن ذلك شيء كثير. وصف دار دمشقية رائعة

العطريات

وأما داره فلم يكن أحسن منها، فإنها على ما قيل سبع دور، كثيرة الأزهار والأشجار والبحرات المرتفعة والنوافر العالية، والقاعات المذهبة بالدهون المدهشة الغريبة، والنقوش المتقنة العجيبة، ولم يكن أحد من أهل الثروة أتقن تدبير المنزل مثله، خصوصاً في مدة ما صار أمين الكلار، مما لم يسبق إليه، لأن له كان بيت كلار العطريات كلها مما هو معلوم، فضم إليه من الفستق واللوز والسنوبر وأنواع المشمش والزبيب والتمر الهندي والأجاص وغير ذلك. ومكان السكاكر ومكان المربايات ومكان لجميع المياه، ومكان لسان الثور، والهندبا والقرنفل، ومكان الأطياب، كالعود والعنبر والمسك والأشياء الطيبة والعطر شاهي والمكاوي ونحو ذلك، واللبان المصرية والملبس من الفلفل والقرنفل، والبانة والبن والبندق واللوز والتمر. ولكل منها خادم. ومكان للأدوية يعملها له الأطباء من الحبوب والمعاجين والترياقات والمراهم، بحيث إذا جاء الحكيم، يعمل الأدوية عنده. وجميع الأصناف عنده من كل شيء منها، حتى العقاقير، مكتوب في الدفاتر على الخادم خوف النسيان. العطريات وبيت الأدهان فيه أكياس الورد والبنفسج واليقطين ونحو ذلك، وبيت آخر فيه أنواع العسل والسمن إلى غاية ذلك، والعطريات، ثم مكان آخر للمربايات السكرية يجلبها من أي جهة كانت لمربى الجوز واليقطين والترنج والبطيخ، مما يمكن أن يعمله في الشام، وإلا يجلبه من محاله كجوز الهند المربى والزنجبيل المربى وغير ذلك. ولها خادم مكتوب عليه. ومكان للمخللات الغريبة كمخلل العنب الزيني وغيره، ومكان تطلع منه الآلات السماعية، حتى قيل عنده كان الأرغلا، يخرج منها أربع وعشرون نغماً. صندوق غريب وعنده من جملة ذلك، من بلاد الفرنج، صندوق بدولاب يحرك فيفتح عن صورة وتماثيل تضرب بالدف وبالعود بطريقة الجنكيات، أشباح بلا أرواح. حوض مغطى بالبللور وعمل خلف القاعة حوضاً من عجايب الدنيا، مغطى بالبلور عند الشباك، على دوم الدهر أزاهره يانعة، وألوان أنواع نقوشه ساطعة، على مدى الأيام، وإنما جعل عليها البلور خوفاً من الغبار. مقعد من بللور وله مقعد كله من البلور من سايره، فيه رفوف عليها الفواكه الفرنجية، من الرمان واليقطين والبطيخ والكباد والنارنج الفرنجي، مصنوعاً من شمع لا تظن إلا أنه حقيقة. وإذا ورد عليه أحد من الأكابر يحضر له ما يليق من الضيافة من غير أن يتكلم أو يشير. فضله وكان له معقول تام ورأي وتدبير وتأني وحسن اعتقاد على المشايخ الصالحين والسادة، وأدب، ولا يسفه أصلاً، ولا يجهر في غيظه على أحد ولا يتطاول، بل يكلمه في حالة الغضب كالرضا. واعتراه في آخر أمره داء في رأسه كان يغيب منه نحو درجة، ثم يعود إلى ما عليه من الكلام. وكان يتكرر عليه ذلك كثيراً حتى أنحله ذلك ونغص عليه عيشه، وقضى فيه خمسة عشر سنة. وتكلف على ذلك، وعالجه خلق من حكماء الأشباح والأرواح، فلم ينجح. حمام الذهبية وعمر حمام الذهبية وأنشأه من مال نفسه للجامع، ويقطع من مال الجامع، وكان موضعه أطباق فوق، وسوق لبيع الفضايل ودق ذهب الطواقي والطشاطي التي بطلت من سنة سبع وماية وألف. ثم إن المترجم المذكور صلي عليه في التاريخ المذكور بالجامع، وحمل إلى تربة الشيخ رسلان، قدس سره. الشيخ عون المطوعي وفي أواسط الحجة، توفي الرجل الصالح العابد القانت القانع الولي الشيخ عون المطوعي، كان كثير النصت بحق الجم من العباد والتقلل، يقنع بالكسرة اليابسة، لا طمع له في شيء من الدنيا ولا رغبة، ولا يطلب من أحد ولا يتردد على أحد، وصلي عليه بالأموي ودفن بتربة الشهداء بالباب الصغير، لصيق الشيخ الولي السيد حسن المنير، الفقيه الشافعي، رحمهم الله تعالى. محرم الحرام سنة 1123 21 - 2 - 1711م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد ابن السلطان محمد خان عليه الرحمة والرضوان. وكافل الشام نصوح أو ناصيف باشا في الحج. وقاضي الشام زين العابدين أفندي قاضي زاده. والمفتي مولانا محمد أفندي العمادي، والمدرسون وأهل البلد على حالهم، وأول محرم السبت.

الشيخ خليل الحمصاني

في آخره دخل الحج الشريف، وأخبروا أن الحج نهب في وادي الصفيرا، بين الحرمين. في الرجعة، وقتل العرب خلقاً كثيراً من جماعة الباشا، وكان الباشا نهب من طائفة من العرب، من عرب بين الحرمين، فصار ما صار، وبقي نحو ثمانين امرأةً، مكثوا في بدر يخدموا، لأنهم انقطعوا هناك، ومنهم من وصل إلى المدينة يخدم ويأكل، ولا قوة إلا بالله. وفي صفر لم يقع ما يؤرخ. وفي أول ربيع الأول يوم الاثنين ثانيه أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر علماء وأعيان. الشيخ خليل الحمصاني وفي يوم الأربعاء الرابع من ربيع الأول، توفي الشيخ خليل أفندي المحقق العلامة المدقق الفهامة، الشهير بابن الحمصاني الشافعي. اجتهد ودأب في التحصيل وحصل العلوم بهمة واجتهاد، فأخذ من المحقق النجم العرضي، والمعاني والبيان عن البرهان الفتال، والأصول والمنطق عن العلامة الشيخ أبي السعود بن تاج الدين الشافعي. وأخذ عن العلامة الشيخ علاء الدين أفندي المفتي الحنفي الحصكفي. وحضر عند الشمس ابن بلبان الصالحي الحنبلي وغيرهم. ودرس بالجامع وقرأ بين المغرب والعشاء في الحديث في كتاب الشفا للقاضي عياض. ثم ترك وذهب إلى الروم مراراً. وآخرها، جاء بسنجق على طرز الأروام وركب في الموكب مرتين أو ثلاث، وتركه، وبقي يخطب في جامع الآغا مثل عادة الخطباء، وكان عليه وظائف كثيرة وعثمانية. وكان عليه بسبب السنجق تدريس الحجازية، ووعظ على الكرسي بالجامع في رمضان. وكان ماهراً في تفسير البيضاوي، كثير المطالعة فيه، وأخذ في شبابه طريق الخلوتية عن أبي السعود بن الشيخ العارف أيوب الخلوتي، شيخ تكية أحمد باشا الكجك، ثم إنه صلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير. ثم تولى الحجازية محمد جلبي بن علي أفندي العمادي. عمر الأتمزلي وفي تاسعه توفي عمر شيخ الأتمزلي، من أعيان قول دمشق وزربا التركمان الكاينين بمحلة الحقلة، قبلي الميدان، وكان سكنه آخراً بداره عند جامع الورد، وصلي عليه بالجامع المذكور، ودفن بتربة التركمان قبلي الحقلة. وفيه وصل خبر بتوجه الوزير الأعظم إلى بلاد الكفار، وأنه عارضهم الطابور فكسروه وقتلوا أهله وأرسلوا للسلطان نحو الألفي أذن. الخانقاه الباسطية بالجسر وفيه جددت الخانقاه الباسطية الكاينة بالصالحية، لصق الجسر الأبيض، وجددها مدرسها فتح الله أفندي الداديخي من أعيان النواب بدمشق الشام، ورممها ولم شعثها فجاءت في غاية الحسن والنضارة، وهي من أنزه المدارس ومنشئها الأمير عبد الباسط، وأنشأ معها الحمام الكاين في الجسر، وهو من أوقاف الأهلية لا المدرسة، فهي لا تعلق لها به، وتولى هذه المدرسة في عهدنا مدة، الكمال يونس المصري الشافعي، مدرس قبة النسر بالجامع الأموي، ثم عزل منها. أحمد بن عبادة وفي آخر توفي أحمد جلبي بن عبادة بمرض الدق، وكان اشتغل مدةً على شيخنا الشيخ عثمان القطان، أي في آخر الأمر، ودفن بالدحداح. ووصلت أخبار من محروسة مصر بأنها مفتونة بفتنة عظيمة لم يقع مثلها، وعز على الناس المأكول والمشروب لانحصارهم في البيوت وتسكير البلد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الشيخ عبد الرحيم العرودكي ربيع الثاني، أوله الخميس. في سابعه يوم الأربعاء، توفي إلى رحمة، الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ أحمد العرودكي، شيخ زاوية العارف بالله الشيخ أبو بكر العرودكي قدس سره، والخطيب الأصلي بجامع الخاتونية بالصالحية، أخذ عن الشمس بن بلبان، وعن العلاء القبردي، وغيرهما، وجلس مكانه ولده الشاب الشيخ عبد الجليل، وكان أذن له في القيام بعده في أمر الزاوية والخطبة وغيرهما. ولبس خرقة والده بحضور جماعة من العلماء والصوفية في الزاوية، ودفن في جوار الشيخ العرودك تحت القبة. الشيخ حسن بن مرجان وفي عصر يوم الخميس، توفي الشيخ حسن بن مرجان البقاعي الخلوتي. أخذ في بدايته عن زين القضاة عيسى الخلوتي، وعن الحسيني الخلوتي، وعن الحسيني الخلوتي تلميذ عيسى الخلوتي، ولبس عنه الخرقة، ودفن بتربة مشايخه في الدحداح الغربية. شنق شيخ البقاع

منع التدخين في الأسواق

وفي ثاني عشرينه، شنق الباشا الشيخ محمد أبو نادر البقاعي، شيخ قريته، وهو من مشايخ بلاد البقاع، وصلي عليه بالتوبة ودفن بالدحداح. وكان فيه إصلاح بلاد البقاع لا إفسادها، ولكن أهله تجنوا عليه عند الحكام للتقرب إلى الظلمة، فوشوا فيه لما اتهم بأنه كان يعارضهم في الأمور المخالفة، من البلص والقتل، وهم لا يرضوا. وفي آخره أرسل الباشا عسكراً لظاهر بن سلامة لأجل ظاهر بن كليب، المقتول زمن ناصيف، ثم جاؤوا بكتب. جمادى الأولى، وفيه ورد للباشا إقرار. منع التدخين في الأسواق وفيه نادى الباشا على شراب التتن لا يشرب في الأسواق، وأن جماعته لا تحمل السلاح. حكاية غرام مأساوية وفي يوم الاثنين عشرين الشهر، شاب متعمم حب امرأة، فدعته إلى بيتها، فلما بات عندها، دخل عليه في الليل جماعة وكتفوه وفعلوا ما شاؤوا. ثم تفقده أهله فلم يجدوه. فوجدوه بعد التفتيش عندها مربوطاً مسكراً عليه، فحلوا كتافه ورباطه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فينبغي الحذر وعدم الركون، والتقوى رأس كل شيء، ونسألك اللهم أن تستر عوراتنا، وألهمنا التقوى وجنبنا التصنع والدعوى، وقوي اللهم في طبايعنا قوى الحياء، ونجنا من رذايل اللهو والهوى، إنك سميع مجيب. دخول أيوب بك وفيه ورد أيوب بك رأس صناجق مصر هارباً منهم مع بعض أعيان منهم، ودخلوا الشام قرب العصر بجرد الخيل، من غير بغل ولا أحمال، وهم نحو الخمسماية، ونزل دار بني سليمان آغا ترجمان، وعرض له الباشا للباب بالصلح، وأن أهل مصر بلغ منهم أنهم نزلوا الباشا من قلعة الجبل وأودعوه الحبس، وبقيت الفتنة نحو أربعين يوماً حتى هدأت، وكشف الله عنهم. الشيخ محمد عبد الهادي وفي جمادى الثانية، توفي الشيخ الصالح سليل الأولياء والصالحين الشيخ محمد بن الشيخ الكبير القطب الغوثي الشيخ محمد بن عبد الهادي، وذلك نهار يوم الخميس خامس عشرين جمادى الثانية، أو الأولى، ودفن بالدحداح عند والده. رجب المبارك في أوله وصل الخبر بنصرة السلطان، وصار على النصارى فرق مال الخراج. غارة على الدروز وفي يوم السبت سافر الباشا على الدروز ونواحي البقاع، وطلع على جبال الدروز ونهبهم وسبى نساءهم وأخذ حريمهم وموجودهم، وما خبوه في صيدا من مال وحرير ونساء وغير ذلك من الخيل والبغال والحمر، ولم يعارضوه وأرضوه بمال. وفاة محمد أمين ابن المؤلف وفي ليلة السبت الخامس والعشرين من رجب توفي ولدنا محمد أمين، الشاب الخالي العذار البالغ عشرين سنةً بمرض بقي فيه أربعة أشهر، بمرض متحالف بالإسهال والدم، والتوى من الصلب، ومات عن يقظة لم يغب أصلاً، ولم يكن حاله حال من يموت، لطلاقة لسانه وعدم تغير عينيه، ولكن عجز عن القيام والجلوس، مع نورانية وجهه، وعدم التغير إلا يسيراً. مزاياه وكان ذكياً فهيماً كامل المروءة، جليل الحرمة، سريع الجواب، فصيح النطق قوي الهمة، وكانت وفاته قبل العشاء بثمان درج، وصلي عليه بالسليمية الظهر ودفن بالروضة قرب الشيخ موفق الدين ابن قدامة بسفح قاسيون، وتأسف الناس عليه، رحمه الله رحمةً واسعةً على مر الزمان، وأعلى درجته في دار الأمان، دار الجنان. رجعنا، في سادس شعبان، عملنا للمذكور رحمه الله تهليلةً، وكم ختم في الأجزاء، وذلك بالقصر الكاين بالصالحية، المشهور بقصر أبي البقاء، واجتمع علماء وصلحاء وبقي الذكر إلى المراسلة، فعسى له القبول بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم. ترجمان الباشا يشتم أحد الطلبة وفيه، شتم محمد آغا، ترجمان الباشا، رجلاً من الطلبة، فقام عليه العلماء وكتبوا فتوى في كفره وأرادوا قتله، فعاد يشفع فيه بعض الأعيان، ثم أرضى خواطر القضاة وبعض الأعيان وصاحب القضية، وتاب واستغفر، فخلوا عنه. نهب الدروز رمضان، أوله الثلاثاء على رؤيا، وفي ثانيه وصل الباشا من سفر الدروز، ونهب غالب بلادهم، وسبى من نسائهم جانباً وصلوا هم للشام مع ما حملوا من المال. وفي خامس عشر الشهر دخل أمين الصر والسقا باشية والحج الرومي. جملةً واحدةً. دخول القاضي وفي أواسطه يوم الاثنين، دخل قاضي الشام محمد أفندي كمرك إمامي وذلك يوم ثامن عشر سنة 1123، ونزل بالصالحية، قصر محمد خليل السعسعاني وقصر حسين أفندي ابن قرنق.

النصرة على الكفار

شوال، فيه نزل في ثانيه قاضي الشام كمرك إمامي إلى دار الحكم وسلم على الباشا وألبسه القباء السمور على جاري العادة، وعاد إلى دار الحكم ومعه العلماء والموالي والقضاة والكتاب. وانتقل السيد زين العابدين أفندي، القاضي سابقاً إلى دار بني الأيوبي، وأراد السفر، فعوقه الباشا إلى مجيء الحج ليكون مع الركب، إلى بلاد الروم، وأرسل له الباشا بنفقة إلى حين العود، وعين له جميع اللوازم مدة إقامته حتى يسافر مع الحج. النصرة على الكفار وفيه رجع الوزير الأعظم سالماً غانماً منصوراً على الكفار، وقد تسلم جميع ما صار عليه الكلام، وقيل مسكوا السلطان الغدار ثم فكوه على مال وكم قلعة في بلادهم. خروج القافلة 15 شوال يوم السبت، العاشر منه، سافر الباش والمحمل ونزل القبة. وفيه سافر أيوب بيك إلى الروم، وقيل، أرسلوا وراه للروم. تخلف الحج العجمي في دمشق وفي الخميس الخامس عشر شوال، خرج الحج الشامي وأكابر الحج. وفي يوم الخميس الذي بعده، سافر الحج الحلبي، ثم يوم الاثنين وردت الأعجام نحو الألفين. وفيه وردت المزيربتية وأخبروا أن الباشا سافر ورحل، فأخذت الأعجام لهم منازل مدة سنة ليحجوا ويرجعوا من الحج في السنة القابلة إلى بلادهم. وكان الباشا رحل قبل الهلة من المزيريب بنحو خمس أيام، وذلك على خلاف العادة، والأعجام كان مجيئهم على مقتضى الحساب السابق، فحصل لهم حسرة بذلك لم تعهد. لكن الباشا خاف من تعويق العرب فتفوتهم الوقفة. تدريب الحارات بدمشق وفيه يوم الجمعة نادوا على الحارات بأن يدربوا خوفاً من الدروز لما كان وقع من الباش من نهبهم، والله يلطف بالمسلمين. الشيخ عبد الرحيم الطواقي وفيه في آخره بلغ وفاة الشيخ الأفضل، الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ محمد أفندي بن القابول الطواقي، ببلاد الروم، وكان والده من مدرسي الجامع. وكان المذكور شاباً اجتهد في العلم فحصل، وكان مواظباً على التدريس في كل يوم بالجامع في بقعة أبيه التي كان يجلس فيها. وقد رأيته درس في صحن الأموي في الصيف في كتاب الشفا للقاضي عياض، وتقدم. نزول الثلج وفي يوم الاثنين ثامن عشر القعدة نزل بدمشق ثلج كثير، وفرح الناس، وكان المطر شاحاً. القاضي كمرك إمامي الثلاثاء، التاسع عشر، فيه توفي إلى رحمة الله قاضي القضاة مولانا محمد أفندي كمرك إمامي، وصلي عليه بالأموي، ودفن قرب بلال رضي الله عنه، وكان متمرضاً من حين دخوله، فيه بعض تورم، وشاع بدمشق أنه سمه متسلم نصوح باشا، وكان عمل له ضيافة، فمرض بعد يومين، والله أعلم بحقيقة الحال. وأقول فيه لما وجدت من قوة جأشه على حكام الظلمة، وإبطال ما عينوه من مظلمة بقولي: كان رحمه الله ذا عزم وحزم وسلاطة كلية على حكام العرف على وجه الحد والحزم. لا يخشى في الله لومة لايم، ولا يقبل في ما مشى فيه رشوى تعني قدر تلك العزايم، حال كونه مؤيداً بالأحكام المنيفة، متمسكاً بآداب الشريعة الشريفة، مكرماً للعلماء، محباً للفضلاء، والسادة العظماء، وهو مع كبر سنه، شديد البأس، خصوصاً على أهل العتو والإفلاس، لا يخاف من حاكم ذي سطوة، ولا يمشي معه فيما يخالف الشرع ولا خطوة، فإنه في هذا الحين، كان يعارض الباشا في أموره، ويزجره عن عتوه وغروره. فكم أخرج محبوساً من حبسه رأى حتفه، وأبطل قانون سوم الظلم وعرفه، فرحم الله روحه بروح رحمته، وأسكنه بحبوحة جنته. احتراق سوق الذراع وفي ليلة الخميس، الواحد والعشرين من ذي القعدة، احترق سوق الذراع لصيق الجامع، ولم يبق سوى الجدار، وراح للناس ما لا يحصى، وهو من أوقاف الجامع. درس للشيخ عبد الغني النابلسي وفي يوم الثلاثاء رابع عشرين ذي القعدة، كنا في درس السليمية للشيخ العارف العلامة الشيخ عبد الغني، وكان الدرس في قوله تعالى: " إنّ الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما، بعوضةً فما فوقها "، وأنه ورد في وصفه سبحانه بالحياء في قوله عليه السلام: إن الله حيي يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردهما صفراً، حتى يضع فيهما خيراً، وأوردوا في هذا المقام قول بعضهم: إذا كنت مع ضعفي وقلّة حيلتي ... أجود بموجودي لباسط كفّه فما ظنكم بالله ربّي، فابسطوا ... أكفّ الرجا، فالجود من بعض لطفه تعريف الحياء

حجازي باشا

وهذا ذكروه على الحديث الذي تقدم، وهما على لسان حال القمم. وذكر في معرض تعريف الحياء، أنه انكسار مخصوص، وله انفعال وحداني أثره هروب دم الطبيعة إلى داخل، ثم رجوعها إلى خارج لمعارضة ما استمكن منه، وهو في حقه على الاستعارة، محمولة على غايتها من الإنعام والإعطاء، ولا بد. وفي يوم ذاك، أنشدنا لنفسه، مدرس العصرونية الشيخ محمد أفندي الكنجي مؤرخاً موت القاضي المتوفي آناً في التاريخ، قوله: دمشق الشامٍ قاضيها ... قضى فيها على السّنّة فقلت بجنّة أرّخ: ... بها يا قاضي الجنّة ذو الحجة، وفي التاسع، أو الثامن منه، خرجت الجردة لملاقات الحج. وفي أيام التشريق وصلت مكاتيب العلا. حجازي باشا وفي ثالث عشره، يوم الجمعة، توفي حجازي باشا، أمين الجاويشية بدار السرايا، ودفن بالباب الصغير. وفيه حصل خبر عن أيوب بك، قبل أوائل دخوله إسلام بول، وفيه تحقق نكث النصارى ورجوعهم عما ربطوا عليه. الشيخ أسعد الموصلي وفي آخر ذي الحجة، الاثنين، توفي الشيخ أسعد الموصلي ابن الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الرحمن الموصلي المتقدم ذكر جده فيما سبق، ودفن بتربة مسجد النارنج عند جده الشيخ عبد الرحمن الموصلي محرم الحرام سنة 1124 محرم الحرام سنة أربع وعشرين وماية وألف 9 - 2 - 1712م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد ابن محمد خان، والقاضي شيخي زاده، بعده بالروم، والنايب موضعه عبد الرحمن أفندي القاري، والمفتي محمد أفندي العمادي، وباشة الشام ناصيف باشا في الحج الشريف، والمدرسون والناس على حالهم. أخبار الحج وفي آخره جاء الكتاب وأخبر بقرب الحج الشريف، وأن الباشا لم يمر على العرب الذين تعرضوا له في السنة السابقة، وذهب على الزقيقة، كرهاً للشر، ولما جمعوا له من الأعراب، فخاف على الحج، وتجرد إلى أن وصل للينبع من طريق أخرى وكان عن المدينة نحو يومين، ثم رجع من عند الحمامين للمدينة حتى زار النبي صلى الله عليه وسلم ومكث فيها ثلاثة أيام. غدر الروس وفيه سمع أن بني عثمان أذنوا بخرب القمامة التي بالقدس، لما وقع من نكث النصارى فيما عاهدوا فيه بعد الصلح على المال المراد فوق الجزية، وعلى تسليم الخمس القلاع التي لهم في بلادهم، وذلك في نظير فكاك الفران، وكان انفك على ذلك حين مسكوه، وأن السلطان جيش عليهم جيشاً عظيماً يبلغ الكرات. التغيرات في حكومة السلطان وفيه ورد من الروم الشيخ إبراهيم الجباوي الشاغوري بتولية الجامع، وسمع أن مفتي الروم توفي إلى رحمة الله، وصأر وكيلاً في الفتوى عطا الله أفندي، قاضي الشام سابقاً، إلى أن يختاروا مفتياً، ثم وصوا الفتوى على المذكور، وصار إسماعيل، آغة الينكجرية بالروم، وزيراً أعظم. فضل الله الفستقي وفي ثالث عشرين محرم، توفي السيد فضل الله الفستقي ابن السيد محب الله أفندي الفستقي الصالحي الحنفي بدمشق، وصلي عليه بالجامع ودفن بسفح قاسيون عند تربة القميني، قبلي تربة الولي الشيخ، محمد الشياح وغربي الزينبية والمدرسة الركنية، وكان من نواب النواحي، وتولى الصالحية مراراً. وصول القافلة وأخبارها صفر، في ثانيه، وأوله يوم الجمعة، دخل الحج الشريف والباشا والمحمل، وأخبروا الحجاج، أن الثلج في المزيريب كاد يهلك الحج لكثرته، وقع ثلاثة أيام، وقيل أربعة أيام، فكان لا يفتر ليلاً ولا نهاراً، مع شدة الغزارة، وراح جمال وأحمال كثيرة، وأخبروا عن الحج والباشا لما عرج عن الطريق، وذلك بخمس مراحل في الرجعة، فضلوا عن الطريق وصادفهم جبل عظيم بين الحرمين، ولم يجدوا مسلكاً ولا طريقاً، فأعانهم الله بامرأة من البدو، فرجعتهم خمس مراحل حتى أوصلتهم الطريق الذي قصدوه، ثم إن الباشا أحسن إليها وإلى زوجها وأولادها، ولولاها لهلك الحج كله، ولم يتعرض للعرب، وفي أول صفر دخل الحج الشريف يوم السبت، والأحد المحمل والباشا. الباشا يكرم البرزنجي

دخول القاضي شيخي زاده

وفي يوم الأحد رابع عشر صفر، عمل درساً بعد الظهر في الجامع الأموي، حفيد السيد محمد البرزنجي صاحب الإشاعة، عند محراب الشافعية، وحضر علماء وأعيان والمفتية وخلق لا تحصى. لأنه جاء مع الباشا من المدينة، ومراده الروم لمصلحة ضرورية، ونزل المدرسة السميساطية، وأرسل الباشا فرش له فيها أحسن مكان، وعين له ولخدامه ما يفوق على قدر الحاجة من سائر المهمات والأسباب والكساوي والتعيين والطبخ وأجرة الطباخ، وأرسل له ما يناسب المسكن من الشربات والكلبا سكر، أي السكر الوردي الذي يسمى كلبا سكر بالتركية، لأن السكر اسم السكر والكلبا اسم الورد، والأثقال والمعمول ما يناسب الصأدرين والواردين في كل أمر بحسبه. حتى الماورد والعود، لا بل البخور، ونعم ما صنع. وفي يوم سابع عشرين صفر، كان أول الخلوة البردبكية، وحضر أكابر وأعيان. وفيه دخلت الخزنة، وأمرهم الباشا أن ينزلوا عند باب كيسان، وكان المعتاد نزولهم في التكية والميدان الأخضر، ولم يقع خلاف. دخول القاضي شيخي زاده وفيه أي في يوم السبت، رابع ربيع الأول، دخل قاضي الشام المعروف بشيخي زاده من على الصالحية، ونزل قصر خليل أفندي السعساني، المفتي سابقاً، الكائن الآن بيد بني القرماني، وهو منتظر قدوم الباش حتى يمر عليه للسرايا، وكان في قرية دير العصافير، فنزل كم يوم فيه. خلعة القاضي فلما رجع، أصبح ينزل إلى عنده ويسلم عليه، ولبس خلعته قباء السمور المشروطة على الباشا لقاضي الشام، وربما تكرر ذلك فلا يقدر على الترك، لأن ذلك بشروط بني عثمان وقوانينهم في الشام، بل في ساير بلادهم. قلت وكان في القديم خلع القضاة الأربع ترد عليهم من السلطنة في كل سنة من مصر، والآن للقاضي الحنفي فقط، وكان لمدرسي مصر، خلع السمور المفراة بمقلب سمور بقبة تستر جميع ظهره عند الجلوس للدرس، وذلك في المدارس الكبار كالبيبرسية والصرغتمشية ومثلهما. وفي أوائل الشهر المذكور ظفرت بخطبة أول كتابي هذا، المسمى بالحوادث اليومية، وكنت لما شرعت فيه، شرعت فيه بخطبة وترجمة أذكر فيها فوائد التاريخ وشرفه وما فيه من الإطلاع، وأما الخطبة فهي كانت على ذهني وهي لها الآن أول الكتاب، وأما الترجمة فأنشأت غيرها، فلما ظفرت بها كتبتها هنا، وصورتها: خطبة الكتاب للمؤلف أما بعد. فلما كان علم الوقائع والتاريخ من أسلم العلوم في هذه الأيام، وأجلى للهموم على الوجه التمام، رافعاً ذوي الأفكار، ولا يسأم منه المتأمل لتجدد علم الأخبار، فالأخبار لا تحصل للمطالع إيقاف الفكرة كسائر العلوم، وهو مطلع لك على حوادث الزمان فيما مضى ولا يدوم، وأقل شيوعاً للذهن في زوايا علوم فرت عناكب النسيان، وأسلم من فن مذاكرته في هذا الزمان، يورق فيها عقد من الجنان. وكان علم التاريخ وكتبه، جليس لا يمل حديثه ولا يزال على الجردة تليده وحديثه، تورق للمتأمل اعتباراً، يحترز عنها اللبيب سراً وإجهاراً، ولا يخلو كتابنا من فوائد تضيء في أفق عالم الرواية، وواقعات حال تورثها أعيان أهل الدراية، من منظوم بيوته بحسن البلاغة عامرة، وفوائد وقعت بين أهل المسايرة والمسامرة، وبعض أحاديث ترفعه من حديقة عالم القدس، ونكات لطيفة تستزيد الأنس على الأنس، وبعده الدعاء والدخول في المقصود. ربيع الثاني، أوله السبت، في سادسه، يوم الخميس، بعد العشاء، خرج الباشا للقاعة التي لحسين أفندي قرنق وهو متمرض وفيه بعض تورم. وفي آخر الشهر من ربيع الثاني، سافر القاضي، زين العابدين، المعزول شيخي زاده إلى الروم، وسافر بقية الحجاج. إعادة بناء سوق الذراع وفيه عوفي الباشا، وشرعوا في عمارة سوق الذراع وعملوه قبواً بعد أن كان سقفاً، من مال الجامع، ومن بعض كبار، قيل بل الكل من مال الجامع، وتعبت في بنائه الناس، وجاء في غاية الحسن والإتقان. الشيخ محمد الخلوتي

اشة جدة في دمشق

وفي الخميس ثالث عشر ربيع الثاني، توفي الشيخ محمد بن حجيج الخلوتي. أخذ عن الشيخ أحمد البرزالي الخلوتي، وجلس بعد البرزالي المتوفى سنة في زاوية عمر جلبي السفرجلاني المرقومة على أرباب الطريقة، وجعل عليها وقفاً ومبرات وتعيين، وأول من نزلها ملا مسكين الكردي وجماعته، ثم البرزالي ثم الشيخ محمد المذكور، واجتمع عليه جماعة شيخه أحمد السابق ذكره، ودفن الشيخ أحمد تحت رجلي شيخيه السيد محمد العباسي الخلوتي، وزين القضاة عيسى الخلوتي بتربة الدحداح، ثم صلي على الشيخ محمد بالجامع ودفن بالباب الصغير شرقي بلال. اشة جدة في دمشق جمادى الأولى. دخل كيخية ناصيف وهو خليل، باشة جدة، كافلاً لجدة، وبلغ أن النصارى جاؤوا لابن عثمان بمفاتيح القلاع التي وقع الصلح عليها، ودفعوا مال الفكاك ومال الجزية، أما مال الفكاك فهو مقدار ما تكلفه السلطان في هذه السفرة، وبلغ أن المشيخة الإسلامية صارت إلى عطا الله زاده. رجل يعثر على طميرة وفيه رأى رجل طميرةً في دار استأجرها من السيد محمد بيك، متولي وقف لالا مصطفى باشا، والطميرة نحو مائة وواحد وسبعين غرشاً، فاستفتوا عليها لمن تكون، فكانت للسيد محمد بيك. وفيه أعطى الباشا لكيخيته سبعين ألف أشرفي، كذا قيل. وفيه سافر شيخنا ملا إلياس إلى الحج، ومراده المجاورة. الباشا يركب على الدروز جمادى الثاني فيه برز ناصيف باشا إلى الميدان الأخضر، ومراده الركوب على الدروز، ووعدوه بعشرين كيساً فلم يرض. وفيه وردت كفالة بعلبك، وجعل الحاكم فيها الأمير إسماعيل بن الحرفوش، وأعطاه في هذه الركبة خمساً وعشرين كيساً، وخيلاً وبغالاً وغير ذلك، وأخذ من صفد ونابلس مثلها، ثم أرسل له الأمير حيدر خمساً وعشرين، فعاد رجع وترك الركوب. الشيخ محمد الأكرمي وفي خامس عشر رجب، توفي الشيخ محمد بن الشيخ محمد الأكرمي من خدام الشيخ محي الدين الأكبر، وصلي عليه بالسليمية ودفن بالسفح. وفيه خف الطاعون عما كان. وفاة خالة المؤلف شعبان، في العشرين منه توفيت صالحة الصالحة، وكانت شقيقة والدتي، وصلي عليها بالخاتونية، ودفنت بالروضة قرب الموفق. قتل عمر النابلسي وفيه قطع الباشا يد رجل نابلسي متعمم يقال له عمر أفندي يعرف التركية والعربية والخط، وأما الخيولية، فلا يوجد أخيل منه مع أنه مقطوع الرجل، وكان ماهراً جداً في الشطرنج، ولا يخرج من بيوت الأكابر، فأرسل أخذه للمرجة وكان هناك، فقطع يده وأركبه حماراً وأرسله للمارستان، وكان فقيراً مقطوع الرجل يمشي بكناسة، ولا يسبقه أحد في الخيولية، والآن واقف عليه حكيم باشي وجراح باشي. وسببه أنه كان يكتب برديادنات للناس عن لسان الباشا، ثم توفي عمر أفندي بعد أيام وصلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير. الباشا يوزع الهدايا شهر رمضان في رابع عشره، أخذ الباشا يفرق الأموال على الفقراء وأرباب المدارس والجوامع والأئمة والخطباء ما ينوف على عشرين كيساً، ويرسل لمشاهير العلماء والأعيان الجوخ المكلف والسجادات والمناشف الملاح والتحف فيما يناسب، وبعضهم خلعات أصواف وجوخ والدشمايات. والآن كتبوا أسماء المدارس. وفيه ورد حج من الروم، وسمع أن الباشا يطلع في العشر الأول من شوال. شهر شوال: في الخميس عاشره، طلع الباشا والمحمل، وتقدم هو، ثم البيارق، ولم يوص على دولة الشام أصلاً، وأمر القاضي والعلماء بالتقدم إلى قبة الحاج، ومشى أولاً دكم من الخيالة والمحمل، ثم البيارق والطبل والزمر إلى الآخر. وفي يوم السبت الثاني عشر ورد الحج الحلبي والأعجام، وفي الاثنين الرابع عشر، طلع الحج. علم الأمراض

زلزلة في دمشق

ذو القعدة، يوم الخميس أوله، شرعنا في الدرس بالمدرسة الخديجية، وكنا وقفنا على باب صلاة المريض في كتاب كنز الدقائق، وتعرضنا لأبحاث في الطب لطيفة، وذكرنا الأمراض المركبة وهي أربعة: أمراض: الخلقة، وأمراض المقدار، وأمراض العدد، وأمراض الوضع، واسباب الهلاك، وأنها ستة، وذكرنا الأمراض التي تعرض عند القيام والوقوف من الدوار والدوخة والغشاوة والرعشة والصداع، وذكرنا العلة باعتبار المعنى اللغوي والشرعي والأصولي، والعلل الأربعة العقلية، وهي العلة الفاعلية والمادية والصورية والغائية، والعلل الأربع الشرعية، وذكرنا الصحة وما يسمى مرضاً، ومالا. زلزلة في دمشق وفي سلخ ذي القعدة ليلة الأربعاء آخر الليل صار بدمشق وضواحيها زلزلة، وفيه قلة مطر. أخبار الحجاج وفي الحجة، وردت مكاتيب العلا وأن الحج بخير، ثم بعد أيام وردت كتب من المدينة، وأن الباشا اصطلح مع العرب الذين بين الحرمين، وأن الأمن والرخاء كثير. وفي نصف الحجة، خرجت الجردة. القاضي عبد الباقي الشويكي وفي يوم السبت الرابع والعشرين، توفي القاضي عبد الباقي بن أحمد الشويكي وصلي عليه الظهر بالجامع ودفن بالدحداح قريباً من سيدي عبد الرحمن رضي الله عنه. محرم الحرام سنة 1125 28 - 1 - 1713م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد بن محمد خان. والقاضي شيخي زاده. وناصيف كافل دمشق بالحج الشريف. والمفتي محمد أفندي العمادي. والمدرسون والناس على حالهم. الشيخ زين في يوم الثلاثاء رابع محرم الحرام، توفي الرجل الصالح الحافظ لكلام الله، المتطبب الشيخ زين، وصلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح، ورثاه بعض الأصحاب مؤرخاً: الشيخ زين الذي نحبه قضى ... يرجو من الله أن يغاثا المحرم في يوم الاثنين لقد ... كانت له رحمته غياثا فعليه إلى الضرّيح أرّخت ... فأرّخوها يومها الثلاثا أخبار القافلة صفر: أوله السبت 1125، ورد كتاب من الحج وأخبر أنه في اليوم الثالث من تاريخه يدخل الحج، وسمع أن الحج في رابغ عارضهم سيل عظيم وذهب ناس ودواب، وكان ليلاً، فذهب الحج من طريق أخرى من الماء، أخذهم إليها عرب من أهل الحرمين. السيول وفي يوم الأربعاء دخل الحج، والخميس المحمل. وفيه سمع أن الطريق الأخرى، قطعوا سبع أنهار ولكنها كانت وقتذاك كالدجلة، وذلك كان في طلوع الحج، وإلا، كان يقيم الحج إلى أن يخف. وفي ربيع الأول: التاسع، فيه كان آخر الخلوة البردبكية. وفي أول ربيع الثاني ورد نائب القاضي الجديد، والقاضي لم يأت بعد، وليس معه نواباً إلا واحداً. وفي أوله سافر شيخي زاده قاضي الشام. نكبة العرب وفي أواسطه ركب الباشا على العرب وأرسل غنايم منهم، وغنم أموالاً وأولاداً ونساءً، وقتل من العرب المسعودي، ولم ينكب في زمانه قط. وقيل إن المسعودي نزل إلى الباشا للميدان، فسبقه الباشا في الضرب فقتله، وقيل جرحه ولكن مات بعد أيام. وفيه ورد مع عرب الحجاز السيد حسن، حفيد السيد محمد بن رسول البرزنجي، وكان خرج مع الباشا في السنة قبلها، وسببه وقوع مدرسة من مدارس المدينة، ثم توجه للروم وأخد مكاتيباً من الباشا وغيره، وكان الباشا غايباً، فعوق له أيام، فلم يرد فخاف من العوقة، فلحق بالقدس الشريف، لأنه. لما نهب المسعودي وقتله، توجه لزيارة القدس الشريف، وأخذ من نصارى القدس ما ينوف عن ماية كيس. الباشا ونصارى القدس وقراصنة مالطه وكان لما كان متوجهاً للقدس رأى جماعةً من يافا شكوا له الغدر الذي يقع من أهل مالطه، وأنهم أخذوا مركباً بما فيه، وما فلت إلا قليل، فلما دخل القدس وصى على حطب كثير، فسئل عن ذلك، فقال: مرادي أحرق القمامة بأهلها، فوقع عليه أهل القمامة وجاء كبارهم وتدخلوا عليه، فأمرهم أن يكتبوا إلى مالطة ويرسلوا المركب الذي أخذوه وكل ما فيه، وكتبهم التي فيه بدفتر، وأسماء الأناس الذين أسروا فيه، ثم راضوه أيضاً بما به كيس حتى عفا عنهم، وقال لا بد من الركوب على مالطة وأخذها من أيديهم ونعطيها للسلطان ابن عثمان، وقال إن مثل هذه البلدة كيف تكون ضد المسلمين وفي حد الأراضي المقدسة؟ وقيل إن الماية كيس صارت صلحاً على المركب.

أسعد العبادي

وفي تاريخ ذاك سمع أن مولاي إسماعيل سلطان المغرب راكب عليها والله أعلم بحقيقة الحال. وفي ليلة الثلاثاء ثالث عشرين ربيع الثاني، ورد قاضي الشام حسين أفندي وزير زاده. أسعد العبادي وفي أواسطه توفي الشاب الفاضل الأديب الشاعر أسعد جلبي بن عبادة بمرض الدق. قرأ في زمانه على أفاضل دمشق. فقرأ على الشيخ عبد السلام الكاملي، وعلى صاحبنا الأخ الشيخ محمد الحبال، وكان قرأ المطول على الشيخ عبد السلام المذكور، وبعد أن ختمه عليه عمل ضيافةً حافلةً دعا فيها العلماء وكثيراً من الأفاضل. وكان له تردد على الشيخ العلامة الشيخ عبد الغني ويجتمع عنده، درس الفتوحات وغيرها. وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة مرج الدحداح. وكان له شعر في غاية الرقة والجودة، ومن محاسن شعره، قصيدته المشهورة التي سارت بها الركبان، وفاقت بجواهر عقودها على جواهر التيجان، وأولها: قصيدة العبادي المشهورة سمير الأماني كيف يرتاح باله ... وآماله قد علّقت بالكواكب يؤرّقه حبٌّ أذاب فؤاده ... وفهم معاني رمز قيس الحواجب تخذت الهوى روضاً ونوحي حمامةً ... فأنبت ورداً من دموعي السّواكب أروم وصالاً من حبيبٍ ممنّعٍ ... بسمر القنا والمرهفات القواضب أدار على الياقوت روض زبرجدٍ ... فأطلع صبحاً تحت ليل الذوائب فيا غصن الريحان عطفاً على الذي ... أحاطت به الأشواق من كل جانب فكم أجتني زهر الأسى وإلى متى ... أُملّك قلبي بالأماني الكواذب فليت ربا الآمال تثمر بالمنى ... فينزاح يأسي عن وجوه مطالبي لألثم جيداً واضحاً وذؤابةً ... فبين الضّحى والليل كلّ العجائب قصيدة أخرى له: ومن محاسن شعره قوله، وهو من بحر الطويل: أُنادم فكري في هواك فينقضي ... نهاري وليلي في كواذب آمالي ولي مقلةٌ قد طال عمر سهادها ... وقد ذل في عدل الهوى دمعها الغالي وطرف رجا قد كحّل اليأس سهده ... وربع اصطبارٍ فيك يا منيتي خالي بأغصان أشواقٍ يرنّحها الهوى ... فتشدو بأعلاها حمائم بلبالي وصورة حبٍّ في الفؤاد أظنّها ... تحاول سلب الرّوح عن جسدي البالي ولولاك ما كانت حمّيا مطامعي ... تدار بأقداح الأمالي على بالي ولولاك عاطيت الزمان سلافةً ... من العتب أحلى من معتّق جريال ولكنني أخشى بأن يسمع الصّبا ... فينقل أسراري إلى سمع عذالي مصطفى الأوليا وفي يوم الأربعاء سادس جمادى الثاني، توفي الشيخ مصطفى الأوليا. أخذ الطريقة الخلوتية، وقرأ على ابن بلبان طرفاً من فقه الشافعي، وصلي عليه بالخانوتية ودفن بالسفح. عودة الباشا رجب، في السنة المذكورة، ورد الباشا من سفرته وله غايب من ربيع الثاني، وورد في ثالث رجب يوم الخميس، فمدة غيبته نحو تسعين يوماً. متع التدخين في الأسواق وفي يوم الجمعة سابع رجب، نادى على النساء، وعلى أن الدخان لا يشرب في الأسواق، وحصل لذوي العادة من السوقة غاية المشقة. وغلاء الأسعار باق على حاله. المصحف العثماني في بصير وفيه ورد الباشا بالمصحف العثماني من بصير، قرية من قرى حوران، كان في مسجد خراب مكتوب بالكوفي، وهو أحد المصاحف التي أرسلها الإمام عثمان رضي الله عنه إلى الأطراف، فإنه أرسل للكوفة وإلى دمشق ومصر ونحو ذلك، ووضع في المقصورة بالجامع، وقيل إن المصحف العثماني الذي في دمشق مصحف الكوفة، ومصحف دمشق مفقود لعله من زمن الحريق، والنار من جند الله، ونعم ما صنع ناصيف. سليمان المحاسني خطيباً ومدرساً وفي يوم الحادي والعشرين من رجب، وردت خطبة الجامع لسليمان أفندي بن محاسن، وتدريس السليمية، فخطب ولم يقارش الدرس لأنه كان في أشهر فراغ الدروس، ومصطفى جلبي الخطيب بن الشيخ محمد أفندي الأسطواني المعزول منها، تأهب للحج الشريف. وفيه بلغ أن عطا الله أفندي عزل عن مشيخة الإسلام بمحمود أفندي قاضي العسكر سابقاً. ضبط القمح

أزمة الخبز

وفيه وضب الباشا قمح البلد وضبطه في حواصله عند الدولة من الزعماء وأعيان الأفندية، وكانت وافيةً إلى أيام البيادر. وفيه اشترى الشيخ محمد اليزبكي النقشبندي قصر البلاطنيسة في حكر الأمير المقدم بالصالحية. أزمة الخبز وفيه اشتد على الناس أمر الخبز، وسكرت غالب الحوانيت، وبقي على الخبز من الرجال والنساء خلق كثير. سفر الشيخ محمد النقشبندي شعبان، في ثامن عشرة، يوم الاثنين، سافر الشيخ محمد البلخي النقشبندي إلى بلاده، وأبقى بعض جماعته، منهم من قرابته شيخه ملا إسحاق، وبينه وبين بلاده نحو سنة، وأعطاه الباشا، تختاً وأرسل مكاتيب إلى حلب وإلى بغداد وإلى أصبهان للشاه في التوصية فيه، وأن يرسلوا له مكاتيباً من بلد أخرى إلى بلاده، وفي نيته العود إلى دمشق. صدقات الباشا في رمضان رمضان، وأوله الخميس على الشك، والجمعة على اليقين، فرق ناصيف باشا دراهم على فقراء ومساكين ونساء وأولاد، ولم يبق أحداً من الفقراء، ما يبلغ نحو العشرين كيساً، ومن جملة ذلك على المدارس والخوانك والجوامع، حتى للصالحية وفقرائها ومدارسها وجوامعها، كل واحد خمس زلط وسبع وعشر وغير ذلك، وكانت جماعته تدور بالأسواق ومعهم الحوائج والرستميات والعراقي والقمصان والدراهم على الأولاد والفقراء، ولم نعلم أن أحداً وصل إلى ذلك لا في القديم ولا في الحديث. وفي يوم الجمعة، يوم الاثنين والعشرين خطب ابن محاسن المذكور. شوال، وأوله السبت على رؤية الهلال، ورمي نحو أربعين مدفعاً، والعادة ثلاثة. سفر القافلة 8 شوال وفي يوم السبت، الثامن منه طلع المحمل والباشا، وفي السابع عشر طلع الحلبي والأعجام، وذلك يوم الأحد في التاريخ المزبور، وفي أول العشر الثالث رجعت المزيربتية وأخبروا أن الحج بخير. عودة الشيخ النقشبندي ذو القعدة رجع الشيخ محمد اليزبكي النقشبندي من الموصل متمرضاً، ورجع عن نية السفر إلى بلاده. وفي الحادي عشر من الشهر في ذي الحجة وردت مكاتيب العلا مؤرخة في حادي عشر ذي القعدة. مصطفى جلبي وفيه وصل خبر موت مصطفى جلبي خطيب الجامع، وأنه دفن بمرحلة العلا في الطلعة. حسين أفندي وفي يوم السبت خامس عشر الحجة توفي حسين أفندي قاضي الشام، الشهير بوزير زاده بمرض الدم والإسهال، وصلي عليه بالأموي، ودفن قرب بلال. وكان لطيف المزاج زاهي المنظر والابتهاج، ولكن كان قليل التصرف من أجل ناصيف، وكان عرض فيه خفيةً وذكر من مساوئه، وبقي النائب وأولاده في الحكم إلى أن يرد خبر من الروم، والله أعلم. محرم الحرام سنة 1126 17 - 1 - 1714م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد بن السلطان محمد خان، والباشا في الحج الشريف، والقاضي نائب الباب الرومي، والمفتي العمادي، والمدرسون على حالهم. تدريس الجوهرية فيه وجهت الجوهرية. عن الاسطواني إلى السيد عبد الله، أخي السيد حسن بن عجلان. وفي يوم الأربعاء ثامن عشرين محرم الحرام، جاء الكتاب وأخبر عن الحج بأنه بخير. وفيات وفيه توفي الشيخ أبو بكر أفندي خطيب القنيطرة. وفيه توفي فجأة عند كيخية الينكجرية السيد محب الله الينكجري الأتمزلي وهو يتكلم. وفيه توفي بالصالحية عبد تكروري كان ماشياً ليس فيه شيء، فوقع وشهق ومات، وذلك في يوم واحد. وفيه بلغ خبر بتوجيه القضاء لكبرلي زاده، وأرسل لأولاد قاضي الشام أذناً لآخر صفر، بزيادة شهر، فضبطها النائب إلى أن يتوجهوا مع الحج الرومي. وفي يوم الاثنين ثاني صفر، دخل الحج والمحمل الشريف من غير أمير. مأساة ناصيف باشا وكان ناصيف لما بلغه سلب مناصبه وما هو عليه، ووصول العساكر لدمشق لقتله، ترك الحج عند تل شقحب، وكان حساب الحج أن يدخل الحج يوم الجمعة آخر محرم، وخرج الناس للفرجة على جاري العادة، فجاءت الصلاة ولم يدخل أحد من الحجاج وجاء الخبر بأن ناصيف محاصر بالحج عند التل، وأن هذه العساكر لقتاله، ثم عند شقحب نادى: كل من راح قتلته.

تحركه نحو القدم

فانكر الحج راجعاً، وصعد هو وجماعته إلى أعلى مكان، وعمل المتاريس وجعل الحج في جهة العدو في أسفل التل، وطالع القنبرات، وتهيأ للقتال، ثم مسك كبار الحج عنده، ورتب المدافع والقنبرات واستعد لقتال العسكر الراكب عليه، ولما كانت الناس يوم الجمعة آخر محرم السابق ذكره، ورد بكرة النهار من العساكر ما لا يحصيه إلا الله من ناحية برج الروس، حتى أخبرني من أثق به أنه قال: لي من العمر نحو الثمانين ما رأيت أكثر من هذا العسكر، حتى رحلت أهل القرى منهم. ثم نزلوا دمشق وملوا المرجة واللوان وتلك النواحي، ورحلوا في الليل تلك الليلة، متوجهين إلى الباشا نواحي قبة الحاج. وقيل إن وراءهم باشات كثيرة. تحركه نحو القدم وكان يقدم دخول العسكر المرقوم، يوسف باشا طبل، وشركس محمد الموجه له دمشق في التاريخ عن ناصيف، مترسماً، ثم رحل العسكر المذكور يوم السبت نزلوا عند القدم. وخيموا هناك، وكان بلغهم يوم الدخول مسكه الحج، فرجعوا في ثاني يوم لملاقات الحج وقتل الباشا، لكن يقدموا رجلاً ويؤخروا أخرى، خوفاً على الحج الشريف، لأنه يخشى الرمي من طرف الباشا والباشاوات الأخر، ومكثوا في القدم يوم الأحد لأن الحج يكون في الوسط. سيرة ناصيف باشا: وكان ناصيف مستعداً بمدافع نحو العشرين، وأيام الحج يصحبها معه على الجمال، واصطنعها غريبة الشكل، طويلة رفيعة، ومعه من القنبرات شيء كثير واستعداد تام، وكان شجاعاً لا يعد الرجال، يهجم على الألف وحده، ويغير زيه، ويأمر العسكر بالتأخر عنه حال كونه في الأربعين، وكان بارعاً في تدبير القتال وحيل الحرب. فأول ما بدأ به بالشام يوم دخوله أنه دخل مدرعاً مغرقاً بآلة الحرب، وكان لبس الدرع من حرستا ولبس البيضة على رأسه، والبيضة عليها كرخور أحمر لا يظهر وجهه لأحد من كثرة توشحه بالدراوي، وتقدم. ولفرسه، بركسات. خوفاً من وهدة فيقع فيتمكن منه العدو. وكان بلغه عن دمشق، بأن بها زرباً للتركمان الحقلجية. ثم مكث أربعة أشهر لا يحرك ساكناً، لما أن دولة الشام والتركمان، لما لاقوا له جمعوا عسكراً كثيفاً فوقع في الوهم، فرأى أن معاداتهم لا تخلص له، ولا خلاص إلا بالحيلة. حكايته مع كليب وكان لهم قوة باذخة، وكانوا أرسلوا لكليب بالجيء، فجاء ونزل دار قاسم آغا لصيق باب الله، عند الزيتون، وشكوا له أمر الباشا وأنهم خايفون من غدره، فقال لهم: أضع رمحي في سراياه، ومكث عند قاسم آغا باش زربا وكبيرهم، ثلاثة أيام، ولكن خفيةً، وربطوا معه على الباشا، وبلغ كل ذلك للباشا، فصبر عليهم إلى أن حج ورجع، فلما وصل لمرحلة المزيريب جاء كليب إلى عنده ليسلم، وذلك بالخيمة التي نصبت بعيداً عن الحج لأجل اجتماع الباشا بشيخ البلاد الحورانية، لأن شيخ البلاد لا يركن أن يدخل خيام الدولة خوفاً من الغدر به. وكان محمد بن كليب مع الباشا في الحج فكان يكرمه غاية الإكرام، وأعطاه من الذهب شيء كثير قدمه لأبيه، فاطمأن في ذلك ولم يعلم بما مكتوب عليه في تقدير الله. فلما صافحه للسلام عليه، وكان العرب واقفين بعيدين عنه وعن الخيمة؛ بمقدار بعيد، نحو رمية سهم، فضربه بخنجر كان معه أرماه، ثم احتز رأسه الجوخدار، ثم ضرب بارودةً يعلم بالأمر العسكر، وأن كليب قتل، فهرعوا إلى عند الباشا، فهربت العرب هرباً فاحشاً وأبقوا بيوتهم ونجعهم، لا يلوون على شيء. هروب التركمان الأشقياء ثم إن الباشا حل من فوره خوفاً من أن يشتغل العسكر بالنهب فينهب الحج ويؤخذ. ثم لما وصل ثاني يوم أرسل للزربا عسكراً، فقام ابن الدرزي قاسم وخرج من داره على حصان ولم يبال بأحد، ثم تتابع الزربا خلفه ولم يخافوا من العسكر الوارد، وخلصوا وتركوا بيوتهم، فلما فاتوا أخذوا في النهب، وكان مع عسكر الباشا من الزربا، عمر شيخ الأتمزلي، وكان من أعيانهم، لكنه خرج عنهم ورتب ما وقع، وقال له أنا أكفيك أمرهم، وهرب ابن المهيني وكان عمل قصراً عالياً، عالي جداً، فأمر الباشا بهدمه وهدم داره وضبط موجوده وهدم أكثر بيوت الزربا، ثم حبس كبار الحقلجية وخرجوا على مال، ولم يعلم عنهم شيء وتركهم. وقعاته مع أهل البلقاء الدروز ثم بعد مدة تراجعوا وأرسل طيب خاطرهم فدخلوا للسرايا وألبسهم وأحسن إليهم وتركهم من خاطره.

وأهل عرابة

ثم شرع في قتال أهالي البلقاء وكسرهم بنفسه ورأوا منه العجايب. ثم ركب على الدروز إلى أن استأصلهم، وجاء منهم بشيء كثير، واستولى على دير القمر ونهب سرايا الأمير وأخذ ما فيها، وأخذ حريمهم وسبى نساءهم، وجابوا السكمان منهم للشام راكبين خلفهم، ثم بعد ذهابه عنهم رجعوا. ثم ركب عليهم ثانياً فلم يقاتل وأخذ منهم مالاً. وأهل عرابة ثم قاتل أهل عرابة وسبى نساءهم. وخربها وقتل رجالها، وجاء ومعه نحو ألف امرأة من سبي عرابة، عاد استفكهم ابن سلامة بمال وردهم. سبي نساء الكرك وأخذ قلعة قلعة الكرك. وحاصروهم نحو أربعين يوماً لم يقدر عليها بشيء، فعمل لغماً فسلم الرجال نفوسهم وخرج النساء والبنات والرجال وأمنهم ونزلوا عنده في الخيام. فأمر بقتل الرجال فقتلوا عن آخرهم، وأبقوا النساء والبنات، وسلم لجماعته من غلا منهم، وأُبيع منهم في دمشق، واستفك ناس منهم بمال. وتقدم أنه أراد أن يحرق القمامة لما ذهب للقدس من أجل الأسرى أهالي مالطة، فأرضوه بمال نحو الماية كيس. حكايته مع الحجج الشرعية ثم أخذ في تعلق الأحكام والحجج فيكتبه من عقله، فأخذ غالب حجج الديون وأبطلها، ويقول كلها ربا. فصار الفلاح وأهل القرى يخوفون فيه، ويأخذوا الحجج من أهلها ويأكلوا المال الذي عليهم. حتى إن بعضهم كان له دين بحجة فيها نحو ثلاثة آلاف رمى بها لهم، وأرسل كتب بينهم وبينه حجة إبراء في المحكمة الجوزية. مصادرته لأموال المتوفين وكان لا يمسك كلام أحد ممن قل أو جل، ثم صار يضبط جميع تركات الأروام من مال وأسباب، ممن توفي في دمشق وإن كان لهم ورثة، ثم يفعل ذلك في طريق الحج ولو معهم ورثة، فيودعهم الحبس ويدعي أن جميع تلك الأموال للميت، فيستدينوا مال ذلك الحجي ويرضوه فوق ماله مرات حتى يطلقهم من الحبس. علاقته مع العرب ومكث ثلاث سنين يعامل العرب ويكرمهم بنفسه، وكان السلطان يعتبر شؤونه وأموره، لما أصلحه في طريق الحج، بعد ما كان يحصل فيه من القتل والنهب من العرب. وتقدم أنه كان في زمن حسن باشا أخذوا العرب الحج جميعه عند أبيار الغنم، في نحو خمس درج، ولم يبقوا شيئاً وأخذوا المحمل والصنجق وشلحوا الباشا وهرب بعده، ولما وصل للعلا، لم يوجد له فرعاً ولا ما يستظل به. وتقدم. تحول حسناته إلى سيئات ثم شاعت أوصافه في معارضة الحكام وإبطال الحجج الشرعية وأخذ تركات الموتى، مما كان يفعله في دمشق وطريق الحج، وكثرت فيه الشكاوى إلى السلطان من الحجاج، فلم يشك فيه بشكوى أحد، فعاد قام الأروام على السلطان من أهل إسلام بول من أجله ونووا خلعه، ودخل عليهم قاضي عسكر الذي صار شيخ الإسلام، وهو محمود أفندي، وأخبره بقيام الأروام وأن مرادهم الخلع ما لم يقتل ناصيف باشا، فأرسل خطاً شريفاً في قتله، وعين عليه عسكراً كثيفاً يلاقوا له قبل دخول دمشق. السلطان يأمر بقتله فتوجهوا إليه بتلك العساكر الجرارة فأدركوه في شقحب، فرجعوا إليه إلى عند القدم لكن خشوا أمر الحج لنه في تل شقحب تحصن فيها، فخافوا عليه. فارسل يوسف باشا طبل بأنك تهرب وتذهب حيث شئت وتطلق حج المسلمين، فإن وجدناك قتلناك، وإن لم نجدك تقول هرب ولم نقع فيه. كيف قتل فأذن بالحج وأخذ الأساكل كلها. ثم لما ضبطوا موجوده عند شقحب، وكان خرق خياماً وأمتعة كثيرةً لأجل النكاية توجهوا خلفه، فلما رأى العسكر من بعيد عرج عن الطريق إلى غابة القلنسوة، فلحقه قبل وصول العسكر رجل من شجعان الأكراد، وكان لما رأوا أولاد خزنته العساكر متوجهة إليه، تفرقوا عنه وهرب نحو الغابة، فأدركه فعوقه الأرمان، وكان الأرمان سبب حتفه، فضربه فرماه عن فرسه، ثم احتز رأسه فما وصل العسكر إلا كان قتل، فجاؤوا بالرأس إلى حضرة الباشاوات فوضعوه وسلخوه ومرادهم يرسلوه للأورام. وذلك يوم الأربعاء سادس صفر، فيكون أوله الجمعة. تجهيز رأسه إلى الروم

مصير أعوانه وحريمه

ودخلوا الباشاوات يوم الثلاثاء ثاني عشر صفر، ثم جهز رأسه للروم، والذي لم يلحق معهم كنخدا محمد باشا، فإنه رجع ولم يقم، وقيل: دخل الرأس المجهز للروم يوم الثلاثاء ثاني عشر، والباشاوات والعسكر يوم الخميس الرابع عشر من صفر، ثم أخذوا في ضبط مخلفاته وإقطاعه بحضور يوسف باشا ومحمد باشا شركس، وباش كاتب السيد أحمد أفندي الأسطواني، ورأوا عنده من التحف والذخائر شيء كثير جداً بالغ حد التعجب، وأرسلوا الحريم إلى دار أخرى غير دار ابن القواس، وكان أخذها وأنشأ بها قاعة عظيمة وكبكاً بقبة، وعمر المحمدية ودير العصافير. وعمر هناك قاعة ظن أنها قلعة لأجل العصيان. مصير أعوانه وحريمه ثم رسم يوسف باشا ومحمد باشا على أتباعه، من أعيان جماعته، كديوان أفندي وأمير آخور، والمطرجي، وعلي باشة، ابن أخت ناصيف باشا. وجيء بهم للقلعة فحبسوا فيها. ثم إن يوسف باشا، باشة حلب قدم إليها، وكان نزل الباشا شركس الكافل في السرايا، ونزل هو دار صالح باشا. قصيدة دمشقي في ظلم الأتراك وعملوا في ناصيف التواريخ، فمنها ما ذكره بعضهم في صورة هذه القضية من توجه هذه العساكر، من بحر البسيط: خبّر الشّام كم قاست من الوصب ... أُهيلها من عظيم الخطب والنّصب وقد أتانا أناسٌ ليس نعرفهم ... من ساير المدن مجموعين من سرب باشاة عدّتهم خمسٌ وعسكرهم ... مثل الجراد إذا هدّى على الرطب أكراد قد وردوا في وسط شامتنا ... وسعوا القرى، وخلّوا الناس في رهب ورحّلوا أهلها فوراً بأجمعهم ... وأظهروا الخوف مثل النار في الحطب وأطلقوا خيلهم ترعى مزارعنا ... ظلماً وحتّى رعوا للزرع والعنب وقد أحاطوا بنا في كلّ ناحيةٍ ... مثل الصواعق قد مرّوا كما الشهب وحاصرونا على الأفوات أجمعها ... من بعد ما نهبوا للورق والذّهب وقد علانا الغلا في كلّ ما نظرت ... فيه العيون كنوع الأكل والشّرب والخلق ضجّوا وقد لجّوا بأجمعهم ... مثل الزّحام رمانا الدهر في التّرب في مبتدا صفرٍ أرّخ، وها وردوا ... عساكراً قصدوا ناصيف بالعطب أنصار النابلسي يشمتون بناصيف وللشيخ مسعودي المتنبي قوله في قتله من قصيدة، ولمح بدرس شيخه الشيخ عبد الغني: قم واغترف من منهل التّدريس ... يا مدّعي، واخلع حلا التّدليس واخضع لهيبة ذي الجلال فإنّ من ... يخضع له يرفعه فوق الروس واحذر ذوي العرفان والتحقيق من ... شادوا قواعدهم على التاسيس أهل العناية والولاية والهدى ... أسرارهم فينا بدت كشموس لا ترم نحو حماهم بعداوةٍ ... أو ترن نحوهم بطرف عبوس واخش الإله ومكرهم، لا تغترر ... لصنيع باغٍ ظالم منكوس إنّ المعادي للوليّ محاربٌ ... لله، فاحذر من حلول البوس فالله أكبر سطوةً فالجأ إلى ... ركن بهيبة عزّه محروس وانظر إلى النصر العجيب لقايمٍ ... بالله مع قومٍ سموا بنفوس الله أيّد شيخنا عبد الغني ... ورمى عداه بطالعٍ منحوس قد حاولوا تحويله عن درسه ... فالله جازاهم بدوس الروس وأتاه بالدرس بشايرٌ وأشا ... يرٌ، تقطيع رأس كلّ خسيس محاسن ناصيف باشا والحاصل أنه كان لنصوح محاسن. فمنها رفع الشوابصة، ودخل فيه ما يأخذ الشوباصي من رسم النكاح والمنزل والمشاهرة والذخيرة، خصوصاً الصالحية. ورد الصرصار مراراً عن أهالي دمشق، ولم يحططهم شيئاً. وله تفرقة على أهالي دمشق من الفقهاء والفقراء وطلبة العلم والمدارس والجوامع والعلماء، وهي تبلغ نحو العشرين كيساً، وتقدم مثل هذه التفرقة على العلماء والمشاهير جوخاً وسجادات ودشمايات، فيعطهم عن آخرهم إلا ما قل ممن لا يعلم به. الصدقة العامة في رمضان

صدقاته بالحرمين

ثم يشرع في هذه الصدقة العامة فتبقى التفرقة أياماً، وتعمل أثواباً ورسميات وقمصان وعراقي. ويوصي على بوابيج، وتدور أغواته على الأسواق محملين الحمال على ظهور الدواب لتلبيس الأولاد، ثم يعطوا العراقية والبابوج وزلطة واحدة إلى ما لا يحصى. وتارةً تكون الحوايج على عواتق الخدام، والآغا معهم، ويدوروا في الدراهم على المدارس والجوامع، لأنها كلها مكتوبة في دفاتر، ويعطوا الإمام والخطيب والمجاور في المسجد ونحوه، وربما حصل بعضهم له العطا مراراً لتعدد وظايفه في الجوامع، وطلعوا للصالحية وجميع الشام، لا يتركون مكاناً. صدقاته بالحرمين ثم له تفرقة بالمدينة المنورة على ساكنها السلام، مثل هذه. ثم إذا جاء من الحج أرسل هدايا العلماء والآغات، وأقلها ما يساوي مايةً أو خمسين، لا أقل من ذلك، وأكثرها نحو الثلثماية. فيرسل في أقلها شاشاً وقطنية وقدمةً وشيئاً من العنبر والعود ما يساوي الخمسين. ففي أيام له هذه التفرقات البالغة في الشام والحجاز مما لم يسبق إليه أحد من الخلفاء ولا السلاطين. والحاصل في الشام وفي الحجاز ما ينوف على ماية كيس لأجل المبرات والهدايا. اتساع نفوذه وشدة بأسه وأما ما يرد عليه من الأموال والهدايا والتحف مما لا يحصيه إلا الله تعالى. فإن باشة جدة أرسل إلى مكة عشرة أحمال تفاريق وصارت ترد الهدايا السلطانية من بلاد الهند وبلاد اليمن والأشراف. وطار صيته في الآفاق، ورهبته الممالك في الآفاق، حتى إن أهل مصر خافته، وأهل مدينة مالطه من الفرنج وغيرهم. وخافه جميع الناس لشجاعته وحسن رأيه وتدبيره ومعرفة الحيل والوقايع وأحوال الحرب، وحيله وطريقه. والحاصل، صار مرجعاً لسائر الأطراف، فينفق شيء كثير، ويرد عليه شيء كثير. عودة المظالم بعد مقتله ويوم قتله رجعت الشوابصة. وكان لا يأخذ المشاهرة ولا المشيخة ولا ذخيرة، بل يعطي حق الشيء، ولكن جماعته يأخذوا من الناس. وإذا كان مسافراً يأخذ له الذخيرة حين السفر لا غير. وقتل عند غابة القلنسوة بعد ذهاب العسكر والباشات، ثم غسل وكفن ودفن هناك. وقيل عمر عليه قبة لطيفة، كذا سمع، وكان في نيته أخذ مالطة من أيدي الكفار، لما يحصل منهم من الضرر في سير المسلمين من قطر صيدا إلى دمياط غالباً وقبرس وهذه الثغور. إرساله المصحف العثماني من بصير وكان له فضيلة ومطالعة ومذاكرة للعلماء في فنون العلم، وأتى بالمصحف العثماني الذي أرسله السيد عثمان رضي الله عنه زمن خلافته، إلى بصير، قرية بأراضي حوران كبيرة، وفيها مسجد عظيم مبارك، كان مرسلاً من عثمان إلى هذا المسجد، فأتى به، وكان متروكاً في مسجد خراب، فاهتم لذلك، وصار في ذلك رأي حسن، ونعم ما صنع. وما غلبه أحد في أمر من الأمور، ولا أعجزه شيء في هذه البلاد الشامية مدة مكثه، لا يسعى في أمر إلا يتم في حضر أو سفر. حتى كان يظن له خبرة في علم الاستخدام لشدة ما يرى من استتمام أموره كلها إلا فيما يندر من الأمور. شجاعته وكان يقاتل العرب في طريق الحج بنفسه، ويهجم عليهم وحده أولاً، ويدخل فيهم، ثم يتتابع عسكره، حتى مهد طريق الحج الشريف واصطلح، مما يطول فيه الكلام، مما يؤدي إلى الشأم، فصار ما صار مما تقدم ذكره، فسبحان من لا تغيره المنون، ولا يصفه الواصفون. عثمان الشمعة وفي تاسع عشر صفر توفي الشاب البارع المفنن الشيخ عثمان الشهير بابن الشمعة، بالشين المعجمة والعين المهملة، بالاستسقاء، وكان من مدرسي الجامع. كان فاضلاً في الفقه واللغة والنحو والحساب والجبر والمقابلة والحديث والأصولين والمنطق والفلك وعلم التقويم وعلم القراءات وغير ذلك.

عودة التدريس للشيخ عبد الغني

قرأ الشيخ عثمان المذكور على أفاضلها، فأخذ الفقه عن ملا إلياس الكردي الكوراني، نزيل مسجد العداس، بتشديد الدال، والسيد حسن بن المنير، بضم الميم وفتح النون، والأصول عن الشمس ابن الطويل الشافعيين، والنحو عن ابن الحايك الحنفي المفتي والخطيب بدمشق، والفرائض والحساب والجبر والمقابلة على التقي التغلبي الحنبلي، وعلم القراءات على أبي المواهب المفتي الحنبلي، والمنطق على ملا إلياس، والفلك على الشيخ خليل بن الشيخ الأديب عبد الرحمن الموصلي، وحضر درس الردي الحنبلي في شرح الأربعين بالمدرسة. وأخذ عن التقي حمزة الدومي الحنبلي، مدرس اليونسية بظاهر دمشق، وأخذ الطريق الخلوتي عن الحسيني الشافعي، وكان عليه وعظ السنانية على الكرسي، عقب صلاة الجمعة، وعلى ذلك ضمانة في الوقف تبلغ أربعين عثمانياً. وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة باب الصغير، ثم وجه ما عليه لولديه الصغار. عودة التدريس للشيخ عبد الغني وفي يوم الثلاثاء حادي ربيع الأول، جلس لدرس السليمية بالصالحية مولانا الشيخ عبد الغني، بعد أن كان عزل منه زمن ناصيف باشا، والسبب، أن شيخ الإسلام عطا الله أفندي مفتي الروم، لما توجه ابن محاسن، محمد جلبي إلى الروم نزل عنده، وكان لوالده سليمان أفندي صحبة معه، فشكا له حاله، وأن ماله شيء، وأنه يحتاج ما يقوم به، وكان الخطابة وتدريس السليمية قائماً على أبيه وأهله من قبله، وكان بينه وبين الشيخ عبد الغني نوع فتور حين تولى قضاء الشام، فأرسل لسليمان أفندي الخطابة والتدريس، فخطب الشيخ في المدة ولم يشرع في التدريس خوفاً أن لا يتم، ثم بعد أيام قلايل، رجع التدريس للشيخ عبد الغني. عمارة الشيخ عبد الغني وكان شيخ الإسلام عطا الله أفندي، لما عزل بمحمود أفندي قاضي العسكر، لانحراف السلطنة عليه بسبب من الأسباب، كان الجديد يعلم بمرتبة الشيخ عبد الغني كثيراً في العلم والعرفان والكمال، فعاد له التدريس في مدة نحو شهرين، فعاد وبقي على سليمان أفندي خطبة الجامع، فوصل التدريس إليه، فجلس له يوم الثلاثاء، وجاء لدرسه الأكابر والأعيان، وعمل ضيافةً في عمارته التي أنشأها شرقي الحاجبية، بمحلة السهم وحمام الكاس. وأصل هذه الدار أنها كانت خربةً وتسمى دار ابن العجمي البلكباشي من جند دمشق، وكانت سكنه، ثم إنه احتكرها وعمرها عمارة حسنة، وهي مقابل حمام الكاس الذي خرب وزال في الثمانين وألف. وفي يوم الخميس حادي عشر ربيع الأول من السنة المذكورة، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر بعض أكابر وأعيان وخاص وعام، تقبل الله من الجميع دعاءهم. وفي ثمان عشرين ربيع الأول، وصل فرمان بقتل جماعة ناصيف المحبوسين في القلعة، وأبقوا الأمر إلى مجيء باشة الشام شركس الذي قاتل ناصيف مع العسكر والباشات. عزل شركس باشا وفي خامس عشرين ربيع الثاني عزل شركس محمد باشا عن الشام، بعد مكثه مديدة، إلى صيدا، ودخل متسلم يوسف باشا، ونزل دار بعض الأمراء إلى أن رحل الباشا المعزول. دخول القاضي كركجي زاده وفيه ليلة ثلاث وعشرين، دخل قاضي الشام محمد أفندي كركجي زاده ليلاً، وجلس بالباب النائب الجديد، وهو موصوف بالعلم والحذق. ثم وقع دعوى من الينكجرية في عشرين كيساً من مال الوجاق على شركس، فمنعه بوجه، وهو أنه أخذها لما جلس عليهم عبدي آغا جعلوها له، وسافر من ثاني يوم. عزل نائب الصالحية جمادى الأولى، وفيه شاع عن رجل من عكامة من الصالحية، أنه فض بكراً، فاشتكى أهلها لنايب الصالحية السرميني وحط مالاً، ثم وصل أمره للباشا، فحبس وخرج على مال، وكان ذلك قبل ورود القاضي، فلما جاء القاضي نزل جماعة من كبار الصالحية واشتكوا لقاضي الشام في إخراجه من الصالحية، فأُخرج في التاريخ المزبور. الدولة تطلب 190 كيساً وفي خامس عشرين جمادى الأُولى، ورد فرمان مع قبحي في طلب مائة وتسعين كيساً من أسعد أفندي البكري للسلطنة، زعماً منه أنه تركة حسين آغا كيخية شيخ الإسلام المقتول، والوكيل عنه ببلدة بعلبك المتوفي سنة 1117 هـ، والله يلطف بالعباد. وفيه نزل السعر عما كان. وفيه صار تغيير المعاملة. عزل قاضي الصالحية وفيه عزل النائب الذي كان بالصالحية في غيبة قاضي الصالحية، ونائب الباب الواصل في صحبة القاضي.

تسمير طحان

وفيه ورد فرمان بإرسال المحبوسين إلى الروم، وأبقوا الأمر إلى ورود الباشا طبل. تسمير طحان وفي يوم الثلاثاء التاسع والعشرين سمر نائب الصالحية بها رجلاً من الطحانة في مقابل المحكمة، أعني المدرسة الجهاركسية، ثم فك. وفيه دعا المفتي العمادي متسلم يوسف باشا طبل، إلى قاعة حسين أفندي بن قرنق المتقاعد، من أهالي دمشق. بستان الدواسات وفي يوم السبت خامس عشر بن جمادى الأول، كنا مع جماعة من الأصحاب في بستان الدواسات على حافة نهر يزيد. مقابل الحاكورة المعروفة بحاكورة أبي سالم. جمادى الثاني، أوله الخميس، فيه ورد الخبر بقرب كافل الشام طبل. من على برج الروس، وخرج للقائه الأكابر والأعيان. بستان كريم الدين وفي ثالثه يوم السبت، كنا مع جماعة من الأصحاب على حافة بستان بني كريم الدين المقابل للدهشة البرانية بالصالحية قرب الإبراهيمي. دخول الباشا وفي يوم الأربعاء خامس رجب أوله السبت، دخل يوسف باشا طبل. وفي يوم الجمعة، السابع من الشهر، دخل للجامع بالركب وصلى الجمعة وخلع على الخطيب صوفاً بنفسجياً، وأعطى للمؤذنين وشيخ الحرم ما هو على جاري العادة. أحمد آغا أكري بوز وفيه بكرة الجمعة توفي أحمد آغا بن أكري بوز، الساكن غربي جامع الورد فجأةً، بعد أن شرب القهوة وأفطر، فقام للطهارة والوضوء، فلم يقدر فاتكى على المخد، فشهق ومات في الحال. وكان له من أواسط الشهر مشرع في إصلاح طريق البحصة من الجامع إليها، وكان متخرباً يجد الركاب والمشاة منه مشقة، خصوصاً أيام الشتاء، قل من يسلم من الوقوع من الركاب. وهذا يدل على اعتناء الله به، حيث قدم قبل موته عملاً صالحاً، فيه هذا النفع. وقد ورد في الحديث عنه عليه السلام إذا أراد الله بعبد خيراً عسله، فقالوا يا رسول الله، وكيف عسله، قال: يفتح له عملاً صالحاً ثم يتوفاه عقبه. ثم صلي على المذكور بجامع التوبة ودفن بالدحداح شرقيه، بتربة الشيخ العارف أيوب رحمه الله. وكان له اشتغال، قرأ في النحو وتتلمذ للعارف الشيخ عبد الغني النابلسي، وقرأ عليه شيئاً من الفتوحات وغيرها، وشرح كتاب الشاهدي، وله شعر حسن، ومن شعره. فرح حامد العمادي وفي يوم الاثنين العاشر من الشهر، أرسل المفتي العمادي محمد أفندي لنائب الصالحية السيد عبد الرحمن جلبي السرميني، لعزيمة بعض أعيان الصالحية لفرح ابن أخيه حامد جلبي، وعزم ما لا يحصى من كل الأنواع، ولم يأخذ من أحد شيئاً. وكانت مدة الفرح أسبوعاً. وفي ليلة الجمعة دخل على زوجته بنت السيد تقي الدين الحصني. وفي يوم الخميس، الثالث عشر، أخرج المحبوسين الذين في القلعة وهم سبعة نفر مرسم عليهم، وهم، المطرجي لناصيف، وديوان أفندي، والخزندار، وعلي باشا ابن أخت ناصيف باشا، والكيخية، والبقية، عند الظهر، على داره، لينزلوا في البحر من يافا إلى الروم، صحبة القبجي. والله يفعل ما يشاء. العفو لأسعد أفندي يوم الأحد، السادس عشر، ورد فرمان به عفو نامه لأسعد أفندي من جهة المال، ونعم ما صنعوا. لكن يحتاج إلى خدمة الآغتين، وتسفير صاحب فرمان العفو يكون أكثر. وسمع أن بالعفو مسموح، ولكن هذا لا أصل له فيما أظن، ويبعد جداً، لأن المتعين من الروم يحتاج إلى نفقة في سفره وفي مدة غيبته عن بيته وعياله، فيحتاج أن يعطوه منهم، وهذا محال، وقبحي في العفو نزل عنده دون الآخر، فإنه عند غيره. ضرورة كتابة الأدب قال شيخنا المرحوم علاء الدين الأقبردي الشافعي: إذا سمعت أدباً فاكتبه ولو على الحائط، وقال مراراً: كنا نكتب على بلاط الجامع بالسليمية لعزة الورق، مما يمليه الشيخ العلامة البرهان إبراهيم بن أحمد بن الأحدب الصالحي الحنبلي. كذا بخطه. الباشا في جامع الشيخ محيي الدين وفي يوم الجمعة صلى يوسف باشا الجمعة بالسليمية، وزار قبر المحيوي ابن العربي وأحسن إلى خادمه وخدام الجامع المذكور وبعض فقراء. ثم ذهب إلى عند الشيخ عبد الغني النابلسي، إلى داره شرقي الحاجبية والمدرسة العمرية، وزار بالصالحية نزيلها الشيخ محمد البلخي النقشبندي، نزيل الخانقاه الحاجبية. سعد التغلبي

ظواهر طبيعية

وفي يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شعبان توفي بالصالحية الشيخ سعد الشيباني التغلبي بن أرسلان، وأعلم له، وصلي عليه بالخاتونية، ودفن بالسفح. ظواهر طبيعية وفي الاثنين والثلاثاء، كانت تطلع الشمس حمراء جداً كما شوهد في الجدران، ويقع الجو محمراً أيضاً على خلاف العادة، وهذا معدود عند الحكماء من حوادث الجو، وقد تكون صفرةً، وقد تكون ظلمةً، وكان ذلك في الخمسينية بالصيف مع شدة الحر، والله تعالى أعلم بحقائق الأمور. رمضان، وأوله الثلاثاء على ثبوت شعبان ثلاثين يوماً، وفي خامس عشره دخل الحج، ولكن قليل جداً، وأمين الصر. شوال، أوله الأربعاء، في حادي عشره طلع المحمل ومعه يوسف باشا كافل دمشق، وأمير الحج الشريف. أحمد بن خيري وفي يوم الأحد، الثاني عشر، توفي الفاضل الأديب الماهر الشيخ أحمد بن خيري، كان رقيق الحاشية، لطيف المذاكرة، دائم الخير، حسن الملتقى ينظم نظماً حسناً، جيد الكتابة، له مشاكلة بكل شيء. دفن بالدحداح. وفي يوم السبت الثامن عشر من شوال طلع جميع الحجاج جملةً من ساير الجهات. ونسأل الله لهم حسن الابتداء والختام. وفي السبت آخر الشهر رجعت المزيربتية. أبو المواهب الحنبلي وفي يوم الأربعاء تاسع عشرين شوال سنة 1126، توفي المولى الهمام، وقدوة العلماء الفخام، العالم الروع المتفنن، الفقيه الفرضي المقرئ، محمد أبو المواهب ابن المولى المرحوم عبد الباقي الحنبلي. تولى الفتوى الحنبلية بدمشق، وأخذ الفقه عن والده والشمس بن بلبان البعلي ثم الصالحي، وأخذ عن البدر المحسن الأسطواني، وقرأ طرفاً على الفتال وغيرهم، وأخذ بمصر عن الشيخ سلطان المزاحي والبابلي والسيف اللاقاني والشبراملسي وغيرهم. وحج مرات، وأخذ بمكة عن ابن علان وغيره. والحاصل، أنه أخذ العلوم عن كثير من أجل العلماء بدمشق ومصر والحجاز فيما نقلنا بصورته من ثبته، فمنهم الشمس محمد البطنيني الشافعي، ومنهم الشيخ منصور بن علي الطوخي المصري ثم المقدسي ثم الشافعي نزيل الصابونية، ومنهم الفقيه الشيخ محمد بن بركات الكوافي الحمصي، ومنهم الشيخ إبراهيم بن منصور الفتال، ومنهم الشيخ العيني، ومنهم السيد كمال الدين ابن حمزة، ومنهم الشمس ابن بلبان البعلي ثم الصالحي، ومنهم الشمس محمد بن عبد الهادي، ومنهم الشيخ رمضان بن عطيف، ومنهم الشيخ رجب بن حسين الحموي الأصل ثم الدمشقي الميداني. ومنهم الشيخ محمد بن تاج الدين بن محاسن، الخطيب بالجامع الأموي، ومنهم الشيخ محمد بن محمد بن الاسطواني، ومنهم الشيخ محمد البابلي، ومنهم الشيخ محمد بن سليمان المغربي السوسي الزوراني نزيل الحرمين، ومنهم الشيخ إسماعيل بن الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي، ومنهم النجم العرضي، ومنهم الشيخ سلطان ابن أحمد بن سليمان المزاحي بمصر، ومنهم محمد بن علان الصديقي، ومنهم العلاء القبردي الصالحي، ومنهم الشيخ نور الدين الشبراملسي المصري، ومنهم النجم العرضى، ومنهم الملا محمود الكردي، ومنهم الشيخ رمضان العكاري، ومنهم الشيخ العارف والعلامة أيوب الخلوتي البقاعي الأصل الصالحي المرقد، ومنهم الشيخ عيسى الثعالبي الجعفري الهاشمي نزيل الحرمين، المالكي الحافظ المحدث المحقق، ومنهم الشيخ يحيى بن محمد الساوي الجزائري المالكي، ومنهم غرس الدين الخليلي ثم المدني الأنصاري المقدسي الأصل، ثم المدني الأنصاري الشافعي، ومنهم الشيخ إبراهيم بن حسن الكوراني، ومنهم الشيخ عبد القادر الصفوري الفقيه الفرضي، ومنهم الشيخ خير الدين الرملي الحنفي، كذا في ثبت المترجم. دروسه وكان رحمه الله ذا ثروة باذخة ومتاجر وعلايف. وكان عليه تدريس السياغوشية وخطابة جامع الشامية، وكان يجلس في الدرس بالجامع الأموي في المعزبة الثالثة مقابل النبي يحيى، على نبينا وعليه السلام، ويعمل في كل ليلة بين العشاءين في الحديث، ولا يتركه صيفاً ولا شتاءً، ويجلس من آخر الليل إلى الضحوة الكبرى. وكان أُمةً في الفرائض والحساب والفقه الحنبلي، وكان أكثر إقرائه في درس الجامع في القرآن والفقه، ثم صلي عليه ظهر يوم الخميس بالجامع ودفن بتربة الدحداح الشرقية جوار قبر العارف أيوب الخلوتي رحمهم الله تعالى، وأظن أنه تولى الصلاة عليه الشيخ عبد الغني الحنفي. عقد صادق جلبي على ابنة الشيخ النابلسي

مرزا محمد أفندي شيخا للإسلام

وفي يوم الخميس ثامن شهر ذي القعدة، كان عقد مولانا صادق جلبي بن محمد جلبي على ابنة مولانا العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي، بداره الجديدة بالصالحية، شرقي الخانقاه الحاجبية، سمت السهم الأعلى، وحضر الأكابر والأعيان، وحضر قاضي الشام محمد أفندي رفدي. مرزا محمد أفندي شيخاً للإسلام وفي ذي الحجة، بلغ خبر، أن محمود أفندي شيخ الإسلام بالروم، عزل وتولى موضعه مرزا محمد أفندي. قيل إنه من أعلم علماء الروم. وفي الحجة، كان العيد الثلاثاء، وجاءت المكاتيب تخبر أنه بخير. الحاج بكري الخواجا وفي آخر أيام التشريق. توفي من التجار الحاج بكري بن الشيخ محمد كباتيله الخواجا، وله ثروة باذخة. وكان ديناً ساكناً، أخذ الطريق عن زين القضاة عيسى الخلوتي الصالحي، وكان مستديماً على أوراد شيخه الملقن منه. وأوصى بخيرات ومبرات لبعض علماء، وثلاث مائة غرش للحبس لاستفكاك يبلغ نحو الألف. وفي يوم السبت الخامس عشر من الحجة، خرجت الجردة، وفيه بلغ أن البرد أثر في الجردة تأثيراً فاحشاً، ولا قوة إلا بالله. محرم الحرام سنة 1127 محرم الحرام سنة سبع وعشرين وماية وألف 8 - 1 - 1715 هـ الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد بن السلطان محمد خان بن عثمان. وباشة الشام يوسف باشا طبل، غائب في الحج. والقاضي محمد أفندي كركجي زاده، والمفتي محمد أفندي العمادي، ومفتي الروم مرزا محمد أفندي، والمدرسون بحالهم. والأمراء بدمشق كذلك. وأوله الثلاثاء. محمد علي البعلي وفي يوم عاشوراء، يوم الخميس توفي إلى رحمة الله الشيخ الصالح الورع، الحافظ لكلام الله محمد بن علي البعلي ثم الدمشقي، الحنبلي مذهباً، الخلوتي طريقةً، الشهير بابن السبحان، وقد بلغ الثمانين، وصلي عليه الظهر بالتوبة، ودفن بالدحداح. وأقول في حقه: شعر ابن كنان فيه إن الفراق هو الممات وإنّه ... من أعظم الأحوال للإنسان وأيضاً: تبّاً لدنيانا التي قد أورثت ... غصصاً تدب بكل أمرٍ معظم لا طيب للعيش ما دامت مكدّرة ... لذّاته بادّكار الموت والرّمم نفي شيخ الإسلام وفيه تواردت الأخبار بسركنة شيخ الإسلام محمود أفندي، ومعه جماعة من المنفصلين عنها، كعطا الله أفندي وغيره، نحو العشرين، سركنهم السلطان أحمد، وسيرهم وأولادهم في البحر، وغرق ابن زاده في المركب المختص به، ونجا الباقي. وسبب العزل، أن البلاد الإسلامية التي بأيدي النصارى، عرضوا للسلطان أحمد يشتكوا من حكامهم النصارى بأنهم يعتدوا على نسائهم وحريمهم وأولادهم وغير ذلك، وكان بينهم هدنة، فكان السلطان أرسل يشاور محمود أفندي، فلم يعط فتوى بقتالهم لوجود الهدنة والعهد إلى مدة معلومة، واحتج السلطان بما اشتكوا إليه منهم، وبسبب قوته عليهم وعدم عجزه عنهم، فلم يعطوه فتوى في ذلك، والله يصلح الأحوال. وفي الحقيقة لا لوم على شيخ الإسلام بوجه من الوجوه لأنه تبع قول العلماء الأعلام، فكيف يفتي بما لم تنقله أيمة الإسلام، وبلغ أن السلطان مصمم على الركوب. ثلج غزير يوم الأربعاء الثامن عشر من محرم الحرام، نزل بدمشق ثلج كثير بحيث صار على الأرض بقدر ذراع، ولم يعهد من زمان، وهو المدبر سبحانه. يوم الاثنين آخر محرم الحرام، ورد الكتاب وأخبر أن الحج بخير. الشيخ سعودي المتنبي يوم الأربعاء ثاني يوم في صفر، توفي الشيخ الفاضل الواعظ الشيخ سعودي المتنبي. الشافعي، وصلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح، وكان فرغ عن وظايفه في مرضه بمال وأوصى منها بجانب لطلبة العلم بدمشق.. وفي يوم الجمعة عند الصلاة، وهو يوم الرابع من صفر الخير، دخل أوايل الحج الشريف، وتكامل آخر الصلاة، وأخبروا عن الرخاء أنه لم يعهد ولله الحمد، وكان الغالب الأمن. وكان العيد يوم الاثنين، وعلى حساب دمشق كان العيد الثلاثاء.. حصار قبرص وفيه بلغ أن محروسة قبرص محاصرة من أيدي الكفار، والله ينصر المسلمين على أعداء الدين، ويقهرهم بسيف عزته المتين، ويخذل الكفر والمشركين أعداء الدين، ويجعلهم وأموالهم غنيمةً للمسلمين. الثلوج أيضاً يوم الاثنين، السابع من الشهر نزل ثلج كثير بدمشق.

علي الناشفي

وفيه يوم الأحد قبله، سلمنا على صالح أفندي ابن محاسن، وكان قاضياً على الحج الشريف ذهاباً وإياباً، بمنزله عند المدرسة البدرائية، وكان عنده جماعات للسلام عليه، كالشيخ محمد العجلوني مدرس قبة النسر بالأشهر الثلاثة، وغيره من المسلمين عليه. علي الناشفي وفي يوم الخميس السابع عشر من صفر، توفي علي آغا بن يوسف آغا الناشفي من زعماء دمشق، ودفن بتربته بالباب الصغير. قطع الأنهار وفي يوم السبت تاسع عشرين صفر، كان قطع الأنهر بصالحية دمشق. ربيع الأول، يوم السبت وهو يوم الثاني عشر خرج كثير من الأروام إلى بلادهم. يوم السبت تاسع عشره، دخلت الخزنة المصرية، والبقية الأحد، آخر يوم العشرين. وفي رابع عشرين ربيع الأول يوم الخميس، أفلت نهر يزيد، وقبله يوم الخميس أفلت ثوراء. وفيه سافر يوم السبت رابع عشرين ربيع الأول، سافر للروم كركجي زاده قاضي الشام والسقاباشي وأمين الصر، وبقية الحجاج. وسافر كتاب التكية من السليمانية والسليمية، المرسل إليهم للروم للمحاسبة، وهم أحمد آغا بن حسن باشا بن القرنق، وأحمد أفندي بن سنان، وبقيةً أرباب الأقلام في التكيتين، والله يجري ما فيه الإصلاح. ربيع الثاني، أوله الجمعة، يوم الأربعاء خامسه، جلس نائباً بالباب يحيى أفندي السلامي الرومي من نواب قاضي الشام كمال زاده، الآتي بعد، واسمه إبراهيم أفندي، وقيل إنه في بلاده ذو ثروة باذخة وهو من أعيان موالي الروم، ومعه خدام بكثرة عن غيره. خنق عثمان آغا ظلماً وفي يوم الثلاثاء، خنق بقلعة دمشق عثمان آغا الرومي، متولي جامع السلطان سليم بناحية الصالحية، وذلك في حادي عشر شهر ربيع الثاني. وعلى المزبور مع التولية قرى مالكانيات وزعامة وكتابات. سببه أنه اتهم بمال ناصيف باشا وزير دمشق، ونقلوا أنهم حطوا عنده ذخاير، ولم يكن لذلك أصل، وختم على داره قرب سيدي عصرون رحمه الله، وأخرج حريمه منها، وأرسل لدمشق ثم خنق، وذهب دمه هدراً، فلا حول ولا قوة إلا بالله. فحبسه كان في يوم الاثنين والخنق الثلاثاء. وكان وروده للشام من زمن ناصيف، ولم يجدوا عنده إلا ثلثماية غرش، كان استدانها من قريب. وقرب السلطان نار، وفي الحديث: إذا استشاط السلطان، تسلط الشيطان. وكان ظريف الكلم، شريفاً، مهاباً، لسناً في المصاحبة حسنها، ثم أرسل لدور الحريم، وغسل بالدار التي نقل إليها بعد تلك الدار، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. قتل أعوان ناصيف باشا وبلغ أن الكواخي المرسل إليهم للروم قتلوا عن آخرهم. وأما المذكور فكان له تردد على الباشا من غير مقارشة، ولكن كان يعتمد على رأيه لحسن رأيه وكمال معرفته. وفي الخميس الثالث عشر من ربيع الثاني 1127 كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وختم بعض أكابر وأعيان، تقبل الله من الجميع. عرس وفي الخميس عشرينه، كان زواج الشيخ محمد بن الفقيه الشيخ محمد السؤالاتي الخلوتي الشافعي، ودعا علماء وأفاضل، وذلك في داره بالحارة الجديدة. دخول الشيخ إبراهيم السعدي الأربعاء سادس عشرينه، دخل الشيخ إبراهيم السعدي من طريق المصري مع الحج، لأنه رجع من الحج على الطريق المصري، ودخل أيضاً مع الركب المصري أولاد سيدي عبد القادر الساكنين بمدينة حماة، وكان لما رجعوا من الحج، رجعوا على المصري، وصاحب السجادة فيهم الآن السيد يس أفندي، ولاقى له الأكابر، وخرج للقائه كثير من أرباب الأعلام والمزاهير بالتهليلات، وكان الدخول وقت العصر. جمادى الأولى، سلمنا على مولانا الشيخ إبراهيم السعدي بالميدان في داره قرب القبيبات، وكان عنده من المسلمين عليه خلق كثير وأكابر وأعيان وأشخاص، والله يساعده ويسعفه بالعافية، آمين. انتحار الشيخ يونس السعدي

قطع اثنين من العيارين

وفي يوم الاثنين ثالث الشهر، توفي الشيخ يونس بن الشيخ إبراهيم بن سعد الدين، وكان شاباً قريب العهد بخروج لحيته، وكان معه في الحج الشريف وإنه بعد فراغ مدة السلام ثلاثة أيام، دعا والده المفتي ابن العمادي لضيافته بالجنينة لمقابلة لجامع الأمير جراح. تنزيهاً له مما حدث لولده مصطفى في غيبته من تغير المزاج واستيلاء السوداء وتغير الوجه والكلام. فقال لولده الشيخ يونس الصحيح، وكان ناصحاً صحيح البدن حسن الهيئة تام العقل تام الخلقة: اجلس في الدار، ربما يخرج أحد للسلام، فتتلقاه إلى أن أجيء من الضيافة، ثم ذهب، فجلس الشيخ يونس حصةً قصيرة، ثم ذهب لدار الحريم، ودخل القاعة لينام، ثم سكر عليه القاعة وخنق نفسه، فما شعروا فيه حتى كان فارق الدنيا، وصلي عليه يوم الثلاثاء بجامع الدقاق، ودفن بتربة بني سعد الدين قبلي باب الله، وتأسف عليه والده، والله يصبره فيما أصابه في ولديه، وقد ورد في بعض الآثار: أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأولياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل وورد: يبتلى المرء على قدر دينه. قطع اثنين من العيارين وفي يوم الأربعاء ثاني عشر شهر جمادى الأولى، قطع الباشا أيادي وأرجل رجلين من أهالي الأذى والعياقة وحيل النشل والسرقة، وكان لهم في ذلك أخبار وقصص مما لا يدركه العقل. دخول القاضي ابن كمال باشا وفي الخميس ثالث عشر جمادى الأولى، دخل قاضي الشام إبراهيم أفندي بن كمال باشا، ودخل من ناحية الصالحية على فرس، وأرسل أخبر أنه يعمل موكباً، فخرج للقائه الأعيان والكتاب والمفتية والدولة. الشيخ عبد الرحيم السمان جمادى الثانية، يوم السبت السادس، في توفي الناسك المتعبد الشيخ عبد الرحيم بن حسن السمان الصالحي، كان متعبداً ناسكاً باحثاً، كثير الاستماع والحضور لدروس الحديث، أخذ طريق الخلوتية عن زين القضاة عيسى بن كنان الخلوتي الصالحي، وكان مستديماً على أوراد شيخه المذكور مستمراً على الذكر والعبادة والصيام والقيام بما أمره فيه المذكور، وصلي عليه بالخاتونية ودفن بسفح قاسيون. فضلي جلبي وفيها آخر الشهر، توفي فضلي جلبي بن أبي الصفاء، الشهير بابن الأصفر الحنفي ودفن بالباب الصغير، وكان شاباً لا بأس به. رجب، أوله الثلاثاء، وقيل الأربعاء. قران يحيى الناشفي وفي الجمعة حادي عشر رجب كان قران يحيى آغا الناشفي، ابن صاحبنا الأخ صادق، على ابنة ابن الخانجي، وحضر الأكابر والأعيان وكثير من الناس، وخطب الخطبة الشمس الكاملي، وأجرى العقد قاضي الشام إبراهيم أفندي كمال زاده. سكن الباشا والقاضي في الصالحية وفيه طلع يوسف باشا للصالحية بحريمه، وكذلك قاضي الشام، فنزل الباشا قصر بني السفرجلاني والقاعة، والقاضي الباسطية وقصر بني البكري بالجسر الأبيض، غربي المدرسة الإبراهيمية، ولصيق التربة الأيدمرية أول النيرب. حفلة ختان وفي ليلة الجمعة، ليلة الثامن عشر من الشهر، كان ختان السيد محمد ابن صاحبنا إبراهيم جلبي المعروف بابن شاهين، من تراجمين محكمة الباب من المحكمة العربية، وهو متولي جامع الحاجبية، وصاحب الحمام المقابل له، وعمل ضيافةً عظيمةً في داره بدمشق، وكان غالب كتاب المحاكم والأعيان، وتكلف كلفةً باذخةً، ولم يأخذ من أحد شيئاً، أخلف الله عليه خيراً. ابن كنان يصف الحفلة شعراً وقلت فيه: هذا الختان قد زها وافترّ مبتسماً ... وانسرّ في أمره كلٌّ له ذهبا ما من وريقٍ به كلاّ ولا ذهبٍ ... يأخذه من أحدٍ أيضاً وما طلبا كم من طريفٍ تليدٍ انفقته يدٌ ... منه على من أمّ جانبه، كلاّ وما قطبا فالله يجزيه خير الجزاء بما ... قد عمّ أضيافه، كلاًّ لما اقتربا حتّى ترى صفرةً ما مثلها فتحت ... كالروض غنّى له الحادي لذا طربا من كلّ لون عجيبٍ فاخرٍ زهرٍ ... يحوي السكاكر والأعسال والضّربا من طبخ عبد الجليل فاقت صناعته ... عشيّة الملك الصمصمام إذ غلبا يلقي بها من صحافٍ مالها عددٌ ... فيها على اشكال أنواع الأكول نبا

قوة خارقة لشاب

بالطيب قد خلطت، والمسك عنبرها ... وطعمها طيّبٌ ما مثلها سكبا فالله يعطيه إسعافاً بصنعته ... لا يعره قادحٌ فيها بأن يعبا قوة خارقة لشاب وفيه بالصالحية شاب جيء له بحجر صوان صلب فضربه بيده بعد أن وضعه على الأرض، قده نصفين بضربة واحدة، وهذا في شدة الضرب. شاب أكول وآخر في شدة الأكل من العجايب، وكلاهما من الصالحية، رجل يقال له مصطفى، ولقبه شداد، وزن سجاد، يأكل كثيراً ما يتخيله العقل، ما لم ينظر ذلك منه. روهن على صندوقة من التين، وأراد يأكل مائةً وخمسين ليمونةً موضوعة عندي فقال: آكلها كلها بقشرتها، وربما يراهن على حلة من الهريسة يأكلها كلها في يوم واحد على آنات متعددة. وشرب قربةً من عرق السوس، وأكل مد ملح وغير ذلك، وهو لا يخرج من بيوت الأكابر لعجيب أمره. ومع ذلك، فهو نحيف جداً، وسألته في ذلك فقلت له: تحتاج في أكلك إلى نفقة كبيرة، فقال يكفيني رغيف، لكن إذا روهنت ووصلت إلى ذلك الشيء، أجد نفسي أني أقوى على أكل أعظم من ذلك، وفي غير هذا الأمر يكفيني رغيف واحد. حبس ناظر الأفريدونية وفيه حبس الشيخ منصور الحبال عند العمادي لأجل المدرسة العجمية، مقابل مرقص السودان، قبلي السنانية، وجب في قبله من مال المدرسة خمسماية غرش، فألزمه القاضي بها وحبسه، فحبس عند المفتي. عزل شيخ الإسلام وفيه عزل شيخ الإسلام مرزا محمد أفندي، وتولى خليل أفندي وأن مرزا على ما قيل أنه أعلم علماء الروم، وبلغ أن له حاشية على البيضاوي عديمة النظير. وقد كفاه الله شرهم وشر ملازمتهم والتقرب إليهم. مخاطر التقرب إلى الحكام والتقرب من السلطان ظاهرة نعمة وباطنه نقمة، وربما ابتلي ببلائهم، وامتحن بجنس رزاياهم، وقيل عزل ثم سركن، لكن سركن بقصد إبعاده، كمن رجع إلى معاده، حيث خلص من المهالك المتوقعة فيمن قاربهم، أو المحققة فيمن قاربهم ثم باينهم. زيارة مغارة الأربعين شهر شعبان، أوله الخميس، في الحادي عشر فيه، كنا مع جماعة من الأصحاب في زيارة مغارة الأربعين، وهو مكان مبارك مشرف، استسقى عنده معاوية رضي الله عنه، ولا يخلو من ورود أصحاب النوبة والأبدال كما هو معلوم، ووقع ذلك لأشخاص رأوهم رؤية عيان، ثم غابوا عنه فلم ير أحد في البيت. العاشر، كنا مع جماعة من الأصحاب في قصر أبي البقاء، إلى آخر النهار. تجديد المدرسة الإسعردية وفيه شرع في ترميم المدرسة الإسعردية الكاينة بالجسر الأبيض، الأبيض، ذات الشبابيك الحديد شمالي المادوانية وشرقي المدرسة الباسطية، وجعل لإيوانها الشمالي قوساً، ولها بحرة في الوسط، بين الإيوانين يجري إليها الماء من نهر يزيد. وكان الإيوان سقط من مدة غير بعيدة، وذلك بأمر قاضي القضاة، وهي نزهة لطيفة مطلة، وكان في السابق ينزلها القضاة للحكم، ثم بطل، وعهدت فيها كرسي وعظ موضوع في إيوانها الشمالي، وكان آخر من وعظ فيها العلامة القاضي حسين بن البدوي الشافعي الصالحي، يعظ بكرة النهار في أيام معلومة، ثم بطل ذلك، وصاحبها ومنشئها الخواجا إبراهيم الإسعردي، ومدفنه بها، وعمارتها من أحسن العمارات وأنزه المتنزهات. تهليلة وفي الخامس عشر من الشهر، دعا علي آغا دلاور، علماء وفضلاء وصلحاء لتهليلة والده دلاور، آغا الوقوف، وعملوا له ختماً وذكراً، وأهدوا ذلك لروحه كما شرطه في كتاب وقفه، وهو في كل سنة واحدة. انتصار السلطان يوم الاثنين، وهو يوم السابع والعشرين، جاءت بشارة من الروم، في نصرة الخنكار، وأخذه قلاعاً من النصارى، وقتلوا منهم خلقاً، والحمد لله. نزهة وفيه كنا في الدار الجديدة لصيق الحاجبة، التي جددها عبد الرحيم جلبي الكريمي مع جماعة من الأصحاب، سعيد جلبي السعسعاني، ومحمد جلبي الكنجي، وهما من الفضل والظرف والشعر والبراعة والمشاركة في الفنون على جانب عظيم. ختم الدروس بالمرشدية والسليمية

عبد الله المالكي المصري

وفي يوم الخميس، وهو يوم الواحد والعشرين في شعبان، كان ختم الدرس بمدرستنا المرشدية بالصالحية، عند محلة المدارس، شرقي محلة السكة، وكان الوقف على كتاب الطلاق قبل الدخول، وحضر جمع من الأفاضل كثير، مما ينوف على الثلاثين، فحضر مولانا الشيخ إبراهيم أفندي البهنسي الحنفي، والمجد صادق آغا، والسيد محمد جلبي الفستقي الصالحي الحنفي، والشيخ عبد الكريم الصالحي الفقيه الشافعي، والشيخ الفقيه أحمد الصالحي الحنفي، والشيخ الفقيه الشيخ عبد الله الصالحي الحنفي، والشاب حسين الأكرمي الحنفي وغيرهم. وفي الثلاثاء آخر الشهر، ختم درس السليمية العارف العلامة الشيخ عبد الغني الحنفي ختماً حافلاً، وحضره جماعة كثيرة. رمضان، أوله السبت على رؤية من صام يوم الجمعة لاحتمال كونه من رمضان. عبد الله المالكي المصري الأربعاء ثاني عشر رمضان توفي الفقيه الفاضل الشيخ عبد الله المالكي المصري، وكان نازلاً بالمدرسة الشميصاطية وصلي عليه بالأموي، ودفن بالدحداح. دخول الحجاج الأروام وفيه دخل السقا باشي، وباشة الأرقاء وحج كثير من الروم، وبلغ أن السلطان يعد في البحر على النصارى، والله يلطف بالمسلمين. علي دلاور وفي الخميس رابع عشر رمضان، توفي علي آغا ابن دلاور آغا فجأةً، وصلي عليه العصر بجامع التوبة ودفن بالدحداح عند والده. صالح العمادي يوم الأربعاء، تاسع عشر الشهر، توفي السيد صالح الصمادي شيخ طريقة السادة الصمادية، وصلي عليه الظهر بالجامع الكبير. عيسى الرومي وفي يوم الجمعة، واحد وعشرين الشهر، توفي عيسى أفندي الرومي الخلوتي، وصلي عليه بعد الصلاة، ودفن بالصالحية بتربة الشيخ محي الدين العربي. وفي آخر الشهر جاء خبر بتغلب السلطان على بلاد موري، ثم أواسط الشهر جاء القبجي وأخبر بأخذها من أيدي الكفار. إبراهيم الشامي وفي سادس عشرين الشهر توفي الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد الشامي الفقيه الحنفي، وكان أحد أمناء الفتوى الحنفية. ختم الدروس وفي آخره، ختم المدرسون دروسهم بالجامع لقرب العيد. شوال، أوله الاثنين على رؤية الهلال، وفي اليوم الثالث من العيد، أعني الأربعاء، ورد يوسف باشا لعند ابن العمادي وبقي عنده من الضحوة الكبرى إلى المساء، وذلك في عمارته الجديدة نواحي الزينبية. يوم الاثنين ثامن الشهر طلع الباشا مسافراً للحج ومعه المحمل والسنجق السلطاني. إسماعيل الحجازي وفي يوم الخميس الحادي عشر من الشهر توفي الشيخ إسماعيل الحجازي الحكيم باشي، وصلي عليه بالأموي ودفن بالباب الصغير. حادثة غريبة وفيه شاع أن رجلاً من اليزبك اشترى لجماعة عنباً، فأكل بعد ان فرغوا من ذلك العنب، فلسعته زلقطة من العنب في حلقه، فورم حلقه فاختنق فمات، فالموت من الورم والاختناق، وأما الحلق فيسع للشيء الكبير بقدر مخصوص. وفي يوم الخميس ثامن عشر شوال، طلع الحج الشريف جملةً واحدةً والله يسعفهم. وفيه عمل رجل من التجار شديد البخل فرحاً لأولاده وأكرم فيه كرماً زائداً، ويسمى عبد الرحمن الجوخي، وكان الناس لما يخرجوا من عنده يقول: سامح الجوخي يموت، فما مضى الفرح إلا ومات ثاني يوم الفرح، والبلاء موكل بالمنطق، وتقول العامة ألسنة الخلق أقلام الحق. حكاية الأم وابنتها وحكى بعض المتعبدين من الصالحين، أن امرأةً من جيرانه لها بنت صغيرة، أخذت عصبةً لأمها وغابت عنها، فتفقدت الأم للعصبة، فلما جاءت رأتها على رأسها فقالت من غيظها: إنشا الله أربط حنكك فيها، ولم يكن لها غيرها، فحمت تلك الليلة وماتت بكره النهار، وكانت العصبة على رأس الأم، ولم تطلب غيرها، ولم تجد ما تربط به، فربطت بالمنديل. فانظر لم يتخلف من الدعاء شيء فينبغي عدم الغضب، وترك الدعاء بالمكروه، خصوصاً على الولد والصديق والأم والأب، لأن المؤمن مبتلى، ورأيت من دعا على نفسه فما أكمل السنة إلا مات، فلا تدعو إلا بخير. سعودي الحنفي

شحرور مزهر

وفي خامس عشر من شوال توفي الشيخ الفاضل الشيخ سعودي بن عبد الرزاق الحنفي الخطيب بجامع تنكز كان، وعليه وظائف كثيرة ولا يخلو من مروءة، وكان ملازماً لحضور درس أبي المواهب الحنبلي بالجامع الأموي بن العشائين، ولا يخلو من سلامة صدر وحدة، وله صوت طيب بالخطابة، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن قرب بلال. شحرور مزهر وفيه رأيت مع رجل شحرور مزهر، وهذا من النوادر، ولم يسمع لأحد من القدماء ما يدل عليه لأن الشحرور لم يصفوه إلا بالسواد. أحمد الجباوي ذو القعدة، فيه توفي أحمد الجباوي وصلي عليه بالسنانية. عبد الله البقاعي وفي الاثنين والعشرين منه توفي الشيخ الفقيه الفاضل الماهر، الشيخ عبد الله البقاعي الشافعي. أخذ العلم بمصر عن أجلة من الأعلام، ومكث مدةً بالأزهر المعمور نحو ست سنوات، ثم عاد إلى دمشق، ونزل المدرسة السميساطية، وأقرأ دروس الفقه بالجامع بكرة النهار، ووعظ على الكرسي بالجامع في شهر رمضان نيابةً عن صاحب الوظيفة، وأم بالجامع المعلق أصالةً، وصار عليه بعض وظائف وتزوج، وكان مواظباً على التعبد والتنسك والمطالعة وإقراء الدروس، ولا يتردد على الحكام ولا غيرهم، ولا يخلو من الصلاح وسلامة الصدر وترك الانهماك في الدنيا، وتمرض بالحمى، وزاره بعض أصحابه فقال: باتوا عندي الليلة فأرى لي ثقلاً في المرض، وأبرم عليهم، فباتوا يتسامروا هم وإياه، فجلس يصلي فصلى ثم سجد وأطال، فحركوه فإذا هو ميت رحمه الله، ثم صلي عليه بجامع التوبة ودفن بالدحداح. دخول محمد باشا باشة قبرص فيه دخل محمد باشا باشة قبرص، متعيناً للجردة وهو كافل نابلس المعزول عن قبرص، وكان تقدم له الحج أميراً سنة عشرة، وقيل أصله أفندياً من كبار الكتاب بالروم المحروسة. ذو الحجة التدريس في المرشدية في أول الشهر، شرعنا في تدريس المدرسة الخديجية بالصالحية، وكان الدرس في طلاق الغير المدخول بها، وحضر فضلاء وطلبة، ولله الحمد. وذلك أول الشهر المذكور من ذي الحجة. وكان العيد يوم الجمعة، فأوله الأربعاء. وقبل العيد بثلاث، سافر محمد باشا باشة الجردة بها، ومعه عسكر كبير من المعينين في الأطراف، لملاقاة الحج الشريف، والسردار، باشة القدس رجب باشا، فإنه عيد في نابلس، وذهب لملاقاة الحج، واحترز بنفسه الجردة، لحصول الرخاء والأمن. محرم الحرام 1128 27 12 171 - 5م الحكومة وأوله الجمعة، وسلطان الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد بن محمد خان، وباشة الشام طبل يوسف باشا غايباً في الحج، وقاضي الشام إبراهيم أفندي كمال زاده. والمفتية والمدررسون بحالهم. الخزنة المصرية في رابعه دخلت الخزنة المصرية، وسبقت على تاريخها المعتاد نحو شهرين وثمان عشرة أيام، وفيها تركة قيطازبك المقتول، المقتول بالأمر السلطاني، قتل بمصر، وأخذ رأسه للروم أخبار الحج يوم الجمعة، التاسع والعشرون من المحرم، دخل الحج الشريف، وكانت الوقفة الجمعة، وكان رخص وأمن على الغاية، وبلغ أن الباشا كان ينادي: من يحتاج ميرةً أو دراهم، تبقى عليه للشام، ولا تؤخذ له فايدة ولا ريع. محمد باشا ومكثوا في مكة أربعة أيام، وفي المدينة ثلاثة أيام، وتوفي بتبوك محمد باشا، باشة الجردة، ودفن عندها. مدة الحج مائة يوم وفي تاسع عشرين محرم، دخل المحمل والحج والباشا، وكان بموكب عظيم، والبيارق نحو مائة وخمسين بيرقاً، وكان الحج في غاية الأمن والرخاء ولم يحدث شيء من العرب، ومدة غيبة الحج عن دمشق ثلاثة أشهر وعشرة أيام. عبد الكريم بن رجب الميداني وفي مرحلة العلا عند أبيار الغنم توفي رجل صالح يقال له الشيخ عبد الكريم بن رجب الميدان الخلوتي. أخذ الطريقة عن عيسى الخلوتي الصالحي الشهير بابن كنان وصحبه، وكان له تعلق بالأولياء والصالحين ويكثر من زيارتهم أحياءً وأموات، وله وجد وهيمان زائد، خصوصاً في حضرات الذكر. ثم حمل إلى العلا ودفن بها، وكان ذهب إلى حلب والعراق لزيارة سيدي عبد القادر، وحج مرات، عفي عنه، آمين. الشيخ عبد اللطيف البعلي

التفتيش مجددا على ثروة ناصيف

صفر، وأوله السبت، يوم الأربعاء خامسه، توفي الشيخ عبد اللطيف بن محمد البعلي الحنبلي، إمام صلاة الرابعة، تفقه بابن بلبان الصالحي الحنبلي، والتقي عبد الباقي الحنبلي، البعليان ثم الدمشقيان، وكان له ثروة وعنده كتب كثيرة، ربما تكب ببعضها. وفيه شاع أمر الزينة. وفي حادي عشر صفر المذكور توجه عمر آغا صاحبنا مع القبجي في صحبته، لأجل وقف خيربك، والقبجي في مصالح الخنكار. التفتيش مجدداً على ثروة ناصيف الأحد الثالث والعشرين، ورد قبجي من الروم للتفتيش على مال ناصيف، ونزل عند حسين آغا ابن فروخ، ومسك من أهالي دمشق جماعةً، وأرسلوا إلى محمد آغا الفلاقنسي إلى بعلبك، وضبط بعض أماكن، ومضمون الفرمان أن يقابل هؤلاء الممسوكين بالشرع ولا يمسك أحد إلا بخير، وأفلت من يومه حسين آغا وألزموه باليمين، وضبطوا من بيوت أشخاص بعض أسباب، لأنهم ضبطوا من أسباب آغا المصري، ما هو للنسا، ولم يقارشوا ما هو له، لمقتضى أنه كان تزوج جاريةً من جواري ناصيف. والله يصلح الأحوال. وكل من هؤلاء لا بد له من الخدمة للقبجي. وأما ابن البكري محمد آغا فهرب ثم حضر، وكان تزوج زوجة ناصيف، بنت ناس من يودين، لأنها ذات ثروة، وضبط مالها، فقالت هذا مالي، ما لنصيف عندي شيء، وأنا أسافر وأرد جواباً للوزير، وأنا أهلي معروفون بالمال بيودين، فتركوا أمرها. وفي يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من صفر، ورد قبجي بضبط مال محمد باشا أمير الجردة الشهير بالأفندي. وفيه، ربيع الأول، نزل ثلج كثير. الزينة وفي سادسه. يوم السبت وردت زينة دمشق، وجاء قبجيها من على الصالحية، وزين الناس تلك الليلة فوراً وعملوا العرايض الحافلة، وأتقنوا كل الإتقان، وكانت تعمل العرايض في النهار، وكانت أسبوعاً. وفي السبت ثالث عشريه سافر كمال زاده، قاضي الشام، إلى بلاده وأكابر الحج المتبقين كأمين الصرة والسقا باشية بعد فراغ الزينة السلطانية، والله يصلح الأحوال. ربيع الثاني، وأوله الأربعاء فيه تولى نيابةً، ابن القاري. وفيه أنشدني الشيخ عمر العكري الصالحي تشطير بيتين لبعضهم قوله: إبريقنا عاكفٌ على قدحٍ ... كراكعٍ قد حنا له الجسدا أو في تحنّنه ورأفته ... كأنّ الأمّ ترضع الولدا أو عائدٍ من بين المجوس إذا ... رأى سنا نوره له عبدا وكلّما أبرقت زجاجته ... توهّم الكاس شعلةً سجدا حب البنات وفيه يوم الجمعة الثالث، فيه أملانا الحافظ المحدث المتقن الواعظ الماهر البالغ، الشمس محمد بن الشيخ علي الكامدي من لفظه، فقال عن أوس بن الصامت أخي عبادة ابن الصامت أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن لي بنات وأنا أدعو عليهن بالموت. فقال: يا ابن ساعدة لا تدعو على بناتك، فإن البركة فيهن، إنهن المجملات عند النعمة، الممرضات عند الشدة، والمنعيات عند المصيبة، ثقلهن على الأرض، ورزقهن على الله. قال: نقله الخطيب الشربيني في شرح المنهاج. ومن هذا القبيل أنشدني بعضهم لبعضهم قوله: حبّ البنات فحبّ البنات ... فرضٌ على كلّ نفسٍ كريمه شعيب النبيّ لأجل البنات ... أخدمه الله موسى كليمه وفيه عزل رجب باشا عن القدس وأعطي البصرة. وفيه في آخره يوم الخميس، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، واجتمع بعض أعيان وخلق، تقبل الله، وكان ختماً حافلاً. قضية الصرصار وفيه ثبت أمر الصرصار، وهي مظلمة كانت وبطلت، وأرسل فيها فرمان زمن ناصيف، فلم يعمل فيه، وفي زمن طبل شرع فيها، فقام العوام على نايب القاضي الآتي، والنايب الآتي، ثم دخلوا السرايا، فأرسل نادى في إبطالها، فخرج الناس وهدوا. ثم ورد بعد ذلك رجل ميازري، ومعه جماعة معهم علم وغوشوا على الباشا، وقامت العيطة فقالوا: نادينا بتركها، فقال: عصى خديدي. فارسل قتله وعلقه وعلق في بطنه العلم، وأبقاه ثلاثة أيام. ولم يتكلم أحد من الأكابر. ثم أخذوا الصرصار فلم يعارضه أحد. ومن نافق يخذله الله. وقتل في هذه القضية نحو ثلاثة أنفار، وطلب فتوى لأجل قتل هؤلاء، لأنهم بغير وجه شرعي ولا سياسي، فلم يعط: كأنّ مغانيها لم يجاورها راعي ... وأقوام قرمٍ لم يودّعها ناعي محاولة تبرير القتل

دخول محمد أمين أفندي

ومع ذلك فمراده هو والدفتار أن يعرضوا في أهل الشام، الرعية وغيرهم، وادعى قتال من قتل بأنه من دفع الصايل. والحال أن دفع الصايل، هو الذي يريد القتل المصمم عليه، ومراد هؤلاء بيوردياً منه برفعها، ومن بلي بالجهل كيف يدرك للفرق؟. دخول محمد أمين أفندي وفي يوم الجمعة ثاني جمادى الأولى، دخل محمد أمين أفندي قاضي الشام ولقبه دريا زاده تنكري، من على الصالحية، وعمل له القاري ضيافةً بالصالحية، ثم نزل بعد العصر. يوم السبت، العاشر من الشهر، سلمنا على شيخنا العلامة الشيخ عبد الرحمن السلمي الحنفي لأنه كان في الحج، ورجع على مصر، وزار القدس في رجوعه من مصر، بداره شرقي جيرون بدمشق. السلطان يستعد للغزو وبلغ خبر من الأروام أن السلطان توجه للسفر، والآن أرسل يطلب الدعاء عقب الصلاة بالجامع، والله ينصره بإحسانه. حسين القدسي يوم ثاني عشرين جمادى الأولى، توفي السيد حسين بن السيد محمد القدسي، وكان عليه عثمانية، وذهب للروم مراراً، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. وكان عليه تدريس الناصرية بالصالحية، والحال أنه لا خبرة له في معرفة تقرير مسئلة واحدة. وهذه المدرسة إلى الآن، متحصلها حسن، وهي مدرسة عظيمة من أكلف العماير وأنضرها، وعمارتها من عجايب الدنيا وهي مقابل جامع الأفرم، وفي دمشق الناصرية الجوانية شرقي حمام القاعة وغربي المدرسة البدرائية. حيوانات عجيبة جمادى الثاني، فيه ورد من الروم أوراق فيها صورة حية ظهرت في بلاد الإفرنج الكائنين ببلاد بغم، المأخوذة من أيدي المسلمين زمن السلطان محمد سنة أربع أو خمس وتسعين وألف. وكان يخرج من فمها النار والدخان وأحرقت أشجاراً وأهدمت أبنيةً ودحتها، وقتلت من أهل بغم خلقاً كثيراً، ثم اختفت ولم يعلم لها خبر. وأرسل تسجيلها إلى إسلام بول مشوهة. ولا يبعد ذلك في قدرة الله تعالى، فقد وقع في السابق أقوى من ذلك بنواحي حماة، وذكرها المؤرخون، حتى استغاث أهل عينتاب، فحملتها سحابة فارتفعت بها، وكان بفمها كلب، فكان يصيح إلى أن خفي صوته عنهم. اغتيال شاب وفي يوم الثلاثاء شهر رجب، قتل ولد من بني الفاره، مراهق حسن الشكل بالصوامع، وكان هو ووالده نايمون على سطح بالصيف، فجاء رجلان وقعدا عليه وضربوه بثلاث خناجر ثم قاموا، فصاح: قتلوني، فقام والده الشيخ إبراهيم فهربوا، ثم مات الولد بعد كم درجة، ولم يعلم قاتله بعد. وقيل إن القتل كان لأبيه، لأن له في القرية استحقاقات ودعاوي عليهم، وقيل، تشاتم مع جماعة في النهار، مع رجلين أكراد. ثم حمل وأتي به للسرايا، ثم أخرجوه للصالحية، ودفن بتربة لصيق قبر ابن العربي، قدس سره. والصباحية بالجامع. ورثاه الأب الشيخ محمد بن محمد الأكرمي بقوله: رمي بحدّ الحسام ظبيٌ ... بحسن وجهٍ كالبدر يجلى وكان يبدو كخوط بانٍ ... فيطرق الفيض منه محلا حتى أتى حاسدٌ إليه ... فقابل المثل منه مثلا فقلت لما قضى عليه ... أرّخ: محمّد قد مات قتلا ثم إن الباشا أرسل بيارقاً، وقيل ترحلت غالب تلك القرى. وأهل القرى من أهل البلاء. وفي الخميس ثاني عشر الشهر، بدأنا بصحيح البخاري درساً عاماً بدارنا بحكر الأمير المقدم، بعد ختم درس الفقه بالمدرسة، وجعلناه كدرس الفقه، بكرة النهار. وفيه راسلني صاحبنا الأخ الأعز الأمجد حسين بن تركمان حسن، كيخية الينكجرية بدمشق سابقاً، ممتدحاً. حكاية الشيخ المعمر

عرس يحيى الناشفي

وفي يوم سادس عشرين رجب، ذهبت وبعض أصحاب إلى بستان قبلي الجسر الأبيض، بيد أبي يوسف الشهير بابن الأصفر من أهالي الصالحية، وفيه استحقاق لبني الشويكي القضاة ولغيرهم، فجاء رجل اختيار، وضيء الوجه، مستوي القامة، عليه سيماء الصلاح، فسلم وجلس في جانب من المجلس، فكان يتكلم بكلام منتظم مع السكينة والوقار. فسألناه ماذا بلغ من العمر فرأيناه بلغ الماية والعشرين، فعجبنا من حسن كلامه المنتظم، ونضارة وجهه المبتسم، لأنه كان يتكلم بكلام منتظم جداً، موقعاً تحت كل كلمة درة، وكل قطرة من لفظه تحتها تنمو ألف برة. وكان مع هذا السن مستوي القامة لا حدب فيه ويتكلم بالميزان، ويحزن من الخطأ أن يعتريه، ويتوارى في كلامه عن الخلط والذم والشتم والسب والسفه، أو شكاية الزمان، كما عليه اختيارية هذا الأوان. ورأيته مع الكلام كالمستحضر في نفسه شيئاً من ذكر خفي، لا يشعر به إلا مع حالة انجلت لعارف بمقامات الكمال، فإن تكلمنا كلمنا، وإن سكتنا سكت مستمعاً، لا معرضاً ومغضياً، حال كونه حافظاً الأخبار، ويتكلم عليها لكن بوجه الاختصار، ثم لما انصرفنا طلبنا منه الدعا، فأوجز بدعوة أبلغ وأكفى، وأحسن فيها ووفى. عرس يحيى الناشفي شعبان، وأوله الثلاثاء، في يوم الأحد السادس، فيه أول فرح صاحبنا الأعز يحيى آغا بن صادق آغا الناشفي، ومدته ثلاثة أيام، وتكلف والده كلفةً بادخةً. يوسف باشا طبل الأربعاء يوم سابع عشر الشهر، توفي يوسف باشا طبل بالصالحية بقاعة حسين أفندي ابن قرنق. وكان متمرضاً، وصلي عليه العصر بالسليمية، ودفن بتربة بني الزكي لصيق ابن العربي قدس سره، وصلى عليه مولانا الشيخ عبد الغني. رثاء الوالي والقاضي وفي يوم الجمعة العصر، صلي على قاضي الشام أمين أفندي دربا زاده، وكان فيه بعض تمرض من حين دخوله، ودفن قرب بلال، وبينه وبين الباشا عشرة أيام، فيكون يوم السابع والعشرين، وفي ذلك قال صاحبنا الأعز الأوحد محمد جلبي الكنجي مؤرخاً فيه وفاة القاضي، قوله: صدع الله زماناً صدعا ... وبأغلى النّاس فينا فجعا كان قاضينا، ووالينا به ... في سرورٍ بالتّهاني جمعا بدّددت أيدي النّوى، شملهما ... ووعت حتّى أجابا للدعا نقصت فرداً وفي تاريخه: ... مات قاضي الشّام والوالي معا وفيه دخل من الحج الرومي خلق كثير، ونزلوا نواحي جامع الورد. وبعد، الكفالة والإمرية، لم تتوجه لأحد، وأولاد القاضي ونوابه لا يعلم، هل يرسل لهم في استكمال المدة، والله يدبر الأمور. وفيه بلغ خبر من الروم بأن عسكر السلطان مترجح وأنهم أخذوا قلعةً للنصارى. نجم مضيء شهر رمضان، أوله الأربعاء على الثبوت، وفيه خرج نجم أضاء منه ما بين المشرق والمغرب. الشيخ منصور الحبال وفي يوم الجمعة بعد الصلاة، توفي الشيخ منصور الحبال مدرس العجمية، وكان أديباً ناظماً فقيهاً. وقبل موته أهين بسبب المدرسة العجمية وحبس عند المفتي، ولم يدرس بها قط، وربما يتردد إليها من غير فائدة، فيقف عندها حصة يشرف عليها. وصف الأفريدونية وهي في آخر سوق السنانية مقابل مرقص السودان، وهي حسنة ذات عمارة مزخرفة بواجهات حسنة بالبلاط الملون المنقش، وفيها بركة ماء ببحرة عالية، وأرض المدرسة كلها مبلطة بألوان الملاط من الأبيض والأبلق والرخام، ولها شبابيك من حديد، ولها إمام يصلي بها الأوقات إلى الآن، وذكرها المؤرخ النعيمي في الدارس. وفيه بلغ خبر أن الوزير استشهد في الوقعة، وقتل معه خلق كثير، من لغم كان النصارى هيؤوه لهم، ولم ينبههم أحد عليه، ولا قوة إلا بالله. دخول الوالي الجديد شوال، أوله الجمعة، سادسه الخميس، دخل إبراهيم باشا كافلاً بدمشق، وصلى يوم الجمعة بالجامع، وكان بموكب، وهو مأمور بالحج. مصطفى القطيفاني السبت، يوم التاسع، فيه صلي حاضرةً على السيد مصطفى آغا القطيفاني متولي السنانية، وصلي عليه بها، ودفن بالباب الصغير، وكان خرج لملاقاة الباشا، فجاء محملاً. أحمد الموصلي والطريقة الكواكبية

سجن الدفتردار

وفي يوم الجمعة الخامس عشر، فيه توفي الفاضل الأكمل الفقيه الشافعي الشيخ أحمد بن عبد الرحمن الموصلي، في داره قرب جامع منجك، الكاين عند ميدان الحصا وصلي عليه فيه، ودفن بمسجد النارنج، وكان تخلف عن والده الشيخ عبد الرحمن في الطريقة الكواكبية، وكان حليماً متودداً ناصتاً عاقلاً متواضعاً، وجلس مكانه حفيده الشيخ درويش الموصلي، شاب حسن لا بأس به. ورابع عشر الشهر، قبله، سافر إبراهيم باشا على الحج الشريف، وجلس نائباً بالباب عبد الرحمن أفندي القاري، وكان أعاد الباشا نواب القاضي المتوفى إلى مجيء الجديد، والقاري بقي على نيابته. سجن الدفتردار وفيه طلب الباشا من الدفتدار ثمانين كيساً وحبسه وعزره، ثم أرسله إلى القلعة، ونوى على قتله، ولا يعلم كيف يصير لأنه بلغة أذيته للأولياء وأهل الشام، لأن قضية الصرصار وتبعتها كانت بشوره، وما فعلوه مع الميازري منه، وأراد يعرض في الشوام. يوم التاسع عشر خرج جميع الحجوج دفعةً واحدةً، وذلك في يوم الثلاثاء. حكاية الحاج خطاب وفيه نزلنا على نهر صغير عند المقسم نحن وأصحاب، لنودع بعض حجاج، ونودع ولدنا الشيخ عيسى، سلمه الله تعالى، فأخبرنا بعض أصحابنا الحاضرين معنا، في مسامرة جرت، وجرى فيها ذكر الضمان الذي يجري في الكروم والبساتين، قصةً أولها وآخرها حسن، وهو الحاج خطاب الميداني، وكان جالساً معنا، أنه تعلق بالضمان مدةً، فبعض الأيام ضمن ضمنة كرم في مكان كان لبعض الدولة، بماية وعشرين غرشاً، فقطفه إلى حد النصف فبلغ المتحصل ما يساوي خمسة عشر غرشاً، فأخبر بعض الناس ذلك الجندي، فأراد أن يرمي له حصةً من المال تخفيفاً لخسارته، فبلغ الحاج خطاب فلم يقبل أن يتعوض بشيء وقال: لو كسبت كثيراً هل كان يأخذ مني شيئاً؟ كذلك لا آخذ منه شيئاً، ولم يرض أن يأخذ شيئاً. قال: وفي بعض الأيام، كان الشيخ محمد بن عبد الهادي في مزرعة الغزالة عند عقربا، ومعه خلق كثير من جماعته، فأعطى بعض نقبائه لخادمه غرشاً أسدياً، وقال اذهب خذ لنا به عنباً من مكان الحاج، وكان بعد فراغ سقالته التي في الغزالة. فجاء ذلك الرجل للحاج خطاب فأعطى له الغرش، وقال أعطينا به عنباً، فسأله لمن، فقال للشيخ ابن عبد الهادي، فأخذ الغرش ووزن له ستين رطلاً، ثم حمله له ولحقه وأعطاه الغرش، وحلف ألا يأخذ، فذهب الرجل. قال الحاج خطاب ففي ثاني يوم خرج لعندي جماعة لقطف النصف الآخر، فقطفوا منه ستين قنطاراً وأربعة عشر رطلاً. كذا أخبرني به الحاج خطاب المذكور، هو رجل صادق نير الشيبة وضيء الوجه يحب الصالحين والأولياء والسادة. وهذه كرامة للشيخ محمد بن عبد الهادي العالم الصوفي المشهور بدمشق. وأيضاً انظر إلى مكارم الرجل حيث لم يقبل جبراً، وأرشد نفسه وأنصف منها بقوله: لو كسبت مهما كسبت ما كنت أعطيه شيئاً فرق مال الضمان، ولكن التوفيق منه. وانظر إلى حسن هذا التوكل وشرف النفس مما لا يصدر الآن من أكبر من يكون ممن يدعي الإرشاد والعلم. وانظر فيما سخا وتبرع كيف عوض على الرطل قنطاراً، وأعجب من ذلك كونه في حال خسارة، ولكن ضاعف الله عمله بأضعاف، والله يضاعف لمن يشاء. والحاصل هذا ببركة حسن التوكل والنية الصالحة، ترك المال الذي أراد صاحب المكان أن يعطيه إياه ليخفف عنه، ثم بعد الخسارة ما ترك الكرم وفعل الخير، ولا ردته تلك عن عمل البر، وهذا يعتبر أصل الدين والإيمان الصحيح. فإياك أن تتكل على نفائسك، فإنها كلها خاسرة لا تجدي إلا ضرراً، وهكذا الأخلاق وإلا فلا، قال عليه السلام: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. درس في حسن الخلق وإياك أن تستخف بمكارم الأخلاق، وتقول ما ذكرها الفقهاء في كتب الفقه، وإنما لم يذكروها مطلوبة عقلاً وذوقاً ليست من ذوات النقل، لأن كل أحد يعلم الخلق الحسن والقبيح، لأن المعلومات الأدبية معلومة عند كل أحد، مقبولة شرعاً وعقلاً، ومتى نظرت لك شيئاً منها، فاحمد الله واشكره واسأله الثبات فيها، وألا تخف أن تبكي البكاء على نفسك، واطلب لك شيخاً واصلاً يرشدك بنوره، مقرراً محرراً ينبهك على دسائس نفسك وحسنها وقبحها، فإن لها دسائس خفية دقيقة لا يعلمها إلا العارفون المدققون. وعند السادة: من سبقك بالأخلاق سبقك بالتصوف، ولم يقولوا من سبق بالصوم والصلاة فقد سبق بالتصوف، والله أعلم.

الشيخ محمد بن الحكيم الصالحي

وفيه، بعد قتل الوزير في الحرب، جلس للوزيرية خليل باشا، ثم جيش ثانياً بعساكر جرارة ولحق العدو. الشيخ محمد بن الحكيم الصالحي وفي أواسط ذي القعدة، توفي الشيخ الصالح الفاضل الشيخ محمد بن الحكيم الصالحي فجأةً، بكرة النهار ورأيته ليلة ذلك، كان على أصح وجه بداره في الحارة المقابلة لحمام الأمير المقدم، وعليه وظائف وعثمانية في التكية السليمية والمارستان القيمرية، وكان مقيماً بجنينته الكائنة تحت مادنة القلانسية، وكان أصلها دار بني عبادة القضاة، وعمر بها مقعداً نزهاً وقاعةً لطيفةً، وزاد في الجنينة المذكورة محاسن وأزهار عزيزة كثيرة. وكان منزوياً في حاله، ولا يأتي إلى عنده إلا معارفه. وصلى عليه العصر الشيخ إبراهيم بن حسين الأكرمي الصالحي بجامع السليمية، ودفن بتربة الشيخ أبي عمر بسفح قاسيون، وأوصى ببعض مبرات ربما تتم، وذلك يوم الاثنين خامس عشر ذي القعدة. أسعد البكري وفي يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي القعدة، توفي أسعد أفندي ابن أحمد أفندي البكري، وصلي عليه عقب الجمعة، ودفن في تربة الشيخ أرسلان، حيث أهله، وصلى عليه مولانا الشيخ عبد الغني. ابن البايكي ومات الريس ابن البايكي، السيد عبد الأعلى، بالصلاة، وكان الجمع متوفراً، ودفن بتربة الشيخ أرسلان، قدس سره. وفي يوم السبت سابع ذي الحجة، دخل عبد الله باشا الكبرلي باشة القدس، دمشق، أميراً للجردة، ونزل دار عيسى آغا المتقاعد، قبلي الجامع الأموي. وفي تاسعه يوم الاثنين، دخل السيد أحمد سعيد قاضي الشام من الروم، ولاقى له كتاب المحاكم والمدرسون والنواب، والله يجعل قدومه خيراً، ونزل على الصالحية، وكان بعض مطر. خروج الجردة 15 الحجة وفي يوم الأحد خامس عشر ذي الحجة طلعت الجردة، ومعها عبد الله باشا وبعض كواخي الباشات، وكان في الشهر خمسة عشرة يوماً، وكان في السابق تطلع الجردة في أربعة في محرم الحرام، والله يدبر أمور عباده ويصلح الراعي والرعية، إنه بعباده رفيق. محرم الحرام سنة 1129 تسع وعشرين وماية وألف 16 - 12 - 1716م الحكومة وسلطان الممالك الرومية الإسلامية وبعض العجمية والعربية السلطان أحمد بن السلطان محمد خان، وقاضي الشام السيد سعيد أفندي، وباشة الشام إبراهيم باشا في الحج الشريف، والمفتي محمد أفندي العمادي، والموالي والمدرسون بحالهم، وأوله الأربعاء. سقوط تمسوار وفيه شاع أن الفرنج أخذوا دمشوار، من مدن الإسلام الرومية. اغتيال شيخ البقاع وفيه، في البلاد البقاعية، قتل يزبك شيخ قرية بر الياس، وشيخ البقاع كلها آناً، قتله شيخ البلاد كنعان المعزول عنها به، وقتل أخاً له، وأفراداً من أهله، لأنه نزل عليه بداره بر الياس، ومعه جماعة من الدروز وغيرهم. قيل وأرسل إليه إلى دار بها كنعان، فقتله صبراً وأشهره، وحمل رأسه ورأس أخيه على رمح، وخرج من القرية وهو يقول: أنا القاتل، لا تستغرموا أحداً. ثم جاءته الكبسة إلى جب جينين قريته، من البقاعيين والدولة ومن باقي البلاد، وأحاطوا فيه، ومسك ولده، وهرب هو. والحاصل: واقع عليه الطلب. وفيه خرج بعد ذلك جماعة من الينكجرية والدهماء والسباهية لأجل مسك كنعان القاتل، والممسوكين في الأول مودعون في الحبس. وفيه أنشدني صاحبنا الأعز الأريب الماهر حسين آغا تركمان بن حسن، كيخية الينكجرية، قصيدةً للقيراطي يمتدح دمشق. أخبار الحج وفي يوم الجمعة، الخامس والعشرين، وصل سبق الحج، رجل من الصالحية، فارق الحج في الزرقا، وأخبر أن الحج في عافية ولم يحصل ضرر. أما باشة الجردة، عبد الله باشا فطلع عليه العرب الكاينين، من هوى ظاهر السلامة، فقاتلهم وكسرهم، ولله الحمد. يوم الأحد السابع والعشرين، وصل الوفد الشامي للكسوة، ودخل العشاء، أو بعده، على ضوء المشاعل. يوم الاثنين ثامن عشرينه، دخل المحمل والباشا. والوقفة الثلاثاء، وفي دمشق، كان العيد الثلاثاء، والوقفة الاثنين. السلام على الحجاج وفي يوم التاسع والعشرين، سلمنا على بعض أصحابنا الحجاج، منهم مولانا الشيخ أحمد الغزي، المفتي الشافعي بدمشق، بخلوته الكاينة بالجامع الكبير، قرب داره. أخبار عن باشا جديد

الشيخ عمر الصالحي

وفيه جاء خبر بأن دمشق الشام وجهت لعبد الله باشا الكبرلي، وعزل عن القدس، وأمير الحج إبراهيم باشا وجه له الكتاهية، وقيل إن السفر عمال، والله يصلح الحال. الشيخ عمر الصالحي صفر، وأوله الخميس، في يوم الاثنين الخامس منه، توفي الشيخ عمر بن علي الصالحي الشهير بابن السكري. كان مباركاً وينظم في الشعر، وله طلب وفيه سلامة صدر، قرأ في الفقه وطرفاً من النحو والعقايد ونظم شعراً كثيراً، وكان فقيراً، ولم ينقطع غير ثلاثة أيام، وصلي عليه في الخاتونية بالصالحية ودفن بالسفح. محمد آغا الترجمان وفي يوم الاثنين توفي السيد محمد آغا، ترجمان الباشا، وصار يذكر له ثروة. وتوصل إلى الحكام والقبجية وأبناء الروم، ثم رجعت له الترجمة في السرايا عند محمد باشا الترجمان الذي قبله، فأخذها وتولى السليمانية والسليمية، والحرمين مراراً، والجامع الكبير، وعليه قرى ومزارع، واشترى قصر أسعد أفندي بن رمضان بالجسر الأبيض. وكان له كرم وسخاء، وأوصى ببعض مبرات، وكلها تمت سامحه الله وعفا عنه، ثم صلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح. وصول الباشا في يوم الخميس الخامس عشر، فيه دخل عبد الله باشا الكبرلي إلى دمشق، وأوكب يوم الجمعة بالجامع. وفيه شاع أن الخزنة باركة بعيون التجار، من كثرة الثلج والمطر، وراح أحمال وجمال ودواب، والله يحسن الحال. تاسع عشرين، يوم الأربعاء، دخلت الخزنة المصرية. الثلوج ربيع الأول، يوم الثلاثاء خامس الشهر، نزل ثلج كثير، وفي يوم الخميس السابع من الشهر، نزل ثلج كثير، وتكرر إلى الثلاثاء. العلامة عز الدين الحنفي وفي آخر الشهر، في الثامن والعشرين، يوم الجمعة، توفي بعد الصلاة الشيخ العلامة المفنن المدقق النحوي عز الدين الحنفي بالمدرسة السميساطية. وكان أصله من حمص وجاء لدمشق في صباه لطلب العلم، وخدم المدرسة السميساطية في ابتداء أمره، وشرع في طلب العلم واجتهد ودأب وحصل. شيوخه أخذ عن الشيخ إبراهيم بن منصور الفتال الحنفي، وقرأ على الملا الحصكفي، والتقي عمر الدومي الحنبلي، والشمس بن بلبان الصالحي، وأخذ عن يحيى الساوي نزيل دمشق، وأعاد على السيد محمد العجلاني في درس السليمية، وعلى إسماعيل أفندي ابن محاسن في درس الجوهرية، وأخذ عن القطان والنجم العرضي والشيخ عبد الباقي الحنبلي وولده الشيخ أبي المواهب الحنبلي. وأم بمحراب المقصورة مدةً عن بني محاسن، وأقرأ في النحو وفي غيره بالجامع الكبير، وترددت عليه الطلبة، وذهب إلى الروم، واتصل بالمدرسة اليونسية بعد شيخه الشيخ حمزه الرومي، وقررت عليه بالروم. وكان عليه وظائف بهذه المدرسة، ولم يتزوج قط، واستمر مدرساً بالمدرسة السميساطية إلى أن مات بها، وذلك في التاريخ المذكور، وصلي عليه بالأموي ودفن بالدحداح عقب صلاة العصر، عفي عنه. وفي يوم السبت آخر ربيع الأول، خرجت الخزنة المصرية. وفيه غيرت المعاملة. ربيع الثاني، في اليوم الثاني منه، خرج الهنود والمغاربة المكتوبون للسفر للروم. شريف مكة وقاضيها وفيه توفي الشريف وقاضي مكة في جمعة واحدة، كما اتفق موت الباشا والقاضي في جمعة واحدة بدمشق في هذه السنة وهذا الذي أخبر به السيد البرزنجي المتوجه من المدينة إلى الروم لبعض مصالح، وجاء مع العرب بالمنزل من طريق الحج. نزهة في يوم السبت التاسع من شهر ربيع الثاني، كنا مع جماعة من الأصحاب، على حافة بانياس، في الجنينة، لصيق التكية السليمانية، وكان أيام الزهر، أول الربيع وكان بالجنينة المذكورة مروج حسنة وأزهار بديعة ذات ألوان طيبة النشر، واضحة البشر. جمادى الأولى، يوم الخميس التاسع منه، كان أول فرح القاضي إلى تمام الأسبوع، ودعا إليه جميع الناس. وفي الثلاثاء الواحد والعشرين كانت خلوة بني أيوب بجامع مراد باشا. وفي الشهر المزبور، ألغزت لبعض أفاضل دمشق من أصحابنا. أبو بكر الطرابلسي

قتل ثلة من الانكشارية

جمادى الثاني، وأوله الثلاثاء، يوم السبت الخامس منه، توفي الشيخ أبو بكر الشاب الطالب العلم ابن الشيخ أحمد الترابلسي أصلاً، الشامي مولداً ومنشئاً، الصالحي موطناً، الحنفي مذهباً. طلب طرفاً من العلم، وحصل بعض التفقه، وأم بجامع الخاتونية نيابةً عن بني الشويكي. وصلي عليه يوم السبت صلاة العصر، ودفن بقاسيون بروضة الموفق بن قدامة الحنبلي. وفي يوم الجمعة، أضاف المفتي العمادي بعد الصلاة، جناب عبد الله باشا الكبرلي، باشة الشام، بعد أن صلى في الجامع الكبير. وفي يوم السبت ثاني عشر، كنا نحن وجماعة من الأصحاب بحديقة حمزة، على حافة ثورا شرقي الماردانية. قتل ثلة من الانكشارية وفي الأربعاء سادس الشهر قتل الباشا جماعةً من الينكجرية. وكان حبسهم في السرايا منذ أيام لأنهم كانوا قاموا على جماعته التركبدية في أمر من الأمور، وداروا على الأسواق على الناس ليسكروا، ثم لما سكنت الفتنة وقع التفتيش على هؤلاء فمسكوا، حتى أراد الباشا يعرض في الوجاق كله أنه يرفع. نزوح علماء من القدس وفيه ورد من القدس الشريف، الشيخ العلامة الحافظ المتفنن الشيخ محمد الخليلي الشافعي. ولاقا له جماعة من المشايخ والصالحين، ونزل بالكلاسة ومعه من المشايخ: السيد يحيى الدجاني الخلوتي، خليفة الشيخ الشهابي أحمد السالمي الخلوتي، تلميذ الوجيه أيوب الخلوتي، ومع كل جماعة. والسبب أن بالقدس ونواحيها بعض فتن وأحوال غير مرضية، ومعهم السيد ابن تمرتاش الرملي من ذرية صاحب التنوير. علماء دمشق في نزهة وفي يوم السبت الخامس والعشرين، كنا مع جماعة من العلماء والأصحاب في سكن صاحبنا الأفضل الشيخ عثمان بن علي النحاس الشافعي، وذلك بجنينة البحرات لصيق عمارة الشيخ العارف العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي، بالسهم الأعلى شرقي العمرية، ودعي مولانا الشيخ عبد الغني. وكان من العلماء الشيخ إسماعيل العجلوني مدرس قبة النسر، والشيخ أحمد الدسوقي الشافعي، ومولانا الشيخ صادق أفندي الخراط، وجاء عدد من الأفاضل والطلبة، وكان أيام التوت والمشمش، وانصرف الناس العصر، والله تعالى ييسر كل خير. دروس المرشدية وفيه في التاسع والعشرين، كان درس الفقه من كتاب النفقات وحضر معنا جماعة من الفضلاء، وذلك بمدرستنا بالمدرسة الخديجية المرشدية بالصالحية. رجب أوله الجمعة آيات خارقة وفي يوم السبت ثانيه، بلغ أخبار وقعت وشاعت بدمشق، أنه في القدس أو نواحي نابلس، أن رجلين لكل واحد أرض ذات أشجار وفواكه، أصبح كل منهما يرى أرضه موضع أرض الآخر بأشجار وبيت، فدعي قاضي تلك البلاد، واستفتي في ذلك، فخرجت الفتوى بلزوم كل أرضه، أن العبرة بالمشاهدة ولو تغيرت الحدود، أخبر بذلك الشيخ محمد الخليلي الحافظ حين ورد لدمشق وذلك في جمادى الثاني. وشاع عن بلدة قليب أنه صار زلزلة وعندها جبل على قربه، فوقع على بعض قراها، فهلك خلق كثير حتى لم يبد من الهدم إلا رؤوس المآذن فطمها. كرامة للشيخ محمود الكردي وفي بلاد الأكراد تربة فيها قبر الشيخ محمود الكردي العلامة الخلوتي، وعنده عين ماء وشجرة زعرور فانتقلت إلى بعد عن موضعها، هي والشجرة والتربة، ولم يصبها شيء من ذلك الخسف، بل زحفت من مكانها مع العين والشجرة، وهذه كرامة للشيخ محمود. فهذه ثلاث عجايب. عقد معتوق جلبي وفيه دعينا إلى عقد تلميذنا الشاب الخالي العذار معتوق جلبي بن الشيخ عبد الجليل الأكرمي الصالحي، على ابنة عمه، بنت الشيخ محمد الأكرمي الصالحي وحضر أكابر وأعيان. يوم الثلاثاء، ثاني عشر الشهر، كان ختان ولد صاحبنا إسماعيل آغا كتخدا الجاويشية، وبقي أياماً. وفيه كان فرح الباشا على أولاده. وفي السادس عشر منه، كنا مع جماعة من الأصحاب ببستان المروبص بالنيرب، عند صاحبنا محمد الحلبي الصالحي، مع السيد مصطفى والسيد عبد الرحيم وولدنا عيسى، وقلت في البستان المزبور: لله بستاناً حللنا دوحه ... يسمى المروبص لفضّته نقا أشجاره تحكي السّبايك عسجداً ... وكذا مروبصها أجاد ونمّقا سفر الحافظ الخليلي

رسالة البسملة لابن كنان

وفي السبت الثالث والعشرين، سافر الحافظ الخليلي إلى بلاده القدس بكرة النهار، وبات تلك الليلة في دارنا، وخرج لوداعه خلق كثير من أهل دمشق، ولوداع رفيقه الشيخ الصالح العابد الناسك السيد يحيى الدجاني. وكان الخليلي حافظاً للحديث والفقه والنحو والتصوف وجميع العلوم، وكان بارع العبارة واضح التقرير صحيح الذهن، كثير الحفظ، سريع الاستحضار، درس وحدث بالجامع بين العشائين دول مدته، وأجاز لكثير من الطلبة في الحديث. رسالة البسملة لابن كنان وأرسلت له رسالتي التي ألفتها في علم البديع مما يتعلق بالبسملة، وتسمى الرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة، فاستحسنها، وكتب بخطه تقريظاً، وكتب غيره عليها من الإملاء، كالإمام المدقق المحقق العلامة حقي أفندي البرصوي الرومي قدوة المدققين ونخبة العارفين، وكان ذلك حين نزل دمشق، أبقاه الله. ثم بعد مدة سافر المولى المزبور إلى بلاده، كان الله له آمين. تعيينات وفيه وردت النيابة للسيد حسن بن السيد عبد الكريم أفندي، والمدرسة العادلية. للشيخ عبد الرحمن المنيني. وفي آخر شعبان، كنا في بستان المروبص مع جماعة من الأصحاب. رمضان، ليلة الأحد، ثبت هلال رمضان، وضرب كم مدفع. بكار الزعبي وفيه توفي الشيخ بكار الزعبي من أهالي قرية الضفة، ببلاد كنانة، ودفن عند أهله وسلفه، وهم من أرباب الأحوال والكرامات. زوجة محمد الكاملي شوال، خامسه الجمعة، توفيت زوجة الشمس محمد الكاملي الشافعي، ابنة شيخ الإسلام العيني الشافعي، ودفنت بالباب الصغير. وفي الخميس التاسع من شوال، طلع المحمل، والأمير عبد الله باشا الكبرلي معه، ومعه أولاده، للحج الشريف، يصحبهم الله بالعافية والسلامة. يوم الخميس السابع عشر، فيه طلع الحج الحلبي والأعجام، ولم يتخلف أحد. كسوف وفيه صار كسوف ليلة الثلاثاء، قبل طلوع الحج. وفيه أنشدني بعض الأفاضل لبعض الأدباء القدماء: هيفاء رنّحها الدّلال فأخجلت ... هيف القصور بقدّها الميّال في خدّها الورد الجنيّ، وثغرها ... يحوي لذيذ الشّهد والجريال حجبت محيّاها البديع ببرقعٍ ... كرقيق غيمٍ فوق بدر كمال المطر الوسمي وفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شوال بكرة النهار، نزل المطر الوسمي. كرامة للشيخ عبد القادر الكيلاني وفيه أخبرني الشيخ الإمام الحافظ المحدث الشمس محمد بن الشيخ علي الكاملي، الفقيه الشافعي، بواقعة وقعت له سنة حجه تدل على كرامة الولي بعد الموت، يكرمه الله بها إكراماً وشأناً له. فقال: ركبت جواداً عند وادي الوفا في طريق الحج، وكنت في الساقة، وتأخرت كثيراً حتى فرغ الحج، ولم يبق أحد، فرأيت جملاً باركاً بحمله، عرفته لرجل تاجر منا في الخيمة، فوقعت عليه، ولي في ذلك الجمل وداعة، فانتظرت أحداً يمر لم يمر، وفات الحج كثيراً، وكل من يمر يقول، إلحق الحج، وأنا واقف. فطرقني خوف فنهرت الجمل وضربته بعصاة كانت معي، وكل من مر يعجز فيذهب ويخليني أنا وإياه. فتوجهت ناحية الشرق أستنجد بالشيخ عبد القادر الكيلاني وقلت البيتين: أأظمى وأنت العدل في كلّ منهلٍ ... وأُظلم في الدّنيا وأنت نصيري فعارٌ على راعي الحما، وهو في الحما ... إذا ضاع في البيدا عقال بعيري قال: فما استتمت الأبيات وإلا بعبد أسود راجل من ناحية الشرق، فقال الجمل بارك، كم تعطيني وأنا أمشيه؟ فقلت له: قل أنت قال، غرش ونصف، قلت بل قرشين. قال: امسك الرسن، وأنا على الفرس كنت، فأمسكته فنخره فقام في الحال، وبقي العبد يسوقه إلى أن وصلنا للخيام، وأنا أنظر إليه خلف الجمل لأجل الكرا، فلما وصلنا للخيام برك الجمل، فنظرت خلف الجمل فلم أر العبد، فما وقفت ساعةً إلا وصاحبه يلطم بحجرين، فقلت له، لا تخاف، هذا جملك، فنزلنا عنه الحمل، وحملنا الحمل على جمل غيره وتركناه، وألزمنا بضيافة تكون في زاوية الشيخ عبد القادر الكيلاني بالمدينة، كذا حكى لي، انتهى. مسائل في الكرامة والعقوبة

النذر وشروطه

واعلم أن الكرامة للولي ممكنةً بعد الموت كالحياة. وهي من عند الله، يكرم بها ذلك الولي غيرةً له، وإظهاراً لحرمته ورتبته. وقد يشعر به أحد ملائكة الأرض، لأن الملك يميز أحوال بني آدم، فبكونه ملكاً، يعلم بمرتبة الشيخ، لأنهم يديرون حلق الذكر ويحضرون القتال كما وقع، وتارةً يقاتلوا وتارةً لا. وإما على وجه التسخير أو الاهتمام بقدر مقتضى حال ذلك الشخص، أو ذلك الولي، ليقضي الله ما شاء. والكرامة، الأمر الخارق المنوط بالتقوى والعبادة والطاعة الكاملة، والخارق مع المخالفة كإجابة الداعي دعاءً فيه صالح وطالح وكافر، ولا ينافي العقوبة، فإن مانع الزكاة وتارك الصلاة مثلاً، يعاقب عليها في الآخرة، كالرزق الكثير فلا ينافي عقوبة العاصي، وترك الزكاة، وإن كان بخزدلة البوادي، فهو من باب، يعني وهو مع ذلك، يعني كل أحد تحت المشيئة في العفو والعقوبة، والعفو في حق المؤمن كبيرة، لا وعيد على معنى المشيئة، ويعد كرماً لا بخلاً، بخلاف الوعد فإنه يعد من الكرم لمن كان من أهل الجنة من المؤمنين. ومن أهل المعصيات من يدخل النار، وقد يدخل الجنة ولا يدخل النار. ولا يقال في حق المؤمن العاصي: الكرامة له مكر واستدراج، لأن هذا يقال في حق الكافر فقط، لا ينبغي أن يقال في حق المؤمن. النذر وشروطه واعلم أن النذر للولي بعد الموت لا ينعقد عند الحنفية، وعند الشافعي يصح ويصرف على الفقراء، وما ينذر من الزيت والشمع فلا يصح ما لم تكن الإضاءة على طريق المارة، والنذر مشروع والعمل به واجب، وإلا يلزمه فيه كفارة اليمين. قال عليه السلام: من نذر أن يطيع الله فليطعه. ولا يدخل في حكم الأقضية، يعني ليس للقاضي المطالبة لمن نذر له أو دعوى المنذور له، ولا ينعقد إلا بما هو من جنس الطاعة، فلو نذر أن يحمل فلاناً على عاتقه إلى مكان كذا لا يلزمه، وعند الحنابلة لا ينعقد في الواجب ولا المحال، كيمين المحال عندهم، نحو قوله: والله لا تطلع الشمس غداً، وعند الحنفية يكون غموساً. وعند الفقهاء، لا يجوز إشعال المقابر والترب مطلقاً لعدم الفايدة في ذلك ما لم يضف إلى الطريق، ويجوز التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين، إلى الله تعالى، كما توسل عمر رضي الله عنه، بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم حين استسقى، لا بالأمكنة المعظمة والأزمنة المشرفة. ولم أر فيه نقلاً بنفي ولا إثبات، والله أعلم. ابن المهيني وفيه يوم السبت ثاني عشره، توفي ابن المهيني، وكان من زربا الدولة زمن قاسم آغا التركمان المتوفى قبل تاريخه. سقوط بلغراد وفيه ورد خبر من الروم بأن بلدة بير الأغراض، أخذها الكفار من أيدي المسلمين، ولا قوة إلا بالله. صدام بين العلماء والشوباصي وفي ليلة الجمعة العاشر من ذي القعدة، دعي شيخنا التقي التغلبي، المفتي الحنبلي، وجماعة من طلبته، إلى حضور إحياء في زاوية الشيخ أبو بكر العرودكي بالصالحية. فبعد العشاء، اجتمع الناس فخرج جماعة قعدوا في الزقاق، من الناس الحاضرين، من عند باب الزاوية، فمر الشوباصي مسكهم، فخرج إليه شيخنا ومعه رجلان من جماعته وكلموه من جهة الممسوكين فتطاول بالكلام، وكان معه من طلبته رجلان مصريان معهم مساليت، فضربوه حتى أرموه إلى الأرض، فغمي وهرب عنه من معه. ثم أرسلوا إلى خلف شيخ الحارة فحملوه إياه ليكون عنده، فأخذه لبيته إلى الصباح. فبكرة النهار نزل إلى دمشق وأخبر بعض علماء، وأخبر المفتي ابن العمادي، فقاموا على المتسلم وأرادوا قتل الشوباصي، ويبرزوا فتوى في قتله، فعاد المتسلم، فض القضية وطيب خاطرهم، ثم عزله والحمد لله. عبد المحسن السفرجلاني وفي ليلة السابع عشر من ذي القعدة، توفي الخواجا عبد المحسن جلبي السفرجلاني، وصلي عليه الظهر بالجامع الأموي، ودفن بالباب الصغير. وفي يوم الاثنين دخل نائب القاضي الجديد الأتي ونزل في دار بني القاري. شهر ذي الحجة، أوله الجمعة، الثلاثاء خامس، خرجت الخزنة. مكاتيب العلا وفيه جاءت مكاتيب العلا، وأخبرت أن الحج بخير. الشيخ تقي الدين الحصني

القاضي أحمد الشقيري

وفي يوم الأحد ثامن عشر ذي الحجة، صلي على الشيخ الإمام القدوة المعتقد الصالح الناسك الورع الفقيه الفاضل السيد تقي الدين بن الإمام الجهبذ الكامل السيد شمس الدين الحصني الشافعي، وصلي عليه بجامع المصلى، ورجع به من باب الجامع الكبير الغربي، ذي السلسلة، إلى زاويته في الشاغور، ودفن لصيق والده. وكان له كرم وسخاء ونفوذ كلمة عند الحكام. وله ثروة ووقف جيد من جهة أهله، حين وقف الزاوية. وتولى أمر الزاوية بعده ابن عمه السيد عبد الرحمن الحصني. وكانت جنازته حافلة ولم يتخلف إلا القليل. القاضي أحمد الشقيري وفي ليلة الأربعاء الواحد والعشرين من ذي الحجة، توفي القاضي أحمد بن محمد جلبي الشقيري الصالحي الحنفي بمرض الاستسقاء، وعليه وظائف وله بعض تعلقات من جهة أهله، وكان من كتاب المحكمة الصالحية، وصلي عليه بالخاتونية ودفن بقاسيون، قبلي الإيجية. وفي يوم الاثنين الرابع والعشرين من ذي الحجة وقت الظهر، دخل قاضي الشام مصطفى أفندي شرشماسياه، ونزل من على الصالحية بعد ما صلى الظهر بجامع السليمية وزار ابن العربي قدس سره. رجل مذبوح وفي ليلة الاثنين آخر الشهر فقد رجل حكوي معه مال، فجاؤوا إلى داره فرأوا الدار مسكرةً من الداخل، فخلعوا الباب فوجدوه على فراشه مذبوحاً، والدار ليس فيها أحد، فاتهم أهله امرأةً من بنات الخطا، وحبست، وبعده لم يثبت. سعيد المهمندار وفي يوم الخميس السابع والعشرين، توفي سعيد جلبي بن عبد الرحمن أفندي الحلبي الشهير بحلب بابن المهمندار، ودفن بالباب الصغير. محرم الحرام سنة 1130 محرم الحرام سنة ثلاثين وماية وألف 5 - 12 - 1717م الحكومة وسلطان بعض المملكة العربية، وجميع الرومية، وبعض العجمية السلطان أحمد، ابن محمد خان ابن عثمان، والباشا بدمشق عبد الله باشا الكبرلي، في الحج، والقاضي مصطفى أفندي، والمفتية والمدرسون على حالهم. كتاب الحج في آخره، يوم الخميس الخامس والعشرين، ورد كتاب الحج، وأخبر عن الحج بخير. وفيه دخل متسلم رجب باشا وفي يوم السبت، السابع والعشرين دخل الحج الشريف. ويوم الجمعة دخل المحمل والباشا. وفي يوم الاثنين يوم الخامس عشر من صفر، سافر عبد الله باشا وخرج معه جماعة من الحجاج. الثلوج بدمشق شهر ربيع الأول، أوله الثلاثاء، يوم الأحد السادس من الشهر نزل ثلج كثير بدمشق، طول الليل إلى الضحوة الكبرى، ثم انقطع. وفي السبت دعينا لسير مع بعض أصحاب، وكان علماء وفضلاء، وصار مذاكرات وفوائد حسنة، ومباحث شريفة. دخول رجب باشا يوم الاثنين، الرابع عشر ربيع الأول، دخل رجب باشا، باشة الشام ومعه نحو ماية بيرق، ولاقاه العيان. وكان في يوم السبت مسك كنعان شيخ البلاد البقاعية، وهو محبوس بحبس السرايا. وبيده أمر كل شيء. وخرجت الخزنة يوم الخميس العاشر فيه. إعدام كنعان بن حيمور وفي الاثنين عصرية يوم دخوله، قتل الباشا كنعان بن عثمان بن حيمور. وفي يوم الثلاثاء، حبس الباشا كاتب العربي وآخر معه. الشيخ شعبان بن محمد وفي يوم الأربعاء السادس عشر منه، صلي على الشيخ زين الدين شعبان بن محمد الفقيه الشافعي، بمنزله بمحلة الصالحية، بداره المقابلة للتابكية. قرأ وتفقه وقرأ الفرائض والحساب وشيئاً من النحو، فأخذ في بدايته عن علاء الدين القبردي الشافعي، بالصالحية، وعن الشمس ابن بلبان، وعن القاضي حسين بن العدوي الشافعي خطب بالماردانية، وأم بالتابكية، وعليه وظائف، وكتب بخطه كثيراً، وكان ديناً ناحباً كثير الحياء، متواضعاً ورعاً كاملاً بهيئة حسنة. وصلي عليه بالخاتونية، ودفن بالسفح، عفي عنه. حسن القواس وفيه توفي حسن باشا بن القواس، أمير الحج سابقاً ودفن بالباب الصغير. وفي آخره، أخرج الباشا كاتب العربي السيد مصطفى آغا من الحبس وأطلقه. التفتيش على الأوقاف والمدارس ربيع الثاني، فيه وقع تفتيش من الباشا على المدارس والتكايا والأوقاف، وكثرت دعاوى الناس. ودخل المدرسون مدارسهم وعزموا الأفاضل والطلبة، واهتموا بذلك كثيراً لأمر الباشا. ولعل معه فرمان في ذلك. مدارس دمشق ومدرسوها 1130 هـ

الباشا يوبخ مدرسا أميا

فدرس عمر جلبي القاري بالمدرسة الظاهرية نيابةً عن والده عبد الرحمن أفندي، ومحمد جلبي القاري بمدرسته البلخية لصيق الصادرية لصيق الجامع الكبير، والضيائي الشيخ محمد آغا بالمدرسة العذراوية نيابةً عن الشيخ العلامة عبد الرحيم الكابلي، وكذلك في الناصرية بسفح قاسيون. والشيخ عبد الرحمن المنيني بمدرسة الصاحبة بالسفح غربي الركنية، والشيخ صادق أفندي الشهير بابن الخراط الحنفي بالمدرسة العمرية بالصالحية بالسفح. والشيخ عبد الوهاب أفندي الشهير بابن العكر الصالحي بالأشرفية دار الحديث الكاينة بالسفح. والسيد سعدي بن السيد عبد الرحمن أفندي ابن حمزة بجامع المدرسة الماردانية بالجسر الأبيض بالصالحية. والسيد عبد الله أفندي العجلاني بالمدرسة الجوهرية بدمشق. ومولانا سعيد أفندي بالمدرسة القجمازية، والشيخ حامد أفندي العمادي بالمدرسة الحجازية قبلي الجامع. والسيد محمد أفندي ابن الشيخ الكامل المرشد الشيخ مراد اليزبكي النقشبندي بالمدرسة النورية. والشيخ محمد بن الشيخ العلامة عبد الجليل بن أبي المواهب المفتي الحنبلي بالمدرسة الياغوشية. والقاضي فتح الله أفندي الداديخي بالمدرسة والخانقاه الباسطية عند الجسر الأبيض بالصالحية. والشيخ العلامة زين الدين عبد الرحمن الحلبي الفقيه النحوي الخلوتي بالجهاركسية بالسفح. وفي المدرسة المقدمية بالقباقبية صاحبنا الأعز الشيخ إبراهيم بن حسين المالكي الصالحي. وفي الحافظية السيد أسعد جلبي المالكي عن ابن الشيخ أيوب الخلوتي بسفح قاسيون. والمنيني أيضاً بالخانقاه والمدرسة السميساطية. وبالتقوية سعيد جلبي البكري، وبالمدرسة الجقمقية خليل أفندي البكري أيضاً. ولم يتخلف أحد ممن عليه تدريس، حذراً من الباشا. أما أنا، فعكفت على التدريس بدارنا الكاينة بمحلة الأمير المقدم، ولم أخرج إلى المدرسة أصلاً. الباشا يوبخ مدرساً أُمياً وفيه مسك الباشا، يحيى أفندي الأيوبي وعزره، وآذاه كثيراً، وأهانه إهانةً بالغةً. وكان مدرس المدرسة البيانية. ولكن كان موجب ذلك، أنه أُخبر عنه بأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، فطمع فيه وأهانه، وزعم أن عليه مالاً للسلطنة يبلغ نحو عشرين كيساً، حتى ينفق من أمواله وإقطاعه، ومتحصل هذه المدرسة في كل يوم نحو ثلاثة غروش، والعهدة على الناقل. علماء دمشق في الخلوة وفي حادي جمادى الأولى، كان أول الخلوة البردبكية، يوم الاثنين أول جمادى الأولى، وحضرها أكابر وأعيان، فحضر مولانا سعيد أفندي السعسعاني، ومولانا محمد أفندي الكنجي، ومولانا سيد علي أفندي العمادي، وحامد جلبي العمادي، ومولانا أحمد أفندي البهنسي، ومولانا السيد محمد أفندي ابن الشيخ مراد اليزبكي النقشبندي، والشيخ عبد الرحمن أفندي المنيني، والسيد محمد بن محمد الدسوقي، والسيد أحمد الدسوقي، والشيخ الفاضل الشيخ علي التدمري، والشيخ محمد العجلوني الشافعي، ومن غيرهم ما لا يحصى وكان ختماً حافلاً، تقبل الله منهم. جمادى الثاني، أوله الثلاثاء، نهب الباشا التركمان الطائعين، وذهب منهم أُناس للشكاية عليه للروم. الشيخ محمد الكفيري وفي يوم سابع الشهر توفي الشيخ العلامة الفقيه النحوي العروضي الناظم المفنن الشيخ محمد الكفيري الحنفي، وصلي عليه الظهر بالجامع الكبير، وذلك يوم الجمعة، ودفن بالباب الصغير قرب أويس الثقفي، رضي الله عنه، شرقي الصابونية وقبة الشمس ابن قيم الجوزية. رجب، أوله الأربعاء، فيه ورد الباشا من سفره. اكتمال تجديد الأموي وفيه كمل جلاء رخام الجامع وذهب كله، وأُوضحت كتاباته وفرش بلاطه، وطلي نحاس أبوابه، وكلست حيطانه وبين دهانه، فصار في غاية النضارة يكاد يدهش الناظر. الكيخية إسماعيل الخطاب وفيه يوم الجمعة الخامس والعشرين من رجب، توفي كيخية الجاويشية بالسرايا، إسماعيل آغا ابن الخطاب من أهالي دمشق، ودفن بالباب الصغير غربي بلال. وكان عليه مالكانيات، وتولى المدارس مدةً، وتولى السليمية، وخدم في صباه آغة البنات بالروم، وصار عنده جوخدارياً من الثمانية، ثم ورد بلاده الشامية وتزوج وتسرى ومكث إلى حين الأجل، عفي عنه. الباشا يبني قمرية له في الأموي

مرثية أبي الحسن التهامي

وفيه تمت القمرية التي جعلت لرجب باشا فوق رأس النبي يحيى عليه السلام، لصيق الجهة الغربية، لأجل أن يصلي بها ولا يراه أحد، وقام بعض العلماء على هذا الأمر وأنكره، ثم عاد وترك الأمر، يعني من جهة الإحداث والتحريج، وهو لا يجوز. وفيه كان فرح رجب باشا في ختان ولد له وبقي سبع أيام، ودعا علماء وفضلاء وموالي ودولة، وناله العفو والمسامحة. وفيه ورد قبحي لأجل الدعاء للسلطان، فالله ينصره بمنه وكرمه. وفيه أنشدني بعض الأصحاب: تغنّت حمامة بطن الواديين ضحى ... فأشرق شجوٌ في صوتها الأحسن ومذ تراءت أعلام طيبة لي ... ظفرت وقرّت بذلك أعيني شعبان، أوله الخميس، وفيه ورد حج كثير من الروم. وورد ترجمان المحكمة إسماعيل، ومعه خط شريف، ورجع سعيد جلبي إلى المحكمة، وسمع أنه خسف ببلد في بلاد الروم. وفيه ختم المدرسون أرباب المدارس. وفيه ورد عرب الصر لأخذ الصر، فأخذوا وذهبوا، ولم يأت بعد أخبار سفر السلطان. وفيه أنشدني بعضهم متمثلاً بأبيات زهدية للحافظ جمال الدين بن الجوزي، ناقلاً عن كتابه التبصرة في الوعظ قوله: مرثية أبي الحسن التهامي حكم المنيّة في البريّة جار ... ما هذه الدّنيا بدار قرار بينا يرى الإنسان فيها مخبراً ... حتّى يرى خبراً من الأخبار طبعت على كدرٍ وأنت تريدها ... صفواً من الأقذاء والأكدار ومكلّف الأيّام ضدّ طباعها ... متطلبٌ في الماء جذوة نار وإذا رجوت المستحيل فإنما ... تبني الرجاء على شفيرٍ هار فالعيش نومٌ، والمنيّة يقظةٌ ... والمرء بينهما خيالٌ سار والنفس إن رضيت بذلك أو أبت ... منقادةٌ بأزمّة الأقدار فاقضوا مآربكم عجالاً إنما ... أعماركم سفرٌ من الأسفار وتراكضوا خيل السّباق وبادروا ... أن تستردّ، فإنّهنّ عوار والدّهر يخدع بالمنى ويغصّ إن ... هنّا ويهدم ما بنى ببوار قد لاح في ليل الشباب كواكبٌ ... إن أُمهلت غابت عن الإسفار رمضان: ولم يقع فيه ما يؤرخ. في آخره ليلة العيد، دفع له بالعصر ففطر جماعة ظانين أنه يوم العيد، وفي العادة، إن تدفيع العيد يكون بعد المغرب، والله يصلح الأحوال. شوال، أوله الأحد، والشهر تام. وفي يوم الخميس في اثني عشر الشهر، طلع المحمل وسبقت الموالي إلى قبة الحاج، ولم يكونوا في الموكب، ومعه مائة وعشرة بيارق، ثم يوم الجمعة جاء الباشا وصلى الجمعة ورجع إلى مخيمه عند قبة الحاج بركب خفيف، ومعه قاضي الشام. وفي يوم الثلاثاء، آخر النهار سابع عشر الشهر، طلع الحاج كله جملةً واحدةً. وفيه نودي على المعاملة وصار تفتيش على المتسببة والله يصلح الأحوال. محمود الحنبلي الرومي الأحد الرابع عشرين الشهر، توفي الشيخ الفاضل الفقيه محمود بن محمد الحنبلي الدومي، خطيب قرية دوما والمستوطن بها. وكان له أُبهة عظيمة وعمامة كبيرة ويركب فرساً ويلبس لباساً حسناً على زي متعممين دمشق. أخذ عن الشمس بن بلبان الحنبلي الصالحي، وقرأ على التقي عبد الباقي الحنبلي في فقه الحنابلة، وأخذ عن أبي المواهب الحنبلي المفتي، وكان عنده كتب وله ثروة عظيمة، وله دار حسنة عمرها على طرز دور دمشق بالطوانات المكلفة والدهانات الحسنة، وزخرفها بالنقوش والكتابات اللازوردية ومن سائر الألوان، وكان يحفظ كلام الله عن ظهر قلب. مقتل عبد الحي الحنبلي وفي يوم العشرين من شوال المذكور، قتل نواحي جبة عسال، القاضي عبد الحي أفندي الرفاعي الحنبلي، قاضي الحنابلة بمحكمة الجوزية. خرج عليه جماعة من قطاع الطرق، وبقي معه من جماعة الفلاحين واحد، وهرب الباقي، فضربوه فوقع قتيلاً، ثم ثنوا بالآخر، وأخذوا الحوايج والأسباب والأفراس. ثم مر به محملاً إلى داره الثانية بالصالحية مقابل القيمري، وصلي عليه بالسليمية، بعدما أُعلم له بها وبدمشق، ثم جيء به إلى الدحداح.

فرمان برفع المظالم

وعليه أوقاف أهلية ونظارات وتدريس المدرسة التنكزية خلف البزورية، وعليه نظارات وعنده فقه، وله كرم وسلامة صدر، كثير النصت، وعليه نصف إمامة الرابعة بالجامع الأموي. وفي أواخره، يوم الواحد والعشرين، كنا في بستان، فأنشدنا بعض الأصحاب بالمناسبة شعراً، ثم ذهبنا عند تمام النهار على الصفا التام، الخالي من الملام، والمتجلي عن غياهب الظلام. فرمان برفع المظالم القعدة، أوله الثلاثاء، بها جاء خط شريف من السلطان ابن عثمان، أحمد خان، برفع المظالم عن بلاده، وفصلوه الكلام بالخط الشريف تفصيلاً، وأطنبوا فيه إطناباً عظيماً، حال كونه متضمناً من آيات الله وأحاديثه، مشتملاً على الزجر والتخويف والتهويل. وسجل في المحكمة، وذلك كالمشاهرة والذخيرة والمشيخة ومال القتيل والضايع والردم والمشاهير، فإنها كان يأخذها الباشلي من حد الثلاثين إلى الماية وأكثر. ونودي عليها أنها بطالة، بالتركي والعربي، والمشاعلي معه ورقة مكتوب فيها المظالم التي كانت تؤخذ، والمتسلم متوقف في ذلك. وأظن أنه لا يتم شيء من ذلك، لأنه يحتاج إلى اهتمام أهل البلد، فإذا توقف بعرض منها للسلطنة ليتكرر الكلام فيقع الجزم فيها ويحصل النتاج. عمر جلبي وف أوله توفي عمر جلبي الرجيحي، وصلي عليه بالأموي ودفن بالباب الصغير. ابن القاري مفتياً وفي يوم الجمعة الحادي عشر من الشهر، صار عبد الرحمن أفندي بن القاري مفتياً، ولزم المفتي العمادي داره، والله المدبر سبحانه، ونسأله أن يصلح أحوال المسلمين. وفيه رفعت القمرية التي أُنشئت لرجب باشا في الجامع، أُشير إلى رفعها في فرمان المظالم، ورفعها القيجي بيده. ابن المزور وفي يوم الأحد، الرابع عشر، توفي الشيخ الأفضل إبراهيم أفندي، الشهير بابن المزور، خطيب السليمية بالصالحية، وصلي عليه بجامع الورد، ودفن بالباب الصغير قرب أُويس، ولم يوجد أحسن صوتاً منه، عفي عنه. وفيه دعينا إلى ختان ولد صغير لرجل من أصحابنا، وكان جماعة من العلماء والمشاهير كالشمس الكاملي، وولده الشيخ عبد السلام الكاملي، والشيخ أحمد الغزي المفتي الشافعي، والشيخ الصالح الفقيه العمدة الشيخ محمد العجلوني، وشيخنا التقي عبد القادر الحنبلي، المفتي الفرضي، والشيخ محمد المواهبي المفتي الحنبلي، والشيخ الفاضل الصالح الكامل الشيخ مصطفى بن الشيخ مصطفى بن سوار الشافعي، وصاحبنا الأعز السيد أحمد الدسوقي، ثم جاؤوا بالماورد والبخور، وذهب كل إله محله. عرس شامي وفي ذي القعدة، يوم الاثنين، دعانا صاحبنا الأخ الشيخ، علي بن محمد البعلي، ثم الصالحي الفقيه الحنبلي، لزواج والده في الدار التي أنشأها لصيق الحاجبية عبد الرحيم جلبي الكردي، وكان في المجلس المذكور مولانا الشيخ عبد الغني النابلسي، والسيد سعدي بن النقيب مدرس الماردانية، وصاحبنا الأخ الشيخ عثمان النحاس من أفاضل المفتية الشافعي، وقريبنا القاضي عبد الوهاب بن الشيخ عبد الحي الصالحي الشهير بابن العكر، ومولانا المعتقد الناسك الكامل صادق آغا بن محمد باشا الناشفي. ثم ورد الشيخ محمد الغزي الشافعي، مدرس القصاعية، ثم ورد سيدنا السيد عبد الرحيم جلبي الرسعني، وكان أيضاً صاحبنا الأخ الأعز السيد أحمد الشويكي، والأخ الأفضل الشيخ محمد بن الشمس بن بلبان المحدث الصالحي، وسيدنا الشيخ عبد الرحمن جلبي الحنفي، إلى غير ذلك. وأنشد الرئيس الشيخ مصطفى الصالحي قصيدةً مطولةً للصرصري، ثم أخرى لمولانا محمد أفندي بن العمادي، ثم حضرت الضيافة وهيء الماورد والبخور، وانفض المجلس. وفي يوم الثلاثاء خامس عشر من ذي القعدة نزل المطر الوسمي، والأسعار بحالها ولله الحمد. وفيه تولى أمانة الفتوى الشيخ صادق أفندي بن الخراط الحنفي، وللمراجعات الشيخ الفاضل الشيخ صالح الجنيني الحنفي، ومعهم على وجه التردد الشيخ أمين جلبي، أخي الشيخ صادق أفندي المذكور. وفي يوم الخميس الثامن عشر من الشهر، دعينا إلى ختان ولد صاحبنا عبد الرحيم جلبي المحملجي، بنواحي القيمرية، وكان جماعة من التجار والدخل، ثم جاء البخور والماورد، ولم يأخذ من أحد شيئاً. وصف لدار شامية

مباركة للمفتي

وفيه كملت عمارة القاعة بدارنا الكاينة بمحلة الأمير المقدم بالصالحية، وجاءت في غاية الحسن والنضارة، وكانت بأحسن ما يكون من الدهانات البديعة، والكتبيات المزخرفة، والكتابات البالغة، والطوانات المكلفة، والملاط المزخرف الملون، ببحرة مثمنة، وكأس لطيف، مع غزارة الماء، وفوارة الماء تحت، تجري كالسبيكة البيضاء. ونسأله السماح والإرباح، وتمام النعمة وحسن الختام. مباركة للمفتي وفي الأحد، الحادي والعشرين من ذي القعدة، باركنا لمولانا عبد الرحمن أفندي بالفتوى، وكان عنده الشيخ عثمان بن النحاس، من مدرسي الجامع، وأحمد أفندي بن سنان كاتب السليمانية، وبعض زعماء ودولة، ثم أُتي بالبخور والماورد بعد الشرابات والسكر، وذلك بداره شرقي الخضرا. وفاة نسوان وفي يوم الاثنين، ثاني عشر من الشهر، توفيت زوجة سليمان الترجمان وأُعلم لها. وفي الرابع والعشرين توفيت زينب بنت شيخ الإسلام محمد بن بلبان وأُعلم لها، ودفنت بالسفح. وفي آخره، سافر الشيخ إبراهيم بن حسين الأكرمي لبلاد الروم يوم الثلاثاء. الحجة، في سابعه، السبت، صار فتنة بين الينكجرية ودولة القلعة، في بعضهم بعضاً. وفي يوم الاثنين سادس الشهر من ذي الحجة، خرجت الجردة. وفي يوم العشرين توجه الصهر الأعز الأمجد سليمان جلبي بن حمزة على مصر لمصلحة مع ابن عمه ابن حمزة، الماكث بها والمستوطن. القاضي الرومي في بيت المؤلف وفي يوم الواحد والعشرين، ضاف إلى عندنا وشرفنا المولى المهام، سليل الموالي الفخام، محمد أفندي قراباغي زاده الرومي، نائب الحكم العزيز بالمحكمة العربية، وهو شاب رقيق الطبع، ولا رقة الصبا، حلو المفاكهة ولا حلاوة المن مازجه الصهبا، روضه معطار، فضله باسم، وزهر مكارم خلقه الكريم متناسب متناظم. يكاد من لطفه يشبه نسيم السحر، وفي عذوبة منطقه فتنة قد علق في أسماعنا الدرر. أخبر أنه انتظم في طريقة السلوى، ولا شك أنه رق وصفا، حتى أشبه التبر المسبوك. وأخبر أنه أخذ عن عيسى أفندي الرومي، ودأب في طلب العلم على فضلاء الروم، وتعلم محاسن المنطوق والمفهوم، ثم تولى القضاء، فورد مع قاضي الشام نائباً من نوابه، وجملةً من جمل أصحابه. حفظ الله ذاته المأنوسة، وحرسه مما ينوب الطبع، مما يقتضي قطوبه وعبوسه. محرم الحرام سنة 1131 محرم الحرام سنة واحد وثلاثين وماية وألف 23 - 11 - 1718م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية، وبعض العجمية، السلطان أحمد ابن السلطان محمد خان، والباشا بدمشق، رجب باشا، وقاشي الشام بعد بالروم، والنائب بالباب، نائب القاضي، من الروم، والمفتي ابن القاري، والمدرسون بحالهم، وكذا القضاة. أخبار الحج وفي يوم السبت الثامن عشر، فيه جاء نجاب من الحج الشريف وأنه بخير، وحسب له أن يكون في معان، وأنه يصل في سابع عشرين الشهر، ثم ضربت مدافع القلعة لفرحة الحج. وفيه أخبرنا أن السيد يحيى، أمير الحج سابقاً، تولى السلطنة الحجازية، ووافقه رجب باشا، واختارته أشراف مكة لكبر سنه، وهربت أولاد الأفرم إلى نحو العراق. وبلغ خبر، أنه صار فتنة ببلاد القدس عظيمة، وقتل أهلها من قبوقولها خلقاً كثيراً، وأنه صار بمصر فتنة عظيمة، كما صار بدمشق في ذي الحجة من دولة القلعة ودولة دمشق. وفي السبت الرابع والعشرين من محرم، دخل المحمل والحج الشريف والباشا، ودخل معه المفتي العمادي والمدرسون وبعض الكتاب بالمحكمة، ونائب الباب. علي التدمري صفر، فيه يوم الثلاثاء ثاني عشر الشهر توفي الشيخ المفنن العلامة علي التدمري الشافعي. وكان فقيهاً نحوياً صرفياً أصولياً فرضياً، وله رسالة في العروض، وكان فقيراً بميزر، ثم انتمى لبعض الكبراء متعيناً لتعليم أولاده، فأخذ له مكاناً وعين له تعييناً، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير، ودرس بالجامع مدةً. وفي الخميس الرابع عشر، خرج بقية الحاج من الصرة أميني والسقا باشي، وقاضي الشام ونوابه. إغلاق المحلات وفي الأربعاء التاسع عشر، فيه سكرت بعض حوانيت دمشق من جهة الفرمان السلطاني، والباشا مراده أن يلمها ولا يمسك الفرمان. وفي الثلاثاء قلبه، دخل قاضي الشام أوليا زاده، ويسمى علي أفندي. وفي يوم الواحد والعشرين، صلى رجب باشا في الجامع ومعه جماعات.

سهرة عند الشيخ محمد بلبان

ربيع الأول، وأوله الجمعة، لم يحدث ما يؤرخ. وفي يوم الجمعة سكر بعض حوانيت، وذهب بعض عوام إلى دار المفتي ابن القاري، ثم أرسل إليه من جهة هذه القضية، وأنه دخل عليه العمادي فرسم عليه وتطاول لأنه كان مساعداً في تنفيذ الفرمان، والمفتي القاري في إهماله، ولا قوة إلا بالله. ثم أُجريت الخسارة ونعوذ بالله من الظلم والفساد. في السادس عشر، جاء الباشا تقرير من قبل السلطان أحمد بدمشق. وفيه قتل رجل نواحي وادي الصفرا بسفح قاسيون، وأخذ الباشا من الحارة الشرقية إلى حارة المحيوي ابن عربي دية محلة المقدم والسكة، والمقدار ثلثماية غرش، ثم لم جميع الخساير: وقاضٍ أحكامه لم تفد ... وقاضيةٍ أحكامها ماضيه فيا ليته لم يكن قاضياً ... " يا ليتها كانت القاضيه " والأعمال بالنيات، فإن نية المرسلين لهذا الفرمان مزعزعة، وإلا كان تم هذا الأمر وأقر في الأنفس كلها، والإخلاص أعز من الكبريت الأحمر. سهرة عند الشيخ محمد بلبان وفي ليلة الأربعاء تاسع عشر الشهر، سهرنا عند صاحبنا الأعز الأمجد الشيخ محمد بن بلبان الصالحي الحنبلي بداره بمحلة حارة الأمير المقدم، وكان أكثر أعيان الصالحية، فكان نائبها القاضي صادق بن هدايات، والقاضي السيد أحمد الشويكي الصالحي، والقاضي عبد الوهاب بن العلامة الشيخ عبد الحي الصالحي الحنبلي الحنفي، مدرس الأشرفية الصالحية، والشيخ عبد الرحمن جلبي، وجابي السليمية أحمد الإياشي الصالحي، والشيخ الشاب معتوق بكر الأكرمي، وغيرهم من أهالي المحلة، وكانت السهرة نحو ثمان ساعات، وأنشد الشيخ مصطفى جلبي الصالحي بصوته الطيب قصيدةً بارعةً، ثم أخرى لابن خلوف، جواهر فنونها ساطعة، فأطرب المجلس طرباً، وانحاز السأم عنا سربا. فاهتز المجلس اهتزاز النشوان، واطرب القلب حتى كاد أن يهم إلى الطيران. وكان الجلوس بقاعته الغناء والغادة البيضا، تختال بنقوش الأدهان، وترفل في حلل مسبوغة بمحاسن الألوان. فلما دخلناها نادتنا برحبها الرحيب، وأطارت أنظارنا إلى علوها المناهض للسماك، واللامس للكف الخضيب، وكان شبابيكها آذاناً لاستماع رياحها الخافقة، وقماريها نجوم النسايم أو عيون النعايم، بعين بالنظر إلينا وامقه، وشمعتها المنيرة في السرب كالصباح المتطير باشعته الساطعة، وسمعتها المنيرة في الغرب وإن لبست الغروب، فهي على الدوم طالعة، والقاعة كالعروس تجلى على تيك الشموع المضية، حال كونها تختال لكلسها بحللها المبيضة الفضية، فهي كالروضة الغناء بألوان نقوشها الكاملة الإحكام، أو هي كالزهر التام إذا خرج من بين الأكمام، والله يصحبه بالخير إنه ولي كل خير. مصطفى الشبلي وفي يوم السبت التاسع والعشرين توفي الشيخ مصطفى بن القاضي زكريا الشبلي، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير، وعليه عثمانية وبعض وظائف. جمعة بن رمضان وفي يوم الاثنين السادس عشر، فيه توفي الشيخ الفاضل الشيخ جمعة بن رمضان التركماني الخلوتي الإمام بمسجد الكنجلي نواحي الحقلة، ودفن بتربتهم التي هناك. وظائف لإبراهيم السعدي وفيه ورد الشيخ إبراهيم السعدي من الروم بتولي وظائف وتولية الأموي، وتولية مسجد القربي بمحلته نواحي الشاغور. وفيه بلغ خبر برفع السلطان، الجوالي من بلاده، ومدخلها الخزينة. أعطيات رجب باشا وفيه أعطى رجب باشا خمسين عثمانياً لحسين آغا تركمان حسن، ولصادق آغا الناشفي، عشرين، وأعطى لمولانا الشيخ عبد الغني عشرين عثمانياً جعلها على أولاده، والله يتم ذلك لهم، فإنهم أهل الإكرام، وفي هذا أنفق مال له، لكنه لم يمسك فرمان رفع المظالم، وسمع أنه بالروم، بلغ أخبار عن ظلمه وعتوه، ومرادهم عزله. فتنة في طرابلس وفيه صار فتنة عظيمة في أترابلس، ونهب مال القلصن النصراني وأخذ موجوده، وسببه أن النصراني البحري دخل إلى ترابلس بالأمان، فلما نزل البحر استبار باطلاع أهل ترابلس وهم ينظرون إليه، وضربوه بالمدافع فلم تصل، فرجعوا على القنصل وفعلوا فيه ما فعلوا، ولا يقع في العادة الاستبار إلا بعد غيبة البلد عن عينه، وهو عنهم، ولو ليلاً ولا يقدر، هكذا طريقة الثغور، لأنهم إذا رأوه نزلوا إليه وقابلوه ولا يقدر يهرب منهم فليحقوه بالبطسات الخفيفة ويقاتلوه لانتقاض أمانه وعهده حينئذ.

عزل رجب باشا

ربيع الثاني، لم يقع ما يؤرخ. عزل رجب باشا جمادى الأولى، يوم الأربعاء في أوله خرج رجب باشا معزولاً من دمشق، ودخل متسلم الباشا الجديد. في الخامس عشر منه الخميس، كان آخر الخلوة البردبكية الجمهورية، وحضر خلق لا يحصى، تقبل الله منهم. الشيخ مصطفى الجزي السادس عشر، فيه توفي الشيخ مصطفى الجزي، أذان الجمعة، وصلي عليه العصر بالخاتونية، ودفن بالسفح. وكان يؤم بمسجد القرماني بالجسر الأبيض. والحاصل، توفي ثلاث أيمة: الشيخ جمعة إمام مسجد الكنجلي، والشيخ مصطفى إمام مسجد القرماني، والشيخ علي النجار بمسجد البحصة داخل البوابة التي هناك. دخول عثمان باشا وفي يوم الثلاثاء يوم العشرين من جمادى الأولى دخل عثمان باشا الجديد، وكان بصيدا، ومر من دمشق حين توجه إليها، وودعه رجب باشا من على مقابر الصوفية، وودعه العلماء والمفتية مع الباشا من ذلك المكان. ثم في يوم الجمعة الثالث والعشرين دخل الجامع وصلى عند رأس نبي الله يحيى، على نبينا وعليه السلام. وهو رجل اختيار نير الشيبة لا بأس به، وعنده على ما سمع علم وفضيلة. جمادى الثاني، وأوله الجمعة. عثمان النحاس وفي يوم الأربعاء خامس عشر الشهر، توفي الشيخ الفقيه النحوي الفرضي المفيد الشيخ عثمان بن أحمد النحاس الشافعي، وصلي عليه بالسنانية، ودفن قرب سيدي بلال، رضي الله عنه. وصلى عليه شيخنا التقي التغلبي الحنبلي، مفتي الفرايض والفقه بدمشق الشام. وعلى الشيخ عثمان وظائف لأن عليه إمامة جامع الآغا وخطابة النطاعين وبعض عثامنة وأجزاء، ولا يخلو من ثروة. برد في الصيف وفي يوم الثلاثاء، عاشر رجب الأصم، صار رعد وبرق وبرد كالحمص، وريح عسوفة وشدة، بحيث ظن أنه القيامة، وكان بعد الظهر قبل العصر، وكان ذلك أيام التوت، وكان نزل من نحو اثني عشر يوماً، وهذا من العجايب، ونسأله سبحانه العفو والمسامحة برحمته. خسوف القمر وفي ليلة الأحد الخامس عشر، فيه كان كسوف القمر، والله يلطف بالعباد. ألعاب نارية وفيه كان القاضي أوليا زاده بقاعة حسين أفندي ابن قرنق بالصالحية، وفي كل ليلة بين المغرب والعشاء يعمل شنكاً بالبارود وفتاشاً. شعبان، وأوله الثلاثاء، وقيل الاثنين، لثبوته كذلك عند القاضي. الخواجا عبد الوهاب الحموي وفي يوم الجمعة ثاني عشر فيه، توفي الخواجا عبد الوهاب بن محمد الحموي، وصلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير، وكان ذا ثروة باذخة ومتاجر وديون، وعمر داراً هائلة غربي حمام ركاب، وتوفي وهو يعمر فيها، وكان لم تفرغ بعد. وكان باحثاً عاقلاً حليماً وعنده فقة وبعض فضيلة، على زي التجار، أخذ في بدايته عن زين القضاة عيسى الخلوتي الشهير بابن كنان الصالحي الحنبلي، وصحبه مدةً، ولازمه واختلى معه الخلوات ثم غلبت عليه الدنيا ومع ذلك، لا يخلو من تردد على شيخه المزبور. يونس التغلبي وفي سادس عشر الشهر توفي الشيخ يونس بن الشيخ إبراهيم التغلبي الجنيناتي الصالحي، ودفن بالزاوية المنسوبة في الأصل لعماد، بالمحلة السيفية. محمد الصمادي وفي الثلاثاء الثاني والعشرين توفي السيد محمد الصمادي أحد المشايخ الثلاثة الصمادية، ودفن بالباب الصغير. محمد الاسطواني وفيه توفي السيد محمد بن محمد جلبي الأسطواني من كتاب محكمة الباب، وكان له خط جيد. إسماعيل جلبي وفيه توفي إسماعيل جلبي، أخي سعيد جلبي بن محمد جلبي ابن الاستنبولية، وكان في سير بالصالحية أول الربيع أيام الورد، فنزل محملاً إلى دارهم عند مادنة الشحم. إبراهيم جاويش وفيه توفي إبراهيم آغا الشاب، ابن محمد آغا جاويش، ودفن بالباب الصغير. ختم درس الفقه بحضور العلماء

ختم دروس دار الحديث الأشرفية

وفيه يوم الخميس الثامن عشر في شعبان المذكور كان ختم درس الفقه في الكنز، وحضر جمع كبير من الأفاضل، وذلك بدارنا بحارة الأمير المقدم، فحضر مولانا الشيخ محمد بن الشمس بن بلبان، ومولانا الشيخ إسماعيل بن الشيخ الأجل الأمجد العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي، والفاضل الشيخ أحمد الخطيب الصالحي الحنفي بالحاجبية، والشيخ إبراهيم الحنبلي الدمشقي، والقاضي محمد بن الخياط الصالحي الحنفي، والسيد عبد الباقي الشويكي الحنفي، ومعتوق جلبي الأكرمي الصالحي الحنفي، والشيخ حسين بن الشيخ إبراهيم الأكرمي الحنفي إمام السليمية، والشيخ عبد الله بن خليل الدويداري الصالحي الحنفي، والشيخ محمد العمادي الحنفي، والشيخ أحمد بن علي الصالحي البيتماني. وقرأ العشر في أول الدرس وفي آخره، وسمعنا أسانيد الفقه، ثم جيء بالبخور والماورد. ختم دروس دار الحديث الأشرفية وفي يوم الاثنين ثاني عشرين الشهر، ختم مولانا وقريبنا القاضي عبد الوهاب ابن الشيخ العلامة عبد الحي العكري الصالحي، في مدرسته دار الحديث الأشرفية بالصالحية بين المدارس، غربي الأتابكية، وشرقي المدرسة الخديجية المرشدية الحنفية التي هي مدرستنا. ختم دروس الشيخ عبد الغني وفي يوم الثلاثاء، ثالث عشرينه، ختم درسه الشيخ عبد الغني النابلسي بالسلطانية السليمية، وكان ختماً حافلاً. وفي يوم الثامن والعشرين ورد الباشا متمرضاً بالإسهال. رمضان أوله الأربعاء، والشك الثلاثاء. في أوايله نودي على طوايف المغاربة بالرحيل من دمشق لأمر وقع من فجارهم، فعمهم الباشا بحكمه، ولعله فعل ذلك ليأخذ منهم مالاً. فتوجهوا نحو داريا قاصدين الساحل لينزلوا في البحر، ثم أرسل وراهم، وأمرهم بالعود. وهذا من الحكم المردود، لأن الفاجر تجري عليه العقوبة، وتقام عليه الأحكام، لا كل الناس. مقتل ابن كليب وفي يوم الجمعة رابع رمضان، وصل الخبر بدمشق بكرةً أن ظاهر بن سلامة قتل ظاهر بن كليب، وهرب برأسه، وأخذ ابنه وأخذ جميع موجوده. حكايات عن المعمرين وفيه أخبرني صاحبنا الأمجد مصطفى بيك ابن الترزي، أنه خرج ناحية حوران، بل نواحي عجلون، فخرج إلى ظاهر القرية فرأى رجلاً خلف حائط قاعداً في الشمس عليه أثر الكبر، فسأله عن عمره بعد ما حكى معه ووانسه، فقال كم بلغت من العمر؟ فقال لا أدري، فقال ما حد وعيك؟ قال كنت أسمع أن السلطان الغوري جاء إلى الشام من مصر، ومراده الركوب على السلطان ابن عثمان. قال فتعجبت من هذا السن والله أعلم بحقيقة الحال. وعلى هذا يكون مولده سنة خمس عشرة وتسعماية لأن زمن سليم وقتل الغوري سنة ثلاث وعشرين وتسعماية، وأقل الإدراك من السبع، والسائل سأله سنة ست بعد المائة وألف، فيكون جملة عمره مايتي سنة إلا تسع سنين، وذلك لا يبعد في قدرة الله، لأنه خلق طول العمر في الأوائل، ويوجد في بلاد الهند كثير يعمرون المائتين إلى الخمسمائة، وقد عمر رتن الهندي خمسمائة عام. وذكره شيخنا أبو الوقت إبراهيم الكوراني ثم المدني، قيل إنه أدرك الانشقاق، وكان في قافلة في طريق الهند. ولله خواص في الأمكنة والأزمنة والأشخاص، وحيث وجد ولو في فرد صح وجوده في أكثر، ولو على وجه الندرة. أخبار شتى وفي يوم السابع منه، وردت بشائر للمفتي ابن العمادي بالفتوى. وفيه ورد حج كثير، وفي دمشق بعض غوش، ونسأله اللطف والعفو والمسامحة. وفي يوم الخميس تاسع رمضان دخلت البلطجية والسقا باشية. وفيه بلغ أن القبحي حيدر آغا، الآتي إلى ابن العمادي، من أعيان قبجية الروم، أنه استأذن في الحج الشريف فأُذن له. حريق المشهدين في الجامع الأموي وفي يوم الجمعة، العاشر من الشهر، احترق المشهدان الغربيان وما بينهما، فوق باب الجامع، فوق مسرجة النحاس، وهدمت تلك السقف بينهما، واجتمع من الخلق ما لا يعلمه إلا الله. لأجل الطفي مخافة أن يصل إلى الجامع، وحملوا الماء بالقرب ولم يفت للجامع، ونقل أهل سوق الذراع حوايجهم لباب البريد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك لم يظهر إلا عند طلوع شمس يوم الجمعة في التاريخ المذكور، وبقي هذان المكانان مهدومين، كما قال الشاعر: فأصبح بطن مكّة مقشعرّاً ... كأن الأرض ليس بها هشام ونسأله اللطف فيما قضى وقدر. ابن العمادي مفتياً

واجبات المفتي نحو المدرسين والطلبة

وفي يوم الخميس قبله وردت الفتوى لابن العمادي مع حيدر آغا، فنزل عند المفتي فيما أظن. وقيل إن الوزير أرسل قباء سمور، وراقت الأحوال، ونسأله إصلاح الشؤون كلها. واجبات المفتي نحو المدرسين والطلبة واعلم أنه مما ينبغي ويتوكد على المفتي بالبلد بالنسبة للمدرسين ملازمة مدارسهم، والتحريج عليهم في ذلك، وحث الطلبة على الحضور، وتقليل كلفة المدرس. وعليه أن يحث على ترويج علوفيته ممن يتراخى فيها، وتخليص حقه والدفع عنهم بكل ممكن وإكرامهم وتعظيمهم والسؤال عنهم، والعزيمة لهم في بعض الأحايين، ولا يجوز له إهمال قضاياهم ولا التهاون فيها، ولا يترك أمورهم ويدع حكام العرف يتحكموا فيهم في إلزامهم المفاسد، لأنه في حقهم ذل ومهانة، ولو باشر هذا الأمر لما كان لحكام العرف ولا القضاة الذين يأتون من الروم دخل، واللوم عليه في التهاون في مثل ذلك، ونسأله التوفيق وإلهام الصواب. أسعد المنير وفي يوم الأربعاء تاسع عشر الشهر، توفي السيد أسعد بن السيد إسحق المنير العمادي الشافعي الخطيب بجامع المعلق بالأبارين، وعليه الضيائية ومدرسة، وله مدخول حسن، وكان له خبرة في فن القراءات، واستقل بطلب العلم مدةً. عبد الرحمن الرسعني وفي يوم الثامن عشر، فيه توفي السيد عبد الرحمن جلبي الرسعني، من أرباب القضاء والنيابات، وكان شاباً لا بأس به، عفي عنه آمين. وفيه ثبت أن أول رمضان الثلاثاء، وكان أفطره الشافعية وعوام الحنفية، وقيل إن القاضي لم يصمه، لأنه كان عمل ضيافةً ودعا إليها قاضي مكة ونحوه، والله يصلح الأحوال. ولكن الحجاج رأوا الهلال الثلاثا فشهدوا على حين غفلة، وكان الناس صلوا العشاء، فارسل القاضي لشعل الجامع وبقاها مشعولة على جاري العادة في الشهر والإحياء، فرجع كثير من الناس، وطلع وعظ الواعظ وصار محافل وأذكار. وهو المدبر سبحانه، وصارت ليلة سبع وعشرين وبقوا على ذلك ثبوت الشهر ثلاثين، والله الموفق. شوال، أوله الخميس على رؤية الهلال. وفيه شنق الباشا رجلين من العكامة كانوا أشراراً. وفيه أرسل لكل من العمادي وابن القاري تشكراً ومدحاً واعتذاراً، وجعلت مدة العمادي إلى آخر شوال. الأعراب يردمون الآبار وفيه بلغ أن قلعة الأُخيضر أخذتها العرب وقتلت من فيها، إلا من هرب وأخبر. وسدوا بيرها وأبيار كم مرحلة، والله يساعد الحجاج. وسببه. أن الباشا قتل من سقاية الأبيار من العرب رجلاً، وقيل لم يعطهم الصر الذي عليهم لأجل تملية الماء ببركة الأُخيضر، ولا قوة إلا بالله. وفي يوم الخميس، ثامن الشهر طلع المحمل والباشا إلى قبة الحاج، ونزل الباشا مخيمه بعدما تسلم المحمل وكتب به حجة، ومعه الماية والخمسين بيرقاً، ومعه أولاده ركاب خلفه كأنهم أشوام. وفي ليلة الأحد حادي عشر شوال كنا بالزعيفراتية، وقف القاضي إسماعيل بن الجرجوم الصالحي، وكانت بيد السيد محمد بن شيبان الصالحي. أحمد العاتكي وفي يوم الأربعاء رابع عشر الشهر توفي رئيس المؤذنين بالجامع أحمد جلبي العاتكي بالحمى، وصلي عليه الظهر بالجامع ودفن بتربة الدحداح. وفي يو الخميس الخامس عشر فيه، طلع الحج الشامي ودخل الحلبي والأعجام. وفي يوم السبت السابع عشر طلع جميع الحج الحلبي، ولم يبق من الحجاج أحد. بنت أحمد الناشفي وفي يوم الاثنين سادس عشرين شوال، توفيت بنت أحمد آغا بن حسين آغا الناشفي، وصلي عليها بالجامع الكبير، وأُعلم لها بمادنة العروس ودفنت بالباب الصغير. وفي يوم الخميس أواخر شوال، رجعت المزيربتية ورحل الباشا الأربعاء قبل الهلة بيومين. ذو القعدة: الشيخ محمد الكاملي

موسى حجازي

في يوم الأربعاء خامس الشعر توفي الإمام الحافظ المتقن المحدث الفقيه العلامة الشيخ شمس الدين محمد بن الشيخ الفقيه الصالح الورع علي الكاملي الشافعي بالإسهال، وكان مدرس مدرسة دار الحديث، ومدخول المدرس فيها حسن، وعليها نصف قرية حزرما وغير ذلك مما يبلغ للمدرس تسعماية غرش، وعليه وظائف دارة، وعليه إمامية محراب الشافعية، ووعظ على الكرسي خلف المقصورة أيام رمضان، وكان وقته يوم الجمعة، وكان يعمل درساً في رمضان بعد الصبح إلى طلوع الشمس في الجامع الصغير. وكان يقرأ درس الفقه بعد العصر في المعزبة الثالثة موضع الصنجق. وكان حلو العبارة، فصيح التقرير، له نكت ونوادر حال الوعظ ومباسطة الطلبة، وناب في تدريس الفقه عن الكمال يونس المصري حين غيبته بالروم. وكان أبيض الوجه نير الشيبة، حلو العبارة، لطيف المسامرة، مجيد المذاكرة، ويستفاد من مصاحبته ومسامرته فوائد كثيرة، مع الكلام العربي، حسن المناطقة، فصيح العبارة، بديع النادرة، وخلف مالاً وأولاداً. ثم أُعلم له وصلي عليه بالجامع، ودفن بالباب الصغير غربي جامع جراح. وحضر جنازته خلق كثير، رحمه الله. موسى حجازي وفي يومه ذاك، توفي موسى آغا ابن حجازي باشا، المعزول آناً من ترجمة قاضي الشام، ودفن بالباب الصغير. الطاعون وفيه سمع أن ببلاد الروم طاعون، وكان سابقاً بحلب ثم ارتفع، وهو في دمشق الآن. الشيخ محمد التغلبي وفي يوم السادس من ذي القعدة توفي الشيخ محمد بن الشيخ علي التغلبي الشيباني الصالحي، شيخ طريقة التغلبية بقرية المعظمية، ثم جيء به للصالحية، ودفن بزاويتهم التي كانت في الأصل تسمى زاوية العماد. محمد الدكدكجي شهر ذي الحجة، في الثامن والعشرين منه، توفي الشاب الفاضل المتقن المفنن الفقيه النحوي الشيخ محمد بن محمد الدكدكجي الشافعي، ودفن بالدحداح بالجهة الشرقية، وذلك يوم الجمعة بالتاريخ المذكور، وكان مطر عظيم. طلب العلم في بدايته وقرأ في الفقه والنحو والقرآن، وكان عنده كتب كثيرة ويستكتب كثيراً، أُبيعت في تركته، وبقيت تباع أكثر من أسبوع، وعليه بعض وظائف، عفي عنه، آمين. محرم الحرام سنة 1132 محرم الحرام سنة اثنتين وثلاثين وماية وألف 13 - 11 - 1719م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد بن السلطان محمد بن عثمان، وقاضي الشام علي أفندي أوليا زاده، والباشا عثمان باشة بالحج الشريف، والمفتي ابن العمادي، والمدرسون على حالهم، وأوله الاثنين. محمد السفرجلاني يوم الخميس الرابع، فيه توفي الشيخ الصالح المتعبد الشيخ محمد السفرجلاني الشافعي، خليفة الطريقة المنسوبة للشيخ محمد الاضطراري المغربي، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. مصطفى الخلوتي وفي يوم السبت سابع عشره، توفي الشيخ مصطفى بن الشيخ إبراهيم الخلوتي بن الشيخ الجليل العارف القدوة العلامة المحقق الشيخ أيوب الخلوتي، صاحب الطريقة الخلوتية بدمشق، بالحمى، وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة باب الفراديس بالجهة الشرقية عند أبيه وجده. وكان عليه وظائف وعثامنة، وكان عليه تدريس الحافظية بالسفح، ومدخولها كل يوم غرش أسدي، وعليه مشيخة الكجكية عند قبة الحاج، ومدخول المشيخة في كل يوم غرش، وغير ذلك، وهو شاب لا بأس به. وفي الثامن والعشرين، جاء نجاب من طريق الحج وأخبر أنه بخير. صفر، أوله الأربعاء، في الخامس منه، جاء سبق الحج وبلغ أن الباشا قتل الكيخية الذي كان معه في الحج. ترحيل التركمان وفيه ورد فرمان للتركمان الذين بالحقلة بالرحيل إلى حمص، وبعضهم من ماية سنة له في هذه المحلة، لكن المأمورين جماعة مخصوصون منهم، لا جميع التركمان. وفيه ورد الحج، ولم يحصل شر إلا من قلة الماء، ولكن تحفظوا واصطلحوا مع عرب الماء لأجل السنة القابلة. والله تعالى يصلح الأحوال. الشيخ محمد النقشبندي

ترزي إسحق

وفي يوم الأربعاء الثامن، فيه توفي إلى رحمة الله الشيخ محمد النقشبندي من مشايخها المسلكين فيها، وجماعته نحو المائتين، وتقدم ذكره حين قدومه إلى دمشق. ولهم إمام ومؤذن، ومهما اشتغلوه يكون لأستاذهم، لا تصرف لهم فيه، ولو إرثاً. وأخذوا أماكن، وأنشؤوا فلايح ويسمون زوجة الأستاذ الست وهم لها كالخدام يمشون في ركابها، وانقيادهم إلى الأستاذ لا يصل إليه أكبر حاكم. وصلي عليه بالبغا، ثم رفع على الأعناق، ودفن بسفح قاسيون، بتربة أنشئت له مكلفة، بقبة لطيفة وعمارة منيفة، غربي المعظمية. ولا يحلس في مجلس الأستاذ إلا الخليفة والإمام، ولهم آداب لا يعقلها أهل هذه البلاد، وأصله من بلدة بلخ من بلاد اليزبك، وبينها وبين الشام نحو سنة، وقبل موته بيسير تجهز إلى بلاده وأعطاه ناصيف باشا تختاً، وكتب له مكاتيب توصيةً فيه من حلب إلى الموصل إلى العراق إلى تبريز حتى إلى الشاه، وأن يوصلوه إلى بلاده، وكتب لكل مكتوباً مختوماً بختمه. ثم لما وصل إلى حلب رجع عما كان، فعاد إلى دمشق، وكان بالبلد وباء عظيم فتمرض بالحمى وتوفي كما سبق، ومات من اليزبك من جماعته خلق كثير، ويأتي ذكر بعضهم. ترزي إسحق وفيه يعني في ربيع الأول، توفي بالمرض العام، ترزي إسحق، من أولاد مشايخ المذكور، ودفن بالسفح لصيقه، وحجر قبراهما وسنما بعمارة مكلفة من الحجر الأصفر المنحوت، وتكلفت عليهم التربة ما ينوف عن خمسماية غرش وأكثر. الشيخ مصطفى الشيباني وفي يوم الخميس الخامس عشر، توفي الشيخ مصطفى الشيباني التغلبي المجذوب، وصلي عليه بالأموي الظهر، ودفن بالسفح قبلي الزاوية العجمية، وكان خلقاً لا يحصى، وما دفن إلا قريب الغروب. وأخبرني من أثق به، أن رجلاً زاره، فرأى عند رأسه واحد ذهب عتيق فأخذه وقرأ له الفاتحة وذهب، وقيل كان الرجل في ضيق معيشة، وهذا يدل على أن المزار من المكرمين عند الله. أحمد بن سنان وفي يوم الاثنين السادس والعشرين، خرجت الخزنة. وفيه توفي أحمد أفندي بن سنان فجأةً، وكان بالميدان الأخضر في النهار، وتوفي تلك الليلة ودفن بتربة الفراديس. محمد ضيائي وفي يومه توفي الشيخ الفاضل المفيد الشيخ محمد آغا ضيائي، إمام جامع درويش باشا. طلب العلم في بدايته، وقرأ في الفنون، وكان يستعيد ويقرئ بعض الطلبة في النحو والفقه الحنفي، وكان أكثر أيامه مقيماً بخلوة الإمام بجامع الدرويشية، وعليه وظائف، وعليه تدريس، ودفن بالباب الصغير، عفي عنه. وفيه خرج قاضي الشام أوليا زاده إلى بلاده. اعتقال المتسلم وفي يوم الخميس الثامن والعشرين، جاء قبجي من الروم، وأخذ سليمان آغا العبد المتسلم. وكان نزل في بيت ابن الناشف، ولم يبت غير ليلة، ولا يعلم ما الأمر فيه. وخرج وقت الظهر مع الينكجرية بثياب حقيرة، وأركب بغلاً، وكان هذا العبد مولداً من أولاد الناس، لا رقيق، وأما ظلمه فكثير وما فعل شهير. خليل الدسوقي وفي يوم السبت ثالث ربيع الثاني، توفي السيد خليل الدسوقي، الفقيه الشافعي، وصلي عليه بالسنانية ودفن قرب الشيخ محمد الكاملي، وكان في جنازته خلق كثير، عفي عنه. وفي يوم الخامس منه، شرع في بيع كتب الشيخ محمد الدكدكجي، وربما تبلغ نحو الألف مجلدة. أحمد المصري المجذوب وفيه توفي الشيخ أحمد المصري المجذوب، وكان دائماً عارياً صيفاً شتاءً، وهو ذو أحوال وخوارق، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. وفي يوم الاثنين خامس عشرين ربيع الثاني وأوله السبت، توفي إلى رحمة الله، السيد رفيع اليزبكي النقشبندي، إمام الشيخ محمد البلخي السابق ذكره، بالمرض العام، وذلك في داره غربي جامع الورد، وصلي عليه به ودفن بسفح قاسيون في تربة العامة، خارج تربة شيخه، وليس في التربة المذكورة سوى الشيخ محمد وترزي إسحاق، والبقية حول التربة من خارجها. وكان السيد رفيع من العلماء الأجلاء، فصيح العبارة، ماهراً بالعربية والمنطق، عالماً بالنحو والصرف والحكمة والطب والأوفاق، وله خط حسن، وتصرف في مثل الجنون واللوثة والسوداء، ماهراً في كل الأمور مؤدباً محتشماً ورعاً صدوقاً. رحمه الله وعفا عنه، آمين. عزل الباشا

مراد المرادي

جمادى الأولى، وغرته الاثنين، ورد المتسلم وعزل عثمان باشا، وسكنت الفتنة التي صارت بين الباشا ودولة القلعة، وكانوا ضربوا عليه بالبارود والمدافع، وسافر بآخر الشهر. وفي ثالث عشرين الشهر كان آخر الخلوة البردبكية الجمهورية بدمشق، وكان ختماً حافلاً آخرها يوم الخميس في التاريخ السابق. مراد المرادي يوم الخميس في التاريخ السابق سمع أنه، وبغرته أيضاً، توفي الشيخ مراد اليزبكي النقشبندي بإسلام بول، ودفن نواحي أيوب الصحابي رضي الله عنه. دخول الوالي والقاضي وفي جمادى الثاني، خامس عشره، الخميس، دخل عثمان باشا الجديد. وفي ثالث عشرينه دخل قاضي الشام الذي كان قاضياً بالقدس، ومعه من النواب السيد جار الله أفندي من أهالي القدس، وجلس نائباً بالمحكمة الكبرى، ونائب الباب شاب رومي، وفي العونية مستقيم زاده، وذلك له مدة بدمشق. رجب الشيخ يونس المارديني ثانيه، توفي الشيخ يونس المارديني، كان من طلبة العلم، مجاوراً بالمدرسة الماردية قرب الأموي، وصلي عليه بعد الجمعة بالجامع ودفن بالدحداح. علي العمادي وفي يوم الجمعة، تاسع الشهر المذكور، توفي السيد علي بن مولانا محمد أفندي العمادي. وكان شاباً قريب العهد بخروج لحيته، وكان ملازماً على الطلب والمطالعة، سليم الصدر صالحاً ورعاً تقياً، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. إسماعيل جلبي وفي يوم السبت العاشر، فيه توفي السيد إسماعيل جلبي بن السيد حسن النقيب ابن عجلان، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالتربة غربي قناة الذبان. الشاب معتوق الأكرمي وفي يوم الاثنين عشرين رجب، توفي الشاب الفاضل الكاتب الطالب العلم الشيخ معتوق جلبي بن الشيخ عبد الجليل الأكرمي الصالحي بالمرض العام، وصلي عليه بعد العصر بالخاتونية، وأعلم له، ودفن بتربة الشيخ ابن العربي، أعني تربة ابن الزكي لصيق الشيخ. قرأ في الفقه والنحو والصرف والعروض، وله خط حسن وبعض نظم، وكان قريب عهد بخروج لحيته من منذ نصف سنة، وأعطي تقريراً بكتابة الصكوك لمحكمة الميدان، ووعظ وسمع في الجامع الجديد في رمضان، بعد صلاة الصبح، وقد فرغ له أخو جده القاضي محمد بن الغزالي، القاضي الشافعي. وفي الثلاثاء يوم العشرين، أرسل إلي مولانا جار الله أفندي، نايب الدهيناتية تهنئةً في طلوع ذقن ولدنا إبراهيم، المقتضي عندهم التبجيل بقوله مؤرخاً: شعر في ابن المؤلف: قد كسى الوجه وقاراً ومدد ... وسطا النمل على الخدّ وصدّ وبدا الورد حجاباً مانعاً ... بانتماءٍ في حمى أبٍّ وجدّ قلت لمّا أن تراءى بازغاً ... حفّ هذا النور بالفرد الصّمد قال لي الصّبّ بدا تاريخه: ... ذقن إبراهيم هذّبه بحدّ الشيخ عبد الرحيم حجيج شعبان، أوله السبت، وقيل الجمعة، فيه في سابعه، توفي الشيخ المتعبد الناسك، الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ محمد بن حجيج الخلوتي. أخذ طريق الخلوتي عن والده المذكور، وقام بعده على جماعته من والده، وكان يعرف بالطب والحكمة، وله حلم ومودة للناس. ثم صلي عليه يوم الجمعة ودفن بتربة الباب الصغير. وجلس بعده على جماعة والدهم، أخوه الشيخ محمد، ولبس تاج أخيه عند دفنه. وحجيج، وزن قسيم، لقب بضم الحاء المهملة وفتح الجيم المعجمة، ولعله تصغير حاج. حسين الأكرمي الثامن، فيه توفي الشاب الفاضل الطالب العلم الشيخ حسين بن الشيخ إبراهيم الأكرمي الحنفي. طلب العلم في بدايته، وقرأ علي في شرح الكتبي للعلامة ابن سلطان، وفي النحو الشيخ خالد. وكان له فهم وحذق، وأعاد علي بالمدرسة الخديجية المرشدية الحنفية عند غيبة المعيد في بلاد الروم إلى حين رجوعه، ولا يخلو من سلامة صدر، وصلي عليه بالسليمية ودفن بالسفح تحت العجمية، موضع والده. محمد القارصلي وفيه توفي الشاب محمد بن القاضي عبد الرحمن القارصلي الصالحي. وصلي عليه بالسليمية ودفن بالسفح. محمد الناشفي وفي ثامن شعبان توفي محمد آغا بن عمر آغا الناشفي بالمرض العام، ودفن بتربة جده محمد باشا مقابل جامع حسان. حسين تركمان وفيه توفي الفاضل الناظم المتنبي، حسين آغا بن تركمان حسن، وصلي عليه بالمصلى عند داره، ودفن بتربة مسجد النارنج.

سعدي النقيب

سعدي النقيب وفي حادي عشره، توفي السيد سعدي بن النقيب، مدرس المدرسة الماردانية بالجسر الأبيض. وكان فرضياً حيسوباً له خبرة بالهندسة والمساحة، وربما يخرج لذلك لأجل مساحة أرض بعض القرى، وله بذلك معلوم، وصلي عليه بالأموي، ودفن بتربة بني عجلان خلف قناة الذبان. عبد الكريم الصالحي وفي يوم الاثنين، خامس عشرين شعبان، توفي الشيخ عبد الكريم بن مصطفى الصالحي، الشهير بابن زقزوق. طلب العلم ودأب في التحصيل. قرأ النحو على الشيخ عبد الرحمن المجلد السلمي، وتفقه بالشيخ محمد العجلوني، وقرأ في الفرائض والحساب على الشيخ عبد القادر التغلبي، وقرأ آخراً في الحديث والتصوف على الشيخ عبد الغني النابلسي. وصلي عليه بالخاتونية، ودفن بسفح قاسيون، غربي الشيخ عبد الهادي مقابل المدرسة المعظمية، عفي عنه. عبد الرحيم القاري وفي يوم السبت، آخر شعبان، التاسع والعشرون منه، توفي مولانا عبد الرحيم أفندي القاري، وصلي عليه العصر بالجامع، ودفن بالباب الصغير. درس بالظاهرية، وتولى الفتوى الحنفية سنة واحد وثلاثين وماية وألف، وتولى نيابة الباب مرات عفي عنه، آمين. رمضان: محمد آغا يوم الجمعة السادس، فيه توفي محمد آغا بن مصلح، الساكن بنواحي جامع الورد، وصلي عليه بجامع التوبة ودفن بمرج الدحداح. يحيى الناشفي وفي يوم السبت رابع عشر رمضان، توفي الشاب النجيب المتعبد التائب الطالب العلم، يحيى آغا بن صاحبنا الأعز صادق آغا بن الناشف. وصلي عليه الظهر بالأموي، ودفن بتربة جده محمد باشا التذكرجي، مقابل جامع حسان، عفي عنه، آمين. شوال، أوله السبت. خليل الرومي في يوم السبت ثامنه، توفي العلامة خليل أفندي الرومي، وكان من الأفاضل المدققين وعليه وظائف وتدريس، وكان مخشوشناً متقشفاً زاهداً ورعاً، وصلي عليه بالتوبة، ودفن بالدحداح. وفي تاسع عشره، يوم الجمعة، طلع الحج. وفي الاثنين، سافر رجب باشا إلى مصر، وسافر معه أيضاً صاحبنا الأمجد صادق آغا بن الناشف بالتخت، وودعناه إلى قرب داريا، وكان جماعة من أصحابه الأفندية. نزهة وفي يوم الأربعاء غرة ذي القعدة، كنا في بستان عبد الحكيم أفندي الشهير بشقلبها، بالنيرب على حافة ثورا، وكان معنا من الأصحاب السيد إبراهيم بن الشيخ عبد الرحمن بن الحكيم الصالحي. وفي غرة ذي الحجة، وأوله الخميس، كنا في حديقة صاحبنا الشيخ أحمد بن محمد بن الحكيم الصالحي، والأخ الشيخ محمد بن بلبان، والقاضي محمد بن أحمد ابن الخياط الصالحي، والأخ السيد إبراهيم ابن عبد الرحمن ابن الحكيم، لصيق الخانقاه القلانسية، وقبلي المدرسة القاهرية بالصالحية، فتذاكرنا القصيدة المتقدمة، وقصيدتنا في مدح المحيي العربي، وكان نظم ذلك في زمان واحد، لا تفرقان إلا بزمن يسير. وفي يوم الخميس الثامن من ذي الحجة، ورد قاضي الشام عبد الرحمن أفندي بالليل على ضوء المشاعل. الشيخ عيد المجذوب وفيه يوم السبت ثالثه، توفي الوالي الصالح الفارقي الشيخ عيد المجذوب، وصلي عليه الظهر بالأموي، ودفن بالدحداح قرب أبي شامة، وكانت جنازته حافلة. وقيل أصله من ترابلس الشام، عفي عنه. علي الكفلي وفي يوم ذلك، توفي علي باشا بن محمد الأطرابلسي الكفلي، لأن أصله من الكفا، وصلي عليه الظهر بالسنانية. محرم الحرام 1133 2 - 11 - 1720م الحكومة وسلطان الممالك، السلطان أحمد بن عثمان، وقاضي الشام عبد الرحمن أفندي، والباشا بالحج الشريف، والعلماء والمدرسون على حالهم. الشيخ إبراهيم الأكرمي وفيه توفي الصالح الفاضل الشيخ إبراهيم الأكرمي، وصلي عليه الظهر بالسليمية، بالحضرة المحيوية، وكان متمرضاً من مدة مديدة، ودفن بسفح قاسيون، غربي الخوارزمية وشرقي العجمية. الشيخ محمد السؤالاتي جمادى الأولى، أوله الأحد. يوم الخميس، ثاني عشر منه، توفي العالم الماهر المتفنن الصالح الفقيه الفاضل الشيخ محمد السؤالاتي الشافعي الخلوتي، وصلي عليه الظهر بجامع التوبة، ودفن قرب سيدي عبد الرحمن بالدحداح. وكان له فهم ثاقب وحفظ تام لمسائل الوقائع والأحكام، قوي الجأش. قرأ في الفقه والفرائض والحساب والنحو، وأتقن الفقه غالية الإتقان، وانتهى إليه فن أسئلة الفتاوى بباب الجامع، عفي عنه.

عزل رجب باشا

جمادى الثانية، أوله الأربعاء. في ثلاث وعشرين منه، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان، وكان ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع دعاءهم، آمين. رجب، أوله الجمعة. عزل رجب باشا فيه ورد نجاب من مصر بنزول رجب باشا من قلعة الجبل، وأهين وحبس، وجلس موضعه باشة الحج الذي أرسل الباشا لقتله. وكان هدم داره وأخذ موجوده وضبطه للسلطنة على زعمه، وأخذ خيله وضياعه ليبيعها، ثم جلس مكانه، ورد له جميع ما كان له. بستان البرج الثلاثاء. كنا مع جماعة من الأصحاب في بستان البرج، ودعانا الأخ الأمجد عمر آغا، صاحب البستان المزبور، ومعي بعض أصحاب. ففي أثناء النهار كنا نطالع في ديوان لمنجك باشا، وفيه قصيدة حسنة، وضعتها هنا لحسن معناها ولطف مغناها، وهي قوله: قصيدة منجك باشا يدير عليّ كاسات الحميّا ... ضحوك السّنّ برّاق المحيّا إذا ذكرت صفات الحسن فيه ... فما سعدى، وما هندٌ وميّا يقول الورد في خدّيه هبوا ... إلى اللّذات قبل التّوب هيّا فإنّ العمر أيام التّلاقي ... وساعات النّوى أجلٌ مهيّا فقلت نعم لو انّ الحظّ حطّ ... وزار السّعد نادينا وحيّا ولكن لو ركبت الريح طرقاً ... وكان البرق سوطاً في يديّا وسابقني الخمول على حمارٍ ... لكان السّبق في الدنيا عليّا ولو أعيا الزمان الوغد همٌّ ... وأعجزه لأرسله إليّا ولو أنّ السّعادة بالتمنّي ... رأيت منازلي فوق الثريّا عصابة تقتل غلاماً شعبان أوله الأربعاء. فيه خنق ولد في دار أهله وحده وعندهم مال. فأبوه في نهابة على العرب مع الدولة، وأهله في الحمام، فدخل إليه رجلان وامرأة، وغطت المرأة على بيضه حتى أغموه، ثم شدوا فمه بقطن وركبوا على صدره، ثم أخذوا المال وخرجوا وفيه بعض رمق، فلما جاء النساء من الحمام فرأوا ذلك وكان به رمق ثم مات، ثم علم بالسارقين فمسكوا وعذبوا، فأقر رجل سيد في السكرية ببيع العطر، وأنكر الآخرون، فأرسل أخذ من بيت المقر الدراهم المأخوذة، والولد عمره أربعة عشر سنةً. وفيه دخل بعض حج من الروم. وفيه بلغ بأن بالروم فتنة، وقتل الوزير وآغة الينكجرية، وتوجه السلطان إلى أدرنة خوفاً من العزل. قتل القاتل وفيه خنق عثمان باشا، السيد العطار الذي خنق ذلك الولد وأخذ مال أهله وخرج من البيت على زي النساء، وشعر به بعض من عرفه، ورمي عند السنانية، ودفع أهله مالاً للباشا حتى أذن بدفنه، والبغي مرتع مبتغيه وخيم، وكل ذلك من أجل حب الدنيا، والتهور في حبها وغلبة الطمع، وعدم الرضا بالقناعة وقلة الدين. وقد ورد في ذم الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه. وعالماً أو متعلماً، وورد الدنيا أسحر من هاروت وماروت. وورد الدنيا حلوة خضرة، قال الشاعر: يا طالب الدّنيا الدّنية إنّها ... شرك الرّدى وقراره الأكدار بحث في ذم الدنيا فينبغي إكراه النفس على الصبر على الموجود وإن قل. وإلا فمن لازمه الوقوع في المهالك والمفاسد، ومن جملة ما يؤدي إلى المهالك والمفاسد وهلك وهتك العرض وهلاك النفس، شهوة البطن والفرج، فقل من تهالك في التوسع في ذلك فسلم، ومن قلل أمن، وإلا فهو هالك، وربما كثرتها يكون سبباً للهلاك، وورد خذ من الدنيا ما شئت، وخذ بقدرها هماً، فينبغي رضا العبد من ربه إذ قلل عليه منها، فإنه لا يدري أن فيه الخبر، وفي الآخرة عليه حسابها، وفي الدنيا يفنيها، وما أحسن قول من قال: خذ القناعة من دنياك وارض بها ... واجعل نصبك منها راحة البدن وقل لمن ملك الدنيا بأجمعها ... ما رحت منها بغير القطن والكفن ونسأله سبحانه أن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ويستر عوراتنا، ويأمن روعاتنا ويحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، ونعوذ بعظمته أن نغتال من يميننا. القاضي محمد أحمد الخياط رمضان، وأوله الخميس على ثبوت هلال شعبان الثلاثاء.

نزهة في الربوة

وفيه في يوم الأحد رابع رمضان، توفي القاضي محمد بن الشيخ أحمد الشهير بابن الخياط الصالحي الحنفي الباش كاتب بالمحكمة الصالحية وكان عليه وظائف وعثامنه، وعنده ثروة، وخلف أولاداً أناثاً وذكوراً بالاستسقاء، وصلي عليه بالخاتونية بعد العصر، ودفن عند الإيجية بسفح قاسيون، ومكث مدة أربعة أشهر متمرضاً، وعملت صباحيته بالجامع المذكور. نزهة في الربوة وفيه يوم الاثنين ثاني عشره، دعانا صاحبنا الأمجد مصطفى أفندي ابن أبي الصفا، إلى الربوة، وفطرنا هناك وصلينا المغرب والعشاء والتراويح، ثم مكثنا حصةً وعدنا نحو الصالحية والسفح، وصار غاية الصفاء والأنس. شوال، أوله السبت. يوم العاشر فيه، وهو الاثنين، طلع المحمل والباشا إلى قبة الحاج، ونزل الباشا هناك، وربما يمكث يومان فأكثر. وفي الخميس العشرين فيه طلع جميع الحج الشامي والحلبي. وفي يوم الجمعة، رجعت المزيربتية، وأخبروا أن الباشا رحل الأربعاء، وأخبروا عن الحج بأنه بخير، والشيء موجود. نزهة ذو القعدة، أوله الاثنين، وقيل الأحد. وفي أوله كنا في مكان نزيه فأنشدني الشيخ محمد قصيدة مخمسةً، أصلها للشيخ الدسوقي، والتخميس لمولانا الشيخ عبد الغني أبقاه الله. رجب باشا في دمشق وفي يوم الخميس تاسع عشر ذي القعدة، دخل رجب باشا دمشق ونزل الميدان، وتقدم أنه عزل عن مصر وحبسه أهل مصر. ثم توجه منها، وكان قتل بها الباش دفتار، ولم يعلم سببه، فقاموا عليه وأنزلوه من قلعة الجبل وأودعوه الحبس، وأقاموا منهم البيك: إسماعيل آغا أمير الحج مكانه وأعرضوا للدولة. وكان مرادهم قتله بالوجه الشرعي، ثم إن السلطان شفع فيه. والله يصلح الأحوال. وفيه يوم الثلاثاء، صعد رجب المعزول للصالحية لدرس الشيخ عبد الغني في السليمية، وذلك في أواخر الشهر، وهو في همة السفر إلى بلاد سيواس الموجهة له فيما سمع. وفي يوم الخميس السادس والعشرين، سافر رجب باشا إلى البلد التي عين لها، قيل هي سيواس على ما سمع، وهي قريبة من ديار بكر والموصل. وفيه سمع أن العرب أخذت للباشا بعض جمال، والله يصلح الحال. نزهة وفيه، يوم السبت، كنا في بستان زين الدين نحن وجماعة لا بأس بهم، وطالعنا في مجاميع فيها من كلام مولانا الشيخ عبد الغني وغيره، من النظم الفايق، ولطيف المعنى الرايق، واستجدت من بعض مستجاداته ما أذكره في هذا الكتاب ولو قل، لأن ما لا يدرك كله لا يترك جله. الربوة وفي يوم الاثنين، كنا مع جماعة من الأصحاب اللطاف في الربوة ذات القرار والمعين، آخر يوم في ذي القعدة، والثلاثاء أول يوم من ذي الحجة، وكان أكثر المطالعة بالسيرة الحلبية للشيخ علي الحلبي، بمطالعة مولانا الشيخ أبي الصفا أفندي الأصطواني، والشيخ محمد أفندي البرصي الحنفي، وسماع البقية، وكان البيات بمزة دحية الكلبي رضي الله عنه، وزرناه أيضاً، والإقامة نهاراً في الربوة السعيدة. مزايا إبراهيم الكردي وفي يوم السبت خامس شهر ذي الحجة سافرت الجردة، وأميرها إبراهيم كرت، ومعه نحو السبعين بيرقاً. وكان أولاً في داره نواحي عين علي عند زوجته بنت قزلباش، ثم برز للميدان الأخضر، ثم منذ يوم السبت المذكور رحل إلى قبة الحاج، ومعه أيضاً معمارية ونجارين وحدادين لعمارة قلعة المعظم، وإصلاح البركة هناك، ومعه أربع مدافع لها، جاءت من السلطنة، وقيل أعطي بشارةً ورزق بثمان طبول. وهو رجل لا بأس به، وله رأي سديد وتأني في الأمور ومعقول. خدم بدمشق من أهاليها إبراهيم آغا الكيخي، وكان من صالحين الدولة، كريم الأخلاق سليم الصدر. فلما توفي توجه إبراهيم باشا إلى الدولة ليأخذ كيخية أستاذه، فأعطي لها، وأعطي حمص وكيلاً عن الوزير الأعظم، لأنه وكله في ضبطها، وكانت على الوزير، فأتقن في الضبط، ولم يشتك منه أحد. ثم وجهت له باشوية غزة، فتوجه إليها، وهو إلى الآن، وأمر بالخروج إلى الجردة في هذه الباشوية أميراً وهو مبشر بباشوية القدس الشريف، فالله يعرفه كل خير، فإنه خال من التجبر والكبرية، معتزل بما يسر الله له من المناصب والإكرام من طرف الدولة السلطانية. العرب والحجاج

محرم الحرام سنة 1134

وفي يوم الاثنين السابع من الشهر المذكور، ورد نجاب من الحج وأخبر أن العرب تعرضت للحج الشريف، وعوقوه على ما قيل، ثلاثة أيام، وراح للباشا أحمالاً كثيرة، وأرسل يطلب عسكراً وميرة يحصلها إبراهيم باشا حتى تأتي مع الجردة، وأرسل الخبر للمتسلم، وكتبوا بيارقاً لحقت بالجردة، وبعض ميرة، ونسأله اللطف. وفي يوم السبت، العصر، أعني يوم السادس والعشرين، وصل قاضي الشام إلى حرستا ومراده يدخل أول السنة. محرم الحرام سنة 1134 23 - 10 - 1721م الحكومة أوله الخميس، وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد ابن السلطان محمد بن عثمان، والباشا بدمشق، عثمان باشا في الحج الشريف، وقاضي الشام مصطفى أفندي مدحي، والمفتي محمد أفندي، ابن العمادي. والمدرسون وبقية الناس على حالهم. وفي يوم ذلك ورد بكرة النهار قاضي الشام مدحي أفندي، ولاقى له الأكابر والأعيان والوجاقات، ولم يتخلف أحد. دخول الشريف يحيى وفي يوم السبت ثالثه، ورد الشريف يحيى بن الشريف بركات، ولاقا له الأكابر والأعيان، ونزل دار بني الأرنؤوط، وهي شمالي الأموي، ومقابل المدرسة العزيزية والجقمقية، ومعه نحو السبعين من العبيد والرقيق. ومراده سكنى دمشق. ودخل بالقبة والطير، لأنه كان تولى السلطنة الحجازية، ووروده من مصر. القاضي والسوقة وفي يوم الأربعاء، رابع عشر محرم الحرام، دار القاضي بنفسه على السوقة وأرباب الصنايع، ونسأله أن يجعل التمام إلى خير. إبراهيم الكردي يشتت بني عطية وفيه بلغ خبر عن الجردة أن العرب وقفت للجردة عند بغاز في طريقها، فلما وصل الخبر لإبراهيم باشا، نادى بالإقامة، وأنه لا يشيل إلا بعد خمسة أيام. ثم سأل كم بينه وبين العرب؟ فقيل: سبع ساعات، فخلا حتى صار الليل بعد العشاء بنحو ساعة، كب من غير أن يشعر به أحد، فما أصبح الصبح إلا وهو فوق رؤوسهم، فقتل منهم نحو ألف رجل، ولم يفلت منهم إلا القليل. ثم أُخبر عن نجعهم، وكان النجع عن العرب بنحو ساعة، فذهب إليهم ونهبهم ورجع غانماً، ثم قام ومشى. وهذه من أحسن الابتكارات، ولولا ذلك أخذت العرب الجردة كلياً. وقيل: يقال لهم بنو عطية. وهذا كله بالشيوع، والله أعلم واقعة الحال، ولا تعلم أخبار الحج إلا بعد وصولهم على وجه اليقين. سفر الشريف يحيى وفي عاشر صفر، يوم السبت توجه الشريف يحيى كافلاً للقدس الشريف، وهو ابن بركات سلطان الحجاز في السابق، وكان سابقاً مكث مدةً بدمشق، وتولى إمرية الحج بها، وتولى سلطنة الحجاز مدة، وخرج لوداعه العلماء وأرباب الدولة، وبعد لم يظهر من الحج خبر أصلاً، ونسأله اللطف سبحانه. كارثة الحاج وفي الخميس خامس عشر صفر، جاء الكتاب وأخبروا أن الحج والباشا انمسكوا من العرب بمنزلة العلا، في الرجعة، ثمانية عشر يوماً. وكان في الطلعة قاتلهم عثمان باشا نحو ثلاث مرات. وكانت هذه الطائفة لهم من الصر السلطاني، فطمع فيهم ولم يعطهم قيل إن صرهم ستة أكياس في الدفتر، وأخذوا يطالبوه من المزيريب وفي كل منزلة ويناشدوه الله، وكبارهم ينشدوه بالله وبالنبي وبحقن الدماء فلم يمكن، وكان لهم عليه من الصر في السنة السابقة، ووعدهم إليها في هذه السنة، ولم يعط التليد ولا الجديد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فجمعوا عليه في الرجعة نحو الثلاثين ألفاً، فأول ما أخذوا الجردة ومن معها من البيارق فمسحوهم بالسيف عن آخرهم، ولم يبقوا إلا الأمير ومعه رجل من الأمراء، ثم وصل المجرحون الذين بقوا، للعلا، ومكثوا بها ثلاثاً حتى وصل الحج فمسكوا الحج جميعاً، ولم يفلتوه إلا بمائتي كيس، ودخل الباشا يوم الأحد ثامن عشر شهر صفر، والمحمل واللواء ثم العلماء ثم النظار ثم المفتي وقاضي الشام مدحي أفندي، وعثمان باشا معهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فيما وقع، وكله من المطمع. محب الله الطباخ وفي يوم الجمعة ثالث عشرينه، توفي القاضي محب الله بن الطباخ، من كتاب المحكمة العسكرية، فجأة، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالدحداح. ربيع الأول يوم الخميس حادي عشره، خرجت بقية الحجاج والسقا باشي وأمين الصر. ويوم السبت، الرابع والعشرين دخلت الخزنة المصرية. استدعاء إبراهيم الكردي

عبد اللطيف الحلو

وفيه في الثامن والعشرين، ورد قبجي من الروم في طلب إبراهيم باشا الكردي، نائب غزة، الذي صار باشة الجردة سنة تاريخه، ونهبته العرب عند المداين، وقتلت أكثر جماعته إلا ما قل، ومراد الوزير ليطلع على حقيقة الحال. وكان توجه إلى صيدا، فلم ينزل القبجي عن فرسه، ولحق به إلى صيدا، والله تعالى يحسن الأحوال. عبد اللطيف الحلو وفيه توفي عبد اللطيف الحلو بن كريم الدين، وله مدة مديدة منقطع في داره، نواحي البدرائية. ربيع الثاني وفي أواخره، خرجت الخزنة المصرية. وفيه وقع بدمشق ثلج كثير، ولله الحمد، لأنه يدل على الخير، إنشاء الله تعالى. نداء للنسوان وفيه، في آخره، نادى عثمان باشا على النساء، لا يخرجن إلى الصالحية. ولم يأت بعد أمر حاله من الروم. جمادى الأولى أسلحة القلعة فيه ورد فرمان من الروم في التفتيش على الخزينة السلطانية الكاينة بقلعة دمشق، وذلك على يد رجل من جربجية القلعة، فحضر القاضي والقبجي وعثمان باشا وبعض الموالي والكتاب والباش دفتار وفتحوا خزائنها، فرأوا فيها من السلاح وآلات الحرب شيء كثير، ومن ذلك الدروع، ووجدوا في درع لؤلؤةً في ظهر الدرع حزر عليها بمايتي كيس، وعلى الدرع اسم الملك الظاهر. ووجد اثني عشر ألف سيف من السيوف المعتبرة، وغير ذلك من الخوذ المحلاة وغير المحلاة، وفيها كبار لا تناسب أهل هذا الزمان. ومن الأتراس والكلل والنشاب وآلات الرمي. وبقوا في ضبط ذلك أياماً، ثم كتبوا ذلك في الدفتر، وأرسلوها إلى السلطان ابن عثمان. وصول المتسلم وفي يوم السبت، ثامن عشر جمادى الأولى، ورد متسلم ابن المقتول وذهب للقاضي وسجل براءته. وعثمان باشا برز إلى الميدان، قيل متوجهاً إلى ترابلس. وقيل غير ذلك. وفيه سمع أن الإمرية وجهت إلى إبراهيم باشا الكردي، ثم عزل عنها. لغز في الفانوس وفيه ألغزت لبعض الأصحاب بقولي: 8 1 50 6 60. وربّ خماسيٍّ ذي عيون كثيرةٍ ... وذي أُذنٍ فيه يكون بها الحمل هو البيت والمأوى دجا الليل ... يوري بزنديه قصد الأمر يؤمل وباب هذا البيت دون بيوتنا ... بلا غلق من دونه ليس يحمل ترى الباب مفتوحاً على الدوم سرمداً ... كذلك باب الله ليس يقفل سفر الباشا وفي يوم الخميس رابع عشرين جمادى الأولى، سافر عثمان باشا المعزول من الشام، من على برج الروس، وهو كثير البكاء. محمد الفلاقنسي وفيه، قبله، توفي محمد آغا الفلاقنسي. تولى الدفتردارية مرات، وهو أخو عبد المعطي جلبي المتقدم ذكره في سنة اثنتين وعشرين وماية وألف، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بتربة الشيخ رسلان. الدروز يهاجمون البقاع وفيه نزل الدروز على الشيخ عبد الله شيخ قرية ترجيم بالبقاع، وفسقوا فيه، وقطعوا يده وفقؤوا عينه وجرحوه، وهو من ذرية بني المجذوب، قطنانيين الطريقة، من أصحاب الأحوال، وأخذوا ما في داره، وأكثر متاع القرية، وكانوا نحو الماية من الخيالة، ونزل أهله دمشق، ليشتكوا على الدروز، وبعد الباشا ابن المقتول لم يرد ومعهم يده ليراها الحكام ولا قوة إلا بالله. وفيه وصل إلى محروسة ترابلس كافلها عثمان باشا المعزول من دمشق. سرقة قناديل من الأموي وفيه سرق من الأموي أربع قناديل من النحاس الأصفر، كانت فوق محراب المقصورة، لكنها من غرائب الصنعة، من جهة التخريم، لا مثيل لها في الإتقان والتخاريم، ومرادهم يضمنوها للبوابين، والله يصلح الأحوال. وفيه دار متسلم ابن المقتول على السوقية وأرباب الحرف. وفيه ألغزت في الفقه لبعض الأفاضل، من أهل دمشق، وهو بقولي: وبكرٍ لها بعلٌ وقد فضّ فرجها ... وطلقها من بعد ذا وأبانها يكون عليه النصف لا المهر كله ... وليس لقاضٍ أن يقيم ضمانها وقيل عليه المهر كلاًّ لفضّه ... بكارتها في العقد لمّا أشانها أجبني فهذا اللغز لا شك مغلقٌ ... ووضّح فإن الفضل عز إبانها لغز في الفيل وتركنا ذكر الدخول للإلغاز لما يوهم الدخول في الكلام من الغموض. وقولي من اللغز:

إبراهيم الكردي حاكما لغزة

وما اسمٌ إذا حدّثت عنه ... فلي في أمره أمرٌ يهون وتلقى في تعاكسه دليلاً ... بتبّت إذ بآخرها تبين إبراهيم الكردي حاكماً لغزّة وأوله الخميس، سمع أن إبراهيم كرت أعطي غزة منصبه، ويافا والرملة وبعلبك. يوم الاثنين خامس الشهر أول الخلوة البردبكية، وفي يوم الخميس الثامن آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أعيان وخلق لا تحصى، وكان ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع دعاءهم بمنه وكرمه، آمين. دخول إبراهيم الكردي وفي يوم الاثنين ورد إبراهيم باشا الكردي أمير الجردة سابقاً في أحسن، حال، وكان بالروم، ونزل من الصالحية من على الجسر الأبيض، والله يصلح أحوال المسلمين بمنه. رجب وأوله الجمعة، توجه إبراهيم باشا الكردي إلى عجلون، موضع كفالته، وذلك عند الظهر، وبعد، باشة الشام لم يجئ منه خبر. الشيخ عبد الله المجذوب وفيه توفي الشيخ عبد الله بن المجذوب البقاعي القطناني الذي تقدم أنه نزلت عليه الدروز. شعبان، وأوله الأحد. دخول علي الباشا في رابعه، يوم الأربعاء، دخل باشة الشام ابن المقتول، ونزل الميدان الأخضر. وفي يوم الجمعة السادس فيه، صلى بالجامع الكبير. وهو مأمور بالحج الشريف، والله ييسر كل خير ويلهم الصواب. حجاج الروم وفي تاسع عشر الشهر، وهو يوم الأربعاء، ورد ركب من الحجاج الأروام. رمضان، وأوله الأحد على الشك، والاثنين على اليقين. في ثالثه، وذلك ليلة الثلاثاء، ورد حج من الروم. عبد الرحيم الجوخي وفي يوم الجمعة، الحادي عشر فيه، توفي عبد الرحيم جلبي ابن الجوخي. أخذ الطريقة الخلوتية، وكان شاباً حليماً، كريم الأخلاق، وصلي عليه العصر بالأموي، ودفن بالدحداح، عفي عنه. خسوف القمر وفي ليلة الرابع عشر من الشهر صار كسوف القمر وقت السحر، آخر الليل، وصلوا صلاة الكسوف بعد صلاة الثمانية في الجامع الأموي. عزل إبراهيم الكردي وفيه سمع أن إبراهيم كرت عزل من جميع مناصبه: كغزة وجنين، ما عدا بعلبك، وأعطي لرجب باشا ليكون على الجردة، والله يصلح الأحوال. محمد الفستقي شوال، وأوله الأربعاء، يوم الأحد خامس شوال توفي السيد محمد جلبي الفستقي الصالحي اذان العصر فجأةً، بمحكمة الصالحية، وكان شاباً ساكناً، تولى الكتابة بالصالحية، وربما يخرج إلى النواحي بعض الأحيان، وتوفي بالمحكمة والقلم في يده. وصلي عليه بالخاتونية ودفن بالسفح. وفي يوم السبت حادي عشر الشهر، توجه علي باشا ابن المقتول، كافل دمشق، على الحج الشريف، ومعه المحمل واللواء، قبيل الظهر، ونزل عند قبة الحاج، والآن في دمشق، باشة الأُرفا، وصالح باشا، وإبراهيم باشا، وسلطان مكة الشريف يحيى بن بركات. وباشة الأُرفا متوجه مع الحج إلى جدة، وكذا الشريف إلى مكة، وهو منفصل عن باشوية القدس، وكلهم يخرجوا مع الحج، والله ينصرهم على الأعداء، ويصحبهم بالسلامة. القاضي عبد الوهاب الصالحي العكري وفي يوم السبت ثامن عشر شواله، توفي القاضي عبد الوهاب الصالحي ابن الشيخ العلامة أبي الفلاح عبد الحي، الشهير بابن العكر. تولى دار الحديث الأشرفية بالصالحية، وتولى المدرسة الضيائية بها أيضاً معها. وكان خطاطاً فاضلاً، فرضياً بارعاً فهيماً، مورقاً جيداً. وعليه بعض وظائف فرغها على ولده، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بسفح قاسيون تحت العجمية. وفيه خرج الحج الشامي والحلبي، وباشة جدة، والشريف ابن بركات، خرج مساء يوم الجمعة قبله بالقبة والطير على طراز الحجاز. وفي يوم السبت الخامس والعشرين من شوال، دخل رجب باشا الشام وهو مأمور بملاقاة الحج الشريف. وفي الثلاثاء أو الاثنين السابع والعشرين وردت المزيربتية. ذو القعدة، وأوله الخميس، سافر رجب باشا ناحية القدس، وذهب كثير من الشوام. وفي ثانيه مساء يوم الجمعة كنا عند صاحبنا الأخ مصطفى جلبي الشهير بابن أبي الصفا، وكان معنا الأخ الشيخ محمد اليماني وبعض أصحاب. وفي حادي عشره يوم السبت، كنا ببستان ابن شيبان، وهو السيد محمد، الحافظ القرآن. مطالعة الحوادث اليومية

تعزيل بردى

وفي الخميس الخامس عشر، فيه دعانا الشيخ مصطفى إلى مزة دحية الكلبي، رضي الله عنه، ورجعنا يوم الجمعة سادس عشر الشهر، وكان مطالعتنا كتابنا هذا: الحوادث اليومية. تعزيل بردى ذو الحجة يوم السبت ثانيه، كنا ببستان عبد الحكيم أفندي مع جماعة من الأصحاب، على حافة ثورا، وكان الماء شاحاً، وخرج كثير من الناس للكشف على ماء بردا إلى أن وصلوا إلى عيون التوت نبعه الأول، وحرجوا على بعض فلاحين البلاد لأجل التعزيل والتنقية، ولم يحدث شيء، وخرج ناس كثير بالخيام، وجعلوا عرضياً تكون غيبته أسبوع، ونسأله اللطف بعباده إنه رؤوف رحيم. وفي يوم الخميس الثامن من ذي الحجة سافرت الجردة. قصر سنان وفيه كان زواج ابن الأخ الشيخ محمد بن بلبان، وهو السيد حسين الشاب الخالي العذار، وكان الفرح بقصر سنان بالصالحية بحكر الأمير المقدم، وهو قصر منتزه بديع، فيه بركة ماء، وفي البركة الجوانية عامود من رخام يفور منها الماء، على رأسه صفحة من رخام، وفيه من الرحى الصغيرة ينزل في جميع جوانبها الماء، وذلك من مفردات الشام، ودعى أكثر أهل الصالحية ولم يأخذ من أحد شيئاً، تقبل الله منه. وقلت ممتدحاً ومعرضاً بأماكن النزه في الشام وفي غيرها، ليظهر أن أنزه النزه محال دمشق لأنه قيل إن نزه الدنيا أربع: صغد سمرقند، وشعب بوان بالنقرة، وغوطة دمشق والربوة، ووادي الأبلة قال القزويني ودرتها كلها الغوطة، فلم أر أنزه من نزه دمشق. وفي اليوم المذكور بالقصر، أظهر لنا الأخ السيد أحمد أفندي الشويكي الصالحي ورقةً بخطه صورتها: حديث شريف عن الصحبة ومما وجدته بخط بعض الأفاضل ناقلاً عن خط شيخنا العلامة الشيخ عبد الرحمن، السلمي الحنفي، قال: وجدت بخط شيخنا شيخ الإسلام أحمد العيثاوي ما صورته، ومن إملاء شيخنا شيخ الإسلام عمدة الأنام الشيخ محمد الشويكي الحنبلي أنه قال: أملاني شيخنا الشيخ عز الدين محمد الملطي غفر له أنه قال: ورد في الحديث الشريف: صحبة يوم مودة، وصحبة جمعة صداقة، وصحبة شهر قرابة، وصحبة سنة نسب لاحق، وصل الله من وصله وقطع الله من قطعه انتهى. متاعب الحجاج يوم الأحد تاسع ذي الحجة، كانت الوقفة. وسمع أن ابن المقتول صار بينه وبين أهل العلا شقاق وجرح وقتل جماعة من الفريقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الجزء الثاني

وفي يومه ذلك، ورد ولدنا عيسى من زيارة القدس الشريف، وصار مذاكرة عن القدس والخليل، فأخرج ورقةً بخطه تتضمن أسماء تلك الزيارات التي هناك، صورتها هذه أسماء الزيارات التي من الله بها في القدس الشريف وغيره: الصخرة الشريفة، المسجد الأقصى، باب حطة، قبة النبي عليه السلام، قبة الأرواح، قبة المعراج، باب الجنة، بلاطة الجنة، أصابع جبريل، باب السلام، قبة النبي سليمان، محراب الأنبياء، قدم الرسول، قبلة الأنبياء، محراب إدريس، قدم إدريس، باب الصخرة، الغار، لسان الصخرة، محراب سليمان، مقام الخضر، مقام الخليل، محراب داود، محراب الإمام الحنفي، محكمة داود، مقام الميزان، باب الأقصى، عامود الرسول، مصحف عثمان، جامع عمر، محراب يحيى وزكريا، مهد عيسى، محراب مريم، مقام الحواريين، مقام الأربعين، باب التوبة، باب الرحمة، كرسي سليمان، باب المعراج، ورقة حمزة، وزيارة حلقة البراق، قبر الشيخ عبيد، قبر الشيخ موسى العلمي، الشيخ حيدر، زاوية الشيخ الأزرق وولده إسحق، مقام سيدنا داود، قبر الشيخ أحمد الثوري، الشيخ أحمد الدبسي، النبي داود، النبي إلياس، الشيخ محمد المفتي، قبر زكيا وزوجته، شداد بن أوس الصحابي، عبادة بن الصامت، السراج الهندي، قبر مريم، قبر رابعة، جبل الطور، وما فيه من الأنبياء والأولياء والصالحين، سلمان الفارسي، الشيخ محمد العلمي، الشيخ عنتر، الشيخ غياث، تربة ما ملا، أبو عبد الله القرشي، أبو رسلان البرماوي، الكمال بن أبي شريف، ابن الهايم، أحمد الدجاني، الشيخ قيمر، عمر المجرد، الشيخ لؤلؤ، الشيخ أبو شوشة، زاوية أبي يزيد البسطامي، الشيخ مكي، الشيخ ابن علي بن علين، زاوية الأدهمية، وفيها قبور الصالحين، النبي شمويل، قبر موسى عليه السلام، قبر العزير عليه السلام، قبر يونس في درب الخليل، إبراهيم عليه السلام، زيارة إسحاق، النبي يعقوب، قبر يوسف، الست سارة زوجة إبراهيم، الست ليئة زوجة يعقوب، رفقة زوجة إسحق، قبرلوط، مقام الأربعين، زاوية ابن زقاعة. وفي مدينة الرملة، عبد الرحمن بن عوف، مقام علي، الشيخ خير الدين الرملي، الشيخ عبد الله البطائحي، النسائي، النبي صالح، النبي حيدر بن يعقوب عليهم السلام، أبو الفضل بن العباس، أبو الغوث الغزي، الشيخ موسى بالقدس، الشيخ بيك لار انتهى ما فيه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، والحمد لله أولاً وآخراً، والحمد لله رب العالمين. آخر الجزء الأول، ويتلوه الجزء الثاني، وأوله، محرم الحرام سنة خمس وثلاثين وماية وألف، أحسن الله ختمها، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. الجزء الثاني بسم الله الرحمن الرحيم هذا الجزء الثاني من الحوادث اليومية، أوله سنة خمس وثلاثين وماية وألف، رحمة الله على مؤلف، آمين. محرم الحرام سنة 1135 محرم الحرام سنة خمس وثلاثين وماية وألف 12 - 10 - 1722م الحكومة وسلطان الممالك الرومية، وبعض ممالك العربية، وبعض ممالك العجمية السلطان أحمد بن محمد خان ابن عثمان، أيد الله دولتهم. والباشا بدمشق علي باشا ابن المقتول، وقاضي الشام محمد أفندي البابي، والمفتي محمد أفندي العمادي، والمدرسون وبقية الناس على حالهم. القاضي الجديد محرم الحرام، أوله يوم الاثنين. أوله سافر أحمد أفندي قاضي دمشق. وكان ليلتها بعد العشاء، ورد قاضي الشام البابي من حرستا، ولم يعمل موكباً، ولاقاه الأكابر والأعيان على جري العادة. أخبار الحج يوم الثلاثاء، آخر الشهر من محرم، دخل جوخدار الباشا، وأخبر بأن الحج بخير، وأخبر بأن الكتاب يأتي بعده. قيل إنه أُرسل من القطرانة، والله أعلم. وفي يوم ذلك، أنشدني بعض الأفاضل لبعضهم: عليك بالصّدق ولو أنّه ... أحرق الصدق بنار الوعيد وجانب الشرّ فشرّ الورى ... من أغضب الله وأرضى العبيد صفر دخول القافلة وفي يوم الأحد الخامس من الشهر، دخل الحج الشريف من أول النهار، والمحمل دخل العصر من غير أمير، ولم يكن معه غير قاضي الشام والمدرسون، ورجب باشا المتعين على الجردة، سلمه إليهم وتوجه من طريق أخرى على الميدان الأخضر، ونزل في مخيمه. رجب باشا في دمشق

مجلس أنس

وفي سابع الشهر، فيه صعد رجب باشا للصالحية، وزار ابن العربي قدس سره، وبعد الزيارة حضر درس الشيخ عبد الغني في الجامع، وجلس في جملة الصف الذي خلف المدرس، ثم بعد الفراغ قبل أيادي الشيخ وصافحه، ونزل من على الجسر الأبيض إلى موضعه بالميدان الأخضر. وفيه يوم الخميس التاسع، فيه سافر رجب باشا إلى موضع كفالته، أعني إلى حلب وفي يوم الأحد سافر بعض الحجاج من دمشق. مجلس أنس وفي آخر صفر، كنا في مجلس لطيف، فيه كل شخص ظريف، فأنشدني بعض الحاضرين بمناسبة وقعت في سمررآق وطاب، وأتحف مجلسة رايق رقايق الخطاب، قول بعضهم: أطيب الطيبات موت الأعادي ... وتخايلي على متون ضمر الجياد ورسولٌ يأتي بوعد حبيبٍ ... وحبيبٌ يأتي بلا ميعاد عثمان باشا والياً وفيه، سافر السقا باشي وبعض أكابر الحج. وفيه سمع أن عثمان باشا كافل دمشق سنة اثنين وثلاثين وماية وألف، وجهت له كفالة دمشق، ومأمور بالسفر مع الحج الشريف، وهو الآن كافل صيدا. وفيه شرفنا إلى دارنا بالصالحية، الكاينة بمحلة الأمير المقدم الظاهري، المولى الهمام عمدة الفخام، السيد مصطفى أفندي بن محمد أفندي البابي، قاضي الشام حالاً، وهو شاب تحلى بحلا الفضايل، وفاق بحسن شمائله أزهار الخمايل، وتزينت به صدور المحافل، وابتهجت به طروس أقلام الأنامل، أخلاقه الكريمة أشبهت نسمة السحر، وحسن شيمه فاق رونق الزهر والزهر، له في الفضل القدم الراسخ، وفي الإنشاء والخط ما فاق به كل كاتب وراسخ، بلغ في البراعة أجل مرتبةً، وسما في أوج البلاغة والفصاحة أعلى منقبة، تولى نيابة العربية، يعرف بالعربية والتركية، كان الله لناوله آمين. مجلس أنس ربيع الأول، أوله يوم الخميس فيه، كنا في مجلس أتحف بالأزهار مع جماعة من الأصحاب، فتذاكروا الصداقة الظاهرة والباطنة، والمحبة الصادقة والمودة الخالصة. فقال بعضهم وأنشدني: سلوا عن مودّات الرجال قلوبكم ... فتلك شهودٌ لم تكن تقبل الرّشا ولا تسألوا عنها العيون فربّما ... أشارت لشيءٍ ضدّ ما أضمر الحشا أشعار في المحب وقال غيره: القلب أكبر شاهد على صدق المودة. وقال آخر: والعين تعرف من عيني محدّثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها وذكروا في المحب والعدو قول بعضهم: وعين الرضا عن كلّ عيبٍ كليلةٌ ... كما أنّ عين السّخط تبدي المساوئا وفي الأحد، حادي عشر ربيع الأول، دخل متسلم عثمان باشا المذكور، وهو بعد لم يجئ. وفي الأحد دخلت الخزنة المصرية، وهم إلى الآن لم يسافروا. تقي الدين التغلبي توفي شيخنا الفقيه الفرضي الحيسوب، تقي الدين بن الشيخ عمر الدومي التغلبي الحنبلي ولد رحمه الله في حدود الخمسين، وكان فقيهاً ماهراً في الفقه الحنبلي، ودرس بكرة النهار بالجامع نحو ستين سنة. أخذ عن التقي الحنبلي المفتي، وعن الشمس بن بلبان الحنبلي الصالحي، والنجم العرضي، وأعاد درس الحديث بين العشائين بالجامع، على الشيخ أبي المواهب الحنبلي المفتي. وشرح دليل الطالب في الفقه للشيخ مرعي الحنبلي الكرمي ثم المصري، وأقرأه كثيراً، والمنتهى، وانتفع به خلق. وكان مفتي الفرايض هو وأبو المواهب الحنبلي وذلك في يوم الثلاثاء تاسع عشر ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وماية وألف، ودفن بمرج الدحداح الغربية. دخول عثمان باشا وفيه دخل عثمان باشا كافل دمشق، الشهير بأبي طوق، ولم يعمل موكباً، ودخل السرايا من نحو باب السريجة، وفي يوم الجمعة صلى بالجامع على جاري العادة. والله ولي كل أمر. ربيع الثاني، لم يقع فيه ما يؤرخ. جمادى الأولى، راسلت الأخ الأمجد محمد جلبي، ابن رحمة الله أفندي الأيوبي. وكنت طلبت منه رسالتي المشتملة على أنواع البديع في البسملة، وطلبتها من أجل تقريض شيخنا الحافظ الخليلي، وأبي الفداء إسماعيل أفندي الرومي البرصلي، ومخلصه حقي أفندي حين نزلا إلى دمشق. وكانت نسختي المقرض عليها ضاعت، وكان في نسختها من نسختي، صورتا النصر، وتبت، فطلبت النسخة من عنده لأكتبها.

الشيخ عبد الرحيم الكابلي

والرسالة مقدار كراس، وكتبت أقسامها حين عرض لي قرامراد أفندي، قاضي الشام بالمدرسة الماردانية بالجسر الأبيض بالصالحية. فبعثت هذه الرسالة لأجل الدرس، عند الكلام على البسملة، لتكون مباحث البسملة فيما لا يتنبه إليه السابقون. الشيخ عبد الرحيم الكابلي وفي يوم الجمعة، عشرين جمادى الأولى 1135، صلي على مولانا وشيخنا الملا عبد الرحيم الكابلي. كان رحمه الله، رحلة في العلوم العقلية والرياضية وعلوم النحو والمعاني والبيان والأصلين. أخذ في بلاده عن الأجلاء، ودخل دمشق وأخذ بها عن أجلائها علوم الحديث، وكان أمةً ماهراً في علوم المنطق، ودخل دمشق سنة تسعين وألف، وحج سنة واحد، وثلاث وتسعين، وعاد إلى دمشق، وانتفع بالقراءة عليه خلق كثير من أهالي دمشق. علومه قرأت عليه حصةً من الفناري في المنطق، وشرح الشمسية مع مطالعة حاشية السيد الشريف إلى قريب آخرها، وعند الألواح من الشمسية المذكورة. وحضرت في شرح الدرر والغرر، ودرس التفسير في البيضاوي بمدرسة العذراوية بدمشق، وكان عرض له فيها سنةً، قرامراد أفندي، حين موت مدرسها أبي الصفا أفندي بن أيوب المفتي. أخذ طريقة النقشبندية عن الشيخ المسلك فيها، الشيخ مراد اليزبكي، المستوطن بدمشق، وصلي عليه بجامع تنكيزخان، ودفن لصق الواقف في تربته مما يلي الشباك، وقبره ظاهر، رحمه الله، وعفا عنه، آمين. الشيخ محمد العمادي يوم الاثنين ثالث عشرين جمادى الأولى، في السنة المذكورة، صلي على المولى الهمام، قدوة الأنام، محمد أفندي العمادي، ابن إبراهيم أفندي، ابن عبد الرحيم أفندي العمادي، مفتي دمشق الشام، وصلي عليه الظهر بالجامع ودفن بالباب الصغير. علومه أخذ المولى المذكور عن البرهان الفتال، وأخيه علي أفندي، المفتي سابقاً، قبل تاريخه، وتولى تدريس السليمانية بعد أخيه علي أفندي. وله شعر ونظم حسن، وكان بهي المنظر زايد الوقار والمهابة، له حلم ومودة وسخاء، حسن الملتقى، وله تؤدة في الكلام، ولم يكن أبهج منظراً منه، وله حسن مودة لمن قل أو جل. وقلت مرثياً له بقولي من بحر الكامل وفيه الإضمار: أسخى الزمان وجاد جوداً مكرها ... بمحمّدٍ حاوي المكارم والبها النابلسي مفتياً وفي الأربعاء، ثاني صبيحته، في الخامس والعشرين، صعد إلى عند الشيخ عبد الغني للصالحية، جماعات من أعيان البلد وطلبوه للفتوى، وكانوا أعيان دمشق، كل واحد عرض لنفسه فيها خفيةً، ثم شاوروا الباشا على ذلك. وهيء من الباشا قباء فاقم، وأكرمه غاية الإكرام، وشرع يفتي بداره بالصالحية، وصار أمين الفتوى صهره الشيخ صادق أفندي. وفي يوم الثاني والعشرين جمادى الآخرة، يوم الاثنين، أول الخلوة البردبكية، وحضر أكابر وأعيان، تقبل الله من الجميع. وفي يوم الخميس، خامس عشرين جمادى الثاني، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان. تقرير لعثمان أبي طوق وفيه جاء تقرير لعثمان باشا، وأنه يكون على الحج الشريف. وفي نيته الركوب إلى نواحي البلاد، ويدور في البلاد، كما هي العادة. البكري مفتياً رجب، أوله الأربعاء وقيل الثلاثاء. وفيه شاع بدمشق أن بشارة الفتوى وردت لخليل جلبي، ابن أسعد أفندي البكري، وهو من تلاميذ مولانا الشيخ عبد الغني أفندي، وهذا من العجب، والله أعلم بالحال الواقع في نفس الأمر، لكن هذا سمع، والعهدة على القايل. وفي وسطه وردت الفتوى إليه والسليمانية معاً. وفيه، يوم الخميس، ثامن عشر رجب، سافر صاحبنا الأخ عمر آغا الناشفي إلى مصر لمصلحة وقف خيربك. رياح وزلازل وفي ليلة الخميس المذكور، صار هوى وريح كثيرة، وزلزلة، لكن خفيفة، وقيل إنها تكررت، وكان أولها بعد العشاء بنحو عشرين درجة، ووسط الليل وآخره. والله يلطف بالعباد. وفي يوم الجمعة، وكان أيام الزهر، وهو يوم التاسع عشر، فيه كان هوى وبعض مطر ربيعي. وبلغ أن الباشا نهب قرىً كثيرةً من بني نعيم، وأكثرهم أشراف بعلامات من أهل الطاعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولما ذهب الباشا، وكان بعد بشارة الفتوى للمذكور سابقاً، وصى له على قباء فرو فاقم. فلما وردت وزار الأعيان، ألبسه المتسلم القباء المذكور، وطلع من السرايا في غاية السرور. وهو ولي كل أمر. سنة 1136 1 - 10 - 1723م

إبراهيم البيطار

إلى خير صفر، فيه يوم الاثنين الثالث دخل الحج، ودخل المحمل يوم الثلاثاء. إبراهيم البيطار وفي يوم الأربعاء، سابع عشر صفر، توفي الشيخ إبراهيم البيطار، ودفن بتربة مسجد النارنج. رميات وفيه رمى الباشا على محلة الشيخ محيي الدين سبعماية غرش، وانجمعت في أيام يسيرة. ثم رمى على محلة الشيخ عرودك مثلها لأمر وقع، فتحيل فيه، وكان منعها قاضي الشام، فلم يرجع عنها، ولموها له، وحصل للناس مشقة عظيمة، خصوصاً الفقراء. قاضي مكة وفي يوم الجمعة توفي إلى رحمة الله قاضي مكة المشرفة وصلي عليه بالأموي، ودفن عند بلال الحبشي رضي الله عنه. واسمه عبد الرحيم أفندي، وتولى تغسيله قاضي الشام مع من معه، عفي عنه، آمين. فتن في مصر وفي سادس عشر، وهو ربيع الأول، وأوله الأحد، دخلت الخزنة المصرية، وبلغ خبر أن مصر مفتونة، وقتل كم صنجق، وقتل إسماعيل باش الصناجق.. وفي آخر ربيع الأول هدمت مأذنة الدرويشية إلى حد باب الجامع لتضعضها، ومرادهم يسرعوا فيها أيام الصيف، لأن فرمان الهد كان زمن الشتاء. وفيه بلغ خبر بأن القدس مفتونة. وأخرى في إيران وبلغ خبر، أن ابن عثمان جيش على محمود شاه الذي ظهر في نواحي العجم وأخذ ممالك بلاد الشاه. وقيل إن محمود شاه أخلى أصبهان وترحل منها، ولم يعمل قتال، لأن العسكر العثماني كثير جداً، يبلغ كرات وسبعين ألفاً، ما عدا الأعجمام، والله يصلح الأحوال. دخول الشريف يحيى وفيه دخل السيد يحيى بن السيد بركات، الذي كان سلطان مكة، وكان جيش عليه الشريف عبد الله بن الأشرم بعساكر من اليمن ومن ساير الجهات وقتل خلقاً كثيراً من جماعته، وأخرجه من مكة بمفرده، وذلك بعد الخروج بالحج من مكة. وجاء على طريق مصر على جهة الرملة وغزة، ونزل دار عمه، أبي زوجته، إبراهيم آغا الخالجي، وجلس ذاك مكانه بالسيف. فتن في الخليل وفي هذا العهد، صار فتنة عظيمة في الخليل، وقتل خلق كثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ربيع الثاني، أوله الخميس، فيه خرج أول بلك من بلكات الخزنة. جمادى الأولى والثانية، لم يقع فيه ما يؤرخ. رجب، وأوله السبت، السادس فيه، كان آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وكان ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع بمنه وكرمه آمين. وفي الشهر المزبور، أنشدني بعض الأصحاب، من كتابه لإبراهيم المقري الشاعر، قوله يمدح بعض وزراء عصره: ورود زكايا الدمع يكفي الركابيا ... وشمّ تراب الرّبع يشفي التّرابيا شعبان، أوله الثلاثاء، ورد حج من الروم، وورد قبجي من الروم، ونزل عند حسين آغا، ابن فروخ، والله يحسن الأحوال. تظلم أهل الصالحية وفيه صار شوشرة وغوغاء من أهالي الصالحية وغيرهم، وسكرت البلد، وقام العوام على القاضي معين زاده، وكان عليهم ظلم كثير، ولم يكونوا فرغوا من المظلمة السابقة، وأرسل القاضي إعلاناً للمتسلم في رفعها، فأرسل بيردياً: لا تحطوا شيئاً، فهدت الفتنة، وفتحوا بعد ما سكروا، ولله كل أمر. رمضان، أوله الأربعاء على رؤية الهلال، يوم الاثنين السادس، فيه ورد عثمان باشا أبو طوق من أسفاره في نواحي القدس وبلاد الشوف، وتسمى الدورة، فيها نفع للباشا، والله يلطف بالمسلمين. ثم إن أهل الصالحية، وقع عليهم الوهم من زعم القاضي، وأكثرهم أرسل ما يخاف عليه للمدينة. وسمع أن الروم أرسلوا قاضياً للشام قبل هذا وتوفي بسكنه ببلاد الروم، وأصله من حلب، من ذرية الأولياء والصالحين، فوجه لمعين زاده. مصطفى مستقيم أفندي وفيه سافر معين زاده وحده آخر شوال، لدخوله الشام أول القعدة، وسافر معه مصطفى أفندي بن مستقيم أفندي، قاضي الشام سابقاً. فيوم دخول ابن مستقيم، اجتمع مع أخيه قاضي العسكر ومع والدته حم، وبعد ثلاث أيام توفي، عفي عنه، آمين. وكان مصطفى أفندي، شاباً لطيفاً مليحاً ماهراً في الميقات والفلك وعلم الموسيقى والسياب، توطن بالصالحية مدةً مديدةً بمحلة الأمير المقدم الظاهري، وتولى نيابة القضاء بها وبغيرها، وكان لما سافر يقول: لا أُطول وأرجع، وأجتمع بأخي وأُمي وأعود: وقايلٍ: عند أهلي لا أُطيل ... وأحنّ لشامٍ ما لمرآها مثيل فكأنّما خطوته في روحه ... عمرٌ تقضّى ما لذاك بديل نفي جماعة إلى قبرص

اكتمال حمام ملكة

وفيه سركن الباشا أبو طوق جماعةً من الصالحية إلى قبرص، ومعهم جماعة من بني تغلب وغيرهم، ينسب لهم الشر ومقارشة الأمور والبلص، ولا قوة إلا بالله. شوال، أوله الجمعة، يوم السبت، فيه، وهو التاسع، طلع المحمل والباش بعد الظهر، ونزل القبة، وإليه المصير. اكتمال حمام ملكة وفيه تم الحمام شمالي الدرويشية وقبلي السرايا وغربي الأخصاصية، وهو وقف على الحرمين الشريفين، واستأجره المستأجر بإحدى عشرة مايةً، مدة سنة، وأوقفه آغة البنات بالروم. وفيه كملت مأذنة الدرويشية بعد هدها لشقوق في بدنها، وهو المدبر والمعين. خنق خمسة من الصالحية وفي يوم الخميس، ليلة الجمعة، ليلة الثالث والعشرين من شوال، خنق الباشا جميع المسركنين إلى قلعة قبرص وهم: الشيخ عبد القادر بن عمر ابن تغلب، والشيخ حسن التغلبي، ورسلان التغلبي، وصبي يسمى محمد ابن كزمات، من أهالي الجسر الأبيض، وشاب فاخوري من أهالي الصالحية كان معهم، وغسل الشيخ عبد القادر والشيخ حسن ودفنا في قبر واحد، والباقي في خشخاشة من غير غسل، ولا قوة إلا بالله. يوم الأحد، رحل الباشا من المزيريب. هرب الشريف يحيى يوم الأحد، سافر الشريف يحيى بن بركات الحجازي، سلطان مكة، وتوجه إلى عند العرب، وكان ورد إليه فرمان بأن يسركن إلى رودس، ببلاد الروم، فلم يرض، وخرج هو وجماعته، ولم يقدر أحد يعارضه ولا يقف في وجهه، ومعه من جماعته جم كثير، شعلة نار. وقيل هرب إلى عند ابن مضيان، ومحله بين الحرمين. وفي يوم السبت حادي عشرين شوال دعينا إلى الفيجة ومكثنا كم يوم، مع جملة أصحاب، وتلك الناحية كثيرة الأشجار، غزيرة الأنهار، طيبة الهواء، طيبة الماء. وفي يوم الاثنين وصلت المزيربتية، والباشا رحل الأحد يوم الثالث والعشرين. وفيه رخاء في الفاكهة، أرخى من الشام، والأسعار بيد الله تعالى. وفي هروب الشريف يحيى، السابق ذكره، لحقه المتسلم والينكجرية والزعماء فلم يلحقوه، إلا بعض قفله وخزينته، وهرب عنها وهي ملآنة، وجعلوا الكل في قلعة دمشق، وثلة من عبيد له، جعلوا الكل في القلعة، قلعة دمشق. ثم إن الشريف بعد أيام أرسل مكتوباً في الاحتفاظ على خزينته، وأنها تشتمل على أكياس وأموال وجوهر ومعادن ما يساوي ألف كيس، وإلى الآن لم يعلم له خبر، وهو العالم والولي بكل، آمين. وفيه كملت مأذنة جامع درويش باشا والحمام قبلي السرايا وشمالي الجامع. والله ييسر كل خير. ذو القعدة، وأوله الأحد، وفي آخره، دخل باشة الجردة إسماعيل باشة، الشهير بابن العظم النعماني، وذلك في بكرة النهار، يوم السبت التاسع والعشرين من ذي القعدة. عزل القاضي ذو الحجة، فيه عزل إسماعيل أفندي معين زاده الرومي من قضاء الشام، وتولى نيابة الباب، خليل أفندي المفتي، ثم ورد نائب الجديد، وهو نائب واحد، وهو نائب القسمة العربية. وفيه جلس نائباً، صادق جلبي بن الخراط عن القاضي الجديد. وفيه سافر خليل أفندي إلى الروم. حمام ملكة وفيه قلع بلاط وقبع في مقصورة الحمام الجديد، شمالي الدرويشية، والسبب أنهم أحموا الحمام بزيادة، ثم أُصلح، وهو من أحسن حمامات دمشق. وفي يوم الوقفة، الثلاثاء، عمل معلم الحمام مولداً، ودعا أكابر وأعيان. وفيه خرج باشة الجردة وسافر على اللوان، ولم يعمل موكباً. وفيه وردت مكاتيب العلا، وفيها أخبار بحسن حال الحج، وأنه في غاية الأمان والحمد لله تعالى. سنة 1137 سنة سبع وثلاثين وماية وألف 19 - 9 - 1724م حكومة دمشق وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية، السلطان أحمد بن محمد خان، وباشة الشام عثمان باشا، بالحج الشريف، وقاضي الشام محمد أفندي بيري زاده، بعد لم يدخل، وبعد الفتوى لم ترد، والعلماء والمدرسون على حالهم. أول محرم الثلاثاء، في يوم الأحد سادس الشهر دخل قاضي الشام عند المغرب، جعل الله قدومه خيراً. صفر، ثالثه، وهو يوم الأحد، دخل الحج الشريف. وفي يوم الاثنين منه، دخل المحمل والباشا، ودخل قبله خمسة باشاوات منهم ابن العظم أمير الجردة وغيره، ودخل قدام الباشا أعيان الشام من الموالي والكتاب وغيرهم، وخلفهم أرباب الزرديات، جماعة الباشا نحو ستين مدرعاً، والقوة لله سبحانه.

فرح توما

والوقفة كانت الثلاثاء، أي وقفة سنة ستة، وكان دخل الكتاب قبل يومين، ومدة الإقامة بمكة سبعة عشر يوماً، وإليه الأمر كله. فرح توما ربيع الأول، وأوله الثلاثاء، وفيه عمل الباشا فرحاً لتوما الذي أسلم، وبقي نحو سبعة أيام، من أول الشهر إلى يوم الخميس. الباشا والدروز ربيع الثاني، وأوله الأحد، وفيه، يوم الاثنين وسط الشهر، سافر أبو طوق إلى جهة الدروز ووادي التيم والشقيف، وإلى ابن الحرفوش أمير بعلبك، ومراده يصل إلى حمص يزور السيد خالد رضي الله عنه، والسيد إبراهيم بن أدهم، وخرج معه حقلجية الميدان وجمع، والله يصلح الراعي والرعية. وفيه رمي على محلة الشيخ عرودك ثمان ماية غرش لأجل رجل جرح آخر، ومسكوا بعض ناس. وفيه، في أواخره يوم الأربعاء، خامس عشرين ربيع الثاني، دخلت رؤوس من العرب، نحو ستين رأساً على رماح وأعمدة وأعواد، مع شبان من داريا، ومعهم بيرق أبيض، وخيالة نحو ثلاثة، أربعة، وكومت مقابل السرايا، ونسأله إصلاح الشؤون. ثورة العوام على العوانية جمادى الأولى، الجمعة. بعد أن سافر عثمان باشا إلى صيدا، اجتمع الأكابر وقاضي الشام، وقامت العوام على العوانية الذين في باب الحاكم، فقتلوا منهم جماعةً، وأُودع في الحبس جماعة، وأن العوام أخربت دار الصيرفي اليهودي، وكان راح مع الباشا إلى كفالته بصيدا، وأخذوا موجوده وجعلوا داره ساحةً. وشاع عن أبي طوق أنه معزول من الشام، ولم يتحقق بعد. أحمد بن كنان وفي حادي عشر جمادى الأولى، يوم السبت، توفي ولدنا الأعز الشيخ أحمد، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بالروضة. وكان شاباً فاضلاً خطاطاً مورقاً فهيماً، اشتغل بالعلوم مدةً، من نحو وفقه وهندسة ومساحة، عفي عنه بمنه آمين. إسماعيل باشا العظم والياً جمادى الثاني، فيه عزل أبو طوق، ووجهت الشام وما والاها لإسماعيل باشا ابن العظم، أمير الجردة، ويوم الخميس من جمادى الثاني آخر الشهر، دخل ومعه عسكر كثيف ونزل السرايا. خنق الشاه بندر وفي ليلة الخميس آخر الشهر، خنق بقلعة دمشق الشاه بندر، وغسل وصلي عليه عند بابها ودفن بالدحداح، وإليه كل أمر. رجب، أوله الجمعة. جاء الباشا وصلى بالجامع عند رأس نبي الله يحيى عليه السلام، ودعا على السدة السيد عمر المؤذن للخنكار ومفتي الروم وباشة الشام وللعلماء وبقية المسلمين، ونسأله سبحانه التمام إلى خير. قتل العوانية وفي نية العوام وأعيان البلد قتل بقية من أهل العوان، وبعد، هم في الشور واختلاف الرأي، ونسأله إصلاح الراعي والرعية. وفيه في أوله، جلس علماء الحديث في دروس الثلاثة أشهر. شعبان، أوله الجمعة، ورد قبجي من الروم. وفي يوم الخميس رابع عشر شعبان، آخر الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان وبقية الناس مما لا يحصى، ونسأله الإجابة والقبول بمنه وكرمه. ختم النابلسي وفي ثاني عشره، يوم الثلاثا، ختم الشيخ عبد الغني درسه بالسليمية السلطانية بالصالحية، وهو درس التفسير، واجتمع خلق كثير ودعوا، تقبل الله منهم. سفر مروى خاتون يوم الأحد ثالث الشهر، سافرت مروى خاتون مع أمها وابن أخيها إلى حلب، إلى عند زوجها، ومعها محارتان وعكامة، إلى غير ذلك، وولدها حسن جلبي بن سليمان جلبي، وهو ابن اثنتي عشر سنة، من زوجها سليمان جلبي، قبل الشيخ عبد الخالق، وكان تزوجها بدمشق وذهب إلى حلب واشترى داراً هايلةً. وأرسل يطلبهم، وله الأمر كله. رمضان، أوله الأحد على الثبوت، ونسأله الرضا والقبول بمنه آمين. حامد العمادي مفتياً وفيه وصلت الأخبار بأن العمادي حامد أفندي صار مفتياً بعد ابن البكري، العارض فيها بعد محمد أفندي العمادي، وتقدم. وفيه بعد كم يوم، وردت الفتوى لحامد أفندي ابن أخي المفتي السابق، وهو أهل ذلك وزيادة، إذ دأبه المطالعة والاشتغال بجد ورغبة تامة. الحجاج وفي أواسط الشهر، ورد حج كثير من الروم، وورد أمين الصر والسقا باشي، الصغير والكبير، كما هو جاري العادة. شوال، أوله الثلاثاء، يوم الاثنين في الرابع عشر من الشهر، طلع الباشا إلى قبة الحاج ومعه عسكر كثيف نحو الثمانين بيرقاً، والله يوصله بالخير. مطر في الصيف في آخره، صار مطر، وكان في مربعانية الصيف، وكان بعض رعد، والله على كل شيء قدير.

صالح جلبي

ذو القعدة، أوله الأربعاء، ثالث عشره، يوم الاثنين، سافر بيري زاده قاضي الشام مع ركب الحلبيين، ورجعت المزيربتية. ذو الحجة، أوله الخميس، دخل قاضي الشام محمد أفندي صلوحي في نصف الليل، ووصلت مكاتيب العلا. صالح جلبي وفيه يوم السبت، توفي صالح جلبي بن محاسن، وكان يتولى نيابات بدمشق كالميدان والصالحية والعونية، ثم ترك ذلك، ودفن قرب بلال، عفي عنه آمين. سنة 1138 محرم الحرام سنة ثمان وثلاثين وماية وألف 8 - 9 - 1725م الحكومة وسلطان الممالك الرومية، وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد بن المرحوم السلطان محمد خان بن عثمان الرومي، والباشا بدمشق إسماعيل باشا، ابن العظم النعماني، وقاضي الشام، محمد الصلاحي الرومي، والمفتي حامد أفندي ابن العمادي، والعلماء والمدرسون على حالهم. نزهة أدبية يوم السبت، أول محرم المذكور، دعانا الأخ الأعز الأمجد، الناسك الأوحد، صادق آغا، من أعيان المتقاعدين بدمشق، إلى الوادي قرب الربوة تركة بني كيوان أيام العنب والتين، وعمل ضيافةً حافلةً، ودعا شيخنا العلامة أبو الفضل زين الدين عبد الرحمن السلمي، الفقيه النحوي الحنفي، مدرس الجهاركسية بالصالحية، والطرخانية، قرب سيدي عصرون، وجماعة من الأفاضل، وصارت مذاكرة ومواعظ ومطالعة بقراءة بعض الأفاضل، منهم الفقيه الشيخ أحمد النابلسي الحنبلي، وأنشدنا من كتابه قصيدة مديح للشاعر ابن قرط. ولما صار الأصيل، وبدت بالغروب أوائل الليل ألاليل، تشكرنا من داعينا بما أدى من الجميل، وتأهب لينزهنا بالبستان الذي كل مدح في وصفه قليل، واستكثرنا خيره، وشكرنا بره. وكان سبق انحراف مجاز، خلص منه وجعل فيما وعد به حال المرض الإنجاز. حفلة ختان وفي يوم عاشورا، يوم الثلاثاء، كان ختان ولدي المرحوم محمد آغا، ابن عمر آغا، فدعانا عمر آغا المذكور للحضور، ودعا أكابر وأعيان، ولم يأخذ من أحد شيئاً، كان الله له، آمين. هزيمة العجم وفي الأربعاء حادي عشر الشهر، ضربت المدافع بالقلعة بشارةً أن النصرة لبني عثمان، صارت على الأعاجم اللئام، وأخذوا منهم همدان وسبوهم وذراريهم، قاتلهم الله. محمد جلبي القاري وفي آخره توفي إلى رحمة الله، محمد جلبي القاري مدرس البلخية، وذلك يوم الثلاثاء آخر محرم الحرام، وقيل أول صفر، فصفر أوله الثلاثاء. خامسه، دخل الحج الشريف، وهو يوم السبت، والأحد المحمل. وفيه قتل بالبارود بعض كواخي الباشاوات. فإنه لما نزل الباشا قبة الحاج، عمل الطبجي شنكاً، فرحاً بالسلامة، فانفتق المدفع فأصابته ردفة من قطع المدفع فوقعت عليه، ودخل وهو بالتخت، ومعه بصلة يشمها، ومات عصر ذلك اليوم ودفن بتربة الدحداح. عودة الشريف يحيى وفيه ورد سلطان مكة الشريف يحيى، وأُعطي إذناً أن ينزل في أي بلد أراد، ونزل دار بني السفرجلاني. ودخل في صحبة الباشا العلامة ابن الكوراني من مدرسي الحرم، وابن أخت الشيخ طاهر ابن الكوراني، واختفى ابن الكوراني، من علماء المدينة وابن السيد البرزنجي، لأنهم مأمورون بالذهاب إلى الروم، والله يصلح الأحوال. مشكلات الحجاج وأخبر بعض الحجاج أنه صار في شوب، وعطش وهلك خلق كثير، ولم يحصل من العرب ضرر، إلا بين الحرمين من بني مضيان، وأخذوا من الباشا سبع أكياس، ودخل الباشا وقت الظهر، وعلى يساره قاضي الشام والعلماء، وذلك يوم الثلاثاء من صفر، في خامس الشهر، فصفر أوله الثلاثاء. الشاب أحمد بن صالح وفي السابع والعشرين منه، يوم الأحد، توفي الشاب أحمد بن صالح. أخذ الطريقة، ومال للصوفية، وهو شاب قريب العهد بخروج لحيته، وله صوت طيب، ويحفظ من كلام القوم كثيراً، حسن العشرة، لطيف المزاج، وله محبة للصالحين واعتقاد متين، وذلك ليلة الأحد آخر الليل. وصلي عليه بالسنانية، ودفن غربي بلال. ورثاه صاحبنا الأمجد السيد إبراهيم بن الشيخ عبد الرحمن بن الحكيم الصالحي بقوله ممتدحاً: يا حسرةً مالها من حدّ ... كيف والعيش مكمد قد راح من كان خلاًّ ... وطال مالي أنجد وأصبحت فرداً لفقدي ... من كان في الناس مفرد وناح طير العوالي ... على الغضون وغرّد

الشريف يحيى بن بركات

وقال: هل تبك من هو ... وسط الجنان مخلّد ومذ ذكرت الليالي ... التي مضت فيه أُنشد مؤرّخاً آه نخ: ... والله قد مات أحمد ربيع الأول والثاني، لم يقع فيهما ما يؤرخ. الشريف يحيى بن بركات جمادى الأولى، في حادي عشره، توفي السيد يحيى بن السلطان بركات. تولى إمرية الحج الشامي سابقاً، وتولى سلطنة الحجاز، ثم ذهب للروم، وتولى القدس، وذهب إلى مكة المشرفة، ورجع إلى دمشق، ونزل دار بني الأرنؤوط. ووعد بمنصب، فتمرض وتوفي ليلة الجمعة، وصلي عليه يوم الجمعة بعد الصلاة في الجامع الأموي، ودفن بتربة سيدتنا رقية رضي الله عنها. جمادى الثانية، وردت السليمانية للملا محمد البكري، وكان متمرضاً. محمد البكري رجب، أوله الأربعاء، وقيل الخميس، فيه توفي محمد أفندي بن أحمد أفندي البكري، وذلك يوم الجمعة، وصلي عليه بالجامع ودفن بتربة الشيخ رسلان. شعبان، أوله الخميس، في سادسه، أول الخلوة البردبكية بدمشق، وكان ختماً حافلاً حضره أكابر وأعيان، تقبل الله من الجميع. وبعده في ثاني عشره وردت السليمانية لحامد أفندي، مفتي دمشق الشام. درس النابلسي وفي يوم الثلاثاء ختم درس التفسير بالسليمية الشيخ عبد الغني النابلسي، وحضر خلق كثير. وفيه تمرض شيخنا ملا إلياس، كان محققاً في العلوم، زاهداً في الدنيا، قليل التردد على الحكام، متقشفاً، مقيماً في مسجد العداس، والله ينظر إليه بالخير والعناية والعافية. نزهة في الباسطية وفي يوم الاثنين رابع عشرهن كنا نحن وجماعة من الأصحاب بالباسطية بالصالحية، وكان بعض أفاضل، وكانت المطالعة في شرح المنفرجة لمنشيء هذا التاريخ. ومكثنا من بكرة النهار إلى العشي، وبينها وبين الجسر الأبيض رمية حجر من شماليه، لأنها من المتنزهات المعدودة والأماكن المقصودة، حسنة العمارة والرونق، ذات إيوان عالي الجناح والجوسق، بحرتها تسر الأنظار وتنسي الأكدار، يترقرق من جوانبها لجين الماء، وينطبع من صفائها في جوها السماء، وقلت ممتدحاً لها عدة أبيات: ابسط رجاءً للسّرور وفرحةً ... بالباسطّية، واكتفي بالغال شّتتّ أكدار التكدّر والجفا ... وأتيت منها هادياً للبال تسليك بركتها ونزهة حسنها ... عن ربوةٍ غنّا وعن خلخال والورد في الجنبين من جنباتها ... قد أعكفت أغصانه على السّلسال لله يومٌ في دارها خلته ... يحكي المقام بجنّة الأفضال ثم انقضى اليوم، كانقضاء النهار بنجوم حنادسه، والتقم الغم قلب المعنى، كما التقم القلب وساوسه. الملا إلياس الكردي وفي صبيحة النصف من شعبان، سلمنا على مولانا ملا إلياس بجامع العداس، وهو كثير التوعك. وفي عشية يوم ذاك الثلاثاء، توفي إلى رحمة الله، وفي صبيحة يوم الأربعاء، صلي عليه بجامع المصلى، وكانت الخلق لا تحصى، ودفن بالباب الصغير قرب شيخه السيد حسن بن المنير. أخذ ببلاده عن الأجلاء بها، ثم ورد بغداد ولازم ملا علي الكردي، وأخذ عن الشيخ إبراهيم الكوراني نزيل المدينة، وورد دمشق وحضر دروس الأجلاء بها، وانتفع به خلق كثير. وكان يقرئ في ساير العلوم، وله حاشية على عصام، وحاشية الجامي، وحاشية علي القيرواني شرح السنوسية. وتقريره في غاية الحسن والجودة، رحمه الله وعفا عنه. وفي ثالث عشرين شعبان، كنا في زيارة ولي الله الشيخ عمر الخباز، وفي ثاني يوم زرنا الشيخ بايزيد. رمضان، لم يقع فيه ما يؤرخ. القافلة شوال، في أوسطه خرج الحج، وفي آخره رجعت المزيربتية، ورحل أمير الحج قبل الهلة بيومين. ذو القعدة لم يقع فيه ما يؤرخ. ذو الحجة، في عاشره، كان الخميس العيد، فيكون أوله الثلاثاء. فتنة في دمشق وفي آخره توجه القاضي بيري زاده، ووقع فتنة من جهة تسفير القبجي الذي جاء من جهة المعاملة، وسكر الجامع ثم فتح، وذلك يوم الجمعة آخره. وفيه وردت مكاتيب العلا، وفيها أخبار مسرة. محرم الحرام سنة 1139 الذي هو من شهور سنة تسع وثلاثين وماية وألف 30 - 8 - 1726م الحكومة

الميطور

أوله الخميس، أو الجمعة. وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد ابن محمد خان، والباشا بدمشق إسماعيل باشا ابن العظم، والقاضي نائب القاضي الآتي، وقيل توفي في طريق الروم، والمفتي حامد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم. الميطور في ثالثه، يوم الأحد، كنا ببستان الميطور، وكان أكثر المطالعة بكتاب العهود للشعراني. يوم السبت. فيه دعانا الأخ أبو الصفا مصطفى أفندي إلى المزه، فزرنا دحية الكلبي، ثم ذهبنا ثاني يوم إلى بستان العلم بها، وكانت المطالعة في كتاب الألغاز للإمام الجراعي الحنبلي، والفروق للزريراتي الحنبلي، بقراءة الشيخ أحمد بن عبد الله الخطيب الحنبلي، وذلك في مجموع، وفيه من الفوائد ما لا يحصى. وفي آخره نزلنا لدعوة هي لبعض أصحابنا، دعانا إليها. وإجابة دعوة العرس واجبة، وذلك يوم الأحد، حادي عشر محرم الحرام. برزة وفي يوم الجمعة، ليلة السبت، سابع عشر الشهر، كنا في نية الذهاب إلى المقام. وفي سبت ذاك كنا في المقام لزيارة خليل الرحمن عليه السلام، وكان أكثر مطالعتنا في العهود للشيخ الشعراني. فتن العسكر في دمشق وفي يوم الاثنين والعشرين في الشهر، صار شوشرة بين الينكجرية ودولة القلعة وسكرت البلد. وفي يوم الاثنين ثالث صفر، دخل المحمل، والحج دخل الأحد. الشيخ أحمد سراج وفيه، يوم السبت أواخر صفر، توفي الشيخ الصالح المستغرق المجذوب الشيخ أحمد بن سراج، وكان من المجاذيب الكبار، وملبسه زي العقلاء، لكنه ذو أحوال ظاهرة. فإذا دخل دار أحد قال: هذه دارنا ووقف أهلنا. ويكتب في أوراق كتابةً لا تفهم، وله كشف، وربما يشتم بالسفه بعض الناس، وكان من أصحاب المقامات وأرباب الكشوفات، ودفن بالباب الصغير. وفي آخره، سافر الصر أميني والسقاباشي على الروم ومن عادتهم أنهم يسافرون آخر شهر صفر. وفيه بلغ أن ابن الباشا أبو طوق توفي، والباشا لا يفارق من على التربة ليلاً ونهاراً. ربيع الأول، أوله الاثنين، فيه في عاشره بلغ خبر بأن ابي طوق توفي، وقيل أصابه الفالج. خان الليمون وفيه شرع باشة الشام بعمارة خان الليمون، فجعله عشرة مسالخ يذبح فيها اللحم، لا في غيره، ما عدا الصالحية والميدان، وإليه تدبير الأمور. مجذوب وفيه في سادس عشر الشهر، توفي رجل من المجاذيب، فيه قرابة لبني الغزي، ويستحق في الوقف، ويأخذ قدر استحقاقه، وصلي عليه في الأموي، ودفن في الباب الصغير، وعملت صباحيته في المشهد المقابل للبير، من جهة الشرق، وعزى الناس الشيخ أحمد المفتي، حفظه الله تعالى. فتح الله الداديخي شهر ربيع الثاني، وأوله الثلاثاء، فيه توفي فتح الله جلبي الداديخي في السبت ثاني عشر الشهر، توفي المذكور، وصلي عليه بالجامع ودفن بالشيخ رسلان. تولى تدريس المدرسة الباسطية بالصالحية، والمدرسة الريحانية داخل دمشق، وطلب وقرأ أطرافاً من الفقه والنحو، وصار يتولى النيابات والقضاء، وسقط في هذه السنة عن فرسه، فحمل إلى داره مفلوجاً، إلى أن مات في التاريخ المشار إليه، وخلف كتباً نفيسةً. رجب باشا وفيه بلغ خبر بوفاة رجب باشا، أنه توفي بالعجم في آخر الشهر. الشيخ بدر الدين النقشبندي سادس عشرين ربيع الثاني، ليلة السبت، توفي الشيخ الإمام الولي المعتقد الأديب الشيخ بدر الدين بن جلال الدين بن الغوث النقشبندي، ورد دمشق في سنة أربع وتسعين وألف، وأُنزل خلوة القيشاني شرقي الأموي، ومعه ابن عمه هداية الله. وكان صالحاً عابداً ساكناً مستقيماً ثابتاً، وهو من ذرية الغوث، صاحب كتاب الجواهر الخمس، وتمرض قدر سنة بمرض الاستسقاء والورم. وصلي عليه ظهر يوم السبت بالجامع، ودفن بتربة الشرقية إلى جهة الغرب، في مقابر الغرباء في تربة مرج الدحداح عند ابن عمه هداية الله، الذي توفي قبله بزمن كثير، وغسل بالمدرسة السميساطية، وعملت صباحيته بالمشهد الشرقي. الباشا عثمان أبو طوق وفي سابع عشرين ربيع الثاني، يوم الأحد، توفي الباشا الذي هو عثمان باشا، الشهير بأبي طوق بصيدا، وورد بذلك ساعي. جمادى الأولى، أوله الأربعاء، فيه، في خامسه ورد الساعي المخبر بوفاته ودفن بصيدا.

حمام الخياطين

وفيه في أوله، ورد قاضي الشام مصطفى أفندي منصوري زاده، ودخل ليلاً أول الهلة، ومعه ثلاث نواب، وذهب لدار العدل، وألبسه الباشا قباء سمور على جاري العادة. والله يصلح الراعي والرعية. وتوجه نواب القاضي المتوفى إلى الروم. حمام الخياطين وفيه شرع الباشا بعمل حمام وسوق الخياطين، وكان خاناً مردوماً من قديم من نحو مائتي سنة، وحزر على نقل التراب والكيمان نحو الألف، والله يحسن الأحوال بمنه، آمين. يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى، وردت الخزنة من مصر ضحوة النهار. محمد الدسوقي وفي يوم السبت، فيه صلي على السيد محمد ابن الدسوقي، وكان عابداً ساكناً. وذلك بعد صلاة الظهر، ودفن بتربتهم بالباب الصغير، شرقي سيدي بلال، رضي الله تعالى عنه، وعملت صباحيته بالجامع. وفيه أُرسل الشيخ أبو الطيب بن السيد البرزنجي إلى رودس داخل قبرص، بعد أن كان محبوساً في القلعة الدمشقية من نحو سنتين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله يفرج عنه آمين. جمادى الأولى، وأوله الجمعة في أوله سافرت الخزنة للروم. وفيه سمع أن الأمير أُويس الذي بمملكة العجم وأخرجه الشاه وتملك أصبهان، تغلب على عسكر بني عثمان، ورجعوا ولم تحصل نصرة، وهو من أهل السنة، وقع له رؤيا في قتالهم لارتكابهم مسبة الصديق والصحابة، وهم مستاهلون أكثر من ذلك، ومعه عساكر جرارة لا تحصى ومعه علماء وفضلاء، ولا يعمل شيئاً إلا على وجه الشرع الشريف، وله تنسك وتعبد سار في جميعهم كالصحابة. أطواخ وتنقلات وفيه ورد لأسعد باشا، ولد إسماعيل باشا ابن العظم طوخان لباشوية محروسة ترابلس، وسليمان باشا عمه عزل إلى أرزوم، ووجهت صيدا لعبد الله باشا ابن الوزير الكبرلي. وفي نيتهم إخراج قرا متسلم سليمان من حبس القلعة، وله نحو سنتان فيما أظن، أو سنة ونصف، ويطلع على أكياس. ووقف الباشا جبر على البلاد الحورانية، وراشد النعيم على الجبلية. والله يصلح أحوال المسلمين. مدرسو الحديث رجب، وأوله الأحد، وقيل السبت، فيه جلس مدرسون الحديث في دروس الحديث. قيحي لجمع الأموال وفيه توجه الباشا إلى ناحية القدس، وورد من الروم قبجي يوصي لابن العظم على جمال وحمل غلة نحو عسكر ابن عثمان تصل إلى بلادهم، فهربوا من وجه القبجي. وفيه شاع أن الأمير أشرف توجه نحو بني عثمان فهربوا من وجهه، والله يصلح أحوال الطرفين إلى خير الأمرين. عودة السكمان شعبان، أوله الأحد، والأصح الاثنين، فيه رجعت السكمان من الأسر، وصار لهم عفو. وفيه، فيما سمع لأبي الطيب الذي تقدم أنه سركن من جيش دمشق إلى رودس، صار له إطلاق. وفيه أُطلق قرا متسلم. وكان محبوساً بالقلعة في دمشق. في تاسعه، يوم الاثنين، كانت الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان في جملة أيامها إلى يوم الخميس، وهو يوم ثاني عشر، تقبل الله من الجميع بمنه. ختم النابلسي وفي يوم الثلاثاء عاشره ختم مولانا الشيخ عبد الغني درس السليمية بالصالحية في التفسير، وحضره الأكابر. ليلة المحيا وفي ليلة النصف، كان المولد بالسليمية، وحضر الخاص والعام، وبقي المولد نحو ثلاث ساعات، ودعوا وصلوا على رسوله عليه السلام، ثم ذهبوا إلى مكانهم، وكان في مطر، وكان له من يوم الجمعة. الباسطية يوم الرابع عشر كنا بالباسطية نحن وجماعة من الإخوان. وهي مدرسة نزهة بإيوان كسروي وبحرة عظيمة وقاعة بصفة قماري. والأحواض من جهة البحرة يميناً ويساراً، وهي شمال الجسر الأبيض بنحو اثني عشر خطوة، وماؤها من يزيد. وتنسب إلى الأمير عبد الباسط الظاهري، ومتوليها ومدرسها، خطيب دمشق، أحمد أفندي ابن محاسن. يوم الأربعاء، دخل الشام حج من الروم، وذلك رابع عشرين الشهر. رمضان وأوله الأربعاء على الشك، وصامته الحنفية والحنابلة على وجهي المذهبين. زوجة حامد المفتي يوم الخميس ثاني رمضان، توفيت زوجة المفتي حامد أفندي العمادي، وهي بنت المرحوم الشيخ السيد تقي الدين الحصني، عن بنت، وعمل الصباحية بالجامع الأموي، مقابل نبي الله يحيى عليه السلام. وفي خامس عشر الشهر، دخل آخر حج الأروام، وكاتب الصر والسقا باشي وغيرهم. العثمانيون والسلطان أشرف

علي الأسطواني

وفيه بلغ خبر مؤكد، أن بني عثمان وأمير أشرف الهندي اصطلحوا، وبطل السفر والحمد لله. والعسكر النازل بالميدان الأخضر، لما ورد القبجي رجعوا إلى بلادهم، والحمد لله على الصلح بين الفريقين، لأن كل الطائفتين من أهالي السنة. علي الأسطواني شوال، أوله الخميس، في سابعه توفي علي جلبي الأسطواني، وأُعلم له، ودفن بالفراديس. سقوط القطرانة وفيه بلغ خبر بأن العرب أخذت قلعة القطراني، وقتلوا كل من فيها، حتى إن منهم رجل كان يقرأ القرآن، قتلوه وهو يقرأ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. يوم الاثنين ثاني عشر الشهر طلع المحمل والباشا إلى قبة الحاج. العملات والأسعار وفي ثالث عشره نودي على المعاملة، أن القرش بأربعة من المصاري الكبار الصاغ، والمقصوص كل ثلاثة بمصريتين، والفلوس، لا يروج إلا القسطنطيني. ونودي على الخبز بمصريتين وقطعة من الفلوس كل تسعة بمصرية، وكل ثلاثة منها قطعة، إذ لا قطعة فضية الآن، واللحم بعشرة، والرز بخمسة، واللحم بخمسة عشر غير صاغ، وتم الأمر على ذلك، فاللهم نسأله أن يرخص أسعار المسلمين. منصوري زاده وفي يوم الاثنين ثاني عشر شوال، توفي منصوري زاده قاضي الشام وصلي عليه بالأموي، ودفن قرب بلال. وفي تاسع عشر الشهر خرج الوفد الشامي والحلبي. وفي يوم الخميس، ثاني عشرين شوال، كنا في بستان المساطبي نحو الزينبية، مع بعض أصحاب من أهل العلم. بستان ست الشام وفي رابع عشرينه، كنا في بستان ست الشام، الكاين بالسهم الأدنى، شمالي الجسر الأبيض والشبلية، وقبلي الحاجبية، مع بعض أفاضل، والمطالعة في كتاب الصادح والباغم للأديب الفاضل ابن الهبارية. وفي ثامن عشرين شوال، وردت المزيربتية، وأخبروا أن الحج بخير، والحمل والزاد كثير. ذو القعدة كنا في بستان الطويل بالمنيحة، دعانا بعض الأصحاب. وأول الشهر، كان الجمعة، وقيل السبت. عبد الباقي مغيزل وفيه تولي العلامة أبو اللطف عبد الباقي ابن مغيزل الشافعي، من مدرسي جامع الأموي. أخذ عن ابن بلبان الصالحي وغيره من العلماء، وتوفي بداره في محلة باب الخضرا، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالدحداح، عفي عنه. حرم المحاسني وفيه توفيت زوجة أحمد أفندي المحاسني خطيب دمشق، وأُعلم لها. والآن، الغوش باقي على حاله، ونسأله العتبى والمسامحة من الذنوب وغفلات العيوب وزلات القلوب، إنه بعباده غفور رحيم، عفو كريم. نزهة وفي يوم الأربعاء، رابع ذي الحجة، كنت بمكان نزيه، فيه كل خدن نبيه، تأرجت وجنات ورده بالاحمرار، وصففت كفوف أغصانه بخواتم الأزهار، فقلت من بحر الطويل قصيدة شوقية مع حالة عشقية. وفي عاشره، كان العيد الثلاثاء، فالوقفة الاثنين. محرم الحرام سنة 1140 محرم الحرام سنة أربعين وماية وألف 19 - 8 - 1728م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد بن السلطان محمد بن إبراهيم، وباشة الشام إسماعيل باشا ابن العظم، والقاضي نائب المتوفى، والمفتي حامد أفندي، والمدرسون على حالهم. وأُعطي لأول ربيع يكون آخر المدة التي لمنصوري زاده، وقيل إن القاضي الآتي يقال له شكري أفندي، ووجهت له، وقيل، في صفر يكون نايبه. اكتمال حمام الخياطين وفي ثامن عشر محرم، تم حمام الخياطين الذي أنشأه كافل دمشق إسماعيل باشا، وكان الباشا في الحج، وعمل معلمه مولداً ودعا أكابر وأعيان، وقعدوا في ظاهر الحمام. رجب بن محاسن صفر، وأوله الثلاثاء. ثالثه دخل الحج، وهو يوم الخميس، وفي رابعه، الجمعة. دخل المحمل الشريف بكرة النهار، وأخبرنا الحجاج بأنه توفي الشيخ رجب بن محاسن الشافعي، من أهالي الصالحية. أخذ الفقه عن الشيخ محمد بن السماقي الصالحي، والشيخ محمد بن صالح الصالحي، ولازم العجلوني الشافعي وأقرأ لغاية أوان الحج، وتوفي بالزرقا، ودفن هناك. وفيه توفي قاضي مكة بالرمثا، قبل المزيريب بنصف يوم، ودفن بها. وأخبروا أن الوقفة كانت الاثنين كما في دمشق، كما تقدم في شهر الحجة. مقتل عبد الله بن صدقة

رؤوس العرب في دمشق

وفيه قتل عبد الله آغا بن صالح آغا بن صدقة. قتله رجل من الشاغور يقال له ابن يغمور، من قطاع الطريق، ويقطع عند كيمان الباب الصغير، يقتل ويأخذ المال، وكان رفيقه في السكر والخباثة، ومن أعان ظالماً سلط عليه، ثم قتله الينكجرية في ليلة ذلك، لا رحمه الله تعالى. وفيه جلس في نيابة الباب عمر أفندي بن القاري. ربيع الأول، وأوله الخميس. في ثالثه، يوم السبت سافر بقية الحجاج. وفي أوله وآخر صفر، كان آخر الفرح للباشا. ربيع الثاني، أوله السبت، دخل شكري أفندي، ولبس من الباشا قباء سمور. رؤوس العرب في دمشق يوم الأحد، فيه دخل البريدي، ومعه رؤوس من العرب، كومت عند السرايا، وهي نحو أربعين رأساً على أعمدة ورماح، مع شبان من داريا، وبيرق أبيض. جمادى الأولى، حرج الباشا على حنطة البلد وضبط الحواصل. الرسالة المشتملة وفيه راسلت الأخ الأمجد محمد جلبي بن رحمة الله أفندي أطلب منه رسالتي التي ألفتها المسماة بالرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة، وكان نقلها من نسختي، ثم إن نسختي فقدت وعليها خطوط العلماء: الحافظ الحنبلي وحقي أفندي الرومي البرصلي المعز البليغ، فطلبت الرسالة المرقومة من نسختي. جمادى الثانية، ألغزت لبعض الأصحاب الأفاضل. رجب، أوله الثلاثاء، فيه ورد حج من الروم. شعبان، فيه كانت الخلوة البردبكية، ختماً حافلاً، تقبل الله من الجميع. عبد الوهاب المهوش وفي خامس عشره، توفي الحافظ لكتاب الله الشيخ عبد الوهاب بن المهوش، وصلي عليه بالأموي ودفن بالفراديس. أخذ عن بلبان الصالحي، والطريق عن عيسى الخلوتي، وذهب للروم مراراً، وصار له عثمانية تبلغ المائة، عفي عنه، آمين. رمضان المبارك، أوله السبت على إتمام هلة شعبان. وفيه ورد حج من الروم، وحرمة من أهلية الملك ابن عثمان. وحج من الشام خلق كثير، والله يصحبهم بالسلامة والعافية. شوال، أوله الاثنين. في ثامنه يوم الاثنين طلع الباشا قريب الظهر. وفي الخامس عشر طلع الحج كله. حسن العجلاني ذو القعدة، أوله الأربعاء، في أوله توفي مولانا السيد حسن ابن السيد حمزة العجلاني النقيب حالاً على أشراف دمشق، وجلس للنقابة أخوه السيد عبد الله أفندي مدرس الجوهرية. ذو الحجة، قبل العشر وردت مكاتيب العلا. سعدي البكري في يوم السبت سابع عشر الشهر، توفي سعدي جلبي ابن أسعد أفندي البكري وكان بالروم، ومكث نحو أيام قلائل نحو اثني عشر يوماً وتوفي وصلي عليه العصر بالجامع ودفن بتربة الشيخ رسلان عند أهله. عبد الرحمن البهنسي يوم الاثنين تاسع عشر الشهر، توفي عبد الرحمن أفندي البهنسي ودفن بالفراديس الشرقية. نقابة الأشراف وفيه ورد فرمان نقابة الأشراف للسيد عبد الله أخي النقيب، ولم يبق في مدة القاضي غير شهرين، وهو ولي كل أمر. محرم الحرام سنة 1141 محرم الحرام سنة واحد وأربعين وماية وألف 7 - 8 - 1728م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان أحمد بن السلطان محمد خان، عليه الرحمة والرضوان، ووزير دمشق إسماعيل باشا النعماني بالحج الشريف، والقاضي شكري أفندي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والمدرسون على حالهم. حمام الخراب يوم الجمعة أول محرم، فتح الحمام في محلة الخراب الذي أنشأه الباشا، وطلع في غاية الحسن والنضارة. وفي ليلة الجمعة، رابع عشر محرم الحرام، كسف القمر، وصلوا الناس صلاة الكسوف. وفيه حرج الحكام: المتسلم والقاضي، على الطحانة والخبازة، أنهم يبيضوا الخبز. وحبسوا منهم جماعة. محمود الكردي وفي يوم الثاني والعشرين من المحرم، جاء جوخدار الباشا، وأخبر أن الحج بخير، وأن الرخاء شيء كثير، ولكن مات كثير من أعيان: فتوفي الملا محمود بالمدينة، كان صالحاً متعبداً، له مشاركات في بعض علوم، ويكتب للشفا فتحصل منه بركة، وكانت تأتيه هدايا من الروم، وترد عليه الزوار لزيارته، وهو على زي الأروام، ودفن بالبقيع. عفي عنه. وفيات الحج

دخول الحج

وممن توفي بمنى، سنان آغا من كتاب السنانية، وعبد الله آغا الرومي، آغة الينكجرية سابقاً، والسقا باشي الصغير والكبير، وتوفي قاضي مكة المعزول منها، ومن الحجاج ما لا يحصى. وهو الفعال لما يريد، والمسلم إليه من غير تعليل ولا تحديد. دخول الحج صفر، وأوله الأحد، يوم الرابع فيه، وهو الخميس، دخل الحج الشريف، والجمعة المحمل، الضحوة الكبرى، وكان موكباً حسناً. في آخره سافرت الحجاج الأروام إلى بلادهم. يوم السبت، اثني عشر في الشهر كنا مع جماعة من الأفاضل بالربوة. في أواسطه كنت ببستان المروبص عند بعض أصحاب، ومكثت نحو يومين وهو مكان نزه كثير المياه، كثير الفواكه، قبلي الحواكير. مصطفى البعلي وفي أواخره توفي الشيخ الإمام الفقيه مصطفى بن علي البعلي، المعروف بابن مياس الحنبلي. كان فقيهاً نحوياً ناسكاً ورعاً. أخذ الفقه عن شيخ الإسلام محمد بن بلبان الحنبلي الصالحي، وقرأ في الفقه الحنفي عن الشيخ العلامة علاء الدين ابن علي الحسكفي. وعليه خطابة جامع التوبة وبعض عثمانية، وصلي عليه بالتوبة، ودفن بتربة الفراديس الغربية، آمين. ربيع الأول، أوله الثلاثاء. خامسه السبت، كنا مع جماعة من الأفاضل بالربوة ذات قرار ومعين إلى المسا. دخول سليمان باشا العظم وفي يوم الاثنين، رابع عشر الشهر، دخل سليمان باشه، أخو إسماعيل باشه، كافل دمشق، ولاقا له الأكابر والأعيان، ونزل دار علي آغا ابن الترجمان، قبلي القلعة، وشمالي المرستان من غرب. رسالة وفي سادس عشرين ربيع الأول، راسلت الأخ الفاضل الشيخ عبد الرحمن، الفقيه الشافعي، المقيم بمصر للطلب، وكان أرسل لي عدة مكاتيب بطريق إنشائية وبلاغة أدبية، فأرسلت له مكتوباً بطريق الإنشاء والتقفية على قاعدة الأدباء. ربيع الثاني، وأوله الخميس، في ثانيه يوم الجمعة نزل المطر الوسمي. الأشراف والزعران وصار فتنة، لأن رجلاً شريفاً جرحه رجل يقال له: الآبا، بالمد، من الزربا والأشراف والعتو، من حارة المزابل، فقام الأشرار على ساق، والآبا ذهب إلى عند المجروح، وتعهد بالإنفاق عليه إلى حين البرء، ولا يعلم يبرأُ أم يموت. وفيه سركن إسماعيل آغا ترجمان المحكمة، قيل إلى قبرص وقيل إلى أرواد. تنقلات القضاة جمادى الأولى، أوله الجمعة، وشكري أفندي قاضي الشام، وأُعطي الظاهر إلى رجب، لكن مراده الذهاب مع خزنة السكر وخزنة الطيور، ويولي أحداً إلى آخر جمادى الثاني. دخل محمد صدري باشا قاضي الشام في الخامس والعشرين منه. وفي هذا الشهر انتقل شكري أفندي إلى دار السيد عبد الرحمن أفندي الأسطواني. يوم الخميس، آخر جمادى الأولى سافر شكري أفندي إلى بلاده. تقرير للباشا جمادى الثانية، أوله الأربعاء، جاء كافل دمشق تقرير وإمرية الحج، وضرب كم مدفع. محمد المنير يوم الثلاثاء، سابع الشهر، توفي السيد محمد بن السيد عبد الرحمن بن السيد محمد المنير عن ثروة وولد ذكر ومملوك وزوجة. وكان متولياً مشيخة الجامع وعليه وظائف وديون له كثيرة، عفي عنه آمين. الثلوج والأمطار يوم الخميس السادس عشر، فيه نزل ثلج كثير في دمشق، وبقي على الأرض أياماً. وفي يوم الجمعة بعده نزل مطر وثلج كثير، وبقي التواصل نحو أسبوع ولله الحمد والمنة. في آخره، سافر الباشا للدورة، وحصل بعد سفر الناس معه فرق ومشقة. رجب، أوله الأحد، دخول الخلوة البردبكية بدمشق. يوم السادس والعشرين كان آخر الخلوة البردبكية، فيكون الدخول يوم الاثنين، يوم ثالث وعشرين الشهر. يوم الخميس كان آخر ذلك، وحضر أعيان من دمشق: سعيد أفندي مدرس القزمازية، محمد أفندي الكنجي، من مدرسي الجامع، الشيخ محمد أفندي من مدرسي الجامع، الشيخ إسماعيل العجلوني من مدرسي قبة النسر، الشيخ محمد العجلوني الفقيه الشافعي، والشيخ عبد الرحمن أفندي مدرس السميساطية، وأخوه الشيخ أحمد، ومولانا السيد محمد بن الشيخ مراد، وولده السيد إبراهيم. وفي آخر النهار، ورد مولانا خطيب الجامع، أحمد أفندي المحاسني، والشيخ محمد أفندي الغزي، ابن المفتي، والشيخ محمد أفندي بن حسن أفندي، وصادق آغا، من متقاعدي دمشق، أبقاهم الله، آمين. وفي سبت ذلك، يعني الثامن وعشرين، كنا في سير بالصالحية. شعبان، أوله الثلاثاء.

ختم الدروس بالمرشدية

ختم الدروس بالمرشدية يوم العاشر، فيه ختم درسنا بالمدرسة الخديجية المرشدية، من آخر الكفالة، والوقف على قوله في الكنز: فصل في مسايل متفرقة. وجيء بالبخور والماورد، وختمنا وانصرفنا، وكان ختماً حافلاً، تقبل من الجميع. رمضان، لم يقع فيه ما يؤرخ، وأوله الأربعاء. شوال، أوله الخميس. خامس عشره طلع المحمل. يوم العشرين، طلع الحج، ودخل الحلبي. السبت، طلع الحج الحلبي، وبعض أعجام. وفي الأربعاء السادس والعشرين رجعت المزيربتية، وأخبرت أن الحج بخير والرخاء كثير. ذو القعدة، أوله الأحد، أو السبت. وفي الشهر المذكور، دعانا الأخ الأمجد صادق الناشفي إلى سير جعله في قصر الباشا، الكاين في شرفها القبلي، قرب الخلخال. بستان الباسطي وفيه ذهبنا مع جماعة من الأفاضل لبستان يسمى الباسطي، أول التوت، نواحي الغوطة. ذو الحجة، أوله الثلاثاء. نزهات الخامس فيه، دعانا الأخ يس من أهالي الشاغور إلى بستان له بالغوطة، ودعا جماعة من أكابره. وفي المساء ذهبنا إلى عند داعينا الأخ مصطفى باشة إلى بستان القماحية لأنه كان منتظراً، ومكثنا عنده يومين. وكان أرسل دعانا مع شخص معتمد عليه فقلنا: نحن مدعوون إلى تلك في الدعوة السابقة، ونأتي لنكون بسير واحد فتخف مشقة الذهاب. بستان القماحية وهو بستان واسع جداً لا يمكن يدوره الإنسان ولو بدابة، وهو في تعلق بني الخالجي من آغوات دمشق. والغوطة من أعلى المنازل وأحسنها وأنضرها وأبهجها، واتفق المؤرخون على ترجحها على منتزهات الدنيا كما ذكره القزويني. يوم الرابع من ذي الحجة، طلع إبراهيم باشا، ابن كافل دمشق على الجردة لملاقات والده، وهو كافل ترابلس الآن. سرقة القاضي وفيه سرق لقاضي الشام الباسطي بعض أشياء وكان بقصر سنان بالصالحية. وفيه وردت كتب العلا، وفيها أخبار مسرة، والله يجعل التمام إلى خير بمنه، آمين. وفي الخميس عصرية العيد الأضحى، ذهبنا إلى دمر إلى عند صاحبنا الحاج مصطفى النحلاوي، ومكثنا ثلاث ليال ويومين. والبستان مضاف لبني الأرناؤوط على حافة بردا. علماء دمشق ونظمت في هذا السير بأبيات. وكان معنا من الأصحاب السيد محمد ابن السيد راشد الخواجا، والسيد إبراهيم الحكيمي الصالحي، والشيخ إبراهيم الحافظ، والشيخ عبد الرحمن الحنبلي، وأخوه الشيخ أحمد الحنبلي، والشيخ محمد الحنبلي، وولدنا سعيد، وأخوه عيسى ومصطفى وصادق، وولده. بستان الأرناؤوط وهذا البستان من أنزه الحدائق. وكان أيام المشمش والتفاح، وليس فيه التوت، وفواكهة كثيرة، ومياهه غزيرة، ونسأله أن يشرح صدورنا، وييسر بفضله أمورنا. إنه على كل شي قدير. جهاز حفيدة النابلسي وفي آخر ذي الحجة، انتقل جهاز بنت الشيخ إسماعيل بن الشيخ عبد الغني، إلى مولانا السيد إبراهيم بن الشيخ مراد، وكان ليلة الجمعة، ونسأله حسن الأحوال ودوام المحبة والوداد بغير اختلال، آمين. سنة 1142 سنة اثنين وأربعين وماية وألف 28 - 7 - 1729م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان أحمد، ابن السلطان محمد بن عثمان، والباشا ابن العظم النعماني، بالحج الشريف، والقاضي صدري زاده الباسطي، والمفتي حامد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم. محرم، وأوله الخميس. حفل ختان في ثامن عشره، الأحد، دعينا إلى ختان ولد لصاحبنا أمين جلبي، إلى داره بالصالحية، في حكر الأمير المقدم الظاهري، وتكلف كلفةً باذخةً، ودعا علماء وفضلاء وصلحاء، ولم يأخذ من أحد شيئاً، وهو المدبر سبحانه. وفي الرابع والعشرين من الشهر، الأحد، دعانا الأوحد الأعز صادق آغا إلى بستانه بوادي كيوان، وكان معي الشيخ أحمد الحنبلي، وكان أواخر الصيف، وإليه كل أمر. وفي يوم ذلك، جاء الجوخدار من قبل الحج، وأخبر أنه فارق الحج من معان. وفي يوم الاثنين والعشرين ورد الكتاب. صفر، أوله الجمعة، الأحد، فيه ورد الحج. وفي الاثنين ورد المحمل. خامس عشر صفر، يوم الجمعة، حصل لصاحب التاريخ من نوع الناقض والحمى ما يودي إلى الهلاك، وورد علي خلق كثير للسلام علي، أعيان وغيرهم، تقبل الله من الجميع آمين. الشيخ عبد الوهاب

الأمطار والثلوج

ربيع الأول، وفيه توفي خطيب جامع الحشر الشيخ عبد الوهاب ابن الشيخ محمد، ودفن بالدحداح. ربيع الثاني، لم يقع فيه ما يؤرخ. ولكن شفيت من المرض الذي كنت فيه، فتكون مدة التشويش نحو شهرين، وحصل الشفا ولله الحمد والمنة. جمادى الأولى، أوله الثلاثاء. ليلة الأحد خامس الشهر، جاء الباشا بشارة الاستقرار. جمادى الثاني، وأوله الخميس، وقيل الأربعاء. الأمطار والثلوج السادس عشر، فيه نزل ثلج كثير بدمشق، وبقي أياماً لم يفتر. وقبله كان نزل مطر غزير لم ير مثله من زمان كثير. رجب، أوله الجمعة. العاشر فيه يوم الاثنين أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أعيان وأكابر وغيرهم، والله يوفق لما يحبه ويرضاه، ويقبل منا اليسير ويعفو عن كثير. الخلوة وعلماء الشام وحضر كثير من الأعيان. من أصحابنا: سعيد أفندي النقيب مدرس القزمازية، محمد أفندي الكنجي من مدرسي الجامع، الشيخ محمد أفندي الغزي من مدرسي الجامع، الشيخ أحمد العجلوني الفقيه الشافعي، الشيخ إسماعيل مدرس قبة النسر، الشيخ عبد الرحمن أفندي المنير، وأخوه محمد بن الشيخ مراد، وحسن أفندي القاضي الكبير، وغيرهم مما لا يحصى والله أعلم. شعبان، أوله الأحد، دخل قاضي الشام باقي زادة. أحمد ابن قرنق في ثامن عشره توفي أحمد آغا ابن قرنق كاتب السليمية، وذلك يوم الأربعاء، وصلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير، وصباحيته بالسنانية. في السبت سابعه، دخلت الخزينة المصرية. وفي نصفه، سافر قاضي الشام صدري المعزول يوم السبت. رمضان، أوله الأحد لثبوت شعبان السبت فأكملوا الثلاثين. وفيه ورد بقية حج الروم. شوال، أوله الأربعاء على ثبوت الحساب السابق في شعبان، مع إكمال رمضان ثلاثين. رابعه، ورد الباشا من الدورة، وعلى ما حكي، قتل من جماعته خلق كثير. وأكثر أهل تلك البلاد، أصحاب قوة وبأس شديد. حديقة البهنسي وفي يوم الاثنين، سادس شوال، كنا في حديقة ببيت الشيخ إبراهيم البهنسي بالسكة، وفيها من الورد مما لا يحصى، وبها مكان مكين على نهر يزيد، وبها ورد قد انكفأ بعضه على بعض، وعطر بعرفه الطيب المحض، قد سار النهر في قبلته، وانكفى الورد عليه إلى جهته، وقد تراكم الزهر بها والبيلسان، وحط عارض الروض هذه السوسان، ورقي الشحرور وعلا منبر أيكته، فقام بخطبة للقوم في غير يوم جمعته، مع جملة أصحاب، حديث سمرهم مستطاب. مدرسة إسماعيل باشا العظم وفي ثامن شوال، كملت مدرسة ابن العظم كافل دمشق، ودرس فيها الشيخ مصطفى بن سوار، الفقيه الشافعي، وحضر الواقف وعلماء وعوام. وباب المدرسة في جهة الخياطين. وفي الاثنين ثالث عشر شوال، طلع المحمل والباشا، وهو المسهل. وفي يوم السبت الثامن عشر طلع الشامي والحلبي والجميع، والحلبي دخل يوم السادس عشر. حفلة زفاف في آخر الشهر دعانا الأخ موسى آغا، كاتب العربي بالسرايا سابقاً، إلى زواج ولده محمد آغا، الشاب الخالي العذار. تمم الله له فرحه بخير. وحضرت يوم ذلك. ومدة الفرح ثلاث آخرها ليلة الجمعة، أول ذي القعدة، أو ثانيه. ظهور فتحي الدفتردار ذو القعدة، أوله الخميس. في رابعه الأحد، ركب متسلم دمشق، ابن أخي الكافل، ومعه الينكجرية والسباهية والزعماء على بلاد الشوف، وجلس موضعه فتحي آغا الدفتردار، على ما قيل. وفيه في قرية سقبا، قتل رجل ولده، دعسه برجليه حتى قتله، لكونه أنزل بيوردياً، هو وأولاد مثله من على الحمار، وغضب الأحمق جنون. وستر القضية الفلاقنسي، ولم يشعر أحد من الحكام، وكان الفلاقنسي له تكلم على القرية. فتنة جركس بيك وفي يوم الخامس والعشرين، قتل جركس، من صناجق مصر، لكونه عصى دولة المصريين، وجيش جيوشاً عظيمةً عليهم، وقطع السابلة والميرة عن مصر، وبقيت الفتنة بينه وبينهم ثلاث شهور، وجردوا عليه مراراً، ولم يظفروا إلا هذه، فهرب منهم في البحر فمسكوه وجيء برأسه. وكان ضده الفقاري، من أعيان الصناجق فقتل بمصر بعده بخمسة أيام.

مقتل الشقي عبد الواحد

وكان له قتل وظلم وعدوان لا مزيد عليه، وإذا مر بالسوق يقتل من شاء بجرم وغير جرم. قتل رجلاً تاجراً خارجاً من باب داره، في الدين والأمانة على جانب عظيم. فلا رحم الله هذين الفرعونين، وأغرقهم الله ببحر الهلاك من غير انفكاك ولا تزيين، في العذاب الأليم الشديد إلى " يوم نقول لجهنَّم هل امتلأتِ وتقول هل من مزيد ". ذو الحجة، أوله الجمعة. رابعه يوم الاثنين طلعت الجردة وباشتها سليمان باشا أخو ابن العظم، وسليمان باشا هو كافل صيدا آن تاريخه. مقتل الشقي عبد الواحد وفي سادسه، يوم الأربعاء قتل عبد الواحد بن عبد الواحد من أهالي بر إلياس، وكان عاتياً جباراً عنيداً من أكبر معرضي بر إلياس، وقتل ناساً في رمضان تاريخه، وحرق بيادر للدولة ببر إلياس، وعاث وطغى، وذلك في عصر الأربعاء. وهو القوي الحميد. الشيخ إبراهيم اليزبكي في آخره يوم الأحد ثامن عشرين ذي الحجة، توفي الفاضل العالم الكامل الشاب السيد إبراهيم بن مولانا السيد محمد أفندي ابن الشيخ مراد اليزبكي المشهور، وكان قبل بنى ببنت الشيخ إسماعيل ابن الشيخ عبد الغني النابلسي المشهور، وتمرض بالدق وتوفي بالصالحية، وصلي عليه الظهر بالسلمية، ودفن بتربة ذي الكفل تحت العجمية، وشرقي الإيجية بسفح قاسيون. وكان الأحد العيد. وفي أيام التشريق وردت مكاتيب العلا والحج بخير لم يصبه ضير. محرم الحرام سنة 1143 محرم الحرام، سنة ثلاث وأربعين وماية وألف 17 - 3 - 1730م الحكومة وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية، مولانا السلطان أحمد ابن السلطان محمد خان، عليه الرحمة والرضوان. والباشا إسماعيل باشا، ابن العظم، بالحج الشريف، وقاضي الشام باقي زاده الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والموالي والمدرسون على حالهم. الحج أولها الثلاثاء، أو الاثنين، في يوم السابع عشر المحرم ورد جوخدار الحج، وفي الخامس والعشرين الكتاب والأخبار. صفر، أوله الأربعاء، يوم الثلاثاء، ورد الحج، وفي يوم الأربعاء ورد المحمل والحج، ولله الحمد، وفيه عافية. فوائد ومواعظ وفيه وجدت في مجموع للسيد أحمد الشاغوري، فوايد حكمية مجموعة، فأحببت ذكرها في التاريخ لأجل الفايدة، وهي نحو سبعين قضية. أولها: أما بعد حمد مستحق الحمد، وكاشف البلاء عن العبد، فهذه وصايا صدرت من عارف كبير، بوقائع الأخبار بصير خبير، أصدرتها عن نية صحيحة، قاصداً بها النصيحة، فاقبلها مني، وخذها عني. الشيخ لا يخاشن، والعدو لا يحاسن، ومستحيل الود لا يقرب، والتركي لا يغضب، والمحبوب لا يضرب، والأحمق لا يعتب، والقاضي لا يعاند، والسلطان لا يرادد، والوالي لا يخاصم، والأب لا يحاكم، وصاحب الحق لا يشاتم، والشرير لا يكالم، والنحس لا يقدم، والجاير لا يحكم، والكريم لا يستغنم، والصديق لا يعدم، والصاحب لا يسلم، والغايب لا يسأم، والأمرد لا يشاكل، والمبتلى لا يواكل، والفاجر لا يجامل، والأنثى لا تفرد، والقريب لا يبعد، والزوجة لا تجلد، والحق لا يجحد، والكذاب لا يعاشر، والنمام لا يشاور، والهارب لا يستخبر، والجار لا يستنصر، والمكاس لا يسعف، واللئيم لا ينصف، والناسخ لا يسلف، والقبطي لا يؤمن، ولا يساكن ولا يركن. والخان لا يسكن ولا يدخل، والمجالس لا تنقل، والشاهد لا يشاقق، والأعزب لا يسكن، والكافر لا يواله، والمزاح لا يجرد من مقاله، وطالب الرزق من وجهه لا يلام، والعدو لا يغفل عنه ولا ينام، والصديق لا يداجى، والأبخر لا يناجى، والبكر لا يسلم عليها، والأمة لا يومى إليها، والشاعر لا يعادى، والبخيل لا يهادى، والنساء لا يسمح لهن بشرب المدام، ولا ينام بين القعود، ولا يقعد بين النيام، وما مضى من السر لا يعاد، والجمل الهائج لا يقف، والبليد لا يشغل بالعلوم، والملك لا يوادد، فوده لا يدوم، والمغفل لا يستشهد، والساكن لا يستنشد، والعبد لا يمازح، والجار لا يقابح، والرفيق لا يشاحح والرقيق لا يسامح، والعاشق لا يقامر، والفاسق لا يسامر، والسفيه لا يمارى، والثعلب لا يبارى، والمتكبر لا يدارى، والسيل لا يجارى.

حجاب للوسوسة

والحقود لا يصافى، والجاهل لا يكالم، والأسد لا يصادم، والعربيد لا يقاوم، والخاين لا يوانس، والأهوج لا يزوج، والباطل لا يروج، والجزار في قطع اللحم لا يعتمد، والفاجر لا يركن إليه ويستند، ومن يحب التعظيم فلا يعتقد، والزنديق لا يرجى له توبه، والمتهون في الدين لا يغفر له حوبه، والقرض لا يسيب، والموصل لا يخيب، والمرأة لا يحسن بها الظن، وكل فن لا يوجد إلا في ذلك الفن، والتيلنوس لا يجالس، والمتساهل في الدين لا يشتغل عليه، والخير لا يؤجل، والشر لا يعجل، والقبيح لا يذكر، والجميل لا ينكر، والباغي لا ينصر، والصغير لا يحقر، والرسول لا يقتل، والهدية من كل أحد لا تقبل، والمنة لا تقلد، والمحب لا يتجلد، والدعاء لا يترك، وبالله لا يشرك، والأنبياء عليهم السلام لا يذكرون إلا بالتعظيم، وقولهم لا يتلقى إلا بالتسليم، والصحابة لا ينسب لهم قبيح، ولا يضعف قولهم إلا بنص صريح، ونقل صحيح، والخلق لا يعاملون إلا بالإحسان، وكما تدين تدان. هذه هدية قدمتها إليك، ووصية عرضتها عليك، فاقبل أخي نصيحتي إني بها فطن خبير، وإن تخالف ما أقول، فسوف تلقى ما يضير، وبه المستعان. ومن إملائه، من كتابه: حجاب للوسوسة فائدة للوحشة والوسوسة بسم الله الرحمن الرحيم. أعيذ حامل كتابي هذا، بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وهمزات الشياطين وأن يحضرون. سبحان الملك القدوس، رب الملائكة والروح، جللت السموات والأرض بالعزة والجبروت. عز جارك وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، آمنت بالله ورسله، " هو الأوَّل والآخِر والظاهر والباطن، وهو بكلّ شيءٍ عليم "، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وآخر للمعقود وفيه: يكتب للمعقود: الفاتحة، وسورة القدر، والم نشرح، يحملهم المعقود، فيحل بإذن الله تعالى. وثالث للحب وآخر، من كتابه: يكتب في ثلاث بيضات بعد شيها: في الأولى بسم الله الرحمن الرحيم، " والسَّماء بنيناها بأيدٍ وإنّا لموسعون "، والثانية: " والأرض فرشناها فنعمَ الماهدون "، وفي الثالثة: " ومِن كلّ شيءٍ خلقنا زوجين اثنين لعلَّكم تذكَّرون ". الأولى يأكلها الرجل، والثانية المرأة، والثالثة تقسم بشعرة من رأس، هذا ما كتبناه من كتابه. حادثة قتل وفيه ادعي على بعض كتاب الصالحية، وهو أنه كان طلع للناحية ومعه ترجمانه، ولخادم ترجمانه جقمقلية، فأخذ يفتلها ويلعب فيها، فطلع البارود وقتلت الترجمان، ثم حبس خادمه، وبعد حبسه ادعي على قاضي الناحية بأنه قتل أخاهم وصبى الترجمان، وكان صبي الترجمان أقر لدى الحاكم، فلما اشتكوا إخوة المقتول للباشا، نظروا في هذه الدعوى فقال: الدعوة الثانية بعد الإقرار لا تسمع في الآخر، حتى يأتوا بفتوى، وبعد لم نطلع على ما يقع. وفي يوم الخميس عاشر صفر، أحببت ذكر بعض تقاريض مشايخنا، وهو العلامة حقي أفندي الرومي، نزيل دمشق سنة 1131، على بعض رسايلنا حين عرضنا ذلك عليهم، فمن جملة ما قرض على رسايلي، رسالتي شرح الرسالة المسماة بالشمعة المضية في علم العربية وعملت لها شرحاً لطيفاً عرضته عليه، فاستجادها وكتب تقريضاً عليها صورته: نموذج الإجازات العلمية بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وسلام على من ليس لنحوه قصد لسمو مرقاه، وعلى من: أنهضه الغرام فانتحاه ... بصرف المجهود إلى أن تلقّاه

السلطان والعجم

فهذا كتاب جليل في النحو، خطه بزبر، من هو أنحى من سيبويه، وأثر جميل في علم الإعراب، بناه بنان من قبض الفنون بكفيه، قد استغنى في تسنم عليا الفضل عن سمك سقف بنائه وتأسيسه، لما أن التاجر مجده في كيسه، والعالم في كراريسه، جعله الله موطياً العقب، تنقلب إليه حماليق الراجح الرزان في كل زمان، وأعلى سعده ما استقبل الفرقدان وطلع المرزبان، ولما رأيته ترخى دون جلالته السرداقات والستور، ويتواطا لهيبة شانه رؤوس أهل الصدور والسطور، خدمت لسلطان عزه بقبول ما أملاه من الوجازة، ووضحت على أمر أمره في نحوه، ونحو قلم الإجازة، وأنا الفقير سمي الذبيح، الشيخ حقي البرسوي، ثبته الله على السراط السوي، أخذت علم النحو ونحوه، وكذا علم الصرف ونحوه، حياً عن حي، وهو الشيخ السيد عثمان الفضلي الإلهي الاصطنبولي، مجدد رأس المائة الثانية، صاحب التصانيف الرائعة، عن الشيخ محمود الهدائي الأسكداري، ذي الآثار العافية، عن الشيخ محمد أفناده البرسوي المحدث النقاب، عن الشيخ الحاجبي بيرم الأنقراوي الفياض العباب، عن الشيخ حامد الأقسرائي، قطب وقته بلا ارتياب، قدس الله أسرارهم، وجعل مهبط الذكا أنوارهم. ووقع هذا في السدس الرابع من النصف الثاني، من العشر العاشر من العقد الثالث، من المائة الثانية من الألف الثاني، من هجرة من أنزل عليه السبع المثاني. انتهى تقريضه البديع، وروض تقريره المريع، وكان ممن جمع بين المعقول والمنقول، واشتمل على علوم الفروع والأصول. وله تفسير لا أدري هل أتمه أم لا، لأنه توفي في حدود الأربعين وماية وألف، ببلدته برصا، عفي عنه، آمين. السلطان والعجم وفيه سمع أن السلطان أحمد بن عثمان، شارع في الهجوم على بلاد العجم الشيعة، وأنه خرج من إسلام بول وأنه يقيم في حلب للسفر أول الربيع، والسلطان في بعض بلاد الروم، والله ينصر سلطان المسلمين، وأهالي السنة أجمعين. حديث نبوي وأفادنا من كتابه عنه عليه السلام أنه قال: ستة أشياء حسن، وهي في ستة أحسن: الورع حسن، ولكن من العلماء أحسن، والعدل حسن ولكن من الأمراء أحسن، والسخاء حسن ولكن من الأغنياء أحسن، والصبر حسن ولكن من الفقراء أحسن، والتوبة حسن ولكن من الشبان أحسن، والحياء حسن ولكن من النساء أحسن. فعالم لا ورع له كشجر لا ثمر له، وأمير لا عدل له كأرض لا نبات بها، وغني لا سخاء له كنهر لا ماء فيه، وفقير لا صبر له، كسحاب لا مطر له، وشاب لا توبة له كسراج لا ضوء له، وامرأة لا حياء لها كطعام لا ملح فيه. انتهى. حور تعلا وفي يوم رابع الشهر صفر، كنا ببستان يسمى حور تعلا، وهو بستان نزيه، غرس الماجد بيده النصب، يد مصطفى جلبي الكاتب الشهير بابن خليفة. ربيع الأول، أوله الجمعة على رؤية الهلال، يوم السبت ثانيه، خرج بقية الحجاج والسقا باشية وأمين الصر ونحو ذلك، وسافر جماعة من تجار دمشق إلى إسلام بول للتجارة، وإلى الآن بدمشق سليمان باشا، أخو الباشا، وابن إسماعيل باشا أسعد، باشة حماة، وهو باشة صيدا الآن. سفر القاضي وفيه سافر حلمي أفندي المنفصل عن مكة، كان نزل في دار حامد أفندي المفتي العمادي بدمشق، وقال فيه صاحبنا الأمجد السيد إبراهيم بن الحكيم الصالحي: لشمس الفضل في فلك المعالي ... ومن ملك العلوم بفرط حلم حريٌّ أنني أفديه روحي ... وأبذل في ثناه رقيق نظمي لقد سادت دمشق به وتاهت ... وهل أحدٌ يسود بغير علم؟ ربيع الثاني، وأوله الأحد، وقيل الجمعة، فيكون ناقصاً. قبر شاب منغص وفي يوم الأربعاء، أخبرني صاحبنا الأعز السيد إبراهيم بن الحكيم الصالحي، أنه فيه، قبل طلوع الشمس، خرج للجبانة للزيارة، فرأى قبراً محجراً مكلفاً مكتوباً عليه آية الكرسي، وفيه يقول: هذا مدفن الشاب المنغص الأمير ناصر الدين بن الأمير شرف الدين بن الأمير يحيى الناصري، وتحت الرقم بيتان على الحجر المذكور: قد كان صاحب هذا القبر لؤلؤةً ... فريدةً صاغها الرحمن من هيف عزّت، فلم تعرف الأيّام قيمتها ... أعادها غيرةً منه إلى الصّدف خلع السلطان أحمد

مصرع أزعر

وفي يوم الثلاثاء، العاشر من ربيع الثاني، قبل الظهر، ضربت المدافع بقلعة دمشق، وشاع الخبر بأن السلطان أحمد بن السلطان محمد العثماني تغير، ووقف مكانه محمود شاه، أيده الله تعالى بإمداده. ومدة السلطان أحمد بن محمد من سنة خمسة عشر بعد الألف وماية إلى موضع تاريخه الآن، ثمانية وعشرون سنة، وشاع بأن الوزير قتل، وهكذا المسوع به، والله أعلم. مصرع أزعر وفي يوم الجمعة خامس ربيع الثاني، قتل شيخ حارة المحلة الشرقية الكاينة بالصالحية، ويسمى ابن فطم. جيء به لنايب الصالحية محمد أفندي، وطلبوا سجلاته، فأخرجوها وقروها، وادعى عليه أكثر أهل الصالحية من جهة أمور لا تحصى من الفسق والفجور والفساد والعوان والسكر والاجتماع على شيء كثير مما لا يرضى، وفي غاية من الضرر في تلك المحلات والبلص وغير ذلك من القبائح، فأثبت عليه الحاكم الشرعي، وقتلوه في دهليز المحكمة، وشهدوا بأنه حجر أسود في طريق المسلمين، فأُثبت عليه ثم، وقتل كما ذكرنا. ثورة القبي قول لأجله ثم وصل الخبر بذلك لقبول القلعة، وكان مكتوباً معهم. فهرع جماعة منهم ومقدمهم الآبا، بمد الهمزة، من زعر المزابل، يتعيش في العمارة، وكان أيضاً انكتب قبولاً، وطلعوا الصالحية من ناحية الدحداح نحو مايتين بالعدد الكاملة فوصلوا الجركسية وضربوا بيت الشيخ عبد الغني بالرصاص وشتموه وهزوا بجامعته، ثم وصلوا الجركسية فخربوا دكاكينه الأربعا، شرقي القهوة مقابل المحكمة، وكسروا القطارميز، وكبوا الزيوت والسمن والدبس والعسل والخل، وأخذوا نحاس الحوانيت، وحملوا حلة الطباخ الذي هناك، وأكلوا ما فيها جميعاً، وأخذوا خبز الخباز، وأخذوا دكان عطار ورموه بالمعظمية، ورموا عليه عطاراته في الطريق، وأخذوا غلال الحوانيت المنهوبة، وأخذوا لحم اللحامة على ظهورهم. قتلهم ابن المغسل ثم ذهبوا نواحي العقيبة لقتل السيد محمد المغسل، وكان شجاعاً مقداماً، وكان من جملة من ادعى على ابن فطم وغيره ما لا يحصى، فاخذوه على حين غفلة من القهوة التي في السكة شمالي العقيبة، وقتلوه بالبارود والجروخ حتى قتل، وأخذوا ابن فطم إلى عندهم لباب القلعة وغسلوه ثم دفنوه بالدحداح. ضربهم الأشراف ونزلوا السيد إلى الجامع الأموي فقامت الأشراف قوم واشتكوا للنقيب فقال: عزلت نفسي، ولم يسمع فيه دعوىً خوفاً. ثم ذهبوا إلى القاضي فلم يعط جواباً شافياً، فلحقهم القبول إلى عند القاضي وضربوا الأشراف بالرصاص والبارود، وقتلوا وجرحوا وكسر العلم الذي حملته الأشراف، ولا حول ولا قوة إلا بالله. موقف الشيخ عبد الغني وإن الشيخ عبد الغني أفندي مراده الروم ليخبر عن أحوال البلد، وما فيها من امتهان الشرع وقلة الاكتراس، والله يعينه للخير برحمته، آمين. بيع ممتلكات الباشا شعبان. أوله الخميس. فيه أبيع خيله وثقله، وختموا الجنينة التي نحو السادات، وأخذوا ما فيها من القسراويات والمخاد واللحف والفرش والنحاس المخصوص لها، والصواني والصيني، ما يبلغ عشرين كيساً أو ثلاثين كيساً. وكان شحيحاً لا يقيل، بل يأخذ المال ولو خالف الشرع الشريف، وله عليه هلع زائد، ويحبس الحبس المديد عليه، وإن قلت المادة. ولا يسمح بشيء، وكان يموت بحبسه الناس ولا يعفو. وكان يمتهن الحكام والحجج، ولا يقتل قتلاً شرعياً إلا بدارهم تعطى، وإلا، لا يغار على الشرع أصلاً، مع سكونه وعدم فجوره، وكان حليماً ولكن لا يعفو عن درهم. قرب السلطان نار والحاصل أن الشح لا يأتي بخير، والظلم لا يدوم، والبغي مصرع مبتغيه وخيم، والذل لغير الله ذل، وقرب السلطان نار. فكم من أجلاء وعلماء راحوا بأرجل السلاطين، وابتلوا ببلايهم من القتل والحبس والسلب، حتى لم يبقوا لهم شيئاً، لا قليلاً ولا كثيراً. وفي زمن الخلفاء، إذا عزلوا السلطان لا يكتفون بالحبس، بل يسملون عينيه، ويلبسونه أثواب الرعية، كالأرثاث والخام الثخين، ويخرج يتكفف الناس، وعند بني عثمان أحسن بكثير، وهو الحبس والترسيم مع التوسعة والنفقة إلى أن يموت، أو يسم. الشيخ أحمد الغزي

صادق الخراط

يوم الجمعة ثاني شعبان المبارك، صلي حاضرةً على مولانا العلامة الشيخ أحمد الغزي، المفتي الشافعي بدمشق، مدرس الشامية البرانية وغيرها، وصلي عليه العصر، ولم يتخلف أحد عن جنازته، ودفن عند الشيخ رسلان، عند أهله ووالده، وتولى الإفتاء بعده الشيخ مصطفى ولده. صادق الخراط وفي يوم الاثنين خامس الشهر، توفي مولانا صادق أفندي بن محمد أفندي بن الخراط الحنفي، وكان ماهراً فاضلاً في الأحكام والفقه. درس بالعمرية مدةً قليلة، وله معرفة بأمور الحجج ومصالح الناس، تولى نيابة الباب مراراً، وصلي عليه بالأموي، ودفن بالباب الصغير. وفيه دخول الخلوة المرداية لبني أيوب عند سوق الغنم والسويقة. يوم الاثنين ثالث عشر الشهر كانت الخلوة البردبكية بدمشق بجامع الأباريين. القاضي، محمد نوفرة يوم الأربعاء فيها، خامس عشر الشهر، توفي القاضي محمد بن حسن أفندي الشهير بنوفرة، كان مترفهاً متمتعاً بخدمات أصحابه وخيراتهم، ولا يخلو من ثروة، وصلي عليه الظهر بالتوبة ودفن بالدحداح. الشيخ عبد الغني النابلسي وفي خامس عشرين شعبان، يوم الأحد قبل الظهر، توفي إلى رحمة الله، الإمام العلامة العارف ذو المؤلفات الكثيرة، والرقاق الشهيرة، والشعر الرائق الغزير، والإنشاء البديع النضير، والخطب الرايقة والمحاسن الفايقة، الشيخ عبد الغني النابلسي، عفي عنه، آمين، وذلك بداره الجديدة بالسهم الأعلى لصيق حمام الكاس، شرقي العمرية ومدرسة الزاهرية وشمال البدرية وغربي الصاحبة، وغسل ثاني يوم وفاته الثلاثاء، يوم ختم درسه قبله، وصلي عليه قبل الظهر، ودفن في قبته التي أنشأها في داره للكتب. ولم يكن له مثيل في حل كلام الشيخ ابن عربي. وألف كتباً لا تحصى، ودرس قديماً بالجامع قرب داره، وأخيراً أُعطي تدريس السليمية. وله اعتقاد تام بابن عربي، وله دواوين في الشعر والأدب وفي التصوف، عفي عنه، آمين. محرم الحرام سنة 1144 6 - 7 - 1731م وفي يوم السبت تاسع محرم، دعانا الأخ إسماعيل آغا الناشفي إلى بستان عين الكرش، وكان تاسوعا. شعر في مراحل الحياة وأملاني بعضهم في تنويع العمر الطبيعي من كتابه، يعني إلى الماية، إذ كل عشر سنين تسمى في اللغة باسم، وهو قوله: ابن عشرٍ من السنين غلام ... رفعت عن نظيره الأقلام وابن عشرين: الصّبا والتّصابي ... ليس يثنيه عن هواه ملام وإذا عاش بعد ذلك عشراً ... فكمالٌ وقوّةٌ والتّمام وابن خمسين مرّ عند حياةٍ ... فيراها كأنّها أحلام وابن ستّين صيّرته الليالي ... هدفاً للمنون فهي سهام وابن سبعين عمره قد كفاه ... لا يبالي متى يكون الحمام وإذا عاش بعد ذلك عشراً ... بلغ الغاية التي لا ترام وابن تسعين لا تسلني عنه ... فابن تسعين ما عليه كلام وإذا عاش بعد ذلك عشراً ... فهو حيٌّ كميّتٍ، والسّلام إبراهيم الخالجي وفي يوم الأحد عاشر محرم الحرام، يوم عاشورا، صلي على إبراهيم آغا الخالجي من متقاعدي دمشق، كان كاتباً ساكناً حليماً، دمث الأخلاق، متودداً للناس. تولى الأموي، وصاهر بابنته يحيى شريف مكة ابن بركات، وتمرض مدةً مديدةً، وانقطع في داره قبلي قلعة دمشق والقزمازية، وغربي الأحمدية نحو القبلة، وشرقي سيدي عامود. درس السعسعاني يوم الثلاثاء، سادس عشرين محرم، حضرنا درس صاحبنا الأمجد سعيد أفندي السعسعاني بمدرسته القزمازية، شرقي سوق الأروام، وبعده ذهبنا إلى حديقة صاحبنا علي، ابن الحاج أحمد باشة الأنطاكي بالحارة الجديدة، وأقمنا بها ذلك اليوم إلى الاصفرار. وفي يوم الأربعاء، سابع عشرين محرم، ورد الكتاب والجوخدار، وأخبروا عن الحج وأنه بخير، وقال بعضهم في مكتوبه، أيامه عيد، ولياليه قدر. الحج بخير صفر، أوله السبت، ثانيه يوم الأحد ورد الوفد الشامي، وهو في غاية من الصحة والعافية، وأخبر عن شريف مكة، الأمير عبد الله، توفي إلى رحمة الله، قبل دخول الحج بيومين لمكة.

مصطفى مكتبجي

وفي يوم ذلك اجتمعت ببعض الأكابر وعنده عبد يسمى عنبر، له مودة استقبال لمن يرد على سيده. مصطفى مكتبجي يوم السبت أول الشهر، توفي مصطفى أفندي مكتبجي زاده قاضي الشام، وصلي عليه بالأموي، ودفن عند بلال. يوم الاثنين ثالث صفر ورد المحمل والباشا، وورد من علماء مكة الشيخ عقيلة الصوفي، ومعه اثنان من جماعته، ومراده يزور القدس، وقيل مراده بغداد، وقيل مراده الروم، والله أعلم بالمراد. مبرات الباشا وفي يوم ذلك، طلع الباشا إلى الصالحية بعد أن دخل السرايا، ومكث نحو خمس درج، وزار قبر المحيوي ابن عربي، وأسدل ثوباً عظيماً مقصباً من ستاير البيت، لعله وجد في تركة شريف مكة عبد الله. ثم رجع من توه إلى دمشق، وفرق على التكية السلطانية دراهم نثرت، والله يصلح الراعي والرعية. حجاب له منافع: وفي تاريخه، وجدت في بعض المجاميع ذات الخواص ما يأتي صورته وعدده: من أسماء الله تعالى في أوقات مخصوصة لمن له حاجة لذلك، وصدقت نيته، وقبل الباري عمله وذلك في أسماء الله محل رجاء الحاجات، والله أعلم بالنيات، وكتبتها في التاريخ حفظاً لها من الشتات: لجلب القلوب، بعد الظهر: يا رؤوف، يا ودود، يا الله، العدد 400. للعز والرفعة، بعد المغرب: يا رحمن، يا رزاق، يا الله، العدد 715. لرد البلاء، بعد الفجر: يا رافع، يا مانع، يا الله، العدد 415. لزيادة المال، بعد العصر: يا باسط، يا معز، يا الله، العدد 288. وللبرودة والسخونة وفيه للبرودة والسخونة: طاس ماء " الآن خفف الله عنكم " " إنا أعطيناك الكوثر " " يريدُ الله أن يخفف عنكم " " فصل لربك وانحر " " ذلك تخفيفٌ من ربكم ورحمة " " إنّ شانئك هو الأبتر "، يعافا، والله أعلم. لغز فقهي وفي يوم الثلاثاء، رابع صفر، ألغزت في مسئلة في الفقه على مذهب النعمان: وما حكم الذّبيحة إذ يسمّي ... تحلّ له بإجماع الأنسام وفي حكمٍ يسمّي ليس يجزي ... وهذا الحكم يعزى للإمام الجواب: إنه سمى مريداً للكلام، أي لم يقصد التسمية على الذبيحة، والله أعلم. وفي يوم السبت، ثامن عشرين صفر، كنا ببستان الآسية شرقي الميطور وغربي القابون، آخره من الشرق الطريق السلطاني. البستان الكبير ربيع الأول، أوله الاثنين. يوم الخميس رابعه، دعانا من الأصحاب السيد عبد الرحمن، من نواحي الشاغور إلى البستان المسمى بالكبير، غربي الخلخال، قبلي الميدان الأخضر، ودعا بعض أفاضل وأصحاب. كان الله له، آمين. يوم السبت، كنا ببستان العيش، قرب الربوة، وأقمنا الأحد، فالإقامة يومان، وهذا البستان يسمى كيوان، من آغوات دمشق، بستان واسع الأرجاء. جمادى الأولى وأوله الخميس، فيه دخل قاضي الشام مصطفى أفندي ترخني زاده، وذلك عند عشية النهار. وفيه دخل سليمان باشا ابن العظم، كافل ترابلس. نفي إسماعيل باشا العظم وفيه خرج أخوه من القلعة إلى داره التي أنشأها غربي الجوزية، ووجه إلى قلعة بالبحر، وخرج من غير موكب، وسافر معه كيخيته حسن باشا، والقلعة أقصى بلاد الروم. باشة مصر يوم الاثنين خامس الشهر، دخل باشة مصر ومعه علماء دمشق الموالي، واسمه محمد باشا، وعزل عبد الله باشا الكبرلي وتوجه في البحر إلى الروم. جمادى الثانية، أوله الأحد. يوم الخميس ثامن عشرينه، كنا بالصوابية الكاينة بالصالحية، نسبةً للأمير صواب الطواشي. وهو مكان نزيه مطل غربي الصالحية وشمال ابن قوام قدس سره. حمام ابن عليمة وفي يوم ذلك، رأينا شرقي الأفرم، انكشف التل عن حمام، ورأينا بعض الجران والأنابيب من فوقها، والباقي تحت بقية التل. وكنا نسمع ذلك فكان يستعبد. ولعله وقف على المسجد لصيقه من شرق، ولعله قبل الجامع بكثير ومتهدم زمان عمارة الجامع لقدم المسجد والحمام. ولم يذكره ابن طولون في تاريخ الصالحية من جملة حماميمها التي ذكرها، لأنه في عهده كان مردوماً. فإن الحمام لعله في عصر الثلاثماية، والجامع في الثمان. وابن طولون في آخر الثمانماية وأوايل التسعماية. الخلوات رجب، أوله الأحد، كنا بخلوة بني أيوب، والسيد يوسف أفندي ودعا الكل إلى عزيمة. شعبان، أوله الثلاثاء، سادس الشهر أول الخلوة البردبكية، وحضر أكابر وأعيان، والفراغ يوم الخميس حادي عشر.

تجديد ثوب المحمل

رمضان، أوله الأربعاء، وكان الشك الثلاثاء. وفيه أنشدت لبعض الأصحاب قصيدة زهرية. وفي أواسطه دخل أمين الصر وغيره من كبير الحج، وبقية الحاج الرومي. شوال، أوله الجمعة، يوم الأربعاء، نصف شوال، طلع المحمل، ومعه كافل دمشق عبد الله باشا الأيضنلي. تجديد ثوب المحمل وهذه السنة جدد ثوب المحمل، وظهر في غاية الجودة، والصنجق بعد باقي بلا تجديد، ونسأله إلهام الصواب، ومطابقة الحق بلا حجاب. يوم الاثنين تاسع عشر الشهر طلع الحج الشريف والحلبي، وكان دخل الأحد. مصطفى بن سوار وفي سابع عشر الشهر، توفي الشيخ مصطفى ابن سوار شيخ المحيا، الشافعي، وصلي عليه بجامع البزوري، ودفن بتربة الدقاقين، في محلة قبر عاتكة، وجلس مكانه ولده السيد وهبه. وكان المرحوم له فضل وحسن عشرة مع الناس ومع إخوانه، وكان عليه تدريس مدرسة الخياطين التي أنشأها إسماعيل باشا ابن العظم، رحمته عليهما، آمين. وكان المطر غزيراً ذلك اليوم، بعد حر كثير، وكان له أيام لم ينزل. محمد الأكرمي ذو القعدة، أوله السبت، ثانيه الأحد توفي بالصالحية الشاب الشيخ محمد بن الشيخ محمد الأكرمي الحنفي، من خدام الشيخ ابن عربي، وكان له خط حسن، وطلب العلم مدةً، وصلي عليه بالسليمية، ودفن بسفح قاسيون، عفي عنه. محمد بن العكر وفي يوم الاثنين ثالث الشهر توفي بالصالحية الشيخ محمد درويش ابن القاضي عبد الوهاب بن العلامة الشيخ أبي الفلاح عبد الحي ابن عماد، الشهير بابن العكر الصالحي. تولى كتابه الصكوك بمحكمة الصالحية، وصلي عليه بجامع السليمية، ودفن بسفح قاسيون غربي الروضة. بستان الزيبق سادس شهر القعدة، الخميس كنا ببستان الزيبق مع صاحبنا الأعز إسماعيل آغا، ونظمت في البستان أبيات من بحر الكامل، وفيه الإضمار والترفيل، وفي بعضها القطع، وذلك من العلل العروضية الجائزة المقررة في فنه. يوم الأربعاء، كنا خامس الشهر ببستان القصر مع الأخ إسماعيل آغا الناشفي، ورجعنا غروب الشمس لداره عند الأحمدية والقزمازية. دخول سليمان باشا العظم يوم السبت، خامس عشر من الشهر، ورد سليمان باشا ابن العظم، ودخل من على برج الروس، ونزل الميدان الأخضر، ثم ذهب لدار أخيه، وهو إسماعيل باشة، لزيارة أولاد أخيه إسماعيل باشا، غربي المدرسة الجوزية. آخر ذي القعدة، يوم الجمعة توفي الشاب الخالي العذار أحمد آغا بن محمد آغا بن الناشف بالطاعون، وصلي عليه بالسنانية، ودفن بتربتهم قبلي جامع حسان من غرب. سعيد السعسعاني ثالث عشرين القعدة. توفي سعيد أفندي مدرس القزمازية بدمشق، غربي الأحمدية، وقبلي قلعة دمشق. كان منشئاً لسناً خطاطاً، يعرف العربية والتركية والفارسية، وله في كل هذه الألسنة إنشاء وشعر، وذلك بالطاعون، وصلي عليه بالجامع ودفن بالباب الصغير. يوم الخميس سابع عشرين، فيه سافر سليمان باشا ابن العظم لتلقي الحج الشريف، وكان دخل في الخامس عشر منه. ذو الحجة، أوله الثلاثاء. علي العراقي ثالثه الخميس توفي الشيخ الصالح علي العراقي المعتقد، بالمرض العام. وفيه خف الطاعون عما كان، وكان بدأ في أول العشر الثاني من شوال، وبقي إلى آخر الحجة، نسأله الرحمة واللطف بعباده إنه على كل شيء قدير. ولد المؤلف عيسى وفيه في يوم الاثنين سابع عشر الحجة توفي إلى رحمة الله، ولدنا عيسى المتعبد الحافظ لكلام الله عن ظهر قلبه، وصلي عليه بالسليمية قرب العصر، ودفن بالروضة بسفح قاسيون. إسماعيل الناشف يوم الجمعة، فيه أول تشويش إسماعيل آغا المذكور سابقاً، ويوم الخميس توفي إلى رحمة الله، وذلك سنة 1144، وصلي عليه مقابل نبي الله يحيى قرب الظهر، ودفن بتربتهم قبلي حسان. سنة 1145 24 - 6 - 1732م الحكومة محرم الحرام، وسلطان الممالك الرومية وأكثر العربية وبعض العجمية السلطان محمود شاه، وقاضي الشام طرخني زاده الرومي، والمفتي حامد أفندي، وكافل دمشق عبد الله باشا الأيضنلي، والمدرسون والناس على حالهم، وقد خف الطاعون عما كان، وذهب فيه خلق لا يحصى. صفر، أوله السبت، دخل الحج الشريف، ولم يحصل على الحج بأس، لا من العرب ولا من غيرهم ولا من الطاعون الذي كان بدمشق. يوم الأحد، دخل المحمل.

محمد الحبال

في آخر الشهر كنا ببستان الباسطي، وبتنا ليلتين، ولم أُنشد فيه بشيء. ربيع الأول، كنا عند صاحبنا السيد محمد ابن شعبان الصالحي، الحافظ لكلام الله، والآخذ عنا الطريقة، ببستان العيش قرب الربوة. وقلت فيه بأبيات. محمد الحبال وفيه يوم الأربعاء، تاسع عشر ربيع الأول، توفي الشيخ محمد الحبال. كان ألمعياً في الفنون النقلية، قرأ على مشايخنا: ملا عبد الرحيم الكابلي الهندي، وشيخنا إبراهيم القفال، وشيخنا عبد القادر ابن عبد الهادي، وحضر يحيى الساوي حين قدم دمشق، وقرأ العروض علي الموصلي، وقرأ على المحقق القطان، ودأب في التحصيل، وصلي عليه في الجامع ودفن بالباب الصغير، قرب أُويس، قدس سره. ربيع الثاني جمادى الأولى، أوله الثلاثاء. أمليت في تاريخه في مجلس مع بعض أصحاب وطلبوا ذكرها، وكنت أرسلت مذكراً له في علوفة تدريسي بمدرستي، وكان متولياً، وكان يعوق في وفائها، وكان أول جلوسه للفتوى ممتدحاً ومعرضاً، وهو مولانا حامد أفندي بن علي أفندي العمادي، طيب الله ثراه. يوم الخميس ثالث جمادى الأولى، دخل قاضي الشام الجديد، وزار الباشا، وخلع عليه قبا سمور. حسين فروخ يوم السبت تاسع عشر جمادى الأولى، توفي حسين آغا ابن فروخ الرومي الأصل، وصلي عليه بالسليمية بالصالحية، ودفن بالسفح، تحت الكهف. جمادى الثانية، أولها الأربعاء. صادق الناشفي يوم الثلاثاء، ثاني عشرين جمادى الثانية، توفي صادق آغا ابن أحمد آغا ابن محمد باشا الناشفي، وصلي عليه الظهر بالجامع، ودفن بتربة جده محمد باشا، بالتربة المنسوبة لحسن أفندي، عم أبي محمد باشا الناشفي، قبلي جامع حسان. أخذ الطريقة عن عيسى الخلوتي بدمشق، واجتهد في العبادة، لا يقطع التهجد بالليل، ملازماً الأوراد التي تلقنها من شيخه، ويصوم الخميس والاثنين غالباً، وكان من أكمل زمانه، تام المهابة والهيبة والهيئة والوجاهة، وسافر للروم في غزوة البيتش سنة ثلاث وماية وألف، زمن الكرجي الذي انتقم من آغاوات دمشق، وتقدم ذكرهم في أول التاريخ. وكان له حلم وتؤدة في الكلام والأدب، ولا يكثر الترداد إلى الحكام، وحج مرات سرداراً بالتخت، في أعصار تسع وتسعين، وخمس وتسعين. رجب، أوله الجمعة، أو الخميس، ورد حج كثير من الروم لدمشق. وفيه ذهب الوزير إلى الدورة على البلاد التي في حكمه، والله لطيف بالعباد. تدريس المقدمية وفيه نظمت بأبيات لمتولي مدرستي، حامد أفندي العمادي المفتي، من جهة تكلمه وتكلم متولي مدرسة المقدمية، لمباشرة المقدمية في التدريس، نيابةً عن أربعة مدرسيها، تذكيراً له، وهم سعيد أفندي الأسطواني، وعبد الرحمن أفندي الأسطواني، وبني الأكرم، وإبراهيم أفندي الأسطواني، وأن أُباشر عنهم في التدريس، وجعلوا من العلوفة ومدخولها شيئاً، مذكراً له فيما وقع الربط به، وذلك حين مطالبتي له في علايف مدرستي الخديجية. وكان نازلاً بدار حسن جلبي بالجسر الأبيض، زمن الربيع والورد. وهي عامرة الأركان، مطلة على دمشق وضواحيها، كأن صحن كلسها فرغ منه الآن، فهي إلى الآن عامرة الأركان، مطلة بشبابيكها الحديد على رياض دمشق وقصورها التي فاقت عرايسها في أجورات مهورها، وبها سكن النواب، دامت مفتوحة بها مصاريع الباب. شعبان، أوله السبت، ثالثه، يوم الاثنين أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أعيان كالسيد محمد أفندي بن الشيخ مراد، وأحمد أفندي المحاسني الخطيب، وعبد الرحمن أفندي المهيني، ومحمد أفندي الكنجي، والشيخ محمد بن سوار، تقبل الله من الجميع، بمنه آمين. زوجة عمر الناشفي يوم السبت، تاسع عشرين شعبان، توفيت زوجة أخينا عمر آغا الناشفي، وهي ابنة صالح آغا الكيخية، والدفن بالباب الصغير. رمضان، أوله الأحد، فيه ورد بقية الحج الرومي. رمضان، فيه ليلة الأحد، ثبت أول شوال، ونسأله موافقة الصواب. يوم الاثنين، وذلك يوم ستة عشر، من أول اليوم، طلع المحمل والوزير معه. وهو عبد الله باشا الأيضنلي، كافل دمشق، وتقدم ذكره. يوم الخميس، التاسع أو الثامن عشر طلع الحج الشريف، وكان دخل الحلبي عصرية يوم المحمل. عسكر مصر

قهوة خبيني

في آخر الشهر طلعت الخزنة، وبلغ أن عسكر مصر المعين للعجم مر على الشام، وهم ستة آلاف، نزل البحر ثلاثة آلاف، والبر مثلها، ونسأله إصلاح الشان، والنصرة على هؤلاء الأعجام اللعان. وفي تاريخ الشهر، كنا مع جملة أصحاب من مجلس فيه كل خدن نبيه في موضع نزيه، وذلك في ليلة الأحد، اثنا عشر الشهر. قهوة خبيني ذو القعدة، أوله الاثنين أو الثلاثاء، كنا في بستان في الشرف مطل على المرجة، غربي المولوية، وهو جنينة وقهوة يقال لها قهوة خبيني، ودخلناه في بكرة النهار، وهو كثير الأزهار، مترقرق الجداول والأنهار، أشرقت على صفا جوهر أنهاره شمس الشروق، كسطوع النور بلوامع البروق، مع فئة من الأصحاب، ممن شملهم بسط الوجه وبدا عليهم ما هو كنشو الشراب. دخول والي صيدا وفي يوم الثلاثاء، سادس عشر الشهر، دخل محصل حلب، كافل ترابلس من على اللوان، ونزل بمخيمه بالميدان الأخضر، وضرب له كم مدفع. وفي السبت تاسع عشر القعدة، دخل إبراهيم باشا الكردي، كافل صيدا حالاً، وكافل ديار بكر سابقاً، وغيرها من المناصب، ونزل بصدر الباز بالميدان الأخضر في مخيمه، والمحصل عند التكية، والله يحسن الأحوال بمنه، آمين. وفي الثلاثاء، ثالث عشرين القعدة، أرسلت لولدنا الشيخ إبراهيم أفندي مكتوباً، نثراً ونظماً، فنذكر بعض المكتوب الأول، لأن بقية المكتوب سلامات لبعض أصحابنا الحجاج. بل نذكر خطبة المكتوب، وأما بعد وما يليها من تناظم المكتوب. وفي آخر الشهر، وصل أوائل العسكر المصري المعين للعجم، ولاقا لهم بعض قول الشام. وفي يوم الاثنين ثاني عشرين القعدة، سافر لملاقات الحج محصل حلب واسمه عثمان باشا من على اللوان. وسافر إبراهيم باشا في ثمان وعشرين الشهر، والله ييسر كل خير آمين. ذو الحجة، أوله الخميس أو الجمعة، وعلى الأول فالوقفة الجمعة، وكانت في دمشق السبت إذ لم يثبت الهلال يوم الخميس، ونودي على ذلك مراراً، بل كان ذلك على حساب الشهر الذي قبله. نزهة في سقبا وفي يوم الجمعة ليلة السبت ذهبنا في سابع عشر الشهر إلى سقبا، إلى عند صاحبنا يوسف السقباني، ومكثنا ثلاث ليال ويومين، وزرنا عبد الله ابن سلام الصحابي رضي الله عنه. وكان يوسف قد أخذ عنا الطريقة وصحبنا، وكان له محبة أكيدة وهو إلى الآن، ونزلنا يوم الاثنين بكرة النهار. صدري زاده وفي يوم الأربعاء رابع عشر من ذي الحجة، توفي قاضي الشام إبراهيم أفندي صدري زاده، وصلي عليه العصر بالجامع ودفن عند بلال. يوم الخميس، خامس عشر من الحجة، كان درس الفقه بدارنا بمحلة الأمير المقدم بالصالحية، في الوكالة، ولم أذهب للمدرسة للمشقة. بستان الدينارة يوم السبت رابع عشرين ذي الحجة، كنا ببستان الدينارة ومكثنا يوماً وليلة، وفيه من الحموي شيء كثير، وفيه فرقة من نهر داعية أو عقربا. ومنه الزلفى وحسن المآب. سنة 1146 سنة ست وأربعين وماية وألف 13 - 6 - 1733م الحكومة محرم الحرام، وسلطان مملكة الروم وبعض العرب والعجم السلطان محمود بن السلطان مصطفى خان، وباشة الشام عبد الله باشا، وقاضي الشام صدري زادة المتوفى قبل تاريخه، والمفتي حامد أفندي ابن العمادي. أوله السبت كنا ببستان الباشا. حفلة زفاف ثالثه الاثنين، دعينا لعقد صاحبنا السيد بكري ابن صالح جربجي القلعجي، من دولة قلعة دمشق، وذلك على بنت السيد إبراهيم بيك ابن السوقية. يوم الخميس السادس من الشهر، كان درس الفقه بدارنا بحكر الأمير المقدم بالصالحية. يوم الأحد، كان زواج السيد حسين بن بلبان الصالحي ببنت القاضي عبد الرحمن ابن المعاريكي. بستان الباشا يوم الثالث عشر فيه، يوم السبت، كنا ببستان الباشا بحكر العارض في الطريق، شمالي باب جامع السادات، ومعنا العالم الأمجد الشيخ حسن المغربل النحوي الفقيه الشافعي، والشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد التركماني ثم الشاغوري، وتذاكرنا في علوم عديدة في الإعراب والموسيقى والعروض، ونظمنا لأشياء، ونسأله الإحسان. بستان الدينارة وفي يوم السبت، واحد وعشرين محرم الحرام، كنا ببستان الدينارة أيضاً بالغوطة مع جماعة من الأخلاء والأصحاب، ومكثنا يومين السبت والأحد ونزلنا يوم الاثنين، النهار. يوم الأحد، يوم الثلاثين من محرم ورد الكتاب.

حكم ومواعظ

صفر، أوله الاثنين وفي يوم ذلك، وجدت ورقة مكتوبة ملقاةً في طريق المارة، فيها أبيات تفيد قارئها تربيةً وألفاظاً، فذكرتها لتستفاد: فالأول لمنجك رحمه الله تعالى: حكم ومواعظ من تصطفيه إذا أتاك مخاطباً ... منك الجوارح كلّها تتنعّم وإذا تكلّم من كرهت كأنّما ... مرآة قلبك بالحجارة ترجم ولغيره: كلّ الأمور تمرّ عليك وتنقضي ... إلاّ الثناء، فإنّه لك باقي واعلم بأنّ المكرمات عرايسٌ ... ومهورهنّ مكارم الأخلاق وبعده تخميس بيتين: يا من عزم أن توافينا مودّته ... قف واستمع قول من فاقت نصيحته دع عشرة الضدّ لا تنفعك صحبته ... الشّمع يبكي، فما تدري أعبرته من صحبة النّار ... أو من فرقة العسل سل عن كريم السّجايا ذاك آنسه ... والزم له وطريق الرشد مارسه وافهم لشعرٍ لنا جادت نفايسه ... من لم تجانسه احذر تجالسه فآفة الشّمع ... كانت صحبة القتل دخول الحج يوم الجمعة، خامس صفر، دخل أوائل الحج الشريف، قريب الصلاة إلى المساء. وشكروا هذه السنة من الرخاء والأمن والحمد لله وحده إلا من جهة العطش، من هدية إلى تبوك. سابعه الأحد، دخل المحمل، والحج السبت. يوم السبت الثالث عشر، خرج حج كثير من الأروام، ومن سائر البلاد، وبقي خلق كثير. وكانت الوقفة يوم السبت، وكذا بدمشق، والإقامة بمكة عشرة أيام لا غير، ولله الحمد. في آخر صفر، وردت بشارة في نصرة الخنكار على العجم الليام. يوم السبت، ثالث عشرين صفر، كنا في بستان المساطبي، ومعنا بعض أصحاب. المؤلف والمفتي ربيع الأول، أوله الأربعاء، راسلت مولانا حامد أفندي المفتي ابن العمادي في أن يوكلني المقدمية في مباشرة الدرس، نيابةً عن مدرسيها الأربع، فنظمنا هذه القصيدة تذكيراً بما ربط هو والمتولي معي، وكان ذلك يوم الأربعاء أول ربيع الأول، وفيه تعريض برد دراهم من الذهب، اثنين فأكثر، من علوفة تدريسي بمدرستي المرشدية، لأنه كان متوليها. ياسين الكيلاني وفي يوم الجمعة، ثالث شهر ربيع الأول، توفي سيدنا السيد يس أفندي الكيلاني من أعيان حماة، ومن المشار إليه، والكل في حماة بدمشق، وصلي عليه بالجامع، ودفن عند الجوعية بسفح قاسيون. وهو من ذرية سيدي عبد القادر الكيلاني، وكان ذا ثروة باذخة وأملاك وإقطاع وعقارات وأراضي لا تحصى، وعمل على ضريحه قبة عظيمة. وهذه الجوعية فيها غار فيه جماعة من الأنبياء، والدعاء عندها مستجاب عفي عنه آمين. نزهات يوم الأحد خامس ربيع الأول، كنا بالقاريات بأراضي الغوطة مع جماعة من الأصحاب. والسبت، حادي عشر ربيع، دعينا إلى وادي كيوان من جماعة من الخلان. ونسأله السماح والرباح بمنه آمين. يوم الثلاثاء، رابع عشر ربيع، جاءت بشارة لعبد الله باشا كافل دمشق بالاستقرار، وضرب كم مدفع. والناس في ضيق وشدة من جهة الخبز وأسعار الأشياء كلها، ونسأله سبحانه أن يرخص أسعار المسلمين، ويخذل الكفر وأعداء الدين، ويجعل هذا البلد آمناً رخياً في حرزه، والمسلمين أجمعين يا رب العالمين. نزهات يوم السبت، ثامن عشر ربيع الأول، كنا مع جماعة من الأفاضل بالسيوفي، دعانا إليه الشيخ عبد الباقي الشاغوري لعقيقة المولود. يوم السبت خامس عشرين، كنا عند صاحبنا ابن شيبان ببستان القصر المطل على المرجة عند زقاق الصخر. ربيع الثاني، أوله الجمعة، يوم السبت ثانيه، كنا ببستان الكبير غربي الخلخال بالشرف القبلي عند بانياس، عند صاحبنا الحاج محمد الشاغوري. بناء جامع النابلسي يوم الثلاثاء خامس ربيع الثاني عمر جامعاً بالسهم الأعلى شرقي الحاجبية والمدرسة العمرية، الشيخ مصطفى بن الشيخ إسماعيل بن الشيخ العارف العلامة عبد الغني النابلسي، والمسجد لصيق تربته بغرب، وفيه ثمان شبابيك حديد مطلة على جناين هناك، وتكلف فيه كلفةً باذخةً.

حفلة زفاف

يوم السبت عاشر ربيع الثاني، كنا عند صاحبنا الحاج مصطفى الصالحي بحور تعلى، ونمنا ثلاث ليال عندهم، والبستان الآن بيد بني خليفة، وكنا جماعةً، منهم راح ومنهم من بقي لتأكيدهم علينا، وبيده كل خير. حفلة زفاف جمادى الأولى، أوله السبت، فيه كان فرح خطيب دمشق لزواج ولده، ودعينا إلى الحضور إلى فرحه مع ابن عمه السيد رحمة الله جلبي، وأجبنا لوليمته. كمل الله أفراحه، ولم يأخذ من أحد شيئاً. تاسع الشهر، يوم الأحد، كان زواج ولدنا الشاب الشيخ إبراهيم أفندي ودعونا بعض أصحاب. يوم السبت ثاني عشرين جمادى الأولى، نزل المطر الوسمي بدمشق، ونسأله رخاء الأسعار والتيقظ في الجهر والإسرار. الشيخ خليل المرادي يوم الاثنين أول جمادى الثانية، توفي السيد خليل بن السيد محمد بن الشيخ مراد، وصلي عليه بالسليمية ودفن عند أخيه إبراهيم بتربة ذي الكفل، لصيق الزاوية العجمية بسفح قاسيون. ليلة الثلاثاء تاسع الشهر، وأوله الاثنين، دخل قاضي الشام حسين أفندي صالح زادة الرومي. الخلوات رجب، أوله الثلاثاء، فيه كانت خلوة السيد يوسف أفندي بعمارته التي أنشأها عند داره، ودعينا إلى الحضور فحضرنا. وبعده خلوة بني أيوب، دعينا فحضرنا، تقبل الله من الجميع. شعبان، خامس الشهر يوم الاثنين أول الخلوة البردبكية بدمشق، وحضر أكابر وأعيان، ونسأله القبول بجاه الرسول. سليمان العظم والياً يوم الثامن فيه الخميس، دخل سليمان باشا كافلاً بدمشق، وعزل عبد الله باشا وسافر إلى بلاده، ونزل سليمان باشا بالسرايا. رمضان، أوله الخميس على ثبوت شعبان، فيه دخل حج كثير وأمين الصر وغيرهم. شوال، أوله السبت، والوقفة الجمعة، يعني وقفة العيد، يعني كوقفة عيد الأضحى، إذ عيد الفطر لا وقفة له، والله أعلم. رابع عشره، يوم الجمعة، خرج المحمل والباشا معه بعد الصلاة. يوم الأحد سادس عشره طلع الحج. تاسع عشر الشهر، يوم السبت كنا على حافة نهر بانياس غربي قصر منجك. القعدة، أوله الاثنين، يوم الثلاثاء ثانيها دخلت الخزنة المصرية. ختمة في الصابونية يوم السبت سادس القعدة، وأوله الاثنين، كنا بالصابونية نحن والشيخ محمد الحنبلي، وختمنا ختماً من القرآن. فقرأ الحنبليان الشيخ أحمد الحنبلي والشيخ محمد الحنبلي أربعة عشر جزءاً، والسيد مصطفى ستة والشيخ سعيد أفندي ستة، وكاتب الحروف أربعة، فهذه ثلاثون. وفي بكرة النهار ذهبنا إلى الصوابية ومكثنا إلى المساء. وفي عشرينه كنا في بستان الجوز، ونسأله تمام النعمة وحسن الختام. وفي أثناء الشهر، راسلت الأخ مصطفى جلبي بن أبي الصفا أطلب فرساً منه كانت عنده عارية. يوم عشرين القعدة، دخل كيخية إبراهيم باشا الكردي، ويوم واحد وعشرين دخل إبراهيم باشا الكردي، وهو باشة الجردة، وطلع أول الحجة، وأوله الثلاثاء. فيه كان العيد الخميس. أحمد المحاسني وفيه سادس الشهر توفي أحمد أفندي الخطيب ابن محاسن، وصلي عليه العصر، ودفن بالباب، وناب في الخطبة عن ولده المقررة عليه ابن عمه الشيخ موسى، خطيب الدرويشية، والمدرس بجامع بني أمية. يوم السبت كنا بالدهشة، ثالث عشر الشهر. دارة حول الشمس وفي سادس عشر الحجة، ظهرت دارة ذات لونين حول الشمس، كبيرة، وذلك قبل الزوال. وفي يوم السبت ثامن عشر الحجة الحرام، ذهبنا لقرية سقبا إلى عند صاحبنا أبي علي، وفي ثاني يوم ذهبنا لزيارة سيدي سعد بن عبادة، وعدنا المساء. مطر في الصيف وفي يوم الخميس، صار بالصالحية ودمشق مطر غزير ورعد وبرق، وكان ذلك أيام الورد، ومبدأ أيار في الرومي، وذلك رابع عشرين الحجة. يوم الاثنين، ثامن عشرين، دعانا بعض الأصحاب إلى بستان جريف، لصيق طاحون الأحمر بالسهم، وعمل لنا ضيافة، كان الله له، آمين. محرم الحرام سنة 1147 3 - 6 - 1734م محرم الحرام سنة سبع وأربعين وماية وألف الحكومة وأوله الخميس، وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والأعجمية، السلطان محمود بن مصطفى خان بن محمد خان، عليهم الرحمة والرضوان، وكافل دمشق سليمان باشا ابن العظم، بالحج الشريف، وقاضي الشام حسين أفندي صالح زاده، والمفتي حامد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم.

أسعد المالكي

وفيه نزل السعر عما كان عليه في الحبوب، وله الحمد والمنة. وفيه يوم الثلاثاء سادس الشهر دعينا إلى بستان القطان بأرض المحاضر، وفيه من الحموي شيء كثير، وفي هذه السنة لم يصب الأثمار آفة، ولله الحمد. أسعد المالكي وفي يوم الأربعاء سابع محرم، توفي من العلماء السيد أسعد بن محمد أفندي المالكي، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالدحداح في الجهة الشرقية، قرب العارف أيوب الخلوتي. جنينة البكري يوم السبت العاشر، أعني يوم عاشوراء، دعينا إلى جنينة الدار المنسوبة إلى البكري في قرية جرمانا في الغوطة، مع جماعة من الخلان، وقلت فيه بأبيات. وفي يوم الأحد، حادي عشر الشهر، كنا في حديقة يمر بها نهر بردى، مع جماعة من الإخوان إلى المساء، مع جماعة من المحبين: علي جلبي ومحمد جلبي والحاج محمد، والشيخ محمد الكفلي. وفي يوم الثلاثاء، ثالث عشر محرم، كان درس النحو بدارنا بحكر الأمير المقدم بالصالحية من دمشق، ولما فرغنا قرأنا الفاتحة ودعونا الله تعالى. يوم الجمعة، ليلة السبت، 16 محرم، دعينا إلى حضور الخلوة الكاينة في السادات، وهو جامع منجك. بستان الوادي ثم دعينا من هناك إلى بستان لضيافة بعض الأصحاب، وبتنا بالبستان المزبور إلى بكرة النهار، ولم نقم، لشغل كان حاصلاً، وإليه كل أمر، ويسمى البستان بالوادي، والطريق إليه من حمام السكاكري. يوم 18، فرح السيد مصطفى الصفدي يوم الأحد، ودعانا إليه وحضرنا. يوم الثلاثاء العشرين من محرم، كان الدرس المذكور وقرأنا الفاتحة، ودعونا الله تعالى. قرية البلاط وفي يوم السبت، رابع عشرين محرم، ذهبنا إلى قرية البلاط لعند صاحبنا يوسف، وبتنا ثلاث ليال عنده، ونزلنا بكرة يوم الثلاثاء، ومررنا على الشيخ رسلان، ودخلنا إلى عند حضرة حامد أفندي المفتي لغرض من الأغراض، وكان في داره. أخبار الحج وفي يوم الأحد، الخامس والعشرين من محرم، جاء جوخدار من قبل الحج، وأخبر أن الكتاب بعد كم يوم يرد، والحج يدخل يوم الأحد ثالث صفر، والمحمل رابعه، يوم الاثنين، ولم يحصل للحج من العرب شيء، وكان الأمن والرخاء كثير، ولله الحمد والمنة. يوم الأربعاء، ثامن عشرين محرم، جاء الكتاب وأخبر أن الحج بخير. صفر، وأوله الجمعة، يوم السادس، فيه دخل الحج. يوم الخميس السابع، دخل المحمل، وباشة الجردة إبراهيم، وأخبروا أن العيد بمكة كان الجمعة، والوقفة الخميس، وفي دمشق، الخميس كان العيد، والوقفة الأربعاء، ونسأله القبول. الشيخ إبراهيم الرفاعي وفي الأحد، العاشر من صفر، توفي الشيخ إبراهيم بن الشيخ المتعبد المبارك بركات الرفاعي الصالحي، وصلي عليه الظهر بالسليمية، ودفن عند الشيخ عبد الهادي، العالم الولي، شمالي المعظمية والمدرسة العزيزية. بستان الباسطي وفي يوم السبت، ثاني صفر، كنا عند صاحبنا أحمد ببستان الباسطي المنسوب لبني الصمادي، وبتنا تلك الليلة. وهو بستان نزيه، يجعل القلب فيه نبيه، ترقرق فيه الماء كاللجين، وزاد فيه التبر الماء من العين. ونظمت فيه بأبيات ودخلناه بكرة النهار، مع جماعة من ذوي الأبصار، وكان أيام البلدي. رؤيا وفي التاريخ في يوم ذلك، أخبرني من كان معنا في السير المذكور بواقعة، أي رؤيا، ليلة الجمعة ثاني عشرين صفر، أني في جامع متكيء في مكان منه، فدخل من باب الجامع رجل ذو شيبة، فقام الرائي ليقبل يديه إجلالاً له، فقال: لا، قبل يد هذا، وأشار إلى المتكيء مكانه، سأله: من أنت؟ فقال: أبو بكر الصديق، ثم دخل إلى عند المتكيء وقال له: استوص بفلان، وهو الرائي. فقلنا: الحمد لله على إنعام الله بالتفات الصديق إلينا بمثل ذلك، وفي الحديث: لا تزال المبشرات يراها المؤمن أو ترى له، ونسأله التوفيق بمنه، آمين. وفي يوم الاثنين، ونحن في حديقة لبني الحكيم، فأنشدني السيد إبراهيم، من بني الحكيم، الصالحي من نظمه في ذم الزمان وأصحابه لنفسه معارضاً: شعر وجداني أين الكذوب من المحبّ الصّادق ... ما الهجر مثل الوصل اللذيذ العاشق هذا الزمان، بنوه يشبه ودّهم ... لمع السراب فلست فيه بواثق فخذ النصيحة إن أردت سلامةً ... وصد المسرّة مثل حدّ الباشق

حجاب لانشراح الصدر

ووجدت في بعض المجاميع: حجاب لانشراح الصدر من كثر همه وضيق صدره، يقرأ عند مضجعه سورة " ألم نشرح " سبع مرات وينام، فبعد النوم يزول. وآخر للمحبة وبعده باب محبة وتآلف: تأخذ إحدى عشرة فلفلة، تقرأ على كل حبة سبع مرات هذه الآية: " وإنَّه على ذلك لشهيد وإنه لحُبِّ الخير لشديد ". وثالث للسلوان وآخر، لسلوة من يحب أحداً: يكتب له في إناء نظيف ويسقى، وهو قوله تعالى في سورة الأنعام: " قُلْ تعالوا أتْلُ ما حرَّم ربكم عليكم: ألاّ تُشركوا به شيئاً، وبالوالدين إحسانا، ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإيّاهم، ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلاّ بالحقّ، ذلكم وصّاكم به لعلَّكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلاّ بالتي هي أحسن حتّى يبلغ أشُدَّه، وأَوْفوا الكيل والميزان بالقسط، لا نكلِّف نفساً إلاّ وسعها، وإذا قُلتم فاعدلوا ولو كان ذا قُربى، وبِعَهْدِ الله أوفُوا، ذلكم وصّاكم به لعلّكم تذكَّرون وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتّبعوه ولا تتّبعُوا السُّبُلَ فتفرَّق بكم عن سبيله، ذلكم وصّاكم به لعلكم تتقون ". فالذي يكتب إلى: تتقون. ورابع للبرود وأخرى للباردة حرف العين في الأول، والفاء في الثاني والواو في الثالث، ويبخر ببزر نارنج، أو توضع في إناء ويشرب منها. وعليه القبول، وقضاء الحاجات. وخامس لجلب الزبون وأُخرى لجلب الزبون للحانوت، نافع إن شاء الله تعالى، وعليه القبول، وبيده أزمة كل شيء، وهي أن يكتب ويطرح تحت عتبة الدكان لأجل المعاش: " بسم الله الرحمن الرحيم. وكفَّلها زكريا، كلّما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً، قال: يا مريمُ أنّى لكِ هذا، قالت هو من عند الله، إنّ الله يرزقُ من يشاء بغير حساب ". " ربَّنا إنَّكَ جامعُ الناس ليومٍ لا ريبَ فيه ". " ثم ادْعُهنَّ يأتينك سعيا ". " وحُشر لسُليمان جنودُه من الجنّ والإنْس والطّير فهُم يُوزعون.... إلى موضع فألْقِهْ إليهم.... وأْتوني مُسلمين ". " ادخُلوها بسلامٍ آمنين ". " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ". " والشمسَ والقمرَ والنُّجومُ مُسخَّراتٍ بأمره، ألا له الخلقُ والأمر، تبارك الله ربُّ العالمين ". حجاب للرزق وللجلب في الرزق: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، منزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان على محمد صلى الله عليه وسلم، وعليهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وأفادني بعضهم أن الفاتحة تكتب وتعلق في الحانوت لجلب الزبون، وقراءتها كل يوم مائة مرة لتوسعة الرزق، ولو بعد حين. ولوفاء الدين " قُل اللَّهُمَّ مالك الملك " بعد الفاتحة في الصلاة. هذا ما وجدت منه الفائدة فكتبته ليستفاد، وبيده كل أمر وخير. دعوات ربيع الأول، أوله السبت، يوم الاثنين ثالثه دعينا إلى عند صاحبنا الأخ الفقيه الشيخ أحمد الحنبلي الخطيب بجامع منجك غربي برج الروس في محلة السياغوشية، وكان المفتي الحنبلي وجماعة من الفقهاء والصلحاء، ونسأله التمام إلى خير. وفي يوم السبت أول الشهر، دعينا إلى حديقة يجري في قبليها بردا. وفي الأحد دعينا إليها ثانياً مع جماعة من الخلان والأصحاب، ونسأله أن يشرح صدورنا وييسر بالخير أمورنا، إنه على كل شيء قدير. وفي يوم السبت ثامن ربيع الأول، دعانا السيد رشيد بن مصطفى باشا ابن دعبول إلى بستان الوادي، وكان الجمع كثيراً، وعدنا إلى دار ابن دعبول عند المغرب، وبتنا ليلة السبت عنده لغرض التبكير، وثاني ليلة، ليلة الأحد للمجيء في المساء، والله الموفق. حجاب آخر وفي تاريخه، أفادني عبد الرحيم جلبي المترجم: يقرأ على دعاء فيه ماء سورة " قل أوحي "، ثلاث مرات في كل ليلة على ثلاث ليال، ثم يرش في كل قرنة من الدار شوية، يرتفع بإذن الله، والبخور: حنتيت وحصا البان. وعليه قضاء الحاجات، وإجابة السور والآيات. تهليلة الناشفي

وتهليلة الهلالي

وفي يوم السادس والعشرين، يوم الخميس ليلة الجمعة، كانت تهليلة المرحوم إسماعيل آغا بن المرحوم صادق أفندي الناشفي، التي وقفها على بعض أستاذين من الخلوتية، في كل سنة مرةً، وشرط سماطاً وسماعاً بآخر الليل، وشرط تولية ذلك والنظر فيه علينا، طريقة تهاليل أهل دمشق وختومها، وتفرقة بعض لوازم ذلك منها، تقبل الله منه، آمين، وذلك في ليلة الجمعة سادس عشرين ربيع الأول سنة 1147. وتهليلة الهلالي وفي تاريخها: كان انتهاء تهليلة القاضي صالح الهلالي، الوقف على بعض أستاذين الخلوتية ومن يخلفهم من الأستاذين، وصارت إلى العدد سبعين ألفاً، في كل يوم ألف، والابتداء من رابع عشر محرم إلى تاريخ ربيع ستون يوماً وعشرة، وكانت سماطاً، ومحلي آخر الليل، وتفرقة على الخدمة والمنشدين على جاري عادة تهاليل أهالي دمشق. التهليلة ولكن الوقف تقاصر عما كان، وما بقي، لا يفي كما شرطه الواقف، فبقي مال وقفها دون ما كان، وبقي العمل لها بحسب الإمكان، فاختصر في العمل ناظرها الموقوف عليه على العدد والفاتحة والدعاء، ويهدي ذلك إلى الواقف، ولو شرط ختماً كان يصير بنحو خمسة أنفار، ولكن شرط تهليلة قول " لا إله ألاّ الله " سبعين ألفاً، ويهدى ذلك إليه، وقراءة الفاتحة، والله يتقبل بمنه، آمين. دعوة ربيع الثاني، أوله الاثنين، ليلة الأربعاء، ثالث ربيع الثاني، دعانا الأخ الصالح الشيخ محمد بن عبد الله الحنبلي، الخطيب، بجامع جراح، والإمام فيه، إلى داره غربي جراح مع جماعة من الصالحين. وادي كيوان وفي يوم السبت السابق، تاسع وعشرين، دعانا بعض الأصحاب إلى وادي كيوان شرقي الربوة، مع جماعة من الأفاضل والكمل، ولم أنظم فيه بشيء، وهو تاسع عشرين ربيع الأول، ورجعنا عند المساء. وكان في الربوة من الناس ما لا يحصى، كما هو جاري عادة أهالي دمشق. وذكر الهزار، في معرض، لأنه كان معهم حياة الحيوان يطالعون فيه. تهليلة محمود السيوفي، يوم التاسع من ربيع الثاني، ليلة الخميس. سقبا وفي ليلة السبت، يوم الجمعة مساءً، ثاني عشر ربيع الثاني، وأوله الأربعاء أو الثلاثاء، كنا في قرية سقبا عند صاحبنا أبو علي يوسف، ومكثنا السبت والأحد، يومين وثلاث ليال، ورجعنا يوم الاثنين بكرةً. وفي يوم الاثنين 12، كنا ببستان الدواسات الكاين بالنيرب، لصيق الربوة، مع جماعة ومن الأصحاب الأخلاء الأنجاب، ولم أنظم شيئاً. تهليلة النابلسي وفي يوم الثلاثاء، ثاني عشرين ربيع الثاني سنة 1147، كانت تهليلة العارف العلامة الشيخ عبد الغني النابلسي بداره، وعند ضريحه، وتكلف ولد ولده الشيخ مصطفى كلفةً باذخةً، تقبل الله منه، وكان السهر ثلاث ليال بها. الخلوات وآخر التهاليل الثلاث، محمد بن عيسى الخلوتي وجماعته الآخذين عنه وخلق، وقبلها كان الأستاذ بها السيد يوسف أفندي المالكي، والشيخ محمد بن أيوب، والشيخ يوسف المملوك، وكان الأمر العام، في الليلة الثانية، للسيد يوسف أفندي، كما سمع. طريقة الخلوة وقبل قبلها الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ عبد الهادي، وجميع من يتردد إلى محياه من الناس، ومعهم طبول الباز والمزاهر كما هو عادتهم، والأول كلهم من ذوي الطريقة الخلوتية. تقبل الله منا ومنهم جميع ما فعلوه من الخير، وممن أنفق تقبل الله منه كذلك، وأتمه بخير عليهم، إنه خير الميسرين، والحمد لله رب العالمين. الشيخ عدي العرودكي وفي يوم الخميس، رابع عشرين، ربيع الثاني، توفي الشيخ عدي بن الشيخ أحمد العرودكي الصالحي، من ذرية خلفاء الشيخ العارف أبي بكر العرودك، قدس سره، وصلي عليه الظهر بالخاتونية، أعني الجامع الجديد، ودفن بسفح قاسيون. طهور أحفاد النابلسي وفي ليلة الجمعة، يوم ذلك، كان طهور أولاد أولاد الشيخ العارف المرحوم الشيخ عبد الغني النابلسي المذكور، قدس سره آمين. جمادى الأولى، وأوله الخميس، أو الأربعاء. محمد المحمودي يوم الاثنين توفي الشيخ الفاضل الفقيه الشيخ محمد المحمودي الحنفي السؤالاتي، بباب الجامع الكبير، وصلي عليه الظهر، ودفن بتربة الشيخ رسلان، قدس سره، آمين. الشيخ طاهر النابلسي

كيف مات

وفي يوم الأربعاء واحد وعشرين جمادى الأولى، توفي الفاضل الصالح الشيخ طاهر بن مولانا الشيخ إسماعيل أفندي بن العارف العلامة المرحوم الشيخ عبد الغني أفندي النابلسي، وصلي عليه الظهر بالسليمية، وأُعلم له بدمشق والصالحية، ودفن قريباً من جده في دارهم، ومراد والده يعمل عليه قبةً فوق قبره، وطلع خلق لا يحصى. وكان في آخر أمره وفي حياة جده صار له وله وسكون واصطلام، لا يخرج إلى أحد مسكراً على نفسه، وانقطع عن الناس والاجتماع بأحد ممن قل أو جل، وترك الأكل والشرب، إلا النزر اليسير، وبقي على ذلك مدةً مديدةً في حياة جده إلى بعد موت جده في هذه الحالة. كيف مات ثم قرب موته بنحو شهرين، ترك الأكل رأساً إلى أن توفي، فلما سكت خبره نظر إليه من شباك من المكان الذي هو فيه، وكان دائماً يسكره عليه من داخل، فرأوه مستقبل القبلة نائماً على فراشه، ففتحوا عليه فإذا هو ميت، رحمه الله وعفا عنه آمين. وغسل وصلي عليه بالسليمية الظهر، وأُعيد إلى الدار، ودفن في مكان في الدار شرقي جده، عفي عنه. جمادى الآخرة وفي يوم السبت العاشر على وجه الخميس، والتاسع على وجه الجمعة، نزل المطر الوسمي، من أوايل الليل إلى قرب الزوال، ومعه ريح شديدة، وله الحمد والمنة. درس في العمرية وفي يوم الأربعاء السابع، قبله، دعينا إلى حضور درس الشيخ محمد أمين أفندي بن الخراط، في تدريسه الكاين بالمدرسة العمرية الصالحية، ودعا أفاضل كثيرة، وجعل الضيافة الحافلة في حديقة الشيخ أحمد بن الحكيم الصالحي، لصيق الخانقاه القلانسية، بينهما الطريق، والله يعوضه خيراً. وكان الدرس في الهداية، للمرغناني في أول باب التميمم. وإليه كل أمر. سعدي عبد الهادي وفي يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الثانية توفي الشاب الشيخ الماهر الفاضل الأديب الماهر الشيخ سعدي ابن المرحوم العلامة الشيخ عبد القادر ابن عبد الهادي الشافعي مدرس مدرسة دار الحديث الأشرفية. عند سيدي عصرون. وكان ذهب إلى الروم وأتى بها، وله شعر رايق كالروض المغضن بالورد والشقايق. وصلي عليه العصر بالجامع، ودفن عند والده وأهله قرب أبي شامة بالدحداح، عفي عنه آمين. رجب، أوله السبت، وقيل الجمعة. وفي يوم الأحد، ثالث أو ثاني رجب، وصل الخبر بوفاة شيخ الإسلام بالروم، واسمه اسحق أفندي، وتولى بعده بيري أفندي، وصار مفتي الدولة. ووفاة شيخ الإسلام يوم السادس عشر من جمادى الثاني سنة 1147، رحمه الله وعفا عنه آمين. الحافظ الخليلي وفيه وصل الخبر بوفاة الأجل العلامة، الحافظ الخليلي، حافظ الزمان، وحافظ قطر القدس الشريف والأوان، ذو الشرف الأعلى والصدر المبين. لازم الإقراء والقراءة في أزهى مصره، وتضلع من العلوم وصار أجل أهل عصره، أخذ من علماء الأزهر، وصحا روض علمه وفهمه وأزهر. كان محدثاً جليلاً وصادقاً في مهمات أصحابه خليلاً. ورد الشام، ونزل دار الشيخ محمد الدكدكجي بدمشق قرب الجامع، هو وجماعته، وألقى بين المغرب والعشاء درساً حافلاً، لازمه مدة إقامته، في صحن الجامع قرب الكلاسة، وكان لهذا الدرس خلق كثير من دمشق. علومه واسمه الشيخ محمد، وهو ممن يصلح أن يقال له الحافظ في هذا الزمان، وإملاؤه حسن جداً، فهو فريد دهره في العلوم، ووحيد زمانه في المنطق والمفهوم، عرضت عليه رسالتي المسماة: الرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة، فكتب بخطه إجازة لي على الرسالة المذكورة، وكتب على غيرها من رسائلي، هو والمنلا إلياس شيخنا، وهي شرح الشمعة المضية للسيوطي، في النحو، واستحسنها، وكتب بخطه عليها إجازةً، رحمه الله وعفا عنه آمين. وكذلك كتب عليها حقي أفندي الرومي البرصلي نزيل دمشق، رحمهم الله جميعاً. الشيخ عبد السلام الكامدي وفي يوم الجمعة واحد وعشرين رجب، توفي الشيخ الجليل الفهامة، والعمدة المحقق العلامة عبد السلام بن الشيخ الجليل العلامة الشيخ محمد الكامدي الشافعي.

الخلوات

دأب في العلوم، وحصل المنطوق والمفهوم، قرأ على أجلاء دمشق، أخذ عن التقي حمزة الحنبلي، وعن والده وشيخنا ملا عبد الرحيم الكابلي الكامدي، وعبد القادر بن عبد الهادي، شرح هياكل النور للطوسي، وغير ذلك في علم الأصول والكلام، وعن شيخنا الشيخ إبراهيم الفتال وغيره، وحضر دروس الشيخ يحيى الشاوي المغربي في شرح التسهيل، تحت قبة النسر، وحضرنا وإياه وعلماء البلد في الحكم، لابن عطاء الله، مقابل نبي الله يحيى عليه السلام، درس بمدرسة البدرائية وأقرأ كثيراً. ثم إنه صلي عليه بالجامع ودفن عند والده بالباب الصغير، شرقي سيدي بلال. الخلوات وفي يوم الاثنين رابع عشرين رجب، أول الخلوة البردبكية بدمشق. وفي السابع والعشرين يوم الخميس، الإتمام آخرها. وكان قبلها بجمعتين خلوة بني أيوب الخلوتي، ودعينا إليها وحضرنا، ونسأله القبول، إنه بعباده لطيف خبير. شعبان، أوله الأحد، دخل سليمان باشا من الدورة، ودخل قاضي الشام الرومي مصطفى أفندي علي زاده. الشيخ أحمد الحسيني وفيه توفي السيد أحمد بن الشيخ نصري الحسيني الخلوتي، تلميذ زين القضاة عيسى الخلوتي. وكان ذا ثروة باذخة، فحصل للقاضي يوم دخوله منها مقارشة التركة، لأن يوم ذلك، كان من حساب القاضي الجديد، فرقت بيوم واحد، وهو ولي كل أمر، وإليه ترجعون. ثاني شعبان دعينا إلى عند صاحبنا الأعز السيد أحمد، تلميذ مؤلف هذا التاريخ. وفي حادي عشرين شعبان، يوم الأحد، دخل حج كثير من الأروام. يوم ذلك مساءً، دعينا إلى عند السيد علي الملاح، من أصحابنا، وكان الأخ عمر آغا الناشفي، أبقاه الله تعالى. وفي التاريخ المذكور، ذكر لي إنسان موالين يحفظهما، فاستحسنتهما ورقمتهما في التاريخ، ولم تسبقني كتابة من ذلك، قوله: من مواويل النابلسي تبّت يدا من يلمني في الهوى تبّت ... قلبي تمسّك بكم حتّى بكم تبّت وحق سورة، قرأنا قبلها تبّت ... قاضي الهوى حجّتي يوم النوى تبّت آخر: يا من يدّعي العشق غيري ينتمي برام ... أنا الذي كان خمري في الهوى برام ما دام أنّ الفلك داير معي برام ... إن حلّت الناس يومي حليم برام آخر: نحن الذي ترتقي أعلا سرايرنا ... وطهّر الله بالتقوى سرايرنا رضاعكم قبل ما هزّت سرايرنا ... من ثدي أرواحنا أو من سرايرنا وأظن أنهم للشيخ عبد الغني، عفي عنه، آمين. رمضان، أوله الثلاثاء لدى ثبوته عند قاضي الشام مصطفى أفندي علي زاده الرومي. قصة مثيرة وفي تاريخ الشهر المزبور، حكي عن رجل في واقعة وقعت في تاريخ الشهر. وهو أن رجلاً فقيراً جداً، له جار له ثروة، وزوجة الفقير تلح عليه في الكسب والجلب، وهو عاجز لا سعي له ولا نوال، وزوجته تتردد على بيت ذلك الغني، لقرب المكان والجيرة. فبعض الأيام، دخلت على نساء ذلك الغني، فجاء الزوج وأخرج من عبه صرةً كبيرةً، دراهم الغلة، فقال لزوجته خذيها، فقالت له: ضعها تحت رأس الصبي، وكان له ولد في سرير، فقام المفرش ووضعها تحت راسه. فقامت حرمة الفقير أخبرت زوجها، وأتت له بسلم وعلمته موضع الدراهم تحت المفرش الذي في السرير. وبعد ذلك قام الرجل لينام، فقالت له زوجته ضع دراهمك تحت راسك حتى لا يفيق الغلام إذا قمت في الليل للمسواق، فأخذها ووضعها تحت رأسه. فلما جاء الليل نزل الرجل على السلم الذي أعدته له زوجته، فجاء إلى عند الغلام، فقام المفرش فلم ير الدراهم، ففاق الصبي فأخذ يهز له حتى نام، ففتش فلم يجد ما قالته له زوجته، فحمل السرير إلى صحن الدار لينظر، فقام المفرش ففاق الصبي، فقامت الأم لتهز له من موضعه الأول، فلم تجده، فقاما يفتشان عليه، فخرجا إلى صحن الدار فرأيا الرجل، فهرب إلى المكان الذي كان فيه السرير، فلما دخله وقع السقف وسلم الغلام والرجل وزوجته. ثم إن امرأة الفقير اشتكت عليهما عند سليمان باشا ابن العظم سنة تاريخه بأنه هفي من عندهما، يعني زوجها، فقالا: ما رأينا أحداً، فأمر سليمان بكشف الردم، فإذا هو ميت تحته، فانظر التعجب فيما يقع. حلم وتأويله

مصرع ابن الحرفوش

وفي يوم الأحد عشرين رمضان سنة 1147، رأيت وأنا جالس كأنني أُلبست خلعةً جديدةً، وأدخلت يدي في الكم الواحد، والكم الثاني بعد لم أُدخل يدي فيها، وقائل يقول لي: فسبح بحمد ربك واستغفره، وفقت في الحال، والله أعلم. أقول: وفسرتها صبحة ذلك، بأن لي علوفة عند رجل من الأكابر، باقي منها مقدار ما، فعلمت من الرؤيا، أن المرسال لا يأتي بكل البقية، فكان الأمر كذلك، وعلمت بذلك بعد حذف من ذلك الباقي. شوال، أوله الخميس، كنا في الإيجية بالصالحية وذلك يوم السبت ثالث الشهر المزبور. يوم الخميس، الخامس عشر من الشهر، طلع المحمل والباشا، ومعه من البيارق ماية وعشرون بيرقاً، وهو سليمان باشا، أخو إسماعيل باشا كافل دمشق المتوفى بقلعة أرواد، وتوفي بها ودفن بمسجد هناك. يوم الاثنين، تاسع عشر الشهر، طلع الحج الشريف ومعه الحلبي، وكان دخل الحلبي في سابع عشر، يوم السبت. مصرع ابن الحرفوش آخر الشهر ورد قتل الأمير إسماعيل ابن الحرفوش حاكم بعلبك، قتله إبراهيم باشا الكردي، كافل محروسة ترابلس آناً، وكان أمنه حتى حضر، ثم حبسه، ونعم ما صنع. ذو القعدة الحرام، وأوله السبت. وفيه ورد إبراهيم باشا الكردي باشة الجردة، ونزل عند قبة الحاج، لكون أن بردى في زيارة، لا يمكنه النزول بالمرجة. ثم نزل هو في كشك التكية، تكية أحمد باشا الكجك. أرملة ابن الخياط وفيه توفيت زوجة القاضي محمد بن الخياط الصالحي، وحسب لها من ذريتها ستين زوجاً، وصارت جدة الجدة. وواقع مثل هذا قليل، ولكن كما قيل إنها بلغت الماية وزيادة، والحال يقتضي ذلك. وفي الشهر المزبور حضرنا خلوة السيد يوسف المالكي بعمارته الكاينة قبلي قلعة دمشق، وقبلي المدرسة القزمازية، وحضرنا الذكر من بعد الظهر إلى العصر. وكان يوم الثلاثاء أو الأربعاء، فيما أظن. بستان شريبيشات وفي يوم السبت ثاني عشرين الشهر، دعانا الحج محمد مع بعض أصحاب لبستان شريبيشات، داخل باب السريجة، قبلي سيدي خماراً قرب السوق، وذلك في أيام الزهر والربيع، وعمل مهيا حسن، كان الله له، آمين، ثم رجعنا نحو سيدي خمار، وقرأنا الفاتحة. الدورة التغلبية الثلاثاء، خامس عشرين الشهر، خرج الشيخ إبراهيم ابن محب الدين التغلب الصالحي لزيارة الست، بالأعلام والمزاهر، ومرادهم المرور عند العصر على قرية القدم والعمارة، لأن الباشا أمير الجردة نازل في التكية ليتفرج على أرباب الأحوال، وبيده كل أمر. درس النحو وفيه، يوم الثلاثاء المذكور، كان درسنا بالنحو في المغني بدارنا، بحكر الأمير المقدم الظاهري، في الباء الزائدة، وهي واجبة في الفاعل، نحو أحسن بزيد، وغالبة في نحو: كفى بالله شهيداً، وضرورية كقول الشاعر: ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد ووقفنا على الثاني، وهو الذي يزاد فيه المفعول، لأنها تزاد في ستة مواضع، وإليه كل أمر. الحجة، وأوله الأحد، أو السبت على حساب دمشق. يوم ذلك كنا في سير عند صاحبنا الأعز الأمجد الشيخ بكري ابن الشيخ مصطفى ابن سعد الدين الميداني، بالقصر الكاين على نهر ثورى المنسوب للبكري، بالجسر الأبيض، في أيام الربيع، في هجوم الورد. وأكرمنا غاية الإكرام، ومكثنا إلى المساء، بيض الله ثناه، وكان والده بالقصر المنسوب الآن لبني السفرجلاني، فنزل إلى عندنا، وحلت بكرته علينا، كان الله لنا ولهم. يوم الاثنين، ثاني الشهر، سافرت الجردة لملاقات الحج الشريف. وسمع في تاريخه أنه صار بالحج شوشرة من العرب، ونسأله أن لا يكون لذلك أصل. يوم الثلاثاء، ثالث ي الحجة، كنا نحن والمفتي حامد أفندي عند قاضي الشام علي زاده، وله في العلم قدم راسخ، ومن جهة الأدب والحلم، فمما لا يخفى، أبقاهم الله وأكثر من أمثالهم. درس في النحو وفي يوم ذلك بكرة طلوع الشمس، كان درسنا في المغني بدارنا بحكر الأمير المقدم بالصالحية، مع جملة من الأفاضل، كان الله لنا ولهم آمين، ثم نزلنا إلى حضرة حامد أفندي، ثم ذهبنا إلى قاضي الشام المذكور، أبقاهم الله، آمين. يوم الأربعاء رابع ذي الحجة، كنا في حديقة الأخ الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد بن الحكيم الصالحي، مع جماعة من المحبين، أولي الكمال والتمكين، وذلك بحديقته الكاينة بالجسر الأبيض.

حسن الكردي

يوم الخميس، الخامس، ذهبنا إلى المدرسة الخديجية بالصالحية موضع تدريسنا بالفقه، وذلك عند طلوع الشمس، ومعنا جماعة من الأفاضل. حسن الكردي يوم الجمعة رابع عشر، توفي العلامة ملا حسن الكردي، وصلي عليه بالجامع، ودفن بالدحداح الغربية. ووجدت على هامش من مجموع: وصفات لتنظيف الثياب لقلع الزيت الحار من الثوب، يغلى اللبن الحليب غلياً جيداً، ويلقى الثوب فيه يخرجه. ومثله لقلع الخوخ من الثوب: يدق بصل الفصيل، ويؤخذ ماءه ويغسل به الثوب، ثم بالصابون، يزول. ولقلع التوت: اللبن الحامض القاطع يطلى به على ثلاث مرات أو أربع، ويلقى في الشمس، يزول، والله أعلم. محرم الحرام سنة 1148 محرم الحرام سنة ثمان وأربعين وماية وألف 24 - 5 - 1735م الحكومة وأوله الثلاثاء، وسلطان الممالك الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان محمود خان ابن السلطان مصطفى بن محمد خان، عليهم الرحمة والرضوان، والباشا بدمشق سليمان باشا ابن العظم أخو إسماعيل باشا، الكافل سابقاً، وقاضي الشام مصطفى أفندي علي زاده الروي، والمفتي والمدرسون على حالهم. حمام المرادنية في أوله فتح الحمام الذي أنشأه سليمان باشا على غربي قيسارية بهرام، شرقي السنانية عند سوق الجديد، وجاء في غاية الحسن والنضارة. ويوم الثالث فيه، الخميس، كان درس في الفقه في المدرسة، في الصلح. رابع عشر محرم، دخلت الخزنة ونزلت بالمرجة. خامس عشره، أول ابتداء شرط القاضي صالح من شروط وقفه. عمر الناشفي يوم الاثنين، واحد وعشرين محرم، توفي عمر آغا بن أحمد آغا الناشفي، وصلي عليه الظهر بالسنانية، ودفن بالباب الصغير، قبلي بلال رضي الله عنه. يوم الجمعة خامس عشرين محرم، ورد الكتاب وأخبر أن الحج بخير. دخول القافلة صفر، أوله الأربعاء، يوم السبت رابعه، ورد الحج الشريف في عافية. يوم الأحد خامس الشهر، دخل المحمل والباشا وبقية الكواخي، ودخل باشة الجردة في الرابع، السبت، ونزل بالميدان الأخضر. يوم السادس سلمنا على بعض إخوانا الحجاج. عاشر الشهر خرج حج من الأروام. يوم الثامن عشر يوم السبت ذهبنا إلى قرية البلاط بكرة النهار إلى عند صاحبنا يوسف النحلاوي، ورجعنا يوم الأربعاء ثاني عشرين الشهر، وهو بستان نزيه فيه من المشامش ما لا يحصى، حتى عجزوا عن لمه. الشيخ محمد العجلوني ربيع الأول، أوله الجمعة، يوم الاثنين الرابع، في توفي العالم الفقيه الصوفي الشيخ محمد العجلوني الشافعي. رحل إلى الأزهر في طلب العلم، وتفقه في دمشق على الولي السيد حسن المنير، مواظباً درسه بالدرويشية، ولازم الإقراء والإفادة بمسجده عند داره بالقنوات، وعمل حسن جلبي على مسجده مأذنةً من حجر لطيفة، وعين مؤذناً بعلوفة، وصلي عليه بداره وبجامع المصلى، ودفن قرب بلال عند شيخيه السيد حسن وملا إلياس. والي آغا يوم الجمعة، ثاني عشرين ربيع الأول، توفي دالي آغا، الزعيم الرومي الساكن بالشالق، وكان كاملاً ورعاً ساكناً حليماً ودفن مساء يوم الجمعة بالدحداح بعد أن صلي عليه بجامع الورد. يوم الثالث والعشرين، كنا ببستان محمد أفندي، قرب الهدا، أيام الخواجكي، ومعنا ثلاثة أنفار، ونظمت بيتين: خواجكيٌّ مثل خدّ الحبيب ... أو شفتيه في سقيها بالرحيق كأنّه الياقوت محمّراً ... أو قضيباً فيه نبت شقيق يوم 25 ربيع الأول، الاثنين، فرغ شرط الواقف الهلالي. مقتل أزعر ربيع الثاني، وأوله الأحد أو السبت. فيه قتل الباشا شاباً من أهل العتو يقال له ابن يغمور، من الشاغور، يقطع الطريق عند كيمان الباب الصغير ويشلح. تجريص شهود زور وفيه جرص شهوداً زوراً في نفقة أنها معطلة، وفسحوا لامرأة، فجاءت بينة بوصلها ما عدا نصف شهر ثم أقرت بذلك، ثم تبين أن تحت يدها من أسباب الرجل نحو ثلاثة ألف غرش، أسباب مكلفة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أصغر زوجين وفيه فتح ولد صغير ابن ستة سنوات بنتاً مثله، وتوافقا عند الباشا. قيل: وكتب كتاب الصبي على البنت، وعليه مهر البضع.

بستان الدواسات

يوم الثلاثاء، ثالث ربيع الثاني، كنا عند حضرة حامد أفندي المفتي، وفي أثناء المجلس بعد ظهر ذلك اليوم، أرسل إليه سليمان باشا لحضور ديوان كان في مصطلح من المصالح، فتوضى وصلى الظهر، ثم ركب وذهب إلى السرايا، والله يصلح الراعي والرعية بمنه آمين. بستان الدواسات يوم الثلاثاء عاشر الشهر، كنا ببستان الدواسات، قرب الربوة، وذهبنا نحن وجماعة من الطلبة، والشيخ عبد الله المعيد، وعملنا درسنا في المغني هناك في حرف الراء في بحث رب، إلى المساء، ولم يسبق ذلك لغيرنا، وله الحمد والمنة، ومقدار مكث الدرس خمسة عشر درجة. وفي هذا اليوم، أي يوم الثلاثاء، كان أول شروع ولدنا سعيد في تعمير الطبقة قبلي دارنا في الحريم، كان الله له عوناً ومعين، آمين، وذلك في الثلاثاء سنة 1148. فرح سي علي يوم الأربعاء حادي عشر الشهر، دعينا إلى فرح سي علي بن دعبول بالشاغور، لزواج ولده الشاب الخالي العذار. ودعا خلقاً كثيراً، ولم يأخذ من أحد شيئاًن بعد الكلفة البالغة، وبقي هذا الفرح أياماً. مصطفى سنان وفي يوم الأحد، ثاني عشرين ربيع الثاني، توفي مصطفى آغا بن أحمد أفندي بن سنان، بقصرهم بالجسر الأبيض، وصلي عليه بجامع التوبة بدمشق، ودفن بالدحداح بالجانب الشرقي. ليلة السبت، آخر الشهر، كنا بقرية سقبا. مصرع آغة الينكجرية جمادى الأولى، أوله الأحد، ثانيه الاثنين، قتل القول آغة الينكجرية لعدم إعطاء العلايف، ومطاله إياهم، والمطل مذموم. يوم الأربعاء، نزلنا من سقبا، وذلك يوم رابع الشهر. الشيخ محمد بن يلبان يوم الأحد ثامن جمادى الأولى، توفي الشيخ محمد بن شيخ الإسلام شمس الدين محمد بن بلبان الحنبلي، وصلي عليه الظهر بالسليمية، ودفن تحت الكيلانية بالروضة في سفح قاسيون. الثلاثاء عاشر الشهر، كنا عند حامد أفندي لحساب لنا عنده، وعنده مطل سامحه الله، وكان عنده السيد عبد الله أفندي العجلاني، النقيب سابقاً. وفي يوم السبت رابع عشر، نزل المطر الوسمي، ومنه الفضل والإحسان. بستان بهرام يوم السبت ثامن عشرين جمادى الأولى، كنا نحن وجماعة من الخلان ممن تجلى في جيده فم الزمان، وذلك في بستان بهرام، ونظمت فيه: سقى النّيرب الشّامي رذاذ من القطر ... وحيّا رباه زاكي الطيب والعطر جمادى الثاني، وأوله الثلاثاء، ذهب في أوله كافل دمشق سليمان باشا إلى الدورة. دار المؤلف وفي يوم الثلاثاء خامس عشر الشهر، حضر إلى عندنا بعض الأفاضل إلى دارنا بمحلة الأمير المقدم الظاهري، وقال لي بعضهم عن تاريخ عمارة القاعة السعيدة الجديدة فقلت، هي في سنة تسع وعشرين، فقال: هل نظمتم شيئاً؟ قلت له نعم، فأنشدته القصيدة فيها وهي قولي من بحر الطويل في بركتها المثمنة المرخمة: وفوّارة في كأس ماء تكوّنت ... كجوهرةٍ بيضا تساوت جوانبا وفي ليلة الاثنين رابع عشر الشهر، رأيت مبشرةً، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم في مربع جالس، وقال لي: إن الله يصلي عليك وعلى أهلك وعلى جماعتك أجمعين، فسررت سروراً لم أر قبله ولا بعده، ولله الحمد. الصراع بين الباشا والأعراب وفي يوم الخميس سابع عشر الشهر، بلغ خبر بأن الباشا طلع عليهم العرب، وأخذوا حصةً من العسكر وقتلوا منهم خلق، فنهض الباشا وحمل عليهم عسكره فكسرهم، وإنما كسروا العرب العسكر أولاً بحيلة فعلوها، أنهم لما رأوا العسكر هربوا قدامهم، وأبقوا الميرة ونحوها، فاشتغل العسكر بالنهب، فكرت عليهم العرب فكسرتهم، ثم قام العسكر والباشا دفعةً فكسروهم، وقتلوا نحو مايتين منهم، وهو الفعال لما يريد. وفي يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الثاني ورد قاضي، ويسمى عفتي أفندي الرومي، قيل معزولاً من قبرص، وقيل من حلب، ومراده الحج، ولا يحكي العربية. رجب، وأوله الأربعاء. وفي ليلة السبت حادي عشر صار بدمشق زلزلة ظاهرة. والله يلطف بالعباد. إنه بعباده حليم. الشيخ إبراهيم بن القاضي وفي يوم الثلاثاء، رابع عشر الشهر، توفي الشيخ إبراهيم ابن القاضي عبد الحي البهنسي بسكنه بالصالحية، بمحلة السكة.

سهرة عند سي رجب

كان عارفاً بالهندسة والمهيئة، كاملاً في شأنه وحاله، منزوياً، إلا في مصالحه الضرورية ونزل به إلى المدينة وصلي عليه بجامع التوبة، ودفن عند أهله بالدحداح الغربية، عفي عنه. سهرة عند سي رجب وفي ليلة السبت رابع عشرين رجب، كنا عند صاحبنا سي رجب، مع جماعة من الخلان وتوابع من الإخوان، وسهرنا عنده تلك الليلة، وكان السمر في ذكر الأولياء والصالحين، ومكثنا عنده إلى بعد طلوع الشمس، واستكثرنا خيره وشكرنا بره. وفي يوم السادس والعشرين من رجب أول الخلوة البردبكية. الغيث وليلة الأربعاء منها نزل الغيث من أول الليل إلى ظهره شاحاً، وفرح الناس وله الحمد والثناء، ودام من أول الليل إلى وقت الظهر، فامتلت دمشق من الغدران، وبيده الإحسان والإنعام. وألغزت لبعض أصحابنا من الفقهاء في مسئلة فقهية تتعلق بالدية. واقعة وفي شهر رجب المذكور، وقع لي واقعة. ضاع لي شيء من المتاع، فمكثت أياماً في حصر من ذلك ولم يبرح من فكري، ونبشت في كل وقت عليه. ففي يوم الأحد ثالث شعبان خطر أن أن أقرأ الفاتحة للشيخ العارف الذي ضريخه بين المدارس بالصالحية، فإنه مجرب للضياع، فقرأت الفاتحة، فما مكثت ذلك النهار إلا ولقيته، فحمدت الله وقرأت له الفاتحة، وكرامات الأولياء حق خارق للعادة. دخول القاضي الجديد شعبان، وأوله الجمعة، وفي أوله، ورد قاضي الشام محمد صالح زاده الرومي، وسافر علي زاده الرومي المعزول إلى بلاده بعد أيام والله ولي الأحوال. يوم الثالث والعشرين نزل الثلج الكثير ولم يطل، وبقي على الجبل أياماً. اعتقال ثمانية آغوات يوم الثلاثاء عشرين الشهر، أودع في القلعة ثمان أغوات أعيان طائفة الينكجرية، منهم علي آغا ابن الترجمان، ويحيى آغا طالو، والمقابلجي، والخمسة الأخر أيباشية، ونسأله الآخرة إلى خير بمنه آمين. عمر القاري رمضان المبارك، وأول السبت بالثبوت. يوم الجمعة سابع الشهر توفي عمر أفندي بن عبد الرحمن أفندي القاري، مدرس الظاهرية البيبرسية شمالي الأموي. وفيه دخل حج من الأروام. أخبار الحج شوال، أوله الاثنين، والحج كثير لا يحصى وله الحمد. يوم الأحد، رابع عشر شوال طلع المحمل والصنجق، وفي العام قبله طلع يوم الخميس خامس عشر الشهر، ودخل الحج الحلبي يوم الثلاثاء سادس عشر الشهر. وفي ثامن عشر الشهر يوم الخميس، خرج الحج كله دفعة. وفي ثامن عشره، قطع الأنهر بالصالحية، يوم السبت. وفيه رجعت مزيربتية الحج، ورحل الحج قبل الهلة بيومين. العملات وفي يوم السبت عشرين الشهر نادوا على المعاملة والأسعار، فالمصرية الأحمدية تسع فلوس، ومصرية غير الأحمدية بستة فلوس مضروبة بسكة السلطان الآن. مصرع المحتكرين يوم الأحد، ثاني عشرين الشهر خنق ابن العلاوي، معلم طاحون الزراميزية، لأجل خزين القمح وتقليله على الناس لأجل الغلاء، ويستدينوا المال من المعاملجية الربوية ويحتكروه، حتى ضاق المغل بدمشق، ويتلقوا الركبان بالمال ويأخذوه. ثم شنقوا اثنين من الينكجرية من الطحانة، ورفعوا الصيارف لأنهم يقصوا المصاري ويتلفوا المعاملة من الناس. جرائمهم وكل من ذكر، يقتل في الحل والحرم، لأن أذاهم عام بأفعالهم، ويسلفون على المغل بأكياس يستدينوها من المرابيين، ويحتكروه، ويطالعوا أسباباً في قلة المطر والمحل، حسبهم جهنم وبئس المصير. حتى الطحانة والخبازة واللحامة تجرؤوا على الحكام وعجزوهم، فانتقم الله منهم، وقتل المتسلم منهم، وشنق وخنق. فكم نصحوهم الحكام في الحنطة والخبز واللحم، لا يفيد، ويطالعوا مكسبهم وكلفهم، ومع ذلك لا يرجعوا حتى وقع فيهم القتل المذكور. اللهم اخذل الكفرة والمنافقين، أعداء الدين، ورد: بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ. فهؤلاء يحتمون بالإسلام احتماءً، لا يحللون ولا يحرمون، قاتلهم الله وعجل هلاكهم، أفسدوا العباد والبلاد. وورد: لا تزال الناس على الدنيا حرصا، وهي منهم، فعلمنا وانصرنا على آل الصليب وعابديه اليوم. وهؤلاء صار الدرهم والدينار نفس عبدة الدرهم والدينار، كما ورد، وهؤلاء لا يذكرون الله إلا قليلاً " ملعونين أينما ثقفوا، أُخذوا بوقُتّلوا تقتيلا ". سهرات أهل دمشق

زوج المؤلف

ذو القعدة، أوله الأربعاء أو الثلاثاء. يوم الأحد ثاني عشر الشهر كنا في سهرة عند أخينا وتابعنا السيد أحمد المستوي، وكانت مشتملة على ذكر الأولياء والصالحين، خاليةً من اللهو الهرج والمرج ولله الحمد، وتكلف كلفةً باذخةً جزاه الله خيراً. وكنا نحو سبعة أنفار، حتى خالية من الغناء والسماع والدخول ولعب المنقلة والشطرنج، كما هي عادة أهالي دمشق، ونسأله الحماية والمزيد من فضله، آمين. زوج المؤلف يوم الاثنين رابع عشر ذي القعدة، توفيت حرمتنا فاطمة بنت عبد الله، من أهالي الصالحية، كانت صالحةً سليمة الصدر، تتحمل الأذى وتقنع بالميسور، ولا تعرف الصياح ولا ترادد في الجواب، وتكثر الصوم، ولها رقة في الكلام ومودة وتؤدة ودماثة الأخلاق، وصلي عليها بعد الظهر بيسير بالسليمية، ودفنت بالروضة الفسيحة بالصالحية، رحمها الله تعالى آمين. خسوف القمر وفي الخامس عشر، ليلة الأربعاء، كسف القمر، وكان آخر الليل، وصلى الناس جماعةً بالخاتونية بالصالحية. الشيخ مصطفى الخلوتي وفي يوم الخميس، صلي على الشيخ مصطفى بن عمر الخلوتي، وكان صالحاً وعليه اعتقاد، ودفن بالسفح غربي الجوعية بالصالحية، بعدما صلي عليه بجامع الأموي. وقيل صعدوا به عند الفجر، ولم يعلم به أحد، ولعله أوصى بذلك. وكان في بدايته أخذ طريق السادة الخلوتية عن شيخه عيسى بن كنان الخلوتي الصالحي، عفي عنه، آمين. السيد أحمد نهجي زاده وفيه توفي السيد أحمد نهجي زاده الخلوتي الرومي الأصل، وهو شيخ تكية أحمد شمسي باشا، شرقي القزمازية. الشيخ محمد أبو المواهب يوم الأربعاء، آخر القعدة، توفي الفقيه الشيخ محمد بن أبي المواهب مفتي الحنابلة بدمشق آناً ومدرس السياغوشية، ودفن بتربة الفراديس الشرقية عند أهله. الحجة، أوله الخميس. فيه سافر باشة الجردة، كافل محروسة ترابلس، ثم كان محصل حلب في الأصل، ثم صار يتولى الباشويات. رجل يقتل ولده وفيه قتل رجل ولده بخنجر فجاء في خاصرته فمات في الحال، وكان أرسله في حاجة فأطال، والغضب من الشيطان، والتؤدة من الرحمن. وورد خبر: ما أعطي العبد خيراً من التؤدة والرحمة. قال عليه السلام: بعثت بمكارم الأخلاق. يوم العيد، العاشر، يوم السبت، وعيد الناس، والوقفة كانت الجمعة بالثبوت لدى القاضي. قتل المشد والشوباصي وفي هذا الشهر، بلغ خبر، وذلك يوم الاثنين خامس الشهر، قتل المشد والشوباصي على البقاع، قتله الدروز أهل تلك البلاد لشدة ظلمه وعتوه وسفهه، وقطعوه حين نزل دير بالا، دخلوا عليه بالسيوف وقتلوا من جماعته بعض أناس، وكان ظلم ظلماً كثيراً في تلك البلاد، ولا يفلت أحد من شره، والبغي مصرع مبتغيه وخيم، فقد ورد: اثنان يعجل الله عقوبتهما في الدنيا قبل الآخرة: البغي وعقوق الوالدين كذا أورد هذا الحديث الأردبيلي في تفسيره. قصر منجك يوم السبت، ثالث عشرين ذي الحجة كنا بقصر ابن منجك المطل على المرجة في الشرق القبلي، وكان جدده عبد الله باشا كافل دمشق سنة أربع وأربعين وماية وألف. محرم الحرام سنة 1149 محرم الحرام سنة تسع وأربعين وماية وألف 12 - 5 - 1736م الحكومة وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان محمود بن مصطفى خان بن محمد خان بن عثمان، والباشا بالحج الشريف سليمان باشا، وقاضي الشام محمد صالح، والمفتي حامد أفندي، والمدرسون وبقية الناس على حالهم. عملية سطو في دمشق وأوله السبت، ثانيه نزلت الحرامية ليلاً على دار ابن خليفة، من كتابة الدفتار والحرمين والمصريين، وكان في همة زواج أحد ولده، ونقل الجهاز إلى داره، فأصبحوا لم يجدوا شيئاً من المتاع والحلي ونحوه على ما قيل، واتهم بعض الجيران، وحبس ناس منهم في الحبس، وحبس ناس وأطلق الناس. سقبا، ومعالمها وفي ليلة السبت الثامن من محرم الحرام، ذهبنا إلى سقبا إلى عند صاحبنا أبي علي يوسف السقباني. ومكثنا أربعة أيام وخمس ليال، وكان أيام الورد. وفيها زيارتان: عبد الله بن سلام الصحابي رضي الله عنه، وفيها الشيخ أبو عمرو من الأولياء، وعند مزاره بئر ماء طيبة حلوة خفيفة مهضمة، دون بقية المياه من غيرها، حتى من الشام، يؤخذ منها للمدينة، وهي أبرد من الثلج، معين دون مياه أبيار القرية المزبورة.

محلتا السطر والسهم

وذهبنا إلى غوطة حامد قبليها وشمالي المنيحة، ونزلنا يوم الأربعاء بكرةً. وفيه وردت النقابة للسيد عبد الله أفندي العجلاني. وفي السبت الثاني والعشرين من محرم، ذهبنا إلى بستان المصاطبي نحن وجماعة من الأصحاب، أيام الحموي، وفيه كثير، وماء غزير. فيه دخل الجوقدار من طرف الحج الشريف، وضرب له المدافع، وأخبر عن الحج أنه في عافية، وفرح الناس. محلتا السطر والسهم والسطر اسم مكان هذا البستان، وهو آخر بساتين السطر، وهو اسم محلة تعرف بمحلة السهم. فالسهم والسطر محلتان كانتا بدمشق، والآن صارت حدائق وبساتين كثيرة، غزيرة المياه، كثيرة الأثمار والأشجار. الحجاج صفر، وأوله الأحد، ثالثه يوم الثلاثاء دخل الحج. يوم الأربعاء رابع الشهر دخل المحمل، والخزنة يوم السبت آخر محرم الحرام. يوم الأربعاء الرابع، سلمنا على بعض إخواننا الحجاج، وفي الخميس يوم الخامس منه سلمنا على البقية، وهم ولله الحمد في غاية من الصحة وحسن الحال في الذهاب والإياب. يوم السبت الثامن خرج حج كثير من الأروام. يوم الاثنين ستة عشر في الشهر، سلمنا على الأمجد السيد علي، والشيخ بكري السعدي، ولم يتصل علمي بحجتهم، واعتذرنا لهم جد الاعتذار. ربيع الأول، أوله الثلاثاء، في أوله سافر جميع الحجاج، وقاضيا مكة والمدينة وأمين الصر وسقا باشي، وبقي شرذمة من الحج الحلبي. وفاة السلطان أحمد سابع الشهر شاع بدمشق أن السلطان أحمد توفي إلى رحمة الله، ولم يثبت ذلك، لأنه كان يصلى عليه صلاة الغايب في الجامع الكبير، كما هو العادة. المولد النبوي وفي ليلة اثني عشر ربيع الأول، وهو مولده عليه السلام ليلة السبت يوم الجمعة، دعاني الأخ الأمجد السيد محمد بن الشيخ مراد النقشبندي اليزبكي إلى داره لصيق الجامع وكان ما لا يحصى إلى المولد الذي يعمله كل سنة، وتكلف كلفةً باذخةً، ودعا خلقاً لا تحصى، تقبل الله منه بمنه. ربيع الثاني، وأوله الخميس سنة 1149، ولم يقع فيه ما يؤرخ. جمادى الأولى، أوله السبت، يوم الأحد ليلة الاثنين عاشر الشهر زواج ولدنا الشيخ سعيد. خسوف القمر وفي ليلة الخميس رابع عشر الشهر، كسف القمر آخر الليل، وغاب وهو مكسوف. وفي ليلة ذلك رأيت أن قائلاً يقول لي: نصر قريب وفتح قريب، وبشر المؤمنين يا محمد وبعد لم يظهر لي تفسيره. جمادى الآخرة، وأوله الاثنين، وفي يوم الاثنين العشرين من الشهر، نزل برد عظيم ورعد قاصف، حتى ظن أنها الساعة. وفيه سافر كافل دمشق على بلاد الدروز، ثم اصطلح وإياهم، وذهب للدورة من هناك. رجب، أوله الأحد، أوله كنا في الأسعدية. وفي آخره، ليلة تسع وعشرين، الخميس، رأيت رجلاً يخاطبني في بيت واحد، قال: وبعض الناس من غشٍّ رمانا ... وعين الله ناظرةٌ إليه القضاة شعبان، أوله الثلاثاء، يوم الأربعاء ثانيه، دخل قاضي الشام الجديد، وسافر المعزول محمد أفندي صالح زاده إلى بلاده، وورد محمد سعيد أفندي. رمضان، وأوله الخميس، لم يقع فيه ما يؤرخ، لكن كان فيه الثلج يوم الثاني والعشرين. أخبار الحج وفي أواخره دخل البلطجية والصرة والسقا باشية والحج الرومي. شوال، أوله الجمعة. يوم الخميس، يوم الرابع عشر، فيه طلع المحمل والباشا، ويوم الاثنين طلع الحج الشريف، ودخل الحج الحلبي يوم السبت. يوم الاثنين يوم الثامن عشر طلع الحج. خسوف القمر ذو القعدة، أوله الأحد الخامس عشر، كسف القمر وأعلم لصلاة الكسوف وقت العشاء. في عشرينه سافر باشة الجردة والمحصل لملاقات الحج. كتاب الحج ذو الحجة، وأوله الثلاثاء، وقيل الاثنين. وفيه جاء الكتاب، وتبينت الوقفة الثلاثاء، فيكون أوله الاثنين قطعاً، وضرب كم مدفع من القلعة، فدليل خبر للحج إنشاء الله تعالى. محرم الحرام سنة 1150 1 - 5 - 1737م الحكومة محرم الحرام، وأوله الأربعاء، أو الثلاثاء، وسلطان مملكة الرومية وبعض العربية محمود، ابن السلطان عثمان، وباشة الشام، سليمان باشا ابن العظم، والقاضي محمد سعيد أفندي، والعلماء والمدرسون على حالهم. وفي الثالث والعشرين من محرم يوم الأربعاء، جاء الجوخدار من طرف الحج وأنه بخير، ثم توجه للروم، وبعد كم يوم يأتي كتاب دمشق.

الشيخ محمد عقيلة

وفي الخامس والعشرين جاء الكتاب. الشيخ محمد عقيلة وفي سنة خمسين وماية وألف، في أولها، توفى العالم العارف الشيخ محمد عقيلة بمكة. أخذ عن الشهاب أحمد النخلي الخلوتي، وأخذ عن مفتي الحنفي العجمي والكوراني الشافعي وغيرهم، وذهب للروم وبغداد، وزار سيدي عبد القادر الكيلاني. صفر، أوله الأربعاء، يوم الأحد رابعه دخل الحج الشريف، والمحمل يوم الاثنين، وهو في غاية من الحسن والجمال ولله الحمد والمنة. يوم الأربعاء، في عشرين صفر، دخلت الخزنة المصرية. شهر ربيع الأول، في أوله دعينا إلى بستان السنوبسكي بعزيمة أخينا السيد حسين الميداني، والضيافة لأجلنا، ودعا بعض أصحاب، وذلك أيام التوت، وفي هذه السنة، الفواكه غزيرة، وكلها كثيرة من كل صنف، ولله الحمد. تكية العسالي وفي ليلة خامس عشره، ليلة السبت، أول ربيع الأول، السبت توجهنا لزيارة الشيخ أحمد العسالي شيخ أحمد باشا الكجك. والتكية مكانها نزيه مشروطة على السادة الخلوتية، وهي التي عند قبة الحاج. صفا الأيوبي ورحمة الله أفندي ربيع الثاني، أوله الاثنين، في آخره توفي الشيخ صفا الأيوبي وفيه توفي رحمة الله أفندي، وكلاهما بلغا إلى الثمانين، وداخلان على التسعين. المؤلف يمدح الوالي وفيه نظمت لأبيات لسليمان باشا الوزير وكان أرسل إلي هدية قبل اجتماعي به وتعرفي، فمدحته عوضاً عما أفاد، وهو من أهل العلم والمطالعة، لا يفترعه عند فراغه من السرايا قرب العصر، ثم أتبعت بمدح الحكم السياسي: الملح أنتم والملاحة فيكم ... لولاكمو هلك الأنام وبادوا والعدل فيكم ظاهرٌ متكاملٌ ... والفضل فيكم في القديم معاد لازلتمو دوم الدّوام مؤيّدين ... بنصرةٍ فيها السعادة والرشاد دمتم بهذا القطر بهجة نوره ... كالصبح يسفر بالضياء يعاد سموت علوّاً في الأنام ورتبةً ... يكون سهاها دونها فيقاد بشرى للوزير جمادى الأولى، أوله السبت، رأيت مبشرة لجناب الوزير في بقائه بدمشق في هذه السنة، وكان ستة عشر في جمادى الأولى، وهي موجهة من اثني عشر يوماً: الوزيرية على المملكة الشامية، وبقائها عليه، فيكون التوجيه بعد ستة أيام من جمادى الأولى. وفيه قرأنا في المغني، وهو حرف الكاف، بإعادة الشيخ عبد الله الحنفي الصالحي، ومقدار مكث الدرس 15 درجة. عبد الرحمن السفرجلاني وفي يوم الثلاثاء، ثامن عشرين جمادى الأولى، توفي إلى رحمة الله العالم العلامة الشيخ عبد الرحمن أفندي بن سي عمر السفرجلاني، مدرس الجقمقية، وكان فاضلاً بحاثاً في العلوم في مجلسه، لا يذكر أمر التجارة، بل دأبه مذاكرة العلم والمطالعة. وكان جريئاً لا يهاب حاكماً ولا سلطاناً إذا كان بالحق، وحفظ لإخلاصه وصدقه جم العلوم. درس بالسليمية، ثم بالمدرسة الجوزية، ثم وردت عليه المدرسة الجقمقية، وصارت الجوزية على غيره. وصلي عليه الظهر بالجامع ودفن بالباب الصغير عند تربتهم، رحمه الله وعفا عنه. جمادى الثانية، وأولها الجمعة. القاضي أحمد بن الخياط وفي يوم الأحد، ثاني عشر جمادى الثانية، توفي القاضي أحمد بن القاضي محمد بن الخياط إلياس، كاتب بالمحكمة الغربية بدمشق، وصلي عليه الظهر بالسليمية، ودفن بسفح قاسيون شرقي مزار الشيخ عبد الهادي، عفي عنه. رجب المبارك، وأوله الجمعة، رابعه، يوم الاثنين، كانت أول الخلوة البردبكية بدمشق، نواحي الأبارين في جامع الأمير بردبك، رحمه الله، وحضر يوم الخميس أكابر وأعيان، ودعوا ودعونا، تقبل الله من الجميع بمنه، آمين. شعبان وأوله الأحد، وقيل السبت، وثبت ذلك لدى القاضي برؤية الهلال ليلة السبت. وفيه خلوة السيد يوسف المالكي بعمارته التي أنشأها قبلي المدرسة القشماسية، غربي الخانقاه الأحمدية. ختمة وفي ليلة الجمعة، ثاني عشر الشهر، وقيل ثالث عشره، دعينا إلى حضور ختم عند جارنا وصاحبنا وقريبنا الشيخ محمد بن القاضي أحمد، السابق ذكره، جعله لوالده المذكور، ودعا علماء وصلحاء، ودعونا الله جميعاً له بالسرور والحبور وسعة المنزل والصفا والسماح والمغفرة والرحمة. تهليلة

الصوابية

وورد أن اجتماع أربعين يجتمعوا للدعاء لميتهم ويستغفروا له ويشفعوا له، إلا شفعهم الله به، كما ذكر في الجامع الصغير للسيوطي، رحمه الله، وذلك أقوى من الاستناد إلى الرؤيا المنسوبة للشيخ محي الدين، لأنه حديث، والرؤيا تتضمن هذا المعنى فيما يسمونه التهليلة المفتى بها في خصوص دمشق. وفيه، بهذه الأيام، في ليلة منها رأيت قايلاً يقول لي: بقي الحق فنصر الله الحق، وفهمت المراد منها. وفيها، في بعض ليال، أيام ذلك، رابع شعبان سنة 1150، رأيت قايلاً يقول لي: توضب للتدريس، وفهمت المراد منه. ويؤيد ذلك واقعة آخرى، أن قايلاً يقول لي: إن المفتي وقف عليك وقفاً كبيراً، بالباء الموحدة من تحت. والمفتي الذي فهمته بعد لم يدر، والحال أن المفتي بيني وبينه شيء من جهة التدريس بالمدرسة المرشدية الحنفية، إذ هو متوليها الآن من سنة خمس وأربعين وألف تقريباً، وتدريسي من سنة اثنين وعشرين بعد الماية وألف، وفهمت المفتي من هو، لا مفتي دمشق، لأن مراده بجعل مدرس فقه ومدرس حديث، وهذا الأمر تداولوا فيه، والله يفسرها، آمين. آخر شعبان، يوم السبت، كنا بالصوابية بسفح قاسيون، وذلك يوم ثمان وعشرين الشهر، مع جماعة من الأصحاب، ونظمت لأبيات: الصوابية لله يومٌ بالصّوابية زاهر ... بأزهار أُنسٍ عطرها متكامل تهبّ به ريح الجنوب كذا الصبا ... ونحن إذا فينا الشّمول وشامل لدى فتيةٍ غرٍّ كرامٍ يشوقهم ... تراب عقيقٍ كلّهم فيه يأمل شهر رمضان، سنة 1150، وأوله الاثنين. وفيه ورد حج كثير من الروم، ثم في وسطه، ورد السقا باشي وأمين الصر. وفيه ورد سليمان باشا من الدورة المتعارفة الآن. حلم للمؤلف وفي ليلة التاسع والعشرين، رأيت قايلاً يقول: يا زكريا إنا أرسلناك مبشراً. رأيت كأني أخاطب رجلاً في فضل السخاء والإنفاق. وهو نور يقع في القلب فيورث السخاء في النفس، بحيث إذا رددته إلى مسك على أحد ولو ذممته له لا يرجع، وإنه من توفيق الله وعنايته على العبد. ورأيت غلاماً فنهرته عني فلم يبرح، فصرت أدفعه بيدي ولا تصل، ثم وقف ووضع يمينه على يساره على معنى التأدب، ثم غاب، فأخذت أزجر له وأتوعده، وقلت: معي الاسم الأعظم إن اخترت أتوجه به عليك. وهذا في التفسير: الغلام والصبي فتنة مندفعة بذاتها من ملامسة يد، والله أعلم. القاضي الجديد شوال، وأوله الأربعاء، فيه، في الثاني منه دخل قاضي الشام هاشم أفندي الرومي، وانتقل القاضي محمد سعيد إلى دار بني مروان، يريد السفر إلى بلاده. وكتبت من كلام الإمام علي وغيره، من جمل الحكم، ومحاسن الشيم المرشد إليها لمن يسمع ويعي: من كلام الإمام علي حرف الألف إيمان المرء يعرف بأيمانه. أخوك من واساك في الشدة. إظهار الغنى من الشكر. أدب المرء خير من ذهبه. أداء الدين من الدين. أدب عيالك تنفعهم. أحسن إلى المسيء تسده. إخوان هذا الزمان جواسيس العيوب. استراحة الناس في الياس. إخفاء الشدايد من المروءة. حرف الباء بر الوالد سلوة. بشر نفسك بالظفر بعد الصبر. بركة المال في أداء الزكاة. بع الدنيا بالآخرة تربح. بطن المرء عدوه. بركة العمر حسن العمل، بلاء الإنسان من اللسان. برك لا تبطله بالمنة. بشاشة الوجه تحقق الإقبال عليك ثانيةً. حرف التاء توكل على الله يكفيك. تأخير الإساءة من الإقبال. تأكيد المودة في الحرمة. تكاسل المرء في الصلاة من ضعف الإيمان. تفاءل بالخير تناله. تغافل عن المكروه توقر. تزاحم الأيدي على الطعام بركة. تواضع المرء يكرمه. حرف الثاء ثلاث مهلكات: بخل وحرص وكبر. ثلث الإيمان الحياء، وثلثه جود، وثلثه عقل. ثلمة الحرص لا يسدها إلا التراب. ثوب السلامة لا يبلى. ثن إحسانك بالاعتذار. ثبات الملك بالعدل والإحسان. ثواب الآخرة خير من نعيم لا يدوم. ثبات النفس بالغذاء، وثبات الروح بالغناء. ثناء الرجل على معطيه مزيدة. حرف الجيم جد بما تجد. جهد المقل كثير. جمال المرء في الحلم. جليس السوء شيطان. جولة الباطل ساعة، وجولة الحق إلى الساعة. جودة الكلام في الإيجاز. جليس الخير غنيمة. جل من لا يموت. حرف الحاء

حرف الخاء

حلم المرء عونه. حلي الرجل أدبه. حياء المرء ستره. حماض الطعام خير من حموض الكلام. فرقة الأولاد محرقة للأكباد. حدة المرء تهلكه. حرم الوفاء من لا أصل له. حرفة المرء كنزه. حرف الخاء خف الله تأمن غيره. خالف نفسك تربح. خير الأصحاب من يدلك على الخير. خابت صفقة من باع دنياه بآخرته. خليل المرء دليل عقله. خلوص الود من صدق العهد. خير النساء ودودة ولودة. خير المال ما أنفق في سبيل الطاعة، وشره ما أنفق في سبيل اللهو والهذيان. حرف الدال دواء القلب الرضا بالقضا. داء الحرص ذل في النفس. دليل عقل المرء قوله. ودليل أصله فعله. رؤية الإخوان تحقق السرور في القلب. دولة الأرذال آفة الرجال. دم على كظم الغيظ تحمد عواقبه. حرف الذال ذنب واحد كثير، وألف طاعة قليل. زواقة السلاطين محرقة السفين، ذل المرء في الطمع. حرف الراء رؤية الحبيب تجلو عن القلب كربه. رفاهية العيش في الأمن. رد غية النفس متعبة. رفيق المرء دليل عليه. حرف الزاي الاجتماع بالصالحين رحمة. زر المرء على قدر إكرامه. زيارة الضعفاء من التواضع. زينة الباطن خير من زينة الظاهر. حرف السين سوء الظن من الحزم. سرورك بالدنيا غرور. سوء الخلق وحشة. سيرة المرء سريرته. سلامة الإنسان حفظ اللسان. سمو المرء في التواضع. حرف الشين شر الأمور أبعدها عن الطاعة. شح الغني: مقت وحرمان وغايته الزوال. شمة من المعرفة خير من كثير من العمل، وقليل من طلب العلم خير من كثير من التنفل. شحيح غني أفقر من فقير سخي. شرط الألفة ترك الكلفة. حرف الصاد صدق المرء نجاة من لؤم صاحبه. الصبر يعقبه الفرج. صلاح الإنسان بالسكوت. صاحب الأخيار تأمن من الأشرار. صلاح المرء في الورع، وفساده في الطمع. حرف الضاد ضل سعي من رجا غير الله. ضرب الحبيب أوجع. ضرب اللسان أشد من طعن السنان. ضاق صدر من ضاقت يده. ضاقت الدنيا على متباغضين. حرف الطاء طاب وقت من وثق بالله. طوبى لمن رزق طول العمر مع العافية. طال خوف من قصر رجاه. الأدب خير من الذهب. حرف الظاء ظلك عافيتك. ظرفك أدبك. ظرف تعطيه صدقة. ظلم لأخيك ظلمات. ظلمة القلب قسوته. ظل الله في الأرض السلطان. ظل ظليل عدل الملك في الرعية. حرف العين عش قنعاً تستريح. عش ما شئت فإنك ميت. عيب الكلام: طوله من غير فايده. عاقبة الظالم سيئة. عز الإنسان بعلم أو مال. علو الهمة من الإيمان. عدو عاقل خير من صديق جاهل. عز المرء مقدمة اليسر. حرف الغين غنم من سلم. غمرة الموت أهون من مجالسة من تبغضه. غلام خامل خير من شيخ جاهل. غرك من دلك على الإساءة. غشك من أرضاك بالباطل. غمط الحق من سخافة العقل. غنيمة الزمن حسن وداده وحصول مراده. حرف الفاء فاز من حسنت مؤاخاته وزادت طاعاته. فخر المرء بفضله خير من فخره بأصله. فاز من سلم من شر نفسه. حرف القاف قول المرء يخبر عما في قلبه. قيمة المرء ما يحسنه. قرين المرء دال عليه. قرب الأشرار خراب الأسرار. حرف الكاف كلام الله دواء. كفى الحاسد ما يجده من ضيق الحسد. كفاك هماً علمك بالموت. كفاك فرجاً رضاك الخير. كمال الجود بالاعتذار منه. حرف اللام لين الكلام من الوداد. ليس لحسود راحة. حرف الميم من علت همته كثرت محبته، من كثر كلامه ما خلا ملامه، مطل الغني ظلم. ما ندم من حمد، من ملك لسانه أمن من فرط كلامه. مجالسة الأحداث مظنة الفساد. حرف النون نور المرء في قيام الليل. الفنا من المنا. غناء المرء ذل وإن طاب صوته. حرف الهاء هموم المرء بقدر اهتمامه، هم السعيد آخرته وهم الشقي دنياه. هلاك المرء في العجب. هون نفسك عليك تستريح، هلاك المرء في رقه. هداية المرء توجهه للطاعة بعد انقطاعه عنها. هون عليك: ما قدر كان. حرف الواو وزر صدقة الممتن بها تمحي أجره. ولاية الأحمق سريعة العزل. ويل لمن ساء خلقه وقبح خلقه. وحدة المرء خير من جليس السوء. وأحسن إليك من تغافل عن خطئك، وغرك من جعلك فيما لست فيه أهلاً. وغرك من مدحك على الشح. وغمك من أخبرك بسوء أو ذكرك بذنب صدر منك، أغواك من ضلك عن الطريق في الحق. وغلط من تهاون في العداوة. غلط من ادعى ما ليس فيه وكذب. حرف اللام وألف

حكم لفيثاغورث وأبيقراط وأرسطو

لا دين لمن لا مروة له ولا اهتمام له بأمر صديقه. لا يأس من جارى عدوه بالإحسان فقد يصير صديقاً. لا صديق لشحيح وقليل خير وإحسان. لا عدو لمن يحسن. ومن الحكم: إعادة الاعتذار تذكر بالذنب. إعادة الكلام تورث الملالة. النصح بين الملأ تقريع. تمام العقل نقص الكلام. قلة الكلام مهابة ونصته حكمة. وأمن من طالع سره وعيب نفسه. نعمة الرذل لا خير فيها. حكم لفيثاغورث وأبيقراط وأرسطو أكثر الأعداء أخفاهم مكيدة. من طلب ما لا يعنيه فاته ما يعنيه. من كثر مزاحه لا يأمن من مقت من مازحه. من كثير مزاحه لم يخل من خوف عليه. مباسطة المرء لأخيه تذهب الوحشة بينهما. زر الصديق ما دام ينسر منك. سئل بقراط أي العيش خير؟ قال: الأمن مع الفقر، وقال: العافية ملك خفي، لا يعرف قدرها إلا عند فقدها. وقال: للقلب آفتان: الهم والغم. فالغم يعرض منه النوم، والهم يعرض منه السهر، وذلك لأن الهم فيه تصور المخوف بما يكون أو يتوقع، فمنه يكون السهر. والغم لا فكر فيه، لأنه فيما كان وانقضى وقال فيثاغورث من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة، فهو خليق بأن لا ينزل به مكروه: العجلة واللجاجة والإعجاب والتواني. فثمرة العجلة الندامة، واللجاج الحيرة، وثمرة العجب: المقت، وثمرة التواني فوات المرام. وقال: إن أردت أن تنكي عدوك لا تريه اتخاذك له عدواً. وقال بقراط: ستة لا تفارقهم الكآبة: الحقود، والحسود، وحديث بغنى، وغني يخاف الفقر، وطالب رتبة ليس أهلاً لها. ومن أراد النجاة من مكايد الشيطان لا يطيع امرأته. الزوجة مثل شجرة الدفل. لا تكثر من عشرة حملة عيوب الناس فإنهم يلفظون ما غفلت عنه وينقلونه إليهم ومنهم إليك. وقال أرسطاليس: رغبتك فيمن توانى عنك ذل. وزهدك في راغب فيك قصر همه وسخافة. وقال: الجاهل عدو نفسه فكيف يكون صديق أحد؟. وقال المأمون: الإخوان على ثلاث طبقات: طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه، وطبقة كالدواء لا يحتاج إليه إلا في الأحايين، وطبقة كالداء، لا يحتاج إليه أبداً. وقال ابن سينا: لا تغرنكم أربعة: شمس الشتاء، ونصح الأعداء، وقرب الأمراء، وملق النساء. أحاديث شريفة قال عليه السلام: رحم الله امرأً تكلم فغنم، أو سكت فسلم. وقال عليه السلام: ألا وإن كل كلام عليك، إلا ذكر الله، فإنه لك لا عليك. وقيل: العافية عشرة أجزاء، تسعة في الصمت إلا ذكر الله، والجزء التالي في ترك مجالسة السفهاء. وقيل: الصمت عي وفيه السلامة، والتكلم قوة وفيه الندامة. وقد تقدم: في السكوت مهابة. وقال بعضهم: من لازم الصمت سلم من المقت. ذو القعدة، وأوله الخميس سنة 1150، لم يقع فيه ما يؤرخ. ذو الحجة، الحرام، في وسطه قبل العيد، جاء الكتاب وأخبروا أن الحج بخير، وأوله كان السبت سنة 1150. محرم الحرام سنة 1151 محرم الحرام سنة واحد وخمسين وماية وألف 21 - 4 - 1738م الحكومة وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والأعجمية السلطان محمود ابن السلطان مصطفى بن السلطان محمد، ابن عثمان، وأوله الاثنين، والباشا في دمشق سليمان باشا، وقاضي الشام السيد هاشم أفندي الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والمدرسون على حالهم. وفي يوم السبت آخر الحجة، كنا بسقبا وزرنا عبد الله بن سلام، وقرأنا له الفاتحة، رضي الله عنه، ودعونا الله تعالى، ومكثنا ثلاثة أيام: السبت والأحد والاثنين، وذلك عند تلميذنا في الطريقة الخلوتية يوسف السقباني. وكان معنا جماعة من الإخوان في طريقنا، ونزلنا يوم الثلاثاء بكرة النهار ثالث محرم أو ثاني محرم. وإليه التوفيق والهداية لأقوم طريق. وأخذنا للمطالعة تاريخ شذرات الذهب. وكتاب مدح الشيء وذمه للثعالبي. وكان يوسف المذكور أرسل دعانا مع الشيخ الفاضل المقرئ المفيد عبد الرحمن بن الحاج أحمد الشافعي. من تلاميذ مؤرخ هذا الكتاب. صلب إسماعيل آغا وفي خامسه تعلق إسماعيل آغا. وذلك يوم الخميس الخامس. إن أول الشهر الأحد، والرابع إن أولها الاثنين، وهو الأصح. الحديقة العدوية وفي يوم السبت: ثاني عشرين الحجة سنة 1150، كنت في الحديقة العدوية، ولم أصحب أحداً وأحببت الانفراد، وكن الفؤاد من الموارد الظاهرة والباطنة، والشواغل من أكثر الرفقاء الخارجة والكامنة. سعد الدين السعدي

الحج

وفي ليلة السبت، السادس من شهر المحرم، توفي الشيخ الشاب سعد الدين بن الشيخ إبراهيم السعدي الجباوي الشاغوري، وصلي عليه يوم السبت بالسنانية الظهر، ودفن في تربة الشيخ الجباوي جدهم. وكانت جنازته حافلة، ومعها أعلام مستكثرة، عفي عنه، وعمل والده صباحيته في الجامع، في الباب الصغير. وفي يوم الاثنين، خامس عشر محرم الحرام، وأوله الاثنين، سافر الشيخ إبراهيم السعدي الشاغوري إلى الروم، بإرسال الوزير الأعظم، وأرسل له ثلاثة أكياس حول بها على فتحي أفندي الدفتار، خرجية البيت إليه والطريق، وخرج إلى وداعه الأكابر والأعيان، والله الهادي إلى أقوم طريق، إنه بعباده لطيف رحيم رفيق. الحج يوم السبت، سابع عشرين محرم، ورد الجوخدار، وضربت المدافع بالقلعة وله الحمد. صفر، أوله الأربعاء، وقيل الثلاثاء، خامس الشهر، السبت ورد الحج الشريف، والأحد، وهم مسرورون في غاية الحسن والنضارة، وبيده كل خير، إنه رؤوف رحيم. وفيه سافر حسين باشا الرومي، باشة جردة الحج الشريف يوم الخميس سابع عشر صفر، وطلع حج كثير إلى بلادهم، وكان الباشا نزل بالمرجة. مطر في الصيف وفيه نزل مطر، وكان غيم كثير في السماء، وكان أول الحموي والتوت، وكان لم يفرغ آثار الورد. وهو العالم به سبحانه. ربيع الأول، سنة واحد وخمسين وماية وألف، وأوله الخميس أو الأربعاء، ولم يقع فيه ما يؤرخ. عزل سليمان باشا ربيع الثاني، وأوله السبت، عزل سليمان باشا، باشة الشام ابن العظم، ووجهت دمشق وما والاها لحسين باشا بستنجي، وعزل سعيد ابن الاستنبولية من باش كاتبية محكمة الباب، بالسيد أحمد الأسطواني، ونسأله التمام إلى خير آمين. قصر برويز يوم السبت المذكور كنا مع جماعة من الأصحاب ونخبة من الأحباب في قصر ابن برويز بالجسر الأبيض، دعانا للسير المذكور السيد محمد الخواجا السفار، وكان بعض تجار، ومن الأفاضل الشيخ عبد الرحمن الصناديقي، والشيخ مصطفى بن محمد بن أبي المواهب المفتي الحنبلي، ونظمت في ذلك اليوم والمكان نظماً. أحوال الدنيا وفي يوم الاثنين، ثالث ربيع الثاني أنشدني بعضهم في ذم الدنيا وأحوالها لبعضهم: هي السّبيل، فمن يومٍ إلى يوم ... فإنّها قد تريك العبر في النّوم لا تجزعنّ، رويداً إنّها لعبٌ ... دارٌ تنقّل من قومٍ إلى قوم آثار سليمان باشا جمادى الأولى، وأوله الأحد، ثالثه يوم الثلاثاء، سافر سليمان باشا من دمشق إلى بلاده، وكان مكثه في الشام خمس سنين، وعمر حماماً عند البهرمية، وآخر في محلة الخراب، وكلاهما من المحاسن والغايات، وذلك في مدة يسيرة، وأنشأ القيسارية العظمى في سوق العبيد، وأنشأ مدرسة لصيق دار حريمه، حسنةً غزيرة الماء، وأنشأ طعاماً، كل يوم شوربة القمح بلحم، وثاني يوم رز بلحم، واشترى بساتين وبيوت مما لا يعلمه إلا الله تعالى، واشترى لدار ابن الحبال فوق ثمنها وأزيد، وأنشأها إنشاءً بديعاً. ثم إنه عزل من ذلك كله، وخرج من دمشق، وبعد لم يعط منصباً ولا شيئاً من الأشياء. ودفع للسلطنة أموالاً كثيرة ولم يفد. وبقيت كفالة دمشق لحسين باشا بستنجي، وبعد لم يرد، وثالثه الثلاثاء توجه سليمان باشا إلى بلاده، وأخذ أهله وأولاده وجواريه، ولم يبق له شيء في دمشق، ولم يسمع له بشيء يؤول إليه، ونسأله اللطف فيما جرت به المقادير. الشيخ عيسى الخلوتي وفي يوم الجمعة المبارك بالجامع الكبير، ناولني السيد حسين أفندي، كاتب السنانية بطاقةً صورتها تاريخ وفاة الشيخ عيسى الخلوتي، للمرحوم جدنا عبد اللطيف أفندي: أمسى يجاور ربّه ... عيسى فكان له أنيسا لمّا أناخ ببابه ... وفنايه لم يلق بوسا وافته بالغفران منه ... رحمةٌ تحيي النفوسا وتباشرت حور الجنان ... فأرّخوا: بالشّيخ عيسى انتهى كلام البطاقة. ترجمة المؤلف لوالده أقول: هو زين القضاة عيسى الخلوتي، والد مؤلف هذا التاريخ، مفرد زمانه وناسك وقته وأوانه، صاحب الطريقة الأوحدية الخلوتية بدمشق المحمية، لا زالت بوارق رحمته على ضريحه لامعة، ونسايم طيب عفوه وامتنانه، حول ثراه نامية رايعة. أشياخه

تلامذته

أخذ الفقه عن الشمس ابن بلبان الصالحي الحنبلي، وعن محمد الخلوتي بمصر، وعن الشيخ سلطان، وعن الشيخ ابن مرعي الحنبلي الكرمي. وأخذ الحديث وانتقل، وأخذ الفقه عن التقي عبد الباقي الحنبلي المفتي بدمشق، وعن خلف لا يحصى، وحج مراراً، والأُولى على قدميه. وأخذ الطريقة عن غوث زمانه السيد محمد العباسي الخلوتي، وأقامه على الإخوان من عنده، وأخذ عنه خلق كثير من هذا الطريق، أكابر وأعيان وأشراف وأغاوات ومفتية. تلامذته فأخذ عنه الطريقة الخلوتية فيض الله أفندي، مفتي محروسة ترابلس الشام، وبمكة لما حج الشيخ أحمد النخلي، مفتي مكة، وغيرهما من الأعيان، وأخذ عنه كثير من الفضلاء، وتوفقوا في الأخذ. والحاصل، أخذ عنه خلق لا يحصى أيضاً الشيخ أحمد مفتي المالكية بمكة، ومن الأفاضل: أبو القاسم المغربي من العلماء، والشيخ صالح المدني، والشيخ صالح إمام مسجد قباء، وخلق من أهالي قباء لما ذهب إليها حين حجه، رحمه الله وقدس روحه، آمين. توفي يوم الأحد شهر القعدة، ودفن بالدحداح الغربي، لصيق شيخه السيد محمد العباسي الخلوتي الصالحي الحنبلي، قدس الله روحه آمين، وذلك سنة ثلاث وتسعين وألف، رحمهما الله تعالى، آمين. عبد اللطيف الكاتب وتوفي عبد اللطيف أفندي الكاتب في يوم الاثنين خامس عشر جمادى الأول، الكاين في سنة واحد وخمسين وماية وألف. وفي جمادى الأول، دخل حسين باشا، يوم الاثنين خامس عشر جمادى الأول، وفي يوم الجمعة صلى بالجامع الأموي. الجامع البردبكي آخر الشهر يوم الجمعة صلى بالجامع البردبكي بالأبارين، ومراده يعمر الخان ويرمم الجامع، وهو من أنزه جوامع دمشق، والله يلهم الخير. جمادى الأولى، أوله الاثنين. بستان الباسطي وفي سادسه، يوم السبت، كنا ببستان الباسطي بغوطة دمشق، ومكثنا ثلاثة أيام عند أخينا يوسف، ونزلنا الثلاثاء يوم التاسع في جمادى الثاني. رجب، وأوله الأربعاء: فجر يوم الجمعة...... وإلى الآن، نسأل الله إصلاحها على أحسن وجه، إنه عليم قدير. شعبان، وأوله الجمعة، ورجب كان أوله الأربعاء، فوفاته الخميس، فأوله الجمعة على ذلك، والأصح أوله الخميس، لأن ليلة الجمعة رأوا الهلال ابن ليلتين، وأما في الثبوت الشرعي في المحكمة لدى قاضي الشام السيد هاشم أفندي، ونايبها لطف الله أفندي، فالجمعة، فإن الجمعة أمر شرعي بالبينة، والأول عقلي وأغلبي. رمضان المبارك، وأوله الجمعة على الشك، والسبت الصوم عموماً. أخبار الحج وفيه دخل أمين الصر من الروم، ودخل حج كثير، وذلك في أوايله، ويدخل مع البلطجية الحاج الآخر، وبعد لم يأتوا البلطجية، لأنهم يأتوا في أواسطه، ثم الحلبي ذاك في شوال. وإليه الدعاء والتوسل والسؤال، وهذا سنة واحد وخمسين وماية وألف، أحسن الله ختمها بخير، آمين. قصر عبد الرحيم ومما رقمته الآن في رمضان، مما نظمته في رابع عشر المحرم، وذلك بقصر عبد الرحيم لصيق الحاجبية، وكان أعيان الشاغور دعاهم يوم السبت إلى هذا القصر لعمل ضيافة لهم، وكان الجمع كثيراً، وكان جناب السيد يعقوب أفندي الكيلاني. والداعي السيد عبد الرحمن الشاغوري الحواصلي، زيد خيره. يوم الاثنين ثاني عشر رمضان دخلت البلطجية ومعهم حج كثير من الأروام. القاضي هاشم أفندي يوم الخميس ثامن عشرين رمضان سنة 1151، توفي هاشم أفندي الرومي قاضي الشام، وصلي عليه الظهر بجامع الأموي، ودفن عند بلال، رضي الله عنه. وكان رمضان تام الهلة، والحمد له تعالى. شوال، وأوله الأحد. رابع عشره، السبت، طلع المحمل ونزل عند قبة الحاج، والأمير حسين باشا، الذي كان وزيراً في دمشق، ونسأله الإصلاح والنجاح بمنه آمين. دخول باشة الجردة يوم الخميس، دخل عثمان باشا المحصل، وصلى يوم الجمعة في الجامع، وهو نازل بالمرجة في مخيمه، وربما يرحل الخميس في الخامس والعشرين، يوم الأربعاء. ذو القعدة، وأوله الثلاثاء. في وسطه دخل باشة الجردة عثمان باشا المحصل. وإلى الآن، سليمان المعزول من دمشق في سراياه في حماة، وبعد لم يورد، ولا أذنوا بعد في شيء، ولا خبر، ونسأله النجاح والإصلاح. وإلى الآن أرباب العروضة لم يأت منهم إلا واحد، ولم يعلم كيف صار فيهم.

تدريس الخديجية

يوم السبت السابع والعشرين، رحل عثمان باشا، باشة الجردة، والله يحسن الأحوال بمنه، آمين. تدريس الخديجية وفي تاريخ العشرين وماية وألف، زمن قرامراد أفندي قاضي الشام، حضر ومعه فرمان في المدرسين أنهم يذهبوا إلى مدارسهم، فأرسل إلي في المباشرة فامتثلت أمره وشرعت في التدريس بمدرستي الخديجية المرشدية الحنفية بالصالحية. وبدأت في الكنز، فارسلت أطلب شرح الكنز للعيني، والحال أن عندي شرح للزيلعي وابن الشحنة وملا مسكين. الحج، وأوله الأربعاء، يوم الوقفة الخميس، والعيد الجمعة. ويوم الوقفة وردت مكاتيب العلا، وذكروا أنه أي الحج في غاية من الرخاء والأمن، وله الحمد. وفي آخر التشريق يوم الاثنين، وردت مزيربتية الجردة، وسافر باشة الجردة يوم الجمعة، وهو يوم عيد الأضحى، واسم باشتها عثمان باشا المحصل، من أهالي حلب الشهباء. ودخل سليمان باشا ابن العظم كافلاً لمصر، وهو يوم العشرين من الحجة. وفي يوم الاثنين، رابع عشرين الحجة، دخل دمشق مصطفى أفندي قاضي الشام، ولاقى له الأعيان والأكابر ذوي القلم والقضاة. محرم الحرام سنة 1152 محرم الحرام سنة اثنين وخمسين وماية وألف 11 - 4 - 1739م الحكومة وأوله السبت، وقيل الجمعة. وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية والعجمية السلطان محمود بن السلطان مصطفى بن محمد بن عثمان، والباشا حسين في الحج الشريف، والقاضي مصطفى أفندي الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي بدمشق، والمدرسون على حالهم. يوم الاثنين رابع محرم الحرام، كان أول الخلوة البردبكية بدمشق، والفراغ يوم الخميس آخر النهار، وهو يوم السابع من الشهر المذكور. سقبا وفي ليلة الجمعة، يوم الثاني والعشرين، ذهبنا إلى قرية سقبا عند صاحبنا وتلميذنا يوسف، ومكثنا إلى يوم الأربعاء، ونزلنا بكرة النهار، فيكون يوم السابع والعشرين. وورد الجوخدار من الحج يوم الجمعة في ثاني عشرين الشهر. يوم الجمعة، يوم الثلاثين من محرم، ورد الكتاب. وفي ثاني عشرين محرم، يوم الجمعة، نظمت لأبيات في الغزل. صفر، وأوله الأحد. يوم الأربعاء رابعه دخل الحج الشريف. خامسه يوم الخميس، دخل المحمل والباشوات، وبقية الكواخي. يوم الجمعة، صلى الباشا بالجامع. سابعه سلمنا على بعض أصحابنا الحجاج. حديقة العجمي يوم السبت كنا ببستان الدينارة، دعانا بعض أصحاب إليها، وهو من بساتين الغوطة، ورجعنا آخر النهار. وقبله بالحديقة العجمية المنسوبة الآن لبني البكري، وهي مكان نزيه غزير الماء كثير النوافر، وذلك يوم الاثنين، وهو اليوم الرابع والعشرين. الإلقاء النفسي وفي ليلة الخميس من ربيع الأول وأوله الاثنين سنة 1152، رابع الشهر المذكور، سمعت بطريق الإلقاء الضروري النفسي " إنا فتحنا لك فتحاً مُبيناً ". وفيه ميزت بين الخاطر الطبيعي والإلقاء، فكان الطبيعي وحده، وذلك الإلقاء الحديثي ضروري جار في النفس من غير الإنسان، والله المستعان. وبعد لم يظهر تعبيرها لي، وفرقت في هذه الواقعة خاطر النفس وما يجري في القلب من الحق ولا يعرفه إلا ذايقة، والله أعلم. وقد ورد: إن في هذه الأمة لمحدثون، وإن عمر لمنهم. بستان سويد يوم الثلاثاء، تاسع ربيع الأول، بعد قراءة درس المغني في بحث نصب كل، ذهبنا نحن وجماعة من الأفاضل إلى بستان سويد، وقف بني الشويكي، لصيق العسكرية، بضم العين، شرقي مدرسة الصاحبة، عند وراقة ورق الكرش بالصالحية، وحانوته ذاك باق إلى الآن، وماءه جاري كثير من يزيد، ورجعنا عند المساء، وقلت نظماً: سويد بستانٌ بياض فؤاده ... يريك لأحوال الكريم المسامح به الأثمار لا تحصى عداداً ... فينفقها مربحاً غير رابحٍ بداية الثورة على الباشا يوم الثلاثاء، خامس عشرين ربيع الأول صار شوشرة، وسكرت دمشق ضحوة النهار، ثم يوم الأربعاء كذلك، وقتل من القبوقول والينكجرية نحو أربعة أنفار، وإلى الآن، يوم الأربعاء، يوم السادس والعشرين بقي القتال، وعصيت الدالاتية في الجامع المعلق عند الأبارين، في سطوحه ومادنته، لأنهما حصينان، وكذا في جامع الدرويشية، وضربوا على القبول البارود، ورموا على الناس من أسطحة الجامع أيضاً، ولا قوة إلا بالله. إغلاق المحلات

أخت محمد اليزبكي

وبقيت الشام مسكرةً لم تفتح في ذلك اليوم إلى الآن في التاريخ المذكور، ولا يعلم ما يصير، نسأله سبحانه الرضا والعفو وإصلاح هذه القضية ببركته عليه السلام، وهو الكبير المتعال سبحانه جل جلاله. والأسواق كلها مسكرة خوفاً من الرصاص والبارود من دولة الشام ومن التفكجية جماعة الباشا، والرمي والرصاص واقع، ولا قوة إلا بالله تعالى، وهو العلي العظيم. ربيع الثاني، وأوله الأربعاء، لأن أول ربيع الأول الاثنين، وهو يوم التاسع والعشرين، والثلاثاء يوم الثلاثين، فأوله الأربعاء. ليلة الخميس، مساء يوم الأربعاء ثاني ربيع الثاني، دعانا الأخ الشيخ محمد الحنبلي إلى داره بالشاغور، نحن وجماعة من الأفاضل، وصار أنس كلي وانشراح، وإخوان صدق ذوي تقى وفلاح. والحاصل أن ربيع الثاني قيل أوله الثلاثاء وقيل الأربعاء. أخت محمد اليزبكي وفي يوم الاثنين، يوم السادس من ربيع الثاني، توفيت المرأة الصالحة أخت السيد محمد أفندي بن الشيخ مراد اليزبكي، وصلي عليها العصر في السليمية، ودفنت تحت الإيجية بسفح قاسيون. وفي يوم الجمعة العاشر من ربيع الثاني، كان الفراغ من تعلق إسماعيل ابن صادق، وهو من أول شهر صفر، وربيع الأول، وعشرة من ربيع الثاني، فالجملة سبعون يوماً، شهران وعشرة أيام، والله ولي الإرشاد. هرب الباشا من دمشق وفيه خرج الباشا إلى الأطراف، من بلدة إلى بلدة ومن قرية إلى قرية، وأتلفوا مغلاً كثيراً للناس، ونزل في قرية القطيفة، والمدافع وضعها في قرية حسية. ثم جيش عسكر الشام عليه بما لا يحصى كثرةً، وتوجهوا نحوه، ففر منها ولم يعلموا جهته وجماعته. وقيل إنه ذهب إلى حمص أو حماة. ثم إنه في سادس عشر الشهر، سفروا رجلاً في عرض للسلطنة. وأراد أن يرسل أُولاقياً ليتجسس على البلد، وأيضاً أن يرسلوا خزنته وماله، فأرسلوها له، ولم يبق له شيء في السرايا، والله اللطيف بأحوال عباده المؤمنين. نصرة السلطان وفي يوم الجمعة المذكور سابقاً، جاء خبر بزينة تجيء للشام ولجميع الممالك للفرح بنصرة الإسلام، فإنهم أخذوا مدينة بير الأغراض، ومدينة دمشوار، داخلها على ما شاع، وإلى الآن الثغر، وأخذوا قلاعاً على البحر الرومي لا تحصى، تبلغ نحو الماية قلعة، والحمد لله على هذا النصر المتين والفتح المبين. عودة إلى حسين باشا جمادى الأولى، وفي يوم الأربعاء ثامن عشرين جمادى الأولى سنة 1152، سكرت الناس الحوانيت أكثرها، وأن الوجاقات بدمشق، غير رايدين لحسين باشا، والحال أنه خارج البلد، نازل ظاهر حمص على نهر الفرات، والله يحسن الأحوال بمنه وكرمه آمين. عزله جمادى الثاني، وأوله السبت، فيه عزل حسين بعرض أهل الشام، وقاسوا منه الشدايد والخوف والفزع، وهو أخوف الناس منهم، لأنهم كانوا مجيشين عليه بأربعين ألفاً، ينتظروا جواب المكتوب. الفرح بعزله ففي تاسع العشرين من الأول يوم الجمعة ورد صبي الذي راح في العرض بالبشارة، وذهب للحقلجية فبشرهم فأعطوه البخاشيش الكثير، وشعلت أرباب الحوانيت على الحوانيت الثريات، وأوقدوا الشموع واطمأن الناس. نياته الخبيثة وكان مراده يجيش على الشام بالمغاربة والدالاتية، ونهب المغاربة السويقة باغرائه، وأغرى الدالاتية على نهب السروجية، ويقول: ما معي خبر، والحمد لله على خذلانه. أسرار لا إله إلا الله وفي ليلة أول شهر جمادى الثاني 1152، وهو ليلة السبت أول الشهر، أخذتني بين العشائين سهوة من النوم، رأيت قائلاً يقول: إذا قال العبد لا إله إلا الله استند إلى الوهاب، لا تغيير ولا تبديل وكتبتها لعلو مرماها، وإن إلهامها وذكرها فيه هبات إلهية، فلا يتغير عنها ولا يتبدل، لأنها من بات إلهية، ذكرها وقولها واعتيادها، وكان من أهل طريق إلهية، وهبة الحق للعبد بشيء من ذكر لا إله إلا الله هبة، والكافر لا هبة له، إذ الهبة لمن أهله الله إليها، وهو المؤمن، فهي موهوبة له، لا لغيره، فافهم. وفي يوم الاثنين ثالث جمادى الثاني أوله السبت وقيل الجمعة ورد المتسلم الجديد، وعزل حسين باشا من دمشق، وفرح الناس وعملوا في النهار التزيينات والمشاعل، وصار الفرح الكلي في دمشق بمفارقة هذا الخبيث. السلطان يوصي بدمشق

الشيخ محمد الحنبلي

وفي أواسطه، أرسل السلطان محمود، نصره الله، توصية بدمشق، وقال: إنها مالكانتي، لا أحد يؤذيها بشيء، وأبطل أن الكافل يكون له في الروم قبي كيخيا، يجعل أميناً يرسل له الأخبار من خير أو شر، وهناك عند حضرة السلطان يودعه الأخبار، وأوصى بالعدل والعدالة. الشيخ محمد الحنبلي وفي شهر جمادى الثاني، توفي الشيخ محمد بن الإمام العلامة أبي الفلاح عبد الحي الحنفي الحنبلي الصالحي، وصلي عليه بالسليمية، ودفن عند أخيه بالسفح، وخلف أموالاً لا تحصى، وأمتعةً وبساتين وديون، حتى بلغت نحو الماية كيس. الإحياء رجب، وأوله الأحد. يوم خامسه، يوم الخميس ليلة الجمعة، أوله جمعة في رجب، عملوا إحياءً وختماً، وهدي ذلك كله إلى إسماعيل آغا، وأهدوا له ثواباً مثل ثواب فاعله، كما هو مشروط في وقفه، عفي عنه. وفي آخر جمادى الثاني، دعانا سعيد أفندي خطيب دمشق لضيافتنا عنده، وطلب إجازة الحديث عنا، وكتبنا له، وطلب طريق الخلوتي، فأذنا له بورود المشيخة في كل يوم، وقرأنا الفاتحة على ذلك. وفي آخره، كنا وبعض أصحاب بحديقة ابن القاري، وجعل تلميذنا إبراهيم الحافظ لنا ضيافة، وكان الشيخ مصطفى أفندي المصرلي. وفي يوم الثلاثاء، واحد وعشرين رجب سنة 1152، وأوله الأحد، سهوت، وكان في يدي كراس أطالع في النهار، وإذا بقايل يقول: " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ". فعلمت ولله الحمد وراثتي منه عليه السلام. شعبان، أوله الاثنين على الثبوت الشرعي. الأسعدية يوم السبت كان سادسه، كنا نحن وجماعة من الإخوان في الأسعدية، غربي جامع الأفرم، وهي في القديم دار قاضي القضاة أسعد التنوخي الحنبلي. كان في القديم كل قاض من الأربعة، قاضي خمسماية، كالحنفي الآن، وتأتي الخلع السلطانية إليهم كل سنة، أصواف وسمور، والتجديد، ولكل واحد مكان للحكم ونواب وجاويشية وجوقدارية. رؤيا وفي ليلة الأربعاء، ثالث عشرين الشهر، رأيت في الرؤيا رجلاً يأمرني بهذا الذكر في كل يوم ماية مرة، وهو: " سُبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر "، فامتثلت وشرعت فيه في ذلك اليوم، وألحقته بجملة أورادنا في الطريق. نصرة السلطان رمضان، وأوله الأربعاء، والثلاثاء يوم الشك، وكان شعبان تاماً. وفي أواسطه ورد من الروم بشارة بنصرة السلطان، وبشارة بنصرة السلطان محمود بأخذ قلاع للنصارى، وعمل شنكاً ملآنة بضرب المدافع في البكرة والعشي. رؤيا وفي يوم الاثنين ثالث عشر رمضان سنة 1152 بعد أن صليت الصبح، بعد طلوع الشمس، فرأيت قائلاً يقول: قررت ليلة الثلاثاء، يعني من جهة الروم في تعلق، وفقت في الحال، ثم لم أنم، فحسبت أن المقرر به لي صار في يوم الاثنين من رمضان ليلة الثلاثاء، والله يحسن الحال بمنه، آمين. وصفة للماخوليا وفيها مكتوب وصفة بنادق تنفع من الأفكار الردية والسوداء، ومن الخفقان والفزع والماخوليا: أفتيمون، قشر كابلي، عود قماري، لولو، كهربا، زر ورد، مصطكي، زبيب أشقر منزوع النوى، وسكر يعجن ويعمل بنادق ويجفف في الظل، وشربته سبع دراهم. شوال والقعدة والحجة، لم يقع فيه ما يؤرخ. محرم الحرام سنة 1153 محرم الحرام سنة ثلاث وخمسين وماية وألف 29 - 3 - 1740م الحكومة وسلطان المملكة الرومية وبعض العربية السلطان محمود بن مصطفى بن محمد بن عثمان، وقاضي الشام القديم السيد مصطفى أفندي، وسافر ثالث محرم، معزولاً بقاضي الشام الجديد، وهو إسماعيل أفندي مسعودي زاده الرومي، والمفتي حامد أفندي العمادي، والعلماء والمدرسون وبقية الناس على حالهم، وباشة الشام عثمان باشا المحصل بالحج الشريف. دخول القاضي الجديد ودخل إسماعيل أفندي في أول الشهر، وسافر المعزول ثالث محرم. وكانت الفتنة بين الينكجرية والقبوقول، أزالهم الله من دمشق بمنه، وهم حوادث الوجاق. الانكشارية والقبوقول والوجاق القديم الينكجرية، كذا رتبهم السلطان سليم حين دخل الشام، وعمر الجامع بالصالحية، وذلك في سنة اثنين وعشرين وتسعماية، أما هؤلاء، فلم يظهر لهم أثر إلا في سنة سبعين بعد الألف، أُنشيء هذا الوجاق لغاية، فإنهم لا يحرمون، ولا يباشرون إلا النهابة والسكر وأذى المسلمين وحمل السلاح، قاتلهم الله. أخبار الحج

فضل الصلاة على النبي

صفر الخير سنة 1153، وأوله الخميس، وقيل الأربعاء، وبعد الحج لم يأت. وفي يوم الخميس، أول صفر، ورد الكتاب وأخبر أن الحج بخير، وفرق المكاتيب في الدرويشية. وفي يوم الأحد رابع صفر الخير، دخل الحج الشريف، ويوم الجمعة كان العيد، والكل يشكر هذه الحجة من جهة الأمن والماء، وصار غلاء في الشعير، وبعض شيء. وفي يوم الاثنين سادس صفر دخل المحمل على حساب الأربعاء، أو على حساب أن أوله الخميس. قيل وكانت الوقفة الثلاثاء، وفي دمشق العيد، والوقفة الاثنين. ونسأله الإجابة والقبول، وهو المأمول بحق الرسول. فضل الصلاة على النبي وفي يوم الثامن عشر من صفر، يوم الجمعة، وأنا أصلي على الرسول، وهذا الورد في كل يوم جمعة: اللهم صلى الله عليه وآله وسلم على سيدنا محمد، أكررها بالسبحة إلى حد الأف، فسهوت في تاريخه، فرأيت حضني، وكنت متربعاً، ملآناً ذهباً، فهذه مفسرة بالصلاة على الرسول، وهي من أشراف المطلوب لشرفها، كماله، للذهب، شرف على جميع آلات المعاملات، ففرحت بهذه الرؤيا المباركة ببركة الصلاة على الرسول، والشهر من تاريخ سنة ثلاث وخمسين، ولله الحمد. آخر قصائد المؤلف ربيع الأول، وأوله الجمعة. ومما نظمته في حق بعض الأصحاب من المحبين: أيا قمراً لا يكمل إلاّ تماما ... ما كان وعدك لي إلاّ تماما أوعدتني الوصل حقّاً يقيناً ... وعد كمّونٍ، ما أراه مراما إن أشتكي إليه كان مجيباً ... صبراً يدوم ولا يحلّ ذماما محمد الكنجي الحنفي وفي يوم الجمعة، الرابع عشر من ربيع الثاني، الكاين في سنة 1153، صلي حاضرةً على الشيخ العلامة، الفهيم الذكي البليغ الناظم المفيد، الفقيه النحوي الشيخ محمد أفندي الكنجي، وصلي عليه بالجامع ودفن بالدحداح. كان فاضلاً، شغله الإقراء والإفادة. شرح رسالتي المسماة: بالرسالة المشتملة على أنواع البديع في البسملة شرحاً حافلاً، وضمنه من شعر المتقدمين، ومن شعره كثير. وطلبت إلى الروم، فأرسل نسخةً وأبقى نسخةً أُخرى عنده. وبدأ في شرح المقامات إلى عشرة، وشغله رحمه الله الإقراء والإفادة في منزله بالمدرسة العصرونية، وربما كان بلغ أوايل الستين، عفي عنه آمين. إخراج وجاق القبيقول وقبل ذلك، أُخرج وجاق القبيقول من دمشق، ولم يبق منهم ديار، ولله الحمد. وكانوا أفسدوا الحرث والنسل، ويشهرون السلاح على الرعية، والجروح لا تحصى، والقتلا مما لا تحصى. ثم أُرسل الوزير عثمان باشا إليهم، وهو المسمى بالمحصل. فمن له عيال وناس ملاح خرج قدامه يثبته بالدفتر مع البينة، وحضور أعيان البلد، وقال: الباقي يسافرون. ومن أراد يأخذ آخرين، يقبل يد الباشا، ويخرج، ومن أراد يسافر. فسافر أكثرهم في البلدان وعند الدروز، وتفرقوا غاية التفرق والتشتت: كبارهم وصغارهم. مساويهم وكل من كلم واحداً يجرحه بالسيف، أو يضربه بالبارود يقتله، حتى صار ذلك ببركة أهل الشام والأبدال التي فيها. وورد فيه من رامك بسوء قصمته. والحاصل، ورد الخط الشريف من حضرة الخنكار السلطان محمود، أيده الله بنصره في الدنيا والأخرى. وهو من صلاح الملوك من المؤيدين من عند الله بالنصر، وقد أخذ بير الأغراض من طائفة الكفار، ونحو ماية حصن وقلعة إلا وأخذه. وفضيت الشام من الأسافل والجبابرة وقليلين الدين والإيمان والأمانة، كثيرون العنترة، كل واحد كالنمرود، لا يحللون ولا يحرمون، فجزا الله المولى الخنكار أحسن الجزاء آمين. وفي آخر ربيع الثاني سنة 1153، رأيت أن قايلاً في الرؤيا يقول: رح لبيتك، وأنا أجيء إليك بالنصر، وكنت مريضاً شديداً، وهي بشارة إن شاء الله تعالى. هذا آخر ما حرره المؤلف، وهو الشيخ محمد ابن كنان إنشاء الله تعالى، وهذا آخر ما مسك به القلم، وهذا الجزء من الحوادث اليومية والانتهاء به إلى شهر ربيع الثاني سنة ثلاث وخمسين وماية وألف، رحمة الله على مؤلف هذا التاريخ، المنسوب إلى المرحوم الشيخ محمد ابن المرحوم أبي الثناء، الشيخ عيسى ابن المرحوم الشيخ محمود ابن الشيخ محمد ابن كنان الخلوتي الصالحي، صاحب طريقة الخلوتية بدمشق، وقد استمر شيخاً في الجامع المعلق مدةً طويلة، وهي ثلاث وخمسين سنة أحسن الله ختامه بالإيمان.

وقد جمعها ولده الفقير محمد سعيد بن الشيخ محمد المؤلف، ورقةً ورقةً، وعجزت عن ترتيبها، لأن جمعها كان سنة سبع وثمانين، وقد جمعتها وإن كانت غير مرتبة، لأنها لا تخلو عن الفائدة، لأن فيها تراجم بعض الصالحين والعلماء والأولياء والسلاطين. ونسئله حسن الخاتمة وأن تكون سيرتنا بعد وفاتنا حسنةً عند الله وعند العباد، وهو حسبي ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا به، نعم الولي ونعم النصير. حرر في نهار الخميس، يوم عشرين ربيع الأول سنة سبع وثمانين وماية وألف

§1/1