ولا تقربوا الفواحش

جمال بن عبد الرحمن إسماعيل

تقديم فضيلة الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: فلقد أصلح الله الأرض بالرسالات التي تضمنت تحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن حتى تنتظم حركة الكون والحياة وحتى يعيش الإنسان حياة عفيفة طاهرة سليمة من الأقذار والأرجاس. وقد تضمنت الرسالة الخاتمة والشريعة المهيمنة (الإسلام) تضمنت الوسائل الكفيلة بالقضاء على جميع الفواحش وقطع دابر الفساد، بمجموعة عظيمة من التدابير الوقائية والأساليب العلاجية التي لو طبقتها الأمة لعاشت حياة كريمة عامرة بالأهداف

النبيلة والغايات السليمة. وما هذه الرسالة القيمة التي ألفها أخي الكريم / جمال بن عبد الرحمن إسماعيل بعنوان (ولا تقربوا الفواحش) إلا محاولة جيدة وبأسلوب جذاب لبيان تلك التدابير الوقائية، وتلك الأساليب العلاجية التي تضمنتها الشريعة الغراء في مصدرها الرئيس الكتاب والسنة للقضاء على الفواحش الممثلة في الزنا واللواط والسحاق وإتيان المرأة في دبرها وإتيانها وهي حائض وإتيان البهائم وممارسة العادة المسماة بالسرية. ولقد طلعت على هذه الرسالة وأعجبت بالطريقة الفريدة التي تناول الأخ الكريم الحديث بواسطتها. وفي نظري أن هذه الرسالة تلبي حاجة ماسة في المكتبة الإسلامية، ولا يستغني عنها بيت مسلم؛ لحماية بيوتنا وأسرنا وأجيالنا من الهجمة الشرسة التي يشنها أعداء الدين والملة عن طريق إشاعة

الفواحش وتسهيل الوقوع فيها كخطوة أولى لإبعاد المسلمين عن دينهم، فإذا ما وقعوا في الفواحش واقتحموا محارم الله سهل اختراق صفوفهم وزعزعة عقائدهم وإفساد دنياهم وآخرتهم. فجزى الله الأخ الكريم كل خير. وأنصح كل أخ مسلم أن يسارع إلى اقتناء هذه الرسالة وقراءتها على أهله وتحصين أولاده وبناته ومحارمه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سعيد بن مسفر القحطاني 21 - / 8 / 1417 هـ

تقديم فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم

[تقديم فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم] تقديم فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد. . . فقد قرأت ما رقمه الأخ في الله الشيخ أبو محمد جمال بن عبد الرحمن إسماعيل في كتابه الموسوم بـ " ولا تقربوا الفواحش " والذي ضمنه جوانب متعددة من أنواع الفواحش التي حرمها الشارع الحكيم سواء ما كان منها متعلقا بجنس الذكور وجنس الإناث والتي هي بلاء أينما حلت لا لعًا لها (¬1) وكفى الله المسلمين شرها. ولقد أحسن المؤلف في اختيار هذا العنوان ¬

(¬1) لا لعًا لها: لا انتشار لها.

الذي وافق به نص الكتاب العزيز كما في قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: 151] وهذا اللفظ أبلغ في الزجر من لفظ الإتيان ليقطع ويسد ذريعة الفاحشة حتى في القرب منها، وقد رأيت المؤلف قد وُفِّق في جمع مادة الكتاب في عبارات سليمة المبنى مفهومة المعنى خالية من الحشو الممل والإطناب المخل مدعما ما ذكره بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح ومقالات متنوعة عن سلف هذه الأمة. كما أنه قد عقد ورقات من هذا الكتاب ذكر فيها رأي الطب المعاصر تجاه هذه الفواحش وما ينجم عنها من أضرار بالغة على الأمم والمجتمعات. . فجزاه الله خير الجزاء وضاعف له المثوبة والأجر وجعل ما خطَّه قلمه حجة له يوم القيامة، وأن ينفع

به وبكتابه المسلمين. . إنه سميع مجيب، وبالله التوفيق وهو المستعان. قاله مقيده سعود بن إبراهيم بن محمد الشريم 27 - / 9 / 1417 هـ

تقديم فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين

[تقديم فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين] تقديم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وصحبه. وبعد: فإن أمة الإسلام التي متعها الله بدينه وحباها برسالته قامت على دعائم إذا اعتنت بترسيخها قويت عزيمتها وارتفع لواؤها وساد أهلها. وإذا فرطت في تلك الدعائم فعصت ربها وخالفت نبيها - صلى الله عليه وسلم - هانت على عدوها. بل ظهر البأس بينهم شديدا. وإن من دعائم الإسلام تحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولما كان لباس التقوى خيرا جعله الله ينزع عمن نزع عن نفسه اللباس الساتر للعورات كما ذكر ربنا في سورة الأعراف

{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ - يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 26 - 27] فإذا انتصر العبد على شهواته طاعة لله وامتثالا لأمره نصره الله تعالى على عدوه ورد كيده في نحره. وإذا انغمس العبد في شهواته فإن الله لمجرمه من تأييده ونصره {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] وفي الحديث: «احفظ الله يحفظك» لذا كانت شريعة الله تنزل بالتطهير للأمة من دنس الشرك وبعث التوحيد ثم بقية الفواحش بعد. والناظر يرى أن سورة الأحزاب نزلت بعد غزوة

الأحزاب وسورة النور نزلت بعد غزوة بني المصطلق وهما متقاربتان حتى أن كثيرا من جهابذة أهل العلم بالسيرة اختلفوا في الأسبق منهما. لكن هما آخر غزوة تغزى فيها المسلمون في ديارهم وأول غزوة يخرجون فيها إلى عدوهم في بلاده فنزل الشرع بالتطهير لهم من الفواحش في السورتين الكريمتين ليعد هذه الأمة لملاقاة عدوها مؤيدا بنصر الله تعالى لمن روض نفسه على الطاعة وأبعدها عن الفواحش بدءا من غض البصر وحفظ الصوت وحجاب النساء حتى حفظ الفرج وحد الزاني والقاذف. أيها القارئ الكريم وهذه الرسالة القيمة بين يديك تحذير من الفواحش، وأمر بالاستقامة، فاعلم أن لزوم ذلك فيه نصر الله لعبده في الدارين فلا تحرم نفسك من ذلك الخير العميم. ولا توقع نفسك في العذاب الأليم، فضلا عن حرمانك من السعادة

التي يغرسها الله في قلب من أحب دينه وعمل به. أيها القارئ الكريم فكن في هذه الرسالة مطالعا متدبرا وكن لخيرها ناقلا ولا تكن كالغراب لا يقع إلا على الديدان والحشرات، ولكن كن كالنحل يسعى في البستان بين أزهاره وينقل من رحيقه فيحيله الله تعالى إلى شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناظر. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل. وكتبه: محمد صفوت نور الدين المسجد الحرام مغرب الثامن والعشرين من رمضان 1417 هـ

تقديم المؤلف

[تقديم المؤلف] تقديم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: لقد حرصت الشريعة الإسلامية الغراء على تكريم الإنسان ورعاية مصالحه خاصة فيما يتعلق بالضروريات الخمس وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، وجعلت الاعتداء على شيء منها جريمة في حق المعتدى عليه تستوجب العقوبة على المعتدي، ولولا ذلك لكانت الفتنة في الأرض والفساد العريض،

وإذا نظرنا إلى هذه الضروريات الخمس وجدنا أن الحفاظ على العرض يعد من الضروريات التي قد حازت أهمية عظمى وأولوية كبرى بعد الدين من بين سائر الضروريات، فنجد الإنسان يضحي بنفسه وبماله بتدبير عقله من أجل عرضه وشرفه وكرامته، وقد أقر الإسلام ذلك فجعل المقتول دون عرضه شهيدا. وقد قال أحد الغيورين على عرضه: أصون عرضي بمالي لا أبدده ... لا بارك الله بعد العرض في المال كذلك فقد أحاط الإسلام العظيم العرض بسياج قوي للحفاظ عليه ووضع الضوابط والحدود التي تحول دون انتهاك الأعراض. ولما كان فعل الفواحش بل والاقتراب منها هو

معول الهدم في العرض والشرف؛ فقد حرم الإسلام الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والطرق الموصلة إليها وجعل أقسى العقوبات لمن اقترفها. وفي هذا الكتاب نعرض بإيجاز لهذه الفواحش والأخطار الناجمة عن اقترافها، وأسبابها وعقوبتها وعلاجها بدءا بأشدها خطرا وفتكا على البشر، فأول ما ذكر فاحشة الزنا ثم اللواط حيث هما أكثر الفواحش التي يوقع الشيطان فيها كثيرا ممن تساهلوا وفرطوا ولم يلتزموا بالتعاليم الإسلامية، ونظرا لما يبثه الغرب من سموم الفاحشة التي تؤثر على شباب المسلمين، فلعل الله تعالى أن ينفع به، وأسأله سبحانه وتعالى الإخلاص والقبول إنه خير مرتجى وأكرم مسؤول. المؤلف جمال بن عبد الرحمن بن إسماعيل

شكر وعرفان

[شكر وعرفان] شكر وعرفان يقول رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» (¬1) ومن هذا المنطلق القويم فإني أتوجه - بعد شكر الله تعالى - بالشكر والدعاء لكل من ساهم بجهد في هذا الكتاب، ومن أسبق من عاونني أثناء تأليفه: 1 - الرائد سعد بن سليمان العكوز - حفظه الله - مدير الشئون الدينية بشرطة العاصمة المقدسة بمكة الكرمة، وكان له توجيهات رشيدة وآراء سديدة ومتابعة دائمة لتطور الكتاب، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين. 2 - الأخ الفاضل الطبيب / أحمد عبد الحميد ندا ¬

(¬1) حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي وغيره.

- حفظه الله - أخصائي الأمراض التناسلية والمسالك البولية بمستشفى أجياد بمكة المكرمة، وقد أمد الكتاب بتقريره الطبي الموفق عن الأمراض التي تسببها الفواحش. ثم أوجه الشكر الجزيل والاعتراف بالجميل لأصحاب الفضيلة العلماء الذين تكرموا وتفضلوا بمراجعة الكتاب وتنقيحه وتهذيبه وتصحيحه، وهم بترتيب تداولهم للكتاب: 1 - الداعية الإسلامي فضيلة الشيخ سعيد بن مسفر القحطاني - حفظه الله -. 2 - فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم إمام وخطيب المسجد الحرام - حفظه الله تعالى -، وقد راجع الكتاب في أحرج أوقاته انشغالا في شهر رمضان من عام 1417 هـ.

3 - فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين الرئيس العام لجماعة أنصار السنة المحمدية بمصر، وكان يؤدي العمرة في رمضان من نفس العام، ورأى الكتاب فتصفحه، وكانت فرصة لمراجعته، ونعم ما أسدى من نصح، وما أهدى من إرشاد، - حفظه الله تعالى - غفر الله لهم جميعا، وشَكَر لهم جميعا وحفظهم وأيدهم، وبعونه أمدهم، وجعلهم مباركين أينما كانوا؛ دعاة للهدى وأئمة لأهل التقى. 4 - الأستاذ أبو عبد الرحمن أحمد بن محمد آل خليفة بدار طيبة بمكة المكرمة لجهده المشكور في نشر هذا الكتاب. والحمد لله رب العالمين. .

الفصل الأول جريمة الزنا

[الفصل الأول جريمة الزنا] [الفساد الناتج عن الزنا] الفصل الأول: جريمة الزنا لقد دعا الإسلام الحنيف إلى الزواج ورغب فيه؛ لأنه هو أسلم طريقة لتصريف الغريزة الجنسية وهو الوسيلة المثلى لإخراج سلالة يقوم على تربيتها الزوجان ويتعهدانها بالرعاية، وغرس عواطف الحب والود والطيبة، والرحمة والنزاهة، والشرف والإباء، وعزة النفس، ولكي تستطيع هذه السلالة أن تنهض بتبعاتها وتسهم بجهودها في ترقية الحياة وإعلائها، وكما وضع الإسلام الطريقة المثلى لتصريف الغريزة منع في المقابل تصريفها في غير الطريق المشروع، فلذلك حرم الله تعالى مجرد الاقتراب من الزنا لأنه فاحشة وسبيل سيئ فقال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]

[الإسراء: 32] . قال العلماء: " ذلك أبلغ من أن يقول ولا تزنوا فإن معناه لا تدنوا من الزنى " (¬1) . * الفساد الناتج عن الزنا: وإن ممارسة هذه الجريمة وشيوعها لَيَتْرُكُ آثارا وأضرارا تشيب منها الرؤوس وتقشعر منها الأبدان، وأول هذه الأضرار: 1 - تدنيس العرض والشرف ونزع شعار الطهر والعفاف والفضيلة وتلطيخ فاعله بالعار والشنار. 2 - يكسو صاحبه ثوب المقت بين الناس. 3 - يشتت القلب ويمرضه إن لم يمته. 4 - يفسد نظام البيت ويهز كيان الأسرة ويقطع العلاقة الزوجية، ويعرض الأولاد لسوء التربية مما ¬

(¬1) تفسير القرطبي ج 10 وص 253.

يتسبب عنه التشرد والانحراف والجريمة. 5 - وفي الزنا ضياع الأنساب واختلاطها وتمليك الأموال لغير أصحابها عند التوارث، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن يخلط النسب حينما أراد رجل أن يطأ جارية وكانت حاملا فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له، كيف يستخدمه وهو لا يحل له» (¬1) قال ابن القيم - رحمه الله -: " يعني إن استلحقه وشركه في ميراثه لا يحل له لأنه ليس بولده، وإن أخذه مملوكا يستخدمه لم يحل له لأنه قد شرك فيه لكون الماء يزيد في الولد " (¬2) قال: " وفي هذا دلالة ظاهرة على تحريم نكاح الحامل " (¬3) . . انتهى. ¬

(¬1) الحديث أخرجه مسلم (1441) في النكاح، باب تحريم وطء الحامل المسببة. (¬2) زاد المعاد: ج 5 وص 155. (¬3) زاد المعاد: ج 5 وص 155.

فإذا كان نكاح الحامل محرما سواء كانت حرة فتزوجها، أو من السبايا فوطأها؛ فما بالك إذا زاد الطين بلا فزنى، والزاني لا يُفَتِّشُ فيمن يزني بها، وهي إما أن تحمل منه فتدخل على قومها من ليس منهم، وإما أن تكون حاملا فماء الزاني يزيد في ولدها، وإما لا يُعْلَم أَمِنْ زوجها الحمل أم من غيره، ومن هنا تختلط الأنساب والنُّطَف. وفي الحديث: «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين» (¬1) . 6 - الزنا علاقة مؤقتة لا مسؤولية بعدها، لذا فهي عملية حيوانية بحتة ينأى عنها الإنسان الشريف. 7 - والزنا أحد أسباب جريمة القتل فقد لا يجد ¬

(¬1) رواه البخاري، فتح الباري 8 / 45.

الغيور على عرضه وسيلة يغسل بها العار الذي لحقه ولحق أهله إلا سفك الدم. 8 - يحطم المجتمعات ويفكك روابطها ويكثر فيها اللقطاء والضائعون حيثما يولد الولد وهو لا يدري أباه ولا أمه. 9 - الزنا يجلب الهم والحزن والخوف ويجعل الزانية والزاني بين خطرين، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها ونكست رؤوسهم، فإن حملت من الزنا وقتلت ولدها جمعت بين جريمتي الزنا والقتل، وإن أمسكته أضافت إلى زوجها غير ولده. 10 - ظهور الزنا من أمارات خراب العالم، فقد ورد في الصحيحين من خطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف أنه قال: «يا أمة محمد، والله إنه لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو

تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ثم رفع يديه وقال: اللهم هل بلغت؟» قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: " وفي ذكر هذه الكبيرة بخصوصها عقب صلاة الكسوف سر بديع لمن تأمله، وظهور الزنا من أمارات خراب العالم " (¬1) . إذًا تغير حال الشمس وذهاب ضوئها بالكسوف علامة من علامات تغير الحال من الأحسن إلى الأسوأ وقد يكون بسبب المعاصي والذنوب، لذلك أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا المعنى في صلاة الكسوف. 11 - الزنا سبب مباشر في الأمراض الخطيرة التي تفتك بالبدن وتنتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء وأبناء الأبناء، وسيأتي تقرير مفصل في نهاية الكتاب عن هذه الأمراض. 12 - الزنا يستجلب غضب الله ويستمطر عذابه، ¬

(¬1) الجواب الكافي ص 186.

فقد جرت سنة الله تعالى أنه عند ظهور الفواحش يغضب الله سبحانه وتعالى ويشتد غضبه، وفي عصرنا فتح كل باب إلى الفاحشة، وسهل الشيطان الطريق بمكره ومكر أوليائه، واتبعه العصاة والفجرة ففشا التبرج والسفور وعم انفلات البصر والنظر المحرم إلا من شاء الله، وانتشر الاختلاط وراجت مجلات الخنا وأفلام الدعارة والفحش، وكثر السفر إلى بلاد الفجور والفسق والإلحاد والكفر والعري والإباحية، وقام سوق تجارة الدعارة، وكثر انتهاك الأعراض بالاغتصاب أو بالتراضي، وازداد عدد أولاد الحرام وحالات قتل الأجنة، وهذا كله من دواعي غضب الله تعالى ومقته وعذابه، فإذا غضب سبحانه فإن غضبه لا بد أن يؤثر في الأرض عقوبة، قال عبد الله بن مسعود: " ما ظهر الزنا في قرية إلا أذن الله بهلاكها ".

الحيوانات تأبى الزنا وترفضه

13 - كذلك فإن الزنا من الفتنة والبلاء الذي هو من أشراط الساعة، وذلك كما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: لأحدثنكم حديثا لا يحدثكموه أحد بعدي سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن من أشراط الساعة أن يُرفع العلم ويظهر الجهل ويُشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد» . [الحيوانات تأبى الزنا وترفضه] الحيوانات تأبى الزنا وترفضه: قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] فأخبر تعالى عن فحش الزنا في نفسه وهو القبيح الذي قد تناهى قبحه حتى استقر في العقول فحشه، حتى عند كثير من الحيوان. فلو نظر المرء منا إلى حيوان ضعيف أليف وديع

مثل الحمام فإنه يجد أن أنثى الحمام لا تسمح لغير ذكرها أن يعلوها وكذلك لا يسمح ذكرها لغيره أن يمتطيها، بل لا يفكر أصلا أي ذكر أن ينزو على غير أليفته؛ بما فطره الله عليه فحافظ على هذه الفطرة بلا اختلال، فأين الشهامة يا رجال. .؟ ! ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي قال: " رأيت في الجاهلية قردا زنى بقردة، فاجتمع القرود عليهما فرجموهما حتى ماتا". فليتعلم أهل الإباحة من القرود وسائر الحيوانات إن لم يتعلموا من شرع الله، ليتعظ الذين تأثروا بالغرب وانسلخوا من هويتهم الإسلامية ورأوا في حدود الله وعقوباته - بزعمهم - شيئا من الشدة والقسوة لا تتفق مع روح العصر، وتعارض الحرية الشخصية وخاصة حرية المرأة التي أطلقها الغرب باسم التحرر والمساواة وتحت شعار الديموقراطية التي قررها لها القانون.

إلى هؤلاء الذين جعلوا الزنا حين يكون بالتراضي فلا جناح عليه ولا غبار إلا إذا كان إكراها أو اغتصابا، فالزنا في نظر الغربيين ليس جريمة وإن كان عيبا، فإذا زنى الرجل البكر بامرأة بكر فإن فعلهما ليس بفاحشة مستلزمة للعقوبة إلا إذا كان ذلك بالإكراه فإنه يعاقب للإكراه بعقوبة خفيفة، وأما إذا زنى بامرأة متزوجة فللزوج أن يطالبه بتعويض مالي لأنه أفسد عليه زوجته. بئست النظرة وبئست العقيدة وبئس من ساروا وراء الغرب يلهثون خلفهم ويتبعون سننهم حذو القذة بالقذة، شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه خلفهم، وهل بقيت مسحة خير أو حياء أودين فيمن يلهث وراء المفسدين العابثين ويعرض عن شرع العزيز الحكيم؟

فعل الفواحش سلف ودين

[فعل الفواحش سلف ودين] فعل الفواحش سلف ودين أرأيت الذي يأتي الفواحش ويطلق العنان لشهواته في بنات الناس وأولادهم ونسائهم يكون في معزل ومأمن من عقوبة الله تعالى له من جنس عمله؛ فيرتد فعله على أهله وولده؟ وهو بالطبع آخِرُ من يعلم ثم يصير حديث الناس والمجالس وهو لا يعلم وقد خرب بيته وتنجست أركانه وهو لا يعلم. فليحافظ المتهور الذي لا يبالي بالعواقب على عرضه وبيته أن يكون نهبة لكل لاهث وهو لا يدري، وصدق الإمام الشافعي - رحمه الله - حين قال: عِفُّوا تَعفُّ نِسَاؤُكْمْ في المحْرَمِ ... وَتَجَنَّبُوا مَا لا يَلِيقُ بمُسْلمِ إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ ... كَانَ الْوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ مَنْ يَزْنِ يُزْنَ به وَلَوْ بِجِدَارِهِ ... إِنْ كُنْتَ يَا هَذَا لَبِيبًا فَافْهَمِ

وهذه قصة حدثت حول هذا المعنى وهي قصة الرجل الساقي مع امرأة الصائغ: " حكي أن رَجُلا سَقَّاء بمدينة بخارَى كان يحمل الماء إلى دار صائغ مدة ثلاثين سنة، وكان لذلك الصائغ زوجة صالحة في نهاية الحسن والبهاء، فجاء السقاء يوما على عادته وأخذ بيدها وعرّها - أي مسها بشهوة - فلما جاء زوجها من السوق قال: ما فعلت اليوم خلاف رضا الله تعالى؟ فقال: ما صنعت شيئا، فأَلَحَّت عليه، فقال: جاءت امرأة إلى دكاني وكان عندي سوار فوضعته في ساعدها فأعجبني بياضها فعصرتها، فقالت: الله أكبر هذه حكمة خيانة السقَّاء اليوم، فقال الصائغ: أيتها المرأة إني تبت فاجعليني في حل فلما كان الغد جاء

السقاء وقال يا صاحبة المنزل اجعليني في حل فإن الشيطان قد أضلَّني، فقالت امْضِ فإن الخطأ لم يكن إلا من الشيخ الذي في الدكان، فإنه لما غيَّر حاله مع الله بمس الأجنبية غيَّر الله حاله معه بمس الأجنبي زوجته " (¬1) . وقصة أخرى: فلما قيل لبعض الملوك إن الزنى يؤخذ بمثله من ذرية الزاني فأراد تجربته بابنة له وكانت في غاية الحسن فأنزلها مع امرأة وأمرها ألا تمنع أحدا أراد التعرض لها بأي شيء شاء، وأمرها بكشف وجهها، فطافت بها في الأسواق فما مرت على أحد إلا وأطرق حياء وخجلا منها، فلما طافت بها المدينة كلها ولم يمد أحد نظره إليها رجعت إلى دار الملك، فلما أرادت الدخول أمسكها إنسان وقبلها ثم ذهب عنها، فأدخلتها المرأة على الملك وذكرت ¬

(¬1) تفسير روح البيان للبروسوي.

له القصة فسجد شاكرا وقال: الحمد لله تعالى، ما وقع مني في عمري قط إلا قبلة لأجنبية وقد قوصصت بها الآن، أي وقع القصاص به في ابنته (¬1) . والقصة وإن كانت ليست محلا للقدوة - فلو سأل ربه العافية لكان أوسع له - لكنها يؤخذ منها عبرة، فهل يُصدِّق الآن من يزني أن بيته مصاب لا محالة؟ ! ! ويزداد الأمر قبحًا وفحشًا إذا استمر الزاني في زناه مع كبر سنه وشيب شعره واقترابه من القبر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم، شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر» (¬2) فمن يزكيهم وينظر إليهم بعين الرحمة إذا لم يفعل الله ذلك؟ ! ! أيها الزاني: هل تعلم لماذا أنت منغمس في الزنا ¬

(¬1) رواه المعاني للألوسي ج 15 ص 68. (¬2) رواه مسلم من حديث أبي هريرة ج 1، ص 102.

مكثر منه؟ إنه بسبب موت الغيرة عندك على نسائك فلا تبالي بهن، وأنت قد استغنيت بالأجنبية الحرام عن امرأتك الحلال، فأصبحت ترى امرأتك تتزين ولا حاجة لك بها، ولا تشعر بالإقبال عليها كما تقبل على غيرها، فصارت تتزين هذه المرة ولكن ليس لك، وتخرج من بيتك ليلا ونهارا وتركب مع أي سائق وتذهب إلى حيث لا تعلم أنت، وتدخل على أي خياط وأي طبيب بدعوى العلاج، فهي ترى رجالا أجمل منك وأقوى منك وأحلى كلاما منك، فهذا يحادثها وذاك يسامرها وآخر يغازلها وكثيرا ما تمتد إليها الأيدي الخائنة، وهي ليست حجرا وإنما هي تشتهي من الرجال غيرك مثلما اشتهيته أنت من النساء غيرها، فهل سترد الدَّيْن أيها الزاني؟ ! أيها الزاني ببنات الناس ونسائهم أفتحبه لأمك؟

اقتران الزنا بالشرك

أفتحبه لابنتك؟ أفتحبه لأختك؟ أفتحبه لعمتك؟ أفتحبه لخالتك؟ طبعا لا! ! فكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم ولا لبناتهم ولا لأخواتهم ولا لعماتهم ولا لخالاتهم. فإذا كنت لا تحبه لقرابتك فَلِمَ رضيت أن يُزْنَى بقرابتك بزناك قَرَابة الناس؟ إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ ... كَانَ الْوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ [اقتران الزنا بالشرك] اقتران الزنا بالشرك: قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -: " ولا أعلم بعد قتل النفس شيئا أعظم من الزنا ". وقد أكد سبحانه حرمته بقوله:

اقتران الزاني بالمشركة وبالزانية

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا - يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا - إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 68 - 70] فقرن الزنا بالشرك وقتل النفس وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف ما لم يرفع العبد موجب ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح (¬1) . [اقتران الزاني بالمشركة وبالزانية] اقتران الزاني بالمشركة وبالزانية: معلوم أن الله تعالى قال: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3] ¬

(¬1) ويتضح اقتران الزنى والقتل بالشرك أيضا في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الذنب أعظم فقال: " أن تجعل الله ندا وهو خلقك ". قلت: ثم أي؟ قال: " أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك "، قلت: ثم أي؟ قال: " أن تزاني حليلة جارك أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

[النور: 3] . والمعنى أن الزاني لا ينبغي له أن يتزوج إلا زانية مشركة ولا يقترن بالعفيفة الشريفة الطيبة {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: 26] فيقع الزاني على من هي مثله وتقع الزانية على من هو مثلها زان أو مشرك، فاقتران الزاني بالمشركة والزانية بالمشرك إشارة إلى عظيم خطر الزنا وكبير ضرره. قال العلامة الألوسي في قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً} [النور: 3] " وفي هذا كله تقبيح أشد تقبيح لأمر الزاني بيان أنه مقابل رصا بالزنا لا يليق أن ينكح العفيفة المؤمنة، والزانية بعد أن رضيت بالزنا لا يليق أن ينكحها إلا من هو مثلها وهو الزاني أو من أشد حالا منها وهو المشرك، فأما المسلم العفيف فَأسَدُ

حد الزنا وشدة نكاله من بين سائر الحدود

غيرته يأبى ورود جفرتها " (¬1) . . اهـ. وَتَجْتَنِبُ الأُسُودُ وُرُودَ ماءٍ ... إِذَا كَانَ الكِلابُ وَلَغْنَ فِيهِ [حد الزنا وشدة نكاله من بين سائر الحدود] حد الزنا وشدة نكاله من بين سائر الحدود: وقد خص الله سبحانه حد الزنى من بين الحدود بثلاث خصائص: الأولى: القتل فيه بأشنع القتلات في حالة الزاني المحصن، وعندما يكون جلدا - أي للزاني غير المحصن - فقد جمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة. جاء في الصحيحين: «أن أعرابيا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن ابني كان عسيفا (أجيرا) على هذا فزنى بامرأته وإني أُخبرت أن على ابني الرجم ¬

(¬1) روح المعاني للألوسي: ج 18، ص 84.

فافتديت منه بمائة شاة ووليدة (جارية) ، فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني (جلد مائة وتغريب عام) وأن على امرأة هذا الرجل الرجم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، وَاغْدُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها "، فغدا عليها فاعترفت فأمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجمت» . الثانية: نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن تأخذهم بالزناة رأفة في دين الله عند إقامة الحد، قال تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] الثالثة: أنه سبحانه أوجب عليهما الفضيحة رغم أنه تعالى " سِتِّير " يحب الستر وعفو يحب العفو، لكن لقبح الزنا وبشاعته أوجب ذلك ردعًا للغير،

شدة معاناة المرجوم دليل على عظم ما اقترفت يداه

فأمر أن يكون الحد بمشهد من المؤمنين، ولا يكون في خلوة بحيث لا يراهما أحد، وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر، {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] وحدُّ الثيب مشتق من عقوبة الله تعالى لقوم لوط بالإمطار بالحجارة وذلك لاشتراك الزنا واللواط في الفحش، ونعوذ بالله من ذلك. [شدة معاناة المرجوم دليل على عظم ما اقترفت يداه] شدة معاناة المرجوم دليل على عظم ما اقترفت يداه: انظر هداني الله وإياك إلى حالة من يوضع على سمع الناس وبصرهم يشاهده المقيم والزائر والبر والفاجر، بل ويساهم كل الحضور في التنكيل به، فيحمل كل واحد ما جمع من أحجار ويرمي به ذلك المرجوم في المكان الذي يختاره، ومن رأسه وعينيه التي أبصرت ما حرم الله ورسوله، وأنفه الذي شم عطر الزانية وريحها، وشفتيه التي قبلت شريكته في

الفاحشة، وبدنه التي احتضنها وتلذذ بضمها إليه، ويديه التي لمست وتحسست وتلذذت، إن كل هذا البدن وكل هذه الجوارح التي سعدت وتلذذت، ها هي الآن ترجم وتلقى العذاب الأليم، وتستقبل مكان كل قبلة حجرا بلا هوادة ولا رأفة، ولا شفقة أو رحمة. وها هو الوجه الذي لم يستح من الله وقد بدا الآن شاحب اللون قد استحى أن يواجه الناس خزيا إنه - والله - لمشهد رهيب تشخص إليه العيون، وتخفق منه الأفئدة، إنه الوبال والنكال والعار والشنار {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] وأنت يا من ستر الله عليك جريمتك حدِّث نفسك وقل لها: يا نفس أما تستحين، أما تخجلين، وماذا ستقولين لرب العالمين؟ معيشتك يا نفس على الأرض حرام، طعامك وشرابك وأنفاسك عليك

أعظم الزنا وأشده

حرام، يا نفس أنت الآن في حكم المقتول الذي حكم عليه بالإعدام لكنه أفلت، فإن كنت قد أَفْلَتِّ يا نفس من الإعدام والفضيحة فماذا ستفعلين أمام من لا تخفى عليه خافية، إن أجل عذابك وفضيحتك إلى يوم تبدو فيه الفضائح والقبائح والمخازي بين الأنام؟ ! [أعظم الزنا وأشده] أعظم الزنا وأشده: قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: وأعظم أنواع الزنا أن يزني بحليلة جاره، فإن مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما ينتهكه من الحرمة، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما وعقوبة من التي لا زوج لها إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه، وتعليق نسب غيره عليه، وغير ذلك من أنواع أذاه، فهو أعظم إثمًا وجرمًا من الزنا بغير ذات البعل. فإن كان زوجها

جارا له، انضاف إلى ذلك سوء الجوار (¬1) . وقد مر بك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل: أي الذنب أعظم فذكر الشرك ثم القتل ثم الزنا بحليلة الجار، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» (¬2) . ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأته فإن كان الجار أخًا أو قريبًا من أقاربه انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم، فإن كان الجار غائبا في طاعة الله كالصلاة وطلب العلم والجهاد تضاعف الإثم. حتى إن الزاني بامرأة الغازي في سبيل الله يوقف له يوم القيامة ويقال خذ من حسناته ما شئت، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما ظنكم؟» أن يترك له من حسنات قد ¬

(¬1) أورد ذلك صاحب موارد الضمان: ج 5 وص 108. (¬2) أخرجه البخاري بلفظ: " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه ".

حُكِّمَ في أن يأخذ منها ما شاء على شدة الحاجة إلى حسنة واحدة حيث لا يترك الأب لابنه ولا الصديق لصديقه حقا يجب عليه. فإذا اتفق أن تكون المرأة حليلة جاره رَحِمًا منه انضم إلى ذلك قطيعة رحمها، فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا، كان الإثم أعظم، فإن كان شيخا كان أعظم إثما وهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم فإن اقترن وقوعه في شهر حرام، أو بلد حرام أو وقت معظم عند الله كأوقات الصلوات وأوقات الإجابة تضاعف الإثم والعقوبة، والله المستعان (¬1) . ¬

(¬1) موارد الظمآن: ج 5، ص 109. والحديث أخرجه مسلم عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، ما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة فيأخذ من حسناته ما شاء حتى يرضى "، ثم التفت إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " ما ظنكم "؟ .

زنا المحارم وعقوبته

جاء في تفسير روح البيان للبروسوي الاستنابولي: " وأشد الزنى الرجل يطلق امرأته وهو يقيم معها بالحرام ولا يقر عند الناس مخافة الفضيحة فكيف لا يخاف فضيحة الآخرة يوم تبلى السرائر يعني تظهر الأسرار، فاحذر فضيحة ذلك اليوم واجتنب الزنا ولا تصر عليه فإنه لا طاقة لك على عذاب الله. وتب إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده {إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 16] (¬1) [النساء: 16] . [زنا المحارم وعقوبته] زنا المحارم وعقوبته: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وقع على ذات محرم فاقتلوه» (¬2) . ¬

(¬1) تفسير روح البيان للبروسوي. (¬2) أخرجه ابن ماجه (2564) في الحدود وفي سنده إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصاري وهو ضعيف، لكن يشهد له حديث ابن أبي خيثمة في تاريخه من حديث معاوية بن قرة عن أبيه عن جده - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى رجل أعرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله " قال يحيى بن معين هذا حديث صحيح.

ورفع إلى الحجاج رجل اغتصب أخته على نفسها فقال: احبسوه وسلوا من هاهنا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألوا عبد الله بن مطرف فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من تخطى حرم المؤمنين فخطوا وسطه بالسيف» (¬1) وفيه دليل على القتل بالتوسيط وهذا دليل مستقل في المسألة وأن من لا يباح وطؤه بحال فحد وطئه القتل، دليله من وقع على أمه أو ابنته، كذلك يقال في وطء ذوات المحارم ووطء من لا يباح له وطؤه بحال، فكان حده القتل كاللوطي. وقد اتفق المسلمون على أن من زنى بذات محرمه فعليه الحد، وإنما اختلفوا في صفة الحد هل هو القتل بكل حال أو حده حد الزاني (¬2) . ¬

(¬1) أورده الهيثمي في " المجمع " 6 / 269، وقال: رواه الطبراني، وفيه رفدة بن قضاعة، وثقه هشام بن عمار، وضعفه الجمهور. (¬2) الجواب الكافي: ص 199 - 200.

هل من توبة

ومعلوم أن المحارم كل من يحرم على الرجل الزواج منها حرمة أبدية لا يحللها شيء. [هل من توبة] [أولا قصة ماعز الأسلمي] هل من توبة؟ سبحان من يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار. قال العبد المذنب الذليل: يا رب هل من توبة ... تمحو الخطايا والذنوب قال الله التواب الجليل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82] وقال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70]

ولكي يكون الأمر جليا نذكر قصتين عن توبة من ابتلي بالوقوع في هذه الفاحشة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لنرى كيف كانت التوبة فيهما، وهل قبلت أم لا؟ . أولا: قصة ماعز الأسلمي: وهي عند أبي داود من طريق نعيم بن هزال قال: «كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي: أئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك ورجاء أن يكون لك مخرج، فأتاه فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأقم علي كتاب الله» وفي لفظ البخاري من حديث أبي هريرة «فناداه يا رسول الله إني زنيت، يريد نفسه، فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله، فقال يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه فجاء لشق وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي

- صلى الله عليه وسلم - فقال: " أبك جنون؟ " قال: لا يا رسول الله، فقال: " أحصنت؟ " قال: نعم يا رسول الله، قال: " اذهبوا فارجموه» وفي حديث ابن عباس عند البخاري أيضا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت» وفي رواية أبي هريرة المذكورة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله باللفظ الصريح الذي معناه الجماع (. . .؟) قال: نعم، قال: «حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ " قال: نعم، قال: " كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ " قال: نعم، قال: " أتدري ما الزنا؟ " قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا، قال: " فماذا تريد بهذا القول؟ " قال: تطهرني، فأمر به فرجم» وعند أبي داود من حديث جابر بن عبد الله قال: كنت فيمن رجم الرجل، إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجد مس الحجارة صرخ بنا: يا قوم ردوني إلى

رسول الله فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي وأخبروني أن رسول الله غير قاتلي، فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما رجعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرناه قال - صلى الله عليه وسلم -: «فهلا تركتموه وجئتموني به» ليستثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأما لترك حد فلا. وفي رواية له أيضا عن أبي هريرة قال: «فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجم، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين من أصحابه يقوله أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسكت عنهما - صلى الله عليه وسلم - ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله، فقال: " أين فلان وفلان " فقالا: نحن ذان يا رسول الله، فقال: " انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار " فقالا: يا نبي الله من يأكل هذا، قال: " فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس

فيها» . الله أكبر! ما أجمل التوبة الصادقة النصوح ولو كان ثمنها قتل النفس، وإنها للحظات ثم ينغمس في أنهار الجنة، وصحيح أن الرجم عذاب ولكنه يطهر كما قال ماعز للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ". . فطهرني " فالتطهير في الدنيا يقي عذاب الآخرة {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [القلم: 33] جاء في حديث عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «ومن أصاب من ذلك شيئا - أي من السرقة والزنى والقتل وغيره - فعوقب به - أي في الدنيا - فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه» (¬1) فهل يدري من مات ولم يحد إلى أي مشيئة سيصير؟ ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم وأحمد.

ثانيا قصة الغامدية

[ثانيا قصة الغامدية] ثانيا: قصة الغامدية: وروى مسلم في صحيحه عن بريدة «أن امرأة تسمى الغامدية جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله إني زنيت فطهرني فردها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله لم تردني؟ لعلك تردني كما رددت ماعزا؟ فوالله إني لحبلى، فقال: " إما لا (¬1) فاذهبي حتى تلدي " فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت: هذا قد ولدته، قال: " اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه " فلما فطمته أتت بالصبي في يده كسرة خبز فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضخ الدم على ¬

(¬1) إما لا: معناه إذا أبيت أن تستري على نفسك وتتوبي وترجعي عن قولك فاذهبي حتى تلدي، فترجمين بعد ذلك.

وجه خالد فسبها، فسمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - سبه إياها فقال: " مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس (¬1) لغفر له ثم أمر بها فصلي عليها ودفنت» (¬2) . أيها المسرف على نفسك: أما آن لك أن تتوب فيتوب عليك غفار الذنوب؟ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ - وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ - أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ - أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ - أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ - بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [الزمر: 53 - 59] ¬

(¬1) صاحب مكس: قال ابن الأثير: المكس: الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار، والمماكسة في البيع: انتقاص الثمن واستحطاطه، النهاية في غريب الحديث. (¬2) رواه مسلم وأصحاب السنن.

[الزمر: 53 - 59] .

الفصل الثاني جريمة اللواط

[الفصل الثاني جريمة اللواط] [فظاعة اللواط وعظيم فحشه وقبحه] الفصل الثاني: جريمة اللواط جريمة اللواط من أشنع الجرائم وأقبحها وهي تدل على انحراف في الفطرة وفساد في العقل وشذوذ في النفس. ومعنى اللواط: أن ينكح الرجل الرجل، ويأتي الذكر الذكر، كما قال تعالى عن قوم لوط: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ - وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشعراء: 165 - 166] وسميت باللواط نسبة إلى قوم (لوط) - عليه السلام - الذين ظهرت فيهم هذه الفعلة الشنيعة التي لا يفعلها إلا من انطمست بصيرته واسودّت سريرته وانقلبت فطرته التي فطر الله الناس عليها، وصار

مثله كمثل من آتاه الله ورزقه لحما طيبا نضيجا شهيا فصار يعرض عنه ويبحث عن اللحم النيئ المنتن العفن ويأكل منه، ورضي لنفسه أن يغوص في أوحال القذر والوسخ والخراءة وبئست النجاسة، حقا إنها الفطرة المنكوسة والطبيعة المعكوسة والنفس الشريرة الخبيثة، ثم إن المفعول به هذه الفعلة الحقيرة قد حصَّل من المفاسد ما يفوق الحصر والتعداد، قال ابن القيم - رحمه الله -: (ولأن يُقتل المفعول به خير له من أن يؤتى (يلاط به) فإنه يفسد فسادا لا يُرجى بعده صلاح أبدًا، ويذهب خيره كله، وتمص الأرض ماء الحياء من وجهه، فلا يستحيي بعد ذلك من الله ولا من خلقه وتعمل في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في البدن) (¬1) . . اهـ. وقد قال العلماء أنه - أي المفعول به فعل قوم لوط - ¬

(¬1) الجواب الكافي: ص 188.

شر من ولد الزنا وأخبث وأقبح، وهو جدير ألا يوفق لخير، وأن يحال بينه وبينه، وكلما عمل خيرا قيض الله له ما يفسده عقوبة له، ولا يوفق إلى علم نافع ولا عمل صالح ولا توبة نصوح إلا أن يشاء الله شيئا. فظاعة اللواط وعظيم فحشه وقبحه: هذه الجريمة النكراء غاية في القبح والشناعة، تعافها حتى الحيوانات، فلا نكاد نجد حيوانا من الذكور ينزو على ذكر؛ وإنما يظهر هذا الشذوذ بين البشر الذين تفسد منهم العقول حيث يستخدمونها في استجلاب الشر وتوسيع دائرته ورقعته. ومما يظهر فظاعة اللواط وعظيم فحشه أن الله تعالى سمى الزنا (فاحشة) ، وسمى اللواط (الفاحشة) ، والفرق بين التسميتين عظيم، فكلمة فاحشة بدون الألف واللام نكرة، ويعني ذلك أن الزنا فاحشة من

الفواحش، لكن عند دخول الألف واللام عليها فتصير معرفة ويكون حينئذ لفظ (الفاحشة) جامعا لمعاني اسم الفاحشة، ومعبرا عنها بكل ما فيها من معنى قبيح لذلك فإن قوله تعالى: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80] يعني تأتون الخصلة التي استقر فحشها وخبثها عند كل أحد من الناس. لكنه - جل وعلا - قال عن الزنا: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] فاستحق وصف الزنا أنه فاحشة من الفواحش واستحق وصف اللواط أنه الفاحشة (المعروفة المعرفة) ، ويمكن القول أيضا أن الزنا طرفاه الرجل والمرأة، حيث يوجد الميل الفطري الغريزي بينهما، وجاء الإسلام ليهذب هذا الميل ويحدد له حدوده الشرعية ومصارفه الحقيقية، فأحل الإسلام النكاح

وحرم الزنا والسفاح، قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7] فأي علاقة بين الرجل والمرأة خارج هذا الإطار الشرعي هي الزنا، إذن فالعلاقة بين الرجل والمرأة هي نداء الفطرة بينهما ومصرفة إما في حلال وإما في حرام. لكن أن تكون بين الرجل والرجل، بين الذكر والذكر فهذا غير وارد على الفطرة ولم يحل الإسلام منه شيئا، لأنه ليس في الفطرة ولا الغريزة ميل الرجل إلى الرجل، فحين يحدث شيء من هذا فهو التجاوز لحدود الفطرة وحدود الطبيعة البشرية ومن ثم التجاوز لحدود الواحد الأحد {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80]

أوصاف أهل اللواط

ومما يهوّل أمر تلك الفاحشة: ما أخرجه ابن أبي الدنيا وغيره عن مجاهد - رحمه الله -: (أن الذي يعمل ذلك العمل لو اغتسل بكل قطرة من السماء وكل قطرة من الأرض لم يزل نجسا) ، وعن الفضيل بن عياض قال: (لو أن لوطيا اغتسل بكل قطرة من السماء لقي الله غير طاهر) إسناده حسن، أي أن الماء لا يزيل عنه ذلك الإثم العظيم الذي أبعده عن ربه، والمقصود تهويل أمر تلك الفاحشة (¬1) . [أوصاف أهل اللواط] أوصاف أهل اللواط: 1 - فطرتهم مقلوبة ومعكوسة عن الفطرة التي فطر الله عليها الرجال، وكذلك فإن طبيعتهم مغايرة للطبيعة البشرية التي ركبها الله تعالى في الذكور وهي اشتهاء النساء وليس الرجال. ¬

(¬1) روح المعاني للألوسي: ج 8 وص 172.

2 - لذتهم وسعادتهم في قضاء شهوتهم بين النجاسات والأوساخ والخراءة، وإلقاء ماء الحياة هنالك. 3 - هم دون الحيوانات حياء وطبيعة ونخوة؛ غريزية كانت أو مكتسبة. 4 - يظهر عليهم دائما الفكر والشرود والرغبة في الفاحشة كل لحظة لأن الرجال أمامهم في كل وقت كلما حلوا أو ارتحلوا أو خرجوا ودخلوا لا تغيب عنهم صور الرجال، فإذا رأى الواحد منهم طفلا أو شابا أو رجلا أراده فاعلا أو مفعولا به. 5 - وتجد أحدهم قليل الحياء قد مصت الأرض ماء الحياء من وجهه فلا يستحي من الله تعالى ولا من خلقه ومثل هذا لا فائدة فيه ولا خير منه. 6 - ليس فيه قوة الرجال ولا بأسهم ولا صرامتهم فهو ضعيف دائما أمام كل ذكر لأنه محتاج إليه. .

وغير ذلك مما قبح الله به تلك الوجوه التي شاهت وبالمقت باءت. 7 - وقد وصفهم الله تعالى بأنهم فساق وأهل سوء {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ} [الأنبياء: 74] 8 - وأنهم مسرفون {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} [الأعراف: 81] أي جاوزوا حد الله تعالى. 9 - وسماهم مفسدين في قول نبيهم {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ} [العنكبوت: 30] 10 - وسماهم سبحانه ظالمين {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ} [العنكبوت: 31] فتأمل إلى من وصفهم الله بهذه المواصفات وذمهم بتلك المذمات. . وهم أهل لها، فإنهم يرتكبون جريمة غريبة على الطباع والعقل والأذهان والغرائز

عذاب قوم لوط وعقوبتهم

حتى قال عبد الملك بن مروان: (لولا أن الله تعالى ذكر آل لوط في القرآن ما ظننت أن أحدا يفعل هذا) . [عذاب قوم لوط وعقوبتهم] عذاب قوم لوط وعقوبتهم: ذُكِرَ أن الله تعالى أمطرهم بالحجارة التي لم تدع حاضرا ولا غائبا إلا أتت عليه (. . . حتى إن تاجرا منهم كان في الحرم فوقفت له حجرا أربعين يوما حتى قضى تجارته وخرج من الحرم فوقع عليه. .) (¬1) . وشدة العذاب دليل على أن اللواطة من أعظم الفواحش كما دللت بذلك الآيات. وجاء في خبر أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - وصححه الحاكم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله تعالى سبعة من خلقه فوق سبع سماوات، فردّد لَعْنَهُ على واحد منها ثلاثا ولعن بعدُ كُلَّ واحد لعنة لعنة فقال ¬

(¬1) روح المعاني للألوسي 8، ص 172.

ملعون ملعون ملعون من عَمِلَ عَمَل قوم لوط. .» (¬1) الحديث، واللعن هو المقت والطرد من رحمة الله - عز وجل -، أعاذنا الله من ذلك. قال الشوكاني - رحمه الله تعالى - في نيل الأوطار باب الحدود: (وما أحق مرتكب هذه الجريمة ومقارف هذه الرذيلة الذميمة بأن يعاقب عقوبة يصير بها عبرة للمعتبرين، ويعذب تعذيبا يكسر شهوة الفسقة المتمردين، فحقيق بمن أتى بفاحشة قوم ما سبقهم بها من أحد من العالمين أن يصلى من العقوبة بما يكون في الشدة والشناعة مشبها لعقوبتهم. وقد خسف الله تعالى بهم واستأصل بذلك العذاب بكرهم وثيبهم) اهـ. وقد عاقب الله تعالى أهل هذه الجريمة النكراء بأقسى عقوبة ليكونوا عبرة لأسلافهم، وليس ما ¬

(¬1) المصدر السابق.

حدث للسلف ببعيد عن الخلف {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 83] فخسف الله تعالى بهم الأرض وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود. قال الجوهري: (حجارة من طين طبخت بنار جهنم مكتوب فيها أسماء القوم، ومعنى منضود: أي متتابع يتبع بعضه بعضا) (¬1) . كل هذا جزاء فعلتهم الشنيعة، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: (وإذا بديارهم قد اقتلعت من أصلها ورفعت نحو السماء حتى سمعت الملائكة نباح الكلاب ونهيق الحمير. . بأن قلبها عليهم كما أخبر به في محكم التنزيل فقال - عز من قائل -: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود: 82] ¬

(¬1) لسان العرب: مادة سجل.

فجعلهم الله آية للعالمين وموعظة للمتقين ونكالا وسلفا لمن شاركهم في أعمالهم من المجرمين، وجعل ديارهم بطريق السالكين: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ - وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ - إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 75 - 77] أخذهم على غرة وهم نائمون، وجاءهم بأسه وهم في سكرتهم يعمهون، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فقلبت تلك اللذات آلاما، فأصبحوا بها يعذبون - فصارت مآربهم العذبة الحلوة في الدنيا عذابا في الممات (¬1) . مآربُ كانت في الحياة لأهلِها. . ... عِذَابًا فَصَارَتْ في الممات عَذَابًا ذهبت اللذات وأعقبت الحسرات وانقضت ¬

(¬1) الجملة الاعتراضية من أسلوب المؤلف تمهيدا وشرحا لبيت الشعر.

الشهوات وأورثت الشقوات، تمتعوا قليلا وعذبوا طويلا. . . إلى أن قال: فلو رأيت الأعلى والأسفل من هذه الطائفة والنار تخرج من منافذ وجوههم وأبدانهم وهم بين أطباق الجحيم، وهم يشربون بدل لذيذ الشراب كؤوس الحميم، ويقال لهم وهم على وجوههم يسحبون ذوقوا ما كنتم تكسبون {اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: 16] ولقد قرب الله تعالى مسافة العذاب بين هذه الأمة - قوم لوط - وبين إخوانهم في العمل، فقال مخوفا لهم أن يقع الوعيد {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 83]

فيا ناكحي الذكران يهنيكمُ البشرَى ... فيوم معادِ الناسِ إِنَّ لكم أجرا كلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وأبشروا ... فإن لكم زفًّا إلى الجنةِ الحَمْرا فإخوانكم قد مهَّدوا الدارَ قبلَكم ... وقالوا إلينا عجِّلُوا لكم بُشرا وها نحنُ أسلافٌ لكم في انتظاركم ... سيجمعنا الجبارُ في نارِه الكُبْرى فلا تحسبوا أن الذين نَكَحْتُمُوا ... يغيبون عنكم بل ترونهم جَهْرا ويلعنُ كل منكما لخليلهِ ... ويشقَى به المحزون في الكَرَّةِ الأُخرى يُعَذَّب كُلٌّ منهما بشريكِهِ ... كما اشتركا في لذةٍ تُوجِبُ الوِزْرا

الجاهلية واللواط

انتهى كلام ابن القيم - رحمه الله تعالى - (الجواب الكافي ص 197 - 198) . إذن كان عذابهم: 1 - الإهلاك. 2 - قلب ديارهم عليهم. 3 - الخسف بهم. 4 - رجمهم بالحجارة الممطرة عليهم من السماء. 5 - التنكيل بهم نكالا لم ينكله الله تعالى بأمة سواهم وذلك لعظم مفسدة هذه الجريمة، فليحذر كل من سار في هذا الطريق المظلم وامتطى تلك المطية، ونعوذ بالله من ذلك. [الجاهلية واللواط] الجاهلية واللواط: والجاهلية التي يضرب بها المثال السيء في الحكم والعادات والتقاليد والمظاهر الاجتماعية وفي كل بلية كانت تعتبر اللواط معرة، فكانوا يقولون في

عقوبة وعذاب كل لوطي بعد قوم لوط

الذم (فلان مصفر إسته) (¬1) كناية عن أنه يلاط به. [عقوبة وعذاب كل لوطي بعد قوم لوط] عقوبة وعذاب كل لوطي بعد قوم لوط: نقل ابن القيم - رحمه الله تعالى - أن أصحاب رسول - صلى الله عليه وسلم - أطبقوا على قتله لم يختلف فيه منهم رجلان، وإنما اختلفت أقوالهم في صفة قتله. ونقل بعض الحنابلة إجماع الصحابة على أن حد اللواط القتل، واستدلوا بالحديث: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (¬2) وهذا الحديث رواه أهل السنن وصححه ابن حبان وغيره، واحتج به الإمام أحمد وإسناده على شرط الشيخين. واستدلوا كذلك بما رُوي عن عليّ - رضي الله عنه - أنه رجم من عمل هذا العمل، قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: وبهذا نأخذ برجم من يعمل هذا العمل محصنا ¬

(¬1) روح المعاني للألوسي: ج 8 ص 174. (¬2) رواه أهل السنن الأربعة وإسناده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح.

كان أو غير محصن. وأيضا بما ثبت عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلا ينكح كما تنكح المرأة فكتب إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فاستشار أبو بكر الصديق الصحابة - رضي الله عنهم - فكان علي بن أبي طالب أشدهم قولا فيه فقال: ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار، فكتب أبو بكر إلى خالد فحرقه. وقال عبد الله بن عباس: (ينظر إلى أعلى بناء في القرية فيرمى اللوطي منه منكبا ثم يتبع بالحجارة، وأخذ عبد الله بن عباس هذا الحد من عقوبة الله لقوم لوط، وابن عباس هو الذي روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (¬1) . ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد 1 / 300، وانظر صحيح الجامع: 6565.

إذن فمن قائل يحرق بالنار - ومن قائل يرجم بالحجارة - ومن قائل يلقى من أعلى شاهق ويتبع رجما بالحجارة - ومن قائل تحز رقبته وهو مروي عن أبي بكر وعلي - ومن قائل يهدم عليه جدار، وقد رجح العلامة الشوكاني مذهب قتل اللوطي وضعف ما سواه، وإنما ذكروا كل هذه الوسائل في قتله لأن الله تعالى عذب أسلافهم قوم لوط بكل ذلك {جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ - مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: 82 - 83] والمنضود هو المتتابع الذي يتبع بعضه بعضا كقطر المطر، والمسومة أي المعلمة لا تشبه حجارة الدنيا، أو معلمة باسم صاحبها الذي تصيبه ويرمى بها، وما ذلك العقاب إلا تناسب مع الجرم الفظيع القبيح، فليختر اللوطي ما شاء من وجوه القتل المتعددة

تحذير إلى اللوطي

هذه، ثم بعد قتله لا يدري ما الله فاعل فيه، فقد جاء أن: «أربعة يصبحون في غضب الله تعالى ويمسون في سخط الله، قال أبو هريرة: من هم يا رسول الله؟ قال: " المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجل» (¬1) . [تحذير إلى اللوطي] تحذير إلى اللوطي: وهذا التحذير لمن ابتلي بهذا الداء السام القتال، خاصة لمن ينتسب إلى الإسلام منهم نقول: (أولا) : اعلم - هداك الله - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط» (¬2) . ¬

(¬1) أخرجه الطبراني والبيهقي بسند فيه محمد بن سلام الخزاعي، لا يعرف عن أبيه عن أبي هريرة. قال البخاري: محمد بن سلام لا يتابع على حديثه، انظر ميزان الاعتدال للذهبي (3 / 567) . (¬2) أخرجه الطبراني في الأوسط والحاكم وقال صحيح الإسناد عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: ". . . ملعون من عمل عمل قوم لوط. . . " كررها ثلاثا، إلى آخر الحديث.

ثلاثا ولم يأت عنه - صلى الله عليه وسلم - لعنه الزاني ثلاث مرات في حديث واحد، وقد لعن جماعة من أهل الكبائر فلم يتجاوز بهم في اللعن مرة واحدة، وكرر لعن اللوطية وأكد ثلاث مرات كما ذكر ذلك ابن القيم في الجواب الكافي. (ثانيا) : احذر أن تتمكن تلك الفاحشة من قلبك فتفسده، تماما فلربما جرك ذلك إلى الكفر الصريح كما حدث لأخ لك من قبل في تلك الفاحشة، وهذه قصته التي نقلها ابن القيم في: (الجواب الكافي ص 191) أحكيها بأسلوبي: (يروى أن رجلا تعلق بشاب اسمه " أسلم " وتمكن حبه من قلبه وكان هذا الشاب يتمنع وينفر من ذلك الرجل حتى مرض ولزم الفراش، فتدخل وسطاء حتى أخذوا من الشاب موعدا بأن يعود الرجل،

ففرح الرجل فرحا شديدا وزال همه وألمه، وبينما هو في غمرة فرحة انتظاره جاءه الوسيط ثانية ليخبره أن الشاب جاء إلى بعض الطريق ورجع حتى لا يعرض نفسه للتهم بالدخول عندك، فلما سمع الرجل البائس ذلك علته الحسرة وجاءه من المرض نكسة، وبدت عليه علامات الموت وجعل ينشد مناديا الشاب " أسلم " ويقول: أسلم يا راحة العليل ... ويا شفاء المدنف (¬1) النحيل رضاك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل فقيل له اتق الله فقال " قد كان " ومات من ساعته، ونعوذ بالله من سوء الخاتمة وشؤم العاقبة. ¬

(¬1) المدنف: أي المريض مرضا ملازما حتى أثقله وأد نفه (مختار الصحاح 233 مادة دنف) .

فيا من ابتليت بهذا المرض؛ على أي شيء مات صاحبك؟ ! لقد بين ابن القيم - رحمه الله تعالى - أن هذا المرض وهذا العشق تارة يكون كفرًا كمن اتخذ معشوقه ندا يحبه كما يحب الله، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟ فهذا عشق لا يُغْفَرُ لصاحبه فإنه من أعظم الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به. . . إلى أن قال: وربما صرح العاشق منهم بأن وصل معشوقه أحب إليه من توحيد ربه كما قال العاشق الخبيث (¬1) وكما صرح الخبيث الآخر أن وصله أشهى إليه من رحمة ربه كما مر. ¬

(¬1) والمقصود بذلك هو المتنبي الشاعر يزعم أن ريق محبوبه أحلى من التوحيد، يقول: يترشفن من فمي رشفات ... هن في أحلى من التوحيد

تقرير طبي عن أضرار فاحشة اللواط

[تقرير طبي عن أضرار فاحشة اللواط] [الرغبة عن المرأة] تقرير طبي عن أضرار فاحشة اللواط قال الشيخ سيد سابق - رحمه الله (¬1) -: وإنما شدد الإسلام في عقوبة هذه الجريمة لآثارها السيئة وأضرارها على الفرد والجماعة، وهذه الأضرار نذكرها ملخصة من كتاب الإسلام والطب للدكتور محمد وصفي فيما يلي: 1 - الرغبة عن المرأة: من شأن اللواطة أن تصرف الرجل عن المرأة وقد يبلغ به الأمر إلى حد العجز عن مباشرتها، وبذلك تتعطل أهم وظيفة من وظائف الزواج، وهي إيجاد النسل. فلو قدر لمثل هذا الرجل أن يتزوج فإن زوجته ¬

(¬1) كتاب فقه السنة ج 2 ص 363 - 365 وقد اختصرت قليلا من التقرير.

التأثير على الأعصاب

تكون ضحية من الضحايا فلا تظفر بالسكن - أي السكينة - ولا بالمودة ولا بالرحمة التي هي دستور الحياة الزوجية فتقضي حياتها معه معذبة معلقة، لا هي متزوجة ولا مطلقة. [التأثير على الأعصاب] 2 - التأثير على الأعصاب: وإن هذه العادة تغزو النفس وتؤثر في الأعصاب تأثيرا خاصا أحد نتائجه الإصابة بالانعكاس النفسي في خلق الفرد فيشعر في صميم فؤاده أنه ما خلق ليكون رجلا، وينقلب الشعور إلى شذوذ، به ينعكس شعور اللائط انعكاسا غريبا، فيشعر بميل إلى بني جنسه وتتجه أفكاره الخبيثة إلى أعضائهم التناسلية. ولا يقتصر الأمر على إصابة اللائط بالانعكاس النفسي، بل هنالك ما تسببه هذه الفاحشة من إضعاف القوى النفسية الطبيعية في الشخص كذلك، وما تحدثه من جعله عرضة للإصابة بأمراض عصبية

التأثير في المخ

شاذة وعلل نفسية شائنة تفقده لذة الحياة، وتسلبه صفة الإنسانية والرجولة، فتحيي فيه لوثات وراثية خاصة، وتظهر عليه آفات عصبية كامنة تبديها هذه الفاحشة، وتدعو إلى تسلطها عليه. ومثل هذه الآفات العصبية النفسية: الأمراض السارية، والماسوشية، والفيتشزم. . وغيرها. [التأثير في المخ] 3 - التأثير في المخ: واللواط بجانب ذلك يسبب اختلالا كبيرا في توازن العقل للمرء، وارتباكا عاما في تفكيره، وركودا غريبا في تصوراته، وبلاهة واضحة في عقله وضعفا شديدا في إرادته، وإن ذلك ليرجع إلى قلة الإفرازات الداخلية التي تفرزها الغدة الدرقية والغدد فوق الكلى وغيرها مما يتأثر باللواط تأثيرا مباشرا فيضطرب عملها وتختل وظائفها، وإنك لتجد هناك علاقة وثيقة بين (النيورستانيا) واللواط، وارتباطا

السويداء

غريبا بينهما، فيصاب اللائط بالبله والعبط وشرود الفكر وضياع العقل والرشاد. [السويداء] 4 - السويداء: واللواط إما أن يكون سببا في ظهور مرض السويداء (¬1) أو يغدو عاملا قويا على إظهاره وبعثه، ولقد وجد أن هذه الفاحشة وسيلة شديدة التأثير على هذا الداء من حيث مضاعفتها له وزيادة تعقيدها لأعراضه، ويرجع ذلك للشذوذ الوظيفي لهذه الفاحشة المنكرة وسوء تأثيرها على أعصاب الجسم. [عدم كفاية اللواط] 5 - عدم كفاية اللواط: واللواط علة شاذة وطريقة غير كافية لإشباع العاطفة الجنسية وذلك لأنها بعيدة الأصل عن الملامسة الطبيعية، لا تقوم بإرضاء المجموع العصبي، شديدة ¬

(¬1) السويداء: الإست، لسان العرب، مادة: سود.

ارتخاء عضلات المستقيم وتمزقه

الوطأة على الجهاز العضلي سيئة التأثير على سائر أجزاء البدن. [ارتخاء عضلات المستقيم وتمزقه] 6 - ارتخاء عضلات المستقيم وتمزقه: من ناحية أخرى فإن اللواط سبب في تمزق المستقيم وهتك أنسجته وارتخاء عضلاته وسقوط بعض أجزائه وفقد السيطرة على المواد البرازية وعدم استطاعة القبض عليها، ولذلك تجد الفاسقين دائمي التلوث بهذه المواد المتعفنة بحيث تخرج منهم بلا إرادة ولا شعور. [علاقة اللواط بالأخلاق] 7 - علاقة اللواط بالأخلاق: تجد جميع من يتصفون به سيئي الخلق، فاسدي الطباع، لا يكادون يميزون بين الفضائل والرذائل، ضعيفي الإرادة، ليس لهم وجدان يؤنبهم ولا ضمير يردعهم، لا يتحرج أحدهم ولا يردعه رادع نفسي عن السطو على الأطفال والصغار واستعمال العنف

اللواط وعلاقته بالصحة العامة

والشدة لإشباع عاطفته الفاسدة والتجرؤ على ارتكاب الجرائم. [اللواط وعلاقته بالصحة العامة] 8 - اللواط وعلاقته بالصحة العامة: واللواط فوق ما ذكرت يصيب مقترفيه بضيق في الصدر ويرزأهم بخفقان في القلب، ويتركهم بحال من الضعف العام يعرضهم للإصابة بشتى الأمراض. [التأثير على أعضاء التناسل] 9 - التأثير على أعضاء التناسل: ويضعف اللواط كذلك مراكز الإنزال الرئيسة في الجسم ويعمل على القضاء على الحيوانات المنوية فيه، ويؤثر على تركيب مواد المني، ثم ينتهي الأمر بعد قليل من الزمن بعدم القدرة على إيجاد النسل والإصابة بالعقم. [التيفود والدوسنتاريا] 10 - التيفود والدوسنتاريا: ونستطيع أن نقول: إن اللواط يسبب بجانب

اللواط يسبب مرض فقد المناعة المكتسب

ذلك؛ العدوى بالحمى التيفودية والدوسنتاريا وغيرهما من الأمراض الخبيثة التي تنتقل بطريقة التلوث بالمواد البرازية المزودة بمختلف الجراثيم والمملوءة بشتى العلل والأمراض. وقد أضاف فضيلة الشيخ / صفوت نور الدين - حفظه الله تعالى - هذه المعلومة قال: [اللواط يسبب مرض فقد المناعة المكتسب] 11 - اللواط يسبب مرض فقد المناعة المكتسب: (حيث إن امتصاص السائل المنوي في المستقيم بما فيه من أجسام المناعة الطبيعية يجعل الدم يفرز مضادات تفسد أجسام المناعة، ومعدل نقل الأمراض بسبب اللواط يقترب من 100%) اهـ، ولا شك أنه يقصد مرض " الإيدز ".

هل يتوب اللوطي ويدخل الجنة

[هل يتوب اللوطي ويدخل الجنة] هل يتوب اللوطي ويدخل الجنة؟ قال ابن القيم - رحمه الله -: (والتحقيق في هذه المسألة أن يقال: إن تاب المبتلى بهذا البلاء وأناب ورزق توبة نصوحا وعملا صالحا وكان في كبره خيرا منه في صغره، وبدل سيئاته حسنات، وغسل ذلك عنه بأنواع الطاعات والقربات، وغض بصره وحفظ فرجه عن المحرمات، وصدق الله في معاملته؛ فهذا مغفور له وهو من أهل الجنة، فإن الله يغفر الذنوب جميعا، وإذا كانت التوبة تمحو كل ذنب حتى الشرك بالله وقتل أنبيائه والسحر والكفر وغير ذلك، فلا تقصر - أي التوبة - عن محو هذا الذنب، وقد استقرت حكمة الله تعالى به عدلا وفضلا، وأن «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنى أن يبدله سيئاته حسنات، وهذا حكم عام لكل تائب

من كل ذنب، وقد قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] فلا يخرج من هذا العموم ذنب واحد، ولكن هذا في حق التائبين خاصة. وأما المبتلى به إن كان في كبره شرا مما كان في صغره لم يوفق لتوبة نصوح ولا لعمل صالح ولا استدراك ما فات، ولا أبدل السيئات بالحسنات، فهذا بعيد أن يوفق عند الممات لخاتمة يدخل بها الجنة عقوبة له على عمله، فإن الله سبحانه وتعالى يعاقب على السيئة بسيئة أخرى وتتضاعف عقوبة السيئات بعضها ببعض كما يثيب على الحسنة بحسنة أخرى) (¬1) . ¬

(¬1) الجواب الكافي: ص 188.

الفصل الثالث فواحش أخرى

[الفصل الثالث فواحش أخرى] [السحاق] الفصل الثالث: فواحش أخرى 1 - السحاق: وهو ما يكون بين المرأة والمرأة من تدالك الفرجين: قال صاحب اللسان: (¬1) السحق هو الدق الرقيق ومساحقة النساء لفظ مولّد. وقال ابن قدامه في المغني (10 / 162) : وإذا تدالكت امرأتان فهما زانيتان ملعونتان لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان» ولا حد عليهما لأنه لا يتضمن إيلاجا، فأشبه المباشرة دون الفرج وعليهما التعزير لأنه زنا لا حد فيه، فأشبه مباشرة الرجل المرأة من غير جماع. اهـ. وقال الألوسي في روح المعاني ج 8 ص 172 - 173 بعدما ¬

(¬1) لسان العرب: مادة سحق.

تحدث عن اللواطة وخبثها قال: " وألحق بها السحاق وبدا أيضا في قوم لوط، فكانت المرأة تأتي المرأة، فعن حذيفة - رضي الله تعالى عنه - «إنما حق القول على قوم لوط - عليه السلام - حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال» (¬1) . وعن أبي حمزة - رحمه الله تعالى - قال: " قلت لمحمد بن علي عذب الله تعالى نساء قوم لوط بعمل رجالهن، فقال: الله أعدل من ذلك، استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء " (¬2) . . انتهى كلام الألوسي. عقوبة السحاق: قد رأينا ما نقله البعض عن عقاب الله لنساء قوم لوط مع رجالهن حيث استغنى الرجال بالرجال فكانت العقوبة المعروفة التي لا تخفى على أحد. ¬

(¬1) رجاله موثقون، أخرجه البيهقي في شعب الإيمان والسيوطي في الدر المنثور (3 / 100) . (¬2) أخرجه البيهقي وابن أبي الدنيا وابن عساكر.

إتيان المرأة في دبرها

وإن كان ابن القيم - رحمه الله - قال: " ولكن لا يجب فيه الحد - أي في السحاق - لعدم الإيلاج وإن أطلق عليهما (¬1) اسم الزنا العام كزنى العين واليد والرجل والفم " [الجواب: ص 201] وكذلك قال غيره: أنه ليس فيه إلا التعزير. فلا يكون ذلك داعيا للاستخفاف بالذنب والاستهانة به فإن المرأة إذا سلكت ذلك السبيل فهي قد وضعت قدميها على طريق الفاحشة وهي لفعل ما سوى ذلك أسرع لو أتيحت الفرصة، وإذا كانت العقوبة تعزيرا فهل كل من تفعل ذلك تذهب لتعزر وتتطهر، أم أن العقوبة مؤجلة إلى يوم الحسرة والندامة {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ} [الرعد: 34] [إتيان المرأة في دبرها] 2 - إتيان المرأة في دبرها (التحميض) : رغم أن الله تعالى أحل الزوجة لزوجها يأتيها أنى شاء، لكنه سبحانه لم يجعل ذلك مطلقا، فمباح للرجل إتيان زوجته في فرجها عند صلاحها لذلك وخلوها من حيض ¬

(¬1) قصد ابن القيم بقوله " عليهما ": أي مباشرة الرجل الرجل بالقبل من غير إيلاج، ومباشرة المرأة المرأة ولا إيلاج فيه.

أو نفاس سواء أتاها من جهة الأمام أو من الخلف، المهم أنه لا يتجاوز قبلها إلى دبرها كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصارية: «صماما واحدا» (¬1) أي: الفرج فقط. وقال أيضا: «أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة» (¬2) . يعني ائت امرأتك من قدام أو من وراء وابتعد عن الدبر، وابتعد أثناء الحيض عن الفرج أيضا، وقال أيضا - صلى الله عليه وسلم -: «ائتها على كل حال إذا كان ذلك في الفرج» (¬3) . إلا أن بعض الشاذين لا يتورعون عن إتيان الزوجة في دبرها رغم تحذير الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكن لضعف الإيمان والنفوس فإن الوعيد الشديد لا يثنيهم عن ممارسة الكبيرة الشنيعة. وعن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: ما تقول في الجواري أَيُحَمَّضُ لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكر الدبر فقال: وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين؟ [رواه الدارمي في مسنده] . ¬

(¬1) رواه أحمد والترمذي. (¬2) رواه أحمد. (¬3) رواه أحمد.

حكم الإسلام فيمن يفعل ذلك: عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ملعون من أتى امرأة في دبرها» (¬1) وقال أيضا - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد» (¬2) . وهذا محمول على من استحل ذلك. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية الصغرى» [رواه أحمد] . وقال أيضا مسويا ذلك باللواط: «لا ينظر الله إلى الرجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر» (¬3) وسئل عمر - رضي الله عنه - عن ذلك فقال: «وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين» (¬4) وهذا إسناده صحيح ونصه صريح بتحريم ذلك. وسأل رجل عليا عن إتيان المرأة في دبرها؟ فقال: ¬

(¬1) رواه أحمد وهو في صحيح الجامع برقم: 5865. (¬2) رواه الترمذي وهو في صحيح الجامع برقم: 5918. (¬3) الترمذي والنسائي وإسناده حسن، وابن ماجه برقم: 1923. (¬4) الدارمي في مسنده.

إتيان الزوجة حال حيضها أو نفاسها

سفلت سفل الله بك (¬1) ألم تسمع قول الله تعالى: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 80] ولا يفعل ذلك إلا من دخل إلى الحياة الزوجية النظيفة الطاهرة وهو يحمل جاهليات قذرة وممارسات شاذة محرمة، أو رصيدا من المشاهدات في أفلام الفاحشة. [إتيان الزوجة حال حيضها أو نفاسها] 3 - إتيان الزوجة حال حيضها أو نفاسها: قال الله - جل وعلا -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وفي الآية أمر صريح ودلالة واضحة على عدم وطء النساء أثناء الحيض حتى تغتسل المرأة وتطهر من الحيض. وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - قبح وشناعة هذه الفعلة في قوله: «من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما ¬

(¬1) روح المعاني للألوسي: ج 2.

أنزل على محمد» (¬1) . وقد أجمع العلماء على تحريم المباشرة في الفرج أثناء الحيض، ثم من فعل ذلك فقد أثم، فيستغفر الله ويتوب إليه وعليه كفارة عند من صحح حديث الكفارة. روى الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار» . وذلك على حسب درجة لون الدم كما في رواية الترمذي: «إذا كان دما أحمر فعليه دينار وإن كان دما أصفر فنصف دينار» والدينار يعادل من الذهب أربعة جرامات وأربعة أسباع الجرام. قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره بعد أن ذكر قول القائلين بالكفارة: والقول الثاني " وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور أنه لا شيء في ¬

(¬1) الترمذي عن أبي هريرة، وهو في صحيح الجامع برقم 5918.

ذلك (أي في الكفارة) بل يستغفر الله - عز وجل - (أي من هذا الذنب العظيم) لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد روي مرفوعا كما تقدم وموقوفا وهو الصحيح عند الكثير من أئمة الحديث ". وقال - صلى الله عليه وسلم -: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» (¬1) . وقد سئل الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -: س: هل يجوز للزوج أن يأتي زوجته بعد الولادة قبل أن تكمل الأربعين يوما؟ وإذا أتاها في الثلاثين أو الخمسة والثلاثين وهي نظيفة ولكنها لم تكمل الأربعين فهل عليه شيء؟ ج: لا يجوز وطء الزوجة مدة النفاس الذي هو جريان الدم بعد الولادة، فإن طهرت قبل الأربعين يوما كره وطؤها لكنه جائز لا إثم فيه - إن شاء الله - بشرط أن ترى الطهر الكامل الذي تلزمها معه الصلاة والصوم ونحو ذلك (¬2) . ¬

(¬1) أخرجه أحمد. (¬2) فتاوى المرأة: ص 135، محمد المسند.

ولكن، ما هو الأذى الناجم عن جماع الحائض؟ يقول الدكتور أحمد ندا، أخصائي الأمراض التناسلية بمستشفى أجياد بمكة المكرمة: " تحدث تغيرات شهرية في الغشاء المبطن لرحم المرأة من الداخل، استعدادا لاستقبال البويضة الملقحة التي تنمو وتكون الجنين، فإذا لم يحدث تلقيح للبويضة، فإن تلك التغيرات والخلايا المبطنة لجدار الرحم تسقط وتنهار وتتحلل ويخرج الدم، وهذا ما يعرف بالحيض أو الدورة الشهرية. وهذا الوضع المتكرر شهريا (الحيض) يصاحبه تغيرات في مزاج المرأة. فقد تكون أكثر عصبية وانفعالا، وتشعر بالضعف والتعب، وتحتقن منطقة الحوض، بما تحتويه من أعضاء، فيحتقن الرحم والمثانة والمهبل والأعضاء الأنثوية الأخرى، ولهذا حرم الإسلام وطء المرأة أثناء الحيض: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فإذا ما وقع جماع أثناء الحيض حدث الأذى الذي حذر الله تعالى منه: {قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222]

ويتمثل الأذى في الآتي: أولا: عند المرأة: 1 - التهابات مهبلية ورحمية. 2 - تقرحات في عنق الرحم، وجروح مؤلمة، وذلك بسبب احتقان وضعف جدار المهبل وعنق الرحم في تلك الفترة. 3 - وقد ترتفع حرارة المرأة وتصاب بحمى ميكروبية حادة نتيجة لدخول الدم الفاسد إلى جدار المهبل مرة أخرى، حيث أن الدم الفاسد في حالة خروج، وإيلاج الفرج يعيد دخوله مرة أخرى. ثانيا: عند الرجل: فالرجل عرضة للإصابة بهذه الأمراض كلها أو بعضها: 1 - تضخم حاد في الأعضاء الذكرية ومنطقة العانة. 2 - التهابات وآلام وصعوبة في التبول. 3 - التهابات في مجرى البول والبروستاتا والمثانة

إتيان البهائم

يصاحبه ألم شديد. 4 - تقرحات وبثورات مؤلمة على جلد القضيب، وقد يشكو من حمى ميكروبية حادة. 5 - هذا بالإضافة إلى الرائحة الكريهة وتلوث الأعضاء التناسلية بالدم الفاسد المتلوث المتعفن، ولو أن الذي يفعل مثل هذا الفعل أعطى نفسه فرصة ليشم رائحة هذا الدم الفاسد المتعفن، لاعتزل نساءه في المحيض ولم يقربهن حتى يطهرن كما أمر بذلك الله العليم الخبير، ولفكر مرارا قبل أن يقدم على ذلك، هذا إذا كانت فطرته نقية وسليمة، أما إذا كانت الفطرة ملوثة ومريضة فليصنع ما يشاء، ثم ليلق جزاء ذلك. [إتيان البهائم] 4 - إتيان البهائم: أيضا مما يعد من التلوث في الفطرة والارتكاس إلى الخلف والتراجع إلى الوراء هو أن يقضي إنسان شهوته من بهيمة عجماء لا تنطق، فتراه يرجع بآدميته إلى الخلف

وينزل بها إلى الحضيض فيجد نفسه على صلة جنسية إما مع الحمير أو مع القرود أو ما وافق طبعه وواقعه من سائر الحيوانات فيطؤها ويقضي شهوته ونهمته معها. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه أبو هريرة - رضي الله عنه -: «ملعون من أتى شيئا من البهائم. .» الحديث (¬1) . قال ابن القيم - رحمه الله -: " ولا ريب أن الزاجر الطبعي عن إتيان البهيمة أقوى من الزاجر الطبعي عن التلوط " (¬2) . ولا شك أن الذي يفعل مثل هذا خليق بألا يتردد عن فعل سائر أنواع الفواحش، بل في أغلب الأحوال فإنه لا يطأ البهيمة إلا لعجزه عن وطء غيرها في زنا أو في لواط، أو أنه كالحاطب بليل، فلا تقابله فاحشة إلا فعلها. حكم واطئ البهيمة: قال ابن القيم - رحمه الله -: للفقهاء فيه ثلاثة أقوال: ¬

(¬1) أخرجه الطبراني في الأوسط والحاكم وقال صحيح الإسناد. (¬2) الجواب الكافي، ص: 201.

أحدهما: يؤدب ولا حد عليه. والثاني: حكمه حكم الزاني. والثالث: حكمه حكم اللوطي. والذين قالوا بقتله احتجوا بحديث ابن عباس الذي رواه أبو داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه» (¬1) قالوا لأنه وطء لا يباح بحال فكان فيه القتل كحد اللوطي، ومن لم ير عليه حدا قالوا: " لم يصح الحديث، ولو صح لقلنا به ولم يحل لنا مخالفته " (¬2) وقال الأوزاعي: عليه الحد، وقال غيره يعزر (¬3) . وتعليقا على حديث ابن عباس قال الشوكاني - رحمه الله -: " وفي الحديث دليل على أنه تقتل البهيمة والعلة في ¬

(¬1) أخرجه أحمد (2420) وأبو داود (4464) والترمذي (1454) والحاكم 4 / 355 والبيهقي 8 / 233، 234 عن ابن عباس وسنده حسن، وأخرجه ابن ماجه (2565) عن ابن عباس أيضا بلفظ: " من وقع على ذات محرم فاقتلوه "، ومن وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة "، وفي سنده ضعف، لكن سند هذا الحديث أصح، انظر زاد المعاد ح 5 ص41 بتحقيق الأرناؤوط. (¬2) الجواب الكافي. (¬3) أحكام القران للجصاص: ج 5، ص 105.

العادة السرية الاستمناء

ذلك ما رواه أبو داود والنسائي أنه قيل لابن عباس: ما شأن البهيمة؟ قالت: ما أراه قال ذلك إلا أنه يكره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل ". وقد تقدم أن العلة أن يقال هذه التي فعل بها كذا وكذا. . إلى أن قال: قال في البحر إنها تذبح البهيمة ولو كانت غير مأكولة، لئلا تأتي بولد مشوه، كما روي أن راعيا أتى بهيمة فأتت بمولود مشوه (¬1) . . انتهى. والذي يظهر حسب سياق ابن القيم - رحمه الله - أنه يرجح قتل واطئ البهيمة حيث أورد ما يدل على ذلك في كتابه الجواب الكافي ص 128. [العادة السرية الاستمناء] 5 - العادة السرية (الاستمناء) ويسمى الخضخضة: (¬2) قال الله تعالى: ¬

(¬1) فقه السنة: ج 2، ص 370. (¬2) قال أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط ج 6، ص 367: " والجمهور على تحريم الاستمناء ويسمى الخضخضة، وجلد عميرة يكنون عن الذكر بعميرة ".

{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7] قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره: " وقد استدل الإمام الشافعي - رحمه الله - ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5 - 6] قال: فهذا الصنيع خارج عن القسمين، وقد قال الله تعالى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 7] وقال الألوسي - رحمه الله -: " فجمهور الأئمة على تحريمه وهو عندهم داخل فيما وراء ذلك " (¬1) . وقال القرطبي: وعامة العلماء على تحريمه (أي تحريم الاستمناء) وقال بعض العلماء: إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة ويا ليتها لم تقل ولو قام الدليل على جوازها ¬

(¬1) روح المعاني: ج 18، ص 10، 11.

لكان ذو المروءة يعرض عنها لدنائتها " (¬1) . وقال ابن العربي: " وعامة العلماء على تحريمه وهو الحق الذي لا ينبغي أن يدان الله إلا به " (¬2) فليحذر كل مسلم من استدراج الشيطان له وإن قل الفعل في عين فاعله، فإنه استدراج من الشيطان الذي يتبع مع الناس نظام الاستدراج خطوة بعد خطوة حتى ينتقل بالإنسان مما هو أدق من الشعر إلى ما هو أضخم من الجبال وهو لا يدري، لذلك قال الحق - جل وعلا - محذرا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21] وقال محمد بن عبد الحكم: سمعت حرملة بن عبد العزيز قال: سألت مالكا عن الرجل يجلد عميرة؟ ¬

(¬1) تفسير القرطبي: سورة المؤمنون. (¬2) أحكام القرآن: ج 3، ص: 1310.

فتلا هذه الآية: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7] وهذا لأنهم يكنون عن الذكر بعميرة (¬1) . مما تقدم يتبين حرمة استخراج المني باليد والمرأة ممنوعة من مثل ذلك أيضا. تلك العادة التي دلت الشيطان عليها من قلت حيلته بعد إذ جمحت شهوته وقلت بالدين خبرته وضعفت في الإيمان همته فانهارت بعد ذلك عزيمته، وإن الالتزام بتعاليم الإسلام والبعد عن غوايات أهل الفسق ومكائد الشيطان لهو السبيل إلى النجاة، فهل من مجيب؟ ! الآثار المترتبة على ممارسة العادة السيئة (السرية) : (أولا) : على الوجه: فتجد المكثر من ممارستها يظهر أحيانا على وجهه احمرار أو اصفرار أو غيره. ¬

(¬1) تفسير القرطبي: ج 12، ص 105.

(ثانيا) : على الأعصاب: فتراه يعاني من الاضطراب وضعف التحمل وعدم القدرة على الانضباط، وسرعة الارتباك. (ثالثا) : على النفس: فتجده كثير القلق، كثير الخوف، دائم التفكير والشرود، فيه خجل، وعدم قدرة على مواجهة الناس، وعدم استطاعة للحديث والطلاقة. (رابعا) : على الذاكرة: تضر ممارسة تلك العادة بالذاكرة إضرارا بالغا وتكون سببا في التأخر الدراسي بسبب انشغال الذهن بالأفكار الجنسية والصور المثيرة. (خامسا) : على القوة: تنهك القوة وتقوّض الأجهزة التناسلية وقد أثبت كثير من الأطباء أن صاحب تلك العادة يكون في جهازه التناسلي ضعف ووهن مما يؤدي به إلى العجز عن معاشرة زوجته. كما أنها سبيل للولوج في الفواحش الأخرى والتعرض لكبائر الذنوب. . فاحذر يا أخي! !

الفصل الرابع فعل الفواحش وسوء الخاتمة

[الفصل الرابع فعل الفواحش وسوء الخاتمة] الفصل الرابع: فعل الفواحش وسوء الخاتمة قال ابن القيم - رحمه الله - في بيان أسباب سوء الخاتمة ولمن تكون: " واعلم أن سوء الخاتمة أعاذنا الله منها لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، وإنما تكون لمن له فساد في العقد (أي العقيدة) أو إصرار على الكبائر وإقدام على العظائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة فيأخذه قبل إصلاح الطوية ويصطلم قبل الإنابة فيظفر به الشيطان عند تلك الصدمة ويختطفه عند تلك الدهشة والعياذ بالله ". . اهـ. ويقول: " واعلم أن لسوء الخاتمة - أعاذنا الله منها - أسبابا وطرقا وأبوابا؛ أعظمها الانكباب على الدنيا والإعراض عن الأخرى، والإقدام والجرأة على معاصي الله - عز وجل -، وربما غلب على الإنسان ضرب من الخطيئة ونوع من المعصية، وجانب من الإعراض، ونصيب من الجرأة والإقدام فملك قلبه وسبى عقله، وأطفأ نوره وأرسل عليه حجبه فلم تنفع فيه تذكرة ولا نجحت فيه موعظة فربما جاء الموت على ذلك فسمع النداء من مكان بعيد فلم يتبين المراد ولا علم ما أراد وإن كرر عليه الداعي وأعاد " (¬1) . وساق قصصا في سوء الخاتمة نتخير بعضها مما له صلة بالموضوع. (القصة الأولى) : قيل لرجل قل لا إله إلا الله - عند موته - فجعل يقول أين الطريق إلى حمام منجاب، وقصة ذلك: " أن رجلا كان واقفا بإزاء داره وكان بابها يشبه باب ذلك الحمام فمرت جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال لها هذا حمام منجاب - مشيرا إلى بيته - فدخلت الدار ¬

(¬1) الجواب الكافي ص 189.

ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه، وقالت له: يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا، قال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت ولم تخنه في شيء فهام الرجل وأكثر الذكر لها وجعل يمشي في الطرق والأزقة ويقول: يَا رُبَّ قَائِلَةٍ يَوْمًا وَقَدْ تَعِبَتْ ... أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى حَمَّامِ منجَابِ فبينما يقول ذلك وإذا بجارية أجابته من طاق: هَلا جَعَلْتَ سَرِيعًا إِذْ ظَفَرْتَ بِهَا ... حِرْزًا عَلَى الدَّارِ أَوْ قُفْلا عَلَى البَابِ فازداد هيمانه واشتد ولم يزل على ذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا. . اهـ.

(القصة الثانية) : وهي قصة الرجل الذي عشق شابا اسمه أسلم وامتنع الشاب عنه فأخذ يناديه ويقول: أسلم يا راحةَ العليلِ ... ويا شفاء المُدْنِفِ النحيلِ رِضَاك أشْهَى إلى فؤادي ... من رحمةِ الخالقِ الجليلِ ومات على ذلك، وقد أوردنا هذه القصة بتمامها في جريمة اللواط تحت عنوان (تحذير إلى اللوطي) . (القصة الثالثة) : وملخصها أن رجلا كان مؤذنا يؤذن على المنارة فأبصر ابنة صاحب الدار المجاورة للمسجد وكانت نصرانية، فتعلق بها قلبه تعلقا جعله لا يصبر عليها حتى ترك الأذان ونزل إليها فطلبها إلى نفسه فامتنعت فطلب

الزواج منها فأبت لأنها نصرانية وهو مسلم فقال أتنصر فوافقت فتنصر ليتزوجها وأقام معها في الدار فلما كان أثناء ذلك اليوم رقى إلى سطح كان في الدار، فسقط منه فمات فلم يظفر بها وفاته دينه " (¬1) . فانظر - عافانا الله وإياك - إلى العقوبة العاجلة بسوء الخاتمة، والجزاء من جنس العمل، فكما ألقى بنفسه من على المنارة، ألقاه الله تعالى من على سطح الدار ميتا خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. ¬

(¬1) القصة اختصرتها بأسلوبي حكاية عن ابن القيم - رحمه الله - بالجواب الكافي، ص 190 وذكرها أيضا ص 246، وقال: ذكر هذا عبد الحق في كتاب العاقبة له.

الفصل الخامس الداء والعلاج والوقاية

[الفصل الخامس الداء والعلاج والوقاية] [النوع الأول من العلاج دواء تحصين للوقاية من هذا المرض] [الاستئذان عند الزيارة وغض البصر] الفصل الخامس: الداء والعلاج والوقاية وبعد. . فهل من دواء لتلك الأمراض القتالة، السامة الفتاكة، الفاحشة الفاجرة؟ إن القاعدة الشرعية أن «لكل داء دواء فإذا أصاب دواء الداء برأ بإذن الله» (¬1) . قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله» (¬2) . والدواء نوعان: 1 - دواء تحصين واكتساب للمناعة ضد هذا المرض ينتج عنه تحصين وحفظ الفرج. 2 - دواء لاقتلاع المرض بعد حدوثه واستئصال جذوره. ¬

(¬1) رواه مسلم من حديث جابر. (¬2) رواه أحمد من حديث أسامة بن شريك.

أما الدواء الأول وهو التحصين ضد المرض يكون برفع الشعار الآتي قولا وعملا وهو [الإسلام يحول دون الوصول إلى الفاحشة] وهذا مما يسمى [الوقاية خير من العلاج] ، وللإسلام آدابه وخططه الناجحة الناجعة للحيلولة دون الوقوع في الفاحشة وهذه الآداب متمثلة في: أولا: الاستئذان عند الزيارة وغض البصر: فلما كان الزنا طريقه النظر، ومبدؤه البصر والاطلاع على العورات، أرشد الله الحكيم عباده إلى الاستئذان إذا أرادوا دخول البيوت حتى لا تقع العين على ما يؤجج الفتنة في القلب، ومازلنا لم يغب عن أذهاننا قصة المؤذن الذي أطلق بصره من فوق المنارة في بيت مجاور فوقعت عينه على فتاة نصرانية فأوقدت تلك النظرة نار الفتنة في قلبه فترك دينه ليوافق دينها ويتزوجها. إذن فهناك ارتباط وثيق بين الاستئذان والبصر. فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم - «إنما جعل الاستئذان من أجل البصر» متفق عليه، ويكون الاستئذان ثلاثا فإن أُذن له وإلا فليرجع، فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «الاستئذان ثلاث فإن أُذن لك وإلا فارجع» متفق عليه. وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ - فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [النور: 27 - 28] والاستئناس هو زوال الوحشة بالإذن للزائر. وفي شأن البصر خاصة أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30] وقدم الأمر بغض البصر على حفظ الفرج لأن البصر هو بداية طريق خطيئة الفرج وهو الممهد لها والمتفق عليها.

تحريم النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه كالأمرد وغيره

كل الحوادث مبدؤها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرة بلغت من قلب صاحبها ... كمبلغ السهم بين القوس والوتر أيضا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، فمن غض بصره عن محاسن امرأة لله؛ أورث الله قلبه حلاوة إلى يوم يلقاه» (¬1) وقال - صلى الله عليه وسلم -: «يا علي لا تتبع النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الثانية» (¬2) . ومما حرم في النظر أيضا وهو هام جدا: [تحريم النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه كالأمرد وغيره] 1 - تحريم النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه كالأمرد وغيره: " فإن النظر إلى الأمرد الحسن - وهو الحليق الأجرد، من لم تنبت له لحية وقد طر شاربه - من غير حاجةٍ: حرام، وسواء كان بشهوة أو بغيرها، سواء أَمِنَ الفِتْنَةَ أو لم ¬

(¬1) أبو داود والترمذي وأحمد (5 / 315) وهو في صحيح الجامع برقم (7830) . (¬2) أخرجه أبو داود والترمذي.

يأمنها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء، وقد نص على تحريمه الإمام الشافعي ومن لا يحصى من العلماء، ودليله قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30] ولأنه - أي الأمرد - في معنى المرأة بل وربما كان بعضهم أو كثير منهم أحسن من كثير من النساء، ويتمكن من أسباب الريبة فيه ويتسهل من طرق الشر في حقه ما لا يتسهل في حق المرأة، فكان تحريمه أولى، وأقاويل السلف في التنفير منهم أكثر من أن تحصى وقد سموهم " الأنتان "، لكونهم مستقذرين شرعا، وأما النظر إليه في حال البيع والشراء والأخذ والعطاء والتطبيب والتعليم ونحوها من مواضع الحاجة، فجائز للضرورة، لكن يقتصر الناظر على قدر الحاجة، ولا يديم النظر من غير ضرورة وكذا المعلم، وإنما يباح له النظر الذي يحتاج إليه ويحرم عليهم كلهم في كل الأحوال النظر بشهوة، ولا يختص هذا بالأمرد بل يحرم على كل مكلف النظر بشهوة إلى

كل أحد رجلا كان أو امرأة، محرما كانت المرأة أو غيرها، إلا الزوجة أو المملوكة التي يملك الاستمتاع بها، حتى قال أصحابنا - والكلام للإمام النووي -: يحرم النظر بشهوة إلى محارمه كبنته وأمه، والله أعلم " (¬1) . أليس الإسلام في كل هذا يمنع الوصول إلى الفاحشة؟ بلى. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " ينبغي حسم مادة الشر والمعصية، وسد ذريعته ودفع ما يفضي إليه إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة - إلى أن قال -: فنهى - صلى الله عليه وسلم - عن الخلوة بالأجنبية والسفر بها لأنه ذريعة إلى الشر. وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما كان يعس بالمدينة فسمع امرأة تتغنى بأبيات تقول فيها: وهل من سبيل إلى خمر فأشربها ... هل من سبيل إلى نصر بن حجاج؟ ! ¬

(¬1) التبيان في آداب حملة القران للإمام النووي: ص 73 - 74.

فدعي به فوجده شابا حسنا فحلق رأسه، فازداد جمالا فنفاه إلى البصرة، لئلا تفتتن به النساء. وروي عنه أنه بلغه أن رجلا يجلس إليه الصبيان فنهى عن مجالسته، فإذا كان من الصبيان من تخشى فتنته على الرجال أو النساء، منع وليه من إظهاره لغير حاجة أو تحسينه؛ لا سيما بترييحه في الحمامات وإحضاره مجالس اللهو والأغاني؛ فإن هذا مما ينبغي التعزير عليه. انتهى (¬1) فأين أبناؤنا وبناتنا من ترك هذا وصور المردان تعرض عليهم ليلا ونهارا بكرة وعشيا؟ . فليحذر الطلاب من إدامة النظر إلى مدرسهم وشيخهم لغير حاجة، خاصة إذا كان ذا منظر، وليحذر المدرسون من إدامة النظر إلى طالب وسيم أو تقريبه لغير حاجة، فإن في ذلك فتنة خفية قد تظهر عواقبها فيما بعد. وقال الحسن بن ذكوان: " لا تجالسوا أولاد الأغنياء ¬

(¬1) أحكام وفتاوى النساء لابن تيمية، تحقيق وتعليق عبد اللطيف عيسى ص 98.

النهي عن الجلوس في الطرقات والوقوف على نواصي الشوارع

فإن لهم صورا كصور العذارى فهم أشد فتنة من النساء ". وقال بعض التابعين: ما أنا بأخوف على الشاب الناسك مع سبع ضار؛ من الغلام الأمرد يقعد إليه. وكان يقال: لا يبيتن رجل مع أمرد في مكان واحد، وحُرِّم قياسا على المرأة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» وفي المردان من يفوق النساء بحسنه، فالفتنة به أعظم، وأقوال السلف في التنفير منهم والتحذير من رؤيتهم أكثر من أن تحصر (¬1) . [النهي عن الجلوس في الطرقات والوقوف على نواصي الشوارع] 2 - النهي عن الجلوس في الطرقات والوقوف على نواصي الشوارع: لأن ذلك يعطي انطلاقا للبصر ليرى الذاهب والآيب، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ففي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والجلوس في الطرقات قالوا: يا رسول الله ما لنا من ¬

(¬1) موارد الظمآن: ج 5 وص 127.

الإسلام يأمر المرأة بالحجاب ويفصل لها الثياب

مجالسنا من بد نتحدث فيها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» . . متفق عليه. الله أكبر، أين شبابنا من هذا الأدب النبوي حين يقف على قارعة الطريق للمراقبة وإطلاق النظر؟ ! ! [الإسلام يأمر المرأة بالحجاب ويفصل لها الثياب] 3 - الإسلام يأمر المرأة بالحجاب ويفصل لها الثياب: عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» متفق عليه. لذلك أمر الإسلام المرأة بالحجاب {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] والإدناء: من الدنو وهو القرب، والمعنى يغطين بها وجوههن وأبدانهن عند الخروج، وأمرها أيضا ألا تبدي

زينتها لأجنبي، ولكن تبديها لمحارمها، أي الذين يحرم عليهم نكاحها أبدا، فكل من يحرم عليه الزواج من امرأة حرمة أبدية فهي من محارمه وهو محرم لها. أيضا ممن تبدو زينة المرأة لهم " التابعين غير أولي الإربة " وهم الأتباع الذين ليسوا بأكفاء ولا همة لهم إلى النساء ولا حاجة، فلا يشتهونهن، وكذلك الأطفال الذين لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن، وملك اليمن الذكر فيه خلاف. كذلك فإن الإسلام ندب إلى ستر الوجه للنساء القواعد اللائي كبرن فلم يتشوفن إلى الزواج، ويئسن من الولد، فبعد أن أباح لهن كشف الوجه (¬1) بقوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 60] فندب إلى العفة بستر الوجه لأن فيها الخير. ¬

(¬1) فتاوى ورسائل للنساء لابن عثيمين، ص 147.

تحديد العورات للرجال والنساء

[تحديد العورات للرجال والنساء] 4 - وحدد العورات للرجال والنساء: (أولا) : عورة الرجل مع الرجل: قال الرازي في التفسير الكبير ج 23 ص 176: " فأما الرجل مع الرجل فيجوز له أن ينظر إلى جميع بدنه إلا عورته، وعورته ما بين السرة والركبة، والسرة والركبة ليستا بعورة ". (ثانيا) : عورة المرأة مع المرأة: قال أيضا: " أما عورة المرأة مع المرأة فكعورة الرجل مع الرجل فلها أن تنظر إلى جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة، وعند خوف الفتنة لا يجوز " انتهى، وهذا القول في عورة المرأة عام فيه تفصيل، فإن الله سبحانه وتعالى حينما بين في سورة النور الآية: (31) الفصائل التي يجوز للمرأة أن تبدي زينتها عليهم ذكر منهم " أو نسائهن ". فما هي الزينة التي تبديها المرأة على النساء؟ قال الألوسي في تفسيره " روح البيان " ج 17 ص 140: " هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها

إلا لمن استثني في الآية بعدُ وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن ". وقال أبو حيان الأندلسي في تفسيره " البحر المحيط " ج 6 ص 412: " هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء وهي الساق والعضد والعنق والرأس والصدر والآذان - ثم قال -: وبدأ تعالى بالأزواج {إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] لأن اطلاعهم على أعظم من الزينة، ثم ثنى بالمحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم في الحرمة ما في نفوس البشر فالأب والأخ ليسا كابن فقد يبدى للأب ما لا يبدى لابن الزوج. وقال القرطبي في تفسيره: ج 21 ص 232 " ولما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة ولكن تختلف مراتبهم ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها ".

الإسلام ينهى المرأة عن ترقيق صوتها والخضوع في القول

(ثالثا) : عورة الرجل بالنسبة للمرأة: فهي من السرة إلى الركبة سواء كان الرجل محرما أو غير محرم، وهذا الراجح في شأن غير المحرم. (رابعا) : وأما عورة المرأة بالنسبة للأجنبي: فجميع بدنها عورة على الصحيح وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وقد نص الإمام أحمد على ذلك فقال: " كل شيء من المرأة عورة حتى الظفر " (¬1) . [الإسلام ينهى المرأة عن ترقيق صوتها والخضوع في القول] 5 - الإسلام ينهى المرأة عن ترقيق صوتها والخضوع في القول: ومعلوم علة ذلك كما بين الله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32] إذن فالإسلام يقطع الطريق على ضعاف النفوس، لأن آلتهم السمعية جاهزة لالتقاط الموجات الصوتية فتحدث الذبذبات القلبية فتقع الجرائم الاجتماعية «. . . والأذنان زناهما الاستماع. .» (¬2) . ¬

(¬1) زاد المسير لابن الجوزي: ج 5، ص 356، سورة النور: 30 - 31. (¬2) البخاري ومسلم واللفظ له من حديث أبي هريرة مرفوعا.

الإسلام يحرم الاختلاط ويأمر المرأة أن تقر في بيتها

وإذا كان صوت المرأة خاضعا من غير تعمد منها وإنما فيه رقة زائدة بحكم أنوثتها وطبيعتها فعليها أن تتقي الله، ولا تخرجه للأجانب إلا للضرورة الملحة، وفي أضيق الحدود، وبأقل الكلام، ويجوز للمرأة عامة التحدث للحاجة من بيع أو شراء أو الرد على طارق البيت وهكذا. قال العلامة الألوسي: " والمذكور في معتبرات الشافعية - إليه أميل - أن صوتهن ليس بعورة فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة " (¬1) . [الإسلام يحرم الاختلاط ويأمر المرأة أن تقر في بيتها] 6 - الإسلام يحرم الاختلاط ويأمر المرأة أن تقر في بيتها: حيث إن من عواقب الاختلاط إمعان المرأة نظرها في الرجال، وهي لا شك تشتهي من الرجل ما يشتهيه الرجل منها، وكذلك إمعان الرجل نظره في المرأة وحجمها وصوتها وكل حركاتها، خاصة في العمل والمدارس والجامعات والمستشفيات والسفر وما يستتبع ذلك من ¬

(¬1) روح المعاني للألوسي.

أحاديث وحوارات ولقاءات ومشاورات لا تحمد عقباها بحال، وما وجد الاختلاط في بيئة إلا وكثرت فيها الفواحش. قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -: " والأدلة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع في ما حرم الله، أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدي إلى ما لا تحمد عقباه "، وساق أدلة كثيرة من آيات وأحاديث ثم قال: " وهذه الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب الابتعاد عن الاختلاط المؤدي إلى الفساد وتقويض الأسر وخراب المجتمعات " (¬1) أما عن بقاء المرأة في بيتها فقد قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33] ¬

(¬1) فتاوى المرأة: محمد المسند ص 196.

الإسلام يمنع الدخول على الأجنبيات والخلوة بهن

[الإسلام يمنع الدخول على الأجنبيات والخلوة بهن] 7 - الإسلام يمنع الدخول على الأجنبيات والخلوة بهن: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يسن الحصانة بين الجنسين فيقول: «إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت» متفق عليه من حديث عقبة بن عامر. والحمو هو: أخو الزوج وقريبه كابن أخيه وابن عمه، وتعبير النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم بلفظ " الموت " يعني أن الهلاك والمضرة كلها تأتي من هاهنا، حيث لا ريبة في دخول هؤلاء، وهم أعلم بسر الزوج وموعد دخوله وخروجه، فاحتمال وقوع الفتنة منهم أكبر. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» متفق عليه. [الإسلام يمنع مصافحة النساء غير المحارم] 8 - الإسلام يمنع مصافحة النساء غير المحارم: قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: " فمصافحة المرأة للرجل غير المحرم سواء كانت من وراء حائل أو مباشرة

الإسلام يمنع المرأة من الخروج متعطرة

حرام لما يفضي إليه الملمس من الفتنة " (¬1) . وقال الشيخ ابن جبرين - حفظه الله -: " وتحرم مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية - أي التي ليست من محارمه - لما في ذلك من الفتنة وإثارة الشهوة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ما مست يده يد امرأة أجنبية قط " (¬2) اهـ. وانظر الأحاديث الواردة في تفسير ابن كثير لسورة الممتحنة الآية: (12) عن بيعة النساء ففيها كفاية، وفي الحديث: «لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» (¬3) . [الإسلام يمنع المرأة من الخروج متعطرة] 9 - الإسلام يمنع المرأة من الخروج متعطرة: وهذا مما فشا في عصرنا رغم التحذير الشديد من النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية» (¬4) . ¬

(¬1) المصدر السابق. (¬2) المصدر السابق. (¬3) رواه الطبراني، 20 / 212 وهو في صحيح الجامع برقم (4921) . (¬4) رواه الإمام أحمد، 1 / 412 وهو في صحيح الجامع برد (4126) .

ويمنعها من السفر الطويل بدون محرم ومن الخروج بدون إذن زوجها

وعند بعض النساء غفلة أو استهانة تجعلها تتساهل بهذا الأمر عند السائق والبائع وبواب المدرسة، بل إن الشريعة شددت على من وضعت طيبا بأن تغتسل كغسل الجنابة إذا أرادت الخروج ولو إلى المسجد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد ليوجد ريحها لم يقبل منها صلاة حتى تغتسل اغتسالها من الجنابة» (¬1) فإلى الله المشتكى من البخور والعود في الأعراس وحفلات النساء قبل خروجهن، واستعمال هذه العطورات ذات الروائح النفاذة في الأسواق ووسائل النقل ومجتمعات الاختلاط وحتى في المساجد في ليالي رمضان، وقد جاءت الشريعة بأن طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه (¬2) . [ويمنعها من السفر الطويل بدون محرم ومن الخروج بدون إذن زوجها] 10 - ويمنعها من السفر الطويل بدون محرم ومن الخروج بدون إذن زوجها: وفي الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ¬

(¬1) رواه الإمام أحمد، 2 / 444 ووانظر صحيح الجامع برقم (2703) . (¬2) محرمات استهان بها الناس، للمنجد، ص: 44.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» وهذا يعم جميع الأسفار حتى سفر الحج - وقد أقال النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الغزو في سبيل الله آمرا له أن يرجع ليصحب امرأته في الحج حتى لا تسافر وحدها - وسفر المرأة بغير محرم يغري الفساق بها فيتعرضون لها - كما يجعل المرأة ضعيفة أمام تزيين الشيطان فيكون في ذلك تسهيلا للوقوع في الفاحشة - وأقل أحوالها أن تؤذى في عرضها وشرفها، وكذلك ركوبها بالطائرة ولو بمحرم يودع ومحرم يستقبل - بزعمهم - فمن الذي سيركب بجانبها في المقعد المجاور؟ ولو حصل خلل فهبطت الطائرة في مطار آخر، أو حدث تأخير واختلاف موعد فماذا يكون الحال؟ ! والقصص كثيرة " (¬1) . وحتى مع زوال كل هذه العلل فنحن متعبدون بطاعة الله - جل وعلا - حيث أمر وحيث نهى. ويشترط أن يكون المحرم مسلما عاقلا بالغا ذكرا، كما قال النبي ¬

(¬1) المصدر السابق: مع زيادة الجمل الاعتراضية، ص 44.

النهي عن وصف المرأة أمام الأجانب

- صلى الله عليه وسلم - «أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها» (¬1) . وفي إجابة للجنة الدائمة على سؤال نصه: (س) : ما حكم نزول المرأة في السوق بدون إذن زوجها؟ (ج) : إذا أرادت المرأة الخروج من بيت زوجها فإنها تخبره بالجهة التي تريد الذهاب إليها ويأذن لها في الخروج ما لا يترتب عليه مفسدة فهو أدرى بمصالحها لعموم قوله تعالي: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] وقوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34] (¬2) [النساء: 34] . [النهي عن وصف المرأة أمام الأجانب] 11 - النهي عن وصف المرأة أمام الأجانب: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تباشر المرأة المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها» متفق عليه. ¬

(¬1) المصدر السابق: ص 45. (¬2) فتاوى المرأة: ص 211.

الإسلام ينهى عن كشف العورة وعن الإفضاء في الثوب الواحد

ويكون ذلك كذريعة أن تتفتح عين الزوج على ما خفي عنه بالحجاب ويجري الشيطان منه مجرى الدم وربما أدى ذلك إلى احتقار زوجته. [الإسلام ينهى عن كشف العورة وعن الإفضاء في الثوب الواحد] 12 - الإسلام ينهى عن كشف العورة وعن الإفضاء في الثوب الواحد: فعن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد» رواه مسلم. والمعنى ألا يضطجع الرجلان متجردين عريانين تحت ثوب واحد أو لحاف واحد، وكذلك المرأتان. [الإسلام ينهى عن المسامرة بين الرجل والمرأة الأجنبية] 13 - الإسلام ينهى عن المسامرة بين الرجل والمرأة الأجنبية: عن الحسن في بيعة النساء قال: كان فيما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - «ألا تحدثن الرجال لا أن تكون ذات محرم، فإن الرجل لا يزال يحدث المرأة حتى يمذي بين فخذيه» رواه ابن أبي حاتم - تفسير ابن كثير - سورة الممتحنة، والمذي هو ماء أبيض

الإسلام يفرق بين الأولاد في المضجع

لزج يخرج من الرجل عند التفكير في الجماع أو عند الملاعبة وكذلك من المرأة وهو نجس باتفاق العلماء ويجزي لتطهيره غسل الفرج والمكان المصاب في الثياب ولا غسل منه (¬1) . [الإسلام يفرق بين الأولاد في المضجع] 14 - الإسلام يفرق بين الأولاد في المضجع: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أبو داود بإسناد حسن. وهذا توجيه نبوي عظيم، ذلك أن الأولاد قي هذه السن - العاشرة - يبدأون في معرفة ما يعرفه الكبار وفهم ما يفهمه الكبار وربما سول الشيطان لهم حال اختلاطهم في المضجع. [نهى الإسلام عن الغناء المحرم والموسيقى ومشاهدة المسلسلات الهابطة] 15 - نهى الإسلام عن الغناء المحرم والموسيقى ومشاهدة المسلسلات الهابطة: وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (س) : ما حكم استماع الموسيقى والأغاني؟ وما حكم ¬

(¬1) فقه السنة: سيد سابق، ج 1 ص 25.

مشاهدة المسلسلات التي تتبرج فيها النساء؟ (ج) : حكم ذلك التحريم والمنع لما في ذلك من الصد عن سبيل الله، ومرض القلوب، وخطر الوقوع فيما حرم الله - عز وجل - من الفواحش، قال الله - عز وجل -: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ - وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [لقمان: 6 - 7] ففي هاتين الآيتين الكريمتين، الدلالة على أن استماع آيات اللهو والغناء من أسباب الضلال والإضلال واتخاذ آيات الله هزوا والاستكبار عن سماع آيات الله (¬1) اهـ. وقد أخرج البخاري معلقا (¬2) حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» والحر: أي الفرج، والمعازف: آلات العزف والموسيقى. ¬

(¬1) فتاوى المرأة: جمع وترتيب محمد المسند، ص 1 - 2. (¬2) من حديث أبي مالك الأشعري أو أبي عامر الأشعري.

المجلات والصحف النسائية الخليعة والصور الماجنة مما حرمه الإسلام

[المجلات والصحف النسائية الخليعة والصور الماجنة مما حرمه الإسلام] 16 - المجلات والصحف النسائية الخليعة والصور الماجنة مما حرمه الإسلام: ذلك أن تلك المجلات تحمل من الصور السافرة المتبرجة ما يذهب بلب الطائشين ومرضى القلوب وتنقل أخبار الفحش والقصص الجنسية في المجتمعات، والتي تحرك داعي الشهوة التي لا تجد مصرفا إلا بالوسائل المحرمة. وقد سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: (س) : ما حكم إصدار مجلات تظهر فيها النساء سافرات وبطريقة مغرية؟ وتهتم بأخبار الممثلين والممثلات؟ وما حكم من يعمل في هذه المجلة ومن يساعد على توزيعها ومن يشتريها؟ (ج) : لا يجوز إصدار المجلات التي تشتمل على نشر الصور النسائية أو الدعاية إلى الزنا واللواط والفواحش أو شرب المسكرات أو نحو ذلك مما يدعو إلى الباطل ويعين عليه، ولا يجوز العمل في مثل هذه المجلات لا بالكتابة ولا بالترويج لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ونشر الفساد في الأرض والدعوة إلى إفساد المجتمع ونشر

الرذائل. وقد قال الله تعالى في كتابه المبين {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2] وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» أخرجه مسلم في صحيحه. . . إلى آخر ما قال - رحمه الله (¬1) . وفي فتوى اللجنة الدائمة إجابة على سؤال: (س) : ما حكم النساء اللواتي يطلعن على هذه المجلات؟ (ج) : يحرم على كل مكلف ذكرا أو أنثى أن يقرأ في كتب البدع والضلال والمجلات التي تنشر الخرافات، وتقوم بالدعاية الكاذبة، وتدعو إلى الانحراف عن الأخلاق الفاضلة، إلا إذا كان من يقرؤها يقوم بالرد على ما فيها من إلحاد وانحراف وينصح أهلها بالاستقامة، وينكر عليهم ¬

(¬1) فتاوى المرأة: جمع وترتيب محمد المسند، ص 198.

رغب الإسلام في الزواج

صنيعهم، ويحذر الناس من شرهم " (¬1) . [رغب الإسلام في الزواج] 17 - رغب الإسلام في الزواج: حيث إن الزواج عفة ووقاية؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. .» متفق عليه من حديث ابن مسعود. [وصف الدواء لمن لم يقدر على الزواج] 18 - وصف الدواء لمن لم يقدر على الزواج: قال - صلى الله عليه وسلم -: «فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» أي: قاطع للشهوة. ومع الصوم أمر الإسلام بالتعفف والاستعفاف لمن حيل بينه وبين الزواج حتى ييسر الله عليه، قال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] [نصح الإسلام الأبوين بتزويج الولد والبنت متى بلغا] 19 - نصح الإسلام الأبوين بتزويج الولد والبنت متى بلغا: قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32] ¬

(¬1) المصدر السابق: ص 199.

الاهتمام بالأطفال في التربية

[النور: 32] . وإن الرجل وزوجته مسؤولان أمام الله تعالى، إذا حبسا ابنهما أو ابنتهما عن الزواج ابتغاء عرض الدنيا الزائل، فإذا زنى الولد أو البنت فإن الأبوين يحملان من هذا الوزر والذنب العظيم طالما أن الحبس عن الزواج كان لغرض دنيوي أو سمعة أو شهرة، فليبحث الأبوان عن صاحب الدين وصاحبة الدين، وليخففا في المهور إذًا، حتى لا يأتي العنت لهم ولغيرهم {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32] [الاهتمام بالأطفال في التربية] 20 - الاهتمام بالأطفال في التربية: وذلك عن طريق تدريب الأطفال من الصغر وتعليمهم الاستئذان وغض البصر عن العورات وتعويدهم على ألا يكشفوا عوراتهم، وهذا يوجب على الأب ألا يظهر بملابس قصيرة أمام الأبناء كأن يجلس بينهم بسروال قصير مثلا، كذلك يعود الطفل على ألا يتداول الألفاظ القبيحة ولا يحكيها ولا يرددها، وخاصة ألفاظ العورات وأسماءها،

ولا يحكي الرجل شيئا مما يدور بين الرجل والمرأة أمام الأطفال، وإذا تربى الأطفال على هذه الخصال فبالأولى ألا يروها عن طريق الإذاعات المرئية والفيديو والبث المباشر، الذي يبث سموم الغرب وفحشهم ورديء أخلاقهم في بيوت المسلمين، وهنيئا ثم هنيئا ثم هنيئا لمن لم تدخل هذه الأجهزة بيته. ومن الضروري جدا أن أتوجه إلى الآباء والأمهات بما أسميه:. . . نداء صارخ وتحذير قلق: أقول لكل أب يقتني هذه الأجهزة في بيته إنها كالخمر والميسر إثمهما أكبر من نفعهما، واسمع أيها الأب وأيتها الأم هذه القصة التي تشيب منها الرؤوس: حدثني بعض المدرسين الثقات أن بعض تلاميذه بالمدرسة الابتدائية وهم دون البلوغ جاءوا إليه ليقول أحدهم: " يا أستاذ: لقد اتصل بي زميلي فلان بالتلفون ليلة أمس وقال لي: يا فلان اضبط الجهاز على القناة رقم كذا فسترى امرأة بدون سروال، هيا بسرعة، يعني امرأة عارية تماما، فرد زميله فقال: لا يا أستاذ زميلي فلان هو

الذي اتصل أولا وقال كذا وكذا، قال المدرس: وصار التلاميذ يلقون الاتهامات على بعضهم مازحين ويضحكون والأمر عندهم في غاية البساطة، وأنا بينهم في غاية الدهشة والحيرة مما أصاب بيوت المسلمين " انتهى كلام المدرس. أقول للآباء أهذه الأجيال بهذه الحال هي خير أمة أخرجت للناس؟ أهذا هو التواصي بالحق والتواصي بالصبر والتناجي بالبر والتقوى؟ أهذا هو جيل أبناء الصحابة والتابعين؟ أهؤلاء هم الذين سيعيدون المسجد الأقصى الفقيد والمجد الإسلامي التليد؟ أهؤلاء هم الذين سيحملون راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويدافعون عنها وينشرون خيرها ويقتلون دونها؟ أنترك صغارنا نهبة وفريسة لكل ما عند الغرب الكافر من أوساخ وأمراض؟ أيربى أبناؤنا على الفحش والدعارة والفسوق والعصيان؟ أنحول منحة الله إلى محنة ونستخدم الأجهزة التي سخرها الله لمساعدتنا في معصيته سبحانه؟

لقد كان الصحابة يعلمون أبناءهم المغازي كما يعلمونهم السورة من القرآن فشبوا باسم الله فاتحين، ولكن بعض الناس يعلمون أبناءهم المخازي ويعلمونهم الرجس والفحش والألحان فشبوا باسم الشيطان مخنثين: ورحم الله من قال: قد أرضعوا الأولادَ في المهد الحرامْ ... قد عَلَّموهم فُحْشَهم قبل الكلامْ قد هدهدوهُم بالغِناءِ بالخَنَا ... بل بالفسوق والأذى عند المنام حتى إذا شبوا فماذا يصنعون؟ أيها الآباء: إن الغرب الملحد متربص بنا، كما قال ربنا سبحانه وتعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217] وقتاله لنا في هذه الجولة ليس بالمدافع والقنابل وإنما بتحويل أجيالنا المسلمة إلى أشباح ممسوخة لا تعرف من

إطالة الغربة وما فيها من أضرار وأخطار

الإسلام إلا اسمه، وسلخهم من هويتهم الإسلامية فلا يعرفون محمدا وصحبه، ولكن يعرفون العشاق والفساق ودعاه الفجور، فلا يحملون للجهاد راية ولا يعرفون لخلقهم غاية. ويكونون فقط كما وصف الله تعالى: {يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمد: 12] أيها الآباء اسمعوا النداء، وأجيبوا رب السماء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] [إطالة الغربة وما فيها من أضرار وأخطار] 21 - إطالة الغربة وما فيها من أضرار وأخطار: كثير من الناس في أيامنا هذه إذا وجد عملا فيه ربح في بلد غير بلده فإنه ينتقل ويسافر إليه وقد لا يتيسر له اصطحاب أهله معه فيغيب عنهم بالعام والعامين، بل وأكثر، وهذا بلا شك تضييع لحقوق الزوجة ورعاية الأبناء

وتعريض لنفسه وزوجته للفتنة. وقد رأينا الإسلام يمنع أن يهجر الرجل امرأته أكثر من أربعة أشهر قال الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] فإما أن يعود لفراشها ويضاجعها وإما أن يطلق. وفي قصة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عبرة، إذ خرج ليلة فسمع امرأة تقول: تطاوَلَ هذا الليلُ واسْوَدَّ جانبُهْ ... وأرَّقَنِي أَلا خليل أُلاعبُهْ فوالله لولا الله أنِّي أراقِبُهْ ... لَحُرِّك من هذا السريرِ جَوَانِبُهْ ولكنَّني أخشى رقيبًا مُوَكَّلا ... بَأَنفاسِنَا لا يَفْتُرُ الدهرَ كاتبُهْ مَخَافةُ ربي والحياءُ يَصُدُّني ... وإكرامُ بَعْلي أن تُنَالَ مَرَاكِبُهْ

ملاك كل ما تقدم مراقبة الله تعالى

فأسرع عمر إلى ابنته حفصة - رضي الله عنها - أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: أربعة أشهر، فقال عمر: لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك (¬1) . الله أكبر. . عمر يتقي الله في الناس وبعض الناس لا يتقون الله في أنفسهم ويغيبون بالسنين عن زوجاتهم. [ملاك كل ما تقدم مراقبة الله تعالى] 22 - وملاك كل ما تقدم مراقبة الله تعالى: حكي أن رجلا بالبصرة معروف بالمسكي لأنه كان يفوح منه رائحة المسك، فسئل عن ذلك فقال: كنت من أحسن الناس وجها وكان لي حياء، فقيل لأبي: لو أجلسته في السوق لانبسط مع الناس، فأجلسني في حانوت بزاز، فجاءت عجوز فطلبت متاعا فأخرجت لها ما طلبت، فقالت: لو توجهت معي لثمنه؟ فمضيت معها حتى أدخلتني في قصر ¬

(¬1) موطأ الإمام مالك بن أنس، عن عبد الله بن دينار.

عظيم، فيه قبة عظيمة عليها سرير، فإذا فيه جارية على فرش مذهبة، فجذبتني إلى صدرها، فقلت: الله، فقالت لا بأس، فقلت: إني حاقن، ودخلت الخلاء، وتغوطت ومسحت به وجهي وبدني، فقيل إنه مجنون، فخلصت، ورأيت بمنامي في تلك الليلة رجلا قال لي: أين أنت من يوسف بن يعقوب؟ فقلت: من أنت؟ قال: جبريل: ثم مسح يده على وجهي وبدني، فمن ذلك الوقت يفوح المسك علي وذلك ببركة العفة والتقوى؟ (¬1) . فمراقبة الله تعالى وتذكر المصير الآخر كل هذا فيه دواء يثبت القلوب ويقوي الإيمان، ويمنع الوقوع في المعصية. ¬

(¬1) تفسير روح البيان للبروسوي.

إذا خلوت الدهر يوما لا تقل خلوت ... ولكن قل علي رقيب ولاتحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أن ما تخفي عليه يغيب وقد سبق قصة المرأة التي سمعها عمر تقول: فوالله لولا الله أني أراقبه ... لحرك من هذا السرير جوانبه إذًا فالذي منعها من إدخال أجنبي على سرير زوجها أنها تراقب الله - سبحانه وتعالى -.

النوع الثاني من العلاج وهو اقتلاع المرض بعد وقوعه

[النوع الثاني من العلاج وهو اقتلاع المرض بعد وقوعه] [أولا الدعاء مع الصدق في النية والقوة في العزيمة] وأما النوع الثاني من العلاج وهو: (اقتلاع المرض بعد وقوعه) فهو كالآتي: (أولا) : الدعاء مع الصدق في النية والقوة في العزيمة والثبات في الإرادة وصدق التضرع واللجوء إلى الله تعالى لتكون التوبة نصوحا فيقبلها الله - عز وجل - {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] [ثانيا الإقلاع عن كل مظاهر وملابسات المعصية وأسباب الوقوع فيها] (ثانيا) : الإقلاع عن كل مظاهر وملابسات المعصية وأسباب الوقوع فيها، ويكون ذلك بالانفصال السريع عن الرفقة السيئة واستبدالها بالرفقة الصالحة، وكذلك إلزام الجوارح بالآداب الشرعية فلا تنظر العين إلى محرم ولا تستمع الأذن إلى ما يغضب الله، وهكذا سائر الجوارح. [ثالثا الإخلاص في القول والعمل] (ثالثا) : الإخلاص في القول والعمل فإن الله تعالى صرف السوء والفحشاء عن يوسف بإخلاصه، قال

رابعا محاولة إثارة النخوة والحرارة في النفس من جديد

تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] وبالجملة فإن من حفظ الله في لسانه وفرجه حفظه الله تعالى وأدخله الجنة: «احفظ الله يحفظك» [رابعا محاولة إثارة النخوة والحرارة في النفس من جديد] (رابعا) : محاولة إثارة النخوة والحرارة في النفس من جديد بأن يسأل هذا المبتلى نفسه قائلا: هل من المروءة والرجولة والشهامة أن أكون عبدا وتبعا لأقبح خلق الله وهو الشيطان؟ وأترك عبوديتي لله الواحد الأحد. ثم يسحبني الشيطان على وجهي إلى النار وأنا مستسلم بلا أدنى مقاومة؟ وكيف لا أوقر الله الجليل، القادر على قبض روحي في لحظة، فلا أهنأ بما يزينه الشيطان ويكون مصيري الخذلان والخسران؟ {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50] أين أذهب لو أراد الله عذابي في القبر؟ وماذا أفعل لو

خامسا بذل محاولة جادة في التفكر والتذكر والنظر إلى نار الدنيا

أراد الله فضحي على رؤوس الخلائق يوم القيامة؟ وكيف أواجه من خنتهم في أعراضهم ممن يعرفونني؟ وهل أستطيع أن أجرب، أفعل المعصية أمام الناس وأتحمل فضيحتها؟ بالطبع لن أستطيع، إذن فماذا أعددت لمواجهة عذاب القبر؟ والفضيحة يوم تبدو الفضائح والقبائح والمخازي بين الأنام؟ إن إثارة مثل هذه التساؤلات والمحاورات كفيلة إن شاء الله في أن يرى العبد برهان ربه. [خامسا بذل محاولة جادة في التفكر والتذكر والنظر إلى نار الدنيا] (خامسا) : بذل محاولة جادة في التفكر والتذكر والنظر إلى نار الدنيا ويتذكر ما يحدث له أحيانا عندما تمس النار يده ويسأل نفسه ماذا أفعل لو كنت يا نار مصيري يوم القيامة؟ قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} [الواقعة: 71] إلى أن قال: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ} [الواقعة: 73] [سادسا حضور محتضر عند وفاته ومحاولة دفن ميت والنزول في قبره] (سادسا) : حضور محتضر عند وفاته ومحاولة دفن ميت والنزول في قبره، ليحتقر الإنسان نفسه ويعاين مصيره

ومآله فيعلو على الشهوات والملذات. رأيت مرة ميتا تأخروا في دفنه حيث لم يكن أحد علم بموته - ووالله إن ما أقوله لحق - لقد رأيته وقد انتفخ بطنه وعلا صدره وتضخمت جدا شفتاه، وعيناه مقفولتان ومنتفختان أعلى من أنفه، وخطان أسودان من الدم الأسود من فتحتي أنفه يسيلان إلى ما بين عينيه وخديه، ومثلهما خطان من الدم الأسود من جانبي فمه على خديه فأخذت أتأمل المصير المحتوم وأقول في نفسي أهذه نهايتي ونهاية كل حي؟ ! فاحتقرت نفسي وهانت علي الحياة، ولم يعد لها لذة. . ورحماك ربي. وإذا بي يوما أنظر في المرآة لأمشط شعري وفجأة تذكرت منظر الميت فألقيت المشط وقلت لنفسي ماذا تصنع؟ أترجل شعرا وتزين وجها صائرا إلى ما قد رأيت؟ اللهم طهرنا من الدنس وارزقنا النعيم المقيم.

سابعا إقامة الصلاة والمحافظة عليها في جماعة

ودائما كلما حدثتك نفسك بالمعصية فتذكر قول الله تعالى في هذه الآيات: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 14] {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19] {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40] {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281] {يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} [القيامة: 10] {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ} [الفجر: 25] اللهم سلم. . سلم. [سابعا إقامة الصلاة والمحافظة عليها في جماعة] (سابعا) : إقامة الصلاة والمحافظة عليها في جماعة: فإن إقامة الصلاة والمحافظة عليها بشرائطها الظاهرة والباطنة

كيف نتعامل مع العلاج والدواء

من طهارة وإتمام لأركانها والخشوع فيها تنهى عن القبائح والمنكرات، قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45] وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في مصنفه العبودية ص 100: " فإن الصلاة فيها دفع مكروه وهو الفحشاء والمنكر، وفيها تحصيل محبوب وهو ذكر الله ". [كيف نتعامل مع العلاج والدواء] [أولا العلاج توجيه رباني وطب نبوي] كيف نتعامل مع العلاج والدواء؟ قال لي أحد الشباب بعد أن قرأ هذا الكتاب، وقبل أن أكتب هذا الباب: (كيف نتعامل مع العلاج؟) قال يسألني: أنت كاتب هذا الكتاب؟ قلت له: نعم فقال: العرض والوصف جيد، لكني أرى العلاج قديما ومكررا ونريد شيئا جديدا، وظهر لي من كلامه أنه يعاني من الشهوة، وظهر لي أيضا أنه كان منسجما مع عرض الكتاب ووصفه لموضوع الفواحش ظنا منه أنه حينما ينتهي أيضا من قراءة العلاج والدواء سيجد نفسه عند خاتمة الكتاب قد انزاحت

عنه كل هموم الشهوة وصار يزهد فيها ويكرهها ويعافها، كما يعاف أكل لحم الميتة مثلا. والحقيقة أنا أشفقت على هذا الشاب، وعلى كثيرين مثله ودعوت الله له ولهم، واعتبرت رأيه يطرح مشكلة ضخمة تستحق التركيز عليها، وقلت له: هل يمكن أن تعطيني مجرد تصور لعلاج ما تراه مناسبا أو شبه مناسب، ونحاول أن نطور فيه بما يتفق مع روح الشريعة؟ فقال لي: خذ عينة من الشباب الذين يعانون من مشاكل الشهوة واسألهم هذا السؤال، فقلت: إذا كانوا هم مصابين، وفاقد الشيء لا يعطيه، فكيف سيعطوننا دواء يعالج مرضا هم أصلا يشكون منه؟ فقال: حاول. وأقول لهؤلاء الشباب جميعا: سأبذل قصارى جهدي في مساعدتكم إن شاء الله. وقبل أن أعلن عن برنامج المساعدة لا بد أن أنبه على حقائق لا بد من الوقوف عليها. (أولا) : إن ما وصفناه من علاج للشهوة ليس من

اختراعنا، وإنما هو توجيه رباني وطب نبوي، فهل بعد دواء الله ورسوله من دواء؟ ؟ ! والذي لا يرى أو لا يكتفي بما وصف الله ورسوله من دواء فلا دواء له، " ألا كل شيء ما خلا الله باطل". ونضرب مثالا: إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الزواج حصن ومصرف للشهوة، وفي حالة عدم القدرة عليه فالصيام يكسر الشهوة، فهذا دواء نبوي. وأمر الله تعالى من لم يقدر على الزواج بالصبر والعفة فقال - جل وعلا -: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] فأمر بالعفة والصبر وعدم الانغماس في الشهوات والتعرض لها، وهذا دواء رباني. ¬

(¬1) متفق عليه.

ثانيا العبرة هل هو دواء نافع فعلا أم غير نافع

فهل نقول عن هذه الأدوية الربانية والنبوية إنها قديمة ومكررة لا تكفي - بزعمنا - ونحتاج إلى جديد؟ وأين تجد هذا الجديد؟ ! ! [ثانيا العبرة هل هو دواء نافع فعلا أم غير نافع] (ثانيا) : العبرة ليست بقدم الدواء ولا بحداثته ولكن العبرة هل هو دواء نافع فعلا أم غير نافع؟ فإن كان نافعا فلله الحمد، وإن لم يكن نافعا، فمن قال ذلك بعد تجربته؟ هل جرب أحد الصوم فوجده لا يكسر الشهوة؟ هل وجد أن غض البصر يزيد من حدة الشهوة؟ وهل ثبت أن تحجب النساء يزيد الفتنة بهن؟ وهكذا. إذا فلا بد من تعاطي هذه الأدوية الشرعية والدخول فيها والتعامل معها، وليس شرطا أن يشفى المريض من أول مرة وعند أول جرعة، بل حتى المريض مرضا عضويا إذا شفي منه يبقى عليه بعض آثاره بعض الوقت، ولكن مع التكرار والإصرار على الاستقامة على العلاج الرباني يكون الشفاء حتميا ولو بعد فترة. [ثالثا لا بد للتداوي من المرض من المجاهدة والصبر]

وقد ذكر الله تعالى (الشهوات) بقوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} [آل عمران: 14] لكنه جل وعلا صرفنا عن هذه الشهوات بقوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [آل عمران: 15] فالله - عز وجل - يعالج جموحنا للشهوة بإغرائنا بما هو أعظم منها إذا اتقيناه، والمجاهدة والصبر من لوازم التقوى. ولن ندخل الجنة إلا بالمجاهدة والصبر لأن الجنة حفت بالمكاره {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] وليس هناك في باب علاج الشهوة أن نشرب كأسا أو نأكل وجبة أو نقرأ بحثا فتزول الشهوة، كذلك فليس معنى التداوي والتوبة هو العصمة من الخطأ، فقد يتوب الإنسان ويقع فيما تاب منه مرة أو مرات، ولكن العبرة أن يسرع في العودة إلى الله - عز وجل - بصدق، والله تعالى يقبل التوبة عن عباده.

رابعا الله سبحانه وتعالى فتح باب الرحمة للعائدين إليه

[رابعا الله سبحانه وتعالى فتح باب الرحمة للعائدين إليه] (رابعا) : الله سبحانه وتعالى فتح باب الرحمة للعائدين إليه، ووعد بمساعدتهم إذا أرادوا الرجوع إليه: «ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» كما وعد سبحانه بأن يبدل السيئات إلى حسنات لمن تاب وحسنت توبته، بل إن المسرفين على أنفسهم جعل الله لهم أملا عظيما فيه سبحانه بأنه يغفر الذنوب جميعا، كذلك فإن الله تعالى يفرح بتوبة العبد فرحا لو فرح العبد جزءا منه لأصابه الذهول ولم يدر ما يقول، فماذا يريد العاصي من ربه بعد ذلك؟ [خامسا المبادرة بمجموعة أدوية قريبة وسريعة المفعول] (خامسا) : أمامك أيها المبتلى بالشهوة مجموعة أدوية قريبة وسريعة المفعول، فبادر بتعاطيها ففيها عافية، فإن لم تنفعك فأنت في بلاء وخيم وخطر عظيم، وهذه الأدوية هي: (1) قد علمت أن فعل الفواحش سلف ودين وأن بيتك مصاب لا محالة بسبب وقوعك في الفواحش فهل مازلت تراهن على أهل بيتك وزوجتك وبنتك إن آجلا أو عاجلا، وهل قتلت فيك الغيرة إلى هذا الحد؟ ونعوذ بالله

برنامج للمساعدة لمن يعاني من آلام الشهوة

من ذلك. (2) كان بعض الصالحين يحفر لنفسه قبرا وكلما رأى الدنيا استدرجته دخله ورقد فيه قليلا ليذكر نفسه بمصيرها فتعود لنشاطها، فإن لم تحفر قبرا فاذهب إلى القبور وانزل القبر لدفن ميت، أو تجول بين القبور في وقت خال. (3) ضع قطعة لحم في زيت يغلي وانظر إليها متأملا معتبرا، أو ضع قطرة ماء على حديد محمى، وأرقبها وهي تتلظى حتى تجف ولا تبقى، كل هذا معين لك على الخوف من النار الكبرى. (4) الأمراض التي تصيب أهل الفواحش، هل يأمن فاعل الفاحشة ألا يصيبه شيء منها فيصير حديث الناس أنه أصيب بمرض كذا بسبب الفواحش؟ [برنامج للمساعدة لمن يعاني من آلام الشهوة] وكما وعدت الشباب الذي يعاني من آلام الشهوة عن برنامج للمساعدة أقول:

(1) يجب محاولة شغل وقت الفراغ وملئه بما يفيد، ويجعل العقل مهتما بما يحقق المصالح والمنافع بدلا من أن يكون الذهن خاليا لا يشغله شيء، فيبدأ الشيطان من هنا في استغلال هذا الفراغ في الوسوسة والتحريض على الفاحشة، فيلتحق الإنسان بعمل أو يدخل المكتبة ويعمل بعض البحوث أو يشترك في لجان ومؤسسات خيرية ويقرأ في قصص الصالحين وسيرة الأنبياء والمرسلين فهي شيقة جدا تستحوذ على انتباهه وتفكيره، وكذلك يمكن الالتحاق بالمراكز الصيفية التي تشغل الشباب بالعلم النافع. (2) تجنب لبس السراويل الضيقة فإنها من عوامل الإثارة، وكذلك ما يسمونه بالمايوه. (3) تجنب النوم على البطن لأن فيه تحريكا لما كمن في الغريزة وإيقاظا للشهوة، وفي الحديث الشريف أن يعيش بن أبي طخفة الغفاري - رضي الله عنهما - قال: قال أبي: «بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني إذا

رجل يحركني برجله فقال: " إن هذه ضجعة يبغضها الله " قال: فنظرت، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.» رواه أبو داود بإسناد صحيح. (4) تجنيب اليد من العبث بالفرج بقصد أو بغير قصد. (5) البعد عن الاستغراق في التفكير في الشهوات والنساء، ومحاولة طرد الشيطان والأفكار، بتغير الفكرة بسرعة بتذكر حادث تصادم سيارة مثلا، أو حادثة قتل أو مرض مات به الأب أو الأم أو أحد الأقرباء، أو موقف محرج فإن سكن قلبك فتذكر القيامة والحساب والعرض على من لا تخفى عليه خافية، مع الاستعانة بذكر الله تعالى {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. (6) من المهم جدا عند الاستحمام ودخول الحمام وعند إزالة شعر العانة ألا يركز الإنسان بصره إلى عورته متأملا حتى لا تذهب به الأفكار يمينا ويسارا.

(7) يجب تجنب المجاهرة والمفاخرة بالفاحشة والإسراع بالتوبة من كل فحش ولا يذكره إلا لربه رجاء المغفرة، وألا يحكي الشاب للناس بلواه، وأن يستر على نفسه، كما يجب ألا يستمع إلى غيره بل يعرض عنه، لأن في ذلك إيقاظا لنار الشهوة ولهيبها، وقد كنا نرى شبابا يتفاخر بأنه يعرف عددا من النسوة، وما من امرأة في الحي إلا وطئها ويعتبر نفسه صيادا ماهرا في نصب الشباك للفتيات ولا يدري المسكين أنه يعرض نفسه للغضب واللعن من الله وأنه على خطر عظيم وشر مستطير إذا مات على فخره، ومجاهرته بالعصيان. لأن المجاهر متجرئ لا يستحي من الله ولا من الناس لذلك حرم العافية من دون الأمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله عليه فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عليه» [متفق عليه] .

ومن هذا الصنف المجاهر أيضا الذي يحدث بما يحدث بينه وبين زوجته وينشر سرها بين أصدقائه، وكثير من الشباب يتجمع حول زميل لهم حديث عهد بزواج ويسألونه ماذا فعلت؟ وماذا فُعل بك؟ رأيت وشاهدت؟ فيحكي الديوث الذي لا يغار عرضه وأهله لهم ويصف، حتى لكأنهم يرونه يجامع زوجته وربما يحكي لشباب لم يتزوجوا بعد فماذا تكون النتيجة؟ سبحان الله؟ ! وكأننا لم نخلق إلا للشهوة ولكل ما يؤدي إليها. شباب فارغ أجوف لا دور له في الحياة إلا تخريبها، وكل همه منها إرضاء فرجه وشهوته، وأسأل من المسؤول أمام الله عن ضياع هذا الشاب؟ ! ! ولا عجب أن يتمكن العدو منا وتسبح طائراته فضاء كرامتنا ونحن ننظر إليها خاشعين من الذل. (8) لتحذر النساء من التكشف غير المشروع

في التجمعات النسائية كحدائق الألعاب والأفراح وما يسمونه بحمامات النساء، فليس معنى أن الحمام نسائي أن تتكشف المرأة كيفما أرادت، فأين تقوى الله ومراقبة الجليل؟ وليراجع ما سبق في باب عورة المرأة على المرأة. (9) أخي الشاب: تجنب المزح المثير للشهوة مهما خلصت النيات، بالتصريح أو بالكناية، وبعض الشباب بل والنساء يتحسس شعر أخيه أو تتحسس المرأة شعر أختها كلما قابلتها كل صباح فإذا وجد به بلل قيل أنت اليوم مغتسلة، كناية عن أنها جامعها زوجها البارحة، ويحدث نفس الشيء بين الرجال، فماذا يحدث إذا سمع المراهقون والمراهقات هذا المزح السخيف؟ وهو بالجملة لغو وكلام باطل لا يليق بالمسلمين والله تعالى يقول عن أهل الفلاح {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3] وإن كثرة المزح تميت القلب حتى يكاد ينزلق اللسان، وينطق بكلمات من سخط الله، فيهوي قائلها

بها في النار سبعين سنة كما أخبر رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -. وقاموس الشباب مليء بآلاف من كلمات وعبارات المزح التي يمس الكثير منها الشرع الشريف فضلا عن إثارة الشهوات وإشاعة الفاحشة ولن أضرب أمثلة لقبحها. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19] ويزداد الأمر قبحا وحمقا عندما تجد من يفعل المزاح المحرم يبرر لنفسه بكل بساطة أنه مرح ويحب النكتة وأنه ينتمي إلى شعب يحب المرح وغير معقد، ويعتبر أن ترك اللغو والتأدب في اللفظ والحديث ضرب من التعقيد. (10) والحذر كل الحذر مما تمادى فيه الناس من السب والشتم والتنابز بالألقاب والأسماء القبيحة للعورات والفروج، سواء كان السب في حالة الغضب أو المزاح فلقد صار الناس يستبون بفروج الأمهات وأدبار الآباء وبالاسم القبيح لعملية الاتصال الجنسي وألفاظ أخرى

كثيرة وقبيحة أصبحت على الألسنة أسهل من بلع الريق وشرب الماء. وبعض الناس يسمي نباتا يخرج من الأرض باسم (فرج الأرض) ولكن بالاسم القبيح، وبعضهم إذا أراد أن يعبر عن أن فلانا جاءهم خالي اليد ولم يعطهم شيئا فيقول جاءنا فلان بفرج الحمار ويذكر الكلمة القبيحة. حياة كثير من الناس صارت على هذا الغرار، فأين الحياء من الله؟ ! وللأسف فإن الأبناء والبنات يشبون على هذه الضلالات والبذاءات. وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ما كان عوده أبوه والذنب والوزر كل الوزر على من سن تلك السنة السيئة. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء» رواه مسلم عن جرير بن عبد الله.

(11) أخي الشاب: إذا لم تستطع أن تخلو مع ربك بصلاة أو بقراءة القرآن أو أي عبادة فحاول جاهدا ألا تجلس أو تسكن أو تبيت أو تسافر وحدك، فإن الوحدة في هذه الحال تجعل الشيطان يجد منك الفريسة السهلة واللقمة السائغة فيلعب بك الألاعيب ويذهب بك كل مذهب، فلا تسافر وحدك ولا تنم وحدك وخاصة في الليل، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم ما سافر راكب بليل وحده» رواه البخاري عن ابن عمر. (12) إذا كنت تقيم في مكان تحاصرك فيه المعصية فلا دواء في هذه الحال أنجح وأنفع من ترك هذا المكان بسرعة مهما كان فيه من مغريات ومنافع فكلها لا تعادل غضب الله ولا تضاهي عذاب القبر لحظة واحدة أو غمسة في النار كذلك، وقد قال يوسف الصديق - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [يوسف: 33] وكذلك الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا؛ حينما أراد أن يتوب كانت النصيحة له بأن يترك القرية التي هو

فيها وينتقل إلى غيرها فإن فيها أهل صلاح يعينونه على ألا يقع في المعصية. (13) يجب الحذر من الآراء التي تشيع أن عدم إنزال المني ضرر وخطر على المني والصحة النفسية، ويدلل أصحابهما على ما يقولونه عندما يرون الملتزمين بأدبهم وحيائهم ووقارهم معتبرين أن ذلك نوعا من الأمراض النفسية الناجمة عن الكبت وعدم إخراج المني الزائد، والدين والطب يكذب ذلك كله. قال تعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33] فأمرهم سبحانه وتعالى بالعفة والصبر وتقوى الله حتى يجعل الله لهم مخرجا، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالزواج لمن قدر عليه لتحصين الفرج، ثم وصف الصوم لمن لم يقدر على الزواج فإن الصوم ينهي تطلعه إلى الشهوة وإثارتها. والمبدأ الشرعي بَيَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «لا ضرر ولا ضرار» فهل يترك ربنا سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - الضرر

والخطر والأذى يلحق بالناس دون أن يشير إليه أدنى إشارة؟ وهو القائل سبحانه في دفع الأذى عن الناس {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] ؟ وهل بقي مجال للمدعين أنهم علماء الصحة النفسية والجنسية ليستدركوا على الله ورسوله ويفتحوا الطريق للانحراف والمعصية. رأي الطب: وبسؤال المتخصصين الحاذقين في هذا المجال سألنا الدكتور / أحمد ندا، استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية بمستشفى أجياد العام بمكة المكرمة فقال باختصار شديد: إن الله سبحانه وتعالى جعل الجسم يعادل نفسه بنفسه، وليس في الجسم شيء اسمه (يتراكم) ، فالزائد عن حاجة الجسم من المني يخرج في صورة احتلام، والزائد في الماء يخرج بولا وعرقا، والزائد في الطعام يخرج غائطا، وهكذا فإنها معادلة أجراها الخلاق العليم.

وطالما أن المسلم يعمل فإن الطاقة تتحول من احتقان في البروستاتا إلى طاقة عملية نافعة، لذلك تجد الشخص الذي لا يعمل يحتلم بنسبة أكبر من الذي يبذل جهدا وطاقة، وبالجملة فلا ضرر من ترك الأمر على طبيعته، بل الضرر في عكس ذلك، فإذا حاول الإنسان الإنزال بيده فإنه عرضة للإصابة بالتهاب البروستاتا، بل التأثير على المخ والذهن والحالة النفسية يكون من جراء ممارسة هذه الأعمال. فهل وافق الطب الدين أم بقيت وصفة للعرافين؟ ! (14) التعلق بما عند الله سبحانه من النساء الحور العين وأوصافهن المذهلة، وقد أعد الرحمن ذلك للمتقين، فكلما رأى الشاب امرأة حسناء فقال إن لي في الجنة أفضل منك آلاف المرات مع دوام العشرة في الجنة ودوام اللذة والمتعة، فلا أريد أن أضيع نصيبي في الجنة وحورها بنظرة أو لذة محرمة، مقطوعة وممنوعة. وهذه بعض الأسئلة، يطرحها الشاب على نفسه ويطلب من نفسه الإجابة عليها، وسأساعده بوضع ثلاث إجابات على كل سؤال وعليه هو فقط أن يختار الإجابة الصحيحة.

أسئلة لمن يعاني آلام الشهوة يجيب عليها بنفسه

[أسئلة لمن يعاني آلام الشهوة يجيب عليها بنفسه] السؤال الأول: أمرني الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - باجتناب الفواحش فلم أستجيب؟ 1 - فأنا أحب الله ورسوله. 2 - أدعي فقط حبهما. 3 - لا أحبهما. السؤال الثاني: زين لي الشيطان الفواحش فأوقعني فيها، فأنا؟ 1 - ولي للشيطان. 2 - ولي لله. 3 - ولي لله وولي للشيطان. السؤال الثالث: لو قلنا إن الفواحش بئر مليء بالقاذورات والخبائث والنجاسات، فإن الشيطان: 1 - يلقي بي في هذا البئر. 2 - لا يرميني فيه. 3 - يحذرني من الوقوع فيه. السؤال الرابع: كلما ظهر لي فاحشة فعلتها، مع تركي

للواجبات الشرعية؟ 1 - فأنا إنسان متواضع. 2 - إنسان حقير. 3 - أستحق الحياة. السؤال الخامس: الحيوانات بالفطرة لا تعصي الله، وأنا أعصيه الليل والنهار؟ 1 - فأنا أفضل من الحيوان. 2 - فأنا حيوان. 3 - الحيوان أفضل مني. السؤال السادس: علمت أن فعل الفواحش سيرتد على أهل بيتي ولم أبتعد عنها؟ 1 - فأنا إنسان غيور. 2 - ديوث لا يغار. 3 - طويل البال. السؤال السابع: مظهري أمام الناس إنسان محترم وفي الخفاء غير ذلك؟

1 - فهذه أمانة. 2 - شجاعة. 3 - خيانة. السؤال الثامن: إذا لم ألتزم بتعاليم الإسلام التي تبعد عن الفاحشة فسيشب أولادي؟ 1 - على الفضيلة. 2 - على الرذيلة. 3 - على الدعوة إلى الله. السؤال التاسع: صاحب الفاحشة والعلاقات المشبوهة؟ 1 - يزداد حبه لامرأته. 2 - يزهد فيها. 3 - ينصحها في الله. السؤال العاشر: الواقع في الفواحش تجد بيته؟ 1 - أقرب إلى الالتزام. 2 - أقرب إلى الضياع. 3 - أقرب إلى الناس.

ثم مع اختيار الإجابة الصحيحة بإنصاف سيجد الواقع في الفواحش أن شخصيته هي أدنى شخصية؛ فهو إنسان: 1 - يدعي حب الله ورسوله ولو صدق في حبهما لأطاعهما. 2 - ولي للشيطان. 3 - يلقي به الشيطان في الأوحال والنجاسات ويمرغه فيها. 4 - إنسان حقير. 5 - الحيوان أفضل منه. 6 - ديوث لا يغار على أهل بيته. 7 - خائن ينتهك أعراض الآخرين وهم يحسبونه صديقا. 8 - يتربى أولاده على الرذيلة. 9 - يزهد في امرأته لأنه وجد البديل. 10 - بيته عرضة للضياع والانحراف. فقل لي بربك: هل يقبل إنسان أن تجتمع فيه هذه الخصال؟ !

الفصل السادس تقرير طبي عن الأمراض التي تسببها الفواحش

[الفصل السادس تقرير طبي عن الأمراض التي تسببها الفواحش] [مدخل] الفصل السادس: (تقرير طبي) عن الأمراض التي تسببها الفواحش " الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: فقد طلب مني مؤلف الكتاب - حفظه الله - أن أكتب تقريرا مصغرا عن الأمراض التي تسببها الفواحش فوافقت على الفور لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ونشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة. وأقدم بين يدي حديثي بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه ابن ماجه وصححه الألباني (106) في السلسلة الصحيحة: عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر المهاجرين: خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في

قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا. .» الحديث، وهذا هو القدر من الحديث الذي نريد أن نتحدث عنه، وأستعين بالله فأقول: الأمراض التناسلية في المقام الأول محصلة - أو قد تقول فاتورة - الفوضى الجنسية، وأقصد الاختلاط والتساهل والدعارة والبغاء، تلك البلايا التي تجتاح العالم إلا من رحم الله، ولقد وضعت الشرائع السماوية قوانين وقيما تحمي بها الإنسان من هذه الفوضى وتحافظ على كرامته، فطوبى لمن يتمسك بالدين، وخير الأديان وأبقاها وأشملها هو ديننا الإسلامي الحنيف، والزواج المبكر يؤدي إلى العفة والبعد عن كل هذه الأمراض، والحلال يجعل العلاقة بين الذكر والأنثى علاقة مرتبة، نظيفة بعيدة عن الاضطرابات، علاقة شرعها الله تعالى، تقوم على التفهم والثقة وعدم الخوف وكذلك الاحترام المتبادل بين الزوجين.

الفواحش والإصابة بالأمراض

وعليه، لا تنتشر الأمراض، وإذا أصيب أحد الطرفين فيمكن محاصرة المرض وعلاجه بدون خجل وبالتالي نحافظ على النشء والأجيال المتعاقبة من البشر. [الفواحش والإصابة بالأمراض] الفواحش والإصابة بالأمراض: تنتقل الأمراض التناسلية أساسا وبنسبة عالية عن طريق الاتصال الجنسي غير المشروع، ومنها: الإيدز، الزهري، السيلان، التهاب مجرى البول الحاد والمزمن، التهاب البروستاتا الحاد والمزمن، التهاب المهبل والأعضاء التناسلية للأنثى، والهربز، والجرب، وقمل العانة، والفطريات الجلدية. . وغير ذلك. [أولا الإيدز تعريفه كيفية انتقاله مضاعفاته] أولا: الإيدز: (تعريفه - كيفية انتقاله - مضاعفاته) كلمة الإيدز بالإنجليزية، والسيدا بالفرنسية، وبالعربية: (متلازمة العوز المناعي المكتسب) يعني: فقدان جسم الإنسان القدرة على مقاومة الأمراض في

الطبيعية ويصبح جسم الإنسان عرضة للإصابة بعديد من الجراثيم والفطريات والأورام. ويوجد فيروس الإيدز في أنسجة وسوائل الجسم المصاب وخاصة في الدم والمني والإفرازات المهبلية. أما عن انتقال المرض فعن طريق الاتصال الجنسي المحرم بين الذكور والذكور، وبين الذكور والإناث. وهناك عوامل وممارسات تزيد من خطر العدوى مثل تعدد قرناء السوء وأماكن البغاء التي يتردد عليها أكثر من شخص ويكون هناك من هو مصاب بينهم فتنتشر العدوى. وهناك طرق أخرى مثل استعمال الإبر غير المعقمة أكثر من مرة ويرتفع معدل العدوى بين مدمني المخدرات الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحقن بإبر ملوثة، وكذلك تحدث العدوى من الأم للجنين أثناء الحمل أو الولادة أو بعد الولادة. ونهاية هذا المرض الحتمية هي الموت -بإذن الله تعالى -

ثانيا الزهري

والوقاية والتمسك بالطرق الشريفة المشروعة ومحاربة الفاحشة هو الحل والعلاج. [ثانيا الزهري] ثانيا: الزهري: وهذا أيضا مرض خطير ينتج عن ممارسات الجنس الشاذة، ويظهر المرض على مراحل وينتشر في الجسم في المراحل الثانوية وتظهر بثورات على الجلد وكيس الصفن وقرح كذلك حول الشرج والفم، وخطورة هذا المرض أنه ينتشر في جميع أنحاء الجسم، وإذا لم يشخص في مرحلته الأولى - حيث أنه يتشابه مع بعض الأمراض الجلدية الأخرى العادية - فيعالج على أنه مرض بسيط وإذا به يستفحل وينتقل إلى الكبد ويسبب أوراما وسرطانا ويمتد إلى العمود الفقري ويسبب شللا، وإلى الأعصاب ويسبب رعشة دائمة في الأطراف وعدم تحكم، وقد ينتشر إلى الرئة والقلب ويؤدي إلى الوفاة، وإن كان هذا المرض قد تراجع كثيرا في انتشاره، بعد التقدم في سبل التشخيص والعلاج.

ثالثا الهربز

[ثالثا الهربز] ثالثا: الهربز (هربز جينتالس) وهذا لا يهدد الحياة، وينتقل عن طريق الاتصال الجنسي المحرم ويصيب الأعضاء التناسلية في الجنسين على القضيب وكيس الصفن والمهبل على شكل بثورات وفقاقيع وقروح تسبب آلاما مبرحة حتى تنتهي. [رابعا السيلان أعراضه كيفية الإصابة به مضاعفاته] رابعا: السيلان (أعراضه - كيفية الإصابة به - مضاعفاته) هذا مرض منتشر في أوساط الفسقة والعاهرات، ويسمى عند البعض باسم (الردة) لأن المرض يرتد ويعاود الشخص المتردد على عمل الفاحشة، بالرغم من العلاج، ويصيب الجهاز البولي والتناسلي للرجل والمرأة، وتنتقل العدوى من المصاب إلى السليم عن طريق اللواط، وعند الزنا ينتقل للمرأة، والمرأة بدورها تنقله إلى زان آخر، ولا تشعر المرأة بأعراضه إلا متأخرا وذلك لطبيعتها الفسيولوجية من حيض وإفرازات مهبلية، أما الرجل فسرعان ما يشعر بالتهاب في القضيب وإفرازات عفنة، وحرقان شديد وكثر الإفرازات وتكون ذات

رائحة كريهة، وإذا لم يكتشف المرض ويعالج ويمتنع الشخص من التردد على هذه الفواحش فإن المرض يستفحل وينتقل الميكروب إلى غدة البروستاتا والحوصلات المنوية ومجرى البول والمثانة ويسبب ضيقا في مجرى البول وأضرارا بالجهاز البولي، وقد يحتاج المريض لعدة عمليات معظمها لا يكلل بالنجاح في أحسن مراكز جراحات المسالك، فضلا عن العقم والحرمان من الذرية. والطفل الذي يولد وأمه مصابة قد يصاب عند الولادة، وقد يؤثر هذا المرض على المبيض والرحم ويسبب العقم، وهناك مضاعفات أخرى في سائر أنحاء الجسم والمفاصل إذا لم يعالج المريض بسرعة وبحكمة، ويجب ألا يعود ويرتد لفعلته حتى لا تتكرر المشكلة ويزمن المرض ويكون علاجه صعبا وبلا فائدة. مضاعفات سلوكية واجتماعية للسيلان: المصاب بهذا المرض إذا أدمن الفاحشة ترى المروءة والشجاعة قد انعدمت من شخصيته، وتراه يتصرف

خامسا التهاب البروستاتا الحاد والمزمن

تصرف الجبناء، ويكذب ولا يفي بوعد، غير طاهر، لا يصلي، لا يصوم، لا يفرق بين حلال وحرام، نفسيته محطمة، يقبل على فعل الجرائم بلا مبالاة، وإن كان متزوجا ويعول ترى الضياع في أسرته. [خامسا التهاب البروستاتا الحاد والمزمن] خامسا: التهاب البروستاتا الحاد والمزمن: وهذا المرض خاص بالرجال دون النساء حيث أن غدة البروستاتا لا توجد إلا في الرجال، وهذه الغدة هي التي تفرز المادة المنوية وتوجد في بداية مجرى البول وتحيط به، ونرى كثيرا من حالات التهاب البروستاتا المزمن بين الشباب، وتستمر معهم حتى تنتهي الغدة بالتليف وانسداد مجرى البول، وقد تنتهي بفشل كلوي. العادة السرية ومشاركتها في حدوث المرض: والتهاب البروستاتا عقاب سماوي للشخص الذي أسرف على نفسه في ممارسة الرذيلة، لواطا أو زنا أو انغماسا شديدا في العادة السرية.

ونرى كثيرا من الشباب الذين يسافرون إلى بلاد الكفر والإباحية يرجعون مصابين بعدة أمراض منها التهاب البروستاتا والشعور بحرقان وصعوبة عند التبول، وسلس بولي وآلام شبه مستمرة بالعضو الذكري، وسرعة القذف، وعدم الشعور بتفريغ المثانة كليا، هذا غير الإفرازات المنفرة، واضمحلال جنسي، وقد يؤدي إلى ارتخاء، وإلى العقم وفقدان الذرية. وإذا استمرت الإصابة بالمرض لسنين عدة رغم العلاج فإن العامل النفسي يظهر ويؤدي إلى الشعور بالإحباط وعدم السعادة في الحياة، هذا وقد تصاب المثانة ومجرى البول، وقد يتوغل المرض ويصيب الحالبين والمثانة والكليتين وتكون النهاية الفشل الكلوي. ستوى3 الحالة النفسية الناتجة عن الفواحش الحالة النفسية الناتجة عن الفواحش: لقد أصبح الشباب يخاف من الزواج، مترددا، والذي مارس الرذيلة في شبابه وأسرف على نفسه،

أصبح يشك في كل امرأة حوله، وأصبح الشعور بعدم الاستقرار والتشتت، ضاعت منه المروءة، وكثر منهم حتى بعد الزواج يعود لأهوائه وأسفاره وشهواته، ويكون الضياع نصيب أسرته بعد ضياعه هو وضعفه الجسدي والعقلي وتشتته النفسي، وتكون النتيجة المحتومة: شباب منغمس في الفاحشة، بيت ضائع لا رقابة عليه، انحراف الزوجة والأبناء، وشابات تهرم ولا تجد الموجه والزوج الصالح، فما هو المصير؟ يدب الضعف في المجتمع ويكون التقهقر للأمة، وتظهر الجريمة والسرقة والقتل والإدمان. مستوزى3 نداء إلى الأمة الإسلامية

نداء إلى الأمة الإسلامية: ثم وجه الدكتور / أحمد ندا، إلى العالم الإسلامي نداء فقال - حفظه الله -: إن هذه الأمراض كانت ولا تزال نتيجة حتمية لعدم التمسك بالدين واتباع سنن المرسلين، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو على الأقل إهماله، فلو لم يحدث الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات والأسواق والمكاتب والمواصلات ما التهبت شهوة الشباب، ولو لم تكن وسائل الإغراء من مجلات خليعة وصور فاضحة وسينما ومسرح وعاهرات وراقصات وملاهي ماجنة ما ضل الشباب والشابات طريقهم وما أعماهم التقليد. وعالمنا الإسلامي للأسف أصبح يستورد كل ما هو سهل لإشباع رغباته وشهواته وغرائزه، وأصبح عدونا وعدو ديننا من يهود ونصارى ومجوس يصدر إلينا كل ما ينأى بنا عن الفضيلة ويدنو بنا إلى الرذيلة من أفلام

الحل

خليعة وغناء محرم وآلات الطرب وأحدث ما أنتجته مصانعه من الأشرطة والفيديو ورذائل الأخلاق والموضات والألبسة الفاسقة، وما ينقله إلينا من أشياء تثير الغريزة وتجعل الشباب يهيمون بحثا عن الفريسة بعد أن رأى ما أثار شهوته. وحظر عنا أعداؤنا العلم النافع كصناعة الأسلحة والأدوية والإلكترونيات، وأصبحت الأمة المسلمة لا حول لها ولا قوة، تتداعى عليها الأمم في كل مكان ومن كل حدب وصوب ونحن نرى فقط ونسمع ولا نتحرك لأننا فقدنا القدرة على الحركة، وإلى متى، وما هو الحل؟ ! [الحل] الحل: بالرجوع الصحيح العاجل إلى الله تعالى والتمسك بشرائعه قبل أن يفجأنا الجبار بأكثر مما نحن فيه. . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. د. أحمد عبد الحميد محمد ندا استشاري جراحة المسالك البولية والتناسلية مستشفى أجياد العام، مكة المكرمة

خاتمة وفي خاتمة هذا البحث أذكر نفسي وغيري بقوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] ألا فلنعمل الصالحات ونجتنب الفواحش والموبقات ليرضى عنا رب الأرض والسماوات. فقد رأينا كيف تكون عاقبة البعد عن الله وارتياد الطرق المعوجة المشبوهة، والعتو عن أمر الله سبحانه، وسوء الخاتمة والعذاب الأليم لمن كان هذا شأنه. {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا - فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا} [الطلاق: 8 - 9] فمن رجى رحمة ربه فإليه يعود، فباب رحمته مفتوح

غير موصود، وليكن سعيه من بعد حميدا، وفعله رشيدا، وقوله سديدا. فإذا كان هذا حالنا رفع الله عنا الذل والضنى، والوبا والخنا، وصب علينا البركات صبا، ولم يجعل عيشنا كدا، وكان لنا نصيرا وسندا. وبعد. . فهذا جهد المقل وبضاعته المزجاة، قصدت به وجه الإله، ثم النصح لمن كانت الفاحشة بلواه، والتنبيه لمن عافاه مولاه. سائلا مولاي وخالقي أن يسدد قصدي، وينفعني به ومن بعدي، والباب مفتوح والصدر مشروح، لمن أراد أن يصحح خطأ، أو يقدم خيرا، وأفضلهم عندي من أهدى إلي عيبي.

ولقد ختمتُ بِذَا الختامِ مقالتي ... وعلى الإله توكُّلي وثنائي إنْ كانَ توفيقٌ فمن ربِّ الورى ... والعجزُ للشيطان والأهواءِ في حينها أدعو الذي بدعائه ... يمحو الخَطَا ويزيدُ في النعماءِ سبحانك اللهم ثم بحمدكَا ... أستغفركْ وأتوبُ من أخطائي أبو محمد جمال بن عبد الرحمن إسماعيل مكة المكرمة: ص. ب: 2035 شعبان 1417 هـ القاهرة: 2989845 منيا القمح - شرقية: 663674 / 055

§1/1