همع الهوامع في شرح جمع الجوامع

السيوطي

الجزء 1

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم [مُقَدّمَة همع الهوامع للمؤلف] يَقُول عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر السُّيُوطِيّ الشَّافِعِي - لطف الله تَعَالَى بِهِ - سُبْحَانَكَ! لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك وأصلي وَأسلم على مُحَمَّد أفضل من خصصته بِروح قدسك وَبعد فَإِن لنا تأليفا فِي الْعَرَبيَّة جمع أدناها وأقصاها وكتابا لم يُغَادر من مسائلها صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا أحصاها ومجموعا تشهد لفضله أَرْبَاب الْفَضَائِل وجموعا قصرت عَنهُ جموع الْأَوَاخِر والأوائل حشدت فِيهِ مَا يقر الْأَعْين ويشنف المسامع وأوردته مناهل كتب فاض عَلَيْهَا همع الهوامع وَجمعته من نَحْو مائَة مُصَنف فَلَا غرو أَن لقبته جمع الْجَوَامِع وَقد كنت أُرِيد أَن أَضَع عَلَيْهِ شرحا وَاسِعًا كثير النقول طَوِيل الذيول جَامعا للشواهد والتعاليل معتنيا بالانتقاد للأدلة والأقاويل منبها على الضوابط وَالْقَوَاعِد والتقاسيم والمقاصد فَرَأَيْت الزَّمَان أضيق من ذَلِك ورغبة أَهله قَليلَة فِيمَا هُنَالك مَعَ إلحاح الطلاب عَليّ فِي شرح يرشدهم إِلَى مقاصده ويطلعهم على غَرَائِبه وشوارده فنجزت لَهُم هَذِه العجالة الكافلة بِحل مبانيه وتوضيح مَعَانِيه وتفكيك نظامه وتعليل أَحْكَامه مُسَمَّاة بهمع الهوامع فِي شرح جمع الْجَوَامِع ... وَالله أسأَل أَن يبلغ بِهِ الْمَنَافِع ويجعلنا مِمَّن يسابق إِلَى الْخيرَات ويسارع بمنه وَكَرمه

مقدمة جمع الجوامع

[مُقَدّمَة جمع الْجَوَامِع] أحمدك اللَّهُمَّ على مَا أسبغت من النعم وأصلي وَأسلم على نبيك الْمَخْصُوص بجوامع الْكَلم وعَلى آله وَصَحبه مَا قَامَ بِالنَّفسِ ضمير وأعرب عَنهُ فَم وأستعينك فِي إِكْمَال مَا قصدت إِلَيْهِ من تأليف مُخْتَصر فِي الْعَرَبيَّة جَامع لما فِي الْجَوَامِع من الْمسَائِل وَالْخلاف حاو لوجازة اللَّفْظ وَحسن الائتلاف مُحِيط بخلاصة كتابي (التسهيل) (والارتشاف) مَعَ مزِيد واف فائق الانسجام قريب من الأفهام وَأَسْأَلك النَّفْع بِهِ على الدَّوَام (ص) : وينحصر فِي مُقَدمَات وَسَبْعَة كتب (ش) : الْمُقدمَات فِي تَعْرِيف الْكَلِمَة وأقسامها وَالْكَلَام والكلم وَالْجُمْلَة وَالْقَوْل وَالْإِعْرَاب وَالْبناء والمنصرف وَغَيره والنكرة والمعرفة وأقسامها وَالْكتاب الأول: فِي الْعمد وَهِي المرفوعات وَمَا شابهها من مَنْصُوب النواسخ وَالثَّانِي: فِي الفضلات وَهِي المنصوبات وَالثَّالِث: فِي المجرورات وَمَا حمل عَلَيْهَا من المجزومات وَمَا يتبعهَا من الْكَلَام على أدوات التَّعْلِيق غير الجازمة وَمَا ضم إِلَيْهَا من بَقِيَّة حُرُوف الْمعَانِي وَالرَّابِع: فِي العوامل فِي هَذِه الْأَنْوَاع وَهُوَ الْفِعْل وَمَا ألحق بِهِ وَختم باشتغالها عَن معمولاتها وتنازعها فِيهَا

وَالْخَامِس: فِي التوابع لهَذِهِ الْأَنْوَاع وعوارض التَّرْكِيب الإعرابي من تَغْيِير كالإخبار والحكاية وَالتَّسْمِيَة وضرائر الشّعْر وَهَذِه الْكتب الْخَمْسَة فِي النَّحْو وَالسَّادِس فِي الْأَبْنِيَة وَالسَّابِع: فِي تغييرات الْكَلم الإفرادية كالزيادة والحذف والإبدال وَالنَّقْل والإدغام وَختم بِمَا يُنَاسِبه من خَاتِمَة الْخط وَهَذَا تَرْتِيب بديع لم أسبق إِلَيْهِ حذوت فِيهِ حَذْو كتب الْأُصُول وَفِي جعلهَا سَبْعَة مُنَاسبَة لَطِيفَة مَأْخُوذَة من حَدِيث ابْن حبَان وَغَيره إِن الله وتر يحب الْوتر أما ترى السَّمَوَات سبعا وَالْأَيَّام سبعا وَالطّواف سَبْعَة الحَدِيث

الكلمة حدها وأقسامها

[الْكَلِمَة حَدهَا وأقسامها] [الْكَلَام فِي الْمُقدمَات] ص الْكَلِمَة قَول مُفْرد مُسْتَقل وَكَذَا منوي مَعَه على الصَّحِيح وَشرط قوم كَونه حرفين ش الْكَلِمَة لُغَة تطلق على الْجمل المفيدة قَالَ الله تَعَالَى {وَكلمَة الله هِيَ الْعليا} التَّوْبَة 40 أَي لَا إِلَه إِلَّا الله {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم أَلا نعْبد إِلَّا الله} آل عمرَان 64 {كلا إِنَّهَا كلمة هُوَ قَائِلهَا} الْمُؤْمِنُونَ 100 إِشَارَة إِلَى قَوْله {رب ارْجِعُونِ} الْمُؤْمِنُونَ 99 وَمَا بعده فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ الْكَلِمَة الطّيبَة صَدَقَة وَأفضل كلمة قَالَهَا شَاعِر كلمة لبيد (أَلا كلُّ شَيْء مَا خلا اللهََ باطِلُ ... ) وَهَذَا الْإِطْلَاق مُنكر فِي اصْطِلَاح النَّحْوِيين وَلذَا لَا يتَعَرَّض لذكره فِي كتبهمْ بِوَجْه كَمَا قَالَ ابْن مَالك فِي شرح التسهيل وَإِن ذكره فِي الألفية فقد

قيل إِنَّه من أمراضها الَّتِي لَا دَوَاء لَهَا وَقد اخْتلفت عباراتهم فِي حد الْكَلِمَة اصْطِلَاحا وَأحسن حُدُودهَا قَول مُفْرد مُسْتَقل أَو منوي مَعَه فَخرج بتصدير الْحَد بالْقَوْل غَيره من الدوال كالخط وَالْإِشَارَة وبالمفرد وَهُوَ مَا لَا يدل جزؤه على جُزْء مَعْنَاهُ الْمركب وبالمستقل أبعاض الْكَلِمَات الدَّالَّة على معنى كحروف المضارعة وياء النّسَب وتاء التَّأْنِيث وَألف ضَارب فَلَيْسَتْ بِكَلِمَات لعدم استقلالها وَمن أسقط هَذَا الْقَيْد رَأْي مَا جنح إِلَيْهِ الرضي من أَنَّهَا مَعَ مَا هِيَ فِيهِ كلمتان صارتا وَاحِدَة لشدَّة الامتزاج فَجعل الْإِعْرَاب على آخِره كالمركب المزجي وَلم أحتج إِلَى مَا زَاده فِي التسهيل من قَوْله دَال بِالْوَضْعِ مخرجا المهمل لتعبيره بِاللَّفْظِ الشَّامِل لذَلِك وذكري القَوْل الَّذِي يُخرجهُ لما سَيَأْتِي من أَنه الْمَوْضُوع لِمَعْنى وَلذَلِك عدلت إِلَيْهِ وَمَا قيل من أَن ذكر اللَّفْظ أولي لإِطْلَاق القَوْل على غَيره كالرأي مَمْنُوع لعدم تبادره إِلَى الأذهان إِذْ هُوَ مجَاز وَعدلت كاللباب إِلَى جعل الْإِفْرَاد صفة القَوْل عَن جعلهم إِيَّاه صفة الْمَعْنى حَيْثُ قَالُوا وَمِنْهُم ابْن الْحَاجِب وَأَبُو حَيَّان وضع لِمَعْنى مُفْرد لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ الرضي وَغَيره صفته فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا يكون صفة للمعنى بتبعية

اللَّفْظ وسلامته من الِاعْتِرَاض بِنَحْوِ الْخَبَر فَإِنَّهُ كلمة وَمَعْنَاهُ مركب وَهُوَ زيد قَائِم مثلا وَنَحْو ضرب فَإِنَّهُ كلمة وَمَعْنَاهُ مركب من الْحَدث وَالزَّمَان وقدمت الْمُعَرّف على الْمُعَرّف كصنع الْجُمْهُور لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْإِخْبَار عَنهُ وَعكس صَاحب اللب لتقدم الْمُعَرّف عقلا فَقدم وضعا وَمن قَالَ إِن اللَّام فِي الْكَلِمَة للْجِنْس الْمُقْتَضِي للاستغراق وَالتَّاء للوحدة فيتناقضان فقد سَهَا سَهوا ظَاهرا بل هِيَ للماهية والحقيقة وشملت الْعبارَة الْكَلِمَة تَحْقِيقا كزيد وتقديرا كَأحد جزأي الْعلم الْمُضَاف كَعبد الله فَإِن كلا مِنْهُمَا كلمة تَقْديرا إِذْ لَا تَأتي الْإِضَافَة إِلَّا فِي كَلِمَتَيْنِ وَإِن كَانَ مجموعهما كلمة تَحْقِيقا لعدم دلَالَة جزئه على جُزْء مَعْنَاهُ وَشَمل الْمَنوِي المستكن وجوبا كَأَنْت فِي قُم وجوازا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَبْحَث الْمُضمر وَخرج بِقَوْلِي مَعَه مَا نَوَاه الْإِنْسَان فِي نَفسه من الْكَلِمَات المفردة فَإِنَّهُ لَا يُسمى كلمة فِي اصطلاحهم لِأَنَّهُ لم ينْو مَعَ اللَّفْظ وَقَيده فِي التسهيل بقوله كَذَلِك قَالَ إِشَارَة إِلَى الِاسْتِقْلَال ليخرج الْإِعْرَاب الْمُقدر فَإِنَّهُ منوي مَعَ اللَّفْظ وَلَيْسَ بِكَلِمَة لعدم استقلاله وحذفته للْعلم بِهِ لِأَنَّهُ إِذا شَرط ذَلِك فِي اللَّفْظ الْمَوْجُود مَعَ قوته فَفِي الْمَنوِي أولى وَمُقَابل الصَّحِيح فِيهِ مَا نَقله أَبُو حَيَّان وَغَيره أَن صَاحب النِّهَايَة وَهُوَ ابْن الخباز منع تَسْمِيَة الضَّمِير المستكن اسْما قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُسمى كلمة وَذهب قوم إِلَى أَن شَرط الْكَلِمَة أَن تكون على حرفين فَصَاعِدا نَقله الإِمَام

أقسام الكلمة

فَخر الدّين الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره ومحصوله قَالَ ورد عَلَيْهِم بِالْبَاء وَاللَّام وَنَحْوهمَا مِمَّا هُوَ كلمة وَلَيْسَ على حرفين [أَقسَام الْكَلِمَة] ص فَإِن دلّت على معنى فِي نَفسهَا وَلم تقترن بِزَمَان فاسم أَو اقترنت فَفعل أَو فِي غَيرهَا بِأَن احْتَاجَت فِي إِفَادَة مَعْنَاهَا إِلَى اسْم أَو فعل أَو جملَة فحرف فَقَالَ ابْن النّحاس مَعْنَاهُ فِي نَفسه ش الْكَلِمَة إِمَّا اسْم وَإِمَّا فعل وَإِمَّا حرف وَلَا رَابِع لَهَا إِلَّا مَا سَيَأْتِي فِي مَبْحَث اسْم الْفِعْل من أَن بَعضهم جعله رَابِعا وَسَماهُ الخالفة وَالدَّلِيل على الْحصْر فِي الثَّلَاثَة الاستقراء وَالْقِسْمَة الْعَقْلِيَّة فَإِن الْكَلِمَة لَا تَخْلُو إِمَّا أَن تدل على معنى فِي نَفسهَا أَو لَا الثَّانِي الْحَرْف وَالْأول إِمَّا أَن يقْتَرن بِأحد الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة أَو لَا الثَّانِي الِاسْم وَالْأول الْفِعْل وَقد علم بذلك حد كل مِنْهَا بِأَن يُقَال الِاسْم مَا دلّ على معنى فِي نَفسه وَلم يقْتَرن بِزَمَان وَالْفِعْل مَا دلّ على معنى فِي نَفسه واقتران والحرف مَا دلّ على معنى فِي غَيره وَفِي فِي الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة للسَّبَبِيَّة أَي دلّت على معنى بِسَبَب نَفسه لَا بانضمام غَيره إِلَيْهِ وبسبب غَيره أَي انضمامه إِلَيْهِ فالحرف مَشْرُوط فِي إِفَادَة مَعْنَاهُ الَّذِي وضع لَهُ انضمامه إِلَى غَيره من اسْم ك الْبَاء فِي مَرَرْت بزيد أَو فعل ك قد قَامَ أَو جملَة كحروف النَّفْي والاستفهام وَالشّرط وَقد يحذف الْمُحْتَاج إِلَيْهِ للْعلم بِهِ ك نعم وَلَا وك أَن قد وَأما

ذُو وَفَوق وَنَحْوهمَا وَإِن لم تذكر إِلَّا بمتعلقها فَلَيْسَ مَشْرُوطًا فِي إِفَادَة مَعْنَاهَا للْقطع بفهم معنى ذُو وَهُوَ صَاحب من لَفظه وَكَذَا فَوق وَإِنَّمَا شَرط ليتوصل بهَا إِلَى الْوَصْف بأسماء الْأَجْنَاس وب فَوق إِلَى علو خَاص وَقس على هَذَا وَقيل هِيَ للظرفية أَي معنى ثَابت فِي نَفسه وَفِي غَيره أَي حَاصِل فِيهِ ك من فِي نَحْو أكلت من الرَّغِيف فَإِنَّهَا تفِيد مَعْنَاهَا وَهُوَ التَّبْعِيض فِي الرَّغِيف وَهُوَ متعلقها بِخِلَاف زيد مثلا وَمن جعل الضَّمِير الْمُتَّصِل ب نفس وَغير رَاجعا للمعنى كَابْن الْحَاجِب فقد أبعد إِذْ لَا معنى لقولنا مَا دلّ على معنى بِسَبَب نفس الْمَعْنى أَو بِسَبَب غَيره أَو ثَابت فِيهِ أَو فِي غَيره أما الأول فَلِأَن الشَّيْء لَا يدل على مَعْنَاهُ بِسَبَب عين ذَلِك الْمَعْنى وَإِنَّمَا يدل عَلَيْهِ بِسَبَب وَضعه لَهُ وَدلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يَصح أَن يكون الشَّيْء ظرفا لنَفسِهِ وَالْمرَاد بِالزَّمَانِ حَيْثُ أطلق الْمعِين الْمعبر عَنهُ بالماضي وَالْحَال والاستقبال لشهرتها فِي هَذَا الْمَعْنى وَالْعبْرَة بِدلَالَة بِأَصْل الْوَضع فنحو مضرب الشول اسْم لِأَنَّهُ دَال على مُجَرّد الزَّمَان وَكَذَا الصبوح للشُّرْب فِي أول النَّهَار لِأَنَّهُ وَإِن أفهم معنى مقترنا بِزَمَان لكنه غير معِين وَكَذَا اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لِأَنَّهُمَا وَإِن دلا على الزَّمَان الْمعِين فدلالتهما عَلَيْهِ عارضة وَإِنَّمَا وضعا لذات قَامَ بهَا الْفِعْل وَكَذَلِكَ أَسمَاء الْأَفْعَال وَنَحْو نعم وَبئسَ وَعَسَى أَفعَال لوضعها فِي الأَصْل للزمان وَعرض لتجردها مِنْهُ وَمَا ذَكرْنَاهُ من أَن الْحَرْف لَا يدل على معنى فِي نَفسه هُوَ الَّذِي أجمع عَلَيْهِ النُّحَاة وَقد خرق إِجْمَاعهم الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس فَذهب فِي تَعْلِيقه على

خواص الاسم

المقرب إِلَى أَنه يدل على معنى فِي نَفسه قَالَ لِأَنَّهُ إِن خُوطِبَ بِهِ من لَا يفهم مَوْضُوعه لُغَة فَلَا دَلِيل فِي عدم فهم الْمَعْنى على أَنه لَا معنى لَهُ لِأَنَّهُ لَو خُوطِبَ بِالِاسْمِ وَالْفِعْل وَهُوَ لَا يفهم موضوعهما لُغَة كَانَ كَذَلِك وَإِن خُوطِبَ بِهِ من يفهمهُ فَإِنَّهُ يفهم مِنْهُ معنى عملا بفهمه مَوْضُوعه لُغَة كَمَا إِذا خُوطِبَ ب هَل من يفهم أَن موضوعها الِاسْتِفْهَام وَكَذَا سَائِر الْحُرُوف قَالَ وَالْفرق بَينه وَبَين الِاسْم وَالْفِعْل أَن الْمَعْنى الْمَفْهُوم مِنْهُ مَعَ غَيره أتم من الْمَفْهُوم مِنْهُ حَال الْإِفْرَاد بخلافهما فالمفهوم مِنْهُمَا فِي التَّرْكِيب عين الْمَفْهُوم مِنْهُمَا فِي الْإِفْرَاد انْتهى [خَواص الِاسْم] ص فالاسم من خواصه نِدَاء وَنَحْو يَا لَيْت تَنْبِيه وتنوين لَا فِي روى وحرف تَعْرِيف وَإِسْنَاده إِلَيْهِ وَتسمع بالمعيدي على حذف أَن أَو نزل منزلَة الْمصدر وَإِضَافَة وجر وحرفه وبنام صَاحبه على حذف الْمَوْصُوف وعود ضمير واعدلوا هُوَ على الْمصدر الْمَفْهُوم ومباشرة فعل وَهُوَ لعين أَو معنى اسْما أَو وَصفا وَمِنْه مَا سمي بِهِ أَو أُرِيد لَفظه كَلَوْ واللو وَزَعَمُوا مَطِيَّة الْكَذِب وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كنز ش للاسم خَواص تميزه عَن غَيره وعلامات يعرف بهَا وَذكر مِنْهَا هُنَا تِسْعَة أَحدهَا النداء وَهُوَ الدُّعَاء بحروف مَخْصُوصَة نَحْو يَا زيد وَإِنَّمَا اخْتصَّ بِهِ لِأَن الْمُنَادِي مفعول بِهِ فِي الْمَعْنى أَو فِي اللَّفْظ أَيْضا على مَا سَيَأْتِي والمفعولية لَا تلِيق بِغَيْر الِاسْم فَإِن أورد على ذَلِك نَحْو قَوْله تَعَالَى {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ} يس 26 {يَا ليتنا نرد} الْأَنْعَام 27 {أَلا يسجدوا} النَّمْل 25 وَحَدِيث البُخَارِيّ يَا رب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية يَوْم الْقِيَامَة

حَيْثُ دخل فِيهِ يَا على رب وهما حرفان وعَلى اسجدوا وَهُوَ فعل فَالْجَوَاب أَن يَا فِي ذَلِك وَنَحْوه للتّنْبِيه لَا للنداء وحرف التَّنْبِيه يدْخل على غير الِاسْم وَقيل للنداء والمنادي مَحْذُوف أَي يَا قوم وَضَعفه ابْن مَالك فِي تَوْضِيحه بِأَن الْقَائِل لذَلِك قد يكون وَحده فَلَا يكون مَعَه منادى ثَابت وَلَا مَحْذُوف وَمن الْأَسْمَاء مَا لَا دَلِيل على اسميته إِلَّا النداء نَحْو يَا مكرمان وَيَا فل لِأَنَّهُمَا يختصان بالنداء الثَّانِي التَّنْوِين وَسَيَأْتِي حَده وأقسامه الْعشْرَة فِي خَاتِمَة الْكتاب الثَّالِث وَالَّذِي يخْتَص بِالِاسْمِ مِنْهُ مَا عدا الترنم والغالي اللاحقين لروي الْبَيْت وَهُوَ الْحَرْف الَّذِي تعزى لَهُ القصيدة فَإِنَّهُمَا لَا يختصان بِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنَّمَا اخْتصَّ الْبَاقِي بِهِ لِأَن التَّمْكِين فِيهِ للْفرق بَين المنصرف وَغَيره والتنكير للْفرق بَين النكرَة وَغَيرهَا والمقابلة إِنَّمَا يدْخل جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم والعوض إِنَّمَا يدْخل الْمُضَاف عوضا من الْمُضَاف إِلَيْهِ ولاحظ لغير الِاسْم فِي الصّرْف وَلَا التَّعْرِيف والتنكير وَلَا الْجمع وَلَا الْإِضَافَة فَإِن أورد على هَذَا نَحْو قَول الشَّاعِر 1 - (ألامُ على لَوٍّ وَلَو كنت عَالما ... بأذناب لَوّ لم تَفتْني أوائِلُهْ) حَيْثُ أَدخل التَّنْوِين على لَو وَهُوَ حرف فَالْجَوَاب أَن لَو هُنَا اسْم علم للفظة لَو وَلذَلِك شدد آخرهَا وأعرب ودخلها الْجَرّ وَالْإِضَافَة كَمَا سَيَأْتِي ذَلِك فِي مَبْحَث التَّسْمِيَة الثَّالِث حرف التَّعْرِيف إِذْ لاحظ لغي الِاسْم فى التَّعْرِيف وَالتَّعْبِير بذلك أحسن من التَّعْبِير ب أل لشُمُوله لَهَا وللام على قَول من يَرَاهَا وَحدهَا الْمعرفَة ول أم فِي لُغَة طئ ولسلامته من وُرُود أل الموصولة وَأما قَوْله إياك واللو فَإِن اللو تفتح عمل الشَّيْطَان رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ ابْن مَاجَه وَغَيره فَالْجَوَاب عَنهُ كَمَا سبق فِي الْكَلَام على لَو

الرَّابِع الْإِسْنَاد إِلَيْهِ وَهُوَ أَنْفَع علاماته إِذْ بِهِ تعرف اسمية التَّاء من ضربت والإسناد تَعْلِيق خبر بمخبر عَنهُ أَو طلب بمطلوب مِنْهُ ولشموله الْقسم الثَّانِي دون الْإِخْبَار عبرت بِهِ دونه وَسَوَاء الْإِسْنَاد الْمَعْنَوِيّ واللفظي كَمَا حَقَّقَهُ ابْن هِشَام وَغَيره وَغلط فِيهِ ابْن مَالك فِي شرح التسهيل حَيْثُ جعل الثَّانِي صَالحا للْفِعْل والحرف كَقَوْلِك ضرب فعل مَاض وَمن حرف جر ورد بِأَنَّهَا هُنَا اسمان مجردان عَن مَعْنَاهُمَا الْمَعْرُوف لإِرَادَة لَفْظهمَا وَلِهَذَا يحكم على موضعهما بِالرَّفْع على الِابْتِدَاء فَضرب هُنَا مثلا اسْم مُسَمَّاهُ ضرب الدَّال على الْحَدث وَالزَّمَان وَقد صرح ابْن مَالك نَفسه فِي الكافية باسمية مَا أخبر عَن لَفظه حَيْثُ قَالَ (وَإِن نسبتَ لأداةٍ حكمَا ... فَابْن أَو اعربْ واجعلنْها اسْما) وَفِي شرح أَوسط الْأَخْفَش لمبرمان إِذا قلت هَل حرف اسْتِفْهَام فَإِنَّمَا جِئْت باسم الْحَرْف وَلم تأت بِهِ على مَوْضِعه وَهَذَا مَعَ مَا تقدم فِي الْكَلَام على لَو معنى قولي وَمِنْه مَا سمي بِهِ أَو أُرِيد لَفظه وعَلى الثَّانِي يتَخَرَّج قَول الْعَرَب زَعَمُوا مَطِيَّة الْكَذِب وَحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كنز من كنوز الْجنَّة حَيْثُ أسْند إِلَى الْجُمْلَة الفعلية فِي الأول وللاسمية فِي الثَّانِي فَالْمَعْنى فِي الأول هَذَا اللَّفْظ مَطِيَّة الْكَذِب أَي يقدمهُ الرجل أَمَامه كَلَامه ليتوصل بِهِ إِلَى غَرَضه من نِسْبَة الْكَذِب إِلَى القَوْل المحكي كَمَا يركب الرجل فِي مسيره إِلَى بلد مَطِيَّة ليقضي عَلَيْهَا حَاجته وَفِي الثَّانِي هَذَا اللَّفْظ كنز من كنوز الْجنَّة أَي كالكنز فِي نفاسته وصيانته عَن أعين النَّاس

فَإِن قلت فَمَا تصنع بقوله تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ فَإِن الْإِسْنَاد وَقع فِيهِ إِلَى تسمع وَهُوَ فعل وَلم يرد لَفظه فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنه مَحْمُول على حذف أَن أَي أَن تسمع وهما فِي تَأْوِيل الْمصدر أَي سماعك فالإسناد فِي الْحَقِيقَة إِلَيْهِ وَهُوَ اسْم كَمَا هُوَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَن تعفوا أقرب للتقوى} الْبَقَرَة 237 {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} الْبَقَرَة 184 وَنَظِيره فِي حذف أَن قَوْله (أَلا أيُّهذا اللاّئمى أحْضُرُ الوغى ... وَأَن أشهدَ اللَّذَّاتِ هَل أَنْت مُخْلِدي)

فِيمَن رَوَاهُ بِرَفْع أحضر فَإِنَّهُ حذف مِنْهُ أَن لقَرِينَة ذكرهَا فِي الْمَعْطُوف ليَصِح عطفه عَلَيْهِ وَإِلَّا لزم عطف مُفْرد على جملَة وَهُوَ مَمْنُوع أما من رَوَاهُ بِالنّصب فَهُوَ على إِضْمَار أَن لَا حذفهَا والمضمر فِي قُوَّة الْمَذْكُور وَالثَّانِي أَنه مِمَّا نزل فِيهِ الْفِعْل منزلَة الْمصدر وَهُوَ سماعك لِأَنَّهُ مَدْلُول الْفِعْل مَعَ الزَّمَان فَجرد لأحد مدلوليه كَمَا فِي قَوْله 4 - (فَقَالُوا مَا تَشَاءُ فَقلت: ألهو ... ) فَإِنَّهُ نزل فِيهِ ألهو منزلَة اللَّهْو ليَكُون مُفردا مطابقا للمسؤول عَنهُ الْمُفْرد وَهُوَ مَا فِي مَا تشَاء وَلم يحمل على حذف أَن كَمَا فِي الْبَيْت السَّابِق لِأَن قَوْله مَا تشَاء سُؤال عَمَّا يَشَاء فِي الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال وَلَو حمل على حذفهَا لَكَانَ مُسْتَقْبلا فَلَا يُطَابق السُّؤَال وَاعْترض بِجَوَاز أَن يُرَاد أَشَاء فِي الْحَال اللَّهْو فِي الِاسْتِقْبَال وَدفع بِأَن قَوْله فِي تَمَامه (إِلَى الإصباح آثرَ ذِي أثير ... ) يمْنَع ذَلِك الْخَامِس الْإِضَافَة أَي كَونه مُضَافا أَو مُضَافا إِلَيْهِ وَأما نَحْو {يَوْم ينفع الصَّادِقين} الْمَائِدَة 119 فَإِن الْفِعْل فِيهِ مَوضِع الْمصدر السَّادِس وَالسَّابِع الْجَرّ وحرفه وَإِنَّمَا اخْتصَّ بِهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا دخل الْكَلَام ليعدي إِلَى الْأَسْمَاء معنى الْأَفْعَال الَّتِي لَا تتعدى بِنَفسِهَا إِلَيْهَا لاقتضائها معنى ذَلِك

الْحَرْف فَامْتنعَ دُخُولهَا إِلَّا على اسْم بعد فعل لفظا أَو تَقْديرا وَإِذا امْتنع دُخُول عَامل الْجَرّ على كلمة امْتنع الْجَرّ الَّذِي هُوَ أَثَره فَإِن أورد على هَذَا نَحْو قَول الشَّاعِر 5 - (وَالله مَا لَيْلِي بنَامَ صاحبُهْ ... وَلَا مخالطِ اللّيَان جانِبُهْ)

حَيْثُ أَدخل الْبَاء على نَام وَهُوَ فعل بِاتِّفَاق فَالْجَوَاب أَنه على حذف الْمَوْصُوف أَي بلَيْل نَام صَاحبه الثَّامِن عود ضمير عَلَيْهِ وَبِه اسْتدلَّ على اسمية مهما لعود الْهَاء عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى {مهما تأتنا بِهِ} الْأَعْرَاف 132 وَمَا التعجبية لعود ضمير الْفَاعِل المستكن عَلَيْهَا فِي نَحْو مَا أحسن زيدا وأل الموصولة لعوده عَلَيْهَا فِي قَوْلهم قد أَفْلح المتقي ربه فَإِن أورد على هَذَا نَحْو قَوْله تَعَالَى {اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى} الْمَائِدَة 8 حَيْثُ عَاد الضَّمِير إِلَى فعل الْأَمر فَالْجَوَاب أَنه عَائِد على الْمصدر الْمَفْهُوم مِنْهُ وَهُوَ الْعدْل لَا على الْفِعْل نَفسه التَّاسِع مُبَاشرَة الْفِعْل أَي وَلَاؤُه من غير فاصل وَبِذَلِك اسْتدلَّ على اسمية كَيفَ قَالَ تَعَالَى {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك} الْفِيل 1 وَبِه اسْتدلَّ الرياشي على اسمية إِذا فِي قَوْله أَلْقَاك إِذا خرج زيد ثمَّ نبهت على أَن الِاسْم يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام اسْم عين وَهُوَ مَا دلّ على الذَّات بِلَا قيد كزيد وَرجل وَاسم معنى وَهُوَ مَا دلّ على غير الذَّات بِلَا قيد كقيام وقعود وَوصف عين وَهُوَ مَا دلّ على قيد فِي الذَّات كقائم وقاعد وَوصف معنى وَهُوَ مَا دلّ على قيد فِي غير الذَّات كجلي وخفي وَقد يَصح الِاسْم لَهما كبعض الْمُضْمرَات وَالْوَصْف كنافع وضار وَالْمرَاد بِالِاسْمِ هُنَا قسيم الْوَصْف لَا قسيم الْفِعْل والحرف وَلَا قسيم الكنية واللقب وبالمعنى قسيم الذَّات لَا الْمَعْنى الْمَذْكُور فِي أَقسَام الْكَلِمَة السَّابِق فَإِنَّهُ أَعم

أقسام الفعل

وَقَوْلِي وَمِنْه مَا سمي بِهِ إِلَخ فِيهِ لف وَنشر مُرَتّب فالمثلان الْأَوَّلَانِ لما سمي بِهِ والأخيران لما أُرِيد لَفظه فَائِدَة قَوْلهم زَعَمُوا مَطِيَّة الْكَذِب لم أَقف عَلَيْهِ فِي شَيْء من كتب الْأَمْثَال وَذكر بَعضهم أَنه رُوِيَ مَظَنَّة الْكَذِب بالظاء الْمُعْجَمَة وَالنُّون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن صَفْوَان بن عَمْرو الكلَاعِي قَالَ بئس مَطِيَّة الْمُسلم زَعَمُوا إِنَّمَا زَعَمُوا مَطِيَّة الشَّيْطَان وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات من طَرِيق الْأَعْمَش عَن شُرَيْح القَاضِي قَالَ زَعَمُوا كنية الْكَذِب [أَقسَام الْفِعْل] ص وَالْفِعْل مَاض إِن دخله تَاء فَاعل أَو تَاء تَأْنِيث سَاكِنة وَأمر إِن أفهم الطّلب وَقبل نون توكيد وَهُوَ مُسْتَقْبل وَقد يدل عَلَيْهِ بالْخبر وَعَكسه ومضارع إِن بُدِئَ بِهَمْزَة مُتَكَلم فَردا أَو نونه مُعظما أَو جمعا أَو تَاء مُخَاطب مُطلقًا أَو غَائِبَة أَو غائبتين أَو يَاء غَائِب مُطلقًا أَو غائبات ش الْفِعْل ثَلَاثَة أَقسَام خلافًا للكوفيين فِي قَوْلهم قِسْمَانِ وجعلهم الْأَمر مقتطعا من الْمُضَارع وَذكرت مَعَ كل قسم علامته لِأَنَّهُ أبلغ فِي الِاخْتِصَار أَحدهَا الْمَاضِي ويتميز بتاء الْفَاعِل سَوَاء كَانَت لمتكلم أم لمخاطب وبتاء التَّأْنِيث الساكنة وَإِنَّمَا اخْتصَّ بهَا لاستغناء الْمُضَارع عَنْهَا بتاء المضارعة واستغناء الْأَمر بياء المخاطبة وَالِاسْم والحرف بِالتَّاءِ المتحركة قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَقد انْفَرَدت التَّاء الساكنة بلحاقها نعم وَبئسَ كَمَا انْفَرَدت تَاء الْفَاعِل بلحاقها تبَارك ورد الْأَخير بِجَوَاز أَن يُقَال تَبَارَكت أَسمَاء الله الثَّانِي الْأَمر وخاصته أَن يفهم الطّلب وَيقبل نون التوكيد فَإِن أفهمته كلمة وَلم تقبل النُّون فَهِيَ اسْم فعل نَحْو صه أَو قبلتها وَلم تفهمه فَفعل مضارع

وَالْأَمر مُسْتَقْبل أبدا لِأَنَّهُ مَطْلُوب بِهِ حُصُول مَا لم يحصل أَو دوَام مَا حصل نَحْو {يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله} الْأَحْزَاب 1 قَالَ ابْن هِشَام إِلَّا أَن يُرَاد بِهِ الْخَبَر نَحْو ارْمِ وَلَا حرج فَإِنَّهُ بِمَعْنى رميت وَالْحَالة هَذِه وَإِلَّا لَكَانَ أمرا لَهُ بتجديد الرَّمْي وَلَيْسَ كَذَلِك وَقد يدل على الْأَمر بِلَفْظ الْخَبَر نَحْو {والوالدات يرضعن} الْبَقَرَة 233 {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} الْبَقَرَة 228 كَمَا يدل على الْخَبَر بِلَفْظ الْأَمر نَحْو {فليمدد لَهُ الرَّحْمَن مدا} مَرْيَم 75 أَي فيمد الثَّالِث الْمُضَارع ويميزه افتتاحه بِأحد الأحرف الْأَرْبَعَة الْهمزَة وَالنُّون وَالتَّاء وَالْيَاء والتمييز بهَا أحسن من التَّمْيِيز ب سَوف وَأَخَوَاتهَا للُزُوم تِلْكَ وَعدم لُزُوم هَذِه إِذْ لَا تدخل على أهاء وأهلم فالهمزة للمتكلم مُفردا نَحْو أكْرم وَالنُّون لَهُ جمعا أَو مُفردا مُعظما نَفسه نَحْو {نَحن نقص} يُوسُف 3 والكهف 13 وَالتَّاء للمخاطب مُطلقًا مُفردا كَانَ أَو مثنى أَو مجموعا مذكرا أَو مؤنثا للغائبة والغائبتين وَالْيَاء للْغَائِب مُطلقًا مُفردا أَو مثنى أَو مجموعا وللغائبات وَاحْترز من همزَة وَنون وتاء وياء لَا تكون كَذَلِك كأكرم ونرجس الدَّوَاء إِذا جعل فِيهِ نرجسا وَتكلم ويرنأ الشيب خضبه باليرناء وَهُوَ الْحِنَّاء

المضارع

0 -[الْمُضَارع] ص وَهُوَ صَالح للْحَال والاستقبال خلافًا لمن خصّه بِأَحَدِهِمَا ثمَّ الْمُخْتَار حَقِيقَة فِي الْحَال وَثَالِثهَا فيهمَا ش فِي زمَان الْمُضَارع خَمْسَة أَقْوَال أَحدهَا أَنه لَا يكون إِلَّا للْحَال وعليهه ابْن الطراوة قَالَ لِأَن الْمُسْتَقْبل غير مُحَقّق الْوُجُود فَإِذا قلت زيد يقوم غَدا فَمَعْنَاه يَنْوِي أَن يقوم غَدا الثَّانِي أَنه لَا يكون إِلَّا للمستقبل وَعَلِيهِ الزّجاج وَأنكر أَن يكون للْحَال صِيغَة لقصره فَلَا يسع الْعبارَة لِأَنَّك بِقدر مَا تنطق بِحرف من حُرُوف الْفِعْل صَار مَاضِيا وَأجِيب بِأَن مُرَادهم بِالْحَال الْمَاضِي غير الْمُنْقَطع لَا الْآن الْفَاصِل بَين الْمَاضِي والمستقبل الثَّالِث وَهُوَ رَأْي الْجُمْهُور وسيبويه أَنه صَالح لَهما حَقِيقَة فَيكون مُشْتَركا بَينهمَا لِأَن إِطْلَاقه على كل مِنْهُمَا لَا يتَوَقَّف على مسوغ وَإِن ركب بِخِلَاف إِطْلَاقه على الْمَاضِي فَإِنَّهُ مجَاز لتوقفه على مسوغ الرَّابِع أَنه حَقِيقَة فِي الْحَال مجَاز فِي الِاسْتِقْبَال وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَابْن أبي

للمضارع أربع حالات

ركب وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي بِدَلِيل حلمه على الْحَال عِنْد التجرد من الْقَرَائِن وَهَذَا شَأْن الْحَقِيقَة وَدخُول السِّين عَلَيْهِ لإِفَادَة الِاسْتِقْبَال وَلَا تدخل الْعَلامَة إِلَّا على الْفُرُوع كعلامات التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث الْخَامِس عَكسه وَعَلِيهِ ابْن طَاهِر لِأَن أصل أَحْوَال الْفِعْل أَن يَبْكُونَ منتظرا ثمَّ حَالا ثمَّ مَاضِيا فالمستقبل أسبق فَهُوَ أَحَق بالمثال ورد بِأَنَّهُ لَا يلْزم من سبق الْمَعْنى سبقية الْمِثَال [للمضارع أَربع حالات] ص ويرجح الْحَال مُجَردا وَيتَعَيَّن ب الْآن وَنَحْوه وَلَيْسَ وَمَا وَإِن وَلَام الِابْتِدَاء عِنْد الْأَكْثَر والاستقبال بظرفه وَإِسْنَاده لمتوقع وَكَونه طلبا أَو وَعدا مَعَ توكيد وترج ومجازاة وناصب خلافًا لبَعْضهِم مُطلقًا وللسهيلي فِي أَن وَلَو مَصْدَرِيَّة وحرف تَنْفِيس لَا لَام قسم وَلَا نَافِيَة فِي الْأَصَح وينصرف للمضي ب لمَم وَلما وَقيل كَانَ مَاضِيا فغيرت صيغته وَلَو للشّرط وَإِذ وَرُبمَا وَقد للتقليل وَكَونه خبر بَاب كَانَ قيل وَلما الجوابية وَمَا عطف عَلَيْهِ أَو عطف على حَال أَو مُسْتَقْبل أَو مَاض فكهو ش للمضارع أَربع حالات أَحدهمَا أَن يتَرَجَّح فِيهِ الْحَال وَذَلِكَ إِذا كَانَ مُجَردا لِأَنَّهُ لما كَانَ لكل من الْمَاضِي والمستقبل صِيغَة تخصه وَلم يكن للْحَال صِيغَة تخصه جعلت دلَالَته على

الْحَال راجحة عِنْد تجرده من الْقَرَائِن جبرا لما فَاتَهُ من الِاخْتِصَاص بِصِيغَة وَعلله الْفَارِسِي بِأَنَّهُ إِذا كَانَ لفظ صَالحا للأقرب والأبعد فَالْأَقْرَب أَحَق بِهِ وَالْحَال أقرب من الْمُسْتَقْبل وَالثَّانِي أَن يتَعَيَّن فِيهِ الْحَال وَذَلِكَ إِذا اقْترن ب الْآن وَمَا فِي مَعنا ك الْحِين والساعة وآنفا أَو نفي ب لَيْسَ أَو مَا أَو إِن لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة لنفي الْحَال أَو دخل عَلَيْهِ لَام الِابْتِدَاء هَذَا قَول الْأَكْثَر فِي الْجَمِيع وَزعم بَعضهم أَنه يجوز بَقَاء المقرون ب الْآن وَنَحْوه مُسْتَقْبلا لاقتران ذَلِك بِالْأَمر وَهُوَ لَازم الِاسْتِقْبَال نَحْو {فَالْآن باشروهن} الْبَقَرَة 187 وَأجِيب بِأَن اسْتِعْمَالهَا فِي الْمُسْتَقْبل والماضي مجَاز وَإِنَّمَا تخلص للْحَال إِذا اسْتعْملت على حَقِيقَتهَا وَزعم ابْن مَالك أَن الْمَنْفِيّ بِالثَّلَاثَةِ قد يكون مُسْتَقْبلا على قلَّة قَالَ حسان (وَلَيْسَ يَكُون - الدّهرَ - مَا دَامَ يّذْبُلُ ... ) وَقَالَ تَعَالَى {قل مَا يكون لي أَن أبدله من تِلْقَاء نَفسِي إِن أتبع إِلَّا مَا يُوحى إِلَيّ} يُونُس 15 وَأجِيب بِأَن الْكَلَام إِذا لم يكن قرينَة تصرفه إِلَى الِاسْتِقْبَال لفظية أَو معنوية وَزعم ابْن أبي الرّبيع وَابْن مَالك أَن لَام الِابْتِدَاء تُوجد مَعَ الْمُسْتَقْبل قَلِيلا نَحْو {وَإِن رَبك ليحكم بَينهم يَوْم الْقِيَامَة} النَّحْل 124 {إِنِّي ليحزنني أَن تذْهبُوا بِهِ} يُوسُف 13 ف يحزن مُسْتَقْبل لإسناده إِلَى متوقع

وَقَالَ أَبُو عَليّ لَا تُوجد إِلَّا مَعَ الْحَال وَهَذِه حِكَايَة حَال يَعْنِي الْآيَة الأولى وَأول بَعضهم الثَّانِيَة على حذف مُضَاف تَقْدِيره نبتكم أَو قصدكم أَن تذْهبُوا بِهِ الثَّالِث أَن يتَعَيَّن فِيهِ الِاسْتِقْبَال وَذَلِكَ إِذا اقْترن بظرف مُسْتَقْبل سَوَاء كَانَ مَعْمُولا بِهِ أَو مُضَافا إِلَيْهِ نَحْو أزورك إِذا تزورني فالفعلان مستقبلان لعمل الأول فِي إِذا وَإِضَافَة إِذا إِلَى الثَّانِي أَو أسْند إِلَى متوقع كَقَوْلِه 7 - (يَهُولُكَ أَن تموتَ وَأَنت مُلْغ ... لما فِيهِ النّجَاةُ من العَذَابِ) إِذْ لَو أُرِيد بِهِ الْحَال لزم سبق الْفِعْل للْفَاعِل فِي الْوُجُود وَهُوَ محَال أَو اقْتضى طلبا نَحْو {والوالدات يرضعن} الْبَقَرَة 233 {لينفق ذُو سَعَة} الطَّلَاق 7 {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا} الْبَقَرَة 286 أَو وَعدا نَحْو {يعذب من يَشَاء وَيغْفر لمن يَشَاء} الْمَائِدَة 40 أَو صحب أَدَاة توكيد كالنونين لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَلِيق بِمَا لم يحصل أَو أَدَاة ترج نَحْو {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب} غَافِر 36 أَو أَدَاة مجازاة جازمة أم لَا نَحْو {إِن يَشَأْ يذهبكم} النِّسَاء 133 كَيفَ تصنع أصنع أَو حرف نصب ظَاهرا كَانَ أم مُقَدرا خلافًا لبَعض الْمُتَأَخِّرين فِي قَوْله لَا يتَعَيَّن بِشَيْء من حُرُوف النصب وللسهيلي فِي قَوْله لَا يتَعَيَّن ب أَن أَو لَو المصدرية نَحْو {يود أحدكُم لَو يعمر ألف سنة} الْبَقَرَة 96 بِخِلَاف لَو الشّرطِيَّة فَإِنَّهَا

تصرفه للمضي كَمَا سَيَأْتِي أَو حرف تَنْفِيس وَهُوَ السِّين وسوف لِأَن وضعهما لتخليص الْمُضَارع من ضيق الْحَال إِلَى سَعَة الِاسْتِقْبَال قيل أَو لَام الْقسم أَو لَا النافية وَعَلِيهِ فِي الأولى الْجُزُولِيّ وَجَمَاعَة لِأَنَّهَا فِي معنى التوكيد وَفِي الثَّانِيَة مُعظم الْمُتَأَخِّرين وَصحح ابْن مَالك مَذْهَب الْأَخْفَش والمبرد وَهُوَ بَقَاؤُهُ على الِاحْتِمَال مَعَهُمَا فقد دخلت على الْحَال فِي قَوْله {وَلَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله} هود 31 الرَّابِع أَن ينْصَرف مَعْنَاهُ إِلَى الْمُضِيّ وَذَلِكَ إِذا اقْترن ب لم أَو لما وَذهب الْجُزُولِيّ وَغَيره أَن مدخولهما كَانَ مَاضِيا فغيرت صيغته وَنسب إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَوَجهه أَن الْمُحَافظَة على الْمَعْنى أولى من الْمُحَافظَة على اللَّفْظ ورد بِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ وَنَظِير الأول الْمُضَارع الْوَاقِع بعد لَو إِذْ الْمَعْهُود للحروف قلب الْمعَانِي لَا قلب الْأَلْفَاظ وَلم أقيد لما بالجازمة للاستغناء عَنهُ إِذْ لَا يدْخل على الْمُضَارع سواهَا أَو لَو الشّرطِيَّة نَحْو {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس} النَّحْل 61 وفاطر 45 أَو إِذْ نَحْو {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} الْأَحْزَاب 37 أَي قلت أَو رُبمَا نَحْو 8 - (ربّما تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِن الأمْر ... لَهُ فرجْةٌ كحلّ العِقَال)

أَو قد التقليلية نَحْو 9 - (قد أترك القِرْن مُصْفَرّاً أنَامِلُه ... ) بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ لم تكن للتقليل أَو كَانَ خَبرا لباب كَانَ نَحْو كَانَ زيد يقوم قَالَ ابْن عُصْفُور أَو صحب لما الجوابية نَحْو لما يقوم زيد قَامَ عَمْرو وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَاج إِثْبَات ذَلِك إِلَى دَلِيل من السماع أَي فِي جَوَاز وُقُوع الْمُضَارع بعْدهَا إِذْ الْمَعْرُوف أَنَّهَا لَا تدخل إِلَّا على ماضي اللَّفْظ وَالْمعْنَى كَمَا سَيَأْتِي

وَمَا عطف على حَال أَو مُسْتَقْبل أَو مَاض أَو عطف عَلَيْهِ ذَلِك فَهُوَ مثله لاشْتِرَاط اتِّحَاد الزَّمَان فِي الْفِعْلَيْنِ المتعاطفين نَحْو {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض} الْحَج 63 أَي فَأَصْبَحت الأَرْض وَقَوله 10 - (وَلَقَد أَمُرّ على اللَّئِيم يسبّني ... فمضْيتُ ثُمّتَ قلتُ: لَا يَعْنِني)

حالات الماضي

أَي مَرَرْت قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن الْقَرَائِن المخلصة للْحَال وُقُوعه فِي مَوضِع نصب على الْحَال نَحْو جَاءَ زيد يضْحك [حالات الْمَاضِي] ص والماضي للْحَال بالإنشاء والاستقبال بِطَلَب ووعد وَعطف على مُسْتَقْبل وَنفي ب لَا وَإِن بعد قسم ويحتمله والمضي بعد همزَة التَّسْوِيَة فَإِن كَانَت لم بعد أم تعين الْمُضِيّ وتحضيض وَكلما وَحَيْثُ وواقعا صلَة أَو صفة نكرَة عَامَّة وَأنكر أَبُو حَيَّان هَذَا الْقسم ش للماضي أَربع حالات أَيْضا أَحدهَا أَن يتَعَيَّن مَعْنَاهُ للمضي وَهُوَ الْغَالِب الثَّانِي أَن ينْصَرف إِلَى الْحَال وَذَلِكَ إِذْ قصد بِهِ الْإِنْشَاء كبعت واشتريت وَغَيرهمَا من أَلْفَاظ الْعُقُود إِذْ هُوَ عبارَة عَن إِيقَاع معنى بِلَفْظ يقارنه فِي الْوُجُود الثَّالِث أَن ينْصَرف إِلَى الِاسْتِقْبَال وَذَلِكَ إِذا اقْتضى طلبا نَحْو غفر الله لَك وعزمت عَلَيْك إِلَّا فعلت أَو لما فعلت أَو وَعدا نَحْو {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} الْكَوْثَر 1 أَو عطف على مَا علم استقباله نَحْو {يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة فأوردهم النَّار} هود 98 {وَيَوْم ينْفخ فِي الصُّور فَفَزعَ} النَّمْل 87 أَو نفي ب لَا أَو إِن بعد قسم نَحْو {وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده} فاطر 41 أَي مَا يمسكهما (ردُوا فواللَّهِ لَا ذُدْناكُمُ أبدا ... ) الرَّابِع أَن يحْتَمل الِاسْتِقْبَال والمضي وَذَلِكَ إِذا وَقع بعد همزَة التَّسْوِيَة نَحْو سَوَاء عَليّ أَقمت أم قعدت إِذْ يحْتَمل أَن يُرَاد مَا كَانَ مِنْك من قيام أَو قعُود أَو مَا يكون من ذَلِك وَسَوَاء كَانَ الْفِعْل معادلا ب أم أم لَا نَحْو سَوَاء عَليّ أَي وَقت جئتني فَإِن

كَانَ الْفِعْل بعد أم مَقْرُونا ب لم تعين الْمُضِيّ نَحْو {سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} الْبَقَرَة 6 لِأَن الثَّانِي مَاض معنى فَوَجَبَ مُضِيّ الأول لِأَنَّهُ معادل لَهُ أَو وَقع بعد أَدَاة تحضيض نَحْو هلا فعلت إِن أردْت الْمُضِيّ فَهُوَ توبيخ نَحْو {فلولا كَانَ من الْقُرُون من قبلكُمْ أولُوا بَقِيَّة} هود 116 أَو الِاسْتِقْبَال فَهُوَ أَمر بِهِ نَحْو {فلولا نفر} التَّوْبَة 122 أَي لينفر أَو بعد كلما فالمضي نَحْو {كل مَا جَاءَ أمة رسولها} الْمُؤْمِنُونَ 44 والاستقبال نَحْو {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ} النِّسَاء 56 أَو بعد حَيْثُ فالمضي نَحْو {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} الْبَقَرَة 222 والاستقبال نَحْو {وَمن حَيْثُ خرجت فول} الْبَقَرَة 149 أَو وَقع صلَة فالمضي نَحْو {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} آل عمرَان 173 والاستقبال نَحْو {إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم} الْمَائِدَة 34 وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله 12 - (وإنِّي لآتيكم تَشَكُّرَ مَا مَضى ... من الأَمْر واستيجابَ مَا كَانَ فِي غَدِ) أَو وَقع صفو لنكرة عَامَّة فلمضي نَحْو 13 - (رُبّ رفْدٍ هَرَقْتهُ ذَلِك الْيَوْم ... )

والاستقبال كَحَدِيث نضر الله امْرأ سمع مَقَالَتي فوعاها فأداها كَمَا سَمعهَا أَي يسمع لِأَنَّهُ ترغيب لمن أدْرك حَيَاته فِي حفظ مَا يسمعهُ مِنْهُ وَأنكر أَبُو حَيَّان هَذَا الْقسم الرَّابِع بصوره كلهَا فَقَالَ بعد أَن سَاقهَا وَهَذِه الْمثل فِي هَذِه الِاحْتِمَالَات من كَلَام ابْن مَالك وَالَّذِي نَذْهَب إِلَيْهِ الْحمل على الْمُضِيّ لإبقاء اللَّفْظ على مَوْضُوعه وَإِنَّمَا فهم الِاسْتِقْبَال فِيمَا مثل بِهِ من خَارج وَوَافَقَهُ الْمرَادِي ص وَلَيْسَ أصلا للأفعال وَالْبَاقِي فرع وَالْأَمر مقتطع من الْمُضَارع على الْأَصَح ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى ذهب بَعضهم إِلَى أَن الأَصْل فِي الْأَفْعَال هُوَ الْمَاضِي لِأَنَّهُ أسبق الْأَمْثِلَة لاعتلال الْمُضَارع وَالْأَمر باعتلاله وَلِأَن الْمُضَارع هُوَ الْمَاضِي مَعَ الزَّوَائِد وَالْأَمر مِنْهُ بعد طرحها وَالْجُمْهُور على أَن الثَّلَاثَة أصُول الثَّانِيَة ذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن أصُول الْفِعْل الْمَاضِي والمضارع فَقَط وَأَن الْأَمر مقتطع من الْمُضَارع إِذْ أصل افْعَل ليفعل كأمر الْغَائِب وَلما كَانَ أَمر الْمُخَاطب أَكثر على ألسنتهم استثقلوا مَجِيء اللَّام فِيهِ فحذفوها مَعَ حرف المضارعة طلبا للتَّخْفِيف مَعَ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وبنوا على ذَلِك أَنه مُعرب والبصريون على أَنه أصل بِرَأْسِهِ وَمَا ذكر فِي أَصله فَمَمْنُوع

الحرف وأقسامه

[الْحَرْف وأقسامه] ص والحرف لَا عَلامَة لَهُ فَإِن اخْتصَّ باسم أَو فعل عمل وَإِلَّا فَلَا وَيسْتَثْنى من الأول هَل الَّتِي فِي حيزها فعل وَمن الثَّانِي مَا وَلَا وَإِن النافيات ش الْحَرْف لَا عَلامَة لَهُ وجودية بل علامته أَلا يقبل شَيْئا من خَواص الِاسْم وَلَا من خَواص الْفِعْل وَهُوَ ثَلَاثَة أَقسَام مُخْتَصّ بالإسم ومختص بِالْفِعْلِ ومشترك بَينهمَا وَالْأَصْل فِي كل حرف يخْتَص أَن يعْمل فِيمَا اخْتصَّ بِهِ وَفِي كل حرف لَا يخْتَص أَلا يعْمل وَقيد أَبُو حَيَّان الأول بألا يتنزل مِنْهُ منزلَة الْجُزْء فَإِن تنزل ك أل وسين التَّنْفِيس لم يعْمل وَمِمَّا خرج عَن هَذَا الأَصْل هَل الَّتِي فِي حيزها فعل فَإِنَّهَا تخْتَص بِهِ بِمَعْنى أَنه يجب إيلاؤه إِيَّاه كَمَا سَيَأْتِي فِي بَاب الِاشْتِغَال حَيْثُ رجح النصب بعْدهَا وَمَعَ ذَلِك لَا تعْمل لِأَن هَذَا الِاخْتِصَاص عرضي لَا يلْزم وَمَا وَلَا وَإِن النافيات فَإِنَّهَا لَا تخْتَص وَمَعَ ذَلِك تعْمل لِأَن لَهَا شبها ب لَيْسَ فِي أَنَّهَا للنَّفْي وللحال وَتدْخل على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فألحقت بهَا ص وَلَيْسَ مِنْهُ عَسى وَلَيْسَ وَكَانَ وَأَخَوَاتهَا على الصَّحِيح ش الْمَشْهُور من مَذْهَب الْجُمْهُور أَن الْمَذْكُورَات أَفعَال لَا تصال ضمائر الرّفْع وَالتَّاء الساكنة بهَا وَذهب ابْن السراج إِلَى الحرفية عَسى وَلَيْسَ مُسْتَندا إِلَى عدم تصرفهما وَوَافَقَهُ فِي الأولى ثَعْلَب وَفِي الثَّانِيَة الْفَارِسِي وَابْن شقير ورد بِأَن ذَلِك لَا يصلح دَلِيلا للحرفية مَعَ قيام دَلِيل الفعلية وَذهب الزجاجي إِلَى أَن كَانَ وَأَخَوَاتهَا حُرُوف

وَقَالَ ابْن هِشَام فِي حَوَاشِي التسهيل الْخلاف فِي عَسى وَلَيْسَ شهير وَفِي كَانَ غَرِيب قَالَ ابْن الْحَاج فِي النَّقْد حكى الْعَبْدي فِي شرح الْإِيضَاح أَن الْمبرد قَالَ إِن كَانَ حرف قَالَ الْعَبْدي وَهَذَا أطرف من قَول من قَالَ إِن لَيْسَ وَعَسَى حرفان قَالَ ابْن الْحَاج هُوَ وَإِن كَانَ فِي بادئ الرَّأْي ضَعِيفا إِلَّا أَنه أقوى لمن تَأمل لِأَنَّهَا لَا تدل على حدث بل دخلت لتفيد معنى الْمُضِيّ فِي خبر مَا دخلت عَلَيْهِ

الكلام وأقسامه

[الْكَلَام وأقسامه] ص وَالْكَلَام قَول مُفِيد وَهُوَ مَا يحسن سكُوت الْمُتَكَلّم عَلَيْهِ وَقيل السَّامع وَقيل هما وَالأَصَح اشْتِرَاط الْقَصْد وإفادة مَا يجهل لَا اتِّحَاد النَّاطِق وأشكال تَصْوِير خِلَافه ش الْكَلَام يُطلق لُغَة على الْخط وَالْإِشَارَة وَمَا يفهم من حَال الشَّيْء وإطلاقه على هَذِه الثَّلَاثَة مجَاز وعَلى التكليم الَّذِي هُوَ الْمصدر وَفِي كَلَام بَعضهم مَا يَقْتَضِي أَن إِطْلَاقه على هَذَا حَقِيقَة وعَلى مَا فِي النَّفس من الْمعَانِي الَّتِي يعبر عَنْهَا وعَلى اللَّفْظ الْمركب أَفَادَ أم لم يفد وَهل هُوَ حَقِيقَة فيهمَا أَو فِي الأول فَقَط أَو الثَّانِي فَقَط ثَلَاثَة مَذَاهِب للنحويين وعَلى الْكَلِمَة الْوَاحِدَة كَمَا فِي الصِّحَاح وَأما فِي الِاصْطِلَاح فَأحْسن حُدُودهَا وأخصرها أَنه قَول مُفِيد فَخرج ب القَوْل الْخَمْسَة الأول الْمَذْكُورَة وب الْمُفِيد الْكَلِمَة وَبَعض المركبات وَهُوَ الَّذِي لَا يُفِيد وَالْمرَاد ب الْمُفِيد مَا يفهم معنى يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ وَهل المُرَاد سكُوت الْمُتَكَلّم أَو السَّامع أَو هما أَقْوَال أرجحها الأول لِأَنَّهُ خلاف التَّكَلُّم فَكَمَا أَن التَّكَلُّم صفة الْمُتَكَلّم كَذَلِك السُّكُوت صفته أَيْضا وَالْمرَاد ب حسن السُّكُوت عَلَيْهِ أَلا يكون مُحْتَاجا فِي إفادته للسامع كاحتياج الْمَحْكُوم عَلَيْهِ إِلَى الْمَحْكُوم بِهِ أَو عَكسه فَلَا يضرّهُ احْتِيَاجه إِلَى المتعلقات من المفاعيل وَنَحْوهَا وَهل يشْتَرط إِفَادَة الْمُخَاطب شَيْئا يجهله قَولَانِ أَحدهمَا نعم وَجزم بِهِ ابْن مَالك فَلَا يُسمى نَحْو السَّمَاء فَوق الأَرْض وَالنَّار حارة وَتكلم رجل كلَاما وَالثَّانِي لَا وَصَححهُ أَبُو حَيَّان قَالَ وَإِلَّا كَانَ الشَّيْء الْوَاحِد كلَاما وَغير كَلَام إِذا خُوطِبَ بِهِ من يجهله فاستفاد مضمونه ثمَّ خُوطِبَ بِهِ ثَانِيًا وَمحل

الْخلاف مَا إِذا ابتدئ بِهِ فَيصح أَن يُقَال زيد قَائِم كَمَا أَن النَّار حارة بِلَا خلاف ذكره أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته وَهل يشْتَرط فِي الْكَلَام الْقَصْد قَولَانِ أَحدهمَا نعم وَجزم بِهِ ابْن مَالك وخلائق فَلَا يُسمى مَا ينْطق بِهِ النَّائِم الساهي كلَاما وعَلى هَذَا يُزَاد فِي الْحَد مَقْصُور وَالثَّانِي لَا وَصَححهُ أَبُو حَيَّان وَهل يشْتَرط فِي اتِّحَاد النَّاطِق قَولَانِ أَحدهمَا نعم فَلَو اصْطلحَ رجلَانِ على أَن يذكر أَحدهمَا فعلا وَالْآخر فَاعِلا أَو مُبْتَدأ وَالْآخر خَبرا لم يسم ذَلِك كلَاما وَعلل بِأَن الْكَلَام عمل وَاحِد فَلَا يكون عَامله إِلَّا وَاحِدًا وعَلى هَذَا يُزَاد فِي الْحَد من نَاطِق وَاحِد وَالثَّانِي لَا وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان كَمَا أَن اتِّحَاد الْكَاتِب لَا يعْتَبر فِي كَون الْخط خطا وَقَالَ ابْن أم قَاسم صُدُور الْكَلَام من ناطقين لَا يتَصَوَّر لِأَن كل وَاحِد من الْمُتَكَلِّمين إِنَّمَا اقْتصر على كلمة وَاحِدَة اتكالا على نطق الآخر بِالْأُخْرَى فَكَأَنَّهَا مقدرَة فِي كَلَامه وَهَذَا معنى قولي وأشكل تَصْوِير خِلَافه تَنْبِيه تَخْصِيص النُّحَاة الْكَلَام بالمفيد مُجَردا اصْطِلَاح لَا دَلِيل عَلَيْهِ وَقد بَالغ الخفاجي فِي إِنْكَار ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ فِي كِتَابه سر الفصاحة الْكَلَام عندنَا مَا انتظم من حرفين فَصَاعِدا من الْحُرُوف المعقولة إِذا وَقع مِمَّن تصح مِنْهُ أَو من قبيله الإفادة قَالَ وَإِنَّمَا شرطنا الانتظام لِأَنَّهُ لَو أُتِي بِحرف وَمضى زمَان وَأتي بِحرف لم يَصح وصف فعله بِأَنَّهُ كَلَام وَذكرنَا الْحُرُوف المعقولة لِأَن أصوات بعض الجمادات رُبمَا تقطعت على وَجه

يلتبس بالحروف لَكِنَّهَا لَا تتَمَيَّز تميزها وشرطنا وُقُوع ذَلِك مِمَّن تصح مِنْهُ أَو من قبيله الإفادة لِئَلَّا يلْزم عَلَيْهِ أَن يكون مَا يسمع من بعض الطُّيُور كلَاما وَقَوْلنَا الْقَبِيل دون الشَّخْص لِأَن مَا يسمع من الْمَجْنُون يُوصف بِأَنَّهُ كَلَام وَإِن لم تصح مِنْهُ الْفَائِدَة وَهُوَ بِحَالهِ لَكِنَّهَا تصح من قبيله وَلَيْسَ كَذَلِك الطَّائِر وَلَا يجوز أَن يشْتَرط فَيحد الْكَلَام كَونه مُفِيدا على مَا ذهب إِلَيْهِ أهل النَّحْو لِأَن أهل اللُّغَة قسموا الْكَلَام إِلَى مهمل ومستعمل فالمهمل مَا لم يوضع لشَيْء من الْمعَانِي والمستعمل هُوَ الْموضع لِمَعْنى لَهُ فَائِدَة فَلَو كَانَ الْكَلَام هُوَ الْمُفِيد عِنْدهم وَمَا لم يفد لَيْسَ بِكَلَام لم يَكُونُوا قسموه على قسمَيْنِ بل كَانَ يجب أَن يسلبوا مَا لم يفد اسْم الْكَلَام رَأْسا على أَن الْكَلَام إِنَّمَا يُفِيد بالمواضعة وَلَيْسَ لَهَا تَأْثِير فِي كَونه كلَاما كَمَا لَا تَأْثِير لَهَا فِي كَونه صَوتا وَقد تصدى أَبُو طَالب الْعَبْدي فِي شرح الْإِيضَاح لنصر مَذْهَب النَّحْوِيين فِي ذَلِك وَأكْثر مَا اسْتدلَّ بقَوْلهمْ لمن يُورد مَا تقل فَائِدَته هَذَا لَيْسَ بِكَلَام وَبقول سِيبَوَيْهٍ إِن الْكَلَام إِنَّمَا يَقع على الْجمل وَقَررهُ بِأَنَّهُ اسْم لمصدر ونائب عَنهُ وَذَلِكَ الْمصدر وَهُوَ التكليم مَوْضُوع للْمُبَالَغَة والتكثير لِأَن فعله كلم دَال على ذَلِك فَلَمَّا جرى الْكَلَام عَلَيْهِ وَجب أَن يُرَاد بِهِ التكثير وَأَقل أَحْوَال التكثير والتكرير أَن يكون وَاقعا على جملَة قَالَ وَلَا حجَّة لَهُ فِي ذَلِك وَأما قَوْلهم لقَلِيل الْفَائِدَة لَيْسَ بِكَلَام فَمن بَاب الْمجَاز وَالْمُبَالغَة كَقَوْلِك للبليد لَيْسَ بِإِنْسَان وَأما قَول سِيبَوَيْهٍ فَلَا تقوم بِهِ حجَّة لِأَن الْخصم قَالَ نعم يُمكن أَن يُقَال إِن الْمُتَقَدِّمين من أهل النَّحْو تواضعوا فِي عرفهم على أَن سموا الْجُمْلَة المفيدة كلَاما دون مَا لم يفد لِأَن ذَلِك على سَبِيل التَّحْقِيق كَمَا أَنهم سموا هَذِه الْحَوَادِث الْوَاقِعَة ك ضرب أفعالا وَلَو عدلنا إِلَى التَّحْقِيق كَانَت أَسمَاء لما وَقع من الْحَوَادِث اهـ

الكلام في الإسناد

وَقَالَ ابْن جنى فِي الخصائص فَإِن قيل لم وضع الْكَلَام على مَا كَانَ مُسْتقِلّا بِنَفسِهِ وعَلى الْجُمْلَة التَّامَّة دون غَيرهَا الِاشْتِقَاق قضى بذلك أم مُجَرّد السماع قيل لَا بل الِاشْتِقَاق قضى بِهِ دون مُجَرّد السماع لِأَن الْكَلَام مَأْخُوذ من الْكَلم وَهُوَ الْجرْح والتأثير وَإِنَّمَا يحصل التَّأْثِير بالتام الْمَفْهُوم دون غَيره قَالَ وَمِمَّا يؤنسك بذلك أَن الْعَرَب لما أَرَادَت الْآحَاد من ذَلِك خصته باسم لَهُ لَا يَقع إِلَى على الْوَاحِد وَهُوَ قَوْلهم كلمة ثمَّ قَالَ فِي آخر كَلَامه (ولكلّ قَوْم سُنَّةٌ وإمامُها ... ) [الْكَلَام فِي الْإِسْنَاد] ص وَلَا يُمكن فِي كلمة خلافًا لِابْنِ طَلْحَة وَلَا اسْم وحرف خلافًا للفارسي وَلَا فعل وحرف خلافًا للشلوبين بل فِي اسْمَيْنِ وَاسم وَفعل

أقسام الكلام

ش الضَّمِير عَائِد إِلَى الْكَلَام أَو إِلَى الإفادة وَالْحَاصِل أَن الْكَلَام لَا يتأتي إِلَّا من اسْمَيْنِ أَو من اسْم وَفعل فَلَا يَتَأَتَّى من فعلين وَلَا حرفين وَلَا اسْم وحرف وَلَا فعل وحرف وَلَا كلمة وَاحِدَة لِأَن الإفادة إِنَّمَا تحصل بِالْإِسْنَادِ وَهُوَ لَا بُد لَهُ من طرفين مُسْند ومسند إِلَيْهِ وَالِاسْم بِحَسب الْوَضع يصلح أَن يكون مُسْندًا وَمُسْندًا إِلَيْهِ وَالْفِعْل لكَونه مُسْندًا لَا مُسْندًا إِلَيْهِ والحرف لَا يصلح لأَحَدهمَا فالاسمان يكونَانِ كلَاما لكَون أَحدهمَا مُسْندًا وَالْآخر مُسْندًا إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ الِاسْم مَعَ الْفِعْل لكَون الْفِعْل مُسْندًا وَالِاسْم مُسْندًا إِلَيْهِ والفعلان وَالْفِعْل والحرف لَا مُسْند إِلَيْهِ فيهمَا وَالِاسْم مَعَ الْحَرْف إِمَّا أَن يفقد مِنْهُ الْمسند أَو الْمسند إِلَيْهِ والحرفان لَا مُسْند إِلَيْهِ فيهمَا وَلَا مُسْند والكلمة لَا إِسْنَاد فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَزعم ابْن طَلْحَة أَن الْكَلِمَة الْوَاحِدَة قد تكون كلَاما إِذا قَامَت مقَام الْكَلَام ك نعم وَلَا فِي الْجَواب ورد بِأَن الْكَلَام هُوَ الْجُمْلَة الْمقدرَة بعْدهَا وَزعم أَبُو عَليّ الْفَارِسِي أَن الِاسْم مَعَ الْحَرْف يكون كلَاما فِي النداء نَحْو يَا زيد وَأجِيب بِأَن يَا سدت مسد الْفِعْل وَهُوَ أَدْعُو أَو أنادي وَزعم بَعضهم أَن الْفِعْل مَعَ الْحَرْف يكون كلَاما فِي نَحْو مَا قَامَ بِنَاء على أَن الضَّمِير الْمُسْتَتر لَا يعد كلمة [أَقسَام الْكَلَام] ص وَهُوَ خبر إِن احْتمل الصدْق وَالْكذب وَإِلَّا فإنشاء وَالأَصَح انحصاره فيهمَا (ش) اخْتلف النَّاس فِي أَقسَام الْكَلَام

فالحذاق من النُّحَاة وَغَيرهم وَأهل الْبَيَان قاطبة على انحصاره فِي الْخَبَر والإنشاء وَقَالَ كَثِيرُونَ أقسامه ثَلَاثَة خبر وَطلب وإنشاء قَالُوا لِأَن الْكَلَام إِمَّا أَن يقبل التَّصْدِيق والتكذيب أَو لَا الأول الْخَبَر وَالثَّانِي إِن اقْترن مَعْنَاهُ بِلَفْظِهِ فَهُوَ الْإِنْشَاء وَإِن لم يقْتَرن بل تَأَخّر عَنهُ فَهُوَ الطّلب والمحققون على دُخُول الطّلب فِي الْإِنْشَاء وَأَن معنى اضْرِب مثلا وَهُوَ طلب الضَّرْب مقترن بِلَفْظِهِ وَأما الضَّرْب الَّذِي يُوجد بعد ذَلِك فَهُوَ مُتَعَلق الطّلب لَا نَفسه وَقَالَ قطرب أَقسَام الْكَلَام أَرْبَعَة خبر واستخبار وَهُوَ الِاسْتِفْهَام وَطلب ونداء فأدرج الْأَمر وَالنَّهْي تَحت الطّلب وَضعف بِأَن الاستخبار دَاخل تَحْتَهُ أَيْضا وَبِأَن نَحْو بِعْت واشتريت خَارج مِنْهُ وَقَالَ بَعضهم خَمْسَة خبر وَأمر وتصريح وَطلب ونداء وَقَالَ الْأَخْفَش سِتَّة خبر واستخبار وَأمر وَنهي ونداء وتمن وَقَالَ بَعضهم عشرَة نِدَاء وَمَسْأَلَة وَأمر وَتشفع وتعجب وَقسم وَشرط وَوضع وَشك واستفهام وَقَالَ بَعضهم تِسْعَة فإسقاط الاستقهام لدُخُوله فِي الْمَسْأَلَة وَقَالَ بَعضهم ثَمَانِيَة بِإِسْقَاط التشفع لدُخُوله فِيهَا وَقَالَ بَعضهم سَبْعَة بِإِسْقَاط الشَّك لِأَنَّهُ من قسم الْخَبَر وَقَالَ بَعضهم سِتَّة عشر أَمر وَنهي وَخبر واستخبار وَطلب وجحود وتمن وإغلاظ وتلهف واختبار وَقسم وتشبيه ومجازاة وَدُعَاء وتعجب واستثناء وَالتَّحْقِيق انحصاره فِي الْقسمَيْنِ الْأَوَّلين وَرُجُوع بَقِيَّة الْمَذْكُورَات إِلَيْهِمَا

الكلم

[الْكَلم] (ص) والكلم الْمركب من ثَلَاث وَإِن لم يفد وَهُوَ اسْم جنس ل كلمة لَا جمع كَثْرَة وَلَا قلَّة وَلَا شَرطه تعدد الْأَنْوَاع خلافًا لزاعميها ش الْكَلم القَوْل الْمركب من ثَلَاث كَلِمَات فَصَاعِدا أَفَادَ أم لَا فَهُوَ أخص من الْكَلَام لِأَنَّهُ يكون بالتركيب من ثَلَاث وأعم مِنْهُ لعدم اشْتِرَاط الْفَائِدَة وَالْكَلَام عَكسه فيتأتي اجْتِمَاعهمَا فِي قد قَامَ زيد وارتفاعهما فِي إِن قَامَ وَوُجُود الْكَلَام دون الْكَلم فِي زيد قَائِم وَعَكسه فِي إِن قَامَ زيد وَهل يشْتَرط أَن تكون الثَّلَاث من الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة أَو لَا فَتكون من نوع أَو من نَوْعَيْنِ ذكر ابْن النّحاس فِيهِ خلافًا وَالصَّحِيح عدم الِاشْتِرَاط وَالصَّحِيح أَنه اسْم جنس للكلمة كتمر وَتَمْرَة لَا جمع كَثْرَة وَلَا قلَّة خلافًا لزاعمي ذَلِك بِدَلِيل تذكيره فِي قَوْله {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} فاطر 10 وَأَنه لم يتَغَيَّر فِيهِ نظم واحده ذكر ذَلِك ابْن الصَّائِغ فِي شرح الألفية وَابْن فلاح فِي مغنيه قَالَ ابْن الخشاب وَلَا يُطلق الْكَلم على الْمركب من كَلِمَتَيْنِ إِلَّا عِنْد من يجوز إِطْلَاق اسْم الْجمع على اثْنَيْنِ

الجملة

وَفِي شرح التسهيل لناظر الْجَيْش اخْتلف النُّحَاة فِي الْكَلم فَذهب جمَاعَة مِنْهُم الْجِرْجَانِيّ إِلَى أَنه جمع للكلمة وَذهب الْفَارِسِي وَغَيره من الْمُحَقِّقين إِلَى أَنه اسْم جنس لَهَا ثمَّ اخْتلفُوا على مَذَاهِب أَحدهَا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر أَنه لَا يَقع إِلَّا على مَا فَوق الْعشْرَة وَإِذا قصد بِهِ مَا دونهَا جمع بِأَلف وتاء وَالثَّانِي أَنه يَقع على الْكثير والقليل وَالثَّالِث أَنه لَا يَقع على أقل من ثَلَاث وَعَلِيهِ ابْن مَالك الْجُمْلَة ص وَالْجُمْلَة قيل ترادف الْكَلَام وَالأَصَح أَعم لعدم شَرط الإفادة فَإِن صدرت باسم فاسمية أَو فعل ففعلية أَو ظرف أَو مجرور فظرفية وَإِن تقدمها حرف وَالْعبْرَة بصدر الأَصْل واسمية الصَّدْر فعلية الْعَجز ذَات وَجْهَيْن وَتسَمى الْكُبْرَى إِن كَانَ خَبَرهَا جملَة وَالصُّغْرَى إِن كَانَت خَبرا وَلما بَينهمَا اعتباران ش ذهبت طَائِفَة إِلَى أَن الْجُمْلَة وَالْكَلَام متردفان وَهُوَ ظَاهر قَول الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل فَإِنَّهُ بعد أَن فرغ من حد الْكَلَام قَالَ وَيُسمى جملَة

وَالصَّوَاب أَنَّهَا أَعم مِنْهُ إِذْ شَرطه الإفادة بِخِلَافِهَا قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَلِهَذَا تسمعهم يَقُولُونَ جملَة الشَّرْط جملَة الْجَواب جملَة الصِّلَة وكل ذَلِك لَيْسَ مُفِيدا فَلَيْسَ كلَاما وعَلى هَذَا فحد الْجُمْلَة القَوْل الْمركب كَمَا أفْصح بِهِ شَيخنَا الْعَلامَة الكافيجي فِي شرع الْقَوَاعِد ثمَّ اخْتَار الترادف قَالَ لأَنا نعلم بِالضَّرُورَةِ أَن كل مركب لَا يُطلق عَلَيْهِ الْجُمْلَة وَسَبقه إِلَى اخْتِيَار ذَلِك نَاظر الْجَيْش وَقَالَ إِنَّه الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَام النُّحَاة قَالَ وَأما إِطْلَاق الْجُمْلَة على مَا ذكر من الْوَاقِعَة شرطا أَو جَوَابا أَو صلَة فإطلاق مجازي لِأَن كلا مِنْهَا كَانَ جملَة قبل فأطلقت الْجُمْلَة عَلَيْهِ بِاعْتِبَار مَا كَانَ كإطلاق الْيَتَامَى على الْبَالِغين نظرا إِلَى أَنهم كَانُوا كَذَلِك اهـ وتنقسم الْجُمْلَة إِلَى اسمية وفعلية وظرفية فالاسمية الَّتِي صدرها اسْم كزيد قَائِم وهيهات العقيق والفعلية الَّتِي صدرهها فعل كقام زيد وَضرب اللص وَكَانَ زيد قَائِما وظننته قَائِما وَيقوم وقم

والظرفية المصدرة بظرف أَو مجرور نَحْو عنْدك زيد أَو فى الدَّار زيد إِذا قدرت زيدا فَاعِلا بالظرف أَو الْمَجْرُور لَا بالاستقرار الْمَحْذُوف وَلَا مُبْتَدأ مخبرا عَنهُ بهما وَزَاد المزمخشري وَغَيره فى الْجمل الشّرطِيَّة وَالصَّوَاب أَنَّهَا من قبيل الفعلية لِأَن المُرَاد بالصدر الْمسند أَو الْمسند إِلَيْهِ وَلَا عِبْرَة بِمَا تقدم عَلَيْهِمَا من الْحُرُوف فالجملة من نَحْو أقائم الزيدان وأزيد أَخُوك وَلَعَلَّ أَبَاك منطلق وَمَا زيد قَائِما اسمية وَمن نَحْو أَقَامَ زيد وَإِن قَامَ زيد وهلا قُمْت فعلية وَالْمُعْتَبر أَيْضا مَا هُوَ صدر فى الأَصْل فالجملة من نَحْو كَيفَ جَاءَ زيد وَنَحْو {ففريقا كَذبْتُمْ وفريقا تقتلون} الْبَقَرَة 87 وَنَحْو {فَأَي ءايت الله تنكرون} غَافِر 81 فعلية لِأَن هَذِه الْأَسْمَاء فى رُتْبَة التَّأْخِير وَكَذَا جملَة من نَحْو يَا عبد الله {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره} التَّوْبَة 6 {والأنعام خلقهَا} [النَّحْل: 5] {واليل إِذا يغشى} اللَّيْل 1 لِأَن صدورها فى الأَصْل أَفعَال وَالتَّقْدِير أَدْعُو زيدا وَإِن استجارك أحد وَخلق الْأَنْعَام وَأقسم بِاللَّيْلِ وَقد تكون الْجُمْلَة ذَات وَجْهَيْن وَهِي اسمية اصدر فعلية الْعَجز نَحْو زيد يقوم أَبوهُ قَالَ ابْن هِشَام وَيَنْبَغِي أَن يُزَاد عكس ذَلِك نَحْو ظَنَنْت زيدا أَبوهُ قَائِم وتنقسم أَيْضا إِلَى الْكُبْرَى وَالصُّغْرَى فالكبرى هِيَ الاسمية الَّتِي خَبَرهَا جملَة نَحْو زيد قَامَ أَبوهُ وَزيد أَبوهُ قَائِم وَالصُّغْرَى هِيَ المبنية على الْمُبْتَدَأ كالجملة الْمخبر بهَا فِي المثالين وَقد تكون الْجُمْلَة كبرى وصغرى باعتبارين نَحْو زيد أَبوهُ غُلَامه منطلق فمجموع هَذَا الْكَلَام جملَة كبرى لَا غير وَغُلَامه منطلق صغرى لَا غير وَأَبوهُ غُلَامه منطلق كبرى بِاعْتِبَار غُلَامه منطلق صغرى بِاعْتِبَار جملَة الْكَلَام

القول

القَوْل ص وَالْقَوْل لفظ دلّ على معنى فَيعم الثَّلَاثَة قيل والمهمل وَلَيْسَ مجَازًا فِي غير الْكَلِمَة وَلَا خَاصّا بالمركب وَلَا الْمُفِيد خلافًا لزاعميها ش القَوْل هُوَ اللَّفْظ الدَّال على معنى ف اللَّفْظ جنس يَشْمَل الْمُسْتَعْمل والمهمل لِأَنَّهُ الصَّوْت الْمُعْتَمد على مقطع وَالدَّال على معنى فصل يخرج المهمل فَشَمَلَ الْكَلِمَة وَالْكَلَام والكلم شمولا بدليا أَي أَنه يصدق على كل مِنْهَا أَنه قَول إطلاقا حَقِيقِيًّا وَقيل إِنَّه حَقِيقَة فِي الْمُفْرد وإطلاقه على الْمركب مجَاز وَعَلِيهِ ابْن معط وَقيل حَقِيقَة فِي الْمركب سَوَاء أَفَادَ أم لَا وإطلاقه على الْمُفْرد مجَاز وَقيل حَقِيقَة فِي الْمركب الْمُفِيد وإطلاقه على الْمُفْرد والمركب الَّذِي لَا يُفِيد مجَاز وَبِه جزم الْجُوَيْنِيّ فِي تَفْسِيره وَقيل إِنَّه يُطلق على اللَّفْظ المهمل أَيْضا فيرادف اللَّفْظ حَكَاهُ أَبُو حَيَّان فِي بَاب ظن من شرح التسهيل وَجزم بِهِ أَبُو الْبَقَاء فِي اللّبَاب أما إِطْلَاقه على غير اللَّفْظ من الرَّأْي والاعتقاد فمجاز إِجْمَاعًا

الإعراب

الْإِعْرَاب ص الْإِعْرَاب ش أَي هَذَا بَحثه وَهُوَ مصدر أعرب مُشْتَركا لمعان الْإِبَانَة يُقَال أعرب الرجل عَن حَاجته أبان عَنْهَا وَمِنْه حَدِيث وَالثَّيِّب تعرب عَن نَفسهَا والإجالة عربت الدَّابَّة جالت فِي مرعاها وأعربها صَاحبهَا أجالها والتحسين أعربت الشَّيْء حسنته والتغيير عربت الْمعدة وأعربها الله غَيرهَا وَإِزَالَة الْفساد أعربت الشَّيْء أزلت عربه أَي فَسَاده وَيَتَعَدَّى الأول ب عَن وَالْبَاقِي بِالْهَمْزَةِ وَيَأْتِي أعرب لَازِما بِمَعْنى تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ أَو صَارَت لَهُ خيل عراب أَو ولد لَهُ ولد عَرَبِيّ اللَّوْن أَو تكلم بالفحش أَو أعطي العربون فَهَذِهِ عشر معَان وَالْمُنَاسِب للمعنى الاصطلاحي مِنْهَا هُوَ الأول إِذْ الْقَصْد بِهِ إبانة الْمعَانِي الْمُخْتَلفَة كَمَا ستعرفه وَيصِح أَن يكون من الْخَمْسَة بعده ص قَالَ الْجُمْهُور لَفْظِي فَهُوَ أثر يجلبه الْعَامِل ظَاهرا أَو مُقَدرا قيل أَو منوي وَخص الْمُقدر بِمَا أَلفه منقلبة والمنوي بِغَيْرِهِ وَقيل معنوي فَهُوَ التَّغْيِير لعامل لفظا أَو تَقْديرا قيل أَو محلا فِي الْمَبْنِيّ ش اخْتلف هَل الْإِعْرَاب لَفْظِي أَو معنوي على قَوْلَيْنِ فالجمهور على الأول وَإِلَيْهِ ذهب ابْن خروف والشلوبين وَابْن مَالك وَنسبه للمحققين وَابْن الْحَاجِب وَسَائِر الْمُتَأَخِّرين وَحده على هَذَا أثر ظَاهر أَو مُقَدّر يجلبه الْعَامِل فِي مَحل الْإِعْرَاب وَهُوَ الآخر

كَمَا سَيَأْتِي وَالْمرَاد ب الْأَثر الْحَرَكَة والحرف والسكون والحذف وب الْمُقدر مَا كَانَ فِي الْمَقْصُور وَنَحْوه مِمَّا سَيَأْتِي وَقَوْلنَا يجلبه الْعَامِل احْتِرَاز من حَرَكَة الإتباع نَحْو الْحَمد لله وَمن حَرَكَة الْبناء وَسَائِر الحركات فَإِن قلت فَلم لم تزد فِي الْحَد فِي آخر الْكَلِمَة كَمَا صنع ابْن هِشَام فِي الشذور قلت قد صرح هُوَ فِي شَرحه بِأَن ذَلِك لَيْسَ قيدا محترزا بِهِ عَن شَيْء إِذْ لَيْسَ لنا أثر يجلبه الْعَامِل فِي غير الآخر فيحترز عَنهُ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لمحل الْإِعْرَاب من الْكَلِمَة وَقد ذكرته بعد ذَلِك مَفْصُولًا من الْحَد فَهُوَ أقعد لِئَلَّا يتَوَهَّم كَونه من تَمَامه وَأَيْضًا فَلِأَن الْإِعْرَاب قد يكون فِي غير الآخر كَمَا سَيَأْتِي وَذهب الأعلم وَجَمَاعَة من المغاربة إِلَى أَنه معنوي وَنسب لظَاهِر قَول سِيبَوَيْهٍ وَرجحه أَبُو حَيَّان وعَلى هَذَا فحده التَّغْيِير لعامل لفظا أَو تَقْديرا وَاسْتدلَّ لصِحَّة الأول بِأَن الْإِعْرَاب قد يكون لَازِما للُزُوم مَدْلُوله كرفع لعمرك وَنصب سُبْحَانَ الله ورويدك وجر الكلاع وعريط من ذِي الكلاع وَأم عريط فَلَا يَصح قَول من جعله تغييرا

وَأجِيب بِأَن ذَلِك وَنَحْوه متغير بِمَعْنى أَنه صَالح للتغير أَو متغير عَن حَالَة السّكُون الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قبل التَّرْكِيب ورد بِأَن الأول مجَاز وَالثَّانِي يرد عَلَيْهِ الْمَبْنِيّ على حَرَكَة فَإِنَّهُ كَذَلِك وَاسْتدلَّ للثَّانِي بِأَنَّهُ لَو كَانَت الحركات وَنَحْوهَا إعرابا لم تضف إِلَيْهِ فِي قَوْلهم حركات الْإِعْرَاب وَأجِيب بِأَنَّهَا بَيَانِيَّة وبأنها تُوجد فِي المبنى وَأجِيب بِأَنَّهَا غَيرهَا وبأنها تَزُول فِي الْوَقْف مَعَ الحكم عَلَيْهِ بالإعراب وَأجِيب بِأَنَّهُ عَارض لَا اعْتِبَار بِهِ وَبِأَن السّكُون لَيْسَ بأثر وَأجِيب بِأَن الْأَثر أَعم من وجود الْحَرَكَة وحذفها وَبِأَن فِيهِ تَخْصِيصًا للفظ بِبَعْض إطلاقاته اللُّغَوِيَّة بِخِلَاف مَا إِذا جَعَلْنَاهُ نفس الحركات والحروف فَفِيهِ نقل اللَّفْظ بِالْكُلِّيَّةِ عَن مَدْلُوله اللّغَوِيّ وَذَلِكَ غير جَائِز للمصطلحين وتقسيم الْأَثر إِلَى ظَاهر ومقدر هُوَ الْمَعْرُوف وقسمه بَعضهم إِلَى ظَاهر ومقدر ومنوي وَخص الْمُقدر بِمَا أَلفه منقلبة عَن يَاء مقدرَة نَحْو ملهى والمنوي بِمَا أَلفه غير منقلبة عَن شَيْء نَحْو حُبْلَى وأرطى وَبِغير الْألف كغلامي وَكَذَلِكَ تَقْسِيم التَّغْيِير إِلَى لَفْظِي وتقديري هُوَ الْمَشْهُور وقسمه بَعضهم إِلَى ثَلَاثَة لَفْظِي وتقديري ومحلي وَفسّر الْمحلي بِموضع الِاسْم الْمَبْنِيّ ص وَمحله آخر الْكَلِمَة أَو مَا نزل مَنْزِلَته ش المُرَاد بآخر الْكَلِمَة نَحْو الدَّال من زيد وَالْمِيم من يقوم وَبِمَا نزل مَنْزِلَته الْأَفْعَال الْخَمْسَة فَإِن عَلامَة الْإِعْرَاب فِيهَا النُّون وحذفها وَلَيْسَت هِيَ آخر الْكَلِمَة وَلَا مُتَّصِلَة بِالْآخرِ بل الضَّمِير الَّذِي هُوَ الْفَاعِل وَالْفَاعِل بِمَنْزِلَة الْجُزْء من الْفِعْل وَكَذَا اثْنَا عشر واثني عشر فَإِن الْإِعْرَاب فيهمَا فِي حَشْو الْكَلَام قَالَ ابْن جني فِي الخاطريات لِأَن الاسمين المضموم أَحدهمَا إِلَى الآخر بِمَنْزِلَة الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن هِشَام الَّذِي يظْهر فِي الْجَواب أَن عشر حَال مَحل النُّون وَالنُّون

بِمَنْزِلَة التَّنْوِين تَنْبِيه يُسمى آخر المعرب حرف إِعْرَاب والمبني لَا حرف إِعْرَاب لَهُ قَالَ ابْن يعِيش وَرُبمَا سمي آخِره حرف إِعْرَاب على معنى أَنه لَو أعرب أَو كَانَ مِمَّا يعرب كَانَ الْإِعْرَاب ص وَالصَّحِيح أَنه زَائِد على الْمَاهِيّة ومقارن الْوَضع ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى الْإِعْرَاب زَائِد على مَاهِيَّة الْكَلِمَة كَمَا جزم بِهِ أَبُو حَيَّان وَذكر ابْن مَالك أَنه جُزْء مِنْهَا وَبَعضهَا ووهاه أَبُو حَيَّان وَالثَّانيَِة ذكر الزجاجي فِي أسرار النَّحْو أَن الْكَلَام سَابق الْإِعْرَاب فِي الْمرتبَة وَهل تلفظت الْعَرَب بِهِ زَمَانا غير مُعرب ثمَّ رَأَتْ اشْتِبَاه الْمعَانِي فأعربته أَو نطقت بِهِ معربا فِي أول تبلبل ألسنتها بِهِ وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي سبق رُتْبَة الْكَلَام كتقدم الْجِسْم الْأسود على السوَاد وَإِن لم يزايله خلاف للنحاة وَفِي اللّبَاب لأبي الْبَقَاء أَن الْمُحَقِّقين على الثَّانِي لِأَن وَاضع اللُّغَة حَكِيم يعلم أَن الْكَلَام عِنْد التَّرْكِيب لابد أَن يعرض فِيهِ لبس فحكمته تَقْتَضِي أَن يضع الْإِعْرَاب مُقَارنًا للْكَلَام ص وَهُوَ أصل فِي الْأَسْمَاء وَثَالِثهَا فيهمَا ش مَذْهَب الْبَصرِيين أَن الْإِعْرَاب أصل فِي الْأَسْمَاء فرع فِي الْأَفْعَال لِأَن الِاسْم يقبل بِصِيغَة وَاحِدَة مَعَاني مُخْتَلفَة وَهِي الفاعلية والمفعولية وَالْإِضَافَة فلولا الْإِعْرَاب مَا علمت هَذِه الْمعَانِي من الصِّيغَة وَذَلِكَ نَحْو مَا أحسن زيدا بِالنّصب فِي التَّعَجُّب وبالرفع فِي النَّفْي وبالجر فِي الِاسْتِفْهَام فلولا الْإِعْرَاب لوقع اللّبْس بِخِلَاف الْفِعْل فَإِن الإلباس فِيهِ لَا يعرض لاخْتِلَاف صيغه باخْتلَاف الْمعَانِي

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِنَّه أصل فيهمَا لِأَن اللّبْس الَّذِي أوجب الْإِعْرَاب فِي الْأَسْمَاء مَوْجُود فِي الْأَفْعَال فِي بعض الْمَوَاضِع نَحْو لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن بِالنّصب نهي عَن الْجمع بَينهمَا وبالجزم نهي عَنْهُمَا مُطلقًا وبالرفع نهي عَن الأول وَإِبَاحَة الثَّانِي وَأجِيب بِأَن النصب على إِضْمَار أَن والجزم على إِرَادَة لَا وَالرَّفْع على الْقطع فَلَو أظهرت العوامل الْمُضمر لم تحتج إِلَى الْإِعْرَاب وَذهب بعض الْمُتَأَخِّرين إِلَى أَن الْفِعْل أَحَق بالإعراب من الِاسْم لِأَنَّهُ وجد فِيهِ بِغَيْر سَبَب فَهُوَ لَهُ بِذَاتِهِ بِخِلَافِهِ الِاسْم فَهُوَ لَهُ لَا بِذَاتِهِ فَهُوَ فرع وَهَذَا هُوَ القَوْل الثَّانِي المطوي فِي الْمَتْن قَالَ فِي الارتشاف وَهَذَا من الْخلاف الَّذِي لَيْسَ فِيهِ كَبِير مَنْفَعَة

البناء

الْبناء ص وَالْبناء ضِدّه ش الْبناء ضد الْإِعْرَاب فعلى القَوْل بِأَنَّهُ لَفْظِي يحد كَمَا أفْصح بِهِ فِي التسهيل بِأَنَّهُ مَا جِيءَ بِهِ لَا لبَيَان مقتضي عَامل من حَرَكَة أَو حرف أَو سُكُون أَو حذف وعَلى أَنه معنوي يحد كَمَا قَالَ ابْن جني فِي الخصائص بِأَنَّهُ لُزُوم آخر الْكَلِمَة ضربا وَاحِدًا لَا لشَيْء أحدث ذَلِك من العوامل وَلذَلِك سمي بِنَاء للزومه طَريقَة وَاحِدَة كلزوم الْبناء مَوْضِعه وينقسم أَيْضا إِلَى ظَاهر ك اضْرِب وَضرب وَإِلَى مُقَدّر ك (عد) أَو رد أمرا وَمحله آخر الْكَلِمَة كَمَا مثل وَلَا يكون فِيمَا نزل مَنْزِلَته فِيمَا أعلم وَهُوَ فرع فِي الْأَسْمَاء وَقيل فِي الْأَفْعَال وَقيل فيهمَا الْمَبْنِيّ ص والمبني الْحُرُوف والماضي وَكَذَا الْأَمر خلافًا للكوفية وَالِاسْم قيل إِن أشبه الْفِعْل الْمَبْنِيّ وَقيل إِن لم يركب وَقيل إِن تضمن معنى الْحَرْف وَقيل أَو وَقع موقع مَبْنِيّ أَو ضارع مَا وَقع أَو أضيف إِلَيْهِ وَقيل أَو كثرت علل منع الصّرْف وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك وَأبي الْفَتْح وَأبي الْبَقَاء إِن أشبه الْحَرْف بِلَا معَارض ش هَذَا حصر للمبنيات فالمجمع على بنائِهِ الْحُرُوف والماضي لعدم وجود مُقْتَضى الْإِعْرَاب السَّابِق فيهمَا فَإِن قيل قد يحصل الإلباس فِي بعض الْحُرُوف أَلا ترى أَن لَام الْأَمر وَلَام كي صورتهما وَاحِدَة وَالْمعْنَى مُخْتَلف وَكَذَا لَا فِي النَّهْي وَلَا فِي النَّفْي وَأجِيب بِحُصُول الْفرق بتقدم الْعَامِل على لَام كي وَوُقُوع لَام الْأَمر ابْتِدَاء وَأَنه إِذا خيف التباس لَا النافية بالناهية أُتِي بغَيْرهَا من حُرُوف النَّفْي نَحْو مَا

وَأما الْأَمر فالبصرية على بنائِهِ والكوفية على إعرابه ومنشأ الْخلاف الِاخْتِلَاف السَّابِق فِي أَن الْإِعْرَاب أصل فِي الْأَفْعَال أَيْضا أَو لَا فعلى الأول هُوَ مُعرب لِأَنَّهُ الأَصْل فِيهِ وَلَا مقتضي لبنائه وعَلى الثَّانِي هُوَ مَبْنِيّ لِأَنَّهُ الأَصْل فِيهِ وَلَا مقتضي لإعرابه وَرُبمَا علل الكوفية ذَلِك بِأَنَّهُ مقتطع من الْمُضَارع فأعرب كَأَصْلِهِ والبصرية لَا يرَوْنَ ذَلِك بل يَقُولُونَ إِنَّه أصل بِرَأْسِهِ كَمَا تقدم فَالْخِلَاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مَبْنِيّ على الْخلاف فِي أصلين وَهَذَا أَمر لطيف نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي كتاب السلسلة الَّذِي عزمنا أَن نؤلفه محاكاة لسلسلة الْجُوَيْنِيّ فِي الْفِقْه ولسلاسل الذَّهَب للزركشي فِي الْأُصُول وَالِاسْم بعضه مَبْنِيّ قطعا ثمَّ اخْتلف فِي سَبَب الْبناء هَل هُوَ شَيْء وَاحِد أَو أَكثر فَذهب كَثِيرُونَ إِلَى الثَّانِي فَمنهمْ من قَالَ من أَسبَابه شبه الْفِعْل الْمَبْنِيّ وَمثله ب نزال وهيهات فَإِنَّهُمَا بنيا لشبههما ب انْزِلْ وَبعد فِي الْمَعْنى ورد هَذَا طردا بِلُزُوم بِنَاء سقيا لَك وَضَربا زيدا لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى الْأَمر وعكسا بِلُزُوم إِعْرَاب أُفٍّ وأوه لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى أتضجر وأتوجع المعربين

وَمِنْهُم من قَالَ من أَسبَابه عد م التَّرْكِيب وعَلى هَذَا ابْن الْحَاجِب حَيْثُ قَالَ المنبي مَا ناسب مَبْنِيّ الأَصْل أَو وَقع غير مركب فَعنده أَن الْأَسْمَاء قبل التَّرْكِيب مَبْنِيَّة وَقيل أَسبَاب الْبناء تضمن معنى الْحَرْف كأسماء الشَّرْط والاستفهام ووقوعه موقع الْمَبْنِيّ ك نزال الْوَاقِع موقع انْزِلْ وَيَا زيد الْوَاقِع موقع كَاف الْخطاب ومضارعته لما وَقع موقع الْمَبْنِيّ كَالْعلمِ الْمُؤَنَّث المعدول ك حذام فَإِنَّهُ ضارع نزال الْوَاقِع موقع انْزِلْ فِي الْعدْل والتعريف وإضافته إِلَى مَبْنِيّ كأسماء الزَّمَان المضافة إِلَى جملَة أَولهَا مَاض وَزَاد بَعضهم أَن تكْثر علل منع الصّرْف قَالَ ابْن جني فِي الخصائص ذهب بَعضهم إِلَى أَنه إِذا انْضَمَّ إِلَى سببين من أَسبَاب منع الصّرْف ثَالِث امْتنع الِاسْم من الْإِعْرَاب أصلا لِأَنَّهُ لَيْسَ بعد منع الصّرْف إِلَّا ترك الْإِعْرَاب وَمثل ذَلِك بحذام وقطام وبابه فَإِن ثمَّ العلمية والتأنيث وَالْعدْل عَن حاذمة وقاطمة قَالَ وَمَا ذكره فَاسد لِأَن سَبَب الْبناء فِي الِاسْم لَيْسَ طَرِيقه طَرِيق حَدِيث الصّرْف وَتَركه إِنَّمَا سَببه مشابهة الِاسْم للحرف لَا غير وَقَوله لَيْسَ بعد منع الصّرْف إِلَّا ترك الْإِعْرَاب مَمْنُوع وتمثيله بِبَاب حذا مَرْدُود فَإِن سَبَب الْبناء فِيهِ شبهه بدراك ونزال وَقد وجدنَا مَا اجْتمع فِيهِ خَمْسَة أَسبَاب من مَوَانِع الصّرْف وَلم يبن وَذَلِكَ أذربيجان فَإِن فِيهِ العلمية والتأنيث والعجمة والتركيب وَالْألف وَالنُّون اه كَلَام ابْن جني وَالَّذِي جزم بِهِ ابْن مَالك فِي كتبه أَنه لَا سَبَب للنداء سوى شبه الْحَرْف فَقَط وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار وَنَقله جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين عَن ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ وَصرح بِهِ ابْن جني فِي الخصائص كَمَا تقدم فِي كَلَامه وَكَذَلِكَ أَبُو الْبَقَاء فِي التَّلْقِين ثمَّ رَأَيْته أَيْضا فِي تَقْيِيد أكمل الدّين الْعَطَّار وَعبارَته وَأما مَا بني من الْأَسْمَاء فَإِنَّمَا

شبه الحرف

بني لشبهه بالحرف ثمَّ حكى كَلَامهم فِي الْبناء لِلْخُرُوجِ عَن النَّظَائِر وللوقوع موقع الْأَمر ثمَّ قَالَ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ على وَجه التَّقْرِيب وَالصَّحِيح أَن كل اسْم بني فَإِنَّمَا بني لشبهه بالحروف وَهَذَا الشّبَه على ضَرْبَيْنِ لَفْظِي ومعنوي فاللفظي نَحْو كم لِأَنَّهَا أشبهت هَل لكَونهَا على حرفين والمعنوي أَن يتَضَمَّن معنى الْحَرْف أَو يكون مفتقرا إِلَى مَا بعده وَهَذَا مَذْهَب الحذاق من النَّحْوِيين اه كَلَامه بِحُرُوفِهِ ثمَّ إِن شبه الْحَرْف إِنَّمَا يُؤثر حَيْثُ لم يُعَارضهُ معَارض فَإِن عَارضه مَا يَقْتَضِي الْإِعْرَاب فَلَا أثر لَهُ وَذَلِكَ ك أَي شرطا واستفهاما وموصولة فَإِنَّهَا معربة مَعَ مشابهتها للحرف فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة لَكِن عَارض هَذَا الشّبَه لُزُومهَا للإضافة وَكَونهَا بِمَعْنى كل إِن أضيفت إِلَى نكرَة وَبِمَعْنى بعض إِن أضيفت إِلَى معرفَة فعارضت مناسبتها للمعرب مناسبتها للحرف فَغلبَتْ مُنَاسبَة المعرب لِأَنَّهَا دَاعِيَة إِلَى مَا هُوَ مُسْتَحقّ بِالْأَصَالَةِ ونقضه أَبُو حَيَّان ب لدن فَإِنَّهَا مُلَازمَة للإضافة بل هِيَ أقوى من أَي فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تنفك عَنْهَا لفظا وَهِي مَبْنِيَّة وَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا أعربت أَي تَنْبِيها على الأَصْل ليعلم أَن أصل المبنيات الْإِعْرَاب كَمَا صححوا بعض الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال الَّتِي وَجب إعلالها تَنْبِيها على أَن الأَصْل فِي التَّصْحِيح وَبِذَلِك جزم ابْن الْأَنْبَارِي فِي كِتَابه لمع الْأَدِلَّة [شبه الْحَرْف] ص فِي وَضعه على حرف أَو حرفين وَأب وَنَحْوه ثلاثي وَمَعَ لَزِمت الْإِضَافَة وَقيل أَصْلهَا معي

وَمَعْنَاهُ وَلَو لم يوضع كالإشارة وذان وتان للتثنية واستعماله بِأَن يَنُوب عَن الْفِعْل وَلَا يتأثر كأسماء الْأَفْعَال وَقيل هِيَ مَنْصُوبَة بمضمر وَقيل هِيَ مبتدآت فلتضمنها لَام الْأَمر وَحمل الْبَاقِي وافتقاره بتأصل كموصول وإهماله كأوائل السُّور وَلَفظه ك حاشا وَعلة الْمُضمر الْمَعْنَوِيّ أَو الإفتقار أَو الْوَضع فِي كثير أَو استغناؤه باخْتلَاف صيغه احتمالات ش الْوُجُوه الْمُعْتَبرَة فِي شبه الْحَرْف سِتَّة أَحدهَا الوضعي بِأَن يكون الِاسْم مَوْضُوعا على حرف أَو حرفين فَإِن ذَلِك هُوَ الأَصْل فِي وضع الْحَرْف إِذْ الأَصْل فِي وضع الِاسْم وَالْفِعْل أَن يكون على ثَلَاثَة حرف يبتدأ بِهِ وحرف يُوقف عَلَيْهِ وحرف فاصل بَينهمَا والحروف إِنَّمَا جِيءَ بهَا لِأَنَّهُ اختصر بهَا الْأَفْعَال إِذْ معنى مَا قَامَ زيد نفيت الْقيام عَن زيد فَلَا بُد أَن يكون أخصر من الْأَفْعَال وَإِلَّا لم يكن للعدول عَنْهَا إِلَيْهَا فَائِدَة فَإِن أورد على ذَلِك نَحْو أَب وَأَخ وحم وَهن وفم وَذي وَيَد وَدم فَإِنَّهَا معربة مَعَ كَونهَا على حرفين فَالْجَوَاب أَنَّهَا وضعت ثلاثية ثمَّ حذفت لاماتها وَالْعبْرَة بِالْوَضْعِ الْأَصْلِيّ لَا بالحذف الطَّارِئ فَإِن أورد على ذَلِك مَعَ فَإِنَّهَا وضعت على حرفين مَعَ أَنَّهَا معربة على الْأَصَح كَمَا سَيَأْتِي فِي الظروف فَالْجَوَاب أَن ذَلِك لُزُومهَا للإضافة وَذَلِكَ معَارض للشبه كَمَا تقدم فِي أَي وَقيل إِنَّهَا ثلاثية الْوَضع وَأَن أَصْلهَا معي فحذفت لامها اعتباطا وَلذَا ردَّتْ إِلَيْهَا عِنْد نصبها على الْحَال فَيُقَال مَعًا تَنْبِيه قَالَ أَبُو حَيَّان لم أَقف على مُرَاعَاة الشّبَه الوضعي إِلَّا لِابْنِ مَالك وَقَالَ ابْن الصَّائِغ قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي بَاب التَّسْمِيَة إِذا سميت بِبَاب اضْرِب قلب أَب باجتلاب همزَة الْوَصْل وبالإعراب قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا يَنْفِي اعْتِبَار الشّبَه الوضعي الثَّانِي الْمَعْنَوِيّ بِأَن يتَضَمَّن الِاسْم معنى من الْمعَانِي الَّتِي حَقّهَا أَن تكون للحرف سَوَاء وضع لذَلِك الْمَعْنى حرف كأدوات الِاسْتِفْهَام وَالشّرط أم لم يوضع كأسماء الْإِشَارَة فَإِنَّهَا بنيت لتضمنها معنى كَانَ حَقه أَن يوضع لَهُ حرف يدل عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِشَارَة لِأَنَّهُ كالتنبيه والتشبيه وَالْخطاب وَغير ذَلِك من مَعَاني الْحُرُوف لَكِن لم يوضع لَهُ حرف يدل عَلَيْهِ كَذَا قيل

وَاعْتَرضهُ الشَّيْخ سعد الدّين بِأَنَّهُم قد صَرَّحُوا بِأَن اللَّام العهدية يشار بهَا إِلَى مَعْهُود ذهنا وَهِي حرف فقد وضعُوا للْإِشَارَة حرفا غَايَة مَا فِي الْبَاب أَنَّهَا للْإِشَارَة الذهنية وَلَا فرق بَينهَا وَبَين الخارجية فَإِن أورد على هَذَا الشّبَه تَثْنِيَة اسْم الْإِشَارَة فَإِنَّهَا معربة بِالْألف رفعا وَالْيَاء نصبا وجرا فَالْجَوَاب أَن ذَلِك لمعارضة الشّبَه بالتثنية الَّتِي هِيَ من خَصَائِص الْأَسْمَاء الثَّالِث الاستعمالي بِأَن يكون الِاسْم نَائِبا عَن الْفِعْل أَي عَاملا عمله وَيكون مَعَ ذَلِك غير متأثر بالعوامل لَا لفظا وَلَا محلا وَذَلِكَ أَسمَاء الْأَفْعَال فَإِنَّهَا تلْزم النِّيَابَة عَن أفعالها فتعمل عَملهَا وَلَا تتأثر هِيَ بالعوامل فَأَشْبَهت الْحُرُوف العاملة عمل الْفِعْل وَهِي إِن وَأَخَوَاتهَا فَإِنَّهَا تعْمل عمل الْفِعْل وَلَا تتأثر بالعوامل وَهَذَا على مَذْهَب من يرى أَن أَسمَاء الْأَفْعَال لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَهُوَ رَأْي الْأَخْفَش وَنسبه فِي الْإِيضَاح لِلْجُمْهُورِ وفيهَا قَولَانِ آخرَانِ أَحدهمَا أَن محلهَا نصب بِأَفْعَال مضمرة وَعَلِيهِ الْمَازِني وَالثَّانِي أَنَّهَا فِي مَحل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَأَن مرفوعها أغْنى عَن الْخَبَر كَمَا فِي أقائم الزيدان وعَلى الْقَوْلَيْنِ إِنَّمَا بنيت لتضمن الْأَمر مِنْهَا لَام الْأَمر وَحمل الْبَاقِي عَلَيْهِ طردا للباب

واحترزنا بقولنَا وَلَا يتأثر من الْمصدر الْوَاقِع بَدَلا من فعله نَحْو {فَضرب الرّقاب} مُحَمَّد 4 فَإِنَّهُ يَنُوب عَن الْفِعْل ويتأثر بالعوامل فأعرب لعدم مشابهته للحرف وَكَذَلِكَ اسْم الْفَاعِل وَنَحْوه مِمَّا يعْمل عمل الْفِعْل الرَّابِع الافتقاري بِأَن يكون الِاسْم لَازم الافتقار إِلَى مَا يتمم مَعْنَاهُ كالموصلات والغايات المقطوعة عَن الْإِضَافَة وَإِذا وَنَحْوهَا بِخِلَاف مَا لَا يلْزم الافتقار كافتقار النكرَة الموصوفة بجملة إِلَى صفتهَا وَالْفَاعِل للْفِعْل والمبتدأ للْخَبَر وإعراب اللَّذَان واللتان لما تقدم فِي ذان وتان الْخَامِس الإهمالي ذكره ابْن مَالك فِي الكافية الْكُبْرَى وَمثل لَهُ فِي شرحها بأوائل السُّور فَإِنَّهَا تشبه الْحُرُوف الْمُهْملَة ك بل وَلَو فِي كَونهَا لَا عاملة وَلَا معمولة وَهَذَا على القَوْل بِأَن أَوَائِل السُّور لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب لِأَنَّهَا من الْمُتَشَابه الَّذِي لَا يدْرك مَعْنَاهُ وَقيل إِنَّهَا فِي مَحل رفع على الِابْتِدَاء أَو الْخَبَر أَو نصب ب قَرَأَ أَو جر قسما وَجعل بَعضهم من هَذَا النَّوْع الْأَسْمَاء قبل التَّرْكِيب وَأَسْمَاء الهجاء المسرودة كألف بَاء تَاء ثاء جِيم وَأَسْمَاء الْعدَد كواحد اثْنَيْنِ ثَلَاثَة السَّادِس ذكر ابْن مَالك فِي حاشا الاسمية أَنَّهَا بنيت لشبهها بحاشا الحرفية فِي اللَّفْظ وَمثلهَا على الاسمية وكلا بِمَعْنى حَقًا ذكرهمَا ابْن الْحَاجِب وَقد يجْتَمع فِي مَبْنِيّ شبهان فَأكْثر وَمن ذَلِك الْمُضْمرَات فَإِن فِيهَا الشّبَه الْمَعْنَوِيّ إِذْ التَّكَلُّم وَالْخطاب والغيبة من مَعَاني الْحُرُوف والافتقاري لِأَن كل ضمير يفْتَقر إِلَى مَا يفسره والوضعي إِذْ غَالب الضمائر على حرف أَو حرفين وَحمل الْبَاقِي عَلَيْهِ ليجرى الْبَاب على سنَن وَاحِد زَاد ابْن مَالك فِي التسهيل والجمودي فَإِنَّهُ عديم التَّصَرُّف فِي لَفظه بِوَجْه حَتَّى بِالتَّصْغِيرِ وَالْوَصْف وَهَذَا لَيْسَ وَاحِدًا من الْوُجُوه السِّتَّة وَيُمكن رُجُوعه إِلَى اللَّفْظِيّ بتكلف

زَاد أَيْضا والاستغناء باخْتلَاف صيغه لاخْتِلَاف الْمعَانِي وَذَلِكَ مغن عَن الْإِعْرَاب لحُصُول الامتياز بِهِ وَهَذِه عِلّة عدمية خَارِجَة عَن الْوُجُوه السِّتَّة أَيْضا وَفِي أمالي ابْن الْحَاجِب إِنَّمَا كفى فِي بِنَاء الِاسْم شبهه للحرف من وَجه وَاحِد بِخِلَاف منع الصّرْف فَلَا بُد فِيهِ من شبهه بِالْفِعْلِ من وَجْهَيْن لِأَن الشّبَه الْوَاحِد بالحرف يبعده عَن الاسمية ويقربه مِمَّا لَيْسَ بَينه وَبَينه مُنَاسبَة إِلَّا فِي الْجِنْس الْأَعَمّ وَهُوَ كَونه كلمة وَشبه الِاسْم بِالْفِعْلِ وَإِن كَانَ نوعا آخر إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي الْبعد عَن الِاسْم كالحرف

المعرب من الأسماء والأفعال

المعرب من الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال ص والمعرب اسْم بِخِلَاف ذَلِك والمضارع لشبهه فِي اعتوار الْمعَانِي وَقيل إبهامه وتخصيصه قيل وَدخُول اللَّام قيل وجريانه فَإِن لحقته نون إناث بني خلافًا لِابْنِ درسْتوَيْه أَو تَأْكِيد فثالثها الْأَصَح إِن باشرت لَا تَنْفِيس خلافًا لِابْنِ درسْتوَيْه ش المعرب من الْأَسْمَاء مَا عري من أَسبَاب الْبناء السَّابِقَة وَهُوَ كثير جدا قَالَ ابْن خروف أَكثر الْأَسْمَاء مُعرب وَأكْثر الْأَفْعَال مَبْنِيّ والمعرب من الْأَفْعَال الْمُضَارع بِالْإِجْمَاع لَكِن اخْتلف فِي عِلّة إعرابه فَقَالَ البصريون إِنَّمَا أعرب لمشابهته الِاسْم فِي إبهامه وتخصيصه فَإِنَّهُ يصلح للْحَال والاستقبال ويتخلص إِلَى أَحدهمَا بِأحد الْأُمُور السَّابِقَة كَمَا أَن الِاسْم يكون مُبْهما بالتنكير ويتخصص بالتعريف قيل وَفِي دُخُول لَام الِابْتِدَاء عَلَيْهِ كَمَا تدخل على الِاسْم فَإِن ذَلِك يدل على مشابهة بَينهمَا وَلذَا لم تدخل على الْمَاضِي وَالْأَمر وَالأَصَح أَنه لَا عِبْرَة بِدُخُول اللَّام فِي الشّبَه لِأَنَّهَا دخلت بعد اسْتِحْقَاق الْإِعْرَاب لتخصيص الْمُضَارع بِالْحَال كَمَا خصصته السِّين وَنَحْوهَا بالاستقبال وَزَاد بَعضهم فِي وُجُوه الشّبَه جَرَيَانه على حركات اسْم الْفَاعِل وسكناته وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِنَّمَا أعرب لِأَنَّهُ تدخله الْمعَانِي الْمُخْتَلفَة والأوقات الطَّوِيلَة قَالَ صَاحب البديع وَذَلِكَ أَنه يصلح للأزمنة الْمُخْتَلفَة من الْحَال والاستقبال

والماضي نَحْو يضْرب الْآن وَلنْ يضْرب غَدا وَلم يضْرب أمس كَمَا أَن الِاسْم يصلح للمعاني الْمُخْتَلفَة من الفاعلية والمفعولية وَالْإِضَافَة وَقَالَ ابْن مَالك بل وَجه الشّبَه أَنه يعرض لَهُ بعد التَّرْكِيب معَان مُخْتَلفَة تتعاقب على صِيغَة وَاحِدَة كَمَا يعرض ذَلِك فِي الِاسْم وَلَا يُمَيّز بَينهَا إِلَّا الْإِعْرَاب كَمَا فِي مَسْأَلَة لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن فَلَمَّا كَانَ الِاسْم وَالْفِعْل شَرِيكَيْنِ فِي قبُول الْمعَانِي بِصِيغَة وَاحِدَة اشْتَركَا فِي الْإِعْرَاب لَكِن الِاسْم لَيْسَ لَهُ مَا يُغْنِيه عَن الْإِعْرَاب لِأَن مَعَانِيه مَقْصُورَة عَلَيْهِ والمضارع قد يُغْنِيه عَن الْإِعْرَاب لِأَن مَعَانِيه تَقْدِير اسْم مَكَانَهُ فَلهَذَا جعل فِي الِاسْم أصلا والمضارع فرعا قَالَ وَالْجمع بَينهمَا بذلك أولى من الْجمع بَينهمَا بالإبهام والتخصيص وَدخُول لَام الِابْتِدَاء ومجاراة اسْم الْفَاعِل لِأَن المشابهة بِهَذِهِ الْأُمُور بمعزل عَمَّا جِيءَ بالإعراب لأَجله بِخِلَاف المشابهة الَّتِي اعتبرتها اه قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا مركب من مَذْهَب الْبَصرِيين والكوفيين مَعًا فَإِن الْبَصرِيين لَا يسلمُونَ قبُوله ويرون إعرابه بالشبه والكوفيون يسلمُونَ ويرون إعرابه كالاسم وَابْن مَالك سلم وَادّعى أَن الْإِعْرَاب بالشبه فَإِن لحقت الْمُضَارع نون إناث بني وَذكر لَهُ ثَلَاث علل الْحمل على الْمَاضِي الْمُتَّصِل بهَا ونقصان شبهه بِالِاسْمِ لِأَن النُّون من خَصَائِص الْأَفْعَال كَمَا تعَارض الْإِضَافَة وَنَحْوهَا سَبَب الْبناء وتركبه مَعهَا لِأَن الْفَاعِل كالجزء من فعله فَإِن قيل فَيلْزم بِنَاؤُه إِذا اتَّصل بِهِ ألف أَو وَاو أَو يَاء قيل منع من ذَلِك شبهه بالمثنى وَالْجمع وَادّعى ابْن مَالك فِي شرح التسهيل أَنه لَا خلاف فِي بنائِهِ مَعهَا وَلَيْسَ كَذَلِك فقد قَالَ بإعرابه حِينَئِذٍ جمَاعَة مِنْهُم ابْن درسْتوَيْه والسهيلي وَابْن طَلْحَة وعللوه بِأَنَّهُ قد اسْتحق الْإِعْرَاب فَلَا يعْدم إِلَّا لعدم مُوجبه وَبَقَاء مُوجبه دَلِيل على بَقَائِهِ فَهُوَ مُقَدّر فِي الْحَرْف الَّذِي كَانَ فِيهِ ظَاهرا وَمِنْه من ظُهُوره مَا عرض فِيهِ من الشّبَه بالماضى وَإِن لحقته نون توكيد فأقوال أَصَحهَا بِنَاؤُه إِن باشرت لتركبه مَعهَا وتنزله منزلَة صدر الْمركب من عَجزه وَإِعْرَابه إِن فصلت مِنْهُ بِأَلف اثْنَيْنِ أَو وَاو جمع أَو يَاء مُخَاطبَة وَلَو تَقْديرا لعدم التَّرْكِيب مَعَ الحاجز إِذْ لَا تركب ثَلَاثَة أَشْيَاء فتجعل شَيْئا وَاحِدًا وَيدل على إعرابه حِينَئِذٍ رُجُوع عَلامَة الرّفْع عِنْد الْوَقْف على الْمُؤَكّد بالخفيفة نَحْو هَل

تفعلن فَإِنَّهُ عِنْد الْوَقْف تحذف وَترد الْوَاو وَالنُّون فَيُقَال هَل تَفْعَلُونَ وَلَو كَانَ مَبْنِيا لم يخْتَلف حَال وَصله وَوَقفه وَالثَّانِي مَبْنِيّ مُطلقًا لضعف شبهه بِالِاسْمِ ب النُّون الَّتِي هِيَ من خَصَائِص الْأَفْعَال فَرجع إِلَى أَصله وَالثَّالِث الْإِعْرَاب مُطلقًا كَمثل مَا قَالَ ابْن درسْتوَيْه فِي نون الْإِنَاث وَإِن لحقه حرف تَنْفِيس وَهُوَ السِّين وسوف فالجمهور على إعرابه وَزعم ابْن درسْتوَيْه أَنه مَبْنِيّ لِأَنَّهُ لَا يُوجد مَعَه إِلَّا مضموما وَلِأَنَّهُ صَار بِهِ مُسْتَقْبلا فَأشبه الْأَمر وَأجِيب بِأَن لُزُوم ضمه لعدم الناصب والجازم إِذْ لَا يدخلَانِ عَلَيْهِ لِأَن النواصب وَبَعض الجوازم للاستقبال وهم لَا يجمعُونَ حرفين لِمَعْنى وَبَعضهَا للمضي فَلَا يُجَامع التَّنْفِيس الَّذِي هُوَ للاستقبال تَنْبِيه قيل بِبِنَاء الْمُضَارع أَيْضا إِذا وَقع موقع الْأَمر كَمَا سَيَأْتِي فِي نواصب الْفِعْل أَو فِي الشَّرْط وَالْجَزَاء كَمَا سَيَأْتِي فِي الجوازم ص وَزعم الْأَخْفَش بِنَاء جمع الْمُؤَنَّث نصبا وَغير المنصرف جرا والزجاج الْمثنى وَفِي مَا قبل التَّرْكِيب ثَالِثهَا الْمُخْتَار وفَاقا لأبي حَيَّان وَاسِطَة وأجريت فِي المحكي ب من والمتبع والمضاف للياء مُعرب وَثَالِثهَا وَاسِطَة ش فِيهِ مسَائِل الأولى الْجُمْهُور على أَن جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم فِي حَالَة النصب وَمَا لَا ينْصَرف فِي حَالَة الْحجر معربان والكسرة فِي الأول والفتحة فِي الثَّانِي حركتا إِعْرَاب وَذهب الْأَخْفَش إِلَى بنائهما فِي الْحَالة الْمَذْكُورَة وَقَالَ إنَّهُمَا يعربان فِي حَالين ويبنيان فِي حَال ورد بِأَن ذَلِك لَا نَظِير لَهُ وَاحْتج بِأَن أمس كَذَلِك

وَأجِيب بِأَن أمس لَا يَبْنِي إِلَّا حَال تضمنه معنى الْحَرْف وَلَا سَبَب للْبِنَاء فِي الْمَذْكُورين قَالَ الْفَارِسِي فِي العسكريات وَمِمَّا يدل على إعرابهما فِي الْحَالة الْمَذْكُورَة أَن هَذِه الْحَرَكَة وَجَبت فيهمَا بعامل والحركات الَّتِي تجب بعوامل لَا تكون حركات بِنَاء الثَّانِيَة زعم الزّجاج أَن الْمثنى مَبْنِيّ لتَضَمّنه معنى الْحَرْف وَهُوَ العاطف إِذْ أصل قَامَ الزيدان قَامَ زيد وَزيد كَمَا بني لذَلِك خَمْسَة عشر الثَّالِثَة فِي الْأَسْمَاء قبل التَّرْكِيب ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ ابْن الْحَاجِب أَنَّهَا مَبْنِيَّة لجعله عدم التَّرْكِيب من أَسبَاب الْبناء وَعلل غَيره بِأَنَّهَا تشبه الْحُرُوف الْمُهْملَة فِي كَونهَا لَا عاملة وَلَا معمولة الثَّانِي أَنَّهَا معربة بِنَاء على أَن عدم التَّرْكِيب لَيْسَ سَببا والشبه الْمَذْكُور مَمْنُوع لِأَنَّهَا صَالِحَة للْعَمَل وَالثَّالِث أَنَّهَا وَاسِطَة لَا مَبْنِيَّة وَلَا معربة لعدم الْمُوجب لكل مِنْهُمَا ولسكون آخرهَا وصلا بعد سَاكن نَحْو قَاف سين وَلَيْسَ فِي المبنيات مَا يكون كَذَلِك وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي تبعا لأبي حَيَّان الرَّابِعَة المحكي ب من نَحْو من زيد من زيدا من زيد قيل إِنَّه وَاسِطَة وَإِن حركته حَرَكَة حِكَايَة لَا حَرَكَة إِعْرَاب وَلَا بِنَاء قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الصَّحِيح وَقيل إِنَّه مُعرب وحركته حَرَكَة إِعْرَاب وَأَنه فِي الرّفْع خبر من وَفِي النصب مفعول فعل مُقَدّر وَفِي الْجَرّ بدل وَقيل إِنَّه مَبْنِيّ وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور لِأَن الِاخْتِلَاف لَيْسَ بعامل فِي المعرب فِي الْكَلَام الَّذِي هُوَ فِيهِ الْخَامِسَة المتبع نَحْو الْحَمد لله بِكَسْر الدَّال قيل إِنَّه وَاسِطَة وَالصَّحِيح أَنه مُعرب تَقْديرا بِمَعْنى أَنه قَابل للإعراب وَقيل إِنَّه مَبْنِيّ وَبِه جزم ابْن الصَّائِغ

محل الحركة

السَّادِسَة فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ ثَلَاثَة أَقْوَال أَصَحهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنه مُعرب كَغَيْرِهِ من المضافات وَإِن لم يظْهر فِيهِ الْإِعْرَاب فَهُوَ مُقَدّر كالمقصور وَنَحْو وَالثَّانِي مَبْنِيّ لِإِضَافَتِهِ إِلَى مَبْنِيّ بِنَاء على أَن ذَلِك من أَسبَاب الْبناء وَعَلِيهِ الْجِرْجَانِيّ وَابْن الخشاب وَالثَّالِث وَاسِطَة لَا مَبْنِيّ لعدم السَّبَب وَلَا مُعرب لعدم ظُهُور الْإِعْرَاب فِيهِ وعَلى هَذَا ابْن جني [مَحل الْحَرَكَة] ص مَسْأَلَة الْحَرَكَة مَعَ الْحَرْف وَقيل بعده وَقيل قبله ش فِي مَحل الْحَرَكَة ثَلَاثَة أَقْوَال حَكَاهَا ابْن جني فِي الخصائص بأدلتها وَعقد لَهَا بَابا أَحدهَا وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا تحدث بعد الْحَرْف وَاخْتَارَهُ ابْن جني قَالَ وَيُؤَيِّدهُ أَنا رَأينَا الْحَرَكَة فاصلة بَين المثلين مَانِعَة من إدغام الأول فِي الآخر نَحْو الْملَل والضفف كَمَا تفصل الْألف بعْدهَا بَينهمَا نَحْو الملال فلولا أَن حَرَكَة الأول تليه فِي الرُّتْبَة لما حجزت عَن الْإِدْغَام وَأَن الْحَرَكَة قد ثَبت أَنَّهَا بعض حرف إِذْ الفتحة بعض الْألف والكسرة بعض الْيَاء والضمة بعض الْوَاو فَكَمَا أَن الْحَرْف لَا يُجَامع حرفا آخر فينشآن مَعًا فِي وَقت وَاحِد فَكَذَلِك بعض الْحَرْف لَا يجوز أَن ينشأ مَعَ حرف آخر فِي وَقت وَاحِد وَالثَّانِي أَنَّهَا مَعَه وَاخْتَارَهُ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي قَالَ وَيُؤَيِّدهُ أَن النُّون الساكنة مخرجها مَعَ حُرُوف الْفَم من الْأنف والمتحركة مخرجها من الْفَم فَلَو كَانَت الْحَرَكَة بعد الْحَرْف لوَجَبَ أَن تكون النُّون المتحركة أَيْضا من الْأنف وَاخْتَارَهُ أَيْضا أَبُو حَيَّان وَأَبُو الْبَقَاء فِي اللّبَاب وَعلله بِأَن الْحَرْف يُوصف بِأَنَّهُ متحرك كَمَا يُوصف

بالشدة والجهر فَهِيَ صفة وَالصّفة لَا تتقدم الْمَوْصُوف وَلَا تتأخر عَنهُ وَبِأَن حُرُوف الْعلَّة تنْقَلب إِلَى غَيرهَا لتحركها فَلَو كَانَت بعْدهَا لم تقلب وَالثَّالِث وَهُوَ أضعفها أَنَّهَا قبله قَالَ بن جني وَيُؤَيِّدهُ إِجْمَاع النُّحَاة على أَن الْفَاء فِي يعد وبابه إِنَّمَا حذفت لوقوعها بَين يَاء وكسرة فِي يوعد لَو خرج على أَصله فَقَوْلهم بَين يَاء وكسرة يدل على أَن الْحَرَكَة عِنْدهم قبل حرفها المتحرك بهَا قَالَ ويبطله إِجْمَاعهم على أَن الْألف لَا تقع إِلَّا بعد فَتْحة ك ضَارب مثلا فَلَو كَانَت الْحَرَكَة قبل حرفها لكَانَتْ الْألف بعد ضاد لَا بعد فَتحه قَالَ الْفَارِسِي وَسبب الْخلاف لطف الْأَمر وغموض الْحَال

تقسيم الحركات

تَقْسِيم الحركات ص وَهِي إِعْرَاب وَبِنَاء وحكاية وإتباع وَنقل وتخلص من سكونين قيل وحركة الْمُضَاف للياء وَرجحه أَبُو حَيَّان وَعِنْدِي ومناسبة وتعمها وَهل حَرَكَة الْإِعْرَاب أصل أَو الْبناء أَو هما أَقْوَال وليسا مثلين خلافًا لقطرب وَهُوَ لَفْظِي وَلَا الْحَرْف مُجْتَمع من حركتين على الصَّحِيح ش الحركات سبع حَرَكَة إِعْرَاب وحركة بِنَاء وسيأتيان وحركة حِكَايَة نَحْو من زيد من زيدا من زيد وحركة إتباع كَقِرَاءَة الْحَمد لله بِكَسْر الدَّال {للْمَلَائكَة اسجدوا} الْبَقَرَة 34 بِضَم التَّاء وحركة نقل كَقِرَاءَة {قد أَفْلح} الْمُؤْمِنُونَ 1 {ألم تعلم أَن الله} الْبَقَرَة 106 بِفَتْح الْمِيم وحركة تخلص من سكونين نَحْو {لم يكن الَّذين} الْبَيِّنَة 1 وَالسَّابِعَة واستدركها أَبُو حَيَّان وَغَيره على التسهيل حَرَكَة الْمُضَاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم نَحْو غلامي فَإِنَّهَا لَيست عِنْدهم إعرابا وَلَا بِنَاء وَلَا هِيَ من الحركات السِّتَّة وَعِنْدِي أَن يُقَال بدله حَرَكَة مُنَاسبَة فتشملها وَمَا يجْرِي مجْراهَا وَاخْتلف فِي حركات الْإِعْرَاب وحركات الْبناء أَيهمَا أصل فَقيل حركات الْإِعْرَاب لِأَنَّهَا لعامل وَقيل حركات الْبناء لِأَنَّهَا لَازِمَة وَقيل هما أصلان قَالَ بَعضهم وَهُوَ الصَّحِيح قلت وَيَنْبَغِي أَن يكون الْخلاف مَبْنِيا على أَن الْإِعْرَاب أصل فِي الْأَسْمَاء فَقَط أَو فِيهَا وَفِي الْأَفْعَال أَو فِي الْأَفْعَال فَقَط

فعلى الأولى يكونَانِ أصلين كَمَا أَن الْإِعْرَاب وَالْبناء أصلان وعَلى الثَّانِي حركات الْإِعْرَاب أصل لِأَن الْبناء فرع فيهمَا وعَلى الثَّالِث حركات الْبناء لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الِاسْم الْأَشْرَف وَالَّذِي يظْهر تَرْجِيحه أَن حركات الْإِعْرَاب فَقَط أصل لِأَن الأَصْل فِي الْإِعْرَاب الْحَرَكَة وَالْأَصْل فِي الْبناء السّكُون وَالْحَرَكَة طارئة ثمَّ إِن الْجُمْهُور على أَن حركات الْإِعْرَاب غير حركات الْبناء وَقَالَ قطر هِيَ هِيَ وَالْخلاف لَفْظِي لِأَنَّهُ عَائِد إِلَى التَّسْمِيَة فَقَط فالأولون يطلقون على حركات الْإِعْرَاب الرّفْع وَالنّصب والجر والجزم وعَلى حركات الْبناء الضَّم وَالْفَتْح أَو الْكسر وَالْوَقْف وقطرب وَمن وَافقه يطلقون أَسمَاء هَذِه على هَذِه وَفِي اللّبَاب لأبي الْبَقَاء ذهب قوم إِلَى أَن الْحَرْف مُجْتَمع من حركتين لِأَن الْحَرَكَة إِذا أشبعت نَشأ الْحَرْف المجانس لَهَا والمحققون على خِلَافه لِأَن الْحَرْف لَهُ مخرج مَخْصُوص وَالْحَرَكَة لَا تخْتَص بمخرج وَلِأَنَّهَا إِذا أشبعت نَشأ مِنْهَا حرف تَامّ وَبقيت الْحَرَكَة قبله بكمالها فَلَو كَانَ الْحَرْف بحركتين لم تبْق الْحَرَكَة قبل الْحَرْف ص مَسْأَلَة الأَصْل فِي الْبناء السّكُون كالأمر فالفتح كالماضي فالكسر فالضم وَلَا يكونَانِ فِي الْفِعْل خلافًا للزنجاني وَقد تقدر ويناب عَنْهَا ش الأَصْل فِي الْبناء السّكُون لِأَنَّهُ أخف فَلَا يعدل عَنهُ إِلَّا لسَبَب وَلِأَن الأَصْل عدم الْحَرَكَة فَوَجَبَ استصحابه مَا لم يمْنَع مِنْهُ مَانع وَإِذا عدل إِلَى الْحَرَكَة قدم الأخف فالأخف وَذَلِكَ الْفَتْح ثمَّ الْكسر ثمَّ الضَّم فالسكون يكون فِي الْحُرُوف نَحْو قد وَهل وبل وَالْأَفْعَال كالأمر والماضي الْمُتَّصِل بضمير رفع متحرك والمضارع الْمُتَّصِل بنُون الْإِنَاث والأسماء نَحْو من وَكم وَالْفَتْح يكون فِي الثَّلَاثَة أَيْضا نَحْو سَوف وَثمّ وواو الْعَطف وفائه

والماضي الْمُجَرّد والمضارع مَعَ نون التوكيد وَكَيف وَأَيْنَ وأيان وَالْكَسْر وَالضَّم يكونَانِ فِي الْحَرْف وَالِاسْم كباء الْجَرّ ولامه ومنذ وأمس وَحَيْثُ وَنحن وَلَا يكونَانِ فِي الْفِعْل وَزعم الزنجاني فِي شرح الْهَادِي وجودهَا فِيهِ فِي نَحْو ع وش ورد بِضَم الدَّال وَهُوَ مَرْدُود فَإِن الأول مَبْنِيّ على الْحَذف وَالثَّانِي على السّكُون تَقْديرا والضمة إتباع لَا بِنَاء وَقد استوفيت أَسبَاب الْبناء على الْحَرَكَة وَأَسْبَاب تَخْصِيص الفتحة والكسرة والضمة فِي كتاب الْأَشْبَاه والنظائر وَهُوَ وَالْكتاب الَّذِي لَا يَسْتَغْنِي الطَّالِب عَنهُ وَقد يقدر سُكُون الْبناء وحركته كَمَا تقدر حركات الْإِعْرَاب مِثَال تَقْدِير السّكُون رد إِذا ضممت الدَّال إتباعا وَمِثَال تَقْدِير الْفَتْح عدا وَنَحْوه من الْمَاضِي المعتل الآخر وَمِثَال تَقْدِير الضَّم يَا سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ مَبْنِيّ على الْكسر لفظا وعَلى الضمة تَقْديرا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُنَادِي وَقد يَنُوب عَن السّكُون الْحَذف وَعَن الْحَرَكَة الْحَرَكَة أَو الْحَرْف كَمَا يَقع ذَلِك فِي الْإِعْرَاب مِثَال نِيَابَة الْحَذف عَن السّكُون اغز واخش وارم واضربا واضربوا واضربي وَمِثَال نِيَابَة الْحَرَكَة عَن الْحَرَكَة لَا مسلمات لَك نابت الكسرة عَن الفتحة وَمِثَال نِيَابَة الْحَرْف عَن الْحَرَكَة لَا رجلَيْنِ فِي الْجَار لَا رجلَانِ على لُغَة كنَانَة نابت الْيَاء وَالْألف عَن الفتحة وَفِي يَا زَيْدَانَ يَا زيدون نابت الْألف وَالْوَاو عَن الضمة

أنواع الإعراب

أَنْوَاع الْإِعْرَاب ص مَسْأَلَة أَنْوَاع الْإِعْرَاب رفع للعمد وَنصب للفضلات وجر لما بَينهمَا وَكَذَا جزم خلافًا للمازني والكوفية وَخص الِاسْم بِالْجَرِّ وَقيل لَيْسَ إعرابا لَهُ بل ضعف للنصب وَالْفِعْل بِالْجَزْمِ ش أَنْوَاع الْإِعْرَاب أَرْبَعَة الرّفْع وَهُوَ إِعْرَاب الْعمد وَالنّصب وَهُوَ إِعْرَاب الفضلات قيل وَوجه التَّخْصِيص أَن الرّفْع ثقيل فَخص بِهِ الْعمد لِأَنَّهَا أقل إِذْ هِيَ رَاجِعَة إِلَى الْفَاعِل والمبتدأ وَالْخَبَر والفضلات كَثِيرَة إِذْ هِيَ المفاعيل الْخَمْسَة والمستثنى وَالْحَال والتمييز وَقد يَتَعَدَّد الْمَفْعُول بِهِ إِلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة وَكَذَلِكَ الْمُسْتَثْنى وَالْحَال إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ وَمَا كثر تداوله فالأخف أولى بِهِ والجر وَهُوَ لما بَين الْعُمْدَة والفضلة لِأَنَّهُ أخف من الرّفْع وأثقل من النصب والجزم خلافًا للمازني فِي قَوْله إِنَّه لَيْسَ بإعراب إِنَّمَا هُوَ يشبه الْإِعْرَاب وَهُوَ مَذْهَب الْكُوفِيّين ثمَّ الرّفْع وَالنّصب يكونَانِ إعرابا للاسم وَالْفِعْل لقُوَّة عواملهما باستقلالها بِالْعَمَلِ وَعدم تعلقهَا بعامل آخر فَقيل رَافع الِاسْم وناصبه أَن يفرع عَلَيْهِمَا ويشاركه الْمُضَارع فِي حكمهمَا وَأما الْجَرّ فعاملة غير مُسْتَقل لافتقاره إِلَى مَا يتَعَلَّق بِهِ وَلذَلِك إِذا حذف الْجَار نصب معموله وَإِذا عطف على الْمَجْرُور جَازَ نصب الْمَعْطُوف فضعف عَن تَفْرِيع غَيره عَلَيْهِ فَانْفَرد بِهِ الِاسْم وَخص الْجَزْم بِالْفِعْلِ ليَكُون فِيهِ كالعوض عَمَّا فَاتَهُ من الْمُشَاركَة فِي الْجَرّ ليَكُون لكل وَاحِد من صنفي المعرب ثَلَاثَة أوجه من الْإِعْرَاب وَقَالَ أَبُو حَيَّان الصَّوَاب فِي ذَلِك مَا حَرَّره بعض أَصْحَابنَا أَن التَّعَرُّض لِامْتِنَاع الْجَرّ من الْفِعْل

والجزم من الِاسْم ولحوق التَّاء الساكنة للماضي دون أَخَوَيْهِ وَأَشْبَاه ذَلِك من تَعْلِيل الوضعيات وَالسُّؤَال عَن مبادئ اللُّغَات مَمْنُوع لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تسلسل السُّؤَال إِذْ مَا من شَيْء إِلَّا وَيُقَال فِيهِ لم كَانَ كَذَلِك وَإِنَّمَا يسْأَل عَمَّا كَانَ يجب قِيَاسا فَامْتنعَ وَالَّذِي كَانَ يجب قِيَاسا هُنَا خفض الْمُضَارع إِذا أضيف إِلَيْهِ أَسمَاء الزَّمَان نَحْو {هَذَا يَوْم ينفع} الْمَائِدَة 119 وَجزم الْأَسْمَاء الَّتِي لَا تَنْصَرِف لشبهها بِالْفِعْلِ وَعلة امْتنَاع الأول أَن الْإِضَافَة فِي الْمَعْنى للمصدر الْمَفْهُوم من الْفِعْل لَا للْفِعْل وَعلة امْتنَاع الثَّانِي مَا يلْزم من الإجحاف لَو حذفت الْحَرَكَة أَيْضا بعد حذف التَّنْوِين إِذْ لَيْسَ فِي كَلَامهم حذف شَيْئَيْنِ من جِهَة وَاحِدَة وَلَا إعلالان من جِهَة وَاحِدَة انْتهى ص وَالْأَصْل رفع بِضَم وَنصب بِفَتْح وجر بِكَسْر وَجزم بِسُكُون وَخرج عَن ذَلِك سَبْعَة ش الْإِعْرَاب بالحركات أصل للإعراب بالحروف وبالسكون أصل للإعراب بالحذف لِأَنَّهُ لَا يعدل عَنْهُمَا إِلَّا عِنْد تعذرهما وَالْأَصْل أَن يكون الرّفْع بالضمة وَالنّصب بالفتحة والجر بالكسرة والجزم بِالسُّكُونِ وَخرج عَن ذَلِك سَبْعَة أَبْوَاب تَأتي قيل وَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال برفعة ونصبة وجرة لِأَن الضَّم وَالْفَتْح وَالْكَسْر للْبِنَاء وَلَكنهُمْ أطْلقُوا ذَلِك توسعا

الباب الأول ما جمع بألف وتاء

الْبَاب الأول: مَا جمع بِأَلف وتاء ص الأول مَا جمع بِأَلف وتاء فينصب بالكسرة وَأَجَازَ الكوفية الْفَتْح وَهِشَام فِي المعتل وَكَذَا أولات وَمَا سمي بِهِ كأذرعات وَقد يجرى كأرطاة أَو يكسر وَلَا ينون ش الْبَاب الأول من أَبْوَاب النِّيَابَة مَا جمع بِأَلف وتاء فَإِن نَصبه بالكسرة نِيَابَة عَن الفتحة حملا لنصبه على جَرّه كَمَا حمل نصب أَصله جمع الْمُذكر السَّالِم على جَرّه وَذكر الْجمع بِأَلف وتاء أحسن من التَّعْبِير بِجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم لِأَنَّهُ لَا فرق بَين الْمُؤَنَّث كهندات والمذكر كإصطبلات والسالم كَمَا ذكر والمغير نظم واحده كتمرات وغرفات وكسرات وَلَا حَاجَة إِلَى التقيد بمزيدتين ليخرج نَحْو قُضَاة وأبيات لِأَن الْمَقْصُود مَا دلّ على جمعيته بِالْألف وَالتَّاء والمذكوران لَيْسَ كَذَلِك أما رفع هَذَا الْجمع وجره فبالضمة والكسرة على الأَصْل وَأَجَازَ الكوفية نصب هَذَا الْجمع بالفتحة مُطلقًا وَأَجَازَهُ هِشَام مِنْهُم فِي المعتل خَاصَّة كلغة وثبة وَحكي سَمِعت لغاتهم وَألْحق بِهَذَا الْجمع فِي النصب بالكسرة أولات وَلَيْسَت بِجمع إِذْ لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا بل من مَعْنَاهَا وَهِي ذَات كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَة قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن كن أولات حمل} الطَّلَاق 6

وَمَا سمي بِهِ من هَذَا الْجمع فَصَارَ علما مُفردا كأذرعات اسْم لبلد فأصله جمع أذرعة جمع ذِرَاع فالأشهر بَقَاؤُهُ على حَاله الْكَائِن قبل التَّسْمِيَة من النصب بالكسرة منونا وَيجوز ترك تنوينه مَعَ الكسرة وَإِعْرَابه إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف فيجر وَينصب فالفتحة كواحد زيد فِي آخِره ألف وتاء كأرطاة وعلقاه وسعلاه ويروى بالأوجه الثَّلَاثَة قَول امْرِئ الْقَيْس 15 - (تَنَوَّرْتُها من أّذْرعَاتٍ وأهْلُها ... )

ص وَيجمع بهما ذُو التَّاء وَعلم مؤنث مُطلقًا لَا قطام الْمَبْنِيّ قيل وَلَا غير عَاقل وَصفَة مُذَكّر لَا يعقل ومصغره وَاسم جنس مؤنث بِالْألف لَا شَاة وشفة وَأمة وفعلى فعلان أَو أفعل غير منقولين إِلَى الاسمية على الْأَصَح فِيهَا وَفِي غير ذَات أفعل خلف وشذ فِي أم فَقيل أُمَّهَات فِي النَّاس وأمات فِي غَيرهم وَعَكسه قَلِيل وَمَا سوى ذَلِك وَقيل يُقَاس مَا لم يكسر ش لما ذكرت إِعْرَاب هَذَا الْجمع ذكرت كيفيته وَالَّذِي يجمع بِالْألف وَالتَّاء خَمْسَة أَنْوَاع أَحدهَا مَا فِيهِ تَاء تَأْنِيث مُطلقًا سَوَاء كَانَ علما لمؤنث كفاطمة أَو مُذَكّر كطلحة أَو اسْم جنس كتمرة أَو صفة كنسابة أبدلت تاؤه فِي الْوَقْف هَاء أم لَا كَبِنْت وَأُخْت وَيسْتَثْنى من ذَلِك شَاة وشفة وَأمة فَلَا تجمع بِالْألف وَالتَّاء على الْأَصَح وَلَو سمي بهَا اسْتغْنَاء بتكسيرها على شِيَاه وشفاه وإماء الثَّانِي علم الْمُؤَنَّث مُطلقًا سَوَاء كَانَ فِيهِ التَّاء كَمَا تقدم أم لم يكن كزينب وسعدى وعفراء سَوَاء كَانَ لعاقل كَمَا ذكر أم لغيره

وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع شَرطه أَن يكون لعاقل فَلَو سميت نَاقَة بعناق أَو شَاة بعقرب لم يجز جمعه بِالْألف وَالتَّاء قَالَ فِي شرح التسهيل وَلم نره لغيره نعم يسْتَثْنى بَاب قطام فِي لُغَة من بناه الثَّالِث صفة الْمُذكر الَّذِي لَا يعقل كجبال راسيات و {أَيَّام معدودات} الْبَقَرَة 203 بِخِلَاف صفة الْمُؤَنَّث كحائض والعاقل كعالم الرَّابِع مصغر الْمُذكر الَّذِي لَا يعقل كفليسات ودريهمات بِخِلَاف مصغر الْمُؤَنَّث نَحْو أرينب وخنيصر الْخَامِس اسْم الْجِنْس الْمُؤَنَّث بِالْألف سَوَاء كَانَ اسْما كبهمى وصحراء أَو صفة كحبلى وحلة سيراء وَيسْتَثْنى فعلى فعلان كسكرى فَلَا يُقَال سكريات وفعلاء أفعل كحمراء فَلَا يُقَال حمراوات كَمَا لَا يجمع مذكرهما بِالْوَاو وَالنُّون وَأَجَازَهُ الْفراء وَهُوَ قِيَاس قَول الْكُوفِيّين الْآتِي فِي الْمُذكر وَمحل الْخلاف مَا داما باقيين على الوصفية فَإِن سمي بهما جمعا بِالْألف وَالتَّاء بِلَا خلاف أما فعلاء الَّتِي لَا أفعل لَهَا من حَيْثُ الْوَضع كامرأة عجزاء أَو من حَيْثُ الْخلقَة كامرأة عذراء فَقَالَ ابْن مَالك بِجَوَاز جمعهَا للألف وَالتَّاء لِأَن الْمَنْع فِي حَمْرَاء وَنَحْوه تَابع لمنع الْوَاو وَالنُّون وَذَلِكَ مَفْقُود فِيمَا ذكر وَمنعه غَيره كَمَا امْتنع جمع أكمر وآدر بِالْوَاو وَالنُّون وَلَا فعلاء لَهما وَاحْترز بالمؤنث بِالْألف عَن اسْم الْجِنْس الْمُؤَنَّث بِلَا عَلامَة كَقدْر وشمس وعنز وعناق فَلَا يجمع بِالْألف وَالتَّاء وشذ من ذَلِك أم حَيْثُ جمعت بهما ثمَّ الْأَكْثَر أَن يُقَال فِي الأناسي أُمَّهَات وَفِي غَيرهم أمات بِزِيَادَة الْهَاء فِي الأول للْفرق وَقيل لِأَن الأَصْل أم أمهة قَالَ 16 - (أُمّهتِي خِنْدف والْياسُ أَبي ... )

وَقد تسْتَعْمل أُمَّهَات فِي غير الأناسي وأمات فيهم قَالَ الشَّاعِر 17 - (إِذا الأمّهاتُ قَبَحْنَ الوُجُوهَ ... فَرَجْتَ الظّلام بأُمّاتِكَا) وَمَا عدا الْأَنْوَاع الْخَمْسَة من الْمُؤَنَّث شَاذ أَيْضا مَقْصُور على السماع كسموات وثيبات وأشذ مِنْهُ جمع بعض المذكرات الجامدة الْمُجَرَّدَة كسرادقات وحمامات وحسامات وَذهب قوم مِنْهُم ابْن عُصْفُور إِلَى جَوَاز قِيَاس جمع المكبر من الْمُذكر والمؤنث الَّذِي لم يكسر اسْما كَانَ أَو صفة كحمامات وسجلات وجمل سبحل أَي ضخم وجمال سبحلات فَإِن كسر امْتنع قِيَاسا وَلذَلِك لحنا أَبَا الطّيب فِي قَوْله 18 - (فَفِي النّاس بوقاتٌ لَهَا وطبُولُ ... )

ص وتحذف لَهُ التَّاء فَإِن كَانَ قبل ألف أَو همزَة فكالتثنية وَيُقَال فِي ابْنة وَبنت وَأُخْت وهنة وَذَات بَنَات وأخوات وهنات وهنوات وَذَوَات وَتجمع حُرُوف المعجم فَمَا فِيهِ ألف يقصر ويمد فبيات وباءات ش تحذف تَاء التَّأْنِيث عِنْد جمع مَا هِيَ فِيهِ اسْتغْنَاء بتاء الْجمع فَيُقَال فِي فَاطِمَة وَطَلْحَة فاطمات وطلحات فَإِن كَانَ قبلهَا ألف أَو همزَة فعل بهَا مَا سَيَأْتِي فِي التَّثْنِيَة من الْقلب للألف يَاء فِي نَحْو فتاة واوا فِي نَحْو قناة وَإِقْرَار الْهمزَة فِي نَحْو سقاءة أَو قلبه واوا نَحْو فتيات وقنوات وسقاءات وسقاوات وَيُقَال فِي ابْنة وَبنت بَنَات بِحَذْف التَّاء وَكَانَ الْقيَاس بنتات وَلِأَن هَذِه التَّاء قد غيرت لأَجلهَا الْكَلِمَة وَسكن مَا قبلهَا فَأَشْبَهت تَاء ملكوت فِي الزِّيَادَة وَفِي أُخْت أَخَوَات بِحَذْف التَّاء ورد الْمَحْذُوف وَكَانَ الْقيَاس أختات لما ذكر وَفِي هنة هَنَات وهنوات فَالْأول على لفظ هنة بِلَا رد وَالثَّانِي بِالرَّدِّ وَفِي ذَات ذَوَات بِحَذْف التَّاء بِلَا رد كبنات وَلَو رد لقيل ذويات إِذْ لامها يَاء كَمَا سَيَأْتِي وَتجمع حُرُوف المعجم بِالْألف وَالتَّاء لِأَنَّهَا أَعْلَام فَمَا كَانَ فِيهِ ألف كالباء فَإِنَّهُ يجوز قصره ومده بِالْإِجْمَاع فَيُقَال فِيهِ على الْقصر بيات بقلب الْألف الْمَقْصُورَة يَاء على الْمَدّ باءات بِالْإِقْرَارِ للهمز ص وتتبع الْعين حَرَكَة فَاء مؤنث بهاء أَو لَا ثلاثي صَحِيح عين سَاكِنة غير مضاعف وَلَا صفة وتفتح وتسكن تلو ضم وَكسر وَيمْنَع ضم قبل يَاء وَكسر قبل وَاو قيل وياء وَالْفراء مُطلقًا وشذ جروات وعيرات وَالْتزم لجبات وربعات لفتح الْمُفْرد فِي لُغَة وسكنه الْمبرد قِيَاسا وَفتح جوازات وبيضات لُغَة كهلات نَادِر خلافًا لقطرب وَسُكُون ظبيات لُغَة وَشبه الصّفة قَلِيل وَغَيره ضَرُورَة سهلة ش تتبع الْعين فِي هَذَا الْجمع الْفَاء فِي الْحَرَكَة بِشَرْط أَن يكون الْمُفْرد

مؤنثا ثلاثيا صَحِيح الْعين ساكنها غير مضاعف وَلَا صفة وَسَوَاء فِي الْحَرَكَة الفتحة والضمة والكسرة وَفِي الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ والعاري مِنْهَا فَيُقَال فِي جَفْنَة وغرفة وسدرة ودعد وجمل وَهِنْد جفنات وغرفات وسدرات ودعدات وجملات وهندات بِخِلَاف غير الثلاثي كجيأل علما للضبع والمعتل الْعين كدولة وَنور علما لمؤنث وَكَذَا نارة ونار وديمة وديم مِمَّا قبل حرف الْعلَّة فِيهِ حَرَكَة مجانسة فَإِنَّهُ يبْقى على حَاله فَإِن كَانَ حرف الْعلَّة غير مجانس للحركة نَحْو جوزة وبيضة فجمهور الْعَرَب أَيْضا على التسكين ولغة هُذَيْل افتباع قَرَأَ بَعضهم {ثَلَاث عورات لكم} النُّور 58 {عورات النِّسَاء} النُّور 31 بِالتَّحْرِيكِ وَقَالَ شَاعِرهمْ 19 - (أَخُو بَيَضَات رائِحٌ مُتَأَوِّبٌ ... )

وَمحل هَذِه اللُّغَة فِي غير الصّفة أما هِيَ كجونة وَهِي السَّوْدَاء أَو الْبَيْضَاء وعبلة وَهِي السمينة فَلَا تتبعها هُذَيْل كَغَيْرِهَا وَبِخِلَاف المتحرك الْعين كشجرة ونبقة وَسمرَة والمضاعف كجنة وجنة وجنة وَالصّفة كضخمة وجلفة وحلوة فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا التسكين لثقلها بِخِلَاف الِاسْم وَنذر كهلات بِالْفَتْح جمع كهلة وَأَجَازَ الْمبرد الْقيَاس عَلَيْهِ نعم فتح لجبات وربعات جمع لجبة وَهِي الشَّاة القليلة اللَّبن وربعة وَهُوَ معتدل الْقَامَة لِأَن فيهمَا لُغَة بِالْفَتْح فِي الْمُفْرد فالتزمت فِي الْجمع اسْتغْنَاء بِجمع إِحْدَى اللغتين عَن الْأُخْرَى وَأكْثر النُّحَاة ظنُّوا أَن ذَلِك جمع السَّاكِن الْعين فحكموا عَلَيْهِ بالشذوذ قَالَ ابْن مَالك وَحَملهمْ على ذَلِك عدم اطلاعهم على أَن فتح الْعين ثَابت فِي الْإِفْرَاد وَأَجَازَ الْمبرد التسكين فيهمَا قِيَاسا وَإِن لم يسمع وَوَافَقَهُ ابْن مَالك وَيمْنَع الإتباع بِالضَّمِّ قبل الْيَاء وبالكسر قبل الْوَاو فَلَا يُقَال فِي زبية زبيات وَلَا فِي رشوة رشوات بالإتباع بل بِالسُّكُونِ وَالْفَتْح وشذ فِي جروة جروات حَكَاهُ يُونُس وَذهب بعض الْبَصرِيين إِلَى منع الْكسر قبل الْيَاء أَيْضا فَلَا يُقَال فِي لحية لحيات لما فِيهِ من توالي كسرتين وَالْيَاء وَالصَّحِيح جَوَازه وَلَا احتفال بذلك كَمَا لم يحتفلوا باجتماع الضمتين وَالْوَاو فِي خطْوَة وخطوات وَذهب الْفراء إِلَى منع الإتباع بالكسرة مُطلقًا سَوَاء كَانَ من بَاب رشوة وَهُوَ الْمُتَّفق على مَنعه أَو من بَاب فديَة وَهُوَ الْمُخْتَلف فِيهِ أَو من بَاب هِنْد وَهُوَ الْجَائِز عِنْد غَيره فَإِن فعلات تَتَضَمَّن فعلا وَفعل أهمل إِلَّا فِيمَا ندر كإبل فَإِن سمع فعلات قبله الْفراء وَيجوز الْفَتْح والسكون مَعَ الإتباع بِشَرْط أَن تكون الْفَاء مَضْمُومَة أَو مَكْسُورَة لَا مَفْتُوحَة إِلَّا فِي ثَلَاث معتل اللَّام نَحْو ظَبْيَة فَيجوز فِيهِ ظبيات بِالسُّكُونِ اخْتِيَارا فِي لُغَة حَكَاهَا ابْن

جني وَالْمَشْهُور الْفَتْح وَشبه الصّفة كَأَهل فَيُقَال فِيهِ أهلات بِالسُّكُونِ على قلَّة وَالْفَتْح أَكثر والضرورة كَقَوْلِه 20 - (وَحمِّلْت زَفْراتِ الضُّحى ... وَمَا لى بزَفْرات العشىِّ يَدَان) وَهُوَ من أسهل الضرورات وأشذ مِنْهُ فتح المعتل الْعين المكسور الْفَاء كَقَوْلِهِم عيرات جمع عير وَهِي الْإِبِل الَّتِي عَلَيْهَا الْأَحْمَال وَقيل الْحمير وَوجه شذوذه أَنه لَيْسَ فِيهِ مَا فِي بيضات من الإتباع

الباب الثاني ما لا ينصرف

الْبَاب الثَّانِي: مَا لَا ينْصَرف ص الثَّانِي مَا لَا ينْصَرف فيجر بالفتحة مَا لم يضف أَو يصحب أل أَو بدلهَا وَالْمُخْتَار وفَاقا للمبرد والسيرافي وَابْن السراج والزجاجي صرفه وَثَالِثهَا إِن بَقِي عِلّة فَقَط ش الْبَاب الثَّانِي من أَبْوَاب النِّيَابَة مَا لَا ينْصَرف وَاخْتلف فِي حَده بِنَاء على الِاخْتِلَاف فِي تَعْرِيف الصّرْف فَقيل هُوَ المسلوب مِنْهُ التَّنْوِين بِنَاء على أَن الصّرْف مَا فى الِاسْم من الصَّوْت أخذا من الصريف وَهُوَ الصَّوْت الضَّعِيف وَقيل هُوَ المسلوب مِنْهُ التَّنْوِين والجر مَعًا بِنَاء على أَن الصّرْف هُوَ التَّصَرُّف فِي جَمِيع المجارى وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا طائل تَحْتَهُ وَحكم مَا لَا ينْصَرف أَنه لَا ينون كَمَا سَيَأْتِي تَوْجِيهه فِي مَبْحَث التَّنْوِين وَلَا يجر بالكسرة وَاخْتلف لم منع مِنْهَا فَقيل لشبه الْفِعْل كَمَا منع التَّنْوِين وَقيل لِئَلَّا يتَوَهَّم أَنه مُضَاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وَأَنَّهَا حذفت واجتزئ بالكسرة وَقيل لِئَلَّا يتَوَهَّم أَنه مَبْنِيّ لِأَن الكسرة لَا تكون إعرابا إِلَّا مَعَ التَّنْوِين أَو الْألف وَاللَّام أَو الْإِضَافَة فَلَمَّا منع الْكسر حمل جَرّه على نَصبه فجر بالفتحة كَمَا ينصب بهَا لإشتراكهما فِي الفضلية بِخِلَاف الرّفْع فَإِنَّهُ عُمْدَة كَمَا حمل نصب جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم على جَرّه لذَلِك فَإِن أضيف أَو صحب أل معرفَة كَانَت أَو مَوْصُولَة أَو زَائِدَة أَو بدلهَا وَهُوَ أم فِي لُغَة طَيئ جر بالكسرة اتِّفَاقًا نَحْو {فِي أحسن تَقْوِيم} التِّين 4 {كالأعمى والأصم} هود 24 21 - (رَأَيْت الوَلِيدَ بن اليزيدِ مُباركاً ... )

صفحة فارغة

22 - (تَبيتُ بلَيْل أمْ ارمدِ اعْتَادَ أوْ لَقا ... ) أَي بلَيْل الأرمد وَهل هُوَ بَاقٍ حِينَئِذٍ على منع صرفه وَإِنَّمَا جر لأمن دُخُول التَّنْوِين فِيهِ أَو مَصْرُوف لِأَنَّهُ دخله خَاصَّة من خَواص الِاسْم خلاف بناه بَعضهم على الْخلاف السَّابِق فِي تَعْرِيف الصّرْف وَالثَّانِي هُوَ الْمُخْتَار وَعَلِيهِ السيرافي والزجاج والزجاجي وَفِي رَأْي ثَالِث اخْتَارَهُ كثير من الْمُتَأَخِّرين يفصل بَين مَا زَالَت مِنْهُ إِحْدَى العلتين كَالْعلمِ فَإِنَّهُ تَزُول مِنْهُ العلمية بِالْإِضَافَة وَدخُول اللَّام فَيصْرف وَمَا لَا كالوصف وَنَحْوه فَلَا ص وَيمْنَع صرف الِاسْم ألف التَّأْنِيث مُطلقًا ش الأَصْل فِي الِاسْم الصّرْف وَإِنَّمَا يمْنَع مِنْهُ لشبهه بِالْفِعْلِ بِكَوْنِهِ فرعا من جِهَتَيْنِ من الْجِهَات الْآتِيَة كَمَا أَن الْفِعْل فرع عَن الِاسْم من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَنه مُشْتَقّ وَالْأُخْرَى أَنه يفْتَقر إِلَيْهِ قَالَ أَبُو حَيَّان والجهة الأولى لَا تتأتي على رَأْي الْكُوفِيّين المانعين اشتقاق الْفِعْل من الْمصدر وَعلل منع اصرف عدهَا الْجُمْهُور تسعا وَبَعْضهمْ عشرا أَحدهَا ألف التَّأْنِيث وَهِي مُسْتَقلَّة بِمَنْع اصرف لِأَن مدخولها فرع من جِهَتَيْنِ التَّأْنِيث ولزومه وَقَوْلِي مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَت مَقْصُورَة نَحْو حُبْلَى أَو ممدودة نَحْو حَمْرَاء وَسَوَاء كَانَ مَا هِيَ فِيهِ مُفردا كَمَا مثل أَو جمعا كسكارى وأولياء صفة كَمَا ذكر أم اسْما كذكرى وَدَعوى نكرَة كَمَا مضى أم معرفَة كسلمة وكلتا علما ص وزنة مفاعل أَو مفاعيل هَيْئَة وَلَو سمي بِهِ وَشرط الْجُمْهُور حَرَكَة تلو الْألف وَلَو تَقْديرا إِلَّا أَن عرضت كسرتها أَو يَاء نسب أَو ألف عوض مِنْهَا أَو دخله التَّاء وَلَو حذفت مِمَّا هِيَ فِيهِ فَبَقيَ بوزنه منع وَالأَصَح منع سَرَاوِيل نكرَة وَمَعْرِفَة وَقيل هُوَ جمع سروالة ش الثَّانِيَة موازنة هذَيْن الجمعين وَكِلَاهُمَا لَا نَظِير لَهُ فِي الْآحَاد وَهِي

مُسْتَقلَّة أَيْضا بِمَنْع الصّرْف إِذْ الِاسْم بهَا فرع من جِهَة الجمعية وجهة عدم النظير بِخِلَاف سَائِر الجموع فَإِنَّهَا قد يُوجد لَهَا نَظِير فِي الْآحَاد وَقَوْلنَا هَيْئَة لِأَنَّهُ لَا يشْتَرط أَن يكون فِي أَوله مِيم مزيدة بل أَن يكون أَوله حرفا مَفْتُوحًا أَي حرف كَانَ وَأَن يكون بعد ألف الْجمع حرف مكسور لفظا أَو تَقْديرا كدواب فَإِن أَصله دوابب فَإِن كَانَ السَّاكِن بعد الْألف لاحظ لَهُ فِي الْحَرَكَة نَحْو عبال جمع عبالة وحمار جمع حمارة فمصروف هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَذهب الزّجاج إِلَى أَنه لَا يشْتَرط ذَلِك وَلَا يعْتد فِي هَذَا الْوَزْن بكسرة عارضة ك توان وتغاز فَإِن الكسرة فيهمَا محولة عَن ضمة لاعتلال الآخر إِذْ أَصله تفَاعل بِضَم الْعين مصدر تفَاعل وَلَا يَاء النّسَب ك مدائني وحواري فَإِنَّهُمَا مصروفان بِخِلَاف نَحْو كراسي وبخاتي فَإِنَّهُمَا ممنوعان لوُجُود يَاء النّسَب فيهمَا قبل الْجمع وَلَا بِأَلف معوضة من يَاء النّسَب نَحْو يمَان وشآم فَإِنَّهُمَا مصروفان لِأَن الْألف عوض من يَاء النّسَب وَالْأَصْل يمني وشامي وَلَو دخلت التَّاء هَذَا الْجمع صرف نَحْو صياقلة وموازجة لِأَنَّهُ بِدُخُولِهَا أشبه الْمُفْردَات ك كَرَاهِيَة

وَلَو حذفت التَّاء من كلمة فَبَقيت بِوَزْن هَذَا الْجمع منعت الصّرْف كَأَن يُسمى رجل علاني من عَلَانيَة وَلَو سميت بِهَذَا الْجمع كمساجد فَلَا خلاف فِي منع صرفه وَقد منعت الْعَرَب شرَاحِيل من الصّرْف وَهُوَ جمع سمي بِهِ الرجل أما سَرَاوِيل فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه مُفْرد أعجمي لَا يصرف معرفَة وَلَا نكرَة لشبهه هَذَا الْجمع فِي الْوَزْن وَقَالَ غَيره هُوَ مُفْرد يصرف نكرَة وَيمْنَع معرفَة وَقَالَ آخَرُونَ بِالْمَنْعِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَأَنه جمع سروالة قَالَ 23 - (عَلَيْهِ من اللّؤْم سِرْوالَةٌ ... فَلَيْسَ يَرقّ لِمُسْتَعْطِفِ) ص وعدله صفة فِي آخر مُقَابل آخَرين قَالَ الْجُمْهُور عَن الْأُخَر وَابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان آخر وَابْن جني آخر من وَقوم آخريات

وَوزن فعال ومفعل من عشرَة وَخَمْسَة فَمَا دونهَا سَمَاعا وَمَا بَينهمَا قِيَاسا عِنْد الزّجاج والكوفية وَثَالِثهَا يقاص فعال فَقَط وَقَالَ أَبُو حَيَّان سمع الْجَمِيع وَقيل لَا وصف فِيهَا ومنعها للعدل لفظا وَمعنى وَقيل لَهُ وللتعريف بنية أل وَقيل لشبه أَحْمَر فِي منع التَّاء وَلَا تدْخلهَا أل وتضاف بقلة وَالأَصَح منعهَا مذهوبا بهَا مَذْهَب الْأَسْمَاء ش الثَّالِثَة الْعدْل وَهُوَ صرفك لفظا أولى بِالْمُسَمّى إِلَى آخر وَهُوَ فرع عَن غَيره لِأَن أصل الِاسْم أَن لَا يكون مخرجا عَمَّا يسْتَحقّهُ بِالْوَضْعِ لفظا أَو تَقْديرا وَيمْنَع مَعَ الوصفية والعلمية فَالْأول مَقْصُور على شَيْئَيْنِ أَحدهمَا آخر جمع أُخْرَى تَأْنِيث آخر بِالْفَتْح الْمَجْمُوع على آخَرين أما كَونه صفة فلكونه من بَاب أفعل التَّفْضِيل تَقول مَرَرْت بزيد وَرجل آخر أَي إِنَّه أَحَق بِالتَّأْخِيرِ من زيد فِي الذّكر لِأَن الأول قد اعتني بِهِ فِي التَّقَدُّم فِي الذّكر وَأما عدله فَقَالَ أَكثر النَّحْوِيين إِنَّه معدول عَن الْألف وَاللَّام لِأَن الأَصْل فِي أفعل التَّفْضِيل أَن لَا يجمع إِلَّا مَقْرُونا بهما كالكبر والصغر فَعدل عَن أَصله وَأعْطِي من الجمعية مُجَردا مَا لَا يُعْطي غَيره إِلَّا مَقْرُونا فَهَذَا عدل عَن الْألف وَاللَّام لفظا ثمَّ عدل عَن مَعْنَاهُمَا لِأَن الْمَوْصُوف بِهِ لَا يكون إِلَّا نكرَة وَكَانَ حَقه إِذا عدل عَن لَفْظهمَا أَن يَنْوِي مَعْنَاهُمَا مَعَ زِيَادَة كَمَا نوي معنى اثْنَيْنِ فِي مثنى مَعَ زِيَادَة التَّضْعِيف فَلَمَّا عدل أخر وَلم يكن فِي عدله زِيَادَة كَغَيْرِهِ من المعدولات كَانَ بذلك معدولا عدلا ثَانِيًا وَقَالَ ابْن مَالك التَّحْقِيق أَنه معدول عَن أخر مرَادا بِهِ جمع الْمُؤَنَّث لِأَن الأَصْل فِي أفعل التَّفْضِيل أَن يَسْتَغْنِي فِيهِ بأفعل عَن فعل لتجرده عَن الْألف وَاللَّام وَالْإِضَافَة كَمَا يسْتَغْنى بأكبر عَن كبر فِي نَحْو رَأَيْتهَا مَعَ نسْوَة أكبر مِنْهَا فَلَا

يثنى وَلَا يجمع لكَوْنهم أوقعوا أفعل موقع فعل فَكَانَ ذَلِك عدلا من مِثَال إِلَى مِثَال وَتَابعه أَبُو حَيَّان وَقَالَ فَأخر على هَذَا معدول عَن اللَّفْظ الَّذِي كَانَ المسمي بِهِ أَحَق بِهِ وَهُوَ آخر لاطراد الْإِفْرَاد فِي كل أفعل يُرَاد بِهِ المفاضلة فِي حَال التنكير قَالَ وَهَذَا الْعدْل بِهَذَا الِاعْتِبَار صَحِيح لِأَنَّهُ عدل عَن نكرَة إِلَى نكرَة وَقَالَ ابْن جني هُوَ معدول عَن أفعل مَعَ مصاحبة من لِأَنَّهُ إِذا صحبته صلح لَفظه للمذكر والمؤنث والتثنية وَالْجمع كَقَوْلِك مَرَرْت بنسوة آخر من غَيْرهنَّ فَعدل عَن هَذَا اللَّفْظ إِلَى لفظ أخر وجر وَصفا بالنكرة لِأَن المعدول عَنهُ نكرَة وَقَالَ قوم هُوَ معدول عَن أخريات نكرَة ليَصِح وصف النكرَة بِهِ قَالَ فِي الْبَسِيط وَهَذَا ضَعِيف لِأَن أخريات مِمَّا يلْزم اسْتِعْمَاله إِمَّا بِالْألف وَاللَّام أَو الْإِضَافَة واحترزت بِقَوْلِي ك التسهيل مُقَابل آخَرين عَن أخر جمع أُخْرَى بِمَعْنى آخِرَة تَأْنِيث آخر بِالْكَسْرِ فَإِنَّهُ مَصْرُوف الثَّانِي أَلْفَاظ الْعدَد المعدولة عَن وزن فعال ومفعل والمسموع من ذَلِك أحاد وموحد وثناء ومثنى وَثَلَاث ومثلث وَربَاع ومربع وخماس ومخمس وعشار ومعشر قَالَ تَعَالَى {أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع} فاطر 1 قَالَ الشَّاعِر 224 - (وَلَقَد قَتَلْتُهُمُ ثُنَاءَ ومَوحَدا ... )

وَقَالَ 25 - (مَنَتْ لَك أَن تُلاقينِى المَنايا ... أحاد أُحادَ فى الشّهر الحَرام) وَقَالَ 26 - (تَرى النُّعَراتِ الزّرْقَ تَحت لَبَانه ... أُحَادَ ومَثْنى اصْعَقَتْها صوَاهِلُهْ) وَقَالَ 27 - (هَنِيئًا لأرباب الْبيُوت بُيوتُهُمْ ... وللآكلين التّمْرَ مَخْمس مَخْمسا) وَقَالَ 28 - (فَلم يَسْتَر يثُوك حَتَّى رَميْتْ ... فَوق الرِّجَال خِصالاً عُشَارا) وَاخْتلف هَل يُقَاس عَلَيْهَا سداس ومسدس وسباع ومسبع وثمان ومثمن وتسع ومتسع على ثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا لَا وَعَلِيهِ البصريون لِأَن فِيهِ إِحْدَاث لفظ لم تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَب وَالثَّانِي نعم وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ والزجاج لوضوح طَرِيق الْقيَاس فِيهِ وَالثَّالِث يُقَاس على مَا سمع من فعال لكثرته دون مفعل لقلته

وَمَا ذكرته من أَن المسموع اثْنَا عشر بِنَاء هُوَ الْمَذْكُور فِي التسهيل وَذكر فِي شرح الكافية أَن خماس لم يسمع وَذكر أَبُو حَيَّان أَن سداس وَمَا بعده مسموع أَيْضا فَقَالَ فِي شرح التسهيل الصَّحِيح أَن البناءين مسموعان من وَاحِد إِلَى عشرَة حكى أَبُو عَمْرو إِسْحَاق بن مرار الشَّيْبَانِيّ موحد إِلَى معشر وَحكى أَبُو حَاتِم فِي كتاب الْإِبِل وَيَعْقُوب بن السّكيت أحاد إِلَى عشار قَالَ وَلَا الْتِفَات إِلَى قَول أبي عُبَيْدَة فِي الْمجَاز لَا نعلمهُمْ قَالُوا فَوق رباع فَمن علم حجَّة عَلَيْهِ وَمِمَّا ورد فِي سداس قَول الشَّاعِر 29 - (ضربتَ خُماسَ ضربةَ عبشمى ... أدَار سُداسَ أَن لَا يستقيما)

قَالَ وَأنْشد خلف الْأَحْمَر أبياتا بنى فِيهَا قَائِلهَا فعالا من أحاد إِلَى عشار وَهِي 30 - (قل لعَمْرو يَا ابْنَ هِنْد ... لَو رَأَيْت الْقَوْم شنّا) (لرأت عَيْنَاك مِنْهُم ... كُلّ مَا كنت تمنّى) (إِذْ أتتنا فيلق شهباء ... من هَنّا وهنّا) (وَأَتَتْ دوسر والملحاء ... سيراً مطمئنا) (وَمضى الْقَوْم إِلَى الْقَوْم ... أحاداً وأُثَنّا) (وَثَلَاثًا ورباعًا ... وخماسًا فاطّعنّا) (وسداسًا وسُباعاً ... وثمانًا فاجتلدنا) (وتُساعًا وعشاراً ... فأصبنا وأُصِبْنا) (لَا ترى إلاّ كَميّاً ... قاتِلاً مِنْهُم ومِنّا) وَقَالَ وَصَرفه فعال فِي جَمِيع ذَلِك ضَرُورَة وَكَذَا تحريفه ثَنَاء إِلَى أثنا وَقَالَ غَيره هَذِه الأبيات مصنوعة وَالْحجّة فِي نقل من تقدم وَمَا ذكر من أَن منعهَا للعدل مَعَ الوصفية هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور

وَذهب الزّجاج إِلَى أَنه لَا وصف فِيهَا وَأَن منعهَا للعدل فِي اللَّفْظ وَفِي الْمَعْنى أما فِي اللَّفْظ فَظَاهر وَأما فِي الْمَعْنى فَلِأَن مفهوماتها تَضْعِيف أُصُولهَا فأدنى الْمَفْهُوم من أحاد اثْنَان وَمن ثَنَاء أَرْبَعَة وَكَذَا الْبَوَاقِي وَذهب الْفراء إِلَى أَن منعهَا للعدل والتعريف بنية الْألف وَاللَّام قَالَ لِأَن ثَلَاث يكون للثَّالِث وَالثَّلَاثَة وَلَا يُضَاف إِلَى مَا يضافان إِلَيْهِ فلامتناعه من الْإِضَافَة كَانَ فِيهِ أل وَامْتنع من أل لِأَن فِيهِ تَأْوِيل الْإِضَافَة وَإِن لم يضف ورد بجريانها صفة على النكرات وَذهب الأعلم إِلَى أَنَّهَا لم تَنْصَرِف الْعدْل وَلِأَنَّهَا لَا تدْخلهَا التَّاء لَا يُقَال ثَلَاثَة وَلَا مُثَلّثَة فضارعت أَحْمَر وَلم تسْتَعْمل الْعَرَب هَذِه الْأَلْفَاظ إِلَّا نكرات خَبرا نَحْو صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى أَو صفة نَحْو {أولي أَجْنِحَة مثنى} فاطر 1 أَو حَالا نَحْو {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى} النِّسَاء 3 وَقد جَاءَت فاعلة ومجرورة وَذَلِكَ قَلِيل وَلم يسمع تَعْرِيفهَا بأل وَقل إضافتها فِي قَوْله 31 - (ثُناءُ الرِّجال وَوُحْدانُها ... ) وَقَوله 32 - (بمَثْنى الزِّقاق المُتْرَعَات وبالجُزُرْ ... ) وَأَجَازَ الْفراء صرفهَا مذهوبا بهَا مَذْهَب الْأَسْمَاء أَي مُنكرَة بِنَاء على رَأْيه أَنَّهَا معرفَة بنية الْإِضَافَة تقبل التنكير قَالَ تَقول الْعَرَب ادخُلُوا ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَالْجُمْهُور على خِلَافه ص وعلما كَفعل المعدول عَن فَاعل وَيعرف بِسَمَاعِهِ مَمْنُوعًا بِلَا عِلّة

والمختص بالنداء وَكَذَا الْمُؤَكّد بِهِ وَقيل تَعْرِيفه بنية الْإِضَافَة وعدله عَن فعل أَو فعالى أَو فعلاوات أَقْوَال وَيصرف وَمَا سمي بِهِ قبله نكرَة قَالَ الْأَخْفَش وَمَعْرِفَة وَمِنْه سحر ملازم الظَّرْفِيَّة وعدله عَن أل وَقيل شبه الْعلم وَقيل لم ينون لنِيَّة أل وَقيل الْإِضَافَة وَقَالَ ابْن الطراوة وَصدر الأفاضل مَبْنِيّ وعَلى الثَّلَاثَة إِنَّه لَيْسَ من الْبَاب وبصرف مُسَمّى بِهِ وفَاقا وَمِنْه عِنْد تَمِيم فعال لمؤنث كحذام مَا لم يُنكر فَإِن سمي بِهِ مُذَكّر جَازَ الْوَجْهَانِ وَقَالَ الْمبرد الْمَنْع للتأنيث وتبنيه الحجازيون كسرا وَأكْثر تَمِيم مَا آخِره رَاء وَالْكل فعال مصدرا أَو حَالا أَو صفة مجْرى الْعلم وَكَذَا أمرا أَسد تفتحه وَعدل كلهَا عَن مؤنث فَإِن سمي بهَا مُذَكّر لم يصرف وَثَالِثهَا يَبْنِي أَو مؤنث فكحذام ش يمْنَع الْعدْل مَعَ العلمية فِي خَمْسَة أَشْيَاء أَحدهَا مَا جَاءَ على فعل مَوْضُوعا علما وَهُوَ معدول عَن صِيغَة فَاعل وَطَرِيق الْعلم بِهِ سَمَاعه غير مَصْرُوف وَلَا عِلّة بِهِ مَعَ العلمية والمسموع من ذَلِك عمر وَزفر وَمُضر وثعل وهبل وزحل وعصم وقزح وجشم وَقثم وجمح وجحا ودلف وبلع بطن من قضاعة وَلم يسمع غير ذَلِك نعم ذكر الْأَخْفَش أَن طوى من هَذَا النَّوْع كَذَا رَأَيْته فِي كِتَابه الْوَاحِد وَالْجمع فِي الْقُرْآن وَمنعه أَبُو حَيَّان وَقَالَ الْمَانِع مَعَ العلمية التَّأْنِيث بِاعْتِبَار الْبقْعَة بِدَلِيل تنوينه فِي اللُّغَة الْأُخْرَى قَالَ وَهَذِه الْأَسْمَاء الَّتِي ذَكرنَاهَا كلهَا أَعْلَام عدلت تَقْديرا عَن فَاعل إِلَّا ثعل فَعَن أفعل وَلَو كَانَت صِفَات كحطم ولبد دخلت عَلَيْهَا الْألف وَاللَّام وَإِنَّمَا جعلناها معدولة لأمر نجهله لِأَن الْأَعْلَام يغلب عَلَيْهَا النَّقْل وَهِي أَن يكون لَهَا أصل فِي النكرات فَجعل عمر معدولا عَن عَامر الْعلم الْمَنْقُول من الصّفة فَإِن ورد

فعل مصروفا وَهُوَ علم علمنَا أَنه غير معدول كأدد فَإِنَّهُ لَا يحفظ لَهُ أصل فِي النكرات فإمَّا أَن يكون مَنْقُولًا من أصل لَا نَحْفَظهُ أَو مرتجلا قَالَ وَمن أغرب مَا وَقع فِي فعل الْمَمْنُوع قسم هُوَ علم جنس لَا علم شخص وَذَلِكَ مَا ذكره ابْن خالويه فِي كتاب الْأسد جَاءَ بعلق فلق بِغَيْر ألف وَلَام وَلَا يصرف انْتهى وَاحْترز بالمعدول عَن فَاعل عَن المعدول عَن غَيره كأخر وَجمع وَعَن غير المعدول كاسم الْجِنْس كنغر وصرد وَالصّفة كحطم ولبد والمصدر كهدى وتقى وَالْجمع كغرف وَقَوْلنَا بِسَمَاعِهِ مَمْنُوعًا بِلَا عِلّة يخرج مَا سمع من فعل مَمْنُوعًا وَفِيه مَانع غير الْعدْل كَقَتل اسْم من أَسمَاء التّرْك فِيهِ مَعَ العلمية العجمة وطوى فِيهِ مَعهَا التَّأْنِيث وَلَو وجد فعل وَلم يعلم أصرفوه أم لَا فَفِي الإفصاح إِن لم يعلم بِهِ اشتقاق وَلَا قَامَ عَلَيْهِ دَلِيل فمذهب سِيبَوَيْهٍ صرفه حَتَّى يثبت أَنه معدول وَمذهب غَيره الْمَنْع لِأَنَّهُ الْأَكْثَر فِي كَلَامهم وَإِن علم كَونه مشتقا وَجَهل فِي النكرات صرف إِلَّا أَن يسمع ترك صرفه انْتهى وَهَذِه النُّكْتَة من قَاعِدَة تعَارض الأَصْل وَالْغَالِب فِي الْعَرَبيَّة وَهِي لَطِيفَة نادرة بينتها فِي كتاب أصُول النَّحْو وَكتاب الْأَشْبَاه والنظائر فِي النَّحْو

الثَّانِي فعل الْمُخْتَص بالنداء كفسق وغدر وخبث ولكع فَإِنَّهَا معدولة عَن فَاسق وغادر وخبيث وألكع فَإِذا سمي بِهِ امْتنع صرفهَا للعلمية ومراعاة اللَّفْظ المعدول فَإِن نكرت زَالَ الْمَنْع وَذهب الْأَخْفَش وَطَائِفَة إِلَى صرفهَا حَال التَّسْمِيَة أَيْضا كَمَا نقلته عَنهُ أخيرا فِي قولي قَالَ الْأَخْفَش وَمَعْرِفَة لِأَن الْعدْل إِنَّمَا هُوَ حَالَة النداء وَقد زَالَ بِالتَّسْمِيَةِ الثَّالِث فعل الْمُؤَكّد بِهِ وَهُوَ جمع وكتع وبصع وبتع جمع جَمْعَاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء فَإِنَّهَا غير مصروفة للعدل والعلمية أم الْعدْل فَلِأَنَّهَا من حَيْثُ إِن مذكرها أفعل ومؤنثها فعلاء قياسها أَن تجمع على فعل بِسُكُون الْعين كَمَا يجمع أَحْمَر وحمراء على حمر وَمن حَيْثُ هِيَ اسْم لَا صفة قياسها أَن تجمع على فعالى كصحارى فَيُقَال جماعي وكتاعي إِلَى آخِره وَمن حَيْثُ إِن مذكرها يجمع بِالْوَاو وَالنُّون قياسها أَن تجمع على فعلاوات لِأَن قِيَاس كل مَا جمع مذكره بِالْوَاو النُّون أَن يجمع مؤنثه بِالْألف وَالتَّاء وبهذه الاعتبارات اخْتلف النُّحَاة فَقَالَ الْأَخْفَش والسيرافي إِنَّهَا معدولة عَن فعل وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور قَالَ لِأَن الْعدْل عَن فعالى لم يثبت فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع وَالْعدْل عَن فعل إِلَى فعل ثَبت قَالُوا ثَلَاث درع وَهُوَ جمع درعاء وَكَانَ الْقيَاس درعا وَقَالَ قوم إِنَّهَا معدولة عَن فعالى وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّهَا معدولة عَن فعلاوات وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَضعف الأول بِأَن أفعل الْمَجْمُوع بِالْوَاو وَالنُّون لَا يجمع مؤنثه على فعل بِسُكُون الْعين وَالثَّانِي بِأَن فعلاء لَا يجمع على فعالى إِلَّا إِذا لم يكن مذكره على أفعل وَكَانَ اسْما مَحْضا وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي نختاره أَنَّهَا معدولة عَن الْألف وَاللَّام لِأَن مذكرها جمع

بِالْوَاو وَالنُّون فَقَالُوا أَجْمَعُونَ كَمَا قَالُوا الأخسرون فقياسه أَنه إِذا جمع كَانَ مُعَرفا بِالْألف وَاللَّام فعدلوا بِهِ عَمَّا كَانَ يسْتَحقّهُ من تَعْرِيفه بِالْألف وَاللَّام قلت وَهَذَا يَقْتَضِي أَن يكون جمع الْمُذكر فِيهِ أَيْضا مَمْنُوع الصّرْف لوُجُود الْعدْل الْمَذْكُور فِيهِ وَتَكون الْيَاء فِيهِ عَلامَة الْجَرّ على أَنَّهَا نائبة عَن الفتحة وَهُوَ غَرِيب وَأما العلمية فَذهب قوم إِلَى أَن أَلْفَاظ التوكيد أَعْلَام بِمَعْنى الْإِحَاطَة وَاسْتدلَّ لذَلِك بِجَمْعِهِمْ مذكرها بِالْوَاو وَالنُّون وَلَا يجمع من المعارف بهما إِلَّا الْعلم وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَذكر آخَرُونَ إِلَى أَن تَعْرِيفهَا بنية الْإِضَافَة وَأَن الأَصْل فِي رَأَيْت النِّسَاء جمع جمعهن كَمَا يُقَال رَأَيْت النِّسَاء كُلهنَّ فَحذف الضَّمِير للْعلم بِهِ وَاسْتغْنى بنية الْإِضَافَة وَصَارَت لكَونهَا معرفَة بِلَا عَلامَة ملفوظة بهَا كالأعلام وَلَيْسَت بأعلام لِأَن الْعلم إِمَّا شخصي وَإِمَّا جنسي وَلَيْسَت هَذِه وَاحِدًا مِنْهُمَا وعَلى هَذَا ابْن عُصْفُور وَعلله بِأَن الجموع لَا تكون أعلاما والسهيلي وَابْن مَالك وَنَقله عَن ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَإِن سمي بِهِ أَعنِي بِفعل الْمُؤَكّد بِهِ فمذهب سِيبَوَيْهٍ بَقَاؤُهُ على الْمَنْع وَعَن الْأَخْفَش صرفه لِأَن الْعدْل إِنَّمَا كَانَ حَال التَّأْكِيد وَقد ذهب فَإِن نكر بعد التَّسْمِيَة صرف وفَاقا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَالَة حَالَة يلْتَحق بهَا إِذْ لم يسْتَعْمل نكرَة بِخِلَاف أخر كَمَا تقدم الرَّابِع سحر الملازم الظَّرْفِيَّة وَهُوَ الْمعِين أَي المُرَاد بِهِ وَقت بِعَيْنِه فَإِنَّهُ يلازم الظَّرْفِيَّة فَلَا يتَصَرَّف وَلَا ينْصَرف أَيْضا للعدل والعلمية وَأما الْعدْل فَعَن مصاحبة الْألف وَاللَّام إِذْ كَانَ قِيَاسه وَهُوَ نكرَة أَن يعرف بِالطَّرِيقِ الَّتِي تعرف بهَا النكرات وَهُوَ أل فعدلوه عَن ذَلِك إِلَى أَن عرفوه بِغَيْر تِلْكَ الطّرق وَهُوَ العلمية فَإِنَّهُ جعل علما لهَذَا الْوَقْت وَقيل إِنَّه امْتنع للعدل والتعريف الْمُشبه لتعريف العلمية من حَيْثُ كَونه تعريفا بِغَيْر أَدَاة تَعْرِيف بل بالغلبة على ذَلِك الْوَقْت الْمعِين وَلَيْسَ تَعْرِيفه بالعلمية لِأَنَّهُ فِي معنى السحر وتعريف العلمية لَيْسَ فِي مرتبَة تَعْرِيف آل وَقيل إِنَّه منصرف وَإِنَّمَا لَا ينون لنِيَّة أل وَالْأَصْل السحر وَعَلِيهِ السُّهيْلي وَقيل لنِيَّة الْإِضَافَة إِذْ التَّقْدِير سحر ذَلِك الْيَوْم وَقيل إِنَّه مَبْنِيّ على الْفَتْح لتَضَمّنه معنى حرف التَّعْرِيف كَمَا أَن أمس بني على الْكسر لذَلِك وَإِلَى هَذَا ذهب صدر الأفاضل نَاصِر المطرزي وَابْن الطراوة وَنَصره أَبُو حَيَّان فَقَالَ

الْفرق بَين سحر وأمس عِنْدِي يعسر قَالَ وَقد رد على صدر الأفاضل بِأَنَّهُ لَو كَانَ سحر مَبْنِيا لَكَانَ الْكسر أولى بِهِ لِأَن فَتْحة النصب توهم الْإِعْرَاب فَكَانَ يجْتَنب كَمَا اجْتنب موهم الْإِعْرَاب فِي قبل وَبعد والمنادى الْمَبْنِيّ وَهَذَا الرَّد لَيْسَ بِشَيْء لِأَن سحر تدخله الحركات كلهَا إِذْ لم يكن معرفَة فَكَانَت الفتحة أولى بِهِ فِي الْبناء لِأَن الْكسر إِنَّمَا يكون لالتقاء الساكنين وَقد انْتَفَى هَذَا فَفتح تَخْفِيفًا وتبعا لحركة مَا قبله للمناسبة قَالَ وَمَا ذكره الْجُمْهُور من أَنه عدل عَن الْألف وَاللَّام مُشكل لِأَنَّهُ يشْعر بِأَنَّهُ تضمن تَعْرِيفهَا لِأَن معنى المعدول عَنهُ يتضمنه المعدول لَهُ أَلا ترى أَن عمر تضمن معنى عَامر وحذام تضمن معنى حازمة ومثنى تضمن معنى اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَفسق تضمن معنى فَاسق وَهَذَا حَقِيقَة الْعدْل وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَكيف يكون سحر معنى مَا فِيهِ الْألف وَاللَّام وَيكون علما وتعريف العلمية لَا يُجَامع تَعْرِيف اللَّام فَكَذَلِك لَا يُجَامع تَعْرِيف مَا عدل عَنْهَا انْتهى وعَلى الأول لَو سمي بِهِ صرف وفَاقا أما سحر غير الْمعِين فَإِنَّهُ لَا يلْزم الظَّرْفِيَّة وَهُوَ منصرف نكرَة ومعرفا بِاللَّامِ وَالْإِضَافَة الْخَامِس فعال علم الْمُؤَنَّث كحذام وقطام ورقاش وغلاب وسجاح أَعْلَام لنسوة وسكاب لفرس وعرار لبقرة وظفار لبلدة عِنْد بني تَمِيم فَإِنَّهُم يعربونه مَمْنُوع الصّرْف للعلمية وَالْعدْل عَن فاعلة هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَذهب الْمبرد إِلَى أَن الْمَانِع لَهُ العلمية والتأنيث كزينب وَأَمْثَاله فَلَا يكون معدولا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالظَّاهِر الأول لِأَن حذام وَنَحْوهَا على رَأْي الْمبرد تكون مرتجلة لَا أصل لَهَا فِي النكرات والغلب على الْأَعْلَام أَن تكون منقولة وَهِي الَّتِي لَهَا أصل فِي النكرات 4 عدلت عَنهُ بعد أَن صيرت أعلاما وعَلى الأول لَو نكر صرف وَلَو سمي بِهِ مُذَكّر جَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَنْع إبْقَاء على مَا كَانَ لبَقَاء لفظ الْعدْل وَالصرْف لزوَال مَعْنَاهُ وَزَوَال التَّأْنِيث بزواله لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مؤنثا لإِرَادَة مَا

عدل عَنهُ وَهُوَ راقشة أما الحجازيون فَإِن بَاب حذام عِنْدهم مَبْنِيّ على الْكسر إِجْرَاء لَهُ مجْرى فعال الْوَاقِع موقع الْأَمر كنزال لشبهه بِهِ فِي الْوَزْن وَالْعدْل والتعريف وَقيل لتَضَمّنه معنى الْحَرْف وَهُوَ عَلامَة التَّأْنِيث فِي المعدول عَنهُ وَقَالَ الْمبرد لتوالي علل منع الصّرْف عَلَيْهِ وَهِي التَّعْرِيف والتأنيث وَالْعدْل كَمَا تقدم فِي الْبناء وَأكْثر بني تَمِيم يوافقون الْحِجَازِيِّينَ فِيمَا آخِره رَاء كسفار اسْم لماء وحضار اسْم كَوْكَب فيبنونه على الْكسر للشبه السَّابِق وَإِنَّمَا خصوه بِمَا آخِره رَاء لِأَن من مَذْهَبهم الإمالة وَإِنَّمَا يتوصلون إِلَيْهِ بِكَسْر الرَّاء وَلَو رفعوا أَو فتحُوا لم يصلوا إِلَيْهَا وَبَعْضهمْ يعربه أَيْضا على أَصله فِي حذام قَالَ الْأَعْشَى فَجمع بَين اللغتين 33 - (ومرّ دهرٌ على وبار ... فَهَلَكت جهرة وبارُ)

فَبنِي وبار أَولا على الْكسر ثمَّ أعربه آخرا لِأَن قوافي القصيدة مَرْفُوعَة وَقيل وَيحْتَمل أَن يكون الثَّانِي فعلا مَاضِيا مُسْندًا للْجَمَاعَة وَاتفقَ الحجازيون والتميميون وَسَائِر الْعَرَب على بِنَاء فعال المعدول على الْكسر إِذا كَانَ مصدرا ومأخذه السماع كفجار وَحَمَّاد ويسار قَالَ 34 - (فَقُلْتُ امْكُثِي حَتَّى يَسار لَعَلّنا ... ) وَقَالَ 35 - (فَحَملْتُ بَرّةَ واحْتَمَلْتَ فَجَار ... )

وَقُرِئَ {لَا مساس} طه 97 أَو حَالا نَحْو 36 - (وَالْخَيْل تعدو بالصعَّيد بَدادِ ... ) أَو صفة جَارِيَة مجْرى الْأَعْلَام ومأخذها أَيْضا السماع نَحْو حلاق للمنية وضارم للحرب وجناد للشمس وأزام للسّنة الشَّدِيدَة وضمام للداهية أَو مُلَازمَة للنداء نَحْو يَا فساق وَيَا خباث وَفِي قِيَاس هَذِه خلاف يَأْتِي أَو أمرا نَحْو نزال وتراك ودراك وحذار وَفِي قياسها أَيْضا خلاف يَأْتِي وَبَنُو أَسد تبني هَذَا النَّوْع وَهُوَ الْأَمر على الْفَتْح تَخْفِيفًا وكل هَذِه الْأَنْوَاع معدولة عَن مؤنث وَأما الْمصدر وَالْحَال فمعدول عَن مصدر مؤنث معرفَة وَإِن لم يسْتَعْمل فِي كَلَامهم وَأما الصّفة بقسميها فَعَن وصف مؤنث غلب فَصَارَ اسْما كالنابغة وَأما الْأَمر فَقَالَ الْمبرد إِنَّه معدول عَن مصدر مؤنث معرفَة كالأولين وَهُوَ الصَّحِيح وَظَاهر الْكَلَام سِيبَوَيْهٍ أَنه معدول عَن الْفِعْل وَلَو سمي بِبَعْض هَذِه الْأَنْوَاع مؤنث جَازَ فِيهِ الْإِعْرَاب مَمْنُوعًا وَالْبناء كباب حذام أَو مُذَكّر فأقوال أَحدهَا يصرف كصباح وَنَحْوه من الْمُذكر إِذا سمي بِهِ وَالثَّانِي يمْنَع كعناق وَنَحْوه من الْمُؤَنَّث إِذا سمي بِهِ وَهُوَ الْمَشْهُور وَالثَّالِث

يَبْنِي كحذام وَعَلِيهِ ابْن بابشاذ ص وَكَونه صفة على فعلان ذَا فعلى وَقيل فَاقِد فعلانة فعلى الأول بِصَرْف رَحْمَن ولحيان وَعلة الْمَنْع شبه الزيادتين بِأَلف التَّأْنِيث وَقيل كَون النُّون مبدلة مِنْهَا وعَلى الثَّانِي كَونهمَا زائدتين لَا تلحقهما الْهَاء فَإِن أبدلت النُّون من همز صلي صرف غَالِبا ش الرَّابِعَة كَونه صفة فِي آخِره ألف وَنون زائدتان بِشَرْط أَن يكون مُؤَنّثَة على فعلى كسكران سكرى وريان ريا وَقيل الشَّرْط أَن يكون مُؤَنّثَة على فعلانة سَوَاء وجد لَهُ مؤنث على فعلى أم لَا وَيَبْنِي على الْخلاف مَسْأَلَتَانِ الأولى لَازم التَّذْكِير كرحمن ولحيان لكبير اللِّحْيَة على الأول يصرف لفقد فعلى فِيهِ إِذْ لَا مؤنث لَهُ وعَلى الثَّانِي يمْنَع فعلانة مِنْهُ لما ذكر قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح فِيهِ الصّرْف لأَنا جهلنا النَّقْل فِيهِ عَن الْعَرَب وَالْأَصْل فِي الِاسْم الصّرْف فَوَجَبَ الْعَمَل بِهِ وَوجه مُقَابِله أَن الْغَالِب فِيمَا وجد فعلان للصفة الْمَنْع فَكَانَ الْحمل عَلَيْهِ أولى الثَّانِيَة عِلّة منع الْألف وَالنُّون وعَلى الأول لشبهها بِأَلف التَّأْنِيث فِي عدم قبُول هَاء التَّأْنِيث وَقيل إِن النُّون الَّتِي بعد الْألف مبدلة من الْهمزَة المبدلة من ألف التَّأْنِيث بِدَلِيل قَول الْعَرَب فِي النّسَب إِلَى صنعاء وبهراء صنعاني وبهراني وعَلى الثَّانِي كَونهمَا زائدتين لَا تلحقهما الْهَاء من غير مُلَاحظَة الشّبَه بِأَلف التَّأْنِيث وَنقل عَن الْكُوفِيّين فَإِن كَانَت النُّون مبدلة من همز أُصَلِّي صرف وَلَو كَانَ لفعلان مؤنث على فعلانة صرف إِجْمَاعًا كندمان وسيفان للرجل الطَّوِيل وحبلان للمتليء غَضبا وَيَوْم دخنان فِيهِ كدرة فِي سَواد وَيَوْم سخنان حَار وَيَوْم ضحيان لَا غيم فِيهِ وبعير صوحان يَابِس الظّهْر وَرجل عَلان صَغِير

حقير وَرجل قشوان دَقِيق السَّاقَيْن وَرجل مصان لئيم وَرجل موتان الْفُؤَاد أَي غير حديده وَرجل نصران أَي نَصْرَانِيّ وَرجل خمصان بِالْفَتْح لُغَة فِي خمصان وكبش أليان فَهَذِهِ أَرْبَعَة عشرَة كلمة لَا غير مؤنثاتها بِالتَّاءِ ص ووفاقه لوزن فعل خَاص بِهِ أَو أولى لَازم لم يخرج إِلَى شبه الِاسْم لَا مستو خلافًا ليونس مُطلقًا ولعيسى فِي الْمَقُول من فعل مَعَ علمية أَو وَصفِيَّة غير عارضة وَعدم قبُول التَّاء خلافًا للأخفش فِي أرمل وقدرت بقلة فِي أجدل وأخيل وأفعى وألغيت شذوذا فِي نَحْو أبطح وَالأَصَح أَن مِنْهُ أفعل التَّفْضِيل وَمنع ألبب علما وَصرف يعصر وَأَنه يُؤثر عرُوض سُكُون تَخْفيف لَا بدل همزَة أفعل ش الْخَامِسَة مُوَافقَة وزن الْفِعْل بِشُرُوط أَحدهَا أَن يكون خَاصَّة بِهِ أَن لَا يُوجد فِي الِاسْم دون ندور إِلَّا فِي علم مَنْقُول مِنْهُ كانطلق واستخرج إِذا سمي بهما أَو فِي أعجمي مُعرب أَو غَالِبا فِيهِ ويعبر عَنهُ بِالْأولَى بِهِ بِأَن يُوجد فِي الِاسْم وَالْفِعْل وأوله زِيَادَة من الزِّيَادَات الَّتِي فِي أول الْمُضَارع وَهُوَ قِسْمَانِ قسم نقل من الْفِعْل كيزيد ويشكر وَقسم لَيْسَ بمنقول كأفكل ويرمع وَالتَّعْبِير بِالْأولَى أحسن من التَّعْبِير بالغالب لِأَنَّهُ يبطل بأفعل إِذْ هُوَ فِي الْأَسْمَاء أَكثر إِذْ مَا من فعل ثلاثي إِلَّا وَله أفعل اسْما إِمَّا للتفضيل أَو لغيره وَقد جَاءَ أفعل فِي الْأَسْمَاء من غير فعل كأجدل وأخيل وأرنب وَأَيْضًا

فَإِن فَاعل بِالْفَتْح لَا يكَاد يُوجد فِي الْأَسْمَاء إِلَّا فِي نَحْو خَاتم وَهُوَ فِي الْأَفْعَال أَكثر من أَن يُحْصى كضارب وَقَاتل وَلَو سمي بِخَاتم صرف فَظهر أَن الْمُعْتَبر كَونه أولى بِهِ من الِاسْم وَوجه الْأَوْلَوِيَّة أَن لتِلْك الزَّوَائِد فِي الْفِعْل مَعَاني وَلَا معنى لَهَا فِي الِاسْم فَكَانَت لذَلِك أصلا فِي الْفِعْل أما الْوَزْن الْخَاص بِالِاسْمِ أَو الْغَالِب فِيهِ فَلَا شُبْهَة فِي عدم اعْتِبَاره وَأما الْمُشْتَرك بَينهمَا على السوَاء فَفِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا عدم تَأْثِيره مُطلقًا سَوَاء نقل من الْفِعْل أم لَا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لإِجْمَاع الْعَرَب على صرف كعسب اسْم رجل وَهُوَ مَنْقُول من كعسب فعلل وَهُوَ الْعَدو الشَّديد مَعَ تداني الخطى وَالثَّانِي تَأْثِيره مُطلقًا وَعَلِيهِ يُونُس وَالثَّالِث يُؤثر إِن نقل من فعل وَلَا يُؤثر غَيره وَعَلِيهِ عِيسَى بن عمر وَاسْتدلَّ بقوله 37 - (أَنا ابنُ جَلا ... )

فَلم يصرفهُ وَأجِيب بِأَنَّهُ روعي فِيهِ ضمير الْفَاعِل فحكي الشَّرْط الثَّانِي أَن يكون لَازِما ليخرج نَحْو امْرُؤ وابنم علمين فَإِنَّهُمَا على لُغَة الإتباع فِي الرّفْع كاخرج وَفِي النصب كاعلم وَفِي الْجَرّ كاضرب وَلَا يمنعان من الصّرْف لِأَن الْوَزْن فيهمَا لَيْسَ بِلَازِم إِذْ لم تَسْتَقِر حَرَكَة الْعين فَلَو سمي بهما على لُغَة من يلْتَزم الْفَتْح منعا الشَّرْط الثَّالِث أَن يُخرجهُ إِلَى شبه الإسم سُكُون تَخْفيف ليخرج نَحْو رد وَقيل إِذا سمي بهما فَإِنَّهُمَا يصرفان لِأَن الإسكان أخرجهُمَا إِلَى شبه الِاسْم فصارا نَحْو مد وَقيل هَذَا إِذا كَانَ السّكُون قبل التَّسْمِيَة فَإِن طَرَأَ بعْدهَا كَأَن تسمي رجلا بِضَرْب ثمَّ تسكن الرَّاء تَخْفِيفًا فَفِيهِ قَولَانِ حكيتهما آخرا أصَحهمَا الصّرْف أَيْضا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ صَار على وزن الِاسْم وَالْأَصْل الصّرْف وَالثَّانِي الْمَنْع لعروض التَّخْفِيف فَلَا يعْتد بِهِ وَعَلِيهِ الْمبرد والمازني وَابْن السراج والسيرافي

وَيجْرِي الْقَوْلَانِ فِي يعصر علما إِذا ضم ياؤه إتباعا فَالْأَصَحّ صرفه وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ لوُرُود السماع بِهِ فِيمَا حَكَاهُ أَبُو زيد وَخُرُوج إِلَى شبه الِاسْم وَالثَّانِي مَنعه وَعَلِيهِ الْأَخْفَش لعروض الضمة فَلَا اعْتِدَاد بهَا ويجريان أَيْضا فِي أللبب علما فَعَن الْأَخْفَش صرفه لمباينته الْفِعْل بالفك وَالأَصَح وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ مَنعه وَلَا مبالاة بفكه لِأَنَّهُ رُجُوع إِلَى أصل مَتْرُوك فَهُوَ كتصحيح مثل استحوذ وَذَلِكَ لَا يمْنَع اعْتِبَار الْوَزْن إِجْمَاعًا فَكَذَا الفك وَلِأَن وُقُوع الفك فِي الْأَفْعَال مَعْهُود كأشدد فِي التَّعَجُّب وَلم يردد وألل السقاء فَلم يباينه ويجريان أَيْضا فِي بدل همز أفعل كهراق أَصله أراق علما وَالأَصَح فِيهِ الْمَنْع وَلَا مبالاة بِهَذَا الْبَدَل الشَّرْط الرَّابِع أَن يكون مَعَه علمية كخضم اسْم العنبر بن عَمْرو بن تَمِيم وبذر اسْم بِئْر وعثر اسْم وَاد بالعقيق وَأحمد وَيزِيد ويشكر وَأجْمع وأخواته فِي التوكيد أَو وَصفِيَّة وَلها شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن تكون أَصْلِيَّة كأحمر بِخِلَاف الْعَارِضَة كمررت بِرَجُل أرنب أَي ذليل وبنسوة أَربع فَإِنَّهُمَا مصروفان لِأَن الوصفية بهما عارضة الثَّانِي أَلا يقبل تَاء التَّأْنِيث احْتِرَازًا من نَحْو مَرَرْت بِرَجُل أباتر وأدابر فَإِنَّهُمَا مصروفان وَإِن كَانَ فيهمَا الْوَزْن والوصفية الْأَصْلِيَّة لدُخُول التَّاء عَلَيْهِمَا فِي امْرَأَة أباترة وأدابرة وشملت الْعبارَة مَا مؤنثه فعلاء كأحمر وحمراء وَمَا لَا مؤنث لَهُ من لَفظه بل من مَعْنَاهُ كَرجل آلي وَامْرَأَة عجزاء وَلَا يُقَال ألياء وَمَا لَا مؤنث لَهُ لفقد مَعْنَاهُ

فِي الْمُؤَنَّث كَرجل أكمر وآدر وألحى أَو لاشتراك الْمُذكر والمؤنث فِيهِ وَذَلِكَ أفعل التَّفْضِيل مَعَ من قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد وَقع الْخلاف فِي قسم وَاحِد من أفعل وَهُوَ مَا تلْحقهُ تَاء التَّأْنِيث نَحْو أرمل وأرملة فمذهب الْجُمْهُور صرفه وَمنعه الْأَخْفَش كأحمر قَالَ ثمَّ إِنَّه لَا تُوجد الوصفية مَعَ الْوَزْن الْمُخْتَص وَلَا مَعَ كل الأوزان الْغَالِبَة مَعَ أفعل خَاصَّة وَهنا مَسْأَلَتَانِ إِحْدَاهمَا أجدل للصقر وأخيل لطائر ذِي خيلان وأفعى للحية أَسمَاء لَا أَوْصَاف فَأكْثر الْعَرَب تصرفها وَبَعْضهمْ يمْنَعهَا مُلَاحظَة للوصفية فلحظ فِي أجدل معنى شَدِيد وأخيل أفعل من الخيلان وأفعى معنى خَبِيث مُنكر وَقيل إِنَّه مُشْتَقّ من فوعة السم وَهِي حرارته وَأَصله أفوع ثمَّ قلب فَصَارَ أَفْعَى الثَّانِيَة مَا أَصله الوصفية وَاسْتعْمل اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء كأبطح وَهُوَ الْمَكَان المنبطح من الْوَادي وأجرع وَهُوَ الْمَكَان المستوي وأبرق وَهُوَ الْمَكَان فِيهِ لونان الْأَكْثَر مَنعه اعْتِبَارا بِأَصْلِهِ وَلَا يعْتد بالعارض وشذ صرفه إِلْغَاء للْأَصْل واعتداد بالعارض ص وَمَعَ العلمية زيادتا فعلان فِيهِ أَو فِي غَيره ومبنى حسان وَنَحْوه على أَصَالَة النُّون ش السَّادِسَة وهى وَمَا بعْدهَا إِنَّمَا تمنع مَعَ العلمية الْألف وَالنُّون الزائداتان سَوَاء كَانَتَا فِي فعلان كحمدان أَو غَيره كعمران وَعُثْمَان وغَطَفَان وعلامة زيادتهما أَن يكون قبلهمَا أَكثر من حرفين فَإِن كَانَ قبلهمَا حرفان ثَانِيهمَا مضعف فلك اعتباران إِن قدرت أَصَالَة التَّضْعِيف فهما زائدتان أَو زِيَادَته فالنون أَصْلِيَّة كحسان إِن جعلته من الْحس فوزنه فعلان فَلَا ينْصَرف أَو من الْحسن فوزنه فعال فَيَنْصَرِف وَكَذَا حَيَّان هَل هُوَ من الْحَيَاة أَو الْحِين قيل وَيدل للْأولِ مَا رُوِيَ فِي الحَدِيث أَن قوما قَالُوا نَحن بَنو غيان فَقَالَ بل أَنْتُم بَنو رشدان

فَقضى باشتقاقه من الغي مَعَ احْتِمَال أَن يكون مشتقا من الْغَيْن ص أَو ألف إِلْحَاق مَقْصُورَة ش السَّابِعَة ألف الْإِلْحَاق الْمَقْصُورَة وتمنع مَعَ العلمية بِخِلَاف الممدودة لشبهها بِأَلف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة من وَجْهَيْن لَا يوجدان فِي الممدودة أَحدهمَا أَن كلا مِنْهُمَا زَائِدَة لَيست مبدلة من شَيْء والممدودة مبدلة من يَاء الثَّانِي أَنَّهَا تقع فِي مِثَال صَالح لِأَلف التَّأْنِيث كأرطى فَهُوَ على مِثَال سكرى وعزهى فَهُوَ على مِثَال ذكرى والمثال الَّذِي تقع فِيهِ الممدودة كعلباء لَا يصلح لِأَلف التَّأْنِيث الممدودة تَنْبِيهَانِ الأول الْإِلْحَاق أَن تبني مثلا من ذَوَات الثَّلَاثَة كلمة على بِنَاء يكون رباعي الْأُصُول فتجعل كل حرف مُقَابل حرف فتفنى أصُول الثلاثي فتأتي بِحرف زَائِد مُقَابل للحرف الرَّابِع من الرباعي الْأُصُول فيسمى ذَلِك الْحَرْف حرف الْإِلْحَاق الثَّانِي قَالَ أَبُو حَيَّان مَا فِيهِ ألف التكثير أَيْضا إِذا سمي بِهِ منع الصّرْف نَحْو قبعثرى لشبه ألف التكثير بِأَلف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة من حَيْثُ إِنَّهَا زَائِدَة فِي الآخر لم تنْقَلب وَلَا تدخل عَلَيْهَا تَاء التَّأْنِيث كَمَا أَن ألف التَّأْنِيث كَذَلِك

ص أَو تركيب مزج الثَّامِنَة تركيب المزج وَيمْنَع مَعَ العلمية لشبهه بهاء التَّأْنِيث فِي أَن عَجزه يحذف فِي التَّرْخِيم كَمَا تحذف وَأَن صَدره يصغر كَمَا يصغر مَا هِيَ فِيهِ وَيفتح آخِره كَمَا يفتح مَا قبلهَا وضابطه كل اسْمَيْنِ جعلا اسْما وَاحِدًا لَا بِالْإِضَافَة وَلَا بِالْإِسْنَادِ بتنزيل ثَانِيهمَا من الأول هَاء التَّأْنِيث كبعلبك ومعدي كرب وَاحْترز بِهِ عَن غَيره من المركبات كتركيب الْعدَد كخمسة عشر والإسناد كبرق نَحره وَالْإِضَافَة كامرئ الْقَيْس ص أَو عجمة شخصية مَعَ زِيَادَة على ثَلَاثَة بِدُونِ يَاء التصغير وَإِلَّا صرف تحرّك الْوسط أَو لَا خلافًا لمن جوز الْمَنْع إِلَّا مَعَ التَّأْنِيث وَلَا يشْتَرط كَونه علما خلافًا للدباج ش التَّاسِعَة العجمة وتمنع مَعَ العلمية بِشُرُوط أَحدهَا أَن تكون شخصية بِأَن ينْقل فِي أول أَحْوَاله علما إِلَى لِسَان الْعَرَب كإبراهيم وَإِسْرَائِيل فَأول مَا استعملتهما الْعَرَب استعملتهما علمين بِخِلَاف الجنسية وَهُوَ مَا نقل من لِسَان الْعَجم إِلَى لِسَان الْعَرَب نكرَة كديباج ولجام ونيروز فَإِنَّهَا لنقلها نكرات أشبهت مَا هُوَ من كَلَام الْعَرَب فصرفت وَتصرف فِيهَا بِإِدْخَال الْألف وَاللَّام عَلَيْهَا والاشتقاق مِنْهَا وَهل يشْتَرط أَن يكون علما فِي لِسَان الْعَجم قَولَانِ الْمَشْهُور لَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور فِيمَا نَقله أَبُو حَيَّان الثَّانِي نعم وَعَلِيهِ أَبُو الْحسن الدباج وَابْن الْحَاجِب وَنقل عَن ظَاهر مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وينبنى على ذَلِك صرف نَحْو قالون وَبُنْدَار فَيَنْصَرِف على الثَّانِي لِأَنَّهُ لم يكن علما فِي لُغَة الْعَجم دون الأول لِأَنَّهُ لم يكن فِي كَلَام الْعَرَب قبل أَن يُسمى بِهِ

الشَّرْط الثَّانِي أَن يكون زَائِدا على ثَلَاثَة أحرف كإبراهيم وَإِسْحَاق فَإِن كَانَ ثلاثيا صرف سَوَاء تحرّك الْوسط كشتر ولمك اسْم رجل أَو لَا كنوح وَلُوط وَقيل يمْنَع متحرك الْوسط إِقَامَة للحركة مقَام الْحَرْف الرَّابِع كَمَا فِي الْمُؤَنَّث وَفرق الأول بِأَن العجمة سَبَب ضَعِيف فَلَا يُؤثر دون الزِّيَادَة على الثَّلَاثَة وَذَلِكَ لِأَنَّهَا متوهمة والتأنيث ملفوظ بِهِ غَالِبا وَلذَلِك لم تعْتَبر مَعَ علمية متجددة وَلَا وَصفِيَّة وَلَا وزن الْفِعْل وَلَا تَأْنِيث وَلَا زِيَادَة وَقيل يجوز فِي السَّاكِن الْوسط الْوَجْهَانِ الصّرْف وَالْمَنْع وَهُوَ فَاسد إِذْ لم يحفظ نعم إِن كَانَ فِيهِ تَأْنِيث تعين الْمَنْع كَمَا سَيَأْتِي وَلَو كَانَ رباعيا وَأحد حُرُوفه يَاء التصغير لم يمْنَع إِلْحَاقًا لَهُ بِمَا قبل التصغير ص وتعرف العجمة بِالنَّقْلِ وَخُرُوجه عَن وزن الْأَسْمَاء وَوَلَاء الرَّاء النُّون وَالزَّاي الدَّال واجتماع الصَّاد أَو الْقَاف أَو الْكَاف وَالْجِيم وَكَونه خماسيا أَو رباعيا عَارِيا من الذلاقة ش المُرَاد بالعجمي كل مَا نقل إِلَى اللِّسَان الْعَرَبِيّ من لِسَان غَيرهَا سَوَاء كَانَ من لُغَة الْفرس أَو الرّوم أم الْحَبَشَة أم الْهِنْد أم البربر أم الإفرنج أم غير ذَلِك وتعرف عجمة الِاسْم بِوُجُوه أَحدهَا أَن تنقل ذَلِك الْأَئِمَّة الثَّانِي خُرُوجه عَن أوزان الْأَسْمَاء الْعَرَبيَّة نَحْو إبريسم فَإِن مثل هَذَا الْوَزْن مَفْقُود فِي أبنية الْأَسْمَاء فِي اللِّسَان الْعَرَبِيّ الثَّالِث أَن يكون فِي أَوله نون بعْدهَا رَاء نَحْو نرجس أَو آخِره زَاي بعد دَال نَحْو مهندز فَإِن ذَلِك لَا يكون فِي كلمة عَرَبِيَّة الرَّابِع أَن يجْتَمع فِي الْكَلِمَة من الْحُرُوف مَا لَا يجْتَمع فِي كَلَام الْعَرَب كالجيم وَالصَّاد نَحْو صولجان أَو وَالْقَاف نَحْو منجنيق أَو وَالْكَاف نَحْو أسكرجة

الْخَامِس أَن يكون عَارِيا من حُرُوف الذلاقة وَهُوَ خماسي أَو رباعي وحروف الذلاقة سِتَّة يجمعها قَوْلك مر بنفل قَالَ صَاحب الْعين لست واجدا فِي كَلَام الْعَرَب كلمة خماسية بناؤها من الْحُرُوف المصمتة خَاصَّة وَلَا ربَاعِية كَذَلِك إِلَّا كلمة وَاحِدَة وَهِي عسجد لخفة السِّين وهشاشتها ص وَمَا وَافق الْعَرَبِيّ لفظا فَمَنعه على قصد الْمُسَمّى فَإِن جهل فعلى الْعَادة فِي التَّسْمِيَة وَلَا ينزل جَهَالَة الأَصْل أَو كَونه لَيْسَ من عاداتهم التَّسْمِيَة بِهِ كالعجمة على الْأَصَح وَمَا بني على قِيَاس الْعَرَب وَسمي بِهِ فثالثها الْأَصَح إِن كَانَ على قِيَاس مطرد لحق بِهِ فَإِن كَانَ بِهِ مَانع منع ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى مَا كَانَ من الْأَسْمَاء الأعجمية مُوَافقا فِي الْوَزْن لما فِي اللِّسَان الْعَرَبِيّ نَحْو إِسْحَاق فَإِنَّهُ مصدر لأسحق بِمَعْنى أبعد أَو بِمَعْنى ارْتَفع تَقول أسحق الضَّرع ارْتَفع لبنه وَنَحْو يَعْقُوب فَإِنَّهُ ذكر الحجل فَإِن كَانَ شَيْء مِنْهُ اسْم رجل يتبع فِيهِ قصد المسمي فَإِن قصد اسْم النَّبِي منع الصّرْف للعلمية والعجمة وَإِن عين مَدْلُوله فِي اللِّسَان الْعَرَبِيّ صرف وَإِن جهل قصد المسمي حمل على مَا جرت بِهِ عَادَة النَّاس وَهُوَ الْقَصْد بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا مُوَافقَة اسْم النَّبِي فَلَو سمت الْعَرَب باسم مَجْهُول أَو باسم لَيْسَ من عَادَتهم التَّسْمِيَة بِهِ فَقيل يجرى مجْرى الاعجمي لشبهه بِهِ من جِهَة أَنه غير مَعْهُود فِي أسمائهم كَمَا أَن العجمي كَذَلِك وعَلى هَذَا الْفراء وَمثل الأول بسبأ وَالثَّانِي بقَوْلهمْ هَذَا أَبُو صعرور فَلم يصرف لِأَنَّهُ لَيْسَ من عَادَتهم التَّسْمِيَة بِهِ وَالأَصَح وَعَلِيهِ البصريون خلاف ذَلِك الثَّانِيَة مَا بني على قِيَاس كَلَام اعرب نَحْو تبني على وزن برثن من الضَّرْب

فَتَقول ضربب وعَلى مِثَال سفرجل فَتَقول ضربب فَهَل يلْحق بِكَلَام الْعَرَب أَو لَا فِيهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا نعم فَيحكم لَهُ بِحكم الْعَرَبِيّ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب فَصَارَ بِمَنْزِلَة الأعجمي وَالثَّالِث وَهُوَ الصَّحِيح إِن بني على قِيَاس مَا اطرد فِي كَلَامهم لحق بِهِ كَأَن يَبْنِي من الضَّرْب مثل قردد فَتَقول ضربب لِأَنَّهُ كثير الْإِلْحَاق بتكرار اللَّام أَو على قِيَاس مَا لم يطرد فِي كَلَامهم لم يلْحق بِهِ كَأَن يبْنى مِنْهُ مثل كوثر فَتَقول ضورب لِأَن الْإِلْحَاق بِالْوَاو ثَانِيَة لم يكثر إِذا عرف ذَلِك فَلَو سمي بِهِ فعلى الْإِلْحَاق بِكَلَام الْعَرَب يحكم لَهُ بِحكم الْعَرَبِيّ فَلَا يمْنَع إِلَّا مَعَ عِلّة أُخْرَى وعَلى عَدمه يمْنَع مُطلقًا للعجمة مَعَ العلمية ص أَو تَأْنِيث لفظا أَو معنى فَإِن كَانَ ثنائيا أَو ثلاثيا سَاكن الْوسط وضعا اَوْ إعلالا فَالْأَصَحّ جَوَاز الْأَمريْنِ وَثَالِثهَا إِن لم يكن بَلْدَة وَأَن الْمَنْع أَجود وَأَنه يجب مَعَ العجمة وَكَونه مُذَكّر الأَصْل وتحرك ثَانِيه لفظا وَهُوَ الْمُؤَنَّث دون مُذَكّر وَإِن سمي مُذَكّر بمؤنث مُجَرّد منع بِشَرْط زِيَادَته على ثَلَاثَة لفظا أَو تَقْديرا خلافًا للفراء مُطلقًا وَلابْن خروف فِي متحرك الْوسط وَأَن لَا يسْبقهُ تذكير انْفَرد بِهِ أَو غلب أَو بوصفه كحائض صرف خلافًا للكوفية أَو بِوَصْف فِي لُغَة اسْم فِي لُغَة فعلى التَّقْدِيرَيْنِ ش الْعَاشِرَة التَّأْنِيث وَيمْنَع مَعَ العلمية سَوَاء كَانَ لفظيا وَهُوَ التَّأْنِيث بِالْهَاءِ لمؤنث أَو مُذَكّر كفاطمة وَطَلْحَة أم معنويا وَهُوَ علم الْمُؤَنَّث الْخَالِي من الْهَاء كزينب وسعاد فَإِن كَانَ الْمَعْنَوِيّ ثنائيا كيد علما لمؤنث أَو ثلاثيا سَاكن الْوسط وضعا كهند وجمل أَو إعلالا كدار علما أَصْلهَا دور بِالْفَتْح فَفِيهِ مَذَاهِب أَصَحهَا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور جَوَاز الْأَمريْنِ فِيهِ الصّرْف وَتَركه وَكِلَاهُمَا مسموع

أما الْمَنْع فلاجتماع التَّأْنِيث والعلمية وَأما الصّرْف فلخفة السّكُون فقاوم أحد السببين كَمَا دفع أَثَره فِي نوح وَلُوط وَالثَّانِي لَا يجوز إِلَّا الْمَنْع وَعَلِيهِ الزّجاج قَالَ لِأَن السّكُون لَا يُغير حكما أوجبه اجْتِمَاع علتين مانعتين وَالثَّالِث وَعَلِيهِ الْفراء أَن مَا كَانَ اسْم بلد كفيد لَا يجوز صرفه وَمَا لم يكن جَازَ لأَنهم يرددون اسْم الْمَرْأَة على غَيرهَا فيوقعون هندا ودعدا وجملا على جمَاعَة من النِّسَاء وَلَا يرددون اسْم الْبَلدة على غَيرهَا فَلَمَّا لم تردد وَلم تكْثر فِي الْكَلَام لَزِمَهَا الثّقل وعَلى جَوَاز الْأَمريْنِ اخْتلف فِي الأجود مِنْهُمَا فَالْأَصَحّ أَن الأجود الْمَنْع قَالَه ابْن جني وَهُوَ الْقيَاس ولأكثر فِي كَلَامهم وَقَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي اصرف أفْصح قَالَ الخضراوي وَلَا أعلم قَالَ هَذَا القَوْل أحد قبله وَهُوَ غلط جلي ويتحتم الْمَنْع على الْأَصَح فِي صور أَحدهَا أَن يَنْضَم إِلَى ذَلِك عجمة كحمص وماه وجور لِأَن انضمام العجمة قوي الْعلَّة وَلَا يُقَال إِن الْمَنْع للعجمة والعلمية دون التَّأْنِيث لِأَن العجمة لَا تمنع صرف الثلاثي وَجوز بَعضهم فِيهِ الْأَمريْنِ وَلم يَجْعَل للعجمة تَأْثِيرا الثَّانِيَة أَن يكون مُذَكّر الأَصْل كزيد اسْم امْرَأَة لِأَن النَّقْل إِلَى الْمُؤَنَّث ثقل يعادل الخفة الَّتِي بهَا صرف من صرف هندا وَجوز الْمبرد وَغَيره فِيهِ الْأَمريْنِ كَمَا يجوزان فِي الْمَنْقُول من مؤنث إِلَى مُذَكّر

وَهُوَ نقل من ثقل إِلَى ثقل الثَّالِثَة أَن يَتَحَرَّك ثَانِيه لفظا كقدم اسْم امْرَأَة لتنزل الْحَرَكَة منزلَة الْحَرْف الرَّابِع وَجوز ابْن الْأَنْبَارِي وَغَيره فِيهِ الْأَمريْنِ وَلم يجْعَلُوا الْحَرَكَة قَائِمَة مقَام الرَّابِع وَلَا عِبْرَة بتحريكه تَقْديرا كدار ونار علمين وَلَو سمي مُذَكّر بمؤنث مُجَرّد من التَّاء منع بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا زِيَادَته على ثَلَاثَة لفظا كزينب وعناق اسْم رجل أَو تَقْديرا كجيل مخفف جيأل اسْم رجل فَإِن الْحَرْف الْمُقدر كالملفوظ بِهِ بِخِلَاف الثلاثي فَإِنَّهُ يصرف على الْأَصَح مُطلقًا سَوَاء تحرّك وَسطه أم لَا ككتف وشمس اسْمِي رجل وَذهب الْفراء إِلَى مَنعه مُطلقًا لِأَن فِيهِ أَمريْن يوجبان لَهُ الثّقل العلمية وَالتَّعْلِيق على مَا يشاكله وَدفع بِأَن الثَّانِي لم تَجْعَلهُ الْعَرَب من الْأَسْبَاب الْمَانِعَة للصرف وَفصل ابْن خروف فَمنع المتحرك دون السَّاكِن تَنْزِيلا للحركة منزلَة الْحَرْف الرَّابِع الشَّرْط الثَّانِي أَن لَا يسْبقهُ تذكيرا نفرد بِهِ كدلال ووصال اسْمِي رجل فَإِنَّهُ كثرت التَّسْمِيَة بهما فِي النِّسَاء وهما فِي الأَصْل مصدران مذكران أَو غلب فِيهِ كذراع فَإِنَّهُ فِي الأَصْل مؤنث ثمَّ غلب اسْتِعْمَاله قبل العلمية فِي الْمُذكر كَقَوْلِهِم هَذَا ثوب ذِرَاع أَي قصير فَصَارَ لغَلَبَة الِاسْتِعْمَال كالمذكر الأَصْل فَإِذا سمي بِهِ رجل صرف لغَلَبَة تذكيره قبل العلمية وَلَو سمي مُذَكّر بِوَصْف الْمُؤَنَّث الْمُجَرّد كحائض وطامث وظلوم وجريح فالبصريون يصرف رُجُوعا إِلَى تَقْدِير أَصَالَة التَّذْكِير لِأَن تِلْكَ أَسمَاء مذكرة وصف بهَا الْمُؤَنَّث لأمن اللّبْس وحملا على الْمَعْنى فَقَوْلهم مَرَرْت بِامْرَأَة حَائِض بِمَعْنى شخص حَائِض وَيدل لذَلِك أَن الْعَرَب إِذا صغرتها لم تدخل فِيهَا التَّاء والكوفيون يمْنَع بِنَاء على مَذْهَبهم فِي أَن نَحْو حَائِض لم تدخله التَّاء لاختصاصه بالمؤنث وَالتَّاء إِنَّمَا تدخل للْفرق

وَلَو سمي مُذَكّر بِمَا هُوَ اسْم فِي لُغَة وصف فِي لُغَة كجنوب ودبور وشمال وسموم وحرور فَإِنَّهَا عِنْد بعض الْعَرَب أَسمَاء للريح كالصعود والهبوط وَعند بَعضهم صِفَات جرت على الرّيح وَهِي مُؤَنّثَة فَفِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَنْع كباب زَيْنَب وَالصرْف كباب حَائِض ص مَسْأَلَة الْقَبَائِل والبلاد والكلمة والهجاء يَبْنِي على الْمَعْنى فَإِن كَانَ أَبَا أَو حَيا أَو مَكَانا أَو لفظا أَو حرفا صرف أَو أما أَو قَبيلَة أَو بقْعَة أَو سُورَة أَو كلمة منع وَقد يجب اعْتِبَار أَحدهمَا وَقد تسمى قَبيلَة باسم أَب أَو حَيّ باسم أم فيوصفان ببنت وَابْن وَيُؤَنث الْأَب على حذف مُضَاف فَلَا يمْنَع ش صرف أَسمَاء الْقَبَائِل والبلاد والكلم وحروف الهجاء ومنعها مبنيان على الْمَعْنى فَإِن أُرِيد اسْم الْقَبِيلَة الْأَب كمعد وَتَمِيم أَو الْحَيّ كقريش وَثَقِيف صرف أَو الْأُم كباهلة أَو الْقَبِيلَة كمجوس ويهود منع للتأنيث مَعَ العلمية وَكَذَا إِن أُرِيد باسم الْبَلَد الْمَكَان كبدر وثبير صرف أَو الْبقْعَة كفارس وعمان منع أَو بِالْكَلِمَةِ اللَّفْظ نَحْو كتب زيد فأجاد أَي أَجَاد هَذَا اللَّفْظ صرف أَو الْكَلِمَة نَحْو فأجادها منع وَكَذَلِكَ الْأَفْعَال وحروف الهجاء والسور وَقد يتَعَيَّن اعْتِبَار الْحَيّ أَو الْقَبِيلَة أَو الْمَكَان أَو الْبقْعَة فَالْأول ككلب وَالثَّانِي كيهود ومجوس وَالثَّالِث كبدر ونجد وَالرَّابِع كدمشق وجلق والحجاز وَالشَّام واليمن وَالْعراق وَقد جَاءَ بِالْوَجْهَيْنِ فِي النَّوْعَيْنِ أَسمَاء وَذَلِكَ ثَلَاثَة أَقسَام قسم يغلب فِيهِ اعْتِبَار التَّذْكِير كقريش وَثَقِيف وَمنى وهجر وواسط وحنين

وَقسم يغلب فِيهِ اعْتِبَار التَّأْنِيث كجذام وسدوس وَفَارِس وعمان وَقسم استى فِيهِ الْأَمْرَانِ كثمود وسبأ وحراء وقباء وبغداد وَقد تسمى الْقَبِيلَة باسم الْأَب كتميم أَو الْحَيّ باسم الْأُم كباهلة فيوصفان بِابْن وَبنت فَيُقَال تَمِيم بن مر أَو بنت مر وباهلة بن أعصر أَو بنت أعصر مُرَاعَاة الأَصْل أَو الْمُسَمّى وَقد يؤنث اسْم الْأَب على حذف مُضَاف مؤنث فَلَا يمْنَع الصّرْف كَقَوْلِه 38 - (سادوا الْبِلَاد وَأَصْبحُوا فى آدم ... بلغُوا بهَا بيضَ الْوُجُوه فُحُولا) أَي فِي قبائل آدم أَو أَوْلَاد آدم فَحذف الْمُضَاف ثمَّ أنث آدم فَأَعَادَ الضَّمِير إِلَيْهِ مؤنثا فِي قَوْله بلغُوا بهَا وَلم يمنعهُ الصّرْف لِأَنَّهُ رَاعى الْمُضَاف الْمَحْذُوف ص وَمَا سمي من السُّور بِذِي أل صرف أَو عَار وَلم تضف إِلَيْهِ سُورَة منع أَو أضيف وَلَو تَقْديرا فَلَا حَيْثُ لَا مَانع أَو بجملة فِيهَا وصل قطع أَو تَاء قلبت هَاء فِي الْوَقْت وأعرب مَمْنُوعًا أَو بِحرف هجاء حُكيَ أَو أعرب مَمْنُوعًا ومصروفا أضيف إِلَيْهِ سُورَة أَو لَا أَو موازن أعجمي كحاميم فَأوجب ابْن عُصْفُور الْحِكَايَة وَجوز الشلوبين إعرابه مَمْنُوعًا ويجريان فِي الْمركب كطاسين مِيم غير مُضَاف إِلَيْهِ سُورَة مَعَ الْبناء ومضافا إِلَيْهِ وَلَو تَقْديرا مَعَ فتح النُّون وإعرابها مُضَافَة وَلَيْسَ فِي كهيعص وحم عسق إِلَّا الْوَقْف خلافًا ليونس ش أَسمَاء السُّور أَقسَام أَحدهَا مَا فِيهِ ألف وَلَام وَحكمه الصّرْف كالأنفال والأنعام والأعراف الثَّانِي العاري مِنْهَا فَإِن لم يضف إِلَيْهِ سُورَة منع الصّرْف نَحْو هَذِه هود وقرأت هود وَإِن أضيف إِلَيْهِ سُورَة لفظا أَو تَقْديرا صرف نَحْو قَرَأت سُورَة هود مَا لم يكن فِيهِ مَانع فَيمْنَع نَحْو قَرَأت سُورَة يُونُس

الثَّالِث الْجُمْلَة نَحْو {قل أُوحِي إِلَيّ} الْجِنّ 1 وَغَيرهَا و {أَتَى أَمر الله} النَّحْل 1 فتحكى فَإِن كَانَ أَولهَا همز وصل قطع لِأَن همز الْوَصْل لَا يكون فِي الْأَسْمَاء إِلَّا فِي أَلْفَاظ مَعْدُودَة تحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا أَو فِي آخرهَا تَاء تَأْنِيث قلبت هَاء فِي الْوَقْف لِأَن ذَلِك شَأْن التَّاء الَّتِي فِي الْأَسْمَاء وتعرب لمصيرها أَسمَاء وَلَا مُوجب للْبِنَاء وَيمْنَع الصّرْف للعلمية والتأنيث نَحْو قَرَأت اقْتَرَبت وَفِي الْوَقْف اقتربه الرَّابِع حرف الهجاء ك ص ون وق فَتجوز فِيهِ الْحِكَايَة لِأَنَّهَا حُرُوف فتحكى كَمَا هِيَ وَالْإِعْرَاب لجعلها أَسمَاء لحروف الهجاء وعَلى هَذَا يجوز فِيهَا الصّرْف وَعَدَمه بِنَاء على تذكير الْحَرْف وتأنيثه وَسَوَاء فِي ذَلِك أضيف إِلَيْهِ سُورَة أم لَا نَحْو قَرَأت صَاد أَو سُورَة صَاد بِالسُّكُونِ وَالْفَتْح منونا وَغير منون الْخَامِس مَا وازن الأعجمي كحاميم وطاسين وَيَاسِين فَأوجب ابْن عُصْفُور فِيهِ الْحِكَايَة لِأَنَّهَا حُرُوف مقطعَة وَجوز الشلوبين فِيهِ ذَلِك وَالْإِعْرَاب غير مَصْرُوف لموازنته هابيل قابيل وَقد قرئَ ياسين بِنصب النُّون وَسَوَاء فِي الْأَمريْنِ أضيف إِلَيْهِ سُورَة أم لَا السَّادِس الْمركب كطاسين مِيم فَإِن لم يضف إِلَيْهِ سُورَة فَفِيهِ رَأْي ابْن عُصْفُور والشلوبين فِيمَا قبله ورأي ثَالِث وَهُوَ الْبناء للجزأين على الْفَتْح كخمسة عشر وَإِن أضيف إِلَيْهِ سُورَة لفظا أَو تَقْديرا فَفِيهِ الرأيان يجوز على الْإِعْرَاب فتح النُّون وإجراء الْإِعْرَاب على الْمِيم كبعلبك وإجراؤه على النُّون مُضَافا لما بعده وعَلى هَذَا فِي مِيم الصّرْف وَعَدَمه بِنَاء على تذكير الْحَرْف وتأنيثه أما {كهيعص} مَرْيَم 1 {حم عسق} الشورى 1 2 فَلَا يجوز فيهمَا إِلَّا الْحِكَايَة سَوَاء أضيف إِلَيْهِمَا سُورَة أم لَا وَلَا يجوز فيهمَا الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهما فِي الْأَسْمَاء المعربة وَلَا تركيب المزج لِأَنَّهُ لَا يركبه أَسمَاء كَثِيرَة وَأَجَازَ يُونُس فِي كهيعص أَن تكون كَلمه مَفْتُوحَة وَالصَّاد مَضْمُومَة وَوَجهه أَنه جعله اسْما أعجميا وأعربه وَإِن لم يكن لَهُ نَظِير فِي الْأَسْمَاء المعربة

ص مَسْأَلَة ينون فِي غير النّصْف مَمْنُوع آخِره يَاء تلو كسرة مَا لم تقلب ألفا وَلَا تظهر الفتحة جرا خلافًا لقوم مُطلقًا وليونس فِي الْعلم ش ينون جَوَازًا فِي الرّفْع والجر من غير المنصرف مَا آخِره يَاء تلِي كسرة سَوَاء كَانَ جمعا نَحْو هَؤُلَاءِ جوَار ومررت بجوار قَالَ تَعَالَى {وَمن فَوْقهم غواش} الْأَعْرَاف 41 {وَالْفَجْر وليال عشر} الْفجْر 1، 2 أم مُصَغرًا كأعيم أم فعلا مُسَمّى بِهِ كيغز ويرم وَهَذَا التَّنْوِين عوض من الْيَاء المحذوفة بحركتها تَخْفِيفًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مبحثه فَإِن قلبت الْيَاء ألفا منع التَّنْوِين بِاتِّفَاق كصحارى وعذرى بعد صحار وعذار وَلَا يجوز فِي هَذَا النَّوْع ظُهُور الفتحة على الْيَاء فِي حَالَة الْجَرّ كَمَا يجوز إِظْهَار الكسرة الَّتِي الفتحة نائبة عَنْهَا وَقيل يجوز كَمَا يجوز إظهارها حَالَة النّصْف لخفتها وَعَلِيهِ قَول الشَّاعِر 39 - (ولكنّ عبْدَ اللَّهِ مَولْى مَوَاليا ... )

وَقيل يجوز فِي الْعلم دون غَيره وَعَلِيهِ يُونُس وَاسْتدلَّ بقوله 40 - (قد عَجبتْ مِنّي وَمن يُعَيْلِيَا ... ) وَأجِيب بِأَنَّهُ وَمَا قبله ضَرُورَة ص مَسْأَلَة مَا منع صرفه دون علمية منع مَعهَا وَبعدهَا إِلَّا أفعل تَفْضِيل مُجَردا من من وَخَالف الْأَخْفَش فِي أَحْمَر

وَثَالِثهَا إِن لم يكنه وَرَابِعهَا يجوزان وَفِي فعلان وَأخر ومعدول الْعدَد وَجمع متناه ومركب كحضرموت آخِره وزن المتناهي أَو ألف التَّأْنِيث وَمَا منع مَعهَا صرف دونهَا وفَاقا ش مَا منع صرفه دون علمية وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ أحد علتيه العلمية خَمْسَة أَنْوَاع فَإِذا سمي بِشَيْء مِنْهَا لم ينْصَرف أَيْضا وَكَذَا إِذا نكر بعد التَّسْمِيَة واستثني من ذَلِك مَا كَانَ أفعل تَفْضِيل مُجَردا من من فَإِنَّهُ إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر انْصَرف بِإِجْمَاع لِأَنَّهُ لم يبْق فِيهِ شبه الْوَصْف إِذْ لم يسْتَعْمل صفة إِلَّا ب من ظَاهِرَة أَو مقدرَة فَإِن سمي بِهِ مَعَ من ثمَّ نكر منع قولا وَاحِد وَخَالف الْأَخْفَش فِي مسَائِل الأولى بَاب أفعل الْوَصْف كأحمر إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر فَذهب إِلَى أَنه يصرف لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْوَزْن وَمعنى الْوَصْف قد ذهب بِالتَّسْمِيَةِ وَأجَاب الْجُمْهُور بِأَنَّهُ شَبيه بِالْوَصْفِ وَشبه الْعلَّة فِي هَذَا الْبَاب عِلّة وَفِيه رَأْي ثَالِث أَنه إِن سمي بِهِ رجل أَحْمَر لم ينْصَرف بعد التنكير لِأَنَّهُ سمي بِهِ بوصفه فَجرى الِاسْم مجْرَاه فِي ذَلِك الْمَعْنى وَإِن تسمى بِهِ أسود وَنَحْوه صرف لخلوص الاسمية وَذَهَاب معنى الوصفية وعَلى هَذَا الْفراء وَابْن الْأَنْبَارِي ورابع أَنه يجوز فِيهِ الصّرْف وَتَركه وَعَلِيهِ الْفَارِسِي رَاعى فِيهِ الأَصْل وَالْحَال كأبطح الثَّانِيَة بَاب فعلان الْوَصْف كسكران إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى أَنه يصرف وسيبويه على الْمَنْع وتوجيههما مَا تقدم فِي أَحْمَر الثَّالِثَة أخر إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر بعد التَّسْمِيَة ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه لِأَن الْعدْل قد زَالَ لكَونه مَخْصُوصًا بِمحل الْوَصْف فَلَا يُؤثر فِي غَيره وَالْجُمْهُور على الْمَنْع لشبهه بِأَصْلِهِ الرَّابِعَة معدول الْعدَد إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر بعد التَّسْمِيَة ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه لما تقدم فِي أخر وَخَالفهُ الْجُمْهُور

الْخَامِسَة الْجمع المتناهي إِذا سمي بِهِ ثمَّ نكر ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه وَخَالفهُ الْجُمْهُور السَّادِسَة الْمركب المزجي إِذا ختم بِمثل مفاعل أَو بِذِي ألف التَّأْنِيث كمحاريب مَسَاجِد أَو عبد بشرى أَو عبد حَمْرَاء إِذا ركبا وَسمي بِهِ ثمَّ نكر ذهب الْأَخْفَش أَيْضا إِلَى صرفه لِأَن الْمَانِع فِيهِ حَال التَّسْمِيَة التَّرْكِيب مَعَ العلمية لَا الْجمع والتأنيث وَقد زَالَت العلمية بالتنكير وَالأَصَح عِنْد ابْن مَالك وَغَيره الْمَنْع لِأَنَّهُ لم ير شَيْء من هَذَا النَّوْع مصروفا فِي كَلَامهم وَمَا لم يمْنَع إِلَّا مَعَ العلمية صرف مُنْكرا بِإِجْمَاع لزوَال إِحْدَى العلتين ص مَسْأَلَة يصرف الْمَمْنُوع إِذا صغر لَا مؤنث وأعجمي إِلَّا المرخم ومركب وَشبه فعلى ومضارع قبله أَو بعده وَيمْنَع المصروف بِهِ إِن أكمل مُوجبه ش إِذا صغر مَا لَا ينْصَرف صرف لزوَال سَبَب الْمَنْع بِالتَّصْغِيرِ كزوال الْعدْل فِي عُمَيْر وَالْألف الْمَقْصُورَة فِي عليق تَصْغِير علفى وَالْألف وَالنُّون فِي سريحين تَصْغِير سرحان وَالْوَزْن فِي شمير تَصْغِير شمر وَصِيغَة الْجمع فِي جنيدل تَصْغِير جنادل وَيسْتَثْنى من ذَلِك الْمُؤَنَّث والعجمي والمركب المزجي وَشبه فعلى وَهُوَ بَاب سَكرَان وَشبه الْفِعْل الْمُضَارع كتغلب ويشكر فَإِنَّهَا تبقى على الْمَنْع بعد التصغير لبَقَاء السَّبَب وَقَوْلِي قبله أَو بعده أَي سَوَاء كَانَ شبهه للمضارع سَابِقًا على التصغير كالمثالين الْمَذْكُورين أَو عارضا فِيهِ كأجيدل تَصْغِير أجادل فَإِنَّهُ بعد التصغير على وزن أبيطر بِخِلَافِهِ قبله واحترزنا بالمضارع عَن الْمَاضِي فَإِن مشابهته تَزُول بِالتَّصْغِيرِ وَقَوْلِي فِي الأعجمي إِلَّا المرخم أَشرت بِهِ إِلَى أَن تَصْغِير التَّرْخِيم فِي الأعجمي يَقْتَضِي الصّرْف

نَحْو بريه وَسميع فِي إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل لكَونه صَار على ثَلَاثَة أحرف غير يَاء التصغير والعجمة لَا تُؤثر فِيمَا كَانَ كَذَلِك نبه عَلَيْهِ أَبُو حَيَّان وَقد يكون الِاسْم منصرفا فَإِذا صغر منع لحدوث سَبَب الْمَنْع فِيهِ كتوسط مُسَمّى بِهِ فَإِنَّهُ مَصْرُوف فَإِذا صغر على تويسط أشبه الْفِعْل فَيمْنَع وَهِنْد وَنَحْوه إِذا صغر دَخلته التَّاء فَيتَعَيَّن فِيهِ الْمَنْع بعد أَن كَانَ جَائِزا ص مَسْأَلَة يصرف لتناسب وضرورة وَاسْتثنى الكوفية أفعل من وَقوم ذَا ألف التَّأْنِيث قيل ومطلقا فِي لُغَة ش يجوز صرف مَا لَا ينْصَرف لتناسب أَو ضَرُورَة فَالْأول نَحْو {وجئتك من سبإ بنبإ} النَّمْل 22 {سلاسلا وأغلالا} الْإِنْسَان 4 {ودا وَلَا سواعا وَلَا يَغُوث ويعوق ونسرا} نوح 23 وَالثَّانِي كَقَوْلِه 41 - (تَبَصّرْ خليلي هَل ترى من ظَعَائن ... )

وَاسْتثنى الْكُوفِيُّونَ أفعل التَّفْضِيل فَلم يجيزوا صرفه لذَلِك وَاحْتَجُّوا بِأَن حذف تنوينه إِنَّمَا هُوَ لأجل من فَلَا يجمع بَينه وَبَينهَا كَمَا لَا يجمع بَينه وَبَين الْإِضَافَة فِي الضَّرُورَة والبصريون بنوا الْجَوَاز على الْمَانِع لَهُ الْوَزْن وَالصّفة كأحمر لَا من بِدَلِيل تَنْوِين خير مِنْك وَشر مِنْك لزوَال الْوَزْن وَاسْتثنى آخَرُونَ مَا آخِره ألف التَّأْنِيث فمنعوا صرفه للضَّرُورَة وعللوه بِأَنَّهُ لَا فَائِدَة فِيهِ لِأَنَّهُ مستو فِي الرّفْع وَالنّصب والجر وَلِأَنَّهُ إِذا زيد فِيهِ التَّنْوِين سَقَطت الْألف لالتقاء الساكنين فينقص بِقدر مَا زيد وَأجِيب بِأَنَّهُ قد تكون فِيهِ فَائِدَة بِأَن ينون فيلتقي بساكن فيكسر وَيكون مُحْتَاجا إِلَى ذَلِك وَزعم قوم أَن صرف مَا لَا ينْصَرف مُطلقًا أَي فِي الِاخْتِيَار لُغَة لبَعض الْعَرَب حَكَاهَا الْأَخْفَش قَالَ وَكَأن هَذِه لُغَة الشُّعَرَاء لأَنهم قد اضطروا إِلَيْهِ فى الشّعْر فجرت ألسنتهم على ذَلِك فِي الْكَلَام ص وَمنع المصروف ثَالِثهَا الصَّحِيح يجوز ضَرُورَة وَرَابِعهَا إِن كَانَ علما ش فِي منع المصروف أَرْبَعَة مَذَاهِب أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا حَتَّى فِي الِاخْتِيَار وعَلى أَحْمد بن يحيى فَإِنَّهُ أنْشد 42 - (أُؤمِّل أَنْ أعِيش وَأَنَّ يَوْمِى ... بأوَّلَ أَو بأهْونَ أَو جُبَار) (أَو التّالى دُبار فَإِن أفُتْهُ ... فَمُؤْنِسَ أَو عَرُوبةَ أَو شِيار) فَقيل لَهُ هَذَا مَوْضُوع فَإِن مؤنسا ودبارا مصروفان وَقد ترك صرفهمافقال هَذَا جَائِز فِي الْكَلَام فَكيف فِي الشّعْر قَالَ أَبُو حَيَّان فَدلَّ هَذَا الْجَواب على إِجَازَته اخْتِيَار

وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا حَتَّى فِي الشّعْر وعَلى ذَلِك أَكثر الْبَصرِيين وَأَبُو مُوسَى الحامض من الْكُوفِيّين قَالُوا لِأَنَّهُ خُرُوج عَن الأَصْل بِخِلَاف صرف الْمَمْنُوع فِي الشّعْر فَإِنَّهُ رُجُوع إِلَى الأَصْل فِي الْأَسْمَاء وَالثَّالِث وَهُوَ الصَّحِيح الْجَوَاز فِي الشّعْر وَالْمَنْع فِي الِاخْتِيَار وَعَلِيهِ أَكثر الْكُوفِيّين والأخفش من الْبَصرِيين وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَصَححهُ أَبُو حَيَّان قِيَاسا على عَكسه ولورود السماع بذلك كثيرا كَقَوْلِه 43 - (فَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِس ... يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فى مَجْمَع) وَالرَّابِع يجوز فِي الْعلم خَاصَّة ص وَلَا وَاسِطَة وزعمها ابْن جني فِي ذِي أل والمضاف والتثنية وَالْجمع ش الِاسْم إِمَّا منصرف أَو غَيره وَلَا وَاسِطَة بَينهمَا وأثبتها ابْن جني فِي الْمُعَرّف بأل والمضاف قَالَ فَإِنَّهُ لَا يُسمى منصرفا لعدم تنوينه وَلَا غير منصرف

لعدم السَّبَب قَالَ وَكَذَلِكَ التَّثْنِيَة وَالْجمع على حَدهَا لَيْسَ شَيْء من ذَلِك منصرفا وَلَا غير منصرف معرفَة كَانَ أَو نكرَة ذكر ذَلِك فِي الخصائص وَسَبقه إِلَيْهِ شَيْخه أَبُو عَليّ الْفَارِسِي

الباب الثالث الأسماء الستة

الْبَاب الثَّالِث: الْأَسْمَاء السِّتَّة ص الثَّالِث مَا أضيف لغير الْيَاء مُفردا مكبرا من أَب وَأَخ وحم غير مماثل قرو وقرء وَخطأ وفم بِلَا مِيم وَذي كصاحب وَهن خلافًا للفراء فبالواو رفعا وَالْألف نصبا وَالْيَاء جرا ش الْبَاب الثَّالِث من أَبْوَاب النِّيَابَة الْأَسْمَاء السِّتَّة الْمَذْكُورَة فَإِنَّهَا ترفع بِالْوَاو وتنصب بِالْألف وتجر بِالْيَاءِ بِشُرُوط أَن تكون مُضَافَة فَإِن أفردت أعربت بالحركات الظَّاهِرَة نَحْو {إِن لَهُ أَبَا} يُوسُف 78 {وَله أَخ} النِّسَاء 12 وَأَن تكون إضافتها لغير يَاء الْمُتَكَلّم فَإِن الْمُضَاف إِلَيْهِ يعرب بحركات مقدرَة وَأَن تكون مُفْردَة أَي غير مثناة وَلَا مَجْمُوعَة لِأَنَّهَا إِذْ ذَاك تعرب إِعْرَاب الْمثنى وَالْمَجْمُوع وَأَن تكون مكبرة فَإِن صغرت أعربت بالحركات نَحْو أخي زيد وَيخْتَص الحم بِشُرُوط أَن لَا يماثل قرو وقرء وَخطأ فَإِنَّهُ إِن ماثل ذَلِك أعرب بالحركات الظَّاهِرَة نَحْو هَذَا حموك وحمؤك وحمؤك وَيخْتَص الْفَم بِشَرْط أَن تزَال مِنْهُ الْمِيم فَإِن لم تزل أعرب بالحركات نَحْو خلوف فَم الصَّائِم وَيخْتَص ذُو بِشَرْط أَن يكون بِمَعْنى صَاحب فَإِن كَانَت للْإِشَارَة أَو مَوْصُولَة فَإِنَّهَا مَبْنِيَّة وَقصر الْفراء الْإِعْرَاب بالحروف على الْخَمْسَة الأول وَمنع ذَلِك فِي هن وَتَابعه قوم ورد بِنَقْل سِيبَوَيْهٍ عَن الْعَرَب إجراءه مجْراهَا وَهُوَ كِنَايَة عَمَّا لَا يعرف اسْمه أَو يكره التَّصْرِيح باسمه

والحم أقَارِب الزَّوْج وَقد يُطلق على أقَارِب الزَّوْجَة ص وَهل بهَا أَو بمقدرة أَو بِمَا قبلهَا والحروف إشباع أَو منقولة أَو لَا أَو بهما أَو بالانقلاب نصبا وجرا والبقاء رفعا أَو فو وَذُو بمقدرة وَالْبَاقِي بهَا أَو عَكسه أَو الْحُرُوف دَلَائِل أَو الرّفْع بِالنَّقْلِ وَالنّصب بِالْبَدَلِ والجر بهما أَقْوَال أشهرها الأول أَصَحهَا الثَّانِي ش فِي إِعْرَاب الْأَسْمَاء السِّتَّة مَذَاهِب أَحدهَا وَهُوَ الْمَشْهُور أَن هَذِه الأحرف نَفسهَا هِيَ الْإِعْرَاب وَأَنَّهَا نابت عَن الحركات وَهَذَا مَذْهَب قطرب والزيادي والزجاجي من الْبَصرِيين وَهِشَام من الْكُوفِيّين وأيد بِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لبَيَان مُقْتَضى الْعَامِل وَلَا فَائِدَة فِي جعل مُقَدّر متنازع فِيهِ دَلِيلا وإلغاء ظَاهر واف بِالدّلَالَةِ الْمَطْلُوبَة ورد بِثُبُوت الْوَاو قبل الْعَامِل وَبِأَن الْإِعْرَاب زَائِد على الْكَلِمَة فيؤدى إِلَى بَقَاء فِيك وَذي مَال على حرف وَاحِد وصلا وَابْتِدَاء وهما معربان وَذَلِكَ لَا يُوجد إِلَّا شذوذا الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والفارسي وَجُمْهُور الْبَصرِيين وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان وَابْن هِشَام وَغَيرهم من الْمُتَأَخِّرين أَنَّهَا معربة بحركات مقدرَة فِي الْحُرُوف وَأَنَّهَا أتبع فِيهَا مَا قبل الآخر للْآخر فَإِذا قلت قَامَ أَبوك فأصله أَبوك فأتبعت حَرَكَة الْبَاء لحركة الْوَاو فَقيل أَبوك ثمَّ استثقلت الضمة على الْوَاو فحذفت وَإِذا قلت رَأَيْت أَبَاك فأصله أَبوك تحركت الْوَاو انْفَتح مَا قبلهَا

فقلبت ألفا وَإِذا قلت مَرَرْت بأبيك فأصله بأبوك ثمَّ أتبعت حَرَكَة الْبَاء لحركة الْوَاو فَصَارَ بأبوك فاستثقلت الكسرة على الْوَاو فحذفت فسكنت وَقبلهَا كسرة فَانْقَلَبت يَاء وَاسْتدلَّ لهَذَا القَوْل بِأَن أصل الْإِعْرَاب أَن يكون بحركات ظَاهِرَة أَو مقدرَة فَإِذا أمكن التَّقْدِير مَعَ وجود النظير لم يعدل عَنهُ الْمَذْهَب الثَّالِث أَنَّهَا معربة بالحركات الَّتِي قبل الْحُرُوف والحروف إشباع وَعَلِيهِ الْمَازِني والزجاج ورد بِأَن الإشباع بَابه الشّعْر وببقاء فِيك وَذي مَال على حرف وَاحِد الرَّابِع أَنَّهَا معربة بالحركات الَّتِي قبل الْحُرُوف وَهِي منقولة من الْحُرُوف وَعَلِيهِ الربعِي ورد بِأَن شَرط النَّقْل الْوَقْف وَصِحَّة الْمَنْقُول إِلَيْهِ وسكونه وَصِحَّة الْمَنْقُول مِنْهُ وَبِأَنَّهُ يلْزم جعل حرف الْإِعْرَاب غير آخر مَعَ بَقَاء الآخر الْخَامِس أَنَّهَا معربة بالحركات الَّتِي قبل الْحُرُوف وَلَيْسَت منقولة بل هِيَ الحركات الَّتِي كَانَت فِيهَا قبل أَن تُضَاف فثبتت الْوَاو فِي الرّفْع لأجل الضمة وانقلبت يَاء لأجل الكسرة وألفا لأجل الفتحة وَعَلِيهِ الأعلم وَابْن أبي الْعَافِيَة ورد بِأَن هَذِه الْحُرُوف إِن كَانَت زَائِدَة فَهُوَ الْمَذْهَب الثَّالِث وَقد تبين فَسَاده وَإِن كَانَت لامات لزم جعل الْإِعْرَاب فِي الْعين مَعَ وجود اللَّام السَّادِس أَنَّهَا معربة من مكانين بالحركات والحروف مَعًا وَعَلِيهِ الْكسَائي وَالْفراء ورد بِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ السَّابِع أَنَّهَا معربة بالتغير والانقلاب حَالَة النصب والجر وبعدم ذَلِك حَالَة الرّفْع وَعَلِيهِ الْجرْمِي

ورد بِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهُ وَبِأَن عَامل الرّفْع لَا يكون مؤثرا شَيْئا وَبِأَن الْعَدَم لَا يكون عَلامَة الثَّامِن أَن فَاك وَذَا مَال معربان بحركات مقدرَة فِي الْحُرُوف وَأَن أَبَاك وأخاك وحماك وَهُنَاكَ معربة بالحروف وَعَلِيهِ السُّهيْلي والرندي التَّاسِع عَكسه الْعَاشِر أَن الْحُرُوف دَلَائِل إِعْرَاب قَالَه الْأَخْفَش وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ الزّجاج والسيرافي الْمَعْنى أَنَّهَا معربة بحركات مقدرَة فِي الْحُرُوف الَّتِي قبل حُرُوف الْعلَّة وَمنع من ظُهُورهَا كَون حُرُوف الْعلَّة تطلب حركات من جِنْسهَا وَقَالَ ابْن السراج مَعْنَاهُ أَنَّهَا حُرُوف إِعْرَاب وَالْإِعْرَاب فِيهَا لَا ظَاهر وَلَا مُقَدّر فَهِيَ دَلَائِل إِعْرَاب بِهَذَا التَّقْدِير وَقد عد هَذَانِ الْقَوْلَانِ مذهبين فَتَصِير أحد عشر الثَّانِي عشر أَنَّهَا معربة فِي الرّفْع بِالنَّقْلِ وَفِي النصب بِالْبَدَلِ وَفِي الْجَرّ بِالنَّقْلِ وَالْبدل مَعًا فَالْأَصْل فِي جَاءَ أَخُوك جَاءَ أَخُوك فنقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى الْخَاء وَالْأَصْل فِي رَأَيْت أَخَاك رَأَيْت أَخُوك فأبدلت الْوَاو ألفا وَالْأَصْل فِي مَرَرْت بأخيك بأخوك نقلت حَرَكَة الْوَاو إِلَى الْخَاء فَانْقَلَبت الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا حَكَاهُ ابْن أبي الرّبيع وَغَيره وَهُوَ مُوَافق للْمَذْهَب الرَّابِع إِلَّا فِي النصب ص وَلَيْسَ كَذَلِك من فِي حِكَايَة النكرَة وَقفا خلافًا للجوهري وَنقص هن أعرف وَأب وَأَخ وحم دون قصرهَا وَفَوق تَشْدِيد هن وَأب وَأَخ وَجعل أَخ كدلو وَفتح فَاء فَم منقوصا كيد وَدم لَا يمْنَع قصرهما وَتَشْديد دم مَشْهُور وَيضم وَيكسر ويثلث مَقْصُورا ومضعفا وَيتبع الآخر فِي الحركات كفاء مرء وعيني امْرِئ وابنم على الْأَشْهر فِيهَا وقابلا إِضَافَة سَائِغ نصبا وَكَذَا إِثْبَات ميمه مُضَافا وَقيل ضَرُورَة وَالأَصَح أَن وَزنهَا فعل إِلَّا فَاه فَفعل وَأَن لَام حم وَاو وَذي يَاء وَأَنَّهَا المحذوفة ش فِيهِ مسَائِل الأولى زعم الْجَوْهَرِي صَاحب الصِّحَاح فِي كتاب لَهُ فِي النَّحْو أَن من فِي حِكَايَة النكرَة فِي الْوَقْف معربة بالحروف كالأسماء السِّتَّة فَإنَّك تَقول لمن

قَالَ جَاءَنِي رجل منو وَلمن قَالَ رَأَيْت رجلا منا وَلمن قَالَ مَرَرْت بِرَجُل مني قَالَ ابْن هِشَام وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن هَذَا لَيْسَ بإعراب بِدَلِيل أَنه لَا يثبت فِي الْوَصْل وَلِأَن وَضعهَا وضع الْحَرْف فَلَا تسْتَحقّ إعرابا وَلِأَن الْإِعْرَاب إِنَّمَا يكون بعامل يدْخل على الْكَلِمَة فِي الْكَلَام الَّذِي هِيَ فِيهِ الثَّانِيَة جرت عَادَة النُّحَاة أَن يذكرُوا لُغَات هَذِه الْأَسْمَاء فَفِي هن النَّقْص وَهُوَ الْإِعْرَاب بالحركات وَهُوَ فِيهِ أشهر من الْإِعْرَاب بالحروف كَحَدِيث فأعضوه بِهن أَبِيه ودونهما التَّشْدِيد كَقَوْلِه 44 - (أَلا لَيْت شعري هَل أبيتن لَيْلَة ... وهَنّى ... ... ... ) وَفِي أَب النَّقْص كَقَوْلِه 45 - (بأبهِ اقْتدى عَدِيٌّ فى الكَرَمْ ... وَمن يشابهْ أَبَهُ فَمَا ظَلَمْ)

وَالْقصر كَقَوْلِه 46 - (إِن أَبَاهَا وَأَبا أَبَاهَا ... )

وَالتَّشْدِيد نَحْو هَذَا أبك وأفصحها الْقصر ثمَّ النَّقْص ثمَّ التَّشْدِيد وَفِي أَخ الثَّلَاثَة سمع فِي الْقصر مكره أَخَاك لَا بَطل وَحكى أَبُو زيد جَاءَنِي أخك وَفِيه أَخُو بِسُكُون الْخَاء بِوَزْن دلو قَالَ رجل من طَيئ 47 - (مَا المَرْءُ أخْوَكَ إِن لم تُلْفِه وَزَراً ... عِنْد الكريهة مِعْوانًا على النُّوَبِ) وَفِي حم النَّقْص وَالْقصر وَفِي فَم عشر لُغَات النَّقْص وَالْقصر وَتَشْديد الْمِيم مَعَ فتح الْفَاء وَضمّهَا وَكسرهَا فَهَذِهِ تسع لُغَات والعاشرة إتباع الْفَاء حَرَكَة الْمِيم فِي الْإِعْرَاب وَمِمَّا ورد فِي الْقصر

48 - (يَا حبّذا عينا سُلَيْمَى والفَمَا ... ) وَفِي التَّشْدِيد 49 - (يَا لَيْتَها قد خَرجت من فُمِّه ... ) ويشاركه فِي الْقصر يَد وَدم قَالَ 50 - (يَا رُبَّ سَار بَات مَا تَوسّدا ... إِلَّا ذِرَاع العيس أَو كفّ اليدا) وَقَالَ 51 - (غَفَلَتْ ثمَّ أَتَتْ تَطْلُبُهُ ... فَإِذا هىْ بعِظام ودَمَا)

وَفِي التَّضْعِيف دم قَالَ 52 - (أهان دمَّك فرْغاً بعد عزّتهِ ... يَا عَمْرو بَغْيُك إصراراً على الحَسَد) ويشاركه فِي الإتباع فَاء مرء وعينا امْرِئ وابنم تَقول جَاءَ الْمَرْء وَرَأَيْت المرأ ومررت بالمرئ بإتباع الْمِيم الْهمزَة وَقَالَ تَعَالَى {إِن امرؤا هلك} النِّسَاء 176 {مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء} مَرْيَم 28 {لكل امْرِئ} عبس 37 بإتباع الرَّاء الْهمزَة وَمثله ابنم وَقيل إنَّهُمَا معربان من مكانين فَإِن الْحَرَكَة فِي الرَّاء وَالنُّون حَرَكَة إِعْرَاب لَا إتباع وَفِيهِمَا لُغَة أُخْرَى فتح الرَّاء وَالنُّون فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة وَفِي امْرِئ ثَالِثَة ضم الرَّاء على كل حَال وَفِي مرء فتح الْمِيم مُطلقًا وَبهَا جَاءَ الْقُرْآن وثالثة كسرهَا مُطلقًا ورابعة ضمهَا ملطقا وَقُرِئَ بهما {بَين الْمَرْء وَقَلبه} الْأَنْفَال 24 الثَّالِثَة يجوز إِفْرَاد أَب وَأَخ وحم وَهن من الْإِضَافَة لَا ذُو كَمَا سَيَأْتِي فِي بَاب الْإِضَافَة وَأما فوك فَلَا يفرد إِلَّا وَيصير بِتِلْكَ اللُّغَات وَقَالَ العجاج 53 - (خَالَطَ مِنْ سَلْمى خياشِيمَ وفا ... ) فأفرده لفظا حَالَة النصب فحصه البصريون بِالضَّرُورَةِ وَجوزهُ الْأَخْفَش والكوفيون وتابعهم ابْن مَالك فِي الِاخْتِيَار تخريجا على أَنه حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَنوى ثُبُوته فأبقى الْمُضَاف على حَاله أَي خياشيمها وفاها وَأما عكس ذَلِك وَهُوَ إبْقَاء ميمه حَال الْإِضَافَة فَمَنعه الْفَارِسِي إِلَّا فِي الشّعْر وَتَابعه ابْن عُصْفُور وَغَيره من المغاربة وَالصَّحِيح كَمَا قَالَ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان وَغَيرهمَا جَوَازه فِي الِاخْتِيَار فَفِي

الحَدِيث لخلوف فَم الصَّائِم وَقَالَ الشَّاعِر 54 - (يُصْبحُ ظَمآنَ وَفِي الْبَحْر فَمُهْ ... ) الرَّابِعَة الْأَصَح وَعَلِيهِ البصريون أَن وزن هَذِه الْأَسْمَاء فعل بِفَتْح الْفَاء وَالْعين بِدَلِيل جمعهَا على أَفعَال إِلَّا فوك فوزنه فعل بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْعين وَذهب الْفراء إِلَى أَن وَزنهَا فعل بِالْفَتْح والإسكان وفوك فعل بِضَم الْفَاء والإسكان وَذهب الْخَلِيل إِلَى أَن وزن ذُو عفل بِالْفَتْح والإسكان وَأَن أَصله ذَوُو فلامها وَاو وعَلى الأول أَصله ذَوي فلامها يَاء وَقَالَ ابْن كيسَان يحْتَمل الوزنين قَالَ أَبُو حَيَّان والمحذوف من ذُو هُوَ اللَّام فِي قَول أهل الاندلس وَالْعين فِي قَول أهل قرطبة قَالَ وَالظَّاهِر الأول وَاخْتلف فِي حم أَيْضا هَل لامه وَاو أَو يَاء على قَوْلَيْنِ أصَحهمَا الأول كأب وَأَخ لقَولهم فِي التَّثْنِيَة حموان وَقيل إِنَّهَا يَاء من الحماية لِأَن أحماء الْمَرْأَة يحمونها

الباب الرابع المثنى

الْبَاب الرَّابِع: الْمثنى ص الرَّابِع الْمثنى فبالألف وَالْيَاء وَلُزُوم الْألف لُغَة وَعَلِيهِ لَا وتران فِي لَيْلَة وَألْحق بِهِ مُفِيد كَثْرَة ككرتين وَقد يُغني عَنهُ عطف أَو تكْرَار وَجمع معنى كأخويكم وَنَحْو كلبتي الْحداد وحوالينا وكلا وكلتا مضافين لمضمر ومطلقا فِي لُغَة وليسا مثنيي اللَّفْظ وَأَصلهَا كل خلافًا للكوفية بل ألف كلا وَالتَّاء عَن الْوَاو وَقيل يَاء وَألف كلتا تَأْنِيث وَقيل إِلْحَاق وَقيل أصل وَقيل تاؤها زَائِدَة لَا لإلحاق وَقيل لَهُ وَلَك فِي ضميرهما وَجْهَان وَاثْنَانِ وَاثْنَتَانِ وَبلا همزَة لُغَة مُفردا ومضافا ومركبا وَقيل الأَصْل اثن وثنايان ومذروان وَمَا غلب لشرف كأبوين أَو تذكير كقمرين أَو خفَّة كعمرين وَقيل فِي فَرد مَحْض ش الْبَاب الرَّابِع من أَبْوَاب الْمثنى وَهُوَ مَا دلّ على اثْنَيْنِ بِزِيَادَة فِي أَخّرهُ صَالح للتجريد عَنْهَا وَعطف مثله عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يرفع بِالْألف وَينصب ويجر بِالْيَاءِ نَحْو {قَالَ رجلَانِ} الْمَائِدَة 23 وَلُزُوم الْألف فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة لُغَة مَعْرُوفَة عزيت لكنانة وَبني الْحَارِث بن كَعْب وَبني العنبر وَبني الهجيم وبطون من ربيعَة وَبكر بن وَائِل وزبيد وخثعم وهمدان وفزارة وعذرة وَخرج عَلَيْهَا قَوْله تَعَالَى {إِن هَذَانِ لساحران} طه 63 وَقَوله لَا وتران فِي

لَيْلَة وَأنْشد عَلَيْهَا قَوْله 55 - (تزوّد مِنّا بَين أُذْناهُ طعنةً ... )

وَقَوله 56 - (قد بلغا فِي الْمجد غايتاها ... )

وَألْحق بالمثنى فِي الْإِعْرَاب أَلْفَاظ تشبهه وَلَيْسَت بمثناة حَقِيقَة لفقد شَرط التَّثْنِيَة مِنْهَا مَا يُرَاد بِهِ التكثير نَحْو {ارْجع الْبَصَر كرتين} الْملك 4 لِأَن الْمَعْنى كرات إِذْ الْبَصَر لَا يَنْقَلِب خاسئا وَهُوَ حسير من كرتين بل كرات وَمثله قَوْلهم سُبْحَانَ الله وحنانيه وَقَوله 57 - (ومَهْمَهَين قَذَفين مَرْتَينْ ... )

أَي مهمه بعد مهمه وَهَذَا النَّوْع يجوز فِيهِ التَّجْرِيد من الزِّيَادَة والعطف كَقَوْلِه 58 - (تَخْدِي بِنَا نُجُبٌ أفنى عَرَائِكَها ... خِمْسٌ وخِمْسٌ وتأويبٌ وتأويبُ) وَقد يُغني التكرير عَن الْعَطف كَقَوْلِه تَعَالَى {صفا صفا} الْفجْر 22 و {دكا دكا} الْفجْر 21 أَي صفا بعد صف ودكا بعد دك وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي الْمَعْنى جمع كَقَوْلِه تَعَالَى {فأصلحوا بَين أخويكم} الحجرات 10 وَقَوله البيعان بِالْخِيَارِ كَذَا ذكره وَمَا قبله ابْن مَالك ونوزع فيهمَا بِإِمْكَان كَونهمَا مثنيين حَقِيقَة وَمِنْهَا مَا لَا يصلح للتجريد فَمن ذَلِك مَا هُوَ اسْم جنس كالكلبتين لآلة الْحداد وَمَا هُوَ علم كالبحرين والدونكين والحصنين وَمِنْه اثْنَان وَاثْنَتَانِ وثنتان فِي لُغَة تَمِيم سَوَاء أفردا نَحْو {وَمن الْإِبِل اثْنَيْنِ} الْأَنْعَام 144 أم أضيفا نَحْو جَاءَ اثناك أم ركبا نَحْو {فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا} الْبَقَرَة 60 {وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا} الْمَائِدَة 12 وَقيل إنَّهُمَا مثنيان حَقِيقَة وَالْأَصْل اثن وَمن ذَلِك ثنايان لطرفي العقال ومذروان لطرفي الألية والقوس وجانبي الرَّأْس وَقيل طرفا كل شَيْء وَمِنْهَا مَا يصلح للتجريد وَلَا يخْتَلف مَعْنَاهُ كحوالينا قَالَ اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا

وَقَالَ الشَّاعِر فِي التَّجْرِيد 59 - (وَأَنا أَمْشِي الدَّألى حَوَالكا ... ) وَمثله حوله قَالَ تَعَالَى فِي التَّجْرِيد {فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حولهَا} الْبَقَرَة 17 وَقَالَ الشَّاعِر فِي التَّثْنِيَة ... وَمِنْهَا مَا لَا يصلح لعطف مثله عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَا كَانَ على سَبِيل التغليب كالأبوين للْأَب وَللْأُمّ والقمرين للشمس وَالْقَمَر والعمرين لأبي بكر وَعمر وَهَذَا النَّوْع مسموع يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ ثمَّ تَارَة يغلب الْأَشْرَف كالمثال الأول قَالَ الله تَعَالَى {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش} يُوسُف 100 وَتارَة الْمُذكر كالثاني وَتارَة الأخف كالثالث وَتارَة الْأَعْظَم نَحْو {مرج الْبَحْرين} الرَّحْمَن 19 {وَمَا يَسْتَوِي البحران} فاطر 12

مبحث كلا وكلتا

[مَبْحَث كلا وكلتا] وَمِنْهَا مَا لَا زِيَادَة فِيهِ وَهُوَ كلا وكلتا بِشَرْط أَن يضافا إِلَى مُضْمر نَحْو {إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا} الْإِسْرَاء 23 وَتقول رَأَيْت كليهمَا وكلتيهما فَإِن أضيفا إِلَى مظهر أجريا بِالْألف فِي الْأَحْوَال كلهَا هَذِه اللُّغَة الْمَشْهُورَة وَبَعض الْعَرَب يجريهما مَعَ الظَّاهِر مجراهما مَعَ الْمُضمر فِي الْإِعْرَاب بالحرفين وَعَزاهَا الْفراء إِلَى كنَانَة وَبَعْضهمْ يجريهما مَعَهُمَا بِالْألف مُطلقًا وَمَا ذَكرْنَاهُ من أَنَّهُمَا بِمَعْنى الْمثنى وَلَفْظهمَا مُفْرد هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وعَلى هَذَا فألف كلا منقلبة عَن وَاو وَقيل عَن يَاء ووزنها فعل ك معى وَوزن كلتا فعلى كذكرى وألفها للتأنيث وَالتَّاء بدل عَن لَام الْكَلِمَة وَهِي إِمَّا وَاو وَهُوَ اخْتِيَار ابْن جني وَأَصلهَا كلوى أَو يَاء وَهُوَ اخْتِيَار أبي عَليّ

وَإِنَّمَا قلبت تَاء لتأكيد التَّأْنِيث إِذْ الْألف تصير تَاء فِي بعض الْأَحْوَال فَتخرج عَن علم التَّأْنِيث وَذهب بَعضهم إِلَى أَن التَّاء زَائِدَة للتأنيث بِدَلِيل حذفهَا فِي النّسَب وَقَوْلهمْ كلوي كَمَا يُقَال فِي أُخْت أخوي ورد بِأَن تَاء التَّأْنِيث لَا تقع حَشْوًا وَلَا بعد سَاكن غير ألف وَذهب آخر إِلَى أَنَّهَا زَائِدَة للإلحاق وَالْألف لَام الْكَلِمَة وَعَلِيهِ الْجرْمِي وَفِي قَول الْألف للإلحاق وَفِي قَول أصل وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن لَفْظهمَا مثنى وَأَصلهَا كل بِدَلِيل سَماع مُفْرد كلتا فِي قَوْله 60 - (فِي كِلْتَ رجْلَيْها سُلامَى واحِدَهْ ... ) وَأجِيب بِأَنَّهُ حذف الْألف للضَّرُورَة وعَلى الأول يجوز فِي ضميرها مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى قَالَ تَعَالَى {كلتا الجنتين ءاتت} الْكَهْف 33 وَقَالَ الشَّاعِر

61 - (كِلاَهُما حِين جدّ الجْريُ بَينهمَا ... قد أقْلَعَا وكلا أنْفَيْهما رَابى) قَالَ ابْن مَالك وندر هَذَا الِاسْتِعْمَال أَي الْإِعْرَاب كالمثنى فِي متمحض الْإِفْرَاد كَقَوْلِه 62 - (على جَرْدَاء يَقْطَعُ أبهْرَاهَا ... حِزَامُ السَّرْج فى خَيْل سِراع)

شروط التثنية والجمع

ثنى الْأَبْهَر وَهُوَ عرق مجَازًا تَنْبِيه قَالَ ابْن مَالك هَذِه الْكَلِمَات يَعْنِي الملحقة بالمثنى لَا تسمى مثناة فَإِن أطلق عَلَيْهَا ذَلِك فبمقتضى اللُّغَة لَا الِاصْطِلَاح كَمَا يُقَال لاسم الْجمع جمع انْتهى فأفاء أَنَّهَا يُقَال لَهَا أَسمَاء تَثْنِيَة كَمَا يُقَال أَسمَاء جمع ص مَسْأَلَة ش لَا يثنى وَلَا يجمع غَالِبا جمع واسْمه وَاسم جنس إِلَّا إِن أطلق على بعضه وجوزها ابْن مَالك فِي اسْم جمع ومكسر لَا متناه وَلَا مَا لَا ثَانِي لَهُ وكل وَبَعض وَنَحْو فلَان وأفعل من وَاسم فعل ومحكي من جملَة ومختص بِالنَّفْيِ وَشرط ومبنى إِلَّا ذان وتان واللذان واللتان على الْأَصَح وَلَا ثواني الكنى وَأجْمع وجمعاء وَإِخْوَته خلافًا للكوفية فيهمَا وَالْمُخْتَار جَوَاز المزج وَذي ويه ثمَّ فِي حذف عَجزه قَولَانِ دون أَسمَاء الْعدَد غير مائَة وَألف وَفِي مختلفي الْمَعْنى ثَالِثهَا يجوز إِن اتفقَا فِي الْمَعْنى الْمُوجب للتسمية وينكر الْعلم والأجود أَن يحْكى إِلَّا نَحْو جماديين وعمايتين وَأَذْرعَات وَمنع الْمَازِني المعدول وَمَا فِيهِ أل قيل يبْقى وَقيل يعوض وَلَا يُغني غَالِبا عطف إِلَّا بفصل وَلَو مُقَدرا ويوتى بالمحكى بذوا وذوو وَكَذَا المزج إِن منع واستغنوا بسيان وضبعان عَن سواءان وضبعانان وحكيا وَيَسْتَوِي فِي التَّثْنِيَة مُذَكّر وَغَيره وَلَا تحذف التَّاء إِلَّا فِي ألية وخصية [شُرُوط التَّثْنِيَة وَالْجمع] ش جمعت مَا لَا يثنى وَلَا يجمع من الْأَلْفَاظ جمعا لَا تظفر بِهِ فِي غير هَذَا الْكتاب وَأَنا أشرحه على طَريقَة أُخْرَى فَأَقُول للتثنية وَالْجمع شُرُوط أَحدهَا الْإِفْرَاد فَلَا يجوز تَثْنِيَة الْمثنى وَالْجمع السَّالِم وَلَا المكسر المتناهي وَلَا جمع ذَلِك اتِّفَاقًا وَلَا غَيره من جموع التكسير وَلَا اسْم الْجمع وَلَا اسْم الْجِنْس إِلَّا أَن تجوز بِهِ فَأطلق على بعضه نَحْو لبنين وماءين أَي ضَرْبَيْنِ مِنْهُمَا وندر فِي الْجمع قَوْلهم لقاحان سوداوان وَقَوله 63 - (عِنْد التّفَرُّق فِي الْهَيْجَا جمَالَيْن ... )

وَفِي اسْمه قَوْله 64 - (قَوْماهُمَا أَخَوَان ... ) وَجوز ابْن مَالك تَثْنِيَة اسْم الْجمع وَالْجمع المكسر فَقَالَ مُقْتَضى الدَّلِيل أَلا يثنى مَا دلّ على جمع لِأَن الْجمع يتَضَمَّن التَّثْنِيَة إِلَّا أَن الْحَاجة دَاعِيَة إِلَى عطف وَاحِد على وَاحِد فاستغنى عَن الْعَطف بالتثنية مَا لم يمْنَع من ذَلِك عدم شبه الْوَاحِد كَمَا منع فِي نَحْو مَسَاجِد ومصابيح وَفِي الْمثنى وَالْمَجْمُوع على حَده مَانع آخر وَهُوَ استلزام تثنيتهما اجْتِمَاع إعرابين فِي كلمة وَاحِدَة قَالَ وَلما كَانَ شبه الْوَاحِد شرطا فِي صِحَة ذَلِك كَانَ مَا هُوَ أشبه بِالْوَاحِدِ أولى بِهِ فَلذَلِك كَانَت تَثْنِيَة اسْم الْجمع أَكثر من تَثْنِيَة الْجمع قَالَ وَمن تَثْنِيَة اسْم الْجمع {قد كَانَ لكم ءاية فِي فئتين} آل عمرَان 13 {يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} الْأَنْفَال 41 اه الثَّانِي الْإِعْرَاب فَلَا يثني وَلَا يجمع الْمَبْنِيّ وَمِنْه أَسمَاء الشَّرْط والاستفهام وَأَسْمَاء الْأَفْعَال وَأما نَحْو يَا زَيْدَانَ وَلَا رجلَيْنِ فَإِنَّهُ ثني قبل الْبناء وَأما ذان وتان واللذان واللتان فَقيل إِنَّهَا صِيغ وضعت للمثنى وَلَيْسَت من الْمثنى الْحَقِيقِيّ وَنسب للمحققين عَلَيْهِ ابْن الْحَاجِب وَأَبُو حَيَّان

وَقيل أَنَّهَا مثناة حَقِيقَة وَأَنَّهَا لما ثنيت أعربت وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك وَأما الَّذين فصيغة وضعت للْجمع اتِّفَاقًا فَلَا يجمع الثَّالِث عدم التَّرْكِيب فَلَا يثنى الْمركب تركيب إِسْنَاد وَلَا يجمع اتِّفَاقًا نَحْو تأبط شرا وَهُوَ المُرَاد بِقَوْلِي محكي من جملَة وَأما تركيب المزج كبعلبك وسيبويه فالأكثر على مَنعه لعدم السماع ولشبهه بالمحكى وَجوز الْكُوفِيُّونَ تَثْنِيَة نَحْو بعلبك وَجمعه وَاخْتَارَهُ ابْن هِشَام الخضراوي وَأَبُو الْحُسَيْن بن أبي الرّبيع وَبَعْضهمْ تَثْنِيَة مَا ختم ب ويه وَجمعه وَهُوَ اخْتِيَاري قَالَ خطاب فِي الترشيح فَإِن ثنيت على من جعل الْإِعْرَاب فِي الآخر قلت معدي كربان ومعدي كربين وحضرموتان وحضرموتين أَو على من أعرب إِعْرَاب المتضايفين قلت حضراموت وحضري موت وَقَالَ فِي الْمَخْتُوم ب ويه تلْحقهُ الْعَلامَة بِلَا حذف نَحْو سيبويهان وسيبويهون وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه يحذف عَجزه فَيُقَال سيبان وسيون ويتوصل إِلَى تَثْنِيَة الْمركب إِسْنَادًا بذوا وَإِلَى جمعه بذوو فَيُقَال جَاءَنِي ذَوا تأبط شرا وذوو تأبط شرا أَي صاحبا هَذَا الِاسْم وَأَصْحَاب هَذَا الِاسْم وَكَذَا المزج عِنْد من منع تثنيته وَجمعه وَأما الْأَعْلَام المضافة نَحْو أبي بكر فيستغني فِيهَا بتثنية الْمُضَاف وَجمعه عَن تَثْنِيَة الْمُضَاف إِلَيْهِ وَجمعه وَجوز الْكُوفِيُّونَ تثنيتهما وجمعهما فَتَقول أَبَوا البكرين وآباء البكرين الرَّابِع التنكير فَلَا يثنى الْعلم وَلَا يجمع بَاقِيا على علميته بل إِذا أُرِيد تثنيته وَجمعه قدر تنكيره وَكَذَا لَا تثنى الْكِنَايَات عَن الْأَعْلَام نَحْو فلَان وفلانة وَلَا تجمع لِأَنَّهَا لَا تقبل التنكير والأجود إِذا ثني الْعلم أَو جمع أَن يحلى بِالْألف وَاللَّام عوضا عَمَّا سلب من

تَعْرِيف العلمية وَمُقَابل الأجود مَا حَكَاهُ فِي البديع أَن مِنْهُم من لَا يدخلهَا عَلَيْهِ ويبقيه على حَاله فَيَقُول زَيْدَانَ وزيدون قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا القَوْل الثَّانِي غَرِيب جدا لم أَقف عَلَيْهِ إِلَّا فِي هَذَا الْكتاب وَيسْتَثْنى نَحْو جماديين اسْمِي الشَّهْر وعمايتين اسْمِي جبلين وَأَذْرعَات وعرفات فَإِن التَّثْنِيَة وَالْجمع فِيهَا لم تسلبه العلمية وَلذَا لم تدخل عَلَيْهَا الْألف وَاللَّام وَلم تضف قَالَ 65 - (حَتَّى إِذا رَجَب تَوَلَّى وانقضى ... وجُمَادَيَان وَجَاء شهرٌ مقبلٌ) وَقَالَ 66 - (لَو أَن عُصْم عَمَايتين وَيذْبُلٍ ... )

وَمنع الْمَازِني تَثْنِيَة الْعلم المعدول نَحْو عمر وَجمعه جمع سَلامَة أَو تكسير وَقَالَ أَقُول جَاءَنِي رجلَانِ كِلَاهُمَا عمر وَرِجَال كلهم عمر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم أحدا وَافقه على الْمَنْع مَعَ قَول الْعَرَب الْعمرَان فَإِذا ثني على سَبِيل التغليب فَمَعَ اتِّفَاق اللَّفْظ وَالْمعْنَى أولى وَإِذا ثني مَا فِيهِ أل كَالرّجلِ فَقيل تبقى فِيهِ أل وَقيل تحذف ويعوض مِنْهَا مثلهَا حَكَاهُمَا وَتَبعهُ أَبُو حَيَّان من غير تَرْجِيح وَمِمَّا لَا يثنى لتعريفه أجمع وجمعاء فِي التوكيد وإخواته خلافًا للكوفيين الْخَامِس اتِّفَاق اللَّفْظ فَلَا يثنى وَلَا يجمع الْأَسْمَاء الْوَاقِعَة على مَا لَا ثَانِي لَهُ فِي الْوُجُود كشمس وقمر والثريا إِذا قصدت الْحَقِيقَة وَهل يشْتَرط اتِّفَاق الْمَعْنى فِيهِ أَقْوَال أَحدهمَا نعم وَعَلِيهِ أَكثر الْمُتَأَخِّرين فمنعوا تَثْنِيَة الْمُشْتَرك وَالْمجَاز وَجَمعهَا ولحنوا المعري فِي قَوْله 67 - (جاد بِالْعينِ حِين أعمى هواهُ ... عَيْنَهُ فانثنى بِلَا عَيْنَيَن)

وَالثَّانِي لَا وَصَححهُ ابْن مَالك تبعا لأبي بكر بن الْأَنْبَارِي قِيَاسا على الْعَطف ولوروده فِي قَوْله تَعَالَى {وإله ءابآئك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق} الْبَقَرَة 133 وَقَوله الْأَيْدِي ثَلَاثَة فيد الله الْعليا وَيَد الْمُعْطى وَيَد السَّائِل السفلي وَقَول الْعَرَب الْقَلَم أحد اللسانين وخفة الظّهْر أحد اليسارين والغربة أحد السباءين وَاللَّبن أحد اللحمين وَالْحمية أحد الموتين وَنَحْو ذَلِك وَالثَّالِث وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور الْجَوَاز إِن اتفقَا فِي الْمَعْنى الْمُوجب للتسمية نَحْو الأحمران لِلذَّهَبِ والزعفران وَإِلَّا فالمنع السَّادِس أَن لَا يسْتَغْنى عَن تثنيته وَجمعه بتثنية غَيره وَجمعه فَلَا يثنى بعض للاستغناء عَنهُ بتثنية جُزْء وَلَا سَوَاء للاستغناء عَنهُ بسيان تَثْنِيَة سي وَلَا ضبعان اسْم الْمُذكر للاستغناء عَنهُ بتثنية ضبع اسْم الْمُؤَنَّث على أَنه حُكيَ سواءان وضبعانان وَلَا تثنى وَلَا تجمع أَسمَاء الْعدَد خلافًا أَسمَاء الْعدَد خلافًا للأخفش غير مائَة وَألف للاستغناء عَنْهَا إِذْ يُغني عَن تَثْنِيَة ثَلَاثَة سِتَّة وَعَن تَثْنِيَة خمس عشرَة وَعَن تَثْنِيَة عشرَة وَعِشْرُونَ وَعَن جمعهَا تِسْعَة وَخَمْسَة عشر وَثَلَاثُونَ وَلما لم يكن لفظ يُغني عَن تَثْنِيَة مائَة وَألف وجمعهما ثنيا وجمعا وَاسْتدلَّ الْأَخْفَش على مَا أجَازه بقوله

68 - (لَهَا عِنْد عَال فَوق سَبْعَيْن دَائِم ... ) وَأجِيب بِأَنَّهُ ضَرُورَة وَلَا يثنى أجمع وجمعاء على رَأْي الْبَصرِيين للاستغناء عَنْهُمَا بكلا وكلتا وَلم يجمع يسَار اسْتغْنَاء عَنهُ بِجمع شمال قَالَ ابْن جني فِي كتاب التَّمام السَّابِع أَن يكون فِيهِ فَائِدَة فَلَا يثنى كل وَلَا يجمع لعدم الْفَائِدَة فِي تثنيته وَجمعه وَكَذَا الْأَسْمَاء المختصة بِالنَّفْيِ كَأحد وعريب لإفادتها الْعُمُوم وَكَذَا الشَّرْط وَإِن كَانَ معربا لإفادته ذَلِك الثَّامِن أَن لَا يشبه الْفِعْل فَلَا يثنى وَلَا يجمع أفعل من لِأَنَّهُ جَار مجري التَّعَجُّب وَلَا قَائِم من أقائم زيد كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِل الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهُ شَبيه بِالْفِعْلِ وَبَقِي فِي الْمَتْن مَسْأَلَتَانِ إِحْدَاهمَا أصل التَّثْنِيَة وَالْجمع الْعَطف وَإِنَّمَا عدل عَنهُ للاختصار فَلَا يجوز الرُّجُوع إِلَيْهِ لِأَن الرُّجُوع إِلَى أصل مرفوض مَمْنُوع إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه 69 - (لَيْتٌ وليثٌ فِي مجَال ضَنْكِ ... )

وَهُوَ فِي الْجمع أقبح مِنْهُ فِي التَّثْنِيَة لِكَثْرَة أَلْفَاظه ويسوغه فِي الِاخْتِيَار فصل ظَاهر نَحْو مَرَرْت بزيد الْكَرِيم وَزيد الْبَخِيل أَو مُقَدّر كَقَوْل الْحجَّاج وَقد نعي لَهُ ابْنه وَأَخُوهُ إِنَّا لله مُحَمَّد وَمُحَمّد فِي يَوْم وَاحِد مُحَمَّد ابْني وَمُحَمّد أخي الثَّانِيَة يَسْتَوِي فِي التَّثْنِيَة الْمُذكر والمؤنث فَلَا تحذف تَاء التَّأْنِيث مِمَّا هِيَ فِيهِ إِلَّا من ألية وخصية فَإِنَّهُم قالو أليان وخصيان وَكَانَ الْقيَاس أليتين وخصيتين وَلكنه سمع فِي الْمُفْرد أَلِي وَخصي فأجروا التَّثْنِيَة عَلَيْهِ إيثارا للتَّخْفِيف مَعَ عدم الإلباس وَقد صرح ابْن مَالك بِأَنَّهُ مِمَّا استغني عَن تثنيته بتثنيته بتثنية غَيره ص وَلَا يتَغَيَّر لَكِن تقلب ألف مَقْصُور فَوَقع ثلاثي أَو يائى أَو مَقْلُوبَة عَن نون إِذن يَاء وَغَيره وَاو وَقيل إِلَّا فِي ثلاثي واوي مكسور الأول أَو مضمومه وَفِي الْأَصْلِيَّة والمجهولة ثَالِثهَا الْأَصَح إِن أميلتا يَاء وَإِلَّا واواً وَرَابِعهَا إِن أميلت أَو صَارَت يَاء فِي حَال وقلب همز مبدل من ألف التَّأْنِيث واواً أولى فِي الملحقة وَتَركه فِي الْمُبدل من أصل خلافًا للجزولي وَورد تَصْحِيح مبدلة من ألف وقلبها وَالَّتِي من أصل يَاء والأصلية واوا وَحذف زَائِدَة خَامِسَة وَألف وهمز قاصعاء وَلَا يُقَاس على الْأَصَح وَقيل مذروان وثنايان لعدم الْإِفْرَاد وَلَا ترد فَاء ثلاثي وعينه ولامه إِن عوض الْوَصْل وَإِلَّا فَمَا عَاد فِي إِضَافَة لَا غَيره على الأجود

وَيُقَال أبان وأخان ويديان ودميان ودموان وفميان وفموان بقلة وَيجوز فِي ذَات ذاتا وذواتا ش إِذْ ثني الِاسْم لحقته الْعَلامَة من غير تَغْيِير سَوَاء كَانَ صَحِيحا نَحْو زيد أم مُعْتَلًّا جَارِيا مجْرَاه وَهُوَ مَا آخِره يَاء أَو وَاو سَاكن مَا قبلهَا مشددتان أَو مخففتان نَحْو مرمي ومغزو وظبي ودلو أم منقوصا نَحْو شج أم مهموزا غير مَمْدُود نَحْو رشأ وَمَاء ووضوء ونبيء أم ممدودا همزته أَصْلِيَّة نَحْو قراء ووضاء فَجَمِيع ذَلِك تلْحقهُ الْألف أَو الْيَاء بِلَا تَغْيِير إِلَّا فتح مَا قبل الْعَلامَة ورد يَاء المنقوص وَأما الْمَقْصُور فتقلب أَلفه يَاء أَن كَانَت زَائِدَة على ثَلَاثَة كملهى ومعطى ومستدعى أَو ثَالِثَة بَدَلا عَن يَاء كرحى أَو أَصْلِيَّة أَو مَجْهُولَة وأميلت فيهمَا كبلى وَمَتى علمين أَو مَقْلُوبَة عَن ألف إِذن علما فَيُقَال فِي التَّثْنِيَة ملهيان ومعطيان ومستدعيان ورحبان وبليان ومتيان وإذيان وَمَا عدا ذَلِك تقلب واوا وَهِي الثَّالِثَة المبدلة من وَاو كعصا وعصوان والأصلية غير الممالة كإذا علما وإذوان والمجمولة غير الممالة كددا هُوَ اللَّهْو فَإِنَّهُ اسْتعْمل منقوصا كَحَدِيث

لست من الدَّد وَلَا الدَّد مني ومتمما بالنُّون نَحْو ددن وبالدال دَد ومقصورا ددا فَلَا يدْرِي هَل أَلفه عَن يَاء أَو وَاو لِأَن الْألف فِي الثلاثي لَا بُد أَن تكون عَن إِحْدَاهمَا وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى أَن تَثْنِيَة الْأَصْلِيَّة والمجهولة بِالْيَاءِ مُطلقًا سَوَاء أميلت أم لم تمل قَالَ ابْن مَالك وَمَفْهُوم قَول سِيبَوَيْهٍ عاضد لهَذَا الرَّأْي وَذهب آخر إِلَى أَنَّهُمَا بِالْوَاو مُطلقًا وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنَّهُمَا إِن أميلتا أَو انقلبتا إِلَى الْيَاء فِي حَال نَحْو لدي وَإِلَى قلبت يَاء وَإِلَّا قلبت واوا فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَقْوَال حَكَاهَا أَبُو حَيَّان وَذهب الْكسَائي إِلَى تَثْنِيَة الثَّالِثَة المبدلة من وَاو بِالْيَاءِ إِذا كَانَ أول الْكَلِمَة مكسورا كربا ورضى أَو مضموما كضحى وَعلا وَأما الممدودة فَإِن كَانَت همزته مبدلة من ألف التَّأْنِيث نَحْو حَمْرَاء قلبت واوا نَحْو حمراوان وَورد تصحيحها وقلبها يَاء حكى أَبُو حَاتِم حمراءان وَحكى غَيره حمرايان فقاس على ذَلِك الْكُوفِيُّونَ وَمنعه غَيرهم وَإِن كَانَت مُلْحقَة نَحْو علْبَاء وحرباء جَازَ فِيهَا الْقلب واوا وَهُوَ الأولى والتصحيح نَحْو علباوان وعلباءان وَإِن كَانَت مبدلة من أصل نَحْو كسَاء ورداء جَازَ فِيهَا الْوَجْهَانِ والتصحيح أولى نَحْو كساءان وكساوان هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَسوى الْجُزُولِيّ بَينهَا وَبَين الَّتِي قبلهَا فِي أَن الأولى إِقْرَار الْهَمْز وَورد فِي هَذِه الْقلب يَاء حُكيَ كسايان فقاسه الْكسَائي وَخَالفهُ غَيره مِنْهُم ابْن مَالك وَإِن كَانَت أَصْلِيَّة فَتقدم أَنَّهَا تصحح وَقد ورد قَلبهَا واوا سمع قراوان ووضاوان فِي تَثْنِيَة قراء ووضاء فقاسه الْفَارِسِي وَخَطأَهُ النُّحَاة

ورد أَيْضا حذف الزَّائِدَة وَهِي خَامِسَة سمع خوزلان فِي خوزلى وَحذف الْألف والهمزة مِمَّا طَال من الْمَمْدُود سمع قاصعان وعاشوران وخنفسان وقرفصان فِي قاصعاء وعاشوراء وخنفساء وقرفصاء وباقلان وباقلاء فقاس الْكُوفِيُّونَ على ذَلِك فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَمنعه غَيرهم لقلَّة الْوَارِد مِنْهُ فَقولِي وَلَا يُقَاس على الْأَصَح عَائِد إِلَى سِتّ مسَائِل تَصْحِيح المبدلة وَمَا بعده وَقد صحّح الْعَرَب مذروين وثنايين وَكَانَ الْقيَاس مذريين وثناوين أَو ثناءين لِأَن الْألف الأولى رَابِعَة وَالثَّانِي مثل كسَاء إِلَّا أَن الْكَلِمَتَيْنِ بنيتا على التَّثْنِيَة وَلم يسْتَعْمل فيهمَا الْإِفْرَاد كَمَا تقدم فصحتا وَلَا يرد فِي التَّثْنِيَة مَا حذف من فَاء وَعين وَلَام إِن عوض مِنْهُ همز الْوَصْل فَيُقَال فِي اسْم اسمان وَإِن لم يعوض مِنْهُ فَإِن رد فِي الْإِضَافَة رد هُنَا وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الأجود فَمن الأول المنقوص كقاض وَأب وَأَخ وحم فَيُقَال قاضيان وأبوان وَأَخَوَانِ وحموان وَمن الثَّانِي هن وَيَد وَدم وفم وَسنة وحر فَيُقَال هنان ويدان وَدَمَانِ وفمان وسنتان وحران وشذ فِي الأول أبان وأخان وَفِي الثَّانِي هنوان ويديان ودميان ودموان وفميان وفموان وَقيل لَيْسَ بشاذ وَإِنَّمَا أبان وأخان على لغى الْتِزَام النَّقْص فِي الْإِفْرَاد وَالْإِضَافَة ويديان وَمَا بعده على لُغَة الْقصر فِيهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَأما ذُو مَال فَيُقَال فِيهَا ذَوا مَال فَإِن قُلْنَا الْمَحْذُوف من ذُو اللَّام فَهِيَ لم ترد أَو الْعين فَكَذَلِك لِأَن الْوَاو الْمَوْجُودَة هِيَ اللَّام وَأما ذَات فَقَالُوا فِي تثنيتها ذاتا على اللَّفْظ بِلَا رد وَهُوَ الْقيَاس كَمَا ثني ذُو على لَفظه قَالَ

70 - (يَا دَارَ سَلْمَى بَين ذاتَى العُوجْ ... ) وذواتا على الأَصْل برد لَام الْكَلِمَة وَهِي الْيَاء ألفا لتحرك الْعين وَهِي الْوَاو قبلهَا وَهُوَ الْكثير فِي الِاسْتِعْمَال قَالَ تَعَالَى {ذواتا أفنان} الرَّحْمَن 48

الباب الخامس جمع المذكر السالم

الْبَاب الْخَامِس: جمع الْمُذكر السَّالِم ص الْخَامِس جمع الْمُذكر السَّالِم فبالواو وَالْيَاء إِن كَانَ لعاقل أَو شبهه خَالِيا من تَاء التَّأْنِيث علما أَو مُصَغرًا أَو صفة تقبل التَّاء إِن قصد أَو أفعل تَفْضِيل وَجوزهُ الكوفية فِي ذِي التَّاء وَصفَة لَا تقبلهَا وَحكمه كالتثنية لَكِن يحذف آخر المنقوص وَيضم وَيكسر والمقصور يفتح وَقيل كمنقوص وَقيل إِن كَانَ أعجميا أَو ذَا ألف زَائِدَة ش الْبَاب الْخَامِس من أَبْوَاب النِّيَابَة جمع الْمُذكر السَّالِم فَإِنَّهُ يرفع بِالْوَاو وَينصب ويجر بِالْيَاءِ ثمَّ هَذَا الْجمع مُوَافق للتثنية فِي شُرُوطهَا كَمَا تقدم وَيزِيد بِشُرُوط أَحدهَا أَن يكون لعاقل كالزيدين أَو مشبه بِهِ نَحْو {رَأَيْتهمْ لي ساجدين} يُوسُف 4 {قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين} فصلت 11 جمع صفة الْكَوَاكِب وَالسَّمَاء وَالْأَرْض لما أثبت لَهَا مَا هُوَ من شَأْن الْعُقَلَاء من السُّجُود وَالْخطاب فَإِن خلا من ذَلِك لم يجمع بِالْوَاو وَالنُّون كواشق علم كلب وسابق صفة فرس الثَّانِي أَن يكون خَالِيا من تَاء التَّأْنِيث سَوَاء لم يوضع لمؤنث أصلا كأحمد وَعمر أم وضع لمؤنث ثمَّ سمي بِهِ مُذَكّر قَالَ أَبُو حَيَّان فَلَو سميت رجلا زَيْنَب أَو سلمى جمع بِالْوَاو وَالنُّون بِإِجْمَاع اعْتِبَارا بمسمياتها الْآن فَإِن لم يخل مِنْهَا لم يجمع بهَا كأخت وَطَلْحَة ومسلمات أَعْلَام رجال قَالَه أَبُو حَيَّان وَلذَلِك عبر بتاء التَّأْنِيث دون هائه ليشْمل مَا ذكر ثمَّ الْعلَّة لما ذكر أَنه لَا يَخْلُو إِمَّا أَن تحذف لَهُ التَّاء أَو لَا وَيلْزم على الثَّانِي الْجمع بَين علامتين متضادتين وعَلى الأول الْإِخْلَال لِأَنَّهَا حرف معنى فقد صَارَت بالعلمية لَازِمَة للكلمة لِأَن العلمية تسجل الِاسْم وتحصره من أَن يُزَاد فِيهِ أَو ينقص وَخَالف الْكُوفِيُّونَ فِي هَذَا الشَّرْط فجوزوا جمع ذِي التَّاء بِالْوَاو وَالنُّون مُطلقًا فَقَالُوا فِي طَلْحَة وَحَمْزَة وهبيرة طلحون وحمزون وهبيرون وَاحْتَجُّوا بِالسَّمَاعِ وَالْقِيَاس

أما السماع فَقَوْلهم فِي عَلَانيَة للرجل الْمَشْهُور علانون وَفِي ربعَة للمعتدل الْقَامَة ربعون وَأما الْقيَاس فعلى مَا ورد من جمعه تكسير وَإِن أدّى أَيْضا إِلَى حذف التَّاء قَالَ 71 - (وَعقبَة الأعْقَابِ فِي الشّهْر الأصَمُّ ... ) وَأجِيب عَن السماع بشذوذه وَعَن الْقيَاس بِأَن جمع التكسير يعقب تأنيثه التَّاء المحذوفة وَلَا تَأْنِيث فِي جمع السَّلامَة يعقبها على أَن جمعه تكسيرا غير مُسلم لِأَنَّهُ لم يرد مِنْهُ سوى هَذَا الْبَيْت فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ مَعَ إِمْكَان تَأْوِيله بِجعْل الأعقاب جمع عقبَة بِمَعْنى الاعتقاب لَا الْعلم الشَّرْط الثَّالِث أَن يكون علما كزيد وَعَمْرو أَو مُصَغرًا وَإِن لم يكن علما كرجيل وغليم وأحيمر وسكيران أَو صفة تقبل تَاء التَّأْنِيث إِن قصد كضارب مَعْنَاهُ كضارب وَمُؤمن وأرمل فَلَا يجمع هَذَا الْجمع مَا لَيْسَ وَاحِدًا من الثَّلَاثَة كَرجل وفتى وَغُلَام وَلَا صفة لَا تقبل تَاء التَّأْنِيث كأحمر وسكران وعانس وصبور وجريح وقتيل وَلَا صفة تقبلهَا لَا لِمَعْنى التَّأْنِيث كملول وملولة وفروق وفروقة فَإِن التَّاء فِي نَحْو ذَلِك للْمُبَالَغَة لَا للتأنيث قَالَ أَبُو حَيَّان نعم بَقِي صفة لَا تقبل التَّاء وَتجمع كَذَلِك بِلَا خلاف وَهُوَ مَا كَانَ خَاصّا بالمذكر كمخصي وأفعل التَّفْضِيل الْمُعَرّف بِاللَّامِ والمضاف إِلَى نكرَة نَحْو الأفضلون وأفضلو بني فلَان فَإِن تأنيثه بِالْألف

وَجوز الْكُوفِيُّونَ جمع صفة لَا تقبل التَّاء كَقَوْلِه 72 - (مِنّا الَّذِي هُوَ مَا إنْ طَرّ شَاربُهُ ... والْعَانِسُونَ ومنّا المُرْدُ والشِّيبُ) وَقَوله 73 - (فَمَا وجَدَتْ نساءُ بنى نِزار ... حَلائِلَ أسْودِينَ وأحْمَريْنَا) وَذَلِكَ عِنْد الْبَصرِيين من النَّادِر الَّذِي لَا يُقَاس عَلَيْهِ قَالَ صَاحب الإفصاح عادى الْكُوفِيّين إِذا سمعُوا لفظا فِي شعر أَو نَادِر كَلَام جَعَلُوهُ بَابا أَو فصلا وَلَيْسَ بالجيد قَالَ الْأَصْحَاب وَإِنَّمَا افترق الصفتان لِأَن الْقَابِلَة للتاء شَبيهَة بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يقبل التَّاء عِنْد قصد التَّأْنِيث نَحْو قَامَت ويعرى مِنْهَا عِنْد التَّذْكِير نَحْو قَامَ وَإِنَّمَا يجمع هَذَا الْجمع مَا أشبه الْفِعْل إِلْحَاقًا بِهِ فِي أَنه إِذا وصف بِهِ الْمُذكر

الْعَاقِل لحقه بعد سَلَامَته لَفْظَة الْوَاو كقاموا ويقومون وَلذَا لم يجمع الِاسْم الجامد وَإِنَّمَا جمع الْأَفْضَل لالتزام التَّعْرِيف فِيهِ وَهُوَ فرع التنكير فَأشبه الْفِعْل فِي الفرعية فَحمل عَلَيْهِ ولهذه الْعلَّة نَفسهَا جمع الجامد إِذا كَانَ علما لِأَن تَعْرِيف العلمية فرع فَأشبه الْفِعْل والتنكير أصل فَلم يُشبههُ وَإِنَّمَا جمع المصغر دون مكبره لتعذر تكسيره لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى حذف حرف التصغير فَيذْهب الْمَعْنى الَّذِي جِيءَ بِهِ لأَجله وَأما اشْتِرَاط خلوه من التَّرْكِيب فَهُوَ شَرط لمُطلق الْجمع لَا لهَذَا بِخُصُوصِهِ بل وللتثنية أَيْضا وَقد تقدم بَيَانه هُنَاكَ ثمَّ إِذا جمع الِاسْم فَحكمه كَمَا إِذا ثني من لُحُوق الْعَلامَة من غير تَغْيِير إِن كَانَ صَحِيحا أَو مُعْتَلًّا جَارِيا مجْرَاه أَو مهموزا أَو ممدودا همزته أصل كزيدون وظبيون وقراءون ونبيئون وقلب الْهمزَة المبدلة من ألف التَّأْنِيث نَحْو حمراءون فِي حَمْرَاء علم مُذَكّر وَيسْتَثْنى شَيْئَانِ المنقوص والمقصور فَإِنَّهُمَا يحذف أخرهما وَهُوَ الْيَاء وَالْألف لالتقائه سَاكِنا مَعَ الْوَاو وَالْيَاء ثمَّ يضم مَا قبل آخر المنقوص فِي ارْفَعْ نَحْو قاضون وَيكسر فِي غَيره نَحْو قاضين مُنَاسبَة للحرف وَيفتح مَا قبل آخر الْمَقْصُور دلَالَة على الْألف المحذوفة وَلِئَلَّا يلتبس بالمنقوص نَحْو {وَأَنْتُم الأعلون} آل عمرَان 139 {وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين} ص 47 وَجوز الْكُوفِيُّونَ إجراءه كالمنقوص فضموا مَا قبل الْوَاو وكسروا مَا قبل الْيَاء حملا لَهُ على السَّالِم وَحَكَاهُ ابْن ولاد لُغَة عَن بعض الْعَرَب قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَأَنَّهُ نقلوا إِلَيْهِمَا الْحَرَكَة الْمقدرَة على حرف الْإِعْرَاب وَهَذَا النَّقْل عَن الْكُوفِيّين مُطلقًا وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُم الْأَصْحَاب فِيمَا قَالَ أَبُو حَيَّان

وَنقل ابْن مَالك عَنْهُم تَفْصِيلًا وَهُوَ إِجْرَاء ذَلِك فِي الأعجمي كموسى وَمَا فِيهِ ألف زَائِدَة كأرطى وحبلى علمي مُذَكّر بِخِلَاف مَا أَلفه عَن أصل وَقد حكيت الْقَوْلَيْنِ مَعًا ص وَألْحق بِهِ سَمَاعا كنحن الوارثون وَعِشْرُونَ إِلَى تسعين وأهلون وأرضون وعالمون وَقيل جمع وَقيل مَبْنِيّ على الْفَتْح وبنون وأبون وأخون وهنون وذوو وَألْحق ثَعْلَب فمون وَابْن مَالك حمون قِيَاسا وأولو وسنون وكل ثلاثي لم يكسر وَعوض من لامه قَالَ أَبُو حَيَّان أَو فائه الْهَاء وَكسر الْفَاء مَكْسُورَة ومفتوحة أشهر من ضمهَا وشاعا فِي المضمومة وَقد يعرب هَذَا النَّوْع فِي النُّون لَازم الْيَاء منونا أَو لَا وَيلْزم الْوَاو وَفتح النُّون أَو يعرب عَلَيْهَا وَهِي لُغَة فِي الْمثنى وَالْجمع وَأَجَازَ ابْن مَالك الأول فِي عشْرين وَقد يُقَال شياطون ش ألحق بِالْجمعِ فِي إعرابه أَلْفَاظ لَيْسَ على شَرطه سَمِعت فاقتصر فِيهَا على مورد السماع وَلم يَتَعَدَّ مِنْهَا صِفَات للباري تَعَالَى وَهِي قَوْله {وَنحن الوارثون} الْحجر 23 و {القادرون} المرسلات 23 و {الماهدون} الذاريات 48 {وَإِنَّا لموسعون} الذاريات 47 فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ الرحيمون وَلَا الحكيمون لِأَن إِطْلَاق الْأَسْمَاء عَلَيْهِ توقيفي وَمِنْهَا عشرُون والعقود بعده إِلَى تسعين وَهِي أَسمَاء مُفْردَة وَزعم بَعضهم أَنَّهَا جموع ورد بِأَنَّهَا خَاصَّة بِمِقْدَار معِين وَلَا يعْهَد ذَلِك فِي الجموع ذكره ابْن مَالك وَبِأَنَّهُ لَو كَانَ عشرُون جمع عشرَة وَثَلَاثُونَ جمع ثَلَاثَة لزم إِطْلَاق الثَّانِي على تِسْعَة وَألا يُطلق الأول إِلَّا على ثَلَاثِينَ لِأَن أقل الْجمع ثَلَاثَة ذكره الرضي وَمِنْهَا أهلون وَهُوَ جمع أهل وَأهل لَيْسَ بِعلم وَلَا صفة إِلَّا أَنه أجْرى مجْرى مُسْتَحقّ لِأَنَّهُ يسْتَعْمل بِمَعْنَاهُ فِي قَوْلهم هُوَ أهل لذا قَالَ تَعَالَى {شَغَلَتْنَا أَمْوَالنَا وَأَهْلُونَا} الْفَتْح 11 {مَا تطْعمُونَ أهليكم} الْمَائِدَة 89

وَمِنْهَا أرضون بِفَتْح الرَّاء جمع أَرض بسكونها وَهِي مُؤَنّثَة وَاسم جنس لَا يعقل ففاته أَرْبَعَة شُرُوط قَالَ الشَّاعِر 74 - (لقد ضجّت الأَرْضُون إِذْ قَامَ من بنى ... هَدَادٍ خطيبٌ فَوق أَعْوادِ مِنْبَر) وَقَالَ 75 - (وأَيّةُ بلدةٍ إلاّ أتيْنَا ... من الأرْضينَ تعلمُهُ نِزارُ) وَمِنْهَا عالمون وَهِي اسْم جمع لَا جمع لِأَن الْعَالم علم لما سوى الله وَالْعَالمِينَ

خَاص بالعقلاء وَلَيْسَ من شَأْن الْجمع أَن يكون أقل دلَالَة من مفرده وَلذَلِك أبي سِيبَوَيْهٍ أَن يَجْعَل الْأَعْرَاب جمع عرب لِأَن الْعَرَب يعم الْحَاضِرين والبادين والأعراب خَاص بالبادين وَذهب قوم إِلَى أَنه جمع عَالم قيل إِنَّه جمع عَالم مرَادا بِهِ الْعُقَلَاء خَاصَّة وَقيل إِنَّه جمع مُرَاد بِهِ الْعُمُوم للعقلاء وَغَيرهم وَعَلَيْهِمَا فَوجه شذوذه أَن عَالما اسْم جنس لَا علم وَقيل إِن عالمون مَبْنِيّ على فتح النُّون لَا مُعرب لِأَنَّهُ لم يَقع إِلَّا ملازم الْيَاء ورد بقوله 76 - (تَنصَّفُهُ البريّةُ وَهُوَ ساَم ... وتُلْفَى العالَمون لَهُ عِيَالاً) وَمِنْهَا بنُون وأبون وأخون وهنون وذوو وَوجه شذوذها أَنَّهَا غير أَعْلَام وَلَا مشتقات قَالَ ابْن مَالك وَلَو قيل فِي حم حمون لم يمْتَنع لَكِن لَا أعلم أَنه سمع وَقَالَ أَبُو حَيَّان يَنْبَغِي أَن يمْتَنع لِأَن الْقيَاس يأباه وَجمع أَب وَإِخْوَته كَذَلِك شَاذ فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَعَن ثَعْلَب أَنه يُقَال فِي فَم فمون وفمين قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ فِي غَايَة الغرابة ثمَّ إِن ذَوُو أجريت على حد التَّثْنِيَة من رد الْفَاء إِلَى حركتها الْأَصْلِيَّة حذارا من الاستثقال أما الْبَاقِي فخالفت التَّثْنِيَة حَيْثُ حذفت لاماتها وَلم ترد لالتقائها سَاكِنة مَعَ حرف الْإِعْرَاب وَكَذَا ابْن حَيْثُ حذف همزَة المعوض من اللَّام لرد اللَّام حِينَئِذٍ ثمَّ حذفهَا لما ذكر وعادت فَتْحة الْيَاء الَّتِي هِيَ الأَصْل وَمِنْهَا أولو وَهُوَ وصف لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه قَالَ تَعَالَى {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى} النُّور 22 وَمِنْهَا سنُون وَوجه شذوذه كأرضين وبابه كل ثلاثي حذفت لامه وَعوض

عَنْهَا هَاء التَّأْنِيث وَلم يجمع جمع تكسير ك ثبة وثبين بِخِلَاف الرباعي وثلاثي لم يحذف مِنْهُ شَيْء كتمرة أَو حذف مِنْهُ غير اللَّام نعم ألحق أَبُو حَيَّان بذلك مَا حذف فاؤه وَعوض مِنْهَا الْهَاء كعدة فَإِنَّهُ يُقَال عدون وَبِخِلَاف مَا لم يعوض من لامه شَيْء كيد وَدم أَو عوض مِنْهَا همزَة الْوَصْل كاسم وَابْن أَو التَّاء لَا الْهَاء كأخت وَبنت أَو كسر كشفة وشفاه فَلَا يجمع شَيْء من ذَلِك هَذَا الْجمع ثمَّ إِذا جمع الثلاثي المستوفي الشُّرُوط فَإِن كَانَت فاؤه مَكْسُورَة سلمت غَالِبا كمائة ومئين وعضة وعضين ورئة ورئين وَعزة وعزين وَقد تضم بقلة حكى الصغاني عزين بِالضَّمِّ وَإِن كَانَت مَفْتُوحَة كسرت كَسنة وسنين وَقد تضم حكى ابْن مَالك سنُون بِالضَّمِّ وَإِن كَانَت مَضْمُومَة جَازَ الضَّم وَالْكَسْر كثبة وكرة وَقلة ثمَّ إِعْرَاب هَذَا النَّوْع إِعْرَاب الْجمع لُغَة الْحجاز وعليا قيس وَأما بعض بني تَمِيم وَبني عَامر فَيجْعَل الْإِعْرَاب فِي النُّون وَيلْزم الْيَاء قَالَ 77 - (أرى مَرّ السّنين أَخَذْنَ مِنِّي ... ) ثمَّ الْأَولونَ يتركونه بِلَا تَنْوِين وَالْآخرُونَ ينونونه فَيَقُولُونَ فِي الْمُنكر أَقمت عِنْده سنينا بِالتَّنْوِينِ

قَالَ 78 - (مَتَى تَنْجُ حَبْواً من سَنين مُلِحّةٍ ... ) وَقَالَ 79 - (ألم نَسُق الحَجيجَ سَلِى معَداً ... سِنيناً مَا تُعَدُّ لنا حِسَابا) قَالَ ابْن مَالك وَلَو عومل بِهَذِهِ الْمُعَامَلَة عشرُون وأخواته لَكَانَ حسنا لِأَنَّهَا لَيْسَ جموعا فَكَانَ لَهَا حق فِي الْإِعْرَاب بالحركات كسنين وأباه أَبُو حَيَّان قَالَ لِأَن إعرابها إِعْرَاب الْجمع على جِهَة الشذوذ فَلَا نضم إِلَيْهِ شذوذا آخر وَمن الْعَرَب من يلْزمه الْوَاو وَفتح النُّون وَمن الْعَرَب من يلْزمه الْوَاو ويعربه على النُّون كزيتون قَالَ فِي الْبَسِيط وَهُوَ بعيد من جِهَة الْقيَاس وَمن الْعَرَب من يَجْعَل الْإِعْرَاب فِي الْمثنى وَالْجمع على النُّون إِجْرَاء لَهُ مجْرى الْمُفْرد حكى الشَّيْبَانِيّ هَذَانِ خليلان وَعَلِيهِ خرج 80 - (لَا يَزَالُون ضَاربين القِبَابِ ... )

صفحة فارغة

وَقد يُقَال شياطون تَشْبِيها لزيادتي التكسير فِيهِ بزيادتي الْجمع السَّالِم فَنقل من الْإِعْرَاب بالحركات إِلَى الْإِعْرَاب بالحروف قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ من التَّشْبِيه الْبعيد الَّذِي يَقع نَحوه مِنْهُم على جِهَة التَّوَهُّم وَهُوَ شَبيه بهمز معائش ومصائب وَمن هَذَا قِرَاءَة الْحسن {وَمَا تنزلت بِهِ الشياطون} الشُّعَرَاء 210

ص وَلَيْسَ الْإِعْرَاب فِي الْمثنى وَالْجمع بمقدرة قبلهَا أَو فِيهَا أَو دَلَائِل أَو بِالْبَقَاءِ والانقلاب خلافًا لزعميها ش الْجُمْهُور من الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم ابْن مَالك وَنسبه أَبُو حَيَّان للكوفيين وقطرب والزجاج والزجاجي على أَن إِعْرَاب الْمثنى وَالْجمع بالحروف الْمَذْكُورَة وَقيل بحركات مقدرَة فِيمَا قبلهَا وَهِي الدَّال من الزيدان والزيدون والزيدين مثلا وَهُوَ رَأْي الْأَخْفَش ورد بِأَنَّهُ تَقْدِير فِي غير الآخر وَالْإِعْرَاب لَا يكون إِلَّا آخرا وَبِأَنَّهُ لم يكن يحْتَاج إِلَى تغييرها كَمَا لم يحْتَج إِلَى تَغْيِير بعد الْإِعْرَاب الْمُقدر قبل يَاء الْمُتَكَلّم وَقيل بحركات مقدرَة فِي الْألف وَالْوَاو وَالْيَاء وَهُوَ رَأْي الْخَلِيل وسيبويه

وَاخْتَارَهُ الأعلم والسهيلي كالمقصور وَنَحْوه ورده ابْن مَالك بِلُزُوم ظُهُور النصب فِي الْيَاء وبلزوم تَثْنِيَة الْمَنْصُوب وَالْمَجْرُور بِالْألف لتحرك الْيَاء وانفتاح مَا قبلهَا وَأجَاب أَبُو حَيَّان عَن الأول بِأَنَّهُم لما حملُوا حَالَة النصب على حَالَة الْجَرّ أجروا الحكم على الْيَاء حكما وَاحِدًا فَكَمَا قدرُوا الكسرة قدرُوا الفتحة تَحْقِيقا للْحَمْل وَعَن الثَّانِي بِأَن الْمُوجب لقلب الْفرق وَإِن كَانَ الْقيَاس مَا ذكر وَلذَلِك لاحظه من الْعَرَب من يجْرِي الْمثنى بِالْألف مُطلقًا وَقيل الْحُرُوف دَلَائِل إِعْرَاب بِمَعْنى أَنَّك إِذا رَأَيْتهَا فكأنك رَأَيْت الْإِعْرَاب وَبِه فسر أَبُو عَليّ مَذْهَب الْأَخْفَش وَقيل الْإِعْرَاب بِبَقَاء الْألف وَالْوَاو رفعا وانقلابها نصبا وجرا وَعَلِيهِ الْجرْمِي والمازني وَابْن عُصْفُور وَهَذَا بِنَاء على أَن الْإِعْرَاب معنوي لَا لَفْظِي قَالَ ابْن عُصْفُور كَانَ الأَصْل قبل دُخُول الْعَامِل زَيْدَانَ وزيدون كاثنان وَثَلَاثُونَ فَلَمَّا دخل الْعَامِل لم يحدث شَيْئا وَكَانَ ترك الْعَلامَة يقوم مقَام الْعَلامَة فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا عَامل النصب والجر قلب الْألف وَالْوَاو يَاء فَكَانَ التَّغْيِير والانقلاب وَعَدَمه هُوَ الْإِعْرَاب وَلَا إِعْرَاب ظَاهر وَلَا مُقَدّر ورده ابْن مَالك باستلزامه مَخَافَة النَّظَائِر إِذْ لَيْسَ فِي المعربات مَا ترك الْعَلامَة لَهُ عَلامَة وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَن الْأَسْمَاء السِّتَّة كَذَلِك عِنْد الْجرْمِي وَقد ثَبت وجود الْوَاو فِيهَا قبل الْعَامِل فِي قَوْلهم أَبُو جاد ص وتليها نون تكسر فِي الْمثنى وَقد تضم مَعَ الْألف وتفتح فِي الْجمع وَالْعَكْس لُغَة وَقيل ضَرُورَة فِي الْجمع وَقيل يخْتَص بِالْيَاءِ فيهمَا وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك أَنَّهَا لرفع توهم الْإِضَافَة أَو الْإِفْرَاد لَا عوض من حَرَكَة أَو تَنْوِين أَو هما مُطلقًا أَو إِن كَانَا وَإِلَّا فأحدهما وَإِلَّا فَغير عوض أَو فارقة بَين رفع الْمثنى وَنصب الْمُفْرد وَحمل الْبَاقِي وَلَا هِيَ التَّنْوِين خلافًا لزاعميها وَتسقط لإضافة وَلَو تَقْديرا وَشبههَا وتقصير صلَة وَخَصه الْمبرد باللذا واللتا وَغَيره ضَرُورَة

وَجوزهُ الْكسَائي فِي النثر وزعمه الْأَخْفَش فِي ضارباك للطافة الضَّمِير وتشدد فِي مَوْصُول وَإِشَارَة مُطلقًا على الْأَرْجَح ش زيد بعد الْألف وَالْيَاء فِي الْمثنى وَبعد الْوَاو وَالْيَاء فِي الْجمع نون وَاخْتلف فِي أَنَّهَا زيدت لماذا على مَذَاهِب أَحدهمَا وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك أَنَّهَا لرفع توهم الْإِضَافَة فِي نَحْو رَأَيْت بَنِينَ كرماء وناصرين باغين والإفراد فِي الْإِشَارَة والمقصور والمنقوص نَحْو هَذَانِ الخوزلان ومررت بالمهتدين فلولا النُّون لالتبس حَال الْإِضَافَة بعدمها والمفرد بالمثنى فِيمَا ذكر الثَّانِي أَنَّهَا عوض من حَرَكَة الْمُفْرد وَنسبه أَبُو حَيَّان للزجاج ورده ابْن مَالك بِأَن الْحُرُوف نائبة عَنْهَا فَلَا حَاجَة إِلَى التعويض بالنُّون قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا بِنَاء على رَأْيه أَن الْحُرُوف إِعْرَاب الثَّالِث أَنَّهَا عوض من تَنْوِين الْمُفْرد وَعَلِيهِ ابْن كيسَان وَوَجهه بِأَن الْحَرَكَة عوض مِنْهَا الْحَرْف وَلم يعوض من التَّنْوِين شَيْء فَكَانَت النُّون عوضا عَنهُ وَلذَلِك حذفت فِي الْإِضَافَة كَمَا يحذف التَّنْوِين ورد بثبوتها مَعَ الْألف وَاللَّام وَفِيمَا لَا تَنْوِين فِيهِ نَحْو يَا زَيْدَانَ وَلَا رجلَيْنِ فِيهَا وَغير المنصرف إِذا ثني وَبِأَن التَّنْوِين إِنَّمَا دخل ليفرق بَين الِاسْم الْبَاقِي على أصالته وَبَين المشابه للْفِعْل وَلَا حَاجَة إِلَيْهِ هُنَا لِأَن التَّثْنِيَة وَالْجمع إبعاد عَن الْفِعْل فَلم يحْتَج إِلَى فَارق وَإِنَّمَا حذفت فِي الْإِضَافَة لِأَنَّهَا زِيَادَة والمضاف إِلَيْهِ زِيَادَة فِي الْمُضَاف فكرهوا زيادتين فِي آخر الِاسْم الرَّابِع أَنَّهَا عوض من الْحَرَكَة والتنوين مَعًا وَعَلِيهِ ابْن ولاد أَبُو عَليّ وَابْن طَاهِر والجزولي ورد بِمَا سبق فِي المذهبين قبله وبثبوتها فِي الْوَقْف وَالْحَرَكَة والتنوين لَا يثبتان فِي الْوَقْف

الْخَامِس أَنَّهَا عوض من الْحَرَكَة والتنوين فِيمَا وجدا فِي مفرده وَمن الْحَرَكَة فَقَط فِيمَا لَا تَنْوِين فِي مفرده كمثنى مَا لَا ينْصَرف وَمن التَّنْوِين فَقَط فِيمَا لَا حَرَكَة فِي مفرده كعصا وقاض وَغير عوض فِيمَا خلا عَنْهُمَا كمثنى حُبْلَى وَهَذَا وَالَّذِي وَعَلِيهِ ابْن جني السَّادِس أَنَّهَا فارقة بَين رفع الْمثنى وَنصب الْمُفْرد لِأَنَّك إِذا قلت زيدا يلتبس بالمفرد الْمَنْصُوب حَال الْوَقْف ثمَّ حمل سَائِر التَّثْنِيَة وَالْجمع على ذَلِك وَعَلِيهِ الْفراء السَّابِع أَنَّهَا التَّنْوِين نَفسه لِأَن الأَصْل بعد تحقق الْعَلامَة للتثنية وَالْجمع أَن تنْتَقل إِلَيْهِ الْحَرَكَة والتنوين فامتنعت الْحَرَكَة للإعلال وَلم يمْتَنع التَّنْوِين وَلكنه لزم تحريكه لأجل الساكنين فَثَبت نونا نَقله ابْن هِشَام الخضراوي وَأَبُو حَيَّان قَالَ وَلَا يرد أَنه لَا تَنْوِين فِي تَثْنِيَة مَا لَا ينْصَرف والمبني لأَنا نقُول لما ثني زَالَ شبه الْفِعْل والحرف فَرَجَعَا إِلَى الأَصْل فَعَاد التَّنْوِين ثمَّ الشَّائِع فِي هَذِه النُّون الْكسر فِي الْمثنى وَالْفَتْح فِي الْجمع وَإِنَّمَا حركت لالتقاء الساكنين وخولف بَينهمَا للْفرق وَخص كل بِمَا فِيهِ لخفة الْمثنى وَثقل الْكسر وَثقل الْجمع وخفة الْفَتْح فعودل بَينهمَا وَورد الْعَكْس وَهُوَ فتحهَا مَعَ الْمثنى وَكسرهَا مَعَ الْجمع فَقيل هُوَ لُغَة وَقيل فتح نون الْمثنى لُغَة وَكسر نون الْجمع ضَرُورَة وَقيل كَذَلِك خَاص بِحَالَة الْيَاء فيهمَا بِخِلَاف حَالَة الرّفْع وَعَلِيهِ أَبُو حَيَّان وَمن أَمْثِلَة ذَلِك قَوْله 81 - (على أَحْوَذِيَّينَ اسْتَقَلّتْ عَشِيّةً ... )

وَقَوله 82 - (أعْرفُ مِنْهَا الْأنف والعَيْنانَا ... ومَنْخَرَيْن أشْبهَا ظَبْيانَا)

صفحة فارغة

وَقَوله 83 - (وأَنْكَرْنا زعَانِف آخَرين ... )

وَقَوله 84 - (وَقد جَاوَزت حدّ الْأَرْبَعين ... )

صفحة فارغة

وَقَوله 85 - (إِلَّا الخلائف من بعد النّبِّيين ... ) قَالَ ابْن جني وَمن الْعَرَب من يضم النُّون فِي الْمثنى وَهُوَ من الشذوذ بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ ضم النُّون التَّثْنِيَة لُغَة قَالَ أَبُو حَيَّان يَعْنِي مَعَ الْألف لَا مَعَ الْيَاء لِأَنَّهَا شبهت بِأَلف غَضْبَان وَعُثْمَان أنْشد الْمُطَرز فِي اليواقيت 86 - (يَا أبتا أرَّقنى القِذّانُ ... فالنّوْمَ لَا تَطْعَمُهُ الْعَيْنَانُ)

وَلم يسمع تَشْدِيد هَذِه النُّون سوى فِي تَثْنِيَة اسْم الْإِشَارَة والموصول عوضا من الْحَرْف الْمَحْذُوف مِنْهُمَا وَهُوَ الْألف فِي الْإِشَارَة وَالْيَاء فِي الْمَوْصُول إِذْ كَانَ حَقّهمَا الْإِثْبَات كألف الْمَقْصُور وياء المنقوص ثمَّ مَذْهَب الْبَصرِيين اخْتِصَاص التَّشْدِيد بِحَالَة الرّفْع وَمذهب الْكُوفِيّين وَصَححهُ ابْن مَالك جَوَازه مَعَ الْألف وَالْيَاء وَقد قرئَ بِالتَّشْدِيدِ قَوْله تَعَالَى {فذانك برهانان} الْقَصَص 32 {والذان يأتيانها} النِّسَاء 16 {إِحْدَى ابْنَتي هَاتين} الْقَصَص 27 و {أرنا الَّذين} فصلت 29 وتحذف هَذِه النُّون للإضافة إِمَّا ظَاهِرَة نَحْو {بل يَدَاهُ} الْمَائِدَة 64 {والمقيمي الصَّلَاة} الْحَج 35 {غير محلي الصَّيْد} الْمَائِدَة 1 أَو مقدرَة كَقَوْلِه 87 - (هما خُطّتَا إِمَّا إسارٍ ومِنّة ... وإمّا دَمٌ والموْتُ بِالْحرِّ أجْدَرُ)

ولشبه الْإِضَافَة ذكره أَبُو حَيَّان وَمثله بِاثْنَيْ عشر واثنتي عشرَة وَنَحْو لَا غلامي لَك ولبيك وَسَعْديك ودواليك وهذاذيك على أَن الْكَاف فِيهَا حرف خطاب لَا ضمير وَهُوَ رَأْي الأعلم ولتقصير الصِّلَة وَسَوَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْفراء صلَة الْألف وَاللَّام وَمَا ثني أَو جمع من الْمَوْصُول كَقَوْلِه 88 - (خِلَيلّىّ مَا إِن أَنْتُمَا الصّادقا هَوًى ... إذَا خِفْتُما فِيهِ عَذُولاً وواشِيا) وَقَوله 89 - (أبَنِى كُلَيْبٍ إنّ عَمّىّ اللّذَا ... قَتلاَ الْمُلُوك وفَكّكَا الأَغْلاَلا)

وَقَوله 90 - (هُما اللّتَا لَو ولَدَتْ تَمِيم ... )

صفحة فارغة

قَالَ الْفراء صَارَت الصِّلَة عوضا عَن النُّون وهم يحذفون مِمَّا طَال فِي كَلَامهم وَذهب الْمبرد إِلَى أَن ذَلِك خَاص باللذان واللتان لطول الِاسْم وَلِأَنَّهُ لم يحفظ حذف النُّون فِي صلَة الْألف وَاللَّام من لِسَان الْعَرَب فِي الْمثنى وَالْبَيْت الْمصدر بِهِ يحْتَمل أَن يكون الْحَذف فِيهِ للإضافة قَالَ أَبُو حَيَّان لكنه قد سمع فِي الْجمع وَقِيَاس الْمثنى على الْجمع قِيَاس جلي قَالَ 91 - (الحافِظو عَوْرةَ الْعَشِيرَة لَا ... ) وَقَالَ 92 - (وخَيْرُ الطّالبي التِّرة الغَشُومُ ... )

بِنصب عَورَة والترة وَخرج عَلَيْهِ {والمقيمي الصَّلَاة} الْحَج 35 بِالنّصب وَمثل ابْن مَالك لحذفها من جمع الَّذِي بقوله 93 - (إِن الذّي حانت بفَلْجَ دِماؤُهُم ... هُمُ القوْمُ كلُّ الْقَوْم يَا أُمَّ خَالِد) أَي الَّذين وقدح فِيهِ بِاحْتِمَال أَنه أَرَادَ الْجمع على حد قَوْله تَعَالَى {كَمثل الَّذِي استوقد} الْبَقَرَة 17 إِلَى أَن قَالَ {بنورهم} وحذفها فِيمَا عدا ذَلِك ضَرُورَة كَقَوْلِه 94 - (أقولُ لِصاحبىَّ لمّا بدَا لِى ... مَعالِمُ مِنْهُمَا وهما نَجيّا) أَي نجيان وَقَوله 95 - (لَو كنْتُم منجدي حِين اسْتَعَنْتُكُمُ ... ) وَجوزهُ الْكسَائي فِي السعَة فَيجوز عِنْده قَامَ الزيدا بِغَيْر نون قَالَ أَبُو حَيَّان وَيشْهد لَهُ مَا سمع بيضك ثنتا وبيضي مِائَتَا أَي ثِنْتَانِ ومائتان قَالَ وَيَنْبَغِي أَن يُقيد مذْهبه بِأَن لَا يُؤَدِّي إِلَى الإلباس فِي الْمُفْرد كَمَا فِي هَذَانِ وَهَاتَانِ وَمِمَّا

تخرج على رَأْي الْكسَائي فِي الْجمع قِرَاءَة {غير معجزي الله} التَّوْبَة 3 و {لذائقوا الْعَذَاب} الصافات 38 بِالنّصب وَذهب الْأَخْفَش وَهِشَام إِلَى أَنَّهَا تحذف للطافة الضَّمِير فِي نَحْو ضاربك وَإنَّهُ مَنْصُوب الْمحل لِأَن مُوجب النصب المفعولية وَهِي مُحَققَة وَمُوجب الْجَرّ الْإِضَافَة وَهِي غير مُحَققَة إِذْ لَا دَلِيل عَلَيْهَا إِلَّا حذف النُّون ولحذفها سَبَب آخر غير الْإِضَافَة وَهُوَ صون الضَّمِير الْمُتَّصِل عَن وُقُوعه مُنْفَصِلا وَالَّذِي قَالَه سِيبَوَيْهٍ والمحققون إِنَّه فِي مَحل جر بِالْإِضَافَة ص وَمَا سمي بِهِ من مثنى وَجمع على حَاله كالبحرين وعليين وَقد يجرى الْمثنى كسلمان وَالْجمع كغسلين أَو هَارُون أَو يلْزم الْوَاو وَفتح النُّون مَا لم يجاوزا سَبْعَة ش إِذا سمي بالمثنى وَالْجمع فَهُوَ بَاقٍ على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل التَّسْمِيَة من الْإِعْرَاب بِأَلف وَالْوَاو وَالْيَاء كالبحرين أَصله تَثْنِيَة بَحر ثمَّ جعل علما لبلد وَنَحْو ورنكتين وكتابين علم مَوضِع وعليين أَصله جمع عَليّ ثمَّ سمي بِهِ أَعلَى الْجنَّة قَالَ تَعَالَى {لفي عليين وَمَا أَدْرَاك مَا عليون} المطففون 18 19 وَكَذَا صريفون وصفون ونصيبون وقنسرون وبيرون ودارون وفلسطون كلهَا أَعْلَام أَمَاكِن منقولة من الْجمع فَترفع بِالْوَاو وتنصب وتجر بِالْيَاءِ قَالَ زيد بن عدي 96 - (تركنَا أَخا بكر يَنُوء بصَدره ... بصفِّينَ مخضوبَ الجُيوبِ من الدَّم)

وَفِي الْأَثر شهِدت صفّين وبئست صفون هَذِه اللُّغَة الفصحى فيهمَا وَفِي الْمثنى لُغَة أُخْرَى وَهِي إجراؤه كعمران وسلمان فِي الْتِزَام الْألف وَإِعْرَابه على النُّون إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف وَفِي الْجمع لُغَات أُخْرَى أَحدهَا أَن يَجْعَل كغسلين فِي الْتِزَام الْيَاء وَجعل الْإِعْرَاب فِي النُّون مصروفا الثَّانِيَة أَن يَجْعَل كهارون فِي الْتِزَام الْوَاو وَجعل الْإِعْرَاب على النُّون غير مَصْرُوف للعلمية وَشبه العجمة الثَّالِثَة الْتِزَام الْوَاو وَفتح النُّون مُطلقًا وَجعل الْمثنى كسلمان وَالْجمع كغسلين أَو هَارُون مَشْرُوط بِأَن لَا يجاوزا سَبْعَة أحرف فَإِن جاوزاها لم يعربا بالحركات ص مَسْأَلَة قد يوضع كل من الْمُفْرد والمثنى وَالْجمع مَوضِع الآخر وقاسه الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك بِلَا لبس وَالْجُمْهُور الْجمع فِي نَحْو رُؤُوس الكبشين بِشَرْط إِضَافَته إِلَى مثنى لفظا أَو نِيَّة فَإِن فرق متضمناهما فخلاف ش الأَصْل فِي كَلَام الْعَرَب دلَالَة كل لفظ على مَا وضع لَهُ فَيدل الْمُفْرد على الْمُفْرد والمثنى على اثْنَيْنِ وَالْجمع على جمع وَقد يخرج عَن هَذَا الأَصْل وَذَلِكَ قِسْمَانِ مسموع وَمقيس فَالْأول مَا لَيْسَ جُزْءا مِمَّا أضيف إِلَيْهِ سمع ضع رحالهما يُرِيدُونَ اثْنَيْنِ وديناركم مُخْتَلفَة أَي دنانيركم وَعَيناهُ حَسَنَة أَي حَسَنَتَانِ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس 97 - (بهَا العَيْنان تَنْهَلٌّ ... )

أَي تنهلان وَقَالَ الآخر 98 - (إِذا ذكرتْ عينى الزّمانَ الَّذِي مضى ... بصحراءِ فَلْج ظَلتّا تَكِفَان) أَي عَيْنَايَ وَقَالَ 99 - (كُلُوا فِي بعض بَطْنِكم تَعِفُّوا ... ) أَي بطونكم وَقَالَ 100 - (لأَطْعَمْتَ العِراقَ وَرَفِدَيْهِ ... )

أَي رافده لِأَن الْعرَاق لَيْسَ لَهُ إِلَّا رافد وَاحِد وَمِنْه لبيْك وأخوته فَإِنَّهُ لفظ مثنى وضع مَوضِع الْجمع قَالُوا شابت مُفَارقَة وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مفرق وَاحِد وعظيم الْمنْكب وغليظ الحواجب والوجنات والمرافق وعظيمة الْأَوْرَاك فَكل هَذَا مسموع لَا يُقَاس عَلَيْهِ وقاسه الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك إِذا أَمن اللّبْس وَهُوَ ماش على قَاعِدَة الْكُوفِيّين من الْقيَاس على الشاذ والنادر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَو قيس شَيْء من هَذَا لالتبست الدلالات واختلطت الموضوعات وَالثَّانِي مَا أضيف إِلَى متضمنه وَهُوَ مثنى لفظا نَحْو قطعت رُؤُوس الكبشين أَي رأسيهما أَو معنى نَحْو 101 - (كفَاغِرَي الأفواه عِنْد عَرين ... ) أَي كأسدين فاغرين أفواهما عِنْد عرينهما فَإِن مثل ذَلِك ورد فِيهِ الْجمع والإفراد والتثنية فَمن الأول قَوْله تَعَالَى {قد صغت قُلُوبكُمَا} التَّحْرِيم 4 وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أيمانهما} الْمَائِدَة 38 وَمن الْإِفْرَاد قِرَاءَة الْحسن {بَدَت لَهما سوءتهما} الْأَعْرَاف 22 وَمن التَّثْنِيَة قِرَاءَة الْجُمْهُور سوءاتهما فطرد ابْن مَالك قِيَاس الْجمع والإفراد أَيْضا لفهم الْمَعْنى

وَخص الْجُمْهُور الْقيَاس بِالْجمعِ وَقصرُوا الْإِفْرَاد على مَا ورد وَإِنَّمَا وَافق الْجُمْهُور على قِيَاس الْجمع كَرَاهَة اجْتِمَاع تثنيتين مَعَ فهم الْمَعْنى وَلذَلِك شَرط أَلا يكون لكل وَاحِد من الْمُضَاف إِلَيْهِ إِلَّا شَيْء وَاحِد لِأَنَّهُ إِن كَانَ لَهُ أَكثر الْتبس فَلَا يجوز فِي قطعت أُذُنِي الزيدين الْإِتْيَان بِالْجمعِ وَلَا الْإِفْرَاد للإلباس وَمن أَمْثِلَة ذَلِك 102 - (حمامَةَ بطن الوَادِيَيْن ترنّمي ... ) أَي بَطْني 103 - (بِمَا فِي فؤادَيْنا من الهمّ والهوى ... ) 104 - (إِذا كَانَ قلبانا بِنَا يجفان ... )

105 - (ظهراهما مِثْلُ ظُهُور التُرْسَيْن ... ) 106 - (هما نَفثَا فِي من فَمَوَيْهما ... ) 107 - (فتخالسا نَفْسيْهما بنوافذٍ ... )

فَإِن فرق متضمناهما كَقَوْلِه تَعَالَى {على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى ابْن مَرْيَم} الْمَائِدَة 78 فَقَالَ ابْن مَالك أَيْضا بِقِيَاس الْجمع والإفراد وَخَالفهُ أَبُو حَيَّان لِأَن الْجمع إِنَّمَا قيس هُنَاكَ اجْتِمَاع تثنيتين وَقد زَالَت بتفريق المتضمنين قَالَ فَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النّظر الِاقْتِصَار على التَّثْنِيَة وَإِن ورد جمع أَو إِفْرَاد اقْتصر فِيهِ على مورد السماع قَالَ وَأما الْآيَة فَلَيْسَ المُرَاد فِيهَا بِاللِّسَانِ الْجَارِحَة بل الْكَلَام أَو الرسَالَة فَلَيْسَ جُزْءا من دَاوُد وَلَا من عِيسَى

الباب السادس المضارع المتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة

الْبَاب السَّادِس: الْمُضَارع الْمُتَّصِل بِهِ ألف الِاثْنَيْنِ أَو وَاو الْجَمَاعَة ص السَّادِس الْمُضَارع الْمُتَّصِل بِهِ ألف اثْنَيْنِ أَو وَاو جمع أَو يَاء مُخَاطبَة فبالنون رفعا وحذفها نصبا وجزما وحذفت رفعا نثرا ونظما وَعَلِيهِ لَا تدْخلُوا الْجنَّة حَتَّى تؤمنوا وَقد تفتح وتضم مَعَ الْألف وَإِذا اجْتمعت مَعَ الْوِقَايَة جَاوز الفك والإدغام والحذف وَالأَصَح أَنَّهَا المحذوفة وَقيل الْإِعْرَاب بِالْوَاو وَالْألف وَالْيَاء وَقيل النُّون دَلِيل وَقيل الْإِعْرَاب فِيهَا ش الْبَاب السَّادِس من أَبْوَاب النِّيَابَة الْمُضَارع إِذا اتَّصل بِهِ ألف اثْنَيْنِ عَلامَة كَانَت كيقومان الزيدان أَو ضميرا كالزيدان يقومان أَو وَاو جمع كَذَلِك كيقومون الزيدون والزيدون يقومُونَ أَو يَاء مُخَاطبَة كتقومين يَا هِنْد فَإِنَّهُ يرفع بالنُّون كَمَا مثلنَا وَينصب ويجزم بحذفها نَحْو {فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا} الْبَقَرَة 24 وَحمل النصب هُنَا على الْجَزْم كَمَا حمل على الْجَرّ فِي الْمثنى وَالْجمع هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَقيل إِن الْإِعْرَاب بِالْألف وَالْوَاو وَالْيَاء كَمَا أَنَّهَا فِي الْمثنى وَالْجمع السَّالِم كَذَلِك ورده صَاحب الْبَسِيط بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لثبتت النُّون فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة وَقيل الْإِعْرَاب بحركات مقدرَة قبل الثَّلَاثَة وَالنُّون دَلِيل عَلَيْهَا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش والسهيلي ورده ابْن مَالك بِعَدَمِ الْحَاجة إِلَى ذَلِك مَعَ صَلَاحِية النُّون لَهُ وَقيل إِنَّهَا معربة وَلَا حرف إِعْرَاب فِيهَا وَعَلِيهِ الْفَارِسِي قَالَ لِأَنَّهُ لَا جَائِز أَن يكون حرف الْإِعْرَاب النُّون لسقوطها لِلْعَامِلِ وَهِي حرف صَحِيح وَلَا الضَّمِير لِأَنَّهُ الْفَاعِل وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي آخر الْكَلِمَة وَلَا مَا قبله من اللامات لملازمتها الْحَرَكَة مَا بعْدهَا من الضمائر من ضم وَفتح وَكسر وحرف الْإِعْرَاب لَا يلْزم الْحَرَكَة فَلم يبْق إِلَّا أَن تكون معربة وَلَا حرف إِعْرَاب فِيهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَبَين هَذَا القَوْل وَقَول الْأَخْفَش مُنَاسبَة إِلَّا أَن الْأَخْفَش يَقُول

إِن الْإِعْرَاب فِيهَا مُقَدّر فَهُوَ أشبه وَورد حذف هَذِه النُّون حَالَة الرّفْع فِي النثر وَالنّظم قرئَ {ساحران تظاهرا} الْقَصَص 48 وَفِي الصَّحِيح لَا تدْخلُوا الْجنَّة حَتَّى تؤمنوا وَلَا تؤمنوا حَتَّى تحَابوا وَقَالَ الشَّاعِر (أبيتُ أسْري وتبيتى تَدلُكِى ... وَجْهك بالعنبر والمسك الذّكى) وَلَا يُقَاس على شَيْء من ذَلِك فِي الِاخْتِيَار وَالْأَصْل فِي هَذِه النُّون السّكُون وَإِنَّمَا حركت لالتقاء الساكنين فَكسرت بعد الْألف على أَصله وَفتحت بعد الْوَاو وَالْيَاء طلبا للخفة لاستثقال الْكسر بعْدهَا وَقيل تَشْبِيها للْأولِ بالمثنى وَالثَّانِي بِالْجمعِ وَقد تفتح بعد الْألف أَيْضا قرئَ {أتعدانني أَن أخرج} الْأَحْقَاف 17 بِفَتْح النُّون وَقد تضم مَعهَا أَيْضا ذكره ابْن فلاح فِي مغنيه وَاسْتدلَّ بِمَا قرئَ شاذا {طَعَام ترزقانه} يُوسُف 37 بِضَم النُّون وَإِذا اجْتمعت مَعَ نون الْوِقَايَة جَازَ الفك نَحْو {أتعدانني} الْأَحْقَاف 17 والإدغام والحذف وَقُرِئَ بهما {أتحاجوني} الْأَنْعَام 80 وَاخْتلف فِي الْمَحْذُوف حِينَئِذٍ فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا نون الرّفْع وَرجحه ابْن مَالك لِأَنَّهَا قد تحذف بِلَا سَبَب وَلم يعْهَد ذَلِك فِي نون الْوِقَايَة وَحذف مَا عهد حذفه

أولى وَلِأَنَّهَا نائبة عَن الضمة وَقد عهد حذفهَا تَخْفِيفًا فِي نَحْو {إِن الله يَأْمُركُمْ} الْبَقَرَة 67 {وَمَا يشعركم} الْأَنْعَام 109 فِي قِرَاءَة مِمَّن يسكن وَلِأَنَّهَا جُزْء كلمة وَنون الْوِقَايَة كلمة وَحذف الْجُزْء أسهل وَلِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى حذف آخر للجازم والناصب وَلَا تَغْيِير ثَان بِكَسْرِهَا بعد الْوَاو وَالْيَاء وَلَو كَانَ الْمَحْذُوف نون الْوِقَايَة لاحتيج إِلَى الْأَمريْنِ وَذهب أَكثر الْمُتَأَخِّرين إِلَى أَن الْمَحْذُوف نون الْوِقَايَة وَعَلِيهِ الْأَخْفَش الْأَوْسَط وَالصَّغِير والمبرد وَأَبُو عَليّ وَابْن جني لِأَنَّهَا لَا تدل على إِعْرَاب فَكَانَت أولى بالحذف وَلِأَنَّهَا إِنَّمَا جِيءَ بهَا لتقي الْفِعْل من الْكسر وَقد أمكن ذَلِك بنُون الرّفْع فَكَانَ حذفهَا أولى وَلِأَنَّهَا دخلت لغير عَامل وَنون الرّفْع دخلت لعامل فَلَو كَانَت المحذوفة لزم وجود مُؤثر بِلَا أثر مَعَ إِمْكَانه الْمُقدر كالموجود

الباب السابع الفعل المضارع المعتل الآخر ص السابع المضارع المعتل وهو ما أخره ألف أو واو أو ياء فيحذف آخره جزما والحذف بالجازم وقال أبو حيان التحقيق عنده وتسكين ما قبله ضرورة وكذا بقاؤه وقيل سائغ كحذفه دونه وإذا بقي فالمحذوف الحركات الظاهرة

الْبَاب السَّابِع: الْفِعْل الْمُضَارع المعتل الآخر ص السَّابِع الْمُضَارع المعتل وَهُوَ مَا أَخّرهُ ألف أَو وَاو أَو يَاء فيحذف آخِره جزما والحذف بالجازم وَقَالَ أَبُو حَيَّان التَّحْقِيق عِنْده وتسكين مَا قبله ضَرُورَة وَكَذَا بَقَاؤُهُ وَقيل سَائِغ كحذفه دونه وَإِذا بَقِي فالمحذوف الحركات الظَّاهِرَة وَقيل الْمقدرَة وَقيل الْبَاقِي إشباع ويسهل مَا آخِره همزَة وإبداله لينًا مَحْضا ضَعِيف وَلَا يجوز حذفه خلافًا لِابْنِ عُصْفُور ش الْبَاب السَّابِع من أَبْوَاب النِّيَابَة الْفِعْل الْمُضَارع المعتل وَهُوَ مَا آخِره ألف كيخشى أَو وَاو كيغزو أَو يَاء كيرمي فَإِنَّهُ يجْزم بِحَذْف حرف الْعلَّة نِيَابَة عَن السّكُون قَالَ ابْن مَالك وَإِنَّمَا حذف الْجَازِم هَذِه الْحُرُوف لِأَنَّهَا عَاقَبت الضمة فأجريت فِي الْحَذف مجْرى مَا عاقبته وَقَالَ أَبُو حَيَّان التَّحْقِيق أَن هَذِه الْحُرُوف انحذفت عِنْد الْجَازِم لَا بالجازم لِأَن الْجَازِم لَا يحذف إِلَّا مَا كَانَ عَلامَة للرفع وَهَذِه الْحُرُوف لَيست عَلامَة بل الْعَلامَة ضمة مقدرَة وَلِأَن الْإِعْرَاب زَائِد على مَاهِيَّة الْكَلِمَة وَهَذِه الْحُرُوف مِنْهَا لِأَنَّهَا أَصْلِيَّة أَو منقلبة عَن أصل والجازم لَا يحذف الْأَصْلِيّ وَلَا المنقلب عَنهُ فَالْقِيَاس أَن الْجَازِم حذف الضمة الْمقدرَة ثمَّ حذفت الْحُرُوف لِئَلَّا يلتبس المجزوم بالمرفوع لَو بقيت لِاتِّحَاد الصُّورَة وَيجوز فِي الشّعْر تسكين مَا قبل هَذِه الْحُرُوف بعد حذفهَا تَشْبِيها بِمَا لم يحذف مِنْهُ شَيْء كَقَوْلِه 109 - (ومَنْ يَتَّقْ فإنْ اللَّهَ مَعْهُ ... )

وَورد إبْقَاء هَذِه الْحُرُوف مَعَ الْجَازِم كَقَوْلِه 110 - (ولاَ تَرَضّاها وَلَا تَمَلّقْ ... ) 111 - (لم تهجو ولَمْ تَدَع ... )

112 - (ألم يَأْتِيك والأنباء تَنْمى ... ) فالجمهور على أَنه مُخْتَصّ بِالضَّرُورَةِ وَقَالَ بَعضهم إِنَّه يجوز فِي سَعَة الْكَلَام وَإنَّهُ لُغَة لبَعض الْعَرَب وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {لَا تخف دركا وَلَا تخشى} طه 77 {إِنَّه من يَتَّقِي ويصبر} يُوسُف 90

ثمَّ أختلف حِينَئِذٍ مَا الَّذِي حذفه الْجَازِم فَقيل الضمة الظَّاهِرَة لورودها كَمَا سَيَأْتِي وَقيل حذف الْمقدرَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَفَائِدَة الْخلاف تظهر فِي الْألف فَمن قَالَ حذف الظَّاهِرَة لم يجز إِقْرَار الْألف لِأَنَّهُ لَا ضمة فِيهَا ظَاهِرَة وَمن قَالَ الْمقدرَة أجَاز إِقْرَارهَا وَيشْهد لَهُ وَلَا ترضاها وَالْأول تَأَوَّلَه على الْحَال أَو الِاسْتِئْنَاف وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْجَازِم حذف الْحُرُوف الَّتِي هِيَ لامات وَأَن الْحُرُوف الْمَوْجُودَة لَيست لامات الْكَلِمَة بل حُرُوف إشباع تولدت عَن الحركات الَّتِي قبلهَا وَيجوز فِي الضَّرُورَة أَيْضا حذف الْحُرُوف لغير جازم والمهموز من الْأَفْعَال كيقرأ ويقرئ ويوضؤ يجوز تسهيل همزه وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره كالفارسي وَابْن جني على أَنه لَا يجوز إِبْدَاله لينًا مَحْضا إِلَّا فِي الضَّرُورَة قَالَ الخضراوي وَمَا حكى الْأَخْفَش من قريت وتوضيت ورفوت لُغَة ضَعِيفَة فَإِذا دخل الْجَازِم على الْمُضَارع فِي هَذِه اللُّغَة لم يجز حذف الآخر لَهُ لِأَن حكمه حكم الصَّحِيح وَيقدر حذف الْجَازِم الضمة من الْهمزَة قَالَ 13 - (عجبت من ليلاك وانتيابها ... من حَيْثُ زارتنى وَلم أورا بهَا) أَي وَلم أورأ أَي لم أشعر بهَا ورائي وَأَجَازَ ابْن عُصْفُور حذفه إِعْطَاء لَهُ حكم المعتل الْأَصْلِيّ كَقَوْلِه

114 - (وإلاّ يُبْدَ بالظُّلم يَظْلِم ... ) وَأجِيب بِأَنَّهُ ضَرُورَة أَو على لُغَة بدا يبدا كبقى يبْقى

خاتمة في الإعراب المقدر

خَاتِمَة فِي الْإِعْرَاب الْمُقدر ص خَاتِمَة تقدر الحركات فِي الْمُضَاف للياء وَقيل لَا تقدر الكسرة والحرف المدغم والمحكي على الْأَصَح والمقصور فَإِن لم ينْصَرف لم تقدر الكسرة خلافًا لِابْنِ فلاح وَفِي نَحْو يخْش ش ذكرت فِي هَذِه الخاتمة الْإِعْرَاب الْمُقدر وَذَلِكَ أَرْبَعَة أَنْوَاع الأول مَا يقدر فِيهِ الحركات كلهَا وَذَلِكَ خَمْسَة أَشْيَاء الأول الْمُضَاف لياء الْمُتَكَلّم فتقدر فِيهِ الضمة والفتحة على الْحَرْف الَّذِي يَلِيهِ الْيَاء وَأما الكسرة فَقيل لَا تقدر والكسرة الْمَوْجُودَة قبل الْيَاء هِيَ حَرَكَة الْإِعْرَاب اكْتفي بهَا فِي الْمُنَاسبَة وَقيل تقدر أَيْضا وَهَذِه حَرَكَة الْمُنَاسبَة لوجودها فِي سَائِر الْأَحْوَال وَاسْتِحْقَاق الِاسْم لَهَا قبل التَّرْكِيب الثَّانِي الْحَرْف الْمسكن للإدغام نَحْو {وَقتل دَاوُد جالوت} الْبَقَرَة 25 {وَترى النَّاس سكارى} الْحَج 2 {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} العاديات ذكره أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل الثَّالِث المحكي فِي نَحْو من زيدا لمن قَالَ ضربت زيدا وَمن زيد لمن قَالَ قَامَ زيد وَمن زيد لمن قَالَ مَرَرْت بزيد على رَأْي الْبَصرِيين وعَلى الْأَصَح عِنْدهم فِي حَالَة الرّفْع أَنَّهَا حَرَكَة حِكَايَة الْإِعْرَاب الرَّابِع الِاسْم الْمَقْصُور وَسَيَأْتِي فِي بَابه لتعذر تَحْرِيك الْألف فَإِن كَانَ غير منصرف قدر فِي حَالَة الْجَرّ الفتحة على بَابه وَقَالَ ابْن فلاح اليمني تقدر الكسرة لِأَنَّهَا إِنَّمَا امْتنعت فِي غير المنصرف للثقل وَلَا ثقل مَعَ التَّقْدِير الْخَامِس الْمُضَارع الَّذِي آخِره ألف كيخشى لما ذكر فِي الْمَقْصُور ص والضمة والكسرة فِي المنقوص وَهُوَ مَا آخِره يَاء خَفِيفَة لَازِمَة تلو كسرة وَتَقْدِير فَتْحة ضَرُورَة خلافًا لأبي حَاتِم فِي غير الْمنون إِلَّا معدي كرب على الأجود وَكَذَا ظهورهما وتقدر فِي يَاء جوَار المحذوفة ش النَّوْع الثَّانِي مَا يقدر فِيهِ حركتان فَقَط الضمة والكسرة وَذَلِكَ المنقوص وَهُوَ مَا آخِره يَاء خَفِيفَة لَازِمَة تلو كسرة كَالْقَاضِي والداعي بِخِلَاف نَحْو كرْسِي لتشديدها وَمَا جَرّه أَو نَصبه بِالْيَاءِ لعدم لُزُومهَا وظبي وَرمي لسكون

مَا قبلهَا وَعلة التَّقْدِير الاستثقال وَلذَا ظَهرت الفتحة لخفتها على الْيَاء وَقد تقدر أَيْضا وَلَكِن الضَّرُورَة كَقَوْلِه 5 - (وكسوتَ عاري لَحْمه فَتَركْتَهُ ... ) وَقَوله 6 - (وَلَو أَن واش بِالْيَمَامَةِ دَارُهُ ... ) وَقَوله 7 - (كَأَن أيديْهنّ بالقاع القَرقْ ... )

وَأَجَازَهُ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي فِي الِاخْتِيَار وَقَالَ إِنَّه لُغَة فصيحة وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهاليكم} الْمَائِدَة 89 بِسُكُون الْيَاء نعم مَا أعرب من مركب إِعْرَاب متضايفين وَآخر أَولهمَا يَاء نَحْو رَأَيْت معدي كرب وَنزلت قالي قلا فَإِنَّهُ يقدر فِي آخر الأول الفتحة حَالَة النصب بِلَا خلاف استصحابا لحكمها حَالَة الْبناء وَحَالَة منع الصّرْف وَقَوْلِي على الأجود أَي إِذْ أجري على الأجود أَي من أَحْوَاله الثَّلَاثَة وَهِي حَالَة الْإِضَافَة ومقابلها الْبناء وَمنع الصّرْف وَلَيْسَ رَاجعا للتقدير وَمن الضَّرُورَة أَيْضا ظُهُور الضمة والكسرة فِي يَاء المنقوص كَقَوْلِه 118 - (خبيثُ الثّرى كابيُ الأزندِ ... )

وَقَوله 119 - (تُدْلى بِهن دواليُ الزّراع ... ) وَقَوله 120 - (لَا بَارك الله فِي الغوانِي هَلْ ... ) وَقَوله 121 - (وَلم يختضب سُمْرُ العَوالي بالدّم ... ) ص والضمة فِي نَحْو يَغْزُو وَيَرْمِي وظهورها وَتَقْدِير الفتحة ضَرُورَة أَو شَاذ وَأَجَازَ الْفراء فِي نَحْو يحيى نقل حَرَكَة الْيَاء وإدغامها فتظهر ش النَّوْع الثَّالِث مَا يقدر فِيهِ حَرَكَة وَاحِدَة وَهِي الضمة وَذَلِكَ الْمُضَارع الَّذِي آخِره وَاو أَو يَاء لثقلها عَلَيْهِمَا ولخفة الفتحة عَلَيْهِمَا ظَهرت وَخلاف ذَلِك ضَرُورَة أَو شَاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ كَقَوْلِه فِي ظُهُور الضمة 122 - (تساويُ عَنْزي غيرَ خمس دراهِم)

وَقَوله 123 - (إِذا قلت علّ الْقلب يَسْلُوُ قُيِّضَتْ ... ) وَقَوله فِي تَقْدِير الفتحة 124 - (كَىْ لِتَقْضِينى رُقَيّة مَا ... وَعَدتْنى غير مُختْلِس)

وَقَوله 125 - (إِذا شِئْت أَن تَلْهُو بِبَعْض حَدِيثهَا ... ) وَقَوله 126 - (أَرْجُو وآمل أَن تَدنُو مَوَدَّتُها ... )

وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ} الْبَقَرَة 237 بِالسُّكُونِ وَذهب الْفراء فِي نَحْو يعيي ويحيي إِلَى جَوَاز نقل حَرَكَة الْيَاء الأولى إِلَى السَّاكِن قبلهَا وتدغم فتظهر عَلامَة الرّفْع فِيهَا وَأنْشد 127 - (وكأنّها بَين النّساء سَبيكَةٌ ... تَمْشِى بسُدَّة بَيْتِها فَتعِىُّ)

وَالْجُمْهُور على منع ذَلِك قَالَ أَبُو حَيَّان الصَّحِيح أَنه لَا يُقَال يعي بل إِنَّه يُقَال يعيي هَكَذَا السماع وَقِيَاس التصريف لِأَن المعتل الْعين وَاللَّام تجْرِي عينه مجْرى الصَّحِيح فَلَا تعل قَالَ وَالْبَيْت الَّذِي أنْشدهُ لَا يعرف قَائِله فَلَعَلَّهُ مَصْنُوع أَو شَاذ لَا يعْتد بِهِ ص والسكون فِيمَا كسر لساكنين ومهموز أبدل لينًا وَلم يلد إِذا سكن اللَّام أَو وصل بضمير وَفتح أَو كسر ش النَّوْع الرَّابِع مَا يقدر فِيهِ السّكُون وَهُوَ ثَلَاثَة أَشْيَاء أَحدهَا مَا كسر لالتقاء الساكنين نَحْو {لم يكن الَّذين كفرُوا} الْبَيِّنَة 1 الثَّانِي المهموز إِذا أبدل لينًا مَحْضا على اللُّغَة الضعيفة كَمَا تقدم الثَّالِث لم يلد مضارع ولد إِذا سكن لامه وَفتحت الدَّال لالتقاء الساكنين أَو وصل بضمير وَفتحت الدَّال أَو كسرت كَقَوْلِه 128 - (وَذي ولد لم يَلْدَهُ أبَوَان ... ) ص وَلَا تُوجد وَاو قبلهَا ضمة إِلَّا فِي فعل أَو مَبْنِيّ أَو أعجمي أَو عرض تطرفها أَو لَا يلْزم ش لَا تُوجد كلمة آخرهَا وَاو قبلهَا ضمة إِلَّا فِي الْأَفْعَال كيدعو أَو المبنيات كَهُوَ وَذُو الطائية أَو الْكَلَام الأعجمي كهند وَرَأَيْت بِخَط

ابْن هِشَام السمندو أَو عرض تطرفها نَحْو يَا ثمو مرخم ثَمُود أَو لَا يلْزم كالأسماء السِّتَّة حَالَة الرّفْع ص وَحذف حَرَكَة الظَّاهِرَة ثَالِثهَا يجوز فِي الشّعْر فَقَط ش اخْتلف فِي جَوَاز حذف الْحَرَكَة الظَّاهِرَة من الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال الصَّحِيحَة على أَقْوَال أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَقَالَ إِن أَبَا عَمْرو حَكَاهُ عَن لُغَة تَمِيم وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {وبعولتهن أَحَق} الْبَقَرَة 228 بِسُكُون التَّاء و {رسلنَا} الْمَائِدَة 32 بِسُكُون اللَّام {فتوبوا إِلَى بارئكم} الْبَقَرَة 54 {الْمَكْر السَّيئ} فاطر 43 {وَمَا يشعركم} الْأَنْعَام 109 و {يَأْمُركُمْ} الْبَقَرَة 67 بِسُكُون أواخرها وَقَول الشَّاعِر 129 - (وَقد بدا هَنْكٍ من المئرز ... )

وَقَوله 130 - (فاليوم أشرَبْ غير مُستَحْقِبٍ ... ) وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا فِي الشّعْر وَغَيره وَعَلِيهِ الْمبرد وَقَالَ الرِّوَايَة فِي الْبَيْتَيْنِ

النكرة والمعرفة

وَقد بدا ذَاك وَالْيَوْم أسْقى وَالثَّالِث الْجَوَاز فِي الشّعْر وَالْمَنْع فِي الِاخْتِيَار وَعَلِيهِ الْجُمْهُور قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِذا ثَبت نقل أبي عَمْرو وَأَن ذَلِك لُغَة تَمِيم كَانَ حجَّة على المذهبين النكرَة والمعرفة ص النكرَة والمعرفة قَالَ ابْن مَالك حد النكرَة عسر فَهِيَ مَا عدا الْمعرفَة ش لما كَانَ كثير من الْأَحْكَام الْآتِيَة تبني على التَّعْرِيف والتنكير وَكَانَا كثيري الدّور فِي أَبْوَاب الْعَرَبيَّة صدر النُّحَاة كتب النَّحْو بذكرهما بعد الْإِعْرَاب وَالْبناء وَقد أَكثر النَّاس حدودهما وَلَيْسَ مِنْهَا حد سَالم قَالَ ابْن مَالك من تعرض لحدهما عجز عَن الْوُصُول إِلَيْهِ دون اسْتِدْرَاك عَلَيْهِ لِأَن من الْأَسْمَاء مَا هُوَ معرفَة معنى نكرَة لفظا نَحْو كَانَ ذَلِك عَاما أول وَأول من أمس فمدلولهما معِين لَا شيعًا فِيهِ بِوَجْه وَلم يستعملا إِلَّا نكرتين وَمَا هُوَ نكرَة معنى معرفَة لفظا كأسامة هُوَ فِي اللَّفْظ كحمزة فِي منع الصّرْف وَالْإِضَافَة وَدخُول أل وَوَصفه بالمعرفة دون النكرَة ومجيئه مُبْتَدأ وَصَاحب حَال وَهُوَ فِي الشياع كأسد وَمَا هُوَ فِي استعمالهم على وَجْهَيْن كواحد أمه وَعبد بَطْنه فَأكْثر الْعَرَب هما عِنْده معرفَة بِالْإِضَافَة وَبَعْضهمْ يجعلهما نكرَة وينصبهما على الْحَال وَمثلهَا ذُو اللَّام الجنسية فَمن قبل اللَّفْظ معرفَة وَمن قبل الْمَعْنى لشياعه نكرَة وَلذَلِك يُوصف بالمعرفة اعْتِبَارا بِلَفْظِهِ وبالنكرة اعْتِبَارا بِمَعْنَاهُ وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك وَأحسن مَا يتَبَيَّن بِهِ الْمعرفَة ذكر أقسامها مستقصاة ثمَّ يُقَال وَمَا سوى ذَلِك نكرَة قَالَ وَذَلِكَ أَجود من غَيرهَا بِدُخُول رب أَو اللَّام لِأَن من المعارف مَا يدْخل عَلَيْهِ اللَّام كالفضل وَالْعَبَّاس وَمن النكرات مَالا يدْخل عَلَيْهِ رب وَلَا اللَّام كأين وَمَتى وَكَيف وعريب وديار

ص وَهِي الأَصْل خلافًا للكوفية وَالْجُمْهُور أَن المعارف مُتَفَاوِتَة فأرفعها ضمير مُتَكَلم فمخاطب فَعلم فغائب فإشارة ومنادى وَالأَصَح أَن تَعْرِيفه بِالْقَصْدِ لَا بأل منوية وَأَنه إِن كَانَ علما بَاقٍ فموصول فذو أل وَثَالِثهَا هما سَوَاء وَمَا أضيف إِلَى أَحدهَا فِي مرتبته مُطلقًا أَو إِلَّا الْمُضمر أَو دونه مُطلقًا أَو إِلَّا ذَا أل مَذَاهِب وَقيل الْعلم بعد الْغَائِب وَقيل بعد الْإِشَارَة وَقيل هُوَ أرفعها وَقيل الْإِشَارَة وَقيل ذُو أل وَيسْتَثْنى اسْم الله تَعَالَى وَالأَصَح أَن تَعْرِيف الْمَوْصُول بِعَهْد الصِّلَة لَا بأل ونيتها وَأَن من وَمَا الاستفهاميتين نكرتان وَأَن ضمير النكرَة معرفَة وَثَالِثهَا إِن لم يجب تنكيرها وَأَرْفَع الْأَعْلَام الْأَمَاكِن ثمَّ الأناسي ثمَّ الْأَجْنَاس وَالْإِشَارَة الْقَرِيب ثمَّ الْمُتَوَسّط وَذي أل الحضوري ثمَّ عهد الشَّخْص ثمَّ الْجِنْس وَلَا وساطة خلافًا لزاعمها فِي الْخَالِي من التَّنْوِين وَاللَّام ش فِيهِ مسَائِل الأولى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور أَن النكرَة أصل والمعرفة فرع وَخَالف الْكُوفِيُّونَ وَابْن الطراوة قَالُوا لِأَن من الْأَسْمَاء مَا لزم التَّعْرِيف كالمضمرات وَمَا التَّعْرِيف فِيهِ قبل التنكير كمررت بزيد وَزيد آخر وَقَالَ الشلوبين لم يثبت هُنَا سِيبَوَيْهٍ إِلَّا حَال الْوُجُود لَا مَا تخيله هَؤُلَاءِ وَإِذا نظرت إِلَى حَال الْوُجُود كَانَ التنكير قبل التَّعْرِيف لِأَن الْأَجْنَاس هِيَ الأول ثمَّ الْأَنْوَاع ووضعها على التنكير إِذْ كَانَ الْجِنْس لَا يخْتَلط بِالْجِنْسِ والأشخاص هِيَ الَّتِي حدث فِيهَا التَّعْرِيف لاختلاط بَعْضهَا بِبَعْض قيل وَمِمَّا يدل على أَصَالَة النكرَة أَنَّك لَا تَجِد معرفَة إِلَّا وَله اسْم نكرَة ونجد كثيرا من الْمُنْكَرَات لَا معرفَة لَهَا أَلا ترى أَن الْغُلَام غلامي أَصله غُلَام والمضمر اخْتِصَار تَكْرِير الْمظهر والمشار نَائِب مناب الْمظهر فَهَذَا يسْتَغْنى بِهِ عَن زيد الْحَاضِر الثَّانِيَة المعارف سَبْعَة وَقد ذكرتها فِي طي ترتيبها فِي الأعرفية وَهِي الْمُضمر وَالْعلم وَالْإِشَارَة والموصول والمعرف بأل والمضاف إِلَى وَاحِد مِنْهَا والمنادى وأغفل أَكْثَرهم ذكر المنادى وَالْمرَاد بِهِ النكرَة الْمقبل عَلَيْهَا نَحْو يَا رجل فتعريفه بِالْقَصْدِ كَمَا صَححهُ ابْن مَالك

وَذهب قوم إِلَى أَن تَعْرِيفه بأل محذوفة وناب حرف النداء منابها قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الَّذِي صَححهُ أَصْحَابنَا وَلَا خلاف فِي النكرَة غير الْمَقْصُودَة نَحْو يَا رجلا خُذ بيَدي أَنه بَاقٍ على تنكيره وَأما الْعلم نَحْو يَا زيد فَذهب قوم إِلَى أَنه تعرف بالنداء بعد إِزَالَة تَعْرِيف العلمية وَالأَصَح أَنه بَاقٍ على تَعْرِيف العلمية وإنمان ازْدَادَ بالنداء وضوحا وَأما الْمَوْصُول فتعريفه بالعهد الَّذِي فِي صلته هَذَا مَذْهَب الْفَارِسِي وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَن مَا فِيهِ أل من الموصولات تعرف بهَا وَمَا لَيست فِيهِ نَحْو من وَمَا فتعرف لِأَنَّهُ فِي معنى مَا هِيَ فِيهِ إِلَّا أيا الموصولة فتعرفت بِالْإِضَافَة وعد ابْن كيسَان من المعارف من وَمَا الاستفهاميتين وَاسْتدلَّ بتعريف جوابهما نَحْو من عنْدك فَيُقَال زيد وَمَا دعَاك إِلَى كَذَا فَيُقَال لقاؤك وَالْجَوَاب يُطَابق السُّؤَال وَالْجُمْهُور على أَنَّهُمَا نكرتان لِأَن الأَصْل التنكير مَا لم تقم حجَّة وَاضِحَة وَلِأَنَّهُمَا قائمتان مقَام أَي إِنْسَان وَأي شَيْء وهما نكرتان فَوَجَبَ تنكير مَا قَامَ مقامهما وَمَا قَالَه من تَعْرِيف الْجَواب غير لَازم إِذْ يَصح أَن يُقَال فِي الأول رجل من بني فلَان وَفِي الثَّانِي أَمر مُهِمّ الثَّالِثَة مَذْهَب أَئِمَّة النَّحْو الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين أَن المعارف مُتَفَاوِتَة وَذهب ابْن حزم إِلَى أَنَّهَا كلهَا مُتَسَاوِيَة لِأَن الْمعرفَة لَا تتفاضل إِذْ لَا يَصح أَن يُقَال عرفت هَذَا أَكثر من هَذَا وَأجِيب بِأَن مُرَادهم بِأَن هَذَا أعرف من هَذَا أَن تطرق الِاحْتِمَال إِلَيْهِ أقل من تطرقه إِلَى الآخر وعَلى التَّفَاوُت اخْتلف فِي أعرف المعارف فمذهب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور إِلَى أَن الْمُضمر أعرفهَا وَقيل الْعلم أعرفهَا وَعَلِيهِ الصَّيْمَرِيّ وعزي للكوفيين وَنسب لسيبويه

وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان قَالَ لِأَنَّهُ جزئي وضعا واستعمالا وَبَاقِي المعارف كليات وضعا جزئيات اسْتِعْمَالا وَقيل أعرفهَا اسْم الْإِشَارَة وَنسب لِابْنِ السراج وَقيل ذُو أل لِأَنَّهُ وضع لتعريفه أَدَاة وَغَيره لم تُوضَع لَهُ أَدَاة وَلم يذهب أحد إِلَى أَن الْمُضَاف أعرفهَا إِذْ لَا يُمكن أَن يكون أعرف من الْمُضَاف إِلَيْهِ وَبِه تعرف وَمحل الْخلاف فِي غير اسْم الله تَعَالَى فَإِنَّهُ أعرف المعارف بِالْإِجْمَاع وَقَالَ ابْن مَالك أعرف المعارف ضمير الْمُتَكَلّم لِأَنَّهُ يدل على المُرَاد بِنَفسِهِ وبمشاهدة مَدْلُوله وبعدم صلاحيته لغيره وبتميز صورته ثمَّ ضمير الْمُخَاطب لِأَنَّهُ يدل على المُرَاد بِنَفسِهِ وبمواجهة مَدْلُوله ثمَّ الْعلم لِأَنَّهُ يدل على المارد حَاضرا وغائبا على سَبِيل الِاخْتِصَاص ثمَّ ضمير الْغَائِب السَّالِم عَن إِبْهَام نَحْو زيد رَأَيْته فَلَو تقدم اسمان أَو أَكثر نَحْو قَامَ زيد وَعَمْرو كَلمته تطرق إِلَيْهِ الْإِبْهَام وَنقص تمكنه فِي التَّعْرِيف ثمَّ الْمشَار بِهِ والمنادى كِلَاهُمَا فِي مرتبَة وَاحِدَة لِأَن كلا مِنْهُمَا تَعْرِيفه بِالْقَصْدِ ثمَّ الْمَوْصُول ثمَّ ذُو أل وَقيل ذُو أل قبل الْمَوْصُول وَعَلِيهِ ابْن كيسَان لوُقُوعه صفة لَهُ فِي قَوْله تَعَالَى {من أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} الْأَنْعَام 91 وَالصّفة لَا تكون أعرف من الْمَوْصُوف وَأجِيب بِأَنَّهُ بدل أَو مَقْطُوع أَو الْكتاب علم بالغلبة للتوراة وَقيل هما فِي مرتبَة وَاحِدَة بِنَاء على أَن تَعْرِيف الْمَوْصُول بأل وَقيل لِأَن كلا مِنْهُمَا تَعْرِيفه بالعهد وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا أعلم أحدا ذهب إِلَى التَّفْصِيل فِي الْمُضمر فَجعل الْعلم أعرف من ضمير الْغَائِب إِلَّا ابْن مَالك وَالَّذين ذكرُوا أَن أعرف المعارف الْمُضمر قَالُوهُ على الْإِطْلَاق ثمَّ يَلِيهِ الْعلم وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن مرتبَة الْإِشَارَة قبل الْعلم وَنسب لِابْنِ السراج وَاحْتَجُّوا بِأَن الْإِشَارَة مُلَازمَة التَّعْرِيف بِخِلَاف الْعلم وتعريفها حسي وعقلي وتعريفه عَقْلِي فَقَط وبأنها تقدم عَلَيْهِ عِنْد الِاجْتِمَاع نَحْو هَذَا زيد وَلَا حجَّة فِي ذَلِك لِأَن الْمُعْتَبر إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة الوضوح وَالْعلم أَزِيد وضوحا لَا سِيمَا علم لَا تعرض لَهُ شركَة كإسرافيل وطالوت

قَالَ أَبُو حَيَّان قَالَ أَصْحَابنَا أعرف الْأَعْلَام أَسمَاء الْأَمَاكِن ثمَّ أَسمَاء الأناسي ثمَّ أَسمَاء الْأَجْنَاس وَأعرف الإشارات مَا كَانَ للقريب ثمَّ للوسط ثمَّ للبعيد وَأعرف ذِي الأداة مَا كَانَت فِيهِ للحضور ثمَّ للْعهد فِي شخصي ثمَّ الْجِنْس وَاخْتلف فِي الْمُعَرّف بِالْإِضَافَة على مَذَاهِب أَحدهَا أَنه فِي مرتبَة مَا أضيف إِلَيْهِ مُطلقًا حَتَّى الْمُضمر لِأَنَّهُ اكْتسب التَّعْرِيف مِنْهُ فَصَارَ مثله وَعَلِيهِ ابْن طَاهِر وَابْن خروف وَجزم بِهِ فِي التسهيل الثَّانِي أَنه فِي مرتبته إِلَّا الْمُضَاف إِلَى الْمُضمر فَإِنَّهُ دونه فِي رُتْبَة الْعلم وَعَلِيهِ الأندلسيون لِئَلَّا ينْقض القَوْل بِأَن الْمُضمر أعرف المعارف وَيكون أعرفهَا شَيْئَيْنِ الْمُضمر والمضاف إِلَيْهِ وعزي لسيبويه الثَّالِث أَنه دونه مُطلقًا حَتَّى الْمُضَاف لذِي أل وَعَلِيهِ الْمبرد كَمَا أَن الْمُضَاف إِلَى الْمُضمر دونه الرَّابِع أَنه دونه إِلَّا الْمُضَاف لذِي أل حَكَاهُ فِي الإفصاح وعبرت فِي الْمَتْن بأرفع بِخِلَاف تَعْبِير النَّحْوِيين بأعرف لِأَن أفعل التَّفْضِيل لَا يَنْبَنِي من مَادَّة التَّعْرِيف الرَّابِعَة الْجُمْهُور على أَن الضَّمِير الْعَائِد إِلَى النكرَة معرفَة كَسَائِر الضمائر وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه نكرَة لِأَنَّهُ لَا يخص من عَاد إِلَيْهِ من بَين أمته وَلذَا دخلت عَلَيْهِ رب فِي نَحْو ربه رجلا ورد بِأَنَّهُ يخصصه من حَيْثُ هُوَ مَذْكُور وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْعَائِد على وَاجِب التنكير نكرَة كالحال والتمييز بِخِلَاف غَيره كالفاعل وَالْمَفْعُول الْخَامِسَة الْجُمْهُور على أَنه لَا وَاسِطَة بَين النكرَة والمعرفة وَقَالَ بهَا بَعضهم الْخَالِي من التَّنْوِين والام نَحْو مَا وَمن وَأَيْنَ وَمَتى وَكَيف

المضمر

الْمُضمر ص الْمُضمر وَيُسمى الْكِنَايَة قِسْمَانِ مُتَّصِل لَا يَقع أَولا وَلَا تلو إِلَّا فِي غير ضَرُورَة فِي الْأَصَح وَهُوَ تَاء تضم لمتكلم وتفتح لمخاطب وتكسر لمخاطبة وَنون الْإِنَاث وواو وَألف لغير مُتَكَلم وياء لمخاطبة وَهِي مَرْفُوعَة وَقيل الْأَرْبَعَة عَلَامَات ضمير مستكن ونا لمعظم أَو مشارك لرفع وَنصب وجر وكاف لخطاب وهاء لغَائِب وياء لمتكلم مَنْصُوبَة ومجرورة ش هَذَا مَبْحَث الْمُضمر وَالتَّعْبِير بِهِ وبالضمير للبصريين والكوفيون يَقُولُونَ الْكِنَايَة والمكنى ولكونه ألفاظا محصورة بالعد استغنينا عَن حَده كَمَا هُوَ اللَّائِق بِكُل مَعْدُود كحروف الْجَرّ فَنَقُول هُوَ قِسْمَانِ مُتَّصِل ومنفصل فَالْأول تِسْعَة أَلْفَاظ مِنْهَا مَا لَا يَقع إِلَّا مَرْفُوعا وَهُوَ خَمْسَة أَلْفَاظ أَحدهَا التَّاء المفردة وَهِي مَضْمُومَة للمتكلم مَفْتُوحَة للمخاطب مَكْسُورَة للمخاطبة وَفعل ذَلِك للْفرق وَخص الْمُتَكَلّم بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ أول عَن الْمُخَاطب فَكَانَ حَظه من الحركات الْحَرَكَة الأولى وَقيل لِأَنَّهُ إِذا أخبر لَا يكون إِلَّا وَاحِدًا وَإِذا خَاطب فقد يُخَاطب أَكثر من وَاحِد فألزم الْحَرَكَة الثَّقِيلَة مَعَ اسْمه والخفيفة مَعَ الْخطاب لِأَنَّهُ أَكثر ويعطف بعضه على بعض وكسروا الْمُؤَنَّث لن الكسرة من عَلامَة التَّأْنِيث وَقيل لِأَنَّهُ لم يبْق حَرَكَة غَيرهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه التعاليل لَا يحْتَاج إِلَيْهَا لِأَنَّهَا تَعْلِيل وضعيات والوضعيات لَا تعلل الثَّانِي النُّون المفردة وَهِي لجمع الْإِنَاث مخاطبات أَو غائبات نَحْو اذهبن يَا هندات والهندات ذهبن وَهِي مَفْتُوحَة أبدا الثَّالِث الْوَاو لجمع الذُّكُور مخاطبين أَو غائبين كاضربوا وضربوا ويضربون وتضربون الرَّابِع الْألف للمثنى مذكرا كَانَ أَو مؤنثا مُخَاطبا أَو غَائِبا كاضربا وَضَربا ويضربان وتضربان فَقولِي لغير مُتَكَلم يَشْمَل الْمُخَاطب وَالْغَائِب وَهُوَ عَائِد للثَّلَاثَة الْخَامِس الْيَاء وَهِي للمخاطبة نَحْو اضربي وَأَنت تضربين

وَقيل الْأَرْبَعَة النُّون وَالْألف وَالْوَاو وَالْيَاء حُرُوف عَلَامَات كتاء التَّأْنِيث فِي قَامَت لَا ضمائر وَالْفَاعِل ضمير مستكن فِي الْفِعْل وَعَلِيهِ الْمَازِني وَوَافَقَهُ الْأَخْفَش فِي الْيَاء وشبهة الْمَازِني أَن الضَّمِير لما استكن فِي فعل وَفعلت استكن فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع وَجِيء بالعلامات للْفرق كَمَا جِيءَ بِالتَّاءِ فِي فعلت للْفرق وشبهة الْأَخْفَش أَن فَاعل الْمُضَارع الْمُفْرد لَا يبرز بل يفرق بَين الْمُذكر والمؤنث بِالتَّاءِ أَو الْفِعْل فِي الْغَيْبَة وَلما كَانَ الْخطاب بِالتَّاءِ فِي الْحَالَتَيْنِ احْتِيجَ إِلَى الْفرق فَجعلت الْيَاء عَلامَة للمؤنث ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت حروفا لسكنت النُّون وَلم يسكن آخر الْفِعْل لَهَا ولثبتت الْيَاء فِي التَّثْنِيَة كتاء التَّأْنِيث وَبِأَن عَلامَة التَّأْنِيث لم تلْحق آخر الْمُضَارع فِي مَوضِع وَمِنْهَا مَا يَقع مَنْصُوبًا ومجرورا وَهُوَ ثَلَاثَة أَلْفَاظ الْكَاف لخطاب الْمُذكر مَفْتُوحَة والمؤنث مَكْسُورَة نَحْو ضربك وَمر بك وَالْهَاء للْغَائِب الْمُذكر نَحْو ضَرَبَنِي وَمر بِهِ وَالْيَاء للمتكلم نَحْو ضَرَبَنِي وَمر بِي وَمِنْهَا مَا يَقع مَرْفُوعا ومنصوبا ومجرورا وَهُوَ نَا للمتكلم وَمن مَعَه أَو الْمُعظم نَفسه نَحْو قمنا وضربنا وَمر بِنَا ثمَّ حكم هَذَا الْقسم أَعنِي الضَّمِير الْمُتَّصِل أَنه لَا يبتدأ بِهِ وَلَا يَقع بعد إِلَّا إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه 131 - (أنْ لَا يُجَاورَنا إلاّكِ ديّارُ ... )

وَأَجَازَ جمَاعَة وُقُوعه بعد إِلَّا فِي الِاخْتِيَار مِنْهُم ابْن الْأَنْبَارِي ص ويسكن آخر مُسْند إِلَى التَّاء وَالنُّون ونا ويحذف آخر معتل قبله تنقل حركته لفاء مَاض ثلاثي وتبدل الفتحة بمجانس ويحذف آخر معتل مُسْند إِلَى الْوَاو وَالْيَاء ويحرك الْبَاقِي بمجانس لَا مَحْذُوف الْألف وَالأَصَح أَن فَتْحة فعلا هِيَ الْأَصْلِيَّة ش إِذا أسْند الْفِعْل إِلَى التَّاء وَالنُّون ونا سكن آخِره كضربت وضربن ويضربن واضربن وضربنا

وَعلة الإسكان عِنْد الْأَكْثَر كَرَاهَة توالي أَرْبَعَة حركات فِيمَا هُوَ كالكلمة الْوَاحِدَة لِأَن الْفَاعِل كجزء من فعله وَحمل الْمُضَارع على الْمَاضِي وَأما الْأَمر فيسكن استصحابا وَضعف ابْن مَالك هَذِه الْعلَّة بِأَنَّهَا قَاصِرَة إِذْ لَا يُوجد التوالي إِلَّا فِي الثلاثي الصَّحِيح وَبَعض الخماسي نَحْو انْطلق وَالْكثير لَا يتوالى فِيهِ فمراعاته أولى وَبِأَن تواليها لم يهمل بِدَلِيل علبط وعرتن وجندل وَلَو كَانَ مَقْصُود الإهمال وضعا لم يتَعَرَّضُوا لَهُ دون ضَرُورَة ولسدوا بَاب التَّأْنِيث بِالتَّاءِ نَحْو شَجَرَة قَالَ وَإِنَّمَا سَببه تَمْيِيز الْفَاعِل من الْمَفْعُول فِي نَحْو أكرمنا وَأَكْرمنَا ثمَّ حملت التَّاء وَالنُّون على نَا للمساواة فِي الرّفْع والاتصال وَعدم الاعتلال قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْأولَى الإضراب عَن هَذِه التعاليل لِأَنَّهَا تخرص على الْعَرَب فِي مَوْضُوعَات كَلَامهَا وَالتَّعْبِير بآخر مُسْند أولى من لامه لِأَنَّهُ قد يكون حرفا زَائِدا للإلحاق نَحْو اغرنديت قَالَه أَبُو حَيَّان فَإِن كَانَ مَا قبل آخر الْمسند مُعْتَلًّا حذف لالتقاء الساكنين نَحْو خفت وَلَا تخفن وخفن وتنقل حَرَكَة ذَلِك الْحَرْف الْمَحْذُوف المعتل الَّتِي كَانَت لَهُ قبل اعتلاله إِلَى فَاء الْمَاضِي الثلاثي نَحْو خفت وطلت إِذْ الأَصْل خوف وَطول مُرَاعَاة لبَيَان البنية وَلَا تنقل فِي الْمُضَارع وَلَا فِي الْأَمر بل يقْتَصر فيهمَا على الْحَذف هَذَا إِذا كَانَت حَرَكَة المعتل ضمة أَو كسرة فَإِن كَانَت فَتْحة لم تنقل لِأَن ذَلِك لَا يدل على البنية لِأَن أول الْفِعْل مَفْتُوح قبل النَّقْل بل تبدل حَرَكَة تجانس الْحَرْف الْمَحْذُوف

وتنقل إِلَى الْفَاء فَإِن كَانَ واوا أبدلت كقلت أَو يَاء أبدلت كسرة كبعت وَإِذا أسْند إِلَى الْوَاو وَالْيَاء فمعلوم أَن حَرَكَة آخر الْفِعْل مجانسة للضمير كيضربون وتضربين فَإِن كَانَ مُعْتَلًّا حذف لالتقاء الساكنين وهما حرف الْعلَّة وَالضَّمِير ثمَّ لَهُ صور الأولى أَن يكون آخر الْمسند إِلَى الْوَاو واوا كتدعون يَا قوم فَقبل الضَّمِير ضمة وَهِي حَرَكَة مجانسة وَهِي أَصْلِيَّة لَا مجتلبة الثَّانِيَة أَن يكون آخِره يَاء ويسند إِلَى الْيَاء كترمين يَا هِنْد فَقبل الضَّمِير كسرة وَهِي مجانسة أَصْلِيَّة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة أَن يسند إِلَى الْوَاو وَآخره يَاء أَو عَكسه فتجتلب لما قبل الْمَحْذُوف حَرَكَة تجانس الضَّمِير كترمون يَا قوم وتدعين يَا هِنْد وَقد شَمل الصُّور الْأَرْبَع قولي ويحرك الْبَاقِي بمجانس الْخَامِسَة أَن يكون الآخر ألفا نَحْو يَخْشونَ وتخشين فالحركة الْأَصْلِيَّة بَاقِيَة بِحَالِهَا وَلَا تجتلب حَرَكَة مجانسة للضمير وَهُوَ معنى قولي لَا مَحْذُوف الْألف وَإِذا أسْند الْمَاضِي إِلَى الْألف كضربا فالفتحة فِي آخِره هِيَ فَتْحة الْمَاضِي الْأَصْلِيَّة هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَقَالَ الْفراء ذهبت تِلْكَ واجتلبت هَذِه لأجل الْألف ص وتوصل التَّاء وَالْكَاف وَالْهَاء بميم وَألف فِي الْمثنى وَمِيم فَقَط فِي الْجمع وسكونها أحسن فَإِن وَليهَا ضمير مُتَّصِل فَضمهَا ممدودة وَاجِب وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ وَيُونُس رَاجِح وَنون مُشَدّدَة للإناث وَألف للغائبة وَقيل مجموعها ضمير وَأَجَازَ قوم حذفهَا وَقفا ش الضمائر السَّابِقَة أصُول وَهَذِه فروعها فَإِذا أُرِيد الْمثنى فِي الْخطاب أَو الْغَيْبَة زيد على التَّاء فِي الرّفْع وَالْكَاف وَالْهَاء فِي النصب والجر مِيم وَألف نَحْو ضربتما للمذكر والمؤنث وضمت التَّاء فيهمَا إِجْرَاء للميم مجْرى الْوَاو لقربهما مخرجا وضربتكما وَمر بكما وضربهما وَمر بهما وَإِذا أُرِيد الْجمع الْمُذكر فِي الْمَذْكُورَات زيد مِيم فَقَط نَحْو ضَرَبْتُمْ ضربكم مر بكم ضَربهمْ مر بهم

وَفِي هَذِه الْمِيم أَربع لُغَات أحْسنهَا السّكُون ويقابلها الضَّم بإشباع وباختلاس وَالضَّم قبل همزَة الْقطع والسكون قبل غَيرهَا فَإِن وَليهَا ضمير مُتَّصِل فالضم وَاجِب عِنْد ابْن مَالك رَاجِح مَعَ جَوَاز السّكُون عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَيُونُس نَحْو ضربتموه وَمِنْه {أنلزمكموها} هود 28 وَقُرِئَ أنلزمكمها بِالسُّكُونِ وَوجه الضَّم أَن الْإِضْمَار يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا غَالِبا وَالْأَصْل فِي ضمير الْجمع الإشباع بِالْوَاو كَمَا أشْبع ضمير التَّثْنِيَة بِالْألف وَإِنَّمَا ترك للتَّخْفِيف وَإِذا أُرِيد فِي الْمَذْكُورَات جمع الْإِنَاث زيد نون مُشَدّدَة نَحْو ضربتن وضربكن مر بكن ضربهن وَمر بِهن وَإِذا أُرِيد فِي الْغَيْبَة الْأُنْثَى زيد على الْهَاء ألف نَحْو ضربهَا وَمر بهَا هَذَا هُوَ الصَّحِيح كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان إِذْ الْألف زَائِدَة تَقْوِيَة لحركة الْهَاء لما تحركت بِالْفَتْح للْفرق بَين الْمُذكر والمؤنث وَقَالَ قوم إِن الضَّمِير مَجْمُوع الْهَاء وَالْألف وَبِه جزم ابْن مَالك وَادّعى السيرافي أَنه لَا خلاف فِيهِ للُزُوم الْألف سَوَاء اتَّصَلت بضمير نَحْو أعطيتهَا أم لَا وَقد أجَاز قوم حذفهَا فِي الْوَقْف وحملوا عَلَيْهِ والكرامة ذَات أكْرمكُم الله بِهِ 132 - (ونَهْنَهْتُ نَفسِي بَعْدَمَا كِدْتُ أفْعَلَهْ ... )

أَي بهَا وأفعلها ص وَقد تحذف الْوَاو مَعَ الْمَاضِي وتبقي الضمة وتكسر الْهَاء بعد كسرة أَو يَاء مَا لم تتصل بضمير وَقل إِن فصل سَاكن ولغة الْحجاز الضَّم مُطلقًا والأفصح اختلاسها بعد سَاكن وَلَو غير لين على الْمُخْتَار وإشباعها بعد حَرَكَة وَقيل هِيَ وَالْوَاو الناشئة ضمير وَقل إسكانها وَإِن حذف السَّاكِن جَازَ الثَّلَاثَة وَكسر هَاء التَّثْنِيَة وَالْجمع كالمفرد وَقد تكسر كافهما بعد كسر أَو يَاء سَاكِنة وَكسر ميمه حِينَئِذٍ أَقيس وَضمّهَا قبل سَاكن وسكونها قبل حَرَكَة أشهر وَقد تكسر قبله مُطلقًا ش فِيهِ مسَائِل الأولى قد تحذف الْوَاو ضمير الْجمع مَعَ الْمَاضِي ويكتفى بإبقاء الضمة كَقَوْلِه 133 - (فَلَو أَن الأطِبّا كانُ حَوْلي ... ) وَقَوله 134 - (هَلِع إِذا مَا النَّاس جاعُ وأجْدبُوا ... )

وَقَوله 135 - (إِذا مَا شاءُ ضَرُّوا مَنْ أرادُوا ... ) قَالَ بَعضهم من الْعَرَب من يَقُول فِي الْجَمِيع الزيدون قَامَ وَلم يسمع ذَلِك مَعَ الْمُضَارع وَلَا الْأَمر الثَّانِيَة هَاء الْغَائِب أَصْلهَا الضَّم كضربه وَله وَعِنْده وتكسر بعد الكسرة نَحْو مر بِهِ وَلم يُعْطه وأعطه وَبعد الْيَاء الساكنة نَحْو فِيهِ وَعَلِيهِ ويرميه إتباعا مَا لم تتصل بضمير آخر فَإِنَّهَا تضم نَحْو يعطيهموه وَلم يعطهموه فَإِن فصل بَين الْهَاء وَالْكَسْر سَاكن قل كسرهَا وَمِنْه قِرَاءَة ابْن ذكْوَان {أرجئه وأخاه} الْأَعْرَاف 111 وَالشعرَاء 36 ثمَّ كسرهَا فِي الصُّورَتَيْنِ المذكورتين لُغَة غير الْحِجَازِيِّينَ أما الحجازيون فلغتهم ضم هَاء الْغَائِب مُطلقًا وَبهَا قَرَأَ حَفْص {وَمَا أنسانيه} الْكَهْف 63 {بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله} الْفَتْح 10 وَقِرَاءَة حَمْزَة {لأَهله امكثوا} طه 10 الثَّالِثَة إِذْ وَقعت الْهَاء بعد سَاكن فالأفصح اختلاسها سَوَاء كَانَ صَحِيحا نَحْو مِنْهُ وَعنهُ وأكرمه أَو حرف عِلّة نَحْو فِيهِ وَعَلِيهِ هَذَا رَأْي الْمبرد وَصَححهُ ابْن مَالك وَخص سِيبَوَيْهٍ ذَلِك بِحرف الْعلَّة وَقَالَ الْأَفْصَح بعد غَيره الإشباع وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان أما بعد الْحَرَكَة فالأفصح الإشباع إِجْمَاعًا وَمن غير الْأَفْصَح قَوْله 136 - (لَهُ زَجَلٌ كأنّهُ صوتُ حادٍ ... )

الرَّابِعَة الْجُمْهُور على أَن الضَّمِير الْهَاء وَحدهَا وَالْوَاو الْحَاصِلَة بالإشباع زَائِدَة تَقْوِيَة للحركة وَزعم الزّجاج أَن الضَّمِير مجموعهما الْخَامِسَة إسكان هَذِه الْهَاء لُغَة قَليلَة قرئَ بهَا {إِن الْإِنْسَان لرَبه لكنود} العاديات 6 وَمِنْهَا قَوْله 137 - (إلاّ لأنّ عيونَهْ سَيْل واديها ... ) السَّادِسَة إِذا كَانَ قبلهَا سَاكن وَحذف لعَارض من جزم أَو وقف جَازَ فِيهَا الْأَوْجه الثَّلَاثَة الإشباع نظرا إِلَى اللَّفْظ لِأَنَّهَا بعد حَرَكَة والاختلاس نظرا إِلَى الأَصْل لِأَنَّهَا بعد سَاكن والإسكان نظرا إِلَى حلولها مَحل الْمَحْذُوف وَحقه

الإسكان لَو لم يكن مُعْتَلًّا مِثَال مَا حذف جزما {يؤده إِلَيْك} آل عمرَان 75 {ونصله جَهَنَّم} النِّسَاء 115 ووقفا {فألقه إِلَيْهِم} النَّمْل 28 السَّابِعَة كسر الْهَاء فِي الْمثنى وَالْجمع ككسرها فِي الْمُفْرد فَيجوز فِي الصُّورَتَيْنِ عِنْد غير الْحِجَازِيِّينَ وَيضم فَمَا عداهما وَعند الْحِجَازِيِّينَ مُطلقًا قَالَ أَبُو عَمْرو وَالضَّم مَعَ الْيَاء أَكثر مِنْهُ مَعَ الكسرة الثَّامِنَة قد تكسر بقلة كَاف الْمثنى أَو الْجمع بعد الكسرة وَالْيَاء الساكنة نَحْو بكم وَفِيكُمْ وبكما وفيكما هَذِه لُغَة حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ عَن نَاس من بكر بن وَائِل وَقَالَ إِنَّهَا رَدِيئَة جدا وحكاها الْفراء فِي الْيَاء عَن الْهمزَة التَّاسِعَة إِذا كسرت الْهَاء فِي الْجمع جَازَ كسر الْمِيم إتباعا وَهُوَ الأقيس وَضمّهَا على الأَصْل وسكونها وَقُرِئَ بهَا {أَنْعَمت عَلَيْهِم} الْفَاتِحَة 7 وَالضَّم أشهر إِن وَليهَا سَاكن والسكون أشهر إِن وَليهَا متحرك وَلذَا قَرَأَ الْأَكْثَر بِالضَّمِّ فِي {بهم الْأَسْبَاب} الْبَقَرَة 166 وبالسكون فِي {وَمن يولهم} الْأَنْفَال 16 الْعَاشِرَة قد تكسر مِيم الْجمع بعد الْهَاء قبل سَاكن وَإِن لم تكسر الْهَاء كَقَوْلِه 138 - (وهُم الملوكُ وَمِنْهُم الحكماءُ ... ) ص وَيعود على جمع سَلامَة وَاو وتكسير هِيَ أَو التَّاء وَاسم جمع هِيَ أَو كمفرد وَقد يخلفها نون لتشاكل وَضمير الْمثنى وَالْإِنَاث بعد أفعل من كَغَيْرِهِ وَقيل قد يَأْتِي مُفردا مذكرا وَالْأَحْسَن فِي غير الْعَاقِل تَاء وهاء فِي الْكَثْرَة وَنون فِي الْقلَّة وَفِي العاقلات نون مُطلقًا

ش لَا يعود على جمع الْمُذكر السَّالِم ضمير إِلَّا الْوَاو نَحْو الزيدون خَرجُوا وَلَا يجوز أَن يعود عَلَيْهِ التَّاء على التَّأْوِيل بِجَمَاعَة وَأما جمع التكسير لمذكر فَيَعُود عَلَيْهِ الْوَاو نَحْو الرِّجَال خَرجُوا وَالتَّاء على التَّأْوِيل بِجَمَاعَة نَحْو الرِّجَال خرجت وَمِنْه {وَإِذا الرُّسُل أقتت} المراسلات 11 وَاسم الْجمع يعود عَلَيْهِ الْوَاو نَحْو الرَّهْط خَرجُوا والركب سافروا أَو ضمير الْفَرد نَحْو الرَّهْط خرج والركب سَافر وَقد تَأتي النُّون مَوضِع الْوَاو للمشاكلة لحَدِيث اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات وَمَا أظللن وَرب الْأَرْضين وَمَا أقللن وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن وَالْأَصْل وَمَا أَضَلُّوا وَإِنَّمَا عدل عَنهُ لمشاكلة أظللن وأقللن كَمَا فِي لادريت وَلَا تليت ومأزورات غير مَأْجُورَات وَضمير الْمثنى وَالْجمع بعد أفعل التَّفْضِيل كَغَيْرِهِ نَحْو أحسن الرجلَيْن وأجملهما وَأحسن النِّسَاء وأجملهن وَقيل يجوز فِيهِ حِينَئِذٍ الْإِفْرَاد والتذكير

كَحَدِيث خير النِّسَاء صوالح قُرَيْش أحناه على ولد فِي صغره وأرعاه على زوج فِي ذَات يَده وَقَول الشَّاعِر 139 - (وميّةُ أحسنُ الثّقَلَيْن جيدا ... وسالفة وأحسنُهُ قَذَال) وَهَذَا رَأْي ابْن مَالك ورده أَبُو حَيَّان بِأَن سِيبَوَيْهٍ نَص على أَن ذَلِك شَاذ اقْتصر فِيهِ على السماع وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَالْأَحْسَن فِي جمع الْمُؤَنَّث غير الْعَاقِل إِن كَانَ للكثرة أَن يُؤْتى بِالتَّاءِ وَحدهَا فِي الرّفْع وَهَا فِي غَيره وَإِن كَانَ للقلة أَن يُؤْتى بالنُّون فالجذوع انْكَسَرت وكسرتها أولى من انكسرن وكسرتهن والأجذاع بِالْعَكْسِ وَقد قَالَ تَعَالَى (اثْنَا

عشر شهرا ... مِنْهَا أَرْبَعَة حرم} إِلَى أَن قَالَ {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} التَّوْبَة 36 أَي فِي الْأَرْبَعَة وَالْأَحْسَن فِي جمع الْمُؤَنَّث الْعَاقِل النُّون مُطلقًا سَوَاء كَانَ جمع كَثْرَة أَو قلَّة تكسيرا أَو تَصْحِيحا فالهندات خرجن وضربتهن أولى من خرجت وضربتها قَالَ تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ} الْبَقَرَة 228 {والوالدات يرضعن} الْبَقَرَة 233 {فطلقوهن لعدتهن} الطَّلَاق 1 وَمن الْوَجْه الآخر قَوْله تَعَالَى {أَزوَاج مطهرة} الْبَقَرَة 25 فَهُوَ على طهرت وَلَو كَانَ على طهرن لقيل مطهرات وَقَول الشَّاعِر 140 - (وإذَا العَذَارى بالدُّخَان تلفَّعتْ ... ) ص الثَّانِي مُنْفَصِل وَهُوَ للرفع أَنا للمتكلم وألفه زَائِدَة على الْأَصَح والأفصح حذفهَا وصلا لَا وَقفا ويتلوه فِي الْخطاب تَاء حرفية كالاسمية لفظا وتصرفا وَقيل الْمَجْمُوع ضمير وَقيل التَّاء فَقَط وَقيل أَنا مركب من ألف أقوم وَنون نقوم وَأَنت مِنْهُمَا وتاء تقوم وَلَا يَقع أَنا موقع التَّاء وَثَالِثهَا فِي الشّعْر وَنحن لَهُ مُعظما أَو مشاركا وَقيل أَصله بِضَم الْحَاء وَسُكُون النُّون وَهِي وَهُوَ وهما وهم وَهن لغيبة وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية وَابْن كيسَان والزجاج أَن الضَّمِير الْهَاء فَقَط وَثَالِثهَا الأَصْل هُوَ وَهِي وَالْبَاقِي زَوَائِد وَقد يسكن هَاء هُوَ وَهِي بعد وَاو وَفَاء وَثمّ وَلَام وهمز اسْتِفْهَام وكاف جر وَسُكُون الْوَاو وَالْيَاء وتشديدهما لُغَة وحذفهما ضَرُورَة وَقد تسْتَعْمل هَذِه الضمائر مجرورة ش الْقسم الثَّانِي من قسمى الضَّمِير الْمُنْفَصِل وَهُوَ نَوْعَانِ مَا للرفع وَمَا للنصب وَلَا يَقع مجرورا

فَالْأول أَلْفَاظ أَحدهَا أَن بِفَتْح النُّون بِلَا ألف للمتكلم وَلكَون النُّون مَفْتُوحَة زيدت فِيهَا الْألف فِي الْوَقْف لبَيَان الْحَرَكَة كهاء السكت وَلذَلِك تعاقبها كَقَوْل حَاتِم هَذَا فزدي أَنه وَلَيْسَت الْألف من الضَّمِير بِدَلِيل حذفهَا وصلا هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَمذهب الْكُوفِيّين وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك أَن الضَّمِير هُوَ الْمَجْمُوع بِدَلِيل إِثْبَات الْألف وصلا فِي لُغَة قَالُوا وَالْهَاء فِي أَنه بدل من الْألف وَفِي الْألف لُغَات إِثْبَاتهَا وصلا ووقفا وَهِي لُغَة تَمِيم وَبهَا قَرَأَ نَافِع وَقَالَ أَبُو النَّجْم 141 - (أَنا أَبُو النّجْم وشِعْري شِعْري ... ) وحذفها فيهمَا وحذفها وصلا وإثباتها وَقفا وَهِي الفصحى ولغة الْحجاز وَإِذا أُرِيد الْخطاب زيد عَلَيْهِ تَاء لفظا وَهِي حرف خطاب لَا اسْم وَهِي كالتاء الاسمية فتفتح فِي الْمُذكر وتكسر فِي الْمُؤَنَّث فَيُقَال أَنْت وَأَنت

وَتصرف فتوصل بميم فِي جمع الْمُذكر كأنتم وبميم وَألف فِي الْمثنى كأنتما وبنون فِي جمع الْإِنَاث كأنتن وتضم التَّاء فِي الثَّلَاثَة لما تقدم هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَذهب الْفراء إِلَى أَن الضَّمِير مَجْمُوع أَن وَالتَّاء وَذهب ابْن كيسَان إِلَى أَن الضَّمِير فِي هَذِه الْمَوَاضِع التَّاء فَقَط وَهِي تَاء فعلت وَكَثُرت بِأَن وزيدت الْمِيم للتقوية وَالْألف للتثنية وَالنُّون للتأنيث ورد بِأَن التَّاء على مَا ذكر للمتكلم ومناف للخطاب وَذهب بعض الْمُتَقَدِّمين إِلَى أَن أَنا مركب من ألف أقوم وَنون نقوم وَأَنت مركب من ألف أقوم وَنون نقوم وتاء تقوم وردهَا أَبُو حَيَّان وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان قَالَ سِيبَوَيْهٍ نصا لَا تقع أَنا فِي مَوضِع التَّاء الَّتِي فِي فعلت لَا يجوز أَن يُقَال فعل أَنا لأَنهم استغنوا بِالتَّاءِ عَن أَنا وَأَجَازَ غير سِيبَوَيْهٍ فعل أَنا وَاخْتلف مجيزوه فَمنهمْ من قصره على الشّعْر وَعَلِيهِ الْجرْمِي وَمِنْهُم من أجَازه فِي الشّعْر وَغَيره وَعَلِيهِ الْمبرد وَادّعى أَن إِجَازَته على معنى لَيْسَ فِي الْمُتَّصِل لِأَنَّهُ يدخلة معنى النَّفْي والإيجاب وَمَعْنَاهُ مَا قَامَ إِلَّا أَنا وَأنْشد الْأَخْفَش الصَّغِير تَقْوِيَة لذَلِك 142 - (أصرمْتَ حَبل الحَىّ أم صَرَمُوا ... يَا صَاح بل صَرَم الحبالُ هُمُ) انْتهى وَقد تحصل عَن ذَلِك ثَلَاثَة مَذَاهِب حكيتها فِي الْمَتْن الثَّانِي نَحن للمتكلم مُعظما نَفسه نَحْو {نَحن نقص} يُوسُف 3 الْكَهْف 13 أَو مشاركا نَحْو

143 - (نَحْنُ الَّذُونَ صَبّحوا الصَّبَاحَا ... ) وَاخْتلف فِي عِلّة بنائِهِ على الضَّم فَقَالَ الْفراء وثعلب لما تضمن معنى التَّثْنِيَة

وَالْجمع قوي بأقوى الحركات وَقَالَ الزّجاج نَحن لجَماعَة وَمن عَلامَة الْجَمَاعَة الْوَاو والضمة من جنس الْوَاو وَقَالَ الْأَخْفَش الصَّغِير نَحن لِلْمَرْفُوعِ فحرك بِمَا يشبه الرّفْع وَقَالَ الْمبرد تَشْبِيها بقبل وَبعد لِأَنَّهَا مُتَعَلقَة بِشَيْء وَهُوَ الْإِخْبَار عَن اثْنَيْنِ فَأكْثر وَقَالَ هِشَام الأَصْل نَحن بِضَم الْحَاء وَسُكُون النُّون فنقلت حَرَكَة الْحَاء على النُّون وأسكنت الْحَاء والبواقي من الْأَلْفَاظ للغيبة وَذَلِكَ هُوَ للْغَائِب وَهِي للغائبة وهما لمثناهما وهم للغائبين وَهن للغائبات وَاخْتلف فِي الأَصْل مِنْهَا فَعِنْدَ الْبَصرِيين أَن هُوَ وَهِي فَقَط أصلان فضمائر الرّفْع الْمُنْفَصِلَة عِنْدهم أَرْبَعَة وزيدت الْمِيم وَالْألف وَالنُّون فِي الْمثنى وَالْجمع وَقَالَ أَبُو عَليّ الْكل أصُول وَلم يَجْعَل الْمِيم وَالنُّون وَالْألف زَوَائِد وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ والزجاج وَابْن كيسَان الضَّمِير من هُوَ وَهِي الْهَاء فَقَط وَالْوَاو وَالْيَاء زائدان كالبواقي لحذفهما فِي الْمثنى وَالْجمع وَمن الْمُفْرد فِي لُغَة قَالَ 144 - (بَينْاهُ فِي دَار صِدْق قد أَقَامَ بهَا ... ) وَقَالَ 145 - (دَار لِسُعْدى إذْهِ مِنْ هواكا ... )

وَهَذَا الْمَذْهَب هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَقد تسكن هَاء هُوَ وَهِي بعد الْوَاو وَالْفَاء وَثمّ وَاللَّام وَقُرِئَ بذلك فِي السَّبع {وَهُوَ مَعكُمْ} الْحَدِيد 4 {فَهُوَ وليهم} النَّحْل 63 {ثمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة} الْقَصَص 61 {لهي الْحَيَوَان} العنكبوت 64 وَبعد همزَة الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِه 146 - (فَقلت أهْيَ سَرَتْ أم عادني حُلُمُ ... )

وَبعد كَاف الْجَرّ كَقَوْلِه 147 - (وَقد علمُوا مَا هنّ كَهُيَ فَكيف لي ... ) وتسكين الْوَاو وَالْيَاء لُغَة قيس وَأسد كَقَوْلِه 148 - (وركضك لَوْلَا هُوْ لقيتَ الَّذِي لَقَوا ... )

وَقَوله 149 - (حبذا هَيْ من خُلَّةٍ لَو تُحَابي ... ) وَتَشْديد الْوَاو وَالْيَاء لُغَة هَمدَان كَقَوْلِه 150 - (وهوَّ على من صبَّه الله عَلْقَمُ ... ) وَقَوله 151 - (وهيَّ مَا أُمِرَتْ باللُّطف تأْتمرُ ... ) وحذفها ضَرُورَة كالبيتين السَّابِقين وَقد تسْتَعْمل هَذِه الضمائر الْمُنْفَصِلَة مجرورة حُكيَ أَنا كَأَنْت وكهو وَقَالَ 152 - (فلولا المعافاة كُنَّا كَهُمْ ... ) ص وللنصب إيا ويليه دَلِيل مُرَاد بِهِ من مُتَكَلم وَغَيره اسْما مُضَافا إِلَيْهِ عِنْد الْخَلِيل وحرفا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ الْمُخْتَار وَقيل اللواحق هِيَ الضمائر وإيا حرف دعامة وَقيل اسْم ظَاهر مُضَاف وَقيل

بَين الظَّاهِر والمضمر وَقيل الْمَجْمُوع الضَّمِير وَالصَّوَاب أَن إيا غير مُشْتَقَّة وَقد تخفف كسرا وفتحا مَعَ همزَة وهاء ش النَّوْع الثَّانِي من الْمُضمر الْمُنْفَصِل مَا للنصب وَهُوَ لفظ وَاحِد وَذَلِكَ إيا ويليه دَلِيل مَا يُرَاد بِهِ من مُتَكَلم أَو مُخَاطب أَو غَائِب إفرادا وتثنية وجمعا تذكيرا وتأنيثا فَيُقَال إيَّايَ إيانا إياك إياك إياكما إياكن إِيَّاه إِيَّاهَا إيَّاهُمَا إيَّاهُم إياهن وَهَذِه اللواحق حُرُوف تبين الْحَال كاللاحقة فِي أَنْت وأنتما وَأَنْتُم وأنتن وكاللواحق فِي اسْم الْإِشَارَة هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والفارسي وَعَزاهُ صَاحب البديع إِلَى الْأَخْفَش قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الَّذِي صَححهُ أَصْحَابنَا وشيوخنا وَذهب الْخَلِيل والمازني وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا أَسمَاء مضمرة أضيف إِلَيْهَا الضَّمِير الَّذِي هُوَ إيا لظُهُور الْإِضَافَة فِي قَوْله فإياه وإيا الشواب وَهُوَ مَرْدُود لشذوذه وَلم تعهد إِضَافَة الضمائر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَو كَانَت إيا مُضَافَة لزم إعرابها لِأَنَّهَا مُلَازمَة لما ادعوا إضافتها إِلَيْهِ والمبني إِذا لزم الْإِضَافَة أعرب كأي بل أولى لِأَن إيا لَا تنفك وَأي قد تنفك عَن الْإِضَافَة وَذهب الْفراء إِلَى أَن اللواحق هِيَ الضمائر فإيا حرف زيد دعامة يعْتَمد عَلَيْهَا اللواحق لتنفصل عَن الْمُتَّصِل وَوَافَقَهُ الزّجاج فِي أَن اللواحق ضمائر إِلَّا أَنه قَالَ إِن إيا اسْم ظَاهر أضيف إِلَى اللواحق فَهِيَ فِي مَوضِع جر بِهِ وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه إِنَّه بَين الظَّاهِر والمضمر وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ مَجْمُوع إيا ولواحقها هُوَ الضَّمِير فَهَذِهِ سِتَّة مَذَاهِب وإيا على اخْتِلَاف هَذِه الْأَقْوَال لَيست مُشْتَقَّة من شَيْء وَذهب أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره إِلَى أَنَّهَا مُشْتَقَّة ثمَّ أختلف فَقيل اشتقاقها من لفظ أَو من قَوْله 153 - (فأوٍّ لذكراها إِذا مَا ذكرتها ... )

وَقيل من الأية فَتكون عينهَا يَاء ثمَّ اخْتلف فِي وَزنهَا فَقيل إفعل وَالْأَصْل إووو أَو إأوى وَقيل فعيل إويو أَو إويي وَقيل فعول وَالْأَصْل إووو أَو إويي وَقيل فعلى وَالْأَصْل إويا أَو إووى وَفِي إيا سبع لُغَات قرئَ بهَا بشديد الْيَاء وتخفيفها مَعَ الْهمزَة وإبدالها هَاء مَكْسُورَة ومفتوحة فَهَذِهِ ثَمَانِيَة يسْقط مِنْهَا فتح الْهَاء مَعَ التَّشْدِيد فالتشديد مَعَ كسر الْهمزَة قِرَاءَة الْجُمْهُور وَمَعَ الْفَتْح قِرَاءَة عَليّ وَمَعَ كسر الْهَاء قِرَاءَة وَالتَّخْفِيف مَعَ كسر الْهمزَة قِرَاءَة عَمْرو بن فائد وَمَعَ الْفَتْح قِرَاءَة الرقاشِي وَمَعَ كسر الْهَاء قِرَاءَة وَمَعَ فتحهَا قِرَاءَة أبي السوار الغنوي فَائِدَة علم مِمَّا تقدم أَن الْمجمع على كَونه ضميرا سِتَّة أَلْفَاظ التَّاء وَالْكَاف وَالْهَاء وياء الْمُتَكَلّم وَأَنا وَنحن وتضم إِلَيْهَا على الْمُخْتَار سِتَّة أُخْرَى النُّون وَالْوَاو وَالْألف وياء المخاطبة ونا وإيا وَيضم إِلَيْهَا على رَأْي الْبَصرِيين هُوَ وَهِي وعَلى رَأْي قوم هَا ورأي قوم أَنْت فتكمل سِتَّة عشر وعَلى رَأْي أبي عَليّ هما وهم وَهن فَهَذِهِ مَجْمُوع الضمائر بِاتِّفَاق وَاخْتِلَاف ص مَسْأَلَة يجب استتار مَرْفُوع أَمر ومضارع غير غيبَة واسمهما والتعجب والتفضيل وَفعل الِاسْتِثْنَاء وَيجوز فِي غَيرهَا ش من الضمائر مَا يجب استتاره وَهُوَ مَا لَا يخلفه ظَاهر وَهُوَ الْمَرْفُوع بِفعل الْأَمر كاضرب والمضارع للمتكلم كأضرب ونضرب أَو الْمُخَاطب

كتضرب وَاسم فعل الْأَمر كصه ونزال ذكره فِي التسهيل وَاسم فعل الْمُضَارع كأوه وأف زَاده أَبُو حَيَّان فِي شَرحه والتعجب ك مَا أحسن زيدا والتفضيل ك زيد أفضل من عَمْرو وأفعال الِاسْتِثْنَاء ك قَامُوا مَا خلا زيدا وَمَا عدا عَمْرو وَلَا يكون خَالِدا زَادهَا ابْن هِشَام فِي التَّوْضِيح وَابْن مَالك فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء من التسهيل وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان وَذهب سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين إِلَى أَن فَاعل حاشا وخلا وَعدا إِذا نصبت ضمير مستكن فِي الْفِعْل لَا يبرز عَائِد على الْبَعْض الْمَفْهُوم من الْكَلَام وَلذَلِك لَا يثنى وَلَا يجمع وَلَا يؤنث لِأَنَّهُ عَائِد على مُفْرد مُذَكّر وَالتَّقْدِير خلا هُوَ أَي بَعضهم زيدا وَذهب الْمبرد إِلَى أَنه عَائِد على من الْمَفْهُوم من معنى الْكَلَام الْمُتَقَدّم فَإِذا قلت قَامَ الْقَوْم علم الْمُخَاطب وَحصل فِي نَفسه أَن زيدا بعض من قَامَ فَإِذا قلت عدا زيدا فالتقدير عدا هُوَ أَي عدا من قَامَ زيدا وَقَالَ ابْن مَالك الأجود أَن يعود الضَّمِير على مصدر الْفِعْل أَي عدا قيامهم وَهُوَ غير مطرد فِيمَا لم يتقدمه فعل أَو نَحْو قَالَ وَكَذَا لَيْسَ وَلَا يكون اتّفق البصريون والكوفيون على أَن الِاسْم فيهمَا مُضْمر لَازم الْإِضْمَار ثمَّ قَالَ البصريون هُوَ عَائِد على الْبَعْض الْمَفْهُوم من الْكَلَام السَّابِق وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ على الْمصدر الْمَفْهُوم من الْفِعْل السَّابِق ورد بِأَنَّهُ غير مطرد كَمَا تقدم قَالَ وَإِنَّمَا الْتزم الْإِضْمَار فِي هَذِه الْأَفْعَال الْخَمْسَة لجريانها مجْرى أَدَاة الِاسْتِثْنَاء الَّتِي هِيَ أصل فِيهِ وَهِي إِلَّا فَكَمَا أَنه لَا يظْهر بعْدهَا سوى اسْم وَاحِد فَكَذَلِك بعد مَا جرى مجْراهَا انْتهى وَمَا عدا ذَلِك جَائِز الاستتار وَهُوَ الْمَرْفُوع بالماضي كضرب وَضربت وَاسم فعله كهيهات والمضارع الْغَائِب كيضرب وتضرب هِنْد وَالْوَصْف كضارب ومضروب والظرف كزيد عنْدك أَو فِي الدَّار ص مَسْأَلَة أخص الضمائر الأعرف ويغلب فِي الِاجْتِمَاع وَمَتى أمكن مُتَّصِل تعين اخْتِيَارا وَيتَعَيَّن الْفَصْل إِن حصر بإنما وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَنه ضَرُورَة وَخير الزّجاج أَو رفع بمصدر مُضَاف لمنصوب أَو بِصفة جرت على غير

صَاحبهَا أَو أضمر عَامله أَو أخر أَو كَانَ معنويا أَو حرف نفي أَو فَصله متبوع خلافًا لمن خصّه بالشعر أَو ولي وَاو مَعَ أَو إِلَّا أَو إِمَّا أَو لاما فارقة أَو نَصبه عَامل فِي مُضْمر قبله غير مَرْفُوع إِن اتحدا رُتْبَة وَرُبمَا اتصلا غيبَة إِن اخْتلفَا لفظا وجازا رُتْبَة وَيجب غَالِبا تَقْدِيم الْأَخَص وصلا فَإِن أخر تعين الْفَصْل وَقيل يحسن وَثَالِثهَا يحسن فِي ضمير مثنى أَو ذُكُور قيل أَو إناث وَيجب فِي غَيره ويختار وصل هَاء أعطيتكه وخلتنيه فِي الْإِخْبَار على الْأَصَح فيهمَا وانفصال ثَانِي ضربيه وضربكه ومعطيكه وَكَذَا خلتكه وكنته وَقيل وصلهما وَثَالِثهَا وصل كَانَ دون خلت وَيتَعَيَّن الْفَصْل فِي أَخَوَات كَانَ ومفاعيل أعلم إِن كن ضمائر فَغير الثَّالِث كأعطيت وَكَذَا اثْنَان أَو وَاحِد اتَّصل ش أخص الضمائر أعرفهَا فضمير الْمُتَكَلّم أخص من ضمير الْمُخَاطب وَضمير الْمُخَاطب أخص من ضمير الْغَائِب وَذَلِكَ لقلَّة الِاشْتِرَاك وَإِذا اجْتمع الْأَخَص وَغَيره غلب الْأَخَص تقدم أم تَأَخّر فَيُقَال أَنا وَأَنت أَو أَنْت وَأَنا فعلنَا وَلَا يُقَال فعلتما أَنْت وَهُوَ أَو هُوَ وَأَنت فعلتما وَلَا يُقَال فعلا وَمَتى أمكن اتِّصَال الضَّمِير لم يعدل إِلَى الْمُنْفَصِل لقصد الِاخْتِصَار الْمَوْضُوع لأَجله الضَّمِير إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه 154 - (بالباعث الوارثِ الأمواتِ قد ضَمِنَتْ ... إيّاهم الأرضُ فِي دهر الدّهارير)

وَيتَعَيَّن انْفِصَال الضَّمِير فِي صور أَحدهَا أَن يحصر بإنما كَقَوْلِه 155 - ( ... ... ... ... ... ... ... ... . وَإِنَّمَا ... يدافع عَن أحسابهَم أَنا أوْ مِثْلى)

هَذَا مَا جزم بِهِ ابْن مَالك وَزعم سِيبَوَيْهٍ أَن الْفَصْل فِي الْبَيْت وَنَحْوه من الضرورات وتوسط الزّجاج فَأَجَازَهُ وَلم يَخُصُّهُ بِالضَّرُورَةِ وَلم يُوجِبهُ الثَّانِيَة أَن يرفع بمصدر مُضَاف إِلَى الْمَنْصُوب كعجبت من ضربك هُوَ قَالَ 156 - (بنصركُم نحنُ كُنْتُم ظافرين فقد ... )

الثَّالِثَة أَن يرفع بِصفة جرت على غير صَاحبهَا كزيد هِنْد ضاربها هُوَ قَالَ 157 - (غَيْلانُ مَيّةَ مشغوفٌ بهَا هُوَ مُذْ ... بَدَتْ لَهُ فحِجَاه بانَ أَو كَربَا) الرَّابِعَة أَن يضمر عَامله كَقَوْلِه 158 - (وَإِن هُوَ لم يحمل على النَّفس ضَيْمَها ... ) وَقَوله 159 - (فَإِن أنتَ لم ينفعك عِلْمُكَ فَانْتَسِبْ ... ) الْخَامِسَة أَن يوخر عَامله ك {إيا نعْبد} الْفَاتِحَة 5 السَّادِسَة أَن يكون عَامله معنويا وَهُوَ الِابْتِدَاء نَحْو أَنْت تقوم

السَّابِعَة أَن يكون عَامله حرف نفي نَحْو {مَا هن أمهاتهم} المجادلة 2 {وَمَا أَنْتُم بمعجزين} العنكبوت 22 160 - (إِن هُوَ مُسْتَولِياً على أَحَدٍ ... ) الثَّامِنَة أَن يفصلة متبوع كَقَوْلِه 161 - (فَالله يَرْعى أَبَا حَرْب وإيّانَا ... )

1 - وَخَصه بَعضهم بِالضَّرُورَةِ ورد بقوله تَعَالَى {يخرجُون الرَّسُول وَإِيَّاكُم} الممتحنة 1 التَّاسِعَة أَن يلى وَاو مَعَ كَقَوْلِه 162 - (تكون وإيّاها بهَا مثلا بعدِي ... ) الْعَاشِرَة أَن يَلِي إِلَّا نَحْو {أَمر أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} يُوسُف 40 مَا قَامَ إِلَّا أَنا الْحَادِيَة عشرَة أَن يَلِي إِمَّا نَحْو قَامَ إِمَّا أَنا وَإِمَّا أَنْت الثَّانِيَة عشرَة أَن يَلِي اللَّام الفارقة كَقَوْلِه 163 - (إِن وجدتُ الصّدِيقَ حقًّا لإيّاك ... فَمُرْنِى فَلَنْ أَزَال مُطِيعا) الثَّالِثَة عشرَة أَن ينصبه عَامل فِي مُضْمر قبله غير مَرْفُوع إِن اتحدا رُتْبَة نَحْو علمتني إيَّايَ وعلمتك إياك وعلمته إِيَّاه بِخِلَاف مَا لَو كَانَ الضَّمِير الأول مَرْفُوعا كالتاء من علمتني فَإِنَّهُ لَا يجوز فصل الْيَاء بعْدهَا وَأما إِذا لم يتحدا بِأَن كَانَ أَحدهمَا لمتكلم أَو لمخاطب أَو لغَائِب وَالْآخر لغيره فَإِن الْفَصْل حِينَئِذٍ لَا يتَعَيَّن بل يجوز الْوَصْل والفصل نَحْو الدِّرْهَم أعطيتكه وأعطيتك إِيَّاه نعم قد يتحدان فِي الرُّتْبَة وَلَا يتَعَيَّن الْفَصْل وَذَلِكَ إِذا كَانَ لغَائِب وَاخْتلف لَفْظهمَا حكى الْكسَائي هم أحسن النَّاس وُجُوهًا وأنضرهموها وَقَالَ الشَّاعِر 164 - (بِوَجْهِك فى الْإِحْسَان بسطٌ وبهجةٌ ... أنَا لَهُمَاهُ قَفْوُ أكْرَم وَالِدِ)

صفحة فارغة

وَمَعَ ذَلِك فالفصل أَكثر وَأحسن فَإِن لم يخْتَلف اللفظان تعين الْفَصْل وَإِذا اجْتمع ضميران فَأكْثر مُتَّصِلَة فَإِن اخْتلفت الرُّتْبَة وَجب غَالِبا تَقْدِيم الْأَخَص فَيقدم الْمُتَكَلّم ثمَّ الْمُخَاطب ثمَّ الْغَائِب نَحْو الدِّرْهَم أعطيتكه فَإِن أخر الْأَخَص تعين الْفَصْل نَحْو الدِّرْهَم أَعْطيته إياك وندر قَول عُثْمَان أراهمني الْبَاطِل شَيْطَانا وَالْقِيَاس أرانيه وَذهب الْمبرد وَكثير من القدماء إِلَى أَن الْفَصْل مَعَ التَّأْخِير أحسن لَا وَاجِب وَأَن الِاتِّصَال أَيْضا جَائِز نَحْو أعطيتهوك وَذهب الْفراء إِلَى تعين الِانْفِصَال إِلَّا أَن يكون ضمير مثنى أَو ضمير جمَاعَة ذُكُور فَيجوز إِذْ ذَاك الِاتِّصَال والانفصال أحسن نَحْو الدرهمان أعيطتهماك والغلمان أعطيتهموك وَوَافَقَ الْكسَائي وَالْفراء وَزَاد جَوَاز الِاتِّصَال إِذا كَانَ الأول ضمير جمَاعَة الْإِنَاث نَحْو الدَّرَاهِم أعطيتهنكن وَإِذا كَانَ الْفِعْل يتَعَدَّى لاثْنَيْنِ لَيْسَ ثَانِيهمَا خَبرا فِي الأَصْل وجاءا ضميرين مختلفي الرُّتْبَة جَازَ فِي الثَّانِي الْوَصْل والفصل نَحْو الدِّرْهَم أعطيتكه وأعطيتك إِيَّاه والوصل أرجح عِنْد ابْن مَالك ولازم عِنْد سِيبَوَيْهٍ ومرجوح عِنْد الشلوبين فَهَذِهِ ثَلَاثَة مَذَاهِب فَإِن أخْبرت عَن الْمَفْعُول الثَّانِي مِنْهُ بِالَّذِي جَازَ أَيْضا نَحْو الَّذِي أَعْطيته زيدا دِرْهَم وَالَّذِي أَعْطَيْت إِيَّاه زيدا دِرْهَم والوصل أرجح عِنْد الْمَازِني وَابْن مَالك لِأَنَّهُ الأَصْل والفصل أرجح عِنْد قوم ليَقَع الضَّمِير موقع الْمخبر عَنهُ على قَاعِدَة بَاب الْإِخْبَار وَيجوز الْأَمْرَانِ أَيْضا فِي كل ضمير مَنْصُوب بمصدر مُضَاف إِلَى ضمير قبله هُوَ فَاعل أَو مفعول أَو باسم فَاعل مُضَاف إِلَى ضمير هُوَ مفعول أول نَحْو زيد عجبت من ضربيه وضربي إِيَّاه وَمن ضربكه وضربك إِيَّاه وَالدِّرْهَم زيد معطيكه

ومعطيك إِيَّاه والفصل فِي الثَّلَاثَة أرجح بِلَا خلاف وَمَسْأَلَة اسْم الْفَاعِل زَادهَا أَبُو حَيَّان على التسهيل وَيجوز الْأَمْرَانِ أَيْضا فِي كل ضمير مَنْصُوب هُوَ خبر فِي الأَصْل كثاني بَاب ظن وَكَانَ نَحْو خلتكه وخلتك إِيَّاه وكنته وَكنت إِيَّاه وَفِي الْأَرْجَح مَذَاهِب أَحدهَا الْفَصْل فيهمَا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ خبر فِي الأَصْل وَلَو بَقِي على مَا كَانَ لوَجَبَ الْفَصْل فَكَانَ بعد النَّاسِخ راجحا وَالثَّانِي الْوَصْل فيهمَا وَرجحه ابْن مَالك فِي الألفية لِأَنَّهُ الأَصْل وَالثَّالِث التَّفْصِيل وَهُوَ الْفَصْل فِي بَاب ظن والوصل فِي بَاب كَانَ وَرجحه ابْن مَالك فِي التسهيل وَفرق بِأَن الضَّمِير فِي خلتكه قد حجزه عَن الْفِعْل مَنْصُوب آخر بِخِلَافِهِ فِي كنته فَإِن لم يحجزه إِلَّا مَرْفُوع وَالْمَرْفُوع كجزء من الْفِعْل فَكَانَ الْفِعْل مباشرا لَهُ فَهُوَ شَبيه بهاء ضَربته وَلِأَن الْوَارِد عَن الْعَرَب من انْفِصَال بَاب ظن واتصال بَاب كَانَ أَكثر من خلافهما أما أَخَوَات كَانَ فَيتَعَيَّن فِيهَا الْفَصْل كَمَا فِي البديع وَغَيره كَقَوْلِه 165 - (لَيْسَ إيّاي وإيّاكَ ... وَلَا نَخْشَى رَقِيبَا) وشذ قَوْلهم ليسي وليسك وَإِذا وَردت مفاعيل أعلم الثَّالِثَة ضمائر فَحكم الأول وَالثَّانِي حكم بَاب أَعْطَيْت وَإِن كَانَ بَعْضهَا ظَاهرا فَإِن كَانَ الْمُضمر وَاحِدًا وَجب اتِّصَاله أَو اثْنَيْنِ أول وثان فكأعطيته أَو ثَان وثالث فكظننت ص مَسْأَلَة يجب قبل يَاء الْمُتَكَلّم إِن نصبت بِغَيْر صفة نون وقاية وحذفها مَعَ التَّعَجُّب وَلَيْسَ وليت وَقد وقط وَمن وَعَن شَاذ على الْأَصَح وَمَعَ بجل وَلَعَلَّ أَجود ولدن وأخوات لَيْت جَائِز وَقيل أَجود وَقَالَ قوم الْمَحْذُوف

من أَخَوَات لَيْت المدغمة وَقوم المدغم فِيهَا وَيجْرِي فِي نَحْو أَنا وَيجب فِي لد وَقد تلْحق أفعل من وَاسم الْفَاعِل وَقيل إِن نَحْو أمسلمني تَنْوِين وَالْمُخْتَار أَنَّهَا المحذوفة فِي فليني خلافًا لِابْنِ مَالك ش يلْحق وجوبا قبل يَاء الْمُتَكَلّم إِن نصبت بِغَيْر صفة نون الْوِقَايَة وَذَلِكَ بِأَن ينصب بِالْفِعْلِ مَاضِيا أَو مضارعا وأمرا كأكرمني ويكرمني وأكرمني متصرفا كَمَا مثل أَو جَامِدا كهبني وعساني وليسني وَمَا أحسنني وَاسم الْفِعْل نَحْو رويدني وعليكني أَو الْحَرْف نَحْو إِنَّنِي وكأنني وليتني ولعلني ولكنني وَسميت نون الْوِقَايَة لِأَنَّهَا تَقِيّ الْفِعْل من الْكسر الْمُشبه للجر وَلذَا لم تلْحق الْوَصْف نَحْو الضاربي وأصل اتصالها بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا اتَّصَلت بِغَيْرِهِ للشبه بِهِ وَقَالَ ابْن مَالك بل لِأَنَّهَا تَقِيّ من التباس أَمر الْمُذكر بِأَمْر الْمُؤَنَّث لَو قيل أكرمني وَمن التباس يَاء المخاطبة بياء الْمُتَكَلّم فِيهِ وَمن التباس الْفِعْل بِالِاسْمِ فِي نَحْو ضربي إِذْ الضَّرْب اسْم للْفِعْل وَقد لحق الْكسر الْفِعْل فِي نَحْو أكرمي وَلم يبال بِهِ انْتهى وَكَذَا يجب إِلْحَاق النُّون إِذا جرت بِمن أَو عَن أَو قد أَو قطّ أَو بجل وَالثَّلَاثَة بِمَعْنى حسب أَو لدن فَيُقَال مني وعني وقدني وقطني وبجلني ولدني وَورد حذفهَا فِي بعض مَا ذكر وَهُوَ أَقسَام قسم شَاذ خَاص بِالضَّرُورَةِ وَذَلِكَ فِي سَبْعَة أَلْفَاظ فعل التَّعَجُّب وَلَيْسَ قَالَ 166 - (إِذْ ذهب الْقَوْم الكِرام ليسي ... )

وليت قَالَ 167 - (كمُنْيَةِ جَابر إذْ قَالَ لَيْتِي ... )

صفحة فارغة

وَقد قَالَ 168 - (قَدْنِي من نصر الخُبَيْبَيْن قَدِي ... )

وقط وَمن وَعَن قَالَ 169 - (أيّها السّائِلُ عَنْهُم وعَنِى ... لستُ من قيس وَلَا قيسُ مِنِى)

وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ حذفهَا فِي السعَة من فعل التَّعَجُّب لشبهه بالأسماء من حَيْثُ إِنَّه لَا يتَصَرَّف وَأَجَازَهُ قوم فِي لَيْسَ وَأَجَازَهُ الْفراء فِي لَيْت وَأَجَازَهُ الْبَدْر بن مَالك بِكَثْرَة فِي قد وقط وَأَجَازَهُ الْجُزُولِيّ فِي من وَعَن فَقولِي على الْأَصَح رَاجع للسبعة وَقسم رَاجِح وَذَلِكَ فِي لفظين بجل وَلَعَلَّ فَإِن الأعرف فِيهَا بجلي ولعلي وَهُوَ الْوَارِد فِي الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب} غَافِر 36 وَمن لحاقها قَوْله 170 - (فَقلت أعِيرَاني القَدُوم لَعلّنِي ... ) وَقسم جَائِز الْحَذف واللحوق من غير تَرْجِيح لأَحَدهمَا وَذَلِكَ فِي لدن وَإِن وَأَن وَكَأن وَلَكِن قَالَ تَعَالَى {من لدني عذرا} الْكَهْف 76 قرئَ فِي السَّبع مشددا ومخففا وَقَالَ {إِنَّنِي أَنا الله} طه 14 {إِنِّي ءامنت بربكم} يس 25 وَإِنَّمَا لحقتها النُّون تكميلا لشبهها بِالْفِعْلِ الَّذِي عملت لأَجله

وَإِنَّمَا شَذَّ الْحَذف فِي لَيْت دون الْبَوَاقِي لِأَنَّهَا أشبه بِالْفِعْلِ مِنْهُنَّ بِدَلِيل إعمالها مَعَ مَا دونهن ولاجتماع الْأَمْثَال فِي الْأَرْبَعَة والمتقاربات فِي لَعَلَّ وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْحَذف فِيهَا وَفِي لدن أَجود من الْإِثْبَات وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور فِي لدن حملا لَهَا على لد المحذوفة النُّون فَإِنَّهَا لَا تلحقها نون الْوِقَايَة بِحَال لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة مَعَ وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن الْمَحْذُوف من أَخَوَات لَيْت لَيْسَ نون الْوِقَايَة بل نون الأَصْل لِأَن تِلْكَ دخلت للْفرق فَلَا تحذف ثمَّ اخْتلف فَقيل الْمَحْذُوف النُّون الأولى المدغمة لِأَنَّهَا سَاكِنة والساكن يسْرع إِلَيْهِ الاعتلال وَقيل الثَّانِيَة المدغم فِيهَا لِأَنَّهَا ظرف وَيجْرِي هَذَا الْخلاف فِي إِنَّا وَأَنا وَلَكنَّا وكأنا فَقيل الْمَحْذُوف النُّون الأولى وَقيل الثَّانِيَة وَلم يقل أحد بِحَذْف الثَّالِثَة لِأَنَّهَا اسْم وَقد حَكَاهُ بَعضهم كَمَا ذكره ابْن قَاسم فِي شرح الألفية وَورد لُحُوق النُّون فِي غير مَا ذكر شذوذا كأفعل التَّفْضِيل كَحَدِيث غير الدَّجَّال أخوفني عَلَيْكُم تَشْبِيها لَهُ بِالْفِعْلِ وزنا وَمعنى خُصُوصا فعل التَّعَجُّب وكاسم الْفَاعِل فِي قَوْله 171 - (أمُسْلمُني إِلَى قومِي شَراحِي ... ) وَقَوله 172 - (وَلَيْسَ الموافيني ليُرفَد خائِبا ... )

تَشْبِيها لَهُ أَيْضا بِالْفِعْلِ وَذهب هِشَام إِلَى أَن النُّون فِي أمسلمني وَنَحْوه مِمَّا لَا لَام فِيهِ هِيَ التَّنْوِين وَأَجَازَ هَذَا ضاربنك وضاربني ورد بوجودها مَعَ اللَّام وَأما قَول الشَّاعِر 173 - (ترَاهُ كالثّغام يُعَلّ مسكاً ... يسوءُ الفالِياتِ إذَا فَلَيْنِى) أَي فلينني فَاخْتلف أَي النونين المحذوفة فَقَالَ الْمبرد هِيَ نون الْوِقَايَة لِأَن الأولى ضمير فَاعل فَلَا تحذف وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَرجحه ابْن جني والخضراوي وَأَبُو حَيَّان وَغَيرهم وَحكى صَاحب الْبَسِيط الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ نون الْإِنَاث وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قِيَاسا على {تأمروني} الزمر 64 قَالَ أَبُو حَيَّان هُوَ قِيَاس على مُخْتَلف فِيهِ ثمَّ هَذَا الْحَذف ضَرُورَة لَا يُقَاس عَلَيْهَا كَمَا صرح بِهِ فِي الْبَسِيط قَالَ أَبُو حَيَّان وسهله اجْتِمَاع المثلين ص مَسْأَلَة الأَصْل تَقْدِيم مُفَسّر الْغَائِب وَلَا يكون غير الْأَقْرَب إِلَّا بِدَلِيل وَهُوَ لَفظه أَو مَا يدل عَلَيْهِ حسا أَو علما أَو جزؤه أَو كُله أَو نَظِيره أَو مصاحبه بِوَجْه وَيجوز تَقْدِيم مكمل مَعْمُول فعل أَو شبهه على مُفَسّر صَرِيح إِن كَانَ مُؤخر الرُّتْبَة وَمنع الكوفية نَحْو ضاربه ضرب زيد وَمَا رأى أحب من زيد وَالْفراء زيدا غُلَامه ضرب بتصريفه وَالْجُمْهُور ضرب غُلَامه زيدا وَأَجَازَهُ الطوَال وَابْن جني وَابْن مَالك وَيجب تَقْدِيم مَرْفُوع بَاب نعم وَأول المتنازعين ومجرور رب وَمَا أبدل مِنْهُ مفسره على الْأَصَح قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ أَو أخبر عَنهُ بِهِ وَضمير الشَّأْن وَهُوَ

لَازم الْإِفْرَاد وتذكيره مَعَ مُذَكّر وتأنيثه مَعَ مؤنث أَجود وَأوجب الكوفية وَابْن مَالك التَّذْكِير مَا لم يَله مؤنث أَو مشبه بِهِ أَو فعل بعلامة فيرجح تأنيثه ويبرز مُبْتَدأ وَاسم مَا على الْأَصَح فيهمَا ومنصوبا فِي بَاب إِن وَظن ويستتر فِي كَانَ وَكَاد وَمنعه قوم وَإِنَّمَا يفسره جملَة خبرية صرح بجزأيها خلافًا للكوفية فِي ظننته قَائِما وَإنَّهُ ضرب أَو قَامَ وَلَا يتَقَدَّم خَبره وَلَا جزؤه خلافًا لِابْنِ السرافي وَلَا يتبع بتابع وزعمه ابْن الطراوة حرفا ش ضمير الْمُتَكَلّم والمخاطب يفسرهما الْمُشَاهدَة وَأما ضمير الْغَائِب فعار عَن الْمُشَاهدَة فاحتيج إِلَى مَا يفسره وأصل الْمُفَسّر الَّذِي عود عَلَيْهِ أَن يكون مقدما ليعلم الْمَعْنى بالضمير عِنْد ذكره بعد مفسره وَأَن يكون الْأَقْرَب نَحْو لقِيت زيدا وعمرا يضْحك فضمير يضْحك عَائِد على عَمْرو وَلَا يعود على زيد إِلَّا بِدَلِيل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَوَهَبْنَا لَهُ اسحاق وَيَعْقُوب وَجَعَلنَا فِي ذُريَّته النُّبُوَّة وَالْكتاب} العنكبوت 27 فضمير ذُريَّته عَائِد على إِبْرَاهِيم وَهُوَ غير الْأَقْرَب لِأَنَّهُ الْمُحدث عَنهُ من أول الْقِصَّة إِلَى آخرهَا ثمَّ الْمُفَسّر إِمَّا مُصَرح بِلَفْظِهِ وَهُوَ الْغَالِب كزيد لَقيته وَقد يَسْتَغْنِي عَنهُ بِمَا يدل عَلَيْهِ حسا نَحْو {قَالَ هِيَ راودتني عَن نَفسِي} يُوسُف 26 و {يأبت استجره} الْقَصَص 26 إِذْ لم يتَقَدَّم التَّصْرِيح بِلَفْظ زليخا ومُوسَى لِكَوْنِهِمَا كَانَا حاضرين أَو علما نَحْو {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} الْقدر 1 أَي الْقُرْآن أَو جزئه أَو كُله نَحْو {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا} التَّوْبَة 34 أَي المكنوزات الَّتِي بَعْضهَا الذَّهَب وَالْفِضَّة وَقَوله 174 - (أماويّ مَا يغنى الثّرَاءُ عَن الْفَتى ... إِذا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وضاق بهَا الصدرُ) أَي النَّفس الَّتِي هِيَ بعض الْفَتى وَجعل من ذَلِك {اعدلوا هُوَ أقرب} الْمَائِدَة 8 أَي الْعدْل الَّذِي هُوَ جُزْء مَدْلُول الْفِعْل لِأَنَّهُ يدل على الْحَدث وَالزَّمَان

وَقَوله 175 - (إِذا نُهيَ السفيهُ جرى إِلَيْهِ ... ) أَي السَّفه الَّذِي هُوَ جُزْء مَدْلُول السَّفِيه لِأَنَّهُ يدل على ذَات متصفة بالسفه أَو نَظِيره نَحْو عِنْدِي دِرْهَم وَنصفه أَي وَنصف دِرْهَم آخر وَمِنْه {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} فاطر 11 أَي عمر معمر آخر 167 - (قَالَت أَلا لَيْتما هَذَا الحمامُ لنا ... إِلَى حَمَامتنا ونِصْفَه فَقَدِ)

أَي وَنصف حمام آخر مثله فِي الْعدَد أَو مصاحبه بِوَجْه مَا كالاستغناء بمستلزم عَن مُسْتَلْزم نَحْو {فَمن عفى لَهُ من أَخِيه شَيْء فاتباع بِالْمَعْرُوفِ وأدآء إِلَيْهِ} الْبَقَرَة 178 ضمير إِلَيْهِ عَائِد إِلَى الْعَافِي الَّذِي استلزمه عُفيَ {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} ص 32 أَي الشَّمْس أُغني عَن ذكرهَا ذكر الْعشي وَقد يُخَالف الأَصْل السَّابِق فِي تَقْدِيم الْمُفَسّر فيؤخر عَن الضَّمِير وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع أَحدهَا أَن يكون الضَّمِير مكملا مَعْمُول فعل أَو شبهه إِن كَانَ الْمَعْمُول مُؤخر الرُّتْبَة وَلذَلِك صور ضرب غُلَامه زيد وَغُلَامه ضرب زيد وَضرب غُلَام أَخِيه زيد وَغُلَام أَخِيه ضرب زيد لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ يكمل الْمُضَاف وأمثلة شبه الْفِعْل أضارب غُلَامه زيد أضارب غُلَام أَخِيه زيد وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك وَشبهه لِأَن الْمَعْمُول مُؤخر الرُّتْبَة والمفسر فِي نِيَّة التَّقَدُّم هَذَا رَأْي الْبَصرِيين وَوَافَقَهُمْ الْكُوفِيُّونَ فِي صور وخالفوهم فِي صور فقالو إِذا تَأَخّر الْعَامِل عَن الْمَفْعُول وَالْفَاعِل فَإِن اتَّصل الضَّمِير بالمفعول مجرورا أَو بِمَا أضيف للْمَفْعُول جَازَ التَّقْدِيم نَحْو زيد غُلَامه ضرب وَغُلَام ابْنه ضرب زيد وَإِن اتَّصل بِهِ مَنْصُوبًا لم يجز ضاربه ضرب زيد وَإِن لم يتَّصل بالمفعول وَلَا بالمضاف لَهُ لم يجز أَيْضا نَحْو مَا رأى أحب زيد وَمَا أَرَادَ أَخذ زيد قَالُوا لِأَن فِي رأى وَأَرَادَ ضميرا مَرْفُوعا وَالْمَرْفُوع لَا ينوى بِهِ التَّأْخِير لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعه وَأجَاب البصريون بِأَن الْمَرْفُوع حِينَئِذٍ مُتَّصِل بالمنصوب والمنصوب ينوى بِهِ التَّأَخُّر فَلَيْسَ اتِّصَال الْمَرْفُوع بِهِ مِمَّا يمنعهُ مَا يجوز فِيهِ بِإِجْمَاع فَإِن قدم الْعَامِل

نَحْو أحب مَا رأى زيد وَأخذ مَا أَرَادَ زيد جَازَ عِنْد الْكُوفِيّين أَيْضا هَكَذَا نقل أَبُو حَيَّان خلاف الْكُوفِيّين وَقَالَ ابْن مَالك غلط فِي النَّقْل عَنْهُم وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان فِي آخر النَّائِب عَن الْفَاعِل لَو تقدم الْمَفْعُول على الْفِعْل نَحْو زيدا ضرب غُلَامه لم يجز ذَلِك عِنْد الْفراء وَأَجَازَهُ الْمبرد بجعله بِمَنْزِلَة ضرب زيدا غُلَامه وَقَالَ ابْن كيسَان عِنْدِي بَينهمَا فصل لِأَنَّك إِذا قلت زيدا ضرب غُلَامه فنقلت زيدا من أول الْكَلَام إِلَى آخِره وَقع بعد الْكَلَام فَصَارَ الْمُضمر قبل الْمظهر فبطلت وقولك ضرب زيدا غُلَامه فِي مَوْضِعه لَا ينْقل فَيجْعَل بعد زيد لِأَن الْعَامِل فِيهِ وَفِي الْغُلَام وَاحِد فَإِذا كَانَا جَمِيعًا بعد الْعَامِل فَكل وَاحِد مِنْهُمَا فِي مَوْضِعه انْتهى أما إِذا كَانَ الْمَعْمُول الَّذِي اتَّصل بِهِ الضَّمِير مقدم الرُّتْبَة نَحْو ضرب غُلَامه زيدا فَإِن الْجُمْهُور يمْنَعُونَ التَّقْدِيم لعود الضَّمِير على مُتَأَخّر لفظا وَنِيَّة وَحكى الصفار الْإِجْمَاع عَلَيْهِ لَكِن أجَازه أَبُو عبد الله الطوَال من الْكُوفِيّين وعزي إِلَى الْأَخْفَش وَرجحه ابْن جني وَصَححهُ ابْن مَالك لوروده فِي النّظم كثيرا كَقَوْلِه 177 - (جزى ربُّهُ عَنِّي عَدِيَّ بنَ حَاتِم ... )

وَقَوله 178 - (كسا حِلمُه ذَا الحِلم أثوابَ سُؤْدُدٍ ... )

وَقَوله 179 - (جَزَى بنُوه أَبَا الغِيلان عَن كِبَر ... )

والأولون قصروه على الشّعْر قَالَ أَبُو حَيَّان وللجواز وَجه من الْقيَاس وَهُوَ أَن الْمَفْعُول كثر تقدمه على الْفَاعِل فَيجْعَل لكثرته كالأصل وَصُورَة الْمَسْأَلَة عِنْد الْمُجِيز أَن يُشَارِكهُ صَاحب الضَّمِير فِي عَامله بِخِلَاف نَحْو ضرب غلامها جَار هِنْد فَلَا يجوز إِجْمَاعًا لِأَن هندا لم تشارك غلامها فِي الْعَامِل لِأَنَّهُ مَرْفُوع بِضَرْب وَهِي مجرورة بِالْإِضَافَة وَذَلِكَ أَن الْمُشَاركَة تَقْتَضِي الْإِشْعَار بِهِ لِأَن الْفِعْل الْمُتَعَدِّي يدل بِمُجَرَّد افْتِتَاح الْكَلَام بِهِ على فَاعل ومفعول فَإِذا لم يُشَارك لم يحصل الْإِشْعَار بِهِ فيتأكد الْمَنْع ثمَّ التَّقْدِيم فِي هَذَا الْموضع جَائِز وَفِي الْمَوَاضِع الْآتِيَة وَاجِب الثَّانِي أَن يكون الضَّمِير مَرْفُوعا بنعم رجلا زيد وَبئسَ رجلا زيد وظرف رجلا زيد الثَّالِث أَن يكون مَرْفُوعا بِأول الْفِعْلَيْنِ المتنازعين نَحْو 180 - (جَفَوْنِي وَلم أجفُ الأَخِلاّء إنّني ... )

الرَّابِع أَن يكون مجرور رب نَحْو 181 - (ورُبّهُ عَطِبًا أنقذْت من عَطَبهْ ... )

الْخَامِس أَن يُبدل مِنْهُ الْمُفَسّر نَحْو اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ الرؤوف الرَّحِيم هَذَا مَذْهَب الْأَخْفَش وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان وَمنع ذَلِك قوم وَقَالُوا الْبَدَل لَا يُفَسر ضمير الْمُبدل ورده أَبُو حَيَّان بالورود قَالَ 182 - (فلاَ تلُمْه أَن ينَام البَائِسَا ... ) وَقَالَ 183 - (فاستَاكَتْ بِهِ عُودَ إسحِل ... )

السَّادِس أَن يخبر عَنهُ بالمفسر نَحْو {إِن هِيَ إِلَّا حياتنا} الْأَنْعَام 29 قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هَذَا ضمير لَا يعلم مَا يَعْنِي بِهِ إِلَّا بِمَا يتلوه من بَيَانه وَأَصله إِن الْحَيَاة إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا ثمَّ وضع فِي مَوضِع الْحَيَاة لِأَن الْخَبَر يدل عَلَيْهَا ويبينها قَالَ وَمِنْه 184 - (هِيَ النَّفس تحمل مَا حُمِّلَتْ ... ) وَهِي الْعَرَب تَقول مَا شَاءَت قَالَ ابْن مَالك وَهَذَا من جيد كَلَامه السَّابِع ضمير الشَّأْن فَإِن مفسره الْجُمْلَة بعده قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ ضمير غَائِب يَأْتِي صدر الْجُمْلَة الخبرية دَالا على قصد الْمُتَكَلّم استعظام السَّامع حَدِيثه وتسميه البصريون ضمير الشَّأْن والْحَدِيث إِذا كَانَ مذكرا وَضمير الْقِصَّة إِذا كَانَ مؤنثا قدرُوا من معنى الْجُمْلَة اسْما جعلُوا ذَلِك الضَّمِير يفسره ذَلِك الِاسْم الْمُقدر حَتَّى يَصح الْإِخْبَار بِتِلْكَ الْجُمْلَة عَن الضَّمِير وَلَا يحْتَاج فِيهَا إِلَى رابط بِهِ لِأَنَّهَا نفس الْمُبْتَدَأ فِي الْمَعْنى وَالْفرق بَينه وَبَين الضمائر أَنه لَا يعْطف عَلَيْهِ وَلَا يُؤَكد وَلَا يُبدل مِنْهُ وَلَا يتَقَدَّم خَبره عَلَيْهِ وَلَا يُفَسر بمفرد وَسَماهُ الْكُوفِيُّونَ ضمير الْمَجْهُول لِأَنَّهُ لَا يدْرِي عِنْدهم مَا يعود عَلَيْهِ وَلَا خلاف فِي أَنه اسْم يحكم على مَوْضِعه بالإعراب على حسب الْعَامِل إِلَّا مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن الطراوة من زَعمه أَنه حرف فَإِنَّهُ إِذا دخل على إِن كفها عَن الْعَمَل كَمَا يكفها مَا وَكَذَا إِذا دخل على الْأَفْعَال الناسخة كفها وتلغى كَمَا يلغى بَاب ظن وَمَال أَبُو حَيَّان إِلَى مُوَافَقَته وَشرط الْجُمْلَة الْمُفَسّر بهَا ضمير الشَّأْن أَن تكون خبرية فَلَا يُفَسر بالإنشائية وَلَا الطلبية وَأَن يُصَرح بجزأيها فَلَا يجوز حذف جُزْء مِنْهَا فَإِنَّهُ جِيءَ بِهِ لتأكيدها وتفخيم مدلولها والحذف منَاف لذَلِك كَمَا لَا يجوز ترخيم الْمَنْدُوب وَلَا حذف حرف النداء مِنْهُ وَلَا من المستغاث وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنه يُفَسر بمفرد فَقَالُوا فِي ظنته قَائِما زيد إِن الْهَاء ضمير الشَّأْن وقائم يفسره وَزَعَمُوا أَيْضا أَنه

يجوز حذف جُزْء الْجُمْلَة فَيُقَال إِنَّه ضرب وَإنَّهُ قَامَ على حذف الْمسند إِلَيْهِ من غير إِرَادَة وَلَا إِضْمَار وَلَا يجوز أَيْضا تقدم هَذِه الْجُمْلَة وَلَا جزئها قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَقد غلط يُوسُف بن السيرافي إِذْ قَالَ فِي قَوْله 185 - (أسكرانُ كَانَ ابنُ المَراغة ... ) إِن كَانَ شأنية وَابْن المراغة وسكران مُبْتَدأ وَخبر وَالْجُمْلَة خبر كَانَ وَضمير الشَّأْن لَازم الْإِفْرَاد لِأَنَّهُ ضمير يفسره مَضْمُون الْجُمْلَة ومضمون الْجُمْلَة شَيْء مُفْرد وَهُوَ نِسْبَة الحكم للمحكوم عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا تَثْنِيَة فِيهِ وَلَا جمع وَمذهب الْبَصرِيين أَن تذكيره مَعَ الْمُذكر وتأنيثه مَعَ الْمُؤَنَّث أحسن من خلاف ذَلِك نَحْو {قل هُوَ الله أحد} الْإِخْلَاص 1 {فَإِذا هِيَ شاخصة أبصار الَّذين كفرُوا} الْأَنْبِيَاء 97 {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} الْحَج 46 وَيجوز التَّذْكِير مَعَ الْمُؤَنَّث حكى إِنَّه أمة الله ذَاهِبَة والتأنيث مَعَ الْمُذكر كَقِرَاءَة {أَو لم تكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ} الشُّعَرَاء 197 بالفوقية فَإِن الِاسْم أَن يُعلمهُ وَهُوَ مُذَكّر وَأوجب الْكُوفِيُّونَ الأول وَهُوَ مَرْدُود بِالسَّمَاعِ حكى إِنَّه أمة الله ذَاهِبَة وَفصل ابْن مَالك فَقَالَ يجب التَّذْكِير كَمَا يجب الْإِفْرَاد فَإِن وليه مؤنث نَحْو إِنَّهَا جاريتك ذَاهِبَة أَو مُذَكّر شبه بِهِ الْمُؤَنَّث نَحْو إِنَّهَا قمر جاريتك أَو فعل بعلامة تَأْنِيث نَحْو {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} الْحَج 46 فالتأنيث فِي الصُّور الثَّلَاث أرجح من التَّذْكِير لما فِيهِ من مشاكلة اللَّفْظ ويبرز ضمير الشَّأْن مُبْتَدأ نَحْو {قل هُوَ الله أحد} وَاسم مَا كَقَوْلِه

186 - (وَمَا هُوَ من يأسو الكُلُوم ويَتُقَّى ... بِهِ نائباتُ الدّهر كالدائم البُخل) وَمنع الْأَخْفَش وَالْفراء وُقُوعه مُبْتَدأ وَقَالا لَا يَقع إِلَّا مَعْمُولا وَمنع بَعضهم وُقُوعه اسْم مَا ويبرز مَنْصُوبًا فِي بَابي إِن وَظن نَحْو {وَأَنه لما قَامَ عبد الله} الْجِنّ 19 وَقَوله 187 - (عَلمْتُه الحقَّ لَا يَخْفى على أحَدِ ... ) ويستكن فِي بَاب كَانَ وَكَاد نَحْو 188 - (إِذا متُّ كَانَ الناسُ صنفان شامِتٌ ... وآخرُ مُثْن بِالَّذِي كنتُ أصْنَعُ) وَقَالَ تَعَالَى {من بعد مَا كَاد يزِيغ قُلُوب فريق مِنْهُم} التَّوْبَة 117 فى قِرَاءَة يزِيغ بالتحتية وَمنع الْفراء وُقُوعه فى بَاب كَانَ وَطَائِفَة وُقُوعه فى بَاب كَاد ص الْفَصْل وَيُسمى عمادا وجعامة وَصفَة ضمير رفع مُنْفَصِل يَقع مطابقا لمعْرِفَة قبل مُبْتَدأ أَو مَنْسُوخ بعده معرفَة أَو كهي فى منع اللَّام جَامِدا أَو مشتقا لَا إِن مُتَعَلّقه فى الْأَصَح قَالَ ابْن مَالك وَقد يَقع بِلَفْظ غيبَة بعد حَاضر مقَام مُضَاف وَجوز الْأَخْفَش وُقُوعه بَين حَال وصاحبها وَقوم بَين نكرتين كمعرفة وَقوم مُطلقًا وَقوم بعد اسْم لَا وَقوم قبل مضارع وَيتَعَيَّن كَونه فصلا إِن وليه نصب وَولي ظَاهرا مَنْصُوبًا أَو قرن بلام الْفرق على الْأَصَح ويحتمله والابتداء قبل رفع وَالْبدل أَيْضا بعده والتوكيد أَيْضا بعد ضَمِيره وَيتَعَيَّن الِابْتِدَاء قبل رفع مَا ينصب

قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَفَاء الْجَزَاء والبصرية تلو إِلَّا وَالْفراء وَإِنَّمَا وَلَا النافية وَقبل عَارض أل وَفِي بَاب مَا وَرجحه فِي لَيْسَ وَتَمِيم مُطلقًا وَالأَصَح وجوب رفع مَعْطُوف بِالْوَاو وَلَا وَلَكِن إِن كرر الضَّمِير والجزأين إِن اتفقَا وَنَحْو مَا بَال زيد هُوَ الْقَائِم ومررت بِعَبْد الله هُوَ السَّيِّد وظننت زيدا هُوَ الْقَائِم جَارِيَته وَثَالِثهَا إِن كَانَ غير خلف وَمنع هِيَ الْقَائِمَة ووقوعه بَين ضميرين وخبرين وتصديره وتقدمه مَعَ الْخَبَر وتوسطه بعد كَانَ وَظن وَيجوز بَين مفعولي ظن الْمُتَأَخر قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي الْمُتَوَسّط نظر وَالأَصَح أَنه اسْم وَلَا مَحل لَهُ وَقيل مَحَله كتاليه وَقيل كمتلوه وَفَائِدَته الْإِعْلَام بِأَن تاليه خبر لَا تَابع والتأكيد قَالَ البيانيون والاختصاص ش هَذَا مَبْحَث الضَّمِير الْمُسَمّى عِنْد الْبَصرِيين بِالْفَصْلِ لِأَنَّهُ فصل بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَقيل لِأَنَّهُ فصل بَين الْخَبَر والنعت وَقيل لِأَنَّهُ فصل بَين الْخَبَر وَالتَّابِع لِأَن الْفَصْل بِهِ يُوضح كَون الثَّانِي خَبرا لَا تَابعا وَهَذَا أحسن لِأَنَّهُ قد يفصل حَيْثُ لَا يصلح النَّعْت نَحْو كنت أَنْت الْقَائِم إِذْ الضَّمِير لَا ينعَت والكوفيون يسمونه عمادا لِأَنَّهُ يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الْفَائِدَة إِذْ بِهِ يتَبَيَّن أَن الثَّانِي خير لَا تَابع وَبَعض الْكُوفِيّين يُسَمِّيه دعامة لِأَنَّهُ يدعم بِهِ الْكَلَام أَي يقوى بِهِ ويؤكد والتأكيد من فَوَائِد مَجِيئه وَبَعض الْمُتَأَخِّرين سَمَّاهُ صفة قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَعْنِي بِهِ التَّأْكِيد وَمذهب الْخَلِيل وسيبويه وَطَائِفَة أَنه بَاقٍ على اسميته وَذهب أَكثر النُّحَاة إِلَى أَنه حرف وَصَححهُ ابْن عُصْفُور كالكاف فِي الْإِشَارَة وَإِذا قُلْنَا باسميته فَالصَّحِيح أَنه لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَعَلِيهِ الْخَلِيل لِأَن الْغَرَض بِهِ الْإِعْلَام من أول وهلة بِكَوْن الْخَبَر خَبرا لَا صفة فَاشْتَدَّ شبهه بالحرف إِذْ لم يجَأ بِهِ إِلَّا لِمَعْنى فِي غَيره فَلم يحْتَج إِلَى مَوضِع بِسَبَب الْإِعْرَاب وَقَالَ الْكسَائي مَحَله مَحل مَا بعده وَقَالَ الْفراء كمحل مَا قبله فَفِي زيد هُوَ الْقَائِم مَحَله رفع عِنْدهمَا وَفِي ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم مَحَله نصب عِنْدهمَا

وَفِي كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم مَحَله عِنْد الْكسَائي نصب وَعند الْفراء رفع وَفِي إِن زيدا هُوَ الْقَائِم بِالْعَكْسِ وَيَقَع بِلَفْظ الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل مطابقا مَا قبله فِي الْإِفْرَاد والتثنية وَالْجمع والتذكير والتأنيث والتكلم وَالْخطاب والغيبة وَلَا يَقع إِلَّا بعد معرفَة الْمُبْتَدَأ أَو مَنْسُوخ نَحْو زيد هُوَ الْقَائِم {كنت أَنْت الرَّقِيب} الْمَائِدَة 117 {إِن هَذَا لَهو الْقَصَص} آل عمرَان 62 {تَجِدُوهُ عِنْد الله هُوَ خيرا وَأعظم أجرا} المزمل 20 وَلَا يَقع بعده إِلَّا اسْم معرفَة كالأمثلة الأول أَو شَبيه بِهِ افي امْتنَاع دُخُول أل عَلَيْهِ كالمثال الْأَخير سَوَاء كَانَ ظَاهرا أم مضمرا أم مُبْهما أم مُعَرفا بِاللَّامِ أم مُضَافا جَامِدا أم مشتقا لم يتَقَدَّم مُتَعَلّقه عَلَيْهِ سَوَاء كَانَ النَّاسِخ فعلا أم حرفا هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور فِي الْجَمِيع وَفِي كلا خلاف مَذْهَب ابْن مَالك إِلَى أَنه قد تَنْتفِي الْمُطَابقَة فَيَقَع بِلَفْظ الْغَيْبَة بعد حَاضر قَائِم مقَام مُضَاف كَقَوْلِه: 189 - (وكائِنْ بالأباطح من صَدِيق ... يَرَانى لَو أُصَبْتُ هُوَ المُصابَا) فَهُوَ فصل بِلَفْظ الْغَيْبَة بعد الْمَفْعُول الأول وَهُوَ الْيَاء فِي يراني على حذف مُضَاف أَي مصابي هُوَ الْمُصَاب فَحذف الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَحمله العسكري فِي الْمِصْبَاح على أَن هُوَ تَأْكِيد للْفَاعِل فِي يراني والمضاف مُقَدّر والمصاب مصدر أَي يظنّ مصابي الْمُصَاب أَي يحقر كل مصاب دونه وَقَالَ غَيره هُوَ عِنْد صديقه بِمَنْزِلَة نَفسه فَإِذا أُصِيب فِي نَفسه فَكَأَن صديقه قد أُصِيب فَجعل ضمير الصّديق مؤكدا لضميره لِأَنَّهُ هُوَ فِي الْمَعْنى مجَازًا واتساعا فَهُوَ من بَاب زيد زُهَيْر وَذهب الْأَخْفَش إِلَى جَوَاز وُقُوعه بَين الْحَال وصاحبها كَقِرَاءَة {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم} هود 78 بِنصب أطهر وَتقول هَذَا زيد هُوَ خيرا مِنْك

ورد بِأَن أطهر نصب ب لكم على أَنه خبر هن فَيكون من تَقْدِيم الْحَال على عاملها الظرفي وَذهب قوم إِلَى جَوَاز وُقُوعه بَين نكريتين كمعرفتين فِي امْتنَاع دُخُول أل عَلَيْهِمَا نَحْو مَا أَظن أحدا هُوَ خيرا مِنْك وحسبت خيرا من زيد هُوَ خيرا من عَمْرو وَذهب قوم من الْكُوفِيّين إِلَى جَوَاز وُقُوعه بَين نكرتين مُطلقًا وَخَرجُوا عَلَيْهِ {أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} النَّحْل 92 وَذهب قوم مِنْهُم إِلَى جَوَاز وُقُوعه بعد الِاسْم لَا نَحْو لَا رجل هُوَ منطلق وَذهب آخَرُونَ إِلَى جَوَاز وُقُوعه قبل الْمُضَارع نَحْو كَانَ زيد هُوَ يقوم وَذهب الْفراء إِلَى أَنه لَا يجوز وُقُوعه قبل معرفَة بِغَيْر اللَّام فَلم يجز كَانَ زيد هُوَ أَخَاك وَكَانَ زيد هُوَ صَاحب الْحمار وَنَحْوه وَأوجب فِيهِ الابتدائية وَرفع مَا بعده وَكَذَا لم يجوز وُقُوعه فِي بَاب مَا وَأوجب فِيهِ الابتدائية وَجوز فِي لَيْسَ الْوَجْهَيْنِ وَرجح الابتدائية وَذهب الْكسَائي وَالْفراء إِلَى جَوَاز وُقُوعه فِي غير الِابْتِدَاء والنواسخ نَحْو مَا بَال زيد هُوَ الْقَائِم وَمَا شَأْن عَمْرو هُوَ الْجَالِس ومررت بِعَبْد الله هُوَ السَّيِّد بِنصب الْجَمِيع وَذهب قوم إِلَى جَوَاز وُقُوعه قبل مُشْتَقّ تقدم مَا ظَاهره التَّعَلُّق بِهِ نَحْو كَانَ زيد هُوَ بالجارية الْكَفِيل بِشَرْط أَن لَا يقْصد كَون بالجارية فِي صلَة الْكَفِيل على حد {وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين} يُوسُف 20 فَإِن قصدته لم يجز إِجْمَاعًا وَذهب الْفراء إِلَى جَوَاز وُقُوعه أول الْكَلَام قبل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَجعل مِنْهُ {وَهُوَ محرم عَلَيْكُم إخراجهم} الْبَقَرَة 85 وَذهب آخَرُونَ إِلَى جَوَاز تقدمه مَعَ الْخَبَر نَحْو هُوَ الْقَائِم زيد وَهُوَ الْقَائِم كَانَ زيد وَهُوَ الْقَائِم ظَنَنْت زيدا وَذهب آخَرُونَ إِلَى جَوَاز توسطه بَين كَانَ وَاسْمهَا وَبَين ظن وَالْمَفْعُول الأول نَحْو كَانَ هُوَ الْقَائِم زيد وظننت هُوَ الْقَائِم زيدا

وَوجه الْمَنْع فِي الْكل عِنْد الْجُمْهُور أَن فَائِدَته صون الْخَبَر من توهمه تَابعا وَمَعَ تَقْدِيم الْخَبَر يسْتَغْنى عَنهُ لِأَن تَقْدِيمه يمْنَع كَونه تَابعا إِذْ التَّابِع لَا يتَقَدَّم على الْمَتْبُوع فَلَو تقدم مَفْعُولا ظَنَنْت عَلَيْهَا جَازَ وُقُوع الْفَصْل بَينهمَا نَحْو زيدا هُوَ الْقَائِم ظَنَنْت وَإِن تقدم الأول وَتَأَخر الثَّانِي نَحْو زيدا ظَنَنْت هُوَ الْقَائِم فَفِي جَوَاز ذَلِك نظر قَالَه أَبُو حَيَّان وَقَالَ وَلَا يَقع بَين الْخَبَرَيْنِ فَلَا تَقول ظَنَنْت هَذَا الحلو هُوَ الحامض لِأَن الثَّانِي لَيْسَ بِالْمِعْوَلِ عَلَيْهِ وَحده وَقيل بِدُخُولِهِ بَينهمَا قَالَ وَكَذَا لَا يدْخل بَين الضميرين نَحْو زيد ظننته هُوَ إِيَّاه خيرا من عَمْرو عِنْد سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ تَأْكِيد فِي الْمَعْنى لهَذِهِ الثَّلَاثَة وكل مِنْهَا يُغني عَن صَاحبه فَإِن فصلت وأخرت الْبَدَل جَازَ نَحْو ظنتته هُوَ الْقَائِم إِيَّاه لِأَنَّهُ فِي نِيَّة الِاسْتِئْنَاف وَصَارَ بذلك بِمَنْزِلَة إِن وَاللَّام فِي كَلَام وَاحِد إِذا تَأَخَّرت اللَّام وَسَوَاء أَكَانَ الْفَصْل بالمفعول الثَّانِي أَو بظرف مَعْمُول الْخَبَر نَحْو ظننته هُوَ يَوْم الْجُمُعَة إِيَّاه الْقَائِم فَإِن كَانَ أَحدهمَا ضميرا وَالْآخر ظَاهرا جَازَ اتِّفَاقًا لعدم الضميرين المؤذينين بالضعف نَحْو ظننته هُوَ نَفسه الْقَائِم وَإِنَّمَا يتَعَيَّن فصلية هَذَا الضَّمِير فِي صُورَتَيْنِ الأولى أَن يَلِيهِ مَنْصُوب وَقَبله ظَاهر مَنْصُوب نَحْو ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم إِذْ لَا تمكن الابتدائية فِيهِ لنصب مَا بعده وَلَا الْبَدَلِيَّة لنصب مَا قبله وَلَا التوكيد لِأَن الْمُضمر لَا يُؤَكد الظَّاهِر وَالثَّانيَِة أَن يَلِيهِ مَنْصُوب ويقرن بلام الْفرق نَحْو إِن كَانَ زيد لَهو الْفَاضِل وَإِن ظَنَنْت زيدا لَهو الْفَاضِل لِامْتِنَاع الابتدائية لما سبق فِي التّبعِيَّة لدُخُول اللَّام عَلَيْهِ فَإِن رفع مَا قبله نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم احْتمل أَن يكون فصلا وَأَن يكون مُبْتَدأ ثَانِيًا وَأَن يكون بَدَلا فَإِن كَانَ الْمَرْفُوع قبله ضميرا نَحْو أَنْت أَنْت الْقَائِم احْتمل الثَّلَاثَة والتوكيد أَيْضا وَإِن كَانَ قبله رفع وَبعده نصب وَلَا لَام أَو عَكسه نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم وَكنت أَنْت الْقَائِم وَإِن زيدا هُوَ الْقَائِم وَإنَّك أَنْت الْقَائِم احْتمل فِي الأولى مَا عدا الِابْتِدَاء وَفِي الثَّانِيَة مَا عدا الْبَدَل وَإِن كَانَ بَين منصوبين وَالْأول ضمير احْتمل الْفَصْل والتأكيد نَحْو ظننتك أَنْت الْقَائِم وَيتَعَيَّن فِيهِ الابتدائية إِذا وَقع بعد مفعول ظَنَنْت وَوَقع بعده مَرْفُوع وَهُوَ معنى

قولي قبل رفع مَا ينصب نَحْو ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم وظننتك أَنْت الْقَائِم وَتَمِيم يرفعون الْفَصْل على الِابْتِدَاء وَمَا بعده خبر مُطلقًا ويقرؤون {إِن ترني أَنا أقل} الْكَهْف 39 {تَجِدُوهُ عِنْد الله هُوَ خير} المزمل 20 وَفَائِدَة الْفَصْل عِنْد الْجُمْهُور إِعْلَام السَّامع بِأَن مَا بعده خبر لَا نعت مَعَ التوكيد وأضاف إِلَى ذَلِك البيانيون وتبعهم السُّهيْلي الِاخْتِصَاص فَإِذا قلت كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم أَفَادَ اخْتِصَاصه بِالْقيامِ دون غَيره وَعَلِيهِ {إِن شائنك هُوَ الأبتر} الْكَوْثَر 3 {وَأُولَئِكَ هم المفلحون} الْبَقَرَة 5 وَلَو وَقع بعده فَاء الْجَزَاء نَحْو أما زيد هُوَ فالقائم فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ يتَعَيَّن للابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل لِأَن الْفَاء تدل على أَنه لَيْسَ بنعت وَجوزهُ الْمبرد وَلَو وَقع قبله إِلَّا نَحْو مَا كَانَ زيد إِلَّا هُوَ فالكايم فَقَالَ البصريون يتَعَيَّن الابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل وَجوزهُ الْكسَائي وَلَو وَقع قبله لَا النافية أَو إِنَّمَا نَحْو كَانَ عبد الله لَا هُوَ الْعَالم وَلَا الصَّالح فَقَالَ الْفراء تتَعَيَّن الابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل وَجوزهُ البصريون لِأَن لَا لَا تصلح فارقة بَين النَّعْت والمنعوت وَإِن وَقع بعده مُشْتَقّ رَافع للسببي فَإِن طابق الضَّمِير الِاسْم نَحْو ظَنَنْت زيدا هُوَ الْقَائِم أَبوهُ أَو هُوَ الْقَائِمَة أَو الْقَائِم جَارِيَته فَقَالَ البصريون تتَعَيَّن الابتدائية وَلَا يجوز الْفَصْل وَجوزهُ الْكسَائي وَفصل الْفراء بَين أَن يكون الْوَصْف خلفا من مَوْصُوف فيوافق الْكسَائي أَو غير خلف فيوافق الْبَصرِيين وَإِن لم يُطَابق نَحْو كَانَ زيد هِيَ الْقَائِمَة جَارِيَته فالبصريون يمْنَعُونَ هَذَا التَّرْكِيب أصلا لَا يرفع وَلَا ينصب لتقدم الضَّمِير على الظَّاهِر وَجوزهُ الْكسَائي على الْفَصْل وَيجْرِي مَا ذكر فِي بَاب ظن وَفِي ثَانِي وثالث بَاب أعلم وَلَو عطف على مَا بعده الضَّمِير بِالْوَاو فَإِن كرر تعين فِي الْمَعْطُوف الرّفْع إِن اخْتلفَا نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم وَهُوَ الْأَمِير وَأَجَازَ هِشَام نَصبه وَرفع الْمَعْطُوف

والمعطوف عَلَيْهِ إِن اتفقَا نَحْو إِن كَانَ زيد هُوَ الْمقبل وَهُوَ الْمُدبر وَأَجَازَ هِشَام وَالْفراء نصبهما فَإِن لم يُكَرر الضَّمِير جَازَ اتِّفَاقًا نَحْو كَانَ زيد هُوَ الْمقبل وَالْمُدبر والعطف بِلَا وَلَكِن كالواو فِيمَا ذكر نَحْو كَمَا زيد هُوَ الْقَائِم لَا هُوَ الْقَاعِد أَو لَا الْقَاعِد وَمَا كَانَ زيد هُوَ الْقَائِم لَكِن هُوَ الْقَاعِد أَو لَكِن هُوَ الْقَاعِد

العلم

الْعلم ص الْعلم هُوَ مَا وضع لمُعين لَا يتَنَاوَل غَيره فَإِن كَانَ التعين ذهنا فَعلم الْجِنْس وَحكمه كمعرفة لفظا ونكرة معنى قيل ويرادفه اسْم الْجِنْس وَالأَصَح أَنه للماهية من حَيْثُ هِيَ أَو خَارِجا فالشخص ش الْعلم مَا وضع لمُعين لَا يتَنَاوَل غَيره فَخرج بالمعين النكرات وَبِمَا بعده سَائِر المعارف فَإِن الضَّمِير صَالح لكل مُتَكَلم ومخاطب وغائب وَلَيْسَ مَوْضُوعا لِأَن يسْتَعْمل فِي معِين خَاص بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل فِي غَيره لَكِن إِذا اسْتعْمل صَار جزئيا وَلم يشركهُ أحد فِيمَا أسْند إِلَيْهِ وَاسم الْإِشَارَة صَالح لكل مشار إِلَيْهِ فَإِذا اسْتعْمل فِي وَاحِد لم يشركهُ فِيمَا أسْند إِلَيْهِ أحد وأل صَالِحَة لِأَن يعرف بهَا كل نكرَة فَإِذا اسْتعْملت فِي وَاحِد عَرفته وقصرته على شَيْء بِعَيْنِه وَهَذَا معنى قَوْلهم إِنَّهَا كليات وضعا جزئيات اسْتِعْمَالا ثمَّ التعين إِن كَانَ خارجيا بِأَن كَانَ الْمَوْضُوع لَهُ معينا فِي الْخَارِج كزيد فَهُوَ علم الشَّخْص وَإِن كَانَ ذهنيا بِأَن كَانَ الْمَوْضُوع لَهُ معينا فِي الذِّهْن أَي ملاحظ الْوُجُود فِيهِ كأسامة علم للسبع أَي لماهيته الْحَاضِرَة فِي الذِّهْن فَهُوَ علم الْجِنْس وَأما اسْم الْجِنْس فَهُوَ مَا وضع للماهية من حَيْثُ هِيَ أَي من غير أَن تعين فِي الْخَارِج أَو الذِّهْن كالأسد اسْم السَّبع أَي لماهيته هَذَا تَحْرِير الْفرق بَينهمَا فَإِنَّهُمَا ملتبسان لصدق كل مِنْهُمَا على كل فَرد من أَفْرَاد الْجِنْس وَلِهَذَا ذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ وَأَن علم الْجِنْس نكرَة حَقِيقَة أَو إِطْلَاق الْمعرفَة عَلَيْهِ مجَاز ورد باختلافهما فِي الْأَحْكَام اللفظية فَإِن الْعَرَب أجرت علم الْجِنْس كأسامة وثعالة مجْرى علم الشَّخْص فِي امْتنَاع دُخُول أل عَلَيْهِ وإضافته وَمنع الصّرْف مَعَ عِلّة أُخْرَى ونعته بالمعرفة ومجيئه مُبْتَدأ وَصَاحب حَال نَحْو أُسَامَة أجرأ من ثعالة وَهَذَا أُسَامَة مُقبلا وَأجْرِي اسْم الْجِنْس كأسد مجْرى النكرات وَذَلِكَ دَلِيل على افْتِرَاق مدلوليهما إِذْ لَو اتحدا معنى لما افْتَرقَا لفظا وَقد فرق بعض أهل الْمَعْقُول بِأَن أسدا إِذا وضع على شخص لَا يمْتَنع أَن يُوجد مِنْهُ أَمْثَال فَوضع على الشياع وَأُسَامَة وضع على معنى الأَسدِية المعقولة الَّتِي لَا

يُمكن أَن تُوجد خَارج الذِّهْن وَلَا يُمكن أَن يُوجد مِنْهَا اثْنَان فِي الذِّهْن ثمَّ صَار أُسَامَة يَقع على الْأَشْخَاص لوُجُود ذَلِك الْمَعْنى فِي الْأَشْخَاص وَقد بسطت كَلَام الْأَئِمَّة فِي الْفرق بَينهمَا فِي كتاب الْأَشْبَاه والنظائر النحوية فليطلب مِنْهُ ص فَمِنْهُ مُفْرد عري من إِضَافَة وَإسْنَاد ومزج ومضاف اسْم وكنية بدئت بأب أَو أم أَو ابْن أَو بنت ولقب أَفَادَ مدحا أَو ذما وَيُؤَخر عَن الِاسْم غَالِبا وَكَذَا عَن الكنية على الْمُخْتَار ثمَّ إِن أفردا دون أل أضيفا وَجوز الكوفية الإتباع وَإِلَّا أتبع أَو قطع ومزج فَإِن ختم بويه كسر وَقد يعرب مَمْنُوع الصّرْف وَقد يُضَاف وَإِلَّا أعرب مَمْنُوعًا مَفْتُوح آخر الأول غير الْيَاء والمنون ومضافا وَالأَصَح جَوَاز مَنعه حِينَئِذٍ وبنائه ش يَنْقَسِم علم الشَّخْص إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا مُفْرد وَهُوَ عري من إِضَافَة وَإسْنَاد ومزج كزيد الثَّانِي ذُو الْإِسْنَاد وَهُوَ المحكى من جملَة نَحْو برق نَحره وتأبط شرا وشاب قرناها وأشرت إِلَيْهِ بِقَوْلِي بعد ذَلِك ومنقول من جملَة وَسَيَأْتِي مَبْسُوطا فِي بَاب مُسْتَقل وَهُوَ بَاب التَّسْمِيَة آخر الْكتاب الْخَامِس الثَّالِث ذُو المزج وَهُوَ كل اسْمَيْنِ نزل ثَانِيهمَا منزلَة هَاء التَّأْنِيث وَهُوَ نَوْعَانِ مختوم بويه كسيبويه ونفطويه وَفِيه لُغَات الفصحى بِنَاؤُه على الْكسر تَغْلِيبًا لجَانب الصَّوْت ويليها الْإِعْرَاب مَمْنُوع الصّرْف وَغير مختوم بويه كمعدي كرب وبعلبك فَفِيهِ ثَلَاث لُغَات الفصحى إعرابه إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف على الْجُزْء الثَّانِي وَيفتح آخر الأول للتركيب مَا لم يكن يَاء كمعدي كرب فيسكن أَو منونا ويليها إِضَافَة صَدره إِلَى عَجزه فيخفض وَيجْرِي الأول بِوُجُوه الْإِعْرَاب إِلَّا أَنه لَا تظهر الفتحة فِي المعتل حَالَة نَصبه كَمَا تقدم وَقد يمْنَع الْعَجز من الصّرْف حَالَة الْإِضَافَة أَيْضا فِي لُغَة حَكَاهَا فِي التسهيل فَيفتح نَحْو هَذَا معدي كرب على جعله مؤنثا وَالثَّالِثَة بِنَاؤُه على الْفَتْح فِي الجزأين مَا لم يعتل الأول فيسكن كخمسة عشر وَهَذِه اللُّغَة أنكرها بَعضهم وَقد نقلهَا الْأَثْبَات الرَّابِع ذُو الْإِضَافَة وَهُوَ اسْم وكنية فَالْأول كَعبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَالثَّانِي مَا صدر بأب كَأبي بكر أَو أم كَأُمّ كُلْثُوم وَزَاد الرضي أَو بِابْن أَو بنت كَابْن آوى وَبنت وردان

وَمن الْعلم اللقب وَهُوَ مَا أشعر بمدح الْمُسَمّى كزين العابدين أَو ذمه كأنف النَّاقة وينطق بِهِ مُفردا وَمَعَ الِاسْم وَمَعَ الكنية فَإِذا كَانَ مَعَ الِاسْم فالغالب أَن يتَأَخَّر وَعلله ابْن مَالك بِأَنَّهُ فِي الْغَالِب مَنْقُول من اسْم غير إِنْسَان كبطة وَقْفَة فَلَو قدم توهم السَّامع أَن المُرَاد مُسَمَّاهُ الْأَصْلِيّ وَذَلِكَ مَأْمُون بتأخره فَلم يعدل عَنهُ وَعلله غَيره بِأَنَّهُ أشهر من الِاسْم لِأَن فِيهِ العلمية مَعَ شَيْء من معنى النَّعْت فَلَو أَتَى بِهِ أَولا لأغني عَن الِاسْم وندر قَوْله 190 - (بِأَن ذَا الْكَلْب عَمْراً خيرَهُم حَسَباً ... )

وَإِن كَانَ مَعَ الكنية فَالَّذِي ذَكرُوهُ جَوَاز تقدمه عَلَيْهَا وتقدمها عَلَيْهِ وَمُقْتَضى تَعْلِيل ابْن مَالك امْتنَاع تَقْدِيمه عَلَيْهَا وَهُوَ الْمُخْتَار نعم لَا تَرْتِيب بَين الِاسْم والكنية قَالَ ابْن الصَّائِغ وَالْأولَى تَقْدِيم غير الْأَشْهر مِنْهُمَا ثمَّ إِذا تَأَخّر اللقب عَن الِاسْم فَإِن كَانَا مفردين أضيف إِلَى الِاسْم اللقب نَحْو جَاءَ سعيد كرز على تَأْوِيل الأول بِالْمُسَمّى وَالثَّانِي بِالِاسْمِ تخلصا من إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه وَجوز الْكُوفِيُّونَ فِيهِ الإتباع على الْبَدَل أَو عطف الْبَيَان وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك لِأَن الْإِضَافَة فِي مثل ذَلِك خلاف الأَصْل فَإِن كَانَ فِي الأول أل فَلَيْسَ إِلَّا الإتباع وفَاقا نَحْو الْحَارِث كرز ذكره أَبُو حَيَّان وَغَيره وَإِن لم يَكُونَا مفردين بِأَن كَانَا مضافين نَحْو عبد الله زين العابدين أَو الأول مُفردا وَالثَّانِي مُضَافا نَحْو سعيد زين العابدين أَو عَكسه نَحْو عبد الله بطة امْتنعت الْإِضَافَة وَتعين الإتباع بَدَلا أَو بَيَانا أَو الْقطع إِلَى الرّفْع بإضمار هُوَ أَو إِلَى النصب بإضمار أَعنِي ص ومنقول من جملَة وَسَيَأْتِي ومصدر وَعين وَصفَة وماض ومضارع وَأمر قيل وَصَوت وَهُوَ مقيس وشاذ بفك أَو فتح أَو إعلال مَا اسْتحق خِلَافه وضدها ومرتجل لم يسْتَعْمل قبل أَو جهل أَو لم يقْصد بِهِ النَّقْل أَقْوَال وَقيل كلهَا منقولة وَقيل مرتجلة وَغَيرهمَا وَقيل لَيْسَ علما مَا غلب بِإِضَافَة أَو أل وتحذف فِي نِدَاء وَإِضَافَة حتما ودونهما نزرا كَانَ قَانِت ارتجالا أَو نقلا وَإِلَّا فَإِن لمح الأَصْل دخلت وَإِلَّا فَلَا لَا مَنْقُول من فعل اخْتِيَارا

ش يَنْقَسِم الْعلم إِلَى مَنْقُول ومرتجل وواسطة بَينهمَا لَا تُوصَف بِنَقْل وَلَا ارتجال هَذَا رَأْي الْأَكْثَرين وَذهب بَعضهم إِلَى أَن العلام كلهَا منقولة وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء مرتجل وَقَالَ إِن الْوَضع سبق وَوصل إِلَى الْمُسَمّى الأول وَعلم مَدْلُول تِلْكَ اللَّفْظَة فِي النكرات وسمى بهَا وجهلنا نَحن أَصْلهَا فتوهمها من سمى بهَا من أجل ذَلِك مرتجلة وَذهب الزّجاج إِلَى أَنَّهَا كلهَا مرتجلة والمرتجل عِنْده مَا لم يقْصد فِي وَضعه النَّقْل من مَحل آخر إِلَى هَذَا وَلذَلِك لم تجْعَل أل فِي الْحَارِث زَائِدَة وعَلى هَذَا فَيكون موافقتها للنكرات بِالْعرضِ لَا بِالْقَصْدِ حكى هَذَا الْخلاف أَبُو حَيَّان وَقَالَ قبله الْمَنْقُول هُوَ الَّذِي يحفظ لَهُ أصل فِي النكرات والمرتجل هُوَ الَّذِي لَا يحفظ لَهُ أصل فِي النكرات وَقيل الْمَنْقُول هُوَ الَّذِي سبق لَهُ وضع فِي النكرات والمرتجل هُوَ الَّذِي لم يسْبق لَهُ وضع فِي النكرات فَحكى قَوْلَيْنِ وَيُؤْخَذ من تَقْرِيره لكَلَام الزّجاج قَول ثَالِث فِي حد المرتجل أَنه مَا لم يقْصد فِي وَضعه النَّقْل من مَحل آخر إِلَى هَذَا فَلذَلِك حكيت فِيهِ ثَلَاثَة أَقْوَال وَعِنْدِي أَن الْخلاف الْمَذْكُور هَل كلهَا مرتجلة أَو منقولة أَو متبعضة وَالْخلاف الْمَذْكُور فِي حد الْمَنْقُول والمرتجل أَحدهمَا مَبْنِيّ على الآخر كَمَا بَينته فِي السلسلة ثمَّ قَالَ أَبُو حَيَّان يَنْقَسِم الْعلم إِلَى قسمَيْنِ مَنْقُول ومرتجل بِالنّظرِ إِلَى الْأَكْثَر وَإِلَّا فقد لَا يكون مَنْقُولًا وَلَا مرتجلا وَهُوَ الَّذِي علميته بالغلبة وَحَكَاهُ ابْن قَاسم بِصِيغَة قيل وَتلك عَادَته فِي أبحاث شَيْخه أبي حَيَّان فَظَاهره أَن ذَلِك من تفرداته ثمَّ الْمَنْقُول إِمَّا من جملَة وَسَتَأْتِي فِي بَاب التَّسْمِيَة أَو من مصدر كفضل وَزيد وَسعد أَو من اسْم عين كأسد وثور وذئب أَو من صفة اسْم فَاعل كحارث وطالب وَاسم مفعول كمضروب ومسعود أَو صفة مشبهة كحسن وَسَعِيد أَو صِيغَة مُبَالغَة كعباس أَو من فعل مَاض كشمر أَو من مضارع كيزيد وَأحمد وتغلب أَو من أَمر كاصمت اسْما لفلاة وَزعم بَعضهم أَنه قد ينْقل من صَوت كببة وَهُوَ صَوت كَانَت أمه ترقصه بِهِ تَقول

191 - (لأُنكِحَنَّ بَبَّسهْ ... جاريَة خِدَبَّهْ) فلقب بِهِ وَقَالَ ابْن خالويه ببة الْغُلَام السمين فالنقل من صفة لَا صَوت قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ الصَّحِيح ثمَّ الْمَنْقُول قِسْمَانِ قسم مقيس وَهُوَ مَا وَافق حكم نَظِيره من النكرات وشاذ وَهُوَ مَا خَالف إِمَّا بفك مَا اسْتحق الْإِدْغَام كمحبب فَإِنَّهُ مفعل من الْحبّ وَقِيَاسه محب بِالْإِدْغَامِ أَو بإدغام مَا استح الفك أَو بِفَتْح مَا اسْتحق الْكسر كموهب وَالْقِيَاس كسر الْهَاء لِأَن ذَلِك حكم مفعل مِمَّا فاؤه وَاو وعينه صَحِيحَة كموعد أَو بِكَسْر مَا اسْتحق الْفَتْح كمعدي من معدي كرب وَالْقِيَاس فتح الدَّال كمرمى أَو بإعلال مَا اسْتحق الصَّحِيح كداران وماهان وَالْقِيَاس دوران وموهان كالجولان والطوفان أَو بتصحيح مَا اسْتحق الإعلال كمدين وحيوة وَالْقِيَاس مدان

وحية بقلب الْوَاو يَاء وإدغامهما لاجتماعهما وَسُكُون السَّابِق وَمن أَمْثِلَة المرتجل سعاد وأدد وَأما ذُو الْغَلَبَة فَهُوَ كل اسْم اشْتهر بِهِ بعض مَا هُوَ لَهُ اشتهارا تَاما وَهُوَ ضَرْبَان مُضَاف كَابْن عمر وَابْن رألان فَكل وَاحِد من ولد عمر ورألان يُطلق عَلَيْهِ ابْن عمر وَابْن رألان إِلَّا أَن الِاسْتِعْمَال غلب على عبد الله وَجَابِر وَذُو أَدَاة كالأعشى والنابغة إِذْ غلبا عَلَيْهِ من بَين سَائِر ذِي عشا ونبوغ وَنَازع قوم فِي عده من أَقسَام الْعلم وَقَالُوا إِنَّه شبه الْعلم لَا علم وَصَححهُ ابْن عُصْفُور قَالَ لِأَن تَعْرِيفهَا لَيْسَ بِوَضْع اللَّفْظ على الْمُسَمّى بل بِالْإِضَافَة أَو أل ثمَّ أل فِيمَا غلب بهَا لَازِمَة وَيجب حذفهَا فِي النداء وَالْإِضَافَة كَحَدِيث يَا رَحْمَن ورحمن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقَوله 192 - (يَا أقْرَع بنَ حَابِس يَا أقْرَاعُ ... )

وَقَوله 193 - (أحقَّا أنَّ أخْطَلكُم هَجَانِي ... ) وَقل حذفهَا فِي غَيرهمَا كَقَوْلِه 194 - (إِذا دبَرَانٌ مِنْك يَوْمًا لِقيتُهُ ... ) وَحكي هَذَا عيوق طالعا أما مَا غلب مَا بِالْإِضَافَة فَلَا يفصل مِنْهَا بِحَال قَالَ وَلَو قارنت اللَّام نقل علم كالنضر والنعمان أَو ارتجالة كاليسع والسموأل فَحكمهَا حكم مَا غلب بهَا من اللُّزُوم إِلَّا فِي النداء وَالْإِضَافَة قَالَ ابْن مَالك بل هَذَا النَّوْع أَحَق بِعَدَمِ التجرد لِأَن الأداة فِيهِ مَقْصُودَة فِي التَّسْمِيَة قصد همزَة أَحْمد وياء يشْكر وتاء تغلب بِخِلَافِهَا فِي الْأَعْشَى وَنَحْوه فَإِنَّهَا مزيدة للتعريف ثمَّ عرض بعد زيادتها شهرة وَغَلَبَة اغتنى بهَا إِلَّا أَن الْغَلَبَة مسبوقة بوجودها فَلم تنْزع وَلَو لم يقارن الأداة النَّقْل بِأَن نقل من مُجَرّد لَكِن الْمَنْقُول مِنْهُ صَالح لَهَا كالمصدر وَالصّفة وَاسم الْعين نظر فَإِن لمح فِيهَا الأَصْل دخلت الأداة فَيُقَال الْفضل والْحَارث وَاللَّيْث وَإِن لم يلمح

استديم التجرد فَإِن لم يكن الْمَنْقُول صَالحا للأداة كالفعل وكيزيد ويشكر لم تدخل إِلَّا فِي ضَرُورَة ص وَقد يُنكر الْعلم تَحْقِيق أَو تَقْديرا ومسماه أولو الْعلم وَمَا يحْتَاج لتعيينه من المألوفات وأنواع معَان وأعيان لَا تؤلف غَالِبا وَمن النَّوْعَيْنِ مَا لَا يلْزم التَّعْرِيف وَمن الْأَعْلَام أَمْثِلَة الْوَزْن فَمَا فِيهِ مَانع آخر منع صرفه غير مُنكر إِلَّا ذَا وزن متناه أَو ألف تَأْنِيث فَإِن صلحت لإلحاق فَوَجْهَانِ وَمَا لَا فَلَا وَمَا حُكيَ بِهِ موزونه الْمَذْكُور أَو قرن بِمَا ينزل مَنْزِلَته فكهو على الْأَصَح وَكَذَا بعض الْأَعْدَاد الْمُطلقَة وَالْمُخْتَار صرفهَا مُطلقًا وَالأَصَح أَن أَسمَاء الْأَيَّام أَعْلَام ولامها للمح وكنوا عَن اسْم الْعَالم بفلان وفلانة وكنيته بِأبي فلَان وَأم فُلَانَة وَغَيره بِاللَّامِ وَجَاء فِي الحَدِيث بِدُونِهَا وَاسم الْجِنْس بِهن وهنة وهنت قيل وَالْعلم وَيعرف ويثنى وَيجمع ويصغر بهنية والْحَدِيث بَكَيْت وذيت مثلثا وذية وَكَذَا وَلَا يبطل التصغير العلمية وَقيل إِلَّا التَّرْخِيم ش فِيهِ مسَائِل الأولى قد يُنكر الْعلم تَحْقِيقا نَحْو رَأَيْت زيدا من الزيدين وَمَا من زيد كزيد ابْن ثَابت أَو تَقْديرا كَقَوْل أبي سُفْيَان لَا قُرَيْش بعد الْيَوْم وَقَول بعض الْعَرَب لَا بصرة لكم وَحِينَئِذٍ يثنى وَيجمع وتدخلة أل ويضاف الثَّانِيَة مسميات الْأَعْلَام أولو الْعلم من الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ كجبريل وَزيد والولهان وَمَا يحْتَاج إِلَى تَعْيِينه من المألوفات كالسور والكتب وَالْكَوَاكِب والأمكنة وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْإِبِل وَالْغنم وَالْكلاب وَالسِّلَاح والملابس كالبقرة والكامل وزحل وَمَكَّة وسكاب ودلدل ويعفور وشدقم وهيلة وواشق وَذي الفقار وأنواع معَان كبرة للمبرة وفجار للفجرة

ويسار للميسرة وخياب بن هياب للخسران وأنواع أَعْيَان لَا تؤلف غَالِبا كَأبي الْحَارِث وَأُسَامَة للأسد وَأبي جعدة وذؤالة للذئب وندر مجيئها لأعيان مألوفة كَأبي الدغفاء للأحمق وهيان بن بَيَان للْمَجْهُول شخصا ونسبا وقنور بن قنور لنَوْع العَبْد واقعدي وقومي لنَوْع الْأمة وَأبي المضاء لنَوْع الْفرس وَمن النوعي مَا لَا يلْزم التَّعْرِيف قَالَ ابْن مَالك لما كَانَ لهَذَا الصِّنْف من الْأَعْلَام خُصُوص من وَجه وشياع من وَجه جَازَ فِي بَعْضهَا أَن يسْتَعْمل تَارَة معرفَة فيعطي لَفظه مَا يعطاه المعارف الشخصية وَأَن يسْتَعْمل تَارَة نكرَة فَيعْطى لَفظه مَا يعطاه النكرات ونعني بالنوعي نَوْعي الْمعَانِي وَالطَّرِيق فِيهِ السماع فجَاء من ذَلِك فينة وبكرة وغدوة وَعَشِيَّة تَقول فلَان يأتينا فينة بِلَا تَنْوِين أَي الْحِين دون الْحِين وفينة بِالتَّنْوِينِ أَي حينا دون حِين وَكَذَلِكَ يتعهدنا غدْوَة وبكرة وَعَشِيَّة بِلَا تَنْوِين إِذا قصدت الْأَوْقَات الْمعبر عَنْهَا بِهَذِهِ الْأَسْمَاء وبالتنوين أَي بكرَة من الْبكر وَالْمرَاد وَاحِد وَإِن اخْتلف التقديران وَلم يسمع ذَلِك فِي نَوْعي الْأَعْيَان بل مَا جَاءَ مِنْهُ مُلْتَزم تَعْرِيفه كأسامة وذؤالة انْتهى قلت وَمن أَمْثِلَة فينة حَدِيث لِلْمُؤمنِ ذَنْب يعتاده الفينة بعد الفينة فَأدْخل عَلَيْهِ اللَّام وَذَلِكَ فرع التنكير الثَّالِثَة من الْأَعْلَام الْأَمْثِلَة الْمَوْزُون بهَا لِأَنَّهَا دَالَّة على المُرَاد دلَالَة متضمنة الْإِشَارَة إِلَى حُرُوفه وهيئته وَلذَلِك تقع النكرَة بعْدهَا حَالا وتوصف بالمعرفة كَقَوْلِنَا لَا ينْصَرف فعل المعدول وَيصرف فعل غير معدول ثمَّ هِيَ أَرْبَعَة أَقسَام قسم ينْصَرف معرفَة ونكرة نَحْو فَاعل إِذْ لَيْسَ فِيهِ سَبَب يمْنَع مَعَ العلمية وَقسم لَا ينْصَرف معرفَة وينصرف نكرَة وَهُوَ مَا كَانَ بتاء التَّأْنِيث كفعلة أَو على وزن الْفِعْل بِهِ أولى كأفعل أَو مزيدا آخِره ألف وَنون كفعلان أَو ألف إِلْحَاق مَقْصُورَة كفعنلى وزن حبنطى مِثَال تَعْرِيفهَا فعلة وزن جَفْنَة وَهَكَذَا وَمِثَال تنكيرها كل فعلة صَحِيح الْعين يجمع على فعلات وَهَكَذَا وَقسم لَا ينْصَرف مُطلقًا لَا معرفَة وَلَا نكرَة وَهُوَ مَا كَانَ على زنة مُنْتَهى التكسير كمفاعل ومفاعيل أَو ذَا ألف تَأْنِيث ممدودة أَو مَقْصُورَة كفعلاء وفعلى بِالضَّمِّ

وَقسم فِيهِ وَجْهَان وَهُوَ مَا آخِره ألف مَقْصُورَة صَالِحَة للتأنيث والإلحاق كفعلى بِفَتْح الْفَاء فِيهِ اعتباران إِن حكم بِكَوْن أَلفه للتأنيث امْتنع فِي الْحَالين وَإِن حكم بِكَوْنِهَا للإلحاق امْتنع فِي التَّعْرِيف وَانْصَرف فِي التنكير وَقَالَ الخضراوي اتّفق أَصْحَابنَا فِي أَمْثِلَة الأوزان أَنَّهَا إِن اسْتعْملت للأفعال خَاصَّة حكيت نَحْو ضرب وَزنه فعل وَانْطَلق وَزنه انفعل وَإِن اسْتعْملت للأسماء وَأُرِيد بهَا جنس مَا يُوزن فَحكمهَا حكم نَفسهَا فَهِيَ أَعْلَام فَإِن كَانَ فِيهَا مَا يمْنَع الصّرْف مَعَ العلمية لم ينْصَرف كَقَوْلِك فعلان لَا ينْصَرف وَافْعل لَا ينْصَرف وَإِن لم يرد بهَا ذَلِك وَأُرِيد حِكَايَة مَوْزُون مَذْكُور مَعهَا فَفِيهِ خلاف كَقَوْلِك ضاربة وَزنهَا فاعلة فَمنهمْ من لم يصرف هُنَا فاعلة لِأَن هَذِه الْأَمْثِلَة أَعْلَام فَهَذَا علم فِيهِ تَاء التَّأْنِيث وَمِنْهُم من قَالَ يحْكى بِهِ حَالَة موزونة وهم الْأَكْثَر فَيصْرف هُنَا فاعلة وَإِذا قَالَ عَائِشَة وَزنهَا فاعلة منع من الصّرْف إِذْ لَا حِكَايَة توجب تنوينه وَإِن قرن مِثَال بِمَا نزل منزلَة الْمَوْزُون فَحكمه حكم مَا نزل مَنْزِلَته من الصِّفَات مِثَاله هَذَا رجل أفعل حكمه حكم أسود لِأَنَّك تنزله مَنْزِلَته فَامْتنعَ صرفه هَذَا رَأْي سِيبَوَيْهٍ والمبرد وَخَالف الْمَازِني وَقَالَ يَنْبَغِي صرفه لِأَن أفعل هُنَا مِثَال للوصف وَلَيْسَ بِوَصْف أَلا ترى أَنه يجب صرفه فِي قَوْلنَا كل أفعل إِذا كَانَ صفة فَإِنَّهُ لَا ينْصَرف ورد بِأَنَّهُ من اللَّفْظ صفة فِي الْمَقِيس دون الْمَقِيس عَلَيْهِ والمرعي حكمه فِي اللَّفْظ الرَّابِع من الْأَعْلَام أَيْضا بعض الْأَعْدَاد الْمُطلقَة وَهِي الَّتِي لم تقيد بمعدود مَذْكُور وَلَا مَحْذُوف إِنَّمَا تدل على مُجَرّد الْعدَد وَإِنَّمَا كَانَت أعلاما لِأَن كلا مِنْهَا يدل على حَقِيقَة مُعينَة دلَالَة خَالِيَة من الشّركَة متضمنة الْإِشَارَة إِلَى مَا ارتسم بِهِ فَإِذا انضاف إِلَى العلمية سَبَب آخر امْتنع الصّرْف نَحْو سِتَّة ضعف ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة نصف ثَمَانِيَة هَذَا رَأْي الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن الخباز وَابْن مَالك وَنقل أَبُو حَيَّان عَن بعض الشُّيُوخ أَنه يصرفهَا وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي قَالَ ابْن مَالك وَلَو عومل بِهَذِهِ الْمُعَامَلَة كل عدد مُطلق لصَحَّ يَعْنِي أَن يَجْعَل علما قَالَ وَلَو عومل بذلك غير الْعدَد من أَسمَاء الْمَقَادِير لم يجز لِأَن الِاخْتِلَاف فِي حقائقها وَاقع بِخِلَاف الْعدَد فَإِن حقائقه لَا تخْتَلف ونعني بالاختلاف أَن الرطل والقدح مثلا يخْتَلف باخْتلَاف الْمَوَاضِع

الْخَامِسَة مَذْهَب الْجُمْهُور أَن أَسمَاء الْأَيَّام أَعْلَام توهمت فِيهَا الصّفة فَدخلت عَلَيْهَا (أل) الَّتِي للمح كالحارث وَالْعَبَّاس ثمَّ غلبت فَصَارَت كالدبران فالسبت مُشْتَقّ من معنى الْقطع وَالْجُمُعَة من الِاجْتِمَاع وباقيها من الْوَاحِد وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَخَالف الْمبرد فَقَالَ إِنَّهَا غير أَعْلَام ولامتها للتعريف فَإِذا زَالَت صَارَت نكرات السَّادِسَة كنت الْعَرَب عَن علم الْمُذكر الْعَاقِل نَحْو زيد بفلان وَعَن كنيته بِأبي فلَان أَو ابْن فلَان وَعَن علم الْمُؤَنَّث الْعَاقِل نَحْو هِنْد بفلانة وَعَن كنيتها بِأم فلَان أَو أم فُلَانَة وَفُلَان وفلانة علمَان لَا يثنيان وَلَا يجمعان وَأَمرهمَا غَرِيب فِي لحاق التَّاء للمؤنث وَهُوَ علم وَإِنَّمَا تلْحق للْفرق بَين الصِّفَات وَالدَّلِيل على أَنه علم منع مؤنثه من الصّرْف فِي قَوْله: 195 - (فلانةُ أضحت خلَّةً لِفُلان ... ) وكنوا عَن علم مَا لَا يعقل لفُلَان فِي الْمُذكر والفلانة فِي الْمُؤَنَّث فزادوا (أل) فرقا بَين الْعَاقِل وَغَيره وَفِي (تَهْذِيب الْأَسْمَاء واللغات) للنووي أَنه وَقع فِي الحَدِيث بِغَيْر لَام فِيمَا لَا يعقل أخرجه ابْن حبَان والبيقهي وَأَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ((مَاتَت شَاة لسودة فَقَالَت يَا رَسُول الله مَاتَت فُلَانَة تَعْنِي: الشَّاة)) الحَدِيث وكنوا عَن اسْم جنس غير الْعلم ب (هن) فِي الْمُذكر و (هنَة) بِفَتْح النُّون و (هنت) بسكونها فِي الْمُؤَنَّث وَلَا يكنى بِهِ عَن علم عَاقل أَو غَيره كأسامة قَالَه الشلوبين والخضراوي وَابْن مَالك وَغَيرهم وَقَالَ أَبُو عَمْرو يكنى بِهِ عَن علم مَا لَا يعقل وَقَالَ بَعضهم يكنى بِهِ عَن علم الْعَاقِل أَيْضا كَقَوْلِه: 196 - (الله أَعْطَاك فضلا من عَطيَّتِهِ ... على هَن وَهن فِيمَا مضى وَهَن)

يُخَاطب حسن بن زيد وكنى عَن أَوْلَاده عبد الله وَحسن وَإِبْرَاهِيم وَقَالَ ابْن بَقِي يُقَال فِي الْعَاقِل هنت وصلا وهنه وَقفا وَفِي غَيرهم هنه وصلا ووقفا فرقا بَينهمَا وَقَالَ فِي النِّهَايَة هن وهنة كِنَايَة عَن نكرَة عَاقل وَغير عَاقل ويصغران ويثنيان ويجمعان تَقول عِنْدِي هنيَّة أَي جوَيْرِية وهني أَي غليم وَعِنْده هنوات زَاد غَيره ويعرفان بِاللَّامِ فَيُقَال الهن والهنة قَالَ بَعضهم فلَان وفلانة وَهن وهنة أَعْلَام كنى بهَا عِنْد النسْيَان أَو قصد الْإِبْهَام وَلما كَانَ الْغَرَض من الْكِنَايَة السّتْر كثرت الْكِنَايَة عَن الْفرج بِهن وَعَن فعل الْجِمَاع بهنيت وَكَذَا عَن مقدماته وكنوا عَن الحَدِيث الَّذِي يُرَاد إبهامه وَعَن أَحَادِيث مَجْمُوعَة غير مَعْلُومَة عِنْد الْمُخَاطب بَكَيْت وذيت بِفَتْح التَّاء فيهمَا وَكسرهَا وَضمّهَا وبذية بتَشْديد الْيَاء وَالْفَتْح وَكَذَا ثمَّ كَذَا تذكر مكررة وَيُقَال كَيْت وَكَيْت وذيت وذيت وَكَيْت كَيْت وذيت ذيت مكررا بعطف ودونه السَّابِعَة التصغير لَا يبطل العلمية وَقيل يُبْطِلهَا تَصْغِير التَّرْخِيم ورده ابْن جني بقوله 197 - (وَكَانَ حُرَيْثٌ فِي عطائيَ جَامِدا ... ) يُرِيد الْحَارِث بن وَعلة فَلَو كن مُنْكرا لأدخل أل

اسم الإشارة

اسْم الْإِشَارَة ص اسْم الْإِشَارَة كَذَا وَذَاكَ وَذَلِكَ لمفرد ذكر وَذي وتي وتا وذه وذه وته وته وذهي وتهي وَذَات وتيك وتيك وذيك ومنعها ثَعْلَب وَتلك وَتلك وتالك لأنثاه وذان وتان وذين وتين وذانك وتانك وذينك وتينك وتزاد يَاء إبدالا من تَشْدِيد النُّون لمثناهما وأولاء مدا وقصرا وَقد ينون وَيضم وتشبع همزته وَيُقَال هلاء وَهولا وأولاك وَيُقَال ألاك وَأُولَئِكَ وأولالك لجمعهما وَالْمَشْهُور أَن الْمُجَرّد للقريب وَذَا الْكَاف للمتوسط وَاللَّام للبعيد وَاخْتلف فِي أُولَئِكَ والبعيد فِي الْمثنى بِالتَّشْدِيدِ أَو بدله وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك أَن غير الْمُجَرّد للبعيد وعزي لسيبويه وَقيل ترك اللَّام تميمي وَألف ذَا قَالَ البصرية منقلبة عَن يَاء أَو وَاو قَولَانِ ووزنه فعل وَقيل فعل والكوفية زَائِدَة وَالْمُخْتَار وفَاقا للسيرافي أصل وَقد يُقَال ذاء وذائه وذائه وذاؤه وَوزن أولى فعل وأولاء فعال وَقيل فعل وألفها عَن يَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْمُخْتَار وفَاق للمبرد أصل ش اسْم الْإِشَارَة كَمَا قَالَ ابْن أم قَاسم فِي شرح التسهيل مَحْصُور بالعد فاستغنى عَن الْحَد كَمَا تقدم فِي الضَّمِير فيشار للمفرد الْمُذكر بذا وَذَاكَ وَذَلِكَ وَاخْتلف البصريون فِي ألف ذَا بعد اتِّفَاقهم على أَنَّهَا منقلبة عَن أصل فَقَالَ بَعضهم هِيَ منقلبة عَن يَاء لقَولهم فِي التصغير ذيا ولإمالتها فالعين وَاللَّام المحذوفة ياءان وَهُوَ ثلاثي الْوَضع فِي الأَصْل وَقَالَ بَعضهم عَن وَاو وجعلوه من بَاب طويت وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَوَافَقَهُمْ السُّهيْلي هِيَ زَائِدَة لسقوطها فِي التَّثْنِيَة ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة الْقَائِمَة بِنَفسِهَا مَا هُوَ على حرف وَاحِد وَأما حذفهَا فِي التَّثْنِيَة فلالتقاء الساكنين وَقد عوض مِنْهَا تَشْدِيد النُّون قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى أَن ذَا ثنائي الْوَضع نَحْو مَا وَأَن الْألف أصل بِنَفسِهَا غير منقلبة عَن شَيْء إِذْ أصل الْأَسْمَاء المبنية أَن تُوضَع على حرف أَو

حرفين لَكَانَ مذهبا جيدا سهلا قَلِيل الدَّعْوَى قَالَ ثمَّ رَأَيْت هَذَا الْمَذْهَب للسيرافي والخشني وَنَقله عَن قوم وَاخْتلف أَيْضا فِي وزن ذَا فَالْأَصَحّ أَنه فعل بتحريك الْعين لِأَن الانقلاب عَن المتحرك أولى وَقيل فعل بسكونها لِأَنَّهُ الأَصْل وَقد يُقَال فِي الْإِشَارَة إِلَى الْمُفْرد الْمُذكر ذاء بِهَمْزَة مَكْسُورَة بعد الْألف وذائه بِهَمْزَة وهاء مَكْسُورَة قَالَ 198 - (هَذَائِهِ الدَّفْترُ خيرُ دَفتَر ... ) ويشار إِلَى الْمُفْرد الْمُؤَنَّث بِعشْرَة أَلْفَاظ وَهِي ذِي وَمَا بعْدهَا وَالْهَاء فِي ذه وته مَكْسُورَة باختلاس وساكنة وَذَات مَبْنِيَّة على الضَّم وتزاد تيك بِكَسْر التَّاء وتيك بِفَتْحِهَا وذيك وأنكرها ثَعْلَب وَتلك بِكَسْر التَّاء وَتلك بِفَتْحِهَا حَكَاهُمَا هِشَام وتيلك بِكَسْر اللَّام وَالتَّاء وتالك بِكَسْر اللَّام حَكَاهُمَا الْفراء وَأنْشد قَوْله 199 - (بأيّةِ تِيلك الدِّمَن الخَوَالِي ... ) وَقَوله 200 - (وأنَّ لتالِكَ الغُمَر انْقِشاعَا ... )

وللمثنى الْمُذكر ذان وذانك فِي الرّفْع وذين وذينك فِي النصب والجر وللمثنى الْمُؤَنَّث تان وتانك وتين وتينك وَقد يُقَال فِي الْمُذكر ذانيك وذينيك وَفِي الْمُؤَنَّث تانيك وتينيك وَذَلِكَ على لُغَة من شدد النُّون بإبدال إِحْدَى النونين يَاء ولجمع الْمُذكر والمؤنث مَعًا اولاء وألاك بِالتَّشْدِيدِ وَأُولَئِكَ وأولالك بِالْقصرِ وأولاء بِالْمدِّ فِي لُغَة الْحجاز وَالْقصر فِي لُغَة تَمِيم وَوزن الْمَمْدُود عِنْد الْمبرد والفارسي فعال كغثاء وَعند أبي إِسْحَاق فعل كهدى زيد فِي آخِره ألف فَانْقَلَبت الثَّانِيَة همزَة وَوزن الْمَقْصُورَة فعل اتِّفَاقًا وألفها أصل عِنْد الْمبرد لعدم التَّمَكُّن ومنقلبة عَن يَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ لإمالتها وتنوينها لُغَة حَكَاهَا قطرب فَيُقَال أولاء قَالَ ابْن مَالك وَتَسْمِيَة هَذَا تنوينا مجَاز لِأَنَّهُ غير مُنَاسِب لواجد من أَقسَام التَّنْوِين والجيد أَن يُقَال إِن صَاحب هَذِه اللُّغَة زَاد نونا بعد هَذِه الْهمزَة كنون ضيفن وَبِنَاء آخِره على الضَّم لُغَة حَكَاهَا قطرب وَكَذَا إشباع الْهمزَة أَوله فِي أولاء وَأُولَئِكَ حَكَاهُمَا قطرب وَكَذَا إِبْدَال أَوله هَاء مَضْمُومَة حَكَاهَا أَبُو عَليّ وَيُقَال أَيْضا هولا بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْوَاو فِي لُغَة حَكَاهَا الشلوبين إِذا عرفت ذَلِك فَلَا خلاف أَن الْمُجَرّد من الْكَاف وَاللَّام للقريب ثمَّ اخْتلف فَقيل مَا فِيهِ الْكَاف وَحدهَا أَو مَعَ اللَّام كِلَاهُمَا للبعيد وَلَيْسَ للْإِشَارَة سوى مرتبتين وَهَذَا مَا صَححهُ ابْن مَالك وَقَالَ إِنَّه الظَّاهِر من كَلَام الْمُتَقَدِّمين وَنسبه الصفار إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَاحْتج لَهُ ابْن مَالك بِأَن الْمشَار شَبيه بالمنادى والنحويون مجمعون على أَن المنادى لَيْسَ لَهُ إِلَّا مرتبتان فلحق بنظيره وَبِأَن الْفراء نقل أَن بني تَمِيم لَيْسَ من لغتهم اسْتِعْمَال اللَّام مَعَ الْكَاف والحجازيين لَيْسَ من لغتهم اسْتِعْمَال الْكَاف بِلَا لَام فَلَزِمَ من هَذَا أَن اسْم الْإِشَارَة على اللغتين لَيْسَ لَهُ إِلَّا مرتبتان وَبِأَن الْقُرْآن لم يرد فِيهِ الْمُجَرّد من اللَّام دون الْكَاف فَلَو كَانَ لَهُ مرتبَة أُخْرَى لَكَانَ الْقُرْآن غير جَامع لوجوه الْإِشَارَة فَإِنَّهُ لَو كَانَت الْمَرَاتِب ثَلَاثَة لم يكتف فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع بلفظين وَهِي وُجُوه حَسَنَة إِلَّا أَن دَعْوَى الْإِجْمَاع فِي الأول مَرْدُودَة

وَذهب أَكثر النَّحْوِيين إِلَى أَن الْإِشَارَة ثَلَاث مَرَاتِب قربي وَلها الْمُجَرّد ووسطى وَلها ذُو الْكَاف وبعدى وَلها ذُو الْكَاف وَاللَّام وَصَححهُ ابْن الْحَاجِب وَاخْتلف على هَذَا فِي مرتبَة مرتبَة أُولَئِكَ بِالْمدِّ فَقيل هَؤُلَاءِ وسطى كأولاك وَقيل للبعدى كأولالك قَالَ أَبُو حَيَّان ويستدل للْأولِ بقوله 201 - (يَا مَا أُمَيْلِحَ غِزْلاَنًا شدَنَّ لنا ... من هَؤُلَيّائِكُنّ الضّال والسّمُر) لِأَن هَاء التَّثْنِيَة لَا تصْحَب ذَا الْبعيد وَمن الشواهد على أولالك قَوْله 202 - (أُولالِك قومِي لم يَكُونُوا أُشابةً ... ) وَمن شَوَاهِد أولاك قَوْله 203 - (من بَيْن أُلاَك إِلَى أُلاّكَا ... )

والمثنى توسطه بتَخْفِيف النُّون وَبعده بتشديدها أَو الْيَاء المبدلة مِنْهُ جَوَازًا مَعَ الْألف ولزوما مَعَ الْيَاء عِنْد الْبَصرِيين لمنعهم التَّشْدِيد مَعهَا قَالَ أَبُو حَيَّان ص وتصحب هَا التَّنْبِيه الْمُجَرّد وتقل مَعَ الْكَاف وتمنع مَعَ اللَّام قَالَ ابْن مَالك والمثنى وَالْجمع وَخَالف أَبُو حَيَّان وَقيل تلْزم تي الْهَاء وَالْكَاف وتفصل بِأَنا وَإِخْوَته وَقل بغَيْرهَا خلافًا للزجاج وَقد تُعَاد بعده توكيدا وأباه أَبُو حَيَّان وَالْمَعْرُوف فِي الْمُؤَنَّث هَا هِيَ ذه مُفْردَة وَحكى هُوَ ذه وَهُوَ ذَا وَالْكَاف حرف خطاب تبين أَحْوَاله كالاسمية وَقد يُغني لَك ذَلِك عَن ذَلِكُم قَالَ ابْن مَالك وإشباع ضم الْكَاف عَن الْمِيم وَقد يقْتَصر على الْكَاف مُطلقًا وتتصل بأرأيت بِمَعْنى أَخْبرنِي فَلَا يلْحق تاءه الْعَلامَة اسْتغْنَاء بهَا بِخِلَاف العلمية وَالْفَاعِل التَّاء وَقيل الْكَاف وَقيل محلهَا نصب وبحيهل والنجاء ورويد وَقل ببلى وكلا وَأبْصر وَلَيْسَ وَنعم وَبئسَ وحسبت وَقد يَنُوب ذُو الْبعد عَن غَيره وَعَكسه لضعة أَو رفْعَة وَنَحْو ذَلِك ويتعاقبان وَمنعه السُّهيْلي ش فِيهِ مسَائِل الأولى تصْحَب هَا التَّنْبِيه الْمُجَرّد من الْكَاف كثيرا نَحْو هَذَا وهذي والمقترن بِالْكَاف دون اللَّام قَلِيلا كَقَوْلِه 204 - (وَلَا أهل هذاك الطّرافِ المُمَدّدِ ... ) وَقَوله 205 - (قد احتَمَلَتْ ميٌّ فهاتِيكَ دارُها ... )

وَلَا تدخل مَعَ اللَّام بِحَال فَلَا يُقَال هَذَا لَك وَعلله ابْن مَالك بِأَن الْعَرَب كرهت كَثْرَة الزَّوَائِد وَقَالَ غَيره هَا تَنْبِيه وَاللَّام تَثْنِيَة فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَقَالَ السُّهيْلي اللَّام تدل على بعد الْمشَار إِلَيْهِ وَأكْثر مَا يُقَال للْغَائِب وَمَا لَيْسَ بِحَضْرَة الْمُخَاطب وَهَا تَنْبِيه للمخاطب لينْظر وَإِنَّمَا ينظر إِلَى مَا بِحَضْرَتِهِ لَا إِلَى مَا غَابَ عَن نظره فَلذَلِك لم يجتمعا قَالَ ابْن مَالك وَلَا يدْخل على المقرون بِالْكَاف فِي الْمثنى وَالْجمع فَلَا يُقَال هذانك وَلَا هؤلئك قَالَ لن واحدهما ذَاك وَذَلِكَ فَحمل على ذَلِك مثناه وَجمعه لِأَنَّهُمَا فرعاه وَحمل عَلَيْهِمَا مثنى ذَلِك وَجمعه لتساويهما لفظا وَمعنى قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا بِنَاء على مَا اخْتَارَهُ من أَنه لَيْسَ للمشار إِلَيْهِ إِلَّا مرتبتان وَقد ورد السماع بِخِلَاف مَا قَالَ فِي قَوْله 206 - (من هَؤُليّائكن الضال والسَّمُر ... ) وَهُوَ تَصْغِير هؤلائكن وَزعم ابْن يسعون أَن تي فِي الْمُؤَنَّث لَا تسْتَعْمل إِلَّا بهاء فِي أَولهَا وبالكاف فِي آخرهَا الثَّانِيَة تفصل هَا التَّنْبِيه من اسْم الْإِشَارَة بِأَنا وأخواته من ضمائر الرّفْع الْمُنْفَصِلَة كثير نَحْو هَا أَنا ذَا وَهَا نَحن أولاء قَالَ تَعَالَى {هأنتم أولآء} آل عمرَان 119 وَبِغير الضمائر الْمَذْكُورَة قَلِيلا كَقَوْلِه 207 - (تَعَلَّمَنْ هَا لَعَمْرُ الله ذَا قَسَمًا ... )

وَقَوله 208 - (فَقلت لَهُم هَذَا لَهَا هَا وذَا لِيَا ... ) ففصل الْوَاو وَقد تُعَاد هَا بعد الْفَصْل توكيدا ذكره ابْن مَالك وَمثله بقوله تَعَالَى {هأنتم هؤلآء} آل عمرَان 66 قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مُخَالف لظَاهِر كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ جعل هَا السَّابِقَة فِي الْآيَة فِي منزلتها للتّنْبِيه الْمُجَرّد غير مصحوبة لاسم الْإِشَارَة لَا أَنَّهَا مُقَدّمَة على الضَّمِير من الْإِشَارَة الثَّالِثَة لَا خلاف بَين النَّحْوِيين أَن كَاف الْخطاب المصاحبة لأسماء الْإِشَارَة حرف يبين أَحْوَال الْمُخَاطب من إِفْرَاد وتثنية وَجمع وتذكير وتأنيث فَيَنْصَرِف كالاسمية بِالْفَتْح وَالْكَسْر ولحوق الْمِيم وَالْألف وَالنُّون نَحْو ذَلِك ذلكما ذَلِكُم ذلكن وَذَاكَ ذَاك ذاكما ذاكم ذاكن وَقد يكْتَفى فِي خطاب الْجمع الْمُذكر بكاف الْخطاب مَفْتُوحَة كَمَا يُخَاطب الْمُفْرد الْمُذكر قَالَ تَعَالَى {فَمَا جَزَاء من يفعل ذَلِك مِنْكُم} الْبَقَرَة 85 و {ذَلِك خير لكم} المجادلة 12 وَذكر ابْن الباذش لإفراد الْكَاف إِذا خُوطِبَ بِهِ جمَاعَة تأويلين أَحدهمَا أَن يقبل بِالْخِطَابِ على وَاحِد من الْجَمَاعَة لجلالته وَالْمرَاد لَهُ وَلَهُم وَالثَّانِي أَن يُخَاطب الْكل وَيقدر اسْم مُفْرد من أَسمَاء الجموع يَقع على الْجَمَاعَة تَقْدِيره ذَلِك يوعظ بِهِ يَا فريق وَيَا جمع وَنَحْو ذَلِك

قَالَ ابْن مَالك وَقد يَسْتَغْنِي عَن الْمِيم فِي الْجمع بإشباع ضمة الْكَاف كَقَوْلِه 209 - (وإنّما الهالِكُ ثمَّ التالك ... ذُو حَيْرَة ضَاقَتْ بِهِ المسالِكُ) (كَيفَ يكون النَّوْكُ إلاّ ذَلِكُ ... ) أَرَادَ ذَلِكُم فَحذف الْمِيم وَاسْتغْنى بإشباع ضمة الْكَاف وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا دَلِيل فِي الْبَيْت لِأَنَّهُ يتزن بالإسكان وَإِن صحت الرِّوَايَة بالضمة فَهُوَ من تَغْيِير الْحَرَكَة لأجل القافية على حد قَوْله 210 - (سأترُكُ منزلى لبنى تَمِيم ... وألحقُ بالحجاز فَأسْتَريحا)

فَلَا حجَّة فِيهِ وَفِي الْكَاف لُغَة أُخْرَى وَهِي الِاقْتِصَار عَلَيْهَا بِكُل حَال من غير إِلْحَاق عَلامَة تَثْنِيَة وَلَا جمع تركا لَهَا على أصل الْخطاب ثمَّ مِنْهُم من يفتحها مَعَ الْمُذكر ويكسرها مَعَ الْمُؤَنَّث وَمِنْهُم من يفتحها مَعَهُمَا الرَّابِعَة تتصل هَذِه الْكَاف أَعنِي الحرفية بأرأيت بِمَعْنى أَخْبرنِي نَحْو أرأيتك يَا زيد عمرا مَا صنع وأرأيتك يَا هِنْد وأرأيتكما وأرأيتكم أَو أرأيتكن فَتبقى التَّاء مُفْردَة دَائِما ويغني لحاق عَلَامَات الْفُرُوع بِالْكَاف عَن لحوقها بِالتَّاءِ وفيهَا حِينَئِذٍ مَذَاهِب أَحدهَا أَن الْفَاعِل هُوَ التَّاء وَالْكَاف حرف خطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَعَلِيهِ البصريون الثَّانِي أَن التَّاء حرف خطاب وَلَيْسَت باسم وَإِلَّا لطابقت وَالْكَاف هِيَ الْفَاعِل للمطابقة وَعَلِيهِ الْفراء ورد بِأَن الْكَاف يسْتَغْنى عَنْهَا بِخِلَاف التَّاء فَكَانَت أولى بالفاعلية وَبِأَن التَّاء مَحْكُوم بفاعليتها فِي غير هَذَا الْفِعْل بِإِجْمَاع وَلم يعْهَد ذَلِك فِي الْكَاف الثَّالِث أَن الْكَاف فِي مَوضِع نصب وَعَلِيهِ الْكسَائي ورد بِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْهِ أَن يكون الْمَفْعُول الأول وَمَا بعده هُوَ الثَّانِي فِي الْمَعْنى وَأَنت إِذا قلت أرأيتك زيدا مَا فعل لم تكن الْكَاف بِمَعْنى زيد فَعلم أَنه لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب وَأَن زيدا هُوَ الْمَفْعُول الأول وَمَا بعده الْمَفْعُول الثَّانِي فَإِن قيل لم لم يكن من قبيل مَا يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة فَيكون الأول غير الثَّانِي أجَاب أَبُو عَليّ بِأَنَّهَا لم تتعد إِلَى ثَلَاثَة فِي غير هَذَا الْموضع وَلَو كَانَت من هَذَا الْبَاب لتعدت إِلَيْهَا أما أَرَأَيْت العلمية وهمزتها للاستفهام فَإِن الْكَاف اللاحقة لَهَا ضمير مَنْصُوب يُطَابق فِيهِ التَّاء نَحْو أرأيتك ذَاهِبًا وأرأيتك ذَاهِبَة وأرأيتماكما ذَاهِبين وأرأيتموكم ذَاهِبين وأرأيتن كن ذاهبات لِأَن ذَلِك جَائِز فِي أَفعَال الْقُلُوب الْخَامِسَة تتصل الْكَاف الحرفية أَيْضا كثيرا بحيهل والنجاء ورويد وَهِي أَسمَاء أَفعَال نَحْو حيهلك أَي ائْتِ والنجاك أَي أسْرع ورويدك أَي مهل

وقليلا ببلى وَمَا ذكر بعده نَحْو بلاك وكلاك وأبصرك زيدا تُرِيدُ أبْصر زيدا ولسك زيد قَائِما قَالَ 211 - (ألَسْتكَ جاعِلِي كابنيْ جُعَيْل ... ) ونعمك الرجل زيد وبئسك الرجل عَمْرو وحسبتك عمرا قَائِما قَالَ 212 - (وحِنْتَ ومَا حسبتُكَ أنْ تَحينا ... ) خرجه أَبُو عَليّ عَلَيْهِ إِذْ لَا يخبر بِأَن وَالْفِعْل عَن اسْم عين السَّادِسَة قد يَنُوب ذُو الْبعد عَن ذِي الْقرب وَذُو الْقرب عَن ذِي الْبعد إِمَّا لرفعة الْمشَار إِلَيْهِ والمشير نَحْو {ذَلِك الْكتاب} الْبَقَرَة 2 {ذَلِكُم الله رَبِّي} الشورى 10 {فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} يُوسُف 32 {إِن هَذَا القرءان يهدي} الْإِسْرَاء 9 أوضعتهما نَحْو ذَلِك اللعين فعل {أَهَذا الَّذِي يذكر} الْأَنْبِيَاء 36 {فَذَلِك الَّذِي يدع الْيَتِيم} الماعون 2 أَو نَحْو ذَلِك قَالَ فِي التسهيل كحكاية الْحَال نَحْو {كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من عَطاء رَبك} الْإِسْرَاء 20 {هَذَا من شيعته وَهَذَا من عدوه} الْقَصَص 15 زَاد أهل الْبَيَان وكالتنبيه بعد ذكر الْمشَار إِلَيْهِ بأوصاف قبله على أَنه جدير بِمَا يرد بعده من أجلهَا نَحْو {أُولَئِكَ على هدى} الْبَقَرَة 5 الْآيَة وَقَوْلِي ويتعاقبان هُوَ مَذْهَب الْجِرْجَانِيّ وَابْن مَالك وَطَائِفَة أَن ذَلِك قد يشار بهَا للقريب بِمَعْنى هَذَا وَهَذَا قد يشار بهَا للبعيد بِمَعْنى ذَلِك قَالَ تَعَالَى {ذَلِك نتلوه عَلَيْك من الْآيَات} آل عمرَان 58 ثمَّ قَالَ {إِن هَذَا لَهو الْقَصَص} آل عمرَان 62 وَقَالَ الشَّاعِر

213 - (تأمّل خفَافًا إنّني أَنا ذلكا ... ) أَي هَذَا ورده السُّهيْلي قَالَ إِن ذَلِك من النِّيَابَة السَّابِقَة لَا التَّعَاقُب ص ويشار للمكان ب هُنَا لَازم الظَّرْفِيَّة ويجر بِمن وَإِلَى ويلحقه لواحق ذَا لَكِن لَا تتصرف كافه وكهنالك ثمَّ وَقيل تَجِيء مَفْعُولا بِهِ وَهنا وَهنا وَقد يصحبها الْكَاف وَهَا وَيُقَال هنه وثمه وَقفا وهنت وَقد يشار بهناك وهنالك وَهنا لزمان وَقَالَ الْمفضل هُنَاكَ للمكان وهنالك للزمان ش يشار للمكان الْقَرِيب بهنا وَهُوَ لَازم الظَّرْفِيَّة فَلَا يَقع فَاعِلا وَلَا مَفْعُولا بِهِ وَلَا مُبْتَدأ ويجر بِبَعْض الْحُرُوف كَمَا هُوَ شَأْن لَازم الظَّرْفِيَّة فيجر بِمن وَإِلَى نَحْو تعال من هُنَا إِلَى هُنَا وتلحق لواحق ذَا وَهُوَ الْكَاف وَحدهَا فِي التَّوَسُّط أَو الْبعد على الْقَوْلَيْنِ وَالْكَاف مَعَ اللَّام فِي الْبعد وَتدْخل هَا التَّنْبِيه فِي هُنَا بِكَثْرَة وَهُنَاكَ بقلة وَلَا تدخل فِي هُنَالك نعم تلْزم كَافَّة حَالَة وَاحِدَة وَلَا تتصرف تصرف كَاف ذَا ويشار للمكان الْبعيد فَقَط بثم مَفْتُوحَة الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَهِي كهنا فِي لُزُوم الظَّرْفِيَّة والجر بِمن وَإِلَى وَقيل إِنَّهَا تقع مَفْعُولا بِهِ وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت} الْإِنْسَان 20 ورد بِأَن الْمَفْعُول مَحْذُوف اختصارا أَي الْمَوْعُود بِهِ أَو اقتصارا أَي وَقعت مِنْك رُؤْيَة ويشار للبعيد أَيْضا بهنا بِكَسْر الْهَاء وَهنا بِفَتْحِهَا وَالنُّون مُشَدّدَة فيهمَا قَالَ 214 - (كأنَّ وَرْسًا خَالَط الْيَرَنَّا ... خَالَطَهُ من هَاهُنَا وهَنّا) وَقد تصحبها الْكَاف دون اللَّام فَيُقَال هُنَاكَ وَهُنَاكَ وَقد تصحبها هَا التَّنْبِيه فَيُقَال هَا هُنَا

وَيُقَال فِي هُنَا المخففة هنة فِي الْوَقْف قَالَ 215 - (قد أقْبَلَتْ من أمِكنَهْ ... من هَاهُنَا وَمن هُنَهْ) وَيُقَال أَيْضا فِي ثمَّ فِي الْوَقْف ثمه وَقد يُقَال فِي هُنَا الْمُشَدّدَة هنت مشددا سَاكن التَّاء قَالَ 216 - (وَذكرهَا هنّتْ ولاتَ هنَتِ ... ) وَقد يشار بهنا وهنالك وَهنا الْمُشَدّدَة للزمان كَقَوْلِه تَعَالَى {هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} الْأَحْزَاب 11 أَي فِي ذَلِك الزَّمَان لقَوْله قبل {إِذْ جآءوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} الْأَحْزَاب 10 وَقَوله {هُنَالك تبلوا كل نفس مآ أسلفت} يُونُس 30 وَقَول الأفوه 217 - (وَإِذا الْأُمُور تعاظمت وتَشَابَهَتْ ... فهناك يَعْتَرفُونَ أَيْن المفزعُ) وَقَول الآخر 218 - (حنَّت نوار ولات هَنَّا حَنَّتِ ... ) أَي وَلَا حنت فِي هَذَا الْوَقْت وَذهب الْمفضل إِلَى أَن هُنَاكَ للمكان وهنالك للزمان

أداة التعريف

أَدَاة التَّعْرِيف ص أَدَاة التَّعْرِيف قَالَ الْخَلِيل وَابْن كيسَان وَابْن مَالك أل فالهمزة قطع وَقيل وصل وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ قَالَ أَبُو حَيَّان وَجَمِيع النُّحَاة اللَّام وتخلفها أم وَقيل فِيمَا لَا يدغم فِيهِ ش النُّكْتَة الَّتِي لأَجلهَا قدمت هَذَا الْبَاب على الْمَوْصُول تَأتي ختم الْمُقدمَات بالخاتمة الْمُشْتَملَة على مَعَاني من وَمَا وَأي الْخَارِجَة عَن الموصولية فَإِن ذكرهَا عقب الْموصل على سَبِيل التذييل مُنَاسِب وَكَونهَا مُفْردَة بخاتمة أنسب وَفِيه تَوْفِيَة بعادتي فِي هَذَا الْكتاب وَهُوَ ختم كل كتاب من الْكتب السَّبْعَة بخاتمة كَمَا صنع ابْن السُّبْكِيّ فِي جمع الْجَوَامِع الْأَصْلِيّ إِلَى أَن ختم الْكتاب السَّابِع بخاتمة فِي الْخط كَمَا ختم هُوَ الْكتاب السَّابِع بخاتمة فِي التصوف وانضم إِلَى مَا صَنعته هُنَا مناسبتان الأولى أَن هَذَا الْبَاب مُخْتَصر وَبَاب الْمَوْصُول يَسْتَدْعِي أحكاما طَوِيلَة وَمن عَادَة المصنفين تَقْدِيم مَا هُوَ الأخصر وَتَأْخِير مَا يَسْتَدْعِي فروعا واستطرادات الثَّانِيَة أَنه قد تقدم حِكَايَة قَول أَن تَعْرِيف الْمَوْصُول بأل ونيتها فَكَانَت لذَلِك كالأصل لَهُ فَنَاسَبَ تَقْدِيم ذكرهَا عَلَيْهِ وَقد قدم ابْن مَالك فِي التسهيل بَاب الْمَوْصُول على بَاب الْإِشَارَة مَعَ أَنه عِنْد مُؤخر عَنهُ فِي الرُّتْبَة وَلَيْسَ لما صنعه وَجه من الْمُنَاسبَة أعلم أَن فِي أَدَاة التَّعْرِيف مذهبين أَحدهمَا أَنَّهَا أل بجملتها وَعَلِيهِ الْخَلِيل وَابْن كيسَان وَصَححهُ ابْن مَالك فهى حرف ثنائي الْوَضع بِمَنْزِلَة قد وَهل قَالَ ابْن جني وَكَانَ الْخَلِيل يسميها أل وَلمن يكن يسميها الْألف وَاللَّام كَمَا لَا يُقَال فِي قد الْقَاف وَالدَّال ثمَّ اخْتلف على هَذَا هَل الْهمزَة قطع أَو وصل على قَوْلَيْنِ وَالْمذهب الثَّانِي أَنَّهَا اللَّام فَقَط والهمزة وصل اجتلبت للابتداء بالساكن

وَفتحت على خلاف سَائِر همزات الْوَصْل تَخْفِيفًا لِكَثْرَة دورها وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَنَقله أَبُو حَيَّان عَن جَمِيع النَّحْوِيين إِلَّا ابْن كيسَان وَعَزاهُ صَاحب الْبَسِيط إِلَى الْمُحَقِّقين وَالْفرق بَين المذهبين على القَوْل الأول بِأَن الْهمزَة وصل أَن الْمَوْضُوع للتعريف على هَذَا اللَّام وَحدهَا ثمَّ اجتلبت همزَة الْوَصْل ليمكن النُّطْق بالساكن وعَلى ذَاك هِيَ مُعْتَد بهَا فِي الْوَضع كهمزة اسْتمع وَنَحْوه وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي قَوْلك قَامَ الْقَوْم فعلى الأولى حذفت الْهمزَة لتحرك مَا قبلهَا وعَلى الثَّانِي لم يكن ثمَّ همزَة الْبَتَّةَ وَلم يُؤْت بهَا لعدم الْحَاجة إِلَيْهَا وَرجح مَذْهَب الْخَلِيل لسلامته من وُجُوه كَثِيرَة مُخَالفَة للْأَصْل وموجبة لعدم النظير مِنْهَا وضع كلمة مُسْتَحقَّة للتصدير على حرف وَاحِد سَاكن وافتتاح حرف بِهَمْزَة وصل وَلَا نَظِير لَهما وَبِأَن الْعَرَب تقف عَلَيْهَا تَقول أَلِي ثمَّ تتذكر فَتَقول الرجل كَمَا تَقول قدي ثمَّ تَقول قد فعل وَقَالَ الشَّاعِر 219 - (دع ذَا وعجِّل ذَا وألْحِق ذَا بذَلْ ... بالشحم إنّا قد مَلِلْناه بَجَلْ) وَلَا يُوقف إِلَّا مَا كَانَ على حرفين وَاسْتدلَّ للْمَذْهَب الثَّانِي بِحَذْف الْهمزَة وصلا وَأجِيب بِأَنَّهَا وصلت تَخْفِيفًا وَبِأَن الْعَامِل يتخطاها وَلَو كَانَت فِي الأَصْل كقد كَانَت فِي تَقْدِير الِانْفِصَال وَلم يتخطها وَأجِيب بِأَن تَقْدِير الِانْفِصَال لَا يَتَرَتَّب على كَثْرَة الْحُرُوف بل على إِفَادَة معنى زَائِد على معنى المصحوب وَلَو كَانَ الْمشعر بِهِ حرفا وَاحِدًا كهمزة الِاسْتِفْهَام

وَعدم الِانْفِصَال يرتب على إِفَادَة معنى ممازج لِمَعْنى المصحوب كسوف وَبِأَن التنكير مَدْلُول عَلَيْهِ بِحرف وَاحِد وَهُوَ التَّنْوِين فَوَجَبَ كَون التَّعْرِيف كَذَلِك لِأَن الشَّيْء يحمل على ضِدّه كَمَا يحمل على نَظِيره وَأجِيب بِأَنَّهُ غير لَازم بل الِاخْتِلَاف بهَا أولى وَإِن سلم فشرطه تعذر الْحمل على النظير قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي شَيْئا وَلَا يَنْبَغِي أَن يتشاغل بِهِ وَقد تخلفها أم فِي لُغَة عزيت لطييء وحمير قَالَ ابْن مَالك لما كَانَت اللَّام تُدْغَم فِي أَرْبَعَة عشر حرفا فَيصير الْمُعَرّف بهَا كَأَنَّهُ من المضاعف الْعين الَّذِي فاؤه همزَة جعل أهل الْيمن وَمن داناهم بدلهَا ميما لِأَن الْمِيم لَا تُدْغَم إِلَّا فِي مِيم قَالَ بَعضهم إِن هَذِه اللُّغَة مُخْتَصَّة بالأسماء الَّتِي لَا تُدْغَم لَام التَّعْرِيف فِي أَولهَا نَحْو غُلَام وَكتاب بِخِلَاف رجل وناس قَالَ ابْن هِشَام وَلَعَلَّ ذَلِك لُغَة لبَعْضهِم لَا لجميعهم بِدَلِيل دُخُولهَا على النَّوْعَيْنِ فِي قَوْله لَيْسَ من امبر امصيام فِي امسفر أخرجه أَحْمد وَقَول الشَّاعِر 220 - (يَرْمِي ورائي بامْسَهمْ وَامْسَلِمَهْ ... )

ص فَإِن عهد مصحوبها بِحُضُور حسي أَو علمي فعهدية ويعرض فِيهَا الْغَلَبَة واللمح وَإِلَّا فجنسية فَإِن لم يخلفها كل فلتعريف الْمَاهِيّة أَو خلفهَا حَقِيقَة فللشمول فيستثنى من مدخولها وَقد ينعَت بِالْجمعِ ويضاف إِلَيْهِ أفعل أَو مجَازًا فلشمول خَصَائِصه مُبَالغَة قيل ويعرض فِيهَا الْحُضُور قيل وتختص الحضورية بتلو إِذا الفجائية وَالْإِشَارَة وَأي والزمن الْحَاضِر وَقيل للْحَقِيقَة فِيهَا وَزعم ابْن معزوز اخْتِصَاص اللَّام بالعهدية وَابْن بابشاذ العهدية بالأعيان والجنسية بالأذهان ش أل نَوْعَانِ عهدية وجنسية فَالْأولى مَا عهد مَدْلُول مصحوبها بِحُضُور حسي بِأَن تقدم ذكره لفظا فأعيد مصحوبا بأل نَحْو {أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن رَسُولا فعصى فِرْعَوْن الرَّسُول} المزمل 15 16 أَو كَانَ مشاهدا كَقَوْلِك القرطاس لمن سدد سَهْما أَو علمي بِأَن لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر وَلم يكن مشاهدا حَال الْخطاب نَحْو {إِذْ هما فِي الْغَار} التَّوْبَة 40 {إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} الْفَتْح 18 {إِذْ ناداه ربه بالواد الْمُقَدّس} النازعات 16 قَالَ أَبُو حَيَّان وَذكر أَصْحَابنَا أَنه يعرض فِي العهدية الْغَلَبَة ولمح الصّفة فالتي للغلبة كالبيت للكعبة والنجم للثريا دخلت لتعريف الْعَهْد ثمَّ حدثت الْغَلَبَة بعد ذَلِك وَالَّتِي للمح لم تدخل أَولا على الِاسْم للتعريف لِأَن الِاسْم علم فِي الأَصْل لَكِن لمح فِيهِ معنى الْوَصْف فَسقط تَعْرِيف العملية فِيهِ وَإِنَّمَا أَنْت تُرِيدُ شخصا مَعْلُوما فَلم يكن بُد من إِدْخَال أل العهدية عَلَيْهِ لذَلِك وَالثَّانيَِة إِمَّا لتعريف الْمَاهِيّة وَهِي الَّتِي لَا يخلفها كل لَا حَقِيقَة وَلَا مجَازًا نَحْو {وَجَعَلنَا من المآء كل شَيْء حَيّ} الْأَنْبِيَاء 30 وقولك وَالله لَا أَتزوّج النِّسَاء وَلَا ألبس الثِّيَاب وَإِمَّا لاستغراق الْأَفْرَاد وَهِي الَّتِي تخلفها كل حَقِيقَة نَحْو (وَخلق الْإِنْسَان

ضَعِيفا} النِّسَاء 28 وعلامتها أَن يَصح الِاسْتِثْنَاء من مدخولها نَحْو {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين ءامنوا} الْعَصْر 2 3 وَصِحَّة نَعته بِالْجمعِ وَإِضَافَة أفعل إِلَيْهِ اعْتِبَارا لمعناه نَحْو {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا} النُّور 31 وَقَوْلهمْ أهلك النَّاس الدِّينَار الْحمر وَالدِّرْهَم الْبيض وَإِمَّا لاستغراق خَصَائِص الْأَفْرَاد مُبَالغَة فِي الْمَدْح أَو الذَّم وَهِي الَّتِي تخلفها كل مجَازًا نَحْو زيد الرجل علما أَي الْكَامِل فِي هَذِه الصّفة وَمِنْه {ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ} الْبَقَرَة 2 قَالَ الْجُزُولِيّ وَغَيره ويعرض فِي الجنسية الْحُضُور نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد إِذْ لَيْسَ بَيْنك وَبَين مخاطبك عهد فِي أَسد مَخْصُوص وَإِنَّمَا أردْت خرجت فَإِذا هَذِه الْحَقِيقَة فَدخلت أل لتعريف الْحَقِيقَة لِأَن حَقِيقَة الْأسد مَعْرُوفَة عِنْد النَّاس وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا تقع الحضورية إِلَّا بعد اسْم الْإِشَارَة نَحْو جَاءَنِي هَذَا الرجل وَأي فِي النداء نَحْو يَا أَيهَا الرجل وَإِذا الفجائية نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد أَو فِي اسْم الزَّمَان الْحَاضِر نَحْو الْآن والساعة وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَمَا عدا ذَلِك لَا تكون فِيهِ للحضور إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على ذَلِك وَقَالَ ابْن هِشَام فِيمَا ذكره ابْن عُصْفُور نظر لِأَنَّك تَقول لشاتم رجل بحضرتك لَا تَشْتُم الرجل فَهَذِهِ للحضور فِي غير مَا ذكر وَلِأَن الَّتِي بعد إِذا لَيست لتعريف شَيْء حَاضر حَالَة التَّكَلُّم فَلَا تشبه مَا الْكَلَام فِيهِ وَلِأَن الصَّحِيح فِي الدَّاخِلَة على الْآن أَنَّهَا زَائِدَة لَا معرفَة وَمَا ذكر من تَقْسِيم أل إِلَى عهدية وجنسية هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَخَالف أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن معزوز فَذكر أَن أل لَا تكون إِلَّا عهدية فَإِذا قلت الدِّينَار خير من الدِّرْهَم فَمَعْنَاه هَذَا الَّذِي عهدته بقلبي على شكل كَذَا خير من الَّذِي عهدته على شكل كَذَا فَاللَّام للْعهد أبدا لَا تُفَارِقهُ وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا يبعد عِنْدِي أَن تسمي الْألف وَاللَّام اللَّتَان لتعريف الْجِنْس عهديتين لِأَن الْأَجْنَاس عِنْد الْعُقَلَاء مَعْلُومَة مذفهموها والعهد تقدم الْمعرفَة وَقَالَ ابْن بابشاذ العهدية بالأعيان والجنسية بالأذهان ص وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية نيابتها عَن الضَّمِير قَالَ ابْن مَالك لَا فِي الصِّلَة

ش اخْتلف فِي نِيَابَة أل عَن الضَّمِير الْمُضَاف إِلَيْهِ فَمَنعه أَكثر الْبَصرِيين وَجوزهُ الكوفية وَبَعض الْبَصرِيين وَكثير من الْمُتَأَخِّرين وَخَرجُوا عَلَيْهِ {فَإِن الْجنَّة هِيَ المأوى} النازعات 41 ومررت بِرَجُل حسن الْوَجْه والمانعون قدرُوا لَهُ وَمِنْه وَقيد ابْن مَالك الْجَوَاز بِغَيْر الصِّلَة وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي {وَعلم ءادم الأسمآء} الْبَقَرَة 31 إِن الأَصْل أَسمَاء المسميات فجوز إنابتها عَن الظَّاهِر وَقَالَ أَبُو شامة فِي قَوْله بدأت بِبسْم الله فِي النّظم إِن الأَصْل فِي نظمي فجوز إنابتها عَن ضمير الْمُتَكَلّم قَالَ ابْن هِشَام وَالْمَعْرُوف من كَلَامهم إِنَّمَا هُوَ التَّمْثِيل بضمير الْغَائِب ص وزيدت لَازِما فِي اليسع وَقيل للمح وَالَّذِي قيل والآن ونادرا فِي علم وَحَال وتمييز ومضافه قَالَ الْأَخْفَش ومررت بِالرجلِ مثلك وَخير مِنْك والخليل مَا بعده نعت لنيتها وَابْن مَالك بدل وَابْن هِشَام ك {الَّيْلِ نسلخ} يس 37 ش تقع أل زَائِدَة وَهِي نَوْعَانِ لَازِمَة وَهِي الَّتِي فِي الموصولات بِنَاء على أَن تَعْرِيفهَا بالصلة وَالَّتِي فِي اليسع وَقيل إِنَّهَا للمح وَالَّتِي فِي الْآن على أحد الْقَوْلَيْنِ فِيهِ وَغير لَازِمَة وَهِي نادرة كالداخلة على بعض الْأَعْلَام فِي قَوْله 221 - (باعَدَ أُمَّ العَمْر مِن أسيرهَا ... )

وَالْأَحْوَال كَقَوْلِهِم ادخُلُوا الأول فَالْأول أَي أَولا فأولا وَقَوله 222 - (دُمْتَ الحَمِيد فَمَا تنفكُّ منتصِراً ... ) أَي حميدا والتمييز فِي قَوْله 223 - (وَطِبْتَ النَّفس يَا قيسُ عَن عَمْرو ... )

أَي نفسا والمضاف إِلَيْهِ التَّمْيِيز فِي قَوْله 224 - (إِلَى رُدُح من الشِّيزَي مِلاَء ... لُبابَ البُرّ يُلْبَكْ بالشِّهَادِ) وَاخْتلف فِي نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ مثلك وَخير مِنْك مِمَّا أتبع فِيهِ المقرون ب أل بهما فَقَالَ الْأَخْفَش إِنَّه نكرَة وأل فِيهِ زَائِدَة ليَصِح إتباعه بهما إِذْ ليسَا بمعرفتين وَقَالَ الْخَلِيل بل النَّعْت والمنعوت معرفتان على نِيَّة أل فِي النَّعْت وَإِن كَانَ موضعا لَا تدخله كَمَا نصب الْجَمَّاء الْغَفِير على نِيَّة إِلْغَاء أل وَقَالَ ابْن مَالك عِنْدِي أَن أسهل مِمَّا ذَهَبا إِلَيْهِ الحكم بالبدلية وَتَقْرِير الْمَتْبُوع وَالتَّابِع على ظاهرهما فَيكون بدل نكرَة من معرفَة ورده أَبُو حَيَّان بِأَن الْبَدَل بالمشتقات ضَعِيف وَذَلِكَ الَّذِي حمل الْأَخْفَش والخليل على مَا ذَهَبا إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن هِشَام ك {اللَّيْل نسلخ} يس 37

الموصول

الْمَوْصُول ص الْمَوْصُول مِنْهُ حرفي وَهُوَ مَا أول مَعَ صلته بمصدر وَهُوَ أَن وتوصل بِفعل متصرف وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِلَّا الْأَمر وكي وتوصل بمضارع مقرونة بلام التَّعْلِيل لفظا أَو تَقْديرا وَأَن وتوصل بمبتدأ وَخبر وَلَو التالية غَالِبا مفهم تمن أثبت مصدريتها الْفراء والفارسي والتبريزي وَأَبُو الْبَقَاء وَابْن مَالك وَمنعه الْجُمْهُور وَمَا وزعمها قوم اسْما ويوصلان بمتصرف غير أَمر وَالْأَكْثَر بماض وَجوز قوم وصل مَا بجملة اسمية وَثَالِثهَا إِن نابت عَن الظّرْف وَشرط قوم صِحَة الَّذِي محلهَا والسهيلي كَون وَصلهَا غير خَاص وتنوب عَن زمَان قيل وتشاركها أَن ش الْمَوْصُول قِسْمَانِ حرفي واسمي وَالثَّانِي هُوَ الْمَقْصُود بِالْبَابِ لِأَنَّهُ الْمعرفَة وَذكر الأول اسْتِطْرَادًا وبدئ بِهِ لِأَن الْكَلَام فِيهِ أخصر وَذَاكَ يستتبع أحكاما وفروعا كَثِيرَة وَضَابِط الْمَوْصُول الْحرفِي أَن يؤول مَعَ صلته بمصدر وَهُوَ خَمْسَة أحرف أَحدهَا أَن بِالْفَتْح والسكون وَهِي الناصبة للمضارع وتوصل بِالْفِعْلِ الْمُتَصَرف مَاضِيا كَانَ أم مضارعا أم أمرا نَحْو أعجبني أَن قُمْت وَأُرِيد أَن تقوم وكتبت إِلَيْهِ بِأَن قُم وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ على وَصلهَا بِالْأَمر وَالدَّلِيل على أَنَّهَا مَصْدَرِيَّة دُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حَيَّان جَمِيع مَا استدلوا بِهِ على وَصلهَا بِفعل الْأَمر يحْتَمل أَن تكون التفسيرية وَلَا يقوى عِنْدِي وَصلهَا بِهِ لأمرين أَحدهمَا أَنَّهَا إِذا سبكت وَالْفِعْل بمصدر فَاتَ معنى الْأَمر الْمَطْلُوب وَالثَّانِي أَنه لَا يُوجد فِي كَلَامهم يُعجبنِي أَن قُم وَلَا أَحْبَبْت أَن قُم وَلَا يجوز ذَلِك وَلَو كَانَت توصل بِهِ لجَاز ذَلِك للماضي والمضارع انْتهى أما الجامد كعسي وهب وَتعلم فَلَا توصل بِهِ اتِّفَاقًا

الثَّانِي كي وتوصل بالمضارع ولكونها بِمَعْنى التَّعْلِيل لزم اقترانها بِاللَّامِ ظَاهِرَة أَو مقدرَة نَحْو جِئْت لكَي تكرمني أَو كي تكرمني الثَّالِث أَن بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد إِحْدَى أَخَوَات إِن وتوصل باسمها وخبرها نَحْو يُعجبنِي أَن زيدا قَائِم وَهَذِه الثَّلَاثَة مُتَّفق عَلَيْهَا الرَّابِع لَو التالية غَالِبا مفهم تمن وَاخْتلف فِيهَا فالجمهور أَنَّهَا لَا تكون مَصْدَرِيَّة بل تلازم التَّعْلِيق وَيُؤَيّد ذَلِك أَنه لم يسمع دُخُول حرف جر عَلَيْهَا وَذهب الْفراء والفارسي والتبريزي وَأَبُو الْبَقَاء وَابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا قد تكون مَصْدَرِيَّة فَلَا تحْتَاج إِلَى جَوَاب وَخَرجُوا على ذَلِك {يود أحدهم لَو يعمر} الْبَقَرَة 96 {ودوا لَو تدهن} الْقَلَم 9 ومفهم تمن يَشْمَل ود وَيَوَد أحب وأتمنى وأختار والمسموع ود وَيَوَد وَمن اسْتِعْمَالهَا دون مفهم تمن نَادرا 225 - (مَا كَانَ ضرّك لَو مَنَنْتَ ... )

وَإِنَّمَا توصل بِفعل متصرف غير أَمر الْخَامِس مَا خلافًا لقوم مِنْهُم الْمبرد والمازني والسهيلي وَابْن السراج والأخفش فِي قَوْلهم إِنَّهَا اسْم مفتقرة إِلَى ضمير وَأَنَّك إِذْ قلت يُعجبنِي مَا قُمْت فتقديره الْقيام الَّذِي قمته وعَلى رَأْي الْجُمْهُور إِنَّمَا توصل بِفعل متصرف غير أَمر وَالْأَكْثَر كَونه مَاضِيا نَحْو {بِمَا رَحبَتْ} التَّوْبَة 25 وَمن الْمُضَارع {لما تصف أَلْسِنَتكُم} النَّحْل 116 أَي الْوَصْف وَجوز قوم مِنْهُم السيرافي والأعلم وَابْن خروف وَصلهَا بجملة اسمية كَقَوْلِه 226 - (كَمَا دِماؤكُمُ تَشْفِي من الكَلَبِ ... )

وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَقَالُوا هِيَ فِي الْبَيْت كَافَّة وَقيل يجوز فِي حَال ينابتها عَن ظرف الزَّمَان وَسَيَأْتِي وَذكر فِي الْبَسِيط أَنَّهَا لَا تكون سابكة إِلَّا حَيْثُ يَصح حُلُول الْمَوْصُول محلهَا لِأَن الموصولة سابكة فِي الْمَعْنى لِأَنَّك تسبك بهَا الْجُمْلَة إِلَى الْوَصْف بالمفرد قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَردهُ قَوْله 227 - (يَسُرُّ المرءَ مَا ذهب اللّيالي ... ) أَي ذهَاب اللَّيَالِي وَلَا يَصح فِيهِ الْوُصُول وَقَالَ السُّهيْلي إِن صلَة مَا لابد أَن يكون فعلا غير خَاص بل مُبْهما يحْتَمل التنويع نَحْو مَا صنعت وَلَا تَقول مَا جَلَست وَلَا مَا تجْلِس لِأَن الْجُلُوس نوع خَاص لَيْسَ مُبْهما فكأنك قلت يُعجبنِي الْجُلُوس الَّذِي جَلَست فَيكون آخر الْكَلَام مُفَسرًا لأوله رَافعا للإبهام فَلَا معنى حِينَئِذٍ لَهَا ورد بِالْبَيْتِ السَّابِق وتختص مَا بنيابتها عَن ظرف زمَان نَحْو {خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} هود 108 لَا أصحبهم مَا ذَر شارق أَي مُدَّة دوامها وَمُدَّة ذرور شارق وَمِنْه قَوْله 228 - (وَلنْ يلبث الجُهُّالُ أَن يَتَهضَّمُوا ... أخَا الحِلْم مَا لم يَسْتَعِنْ بجَهُول)

وَقَوله 229 - (أُطوِّفُ مَا أُطَوِّفُ ثمَّ آوي ... )

وَتسَمى ظرفية ووقتية وَذهب الزَّمَخْشَرِيّ إِلَى أَن أَن تشاركها فِي ذَلِك وَخرج عله {أَن ءاتاه الله الْملك} الْبَقَرَة 258 {إِلَّا أَن يصدقُوا} النِّسَاء 92 أَي وَقت أَن آتَاهُ وَحين أَن يصدقُوا قَالَ أَبُو حَيَّان وَأكْثر النُّحَاة لَا يعْرفُونَ ذَلِك وَلَا حجَّة فِيمَا ذكره لاحْتِمَال كَونهَا للتَّعْلِيل وَلم يقم دَلِيل على كَون أَن ظرفية مثل مَا ص واسمي وَهُوَ الَّذِي لذكر فَرد عَالم وَغَيره وَزعم يُونُس وَالْفراء وَابْن مَالك وُقُوعهَا مَصْدَرِيَّة وَالَّتِي لأنثاه وَالْأَصْل لذِي ولتي بِوَزْن فعل والكوفية الذَّال فَقَط سَاكِنة وَالْفراء ذَا وتي إِشَارَة والسهيلي ذُو صَاحب قيل وَقد تعرب ياؤهما قيل وتكسر وتشديدها كسرا وضما وحذفها سَاكِنا مَا قبلهَا أَو مكسورا لُغَات وَقيل ضَرُورَة واللذان واللذين واللتان واللتين للمثنى وَالَّذين جمع ذكر عَالم أَو شبهه وَإِعْرَابه لُغَة ويغني عَنهُ الَّذِي مضمنا معنى الْجَزَاء ودونه قَلِيل وَقيل هِيَ كمن وكالذين الألى وَقد تقع لمؤنث وَغير عَالم وتمد واللآء واللائين وَإِعْرَابه لُغَة وَجمع الَّتِي اللَّاتِي واللائي واللواتي وَبلا ياءات كسرا وسكونا واللا واللواء واللاءات مكسورا معربا وَذَوَات مضموما أَو معربا وَقيل اللائي لمذكر ومؤنث وَقيل الَّتِي فِي جمع غير عَالم أَكثر من اللَّاتِي وَلِذِي ولتي ولذان ولذين ولاتي لُغَة وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان ش الْمَوْصُول الاسمي مَحْصُور بالعد فَلم يحْتَج إِلَى حد فَمِنْهُ الَّذِي للمفرد الْمُذكر عَاقِلا كَانَ أَو غَيره وَالَّتِي للمفرد الْمُؤَنَّث كَذَلِك وأصلهما لذِي ولتي بِوَزْن فعل كعمي زيدت عَلَيْهِمَا أل زِيَادَة لَازِمَة أَو عرفا بهَا على الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ الِاسْم الذَّال فَقَط من الَّذِي سَاكِنة لسُقُوط الْيَاء فِي التَّثْنِيَة وَفِي الشّعْر وَلَو كَانَت أصلا لم تسْقط وَاللَّام زيدت ليمكن النُّطْق بِالذَّالِ سَاكِنة. . ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ من الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة مَا هُوَ على حرف وَاحِد

وَقَالَ الْفراء أصل الَّذِي ذَا الْمشَار بِهِ وَكَذَا أصل الَّتِى تى الْمشَار بهَا وَقَالَ السُّهيْلي أصل الذى ذُو بِمَعْنى صَاحب وَقد تقديرات حَتَّى صَارَت الَّذِي فِي غَايَة التعسف والاضمحلال وَفِي الَّذِي وَالَّتِي لُغَات إِثْبَات الْيَاء سَاكِنة وَهِي الأَصْل وتشديدها مَكْسُورَة قَالَ 230 - (وَلَيْسَ المالُ فاعْلَمْه بِمَال ... وَإِن أَغْنَاك إِلَّا للّذيِّ) (ينالُ بِهِ العَلاء ويَصْطَفِيه ... لأقْرَبِ أقربيه ولِلْقَصِىّ) وَقَالَ أَبُو حَيَّان لم يحفظ التَّشْدِيد فِي الَّتِي وَإِنَّمَا ذكره ابْن مَالك تبعا للجزولي وَأكْثر أَصْحَابنَا وتشديدها مَضْمُومَة قَالَ 231 - (أغْض مَا اسْطَعْتَ فالكريمُ الّذيُّ ... يألف الْحلم إنْ جَفَاهُ بَذِيُّ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر كَلَام ابْن مَالك أَن الْكسر وَالضَّم مَعَ التَّشْدِيد بِنَاء وَبِه صرح بعض أَصْحَابنَا وَصرح أَيْضا مَعَ الْبناء بِجَوَاز الجري بِوُجُوه الْإِعْرَاب وَعَلِيهِ اقْتصر الْجُزُولِيّ وَحذف الْيَاء وَإِسْكَان مَا قبلهَا قَالَ 232 - (فَلَنْ لأرَ بَيْتا أحسن بَهْجَةً ... من اللَّذْ بِهِ من آل عزَّة عامِرُ) وَقَالَ 233 - (فَقل لِلّتْ تلومُكَ إنّ نَفسِي ... )

وحذفها وَكسر مَا قبلهَا قَالَ 234 - (والّذِ لَو شاءَ لكَانَتْ بَرًّا ... ) وَقَالَ 235 - (شُغِفَتْ بكَ اللّتِ تَيَّمتْكَ ... بكَ مَا بهَا من لَوْعَةٍ وغَرَام) قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن ذهب إِلَى أَن مَا ذكر من التَّشْدِيد والحذف بِوَجْهَيْنِ خَاص بالشعر فمذهبه فَاسد لِأَن أَئِمَّة الْعَرَبيَّة نقلوها على أَنَّهَا لُغَات جَارِيَة فِي السعَة وَذهب يُونُس وَالْفراء وَابْن مَالك إِلَى أَن الَّذِي قد يَقع مَوْصُولا حرفيا فيؤول بِالْمَصْدَرِ وَخَرجُوا عَلَيْهِ {وخضتم كَالَّذي خَاضُوا} التَّوْبَة 69 أَي كخوضهم وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَأولُوا الْآيَة أَي كالجمع الَّذِي خَاضُوا وَمن الموصولات الاسمية اللَّذَان للمثنى الْمُذكر رفعا واللذين لَهُ جرا ونصبا واللتان واللتين للمثنى الْمُؤَنَّث وَالَّذين لجمع الْمُذكر بِالْيَاءِ فِي الْأَحْوَال كلهَا وَيخْتَص بالعاقل نَحْو {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} الْمُؤْمِنُونَ 2 وَمَا نزل مَنْزِلَته نَحْو {إِن الَّذين تدعون من دون الله عباد} الْأَعْرَاف نزل الْأَصْنَام لما عبدوها منزلَة من يعقل وَلذَا عَاد عَلَيْهَا ضمير الْعُقَلَاء فِي قَوْله بعد {ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا} الْأَعْرَاف 195 وَإِعْرَابه لُغَة طييء وهذيل وَعقيل فَيُقَال فِي الرّفْع اللذون بِالْوَاو قَالَ 236 - (نَحن اللّذون صبحوا الصّباحا ... )

وَيَقَع الَّذِي بِمَعْنى الَّذين مضمنا معنى الْجَزَاء بِكَثْرَة نَحْو {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصدق بِهِ} الزمر 33 ودونه بقلة نَحْو {كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} الْبَقَرَة 17 بِدَلِيل {ذهب الله بنورهم} وَقيل إِن الَّذِي ك من يكون للْوَاحِد وللمثنى وَالْجمع بِلَفْظ وَاحِد وَعَلِيهِ الْأَخْفَش قَالَ 237 - (أُولَئِكَ أشياخي الَّذِي تَعْرفونهم ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسمع ذَلِك فِي الْمثنى وَمِنْهَا الألى بِوَزْن العلى وَالْمَشْهُور وُقُوعهَا بِمَعْنى الَّذين فَتكون للعقلاء المذكرين قَالَ

238 - (رَأَيْت بني عمِّي الأُلَى يَخْذُلُونني ... ) وَقَالَ 239 - (من الأُلَى يَحْشُرُهم فِي زُمْرتهْ ... ) وَقد يَقع للمؤنث وَمَا لَا يعقل قَالَ 240 - (وتُبْلى الألى يَسْتَلْئِمُون على الألى ... تَراهُنّ يَوْم الرّوع كالحِدَإ القُبْل) وَقد تمد قَالَ 241 - (أبي اللَّهُ للشُّمِّ الأُلاء كَأنّهمْ ... )

وَمِنْهَا اللاء كَالَّذِين قَرَأَ ابْن مَسْعُود {واللاء آلوا من نِسَائِهِم} الْبَقَرَة 226 وَقَالَ 242 - (فَمَا آبَاؤُنَا بأمَنَّ مِنْهُ ... علينا اللاء قد مَهَدُوا الحُجُورا) واللائين قَالَ 243 - (وإنّا مِنَ اللاَّئِين إنْ قدَرُوا عَفَوْا ... ) وتعرب فِي لُغَة كَالَّذِين قَالَ 244 - (هُمُ الاّؤن فكّوا الغُلّ عَنِّي ... )

وَمِنْهَا لجمع الْمُؤَنَّث اللَّاتِي واللائي واللواتي وَبلا ياءات مَعَ كسر مَا قبلهَا وسكونه واللا واللوا بقصرهما واللاءات بِالْبِنَاءِ على الْكسر وبالإعراب كجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم وَذَوَات بِالْبِنَاءِ على الضَّم فِي لُغَة طَيئ وبالإعراب كجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم فِي لُغَة حَكَاهَا الْبَهَاء ابْن النّحاس وَمن شواهدها قَوْله تَعَالَى {والاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نسآئكم} النِّسَاء 15 {والآئي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم} الطَّلَاق 4 وَقُرِئَ {واللاي يئسن} الطَّلَاق 4 بِالْيَاءِ وَقَالَ الشَّاعِر 245 - (وَكَانَت من اللاّ لَا يعيِّرها ابنُها ... ) وَقَالَ 246 - (من اللِّوا شربن بالصِّرار ... ) وَقَالَ 247 - (وأخدانُك اللاءات زُيِّنّ بالكَتَمْ ... ) وَقَالَ

248 - (جمعتها من أيْنُق سوابق ... ذواتِ يَنْهَضْنَ بِغَيْر سائق) وَحذف أل من الَّذِي وَالَّتِي واللذان واللذين واللاتي لُغَة حَكَاهَا ابْن مَالك وَقُرِئَ {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت} الْفَاتِحَة 7 قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُورد ابْن مَالك شَاهدا سوى هَذِه الْقِرَاءَة وَجوز الْبَاقِي قِيَاسا لَا سَمَاعا وَهِي من الشذوذ بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهَا ص وَبِمَعْنى الَّذِي وفروعه من وَمَا وَذُو الطائية وَذَات لمؤنث وَحكي إعرابهما وتثنيتهما وجمعهما وَذَا غير ملغاة بعد اسْتِفْهَام بِمَا وَكَذَا من خلافًا لِابْنِ الْأَنْبَارِي ومطلقا وَجَمِيع الإشارات عِنْد الكوفية وماذا مُجَردا من الِاسْتِفْهَام خلافًا لِابْنِ عُصْفُور وأل وزعمها الْمَازِني حرفا والأخفش معرفَة وَأي خلافًا لثعلب مُضَافا إِلَى معرفَة قيل ونكرة لفظا أَو نِيَّة وإلحاقها عَلامَة الْفُرُوع لُغَة وَأوجب الكوفية تَقْدِيم عاملها واستقباله وَثَالِثهَا إِن كَانَ فعلا وَجعلُوا من الْمَوْصُول كل معرف بأل وَإِضَافَة ش من الموصولات الاسمية مَا يسْتَعْمل للْوَاحِد والمثنى وَالْجمع مذكرا ومؤنثا بِلَفْظ وَاحِد وَهُوَ أَلْفَاظ من وَمَا وَسَيَأْتِي اعْتِبَار مَا يستعملان فِيهِ وَذُو فِي لُغَة طَيئ لَا يستعملها مَوْصُولا غَيرهم وَهِي مَبْنِيَّة على الْوَاو وَقد تعرب قَالَ 249 - (فَإِن المَاء مَاء أَبى وجدي ... وبئري ذُو حفرت وَذُو طَوَيْتُ) وَقَالَ 250 - (فحسبيَ مِن ذُو عِنْدهم مَا كَفَانِيا ... )

ويروى من ذِي بالإعراب وَذَات عِنْدهم أَيْضا هِيَ خَاصَّة بالمؤنث مَبْنِيَّة على الضَّم حُكيَ بِالْفَضْلِ ذُو فَضلكُمْ الله بِهِ والكرامة ذَات أكْرمكُم الله بِهِ وَحكي إعرابها كجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم حُكيَ تَثْنِيَة ذُو وَذَات وجمعهما فَيُقَال فِي الرّفْع ذَوا وذواتا وذوو وَذَوَات وَفِي النصب والجر ذَوي وذواتي وَذَوي وَمِنْهَا ذَا بِشَرْطَيْنِ أَن تكون غير ملغاة وَالْمرَاد بالإلغاء أَن تركب مَعَ مَا فَتَصِير اسْما وَاحِدًا وَأَن تكون بعد اسْتِفْهَام بِمَا أَو من كَقَوْلِه تَعَالَى {يسئلونك مَاذَا يُنْفقُونَ} الْبَقَرَة 215 أَي مَا الَّذِي ينفقونه وَقَول الشَّاعِر 251 - (قد قُلْتُها لِيُقَال مَنْ ذَا قَالَها ... ) وأصل ذَا الموصولة هِيَ الْمشَار بهَا جرد من معنى الْإِشَارَة وَاسْتعْمل مَوْصُولا بالشرطين الْمَذْكُورين قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا خلاف فِي جعلهَا مَوْصُولَة بعد مَا وَأما بعد من فَخَالف قوم لِأَن من تخص من يعقل فَلَيْسَ فِيهَا إِبْهَام كَمَا فِي مَا وَإِنَّمَا صَارَت بِالرَّدِّ إِلَى الِاسْتِفْهَام فِي غَايَة الْإِبْهَام فأخرجت ذَا من التَّخْصِيص إِلَى الْإِبْهَام وجذبتها إِلَى مَعْنَاهَا وَلَا كَذَلِك من لتخصيصها وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ وُقُوع ذَا مَوْصُولَة وَإِن لم يتَقَدَّم عَلَيْهَا اسْتِفْهَام كَقَوْلِه 252 - (نجوْتِ وَهَذَا تَحْملِين طَلِيقُ ... )

وَأجِيب بِأَن تحملين حَالا أَو خبر وطليق خبر ثَان وَعَن الْكُوفِيّين أَن أَسمَاء الْإِشَارَة كلهَا يجوز أَن تسْتَعْمل موصولات وَخَرجُوا عَلَيْهِ {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} طه 17 وَأجِيب بِأَن يَمِينك حَال من الْإِشَارَة وَخَرجُوا عَلَيْهِ أَيْضا {هأنتم هؤلآء حاججتم} آل عمرَان 66 أَي الَّذين حاججتم أما إِذا ركبت مَا مَعَ ذَا فصارا اسْما وَاحِدًا فَلهُ مَعْنيانِ أَحدهمَا وَهُوَ الْأَشْهر أَن يكون الْمَجْمُوع اسْم اسْتِفْهَام كَقَوْلِه 253 - (يَا خُزْر تغلبَ مَاذَا بالُ نِسْوتِكُم ... لَا يَسْتَفِقن إِلَى الدَّيرين تَحْنانَا) فَهَذَا لَا يَصح فِيهِ الموصولية وَكَذَلِكَ من ذَا كَقَوْلِه تَعَالَى (من ذَا الَّذِي يشفع

عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} الْبَقَرَة 255 وَالثَّانِي أَن يكون الْمَجْمُوع اسْما وَاحِدًا مَوْصُولا كَقَوْلِه 254 - (دَعى مَاذَا عَلِمْتُ سَأتّقِيه ... وَلَكِن بالمُغيّب نَبِّئيِني) أَي دعِي الَّذِي علمت قَالَ أَبُو حَيَّان واستعمالها على هَذَا الْوَجْه قَلِيل وَقيل خَاص بالشعر وَأنْكرهُ ابْن عُصْفُور أصلا وَتَأَول الْبَيْت على أَن مَا مُبْتَدأ وَذَا خَبره ودعي مُعَلّق بالاستفهام وَمِنْهَا أل فالجمهور أَنَّهَا تكون اسْما مَوْصُولا بِمَعْنى الَّذِي وفروعه وَذهب الْمَازِني وَمن وَافقه إِلَى أَنَّهَا مَوْصُول حرفي وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنَّهَا حرف تَعْرِيف وَلَيْسَت مَوْصُولَة واستدلا بتخطي الْعَامِل لَهَا ورد بِعُود الضَّمِير عَلَيْهَا فِي نَحْو قد أَفْلح المتقي ربه ورد الأول بِأَنَّهَا لَا تؤول بمصدر وَالثَّانِي بِدُخُولِهَا على الْفِعْل وَمِنْهَا أَي بِشَرْط إِضَافَته إِلَى معرفَة لفظا كَقَوْلِه 255 - (فسلّم على أيُّهم أفضلُ ... )

أونية نَحْو يُعجبنِي أَي عنْدك وَأَجَازَ بَعضهم إضافتها إِلَى نكرَة نَحْو يُعجبنِي أَي رجل عنْدك وَأي رجلَيْنِ وَأي رجال وَأي امراة وَأي امْرَأتَيْنِ وَأي نسَاء وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ نكرَة والموصولات معارف وَلذَلِك امْتنع كَونهَا مَوْصُولَة فِي {أَي مُنْقَلب} الشُّعَرَاء 227 وَقد تلحقها عَلامَة الْفُرُوع فِي لُغَة حَكَاهَا ابْن كيسَان فَيُقَال أَيهمْ وأياهم وأييهم وأيوهم وأييهم وأيتهن وأيتاهن وأيتيهن وأياتهن وَمن شواهده قَوْله

256 - (إِذا اشْتَبَه الرُّشدُ فى الحادثات ... فَارْضَ بأيّتها قد قُدِرْ) والبصريون على أَنه لَا يلْزم عاملها وَلَا استقباله فَيجوز أحب أَيهمْ قَرَأَ ويعجبني أَيهمْ قَامَ وأوجبهما الْكُوفِيُّونَ وَقيل إِن كَانَ فعلا لم يجز كَونه مَاضِيا فَلَا يجوز يُعجبنِي أَيهمْ قَامَ لِأَنَّهَا وضعت على الْإِبْهَام والعموم والمضي يُخرجهَا على ذَلِك وَأنكر ثَعْلَب كَونهَا مَوْصُولا وَقَالَ لَا تكون إِلَّا استفهاما أَو جَزَاء وَهُوَ محجوج بِثُبُوت ذَلِك فِي لِسَان الْعَرَب بِنَقْل الثِّقَات وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن الْأَسْمَاء الْمعرفَة بأل يجوز أَن تسْتَعْمل مَوْصُولَة كَقَوْلِه 257 - (لَعَمْري لأنتَ البيتُ أُكْرمُ أهلَهُ ... وأقْعُدُ فى أفْيائه بالأصائل) فالبيت خبر أَنْت وَأكْرم صلَة للبيت كَأَنَّهُ قَالَ لأَنْت الَّذِي أكْرم أَهله وَزَعَمُوا أَيْضا أَن النكرَة إِذا أضيفت إِلَى معرفَة توصل وَخَرجُوا عَلَيْهِ قَوْله 258 - (يَا دارَ ميّة بالعلياء فالسّند ... ) وَتقول هَذِه دَار زيد بِالْبَصْرَةِ فبالعلياء وبالبصرة صلَة دَار والبصريون منعُوا ذَلِك وَجعلُوا أكْرم خَبرا ثَانِيًا وبالعلياء حَالا ص مَسْأَلَة توصل أل بِصفة مَحْضَة وَفِي المشبهة خلاف وبمضارع اخْتِيَارا عِنْد ابْن مَالك وَقَالَ غير قَبِيح وبجملة اسمية وظرف ضَرُورَة ش توصل أل بِصفة مَحْضَة وَذَلِكَ اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول كالضارب والمضروب بِخِلَاف غير الْمَحْضَة كَالَّذي يُوصف بِهِ وَهُوَ غير مُشْتَقّ كأسد

وكالصفة الَّتِي غلبت عَلَيْهَا الاسمية كأبطح وأجرع وَصَاحب وراكب فأل فِي جَمِيع ذَلِك معرفَة وَفِي وَصلهَا بِالصّفةِ المشبهة قَولَانِ أَحدهمَا توصل بهَا نَحْو الْحسن وَبِه جزم ابْن مَالك وَالثَّانِي لَا وَبِه جزم فِي الْبَسِيط لِضعْفِهَا وقربها من الْأَسْمَاء وَرجحه ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي لِأَنَّهَا للثبوت فَلَا تؤول بِالْفِعْلِ قَالَ وَلذَلِك لَا توصل بأفعل التَّفْضِيل بِاتِّفَاق وَفِي وَصلهَا بِالْفِعْلِ الْمُضَارع قَولَانِ أَحدهمَا توصل بِهِ عَلَيْهِ ابْن مَالك لوروده فِي قَوْله 259 - (مَا أَنْت بالحكم التُرْضى حُكُومَتُهُ ... ) وَقَوله 260 - (مَا كاليَرُوحُ وَيَغْدُو لاهياً فَرحا ... ) وَقَوله 261 - (إِلَى ربّه صوتُ الْحمار اليُجَدَّعُ ... )

وَالثَّانِي لَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَقَالُوا الأبيات من الضرورات القبيحة وَلَا توصل بِالْجُمْلَةِ الاسمية وَلَا الظّرْف إِلَّا فِي ضَرُورَة بِاتِّفَاق كَقَوْلِه 262 - (من الْقَوْم الرَّسولُ الله مِنْهُم ... ) وَقَوله 263 - (من لَا يَزالُ شاكراً على المَعَهْ ... ) أَي الَّذين رَسُول الله وَالَّذِي مَعَه ص وَغَيرهَا بجملة خبرية لَا إنشائية مَعْهُود مَعْنَاهَا غَالِبا وَجوزهُ الْمَازِني بالدعائية بِلَفْظ الْخَبَر وَالْكسَائِيّ بالطلبية وَهِشَام بِذَات لَيْت وَلَعَلَّ وَعَسَى وَقوم بالتعجبية وَبَعْضهمْ باسم فعل الْأَمر والكوفية وَابْن مَالك باسم معرفَة وبمثل وَمنعه الْفَارِسِي بنعم فَاعله ضمير وَبَعْضهمْ بكان وَقوم بِمَا استدعى لفظا قبلهَا وَابْن السراج وُقُوع التَّعَجُّب فِيهَا وَالصَّحِيح جَوَازه بقسميه وشرطية مُطلقًا وبشرط مَعْنَاهُ فِي الْمَوْصُول وَزعم بَعضهم إِسْقَاطهَا فِي الَّذِي بِمَعْنى الرجل والداهية ش غير أل من الموصلات الاسمية توصل بجملة خبرية مَعْهُود مَعْنَاهَا غَالِبا فَخرج بالخبرية الإنشائية وَهِي الْمُقَارن حُصُول مَعْنَاهَا للفظها فَلَا يُوصل بهَا قَالَ ابْن مَالك لِأَن الصِّلَة معرفَة للموصول فلابد من تقدم الشُّعُور بمعناها على الشُّعُور بِمَعْنَاهُ قَالَ

وَالْمَشْهُور عِنْد النَّحْوِيين تَقْيِيد الجمله الْمَوْصُول بهَا بِكَوْنِهَا معهودة وَذَلِكَ غير لَازم لِأَن الْمَوْصُول قد يُرَاد بِهِ مَعْهُود فَتكون صلَة معهودة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ} الْأَحْزَاب 37 وَقد يُرَاد بِهِ الْجِنْس فتوافقه صلته كَقَوْلِه تَعَالَى {كَمثل الَّذِي ينعق بِمَا لَا يسمع إِلَّا دُعَاء ونداء} الْبَقَرَة 171 وَقد يقْصد تَعْظِيم الْمَوْصُول فتبهم صلته كَقَوْلِه 264 - (فَمثل الَّذِي لاقيتُ يُغْلَبُ صاحِبُه ... ) انْتهى وَخرج أَيْضا الطلبية وَهِي أولى بالامتناع من الإنشائية لِأَنَّهَا لم يحصل مَعْنَاهَا بعد فَهِيَ أبعد عَن حُصُول الوضوح بهَا لغَيْرهَا وَجوز الْكسَائي الْوَصْل بجملة الْأَمر وَالنَّهْي نَحْو الَّذِي اضربه أَو لَا تضربه زيد وَجوزهُ الْمَازِني بجملة الدُّعَاء إِذا كَانَت بِلَفْظ الْخَبَر نَحْو الَّذِي يرحمه الله زيد قَالَ أَبُو حَيَّان وَمُقْتَضى مَذْهَب الْكسَائي مُوَافَقَته بل أولى لما فِيهَا من صِيغَة الْخَبَر وَجوزهُ هِشَام بجملة مصدرة بليت وَلَعَلَّ وَعَسَى نَحْو الَّذِي ليته أَو لَعَلَّه منطلق زيد وَالَّذِي عَسى أَن يخرج زيد قَالَ 265 - (وإنِّى لرام نظرةً قبل الَّتِى ... لَعَلِّى وَإِن شَطّتْ نَوَاهَا أزُورُها) وتأوله غَيره على إِضْمَار القَوْل أَي أَقُول لعَلي أَو الصِّلَة أزورها وَخبر لَعَلَّ مُضْمر وَالْجُمْلَة اعْتِرَاض وَأما جملَة التَّعَجُّب فَإِن قُلْنَا إِنَّهَا إنشائية لم توصل بهَا أَو خبرية فَقَوْلَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز وَعَلِيهِ ابْن خروف نَحْو جَاءَنِي الَّذِي مَا أحْسنه وَالثَّانِي الْمَنْع

لِأَن التَّعَجُّب إِنَّمَا يكون من خَفَاء السَّبَب والصلة تكون مُوضحَة فتنافيا وَالصَّحِيح جَوَازه وبجملة الْقسم نَحْو جَاءَ الَّذِي أقسم بِاللَّه لقد قَامَ أَبوهُ وبجملة الشَّرْط مَعَ جَزَائِهِ كَمَا يخبر بهَا نَحْو الَّذِي جَاءَ إِن قَامَ عَمْرو قَامَ أَبوهُ وَمنع قوم الْمَسْأَلَتَيْنِ لخلو إِحْدَى الجملتين فيهمَا من ضمير عَائِد على الْمَوْصُول وَأجِيب بِأَنَّهُمَا قد صارتا بِمَنْزِلَة جملَة واجدة بِدَلِيل أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا لَا تفِيد إِلَّا باقترانها بِالْأُخْرَى فَاكْتفى بضمير وَاحِد كَمَا يكْتَفى فِي الْجُمْلَة الْوَاحِدَة وَالصَّحِيح أَيْضا جَوَازه بجملة صدرها كَأَن وَقيل لَا لِأَنَّهَا غيرت الْخَبَر عَن مُقْتَضَاهُ وبشرط حَيْثُ تضمن الْمَوْصُول معنى الشَّرْط نَحْو الَّذِي إِن قَامَ قَامَ أَبوهُ منطلق وَقيل لَا لِاجْتِمَاع الشَّرْطَيْنِ الشَّيْء لَا يكون تَمام نَفسه ورد بِأَن الثَّانِي غير الأول لَا نَفسه وبجملة تستدعي كلَاما قبلهَا وَقيل لَا فَلَا يجوز جَاءَنِي الَّذِي حَتَّى أَبوهُ قَائِم لِأَن حَتَّى لابد أَن يتقدمها كَلَام يكون غَايَة لَهُ وبنعم فَاعله ضمير وَمنعه الْفَارِسِي وَجوز قوم الْوَصْل باسم الْفِعْل وَزعم الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك أَن الْمَوْصُول قد يتبع باسم معرفَة بعده ويستغني بذلك عَن الصِّلَة كَقَوْلِك ضربت الَّذِي إياك وَأَنه يجوز الصِّلَة بِمثل بِنَاء على رَأْيهمْ أَنَّهَا ظرف كَقَوْلِه 266 - (حَتَّى إِذا كَانَا هما اللّذَيْن ... مِثْلَ الحَدِيلَيْن المُحَمْلَجَيْن) والبصريون قَالُوا فِي الْبَيْت مُقَدّر أَي عادا أَو صَارا ص وَيجب مَعهَا عَائِد وَقيل مَا لم يعْطف عَلَيْهَا بفاء جملَة هُوَ فِيهَا مُطَابق وَيجوز الْحُضُور والغيبة فِي ضمير مخبر بِهِ أَو بموصوفه عَن حَاضر فَإِن شبه بِهِ فالغيبة وَكَذَا إِن تَأَخّر خلافًا للكسائي وأوجبها قوم مُطلقًا وَقوم فِي غير

الشّعْر وَبَعْضهمْ إِن لم يتَّصل وَالأَصَح اخْتِصَاصه بِالَّذِي وفروعه وَلحق قوم ذُو وَذَات وَقوم من وَمَا وَقوم أل وَقوم النواسخ ويعتبران فِي ضميرين وَخَالف الكوفية فِيمَا لم يفصل وَالْأولَى فِي من وَأَخَوَاتهَا وَكم وكأين مُرَاعَاة اللَّفْظ فَإِن عضد سَابق فَالْمَعْنى وَيجب للبس أَو قبح خلافًا لِابْنِ السراج فِي من هِيَ محسنة مَا لم تحذف هِيَ وَيعْتَبر بعد اللَّفْظ الْمَعْنى وَيجوز عَكسه وَشرط قوم الْفَصْل ش لابد فِي جملَة الصِّلَة من ضمير يعود إِلَى الْمَوْصُول يربطها بِهِ وَأَجَازَ ابْن الصَّائِغ خلوها مِنْهُ إِذا عطف عَلَيْهَا بِالْفَاءِ جملَة مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ نَحْو الَّذِي يطير الذُّبَاب فيعضب زيد لارتباطهما بِالْفَاءِ وصيرورتهما جملَة وَاحِدَة وَحكم الضَّمِير الْمُطَابقَة للموصول فِي الْإِفْرَاد والتذكير والحضور وفروعها وَيجوز الْحُضُور والغيبة فِي ضمير الْمخبر بِهِ أَو موصوفه عَن حَاضر مقدم لم يقْصد تشبيهه بالمخبر بِهِ والحاضر يَشْمَل التَّكَلُّم وَالْخطاب نَحْو أَنا الَّذِي فعلت وَأَنا الَّذِي فعل وَأَنت الَّذِي فعلت وَأَنت الَّذِي فعل قَالَ 267 - (أَنا الَّذِي سَمَّتْني أُمى حَيْدَرَةْ ... ) وَقَالَ 268 - (أَنا الرجلُ الضَّرْب الَّذِي تَعرْفونَهُ ... ) وَقَالَ 269 - (وأنْتِ الَّتِي حبَّبْتِ كلّ قَصِيرَة ... )

وَقَالَ 270 - (وَأَنت الَّذِي آثارهُ فِي عدوّه ... ) وَمن أَمْثِلَة الْمخبر بموصوفه أَنْت آدم الَّذِي أخرجتنا من الْجنَّة وَأَنت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله وَتقول أَنْت فلَان الَّذِي فعل كَذَا وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك لِأَن الْمخبر عَنهُ والمخبر بِهِ شَيْء وَاحِد فَهَل يخْتَص ذَلِك بِالَّذِي وَالَّتِي وتثنيتهما وجمعهما وَيتَعَيَّن فِيمَا عدا ذَلِك الْغَيْبَة أَو لَا قَالَ أَبُو حَيَّان الصَّوَاب الأول قَالَ وَزَاد بعض أَصْحَابنَا ذُو وَذَات الطائية وَالْألف وَاللَّام وَأَجَازَهُ بَعضهم فِي جَمِيع الموصولات قَالَ وَهُوَ وهم مِنْهُ فَإِن تَأَخّر الْمخبر عَنهُ وَتقدم الْخَبَر تعيّنت الْغَيْبَة عِنْد الْجُمْهُور نَحْو الَّذِي قَامَ أَنا وَالَّذِي قَامَ أَنْت لِأَن الْحمل على الْمَعْنى قبل تَمام الْكَلَام مَمْنُوع وَجوز الْكسَائي عوده مطابقا للمتكلم والمخاطب كَمَا لَو تقدم وَوَافَقَهُ أَبُو ذَر الْخُشَنِي وَإِن قصد تشبيهه بالمخبر بِهِ تعيّنت الْغَيْبَة اتِّفَاقًا نَحْو أَنا فِي الشجَاعَة الَّذِي قتل مرْحَبًا وَأَنت فِي الشجَاعَة الَّذِي قتل مرْحَبًا لِأَن الْمَعْنى على تَقْدِير مثل وَلَو صرح بهَا تعيّنت الْغَيْبَة وَأوجب قوم الْغَيْبَة مُطلقًا وأوجبها قوم فِي السعَة وعَلى الْجَوَاز بِشَرْطِهِ إِن وجد ضميران جَازَ فِي أَحدهمَا مُرَاعَاة اللَّفْظ وَفِي الآخر مُرَاعَاة الْمَعْنى قَالَ 271 - (نحنُ الَّذين بَايعُوا مُحَمّدا ... على الجهادِ مَا بَقِينا أبَدا) وَقَالَ 272 - (أَأَنْت الهلاَلِىُّ الَّذِي كنتَ ... سمعنَا بِهِ والأرحبىُّ المعلّقُ)

وَمنع الْكُوفِيُّونَ الْجمع بَين الجملتين إِذا لم يفصل بَينهمَا نَحْو أَنا الَّذِي قُمْت وَخرجت فَلَا يجوز عِنْدهم وَخرج والبصريون أطْلقُوا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالسَّمَاع إِنَّمَا ورد مَعَ الْفَصْل وَيجوز مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى فِي ضمير من وَمَا وأل وَأي وَذُو وَذَات وَكم وكأين لِأَنَّهَا فِي اللَّفْظ مُفْردَة مذكرة فَإِن عني بهَا غير ذَلِك جَازَ مُرَاعَاة الْمَعْنى أَيْضا وَالْأَحْسَن مُرَاعَاة اللَّفْظ لِأَنَّهُ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب قَالَ تَعَالَى {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} الْأَنْعَام 25 وَقَالَ {وَمِنْهُم من يَسْتَمِعُون إِلَيْك} يُونُس 42 وَقَالَ الفرزدق 273 - (نَكُن مِثْلَ مَنْ يَا ذئبُ يصطحبان ... ) وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس 274 - (لِمَا نَسَجَتْها من جنوبٍ وشَمْأل ... ) وَإِن عضد الْمَعْنى السَّابِق فَالْأولى مراعاته قَالَ تَعَالَى {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا} الْأَحْزَاب 31 فَسبق مِنْكُن مقو لقَوْله تَعَالَى وتعمل بِالتَّاءِ وَيجب مُرَاعَاة الْمَعْنى إِن حصل بمراعاة اللَّفْظ لبس أَو قبح فَالْأول من سَأَلتك إِذْ لَو قيل من سَأَلَك لألبس وَالثَّانِي نَحْو من هِيَ حَمْرَاء أمتك وَمن هِيَ محسنة أمك إِذْ لَو قيل من هُوَ أَحْمَر أمتك وَمن هُوَ محسن أمك لَكَانَ فِي

غَايَة الْقبْح وَسَوَاء كَانَت الصّفة مِمَّا يفرق بَينه وَبَين مذكره تَاء التَّأْنِيث كمحسنة أم لَا كحمراء وَوَافَقَ ابْن السراج على منع التَّذْكِير فِي الثَّانِي وَأَجَازَهُ فِي الأول لشبهه بمرضع وَنَحْوه من الصِّفَات الْجَارِيَة على الْإِنَاث بِلَفْظ خَال من عَلامَة بِخِلَاف أَحْمَر فَإِن إِجْرَاء مثله على الْمُؤَنَّث لم يَقع فَإِن حذف ضمير هِيَ وَقيل من محسن أمك سهل التَّذْكِير وَإِذا اجْتمع فِي من وَنَحْوهَا ضمائر جَازَ فِي بَعْضهَا مُرَاعَاة اللَّفْظ وَفِي بَعْضهَا مُرَاعَاة الْمَعْنى وَالْأَحْسَن الْبدَاءَة بِالْحملِ على اللَّفْظ قَالَ تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَقُول ءامنا بِاللَّه وباليوم الْأُخَر وَمَا هم بمؤمنين} الْبَقَرَة 8 وَيجوز الْبدَاءَة بِالْمَعْنَى كَقَوْلِك من قَامَت وَقعد وَشرط قوم لجوازه وُقُوع الْفَصْل بَين الجملتين نَحْو من يقومُونَ فِي غير شَيْء وَينظر فِي أمرنَا قَوْمك وعزي للكوفيين وَإِذا اعْتبر اللَّفْظ ثمَّ الْمَعْنى جَازَ الْعود إِلَى اعْتِبَار اللَّفْظ بقلة قَالَ تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل الله بِغَيْر علم ويتخذها هزوا أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب مهين 6 وَإِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا ولى مستكبرا} لُقْمَان 6 7 وَقَالَ {وَمن يُؤمن بِاللَّه وَيعْمل صَالحا يدْخلهُ جنَّات} إِلَى قَوْله {خَالِدين فِيهَا أبدا قد أحسن الله لَهُ رزقا} الطَّلَاق 11 ص ويغني عَن الضَّمِير ظَاهر خلافًا لقوم وَعَن الْجُمْلَة ظرف أَو مجرور نوي مَعَه فعل وفاعل هُوَ الْعَائِد مَا لم يرفع ملابس ضمير وَيجب ذكره إِن كَانَ خَاصّا مُطلقًا خلافًا للكسائي ش يُغني عَن الضَّمِير الْعَائِد اسْم ظَاهر حُكيَ أَبُو سعيد الَّذِي رويت عَن الْخُدْرِيّ أَي عَنهُ وَقَالَ 275 - (وأنتَ الَّذِي فِي رَحْمَة الله أطمعُ ... )

أَي رحمتك قَالَ الْفَارِسِي وَمن النَّاس من لَا يُجِيز هَذَا ويغني عَن الْجُمْلَة الْمَوْصُول بهَا ظرف أَو جَار ومجرور منوي مَعَه اسْتَقر أَو شبهه وفاعل هُوَ الْعَائِد مَا لم يرفع ذَلِك الْمَنوِي ملابس الضَّمِير فَيكون الْعَائِد الضَّمِير الملابس لِلْمَرْفُوعِ نَحْو جَاءَ الَّذِي عنْدك وَالَّذِي فِي الدَّار وَالَّذِي عنْدك أَخُوهُ ثمَّ هَذَا المنوى وَاجِب الْإِضْمَار مَا لم يكن خَاصّا فَإِنَّهُ يجب ذكره نَحْو جَاءَ الَّذِي ضحك عنْدك أَو نَام فِي الدَّار فَلَا يجوز حذفه مُطلقًا سَوَاء كَانَ الظّرْف قَرِيبا من زمن الْإِخْبَار أم لَا وَأَجَازَ الْكسَائي حذف الْخَاص فِي الْقَرِيب نَحْو نزلنَا الْمنزل الَّذِي أمس أَو الَّذِي البارحة أَو الَّذِي آنِفا بِخِلَاف نزلنَا الْمنزل الَّذِي يَوْم الْخَمِيس أَو الَّذِي يَوْم الْجُمُعَة ص مَسْأَلَة يمْنَع تَأْخِير مَوْصُول وَأَجَازَ الْكسَائي تَأْخِير كي عَن مَعْمُول صلتها وَالْفراء أَن وفصله ومتعلقاتها بأجنبي غَالِبا وَبِغَيْرِهِ فِي أل والحرفي غير مَا وَمِنْه قسم وَاعْتِرَاض خلافًا للفارسي ونداء خلافًا لِابْنِ مَالك فِيمَا ولي غير مُخَاطب وَلَا يتبع ويخبر وَيسْتَثْنى قبل تَمامهَا وَقد يحذف صلَة مَوْصُول أول اكْتِفَاء بِالثَّانِي اشتراكا أَو دلَالَة وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية جَوَاز تَقْدِيم مُتَعَلق الصِّلَة وَثَالِثهَا إِن كَانَ أل المجرورة بِمن وَحذف مَا علم من مَوْصُول إِلَّا أل وحرفي غير أَن وَثَالِثهَا إِن عطف على مثله وَصله لغير أل ولحرفي معمولها بَاقٍ ش الْمَوْصُول والصلة حرفيا كَانَ أَو اسميا كجزء اسْم فَأشبه شَيْء بهما الِاسْم الْمركب تركيب مزج وَمن ثمَّ وَجب لَهما أَحْكَام أَحدهَا تَقْدِيم الْمَوْصُول وَتَأْخِير الصِّلَة فَلَا يجوز عَكسه وَإِذا امْتنع تَقْدِيم الصِّلَة امْتنع تَقْدِيم معمولها أَيْضا وَأَجَازَ الْكسَائي تَقْدِيم مَعْمُول صلَة كي عَلَيْهَا نَحْو جَاءَ زيد الْعلم كي يتَعَلَّم وَأَجَازَ الْفراء تَقْدِيم مَعْمُول صلَة أَن عَلَيْهَا نَحْو أعجبني الْعَسَل أَن تشرب الثَّانِي امْتنَاع الْفَصْل بَينه وَبَين الصِّلَة أَو بَين متعلقات الصِّلَة بأجنبي إِلَّا مَا شَذَّ من قَوْله

276 - (وأبْغَضُ مَن وضعتُ إلىّ فِيهِ ... لسانِى معشَرٌ عنهمْ أَذُودُ) فصل بإلي وَهُوَ أَجْنَبِي بَين الصِّلَة ومعمولها وَمحله بعد لساني وَيجوز الْفَصْل بِغَيْر أَجْنَبِي كمعمول الصِّلَة نَحْو جَاءَ الَّذِي زيدا ضرب وَمِنْه جملَة الْقسم كَقَوْلِه 277 - (ذَاك الَّذِي وأبيكَ يعرف مَالِكًا ... ) وَجُمْلَة الِاعْتِرَاض كَقَوْلِه 278 - (ماذَا وَلَا عَيْب فِي الْمَقْدُور رُمْت أمَا ... ) وَجُمْلَة الْحَال كَقَوْلِه 279 - (إِن الَّذِي وَهُوَ مُثْر لَا يجود حَر ... بفاقةٍ تعتريه بعد إثْرَاء) وَجُمْلَة النداء بعد الْخطاب كَقَوْلِه 280 - (وَأَنت الَّذِي يَا سعد أُبْت بمشهدٍ ... ) قَالَ ابْن مَالك فَإِن لم يكن مُخَاطب عد الْفَصْل أَجْنَبِيّا وَلم يجز إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه 281 - (نَكُنْ مَثْلَ من ذِئْبُ يَصْطَحِبان ... )

أما أل فَلَا يجوز الْفَصْل بَينهَا وَبَين صلتها بِحَال لَا بأجنبي وَلَا بِغَيْرِهِ لِأَنَّهَا كجزء من صلتها وَكَذَا الْمَوْصُول الْحرفِي لِأَن امتزاجه بصلته أَشد من امتزاج الِاسْم بصلته لِأَن اسميته منتفية بِدُونِهَا وَيسْتَثْنى مَا فَيجوز فصلها نَحْو عجبت مِمَّا زيدا تضرب لِأَنَّهَا غير عاملة بِخِلَاف أَن وَأَن وكي وتفرع على امْتنَاع الْفَصْل بَين الْمَوْصُول وصلته أَنه قبل تَمام الصِّلَة لَا يتبع بتابع من نعت أَو عطف بَيَان أَو نسق أَو تَأْكِيد أَو بدل وَلَا يخبر عَنهُ وَلَا يسْتَثْنى مِنْهُ فَلَا يُقَال الَّذِي محسن أكْرم زيدا وَلَا جَاءَ الَّذِي إِلَّا زيدا أَسَاءَ نعم قد ترد صلَة بعد موصولين أَو أَكثر فيكتفى بهَا إِمَّا مُشْتَركا فِيهَا كَقَوْلِه 282 - (صِل الّذي والّتي مَتّا بآصِرَةٍ ... ) أَو دلَالَة على الْحَذف من الأول كَقَوْلِه 283 - (وَعند الَّذِي وَاللات عُدْنَك إحْنَةٌ ... ) مسَائِل وَبَقِي فِي الْمَتْن مسَائِل الأولى فِي جَوَاز تَقْدِيم الظّرْف وَالْجَار وَالْمَجْرُور الْمُتَعَلّق بالصلة على الْمَوْصُول اسميا أَو حرفيا مَذَاهِب أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ البصريون وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَهُوَ اخْتِيَاري للتوسع فِيهِ وَالثَّالِث الْجَوَاز مَعَ أل إِذا جرت بِمن نَحْو {وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين} يُوسُف 20 {إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين} الْأَعْرَاف 21 {وَأَنا على ذَلِكُم من الشَّاهِدين} الْأَنْبِيَاء 56 وَالْمَنْع فِي غير أل مُطلقًا فِيهَا إِذا لم تجر بِمن وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَيدل للْجُوَاز فِي غير أل قَوْله 284 - (لَا تَظْلِمُوا مِسْوراً فإنّه لكُمُ ... من الَّذين وَفَوْا فى السّر والعَلَن)

وَقَوله 285 - (وأعرضُ مِنْهُمُ عمّن هَجَاني ... ) وَقَوله 286 - (كَانَ جَزائي بالعصا أَن أُجْلَدا ... ) وَفِي غير أل مجرورة بِمن قَوْله 287 - (فَإنَّك مِمَّ أَحْدَثْتَ بالمجرِّبِ ... ) وَقَوله 288 - (وَلَا فِي بيُوت الحيِّ بالمتولّج ... ) والمانعون مُطلقًا قدرُوا فِي الْآيَات والأبيات مُتَعَلقا من جنس الْمَذْكُور الثَّانِيَة فِي جَوَاز حذف الْمَوْصُول إِذا علم مَذَاهِب أَحدهَا الْجَوَاز فِي الاسمي غير أل دون الْحرفِي غير أَن وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ والبغداديون والأخفش وَابْن مَالك وَاحْتَجُّوا بِالسَّمَاعِ قَالَ

289 - (فَمن يَهْجُو رسولَ الله منكمْ ... ويمدحُهُ ويَنْصُره سَواءُ) وَقَالَ 290 - (فوَاللَّه مَا نِلْتُم وَمَا نِيلَ مِنكُمُ ... بمعتدل وَفْق وَلَا مُتَقَاربِ) أَي وَمن يمدحه وَمَا الَّذِي نلتم وَقَالَ تَعَالَى {ءامنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم} العنكبوت 46 أَي وَالَّذِي أنزل إِلَيْكُم لِأَن الْمنزل إِلَيْنَا لَيْسَ الْمنزل إِلَيْهِم وَقَالَ {وَمن ءاياته يريكم الْبَرْق} الرّوم 24 أَي أَن يريكم وَقَالُوا تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ أَي أَن تسمع وبالقياس على الْمُضَاف إِذا علم وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ البصريون وَأولُوا الْآيَات وحملوا الأبيات على الضَّرُورَة وَالثَّالِث الْجَوَاز إِن عطف على مثله كالآية وَالْبَيْت الأول وَالْمَنْع إِن لم يعْطف عَلَيْهِ كالبيت الثَّانِي الثَّالِث فِي جَوَاز حذف الصِّلَة إِذا علمت قَولَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز فِي الاسمى غير أل كَقَوْلِه 291 - (نَحن الأُلَى فاجمع جموعك ... ، ثمَّ وجِّههم إلَيْنا) أَي الألي عرفت عدم مبالاتهم بأعدائهم وَقَوله 292 - (وعَزَّ علينا أَن يُصابَا وعَزَّ مَا ... )

أَي وعزما أصيبا بِهِ وَفِي الْحرفِي عَن بَقِي مَعْمُول الصِّلَة كَقَوْلِه أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت أَي لِأَن كنت فَحذف كَانَ وَهِي صلَة ان ومعمولها بَاقٍ وَكَذَا قَوْلهم كل شَيْء مهه مَا النِّسَاء وذكرهن أَي مَا عدا النِّسَاء ووصفها ص وَلَا يحذف عَائِد أل وَثَالِثهَا يجوز بقبح لدَلِيل وفوقه إِن تعدى وصفهَا لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَرَابِعهَا يقل فِي متعدى وَاحِد وَيحسن فِي غَيره وخامسها لضَرُورَة وَمحله عِنْد الْأَخْفَش نصب والمازني جر وَالْفراء يجوزان وسيبويه يُقَاس بِالظَّاهِرِ ش فِي حذف الْعَائِد من صلَة أل نَحْو الضاربها زيد هِنْد أَقْوَال أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَاخْتلف فِي مَحَله أمنصوب هُوَ أم مجرور فَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه مَنْصُوب والمازني إِلَى أَنه مَنْصُوب والمازني إِلَى أَنه مجرور وَالْفراء إِلَى جَوَاز الْأَمريْنِ وسيبويه إِلَى اعْتِبَاره بِالظَّاهِرِ فَحَيْثُ جَازَ النصب والجر نَحْو جَاءَ الضاربا زيدا أَو زيد جَار فِي الضَّمِير نَحْو الضارباهما غلامك الزيدان وَحَيْثُ وَجب فِي الظَّاهِر النصب نَحْو جَاءَ الضَّارِب زيدا وَجب فِي الضَّمِير نَحْو الضاربه زيد غلامك وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا كَقَوْلِه 293 - (مَا المُسْتَفِزُّ الْهوى محمودَ عاقِبَةٍ ... ) أَي المستفزه وَالثَّالِث إِن لم يدل عَلَيْهِ دَلِيل لم يجز لَا تَقول جَاءَنِي الضَّارِب زيد لِأَنَّهُ لَا يدْرِي هَل الضميبر الْمَحْذُوف مُفْرد أَو غير مُفْرد وَلَا هَل هُوَ مُذَكّر أَو مؤنث وَإِن دلّ عَلَيْهِ دَلِيل كَانَ حذفه قبيحا نَحْو جَاءَنِي الرجل الضاربه زيد وَهُوَ على قبحه فِي اسْم الْفَاعِل الْمَأْخُوذ من مُتَعَدٍّ إِلَى ثَلَاثَة أحسن مِنْهُ فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ وَفِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ أحسن مِنْهُ فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا علل بِهِ قبحه من الإلباس يلْزمه فِي جَاءَنِي من ضربت وَلم

يقل أحد بقبحه وَالرَّابِع إِن كَانَ الْوَصْف الْوَاقِع فِي صلتها مَأْخُوذ من مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِد فالإثبات فصيح والحذف قَلِيل نَحْو الضاربه زيد والضارب زيد وَإِن كَانَ من مُتَعَدٍّ إِلَى اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة حسن الْحَذف لأجل الطول والحذف من الْمُتَعَدِّي لثَلَاثَة أحسن مِنْهُ فِيمَا لاثْنَيْنِ نَحْو جَاءَنِي الظانه زيد مُنْطَلقًا والمعطيه زيد درهما والمعلمه بكر عمرا مُنْطَلقًا وَإِن شِئْت الظَّان والمعطي والمعلم وَالْخَامِس أَنه خَاص بِالضَّرُورَةِ ص ويحذف غَيره إِن كَانَ بعض مَعْمُول الصِّلَة مُطلقًا وَإِلَّا فَإِن كَانَ مُتَّصِلا مَنْصُوبًا بِفعل قَالَ أَبُو حَيَّان تَامّ أَو نَاقص أَو مجرورا بِوَصْف ناصب وَضَعفه ابْن عُصْفُور وَقَالَ الْكسَائي أَو غير وصف أَو حرف جر بِمثلِهِ معنى ومتعلقا الْمَوْصُول أَو مَوْصُوف بِهِ قَالَ ابْن مَالك أَو تعين أَو كَانَ مَعَه مثله وأباه أَبُو حَيَّان أَو مُبْتَدأ لَيْسَ بعد نفي أَو حصر أَو مَعْطُوفًا عَلَيْهِ خلافًا للفراء فِي الْأَخِيرَة وَلَا خَبره جملَة وَلَا ظرفا وَشرط البصرية طول الصِّلَة غَالِبا إِلَّا فِي أَي ش عَائِد الصِّلَة غير الْألف وَاللَّام إِن كَانَ بعض مَعْمُول الصِّلَة جَازَ حذفه مُطلقًا كحذف الْمَعْمُول نَحْو أَيْن الرجل الَّذِي قلت تُرِيدُ قلت إِنَّه يَأْتِي أَو نَحوه إِن لم يكن فإمَّا أَن يكون مُنْفَصِلا أَو مُتَّصِلا فَإِن كَانَ مُنْفَصِلا لم يجز حذفه نَحْو جَاءَ الَّذِي إِيَّاه أكرمت أَو مَا أكرمت إِلَّا إِيَّاه وَإِن كَانَ مُتَّصِلا فَلهُ أَحْوَال أَحدهَا أَن يكون مَنْصُوبًا فَإِن نصب بِفعل أَو وصف جَازَ حذفه نَحْو {أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا} الْفرْقَان 41 أَي بَعثه 294 - (مَا الله مُوليك فَضْلٌ فَاحْمَدنهُ بهِ ... )

أَي موليكه أَو بِغَيْرِهِمَا لم يجز نَحْو جَاءَ الَّذِي إِنَّه فَاضل أَو كَأَنَّهُ قمر وَألْحق بِهِ أَبُو حَيَّان الْمَنْصُوب بِالْفِعْلِ النَّاقِص نَحْو جَاءَ الَّذِي كنته زيد قَالَ ابْن قَاسم وَفِيه نظروقال ابْن عقيل يمْتَنع الْحَذف إِذا كَانَ مَنْصُوبًا مُتَّصِلا بِفعل نَاقص نَحْو جَاءَ الَّذِي كَأَنَّهُ منطلق فَلَا يجوز حذف الْهَاء الثَّانِي أَن يكون مجرورا فَيجوز حذفه فِي صور إِحْدَاهَا أَن يجر بِإِضَافَة صفة ناصبة لَهُ تَقْديرا نَحْو {فَاقْض مَا أَنْت قَاض} طه 72 أَي قاضيه وَزعم ابْن عُصْفُور أَن حذفه ضَعِيف جدا ورده أَبُو حَيَّان بوروده فِي الْقُرْآن وَبِأَنَّهُ مَنْصُوب فِي الْمَعْنى وَلَا خلاف أَن حذف الْمَنْصُوب قوي فَكَذَلِك مَا فِي مَعْنَاهُ فَإِن جر بِإِضَافَة صفة غير ناصبة نَحْو جَاءَ الَّذِي أَنا ضاربه أمس أَو غير صفة نَحْو جَاءَ الَّذِي وَجهه حسن لم يجز حذفه وَأَجَازَهُ الْكسَائي لقَوْله 295 - (أعُوذ بِاللَّه وآياتِهِ ... من بَاب مَنْ يُغْلَق من خَارج) أَي يغلق بَابه ثَانِيهَا أَن يجر بِحرف جر الْمَوْصُول أَو الْمَوْصُوف بالموصول بِمثلِهِ لفظا وَمعنى ومتعلقا نَحْو مَرَرْت بِالَّذِي أَو بِالرجلِ الَّذِي مَرَرْت أَي بِهِ {وَيشْرب مِمَّا تشربون} الْمُؤْمِنُونَ 33 أَي مِنْهُ فَإِن جرا مَعًا بِغَيْر حرف نَحْو جَاءَ غُلَام الَّذِي أَنْت غُلَامه أَو لم يجر الْمَوْصُول أصلا نَحْو جَاءَ الَّذِي مَرَرْت بِهِ أَو جر بِحرف لَا يماثل مَا جر بِهِ الْعَائِد فى اللَّفْظ كحللت فى الَّذِي حللت بِهِ أَو ماثك لفظا لَا معنى كممرت بِالَّذِي مَرَرْت بِهِ على زيد أَو لفظا وَمعنى لَا مُتَعَلقا كمررت بِالَّذِي فرحت بِهِ لم يجز الْحَذف فِي الصُّور كلهَا وَجوز ابْن مَالك الْحَذف إِذا تعين الْحَرْف وَإِن لم يُوجد الشَّرْط نَحْو الَّذِي سرت يَوْم الْجُمُعَة أَي فِيهِ وَالَّذِي رَطْل بدرهم لحم أَي مِنْهُ فَحسن الْحَذف تعين الْمَحْذُوف كَمَا حسنه فِي الْخَبَر والموصول بذلك أولى لاستطالته بالصلة قَالَ

وَيُمكن أَن يكون مِنْهُ {ذَلِك الَّذِي يبشر الله عباده} الشورى 23 أَي بِهِ وَقَالَ أَبُو حَيَّان لم يذكر أحد ذَلِك فِي الصِّلَة وَإِنَّمَا ذكره فِي الْخَبَر وَلَا يَنْبَغِي أَن يُقَاس عَلَيْهِ وَلَا أَن يذهب عَلَيْهِ إِلَّا بِسَمَاع ثَابت عَن الْعَرَب وَجوز ابْن مَالك أَيْضا الْحَذف إِذا جر بِمثل الْحَرْف عَائِد على الْمَوْصُول بعد الصِّلَة وَهُوَ معنى قولي أَو كَانَ مَعَه مثله كَقَوْلِه 296 - (ولَوَ أنَّ مَا عالجتُ لِينَ فُؤَاده ... فقسا اسْتُلِينَ بِهِ للان الجَندل) وأباه أَبُو حَيَّان وَقَالَ إِن الْبَيْت ضَرُورَة فَقولِي وأباه أَبُو حَيَّان عَائِد إِلَى جَمِيع قَول ابْن مَالك الْحَال الثَّالِث أَن يكون مَرْفُوعا فَإِن كَانَ فَاعِلا أَو نَائِبا عَنهُ أَو خَبرا لمبتدأ أَو لناسخ لم يجز حذفه نَحْو جَاءَنِي اللَّذَان قاما أَو ضربا وَجَاء الَّذِي الْفَاضِل هُوَ أَو إِن الْفَاضِل هُوَ وَإِن كَانَ مُبْتَدأ جَازَ بِشُرُوط أَحدهَا أَلا يكون بعد حرف نفي نَحْو جَاءَنِي الَّذِي مَا هُوَ قَائِم الثَّانِي أَلا يكون بعد أَدَاة حصر نَحْو جَاءَنِي الَّذِي مَا فِي الدَّار إِلَّا هُوَ أَو الَّذِي إِنَّمَا فِي الدَّار هُوَ الثَّالِث أَلا يكون مَعْطُوفًا عَلَيْهِ غَيره نَحْو جَاءَنِي الَّذِي زيد وَهُوَ منطلقان الرَّابِع أَلا يكون مَعْطُوفًا عَلَيْهِ غَيره نَحْو جَاءَنِي الَّذِي هُوَ وَزيد فاضلان وَخَالف الْفراء فِي هَذَا الشَّرْط فَأجَاز حذفه ورد بانه لم يسمع وبانه يُؤَدِّي إِلَى وُقُوع حرف الْعَطف صَدرا الْخَامِس أَلا يكون خَبره جملَة وَلَا ظرفا وَلَا مجرورا كَقَوْلِه تَعَالَى {الَّذين هم يرآءون} الماعون 6 وقولك جَاءَنِي الَّذِي هُوَ فِي الدَّار لِأَنَّهُ لَو حذف لم يدر أحذف من الْكَلَام شَيْء أم لَا لِأَن مَا بعده من الْجُمْلَة والظرف صَالح لِأَن يكون صلَة السَّادِس أَن تطول الصِّلَة شَرط ذَلِك البصريون وَلم يشرطه الْكُوفِيُّونَ فأجازوا الْحَذف من قَوْلك جَاءَ الَّذِي هُوَ فَاضل لوروده فِي قِرَاءَة {تَمامًا على الَّذِي أحسن} الْأَنْعَام 154 بِالرَّفْع أَي هُوَ أحسن وَقَوله

297 - (من يُعْنَ بِالْحَمْد لم ينْطق بِمَا سَفَهٌ ... ) أَي بِمَا هُوَ سفه والبصريون جعلُوا ذَلِك نَادرا وَمحل الْخلاف فِي غير أَي أما أَي فَلَا يشْتَرط فِيهَا الطول اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا مفتقرة إِلَى الصِّلَة وَإِلَى الْإِضَافَة فَكَانَت أطول فَحسن مَعهَا تَخْفيف اللَّفْظ وَمِثَال مَا اجْتمعت فِيهِ الشُّرُوط والطول {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه} الزخرف 84 أَي هُوَ آله ص وتبني حيئنذ على الضَّم عِنْد سِيبَوَيْهٍ وغلطه الزّجاج وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية والخليل وَيُونُس وإعرابها فَإِن حذف مضافها أعربت على الصَّوَاب كَمَا لَو ذكر أَو الْعَائِد وَقيل تبني مَعَ الظّرْف مُطلقًا وَتصرف مَعَ التَّاء وَعَن أبي عَمْرو لَا وَقيل وَهُوَ فِيمَا إِذا سمي ش لأي الموصولة أَرْبَعَة أَحْوَال أَحدهَا أَن يذكر مضافها وعائدها نَحْو جَاءَنِي أَيهمْ هُوَ قَائِم وَالثَّانِي أَن يحذف مضافها وَيذكر عائدها نَحْو اضْرِب إيا هُوَ قَائِم وَهِي معربة فِي هذَيْن الْحَالين بِإِجْمَاع الثَّالِث أَن تُضَاف ويحذف عائدها كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ لننزعن من كل شعة أَيهمْ أَشد} مَرْيَم 69 وَقَول الشَّاعِر 298 - (فسلِّم على أيُّهم أفْضَلُ ... ) وَهِي فِي هَذِه الْحَالة مَبْنِيَّة على الضَّم عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لشدَّة افتقارها إِلَى ذَلِك الْمَحْذُوف وَهَذَا يسْتَلْزم بناءها فِي الْحَالة الرَّابِعَة وَقيل لَا لِأَن قياسها الْبناء وإعرابها مُخَالف لَهُ فَلَمَّا نقص من صلتها الَّتِي هِيَ مُوضحَة ومبينة لَهَا رجعت إِلَى مَا عَلَيْهِ أخواتها وبنيت على الضَّم تَشْبِيها بقبل وَبعد لِأَنَّهُ حذف من كل مَا يُبينهُ

وَذهب الْكُوفِيُّونَ والخليل وَيُونُس إِلَى إعرابها حِينَئِذٍ وَأولُوا الْآيَة على الْحِكَايَة أَو التَّعْلِيق على أَن فِيهَا قِرَاءَة بِالنّصب وَقَالَ ابْن مَالك إعرابها حِينَئِذٍ قوي لِأَنَّهَا فِي الشَّرْط والاستفهام تعرب قولا وَاحِدًا فَكَذَا فِي الموصولة الرَّابِع أَن تقطع عَن الْإِضَافَة ويحذف الْعَائِد نَحْو اضْرِب أيا قَائِم وَهِي فِي هَذِه الْحَالة معربة قَالَ ابْن مَالك بِلَا خلاف وَقد ذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى بنائها هُنَا قِيَاسا على الْحَال الثَّالِث نَقله أَبُو حَيَّان والرضي فَلِذَا أَشرت إِلَى الْخلاف بِقَوْلِي على الصَّوَاب وَإِذا أنثت أَي بِالتَّاءِ عِنْد حذف مَا تُضَاف إِلَيْهِ لم تمنع الصّرْف إِذْ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا التَّأْنِيث وَكَانَ أَبُو عَمْرو يمْنَعهَا الصّرْف حِينَئِذٍ للتأنيث والتعريف لِأَن التَّعْرِيف بِالْإِضَافَة المنويه شَبيه بالتعريف بالعلمية وَلذَلِك منع من الصّرْف جمع الْمُؤَكّد بِهِ وَفرق ابْن مَالك بِأَن شبه جمع بِالْعلمِ أَشد من شبه أَيَّة لِأَن جمع لَا يسْتَعْمل مَعَ مَا يُضَاف إِلَيْهِ بِخِلَاف أَيَّة وَقيل الْخلاف إِنَّمَا هُوَ فِيمَا هُوَ إذاسميت امْرَأَة بأية فِي الدَّار فالأخفش يصرف أَيَّة وَأَبُو عَمْرو يمْنَعهَا للتأنيث والعلمية وَمَا بعْدهَا من الصِّلَة كالصفة وَحجَّة الْأَخْفَش أَن التَّسْمِيَة لما كَانَت بالمجموع صَار التَّنْوِين بعض الِاسْم لِأَنَّهُ وَقع فِي الْوسط ص وَيجوز إتباع مَحْذُوف نسقا وبدلا وتوكيدا خلافًا لِابْنِ السراج وَكثير وَحَالا وَلَو مُقَدّمَة خلافًا لهشام ش إِذا حذف الْعَائِد الْمَنْصُوب بِشَرْطِهِ فَفِي توكيده والنسق عَلَيْهِ نَحْو جَاءَنِي الَّذِي ضربت نَفسه وحاءني الَّذِي ضربت وعمرا خلاف فالأخفش وَالْكسَائِيّ على الْجَوَاز وَابْن السراج وَأكْثر أَصْحَابه على الْمَنْع وَاخْتلف عَن الْفراء فِي ذَلِك وَاتَّفَقُوا على مَجِيء الْحَال مِنْهُ إِذا كَانَت مؤخرة عَنهُ فِي التَّقْدِير نَحْو هَذِه الَّتِي عانقت مُجَرّدَة أَي عانقتها مُجَرّدَة فَإِن كَانَت مُقَدّمَة فِي التَّقْدِير نَحْو هَذِه الَّتِي مُجَرّدَة عانقت فأجازها ثَعْلَب ومنعها هِشَام

خاتمة

خَاتِمَة ص خَاتِمَة من للْعَالم وَشبهه وَلغيره شمولا أَو تَفْضِيلًا وَقيل مُطلقًا وَمَا لغيره غَالِبا ومبهم أمره وصفات عَالم وَقيل وَله مُطلقًا وَقيل بِقَرِينَة ش الأَصْل فِي من وُقُوعهَا على الْعَاقِل وَلَا يَقع على غير الْعَاقِل إِلَّا فِي مَوَاضِع أَحدهَا أَن ينزل مَنْزِلَته نَحْو {وَمن أضلّ مِمَّن يدعوا من دون الله من لَا يستجيب لَهُ} الْأَحْقَاف 5 عبر عَن الْأَصْنَام ب من لتنزيلها منزلَة العابقل حَيْثُ عبدوها وَقَوله 299 - (أسِرْبَ القَطا هَل من يُعِيرُ جنَاحَهُ ... ) نزل القطا منزلَة الْعَاقِل لخطابه وندائه الثَّانِي وَالثَّالِث أَن يقْتَرن مَعَه فِي شُمُول أَو تَفْصِيل فَالْأول نَحْو {ألم تَرَ أَن الله يسبح لَهُ من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} النُّور 41 وَالثَّانِي نَحْو {وَمِنْهُم من يمشي على أَربع} النُّور 45 لاقترانه بالعاقل فِيمَا فصل بِمن فى قَوْله {خلق كل دَابَّة من مَاء} النُّور 45 وَزعم قوم مِنْهُم قطرب وُقُوع من على غير من يعقل دون اشْتِرَاط أخدا من ظَاهر مَا ورد من ذَلِك وَالْغَالِب فِي مَا وُقُوعهَا على غير الْعَاقِل وَقد يَقع للعاقل نَادرا نَحْو {لما خلقت بيَدي} ص 75 {وَالسَّمَاء وَمَا بناها} الشَّمْس 5 الْآيَات {وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد} الْكَافِرُونَ 3 وَسمع سُبْحَانَ مَا سخركن لنا ولورود هَذَا

وَأَمْثَاله زعم قوم مِنْهُم ابْن درسْتوَيْه وَأَبُو عُبَيْدَة ومكي وَابْن خروف وُقُوعهَا على آحَاد من يعقل مُطلقًا وَقَالَ السُّهيْلي لَا يَقع على أولي الْعلم إِلَّا بِقَرِينَة وَيَقَع على صِفَات من يعقل نَحْو {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} النِّسَاء 3 لأي الطّيب وعَلى الْمُبْهم أمره كَأَن ترى شبحا تقدر إنسانيته وَعدم إنسانيته فَتَقول أَخْبرنِي مَا هُنَاكَ ص ويقعان شرطا واستفهاما وَأنكر الْفراء نَحْو من قَائِم ونكرتين موصوفتين خلافًا لقوم وَشرط الْكسَائي ل من وُقُوعهَا مَحل جَائِز تنكير وَبَعْضهمْ واجبه قَالَ الْفَارِسِي وَتَقَع نكرَة تَامَّة وتوصف ب مَا فِي قَول لتعظيم أَو تحقير أَو تنويع وخلت نكرَة من صفة فِي مَا أَفعلهُ وَنِعما وَإِنِّي مِمَّا أَن أفعل وَقيل معرفَة فيهمَا وتزاد قيل وَمن ش تقع من وَمَا شرطيتين نَحْو {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} النِّسَاء 123 {وَمَا تَفعلُوا من خير يُعلمهُ الله} الْبَقَرَة 197 واستفهاميتين نَحْو {من إِلَه غير الله} الْقَصَص 71 {وَمَا رب الْعَالمين} الشُّعَرَاء 23 ونكرتين موصوفتين نَحْو مَرَرْت بِمن معجب لَك وَبِمَا معجب لَك قَالَ 300 - (أَلا رُبّ من تَغْتَشُّهُ لَك ناصَح ... ومؤتمَن بِالْغَيْبِ غير أَمِين) وَقَالَ 301 - (ربّما تكره النُّفوسُ من الأمْر ... لَهُ فَرْجَةٌ كحلّ العِقَال) وَأنكر قوم وقوعهما موصوفتين لِأَنَّهُمَا لَا يستقلان بأنفسهما ورد بِأَن من الصِّفَات

مَا يلْزم الْمَوْصُوف نَحْو الجم الْغَفِير وَيَا أَيهَا الرجل وَمن وَمَا من هَذَا الْقَبِيل وَزعم الْكسَائي أَن الْعَرَب لَا تسْتَعْمل من نكرَة مَوْصُوفَة إِلَّا فِي مَوضِع يخْتَص بالنكرة كوقوعها بعد رب كَقَوْلِه 302 - (رُبَّ من أنْضَجْتُ عيظًا قَلْبَهُ ... ) ورد بقوله 303 - (فَكفى بِنَا فضلا على مَنْ غَيْرنا ... ) وَقيل يَكْفِي الشَّرْط وَذكر الْفَارِسِي أَن من تقع نكرَة تَامَّة بِلَا صلَة وَلَا صفة وَلَا تضمن شَرط وَلَا اسْتِفْهَام كَقَوْلِه 304 - (ونِعْمَ مَن فِي سِرٍّ وإعلان ... )

وَلم يُوَافقهُ أحد على ذَلِك نعم تقع مَا كَذَلِك فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع أَحدهَا فِي التَّعَجُّب نَحْو مَا أحسن زيدا على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ الثَّانِي فِي بَاب نعم نَحْو غسلته غسلا نعما ودققته دقا نعما على خلاف فقد قيل إِنَّهَا هُنَا معرفَة أَي نعم الْغسْل وَنعم الدق قَالَه ابْن خروف الثَّالِث فِي قَوْلهم إِنِّي مِمَّا أَن أفعل أَي إِنِّي من أَمر فعلي وَقيل إِنَّهَا هُنَا معرفَة أَيْضا وَذهب قوم مِنْهُم ابْن السَّيِّد وَابْن عُصْفُور إِلَى أَن مَا تقع صفة للتعظيم كَقَوْلِهِم لأمر مَا جدع قصير أَنفه و 305 - (لأمر مَا يُسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ ... ) أَي لأمر عَظِيم وَمِنْه {الحاقة مَا الحاقة} الحاقة 1، 2 {فغشيهم من اليم مَا غشيهم} طه 78 أَو التحقير نَحْو أَعْطَيْت عَطِيَّة مَا أَو التنويع نَحْو ضربت ضربا مَا أَي نوعا من الضَّرْب وَفعلت فعلا مَا أَي نوعا من الْفِعْل وَالْمَشْهُور أَنَّهَا فِي جَمِيع ذَلِك زَائِدَة وأبطل ابْن عُصْفُور الزِّيَادَة بِأَنَّهَا فِي الْأَوَائِل والأواخر تقل وبأنها لَو كَانَت زَائِدَة لم يكن فِي الْكَلَام مَا يُعْطي معنى التَّعْظِيم وَنَحْوه

وَتَقَع مَا زَائِدَة نَحْو {فبمَا رَحْمَة من الله} آل عمرَان 159 {مِمَّا خطاياهم} أما أَنْت مُنْطَلقًا وَأَجَازَ الْكسَائي زِيَادَة من كَقَوْلِه 306 - (آلُ الزّبير سَنامُ الْمجد قد عَلِمَتْ ... ذَاك القبائلُ، والأثرون مَنْ عَدَدَا) أَي والأثرون عددا والبصريون أَنْكَرُوا ذَلِك لِأَنَّهَا اسْم والأسماء لَا تزاد وَأولُوا الْبَيْت على أَن مَا فِيهِ نكرَة مَوْصُوفَة أَي من يعد عددا ص وَتَقَع أَي شرطا واستفهاما وَصفَة نكرَة حذفهَا نَادِر وَقيل شَائِع قَالَ ابْن مَالك وَحَالا والأخفش ونكرة مَوْصُوفَة ش تقع أَي شرطا كَقَوْلِه 307 - (أيّ حِين تُلِمّ بى تَلْقَ مَا شِئْتَ ... من الْخَيْر، فاتَّخِذنى خَلِيلا) واستفهامية نَحْو {فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن} الْأَنْعَام 81 وَصفَة نكرَة كَقَوْلِه 308 - (دَعَوْت امْرَءاً أيَّ امرىء فَأَجَابَنِي ... ) فَإِن أضيف إِلَى مُشْتَقّ من صفة يُمكن الْمَدْح بهَا كَانَت للمدح بِالْوَصْفِ الَّذِي اشتق مِنْهُ الِاسْم الَّذِي أضيف إِلَيْهِ فَإِذا قلت بِفَارِس أَي فَارس فقد أثنيت عَلَيْهِ بالفروسية خَاصَّة أَو إِلَى غير مُشْتَقّ فَهِيَ للثناء عَلَيْهِ بِكُل صفة يُمكن أَن يثنى بهَا فَإِذا قلت سررت بِرَجُل أَي رجل فقد أثنيت عَلَيْهِ ثَنَاء كَافِيا بِمَا فِي كل مَا يمدح بِهِ الرجل وَإِنَّمَا لم تُوصَف بهَا الْمعرفَة لِأَنَّهَا لَو أضيفت إِلَى معرفَة كَانَت بَعْضًا مِمَّا تُضَاف إِلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر فِي الصّفة وَالْغَالِب ذكر هَذِه الصّفة وَقد تحذف كَقَوْلِه

309 - (إِذا حَارب الحجّاجُ أيّ مُنَافِق ... ) أَي منافقا أَي مُنَافِق وَهَذَا فِي غَايَة الندور لِأَن الْمَقْصُود بِالْوَصْفِ ب أَي التَّعْظِيم والحذف منَاف لذَلِك وَذكر ابْن مَالك أَن أيا تقع حَالا كَقَوْلِه 310 - (فللَّه عينا حَبْتر أيّما فَتى ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكر أَصْحَابنَا وُقُوعهَا حَالا وأنشدوا الْبَيْت بِرَفْع أَيّمَا على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَالتَّقْدِير أَي فَتى هُوَ وَأَجَازَ الْأَخْفَش وُقُوعهَا نكرَة مَوْصُوفَة قِيَاسا على من وَمَا نَحْو مَرَرْت بِأَيّ كريم وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك لِأَنَّهُ لم يسمع

الْكتاب الأول فِي الْعمد الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر نواسخ الِابْتِدَاء كَانَ وَأَخَوَاتهَا أَفعَال المقربة إِن وَأَخَوَاتهَا ظن وَأَخَوَاتهَا الْفَاعِل نَائِب الْفَاعِل

صفحة فارغة

الكتاب الأول

الْكتاب الأول فِي الْعمد ص الْكتاب الأول فِي الْعمد وَهِي المرفوعات والمنصوبات بالنواسخ ش الْعُمْدَة عبارَة عَمَّا لَا يسوغ حذفه من أَجزَاء الْكَلَام إِلَّا بِدَلِيل يقوم مقَام اللَّفْظ بِهِ وَجعل إعرابه الرّفْع كَمَا تقدم فِي أَنْوَاع الْإِعْرَاب وَألْحق مِنْهَا بالفضلات فِي النصب خبر كَانَ وَكَاد وَاسم إِن وَلَا وجزءا ظن فَإِنَّهَا عمد لِأَنَّهَا فِي الأَصْل الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر ونصبت الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر ص الْمُبْتَدَأ اخْتلف هَل هُوَ أصل أَو الْفَاعِل وَالْمُخْتَار وفَاقا للرضي كل أصل ش اخْتلف فِي أصل المرفوعات فَقيل الْمُبْتَدَأ وَالْفَاعِل فرع عَنهُ وعزي إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَوَجهه أَنه مبدوء بِهِ فِي الْكَلَام وَأَنه لَا يَزُول عَن كَونه مُبْتَدأ وَإِن تَأَخّر وَالْفَاعِل تَزُول فاعليته إِذا تقدم وَأَنه عَامل مَعْمُول وَالْفَاعِل مَعْمُول لَا غير وَقيل الْفَاعِل أصل والمبتدأ فرع عَنهُ وعزي للخليل وَوَجهه أَن عَامله لَفْظِي وَهُوَ أقوى من عَامل الْمُبْتَدَأ المعنوى فَإِنَّهُ إِنَّمَا رفع للْفرق بَينه وَبَين الْمَفْعُول وَلَيْسَ الْمُبْتَدَأ كَذَلِك وَالْأَصْل فِي الْإِعْرَاب أَن يكون للْفرق بَين الْمعَانِي وَقيل كِلَاهُمَا أصلان وَلَيْسَ أَحدهمَا بمحمول على الآخر وَلَا فرع عَنهُ وَاخْتَارَهُ الرضي وَنَقله عَن الْأَخْفَش وَابْن السراج قَالَ وَكَذَلِكَ التَّمْيِيز وَالْحَال والمستثنى أصُول فِي النصب كالمفعول وَلَيْسَت بمحمولة عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْهَب النُّحَاة انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي فَائِدَة ص وَقَالُوا وَهُوَ الْمُجَرّد من عَامل لَفْظِي غير زَائِد وَنَحْوه مخبرا عَنهُ أَو وَصفا سَابِقًا رَافعا لمنفصل وَلَو ضميرا خلافًا للكوفية كَاف وَشَرطه تقدم نفي وَلَو ب غير أَو اسْتِفْهَام وَثَالِثهَا يجوز دونه بقبح

وَمنعه أَبُو حَيَّان فِي غير مَا والهمزة وَهُوَ قَائِم مقَام الْفِعْل وَمن ثمَّ لَا خبر لَهُ خلافًا لزاعم أَنه مَحْذُوف أَو تاليه وَلَا يصغر وَلَا يُوصف وَلَا يعرف وَلَا يثنى وَلَا يجمع إِلَّا على لُغَة أكلوني البراغيث خلافًا لِابْنِ حوط الله فَإِن طابقهما فخبر مقدم أَو مُفردا أَو مكسرا أَو مَا اسْتَوَى مفرده وَغَيره جَازَ وَدخل بقولنَا غير زَائِد نَحْو {هَل من خلاق} فاطر 3 قَالُوا وَبِحَسْبِكَ دِرْهَم وَالْمُخْتَار وفَاقا لشَيْخِنَا الكافيجي أَنه خبر وبنحوه رب رجل عَالم أفادنا ش حد النُّحَاة الْمُبْتَدَأ بِأَنَّهُ الِاسْم الْمُجَرّد من عَامل لَفْظِي غير الْمَزِيد وَنَحْوه مخبرا عَنهُ أَو وَصفا سَابق رَافعا لمنفصل كَاف فقولنا الْمُجَرّد من عَامل لَفْظِي أخرج الْفَاعِل ونائبه ومدخول النواسخ وَالْخَبَر وَقيد الْعَامِل باللفظي بِنَاء على رَأْيهمْ أَن عَامل الْمُبْتَدَأ معنوي وَهُوَ الِابْتِدَاء وَقَوْلنَا غير الْمَزِيد يدْخل فِيهِ الْمَجْرُور بِحرف زَائِد نَحْو {هَل من خَالق غير الله} فاطر 3 وَبِحَسْبِكَ دِرْهَم فخالق وحسبك مبتدآن لِأَن الْعَامِل الدَّاخِل عَلَيْهِمَا كلا عَامل لزيادته وَقَوْلنَا وَنَحْوه يدْخل نَحْو رب رجل عَالم أفادنا فَرجل مُبْتَدأ وَلَا أثر لرب لِأَنَّهَا فِي حكم الزَّائِد إِذْ لَا تتَعَلَّق بِشَيْء وَهَذَا الْحَد غير مرضِي عِنْدِي لأمرين أَحدهمَا أَن عَامل الْمُبْتَدَأ عِنْدِي الْخَبَر كَمَا سَيَأْتِي اخْتِيَاري لَهُ وَهُوَ لَفْظِي وَالْآخر أَنه شَامِل للْفِعْل الْمُضَارع الْمُجَرّد من ناصب وجازم فَلِذَا توركت بِقَوْلِي قَالُوا وَمَا قَالُوهُ فِي بحسبك دِرْهَم غير مرضِي أَيْضا فَإِن شَيخنَا الكافيجي اخْتَار أَن بحسبك دِرْهَم خبر مقدم وَأَن الْمُبْتَدَأ دِرْهَم نظرا للمعنى لِأَنَّهُ محط الْفَائِدَة إِذْ الْقَصْد الْإِخْبَار عَن دِرْهَم بِأَنَّهُ كافيه وَمَا قَالَه

شَيخنَا هُوَ الصَّوَاب ثمَّ الْمُبْتَدَأ قِسْمَانِ قسم لَهُ خبر وَقسم لَهُ فَاعل أَو نَائِب عَنهُ يُغني عَن الْخَبَر وَهُوَ الْوَصْف سَوَاء كَانَ اسْم فَاعل أَو اسْم مفعول أَو صفة مشبهة أَو مَنْسُوبا وَشَرطه أَن يكون سَابِقًا فَلَيْسَ مِنْهُ نَحْو أَخَوَاك خَارج أَبوهُمَا لعدم سبقه وَشرط مرفوعه أَن يكون مُنْفَصِلا سَوَاء كَانَ ظَاهرا أم ضميرا نَحْو أقائم أَنْتُمَا وَمنع الْكُوفِيُّونَ الضَّمِير فَلَا يجيزون إِلَّا أقائمان أَنْتُمَا بالمطابقة بِجعْل الضَّمِير مُبْتَدأ مُؤَخرا قَالُوا لِأَن الْوَصْف إِذا رفع الْفَاعِل الساد مسد الْخَبَر جرى مجْرى الْفِعْل وَالْفِعْل لَا ينْفَصل مِنْهُ الضَّمِير ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ 311 - (خَليليَّ مَا وافٍ بعهدِيَ أنْتُما ... إذَا لم تَكُونَا لى عَلى مَن أُقاطِعُ)

وَشَرطه أَيْضا أَن يكون كَافِيا أَي مغنيا عَن الْخَبَر ليخرج نَحْو أقائم أَبَوَاهُ زيد فَإِن الْفَاعِل فِيهِ غير مغن إِذا لَا يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ فزيد فِيهِ مُبْتَدأ وقائم خبر مقدم وَشَرطه أَيْضا تقدم نفي أَو اسْتِفْهَام بِأَيّ أدواتهما ك مَا وَلَا وَإِن وَغير نَحْو غير قَائِم الزيدان وَمِنْه قَوْله 312 - (غيرُ مأسوفٍ على زَمَن ... يَنْقَضِى بالهمِّ والحَزَن) وكالهمزة وَهل وَمَا وَمن وَمَتى وَأَيْنَ وَكَيف وَكم وأيان هَكَذَا زعم ابْن مَالك قِيَاسا على سَماع مَا والهمزة وقصره أَبُو حَيَّان عَلَيْهِمَا إِذْ لم يسمع سواهُمَا وَلم يشرط الْكُوفِيُّونَ والأخفش الِاعْتِمَاد عَلَيْهِمَا بِنَاء على رَأْيهمْ الْآتِي فِي عمله غير مُعْتَمد وَشَرطه ابْن مَالك اسْتِحْسَانًا لَا وجوبا فَأَجَازَهُ دونه بقبح وَجعل مِنْهُ قَوْله 313 - (خَبيرٌ بَنو لِهْبٍ فَلَا تَكُ مُلْغِيٍ ا ... )

وَأجِيب بِأَن خَبِير خبر مقدم وَلم يُطَابق لِأَن بَاب فعيل لَا يلْزم فِيهِ الْمُطَابقَة ثمَّ هَذَا الْوَصْف قَائِم مقَام الْفِعْل لشدَّة شبهه بِهِ وَلأَجل ذَلِك منع مَا يمْنَع مِنْهُ الْفِعْل فَلَا يخبر عَنهُ وَلَا يصغر فَلَا يُقَال أضويرب الزيدان وَلَا يُوصف فَلَا يُقَال أضارب عَاقل الزيدان وَلَا يعرف بأل فَلَا يُقَال الْقَائِم أَخَوَاك وَلَا يثنى وَلَا يجمع فَلَا يُقَال أقائمان أَخَوَاك وأقائمون إخْوَتك على أَن أَخَوَاك وإخوتك فَاعل إِلَّا على لُغَة أكلوني البراغيث كَمَا لَا يقبل الْفِعْل شَيْئا من ذَلِك وَزعم بَعضهم أَن خبر هَذَا الْوَصْف مَحْذُوف ورد بِأَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَيْهِ لتَمام الْكَلَام بِدُونِهِ وَزعم آخر أَنه الَّذِي يَلِيهِ وَزعم ابْن حوط الله أَنه يجوز تثنيته وَجمعه وَاسْتدلَّ بِحَدِيث أَو مخرجي هم وَأجِيب بِأَنَّهُ على لُغَة أكلوني البراغيث أَو على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وعَلى الأول لَو ثني وَجمع جعل خَبرا مقدما وَالْمَرْفُوع مُبْتَدأ مُؤخر وَيجوز ذَلِك مَعَ مَا تقدم فِي الْإِفْرَاد نَحْو أقائم زيد وَفِي جمع التكسير نَحْو أقيام الرِّجَال وَفِيمَا اسْتَوَى فِيهِ الْمُفْرد وَغَيره نَحْو أجنب الزيدان ص وَرَافِع الْمُبْتَدَأ قَالَ الْجُمْهُور الِابْتِدَاء وَهُوَ جعله أَولا ليخبر عَنهُ وَقيل تجرده وَالْخَبَر الْمُبْتَدَأ وَقيل الِابْتِدَاء وَقيل هما وَالْمُخْتَار وفَاقا للكوفية وَابْن جني وَأبي حَيَّان ترافعا وَقيل إِن لم يكن فِي الْخَبَر ذكر وَإِلَّا فبه ش فِي رَافع الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر أَقْوَال فالجمهور وسيبويه على أَن رَافع الْمُبْتَدَأ معنوي وَهُوَ الِابْتِدَاء لِأَنَّهُ بني عَلَيْهِ وَرَافِع لخَبر الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهُ مَبْنِيّ عَلَيْهِ فارتفع بِهِ كَمَا ارْتَفع هُوَ بِالِابْتِدَاءِ وَضعف بِأَن الْمُبْتَدَأ قد يرفع فَاعِلا نَحْو الْقَائِم أَبوهُ ضَاحِك فَلَو كَانَ رَافعا

للْخَبَر لَأَدَّى إِلَى إِعْمَال وَاحِد رفعين وَلَا نَظِير لَهُ وَأجِيب بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يحذر إِذا اتّحدت الْجِهَة وَهِي هُنَا مُخْتَلفَة وَبِأَنَّهُ قد يكون جَامِدا أَو ضميرا وهما لَا يعملان وَأجِيب بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يُؤثر فِيمَا يعْمل بطرِيق الشّبَه بِالْفِعْلِ وَعمل الْمُبْتَدَأ لَيْسَ بِهِ بل بطرِيق الْأَصَالَة وَقيل الْعَامِل فِي الْخَبَر هُوَ الِابْتِدَاء أَيْضا لِأَنَّهُ طَالب لَهما فَعمل فيهمَا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَابْن السراج والرماني ورد بِأَن أقوى العوامل وَهُوَ الْفِعْل لَا يعْمل رفعين فالمعنوى أولى وَقيل الْعَامِل فِيهِ الِابْتِدَاء والمبتدأ مَعًا وعَلى هَذَا هَل الْعَامِل مَجْمُوع الْأَمريْنِ أَو الِابْتِدَاء بِوَاسِطَة الْمُبْتَدَأ قَولَانِ وَنَظِير الثَّانِي تقَوِّي الْفِعْل بواو المصاحبة فِي الْمَفْعُول مَعَه وبإلا فِي الْمُسْتَثْنى وتقوي الْمُضَاف بِمَعْنى اللَّام أَو من وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُمَا ترافعا فالمبتدأ رفع الْخَبَر وَالْخَبَر رفع الْمُبْتَدَأ لِأَن كل مِنْهُمَا طَالب الآخر ومحتاج لَهُ وَبِه صَار عُمْدَة وَضعف بِأَنَّهُ يلْزم عَلَيْهِ أَن تكون رُتْبَة كل مِنْهُمَا التَّقْدِيم لِأَن أصل كل عَامل أَن يتَقَدَّم على معموله وَأجِيب بِمَنْع ذَلِك بِدَلِيل أدوات الشَّرْط فَإِنَّهَا عَامله فِي أفعالها الْجَزْم وأفعالها عاملة فِيهَا النصب {أيا مَا تدعوا} الْإِسْرَاء 110 وَلَو سلم قُلْنَا كل مِنْهُمَا مُتَقَدم على صَاحبه من وَجه مُتَأَخّر عَنهُ من وَجه آخر فَلَا دور لاخْتِلَاف الْجِهَة أما تقدم الْمُبْتَدَأ فَلِأَن حق الْمَنْسُوب أَن يكون تَابعا للمنسوب إِلَيْهِ وفرعا لَهُ وَأما تقدم الْخَبَر فَلِأَنَّهُ محط الْفَائِدَة وَهُوَ الْمَقْصُود من الْجُمْلَة لِأَنَّك إِنَّمَا ابتدأت بِالِاسْمِ لغَرَض الْإِخْبَار عَنهُ وَالْغَرَض وَإِن كَانَ مُتَأَخِّرًا فِي الْوُجُود فَهُوَ مُتَقَدم فِي

الْقَصْد وَهَذَا الْمَذْهَب اخْتَارَهُ ابْن جني وَأَبُو حَيَّان وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وللكوفيين قَول آخر أَن الْمُبْتَدَأ مَرْفُوع بِالذكر الَّذِي فِي الْخَبَر نَحْو زيد ضَربته لِأَنَّهُ لَو زَالَ الضَّمِير انتصب فَكَانَ الرّفْع مَنْسُوبا للضمير فَإِذا لم يكن ثمَّ ذكر نَحْو الْقَائِم زيد ترافعا وعَلى قَول الْجُمْهُور اخْتلف فِي الِابْتِدَاء فَالْأَصَحّ أَنه جعل الِاسْم أَولا ليخبر عَنهُ وَقيل تجرده من العوامل اللفظية أَي كَونه معرى عَنْهَا ص وَالْخَبَر مُفْرد جامد وَلَا ضمير فِيهِ خلافًا لزاعمه ومشتق يتحمله إِن لم يرفع ظَاهرا وَلَا يحمل غير وَاحِد وَقيل اثْنَيْنِ إِن قدر خلف مَوْصُوف وَثَلَاثَة إِن كَانَ بأل وَفِي نَحْو حُلْو حامض قيل يقدر فيهمَا وَقيل الأول وَقيل الثَّانِي وَقيل فِي الْمَعْنى لَا فِي وَاحِد ويستتر إِن جرى على مَا هُوَ لَهُ وَقيل يبرز فَاعِلا أَو تَأْكِيدًا وَإِلَّا برز وَقَالَ الكوفية وَابْن مَالك مَا لم يُؤمن لبس وَحكمه حَالا ونعتا كالخبر وَالْفِعْل كَهُوَ وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِذا خيف لبس كرر الظَّاهِر ش الْخَبَر ثَلَاثَة أَقسَام مُفْرد وَجُمْلَة وَشبههَا وَهُوَ الظّرْف وَالْمَجْرُور فالمفرد مَا للعوامل تسلط على لَفظه مُضَافا كَانَ أَو غَيره وَهُوَ قِسْمَانِ جامد ومشتق والمشتق مَا دلّ على متصف مصوغا من مصدر كضارب ومضروب وَحسن وَأحسن مِنْهُ والجامد بِخِلَافِهِ فالجامد لَا يتَحَمَّل ضميرا نَحْو زيد أَسد لَا بِمَعْنى شُجَاع وَزعم الْكسَائي أَنه يتحمله وَنسبه صَاحب الْبَسِيط وَغَيره إِلَى الْكُوفِيّين والرماني قَالَ ابْن مَالك وَغَيره وَهُوَ دَعْوَى لَا دَلِيل عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد رد بِأَنَّهُ لَو تحمل ضميرا لجَاز الْعَطف عَلَيْهِ مؤكدا فَيُقَال هَذَا أَخُوك هُوَ وَزيد كَمَا تَقول زيد قَائِم هُوَ وَعَمْرو والمشتق يتحمله إِن لم يرفع ظَاهرا نَحْو زيد قَائِم بِخِلَاف مَا إِذا رَفعه لفظا نَحْو الزيدان قَائِم أَبوهُمَا أَو محلا نَحْو زيد ممرور بِهِ وَلَا يتَحَمَّل غير ضمير وَاحِد وَقيل إِن قدر خلفا من مَوْصُوف استتر فِيهِ ضميران أَحدهمَا للمبتدأ وَالْآخر للموصوف الَّذِي صَار خلفا مِنْهُ

فَإِن كَانَ صلَة لأل نَحْو زيد الْقَائِم فَفِيهِ ثَلَاثَة ضمائر للمبتدأ وللموصوف الَّذِي صَار خلفا مِنْهُ ولأل فَإِذا أكد قيل فِيهِ زيد الْقَائِم نَفسه نَفسه نَفسه وَلَو تعدد الْخَبَر الْمُشْتَقّ والجميع فِي الْمَعْنى وَاحِد نَحْو هَذَا حُلْو حامض فَفِيهِ أَقْوَال قَالَ الْفَارِسِي لَيْسَ فِي إِلَّا ضمير وَاحِد يحملهُ الثَّانِي لِأَن الأول تنزل من الثَّانِي منزلَة الْجُزْء وَصَارَ الْخَبَر إِنَّمَا هُوَ بِتَمَامِهَا وَقَالَ بَعضهم يقدر فِي الأول لِأَنَّهُ الْخَبَر فِي الْحَقِيقَة وَالثَّانِي كالصفة لَهُ وَالتَّقْدِير هَذَا حُلْو فِيهِ حموضة وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي اخْتَارَهُ أَن كلا مِنْهُمَا يحمل ضميرا لاشتقاقهما وَلَا يلْزم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا خَبرا على حياله لِأَن الْمَقْصُود جمع الطعمين وَالْمعْنَى أَن فِيهِ حلاوة وحموضة وَقَالَ صَاحب البديع الضَّمِير يعود على الْمُبْتَدَأ من معنى الْكَلَام كَأَنَّك قلت هَذَا مز لِأَنَّهُ لَا يجوز خلو الْخَبَرَيْنِ من الضَّمِير لِئَلَّا تنْتَقض قَاعِدَة الْمُشْتَقّ وَلَا انْفِرَاد أَحدهمَا بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أولى من الآخر وَلَا أَن يكون فيهمَا ضمير وَاحِد لِأَن عاملين لَا يعملان فِي مَعْمُول وَاحِد وَلَا أَن يكون فيهمَا ضميران لِأَنَّهُ يصير التَّقْدِير كُله حُلْو كُله حامض وَلَيْسَ هَذَا الْغَرَض مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَتظهر ثَمَرَة الْخلاف إِذا جَاءَ بعدهمَا نَحْو هَذَا الْبُسْتَان حُلْو حامض رمانه فَإِن قُلْنَا لَا يتَحَمَّل الأول ضميرا تعين أَن يكون الرُّمَّان مَرْفُوعا بِالثَّانِي وَإِن قُلْنَا يتَحَمَّل كَانَ من بَاب التَّنَازُع ولتعارض أَدِلَّة الْأَقْوَال سكت عَن التَّرْجِيح قَالَ ابْن جني راجعت أَبَا عَليّ نيفا وَعشْرين سنة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة حَتَّى تبينت لي ثمَّ إِن جرى الْمُشْتَقّ على من هُوَ لَهُ استتر الضَّمِير قَالَ ابْن مَالك بِإِجْمَاع لعدم الْحَاجة إِلَى إبرازه نَحْو زيد هِنْد ضاربته أَي هِيَ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَاهُ من الْإِجْمَاع فَفِي الإفصاح أجَاز بعض أهل عصرنا أَن تَقول زيد عَمْرو ضاربه هُوَ فَيكون جَارِيا على من هُوَ لَهُ وترفع

الضَّمِير بِهِ أَو تَجْعَلهُ توكيدا وَإِن جرى على غير من هُوَ لَهُ وَجب إبرازه سَوَاء خيف اللّبْس نَحْو زيد عَمْرو ضاربه هُوَ أم أَمن نَحْو زيد هِنْد ضاربها هُوَ هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَجوز الْكُوفِيُّونَ الاستتار فِي حَال الْأَمْن وتبعهم ابْن مَالك وَاسْتدلَّ بماه حَكَاهُ الْفراء عَن الْعَرَب كل ذِي عين ناظرة إِلَيْك أَي هِيَ وَبِقَوْلِهِ 314 - (قَوْمي ذُرَى المَجْدِ بانُوها وَقد عَلِمَتْ ... ) أَي بانوها هم وبقراءة ابْن أبي عبلة {إِلَى طَعَام غير ناظرين إناه} الْأَحْزَاب 53 بجر غير أَي أَنْتُم وبقراءة {فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} الشُّعَرَاء 4 أَي هم وتكلف البصريون تَأْوِيل ذَلِك وَأَمْثَاله وَحكم الْمُشْتَقّ إِذا وَقع حَالا أَو نعتا كحكمه إِذا وَقع خَبرا فِي تحمل الضَّمِير واستتاره زإبرازه وفَاقا وَخِلَافًا قَالَ أَبُو حَيَّان إِلَّا فِي مسالة وَاحِدَة وَهِي مَرَرْت بِرَجُل حسن أَبَوَاهُ جميلين فجميلين صفة جَارِيَة على رجل وَلَيْسَت لَهُ بل لِلْأَبَوَيْنِ وَلم يبرز الضَّمِير فيهمَا بِأَن يُقَال جميلين هما وسوغ ذَلِك كَونه عَائِدًا على الْأَبَوَيْنِ المضافين إِلَى ضَمِيره فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ مَرَرْت بِرَجُل حسن أَبَوَاهُ وَجَمِيل أَبَوَاهُ وَالْفِعْل كالمشتق فِيمَا ذكر أَيْضا نَحْو زيد عمر ويضربه هُوَ وَزيد هِنْد يضْربهَا أَو يضْربهَا هُوَ على الْخلاف وَجوز أَبُو حَيَّان فِي حَالَة اللّبْس أَن يُكَرر الْفَاعِل الظَّاهِر ليزول فَيُقَال زيد عَمْرو يضْربهُ زيد إيقاعا للظَّاهِر موقع الْمُضمر ورد بِأَنَّهُ ضَعِيف فِي غير مَوضِع التفخيم ص وَجُمْلَة اسمية أَو فعلية وَلَو صدرت بِحرف وَشرط معموله وَخَالف الكوفية فِي المصدرة بإن وَقوم فِي التَّنْفِيس ومعمول الْفِعْل وثعلب فِي

القسمية وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الطلبية وتاليها يقدر القَوْل وَقَالَ شَيخنَا الكافيجي إِن اعْتبر ثُبُوته فالثالث أَو مُجَرّد الارتباط فَالْأول لَا ندائية وَذَات لَكِن وبل وَحَتَّى بِإِجْمَاع ش الْجُمْلَة مَا تضمن جزأين لعوامل الْأَسْمَاء تسلط على لَفْظهمَا أَو لفظ أَحدهمَا فَالْأول الاسمية نَحْو زيد أَبوهُ منطلق وَالثَّانِي الفعلية نَحْو زيد قَامَ أَبوهُ أما نَحْو إِن زيد قَائِم أَبوهُ فَلَيْسَ بجملة عِنْد الْمُحَقِّقين ويندرج فِي الاسمية المصدرة بِحرف عَامل نَحْو زيد مَا أَبوهُ قَائِما وَزيد إِنَّه قَائِم وَمنع الْكُوفِيُّونَ وُقُوع المصدرة بإن الْمَكْسُورَة وَمَا عملت فِيهِ خَبرا لمبتدأ ويندرج فِيهَا أَيْضا الْجُمْلَة المصدرة باسم شَرط غير مَعْمُول لفعله نَحْو زيد من يُكرمهُ أكْرمه ويندرج فِي الفعلية المصدرة بِحرف شَرط أَبُو باسم شَرط مَعْمُول لفعله نَحْو زيد إِن يقم أقِم مَعَه وَزيد أَيهمْ يضْرب اضربه والمصدرة بمعمول فعلهَا نَحْو زيد عمرا ضرب أَو يضْرب أَو بِحرف تَنْفِيس وَخَالف فِي الْأَخِيرَتَيْنِ بعض الْمُتَأَخِّرين والقسمية منعهَا ثَعْلَب ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا} العنكبوت 69 {وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لندخلنهم} العنكبوت 9 والطلبية ومنعها ابْن الْأَنْبَارِي لِأَنَّهَا لَا تتحمل الصدْق وَالْكذب وَالْخَبَر حَقه ذَلِك ورد بِأَن الْمُفْرد يَقع خَبرا إِجْمَاعًا وَلَا يحْتَمل ذَلِك وبالسماع قَالَ 315 - (قَلْبُ مَنْ عِيلَ صَبْرهُ كَيفَ يَسْلو ... صَالِيًا نَارَ لَوْعَةٍ وغَرَام) وَقَالَ ابْن السراج إِذا وَقعت خَبرا فَالْقَوْل قبلهَا مُقَدّر فنحو زيد اضربه على تَقْدِير أَقُول لَك اضربه وَذَلِكَ الْمُقدر هُوَ الْخَبَر وَالْمَذْكُور معموله قَالَ شَيخنَا الْعَلامَة الكافيجي رَحمَه الله وَلَا يسوغ الْإِخْبَار بجملة ندائية نَحْو زيد يَا أَخَاهُ وَلَا مصدره ب لَكِن أَو بل أَو حَتَّى بِالْإِجْمَاع فِي كل ذَلِك ص وَيجب فِيهَا إِن لم تكنه معنى ضمير عَائِد إِلَيْهِ مُطَابق وَلَا تحذف

مُطلقًا عِنْد الْجُمْهُور إِلَّا فِي نَحْو السّمن منوان بدرهم أَو شذوذ وَقيل يجوز حذف مُبْتَدأ وَثَالِثهَا ومنصوب بِفعل تَامّ متصرف بقلة وَرَابِعهَا بِكَثْرَة وخامسها إِن كَانَ الْمُبْتَدَأ استفهاما أَو كلا أَو كلا وسادسها إِن كَانَ صَدرا أَو لَا يتعرف وسابعها إِن اقْتضى عُمُوما وثامنها إِن نصب بجامد وتاسعها وَصفَة وعاشرها ومجرور أَصله النصب وَالْمُخْتَار إِن دلّ دَلِيل وَلم يؤد إِلَى رُجْحَان عمل آخر جَازَ مُطلقًا وَإِلَّا فَلَا ش الْجُمْلَة إِن كَانَت نفس الْمُبْتَدَأ فِي الْمَعْنى لم تحتج إِلَى رابط نَحْو أفضل مَا قلته أَنا والنبيون من قبلي لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا فَلَا بُد لَهَا من ضمير عَائِد على الْمُبْتَدَأ يربطها بِهِ وَشَرطه أَن يكون مطابقا لَهُ نَحْو زيد قَامَ غُلَامه وَهل يجوز حذفه فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنه لَا يجوز سَوَاء كَانَ مَرْفُوعا مُبْتَدأ أَو فَاعِلا أَو مَنْصُوبًا بِفعل متصرف أَو جامد أَو نَاقص أَو وصف أَو حرف أَو مجرور إِلَّا فِي صُورَة وَاحِدَة وَهِي أَن يجر بِحرف وَلَا يُؤَدِّي حذفه إِلَى تهيئة عَامل آخر نَحْو السّمن منوان بدرهم أَي منوان مِنْهُ بِخِلَاف مَا إِذا أدّى نَحْو الرَّغِيف أكلت تُرِيدُ مِنْهُ أَو جر بِإِضَافَة سَوَاء كَانَ أَصله النصب نَحْو زيد أَنا ضاربه أم لم يكن نَحْو زيد قَامَ غُلَامه وَقيل يجوز حذف الْمَرْفُوع إِذا كَانَ مُبْتَدأ وَعَلِيهِ صَاحب الْبَسِيط قَالَ لِأَنَّهُ لَا مَانع مِنْهُ نَحْو زيد هُوَ قَائِم وَقَوله 316 - (ورُبَّ قَتْل عارُ ... )

أَي هُوَ عَار ورد بِأَنَّهُ لَا يدْرِي أحذف شَيْء أم لَا لصلاحية الْمَذْكُور للاستقلال بالخبرية وَقيل يجوز حذف الْمَنْصُوب بِفعل تَامّ متصرف بقلة وَعَلِيهِ ابْن أبي الرّبيع كَقِرَاءَة ابْن عَامر {وكل وعد الله الْحسنى} [النِّسَاء: 95] أَي وعده وَقيل: يجوز ذَلِك بِكَثْرَة وَعَلِيهِ هِشَام من الْكُوفِيّين نَحْو زيد ضربت وَقيل يخْتَص ذَلِك بِمَا إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ اسْم اسْتِفْهَام أَو كلا وكلتا أَو كلا وَعَلِيهِ الْفراء كالآية الْمَذْكُورَة وَكَقَوْلِه 317 - (عليَّ ذَنبا كُلُّه لم أَصْنَع ... ) وَقَوله 318 - (كِلاَهُما أُجيدُ مُسْتَريضَا ... ) وقولك أَيهمْ ضربت وَوَجهه قِيَاس الِاسْتِفْهَام على الْمَوْصُول بِجَامِع عدم تقدم الْمَعْمُول وَكَون كل وكلا فِي معنى مَا فنحو كل الرِّجَال أَو كلا الرجلَيْن ضربت فِي معنى مَا من الرِّجَال أَو مَا من الرجلَيْن إِلَّا من ضربت و

مَا لَهَا الصَّدْر فَأَشْبَهت الْمَوْصُول فساغ الْحَذف كعائده وَقيل يجوز الْحَذف فِي كل اسْم لَهُ الصَّدْر نَحْو كم وَأي وَفِي كل اسْم لَا يتعرف نَحْو من وَمَا وَحكي هَذَا عَن الْفراء أَيْضا وَوَجهه بِأَنَّهُ إِذا لزمَه الصَّدْر كثر فِيهِ الرّفْع وَقل كَونه مَفْعُولا بِهِ فأجري على الْأَكْثَر من أَحْوَاله بِخِلَاف مَا يتَقَدَّم ويتأخر وَقيل يجوز الْحَذف فِي كل وَمَا أشبههَا فِي اقْتِضَاء الْعُمُوم حُكيَ عَن الْفراء أَيْضا نَحْو رجل يَدْعُو إِلَى خير أُجِيب وَأمر بِخَير أطيع وَقيل يجوز حذف الْمَنْصُوب بِفعل جامد كالتعجب نَحْو أَبوك مَا أحسن أَي أحْسنه وَعَلِيهِ الْكسَائي وَقيل يجوز حذف الْمَنْصُوب بِالْوَصْفِ نَحْو الدِّرْهَم أَنا معطيك وَقيل يجوز حذف الْمَجْرُور إِذا كَانَ أَصله النصب بِأَن كَانَ الْمُضَاف اسْم فَاعل نَحْو زيد أَنا ضَارب أَي ضاربه بِخِلَاف غَيره وَالْمُخْتَار من هَذَا كُله الْجَوَاز بِشَرْطَيْنِ أَحدهمَا وجود دَلِيل يدل على الْمَحْذُوف الثَّانِي أَلا يُؤَدِّي إِلَى رُجْحَان عمل آخر بِأَن يُؤَدِّي إِلَى تهيئة الْعَامِل للْعَمَل وقطعه عَنهُ كَمَا تقدم فِي الرَّغِيف أَكلته مِنْهُ وكأيهم ضربت فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى تسليط أكلت وَضربت على نصب الِاسْم الْمُقدم فَمَتَى فقد أحد الشَّرْطَيْنِ لم يجز الْحَذف وَسَوَاء فِي حالتي الْجَوَاز وَالْمَنْع الْمَرْفُوع والمنصوب وَالْمَجْرُور وَقَالَ بَعضهم لَا يجوز الْحَذف إِلَّا بِخَمْسَة شُرُوط أَلا يكون فَاعِلا وَلَا نَائِبا عَنهُ وَلَا مُؤديا إِلَى لبس نَحْو زيد ضَربته فِي دَاره وَلَا إِلَى إخلال نَحْو زيد قَامَ غُلَامه لِأَن حذفه يخل بالتعريف الَّذِي استفاده الْغُلَام مِنْهُ وَلَا إِلَى التهيئة وَالْقطع وَهَذِه الْخَمْسَة ترجع إِلَى الشَّرْطَيْنِ اللَّذين اخترناهما ص ويغني عَنهُ إِشَارَة وَخَصه ابْن الْحَاج بالبعيد والمبتدأ مَوْصُول أَو مَوْصُوف وتكراره بِلَفْظِهِ وَضَعفه سِيبَوَيْهٍ وَثَالِثهَا يخْتَص بِالضَّرُورَةِ وَرَابِعهَا بالتهويل وَعُمُوم الْمُبْتَدَأ وَتوقف ابْن هِشَام

وَعطف جملَة فِيهَا ضَمِيره بِالْفَاءِ قَالَ ابْن هِشَام وَالْوَاو وَالْمُخْتَار وفَاقا للزجاج جَوَاز نَحْو زيد يقوم عَمْرو إِن قَامَ وَإِن لم يعْطف لَا تكراره بِمَعْنَاهُ وَوُجُود ضمير عَائِد إِلَيْهِ بَدَلا من بعض الْجُمْلَة للأخفش فيهمَا ش الأَصْل فِي الرَّبْط الضَّمِير وَلِهَذَا يرْبط بِهِ مَذْكُورا ومحذوفا ويغني عَنهُ أَشْيَاء أَحدهَا الْإِشَارَة نَحْو {ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} الْأَعْرَاف 26 {وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا واستكبروا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار} الْأَعْرَاف 36 {إِن السّمع وَالْبَصَر والفؤاد كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولا} الْإِسْرَاء 36 وَخَصه ابْن الْحَاج بِكَوْن الْمُبْتَدَأ إِمَّا مَوْصُولا أَو مَوْصُوفا وَالْخَبَر إِشَارَة للبعيد فَيمْتَنع نَحْو زيد قَامَ هَذَا وَزيد قَامَ ذَاك الثَّانِي تكْرَار الْمُبْتَدَأ بِلَفْظِهِ نَحْو زيد قَامَ زيد وَأكْثر مَا يكون فِي مَوَاضِع التهويل والتفخيم نَحْو {الحاقة مَا الحاقة} الحاقة 1، 2 و {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين} الْوَاقِعَة 27 وَقيل إِنَّه يخْتَص بذلك وَلَا يجوز فِي غَيره وَقيل يخْتَص بِالضَّرُورَةِ وَلَا يجوز فِي غَيرهَا وَقيل يجوز فِي الِاخْتِيَار بِضعْف وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ الثَّالِث عُمُوم يَشْمَل الْمُبْتَدَأ نَحْو زيد نعم الرجل وَقَوله 319 - (فأمّا الصَّبر عَنْهَا فَلَا صَبْرا ... )

وَتوقف فِيهِ الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام فَقَالَ فِي الْمُغنِي كَذَا قَالُوا وَيلْزم أَن يجيزوا زيد مَاتَ النَّاس وَعَمْرو كل النَّاس يموتون وخَالِد لَا رجل فِي الدَّار قَالَ وَأما الْمِثَال فَيخرج على أَن أل فِيهِ للْعهد لَا للْجِنْس وَالْبَيْت الرابط فِيهِ إِعَادَة الْمُبْتَدَأ بِلَفْظِهِ وَلَيْسَ الْعُمُوم فِيهِ مرَادا إِذْ المُرَاد أَنه لَا صَبر لَهُ عَنْهَا لَا أَنه لَا صَبر لَهُ عَن شَيْء الرَّابِع عطف جملَة فِيهَا ضمير الْمُبْتَدَأ بفاء السَّبَبِيَّة على الْجُمْلَة الْمخبر بِهِ الخالية مِنْهُ نَحْو

320 - (وإنْسان عَيْنِى يَحْسُرُ الماءُ تَارَة ... فيَبْدُو وتاراتٍ يَجمُّ فيَغْرَقُ) فَفِي يَبْدُو ضمير عَائِد على إِنْسَان الْمُبْتَدَأ وَهِي معطوفة بِالْفَاءِ على يحسر المَاء الْخَبَر الْخَامِس عطف الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة بِالْوَاو وَأَجَازَهُ هِشَام وَحده نَحْو زيد قَامَت هِنْد وَأَكْرمهَا وَمنعه الْجُمْهُور لِأَنَّهَا إِنَّمَا تكون للْجمع فِي الْمُفْردَات لَا فِي الْجمل بِدَلِيل جَوَاز هَذَانِ قَائِم وقاعد دون هَذَانِ يقوم وَيقْعد السَّادِس شَرط يشْتَمل على ضمير مَدْلُول على جَوَابه بالْخبر نَحْو زيد يقوم عَمْرو إِن قَامَ أجَازه الزّجاج وَجزم بِهِ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَهُوَ الْمُخْتَار السَّابِع تكْرَار الْمُبْتَدَأ بِمَعْنَاهُ نَحْو زيد جَاءَنِي أَبُو عبد الله إِذا كَانَ كنيته أجَازه الْأَخْفَش مستدلا بِنَحْوِ {وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب وَأَقَامُوا الصَّلَاة إِنَّا لَا نضيع أجر المصلحين} الْأَعْرَاف 170 وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَقَالُوا الرابط الْعُمُوم وَوَافَقَ ابْن عُصْفُور الْأَخْفَش كَمَا جَاءَ ذَلِك فِي الْمَوْصُول حُكيَ أَبُو سعيد الَّذِي رويت عَن الْخُدْرِيّ وَتَابعه الخضراوي وَحسنه ابْن جني الثَّامِن وجود ضمير عَائِد على الْمُبْتَدَأ بَدَلا من بعض الْجُمْلَة الْمخبر بهَا أجَازه الْأَخْفَش أَيْضا نَحْو حسن الْجَارِيَة أعجبتني هُوَ ف أعجبتني خبر حسن وَلَا رابط فِيهَا فَربط بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ هُوَ إِذْ هُوَ بدل من الضَّمِير الْمُؤَنَّث الْمُسْتَتر فِي أعجبتني الْعَائِد على الْجَارِيَة وَهُوَ عَائِد على الْحسن ص وظرف أَو مجرور تَامّ عَامله كَون منوي فِي الْأَصَح وَالتَّحْقِيق وفَاقا لِابْنِ كيسَان أَنه الْخَبَر وَالْعَامِل فِي مرفوعه وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك

تَقْدِيره اسْم فَاعل لتعينه بعد أما وَرجح ابْن الْحَاجِب الْفِعْل وَعَلِيهِ هُوَ من قبيل الْجُمْلَة وعَلى الأول الْمُفْرد وَقيل قسم بِرَأْسِهِ مُطلقًا وَجوز الكوفية النَّاقِص ويتحمل كمشتق وَمنعه الْفراء إِن تقدم ويؤكد ضَمِيره وَعَمله يَأْتِي ش إِذا وَقع الظّرْف أَو الْجَار وَالْمَجْرُور خَبرا فشرطه أَن يكون تَاما نَحْو زيد أمامك وَزيد فِي الدَّار بِخِلَاف النَّاقِص وَهُوَ مَا لَا يفهم بِمُجَرَّد ذكره وَذكر معموله مَا يتَعَلَّق بِهِ نَحْو زيد بك اَوْ فِيك أَو عَنْك أَي واثق بك وراغب فِيك ومعرض عَنْك فَلَا يَقع خَبرا إِذْ لَا فَائِدَة فِيهِ ثمَّ هُنَا مسَائِل الأولى اخْتلف فِي عَامل الظّرْف وَالْمَجْرُور الواقعين خَبرا فَالْأَصَحّ أَنه كَون مُقَدّر وَقيل الْمُبْتَدَأ وَعَلِيهِ ابْن خروف وَنسبه ابْن أبي الْعَافِيَة إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَأَنه عمل فِيهِ النصب لَا الرّفْع لِأَنَّهُ لَيْسَ الأول فِي الْمَعْنى ورد بِأَنَّهُ مُخَالف للمشهور من غير دَلِيل وَبِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ تركيب كَلَام من ناصب ومنصوب بِدُونِ ثَالِث وَقيل بالمخالفة وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَإِذا قلت زيد أَخُوك فالأخ هُوَ زيد أَو زيد خَلفك فالخلف لَيْسَ بزيد فمخالفته لَهُ عملت النصب ورد بِأَن الْمُخَالفَة معنى لَا يخْتَص إِلَّا بالأسماء دون الْأَفْعَال فَلَا يَصح أَن يكون عَامله لِأَن الْعَامِل اللَّفْظِيّ شَرطه أَن يكون مُخْتَصًّا فالمعنوى الأضعف أولى وعَلى الأول يجوز تَقْدِير الْكَوْن باسم الْفَاعِل وبالفعل فالتقدير فِي زيد عنْدك أَو فِي الدَّار زيد كَائِن أَو مُسْتَقر أَو كَانَ أَو اسْتَقر وَاخْتلف فِي الأولى مِنْهُمَا فرجح ابْن مَالك وَغَيره تَقْدِير اسْم الْفَاعِل لِأَن الأَصْل فِي الْخَبَر الْإِفْرَاد وَالتَّصْرِيح بِهِ فِي قَوْله 321 - (فأنْتَ لدَى بُحْبُوحَةِ الهُون كَائنُ ... )

ولتعينه فِي بعض الْمَوَاضِع وَهُوَ مَا لَا يصلح فِيهِ خَبرا الْفِعْل نَحْو أما عنْدك فزيد وَخرجت فَإِذا عنْدك زيد لِأَن أما وَإِذا الفجائية لَا يليهما فعل وَرجح ابْن الْحَاجِب تبعا للزمخشري والفارسي تَقْدِير الْفِعْل لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْعَمَل ولتعينه فِي الصِّلَة وَأجِيب بِالْفرقِ فَإِنَّهُ فِي الصِّلَة وَاقع موقع الْجُمْلَة وَفِي الْخَبَر وَاقع موقع الْمُفْرد ثمَّ إِن قدرت اسْم الْفَاعِل كَانَ من قبيل الْخَبَر الْمُفْرد وَإِن قدرت الْفِعْل كَانَ من قبيل الْجُمْلَة فَلَا يخرج الْخَبَر عَن الْقسمَيْنِ وَقيل هُوَ قسم بِرَأْسِهِ مُطلقًا وَعَلِيهِ ابْن السراج الثَّانِيَة ذهب ابْن كيسَان إِلَى أَن الْخَبَر فِي الْحَقِيقَة هُوَ الْعَامِل الْمَحْذُوف وَأَن تَسْمِيَة الظّرْف خَبرا مجَاز وَتَابعه ابْن مَالك وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيق وَذهب الْفَارِسِي وَابْن جني إِلَى أَن الظّرْف هُوَ الْخَبَر حَقِيقَة وَأَن الْعَامِل صَار نسيا منسيا وَأَجْمعُوا أَن الْقَوْلَيْنِ جاريان فِي عمله الرّفْع هَل هُوَ لَهُ حَقِيقَة أَو للمقدر وَفِي تحمله الضَّمِير هَل هُوَ فِيهِ حَقِيقَة أَو فِي الْمُقدر وَالْأَكْثَرُونَ فِي الْمسَائِل الثَّلَاث على أَن الحكم للظرف حَقِيقَة الثَّالِثَة البصريون على أَن الظّرْف يتَحَمَّل ضمير الْمُبْتَدَأ كالمشتق سَوَاء تقدم أم تَأَخّر وَقَالَ الْفراء لَا ضمير فِيهِ إِلَّا إِذا تَأَخّر فَإِن تقدم فَلَا وَإِلَّا جَازَ أَن يُؤَكد ويعطف عَلَيْهِ ويبدل مِنْهُ كَمَا يفعل ذَلِك مَعَ التَّأْخِير وَمن تأكيده مُتَأَخِّرًا قَوْله 362 - (فإنّ فُؤَادِي عِنْدكَ - الدَّهْرَ - أَجْمَعُ ... ) وَسَيَأْتِي عمل الظّرْف وَالْمَجْرُور فِي الْكتاب الرَّابِع ص وَلَا يخبر بِزَمَان عَن عين وَقيل يجوز إِن كَانَ فِيهِ معنى الشَّرْط وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك إِن أَفَادَ ويخبر عَن معنى فَإِن وَقع فِي بعضه قل رَفعه أَو كُله أَو أَكْثَره وَهُوَ نكرَة كثر وَيجوز نَصبه وجره ب فِي خلافًا للكوفية فيهمَا أَو معرفَة جَازَ بِاتِّفَاق

ش وَالْمَشْهُور أَن ظرف الزَّمَان لَا يجوز الْإِخْبَار بِهِ عَن اسْم عين فَلَا يُقَال زيد الْيَوْم لعدم الْفَائِدَة سَوَاء جِئْت بِهِ مَنْصُوبًا أَو مجرورا ب فِي وَأَن مَا ورد من ذَلِك مؤول على حذف مُضَاف كَقَوْلِه الْيَوْم خمر وَغدا أَمر أَي شرب خمر وَاللَّيْلَة الْهلَال أَي طلوعه وَأَجَازَ ذَلِك قوم إِذا كَانَ فِيهِ معنى الشَّرْط نَحْو الرطب إِذا جَاءَ الْحر وَأَجَازَهُ بعض الْمُتَأَخِّرين بِشَرْط الْفَائِدَة وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَضَبطه بِأَن يشابه اسْم الْعين اسْم الْمَعْنى فِي حُدُوثه وقتا دون وَقت نَحْو اللَّيْلَة الْهلَال وَالرّطب شَهْري ربيع والبلح شَهْرَيْن أَو يُضَاف إِلَيْهِ اسْم معنى عَام نَحْو أكل يَوْم ثوب تلبسه أَو يعم وَالزَّمَان خَاص نَحْو نَحن فِي شهر كَذَا أَو مسؤول بِهِ عَن خَاص نَحْو فِي أَي الْفُصُول نَحن وَيجوز الْإِخْبَار بظرف الزَّمَان عَن اسْم الْمَعْنى ثمَّ إِن كَانَ وَاقعا فِي جَمِيعه وَهُوَ معرفَة جَازَ رَفعه ونصبه بِإِجْمَاع نَحْو صيامك يَوْم الْخَمِيس بِالْوَجْهَيْنِ وَالنّصب هُوَ الأَصْل وَالْغَالِب أَو نكرَة فَأوجب الْكُوفِيُّونَ رَفعه نَحْو ميعادك يَوْم ويومان {غدوها شهر ورواحها شهر} سبأ 12 {وَحمله وفصله ثَلَاثُونَ شهرا} الْأَحْقَاف 15 وَجوز البصريون مَعَه النصب والجر بفي وَكَذَا إِن كَانَ وَاقعا فِي أَكْثَره نَحْو {الْحَج أشهر} الْبَقَرَة 197 وَإِن وَقع فِي بعضه فَحكى ابْن مَالك الْإِجْمَاع على جَوَاز الْوَجْهَيْنِ فِي النكرَة والمعرفة وَالنّصب أَجود وَرُوِيَ بهما قَوْله 323 - (زَعم البَوارحُ أَنّ رحْلَتنا غَداً ... ) ص وَرفع مَكَان متصرف عَن عين نكرَة جَائِز وَعَن الكوفية إِن عطف مثله مُخْتَار وَإِلَّا وَاجِب وَمَعْرِفَة مَرْجُوح والكوفية ضَرُورَة إِلَّا بعد مَكَان وَيكثر فِي موقت متصرف بعد عين قدر فِيهِ بعد فَإِن قصد بأنت مني فرسخين أَنْت من

أشياعي مَا سرناهما تعين النصب وَنصب الْيَوْم مَعَ الْجُمُعَة وَنَحْوهَا مِمَّا يتَضَمَّن عملا ك الْيَوْم يَوْمك جَائِز لَا غَيره ك الْأَحَد خلافًا للفراء وَهِشَام وَلَا الشُّهُور وَرفع وَنصب ظهرك خَلفك ونعلك أسفلك وَشبهه وَيلْزم نصب غير متصرف ك فَوق وَقيل إِلَّا فِيمَا كَانَ من الْجَسَد ش فِيهِ مسَائِل الأولى إِذا أخبر بظرف مَكَان متصرف عَن اسْم عين فَإِن كَانَ الظّرْف نكرَة نَحْو الْمُسلمُونَ جَانب وَالْمُشْرِكُونَ جَانب وَنحن قُدَّام وَأَنْتُم خلف جَازَ فِيهِ الرّفْع وَالنّصب عِنْد الْبَصرِيين والكوفيين فِي الْمَشْهُور عَنْهُم وعنهم رِوَايَة أَن الرّفْع وَاجِب إِلَّا إِن عطف عَلَيْهِ مثله نَحْو الْقَوْم يَمِين وشمال فَيجوز فِيهِ النصب عِنْد الْبَصرِيين والكوفيين أَو معرفَة نَحْو زيد خَلفك وداري خلف دَارك فالنصب رَاجِح وَالرَّفْع مَرْجُوح وَخَصه الْكُوفِيُّونَ بالشعر أَو بِمَا هُوَ خبر اسْم مَكَان كالمثال الثَّانِي الثَّانِيَة إِذا أخبر بموقت متصرف من الظرفين عَن اسْم عين يقدر إِضَافَة بعد إِلَيْهِ جَازَ فِيهِ الرّفْع وَالنّصب والموقت الْمَحْدُود كزيد مني فَرسَخ وفرسخا وَيَوْم وَيَوْما أَي بعد زيد مني وَاحْترز بالمتصرف عَن اللَّازِم للظرفية كضحوة معينا فَإِن قصد فِي نَحْو أَنْت منى فرسخين أَنْت من أشياعي مَا سرنا فرسخين تعين النصب على الظَّرْفِيَّة وَالْخَبَر مُتَعَلق منى أَي كَائِن بِخِلَاف الرّفْع فَإِنَّهُ على تَقْدِير بعد مَكَانك منى فرسخان الثَّالِثَة إِذا قلت الْيَوْم الْجُمُعَة جَازَ رفع الْيَوْم ونصبه وَكَذَلِكَ نَحْو الْجُمُعَة مِمَّا تضمن عملا كالسبت والعيد وَالْفطر والأضحى والنيروز فَإِن فِي الْجُمُعَة معنى الِاجْتِمَاع وَفِي السبت معنى الْقطع وَفِي الْعِيد معنى الْعود وَفِي الْفطر معنى الْإِفْطَار وَفِي الْأَضْحَى معنى التَّضْحِيَة وَفِي النيروز معنى

الِاجْتِمَاع وَكَذَلِكَ قَوْلك الْيَوْم يَوْمك لِأَنَّهُ على معنى شَأْنك وأمرك الَّذِي تذكر بِهِ وَأما الْأَحَد وَمَا بعده من الْأَيَّام فَلَا يجوز فِيهِ إِلَّا الرّفْع لِأَن ذَلِك لَا يتَضَمَّن عملا وَالنّصب إِنَّمَا هُوَ على أَنه كَائِن فِيهَا شَيْء وَلَا شَيْء كَائِن فِيهَا بِخِلَاف مَا تقدم وَأَجَازَ الْفراء وَهِشَام النصب فِي ذَلِك أَيْضا بِنَاء على الْآن أَي على معنى أَن الْآن أَعم من الْأَحَد والاثنين فَيجْعَل الْأَحَد والاثنين وَاقعا فِي الْآن كَمَا تَقول فِي هَذَا الْوَقْت هَذَا الْيَوْم قَالَ أَبُو حَيَّان وَمُقْتَضى قَوَاعِد الْبَصرِيين فِي غير أَسمَاء الْأَيَّام من أَسمَاء الشُّهُور وَنَحْوهَا الرّفْع فَقَط نَحْو أول السّنة الْمحرم وَالْوَقْت الطّيب الْمحرم الرَّابِعَة إِذا قلت ظهرك خَلفك جَازَ رفع الْخلف ونصبه أما الرّفْع فَلِأَن الْخلف فِي الْمَعْنى الظّهْر وَأما النصب فعلى الظّرْف وَكَذَا مَا أشبه ذَلِك نَحْو نعلك أسفلك قَالَ تَعَالَى {والركب أَسْفَل مِنْكُم} الْأَنْفَال 42 قرئَ بِالْوَجْهَيْنِ فَإِن كَانَ الظّرْف الْمخبر بِهِ غير متصرف تعين النصب نَحْو رَأسك فَوْقك ورجلاك تَحْتك بِالنّصب لَا غير لِأَن فَوق وَتَحْت لَا يستعملان إِلَّا ظرفا وَقيل يجوز الرّفْع فِيمَا كَانَ من الْجَسَد كالمثالين الْمَذْكُورين بِخِلَاف مَا لَيْسَ مِنْهُ نَحْو فَوْقك قلنسوتك وتحتك نعلك ص وَمنعُوا الْإِخْبَار ب وَحده وَأَجَازَهُ يُونُس وَهِشَام وَفِي جَوَاز تَقْدِيمه خلف ش منع الْجُمْهُور الْإِخْبَار بوحده لِأَنَّهُ اسْم جرى مجْرى الْمصدر فَلَا يخبر بِهِ وَأَجَازَهُ يُونُس وَهِشَام فَيُقَال زيد وَحده إِجْرَاء لَهُ مجْرى عِنْده وَتَقْدِيره زيد مَوضِع التفرد وعَلى هَذَا هَل يجوز تَقْدِيمه فَيُقَال وَحده زيد كَمَا

يُقَال فِي دَاره زيد قَالَ يُونُس وَهِشَام لَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَحجَّة يُونُس وَهِشَام نَص الْعَرَب على قَوْلهم زيد وَحده ص ويغني عَن الْخَبَر مصدر ومفعول بِهِ وَحَال قَالَ الْكسَائي وَوصف مجرور ش قد يُغني عَن الْخَبَر مصدر نَحْو زيد سيرا أَي يسير سيرا ومفعول بِهِ نَحْو إِنَّمَا العامري عمَامَته أَي متعهد عمَامَته وَحَال وَحكى الْأَخْفَش زيد قَائِما أَي ثَبت قَائِما وَقُرِئَ {وَنحن عصبَة} يُوسُف 8 بِالنّصب قَالَ الْكسَائي وَوصف مجرور ... . ص مَسْأَلَة الأَصْل تَعْرِيف مُبْتَدأ وتنكير خَبره فَإِن اجْتمعَا فالمعرفة الْمُبْتَدَأ إِلَّا فِي كم مَالك وَخير مِنْك زيد عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقد يعرفان فَيُخَير فِي الْمُبْتَدَأ وَقيل الْأَعَمّ وَقيل بِحَسب الْمُخَاطب وَقيل الْمَعْلُوم عِنْده وَقيل الأعرف وَقيل غير الصّفة ش الأَصْل تَعْرِيف الْمُبْتَدَأ لِأَنَّهُ الْمسند إِلَيْهِ فحقه أَن يكون مَعْلُوما لِأَن الْإِسْنَاد إِلَى الْمَجْهُول لَا يُفِيد وتنكير الْخَبَر لِأَن نسبته من الْمُبْتَدَأ نِسْبَة الْفِعْل من الْفَاعِل وَالْفِعْل يلْزمه التنكير فرجح تنكير الْخَبَر على تَعْرِيفه فَإِذا اجْتمع معرفَة ونكرة فالمعرفة الْمُبْتَدَأ والنكرة الْخَبَر إِلَّا فِي صُورَتَيْنِ اسْتثِْنَاء عِنْد سِيبَوَيْهٍ إِحْدَاهمَا نَحْو كم مَالك فَإِن كم مُبْتَدأ وَهِي نكرَة وَمَا بعْدهَا معرفَة لِأَن أَكثر مَا يَقع بعد أَسمَاء الِاسْتِفْهَام النكرَة والجمل والظروف وَيتَعَيَّن إِذْ ذَاك كَون اسْم الِاسْتِفْهَام مُبْتَدأ نَحْو من قَائِم وَمن قَامَ وَمن عنْدك فَحكم على كم بِالِابْتِدَاءِ حملا للأقل على الْأَكْثَر الثَّانِيَة أفعل التَّفْضِيل نَحْو خير مِنْك زيد وتوجيهه مَا تقدم فِي كم وَغير سِيبَوَيْهٍ يَجْعَل الْمعرفَة فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُبْتَدَأ جَريا على الْقَاعِدَة وَقَالَ هِشَام يتَّجه عِنْدِي جَوَاز الْوَجْهَيْنِ إعمالا للدليلين وَإِذا اجْتمع معرفتان فَفِي الْمُبْتَدَأ أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَعَلِيهِ ظَاهر قَول سِيبَوَيْهٍ أَنَّك بِالْخِيَارِ فَمَا شِئْت

مِنْهُمَا فاجعله مُبْتَدأ وَالثَّانِي أَن الْأَعَمّ هُوَ الْخَبَر نَحْو زيد صديقي إِذا كَانَ لَهُ أصدقاء غَيره وَالثَّالِث أَنه بِحَسب الْمُخَاطب فَإِن علم مِنْهُ أَنه فِي علمه أحد الْأَمريْنِ أَو يسْأَله عَن أَحدهمَا بقوله من الْقَائِم فَقيل فِي جَوَابه الْقَائِم زيد فالمجهول الْخَبَر وَالرَّابِع أَن الْمَعْلُوم عِنْد الْمُخَاطب هُوَ الْمُبْتَدَأ والمجهول الْخَبَر وَالْخَامِس إِن اخْتلفت رتبتهما فِي التَّعْرِيف فأعرفهما الْمُبْتَدَأ وَإِلَّا فَالسَّابِق وَالسَّادِس أَن الِاسْم مُتَعَيّن للابتداء وَالْوَصْف مُتَعَيّن للْخَبَر نَحْو الْقَائِم زيد ص وينكران بِشَرْط الْفَائِدَة وَتحصل غَالِبا بِكَوْنِهِ وَصفا أَو مَوْصُوفا بِظَاهِر أَو مُقَدّر أَو عَاملا أَو دُعَاء أَو جَوَابا أَو وَاجِب الصَّدْر أَو مُصَغرًا أَو مثلا أَو عطف على سَائِغ للابتداء أَو عطف عَلَيْهِ بِالْوَاو وَقد بِهِ عُمُوم أَو تعجب أَو إِبْهَام أَو خرق للْعَادَة أَو تنويع أَو حصر أَو الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ أَو تَلا نفيا أَو استفهاما وَلَو بِغَيْر همزَة خلافًا لِابْنِ الْحَاجِب أَو لَوْلَا أَو وَاو الْحَال أَو فَاء الْجَزَاء أَو إِذا فجاءة أَو بَينا أَو بَيْنَمَا أَو ظرفا أَو مجرورا قَالَ ابْن مَالك وَابْن النّحاس أَو جملَة خَبرا ش يجوز الِابْتِدَاء بالنكرة بِشَرْط الْفَائِدَة وَتحصل غَالِبا بِأحد أُمُور أَولهَا أَن تكون وَصفا كَقَوْلِهِم ضَعِيف عاذ بقرملة أَي حَيَوَان ضَعِيف التجأ إِلَى ضَعِيف والقرملة شَجَرَة ضَعِيفَة الثَّانِي أَن تكون مَوْصُوفَة إِمَّا بِظَاهِر نَحْو {وَأجل مُسَمّى عِنْده} الْأَنْعَام 2 {ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك} الْبَقَرَة 221 أَو مُقَدّر نَحْو السّمن منوان بدرهم أَي منوان مِنْهُ شَرّ أهر ذَا نَاب أَي شَرّ عَظِيم

الثَّالِث أَن تكون عاملة إِمَّا رفعا نَحْو قَائِم الزيدان عِنْد من أجَازه أَو نصبا نَحْو أَمر بِمَعْرُوف صَدَقَة أَو جرا نَحْو غُلَام امْرَأَة جَاءَنِي وَخمْس صلوَات كتبهن الله وَمثلك لَا يبخل وَغَيْرك لَا يجود الرَّابِع أَن تكون دُعَاء نَحْو {سَلام على إل ياسين} الصافات 130 {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} المطففين 1 الْخَامِس أَن تكون وجوابا نَحْو دِرْهَم فِي جَوَاب مَا عنْدك أى دِرْهَم عِنْدِي فَيقدر الْخَبَر مُتَأَخِّرًا وَلَا يجوز تَقْدِيره مُتَقَدما لِأَن الْجَواب يسْلك بِهِ سَبِيل السُّؤَال والمقدم فِي السُّؤَال هُوَ الْمُبْتَدَأ السَّادِس أَن تكون وَاجِبَة التصدير كالاستفهام نَحْو من عنْدك وَالشّرط نَحْو من يقم أقِم مَعَه السَّابِع أَن تكون مصغرة نَحْو رجيل جَاءَنِي لِأَنَّهُ فِي معنى رجل صَغِير الثَّامِن أَن تكون مثلا إِذْ الْأَمْثَال لَا تغير نَحْو لَيْسَ عبد بِأَخ لَك التَّاسِع أَن يعْطف على سَائِغ الِابْتِدَاء نَحْو زيد وَرجل قائمان {قَول مَعْرُوف ومغفرة خير من صَدَقَة} الْبَقَرَة 263 الْعَاشِر أَن يعْطف عَلَيْهِ ذَلِك نَحْو طَاعَة وَقَول مَعْرُوف أَي أمثل من غَيرهمَا الْحَادِي عشر إِلَى السَّابِع عشر أَن يقْصد بِهِ عُمُوم نَحْو كل يَمُوت أَو تعجب نَحْو عجب لزيد أَو إِبْهَام نَحْو مَا أحسن زيدا أَو خرق للْعَادَة نَحْو شَجَرَة سجدت وبقرة تَكَلَّمت أَو تنويع 324 - (فَيَوْمٌ عَلَيْنا ويوْمٌ لَنا ... ويوْمٌ نُسَاءُ ويَوْمٌ نُسَرّ) أَو حصر نَحْو شَرّ أهر ذَا نَاب أَي مَا أهر ذَا نَاب إِلَّا شَرّ وَشَيْء جَاءَ بك أَي مَا جَاءَ بك إِلَّا شىء أَو الْحَقِيقَة من حَيْثُ نَحْو رجل خير من امْرَأَة وَتَمْرَة خير من جَرَادَة

الثَّامِن عشر إِلَى الْخَامِس وَالْعِشْرين أَن يسْبقهُ نفي نَحْو مَا رجل فِي الدَّار أَو اسْتِفْهَام نَحْو {أءله مَعَ الله} النَّمْل 61 هَل رجل فِي الدَّار وقصره ابْن الْحَاجِب فِي شرح وافيته على الْهمزَة المعادلة بِأم نَحْو أرجل فِي الدَّار أم امْرَأَة قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَلَيْسَ كَمَا أَو لَوْلَا نَحْو 325 - (لَوْلَا اصْطِبارٌ لأوْدَى كُلُّ ذِي مِقَةٍ ... ) أَو وَاو الْحَال نَحْو 326 - (سَريْنا ونَجْمٌ قَدْ أَضَاءَ ... ) وَفَاء الْجَزَاء كَقَوْلِهِم إِن ذهب عير فَعير فِي الرَّهْط وعير الْقَوْم سيدهم أَو إِذا الفجائية نَحْو خرجت فَإِذا رجل بِالْبَابِ أَو بَينا أَو بَيْنَمَا نَحْو ... .

وَالْخَبَر وَهُوَ ظرف أَو مجرور أَو جملَة نَحْو {ولدينا مزِيد} ق 35 {لكل أجل كتاب} الرَّعْد 38 قصدك غُلَامه رجل وإلحاق الْجُمْلَة فِي ذَلِك بالظرف وَالْمَجْرُور ذكره ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم أحدا وَافقه انْتهى وَقد وَافقه عصريه الْبَهَاء بن النّحاس شيخ أبي حَيَّان فِي تَعْلِيقه على المقرب ص مَسْأَلَة الأَصْل تَأْخِير الْخَبَر وَيجب إِن اتحدا عرفا ونكرا وَلَا بَيَان فِي الْأَصَح أَو كَانَ طلبا أَو فعلا فَلَو رفع البارز فالجمهور يقدم وَثَالِثهَا الْمُخْتَار وفَاقا لوالدي إِن كَانَ جمعا لَا مثنى أَو اقْترن بِالْفَاءِ أَو إِلَّا أَو إِنَّمَا قيل أَو الْبَاء الزَّائِدَة أَو الْمُبْتَدَأ لَازم الصَّدْر أَو دُعَاء أَو تلو إِمَّا ش الأَصْل تَقْدِيم الْمُبْتَدَأ وَتَأْخِير الْخَبَر لِأَن الْمُبْتَدَأ مَحْكُوم عَلَيْهِ فَلَا بُد من تَقْدِيمه ليتَحَقَّق وَيجوز تَأْخِيره حَيْثُ لَا مَانع نَحْو قَائِم زيد وَيجب الْتِزَام الأَصْل لأسباب أَحدهَا أَن يُوهم التَّقْدِيم ابتدائية الْخَبَر بِأَن يَكُونَا معرفتين أَو نكرتين متساويتين وَلَا قرينَة نَحْو زيد أَخُوك وَأفضل مِنْك أفضل مني فَإِن كَانَ قرينَة جَازَ التَّقْدِيم نَحْو أَبُو يُوسُف أَبُو حنيفَة وَقَوله 327 - (بَنُونا بَنُو أَبنائِنا ... )

وَقَوله 328 - (قَبيلةٌ ألأمُ الأَحْيَاء أَكْرمُها ... وأغْدَرُ النَّاس بالجيران وَافِيها) أَي أكرمها ألأم الْأَحْيَاء وَمِنْهُم من أجَاز التَّقْدِيم مُطلقًا وَلم يلْتَفت إِلَى إِيهَام الانعكاس وَقَالَ الْفَائِدَة تحصل للمخاطب سَوَاء قدم الْخَبَر أم أخر وَقد أجَاز ابْن السَّيِّد فِي قَوْله 329 - (شَرُّ النٍّ سَاءَ البَحاتِرُ ... ) أَن يكون شَرّ النِّسَاء مُبْتَدأ والبحاتر خَبره وَعَكسه وَمِنْهُم من منع التَّقْدِيم مُطلقًا وَلم يفصل بَين مَا دلّ عَلَيْهِ الْمَعْنى وَغَيره الثَّانِي أَن يكون الْخَبَر طلبا نَحْو زيد اضربه وَزيد هلا ضَربته الثَّالِث وَالرَّابِع أَن يكون الْخَبَر فعلا نَحْو زيد قَامَ إِذْ لَو قدم لأوهم الفاعلية فَلَو رفع البارز فَأطلق الْجُمْهُور جَوَاز تَقْدِيمه مُطلقًا نَحْو قاما الزيدان وَقَامُوا الزيدون وَخَصه وَالِدي رَحمَه الله بِالْجمعِ وَمنعه فِي الْمثنى لبَقَاء الإلباس على السَّامع لسُقُوط الْألف لملاقاة السَّاكِن ذكر ذَلِك فِي حَوَاشِيه على ابْن المُصَنّف وَمنع قوم التَّقْدِيم مُطلقًا حملا لحالة التَّثْنِيَة وَالْجمع على الْإِفْرَاد لِأَنَّهُ الأَصْل

الْخَامِس أَن يقْتَرن الْخَبَر بِالْفَاءِ نَحْو الَّذِي يأتيني فَلهُ دِرْهَم لِأَن الْفَاء دخلت لشبهه بالجزاء وَالْجَزَاء لَا يتَقَدَّم على الشَّرْط السَّادِس أَن يقْتَرن بإلا أَو إِنَّمَا نَحْو {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} آل عمرَان 144 {إِنَّمَا أَنْت نَذِير} هود 12 وشذ 330 - (وهَلْ إلاّ عَلَيْكَ الْمُعَوّلُ ... ) السَّابِع أَن يكون الْمُبْتَدَأ لَازم الصَّدْر كالاستفهام نَحْو أَيهمْ أفضل وَالشّرط نَحْو من يقم أقِم مَعَه والمضاف إِلَى أَحدهمَا نَحْو غُلَام أَيهمْ أفضل وَغُلَام من يقم أقِم مَعَه وَضمير الشَّأْن نَحْو هُوَ زيد منطلق ومدخول لَام الِابْتِدَاء نَحْو لزيد قَائِم الثَّامِن أَن يكون الْمُبْتَدَأ دُعَاء نَحْو {سَلام عَلَيْك} مَرْيَم 47 وويل لزيد التَّاسِع أَن يكون الْمُبْتَدَأ بعد أما نَحْو أما زيد فعالم لِأَن الْفَاء لَا تلِي أما الْعَاشِر أَن يَقع الْخَبَر مُؤَخرا فِي مثل نَحْو الْكلاب على الْبَقر وَهَذِه الصُّورَة هِيَ الْآتِيَة فِي قولي وَيمْنَع إِن قدم مثلا كتأخيره وَزَاد بَعضهم أَن يقْتَرن الْخَبَر بِالْبَاء الزَّائِدَة نَحْو مَا زيد بقائم على لُغَة الإهمال

الأسباب الموجبة لتقديم الخبر

[الْأَسْبَاب الْمُوجبَة لتقديم الْخَبَر] ص وَيمْنَع إِن قدم مثلا كتأخيره أَو كَانَ ذَا الصَّدْر خلافًا للأخفش والمازني أَو كم الخبرية أَو مُضَافا إِلَى ذَلِك أَو إِشَارَة ظرفا أَو مصححا للابتداء بنكرة خلافًا للجزولي أَو دَالا على مَا يفهم بالتقديم وَمِنْه سَوَاء عَليّ أَقمت أم قعدت على أَن مَدْخُول الْهمزَة مُبْتَدأ وَقيل عَكسه وَقيل فَاعل مغن وَقيل مفعول وَسَوَاء لَا خبر لَهُ أَو مُسْندًا دون أما إِلَى أَن خلافًا للفراء والأخفش أَو إِلَى مقرون بأداة حصر أَو فَاء أَو ذِي ضمير ملابسه لَا إِن أمكن تَقْدِيم صَاحبه وَمنع الْأَخْفَش فِي دَاره زيد والكوفية فِي دَاره قيام زيد أَو عبد زيد وقائم أَو ضَربته زيد وقائم أَو قَامَ أَبوهُ زيد وزيدا أَبوهُ ضرب أَو ضَارب وأجازهما هِشَام وَالْكسَائِيّ الْأَخِيرَة وضربته دون قَائِم ش يمْنَع تَأْخِير الْخَبَر وَيجب تَقْدِيمه لأسباب أَحدهَا أَن يسْتَعْمل كَذَلِك فى مثل لِأَن الْأَمْثَال لَا تغير كَقَوْلِهِم فِي كل وَاد بَنو سعد الثَّانِي أَن يكون وَاجِب التصدير كالاستفهام نَحْو أَيْن زيد وَكَيف عَمْرو والمضاف إِلَيْهِ نَحْو صبح أَي يَوْم السّفر الثَّالِث أَن يكون كم الخبرية أَو مُضَافا إِلَيْهَا نَحْو كم دِرْهَم مَالك وَصَاحب كم غُلَام أَنْت الرَّابِع أَن يكون اسْم إِشَارَة ظرفا نَحْو ثمَّ زيد وَهنا عَمْرو وَقُرِئَ {ثمَّ الله شَهِيد} يُونُس 46 وَوَجهه تَقْدِيمه الْقيَاس على سَائِر الإشارات فَإنَّك تَقول هَذَا زيد وَلَا تَقول زيد هَذَا الْخَامِس أَن يكون تَقْدِيمه مصححا للابتداء بالنكرة وَهُوَ الظّرْف وَالْمَجْرُور وَالْجُمْلَة كَمَا سبق

السَّادِس أَن يكون دَالا على مَا يفهم بالتقديم وَلَا يفهم بِالتَّأْخِيرِ نَحْو لله دَرك فَلَو أخر لم يفهم مِنْهُ معنى التَّعَجُّب الَّذِي يفهم مِنْهُ التَّقْدِيم وَمِنْه سَوَاء عليَّ أَقمت أم قعدت على أَن الْمَعْنى سَوَاء عَليّ الْقيام وَعَدَمه فمدخول الْهمزَة مُبْتَدأ وَسَوَاء خَبره قدم وجوبا لِأَنَّهُ لَو تَأَخّر لتوهم السَّامع أَن الْمُتَكَلّم مستفهم حَقِيقَة وَقيل سَوَاء هُوَ الْمُبْتَدَأ وَالْجُمْلَة خَبره وَقيل هُوَ مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة فَاعل مغن عَن الْخَبَر وَالتَّقْدِير اسْتَوَى عِنْدِي أَقمت أم قعدت وَقيل هُوَ مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ وَالْجُمْلَة مفعول ب لَا أُبَالِي معينا ب سَوَاء قَالَه السُّهيْلي السَّابِع أَن يكون الْخَبَر مُسْند دون أما إِلَى أَن الْمَفْتُوحَة الْمُشَدّدَة وصلتها نَحْو {وءاية لَهُم أَن حملنَا} يس 41 / إِذْ لَو أخر لالتبس بالمكسورة وَجوز الْفراء والأخفش تَأْخِيره قِيَاسا على الْمسند إِلَى أَن المخففة نَحْو {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} الْبَقَرَة 184 فَإِن ولي أما جَازَ التَّأْخِير اتِّفَاقًا نَحْو 331 - (عِنْدي اصْطِبارٌ، وأَمّا أَنّنى جَزعٌ ... يَوْمَ النّوى فلِوَجْدَ كَاد يَبْرينى) الثَّامِن وَالتَّاسِع والعاشر أَن يكون مُسْندًا إِلَى مقرون بأداة حصر لِئَلَّا يلتبس نَحْو مَا فِي الدَّار إِلَّا زيد وَإِنَّمَا فِي الدَّار زيد أَو إِلَى مقرون بفاء نَحْو أما فِي الدَّار فزيد أَو إِلَى مُشْتَمل على ضمير ملابسه نَحْو فِي الدَّار صَاحبهَا إِذْ لَو أخر عَاد الضَّمِير على مُتَأَخّر لفظا ورتبة

حالات جواز تقديم الخبر وتأخيره

[حالات جَوَاز تَقْدِيم الْخَبَر وتأخيره] وَإِذا علم مَا يجب فِيهِ تَأْخِير الْخَبَر وَمَا يمْنَع علم أَن مَا عداهما يجوز فِيهِ التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير سَوَاء كَانَ الْخَبَر رَافعا ضميرا لمبتدأ أَو سببيه أَو ناصبا ضَمِيره أَو مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ أَو على ضمير مَا أضيف إِلَيْهِ أَو الْمُبْتَدَأ مُشْتَمل على ضمير ملابس الْخَبَر الأول نَحْو قَائِم زيد وَالثَّانِي نَحْو قَائِم أَبوهُ زيد أَو قَامَ أَبوهُ زيد وَالثَّالِث نَحْو ضَربته زيد وَالرَّابِع نَحْو فِي دَاره زيد وَالْخَامِس نَحْو فِي دَاره قيام زيد وَفِي دَاره عبد زيد وَالسَّادِس نَحْو زيدا أَبوهُ ضرب وزيدا أَبوهُ ضَارب وَمنع الْكُوفِيُّونَ تَقْدِيم الْخَبَر فِي غير الرَّابِع والمفسر فِي الْأَخير إِلَّا هشاما مِنْهُم فَأجَاز الْأَخير بصورتيه وَوَافَقَهُ الْكسَائي على جَوَاز الصُّورَة الثَّانِيَة وَهِي زيدا أَبوهُ ضَارب دون زيدا أَبوهُ ضرب وعضده أَبُو عَليّ بِأَن الأَصْل الْإِخْبَار بالمفرد والإخبار بِالْفِعْلِ خلاف الأَصْل فَكَأَن الْمُبْتَدَأ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ أَجْنَبِي فَلَا يفصل بِهِ بَين الْفِعْل ومنصوبه بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل وعضده غَيره بِأَن الْخَبَر إِذا كَانَ فعلا لَا يجوز تَقْدِيمه فَلَا يجوز تَقْدِيم معموله بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل وعورض بِأَن تَقْدِيم مَعْمُول الْفِعْل أولى لقُوته وَأَجَازَ الْكسَائي أَيْضا التَّقْدِيم فِي الثَّالِث وَمنع الْأَخْفَش التَّقْدِيم فِي الرَّابِع على أَن زيد مَرْفُوع بالمجرور وَإِنَّمَا أجَازه الْكُوفِيُّونَ وَلم يجيزوا قَائِم زيد وضربته زيد لِأَن الضَّمِير فِي قَوْلك فِي دَاره زيد غير مُعْتَمد عَلَيْهِ أَلا ترى أَن الْمَقْصُود فِي الدَّار زيد وَحصل هَذَا الضَّمِير بِالْعرضِ وَاحْتج البصريون بِالسَّمَاعِ حُكيَ تميمي أَنا ومشنوء من يشنؤك وَذهب ابْن الطراوة إِلَى جَوَاز زيد أَخُوك دون قَائِم زيد بِنَاء على مَذْهَب لَهُ غَرِيب خَارج عَن قانون الْعَرَبيَّة وَقد أَشرت إِلَيْهِ فِي كتاب الاقتراح فِي أصُول النَّحْو وَتركته هُنَا لسخافته

الحالات التي يجوز فيها حذف المبتدأ والخبر

[الْحَالَات الَّتِي يجوز فِيهَا حذف الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر] ص مَسْأَلَة يحذف مَا علم من مُبْتَدأ أَو خبر وَحَيْثُ صَحَّ فيهمَا فَفِي الأولى قَولَانِ وَفِي الْمَحْذُوف من زيد وَعَمْرو قَائِم ثَالِثهَا التَّخْيِير ويقل بعد ((إِذا)) ش يجوز حذف مَا علم من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فَالْأول يكثر فِي جَوَاب الِاسْتِفْهَام نَحْو {وَمَا أَدْرَاك مَا هيه نَار} القارعة 10، 11 أَي هِيَ نَار {قل أفأنبئكم بشر من ذَلِكُم النَّار} الْحَج 72 أَي هُوَ النَّار وَبعد فَاء الْجَواب {من عمل صَالحا فلنفسه} فصلت 46 أَي فعمله لنَفسِهِ {وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} الْبَقَرَة 220 أَي فهم إخْوَانكُمْ وَبعد القَوْل نَحْو {وَقَالُوا أساطير الْأَوَّلين} الْفرْقَان 5 ويقل بعد إِذا الفجائية نَحْو خرجت فَإِذا السَّبع وَلم يَقع فِي الْقُرْآن بعْدهَا إِلَّا ثَابتا وَمِنْه فِي غير ذَلِك {سُورَة أنزلناها} النُّور 1 {بَرَاءَة من الله} التَّوْبَة 1 أَي هَذِه وَالثَّانِي نَحْو {أكلهَا دآئم وظلها} الرَّعْد 35 أَي دَائِم {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} الْمَائِدَة 5 أَي حل لكم وَإِذا دَار الْأَمر بَين كَون الْمَحْذُوف مُبْتَدأ وَكَونه خَبرا فَأَيّهمَا أولى قَالَ الوَاسِطِيّ الأولى كَون الْمَحْذُوف الْمُبْتَدَأ لِأَن الْخَبَر محط الْفَائِدَة وَقَالَ الْعَبْدي الأولى كَونه الْخَبَر لِأَن التَّجَوُّز فِي آخر الْجُمْلَة أسهل نقل الْقَوْلَيْنِ ابْن إياز وَمِثَال الْمَسْأَلَة {فَصَبر جميل} يُوسُف 18 أَي شأني صَبر جميل أَو صَبر جميل أمثل من غَيره

الأسباب الموجبة لحذف المبتدأ

وَإِذا جِئْت بعد مبتدأين بِخَبَر وَاحِد نَحْو زيد وَعَمْرو قَائِم فَذهب سِيبَوَيْهٍ والمازني والمبرد إِلَى أَن الْمَذْكُور خبر الأول وَخبر الثَّانِي مَحْذُوف وَذهب ابْن السراج وَابْن عُصْفُور إِلَى عَكسه وَقَالَ آخَرُونَ أَنْت مُخَيّر فِي تَقْدِيم أَيهمَا شِئْت [الْأَسْبَاب الْمُوجبَة لحذف الْمُبْتَدَأ] ص وَيجب فِي مُبْتَدأ خَبره نعت مَقْطُوع لمدح أَو ذمّ أَو ترحم أَو مصدر بدل من اللَّفْظ بِفِعْلِهِ أَو مَخْصُوص نعم أَو صَرِيح قسم وَنَحْو من أَنْت زيد وَلَا سَوَاء خلافًا للمبرد والسيرافي وَبعد لَا سِيمَا إِذا رفعت ش يجب حذف الْمُبْتَدَأ فِي مَوَاضِع أَحدهَا إِذا كَانَ مخبرا عَنهُ بنعت مَقْطُوع لمدح نَحْو الْحَمد لله أهل الْمَدْح أَو ذمّ نَحْو مَرَرْت بزيد الْفَاسِق أَو ترحم نَحْو مَرَرْت ببكر الْمِسْكِين وَإِنَّمَا الْتزم فِيهِ الْحَذف لأَنهم لما قطعُوا هَذِه النعوت إِلَى النصب التزموا إِضْمَار الناصب أَمارَة على أَنهم قصدُوا إنْشَاء الْمَدْح والذم والترحم كَمَا فعلوا فِي النداء إِذْ لَو أظهرُوا لأوهم الْإِخْبَار وأجرى الرّفْع مجْرى النصب أما غير الثَّلَاثَة من النعوت فَيجوز فِيهِ الْحَذف وَالذكر نَحْو مَرَرْت بزيد الْخياط أَي هُوَ الْخياط الثَّانِي إِذا أخبر عَنهُ بمصدر هُوَ بدل من اللَّفْظ بِفِعْلِهِ نَحْو سمع وَطَاعَة أَي أَمْرِي سمع وَالْأَصْل فِي هَذَا النصب لِأَنَّهُ جِيءَ بِهِ بَدَلا من اللَّفْظ بِفِعْلِهِ فَلم يجز إِظْهَار ناصبه لِئَلَّا يكون جمعا بَين الْبَدَل والمبدل مِنْهُ ثمَّ حمل الرّفْع على النصب فالتزم إِضْمَار الْمُبْتَدَأ الثَّالِث إِذا أخبر عَنهُ بمخصوص فِي بَاب نعم نَحْو نعم الرجل زيد أَي هُوَ زيد الرَّابِع إِذا أخبر عَنهُ بِصَرِيح الْقسم نَحْو فِي ذِمَّتِي لَأَفْعَلَنَّ أَي يَمِيني الْخَامِس قَول الْعَرَب من أَنْت زيد أَي مذكورك زيد السَّادِس قَوْلهم لَا سَوَاء حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ وتأوله على حذف مُبْتَدأ أَي هَذَانِ لَا سَوَاء أَو لَا هما سَوَاء وَهُوَ وَاجِب الْحَذف لِأَن الْمَعْنى لَا يستويان وَأَجَازَ الْمبرد والسيرافي إِظْهَاره السَّابِع قَوْلهم لَا سِيمَا زيد بِالرَّفْع أَي لَا سي الَّذِي هُوَ زيد

الأسباب الموجبة لحذف الخبر

[الْأَسْبَاب الْمُوجبَة لحذف الْخَبَر] ص وَخبر بعد لَوْلَا ولوما للامتناع قَالَ الْجُمْهُور مُطلقًا وَالْمُخْتَار وفَاقا للرماني وَابْن الشجري والشلوبين وَابْن مَالك يجب ذكره إِن كَانَ خَاصّا وَلَا دَلِيل وَعَلِيهِ لَوْلَا قَوْمك حديثو عهد وَمَعَهُ يجوز وَقيل الْخَبَر الْجَواب وَقيل تَالِيهَا رفع بهَا وَقيل بمضمر وَقدره بعض الْمُتَقَدِّمين لَو لم يحضر وَمَعَ قسم صَرِيح لَا غَيره فِي الْأَصَح وواو مَعَ والكوفية سدت عَنهُ وَالْجُمْهُور أَن مِنْهُ حَسبك ينم النَّاس وضربي زيدا قَائِما وَأَن الْمُقدر إِذا أَو إِذْ كَانَ وَقيل ضربه وَقيل ثَابت وَنَحْوه بعد الْحَال وَقيل يظْهر وَقيل لَا خبر وَالْفَاعِل مغن وَقيل هُوَ قَائِما وفيهَا ضميران وَقيل لَا وَقيل سدت عَنهُ وَقيل ضربي فَاعل مُضْمر وَرفع قَائِما ضَرُورَة وَجوزهُ الْأَخْفَش بعد أفعل مُضَافا إِلَى مَا مَوْصُولَة بكان أَو يكون وَابْن مَالك مَقْرُونا بواو الْحَال وَيجْرِي مجْرى مصدر مضافه وَفِي مؤول ثَالِثهَا الْمُخْتَار إِن أضيف إِلَيْهِ وأجرى ابْن عُصْفُور كل مَا لَا حَقِيقَة لَهُ فِي الْوُجُود وَالْمُخْتَار وفَاقا لسيبويه منع وَقع هَذِه الْحَال فعلا وَثَالِثهَا مضارعا مَرْفُوعا وتقديمها وَثَالِثهَا إِن كَانَت من ظَاهر وَرَابِعهَا إِن تعدى الْمصدر وتوسطها ومعمولها وَثَالِثهَا إِن لم يفصل وجوازها جملَة بواو لَا دونهَا وَرَابِعهَا إِن عري من ضمير وَدخُول كَانَ على مصدرها وإتباعه وَعلمِي بزيد كَانَ قَائِما على زيادتها لَا أما ضربيك فَكَانَ حسنا صفة للياء وَالْكَاف وَالْكِنَايَة قبلهَا وَعبد الله وعهدي بزيد قديمين ش يجب حذف الْخَبَر فِي مَوَاضِع أَحدهَا إِذا وَقع الْمُبْتَدَأ بعد لَوْلَا الامتناعية لِأَنَّهُ مَعْلُوم بمقتضاها إِذْ هِيَ دَالَّة على امْتنَاع لوُجُود فالمدلول على امْتِنَاعه هُوَ الْجَواب والمدلول على وجوده هُوَ

الْمُبْتَدَأ فَإِذا قيل لَوْلَا زيد لأكرمت عمرا لم يشك فِي أَن المُرَاد وجود زيد منع من إكرام عَمْرو وَجَاز الْحَذف لتعين الْمَحْذُوف وَوَجَب لسد الْجَواب وحلوله مَحَله ثمَّ أطلق الْجُمْهُور وجوب الْحَذف ولحنوا المعري فِي قَوْله 332 - (فلولا الغِمْدُ يُمْسِكُه لَسالا ... ) وَقَيده الرماني وَابْن الشجري والشلوبين وتبعهم ابْن مَالك بِمَا إِذا كَانَ الْخَبَر الْكَوْن الْمُطلق فَلَو أُرِيد كَون بِعَيْنِه لَا دَلِيل عَلَيْهِ لم يجز الْحَذف فضلا عَن أَن يجب نَحْو لَوْلَا زيد سالمنا مَا سلم وَمِنْه قَوْله لَوْلَا قَوْمك حديثو عهد بِكفْر لأسست الْبَيْت على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم فَإِن كَانَ عَلَيْهِ دَلِيل جَازَ الْحَذف وَالْإِثْبَات نَحْو لَوْلَا أنصار زيد حموه لم ينج وَمِنْه بَيت المعري السَّابِق وَالْجُمْهُور أطْلقُوا فِيهِ وجوب الْحَذف بِنَاء على أَنه لَا يكون بعْدهَا إِلَّا كونا مُطلقًا قَالَ ابْن أبي الرّبيع أجَاز قوم لَوْلَا زيد قَائِم لأكرمتك وَلَوْلَا زيد جَالس لأكرمتك وَهَذَا لم يثبت بِالسَّمَاعِ وَالْمَنْقُول لَوْلَا جُلُوس عَمْرو وَلَوْلَا قيام زيد انْتهى قلت وَالظَّاهِر أَن الحَدِيث حرفته الروَاة بِدَلِيل أَن فِي بعض رواياته لَوْلَا حدثان قَوْمك وَهَذَا جَار على الْقَاعِدَة وَقد بيّنت فِي كتاب أصُول النَّحْو من كَلَام ابْن الضائع وَأبي حَيَّان أَنه لَا يسْتَدلّ بِالْحَدِيثِ على مَا خَالف الْقَوَاعِد النحوية لِأَنَّهُ مَرْوِيّ بِالْمَعْنَى لَا بِلَفْظ الرَّسُول وَالْأَحَادِيث رَوَاهَا الْعَجم والمولدون لَا من يحسن الْعَرَبيَّة فأدوها على قدر ألسنتهم وك لَوْلَا فِيمَا ذكر لوما نبه عَلَيْهِ ابْن النّحاس فِي تَعْلِيقه على المقرب

وَذهب قوم إِلَى أَن الْخَبَر بعد لَوْلَا غير مُقَدّر وَأَنه الْجَواب وَذهب الْفراء إِلَى أَن الْوَاقِع بعد لَوْلَا لَيْسَ مُبْتَدأ بل مَرْفُوع بهَا لاستغنائه بهَا كَمَا يرْتَفع بِالْفِعْلِ الْفَاعِل ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت عاملة لَكَانَ الْجَرّ أولى بهَا من الرّفْع لاختصاصها بِالِاسْمِ وَذهب الْكسَائي إِلَى أَنه مَرْفُوع بِفعل بعْدهَا تَقْدِيره لَوْلَا وجد زيد أَو نَحوه لظُهُوره فِي قَوْله 333 - (فَقُلْت بلَى لَوْلَا يُنازعُني شُغْلِي ... ) وَذهب جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين إِلَى أَنه مَرْفُوع بلولا لنيابتها مناب فعل تَقْدِيره لَو لم يُوجد أَو لَو لم يحضر الثَّانِي إِذا وَقع خبر قسم صَرِيح نَحْو لعمرك وأيمن الله وَأَمَانَة الله وَإِنَّمَا وَجب حذفه لكَونه مَعْلُوما وَقد سد الْجَواب مسده بِخِلَاف غير الصَّرِيح فَلَا يجب حذف خَبره بل يجوز إثْبَاته نَحْو عَليّ عهد الله لَأَفْعَلَنَّ لِأَنَّهُ لَا يشْعر بالقسم حَتَّى يذكر الْمقسم عَلَيْهِ وَمَا تقدم لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الْقسم وَقيل إِن أَيمن الله وَنَحْوه خبر مَحْذُوف الْمُبْتَدَأ وَالتَّقْدِير قسمي أَيمن الله الثَّالِث إِذا وَقع بعد وَاو بِمَعْنى مَعَ نَحْو كل رجل وضيعته أَي مقترنان فَالْخَبَر مَحْذُوف لدلَالَة الْوَاو وَمَا بعْدهَا على المصحوبية وَكَانَ الْحَذف وَاجِبا لقِيَام الْوَاو مقَام مَعَ وَلَو جِيءَ لمع لَكَانَ كلَاما تَاما هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن الْخَبَر لم يحذف وَإِنَّمَا أغنت عَنهُ الْوَاو كإغناء الْمَرْفُوع بِالْوَصْفِ عَنهُ فَهُوَ كَلَام تَامّ لَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير وَاخْتَارَهُ ابْن خروف فَإِن لم تكن الْوَاو صَرِيحَة فِي الْمَعِيَّة بِأَن احتملت الْعَطف نَحْو زيد وَعَمْرو مقرونان جَازَ الْحَذف وَالْإِثْبَات الرَّابِع اخْتلف فِي قَول الْعَرَب حَسبك ينم النَّاس فَقيل الضمة فِي حَسبك ضمة بِنَاء وَهُوَ اسْم سمي بِهِ الْفِعْل وَبني على الضَّم لِأَنَّهُ كَانَ معربا

قبل ذَلِك فَحمل على قبل وَبعد وعَلى هَذَا أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا ضمة إِعْرَاب فَقيل هُوَ مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر لدلَالَة الْمَعْنى عَلَيْهِ وَالتَّقْدِير حَسبك السُّكُوت ينم النَّاس وَقيل هُوَ مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ لِأَن مَعْنَاهُ اكتف وَاخْتَارَهُ ابْن طَاهِر الْخَامِس مَسْأَلَة ضربي زيدا قَائِما وضابطها أَن يكون الْمُبْتَدَأ مصدرا عَاملا فِي مُفَسّر صَاحب حَال بعده لَا يصلح أَن يكون خَبرا عَنهُ وَهَذِه الْمَسْأَلَة طَوِيلَة الذيول كَثِيرَة الْخلاف وَقد أفردتها قَدِيما بتأليف مُسْتَقل وَأَقُول هُنَا اخْتلف النَّاس فِي إِعْرَاب هَذَا الْمِثَال فَقَالَ قوم ضربي مُرْتَفع على أَنه فَاعل فعل مُضْمر تَقْدِيره يَقع ضربى زيدا قَائِما أَو ثَبت ضربي زيدا قَائِما وَضعف بِأَنَّهُ تَقْدِير مَا لَا دَلِيل على تَعْيِينه لِأَنَّهُ كَمَا يجوز تَقْدِير ثَبت يجوز تَقْدِير قل أَو عدم وَمَا لَا يتَعَيَّن تَقْدِيره لَا سَبِيل إِلَى إضماره وَقَالَ الْجُمْهُور هُوَ مُبْتَدأ وَهُوَ مصدر مُضَاف إِلَى فَاعله وزيدا مفعول بِهِ وَقَائِمًا حَال ثمَّ اخْتلفُوا هَل يحْتَاج هَذَا الْمُبْتَدَأ إِلَى خبر أَو لَا فَقَالَ قوم لَا خبر لَهُ وَأَن الْفَاعِل أغْنى عَن الْخَبَر لِأَن الْمصدر هُنَا وَاقع موقع الْفِعْل كَمَا فِي أقائم الزيدان وَالتَّقْدِير ضربت زيدا قَائِما وَضعف بِأَنَّهُ لَو وَقع موقع الْفِعْل لصَحَّ الِاقْتِصَار عَلَيْهِ مَعَ فَاعله كالمشبه بِهِ وَقَالَ الْكسَائي وَهِشَام وَالْفراء وَابْن كيسَان الْحَال نَفسهَا هِيَ الْخَبَر ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَ الْأَوَّلَانِ الْحَال إِذا وَقعت خَبرا للمصدر كَانَ فِيهَا ضميران مرفوعان أَحدهمَا من صَاحب الْحَال وَالْآخر من الْمصدر وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى ذَلِك لِأَن الْحَال لَا بُد لَهَا من ضمير يعود على صَاحبهَا وَالْخَبَر لَا بُد فِيهِ من ضمير يعود على الْمُبْتَدَأ وَقد جمعت الوضعين فاحتاجت إِلَى ضميرين حَتَّى لَو أكدت كرر التوكيد نَحْو ضربي زيدا قَائِما نَفسه نَفسه

وَقَالَ الْفراء الْحَال إِذا وَقعت خَبرا للمصدر فَلَا ضمير فِيهَا من الْمصدر لجريانها على صَاحبهَا فِي إِفْرَاده وتثنيته وَجمعه وتعريها من ضمير الْمصدر للزومها مَذْهَب الشط وَالشّرط بعد الْمصدر لَا يتَحَمَّل ضمير الْمصدر نَحْو ضربي زيدا إِن قَامَ وَجَاز نصب قَائِما وَنَحْوه على الْحَال عِنْده وَعند الْأَوَّلين وَإِن كَانَ خَبرا لما لم يكن عين الْمُبْتَدَأ لِأَن الْقَائِم هُوَ زيد لَا الضَّرْب فَلَمَّا كَانَ خِلَافه انتصب على الْخلاف لِأَنَّهُ عِنْدهم يُوجب النصب وَقَالَ ابْن كيسَان إِنَّمَا أغنت الْحَال عَن الْخَبَر لشبهها بالظرف فَكَأَنَّهُ قيل ضربي زيدا فِي حَال قِيَامه وَضعف قَول الْكسَائي وَهِشَام بِأَن الْعَامِل الْوَاحِد لَا يعْمل رفعا فِي ظَاهِرين فَكَذَا لَا يعمله فِي ضميرين وَبِأَن الْحَال لَو ثني نَحْو ضربي أخويك قَائِمين لم يُمكن أَن يكون فِيهِ ضميران لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَكَانَ أَحدهمَا مثنى من حَيْثُ عوده على صَاحب الْحَال الْمثنى وَالْآخر مُفردا لعوده على الْمُبْتَدَأ الْمُفْرد وتثنية اسْم الْفَاعِل وإفراده إِنَّمَا هُوَ بِحَسب مَا يرفع من الضَّمِير فَكَانَ يلْزم أَن يكون اسْم الْفَاعِل مُفردا مثنى فِي حَال وَاحِد وَهُوَ بَاطِل وَقَول الْفراء بِأَن الشَّرْط بمفرده لَا يصلح للخبرية لِأَنَّهُ لَا يُفِيد بل مَعَ الْجَواب فَهُوَ مَحْذُوف وَالضَّمِير مَحْذُوف مَعَه وَقَول ابْن كيسَان بِأَنَّهُ لَو جَازَ مَا قدره لجَاز مَعَ الجثة أَن يَقُول زيد قَائِما لِأَنَّهُ بِمَعْنى زيد فِي حَال قيام وَهُوَ مَمْنُوع إِجْمَاعًا وَقَالَ الْجُمْهُور بِتَقْدِير الْخَبَر ثمَّ اخْتلفُوا هَل يجوز إِظْهَاره فَقيل نعم وَالْجُمْهُور على الْمَنْع ثمَّ اخْتلفُوا فِي كيفيته ومكانه فَحكى البطليوسي وَابْن عمرون عَن الْكُوفِيّين أَنهم قدروه ثَابت أَو مَوْجُود بعد قَائِما وَضعف بِأَنَّهُ تَقْدِير مَا لَا دَلِيل فِي اللَّفْظ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ كَمَا يجوز تَقْدِير ثَابت يجوز تَقْدِير منفي أَو مَعْدُوم وَقَالَ البصريون تقدر قبل قَائِما ثمَّ اخْتلفُوا فِي كيفيته فَقَالَ الْأَخْفَش تَقْدِيره ضربي زيدا ضربه قَائِما وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك لما فِيهِ من قلَّة الْحَذف

وَضعف بِأَنَّهُ لم يقدر زِيَادَة على مَا أَفَادَهُ الأول وَقَالَ الْجُمْهُور تَقْدِيره إِذْ كَانَ قَائِما إِن أردْت الْمَاضِي وَإِذا كَانَ قَائِما إِن أردْت الْمُسْتَقْبل فَحذف كَانَ وفاعلها ثمَّ الظّرْف وَجه تَقْدِير الظّرْف دون غَيره بِأَن الْحَذف توسع والظرف أليق بِهِ وَالزَّمَان دون الْمَكَان لِأَن الْمُبْتَدَأ هُنَا حدث وَالزَّمَان أَجْدَر بِهِ وَإِذ وَإِذا دون غَيرهمَا لاستغراق إِذْ للماضي وَإِذا للمستقبل وَتَقْدِير كَانَ التَّامَّة دون غَيرهَا من الْأَفْعَال لاحتياج الظّرْف وَالْحَال إِلَى عَامل ودلالتها على الْكَوْن الْمُطلق الَّذِي يدل الْكَلَام عَلَيْهِ وَلم يعْتَقد فِي قَائِما أَنه خبر كَانَ الْمقدرَة للزومه التنكير وفاعلها ضمير يعود إِلَى زيد وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ عوده إِلَى فَاعل الْمصدر وَهُوَ الْيَاء إِذا عرفت ذَلِك فَهُنَا مسَائِل الأولى لَا يجوز رفع الْحَال الْمَذْكُورَة اخْتِيَارا بِأَن يُقَال ضربي زيدا قَائِم إِلَّا إِن اضْطر إِلَى ذَلِك فيرفع لَا على أَنه خبر ضربي بل خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالتَّقْدِير ضربي زيدا وَهُوَ قَائِم وَالْجُمْلَة حَال سدت مسد الْخَبَر وَسَوَاء فِي ذَلِك الْمصدر الصَّرِيح كالمثال الْمَذْكُور وَغَيره وَجوز الْأَخْفَش الرّفْع بعد أفعل مُضَافا إِلَى مَا مَوْصُولَة بكان أَو يكون نَحْو أَخطب مَا كَانَ أَو مَا يكون الْأَمِير قَائِم بِرَفْعِهِ خَبرا عَن أَخطب وَوَافَقَهُ ابْن مَالك وَقَالَ فِيهِ مجازان أَحدهمَا إِضَافَة أَخطب مَعَ أَنه من صِفَات الْأَعْيَان إِلَى مَا يكون وَهُوَ تَأْوِيل الْكَوْن وَالثَّانِي الْإِخْبَار بقائم مَعَ أَنه فِي الأَصْل من صِفَات الْأَعْيَان عَن أَخطب مَا يكون مَعَ أَنه من الْمعَانِي لِأَن أفعل التَّفْضِيل بعض مَا يُضَاف إِلَيْهِ وَالْحَامِل على ذَلِك قصد الْمُبَالغَة وَقد فتح بَابهَا بِأول الْجُمْلَة فعضدت بآخرها مَرْفُوعا وَقَالَ ابْن النّحاس وَجه ابْن الدهان رفع الْأَخْفَش قَائِما بِأَن جعل أَخطب مُضَافا إِلَى أَحْوَال محذوفة تَقْدِيره أَخطب أَحْوَال كَون الْأَمِير قَائِم الثَّانِيَة أصل الْمَسْأَلَة أَن يكون الْمُبْتَدَأ مصدرا كَمَا تقدم وَمثله أَن يكون مُضَافا إِلَى مصدر إِضَافَة بعض لكل أَو كل لجَمِيع نَحْو أَكثر شربي السويق ملتوتا وكل شربي السويق ملتوتا ومعظم كَلَامي معلما وَهل يجْرِي ذَلِك فِي الْمصدر المؤول نَحْو أَن ضربت زيدا قَائِما أَو أَن تضرب

زيدا قَائِما الْجُمْهُور لَا والكوفيون نعم وَالثَّالِث الْمَنْع إِن لم يضف إِلَيْهِ كالمثالين الْمَذْكُورين وَالْجَوَاز إِن أضيف إِلَيْهِ كأخطب مَا يكون الْأَمِير قَائِما وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَبَالغ ابْن عُصْفُور فَأجرى كل مَا لَا حَقِيقَة لَهُ فِي الْوُجُود مجْرى الْمصدر فِي ذَلِك الثَّالِثَة فِي جَوَاز وُقُوع هَذِه الْحَال فعلا أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَالْفراء الْمَنْع وَالثَّانِي الْجَوَاز وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ وَهِشَام وَابْن مَالك للسماع قَالَ 334 - (ورَأْيُ عَيْنَىَّ الفَتَى أباكا ... يُعْطِى الجزَيل، فَعَلَيْكَ ذاكا) وَقَالَ 335 - (عَهْدِي بهَا فى الحَىّ قد سُرْبَلتْ ... بَيْضاءَ مثْلَ المُهْرَةِ الضّامر) وَالثَّالِث الْمَنْع فِي الْمُضَارع الْمَرْفُوع لِأَن النصب الَّذِي فِي لفظ الْمُفْرد عوض عَن التَّصْرِيح بِالشّرطِ والمضارع الْمَرْفُوع لَيْسَ فِي لَفظه مَا يكتف مَذْهَب الشَّرْط وعزي للفراء الرَّابِعَة فِي جَوَاز تَقْدِيم هَذِه الْحَال على الْمصدر أَقْوَال أَحدهَا الْجَوَاز وَعَلِيهِ البصريون سَوَاء تعدى الْمصدر أم كَانَ لَازِما نَحْو قَائِما ضربي زيدا أَو ملتوتا شربي السويق وَالثَّانِي الْمَنْع وَعَلِيهِ الْفراء سَوَاء كَانَت من ظَاهر نَحْو مسرعا قيام زيد أم مُضْمر نَحْو مسرعا قيامك وَالثَّالِث الْجَوَاز إِذا كَانَت من مُضْمر وَالْمَنْع إِذا كَانَت من ظَاهر وَعَلِيهِ الْكسَائي وَهِشَام وَالرَّابِع الْمَنْع إِن كَانَ الْمصدر مُتَعَدِّيا وَالْجَوَاز إِن كَانَ لَازِما

وَفِي توسطها بَين الْمصدر ومفعوله نَحْو شربك ملتوتا السويق قَولَانِ أَحدهمَا الْمَنْع وَعَلِيهِ الْكسَائي وَهِشَام وَالْفراء وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَحكي الْجَوَاز عَن الْبَصرِيين وَلَعَلَّه لَا يَصح فَإِنَّهُ مُشكل لِأَن فِيهِ الْفَصْل بَين الْمصدر ومعموله بِخِلَاف تقدمها فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِك وَفِي توَسط معمولها بَينهَا وَبَين الْمصدر ومعموله نَحْو ضربي زيدا فرسا رَاكِبًا قَولَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز وَعَلِيهِ البصريون وَالْكسَائِيّ لعدم الْفَصْل بَين الْمصدر ومعموله وَالثَّانِي الْمَنْع وَعَلِيهِ الْفراء لِأَن رَاكِبًا لم يرد إِلَى الِاسْتِقْبَال فَلَا يقدم معموله عَلَيْهِ الْخَامِسَة فِي جَوَاز وُقُوع هَذِه الْحَال جملَة اسمية أَقْوَال أَحدهَا الْمَنْع سَوَاء كَانَت بواو أَو بِدُونِهَا وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ الْكسَائي وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك لوُرُود السماع بِهِ فِي قَوْله 336 - (خَيْرُ اقْترابى من المَوْلَى حَليف رضَا ... وشرُّ بُعْدِي عَنهُ، وَهُوَ غَضْبانُ) وَالثَّالِث الْجَوَاز ب وَاو لَا دونهَا وَعَلِيهِ الْفراء اقتصارا على مورد السماع السَّادِسَة فِي جَوَاز دُخُول كَانَ النَّاقِصَة على هَذَا الْمصدر قَولَانِ أَحدهمَا نعم وَعَلِيهِ السيرافي وَابْن السراج نَحْو كَانَ ضربي زيدا قَائِما وَالثَّانِي لَا وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور لِأَن تعويض الْحَال من الْخَبَر إِنَّمَا يكون بعد حذفه وَحذف خبر كَانَ قَبِيح السَّابِعَة فِي جَوَاز إتباع الْمصدر الْمَذْكُور بِأَن يُقَال ضربي زيدا الشَّديد قَائِما قَولَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز قِيَاسا وَعَلِيهِ الْكسَائي وَابْن مَالك وَالثَّانِي الْمَنْع لِأَن الْموضع مَوضِع اخْتِصَار وَلم يرد بِهِ سَماع الثَّامِنَة فِي جَوَاز نَحْو علمي بزيد كَانَ قَائِما قَولَانِ

أَحدهمَا لَا وَعَلِيهِ أَبُو عَليّ لِأَن اسْم كَانَ حِينَئِذٍ ضمير علمي وَعلمِي خبر كَانَ من حَيْثُ الْمَعْنى والقائم لَيْسَ نفس الْعلم وَلَا منزلا مَنْزِلَته وَلِأَن الْحَال حِينَئِذٍ من الضَّمِير وَضمير الْمصدر لَا يعْمل وَالثَّانِي نعم على أَن كَانَ زَائِدَة التَّاسِعَة إِذا كنيت عَن الْمصدر الَّذِي سدت الْحَال مسد خَبره قبل ذكر الْحَال نَحْو ضربي زيدا هُوَ قَائِما فَقَوْلَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز وعيه البصريون وَهُوَ مُبْتَدأ وَقَائِمًا سد مسد خَبره وَالثَّانِي الْمَنْع وَعَلِيهِ الْفراء الْعَاشِرَة أَجَازُوا أما ضربيك فَكَانَ حسنا على أَن حسنا صفة للضرب ومنعها الْفراء على أَنه صفة للياء وَالْكَاف الْحَادِيَة عشرَة أجَاز الْكسَائي وَهِشَام عبد الله وعهدي بزيد قديمين على تَقْدِير الْعَهْد لعبد الله وَزيد قديمين فَقدم عبد الله وَرفع بِمَا بعده وثنى قديمين لِأَنَّهُ لعبد الله وَزيد وَكَانَ خَبرا للْعهد كَمَا يكون الْحَال خَبرا لمصدر وَمنع ذَلِك الْفراء وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس الْبَصرِيين يَقْتَضِي الْمَنْع ص وَإِن ولي مَعْطُوفًا بواو على مُبْتَدأ فعل لأَحَدهمَا وَاقع على الآخر جَازَ وَقد يُغني مُضَاف إِلَيْهِ الْمُبْتَدَأ عَن مَعْطُوف فيطابقهما الْخَبَر وَيمْنَع تَقْدِيمه خلافًا لمن منعهما ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى اخْتلف هَل يجوز أَن يُؤْتى بمبتدأ ومعطوف عَلَيْهِ بواو وَبعده فعل لأَحَدهمَا وَاقع على الآخر نَحْو عبد الله وَالرِّيح يباريها فَقيل لَا لِأَن يباريها خبر عَن أَحدهمَا وَاقع على الآخر بِلَا خبر وَقيل نعم وَاخْتَارَهُ ابْن الْأَنْبَارِي وَابْن مَالك واستدلا على صِحَّته بقول الشَّاعِر 337 - (واعْلَمْ بأنَّكَ والمَنِيْيَةَ ... شَاربٌ بعُقَارهَا) ثمَّ اخْتلف فِي تَوْجِيه ذَلِك فوجهه من أجَازه من الْبَصرِيين على أَن الْخَبَر مَحْذُوف وَالتَّقْدِير عبد الله وَالرِّيح يجريان يباريها ويباريها فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَاسْتغْنى بهَا عَن الْخَبَر لدلالتها عَلَيْهِ وَوَجهه من أجَازه الْكُوفِيُّونَ

تعدد الخبر لمبتدأ واحد

على أَن الْمَعْنى يتباريان وَلم يقدروا محذوفا إِذْ من باراك فقد باريته وَلَو كَانَ الْعَطف بِالْفَاءِ أَو بثم لم تصح الْمَسْأَلَة إِجْمَاعًا وَلَو حذف العاطف صحت الْمَسْأَلَة إِجْمَاعًا الثَّانِيَة هَل يجوز أَن يُؤْتى بمبتدأ مُضَاف ويخبر عَنهُ بِخَبَر مُطَابق للمضاف وللمضاف إِلَيْهِ من غير عطف كَقَوْلِهِم رَاكب النَّاقة طليحان قَولَانِ أَحدهمَا لَا وَعَلِيهِ أَكثر الْبَصرِيين وَالثَّانِي نعم وَعَلِيهِ الْكسَائي وَهِشَام وَجزم بِهِ ابْن مَالك على أَن التَّقْدِير رَاكب النَّاقة والناقة طليحان فَحذف الْمَعْطُوف لوضوح الْمَعْنى وَجوز بَعضهم أَن يكون على حذف مُضَاف أَي رَاكب النَّاقة أحد طليحين وَمثله غُلَام زيد ضربتهما وعَلى هَذَا لَا يجوز تَقْدِيم الْخَبَر بِأَن يُقَال الطليحان رَاكب النَّاقة إِذْ لم يقم دَلِيل سَابق على تَثْنِيَة الْخَبَر وَالْمَرْفُوع الْمخبر عَنهُ وَاحِد [تعدد الْخَبَر لمبتدأ وَاحِد] ص ويتعدد الْخَبَر بعطف وَغَيره وَثَالِثهَا إِن لم يختلفا بِالْإِفْرَادِ وَالْجُمْلَة وَرَابِعهَا إِن اتحدا معنى ك حُلْو حامض وَالأَصَح فِي نَحوه الْمَرْفُوع منع الْعَطف والتقدم وَثَالِثهَا تقدم أَحدهمَا وعَلى منع التَّعَدُّد الأسبق أولى وَالْبَاقِي صفة وَقيل خبر مُقَدّر ش اخْتلف فِي جَوَاز تعدد الْخَبَر لمبتدأ وَاحِد على أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ الْأَصَح وَعَلِيهِ الْجُمْهُور الْجَوَاز كَمَا فِي النعوت سَوَاء اقْترن بعاطف أم لَا فَالْأول كَقَوْلِك زيد فِيهِ وشاعر وَكَاتب وَالثَّانِي كَقَوْلِه تَعَالَى {وَهُوَ الغفور الْوَدُود ذُو الْعَرْش الْمجِيد فعال لما يُرِيد} البروج 14، 15، 16 وَقَول الشَّاعِر 338 - (مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذَا بَتِّى ... مُقَيِّطٌ مُصَيِّفٌ مُشَتَّى)

تعدد مبتدآت متوالية

وَالْقَوْل الثَّانِي الْمَنْع وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وَكثير من المغاربة وعَلى هَذَا فَمَا ورد من ذَلِك جعل فِيهِ الأول خَبرا وَالْبَاقِي صفة للْخَبَر وَمِنْهُم من يَجعله خبر مُبْتَدأ مُقَدّر وَالْقَوْل الثَّالِث الْجَوَاز إِن اتحدا فِي الْإِفْرَاد وَالْجُمْلَة فَالْأول كَمَا تقدم وَالثَّانِي نَحْو زيد أَبوهُ قَائِم أَخُوهُ خَارج وَالْمَنْع إِن كَانَ أَحدهمَا مُفردا وَالْآخر جملَة وَالرَّابِع قصر الْجَوَاز على مَا كَانَ الْمَعْنى مِنْهُمَا وَاحِدًا نَحْو الرُّمَّان حُلْو حامض أَي مر وَزيد أعْسر أيسر أَي أضبط وَهُوَ الَّذِي يعْمل بكلتا يَدَيْهِ وَهَذَا النَّوْع يتَعَيَّن فِيهِ ترك الْعَطف لِأَن مَجْمُوع الْخَبَرَيْنِ فِيهِ بِمَنْزِلَة وَاحِد وَجوز أَبُو عَليّ اسْتِعْمَاله بالْعَطْف كَغَيْرِهِ من الْأَخْبَار المتعددة فَيُقَال هَذَا حُلْو وحامض قَالَ صَاحب البديع وَلَا يجوز الْفَصْل بَين هذَيْن الْخَبَرَيْنِ وَلَا تقديمهما على الْمُبْتَدَأ عِنْد الْأَكْثَرين وَلَا تَقْدِيم أَحدهمَا وَتَأْخِير الآخر وَأَجَازَهُ بَعضهم انْتهى وَمن ذَلِك يتَحَصَّل فِي التَّقْدِيم ثَلَاثَة أَقْوَال كَمَا حكيتها فِي الْمَتْن تعدد مبتدآت مُتَوَالِيَة ص وتتوالى مبتدآت فيخبر عَن أَحدهَا وَيجْعَل مَعَ خَبره خبر متلوه وَهَكَذَا ويضاف غير الأول إِلَى ضمير متلوه أَو يجاء آخرا بالروابط عكسا وَالْمُخْتَار خلافًا للنحاة مَنعه فِي الموصولات ش إِذا تعدّدت مبتدآت مُتَوَالِيَة فلك فِي الْإِخْبَار عَنْهَا طَرِيقَانِ أَحدهمَا أَن تجْعَل الروابط فِي المبتدآت فيخبر عَن آخرهَا وتجعله مَعَ خَبره خَبرا لما قبله وَهَكَذَا إِلَى أَن تخبر عَن الأول بتاليه مَعَ مَا بعده ويضاف غير الأول إِلَى ضمير متلوه مِثَاله زيد عَمه خَاله أَخُوهُ أَبوهُ قَائِم وَالْمعْنَى أَبُو أخي خَال عَم زيد قَائِم وَالْآخر أَن تجْعَل الروابط فِي الْأَخْبَار فَيُؤتى بعد خبر الْأَخير بهاء آخرا لأوّل وتال لمتلوه مِثَاله زيد هِنْد الأخوان الزيدون ضاربوهما عِنْدهَا بِإِذْنِهِ وَالْمعْنَى

جواز دخول الفاء على الخبر

الزيدون ضاربو الْأَخَوَيْنِ عِنْد هِنْد بِإِذن زيد قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْمِثَال وَنَحْوه مِمَّا وَضعه النحويون للاختبار والتمرين وَلَا يُوجد مثله فِي كَلَام الْعَرَب أَلْبَتَّة قَالَ وَمثله من الْمَوْصُول الَّذِي الَّتِي اللَّتَان أَبوهَا أَبوهُمَا أُخْتهَا أَخُوك أُخْته زيد وَقَالَ ابْن الخباز الْعَرَب لَا تدخل مَوْصُولا على مَوْصُول وَإِنَّمَا ذَلِك من وضع النَّحْوِيين وَهِي مشكلة جدا انْتهى وَلِهَذَا اخْتَرْت عدم جَرَيَان ذَلِك فِيهِ [جَوَاز دُخُول الْفَاء على الْخَبَر] ص مَسْأَلَة تدخل الْفَاء فِي الْخَبَر جَوَازًا بعد مُبْتَدأ تضمن شرطا ك أل مَوْصُولَة بمستقبل عَام خلافًا لسيبويه أَو غَيرهَا مَوْصُولا بظرف أَو فعل يقبل الشّرطِيَّة خلافًا لمن أطلق أَو جوز الْمَاضِي أَو الْمصدر بِشَرْط أَو الأسمية أَو منع إِن أكد أَو وصف أَو نكرَة عَامَّة مَوْصُوفَة بذلك وَخَصه ابْن الْحَاج ب كل وَشرط فقد نفي أَو اسْتِفْهَام أَو مُضَاف إِلَيْهَا مشْعر بمجازاة أَو مَوْصُوف بالموصول على الْأَصَح أَو مُضَاف إِلَيْهِ وَقل فِي خبر كل مُضَافَة إِلَى غير ذَلِك وَجوزهُ الْأَخْفَش فِي كل خبر وَالْفراء إِن تضمن طلبا ش لما كَانَ الْخَبَر مرتبطا بالمبتدأ ارتباط الْمَحْكُوم بِهِ بالمحكوم عَلَيْهِ لم يحْتَج إِلَى حرف رابط بَينهمَا كَمَا لم يحْتَج الْفِعْل وَالْفَاعِل إِلَى ذَلِك فَكَانَ الأَصْل أَلا تدخل الْفَاء على شَيْء من خبر الْمُبْتَدَأ لكنه لما لحظ فِي بعض الْأَخْبَار معنى مَا يدْخل الْفَاء فِيهِ دخلت وَهُوَ الشَّرْط وَالْجَزَاء وَالْمعْنَى الملاحظ أَن يقْصد أَن الْخَبَر مُسْتَحقّ بالصلة أَو الصّفة وَأَن يقْصد بِهِ الْعُمُوم ودخولها على ضَرْبَيْنِ وَاجِب وَهُوَ بعد أما كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِر الْكتاب الثَّالِث وَجَائِز وَذَلِكَ فِي صور إِحْدَاهَا أَن يكون الْمُبْتَدَأ أل الموصولة بمستقبل عَام نَحْو {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا} النُّور 2 {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا} الْمَائِدَة 38 وَهَذَا مَا جزم بِهِ ابْن مَالك وَنقل عَن الْكُوفِيّين والمبرد والزجاج وَذهب سِيبَوَيْهٍ وَجُمْهُور الْبَصرِيين إِلَى منع دُخُول الْفَاء فِي هَذِه الصُّورَة وَخَرجُوا الْآيَتَيْنِ وَنَحْوهمَا على حذف الْخَبَر أَي فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم الزَّانِيَة أَي حكم ذَلِك

الثَّانِيَة أَن يكون الْمُبْتَدَأ غير أل من الموصولات وصلته ظرف أَو مجرور أَو جملَة تصلح للشرطية وَهِي الفعلية غير الْمَاضِيَة وَغير المصدرة بأداة شَرط أَو حرف اسْتِقْبَال كالسين وسوف وَلنْ أَو بقد أَو مَا النافية مِثَال الظّرْف قَوْله 339 - (مَا لَدَى الحازم اللَّبيبِ مُعَاراً ... فمصونٌ وَمَا لَهُ قَدْ يَضيعُ) وَمِثَال الْمَجْرُور قَوْله تَعَالَى {وَمَا بكم من نعْمَة فَمن الله} النَّحْل 53 وَمِثَال الْجُمْلَة قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} الشورى 30 وَيدل على أَن مَا مَوْصُولَة سُقُوط الْفَاء فِي قِرَاءَة نَافِع وَابْن عَامر وَلَا يجوز دُخُول الْفَاء والصلة غير مَا ذكر وَجوز ابْن الْحَاج دُخُولهَا والصلة جملَة اسمية نَحْو الَّذِي هُوَ يأتيني فَلهُ دِرْهَم وَجوز بَعضهم دُخُولهَا والصلة جملَة فعلية مصدرة بِشَرْط نَحْو الَّذِي إِن يأتني أكْرمه فَهُوَ مكرم حَكَاهُ فِي الْبَسِيط عَن بعض شُيُوخه ورد بِأَن الْفَاء إِنَّمَا دخلت لشبه الْمُبْتَدَأ بِالشّرطِ وَهُوَ هُنَا مُنْتَفٍ لِأَن اسْم الشَّرْط لَا يجوز دُخُوله على أَدَاة الشَّرْط وَجوز بَعضهم دُخُولهَا والصلة فعل مَاض نَحْو الَّذِي زارنا أمس فَلهُ كَذَا وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى {وَمَا أَصَابَكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ فبإذن الله} آل عمرَان 166 {ومآ أفآء الله على رَسُوله مِنْهُم فمآ أَو جفتم عَلَيْهِ} الْحَشْر 6 وأوله المانعون على معنى التَّبْيِين أَي وَمَا يتَبَيَّن إِصَابَته إيَّاكُمْ وَهُوَ بعيد وَجوز بَعضهم دُخُولهَا والصلة فعل مُطلقًا وَإِن لم يقبل الشّرطِيَّة حَكَاهُ ابْن عُصْفُور فَأجَاز نَحْو الَّذِي مَا يأتيني فَلهُ دِرْهَم وَإِن لم يجز دُخُول أَدَاة الشَّرْط على مَا النافية لِأَن هَذَا لَيْسَ شرطا حَقِيقَة وَإِنَّمَا هُوَ مشبه بِهِ ورد بِأَنَّهُ غير مَحْفُوظ من كَلَام الْعَرَب وَإِذا لم يسمع من كَلَامهَا أمكن أَن يكون امْتنعت من إجَازَة ذَلِك لما ذكر من أَن الصِّلَة إِذْ ذَاك لَا تشبه فعل الشَّرْط وَمنع هِشَام دُخُول الْفَاء مَعَ اسْتِيفَاء الشُّرُوط إِذا أكد الْمَوْصُول أَو وصف لذهاب معنى الْجَزَاء بذلك وأيد بِأَن ذَلِك لَا يحفظ من كَلَام الْعَرَب الثَّالِثَة أَن يكون الْمُبْتَدَأ نكرَة عَامَّة مَوْصُوفَة بِأحد الثَّلَاثَة أَعنِي الظّرْف وَالْمَجْرُور وَالْفِعْل الصَّالح للشرطية نَحْو رجل عِنْده حزم فَهُوَ سعيد وَعبد للكريم

فَمَا يضيع وَنَفس تسْعَى فِي تجارتها فَلَنْ تخيب وَخص ابْن الْحَاج ذَلِك ب كل وَالصَّحِيح التَّعْمِيم الرَّابِعَة أَن يكون الْمُبْتَدَأ مُضَافا إِلَى النكرَة الْمَذْكُورَة وَهُوَ مشْعر بمجازاة كَقَوْلِه 340 - (وكُلّ خَيْر لَديْهِ فَهو مَسْؤُولُ ... ) الْخَامِسَة أَن يكون الْمُبْتَدَأ معرفَة مَوْصُوفَة بالموصول نَحْو {وَالْقَوَاعِد من النسآء الَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح} النُّور 60 وَمنع بَعضهم دُخُول الْفَاء فِي هَذِه الصُّورَة لِأَن الْمخبر عَنهُ لَيْسَ بمشبه لاسم الشَّرْط لِأَن اسْم الشَّرْط لَا يَقع بعده إِلَّا الْفِعْل وَالِاسْم الْمَوْصُوف بِالَّذِي لَيْسَ كَذَلِك وَأول الْآيَة على أَن اللَّاتِي مُبْتَدأ ثَان وَالْفَاء دَاخل فِي خَبره لِأَنَّهُ مَوْصُول وَهُوَ وَخَبره خبر الأول السَّادِسَة أَن يكون الْمُبْتَدَأ مُضَافا إِلَى الْمَوْصُول نَحْو غُلَام الَّذِي يأتيني فَلهُ دِرْهَم وَمِنْه قَوْله 341 - (وكلّ الَّذِي حَمّلْتَهُ فَهُو حَامِلُهْ ... ) وَقل دُخُول الْفَاء فِي حيّز كل مُضَافَة إِلَى غير ذَلِك إِمَّا إِلَى غير مَوْصُوف كَقَوْلِهِم كل نعْمَة فَمن الله أَو إِلَى مَوْصُوف بِغَيْر مَا ذكر كَقَوْلِه 342 - (كُلُّ أَمْر مُبَاعَدٌ، أًوْ مُدان ... فَمَنوطُ بحِكْمة المُتَعالِى)

وَجوز الْأَخْفَش دُخُولهَا فِي كل خبر نَحْو زيد فمنطلق وَاسْتدلَّ لَهُ بقوله 343 - (وقائلةٍ خَوْلانُ فَانْكِحْ فَتَاتَهُم ... ) وَقَوله 344 - (أًنْتَ فانْظر لأيِّ ذَاك تصيرُ ... ) وَالْجُمْهُور أولُوا ذَلِك على أَن خولان خبر هُوَ محذوفة وَأَنت فَاعل بمقدر فسره الظَّاهِر وَجوز الْفراء والأعلم دُخُولهَا فِي كل خبر هُوَ أَمر أَو نهي نَحْو زيد فَاضْرِبْهُ وَزيد فَلَا تضربه وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى {هَذَا فليذوقوه} ص 57 وَقَول الشَّاعِر 345 - (يَا ربِّ مُوسى أظْلَمِى، وَأَظْلَمُهْ ... فَاصْبُبْ عَلَيْهِ مَلَكًا لَا يَرْحَمُهْ) ص وَالصَّحِيح دُخُول النَّاسِخ على مَوْصُول شرطي ويزيل الْفَاء إِلَّا إِن وَأَن وَلَكِن على الْأَصَح قيل وَلَعَلَّ قيل وَكَانَ مضارعا وَفعل الْيَقِين ش اخْتلف فِي جَوَاز دُخُول بعض النواسخ على الْمُبْتَدَأ إِذا كَانَ مَوْصُولا تضمن معنى الشَّرْط

فالجمهور على جَوَازه وَمنعه الْأَخْفَش لِأَن مَا تضمن معنى الشَّرْط لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله وعَلى الأول إِذا دخل زَالَت الْفَاء من خَبره لزوَال شبهه باسم الشَّرْط من حَيْثُ عمل فِيهِ مَا قبله مَا لم يكن النَّاسِخ إِن أَو أَن أَو لَكِن فَإِنَّهُ يجوز دُخُول الْفَاء مَعهَا لِأَنَّهَا ضَعِيفَة الْعَمَل إِذْ لم يتَغَيَّر بِدُخُولِهَا الْمَعْنى الَّذِي كَانَ مَعَ الِابْتِدَاء وَلذَلِك جَازَ الْعَطف مَعهَا على معنى الِابْتِدَاء بِخِلَاف أخوتها لَيْت وَلَعَلَّ وَكَأن فَإِنَّهَا قَوِيَّة الْعَمَل مُغيرَة للمعنى فقوي شبهها بالأفعال فساوتها فِي الْمَنْع من الْفَاء وَقيل يمْنَع الْفَاء مَعَ إِن وَأَن وَلَكِن أَيْضا لِأَنَّهَا تحقق الْخَبَر وَالشّرط فِيهِ توقف فَبعد عَن الشّبَه ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين فتنُوا المؤمين وَالْمُؤْمِنَات ثمَّ لم يتوبوا فَلهُ عَذَاب جَهَنَّم} البروج 10 {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خمسه} الْأَنْفَال 41 وَقَالَ الشَّاعِر 346 - (ولكنّ مَا يُقْضى فَسَوْف يَكُونُ ... ) فَإِن عملت فِي اسْم آخر جَازَ دُخُولهَا إِجْمَاعًا نَحْو إِنَّه الَّذِي يأتيني فَلهُ دِرْهَم وَقيل يجوز دُخُول الْفَاء مَعَ لَعَلَّ إِلْحَاقًا لَهَا بِمَا لَا يُغير الْمَعْنى وَقيل يجوز أَيْضا دُخُولهَا مَعَ كَانَ بِلَفْظ الْمُضَارع لَا بِلَفْظ الْمَاضِي وَمَعَ فعل الْيَقِين كعلمت دون ظَنَنْت وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَابْن السراج ص وَلَا يعْطف قبل خبر ذِي فَاء عِنْد الكوفية وَجوزهُ ابْن السراج ش قَالَ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل إِذا جِئْت بِالْفَاءِ فِي خبر مَا فِيهِ معنى الْجَزَاء لم يجز الْعَطف عَلَيْهِ قبلهَا عِنْد الْكُوفِيّين وَأَجَازَهُ ابْن السراج

نواسخ الابتداء

نواسخ الِابْتِدَاء كَانَ وَأَخَوَاتهَا ص نواسخ الِابْتِدَاء الأول كَانَ وَأصْبح وأضحى وَأمسى وظل وَبَات وَصَارَ وَلَيْسَ مُطلقًا ودام بعد مَا الظَّرْفِيَّة وَزَالَ ماضي يزَال وانفك وبرح وفتئ وفتأ وأفتأ قيل وونى ورام بمعناها بعد نفي وَشبهه وَقد يفصل وَيقدر وَيرْفَع الْمُبْتَدَأ خلافًا للكوفية وَيُسمى اسْمهَا وفاعلا وَقيل ارْتَفع لشبهه وَينصب الْخَبَر وَيُسمى خَبَرهَا ومفعولها والكوفية حَالا وَالْفراء شبهه ويرفعان بعْدهَا بإضمار الشَّأْن وَثَالِثهَا إِلْغَاء وَلَا تدخل على مَا لزم صَدرا أَو حذفا أَو ابتدائية أَو عدم تصرف أَو خَبره جملَة طلبية وَلَا دَامَ والمنفي ب مَا وَلَيْسَ على مَا خَبره مُفْرد طلبي على الْأَصَح وَلَا صَار وَنَحْوهَا دَامَ وتلوها على ذِي مَاض وَشرط الكوفية فِي الْبَاقِي قد وَابْن مَالك فِي لَيْسَ على قلَّة الشَّأْن وَألْحق قوم بصار آض وَعَاد وَآل وَرجع وحار واستحال وتحول وارتد وَمَا جَاءَت حَاجَتك وَقَعَدت كَأَنَّهَا حَرْبَة وَقوم غَدا وَرَاح وَالْفراء أَسحر وأفجر وَأظْهر وَقوم كل فعل ذِي نصب مَعَ رفع لابد مِنْهُ والكوفية هَذَا وَهَذِه مرَادا بهما التَّقْرِيب مَرْفُوعا بعْدهَا مَا لَا ثَانِي لَهُ وسموها تَقْرِيبًا وَالرَّفْع اسْم التَّقْرِيب ش أَي هَذَا مَبْحَث الأدوات الَّتِي تدخل على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فتنسخ حكم الِابْتِدَاء وَهِي أَرْبَعَة أَنْوَاع كَانَ وَأَخَوَاتهَا وَكَاد وَأَخَوَاتهَا وَإِن وَأَخَوَاتهَا وظننت وَأَخَوَاتهَا وَمَا ألحق بذلك فَأَما كَانَ فمذهب الْبَصرِيين أَنَّهَا ترفع الْمُبْتَدَأ وَيُسمى اسْمهَا رُبمَا يُسمى فَاعِلا مجَازًا لشبهه بِهِ وَقع ذَلِك فِي عبارَة الْمبرد وَعبر سِيبَوَيْهٍ باسم الْفَاعِل وَمذهب الْكُوفِيّين أَنَّهَا لم تعْمل فِيهِ شَيْئا وَأَنه بَاقٍ على رَفعه

وَاسْتدلَّ الأول باتصال الضمائر بهَا وَهِي لَا تتصل إِلَّا بالعامل وَينصب الْخَبَر بِاتِّفَاق الْفَرِيقَيْنِ وَيُسمى خَبَرهَا وَرُبمَا يُسمى مَفْعُولا مجَازًا لشبهه بِهِ عبر بذلك الْمبرد وَعبر سِيبَوَيْهٍ باسم الْمَفْعُول وَكَانَ قِيَاس هَذِه الْأَفْعَال أَلا تعْمل شَيْئا لِأَنَّهَا بِأَفْعَال لَيست صَحِيحَة إِذْ دخلت للدلالة على تغير الْخَبَر بِالزَّمَانِ الَّذِي يثبت فِيهِ وَإِنَّمَا عملت تَشْبِيها لَهَا بِمَا يطْلب من الْأَفْعَال الصَّحِيحَة اسْمَيْنِ نَحْو ضرب فَرفع اسْمهَا تَشْبِيها بالفاعل من حَيْثُ هُوَ مُحدث عَنهُ وَنصب الْخَبَر تَشْبِيها بالمفعول هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَذهب الْفراء إِلَى أَن الِاسْم ارْتَفع لشبهه بالفاعل وَأَن الْخَبَر انتصب لشبهه بِالْحَال ف كَانَ زيد ضَاحِكا مشبه عِنْده ب جَاءَ زيد ضَاحِكا وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه انتصب على الْحَال ورد بوروده مضمرا وَمَعْرِفَة وجامدا وَأَنه لَا يسْتَغْنى عَنهُ وَلَيْسَ ذَلِك شَأْن الْحَال وَاعْترض بِوُقُوعِهِ جملَة وظرفا وَلَا يَقع الْمَفْعُول كَذَلِك وَأجِيب بِالْمَنْعِ بل تقع الْجُمْلَة موقع الْمَفْعُول نَحْو قَالَ زيد عَمْرو فَاضل وَالْمَجْرُور نَحْو مَرَرْت بزيد والظرف إِذا توسع فِيهِ وَجوز الْجُمْهُور رفع الاسمين بعد كَانَ وَأنْكرهُ الْفراء ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ 347 - (إِذا مُتّ كَانَ النَّاس صِنْفان شامِتٌ ... وَآخر مُثْن بِالَّذِي كنتُ أصْنَعُ) وَقَالَ 348 - (وَليْس مِنْهَا شِفَاءُ الدَّاء مَبْذُولُ ... )

ثمَّ اخْتلفُوا فِي تَوْجِيه ذَلِك فالجمهور على أَن فِي كَانَ ضمير الشَّأْن اسْمهَا وَالْجُمْلَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فِي مَوضِع نصب على الْخَبَر وَنقل عَن الْكسَائي أَن كَانَ ملغاة وَلَا عمل لَهَا وَوَافَقَهُ ابْن الطراوة والمتفق على عده من هَذِه الْأَفْعَال ثَلَاثَة عشر ثَمَانِيَة لَا شَرط لَهَا وَهِي كَانَ وَأصْبح وأضحى وَأمسى وظل وَبَات وَصَارَ وَلَيْسَ وَوَاحِد شَرطه أَن يَقع صلَة ل مَا الظَّرْفِيَّة وَهِي المصدرية لمراد بهَا وبصلتها التَّوْقِيت وَهُوَ دَامَ نَحْو {وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دمت حَيا} مَرْيَم 31 أَي مُدَّة دوامي الْحَيَاة وَأَرْبَعَة شَرطهَا تقدم نفي أَو شبهه وَهُوَ النَّهْي وَالدُّعَاء وَهِي زَالَ ماضي يزَال وانفك وبرح وفتئ وَالْأَرْبَعَة بِمَعْنى وَاحِد بِاتِّفَاق النَّحْوِيين وَسَوَاء كَانَ النَّفْي بِحرف أَو فعل أَو اسْم كَقَوْلِه 349 - (لَنْ تزَالوا كَذلِكُمْ ثمَّ لَا زلْتُ ... لكم خالِداً خُلود الجبَال) 350 - (لَيْسَ ينفكُّ ذَا غِنًى واعتزاز ... كُلُّ ذِي عفةٍ مقلٍّ قنوع) وَقَوله 351 - (غيرُ مُنْفَكٍّ أَسِيرَ هوى ... كلُّ وانٍ لَيْسَ يَعْتَبرُ) وَمِثَال النَّهْي 352 - (صَاح شَمِّر وَلَا تَزَلْ ذاكِرَ ... الموتِ فَنِسْيانُهُ ضَلاَلٌ مَبينُ)

وَمِثَال الدُّعَاء 353 - (وَلَا زَال مُنْهلاًّ بجَرْعَائك الْقَطْرُ ... ) وَسَوَاء كَانَ النَّفْي ملفوظا بِهِ مَا مثل أم مُقَدرا كَقَوْلِه {تفتؤا تذكر يُوسُف} يُوسُف 85 أَي لَا تفتأ وَقَول الشَّاعِر 354 - (تَنْفَكُّ تَسْمَعُ مَا حَيْيتَ ... بهَالِكٍ حتّى تَكونَهْ) أَي لَا تنفك وَقَوله 355 - (لَعَمْرُ أَبي دَهْماءَ زَالَتْ عَزيزَةً ... ) أَي لَا زَالَت وَقَوله 356 - (وأبْرَحُ مَا أدام اللَّه قَوْمِى ... بِحَمْد الله مُنْتَطِقًا مُجيدا) أَي لَا أَبْرَح وَسَوَاء كَانَ مُتَّصِلا بِالْفِعْلِ أم مَفْصُولًا بَينه وَبَينه كَقَوْلِه

357 - (وَلَا أَرَاهَا تَزال ظَالمِةً ... تحْدِث لى قَرْحَةً، وَتَنْكَؤُها) وَاحْترز بماضي يزَال من زَالَ الَّتِي مضارعها يَزُول وَهُوَ فعل تَامّ لَازم بِمَعْنى تحول وَالَّتِي مضارعها يزِيل وَهُوَ فعل مُتَعَدٍّ بِمَعْنى ماز وَالْمَشْهُور فِي فتئ كسر الْعين وفيهَا لُغَة بِالْفَتْح وثالثة أفتأ قَالَ فِي الْمُحكم مَا فتئت أفعل وَمَا فتأت أفتأ فتأ وفتوءا وَمَا أفتأت الْأَخِيرَة تميمية وَذكر الثَّلَاثَة أَيْضا أَبُو زيد وَذكر الصغاني فتؤ يفتؤ على وزن ظرف لُغَة فِي فتيء ثمَّ إِن مَا زَالَ وَأَخَوَاتهَا تدل على مُلَازمَة الصّفة للموصوف مذ كَانَ قَابلا لَهَا على حسب مَا قبلهَا فَإِن كَانَ قبلهَا مُتَّصِلَة الزَّمَان دَامَت لَهُ كَذَلِك نَحْو مَا زَالَ زيد عَالما وَإِن كَانَ قبلهَا فِي أَوْقَات دَامَت لَهُ كَذَلِك نَحْو مَا زَالَ يُعْطي الدَّرَاهِم قَالَ ابْن مَالك وَكَذَا الْعَمَل فِي ونى ورام بمعناها قَالَ وهما غريبتان وَلَا يكَاد النحويون يعرفونهما إِلَّا من عني باستقراء الْغَرِيب وَمن شَوَاهِد استعمالهما قَوْله 358 - (لَا يَنى الخِبُّ شِيمَة الحبِّ مامَ ... يَحْسِبنّهُ ذَا ارْعِوَاء) وَقَوله 359 - (إِذا رُمْت مِمّن لَا يَريمُ مُتَيَّمًا ... سُلُوًّا فقد أبْعَدْتَ فى رَوْمِك الْمرمَى) قَالَ واحترزت بِقَوْلِي بِمَعْنى زَالَ من ونى بِمَعْنى فتر ورام بِمَعْنى حاول أَو تحول انْتهى

وَقَالَ أَبُو حَيَّان ذكر أَصْحَابنَا أَن ونى زَادهَا بعض البغداديين فِي أَفعَال الْبَاب لِأَن مَعْنَاهَا معنى مَا زَالَ نَحْو مَا ونى زيد قَائِما ورد بِأَنَّهُ لَا يلْزم من كَونهَا بمعناها مساواتها لَهَا فِي الْعَمَل أَلا ترى أَن ظلّ زيد قَائِما مَعْنَاهُ أَقَامَ زيد قَائِما النَّهَار وَلم يَجْعَل الْعَرَب ل أَقَامَ اسْما وَلَا خَبرا كَمَا فعلت ذَلِك ب ظلّ قَالُوا وَالْتزم التنكير فِي الْمَنْصُوب بهَا دَلِيل على أَنه حَال وَأما البيتان فالمنصوب فِي الأول على إِسْقَاط الْخَافِض أَي لَا يني عَن شِيمَة الخب وَالثَّانِي يحْتَمل الْحَال لتنكيره وَألْحق قوم مِنْهُم ابْن مَالك بصار مَا كَانَ بمعناها وَذَلِكَ عشرَة أَفعَال آض كَقَوْلِه 360 - (رَبّيتُهُ حَتَّى إِذا تَمَعْدَدا ... وآض نَهْداً كالحِصَان أجْرَدا) وَعَاد كَقَوْلِه 361 - (فلِلّهِ مُغْو عَاد بالرُّشْدِ آمرا ... ) وَآل بِالْمدِّ كَقَوْلِه 362 - (ثمَّ آلت لَا تكلِّمنا ... كل حَىٍّ مُعْقَبٌ عُقَبَا) وَرجع كَقَوْلِه 363 - (ويَرْجعْن بالأكْبَاد مُنْكَسِرات ... )

وَفِي الحَدِيث لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا حَار بِالْمُهْمَلَةِ كَقَوْلِه 364 - (وَمَا الْمَرْء إِلَّا كالشّهاب وضَوْئِه ... يَحُورُ رَمَادا بعد إذْ هُوَ ساطِعُ) واستحال كَقَوْلِه 365 - (إِن العداوةَ تستحيل مودَّةً ... بتدارُكِ الهَفَواتِ بالحَسَناتِ) وَفِي الحَدِيث فاستحالت غربا وتحول كَقَوْلِه 366 - (فَيا لَكَ من نُعْمَى تَحَوَّلْن أَبْؤُسا ... ) وارتد كَقَوْلِه تَعَالَى {فَارْتَد بَصيرًا} يُوسُف 96 وَالتَّاسِع قَوْلهم مَا جَاءَت حَاجَتك قيل وَأول من قَالَهَا الْخَوَارِج لِابْنِ عَبَّاس حِين أرْسلهُ عَليّ إِلَيْهِم ويروى بِرَفْع حَاجَتك على أَن مَا خبر جَاءَت قدم لِأَنَّهُ اسْم اسْتِفْهَام وَالتَّقْدِير أَيَّة حَاجَة صَارَت حَاجَتك وبنصبه على أَنه الْخَبَر وَالِاسْم ضمير مَا وَالتَّقْدِير أَيَّة حَاجَة صَارَت حَاجَتك وَمَا مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة بعْدهَا خبر

والعاشر قعدت كَأَنَّهَا حَرْبَة من قَوْلهم شحذ شفرته حَتَّى قعدت كَأَنَّهَا حَرْبَة أَي صَارَت كَأَنَّهَا حَرْبَة ف كَأَنَّهَا حَرْبَة خبر قعدت فالملحقون طردوا اسْتِعْمَال هذَيْن الْفِعْلَيْنِ لقُوَّة الشّبَه بَينهمَا وَبَين صَار وَجعلُوا من ذَلِك جَاءَ الْبر قفيزين وصاعين وَقعد لَا يسْأَل حَاجَة إِلَّا قَضَاهَا أَي صَار وَجعل مِنْهُ الزَّمَخْشَرِيّ قَوْله تَعَالَى {فتقعد مذموما} الْإِسْرَاء 22 وَغَيرهم قصروهما على ذَيْنك المثالين وَقَالُوا فِي الثَّمَانِية الأول إِن الْمَنْصُوب فِيهَا حَال وَإِن آلت بِمَعْنى حَلَفت وَلَا تكلمنا جَوَاب الْقسم وَوَافَقَ عَلَيْهِ ابْن مَالك فِي آل وَقعد وَألْحق قوم مِنْهُم الزَّمَخْشَرِيّ وَأَبُو الْبَقَاء والجزولي وَابْن عُصْفُور بِأَفْعَال هَذَا الْبَاب غَدا وَرَاح بِمَعْنى صَار أَو بِمَعْنى وَقع فعله فِي وَقت الغدو والرواح وَجعل من ذَلِك حَدِيث اغْدُ عَالما وَحَدِيث تَغْدُو خماصا وَتَروح بطانا وَتقول غَدا زيد ضَاحِكا وَرَاح عبد الله مُنْطَلقًا أَي صَار فِي حَال ضحك وانطلاق وَمنع ذَلِك الْجُمْهُور مِنْهُم ابْن مَالك وَقَالُوا الْمَنْصُوب بعْدهَا حَال إِذْ لَا يُوجد إِلَّا نكرَة وَألْحق الْفراء بهَا أَسحر وأفجر وَأظْهر ذكرهَا فِي كتاب الْحُدُود قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكر لَهَا شَاهدا على ذَلِك وَبهَا تمت أَفعَال الْبَاب ثَلَاثِينَ فعلا وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن هَذَا وَهَذِه إِذا أُرِيد بهما التَّقْرِيب كَانَا من أَخَوَات كَانَ فِي احتياجهما إِلَى اسْم مَرْفُوع وَخبر مَنْصُوب وَنَحْو كَيفَ أَخَاف الظُّلم وَهَذَا الْخَلِيفَة قادما وَكَيف أَخَاف الْبرد وَهَذِه الشَّمْس طالعة

وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ فِيهِ الِاسْم الْوَاقِع بعد أَسمَاء الْإِشَارَة لَا ثَانِي لَهُ فِي الْوُجُود نَحْو هَذَا ابْن صياد أَشْقَى النَّاس فيعربون هَذَا تَقْرِيبًا وَالْمَرْفُوع اسْم التَّقْرِيب والمنصوب خبر التَّقْرِيب لِأَن الْمَعْنى إِنَّمَا هُوَ على الْإِخْبَار عَن الْخَلِيفَة بالقدوم وَعَن الشَّمْس بالطلوع وأتى باسم الْإِشَارَة تَقْرِيبًا للقدوم والطلوع أَلا ترى أَنَّك تشر إِلَيْهِمَا وهما حاضران وَأَيْضًا فالخليفة وَالشَّمْس معلومان فَلَا يحْتَاج إِلَى تبيينهما بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمَا وَتبين أَن الْمَرْفُوع بعد اسْم الْإِشَارَة يخبر عَنهُ بالمنصوب لِأَنَّك لَو أسقطت الْإِشَارَة لم يخْتل الْمَعْنى كَمَا لَو أسقطت كَانَ من كَانَ زيد قَائِما وَقَالَ بعض النَّحْوِيين يدْخل فِي هَذَا الْبَاب كل فعل لَهُ مَنْصُوب بعد مَرْفُوع لابد مِنْهُ نَحْو قَامَ زيد كَرِيمًا وَذهب زيد متحدثا فَإِن جعلته تَاما نصبت على الْحَال فَإِذا عرف ذَلِك فَشرط الْمُبْتَدَأ الَّذِي تدخل عَلَيْهِ أَفعَال هَذَا الْبَاب أَلا يكون مِمَّا لزم الصَّدْر كأسماء الشَّرْط والاستفهام وَكم الخبرية والمقرون بلام الِابْتِدَاء وَلَا مِمَّا لزم الْحَذف كالمخبر عَنهُ بنعت مَقْطُوع وَلَا مِمَّا لزم الابتدائية كَقَوْلِه أقل رجل يَقُول ذَلِك إِلَّا زيدا وَالْكلاب على الْبَقر لجريانه كَذَلِك مثلا وَكَذَا مَا بعد لَوْلَا الامتناعية وَإِذا الفجائية وَلَا مِمَّا لزم عدم التَّصَرُّف ك أَيمن فِي الْقسم وطوبى لِلْمُؤمنِ وويل للْكَافِرِ وَسَلام عَلَيْك وَلَا خَبره جملَة طلبية شَذَّ قَوْله 367 - (وكُوني بالمكارم ذَكِّريني ... ) وَشرط مَا تدخل عَلَيْهِ دَامَ وَلَيْسَ والمنفي ب مَا من جَمِيع أَفعَال هَذَا الْبَاب

زِيَادَة على مَا سبق أَلا يكون خَبره مُفردا طلبيا لِأَن لَهُ الصَّدْر وَهَذِه لَا يتَقَدَّم خَبَرهَا فَلَا يُقَال لَا أُكَلِّمك كَيفَ مَا دَامَ زيد وَلَا أَيْن مَا زَالَ زيد وَلَا أَيْن مَا يكون زيد وَلَا أَيْن لَيْسَ زيد وَلم يشرط ذَلِك الْكُوفِيُّونَ فسووا بَينهَا وَبَين غَيرهَا وَلم يشرطه الشلوبين فِي لَيْسَ بِنَاء على اعْتِقَاده جَوَاز تَقْدِيم خَبَرهَا وَلَا يشْتَرط ذَلِك فِي الْمَنْفِيّ بِغَيْر مَا ك لم وَلَا وَلنْ وَلَا فِي غير الْمَنْفِيّ إِجْمَاعًا وَشرط مَا تدخل عَلَيْهِ صَار وَمَا بمعناها ودام وَزَالَ وَأَخَوَاتهَا زِيَادَة على مَا سبق أَلا يكون خَبره فعلا مَاضِيا فَلَا يُقَال صَار زيد علم وَكَذَا الْبَوَاقِي لِأَنَّهَا تفهم الدَّوَام على الْفِعْل واتصاله بِزَمن الْإِخْبَار والماضي يفهم الِانْقِطَاع فتدافعا وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ وَاخْتلف فِي جَوَاز دُخُول بَقِيَّة أَفعَال الْبَاب على مَا خَبره مَاض فَالصَّحِيح جَوَازه مُطلقًا وَعَلِيهِ البصريون لكثرته فِي كَلَامهم نظما ونثرا كَثْرَة توجب الْقيَاس قَالَ تَعَالَى {إِن كَانَ قَمِيصه قد} يُوسُف 26 {إِن كنت قلته} الْمَائِدَة 116 {إِن كُنْتُم ءامنتم} الْأَنْفَال 41 {أولم تَكُونُوا أقسمتم} إِبْرَاهِيم 44 وَقَالَ الشَّاعِر 368 - (ثُمّ أَضْحوا لَعِب الدَّهْرُ بهمْ ... ) وَقَالَ 369 - (وَقد كَانُوا فأمْسى الحَيُّ سَارُوا ... )

وَحكى الْكسَائي أَصبَحت نظرت إِلَى ذَات التنانير يَعْنِي نَاقَته وَشرط الْكُوفِيُّونَ فِي ذَلِك اقترانه ب قد ظَاهِرَة أَو مقدرَة وحجتهم أَن كَانَ وَأَخَوَاتهَا إِنَّمَا دخلت على الْجمل لتدل على الزَّمَان فَإِذا كَانَ الْخَبَر يُعْطي الزَّمَان لم يحْتَج إِلَيْهَا أَلا ترى أَن الْمَفْهُوم من زيد قَامَ وَمن كَانَ زيد قَائِما شَيْء وَاحِد وَاشْتِرَاط قد لِأَنَّهَا تقرب الْمَاضِي من الْحَال وَشرط ابْن مَالك لدُخُول لَيْسَ على الْمَاضِي أَن يكون اسْمهَا ضمير الشَّأْن كَقَوْلِهِم لَيْسَ خلق الله أشعر مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ هَذَا التَّخْصِيص بِصَحِيح فقد حكى ابْن عُصْفُور اتِّفَاق النَّحْوِيين على الْجَوَاز من غير تَقْيِيد فَإِن قيل لَيْسَ لنفي الْحَال فَيلْزم من الْإِخْبَار عَنْهَا بالماضي تنَاقض فَالْجَوَاب أَنَّهَا لنفي الْحَال فِي الْجُمْلَة غير الْمقيدَة بِزَمَان وَأما الْمقيدَة فتنفيها على حسب الْقَيْد ص وتدل على الْحَدث خلافًا لقوم وَلَا تنصبه على الْأَصَح وَقيل لم يلفظ بِهِ وَفِي الظّرْف وَالْحَال خلاف مُرَتّب ش اخْتلف فِي دلَالَة هَذِه الْأَفْعَال على الْحَدث فَمَنعه قوم مِنْهُم الْمبرد وَابْن السراج والفارسي وَابْن جني وَابْن برهَان والجرجاني والشلوبين وَالْمَشْهُور والمتصور أَنَّهَا تدل عَلَيْهِ كالزمان كَسَائِر الْأَفْعَال وَذهب ابْن خروف وَابْن عُصْفُور إِلَى أَنَّهَا مُشْتَقَّة من أَحْدَاث لم ينْطق بهَا وَقد تقرر من كَلَام الْعَرَب أَنهم يستعملون الْفُرُوع وَلَا تكون من الْأُصُول ورد هَذَا وَالْأول بِالسَّمَاعِ قَالَ

370 - (وكَوْنُكَ إيّاه عَلَيْكَ يَسِيرُ ... ) وَحكي أَبُو زيد مصدر فتئ وَحكى غَيره ظللت أفعل كَذَا ظلولا وَبت أفعل كَذَا بيتوتة وَمن كَلَام الْعَرَب كونك مُطيعًا مَعَ الْفقر خير من كونك عَاصِيا مَعَ الْغَنِيّ وَيَبْنِي الْأَمر وَاسم الْفَاعِل مِنْهُمَا وَلَا يبنيان من الزَّمَان وَيَبْنِي الْأَمر وَاسم الْفَاعِل مِنْهُمَا وَلَا يبنيان من الزَّمَان وَيَبْنِي على هَذَا الْخلاف عَملهَا فِي الظّرْف وَالْجَار وَالْمَجْرُور فَمن قَالَ بدلالتها على الْحَدث أجَاز عَملهَا فِيهِ وَلذَا علق بَعضهم الْمَجْرُور فِي قَوْله {أَكَانَ للنَّاس عجبا} يُونُس 2 بكان وَمن قَالَ لَا يدل عيه مَنعه وَقد صرح الْفَارِسِي بِأَنَّهَا لَا يتَعَلَّق بهَا حرف جر ثمَّ قَالَ وَفِي عَملهَا فِي ظرف الزَّمَان نظر انْتهى وَحكى أَبُو حَيَّان الْخلاف الَّذِي فِي عَملهَا فِي الظّرْف وَالْمَجْرُور فِي عَملهَا فِي الْحَال فَمن مَنعه قَالَ لِأَنَّهُ لَا استدعاء لَهَا للْحَال وَالْعَامِل مستدع وَمن جوزه قَالَ الْحَال يعْمل فِيهِ هَذَا وَلَيْسَ فعلا فَكَانَ أولى أما نصبها الْمصدر فَالْأَصَحّ مَنعه على القَوْل بإثباته لَهَا لأَنهم عوضوا عَن النُّطْق بِهِ الْخَبَر وَأَجَازَهُ السيرافي وَطَائِفَة فَيُقَال كَانَ زيد قَائِما كونا ص وتعدد خَبَرهَا كَمَا مر وَأولى بِالْمَنْعِ ش فِي تعدد خبر كَانَ الْخلاف فِي تعدد خبر الْمُبْتَدَأ وَالْمَنْع هُنَا أولى وَلِهَذَا قَالَ بِهِ بعض من جوزه هُنَاكَ كَابْن درسْتوَيْه وَابْن أبي الرّبيع وَوَجهه أَن هَذِه الْأَفْعَال شبهت بِمَا يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد فَلَا يُزَاد على ذَلِك والمجوزون قَالُوا هُوَ فِي الأَصْل خبر مُبْتَدأ فَإِذا جَازَ تعدده مَعَ الْعَامِل الأضعف وَهُوَ الِابْتِدَاء فَمَعَ الْأَقْوَى أولى

ص وَترد الْخَمْسَة الأول قيل وَبَات كصار خلافًا للكذة فِي ظلّ ش ترد كَانَ وَأصْبح وأضحى وَأمسى وظل بِمَعْنى صَار فَلَا يَقع الْمَاضِي خَبرا لَهَا كَمَا تقدم كَقَوْلِه تَعَالَى {وبست الْجبَال بسا فَكَانَت هباء منبثا وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} الْوَاقِعَة 5، 6، 7 {فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا} آل عمرَان 103 {ظلّ وَجهه مسودا} النَّحْل 58 وَقَول الشَّاعِر 31 - (ثمَّ أَضْحَوْا كأنّهم ورقٌ جَفْفَ ... فألوَتْ بِهِ الصَّبا والدَّبُورُ) وَقَوله 372 - (أَمْسَتْ خَلاءً ... ) زعم لكذة الْأَصْبَهَانِيّ والمهاباذي شَارِح اللمع أَن ظلّ لَا تَأتي بِمَعْنى صَار بل لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي فعل النَّهَار وَقَالَ بَعضهم هُوَ مُشْتَقّ من الظل فَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الْوَقْت الَّذِي للشمس فِيهِ ظلّ وَهُوَ مَا بَين طُلُوعهَا وغروبها وَزعم الزَّمَخْشَرِيّ أَن بَات يَأْتِي بِمَعْنى صَار قَالَ ابْن مَالك وَلَيْسَ بِصَحِيح لعدم شَاهد على ذَلِك مَعَ التتبع والاستقراء

المتصرف منها

وَجعل مِنْهُ بعض الْمُتَأَخِّرين فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده وَضعف بِإِمْكَان حمله على الْمَعْنى الْمجمع عَلَيْهِ وَهُوَ الدّلَالَة على ثُبُوت مَضْمُون الْجُمْلَة لَيْلًا قَالَ وَمن أحسن مَا يحْتَج بِهِ لَهُ قَوْله 373 - (أجنِّى كلّما ذُكِرَتْ كليبٌ ... أَبيتُ كأَنَّنِى أُكْوَى بجَمْر) لِأَن كلما تدل على عُمُوم الْأَوْقَات [الْمُتَصَرف مِنْهَا] ص وَكلهَا تتصرف إِلَّا لَيْسَ قيل ودام ولتصاريفها مَا لَهَا كَغَيْرِهَا ش جَمِيع هَذِه الْأَفْعَال تتصرف فَيَأْتِي مِنْهَا الْمُضَارع وَالْأَمر والمصدر وَالْوَصْف إِلَّا أَن الْأَمر لَا يَتَأَتَّى صوغه من الْمُسْتَعْمل منفيا إِلَّا لَيْسَ فمجمع على عدم تصرفها وَأما دَامَ فنص كثير من الْمُتَأَخِّرين على أَنَّهَا لَا تتصرف وَهُوَ مَذْهَب الْفراء وَجزم بِهِ ابْن مَالك قَالَ ابْن الدهان لَا يسْتَعْمل فِي مَوضِع دَامَ يَدُوم لِأَنَّهُ جرى كالمثل عِنْدهم وَقَالَ ابْن الخباز لَا تتصرف مَا دَامَ لِأَنَّهَا للتوقيت والتأبيد فتفيد الْمُسْتَقْبل قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذكر من عدم تصرفها لم يذكرهُ البصريون ولتصاريف هَذِه الْأَفْعَال من الْعَمَل والشروط مَا للماضي مِنْهَا وَكَذَا سَائِر الْأَفْعَال وَمن أَمْثِلَة قَوْله تَعَالَى {قل كونُوا حِجَارَة أَو حديدا أَو خلقا} الْإِسْرَاء 50، 51 {وَلم أك بغيا} مَرْيَم 20 وَقَول الشَّاعِر 374 - (وَمَا كُلُّ مَنْ يُبْدِي البَشاشة كائِنًا ... أخَاكَ إِذا لم تُلْفِه لَك مُنْجدا)

وَقَوله 375 - (قضى اللَّهُ يَا أسماءُ أَنْ لستُ زائِلاً ... أُحِبُّكِ حَتَّى يُغْمِضَ الجَفْنَ مُغْمِضُ) ص وَوزن كَانَ فعل وَقيل فعل وَلَيْسَ فعل وَالْأَكْثَر فِيهَا لست وَحكي كسر اللَّام وَضمّهَا وَيبْطل عَملهَا مَعَ إِلَّا فِي تَمِيم خلافًا لملك النُّحَاة وَأبي عَليّ وَفِي نَفيهَا وَمَا وَثَالِثهَا الْأَصَح الْحَال مَا لم يُقيد مدخولها بِزَمَان فبحسبه وَالْأَشْهر فِي زَالَ يزَال فَهِيَ فعل وَحكي يزِيل فَفعل الصَّحِيح تلقي الْقسم بهَا ش فِيهِ مسَائِل الأولى الْأَصَح أَن وزن كَانَ فعل بِفَتْح الْعين وَقَالَ الْكسَائي فعل بِالضَّمِّ ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لم يَقُولُوا مِنْهُ كَائِن لِأَن الْوَصْف من فعل فعيل وَأما لَيْسَ فمذهب الْجُمْهُور أَن وَزنهَا فعل بِالْكَسْرِ خفف وَلزِمَ التَّخْفِيف لثقل الكسرة على الْيَاء وَاسْتدلَّ لذَلِك بِأَنَّهَا لَو كَانَت بِالْفَتْح لَصَارَتْ إِلَى لاس بِالْقَلْبِ كباع أَو بِالضَّمِّ لقيل فِيهَا لست بِضَم اللَّام وَلَا يُقَال إِلَّا لست بِفَتْحِهَا قَالَ أَبُو حَيَّان على أَنه قد سمع فِيهَا لست بِالضَّمِّ فَدلَّ على أَنَّهَا بنيت مرّة على فعل وَمرَّة على فعل وَحكى الْفراء أَن بَعضهم قَالَ لست بِكَسْر اللَّام وَأما زَالَ فالأشهر فِي مضارعها يزَال فوزنها فعل بِالْكَسْرِ وَحكى الْكسَائي فِيهِ أَيْضا يزِيل على وزن يَبِيع وعَلى هَذَا فوزنها فعل بِالْفَتْح قَالَ أَبُو حَيَّان وَحكى ثَعْلَب عَن الْفراء لَا أزيل أَقُول كَذَلِك فَيكون زَالَ النَّاقِصَة مِمَّا جَاءَت على فعل يفعل وَفعل يفعل كنقم ينقم ونقم ينقم الثَّانِيَة ذهب قوم إِلَى أَن لَيْسَ وَمَا مخصوصان بِنَفْي الْحَال وبنوا على ذَلِك نهما يعينان الْمُضَارع لَهُ وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُمَا ينفيان الْحَال والماضي والمستقبل

وَالصَّحِيح توَسط ذكره الشلوبين يجمع بَين الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَن أَصلهمَا لنفي الْحَال مَا لم يكن الْخَبَر مَخْصُوصًا بِزَمَان فبحسبه وَمن أَمْثِلَة اسْتِقْبَال الْمَنْفِيّ ب لَيْسَ قَوْله تَعَالَى {أَلا يَوْم يَأْتِيهم لَيْسَ مصروفا عَنْهُم} هود 8 {ولستم بئاخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} الْبَقَرَة 267 وَقَول حسان 376 - (وَلَيْسَ يكونُ - الدَّهْرَ - مَا دَامَ يَذْبُلُ ... ) وب مَا {وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار} الْبَقَرَة 167 {وَمَا هم عَنْهَا بغائبين} الانفطار 16 وَمن أَمْثِلَة الْمَنْفِيّ ب لَيْسَ قَول الْعَرَب لَيْسَ خلق الله مثله الثَّالِثَة حكى أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء أَن لُغَة بني تَمِيم إهمال لَيْسَ مَعَ إِلَّا حملا على مَا كَقَوْلِهِم لَيْسَ الطّيب إِلَّا الْمسك بِالرَّفْع على الإهمال وَلَا ضمير فِيهَا وَقد نازعه فِي ذَلِك عِيسَى بن عمر فَقَالَ لَهُ أَبُو عَمْرو نمت يَا أَبَا عمر وأدلج النَّاس لَيْسَ فِي الأَرْض حجازي إِلَّا وَهُوَ ينصب وَلَا تميمي إِلَّا وَهُوَ يرفع ثمَّ وَجه أَبُو عَمْرو خلفا الْأَحْمَر وَأَبا مُحَمَّد اليزيدي إِلَى بعض الْحِجَازِيِّينَ وجهدا أَن يلقناه الرّفْع فَلم يفعل وَإِلَى بعض التميميين وجهدا أَن يلقناه النصب فَلم يفعل ثمَّ رجعا وأخبرا بذلك عِيسَى وَأَبا عَمْرو فَأخْرج عِيسَى خَاتمه من أُصْبُعه وَرمى بِهِ إِلَى أبي عَمْرو وَقَالَ هُوَ لَك بِهَذَا فقت النَّاس وَزعم أَبُو نزار الملقب بِملك النُّحَاة أَن الطّيب اسْم لَيْسَ والمسك مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره إِلَّا الْمسك أفخره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب خبر لَيْسَ وَزعم أَبُو عَليّ أَن اسْم لَيْسَ ضمير الشَّأْن وَالطّيب مُبْتَدأ والمسك خَبره أَو الطّيب اسْمهَا وَالْخَبَر مَحْذُوف وَإِلَّا الْمسك بدل كَأَنَّهُ قيل لَيْسَ الطّيب فِي الْوُجُود إِلَّا الْمسك أَو الطّيب اسْمه وَإِلَّا الْمسك نعت وَالْخَبَر مَحْذُوف كَأَنَّهُ قيل

لَيْسَ الطّيب الَّذِي هُوَ غير الْمسك طيبا فِي الْوُجُود وَحذف خبر لَيْسَ لفهم الْمَعْنى كثير وَضعف بِأَن الإهمال إِذا ثَبت لُغَة فَلَا يُمكن التَّأْوِيل الرَّابِعَة أَن تكون حرفا عاطفا أثبت ذَلِك الْكُوفِيُّونَ أَو البغداديون على خلاف بَين النقلَة وَاسْتَدَلُّوا بِنَحْوِ قَوْله (أيْنَ المَفَرُّ والإلهُ الطالبُ ... والأشْرَمُ المغلوبُ وَلَيْسَ الغالبُ) وَخرج على أَن الْغَالِب اسْمهَا وَالْخَبَر مَحْذُوف قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ فِي الأَصْل ضمير مُتَّصِل عَائِد على الأشرم أَي ليسه الْغَالِب كَمَا يَقُول الصّديق كَأَنَّهُ زيد ثمَّ حذف لاتصاله وَمُقْتَضى كَلَامه أَنه لَوْلَا تَقْدِيره مُتَّصِلا لم يجز حذفه وَفِيه نظر ص وَتسَمى نَاقِصَة فَإِن اكتفت بمرفوع فتامة وَلزِمَ النَّقْص لَيْسَ وَزَالَ خلافًا للفارسي وفتئ خلافًا للصغاني قيل وظل وَمن النَّاقِصَة ذَات الشَّأْن وَثَالِثهَا لَا وَلَا ش هَذِه الْأَفْعَال تسمى نواقص وَاخْتلف فِي سَبَب تَسْمِيَتهَا ذَلِك فَقيل لعدم دلالتها على الْحَدث بِنَاء على أَنَّهَا لَا تفيده وَقيل وَهُوَ الْأَصَح لعدم اكتفائها بالمرفوع لِأَن فائدتها لَا تتمّ بِهِ فَقَط بل تفْتَقر إِلَى الْمَنْصُوب ثمَّ مِنْهَا مَا لزم النَّقْص وَهُوَ لَيْسَ بِاتِّفَاق وَزَالَ خلافًا الْفَارِسِي فَإِنَّهُ أجَاز فِي الحلبيات أَنَّهَا تَأتي تَامَّة قِيَاسا لَا سَمَاعا وفتيء خلافًا للصغاني فَإِنَّهُ ذكر فِي نَوَادِر الْإِعْرَاب اسْتِعْمَالهَا تَامَّة نَحْو فتئت عَن الْأَمر فتأ إِذا نَسِيته وَزعم المهاباذي أَن ظلّ أَيْضا لَا تسْتَعْمل إِلَّا نَاقِصَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مُخَالف لنقل أَئِمَّة اللُّغَة والنحو أَنَّهَا تكون تَامَّة وَبَقِيَّة الْأَفْعَال تسْتَعْمل بِالْوَجْهَيْنِ فَإِذا اسْتعْملت تَامَّة اكتفت بالمرفوع فَتكون كَانَ بِمَعْنى ثَبت كَانَ الله وَلَا شَيْء مَعَه وَحدث نَحْو 377 - (إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ فَأَدْفِئُونِي ... )

وَحضر نَحْو {وَإِن كَانَ ذُو عسرة} الْبَقَرَة 280 وَوَقع نَحْو مَا شَاءَ الله كَانَ وكفل وغزل يُقَال كنت الصَّبِي كفلته وَكنت الصُّوف غزلته وَأصْبح وأضحى وَأمسى بِمَعْنى دخل فِي الصَّباح وَالضُّحَى والمساء كَقَوْلِه تَعَالَى {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} الرّوم 17 وَقَول الشَّاعِر 378 - (وَمِنْ فَعَلاتى أنّنى حسَنُ القِرَى ... إِذا الَلّيْلَةُ الشّهْبَاءُ أضْحَى جليدُها) وظل بِمَعْنى دَامَ أَو طَال أَو أَقَامَ نَهَارا وَبَات بِمَعْنى أَقَامَ لَيْلًا أَو نزل بالقوم لَيْلًا وَصَارَ بِمَعْنى رَجَعَ نَحْو {أَلا إِلَى الله تصير الْأُمُور} الشورة 53 وَضم وَقطع نَحْو {فصرهن إِلَيْك} الْبَقَرَة 260 ودام بِمَعْنى بَقِي نَحْو {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} هود 108 وانفك بِمَعْنى خلص أَو انْفَصل نَحْو انْفَكَّ الْأَسير أَو الْخَاتم وبرح بِمَعْنى ذهب أَو ظهر وبالمعنيين فسر قَوْلهم برح الخفاء وونى بِمَعْنى فتر وَضعف ورام بِمَعْنى ذهب وَفَارق وَذكر ابْن مَالك أَن فتأ الْمَفْتُوحَة تَأتي تَامَّة بِمَعْنى كسر أَو أطفأ حكى الْفراء فتأته عَن الْأَمر كَسرته وَالنَّار أطفأتها قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا وهم وتصحيف إِنَّمَا ذَاك بِالتَّاءِ الْمُثَلَّثَة كَمَا فِي الصِّحَاح والمحكم وَقد اخْتلف فِي كَانَ الشأنية فالجمهور على أَنَّهَا من أَقسَام النَّاقِصَة وَذهب صَاحب البديع إِلَى أَنَّهَا من أَقسَام التَّامَّة وَذهب أَبُو الْقَاسِم ابْن الأبرش إِلَى أَنَّهَا قسم برأسها ص وَحذف أَخْبَارهَا لقَرِينَة ضَرُورَة وَثَالِثهَا إِلَّا لَيْسَ وَلَو دونهَا ش قَالَ أَبُو حَيَّان نَص أَصْحَابنَا على أَنه لَا يجوز حذف اسْم كَانَ وَأَخَوَاتهَا وَلَا حذف خَبَرهَا لَا اختصارا وَلَا اقتصارا أما الِاسْم فَلِأَنَّهُ مشبه

بالفاعل وَأما الْخَبَر فَكَانَ قِيَاسه جَوَاز الْحَذف لِأَنَّهُ إِن روعي أَصله وَهُوَ خبر الْمُبْتَدَأ فَإِنَّهُ يجوز حذفه أَو مَا آل إِلَيْهِ من شبهه بالمفعول فَكَذَلِك لكنه صَار عِنْدهم عوضا من الْمصدر لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا إِذْ الْقيام مثلا كَون من أكوان زيد والأعراض لَا يجوز حذفهَا قَالُوا وَقد تحذف فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه 379 - (رَمَانى بأمْر كنتُ مِنْهُ ووالدي ... بَريئًا، وَمن أجل الطَّويِّ رمانى) وَقَوله 380 - (لَهْفِى عَلَيْك لِلَهْفةٍ من خائفٍ ... يَبْغى جوارَك حِين لَيْسَ مُجيرُ) أَي لَيْسَ فِي الدُّنْيَا وَكنت بَرِيئًا وَمن النَّحْوِيين من أجَاز حذفه لقَرِينَة اخْتِيَارا وَفصل ابْن مَالك فَمَنعه فِي الجمييع إِلَّا لَيْسَ فَأجَاز حذف خَبَرهَا اخْتِيَارا وَلَو بِلَا قرينَة إِذا كَانَ اسْمهَا نكرَة عَامَّة تَشْبِيها ب لَا كَقَوْلِهِم فِيمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ لَيْسَ أحد أَي هُنَا وَقَوله 381 - (فأمّا الجُود مِنْكِ فَلَيْسَ جُودُ ... )

وَقَوله 382 - (يَئِسْتُمْ وَخِلْتُم أنّه لَيْسَ نَاصِر ... فَبُوئتُم من نَصْرنا خَيْرَ مَعْقِل) وَمَا قَالَه ابْن مَالك ذهب إِلَيْهِ الْفراء وَقَالَ يجوز فِي لَيْسَ خَاصَّة أَن يَقُول لَيْسَ أحد لِأَن الْكَلَام قد يتَوَهَّم تَمَامه بليس أَو نكرَة كَقَوْلِه مَا من أحد ص وَقد تلِي الْوَاو جملَة وخبرا لليس وَكَانَ منفية بعد إِلَّا وفَاقا للأخفش وَابْن مَالك فيهمَا ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى قد تدخل الْوَاو على أَخْبَار هَذَا الْبَاب إِذا كَانَت جملَة تَشْبِيها بِالْجُمْلَةِ الحالية كَقَوْلِه 383 - (وَكَانُوا أُنَاسًا ينْفحون، فَأَصْبحُوا ... وأكْثرُ مَا يُعْطُونه النّظر الشّزْرُ) وَقَوله 384 - (فظلُّوا، وَمِنْهُم سابقٌ دَمْعُه لَه ... وآخَرُ يَثْنِى دَمْعةَ العَيْن بالمهل) هَذَا مَذْهَب الْأَخْفَش وَتَابعه ابْن مَالك وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا ذَلِك وتأولوا الْجُمْلَة على الْحَال وَالْفِعْل على التَّمام الثَّانِيَة ذهب الْأَخْفَش وَابْن مَالك أَيْضا إِلَى جَوَاز دُخُول الْوَاو على خبر لَيْسَ وَكَانَ المنفية إِذا كَانَ جملَة بعد إِلَّا كَقَوْلِه 385 - (لَيْسَ شىء إِلَّا وَفِيه إذَا مَا ... قَابَلَتْهُ عينُ البَصير اعْتِبَارُ) وَقَوله 386 - (مَا كاَن من بَشَر إلاَّ وميتَتُه ... محْتومةٌ، لَكِن الآجالُ تَخْتَلِفُ) وَقَوله

جواز توسيط أخبارها

387 - (إِذا مَا سُتُورُ الْبَيْت أُرْخِين لم يكن سِراجٌ لنا إِلَّا ووجْهُك أنْوَرُ ... ) وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا ذَلِك وَأولُوا الأول وَالثَّانِي على حذف الْخَبَر ضَرُورَة أَو على زِيَادَة الْوَاو وَقَالُوا الْخَبَر فِي الثَّالِث لنا [جَوَاز توسيط أَخْبَارهَا] ص وَيجوز توسيطها وَمنع الكوفية مُطلقًا وَابْن معط فِي دَامَ وَبَعْضهمْ فِي لَيْسَ ش أجَاز البصريون توسيط أَخْبَار هَذَا الْبَاب بَين الْفِعْل وَالِاسْم أَي حَيْثُ يجوز تَقْدِيم الْخَبَر على الْمُبْتَدَأ قَالَ تَعَالَى {وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ} الرّوم 47 وَقَالَ {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا} الْبَقَرَة 177 وَقَالَ الشَّاعِر 388 - (لَا طِيبَ لِلْعَيْش مَا دَامَتْ مُنغّصةً ... لَذَّاتُهُ بادِّكَار المَوتِ والهَرَم) وَقَالَ 389 - (فَلَيْسَ سَوَاء عالِمٌ وجَهُولُ ... ) وَمنعه الْكُوفِيُّونَ فِي الْجَمِيع لِأَن الْخَبَر فِيهِ ضمير الِاسْم فَلَا يتَقَدَّم على مَا

جواز تقديم أخبارها

يعود عَلَيْهِ وَمنعه ابْن معط فِي دَامَ ورد بِأَنَّهُ مُخَالف للنَّص السَّابِق وللقياس كَسَائِر أخواتها وللإجماع وَمنعه بَعضهم فِي لَيْسَ تَشْبِيها ب مَا وَهُوَ محجوج بِالسَّمَاعِ وَالْخلاف فِي لَيْسَ نَقله أَبُو حَيَّان عَن حِكَايَة ابْن درسْتوَيْه وَلم يظرف بِهِ ابْن مَالك فَحكى فِيهَا الْإِجْمَاع على الْجَوَاز تبعا للفارسي وَابْن الدهان وَابْن عُصْفُور جَوَاز تَقْدِيم أَخْبَارهَا ص وتقديمها إِلَّا دَامَ والمنفي ب مَا وَلَيْسَ على الْأَصَح وَفِي زَالَ وَإِخْوَته ثَالِثهَا الْأَصَح يجوز إِن نفي بِغَيْر مَا قَالَ درود وَلنْ وَلم وَالأَصَح يجوز بَينهَا وَمَا وَفِي دَامَ خلاف ش يجوز تَقْدِيم أَخْبَار هَذَا الْبَاب على الْأَفْعَال إِلَّا دَامَ وَلَيْسَ والمنفي ب مَا أما دَامَ فحكي الِاتِّفَاق عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَشْرُوطَة بِدُخُول مَا المصدرية الظَّرْفِيَّة والحرف المصدري لَا يعْمل مَا بعده فِيمَا قبله وَأم الْمَنْفِيّ ب مَا غير زَالَ وَإِخْوَته فَفِيهِ قَولَانِ البصريون على الْمَنْع والكوفيون على الْجَوَاز ومنشأ الْخلاف اخْتلَافهمْ فِي أَن مَا هَل لَهَا صدر الْكَلَام أَو لَا فالبصريون على الأول والكوفيون على الثَّانِي وَأما لَيْسَ فجمهور الْكُوفِيّين والمبرد والزجاج وَابْن السراج والسيرافي والفارسي وَابْن أُخْته والجرجاني وَأكْثر الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم ابْن مَالك على الْمَنْع فِيهَا قِيَاسا على فعل التَّعَجُّب عَسى وَنعم وَبئسَ بِجَامِع عدم التَّصَرُّف وقدماء الْبَصرِيين وَنسبه ابْن جني إِلَى الْجُمْهُور وَاخْتَارَهُ ابْن برهَان والزمخشري والشلوبين وَابْن عُصْفُور على الْجَوَاز لتقديم معموله على قَوْله تَعَالَى (أَلا يَوْم

وجوب توسيط الخبر أو منعه

يَأْتِيهم لَيْسَ مصروفا عَنْهُم} هود 8 وَفرق بَين لَيْسَ وَبَين الْأَفْعَال الْمَذْكُورَة وَأما زَالَ وَإِخْوَته فَفِي تَقْدِيم الْخَبَر عَلَيْهَا ثَلَاثَة أَقْوَال أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا سَوَاء نفيت ب مَا أَو بغَيْرهَا وَعَلِيهِ الْفراء وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ سَائِر الْكُوفِيّين لِأَن مَا عِنْدهم لَيْسَ لَهَا الصَّدْر كَغَيْرِهَا وَالثَّالِث وَهُوَ الْأَصَح وَعَلِيهِ البصريون الْمَنْع إِن نفيت ب مَا لآن لَهَا الصَّدْر وَالْجَوَاز إِن نفيت بغَيْرهَا ك لَا وَلم وَلنْ وَلما وَإِن وَألْحق درود لم وَلنْ ب مَا فَمنع التَّقْدِيم إِن نفي بهما وَأما تَقْدِيمه على الْفِعْل دون مَا بِأَن توَسط بَينهمَا نَحْو مَا قَائِما زَالَ زيد فَالْأَصَحّ جَوَازه وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَمنعه بَعضهم لِأَن الْفِعْل مَعَ مَا كحبذا فَلَا يفصل بَينهمَا وَأما توسيطه بَين مَا ودام فنص صَاحب الإفصاح بدر الدّين بن مَالك على أَنه لَا يجوز لِأَن الْمَوْصُول الْحرفِي لَا يفصل بَينه وَبَين صلته بمعمولها وَلِأَن دَامَ لَا يتَصَرَّف وَقَالَ أَبُو حَيَّان الْقيَاس الْجَوَاز لِأَن مَا حرف مصدري غير عَامل وَلَا يمْتَنع فِيهِ ذَلِك إِلَّا أَن يثبت أَن دَامَ لَا تتصرف فَيتَّجه الْمَنْع [وجوب توسيط الْخَبَر أَو مَنعه] ص ويجبان ويمنعان لما مر ش قد يجب توسيط الْخَبَر أَو تَقْدِيمه وَقد يمْنَع كل من ذَلِك للأمور الْمُوجبَة أَو الْمَانِعَة فِي خبر الْمُبْتَدَأ مِثَال وجوب التوسيط مَا كَانَ قَائِما إِلَّا زيد وَمِثَال وجوب التَّقْدِيم أَيْن كَانَ زيد وَكم كَانَ مَالك وَمِثَال وجوب أَحدهمَا على سَبِيل التَّخْيِير كَانَ فِي الدَّار ساكنها وَكَانَ فِي الدَّار رجل يجوز تَقْدِيم الْخَبَر وتوسيطه وَلَا يجوز تَأْخِيره

وَمِثَال منعهما وَوُجُوب التَّأْخِير كَانَ بعل هِنْد حبيبها لأجل الضَّمِير وَصَارَ عدوي صديقي للإلباس ص وَفِي تَأْخِير الْجُمْلَة ثَالِثهَا يجب إِن رفع ضمير الِاسْم وَيمْنَع تَقْدِيم خبر تَأَخّر مرفوعه وَفِي مَنْصُوب لَا ظرف ثَالِثهَا يقبح لَا ظَاهر إِعْرَاب مشارك عرفا ونكرا وَلَا يَليهَا مَعْمُول خَبَرهَا كَغَيْرِهَا خلافًا للكوفية وَابْن السراج إِلَّا ظرف وَيجوز مَعَ خبر وتقدمه ش فِيهِ مسَائِل الأولى اخْتلف فِي وجوب تَأْخِير الْخَبَر هُنَا إِذا كَانَ جملَة على أَقْوَال أَحدهَا يجب مُطلقًا وَلَا يجوز تَقْدِيمه وَلَا توسيطه سَوَاء كنت اسمية نَحْو كَانَ زيد أَبوهُ قَائِم أم فعلية رَافِعَة ضمير الِاسْم نَحْو كَانَ زيد يقوم أم غير رَافِعَة نَحْو كَانَ زيد يمر بِهِ عَمْرو ومستند الْمَنْع فِي ذَلِك عدم سَمَاعه وَالثَّانِي لَا مُطلقًا فَيجوز التَّقْدِيم والتوسيط وَذكر ابْن السراج أَنه الْقيَاس وَإِن لم يسمع وَصَححهُ ابْن مَالك قَالَ لِأَنَّهُ وَإِن لم يسمع مَعَ كَانَ فقد سمع مَعَ الِابْتِدَاء كَقَوْل الفرزدق 390 - (إِلَى مَلِكٍ مَا أُمُّه من مُحَاربٍ ... أَبوهُ، وَلَا كَانَت كليبٌ تُصَاهِرُهْ) قَالَ وَيدل لجوازه مَعَ كَانَ تَقْدِيم معموله فِي قَوْله تَعَالَى {أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ} سبأ 40 {وأنفسهم كَانُوا يظْلمُونَ} الْأَعْرَاف 177 وَتَقْدِيم الْمَعْمُول يُؤذن بِتَقْدِيم الْعَامِل وَالثَّالِث الْمَنْع فِي الفعلية الرافعة لضمير الِاسْم وَالْجَوَاز فِي غَيرهَا وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَقَالَ لِأَن الَّذِي اسْتَقر فِي بَاب كَانَ أَنَّك إِذا حذفتها عَاد اسْمهَا وخبرها إِلَى الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَلَو أسقطتها من كَانَ يقوم زيد على أَن يكون يقوم خَبرا مقدما فَقلت يقوم زيد لم يرجع إِلَى الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر

الثَّانِيَة لَا يجوز تَقْدِيم الْخَبَر مَعَ تَأَخّر معموله الْمَرْفُوع فَلَا يُقَال قَائِما كَانَ زيد أَبوهُ أَي كَانَ زيد قَائِما أَبوهُ لما فِيهِ من الْفَصْل بَين الْعَامِل ومعموله الَّذِي هُوَ كجزء مِنْهُ فَإِن كَانَ معموله مَنْصُوبًا نَحْو آكلا كَانَ زيد طَعَامك فَفِيهِ أَقْوَال ثَالِثهَا يقبح التَّقْدِيم وَلَا يمْتَنع لِأَنَّهُ لَيْسَ بِجُزْء من ناصبه لكَونه فضلَة فَإِن كَانَ ظرفا أَو مجرورا جَازَ بِلَا قبح إِجْمَاعًا لِأَن الْعَرَب تتسع فِي الظّرْف وَالْمَجْرُور مَا لَا تتسع فِي غَيرهمَا نَحْو مُسَافِرًا كَانَ زيد الْيَوْم وراغبا كَانَ زيد فِيك الثَّالِثَة تقدم من صور امْتنَاع تَقْدِيم خبر الْمُبْتَدَأ أَن يتساويا فِي التَّعْرِيف والتنكير وَلَا بَيَان وَلَا يجْرِي ذَلِك هُنَا فِي ظَاهر الْإِعْرَاب لِأَن نصب الْخَبَر يُبينهُ فَيجوز كَانَ أَخَاك زيد وَلم يكن خيرا مِنْك أحد فَإِن خَفِي الْإِعْرَاب وَجب تَأْخِير الْخَبَر للإلباس نَحْو صَار عدوي صديقي وَكَانَ فتاك مَوْلَاك الرَّابِعَة مَذْهَب أَكثر الْبَصرِيين أَنه لَا يجوز أَن يَلِي كَانَ وَأَخَوَاتهَا مَعْمُول خَبَرهَا من مفعول وَحَال وَغَيرهمَا إِلَّا الظّرْف وَالْمَجْرُور فَلَا يُقَال كَانَ طَعَامك زيد آكلا وَلَا كَانَ طَعَامك آكلا زيد وَهَذَا الحكم غير مُخْتَصّ بِبَاب كَانَ بل لَا يَلِي عَاملا من العوامل مَا نَصبه غَيره أَو رَفعه فَإِن كَانَ مَعْمُول الْخَبَر ظرفا أَو مجرورا جَازَ أَن يَلِي كَانَ مَعَ تَأْخِير الْخَبَر وتقديمه للتوسع فِي الظروف والمجرورات وَجوز الْكُوفِيُّونَ وَطَائِفَة من الْبَصرِيين مِنْهُم ابْن السراج أَن يَليهَا غير الظّرْف أَيْضا لوروده فِي قَوْله 391 - (بِمَا كَانَ إيّاهم عطيّةُ عوّدا ... ) وَأجِيب بِأَن اسْم كَانَ ضمير الشَّأْن مستتر فِيهَا وعطية مُبْتَدأ خَبره عودا

اجتماع معرفتين في باب كان

وَالْجُمْلَة خبر كَانَ فَلم يل الْعَامِل كَانَ بل ضمير الشَّأْن وَجوز بَعضهم أَن تكون فِيهِ زَائِدَة فَإِن تقدم مَعَ الْخَبَر على الِاسْم جَازَ إِجْمَاعًا نَحْو كَانَ آكلا طَعَامك زيد وَكَذَا يجوز تقدمه على كَانَ نَحْو طَعَامك كَانَ زيد آكلا وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى {وأنفسهم كَانُوا يظْلمُونَ} الْأَعْرَاف 177 وَاعْلَم أَنه يَتَأَتَّى فِي كَانَ زيد آكلا طَعَامك أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ تركيبا وَقد سقتها فِي الْأَشْبَاه والنظائر وَكلهَا جَائِزَة عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا كَانَ طَعَامك زيد آكلا وَكَانَ طَعَامك آكلا زيد وآكلا كَانَ طَعَامك زيد [اجْتِمَاع معرفتين فِي بَاب كَانَ] ص وَإِذا اجْتمع معرفتان فأقوال الْمُبْتَدَأ وَقيل الْخَبَر غير الأعرف إِلَّا إِشَارَة مَعَ غير ضمير وَإِلَّا أَن وَأَن وَقيل مَا يُرَاد ثُبُوته مُطلقًا وَقيل إِن قَامَ مقَامه أَو شبه بِهِ وَقيل مَا صَحَّ جَوَابا أَو نكرتان بمسوغ تخير وَفِي الْإِخْبَار هُنَا وَإِن بِمَعْرِِفَة عَن نكرَة ثَالِثهَا سَائِغ إِذْ أَفَادَ والنكرة غير صفة مَحْضَة ش إِذا اجْتمع فِي بَاب كَانَ معرفتان فَفِي مَا يتَعَيَّن اسْما وخلافه خَبرا الْأَقْوَال السَّابِقَة فِي الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر مَعَ زِيَادَة أَقْوَال أخر فَقيل تخير فَأَيّهمَا شِئْت جعلته الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَابْن طَاهِر وَابْن خروف ابْن مضاء وَابْن عُصْفُور وَهُوَ ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِذا كَانَا معرفتين فَأَنت بِالْخِيَارِ أَيهمَا مَا جعلته فَاعِلا رفعته ونصبت الآخر وَقيل تنظر إِلَى الْمُخَاطب فَإِن كَانَ يعرف أحد المعرفتين ويجهل الآخر جعل الْمَعْلُوم الِاسْم والمجهول الْخَبَر نَحْو كَانَ أَخُو بكر عمرا إِذا قدرت أَن الْمُخَاطب يعلم أَن لبكر أَخا ويجهل كَونه عمرا وَكَانَ عَمْرو أَخا بكر إِذا كَانَ يعلم عمرا ويجهل كَونه أَخا بكر وعَلى هَذَا السيرافي وَابْن الباذش وَابْن

4 - الضائع وحملوا كَلَام سِيبَوَيْهٍ على مَا إِذا اسْتَويَا عِنْد الْمُخَاطب فِي الْعلم وَعَدَمه وَقيل إِن لم يستويا فِي رُتْبَة التَّعْرِيف جعل الأعرف مِنْهُمَا الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر نَحْو كَانَ زيد صَاحب الدَّار وَقيل الْخَبَر غير الأعرف إِلَّا إِذا اجْتمع إِشَارَة مَعَ غير ضمير فَإِنَّهُ يَجْعَل الْإِشَارَة الِاسْم وَإِن كَانَ مَعَ أعرف مِنْهُ كَالْعلمِ والمضاف إِلَى الضَّمِير نَحْو كَانَ هَذَا أَخَاك لِأَن الْعَرَب اعتنت بِتَقْدِيم الْإِشَارَة لمَكَان التَّنْبِيه الَّذِي فِيهِ أما مَعَ الْمُضمر فَلَا وَلِهَذَا كَانَ هَا أَنا ذَا أفْصح من هَا ذَا أَنا وَإِلَّا إِن كَانَ أَحدهمَا أَن وَأَن المفتوحتين فَإِن الِاخْتِيَار جَعلهمَا الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر وَلِهَذَا قَرَأَ أَكثر الْقُرَّاء {فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا} النَّمْل 56 بِنصب جَوَاب للشبههما بالمضمر من حَيْثُ إنَّهُمَا لَا يوصفان كَمَا لَا يُوصف فعوملا مُعَامَلَته إِذا اجْتمع مَعَ معرفَة غَيره فَإِن الِاخْتِيَار جعله الِاسْم لِأَنَّهُ أعرف وَقيل الْخَبَر مَا يُرَاد إثْبَاته مُطلقًا نَحْو كَانَ عُقُوبَتك عزلك وَكَانَ زيد زهيرا وَقَول الشَّاعِر 392 - (فَكَانَ مُضَلِّي مَنْ هُدِيت برُشْدِهِ ... ) أثبت الْهِدَايَة لنَفسِهِ وَلَو قَالَ فَكَانَ هادي من أضللت بِهِ لأثبت الإضلال وعَلى هَذَا ابْن الطراوة وَقيل الْخَبَر مَا يُرَاد إثْبَاته بِشَرْط أَن يكون أَحدهمَا قَائِما مقَام الآخر أَو مشبها بِهِ كالمثالين الْأَوَّلين مَا إِذا كَانَ هُوَ نَفسه كالبيت وَقيل مَا صَحَّ مِنْهُمَا جَوَابا فَهُوَ الْخَبَر وَالْآخر الِاسْم حكى هَذِه الْأَقْوَال أَبُو حَيَّان ثمَّ اخْتَار تبعا لجَماعَة تقسيما يجمعها فَقَالَ إِذا اجْتمع معرفتان فِي هَذَا الْبَاب فَإِن كَانَ أَحدهمَا قَائِما مقَام الآخر أَو مشبها بِهِ فَالْخَبَر مَا يُرَاد إثْبَاته وَإِن

كَانَ هُوَ نَفسه فَإِن عرف الْمُخَاطب أَحدهمَا دون الآخر فالمعلوم هُوَ الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر وَإِن عرفهما أَو جهلهما فَإِن كَانَ أَحدهمَا أعرف من الآخر فَهُوَ الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر إِلَّا الْمشَار مَعَ الضَّمِير وَإِن اسْتَويَا فِي التَّعْرِيف فَأَنت بِالْخِيَارِ وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَن أَو أَن المصدريتين فَإِنَّهُ يتَعَيَّن جعله الِاسْم قَالَ وَضمير النكرَة وَإِن كَانَ معرفَة فَإِنَّهُ فِي بَاب الْإِخْبَار يُعَامل مُعَاملَة النكرَة إِذا اجْتمعت مَعَ الْمعرفَة لِأَن تَعْرِيفه لَفْظِي من حَيْثُ علم على من يعود أما أَن تعلم من هُوَ فِي نَفسه فَلَا وَإِذا اجْتمع نكرتان فَإِن كَانَ لكل مِنْهُمَا مسوغ للابتداء فلك الْخِيَار فَمَا شِئْت جعلته الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر نَحْو كَانَ رجل قَائِما أَو كَانَ قَائِم رجلا وَإِن كَانَ لأَحَدهمَا مسوغ دون الآخر فَالَّذِي لَهُ المسوغ هُوَ الِاسْم وَالْآخر الْخَبَر نَحْو كَانَ كل أحد قَائِما وَلَا يجوز كَانَ قَائِم كل أحد وَإِذا اجْتمع نكرَة وَمَعْرِفَة فالمعرفة الِاسْم والنكرة الْخَبَر وَلَا يعكس إِلَّا فِي الشّعْر هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَجوز ابْن مَالك الْعَكْس اخْتِيَارا بِشَرْط الْفَائِدَة وَكَون النكرَة غير صفة مَحْضَة قَالَ لِأَنَّهُ لما كَانَ الْمَرْفُوع هُنَا مشبها بالفاعل والمنصوب مشبها بالمفعول جَازَ أَن يُغني هُنَا تَعْرِيف الْمَنْصُوب عَن تَعْرِيف الْمَرْفُوع كَمَا جَازَ فِي بَاب الْفَاعِل وَمن وُرُوده قَوْله 393 - (كَانَ سُلاَفةً من بَيت رَأس ... يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ) وَقَوله 394 - (وَلَا يَكُ موقِفٌ مِنْكِ الودَاعا ... )

قَالَ وَقد حمل هَذَا الشّبَه فِي بَاب إِن على أَن جعل فِيهِ الِاسْم نكرَة وَالْخَبَر معرفَة كَقَوْلِه 395 - (وإنّ حَرَامًا أَن أَسُبَّ مُجَاشِعاً ... بآبائىَ الشُّمِّ الْكِرَام الخضَارم) وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ إِن قَرِيبا مِنْك زيد ص وَإِن قصد إِيجَاب خبر مَا قرن بإلا إِن قبل وَلَو قرن بتنفيس أَو قد أَو لم خلافًا للفراء لَا زَالَ وَإِخْوَته وَلَا يكون اسْم هَذِه نكرَة وَثَالِثهَا يجوز مَعَ الْمَاضِي وَيكثر فِي لَيْسَ وَكَانَ بعد نفي وَشبهه ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى إِذا قصد إِيجَاب خبر منفي أيا كَانَ قرن بإلا إِن قبل ذَلِك نَحْو كَانَ زيد إِلَّا قَائِما وَلَيْسَ زيد إِلَّا قَائِما وَسَوَاء هَذَا الْبَاب وَغَيره نَحْو مَا ظَنَنْت زيدا إِلَّا قَائِما فَإِن لم يقبل ذَلِك بِأَن كَانَ الْخَبَر لَا يسْتَعْمل إِلَّا منفيا لم يجز دُخُول إِلَّا عَلَيْهِ نَحْو مَا كَانَ مثلك إِلَّا أحدا وَمَا كَانَ زيد إِلَّا زائلا ضَاحِكا وَكَذَلِكَ لَا تدخل على خبر زَالَ وَإِخْوَته لِأَن نَفيهَا إِيجَاب فَإِن قَوْلك مَا زَالَ زيد عَالما فِيهِ إِثْبَات الْعلم لزيد فهر كَقَوْلِك كَانَ زيد عَالما وَهَذَا لَا يدْخل عَلَيْهِ إِلَّا فَكَذَلِك ذَاك وَأما قَول ذِي الرمة 396 - (حَرَاجيجُ لَا تَنْفَكّ إِلَّا مُناخَةً ... على الخَسْفِ أَو نَرْمى بهَا بَلَداً قَفْرا)

فَقيل خطأ مِنْهُ وَلِهَذَا لم يحْتَج الْأَصْمَعِي بِشعرِهِ ولكثرة ملازمته الْحَاضِرَة فسد كَلَامه وَقيل مؤول على زِيَادَة إِلَّا أَو تَمام يَنْفَكّ ومناخة حَال وَلَا يجوز دُخُول إِلَّا على خبر مقرون ... . الثَّانِيَة يكثر وُقُوع اسْم لَيْسَ نكرَة مَحْضَة لِأَن فِيهَا معنى النَّفْي المسوغ للابتداء بالنكرة كَقَوْلِه 397 - (كَمْ قد رأيْتُ، وَلَيْسَ شىء بَاقِيا ... مِنْ زائر طَيْف الهَوى، ومَزُور) ويشاركه فِي ذَلِك كَانَ بعد نفي أَو شبهه كَقَوْلِه 398 - (إِذا لم يكن أحدٌ بَاقِيا ... فإنَّ التأسِّى دَواءُ الأًسَى) وَقَوله 399 - (وَلَو كَانَ حىٌّ فى الْحَيَاة مخَلَّداً ... خَلَدْتَ، وَلَكِن لَيْسَ حىٌّ بخالدِ) وَقد يلْحق بهَا فِي ذَلِك بَاب زَالَ وَإِخْوَته ص وترادف كَانَ لم يزل وتزاد وسطا قيل وآخرا فمضارعة وَقيل فاعلها ضمير مصدرها وشذ بَين جَار ومجرور وَزَاد الكوفية أصبح وأمسي وَالْفراء يكون وَالْبَاقِي إِن لم ينقص الْمَعْنى وَقوم كل فعل لَازم ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى تخْتَص كَانَ بمرادفة لم يزل كثيرا أَي أَنَّهَا تَأتي دَالَّة على الدَّوَام وَإِن كَانَ الأَصْل فِيهَا أَن يدل على حُصُول مَا دخلت عَلَيْهِ فِيمَا مضى مَعَ انْقِطَاعه

عِنْد قوم وَعَلِيهِ الْأَكْثَر كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان أَو سكُوتهَا عَن الِانْقِطَاع وَعَدَمه عِنْد آخَرين وَجزم بِهِ ابْن مَالك وَمن الدَّالَّة على الدَّوَام الْوَارِدَة فِي صِفَات الله تَعَالَى نَحْو {وَكَانَ الله سميعا بَصيرًا} النِّسَاء 134 أَي لم يزل متصفا بذلك الثَّانِيَة تخْتَص أَيْضا بِأَنَّهَا تزاد بِشُرُوط أَن تكون بِلَفْظ الْمَاضِي متوسطة بَين مُسْند ومسند إِلَيْهِ نَحْو مَا كَانَ أحسن زيدا وَلم ير كَانَ مثلهم وَمِنْه حَدِيث أَو بني كَانَ آدم وَجوز الْفراء زيادتها بِلَفْظ الْمُضَارع كَقَوْلِه 400 - (أنْتَ تكُون ماجدٌ نَبيلُ ... ) وَجوز أَيْضا زيادتها آخرا نَحْو زيد قَائِم كَانَ قِيَاسا على إِلْغَاء ظن آخرا ورد بِعَدَمِ سَمَاعه وَالزِّيَادَة خلاف الأَصْل فَلَا تُبَاح فِي غير موَاضعهَا الْمُعْتَادَة وشذ زيادتها بَين الْجَار وَالْمَجْرُور فِي قَوْله 401 - (سُرَاةُ بنى أَبى بكر تسامَى ... على كَانَ المسوَّمةِ العِراب) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يحفظ فِي غير هَذَا الْبَيْت وَجوز الْكُوفِيُّونَ زِيَادَة أصبح وَأمسى وحكوا مَا أصبح أبردها وَمَا أَمْسَى أدفأها وَحمل على ذَلِك أَبُو عَليّ قَوْله

402 - (عدوّ عَيْنَيْكَ وشَانِيهما ... أصْبَحَ مشغولٌ بمشْغُول) وَقَوله 403 - (أعاذِلَ قُولِى مَا هَويتِ فأّوبى ... كثيرا أَرى أَمْسى لَديْك ذُنُوبى) وَأَجَازَ الْفراء زِيَادَة سَائِر أَفعَال هَذَا الْبَاب وكل فعل لَازم من غير هَذَا الْبَاب إِذا لم ينقص الْمَعْنى نَحْو مَا أضحى أحسن زيدا وَزيد أضحى قَائِم وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَن الْعَرَب قد زَادَت الْأَفْعَال فِي نَحْو قَوْله 404 - (فاليوم قرّبْت تهجونا وتشتِمُنا ... فاذْهب فَمَا بك والأيّام من عَجَبِ) وَلم يرد أَن يَأْمُرهُ بالذهاب وَالصَّحِيح أَن ذَلِك كُله لَا يجوز لاحْتِمَال التَّأْوِيل وَمَا لَا يحْتَملهُ من ذَلِك من الْقلَّة بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقد اخْتلف فِي كَانَ المزيدة هَل لَهَا فَاعل فَذهب السيرافي والصيمري إِلَى أَنَّهَا رَافِعَة لضمير الْمصدر الدَّال عَلَيْهِ الْفِعْل كَأَنَّهُ قيل كَانَ هُوَ أَي كَانَ الْكَوْن وَذهب الْفَارِسِي إِلَى أَنَّهَا لَا فَاعل لَهَا لِأَن الْفِعْل إِذا اسْتعْمل اسْتِعْمَال مَا لَا يحْتَاج إِلَى فَاعل استغني عَنهُ بِدَلِيل أَن قَلما فعل وَلما استعملته الْعَرَب للنَّفْي لم يحْتَج إِلَيْهِ إِجْرَاء لَهُ مجْرى حرف النَّفْي وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَوَجهه بِأَنَّهَا تشبه الْحَرْف الزَّائِد فَلَا يُبَالِي بخلوها من الْإِسْنَاد

حذف كان واسمها

[حذف كَانَ وَاسْمهَا] ص وَيجوز حذف كَانَ وَاسْمهَا إِن علم بعد إِن وَلَو بِكَثْرَة وهلا وَإِلَّا بقلة وَيجوز رفع تَالِيهَا إِن حسن التَّقْدِير فِيهِ أَو مَعَه وَإِلَّا فَلَا وَجوز يُونُس وَابْن مَالك جر مقورن ب إِن لَا أَو إِن عَاد اسْم كَانَ على مجرور بِحرف وَجعل تالي الْفَاء جَوَاب إِن خبر مُبْتَدأ أولى من خبر كَانَ مضمرة أَو حَال أَو مفعول بلائق وإضمار النَّاقِصَة قبلهَا أولى وَقل بعد لدن وَنَحْوهَا وَيجب بعد أَن وَقل بعد أَن معوضا مِنْهَا مَا وَقيل هِيَ التَّامَّة والمنصوب حَال وَقيل الْعَامِل مَا وَقيل غير عوض فيظهران ش تخْتَص كَانَ أَيْضا من بَين سَائِر أخواتها بِأَنَّهَا قد تعْمل محذوفة وَلذَلِك أَقسَام الأول مَا يجوز بِكَثْرَة وَذَلِكَ بعد إِن وَلَو الشرطيتين فتحذف هِيَ وَاسْمهَا إِذا كَانَ ضمير مَا علم من غَائِب أَو حَاضر مِثَاله بعد إِن مَعَ الْغَائِب قَوْله 405 - (قد قِيل ذَلِك إِن حقًّا وإنْ كَذِبا ... فَمَا اعتذارُكَ من قَوْل إِذا قِيلا) وَمَعَ الْمُتَكَلّم قَوْله 406 - (حَدِبَتْ علىَّ بطونُ ضنّة كلُّها ... إنْ ظالِمًا فِيهم وإنْ مَظْلوما) وَمَعَ الْمُخَاطب قَوْله 407 - (لَا تقربَنَّ الدَّهْرَ آلَ مُطَرِّفٍ ... إنْ ظالِمًا أَبداً وإنْ مَظْلُومَا)

ومثاله بعد لَو مَعَ الثَّلَاثَة قَوْله 408 - (لَا يَأْمَنُ الدَّهرَ ذُو بَغْى وَلَو مَلِكاً ... جُنُودُه ضَاقَ عَنْهَا السّهْلُ والجَبَلُ) وَقَوله 409 - (علمْتُك منّانًا فلسْتُ بآمل ... نَداك، وَلَو غَرْثَانَ ظَمْآنَ عَاريا) وَقَوله 410 - (انْطقْ بحقٍّ وَلَو مُسْتَخْرجاً إحَنًا ... فإنّ ذَا الحقّ غلاّبٌ وإنْ غُلِبَا) وَلَو أظهر الْفِعْل فِي نَحْو هَذِه الْمثل لجَاز قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَإِن شِئْت أظهرت الْفِعْل وَلَا يجوز عِنْد عدم الْإِظْهَار إِلَّا نصب التَّالِي على أَنه خبر كَانَ وَرُبمَا يجوز فِيهِ الرّفْع والجر فَالْأول إِذا حسن هُنَاكَ تَقْدِير فِيهِ أَو مَعَه أَو نَحْو ذَلِك كَقَوْلِهِم النَّاس مجزيون بأعمالهم إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر والمرء مقتول بِمَا قتل بِهِ إِن سَيْفا فسيف وَإِن خنجرا فخنجر فانتصاب خيرا وشرا وسيفا وخنجرا على تَقْدِير إِن كَانَ الْعَمَل خيرا وَإِن كَانَ الْمَقْتُول بِهِ سَيْفا وارتفاعها على أَنَّهَا الِاسْم على تَقْدِير إِن كَانَ فِي أَعْمَالهم خير وَإِن كَانَ مَعَه سيف أَو على تَقْدِير كَانَ التَّامَّة وَالْأول أولى وَهُوَ معنى قَوْلنَا وإضمار النَّاقِصَة قبلهَا أَي الْفَاء أولى أَي من التَّامَّة وَعلله ابْن مَالك بِأَن إِضْمَار النَّاقِصَة مَعَ النصب مُتَعَيّن وَهُوَ مَعَ الرّفْع مُمكن فَوَجَبَ تَرْجِيحه ليجري الِاسْتِعْمَال على سنَن وَاحِد وَلَا يخْتَلف الْعَامِل

ومثاله بعد لَو الْإِطْعَام وَلَو تَمرا فالنصب على تَقْدِير وَلَو يكون الطَّعَام تَمرا وَالرَّفْع على تَقْدِير وَلَو يكون عنْدكُمْ تمر أَو على تَقْدِير كَانَ تَامَّة فَإِن لم يحسن تَقْدِير مَا ذكر امْتنع الرّفْع كالأبيات السَّابِقَة وَمثله سِيبَوَيْهٍ بِقَوْلِك امرر بِأَيِّهِمْ أفضل إِن زيدا وَإِن عمرا وَالثَّانِي بعد إِن فَقَط إِذا عَاد اسْم كَانَ على مجرور بِحرف سَوَاء اقترنت إِن ب لَا أم لَا كَقَوْلِهِم مَرَرْت بِرَجُل صَالح إِن لَا صَالحا فطالح وامرر بِأَيِّهِمْ أفضل إِن زيدا وَإِن عمرا فَصَالح وَزيد بِالنّصب على تَقْدِير إِن لَا يكن صَالحا وَإِن يكن زيدا وَحكى يُونُس فِيهِ الْجَرّ على تَقْدِير إِن لَا أَمر بِصَالح أَو إِلَّا أكن مَرَرْت بِصَالح فقد مَرَرْت بطالح وَأَجَازَهُ فِي زيد على تَقْدِير إِن مَرَرْت بزيد وَإِن مَرَرْت بِعَمْرو فوافقه ابْن مَالك على اطراده وقصره غَيرهمَا على السماع لِأَن الْجَرّ بالحرف الْمَحْذُوف مسموع غير منقاس قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّوَاب مَعَ الْجُمْهُور لما فِي الأول من التَّكَلُّف وَلم يسمع مثل ذَلِك بعد لَو أصلا وَقَوْلِي وَجعل تالي الْفَاء إِلَى آخِره أَشرت بِهِ إِلَى أَن قَوْلهم فَخير من الْمِثَال السَّابِق يجوز فِيهِ أَيْضا الرّفْع وَالنّصب وَالْأول أرجح لِأَن الْمَحْذُوف مَعَه شَيْء وَاحِد وَهُوَ الْمُبْتَدَأ وَمَعَ النصب شَيْئَانِ وَلِأَن وُقُوع الاسمية بعد فَاء الْجَزَاء أَكثر وَالتَّقْدِير فِي الرّفْع فَالَّذِي يجزى بِهِ خير وَالنّصب على حذف كَانَ وَاسْمهَا أَي كَانَ الَّذِي يجزى بِهِ خيرا أَو على الْحَال أَي فَهُوَ يلقاه خيرا أَو على الْمَفْعُول بِفعل لَائِق أَي فَهُوَ يجزى أَو يعْطى خيرا وَعلم من ذَلِك أَن فِي مَسْأَلَة إِن خيرا فَخير أَرْبَعَة أوجه أحْسنهَا نصب الأول وَرفع الثَّانِي وأضعفها عَكسه وَبَينهمَا نصبهما ورفعهما ثمَّ قَالَ الشوبين إنَّهُمَا متكافئان لِأَن مَا فِي نصب الأول من الْحسن يُقَابله قبح رَفعه وَمَا فِي نصب الثَّانِي من الْقبْح يُقَابله حسن رَفعه وَقَالَ ابْن عُصْفُور بل رفعهما أحسن لقلَّة الْإِضْمَار فيهمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى نصبهما

الْقسم الثَّانِي مَا يجوز بقلة وَذَلِكَ فِي ثَلَاث صور الأولى وَالثَّانيَِة بعد هلا وَألا قَالَ أَبُو حَيَّان يجرى مجْرى لَو غَيرهَا من الْحُرُوف الدَّالَّة على الْفِعْل إِذا تقدم مَا يدل عَلَيْهِ لكنه لَيْسَ بِكَثِير الِاسْتِعْمَال الثَّالِثَة بعد لدن كَقَوْلِه 411 - (من لَد شَوْلاً فَإِلَيَّ إتْلاَئِها ... ) أَي من لد أَن كَانَت شولا والشول بِفَتْح الْمُعْجَمَة الَّتِي ارْتَفَعت أَلْبَانهَا من النوق وَاحِدهَا شَائِلَة أَو شائل وإتلاؤها أَن يتلوها أَوْلَادهَا وَقَوْلِي وَنَحْوهَا وَقَول التسهيل وَشبههَا مِثَاله قَوْله 412 - (أَزمانَ قومى والْجَمَاعَةَ كالتى ... لزم الرِّحالةَ أَن تَمِيل مَمِيلا) قَالَ سِيبَوَيْهٍ أَرَادَ أزمان كَانَ قومِي مَعَ الْجَمَاعَة الْقسم الثَّالِث مَا يجب وَذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ الأولى بعد أَن المصدرية إِذا عوض مِنْهَا مَا كَقَوْلِه 413 - (أَبا خُراشَة أَمّا أَنْت ذَا نَفَر ... )

أَي لِأَن كنت فَحذف اللَّام اختصارا ثمَّ كَانَ كَذَلِك فانفصل الضَّمِير وَجِيء ب مَا عوضا عَنْهَا وَالْتزم حذف كَانَ لِئَلَّا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض مِنْهُ وَالْمَرْفُوع بعد مَا اسْم كَانَ والمنصوب خَبَرهَا هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي الْمَسْأَلَة وَبَقِي فِيهَا أَقْوَال أخر فَزعم بَعضهم أَن كَانَ المحذوفة فِيهَا تَامَّة والمنصوب حَال وَزعم أَبُو عَليّ وَابْن جني أَن مَا هى الرافعة الناصبة لكَونهَا عوضا من الْفِعْل فنابت منابة فى الْعَمَل وَزعم الْمبرد أَن مَا زَائِدَة لَا عوض فَيجوز إِظْهَار كَانَ مَعهَا نَحْو أما كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت ورد بِأَن هَذَا كَلَام جرى مجْرى الْمثل فَيُقَال كَمَا سمع وَلَا يُغير وَلَيْسَ هَذَا الْموضع من مَوضِع قِيَاس زِيَادَة مَا الثَّانِيَة بعد إِن الشّرطِيَّة إِذا عوض مِنْهَا مَا وَذَلِكَ قَلِيل بِالنِّسْبَةِ للْأولِ كَقَوْلِهِم افْعَل هَذَا إِمَّا لَا أَي إِن كنت لَا تفعل غَيره وَقَول الراجز 414 - (أرعت الأَرْض لَوَ أنّ مَالا ... لَوْ أنّ نُوقًا لَك أَو جمَالا) (أوثَلَّةً من غَنم إمّالا ... ) أَي إِن كنت لَا تَجِد غَيرهَا وَمَا عوض من كَانَ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا قَلِيلا لِكَثْرَة الْحَذف وَلَا يحذف مَعَ الْمَكْسُورَة معوضا مِنْهَا مَا إِلَّا فِي هَذَا وَلَو قلت إِمَّا كنت مُنْطَلقًا انْطَلَقت كَانَت مَا زَائِدَة لَا عوضا وَلَا يجوز إِمَّا أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت بِحَذْف كَانَ

حذف نون كان تخفيفا

[حذف نون كَانَ تَخْفِيفًا] ص ويحذف نونها سَاكِنة جزما والتامة أقل مَا لم يُوصل بضمير أَو سَاكن خلافًا ليونس ش يجوز حذف نون كَانَ تَخْفِيفًا بِشُرُوط أَن يكون من مضارع بِخِلَاف الْمَاضِي وَالْأَمر مَجْزُومًا بِالسُّكُونِ بِخِلَاف الْمَرْفُوع والمنصوب والمجزوم بالحذف وَألا توصل بضمير نَحْو إِن يكنه فَلَنْ تسلط عَلَيْهِ وَلَا بساكن نَحْو {لم يكن الَّذين كفرُوا} الْبَيِّنَة 1 مِثَال مَا اجْتمعت فِيهِ الشُّرُوط {وَلم أك بغيا} مَرْيَم 20 {لم نك من الْمُصَلِّين} المدثر 43 {وَلَا تَكُ فِي ضيق} النَّحْل 127 {فَلم يَك يَنْفَعهُمْ} غَافِر 85 وَسَوَاء فِي ذَلِك النَّاقِصَة كَمَا مثلنَا والتامة لَكِن الْحَذف فِيهَا أقل نَحْو {وَإِن تَكُ حَسَنَة} النِّسَاء 40 قَالَ أَبُو حَيَّان وَحذف هَذِه النُّون شَاذ فِي الْقيَاس لِأَنَّهَا من نفس الْكَلِمَة لَكِن سوغه كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَشبه النُّون بحروف الْعلَّة وَإِنَّمَا لم يجز عِنْد ملاقاة الضَّمِير لِأَن الضَّمِير يرد الشَّيْء إِلَى أَصله كَمَا رد نون لد إِذا أضيفت إِلَيْهِ فَقيل لَدنه وَلَا يجوز لده وَلَا عِنْد السَّاكِن لِأَنَّهَا تحرّك حِينَئِذٍ فيضعف الشّبَه وَأَجَازَ يُونُس حذفهَا مَعَ السَّاكِن وَوَافَقَهُ ابْن مَالك تمسكا بِنَحْوِ قَوْله

415 - (لم يَكُ الحَقُّ سِوَى أَن هَاجَهُ ... رَسْمُ دَار قد تَعفّتْ بالسَّرَرْ) وَقَوله 416 - (فَإِن لم تَكُ الْمرْآة أبدت وَسَامةً ... ) وَقَوله 417 - (إِذا لم تَكُ الْحَاجَات من هِمّة الْفَتى ... ) وَالْجُمْهُور قَالُوا إِن ذَلِك ضَرُورَة وَمَا قَالَه ابْن مَالك من أَن النُّون حذفت للتَّخْفِيف وَثقل اللَّفْظ والثقل بثبوتها قبل السَّاكِن أَشد فَيكون الْحَذف حِينَئِذٍ أولى رده أَبُو حَيَّان بِأَن التَّخْفِيف لَيْسَ هُوَ الْعلَّة إِنَّمَا الْعلَّة كَثْرَة الِاسْتِعْمَال مَعَ شبهها بحروف الْعلَّة وَقد ضعف الشّبَه كَمَا تقدم فَزَالَ أحد جزأيها وَالْعلَّة المركبة تَزُول بِزَوَال بعض أَجْزَائِهَا

ما ألحق بليس

مَا ألحق بليس ص مَسْأَلَة ألحق ب لَيْسَ أحرف أَحدهَا مَا النافية عِنْد أهل الْحجاز وَزعم الكوفية النصب بعْدهَا بِإِسْقَاط الْبَاء وَشَرطه بَقَاء النَّفْي لَا إِن نقض بإلا أَو إِنَّمَا وَثَالِثهَا ينصب إِن نزل الثَّانِي منزلَة الأول وَرَابِعهَا إِن كَانَ صفة وَلَا بدل مِنْهُ خلافًا للصفار لَا بِغَيْر وَجوز الْفراء رَفعه وفقد إِن وَجوز الكوفية نَصبه وَهِي كَافَّة لَا نَافِيَة خلافًا لَهُم وَمَا خلافًا لقوم وَتَأْخِير الْخَبَر خلافًا للفراء مُطلقًا والأخفش مَعَ إِلَّا وَقيل نَصبه لُغَة ومعموله خلافًا لِابْنِ كيسَان وَمنعه الرماني مَرْفُوعا أَيْضا وَفِي تقدم الظّرْف ثَالِثهَا الْأَصَح عِنْدهم يجوز مَعْمُولا لَا خَبرا وَعِنْدِي عَكسه وَلَا يقدم مَعْمُول على مَا بِحَال وَثَالِثهَا يجوز إِن قصد الرَّد ش أصل الْعَمَل للأفعال بِدَلِيل أَن كل فعل لابد لَهُ من فَاعل إِلَّا مَا اسْتعْمل زَائِدا نَحْو كَانَ أَو فِي معنى الْحَرْف نَحْو قَلما أَو تركب مَعَ غَيره نَحْو حبذا وَمَا عمل من الْأَسْمَاء فلشبهه بِالْفِعْلِ وَأما الْحَرْف فَتقدم أَنه إِن اخْتصَّ بِمَا دخل عَلَيْهِ وَلم ينزل منزلَة الْجُزْء مِنْهُ عمل فِيهِ فَإِن لم يخْتَص أَو اخْتصَّ وَلَكِن تنزل منزلَة الْجُزْء مِنْهُ لم يعلم فِيهِ لِأَن جُزْء الشَّيْء لَا يعْمل فِي الشَّيْء وَمَا من قبيل غير الْمُخْتَص وَلها شبهان أَحدهمَا هَذَا وَهُوَ عَام فِيمَا لَا يعْمل من الْحُرُوف وراعاه بَنو تَمِيم فَلم يعملوها وَالثَّانِي خَاص وَهُوَ شبهها بليس فِي كَونهَا للنَّفْي وداخلة على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وتخلص الْمُحْتَمل للْحَال كَمَا أَن لَيْسَ كَذَلِك وراعى هَذَا الشّبَه أهل الْحجاز فأعملوها عَملهَا فَرفعُوا بهَا الْمُبْتَدَأ اسْما لَهَا ونصبوا بِهِ الْخَبَر خَبرا لَهَا قَالَ تَعَالَى {مَا هَذَا بشرا} يُوسُف 31 {مَا هن أمهاتهم} المجادلة 2 هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن مَا لَا تعْمل شَيْئا فِي لُغَة الْحِجَازِيِّينَ وَأَن الْمَرْفُوع بعْدهَا بَاقٍ على مَا كَانَ قبل دُخُولهَا والمنصوب على إِسْقَاط الْبَاء لِأَن الْعَرَب لَا تكَاد تنطق بهَا إِلَّا بِالْبَاء فَإِن حذفوها عوضوا مِنْهَا النصب كَمَا هُوَ الْمَعْهُود عِنْد

حذف حرف الْجَرّ وليفرقوا بَين الْخَبَر الْمُقدر فِيهِ الْبَاء وَغَيره ورد بِكَثِير من الْحُرُوف الجارة حذفت وَلم ينصب مَا بعْدهَا وعَلى الأول لإعمالها عمل لَيْسَ شُرُوط أَحدهَا بَقَاء النَّفْي فَإِن انتفض بإلا بَطل الْعَمَل نَحْو {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} آل عمرَان 144 وَكَذَا إِذا أبدل من الْخَبَر بدل مصحوب بإلا نَحْو مَا زيد شَيْء إِلَّا شَيْء لَا يعبأ بِهِ لِاتِّحَاد حكم الْبَدَل والمبدل مِنْهُ وَخَالف قوم فِي هَذَا الشَّرْط فَيجوز يُونُس والشلوبين النصب مَعَ إِلَّا مُطلقًا لوروده فِي قَوْله 418 - (وَمَا الدّهر إلاّ منجنوناً بأَهْله ... وَمَا صَاحِبُ الحَاجَاتِ إلاّ مُعذّبًا) وَقَوله 419 - (وَمَا حَقٌ الَّذِي يَعْثُو نَهَارا ... ويَسْرقُ لَيْلَهُ إلاّ نكَالا) وَأجِيب بِأَنَّهُ نصب على الْمصدر أَي ينكل نكالا ويعذب معذبا أَي تعذيبا ويدور دوران منجنون أَي دولاب وَقَالَ قوم يجوز النصب إِن كَانَ الْخَبَر هُوَ الِاسْم فِي الْمَعْنى نَحْو مَا زيد إِلَّا أَخَاك أَو منزلا مَنْزِلَته نَحْو مَا زيد إِلَّا زهيرا وَقَالَ آخَرُونَ يجوز إِن كَانَ صفة نَحْو مَا زيد إِلَّا قَائِما

وَقَالَ الصفار فِي الْبَدَل يجوز نَصبه لَكِن على الِاسْتِثْنَاء لَا الْبَدَلِيَّة وَإِن انْتقض بِغَيْر إِلَّا لم يُؤثر فَيجب النصب عِنْد الْبَصرِيين نَحْو مَا زيد غير قَائِم وَأَجَازَ الْفراء الرّفْع الشَّرْط الثَّانِي فقد إِن فَإِن زيدت بعد مَا بَطل الْعَمَل كَقَوْلِه 420 - (فَمَا إِن طِبُّنَا جُبْنٌ ولَكِنْ ... ) وَقَوله 421 - (بنى غُدَانَة مَا إِن أَنْتُم ذَهبٌ ... وَلَا صَريفٌ وَلَكِن أَنْتُم الخَزَفُ) قَالَ ابْن مَالك لما كَانَ عمل مَا اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسا شَرط فِيهِ الشُّرُوط الْمَذْكُورَة لِأَن كلا مِنْهَا حل أُصَلِّي فالبقاء عَلَيْهَا تَقْوِيَة والتخلي عَنْهَا أَو عَن بَعْضهَا توهين وَألْحق الْأَرْبَعَة بِلُزُوم الوهن عِنْد عَدمه الْخُلُو من مُقَارنَة إِن لِأَن مُقَارنَة إِن تزيل شبهها بليس لِأَن لَيْسَ لَا يَليهَا إِن فَإِذا وليت مَا تباينا فِي الِاسْتِعْمَال وَبَطل الإعمال انْتهى

وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز النصب مَعَ إِن وَرووا قَوْله مَا إِن أَنْتُم ذَهَبا وَلَا صريفا بِالنّصب والبصريون على أَن إِن الْمَذْكُورَة زَائِدَة كَافَّة وزعمها الْكُوفِيُّونَ نَافِيَة كَذَا حكوه وعندى أَن الْخلاف فِي إعمالها يَنْبَغِي أَن يكون مُرَتبا على هَذَا الْخلاف الشَّرْط الثَّالِث أَن لَا تؤكد ب مَا فَإِن أكدت بهَا بَطل الْعَمَل نَحْو مَا مَا زيد قَائِم قَالَ فِي الْغرَّة وَهِي كَافَّة وَحكى هُوَ والفارسي عَن جمَاعَة الْكُوفِيّين إجَازَة النصب كَقَوْلِه 422 - (لَا يُنْسِكَ الأسَى تَأسِّيًا فَمَا ... مَا من حِمام أحدٌ مُعْتَصِما) وَأجِيب بِأَنَّهُ شاد أَو مؤول أَي فَمَا يجدى الْحزن ثمَّ ابْتَدَأَ مَا فَلَيْسَتْ مُؤَكدَة الشَّرْط الرَّابِع تَأْخِير الْخَبَر فَإِن تقدم ارْتَفع كَقَوْلِه 423 - (وَمَا حَسَنٌ أَن يمدح المرْءُ نَفْسَهُ ... ) وَجوز الْفراء نَصبه مُطلقًا نَحْو مَا قَائِما زيد وَجوزهُ الْأَخْفَش مَعَ إِلَّا نَحْو مَا قَائِما إِلَّا زيد وَحكى الْجرْمِي أَن ذَلِك لغية سمع مَا مسيئا من أَعتب وَقَالَ الفرزدق 424 - (إذْ هم قُرَيشٌ وإذْ مِثْلَهُم بَشَرُ ... )

وَقَالَ الآخر 425 - (نجَرانُ إذْ مَا مِثْلَها نَجْرانُ ... ) وَالْجُمْهُور أولو ذَلِك على الْحَال نَحْو فِيهَا قَائِما رجل وَالْخَبَر مَحْذُوف وَهُوَ الْعَامِل فِيهَا أَي مثلهم فِي الْوُجُود وَإِذا امْتنع النصب فِي حَال تقدم الْخَبَر فَفِي تقدم معموله أولى نَحْو مَا طَعَامك زيد آكل وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ وَابْن كيسَان نَصبه قِيَاسا على لَا وَلنْ وَلم فَإِن تقدم الْخَبَر أَو معموله وَهُوَ ظرف أَو جَار ومجرور نَحْو مَا فِي الدَّار أَو مَا عنْدك زيد وَمَا بِي أَنْت معنيا فأقوال أَحدهَا منع النصب كغيرهما وَالثَّانِي الْجَوَاز للتوسع فيهمَا وَالثَّالِث جَوَاز النصب إِن كَانَ الظّرْف الْمُقدم مَعْمُول الْخَبَر وَالْمَنْع إِن كَانَ هُوَ الْخَبَر وَهُوَ ظَاهر كَلَام ابْن مَالك فِي كتبه وَصرح بِهِ فِي الكافية الْكُبْرَى وَشَرحهَا وَابْن هِشَام فِي الْجَامِع وَعِنْدِي عكس هَذَا وَهُوَ النصب إِن كَانَ الظّرْف الْمُقدم الْخَبَر وَالْمَنْع إِن كَانَ معموله ص وَمَا عطف على خَبَرهَا بلكن وبل رفع وَنصب غَيرهمَا أَجود وَمنع قوم نصب مَعْطُوف لَيْسَ مُطلقًا وَلَا يُغير مَا الْهَمْز وَلَا تحذف خلافًا للكسائي وَلَا اسْمهَا وخبرها مَا لم تكف ب إِن وشذ بِنَاء النكرَة مَعهَا

ش فِيهِ مسَائِل الأولى إِذا عطف على خبر مَا ب لَكِن أَو بل تعين فِي الْمَعْطُوف الرّفْع نَحْو مَا زيد قَائِما لَكِن قَاعد أَو بل قَاعد على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هُوَ وَلَا يجوز النصب لِأَن الْمَعْطُوف بهما مُوجب وَمَا لَا تعْمل إِلَّا فِي الْمَنْفِيّ أما الْمَعْطُوف بِغَيْرِهِمَا فَيجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ وَالنّصب أَجود نَحْو مَا زيد قَائِما وَلَا قَاعِدا وَيجوز وَلَا قَاعد على إِضْمَار هُوَ وَأوجب قوم الرّفْع فِي الْمَعْطُوف على خبر لَيْسَ مُطلقًا سَوَاء كَانَ بلكن وبل أَو بِغَيْرِهِمَا نَحْو لَيْسَ زيد قَائِما لَكِن قَاعد أَو وَلَا قَاعد وَالْمَعْرُوف خِلَافه الثَّانِيَة إِذا دخلت همزَة الِاسْتِفْهَام على مَا الحجازية لم تغيرها عَن الْعَمَل نَحْو أما زيد قَائِما كَمَا تَقول أَلَسْت قَائِما الثَّالِثَة أجَاز الْكسَائي إِضْمَار مَا فَأَنْشد 426 - (فَقلت لَهَا، وَالله يدْرِي مُسافِرٌ ... إِذا أضمرته الأَرْض مَا الله صانع) أَي مَا يدْرِي وَمنع البصريون ذَلِك الرَّابِعَة لَا يجوز حذف اسْم مَا قِيَاسا على لَيْسَ وَأَخَوَاتهَا لَا تَقول زيد مَا مُنْطَلقًا تُرِيدُ مَا هُوَ وَلَا خَبَرهَا كَذَلِك فَإِن كفت بإن جَازَ تَشْبِيها ب لَا كَقَوْلِه 427 - (لناموا فَمَا إِن من حَديثٍ وَلَا صَال ... ) التَّقْدِير فَمَا حَدِيث وَلَا صال منتبه أَي ذُو حَدِيث

إن النافية

الْخَامِسَة شَذَّ بِنَاء النكرَة مَعَ مَا تَشْبِيها ب لَا سمع مَا بَأْس عَلَيْك كَمَا قَالُوا لَا بَأْس عَلَيْك وَأنْشد الْأَخْفَش 428 - (وَمَا بأسَ لَو ردّت علينا تحيّةً ... قليلٌ مَن يَعْرفُ الحَقّ عابُها) (إِن النافية) ص الثَّانِي إِن النافية عِنْد أهل الْعَالِيَة بِشَرْط تَرْتِيب وَعدم نقض وأنكرها أَكثر البصرية وَقيل لَا تَأتي إِلَّا مَعَ إِلَّا ش إِن النافية أَيْضا من الْحُرُوف الَّتِي لَا تخْتَص فَكَانَ الْقيَاس أَلا تعْمل فَلذَلِك منع إعمالها الْفراء وَأكْثر البصرية والمغاربة وعزي إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَأَجَازَ إعمالها الْكسَائي وَأكْثر الْكُوفِيّين وَابْن السراج والفارسي وَابْن جني وَابْن مَالك وَصَححهُ أَبُو حَيَّان لمشاركتها ل مَا فِي النَّفْي وَكَونهَا لنفي احال وللسماع وَحكي عَن أهل الْعَالِيَة إِن ذَلِك نافعك وَلَا ضارك وَإِن أحد خيرا من أحد إِلَّا بالعافية وَسمع الْكسَائي أَعْرَابِيًا يَقُول إِنَّا قَائِما فأنكرها عَلَيْهِ وَظن أَنَّهَا إِن الْمُشَدّدَة وَقعت على قَائِم قَالَ فاستثبته فَإِذا هُوَ يُرِيد إِن أَنا قَائِما فَترك الْهمزَة وأدغم على حد {لَكنا هُوَ الله رَبِّي} الْكَهْف 38 وَقَرَأَ سعيد بن جُبَير {إِن الَّذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم} الْأَعْرَاف 194 وَقَالَ الشَّاعِر 429 - (إنْ هُوَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى أَحَدٍ ... )

بقية معاني إن النافية

وَقَالَ 430 - (إِن المرءُ مَيْتًا بانْقَضاء حَياتِه ... وَلَكِن بأنْ يُبْغَى عَلَيْهِ فَيُخْذَلا) وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا إِذا دخلت على الِاسْم فَلَا بُد أَن يكون بعْدهَا إِلَّا نَحْو {إِن الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غرور} الْملك 20 وَيَردهُ مَا تقدم [بَقِيَّة مَعَاني إِن النافية] ص وتزاد أَيْضا بعد مَا الموصولة والمصدرية وَإِلَّا وَقبل همزَة الْإِنْكَار وضرورة بعد مَا التوقيتية قَالَ قطرب وَترد بِمَعْنى قد والكوفية إِذْ ش هَذَا استطراد إِلَى ذكر بَقِيَّة مَعَاني إِن فَإِنَّهَا تكون نَافِيَة كَمَا ذكر وشرطية كَمَا سَيَأْتِي وزائدة وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع أَحدهَا بعد مَا النافية كَمَا تقدم وأشرت إِلَيْهِ بِقَوْلِي أَيْضا ثَانِيهَا بعد مَا الموصولة كَقَوْلِه 431 - (يُرْجَى الْمَرْء مَا إنْ لَا يَرَاهُ ... ) أَي الَّذِي لَا يرَاهُ ثَالِثهَا بعد مَا المصدرية كَقَوْلِه

432 - (ورجّ الْفَتى للخير مَا إنْ رأيْتَهُ ... ) رَابِعهَا بعد أَلا الاستفتاحية كَقَوْلِه 433 - (أَلا إنْ سَرَى لَيْلِي فَبتُّ كَئِيبا ... ) خَامِسهَا قبل همزَة الْإِنْكَار قيل لأعرابي أتخرج إِن أخصبت الْبَادِيَة فَقَالَ أأنا إنيه مُنْكرا أَن يكون رَأْيه على خلاف ذَلِك وَزعم قطرب أَن إِن تَأتي بِمَعْنى قد وَخَرجُوا عَلَيْهِ {فَذكر إِن نَفَعت الذكرى} الْأَعْلَى 9 وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنَّهَا تَأتي بِمَعْنى إِذْ وَخَرجُوا عَلَيْهِ {لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شآء الله ءامنين} الْفَتْح 27 وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا الْأَمريْنِ وَقَالُوا هِيَ فِي الْآيَتَيْنِ شَرْطِيَّة وَالْقَصْد فِي الأولى التهييج وَفِي الثَّانِيَة التَّبَرُّك

ذكر الأقوال في إعمال لا

[ذكر الْأَقْوَال فِي إِعْمَال لَا] ص الثَّالِث لَا وعملها أَكثر من إِن وَقيل عَكسه وَقيل لَا تعْمل وَقيل فِي الِاسْم فَقَط بِشَرْط إِن وإيلاء مرفوعها وتنكير جزأيها وألغاه ابْن جني ش لَا أَيْضا من الْحُرُوف غير المختصة فِي إعمالها أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ الْمَشْهُور أَنَّهَا تعْمل ك مَا وإلحاقا بليس كَقَوْلِه 434 - (تعزّ فَلَا شىء على الأَرْض بَاقِيا ... وَلَا وَزَرٌ مِمَّا قضى اللَّهُ وَاقيَا) الثَّانِي أَنَّهَا لَا تعْمل أصلا ويرتفع مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر وَلَا ينصب أصلا وَعَلِيهِ أَبُو الْحسن الثَّالِث أَنَّهَا أجريت مجْرى لَيْسَ فِي رفع الِاسْم خَاصَّة فترفعه وَلَا تعْمل فِي الْخَبَر شَيْئا وَعَلِيهِ الزّجاج وَاسْتدلَّ لَهُ بِأَنَّهُ لم يسمع النصب فِي خَبَرهَا ملفوظا بِهِ كَقَوْلِه 435 - (مَنْ صَدّ عَن نِيرانِها ... فَأَنا ابْن قَيْس لَا بَرَاحُ) وَقَوله 436 - (بيَ الجَحيمَ حِين لَا مُسْتَصْرَخُ ... )

ورد بِالْبَيْتِ السَّابِق وعَلى الأول قَالَ ابْن مَالك عَملهَا أَكثر من عمل إِن وَقَالَ أَبُو حَيَّان الصَّوَاب عَكسه لِأَن إِن قد عملت نثرا ونظما وَلَا إعمالها قَلِيل جدا بل لم يرد مِنْهُ صَرِيحًا إِلَّا الْبَيْت السَّابِق وَالْبَيْت والبيتان لَا تبنى عَلَيْهِمَا الْقَوَاعِد ولإعمالها أَرْبَعَة شُرُوط الشرطان الْمَذْكُورَان فِي إِن وَالثَّالِث أَلا يفصل بَينهَا وَبَين مرفوعها فَإِن فصل بَطل عَملهَا لِأَنَّهَا أَضْعَف من مَا وَمَا شَرطه عدم الْفَصْل وَالرَّابِع تنكير اسْمهَا وخبرها نَحْو لَا رجل قَائِما وَلم يعْتَبر ابْن جني وَطَائِفَة هَذَا الشَّرْط فأجازوا إعمالها فِي المعارف كَقَوْلِه 437 - (وحلّت سَوادَ الْقلب لَا أَنا بَاغِيا ... سواهَا، وَلَا عَن حُبِّها مُتَراخِيَا) وتأوله الْجُمْهُور على أَن الأَصْل لَا أرى بَاغِيا فَحذف الْفِعْل وانفصل الضَّمِير وباغيا حَال

أوجه إعمال لات

تَنْبِيه قَالَ أَبُو حَيَّان لم يُصَرح أحد بِأَن إِعْمَال لَا عمل لَيْسَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى لُغَة مَخْصُوصَة إِلَّا صَاحب الْمغرب نَاصِر المطرزي فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ بَنو تَمِيم لَا يعملونها وَغَيرهم يعملها وَفِي كَلَام الزَّمَخْشَرِيّ أهل الْحجاز يعملونها دون طَيئ وَفِي الْبَسِيط الْقيَاس عِنْد بني تَمِيم عدم إعمالها وَيحْتَمل أَن يَكُونُوا وافقوا أهل الْحجاز على إعمالها اه [أوجه إِعْمَال لات] ص الرَّابِعَة لات وَهِي لَا زيدت التَّاء تأنيثا وَقيل لغيره وسيبويه ركبت كإنما وَقيل فعل مَاض وَقيل أَصْلهَا لَيْسَ وَقد تكسر وتختص بالحين قيل ومرادفه وَلَا تعْمل فِي هُنَا خلافًا لِابْنِ عُصْفُور لَا يذكر جزاءها وَالْأَكْثَر حذف الِاسْم والعطف على خَبَرهَا ك مَا وَأنكر الْأَخْفَش عَملهَا وَفِي قَول لَهُ كَإِن وجر الْفراء بهَا الزَّمَان وَقد يُضَاف إِلَيْهَا حِين وَلَو تَقْديرا وَقد تحذف حِينَئِذٍ دون التَّاء وَجَاءَت مُفْردَة ش اخْتلف فِي لات فَذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَنَّهَا مركبة من لَا وَالتَّاء ك إِنَّمَا وَلِهَذَا تحكى عِنْد التَّسْمِيَة بهَا كَمَا تحكى لَو سميت بإنما وَذهب الْأَخْفَش وَالْجُمْهُور إِلَى أَنَّهَا لَا زيدت التَّاء عَلَيْهَا لتأنيث الْكَلِمَة كَمَا زيدت على ثمَّ وَرب فَقيل ثمت وربت وَذهب ابْن الطراوة وَغَيره إِلَى أَنَّهَا لَيست للتأنيث وَإِنَّمَا زيدت كَمَا زيدت على الْحِين كَقَوْلِه 438 - (العاطفون تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ ... )

أَي حِين مَا من عاطف وَذهب ابْن أبي الرّبيع إِلَى أَن الأَصْل فِي لات لَيْسَ أبدلت سينها تَاء كَمَا فِي سِتّ فَعَادَت الْيَاء إِلَى الْألف لِأَن الأَصْل فِي لَيْسَ لاس لِأَنَّهَا فعل وَلَكنهُمْ كَرهُوا أَن يَقُولُوا لَيْت فَيصير لَفظهَا لفظ التَّمَنِّي وَلم يفعل هَذَا إِلَّا مَعَ الْحِين كَمَا أَن لدن لم تشبه نونها بِالتَّنْوِينِ إِلَّا مَعَ غدْوَة وَفِي الْبَسِيط وَيحْتَمل أَن تكون التَّاء بَدَلا من سين لَيْسَ كَمَا فِي سِتّ وانقلبت الْيَاء على الْقيَاس فَتكون لَيْسَ نَفسهَا ضعفت بالتغيير فَعمِلت فِي لُغَة أهل الْحجاز عَملهَا فِي موضعهَا وَهُوَ الْحَال وَاخْتلفُوا هَل لَهَا عمل أم لَا عل أَقْوَال

أَحدهَا وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور أَنَّهَا تعْمل عمل لَيْسَ وَلَكِن فِي لفظ الْحِين خَاصَّة قَالَ فِي الْبَسِيط وَرب شَيْء يخْتَص فِي الْعَمَل بِنَوْع مَا لَا لسَبَب كَمَا أعملوا لدن فِي غدوا خَاصَّة وَالتَّاء فِي الْقسم وَقيل لَا تقصر على لفظ الْحِين بل تعْمل أَيْضا فِي مرادفه ك أَوَان وَسَاعَة وَعَلِيهِ ابْن مَالك كَقَوْلِه 439 - (نَدِمَ البُغاةُ ولاتَ سَاعَةَ مَنْدَم ... ) والتزموا فِيهَا أَلا يذكر الجزآن مَعهَا بل لابد من حذف أَحدهمَا وَالْأَكْثَر كَون الْمَحْذُوف الِاسْم وَقد يكون الْخَبَر وقرىء بِالْوَجْهَيْنِ قَوْله تَعَالَى {ولات حِين مناص} ص 3 أَي ولات الْحِين حِين مناص أَو ولات حِين مناص لَهُم وَهل تعْمل فِي هُنَا كَسَائِر مرادف الْحِين قَولَانِ أَحدهمَا نعم وَعَلِيهِ الشلوبين وَابْن عُصْفُور كَقَوْلِه 440 - (لات هنّا ذكرى جُبَيْرة ... ) ف هُنَا اسْمهَا وذكرى الْخَبَر أَي لات هَذَا الْحِين حِين ذكرى جبيرَة وَقَوله 441 - (حنّت نوار ولات هنّا حنّتِ ... )

أَي لَيْسَ هَذَا أَوَان حنين وَالثَّانِي لَا وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَهِي فِي فِيمَا ذكر وَشبهه مُهْملَة وَهنا نصب على الظَّرْفِيَّة خبر مَا بعده وَالْفِعْل بِتَقْدِير أَن لِأَن هن ظرف غير متصرف فَلَا يَخْلُو من معنى فِي إِلَّا بِأَن يدْخل عَلَيْهِ من أَو إِلَى وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان القَوْل الثَّانِي أَنَّهَا لَا تعْمل شَيْئا بل الِاسْم الَّذِي بعْدهَا إِن كَانَ مَرْفُوعا فمبتدأ أَو مَنْصُوبًا فعلى إِضْمَار فعل أَي ولات أرى حِين مناص نَقله ابْن عُصْفُور عَن الْأَخْفَش وَصَاحب الْبَسِيط عَن السيرافي وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان لِأَنَّهُ لم يحفظ الْإِتْيَان بعْدهَا باسم وَخبر مثبتين وَلِأَن لَيْسَ لَا يجوز حذف اسْمهَا فَلَو حذف اسْم لات لكانوا قد تصرفوا فِي الْفَرْع مَا لم يتصرفوا فِي الأَصْل إِلَّا أَنه جعل الْمَنْصُوب بعْدهَا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف لِأَنَّهُ لم يحفظ نفي الْفِعْل بهَا فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع القَوْل الثَّالِث أَنَّهَا تعْمل عمل إِن وَهِي للنَّفْي الْعَام وعزي إِلَى الْأَخْفَش فَجعل {ولات حِين مناص} ص 3 بِالنّصب اسْمهَا مثل لَا غُلَام سفر وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي لَهُم الرَّابِع أَنَّهَا حرف جر تخْفض أَسمَاء الزَّمَان قَالَه الْفراء وَأنْشد 442 - (طلبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوَان ... )

وَقُرِئَ ولات حِين مناص بِالْجَرِّ وَمن أَحْكَام لات أَنَّهَا قد تكسر تاؤها وَأَنَّهَا قد يُضَاف إِلَيْهَا حِين لفظا كَقَوْلِه 433 - (وَذَلِكَ حِين لاَتِ أَوَان حِلْم ... ) أَو تَقْديرا كَقَوْلِه 444 - (تذكّر حبَّ ليلى لاتِ حينا ... ) أَي حِين لات حِين تذكر وَقد تحذف لَا حِين تَقْدِير إِضَافَة الْحِين وَتبقى التَّاء كَقَوْلِه 445 - (العاطِفُون تحَيْنَ مَا من عَاطِفٍ ... ) أَرَادَ هم العاطفون حِين لات حِين مَا من عاطف فَحذف حِين مَعَ لَا قَالَه ابْن مَالك وَقد جَاءَت لات غير مُضَاف إِلَيْهَا حِين وَلَا مَذْكُور بعْدهَا حِين وَلَا مرادفه فِي قَول الأفوه 446 - (ترك النّاسُ لنا أَكْتَافَهُمْ ... وتوَلّوْا لاتَ لم يُغْن الفِرارُ)

وَهِي هُنَا حرف نفي مُؤَكد بِحرف النَّفْي وَهُوَ لم وَلَيْسَت عَامله والعطف على خبر لات العاملة كالعطف على مَا فتنصب وترفع فِي نَحْو لات حِين جزع وَلَا حِين طيش وَيتَعَيَّن الرّفْع فِي مثل نَحْو لات حِين قلق بل حِين صرر أَو لَكِن حِين صَبر ص تزاد الْبَاء فِي خبر منفي بليس وَمَا وَلَو زيدت كَانَ بعد اسْمهَا خلافًا للفراء أَو الْخَبَر مثل خلافًا لهشام أَو ظرف يسْتَعْمل اسْما وَقَالَ هِشَام مُطلقًا وَالْكسَائِيّ أَو كَاف التَّشْبِيه وَلَا يخْتَص بالحجازية خلافًا لأبي عَليّ وَلَا مَنْصُوب خلافًا للكوفية فَيجوز بعد إِن وَفِي مقدم وَثَالِثهَا فِيهِ لَهُم إِن فصل بمعموله وَقد تزاد بعد نفي فعل نَاسخ وَلَا وَمنع قياسهما ابْن عُصْفُور وَلَا التبرئة وَاسم لَيْسَ مُؤَخرا وَخبر الْمُبْتَدَأ بعد هَل وَلَكِن وليت وَأَن بعد نفي ودونه قَالَ ابْن مَالك وَحَال منفية وَخَالفهُ أَبُو حَيَّان والأخفش وكل مُوجب ش تزاد الْبَاء فِي خبر لَيْسَ وَمَا إِذا كَانَ منفيا نَحْو {أَلَيْسَ الله بكاف عَبده} الزمر 36 {وَمَا رَبك بغافل} الْأَنْعَام 132 وَفَائِدَة زيادتها رفع توهم أَن الْكَلَام مُوجب لاحْتِمَال أَن السَّامع لم يسمع النَّفْي أول الْكَلَام فيتوهمه مُوجبا فَإِذا جِيءَ بِالْبَاء ارْتَفع التَّوَهُّم وَلذَا لم تدخل فِي خبرهما الْمُوجب فَلَا يجوز لَيْسَ زيد إِلَّا بقائم وَلَا مَا زيد إِلَّا بِخَارِج فَلَو زيدت كَانَ بَين اسْم مَا وخبرها لم يجز دُخُول الْبَاء عِنْد الْفراء وَأَجَازَهُ البصريون وَالْكسَائِيّ نَحْو مَا زيد كَانَ بقائم وَلَو كَانَ الْخَبَر ((مثلا)) لم يجز دُخُول الْبَاء عِنْد هِشَام وَأَجَازَهُ البصريون وَالْكسَائِيّ نَحْو مَا زيد بمثلك وَلَو كَانَ الْخَبَر ظرفا فَإِن جَازَ أَن يسْتَعْمل اسْما جَازَ دُخُول الْبَاء عَلَيْهَا وَإِن لم يسْتَعْمل اسْما كحيث لم يجز عِنْد الْبَصرِيين وَأَجَازَهُ هِشَام نَحْو مَا زيد بِحَيْثُ يحب وَأَجَازَ الْكسَائي دُخُولهَا فِي الْخَبَر إِذا كَانَ كَاف التَّشْبِيه حُكيَ لَيْسَ بكذلك

وَلَا يخْتَص دُخُول الْبَاء بِخَبَر مَا الحجازية بل تدخل فِي خبر مَا التميمية خلافًا للفارسي والزمخشري لوُجُود ذَلِك فِي أشعار بني تَمِيم ونثرهم وَلِأَن الْبَاء إِنَّمَا دخلت الْخَبَر لكَونه منفيا لَا لكَونه مَنْصُوبًا بِدَلِيل دُخُولهَا فِي لم أكن بقائم وامتناعها فِي كنت قَائِما وَلَا يخْتَص أَيْضا بالْخبر الْمَنْصُوب خلافًا للكوفيين فَيجوز وَلَو بَطل عمل مَا لزِيَادَة إِن أَو تقدم الْخَبَر فِي الْأَصَح قَالَ 447 - (لَعَمْرُكَ مَا إِن أَبو مالكٍ ... بواهٍ وَلَا بضعيفٍ قُواهْ) وَقد تزاد الْبَاء فِي خبر فعل نَاسخ منفي نَحْو لم أكن بقائم قَالَ 448 - (وإنْ مُدّت الْأَيْدِي إِلَى الزّاد لم أَكُنْ ... بأعْجَلِهم إذْ أَجْشَعُ الْقَوْم أعْجَلُ) وَقَالَ 449 - (فلمّا دَعَانى لمْ يَجدْنى بقعْدَدَ ... ) وَقد تزاد فى خبر لَا أُخْت مَا كَقَوْلِه

450 - (فَكنْ لي شَفيعًا يَوْم لَا ذُو شَفاعَة ... بِمُغْنٍ فتيلاً عَن سَواد بن قَارِبِ) وَمنع قِيَاس ذَلِك فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ابْن عُصْفُور وَقد تزاد فِي لَا التبرئة قَالُوا لَا خير بِخَير بعده النَّار أَي خير وَفِي اسْم لَيْسَ إِذا تَأَخّر عَن الْخَبَر وَفِي خبر الْمُبْتَدَأ بعد هَل كَقَوْلِه 451 - (ألاَ هَل أَخُو عَيْش لذيذٍ بدَائم ... ) وَفِي خبر لَكِن كَقَوْلِه 452 - (ولكِنّ أجرا لَو فَعَلْتَ بهَيِّن ... ) وَفِي خبر لَيْت كَقَوْلِه 453 - (أَلا لَيْت ذَا العَيْشَ اللَّذِيذَ بدَائم ... )

وَفِي خبر أَن بعد نفي ودونه كَقَوْلِه تَعَالَى {أولم يرَوا أَن الله} إِلَى قَوْله {بِقَادِر} الْأَحْقَاف 33 وَقَول الشَّاعِر 454 - (فَإنَّك مهما أَحْدَثَتْ بالمجرّب ... ) وَذكر ابْن مَالك أَنَّهَا تزاد فِي الْحَال المنفية كَقَوْلِه 455 - (فَمَا رَجَعْت بخائبةٍ ركابٌ ... ) أَي خائبة ونازعه أَبُو حَيَّان بِاحْتِمَال كَون الْبَاء للْحَال لَا زَائِدَة أَي بحاجة خائبة أَي ملتبسة بحاجة وَجوز الْأَخْفَش زِيَادَة الْبَاء فِي كل مُوجب نَحْو زيد بقائم وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى {جَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا} يُونُس 27 وأوله الْجُمْهُور على حذف الْخَبَر أَي وَاقع ص مَسْأَلَة ولي عاطف بعد لَيْسَ وَمَا وصف تلاه سببي الرّفْع وللوصف مَا لَهُ أَو جعلا مُبْتَدأ وخبرا أَو أَجْنَبِي جَازَ عطفه بعد لَيْسَ على اسْمهَا وَالْوَصْف على خَبَرهَا ويجر إِن جر على الْأَصَح وَيجب بعد مَا الرّفْع وَجوز الْكُوفِي نَصبه وجره لَا إِن حذف لَا وَأطلق هِشَام فَإِن تَأَخّر الْوَصْف عَن الْأَجْنَبِيّ جَازَ نَصبه خلافًا للقدماء ش إِذا عطف على خبر لَيْسَ وَمَا وصف يتلوه سببي أعطي الْوَصْف مَا لَهُ مُفردا وَرفع بِهِ السببي نَحْو لَيْسَ زيد قَائِما وَلَا ذَاهِبًا أَخُوهُ وَمَا زيد قَائِما وَلَا ذَاهِبًا أَخُوهُ وَيجوز جعل السببي مُبْتَدأ مُؤَخرا وَالْوَصْف خَبره فَتجب مطابقته وَإِن تلاه أَجْنَبِي فَفِي لَيْسَ يعْطف على اسْمهَا وَالْوَصْف المتلو على خَبَرهَا فينصب نَحْو لَيْسَ زيد قَائِما وَلَا ذَاهِبًا عَمْرو فعمرو مَعْطُوف على زيد وذاهبا

على قَائِما. . فَإِن كَانَ الْخَبَر مجرورا جَازَ جر الْوَصْف أَيْضا نَحْو لَيْسَ زيد بقائم وَلَا ذَاهِب عَمْرو وَيجوز فِي الْحَالَتَيْنِ الرّفْع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَقيل لَا يجوز النصب فِي الأولى بل يتَعَيَّن الرّفْع قِيَاسا على مَا ورد بِالسَّمَاعِ حكى سِيبَوَيْهٍ لَيْسَ زيد وَلَا أَخُوهُ قَاعِدين وَقيل لَا يجوز الْجَرّ فِي الثَّانِيَة حذرا من الْعَطف على عاملين ورد بِأَنَّهُ بباء مقدرَة مَدْلُول عَلَيْهَا بالمقدمة وبالسماع قَالَ 456 - (فَلَيْسَ بآتِيكَ مَنْهيُّها ... وَلَا صارفٍ عَنْك مأمورُها) وَأما فِي مَا فَيتَعَيَّن الرّفْع سَوَاء نصب خَبَرهَا أم جر لِأَن خَبَرهَا لَا يتَقَدَّم على اسْمهَا فَكَذَا خبر مَا عطف على اسْمهَا كَقَوْلِه 457 - (لعمرك مَا معنٌ بتاركِ حَقِّهِ ... وَلَا مُنْسِىءٌ مَعْنٌ وَلَا مُتَّيسِّرُ) وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ النصب إِن نصب الْخَبَر والجر إِن جر وحكوا مَا زيد قَائِما فمتخلفا أحد أَي إِذا قَامَ لم يتَخَلَّف أحد وَيُقَال عِنْدهم مَا زيد بمنطلق وَلَا خَارج عَمْرو بِالْجَرِّ إِذا لم تحذف لَا فَإِن حذفت لَا نَحْو خَارج امْتنع الْجَرّ عِنْدهم إِلَّا هشاما فَإِنَّهُ يجر كَمَا إِذا لم تحذف وَلَو تَأَخّر الْوَصْف فِي الْعَطف نَحْو مَا زيد قَائِما وَلَا عَمْرو خَارج جَازَ مَعَ الرّفْع النصب عِنْد سِيبَوَيْهٍ والخليل وَالْكسَائِيّ وَهِشَام وَمنع النصب النحويون القدماء الَّذين رد عَلَيْهِم سِيبَوَيْهٍ

أفعال المقاربة

أَفعَال المقاربة ص الثَّانِي كَاد وكرب وأوشك وهلهل وَأولى وألم لمقاربة الْفِعْل وَجعل وطفق كسرا وفتحا وبالباء وَأخذ وعلق وَأَنْشَأَ وهب للشروع فِيهِ وَعَسَى واخلولق لترجيه وَزَاد ابْن مَالك وَابْن طريف والسرقسطي حرى وثعلب قَامَ والبهاري كارب وقارب وَقرب وأوحال وَأَقْبل وأظل وأشفى وشارف ودنا وَأثر وَقعد وَذهب وازدلف ودلف وأزلف وأشرف وتهيأ وأسف وَبَعْضهمْ طَار وانبرى ونشب وَاللَّخْمِيّ ابْتَدَأَ وعبأ وَقد ترد عَسى اشفاقا وَقيل هُوَ مَعْنَاهَا وَقيل كرب للشروع ش الثَّانِي من نواسخ الِابْتِدَاء أَفعَال المقاربة وتسميتها بذلك على سَبِيل التغليب إِذْ هِيَ ثَلَاثَة أَقسَام أَحدهَا مَا هُوَ لمقاربة الْفِعْل وَهُوَ سِتَّة أَلْفَاظ أشهرها كَاد وأغربها أولى وَمن شواهدها قَوْله 458 - (فعادى بَين هادِيَتَيْن مِنْهَا ... وأوْلى أَن يزِيد على الثَّلاثِ) والبواقي كرب بِفَتْح الرَّاء وَكسرهَا وَالْفَتْح أفْصح وَزعم بَعضهم أَنَّهَا من أَفعَال الشُّرُوع وأوشك وهلهل وَمن شواهدها قَوْله 459 - (وَطئْنا بلادَ الْمُعْتَدِينَ فَهَلْهَلَتْ ... نُفُوسهم قبل الإماتة تَزْهَقُ)

وألم وَمن شواهدها حَدِيث وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع يقتل أَو يلم أَي يلم أَن يقتل وَحَدِيث لَوْلَا أَنه شَيْء قَضَاهُ الله لألم أَن يذهب ببصره وَالثَّانِي مَا هُوَ للشروع فِي الْفِعْل وَهُوَ سِتَّة أَلْفَاظ جعل قَالَ 460 - (وَقد جَعَلْتُ إذَا مَا قُمْتُ يُثْقِلُني ... ثوبي، فأنْهَضُ نَهْضَ الشَّارِب الثّمِلِ) وطفق بِكَسْر الْفَاء وَفتحهَا وَالْكَسْر أشهر وَيُقَال طبق بِكَسْر الْبَاء قَالَ تَعَالَى {وطفقا يخصفان} طه 121 وَأخذ قَالَ 461 - (فأَخَذْتُ أَسْأَلُ والرُّسُوم تُجيبُني ... ) وعلق قَالَ 462 - (أرَاكَ عَلِقْتَ تَظْلِمُ مَنْ أَجَرْنَا ... )

وَأَنْشَأَ قَالَ 463 - (أنشأْتُ أُعْرب عمّا كَانَ مَكْنُونا ... ) وهب قَالَ 464 - (هَبَبْتُ أًلُوم القَلْب فِي طَاعَةِ الهَوى ... ) قَالَه ابْن مَالك وأغربهن علق وهب الثَّالِث مَا هُوَ لترجي الْفِعْل وَهُوَ لفظان عَسى واخلولق نَحْو اخلولقت السَّمَاء أَن تمطر فَهَذِهِ الْأَفْعَال الْمُتَّفق عَلَيْهَا فِي هَذَا الْبَاب زَاد ابْن مَالك فِيهَا حرى للترجي كَقَوْلِه 465 - (فحَرى أَن يكونَ ذَاك وَكَانَا ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمَحْفُوظ أَن حرى اسْم منون لَا يثنى وَلَا يجمع قَالَ ثَعْلَب أَنْت حرى من ذَلِك أَي حقيق وخليق قَالَ ابْن قَاسم وَلَكِن ابْن مَالك ثِقَة قلت ظَاهر كَلَامهمَا أَنه مُنْفَرد بذلك وَلَيْسَ كَذَلِك فقد سبقه إِلَى عدهَا ابْن طريف السَّرقسْطِي وَزَاد ثَعْلَب فِي أَفعَال الشُّرُوع قَامَ وَأنْشد

ملازمة أفعال المقاربة للفظ الماضي

466 - (قامَتْ تَلُوم، وبعْضُ اللّوْم آونةً ... ) وَزَاد أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن يحيى البهاري فِي كِتَابه الْمُسَمّى الْإِمْلَاء المنتخل فِي أَفعَال هَذَا الْبَاب مَعَ قَامَ الْمَذْكُورَة كارب وَمَا ذكر بعده وَذَلِكَ تِسْعَة عشر فعلا زَاد غَيره طَار وانبرى ونشب وَزَاد اللَّخْمِيّ ابْتَدَأَ وعبأ فبلغت أَفعَال الْبَاب أَرْبَعِينَ فعلا قَالَ ابْن قَاسم وَمَا زَاده البهاري وَمن ذكر لَا يقوم عَلَيْهِ دَلِيل على أَنه من أَفعَال الْبَاب وَقد ترد عَسى للإشفاق من الْمَكْرُوه وَهُوَ أقل من مجيئها للرجاء وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم} الْبَقَرَة 216 [مُلَازمَة أَفعَال المقاربة للفظ الْمَاضِي] ص ويلزمها لفظ الْمُضِيّ وَسمع مضارع كَاد وأوشك وَاسم فاعلها وَحكى الْجَوْهَرِي مضارع طفق والأخفش مصدره وقطرب مصدر كَاد وَبَعْضهمْ اسْم فَاعله وَعبد القاهر مضارع عَسى وفاعله وَالْكسَائِيّ مضارع جعل وَبَعْضهمْ الْأَمر والتفضيل من أوشك وَقوم فَاعل كرب ش أَفعَال هَذَا الْبَاب جامدة لَا تتصرف مُلَازمَة للفظ الْمَاضِي وَعلل ذَلِك ابْن جني بِأَنَّهَا لما قصد بهَا الْمُبَالغَة فِي الْقرب أخرجت عَن بَابهَا وَهُوَ التَّصَرُّف وَكَذَلِكَ كل فعل يُرَاد بِهِ الْمُبَالغَة كنعم وَبئسَ وَفعل التَّعَجُّب وَعلله ابْن يسعون بالاستغناء بِلُزُوم الْمُضَارع خَبَرهَا فَلم يبنوا مِنْهَا مُسْتَقْبلا وَعلله ابْن عُصْفُور بِأَن مَعْنَاهَا لَا يكون إِلَّا مَاضِيا إِذْ لَا تخبر عَن الرَّجَاء إِلَّا وَقد اسْتَقر فِي نَفسك والماضي يسْتَعْمل فِي الْحَال الَّذِي هُوَ الشُّرُوع لإِرَادَة الِاتِّصَال والدوام فَلَا يكون مَعْنَاهَا مُسْتَقْبلا أصلا واستثني مِنْهَا كَاد وأوشك فَسمع فِيهَا الْمُضَارع قَالَ تَعَالَى (يكَاد زيتها

يضيء} النُّور 35 قَالَ الشَّاعِر 467 - (يُوشِكُ مَن فَرَّ مِن مَنِّيته ... ) بل الْمُضَارع فِي أوشك أشهر من الْمَاضِي حَتَّى زعم الْأَصْمَعِي أَنه لَا يسْتَعْمل ماضيها وَسمع اسْم الْفَاعِل من أوشك قَالَ 468 - (فَمُوشِكَةٌ أَرْضُنَا أَنْ تَعُودا ... ) وَقَالَ 469 - (فإنّك مُوشِكٌ أَلاَّ تَراهَا ... ) وَحكى الْجَوْهَرِي مضارع طفق قَالَ ابْن مَالك وَلم أره لغيره وَالظَّاهِر أَنه قَالَ ذَلِك رَأيا وَحكى الْأَخْفَش مصدر طفق وَحكى قطرب مصدر كَاد كيدا وكيدودة وَقَالَ بَعضهم كودا ومكادا نَقله فِي الْبَسِيط

وَحكى ابْن مَالك اسْم الْفَاعِل من كَاد وَأنْشد 470 - (أَمُوت أسًى يَوْم الرِّجام وإنّنى ... يَقِينا لرهنٌ بالَّذي أَنا كَائِدُ) أَي بِالْمَوْتِ الَّذِي كدت آتيه وَحكى عبد القاهر الْجِرْجَانِيّ الْمُضَارع وَاسم الْفَاعِل من عَسى وَحكى الْكسَائي مضارع جعل رُوِيَ إِن الْبَعِير يهرم حَتَّى يَجْعَل إِذا شرب المَاء مجه وَحكى أَبُو حَيَّان الْأَمر وأفعل التَّفْضِيل من أوشك وَأنْشد قَول زُهَيْر 471 - (وأَوْشك مَا لَمْ يَخْشَه يَقَعُ ... ) وَقَوله 472 - (بأوشك مَه أَن يساورَ قِرْنَهُ ... ) وَحكى قوم اسْم الْفَاعِل من كرب ص وَألف كَاد وَاو وَقيل يَاء ووزنها فعل وَلَا تزاد خلافًا للأخفش وَكسر عَسى لُغَة وَمَعَ ضمير رفع قَلِيل ش كَاد من ذَوَات الْوَاو حكى سِيبَوَيْهٍ كدت بِضَم الْكَاف وَلَا يكون هَذَا إِلَّا من الْوَاو وَقيل من ذَوَات الْيَاء وَزعم الْأَخْفَش أَن كَاد قد تزاد وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى {إِن السَّاعَة ءاتية أكاد أخفيها} طه 15

وَالْجُمْهُور تأولوا الْآيَة على معنى أكاد أخفيها فَلَا أَقُول هِيَ آتِيَة وَكسر السِّين من عَسى لُغَة حكى ابْن الْأَعرَابِي عسي فَهُوَ عس وَإِذا اتَّصل بهَا ضمير الرّفْع نَحْو عَسَيْت وعسين وعسينا وعسيتم جَازَ فِيهَا الْفَتْح وَالْكَسْر وَالْفَتْح أَكثر وَأشهر وَقُرِئَ بِالْوَجْهَيْنِ فِي السَّبع أما مَعَ ضمير النصب فَلَيْسَ إِلَّا الْفَتْح ص مَسْأَلَة تعْمل ككان لَكِن خَبَرهَا مضارع مُجَرّد من أَن مَعَ هلهل وَمَا للشروع وَمَعَهَا مَعَ أولى والرجاء وَفِي الْبَاقِي الْوَجْهَانِ والحذف مَعَ كَاد وكرب أعرف وَعَسَى وأوشك قيل وقارب بِالْعَكْسِ وندر دُخُول أَن مَعَ جعل وَالْبَاء مَعَ أَن فِي أوشك وَالسِّين عَن أَن فِي عَسى ومجيء خَبَرهَا وَكَانَ مُفردا وَجعل جملَة اسمية وَإسْنَاد عَسى إِلَى الشَّأْن ونفيها نفي خبر كَاد وَزعم الكوفية ذَا أَن بَدَلا مِمَّا قبله وَقوم مَفْعُولا بِهِ وَقوم بِإِسْقَاط الْجَار وَقيل بتضمين الْفِعْل وَقيل رفع سَاد عَن الجزأين ش أَفعَال هَذَا الْبَاب تعْمل عمل كَانَ فَترفع الْمُبْتَدَأ اسْما لَهَا وتنصب الْخَبَر خَبرا لَهَا وَيدل على ذَلِك مَجِيء الْخَبَر فِي بَعْضهَا مَنْصُوبًا كَمَا سَيَأْتِي وَلَا خلاف فِي ذَلِك حَيْثُ كَانَ الْفِعْل بعْدهَا غير مقرون بِأَن أما المقرون بهَا فَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنه بدل من الأول بدل الْمصدر فَالْمَعْنى فِي كَاد أَو عَسى زيد أَن يقوم قرب قيام زيد فَقدم الِاسْم وَأخر الْمصدر وَزعم الْمبرد أَنه مفعول بِهِ لِأَنَّهَا فِي معنى قَارب زيد هَذَا الْفِعْل وحذرا من الْإِخْبَار بِالْمَصْدَرِ عَن الجثة ورد بِأَن أَن هُنَا لَا تؤول بِالْمَصْدَرِ وَإِنَّمَا جِيءَ بهَا لتدل على أَن فِي الْفِعْل تراخيا وَزعم آخَرُونَ أَن مَوْضِعه نصب بِإِسْقَاط حرف الْجَرّ لِأَنَّهُ يسْقط كثيرا مَعَ أَن وَقيل يتَضَمَّن الْفِعْل معنى قَارب وَزعم ابْن مَالك أَن مَوْضِعه رفع وَأَن وَالْفِعْل بدل من الْمَرْفُوع سَاد مسد الجزأين كَمَا فِي {أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} العنكبوت 2

قَالَ فِي الْبَسِيط وَهَذِه التأويلات تخرج الْأَلْفَاظ عَن مقتضاها بِلَا ضَرُورَة مَعَ أَنَّهَا لَا تسوغ فِي جَمِيعهَا وانفردت هَذِه الْأَفْعَال بِالْتِزَام كَون خَبَرهَا مضارعا ثمَّ هُوَ ثَلَاثَة أَقسَام مَا يجب تجرده من أَن وَهُوَ خبر هلهل وأفعال الشُّرُوع لِأَنَّهَا للأخذ فِي الْفِعْل فخبرها فِي الْمَعْنى حَال وَأَن تخلص للاستقبال وَمَا يجب اقترانه بهَا وَهُوَ خبر أولى وأفعال الرَّجَاء لِأَن الرَّجَاء من مخلصات الِاسْتِقْبَال فناسبه أَن وَمَا يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ وَهُوَ خبر الْبَوَاقِي والأعرف فِي خبر كَاد وكرب الْحَذف قَالَ تَعَالَى {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} الْبَقَرَة 71 {يكَاد زيتها يضيء} النُّور 35 قَالَ الشَّاعِر 473 - (كَرَبَ القلبُ من جَوَاهُ يَذُوبُ ... ) وَمن الْإِثْبَات قَوْله 474 - (قد كَاد طُول البلَى أَن يَمْصَحَا ... ) وَقَوله

475 - (وَقد كَرَبَتْ أَعْناقُها أَنْ تَقَطّعا ... ) والأعرف فِي عَسى وأوشك الْإِثْبَات قَالَ تَعَالَى {وَعَسَى أَن تكْرهُوا} الْبَقَرَة 216 {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح} الْمَائِدَة 52 و {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا} مُحَمَّد 22 وَقَالَ الشَّاعِر 476 - (وَلَو سُئِل النّاس التّرَابَ لأوشكوا ... إِذا قيل هَاتُوا أَن يَمَلُّوا ويَمْنَعُوا) وَمن الْحَذف قَوْله 477 - (عَسى الكرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتُ ... يكون وَرَاءه فرجٌ قَريبُ)

وَقَوله 478 - (يُوشك مَنْ فَرّ مِنْ مَنِّيتِه ... فى بعض غِرّاتِه يُوَافِقُها) قَالَ أَبُو حَيَّان وَزعم الزجاجي أَن قَارب مِمَّا الأجود فِيهِ أَن يسْتَعْمل ب أَن ورد عَلَيْهِ وعَلى من أدخلها فِي أَفعَال المقاربة بِأَنَّهَا لَا تسْتَعْمل إِلَّا ب أَن وَلَيْسَت من هَذَا الْبَاب لِأَنَّهَا لَيست دَاخِلَة على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر بِدَلِيل مَجِيء مفعولها اسْما فِي فصيح الْكَلَام تَقول قَارب زيد الْقيام وندر دُخُول أَن فِي خبر جعل قَالَ ... ... ... وندر دُخُول الْبَاء فِي خبر أوشك قَالَ 479 - (أَعَاذلُ تُوشِكينَ بِأَن تَرَيْنِي ... ) وندر دُخُول السِّين فِي خبر عَسى عوضا من أَن قَالَ 480 - (عَسى طيِّىءٌ من طَيِّىء بَعْدَ هَذِه ... سَتُطْفِىءُ غُلاّت الكُلَى والجَوانِح) وندر مَجِيء خبر عَسى وَكَاد اسْما مُفردا قَالَ 481 - (لَا تَلْحني إنِّي عَسِيتُ صَائِما ... )

وَقَالَ 482 - (فَأُبْتُ إِلَى فَهْم وَمَا كِدْتُ آيبا ... ) وَهَذَا تَنْبِيه على الأَصْل لِئَلَّا يجهل وندر مَجِيء خبر جعل جملَة اسمية كَقَوْلِه 483 - (وَقد جَعَلَتْ قَلوص بنى سُهَيل ... من الأكْوار مَرْتَعُها قَريبُ) وندر إِسْنَاد عَسى إِلَى ضمير الشَّأْن حكى غُلَام ثَعْلَب عَسى زيد قَائِم ص وَلَا يتَقَدَّم خَبَرهَا ويتوسط بِلَا أَن وَمَعَهَا بخلف ويحذف إِن علم وَلَا يرفع أَجْنَبِيّا مُطلقًا وَلَا سببيا غَالِبا إِلَّا خبر عَسى وَقد يَجِيء اسْمهَا نكرَة مَحْضَة ويسند أوشك وَعَسَى وَكَذَا واخلولق فِي الْأَصَح إِلَى أَن يفعل فيغني عَن الْخَبَر وَقيل هِيَ تَامَّة حِينَئِذٍ فَإِن وَقعت خبر اسْم سَابق جَازَ الْإِضْمَار وَتَركه قَالَ دريود وَهُوَ أَجود وَقد يُوصل بعسى ضمير نصب اسْما حملا على لَعَلَّ وَقيل خَبرا مقدما وَقيل نَائِب الْمَرْفُوع وَقيل هِيَ حرف حِينَئِذٍ وَقد يقْتَصر عَلَيْهِ وَنفي كَاد نفي للمقاربة وَقيل يدل على وُقُوع الْخَبَر ببطء وَقيل إِثْبَاتهَا بنفيه وَعَكسه ش فِيهِ مسَائِل الأولى لَا يتَقَدَّم الْخَبَر فِي هَذَا الْبَاب على الْفِعْل فَلَا يُقَال أَن يقوم عَسى زيد اتِّفَاقًا كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَسِيط

ويتوسط بَين الْفِعْل وَالِاسْم إِذا لم يقْتَرن ب أَن اتِّفَاقًا نَحْو طفق يصليان الزيدان قَالَ ابْن مَالك وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن أَخْبَار هَذِه الْأَفْعَال خَالَفت أَصْلهَا بِلُزُوم كَونهَا أفعالا فَلَو قدمت لازدادت مخالفتها الأَصْل وَأَيْضًا فَإِنَّهَا أَفعَال ضَعِيفَة تتصرف فلهَا حَال ضعف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَفْعَال الْكَامِلَة التَّصَرُّف فَلم تتقدم أَخْبَارهَا لتفضلها كَانَ وَأَخَوَاتهَا وَحَال قُوَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحُرُوف فأجيز توسطها تَفْضِيلًا لَهَا على إِن وَأَخَوَاتهَا فَإِن اقْترن ب أَن فَفِي التَّوَسُّط قَولَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز كَغَيْرِهِ وَعَلِيهِ الْمبرد والسيرافي وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَالثَّانِي الْمَنْع وَعَلِيهِ الشلوبين الثَّانِيَة يجوز حذف الْخَبَر فِي هَذَا الْبَاب إِذا علم وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فَطَفِقَ مسحا} ص 33 أَي يمسح لدلَالَة الْمصدر وَالْأَحْسَن كَمَا قَالَه مُصعب الْخُشَنِي أَنه مِمَّا ورد فِيهِ الْخَبَر اسْما مُفردا تَنْبِيها على الأَصْل كَمَا تقدم فِي صَائِما وآيبا وَمن الْحَذف حَدِيث من تأنى أصَاب أَو كَاد وَمن عجل أَخطَأ أَو كَاد وَقَوله 484 - (وَقد ذاق طَعْم الْمَوْت أَو كَربَا ... ) الثَّالِثَة يتَعَيَّن فِي خبر هَذَا الْبَاب أَن يعود مِنْهُ ضمير إِلَى الِاسْم فَلَا يجوز رَفعه الظَّاهِر لَا أَجْنَبِيّا وَلَا سببيا فَلَا يُقَال طفق زيد يتحدث أَخُوهُ وَلَا أنشأ عَمْرو ينشد ابْنه لِأَنَّهَا إِنَّمَا جَاءَت لتدل على أَن فاعليها قد يلبس بِهَذَا الْفِعْل وَشرع فِيهِ لَا غَيره وَيسْتَثْنى عَسى فَإِن خَبَرهَا يرفع السببي كَقَوْلِه 485 - (وماذا عَسى الحَجّاجُ يبلغ جُهْدُهُ ... )

على رِوَايَة رَفعه جهده وَقَوْلِي غَالِبا أَشرت بِهِ إِلَى مَا ورد نَادرا من رفع خبر غير عَسى السببي كَقَوْلِه 486 - (وأسْقِيه حَتَّى كَاد مِمَّا أبثُّهُ ... تُكَلِّمنى أحْجَارُهُ ومَلاعِبُهْ) وَقَوله 487 - (وَقد جَعَلْتُ إِذا مَا قُمْتُ يُثْقِلُنى ... ثَوْبى ... ... ... ... . .) قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ عِنْد أَصْحَابنَا لَا يجوز وتأولوا مَا ورد من ذَلِك الرَّابِعَة حق الِاسْم فِي هَذَا الْبَاب أَن يكون معرفَة أَو مُقَارنًا لَهَا كَمَا فِي بَاب كَانَ وَقد يرد نكرَة مَحْضَة كَقَوْلِه 488 - (عَسى فَرَجٌ يَأْتِي بِهِ الله إنّهُ ... ) الْخَامِسَة يسند أَو شكّ وَعَسَى واخلولق إِلَى أَن يفعل فيغني عَن الْخَبَر وَيكون أَن وَالْفِعْل سادة مسد الجزأين كَمَا سدت مسد مفعولي حسب

وَقيل بل هِيَ حِينَئِذٍ تَامَّة مكتفية بالمرفوع كَمَا فِي كَانَ التَّامَّة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا} الْبَقَرَة 216 {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} الْإِسْرَاء 79 وَقَالَ الشَّاعِر 489 - (سَيُوشِكُ أَن تُنِيخَ إِلَى كَريم ... ينالُك بالنّدى قَبْل السُّؤَال) وَتقول اخلولق أَن تمطر السَّمَاء وَقَالَ الخضراوي لَا يجوز ذَلِك فِي اخلولق بل يخْتَص بأوشك وَعَسَى فَإِن تقدم وَالْحَالة هَذِه اسْم ظَاهر نَحْو زيد عَسى أَن يخرج جَازَ جعل الْفِعْل مُسْندًا إِلَى أَن يفعل كَمَا تقدم وَجعله مُسْندًا إِلَى ضمير الِاسْم السَّابِق وَأَن يفعل الْخَبَر فعلى الأول يجرد الْفِعْل من عَلامَة التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث نَحْو الزيدان عَسى أَن يقوما والزيدون عَسى أَن يقومُوا وَهِنْد عَسى أَن تقوم والهندات عَسى أَن يقمن وَكَذَا أوشك واخلولق وعَلى الثَّانِي يلْحق بهَا فَيُقَال فِي الْأَمْثِلَة عسيا وعسوا وعسيت وعسين والتجرد أَجود كَمَا قَالَ دريود وَقَالَ أَبُو حَيَّان وقفت من قديم على نقل وَهُوَ أَن التَّجْرِيد لُغَة لقوم من الْعَرَب والإلحاق لُغَة لآخرين ونسيت اسْم القبيلتين فَلَيْسَ كل الْعَرَب تنطق باللغتين وَإِنَّمَا ذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى لغتين انْتهى أما غير الثَّلَاثَة فَلَا يسند ل أَن يفعل بِحَال السَّادِسَة حق عَسى إِذا اتَّصل بهَا ضميران لَا يكون إِلَّا بِصُورَة الْمَرْفُوع هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب وَبِه نزل الْقُرْآن وَمن الْعَرَب من يَأْتِي بِهِ بِصُورَة الْمَنْصُوب الْمُتَّصِل فَيُقَال عساني وعساك وعساه قَالَ 490 - (يَا أَبتا علَّك أَو عَسَاكا ... )

فمذهب سِيبَوَيْهٍ إِقْرَار الْمخبر عَنهُ وَالْخَبَر على حاليهما من الْإِسْنَاد السَّابِق إِلَّا أَن الْخلاف وَقع فِي الْعَمَل فعكس الْعَمَل بِأَن نصبت الِاسْم وَرفعت الْخَبَر حملا لَهَا على لَعَلَّ وَقد صرح بِهِ فِي قَوْله 491 - (فَقلت عسَاهَا نارُ كأس وَعَلّها ... ) بِرَفْع نَار وَمذهب الْمبرد والفارسي عكس الْإِسْنَاد إِذْ جعلا الْمخبر عَنهُ خَبرا وَالْخَبَر مخبرا عَنهُ وَيلْزم مِنْهُ جعل خبر عَسى اسْما صَرِيحًا وَمذهب الْأَخْفَش وَابْن مَالك إِقْرَار الْأَمريْنِ الْعَمَل والإسناد لكنه تجوز فِي الضَّمِير فَجعل مَكَان ضمير الرّفْع ضمير النصب وَهُوَ فِي مَحل رفع نِيَابَة عَن الْمَرْفُوع كَمَا نَاب ضمير الرّفْع عَن ضمير النصب والجر فِي قَوْلهم أكرمتك أَنْت وَأَنا كَأَنْت وَمذهب السيرافي أَنَّهَا حِينَئِذٍ حرف ك لَعَلَّ وَقد يقْتَصر وَالْحَالة هَذِه على الضَّمِير الْمَنْصُوب كالبيت الْمصدر بِهِ فَيكون الْخَبَر محذوفا كَمَا يَقع ذَلِك فِي لَعَلَّ السَّابِقَة وَزعم قوم أَن نفي كَاد إِثْبَات للْخَبَر وإثباتها نفي لَهُ وشاع ذَلِك على الْأَلْسِنَة حَتَّى قَالَ بَعضهم ملغزا فِيهَا 492 - (أَنَحْويّ هَذَا الْعَصْر مَا هى لفْظةٌ ... جَرت فى لسَانَىْ جُرْهُم وثَمُودِ) (إذَا اسْتُعْمِلَتْ فى معرف الجَحْدِ ... وَإِن أثْبَتَتْ قَامَت مقَام جُحودِ) وَاسْتدلَّ لذَلِك بقوله تَعَالَى {فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} الْبَقَرَة 71 وَقد ذَبَحُوا وَبِقَوْلِهِ {يكَاد زيتها يضيء} النُّور 35 وَلم يضيء وَالتَّحْقِيق أَنَّهَا كَسَائِر الْأَفْعَال نَفيهَا نفي وإثباتها إِثْبَات إِلَّا أَن مَعْنَاهَا المقاربة لَا وُقُوع الْفِعْل فنفيها نفي لمقاربة الْفِعْل وَيلْزم مِنْهُ نفي الْفِعْل ضَرُورَة أَن

من لم يُقَارب الْفِعْل لم يَقع مِنْهُ الْفِعْل وإثباتها إِثْبَات لمقاربة الْفِعْل وَلَا يلْزم من مقاربته الْفِعْل وُقُوعه فقولك كَاد زيد يقوم مَعْنَاهُ قَارب الْقيام وَلم يقم وَمِنْه {يكَاد زيتها يضيء} النُّور 35 أَي يُقَارب الإضاءة إِلَّا أَنه لم يضيء وقولك لم يكد زيد يقوم مَعْنَاهُ لم يُقَارب الْقيام فضلا عَن أَن يصدر مِنْهُ وَمِنْه {إِذا أخرج يَده لم يكد يَرَاهَا} النُّور 40 أَي لم يُقَارب أَن يَرَاهَا فضلا عَن أَن يرى {وَلَا يكَاد يسيغه} إِبْرَاهِيم 17 أَي لَا يُقَارب إساغته فضلا عَن يسيغه وعَلى هَذَا الزجاجي وَغَيره وَذهب قوم مِنْهُم ابْن جني إِلَى أَن نَفيهَا يدل على وُقُوع الْفِعْل بعد بطء لآيَة {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} فَإِنَّهُم فعلوا بعد بطء وَالْجَوَاب أَنَّهَا مَحْمُولَة على وَقْتَيْنِ أَي فذبحوها بعد تكْرَار الْأَمر عَلَيْهِم بذبحها وَمَا كَادُوا يذبحونها قبل ذَلِك وَلَا قاربوا الذّبْح بل أَنْكَرُوا ذَلِك أَشد الْإِنْكَار بِدَلِيل قَوْلهم {أتتخذنا هزوا} الْبَقَرَة 67

إن وأخواتها

إِن وَأَخَوَاتهَا ص الثَّالِث إِن للتَّأْكِيد وَلَكِن للاستدراك قيل والتوكيد وَهِي بسيطة والكوفية مركبة من لَكِن أَن أَو لَا كَأَن أَو لَا أَن أَقْوَال وَكَأن للتشبيه زَاد الكوفية وَالتَّحْقِيق والتقريب وَالشَّكّ إِن كَانَ الْخَبَر صفة أَو جملَة أَو ظرفا وَتدْخل فِي تَنْبِيه وإنكار وتعجب وَالأَصَح أَنَّهَا مركبة وَأَنه لَا تعلق لكافها وليت لِلتَّمَنِّي وَيُقَال لت وَلَعَلَّ لترج وإشفاق قَالَ الْأَخْفَش وتعليل والكوفية واستفهام والطوال وَشك وَهِي بسيطة ولامها أصل وَقيل زَائِدَة وَقيل ابْتِدَاء وَيُقَال عل وَلَعَلَّ وَلعن وَعَن وَلِأَن وَأَن ورعن ورغن ولغن ورعل وغن ولعلت ولعا وَلَو ان ش الثَّالِث من النواسخ الِابْتِدَاء الأحرف الْخَمْسَة المشبهة بِالْفِعْلِ وعددتها خَمْسَة كَمَا صنع سِيبَوَيْهٍ والمبرد فِي المقتضب وَابْن السراج فِي الْأُصُول وَابْن مَالك فِي التسهيل لَا سِتَّة كَمَا صنع آخَرُونَ لِأَن أَن وَإِن وَاحِدَة وَإِنَّمَا تكسر فِي مَوَاضِع وتفتح فِي مَوَاضِع وَإِن كَانَتَا غيرين فالثانية فرع الأولى قَالَ ابْن مَالك فَإِن قيل يَنْبَغِي أَلا تعد كَأَن لِأَن أَصْلهَا إِن زيدت عَلَيْهَا الْكَاف فَالْجَوَاب أَن ذَلِك أَن مَنْسُوخ لاستغناء الْكَاف عَن مُتَعَلق بِهِ بِخِلَاف أَن فَلَيْسَ أَصْلهَا مَنْسُوخا بِدَلِيل جَوَاز الْعَطف بعْدهَا على معنى الِابْتِدَاء كَمَا يعْطف بعد الْمَكْسُورَة فَإِن للتَّأْكِيد وَلذَا أُجِيب بهَا الْقسم كَمَا يُجَاب اللَّام فِي قَوْلك وَالله لزيد قَائِم

وَزعم ثَعْلَب أَن الْفراء قَالَ إِن مقررة لقسم مَتْرُوك استغني عَنْهَا بهَا وَالتَّقْدِير وَالله إِن زيدا لقائم وَأَن الْمَفْتُوحَة أَيْضا تفِيد التوكيد كَمَا ذكر وَفِيه إِشْكَال ذكرته فِي الْفَتْح الْقَرِيب على مُغنِي اللبيب وَلَكِن للاستدراك وَمَعْنَاهُ أَن يثبت حكما لمحكوم عَلَيْهِ يُخَالف الحكم الَّذِي للمحكوم عَلَيْهِ قبلهَا وَلذَلِك لابد أَن يتقدما كَلَام ملفوظ بِهِ أَو مُقَدّر ولابد أَن يكون نقيضا لما بعده أَو ضدا لَهُ أَو خلافًا على رَأْي نَحْو مَا هَذَا سَاكن لكنه متحرك وَمَا هَذَا أسود لكنه أَبيض وَمَا هَذَا قَائِم لكنه شَارِب وَلَا يجوز زيد قَائِم لَكِن عمرا قَائِم بِالْإِجْمَاع وَذكر ابْن مَالك وَصَاحب الْبَسِيط أَنَّهَا للتَّأْكِيد أَيْضا قَالَ فِي الْبَسِيط مَعْنَاهَا الِاسْتِدْرَاك لخَبر يُوهم أَنه مُوَافق لما قبله فِي الحكم فَإِنَّهُ يُؤْتى بِهِ لرفع ذَلِك التَّوَهُّم وَتَقْرِيره أَو لتأكيد الأول وتحقيقه نَحْو مَا قَائِم زيد لَكِن عمرا قَاعد لما قيل مَا قَائِم زيد فَكَأَنَّهُ يُوهم أَن عمرا مثله لشبه بَينهمَا أَو مُلَابسَة فيرفع ذَلِك التَّوَهُّم بالاستدراك وَنَحْو لَو قَامَ فلَان لقمت لكنه لم يقم فأكدت لَكِن مَا دلّت عَلَيْهِ لَو وَكَأَنَّهَا فِي الْمَعْنى مخرجة لما دخل فِي الأول توهما وَلذَا لَا يَقع بَين وفاقين وَاخْتلف فِيهَا أَهِي بسيطة أم مركبة فالبصريون على الأول وَأَنَّهَا منتظمة من خَمْسَة أحرف وَهُوَ أقْصَى مَا جَاءَ عَلَيْهِ الْحَرْف والكوفيون على الثَّانِي ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَ الْفراء هِيَ مركبة من لَكِن سَاكِنة النُّون وَأَن الْمَفْتُوحَة الْمُشَدّدَة طرحت الْهمزَة فحذفت نون لَكِن لملاقاتها السَّاكِن وَقَالَ قوم من الْكُوفِيّين هِيَ مركبة من لَا وَأَن حذفت الْهمزَة وزيدت الْكَاف وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم هِيَ مركبة من لَا وَكَأن وَاخْتَارَهُ السُّهيْلي فَإِذا قلت قَامَ زيد لَكِن عمرا لم يقم فكأنك قلت لَا كَأَن عمرا لم يقم وَالْمعْنَى فعل زيد لَا كَفعل عَمْرو ثمَّ ركبت وغيرت للانتشار بِحَذْف الْهمزَة وَكسر الْكَاف وَقَالَ السُّهيْلي لما كَانَ أصل كَأَن إِن الْمَكْسُورَة وَفتحت للكاف كسرت الْكَاف عِنْد حذف الْهمزَة لتدل على الْمَحْذُوف لِكَثْرَة التَّغْيِير

وَكَأن للتشبيه لَا معنى لَهَا عِنْد الْبَصرِيين غَيره وَزعم الْكُوفِيُّونَ والزجاجي أَنَّهَا تَأتي للتحقيق وَالْوُجُوب كَقَوْلِه 493 - (فَأصْبح بطْنُ مكّة مُقْشَعِراً ... كأنّ الأَرْض لَيْسَ بهَا هِشامُ) أَي إِن الأَرْض لِأَنَّهُ قد مَاتَ ورثاه بذلك وخرجه ابْن مَالك على أَن الْكَاف للتَّعْلِيل كاللام أَي لِأَن الأَرْض قلت وَعِنْدِي تَخْرِيج أحسن من هَذَا وَهُوَ أَنه من بَاب تجاهل الْعَارِف كَقَوْلِه 494 - (أَيا شَجَر الخَابُور مَا لَك مُورقاً ... كأنكَ لم تَجْزع على ابْن طَريفِ) وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنَّهَا تكون للتقريب فِي نَحْو كَأَنَّك بالشتاء مقبل وكأنك بالفرج آتٍ وكأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل إِذْ الْمَعْنى تقريب إقبال الشتَاء وإتيان الْفرج وَزَوَال الدُّنْيَا وَبَقَاء الْآخِرَة وَزعم الْكُوفِيُّونَ والزجاجي أَنَّهَا إِذا كَانَ خَبَرهَا اسْما جَامِدا كَانَت للتشبيه نَحْو كَأَن زيدا أَسد وَإِذا كَانَ مشتقا كَانَت للشَّكّ بِمَنْزِلَة ظَنَنْت وتوهمت نَحْو كَانَ زيدا قَائِم لِأَن الشَّيْء لَا يشبه بِنَفسِهِ وَأجِيب بِأَن الشَّيْء يشبه فِي حَالَة مَا بِهِ فِي حَالَة أُخْرَى فكأنك شبهت زيدا وَهُوَ غير قَائِم بِهِ قَائِما أَو التَّقْدِير كَأَن هَيْئَة زيد هَيْئَة قَائِم وَوَافَقَ الْكُوفِيّين على ذَلِك ابْن الطراوة وَابْن السَّيِّد وَصرح ابْن السَّيِّد بِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْخَبَر فعلا أَو جملَة أَو ظرفا فَكَمَا إِذا كَانَ صفة وَقد تدخل كَأَن فِي التَّنْبِيه وَالْإِنْكَار والتعجب تَقول فعلت كَذَا وَكَذَا كَأَنِّي لَا أعلم وفعلتم كَذَا كَأَن الله لَا يعلم مَا تَفْعَلُونَ قَالَ تَعَالَى {ويكأنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} الْقَصَص 82 فَهِيَ للتعجب على جعل وي مفصولة

وَاخْتلف فِي كَأَن أبسيطة أم مركبة فَقَالَ بِالْأولِ شرذمة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان لِأَن التَّرْكِيب خلاف الأَصْل فَالْأولى أَن تكون حرفا بسيطا وضع للتشبيه كالكاف وَقَالَ بِالثَّانِي الْخَلِيل وسيبويه والأخفش وَجُمْهُور الْبَصرِيين وَالْفراء وَأَنَّهَا مركبة من أَن وكاف التَّشْبِيه وأصل كَأَن زيدا أَسد إِن زيدا كأسد فالكاف للتشبيه وَأَن مُؤَكدَة لَهُ ثمَّ أَرَادوا الاهتمام بالتشبيه الَّذِي عقدوا لَهُ الْجُمْلَة فأزالوا الْكَاف من وسط الْجُمْلَة وقدموها إِلَى أَولهَا لإفراط عنايتهم بالتشبيه فَلَمَّا دخلت الْكَاف على إِن وَجب فتحهَا لِأَن إِن الْمَكْسُورَة لَا تقع بعد حرف الْجَرّ وَادّعى الخضراوي أَنه لَا خلاف فِي أَنَّهَا مركبة من ذَلِك وَاخْتلف على هَذَا هَل تتَعَلَّق هَذِه الْكَاف بِشَيْء على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا وَهُوَ الصَّحِيح لَا لِأَنَّهَا لما فَارَقت الْموضع الَّذِي يُمكن أَن تتَعَلَّق فِيهِ بِمَحْذُوف زَالَ مَا كَانَ لَهَا من التَّعَلُّق وعَلى هَذَا الرضي وَابْن عُصْفُور وَالثَّانِي نعم وَعَلِيهِ الزّجاج قَالَ الْكَاف فِي مَوضِع رفع ومدخولها فِي تَأْوِيل الْمصدر وَالْخَبَر مَحْذُوف فَإِذا قلت كَأَنِّي أَخُوك فالتقدير كأخوتي إياك مَوْجُودَة ورد بِأَن الْعَرَب لم تظهر قطّ مَا ادّعى اضماره وعَلى عدم التَّعَلُّق هَل هِيَ بَاقِيَة على جر مدخولها أم لَا؟ احتمالات لِابْنِ جني أقواهما عِنْده الأول بِدَلِيل فتح الْهمزَة بعْدهَا وليت لِلتَّمَنِّي وَيُقَال لت بإبدال الْيَاء تَاء وإدغامها فِي التَّاء وَتَكون فِي الْمُمكن وَغَيره نَحْو لَيْت الشَّبَاب يعود وَلَعَلَّ للترجي فِي المحبوب وللإشفاق فِي الْمَكْرُوه نَحْو {لَعَلَّ السَّاعَة قريب} الشورى 17 {فلعلك باخع نَفسك} الْكَهْف 6 وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْمُمكن وَزَاد الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ فِي مَعَانِيهَا التَّعْلِيل وَخرج عَلَيْهِ {لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} طه 44

وَزَاد الْكُوفِيُّونَ فِي مَعَانِيهَا الِاسْتِفْهَام وَخرج عَلَيْهِ {وَمَا يدْريك لَعَلَّه يزكّى} عبس 3 وَحَدِيث لَعَلَّنَا أعجلناك وَزَاد الطوَال فِي مَعَانِيهَا وَأكْثر الْكُوفِيّين الشَّك والبصريون رجعُوا هَذِه الْمعَانِي كلهَا إِلَى الترجي والإشفاق وَالْجُمْهُور على أَن لعلى بسيطة ولامها أصل حَكَاهُ فِي الْبَسِيط عَن الْكُوفِيّين وَأكْثر النَّحْوِيين وَقيل مركبة من عل وَاللَّام الزَّائِدَة وَقيل من لَام الِابْتِدَاء وفيهَا لُغَات أخر عدتهَا ثَلَاث عشرَة لُغَة عل بِحَذْف اللَّام قَالَ 495 - (لَا تُهينَ الفقيرَ علَّك أَن ... تَرْكَعَ يَوْمًا، والدَّهرُ قد رفَعَهْ) وَلعن بإبدال اللَّام نونا قَالَ 496 - (أَخُوك وَلَا تَدْري لعنَّك سَائِلُهْ ... ) وَعَن بِحَذْف اللَّام من هَذِه وَلِأَن بإبدال الْعين همزَة وَاللَّام نونا قَالَ

497 - (عُوجا على الطّلل المُحيل لأننا ... نَبكى الدِّيار كَمَا بَكى ابنُ حِذام) وَأَن بِحَذْف اللَّام من هَذِه وَخرج عَلَيْهَا {وَمَا يشعركم أَنَّهَا إِذا جَاءَت لَا يُؤمنُونَ} الْأَنْعَام 109 وَحكي ايت السُّوق أَنَّك تشتري لنا شَيْئا ورعن بإبدال اللَّام رَاء كَمَا فِي رجل ورجر ورغن ولغن بالغين الْمُعْجَمَة فيهمَا بَدَلا من الْمُهْملَة ورعل بِالْمُهْمَلَةِ وَحَكَاهُ فِي الْغرَّة وغن بِالْمُعْجَمَةِ حَكَاهَا أَبُو حَيَّان وثعلب ولعلت وَهِي أقلهَا اسْتِعْمَالا مَا قَالَ الْفَارِسِي فِي تَذكرته ولعا وَلَو ان حَكَاهُمَا ... ... ... ... ... وَحكى لَو ان القالي فِي أَمَالِيهِ وَقَالَ قَالَ رجل يمني من يَدْعُو إِلَى الْمَرْأَة الضَّالة فَقَالَ أَعْرَابِي لَو ان عَلَيْهَا خمار أسود يُرِيد لَعَلَّ عَلَيْهَا وَأنْشد على لغن بِالْمُعْجَمَةِ قَول أبي النَّجْم 498 - (اغْدُ لغَنَّا فِي الرِّهان نُرْسِلُهْ ... ) قَالَ عِيسَى بن عمر سَمِعت أَبَا النَّجْم ينشده هَكَذَا

عمل إن وأخواتها عكس عمل كان

[عمل " إِن " وَأَخَوَاتهَا عكس عمل " كَانَ "] ص مَسْأَلَة تعْمل عكس كَانَ وَقَالَ الكوفية الْخَبَر بَاقٍ وتعدده ككان وَلَا تخبر بِوَاحِد عَن متعاطفين بتكريرها وَلَا تدخل على مَا لَا يدْخلهُ دَامَ وَفِيمَا خَبره نهي خلف وَمنع الْأَخْفَش وُقُوع سَوف خبر لَيْت ومبرمان الْمَاضِي ل لَعَلَّ وَيخْتَص بِجَوَاز أَن فِيهِ وبالممكن وَجوز الْفراء نصب جزأي لَيْت وَابْن سَلام وَابْن الطراوة الْبَاقِي وَتَقَع أَن اسْما لَهَا بفصل ولليت بِدُونِهِ وفيسد عَن الجزأين وَألْحق الْأَخْفَش بليت لَعَلَّ وَكَأن وَلَكِن وَالْفراء إِن وَأَن ش لما كَانَ لهَذِهِ الأحرف شبه بكان فِي لُزُوم الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر والاستغناء بهما عملت عَملهَا معكوسا ليكونا مَعَه كمفعول قدم وفاعل أخر تَنْبِيها على الفرعية وَلِأَن مَعَانِيهَا فِي الْإِخْبَار فَكَانَت كالعمد والأسماء كالفضلات فأعطيا إعرابيهما وَلَا خلاف بَين الْفَرِيقَيْنِ أَنَّهَا الناصبة للاسم وَاخْتلف فِي الْخَبَر فمذهب الْبَصرِيين أَنَّهَا الرافعة لَهُ أَيْضا وَمذهب الْكُوفِيّين أَنَّهَا لم تعْمل فِيهِ شَيْئا بل هُوَ بَاقٍ على رَفعه قبل دُخُولهَا وَاسْتدلَّ لَهُ السُّهيْلي بِأَنَّهَا أَضْعَف من الْأَفْعَال فَلم يجز أَن تعْمل عملهن وَسمع من الْعَرَب نصب الجزأين بعْدهَا فَقيل هُوَ مؤول وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَقيل سَائِغ فِي الْجَمِيع وَأَنه لُغَة وَعَلِيهِ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَابْن الطراوة وَابْن السَّيِّد وَقيل خَاص بليت وَعَلِيهِ الْفراء وَمن الْوَارِد فِي ذَلِك قَوْله 499 - (إِن حُرَّاسَنا أُسْدَا ... )

وَقَوله 500 - (إنَّ الْعَجُوز خِبّةً جَرُوزَا ... ) وَقَوله 501 - (كأنَّ أُذْنَيْه إِذا تشَوَّفا ... قادمةً، أوْ قَلَماً مُحرَّفَا) وَقَوله 502 - (أَلا يَا لَيْتني حجرا بوَادٍ ... ) وَقَوله 503 - (يَا لَيْت أَيّام الصِّبا رَوَاجعا ... ) وَسمع لَعَلَّ زيدا أخانا وَالْجُمْهُور أولُوا ذَلِك وَشبهه على الْحَال أَو إِضْمَار فعل وَحذف الْخَبَر وَبَقِي فِي الْمَتْن مسَائِل الأولى فِي جَوَاز تعدد خبر هَذِه الأحرف خلاف قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي يلوح من مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ الْمَنْع وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقيَاس

لِأَنَّهَا إِنَّمَا عملت تَشْبِيها بِالْفِعْلِ وَالْفِعْل لَا يَقْتَضِي مرفوعين فَكَذَلِك هَذِه مَعَ أَنه لم يسمع فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب الثَّانِيَة لَا يجوز الْإِتْيَان بِخَبَر وَاحِد عَن متعاطفين بتكرير إِن فَلَا يُقَال إِن زيدا وَإِن عمرا مُنْطَلقًا من جِهَة أَن الْخَبَر حِينَئِذٍ يكون مَعْمُولا لعاملين وَهُوَ لَا يجوز الثَّالِثَة أَلا يكون الْخَبَر فِي هَذَا الْبَاب مُفردا طلبيا كَمَا لَا يكون فِي دَامَ كَذَلِك وَاخْتلف فِي جملَة النَّهْي وَصحح ابْن عُصْفُور وُقُوعهَا خَبرا هُنَا لقَوْله 504 - (إنّ الَّذين قَتَلْتُم أَمْس سيِّدهُمْ ... لَا تَحْسَبوا لَيْلَهُم عَن لَيْلِكم نَامَا) قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَنْبَغِي تَخْصِيص ذَلِك ب أَن وَحدهَا لِأَنَّهَا مورد السماع قَالَ وَالَّذِي نَص عَلَيْهِ شُيُوخنَا الْمَنْع مُطلقًا وتأولوا الْبَيْت على إِضْمَار القَوْل وَمنع مبرمان وُقُوع الْمَاضِي خبر ل لَعَلَّ فَلَا يُقَال لَعَلَّ زيدا قَامَ وَمنع الْأَخْفَش وُقُوع سَوف خَبرا لليت فَلَا يُقَال لَيْت زيدا سَوف يقوم لِأَن لَيْت لما لم يثبت وسوف لما يثبت واختص خبر لَعَلَّ بِجَوَاز دُخُول أَن فِيهِ حملا على عَسى قَالَ 505 - (لعلّهُما أَن يبغيا لَك حِيلةً ... ) وَفِي الحَدِيث لَعَلَّ أحدكُم أَن يكون أَلحن بحجته وَقَوْلِي بالممكن مر تَقْرِيره

الرَّابِعَة تقع أَن الْمَفْتُوحَة ومعمولاها اسْما لهَذِهِ الأحرف بِشَرْط الْفَصْل بالْخبر إِلَّا لَيْت بِلَا شَرط نَحْو إِن عِنْدِي أَنَّك فَاضل وكأنك فِي نَفسِي أَنَّك فَاضل وَلَا يجوز إِنَّكُم فَاضل وَنَحْوه وَيجوز فِي لَيْت نَحْو لَيْت أَنَّك عِنْدِي فَيكون أَن ومعمولاها سادة مسد جزأي لَيْت وَألْحق الْأَخْفَش ب لَيْت فِي ذَلِك لَعَلَّ وَكَأن وَلَكِن نَحْو لَعَلَّ أَنَّك منطلق وَلَكِن أَنَّك منطلق وَكَأن أَنَّك منطلق قَالَ الْجرْمِي وَهَذَا رَدِيء فِي الْقيَاس لِأَن هَذِه الْحُرُوف إِنَّمَا تعْمل فِي الْمُبْتَدَأ وَأَن لَا يبتدأ بهَا وَأَجَازَ هِشَام إِن أَن زيدا منطلق حق بِمَعْنى إِن انطلاق زيد حق وَأَجَازَ الْكسَائي وَالْفراء إِدْخَال أَن لقَوْله 506 - (وَخُبِّرْتُ أَنّ أَنّما بَين بَيته ... ونَجْرَان أَحْوَى، والْجَنَابُ رَطِيبُ) قَالَ الْفراء أَدخل أَن على أَنما وَقَالَ الْفراء لَو قَالَ قَائِل أَنَّك قَائِم يُعجبنِي جَازَ أَن تَقول أَن أَنَّك قَائِم يُعجبنِي قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا من الْفراء بِنَاء على رَأْيه أَن أَن يجوز الِابْتِدَاء بهَا ص وَلَا يتَقَدَّم خَبَرهَا بِحَال ويتوسط ظرفا وَمَعَ معموله وَلَو مَعَ اللَّام خلافًا للفراء وَيجب لما مر ويتوسط الْمَعْمُول ظرفا خلافًا للأخفش وَحَالا وفَاقا للجلولي ويحذف لقرينه خبر وَقيل بِشَرْط تنكير الِاسْم وَقيل والتكرير وَيجب مَعَ وَاو مَعَ وسد حَال وَكَذَا لَيْت شعري قبل اسْتِفْهَام فِي الْأَصَح وَاسم وَقيل يخْتَص بالشعر وَثَالِثهَا إِن أدّى إِلَى وَلَاء فعل قبح فِي غَيره وَرَابِعهَا فيهمَا وخامسها مَا لم يرد إِلَى وَلَاء اسْم يصلح لعملها وسادسها يخْتَص بإن وَأكْثر مَا يكون الشَّأْن وَلَا يجوز إِن قَائِما الزيدان وَلَا ظَنَنْت خلافًا للكوفية ش فِيهِ مسَائِل الأولى لَا يجوز تقدم خبر هَذِه الأحرف عَلَيْهَا بِحَال لِأَن عَملهَا بِحَق الفرعية فَلم يتصرفوا فِيهَا وَأم تَقْدِيمه على الِاسْم دونهَا فَإِن كَانَ غير ظرف أَو مجرور لم يجز أَيْضا لما ذكر وَإِن كَانَ ظرفا أَو مجرورا جَازَ للتوسع فيهمَا نَحْو

{إِن لدينا أَنْكَالًا} المزمل 12 {إِن علينا الْهدى وَإِن لنا للأخرة وَالْأولَى} اللَّيْل 12، 13 وَقد يجب التَّقْدِيم وَالْحَالة هَذِه كَأَن يتَّصل بِالِاسْمِ ضَمِيره نَحْو إِن فِي الدَّار ساكنها وَإِن عِنْد هِنْد أخاها وَلَا يجوز إِيلَاء هَذِه الأحرف مَعْمُول خَبَرهَا فَلَا يُقَال طَعَامك زيدا آكل بِالْإِجْمَاع فَإِن كَانَ ظرفا أَو مجرورا جَازَ للتوسع فيهمَا كَقَوْلِه 507 - (فَلَا تَلْحَنِى فيهمَا فَإِن بحُبَّها ... أخَاك مُصابُ القَلْبِ جَمٌّ بلاَبُلهْ) وَمنع الْأَخْفَش قِيَاس ذَلِك وقصره على السماع وَإِن كَانَ حَالا فالجمهور على الْمَنْع وَأَجَازَهُ أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ بن حمدون الْأَسدي الْمَعْرُوف بالجلولي فِي نكته على إِيضَاح الْفَارِسِي قَالَ لأَنهم قد أجروا الْحَال مجْرى الظّرْف نَحْو إِن ضَاحِكا زيدا قَائِم الثَّانِيَة يجوز حذف الْخَبَر فِي هَذَا الْبَاب للْعلم بِهِ كَغَيْرِهِ سَوَاء كَانَ الِاسْم معرفَة أم نكرَة كررت إِن أم لَا هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ قَالَ يَقُول الرجل هَل لكم أحد إِن النَّاس ألب عَلَيْكُم فَيَقُول إِن زيدا وَإِن عمرا أَي إِن لنا وَقَالَ 508 - (إنَّ مَحلاًّ وإنَّ مُرْتَحَلا ... )

أَي لنا فِي الدُّنْيَا محلا وَإِن لنا عَنْهَا مرتحلا وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه لَا يجوز إِلَّا إِذا كَانَ الِاسْم نكرَة وَذهب الْفراء إِلَى أَنه لَا يجوز فِي معرفَة وَلَا نكرَة إِلَّا إِن كَانَ بالتكرير كالبيت والمثال ورد المذهبان بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين كفرُوا بِالذكر لما جَاءَهُم} فصلت 41 الْآيَة أَي يُعَذبُونَ وَقَالَ الشَّاعِر 509 - (أتَوْنى فَقَالُوا يَا جَمِيلُ تَبدّلت ... بُثَيْنَةُ أبْدالاً، فَقلت لَعلّها) أَي تبدلت وَيجب حذف الْخَبَر إِذا سدت مسده وَاو المصاحبة حكى سِيبَوَيْهٍ إِنَّك مَا وَخيرا إِي إِنَّك مَعَ خير وَمَا زَائِدَة وَحكى الْكسَائي إِن كل ثوب لَو ثمنه بِإِدْخَال اللَّام على الْوَاو أَو سد مسده حَال كَقَوْلِه 510 - (إِن اختيارَك مَا تبغيه ذَا ثِقَةٍ ... باللَّهِ مُسْتَظْهراً بالحزْم والجَلَدِ) وَكَذَا لَيْت شعري إِذا أرْدف باستفهام كَقَوْلِه 511 - (أَلا لَيْت شِعْري كَيْف حَادِث وَصْلِها ... ) فشعري مصدر اسْم لَيْت وَالْخَبَر مُلْتَزم الْحَذف وَالتَّقْدِير لَيْت شعري بِكَذَا ثَابت أَو مَوْجُود أَو وَاقع وَجُمْلَة الِاسْتِفْهَام فِي مَوضِع نصب بِالْمَصْدَرِ وَعلة الْحَذف كَونه فِي معنى لَيْتَني أشعر وسد الْجُمْلَة بعده عَن الْمَحْذُوف وَمُقَابل الْأَصَح فِيهِ قَول الْمبرد والزجاج إِن جملَة الِاسْتِفْهَام فِي مَحل رفع خبر لَيْت وَالتَّقْدِير لَيْت علمي وَاقع بكيف حَادث وَصلهَا ثمَّ حذف وأضاف اتساعا

ورد بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْإِخْبَار فِي هَذَا الْبَاب بِالْجُمْلَةِ الطلبية وَإِلَى خلو الْجُمْلَة الْمخبر بهَا عَن الرابط الثَّالِثَة فِي جَوَاز حذف الِاسْم فِي هَذَا الْبَاب للْعلم بِهِ مَذَاهِب أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر حكى سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل إِن بك زيد مَأْخُوذ أَي إِنَّه وَحكى الْأَخْفَش إِن بك مَأْخُوذ أَخَوَاك وَقَالَ الشَّاعِر 512 - (فَلَو كنت ضَبِّيّاً عَرَفْتَ قَرَابَتِى ... ولكنَّ زَنْجىٌّ عظيمُ المَشَافِر) أَي وَلَكِنَّك وَقَالَ 513 - (فليت دَفَعْت الهمّ عنّي سَاعَةً ... ) أَي فليتك الثَّانِي أَنه خَاص بالشعر وَصَححهُ ابْن عُصْفُور والسخاوي فِي شرح الْمفصل الثَّالِث أَنه حسن فِي الشّعْر وَغَيره مَا لم يؤد حذفه إِلَى أَن يَلِي إِن وَأَخَوَاتهَا فعل فَإِنَّهُ إِذْ ذَاك يقبح فِي الْكَلَام قيل وَفِي الشّعْر أَيْضا وَهَذَا هُوَ القَوْل الرَّابِع لِأَنَّهَا حُرُوف طالبة للأسماء فاستنقبحوا مباشرتها الْأَفْعَال الْخَامِس أَنه حسن فيهمَا إِن لم يؤد الْحَذف إِلَى أَن يلى إِن وَأَخَوَاتهَا اسْم يَصح عَملهَا فِيهِ نَحْو إِن فِي الدَّار قَامَ زيد وَقَوله

514 - (كَأَن على عِرْنينِه وجَبينِه ... أَقَامَ شُعَاعُ الشَّمس أَو طلَع البدْرُ) وَقَوله 515 - (إنّ مَنْ يدْخل الكنيسةَ يَوْمًا ... يَلْقَ فِيهَا جآذراً وظِباءَ) فَإِن الشَّرْط لَا يحسن عمل إِن فِيهِ فَإِن أدّى إِلَى ذَلِك لم يجز نَحْو إِنَّه زيد قَائِم فَلَا يجوز حذف الضَّمِير السَّادِس أَن الْحَذف خَاص بإن دون سَائِر أخواتها وَنَقله أَبُو حَيَّان عَن الْكُوفِيّين وَأكْثر مَا يكون الِاسْم إِذا حذف ضمير الشَّأْن وَقد يكون غَيره كَمَا تقدم فِي وَلَكِنَّك وليتك الرَّابِعَة لَا يجوز هُنَا إِن قَائِما الزيدان كَمَا لَا يجوز ذَلِك فِي الْمُبْتَدَأ دون اسْتِفْهَام أَو نفي وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ والأخفش بِنَاء على إِجَازَته فِي الْمُبْتَدَأ فَجعلُوا قَائِما اسْم إِن والزيدان فَاعل بِهِ سد مسد خَبَرهَا وَالْخلاف جَار فِي بَاب ظن فَمن أجَاز فِي الْمُبْتَدَأ وَهنا أجَاز ظَنَنْت قَائِما الزيدان وَمن منع منع وَابْن مَالك وافقهم على الْجَوَاز فِي الْمُبْتَدَأ وَمنع فِي بَاب إِن وَظن وَفرق بِأَن أَعمال الصّفة عمل الْفِعْل فرع إِعْمَال الْفِعْل فَلَا يستباح إِلَّا فِي مَوضِع يَقع فِيهِ الْفِعْل فَلَا يلْزم من تَجْوِيز قَائِم الزيدان جَوَاز إِن قَائِما الزيدان وَلَا ظَنَنْت قَائِما الزيدان لصِحَّة وُقُوع الْفِعْل موقع المتجرد من إِن وظننت وَامْتِنَاع وُقُوعه بعدهمَا

أحوال إن

[أَحْوَال إِن] ص مَسْأَلَة تكسر إِن صلَة وَحَالا ومحكية بقول وَقبل لَام معلقَة خلافًا للمازني مُطلقًا وللفراء إِن طَال وَكَذَا خبر عين ومبدوءا بهَا فِي الْأَصَح وَجَوَاب الْقسم وَجوز قوم الْفَتْح وَاخْتَارَهُ قوم وأوجبه الْفراء وتفتح بعد لَوْلَا وَلَو وَمَا الظَّرْفِيَّة وَحَتَّى غير الابتدائية وَأم بِمَعْنى حَقًا وَلَا جرم غَالِبا وَمَوْضِع جر أَو رفع فعل أَو ابْتِدَاء أَو نصب غير خبر وتؤول حِينَئِذٍ بمصدر وَأنْكرهُ السُّهيْلي ويجوزان بعد إِذا فَجْأَة وَفَاء جَزَاء وَأي المفسرة وَأول قولي وَفِي الْكسر بعد مذ ومنذ خلاف [وجوب كسر همزَة " إِن "] ش ل إِن ثَلَاثَة أَحْوَال أَحدهَا مَا يجب فِيهِ الْكسر وَذَلِكَ إِذا قدرت بِالْجُمْلَةِ وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع الأول أَن تقع صلَة نَحْو {وءاتيناه من الْكُنُوز مآ إِن مفاتحه لتنوء} الْقَصَص 76 الثَّانِي أَن تقع حَالا نَحْو {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون} الْأَنْفَال 5 الثَّالِث أَن تقع محكية بالْقَوْل نَحْو {قَالَ إِنِّي عبد الله} مَرْيَم 30 الرَّابِع أَن تقع قبل لَام معلقَة نَحْو {وَالله يعلم إِنَّك لرَسُوله} المُنَافِقُونَ 1 الْخَامِس أَن تقع خبر اسْم عين نَحْو زيد إِنَّه منطلق بِنَاء على إجَازَة ذَلِك وَهُوَ رَأْي الْبَصرِيين والكوفيون يمْنَعُونَ صِحَة هَذَا التَّرْكِيب أصلا فَالْخِلَاف عَائِد إِلَى أصل الْمَسْأَلَة لَا الْكسر وهما متلازمان السَّادِس إِذا وَقعت مبدوءا بهَا نَحْو {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} الْقدر 1 قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ وجوب كسرهَا حِينَئِذٍ مجمعا عَلَيْهِ فقد ذهب بعض النَّحْوِيين

وجوب فتح همزة أن

إِلَى جَوَاز الِابْتِدَاء بِأَن الْمَفْتُوحَة أول الْكَلَام فَتَقول أَن زيدا قَائِم عِنْدِي وَدخل فِي المبدوء بهَا الْوَاقِعَة بعد حَيْثُ فتكسر لِأَنَّهَا لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى جملَة نَحْو اجْلِسْ حَيْثُ إِن زيدا جَالس وَمن أجَاز إضافتها إِلَى مُفْرد أجَاز الْفَتْح السَّابِع إِذا وَقعت جَوَاب قسم نَحْو وَالله إِن زيدا قَائِم هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَبِه ورد السماع وَقيل يجوز فتحهَا مَعَ اخْتِيَار الْكسر وَقيل يجوزان مَعَ اخْتِيَار الْفَتْح وَعَلِيهِ الْكسَائي والبغداديون وَقيل يجب الْفَتْح وَعَلِيهِ الْفراء قَالَ فِي الْبَسِيط وأصل هَذَا الْخلاف أَن جملتي الْقسم والمقسم عَلَيْهِ هَل إِحْدَاهمَا معمولة لِلْأُخْرَى فَيكون الْمقسم عَلَيْهِ مَفْعُولا لفعل الْقسم أَو لَا وَفِي ذَلِك خلاف فَمن قَالَ نعم فتح لِأَن ذَلِك حكم إِن إِذا وَقعت مَفْعُولا وَمن قَالَ لَا وَإِنَّمَا هِيَ تَأْكِيد للمقسم عَلَيْهِ لَا عاملة فِيهِ كسر وَمن جوز الْأَمريْنِ أجَاز الْوَجْهَيْنِ [وجوب فتح همزَة " أَن "] الْحَال الثَّانِي مَا يجب فِيهِ الْفَتْح وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع الأول بعد لَوْلَا نَحْو {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} الصافات 143 الثَّانِي بعد لَو نَحْو {وَلَو أَنهم صَبَرُوا} الحجرات 5 الثَّالِث بعد مَا الظَّرْفِيَّة نَحْو لَا أُكَلِّمك مَا أَن فِي السَّمَاء نجما الرَّابِع بعد حَتَّى غير الابتدائية وَهِي العاطفة والجارة نَحْو عرفت أمورك حَتَّى أَنَّك فَاضل فَإِن قدرتها عاطفة كَانَ فِي مَوضِع نصب أَو جَارة فَفِي مَوضِع جر أما الابتدائية فتكسر بعْدهَا نَحْو مرض حَتَّى إِنَّه لَا يُرْجَى الْخَامِس بعد أما المخففة إِذا كَانَت بِمَعْنى حَقًا فَإِن كَانَت بِمَعْنى أَلا الاستفتاحية كسرت بعْدهَا وَرُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْلهم أما إِنَّك ذَاهِب فَخرجت على الْمَعْنيين السَّادِس بعد لَا جرم غَالِبا قَالَ تَعَالَى {لَا جرم أَن لَهُم النَّار} النَّحْل 62 أَي حَقًا وَبَعض الْعَرَب أجراها مجْرى الْيَمين فَكسر إِن بعْدهَا

أوجه جواز الأمرين

السَّابِع إِذا وَقعت فِي مَوضِع جر بِحرف أَو إِضَافَة نَحْو {ذَلِك بِأَن الله} الْحَج 6 {مثل مَا أَنكُمْ} الذاريات 23 الثَّامِن إِذا وَقعت فِي مَوضِع رفع بِفعل بِأَن تقع فاعلة أَو نَائِبا عَنهُ نَحْو {أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب} العنكبوت 51 {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع} الْجِنّ 1 أَو بابتداء بِأَن تقع مُبتَدأَة نَحْو {وَمن ءاياته أَنَّك ترى الأَرْض خاشعة} فصلت 39 بِخِلَاف مَا إِذا وَقعت فِي مَوضِع رفع على الْخَبَر فَإِنَّهَا تكسر كَمَا تقدم التَّاسِع إِذا وَقعت فِي مَوضِع نصب غير خبر نَحْو {وَلَا تخافون أَنكُمْ} الْأَنْعَام 81 بِخِلَاف نَحْو حسبت زيدا إِنَّه قَائِم فَإِنَّهَا فِي مَوضِع نصب لَكِنَّهَا خبر فِي الْمَعْنى فتكسر وَهِي فِي هَذِه الْمَوَاضِع كلهَا مؤولة مَعَ معمولها بصدر مُفْرد مَأْخُوذ من لفظ خَبَرهَا إِن كَانَ مشتقا نَحْو بَلغنِي أَنَّك منطلق أَو تَنْطَلِق أَي انطلاقك وَمن الِاسْتِقْرَار إِن كَانَ ظرفا أَو مجرورا نَحْو بَلغنِي أَن زيدا عنْدك أَو فِي الدَّار أَي استقراره وَمن الْكَوْن إِن كَانَ اسْما جَامِدا نَحْو بَلغنِي أَن هَذَا زيد أَي كَونه زيدا وَأنكر ذَلِك السُّهيْلي وَقَالَ إِنَّمَا يؤول بِالْمَصْدَرِ أَن الناصبة للْفِعْل لِأَنَّهَا أبدا مَعَ الْفِعْل الْمُتَصَرف وَأَن الْمُشَدّدَة إِنَّمَا تؤول بِالْحَدَثِ لِأَن خَبَرهَا قد يكون جَامِدا وَهُوَ لَا يشْعر بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ لَا فعل لَهُ وَأجِيب بِأَنَّهُ يقدر بالكون كَمَا تقدم [أوجه جَوَاز الْأَمريْنِ] الْحَال الثَّالِث مَا يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ فباعتبار تقديرها جملَة تكسر وَبِاعْتِبَار تقديرها بمصدر تفتح وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع الأول بعد إِذا الفجائية كَقَوْلِه 516 - (وَكنت أرى زيدا كَمَا قيل سَيِّداً ... إِذا إنّه عَبْدُ القَفَا واللهازم)

روى بِالْكَسْرِ على عدم التَّأْوِيل وبالفتح على معنى إِذا عبوديته حَاصِلَة الثَّانِي بعد فَاء الْجَزَاء نَحْو {من عمل مِنْكُم سوءا بِجَهَالَة ثمَّ تَابَ من بعده وَأصْلح فَأَنَّهُ غَفُور رَحِيم} الْأَنْعَام 54 قرئَ بِالْكَسْرِ وبالفتح على معنى فالغفران حَاصِل وَمِنْه نَحْو أما فِي الدَّار فَإِن زيدا قَائِم الثَّالِث بعد أَي المفسرة الرَّابِع إِذا وَقعت إِن خَبرا عَن قَول وخبرها قَول وفاعل الْقَوْلَيْنِ وَاحِد نَحْو أول مَا أَقُول أَو أول قولي أَنِّي أَحْمد الله فالفتح على تَقْدِير حمد الله الْخَامِس بعد مذ ومنذ نَحْو مَا رَأَيْته مذ أَو مُنْذُ أَن الله خلقني أجَاز الْأَخْفَش الْكسر وَصَححهُ ابْن عُصْفُور لِأَن مذ ومنذ يليهما الْجمل وَمنعه بَعضهم لِأَن الْجُمْلَة بعْدهَا بِتَأْوِيل الْمصدر وَصرح سِيبَوَيْهٍ وَابْن السراج بِجَوَاز الْفَتْح ساكتين عَن إجَازَة الْكسر وامتناعه وَلم يقل أحد يتَعَيَّن الْكسر وَامْتِنَاع الْفَتْح ص وَالأَصَح أَن الْمَفْتُوحَة فرع الْمَكْسُورَة وَثَالِثهَا أصلان وَالْمُخْتَار وفَاقا للزمخشري وَابْن الْحَاجِب أَنَّهَا بعد لَو فَاعل ثَبت مُقَدرا قَالَ سِيبَوَيْهٍ مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ أَو مُقَدّر قبل أَو بعد أَقْوَال وَلَا يجب كَون الْخَبَر بعْدهَا فعلا خلافًا للزمخشري والسيرافي مُطلقًا وَلابْن الْحَاجِب فِي الْمُشْتَقّ ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى الْأَصَح أَن إِن الْمَكْسُورَة الأَصْل والمفتوحة فرع عَنْهَا لِأَن الْكَلَام مَعَ الْمَكْسُورَة جملَة غير مؤولة بمفرد وَمَعَ الْمَفْتُوحَة مؤول بمفرد وَكَون الْمَنْطُوق بِهِ جملَة من كل وَجه أَو مُفردا من كل وَجه أصل لكَونه جملَة من وَجه ومفردا من وَجه وَلِأَن الْمَكْسُورَة مستغنية بمعمولها عَن زِيَادَة والمفتوحة لَا تَسْتَغْنِي عَن زِيَادَة والمجرد من الزِّيَادَة أصل وَلِأَن الْمَفْتُوحَة تصير مَكْسُورَة بِحَذْف مَا تتَعَلَّق بِهِ وَلَا تصير الْمَكْسُورَة مَفْتُوحَة إِلَّا بِزِيَادَة والمرجوع إِلَيْهِ بِحَذْف أصل المتوصل إِلَيْهِ بِزِيَادَة وَلِأَن الْمَكْسُورَة تفِيد معنى وَاحِدًا وَهُوَ التَّأْكِيد والمفتوحة تفيده وَتعلق مَا بعْدهَا بِمَا قبلهَا وَلِأَنَّهَا أشبه إِذْ هِيَ عاملة غير معمولة والمفتوحة

عاملة ومعمولة وَلِأَنَّهَا مُسْتَقلَّة والمفتوحة كبعض اسْم إِذْ هِيَ وَمَا عملت فِيهِ بتقديره وَقَالَ قوم الْمَفْتُوحَة أصل الْمَكْسُورَة وَقَالَ آخَرُونَ كل وَاحِدَة أصل برأسها حَكَاهُمَا أَبُو حَيَّان الثَّانِيَة إِذا وَقعت أَن بعد لَو فمذهب سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين أَنَّهَا فِي مَحل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف لَا يجوز إِظْهَاره كحذفه بعد لَوْلَا وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَلَا خبر لَهُ لطوله وجريان الْمسند والمسند إِلَيْهِ فِي الذّكر وَذهب الْكُوفِيُّونَ والمبرد والزجاج والزمخشري وَابْن الْحَاجِب إِلَى أَنه فَاعل بِفعل مُقَدّر بعد لَو تَقْدِيره ثَبت وَهَذَا الْمُخْتَار لإغنائه عَن تَقْدِير الْخَبَر وإبقاء لَو على حَالهَا من الِاخْتِصَاص بِالْفِعْلِ ثمَّ ذهب قوم مِنْهُم الزَّمَخْشَرِيّ والسيرافي إِلَى أَنه يجب وُقُوع خبر أَن وَالْحَالة هَذِه فعلا ليَكُون جبرا لما فَاتَ لَو من إيلائها الْفِعْل ظَاهرا نَحْو {وَلَو أَنهم صَبَرُوا} الحجرات 5 وَلَا يجوز لَو أَن زيدا أَخُوك لأكرمتك وَقَالَ ابْن الْحَاجِب هَذَا إِذا كَانَ مشتقا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يتَعَيَّن فعليته فَإِن كَانَ اسْما جَامِدا جَازَ وَجوز الخضراوي وَغَيره وُقُوع خَبَرهَا جَامِدا ومشتقا غير فعل وَهُوَ الصَّوَاب لوروده قَالَ تَعَالَى {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} لُقْمَان 27 وَقَالَ الشَّاعِر 517 - (لَو أَن حَيّاً مُدْركُ الفَلاح ... أَدركهُ مُلاّعِبُ الرِّماح) ص مَسْأَلَة تدخل اللَّام اسْم الْمَكْسُورَة المفصول والعماد وَالْخَبَر الْمُؤخر وَأول جزأي الاسمية أولى وَفِي معموله متوسطا ظرفا

ثَالِثهَا الْأَصَح إِن جرد الْخَبَر قيل وَحَالا ومفعولا بِهِ وَتوقف أَبُو حَيَّان لَا مُتَأَخِّرًا وَجوزهُ الزّجاج مَعَ دُخُولهَا على الْخَبَر فَإِن تَأَخّر عَنهُ دون الِاسْم فَأَجَازَهُ ابْن خروف قِيَاسا وَلَا شرطا وَجوزهُ ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْجَواب وماضيا متصرفا قَالَ سِيبَوَيْهٍ وجامدا إِلَّا بقد وَأطلق خطاب وَلَا معموله ونفيا وواو مَعَ وَحَالا سادة وواو فِي الْكل ومنعها الكوفية فِي تَنْفِيس وَالْفراء فِي شَرط معترض وأظن وَإِلَى وَحَتَّى ومذ ومنذ وَجوز دُخُول اللامين وَهِي لَام الِابْتِدَاء أخرت كَرَاهَة توالي توكيدين وَقَالَ ثَعْلَب ومعاذ مُقَابلَة للباء فِي مَا وَهِشَام والطوال دَوَاب قسم مُقَدّر وَقد تدخل على كَانَ وشذت فِي خبر مُبْتَدأ وَأمسى وَزَالَ وَرَأى وَمَا وَفِي لهنك مَعَ تَأَكد الْخَبَر ودونه وَقيل هِيَ لَام قسم وَقيل أَصله لَهُ أَنَّك فَإِن صَحِبت نون توكيد بعد إِن أَو مَاضِيا متصرفا دون قد نوي قسم وَفتحت ش تدخل اللَّام بعد إِن الْمَكْسُورَة على اسْمهَا المفصول إِمَّا بالْخبر نَحْو {وَإِن لَك لأجرا} الْقَلَم 3 أَو بمعمول الْخَبَر نَحْو إِن فِيك لزيدا رَاغِب أَو بمعمول الِاسْم نَحْو إِن فِي الدَّار لساكنا زيد وعَلى ضمير الْفَصْل نَحْو {إِن هَذَا لَهو الْقَصَص الْحق} آل عمرَان 62 وعَلى الْخَبَر الْمُؤخر عَن الِاسْم نَحْو {وَإِن رَبك لذُو فضل} النَّمْل 73 بِخِلَاف الْمُقدم عَلَيْهِ فَلَا يُقَال إِن لعندك زيدا فَإِن كَانَ الْخَبَر جملَة اسمية جَازَ دُخُولهَا على أول جزأيها وعَلى الثَّانِي وَالْأول أولى لتعينه فِي الفعلية نَحْو {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون} الصافات 165 وَمن دُخُولهَا على الثَّانِي قَوْله 518 - (فَإنَّك مَنْ حَاربتَهُ لمُحَارَبٌ ... شَقِىٌ، ومَنْ سَالَمْتَهُ لَسَعِيدُ) وَفِي دُخُولهَا على مَعْمُول الْخَبَر إِذا كَانَ متوسطا بَين الِاسْم وَالْخَبَر وَهُوَ ظرف أَو مجرورا أَقْوَال

أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا وَإِن دخلت على الْخَبَر أَيْضا وَعَلِيهِ الْمبرد وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان حُكيَ إِن زيدا لبك لواثق وَإِنِّي لبحمد الله لصالح وأنشدوا 519 - (إنّي لِعِنْدَ أذَى المَوْلى لَذُو حَنَق ... ) وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا وَالثَّالِث وَهُوَ الْأَصَح عِنْدِي تبعا للسيرافي وَابْن عُصْفُور الْجَوَاز إِن لم تدخل على الْخَبَر كَقَوْلِه 520 - (إِن امْرأ خصّنى عمدا مودّته ... على التَّنَائِى لعندي غَيْرُ مَكْفُور) وَالْمَنْع إِن دخلت عَلَيْهِ لِأَن الْحَرْف إِذا أُعِيد للتَّأْكِيد لم يعد إِلَّا مَعَ مَا دخل عَلَيْهِ أَو مَعَ ضَمِيره وَلَا يُعَاد مَعَ غَيره إِلَّا فِي ضَرُورَة فَإِن كَانَ حَالا أَو مَفْعُولا بِهِ فَقيل يجوز إجراؤهما مجْرى الظّرْف نَحْو إِن زيدا لضاحكا مقبل وَإِن زيدا لطعامك آكل قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسمع ذَلِك فيهمَا فَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف فِيهِ وَلَا يَصح الْقيَاس على الظّرْف وَالْمَجْرُور لِأَنَّهُ يتوسع فيهمَا مَا لَا يتوسع فِي غَيرهمَا وَمِمَّنْ نَص على الْجَوَاز فِي الْمَفْعُول بِهِ الزّجاج وَابْن ولاد وَابْن مَالك وَنَصّ الْأَوَّلَانِ على الْمَنْع فِي الْحَال بل نَقله أَبُو حَيَّان عَن نَص الْأَئِمَّة وَحكى صَاحب الْبَسِيط فِيهِ الْخلاف بِلَا تَرْجِيح وَقَالَ من رَاعى أَنه فضلَة كالظرف أجَاز وَمن رَاعى أَنه لَا يكون خَبرا بِخِلَاف الظّرْف لم يجوز ثمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَلا يجوز فِي الْمَفْعُول انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَأم إِذا كَانَ الْمَعْمُول مصدرا أَو مَفْعُولا لَهُ نَحْو إِن زيدا لقياما قَائِم وَإِن زيدا لإحسانا يزورك فَهُوَ مندرج فِي عُمُوم قَوْلهم إِنَّهَا تدخل على مَعْمُول الْخَبَر وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف فِي ذَلِك وَلَا يقدم عَلَيْهِ إِلَّا بِسَمَاع

وَإِن تَأَخّر مَعْمُول الْخَبَر عَنهُ وَعَن الِاسْم فَإِن جرد الْخَبَر من اللَّام لم يجز دُخُولهَا عَلَيْهِ وَإِن لم يجرد فَقَوْلَانِ أَحدهمَا الْجَوَاز وَعَلِيهِ الزّجاج نَحْو إِن زيدا لقائم لفي الدَّار وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيح وَعَلِيهِ الْمبرد الْمَنْع لِأَنَّهُ لم يسمع وَإِن تَأَخّر عَن الْخَبَر دون الِاسْم فَقَالَ ابْن خروف الْقيَاس أَن يجوز دُخُولهَا عَلَيْهِ لتَعَلُّقه بِمَا قبل الِاسْم نَحْو إِن عِنْدِي لفي الدَّار زيدا وَإِن عِنْدِي لقائما صَاحبك وَلَا تدخل اللَّام على الْخَبَر إِذا كَانَ أَدَاة الشَّرْط فَلَا يُقَال إِن زيدا لَئِن أكرمني أكرمته حذرا من التباسها بالموطئة فَإِنَّهَا تصْحَب أَدَاة الشَّرْط كثيرا وَلذَلِك جوز ابْن الْأَنْبَارِي دُخُولهَا على جَوَابه لِأَنَّهُ غير صَالح للتوطئة نَحْو إِن زيدا من يَأْته ليحسن إِلَيْهِ قَالَ ابْن مَالك إِلَّا أَنه لم يسمع فالأجود أَلا يحكم بِجَوَازِهِ وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان وَقَالَ إِن الْكسَائي وَالْفراء أَيْضا نصا على مَنعه وَنَصّ الْفراء أَيْضا على منع دُخُولهَا على الشَّرْط الْمُعْتَرض بَين اسْم إِن وخبرها نَحْو إِن زيدا لَئِن أَتَاك محسن وَلَا تدخل على فعل مَاض متصرف خَال من قد فَلَا يُقَال إِن زيدا لقد قَامَ بِخِلَاف الْمُضَارع فَإِنَّهَا تدخل عَلَيْهِ نَحْو إِن زيدا ليقوم لشبهه بِالِاسْمِ الَّذِي هُوَ الأَصْل فِيهَا وَبِخِلَاف الْمَاضِي الْمُتَصَرف مَعَ قد نَحْو إِن زيدا لقد قَامَ فَإِن قد قرينَة فِي الْحَال فَأشبه الْمُضَارع وَبِخِلَاف الجامد نَحْو إِن زيدا لنعم الرجل لِأَنَّهُ لكَونه للإنشاء يسْتَلْزم الْحُضُور فَأشبه الْمُضَارع ولكونه لَا يتَصَرَّف أشبه الِاسْم والمتصرف الْخَالِي من قد خَال من الشّبَه بِكُل طَرِيق هَذَا مَا ذكره ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك وَنقل أَبُو حَيَّان كالصفار وَابْن السَّيِّد عَن سِيبَوَيْهٍ أَنه منع دُخُولهَا على الجامد أَيْضا وَأَن الْجَوَاز مَذْهَب الْأَخْفَش لما تقدم وَالْفراء لِأَن نعم وَبئسَ عِنْده اسمان وَعَسَى لكَونهَا لَا مضارع لَهَا بِمَنْزِلَة الْمُضَارع إِذا كَانَت بِلَفْظ وَاحِد لَهُ وَلغيره وَوَافَقَهُمَا أَكثر الْكُوفِيّين والأندلسيين وَذهب خطاب بن يُوسُف الماردي صَاحب التوشيح إِلَى أَنَّهَا لَا تدخل

على الْمَاضِي مُطلقًا لَا مَعَ قد وَلَا خَالِيا عَنْهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ معنى اسْم الْفَاعِل قَالَ وَمَا سمع من ذَلِك فَاللَّام فِيهِ لَام الْقسم لَا الِابْتِدَاء وَلَا تدخل أَيْضا على مَعْمُول الْمَاضِي الْمُتَصَرف الْخَالِي من قد فَلَا يُقَال إِن زيدا لطعامك آكل وَأَجَازَهُ الْأَخْفَش وَالْفراء ورد أَن دُخُولهَا على الْمَعْمُول فرع دُخُولهَا على الْخَبَر وَهِي لَا تدخل على الْخَبَر الْمَذْكُور فَكَذَا معموله وَإِلَّا يلْزم تَرْجِيح الْفَرْع على الأَصْل وَلَا تدخل على خبر منفي قَالَ ابْن مَالك لِأَن أَكثر النَّفْي بِمَا أَوله لَام فكره دُخُول اللَّام على لَام ثمَّ جرى النَّفْي على سنَن وَاحِد وَأَجَازَهُ بَعضهم لقَوْله 521 - (وأعْلَمُ إنّ تَسْلِيماً وتَرْكًا ... لَلاَ مُتَشَبهَان وَلَا سَوَاءُ) وَأجِيب بِأَنَّهُ نَادِر وَلَا تدخل أَيْضا على وَاو مَعَ الْمُغنيَة عَن الْخَبَر وَجوزهُ الْكسَائي وَحكى إِن كل ثوب لَو ثمنه وَلَا تدخل أَيْضا على الْحَال السَّادة مسد الْخَبَر وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ نَحْو إِن أكلي التفاحة لنضيجة وَلَا على وَاو الْحَال السَّادة مسد الْخَبَر وَأَجَازَهُ الْكسَائي نَحْو إِن شتمي زيدا لَو النَّاس ينظرُونَ وَلَا تدخل على خبر أَن الْمَفْتُوحَة وَجوزهُ الْمبرد وَقُرِئَ {إِلَّا إِنَّهُم ليأكلون} الْفرْقَان 20 يفتح الْهمزَة وأنشدوا 522 - (ألَمْ تَكُن حَلَفْتَ باللَّه العلِىِّ ... أَن مَطَايَاكَ لَمِنْ خَيْر المَطِىِّ) وخرجه الْجُمْهُور على الزِّيَادَة أَو الشذوذ وَلَا على خبر لَكِن وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ لقَوْله 523 - (ولَكِنَّني من حُبِّها لَعَمِيدُ ... )

وَأجِيب بِمَا تقدم وَمنع الْكُوفِيُّونَ دُخُولهَا على حرف التَّنْفِيس وغلطهم البصريون لوروده فِي قَوْله تَعَالَى {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} الضُّحَى 5 وَقَالَ بعض المغاربة امْتنعت الْعَرَب من إِدْخَال اللَّام على السِّين كَرَاهَة توالى الحركات فِي سيتدحرج وطرد الْبَاقِي وَمنع الْفراء نَحْو إِن زيدا لأَظُن قَائِم وَإِن زيدا لَئِن شَاءَ الله قَائِم قَالَ ابْن كيسَان لِأَنَّهُ كَلَام معترض بِهِ من إخبارك عَن نَفسك كَيفَ وصفت الْخَبَر عَن زيد شكا كَانَ عنْدك أَو يَقِينا والتوكيد إِنَّمَا هُوَ لخَبر زيد لَا لخبرك عَن نَفسك لِأَن إِن لَا تتَعَلَّق بخبرك وَهِي متجاوزة إِلَى الْخَبَر وَبَقِي فِي الْمَتْن مسَائِل الأولى أجَاز الْفراء الْجمع بَين لامين نَحْو إِن زيدا للقد قَامَ وَأنْشد 524 - (فلئن يَوْمًا أَصَابُوا عِزّةً ... وَأَصَبْنَا من زمَان رنَقَا) (لَلَقَدْ كَانُوا لَدَى أَزْمَانِنا ... بصَنِيعَين لِبأس وتُقَى) وَمنع ذَلِك البصريون وَقَالُوا الرِّوَايَة فَلَقَد الثَّانِيَة اخْتلف فِي اللَّام الدَّاخِلَة على خبر إِن فالبصريون على أَنَّهَا لَام الِابْتِدَاء الَّتِي فِي قَوْلك لزيد أَخُوك أخرت لِأَنَّهَا للتَّأْكِيد وَإِن للتَّأْكِيد فكرهوا توالي حرفين لِمَعْنى وَاحِد وَالْعرب لَا تجمع بَين حرفين لِمَعْنى وَاحِد إِلَّا فِي ضَرُورَة وَإِذا أَرَادوا ذَلِك فصلوا بَينهمَا قَالَ الْأَخْفَش وَإِنَّمَا بدءوا بإن لقوتها من حَيْثُ إِنَّهَا عاملة وَاللَّام غير عاملة فَجعلُوا الْأَقْوَى مُتَقَدما فِي اللَّفْظ

وَقَالَ ابْن كيسَان أخرت لِئَلَّا يبطل عمل إِن لَو وليتها لِأَنَّهَا تقطع مدخولها عَمَّا قبله وَذهب معَاذ الهراء وثعلب إِلَى أَنَّهَا جِيءَ بهَا بِإِزَاءِ الْبَاء فِي خَبَرهَا فقولك إِن زيدا منطلق جَوَاب مَا زيد مُنْطَلقًا وَإِن زيدا لمنطلق جَوَاب مَا زيد بمنطلق وَذهب هِشَام وَأَبُو عبد الله الطوَال إِلَى أَنَّهَا جَوَاب قسم مُقَدّر قبل إِن وعَلى القَوْل بِأَنَّهَا للتَّأْكِيد هَل هِيَ لتأكيد الْجُمْلَة بأسرها أَو للْخَبَر وَحده وَإِن توكيد للاسم البصريون على الأول وَالْكسَائِيّ على الثَّانِي الثَّالِثَة شَذَّ دُخُول اللَّام فِي غير خبر إِن وَذَلِكَ فِي مَوَاضِع خبر الْمُبْتَدَأ كَقَوْلِه 525 - (أُمُّ الحُلَيْس لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ ... ) وَخبر أَمْسَى كَقَوْلِه 526 - (فَقالَ مَنْ سُئِلوا أَمْسَى لَمَجْهُودا ... ) وَخبر زَالَ كَقَوْلِه 527 - (وَمَا زلْتُ من لَيْلى لدن أَن عَرَفْتُهَا ... لكَالْهَائِم المُقْصَى بكُلِّ مَرَادِ)

وَخبر رَأْي حكى قطرب أَرَاك لشاتمي وَخبر مَا كَقَوْلِه 528 - (وَمَا أَبانُ لَمِنْ أَعْلاج سُودَان ... ) وَقيل همزَة إِن مبدلة هَاء مَعَ تَأْكِيد الْخَبَر أَو تجريده كَقَوْلِه 529 - (لَهنّكِ من عَبْسِيّةٍ لَوَسِيمَةٌ ... ) وَقَوله 530 - (لَهنَّكَ مِنْ بَرْق عَلَىّ كَريمُ ... ) هَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْن جني وَابْن مَالك من أَنَّهَا فِي هَذِه الْكَلِمَة لَام الِابْتِدَاء جَازَ دُخُولهَا على إِن لتغير لَفظهَا بِالْبَدَلِ وَجمع بَينهمَا تَنْبِيها بهَا على موضعهَا الْأَصْلِيّ

وَذهب سِيبَوَيْهٍ وَابْن السراج إِلَى أَنَّهَا لَام قسم مُقَدّر لَا لَام إِن قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَهَذِه كلمة تَتَكَلَّم بهَا الْعَرَب فِي حَال الْيَمين وَذهب قطرب وَالْفراء والمفضل بن سَلمَة والفارسي وَصَححهُ ابْن عُصْفُور إِلَى أَن الأَصْل لَهُ إِنَّك فهما كلمتان وَمعنى لَهُ وَالله وَإِن جَوَاب الْقسم وَقد سمع لَهُ رَبِّي لَا أَقُول يُرِيد وَالله رَبِّي فحذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا كَمَا حذفت فِي نَحْو {إِنَّهَا لإحدى الْكبر} المدثر 35 وَضعف أَبُو حَيَّان الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلين بِلُزُوم الْجمع بَين أداتي تَأْكِيد وَالثَّالِث بِأَن فِيهِ أَرْبَعَة شذوذات حذف حرف الْقسم وإبقاء الْجَرّ من غير عوض وَحذف أل وَالْألف بعد اللَّام من الله والهمزة من إِن وَبِأَنَّهُ لم يَجِيء مَعَ إِقْرَار الْهمزَة فِي مَوضِع قَالَ أَبُو حَيَّان وَيجوز دُخُول اللَّام على كَأَن كَقَوْلِه 531 - (وَقمت تَعْدُوا لَكأنْ لَم تَشْعُر ... ) الرَّابِعَة إِذا صَحِبت اللَّام بعد إِن نون تَأْكِيد أَو مَاضِيا متصرفا عَارِيا من قد نوي قسم وَيكون اللَّام جَوَابه لَا لَام الِابْتِدَاء نَحْو إِن زيدا ليقومن وَإِن زيدا لقام وَحِينَئِذٍ يمْتَنع الْكسر إِذا تقدم على إِن مَا يطْلب موضعهَا نَحْو علمت أَن زيدا ليقومن أَو لقام وَإِنَّمَا امْتنع الْكسر لِأَن اللَّام حِينَئِذٍ فِي موضعهَا غير منوي بهَا التَّقْدِيم قبل إِن بِخِلَافِهَا فِي علمت إِن زيدا لمنطلق فَإِنَّهَا تكسر مَعهَا لِأَنَّهَا مُقَدّمَة فِي النِّيَّة معلقَة للْفِعْل عَن فتح إِن وَإِنَّمَا أخرت لِلْعِلَّةِ السَّابِقَة ص مَسْأَلَة ترد إِن كنعم خلافًا لأبي عُبَيْدَة فتهمل ش اخْتلف هَل تَأتي إِن حرف جَوَاب معنى نعم فَأثْبت ذَلِك سِيبَوَيْهٍ والأخفش وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك وَأنْكرهُ أَبُو عُبَيْدَة وَمن شَوَاهِد من أثبت قَول ابْن الزبير لمن قَالَ لَهُ لعن الله نَاقَة حَملتنِي إِلَيْك إِن وراكبها وَلَا عمل لَهَا حِينَئِذٍ وَخرج الْأَخْفَش عَلَيْهَا قِرَاءَة {إِن هَذَانِ لساحران} طه 63

تخفيف إن المكسورة

[تَخْفيف " إِن " الْمَكْسُورَة] ص وتخفف فتهمل غَالِبا وَتلْزم اللَّام إِن خيف لبس بالنافية وَهِي الابتدائية وَثَالِثهَا إِن دخلت على اسمية فَهِيَ وَإِلَّا غَيرهَا وعَلى الْأَصَح تكسر فِي إِن كنت لمؤمنا وَلَا تعْمل فِي ضمير وَلَا يَليهَا غَالِبا فعل إِلَّا متصرف نَاسخ مَاض أَو مضارع خلافًا لِابْنِ مَالك وقاس كالأخفش إِن قتلت لمسلما وَلَا تخفف وخبرها مَاض وَلَا تعملها الكوفية بل نَافِيَة وَاللَّام كإلا وَقَالَ الْكسَائي إِن دخلت على فعلية وَإِلَّا عملت وَالْفراء هِيَ كقد ش تخفف إِن الْمَكْسُورَة فَيبْطل اختصاصها بِالْجُمْلَةِ الابتدائية ويغلب إهمالها وَقد تعْمل على قلَّة وحالها إِذا أعملت كحالها وهى مُشَدّدَة إِلَّا أَنَّهَا لَا تعْمل فِي الضَّمِير إِلَّا فِي ضَرُورَة بِخِلَاف الْمُشَدّدَة تَقول إِنَّك قَائِم بِالتَّشْدِيدِ وَلَا يجوز إِنَّك قَائِم بِالتَّخْفِيفِ وَأما فِي دُخُول اللَّام وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام فهى كالمشددة سَوَاء وَإِذا أهملت لَزِمت اللَّام فِي ثَانِي الجزأين بعْدهَا فرقا بَينهَا وَبَين إِن النافية لالتباسها حِينَئِذٍ بهَا نَحْو إِن زيد لقائم وَمن ثمَّ لَا تلْزم مَعَ الإعمال لعدم الإلباس وَلَا تدخل فِي مَوضِع لَا يصلح للنَّفْي كَقَوْلِه 532 - (أَنا ابنُ أُبَاةِ الضَّيم من آل مَالِكٍ ... وإنْ مالِكٌ كَانَت كِرامَ المَعَادن) لِأَنَّهُ للمدح وَلَو كَانَت نَافِيَة كَانَ هجوا وَلَا حَيْثُ كَانَ بعْدهَا نفي نَحْو إِن زيد لن يقوم أَو لم يقم أَو لما يقم أَو لَيْسَ قَائِما أَو مَا يقوم لعدم الإلباس فِي الْجَمِيع وَاخْتلف فِي هَذِه اللَّام فَذهب سِيبَوَيْهٍ والأخفش الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَأكْثر

نحاة بَغْدَاد وَابْن الْأَخْضَر وَابْن عُصْفُور إِلَى أَنَّهَا لَام الِابْتِدَاء الَّتِي تدخل مَعَ الْمُشَدّدَة لَزِمت للْفرق وَذهب الْفَارِسِي وَابْن أبي الْعَافِيَة والشلوبين وَابْن أبي الرّبيع إِلَى أَنَّهَا لَام أُخْرَى غير تِلْكَ الَّتِي اجتلبت للْفرق لِأَن تِلْكَ منوية التَّأْخِير من تَقْدِيم وَهَذِه بِخِلَافِهَا إِذْ تدخل فِي الْجُمْلَة الفعلية بِخِلَاف تِلْكَ وَلِأَن هَذِه يعْمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا بِخِلَاف تِلْكَ لَا يُقَال إِنَّك قتلت لمسلما وَلِأَنَّهَا تدخل على غير الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر ومعموله من الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِخِلَاف ذَلِك وَأجَاب الْأَولونَ بِأَن ذَلِك كُله إِنَّمَا جَازَ تبعا وتسمحا على خلاف الأَصْل لضَرُورَة الْفرق فَإِنَّهَا تبيح أَكثر من ذَلِك وَذهب بَعضهم إِلَى التَّفْضِيل بَين أَن تدخل على الْجُمْلَة الاسمية فَتكون لَام الِابْتِدَاء أَو الفعلية فَتكون الفارقة قَالَ أَبُو حَيَّان وَثَمَرَة الْخلاف تظهر عِنْد دُخُول علمت وَأَخَوَاتهَا فَإِن كَانَت للْفرق لم تعلق وَإِن كَانَت لَام الِابْتِدَاء علقت وَاخْتلف فِي الحَدِيث الْمَشْهُور وَقد علمنَا إِن كنت لمؤمنا الْأَخْفَش الصَّغِير والفارسي ثمَّ ابْن الْأَخْضَر وَابْن أبي الْعَافِيَة فَقَالَ الْأَخْفَش وَابْن الْأَخْضَر لَا يجوز فِي إِن إِلَّا الْكسر بِنَاء على أَن اللَّام للابتداء فعلقت فعل الْعلم عَن الْعَمَل وَقَالَ الْفَارِسِي وَابْن أبي الْعَافِيَة لَا يجوز إِلَّا الْفَتْح بِنَاء على أَنَّهَا غَيرهَا فَلم تعلقه وَلَا يَلِي المخففة فِي الْغَالِب من الْأَفْعَال إِلَّا مَا كَانَ متصرفا نَاسِخا مَاضِيا كَانَ أَو مضارعا نَحْو {وَإِن كَانَت لكبيرة} الْبَقَرَة 143 {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} الْأَعْرَاف 102 {وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا} الْقَلَم 51 {وَإِن نظنك لمن الْكَاذِبين} الشُّعَرَاء 186 وَقَرَأَ أبي {وَإِن إخالك يَا فِرْعَوْن لمثبورا} الْإِسْرَاء 102 وَزعم ابْن مَالك أَنه لَا يَليهَا إِلَّا الْمَاضِي وَأَن مَا ورد من الْمُضَارع يحفظ

وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ بِصَحِيح وَلَا أعلم لَهُ مُوَافقا انْتهى وندر إيلاؤها غير النَّاسِخ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود {إِن لبثتم لقليلا} الْإِسْرَاء 52 وَقَول الشَّاعِر 533 - (شَلّتْ يَمِينْك إنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِماً ... ) وَمَا حكى إِن قنعت كاتبك لسوطا وَإِن يزينك لنَفسك وَإِن يشينك لهيه فالبصريون إِلَّا الْأَخْفَش على أَن ذَلِك من الْقلَّة بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَذهب الْأَخْفَش إِلَى جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ وَوَافَقَهُ ابْن مَالك وَلَا تخفف وخبرها مَاض متصرف فَلَا يُقَال إِن زيدا لذهب لعدم سَماع مثله وَلِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أحد محذورين إِمَّا دُخُول اللَّام على الْمَاضِي أَو عدم لُزُوم اللَّام وَكِلَاهُمَا مُمْتَنع هَذَا كُله مَذْهَب الْبَصرِيين وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن الْمُشَدّدَة لَا تخفف أصلا وَأَن أَن المخففة إِنَّمَا هِيَ حرف ثنائي الْوَضع وَهِي النافية فَلَا عمل لَهَا أَلْبَتَّة وَلَا توكيد فِيهَا وَاللَّام بعْدهَا للْإِيجَاب بِمَعْنى إِلَّا ويجيزون دُخُولهَا على النَّاسِخ وَغَيره وَذهب الْكسَائي إِلَى أَنَّهَا إِن دخلت على الِاسْم كَانَت مُخَفّفَة من الْمُشَدّدَة عاملة كَمَا قَالَ البصريون وَإِن دخلت على الْفِعْل كَانَت للنَّفْي وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا

إن المفتوحة المخففة

كَمَا قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَذهب الْفراء إِلَى أَن إِن المخففة بِمَنْزِلَة قد إِلَّا أَن قد تخْتَص بالأفعال وَإِن تدخل عَلَيْهَا وعَلى الْأَسْمَاء وكل ذَلِك لَا دَلِيل عَلَيْهِ ومردود بِسَمَاع الإعمال نَحْو {وَإِن كلا لما ليوفينهم} هود 111 {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} الطارق 4 قرئا بِالنّصب وَسمع إِن عمرا لمنطلق [إِن الْمَفْتُوحَة المخففة] ص وتخفف أَن فثالثها الْأَصَح تعْمل جَوَازًا فِي مُضْمر لَا ظَاهر وَلَا يلْزم أَن يكون الشَّأْن على الْأَصَح وَالْخَبَر جملَة اسمية مُجَرّدَة أَو مَعَ لَا أَو شَرط أَو رب أَو فعلية فَإِن تصرف وَلم يكن دُعَاء قرن غَالِبا بِنَفْي أَو لَو أَو قد أَو تَنْفِيس ش تخفف أَن الْمَفْتُوحَة وَفِي إعمالها حِينَئِذٍ مَذَاهِب أَحدهَا إِنَّهَا لَا تعْمل شَيْئا لَا فِي ظَاهر وَلَا فِي مُضْمر وَتَكون حرفا مصدريا مهملا كَسَائِر الْحُرُوف المصدرية وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والكوفيون الثَّانِي أَنَّهَا تعْمل فِي الْمُضمر وَفِي الظَّاهِر نَحْو علمت أَن زيدا قَائِم وقرى {أَن غضب الله عَلَيْهَا} النُّور 9 وَعَلِيهِ طَائِفَة من المغاربة الثَّالِث أَنَّهَا تعْمل جَوَازًا فِي مُضْمر لَا ظَاهر وَعَلِيهِ الْجُمْهُور قَالَ ابْن مَالك فَإِن قيل مَا الَّذِي دَعَا إِلَى تَقْدِير اسْم لَهَا مَحْذُوف وَجعل الْجُمْلَة بعْدهَا فِي مَوضِع خَبَرهَا وهلا قيل إِنَّهَا ملغاة وَلم يتَكَلَّف الْحَذف فَالْجَوَاب أَن سَبَب عَملهَا الِاخْتِصَاص بِالِاسْمِ فَمَا دَامَ الِاخْتِصَاص يَنْبَغِي أَن يعْتَقد أَنَّهَا عاملة وَكَون الْعَرَب تستقبح وُقُوع الْأَفْعَال بعْدهَا إِلَّا بفصل ثمَّ لَا يلْزم أَن يكون ذَلِك الضَّمِير الْمَحْذُوف ضمير الشَّأْن كَمَا زعم بعض المغاربة بل إِذا أمكن عوده إِلَى حَاضر أَو غَائِب مَعْلُوم كَانَ أولى وَلذَا قدر سِيبَوَيْهٍ فِي {أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} الصافات 104، 105 أَنَّك وَلَا يكون خَبَرهَا مُفردا بل جملَة إِمَّا اسمية مُجَرّدَة صدرها الْمُبْتَدَأ نَحْو {وءاخر دعوئهم أَن الْحَمد لله} يُونُس 10 أَو الْخَبَر نَحْو

534 - (أنْ هَالِكٌ كلُّ مَنْ يَحْفى وَيَنْتَعِلُ ... ) أَو مقرونة بِلَا نَحْو {وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} هود 14 أَو باداة شَرط نَحْو {أَن إِذا سَمِعْتُمْ ءايات الله} النِّسَاء 140 أَو بِرَبّ نَحْو 535 - (تَيَقّنْتُ أنْ رُبَّ امْريء خِيلَ خَائِناً ... أمينٌ، وخَوّان يُخَالُ أَمِينَا) أَو فعلية فَإِن كَانَ فعلهَا جَامِدا أَو دُعَاء لم يحْتَج إِلَى اقتران شَيْء نَحْو {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى} النَّجْم 39 {وَأَن عَسى أَن يكون} الْأَعْرَاف 185 536 - (أّنْ نِعْم مُعْتَركُ الجيَاع إذَا ... ) {وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا} النُّور 9 وَإِن كَانَ متصرفا غير دُعَاء قرن غَالِبا بِنَفْي نَحْو {أَفلا يرَوْنَ أَلا يرجع إِلَيْهِم قولا} طه 89 {ألن نجمع عِظَامه} الْقِيَامَة 3 {أَن لم يره أحد} الْبَلَد 7 قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يحفظ فِي مَا وَلَا فِي لما فَيَنْبَغِي أَن لَا يقدم على جَوَازه حَتَّى يسمع أَو بلو نَحْو {أَن لَو نشَاء أصبناهم} الْأَعْرَاف 100 {وألوا استقاموا على الطَّرِيقَة} الْجِنّ 16 {أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب} سبأ 14 {أَن لَو يشآء الله لهدى النَّاس} الرَّعْد 31

كأن المخففة

أَو بقد نَحْو {ونعلم أَن قد صدقتنا} الْمَائِدَة 113 أَو بِحرف تَنْفِيس نَحْو {علم أَن سَيكون} المزمل 20 وندر خلوها من جَمِيع مَا ذكر كَقَوْلِه 537 - (عَلِمُوا أَنْ يُؤَمِّلُونَ فجَادُوا ... ) وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} الْبَقَرَة 233 بِالرَّفْع وَكَذَا ندر إعمالها فِي بارز كَقَوْلِه 538 - (فَلَو أّنْكِ فِي يَوْم الرخَاء سَألْتنِي ... ) [كَأَن المخففة] ص وَكَأن فأقوالها وَيَأْتِي خَبَرهَا مُفردا واسمية وفعلية مَعَ لم أَو لما أَو قد ش تخفف كَأَن وَفِي إعمالها حِينَئِذٍ الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي أَن أَحدهَا الْمَنْع وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا فِي الْمُضمر والبارز كَقَوْلِه 539 - (كأنْ ثَدْيَيْهِ حُقّان ... )

وَكَقَوْلِه 540 - (كَأَن ظَبْيَة تَعْطُو ... ) فِي رِوَايَة النصب فيهمَا وَالثَّالِث الْجَوَاز فِي الْمُضمر لَا فِي البارز وَلَا يلْزم أَن يكون ضمير الشَّأْن أَيْضا كَمَا فِي أَن وَيزِيد عَلَيْهَا بِجَوَاز كَون خَبَرهَا مُفردا كَقَوْلِه كَأَن ظَبْيَة فِي رِوَايَة الرّفْع وَجُمْلَة اسمية كَقَوْلِه كَأَن ثدياه حقان فِي رِوَايَة الرّفْع وفعلية مصدرة بلم نَحْو {كَأَن لم تغن بالْأَمْس} يُونُس 24 أَو بلما الجازمة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسمع وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف فِي جَوَازه أَو بقد نَحْو 541 - (لما تَزُلْ برحَالِنَا وكأنْ قَدِ ... )

لكن المخففة

أَي وَكَأن قد زَالَت [لَكِن المخففة] ص وَلَكِن فَلَا تعْمل خلافًا ليونس ش تخفف لَكِن فَلَا تعْمل أصلا لعدم سَمَاعه وَعلل بمباينة لَفظهَا للفظ الْفِعْل وبزوال مُوجب إعمالها وَهُوَ الِاخْتِصَاص إِذْ صَارَت يَليهَا الِاسْم وَالْفِعْل وَأَجَازَ يُونُس والأخفش إعمالها قِيَاسا على إِن وَأَن وَكَأن [لَعَلَّ المخففة] ص لَا لَعَلَّ وَجوزهُ أَبُو عَليّ وَيَنْوِي الشَّأْن ش لَا تخفف لَعَلَّ وَقَالَ الْفَارِسِي تخفف وتعمل فِي ضمير الشَّأْن محذوفا ص مَسْأَلَة تلِي مَا لَيْت فتعمل وتهمل وَلَا يَليهَا الْفِعْل بِحَال فِي الْأَصَح وَالْبَاقِي فَلَا تعْمل وَجوزهُ الزجاجي فِيهَا والزجاج والحريري فِي لَعَلَّ وَكَأن وَأوجب الْفراء فِي لَيْت وَلَعَلَّ وَهِي زَائِدَة كَافَّة وَقيل نكرَة يُفَسِّرهَا مَا بعْدهَا خَبرا وَقيل نَافِيَة وَالْأَكْثَر أَن إِن مَعهَا تفِيد الْحصْر وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان قَالَ التنوخي والزمخشري والبيضاوي وَإِن

ش توصل لَيْت ب مَا فَيجوز إبْقَاء إعمالها وإهمالها كفا ب مَا وَرُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْله 542 - (قَالَت: ألاَ لَيْتَمَا هَذَا الحمامُ لنَا ... ) ويوصل بهَا الْبَاقِي فتكفها عَن الْعَمَل وَتلْزم الإهمال نَحْو {إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد} النِّسَاء 171 {أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد} الْكَهْف 110 وَالْفرق بَينهَا وَبَين لَيْت أَن لَيْت أشبه بالأفعال مِنْهَا وَلذَا لزمتها نون الْوِقَايَة بِخِلَاف الْبَوَاقِي وَأَنَّهَا بَاقِيَة الِاخْتِصَاص بالأسماء فَلَا تدخل على الْأَفْعَال بِخِلَاف الْبَوَاقِي فَإِنَّهَا تدخل عَلَيْهَا مَعًا نَحْو {إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ} الْأَنْبِيَاء 108 {أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا} الْمُؤْمِنُونَ 115 {كَأَنَّمَا يساقون إِلَى الْمَوْت} الْأَنْفَال 6 543 - (وَلَكِنّما أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّل ... )

544 - ( ... ... ... ... . لَعَلّمَا ... أَضاءت لَك النّارُ الحِمَارَ المُقَيّدا) فَلهَذَا تعين فِيهَا الإلغاء وَجَاز فِي لَيْت الإعمال رَاعيا لقُوَّة اختصاصها والإهمال إِلْحَاقًا بأخواتها قَالَ أَبُو حَيَّان ووقفت على كتاب تأليف طَاهِر الْقزْوِينِي فِي النَّحْو ذكر فِيهِ أَن ليتما تَلِيهَا الْجُمْلَة الفعلية بل نَقله أَبُو جَعْفَر الصفار عَن الْبَصرِيين لَكِن الْأَخْفَش على سَعَة حفظه قَالَ إِنَّه لم يسمع قطّ ليتما يقوم زيد وَنقل أَبُو حَيَّان عَن الْفراء أَنه جَوَاز إِيلَاء الْفِعْل لَيْت لِأَنَّهَا بِمَعْنى لَو وَأنْشد حفظه الله 545 - (فَلَيْتَ دَفَعْتَ الهمّ عَنِّي سَاعَةً ... ) وخرجه البصريون على حذف الِاسْم وَقد أَشرت إِلَى الْخلاف فِي الْحَالين بِقَوْلِي وَلَا يَليهَا الْفِعْل بِحَال أَي لَا مَعَ مَا وَلَا مُجَرّدَة يحصل من جَمِيع الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَة أَقْوَال وَذهب الزجاجي إِلَى أَنه يجوز الإعمال فِي الْجَمِيع حكى إِنَّمَا زيدا قَائِم وَيُقَاس فِي الْبَاقِي وَوَافَقَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن مَالك وَنَقله عَن ابْن السراج وَذهب الزّجاج وَابْن أبي الرّبيع إِلَى أَنه يجوز فِي لَيْت وَلَعَلَّ وَكَأن خَاصَّة

وَيتَعَيَّن الإلغاء فِي إِن وَأَن وَلَكِن وعزي إِلَى الْأَخْفَش وَوجه باشتراك الثَّلَاثَة الأول فِي تَغْيِير معنى الْجُمْلَة الابتدائية بِخِلَاف الْأُخَر فَإِنَّهُنَّ لَا يغيرن مَعَ الِابْتِدَاء وَذهب الْفراء إِلَى وجوب الإعمال فِي لَيْت وَلَعَلَّ وَلم يجوز فيهمَا الإلغاء وَعِنْدِي جَوَاز الْوَجْهَيْنِ فِي لَيْت وَإِن قصرا على السماع وَتعين الإلغاء فِي الْبَوَاقِي لعدم سَماع الإعمال فِيهَا ثمَّ مَا الْمَذْكُورَة زَائِدَة كَافَّة عَن الْعَمَل مهيئة لدُخُول هَذِه الأحرف على الْجمل هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف وَزعم ابْن درسْتوَيْه وَبَعض الْكُوفِيّين أَنَّهَا نكرَة مُبْهمَة بِمَنْزِلَة الضَّمِير الْمَجْهُول لما فِيهَا من التفخيم وَالْجُمْلَة الَّتِي بعْدهَا فِي مَوضِع الْخَبَر ومفسرة لَهَا كَالَّتِي بعد ضمير الشَّأْن ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت كَذَلِك لاستعملت مَعَ جَمِيع النواسخ كضمير الشَّأْن وَزعم أَبُو عَليّ الْفَارِسِي أَنه نَافِيَة وَاسْتدلَّ بِأَنَّهَا أفادت مَعهَا الْحصْر نَحْو {إِنَّمَا الله إِلَه وَاحِد} النِّسَاء 171 كإفادة النَّفْي وَالْإِثْبَات بإلا وَمَا ذكر من إفادتها الْحصْر قَول الْأَكْثَرين وَأنْكرهُ طَائِفَة يسيرَة من النُّحَاة مِنْهُم أَبُو حَيَّان وَألْحق الزَّمَخْشَرِيّ بإنما الْمَكْسُورَة أَنما الْمَفْتُوحَة فَقَالَ إِنَّهَا تفِيد الْحصْر لِأَنَّهَا فرعها وَمَا ثَبت للْأَصْل ثَبت للفرع وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى {قل إِنَّمَا يُوحى إِلَيّ أَنما إِلَهكُم إِلَه وَاحِد} الْأَنْبِيَاء 108 فَالْأولى لقصر الصّفة على الْمَوْصُوف وَالثَّانيَِة بِالْعَكْسِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا شَيْء انْفَرد بِهِ قَالَ وَدَعوى الْحصْر فِي الْآيَة بَاطِلَة لاقتضائها أَنه لم يُوح إِلَيْهِ غير التَّوْحِيد وَأجِيب بِأَنَّهُ حصر مُقَيّد إِذْ الْخطاب مَعَ الْمُشْركين أَي مَا يُوحى إِلَى فِي شَأْن الربوبية إِلَّا التَّوْحِيد لَا الْإِشْرَاك فَهُوَ قصر قلب على حد {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} آل عمرَان 144 إِذْ لَيست صِفَاته منحصرة فِي الرسَالَة وَإِن كَانَ قصر إِفْرَاد وَقد وَافق الزَّمَخْشَرِيّ على ذَلِك الْبَيْضَاوِيّ وَسَبقه التنوخي فِي الْأَقْصَى الْقَرِيب وَلم يعْتَرض لَهُ سواهُم فِيمَا علمت

لا النافية للجنس

لَا النافية للْجِنْس ص مَسْأَلَة ك إِن لَا لم تَتَكَرَّر وَقصد بهَا النَّفْي الْعَام فِي نكرَة تَلِيهَا غير معمولة لغَيْرهَا لَكِن إِن كَانَ غير مُضَاف لوا شبيهه ركب مَعهَا وَبني على مَا ينصب بِهِ وتمنعه الْبَاء غَالِبا وَقيل مُعرب مُطلقًا وَقيل مثنى وجمعا وَقيل إِن ركبت لم تعْمل فِي الْخَبَر قيل وَلَا الِاسْم وَهل يكسر الْمُؤَنَّث بتنوين أَو دونه أَو يفتح أَقْوَال وَالأَصَح جَوَاز الْأَخيرينِ وَيجب تنكير الْخَبَر وتأخيره وَلَو ظرفا وَذكره إِن جهل خلافًا لقوم وَإِلَّا فَحَذفهُ غَالِبا وَالْتَزَمَهُ تَمِيم وَيكثر مَعَ إِلَّا وَيرْفَع تَالِيهَا بَدَلا من مَحل الِاسْم وَقيل لَا مَعَه وَقيل ضمير الْخَبَر وَقيل خبر ل لَا مَعَ اسْمهَا وَيجوز نَصبه خلافًا للجرمي وَرُبمَا حذف الِاسْم دونه وَجوز مبرمان حذف لَا وَرُبمَا ركب مَعَ لَا الزَّائِدَة وَالْجُمْهُور أَن لَا أَبَا لَك وَلَا يَدي لَك مُضَاف وَاللَّام زَائِدَة وَابْن مَالك عومل كَهُوَ وَاللَّام مُتَعَلقَة مُقَدّر غير خبر وَالْمُخْتَار وفَاقا لأبي عَليّ وَابْن يسعون وَابْن الطراوة على لُغَة الْقصر وَلَك الْخَبَر وَلَا تحذف اللَّام اخْتِيَارا وَلَا تفصل بظرف خلافًا ليونس وَقيل الْخلف فِي النَّاقِص وَيجوز باعتراض وَالْجُمْهُور ينْزع تَنْوِين شبه مُضَاف وَجوزهُ ابْن مَالك بقلة وَابْن كيسَان بِحسن وَبنى أهل بَغْدَاد النكرَة إِن عملت فِي ظرف والكوفية المطول وَلَا تعْمل فِي مفصول خلافًا للرماني وَمَعْرِفَة خلافًا للكسائي فِي علم مُفْرد ومضاف لكنية وَللَّه والرحمن والعزيز وللفراء فِي ضمير غَائِب وَإِشَارَة ش تعْمل لَا عمل إِن إِلْحَاقًا بهَا لمشابهتها لَهَا فِي التصدير وَالدُّخُول على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَلِأَنَّهَا لتوكيد النَّفْي كَمَا أَن إِن لتوكيد الْإِثْبَات فَهُوَ قِيَاس نقيض وإلحاقها بليس قِيَاس نَظِير لِأَنَّهَا نَافِيَة مثلهَا فَهُوَ أقوى فِي الْقيَاس لَكِن عَملهَا عمل إِن أفْصح وَأكْثر فِي الِاسْتِعْمَال وَله شُرُوط

الأول أَلا تكَرر فَإِن كررت لم يتَعَيَّن إعمالها بل يجوز كَمَا سَيَأْتِي فِي التوابع الثَّانِي أَن يقْصد بهَا النَّفْي الْعَام لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تخْتَص بِالِاسْمِ فَإِن لم يقْصد الْعُمُوم فَتَارَة تلغى وَتارَة تعْمل عمل لَيْسَ الثَّالِث أَن يكون مدخولها نكرَة فَلَا تعْمل فِي معرفَة بِإِجْمَاع الْبَصرِيين لِأَن عُمُوم النَّفْي لَا يتَصَوَّر فِيهَا وَخَالف الْكُوفِيُّونَ فِي هَذَا الشَّرْط فَأجَاز الْكسَائي إعمالها فِي الْعلم الْمُفْرد نَحْو لَا زيد والمضاف لكنية نَحْو لَا أَبَا مُحَمَّد أَو لله أَو الرَّحْمَن والعزيز نَحْو لَا عبد الله وَلَا عبد الرَّحْمَن وَلَا عبد الْعَزِيز وَوَافَقَهُ الْفراء على لَا عبد الله قَالَ لِأَنَّهُ حرف مُسْتَعْمل يُقَال لكل أحد عبد الله وَخَالفهُ فِي الْأَخيرينِ لِأَن الِاسْتِعْمَال لم يلْزم فيهمَا كَمَا لزم عبد الله وَالْكسَائِيّ قاسمها عَلَيْهِ وَجوز الْفراء إعمالها فِي ضمير الْغَائِب وَاسم الْإِشَارَة نَحْو لَا هُوَ وَلَا هِيَ وَلَا هذَيْن لَك وَلَا هَاتين لَك وكل ذَلِك خطأ عِنْد الْبَصرِيين وَأما مَا سمع مِمَّا ظَاهره إعمالها فِي الْمعرفَة كَقَوْلِه إِذا هلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده وَقَوله قَضِيَّة وَلَا أَبَا حسن لَهَا وَقَول الشَّاعِر 546 - (نَكِدْن وَلَا أُمَيّة فِي البلاَدِ ... )

وَقَوله 547 - (لَا هَيْثَمَ اللّيلَةَ لَلْمَطِيِّ ... ) وَقَوله 548 - (تُبَكِّي على زَيْدٍ وَلَا زَيْدَ مِثْلَهُ ... ) فمؤول باعتقاد تنكيره كَمَا تقدم فِي الْعلم بِأَن جعل الِاسْم وَاقعا على مُسَمَّاهُ وعَلى كل من أشبهه فَصَارَ نكرَة لعمومه أَو بِتَقْدِير مثل وَأم قَوْلهم لَا أَبَا لَك وَلَا أَخا لَك وَلَا يَدي لَك وَلَا غلامي لَك قَالَ 549 - (أَهَدموا بَيْتَك لَا أبَا لَكَا ... وَزَعَمُوا أنّك لَا أَخَا لَكَا) وَقَالَ 550 - (لَا تُعْنَينَّ بِمَا أسبابُه عَسُرَتْ ... فَلَا يَدَيْ لامرئ إلاّ بِمَا قُدِرَا) فَفِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنَّهَا أَسمَاء مُضَافَة إِلَى الْمَجْرُور بِاللَّامِ وَاللَّام زَائِدَة لَا اعْتِدَاد بهَا وَلَا تعلق وَالْخَبَر مَحْذُوف وَالْإِضَافَة غير مَحْضَة كهي فِي مثلك وَغَيْرك لِأَنَّهُ لم يقْصد فِي أَب أَو أَخ معِين فَلم تعْمل لَا فِي معرفَة وزيدت اللَّام تحسينا للفظ لِئَلَّا تدخل لَا على مَا ظَاهره التَّعْرِيف

الثَّانِي أَنَّهَا أَسمَاء مُفْردَة غير مُضَافَة عوملت مُعَاملَة الْمُضَاف فِي الْإِعْرَاب وَالْمَجْرُور بِاللَّامِ فِي مَوضِع الصّفة لَهَا وَهِي مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف وَالْخَبَر أَيْضا مَحْذُوف وَعَلِيهِ هِشَام ابْن كيسَان وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قَالَ لِأَنَّهَا لَو كَانَت مُضَافَة لكَانَتْ الْإِضَافَة مَحْضَة إِذْ لَيْسَ صفة عاملة فَيلْزم التَّعْرِيف ورد بِعَدَمِ انحصار غير الْمَحْضَة فِي الصّفة الثَّالِث أَنَّهَا مُفْردَة جَاءَت على لُغَة الْقصر وَالْمَجْرُور بِاللَّامِ هُوَ الْخَبَر وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَابْن يسعون وَابْن الطراوة وَإِنَّمَا اخترته لسلامته من التَّأْوِيل وَالزِّيَادَة والحذف وَكلهَا خلاف الأَصْل وَكَانَ الْقيَاس فِي هَذِه الْأَلْفَاظ لَا أَب لَك وَلَا أَخ لَك وَلَا يدين لَك قَالَ 551 - (أبي الْإِسْلَام لَا أَب لي سِوَاه ... ) وَقَالَ 552 - (تأمّل فَلَا عَيْنَيْن للمرْء صارفًا ... ) إِلَّا أَنه كثر الِاسْتِعْمَال بِمَا تقدم مَعَ مُخَالفَة الْقيَاس وَلم يرد فِي غير ضَرُورَة إِلَّا مَعَ اللَّام ورد بحذفها فِي الضَّرُورَة قَالَ 553 - (أَبالْمَوت الَّذِي لَا بُدَّ أنِّى ... مُلاَق لَا أَباكِ تُخَوِّفينِى)

وَلَا يجوز أَيْضا فِي غير ضَرُورَة الْفَصْل بَين اللَّام وَالِاسْم بظرف أَو مجررو آخر نَحْو لَا أَبَا الْيَوْم لَك وَلَا يَدي بهَا لَك وَجوزهُ يُونُس فِي الِاخْتِيَار كَذَا حَكَاهُ ابْن مَالك وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ أَن يُونُس يفرق فِي الْفَصْل بالظرف بَين النَّاقِص والتام فيجيزه بِالْأولِ دون الثَّانِي ورده سِيبَوَيْهٍ بِأَنَّهُ لَا يجوز بِوَاحِد مِنْهُمَا بَين إِن وَاسْمهَا وَلَا فِي بَاب كَانَ فَلَا يجوز إِن عنْدك زيدا مُقيم وَإِن الْيَوْم زيدا مُسَافر وَكَذَا فِي كَانَ فَإِذن لَا فرق بَين النَّاقِص والتام وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ الْفَصْل بجملة الِاعْتِرَاض نَحْو لَا أَبَا فَاعْلَم لَك الشَّرْط الرَّابِع أَلا يفصل بَين لَا والنكرة بِشَيْء فَإِن فصل تعين الرّفْع لِضعْفِهَا عَن دَرَجَة إِن نَحْو {لَا فِيهَا غول} الصافات 47 وَجوز الرماني بَقَاء النصب حُكيَ لَا كَذَلِك رجلا وَلَا كزيد رجلا وَلَا كالعشية زَائِرًا وَأجِيب بِأَن اسْم لَا فِي الْأَوَّلين مَحْذُوف أَي لَا أحد ورجلا تَمْيِيز وَالثَّالِث على معنى لَا أرى الشَّرْط الْخَامِس أَن تكون النكرَة غير معمولة لغير لَا بِخِلَاف نَحْو جِئْت بِلَا زَاد فَإِن النكرَة فِيهِ معمولة للباء وَنَحْو لَا مرْحَبًا بهم فَإِنَّهَا فِيهِ معمولة لفعل مُقَدّر فَإِن اجْتمعت هَذِه الشُّرُوط نصبت الِاسْم وَرفعت الْخَبَر لَكِن إِنَّمَا يظْهر نصب الِاسْم إِذا كَانَ مُضَافا نَحْو لَا صَاحب بر ممقوت أَو شبهه بِأَن يكون عَاملا فِيمَا بعده عمل الْفِعْل نَحْو لَا طالعا جبلا حَاضر وَلَا رَاغِبًا فِي الشَّرّ مَحْمُود فَإِن كَانَ مُفردا أَي غير مُضَاف وَلَا شبهه ركب مَعهَا وَبني هَذَا مَذْهَب أَكثر الْبَصرِيين وَاخْتلف فِي مُوجب الْبناء فَقيل تضمنه معنى من كَأَن قَائِلا قَالَ هَل من رجل فِي الدَّار فَقَالَ مجيبه لَا رجل فِي الدَّار لِأَن نفي لَا عَام فَيَنْبَغِي أَن يكون جَوَابا لسؤال عَام وَكَذَلِكَ صرح ب من فِي بعض الْمَوَاضِع قَالَ 554 - (ألاَ لاَ مِنْ سَبيل إِلَى هِنْد ... )

وَصَححهُ ابْن عُصْفُور ورد بِأَن المتضمن معنى من هُوَ لَا لَا الِاسْم وَقيل تركيبه مَعهَا تركيب خَمْسَة عشر بِدَلِيل زَوَاله عِنْد الْفَصْل وَصَححهُ ابْن الصَّائِغ وَنقل عَن سِيبَوَيْهٍ وَقيل لتَضَمّنه معنى اللَّام الاستغراقية ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لوصف بالمعرفة كَمَا قيل لَقيته أمس الدابر وَذهب الْجرْمِي والزجاجي والسيرافي والرماني إِلَى أَن الْمُفْرد مَعهَا مُعرب أَيْضا وَحذف التَّنْوِين مِنْهُ تَخْفِيفًا لَا بِنَاء ورد بِأَن حذفه من النكرَة المطولة كَانَ أولى وَبِأَنَّهُ لم يعْهَد حذف التَّنْوِين إِلَّا لمنع صرف أَو إِضَافَة أَو وصف الْعلم بِابْن أَو ملاقاة سَاكن أَو وقف أَو بِنَاء وَهَذَا لَيْسَ وَاحِدًا مِمَّا قبل الْبناء فَتعين الْبناء وَذهب الْمبرد إِلَى أَن الْمثنى وَالْجمع على حَده معربان مَعهَا لِأَنَّهُ لم يعْهَد فيهمَا التَّرْكِيب مَعَ شَيْء آخر بل وَلَا وجد فِي كَلَام الْعَرَب مثنى وَجمع مبنيان وَنقض بِأَنَّهُ قَالَ ببنائهما فِي النداء فَكَذَا هُنَا وعَلى الأول فيبنى مدخولها على مَا ينصب بِهِ فالمفرد وَجمع التكسير على الْفَتْح نَحْو لَا رجل وَلَا رجال فِي الدَّار والمثنى وَالْجمع على الْيَاء كَقَوْلِه 555 - (تَعزّ، فَلَا إلْفَيْن بالعَيْش مُتِّعَا ... ) وَقَوله 556 - (أَرَى الرَّبْعَ لَا أَهْلِين فِي عَرصَاته ... )

وَقَوله 557 - (يُحْشَرُ النَّاسُ لَا بَنِينَ وَلَا آباءَ ... إلاَّ وقدْ عَنَتْهُمْ شُؤونُ) وَأما جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم فَفِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وجوب بنائِهِ على الْكسر لِأَنَّهُ عَلامَة نَصبه الثَّانِي وجوب بنائِهِ على الْفَتْح وَعَلِيهِ الْمَازِني والفارسي الثَّالِث جَوَاز الْأَمريْنِ وَهُوَ الصَّحِيح للسماع فقد رُوِيَ بِالْوَجْهَيْنِ قَوْله 558 - (وَلَا لذّاتِ للشّيب ... ) وَقَوله 559 - (لَا سابغاتٍ وَلَا جَأْواءَ باسِلَةً ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَفرع من أَصْحَابنَا بِنَاء الْكسر وَالْفَتْح على الْخلاف فِي حَرَكَة لَا رجل فَمن قَالَ إِنَّهَا حَرَكَة إِعْرَاب أوجب هُنَا الْكسر وَمن قَالَ إِنَّهَا حَرَكَة بِنَاء أوجب الْفَتْح للتركيب كخمسة عشر إِذْ الْحَرَكَة لَيست للذات خَاصَّة إِنَّمَا هِيَ للذات وَلَا وَمن جوز الْوَجْهَيْنِ رَاعى الْأَمريْنِ ثمَّ إِذا بني على الْفَتْح جَوَازًا أَو وجوبا فَلَا ينون كَمَا هُوَ ظَاهر

وَإِن بني على الْكسر فَقيل لَا ينون وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ كَمَا لَا ينون فِي النداء نَحْو يَا مسلمات وَبِه ورد البيتان السابقان وَقيل ينون وَعَلِيهِ ابْن الداهان وَابْن خروف لِأَن التَّنْوِين فِيهِ كالنون فِي الْجمع فَيثبت كَمَا ثَبت فِي لَا مُسلمين لَك فَإِن أضيف لفظا أَو تَقْديرا أعرب بِالْكَسْرِ وفَاقا نَحْو لَا مسلمات زيد لَك أَو لَا مسلمات لَك وَيمْنَع التَّرْكِيب غَالِبا دُخُول الْبَاء على لَا نَحْو بِلَا زَاد وَسمع جِئْت بِلَا شَيْء بِالْفَتْح وَهُوَ نَادِر وَالْإِجْمَاع على أَن لَا هِيَ الرافعة للْخَبَر عِنْد عدم التَّرْكِيب وَأما فِي التَّرْكِيب فَكَذَلِك عِنْد الْأَخْفَش والمازني والميرد والسيرافي وَجَمَاعَة وَصَححهُ ابْن مَالك إِجْرَاء لَهَا مجْرى إِن وَقيل إِنَّهَا لم تعْمل فِيهِ شَيْئا بل لَا مَعَ النكرَة فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَالْمَرْفُوع خبر الْمُبْتَدَأ وَصَححهُ أَبُو حَيَّان وَعَزاهُ لسيبويه وَاسْتدلَّ لجَوَاز الإتباع هُنَا بِالرَّفْع قبل استكمال الْخَبَر بِخِلَاف إِن وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا لم تعْمل فِي الِاسْم أَيْضا شَيْئا حَالَة التَّرْكِيب لِأَنَّهَا صَارَت مِنْهُ بِمَنْزِلَة الْجُزْء وجزء الْكَلِمَة لَا يعْمل فِيهَا وَبَقِي فِي الْمَتْن مسَائِل الأولى يجب تنكير خبر لَا لِأَن اسْمهَا نكرَة فَلَا يخبر عَنْهَا بِمَعْرِِفَة وتأخره عَنْهَا وَعَن الِاسْم وَلَو كَانَ ظرفا أَو مجرورا لِضعْفِهَا فَلَا يجوز الْفَصْل بَينهَا وَبَين اسْمهَا لَا بِخَبَر وَلَا بأجنبي الثَّانِيَة حذف خبر هَذَا الْبَاب إِن علم غَالب فِي لُغَة الْحجاز مُلْتَزم فِي لُغَة تَمِيم وطييء فَلم يلفظوا بِهِ أصلا نَحْو {لَا ضير} الشُّعَرَاء 50 {فَلَا فَوت} سبأ 50 وَلَا ضَرَر وَلَا ضرار وَلَا عدوى وَلَا طيرة لَا بَأْس

وَإِنَّمَا كثر أَو وَجب لِأَن لَا وَمَا دخلت عَلَيْهِ جَوَاب اسْتِفْهَام عَام والأجوبة يَقع فِيهَا الْحَذف والاختصار كثيرا وَلِهَذَا يكتفون فِيهِ ب لَا وَنعم ويحذفون الْجُمْلَة بعدهمَا رَأْسا وَأكْثر مَا يحذفه الحجازيون مَعَ إِلَّا نَحْو {لَا إِلَه إِلَّا الله} الصافات 35 لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَإِن لم يعلم بِقَرِينَة قالية أَو حَالية لم يجز الْحَذف عِنْد أحد فضلا عَن أَن يجب نَحْو لَا أحد أغير من الله قَالَ ابْن مَالك وَمن نسب إِلَى تَمِيم الْتِزَام الْحَذف مُطلقًا فقد غلط لِأَن حذف خبر لَا دَلِيل عَلَيْهِ يلْزم مِنْهُ عدم الْفَائِدَة وَالْعرب مجمعون على ترك التَّكَلُّم بِمَا لَا فَائِدَة فِيهِ يُشِير إِلَى الزَّمَخْشَرِيّ والجزولي وَرُبمَا حذف الِاسْم وَبَقِي الْخَبَر قَالُوا لَا عَلَيْك أَي لَا بَأْس عَلَيْك وَجوز مبرمان حذف لَا الثَّالِثَة إِذا وَقعت إِلَّا بعد لَا جَازَ فِي الْمَذْكُور بعْدهَا الرّفْع وَالنّصب نَحْو لَا سيف إِلَّا ذُو الفقار وَذَا الفقار وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَإِلَّا الله فالنصب على الِاسْتِثْنَاء وَمنعه الْجرْمِي قَالَ لِأَنَّهُ لم يتم الْكَلَام فكأنك قلت الله إِلَه ورد بأنهه تضم بالإضمار وَالرَّفْع على الْبَدَل من مَحل الِاسْم وَقيل من مَحل لَا مَعَ اسْمهَا وَقيل من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي الْخَبَر الْمَحْذُوف وَقيل على خبر لَا مَعَ اسْمهَا لِأَنَّهُمَا فِي مَحل رفع بِالِابْتِدَاءِ الرَّابِعَة ندر تركيب النكرَة مَعَ لَا الزَّائِدَة تَشْبِيها بِلَا النافية كَقَوْلِه 560 - (لَوْ لَمْ تَكُنْ غَطَفَانُ لَا ذُنوب لَهَا ... )

وَهَذَا من التَّشْبِيه الملحوظ فِيهِ مُجَرّد اللَّفْظ وَهُوَ نَظِير تَشْبِيه مَا الموصولة ب مَا النافية فِي زِيَادَة أَن بعْدهَا الْخَامِسَة الْجُمْهُور على أَن الِاسْم الْوَاقِع بعد لَا إِذا كَانَ عَاملا فِيمَا بعده يلْزم تنوينه وَإِعْرَابه مُطلقًا وَذهب ابْن كيسَان إِلَى أَنه يجوز فِيهِ التَّنْوِين وَتَركه وَأَن التّرْك أحسن إِجْرَاء لَهُ مجْرى الْمُفْرد فِي الْبناء لعدم الِاعْتِدَاد بالمفعول من حَيْثُ إِنَّه لَو أسقط لصَحَّ الْكَلَام وَذهب ابْن مَالك إِلَى جَوَاز تَركه بقلة تَشْبِيها بالمضاف لَا بِنَاء كَقَوْلِه 561 - (أَرَانِي وَلَا كُفْرانَ للَّهِ أيَّةً ... ) وَذهب البغداديون إِلَى جَوَاز بنائِهِ إِن كَانَ عَاملا فِي ظرف أَو مجرور نَحْو {وَلَا جِدَال فِي الْحَج} الْبَقَرَة 197 بِخِلَاف الْمَفْعُول الصَّرِيح وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز بِنَاء الِاسْم المطول نَحْو لَا قَائِل قولا حسنا وَلَا ضَارب ضربا كثيرا ص وتفيد مَعَ الْهمزَة توبيخا وَكَذَا استفهاما خلافًا للشلوبين فَلَا تغير وتمنيا فَلَا تلغى وَلَا خبر وَلَو مُقَدّر وَلَو إتباع إِلَّا على اللَّفْظ خلافًا للمبرد

ش إِذا دخلت همزَة الِاسْتِفْهَام على لَا كَانَت على معَان أَحدهَا أَن يُرَاد بهَا صَرِيح الِاسْتِفْهَام عَن النَّفْي الْمَحْض دون تَقْرِير وَلَا إِنْكَار وَلَا توبيخ خلافًا للشلوبين إِذْ زعم أَنَّهَا لَا تقع لمُجَرّد الِاسْتِفْهَام الْمَحْض دون إِنْكَار وتوبيخ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح وجود ذَلِك فِي كَلَام الْعَرَب لكنه قَلِيل كَقَوْلِه 562 - (أَلا اصْطِبارَ لِسَلْمى أم لهَا جَلَدٌ ... ) الثَّانِي أَن يكون الِاسْتِفْهَام على طَرِيق التَّقْرِير وَالْإِنْكَار والتوبيخ كَقَوْلِه 563 - (أَلا طِعَان ألاَ فُرْسانَ عَادِيَةً ... ) وَقَوله 564 - (أَلا أرْعِواء لمن ولت شَبيبتُهُ ... )

وَحكم لَا فِي هذَيْن لمعنيين حكمهَا لَو لم تدخل عَلَيْهَا الْهمزَة من جَوَاز إلغائها وإعمالها عمل إِن وَعمل لَيْسَ بِجَمِيعِ أَحْكَامهَا الثَّالِث أَن يدخلهَا معنى التَّمَنِّي فمذهب سِيبَوَيْهٍ والخليل والجرمي أَنَّهَا لَا تعْمل إِلَّا عمل إِن فِي الِاسْم خَاصَّة وَلَا يكون لَهَا خبر لَا فِي اللَّفْظ وَلَا فِي التَّقْدِير وَلَا يتبع اسْمهَا إِلَّا على اللَّفْظ خَاصَّة وَلَا يلغى بِحَال وَلَا تعْمل عمل لَيْسَ نَحْو أَلا غُلَام لي أَلا مَاء بَارِدًا وَألا أُبَالِي أَلا غُلَام لي أَلا غلامين أَلا مَاء ولبنا أَلا مَاء وَعَسَلًا بَارِدًا حلوا وَذهب الْمبرد والمازني إِلَى جعلهَا كالمجردة فَيكون لَهَا خبر فِي اللَّفْظ أَو فِي التَّقْدِير وَيتبع اسْمهَا على اللَّفْظ وعَلى الْموضع وَيجوز أَن تلْغي وَأَن تعْمل عمل لَيْسَ وَالْفرق بَين المذهبين من جِهَة الْمَعْنى أَن التَّمَنِّي وَاقع على اسْم لَا على الأول وعَلى الْخَبَر على الثَّانِي وَمن شواهدها 565 - (أَلا عُمْرِ ولَّى مُسْتطاعٌ رجُوعه ... فيَرْأب مَا أثْأت يَدُ الغَفَلاتِ)

أحوال تكرار لا

ومستطاع خبر رُجُوعه وَالْجُمْلَة صفة [أَحْوَال تكْرَار لَا] ص مَسْأَلَة يجب اخْتِيَارا خلافًا للمبرد تكْرَار لَا إِذا لم تعْمل وَلم يكن مدخولها بِمَعْنى فعل وَفِي الْمُفْرد من خبر منفي بهَا ونعت وَحَال ومضا لفظا وَمعنى وَقد يُغني حرف نفي ويعترض بَين جَار ومجرور وزعمها الكوفية حِينَئِذٍ اسْما ك غير مُضَافا ش إِذا لم تعْمل لَا إِمَّا لأجل الْفَصْل أَو لكَون مدخولها معرفَة فمذهب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لُزُوم تكرارها ليَكُون عوضا عَمَّا فاتها من مصاحبة ذِي الْعُمُوم أَو لِأَن الْعَرَب جَعلتهَا فِي جَوَاب من سَأَلَ بِالْهَمْزَةِ وَأم وَالسُّؤَال بهما لابد فِيهِ من الْعَطف فَكَذَلِك الْجَواب وَأَجَازَ الْمبرد وَابْن كيسَان مَعَ الْفَصْل والمعرفة أَلا تكَرر كَقَوْلِه 566 - (بَكت أسفا واسترجعت ثمَّ آذَنت ... ركائبها أَن لَا إِلَيْنَا رُجُوعهَا) 567 - وَقَوله (لَا أَنْت شَائِيةٌ مِنْ شَأنِنا شَاني ... ) وَذَلِكَ عِنْد الْجُمْهُور ضَرُورَة نعم إِن كَانَ مدخولها فِي معنى الْفِعْل لم تكَرر

نَحْو لَا نولك أَن تفعل لِأَنَّهُ ضمن معنى لَا يَنْبَغِي لَك وَكَذَا لَا بك السوء لِأَنَّهُ فِي معنى لَا يسوؤك الله لِأَنَّهَا لَا تكَرر مَعَ الْفِعْل الْمُضَارع كَمَا سَيَأْتِي وَيلْزم تكرارها أَيْضا اخْتِيَارا إِذا وَليهَا مُفْرد منفي بهَا خَبرا أَو نعتا أَو حَالا نَحْو زيد لَا قَائِم وَلَا قَاعد ومررت بِرَجُل لَا قَائِم وَلَا قَاعد وَنظرت إِلَيْهِ لَا قَائِما وَلَا قَاعِدا وَلم يُكَرر فِي ذَلِك ضَرُورَة فِي قَوْله 568 - (حَياتُك لَا نَفْعٌ ومَوْتُكَ فَاجعُ ... ) وَقَوله 569 - (قَهرْتُ العِدا لَا مُسْتَعِيناً بعُصبةٍ ... ولِكِنْ بأنواع الخَدائِع والمَكْر) وتتكرر أَيْضا فِي الْمَاضِي لفظا وَمعنى نَحْو زيد لَا قَامَ وَلَا قعد فَلم يبْق شَيْء لَا تَتَكَرَّر فِيهِ سوى الْمُضَارع نَحْو زيد لَا يقوم وَقد يُغني عَن تكرارها حرف نفي غَيرهَا وَهُوَ قَلِيل كَقَوْلِه 570 - (فَلَا هُوَ أبْداها وَلم يَتَجمْجَم ... ) وتزاد لَا بَين الْجَار وَالْمَجْرُور فيتخطاها الْجَار كَقَوْلِهِم جِئْت بِلَا زَاد

ظن وأخواتها

ظن وَأَخَوَاتهَا ص الرَّابِع الْأَفْعَال الدَّالَّة على ظن كحجا يحجو لَا لغَلَبَة وَقصد ورد وسوق وكتم وَحفظ وَإِقَامَة وبخل وعد لَا لحساب وَأنْكرهُ أَكثر البصرية وَزعم لَا لكفالة ورياسة وَسمن هزال وَجعل لَا لتصيير وإيجاد وَإِيجَاب وترتيب ومقاربة وهب جَامِدا وَلَا تخْتَص بالضمير خلافًا للحريري وَأنْكرهُ البصرية أَو يَقِين كعلم لَا لعلمة وعرفان وَوجد لَا لإصابة وغنى وحزن وحقد وألفى كهي وأنكرها البصرية ودري لَا لختل وأنكرها المغاربة وَتعلم كاعلم جَامِدا وَقَالَ أَبُو حَيَّان تتصرف أَو هما كظن لَا لتهمة وَأنكر الْعَبدَرِي كَونهَا للْعلم وزعمها الْفراء للكذب وَحسب لَا للون وخال يخال لَا لعجب وظلع وَرَأى لَا لإبصار وَضرب رئة قَالَ الْفَارِسِي وَابْن مَالك وَلَا رأى وَمَا مر قلبِي أَو تَحْويل كصير وأصار وَجعل وهب جَامِدا ورد وَكَذَا ترك وَاتخذ وتخذ فِي الْأَصَح وَألْحق الْعَرَب بأرى العلمية الحلمية والأخفش بِعلم سمع نعلقة بِعَين وخبرها فعل صَوت وَقوم بَصِير ضرب مَعَ مثل وَابْن أبي الرّبيع مُطلقًا وَهِشَام عرف وَأبْصر وَابْن درسْتوَيْه أصَاب وصادف وغادر وَابْن أَفْلح أَكَانَ وخطاب كل مُتَعَدٍّ لوَاحِد ضمن تحويلا وَبَعض خلق والسكاكي توهم وتيقن وَشعر وَتبين وَأصَاب واعتقد وَتمنى وود وهب كاحسب

ش الرَّابِع من النَّاسِخ الْأَفْعَال الدَّاخِلَة على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر فتنصبهما مفعولين وَهِي أَرْبَعَة أَنْوَاع الأول مَا دلّ على ظن فِي الْخَبَر وَهُوَ خَمْسَة أَفعَال أَحدهَا حجا والمضارع يحجو قَالَ 571 - (قد كنت أحْجُوا أَبَا عَمْرو أَخا ثِقَةٍ ... ) أَي أَظن فَإِن كَانَت بِمَعْنى غلب فِي المحاجاة أَو قصد أَو رد أَو سَاق أَو كتم أَو حفظ تعدت إِلَى وَاحِد فَقَط أَو بِمَعْنى أَقَامَ أَو بخل فلازمة ثَانِيهَا عد أثبتها الْكُوفِيُّونَ وَبَعض الْبَصرِيين وَوَافَقَهُمْ ابْن أبي الرّبيع وَابْن مَالك كَقَوْلِه 572 - (فَلَا تَعْدُد الْمولَى شَريكَك فِي الغِنَى ... ) وَقَوله 573 - (لَا أَعُدُّ الإقتار عُدْمًا وَلَكِن ... ) أَي لَا تظن وَلَا أَظن وأنكرها أَكْثَرهم فَإِن كَانَت بِمَعْنى حسب من الْحساب

أَي الْعد الَّذِي يُرَاد بِهِ إحصاء الْمَعْدُود تعدت إِلَى وَاحِد وَخرج عَلَيْهِ 574 - (تَعُدُّون عَقْرَ النّيبِ أَفْضَل مَجْدِكُم ... ) على أَن أفضل بدل ثَالِثهَا زعم بِمَعْنى اعْتقد كَقَوْلِه 575 - (زعمتني شَيخا وَلست بشيخ ... ) وَقَوله 576 - (فَإِن تَزْعُمِيني كنتُ أَجْهَلُ فِيكُم ... ) ومصدره الزَّعْم والزعم وَذكر صَاحب الْعين أَن الْأَحْسَن أَن توقع على أَن وَأَن وَلم يرد فِي

الْقُرْآن إِلَّا كَذَلِك قَالَ السيرافي الزَّعْم قَول يقْتَرن بِهِ اعْتِقَاد صَحَّ أَو لم يَصح وَقَالَ ابْن دُرَيْد أَكثر مَا يَقع على الْبَاطِل وَفِي الإفصاح زعم بِمَعْنى علم فِي قَول سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ غَيره يكون بِمَعْنى اعْتقد فقد يكون علما وَقد يكون تنكرا وَيكون أَيْضا ظنا غَالِبا وَقيل يكون بِمَعْنى الْكَذِب فَإِن كَانَت بِمَعْنى كفل تعدت إِلَى وَاحِد والمصدر الزعامة كَقَوْلِه 577 - (على اللَّهِ أَرزاقُ العِباد كَمَا زَعَمْ ... ) أَو بِمَعْنى رَأس تعدّدت تَارَة إِلَى وَاحِد وَأُخْرَى بِحرف جر أَو بِمَعْنى سمن أَو هزل فلازمة يُقَال زعمت الشَّاة بِمَعْنى سمنت وَبِمَعْنى هزلت رَابِعا جعل بِمَعْنى اعْتقد نَحْو {وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} الزخرف 19 أَي اعتقدوهم فَإِن كَانَت بِمَعْنى صير فستأتي فِي أَفعَال التصيير وَبِمَعْنى أوجد نَحْو {وَجعل الظُّلُمَات والنور} الْأَنْعَام 1 أَو أوجب نَحْو جعلت لِلْعَامِلِ كَذَا أَو ألْقى نَحْو جعلت بعض متاعي على بعض تعدت إِلَى وَاحِد أَو بِمَعْنى المقاربة فقد مرت فِي بَاب كَاد خَامِسهَا هَب أثْبته الكوفية وَابْن عُصْفُور وَابْن مَالك كَقَوْلِه 578 - (فَقلت أجرْنى أَبَا خالدٍ ... وإلاّ فهبنى امْرأ هَالِكا)

أَي ظنني وَقَوله 579 - (فهبها أُمّة هلَكتَ ضَياعًا ... يزيدُ أميرها وَأَبُو يَزيدِ) وَهِي جامدة وَلم يسْتَعْمل مِنْهَا سوى الْأَمر لَا مَاض وَلَا مضارع وَلَا وصف وَلَا أَمر بِاللَّامِ ويتصل بِهِ الضَّمِير الْمُؤَنَّث والمثنى وَالْجمع وَزعم الحريري ... ... ... . النَّوْع الثَّانِي مَا دلّ على يَقِين وَهُوَ خَمْسَة أَيْضا أَحدهَا علم نَحْو {فَإِن علمتموهن مؤمنات} الممتحنة 10 فَإِن كَانَت بِمَعْنى عرف تعدت لوَاحِد نَحْو {لَا تعلمُونَ شَيْئا} النَّحْل 78 أَو بِمَعْنى علم علمة فَهُوَ أعلم أَي مشقوق الشّفة الْعليا فلازمة ثَانِيهَا وجد نَحْو {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} الْأَعْرَاف 102 ومصدرها وجدان عَن الْأَخْفَش وَوُجُود عَن السيرافي فَإِن كَانَت بِمَعْنى أصَاب تعدت لوَاحِد نَحْو وجد فلَان ضالته وجدانا أَو بِمَعْنى استغني أَو حزن أَو حقد فلازمة ومصدر الأولى وجد مثلث الْوَاو وَالثَّانيَِة وجد بِالْفَتْح وَالثَّالِثَة موجدة ثَالِثهَا ألفى بِمَعْنى وجد أثبتها الكوفية وَابْن مَالك كَقَوْلِه 580 - (قد جَرَّبوه فَألفوه المُغيِثَ إذَا ... )

وأنكرها البصرية وَابْن عُصْفُور وَقَالُوا الْمَنْصُوب ثَانِيًا حَال وَالْألف وَاللَّام فِيهِ فِي الْبَيْت زَائِدَة رَابِعهَا درى بِمَعْنى علم عدهَا ابْن مَالك كَقَوْلِه 581 - (دُريتَ الوَفِيّ العَهْدَ يَا عَرْوَ فَاغْتَبطْ ... ) قَالَ وَأكْثر مَا تسْتَعْمل معداة بِالْبَاء كَقَوْلِه دَريت بِهِ فَإِن دخلت عَلَيْهَا همزَة النَّقْل تعدت إِلَى وَاحِد بِنَفسِهَا وَإِلَى آخر بِالْبَاء كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَا أدراكم بِهِ} يُونُس 16 وَقَالَ أَبُو حَيَّان لم يعدها أَصْحَابنَا فِيمَا يتَعَدَّى لاثْنَيْنِ وَلَعَلَّ الْبَيْت من بَاب التَّضْمِين ضمن دَريت بِمَعْنى علمت والتضمين لَا ينقاس وَلَا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل أصلا حَتَّى يكثر وَلَا يثبت ذَلِك بِبَيْت نَادِر مُحْتَمل للتضمين فَإِن كَانَت بِمَعْنى ختل تعدت لوَاحِد نَحْو درى الذِّئْب الصَّيْد إِذا استخفى لَهُ ليفترسه خَامِسهَا تعلم بِمَعْنى اعْلَم كَقَوْلِه 582 - (تَعلّمْ شِفَاءَ النّفْس قَهْرَ عَدُوِّهَا ... ) قَالَ ابْن مَالك وَهِي جامدة لَا يسْتَعْمل مِنْهَا إِلَّا الْأَمر قَالَ أَبُو حَيَّان وتابع فِيهِ الأعلم وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَن يَعْقُوب حكى تعلمت فلَانا خَارِجا بِمَعْنى

علمت أما تعلم لَا بِمَعْنى اعْلَم من تعلم يتَعَلَّم فمتصرف بِلَا نزاع وَيَتَعَدَّى لوَاحِد النَّوْع الثَّالِث مَا اسْتعْمل فِي الْأَمريْنِ الظَّن وَالْيَقِين وَهُوَ أَرْبَعَة أَفعَال أَحدهَا ظن فَمن اسْتِعْمَالهَا بِمَعْنى الظَّن {إِن نظن إِلَّا ظنا وَمَا نَحن بمستيقنين} الجاثية 32 وَبِمَعْنى الْيَقِين {الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا رَبهم} الْبَقَرَة 46 وَزعم أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله بن مَيْمُون الْعَبدَرِي أَن اسْتِعْمَالهَا بِمَعْنى الْعلم غير مَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب وَأبقى الْآيَة وَنَحْوهَا على بَاب الظَّن لِأَن الْمُؤمنِينَ حَتَّى الصديقين مَا زَالُوا وجلين خَائِفين النِّفَاق على أنفسهم وَزعم الْفراء أَن الظَّن يكون شكا ويقينا وكذبا أَيْضا وَأكْثر الْبَصرِيين يُنكرُونَ الثَّالِث فَإِن كَانَت ظن بِمَعْنى اتهمَ تعدت لوَاحِد نَحْو ظَنَنْت زيدا {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين} التكوير 24 ثَانِيهَا حسب فَمن الظَّن {وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء} المجادلة 18 وَمن الْيَقِين 583 - (حَسِبْتُ التّقَى والجودَ خَيْرَ تِجَارَةٍ ... )

والمصدر حسبان فَإِن كَانَت للون من نَحْو حسب الرجل إِذا احمر لَونه وابيض أَو كَانَ ذَا شقرة فلازمة ثَالِثهَا خل يخال فَمن الظَّن قَوْله 584 - (إخَالُك إنْ لَمْ تَغْضُض الطّرْف ذَا هوى ... ) وَمن الْيَقِين قَوْله 585 - (دعانى العذَارَى عمّهنّ وخِلْتُنى ... لىَ اسمٌ، فَلَا أُدعَى بِهِ وَهُوَ أَوّلُ) والمصدر خيلا وخالا وخيلة ومخالة وخيلانا ومخيلة وخيلولة واشتقاقها من الخيال وَهُوَ الَّذِي لَا يتَحَقَّق فَإِن كَانَت بِمَعْنى تكبر أَو ظلع من خَال الْفرس ظلع والمضارع مِنْهُمَا أَيْضا يخال فلازمة رَابِعهَا رأى قَالَ تَعَالَى {إِنَّهُم يرونه بَعيدا} أَي يَظُنُّونَهُ {ونراه قَرِيبا} المعارج 6، 7 أَي نعلمهُ فَإِن كَانَت بِمَعْنى أبْصر أَو ضرب الرئة تعدت لوَاحِد قَالَ الْفَارِسِي وَابْن مَالك وَكَذَا الَّتِي بِمَعْنى اعْتقد قَالَ أَبُو حَيَّان وَذهب غَيرهمَا إِلَى أَن الَّتِى بِمَعْنى اعْتقد تتعدى إِلَى اثْنَيْنِ وَيدل لَهُ قَوْله 586 - (رأى النّاسَ إلاّ من رأى مِثْل رَأْيهِ ... خَوَارجَ ترّاكين قَصْدَ الْمَخَارج)

وأفعال هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة تسمى قلبية وَهِي المرادة حَيْثُ قيل أَفعَال الْقُلُوب النَّوْع الرَّابِع مَا دلّ على تَحْويل وَهِي ثَمَانِيَة أَفعَال صير وأصار المنقولان من صَار إِحْدَى أَخَوَات كَانَ بالتضعيف والهمز قَالَ 587 - (فَصُيِّرُوا مِثْلَ كَعَصْفٍ مأكُولْ ... ) وَجعل بِمَعْنى صير نَحْو {فجعلناه هباء} الْفرْقَان 23 ووهب حكى ابْن الْأَعرَابِي وهبني الله فداءك أَي صيرني وَلَا يسْتَعْمل بِمَعْنى صير إِلَّا الْمَاضِي فَقَط ورد نَحْو {لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا} الْبَقَرَة 109 وَترك كَقَوْلِه 588 - (وَرَبّيْتُهُ حَتَّى إذَا مَا تَرَكْتُهُ ... أَخا الْقَوْم، وَاسْتَغْنَى عَن الْمَسْح شَاربُهْ) وتخذ وَاتخذ كَقَوْلِه تَعَالَى {لتخذت عَلَيْهِ أجرا} الْكَهْف 77 وَفِي قِرَاءَة لتخذت {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} النِّسَاء 125 وَأنكر بَعضهم تعدِي ترك وتخذ وَاتخذ إِلَى اثْنَيْنِ وَقَالَ إِنَّمَا يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد والمنصوب الثَّانِي حَال قَالَ ابْن مَالك وَألْحق ابْن أَفْلح بأصار أَكَانَ المنقولة من كَانَ بِمَعْنى صَار قَالَ وَمَا حكم بِهِ جَائِز قِيَاسا لَا أعلمهُ مسموعا وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا أعلم أحدا من النُّحَاة يُقَال لَهُ ابْن أَفْلح لَكِن فِي شرح الأعلم رجل اسْمه مُسلم بن أَحْمد بن أَفْلح الأديب يكنى أَبَا بكر أَخذ كتاب سِيبَوَيْهٍ عَن أبي عمر بن الْحباب قَالَ وَمَا قَالَه

ابْن مَالك من أَنه جَائِز قِيَاسا مَمْنُوع فَإِن مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَن النَّقْل بِالْهَمْز قِيَاس فِي اللَّازِم سَماع فِي الْمُتَعَدِّي وَكَانَ بِمَعْنى صَار تجْرِي مجْرى المتعدى فَلَا يكون النَّقْل فِيهِ بِالْهَمْز قِيَاسا وَألْحق الْعَرَب ب رأى العلمية الحلمية فأدخلوها على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر ونصبوهما بهَا مفعولين إِجْرَاء لَهَا مجْراهَا من حَيْثُ أَن كلا مِنْهُمَا إِدْرَاك بالباطن كَقَوْلِه 589 - (أَرَاهُم رُفْقَتِى حتّى إِذا مَا ... تَولّى اللّيْلُ، وانْخَزَل انْجزَالا) وَفِي التَّنْزِيل {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} يُوسُف 36 فأعمل مضارع رَأْي الحلمية فِي ضميرين متصلين لمسمى وَاحِد وَذَلِكَ خَاص ب علم ذَات المفعولين وَمَا جرى مجْراهَا وَألْحق الْأَخْفَش بِعلم سمع الْمُعَلقَة بِعَين الْمخبر بعْدهَا بِفعل دَال على صَوت نَحْو سَمِعت زيدا يتَكَلَّم بِخِلَاف الْمُعَلقَة بمسموع نَحْو سَمِعت كلَاما وَسمعت خطْبَة وَوَافَقَهُ على ذَلِك الْفَارِسِي وَابْن بابشاذ وَابْن عُصْفُور وَابْن الصَّائِغ وَابْن أبي الرّبيع وَابْن مَالك وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا لما دخلت على غير مسموع أُتِي لَهَا بمفعول ثَان يدل على المسموع كَمَا أَن ظن دخلت على غير مظنون أُتِي بعد ذَلِك بمفعول ثَان يدل على المظنون وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا ذَلِك وَقَالُوا لَا تتعدى سَمِعت إِلَّا إِلَى مفعول وَاحِد فَإِن كَانَ مِمَّا يسمع فَهُوَ ذَلِك وَإِن كَانَ عينا فَهُوَ الْمَفْعُول وَالْفِعْل بعده فِي مَوضِع نصب على الْحَال وَهُوَ على حذف مُضَاف أَي سَمِعت صَوت زيد فِي حَال أَنه يتَكَلَّم وَهَذِه الْحَالة مبينَة وَاحْتج ابْن السَّيِّد لقَولهم بِأَنَّهَا من أَفعَال الْحَواس وأفعال الْحَواس كلهَا تتعدى إِلَى وَاحِد وَأَنَّهَا لَو تعدت لاثْنَيْنِ لكَانَتْ إِمَّا من بَاب أعْطى أَو من بَاب ظن وَيبْطل الأول كَون الثَّانِي فعلا وَالْفِعْل لَا يكون فِي مَوضِع الثَّانِي من بَاب أعْطى وَيبْطل الثَّانِي أَنَّهَا لَا يجوز إلغاؤها وَبَاب ظن يجوز فِيهِ الإلغاء

وَألْحق قوم ب صير ضرب مَعَ الْمثل نَحْو {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا} النَّحْل 75 {أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة} الْبَقَرَة 26 {وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة} يس 13 فَقَالُوا هِيَ فِي الْآيَات وَنَحْوهَا متعدية إِلَى اثْنَيْنِ قَالَ ابْن مَالك وَالصَّوَاب أَلا يلْحق بِهِ لقَوْله تَعَالَى {ضرب مثل فَاسْتَمعُوا لَهُ} الْحَج 73 فبنيت للْمَفْعُول واكتفت بالمرفوع وَلَا يفعل ذَلِك بِشَيْء من أَفعَال هَذَا الْبَاب قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ اسْتِدْلَال ظَاهر إِلَّا أَنه يُمكن تَأْوِيله على حذف الْمَفْعُول لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ أَي مَا يذكر وَذهب ابْن أبي الرّبيع إِلَى أَن ضرب بِمَعْنى صير مُتَعَدٍّ لاثْنَيْنِ مُطلقًا مَعَ الْمثل وَغَيره نَحْو ضربت الْفضة خلخالا وَمَال إِلَيْهِ أَبُو حَيَّان وَألْحق هِشَام بِأَفْعَال هَذَا الْبَاب عرف وَأبْصر وَألْحق بهَا ابْن درسْتوَيْه أصَاب وصادف وغادر وَألْحق بهَا بَعضهم خلق بِمَعْنى جعل كَقَوْلِه {وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} النِّسَاء 28 وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا ذَلِك وَجعلُوا الْمَنْصُوب الثَّانِي فِي الْجَمِيع حَالا وَزعم جمَاعَة من الْمُتَأَخِّرين مِنْهُم خطاب الماردي أَنه قد يجوز تضمين الْفِعْل الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد معنى صير وَيجْعَل من هَذَا الْبَاب فَأجَاز حفرت وسط الدَّار بِئْرا وَلَا يكون بِئْرا تمييزا لِأَنَّهُ لَا يحسن فِيهِ من وَكَذَا بنيت الدَّار مَسْجِدا وَقطعت الثَّوْب قَمِيصًا وَالْجَلد نعلا وصنعت الثَّوْب عماما لِأَن الْمَعْنى فِيهَا صيرت قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَن هَذَا كُله من بَاب التَّضْمِين الَّذِي يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَذكر السكاكي فِي الْمِفْتَاح فِيمَا يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ توهمت

وتيقنت وشعرت ودريت وتبينت وأصبت واعتقدت وتمنيت ووددت وهب بِمَعْنى احسب نَقله عَنهُ فِي الارتشاف ثمَّ قَالَ وَيحْتَاج فِي نقل هَذِه من هَذَا الْبَاب إِلَى صِحَة نقل عَن الْعَرَب ص مَسْأَلَة مدخولها ككان أَو ذُو اسْتِفْهَام وَأنكر السُّهيْلي دُخُولهَا على جزأي ابْتِدَاء وتنصبهما مفعولين وَقيل الثَّانِي شبه حَال ش مَا دخلت عَلَيْهِ كَانَ دخلت عَلَيْهِ هَذِه الْأَفْعَال وَمَا لَا فَلَا إِلَّا الْمُبْتَدَأ الْمُشْتَمل على اسْتِفْهَام نَحْو أَيهمْ أفضل وَغُلَام من عنْدك فَإِنَّهُ لَا تدخل عَلَيْهِ كَانَ لِأَن الِاسْتِفْهَام لَهُ الصَّدْر فَلَا يُؤَخر وَتدْخل عَلَيْهِ ظَنَنْت ويتقدم عَلَيْهَا نَحْو أَيهمْ ظَنَنْت أفضل وَغُلَام من ظَنَنْت عنْدك وَإِذا دخلت على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر نصبتهما مفعولين وَكَانَ الأَصْل أَلا تُؤثر فيهمَا لِأَن العوامل الدَّاخِلَة على الْجُمْلَة لَا تُؤثر فِيهَا إِلَّا أَنهم شبهوها بأعطيت فَنصبت الاسمين هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَزعم الْفراء أَن هَذِه الْأَفْعَال لما طلبت اسْمَيْنِ أشبهت من الْأَفْعَال بِمَا يطْلب اسْمَيْنِ أَحدهمَا مفعول بِهِ وَالْآخر حَال نَحْو أتيت زيدا ضَاحِكا وَاسْتدلَّ بِوُقُوع الْجمل والظروف والمجرورات موقع الْمَنْصُوب الثَّانِي هُنَا كَمَا تقع موقع الْحَال وَلَا يَقع شَيْء من ذَلِك موقع الْمَفْعُول بِهِ فَدلَّ على انتصابه على التَّشْبِيه بِالْحَال لَا على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يقْدَح فِي ذَلِك كَون الْكَلَام هُنَا لَا يتم بِدُونِهِ وَلَيْسَ ذَلِك شَأْن الْحَال لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَال حَقِيقِيّ بل مشبه بهَا والمشبه بالشي لَا يجْرِي مجْرَاه فِي جَمِيع أَحْكَامه أَلا ترى أَنه على قَول الْبَصرِيين لَا يتم أَيْضا بِدُونِهِ وَلَيْسَ ذَلِك شَأْن الْمَفْعُول من حَيْثُ إِنَّه لَيْسَ بمفعول حَقِيقِيّ بل مشبه بِهِ عِنْدهم وَاسْتدلَّ البصريون بِوُقُوعِهِ معرفَة ومضمرا واسما جَامِدا كالمفعول بِهِ وَلَا يكون شَيْء من ذَلِك حَالا وَلَا يقْدَح وُقُوع الْجُمْلَة والظروف موقعه لِأَنَّهَا قد تنصب على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ فِي نَحْو قَالَ زيد عَمْرو منطلق ومررت بزيد

وَأنكر السُّهيْلي دُخُولهَا على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر أصلا قَالَ بل هِيَ بِمَنْزِلَة أَعْطَيْت فِي أَنَّهَا اسْتعْملت مَعَ مفعولها ابْتِدَاء قَالَ وَالَّذِي حمل النَّحْوِيين على ذَلِك أَنهم رَأَوْا أَن هَذِه الْأَفْعَال يجوز أَلا تذكر فَيكون من مفعوليها مُبْتَدأ وَخبر قَالَ وَهَذَا بَاطِل بِدَلِيل أَنَّك تَقول ظَنَنْت زيدا عمرا وَلَا يجوز أَن تَقول زيد عَمْرو إِلَّا على جِهَة التَّشْبِيه وَأَنت لم ترد ذَلِك مَعَ ظَنَنْت إِذْ الْقَصْد أَنَّك ظَنَنْت زيدا عمرا نَفسه لَا شبه عَمْرو قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح قَول النَّحْوِيين وَلَيْسَ دليلهم مَا توهمه بل دليلهم رُجُوع المفعولين إِلَى الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر إِذا ألغيت هَذِه الْأَفْعَال ص وتسد عَنْهُمَا أَن ومعمولاها وتقديمهما كمجردين وَثَانِيهمَا كَخَبَر كَانَ ش فِيهِ مسَائِل الأولى تسد عَن المفعولين فِي هَذَا الْبَاب أَن الْمُشَدّدَة ومعمولاها نَحْو ظَنَنْت أَن زيدا قَائِم {أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير} الْبَقَرَة 259 وَإِن كَانَت بِتَقْدِير اسْم مُفْرد للطول ولجريان الْخَبَر والمخبر عَنهُ بِالذكر فِي الصِّلَة ثمَّ لَا حذف فِيهِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَذهب الْأَخْفَش والمبرد إِلَى أَن الْخَبَر مَحْذُوف وَالتَّقْدِير أَظن أَن زيدا قَائِم ثَابت أَو مُسْتَقر وَكَذَا يسد عَنْهُمَا أَن وصلتها نَحْو {أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} العنكبوت 2 لتضمن مُسْند ومسند إِلَيْهِ مُصَرح بهما فِي الصِّلَة الثَّانِيَة حكم هذَيْن المفعولين فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير كَمَا لَو كَانَا قبل دُخُول هَذِه الْأَفْعَال فَالْأَصْل تَقْدِيم الْمَفْعُول الأول وَتَأْخِير الثَّانِي وَيجوز عَكسه وَقد يجب الأَصْل فِي نَحْو ظَنَنْت زيدا صديقك وَقد يجب خِلَافه فِي نَحْو مَا ظَنَنْت زيدا إِلَّا بَخِيلًا وَأَسْبَاب الْوُجُوب فِي الشقين مَعْرُوفَة فِي بَاب الِابْتِدَاء الثَّالِثَة للْمَفْعُول الثَّانِي هُنَا من الْأَقْسَام وَالْأَحْوَال مَا لخَبر كَانَ وَذَلِكَ مَعْرُوف مِمَّا هُنَاكَ

حذف المفعولين أو أحدهما

[حذف المفعولين أَو أَحدهمَا] ص وَيجوز حذفهما لدَلِيل لَا أَحدهمَا دونه وفَاقا وَيجوز لَهُ فِي الْأَصَح لَا هما دونه وفَاقا للأخفش والجرمي وَجوزهُ الْأَكْثَر مُطلقًا والأعلم فِي الظَّن لَا الْعلم وَإِدْرِيس سَمَاعا فِي ظن وخال وَحسب فَإِن وَقع مَحلهمَا ظرف أَو ضمير أَو إِشَارَة لم يقْتَصر إِن كَانَ أَحدهمَا وَلَا دَلِيل لَا إِن لم يكنه ش الْحَذف لدَلِيل يُسمى اختصارا ولغير دَلِيل يُسمى اقتصارا فَحذف المفعولين هُنَا لدَلِيل جَائِز وفَاقا كَقَوْلِه 590 - (بأيّ كتابٍ أم بأيَّة سُنّةٍ ... تَرى حبّهم عاراً علىّ، وتَحْسِبُ) أَي وتحسب حبهم عارا على وَأما حذفهما لغير دَلِيل كاقتصارك على أَظن أَو أعلم من أَظن أَو أعلم زيدا مُنْطَلقًا دون قرينَة فَفِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش والجرمي وَنسبه ابْن مَالك لسيبويه وللمحققين كَابْن طَاهِر وَابْن خروف والشلوبين لعدم الْفَائِدَة إِذْ لَا يَخْلُو الْإِنْسَان من ظن مَا وَلَا علم مَا فَأشبه قَوْلك النَّار حارة الثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا وَعَلِيهِ أَكثر النَّحْوِيين مِنْهُم ابْن السراج والسيرافي وَصَححهُ ابْن عُصْفُور لوروده قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أعنده علم الْغَيْب فَهُوَ يرى} النَّجْم 35 أَي يعلم وَقَالَ {وظننتم ظن السوء} الْفَتْح 12 وَحكى سِيبَوَيْهٍ من يسمع يخل أَي يَقع مِنْهُ خيلة وَمَا ذكر من عدم الْفَائِدَة مَمْنُوع لحصولها بِالْإِسْنَادِ إِلَى الْفَاعِل الثَّالِث الْجَوَاز فِي ظن وَمَا فِي مَعْنَاهَا دون علم وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَعَلِيهِ الأعلم وَاسْتدلَّ بِحُصُول الْفَائِدَة فِي الأول دون الثَّانِي وَالْإِنْسَان قد يَخْلُو من الظَّن فَيُفِيد قَوْله ظَنَنْت أَنه وَقع مِنْهُ ظن وَلَا يَخْلُو من علم إِذْ لَهُ أَشْيَاء يعلمهَا ضَرُورَة كعلمه أَن الِاثْنَيْنِ أَكثر من الْوَاحِد فَلم يفد قَوْله علمت شَيْئا ورد بِأَنَّهُ يُفِيد وُقُوع علم مَا لم يكن يعلم

الرَّابِع الْمَنْع قِيَاسا وَالْجَوَاز فِي بَعْضهَا سَمَاعا وَعَلِيهِ أَبُو الْعلَا إِدْرِيس فَلَا يتَعَدَّى الْحَذف فِي ظَنَنْت وخلت وحسبت لوروده فِيهَا وَأما حذف المفعولين اقتصارا فَلَا يجوز بِلَا خلاف لِأَن أَصلهمَا الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَذَلِكَ غير جَائِز فيهمَا وَإِمَّا اختصارا فَيجوز نَقله عَن الْجُمْهُور وَمنعه طَائِفَة مِنْهُم ابْن الْحَاجِب وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَأَبُو إِسْحَاق بن ملكون كالاقتصار وَقِيَاسًا على بَاب كَانَ وَفرق الْجُمْهُور بِأَن مَرْفُوع كَانَ كالفاعل وخبرها كالحدث لَهَا فَصَارَ عوضا عَنهُ فَلذَلِك امْتنع الْحَذف هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا وَقد ورد السماع هُنَا بالحذف قَالَ 591 - (وَلَقَد نزلْتِ فَلَا تَظُنِّى غَيْرَه ... مِنِّى بِمَنْزِلَة المُحبِّ المُكْرم) أَي وَاقعا أَو حَقًا وَعلل بَعضهم الْمَنْع بِأَنَّهُمَا متلازمان لافتقار كل مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه إِذْ هما مُبْتَدأ وَخبر فِي الأَصْل فَلم يجز حذف أَحدهمَا دون الآخر وَفرق بَينهمَا وَبَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر حَيْثُ يجوز حذف أَحدهمَا بِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي فيهمَا إِلَى لبس وَهنا يؤحدي إِلَى التباس مَا يتَعَدَّى مِنْهُمَا إِلَى اثْنَيْنِ بِمَا يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد فَإِن وَقع موقع المفعولين ظرف نَحْو ظَنَنْت عنْدك أَو مجرور نَحْو ظَنَنْت لَك أَو ضمير نَحْو ظننته أَو إِشَارَة نَحْو ظَنَنْت ذَلِك امْتنع الِاقْتِصَار عَلَيْهِ إِن كَانَ أَحدهمَا وَلم يعلم الْمَحْذُوف لما تقرر من أَن حذف أَحدهمَا اقتصارا مَمْنُوع وَإِن لم يكن أَحدهمَا بِأَن أُرِيد بالظرف مَكَان حُصُول الظَّن وَتلك الْعلَّة وبالضمير ضمير الْمصدر وَالْإِشَارَة إِلَيْهِ أَو كَانَ أَحدهمَا وَعلم الْمَحْذُوف جَازَ الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَيكون الضَّمِير حذف للْعلم بِهِ

الإلغاء

[الإلغاء] ص وَخص متصرف القلبي بالإلغاء آخرا ووسطا وَالْأَكْثَر يُخَيّر وَهُوَ أولى آخرا وَفِي الْوسط خلف لَا مقدما خلافًا للكوفية والأخفش وَيَنْوِي الشَّأْن فِي موهمه وَيجوز بِضعْف بعد مَعْمُول فعلى الْأَصَح يجوز ظَنَنْت يقوم زيدا وَنعم الرجل زيدا وآكلا زيدا طَعَامك وَقد يَقع ملغى بَين معمولي إِن وعطفين وسوف وَلَا يجب إِلْغَاء مَا بَين الْفِعْل ومرفوعه خلافًا للكوفية وتوكيد ملغى بمصدر نصب قَبِيح ومضاف لياء ضَعِيف وفوقه ضمير فإشارة وتؤكد جملَة بمصدر الْفِعْل بَدَلا من لَفظه مَنْصُوبًا فَلَا يقدم خلافًا لقوم فعلى الْأَصَح لَا يعْمل وَكَذَا على الآخر عِنْد أَكْثَرهم وَثَالِثهَا يقدم وَيعْمل مَعَ مَتى فَإِن جعلت خَبره رفع وَعمل حتما ش يخْتَص الْمُتَصَرف من الْأَفْعَال القلبية وَهُوَ مَا عدا هَب وَتعلم من الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة بالإلغاء وَهُوَ ترك الْعَمَل لغير مَانع لفظا أَو محلا وَإِنَّمَا يجوز إِذا تَأَخّر الْفِعْل عَن المفعولين نَحْو زيد قَائِم ظَنَنْت أَو توَسط بَينهمَا نَحْو زيد ظَنَنْت قَائِم لضَعْفه حِينَئِذٍ بتقدم الْمَعْمُول عَلَيْهِ كَمَا هُوَ شَأْن الْعَامِل إِذا تَأَخّر وَالْجُمْهُور أَنه على سَبِيل التَّخْيِير لَا اللُّزُوم فلك الإلغاء والإعمال وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه على سَبِيل اللُّزُوم وَاخْتَارَهُ ابْن أبي الرّبيع فَإِن بدأت التحبر بِالشَّكِّ أعلمت على كل حَال وَإِن بدأت وَأَنت تُرِيدُ الْيَقِين ثمَّ أدركك الشَّك رفعت بِكُل حَال وعَلى الأول فالإلغاء للتأخر أولى من إعماله وَفِي الْمُتَوَسّط خلاف قيل إعماله أولى لِأَن الْفِعْل أقوى من الِابْتِدَاء إِذْ هُوَ عَامل لَفْظِي وَقيل هما سواهُ لِأَنَّهُ عَادل قوته تَأْخِيره فضعف لذَلِك فقاومه الِابْتِدَاء بالتقديم وَمن شَوَاهِد إِلْغَاء الْمُتَأَخر قَوْله 592 - (هُمَا سَيِّدَانَا يَزْعُمان وإنّما ... )

والمتوسط قَوْله 593 - (وَفِي الأراجيز خِلْتُ اللُّؤمُ والفشَلُ ... ) أما إِذا تصدر الْفِعْل فَلَا يجوز فِيهِ الإلغاء عِنْد الْبَصرِيين وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ والأخفش وَأَجَازَهُ ابْن الطراوة إِلَّا أَن الإعمال عِنْده أحسن وَاسْتَدَلُّوا بقوله 594 - (أنِّي رَأيْتُ مِلاَكُ الشِّيمةِ الأدَبُ ... ) وَقَوله 595 - (وَمَا إخَالُ لَدَيْنَا مَنْكِ تَنْويلُ ... )

وَقَوله 596 - (وإخَال إنّي لاَحِقٌ مُسْتَتْبعُ ... ) بِالْكَسْرِ والبصريون خَرجُوا ذَلِك على تَقْدِير ضمير الشَّأْن لِأَنَّهُ أولى من إِلْغَاء الْعَمَل بِالْكُلِّيَّةِ وَيتَفَرَّع على الْخلاف الْمَذْكُور مسَائِل أَحدهَا نَحْو ظَنَنْت يقوم زيدا وظننت قَامَ زيدا فَعِنْدَ الْكُوفِيّين والأخفش لَا يجوز نصب زيد وَعند الْبَصرِيين يجوز لِأَن النِّيَّة بِالْفِعْلِ التَّأْخِير الثَّانِيَة أَظن نعم الرجل زيدا يجوز نَصبه عِنْد الْبَصرِيين دون الْكُوفِيّين الثَّالِثَة أَظن آكلا زيدا طَعَامك يجوز على قَول الْبَصرِيين دون الْكُوفِيّين فَإِن تقدم الْفِعْل على المفعولين وَلكنه تقدمه مَعْمُول جَازَ الإلغاء بِضعْف نَحْو مَتى ظَنَنْت زيد قَائِم وَقد يَقع الملغى بَين معمولي إِن كَقَوْلِه 597 - (إنّ المُحِبَّ عَلِمْتُ مُصْطَبرُ ... ) وَبَين مَعْطُوف ومعطوف عَلَيْهِ كَقَوْلِه 598 - (وَلَكِن دَعاك الخُبْزُ أَحْسَبُ والتّمْرُ ... )

وَبَين سَوف ومصحوبها كَقَوْلِه 599 - (وَمَا أَدْري وسَوْف إخَالُ أَدْري ... ) فَإِن وَقع بَين الْفِعْل ومرفوعه نَحْو قَامَ أَظن زيد وَيقوم أَظن زيد فالإلغاء جَائِز عِنْد الْبَصرِيين وَاجِب عِنْد الْكُوفِيّين وَيُؤَيّد الْبَصرِيين قَوْله 600 - (شجَاك أَظن رَبْعُ الظّاعنِينا ... ) رُوِيَ بِرَفْع ربع ونصبه قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقيَاس أَنه لَا يجوز إِلَّا الإلغاء لِأَن الإعمال مترتب على كَون الجزأين كَانَا مُبْتَدأ وخبرا وليسا هُنَا كَذَلِك وَإِلَّا لأدي إِلَى تَقْدِيم الْخَبَر وَالْفِعْل على الْمُبْتَدَأ ويقبح توكيد الملغى بمصدر مَنْصُوب نَحْو زيد ظَنَنْت ظنا منطلق لِأَن الْعَرَب تقيم الْمصدر إِذا توَسط مقَام الْفِعْل وتحذفه فَكَانَ كالجمع بَين الْعِوَض والمعوض عَنهُ وَلَا يجوز الْجمع بَين الْعِوَض والمعوض ويضعف توكيده بمصدر مُضَاف للياء نَحْو زيد ظَنَنْت ظَنِّي قَائِم وبضمير أقل ضعفا نَحْو زيد ظننته مُنْطَلقًا أم ضعفه فإجراء لَهُ مجْرى الْمصدر الصَّرِيح وَأما كَونه أقل ضعفا مِنْهُ فَلِأَن المجعول عوضا إِنَّمَا هُوَ الْمصدر لَا ضَمِيره وَمثله توكيده باسم إِشَارَة نَحْو زيد ظَنَنْت ذَاك منطلق

التعليق

قَالَ أَبُو حَيَّان وَاتَّفَقُوا على أَنه أحسن من الْمصدر وَاخْتلفُوا هَل هُوَ أحسن من الضَّمِير أَو الضَّمِير أحسن مِنْهُ أَو هما سَوَاء وَجه الأول أَن الضَّمِير يتَوَهَّم مِنْهُ رُجُوعه إِلَى زيد وَوجه الثَّانِي أَن اسْم الْإِشَارَة ظَاهر مُنْفَصِل فَهُوَ أشبه بِلَفْظ الْمصدر وتؤكد الْجُمْلَة بمصدر الْفِعْل بَدَلا من لقطه مَنْصُوبًا نَحْو زيد منطلق ظَنك أَي ظَنك زيد منطلق نَاب ظَنك مناب ظَنَنْت وَنصب نصب الْمصدر الْمُؤَكّد للجمل فَلَا يجوز تَقْدِيمه عِنْد الْجُمْهُور كَمَا لَا يقدم حَقًا من قَوْلك زيد قَائِم حَقًا لِأَن شَأْن الْمُؤَكّد التَّأْخِير وَجوز قوم مِنْهُم الْأَخْفَش تَقْدِيمه فعلى الأول لَا يجوز إعماله وفَاقا لِأَنَّهُ لَو عمل لَاسْتَحَقَّ التَّقْدِيم لكَون عَاملا وَالتَّأْخِير لكَونه مؤكدا وَاسْتِحْقَاق شَيْء وَاحِد تَقْدِيمًا وتأخيرا فِي حَال وَاحِد محَال وَاخْتلف مجيزو التَّقْدِيم فِي إعماله فأكثرهم على الْمَنْع لَو عمل لِأَنَّهُ لَو لم يعْمل لم يكن على الْفِعْل الْمَحْذُوف دَلِيل وَمِنْهُم من أجَاز فَيُقَال ظَنك زيدا قَائِما وَفِي التَّقْدِيم قَول ثَالِث أَنه يجوز مَعَ مَتى نَحْو مَتى ظَنك زيدا ذَاهِبًا قِيَاسا على مَتى تظن زيدا ذَاهِبًا قَالَ أَبُو حَيَّان من أجَاز الإعمال فِي ظَنك زيدا قَائِما كَانَ عِنْده هُنَا أجوز لِأَن أدوات الِاسْتِفْهَام طالبة للْفِعْل فَجَاز إِضْمَار الْفِعْل بعْدهَا كَذَلِك وَمِمَّنْ ذهب إِلَى إجَازَة الإعمال هُنَا وَمنعه فِي ظَنك زيدا قَائِما ابْن عُصْفُور فَإِن جعلت مَتى خبر الظَّن رفع وَعمل وجوبا نَحْو مَتى ظَنك زيدا قَائِما لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بمصدر مُؤَكد وَلَا بدل من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ وَإِنَّمَا هُوَ مُقَدّر بِحرف مصدري وَالْفِعْل [التَّعْلِيق] ص وَخص أَيْضا بِالتَّعْلِيقِ وَهُوَ عمله معنى لَا لفظا فِي ذِي اسْتِفْهَام أَو مُضَاف لَهُ أَو تال مَا أَو إِن النافية أَو لَام ابْتِدَاء قَالَ ابْن مَالك أَو قسم أَو لَو وَابْن السراج أَو لَا وَأَبُو عَليّ أَو لَعَلَّ وَأنكر ثَعْلَب تَعْلِيق الظَّن وَقيل الْقسم مُقَدّر فِيهَا مُعَلّق وَقيل فِي إِن وَلَا وَقيل هُوَ وَجَوَابه الْمَعْمُول وَقيل يجوز الْعَمَل مَعَ مَا وَاخْتلف هَل يخْتَص بالتميمية

ش يخْتَص أَيْضا الْمُتَصَرف من الْأَفْعَال القلبية بِالتَّعْلِيقِ وَهُوَ ترك الْعَمَل فِي اللَّفْظ لَا فِي التَّقْدِير لمَانع وَلِهَذَا يعْطف على الْجُمْلَة الْمُعَلقَة بِالنّصب لِأَن محلهَا نصب وَالْمَانِع كَون أحد المفعولين اسْم اسْتِفْهَام نَحْو علمت أَيهمْ قَامَ {لنعلم أَي الحزبين أحصى} الْكَهْف 12 أَو مُضَافا إِلَيْهِ نَحْو علمت أَبُو من زيد أَو مَدْخُولا لَهُ نَحْو علمت أَزِيد قَائِم أم عَمْرو أَو مَدْخُولا ل مَا النافية نَحْو {وظنوا مَا لَهُم من محيص} فصلت 48 {لقد علمت مَا هَؤُلَاءِ ينطقون} الْأَنْبِيَاء 65 أَو لإن النافية نَحْو {وتظنون إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا} الْإِسْرَاء 52 أَو للام الِابْتِدَاء نَحْو {وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ} الْبَقَرَة 102 وَوجه الْمَنْع فِي الْجَمِيع أَن لَهَا الصَّدْر فَلَا يعْمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا وعد ابْن مَالك من المعلقات لَام الْقسم كَقَوْلِه 601 - (وَلقَدْ عَلمْتُ لَتأتينّ منيّتي ... )

قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهَا أَكثر أَصْحَابنَا بل صرح ابْن الدهان فِي الْغرَّة بِأَنَّهَا لَا تعلق وعد ابْن مَالك أَيْضا لَو كَقَوْلِه 602 - (وَقد عَلِم الأقْوامُ لَو أنّ حَاتِمًا ... أَرَادَ ثَراءَ المَال كانَ لَهُ وَفْرُ) وعد ابْن السراج فِيهَا لَا النافية وَذكرهَا النّحاس نَحْو أَظن لَا يقوم زيد قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهَا أَصْحَابنَا وعد أَبُو عَليّ الْفَارِسِي مِنْهَا لَعَلَّ نَحْو {وَمَا يدْريك لَعَلَّه يزكّى} عبس 3 {وَمَا يدْريك لَعَلَّ السَّاعَة قريب} الشورى 17 وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان لِأَنَّهُ مثل الِاسْتِفْهَام فِي أَنه غير خبر وَأَن مَا بعده مُنْقَطع مِمَّا قبله وَلَا يعْمل بِهِ وَذهب ثَعْلَب والمبرد وَابْن كيسَان إِلَى أَنه لَا يعلق من الْأَفْعَال إِلَّا مَا كَانَ بِمَعْنى الْعلم وَأما الظَّن وَنَحْوه فَلَا يعلق وَرجحه الشلوبين وَوَجهه إِدْرِيس بِأَن آلَة التَّعْلِيق فِي الأَصْل حرف الِاسْتِفْهَام وحرف التَّأْكِيد أما التَّحْقِيق فَلَا يكون بعد الظَّن لِأَنَّهُ نقيضه وَأما الِاسْتِفْهَام فتردد وَالظَّن أَيْضا تردد فَلَا يدْخل على مثله وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْقسم مُقَدّر بعد هَذِه الْأَفْعَال مَعَ جَمِيع المعلقات الْمَذْكُورَة وَأَنه هُوَ الْمُعَلق لَا هِيَ وَقوم إِلَى أَنه مُقَدّر فِي إِن وَلَا وَقوم إِلَى أَن الْقسم الْمُضمر وَجَوَابه فِي مَوضِع مَعْمُول الْفِعْل

وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه يجوز الإعمال مَعَ مَا نَحْو علمت زيدا مَا أَبوهُ قَائِم ثمَّ قيل هَذَا خَاص بالتميمية لِأَن الحجازية كالفعل وَالْفِعْل لَا يدْخل على الْفِعْل فَلَا يُقَال علمت لَيْسَ زيدا قَائِما وَقيل عَام فيهمَا لِأَنَّهَا لَيست بِفعل ص وَألْحق مَعَ اسْتِفْهَام أبْصر وتفكر وَسَأَلَ قَالَ قوم وَنظر وَابْن مَالك وَنسي وَمَا قاربها لَا غَيرهَا خلافًا ليونس وَنصب علمت زيدا أَبُو من هُوَ أرجح وأوجبه ابْن كيسَان وَيجب على الْأَصَح بعد أَرَأَيْت بِمَعْنى أَخْبرنِي وَلِذِي اسْتِفْهَام مَعهَا مَا لَهُ دونهَا ثمَّ الْمُعَلق إِن تعدى لاثْنَيْنِ فالجملة مسدهما وَالثَّانِي إِن ذكر الأول أَو بِحرف فنصب بإسقاطه أَو لوَاحِد فَهِيَ هُوَ فَإِن ذكر فبدل كل وَقيل اشْتِمَال وَقيل حَال وَقيل ثَان على تَضْمِينه ش فِيهِ مسَائِل الأولى ألحق بالأفعال الْمَذْكُورَة فِي التَّعْلِيق لَكِن مَعَ الِاسْتِفْهَام خَاصَّة أبْصر نَحْو {فستبصر ويبصرون بأييكم الْمفْتُون} الْقَلَم 5، 6 وتفكر كَقَوْلِه 603 - (تفكر آإيَّاهُ يَعْنُون أم قِرْدَا ... ) وَسَأَلَ نَحْو {يسئلون أَيَّانَ يَوْم الدّين} الذاريات 12 وَزَاد ابْن خروف نظر وَوَافَقَهُ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك نَحْو {أَفلا ينظرُونَ إِلَى الْإِبِل كَيفَ خلقت} الغاشية 17 قَالَ ابْن الزبير وَلم يذهب أحد إِلَى تَعْلِيقهَا سوى الْمَذْكُورين

وَزَاد ابْن مَالك نسي كَقَوْلِه 604 - (ومَنْ أنْتُمُ إنّا نَسِينا مَن أنْتُم ... ) ونازعه أَبُو حَيَّان بِأَن من فِي الْبَيْت يحْتَمل الموصولية وَحذف الْعَائِد أَي من هم أَنْتُم وَزَاد ابْن مَالك أَيْضا مَا قَارب الْمَذْكُورَات من الْأَفْعَال الَّتِي لَهَا تعلق بِفعل الْقلب نَحْو أما ترى أَي برق هُنَا على أَن رَأْي بصرية {ويستنبئونك أَحَق هُوَ} يُونُس 53 لِأَن استنبأ بِمَعْنى استعلم فَهِيَ طلب للْعلم {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} الْملك 2 ونازعه أَبُو حَيَّان بِأَن رأى فِي الأول علمية وَأَيكُمْ فِي الْأَخير مَوْصُولَة حذف صدر صلتها فبنيت وَهِي بدل من ضمير الْخطاب بدل بعض وَأَجَازَ يُونُس تَعْلِيق كل فعل غير مَا ذكر وَخرج عَلَيْهِ {ثمَّ لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ أَشد} مَرْيَم 69 وَالْجُمْهُور لم يوافقوه على ذَلِك الثَّانِيَة إِذا تقدم على الِاسْتِفْهَام أحد المفعولين نَحْو علمت زيدا أَبُو من هُوَ جَازَ نَصبه بالِاتِّفَاقِ لِأَن الْعَامِل مسلط عَلَيْهِ وَلَا مَانع من الْعَمَل وَاخْتلفُوا فِي رَفعه فَأَجَازَهُ سِيبَوَيْهٍ وَإِن كَانَ الْمُخْتَار عِنْده النصب لِأَنَّهُ من حَيْثُ الْمَعْنى مستفهم عَنهُ إِذْ الْمَعْنى علمت أَبُو من زيد وَهُوَ نَظِير قَوْلك إِن أحد إِلَّا يَقُول ذَلِك أَلا ترى أَن أحدا إِنَّمَا يَقع بعد نفي لكنه لما كَانَ ضَمِيره قد نفي عَنهُ الْفِعْل وَهُوَ وضميره وَاحِد صَار كَأَن النَّفْي دخل عَلَيْهِ وَمنعه ابْن كيسَان لظَاهِر مُبَاشرَة الْفِعْل ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ 605 - (فوَاللَّه مَا أَدْرِي غَريمٌ لَوَيْتُه ... أَيَشْتَدّ إنْ قاضاك أم يتضرّعُ) الثَّالِثَة يجب النصب بعد أَرَأَيْت بِمَعْنى أَخْبرنِي نَحْو أرأيتك زيدا أَبُو من هُوَ وَلَا يجوز التَّعْلِيق فيرفع كَمَا جَازَ فِي علمت زيدا أَبُو من هُوَ لِأَنَّهَا فِي معنى

أَخْبرنِي وَأَخْبرنِي لَا تعلق هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ ونازعه كَثِيرُونَ وَقَالُوا كثيرا مَا تعلق أَرَأَيْت قَالَ تَعَالَى {قل أرءيتكم إِن أَتَاكُم عَذَاب الله أَو أتتكم السَّاعَة أغير الله تدعون} الْأَنْعَام 40 {أرءيت إِن كذب وَتَوَلَّى ألم يعلم بِأَن الله يرى} العلق 13، 14 فِي آيَات أخر وَأجِيب بِأَنَّهُ حذف فِيهَا الْمَفْعُول اختصارا أَي أَرَأَيْتكُم عذابكم وَقَالَ أَبُو حَيَّان هِيَ من بَاب التَّنَازُع فَإِن أَرَأَيْت وَفعل الشَّرْط تنَازعا الِاسْم بعده فأعمل الثَّانِي وَحذف من الأول لِأَنَّهُ مَنْصُوب أَي أرأيتكموه أَي الْعَذَاب ويضمر فِي أَرَأَيْت مَعْمُول فعل الشَّرْط الَّذِي يُمكن تسليط أَرَأَيْت عَلَيْهِ الرَّابِعَة للاسم المستفهم بِهِ والمضاف إِلَيْهِ مِمَّا بعدهمَا مَا لَهما دون الْأَفْعَال الْمَذْكُورَة فَلَا تُؤثر فِيهِ ظَنَنْت وأخواته بل يبْقى على حَاله من الْإِعْرَاب فَإِن كَانَ مَرْفُوعا على الِابْتِدَاء بَقِي كَذَلِك وَإِن كَانَ مَفْعُولا بِهِ بَقِي مَفْعُولا بِهِ أَو مصدرا أَو ظرفا أَو حَالا بَقِي كَذَلِك مثالها عملت أَي النَّاس صديقك وأيهم ضربت وَأي قَامَ قُمْت وَمَتى قَامَ زيد وَكَيف ضربت زيدا الْخَامِسَة الْجُمْلَة بعد الْمُعَلق فِي هَذَا الْبَاب فِي مَوضِع المفعولين سادة مسدهما فَإِن كَانَ التَّعْلِيق بعد اسْتِيفَاء الْمَفْعُول الأول كَمَا فِي علمت زيدا أَبُو من هُوَ فَهِيَ فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي وَأما فِي غير هَذَا الْبَاب فَإِن كَانَ الْفِعْل مِمَّا يتَعَدَّى بِحرف الْجَرّ فالجملة فِي مَوضِع نصب بإسقاطه نَحْو فَكرت أَهَذا صَحِيح أم لَا وَجعل ابْن مَالك مِنْهُ {فَلْينْظر أَيهَا أزكى طَعَاما} الْكَهْف 19 أَي إِلَى وَإِن كَانَ مِمَّا يتَعَدَّى لوَاحِد فَهِيَ فِي مَوْضِعه نَحْو عرفت أَيهمْ زيد فَإِن كَانَ مَفْعُوله مَذْكُورا نَحْو عرفت زيدا أَبُو من هُوَ فالجملة بدل مِنْهُ هَذَا مَا اخْتَارَهُ السيرافي وَابْن مَالك ثمَّ قَالَ ابْن عُصْفُور هِيَ بدل كل من كل على حذف مُضَاف وَالتَّقْدِير عرفت قصَّة زيد أَو أَمر زيد أَبُو من هُوَ واحتيج إِلَى هَذَا التَّقْدِير لتَكون الْجُمْلَة هِيَ الْمُبدل مِنْهُ فِي الْمَعْنى وَقَالَ ابْن الصَّائِغ هِيَ بدل الاشتمال وَلَا حَاجَة إِلَى التَّقْدِير وَذهب الْمبرد والأعلم وَابْن خروف وَغَيرهم إِلَى أَن الْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب

جواز إعمال المتصرف من الأفعال القلبية في ضميرين

على الْحَال وَذهب الْفَارِسِي إِلَى أَنَّهَا فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لعرفت على تضمنه معنى علمت وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان [جَوَاز إِعْمَال الْمُتَصَرف من الْأَفْعَال القلبية فِي ضميرين] ص وَخص أَيْضا وَرَأى بصرية وحلمية بِجَوَاز كَون فاعلها ومفعولها ضميرين متصلين متحدي معنى وَالْأَكْثَر منع نفس مَكَانَهُ وَقد يشاركها عدم وفقد وَوجد وَيمْنَع مُطلقًا إِن أضمر فَاعل مُتَّصِلا وَفسّر بمفعول وَيجوز بمضاف إِلَيْهِ خلافًا للأخفش وَجوزهُ الْكسَائي إِن أبرز ش يخْتَص أَيْضا الْمُتَصَرف من الْأَفْعَال القلبية بِجَوَاز إعماله فِي ضميرين متصلين لمسمى وَاحِد أَحدهمَا فَاعِلا وَالْآخر مَفْعُولا نَحْو ظننتني خَارِجا وَأَنت ظننتك خَارِجا وَزيد ظننته خَارِجا قَالَ تَعَالَى {أَن رءاه اسْتغنى} العلق 7 وَقَالَ الشَّاعِر 606 - (وخلتني لي اسْم ... ) وَقَالَ 607 - (وَكنت إخالني لَا أجزع ... ) وَقَالَ 608 - (قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُنِي كأغْنَى وَاحِدٍ ... )

وَقَالَ 609 - (وحِنْتَ وَمَا حَسِبْتُكَ أَنْ تَحِينَا ... ) وَقَالَ 610 - (وخَالَهُ مُصَابا ... ) وَهل يجوز وضع نفس مَكَان الضَّمِير الأول نَحْو ظَنَنْت نَفسِي عَالِمَة خلاف قَالَ ابْن كيسَان نعم وَالْأَكْثَرُونَ لَا وَلَا يجوز مَا ذكر فِي سَائِر الْأَفْعَال لَا يُقَال ضربتني وَلَا ضربتك وَلَا زيد ضَربته بالِاتِّفَاقِ وَعلله سِيبَوَيْهٍ بالاستغناء عَنهُ بِالنَّفسِ نَحْو {قَالَ رب إِنِّي ظلمت نَفسِي} الْقَصَص 16 وَقَالَ الْمبرد لِئَلَّا يكون الْفَاعِل مَفْعُولا وَقَالَ غَيره لِئَلَّا يجْتَمع ضميران يرجعان إِلَى شَيْء وَاحِد أَحدهمَا رفع وَالْآخر نصب وهما لشَيْء وَاحِد وَقَالَ الْفراء لما كَانَ الْأَغْلَب الْمُتَعَارف تغاير الْفَاعِل وَالْمَفْعُول لم يُوقع فعلت على اسْمه إِلَّا بِالْفَصْلِ نعم ألحق بِأَفْعَال هَذَا الْبَاب فِي ذَلِك رأى البصرية والحلمية بِكَثْرَة وَعدم وفقد وَوجد بقلة كَقَوْل الشَّاعِر 611 - (وَلَقَد أَراني للرِّمَاح دَريئةً ... )

استعمالات القول وما تصرف منه

وَقَوله تَعَالَى {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} يُوسُف 36 وَحكى الْفراء عدمتني وفقدتني ووجدتني وَذَلِكَ على سَبِيل الْمجَاز لَا الْحَقِيقَة أما قَوْله قد بت أحرسني وحدي فشاذ إِذْ لم يقل أحرس نَفسِي فَإِن كَانَ أحد الضميرين مُنْفَصِلا جَازَ فِي كل فعل نَحْو مَا ضربت إِلَّا إياك وَيمْنَع الِاتِّحَاد مُطلقًا فِي بَاب ظن وَغَيره إِن أضمر الْفَاعِل مُتَّصِلا مُفَسرًا بالمفعول نَحْو ظن زيدا قَائِما وزيدا ضرب يُرِيد ظن نَفسه وَضرب نَفسه فَإِن أضمر مُنْفَصِلا جَازَ نَحْو مَا ظن زيدا قَائِما إِلَّا هُوَ وَمَا ظن زيد قَائِما إِلَّا إِيَّاه وَمَا ضرب زيدا إِلَّا هُوَ وَمَا ضرب زيد إِلَّا إِيَّاه [استعمالات القَوْل وَمَا تصرف مِنْهُ] ص مَسْأَلَة يحْكى بالْقَوْل وتصريفه الْجمل وَفِي لفظ الملحونة خلف وَلَا يلْحق بِهِ مَعْنَاهُ خلافًا للكوفية وَابْن عُصْفُور وَينصب مُفْرد كهي مَفْعُولا وَقيل نعت مصدر وَمُرَاد لَفظه خلافًا لقوم ويحكى غَيره مُقَدرا متم جملَة وَقد يُضَاف قَول وَقَائِل إِلَى محكي ويغني عَنهُ وحذفه كثير وَيُزَاد وَيعْمل كظن مُطلقًا لَكِن فِي لُغَة وَقيل شَرطهَا تضمن مَعْنَاهُ وبشرط الِاسْتِفْهَام فَقَط فِي لُغَة وَفِي الْمَشْهُور اتِّصَاله أَو فَصله بظرف أَو مَعْمُول قَالَ الْأَكْثَر أَو أَجْنَبِي وَكَونه مضارعا لمخاطب قَالَ ابْن مَالك وَحَالا وَمنع أَبُو حَيَّان والسهيلي وَألا يعدى بِاللَّامِ لمعمول وَجوزهُ السيرافي فِي مَاض والكوفية فِي امْر فَإِن ققد شَرط فالحكاية وَيجوز مَعَه بل يجب فِي أَتَقول زيد منطلق لمن بلغت عَنهُ ش فِي القَوْل وَمَا تصرف مِنْهُ استعمالات أَحدهَا أَن يحْكى بِهِ الْجمل نَحْو {قَالَ إِنِّي عبد الله} مَرْيَم 30 {يَقُولُونَ ربنآ ءامنا} الْمَائِدَة 83 {قُولُوا ءامنا} الْبَقَرَة 136 {وَإِن تعجب فَعجب قَوْلهم أءذا كُنَّا تُرَابا} الرَّعْد 5 الْآيَة {والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا}

الْأَحْزَاب 18 مقول لديهم لَا زكا مَال ذِي بخل وَالْأَصْل أَن يحْكى لفظ الْجُمْلَة كَمَا سمع وَيجوز أَن يحْكى على الْمَعْنى بِإِجْمَاع فَإِذا قَالَ زيد عَمْرو منطلق فلك أَن تَقول قَالَ زيد عَمْرو منطلق أَو المنطلق عَمْرو فَإِن كَانَت الْجُمْلَة ملحونة حكيت على الْمَعْنى بِإِجْمَاع فَتَقول فِي قَول زيد عَمْرو قَائِم بِالْجَرِّ قَالَ زيد عَمْرو قَائِم بِالرَّفْع وَهل تجوز الْحِكَايَة على اللَّفْظ قَولَانِ صحّح ابْن عُصْفُور الْمَنْع قَالَ لأَنهم إِذا جوزوا الْمَعْنى فِي المعربة فَيَنْبَغِي أَن يلْتَزم فِي الملحونة وَإِذا حكيت كَلَام مُتَكَلم عَن نَفسه نَحْو انْطَلَقت فلك أَن تحكيه بِلَفْظِهِ فَتَقول قَالَ فلَان انْطَلَقت وَلَك أَن تَقول قَالَ فلَان انْطلق أَو إِنَّه انْطلق وَهُوَ منطلق وَهل يلْحق بالْقَوْل فِي ذَلِك مَعْنَاهُ كناديت وجعوت وقرأت ووصيت وَأوحى قَولَانِ أَحدهمَا نعم وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ نَحْو {وَنَادَوْا يامالك ليَقْضِ علينا رَبك} الزخرف 77 {فَدَعَا ربه أَنِّي مغلوب فانتصر} الْقَمَر 10 بِالْكَسْرِ {فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم لَنهْلكَنَّ الظَّالِمين} إِبْرَاهِيم 13 قَرَأت {الْحَمد لله رب الْعَالمين} الْفَاتِحَة 2 وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وَابْن الصَّائِغ وَأَبُو حَيَّان لسلامته من الْإِضْمَار وَالثَّانِي لَا وَعَلِيهِ البصريون وَقَالُوا الْجمل بعد مَا ذكر محكية بقول مُضْمر للتصريح بِهِ فى {نَادَى ربه نِدَاء خفِيا قَالَ رب} مَرْيَم 3، 4 {ونادى نوح ربه فَقَالَ رب} هود (45) {ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف رجَالًا يعرفونهم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أغْنى} الْأَعْرَاف 48 وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك الثَّانِي أَن ينصب الْمُفْرد وَهُوَ نَوْعَانِ أَحدهمَا الْمُؤَدِّي معنى الْجُمْلَة كالحديث وَالشعر وَالْخطْبَة كقلت حَدِيث وشعرا وخطبة ونصبه على الْمَفْعُول بِهِ لِأَنَّهُ اسْم الْجُمْلَة وَالْجُمْلَة إِذا حكيت فِي مَوضِع الْمَفْعُول بِهِ فَكَذَا مَا بمعناها وَقيل على أَنه نعت مصدر مَحْذُوف أَي قولا الثَّانِي المُرَاد بِهِ مُجَرّد اللَّفْظ وَهُوَ الَّذِي لَا يكون اسْما للجملة نَحْو قلت كلمة هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ الزجاجي والزمخشري وَابْن خروف وَابْن مَالك وَجعلُوا

مِنْهُ {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} الْأَنْبِيَاء 60 أَي يَقُول لَهُ النَّاس إِبْرَاهِيم أَي يطلقون عَلَيْهِ هَذَا الِاسْم وَذهب جمَاعَة مِنْهُم ابْن عُصْفُور إِلَى أَنه لَا ينصب بالْقَوْل بل يحْكى أما الْمُفْرد غير مَا ذكر فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْحِكَايَة على تَقْدِير متم الْجُمْلَة كَقَوْلِه 612 - (إِذا ذُقْتُ فاها قلت طْعْمُ مُدَامَةٍ ... ) أَي طعمه مدامة وَقد يُضَاف لفظ قَول وَلَفظ قَائِل إِلَى الْكَلَام المحكى كَمَا يُضَاف سَائِر المصادر وَالصِّفَات كَقَوْلِه 613 - (قَوْلُ يَا للّرجال يُنْهضُ مِنّا ... مُسْرعِين الكُهولَ والشُّبّانا) وَقَوله 614 - (وأجبت قَائِل كَيْفَ أَنْتَ بصَالِح ... ) وَقد يُغني القَوْل عَن المحكى بِهِ بِأَن يحذف لظُهُوره كَقَوْلِه 615 - (لنَحْنُ الأُلَى، قُلْتُمُ فأنّى مُلِئْتُمُ ... بِرُؤْيَتِنا قبل اهتمامٍ بِكُمْ رُعْبَا) أَي قُلْتُمْ نقاتلهم وَقد يحذف القَوْل دون المحكي بِهِ وَهُوَ كثير حَتَّى قَالَ وَمِنْه (فَأَما الَّذين

اسودت وُجُوههم أكفرتم} آل عمرَان 106 أَي فَيُقَال لَهُم أكفرتم الثَّالِث أَن يعْمل عمل ظن فينصب المفعولين وَذَلِكَ فِي لُغَة بني سليم مُطلقًا يَقُولُونَ قلت زيدا قَائِما من غير اعْتِبَار شَرط من الشُّرُوط الْآتِيَة وَاخْتلف هَل يَعْمَلُونَهُ بَاقِيا على مَعْنَاهُ أَو لَا يَعْمَلُونَهُ حَتَّى يضمن معنى الظَّن على قَوْلَيْنِ اخْتَار ثَانِيهمَا ابْن جني وعَلى الأول الأعلم وَابْن خروف وَصَاحب الْبَسِيط وَاسْتَدَلُّوا بقوله 616 - (قَالَت وكُنْتُ رَجُلاً فَطِينَا ... هَذَا ورَبّ الْبَيْت إسْرَائِينَا)

إِذا لَيْسَ الْمَعْنى على ظَنَنْت وَفِي لُغَة الْجُمْهُور الْعَرَب بِشُرُوط تقدم اسْتِفْهَام بِالْهَمْزَةِ أَو بغَيْرهَا من الأدوات واتصاله بِهِ وَكَونه فعلا مضارعا لمخاطب كَقَوْلِه 617 - (مَتى تقولُ القُلُص الرَّواسِمَا ... يَحْمِلْنَ أُمّ قَاسم وقَاسِمَا) وَقَوله 618 - (عَلاَم تَقُولُ الرُّمْحَ يُثْقِلُ عَاتِقي ... )

وَحكى الْكسَائي أَتَقول للعميان عقلا أَي تظن فَإِن فقد شَرط مِمَّا ذكر تعيّنت الْحِكَايَة بِأَن لَا يتَقَدَّم اسْتِفْهَام أَو يفصل بَينه وَبَينه نعم يسْتَثْنى الْفَصْل بالظرف والمعمول مَفْعُولا أَو حَالا كَقَوْلِه 619 - (أَبَعْدَ بُعْدٍ تَقُولُ الدارَ جَامِعةً ... شَمْلِى بهم أم تقولُ البُعْدَ مَحْتُومَا) وَقَوله 620 - (أَجُهّالاً تَقول بنى لُؤَيٍّ ... لَعَمْرُ أَبيكِ أَمْ مُتجَاهلينَا) وَنَحْو أَفِي الدَّار تَقول زيدا وأمحمدا تَقول هندا واصلة قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا مَعْمُول الْمَعْمُول نَحْو أهندا تَقول زيدا ضَارِبًا وَقيل لَا يضر الْفَصْل مُطلقًا وَلَو بأجنبي نَحْو أَأَنْت تَقول زيدا مُنْطَلقًا وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَأكْثر الْبَصرِيين مَا عدا سِيبَوَيْهٍ والأخفش وَكَذَا تتَعَيَّن الْحِكَايَة فِي غير الْمُضَارع والمضارع لغير الْمُخَاطب وَذهب السيرافي إِلَى جَوَاز إِعْمَال الْمَاضِي بِشُرُوط الْمُضَارع وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز إِعْمَال الْأَمر بِشُرُوطِهِ أَيْضا وَذكر ابْن مَالك لإعمال الْمُضَارع شرطا خَامِسًا وَهُوَ أَن يكون للْحَال لَا للاستقبال وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان وَقَالَ لم يذكرهُ غَيره وَشرط السُّهيْلي أَلا يعدى الْفِعْل بِاللَّامِ نَحْو أَتَقول لزيد عَمْرو منطلق لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يبعد عَن معنى الظَّن لِأَن الظَّن من فعل الْقلب وَهَذَا قَول مسموع

همزة التعدية

وَإِذا اجْتمعت الشُّرُوط فالإعمال جَائِز لَا وَاجِب فَتجوز الْحِكَايَة أَيْضا مُرَاعَاة للْأَصْل نَحْو أَتَقول زيد منطلق وَكَذَا إعماله مُطلقًا فِي لُغَة بني سليم جَائِز لَا وَاجِب [همزَة التَّعْدِيَة] ص مَسْأَلَة تدخل الْهمزَة على علم وَرَأى فتنصب ثَلَاثَة أَولهَا الْفَاعِل وَحكم الثَّانِي وَالثَّالِث بَاقٍ وَمنع الْأَكْثَر التَّعْلِيق وَقوم الإلغاء وَثَالِثهَا إِن لم يبن للْمَفْعُول ش تدخل الْهمزَة الْمُسَمَّاة بِهَمْزَة النَّقْل وهمزة التَّعْدِيَة على علم وَرَأى المتعديين لمفعولين فتعديهما إِلَى ثَلَاثَة مفاعيل أَولهَا الَّذِي كَانَ فَاعِلا وَذَلِكَ أقْصَى مَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْل من الْمَفْعُول بِهِ نَحْو أعملت زيدا عمرا قادما وأرأيت زيدا عمرا كَرِيمًا وَللثَّانِي وَالثَّالِث من هَذِه المفاعيل مَا كَانَ لَهما فِي بَاب علم وَرَأى من جَوَاز الإلغاء وَالتَّعْلِيق وَغَيرهمَا وَمنع قوم الإلغاء وَالتَّعْلِيق هُنَا سَوَاء بنيت للْفَاعِل أم للْمَفْعُول وَعَلِيهِ ابْن القواس وَابْن أبي الرّبيع لِأَن مبْنى الْكَلَام عَلَيْهِمَا وَلَا يَجِيء بعد مَا مضى الْكَلَام على الِابْتِدَاء ومنعهما آخَرُونَ إِن بنيت للْفَاعِل وَعَلِيهِ الْجُزُولِيّ لما فِيهِ من إعمالها فِي الْمَفْعُول الأول وإلغائها بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَخيرينِ وَذَلِكَ تنَاقض لِأَنَّهُ حكم بِقُوَّة وَضعف مَعًا بِخِلَاف مَا إِذا بنيت للْمَفْعُول بِهِ وَمنع آخَرُونَ التَّعْلِيق دون الإلغاء وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَمنع قوم إِلْغَاء أعلم دون أرى وَعَلِيهِ الشلوبين لِأَن أعلم مُؤثر فَلَا يلغى كَمَا لَا تلغى الْأَفْعَال المؤثرة وَأرى بِمَعْنى أَظن فوافقه فِي الإلغاء كَمَا وَافقه فِي الْمَعْنى ورد بِأَن أعلم وَعلم أَيْضا متوافقان فِي الْمَعْنى فَيلْزم تساويهما فِي الإلغاء وَقد ورد السماع بإلغائهما حُكيَ الْبركَة أعلمنَا الله مَعَ الأكابر وَقَالَ الشَّاعِر 621 - (وَأَنْتَ أَرَانِي اللَّهُ أمْنَعُ عاصِم ... )

وَاسْتدلَّ ابْن مَالك للتعليق بقوله تَعَالَى {ينبئكم إِذا مزقتم كل ممزق} سبأ 7 الْآيَة وَقَول الشَّاعِر 622 - (حَذَار فقد نُبِّئْتُ إنّكَ لَلّذي ... سَتُجْزَى بِمَا تَسْعَى، فتسعد أَو تشقى)

جواز حذف هذه المفاعيل الثلاثة أو بعضها

[جَوَاز حذف هَذِه المفاعيل الثَّلَاثَة أَو بَعْضهَا] ص وحذفها وأحدها لدَلِيل جَائِز وَأما دونه فَمنع سِيبَوَيْهٍ وَابْن الباذش وَابْن طَاهِر حذف الأول والاقتصار عَلَيْهِ وَجوز الْأَكْثَر حذف الأول دونهمَا أَو هما دونه والشلوبين حذفه دونهمَا والجرمي عَكسه

الأفعال التي تتعدى إلى ثلاثة

ش يجوز حذف هَذِه المفاعيل الثَّلَاثَة وَبَعضهَا لدَلِيل كَقَوْلِك لمن قَالَ أأعلمت زيدا بكرا قَائِما أعلمت وَأما الِاقْتِصَار وَهُوَ الْحَذف لغير دَلِيل فَفِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا وَعَلِيهِ الْأَكْثَر مِنْهُم الْمبرد وَابْن كيسَان وَرجحه ابْن مَالك وخطاب يجوز حذف الأول بِشَرْط ذكر الآخرين أَو الآخرين بِشَرْط ذكر الأول كَقَوْلِك أعلمت كبشك سمينا بِحَذْف الْمعلم أَو أعلمت زيدا بِحَذْف الثَّانِي وَالثَّالِث إِن لم يخل الْكَلَام من فَائِدَة بِذكر الْمعلم بِهِ فِي الصُّورَة الأولى والمعلم فِي الثَّانِيَة الثَّانِي وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَابْن الباذش وَابْن طَاهِر وَابْن خروف وَابْن عُصْفُور لَا يجوز حذف الأول وَلَا الِاقْتِصَار عَلَيْهِ وَحذف الآخرين بل لابد من الثَّلَاثَة لِأَن الأول كالفاعل فَلَا يحذف وَالْآخر كهما فِي بَاب ظن وَقد منع هَؤُلَاءِ حذفهما فِيهِ اقتصارا الثَّالِث وَعَلِيهِ الشلوبين يجوز حذف الأول فَقَط مَعَ ذكر الآخرين نَحْو أعلمت كبشك سمينا وَلَا يجوز حذف الآخرين دون الأول وَلَا حذف الثَّلَاثَة وَلَا حذف الأول وَأحد الآخرين وَلَا حذف أحد الآخرين فَقَط الرَّابِع وَعَلِيهِ الْجرْمِي وَاخْتَارَهُ ابْن القواس يجوز حذف الآخرين فَقَط لِأَنَّهُمَا فِي حكم مفعولي ظن دون الأول لِأَنَّهُ فِي حكم الْفَاعِل [الْأَفْعَال الَّتِي تتعدى إِلَى ثَلَاثَة] ص وَألْحق سِيبَوَيْهٍ بِأَعْلَم نبأ وَاللَّخْمِيّ أنبأ وَعرف وأشعر وأدري وَالْفراء خبر وَأخْبر والكوفية والمتأخرون حدث والأخفش وَابْن السراج أَظن أَحسب وأخال وأزعم وأوجد وَابْن مَالك وَقوم أرى الحلمية والحريري علم والجرجاني استعطى وَبَعْضهمْ أكسى ش الْمجمع على تعديته إِلَى ثَلَاثَة أعلم وَأرى وَزَاد سِيبَوَيْهٍ نبأ كَقَوْلِه 623 - (ونبئت قيسا، وَلم أَبْلُهُ ... كَمَا زَعَمُوا خَيْر أَهْل اليَمَنْ)

وَزَاد ابْن هِشَام اللَّخْمِيّ أنبأ وَعرف وأشعر وأدرى وَزَاد الْفراء فِي مَعَانِيه خبر بِالتَّشْدِيدِ كَقَوْلِه 624 - (وَخُبِّرْتُ سوداءَ القُلوب مَريضةً ... ) وَقَوله 625 - (وَمَا عَلَيْك إذَا خُبِّرْتِنِي دَنفِاً ... ) وَزَاد الْكُوفِيُّونَ حدث وتبعهم الْمُتَأَخّرُونَ كالزمخشري وَابْن مَالك وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَأكْثر أَصْحَابنَا كَقَوْلِه 626 - ( ... ... ... ... ... فَمَنْ حُدِثْتمُوهُ ... لَهُ عَلَيْنا العَلاَءُ)

وَزَاد الحريري فِي شرح اللمحة علم المنقولة بالتضعيف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم تُوجد فِي لِسَان الْعَرَب متعدية إِلَى ثَلَاثَة وَزَاد ابْن مَالك أرى الحلمية كَقَوْلِه تَعَالَى {إِذْ يريكهم الله فِي مَنَامك قَلِيلا وَلَو أراكهم كثيرا} الْأَنْفَال 43 وَزَاد الْأَخْفَش وَابْن السراج أَظن وأحسب وأخال وأزعم وأوجد قِيَاسا على أعلم وَأرى وَلم يسمع وَزَاد الْجِرْجَانِيّ استعطى وَزَاد بَعضهم أكسى فبلغت أَفعَال الْبَاب تِسْعَة عشر وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك وَأولُوا المستشهد بِهِ على التَّضْمِين أَو حذف حرف الْجَرّ أَو الْحَال ص وَمَا بني للْمَفْعُول فكظن ش مَا بني للْمَفْعُول من أَفعَال هَذَا الْبَاب صَار كظن فَمَا جَازَ فِي ظن جَازَ فِيهِ قَالَ ابْن مَالك إِلَّا الِاقْتِصَار على الْمَرْفُوع فَإِنَّهُ غير جَائِز فِي ظن لعدم الْفَائِدَة جَائِز هُنَا لحُصُول الْفَائِدَة وَقد تقدم الْخلاف فِي ذَلِك فِي الْبَابَيْنِ فأغنى عَن التَّصْرِيح باستثباته

الفاعل

الْفَاعِل ص الْفَاعِل ونائبه الْفَاعِل المفرغ لَهُ عَامل على جِهَة وُقُوعه مِنْهُ أَو قِيَامه بِهِ ش لما كَانَ الْكَلَام ينْعَقد من مُبْتَدأ وَخبر وينشأ عَنهُ نواسخ وَمن فعل وفاعل وينشأ عَنهُ النَّائِب عَن الْفَاعِل انحصرت الْعمد فِي ذَلِك وَقد تمّ الْكَلَام على النَّوْع الأول بِمَا ينشأ عَنهُ وَهَذَا هُوَ النَّوْع الثَّانِي فالفاعل مَا أسْند إِلَيْهِ عَامل مفرغ على جِهَة وُقُوعه مِنْهُ أَو قِيَامه بِهِ فالعامل يَشْمَل الْفِعْل نَحْو قَامَ زيد وَمَا ضمن مَعْنَاهُ كالمصدر وَاسم الْفَاعِل وَالصّفة المشبهة والأمثلة اسْم الْفِعْل والظرف وَالْمَجْرُور والمفرغ يخرج نَحْو {وأسروا النَّجْوَى الَّذين ظلمُوا} الْأَنْبِيَاء 3 وَقَوْلنَا على جِهَة وُقُوعه مِنْهُ كضرب زيد وقيامه بِهِ كمات زيد [رَافع الْفَاعِل] ص وَزعم هِشَام رافعه الْإِسْنَاد وَقوم شبهه للمبتدأ وَخلف معنى الفاعلية وَقوم إحداثه الْفِعْل وَالْكسَائِيّ كَونه دَاخِلا فِي الْوَصْف وَنصب الْمَفْعُول بِخُرُوجِهِ وَالْجُمْهُور يجب تَأْخِيره وَذكره ويحذف مَعَ عَامله أَو الْمصدر أَو فعل المؤنثة أَو الْجَمَاعَة الْمُؤَكّدَة وَيقدر فِي نَحْو {ثمَّ بدا لَهُم} يُوسُف 35 مُنَاسِب وَقد يجر ب من أَو الْبَاء الزَّائِدَة وثعلب فِي كفى قَالَ ابْن الزبير إِن كَانَت بِمَعْنى حسب ش فِيهِ مسَائِل الأولى فِي رفع الْفَاعِل أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنه الْعَامِل الْمسند إِلَيْهِ من فعل أَو مَا ضمن مَعْنَاهُ كَمَا فهم من الْحَد لِأَنَّهُ طَالب لَهُ

الثَّانِي أَن رَافِعَة الْإِسْنَاد أَي النِّسْبَة فَيكون الْعَامِل معنويا وَعَلِيهِ هِشَام ورد بِأَنَّهُ لَا يعدل إِلَى جهل الْعَامِل معنويا إِلَّا عِنْد تعذر اللَّفْظِيّ الصَّالح وَهُوَ هُنَا مَوْجُود الثَّالِث شبهه بالمبتدأ من حَيْثُ إِنَّه يخبر عَنهُ بِفِعْلِهِ كَمَا يخبر عَن الْمُبْتَدَأ بالْخبر ورد بِأَن الشّبَه معنوي والمعاني لم يسْتَقرّ لَهَا عمل فِي الْأَسْمَاء الرَّابِع كَونه فَاعِلا فِي الْمَعْنى وَعَلِيهِ خلف كَمَا نَقله أَبُو حَيَّان ورد بقوله مَاتَ زيد وَمَا قَامَ عَمْرو الْخَامِس ذهب قوم من الْكُوفِيّين إِلَى أَنه يرْتَفع بإحداثه الْفِعْل كَذَا نَقله ابْن عمرون وَنقل عَن خلف أَن الْعَمَل فِيهِ معنى الفاعلية الثَّانِيَة الصَّحِيح وَعَلِيهِ البصريون أَنه يجب تَأْخِير الْفَاعِل عَن عَامله وَجوز الكوفية تَقْدِيمه نَحْو زيد قَامَ مستدلين بِنَحْوِ قَوْله 627 - (مَا لِلْجمَال مَشْيُها وَئِيدَا ... ) أَي وئيدا مشيها وتأوله البصريون على الِابْتِدَاء وإضمار الْخَبَر الناصب وئيدا أَي ظهر أَو ثَبت وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي نَحْو الزيدان أَو الزيدون قَامَ الثَّالِثَة الصَّحِيح أَيْضا وَعَلِيهِ البصريون أَنه يجب ذكر الْفَاعِل وَلَا يجوز حذفه وَفرقُوا بَينه وَبَين خبر الْمُبْتَدَأ بِأَنَّهُ كالصلة فِي عدم تأثره بعامل متلوه وكالمضاف إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يعْتَمد الْبَيَان وكعجز الْمركب فِي الامتزاج بمتلوه وَلُزُوم تَأْخِيره وَالْخَبَر مباين للثَّلَاثَة وَهُوَ مُعْتَمد الْفَائِدَة لَا مُعْتَمد الْبَيَان وَبِأَن من الْفَاعِل مَا يسْتَتر فَلَو حذف لالتبس الْحَذف بالاستتار بِخِلَاف الْخَبَر

تجرد عامل الفعل

وَذهب الْكسَائي إِلَى جَوَاز حذف الْفَاعِل لدَلِيل كالمبتدأ وَالْخَبَر وَرجحه السُّهيْلي وَابْن مضاء وَيسْتَثْنى على الأول صور يجوز فِيهَا الْحَذف أَحدهَا مَعَ رافعه تبعا لَهُ كَقَوْلِك زيدا لمن قَالَ من أكْرم وَالتَّقْدِير أكْرم زيدا فَحذف الْفَاعِل مَعَ الْفِعْل ثَانِيهَا فَاعل الْمصدر يجوز حذفه نَحْو {أَو إطْعَام فِي يَوْم ذِي مسغبة يَتِيما} الْبَلَد 14، 15 ثَالِثهَا فَاعل فعل اثْنَيْنِ الْمُؤَنَّث أَو الْجَمَاعَة الْمُؤَكّد بالنُّون نَحْو {لتبلون} آل عمرَان 186 {فإمَّا تَرين} مَرْيَم 26 فَإِن ضمير المخاطبة وَالْجمع حذف لالتقاء الساكنين فَإِن قلت قد ورد مَا ظَاهره الْحَذف فِي غير هَذِه الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة نَحْو قَوْله تَعَالَى {ثمَّ بدا لَهُم من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات} يُوسُف 35 وَقَوله لَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن فَالْجَوَاب أَن الْفَاعِل فِيهِ ضمير مُقَدّر رَاجع إِلَى مَا دلّ عَلَيْهِ الْفِعْل وَهُوَ البداء فِي الْآيَة لدلَالَة بدا والشارب فِي الحَدِيث لدلَالَة يشرب وَيُقَاس بذلك مَا أشبهه الرَّابِعَة قد يجر الْفَاعِل من الزَّائِدَة نَحْو {مَا يَأْتِيهم من ذكر} الْأَنْبِيَاء 2 أَي ذكر أَو الْبَاء الزَّائِدَة نَحْو {وَكفى بِاللَّه} النِّسَاء 6 وَالْمحل فِي الصُّورَتَيْنِ رفع فَيجوز الإتباع بِالرَّفْع والجر مُرَاعَاة للمحل وَاللَّفْظ وغلبت زِيَادَة الْبَاء فِي فَاعل كفى نَحْو {وَكفى بِاللَّه وليا وَكفى بِاللَّه نَصِيرًا} النِّسَاء 45 [تجرد عَامل الْفِعْل] ص ويجرد عَامله إِن كَانَ ظَاهرا من عَلامَة تَثْنِيَة وَجمع إِلَّا فِي لُغَة أكلوني البراغيث وَقيل هُوَ خبر مقدم وَقيل الثَّانِي بدل

ش إِذا أسْند الْفِعْل إِلَى الْفَاعِل الظَّاهِر فَالْمَشْهُور تجريده من عَلامَة التَّثْنِيَة وَالْجمع نَحْو قَامَ الزيدان وَقَامَ الزيدون وَقَامَت الهندات وَمن الْعَرَب من يلْحقهُ الْألف وَالْوَاو وَالنُّون على أَنَّهَا حُرُوف دوال كتاء التَّأْنِيث لَا ضمائر وَهَذِه اللُّغَة يسميها النحويون لُغَة أكلوني البراغيث وَمِنْهَا قَوْله 628 - (وَقد أسلماه مبعدٌ وحميمُ ... ) وَقَوله 629 - (يَلُومُونَنِى فِى اشْتِرَاء النّخِيل ... أهلى، فكُلُّهُمُ أَلْوَمُ) وَقَوله (نُتِجَ الرّبيعُ مَحَاسِناً ... أْلقَحْنَها غُرُّ السحائبِ) وَقَوله 631 - (بحَوْرَانَ يَعْصِرْن السّلِيطَ أَقَاربُهْ ... )

حذف عامل الفعل

وَمن النَّحْوِيين من جعلهَا ضمائر ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل مَا بعْدهَا بدل مِنْهَا وَقيل مُبْتَدأ وَالْجُمْلَة السَّابِقَة خبر وَالصَّحِيح الأول لنقل الْأَئِمَّة أَنَّهَا لُغَة وعزيت لِطَيِّئٍ وأزد شنُوءَة وَكَانَ ابْن مَالك يسميها لُغَة يتعاقبون فِيكُم مَلَائِكَة وَهُوَ مَرْدُود كَمَا بَينته فِي أصُول النَّحْو وَغَيره [حذف عَامل الْفِعْل] ص ويحذف لقَرِينَة كَأَن يُجَاب بِهِ نفي أَو اسْتِفْهَام وَلَا يُقَاس ليبك يزِيد ضارع وَقيل يجوز إِن أَمن وَجوز قوم زيد عمرا أَي ليضْرب لدَلِيل ش يجوز حذف عَامل الْفَاعِل لقَرِينَة كَأَن يُجَاب بِهِ نفي أَو اسْتِفْهَام ك زيد فِي جَوَاب مَا قَامَ أحد أَو من قَامَ وَمِمَّا حذف فِيهِ لعدم اللّبْس قَوْله تَعَالَى {يسبح لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَال رجال} النُّور 36، 37 على قِرَاءَة بِنَاء يسبح للْمَفْعُول إِذْ التَّقْدِير يسبحه رجال لدلَالَة يسبح عَلَيْهِ وَمثله قَول الشَّاعِر 632 - (لِيُبْكَ يزيدُ ضارعٌ لَخُصومَةٍ ... )

الفصل بين الفعل وفاعله

أَي يبكيه ضارع وَاخْتلف فِي الْقيَاس على ذَلِك فَمَنعه الْجُمْهُور وَجوزهُ الْجرْمِي وَابْن جني وَابْن مَالك حَيْثُ لم يلتبس الْفَاعِل بالنائب عَنهُ فَلَو قيل يوعظ فِي الْمَسْجِد رجال على معنى يعظ رجال لم يجر لصلاحية إِسْنَاد يوعظ إِلَيْهِم بِخِلَاف يوعظ فِي الْمَسْجِد رجال يزِيد فَإِنَّهُ يجوز لعدم اللّبْس وَأَجَازَ بعض النَّحْوِيين زيد عمرا بِمَعْنى ليضْرب زيد عمرا إِذا كَانَ ثمَّ دَلِيل على إِضْمَار الْفِعْل وَلم يلبس وَمنع ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَإِن لم يلبس لِأَن إِضْمَار فعل الْغَائِب هُوَ على طَرِيق التَّبْلِيغ وإضماره يَسْتَدْعِي إِضْمَار فعل آخر لِأَن الْمَعْنى قل لَهُ ليضْرب فَكثر الْإِضْمَار فرفض [الْفَصْل بَين الْفِعْل وفاعله] ص مَسْأَلَة الأَصْل أَن يَلِي فعله وَقد يفصل بمفعول لَا إِن ألبس خلافًا لِابْنِ الْحَاج فِي مُقَدّر الْإِعْرَاب أَو كَانَ ضميرا غير مَحْصُور وَيجب إِن كَانَ الْمَفْعُول ضميرا وَيُؤَخر مَا حصر مِنْهُمَا بإنما وَكَذَا إِلَّا خلافًا للكسائي مُطلقًا وللفراء وَابْن الْأَنْبَارِي فِي حصر الْفَاعِل وَحكم الْمُتَّصِل بضمير مر ش الأَصْل أَن يَلِي الْفَاعِل الْفِعْل لِأَنَّهُ منزل مِنْهُ منزلَة الْجُزْء وَيجوز الْفَصْل بَينهمَا بالمفعول نَحْو ضرب عمرا زيد وَيجب الْبَقَاء على الأَصْل إِذا حصل لبس كَأَن يخفى الْإِعْرَاب وَلَا قرينَة نَحْو ضرب مُوسَى عِيسَى إِذْ لَا دَلِيل حِينَئِذٍ على تعين الْفَاعِل من الْمَفْعُول وَهَذَا مَا نَص عَلَيْهِ ابْن السراج والجزولي والمتأخرون ونازعهم فِي ذَلِك أَبُو الْعَبَّاس بن الْحَاج فِي نَقده على المقرب بِأَن سِيبَوَيْهٍ لم يذكر فِي كِتَابه شَيْئا من هَذِه الْأَغْرَاض الْوَاهِيَة وَبِأَن فِي الْعَرَبيَّة أحكاما كَثِيرَة إِذا حدثت ظهر مِنْهَا لبس ثمَّ لَا يُقَال بامتناعها كتصغير عمر وَعَمْرو فَإِن اللَّفْظ بهما وَاحِد وَلم يمْنَع ذَلِك تصغيرهما أَو تَصْغِير أَحدهمَا مَعَ أَن من الْمَقَاصِد الْمَعْرُوفَة بَين الْعُقَلَاء إِجْمَال مَا يتخاطبون بِهِ لما لَهُم فِي ذَلِك من غَرَض فَلَا يبعد لذَلِك جَوَاز ضرب مُوسَى عِيسَى لإِفَادَة ضرب أَحدهمَا الآخر من غير تَعْيِينه انْتهى

فَإِن كَانَ قرينَة أَو لفظية جَازَ وفَاقا نَحْو أكل الكمثرى مُوسَى وأضنت سعدى الْحمى وَضربت مُوسَى سعدى وَضرب مُوسَى الْعَاقِل عِيسَى وَيجب الْبَقَاء على الأَصْل أَيْضا إِذا كَانَ الْفَاعِل ضميرا غير مَحْصُور نَحْو ضربت زيدا وأكرمتك لِأَن الْفَصْل يُؤَدِّي إِلَى انْفِصَال الضَّمِير مَعَ إِمْكَان اتِّصَاله وَيجب الْخُرُوج عَن الأَصْل إِذا كَانَ الْمَفْعُول ضميرا وَالْفَاعِل ظَاهرا لما ذكر نَحْو ضَرَبَنِي زيد وَيجب تَأْخِير المحصور فَاعِلا كَانَ أَو مَفْعُولا ظَاهرا أَو ضميرا محصورا بإنما إِجْمَاعًا خوف الإلباس وَكَذَا بإلا على الْأَصَح إِجْرَاء لَهَا مجْرى إِنَّمَا نَحْو إِنَّمَا ضرب عمرا زيد أَي لَا ضَارب لَهُ غَيره وَقد يكون لزيد مَضْرُوب آخر وَإِنَّمَا ضرب زيد عمرا أَي لَا مَضْرُوب لَهُ غَيره وَقد يكون لعَمْرو ضَارب آخر وَكَذَا إِنَّمَا ضرب زيدا أَنا وَإِنَّمَا ضربت زيدا أَو إياك وَمَا ضرب عمرا إِلَّا زيد وَمَا ضرب زيد إِلَّا عمرا وَمَا ضرب زيد إِلَّا أَنا وَمَا ضربت إِلَّا زيدا أَو إِلَّا إياك وَأَجَازَ الْكسَائي تَقْدِيم المحصور بإلا فَاعِلا كَانَ أَو مَفْعُولا لأمن اللّبْس فِيهِ بِخِلَاف إِنَّمَا وَمِنْه قَوْله 633 - (فَمَا زَاد إلاّ ضِعْفَ مَا بِي كَلاَمُها ... ) وَقَوله 634 - (ولمّا أبي إلاّ جمَاحاً فُؤادُه ... )

وَقَوله 635 - (فَلم يَدْر إلاّ اللَّه مَا هَيّجَتْ لَنَا ... ) وَقَوله 636 - (مَا عَابَ إِلَّا لئيمٌ فِعْل ذِي كَرَم ... ) وَأَجَازَ الْفراء وَابْن الْأَنْبَارِي تَأْخِير الْفَاعِل إِن حصر الْمَفْعُول ومنعا تَقْدِيمه إِن حصر هُوَ لِأَن الْفَاعِل إِذا تَأَخّر فِي اللَّفْظ كَانَ فِي نِيَّة التَّقْدِيم فَحصل للمحصور فِيهِ تَأْخِير من وَجه وَهُوَ النِّيَّة بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ هُوَ المحصور وَقدم فَإِنَّهُ يكون فِي رتبته فَلم يحصل للمحصور فِيهِ تَأْخِير بِوَجْه وَأما التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير لاتصال الْفَاعِل بضمير الْمَفْعُول أَو عَكسه فقد مر فِي مَبْحَث الضَّمِير فأغنى عَن إِعَادَته هُنَا

نائب الفاعل

نَائِب الْفَاعِل ص مَسْأَلَة يحذف لغَرَض كعلم وَجَهل وضعة ورفعة وَخَوف وإيهام وَوزن وسجع وإيجاز فينوب عَنهُ الْمَفْعُول بِهِ فِيمَا لَهُ ويقام الثَّانِي من بَاب أعْطى إِذْ لَا لبس وَمنعه قوم وَثَالِثهَا إِن كَانَ نكرَة وَالْأول معرفَة وَرَابِعهَا قَبِيح وَظن وَأعلم خلافًا لقوم إِن أَمن أَو لم يكن جملَة وَلَا ظرفا قيل وَلَا نكرَة وَالْأول أولى لَا ثَانِي اخْتَار وثالث أعلم على الصَّحِيح فيهمَا ش قد يتْرك الْفَاعِل لغَرَض لَفْظِي أَو معنوي كَالْعلمِ بِهِ نَحْو {كتب عَلَيْكُم الْقِتَال} الْبَقَرَة 216 للْعلم بِأَن فَاعل ذَلِك هُوَ الله أَو للْجَهْل بِهِ كسرق الْمَتَاع أَو تَعْظِيم فيصان اسْمه عَن أَن يقْتَرن باسم الْمَفْعُول كَقَوْلِه من بلَى مِنْكُم بِهَذِهِ القاذورات أَو تحقيره فيصان اسْم الْمَفْعُول عَن مقارنته كَقَوْلِك أوذي فلَان إِذا عظم أَو حقر من آذاه أَو خوف مِنْهُ أَو خوف عَلَيْهِ فَيسْتر ذكره أَو قصد إبهامه بِأَن لَا يتَعَلَّق مُرَاد الْمُتَكَلّم بتعينه نَحْو {فَإِن أحصرتم} الْبَقَرَة 196 {وَإِذا حييتُمْ} النِّسَاء 86 {إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا} المجادلة 11 أَو إِقَامَة وزن الشّعْر كَقَوْلِه 637 - (وَإِذا شَربْتُ فإنّنِى مُسْتَهْلَكٌ ... مالى، وعِرْضى وافِرٌ لم يُكْلَم) وأصلاح السجع نَحْو من طابت سَرِيرَته حمدت سيرته أَو قصد الإيجاز نَحْو {وَمن عاقب بِمثل مَا عُوقِبَ بِهِ ثمَّ بغي عَلَيْهِ} الْحَج 60 فينوب عَنهُ الْمَفْعُول بِهِ فِيمَا لَهُ من رفع وعمدية وَوُجُوب تَأْخِير وَامْتِنَاع حذف وَينزل منزلَة الْجُزْء

فَإِن كَانَ الْفِعْل مِمَّا يتَعَدَّى لأكْثر من وَاحِد فَإِن كَانَ من بَاب أعْطى فَفِي إِقَامَة الْمَفْعُول الثَّانِي عَن الْفَاعِل دون الأول أَقْوَال أَصَحهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور الْجَوَاز إِذا أَمن اللّبْس نَحْو أعطي دِرْهَم زيدا وَالْأَحْسَن إِقَامَة الأول وَالْمَنْع إِذا لم يُؤمن وَيتَعَيَّن الأول نَحْو أعْطى زيد عمرا إِذْ لَا يدْرِي لَو أقيم الثَّانِي هَل هُوَ آخذ أَو مَأْخُوذ وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا وَالثَّالِث الْمَنْع إِن كَانَ نكرَة وَالْأول معرفَة لِأَن الْمعرفَة بِالرَّفْع أولى قِيَاسا على بَاب كَانَ وَعَزاهُ أَبُو ذَر الْخُشَنِي للفارسي وَالرَّابِع أَنه قَبِيح حِينَئِذٍ أَي إِذا كَانَ نكرَة وَالْأول معرفَة فَإِن كَانَ معرفَة كَالْأولِ كَانَا فِي الْحسن سَوَاء وعزي للكوفيين وَإِن كَانَ من بَاب ظن أَو أعلم فَفِيهِ أَيْضا أَقْوَال أَحدهَا الْجَوَاز إِذا أَمن اللّبْس وَلم يكن جملَة وَلَا ظرفا مَعَ أَن الْأَحْسَن إِقَامَة الأول نَحْو ظنت طالعة الشَّمْس وَأعلم زيدا كبشك سمينا وَالْمَنْع إِن ألبس نَحْو ظن صديقك زيدا أَو أعلم بشرا زيد قَائِما أَو كَانَ جملَة أَو ظرفا نَحْو ظن فِي الدَّار زيدا وَظن زيدا أَبوهُ قَائِم وَأعلم زيدا غلامك فِي الدَّار وَأعلم زيدا غلامك أَخُوهُ سَائِر وَهَذَا مَا صَححهُ طَلْحَة وَابْن عُصْفُور وَابْن مَالك وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا وَتعين الأول لِأَنَّهُ مُبْتَدأ فِي الأَصْل وَهُوَ أشبه بالفاعل فَكَانَ بالنيابة عَنهُ أولى وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ الْجُزُولِيّ والخضراوي وَالثَّالِث الْجَوَاز بِالشُّرُوطِ السَّابِقَة وبشرط أَلا يكونه نكرَة فَلَا يجوز ظن قَائِم زيدا قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن عدم الْمَفْعُول الأول ونصبت الْجُمْلَة فَمُقْتَضى مَذْهَب الْكُوفِيّين الْجَوَاز نَحْو أعلم أَيهمْ أَخُوك وَصرح بِهِ السيرافي والنحاس وَمنعه الْفَارِسِي وَإِن كَانَ من بَاب اخْتَار فَفِيهِ قَولَانِ أصَحهمَا كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَعَلِيهِ الْجُمْهُور تعين الأول وَهُوَ مَا تعدى إِلَيْهِ بِنَفسِهِ وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَامْتِنَاع إِقَامَة الثَّانِي نَحْو اختير زيد الرِّجَال وَبِه ورد السماع قَالَ 638 - (ومِنّا الَّذِي اخْتِير الرِّجالَ سَمَاحةً ... )

إقامة غير المفعول به مع وجوده

وَجوز الْفراء وَابْن مَالك إِقَامَة الثَّانِي نَحْو اختير الرِّجَال زيدا وَأَشَارَ أَبُو حَيَّان إِلَى أَن الْخلاف مَبْنِيّ على الْخلاف فِي إِقَامَة الْمَجْرُور بالحرف مَعَ وجود الْمَفْعُول بِهِ الصَّرِيح لِأَن الثَّانِي هُنَا على تَقْدِير حرف الْجَرّ وَأما الثَّالِث من بَاب أعلم فَلَا يجوز إِقَامَته وَقَالَ الخضراوي وَابْن أبي الرّبيع بالِاتِّفَاقِ لَكِن قَالَ أَبُو حَيَّان ذكر صَاحب المخترع جَوَازه وَعَن بَعضهم بِشَرْط أَلا يلبس نَحْو أعلم زيدا كبشك سمين وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام التسهيل وَجزم بِهِ ابْن هِشَام فِي الْجَامِع [إِقَامَة غير الْمَفْعُول بِهِ مَعَ وجوده] ص فَإِن فقد قَالَ الكوفية والأخفش أَو لَا قيل أَو تَأَخّر فمصدر متصرف لَا لتوكيد وَلَو مضمرا دلّ عَلَيْهِ غير الْعَامِل قيل أَو هُوَ لَا صفته خلافًا للكوفية أَو ظرف مُخْتَصّ متصرف وَفِي غَيره ومقدر وَصفته خلف أَو مجرور بزائد وَكَذَا غَيره وَقَالَ هِشَام النَّائِب ضمير مُبْهَم وَالْفراء الْحَرْف وَابْن درسْتوَيْه والسهيلي والرندي ضمير الْمصدر فعلى الْأَصَح لَا يقدم وَالْجُمْهُور لَا يُقَام مفعول لَهُ وتمييز وَيُخَير فِي مصدر وَغَيره وَقدمه ابْن عُصْفُور وَابْن معط الْمَجْرُور وَأَبُو حَيَّان الْمَكَان وَهُوَ الْمُخْتَار وَينصب غير النَّائِب بتعدية وَقيل بِالْأَصْلِ ش اخْتلف هَل تجوز إِقَامَة غير الْمَفْعُول بِهِ مَعَ وجوده على قَوْلَيْنِ أَحدهمَا لَا وَعَلِيهِ البصريون لِأَنَّهُ شريك الْفَاعِل وَالثَّانِي نعم وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ والأخفش وَابْن مَالك لوروده قَرَأَ أَبُو جَعْفَر {ليجزي قوما بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

الجاثية 14 وَقَرَأَ عَاصِم {نجي الْمُؤمنِينَ} الْأَنْبِيَاء 88 أَي النَّجَاء وَقَالَ الشَّاعِر 639 - (لَسُبّ بذلك الجرْو الكِلاَبا ... ) وَقَالَ 640 - (لم يُعْنَ بالْعَلْياء إلاّ سَيِّدَا ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَنقل الدهان أَن الْأَخْفَش شَرط فِي جَوَاز ذَلِك تَأَخّر الْمَفْعُول بِهِ فِي اللَّفْظ فَإِن تقدم على الْمصدر أَو الظّرْف لم يجز إِلَّا إِقَامَة الْمَفْعُول بِهِ قَالَ ابْن قَاسم فالمذاهب على هَذَا ثَلَاثَة فَإِن جوزناه أَولا وَلَكِن فقد الْمَفْعُول بِهِ جَازَ إِقَامَة غَيره من مصدر أَو ظرف أَو مجرور وَشرط الْمصدر أَن يكون متصرفا بِخِلَاف سُبْحَانَ الله ومعاذ الله لالتزام الْعَرَب فِيهِ النصب وَألا يكون للتَّأْكِيد بِخِلَافِهِ فِي قَامَ زيد قيَاما لعدم الْفَائِدَة إِذْ الْمَفْهُوم مِنْهُ حِينَئِذٍ غير الْمَفْهُوم من الْفِعْل وَسَوَاء فِي الْجَوَاز الملفوظ بِهِ نَحْو سير سير شَدِيد والضمر الَّذِي دلّ عَلَيْهِ غير الْفِعْل الْعَامِل نَحْو بلَى سير لمن قَالَ مَا سير سير شَدِيد فالنائب ضمير فِي سير مَدْلُول عَلَيْهِ بِغَيْر سير وَهُوَ القَوْل الْمَذْكُور فَإِن كَانَ مدلولا عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ كَقَوْلِك جلس وَضرب وَأَنت تُرِيدُ هُوَ أَي جُلُوس وَضرب لم يجز قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي كَلَام ابْن طَاهِر إشعاره بِجَوَازِهِ وَلَا يجوز إِقَامَة وصف الْمصدر مقَام الْمصدر الْمَوْصُوف فَلَا يُقَال فِي سير سير حثيث سير حثيث بل يجب نَصبه وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ وَشرط الظّرْف أَن يكون مُخْتَصًّا بِخِلَاف غَيره فَلَا يُقَال فِي سرت وقتا وَجَلَست مَكَانا سير وَقت وَجلسَ مَكَان لعدم الْفَائِدَة وَيجوز سير وَقت صَعب وَجلسَ مَكَان بعيد وَأَن يكون متصرفا بِخِلَاف مَا لزم الظَّرْفِيَّة كسحر وَثمّ

وَعند لِأَن نيابته عَن الْفَاعِل تخرجه عَن الظَّرْفِيَّة وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ والأخفش نِيَابَة غير الْمُتَصَرف نَحْو سير عَلَيْهِ سحر وَجلسَ عنْدك وَلَا يجوز أَيْضا نِيَابَة الظّرْف الْمَنوِي وَجوزهُ ابْن السراج كالمصدر وَفِي نِيَابَة صفة الظّرْف الْخلاف فِي نِيَابَة صفة الْمصدر فالبصريون على الْمَنْع والكوفيون على الْجَوَاز وَأما الْمَجْرُور فَإِن جر بِحرف زَائِد فَلَا خلاف فِي إِقَامَته وَأَنه فِي مَحل رفع نَحْو أحد فِي قَوْلك مَا ضرب من أحد فَإِن جر بِغَيْرِهِ فَاخْتلف على أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَن الْمَجْرُور فِي مَحل رفع وَهُوَ النَّائِب نَحْو سير بزيد كَمَا لَو كَانَ الْجَار زَائِدا وَالثَّانِي وَعَلِيهِ ابْن هِشَام أَن النَّائِب ضمير مُبْهَم مستتر فِي الْفِعْل وَجعل ضميرا مُبْهما ليتحمل مَا يدل عَلَيْهِ الْفِعْل من مصدر أَو ظرف مَكَان أَو زمَان إِذْ لَا دَلِيل على تعْيين أَحدهَا وَالثَّالِث وَعَلِيهِ الْفراء النَّائِب حرف الْجَرّ وَحده وَأَنه فِي مَوضِع رفع كَمَا أَن الْفِعْل فِي زيد يقوم فِي مَوضِع رفع قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مَبْنِيّ على الْخلاف فِي قَوْلهم مر زيد بِعَمْرو فمذهب الْبَصرِيين أَن الْمَجْرُور فِي مَوضِع نصب فَإِذا بني للْمَفْعُول كَانَ فِي مَوضِع رفع وَمذهب الْفراء أَن حرف الْجَرّ فِي مَوضِع نصب فَلِذَا ادّعى أَنه إِذا بني للْمَفْعُول كَانَ فِي مَوضِع رفع وَالرَّابِع وَعَلِيهِ ابْن درسْتوَيْه والسهيلي والرندي أَن النَّائِب ضمير عَائِد على الْمصدر الْمَفْهُوم من الْفِعْل وَالتَّقْدِير سير هُوَ أَي السّير لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْمَجْرُور هُوَ النَّائِب لقيل سيرت بهند وَجَلَست فِي الدَّار ولكان إِذا قدم يصير مُبْتَدأ كَمَا هُوَ شَأْن الْفَاعِل وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر فِي الْمَجْرُور ورد بِأَن الْعَرَب تصرح مَعَه بِالْمَصْدَرِ الْمَنْصُوب نَحْو سير بزيد سيرا فَدلَّ على أَنه النَّائِب وَأجِيب عَن ترك التَّأْنِيث بِأَنَّهُ نَظِير كفى بهند فاضلة فَإِنَّهَا فَاعل قطعا وَلَا يؤنث كفى وَعَن امْتنَاع الْمُبْتَدَأ بِوُجُود الْمَانِع وَهُوَ الْعَامِل اللَّفْظِيّ

وَيتَفَرَّع على هَذَا الْخلاف جَوَاز تَقْدِيمه نَحْو بزيد سير فعلى الْأَصَح لَا يجوز وَكَذَا على الثَّالِث وعَلى الرَّابِع يجوز وَبِه صرح السُّهيْلي وَابْن أصبغ وَكَذَا على الثَّانِي قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذهب أحد إِلَى أَن الْجَار وَالْمَجْرُور مَعًا النَّائِب فيكونان فِي مَوضِع رفع وَإِذا اجْتمعت هَذِه الثَّلَاثَة الْمصدر والظرف وَالْمَجْرُور فَأَنت مُخَيّر فِي إِقَامَة مَا شِئْت هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَقيل يخْتَار إِقَامَة الْمصدر نَحْو {فَإِذا نفخ فِي الصُّور نفخة} الحاقة 13 وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَقيل يخْتَار إِقَامَة الْمَجْرُور وَعَلِيهِ ابْن معط وَقيل يخْتَار إِقَامَة ظرف الْمَكَان وَعَلِيهِ أَبُو حَيَّان وَوَجهه بِأَن الْمَجْرُور فِي إِقَامَته خلاف والمصدر فِي الْفِعْل دلَالَة عَلَيْهِ فَلم يكن فِي إِقَامَته كَبِير فَائِدَة وَكَذَا ظرف الزَّمَان لِأَن الْفِعْل يدل دلَالَة لُزُوم كدلالته على الْمَفْعُول بِهِ فَهُوَ أشبه بِهِ من الْمَذْكُورَات فَكَانَ أولى بِالْإِقَامَةِ وَإِذا اقْتضى الْفِعْل مفعولين أَو ثَلَاثَة أقيم أَحدهَا وَنصب الْبَاقِي بتعدي الْفِعْل الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِلَيْهِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَقيل لَا ينْتَصب بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْصُوب بِفعل الْفَاعِل لما بني الْفِعْل للْمَفْعُول فِي أَعْطَيْت زيدا درهما بَقِي درهما مَنْصُوبًا على أَصله بِفعل الْفَاعِل وَاخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَذهب الْفراء وَابْن كيسَان إِلَى أَنه مَنْصُوب بِفعل مُقَدّر أَي وَقبل أَو أَخذ وَذهب الزجاجي إِلَى أَنه انتصب على أَنه خبر مَا لم يسم فَاعله كَمَا فِي كَانَ زيد قَائِما وَلَا تجوز نِيَابَة الْمَفْعُول لَهُ إِذا كَانَ مَنْصُوبًا بِاتِّفَاق وَفِي الْمَجْرُور بِحرف قَولَانِ أَحدهمَا لَا بِنَاء على أَن الْمَجْرُور لَا يُقَام وَلِأَنَّهُ بَيَان لعِلَّة الشَّيْء وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا بعد ثُبُوت الْفِعْل بمرفوعه وَهَذَا مَا صَححهُ الْفَارِسِي وَابْن جني وَقيل يجوز بِنَاء على جَوَاز إِقَامَة الْمَجْرُور وَلَا يجوز أَيْضا إِقَامَة التَّمْيِيز وَجوزهُ الْكسَائي وَهِشَام فَيُقَال فِي امْتَلَأت الدَّار رجَالًا امتليء رجال وَحكي خُذْهُ مطيوبة بِهِ نَفسِي قَالَ أَبُو حَيَّان لَا يُقَام فِي هَذَا الْبَاب مفعول لَهُ وَلَا مفعول مَعَه وَلَا حَال وَلَا

تَمْيِيز لِأَنَّهَا لَا يَتَّسِع فِيهَا بِخِلَاف الْمصدر ص ويقام فِي كَانَ قيل ضمير الْمصدر وَقيل ظرف أَو مجرور مَعْمُول وَعَلَيْهِمَا بِحَذْف جزآها وَجوز الْفراء إِقَامَة الْخَبَر الْمُفْرد وكين يُقَام وَجعل يفعل فَارغًا وَالْكسَائِيّ بنية الْمَجْهُول وَفِي اللَّازِم ضمير مصدر أَو مَجْهُول أَو فارغ أَقْوَال ش فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى إِذا جَوَّزنَا بِنَاء كَانَ للْمَفْعُول فقد اخْتلف فِيمَا يُقَام مقَام الْمَرْفُوع فَقيل ضمير مصدرها ويحذف الِاسْم وَالْخَبَر وَعَلِيهِ السيرافي وَابْن خروف وَقيل ظرف أَو مجرور مَعْمُول لَهَا بِنَاء على أَنَّهَا تعْمل فيهمَا ويحذف الِاسْم وَالْخَبَر أَيْضا وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَجوز الْفراء إِقَامَة الْخَبَر الْمُفْرد نَحْو كين قَائِم فِي كَانَ زيد قَائِما وَجوز أَيْضا إِقَامَة الْفِعْل فِي كَانَ زيد يقوم أَو قَامَ فَيُقَال كين يُقَام أَو قيم وَلَا يقدر فِي الْفِعْل شَيْء وَجوزهُ أَيْضا فِي جعل من بَاب المقاربة فَيُقَال جعل يفعل كَذَلِك من غير تَقْدِير فِي الْفِعْل وَوَافَقَهُ الْكسَائي فِي الْبَابَيْنِ إِلَّا أَنه يقدر فِي الْفِعْل ضمير الْمَجْهُول والبصريون على الْمَنْع مُطلقًا الثَّانِيَة إِذا بني الْفِعْل اللَّازِم للْمَفْعُول فَفِي النَّائِب أَقْوَال أَحدهَا ضمير الْمصدر كجلس أَي الْجُلُوس وَعَلِيهِ الزجاجي وَابْن السَّيِّد قَالَ أَبُو حَيَّان وَيجْعَل فِيهِ اخْتِصَاص أَي الْجُلُوس الْمَعْهُود الثَّانِي ضمير الْمَجْهُول وَعَلِيهِ الْكسَائي وَهِشَام لِأَنَّهُ لما حذف الْفَاعِل أسْند الْفِعْل إِلَى أحد مَا يعْمل فِيهِ الْمصدر أَو الْوَقْت أَو الْمَكَان فَلم يعلم أَيهَا الْمَقْصُود فأضمر ضمير مَجْهُول الثَّالِث أَنه فارغ لَا ضمير فِيهِ وَعَلِيهِ الْفراء ص مَسْأَلَة لَا يكون الْفَاعِل ونائبه جملَة وَثَالِثهَا يجوز إِن كَانَ قلبيا وعلق ش اخْتلف فِي الْإِسْنَاد إِلَى الْجُمْلَة على مَذَاهِب أَصَحهَا الْمَنْع فَلَا يكون فَاعِلا وَلَا نَائِبا عَنهُ وَالثَّانِي الْجَوَاز لوروده فِي قَوْله تَعَالَى {ثمَّ بدا لَهُم من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات ليسجننه} يُوسُف 35 فأجازوا يُعجبنِي يقوم زيد وَظهر لي أَقَامَ زيد أم

عَمْرو وَأجِيب بِأَن الْفَاعِل فِي الْآيَة ضمير البداء الْمَفْهُوم من بدا أَو ضمير السجْن الْمَفْهُوم من الْفِعْل وَالثَّالِث يجوز أَن يَقع فَاعِلا أَو نَائِبا عَنهُ بِفعل من أَفعَال الْقُلُوب إِذا علق نَحْو ظهر لي أَقَامَ زيد أم عَمْرو وَعلم أَقَامَ بكر أم خَالِد بِخِلَاف نَحْو يسرني خرج عبد الله فَلَا يجوز وَنسب هَذَا لسيبويه

الفعل المضارع المجرد من الناصب والجازم

الْفِعْل الْمُضَارع الْمُجَرّد من الناصب والجازم ص الْمُضَارع يرفع إِذا تجرد من ناصب وجازم وَهُوَ رافعه عِنْد الْفراء وَابْن مَالك وَابْن الخباز وَقيل تعرية من العوامل اللفظية مُطلقًا وَقيل الإهمال وَقيل نفس المضارعة وَقيل السَّبَب الَّذِي أوجب إعرابه وَقَالَ البصرية وُقُوعه موقع الِاسْم وَالْكسَائِيّ الزَّوَائِد ش لما انْقَضى الْكَلَام فِي مرفوعات الْأَسْمَاء ختمت بالمرفوع من الْأَفْعَال وَهُوَ الْفِعْل الْمُضَارع حَال تجرده من الناصب والجازم وَفِي عَامل الرّفْع فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا نفس التجرد والتعري من الناصب والجازم فَهُوَ معنوي وَهُوَ رَأْي الْفراء وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَقَالَ إِنَّه سَالم من النَّقْض وَنسبه لحذاق الْكُوفِيّين وَاخْتَارَهُ أَيْضا ابْن الخباز وَالثَّانِي وُقُوعه موقع الِاسْم فَهُوَ معنوي أَيْضا وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَجُمْهُور الْبَصرِيين وَقَالَ ابْن مَالك إِنَّه منتقض بِنَحْوِ هلا تفعل وَجعلت أفعل وَمَا لَك لَا تفعل وَرَأَيْت الَّذِي يفعل فَإِن الْفِعْل فِي هَذِه الْمَوَاضِع مَرْفُوع مَعَ أَن الِاسْم لَا يَقع فِيهَا وَالثَّالِث وَعَلِيهِ الْكسَائي أَنه ارْتَفع بحروف المضارعة فَيكون عَامله لفظيا وَالرَّابِع أَنه ارْتَفع بِنَفس المضارعة وَعَلِيهِ ثَعْلَب قَالَ أَبُو حَيَّان فِي الرافع للْفِعْل الْمُضَارع سَبْعَة أَقْوَال أَحدهَا أَنه التعري من العوامل اللفظية مُطلقًا وَهُوَ مَذْهَب جمَاعَة من الْبَصرِيين وعزي فِي الإفصاح للفراء والأخفش وَالثَّانِي التجرد من الناصب والجازم وَهُوَ مَذْهَب الْفراء وَالثَّالِث وَهُوَ قَول الأعلم ارْتَفع بالإهمال وَهُوَ قريب من الَّذِي قبله وَهُوَ على الْمذَاهب الثَّلَاثَة عدمي وَالرَّابِع وَعَلِيهِ جُمْهُور الْبَصرِيين أَنه ارْتَفع بِوُقُوعِهِ موقع الِاسْم فَإِن يقوم فِي نَحْو زيد يقوم وَقع موقع قَائِم وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي أوجب لَهُ الرّفْع وَالْخَامِس وَهُوَ مَذْهَب ثَعْلَب أَنه ارْتَفع بِنَفس المضارعة

وَالسَّادِس أَنه ارْتَفع بِالسَّبَبِ الَّذِي أوجب لَهُ الْإِعْرَاب لِأَن الرّفْع نوع من الْإِعْرَاب وَهُوَ على هَذِه الْمذَاهب الثَّلَاثَة ثبوتي معنوي وَالسَّابِع وَهُوَ مَذْهَب الْكسَائي أَنه ارْتَفع بحروف المضارعة فأقوم مَرْفُوع بِالْهَمْزَةِ ونقوم مَرْفُوع بالنُّون وَتقوم مَرْفُوع بِالتَّاءِ وَيقوم مَرْفُوع بِالْيَاءِ وَهُوَ على هَذَا لَفْظِي قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا فَائِدَة لهَذَا الْخلاف وَلَا ينشأ عَنهُ حكم تطبيقي ص خَاتِمَة أثبت بَعضهم الرّفْع بالمجاورة والأعلم بالإهمال فِي نَحْو {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} الْأَنْبِيَاء 60 وَابْن عُصْفُور يرفع عدد الْمُجَرّد المتعاطف فَإِن حذف العاطف وقف وَجوز سِيبَوَيْهٍ إشمام وَاحِد الضمة وَنقل همز أَرْبَعَة إِلَى ثَلَاثَة ومنعهما غَيره ش فِيهِ ثَلَاثَة أَنْوَاع من المرفوعات على قَول ضَعِيف أَحدهَا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... . وَالثَّانِي الرّفْع بالإهمال أثْبته الأعلم وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} الْأَنْبِيَاء 60 فارتفع إِبْرَاهِيم عِنْده بالإهمال من العوامل لِأَنَّهُ لم يتقدمه عَامل يُؤثر فِي لَفظه فَبَقيَ مهملا والمهمل إِذا ضم إِلَى غَيره ارْتَفع نَحْو وَاحِد اثْنَان وَسَائِر النَّاس أَنْكَرُوا ذَلِك وَخَرجُوا الْآيَة على غَيره فَمنهمْ من خرجها على أَنه مفعول صَرِيح ليقال فَيكون من حِكَايَة لفظ الْمُفْرد وَكَأَنَّهُ قَالَ يُطلق عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظ وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه منادى حذف مِنْهُ حرف النداء أَي يَا إِبْرَاهِيم وَمِنْهُم من قَالَ هُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي يُقَال لَهُ أَنْت إِبْرَاهِيم فعلى هذَيْن يكون من حِكَايَة الْجمل الثَّالِث قَالَ ابْن عُصْفُور يرفع الِاسْم إِذا كَانَ لمُجَرّد عدد وَكَانَ مَعْطُوفًا على غَيره أَو مَعْطُوفًا عَلَيْهِ غَيره وَلم يدْخل عَلَيْهِ عَامل لَا فِي اللَّفْظ وَلَا فِي التَّقْدِير نَحْو وَاحِد وَاثْنَانِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة فَإِن عري من العاطف كَانَ مَوْقُوفا نَحْو وَاحِد اثْنَان ثَلَاثَة أَرْبَعَة كَأَن التَّرْكِيب الَّذِي حدث فِيهِ بالْعَطْف قَائِم مقَام الْعَامِل

فِي حُدُوث هَذِه الضمة وَالصَّحِيح أَن هَذِه لَيست حَرَكَة إِعْرَاب لكَونهَا لَا عَن عَامل تمّ الْجُزْء الأول، ويليه الْجُزْء الثَّانِي وأوله: " الْكتاب الثَّانِي: فِي الفضلات "

الجزء 2

1 - الْكتاب الثَّانِي فِي الفضلات الْمَفْعُول بِهِ التحذير الإغراء الِاخْتِصَاص المنادى الْمَنْدُوب الاستغاثة التَّرْخِيم الْمَفْعُول الْمُطلق الْمَفْعُول لَهُ الْمَفْعُول فِيهِ الْمَفْعُول مَعَه الْمُسْتَثْنى الْحَال التَّمْيِيز نواصب الْمُضَارع

الكتاب الثاني في الفضلات

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 1 - الْكتاب الثَّانِي فِي الفضلات الْمَفْعُول بِهِ (ص) الْكتاب الثَّانِي فِي الفضلات الْمَفْعُول بِهِ اخْتلف فِي ناصبه فالبصرية عَامل الْفَاعِل وَقيل الْفَاعِل وَقيل هما وَقيل كَونه مَفْعُولا وَقيل ينصب الْكل تَشْبِيها بِهِ وَسمع رَفعه وَنصب الْفَاعِل ورفعهما ونصبهما وَهُوَ الْوَاقِع عَلَيْهِ الْفِعْل (ش) بدأت من الفضلات بالمفعول بِهِ وَقد حَده صَاحب الْمفصل وَغَيره بِأَنَّهُ مَا وَقع عَلَيْهِ فعل الْفَاعِل وَالْمرَاد بالوقوع التَّعَلُّق ليدْخل نَحْو أوجدت ضربا وأحدثت قتلا وَمَا ضربت زيدا وَقد اخْتلف فِي ناصب الْمَفْعُول بِهِ فالبصريون على أَنه عَامل الْفَاعِل الْفِعْل أَو شبهه وَقَالَ هِشَام من الْكُوفِيّين هُوَ الْفَاعِل وَقَالَ الْفراء هُوَ الْفِعْل وَالْفَاعِل

مَعًا وَقَالَ خلف معنى المفعولية أَي كَونه مَفْعُولا كَمَا قَالَ فِي الْفَاعِل إِن عَامله كَونه فَاعِلا وَقَوْلِي وَقيل ينصب الْكل تَشْبِيها بِهِ أَشرت إِلَى مَا ذكره أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل أَن انقسام الْمَفْعُول إِلَيّ مفعول مُطلق ومفعول بِهِ وَله وَفِيه وَمَعَهُ هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَأما الْكُوفِيُّونَ فزعموا أَن الْفِعْل إِنَّمَا لَهُ مفعول وَاحِد وَهُوَ الْمَفْعُول بِهِ وباقيها عِنْدهم لَيْسَ شَيْء مِنْهَا مَفْعُولا وَإِنَّمَا مشبه بالمفعول وَسمع رفع الْمَفْعُول بِهِ وَنصب الْفَاعِل حكوا خرق الثَّوْب المسمار وَكسر الزّجاج الْحجر وَقَالَ الشَّاعِر 641 - (مثلُ القنافذِ هَدَّاجوان قد بَلَغَت ... نَجْران أَو بَلَغَتْ سوآتهم هَجَرُ) والسوءات هِيَ الْبَالِغَة وَسمع أَيْضا رفعهما قَالَ

642 - (كَيْف مَن صَادَ عَقْعَقَان وبُومُ ... ) ونصبهما قَالَ 643 - (قد سالَمَ الحيّاتِ مِنْهُ القَدَما ... ) والمبيح لذَلِك كُله فهم الْمَعْنى وَعدم الإلباس وَلَا يُقَاس على شَيْء من ذَلِك (ص) وَيجب تَقْدِيمه إِن تضمن شرطا أَو استفهاما خلافًا للكوفية فِيمَا قصد بِهِ استثبات أَو أضيف إِلَيْهِمَا أَو نَصبه فاصلا جَوَاب أما أَو أَمر فِيهِ الْفَاء أَو كَانَ مَعْمُول مُفَسّر الْجَواب أَو كم الخبرية إِلَّا فِي لغية وتأخيره إِن كَانَ أنّ أَو أَن أَو مَعَ فعل تعجبي وموصول بِحرف أَو جازم لَا إِن قدم عَلَيْهِ وَلَام الِابْتِدَاء أَو قسم أَو قد أَو سَوف أَو قَلما أَو رُبمَا وَنَحْو مَا زيد عمرا إِلَّا يضْرب

أوجه وجوب تقديم المفعول به على الفعل

قَالَ الرندي وَضرب الْقَوْم بَعضهم بَعْضًا (وَقوم) مفعول الْأَمر وَالنَّهْي وَيجوز فِيمَا عدا ذَلِك وَإِذا قدم أَفَادَ الِاخْتِصَاص خلافًا لِابْنِ الْحَاجِب مَا لم يكن مُسْتَحقّا وَالْمُخْتَار أَنه غير الْحصْر وفَاقا للسبكي (ش) الأَصْل فِي الْمَفْعُول بِهِ التَّأَخُّر عَن الْفِعْل وَالْفَاعِل وَقد يقدم على الْفَاعِل جَوَازًا ووجوبا كَمَا تقدم فِي بَابه وَقد يقدم على الْفِعْل جَوَازًا نَحْو {فريقا هدى وفريقا حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة} [الْأَعْرَاف: 30] {ففريقا كَذبْتُمْ وفريقا تقتلون} [الْبَقَرَة: 87] أوجه وجوب تَقْدِيم الْمَفْعُول بِهِ على الْفِعْل وَقد يجب تَقْدِيمه عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي صور أَحدهَا إِذا تضمن شرطا نَحْو من تكرم أكْرمه وأيهم تضرب أضربه ثَانِيهَا إِذا أضيف إِلَى شَرط نَحْو غُلَام من تضرب أضْرب ثَالِثهَا إِذا تضمن استفهاما نَحْو من رَأَيْت وأيهم لقِيت وَمَتى قدمت وَأَيْنَ أَقمت سَوَاء كَانَ فِي ابْتِدَاء الِاسْتِفْهَام أم قصد بِهِ الاستثبات هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين

أوجه وجوب تأخير المفعول به عن الفعل

وَوَافَقَهُمْ الْكُوفِيُّونَ فِي الأول وجوزوا فِي الثَّانِي أَلا يلْزم الصَّدْر لما حكوا من قَوْلهم (ضرب من منا) و (تفعل مَاذَا) و (تصنع مَاذَا) و (إِن أَيْن المَاء والعشب) جوبا لمن قَالَ إِن فِي مَوضِع كَذَا مَاء وعشبا والبصريون حكمُوا بشذوذ ذَلِك رَابِعهَا إِذا أضيف إِلَى اسْتِفْهَام نَحْو غُلَام من رَأَيْت خَامِسهَا إِذا نَصبه جَوَاب (أما) نَحْو {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} [الضُّحَى: 9] سادسها إِذا نَصبه فعل أَمر دخلت عَلَيْهِ الْفَاء نَحْو زيدا فَاضْرب سابعها إِذا كَانَ مَعْمُول (كم) الخبرية نَحْو كم غُلَام ملكت أَي كثيرا من الغلمان ملكت وَحكى الْأَخْفَش أَنه يجوز تَأْخِيره عَن الْفَاعِل فِي لُغَة رَدِيئَة نَحْو ملكت كم غُلَام أوجه وجوب تَأْخِير الْمَفْعُول بِهِ عَن الْفِعْل وَقد يمْنَع تَقْدِيمه عَلَيْهِ وَذَلِكَ فِي صور أَحدهَا أَن يكون أَن الْمُشَدّدَة أَو المخففة نَحْو عرفت أَنَّك أَو أَنَّك منطلق قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس مَا أجَازه الْفراء من الِابْتِدَاء ب (أَن) الْمُشَدّدَة وَمَا أجَازه هِشَام من أَن أَن زيدا قَائِم حَقه جَوَاز التَّقْدِيم

ثَانِيهَا أَن يكون مَعَ فعل تعجبي نَحْو مَا أحسن زيدا ثَالِثهَا أَن يكون مَعَ فعل مَوْصُول بِحرف نَحْو من الْبر أَن تكف لسَانك رَابِعهَا أَن يكون مَعَ فعل مَوْصُول بجازم نَحْو لم أضْرب زيدا فَلَا يقدم على الْفِعْل فاصلا بَينه وَبَين الْجَازِم فَإِن قدم على الْجَازِم جَازَ خَامِسهَا إِلَى ثامنها أَن يكون مَعَ فعل مَوْصُول بلام الِابْتِدَاء أَو لَام الْقسم أَو قد أَو سَوف نَحْو ليضْرب زيد عمرا وَالله لَأَضرِبَن زيدا وَالله قد ضربت زيدا سَوف أضْرب زيدا تاسعها أَن يكون مَعَ فعل مُؤَكد بالنُّون فَلَا يُقَال زيدا أضربن قَالَ الرضي وَلَعَلَّ ذَلِك لكَون تقدم الْمَنْصُوب على الْفِعْل دَلِيلا على أَن الْفِعْل غير مُهِمّ وَإِلَّا لم يُؤَخِّرهُ من مرتبته وتوكيد الْفِعْل يُؤذن بِكَوْنِهِ مهام فيتنافران فِي الظَّاهِر وَإِذا قدم الْمَفْعُول أَفَادَ الِاخْتِصَاص عِنْد الْجُمْهُور نَحْو {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} [الْفَاتِحَة: 5] أَي لَا غَيْرك {بل الله فاعبد} [الزمر: 66] أَي لَا غَيره وَخَالف فِي ذَلِك ابْن الْحَاجِب وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان فَقَالَا الِاخْتِصَاص الَّذِي يتوهمه كثير من النَّاس من تقدم الْمَفْعُول وهم وعَلى الأول شَرطه أَن يكون التَّقْدِيم مُسْتَحقّا كالصور المبدوء بهَا وَالْمَشْهُور أَن الِاخْتِصَاص والحصر مُتَرَادِفَانِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيّ التَّفْرِقَة بَينهمَا وَأَن الْحصْر نفي غير الْمَذْكُور وَإِثْبَات الْمَذْكُور والاختصاص قصر الْخَاص من جِهَة خصوصه من غير تعرض لنفي وَغَيره

حذف المفعول به

وَهَاتَانِ المسألتان من علم الْبَيَان لَا النَّحْو فليطلب بسط الْكَلَام فيهمَا من كتَابنَا شرح ألفية الْمعَانِي وَكتاب الإتقان حذف الْمَفْعُول بِهِ (ص) ويحذف الْمَفْعُول لَا نَائِب ومتعجب مِنْهُ وَجَوَاب ومحصور ومحذوف عَامله حتما وَكَذَا نَحْو زيد ضَربته خلافًا للكوفية وينوى إِلَّا لتضمين الْفِعْل اللُّزُوم أَو الإيذان بالتعميم أَو غَرَض حذف الْفَاعِل وَمَتى حذف بعد لَو فَهُوَ جوابها غَالِبا ويجر بِالْبَاء الزَّائِدَة كثيرا مفعول عرفت وَنَحْوه نَحْو {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ} [الْبَقَرَة: 195] وقليلا فِي ذِي اثْنَيْنِ وَنَحْو كفي بِالْمَرْءِ كذبا أَن يحدث بِكُل مَا سمع (ش) فِيهِ مسَائِل الأولى الأَصْل جَوَاز حذف الْمَفْعُول بِهِ لِأَنَّهُ فضلَة وَيمْنَع فِي صور أَحدهَا أَن يكون نَائِبا عَن الْفَاعِل لِأَنَّهُ صَار عُمْدَة كالفاعل

ثَانِيهَا أَن يكون مُتَعَجِّبا مِنْهُ نَحْو مَا أحسن زيدا ثَالِثهَا أَن يكون مجابا بِهِ ك (زيدا) لمن قَالَ من رَأَيْت إِذْ لَو حذف لم يحصل جَوَاب رَابِعهَا أَن يكون محصورا نَحْو مَا ضربت إِلَّا زيدا إِذْ لَو حذف لأفهم نفي الضَّرْب مُطلقًا وَالْمَقْصُود نَفْيه مُقَيّدا خَامِسهَا أَن يكون عَامله حذف نَحْو خيرا لنا وشرا لعدونا لِئَلَّا يلْزم الإجحاف سادسها إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ غير (كل) والعائد الْمَفْعُول نَحْو زيد ضَربته فَلَا يُقَال اخْتِيَارا زيد ضربت بِحَذْف الْعَائِد وَرفع زيد بل يجب عِنْد الْحَذف نصب زيد قَالَ الصفار وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ فِي الشّعْر (زيد ضربت) وَمنع ذَلِك الْكسَائي وَالْفراء وَأَصْحَاب سِيبَوَيْهٍ حُكيَ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ لَا يضْطَر شَاعِر إِلَى هَذَا لِأَن وزن الْمَرْفُوع والمنصوب وَاحِد

وَنقل عَن هِشَام أَنه أجَاز زيد ضربت فِي الِاخْتِيَار هَكَذَا نقل أَبُو حَيَّان وَنقل ابْن مَالك عَن الْبَصرِيين الْجَوَاز فِي الِاخْتِيَار وَعَن الْكُوفِيّين الْمَنْع إِلَّا فِي الشّعْر وَالله أعلم الثَّانِيَة إِذا حذف الْمَفْعُول نوي لدَلِيل عَلَيْهِ نَحْو {فَعَالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107] أَي لما يُريدهُ وَقد لَا يَنْوِي إِمَّا لتضمين الْفِعْل الْمُتَعَدِّي معنى يَقْتَضِي اللُّزُوم كَمَا يضمن اللَّازِم معنى يَقْتَضِي التَّعْدِيَة كتضمن (أصلح) معني (الطف) فِي قَوْله تَعَالَى {وَأصْلح لي فِي ذريتي} [الْأَحْقَاف: 15] أَي ألطف بِي فيهم وَإِمَّا للإيذان بالتعميم نَحْو {يُحيِ وَيُمِيتُ} [الْبَقَرَة: 258] يُعْطي وَيمْنَع ويصل وَيقطع وَإِمَّا لبَعض الْأَغْرَاض السَّابِقَة فِي حذف الْفَاعِل كالإيجاز فِي {واسمعوا وَأَطيعُوا} [التغابن: 16] والمشاكلة فِي {وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى وَأَنه هُوَ أضْحك وأبكى} [النَّجْم: 42، 43] وَالْعلم فِي {فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا} [الْبَقَرَة: 24] وَالْجهل فِي قَوْلك ولدت فُلَانَة وَأَنت لَا تَدْرِي مَا ولدت وَعدم قصد التَّعْيِين فِي {وَمن يظلم مِنْكُم نذقه عذَابا} [الْفرْقَان: 19] والتعظيم فِي {كتب الله لأغلبن أَنا ورسلي} [المجادلة: 21] وَالْخَوْف فِي أبغضت فِي الله وَلَا تذكر المبغوض خوفًا مِنْهُ الثَّالِثَة إِذا حذف الْمَفْعُول بعد (لَو) فَهُوَ الْمَذْكُور فِي جوابها غَالِبا نَحْو {وَلَو شَاءَ رَبك لآمن من فِي الأَرْض} [يُونُس: 99] أَي وَلَو شَاءَ إِيمَان من فِي الأَرْض {لَو يَشَاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً} [الرَّعْد: 31] أَي لَو يَشَاء هدى النَّاس وَقد لَا يكون كَذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى {قَالُوا لَو شَاءَ رَبنَا لأنزل مَلَائِكَة} [فصلت: 14] فَإِن الْمَعْنى لَو شَاءَ رَبنَا إرْسَال الرُّسُل لأنزل مَلَائِكَة بِقَرِينَة السِّيَاق الرَّابِعَة تزاد الْبَاء كثيرا فِي مفعول عرفت وَنَحْوه وَمِمَّا زيدت فِيهِ الْبَاء فِي الْمَفْعُول نَحْو {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} [الْبَقَرَة: 195] {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة} [مَرْيَم: 25] {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الْحَج: 15]

تعدد المفعول به

{وَمن يرد فِيهِ بإلحاد} [الْحَج: 25] أَي أَيْدِيكُم وجذع النَّخْلَة وسببا وإلحادا وقلّت زيادتها فِي مفعول مَا يتَعَدَّى لاثْنَيْنِ كَقَوْلِه 644 - (تَسْقى الضَّجيع بباردٍ بسّام ... ) وَقد زيدت فِي مفعول كفى المتعدية لوَاحِد وَمِنْه الحَدِيث (كفى بِالْمَرْءِ كذبا أَن يحدث بِكُل مَا سمع) وَقَوله 645 - (فَكفى بِنَا فَضْلاً على مَن غَيرنا ... حب النّبيِّ محمّدٍ إيّانا) تعدد الْمَفْعُول بِهِ (ص) مَسْأَلَة إِذا تعدد مفعول فِي غير ظن فَالْأَصْل تَقْدِيم فَاعل معنى وَمَا لَا يتَعَدَّى بِحرف وَمن ثمَّ جَازَ خلافًا لهشام أَعْطَيْت درهمه زيدا ودرهمه أَعْطَيْت زيدا وَثَالِثهَا يمْنَع الأول دون الثَّانِي وَامْتنع خلافًا للكوفية أَعْطَيْت مَالِكه الْغُلَام وَيجب وَيمْنَع لما مر

(ش) إِذا تعدد الْمَفْعُول فَإِن كَانَ فِي بَاب ظن وَأعلم فمعلوم أَن الْمُبْتَدَأ فيهمَا مقدم على الْخَبَر وَالْفَاعِل فِي بَاب أعلم مقدم على الِاثْنَيْنِ وَإِن كَانَ فِي غَيره كباب أعْطى وَاخْتَارَ فَالْأَصْل تَقْدِيم مَا هُوَ فَاعل معنى فِي الأول وَمَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْل بِنَفسِهِ فِي الثَّانِي على مَا لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ أقوى فَالْأَصْل فِي أَعْطَيْت زيدا درهما واخترت زيدا الرِّجَال تَقْدِيم زيد لِأَنَّهُ آخذ الدِّرْهَم ومختار من الرِّجَال وَيتَفَرَّع على ذَلِك جَوَاز تَقْدِيم الْمَفْعُول الثَّانِي إِذا اتَّصل بِهِ ضمير يعود على الأول إِمَّا عَلَيْهِ فَقَط نَحْو أَعْطَيْت درهمه زيدا أَو على الْعَامِل أَيْضا نَحْو درهمه أَعْطَيْت زيدا لعود الضَّمِير على مُتَقَدم فِي الرُّتْبَة وَإِن تَأَخّر فِي اللَّفْظ فَهُوَ نَظِير ضرب غُلَامه زيد وَالْجَوَاز فِي الصُّورَتَيْنِ مَذْهَب أَكثر الْبَصرِيين خلافًا لهشام فِي مَنعه لَهما ولبعض الْبَصرِيين فِي مَنعه الأولي دون الثَّانِيَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَبنى مَنعه على أَن المفعولين فِي رُتْبَة وَاحِدَة بعد الْفَاعِل فَأَيّهمَا تقدم فَذَلِك مَكَانَهُ بِخِلَاف مَا إِذا قدم على الْفِعْل فَإِن النِّيَّة بِهِ التَّأْخِير وَحِينَئِذٍ ينوى تَقْدِيره بعد الْمَفْعُول الَّذِي يعود عَلَيْهِ الضَّمِير وَمِمَّا يفرع على الأَصْل أَيْضا امْتنَاع أَعْطَيْت مَالِكه الْغُلَام لعود الضَّمِير على مُؤخر لفظا ورتبة لِأَن الْمَالِك هُوَ الْآخِذ فَهُوَ نَظِير ضرب غُلَامه زيد والكوفيون جوزوا ذَلِك على تَقْدِير تنَاول الْفِعْل الْغُلَام أَولا فَالْأول عِنْدهم هُوَ الَّذِي يقدر الْفِعْل آخِذا لَهُ قبل صَاحبه وَقد يخرج عَن هَذَا الأَصْل فَيُقَال أَعْطَيْت درهما زيدا واخترت الرِّجَال زيدا بِتَأْخِير مَا حَقه التَّقْدِيم وَقد يجب الْتِزَام الأَصْل فِي نَحْو أَعْطَيْت زيدا عمرا لِأَنَّهُ لَو قدم لم يدر أَزِيد آخذ أم مَأْخُوذ وَقد يجب الْخُرُوج عَنهُ فِي نَحْو أَعْطَيْت الْغُلَام مَالِكه ليعود الضَّمِير على مُتَقَدم وَيُؤَخر المحصور مِنْهُمَا نَحْو مَا أَعْطَيْت زيدا إِلَّا درهما وَمَا أَعْطَيْت درهما إِلَّا زيدا

أوجه حذف ناصب المفعول به جوازا ووجوبا

أوجه حذف ناصب الْمَفْعُول بِهِ جَوَازًا ووجوبا (ص) مَسْأَلَة يحذف عَامله قِيَاسا لقَرِينَة وَيجب سَمَاعا فِي مثل وَشبهه لَا إِن لم يكثر اسْتِعْمَاله خلافًا للزمخشريي ك (الْكلاب على الْبَقر) {انْتَهوا خيرا} [النِّسَاء: 171] (أحشفا وَسُوء كيلة) (من أَنْت زيدا) (كل شَيْء وَلَا هَذَا) (هَذَا وَلَا زعماتك) إِن تأتني فَأهل اللَّيْل وَأهل النَّهَار ديار الأحباب، عذيرك وَكَذَا (مرْحَبًا) وَأهلا وسهلا خَبرا لَا دُعَاء فَمن بَاب الْمصدر وَقيل مصدر مُطلقًا وَقيل يَجْعَل الْمَنْصُوب مُبْتَدأ أَو خَبرا فَيلْزم حذف متمه وَالأَصَح أَن مِنْهُ (سبوحا) و (قدوسا) على النصب

(ش) يجوز حذف ناصب الْمَفْعُول بِهِ قِيَاسا لقَرِينَة لفظية أَو معنوية نَحْو (زيدا) لمن قَالَ من ضربت أَي ضربت وَلمن شرع فِي إِعْطَاء أَي أعْط و (خيرا) لمن ذكر رُؤْيا أَي رَأَيْت و (حَدِيثك) لمن قطع حَدِيثه أَي تمم و (مَكَّة) لمن تأهب لِلْحَجِّ أَي تُرِيدُ أَو أَرَادَ و (القرطاس) لمن سد سَهْما أَي تصيب وَمعنى كَونه قِيَاسا أَنَّهَا لَا يقْتَصر فِيهِ على مورد السماع وَمِنْه فِي الْقُرْآن {مَاذَا أَنَزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً} [النَّحْل: 30] أَي أنزل {بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ} [الْبَقَرَة: 135] أَي نتبع وَيجب الْحَذف سَمَاعا فِي الْأَمْثَال الَّتِي جرت كَذَلِك فَلَا تغير كَقَوْلِهِم (كل شَيْء وَلَا شتيمة حر) أَي ائْتِ وَلَا ترتكب و (هَذَا وَلَا زعماتك) أَي هَذَا هُوَ الْحق وَلَا أتوهم وَقيل التَّقْدِير وَلَا أزعم وَكَذَا مَا أشبه الْمثل فِي كثر الِاسْتِعْمَال نَحْو {انتَهُوا خَيراً لَكُمْ} [النِّسَاء: 171] أَي وَأتوا بِخِلَاف مَا لم يكثر اسْتِعْمَاله نَحْو انته أمرا قَاصِدا أَي وأت فَإِنَّهُ لَا يجب إِضْمَار فعل قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد غفل الزَّمَخْشَرِيّ عَن هَذَا فَجعل (انْتَهوا خيرا) مِنْهُ وانته أمرا قَاصِدا سَوَاء فِي جَوَاب إِضْمَار الْفِعْل وَقد نَص سِيبَوَيْهٍ على أَنه لَا يجب إِضْمَار الْفِعْل فِي (انته أمرا قَاصِدا) وَعلل ذَلِك بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَثْرَة الِاسْتِعْمَال مثل انته خيرا لَك وَقَوْلهمْ (الْكلاب على الْبَقر) بإضمار (أرسل) وَمَعْنَاهُ خل بَين النَّاس جَمِيعًا خَيرهمْ وشرهم واغتنم أَنْت طَرِيق السَّلامَة فاسلكها

وَقَوْلهمْ (أحشفا وَسُوء كيلة) مثل لمن يظلم النَّاس من وَجْهَيْن وَمَعْنَاهُ تُعْطِينِي حشفا وتسيء الْكَيْل وَأما (من أَنْت زيدا) فأصله أَن رجلا غير مَعْرُوف بِفضل تسمى بزيد وَكَانَ زيد مَشْهُورا بِالْفَضْلِ والشجاعة فَلَمَّا تسمى الرجل الْمَجْهُول باسم ذِي الْفضل دفع عَن ذَلِك وَقيل لَهُ من أَنْت زيدا على جِهَة الْإِنْكَار عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ من أَنْت تذكر زيدا أَو ذَاكِرًا زيدا وَفِي قَوْلهم من أَنْت تحقير للمخاطب وَقد يُقَال لمن لَيْسَ اسْمه زيدا (من أَنْت) زيدا على الْمثل الْجَارِي وَأما (كل شَيْء وَلَا هَذَا) فَمَعْنَاه ائْتِ كل شَيْء وَلَا تأت هَذَا أَو اقْربْ كل شَيْء وَلَا تقرب هَذَا وَأما (هَذَا وَلَا زعماتك) فَمَعْنَاه أَن الْمُخَاطب كَانَ يزْعم زعمات فَلَمَّا ظهر خلاف قَوْله قيل لَهُ (هَذَا) الْكَلَام وَهَذَا مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي هَذَا الْحق وَلَا يخْتَص بِهَذَا اللَّفْظ بل تَقول أَقُول كَذَا وَلَا زعماتك وَأعلم كَذَا وَلَا زعماتك وَأما (إِن تأتني فَأهل اللَّيْل وَأهل النَّهَار) فَالْمَعْنى تَجِد من يقوم لَك مقَام أهلك فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَهُوَ مِمَّا يجرى مجْرى الْمثل فِي كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَأما (ديار الأحباب) فَمَعْنَاه اذكر قَالَ أَبُو حَيَّان إِن أَرَادَ ابْن مَالك هَذَا اللَّفْظ بِخُصُوصِهِ فَيحْتَاج إِلَى سَماع وَلم نقف عَلَيْهِ وَإِن أَرَادَ لفظ (ديار) مُضَافا إِلَى اسْم المحبوبة فكثير قَالَ ذُو الرمة 646 - (ديارَ ميّةَ إذْ مَيٌّ تُساعِفُنا ... )

وَقَالَ طرفَة 647 - (ديارَ سُلَيْمَى إذْ تصيدُكَ بالمُنى ... ) وَفِي الْبَسِيط مَا نَصه وَمِنْهَا ذكر الدَّار فَإِنَّهُ كثر عِنْدهم فاستعملوه بِحَذْف الْفَاعِل كَقَوْلِه (ديار مية) أَي اذكر وَمثله ذكر الْأَيَّام والمعاهد والدمن لِأَنَّهُ يسْتَعْمل عِنْدهم كثيرا وَأما عذيرك فَمَعْنَاه أحضر عاذرك قَالَ 648 - (أُرِيد حياتَهُ وَيُرِيد قَتْلَى ... عَذِيرك مِنْ خَليلٍ مِنْ مُرادٍ) وَأما مرْحَبًا وَأهلا وسهلا فَالْمَعْنى صادفت رحبا وسعة وَمن يقوم لَك مقَام الْأَهْل وسهلا أَي لينًا وخفضا لَا حزنا وَهَذَا يسْتَعْمل خَبرا لمن قصدك وَدُعَاء

للْمُسَافِر وَالْأول هُوَ المُرَاد هُنَا وَأما الثَّانِي فتقديره لقاك الله ذَلِك وَقدره سِيبَوَيْهٍ رَحبَتْ بلادك وأهلت قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِنَّمَا قدره بِفعل لِأَن الدُّعَاء إِنَّمَا يكون بِالْفِعْلِ فقدره بِفعل من لفظ الشَّيْء الْمَدْعُو بِهِ فعلى تَقْدِير سِيبَوَيْهٍ يكون انتصاب (مرْحَبًا) على الْمصدر لَا على الْمَفْعُول بِهِ وَكَذَلِكَ (أَهلا) قَالَ وَهَذَا الَّذِي قدره سِيبَوَيْهٍ إِنَّمَا هُوَ إِذا اسْتعْمل دُعَاء أما إِذا اسْتعْمل خَبرا على تَقْدِير صادفت وأصبت فَيكون مَفْعُولا بِهِ لَا مصدرا قَالَ وَوهم القواس فنسب لسيبويه أَن (مرْحَبًا) مفعول بِهِ أَي صادفت رحبا لَا ضيقا وَأَن مَذْهَب غَيره أَنه مصدر بدل عَن اللَّفْظ بِفِعْلِهِ وَمن الْعَرَب من يرفع الْمَنْصُوب فِي هَذِه الْأَمْثِلَة وَنَحْوهَا على الِابْتِدَاء أَو الْخَبَر فَيلْزم حذف الْجُزْء الآخر كَمَا لزمَه إِضْمَار الناصب نَحْو كل شَيْء أَي أُمَم بِمَعْنى قصد وديار الأحباب أَي تِلْكَ و (كِلَاهُمَا وَتَمْرًا) أَي لي وزدني وَمن أَنْت وَزيد أَي ذكرك أَو كلامك وَكَذَا الْبَوَاقِي قَالَ 649 - (أَلا مَرْحبٌ واديكَ غَيرُ مضيّقٍ ... ) د أَي لَا هَذَا مرحب أَو لَك مرحب وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ

650 - (وبالسّهْبِ ميمونُ النّقيبة قولهُ ... لِمُلْتَمِس الْمَعْرُوف أهلٌ ومرحبُ) وَأما سبوح قدوس فيقالان بِالرَّفْع عِنْد سَماع من يذكر الله على إِضْمَار (مذكورك) فليسا بمصدرين وَبِالنَّصبِ على إِضْمَار ذكرت سبوحا قدوسا أَي أهل ذَلِك فَاخْتلف على هَذَا الْفِعْل الناصب وَاجِب الْإِضْمَار أَو جائزه فَقَالَ الشلوبين وَجَمَاعَة بِالْأولِ وَآخَرُونَ بِالثَّانِي

التحذير

التحذير (ص) وَمِنْه مَا نصب تحذيرا إِن كَانَ (إيا) أَو مكررا أَو متعاطفا وَإِلَّا فَيجوز إِظْهَاره وَأَجَازَهُ قوم من المكرر وَلَا يحذف عاطف بعد (إيا) إِلَّا بِنصب الْمَحْذُوف بإضمار آخر أَو جَرّه بِمن وَيَكْفِي تَقْدِيره فِي أَن تفعل ويعطف الْمَحْذُور على إيَّايَ وإيانا وعَلى إياك وَإِخْوَته ونفسك شبهه من الْمُخَاطب ويضمر مَا يَلِيق ك (نح) وأتق وَقيل لكل ناصب وَلَا يحذر من ظَاهر وَضمير غَائِب إِلَّا مَعْطُوفًا وَالضَّمِير هُنَا مؤكدا ومعطوفا عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ (ش) من الْمَنْصُوب على الْمَفْعُول بِهِ بإضمار فعل لَا يظْهر بَاب التحذير وَهُوَ إِلْزَام الْمُخَاطب الِاحْتِرَاز من مَكْرُوه ب (إيا) أَو مَا جري مجْرَاه وَإِنَّمَا يلْزم إضماره مَعَ (إيا) مُطلقًا نَحْو إياك وَالشَّر فالناصب ل (إيا) فعل مُضْمر لَا يجوز إِظْهَاره وَمَعَ المكرر نَحْو الْأسد الْأسد لِأَن أحد الاسمين قَامَ مقَام الْفَاعِل وَمَعَ العاطف نَحْو {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَهَا} [الشَّمْس: 13] اسْتغْنَاء بِذكر المحذر مِنْهُ عَن ذكر المحذر وَمَا عدا هَذِه الصُّور الثَّلَاث يجوز فِيهِ الْإِظْهَار وَجوز بَعضهم إِظْهَار الْعَامِل مَعَ المكرر حَكَاهُ فِي الْبَسِيط وَقَالَ الْجُزُولِيّ يقبح فِيهِ الْإِظْهَار وَلَا يتمنع وَيمْتَنع عِنْد قوم والشائع فِي التحذير أَن يُرَاد بِهِ الْمُخَاطب فَإِذا حذر ب (إيا) اتَّصل بضميره وَعطف عَلَيْهِ الْمَحْذُور نَحْو إياكَ أَو إياكِ أَو إياكما أَو إيَّاكُمْ أَو إياكن وَالشَّر ويضمر فعل أَمر يَلِيق بِالْحَال نَحْو اتَّقِ وباعد ونح وخل ودع وَمَا أشبه ذَلِك

وتحذر نَفسك وَشبهه من الْمُضَاف إِلَى الْمُخَاطب مَعْطُوفًا عَلَيْهِ الْمَحْذُور أَيْضا بإضمار مَا ذكر نَحْو رَأسك والحائط ورجلك وَالْحجر وعينك وَالنَّظَر إِلَى مَا لَا يحل وفمك وَالْحرَام وَكَونه مَعْطُوفًا مَذْهَب السيرافي وَجَمَاعَة وَأَجَازَهُ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك وَذهب ابْن طَاهِر وَابْن خروف إِلَى أَن الثَّانِي مَنْصُوب بِفعل آخر مُضْمر وَالتَّقْدِير إياك باعد من الشَّرّ وَاحْذَرْ الشَّرّ فَيكون الْكَلَام جملتين وعَلى الأول يكون جملَة وَاحِدَة وَالتَّقْدِير إياك باعد من الشَّرّ وَالشَّر مِنْك فَكل مِنْهُمَا مباعد عَن الآخر وَلَا يحذف العاطف بعد (إيا) إِلَّا والمحذور مَنْصُوب بناصب آخر مُضْمر أَو مجرور ب (من) نَحْو إياك الشَّرّ فَلَا يجوز أَن يكون الشَّرّ مَنْصُوبًا بِمَا انتصب بِهِ (إياك) بل بِفعل آخر تَقْدِيره دع الشَّرّ وَإِيَّاك (من) الشَّرّ وَيجوز تَقْدِير من مَعَ أَن تفعل لاطراد حذف الْجَرّ مَعَ أَن إِذا أَمن اللّبْس نَحْو إياك أَن تفعل أَي من أَن تفعل وَقد يكون التحذير للمتكلم سمع (إيَّايَ وَأَن يحذف أحدكُم الأرنب) أَي إيَّايَ نح عَن حذف الأرنب ونح حذف الأرنب عَن حضرتي

وَلَا يكون الْمَحْذُور ظَاهرا وَلَا ضمير غَائِب إِلَّا وَهُوَ مَعْطُوف نَحْو إياك وَالشَّر وماز رَأسك وَالسيف وَقَوله 651 - (فَلَا تصْحَب أَخا الجَهْل ... وإيّاك وإيّاهُ) أَي باعد مِنْهُ وباعده مِنْك وَأما قَوْلهم (أَعور عَيْنك الْحجر) فعلى حذف العاطف أَي وَالْحجر وَقَوْلهمْ فإياه وإيا الشواب شَاذ أَي ليتباعد من النِّسَاء الشواب ويباعدهن مِنْهُ

وَحكم الضَّمِير فِي هَذَا الْبَاب مؤكدا ومعطوفا عَلَيْهِ حكمه فِي غَيره وَهنا ضميران أَحدهمَا لفظ إياك وَالْآخر مَا تضمنه (إياك) من الضَّمِير الْمُنْتَقل إِلَيْهِ من الْفِعْل الناصب لَهُ فَإِذا أكدت قلت إياك نَفسك أَن تفعل أَو أياك نَفسك وَالشَّر وَأَنت بِالْخِيَارِ فِي تأكيده ب (أَنْت) قبل النَّفس وَتَركه وَإِذا أكدت الضَّمِير المستكن فِي إياك قلت (إياك) أَنْت نَفسك أَن تفعل أَو إياك أَنْت نَفسك وَالشَّر وَإِذا عطفت على (إياك) قلت إياك وزيدا والأسد وَكَذَا رَأسك ورجليك وَالضَّرْب وَأَنت بِالْخِيَارِ فِي تأكيده ب (أَنْت) وَإِذا عطفت على الضَّمِير المستكن فَقلت (إياك وزيدا أَن تفعل) كَانَ قبيحا حَتَّى تؤكده ب (أَنْت) ثمَّ الْفِعْل الْمُضمر فِي هَذَا الْبَاب يجب تَقْدِيره بعد (إيا) وَلَا يجوز تَقْدِيره قبلهَا وَأَن الأَصْل باعدك مثلا فَلَمَّا حذف انْفَصل الضَّمِير لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ تعدِي الْفِعْل الرافع لضمير الْفَاعِل إِلَى ضَمِيره الْمُتَّصِل وَذَلِكَ لَا يجوز إِلَّا فِي أَفعَال الْقُلُوب وَمَا حمل عَلَيْهِ إِلَّا فِي (إيَّايَ) إِذا قدر ناصبه فعل أَمر فَإِنَّهُ يجوز لانْتِفَاء هَذَا الْمَحْذُور

الإغراء

الإغراء (ص) وَمِنْه مَا نصب إغراء بإضمار الزم إِن عطف أَو كرر وَيجوز إِظْهَاره دونهمَا وَلَا يكون ضميرا وَقد يرفع مكررا وَإِنَّمَا يعْطف فيهمَا بِالْوَاو وَيجوز كَون تَالِيهَا مَفْعُولا مَعَه (ش) من الْمَنْصُوب مَفْعُولا بِهِ بإضمار فعل وَاجِب الْإِضْمَار بَاب الإغراء وَهُوَ إِلْزَام الْمُخَاطب العكوف على مَا يحمد عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يجب الْإِضْمَار فِي صُورَتَيْنِ إِذا عطف أَو كرر كَقَوْلِك الْأَهْل وَالْولد وقولك العهْدَ العَهْدَ وتضمر الزم أَو شبهه قَالَ 652 - (أَخَاك أَخَاك إنَّ من لَا أَخا لَهُ ... ) وَيجوز الْإِظْهَار فِيمَا عداهما نَحْو الْعَهْد فَيجوز أَن تَقول الزم الْعَهْد واحفظ الْعَهْد

وَلَا يكن المغري بِهِ إِلَّا ظَاهرا فَلَا يجوز أَن يكون ضميرا وَقد يرفع المكرر قَالَ 653 - (لجديرون بالوفَاء إِذا قَالَ ... أَخُو النجدة السّلاحُ السّلاحُ) وَلَا يعْطف فِي هَذَا الْبَاب وَبَاب التحذير إِلَّا بِالْوَاو لدلالتها على الْجمع وَهِي للمقارنة هُنَا فِي الزَّمَان بِخِلَاف الْفَاء و (ثمَّ) لدلالتهما على التَّرَاخِي وَلِأَن الْمَعْطُوف هُنَا شَبيه بالتأكيد اللَّفْظِيّ لِأَن إياك وَالشَّر مَعْنَاهُ إياك أبعد من الشَّرّ وَالشَّر مِنْك والتوكيد اللَّفْظِيّ إِذا اخْتلف اللَّفْظ لَا يكون إِلَّا بِالْوَاو وَيجوز كَون مَا بعد الْوَاو فِي الْبَابَيْنِ مَفْعُولا مَعَه لِأَنَّهُمَا لما كَانَت للمقارنة فِي الزَّمَان جَازَ أَن يلحظ فِيهَا معنى الْمَعِيَّة

الاختصاص

الِاخْتِصَاص (ص) وَمِنْه مَا نصب على الِاخْتِصَاص قَالَ سيوبيه بِتَقْدِير (أَعنِي) وَهُوَ (أَي) بعد ضمير مُتَكَلم وَقل بعد مُخَاطب وغائب فِي تَأْوِيله خلافًا للصفار وَحكمهَا كالنداء إِلَّا حرفه ووصفها بِإِشَارَة وَقَالَ السيرافي معربة مُبْتَدأ أَو خَبرا والأخفش منادى ومتبوعها مَرْفُوع وَلَا يُزَاد عَلَيْهِ وَيقوم مقَامهَا مَنْصُوب معرف ب (أل) أَو إِضَافَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ فالأكثر بَنو و (معشر) و (أهل) و (آل) وَأَبُو عَمْرو لَا ينصب غَيرهَا وَقل علما وَلَا يقدم مَنْصُوبًا على الضَّمِير (ش) من الْمَنْصُوب مَفْعُولا بِهِ بِفعل وَاجِب الْإِضْمَار بَاب الِاخْتِصَاص وَقدره سِيبَوَيْهٍ ب (أَعنِي) وَيخْتَص ب (أَي) الْوَاقِعَة بعد ضمير الْمُتَكَلّم نَحْو أَنا أفعل كَذَا أَيهَا الرجل و (اللَّهُمَّ اغْفِر لنا أيتها الْعِصَابَة) وَقَوله 654 - (جُد بِعَفْو فإنني أيُّها العَبْدُ ... إِلَى الْعَفو يَا إلهي فَقيرُ) وَإِنَّمَا اخْتصَّ بهَا لِأَنَّهُ لما جرى مجْرى النداء لم يكن فِي المناديات مَا لزم النداء على صِيغَة خَاصَّة إِلَّا أَيهَا الرجل فلازمه معنى الخطابية الَّذِي فِي النداء فَنَاسَبَ أَن يكون وَحده مُفَسرًا فَلَا يُقَال مثلا إِنِّي أفعل زيد تُرِيدُ نَفسك وَحكم (أَي) فِي هَذَا الْبَاب حكمهَا فِي بَاب النداء من بنائها على الضَّم مَحْكُومًا على موضعهَا بِالنّصب ووصفها باسم الْجِنْس مُلْتَزما فِيهِ الرّفْع

وَاسْتثنى ابْن مَالك فِي التسهيل دُخُول حرف النداء فَإِنَّهُ لَا يدْخل عَلَيْهَا هُنَا لِأَن المُرَاد بهَا الْمُتَكَلّم والمتكلم لَا يُنَادي نَفسه وَزَاد أَبُو حَيَّان وصفهَا باسم الْإِشَارَة فَإِنَّهُ مُمْتَنع هُنَا لَا يُقَال عَليّ أَيهَا ذَا الْفَقِير تصدق سَوَاء قصد بِهِ التَّعْيِين أم صرف إِلَى اسْم الْجِنْس وَزعم السيرافي أَن (أيا) هُنَا معرفَة وَضمّهَا حَرَكَة إِعْرَاب لَا بِنَاء على أَنه خبر تَقْدِيره أَنا أفعل كَذَا هُوَ أَيهَا الرجل أَي الْمَخْصُوص بِهِ أَو مُبْتَدأ تَقْدِيره الرجل الْمَخْصُوص أَنا الْمَذْكُور وَزعم الْأَخْفَش أَنَّهَا منادى لِأَنَّهَا فِي غير الشَّرْط والاستفهام لَا تكون إِلَّا على النداء قَالَ وَلَا يُنكر أَن يُنَادي الْإِنْسَان نَفسه أَلا ترى أَن عمر قَالَ (كل النَّاس أفقه مِنْك يَا عمر) قَالَ وَهَذَا أولى من أَن تخرج (أَي) عَن بَابهَا ورد بِأَن بَقِيَّة الْبَاب لَا يُمكن فِيهِ تَقْدِير الْحَرْف نَحْو (نَحن الْعَرَب) ، و (بك الله) وَيقوم مقَام (أَي) فِي الِاخْتِصَاص مُصَرحًا بنصبه اسْم دلّ على مَفْهُوم الضَّمِير معرف بِاللَّامِ نَحْو (نَحن الْعَرَب أقرى النَّاس للضيف) أَو الْإِضَافَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْأَسْمَاء المضافة دُخُولا فِي هَذَا الْبَاب (بَنو فلَان) و (معشر) مُضَافَة و (أهل الْبَيْت) و (آل فلَان) وَقَالَ أَبُو عَمْرو الْعَرَب تنصب فِي الِاخْتِصَاص هَذِه الْأَرْبَعَة وَلَا ينصبون غَيرهَا قَالَ 655 - (نحنُ بني ضَبّة أصحابُ الجَمَلْ ... )

وَقَالَ 656 - (إنّا بنى مِنْقَر قومٌ ذَوو حَسَبٍ ... ) وَقَالَ 657 - (نَحنُ بناتِ طارقْ ... نَمْشي على النّمارقْ) وَقَالَ 658 - (لنا مَعشرَ الْأَنْصَار مَجْد مؤثّل ... بإرضائنا خيرَ البريّة أحْمَدا)

وَفِي الحَدِيث (نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث) وَقل كَونه علما كَقَوْل رؤبة 659 - (بِنَا تميماً يُكشفُ الضَّبَابْ ... ) وَلَا يكون اسْم إِشَارَة وَلَا غَيره وَلَا نكرَة الْبَتَّةَ وَلَا يجوز تَقْدِيم اسْم الِاخْتِصَاص على الضَّمِير وَإِنَّمَا يكون بعده حَشْوًا بَينه وَبَين مَا نسب إِلَيْهِ أَو آخرا وَقل وُقُوع الِاخْتِصَاص بعد ضمير الْمُخَاطب نَحْو بك الله نرجو الْفضل وسبحانك الله الْعَظِيم وَبعد لفظ غَائِب فِي تَأْوِيل الْمُتَكَلّم أَو الْمُخَاطب نَحْو على الْمضَارب الوضيعة أَيهَا البَائِع فالمضارب لفظ غيبَة لِأَنَّهُ ظَاهر لكنه فِي معنى عَليّ أَو عَلَيْك وَمنع الصفار ذَلِك الْبَتَّةَ لِأَن الِاخْتِصَاص مشبة بالنداء فَكَمَا لَا يُنَادي الْغَائِب فَكَذَلِك لَا يكون فِيهِ الِاخْتِصَاص

المنادى

المنادى (ص) وَمِنْه المنادى وَيقدر (أَدْعُو) و (أنادي) إنْشَاء وَقيل ناصبه الْقَصْد وَقيل الْحَرْف نِيَابَة وَقيل اسْم فعل وَقيل فعل وَهُوَ همزَة لقريب و (أَي) لَهُ أَو لبعيد أَو متوسط أَقْوَال وَيَا وأيا وهيا وآي و (آ) للبعيد حَقِيقَة أَو حكما وَقد يُنَادى ب (يَا) الْقَرِيب وَقيل مُشْتَركَة بَينهمَا قيل: والمتوسط وَزعم الْجَوْهَرِي أيا مُشْتَركَة وَبَعْضهمْ الْهمزَة للمتوسط و (يَا) للقريب وَابْن السّكيت (هَا) (هيا) بَدَلا وَالْجُمْهُور تخْتَص (وَا) بالندبة (ش) من الْمَنْصُوب مَفْعُولا بِهِ بِفعل لَازم الْإِضْمَار بَاب المنادى وللزوم إضماره أَسبَاب الِاسْتِغْنَاء بِظُهُور مَعْنَاهُ وَقصد الْإِنْشَاء وَإِظْهَار الْفِعْل يُوهم الْإِخْبَار وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال والتعويض مِنْهُ بِحرف النداء وَيقدر بأنادي أَو أَدْعُو إنْشَاء هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الناصب لَهُ معنوي وَهُوَ الْقَصْد ورد بِأَنَّهُ لم يعْهَد فِي عوامل النصب وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الناصب لَهُ حرف النداء ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل على سَبِيل النِّيَابَة والعوض عَن الْفِعْل فَهُوَ على هَذَا مشبه بالمفعول بِهِ لَا مفعول بِهِ وَعَلِيهِ الْفَارِسِي

ورد بِجَوَاز حذف الْحَرْف وَالْعرب لَا تجمع بَين الْعِوَض والمعوض مِنْهُ فِي الذّكر وَلَا فِي الْحَذف وَقيل على أَن حُرُوف النداء أَسمَاء أَفعَال بِمَعْنى أَدْعُو ك (أُفٍّ) بِمَعْنى أتضجر وَلَيْسَ ثمَّ فعل مُقَدّر ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت كَذَلِك لتحملت الضَّمِير وَكَانَ يجوز إتباعه كَمَا سمع فِي سَائِر أَسمَاء الْأَفْعَال ولاكتفي بهَا دون الْمَنْصُوب لِأَنَّهُ فضلَة وَلَا قَائِل بِأَنَّهَا تستقل كلَاما وَقيل على أَنَّهَا أَفعَال ورد بِأَنَّهُ كَانَ يلْزم اتِّصَال الضَّمِير مَعهَا كَمَا يتَّصل بِسَائِر العوامل وَقد قَالُوا أيا إياك مُنْفَصِلا وَلم يَقُولُوا إياك فَدلَّ على أَن الْعَامِل مَحْذُوف وَذهب بَعضهم إِلَى أَن النداء مِنْهُ مَا هُوَ خبر لَا إنْشَاء وَهُوَ النداء بِصفة نَحْو يَا فَاسق وَيَا فَاضل لاحْتِمَال الصدْق وَالْكذب فِي تِلْكَ الصّفة وَمِنْه مَا هُوَ إنْشَاء وَهُوَ النداء بِغَيْر صفة وحروف النداء ثَمَانِيَة أَحدهَا الْهمزَة وَالْجُمْهُور أَنَّهَا للقريب نَحْو 660 - (أفاطمُ مهلا بَعْضَ هَذَا التّدَلُّل ... ) وَزعم شيخ ابْن الخباز أَنَّهَا للمتوسط قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي: وَهُوَ خرق لإجماعهم

وَذكر فِي شرح التسهيل أَن النداء بهَا قَلِيل فِي كَلَام الْعَرَب وَتَبعهُ ابْن الصَّائِغ فِي حَوَاشِي الْمُغنِي وَمَا قَالَاه مَرْدُود فقد وقفت لذَلِك على أَكثر من ثَلَاثمِائَة شَاهد وأفردتها بتأليف الثَّانِي (أَي) بِالْفَتْح وَالْقصر والسكون قَالَ 661 - (ألم تسمعي أيْ عَبْدَ فِي رَوْنق الضُّحَى ... ) وَفِي مَعْنَاهَا أَقْوَال قيل للقريب كالهمزة وَعَلِيهِ الْمبرد والجزولي وَقيل للبعيد ك (يَا) وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَقيل للمتوسط الثَّالِث (يَا) وَهِي أم الْبَاب وَمن ثمَّ قَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّهَا أَعم الْحُرُوف وَإِنَّهَا تسْتَعْمل للقريب والبعيد مُطلقًا وَإنَّهُ الَّذِي يظْهر من استقراء كَلَام الْعَرَب وَقَالَ ابْن مَالك هِيَ للبعيد حَقِيقَة أَو حكما كالنائم والساهي وَفِي الْمُغنِي لِابْنِ هِشَام (يَا) حرف لنداء الْبعيد حَقِيقَة أَو حكما وَقد يُنَادي بهَا الْقَرِيب توكيدا وَقيل هِيَ مُشْتَركَة بَين الْبعيد والقريب وَقيل بَينهمَا وَبَين الْمُتَوَسّط وَذكر ابْن الخباز عَن شَيْخه أَن (يَا) للقريب وَهُوَ خرق لإجماعهم الرَّابِع (أيا) وَهِي للبعيد قَالَ فِي الْمُغنِي وَلَيْسَ كَذَلِك قَالَ: 662 - (أيا ظَبية الوَعْسَاءِ بَين جُلاجلٍ ... وَبَين النّقا آأنت أمْ أمُّ سَالم)

الْخَامِس هيا للبعيد قَالَ: 663 - (هيا أمّ عَمْرو هَل ليَ الْيَوْم عِنْدَكُم ... ) وهاؤه أصل وَقيل بدل من همزَة أيا وَعَلِيهِ ابْن السّكيت وَجزم بِهِ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي السَّادِس (آي) بِالْمدِّ والسكون السَّابِع (آ) بِالْمدِّ وهما للبعيد وَقد حَكَاهُمَا الْكُوفِيُّونَ عَن الْعَرَب الَّذين يثقون بعربيتهم وَذكر الْأَخْفَش فِي كِتَابه الْكَبِير (آ) وَجعلهَا ابْن عُصْفُور فِي (المقرب) للقريب كالهمزة الثَّامِن (وَا) ذكرهَا ابْن عُصْفُور نَحْو 664 - (وافَقْعَسًا وَأَيْنَ منّى فَقْعَسُ ... )

نصب المنادى وبناؤه

وَالْجُمْهُور أَنَّهَا مُخْتَصَّة بالندبة لَا تسْتَعْمل فِي غَيرهَا وَحكى بَعضهم أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي غير الندبة قَلِيلا كَقَوْل عمر بن الْخطاب لعَمْرو بن الْعَاصِ (وَاعجَبا لَك يَا بن الْعَاصِ) نصب المنادى وبناؤه (ص) وَإِنَّمَا يظْهر نصب مُضَاف وَشبهه ونكرة لم تقصد ويبنى على مَا يرفع بِهِ لفظا أَو تَقْديرا علم مُفْرد ونكرة مَقْصُودَة وَزعم الرياشي إعرابهما فَإِن وصفت فَشبه الْمُضَاف وَقيل يجوز الْبناء وَالنّصب وَقيل إِن كَانَ فِيهِ ضمير غيبَة وَجب النصب أَو خطاب فالرفع وَجوز ثَعْلَب ضم حسن الْوَجْه والكوفية نصب اثْنَي عشر وَبَعْضهمْ كل مثنى وَجمع وَمنع الْأَصْمَعِي نِدَاء النكرَة مُطلقًا والمازني بِلَا قصد والكوفية إِن لم تكن خلف مَوْصُوف وَلَا يفصل بَين الْمُضَاف بِاللَّامِ وَقد يعْمل عَامله فِي مصدر وظرف ويحذف تَنْوِين مَنْقُوص لَا ياؤه خلافًا ليونس فَإِن كَانَ ذَا أصل وَاحِد فوفاقا (ش) لكَون المنادى مَفْعُولا بِهِ كَانَ مَنْصُوبًا لَكِن إِنَّمَا يظْهر نَصبه إِذا كَانَ مُضَافا نَحْو يَا عبد الله يَا رجل سوء وشبيها بِهِ نَحْو (يَا خيرا من زيد) وَقَوله: 665 - (أيا مُوقِدًا نَارا لِغَيرك ضوءها ... ) أَو نكرَة غير مَقْصُودَة كَقَوْل الْأَعْمَى يَا رجلا خُذ بيَدي ويبنى الْعلم الْمُفْرد أَعنِي غير الْمُضَاف وَشبهه والنكرة الْمَقْصُودَة على مَا يرفع بِهِ لفظا وَهُوَ الضمة فِي الْمُفْرد وَالْجمع المكسر وَجمع الْمُؤَنَّث السَّالِم نَحْو يَا زيد يَا رجل يَا رجال يَا هندات وَالْألف فِي الْمثنى نَحْو يَا زَيْدَانَ

وَالْوَاو فِي الْجمع السَّالِم نَحْو يَا زيدون أَو تَقْديرا فِي الْمَقْصُور نَحْو يَا مُوسَى والمنقوص نَحْو يَا قَاضِي وَمَا كَانَ مَبْنِيا قبل النداء نَحْو يَا سِيبَوَيْهٍ وَيَا حذام وَيَا خَمْسَة عشر وَيَا برق نَحره هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَعلة الْبناء الْوُقُوع موقع كَاف الْخطاب وَقيل شبهه بالضمير وَخص بِالضَّمِّ لِئَلَّا يلتبس بِغَيْر المنصرف لَو فتح وبالمضاف للياء لَو كسر وَزعم الرياشي أَنَّهُمَا معربان وَأَن الضمة إِعْرَاب لَا بِنَاء وَنَقله ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْكُوفِيّين وَذهب بعض الْكُوفِيّين إِلَى جعل الْمثنى وَالْجمع بِالْيَاءِ حملا على الْمُضَاف وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن اثْنَي عشر إِذا نُودي أجري على أَصله من الْإِضَافَة فيعرب نصبا بِالْيَاءِ والبصريون يبقونه على التَّرْكِيب مَبْنِيا بِالْألف لِأَنَّهُ إِضَافَته غير حَقِيقِيَّة وَذهب ثَعْلَب إِلَى جَوَاز بِنَاء نَحْو (حسن الْوَجْه) على الضَّم لِأَن إِضَافَته فِي نِيَّة الِانْفِصَال ورد بِأَن الْبناء نَاشِئ عَن شبه الضَّمِير والمضاف عادم لَهُ وَذهب الْأَصْمَعِي إِلَى منع نِدَاء النكرَة مُطلقًا وَذهب الْمَازِني إِلَى أَنه لَا يتَصَوَّر أَن يُوجد فِي النداء نكرَة غير مقبل عَلَيْهَا وَأَن مَا جَاءَ منونا فَإِنَّمَا لحقه التَّنْوِين ضَرُورَة وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز ندائها إِن كَانَت خلفا من مَوْصُوف بِأَن كَانَت صفة فِي الأَصْل حذف موصوفها وخلفته نَحْو يَا ذَاهِبًا وَالْأَصْل يَا رجلا ذَاهِبًا وَالْمَنْع إِن لم تكن كَذَلِك فَهَذِهِ أَرْبَعَة مَذَاهِب فِي النكرَة غير الموصوفة أما الموصوفة بمفرد أَو جملَة أَو ظرف فَيجوز نداؤها وفَاقا وَهِي من شبه الْمُضَاف فتنصب نَحْو يَا رجلا كَرِيمًا وَيَا عَظِيما يُرْجَى لكل عَظِيم وَقَوله: 666 - (أَلا يَا نَخْلَة من ذاتِ عرْق ... )

وَقيل يجوز الْبناء وَالنّصب قَالَه الْكسَائي وَفصل الْفراء فَأوجب النصب إِذا كَانَ الْعَائِد فِيهَا ضمير غيبَة نَحْو يَا رجلا ضرب زيدا وَالرَّفْع إِذا كَانَ ضمير خطاب نَحْو يَا رجل ضربت زيدا وَلَا يجوز فصل الْمُضَاف المنادى بِاللَّامِ إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 667 - (يَا بُؤسَ للحرب ضَرّاراً لأقْوام ... ) وَقد يعْمل عَامل المنادى فِي الْمصدر كَقَوْلِه: 668 - (يَا هندُ دَعوة صبّ هائم دَنِفٍ ... )

تنوين المنادى والأولى فيه

وَفِي الظّرْف كَقَوْلِه: 669 - (يَا دارُ بَين النّقا والحَزْن ... مَا ضعت يدُ النّوي بالألي كَانُوا أهاليكِ) ويحذف تَنْوِين المنقوص الْمعِين بالنداء نَحْو يَا قَاضِي لحدوث الْبناء وَتثبت ياؤه عِنْد الْخَلِيل إِذْ لَا مُوجب لحذفها وَقَالَ يُونُس تحذف لِأَن النداء دخل على اسْم مُعرب منون مَحْذُوف الْيَاء فَذهب التَّنْوِين من الْمَحْذُوف الْيَاء فَبَقيَ حذف الْيَاء بِحَالهِ وتقدر الضمة فِي الْيَاء المحذوفة كَمَا تقدر فِيهَا حَرَكَة الْإِعْرَاب مَعَ أَن النداء مَكَان تَغْيِير وَتَخْفِيف فَنَاسَبَ أَلا تثبت الْيَاء فَإِن كَانَ ذَا أصل وَاحِد تثبت الْيَاء بِإِجْمَاع نَحْو يَا ري وَيَا يَفِي علما لِأَن (ر) ذهبت عينه ولامه و (يَفِ) ذهبت فاؤه ولامه فَإِذا نوديا ردَّتْ اللَّام تَنْوِين المنادى وَالْأولَى فِيهِ (ص) وينون منادى للضَّرُورَة وَالِاخْتِيَار عِنْد الْخَلِيل وسيبويه بَقَاء الضَّم وَقوم النصب وَابْن مَالك الأول فِي الْعلم وَالثَّانِي فِي النكرَة وَعِنْدِي عَكسه (ش) يجوز تَنْوِين المنادى الْمَبْنِيّ فِي الضَّرُورَة بِالْإِجْمَاع ثمَّ اخْتلف هَل الأولى بَقَاء ضمه أَو نَصبه فالخليل وسيبويه والمازني على الأول علما كَانَ أَو نكرَة مَقْصُودَة كَقَوْلِه:

670 - (سلامُ اللهِ يَا مطرٌ عَلَيْها ... ) وَقَوله: 671 - (مكانَ يَا جَمَلٌ حُيّيت يَا رَجُلُ ... ) وَأَبُو عَمْرو وَعِيسَى عِنْد عمر والجرمي والمبرد على الثَّانِي ردا إِلَى أَصله كَمَا رد المنصرف إِلَى الْكسر عِنْد تنوينه فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 672 - (يَا عَدِيًّا لقد وقَتْكَ الأواقى ... )

وَقَوله: 673 - (يَا سيّدًا مَا أَنْت مِنْ سَيِّدٍ ... ) وَاخْتَارَ ابْن مَالك فِي شرح التسهيل بَقَاء الضَّم فِي الْعلم وَالنّصب فِي النكرَة الْمعينَة لِأَن شبهها بالمضمر أَضْعَف وَعِنْدِي عَكسه وَهُوَ اخْتِيَار النصب فِي الْعلم لعدم الإلباس فِيهِ وَالضَّم فِي النكرَة الْمعينَة لِئَلَّا يلتبس بالنكرة غير الْمَقْصُودَة إِذْ لَا فَارق حِينَئِذٍ إِلَّا الْحَرَكَة لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّنْوِين وَلم أَقف على هَذَا الرَّأْي لأحد

حذف النداء اختصارا

حذف النداء اختصارا (ص) مَسْأَلَة يحذف حرف النداء إِلَّا مَعَ الله والمستغاث والمتعجب وَالْمَنْدُوب وَمنعه البصرية اخْتِيَارا مَعَ اسْم الْجِنْس وَالْإِشَارَة وَفِي نكرَة لم تقصد وَحذف المنادى دونه خلف وَقد يفصل بِأَمْر (ش) يجوز حذف النداء اختصارا وَفِي التَّنْزِيل: {يُوسُف أعرض} [يُوسُف: 29] {رَبنَا لَا تزغ} [آل عمرَان: 8] {أَيُّهَ المُؤْمِنُونَ} [النُّور: 31] وَيسْتَثْنى صور لَا يجوز فِيهَا الْحَذف أَحدهَا: اسْم الله تَعَالَى إِذا لم تلْحقهُ الْمِيم نَحْو يَا الله الثَّانِي: المستغاث نَحْو يَا لزيد الثَّالِث: المتعجب مِنْهُ نَحْو يَا للْمَاء الرَّابِع: الْمَنْدُوب نَحْو يَا زيداه الْخَامِس: اسْم الْجِنْس السَّادِس: اسْم الْإِشَارَة السَّابِع: النكرَة غير الْمَقْصُودَة هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى جَوَاز حذفه فِي الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة وَعَلِيهِ ابْن مَالك لحَدِيث (ثوبي حجر) واشتدي أزمة تنفرجي وَقَول ذِي الرمة: 674 - (بمثِلك هذَا لَوْعَةٌ وغَرَامُ ... )

وَقَوله تَعَالَى: {ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون} [الْبَقَرَة: 85] وَقَوله: 675 - (لِتُحْسَبَ سيّدًا ضَبْعًا تبولُ ... ) أَي يَا ضبعا والأولون حملُوا ذَلِك على الشذوذ والضرورة إِلَّا الْآيَة فعلى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر وَلَا نِدَاء وَأما الحَدِيث فَلم يثب كَونه الرَّسُول كَمَا تقرر غير مرّة وَيُؤَيِّدهُ وُرُوده فِي بعض الطّرق بِلَفْظ يَا حجر أما حذف المنادى وإبقاء حرف النداء فَفِيهِ خلاف فَجزم ابْن مَالك بِجَوَازِهِ قبل الْأَمر وَالدُّعَاء وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {أَلا يسجدوا} [النَّمْل: 25] وَقَول الشَّاعِر:

676 - (يَا لَعْنةُ اللهِ والأقوام كُلّهمُ ... والصَّالحِين على سمْعَان مِنْ جَار) أَي يَا قوم أَو يَا هَؤُلَاءِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ النّظر أَنه لَا يجوز لِأَن الْجمع بَين حذف فعل النداء وَحذف المنادى إجحاف وَلم يرد بذلك سَماع من الْعَرَب فَيقبل و (يَا) فِي الْآيَة وَالْبَيْت وَنَحْوهمَا للتّنْبِيه وَقَالَ أبن مَالك حق المنادى أَن يمْنَع حذفه لِأَن عَامله حذف لُزُوما إِلَّا أَن الْعَرَب أجازت حذفه والتزمت إبْقَاء (يَا) دَلِيلا عَلَيْهِ وَكَون مَا بعده أمرا أَو دُعَاء لِأَنَّهُمَا داعيان إِلَى توكيد الْمَأْمُور والمدعو فَاسْتعْمل النداء قبلهمَا كثيرا حَتَّى صَار الْموضع منبها على المنادى إِذا حذف وَبقيت (يَا) فَحسن حذفه لذَلِك وَقد يفصل بَين حرف النداء والمنادى بِأَمْر كَقَوْل النخعية تخاطب أمهَا (لَطِيفَة) : 677 - (أَلا يَا فابْك تَهْياماً لَطِيفَا ... )

ما لا ينادى

أَرَادَت يَا لَطِيفَة فرخمت وفصلت مَا لَا يُنَادى (ص) وَالأَصَح لَا يُنَادى ضمير وَإِشَارَة بِحرف الْخطاب وَلَا مُضَاف لكاف وَلَا معرف ب (أل) فِي السعَة خلافًا للكوفية إِلَّا الله و (المحكي) قَالَ الْمبرد والموصول وَابْن سَعْدَان وَالْجِنْس الْمُشبه بِهِ لَا ذُو عهدية وَغَلَبَة ولمح بِحَال (ش) لَا يُنَادى الضَّمِير عِنْد الْجُمْهُور وَأما ضمير الْغَيْبَة والتكلم فلأنهما يناقضان النداء إِذْ هُوَ يَقْتَضِي الْخطاب وَأما ضمير الْمُخَاطب فَلِأَن الْجمع بَينه وَبَين النداء لَا يحسن لِأَن أَحدهمَا يُغني عَن الآخر وَجوز قوم نداءه تمسكا بقوله: 678 - (يَا أبْجر بنَ أَبْجر يَا أنْتا ... )

وَقَول الْأَحْوَص (يَا إياك قد كفيتك) وَأجَاب الْأَولونَ بندوره وَلَا يُنَادى اسْم الْإِشَارَة الْمُتَّصِل بِحرف الْخطاب نَحْو يَا ذَاك قَالَ السيرافي وَغَيره وَأَجَازَهُ ابْن كيسَان وَنقل عَن سِيبَوَيْهٍ وَلَا يُنَادى مُضَاف لكاف الْخطاب نَحْو يَا غلامك لِأَن المنادى حِينَئِذٍ غير من لَهُ الْخطاب فَكيف يُنَادى من لَيْسَ بمخاطب وَلَا يُنَادي الْمُعَرّف ب (أل) فَلَا يُقَال يَا الرجل إِلَّا فِي الضَّرُورَة لِأَنَّهُ فِي ذَلِك جمعا بَين أداتي التَّعْرِيف وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ فِي الِاخْتِيَار وَمن وُرُوده فِي الشّعْر قَوْله: 679 - (فيا الْغُلامان اللّذان فَرّا ... )

وَقَوله: 680 - (عبّاسُ يَا الْملك المتوَّجُ والّذي ... عَرَفَتْ لَهُ بَيْتَ العُلا عَدْنَانُ) وَقَوله: 681 - (مِن أجْلِك يَا الَّتي تيّمتِ قَلبي ... )

واستثني البصريون شَيْئَيْنِ أحدهم اسْم الله تَعَالَى فَيُقَال يَا ألله لِأَن (أل) للزومها فِيهِ كَأَنَّهَا من بنية الْكَلِمَة فَيجوز حِينَئِذٍ قطع همزه وَوَصله وَالثَّانِي الْجُمْلَة المسمي بهَا كَأَن تسمي (يَا الرجل قَائِم) فَإِذا ناديته قلت (يَا الرجل قَائِم أقبل) لِأَنَّهُ سمي بِهِ على طَرِيق الْحِكَايَة وَاسْتثنى الْمبرد ثَالِثا وَهُوَ الْمَوْصُول إِذا سمي بِهِ نَحْو (يَا الَّذِي قَامَ) لمسمى بِهِ وَوَافَقَهُ ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ الْمَنْع وَفرق بَينه وَبَين الْجُمْلَة أَنَّهَا سمي فِيهَا بشيئين كل وَاحِد مِنْهُمَا اسْم تَامّ و (الَّذِي) بصلته بِمَنْزِلَة اسْم وَاحِد كالحارث فَلَا يجوز فِيهِ النداء وَاسْتثنى مُحَمَّد بن سَعْدَان اسْم الْجِنْس الْمُشبه بِهِ فَأجَاز نداءه مَعَ (أل) نَحْو (يَا الْأسد شدَّة) و (يَا الْخَلِيفَة هَيْبَة) وَوَافَقَهُ ابْن مَالك لِأَن تَقْدِيره يَا مثل الْأسد وَيَا مثل الْخَلِيفَة فَحسن لتقدير دُخُول (يَا) على غير الْألف وَاللَّام وَلَا يُنَادى مَا فِيهِ (أل) الْعَهْد وَلَا الَّتِي للغلبة وَلَا الَّتِي للمح الصّفة بِحَال بل إِذا نُودي هَذَا النَّوْع حذفت مِنْهُ (أل) قَالَ: 682 - (إنّكَ يَا حَارثُ نِعْمَ الحَارثُ ... )

نداء اسم الإشارة

وَقَالَ: 683 - (غَمز ابْن مُرَّةَ يَا فرزدقُ كَيْنَها ... ) نِدَاء اسْم الْإِشَارَة (ص) مَسْأَلَة إِذا نُودي إِشَارَة وَوصف بِذِي أل مَرْفُوع فَإِن استغني عَنهُ جَازَ نَصبه أَو (أَي) ضم وتلي ب (هَاء) التَّنْبِيه عوضا من الْإِضَافَة مَفْتُوحَة وَقد تضم وَذي أل الجنسية مَرْفُوعا وَجوز الْمَازِني نَصبه وَصفا وَابْن السَّيِّد بَيَانا وزعمه ملك النحات مُبينًا وأل بَدَلا من (يَا) أَو بموصول بِغَيْر خطاب أَو بِإِشَارَة بِلَا كَاف قيل أَو بهَا قَالَ ابْن الضائع إِن نعت بِذِي أل وَلَا يتبع بغَيْرهَا وَلَا يقطع عَنْهَا وَيُؤَنث لتأنيث صفته وَقيل (هَا) مبقاة من الْإِشَارَة وَقيل (أَي) مَوْصُولَة بالمرفوع خبر الْمَحْذُوف (ش) إِذا نُودي اسْم الْإِشَارَة وَجب وَصفه بِمَا فِيهِ (أل) من اسْم جنس أَو مَوْصُول نَحْو يَا هَذَا الرجل يَا هَذَا الَّذِي قَامَ أَبوهُ وَيجب رفع هَذَا الْوَصْف إِذا قدر اسْم الْإِشَارَة وصلَة إِلَى نِدَاء مَا فِيهِ (أل) فَإِن استغني عَنهُ بِأَن اكْتفي بِالْإِشَارَةِ فِي النداء ثمَّ جِيءَ بِالْوَصْفِ بعد ذَلِك جَازَ فِيهِ الرّفْع على اللَّفْظ وَالنّصب على الْموضع

وَإِذا نُودي (أَي) وَجب بناءها على الضَّم وإيلاؤها هَاء التَّنْبِيه إِمَّا عوضا من مضافها الْمَحْذُوف أَو تَأْكِيدًا لِمَعْنى النداء ووصفها إِمَّا بِذِي أل الجنسية مَرْفُوعا نَحْو يَا أَيهَا الْإِنْسَان يَا أَيهَا النَّبِي وَقيل إِنَّه عطف بَيَان لَا وصف قَالَه ابْن السَّيِّد لِأَنَّهُ لَيْسَ مشتقا وَقيل إِنَّه يجوز نَصبه قَالَ الْمَازِني حملا على مَوضِع (أَي) ورد بِأَن الْحمل على الْموضع إِنَّمَا يكون بعد تَمام الْكَلَام والنداء لم يتم ب (يَا أَيهَا) فَلم يجز الْحمل على موضعهَا وَبِأَن الْمَقْصُود بالنداء هُوَ الرجل وَهُوَ مُفْرد وَإِنَّمَا أُتِي ب (أَي) ليتوصل بهَا إِلَى نداءه وَمن ثمَّ زعم ملك النُّحَاة أَبُو نزار أَنه مَبْنِيّ وَأَن اللَّام فِيهِ بدل من (يَا) وَلَا يجوز الْوَصْف بِمَا فِيهِ (أل) الَّتِي للْعهد أَو الَّتِي للغلبة أَو الَّتِي للمح وَلَا مَا فِيهِ (أل) من مثنى أَو مَجْمُوع كَانَ علما قبل دُخُولهَا فَلَا يُقَال يَا أَيهَا الزيدان وَلَا يَا أَيهَا الزيدون وَإِمَّا بموصول مصدر ب (أل) خَال من خطاب نَحْو: {يَا أَيهَا الَّذِي نزل عَلَيْهِ الذّكر} [الْحجر: 6] {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} [الْمَائِدَة: 1 وَغَيرهَا] وَلَا يجوز يَا أَيهَا الَّذِي رَأَيْت كَمَا لَا يجوز أَن يُنَادى وَإِمَّا باسم إِشَارَة عَار من الْكَاف نَحْو: 684 - (أيهذان كُلا زادَيْكُما ... )

685 - (أَلا أيّهذا الزَّاجري أحضُرَ الوغَى ... ) وَلَا يجوز مَا فِيهِ الْكَاف كَمَا لَا يجوز نداؤه وَجوزهُ ابْن كيسَان نَحْو (يَا أَيهَا ذَلِك الرجل) وَشرط أَبُو الْحسن بن الضائع لجَوَاز وصف (أَي) باسم الْإِشَارَة أَن يكون اسْم الْإِشَارَة منعوتا بِمَا فِيهِ الْألف وَاللَّام كالبيت السَّابِق وَقَوله: 686 - (أَلا أيّهذا السّائلي أَيْن يَمّمتْ ... ) وَلَا يجوز إتباع (أَي) بِغَيْر هَذِه الثَّلَاثَة فَلَا يُقَال يَا أَيهَا صَاحب الْفرس مثلا وَلَا يقطع عَن الصّفة فَلَا يُقَال يَا أَيهَا بِدُونِ مَا ذكر

وَيُؤَنث لتأنيث الصّفة قَالَ تَعَالَى: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} [الْفجْر: 27] وَفِي (البديع) أَن ذَلِك أولى لَا وَاجِب فَيجوز يَا أَيهَا الْمَرْأَة وَلَا يلْحقهَا من عَلامَة الْفُرُوع غير التَّاء لَا عَلامَة تَثْنِيَة وَلَا جمع قَالَ تَعَالَى: {أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ} [الرَّحْمَن: 31] {أَيُّهَ المُؤمِنُونَ} [النُّور: 31] وَحكم هَاء التَّنْبِيه الْفَتْح عِنْد أَكثر الْعَرَب ويحوز ضمهَا مَعهَا فِي لُغَة بني أَسد وَقُرِئَ فِي السَّبع: {يَا أَيُّهُ السَّاحِرُ} [الزخرف: 49] وَيَقُولُونَ يَا أيته الْمَرْأَة وَقيل: إِن هَاء التَّنْبِيه فِي يَا أَيهَا الرجل لَيست مُتَّصِلَة ب (أَي) بل مبقاة من اسْم الْإِشَارَة وَالْأَصْل يَا أَي هَذَا الرجل ف (أَي) مُنَاد لَيْسَ بموصوف وَهَذَا الرجل اسْتِئْنَاف بِتَقْدِير هُوَ لبَيَان إبهامه وَحذف (ذَا) اكْتِفَاء بهَا من دلَالَة الرجل عَلَيْهَا وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَقيل (أَي) مَوْصُولَة وَالْمَرْفُوع خبر لمبتدأ مَحْذُوف وَالْجُمْلَة صلَة أَي وَعَلِيهِ الْأَخْفَش ورده الْمَازِني وَابْن مَالك بِأَنَّهَا لَو كَانَت مَوْصُولَة لوصلت بالظرف وَالْمَجْرُور وَالْجُمْلَة الفعلية وَأجِيب أَن ذَلِك لَا يلْزم إِذْ لَهُ أَن يَقُول إِنَّهُم التزموا فِيهَا ضربا من الصِّلَة كَمَا التزموا فِيهَا ضربا من الصّفة على رَأْيكُمْ ورده ابْن مَالك أَيْضا بِأَنَّهُ لَو صَحَّ مَا قَالَ لجَاز ظُهُور الْمُبْتَدَأ وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَن لَهُ أَن يَقُول إِنَّهُم التزموا حذفه فِي هَذَا الْبَاب لِأَن النداء بَاب حذف وَتَخْفِيف بِدَلِيل جَوَاز التَّرْخِيم فِيهِ بِخِلَاف غَيره

نداء العلم الموصوف ب ابن متصل مضاف إلى علم

ورده الزّجاج بِأَنَّهَا لَو كَانَت مَوْصُولَة لوَجَبَ أَلا تضم لِأَنَّهُ لَا يبْنى فِي النداء مَا يُوصل لِأَن الصِّلَة من تَمَامه وَأجِيب بِأَن ذَلِك إِنَّمَا يلْزم إِذا قدرت معربة قبل النداء لَا إِذا قدرت قبله ثمَّ التزموا فِيهَا فِي النداء مَا كَانَ قبله ورده بَعضهم بِأَن أيا الموصولة لَا تكون إِلَّا مُضَافَة لفظا أَو نِيَّة وَالْإِضَافَة منتفية فِي هَذِه بوجهيها وَأجِيب بِأَن (هَا) عوضت فِيهَا من الْمُضَاف الْمَحْذُوف فجرت مجْرَاه فَكَأَنَّهَا مُضَاف نِدَاء الْعلم الْمَوْصُوف ب (ابْن) مُتَّصِل مُضَاف إِلَى علم (ص) مَسْأَلَة إِذا نُودي علم وصف ب (ابْن) مُتَّصِل مُضَاف لعلم قَالَ الكوفية أَو بِغَيْرِهِ جَازَ فَتحه وَفِي الأجود وَتَقْدِير فتح الْمُقدر خلف وَقد يضم الابْن اتبَاعا وَزعم الْجِرْجَانِيّ فَتحه بِنَاء وَمثله فلَان بن فلَان وضل بن ضل وَألْحق الكوفية كل مَا اتّفق فِيهِ لفظ المنادى والمضاف إِلَيْهِ وَيجب فِيهِ فِي غير النداء حذف تنوينه إِلَّا لضَرُورَة وزعمه أَبُو عَليّ مركبا ومتلوه تَابعا كمرء وَالأَصَح أَن الْوَصْف ب (ابْنة) ك (ابْن) وَفِي بنت - لَا فِي النداء - وَجْهَان (ش) إِذا كَانَ المنادى علما مَوْصُوفا ب (ابْن) مُتَّصِل مُضَاف إِلَى علم نَحْو يَا زيد بن عَمْرو جَازَ فِي المنادى مَعَ الضَّم الْفَتْح إتباعا لحركة (ابْن) إِذْ بَينهمَا سَاكن وَهُوَ حاجز غير حُصَيْن وَاخْتلف فِي الأجود فَقَالَ الْمبرد الضَّم لِأَنَّهُ الأَصْل وَقَالَ ابْن كيسَان الْفَتْح لِأَنَّهُ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب فَإِن كَانَ مِمَّا يقدر فِيهِ الْحَرَكَة نَحْو يَا عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ ابْن مَالك يتَعَيَّن تَقْدِير الضمة وَلَا ينوى بدلهَا فَتْحة إِذْ لَا فَائِدَة فِي ذَلِك وَأَجَازَ الْفراء تَقْدِير الضمة والفتحة

وَلَو كَانَ المنادى غير علم نَحْو يَا غُلَام ابْن زيد أَو علما بعده (ابْن) لكنه غير صفة بل بدل أَو بَيَان أَو منادى أَو مفعول بمقدر أَو صفة لكنه غير مُتَّصِل نَحْو يَا زيد الْفَاضِل ابْن عَمْرو أَو مُتَّصِل لكنه غير مُضَاف إِلَى علم نَحْو يَا زيد ابْن أخينا أَو وصف بِغَيْر (ابْن) نَحْو يَا زيد الْكَرِيم تعين الضَّم فِي الصُّور كلهَا وَلم يجز الْفَتْح وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ الْفَتْح فِي الْأَخير وَهُوَ مَا إِذا وصف بِغَيْر (ابْن) مستدلين بقوله: 687 - (بأجْوَد مِنْك يَا عُمَرَ الجَوادا ... ) عَليّ أَن الرِّوَايَة بِفَتْح الرَّاء وعللوه بِأَن الِاسْم ونعته كالشيء الْوَاحِد فَلَمَّا طَال النَّعْت بالمنعوت حركوه بِالْفَتْح

وَحكي الْأَخْفَش أَن من الْعَرَب من يضم نون الابْن إتباعا لضم المنادى وَهُوَ نَظِير من قَرَأَ الحمدُ لُلَّهِ بِضَم اللَّام وَزعم الْجِرْجَانِيّ أَن فَتْحة (ابْن) بِنَاء قَالَ ابْن مَالك وَألْحق بِالْعلمِ الْمَذْكُور فِي جَوَاز الْفَتْح نَحْو (يَا فلَان بن فلَان) و (يَا ضل بن ضل) و (يَا سيد بن سيد) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَالْعلمِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي ذكره أَصْحَابنَا أَن الْمَسْأَلَة مَفْرُوضَة فِيمَا إِذا كَانَ المنادى والمضاف إِلَيْهِ (ابْن) غير علم لكنه مَا اتّفق فِيهِ لفظ المنادى وَلَفظ مَا أضيف إِلَيْهِ ابْن نَحْو يَا كريم بن كريم أَو ابْن الْكَرِيم وَيَا شرِيف بن شرِيف أَو ابْن الشريف وكلب بن كلب أَو ابْن الْكَلْب وَذكروا فِي ذَلِك خلافًا فالبصريون يضمون المنادى وينصبون ابْنا والكوفيون وَابْن كيسَان يجرونه مجْرى يَا زيد بن عَمْرو فِي جَوَاز الضَّم وَالْفَتْح كَمَا أجرت الْعَرَب ذَلِك فِي غير النداء فِي حذف التَّنْوِين من الْمَوْصُوف قَالَ الْكُمَيْت: 688 - (تنَاولهَا كلبُ بنُ كَلْبٍ فأصْبَحَتْ ... ) وَقَالَ آخر:

689 - (فإنّ أباكُمُ ضُلُّ بنُ ضُل ... ) وَمَا ذكره البصريون هُوَ الْقيَاس إِذْ الْأَعْلَام أقبل للتغيير من غَيرهَا انْتهى ثمَّ الصُّورَة الَّتِي يجوز فِيهَا فتح المنادى يجب فِيهَا فِي غَيره حذف تنوينه لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال والتقاء الساكنين نَحْو قَامَ زيد بن عَمْرو وَقَامَ فلَان بن فلَان بِخِلَاف غُلَام ابْن زيد أَو زيد ابْن أخينا نعم ألحق بَعضهم مَا إِذا أضيف ابْن إِلَى مُضَاف إِلَى علم نَحْو قَامَ زيد ابْن أخي عَمْرو وَشرط بَعضهم فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ (ابْن) التَّذْكِير لأَنهم لَا ينسبوه الرجل إِلَى أمه فَلَا يحذف التَّنْوِين من مثل زيد ابْن علية وَشرط بَعضهم فِي العلمين التنكير قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ بَاطِل إِنَّمَا ذَلِك فِي (ابْن) وَإِثْبَات التَّنْوِين فِيمَا اجْتمع فِيهِ الشُّرُوط ضَرُورَة قَالَ: 690 - (جاريَةٌ من قيس بن ثَعْلَبَهْ ... ) إِلَّا أَن يحمل على أَن (ابْن) بدل لَا صفة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله} [التَّوْبَة: 30] فِيمَن نون (عَزِيزًا) لِأَن (ابْن) خبر وَزعم أَبُو عَليّ الْفَارِسِي أَن حذف التَّنْوِين من نَحْو قَامَ زيد بن عَمْرو للتركيب وَأَنَّهُمْ بنوا الصّفة مَعَ الْمَوْصُوف وَأَن نون (ابْن) حرف إِعْرَاب

تكرار لفظ المنادى مضافا

وَالدَّال تَابِعَة للنون بِمَنْزِلَة الرَّاء فِي قَوْلهم هَذَا امْرُؤ وَرَأَيْت امْرأ ومررت بامرئ وَلما كَانَت الدَّال غير حرف إِعْرَاب لم ينون لِأَن التَّنْوِين لَا يكون وسطا قَالَ ابْن مَالك وَهَذَا مَرْدُود بِالْإِجْمَاع على فتح الْمَجْرُور الَّذِي لَا ينْصَرف نَحْو صلى الله على يُوسُف بن يَعْقُوب وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ لكسروا وَإِذا كَانَ الْمَوْصُوف علما مؤنثا نعت ب (ابْنة) مُضَافا إِلَى علم فَحكمه فِي النداء من جَوَاز الْفَتْح وَفِي غَيره من وجوب حذف التَّنْوِين حكم الْمُذكر الْمَوْصُوف ب (ابْن) نَحْو يَا هِنْد ابْنة زيد وَقَامَت هِنْد ابْنة عمر وَهَذَا مَا جزم بِهِ ابْن مَالك وَغَيره وحجتهم الْقيَاس على (ابْن) وَذهب قوم إِلَى الْمَنْع لِأَن السماع إِنَّمَا ورد فِي (الابْن) وَهُوَ خُرُوج عَن الأَصْل فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَفِي الْوَصْف ب (بنت) فِي غير النداء وَجْهَان رَوَاهُمَا سِيبَوَيْهٍ عَن الْعَرَب نَحْو هَذِه هِنْد بنت عَاصِم بِالتَّنْوِينِ وبحذفه لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فَقَط وَلَيْسَ فِيهِ التقاء الساكنين الَّذِي فِي (ابْن) و (ابْنة) وَلَو كَانَ المنادى الْمُؤَنَّث مَبْنِيا فِي الأَصْل نَحْو (يَا رقاش ابْنة عَمْرو) لم تغير حَرَكَة الْبناء الْأَصْلِيَّة وَيكون فتح الإتباع تَقْديرا ذكره أَبُو حَيَّان تكْرَار لفظ المنادى مُضَافا (ص) وَإِذا كرر لفظ المنادى مُضَافا نَحْو يَا تيم تيم عدي نصب الثَّانِي نِدَاء أَو بإضمار أَعنِي أَو بَيَانا قَالَ ابْن مَالك أَو تَأْكِيدًا والسيرافي أَو نعتا وَضم الأول أَو نصب إِضَافَة لمتلو الثَّانِي مَعَه أَو هُوَ مقحم أَو لمثله مُقَدرا أَو مركبا أَو إتباعا أَقْوَال وَأَسْمَاء الْجِنْس والوصفان كالعلمين خلافًا للكوفية (ش) إِذا ذكرت مُنَادِي مُضَافا وكررت الْمُضَاف إِلَيْهِ فَلَا إِشْكَال نَحْو يَا تيم عدي تمّ عدي وَهُوَ توكيد مَحْض وَإِن كررت الْمُضَاف وَحده نَحْو يَا تيم تيم عدي فلك أَن تضم الأول على أَنه منادى مُفْرد وتنصب الثَّانِي على أَنه مُنَادِي مُضَاف مُسْتَأْنف أَو مَنْصُوب بإضمار أَعنِي أَو على أَنه عطف بَيَان أَو بدل زَاد ابْن مَالك أَو على أَنه توكيد

أسماء لازمت النداء

قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهُ أَصْحَابنَا وَهُوَ مَمْنُوع لِأَنَّهُ لَا معنوي كَمَا هُوَ وَاضح وَلَا لَفْظِي لاخْتِلَاف جهتي التَّعْرِيف لِأَن الأول معرف بالعلمية أَو النداء وَالثَّانِي بِالْإِضَافَة لِأَنَّهُ لم يضف حَتَّى سلب تَعْرِيف العلمية وَأَجَازَ السيرافي نَصبه على النَّعْت وَتَأَول فِيهِ معنى الِاشْتِقَاق وَهُوَ ضَعِيف وَلَك فِي الأول أَيْضا النصب لَكِن الضَّم أوجه وَأكْثر فِي كَلَامهم وَاخْتلف فِي وَجه النصب فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ هُوَ على الْإِضَافَة إِلَى متلو الثَّانِي وَالثَّانِي مقحم بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ وَالْأَصْل يَا تيم عدي تيمه حذف الضَّمِير من الثَّانِي وأقحم قَالُوا وَلَا يجوز الْفَصْل بَين المتضايفين بِغَيْر الظّرْف إِلَّا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة خَاصَّة وَقَالَ الْفراء هُوَ وَالثَّانِي مَعًا مضافان إِلَى الْمَذْكُور أخذا من قَوْله (قطع الله يَد وَرجل من قَالَهَا) أَن الاسمين مضافان إِلَى من وَلم يُصَرح بِهِ هُنَا وَقَالَ الْمبرد هُوَ على نِيَّة الْإِضَافَة إِلَى مُقَدّر مثل الْمُضَاف إِلَيْهِ الثَّانِي وَالثَّانِي توكيد أَبُو بَيَان أَو بدل وَقَالَ الأعلم هُوَ على التَّرْكِيب وَفتح الأول وَالثَّانِي بِنَاء لَا إعرابا جعلا اسْما وَاحِدًا وأضيفا كَمَا قُولُوا: (مَا فعلت خَمْسَة عشرك) وَقَالَ السيرافي هُوَ على الإتباع وَالتَّخْفِيف مثل يَا زيد بن عَمْرو لِأَن الثَّانِي صفة مثل (ابْن) وَلَيْسَ دونه فِي الْكَثْرَة فَهَذِهِ خَمْسَة أَقُول وَلَا تخْتَص الْمَسْأَلَة بالعلمين عِنْد الْبَصرِيين فَيجوز النصب فِي اسْمِي الْجِنْس نَحْو يَا رجل رجل الْقَوْم وَفِي الوصفتين نَحْو يَا صَاحب صَاحب زيد وَخَالف الْكُوفِيُّونَ فأوجبوا فِي اسْمِي الْجِنْس ضم الأول وَفِي الوصفين ضمه بِلَا تَنْوِين أَو نَصبه منونا نَحْو يَا صاحبا صَاحب زيد أَسمَاء لازمت النداء (ص) مَسْأَلَة لزم النداء من الْأَسْمَاء (فل) و (فلة) وهما كِنَايَة عَن نكرَة وَقيل علم وَقيل ترخيم فلَان وفلانة وجر ضَرُورَة ومكرمان وملأمان ومخبثان ومكذبان وملكعان ومطيبان وملأم ولؤمان ونومان وهناه

والمعدول إِلَى فعل فِي سبّ مُذَكّر وفعال مَبْنِيا على الْكسر لسب مؤنث إِلَّا لضَرُورَة وَسمع رجل مكرمان وملأمان وَقدر أَبُو حَيَّان القَوْل وينقاس فعال سبا وأمرا على الْأَصَح فِي ثلاثي مُجَرّد تَامّ متصرف وقاس ابْن طَلْحَة الْأَمر من أفعل (ش) من الْأَسْمَاء أَسمَاء لازمت النداء فَلم يتَصَرَّف فِيهَا بِأَن لَا تسْتَعْمل مُبْتَدأ وَلَا فَاعِلا وَلَا مَفْعُولا وَلَا مجرورا بل لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي النداء وَهِي قِسْمَانِ مسموح وَمقيس فَمن المسموع فل للرجل وفلة للْمَرْأَة يُقَال يَا فل وَيَا فلة وَقد جر (فل) فِي الضَّرُورَة قَالَ: 691 - (فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عَن فُل ... )

وَاخْتلف فيهمَا فَقيل هما منقوصان من (فلَان) و (فُلَانَة) بِحَذْف الْألف وَالنُّون ترخيما وَبِه جزام ابْن مَالك وَنسبه أَبُو حَيَّان للكوفيين وَقيل هما كنايتان عَن علم من يعقل وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَصَاحب الْبَسِيط قَالَ أَبُو حَيَّان وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنَّهُمَا كنايتان عَن نكرَة من يعقل بِمَعْنى يَا رجل وَيَا امْرَأَة و (فل) مِمَّا حذف مِنْهُ حرف وَبني على حرفين بِمَنْزِلَة دم وتركيبه ف - ل - ي بِدَلِيل أَنه إِذا سمي بِهِ ثمَّ صغر قيل فلي وَلَيْسَ أَصله فلَانا فَذَاك تركيبه ف - ل - ن و (فل) كِنَايَة لمنادى و (فلَان) كِنَايَة عَن اسْم سمي بِهِ الْمُحدث عَنهُ خَاص غَالب فهما مُخْتَلفا الْمَعْنى والمادة وفل الَّذِي فِي الشّعْر السَّابِق هُوَ (فلَان) صيره الشَّاعِر كَذَلِك ضَرُورَة وَلَيْسَ هُوَ الْمُخْتَص بالنداء انْتهى وَمِنْهَا (هَناه) قَالَ ابْن مَالك يُقَال للمنادى الْمُصَرّح باسمه فِي التَّذْكِير يَا هن وَيَا هنان وَيَا هنون وَفِي التَّأْنِيث يَا هنت وَيَا هنتان وَيَا هَنَات وَقد يَلِي أواخرهن مَا يَلِي أَوَاخِر الْمَنْدُوب من الْألف وهاء السكت فَيُقَال يَا هَناه بِسُكُون الْهَاء وَكسرهَا لالتقاء الساكنين وَضمّهَا تَشْبِيها بهاء الضَّمِير وَيَا هنتاه وَيَا هنانيه وَيَا هنتانيه وَيَا هنوناه وَيَا هنانوه وَمِنْهَا ملأم ولؤمان ونومان فِي نِدَاء الْكثير اللؤم وَالنَّوْم وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا قطعا قَالَ: 692 - (إِذا قلت: يَا نومانُ لم يَجْهَل الّذي ... أريدُ وَلم يأخُذْ بشيءٍ سوى حَجْلِي)

وَمِنْهَا مفعلان فِي الْمَدْح والذم ذكر الْأَكْثَر أَنه مسموع لَا يُقَاس على مَا جَاءَ مِنْهُ وَالَّذِي سمع مِنْهُ سِتَّة الفاظ مكرمان للعزيز المكرم وملأمان ومخبثان وملكعان ومطيبان ومكذبان وَذكر بعض المغاربة أَنه منقاس وَأَنه يُقَال فِي الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ وَحكى ابْن سَيّده: رجل مكرمان وملأمان وَامْرَأَة ملأمانة وَحكى أَبُو حَاتِم هَذَا زيد ملأمان فَمنهمْ من أجَاز اسْتِعْمَاله فِي غير النداء بقلة وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي أذهب إِلَيْهِ فِي تَخْرِيجه أَنه على إِضْمَار القَوْل وحرف النداء وَالتَّقْدِير رجل مقول فِيهِ أَو مدعُو يَا مكرمان وَحذف القَوْل كثير وَحذف حرف النداء مُنَاسِب لحذف القَوْل وَمِنْهَا فعل المعدول فِي سبّ الْمُذكر جزم ابْن مَالك بِأَنَّهُ لَا ينقاس والمسموع مِنْهُ يَا لكع وَيَا فسق وَيَا خبث وَيَا غدر وَهِي معدولة عَن ألكع وفاسق وخبيث وغادر قَالَ أَبُو حَيَّان وأصحابنا نصوا على الْقيَاس فِيهِ وَقَالَ الْمبرد إِذا أردْت ب (فعل) مَذْهَب الْمعرفَة جَازَ أَن تبنى فِي النداء فِي كل فعل فعل وَأما حَدِيث (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون أسعد النَّاس فِي الدُّنْيَا لكع بن لكع) فَلَيْسَ هَذَا الْمُخْتَص بالنداء وَلَا معدولا لِأَنَّهُ مَصْرُوف فَهُوَ وصف كحطم وَأما قَوْله: 693 - (شَهَادَة بَيدَيْ مِلْحادة غُدَر ... ) فضرورة

والمقيس فعال المعدول فِي سبّ الْمُؤَنَّث نَحْو يَا لكاع وَيَا خباث وَيَا فساق وَأما قَوْله: 694 - (إِلَى بَيْت قَعيدَتُهُ لَكَاع ... ) فضرورة على أَنه أول بإضمار القَوْل أَو الدُّعَاء أَو حرف النداء أَي يُقَال لَهَا أَو تَدعِي يَا لكاع وَهَذَا النَّوْع مَبْنِيّ على الْكسر لمضارعته حذام من جِهَة الْعدْل والتأنيث وَالْوَزْن وينقاس فعال فِي السب بِلَا خلاف وَفِي الْأَمر وفَاقا لسيبويه وَخِلَافًا للمبرد من كل فعل ثلاثي مُجَرّد تَامّ متصرف نَحْو يَا لآم وَيَا قذار بِمَعْنى يَا لئيمة وَيَا قذرة وجلاس ونطاق وقوام بِمَعْنى اجْلِسْ وانطق وقم فَلَا يَبْنِي من غير ثلاثي وَلَا من مزِيد بل يقْتَصر فِيهِ على مَا سمع نَحْو دراك من أدْرك خلافًا لِابْنِ طَلْحَة وَلَا من نَاقص فَلَا يجوز كوان مُنْطَلقًا وَلَا بيات ساهرا بِمَعْنى كن وَبت وَلَا من جامد فَلَا يجوز وذار وَلَا وداع زيدا بِمَعْنى ذَر ودع

لفظة اللهم في النداء

لَفْظَة (اللَّهُمَّ) فِي النداء (ص) وَمِنْهَا اللَّهُمَّ وَالْمِيم عوض حرف النداء وَمن ثمَّ لَا تباشره فِي سَعَة خلافًا للكوفية وَمنع سِيبَوَيْهٍ وَصفه وَجوزهُ الْمبرد بمرفوع ومنصوب وشذ فِي غير نِدَاء وَحذف لامه وَقد يسْتَعْمل تمكينا للجواب ودليلا على الندرة (ش) من الْأَسْمَاء الْخَاصَّة بالنداء سَمَاعا اللَّهُمَّ وشذ اسْتِعْمَاله فِي غَيره قَالَ الْأَعْشَى: 695 - (كَحَلْفَة من أبي ريَاح ... يَسْمَعُها لاَهُم الكبَارُ) وشذ أَيْضا حذف (أل) مِنْهُ قَالَ: 696 - (لاهُمّ إنْ كُنْتَ قَبلْتَ حَجَّتِجْ ... ) وَأَصله الْجَلالَة زيدت فِيهِ الْمِيم الْمُشَدّدَة عوضا من حرف النداء وَمن ثمَّ لَا يجمع بَينهمَا إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 697 - (إنّي إِذا مَا حَدثٌ أَلمّا ... أَقُول: يَا اللهُمّ اللهُمّا)

هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَجوز الْكُوفِيُّونَ الْجمع بَينهمَا بِنَاء على رَأْيهمْ أَن الْمِيم لَيست عوضا مِنْهُ بل بَقِيَّة من جملَة محذوفة وَهِي أمنا بِخَير وَمذهب سِيبَوَيْهٍ والخليل أَن هَذَا الِاسْم وَهُوَ اللَّهُمَّ لَا يُوصف لِأَنَّهُ صَار عِنْدهم مَعَ الْمِيم بِمَنْزِلَة الصَّوْت يَعْنِي غير مُتَمَكن فِي الِاسْتِعْمَال وَقَالا فِي قَوْله: {اللَّهُمَّ فاطر السَّمَاوَات} [الزمر: 46] إِنَّه على نِدَاء آخر أَي يَا فاطر وَذهب الْمبرد والزجاج إِلَى جَوَاز وَصفه بمرفوع على اللَّفْظ ومنصوب على الْموضع وَجعلا: {فاطر} صفة لَهُ وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ لم يسمع فِيهِ مثل اللَّهُمَّ الرَّحِيم ارحمنا وَالْآيَة وَنَحْوهَا مُحْتَملَة للنداء قَالَ المطرزي فِي شرح المقامات وَقد يسْتَعْمل اللَّهُمَّ لغير النداء تمكينا للجواب وَمِنْه الحَدِيث: (اللَّهُمَّ أرسلك قَالَ اللَّهُمَّ نعم) ودليلا على الندرة كَقَوْل الْعلمَاء (لَا يجوز أكل الْميتَة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يضْطَر فَيجوز)

المندوب

الْمَنْدُوب (ص) مَسْأَلَة الندبة إعلان المتفجع باسم من فَقده لمَوْت أَو غيبَة وَلها (وَاو) و (يَا) مَعَ الْأَمْن وللمندوب حكم النداء وَلَا ينْدب مُضْمر وَإِشَارَة وَكَذَا مَوْصُول إِلَّا بصلَة تعينه وَاسم جنس مُفْرد على الصَّحِيح قَالَ السيرافي ومضاف لضمير خطاب والكوفية وَجمع السَّلامَة (ش) الْمَنْدُوب نوع من المنادى والندبة مصدر ندب الْمَيِّت إِذا تفجع عَلَيْهِ وَألْحق بِهِ الْغَائِب وَيخْتَص من حُرُوف النداء بحرفين (وَا) وَهِي الأَصْل و (يَا) وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا عِنْد أَمن اللّبْس بالمنادى غير الْمَنْدُوب كَأَن ينْدب مَيتا اسْمه زيد وبحضرتك من اسْمه زيد وَحكم الْمَنْدُوب حكم المنادى من نَصبه إِذا كَانَ مُضَافا أَو شبهه نَحْو وَا عبد الله وَا ضَارِبًا عمرا وضنمه إِذا كَانَ مُفردا نَحْو وَا زيد وتنوينه عِنْد الِاضْطِرَار نَحْو: 698 - (وَافَقْعَساً وأَيْنَ منِّي فَقْعَسُ ... ) وَلَا ينْدب الْمُبْهم من ضمير وَاسم إِشَارَة وموصول وَاسم جنس مُفْرد ونكرة فَلَا يُقَال وَا انتاه وَلَا وَا هذاه وَلَا وَا من ذهباه وَلَا وَا رِجْلَاهُ لِأَن ذَلِك لَا يَقع بِهِ الْعذر للمتفجع لإبهامه وَذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُود بالندبة فَإِن كَانَ اسْم الْجِنْس غير مُفْرد جَازَ نَحْو وَا غُلَام زيداه وَكَذَا إِذا كَانَ الْمَوْصُول صلَة تعينه نَحْو وَا من حفر بِئْر زمزماه لِأَنَّهُ فِي الشُّهْرَة كَالْعلمِ

وَأَجَازَ الرياشي ندبة النكرَة وَفِي الحَدِيث: (وَا جبلاه) وَقَالَ غَيره وَهُوَ نَادِر إِن صَحَّ وَمنع السيرافي ندبة الْمُضَاف لضمير الْمُخَاطب كَمَا لَا يجوز نداؤه لِأَن الْبَابَيْنِ سَوَاء قَالَ بعض المغاربة وَلم يسمع شَاهد بِخِلَاف قَوْله وَمنع الْكُوفِيُّونَ ندبة الْجمع السَّالِم كَمَا لَا يجوز تثنيته وَلَا جمعه لِأَن إِلْحَاق الْألف هُنَا كإلحاق الْألف وَالْوَاو هُنَاكَ وَفرق البصريون بِأَن هَذِه الْألف لَا تغير اللَّفْظ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ وَلَا تحدث فِيهِ شَيْئا بِخِلَاف حرفي التَّثْنِيَة وَالْجمع (ص) وَيلْحق آخر مَا تمّ بِهِ جَوَازًا ألف يحذف لَهَا من يَلِيهِ من تَنْوِين وَألف وَجوز الكوفية قَلبهَا وتحريك التَّنْوِين بِفَتْح أَو كسر وَحذف همز التَّأْنِيث وَيفتح مَا لم يلبس فتقلب بِحَسبِهِ وَجوزهُ الكوفية مُطلقًا وَفِي (يَا) و (وَا) وَيقدر حركتهما الْفَتْح والحذف وَالأَصَح لَا يُغني عَنْهَا فَتْحة وَأَنَّهَا تقلب مَا بعد نون مثنى وَأَنه لَا يعوض مِنْهَا تَنْوِين وصلا وَأَنه لَا يلْحق نَعته أَو نعت أَيهَا أَو مُضَاف نَعته غير أَي قَالَ ابْن مَالك أَو مَا آخِره ألف وهاء وَجوزهُ بَعضهم فِي بدل ونسق ومنادى غير مَنْدُوب ويليها غَالِبا سَالِمَة أَو منقلبة هَاء سَاكِنة لَا وصلا اخْتِيَارا خلافًا للفراء (ش) يلْحق جَوَازًا آخر مَا تمّ بِهِ الْمَنْدُوب ألف وَلَيْسَ لحاقها يلازم وَآخر مَا تمّ بِهِ يَشْمَل الْمُفْرد والمضاف وَشبهه والموصول والمركب ثمَّ إِن كَانَ متلوها تنوينا أَو ألفا حذف لالتقاء الساكنين نَحْو وَا موساه وَا غُلَام زيداه وَجوز الْكُوفِيُّونَ قلب الْألف يَاء وتحريك التَّنْوِين بِفَتْح أَو كسر فَيُقَال وَا موسياه وَا غُلَام زيدناه أَو زيدنيه وَإِن كَانَ همز تَأْنِيث أقرّ نَحْو وَا حمراءاه وَجوز الْكُوفِيُّونَ حذفهَا وَإِن كَانَ حرفا محركا فتح إِن كَانَ مضموما أَو مكسورا وَأقر إِن كَانَ مَفْتُوحًا نَحْو وَا زيداه وَا عبد الملكاه وَا رق اشاه مَا لم يحصل لبس فتقر الْحَرَكَة وتقلب الْألف واوا إِن كَانَت ضمة وياء إِن كَانَت كسرة كَقَوْلِك فِي (غُلَامه) و (قومُوا) مسمي بِهِ وَا غلامهوه وَا قوموه بقلب الْألف واوا وَحذف الْوَاو الأولى لالتقائهما سَاكِنة مَعهَا

وَفِي غلامك وقومي مُسَمّى بِهِ وَا غلامكيه وَا قوميه بقلب الْألف يَاء وَحذف الْيَاء الأولى لذَلِك إِذْ لَو بقيت الْألف وَقيل وَا غلامهاه لالتبس بالغائبة أَو وَا قوماه لالتبس بالمثنى أَو وَا غلامكاه لالتبس بالمذكر وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ الْقلب مُطلقًا وَإِن لم يلبس فأجازوا وَا رقاشية وَا عبد الملكية وَإِن كَانَ يَاء أَو واوا يقدر فيهمَا الْحَرَكَة جَازَ فيهمَا الْحَذف والإبقاء محركا بِالْفَتْح كَقَوْلِك فِي غلامي وَا غلاماه أَو وَا غلامياه وَبَقِي مسَائِل الأولى لَا يَسْتَغْنِي عَن الْألف بالفتحة فَلَا يُقَال وَا عمر وَأَنت تُرِيدُ وَا عمراه خلافًا للكوفيين الثَّانِيَة لَا تقلب الْألف يَاء بعد نون التَّثْنِيَة عِنْد الْبَصرِيين بل يتَعَيَّن فتح النُّون نَحْو وَا زيداناه وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك فَيُقَال وازيدانيه الثَّالِثَة ... الرَّابِعَة لَا تحلق الْألف نعت الْمَنْدُوب عِنْد جُمْهُور الْبَصرِيين لِأَنَّهُ مُنْفَصِل من المنعوت وَأَجَازَهُ يُونُس والكوفيون وَابْن مَالك نَحْو وَا زيد الطويلاه وَأَجَازَ خلف لحوقها نعت أَي نَحْو يَا أَيهَا الرجلاه وَأَجَازَ يُونُس وَابْن مَالك لحوقها الْمَجْرُور بِإِضَافَة نَعته نَحْو: 699 - (أَلا يَا عَمْرو عَمْراهُ ... وعَمْرُو بن الزّبيراهُ) وَالْجُمْهُور حملُوا ذَلِك على الشذوذ وَجوز بَعضهم لحوقها الْبَدَل وَعطف النسق الْخَامِسَة إِطْلَاق النُّحَاة يَقْتَضِي جَوَاز لحاق الْألف بِمَا فِي آخر لَا ألف وهاء وَبِه صرح بعض المغاربة وَابْن معط فِي (الفيته) وَابْن الْحَاجِب فَيُقَال فِي عبد الله وَا عبد اللاهاه وَفِي جَهْجَاه واجهجاهاه وَمنعه ابْن مَالك لاستثقال ألف وهاء بعد ألف وهاء

السَّادِسَة قيل قد يلْحق الْألف المنادى غير الْمَنْدُوب كَقَوْل امْرَأَة من الْعَرَب (فَصحت يَا عمراه) فَقَالَ (يَا لبيكاه) جزم بذلك ابْن مَالك وَغَيره وَمنعه سِيبَوَيْهٍ السَّابِعَة تلِي الْألف فِي الْغَالِب سَالِمَة ومنقلبة يَاء أَو واوا هَاء سَاكِنة كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة وَيجوز تَركهَا كَقَوْلِه: 700 - (وَقُمْتَ فِيهِ بأمْر اللهِ يَا عُمَرَا ... ) وَلَا تثبت فِي حَال الْوَصْل إِلَّا ضَرُورَة وَأَجَازَ الْفراء ثُبُوتهَا فِيهِ مَكْسُورَة ومضمومة

الاستغاثة

3 - الاستغاثة (ص) مَسْأَلَة تجر اللَّام مَفْتُوحَة منادى مُتَعَجِّبا مِنْهُ أَو مستغاثا بِهِ مُتَعَلقَة بِفعل النداء وَقيل بحرفه وَقيل زَائِدَة ومكسورة المعطوفة عَلَيْهِ دون يَا والمستغاث من أَجله مُتَعَلقَة بِفعل النداء أَو أَدْعُوك أَو مدعوا أَقْوَال وَقد تجر ب (من) أَو يحذف أَو تليه (يَا) لحذف المستغاث بِهِ وَإِذا ولي (يَا) مَا لَا يُنَادى إِلَّا مجَازًا جَازَ فتح اللَّام مستغاثا بِهِ وَكسرهَا وَلَيْسَت بعض (آل) خلافًا لزاعمه وتعاقبها ألف كالندبة وَيخْتَص الْبَاب ب (يَا) وَقل وُرُود (وَا) فِي التَّعَجُّب (ش) إِذا استغيث المنادى أَو تعجب مِنْهُ جر بِاللَّامِ مَفْتُوحَة نَحْو يَا لله يَا للْمَاء يَا للعجب وَمَا كَانَ منادى صَحَّ أَن يكون مستغاثا ومتعجبا مِنْهُ وَمَا لَا فَلَا إِلَّا الْمُعَرّف بأل فَإِنَّهُ يجوز هُنَا والاستغاثة دُعَاء المستغيث المستغاث والتعجب بالنداء على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن تري أمرا عَظِيما فتنادي جنسه نَحْو ياللماء وَالْآخر أَن ترى أمرا تستعظمه فتنادي من لَهُ نِسْبَة إِلَيْهِ أَو مكنة فِيهِ نَحْو يَا للْعُلَمَاء وَعلة فتح لَام المستغاث الْفرق بَينه وَبَين المستغاث من أَجله وَأجْرِي المتعجب مِنْهُ مجْرَاه لمشاركته فِي الْمَعْنى لِأَن سببهما أَمر عَظِيم عِنْد المنادى

وَاخْتلف فِي هَذِه اللَّام فَقيل زَائِدَة وَعَلِيهِ ابْن خروف وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان بِدَلِيل معاقبتها للألف وَالأَصَح لَيست بزائدة وَعلي هَذَا فَذهب ابْن جني إِلَى أَنَّهَا تتَعَلَّق بِحرف النداء لما فِيهِ من معنى الْفِعْل وَذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَنَّهَا تتَعَلَّق بِالْفِعْلِ الْمُضمر وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وبكسر اللَّام مَعَ الْمَعْطُوف إِن لم تعد مَعَه (يَا) نَحْو: 701 - (لَا لَلْكُهُول ولِلشُّبّان لِلْعَجَبِ ... ) فَإِن أُعِيدَت مَعَه (يَا) فتحت نَحْو: 702 - (يَا لَعَطّافِنَا وَيَا لَرياح ... )

وتكسر أَيْضا مَعَ المستغاث من أَجله نَحْو: 703 - (يَا لَقَوْمي لِفُرْقة الأحْبَاب ... ) وتتعلق بِفعل مُضْمر تَقْدِيره أَدْعُوك لفُلَان قَالَ ابْن عُصْفُور قولا وَاحِدًا وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْخلاف مَوْجُود فَقيل إِنَّهَا تتَعَلَّق بِفعل النداء وَهُوَ بعيد وَقيل بِحَال محذوفة تَقْدِيره يَا لزيد مدعوا لعَمْرو وَقد يجر المستغاث من أَجله ب (من) لِأَنَّهَا تَأتي للتَّعْلِيل كاللام قَالَ: 704 - (يَا لَلرِّجال ذَوي الألْبَاب مِنْ نَفَر ... لَا يَبْرَحُ السّفَهُ المُرْدِي لَهُم دِينَا) وَقد يحذف المستغاث من أَجله إِن علم كَقَوْلِه: 705 - (فَهَل من خالدٍ إمّا هَلَكْنَا ... وَهل بِالْمَوْتِ يَا لَلّناس عَارُ)

وَقد يحذف المستغاث بِهِ فتلي (يَا) المستغاث من أَجله كَقَوْلِه: 706 - (يَا لأُناس أَبَوْا إلاّ مُثابَرةً ... على التّوَغّل فِي بغْي وعُدوان) أَي يَا لقومي لِأُنَاس وَإِذا ولي (يَا) اسْم إِلَّا مجَازًا نَحْو يَا للعجب وَيَا للدواهي جَازَ فِي اللَّام الْفَتْح على أَنه مستغاث بِهِ أَي يَا عجب أحضر فَهَذَا وقتك وَالْكَسْر على أَنه مستغاث من أَجله والمستغاث بِهِ مَحْذُوف وكأنك دَعَوْت غَيره تنبه على هَذَا الشَّيْء وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن لَام الاستغاثة بعض (آل) وَأَن أصل يَا فلَان يَا آل فلَان فَحذف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَمَا قَالُوا فِي أَيمن مُ وَلذَلِك صَحَّ الْوَقْف عَلَيْهَا فِي قَوْله: 707 - (إِذا الدّاعي المثوّب قَالَ يَا لاَ ... )

والبصريون قَالُوا بل هِيَ لَام الْجَرّ بِدَلِيل وُقُوع كسرهَا فِي الْعَطف وَلَو كَانَت بعض آل لم يكن لكسرها مُوجب وَنقل الأول عَن الْكُوفِيّين ذكره ابْن مَالك وَنَازع فِيهِ أَبُو حَيَّان بِأَن الْفراء قَالَ وَمن النَّاس من زعم كَذَا فَظَاهر هَذِه الْعبارَة مِنْهُ أَنه لَيْسَ مَذْهَب الْكُوفِيّين ثمَّ إِنَّه لم يقل بِهِ وَهُوَ من رُءُوسهم فَلِذَا لم أعزه فِي الْمَتْن إِلَيْهِم بل قلت خلافًا لزاعمه وتعاقب اللَّام ألف فِي آخر المستغاث والمتعجب مِنْهُ كالمندوب فَلَا يَجْتَمِعَانِ نَحْو يَا زيدا لعَمْرو وتلحقها هَاء السكت وَقفا وَيظْهر من كَلَام سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل أَن اللَّام هِيَ الأَصْل وَيخْتَص بَاب الاستغاثة والتعجب ب (يَا) من بَين سَائِر حُرُوف النداء وَرُبمَا وَردت (وَا) فِي التَّعَجُّب إِنَّمَا أعرب المستغاث والمتعجب مِنْهُ مَعَ كَونه منادى وَعلة الْبناء مَوْجُودَة فِيهِ لدُخُول اللَّام الَّتِي هِيَ من خَصَائِص الْأَسْمَاء فَرجع إِلَى أَصله وعَلى هَذَا لَا مَوضِع وَرفع لَهُ فينعت بِالْجَرِّ وَالنّصب وَقيل لِأَن (يَا) صَار حكمهَا فِي النداء حكم الْعَامِل إِذْ الْبناء فيهمَا يشبه بالإعراب فَلَمَّا دخل الْحَرْف لمعناه زَالَ عمل (يَا) لفظا وَصَارَ بِمَنْزِلَة مَا زيد بجبان فعلى هَذَا لَهُ مَوضِع رفع فينعت بِثَلَاثَة أوجه

الترخيم

3 - التَّرْخِيم (ص) مَسْأَلَة التَّرْخِيم حذف آخر المنادى وَلَا يرخم غَيره إِلَّا ضَرُورَة إِن صلح لَهُ وَلَو غير علم وَذي تَاء ومعوض ومنتظر فِي الْأَصَح وَلَا ملازم النداء ومندوب ومستغاث بِاللَّامِ قطعا وَلَا دونهَا ومضاف ومبني غير النداء خلافًا لزاعمها (ش) التَّرْخِيم لُغَة التسهيل وَاصْطِلَاحا حذف آخر الِاسْم باطراد فَلَا يُسمى مثل (يَد) مرخما وَيدخل فِي الْمُنَادِي والتصغير وَالْمَقْصُود هُنَا الأول وَهُوَ المُرَاد عِنْد الْإِطْلَاق فَلَا يرخم غير المنادى إِلَّا لضَرُورَة بِشَرْط صلاحيته للنداء بِخِلَاف مَا لَا يصلح لَهُ كالمعرف بأل وَسَوَاء فِي جَوَازه فِي الضَّرُورَة الْعلم وَغَيره وَذُو التَّاء والخالي مِنْهَا والمعوض وَغَيره والمنتظر وَغَيره كَمَا جزم بِهِ ابْن مَالك وَقَالَ بَعضهم لَا يرخم فِيهَا غير النداء إِلَى الْعلم لِأَنَّهُ المسموع وَلَا شَاهد فِي غَيره ورد بقوله: 708 - (لَيْسَ حَيٌّ على المَنُون بخاَل ... ) أَي بِخَالِد

وَقَالَ بَعضهم لَا يرخم فِي ثلاثي خَال من التَّاء كَمَا لَا يرخم فِي النداء وَقَالَ بَعضهم إِذا رخم فِي غير النداء عوض مِنْهُ يَاء سَاكِنة كَقَوْلِه: 709 - (من الثّعَالِي وَوَخْزٌ مِن أَرَانيهَا ... ) وَقَالَ الْمبرد لَا يجوز التَّرْخِيم فِي غير النداء إِلَّا على نِيَّة التَّمام كَقَوْلِه: 710 - (طَرِيفُ بنُ مالٍ لَيْلَةَ الجُوع والخَصَرْ ... )

وَلَا يجوز على نِيَّة الِانْتِظَار للمحذوف ورد بِالْقِيَاسِ على حَال النداء وبالسماع قَالَ: 711 - (إنَّ ابْن حَارثَ إنْ أَشْتَقْ لِرُؤْيَتِهِ ... )

أَي ابْن حَارِثَة وَمَا ورد من ذَلِك فِيمَا فِيهِ أل كَقَوْلِه: 712 - (قَوَاطِناً مكّةَ من وُرْق الحَمِي ... ) أَي الْحمام فَمن الْحَذف الَّذِي هُوَ غير حذف التَّرْخِيم وَلَا يرخم الِاسْم الملازم للنداء ذكره أَبُو حَيَّان فِي (شرح التسهيل) قَالَ وَأما (ملأم) فَلَيْسَ ترخيم ملأمان بل بِنَاء على مفعل من اللؤم قَالَ ونصوا أَيْضا على أَنه لَا يرخم الْمَنْدُوب الَّذِي لحقته عَلامَة الندبة وَلَا المستغاث الَّذِي فِيهِ اللَّام قطعا وَأَجَازَ ابْن خروف ترخيم المستغاث إِذا لم يكن فِيهِ لَام الاستغاثة كَقَوْلِه: 713 - (أَعام لكَ بنَ صَعْصَعَةَ بن سَعْدِ ... )

وَقَالَ ابْن الصَّائِغ إِنَّه ضَرُورَة وَلَا يرخم المنادى الْمُضَاف عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ لَيْسَ هُوَ المنادى وَلَا يرخم إِلَّا المنادى وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ وَابْن مَالك بِحَذْف آخر الْمُضَاف إِلَيْهِ كَقَوْلِه: 714 - (خذو حَظّكم يَا آلَ عِكْرمَ واذْكُروا ... ) فِي أَبْيَات آخر وَأجَاب سِيبَوَيْهٍ بِأَنَّهَا ضَرُورَة قَالَ ابو حَيَّان وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى جَوَاز ذَلِك إِذا كَانَ آخر الْمُضَاف إِلَيْهِ تَاء التَّأْنِيث وقوفا مَعَ الْوَارِد وَمنعه إِذا كَانَ غَيرهَا لَكَانَ مذهبا وَلَا يرخم الْمَبْنِيّ لسَبَب غير النداء كباب حذام

ترخيم ذي التاء

ترخيم ذِي التَّاء (ص) ويرخم ذُو التَّاء مُطلقًا خلافًا لِابْنِ عُصْفُور فِي نَحْو صلمعة بن قلمعة وللمبرد فِي النكرَة مُطلقًا إِلَّا (فلة) وَغَيره إِن كَانَ علما قيل أَو نكرَة مَقْصُودَة زائدين على ثَلَاثَة قيل أَو ثلاثيا محرك الْوسط قيل أَو سَاكِنة (ش) مَا فِيهِ تَاء التَّأْنِيث لَا يشْتَرط فِي ترخيمه علمية وَلَا زِيَادَة على الثَّلَاثَة بل يرخم وَإِن كَانَ ثنائيا غير علم كَقَوْل بعض الْعَرَب يَا شا ارجني يُرِيد يَا شَاة أقيمي وَلَا تسرحي وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَيسْتَثْنى (فلة) الْخَاص بالنداء فَإِنَّهُ لَا يجوز ترخيمه وَإِن كَانَ مؤنثا بِالْهَاءِ ثمَّ إِن كَانَ الْمُؤَنَّث بِالْهَاءِ علما فَلَا خلاف فِي ترخيمه كَقَوْلِك فِي (هبة) مُسَمّى بِهِ يَا هَب أقبل وَإِن كَانَ نكرَة مَقْصُودَة فَفِيهِ خلاف ذهب الْمبرد إِلَى أَنه لَا يجوز ترخيمها ورده الْجُمْهُور بِنَحْوِ قَوْله: 715 - (يَا نَاقُ سيري عَنَقاً فَسيحا ... ) وَفِي البديع لَا يُجِيز الْمبرد ترخيم النكرَة الْعَامَّة نَحْو شَجَرَة ونخلة وَإِنَّمَا يرخم مِنْهَا مَا كَانَ مَقْصُودا وَهُوَ خلاف مَا حَكَاهُ غَيره فَلِذَا قلت مُطلقًا

وَزعم ابْن عُصْفُور أَنه لَا يجوز ترخيم صلمعة بن قلمعة لِأَنَّهُ كِنَايَة عَن الْمَجْهُول الَّذِي لَا يعرف قَالَ الشَّاعِر: 716 - (أصَلْمَعَة بْنَ قَلْمَعَة بن فَقْع ... لهنّك لَا أبَا لكَ تَزْدَرينِي) قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِطْلَاق النَّحْوِيين يُخَالِفهُ وَأَيْضًا وَإِن كَانَ كِنَايَة عَن مَجْهُول فَإِنَّهُ علم أَلا تري أَنهم منعُوهُ الصّرْف للعلمية والتأنيث فَحكمه حكم أُسَامَة للأسد والعاري من تَاء التَّأْنِيث إِنَّمَا يرخم بِشَرْطَيْنِ أَن يكون علما بِخِلَاف اسْم الْجِنْس وَالْإِشَارَة والموصول وَأَن يكون زَائِدا على ثَلَاثَة فَلَا يرخم الثلاثي وَذهب بَعضهم إِلَى جَوَاز ترخيم النكرَة الْمَقْصُودَة لِأَنَّهَا فِي معنى الْمعرفَة وَلذَلِك نعت بهَا فَأجَاز فِي غضنفر يَا غضنف وَاسْتدلَّ بِنَا ورد من قَوْلهم أطرق كرا أَي كروان وَيَا صَاح أَي يَا صَاحب وَالْجُمْهُور جعلُوا ذَلِك شاذا وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَّا الْكسَائي إِلَى جَوَاز ترخيم الثلاثي بِشَرْط أَن يكون محرك الْوسط فَيُقَال فِي حكم يَا حك وَهَذَا لم يرد بِهِ سَماع وَلَا يقبله قِيَاس

وَنقل ابْن بابشاذ أَن الْأَخْفَش وَافق الْكُوفِيّين على ذَلِك قَالَ ابْن عُصْفُور فَإِن كَانَ الثلاثي سَاكن الْوسط كهند وَعَمْرو لم يجز قولا وَاحِدًا أما عِنْد أهل الْبَصْرَة فَلِأَن أقل مَا يبْقى عَلَيْهِ الِاسْم بعد التَّرْخِيم ثَلَاثَة أحرف وَأما عِنْد أهل الْكُوفَة فلئلا يبْقى على حرفين ثَانِيهمَا سَاكن فَيُشبه الأدوات نَحْو من وَعَن قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ كَمَا ذكر بل الْخلاف فِيهِ مَوْجُود وَحكى أَبُو الْبَقَاء العكبري فِي كتاب التَّبْيِين أَن بعض الْكُوفِيّين أَجَازُوا ترخيمه وَنَقله ابْن هِشَام الخضراوي عَن الْأَخْفَش فَقَالَ مَا نَصه أجَاز الْفراء وَجَمَاعَة ترخيم الثلاثي المتحرك الْوسط وَأَجَازَ أَبُو الْحسن وَحده ترخيم السَّاكِن الْوسط من الثلاثي (ص) ويرخم المزج بِحَذْف ثَانِيَة وَقيل إِنَّمَا يحذف حرف أَو حرفان وَقيل الْهَاء فَقَط من ذِي (ويه) وَمن اثْنَي عشر وفرعه الْألف أَيْضا وَمنع سِيبَوَيْهٍ ترخيم الْجُمْلَة وَأَبُو حَيَّان المزج وَأكْثر الكوفية ذَا (ويه) وَالْفراء مركب الْعدَد علما والجرمي علم الْكِنَايَة والكوفية الْمُسَمّى بِهِ من تَثْنِيَة وَجمع (ش) فِيهِ مسَائِل الأولى اخْتلف فِي ترخيم الْعلم الْمركب تركيب مزج فالجمهور على جَوَازه مُطلقًا وَمنع أَكثر الْكُوفِيّين ترخيم مَا آخِره (ويه) وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي أذهب إِلَيْهِ أَنه لَا يجوز ترخيم الْمركب تركيب مزج لِأَن فِيهِ ثَلَاث لُغَات الْبناء وَيَنْبَغِي أَلا يرخم على هَذِه لِأَنَّهُ مَبْنِيّ لَا بِسَبَب النداء كحذام وَالْإِضَافَة وَقد منع البصريون ترخيم الْمُضَاف وَمنع الصّرْف وَيَنْبَغِي أَلا يجوز ترخيمه لِأَنَّهُ لم يحفظ عَن الْعَرَب فِي شَيْء من كَلَامهم وَأما قَوْله: 717 - (أقاتلي الحجّاجُ إِن لم أَزُرْ لَهُ ... دَرَابِ وأَتْرُكْ عِنْد هِنْدٍ فُؤادِيَا)

يُرِيد (درابجرد) فَهَذَا من التَّرْخِيم فِي غير النداء للضَّرُورَة وَهُوَ شَاذ نَادِر لَا تبنى عَلَيْهِ الْقَوَاعِد قَالَ وَلم تعتمد النُّحَاة فِي ترخيمه على سَماع إِنَّمَا قَالُوهُ بِالْقِيَاسِ من جِهَة أَن الِاسْم الثَّانِي مِنْهُ يشبه تَاء التَّأْنِيث فعومل معاملتها بالحذف على التَّرْخِيم قَالَ ولكونه غير مسموع اخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة ترخيمه فَقَالَ البصريون كلهم بِحَذْف الثَّانِي مِنْهُ فَيُقَال فِي حَضرمَوْت وَخَمْسَة عشر وسيبويه يَا حضر وَيَا خَمْسَة وَيَا سيب وَمنع ذَلِك ابْن كيسَان لِأَنَّهُ يلتبس بالمفردات وَقَالَ يحذف مِنْهُ حرف أَو حرفان فَيُقَال يَا حضرم فِي حَضرمَوْت وَيَا بعلب فِي بعلبك لِأَن ذَلِك أدل على الْمَحْذُوف من حذف الثَّانِي بأسره وَأجَاب الْأَولونَ عَن اللّبْس بِأَنَّهُ يَزُول بالانتظار فَيتَعَيَّن إِذا خيف وَقَالَ الْفراء فِيمَا آخِره (ويه) لَا يحذف مِنْهُ إِلَّا الْهَاء خَاصَّة ثمَّ تقلب الْيَاء ألفا فَيُقَال فِي سِيبَوَيْهٍ يَا سيبوا الثَّانِيَة إِذا سمي بِاثْنَيْ عشر واثنتي عشرَة رخم بِحَذْف الْعَجز وتحذف مَعَه الْألف أَيْضا فَيُقَال يَا اثن وَيَا اثنة كَمَا يُقَال فِي ترخيمهما لَو لم يركبا وَهَذَا بِنَاء على أَن الْمركب من الْعدَد إِذا سمي بِهِ يجوز ترخيمه وَهُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَمنع مِنْهُ الْفراء الثَّالِثَة مَا سمي بِهِ من الْجُمْلَة كتأبط شرا فِي ترخيمه خلاف فَذهب أَكثر النَّحْوِيين إِلَى الْمَنْع وَابْن مَالك إِلَى الْجَوَاز وَنَقله عَن سِيبَوَيْهٍ فَيُقَال يَا تأبط بِحَذْف الثَّانِي وَقَالَ أَبُو حَيَّان هَذَا النَّقْل عَن سِيبَوَيْهٍ خطأ فَإِن سِيبَوَيْهٍ نَص على الْمَنْع وَقد سقت عِبَارَته فِي النكت الَّتِي لي على (الألفية) وَمَا ضم إِلَيْهَا الرَّابِعَة لَا يسْتَثْنى من الْعلم الْمُفْرد شَيْء عِنْد الْجُمْهُور وَاسْتثنى الْجرْمِي مَسْأَلَة طامر بن طامر كِنَايَة عَمَّن لَا يعرف وَلَا يعرف أَبوهُ فَلم يجز ترخيمه لِأَنَّهُ كِنَايَة عَن اسْمه ورد بِأَنَّهُم رخموا فلَانا سمع يَا فَلَا تعال وَهُوَ أَيْضا كِنَايَة

ما يحذف مع الحرف الأخير

وَأجِيب بِأَن فلَانا كِنَايَة عَن الْأَعْلَام فرخم كَمَا يرخم الْعلم وطامر بن طامر كِنَايَة عَن مَجْهُول لَا عَن علم وَاسْتثنى الْكُوفِيُّونَ مَا سمي بِهِ من مثنى وَجمع تَصْحِيح فمنعوا ترخيمه والبصريون جوزوه بِحَذْف الْعَلامَة وَالنُّون مَا يحذف مَعَ الْحَرْف الْأَخير (ص) ويحذف مَعَ الآخر متلوه لينًا سَاكِنا زَائِدا قبله أَكثر من حرفين وحركة تجانسه وَجوز الْجرْمِي حذف تالي الْفَتْح والأخفش المقلوب عَن أصل وَالْفراء السَّاكِن الصَّحِيح ولين بعد حرفين وَقيل إِن كَانَ واوا وَقوم المدغم والكوفية يَا فعلايا وَالْألف قبلهَا ويحذف زائدان زيدا مَعًا مَا لم يبْق على حرفين وَكَذَا إِن حرك أَولهمَا على الْمَشْهُور أما متلو الْهَاء فَمَنعه الْأَكْثَر وَجوزهُ سِيبَوَيْهٍ إِن بَقِي ثَلَاثَة وَلم ينْتَظر وَقَالَ أَبُو حَيَّان يجوزان وَالتّرْك أَكثر (ش) تقدم أَن التَّرْخِيم حذف الآخر ويحذف مَعَ الآخر أَيْضا مَا قبله من حرف لين سَاكن زيد قبله أَكثر من حرفين وحركة تجانسه سَوَاء كَانَ الآخر صَحِيحا أَصْلِيًّا أم زَائِدا أم حرف عِلّة بِشَرْط أَلا يكون هَاء تَأْنِيث فَيُقَال فِي مَنْصُور ومسكين ومروان وَأَسْمَاء وزيدان وزيدون وهندات أعلاما يَا منص وَيَا مسك وَيَا مرو وَيَا أسم وَيَا زيد وَيَا هِنْد فَإِن اخْتَلَّ شَرط مِمَّا ذكر لم يحذف مَا قبل الآخر فَلَا يحذف إِن كَانَ صَحِيحا كجعفر وَلَا لينًا متحركا كقنور وهبيخ وَلَا أَصْلِيًّا كمختار ومنقاد فَإِن ألفهما منقلبة عَن يَاء وواو خلافًا للأخفش حَيْثُ جوز الْحَذف فِي هَذِه الصُّورَة فَيُقَال يَا مخت وَيَا منق وَلَا مَا قبله حرفان فَقَط كعماد وَثَمُود وَسَعِيد لِئَلَّا

يشبه الِاسْم بِبَقَائِهِ على حرفين الأدوات إِذْ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المتمكنة مَا آخِره سَاكن خلافًا للفراء حَيْثُ جوز الْحَذف فِيهِ فَيُقَال يَا عَم وَيَا ثمَّ وَيَا سع وَقيل إِنَّمَا قَالَ الْفراء بالحذف فِي ثَمُود فَقَط فِرَارًا من بَقَاء آخر الِاسْم واوا بعد ضمة وَوَافَقَ الْبَصرِيين فِي عماد وَسَعِيد لانْتِفَاء ذَلِك وَجوز أَيْضا حذف مَا قبل الآخر من سَاكن صَحِيح قبله حرفان فَقَط كهرقل فَقيل يَا هر قَالَ لِأَنَّهُ لَو بَقِي السَّاكِن أشبه الأدوات إِذْ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المتمكنة مَا آخِره سَاكن ورد بِأَنَّهُ على لُغَة التَّمام لَا يشبهها وَعلي الِانْتِظَار الْمَحْذُوف مُرَاد وَجوز آخَرُونَ حذف السَّاكِن الصَّحِيح إِن كَانَ مدغما كقرشب لِأَنَّهُ فِي قُوَّة حرف وَاحِد وَلَا مَا قبله حَرَكَة لَا تجانسه كغرنيق وفردوس خلافًا للفراء والجرمي حَيْثُ جوزوا الْحَذف فِيهِ فَيُقَال يَا غرن وَيَا فَرد وَلَا مَا قبل هَاء التَّأْنِيث كسعلاة ومَيْمُونَة عِنْد الْأَكْثَرين وَأَجَازَ سِيبَوَيْهٍ حذفه إِن بَقِي بعده ثَلَاثَة أحرف فَصَاعِدا وَلم ينْتَظر الْمَحْذُوف قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَبِه ورد السماع قَالَ: 718 - (أحار بْنَ بدر قد وَلِيتَ ولَايَة ... )

يُرِيد حَارِثَة بن بدر وَقَالَ: 719 - (يَا أرْطَ إنّك فاعِلٌ مَا قُلْتَهُ ... ) يُرِيد يَا أَرْطَاة وَقَالَ: 720 - (أَنَّك يَا مُعَاو يَا بْنَ الأفْضَل ... )

يُرِيد يَا مُعَاوِيَة وَيَا بن الْأَفْضَل منادى ثَان لِأَن بعض المنشدين لَهُ من الْعَرَب كَانَ يقطع عِنْد قَوْله يَا معاو ثمَّ يَبْتَدِئ يَا بن الْأَفْضَل ثمَّ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْوَجْه أَن فِي ذِي التَّاء الَّذِي هُوَ على أَكثر من أَرْبَعَة أحرف وَجْهَيْن أَحدهمَا وَهُوَ الشَّائِع الْكثير ترخيمه بِحَذْف التَّاء فَقَط وَالثَّانِي وَهُوَ قَلِيل ترخيمه بِحَذْف التَّاء وَمَا يَليهَا وَمَا فِيهِ زائدتان زيدا مَعًا يحذفان وَذَلِكَ ألفا التَّأْنِيث كحمراء وَالْألف وَالنُّون فِي نَحْو سَكرَان وعلامة التَّثْنِيَة والجمعين كَمَا تقدم وياء النّسَب كطائفي وَالْوَاو وَالتَّاء فِي ملكوت ورهبوت وَله ثَلَاثَة شُرُوط الأول كَون زيادتهما مَعًا كَمَا ذكر فَلَو لم يزادا مَعًا كعلباء لم يحذفا لِأَن الأولى زيدت لتلحق مَا زيدت الْأُخْرَى لَهُ وَهُوَ فعلل بِبِنَاء سرداح وزلزال وَكَذَلِكَ حولايا وبردرايا لَا يحذفان لِأَنَّهُمَا لم يزادا مَعًا بل الْأَخِيرَة جَاءَت للتأنيث بعد مَا كَانَت الأولى للإلحاق

لغة الانتظار ولغة ترك الانتظار في المرخم

الثَّانِي أَن يبقي الِاسْم على ثَلَاثَة فَإِن بَقِي على أقل لم يحذفا كيدان أَو بنُون علما الثَّالِث أَن يكون أول الزيادتين سَاكِنا فَإِن كَانَ متحركا لم يحذفا كفرتني وَمن النَّحْوِيين من يحذفهما مَعًا وَمَا آخِره ثَلَاث زَوَائِد مِمَّا قبل آخِره حرف عِلّة كحولايا وبردرايا لَا يحذف مِنْهُ إِلَّا الْأَخير فَقَط عِنْد الْبَصرِيين وَجوز الكوفية حذف الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو حَيَّان قِيَاس قَوْلهم يَقْتَضِي حذف الثَّلَاثَة فِي رغبوتي ورهبوتي لُغَة الِانْتِظَار ولغة ترك الِانْتِظَار فِي المرخم (ص) مَسْأَلَة الأجود انْتِظَار الْمَحْذُوف فَلَا يُغير إِلَّا بتحريك مَا كَانَ مدغما إِن تَلا ألفا قيل أَولا بِمَا كَانَ لَهُ لَا أُصَلِّي السّكُون فيفتحه على الْأَصَح وَثَالِثهَا يحذف كل سَاكن يبْقى قَالَ الْأَكْثَر وَألا يرد مَا زَالَ سَبَب حذفه وَيتَعَيَّن الِانْتِظَار فِي ذِي التَّاء إِن ألبس وَقيل مُطلقًا وَقيل لَا يشْتَرط اللّبْس فِي الْأَعْلَام وَفِيمَا يُؤَدِّي إِلَى عدم نَظِير على الْأَصَح وَيُعْطى آخر مَا لم ينْتَظر مَا اسْتَحَقَّه لَو تمم بِهِ وضعا وَيرد ثَالِث ثنائي ذِي لين ويضعف ثَانِيَة إِن جهل وعينه الكوفية فِيمَا قبل آخِره سَاكن

(ش) فِي المرخم لُغَتَانِ الِانْتِظَار وَهُوَ نِيَّة الْمَحْذُوف وَترك الِانْتِظَار وَهُوَ عدم نِيَّته وَالْأول أَكثر اسْتِعْمَالا وأقواهما فِي النَّحْو وَجَاء عَلَيْهِ مَا قرئَ {وَنَادَوْا يَا مَال} [الزخرف: 77] وَقَول زُهَيْر: 721 - (يَا حَار لَا أُرْمَيْن مِنْكُم بداهِيَةٍ ... ) وَجَاء على الثَّانِي: 722 - (يَدْعُون عَنْتَرُ والرِّماحُ كأنّها ... )

ثمَّ إِذا انْتظر فَلَا يُغير مَا بَقِي بل يبقي على حركته وسكونه فَيُقَال يَا جعف وَيَا هرق وَلَا يعل فَيُقَال فِي ثَمُود وعلاوة وسقاية يَا ثمو وَيَا علاو وَيَا سقاي إِلَّا بأمرين أَحدهمَا تَحْرِيك مَا كَانَ سَاكِنا للإدغام إِن كَانَ قبله ألف كاحمار ومحمار علمين فِرَارًا من التقاء الساكنين بِخِلَاف مَا قبله غير ألف كحدب ومحمر فَإِنَّهُ يبقي على سكونه خلافًا للفراء فِي قَوْله بتحريكه أَيْضا وَحَيْثُ حرك على رَأْي النَّاس أَو على رَأْيه فبالحركة الأولى الَّتِي كَانَت لَهُ فِي الأَصْل فيحرك فِي احمار بِالْفَتْح وَفِي محمار ومحمر بِالْكَسْرِ فَإِن لم تكن لَهُ حَرَكَة فِي الأَصْل كأسحار نبت فبالفتح لِأَنَّهُ أقرب الحركات وَقيل بِالْكَسْرِ على أصل التقاء الساكنين نَقله ابْن عُصْفُور عَن الْفراء وَقيل يسْقط كل سَاكن يبقي بعد الآخر حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى متحرك فَيُقَال يَا أسح نَقله صَاحب رُءُوس الْمسَائِل عَن الْفراء الثَّانِي أَن يكون مَا قبل آخر الِاسْم قد حذف لواو جمع كقاضون ومصطفون علمين فَإِن الْيَاء وَالْألف حذفتا لملاقاة الْوَاو فَإِذا رخم بِحَذْف الْوَاو مَعَ النُّون ردَّتْ الْيَاء وَالْألف لزوَال الْمُوجب للحذف فَيُقَال يَا قَاضِي وَيَا مصطفى هَذَا مَذْهَب أَكثر النَّحْوِيين وقاسوه على رد مَا

حذف لنون التوكيد الْخَفِيفَة عِنْد ذهابها فِي الْوَقْف وَعلي رد مَا حذف للإضافة عِنْد حذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وَخَالفهُم ابْن مَالك وَقَالَ لَا يرد هُنَا فَيُقَال يَا قَاض وَيَا مصطف وَإِلَّا لزم رد كل مغير بِسَبَب إِزَالَة التَّرْخِيم إِلَى مَا كَانَ يسْتَحقّهُ وَيتَعَيَّن الِانْتِظَار فِي موضِعين أَحدهمَا مَا فِيهِ تَاء التَّأْنِيث إِذا خيف التباسه بالمذكر كعمرة وضخمة وعادلة وقائمة إِذْ التَّمام فِيهِ يُوهم أَن المنادى مُذَكّر هَكَذَا جزم بِهِ ابْن مَالك وَأطلق صَاحب رُءُوس الْمسَائِل الْمَنْع من غير اعْتِبَار لبس الْبَتَّةَ قَالَ أَبُو حَيَّان وَفصل شُيُوخنَا فَلم يعتبروا اللّبْس فِي الْأَعْلَام واعتبروا فِي الصِّفَات قَالَ وَهُوَ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ كَلَام سِيبَوَيْهٍ الثَّانِي مَا يلْزم بِتَقْدِير تَمام الْأَدَاء إِلَى عدم النظير كَمَا لَو رخم (طيلسان) بِكَسْر اللَّام فَإِنَّهُ لَو قدر تَاما لزم وجود فيعل بِكَسْر الْعين فِي الصَّحِيح الْعين وَهُوَ بِنَاء مهمل كَذَا جزم بِهِ ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان هَذَا مَذْهَب الْأَخْفَش وَأما سَائِر النَّحْوِيين كالسيرافي وَغَيره فَإِنَّهُم أَجَازُوا فِيهِ التَّمام وَلم يعتبروا مَا يَئُول إِلَيْهِ الِاسْم بعد التَّرْخِيم من ذَلِك لِأَن الأوزان إِنَّمَا يعْتَبر فِيهَا الأَصْل لَا مَا صَارَت إِلَيْهِ بعد الْحَذف وَإِذا ترك الِانْتِظَار أعطي آخر الِاسْم مَا يسْتَحقّهُ لَو تمم بِهِ وضعا فيضم ظَاهرا إِن كَانَ صَحِيحا فَيُقَال يَا حَار وَيَا جعف وَيَا هرق وتقدر فِيهِ الضمة إِن كَانَ مُعْتَلًّا كَقَوْلِك فِي نجاية يَا نَاجِي بِسُكُون الْيَاء ويعل بِالْقَلْبِ أَو الْإِبْدَال كَقَوْلِك فِي ثَمُود يَا ثمي بقلب الْوَاو يَاء إِذْ لَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المتمكنة مَا آخِره وَاو قبلاه ضمة وَفِي علاوة وسقاية يَا عَلَاء وَيَا سقاء بإبدال الْوَاو وَالْيَاء همزَة لوقوعهما آخرا إِثْر ألف زَائِدَة وَفِي قطوان (يَا قطا) بقلب الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَإِن كَانَ ثنائيا ذَا لين ضعف إِن لم يعلم لَهُ ثَالِث ك (لات)

مسمي بِهِ إِذا رخمته حذفت التَّاء وضعفت الْألف فحركت الثَّانِيَة فَانْقَلَبت همزَة فَقيل يَا لاء وَإِن علم ثَالِثَة جِيءَ بِهِ ك (ذَات) علما يرخم بِحَذْف التَّاء وَيرد الْمَحْذُوف وَهُوَ الْوَاو لِأَن أَصله ذَوَات وَلذَا قيل فِي التَّثْنِيَة ذواتا فَيُقَال يَا ذَوا وَلَا تتَعَيَّن لُغَة التَّمام عِنْد الْبَصرِيين فِي شَيْء من الْأَسْمَاء وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ تتَعَيَّن فِيمَا إِذا كَانَ قبل الآخر سَاكن كهرقل فِرَارًا من وجود اسْم مُتَمَكن سَاكن الآخر (ص) وَجوز الْأَكْثَر زِيَادَة التَّاء مَفْتُوحَة فِيمَا حذفت مِنْهُ وَقوم الْألف الممدودة وَيقف على المرخم بِحَذْف الْهَاء غَالِبا بهاء سَاكِنة وَهِي المحذوفة أَو للسكت خلف ويعوضمنها ألف الْإِطْلَاق ضَرُورَة (ش) فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الأولى سمع من كَلَام الْعَرَب مثل يَا عَائِشَة بِفَتْح التَّاء قَالَ النَّابِغَة: 723 - (كِلِينِي لِهَمُّ يَا أُمَيْمَةَ نَاصِبِ ... ) الرِّوَايَة بِفَتْح أُمَيْمَة فَاخْتلف النُّحَاة فِي تَخْرِيج ذَلِك فَقَالَ ابْن كيسَان هُوَ مرخم وَهَذِه التَّاء هِيَ المبدلة من هَاء التَّأْنِيث الَّتِي تلْحق فِي الْوَقْف أثبتها فِي الْوَصْل إِجْرَاء لَهُ مجري الْوَقْف وألزمها الْفَتْح إتباعا لحركة آخر المرخم المنتظر

وَذهب قوم مِنْهُم الْفَارِسِي إِلَى أَنَّهَا أقحمت سَاكِنة بَين حرف آخر المرخم وحركته فحركت بحركته ودعاهم إِلَى الْقَوْم بزيادتها حَشْوًا أَنَّهَا لَو دخلت بعد الْحَرْف وحركته لَكَانَ الِاسْم قد كمل وَوَجَب بِنَاؤُه على الضَّم وَذهب آخَرُونَ مِنْهُم سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَن التَّاء زيدت آخرا لبَيَان أَنَّهَا الَّتِي حذفت فِي التَّرْخِيم وحركت بِالْفَتْح إتباعا وَعلي هَذِه الْأَقْوَال الِاسْم مرخم وَقيل إِنَّه غير مرخم وَالتَّاء غير زَائِدَة بل هِيَ تَاء الْكَلِمَة حركت بِالْفَتْح إتباعا لحركة مَا قبلهَا وَالِاسْم مَبْنِيّ على الضَّم تَقْديرا كَمَا أَن الأول من يَا زيد بن عَمْرو كَذَلِك وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْن مَالك فِي (شرح التسهيل) بعد جزمه بقول سِيبَوَيْهٍ فِي (التسهيل) وَاخْتَارَهُ أَيْضا ابْن طَلْحَة وَألْحق قوم فِي جَوَاز الْفَتْح بِذِي الْهَاء ذَا الْألف الممدودة فَأجَاز أَن يُقَال يَا عفراء هَلُمِّي بِالْفَتْح قَالَ ابْن مَالك وَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ غير مسموع وَقِيَاسه على ذِي التَّاء قِيَاس على مَا خرج من الْقَوَاعِد الثَّانِيَة لَا يسْتَغْنى غَالِبا عَن التَّاء فِي الْوَقْف على المرخم بِحَذْف التَّاء عَن هَاء سَاكِنة فَيُقَال فِي الْوَقْف على مثل يَا طلح يَا طلحه وندر تَركهَا حُكيَ سِيبَوَيْهٍ يَا حرمل فِي الْوَقْف يُرِيد يَا حَرْمَلَه قَالَ ابْن عُصْفُور وَهَذَا يسمع وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حَيَّان بل يُقَاس عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ضَرُورَة شعر لكنه قَلِيل وَإِذا وقف بهَا فَهَل هِيَ الَّتِي كَانَت فِي الِاسْم قبل ترخيمه أُعِيدَت فِي الْوَقْف سَاكِنة مَقْلُوبَة هَاء أَو هِيَ غَيرهَا وَهِي هَاء السكت المزيدة فِي الْوَقْف خلاف جزم ابْن مَالك بِالْأولِ قَالَ أَبُو حَيَّان

وَحَاصِله أَن التَّرْخِيم لَا يكون إِلَّا فِي الْوَصْل فَإِذا وقفُوا فَلَا ترخيم قَالَ وَظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ الثَّانِي قَالَ وَمحل زيادتها مَا إِذا رخم على لُغَة الِانْتِظَار أما إِذا رخم على لُغَة التَّمام فَلَا لِأَنَّهُ نقص لما اعتمدوا عَلَيْهِ من جعله اسْما تَاما حِين بنوه على الضَّم وَقد يَجْعَل بدل الْهَاء ألف الْإِطْلَاق عوضا مِنْهَا فِي الضَّرُورَة قَالَ: 724 - (قِفي قبل التّفَرُّق يَا ضَبَاعا ... ) ذكره ابْن عُصْفُور وَغَيره وَنَصّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فَقَالَ وَاعْلَم أَن الشُّعَرَاء إِذا اضطروا حذفوا هَذِه الْهَاء فِي الْوَقْف وَذَلِكَ لأَنهم يجْعَلُونَ الْمدَّة الَّتِي تلْحق القوافي بَدَلا مِنْهَا

المفعول المطلق

الْمَفْعُول الْمُطلق (ص) الْمَفْعُول الْمُطلق هُوَ الْمصدر وَقيل يخْتَص بِمَا فعله عَام وَقيل أَعم مِنْهُ (ش) إِنَّمَا سمي مَفْعُولا مُطلقًا لِأَنَّهُ لم يُقيد بِحرف جر كالمفعول بِهِ وَله وَفِيه وَمَعَهُ والمصدر هُوَ الْمَفْعُول حَقِيقَة لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يحدثه الْفَاعِل وَأما الْمَفْعُول بِهِ فَمحل الْفِعْل وَالزَّمَان وَقلت يَقع فِيهِ الْفِعْل وَالْمَكَان مَحل الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالْفِعْل وَالْمَفْعُول لَهُ عِلّة وجود الْفِعْل وَالْمَفْعُول مَعَه مصاحب للْفَاعِل أَو الْمَفْعُول قَالَ أَبُو حَيَّان تَسْمِيَة مَا انتصب مصدرات مَفْعُولا مُطلقًا هُوَ قَول النَّحْوِيين إِلَّا مَا ذكره صَاحب الْبَسِيط من تقسيمه الْمصدر المنتصب إِلَى مفعول مُطلق وَإِلَى مُؤَكد وَإِذا متسع فالمفعول الْمُطلق عِنْده مَا كَانَ من أَفعَال الْعَامَّة نَحْو فعلت وصنعت وعملت وأوقعت فَإِذا قلت فعلت فعلا فالواقع ذَات الْفِعْل لِأَن الذوات الْوَاقِعَة منا فِي هَذَا وَلَا يَقع منا الْجَوَاهِر والأعراض الخارجية عَنَّا فَلَا تكون مُطلقَة فِي حَقنا بل فِي حق الله كَقَوْلِك خلق الله زيدا فَإِنَّهُ مفعول مُطلق فَلذَلِك كَانَ الْمَفْعُول الْمُطلق أَعم من الْمصدر الْمُطلق الْخلاف بَين النَّحْوِيين فِي أصل الْمصدر (ص) وَهُوَ أصل الْفِعْل وَالْوَصْف وَقَالَ الكوفية الْفِعْل وَابْن طَلْحَة كل أصل وَقوم الْفِعْل أصل الْوَصْف

المصدر المبهم والمصدر المختص

(ش) مَذْهَب أَكثر الْبَصرِيين أَن الْمصدر أصل وَالْفِعْل وَالْوَصْف فرعان مشتقان مِنْهُ لِأَنَّهُمَا يدلان على مَا تضمنه من معنى الْحَدث وَزِيَادَة الزَّمَان والذات الَّتِي قَامَ بهَا الْفِعْل وَذَلِكَ شَأْن الْفَرْع أَن يدل على مَا يدل عَلَيْهِ الأَصْل وَزِيَادَة وَهِي فَائِدَة الِاشْتِقَاق وَمذهب الْكُوفِيّين أَن الْفِعْل أصل والمصدر مُشْتَقّ مِنْهُ لِأَن الْمصدر مُؤَكد للْفِعْل والمؤكد قبل الْمُؤَكّد وَلِأَن الْمصدر يعتل باعتلال الْفِعْل وَيصِح بِصِحَّتِهِ وَذَلِكَ شَأْن الْفُرُوع أَن تحمل على الْأُصُول وَذهب ابْن طَلْحَة إِلَى أَن كلا من الْمصدر وَالْفِعْل أصل بِنَفسِهِ وَلَيْسَ أَحدهمَا مشتقا من الآخر وَذهب بعض الْبَصرِيين إِلَى أَن الْمصدر أصل للْفِعْل وَالْفِعْل أصل للوصف ورد بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَصْف مَا فِي الْفِعْل من الدّلَالَة على زمن معِين فَبَطل اشتقاقه مِنْهُ وَتعين اشتقاقه من الْمصدر قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي كثير مَنْفَعَة الْمصدر الْمُبْهم والمصدر الْمُخْتَص (ص) ثمَّ إِن لم يفد زِيَادَة على عَامله فمبهم لتوكيد وَإِلَّا فمختص لنَوْع وَعدد ويثنى وَيجمع دون الأول وَفِي النَّوْع خلف

(ش) الْمصدر نَوْعَانِ مُبْهَم وَهُوَ مَا يُسَاوِي معنى عَامله من غير زِيَادَة كقمت قيَاما وَجَلَست جُلُوسًا وَهُوَ لمُجَرّد التَّأْكِيد وَمن ثمَّ لَا يثنى وَلَا يجمع لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة تَكْرِير الْفِعْل فعومل مُعَامَلَته فِي عدم التَّثْنِيَة وَالْجمع وَلذَا قَالَ ابْن جني إِنَّه من قبيل التَّأْكِيد اللَّفْظِيّ وَقيل إِنَّه من التوكيد الْمَعْنَوِيّ لإِزَالَة الشَّك عَن الْحَدث وَرفع توهم الْمجَاز وَعَلِيهِ الْآمِدِيّ وَغَيره وَقسم هَؤُلَاءِ التوكيد الْمَعْنَوِيّ إِلَى قسمَيْنِ مَا لإِزَالَة الشَّك عَن الْحَدث وَهُوَ بِالْمَصْدَرِ وَمَا لإزالته عَن الْمُحدث عَنهُ وَهُوَ بِالنَّفسِ وَالْعين ومختص وَهُوَ مَا زَاد على معنى عَامله فَيُفِيد نوعا أَو عددا نَحْو ضربت ضرب الْأَمِير أَو ضربتين أَو ضربات ويثنى ذُو الْعدَد وَيجمع بِلَا خلاف وَأما النَّوْع فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا أَنه يثنى وَيجمع وَعَلِيهِ ابْن مَالك قِيَاسا على مَا سمع مِنْهُ كالعقول والألباب والحلوم وَالثَّانِي لَا وَعَلِيهِ الشلوبين قِيَاسا للأنواع على الْآحَاد فَإِنَّهَا لَا تثنى وَلَا تجمع لاختلافها وَنسبه أَبُو حَيَّان لظَاهِر كَلَام سِيبَوَيْهٍ قَالَ والتثنية أصلح من الْجمع قَلِيلا تَقول قُمْت قيامين وَقَعَدت قعودين وَالْأَحْسَن أَن يُقَال نَوْعَيْنِ من الْقيام ونوعين من الْقعُود

ناصب المصدر

ناصب الْمصدر (ص) وناصبه مثله وَصفَة وَفعل فَإِن كَانَ من لَفظه وَجرى عَلَيْهِ قَالَ ابْن الطراوة بِفعل مُضْمر والسهيلي بمضمر مِنْهُ وَإِن لم يجز فثالثها إِن غاير مَعْنَاهُ فبفعله الْمُضمر وَإِلَّا فبه أَو من غير لفظ فالجمهور بمضمر وثالثهما إِن كَانَ لتوكيد أَو مُخْتَصًّا وَله فعل (ش) ينصب الْمصدر بمصدر مثله نَحْو: {فَإِن جَهَنَّم جزاؤكم جَزَاء موفورا} [الْإِسْرَاء: 63] وَعَجِبت من ضرب زيدٍ عمرا ضربا وبالوصف اسْم فَاعل نَحْو: {والذاريات ذَروا} [الذاريات: 1] {وَالصَّافَّات صفا} [الصافات: 1] {فالعاصفات عصفا} [المرسلات: 2] أَو اسْم مفعول نَحْو أَنْت مَطْلُوب طلبا وبالفعل نَحْو: {وَمَا بدلُوا تبديلا} [الْأَحْزَاب: 23] هَذَا إِن كَانَ من لَفظه وَهُوَ جَار عَلَيْهِ كَمَا مثلنَا على مَذْهَب الْجُمْهُور وَنفي صَاحب الإفصاح فِيهِ الْخلاف وَقَالَ ابْن الطراوة هُوَ مفعول بِهِ بِفعل مُضْمر لَا يجوز إِظْهَاره وَالتَّقْدِير فِي قعد قعُودا فعل قعُودا وَقَالَ السُّهيْلي كَذَلِك إِلَّا أَنه قَالَ أنصبه بمضمر من لفظ الْفِعْل السَّابِق فَإِذا قيل قعد قعُودا فَهُوَ عِنْده ب (قعد) أُخْرَى لَا يجوز إظهارها

قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا كُله تكلّف وَخُرُوج عَن الظَّاهِر بِلَا دَلِيل فَإِن كَانَ من لَفظه وَهُوَ غير جَار عَلَيْهِ نَحْو: {أنبتكم من الأَرْض نباتا} [نوح: 17] فَثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا أَنه مَنْصُوب بذلك الْفِعْل الظَّاهِر وَعَلِيهِ الْمَازِني وَالثَّانِي أَنه مَنْصُوب بِفعل ذَلِك الْمصدر الْجَارِي عَلَيْهِ مضمرا وَالْفِعْل الظَّاهِر دَلِيل عَلَيْهِ وَعَلِيهِ الْمبرد وَابْن خروف وَعَزاهُ لسيبويه وَالثَّالِث التَّفْصِيل فَإِن كَانَ مَعْنَاهُ مغايرا لِمَعْنى الْفِعْل الظَّاهِر كالآية فنصبه بِفعل مُضْمر وَالتَّقْدِير فنبتم نباتا لِأَن النَّبَات لَيْسَ بِمَعْنى الإنبات فَلَا يَصح توكيده بِهِ وَإِن كَانَ غير مُغَاير فنصبه بِالظَّاهِرِ كَقَوْلِه: 725 - (وقَدْ تَطَوَّيْتُ انطِواءَ الحَضْبِ ... ) لِأَن التطوي والانطواء بِمَعْنى وَاحِد وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وَإِن كَانَ من غير لَفظه فَثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا وَعَلِيهِ الْجُمْهُور أَنه مَنْصُوب بِفعل مُضْمر من لَفظه كَقَوْلِه:

726 - (السّالِكُ الثُغْرةَ اليقظانَ كالِئُها ... مَشْيَ الْهَلُوكِ عَلَيْهَا الخَيْعَلُ الفُضُلُ) ف (مشي) مَنْصُوب بمضمر دلّ عَلَيْهِ السالك وَالثَّانِي أَنه مَنْصُوب بِالْفِعْلِ الظَّاهِر لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ فتعدى إِلَيْهِ كَمَا لَو كَانَ من لَفظه وَعَلِيهِ الْمَازِني وَالثَّالِث وَعَلِيهِ ابْن جني التَّفْصِيل فَإِن أُرِيد بِهِ التَّأْكِيد عمل فِيهِ الْمُضمر الَّذِي من لَفظه كقعدت جُلُوسًا وَقمت وقوفا بِنَاء على أَنه من قبيل التَّأْكِيد اللَّفْظِيّ فَلَا بُد من اشتراكه مَعَ عَامله فِي اللَّفْظ أَو بَيَان النَّوْع عمل فِيهِ الظَّاهِر لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ ابْن عُصْفُور الْأَمر فِي التَّأْكِيد مَا ذكر وَأما الَّذِي لغير التَّأْكِيد فَإِن وضع لَهُ فعل من لَفظه عمل فِيهِ الْمُضمر أَيْضا كَقَوْلِه:

727 - (وآلَتْ حَلْفةً لم تحَلّل ... ) فحلفة مَنْصُوبَة بحلفت مضمرة وَإِن لم يوضع لَهُ فعل انتصب بِالظَّاهِرِ وَلَا يُمكن أَن يكون بِفعل من لَفظه لِأَنَّهُ لم يوضع (ص) والاختصاص ب (أل) للْعهد وَالْجِنْس وَقيل لَا تدخله إِلَّا (أَن) وصف ونعت وَإِضَافَة وَلَا تعاقبه (أَن) وَالْفِعْل خلافًا للأخفش وينوب مُضَافَة ككل وَبَعض وَضمير وَنَوع وهيئة وَعدد وَإِشَارَة وَأوجب ابْن مَالك وصفهَا بِهِ وَوقت ونعت وَمَا استفهامية وشرطية وَآلَة لَا مَا لم يعْهَد وَمِنْه علم كسبحان وبرة وفجار وَاسْتعْمل نَحْو عَطاء وثواب مصدرا وَلَا يُقَاس وَالْأَكْثَر لَا ينصب مصدرين مؤكدا ومبينا وَقيل يجوز وَثَلَاثَة (ش) فِيهِ مسَائِل الأولى الِاخْتِصَاص فِي الْمصدر يكون ب (أل) إِمَّا عهدية نَحْو ضربت الضَّرْب تُرِيدُ ضربا معهودا بَيْنك وَبَين الْمُخَاطب أَي الضَّرْب الَّذِي تعلم أَو جنسية نَحْو زيد يجلس الْجُلُوس مرِيدا الْجِنْس والتنكير وَيكون بالنعت نَحْو قُمْت قيَاما طَويلا أَو بِالْإِضَافَة نَحْو قُمْت قيام زيد وَالْأَصْل قيَاما مثل قيام زيد حذف الْمصدر ثمَّ صفته وَقَامَ مقامهما الْمصدر فأعرب بإعرابه الثَّانِيَة لَا يجوز أَن تقع أَن وَالْفِعْل فِي موقع الْمصدر فَلَا يجوز ضَربته أَن أضربه لِأَن (أَن) تخلص الْفِعْل للاستقبال والتأكيد إِنَّمَا يكون بِالْمَصْدَرِ الْمُبْهم وَعلله بَعضهم بِأَن (أَن يفعل) يُعْطي محاولة الْفِعْل ومحاولة الْمصدر لَيست بِالْمَصْدَرِ فَلذَلِك لم يسغْ لَهَا أَن تقع مَعَ صلتها موقع الْمصدر وَحكى عَن الْأَخْفَش إجَازَة ذَلِك

الثَّالِثَة: يقوم مقَام الْمصدر الْمُبين مَا أضيف إِلَيْهِ من كل، وَبَعض نَحْو {فَلَا تميلوا كل الْميل} [النِّسَاء: 129] لمته بعض اللوم وَمَا أُدي مَعْنَاهُمَا نَحْو ضربت أَي ضرب {وَلَا تضرونه شَيْئا} [هود: 57] وَضمير نَحْو {لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين} [الْمَائِدَة: 115] وَنَوع نَحْو {والنازعات غرقا} [النازعات: 1] وَرجعت الْقَهْقَرِي وَقَعَدت القرفصاء وهيئة نَحْو مَاتَ ميتَة سوء وعاش عيشة مرضية وَعدد نَحْو ضربت ثَلَاثِينَ ضَرْبَة وَاسم إِشَارَة نَحْو ضربت ذَلِك الضَّرْب قَالَ ابْن مَالك وَلَا بُد من جعل الْمصدر تَابعا لاسم الْإِشَارَة الْمَقْصُود بِهِ ذَلِك الْمصدر ورده أَبُو حَيَّان بِأَن من كَلَامهم ظَنَنْت ذَلِك يشيرون بِهِ إِلَى الْمصدر وَلذَلِك اقتصروا عَلَيْهِ إِذْ لَيْسَ مَفْعُولا أول وَلم يذكرُوا بعده الْمصدر تَابعا لَهُ وعَلى هَذَا خرجه سِيبَوَيْهٍ وَوقت نَحْو 728 - (ألم تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلةَ أَرْمَدا ... ) أَي اغتماض لَيْلَة أرمد ونعت نَحْو {وَاذْكُر رَبك كثيرا} [آل عمرَان: 41] وَمَا الاستفهامية نَحْو مَا تضرب زيدا أَي أَي ضرب تضرب زيدا وَمَا الشّرطِيَّة نَحْو مَا شِئْت فَقُمْ أَي أَي قيام شِئْت والآلة نَحْو ضَربته سَوْطًا ورشقته سَهْما وَالْأَصْل ضَرْبَة سَوط ورشقة سهم

ويطرد فِي جَمِيع أَسمَاء آلَات الْفِعْل، فَلَو قلت: ضَربته خَشَبَة، ورميته آجرة لم يجز لِأَن الآجرة لم تعهد آلَة للرمي والخشبة لم تعهد آلَة للضرب الرَّابِعَة من الْمصدر مَا هُوَ علم للمعنى كسبحان علم للتسبيح وبرة علم للمبرة وفجار علم للفجرة ويسار علم للميسرة يُقَال بره برة وفجر بِهِ فجار وَهُوَ مُعَلّق على الْجِنْس الْخَامِسَة استعملوا الْعَطاء مصدرا بِمَعْنى الْإِعْطَاء وَالثَّوَاب مصدرا معنى الإثابة قَالَ الشَّاعِر 729 - ( ... وَبعد عَطَائِكَ المِائَة الرِّتاعَا ... ) وَقَالَ تَعَالَى: {ثَوابًا من عِنْد الله} [آل عمرَان: 195] وَذَلِكَ مسموع لَا يُقَاس عَلَيْهِ السَّادِسَة: منع الْأَخْفَش والمبرد وَابْن السراج وَالْأَكْثَرُونَ عمر الْفِعْل فِي مصدرين: مُؤَكد ومبين

حذف عامل المصدر

وَذهب السيرافي وَابْن طَاهِر إِلَى أَنه يجوز أَن ينصبهما وَأَن ينصب ثَلَاثَة إِذا اخْتلف مَعْنَاهَا نَحْو: ضربت ضربا شَدِيدا ضربتين وَعلي الأول الثَّانِي بدل وَمن المسموع فِي ذَلِك قَوْله: 730 - (وَوَطِئْتَنَا وطْئاً على حَنَق ... وَطْء المُقَيّدِ يَابِس الهَرْم) وَلَا يَصح فِيهِ الْبَدَلِيَّة، لِأَن الثَّانِي غير الأول، فَيخرج على إِضْمَار فعل حذف عَامل الْمصدر (ص) مَسْأَلَة يحذف عَامله لقَرِينَة وَيجب فِي مَوَاضِع مِنْهَا مَا كَانَ بَدَلا من فعله وَيقدر معنى مَا لَا فعل لَهُ ك " دفرا " وَالأَصَح أَن بهرا فعل وَأَنه لَا يُقَاس فِي الدُّعَاء وَثَالِثهَا يُقَاس إِن كَانَ لَهُ فعل وَجَاز رفع بَعْضهَا وقبح إضافتها وَمَا أضيف نصب وَمِمَّا أفرد وأضيف وَيْح وويس وويب ويختار الرّفْع فِي وَيْح مُفردا عكس تب وَقيل يجب وَفِي عطف وَيْح على تب وَعَكسه خلف وَعلي الْجَوَاز

ينصب وَيْح وَتب على حَاله وَيُقَال ويله وويل لَهُ وويل طَوِيل وَبِالنَّصبِ فيهمَا وعول وعولة وَلَا يفرد عَنهُ ومضافها للتبيين ك (لَك) بعد سقيا وَالْأَحْسَن فِي الْمُعَرّف الرّفْع وَهُوَ سَماع فِي الْأَصَح (ش) يجوز حذف عَامل الْمصدر لقَرِينَة لفظية كَقَوْلِك حثيثا لمن قَالَ أَي سير سرت أَو معنوية نَحْو تأهبا ميمونا لمن رَأَيْته يتأهب لسفر وحجا مبرورا لمن قدم من حج وسعيا مشكورا لمن سعى فِي مثوبة وَيجب الْحَذف فِي مَوَاضِع مِنْهَا حَيْثُ كَانَ الْمصدر بَدَلا من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ سَوَاء كَانَ فعل مُسْتَعْملا كسقيا ورعيا أَو مهملا أَي غير مَوْضُوع فِي لِسَان الْعَرَب ك (دفرا) بِمَعْنى (نَتنًا) وأفة وَهِي وسخ الْأذن وتفة وَهِي وسخ الْأَظْفَار فَيقدر للثَّلَاثَة فعل من مَعْنَاهَا وَجعل ابْن عُصْفُور من ذَلِك (بهرا) بِمَعْنى غَلَبَة وَمِنْه 731 - (ثمَّ قَالُوا تُحِبُّها قلت بَهْراً ... )

أَي غلبني حبها غَلَبَة وَقَالَ أَبُو حَيَّان حكى ابْن الْأَعرَابِي وَغَيره أَنه يُقَال للْقَوْم إِذا دعِي عَلَيْهِم بهرهم الله فَيكون مَنْصُوبًا بِفعل مُسْتَعْمل لَا مهمل وَاخْتلف هَل يقْتَصر على مَا سمع من هَذِه الْأَلْفَاظ فِي الدُّعَاء للْإنْسَان أَو عَلَيْهِ كسقيا ورعيا وجدعا وعقرا وبعدا وَسُحْقًا وتعسا ونكسا وبؤسا وخيبة وتبا أَو يُقَاس عَلَيْهَا فسيبويه على الأولى والأخفش والمبرد على الثَّانِي قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَنْبَغِي أَن يفصل فَيُقَال مَا كَانَ لَهُ فعل من لَفظه يُقَاس وَمَا لَا فَلَا وَقد جَاءَ بَعْضهَا فِي الشّعْر مَرْفُوعا قَالَ 732 - (أَقَامَ وَأقوى ذاتَ يَوْم وخَيْبَةٌ ... لأوّل من يَلْقى وشرٌّ مُيَسَّرُ) فالمجرور خبر لَهُ

وَلَا تسْتَعْمل هَذِه المصادر مُضَافَة إِلَّا فِي قَبِيح من الْكَلَام وَإِذا أضيفت فالنصب حتم وَمِمَّا جَاءَ مُضَافا بعْدك وسحقك وَأنْشد الْكسَائي: 733 - (إِذا مَا المَهَارَى بلْغَتْنَا بلادَنَا ... فَبُعْدَ المَهَارَى من حَسير ومُتْعَبِ) وَمِمَّا اسْتعْمل مُفردا ومضافا قَوْلهم للمصاب المرحوم وَيْح فلَان وويحه وويح لَهُ وللمتعجب مِنْهُ ويبا لَهُ وويبك وويب غَيْرك وويسك وويسه قَالَ الْجُزُولِيّ وَهُوَ استصغار واستحقار وَقَالَ ابْن طَاهِر وَيْح كلمة تقال رَحْمَة وويس كلمة تقال فِي معنى رأفة وَهِي مُضَافَة إِلَى الْمَفْعُول وَمَتى أضفتها لَزِمت النصب وَلَا يجوز فِيهَا الرّفْع لِأَنَّهُ مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ فَإِذا أفردت جَازَ الرّفْع وَالنّصب تَقول وَيْح لَهُ وويحا لَهُ وويل لَهُ وويلا لَهُ وَلَا يقوى النصب فِي هَذَا قوته فِي غَيره لِأَن هَذَا مصدر لَا فعل لَهُ وَإِنَّمَا يقوى النصب فِي الْمصدر الَّذِي لَهُ فعل نَحْو حمدا وشكرا فالرفع فِي نَحْو (وَيْح) و (ويل) قوي وَالْغَالِب على (وَيْح) الرّفْع وَعلي (تب) النصب إِذا أفرد نَحْو تَبًّا لَهُ وَيجوز تَبًّا لَهُ وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع تَبًّا لَك الْتزم نَصبه وويح لَك الْتزم رَفعه

وَفِي ويل لَك وَجْهَان وَلَو قسنا لساوينا وَلَكِن لَا نتعدى السماع فَإِن عطف (وَيْح) على (تب) نصبته وَلَا يجوز رَفعه لِأَنَّهُ لَا خبر لَهُ وَإِن عطف تب على (وَيْح) فكحاله قبل الْعَطف وَيكون جملتان فعلية على اسمية لتساويهما فِي الْمَعْنى وَيُقَال تَبًّا لَهُ وويح لَهُ فَلَا يكون فِي (وَيْح) إِلَّا الرّفْع كحاله قبل الْعَطف انْتهى وَمنع الْمَازِني عطف (وَيْح) على (تب) وَعَكسه قَالَ لِأَن (وَيْح) رَحْمَة لَهُ و (تب) بِمَعْنى خسران لَهُ فَكيف يتَصَوَّر أَن يَدْعُو لَهُ وَعَلِيهِ فِي حِين وَاحِد (وَأجِيب) بِأَن (وَيْح) حِينَئِذٍ أخرج مخرج الدُّعَاء وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الدُّعَاء أَو تَبًّا أَيْضا دُعَاء لَهُ على حد قَاتله الله مَا أشعره وَيُقَال للمصاب المغضوب عَلَيْهِ ويله وويل لَهُ وويلا لَهُ وويل طَوِيل لَهُ وويلا طَويلا فَيجب النصب فِي الْإِضَافَة وَيجوز هُوَ وَالرَّفْع فِي الْإِفْرَاد وَيُقَال عول وعولك وَلَا يفرد وَإِنَّمَا يسْتَعْمل تَابعا لويل ومضافها للتبيين ك (لَك) فِي سقيا لَك وَأما الْمُعَرّف ب (أل) فالرفع فِيهِ أحسن من النصب لِأَنَّهُ صَار معرفَة فقوي فِيهِ الِابْتِدَاء نَحْو الويل لَهُ والخيبة لَهُ لَكِن إِدْخَال (أل) لَيْسَ مطردا فِي جَمِيعهَا وَإِنَّمَا هُوَ سَماع نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فَلَا يُقَال السَّقْي لَك والرعي

وَقَالَ الْفراء والجرمي بقياسه ووهاه أَبُو حَيَّان (ص) وَمِنْه الْمُثَنَّاة كلبيك وَسَعْديك تَابِعَة وحنانيك ودواليك وهذاذيك وحجازيك وحذاريك وحواليك وَلَا تتصرف وَتلْزم الْإِضَافَة وإضافتها لظَاهِر قَالَ ابْن مَالك شَاذَّة لغَائِب وَخَالفهُ أَبُو حَيَّان فَإِن أفردت تصرفت وَزعم يُونُس (لبا) مُفردا قلبت أَلفه وتثنيتها للتكثير وَقيل للشفع وزعمه السُّهيْلي فِي حنانيك خَاصَّة وَالْكَاف فِي مَا هُوَ خبر مفعول وَطلب فَاعل وَقَالَ الأعلم: حرف خطاب وَسمع (لب) كأمس (ش) من الْوَاجِب حذف عَامله لكَونه بَدَلا من فعله قَوْلهم فِي إِجَابَة الدَّاعِي لبيْك وَسَعْديك أَي إِجَابَة بعد إِجَابَة وإسعادا بعد إسعاد أَي كلما دعوتني وأمرتني أَجَبْتُك وساعدتك وَلَا يسْتَعْمل سعديك وَحده بل تَابعا للبيك كعوله بعد ويله

وَيجوز أَن يسْتَعْمل حنانيك وَحده وَمِنْه قَوْلهم حنانيك أَي تحننا بعد تَحَنن وَقد نطق بِفِعْلِهِ قَالَ 734 - (نحنّن على هدَاك الملِيكُ ... فإنّ لكلّ مقَام مَقالاَ) ودواليك من المداولة قَالَ 735 - (إِذا شُقّ بُرْدٌ شُقّ بالبُرْد مِثْلُه ... دَوَالَيْكَ حَتَّى كُلُّنَا غيرُ لاَبسِ)

أَي تداولنا دواليك كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا أَرَادَ أَن يقْعد مَعَ امْرَأَته شقّ كل وَاحِد مِنْهُمَا ثوب الآخر ليؤكد الْمَوَدَّة وهذاذيك قَالَ 736 - (ضَرْباً هَذَاذَيْكَ وطَعْناً وَخْضَا) أَي: تهذ هذاذيك وحجازيك أَي تحجز حجازيك أَي تمنع وحذاريك أَي تحذر أَي ليكن مِنْك حذر بعد حذر

زَاد صَاحب الْبَسِيط حواليك أَي إطاقة بعد إطاقة وَهَذِه المصادر كلهَا لَا تتصرف وَهِي مُلْتَزم فِيهَا الْإِضَافَة والتثنية فَإِن أفرد مِنْهَا شَيْء كَانَ متصرفا كَقَوْلِه 737 - (فَقَالَت: حَنَانٌ مَا أَتَى بكِ هَا هُنا ... ) وَاخْتلف فِي تثنيتها أَهِي تَثْنِيَة يشفع بهَا الْوَاحِد وَهل المُرَاد إِجَابَة مَوْصُولَة بِأُخْرَى ومساعدة مَوْصُولَة بِأُخْرَى وحنان مَوْصُول بآخر أم تَثْنِيَة يُرَاد بهَا التكثير على قَوْلَيْنِ أصَحهمَا الثَّانِي وَقَالَ السُّهيْلي بِالْأولِ فِي حنانيك خَاصَّة قَالَ المُرَاد رَحْمَة فِي الدُّنْيَا وَرَحْمَة فِي الْآخِرَة ورد بِأَن من الْعَرَب من اسْتَعْملهُ وَهُوَ لَا يعْتَقد الْآخِرَة قَالَ طرفَة

738 - (حَنَانَيْكَ بعضُ الشّرّ أَهْون من بَعْض ... ) وَذهب يُونُس إِلَى أَن لبيْك اسْم مُفْرد وَأَصله قبل الْإِضَافَة لبا مَقْصُورا قلبت أَلفه يَاء لأضافته إِلَى الضَّمِير كَمَا قلبوا فِي لديك وَعَلَيْك وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ الْخَلِيل وسيبويه وَالْجُمْهُور أَنه تَثْنِيَة لب كَمَا أَن حنانيك تَثْنِيَة حنان لِأَنَّهُ سمع لب وَلم يسمع لبا وَذكر ابْن مَالك أَن إِضَافَة لبيْك إِلَى الظَّاهِر شَاذَّة كإضافتها إِلَى الضَّمِير الْغَائِب قَالَ 739 - (فَلَبّىْ يَدَىْ مِسْور ... )

وَقَالَ 740 - (لَبَّيْهِ لمَنْ يَدْعُوني ... )

ورده أَبُو حَيَّان بِأَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ فِي كِتَابه يُقَال لبي زيد وسعدي زيد فساق ذَلِك مساق المنقاس المطرد وَالْكَاف فِي نَحْو لبيْك وَسَعْديك وحنانيك الْوَاقِع موقع الْفِعْل الَّذِي هُوَ خبر فِي مَوضِع الْمَفْعُول لِأَن الْمَعْنى لُزُوما وانقيادا لإجابتك ومساعدة لما تحبه وَمعنى قَوْلهم: سُبْحَانَ الله وحنانيه أسبحه وأسترحمه وَالْكَاف فِي نَحْو هَذَا ذيك ودواليك وحنانيك إِذا وَقعت موقع الطّلب فِي مَوضِع الْفَاعِل كَأَنَّهُ قَالَ هذك ومداولتك وتحننك وَزعم الأعلم أَن الْكَاف حرف خطاب لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب كهي فِي (أبصرك) و (النجاك) و (ذَلِك) وحذفت النُّون لشبه الْإِضَافَة وَلِأَن الْكَاف تطلب الِاتِّصَال بِالِاسْمِ كاتصالها باسم الْإِشَارَة وَالنُّون تمنعها من ذَلِك فحذفت ورد بِأَن وُقُوع الِاسْم الظَّاهِر وَضمير الْغَائِب مَوضِع الْكَاف يبطل كَونهَا حرفا وَسمع مُفْرد لبيْك لب بِالْكَسْرِ وَهُوَ مصدر بِمَعْنى إِجَابَة مَنْصُوب مَبْنِيّ كأمس وغاق لقلَّة تمكنه كَذَا نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ ورد بِهِ أَبُو حَيَّان على ابْن مَالك حَيْثُ قَالَ إِنَّه اسْم فعل بِمَعْنى أجبْت (ص) وَمِنْه سُبْحَانَ الله ومعاذ الله وريحانه وَيلْزم سُبْحَانَ الله فِي الْأَصَح وَلَا يتَصَرَّف وَيلْزم الْإِضَافَة وَعرف سُبْحَانَ الله ب (أل) فِي الشّعْر وأفرد منونا وَغَيره وَقيل إِنَّه مَبْنِيّ (ش) من الْبَدَل عَن فعله سُبْحَانَ الله أَي بَرَاءَة لَهُ من السوء وَلَيْسَ مصدرا لسبح بل سبح مُشْتَقّ مِنْهُ كاشتقاق حاشيت من حاشي ولويت من لَوْلَا

وصهصهت وأففت وسوفت وبأبأت ولبيت من صه وأف وسوف وبأبأ ولبيك وَلَا يُقَال: سبح مخففا فَيكون سُبْحَانَ مصدرا لَهُ وَيلْزم الْإِضَافَة وَلَا يتَصَرَّف وَقد يفرد فِي الشّعْر منونا إِن لم تنو الْإِضَافَة كَقَوْلِه 741 - (سبحانَهُ ثمَّ سُبْحاناً نعوذُ بِهِ ... ) وَغير منون إِن نَوَيْت كَقَوْلِه 742 - (سُبْحان من عَلْقَمَة الفاخر ... )

أَرَادَ سُبْحَانَ الله فَحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ وأبقي الْمُضَاف بِحَالهِ وَعرف ب (أل) فِي الشّعْر قَالَ 743 - (سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ذَا السُّبْحَان ... ) وَمن ذَلِك (معَاذ الله) (بِمَعْنى عياذا بِاللَّه) وَيلْزم أَيْضا الْإِضَافَة وَلَا يتَصَرَّف وَمِنْه ريحَان الله بِمَعْنى استرزاق الله وَيلْزم أَيْضا الْإِضَافَة وَلَا يتَصَرَّف وَلم ينْطق لَهُ بِفعل من لَفظه فَيقدر من مَعْنَاهُ أَي استرزقه وَلَا يسْتَعْمل مُفردا بل مقترنا مَعَ (سُبْحَانَ الله) وَقيل: يسْتَعْمل وَحده لِأَن سِيبَوَيْهٍ لم يذكرهُ مقترنا مَعَ سُبْحَانَ الله وَلَا نبه على ذَلِك وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن سُبْحَانَ علم للتسبيح مَمْنُوع الصّرْف وَقيل: هُوَ مَبْنِيّ، لِأَنَّهُ لَا يتَصَرَّف وَلَا ينْتَقل عَن هَذَا الْموضع فَأشبه الْحَرْف (ص) وَمِنْه سَلاما وحجرا وَمِنْه عجبا وحمدا وشكرا لَا كفرا وَهل هُوَ خبر أَو إنْشَاء أَو يلْزم اجْتِمَاعهمَا خلاف وَمِنْه أَفعلهُ وكرامة ومسرة

ونعمة عين وحبا ونعام عين وَلَا أَفعلهُ وَلَا كيدا وَلَا هما ولأفعلنه ورغما وَهَوَانًا وَجَاء رفع بَعْضهَا وطرده ابْن عُصْفُور وَمِنْه صلفا وكرما فِي التَّعَجُّب وَهل مِنْهُ غفرانك خلاف (ش) من الْبَدَل عَن فعله سَلاما بِمَعْنى بَرَاءَة مِنْكُم لَا خير بَيْننَا وَلَا شَرّ وَلَا يتَصَرَّف بِخِلَاف (سَلام) بِمَعْنى التَّحِيَّة فَإِنَّهُ يتَصَرَّف وَمِنْه حجرا بِكَسْر الْحَاء يُقَال للرجل أتفعل هَذَا فَيَقُول حجرا أَي منعا أَي أمنع نَفسِي وأبعده وَأَبْرَأ مِنْهُ وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ أَي سترا وَبَرَاءَة من هَذَا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا} [الْفرْقَان: 22] وَلَا يتَصَرَّف إِذا كَانَ مشابا معنى المبادأة والتعوذ بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ على أَصله من الْمَنْع أَو السّتْر من غير أَن يشاب هَذَا الْمَعْنى فَإِنَّهُ متصرف كَقَوْلِه تَعَالَى {لذِي حجر} [الْفجْر: 5] وَمن ذَلِك عجبا وحمدا وشكرا لَا كفرا قَالَ ابْن مَالك وَهِي إنْشَاء قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا قَالَ الشلوبين أَيْضا فَقَالَ إِن قلت كَيفَ يكون هَذَا مِمَّا لَا يظْهر فعله وَلَا شكّ أَنه يجوز أَن تَقول حمدت الله حمدا وأحمده حمدا فَالْجَوَاب إِنَّمَا تكلم سِيبَوَيْهٍ فِي (حمد) الَّذِي هُوَ نفس الْحَمد أَعنِي الَّذِي هُوَ صِيغَة الْإِنْشَاء للحمد وَهَذَا لَا يظْهر مَعَه الْفِعْل بل يتعاقبان وَالَّذِي أوردهُ الْمُعْتَرض إِنَّمَا هُوَ مَحْض الْخَبَر عَن الْحَمد لَا نفس الْحَمد قَالَ أَبُو حَيَّان: وَالَّذِي ذكره ابْن عُصْفُور أَن هَذِه الْأَلْفَاظ خبر فَإِنَّهُ قَالَ عجبا وحمدا وشكرا ثلاثتها مصَادر قَائِمَة مقَام أفعالها الناصبة لَهَا أَي أعجب عجبا وَأحمد حمدا وأشكر شكرا وتفارق ويله وَأَخَوَاتهَا فِي أَن معنى هَذِه الْخَبَر وَمعنى تِلْكَ الدُّعَاء وتفارق سُبْحَانَ الله وأخواته وَإِن كَانَ مَعْنَاهَا الْخَبَر من جِهَة أَنَّهَا تتصرف فتستعمل مَرْفُوعَة كَقَوْلِه 744 - (عجبٌ لتلكَ قَضِيّةٌ وإقامتي ... فيكُمُ على تِلْك القَضِيّة أَعْجَبُ)

وَتلك لَا تتصرف وَقد سردها سِيبَوَيْهٍ مَعَ مَا هُوَ خبر فَقَالَ (هَذَا بَاب مَا ينْتَصب على إِضْمَار الْفِعْل الْمَتْرُوك إِظْهَاره من ذَلِك قَوْلك حمدا وشكرا لَا كفرا وعجبا وأفعل ذَلِك وكرامة ومسرة ونعمة عين وحبا ونعام عين وَلَا أفعل ذَلِك وَلَا كيدا وَلَا هما وَلَأَفْعَلَن ذَلِك ورغما وَهَوَانًا فَإِنَّمَا ينْتَصب هَذَا على إِضْمَار الْفِعْل كَأَنَّك قلت أَحْمد الله حمدا وأشكر الله شكرا وأعجب عجبا وأكرمك كَرَامَة وأسرك مَسَرَّة وَلَا أكاد كيدا وَلَا أهم هما وأغرمك رغما ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَقد جَاءَ بعض هَذَا رفعا يبتدأ ثمَّ يَبْنِي عَلَيْهِ كَقَوْلِه عجب لتِلْك قَضِيَّة الْبَيْت قَالَ وَسَمعنَا بعض الْعَرَب يُقَال لَهُ كَيفَ أَصبَحت فَيَقُول حمد الله وثناء عَلَيْهِ كَأَنَّهُ يَقُول أَمْرِي وشأني حمد الله وثناء عَلَيْهِ انْتهى قَالَ أَبُو عَمْرو بن بَقِي قَول سِيبَوَيْهٍ حمدا وشكرا لَا كفرا لَهُ كَذَا تكلم بِالثَّلَاثَةِ مجتمعة وَقد تفرد وعجبا مُفْرد عَنْهَا

وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا يسْتَعْمل كفرا إِلَّا مَعَ حمدا وشكرا وَلَا يُقَال أبدا حمدا وَحده وشكرا إِلَّا أَن يظْهر الْفِعْل على الْجَوَاز وَلَا يلْزم الْإِضْمَار إِلَّا مَعَ لَا كفرا فَهَذِهِ الْأُمُور لما جرت مجْرى الْمثل يَنْبَغِي أَن يلْتَزم فِيهَا مَا التزمته الْعَرَب وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا يسْتَعْمل (أفعل ذَلِك وكرامة) إِلَّا جَوَابا أبدا وَكَأن قَائِلا قَالَ أفعل ذَلِك أَو أتفعله فَقلت أَفعلهُ وأكرمك بِفِعْلِهِ كَرَامَة وأسرك مَسَرَّة بعد مَسَرَّة وَلَا يسْتَعْمل مَسَرَّة إِلَّا بعد كَرَامَة وَكَذَا نعمى عين بعد (حبا) لَا يُقَال مَسَرَّة وكرامة وَلَا نعمي عين وحبا وكرامة هَذَا اسْم مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر الَّذِي هُوَ الْإِكْرَام وَكَذَا نعْمَة عين ونعام عين اسمان فِي معني إنعام ونعام عين بِضَم النُّون وَكسرهَا وَفتحهَا وَأنكر الشلوبين الْفَتْح و (أكاد) الَّذِي قدره سِيبَوَيْهٍ فِي كيدا اخْتلف فِيهِ فَقَالَ الأعلم هِيَ النَّاقِصَة وَالْمعْنَى وَلَا أكاد أقَارِب الْفِعْل وَحذف الْخَبَر للْعلم بِهِ وَقَالَ ابْن طَاهِر هِيَ التَّامَّة وَالْمعْنَى وَلَا مقاربة وهما من هَمَمْت بالشَّيْء وَلَأَفْعَلَن ذَلِك ورغما جَوَاب لمن قَالَ أَفعلهُ وَإِن رغم أَنفه رغما وَإِن هان هوانا قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول سِيبَوَيْهٍ وَقد جَاءَ بعض هَذَا رفعا فِيهِ دَلِيل على أَنه لَا يطرد وَبِه صرح صَاحب الْبَسِيط وَهُوَ مُخَالف لكَلَام ابْن عُصْفُور أَنَّهَا تسْتَعْمل مَرْفُوعَة انْتهى وَمن ذَلِك قَوْلك فِي التَّعَجُّب كرما وصلفا قَالَ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهُ صَار بَدَلا من أكْرم بِهِ وأصلف قَالَ بَعضهم وَيقدر ناصبه كرم كرما وصلف صلفا لِأَن أبنية التَّعَجُّب لَيْسَ مِنْهَا مَا لَهُ مصدر إِلَّا فعل وَمن ذَلِك (غفرانك) عدَّة ابْن مَالك تبعا للزجاجي فِيمَا هُوَ بدل من اللَّفْظ بِالْفِعْلِ وَقيل هُوَ من قبيل مَا يجوز إِظْهَار ناصبه واضطرب كَلَام ابْن عُصْفُور فِي ذَلِك فَمرَّة قَالَ بِالْأولِ وَمرَّة قَالَ بِالثَّانِي

مواضع وجوب حذف عامل المصدر

وَاخْتلف هَل الْفِعْل الناصب لَهُ بِمَعْنى الطّلب أَو بِمَعْنى الْخَبَر فَذهب الزّجاج إِلَى الأول وَأَن التَّقْدِير أَغفر غفرانك وَعَزاهُ السجاوندي إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَذهب الزَّمَخْشَرِيّ إِلَى الثَّانِي وَأَن التَّقْدِير نستغفرك غفرانك وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه مَنْصُوب على الْمَفْعُول بِهِ أَي نطلب أَو نسْأَل غفرانك وَجوز بَعضهم فِيهِ الرّفْع على الِابْتِدَاء أَو إِضْمَار الْخَبَر أَي غفرانك مطلوبنا مَوَاضِع وجوب حذف عَامل الْمصدر (ص) وَمِنْهَا الْوَاقِع فِي توبيخ مَعَ اسْتِفْهَام أَو لَا للنَّفس أَو غَيرهَا أَو تَفْصِيل عَاقِبَة طلب أَو خبر أَو نَائِبا عَن خبر اسْم عين بتكرير أَو حصر أَو مُؤَكد جملَة لَا تحْتَمل غَيره وَيُسمى مُؤَكد نَفسه أَو تحْتَمل فمؤكد غَيره وَيلْزم فِيهِ معرفَة الْبَتَّةَ وَلَا يقدم عَلَيْهَا فِي الْأَصَح إِلَّا نَحْو أجدك لَا تفعل اللَّازِم للإضافة لمناسب الْفَاعِل وإيلائه غَالِبا (لَا) أَو (لم) أَو (لن) وَجوز الزّجاج توسيطه وسيبويه رَفعه والمبرد الْبَاقِي وَمِنْهَا الْمُشبه بِهِ مشعرا بحدوث بعد جملَة مُشْتَمِلَة على مَعْنَاهُ وَصَاحبه دون صَالح للْعَمَل وَيجوز إتباعه قَالَ ابْن خروف بِضعْف وَابْن عُصْفُور سَوَاء وَهُوَ أولى إِن خلت الْجُمْلَة (ش) من الْمَوَاضِع الَّتِي يجب فِيهَا حذف عَامل الْمصدر مَا وَقع فِي توبيخ سَوَاء مَعَ اسْتِفْهَام كَقَوْلِه:

745 - (أَذُلاًّ إِذا شبّ العِدَى نارَ حَرْبهمْ ... وزَهْواً إِذا مَا يَجْنَحُونَ إِلَى السّلم) أم دونه كَقَوْلِه: 746 - (خُمولاً وإهمالاً وَغَيْرك مُولَعٌ ... بتثبيت أَسبَاب السِّيادة والمَجْدِ) سَوَاء كَانَ التوبيخ للمخاطب كَمَا مثل وَكَقَوْلِه: 747 - (أطَرَباً وأَنْت قِنَّسْريُّ ... )

أم للنَّفس كَقَوْل عَامر بن الطُّفَيْل يُخَاطب نَفسه أغدة كَغُدَّة الْبَعِير وموتا فِي بَيت سَلُولِيَّة وَمِنْهَا مَا وَقع تَفْصِيل عَاقِبَة طلب أَو خبر فالطلب نَحْو: {فشدوا الوثاق فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} [مُحَمَّد: 4] وَالْخَبَر نَحْو: 748 - (لأجْهَدَنَّ فإمّا دَرْءُ واقعةٍ ... تُخْشَى وَإِمَّا بُلُوغ السُّؤْل والأمَل) وَمِنْهَا مَا وَقع نَائِبا عَن خبر اسْم عين بتكرير أَو حصر فالتكرير نَحْو زيد سيرا سيرا أَي يسير وَكَقَوْلِه: 749 - (أنَا جدًّا جدًّا ولَهْوُكَ يَزْدَادُ ... إِذن مَا إِلَى اتِّفاق سَبيلُ)

أَي أجد جدا والحصر نَحْو إِنَّمَا زيد سيرا وَمَا زيد إِلَّا سيرا أَي يسير وَكَقَوْلِه: 750 - (ألاَ إِنَّمَا المُسْتَوْجُبون تفضُّلاً ... بدَاراً إِلَى نَيْل التّقدّم فِي الفَضْل) أَي يبادرون بدارا جعل أحد اللَّفْظَيْنِ فِي التكرير عوضا من ظُهُور الْفِعْل وَقَامَ مقَامه فِي الْحصْر (إِنَّمَا) أَو (مَا) و (إِلَّا) فَلَو كَانَ الْمخبر عَنهُ اسْم معنى وَجب رفع الْمصدر خَبرا عَنهُ نَحْو جدك جد عَظِيم وَإِنَّمَا بدارك بدار حَرِيص وَمِنْهَا مَا وَقع مؤكدا لمضمون جملَة فَإِن كَانَ لَا يتَطَرَّق إِلَيْهَا احْتِمَال يَزُول بِالْمَصْدَرِ سمي مؤكدا لنَفسِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة تَكْرِير الْجُمْلَة فَكَأَنَّهُ نفس الْجُمْلَة نَحْو (لَهُ على دِينَار اعترافا) وَإِن كَانَ مَفْهُوم الْجُمْلَة يتَطَرَّق إِلَيْهِ احْتِمَال يَزُول بِالْمَصْدَرِ سمي مؤكدا لغيره لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَة تَكْرِير الْجُمْلَة فَهُوَ غَيرهَا لفظا وَمعنى نَحْو أَنْت ابْني حَقًا

قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْمصدر الْمُؤَكّد بِهِ فِي ضربيه يجوز أَن يَأْتِي نكرَة وَمَعْرِفَة بِاللَّامِ وبالإضافة فالنكرة نَحْو هَذَا عبد الله حَقًا وقطعا ويقينا وَهُوَ عَالم جدا والمعرفة نَحْو هَذَا عبد الله الْحق لَا الْبَاطِل وَالْيَقِين لَا الشَّك والمضاف نَحْو صنع الله ووعد الله وصبغة الله وَكتاب الله وَقد الْتزم فِي بَعْضهَا التَّعْرِيف فَقَط نَحْو الْبَتَّةَ كَقَوْلِك لَا أَفعلهُ الْبَتَّةَ وَمَعْنَاهُ الْقطع وَلَا أَعُود إِلَيْهِ الْبَتَّةَ وَأَنت طَالِق الْبَتَّةَ ثمَّ هَذَا الْمصدر الْمُؤَكّد بضربيه لَا يجوز تَقْدِيمه على الْجُمْلَة الْمُؤَكّدَة على الصَّحِيح وَسَببه أَن الْعَالم فِيهِ فعل يفسره مضمونها من جِهَة الْمَعْنى إِن التَّقْدِير فِي لَهُ على دِينَار اعترافا أعترف بذلك اعترافا وَفِي هُوَ ابْني حَقًا أحقه حَقًا فَأشبه مَا الْعَامِل فِيهِ معنى الْفِعْل فَلم يجز تَقْدِيمه قِيَاسا عَلَيْهِ وَأَجَازَ الزّجاج توسطيه فَيُقَال هَذَا حَقًا عبد الله قَالَ لِأَنَّهُ إِذا تقدم جُزْء فقد تقدم مَا يدل على الْفِعْل وَاسْتشْهدَ بقوله: 751 - (وكَذَاكُمْ مَصِيرُ كُلّ أُنَاس ... سَوف حَقًّا تُبْلِيهمُ الأيّامُ) وَقَوله: 752 - (إِنِّي وَرَبِّ الْقَائِم المَهْدِيّ ... مَا زلْتُ حقًّا يَا بني عَدِيّ) (أَخا اعتِلال وَعلَى أَدِيِّ ... ) أَي سفر وَأَجَازَ قوم تَقْدِيمه وَاسْتَدَلُّوا بقَوْلهمْ أحقا زيد منطلق وأوله المانعون على أَن حَقًا هُنَا نصب على الظّرْف لَا على الْمصدر أَي أَفِي حق زيد منطلق نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ قَالَ ابْن مَالك رَحمَه الله وَأما قَوْلهم أجدك لَا تفعل فَأجَاز فِيهِ الْفَارِسِي تقديرين

أَحدهمَا أَن يكون لَا تفعل فِي مَوضِع الْحَال وَالثَّانِي أَن يكون أَصله أجدك أَن لَا تفعل ثمَّ حذفت أَن وَبَطل عَملهَا وَزعم الشلوبين أَن فِيهِ معنى الْقسم وَلذَلِك قدم انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان قد أدخلهُ سِيبَوَيْهٍ فِي الْمصدر الْمُؤَكّد لما قبله وَهُوَ بِمَنْزِلَة أحقا وَلَا تفعل كَذَا وَلَا تسْتَعْمل إِلَّا مُضَافا وغالبا بعد لَا أَو لم أَو لن قَالَ فِي النِّهَايَة وَالِاسْم الْمُضَاف إِلَيْهِ (جد) حَقه أَن يُنَاسب فَاعل الْفِعْل الَّذِي فِي التَّكَلُّم وَالْخطاب والغيبة نَحْو أجدي أكرمتك وأجدك لَا تفعل وأجدك لم تفعل وأجده لم يزرنا وَعلة ذَلِك أَنه مصدر يُؤَكد الْجُمْلَة الَّتِي بعده فَلَو أضفته لغير فَاعله اخْتَلَّ التوكيد قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن قلت كَيفَ أَدخل سِيبَوَيْهٍ هَذَا فِي الْمصدر الْمُؤَكّد لما قبله وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّك إِذا فرضته مؤكدا فَإِنَّمَا يكون مؤكدا لما بعده قلت إِنَّمَا هُوَ جَوَاب لمن قَالَ أَنا لَا أفعل كَذَا وَأَنا أفعل كَذَا فبلا شكّ أَن الْمُتَكَلّم يحمل كَلَامه على الْجد فَهُوَ يَقُوله فَإِذا قلت أتجد ذَلِك جدا فَهُوَ مُؤَكد لما قبله وَجوز سِيبَوَيْهٍ رفع هَذَا النَّوْع كُله أَي الْمصدر الْمُؤَكّد بجملة على تَقْدِير الِابْتِدَاء وَيكون لَازِما الْإِضْمَار كالفعل فَصنعَ الله مثلا على إِضْمَار (هُوَ) أَو (ذَلِك) و (لَهُ على ألف) اعْتِرَاف كَذَلِك وَجوز الْمبرد رفع الْبَاقِي الْخَبَر المكرر والمحصور فَيُقَال زيد سير سير وَإِنَّمَا أَنْت سير

وَمن الْمَوَاضِع الَّتِي يجب فِيهَا حذف عَامل الْمصدر مَا وَقع مشبها بِهِ مشعرا بحدوث بعد جملَة حاوية فعله وفاعله معنى دون لفظ وَلَا صَلَاحِية للْعَمَل فِيهِ كَقَوْلِك مَرَرْت بِهِ فَإِذا لَهُ صَوت صَوت حمَار وَله صُرَاخ صارخ الثكلى وَقَوله: 753 - (لَهُ صَرِيفٌ صَرِيفَ الْقَعْوِ بِالْمَسَد ... ) واحترزنا بقولنَا مشعرا بحدوث عَمَّا لَا يشْعر بِهِ نَحْو لَهُ ذكاء ذكاء الْحُكَمَاء فَلَا يجوز نَصبه لِأَن نصب صَوت وَشبهه إِنَّمَا يكون لكَون مَا قبله بِمَنْزِلَة يفعل مُسْندًا إِلَى فَاعل إِذْ التَّقْدِير فِي (وَله صَوت) وَهُوَ يصوت فاستقام نصب مَا بعده لِاسْتِقَامَةِ تَقْدِير الْفِعْل فِي مَوْضِعه وَذَلِكَ لَا يُمكن فِي (لَهُ ذكاء) فَلم يستقم النصب وبقولنا بعد جملَة عَمَّا بعد مُفْرد نَحْو صَوته صَوت حمَار فَلَا يجوز نَصبه وبقولنا حاوية إِلَى آخِره عَن نَحْو فِيهَا صَوت صَوت حمَار وَعَلِيهِ نوح نوح الْحمام فالنصب فِي ذَلِك ضَعِيف لِأَنَّهُ لم يشْتَمل على صَاحب الصَّوْت فَلم يُمكن تَقْدِيره ب (يصوت) فَوجه النصب على ضعفه أَن الصَّوْت يدل على المصوت وبقولنا وَلَا صَلَاحِية للْعَمَل عَمَّا لَا يصلح للْعَمَل فِي الْمصدر نَحْو هُوَ مصوت صَوت حمَار فَإِن صَوت حمَار هُنَا ينْتَصب (بمصوت) لَا بمضمر

ما ينوب عن المصدر

ثمَّ إِذا اجْتمعت الشُّرُوط فَإِن كَانَ معرفَة تعين فِيهِ مَا ذكر من النصب على المصدرية نَحْو لَهُ صَوت صَوت الْحمار وَإِن كَانَ نكرَة جَازَ فِيهِ مَعَ ذَلِك الحالية بِتَقْدِير فعل أَي يبديه ويخرجه صَوت حمَار وَيجوز الرّفْع فِي الْمعرفَة والنكرة على الإتباع بَدَلا فيهمَا ونعتا فِي النكرَة وَعلي الخبرية بِتَقْدِير الْمُبْتَدَأ فيهمَا وَجعل ابْن خروف النصب فِي هَذَا النَّوْع أقوى من الرّفْع قَالَ لِأَن الثَّانِي لَيْسَ بِالْأولِ فيدخله الْمجَاز والاتساع وجعلهما ابْن عُصْفُور متكافئين لِأَن فِي الرّفْع الْمجَاز وَفِي النصب الْإِضْمَار والإتباع أولى من النصب إِن خلت الْجُمْلَة عَن صَاحبه كَمَا تقدم مَا يَنُوب عَن الْمصدر (ص) مَسْأَلَة أنابوا عَنهُ صِفَات كعائذا بك وهينا وأقائما وَقد قعدوا وأعيانا كتربا وجندلا وفاها لفيك وأأعور وَذَا نَاب وَلَا يُقَاس وَفِي الصِّفَات خلف وَالأَصَح أَنَّهَا أَحْوَال والأعيان مفعولات وَسمع رفع ترب وقاس سِيبَوَيْهٍ رفع أَعْيَان غير الدُّعَاء (ش) أنابوا عَن الْمصدر اللَّازِم إِضْمَار ناصبه صِفَات كعائذا بلك وهنيا لَك وأَقائما وَقد قعد النَّاس وأقاعدا وَقد سَار الركب وَهِي أَسمَاء فاعلين وهنيء من هنؤ كشريف من شرف قَالَ بعض المغاربة وَهِي مَوْقُوفَة على السماع وَزعم بَعضهم أَن ذَلِك مقيس عِنْد سِيبَوَيْهٍ يُقَال لَك من لَازم صفة دائبا عَلَيْهَا نَحْو أضاحكا وأخارجا

وأنابوا عَنهُ أَيْضا أَسمَاء أَعْيَان قَالُوا تربا وجندلا فِي معنى تربت يَدَاهُ أَي لَا أصَاب خيرا والترب التُّرَاب والجندل الْحِجَارَة وَقَالُوا فاها لفيك أَي فالداهية وَيسْتَعْمل هَذَا فِي معنى الدُّعَاء أَي دهاه الله وَقيل ضمير (فاها) للخيبة وَقَالُوا (أأعور وَذَا نَاب) والمقصور بِهِ الْإِنْكَار وَأَصله أَن بني عَامر لما قَاتلُوا بني أَسد جعلُوا فِي مقدمتهم عِنْد اللِّقَاء جملا أَعور مُشَوه الْخلق ذَا نَاب وَهُوَ السن فَقَالَ بعض الأسديين ذَلِك مُنْكرا عَلَيْهِم وَلَا يُقَاس هَذَا النَّوْع إِجْمَاعًا لَا يُقَال أَرضًا وَلَا جبلا وَرَأى الْأَكْثَرين أَن نصب الصِّفَات الْمَذْكُورَة على الحالية الْمُؤَكّدَة لعاملها الْمُلْتَزم إضماره وَالتَّقْدِير أعوذ وأتقوم وأتقعد وَنصب الْأَعْيَان على المفعولية بِفعل مُقَدّر وَالتَّقْدِير أطعمك الله أَو ألزمك تربا وجندلا وألزمك الله فاها لفيك وأتستقبلون أعو وَذَا نَاب وَذهب الْمبرد إِلَى إِن هَذِه الصِّفَات مَنْصُوبَة على أَنَّهَا مصَادر جَاءَت على فَاعل كالمالح والعافية وَذهب الشلوبين وَغَيره إِلَى أَن تربا وجندلا انتصاب انتصاب الْمصدر بِدَلِيل جَوَاز دُخُول اللَّام فَيُقَال تربا لَك كَمَا يُقَال سقيا لَك وَذهب ابْن عُصْفُور وَابْن خروف إِلَى أَن أَعور وَذَا نَاب حَال وَالتَّقْدِير أتستقبلونه أَعور وَسمع رفع (ترب) على الِابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر قَالَ: 754 - (فَتُرْبٌ لأفْواهِ الوُشاةِ وجِنْدَلُ ... )

قَالَ ابْن حَيَّان وَلَا ينقاس الرّفْع فِي أَسمَاء الْأَعْيَان الَّتِي يَدعِي بهَا لَو قلت فوها لفيك على قصد الدُّعَاء لم يجز وَأما غير الْمَدْعُو بهَا فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ لَو قَالَ أَعور وَذُو نَاب كَانَ مصيبا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مُبْتَدأ خَبره مُقَدّر أَي مستقبلكم أَو مصادفكم

المفعول له

الْمَفْعُول لَهُ [شُرُوطه] (ص) الْمَفْعُول لَهُ شَرطه أَن يكون مصدرا خلافًا ليونس مُعَللا قيل وَمن أَفعَال الْبَاطِن وَشرط الْمُتَأَخّرُونَ والأعلم مشاركته لَفظه وقتا وفاعلا والجرمي والمبرد والرياشي تنكيره وَالأَصَح أَن نَصبه نصب الْمَفْعُول بِهِ المصاحب فِي الأَصْل جارا لأنواع الْمصدر وَلَا بِفعل من لَفظه وَاجِب الْإِضْمَار فَإِن فقد شَرط جر بِاللَّامِ أَو من أَو الْبَاء قيل أَو فِي إِلَّا مَعَ أَن وَأَن وَيكثر مَعهَا مَقْرُونا ب (أل) ويقل مُجَردا وَمنعه الْجُزُولِيّ ويستويان مُضَافا وَيجوز تَقْدِيمه خلافًا لقوم لَا تعدده وَلَو مجرورا (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان تظافرت نُصُوص النَّحْوِيين على اشْتِرَاط المصدرية فِي الْمَفْعُول لَهُ وَذَلِكَ أَن الْبَاعِث إِنَّمَا هُوَ الْحَدث لَا الذوات وَزعم يُونُس أَن قوما من الْعَرَب يَقُولُونَ أما العبيد فذو عبيد بِالنّصب وتأوله على الْمَفْعُول لَهُ وَإِن كَانَ العبيد غير مصدر

وأوله الزّجاج بِتَقْدِير التَّمَلُّك ليصير إِلَى معنى الْمصدر كَأَنَّهُ قيل أما تملك العبيد أَي مهما تذكره من أجل تملك العبيد وَشَرطه أَن يكون مُعَللا بِخِلَاف المصادر الَّتِي لَا تَعْلِيل فِيهَا كقعد جُلُوسًا وَرجع الْقَهْقَرَى وَشرط بعض الْمُتَأَخِّرين فِيهِ أَن يكون من أَفعَال النَّفس الْبَاطِنَة نَحْو جَاءَ زيد خوفًا ورغبة بِخِلَاف أَفعَال الْجَوَارِح الظَّاهِرَة نَحْو جَاءَ زيد قتالا للْكفَّار وَقِرَاءَة للْعلم فَلَا يكون مَفْعُولا لَهُ وَشرط الأعلم والمتأخرون مشاركته لفعله فِي الْوَقْت وَالْفَاعِل نَحْو ضربت ابْني تأديبا بِخِلَاف مَا لم يُشَارِكهُ فِي الْوَقْت نَحْو 755 - (وَقد نَضَّت لنَوْم ثِيَابَها ... ) لِأَن النض لَيْسَ وَقت النّوم أَو الْفَاعِل نَحْو:

756 - (وإنّي لَتَعْرُوني لذِكراك هَزّة ... ) وفاعل (تعروني) (هزة) وفال (ذكرى) الشَّاعِر أَي لذكراي إياك فيجران بِاللَّامِ وَلم يشْتَرط ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَلَا أحد من المقدمين فَيجوز عِنْدهم أكرمتك أمس طَمَعا غَدا فِي مَعْرُوفك وَجئْت حذر زيد وَمِنْه: {يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا} [الرَّعْد: 12] ففاعل الْإِرَادَة هُوَ الله وَالْخَوْف والطمع من الْخلق وَشرط الْجرْمِي والمبرد والرياشي كَونه نكرَة وَأَنه إِن وجدت فِيهِ (أل) فزائدة لِأَنَّهُ المُرَاد ذكر ذَات السَّبَب الْحَامِل فَيَكْفِي فِيهِ النكرَة فالتعريف زِيَادَة لَا يحْتَاج إِلَيْهَا ورده سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور فَإِن السَّبَب الْحَامِل قد يكون مَعْلُوما عِنْد الْمُخَاطب فيحمله عَلَيْهِ فيعرفه ذَات السَّبَب وَأَنَّهَا الْمَعْلُومَة لَهُ وَلَا تنَافِي بَينهمَا فمجموع الشُّرُوط بِاتِّفَاق وَاخْتِلَاف سِتَّة وَبَقِي سَابِع وَهُوَ أَلا يكون من لفظ الْفِعْل فَإِن كَانَ فمفعول مُطلق لِأَن الشَّيْء لَا يكون عِلّة لنَفسِهِ وَهَذَا الشَّرْط رَاجع إِلَى معنى الشُّرُوط الْمَذْكُورَة كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان فَلِذَا لم أصرح بِهِ

وَاخْتلف فِي ناصبه فَالصَّحِيح وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والفارسي أَن ناصبه مفهم الْحَدث نصب الْمَفْعُول بِهِ المصاحب فِي الأَصْل حرف جر لِأَنَّهُ جَوَاب لَهُ وَالْجَوَاب أبدا على حسب السُّؤَال فقولك فِي جَوَاب لم ضربت زيدا ضَربته تأديبا أَصله للتأديب إِلَّا أَنه أسقط اللَّام وَنصب وَلِهَذَا تُعَاد إِلَيْهِ فِي مثل ابْتِغَاء الثَّوَاب تَصَدَّقت لَهُ لِأَن الضَّمِير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه ينْتَصب انتصاب المصادر وَلَيْسَ على إِسْقَاط حرف الْجَرّ وَلذَلِك لم يترجموا لَهُ اسْتغْنَاء بِبَاب الْمصدر عَنهُ وَكَأَنَّهُ عِنْدهم من قبيل الْمصدر الْمَعْنَوِيّ فَإِذا قلت ضربت زيدا تأديبا فكأنك قلت أدبته تأديبا وَذهب الزّجاج فِيمَا نقل ابْن عُصْفُور عَنهُ إِلَى أَنه ينْتَصب فعل مُضْمر من لَفظه فالتقدير فِي جِئْت إِكْرَاما لَك أكرمتك إِكْرَاما لَك حذف الْفِعْل وَجعل الْمصدر عوضا من اللَّفْظ بِهِ فَلذَلِك لم يظْهر وَمَتى فقد شَرط من الشُّرُوط الْمُتَقَدّمَة وَجب جَرّه بِاللَّامِ وَامْتنع النصب فمثال فقد المصدرية جئْتُك للْمَاء وللعشب وللسمر وَمِثَال فقد الْمُشَاركَة البيتان السابقان وَقد يجر بِمن أَو الْبَاء لِأَنَّهُمَا فِي معنى اللَّام نَحْو: {خَاشِعًا متصدعا من خشيَة الله} [الْحَشْر: 21] {فَبَظٌ لْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُواْ} [النِّسَاء: 160] قيل وَقد يجر ب (فِي) السَّبَبِيَّة نَحْو (دخلت امْرَأَة النَّار فِي هرة) وَلَا يتَعَيَّن الْجَرّ مَعَ أَن وَأَن وَإِن كَانَا غير مصدرين لِأَنَّهُمَا يقدران بِالْمَصْدَرِ وَإِن لم يتَّخذ فيهمَا الْفَاعِل أَو الْوَقْت لِأَن حرف الْجَرّ يحذف مَعَهُمَا كثيرا نَحْو أزورك أَن تحسن إِلَيّ أَو أَنَّك تحسن إِلَيّ

وَلَا يتَعَيَّن النصب أَيْضا عِنْد اسْتِيفَاء الشُّرُوط بل يجوز مَعَ الْجَرّ ثمَّ إِن كَانَ مُجَردا من اللَّام وَالْإِضَافَة فالنصب أَكثر ويقل الْجَرّ كالأمثلة السَّابِقَة وَيجوز ضَربته لتأديب وَذهب الْجُزُولِيّ إِلَى تعين نَصبه وَمنع جَرّه قَالَ الشلوبين 757 - لَا أقعدُ الجُبْنَ عَن الهَيْجَاء وَلَا سلف لَهُ فِي ذَلِك وَإِن كَانَ مُعَرفا بِاللَّامِ فالجر أَكثر ويقل النصب كَقَوْلِه: 758 - (شَنُّوا الإغارةَ فُرْسَانًا ورُكْبَانا ... )

وَيجوز للجبن وللإغارة وَإِن كَانَ مُضَافا اسْتَوَى نَصبه وجره قَالَ تَعَالَى: {يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ابْتِغَاء مرضات الله} [الْبَقَرَة: 265] وَقَالَ: {لِإِيلَافِ قُرَيْش} [قُرَيْش: 1) وَيجوز تَقْدِيم الْمَفْعُول لَهُ على عَامله وَمنعه ثَعْلَب وَطَائِفَة ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ 759 - (فَمَا جَزَعاً ورَبِّ النّاس أَبْكِي ... ) وَقَالَ: 760 - (طَربْتُ وَمَا شَوْقاً إِلَى الْبيض أَطْرَبُ ... )

وَلَا يجوز تعدد الْمَفْعُول لَهُ مَنْصُوبًا كَانَ أَو مجرورا وَمن ثمَّ منع فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} [الْبَقَرَة: 231] فَتعلق {لتعتدوا} ب {تمسكوهن} على جعل: {ضِرَارًا} مفعول لَهُ وَإِنَّمَا يتَعَلَّق بِهِ على جعل (ضِرَارًا) حَالا

المفعول فيه

الْمَفْعُول فِيهِ (ص) وَهُوَ مَا ضمن من اسْم وَقت معني (فِي) باطراد لوَاقِع فِيهِ وَلَو مُقَدرا ناصب لَهُ وَيصْلح لَهُ مُبْهَم الْوَقْت ومختصه فَإِن جَازَ أَن يخبر عَنهُ أَو يجر بِغَيْر (من) فمتصرف إِمَّا منصرف ك (حِين) أَو لَا ك (غدْوَة) و (بكرَة) علمين وَإِلَّا فَعير منصرف كبعيدات بَين وَمَا عين من بكرَة وسحير وضحى وضحوة وصباح وليل ونهار وعتمة وعشاء وَعَشِيَّة وَقد تمنع وَجوز الكوفية تصرف ضحى وعتمة وليل أَو مَمْنُوع ك (سحر) معينا مُجَردا (ش) الْمَفْعُول فِيهِ الَّذِي يُسمى ظرفا مَا ضمن من اسْم وَقت أَو مَكَان معنى (فِي) باطراد لوَاقِع فِيهِ مَذْكُور أَو مُقَدّر ناصب لَهُ فَمَا ضمن جنس يَشْمَل الظّرْف وَالْحَال أوالسهل والجبل من قَول الْعَرَب مُطِرْنَا السهل والجبل وَقَوْلنَا من اسْم وَقت أَو مَكَان يخرج الْحَال وَقَوْلنَا باطراد يخرج السهل والجبل من الْمِثَال الْمَذْكُور فَإِنَّهُ لَا يُقَاس عَلَيْهِ لَا فِي الْفِعْل وَلَا فِي الْأَمَاكِن فَلَا يُقَال أخصبنا السهل والجبل وَلَا مُطِرْنَا

القيعان والتلول بل يقْتَصر فِيهِ على مورد السماع بِخِلَاف مَا ينصب على الظَّرْفِيَّة فَإِنَّهُ يجوز أَن يخلف الِاسْم وَالْفِعْل غَيرهمَا تَقول جَلَست خَلفك فَيجوز قعدت خَلفك وَجَلَست أمامك والناصب للْمَفْعُول فِيهِ هُوَ الْفِعْل الْوَاقِع فِيهِ ظَاهرا نَحْو قُمْت يَوْم الْجُمُعَة وَقمت أمامك فالقيام وَاقع فِي يَوْم الْجُمُعَة وَفِي الْأَمَام وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ أَو مُقَدرا نَحْو زيد أمامك والقتال يَوْم الْجُمُعَة فالعامل فيهمَا (كَائِن) أَو (مُسْتَقر) وَهُوَ مُقَدّر لَا ملفوظ بِهِ وبدأت فِي الْمَتْن بالْكلَام على ظرف الزَّمَان فَلِذَا اقتصرت فِي الْحَد على ذكره وَهُوَ أوسع من الْمَكَان لِأَن جَمِيع أَسمَاء الزَّمَان صَالِحَة للنصب على الظَّرْفِيَّة مُبْهمَة كَانَت أَو مُخْتَصَّة وَالسَّبَب فِي تعدِي الْفِعْل إِلَى جَمِيع ظروف الزَّمَان قُوَّة دلَالَته عَلَيْهِ من جِهَة أَن الزَّمَان أحد مدلولي الْفِعْل كَمَا أَن السَّبَب فِي تعديته إِلَى جَمِيع ضروب المصادر قُوَّة الدّلَالَة عَلَيْهَا من حَيْثُ يدل عَلَيْهَا من جِهَة الْمَعْنى وَاللَّفْظ فالمبهم مَا وَقع على قدر من الزَّمَان غير معِين كوقت وَحين وزمان وَينصب على جِهَة التَّأْكِيد الْمَعْنَوِيّ لِأَنَّهُ لَا يزِيد على دلَالَة الْفِعْل وَمِنْه: {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الْإِسْرَاء: 1] لِأَن الْإِسْرَاء لَا يكون إِلَّا بِاللَّيْلِ قَالَ بَعضهم وَلَا يُنكر التَّأْكِيد فِي الظَّرْفِيَّة كَمَا لَا يُنكر فِي الْمصدر وَالْحَال والمختص قِسْمَانِ مَعْدُود وَهُوَ مَا لَهُ مِقْدَار من الزَّمَان مَعْلُوم كَسنة وَشهر ويومين وَالْمحرم وَسَائِر أَسمَاء الشُّهُور والصيف والشتاء

وَلَا يعْمل فِيهِ من الْأَفْعَال إِلَّا مَا يتَكَرَّر ويتطاول فَلَا يُقَال مَاتَ زيد يَوْمَيْنِ وَمن ثمَّ قدر فِي {فأماته الله مائَة عَام} [الْبَقَرَة: 259] (فألْبَثَهُ) وَغير مَعْدُود وَهُوَ أَسمَاء الْأَيَّام كالسبت والأحد وَمَا يخصص بِالْإِضَافَة كَيَوْم الْجمل أَو ب (أل) كَالْيَوْمِ وَاللَّيْلَة أَو بِالصّفةِ كقعدت عنْدك يَوْمًا قعد عنْدك فِيهِ زيد وَمَا أضافت إِلَيْهِ الْعَرَب لفظ (شهر) من أَعْلَام الشُّهُور وَهُوَ رَمَضَان وربيع الأول وربيع الآخر خَاصَّة ثمَّ ظرف الزَّمَان قِسْمَانِ أَحدهمَا متصرف وَهُوَ مَا جَازَ أَن يسْتَعْمل غير ظرف كَأَن يكون فَاعِلا أَو مُبْتَدأ أَو خَبرا أَو ينْتَصب مَفْعُولا بِهِ أَو ينجر بِغَيْر (من) كسرني يَوْم الْخَمِيس وَيَوْم الْجُمُعَة مبارك وَالْيَوْم يَوْم الْجُمُعَة وأجئت يَوْم الْجُمُعَة و {ليجمعنكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} [النِّسَاء: 76] ثمَّ هُوَ نَوْعَانِ منصرف كحين وَوقت وَسَاعَة وَشهر وعام ودهر وَغير منصرف كغدوة وبكرة علمين قصد بهما التَّعْيِين أم لَا لِأَنَّهُ علميتهما جنسية فيستعملان اسْتِعْمَال أُسَامَة فَكَمَا يُقَال عِنْد قصد التَّعْمِيم أُسَامَة شَرّ السِّباع وَعند التَّعْيِين هَذَا أُسَامَة فاحذره يُقَال عِنْد قصد التَّعْمِيم غدْوَة أَو بكرَة وَقت نشاط وَعند قصد التَّعْيِين لأسيرن اللَّيْلَة إِلَى غدْوَة أَو بكرَة وَقد يخلوان من العلمية لِأَن ينكرا بعْدهَا فينصرفان ويتصرفان وَمِنْه {وَلَهُم رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكّرًَ وعَشِيًا} [مَرْيَم: 62] قَالَ أَبُو حَيَّان جعلت الْعَرَب (غدْوَة) و (بكرَة) علمين لهذين الْوَقْتَيْنِ وَلم تفعل ذَلِك فِي نظائرها كعتمة وضحوة وَنَحْوهمَا وَذكر بَعضهم أَن (بكرَة) فِي الْآيَة إِنَّمَا نونت لمناسبة (عشيا) الثَّانِي غير متصرف بِأَن لَا يخبر عَنهُ وَلَا يجر بِغَيْر (من) بل يلْزم النصب على الظَّرْفِيَّة أَو يجر ب (من) وَإِنَّمَا لم يحكموا بِتَصَرُّف مَا جر ب (من) وَحدهَا كعند وَقبل لِأَن (من) كثرا زيادتها فَلم يعْتد بِدُخُولِهَا على الظّرْف الَّذِي لَا يتَصَرَّف وَهُوَ أَيْضا نَوْعَانِ

مَمْنُوع الصّرْف كسحر إِذا كَانَ من يَوْم بِعَيْنِه وجرد من أل وَالْإِضَافَة نَحْو أزورك يَوْم الْجُمُعَة سحر وجئتك سحر وَأَنت تُرِيدُ بذلك من يَوْم بِعَيْنِه بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ نكرَة فَإِنَّهُ ينْصَرف ويتصرف نَحْو: {نجيناهم بِسحر} [الْقَمَر: 34] وَكَذَا إِن عرف ب (أل) أَو الْإِضَافَة نَحْو سير بزيد يَوْم الْجُمُعَة السحر مِنْهُ أَو من سحره ومنصرف (كبعيدات بَين) بعض أَوْقَات غير مُتَّصِلَة وَهِي جمع (بعيد) مصغرة وَمَعْنَاهُ لَقيته مرَارًا مُتَفَرِّقَة قَرِيبا بَعْضهَا من بعض فَجمع بعيد يدل على مَا أُرِيد من المرار وتصغيره يدل على مَا أُرِيد من تقاربها لِأَن تَصْغِير الظّرْف المُرَاد بِهِ التَّقْرِيب وَمِنْه مَا عين من (بكرَة) و (سحير) وضحى وضحوة وصباح وَمَسَاء وليل ونهار وعتمة وعشاء وَعَشِيَّة فَهَذِهِ الْأَسْمَاء نكرات أُرِيد بهَا أزمان مُعينَة فَوضعت مَوضِع المعارف وَإِن كَانَت نكرَة وَلذَلِك لَا تتصرف وتوصف بالنكرة تَقول أَتَيْتُك يَوْم الْخَمِيس ضحي مُرْتَفعَة ولقيتك يَوْم الْجُمُعَة عتمة مُتَأَخِّرَة وَقد يمْنَع (عَشِيَّة) الصّرْف فَتَصِير إِذْ ذَاك علما جنسيا كغدوة وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ تصرف مَا عين من عتمة وضحوة وليل ونهار فَتَقول سير عَلَيْهِ عتمة وضحوة وليل ونهار

(ص) وَمِنْه مَا لم يضف من مركب الأحيان كصباح مسَاء أَي كل صباح وَمَسَاء ويساويه الْمُضَاف معنى خلافًا للحريري فِي تَخْصِيصه الْفِعْل بِالْأولِ وَذُو وَذَات مضافين لوقت إِلَّا فِي لُغَة وأنكرها السُّهيْلي فِي (ذَات) ويقبح تصرف وصف حِين عرض قِيَامه وَلم يُوصف (ش) ألحق بالممنوع التَّصَرُّف فِي الْتِزَام النصب على الظَّرْفِيَّة مَا لم يضف من مركب الأحيان كفلان يزورنا صباح مسَاء وَيَوْم يَوْم أَي كل صباح وَمَسَاء وكل يَوْم قَالَ: 761 - (ومَنْ لَا يَصْرفِ الواشَينَ عَنْهُ ... صَباحَ مَساءَ يضنوه خَبالا) وَقَالَ: 762 - (آتٍ الرِّزقُ يَوْمَ يَوْمَ فَأجْمِل ... طَالبا وابْغ للقيامة زادًا)

وَهُوَ مَبْنِيّ حِينَئِذٍ لتَضَمّنه معنى حرف الْعَطف كخمسة عشر بِخِلَاف مَا إِذا أضيف الصَّدْر إِلَى الْعَجز فَإِنَّهُ يتَصَرَّف فَيَقَع ظرفا وَغير ظرف كَقَوْلِه: 763 - (وَلَوْلَا يومُ يَوْم مَا أردنَا ... ) وَقَوله: 764 - (وَقد علاك مشِيبٌ حِينَ لَا حِين ... ) وَكَذَا إِذا لم يركب بل عطف نَحْو فلَان يتعاهدنا صباحا وَمَسَاء

وَزعم الحريري فِي درة الغواص أَنه فرق بَين قَوْلك يأتينا صباح مسَاء على الْإِضَافَة وصباح مسَاء على التَّرْكِيب وَأَن الْخَواص يهمون فِي ذَلِك فَلَا يفرقون بَينهمَا وَأَن الْفرق هُوَ أَن المُرَاد بِهِ مَعَ الْإِضَافَة إِنَّه يَأْتِي فِي الصَّباح وَحده إِذْ تَقْدِير الْكَلَام يأتينا فِي صباح مسَاء وَالْمرَاد بِهِ عِنْد تركيب الاسمين وبنائهما على الْفَتْح أَن يَأْتِي فِي الصَّباح والمساء لِأَن الأَصْل صباحا وَمَسَاء فَحذف العاطف ورد عَلَيْهِ ابْن بري بِأَن هَذَا الْفرق لم يقلهُ أحد بل صرح السيرافي بِأَن سير عَلَيْهِ صباح مسَاء وصباح مسَاء وصباحا وَمَسَاء معناهن وَاحِد ثمَّ قَالَ وَلَيْسَ سير عَلَيْهِ صباح مسَاء مثل قَوْله ضربت غُلَام زيد فِي أَن السّير لَا يكون إِلَّا فِي الصَّباح كَمَا شهر أَن الضَّرْب لَا يَقع إِلَّا بِالْأولِ وَهُوَ الْغُلَام دون الثَّانِي لِأَنَّك إِذا لم ترد أَن السّير وَقع فيهمَا لم يكن فِي مجيئك بالمساء فَائِدَة وَهَذَا نَص وَاضح وَألْحق الْعَرَب أَيْضا بالممنوع التَّصَرُّف فِي الْتِزَام النصب على الظَّرْفِيَّة (ذَا) و (ذَات) مضافين إِلَى زمَان نَحْو لَقيته ذَا صباح وَذَا مسَاء وَذَات مرّة وَذَات يَوْم وَذَات لَيْلَة قَالَ: 765 - (إِذا شَدّ العِصابة ذَاتَ يَوْم ... )

إِلَّا فِي لغية لخثعم فَإِنَّهَا أجازت فِيهَا التَّصَرُّف فَيُقَال سير عَلَيْهِ ذَات لَيْلَة بِرَفْع (ذَات) وَقَالَ بعض الخثعميين: 766 - (عزَمتُ على إقامةِ ذِي صَباح ... ) وَزعم السُّهيْلي أَن (ذَات مرّة) و (ذَات يَوْم) لَا تتصرف لَا فِي لُغَة خثعم وَلَا فِي غَيرهَا وَأَن الَّذِي يتَصَرَّف عِنْدهم إِنَّمَا هُوَ (ذُو) فَقَط ورده أَبُو حَيَّان بتصريح سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور بِخِلَاف ذَلِك وَالسَّبَب فِي عدم تصرف (ذَا) و (ذَات) فِي لُغَة الْجُمْهُور أَنَّهُمَا فِي الأَصْل بِمَعْنى صَاحب وصاحبة صفتان لظرف مَحْذُوف وَالتَّقْدِير فِي (لَقيته ذَا صباح وَمَسَاء) وَقت صَاحب هَذَا الِاسْم و (ذَات يَوْم) قِطْعَة ذَات يَوْم فَحذف الْمَوْصُوف وأقيمت صفته مقَامه فَلم يتصرفوا فِي الصّفة لِئَلَّا يكثر التَّوَسُّع

وَعبارَة ابْن أبي الْعَافِيَة فضعف لذَلِك وَلم يسْتَعْمل إِلَّا ظرفا وَلِأَن إضافتهما من قبيل إِضَافَة الْمُسَمّى إِلَى الِاسْم وَهِي قَليلَة فِي كَلَام الْعَرَب فَلم يتصرفوا فِيهَا لذَلِك واستقبح جَمِيع الْعَرَب التَّصَرُّف فِي صفة حِين عرض قِيَامهَا مقَامه وَلم تُوصَف كَقَوْلِك سير عَلَيْهِ قَدِيما أَو حَدِيثا أَو طَويلا فَهَذِهِ أَوْصَاف عرض حذف موصوفها وانتصب على الظَّرْفِيَّة فَلم تصرف فِيهَا فَقيل سير عَلَيْهِ قديم أَو حَدِيث أَو طَوِيل قبح ذَلِك فَإِن لم يعرض قِيَامهَا مقَامه بل اسْتعْمل ظرفا وَهِي فِي الأَصْل صفة نَحْو (قريب، وملي) حسن فِيهَا التَّصَرُّف نَحْو سير عَلَيْهِ قريب وسير عَلَيْهِ ملي من النَّهَار أَي قِطْعَة من النَّهَار وَلَو وصفت حسن فِيهَا أَيْضا التَّصَرُّف نَحْو سير عَلَيْهِ طَوِيل من الدَّهْر لِأَنَّهَا لما وصفت ضارعت الْأَسْمَاء (ص) وَمَا صلح جَوَاب كم أَو مَتى وَهُوَ اسْم شهر لم يضف إِلَيْهِ شهر قيل أَو أضيف قَالَ ابْن خروف وَكَذَا شهر مُفْرد وأعلام الْأَيَّام أَو كَانَ الْأَبَد والدهر وَاللَّيْل وَالنَّهَار مَقْرُونا بأل لَا لمبالغة فالفعل وَاقع فِي كُله تعميما أَو توزيعا وَيجوز فِي غَيرهَا التَّعْمِيم والتبعيض إِن صلح وتعريف جَوَاب كم خلافًا لِابْنِ السراج وَإِضَافَة شهر إِلَى كل الشُّهُور وفَاقا لسيبويه وَخِلَافًا للمتأخرين وَقيل نصب الْمَعْدُود والموقت نصب الْمَفْعُول نِيَابَة عَن الْمصدر وَقيل على حذف الْمصدر (ش) مَا صلح أَن يَقع جَوَابا لكم وَلَا يصلح أَن يكون جَوَابا لمتي وَهُوَ مَا كَانَ مؤقتا غير معرف وَلَا مُخَصص بِصفة نَحْو ثَلَاثَة أَيَّام ويومين فَإِنَّهُ يصلح أَن يكون جَوَاب كم سرت فَهَذَا النَّوْع يكون الْفِعْل فِي جَمِيعه إِمَّا تعميما وَإِمَّا تقسيطا فَإِذا قلت سرت يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَيَّام فالسير وَاقع فِي الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَة من الأول إِلَى الآخر وَقد يكون فِي كل وَاحِد من الْيَوْمَيْنِ أَو الثَّلَاثَة وَإِن لم يعم من أول الْيَوْم إِلَى آخِره

وَمن التَّعْمِيم صمت ثَلَاثَة أَيَّام وَمن التقسيط أَذِنت ثَلَاثَة أَيَّام وَمن الصَّالح لَهما تهجدت ثَلَاث لَيَال وَلَا يجوز أَن يكون الْفِعْل فِي أحد الْأَيَّام أَو اللَّيَالِي وَيكون جَوَاب كم نكرَة كَمَا ذكر وَمَعْرِفَة كاليومين المعهودين وَأنكر ابْن السراج أَن يرد جَوَاب كم معرفَة لِأَنَّهُ من جَوَاب مَتى إِذْ يُرَاد مِنْهَا الْوَقْت وبكم الْعدَد وَمَا صلح أَن يَقع جَوَابا لمتى فَإِذا كَانَ اسْم شهر غير مُضَاف إِلَيْهِ لَفظه (شهر) فَكَذَلِك يكون الْفِعْل وَاقعا فِي جمعيه تعميما أَو تقسيطا نَحْو سرت الْمحرم وسرت صفر يحْتَمل الْأَمريْنِ واعتكفت الْمحرم للتعميم وأذنت صفر للتقسيط وَكلهَا تصلح جَوَاب مَتى سرت وَمَتى اعتكفت وَمَتى أَذِنت وَإِن كَانَ غير اسْم شهر فَالْعَمَل مَخْصُوص بِبَعْضِه نَحْو مَتى قدمت فَيُقَال يَوْم الْجُمُعَة فَيكون الْقدوم فِي بعضه وَكَذَا إِن كَانَ اسْم شهر مُضَافا إِلَيْهِ لفظ (شهر) فَإِنَّهُ يجوز أَن يكون فِي بعضه وَفِي جَمِيعه نَحْو قدم زيد شهر رَمَضَان وَصمت شهر رَمَضَان هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَزعم الزّجاج أَنه لَا فرق بَين الْمُضَاف إِلَيْهِ (شهر) وَغَيره وَأَنه يجوز أَن يكون الْعَمَل فِي بعضه وَأَن يكون فِي جَمِيعه قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ خلاف نَص سبيويه قَالَ والتفرقة بَين ذَلِك بالاستقراء وَالسَّمَاع وَلَيْسَ للْقِيَاس فِيهِ مجَال وَزعم ابْن خروف أَن الْفرق بَين رَمَضَان وَشهر رَمَضَان من جِهَة أَن (رَمَضَان) علم و (شهر) لَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا هُوَ معرفَة بإضافته إِلَى رَمَضَان وَكَذَلِكَ سَائِر أَسمَاء الشُّهُور وَالْعلم وَاقع على الشَّخْص بِجَمِيعِ صِفَاته فَكَذَلِك أَسمَاء الشُّهُور كالأعلام فَلَا تقع على بعض الشَّهْر قَالَ وَلَيْسَ كالشهر لِأَنَّهُ وقاع على جُزْء من الشَّهْر مُتَفَرقًا أَو مجتمعا من جِهَة أَنه لَيْسَ علما فَأجَاز أَن يُقَال سرت الشَّهْر وَأَنت تُرِيدُ أَن السّير فِي بعضه وَأَجَازَ أَن يعْمل فِي الشَّهْر مَا لَا يَتَطَاوَل نَحْو لقيتك الشَّهْر وَكَذَا زعم فِي أَعْلَام الْأَيَّام أَنَّهَا كأعلام الشُّهُور فَإِذا قلت سرت السبت أَو سرت الْخَمِيس لم يكن الْعَمَل إِلَّا فِي جميعهما لِأَنَّهُمَا علمَان فَإِذا أضفت إِلَيْهِ يَوْم أَو لَيْلَة فَقلت

سرت يَوْم السبت أَو لَيْلَة السبت جَازَ أَن يكون السّير فِي بعضه وَفِي جَمِيعه لِأَن تَعْرِيفه بِالْإِضَافَة وَأَجَازَ لذَلِك أَن يعْمل فِي الْمُضَاف إِلَيْهِمَا مَا لَا يَتَطَاوَل نَحْو لقيتك يَوْم الْخَمِيس وَلم يجزه فِي الْخَمِيس وَسَائِر أَيَّام الْأُسْبُوع فَلَا يُقَال لقيتك الْخَمِيس وَلَا لقيتك السبت قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا زَعمه بَاطِل لِأَن الِاسْم يتَنَاوَل مُسَمَّاهُ بجملته نكرَة أَو معرفَة علما أَو غَيره وَإِنَّمَا التَّفْرِقَة بَين أَسمَاء الشُّهُور أذا أضيف إِلَيْهَا شهر وَبَينهَا إِذا لم يضف إِلَيْهَا شهر من جِهَة أَنه إِذا انْفَرد الشَّهْر وَلم يضف فَالْعَمَل فِي جَمِيعه لِأَنَّهُ يُرَاد بِهِ ثَلَاثُونَ يَوْمَانِ وَلَا يجوز أَن يكون فِي بعضه وَكَذَلِكَ أَسمَاء الْأَيَّام يجوز أَن يكون فِي كلهَا وَفِي بَعْضهَا لِأَنَّهَا من قبيل الْمُخْتَص غير الْمَعْدُود وَيعْمل فِيهِ المتطاول وَغَيره فَسَوَاء أضيف إِلَيْهِ يَوْم أم لَا انْتهى وَكَذَا إِذا كَانَ جَوَاب متي الْأَبَد والدهر وَاللَّيْل وَالنَّهَار مقرونة بِالْألف وَاللَّام فَإِنَّهَا مثل رَمَضَان إِذا لم يضف إِلَيْهِ (شهر) يكون للتعميم نَحْو سير عَلَيْهِ اللَّيْل وَالنَّهَار والدهر والأبد وَلَا يُقَال لَقيته اللَّيْل وَالنَّهَار وَأَنت تُرِيدُ لقاءه فِي سَاعَة من السَّاعَات وَلَا لَقيته الدَّهْر والأبد وَأَنت تُرِيدُ يَوْمًا فِيهِ فَإِن قصدت الْمُبَالغَة جَازَ إِطْلَاقه على غير الْعَام نَحْو سير عَلَيْهِ الْأَبَد تُرِيدُ الْمُبَالغَة مجَازًا لَا تَعْمِيم السّير فِي جَمِيع الْأَبَد وَمَا سوى مَا ذكر من جَوَاب مَتى من أَعْلَام الشُّهُور غير الْمُضَاف إِلَيْهَا والأبد وَنَحْوه وَذَلِكَ نَحْو الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَيَوْم كَذَا وَلَيْلَة كَذَا وَأَسْمَاء الْأَيَّام وأشبه ذَلِك يجوز فِيهِ التَّعْمِيم والتبغيض إِن صلح لَهُ فَالْأول نَحْو قَامَ زيد الْيَوْم وَالثَّانِي نَحْو لقِيت زيدا الْيَوْم ويحتملهما نَحْو سَار زيدا الْيَوْم وَكَون مَا يكون الْعَمَل فِي جَمِيعه هُوَ ظرف وانتصب انتصاب الظروف هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَنه لَيْسَ بظرف وَأَنه ينْتَصب انتصاب الْمُشبه بالمفعول لِأَن الظّرْف عِنْدهم مَا انتصب على تَقْدِير فِي وَإِذا عَم الْفِعْل الظّرْف لم يتَقَدَّر عِنْدهم فِيهِ (فِي) لِأَن (فِي) يَقْتَضِي عِنْدهم التَّبْعِيض وَإِنَّمَا جَعَلُوهُ مشبها بالمفعول لَا مَفْعُولا بِهِ لأَنهم رَأَوْهُ ينْتَصب بعد الْأَفْعَال اللَّازِمَة

أنواع ما يصلح للظرفية من الأمكنة

قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بَاطِل لأَنهم بنوه على أَن (فِي) تَقْتَضِي التَّبْعِيض وَإِنَّمَا هِيَ للوعاء قَالَ تَعَالَى {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّام نحسات} [فصلت: 16] فَأدْخل (فِي) على الْأَيَّام وَالْفِعْل وَاقع فِي جَمِيعهَا بِدَلِيل: {سخرها عليم سبع ليالٍ وَثَمَانِية أيامٍ حسومًا} [الحاقة: 7] وَقَالَ {فترى الْقَوْم فِيهَا صرعى} [الحاقة: 7] فَأدْخل (فِي) على ضمير الْأَيَّام والليالي مَعَ أَن الرُّؤْيَة مُتَّصِلَة فِي جَمِيعهَا وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى أَن مَا كَانَ من الظروف معطيا غير مَا أعْطى الْفِعْل كالظروف المعدودة والموقتة فنصبها نصب الْمَفْعُول على تَقْدِير نيابتها عَن الْمصدر فَفِي سرت يَوْمَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ سرت سيرا مُقَدرا بيومين لِأَنَّهُ لَا دلَالَة للْفِعْل عَلَيْهِ وَقيل هُوَ بِمَنْزِلَة ضَربته سَوْطًا أَي سير يَوْمَيْنِ فَحذف وَالصَّحِيح أَنه يتَعَدَّى إِلَيْهِ بعد حذف الْجَار فينصبه وَالْقَوْلَان المحكيان فِي آخر القولة راجعان إِلَى أصل الظّرْف لَا إِلَى مَسْأَلَة التَّعْمِيم وهما مقابلان لقولي فِي أول الْبَاب (لوَاقِع فِيهِ ناصب لَهُ) وَبَقِي مَسْأَلَة إِضَافَة شهر إِلَى أَسمَاء الشُّهُور قَالَ أَبُو حَيَّان ظَاهر كَلَام التسهيل جَوَاز إِضَافَة (شهر) إِلَى كل أَسمَاء الشُّهُور وَلَيْسَ كَذَلِك فَلم تسْتَعْمل الْعَرَب من أَسمَاء الشُّهُور مُضَافا إِلَيْهِ شهر إِلَّا رَمَضَان وربيع الأول وربيع الآخر وَأما غير هَذِه الثَّلَاثَة فَلَا يُضَاف إِلَيْهِ شهر لَا يُقَال شهر الْمحرم وَلَا شهر صفر وَلَا شهر جُمَادَى قَالَ إِلَّا أَن فِي كَلَام سِيبَوَيْهٍ مَا يُخَالف هَذَا فَإِنَّهُ أضَاف (شهر) إِلَى ذِي الْقعدَة قَالَ وَبِهَذَا أَخذ أَكثر النَّحْوِيين فأجازوا إِضَافَة (شهر) إِلَى سَائِر أَعْلَام الشُّهُور وَلم يخصوا ذَلِك بِالثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكرنَاهَا انْتهى أَنْوَاع مَا يصلح للظرفية من الْأَمْكِنَة (ص) مَسْأَلَة يصلح للظرفية من الْأَمْكِنَة مَا دلّ على مُقَدّر وَفِي كَونه مُبْهما خلاف وَمَا لَا يعرف إِلَّا بِإِضَافَة أَو جرى مجْرَاه باطراد وَمنعه الكوفية إِلَّا بِإِضَافَة لَا تخْتَص إِلَّا بفي وَنَحْوهَا وَألْحق بِهِ مَا قرن بدخلت

وَقيل هُوَ مفعول بِهِ وَقيل اتساع وَقيل يجب النصب إِن اتَّسع الْمَدْخُول لَا إِن ضَاقَ قَالَ الْفراء وَكَذَا ذهبت وَانْطَلَقت وَابْن الطراوة وَالطَّرِيق مُطلقًا وَألْحق بِهِ قِيَاسا مَا اشتق من الْوَاقِع فِيهِ وسماعا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور مَا دلّ على قرب أَو بعد كَهُوَ مني مزجر الْكَلْب (ش) الَّذِي يصلح للظرفية وَيَتَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْل من الْأَمْكِنَة أَرْبَعَة أَنْوَاع أَحدهَا مَا دلّ على مِقْدَار ويعبر عَنهُ بمقدر قَالَ أَبُو حَيَّان وهما متقاربان نَحْو ميل وفرسخ وبريد وغلوة وَهَذَا النَّوْع اخْتلف فِيهِ هَل هُوَ دَاخل تَحت حد الْمُبْهم أم لَا فالشلوبين على الثَّانِي لِأَن الْمُبْهم مَا لَا نِهَايَة لَهُ وَلَا حُدُود محصورة وَهَذِه الظروف الْمقدرَة لَهَا نِهَايَة مَعْرُوفَة وحدود محصورة لِأَن الْميل مِقْدَار مَعْلُوم من الْمسَافَة وَكَذَا الْبَاقِي والفارسي وَغَيره على الأول لِأَنَّهُ إِنَّمَا يرجع تقديرها إِلَى السماع أَلا تري أَن الغلوة مائَة بَاعَ والميل عشرَة غلاء والفرسخ ثَلَاثَة أَمْيَال والبريد أَرْبَعَة

فراسخ والباع لَا يَنْضَبِط إِلَّا بتقريب لِأَنَّهُ يزِيد وَينْقص فَيلْزم أَن تكون هَذِه المقدرات غير مُحَققَة النِّهَايَة وَالْحُدُود بل تحديدها على جِهَة التَّقْرِيب قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَنه شَبيه بالمبهم وَلذَلِك وصل إِلَيْهِ الْفِعْل بِنَفسِهِ وَمَا ذكر من أَن هَذَا الْمِقْدَار ينصبه الْفِعْل نصب الظّرْف هُوَ قَول النَّحْوِيين إِلَّا السُّهيْلي فَإِنَّهُ زعم أَن انتصاب هَذَا النَّوْع انتصاب المصادر لَا انتصاب الظروف لِأَنَّهُ لَا يقدر بفي وَلَا يعْمل فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ فِي معنى الْمَشْي وَالْحَرَكَة لَا يُقَال قعدت ميلًا وَلَا رقدت ميلًا والظرف يَقع فِيهِ كل ناصب لَهُ فَهُوَ اسْم لخطى مَعْدُودَة فَكَمَا أَن سرت خطْوَة مصدر فَكَذَلِك سرت ميلًا وَنَحْوه الثَّانِي مَا لَا تعرف حَقِيقَته بِنَفسِهِ بل مَا يُضَاف إِلَيْهِ كمكان وناحية ووراء وَأما وَوجه وجهة وكجنابتي فِي قَوْلهم (هما خطان جنابتي أنفها) يعنون خطين اكتنفا جَنْبي أنف الظبية و (كجنبي) فِي قَوْله: 767 - (جنْبَيْ فُطَيْمةَ لَا ميلٌ وَلَا عُزُلُ ... ) وكأقطار فِي قَوْلهم قَوْمك أقطار الْبِلَاد وَسَوَاء فِي جَوَاز نصب مَا ذكر على الظّرْف الْمُبْهم والمبين

وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه لَا يجوز نصب الْمُبْهم لعدم الْفَائِدَة بل لَا بُد من وصف يخصصه وَمَا فِي حكمه نَحْو قعدت مَكَانا صَالحا وَكَذَلِكَ فِي الْجِهَة وَلَا يُقَال قعدت قداما وَلَا خلفا إِلَّا على الْحَال كَأَنَّك قلت مُتَقَدما ومتأخرا فَإِن خصصت بِالْإِضَافَة جَازَ نَحْو قعدت قدامك وخلفك الثَّالِث مَا جرى مجْرَاه باطراد قَالَ ابْن مَالك وَذَلِكَ صفة الْمَكَان الْغَالِبَة نَحْو هم قَرِيبا مِنْك وشرقي الْمَسْجِد ومصادر قَامَت مقَام مُضَاف إِلَيْهَا تَقْديرا نَحْو قَوْلهم قرب الدَّار وَوزن الْجَبَل وزنته قَالَ وَالْمرَاد بالاطراد أَلا تخْتَص ظرفيته بعامل مَا كاختصاص ظرفية الْمُشْتَقّ من اسْم الْوَاقِع فِيهِ وَجعل أَبُو حَيَّان من ذَلِك قبلك ونحوك وقرابتك بِمَعْنى قَرِيبا إِلَّا أَنه أَشد مُبَالغَة قَالَ وشرقي مَنْسُوب إِلَى الشرق وَمَعْنَاهُ الْمَكَان الَّذِي يَلِي الشرق قَالَ وَذكر سِيبَوَيْهٍ من هَذَا النَّوْع هُوَ قصدك وَهُوَ صددك وَهُوَ صقبك وَسَوَاء فِي هَذَا النَّوْع وَمَا قبله النكرَة والمعرفة هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَأما الْكُوفِيُّونَ فَلَا يكون ظرف الْمَكَان عِنْدهم إِلَّا معرفَة بِالْإِضَافَة فَإِن كَانَ نكرَة فَلَيْسَ بظرف نَحْو قَامَ عبد الله خلفا ووراء بِمَعْنى مُتَأَخِّرًا وقداما أما الْمُخْتَص وَهُوَ الَّذِي لَهُ اسْم من جِهَة نَفسه كَالدَّارِ وَالْمَسْجِد والحانوت وَقيل هُوَ مَا كَانَ لَفظه مُخْتَصًّا بِبَعْض الْأَمَاكِن دون بعض وَقيل مَا كَانَ لَهُ أقطار تحصره ونهايات تحيط بِهِ فَلَا يتعدي إِلَيْهِ الْفِعْل إِلَّا بِوَاسِطَة (فِي) إِذا أُرِيد معنى الظَّرْفِيَّة كجلست فِي الدَّار إِلَّا مَا سمع من ذَلِك بِدُونِهَا فَإِنَّهُ يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَهُوَ كل مَكَان مُخْتَصّ مَعَ (دخلت) نَحْو دخلت الدَّار وَالْمَسْجِد

فمذهب سِيبَوَيْهٍ والمحققين أَنه مَنْصُوب على الظّرْف تَشْبِيها للمختص بِغَيْر الْمُخْتَص وَذهب الْفَارِسِي وَمن وَافقه إِلَى أَنه مِمَّا حذف مِنْهُ (فِي) اتساعا فانتصب على الْمَفْعُول بِهِ وَذهب الْأَخْفَش وَجَمَاعَة إِلَى أَنه مِمَّا يتَعَدَّى بِنَفسِهِ فَهُوَ مفعول بِهِ على الأَصْل لَا على الاتساع وَذهب السُّهيْلي إِلَى أَنه اتَّسع الْمَدْخُول فِيهِ حَتَّى يكون كالبلد الْعَظِيم كَانَ النصب لَا بُد مِنْهُ كدخلت الْعرَاق ويقبح أَن يُقَال دخلت فِي الْعرَاق وَإِن ضَاقَ بعد النصب جدا لِأَن الدُّخُول قد صَار ولوجا وتقحما كدخلت فِي الْبِئْر وأدخلت أُصْبُعِي فِي الْحلقَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَسكت عَن الْمُتَوَسّط وَقِيَاس تَفْصِيله أَنه يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ التَّعَدِّي بِنَفسِهِ وبواسطة (فِي) وَألْحق الْفراء ب (دخلت) (ذهبت) و (انْطَلَقت) فَقَالَ الْعَرَب عدت إِلَى أَسمَاء الْأَمَاكِن دخلت وَذَهَبت وَانْطَلَقت وَحكي أَنهم يَقُولُونَ دخلت الْكُوفَة وَذَهَبت الْيمن وَانْطَلَقت الشَّام قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا شَيْء لم يحفظه سِيبَوَيْهٍ وَلَا غَيره من الْبَصرِيين وَالْفراء ثِقَة فِيمَا يَنْقُلهُ وَقَالَ الْمبرد ذهبت لَيْسَ من هَذَا الْبَاب بل هُوَ مِمَّا أسقط مِنْهُ حرف الْجَرّ وَهُوَ (إِلَى) لَا (فِي) وَمِمَّا سمع نَصبه (الطَّرِيق) قَالَ: 768 - (كَمَا عَسَل الطّريقَ الثّعْلَبُ ... )

أَي فِي الطَّرِيق وَهُوَ ضَرُورَة كَقَوْلِه: 769 - (قَالَا خَيْمَتَىْ أُمّ مَعْبَدِ ... ) أَي فِي خَيْمَتي وَذهب بَعضهم إِلَى أَن انتصاب (الطَّرِيق) ظرفا يجوز فِي الِاخْتِيَار وَأَنه مَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب وَمقيس وَاخْتَارَهُ ابْن الطراوة النَّوْع الرَّابِع مَا دلّ على مَحل الْحَدث الْمُشْتَقّ هُوَ من اسْمه كمقعد ومرقد ومصلى ومعتكف نَحْو قعدت مقْعد زيد وقعودي مقْعد زيد أَي فِيهِ وَهُوَ مقيس بِشَرْط أَن يكون الْعَامِل فِيهِ أَصله الْمُشْتَقّ مِنْهُ وَلَا يجوز أَن يعْمل فِيهِ غَيره فَلَا يُقَال ضحِكت مجْلِس زيد أَي فِيهِ وَمَا سمع من نصب ذَلِك يقْتَصر فِيهِ على السماع وَلَا يُقَاس نَحْو هُوَ مني مقْعد

أنواع الظروف المكانية

الْقَابِلَة ومقعد الْإِزَار ومنزلة الْوَلَد أَي فِي الْقرب ومناط الثريا ومزجر الْكَلْب أَي فِي الِارْتفَاع والبعد وَأَشْبَاه ذَلِك مِمَّا دلّ على قرب أَو بعد وَمَا ذَكرْنَاهُ من الِاقْتِصَار فِيهِ على السماع هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور فَلَا يُقَال هُوَ مني مجلسك ومتكأ زيد ومربط الْفرس ومعقد الشرَاك وَلَا هُوَ مني مقْعد الْقَابِلَة ومزجر الْكَلْب بِمَعْنى الْمَكَان الَّذِي يقْعد فِيهِ ويزجر لِأَن الْعَرَب لم تستعملها إِلَّا على معنى التَّمْثِيل للقرب والبعد وَذهب الْكسَائي إِلَى أَن ذَلِك مقيس أَنْوَاع الظروف المكانية (ص) مَسْأَلَة كثر تصرف يَمِين وشمال وَذَات مُضَافا إِلَيْهِمَا وَمَكَان وندر فِي وسط سَاكِنا والمتحرك اسْم وَقَالَ الكوفية ظرفان وَالْفراء مَا حسن فِيهِ (بَين) ظرف وَالْأَحْسَن تسكينه وَمَا لَا أسم وَالْأَحْسَن تحريكه وثعلب والمرزوقي مَا كَانَ أَجزَاء تنفصل سكن وَمَا لَا حرك وَمِمَّا عدم فِيهِ بدل لَا بِمَعْنى بديل وَأنكر الكوفية ظرفيته وَمَكَان بِمَعْنَاهُ وحول وحوالي وحولي وأحوالي وأحوال وحوال وَوزن الْجَبَل وزنة الْجَبَل وصددك وصقبك وسوي وَيُقَال سوي وسوي وَسَوَاء

وَقَالَ الزجاجي وَابْن مَالك هِيَ اسْم متصرف والرماني وَأَبُو الْبَقَاء وَابْن هِشَام ظرف كثيرا وَغَيره قَلِيلا وَيسْتَثْنى ويوصف بهَا ك (غير) فتضاف لمعْرِفَة وَكَذَا نكرَة فِي الْأَصَح وَزعم (عبد الدَّائِم) بِنَاء (سَوَاء) على الْفَتْح وَترد بمعني وسط وسوي بمعني مستو وَشطر بِمَعْنى نَحْو ذكره أَبُو حَيَّان وَعند مثلث الْعين لمَكَان الْحُضُور والقرب حسا أَو معني وَتَأْتِي لزمانه وبمعناها (لَدَى) معربة لَا بمعني (لدن) فِي الْأَصَح وَلَكِن لَا تجر أصلا وَلَا تكون ظرفا للمعاني بِخِلَاف (عِنْد) وَلَا تطلق على غَائِب وفَاقا

للحريري والعسكري وَابْن الشجري وَخِلَافًا للمعري وتقلب ألفها مَعَ الضَّمِير لَا غَيره غَالِبا (ش) الظروف المكانية أَنْوَاع أَحدهَا مَا كثر فِيهِ التَّصَرُّف وَهُوَ الِاسْتِعْمَال غير ظرف مُبْتَدأ وفاعلا ونائبا ومضافا إِلَيْهِ وَهُوَ يَمِين وشمال نَحْو جَلَست يَمِين زيد وشمال بكر وَيَمِين الطَّرِيق أسهل وشمال الطَّرِيق أقرب وَقَالَ تَعَالَى: {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} [ق: 17] و (ذَات) مُضَافَة إِلَيْهِمَا قَالَ تَعَالَى: {تزاور عَن كهفهم ذَات الْيَمين وَإِذا غربت تقرضهم ذَات الشمَال} [الْكَهْف: 17] وَقَالَ الشَّاعِر: 770 - (وَكَانَ الكأسُ مَجْراها الْيَمِينا ... )

وَتقول دَارك ذَات الْيَمين ومنازلهم ذَات الشمَال وَمَكَان نَحْو اجْلِسْ مَكَانك ومكانك حسن الثَّانِي مَا ندر فِيهِ التَّصَرُّف كوسط سَاكن السِّين قَالَ ابْن مَالك تجرده عَن الظَّرْفِيَّة قَلِيل لَا يكَاد يعرف ومه قَوْله يصف سحابا: 771 - (وسْطُه كاليَراع أَو سُرُج المجْدَل ... طَوْراً يَخْبُو وطَوْراً يُنِيرُ) فوسطه مُبْتَدأ خَبره كاليراع أما وسط المتحرك السِّين فاسم قَالَ فِي الْبَسِيط جعلُوا السَّاكِن ظرفا والمتحرك اسْم ظرف فَالْأول نَحْو زيد وسط الدَّار وَالثَّانِي نَحْو ضربت وَسطه وَقَالَ الْفراء إِذا حسنت فِيهِ (بَين) كَانَ ظرفا نَحْو قعد وسط الْقَوْم وَإِن لم يحسن فاسم نَحْو احْتجم وسط رَأسه وَيجوز فِي كل مِنْهُمَا التسكين والتحريك لَكِن السّكُون أحسن فِي الظّرْف والتحريك أحسن فِي الِاسْم وَأما بَقِيَّة الْكُوفِيّين فَلَا يفرقون بَينهمَا ويجعلونهما ظرفين إِلَّا أَن ثَعْلَب قَالَ يُقَال وسط بِالسُّكُونِ فِي المتفرق الْأَجْزَاء نَحْو وسط الْقَوْم ووسط بِالتَّحْرِيكِ فِيمَا لَا تتفرق أجزاؤه نَحْو وسط الرَّأْس وَتَابعه المرزوقي قَالَه أَبُو حَيَّان وَقَول الفرزدق:

772 - (أتَتْهُ بمَجْلُوم كأنّ جبينهُ ... صلايةُ وَرْس وسْطُها قد تفلّقا) شَاذ من حَيْثُ اسْتِعْمَال (وسط) مَرْفُوعا بِالِابْتِدَاءِ وَعند الْكُوفِيّين من حَيْثُ اسْتِعْمَاله فِيمَا لَا تتفرق أجزاؤه وَهُوَ الصلابة الثَّالِث مَا عدم فِيهِ التَّصَرُّف فَلم يخرج عَن الظَّرْفِيَّة أصلا وَهُوَ ألفظ مِنْهَا (بدل) لَا بِمَعْنى بديل نَحْو هَذَا بدل هَذَا أَي مَكَان هَذَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكر الْكُوفِيُّونَ (بدل) ظرف مَكَان وَإِنَّمَا ذكره البصريون وَإِذا اسْتعْمل (مَكَان) بِمَعْنَاهُ لم يتَصَرَّف أَيْضا وَمِنْهَا (حول) و (حوالي) و (حَولي) و (حوالي) و (أحوالي) وحوال وأحوال قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله} [الْبَقَرَة: 17] وَقَالَ (اللَّهُمَّ حَوَالَيْنا وَلَا عَلَيْا) وَقَالَ الشَّاعِر: 773 - (ماءٌ رَوَاءٌ ونَصِيٌّ حَوْلِيَهْ ... )

وَقَالَ: 774 - (أَلَسْت ترى السُّمّارَ والنّاسَ أَحْوالِي ... ) وَمِنْهَا فِيمَا ذكر سِيبَوَيْهٍ (زنة الْجَبَل) أَي حذاءه مُتَّصِلا بِهِ و (وزن الْجَبَل) أَي نَاحيَة تقابله قريبَة كَانَت أَو بعيدَة و (صددك) و (صقبك) لَكِن قَالَ أَبُو حَيَّان يجوز أَن يسْتَعْمل اسْما إِذْ قِيَاس كل ظرف أَن يتَصَرَّف فِيهِ إِلَّا أَن نقل أَنه مِمَّا يلْزم أَن يكون ظرفا قَالَ أَبُو حَيَّان وَمِمَّا أهمل النحويون ذكره من الظروف الَّتِي لَا تتصرف (شطر) بِمَعْنى نَحْو قَالَ تَعَالَى: {شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} {فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} [الْبَقَرَة: 150] وَقَالَ الشَّاعِر: 775 - (أَقُول لأمّ زنباع أقيمي ... صُدور العِيس شَطْرَ بني تَمِيم)

وَقَالَ: 776 - (تَعْدو بِنَا شَطْر نَجْدِ وَهِي عَائِدَةٌ ... ) وَمن جرها بِمن قَوْله: 777 - (وَقد أظَلُّكُمْ من شَطْر ثغركُم ... هَوْلٌ لَهُ ظُلَمٌ يغشاكُمُ قِطَعا) وَمِنْهَا سوى بِكَسْر السِّين وَضمّهَا مَقْصُورا وَسَوَاء بِفَتْحِهَا وَكسرهَا ممدودا وَعدم تصرفها بِأَن تلْزم الظَّرْفِيَّة مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لِأَنَّهَا بمعني مَكَانك الَّذِي يدْخلهُ معني (عوضك) و (بدلك) فَكَمَا أَنَّك إِذا قلت مَرَرْت بِرَجُل مَكَانك أَي عوضك وبدلك لَا يتَصَرَّف فَكَذَا مَا هُوَ بِمَعْنَاهُ وَسبب ذَلِك أَن مَكَانا بِهَذَا الْمَعْنى لَيْسَ بمَكَان حَقِيقِيّ لِأَن مَكَان الشَّيْء حَقِيقَة إِنَّمَا هُوَ مَوْضِعه ومستقره فَلَمَّا كَانَت الظَّرْفِيَّة على طَريقَة الْمجَاز لم يتصرفوا بِهِ كَمَا يتصرفون فِي الظروف الْحَقِيقِيَّة وَذهب جمَاعَة مِنْهُم الرماني وَأَبُو الْبَقَاء العكبري إِلَى أَنَّهَا ظرف مُتَمَكن أَي يسْتَعْمل ظرفا كثيرا وَغير ظرف قَلِيلا قَالَ ابْن هِشَام فِي التَّوْضِيح وَإِلَيْهِ أذهب وَنَقله فِي الْبَسِيط عَن الْكُوفِيّين

وَذهب الزجاجي وَابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا لَيست ظرفا الْبَتَّةَ فَإِنَّهَا اسْم مرادف ل (غير) فَكَمَا أَن (غير) لَا تكون ظرفا وَلَا يلْتَزم فِيهَا النصب فَكَذَلِك سوى وَحكم الْمَقْصُورَة والممدودة فِيمَا ذكر على الْأَقْوَال الثَّلَاثَة سَوَاء نَص عَلَيْهِ الأبذي وَحكم الْمَكْسُورَة والمضمومة أَيْضا سَوَاء نَص عَلَيْهِ ابْن مَالك وَابْن عُصْفُور وَمن تصرفهما مَا حُكيَ (أَتَانِي سواؤك) وَقَوله: 778 - (فَسِواك بائِعُها وَأَنت المُشْتَري ... ) وَقَوله: 779 - (وَلم يَبْقَ سِوَى العُدْوَان ... ... ... ... ... ... ... )

وَقَوله: 780 - (أأتْرُك لَيْلَى لَيْس بَيْني وبَينها ... سوى لَيْلةٍ إنّي إِذن لصَبُورُ) وَقَوله: 781 - (ذِكْرُكُ الله عِنْد ذِكْر سِواهُ ... صارفٌ عَن فُؤَادك الغَفَلاَتِ) وَقَوله: 782 - (مُعُلّلٌ بسَواء الحقِّ مَكْذُوبُ ... )

وَقَوله: 783 - (فإنّ أَخا سوائِكُمْ الوَحِيدُ ... ) وَقَوله: 784 - (وَمَا قَصَدَتْ مِنْ أَهْلِها لِسَوَائِكَا ... ) وَالْأَشْهر فِي سوى لُغَة الْكسر وَالْقصر ولغة الضَّم وَالْقصر حَكَاهَا الْأَخْفَش ولغة الْفَتْح وَالْمدّ حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ ولغة الْكسر وَالْمدّ حَكَاهَا ابْن الخباز فِي شرح ألفية ابْن معط وَزعم عبد الدَّائِم بن مَرْزُوق القيرواني أَن (سَوَاء) الممدودة مَبْنِيَّة على الْفَتْح لتضمنها معنى إِلَّا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي حمله على ذَلِك أَنه رَآهَا لَازِمَة الْفَتْح لَا تَتَغَيَّر بِوُجُوه الْأَعْرَاب تغير (غير)

وَالصَّحِيح أَن فتحهَا إِعْرَاب وَهِي لَازِمَة الظَّرْفِيَّة فَلذَلِك لم ترفع وَلم تجر قَالَ وَيلْزمهُ أَن يَقُول بِبِنَاء سوى وسوي أَو يُبْدِي فرقا بَينهمَا وَبَين هذَيْن أما سَوَاء بِمَعْنى وسط نَحْو {سَوَاء الْجَحِيم} [الصافات: 55] أَو بِمَعْنى مستو نَحْو: {سَوَاءٌ عَلَيْهِم ءأَنذَرْتَهُمْ} [الْبَقَرَة: 6] فمعربة إِجْمَاعًا وَكَذَا سَوَاء بمعني (حذاء) نَحْو زيد سَوَاء عَمْرو وَيسْتَعْمل سوى ك (غير) فَيَسْتَثْنِي بهَا نَحْو قَامَ الْقَوْم سوى زيد وَمَا فِي الدَّار سوى حمَار قَالَ: 785 - (كلّ سَعْي سوى الَّذِي يُورث ... الْفَوْز فَعْقَباهُ حُسْرةٌ وخَسارُ) وَقَالَ: 786 - (لم ألْفِ فِي الدّار ذَا نُطْقٍ سوى طَلَلٍ ... ) ويوصف بهَا نَحْو جَاءَنِي رجل سوى زيد قَالَ: 787 - (أصابَهمُ بلاءٌ كَانَ فِيهم ... سِوَى مَا قد أصَاب بني النّضِير) وتَنْفرد (سوى) عَن (غير) بِأَنَّهَا تلْزم الْإِضَافَة لفظا بِخِلَاف (غير) فَإِنَّهَا تقطع عَنْهَا لفظا وتنوي كَمَا سَيَأْتِي وَلَا يعْتَرض على هَذَا بقوله تَعَالَى: {مَكَانا سوى} [طه: 58] فَإِن (سوى) فِيهِ بِمَعْنى مستو وَلَيْسَ الْكَلَام فِيهِ ويضاف (سوى) إِلَى الْمعرفَة والنكرة كالبيتين السَّابِقين

وَقيل إِنَّهَا تنفرد من (غير) بِأَنَّهَا لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى معرفَة بِخِلَاف (غير) فَإِنَّهَا تُضَاف إِلَيْهِمَا ورده أَبُو حَيَّان بقوله (سوى طلل) و (سوى لَيْلَة) وهما نكرتان وَمِنْهَا (عِنْد) وَهِي لبَيَان كَون مظروفها حَاضرا حسا أَو معنى أَو قَرِيبا حسا أَو معنى فَالْأول نَحْو: {فَلَمَّا رَءَاهُ مُستَقِرًّا عِنَدهُ} [النَّمْل: 40] وَالثَّانِي نَحْو: {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب} [النَّمْل: 40] وَالثَّالِث نَحْو: {عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى عِنْدهَا جنَّة المأوى} [النَّجْم 14 - 15] وَالرَّابِع نَحْو: {عِنْد مليك مقتدر} [الْقَمَر: 55] {رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة} [التَّحْرِيم: 11] {وَإِنَّهُم عندنَا لمن المصطفين الأخيار} [ص: 47] {مَا عنْدكُمْ ينْفد وَمَا عِنْد الله بَاقٍ ولنجزين} [النَّحْل: 96] وَقد ترد للزمان نَحْو الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى وَلم تسْتَعْمل إِلَّا مَنْصُوبَة على الظَّرْفِيَّة كَمَا مثل أَو مجرورة بِمن نَحْو {ءَاتَيناهُ رحَمَةً مِنْ عِندِنَا} [الْكَهْف: 65] وَإِنَّمَا لم تتصرف لشدَّة توغلها فِي الْإِبْهَام لِأَنَّهَا تصدق على الْجِهَات السِّت وَالْأَشْهر كسر عينهَا وَمن الْعَرَب من يفتحها وَمِنْهُم من يضمها وَمِنْهَا (لَدَى) وَهِي بِمَعْنى عِنْد لَا بِمَعْنى لدن فِي الْأَفْصَح وَمن ثمَّ كَانَت معربة لكَي تفارق (لَدَى) (عِنْد) من أوجه أَحدهَا أَنَّهَا لَا تجر أصلا و (عِنْد) تجر بِمن كَمَا تقدم الثَّانِي أَن (عِنْد) تكون ظرفا للأعيان والمعاني كَمَا تقدم و (لَدَى) لَا تكون ظرفا للمعاني بل للأعيان خَاصَّة يُقَال عِنْدِي هَذَا القَوْل صَوَاب وَلَا يجوز

لدي ذكره ابْن الشجري فِي (أَمَالِيهِ) ومبرمان فِي (حَوَاشِيه الثَّالِث أَنَّك تَقول عِنْدِي مَال وَإِن كَانَ غَائِبا وَلَا تَقول لَدَى مَال إِلَّا إِذا كَانَ حَاضرا قَالَه الحريري وَأَبُو هِلَال العسكري وَابْن الشجري وَزعم المعري أَنه لَا فرق بَين (لَدَى) و (عِنْد) قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَقَول غَيره أولى وتقلب ألف (لَدَى) مَعَ الضَّمِير يَاء ك (عَليّ، وإلي) قَالَ تَعَالَى: {ولدينا مزِيد} [ق: 35] {وَمَا كنت لديهم} [آل عمرَان: 44] لَا مَعَ الظَّاهِر نَحْو {لَدَى الْحَنَاجِر} [غَافِر: 18] {لَدَا البَابَ} [يُوسُف: 25] وَمن الْعَرَب من يقر الْألف مَعَ الْمُضمر أَيْضا كَالظَّاهِرِ وَكَذَا إِلَى وعَلى قَالَ: 788 - (إِلَى كُمْ يَا خناعة لَا إلانا ... عزا الناسُ الضّراعةَ والهَوانا) (فلَوْ بَرأَتْ عُقُولكم بَصَرْتُم ... بأنَّ دَواءَ دائكُم لَدانا) (وذلكم إِذا واثَقْتُمونا ... على نَصْر اعتمادِكُمُ علانا)

التوسع في ظرف الزمان والمكان

التَّوَسُّع فِي ظرف الزَّمَان وَالْمَكَان (ص) مَسْأَلَة يتوسع فِي الْمُتَصَرف فَيجْعَل مَفْعُولا بِهِ ويضمر غير مقرون ب (فِي) ويضاف وينسد إِلَيْهِ لَا إِن كَانَ الْعَامِل حرفا أَو اسْما جَامِدا وَلَا مُتَعَدِّيا لثَلَاثَة على الْأَصَح قيل أَو اثْنَيْنِ وَلَا كَانَ إِن عملت فِيهِ على الْأَصَح (ش) التَّوَسُّع جعل الظّرْف مَفْعُولا بِهِ على طَرِيق الْمجَاز فيسوغ حِينَئِذٍ إضماره غير مقرون ب (فِي) نَحْو الْيَوْم سرته وَلَا يجوز ذَلِك فِي الْمَنْصُوب على الظّرْف بل إِذا أضمر وَجب التَّصْرِيح ب (فِي) لِأَن الضَّمِير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا فَيُقَال الْيَوْم سرت فِيهِ وَسَوَاء فِي التَّوَسُّع ظرف الزَّمَان وَالْمَكَان فَالْأول نَحْو: 789 - (وَيَوْم شَهدْناهُ سُلَيْماً وعامِرًا ... )

790 - (يَا رُبّ يَوْم لِيَ لَا أُظلَّلُهُ ... ) الثَّانِي نَحْو: 791 - (ومشرب أشربهُ وَشِيل ... ) وَالْأَصْل شَهِدنَا فِيهِ وأظلل فِيهِ وأشرب فِيهِ وَيجوز حِينَئِذٍ الْإِضَافَة إِلَيْهِ على طَرِيق الفاعلية نَحْو {بَل مَكرُ الّيلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: 33] 792 - (يَا سارقَ اللّيْلَةِ أَهْلَ الدّارْ ... ) والمفعولية نَحْو {تربص أَرْبَعَة أشهر} [الْبَقَرَة: 226] (يَا مَسْرُوق اللَّيْلَة أهل الدَّار)

وَلَا تصح الْإِضَافَة عِنْد إِرَادَة الظّرْف لِأَن تَقْدِير (فِي) يحول بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ فتمتنع قَالَه الْفَارِسِي وَلِأَن الْخَافِض إِذا دخل على الظّرْف يُخرجهُ عَن الظَّرْفِيَّة قَالَ ابْن عُصْفُور وَيجوز حِينَئِذٍ الْإِسْنَاد إِلَيْهِ نَحْو {فِي يَوْم عاصف} [إِبْرَاهِيم: 18] {إِنَّا نَخَاف من رَبنَا يَوْمًا عبوسا قمطريرا} [الْإِنْسَان: 10] 793 - (صِيد عَلَيْهِ اللّيلُ والنّهارُ ... ) قَالَ بَعضهم ويؤكد ويبدل وَيسْتَثْنى مِنْهُ وَلَا يجوز ذَلِك فِي الظّرْف غير المتوسع فِيهِ قَالَ صَاحب الْبَسِيط وَفِي هَذَا نظر وللتوسع شُرُوط الأول أَن يكون الظّرْف متصرفا فَمَا لزم الظَّرْفِيَّة لَا يتوسع فِيهِ لِأَن التَّوَسُّع منَاف لعدم التَّصَرُّف إِذْ يلْزم مِنْهُ أَن يسند إِلَيْهِ ويضاف إِلَيْهِ وَالثَّانِي وَالثَّالِث أَلا يكون الْعَامِل حرفا وَلَا اسْما جَامِدا لِأَنَّهُمَا يعملان فِي الظّرْف لَا فِي الْمَفْعُول بِهِ والموتسع فِيهِ مشبه بالمفعول بِهِ فَلَا يعملان فِيهِ الرَّابِع أَلا يكون فعلا مُتَعَدِّيا إِلَى ثَلَاثَة لِأَن والاتساع فِي اللَّازِم لَهُ مَا يشبه بِهِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد والاتساع فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد لَهُ مَا يشبه بِهِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ والاتساع فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ لَهُ مَا يشبه بِهِ وَهُوَ الْمُتَعَدِّي إِلَى ثَلَاثَة فَيجوز فِيهَا وَأما مَا يتَعَدَّى إِلَى ثَلَاثَة فَلَيْسَ لَهُ مَا يشبه بِهِ إِذْ لَيْسَ لنا فعل يتَعَدَّى إِلَى أَرْبَعَة فَيمْنَع هَذَا مَا صَححهُ ابْن مَالك وَنسبه ابْن عُصْفُور للأكثرين وَعَزاهُ غَيره للمبرد وَقيل يجوز فِي الْمُتَعَدِّي إِلَى ثَلَاثَة أَيْضا وَنسبه ابْن خروف إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَأَبُو حَيَّان إِلَى الْجُمْهُور وَلَا مبالاة بِعَدَمِ النظير وَإِلَّا لم يجز فِي اللَّازِم إِذْ لم يعْهَد نَصبه الْمَفْعُول وَإِنَّمَا جَازَ فِيهِ لضرب من الْمجَاز فَكَذَا هُنَا وَقيل يمْتَنع الاتساع مَعَ الْمُتَعَدِّي إِلَى اثْنَيْنِ أَيْضا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أصل يشبه بِهِ إِذْ لَا يُوجد مَا يتعدي إِلَى ثَلَاثَة بِحَق الأَصْل وَالْحمل إِنَّمَا يكون على الْأُصُول لَا على الْفُرُوع وَهَذَا مَا صَححهُ ابْن عُصْفُور قِيَاسا لما ذكر وسماعا لِأَنَّهُ لم يرد إِلَّا فِي الْمُتَعَدِّي لوَاحِد وَاللَّازِم

نيابة المصدر عن ظرفي الزمان والمكان

قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْأَمر كَمَا قَالَ من عدم السماع مَعَ الْمُتَعَدِّي لاثْنَيْنِ الْخَامِس أَلا يكون الْعَامِل كَانَ وَأَخَوَاتهَا إِن قُلْنَا إِنَّهَا تعْمل فِي الظّرْف حذرا من كَثْرَة الْمجَاز لِأَنَّهَا رفعت ونصبت لشبهها بِالْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي وَالْعَمَل بالشبه مجَاز فَإِذا نصبت الظّرْف على الاتساع وَهُوَ مجَاز أَيْضا كثر الْمجَاز فَيمْنَع مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ النّظر وَنَظِيره قَوْلهم دخلت فِي الْأَمر لَا يجوز حذف (فِي) لِأَن هَذَا الدُّخُول مجَاز ووصول (دخل) إِلَى الظّرْف بِغَيْر وساطة (فِي) مجَاز فَلم يجْتَمع عَلَيْهَا مجازان وَقَالَ ابْن عُصْفُور يجوز الاتساع مَعهَا كَسَائِر الْأَفْعَال أما إِن قُلْنَا بِأَنَّهَا لَا تعْمل فِي الظّرْف فَوَاضِح أَنه لَا توسع وَلَا يمْنَع التَّوَسُّع إِضَافَة الظّرْف إِلَى المظروف الْمَقْطُوع عَن الْإِضَافَة المعوض مِنْهُ التَّنْوِين نَحْو سير عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَمَا انتصب من المصادر نصب الظّرْف يجوز فِيهِ التَّوَسُّع وَمِنْه {لقد تقطع بَيْنكُم} [الْأَنْعَام: 94] وَأما صفة الظّرْف نَحْو سرت قَلِيلا فيضعف فِيهَا التَّوَسُّع إِلَّا إِن وصف نِيَابَة الْمصدر عَن ظرفي الزَّمَان وَالْمَكَان (ص) وينوب مصدر عَن مَكَان بقلة وزمان بِكَثْرَة وَقد يَجْعَل ظرفا دون تَقْدِير أَو اسْم عين مُضَاف إِلَيْهِ لَا مصدر مؤول خلافًا للزمخشري (ش) قد يَنُوب عَن الظّرْف مصدر إِذا كَانَ الظّرْف مُضَافا إِلَيْهِ فَحذف وَلَا بُد من كَونه معينا لوقت أَو مِقْدَار وَهُوَ كثير فِي ظرف الزَّمَان نَحْو جئْتُك صَلَاة الْعَصْر أَو قدوم الْحَاج وانتظرتك حلب نَاقَة وَقَلِيل فِي الْمَكَان نَحْو جَلَست قرب زيد أَي مَكَان قربه وَقد يَجْعَل الْمصدر ظرفا دون تَقْدِير مُضَاف كَقَوْلِهِم أحقا إِنَّك ذَاهِب أَي أَفِي حق

الظروف المبنيات

وَقد يكون النَّائِب اسْم عين نَحْو لَا ُأكَلِّمهُ القارظين وَالْأَصْل مُدَّة غيبَة القارظين وَلَا يَنُوب فِي ذَلِك الْمصدر المؤول وَهُوَ أَن وَالْفِعْل نَحْو {وترغبون أَن تنكحوهن} [النِّسَاء: 127] إِذا قدر ب (فِي) خلافًا للزمخشري الظروف المبنيات (ص) الْكَلَام فِي الظروف المبنيات (ش) أوردت فِي هَذَا الْفَصْل مَا لم أسبق إِلَى جمعه واستيفائه من مَبْنِيّ ظروف الزَّمَان وَالْمَكَان مُرَتبا على حُرُوف المعجم إِذْ (ص) (إِذْ) للْوَقْت الْمَاضِي وللمستقبل فِي الْأَصَح وَتلْزم الظَّرْفِيَّة مَا لم يضف لَهَا زمَان وَالْإِضَافَة إِلَى جملَة غير مصدرة بزال وأخواته أَو دَامَ أَو لَيْسَ أَو لَكِن أَو لَيْت أَو لَعَلَّ ويقبح أَن يَليهَا اسْم بعده مَاض وَقد يحذف جزؤها وَكلهَا فتعوض تنوينا وتكسر للساكنين وَقَالَ الْأَخْفَش إعرابا وَقد تفتح وألقح بهَا شَيخنَا الكافيجي فِي ذَلِك (إِذا)

وَجوز الْأَخْفَش والزجاج والمتأخرون وُقُوعهَا مَفْعُولا بِهِ وبدلا مِنْهُ والزمخشري مُبْتَدأ وَهِي تَجِيء للتَّعْلِيل خلافًا لِلْجُمْهُورِ حرفا وَقيل ظرفا وللمفاجأة بعد بَينا وبينما حرفا أَو ظرف مَكَان أَو زمَان أَو زَائِدَة أَقْوَال وَعلي الظَّرْفِيَّة عاملها قَالَ ابْن جني وَابْن الباذش تَالِيهَا وعامل بَينا مُقَدّر والشلوبين عاملهما مَحْذُوف وَإِذا بدل قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وللتحقيق وزائدة وَاخْتَارَهُ ابْن الشجري بعد بَينا وبينما (ش) من الظروف المبنية (إِذْ) وَالدَّلِيل على اسميتها قبُولهَا التَّنْوِين والإخبار بهَا نَحْو مجيئك إِذْ جَاءَ زيد وَالْإِضَافَة إِلَيْهَا بِلَا تَأْوِيل نَحْو {بعد إِذْ هديتنا} [آل عمرَان: 8] وبنيت لافتقارها إِلَى مَا بعْدهَا من الْجمل ولوضعها على حرفين وأصل وَضعهَا أَن تكون ظرفا للْوَقْت الْمَاضِي وَهل تقع للاستقبال قَالَ الْجُمْهُور لَا وَقَالَ جمَاعَة مِنْهُم ابْن مَالك نعم وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} [الزلزلة: 4] وَالْجُمْهُور جعلُوا الْآيَة وَنَحْوهَا من بَاب {وَنفخ فِي الصُّور} [الْكَهْف: 99] أَي من تَنْزِيل الْمُسْتَقْبل الْوَاجِب الْوُقُوع منزلَة مَا قد وَقع

قَالَ ابْن هِشَام ويحتج لغَيرهم بقوله تَعَالَى {فَسَوف يعلمُونَ إِذْ الأغلال فِي أَعْنَاقهم} [غَافِر: 70، 71] ٍ فَإِن يعلمُونَ مُسْتَقْبل لفظا وَمعنى لدُخُول حرف التَّنْفِيس عَلَيْهِ وَقد عمل فِي (إِذْ) فَيلْزم أَن يكون بِمَنْزِلَة إِذا وتلز (إِذْ) الظَّرْفِيَّة فَلَا تتصرف بِأَن تكون فاعلة أَو مُبتَدأَة إِلَّا أَن يُضَاف اسْم الزَّمَان إِلَيْهَا نَحْو حِينَئِذٍ ويومئذ و {بعد إِذْ هديتنا} [آل عمرَان: 8] ورأيتك أمس إِذْ جِئْت وَجوز الْأَخْفَش والزجاج وَابْن مَالك وُقُوعهَا مَفْعُولا بِهِ نَحْو {واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُم قَلِيلا} [الْأَعْرَاف: 86] وبدلا مِنْهُ نَحْو {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم إِذْ انتبذت} [مَرْيَم: 16] وَالْجُمْهُور لَا يثبتون ذَلِك وَوَافَقَهُمْ أَبُو حَيَّان قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُوجد فِي كَلَامهم أَحْبَبْت إِذْ قدم زيد وَلَا كرهت إِذْ قدم وَإِنَّمَا ذكرُوا ذَلِك مَعَ (اذكر) لما اعتاص عَلَيْهِم مَا ورد من ذَلِك فِي الْقُرْآن وتخريجه سهل وَهُوَ أَن تكون (إِذْ) معمولة لمَحْذُوف يدل عَلَيْهِ الْمَعْنى أَي اذْكروا حالتكم أَو قضيتكم أَو أَمركُم وَقد جَاءَ بعض ذَلِك مُصَرحًا بِهِ قَالَ تَعَالَى {وَاذكُرُوا نِعمَتَ اللهِ عَليْكُمْ إِذ كُنتُم أَعدَاءً} [آل عمرَان: 103] فَإذْ ظرف مَعْمُول لقَوْله {نِعْمَتَ اللهِ} وَهَذَا أولي من إِثْبَات حكم كلي بمحتمل بل بمرجوح انْتهى وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ وُقُوعهَا مُبْتَدأ فَقَالَ فِي قِرَاءَة بَعضهم {لَمِنْ مَنِّ اللهِ عَلَى المُؤمِنِين} [آل عمرَان: 164] إِنَّه يجوز أَن التَّقْدِير (مِنْهُ إِذْ بعث) وَأَن تكون (إِذْ) فِي مَحل رفع كإذا فِي قَوْلك أَخطب مَا يكون الْأَمِير إِذا كَانَ قَائِما

قَالَ ابْن هِشَام فمقتضي هَذَا أَن (إِذْ) مُبْتَدأ وَلَا نعلم بذلك قَائِلا وَتلْزم (إِذْ) الْإِضَافَة إِلَى جملَة إِمَّا اسمية نَحْو {واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل} [الْأَنْفَال: 26] {إِذْ هما فِي الْغَار} [التَّوْبَة: 40] أَو فعلية كَمَا سبق ويقبح فِي الاسمية أَن يكون عجزها فعلا مَاضِيا نَحْو جئْتُك إِذْ زيد قَامَ وَوجه قبحه أَن (إِذْ) لما كَانَت لما مضى وَكَانَ الْفِعْل الْمَاضِي مناسبا لَهَا فِي الزَّمَان وَكَانَا فِي جملَة وَاحِدَة لم يحسن الْفَصْل بَينهمَا بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ مضارعا نَحْو إِذْ زيد يقوم فَإِنَّهُ حسن وَيشْتَرط فِي الْجُمْلَة أَلا تكون شَرْطِيَّة فَلَا يُقَال أَتَذكر إِذْ إِن تأتنا نكرمك وَلَا إِذْ من يأتك تكرمه إِلَّا فِي ضَرُورَة وَقد يحذف جُزْء الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا (إِذْ) فيظن من لَا خبْرَة لَهُ أَنَّهَا أضيفت إِلَى الْمُفْرد كَقَوْلِه:

794 - (والعيش مُنْقَلِبٌ إذْ ذَاك أَفْنانَا ... ) وَالتَّقْدِير إِذْ ذَاك كَذَلِك وَقد تحذف الْجُمْلَة كلهَا للْعلم بهَا ويعوض مِنْهَا التَّنْوِين قَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي يظْهر من قَوَاعِد الْعَرَبيَّة أَن هَذَا الْحَذف جَائِز لَا وَاجِب وتكسر ذالها حِينَئِذٍ لالتقاء الساكنين نَحْو {وَأَنْتُم حِينَئِذٍ تنْظرُون} [الْوَاقِعَة: 84] أَي حِين إِذْ بلغت الرّوح الْحُلْقُوم وَزعم الْأَخْفَش أَنَّهَا حِينَئِذٍ معربة وَالْكَسْر جر إِعْرَاب بِالْإِضَافَة لَا بِنَاء وَحمله على ذَلِك أَنه جعل بناءها ناشئا عَن إضافتها إِلَى الْجُمْلَة فَلَمَّا زَالَت من اللَّفْظ صَارَت معربة وَهُوَ مَرْدُود بِأَنَّهُ قد سبق ل (إِذْ) حكم الْبناء وَالْأَصْل استصحابه حَتَّى يقوم دَلِيل على إعرابه وَبِأَن الْعَرَب قد بنت الظّرْف الْمُضَاف ل (إِذْ) وَلَا عِلّة لبنائه إِلَّا كَونه مُضَافا لمبني فَلَو كَانَت الكسرة إعرابا لم يجز بِنَاء الظّرْف وبأنهم قَالُوا (يومئذا) بِفَتْح الذَّال منونا وَلَو كَانَ معربا لم يجز فَتحه لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَيْهِ فَدلَّ على أَنه مَبْنِيّ مرّة على الْكسر لالتقاء الساكنين وَمرَّة على الْفَتْح طلبا للتَّخْفِيف وَهَذَا معنى قولي وَقد تفتح وَقَوْلِي وَألْحق بهَا شَيخنَا الكافيجي فِي ذَلِك (إِذا) أَشرت بِهِ إِلَى مَسْأَلَة غَرِيبَة قل من تعرض لَهَا وَذَلِكَ أَنِّي سَمِعت شَيخنَا رَحمَه الله يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَئِن أطعتم بشرا مثلكُمْ إِنَّكُم إِذا لخاسرون} [الْمُؤْمِنُونَ: 34] لَيست (إِذن) هَذِه الْكَلِمَة الْمَعْهُودَة وَإِنَّمَا هِيَ إِذا الشّرطِيَّة حذفت جُمْلَتهَا الَّتِي تُضَاف إِلَيْهَا وَعوض مِنْهَا التَّنْوِين كَمَا فِي (يَوْمئِذٍ) وَكنت أستحسن هَذَا جدا وأظن

أَن الشَّيْخ لَا سلف لَهُ فِي ذَلِك حَتَّى رَأَيْت بعض الْمُتَأَخِّرين جنح إِلَى مَا جنح إِلَيْهِ الشَّيْخ وَقد أوسعت الْكَلَام فِي ذَلِك فِي (الإتقان) و (حَاشِيَة الْمُغنِي) وتزاد (إِذْ) للتَّعْلِيل خلافًا لِلْجُمْهُورِ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلنْ ينفعكم الْيَوْم إِذْ ظلمتم أَنكُمْ فِي الْعَذَاب مشتركون} [الزخرف: 39] أَي لأجل ظلمكم فِي الدُّنْيَا {وَإِذ لم يهتدوا بِهِ فسيقولون} [الْأَحْقَاف: 11] {وَإِذِ اعتَزَلتُمُوهُم وَمَا يَعبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فأوُاْ} [الْكَهْف: 16] وَهِي حرف بِمَنْزِلَة لَام الْعلَّة وَقيل ظرف وَالتَّعْلِيل مُسْتَفَاد من قُوَّة الْكَلَام لَا من اللَّفْظ وَترد للمفاجأة نَص على ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَهِي الْوَاقِعَة بعد (بَينا) و (بَيْنَمَا) كَقَوْلِه: 795 - (فينما العُسْر إذْ دارَتْ ميَاسيرُ ... )

وَقَوله: 796 - (بَيْنا كَذَلِك والأعدادُ وجْهَتُها ... إِذْ راعها لِحَفيفٍ خَلْفَها فَزَعُ) وَهل هِيَ حِينَئِذٍ ظرف مَكَان أَو زمَان أَو حرف لِمَعْنى المفاجأة أَو حرف مُؤَكد أَي زَائِد أَقْوَال اخْتَار الثَّانِي أَبُو حَيَّان إِقْرَارا لَهَا على مَا اسْتَقر لَهَا وَابْن مَالك والشلوبين الثَّالِث وعَلى القَوْل بالظرفية قَالَ ابْن جني وَابْن الباذش عاملها الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا لِأَنَّهَا غير مُضَافَة إِلَيْهِ وعامل (بَينا) و (بَيْنَمَا) مَحْذُوف يفسره الْفِعْل الْمَذْكُور وَقَالَ الشلوبين (إِذْ) مُضَافَة للجملة فَلَا يعْمل فِيهَا الْفِعْل وَلَا فِي (بَينا) و (بَيْنَمَا) لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِي الْمُضَاف وَلَا فِيمَا قبله وَإِنَّمَا عاملها مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ الْكَلَام و (إِذْ) بدل مِنْهُمَا وَذكر ل (إِذْ) مَعْنيانِ آخرَانِ أَحدهمَا التوكيد وَذَلِكَ بِأَن تحمل على الزِّيَادَة قَالَه أَبُو عُبَيْدَة وَتَبعهُ ابْن قُتَيْبَة وحملا عَلَيْهِ آيَات مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة} [الْحجر: 28]

إذا

وَالثَّانِي التَّحْقِيق كقد وحملت عَلَيْهِ الْآيَة قَالَ فِي (الْمُغنِي) وَلَيْسَ الْقَوْلَانِ بِشَيْء وَاخْتَارَ ابْن الشجري أَنَّهَا تقع زَائِدَة بعد (بَينا) و (بَيْنَمَا) خَاصَّة قَالَ لِأَنَّك إِذا قلت بَيْنَمَا أَنا جَالس إِذْ جَاءَ زيد فقدرتها غير زَائِدَة أعملت فِيهَا الْخَبَر وَهِي مُضَافَة إِلَى جملَة جَاءَ زيد وَهَذَا الْفِعْل هُوَ الناصب ل (بَين) فَيعْمل الْمُضَاف إِلَيْهِ فِيمَا قبل الْمُضَاف إِذا (ص) (إِذا) للمستقبل مضمنة معنى الشَّرْط غَالِبا قَالَ ابْن مَالك والماضي وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان وَقوم للْحَال وَيخْتَص بالمجزوم بِهِ وَكَذَا المظنون خلافًا للبيانيين بِخِلَاف (إِن) وَمن ثمَّ لم تجزم فِي السعَة خلافًا لمن جوزه بقلة أَو مَعَ (مَا) وَلَا تدل على تكْرَار وَلَا عُمُوم على الصَّحِيح فيهمَا وتضاف أبدا لجملة صدرها فعل وَلَو مُقَدرا قبل اسْم يَلِيهِ وَجوزهُ الْأَخْفَش إِلَى اسمية الجزأين وَأوجب الْفراء إيلاءها الْمَاضِي شَرْطِيَّة وَقَالَ غَيره هُوَ الْغَالِب وَمن ثمَّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ ناصبها الْجَواب لَا الشَّرْط قَالَ ابْن مَالك وتجيء مَفْعُولا بِهِ ومجرورة ب (حَتَّى) ومبتدأ وَترد للمفاجأة فأقوال إِذا وتلزمها الْفَاء قَالَ الْمَازِني زَائِدَة ومبرمان عاطفة والزجاج جزائية وَلَا يَليهَا فعل وَثَالِثهَا يجوز مَعَ قد قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وتزاد (ش) من الظروف المبنية (إِذا) وَالدَّلِيل على اسميتها الْإِخْبَار بهَا مَعَ مباشرتها الْفِعْل نَحْو الْقيام إِذا طلعت الشَّمْس وإبدالها من اسْم صَرِيح نَحْو أجيئك غَدا إِلَى طلعت الشَّمْس

وَهِي ظرف للمستقبل مضمنة معنى الشُّرُوط غَالِبا وَمن ثمَّ وَجب إيلاؤها الْجُمْلَة الفعلية ولزمت الْفَاء فِي جوابها نَحْو {إِذا جَاءَ نصر الله} [النَّصْر: 1] إِلَى قَوْله {فسبح} وَقد لَا تضمن معنى الشَّرْط بل تتجرد للظرفية الْمَحْضَة نَحْو {وَالَّيْلِ إذَا يَغشَى} [اللَّيْل: 1] و {وَالَّيلِ إذَا سَجَى} [الضُّحَى: 2] وَزعم قوم أَنَّهَا تخرج عَن الظَّرْفِيَّة فَقَالَ ابْن مَالك إِنَّهَا وَقعت مَفْعُولا بِهِ فِي حَدِيث (إِنِّي لأعْلم إِذا كنت عني راضية وَإِذا كنت عَليّ غَضَبي) ومبتدأ فِي قَوْله تَعَالَى {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} [الْوَاقِعَة: 1] وَالْخَبَر (إِذا) الثَّانِيَة {خافضة رَافِعَة} [الْوَاقِعَة: 3] بِالنّصب حالان وَالْمعْنَى وَقت وُقُوع الْوَاقِعَة خافضة لقوم رَافِعَة لآخرين هُوَ وَقت رج الأَرْض ومجرورة ب (حَتَّى) فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَى إذَا جَآءُوهَا} [الزمر: 73] وَسَبقه إِلَى ذَلِك ابْن جني فِي الثَّانِي والأخفش فِي الثَّالِث وَالْجُمْهُور أَنْكَرُوا ذَلِك كُله وَجعلُوا (حَتَّى) فِي الْآيَة حرف ابْتِدَاء دَاخل على الْجُمْلَة بأسرها وَلَا عمل لَهُ وَإِذا وَقعت ظرفا جَوَابه مَحْذُوف أَي انقسمتم أقساما وكنتم أَزْوَاجًا وَإِذا الثَّانِيَة بدل من الأولى وَإِذا فِي الحَدِيث ظرف لمَحْذُوف هُوَ مفعول أعلم أَي شَأْنك وَنَحْوه وَزعم آخَرُونَ أَنَّهَا تخرج عَن الِاسْتِقْبَال فَقَالَ ابْن مَالك إِنَّهَا وَقعت للماضي فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الْجُمُعَة: 11] فَإِن الْآيَة نزلت بعد انفضاضهم وَكَذَا {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم قلت لَا أجد} [التَّوْبَة: 92] الْآيَة وَقَالَ قوم إِنَّهَا وَقعت للْحَال فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّيلِ إذَا يَغشَى} [اللَّيْل: 1] لِأَن اللَّيْل مُقَارن للغشيان وتختص إِذا مَا بِمَا يتَعَيَّن وجوده نَحْو آتِيك إِذا احمر الْبُسْر أَو رجح نَحْو آتِيك إِذا دعوتني بِخِلَاف إِن فَإِنَّهَا تكون للمحتمل والمشكوك فِيهِ والمستحيل كَقَوْلِه {قل إِن كَانَ للرحمن ولد} [الزخرف: 81] وَلَا تدخل على مُتَيَقن وَلَا رَاجِح

وَقد تدخل على الْمُتَيَقن لكَونه مُبْهَم الزَّمَان نَحْو {أَّفَإِيْن مِتَ فَهُمُ الخَالِدُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 34] وَلكَون (إِذا) خَاصّا بالمتيقن والمظنون خَالَفت أدوات الشَّرْط فَلم تجزم إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 797 - (وَإِذا تُصِبْك خَصاصةٌ فَتَحَمّل ... ) وَإِذا دلّت (إِذا) على الشَّرْط فَلَا تدل على التّكْرَار على الصَّحِيح وَقيل تدل عَلَيْهِ ك (كلما) وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور فَلَو قَالَ إِذا قُمْت فَأَنت طَالِق قَامَت ثمَّ قَامَت أَيْضا فِي الْعدة ثَانِيًا وثالثا لم يَقع بهما شَيْء على الأول دون الثَّانِي وكما لَا تدل على التّكْرَار لَا تدل أَيْضا على الْعُمُوم على الصَّحِيح وَقيل تدل عَلَيْهِ فَلَو قَالَ إِذا طلقت امْرَأَة من نسَائِي فعبد من عَبِيدِي حر فَطلق أَرْبعا لم يعْتق إِلَّا عبد وَاحِد وتنحل الْيَمين على الأول وَيعتق أَربع على الثَّانِي وَتلْزم (إِذا) الْإِضَافَة إِلَى الْجُمْلَة صدرها فعل سَوَاء كَانَ مضارعا نَحْو {وَإذَا تُتلَى عَلَيهِمءَايَاتُنَا} [الْأَحْقَاف: 7 وسبأ: 43] {وَإِذا لم تأتهم بِآيَة} [الْأَعْرَاف: 203] أم مَاضِيا نَحْو {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} [المُنَافِقُونَ: 1]

وَزعم الْفراء أَن (إِذا) إِذا كَانَ فِيهَا معنى الشَّرْط لَا يكون بعْدهَا إِلَّا الْمَاضِي وَقَالَ ابْن هِشَام إيلاؤها الْمَاضِي أَكثر من الْمُضَارع وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله: 798 - (والنّفسُ راغبة إِذا رغّبتها ... وَإِذا تُردّ إِلَى قَلِيل تَقْنَعُ) وَقد يَليهَا اسْم بعد فعل فَيقدر قبله فعل يفسره الْفِعْل بعد الِاسْم نَحْو {إِذا السَّمَاء انشقت} [الانشقاق: 1] وَجوز الْأَخْفَش إيلاءها جملَة فِيهَا اسمان مُبْتَدأ وَخبر من غير تَقْدِير فعل كَقَوْلِه: 799 - (إِذا باهِليٌّ تَحْتَهُ حَنْظَلِيّةٌ ... )

وَفِي ناصب إِذا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه شَرطهَا وَعَلِيهِ الْمُحَقِّقُونَ وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان حملا لَهَا على سَائِر أدوات الشَّرْط وَالثَّانِي أَنه مَا فِي جوابها من فعل وَشبهه وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ لما تقدم من أَنَّهَا مُلَازمَة الْإِضَافَة إِلَى شَرطهَا والمضاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِي الْمُضَاف فالإشارة إِلَيْهِ بِقَوْلِي: (وَمن ثمَّ) إِلَى قَوْله (وتضاف أبدا) والأولون انفصلوا عَن ذَلِك بِأَن قَالُوا بِعَدَمِ إضافتها وَترد (إِذا) للمفاجأة فتختص بِالْجُمْلَةِ الاسمية فِيمَا جزم بِهِ ابْن مَالك ورده أَبُو حَيَّان وَقيل تدخل على الْفِعْل مُطلقًا وَقيل تدخل إِلَى الفعلية المصحوبة ب (قد) نقل الْأَخْفَش ذَلِك عَن الْعَرَب نَحْو خرجت فَإِذا قد قَامَ زيد قَالَ فِي الْمُغنِي وَوَجهه أَن الْتِزَام الاسمية مَعهَا إِنَّمَا هُوَ للْفرق بَينهمَا وَبَين الشّرطِيَّة الْخَاصَّة بالفعلية وَالْفرق حَاصِل ب (قد) إِذْ لَا يقْتَرن الشَّرْط بهَا وَلَا يحْتَاج لجواب وَلَا تقع فِي الِابْتِدَاء وَمَعْنَاهَا الْحَال لَا الِاسْتِقْبَال نَحْو خرجت فَإِذا الْأسد بِالْبَابِ وَمِنْه {فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى} [طه: 20] وَهِي حِينَئِذٍ حرف عِنْد الْكُوفِيّين والأخفش وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك ويرجحه قَوْلهم خرجت فَإِذا إِن زيدا بِالْبَابِ بِكَسْر إِن لِأَن إِن لَا يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا وظرف مَكَان عِنْد الْمبرد والفارسي وَابْن جني وَأبي بكر بن الْخياط وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وظرف زمَان عِنْد الرياشي والزجاج وَاخْتَارَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن طَاهِر وَابْن خروف والشلوبين إبْقَاء لَهَا على مَا ثَبت لَهَا فَإِذا قلت خرجت فَإِذا زيد صَحَّ

كَونهَا خَبرا على الْمَكَان أَي فبالحضرة زيد لَا على الزَّمَان لِأَنَّهُ لَا يخبر بِهِ عَن الجثة وَلَا على الْحَرْف لِأَنَّهُ لَا يخبر بِهِ وتلزمها الْفَاء دَاخِلَة عَلَيْهَا وَاخْتلف فِيهَا فَقَالَ الْمَازِني هِيَ زَائِدَة للتَّأْكِيد لِأَن إِذا الفجائية فِيهَا معنى الِاتِّبَاع وَلذَا وَقعت فِي جَوَاب الشَّرْط موقع الْفَاء وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْن جني وَقَالَ مبرمان هِيَ عاطفة لجملة إِذا ومدخولها على الْجُمْلَة قبلهَا وَاخْتَارَهُ الشلوبين الصَّغِير وأيده أَبُو حَيَّان بِوُقُوع ثمَّ موقعها فِي قَوْله تَعَالَى {ثمَّ إِذا أَنْتُم بشر تنتشرون} [الرّوم: 20] وَقَالَ الزّجاج دخلت على حد دُخُولهَا فِي جَوَاب الشَّرْط وَزعم أَبُو عُبَيْدَة أَن (إِذا) قد تزاد وَاسْتدلَّ بقوله: 800 - (حَتَّى إِذا أسْلَكُوهم فِي قُتائِدَة ... شلاًّ كَمَا تَطْرُدُ الجَمّالَةُ الشُّرُدا) قَالَ فزادها لعدم الْجَواب فَكَأَنَّهُ قَالَ حَتَّى أسلكوهم وتأوله ابْن جني على حذف جَوَاب إِذا

الآن

الْآن (ص) (الْآن) لوقت حضر أَو بعضه وزعمه الْفراء مَنْقُولًا من (آن) وَالْمُخْتَار إعرابه وألفه عَن وَاو وَقيل يَاء وَقيل أَصله أَوَان وَقيل ظرفيتة غالبة (ش) من الظروف المبنية (الْآن) وَالدَّلِيل على اسميته دُخُول (أل) وحرف الْجَرّ عَلَيْهِ وَهُوَ اسْم للْوَقْت الْحَاضِر جَمِيعه كوقت فعل الْإِنْسَان حَال النُّطْق بِهِ أَو الْحَاضِر بعضه نَحْو {فَمن يستمع الْآن} [الْجِنّ: 9] {الئَنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُم} [الْأَنْفَال: 66] قَالَ ابْن مَالك وظرفيته غالبة لَازِمَة فقد يخرج عَنْهَا إِلَى الاسمية كَحَدِيث (فَهُوَ يهوي فِي النَّار الْآن حِين انْتهى إِلَى قعرها) ف (الْآن) فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ و (حِين انْتهى) خَبره وَهُوَ مَبْنِيّ لِإِضَافَتِهِ إِلَى جملَة صدرها مَاض كَقَوْلِه:

801 - (أَإلى الْآن لَا يَبينُ ارْعِواءٌ ... لَكَ بَعْدَ المَشِيبِ عَنْ ذَا التّصابي) وألفه منقلبة عَن وَاو لقَولهم فِي مَعْنَاهُ الأوان وَقيل عَن يَاء لِأَنَّهُ من آن يئين إِذا قرب وَقيل أَصله أَوَان قلبت الْوَاو ألفا ثمَّ حذفت لالتقاء الساكنين ورد بِأَن الْوَاو قبل الْألف لَا تنْقَلب كالجواد والسواد وَقيل حذفت الْألف وغيرت الْوَاو إِلَى الْألف كَمَا قَالُوا رَاح ورواح استعملوه مرّة على فعل وَمرَّة على فعال كزمن وزمان وَاخْتلف فِي عِلّة بنائِهِ فَقَالَ الزّجاج بني لتَضَمّنه معنى الْإِشَارَة لِأَن مَعْنَاهُ هَذَا الْوَقْت ورد بِأَن تضمين معنى الْإِشَارَة بِمَنْزِلَة اسْم الْإِشَارَة وَهُوَ لَا تدخله أل وَقَالَ أَبُو عَليّ لتَضَمّنه لَام التَّعْرِيف لِأَنَّهُ اسْتعْمل معرفَة وَلَيْسَ علما وأل فِيهِ زَائِدَة وَضَعفه ابْن مَالك بِأَن تضمن اسْم معنى حرف اختصارا يُنَافِي زِيَادَة مَا لَا يعْتد بِهِ هَذَا مَعَ كَون الْمَزِيد غير المضمن مَعْنَاهُ فَكيف إِذا كَانَ إِيَّاه وَقَالَ ابْن الْمبرد وَابْن السراج لِأَنَّهُ خَالف نَظَائِره إِذْ هُوَ نكرَة فِي الأَصْل اسْتعْمل من أول وَضعه بِاللَّامِ وَبَاب اللَّام أَن يدْخلهُ على النكرَة وَكَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ سَبَب بنائِهِ وُقُوعه فِي أول أَحْوَاله بِالْألف وَاللَّام لِأَن حق الِاسْم فِي أول أَحْوَاله التجرد مِنْهَا ثمَّ يعرض تَعْرِيفه فيلحقه فَلَمَّا وَقع الْآن فِي أول أَحْوَاله بِالْألف وَاللَّام خَالف الْأَسْمَاء وأشبه الْحُرُوف ورده ابْن مَالك بِلُزُوم الْجَمَّاء الْغَفِير وَاللات وَنَحْوهَا مِمَّا وَقع فِي أول أَحْوَاله بِالْألف وَاللَّام وَبِأَنَّهُ لَو كَانَت مُخَالفَة الِاسْم لسَائِر الْأَسْمَاء مُوجبَة لشبه الْحَرْف وَاسْتِحْقَاق الْبناء لوَجَبَ بِنَاء كل اسْم خَالف الْأَسْمَاء بِوَزْن أَو غَيره وَهُوَ بَاطِل بِإِجْمَاع وَقَالَ ابْن مَالك بني لشبه الْحَرْف فِي مُلَازمَة لفظ وَاحِد لِأَنَّهُ لَا يثني وَلَا يجمع وَلَا يصغر بِخِلَاف حِين وَوقت وزمان وَمُدَّة

قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مَرْدُود بِمَا رد بِهِ هُوَ على الزَّمَخْشَرِيّ وَقَالَ الْفراء إِنَّمَا بني لِأَنَّهُ نقل من فعل مَاض وَهُوَ (آن) معنى حَان فَبَقيَ على بنائِهِ استصحابا على حد (أنهاكم عَن قيل وَقَالَ) ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لم تدخل عَلَيْهِ (أل) كَمَا لَا تدخل على قيل وَقَالَ ولجاز فِيهِ الْإِعْرَاب كَمَا يجوز فِي قيل وَقَالَ وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه مُعرب وفتحته إِعْرَاب على الظَّرْفِيَّة وَاسْتدلَّ لَهُ بقوله: 802 - (كأنّهما مِلآن لم يَتَغّيرا ... ) بِكَسْر النُّون أَي من الْآن فَحذف النُّون لالتقاء الساكنين وجر فَدلَّ على أَنه مُعرب وَضَعفه ابْن مَالك بِاحْتِمَال أَن تكون الكسرة كسرة بِنَاء وَيكون فِي بِنَاء الْآن لُغَتَانِ الْفَتْح وَالْكَسْر كَمَا فِي شتان إِلَّا أَن الْفَتْح أَكثر وَأشهر

أمس

وَالْمُخْتَار عِنْدِي القَوْل بإعرابه لِأَنَّهُ لم يثبت لبنائه عِلّة مُعْتَبرَة فَهُوَ مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة وَإِن دَخلته (من) جر وَخُرُوجه عَن الظَّرْفِيَّة غير ثَابت وَلَا يصلح الِاسْتِدْلَال لَهُ بِالْحَدِيثِ السَّابِق لما تقرر غير مرّة وَفِي شرح الألفية لِابْنِ الصَّائِغ أَن الَّذِي قَالَ بِأَن أَصله (أَوَان) يَقُول بإعرابه كَمَا أَن أوانا مُعرب أمس (ص) (أمس) لما يَلِي يَوْمك مَبْنِيّ على الْكسر قَالَ الزّجاج والزجاجي وَالْفَتْح لُغَة وَإِعْرَابه غير منصرف رفعا ومطلقا ومنصرفا لُغَة وزعمه قوم محكيا من الْأَمر فَإِن قَارن ال أعرب غَالِبا وَكَذَا إِن أضيف أَو أنكر أَو ثني أَو جمع أَو صغر (ش) أمس اسْم معرفَة متصرف يسْتَعْمل فِي مَوضِع رفع وَنصب وجر وَهُوَ اسْم زمَان مَوْضُوع لليوم الَّذِي أَنْت فِيهِ أَو مَا هُوَ فِي حكمه فِي إِرَادَة الْقرب فَإِن اسْتعْمل ظرفا فَهُوَ مَبْنِيّ على الْكسر عِنْد جَمِيع الْعَرَب وَعلة بنائِهِ تضمنه معنى الْحَرْف وَهُوَ لَام التَّعْرِيف وَلذَا لم يبن (غَد) مَعَ كَونه معرفَة لِأَنَّهُ لم يتضمنها إِنَّمَا يتضمنها مَا هُوَ حَاصِل وَاقع و (غَد) لَيْسَ بواقع وَالْفرق بَينه وَبَين (سحر) حَيْثُ لم يبن أَنه لما عدل عَن السحر لم يضمن معنى الْحَرْف بل أنيب مناب السحر الْمُعَرّف فَصَارَ معرفَة فَمثله بالنيابة كَمَا صَار عمر معرفَة بالنيابة عَن عَامر الْعلم

وَقَالَ ابْن كيسَان بني لِأَنَّهُ فِي معنى الْفِعْل الْمَاضِي وأعرب (غَد) لِأَنَّهُ فِي معنى الْفِعْل الْمُسْتَقْبل والمستقبل مُعرب وَقَالَ قوم عِلّة بنائِهِ شبه الْحَرْف إِذا افْتقر فِي الدّلَالَة على مَا وضع لَهُ إِلَى الْيَوْم الَّذِي أَنْت فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ بني لشبهه بالأسماء المبهمة فِي انْتِقَال مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ لَا يخْتَص بمسمي دون آخر وَأَجَازَ الْخَلِيل فِي لَقيته أمس أَن يكون التَّقْدِير لَقيته بالْأَمْس فَحذف الحرفين الْبَاء وأل فَتكون الكسرة على هَذَا كسرة إِعْرَاب وَزعم قوم مِنْهُم الْكسَائي أَنه لَيْسَ مَبْنِيا وَلَا معربا بل هُوَ محكي سمي بِفعل الْأَمر من الْمسَاء كَمَا لَو سمي بأصبح من الصَّباح فقولك جِئْت أمس أَي الْيَوْم الَّذِي كُنَّا نقُول فِيهِ أمس عندنَا أَو مَعنا وَكَانُوا كثيرا مَا يَقُولُونَ ذَلِك للزور والخليط إِذا أَرَادَ الِانْصِرَاف عَنْهُم فكثرت هَذِه الْكَلِمَة على ألسنتهم حَتَّى صَارَت اسْما للْوَقْت وتعريفه بأل إِشَارَة إِلَى أَنه الْيَوْم الَّذِي قبل يَوْمك وَقَالَ السُّهيْلي تَعْرِيفه بِالْإِضَافَة كتعريف جمع

وَإِن اسْتعْمل غير ظرف فَذكر سِيبَوَيْهٍ عَن الْحِجَازِيِّينَ بناءه على الْكسر رفعا ونصبا وجرا كَمَا كَانَ حَال اسْتِعْمَاله ظرفا تَقول ذهب أمس بِمَا فِيهِ وأحببت أمس وَمَا رَأَيْتُك مذ أمس قَالَ: 803 - (الْيَوْم أعلم مَا يَجيءُ بِهِ ... وَمَضَى بفَصْل قضائِهِ أَمْس) وَنقل عَن بني تَمِيم أَنهم يوافقون الْحِجَازِيِّينَ حَالَة النصب والجر فِي الْبناء على الْكسر ويعربونه إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف حَالَة الرّفْع قَالَ شَاعِرهمْ: 804 - (اعْتَصِم بالرّجاء إنْ عنَّ يأسٌ ... وتناسَ الّذي تَضمّن أَمسُ) وَمن بني تَمِيم من يعربه إِعْرَاب مَا لَا ينْصَرف فِي حالتي النصب والجر أَيْضا وعلته مَا ذكر فِي (سحر) من الْعدْل والتعريف وَعَلِيهِ قَوْله:

805 - (إنّى رَأَيْت عجبا مذْ أَمْسا ... ) وَمِنْهُم من يعربه إِعْرَاب المنصرف فينونه فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة حَكَاهُ الْكسَائي وَحكى الزّجاج أَن بعض الْعَرَب ينونه وَهُوَ مَبْنِيّ على الْكسر تَشْبِيها بالأصوات وَحكى الزجاجي والزجاج أَن من الْعَرَب من يبنيه وَهُوَ ظرف على الْفَتْح فتلخص فِيهِ حَال الظَّرْفِيَّة لُغَتَانِ الْبناء على الْكسر وَعلي الْفَتْح وَحَال غير الظَّرْفِيَّة خمس لُغَات الْبناء على الْكسر بِلَا تَنْوِين مُطلقًا وبتنوين وَإِعْرَابه منصرفا وَغير منصرف مُطلقًا وَإِعْرَابه غير منصرف رفعا وبناؤه نِصَاب وجرا فَإِن قارنه (أل) أعرب غَالِبا نَحْو إِن الأمس ليَوْم حسن وَقَالَ تَعَالَى: {كَأَن لم تغن بالْأَمْس} [يُونُس: 24] وَمن الْعَرَب من يستصحب الْبناء مَعَ أل قَالَ: 806 - (وإنّى وقَفْتُ الْيَوْم والأمس قبله ... ببَابكَ حَتَّى كادتِ الشّمسُ تَغْرُبُ)

فَكسر السِّين وَهُوَ فِي مَوضِع نصب عطفا على الْيَوْم قَالُوا وَالْوَجْه فِي تَخْرِيجه أَن تكون أل زَائِدَة لغير تَعْرِيف واستصحب تضمن معنى الْمعرفَة فاستديم الْبناء أَو تكون هِيَ الْمعرفَة ويجر إِضْمَار الْبَاء فالكسرة إِعْرَاب لَا بِنَاء ويعرب أَيْضا حَال الْإِضَافَة نَحْو إِن أمسنا يَوْم طيب وَحَال التنكير نَحْو مُضِيّ لنا أمس حسن لَا تُرِيدُ الْيَوْم الَّذِي قبل يَوْمك وَحَال التَّثْنِيَة نَحْو أمسان وَحَال الْجمع نَحْو آمس وآماس وأموس قَالَ: 807 - (مرّت بِنَا أَوَّلَ من أُموس ... تميسُ فِينَا مِيسَةَ العَرُوس)

بعد

قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية الشافية وَحَال التصغير قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مُخَالف لنَصّ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره من النُّحَاة أَن أمس لَا يصغر وَكَذَا (غَدا) اسْتغْنَاء بتصغير مَا هُوَ أَشد تمَكنا وَهُوَ الْيَوْم وَاللَّيْلَة قَالَ نعم ذكر الْمبرد أَنه يصغر فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْن مَالك وَكَذَا ذكر ابْن الدهان فِي الْغرَّة وَهُوَ ذُهُول عَن نَص سِيبَوَيْهٍ بعد (ص) (بعد) ظرف زمَان لَازم الْإِضَافَة فَإِن أضيف أَو حذف مضافه ونوي لَفظه أعرب أَو مَعْنَاهُ ضم بِنَاء وَقد ينون حِينَئِذٍ وَيفتح إعرابا وَإِن نكر نصب ظرفا وَقد يجر وَيرْفَع وَلَا يُضَاف لجملة حَتَّى يكف ب (مَا) (ش) من الظروف المبنية فِي بعض الْأَحْوَال (بعد) وَهِي ظرف زمَان لَازم الْإِضَافَة وَله أَحْوَال أَحدهَا أَن يُصَرح بمضافه نَحْو جِئْت بعْدك فَهُوَ مُعرب مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة ثَانِيهَا أَن يقطع عَن الْإِضَافَة لفظا ومعني قصدا للتنكير فَكَذَلِك قَوْله: 808 - (فَمَا شَربوا بَعْدًا على لَذَّةٍ خَمْرَا ... )

وَقد يجر قرئَ: {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد} [الرّوم: 4] بِالْجَرِّ والتنوين وَقد يرفع رُوِيَ: فَمَا شربوا بعد بِالرَّفْع ثَالِثهَا أَن يقطع عَنْهَا بِأَن يحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ لَكِن يَنْوِي لَفظه فيعرب وَلَا ينون لانتظار الْمُضَاف إِلَيْهِ الْمَحْذُوف رَابِعا أَن يحذف وينوى مَعْنَاهُ فيبنى على الضَّم نَحْو: {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد} [الرّوم: 4] لله الْأَمر من قبل وَمن بعد أَي قبل الْغَلَبَة وَبعدهَا وَعلله ابْن مَالك بِأَنَّهُ كَانَ حَقّهَا الْبناء فِي الْأَحْوَال كلهَا لشبهها بالحرف لفظا من حَيْثُ إِنَّهَا لَا تتصرف بتثنية وَلَا جمع وَلَا اشتقاق وَمعنى لافتقارها إِلَى غَيرهَا فِي بَيَان مَعْنَاهَا لَكِن عَارض ذَلِك لُزُومهَا للإضافة فأعربت فَلَمَّا قطعت عَنْهَا

ونوي معنى الثَّانِي دون لَفظه أشبهت حُرُوف الْجَواب فِي الِاسْتِغْنَاء بهَا عَن لفظ مَا بعْدهَا فانضم ذَلِك إِلَى الشبهين الْمَذْكُورين فبنيت وَفِي الإفصاح أَكثر النَّحْوِيين يَقُولُونَ لما أفردت من مضافها وتضمنته أشبهت الْحُرُوف لتعلقها بالمحذوف بعْدهَا معنى تعلق الْحُرُوف بغَيْرهَا فبنيت لذَلِك وَقد تفتح فِي هَذِه الْحَالة بِلَا تَنْوِين وَقد تضم مَعَ التَّنْوِين وَكِلَاهُمَا إِعْرَاب حكى هِشَام رَأَيْته قبل وَمن قبل وَأنْشد: 809 - (وَلَا وَجَد العُذْريّ قَبْلَ جَمِيلُ ... ) وَأنْشد الْخَلِيل قَوْله: 810 - (فَمَا شربوا بَعْدٌ على لَذةٍ خَمْراً ... ) بِالضَّمِّ والتنوين

قبل أو أمام قدام وراء خلف أسفل يمين شمال فوق تحت عل دون حسب غير

وَلَا يُضَاف (بعد) لحملة مَا لم يكف ب (مَا) كَقَوْلِه: 811 - (أعلاقةً أُمَّ الوُلَيِّدِ بَعْدما ... أفنانُ رأسِكِ كالثّغام المُخْلَس) قبل أَو أَمَام قُدَّام وَرَاء خلف أَسْفَل يَمِين شمال فَوق تَحت عل دون حسب غير (ص) وَمثله فِيمَا ذكر قبل وَأول وأمام وَقُدَّام ووراء وَخلف وأسفل وَتصرف الْكل متوسط وَأنْكرهُ الْجرْمِي وَيَمِين وشمال وَفَوق وَتَحْت وَلَا يتصرفان وعل وَأنكر ابْن أبي الرّبيع إضافتها لفظا وأثبته الْجَوْهَرِي وَدون وَحسب لَكِن نصبهما على الْحَال وَغير بعد لَيْسَ قَالَ السيرافي وَابْن السراج وَأَبُو حَيَّان وَلَا يجوز فتحهَا وَالْمُخْتَار وفَاقا للأخفش إعرابها مُطلقًا وَألْحق بَعضهم كلا وَلَا يتَصَرَّف مبنيها وَالصَّحِيح أَن أصل (أول) أَو أل وَأَنه لَا يسْتَلْزم ثَانِيًا وَإِذا وَقع اسْما صرف وأنث بِالتَّاءِ بقلة

(ش) مثل (بعد) فِيمَا تقدم من إعرابها فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة وبنائها فِي الْحَال الرَّابِعَة على الضَّم لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَة (قبل) و (أول) و (أَمَام) و (قُدَّام) و (وَرَاء) و (خلف) و (أَسْفَل) و (يَمِين) و (شمال) و (فَوق) و (تَحت) و (عل) و (دون) و (حسب) و (غير) وَمن بِنَاء (قبل) الْآيَة السَّابِقَة وَمن تنكيرها قَوْله: 812 - (فَساغَ لِيَ الشّرابُ وكُنْتُ قَبْلاً ... ) وَقد تقدّمت قِرَاءَة (من قبل) بِالْجَرِّ والتنوين وَمن نِيَّة لفظ الْمُضَاف إِلَيْهِ فِيهِ قَوْله: 813 - (وَمن قَبْل نَادِي كلُّ مَوْلًى قَرابَةً ... )

كَذَا رَوَاهُ الثِّقَات بِكَسْر اللَّام وَحكى أَبُو عَليّ (ابدأ بِهَذَا من أول) بِالْفَتْح على تنكيره مَمْنُوع الصّرْف وبالضم على نِيَّة الْإِضَافَة دون قصد إِلَى لفظ الْمُضَاف إِلَيْهِ وبالجر على قصد لَفظه قَالَ فِي الصِّحَاح فَإِن أظهرت الْمَحْذُوف نصبت فَقلت ابدأ بِهِ أول فعلك وَقَالَ الشَّاعِر: 814 - (أمامَ وخَلْفَ الْمَرْء من لُطْفِ ربه ... كَوالِئ تَزْوي عَنهُ مَا كَانَ يَحْذَرُ) وَحكي الْكسَائي أفوق تنام أم أَسْفَل بِالنّصب على تَقْدِير أفوق هَذَا أم أَسْفَله قَالَ الشَّاعِر: 815 - ( ... ... ... . . وَلم يَكُنْ ... لِقَاؤكَ إلاّ من وَرَاءُ وَرَاءُ)

وَقَالَ: 816 - (لَعْنًا يُشَنُّ عَلَيْهِ من قُدَّامُ ... ) وَقَالَ: 817 - (وأَتْيتُ فَوْق بَنِي كُلَيْب من عَلُ ... )

وَقَالَ: 818 - (كَجْلْمُودِ صَخْرٍ حَطّهُ السّيلُ من عَلِ ... ) أَي من مَكَان عَال وَيُقَال قبضت عشرَة فَحسب أَي فحسبي ذَلِك وَهَذَا حَسبك من أجل وقبضت عشرَة لَيْسَ غير أَي لَيْسَ غير ذَلِك مَقْبُوضا وَذكر ابْن هِشَام أَن شَرطهَا أَن تقع بعد لَيْسَ وَأَن قَول الْفُقَهَاء (لَا غير) لحن وَلَيْسَ كَمَا قَالَ فقد صرح السيرافي وَابْن السراج وَأَبُو حَيَّان بِأَن (لَا) كليس فِي ذَلِك وَأنْشد ابْن مَالك 819 - (لَعَنْ عَمَل أسْلَفْتَ لَا غَيْرُ تُسْأل ... )

وَيجوز فِيهَا زِيَادَة على أخواتها الْبناء على الْفَتْح فَيُقَال لَيْسَ غير والأخفش يَقُول بإعرابها فِي الضَّم وَالْفَتْح مَعًا وَإِن حذف التَّنْوِين لانتظار الْمُضَاف إِلَيْهِ وَعلي الْفَتْح هِيَ خبر لَيْسَ وَالِاسْم مَحْذُوف أَي لَيْسَ الْمَقْبُوض غير ذَلِك ورأيه هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي لما تقدم فِي أَي الموصولة ثمَّ النصب فِي الْجمع على الظَّرْفِيَّة إِلَّا (حسب) فعلي الحالية قَالَ ابْن هِشَام وَمَا أَظن نصب (عل) مَوْجُودا وَأنكر ابْن أبي الرّبيع إِضَافَة (عل) لفظا لَكِن الْجَوْهَرِي صرح بِجَوَازِهِ فَقَالَ يُقَال أَتَيْته من عل الدَّار بِكَسْر اللَّام قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن غَرِيب الْمَنْقُول مَا ذهب إِلَيْهِ مُحَمَّد بن الْوَلِيد من جَوَاز حذف التَّنْوِين من كل فَتَقول كل منطلق جعله غَايَة مثل (قبل) و (بعد) حَكَاهُ عَنهُ أَبُو جَعْفَر النّحاس وَأنكر عَلَيْهِ عَليّ بن سُلَيْمَان لِأَن الظروف قد خصت بعلة لَيست فِي غَيرهَا وَمَا بني من الظروف الْمَذْكُورَة فَإِنَّهُ لَا يتَصَرَّف وَأما المعرب مِنْهَا فَذكر ابْن مَالك أَن (فَوق) و (تَحت) لَا يتصرفان أصلا قَالَ أَبُو حَيَّان وَنَصّ على ذَلِك الْأَخْفَش فَقَالَ اعْلَم أَن الْعَرَب تَقول فَوْقك

رَأسك وتحتك رجلاك لَا يَخْتَلِفُونَ فِي نصب الفوق والتحت لأَنهم لم يستعملوهما إِلَّا ظرفين أَو مجرورين ب (من) قَالَ تَعَالَى: {فَخر عَلَيْهِم السّقف من فَوْقهم} [النَّحْل: 26] وَقَالَ: {تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} [الْبَقَرَة: 25] وَقد جَاءَ جر فَوق بعلى فِي قَوْله: 820 - (فأقسم بِاللَّه الّذي اهتَزَّ عَرْشُهُ ... على فَوْق سَبْع ... ... .) وبالباء فِي قَوْله: 821 - (لستَ رهْنًا بفَوْق مَا أسْتَطِيعُ ... ) وَكِلَاهُمَا شَاذ وَأما (يَمِين) و (شمال) فكثير تصرفهما كَمَا تقدم وَأما (قبل) و (بعد) والستة بعدهمَا إِلَى أَسْفَل فتصرفها متوسط قرئَ: {والركب أَسْفَل مِنْكُم} بِالرَّفْع وَقَالَ:

822 - (فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْن تحسب أنّهُ ... مَوْلى المخَافةِ خَلْفُها وأَمامُها) وَيُقَال أما زيد آمن من وَرَائه وَزعم الْجرْمِي أَنه لَا يجوز اسْتِعْمَالهَا إِلَّا ظرفا وَلَا يُقَاس على اسْتِعْمَالهَا اسْما وَلَا تُضَاف (قبل) أَيْضا لجملة مَا لم تكف ب (مَا) نَحْو قبلما وَبَقِي مسَائِل تتَعَلَّق بِأول الأولى: الصَّحِيح أَن أَصله (أوأل) بِوَزْن أفعل قلبت الْهمزَة الثَّانِيَة واوا ثمَّ أدغمت بِدَلِيل قَوْلهم فِي الْجمع أَوَائِل وَقيل أَصله وول بِوَزْن فوعل قلبت الْوَاو الأولى همزَة وَإِنَّمَا لم يجمع على أواول لاستثقالهم اجْتِمَاع الواوين بَينهمَا ألف الْجمع الثَّانِيَة الصَّحِيح أَن أول لَا يسْتَلْزم ثَانِيًا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ ابْتِدَاء الشَّيْء ثمَّ قد يكون لَهُ ثَان وَقد لَا يكون تَقول هَذَا أول مَال اكتسبته وَقد تكتسب بعده شَيْئا وَقد لَا تكتسب وَقيل إِنَّه يسْتَلْزم ثَانِيًا كَمَا أَن الآخر يَقْتَضِي أَولا فَلَو قَالَ إِن كَانَ أول ولد تلدينه ذكرا فَأَنت طَالِق فَولدت ذكرا وَلم تَلد غَيره وَقع الطَّلَاق على الأول دون الثَّانِي الثَّالِثَة ل (أول) استعمالان

بين

أَحدهمَا أَن تكون صفة أَي أفعل تَفْضِيل بِمَعْنى الأسبق فَيعْطى حكم أفعل التَّفْضِيل من منع الصّرْف وَعدم تأنيثه بِالتَّاءِ وَدخُول (من) عَلَيْهِ نَحْو هَذَا أول من هذَيْن ولقيته عَام أول وَالثَّانِي أَن يكون اسْما فَيكون مَوْصُوفا نَحْو لَقيته عَاما أَولا وَمِنْه مَا لَهُ أول وَلَا آخر قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي محفوظي أَن هَذَا يؤنث بِالتَّاءِ وَيصرف أَيْضا فَيُقَال أَوله وَآخره بِالتَّنْوِينِ بَين (ص) (بَين) للمكان وَقيل للزمان وَقَالَ الزنجاني بِحَسب مَا تُضَاف إِلَيْهِ وتصرفه متوسط وَيجب الْعَطف عَلَيْهِ بِالْوَاو إِن أضيف لمفرد فَإِن لحقته (مَا) أَو الْألف عرض عَلَيْهِ الزَّمَان ولزومه وَالْإِضَافَة للجمل وَلَو فعلية على الْأَصَح وَقيل يُضَاف لزمن مَحْذُوف لَا الْجُمْلَة وَقيل مَا وَالْألف كَافَّة وَلَا مَوضِع للجملة وَقيل مَا كَافَّة وَالْألف إشباع وَقيل للتأنيث وتضاف (بَينا) لمصدر لَا بَيْنَمَا على الْأَصَح وَقيل هِيَ محذوفة مِنْهَا وتليت ضَرُورَة بكاف التَّشْبِيه وتركب (بَين) كخمسة عشر فتبنى على الْفَتْح فَإِن أضيف صدرها جَازَ بَقَاء الظَّرْفِيَّة أَو أضيف إِلَيْهَا تعين زَوَالهَا (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان أصل بَين أَن تكون ظرفا للمكان وتتخلل بَين شَيْئَيْنِ أَو مَا فِي تَقْدِير شَيْئَيْنِ أَو أَشْيَاء ثمَّ لحقتها (مَا) أَو الْألف لَزِمت الظَّرْفِيَّة الزمانية

وَصرح بعض أَصْحَابنَا أَن ظرف زمَان بِمَعْنى (إِذا) وَمِنْه الحَدِيث (سَاعَة يَوْم الْجُمُعَة بَين خُرُوج الإِمَام وانقضاء الصَّلَاة) انْتهى وَذكر الزنجاني أَنَّهَا بِحَسب مَا تُضَاف إِلَيْهِ وتصرفها متوسط قَالَ تَعَالَى: {هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك} [الْكَهْف: 78] {لقد تقطع بَيْنكُم} [الْأَنْعَام: 94] بِالرَّفْع {مَّوَدَّةَ بَينِكُم} [العنكبوت: 25] بِالْجَرِّ وَلَا تُضَاف إِلَّا إِلَى مُتَعَدد وَمَتى أضيفت لمفرد وَجب تكرارها معطوفة بِالْوَاو كالآية الأولى وَإِذا لحقتها الْألف أَو (مَا) لَزِمت إضافتها إِلَى الْجمل سَوَاء كَانَت اسمية كَقَوْلِه: 823 - (فَبينا نحنُ نرقُبُه أَتَانَا ... ) وَقَوله:

824 - (فبَيْنما العُسْرُ إذْ دَارَتْ ميَاسِيرُ ... ) أَو فعلية وَهُوَ قَلِيل كَقَوْلِه: 825 - (فَبَيْنَا نَسُوسُ النّاسَ والأمرُ أَمْرُنا ... ) وَتقول بَيْنَمَا أنصفتني ظلمتني وَمنع بَعضهم إضافتها إِلَى الفعلية وَقَالَ لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى الاسمية وَأول الْبَيْت وَنَحْوه على إِضْمَار (نَحن) وَزعم ابْن الْأَنْبَارِي أَن (بَين) حِينَئِذٍ شَرْطِيَّة وَمَا ذكر من أَن الْجُمْلَة بعد (بَينا) و (بَيْنَمَا) مُضَاف إِلَيْهَا نَفسهَا دون حذف مُضَاف وَأَنَّهَا فِي مَوضِع جر مَذْهَب الْجُمْهُور وَذهب الْفَارِسِي وَابْن جني إِلَى أَن إضافتها إِلَى الْجُمْلَة على تَقْدِير حذف زمَان مُضَاف إِلَى الْجُمْلَة لِأَن الْمُضَاف إِلَى الْجمل ظرف الزَّمَان دون ظرف الْمَكَان وَلِأَن (بَين) تقع على أَكثر من وَاحِد لِأَنَّهَا وسط وَلَا بُد من اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقهمَا وَالتَّقْدِير بَينا أَوْقَات زيد قَائِم أقبل عَمْرو وَاخْتَارَهُ ابْن الباذش وَذهب قوم إِلَى أَن (مَا) و (الْألف) كافتان وَالْجُمْلَة بعدهمَا لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب

وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن (مَا) كَافَّة عَن الْخَفْض وَالْألف إشباع لِأَن كَون الْألف كَافَّة لم يثبت وَثَبت كَونهَا إشباعا فالجملة بعد الْألف فِي مَوضِع جر بِالْإِضَافَة وَبعد (مَا) لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَاخْتَارَهُ المغاربة وَزعم قوم أَن الْألف للتأنيث ووزنها فعلي ورد بِأَن الظروف كلهَا مذكرة إِلَّا مَا شَذَّ وَهُوَ قُدَّام ووراء وَلَا حَاجَة إِلَى الدُّخُول فِي الشاذ من غير دَاعِيَة وَقد تُضَاف (بَينا) إِلَى الْمصدر قَالَ: 826 - (بَيْنا تَعنُّقِه الكُماةَ وَرَوْغِهِ ... ) وَألْحق بَعضهم (بَيْنَمَا) بهَا فَأجَاز إضافتها إِلَى مُفْرد مصدر نَحْو بَيْنَمَا قيام زيد قَامَ عَمْرو

وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز لِأَنَّهُ لم يسمع وَلَا يسوغ قِيَاس بَيْنَمَا على بَينا وَلَا تُضَاف (بَينا) إِلَى مُفْرد غير مصدر وفَاقا قَالَ أَبُو حَيَّان وَسَببه أَنَّهَا تستدعي جَوَابا فَلم يَقع بعْدهَا إِلَّا مَا يُعْطي معنى الْفِعْل وَذَلِكَ الْجُمْلَة والمصدر من الْمُفْردَات وَقد يحذف خبر الْمُبْتَدَأ بعد (بَيْنَمَا) لدلَالَة المعني عَلَيْهِ كَقَوْلِه: (فَبَيْنَمَا الْعسر ... ... ... ... ... ) كَمَا قد يحذف الْجَواب لذَلِك كَقَوْلِه: 827 - (فبَيْنا الْفَتى فِي ظِل نعماء غَضَّةٍ ... تُبَاكِرُهُ أَفنانُها وتُراوحُ) (إِلَى أَن رمته الحادِثاتُ بنكْبَة ... يضيقُ بهَا مِنْهُ الرِّحابُ الفسائحُ) وتليت بَينا بكاف التَّشْبِيه فِي الشّعْر قَالَ: 828 - (بَيْنا كَذَاك رأينني متَعصِّبًا ... )

قَالَ أَبُو حَيَّان وبإضافة (بَينا) إِلَى الْمصدر احْتج أَبُو عَليّ أَن (بَينا) لَيست محذوفة من بَيْنَمَا كَمَا قَالَ بَعضهم لِأَن (بَيْنَمَا) لَا تُضَاف وَإِنَّمَا هِيَ مَكْفُوفَة ب (مَا) دَاخِلَة على الجملتين وتركب (بَين) كخمسة عشر فتبنى على الْفَتْح كَقَوْلِه 829 - (نَحْمِي حَقِيقَتَنا وبَعْضُ ... القَوْم يَسْقُط بَيْن بَيْنا) الأَصْل بَين هَؤُلَاءِ وَبَين هَؤُلَاءِ فأزيلت الْإِضَافَة وَركب الاسمان تركيب خَمْسَة عشر فَإِن أضيف صدر بَين بَين إِلَى عجزها جَازَ بَقَاء الظَّرْفِيَّة كَقَوْلِك فِي أَحْكَام الْهمزَة التسهيل بَين بَين وزوالها كَقَوْلِك بَين بَين أَقيس من الْإِبْدَال وَإِن أضيف إِلَيْهَا تعين زَوَال الظَّرْفِيَّة وَمن ثمَّ خطأ أَبُو الْفَتْح من قَالَ همزَة بَين بَين بِالْفَتْح وَقَالَ الصَّوَاب همزَة بَين بَين بِالْإِضَافَة

حيث

حَيْثُ (ص) حَيْثُ للمكان مثلثا وحوث وإعرابها لُغَة وَتلْزم الْإِضَافَة لجملة وندر لمفرد وقاسه الْكسَائي وَتركهَا أندر فتعوض (مَا) وَجوز الْأَخْفَش وُقُوعهَا للزمان وتصرفها نَادِر وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان وَفِي وُقُوعهَا اسْم إِن ومفعولا خلف وزعمها الزّجاج مَوْصُولَة (ش) من الظروف المبنية (حَيْثُ) وَعلة بنائها شبهها بالحرف فِي الافتقار إِذْ لَا تسْتَعْمل إِلَّا مُضَافَة إِلَى جملَة وبنيت على الضَّم تَشْبِيها بقبل وَبعد لِأَن الْإِضَافَة للجملة كلا إِضَافَة لِأَن أَثَرهَا وَهُوَ الْجَرّ لَا يظْهر وَمن الْعَرَب من بناها على الْفَتْح طلبا للتَّخْفِيف وَمِنْهُم من بناها على الْكسر على أصل التقاء الساكنين ولغة طَيئ إِبْدَال يائها واوا فَيَقُولُونَ حوث وَفِي ثائها أَيْضا الحركات الثَّلَاث ولغة فقعس إعرابها يَقُولُونَ جَلَست حَيْثُ كنت وَجئْت من حَيْثُ جِئْت فيجرونها ب (من) وَهِي عِنْدهم ك (عِنْد) وَقُرِئَ: {سنستدرجهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ} [الْأَعْرَاف: 182] بِالْكَسْرِ فَيحْتَمل الْإِعْرَاب ولغة الْبناء على الْكسر وَسَوَاء فِي الْجُمْلَة الاسمية أَو الفعلية قَالَ فِي الْمُغنِي وإضافتها إِلَى الفعلية أَكثر وَلِهَذَا رجح النصب فِي جَلَست حَيْثُ زيدا أرَاهُ وندرت إضافتها إِلَى الْمُفْرد كَقَوْلِه: 830 - (ببيض المَواضِي حَيْثُ ليِّ العمائِم ... )

وَقَوله: 831 - (أَمَا تَرَي حَيْثُ سُهَيلِ طَالِعَا ... ) وَالْكسَائِيّ يقيسه وأندر من ذَلِك عدم إضافتها لفظا بِأَن تُضَاف إِلَى جملَة محذوفة معوضا مِنْهَا (مَا) كَقَوْلِه:

832 - (إِذا رَيْدَةٌ من حَيْثُ مَا نَفَحتْ لَهُ ... ) أَي من حَيْثُ هبت وَالْأَصْل فِيهَا أَن تكون للمكان قَالَ الْأَخْفَش وَقد ترد للزمان كَقَوْلِه: 833 - (لِلْفتى عَقْلٌ يَعِيشُ بهِ ... حَيْثُ تَهْدي سَاقَهُ قُدَامُهْ) أَي حِين تهدي وَلَا تسْتَعْمل غَالِبا إِلَّا ظرفا وندر جرها بِالْبَاء فِي قَوْله: 834 - (كَانَ مِنّا بِحَيْثُ يُعْكِي الإزارُ ... ) وب (إِلَى) فِي قَوْله: 835 - (إِلَى حَيْثُ أَلْقَتْ رحْلَها أُمُّ قَشْعَمِ ... )

دون

وب (فِي) فِي قَوْله: 836 - (فأَصْبحَ فِي حيْثُ الْتقَيْنا شَريدُهُم ... ) وَقَالَ ابْن مَالك تصرفها نَادِر وَمن وُقُوعهَا مُجَرّدَة عَن الظَّرْفِيَّة قَوْله: 837 - (إنّ حَيْثُ استقَرَّ مِنْ أَنْتَ رَاعِيه ... حِمًى فِيهِ عِزّة وأَمانُ) ف (حَيْثُ) اسْم إِن وَقَالَ أَبُو حَيَّان هَذَا خطأ لِأَن كَونهَا اسْما ل (إِن) فرغ عَن كَونهَا تكون مُبْتَدأ وَلم يسمع ذَلِك فِيهَا الْبَتَّةَ بل اسْم إِن فِي الْبَيْت (حمي) و (حَيْثُ) الْخَبَر لِأَنَّهُ ظرف وَالصَّحِيح أَنَّهَا لَا تتصرف فَلَا تكون فَاعِلا وَلَا مَفْعُولا بِهِ وَلَا مُبْتَدأ انْتهى وَقَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي الْغَالِب كَونهَا فِي مَحل نصب على الظَّرْفِيَّة أَو خفض ب (من) وَقد تخْفض بغَيْرهَا وَقد تقع مَفْعُولا وفَاقا للفارسي نَحْو: {الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته} [الْأَنْعَام: 124] إِذْ الْمَعْنى أَنه سُبْحَانَهُ يعلم نفس الْمَكَان الْمُسْتَحق لوضع الرسَالَة لَا شَيْئا فِي الْمَكَان وناصبها (يعلم) محذوفا مدلولا عَلَيْهِ (بِأَعْلَم) لَا (بِأَعْلَم) نَفسه لِأَن أفعل التَّفْضِيل لَا ينصب الْمَفْعُول بِهِ إِلَّا أَن أولته بعالم قَالَ وَلم يَقع اسْما ل (إِن) خلافًا لِابْنِ مَالك انْتهى وَزعم الزّجاج أَن (حَيْثُ) مَوْصُولَة دون (ص) دون للمكان وتصرفه قَالَ البصريون مَمْنُوع والأخفش قَلِيل وَالْمُخْتَار وفَاقا لبَعض المغاربة يسْتَثْنى بِهِ فَإِن كَانَ بِمَعْنى (رَدِيء) فَغير ظرف

(ش) من الظروف المبنية فِي بعض الْأَحْوَال (دون) كَمَا تقدم ذكره فِي أَخَوَات (قبل) و (بعد) وَهُوَ للمكان تَقول قعد زيد دون عَمْرو أَي فِي كَانَ منخفض عَن مَكَان وَهُوَ مَمْنُوع التَّصَرُّف عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَجُمْهُور الْبَصرِيين وَذهب الْأَخْفَش والكوفيون إِلَى أَنه يتَصَرَّف لَكِن بقلة وَخرج عَلَيْهِ: {وَمنا دون ذَلِك} [الْجِنّ: 11] فَقَالَ (دون) مُبْتَدأ وَبني لِإِضَافَتِهِ إِلَى مَبْنِيّ والأولون قَالُوا تَقْدِيره مَا دون ذَلِك فَحذف (مَا) وَقَالَ الشَّاعِر: 838 - (وباشَرْتُ حَدَّ الموْتِ والموتُ دُونُها ... ) وَقَالَ: 839 - (وَغَبْرَاءَ يَحْمِي دونُها مَا ورَاءَهَا ... ) وَيسْتَثْنى بِهِ (كسوى) فِيمَا نَقله أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل عَن بعض الْفُقَهَاء الْحَنَفِيَّة وَنَقله أما (دون) بِمَعْنى رَدِيء كَقَوْلِك هَذَا ثوب دون فَلَيْسَ بظرف وَهُوَ متصرف بِوُجُوه الْإِعْرَاب

ريث

ريث (ص) (ريث) مصدر اسْتعْمل بِمَعْنى الزَّمَان فأضيف للْفِعْل وَقد تليه (مَا) زَائِدَة أَو مَصْدَرِيَّة وَأكْثر وُقُوعه مستثني فِي منفي وَلم يصرحوا ببنائه وَالْعلَّة قَائِمَة (ش) (ريث) مصدر راث يريث إِذا أَبْطَأَ فَإِذا اسْتعْمل فِي معنى الزَّمَان جَازَ أَيْضا أَن يُضَاف إِلَى الْفِعْل فَتَقول أَتَيْتُك ريث قَامَ زيد أَي قدر بطء قيام زيد فَلَمَّا خرجت إِلَى ظروف الزَّمَان جَازَ فِيهَا مَا جَازَ فِي الزَّمَان هَذَا كَلَام أبي الْفضل الصفار فِي شرح كتاب سِيبَوَيْهٍ وَنَقله أَبُو حَيَّان وَذكر ابْن مَالك نَحوه وَيُؤْخَذ من قَوْله جَازَ فِيهِ مَا جَازَ فِي الزَّمَان أَنه مَبْنِيّ كَسَائِر أَسمَاء الزَّمَان المضافة إِلَى الْفِعْل الْمَبْنِيّ فَلِذَا ذكرته فِي الظروف المبنيات وَمن شواهده قَوْله: 840 - (لَا يَصْعَبُ الأمرُ إلاّ رَيْثَ يركَبُهُ ... ) وَقَوله: 841 - (خَلِيليَّ رفْقاً رَيْث أَقْضِي لُبانةً ... ) وَقد يفصل بَين ريث وَالْفِعْل ب (مَا) قَالَ ابْن مَالك زَائِدَة أَو مَصْدَرِيَّة كَقَوْلِه:

عوض

842 - (مُحيّاه يلقى ينَال السُّؤَال ... راجيه ريث مَا يَنْثَنِي) عوض (ص) (عوض) مثلث لعُمُوم الْمُسْتَقْبل وَقد يرد للمضي وَقد يُضَاف للعائضين أَو يُضَاف إِلَيْهِ فيعرب وَقد يجْرِي كالقسم (ش) من الظروف المبنية عوض وَهُوَ للْوَقْت الْمُسْتَقْبل عُمُوما كأبدأ وَقد ترد للمضي كَقَوْلِه: 843 - (فَلم أَر عَاما عوْضُ أَكْثَرَ هالِكًا ... ) وَبني لشبهه بالحرف فِي إبهامه لِأَنَّهُ يَقع على كلّ مَا تَأَخّر من الزَّمَان وبناؤه إِمَّا على الضَّم كقبل وَبعد أَو على الْفَتْح طلبا للخفة أَو على الْكسر على أصل التقاء الساكنين فَإِن أضيف إِلَى العائضين كَقَوْلِهِم لَا أفعل ذَلِك عوض العائضين أَي دهر الداهرين أَو أضيف إِلَيْهِ كَقَوْلِه: 844 - (وَلَوْلاَ نَبْلُ عوْض فِي ... حظَبّايَ وأَوْصالي) أعرب فِي الْحَالين لمعارضته الشّبَه بِالْإِضَافَة الَّتِي هِيَ من خَصَائِص الْأَسْمَاء قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد كثر اسْتِعْمَال (عوض) حَتَّى أجروه مجْرى الْقسم كَقَوْلِه:

قط

845 - (رَضِيعَىْ لِبان ثَدْي أمٍّ تحالَفا ... بأسْحَمَ داج عَوْضُ لَا نَتَفرّقُ) قطّ (ص) (قطّ) مُقَابل عوض ويختصان بِالنَّفْيِ والأفصح فتح الْقَاف وَتَشْديد الطَّاء ضما وَقَالَ الْكسَائي أَصله قطط وَيُقَال قطّ وقط وقط وقط وقط وَقَالَ الْأَخْفَش إِن أُرِيد الزَّمَان ضم أَو التقليل سكن فَإِن لَقِي همز وصل وَكسر وَترد (قطّ) و (قد) اسْمِي فعل بمعني يَكْفِي مبنيين فَقيل الدَّال بدل من الطَّاء وَقيل قد منقولة من الحرفية وَبِمَعْنى حسب فالغالب الْبناء ويضافان للياء وَالْكَاف وَالظَّاهِر (ش) من الظروف المبنية قطّ وَهُوَ مُقَابل عوض فَهِيَ للْوَقْت الْمَاضِي عُمُوما وبنيت لشبه الْحُرُوف فِي إبهامه لوقوعها على كل مَا تقدم من الزَّمَان وَقيل لِأَنَّهَا تَضَمَّنت معني (فِي) لِأَنَّهَا لَا يحسن فِيهَا بِخِلَاف الظروف وَقيل لِأَنَّهَا تَضَمَّنت معني مُنْذُ فَمَعْنَى مَا رَأَيْته قطّ مُنْذُ خلقت وَقيل لِأَنَّهَا تَضَمَّنت معني من الاستغراقية وَقيل لافتقارها إِلَى الْجُمْلَة وَقيل لِأَنَّهَا أشبهت الْفِعْل الْمَاضِي لِأَنَّهَا لزمانه وبنيت على الضَّم تَشْبِيها بقبل وَبعد وَقد تكسر على أصل التقاء الساكنين وَقد تتبع قافه طاءه فِي الضَّم وَقد تخفف طاؤه مَعَ ضمهَا وإسكانها فَهَذِهِ خمس لُغَات

كيف

وَزعم الْأَخْفَش أَنَّك إِذا أردْت بهَا الزَّمَان تضم أبدا نَحْو مَا رَأَيْت مثله قطّ فَإِن قللت ب (قطّ) شَيْئا سكنت نَحْو مَا عنْدك إِلَّا هَذَا قطّ فَإِن لقِيت ألف وصل كسرت لالتقاء الساكنين نَحْو مَا علمت إِلَّا هَذَا قطّ الْيَوْم وَمَا عنْدك إِلَّا هَذَا قطّ الْآن وَزعم الْكسَائي أَن أصل قطّ قطط بِضَم الطَّاء الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة سكنت الأولى وأدغمت وَجعلت الثَّانِيَة على حركتها قَالُوا وَأَصلهَا مصدر وَهُوَ القط بِمَعْنى الْقطع نقلت إِلَى الظّرْف فقولك مَا رَأَيْته قطّ مَعْنَاهُ مَا رَأَيْته فِيمَا انْقَطع من عمري وتختص هِيَ و (عوض) بِالنَّفْيِ نَحْو مَا أَفعلهُ عوض وَلَا فعلته قطّ فَلَا يستعملان فِي الْإِيجَاب وَترد (قطّ) و (قد) اسْمِي فعل بمعني يَكْفِي نَحْو قد زيدا دِرْهَم أَي يَكْفِيهِ وقدني وقطني بنُون الْوِقَايَة أَي يَكْفِينِي وَلَيْسَ فيهمَا إِلَّا الْبناء على السّكُون ثمَّ قيل هما كلمتان مستقلتان وَقيل الدَّال بدل من الطَّاء وَقيل (قد) هِيَ الحرفية نقلت إِلَى الاسمية ويرادن أَيْضا اسْمَيْنِ مرادفين ل (حسب) فالغالب حِينَئِذٍ بناؤهما على السّكُون لوضعهما على حرفين ويضافان إِلَى الِاسْم الظَّاهِر وَإِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وكاف الْمُخَاطب نَحْو قد زيد دِرْهَم وقط زيد دِرْهَم وقدي وقطي بِلَا نون وقدك وقطك وَقد يعربان وَهُوَ قَلِيل يُقَال قد زيد أَو قطّ زيد دِرْهَم بِالرَّفْع كَمَا يُقَال حَسبه دِرْهَم كَيفَ (ص) (كَيفَ) وَيُقَال (كي) اسْم يستفهم بِهِ عَن الْخَبَر قبل مَا لَا يَسْتَغْنِي بِهِ وَالْحَال قبل مَا يَسْتَغْنِي وَمَعْنَاهَا على أَي حَال قَالَ سِيبَوَيْهٍ ظرف وَأنْكرهُ

غَيره وَابْن مَالك أطلقهُ مجَازًا فعلى الأول محلهَا نصب دَائِما وَيُجَاب بعلي كَذَا (ش) (كَيفَ) اسْم لدُخُول الْجَار عَلَيْهَا فِي قَوْلهم على كَيفَ تبيع الأحمرين وإبدال الِاسْم الصَّرِيح مِنْهَا نَحْو كَيفَ أَنْت أصحيح أم سقيم وَالْأَخْبَار بهَا مَعَ مُبَاشرَة الْفِعْل نَحْو كَيفَ كنت وَيُقَال فِيهَا كي كَمَا يُقَال فِي سَوف (سو) قَالَ: 846 - (كي تَجْنَحون إِلَى سِلْم وَمَا تُئِرَتْ ... ) وَالْغَالِب فِيهَا أَن تكون استفهاما إِمَّا حَقِيقا نَحْو كَيفَ زيد أَو غَيره نَحْو {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} [الْبَقَرَة: 28] وَتَقَع خَبرا قبل مَا لَا يسْتَغْنى بِهِ نَحْو كَيفَ أَنْت وَكَيف كنت وَكَيف ظَنَنْت زيدا وَحَالا قبل مَا يسْتَغْنى نَحْو جَاءَ زيد أَي على أَي حَالَة جَاءَ زيد وَإِنَّمَا بنيت لتضمنها معنى همزَة الِاسْتِفْهَام وبنيت على فَتْحة طلبا للخفة وَعَن سِيبَوَيْهٍ أَن (كَيفَ) ظرف وَأنْكرهُ الْأَخْفَش والسيرافي وَقَالا هِيَ اسْم غير ظرف ورتبوا على الْخلاف أمورا أَحدهَا أَن موضعهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ نصب دَائِما وَعند غَيره رفع مَعَ الْمُبْتَدَأ نصب مَعَ غَيره الثَّانِي أَن تقديرها عِنْده فِي أَي حَال أَو على حَال وَعند غَيره تقديرها فِي نَحْو كَيفَ زيد أصحيح زيد وَفِي نَحْو كَيفَ جَاءَ زيد أراكبا جَاءَ زيد وَنَحْوه الثَّالِث أَن الْجَواب المطابق عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَن يُقَال على خير وَنَحْوه وَعند غَيره أَن يُقَال صَحِيح أَو نَحوه

لدن

وَقَالَ ابْن مَالك لم يقل أحد إِن (كَيفَ) ظرف إِذْ لَيست زَمَانا وَلَا مَكَانا وَلكنهَا لما كَانَت تفسر بِقَوْلِك على أَي حَال لكَونهَا سؤالا عَن الْأَحْوَال الْعَامَّة سميت ظرفا لِأَنَّهَا فِي تَأْوِيل الْجَار وَالْمَجْرُور وَاسم الظّرْف يُطلق عَلَيْهِمَا مجَازًا قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا حسن لدن (ص) لدن الأول غَايَة زمَان أَو مَكَان وَتلْزم (من) غَالِبا وَيُقَال لدن ولدن ولدن ولدن ولد ولد ولد ولت وإعراب الأولى لُغَة وَترد النُّون مُضَافَة لمضمر وتضاف لمفرد وَجُمْلَة خلافًا لِابْنِ الدهان وَسمع نصب (غدْوَة) بعْدهَا تمييزا ورفعها بإضمار (كَانَ) ويعطف على (غدْوَة) المنصوبة وجوبا وفَاقا لأبي حَيَّان وَخِلَافًا للأخفش وَابْن مَالك (ش) من الظروف المبنية (لدن) وَهِي لأوّل غَايَة زمَان أَو مَكَان وبنيت لشبهها بالحرف فِي لُزُومهَا اسْتِعْمَالا وَاحِدًا وَهِي كَونهَا مُبْتَدأ غَايَة وَامْتِنَاع الْإِخْبَار بهَا وعنها وَلَا يَبْنِي عَلَيْهَا الْمُبْتَدَأ بِخِلَاف (عِنْد) و (لدي) فَإِنَّهُمَا لَا يلزمان اسْتِعْمَالا وَاحِدًا بل يكونَانِ لابتداء الْغَايَة وَغَيرهَا ويبنى عَلَيْهِمَا الْمُبْتَدَأ قَالَ تَعَالَى: {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب} [الأنعمام: 59] {ولدينا مزِيد} [ق: 35] وَالْغَالِب اقترانها ب (من) نَحْو: ( {وهب لنا من لَدُنْك} [آل عمرَان: 8] (وَآتَيْنَاهُ من لدنا) وَقد تجرد مِنْهَا كَقَوْلِه لدن غدْوَة لدو شب وإعراب لدن لُغَة قيسية تَشْبِيها بعند وَبِه قَرَأَ عَاصِم: {بَأْسا شَدِيدا من لَدنه} [الْكَهْف: 2] بِالْجَرِّ وإشمام الدَّال الساكنة الضَّم وَالْأَصْل من لَدنه بِضَم الدَّال قَالَ ابْن مَالك وفيهَا على غير اللُّغَة القيسية تسع لُغَات سُكُون النُّون مَعَ ضم الدَّال وَفتحهَا أَو كسرهَا وسكونها مَعَ سُكُون الدَّال وَفتح اللَّام أَو ضمهَا وَفتح

النُّون مَعَ سُكُون الدَّال وَحذف النُّون مَعَ سُكُون الدَّال وَفتح اللَّام أَو ضمهَا وَحذف النُّون مَعَ ضم الدَّال وَفتح اللَّام وَزَاد أَبُو حَيَّان عاشرة وَهِي لت بلام مَفْتُوحَة وتاء مَكْسُورَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ (ولد) بِلَا نون محذوفة من (لدن) كَمَا أَن (يَك) محذوفة من (يكن) أَلا ترى أَنَّك إِذا أضفته لمضمر رَددته إِلَى أَصله فَتَقول من لَدنه وَمن لدني وَلَا يجوز من لَدُنْك وَلَا من لده ويجر تالي لدن بِالْإِضَافَة لفظا إِن كَانَ مُفردا كَقَوْلِه: 847 - (تَنْتَهضُ الرِّعْدَةُ فِي ظُهَيْري ... منْ لَدُن الظُّهْر إِلَى العُصَيْر) وتقديرا إِن كَانَ جملَة اسمية كَقَوْلِه: 848 - (وتذكرُ نُعْماهُ لَدُنْ أَنْتَ يافِعٌ ... ) أَو فعلية كَقَوْلِه: 849 - (لَدُنْ شَبَّ حَتَّى شابَ سُودُ الذّوائِبِ ... )

وَمنع ابْن الدهان من إِضَافَة لدن إِلَى الْجُمْلَة وَأول مَا ورد من ذَلِك على تَقْدِير أَن المصدرية بِدَلِيل ظُهُورهَا مَعهَا فِي قَوْله: 850 - (أرانِي لَدْنُ أَنْ غَاب رَهْطِى ... ) وَقَوله: 851 - (وليتَ فَلم تَقطَعْ لدن أَن وليتنا قرَابَة ذِي قُرْبى وَلَا حقَّ مُسْلم وَسمع نصب (غدْوَة) بعْدهَا فِي قَوْله: 852 - (لَدُنْ غدْوَة حَتَّى دَنَتْ لِغُروب ... ) وَخرج على التَّمْيِيز وَحكى الْكُوفِيُّونَ رفع (غدْوَة) بعْدهَا وَخرج على إِضْمَار كَانَ أَي لدن كَانَت غدْوَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ لَا تنصب (لدن) غير (غدْوَة) وَلَا تَقول (لدن بكرَة) لِأَنَّهُ لم يكثر فِي كَلَامهم وَإِذا عطف على غدْوَة الْمَنْصُوب بعْدهَا فَقيل لدن غروة وَعَشِيَّة جَازَ عِنْد الْأَخْفَش فِي الْمَعْطُوف الْجَرّ على الْموضع وَالنّصب على اللَّفْظ وَضعف ابْن مَالك فِي شرح الكافية النصب وأوجبه أَبُو حَيَّان وَمنع الْجَرّ لِأَن (غدْوَة) عِنْد من نَصبه لَيْسَ فِي مَوضِع جر فَلَيْسَ من بَاب الْعَطف على الْموضع قَالَ وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون (لدن) انتصب بعْدهَا ظرف غير (غدْوَة) وَهُوَ غير مَحْفُوظ إِلَّا فِيهَا لِأَنَّهُ يجوز فِي الثواني مَا لَا يجوز فِي الْأَوَائِل وَهَذِه الْمَسْأَلَة مَذْكُورَة فِي الكافية الشافية سَاقِطَة من التسهيل

لما

لما (ص) لما حرف وجود لوُجُود وَقَالَ ابْن السراج والفارسي وَابْن جني ظرف ك (إِذْ) وتختص بالماضي وتقتضي جملتين وعاملها الْجَواب وَيكون مَاضِيا قَالَ ابْن عُصْفُور ومضارعا وَابْن مَالك واسمية ب (إِذا) أَو الْفَاء وتحذف لدَلِيل (ش) من الظروف المبنية (لما) الَّتِي هِيَ كلمة وجود لوُجُود وَالْقَوْل بظرفيتها رَأْي ابْن السراج والفارسي وَابْن جني وَجَمَاعَة حَتَّى قَالُوا إِنَّهَا ظرف بمعني (حِين) وَعبارَة ابْن مَالك بِمَعْنى (إِذْ) قَالَ ابْن هِشَام وَهُوَ حسن لِأَنَّهَا مُخْتَصَّة بالماضي وبالإضافة إِلَى الْجُمْلَة وَمذهب سِيبَوَيْهٍ وَابْن خروف أَنَّهَا حرف وتقتضي جملتين وجدت ثانيتهما عَن وجود أولاهما نَحْو لما جَاءَنِي أكرمته وَالْعَامِل فِيهَا على الظَّرْفِيَّة جوابها وَيكون فعلا مَاضِيا اتِّفَاقًا كالمثال الْمَذْكُور وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {فَلَمَّا نجاكم إِلَى الْبر أعرضتم} [الْإِسْرَاء: 67] وَجوز ابْن عُصْفُور كَونه مضارعا نَحْو: {فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع وجاءته الْبُشْرَى يجادلنا} [هود: 74] وَالْجُمْهُور أولوه بالماضي أَي جادلنا وَالْجَوَاب مَحْذُوف أَي أقبل يجادلنا وَجوز ابْن مَالك كَونه جملَة اسمية مقرونة بِالْفَاءِ أَو بإذا الفجائية نَحْو: {فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر فَمنهمْ مقتصد} [لُقْمَان: 32] {فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر إِذا هم يشركُونَ} [العنكبوت: 65] وَقيل فِي آيَة الْفَاء إِن الْجَواب مَحْذُوف أَي انقسموا قسمَيْنِ وَقد يحذف الْجَواب لدَلِيل كالآية الْمَذْكُورَة

مذ ومنذ

مذ ومنذ (ص) (مذ ومنذ) وَهِي الأَصْل خلافًا لِابْنِ ملكون وَقيل الْمَحْذُوف اللَّام وَلَيْسَت مركبة وَقيل أَصْلهَا (من ذُو) وَقيل (من إِذْ) وَقيل (من ذَا) وَكسر ميمها لُغَة وَسُكُون مذ قبل حَرَكَة وَضمّهَا قبل (سَاكن) أشهر فَإِن وليهما جملَة فظرفان مضافان إِلَيْهَا أَو إِلَى زمَان مُقَدّر قَولَانِ وَقيل مبتدآن خبرهما زمن مُقَدّر أَو اسْم مَرْفُوع فَقَالَ الْمبرد وَابْن السراج والفارسي مبتدآن لَهُ ومعناهما الْأَبَد فِي حَاضر ومعدود وَأول الْمدَّة فِي مَاض والأخفش والزجاج والزجاجي ظرفان خبراه ومعناهما بَين والكوفية والسهيلي وَابْن مضاء وَابْن مَالك مضافان لفعل حذف وَالثَّانِي فَاعله وَقوم خبر لمَحْذُوف أَو مجرور فحرفان وَقيل اسمان بِمَعْنى (من) فِي مَاض وَفِي حَاضر و (من) و (إِلَى) فِي مَعْدُود وَأكْثر الْعَرَب توجب جرهما الْحَال وترجح جر مُنْذُ الْمَاضِي وَرفع (مذ) لَهُ وَيجوز رفع مصدر بعدهمَا وجره وَأَن وصلتها وَلَا يجران مضمرا وَلَا يلحقان بالمتصرف على الْأَصَح فيهمَا (ش) من الظروف المبنية فِي بعض الْأَحْوَال مذ ومنذ ومنذ بسيطة وَقيل مركبة وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَ الْفراء أَصْلهَا (من ذُو) من الجارة وَذُو الطائية بمعني الَّذِي وَقَالَ غَيره أَصْلهَا (من إِذْ) حذفت الْهمزَة فالتقي ساكنان النُّون والذال فحركت الذَّال وَجعلت حركتها الضمة الَّتِي هِيَ أثقل الحركات لِأَنَّهَا ضمنت معني شَيْئَيْنِ (من) و (إِلَى) إِذْ قَوْلك مَا رَأَيْته مُنْذُ يَوْمَانِ مَعْنَاهُ من أول هَذَا الْوَقْت فَقَامَتْ مقامهما فَقَوِيت ثمَّ ضمت الْمِيم إتباعا لحركة الذَّال وَعِنْدِي أَن التَّعْلِيل بِالْحملِ على سَائِر الظروف قبل وَبعد وقط وَعوض أولي

ومذ أَصله مُنْذُ وَهِي محذوفة مِنْهَا عِنْد الْجُمْهُور بِدَلِيل رجوعهم إِلَى ضم ذال (مذ) عِنْد ملاقاة السَّاكِن نَحْو مذ الْيَوْم وَلَوْلَا أَن الأَصْل الضَّم لكسر أَو لِأَن بَعضهم يَقُول مذ زمن طَوِيل فيضم مَعَ عدم السَّاكِن على أَن بعض الْعَرَب يكسر قبل السَّاكِن على أصل التقاء الساكنين وَقَالَ ابْن ملكون هما أصلان لِأَن الْحَذف والتصريف لَا يكونَانِ فِي الْحُرُوف وَلَا فِي الْأَسْمَاء غير المتمكنة ورده الشلوبين بِأَنَّهُ قد جَاءَ الْحَذف فِي الْحُرُوف أَلا تري تخفيفهم إِن وَأَن وَكَأن وَقَالُوا فِي لَعَلَّ تمل وَقد جعل سِيبَوَيْهٍ عل من الْعُلُوّ وَكسر مِيم مذ ومنذ لُغَة بني سليم كَذَا قَالَ ابْن مَالك وَقَالَ أَبُو حَيَّان حُكيَ اللحياني فِي نوادره كسر مُنْذُ عَن بني سليم وَكسر مذ عَن عكل وَلَهُمَا ثَلَاثَة أَحْوَال الأول أَن يليهما الْجُمْلَة الاسمية أَو الفعلية كَقَوْلِه: 853 - (وَمَا زلْت أبغي المالَ مُذْ أَنا يافِعٌ ... ) وَقَوله: 854 - (مَا زَال مُذْ عقَدَت يَداه إزارُه ... )

وَقَوله: 855 - (مُنْذُ ابْتُذِلتُ وَمِثْل مَالِكَ يَنْفَعُ ... ) وَالْمَشْهُور أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ ظرفان مضافان فَقيل إِلَى الْجُمْلَة وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والسيرافي والفارسي وَابْن مَالك وَقيل إِلَى زمَان مُضَاف إِلَى الْجُمْلَة وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور لِأَنَّهُمَا لَا يدخلَانِ عِنْده إِلَّا على أَسمَاء الزَّمَان ملفوظا بهَا أَو مقدرَة فالتقدير فِي مَا رَأَيْته مذ زيد قَائِم مذ زمن زيد قَائِم وَقيل إنَّهُمَا حِينَئِذٍ مبتدآن فَيجب تَقْدِير زمَان مُضَاف للجملة يكون هُوَ الْخَبَر وَعَلِيهِ الْأَخْفَش الْحَال الثَّانِي أَن يليهما اسْم مَرْفُوع نَحْو مذ يَوْم الْخَمِيس ومنذ يَوْمَانِ وَفِيهِمَا حِينَئِذٍ مَذَاهِب أَحدهَا وَعَلِيهِ الْمبرد وَابْن السراج والفارسي أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مبتدآن وَمَا بعدهمَا خبر وبمعناهما الأمد إِن كَانَ الزَّمَان حَاضرا أَو معدودا وَأول الْمدَّة إِن كَانَ مَاضِيا هَذِه عبارَة الْمُغنِي وَعبارَة أبي حَيَّان وتقديرهما فِي الْمُنكر الأمد وَالتَّقْدِير أمد انْقِطَاع الرُّؤْيَة يَوْمَانِ وَفِي الْمعرفَة أول الْوَقْت وَالتَّقْدِير أَو انْقِطَاع الرُّؤْيَة يَوْم الْخَمِيس الثَّانِي وَعَلِيهِ الْأَخْفَش والزجاج والزجاجي أَن الْمَرْفُوع بعدهمَا مُبْتَدأ ومذ ومنذ ظرفان خبر لَهُ كَمَا إِذا أضيفا إِلَى جملَة

ومعناهما بَين وَبَين مضافين فمعني مَا لَقيته مذ يَوْمَانِ بيني وَبَين لِقَائِه يَوْمَانِ وَلَا يخفى مَا فِي هَذَا من التعسف لِأَنَّهُ تَقْدِير مَا لم يصرحوا بِهِ فِي مَوضِع مَا الثَّالِث وَعَلِيهِ أَكثر الْكُوفِيّين والسهيلي وَابْن مضاء وَابْن مَالك أَنَّهُمَا ظرفان مضافان لجملة حذف فعلهَا وَبَقِي فاعلها وَالْأَصْل مذ كَانَ أَو مُضِيّ يَوْمَانِ قَالَ ابْن مَالك ويرجحه أَن فِيهِ إِجْرَاء مذ ومنذ على طَريقَة وَاحِدَة فَهُوَ أولى من اخْتِلَاف الِاسْتِعْمَال وَفِيه تخلص من ابْتِدَاء بنكرة بِلَا مسوغ إِن ادعِي التنكير وَمن تَعْرِيف غير مُعْتَاد إِن ادعِي التَّعْرِيف قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد يرد بِأَن الْكُوفِيّين إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك بِنَاء على رَأْيهمْ أَنَّهَا مركبة من (من) و (ذُو الطائية) أَو من (من) و (إِذْ) فَمَا بعدهمَا من الصِّلَة أَو الْمُضَاف إِلَيْهِ وهما باطلان وَبِأَن إِضْمَار الْفِعْل لَيْسَ بِقِيَاس الرَّابِع وَعَلِيهِ بعض الْكُوفِيّين أَن خبر لمبتدأ مَحْذُوف بِنَاء على أَنَّهَا من (من) و (ذُو الطائية) وَالتَّقْدِير مَا رَأَيْته من الزَّمن الَّذِي هُوَ يَوْمَانِ وَالْكَلَام على هَذَا القَوْل وَمَا قبله وَاحِدَة جملَة وعَلى الْأَوَّلين جملتان وعَلى هَذَا اخْتلف هَل الْجُمْلَة مذ ومنذ ومرفوعهما مَحل من الْإِعْرَاب فَقَالَ الْجُمْهُور لَا وَقَالَ السيرافي إِنَّهَا فِي مَوضِع الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ مَا رَأَيْته مُتَقَدما ورد بِأَنَّهَا خرجت مخرج الْجَواب كَأَنَّهُ قيل لَهُ مَا أمد ذَلِك قَالَ يَوْمَانِ وَبِأَنَّهُ لَا رابط فيهمَا من ضمير أَو وَاو الْحَال الثَّالِث أَن يَقع بعدهمَا اسْم مجرور فَقيل هما اسمان مضافان لِأَن الاسمية قد تثبت لَهما فَلَا يخرجَانِ عَنْهَا مَا أمكن بقاؤهما عَلَيْهَا وَقد أمكن ذَلِك بِأَن يجعلا ظرفين فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ قبلهمَا وَالْجُمْهُور على أَنَّهُمَا حِينَئِذٍ حرفا جر لإيصالهما الْفِعْل إِلَى (كم) كَمَا يُوصل حرف الْجَرّ تَقول مُنْذُ كم سرت كَمَا تَقول بكم اشْتريت وَلَو كَانَ ظرفين لجَاز أَن يَسْتَغْنِي الْفِعْل بعدهمَا عَن الْعَمَل فيهمَا بإعماله فِي ضميرهما فَكَانَ يُقَال مُنْذُ كم سرت فِيهِ أَو سرته إِن اتَّسع كَمَا تَقول يَوْم الْجُمُعَة قُمْت فِيهِ أَو قمته وَلم تَتَكَلَّم الْعَرَب بذلك وَعلي هَذَا فهما بِمَعْنى (من) إِن كَانَ الزَّمَان مَاضِيا وبمعني (فِي) إِن كَانَ حَاضرا وبمعني (من) و (إِلَى) جَمِيعًا إِن كَانَ معدودا نَحْو مَا رَأَيْته مذ يَوْم الْخَمِيس أَو مُنْذُ يَوْمنَا أَو عامنا أَو مذ ثَلَاثَة أَيَّام

وَأكْثر الْعَرَب على وجوب جرهما للحاضر وَعلي تَرْجِيح جر مُنْذُ للماضي على رَفعه وَعلي تَرْجِيح رفع مذ للماضي على جَرّه وَمن الْكثير فِي مُنْذُ قَوْله: 856 - (وَرَبْع عَفَت آثارُه مُنْذُ أَزْمان ... ) وَمن الْقَلِيل فِي (مذ) قَوْله: 857 - (أَقْوَيْنَ مذ حِجَج ومُذْ دَهْر ... ) وَيجوز وُقُوع الْمصدر بعدهمَا نَحْو مَا رَأَيْته مذ قدوم زيد بِالرَّفْع والجر وَهُوَ على حذف زمَان أَي مُنْذُ زمن قدوم زيد وَيجوز وُقُوع (أَن) وصلتها بعدهمَا نَحْو مَا رَأَيْته مذ أَن الله خلقني فَيحكم على موضعهما بِمَا حكم بِهِ للفظ الْمصدر من رفع أَو جر وَهُوَ على تَقْدِير زمَان أَيْضا ومذ ومنذ لَا يجران إِلَّا الظَّاهِر من اسْم الزَّمَان أَو الْمصدر على مَا بَين وَأَجَازَ الْمبرد أَن يجرا مُضْمر الزَّمَان نَحْو يَوْم الْخَمِيس مَا رَأَيْته منذه أَو مذه ورد بِأَن الْعَرَب لم تقله

مع

وَلَا يلْحق مذ ومنذ بالظروف المتصرفة عِنْد الْجُمْهُور من الْبَصرِيين وَمن قَالَ بِأَنَّهُمَا مبتدآن فِي الْحَال الثَّانِي ألحقهما بالمتصرف مَعَ (ص) (مَعَ) لمَكَان الِاجْتِمَاع أَو وقته وتجر ب (من) وَتَقَع خَبرا وصلَة وَصفَة وَحَالا وسكونها قبل حَرَكَة وَكسرهَا قبل سُكُون لُغَة وَلَيْسَت حِينَئِذٍ حرف جر خلافًا للنحاس وَتفرد فَتكون حَالا بِمَعْنى جَمِيع وَغَيره بقلة وَهل هِيَ حِينَئِذٍ مَقْصُورَة خلاف وَلَا لسلب الِاتِّحَاد فِي الْوَقْت وفَاقا لثعلب وَابْن خالويه وَأبي حَيَّان (ش) من الظروف العادمة التَّصَرُّف (مَعَ) وَهِي اسْم لمَكَان الِاجْتِمَاع أَو وقته تَقول زيد مَعَ عَمْرو وَجئْت مَعَ الْعَصْر وَيدل على اسميتها تنوينها فِي قَوْلك مَعًا وَدخُول (من) عَلَيْهَا فِي قَوْلهم ذهب من مَعَه وَقُرِئَ {هَذَا ذكر من معي} [الْأَنْبِيَاء: 24] قَالَ ابْن مَالك وَكَانَ حَقه الْبناء لشبهه بالحروف فِي الجمود الْمَحْض وَهُوَ لُزُوم وَجه وَاحِد من الِاسْتِعْمَال والوضع النَّاقِص إِذْ هِيَ على حرفين بِلَا ثَالِث مُحَقّق الْعود إِلَّا أَنَّهَا أعربت فِي أَكثر اللُّغَات لمشابهتها (عِنْد) فِي وُقُوعهَا خَبرا وَصفَة وَحَالا وصلَة ودالا على حُضُور وَعلي قرب فالحضور ك {نجني وَمن معي} [الشُّعَرَاء: 118] والقرب ك {إِن مَعَ الْعسر يسرا} [الشَّرْح: 6] وتسكينها قبل حَرَكَة نَحْو زيد مَعَ عَمْرو وَكسرهَا قبل سُكُون نَحْو زيد مَعَ الْقَوْم لُغَة ربيعَة وحركتها حَرَكَة إِعْرَاب فَلذَلِك تأثرت بالعوامل فِي من مَعَه وَمن سكن بني وَهُوَ الْقيَاس واسميتها حِين السّكُون بَاقِيَة على الْأَصَح كَمَا يشْعر بِهِ كَلَام سِيبَوَيْهٍ لِأَن مَعْنَاهَا مَبْنِيَّة ومعربة وَاحِد وَزعم النّحاس أَنَّهَا حِينَئِذٍ حرف جر وَلَيْسَ بِصَحِيح انْتهى

وَبِذَلِك عرف وَجه ذكر (مَعَ) فِي الظروف المبنيات لِأَنَّهَا مَبْنِيَّة فِي بعض اللُّغَات مَعَ التَّصْرِيح فِي أول الْكتاب بإعرابها وَتفرد عَن الْإِضَافَة فَتكون فِي الْأَكْثَر مَنْصُوبَة على الْحَال نَحْو جَاءَ زيد وَبكر مَعًا وَقل وُقُوعهَا فِي مَوضِع رفع خَبرا كَقَوْلِه: 858 - (أَفيقُوا بني حَرْبٍ وأَهْواؤُنا مَعًا ... ) وَقَوله: 859 - (أَكُفُّ صِحَابِي حِينَ حَاجَاتُنا مَعَا ... ) وَاخْتلف فِي (مَعًا) فَذهب الْخَلِيل وسيبويه وَصَححهُ أَبُو حَيَّان إِلَى أَن فتحتها إِعْرَاب كَمَا فِي حَال الْإِضَافَة والكلمة ثنائية اللَّفْظ حِين الْإِفْرَاد وَحَال الْإِضَافَة وَذهب يُونُس والأخفش وَصَححهُ ابْن مَالك إِلَى أَن فتحتها كفتحة تَاء فتي وَأَنَّهَا حِين أفردت رد إِلَيْهَا الْمَحْذُوف وَهُوَ لَام الْكَلِمَة فَصَارَ مَقْصُورا وأيده ابْن مَالك بِوُقُوعِهِ كَذَلِك حَالَة الرّفْع كالمقصور ورده أَبُو حَيَّان بِأَن شَأْن الظّرْف غير الْمُتَصَرف إِذا أخبر بِهِ أَن يبْقى على نَصبه وَلَا يرفع تَقول الزيدان عنْدك وَذهب ابْن مَالك إِلَى أَنَّهَا فِي الْإِفْرَاد مُسَاوِيَة لمعني (جَمِيع) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ بِصَحِيح فقد قَالَ ثَعْلَب إِذا قلت جَاءَا جَمِيعًا احْتمل أَن فعلهمَا فِي وَقت أَو وَقْتَيْنِ وَإِذا قلت جَاءَا مَعًا فالوقت وَاحِد وَكَذَا ذكر ابْن خالويه أَنَّهَا بَاقِيَة الدّلَالَة على الِاتِّحَاد فِي الْوَقْت

الزمن المبهم المضاف لجملة

الزَّمن الْمُبْهم الْمُضَاف لجملة (ص) وَمِنْهَا كل زمن مُبْهَم مُضَاف لجملة فَإِن صدرت بمبني فبناؤه رَاجِح أَو مُعرب فمرجوح وَمنعه البصرية أَو (مَا) أَو (لَا) لم تَتَغَيَّر أَو (لَا) التبرئة فَكَذَلِك وَقد يجر اسْمهَا وَيرْفَع وَمنع سِيبَوَيْهٍ إِضَافَة مُسْتَقْبل لاسمية وَجوزهُ الْأَخْفَش وَابْن مَالك (ش) من الظروف الَّتِي تبنى جَوَازًا لَا وجوبا كل أَسمَاء الزَّمَان المبهمة إِذا أضيفت إِلَى الْجمل وَالْمرَاد بالمبهمة مَا لَا يخْتَص بِوَجْه ك (حِين) وَمُدَّة وَوقت وزمن وَمَا يخْتَص بِوَجْه دون وَجه كنهار وصباح وَمَسَاء وغداة وَعَشِيَّة بِخِلَاف مَا يخْتَص بتعريف أَو غَيره ك (أمس) وغد فَإِنَّهُ لَا يُضَاف إِلَى الْجمل وَمِنْه الْمَحْدُود والمعدود والموقت كيومين وليلتين وأسبوع وَشهر وَسنة فَلَا يُضَاف شَيْء من ذَلِك إِلَى الْجمل على الصَّحِيح عِنْد ابْن مَالك وَغَيره ويضاف الْجَمِيع إِلَيْهَا كالمفرد وَسَوَاء فِي الْجمل الفعلية والاسمية لَكِن الْبناء رَاجِح فِيمَا كَانَ صدرها مَبْنِيا نَحْو: (كَيَوْم وَلدته أمه) 860 - (على حِينَ عاتبْتُ المَشِيبَ على الصِّبًا ... وَقُلْتُ أَلَمِّا أَصْحُ وَالشّيْبُ وَازعُ)

861 - (على حِينَ يستَصْبين كُلَّ حَليمِ ... ) مَرْجُوح فِيمَا كَانَ صدرها معربا قَرَأَ نَافِع: {هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين} [الْمَائِدَة: 119] بِالْبِنَاءِ وَقَرَأَ السِّتَّة بالإعراب وَقَالَ الشَّاعِر:

862 - (على حِينَ لَا بَدْوٌ يُرَجّي وَلَا حَضَرْ ... ) وَقَالَ: 863 - (كريم على حينَ الكِرامُ قَلِيلُ ... ) وَقَالَ: 864 - (عَلَى حِينَ التّواصُل غَيْرُ دَاني ... )

رويت الثَّلَاثَة بِالْفَتْح وَمنع البصريون الْبناء فِي هَذَا الْقسم وأوجبوا الْإِعْرَاب وأيد ابْن مَالك مَذْهَب الْكُوفِيّين بِالسَّمَاعِ لقِرَاءَة نَافِع السَّابِقَة والأبيات وَإِن صدرت الْجُمْلَة ب (مَا) أَو (لَا) أُخْتِي لَيْسَ لم يخْتَلف الحكم من بَقَاء رفعهما الِاسْم ونصبهما الْخَبَر وَالْإِضَافَة بِحَالِهَا كَقَوْلِه: 865 - (على حِينَ مَا هَذَا بِحِين تَصَابِ ... ) وَقَوله: 866 - (وكُنْ لي شَفِيعًا يَوْم لَا ذُو شفَاعة ... بمغن فتيلاً عَن سَوادِ بن قاربِ) وَإِن صدرت ب (لَا) التبرئة بَقِي اسْمهَا أَيْضا على مَا كَانَ من بِنَاء أَو نصب وَقد يجر وَقد يرفع حُكيَ جئْتُك يَوْم لَا حر وَلَا برد بِالْبِنَاءِ وبالجر وبالرفع وَقَالَ: 867 - (تَرَكتنِي حِينَ لَا مالٌ أعيش بِهِ ... ) بِالرَّفْع

وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن الظّرْف إِذا كَانَ بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل تعين إِضَافَته للفعلية وَلَا يجوز إِضَافَته إِلَى الاسمية لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَعْنى (إِذا) وَهِي لَا تُضَاف إِلَيْهَا فَلَا يُقَال آتِيك حِين زيد ذَاهِب بِخِلَاف الَّذِي بِمَعْنى الْمَاضِي فَإِنَّهُ بِمَعْنى (إِذْ) فيضاف للفعلية والاسمية مَعًا كهي وَذهب الْأَخْفَش إِلَى جَوَاز إِضَافَة الْمُسْتَقْبل إِلَى الاسمية أَيْضا وَصَححهُ ابْن مَالك مستدلا بِنَحْوِ قَوْله تَعَالَى: {يَوْم هم بارزون} [غَافِر: 16] قَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّمَا أجَاز الْأَخْفَش ذَلِك لِأَنَّهُ يُجِيز فِي (إِذا) أَن تُضَاف إِلَى الاسمية فَكَذَا مَا هُوَ بمعناها (ص) أَو لمبني وَألْحق بِهِ فِي ذَلِك نَاقص الدّلَالَة ك (غير) و (مثل) وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ مَالك لَا يبْنى مُضَاف لمبني مُطلقًا (ش) من الظروف الَّتِي تبنى جَوَازًا لَا وجوبا أَسمَاء الزَّمَان المبهمة إِذا أضيفت إِلَى مَبْنِيّ مُفْرد نَحْو (يَوْمئِذٍ) و (حِينَئِذٍ) وَألْحق بهَا الْأَكْثَرُونَ كل اسْم نَاقص الدّلَالَة ك (غير) و (مثل) و (دون) و (بَين) فبنوه إِذا أضيف إِلَى مَبْنِيّ نَحْو مَا قَامَ أحد غَيْرك وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّه لحق مثل مَا أَنكُمْ تنطقون} [الذاريات: 23] وَقُرِئَ: {أَن يُصِيبُكُم مِثْلَ مَا أَصَابَ} [هود: 89] بِفَتْح اللَّام وَقَالَ: {وَمنا دون ذَلِك} [الْجِنّ: 11] {لقد تقطع بَيْنكُم} [الْأَنْعَام: 94] وَقَالَ الشَّاعِر: 868 - (وإذْ مَا مِثْلَهُم بَشَرُ ... )

وَقَالَ: 869 - (لم يَمْنَعِ الشُّرْبَ مِنْهَا غَيْرَ أَن نطَقَتْ ... ) وَالْقَوْل بِبِنَاء الْمُضَاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم من شعب هَذَا الأَصْل وَذهب ابْن مَالك إِلَى أَنه لَا يَبْنِي مُضَاف إِلَى مَبْنِيّ بِسَبَب إِضَافَته إِلَيْهِ أصلا لَا ظرفا وَلَا غَيره لِأَنَّهُ الْإِضَافَة من خَصَائِص الْأَسْمَاء الَّتِي تكف سَبَب الْبناء وتغليه فِي غير مَوضِع فَكيف تكون دَاعِيَة إِلَيْهِ والفتحات فِي الشواهد السَّابِقَة حركات إِعْرَاب ف (مثل) فِي الْآيَة الأولى حَال من ضمير (لحق) المستكن وَفِي الثَّانِيَة مصدر أَو حَال وفاعل يُصِيبكُم (الله) وَفِي الْبَيْت حَال و (غير) فِي الْمِثَال وَالْبَيْت حَال أَو مُسْتَثْنى و (دون) و (بَين) منصوبان على الظَّرْفِيَّة وَهَذَا الَّذِي ذهب إِلَيْهِ هُوَ الْمُخْتَار (ص) وَلَا يحلق الرابط الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا إِلَّا نَادرا (ش) قَالَ ابْن مَالك كل مُضَاف إِلَى جملَة مُقَدّر الْإِضَافَة إِلَى مصدر من مَعْنَاهَا وَمن أجل ذَلِك لَا يعود مِنْهَا ضمير إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهَا كَمَا لَا يعود من الْمصدر فَإِن سمع ذَلِك عد نَادرا كَقَوْلِه: 870 - (مَضَت مِائَةٌ لِعَام وُلِدْتُ فيهِ ... )

وَقَوله: 871 - (وتسخن ليْلَةَ لَا يَسْتَطِيع ... نُباحاً بهَا الكلْبُ إلاّ هَريرا) وَالْمَعْرُوف أَنه إِذا كَانَ فِي الْجُمْلَة ضمير فصلت عَن الْإِضَافَة وَجعلت صفة كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} [الْبَقَرَة: 281]

المفعول معه

3 - الْمَفْعُول مَعَه (ص) هُوَ التَّالِي وَاو المصاحبة وَالأَصَح أَنه مقيس فَقيل لَا يخْتَص وَالْجُمْهُور بِمَا صلح فِيهِ الْعَطف وَلَو مجَازًا والمبرد والسيرافي بِمَا كَانَ الثَّانِي مؤثرا للْأولِ وَهُوَ سَببه والخضراوي بِمَا فِي معنى مَا سمع (ش) الْمَفْعُول مَعَه هُوَ التَّالِي وَاو المصاحبة فَخرج غير التَّالِي واوا مِمَّا قد يُطلق عَلَيْهِ فِي اللُّغَة مَفْعُولا مَعَه كالمجرور ب (مَعَ) وببناء المصاحبة كجلست مَعَ زيد وبعتك الْفرس بلجامه والتالي وَاو الْعَطف فَإِن المصاحبة فِيهِ مفهومة من الْعَامِل السَّابِق لَا من الْوَاو وَهنا لَا تفهم إِلَّا من الْوَاو وَفِي كَون هَذَا الْبَاب مقيسا خلاف فبعض النَّحْوِيين يقْتَصر فِي مسَائِله على السماع وَنسبه جمَاعَة إِلَى الْأَكْثَرين قَالَ ابْن عُصْفُور وَمَعْنَاهُ أَنهم لَا يجيزونه إِلَّا حَيْثُ لَا يُرَاد بِالْوَاو معنى الْعَطف الْمَحْض لِأَن السماع إِنَّمَا ورد بِهِ هُنَاكَ وَالصَّحِيح اسْتِعْمَال الْقيَاس فِيهِ ثمَّ اخْتلف فقوم يقيسونه فِي كل شَيْء حَتَّى حَيْثُ يُرَاد بِالْوَاو معنى الْعَطف الْمَحْض نَحْو قَامَ زيد وعمرا وَحَيْثُ لَا يتَصَوَّر معنى الْعَطف أصلا نَحْو قعدت أَو ضحِكت أَو انْتَظَرْتُك وطلوع الشَّمْس وَعَلِيهِ ابْن مَالك وَالْجُمْهُور كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان خصوه بِمَا صلح فِيهِ معنى الْعَطف وَمعنى الْمَفْعُول بِهِ فَلَا يجوز حَيْثُ لَا يتَصَوَّر معنى الْعَطف لقِيَام الْأَدِلَّة على أَن وَاو (مَعَ) عطف فِي الأَصْل وَلَا حَيْثُ تمحض معنى الْعَطف لِأَن دُخُول معنى الْمَفْعُول بِهِ هُوَ الَّذِي سوغ خُرُوجه بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَطف من المشاكلة الَّتِي تؤثرها الْعَرَب على غَيرهَا إِلَى النصب

ناصب المفعول معه

وَسَوَاء صلح فِيهِ الْعَطف حَقِيقَة نَحْو جَاءَ الْبرد والطيالسة لِأَن الْمَجِيء يَصح مِنْهُمَا أَو مجَازًا نَحْو سَار زيد والنيل إِذْ يَصح عطفه على الْمجَاز من جِهَة أَنه لَا يُفَارق زيدا فِي حَال سيره كَمَا لَا يُفَارِقهُ من سائره وَقَالَ الْمبرد والسيرافي يُقَاس فِيمَا كَانَ الثَّانِي مؤثرا للْأولِ وَكَانَ الأول سَببا لَهُ نَحْو جَاءَ الْبرد والطيالسة فالبرد سَبَب لاستعمال الطيالسة وَجئْت وزيدا أَي كنت السَّبَب فِي مَجِيئه وَقَالَ ابْن هِشَام الخضراوي الِاتِّفَاق على أَن هَذَا مطرد فِي لفظ الاسْتوَاء والمجيء والصنع وَفِي كل لَفْظَة سَمِعت وَيَنْبَغِي عِنْدِي أَن يُقَاس على مَا سمع مَا فِي مَعْنَاهُ وَإِن لم يكن من لَفظه فيقاس (وصل) على (جَاءَ) و (وَافق) على (اسْتَوَى) و (فعلت) على (صنعت) وَكَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ وَمَا لَيْسَ من ألفاظها ومعانيها لَا يَنْبَغِي أَن يجوز انْتهى ناصب الْمَفْعُول مَعَه (ص) وناصبه مَا سبقه من فعل أَو شُبْهَة وَقيل الْوَاو وَقَالَ الزّجاج مُضْمر بعْدهَا والكوفية الْخلاف والأخفش انتصب انتصاب الظّرْف وَالأَصَح ينصبه الْمُتَعَدِّي و (كَانَ) لَا معنوي كإشارة (ش) فِي ناصب الْمَفْعُول مَعَه أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ الْأَصَح أَنه مَا تقدمه من فعل أَو شُبْهَة نَحْو جَاءَ الْبرد والطيالسة واستوي المَاء والخشبة وأعجبني اسْتِوَاء المَاء والخشبة والناقة متروكة وفصيلها وَلست زائلا وزيدا حَتَّى نعل وَسَوَاء فِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي أَو اللَّازِم عِنْد الْأَكْثَرين نَحْو لَو خليت والأسد لأكلك وَنَحْو لَو تركت النَّاقة وفصيلها لرضعها

وَقَالَ قوم لَا يكون إِلَّا مَعَ غير الْمُتَعَدِّي لِئَلَّا يلتبس بالمفعول بِهِ فَلَا يُقَال ضربتك وزيدا على أَنه مفعول مَعَه وَهل يكون مَعَ كَانَ النَّاقِصَة خلاف قَالَ قوم لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا معنى حدث تعدى بِالْوَاو وَالْجُمْهُور نعم لِأَن الصَّحِيح أَنَّهَا مُشْتَقَّة وَأَنَّهَا تدل على معنى سوء الزَّمَان وَقد قَالَ الشَّاعِر: 872 - (يكون وإيّاها بهَا مَثَلاً بَعْدِي ... ) وَقَالَ: 873 - (فكُونوا أَنْتُم وبَنِي أَبيكُم ... ) وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه لَا ينصبه الْعَامِل الْمَعْنَوِيّ كحرف التَّشْبِيه وَاسم الْإِشَارَة والظرف وَالْجَار وَالْمَجْرُور وَأَجَازَهُ أَبُو عَليّ وَغَيره نَحْو هَذَا لَك وأباه وَعَلِيهِ: 874 - (هَذَا ردَائىَ مَطْويًّا وسِرْبالاَ ... )

القَوْل الثَّانِي أَن ناصبه الْوَاو وَعَلِيهِ الْجِرْجَانِيّ لاختصاصها لما دخلت عَلَيْهِ من الِاسْم فَعمِلت فِيهِ ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لاتصل الضَّمِير مَعهَا كَمَا يتَّصل بِأَن وَأَخَوَاتهَا وَبِأَنَّهُ لَا نَظِير لَهَا إِذْ لَا يعْمل الْحَرْف نصبا إِلَّا وَهُوَ مشبة بِالْفِعْلِ الثَّالِث أَن نَصبه فعل مُضْمر بعد الْوَاو وَعَلِيهِ الزّجاج قَالَ فَإِذا قلت مَا صنعت وأباك فالتقدير ولابست أَبَاك وَإِنَّمَا لم يعْمل فِيهِ الْفِعْل السَّابِق لفصل الْوَاو وعورض بالْعَطْف فَإِن فصل الْوَاو فِيهِ لم يمْنَع من تسلط الْعَامِل وَبِأَن فِيمَا ذكره إِحَالَة للباب إِذْ يصير مَنْصُوبًا على أَنه مفعول بِهِ لَا مفعول مَعَه الرَّابِع أَن نَصبه بِالْخِلَافِ وَنسبه ابْن مَالك للكوفيين ورد بِأَن الْخلاف معنى من الْمعَانِي وَلم يثبت النصب بالمعاني الْمُجَرَّدَة من الْأَلْفَاظ وَبِأَنَّهُ لَو كَانَ الْخلاف ناصبا لقيل مَا قَامَ زيد لَكِن عمرا وَيقوم زيد لَا عمرا وَلم يقلهُ أحد من الْعَرَب قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا القَوْل لبَعض الْكُوفِيّين وَأَكْثَرهم والأخفش على أَن الْوَاو مهيئة لما بعْدهَا أَن ينْتَصب انتصاب الظّرْف لِأَن أصل جَاءَ الْبرد والطيالسة مَعَ الطيالسة فَلَمَّا حذفت مَعَ وَكَانَت منتصبة على الظّرْف ثمَّ أُقِيمَت الْوَاو مقَامهَا انتصب مَا بعْدهَا على انتصاب (مَعَ) الَّتِي وَقعت الْوَاو موقعها إِذْ لَا يَصح انتصاب الْحُرُوف كَمَا يرْتَفع مَا بعد إِلَّا الْوَاقِعَة موقع (غير) بارتفاع (غير) نَحْو: {لَو كَانَ فِيهِمَاءَالِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا} [الْأَنْبِيَاء: 22] وَالْأَصْل غير الله

منع تقدمه على عامله

منع تقدمه على عَامله (ص) وَلَا يقدم على عَامله وَلَا مصاحبه خلافًا لِابْنِ جني وَلَا يفصل بَين الْوَاو بظرف وَلَا يكون جملَة خلافًا لصدر الأفاضل (ش) الْمَفْعُول مَعَه لَا يتَقَدَّم على عَامله بِاتِّفَاق لِأَن أصل واوه للْعَطْف والمعطوف لَا يتَقَدَّم على عَامل الْمَعْطُوف عَلَيْهِ إِجْمَاعًا وَلَا يتَقَدَّم على مصاحبه أَيْضا لما ذكر وَأَجَازَهُ ابْن جني فَيُقَال استوي والخشبة المَاء لوروده فِي الْعَطف قَالَ: 875 - (عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللهِ السّلام ... ) وسماعه هُنَا قَالَ: 876 - (جَمَعْتَ وفُحْشًا غِيبَةً ونَمِيمَةً ... ) وَلِأَن بَاب المفعولية فِي التَّقْدِيم أوسع مجالا من بَاب التابعية وَإِنَّمَا الْمَانِع هُنَا من التَّقْدِيم الْحمل على ذَلِك فَإِذا جَاءَ فِي الأَصْل بقلة أَو اضطرار جَازَ هُنَا بِكَثْرَة وسعة

أقسام المفعول معه

وَلَا يجوز الْفَصْل بَين الْوَاو وَالْمَفْعُول مَعَه بظرف وَلَا بِغَيْرِهِ فَلَا يُقَال قَامَ زيد وَالْيَوْم عمرا وَإِن جَازَ الْفَصْل بالظرف بَين الْوَاو والعاطفة ومعطوفها لِأَن الْوَاو هُنَا نزلت منزلَة الْجَار مَعَ الْمَجْرُور فمنعوا الْفَصْل بَينهمَا وَزعم صدر الأفاضل أَن الْمَفْعُول مَعَه يكون جملَة وَخرج عَلَيْهِ قَوْلهم جَاءَ زيد وَالشَّمْس طالعة وفر من جعلهَا حَالا لِأَنَّهَا لَا تنْحَل إِلَى مُفْرد يبين هَيْئَة فَاعل وَلَا مفعول وَلَا هِيَ مُؤَكدَة وَأجِيب بِأَنَّهَا مؤولة بِالْحَال السَّبَبِيَّة أَي جَاءَ زيد طالعة الشَّمْس عِنْد مَجِيئه وَقيل تؤول بمنكر أَو نَحوه أَقسَام الْمَفْعُول مَعَه (ص) وَيجب الْعَطف بعد مُفْرد خلافًا للصيمري وَثَالِثهَا يجوز إِن أول بجملة وَالنّصب بعد ضمير مُتَّصِل لم يُؤَكد وَهُوَ فِي نَحْو مَالك وزيدا ب (كَانَ) مضمرة قبل الْجَار أَو بمصدر (لابس) بعد الْوَاو وَقَالَ السيرافي ب (لابس) فَإِن كَانَ مُنْفَصِلا أَو ظَاهرا رجح الْعَطف وأوجبه بَعضهم وَقد ينصب بعد (مَا) و (كَيفَ) بمقدر وَهُوَ (كَانَ) نَاقِصَة وَقيل تَامَّة وَقدر سِيبَوَيْهٍ مَعَ (مَا) (كنت) و (كَيفَ) تكون فَقَالَ ابْن ولاد مُتَعَيّن وَفرق والسيرافي لَا وَرجح النصب إِن خيف فَوَات الْمَعِيَّة فَإِن لم يصلح الْفِعْل لَهَا جَازَ إِضْمَار صَالح فَإِن لم تحسن (مَعَ) وَجب وَقيل تضمن معني يتسلط بِهِ ويستويان فِي مُضْمر أكد نَحْو رَأسه والحائط من لَك متعاطفين بإضمار الْفِعْل (ش) مسَائِل هَذَا الْبَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَطف وَالْمَفْعُول مَعَه خَمْسَة أَقسَام الأول مَا يجب فِيهِ الْعَطف وَلَا يجوز النصب على الْمَفْعُول مَعَه وَذَلِكَ شَيْئَانِ أَحدهمَا أَلا يتَقَدَّم الْوَاو إِلَّا مُفْرد نَحْو أَنْت ورأيك وكل رجل وضيعته وَالرِّجَال وأعضادها وَالنِّسَاء وأعجازها هَذَا قَول الْجُمْهُور

وَجوز الصَّيْمَرِيّ فِيهِ النصب بِلَا تَأْوِيل وَجوز بَعضهم فِيهِ النصب على تَأْوِيل مَا قبل الْوَاو أَنه جملَة حذف ثَانِي جزأيها وَالتَّقْدِير كل رجل كَائِن وضيعته وَالثَّانِي أَن يتَقَدَّم الْوَاو جملَة غير متضمنة معنى فعل نَحْو قَوْلك أَنْت أعلم وَمَالك وَالْمعْنَى بِمَالك وَهُوَ عطف على (أَنْت) وَنسبَة الْعلم إِلَيْهِ مجَاز الثَّانِي مَا يجب فِيهِ النصب وَلَا يجوز فِيهِ الْعَطف وَذَلِكَ أَن تتقدم الْوَاو جملَة اسمية أَو فعلية متضمنة معنى الْفِعْل وَقبل الْوَاو ضمير مُتَّصِل مجرور أَو مَرْفُوع لم يُؤَكد بمنفصل نَحْو مَالك وزيدا وَمَا شَأْنك وزيدا وَمَا صنعت وأباك فَيتَعَيَّن النصب على الْمَفْعُول مَعَه وَلَا يجوز الْعَطف لامتناعه إِلَّا فِي الضَّرُورَة وَالنّصب فِي الاسمية (بكان مضمرة) قبل الْجَار وَهُوَ اللَّام وشأن أَي مَا كَانَ شَأْنك وزيدا أَو بمصدر لابس منويا بعد الْوَاو أَي مَا شَأْنك وملابسة زيدا أَو ملابستك زيدا كَذَا نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ قَالَ أَبُو حَيَّان نقلا عَن شَيْخه ابْن الضائع وَهَكَذَا تَقْدِير معنى الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ عِنْد سِيبَوَيْهٍ مفعول مَعَه وَتَقْدِير الملابسة مَفْعُولا بِهِ لَا مَفْعُولا مَعَه وَقَالَ السيرافي وَابْن خروف الْمُقدر فعل وَهُوَ (لابس) لِأَن الْمصدر لَا يعْمل مُقَدرا الثَّالِث مَا يخْتَار فِيهِ الْعَطف مَعَ جَوَاز النصب وَذَلِكَ أَن يكون الْمَجْرُور فِي الصُّورَة السَّابِقَة ظَاهرا أَو ضمير الْمَرْفُوع مُنْفَصِلا نَحْو مَا شَأْن عبد الله وَزيد وَمَا أَنْت وَزيد فَالْأَحْسَن جر زيد فِي الأول وَرَفعه فِي الثَّانِي لِإِمْكَان الْعَطف وَهُوَ الأَصْل وَيجوز فِيهِ النصب مَفْعُولا مَعَه وَمنعه بعض الْمُتَأَخِّرين كَابْن الْحَاجِب ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ:

877 - (وَمَا أَنْتَ والسِّيْرَ فِي مَتْلَفٍ ... ) وَسمع مَا أَنْت وزيدا وَكَيف أَنْت وزيدا وَكَيف أَنْت وقصعة من ثريد قَالَ سِيبَوَيْهٍ أَي مَا كنت وزيدا وَكَيف تكون وقصعة من ثريد لِأَن (كنت) و (تكون) يقعان هُنَا كثيرا انْتهى قَالَ الْفَارِسِي وَغَيره و (كَانَ) هَذِه المضمرة تَامَّة لِأَن النَّاقِصَة لَا تعْمل هُنَا فَكيف حَال هُنَا وَاخْتَارَهُ الشلوبين وَقَالَ أَبُو حَيَّان الصَّحِيح أَنَّهَا النَّاقِصَة وَأَنَّهَا تعْمل هُنَا فَكيف خَبَرهَا وَكَذَا (مَا) وَاخْتلف فِي تَقْدِير سِيبَوَيْهٍ مَعَ (مَا كنت) وَمَعَ (كَيفَ تكون) أذلك مَقْصُود لسيبويه أم لَا فَقَالَ السيرافي هُوَ غير مَقْصُود وَلَو عكس لأمكن ورد الْمبرد على سبيويه وَقَالَ يصلح فِي كل مِنْهُمَا الْمَاضِي والمستقبل وَتَابعه ابْن طَاهِر ورد ابْن ولاد على الْمبرد وَقَالَ إِنَّه لَا يجوز إِلَّا مَا قدره سِيبَوَيْهٍ لِأَن (مَا) دَخلهَا معنى التحقير وَالْإِنْكَار إِذْ يُقَال لمن أنكر عَلَيْهِ مُخَالطَة زيد أَو ملابسته مَا أَنْت وزيدا لَا لمن يَقع مِنْهُ ذَلِك وَلَا يُنكر إِلَّا مَا ثَبت وَاسْتقر دون مَا لم يَقع وَلَيْسَت لمُجَرّد الِاسْتِفْهَام وَأما كَيفَ فعلي بَابهَا من الِاسْتِفْهَام والمعني كَيفَ تكون إِذا وَقع كَذَا أَي على أَي حَال لكَون الِاسْتِفْهَام إِنَّمَا يكون عَن الْمُسْتَقْبل

الرَّابِع مَا يخْتَار فِيهِ النصب مَعَ جَوَاز الْعَطف وَذَلِكَ أَن يجْتَمع شُرُوط الْعَطف لَكِن يخَاف مِنْهُ فَوَات الْمَعِيَّة الْمَقْصُودَة نَحْو لَا تغتذ بالسمك وَاللَّبن وَلَا يُعْجِبك الْأكل والشبع أَي مَعَ اللَّبن وَمَعَ الشِّبَع لِأَن النصب يبين مُرَاد الْمُتَكَلّم والعطف لَا يُبينهُ وَكَذَا إِذا كَانَ فِيهِ تكلّف من جِهَة الْمَعْنى نَحْو: 878 - (فكونوا أنتمُ وبَنِي أَبيكُم ... مَكَان الكُلْيَتَيْن من الطِّحال) فَإِن الْعَطف وَإِن حسن من حَيْثُ اللَّفْظ لكنه يُؤَدِّي إِلَى تكلّف فِي المعني إِذْ يصير التَّقْدِير كونُوا أَنْتُم وليكونوا هم وَذَلِكَ خلاف الْمَقْصُود فَإِن لم يصلح الْفِعْل للتسلط على تالي الْوَاو امْتنع الْعَطف عِنْد الْجُمْهُور وَجَاز النصب على الْمَعِيَّة وعَلى إِضْمَار الْفِعْل الصَّالح نَحْو: {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم} [يُونُس: 71] لَا يجوز أَن يَجْعَل: {وشركاءكم} مَعْطُوفًا لِأَن (أجمع) لَا ينصب إِلَّا الْأَمر والكيد وَنَحْوهمَا فَأَما أَن يَجْعَل مَفْعُولا مَعَه أَو مَفْعُولا ب (أَجمعُوا) مُقَدرا وَمثله: {تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} [الْحَشْر: 9] فالإيمان مفعول مَعَه أَو مفعول ب (اعتقدوا) مُقَدرا فَإِن لم يحسن وَالْحَالة هَذِه (مَعَ) مَوضِع (الْوَاو) تعين الْإِضْمَار وَامْتنع الْمَفْعُول مَعَه أَيْضا كَقَوْلِه: 879 - (وَزَجّجْن الحواجبَ والْعُيونَا ... )

لِأَن (زججن) غير صَالح للْعَمَل فِي الْعُيُون وَمَوْضِع الْوَاو غير صَالح ل (مَعَ) فَيقدر (وكحلن) وَذهب جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عُبَيْدَة والأصمعي وَأَبُو مُحَمَّد اليزيدي والمازني والمبرد إِلَى جَوَاز الْعَطف على الأول بتضمين الْعَامِل معنى يتسلط بِهِ

على المتعاطفين وَاخْتَارَهُ الْجرْمِي وَقَالَ يجوز فِي الْعَطف مَا لَا يجوز فِي الْإِفْرَاد نَحْو أكلت خبْزًا ولبناً فَيضمن وزججن معنى حسن الْخَامِس مَا يجوز فِيهِ الْعَطف وَالْمَفْعُول مَعَه على السوَاء وَذَلِكَ إِذا أكد ضمير الرّفْع الْمُتَّصِل نَحْو مَا صنعت أَنْت وأباك وَنَحْو رَأسه والحائط أَي (خل) أَو (دع) وشأنك وَالْحج أَي عَلَيْك بمعني الزم وامرأ وَنَفسه أَي (دع) وَذَلِكَ مقيس فِي كل متعاطفين على إِضْمَار فعل لَا يظْهر فالمعية فِي ذَلِك والعطف جائزان وَالْفرق بَينهمَا من جِهَة المعني أَن الْمَعِيَّة يفهم مِنْهَا الْكَوْن فِي حِين وَاحِد دون الْعَطف لاحْتِمَاله مَعَ ذَلِك التَّقَدُّم والتأخر قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي تَمْثِيل سِيبَوَيْهٍ بِهَذِهِ الْأَمْثِلَة رد على من يعْتَقد أَن الْمَفْعُول مَعَه لَا يكون إِلَّا مَعَ الْفَاعِل (ص) ويطابق الأول خبر وَحَال بعده وأوجبه ابْن كيسَان (ش) إِذا وَقع بعد الْمَفْعُول مَعَه خبر لما قبله أَو حَال طابق مَا قبله نَحْو كَانَ زيد وعمرا مُتَّفقا وَجَاء الْبرد والطيالسة شَدِيدا وَيجوز عدم الْمُطَابقَة لما قبل بِأَن تثني نَحْو كَانَ زيد وعمرا متفقين وَجَاء الْبرد والطيالسة شديدين وَمنع ذَلِك ابْن كيسَان وَأوجب الْمُطَابقَة للْأولِ قَالَ أَبُو حَيَّان وإياه نَخْتَار لِأَن بَاب الْمَفْعُول مَعَه بَاب ضيق وَأكْثر النَّحْوِيين لَا يقيسونه فَلَا يَنْبَغِي أَن نقدم على إجَازَة شَيْء من مسَائِله إِلَّا بِسَمَاع من الْعَرَب

المستثنى

الْمُسْتَثْنى (ص) المستثني هُوَ الْمخْرج ب (إِلَّا) أَو إِحْدَى أخواتها بِشَرْط الإفادة فَإِن كَانَ بَعْضًا فمتصل وَإِلَّا فمنقطع يقدر ب (لَكِن) وَقَالَ الكوفية بسوى وَابْن يسعون (إِلَّا) فِيهِ مَعَ مَا بعْدهَا كَلَام مُسْتَأْنف وَلَا يَسْتَثْنِي بِفعل فَإِن حذف الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فَلهُ مَعَ (إِلَّا) مَا لَهُ مَعَ سُقُوطهَا وَلَا يكون بعد مصدر مُؤَكد قطعا وَلَا فِي غير نفي وَشبهه فِي الْأَصَح وَفِي لَازمه ك (لَوْلَا) وَلَو خلف وَجوز الزّجاج الْإِبْدَال فِي التحضيض وَقوم نصب مَا قَامَ إِلَّا زيدا وَإِن ذكر نصب ب (إِلَّا) أَو ب (مَا) قبلهَا أَو بِهِ بواسطتها أَو بِأَن مقدرَة بعْدهَا أَو بِأَن مُخَفّفَة من أَن ركبت إِلَّا مِنْهَا وَمن (لَا) أَو بِخِلَافِهِ للْأولِ أَو (بأستثني) أَقْوَال فَإِن كَانَ مُتَّصِلا مُؤَخرا منفيا أَو كمنفي اختير إتباعه بَدَلا وَقَالَ الكوفية عطفا وَلَا يشْتَرط إِفْرَاد الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَلَا عدم صلاحيته للْإِيجَاب وَلَا فِي نَصبه تَعْرِيف الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَلَا يخْتَار النصب فِي متراخ وَلَا مَرْدُود بِهِ مُتَضَمّن الِاسْتِثْنَاء خلافًا لزاعميها فَإِن توَسط بَين الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَصفته فَكَذَلِك وَقيل النصب رَاجِح وَقيل مسَاوٍ وَقيل وَاجِب وإتباع مُنْقَطع صَحَّ إغناؤه ومتصل مُتَقَدم وَمُوجب لُغَة وَهل الْمُتَقَدّم بدل أَو مبدل أَو يُقَاس خلف

وَلَا يتبع مجرور بزائد وَاسم لَا التبرئة على اللَّفْظ وَجوزهُ الكوفية فِي نكرَة لمجرور ب (من) والأخفش وَمَعْرِفَة وَإِن عَاد قبل صَالح للإتباع على مُبْتَدأ أَو مَنْسُوخ بِغَيْر زَالَ وأخواته ضمير خبر أَو وصف قَالَ أَبُو حَيَّان أَو حَال اتبع الْعَائِد جَوَازًا وَصَاحبه اخْتِيَارا وَكَذَا مُضَاف ومضاف إِلَيْهِ (ش) عبرت بالمستثني كَابْن مَالك فِي (التسهيل) خلاف تَعْبِير النُّحَاة سِيبَوَيْهٍ فَمن بعده بِالِاسْتِثْنَاءِ لِأَن الْبَاب للمنصوبات والمستثني أَحدهَا لَا الِاسْتِثْنَاء كَمَا ترْجم فِي بَقِيَّة الْأَبْوَاب بالمفعول وَالْحَال دون المفعولية والحالية قَالَ أَبُو حَيَّان أجري ابْن مَالك الْبَاب على مَا قبله من الْمَفْعُول مَعَه فَكَمَا بوب لما بعد وَاو (مَعَ) بالمعفول مَعَه كَذَلِك بوب لما بعد (إِلَّا) وَشبههَا بالمستثنى وَحده الْمخْرج بإلا أَو إِحْدَى أخواتها تَحْقِيقا أَو تَقْديرا من مَذْكُور أَو مَتْرُوك بِشَرْط الْفَائِدَة فالمخرج شَامِل لجَمِيع المخصصات وبإلا يخرج مَا عدا الْمُسْتَثْنى مِنْهَا وتحقيقا هُوَ الْمُتَّصِل فَإِن بعض الْمخْرج مِنْهُ نَحْو قَامَ إخوانك إِلَّا زيدا وتقديرا هُوَ الْمُنْقَطع نَحْو: {مَا لَهُم بِهِ من علم إِلَّا اتِّبَاع الظَّن} [النِّسَاء: 157] فَإِن الظَّن وَإِن لم يدْخل فِي الْعلم تَحْقِيقا لِأَنَّهُ لَيْسَ بعضه فَهُوَ فِي تَقْدِير الدَّاخِل فِيهِ إِذْ هُوَ مستحضر بِذكرِهِ لقِيَامه مقَامه فِي كثير من الْمَوَاضِع فَهُوَ حِين اسْتثْنى مخرج مِمَّا قبله تَقْديرا وَمن هَذَا الْقَبِيل: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} [الْحجر: 42] إِذا لحظ فِي الْإِضَافَة معنى الْإِخْلَاص: {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله إِلَّا من رحم} [هود: 43] {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف} [النِّسَاء: 22] لِأَن السَّابِق زَمَانه لَا يَصح دُخُوله وَمِثَال الْمَذْكُور مَا تقدم والمتروك مَا ضربت إِلَّا زيدا أَي أحدا وَقَوْلنَا بِشَرْط الْفَائِدَة لبَيَان أَن النكرَة لَا يسْتَثْنى مِنْهَا فِي الْمُوجب مَا لم تفد فَلَا يُقَال جَاءَ قوم إِلَّا رجلا وَلَا قَامَ رجال إِلَّا زيدا لعدم الْفَائِدَة فَإِن أَفَادَ جَازَ

نَحْو: {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين} [العنكبوت: 14] وَقَامَ رجال كَانُوا فِي دَارك إِلَّا رجلا والفائدة حَاصِلَة فِي النَّفْي للْعُمُوم نَحْو مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا رجلا أَو إِلَّا زيدا وَكَذَا لَا يسْتَثْنى من الْمعرفَة النكرَة الَّتِي لم تخصص نَحْو قَامَ الْقَوْم إِلَّا رجلا فَإِن تخصصت جَازَ نَحْو قَامَ الْقَوْم إِلَّا رجلا مِنْهُم ثمَّ الْمُنْقَطع يقدر عِنْد الْبَصرِيين ب (لَكِن) الْمُشَدّدَة لِأَنَّهُ فِي حكم جملَة مُنْفَصِلَة عَن الأولى فقولك مَا فِي الدَّار أحد إِلَّا حمارا فِي تَقْدِير لَكِن فِيهَا حمارا على أَنه اسْتِدْرَاك مُخَالف مَا بعد (لَكِن) فِيهِ مَا قبلهَا غير أَنهم اتسعوا فأجروا (إِلَّا) مجْرى (لَكِن) وَلما كَانَت لَا يَقع بعْدهَا إِلَّا الْمُفْرد بِخِلَاف (لَكِن) فَإِنَّهُ لَا يَقع بعْدهَا إِلَّا كَلَام تَامّ لقبوه بِالِاسْتِثْنَاءِ تَشْبِيها بهَا إِذا كَانَت اسْتثِْنَاء حَقِيقَة وَتَفْرِيقًا بَينهَا وَبَين لَكِن والكوفيون يقدرونه ب (سوى) وَقَالَ قوم مِنْهُم أَبُو الْحجَّاج وَابْن يسعون إِلَّا مَعَ الِاسْم الْوَاقِع بعْدهَا فِي الْمُنْقَطع يكون كلَاما متسأنفا وَقَالَ فِي نَحْو قَوْله: 880 - (وَمَا بالرَّبْعِ مِنْ أَحِدٍ إلاّ الأوارِيَّ ... )

(إِلَّا) فِيهِ بِمَعْنى لَكِن والأواري اسْم لَهَا مَنْصُوب بهَا وَالْخَبَر مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ لَكِن الأواري بِالربعِ وَحذف خبر إِلَّا كَمَا حذف خبر لَكِن فِي قَوْله: 881 - (ولكِنَّ زنْجيًّا عَظِيمَ المشَافِر ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يَسْتَوِي الْمُتَّصِل والمنقطع فِي الأدوات فَإِن الْأَفْعَال الَّتِي يَسْتَثْنِي بهَا لَا تقع فِي الْمُنْقَطع لَا تَقول مَا فِي الدَّار أحد خلا حمارا ثمَّ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ تَارَة يكون محذوفا وَتارَة يكون مَذْكُورا فَالْأول يجْرِي على حسب مَا يَقْتَضِيهِ الْعَامِل قبله من رفع أَو نصب أَو جر بحرفه لتفريغه لَهُ وَوُجُود (إِلَّا) كسقوطها نَحْو مَا قَامَ إِلَّا زيد وَمَا ضربت إِلَّا زيدا وَمَا مَرَرْت إِلَّا بزيد {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} [آل عمرَان: 144] وَمَا فِي الدَّار إِلَّا عَمْرو وَلَا يكون ذَلِك عِنْد أَكثر النُّحَاة إِلَّا فِي غير الْمُوجب وَهُوَ النَّفْي كَمَا مثل وَالنَّهْي والاستفهام نَحْو: {وَلَا تَقولُوا على الله إِلَّا الْحق} [النِّسَاء: 171] {لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ} [الْبَقَرَة: 83] {هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القَوْمُ الظَّالِمُونَ} [الْأَنْعَام: 47] وَجوز بَعضهم وُقُوعه فِي الْمُوجب أَيْضا نَحْو قَامَ إِلَّا زيد وَضربت إِلَّا زيدا ومررت إِلَّا بزيد وَالْجُمْهُور على مَنعه لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ الْكَذِب إِذْ تَقْدِيره ثُبُوت الْقيام وَالضَّرْب والمرور بِجَمِيعِ النَّاس إِلَّا زيدا وَهُوَ غير جَائِز بِخِلَاف النَّفْي فَإِنَّهُ جَائِز وَلَو كَانَ الْمُوجب لَازِما لَهُ نفي ك (لَو) و (لَوْلَا) فَذهب الْمبرد إِلَى جَوَاز التفريغ نَحْو لَوْلَا الْقَوْم إِلَّا زيدا لأكرمتك وَلَو كَانَ مَعنا إِلَّا زيد لأكرمتك وأباه غَيره لِأَن التفريغ يدْخل فِي الْجُمْلَة الثَّابِتَة وَأما الْجَواب الَّذِي هُوَ منفي فخارج عَمَّا دخلت فِيهِ إِلَّا وَأَجَازَ الزّجاج الْإِبْدَال فِي التحضيض إِجْرَاء لَهُ مجْرى النَّفْي نَحْو: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ} [يُونُس: 98]

والتفريغ يكون فِي كل المعمولات من فَاعل ومفعول بِهِ وَغَيره إِلَّا الْمصدر الْمُؤَكّد فَإِنَّهُ لَا يكون فِيهِ وَلذَلِك أولُوا قَوْله تَعَالَى: {إِن نظن إِلَّا ظنا} [الجاثية: 32] على حذف الْوَصْف أَي ظنا ضَعِيفا وَأَجَازَ الْكسَائي فِي نَحْو مَا قَامَ إِلَّا زيد مَعَ الرّفْع على الفاعلية النصب على الِاسْتِثْنَاء قَالَ ابو حَيَّان وَهُوَ مَبْنِيّ على مَا أجَازه من حذف الْفَاعِل وَجوز أَيْضا بِنَاء عَلَيْهِ الرّفْع على الْبَدَل من الْفَاعِل الْمَحْذُوف وَوَافَقَ الْكسَائي على إجَازَة النصب طَائِفَة وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 882 - (لم يبْق إِلَّا المَجْدَ والقَصائِدَا ... غَيْرَكََ يَا ابْن الأكرمين وَالِدَا) يرْوى بِنصب (الْمجد) و (غير) أَي لم يبْق أحد غَيْرك وَأجِيب ب أَن (غير) فَاعل مَرْفُوع والفتحة بِنَاء لِإِضَافَتِهِ إِلَى مَبْنِيّ وَالثَّانِي وَهُوَ الْمُسْتَثْنى من مَذْكُور ينصب على التَّفْصِيل الْآتِي وَفِي ناصبه أَقْوَال أَحدهَا أَنه (إِلَّا) وَصَححهُ ابْن مَالك وَعَزاهُ لسيبويه والمبرد وَاسْتدلَّ بِأَنَّهَا مُخْتَصَّة بِدُخُولِهَا على الِاسْم وَلَيْسَت كجزء مِنْهُ فَعمِلت فِيهِ ك (إِن) و (لَا) التبرئة الثَّانِي أَنه بِمَا قبل (إِلَّا) من فعل وَنَحْوه من غير أَن يعدى إِلَيْهِ بِوَاسِطَة إِلَّا وعزي لِابْنِ خروف لابتصاب (غير) بِهِ بِلَا وَاسِطَة إِذا وَقعت موقع إِلَّا الثَّالِث أَنه بِمَا قبل (إِلَّا) معدى إِلَيْهِ بواسطتها وَعَلِيهِ السيرافي وَابْن الباذش والفارسي وَابْن بابشاذ والرندي وَعَزاهُ الشلوبين للمحققين قِيَاسا على الْمَفْعُول مَعَه فَإِن ناصبه الْفِعْل بِوَاسِطَة الْوَاو وَنسبه ابْن عُصْفُور لسيبويه وَاخْتَارَهُ ابْن الضائع وَفرقُوا بَينه وَبَين (غير) بِأَن مَا بعد (إِلَّا) مشبه بالظرف الْمُخْتَص الَّذِي لَا يصل فِيهِ الْفِعْل إِلَّا بِوَاسِطَة حرف الْجَرّ و (غير)

لإبهامها كالظرف الْمُبْهم يصل إِلَيْهِ الْفِعْل بِنَفسِهِ وقدح فِيهِ بِأَنَّهُ قد لَا يكون قبل إِلَّا فعل نَحْو الْقَوْم إخْوَتك إِلَّا زيدا الرَّابِع أَنه ب (أَن) مقدرَة بعد (إِلَّا) وَعَلِيهِ الْكسَائي فِيمَا نَقله السيرافي قَالَ التَّقْدِير إِلَّا أَن زيدا لم يقم الْخَامِس أَنه ب (إِن) مُخَفّفَة ركبت (إِلَّا) مِنْهَا وَمن (لَا) وَعَلِيهِ الْفراء قَالَ وَلِهَذَا رفع من رفع تَغْلِيبًا لحكم لَا) وَمن نصب غلب حكم (إِن) السَّادِس أَنه انتصب لمُخَالفَة الأول لِأَن الْمُسْتَثْنى مُوجب لَهُ الْقيام بعد نَفْيه عَن الأول أَو عَكسه وَعَلِيهِ الْكسَائي فِيمَا نَقله ابْن عُصْفُور السَّابِع أَنه ب (أستنثى) مضمرا وَعَلِيهِ الْمبرد والزجاج فِيمَا نَقله السيرافي وَلم يتَرَجَّح عِنْدِي قَول مِنْهَا فَلِذَا أرْسلت الْخلاف وأقواها الثَّلَاثَة الأول والأخير وَسَوَاء فِي نصب المستنثنى من الْمَذْكُور الْمُتَّصِل والمنقطع الْمُوجب وَغَيره نَحْو قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا وَجَاء الْقَوْم إِلَّا حمارا وَمَا قَامَ أحد إِلَّا زيدا وَمَا فِي الدَّار أحد إِلَّا حمارا لَكِن يخْتَار الإتباع فِي الْمُتَّصِل الْمُؤخر الْمَنْفِيّ وَشبهه نَحْو مَا قَامَ أحد إِلَّا زيد وَمَا ضربت أحدا إِلَّا زيدا وَمَا مَرَرْت بِأحد إِلَّا زيد وَقَالَ تَعَالَى {وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله} [آل عمرَان: 135] {وَمن يقنط من رَحْمَة ربه إِلَّا الضالون} [الْحجر: 56] {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُم} [النِّسَاء: 66] وَهُوَ بدل عِنْد الْبَصرِيين بدل بعض من كل لِأَنَّهُ على نِيَّة تكْرَار الْعَامِل وَعطف عِنْد الْكُوفِيّين و (إِلَّا) عِنْدهم حرف عطف لِأَنَّهُ مُخَالف للْأولِ والمخالفة لَا تكون فِي الْبَدَل وَتَكون فِي الْعَطف ب (بل) و (لَا) و (لَكِن) وَأجِيب بِأَن الْمُخَالفَة وَاقعَة فِي بدل الْبَعْض لِأَن الثَّانِي فِيهِ مُخَالف للْأولِ فِي الْمَعْنى وَقد قَالُوا مَرَرْت بِرَجُل لَا زيد وَلَا عَمْرو وَهُوَ بدل وَلَا عطف لِأَن من شَرط (لَا) العاطفة أَلا تكَرر وَقَالَ ابْن الضائع لَو قيل إِن الْبَدَل فِي الِاسْتِثْنَاء قسم على حِدته لَيْسَ من تِلْكَ الأبدال الَّتِي عينت فِي بَاب الْبَدَل لَكَانَ وَجها وَهُوَ الْحق وَحَقِيقَة الْبَدَل هُنَا أَنه يَقع موقع الأول ويبدل مَكَانَهُ انْتهى

وَزعم بعض النَّحْوِيين أَن الإتباع يخْتَص بِمَا يكون بِهِ الْمُسْتَثْنى مِنْهُ مُفردا وَقد رد عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ بقوله تَعَالَى {وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم} [النُّور: 6] (فشهداء) جمع وَقد أبدل مِنْهُ وَشرط بعض القدماء للإتباع عدم صَلَاحِية الْمُسْتَثْنى مِنْهُ للْإِيجَاب كَأحد وَنَحْوه ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُم} [النِّسَاء: 66] وَشرط الْفراء لجَوَاز النصب فِيمَا اختير فِيهِ الإتباع أَن يكون الْمُسْتَثْنى مِنْهُ معرفَة ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ} [هود: 81] فِيمَن نصب وَحكى سِيبَوَيْهٍ مَا مَرَرْت بِأحد إِلَّا زيدا وَمَا أَتَانِي أحد إِلَّا زيدا وَاخْتَارَ ابْن مَالك النصب فِي المتراخي نَحْو مَا ثَبت أحد فِي الْحَرْب ثباتا نفع النَّاس إِلَى زيدا وَلَا تنزل عَليّ أحد من بني تَمِيم إِن وافينهم إِلَّا قيسا قَالَ لِأَنَّهُ قد ضعف التشاكل بِالْبَدَلِ لطول الْفَصْل بَين الْبَدَل والمبدل مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا وَالَّذِي ذكره لم يذكرهُ أَصْحَابنَا وَاخْتَارَ ابْن مَالك أَيْضا النصب فيمارد بِهِ كَلَام تضمني الِاسْتِثْنَاء كَقَوْل الْقَائِل قَامُوا إِلَّا زيدا وَأَنت تعلم أَن الْأَمر بِخِلَافِهِ فَتَقول مَا قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا فتنصب وَلَا ترفع لِأَنَّهُ غير مُسْتَقل وَالْبدل فِي حكم الِاسْتِقْلَال قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا أَيْضا لم يذكرهُ أَصْحَابنَا إِلَّا أَن ابْن عُصْفُور حكى نَحوه عَن ابْن السراج ورده وَإِذا أتبع الْمَجْرُور ب (من) أَو الْبَاء الزائدتين أَو اسْم (لَا) الجنسية تعين اعْتِبَار الْمحل نَحْو مَا فِي الدَّار من أحد إِلَّا زيد وَمَا من إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد وَلَيْسَ زيد بِشَيْء إِلَّا شَيْئا لَا يعبأ بِهِ وَلَا إِلَه إِلَّا الله

وَإِنَّمَا لم يجز الإتباع على اللَّفْظ لِأَنَّهَا لَا تعْمل فِي الْمعرفَة سوي الْبَاء وَلَا فِي الْمُوجب وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ فِي مجرور (من) إِذا كَانَ الْمُسْتَثْنى نكرَة وَأَجَازَ الْأَخْفَش وَلَو كَانَ معرفَة بِنَاء على رَأْيه من جَوَاز زِيَادَة (من) فِي الْمعرفَة والموجب وَأنْشد عَلَيْهِ قَوْله: 883 - (وَمَا بالرّبْع مِن أحد ... إلاّ الأواريِّ ... ...) بالخفض وَعلم من الْقُيُود أَن الْمُتَّصِل والمنقطع الْمُقدم والمؤخر الْمُوجب لَا يخْتَار فِيهِ الإتباع بل يجب النصب فِي الثَّلَاثَة فِي اللُّغَة الشهيرة نَحْو {مَا لَهُم بِهِ من علم إِلَّا اتِّبَاع الظَّن} [النِّسَاء: 157] 884 - (وَمَا لِيَ إلاّ آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ ... )

{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم} [الْبَقَرَة: 249] وَفِي لُغَة تَمِيم يتبع الْمُنْقَطع بِشَرْط صِحَة إغنائه عَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ نَحْو مَا فِي الدَّار أحد إِلَّا زيد قَالَ: 885 - (وبلدة لَيْسَ بهَا أَنيسُ ... إلاّ اليعافيرُ وإلاّ العيسُ)

وَقد شبه سِيبَوَيْهٍ نصب الْمُقدم بنعت النكرَة إِذا تقدم عَلَيْهَا فَإِنَّهُ ينْتَصب على الْحَال بعد إتباعه فَإِن لم يَصح إغناؤه نَحْو مَا زَاد إِلَّا مَا نقص وَمَا نفع إِلَّا مَا ضرّ تعين نَصبه عِنْد جَمِيع الْعَرَب وَكَذَا إِن تقدم نَحْو مَا فِي الدَّار إِلَّا حمارا أحد وَفِي لُغَة يتبع الْمُقدم حكى سِيبَوَيْهٍ (مَا لي إِلَّا أَبوك أحد) قَالَ سِيبَوَيْهٍ فيجعلون (أحد) بَدَلا وَأَبُوك مبدلا مِنْهُ وَوَجهه الأبذي بِأَن الْبَدَل لَا يُمكن تَقْدِيمه وَقيل هُوَ بدل وَهُوَ فِي نِيَّة التَّأْخِير وَقَالَ ابْن الصَّائِغ (أحد بدل من (إِلَّا) مَعَ الِاسْم مجموعين وَهُوَ شَبيه بِبَدَل الشَّيْء من الشَّيْء لِأَن (مَا قَامَ إِلَّا أَبوك) فِي قُوَّة مَا قَامَ غير أَبِيك أحد فَيصح إِطْلَاقه عَلَيْهِ)

قَالَ ابْن عُصْفُور وَلَا يُقَاس على هَذِه اللُّغَة وَقد قاسه الْكُوفِيُّونَ والبغداديون وَابْن مَالك وَمن الْوَارِد مِنْهُ قَوْله: 886 - (إذَا لَمْ يَكُنْ إلاّ النّبيُّون شافِعُ ... ) وَقَوله: 887 - (فَلم يَبْقَ إلاَّ واحدٌ منهُمُ شفْرُ ... ) أما الْمُتَوَسّط بَين الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَصفته نَحْو مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيدا خير مِنْك وَمَا قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا الْعُقَلَاء وَمَا مَرَرْت بِأحد إِلَّا زيد خير مِنْك فَيجوز فِيهِ الإتباع بَدَلا وَالنّصب على الِاسْتِثْنَاء كالمتأخر والإتباع فِيهِ هُوَ الْمُخْتَار أَيْضا مثله للمشاكلة هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَاخْتلف النَّقْل عَن الْمَازِني فَالْمَشْهُور عَنهُ مُوَافقَة سِيبَوَيْهٍ وَنقل ابْن عُصْفُور عَنهُ أَنه يخْتَار النصب وَلَا يُوجِبهُ لِأَن الْمُبدل مِنْهُ منوي الطرح فَلَا يَنْبَغِي أَن يُوصف بعد ذَلِك وَنقل عَنهُ أَيْضا أَنه يُوجب النصب وَيمْنَع الْإِبْدَال فَحصل عَنهُ ثَلَاثَة أَقْوَال قَالَ أَبُو حَيَّان وَالنّصب حِينَئِذٍ أَجود من النصب مُتَأَخِّرًا وَنقل ابْن مَالك فِي (شرح الكافية) عَن الْمبرد اخْتِيَار النصب ثمَّ قَالَ وَعِنْدِي أَن النصب وَالْبدل مستويان لِأَن لكل وَاحِد مِنْهُمَا مرجحا فتكافئا وَفِي لُغَة يتبع الْمُؤخر الْمُوجب وَخرج عَلَيْهَا قِرَاءَة {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيل} [الْبَقَرَة: 249] فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيل

وَإِذا عَاد على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ الْعَامِل فِيهِ الِابْتِدَاء أَو أحد نواسخه ضمير قبل الْمُسْتَثْنى الصَّالح للإتباع أتبع الضَّمِير الْعَائِد جَوَازًا وَصَاحبه اخْتِيَار نَحْو مَا أحد يَقُول ذَلِك إِلَّا زيد وَمَا كَانَ أحد يجترئ عَلَيْك إِلَّا زيد وَمَا حسبت أحدا يَقُول ذَاك إِلَّا زيد فَيجوز فِي هَذِه الْأَمْثِلَة أَن يَجْعَل (زيد) تَابعا للمبتدأ أَو لاسم (كَانَ) أَو للْمَفْعُول الأول فَيكون بَدَلا مِنْهُ وَهُوَ الْمُخْتَار لِأَن المسوغ للإتباع هُوَ النَّفْي وَهُوَ أقرب إِلَى الظَّاهِر مِنْهُ إِلَى الضَّمِير وَيجوز أَن يَجْعَل تَابعا للمضمر فَيكون بَدَلا مِنْهُ لِأَن النَّفْي مُتَوَجّه عَلَيْهِ من جِهَة الْمَعْنى وَسَوَاء كَانَ الْعَائِد من الْخَبَر كَمَا تقدم أَو من الْوَصْف نَحْو مَا فيهم أحد اتَّخذت عِنْده يدا إِلَّا زيد وَمَا كَانَ فيهم أحد يَقُول ذَاك إِلَّا زيد قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْقِيَاس يَقْتَضِي إِجْرَاء الْحَال مجْرى الصّفة فِي ذَلِك نَحْو مَا إخْوَتك فِي الْبَيْت عاتبين عَلَيْك إِلَّا زيد فَيجوز إتباع زيد لإخوتك أَو للمضمر المستكن فِي (عاتبين) لِأَن الْحَال يتَوَجَّه عَلَيْهَا النَّفْي فِي الْمَعْنى وَسَوَاء فِي الْمَسْأَلَة الْمُتَّصِل أَو الْمُنْقَطع نَحْو مَا أحد يُقيم بدارهم إِلَّا الْوَحْش قَالَ: 888 - (فِي لَيْلَة لَا نَرَى بهَا أحَداً ... يَحكى علينا إلاَّ كواكُبها) فكواكبها بِالرَّفْع بدل من ضمير (يَحْكِي) وَهُوَ مُنْقَطع إِلَّا أَن أحدا وضميره خَاص بالعاقل فَلَو كَانَ الْعَائِد بعد الْمُسْتَثْنى نَحْو مَا أحد زيدا يَقُول ذَاك أَو الْمُسْتَثْنى غير صَالح للإتباع نَحْو مَا أحد ينفع إِلَّا الضّر وَلَا مَال يزِيد إِلَّا النَّقْص تعين النصب وَامْتنع الإتباع الْبَتَّةَ

منع تقديم المستثنى أول الكلام

وَلَو كَانَ الْعَامِل غير مَا ذكر نَحْو مَا شكر رجل أكرمته إِلَّا زيد وَمَا مَرَرْت بِأحد أعرفهُ إِلَّا عَمْرو تعين إتباع الظَّاهِر وَامْتنع إتباع الضَّمِير إِذْ لَا تَأْثِير للنَّفْي فِي أكرمت وَأعرف وَكَذَا مَا زَالَ وَإِخْوَته من النواسخ نَحْو مَا زَالَ وَافد من بني تَمِيم يسترفدنا إِلَّا زيد لَا يجوز فِيهِ إِلَّا إتباع الظَّاهِر لِأَنَّهُ نفي مَعْنَاهُ الْإِيجَاب قَالَ أَبُو حَيَّان وَهل تخْتَص الْمَسْأَلَة بِالِاسْتِثْنَاءِ بإلا لم يمثل النحويون إِلَّا بهَا وَالظَّاهِر أَن (غير) كَذَلِك نَحْو مَا ظَنَنْت أحدا يَقُول ذَاك غير زيد بِالنّصب تبعا لأحد وَالرَّفْع تبعا للضمير قَالَ ابْن مَالك وَفِي حكم الظَّاهِر والمضمر من إتباع أَيهمَا شِئْت الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ نَحْو مَا جَاءَ أَخُو أحد إِلَّا زيد إِن شِئْت أتبعت الْمُضَاف فَترفع أَو الْمُضَاف إِلَيْهِ فتجر منع تَقْدِيم الْمُسْتَثْنى أول الْكَلَام (ص) وَلَا يقدم أول الْكَلَام وَجوزهُ الكوفية والزجاج وَلَا بعد حرف نفي خلافًا للأبذي وَقدمه الْكسَائي عَلَيْهِ وَالْفراء إِلَّا مَعَ الْمَرْفُوع وَهِشَام مَعَ الدَّائِم وَفِي تَقْدِيمه على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وعامله متوسط كَلَام ثَالِثهَا يجوز إِن كَانَ الْعَامِل متصرفا (ش) الْجُمْهُور على منع تَقْدِيم المستثني أَو الْكَلَام مُوجبا كَانَ أَو منفيا فَلَا يُقَال إِلَّا زيدا قَامَ الْقَوْم وَلَا إِلَّا زيدا مَا أكل أحد طَعَاما وَلَا مَا إِلَّا زيدا قَامَ الْقَوْم لِأَنَّهُ لم يسمع من كَلَامهم وَلِأَن إِلَّا مشبهة ب (لَا) العاطفة وواو (مَعَ) وهما لَا يتقدمان وَجوز الكوفية والزجاج تَقْدِيمه وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 889 - (خلا اللهَ لَا أَرْجُو سِوَاك وإنّما ... أَعُدُّ عِيالي شُعْبةً من عِيالِكَا)

وَقَوله: 890 - (وبلدةٍ لَيْسَ بهَا طُوريُّ ... وَلَا خلا الجنَّ بهَا إنْسِيُّ) ورد فِي (خلا) وَهِي فرع إِلَّا فَالْأَصْل أولى بذلك وَجوزهُ الأبذي فِي الْمَنْفِيّ بعد سبق حرف النَّفْي كَقَوْلِه وَلَا خلا الْجِنّ قَالَ لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم على الْكَلَام بجملته لسبق (لَا) النافية وَجوز الْكسَائي تَقْدِيمه على حرف النَّفْي أَيْضا وَأَجَازَهُ الْفراء إِلَّا مَعَ الْمَرْفُوع وَمنعه هِشَام إِلَّا مَعَ الدَّائِم أما تَقْدِيمه على الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَعلي الْعَامِل فِيهِ إِذا لم يتَقَدَّم وتوسط بَين جزأي كَلَام فَفِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا سَوَاء كَانَ الْعَامِل متصرفا أم غير متصرف فَلَا يُقَال الْقَوْم إِلَّا زيدا قَامُوا وَلَا الْقَوْم إِلَّا زيدا قائمون وَلَا الْقَوْم إِلَّا زيدا فِي الدَّار تَشْبِيها بالمفعول مَعَه قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مَذْهَب من يرى أَن الْعَامِل فِي الْمُسْتَثْنى مَا تقدم من فعل وَشبهه وَالثَّانِي الْجَوَاز الْمُطلق وَصَححهُ بعض المغاربة لوروده قَالَ: 891 - (أَلا كل شَيْء مَا خلا اللهَ باطِلُ ... ) فالاستثناء من ضمير (بَاطِل) و (بَاطِل) عَامل فِي ذَلِك الضَّمِير وَقَالَ: 892 - (كلُّ دِين يَوْمَ الْقِيَامَة عِنْد الله ... إِلَّا دينَ الحَنِيفَةِ بُورُ)

عدم جواز استثناء شيئين بأداة واحدة

وَالثَّالِث الْجَوَاز مَعَ الْمُتَصَرف وَالْمَنْع فِي غَيره وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَصَححهُ أَبُو حَيَّان لِأَن السماع إِنَّمَا ورد بالتقديم فِي الْمُتَصَرف فَيقْتَصر عَلَيْهِ وَلَا يقدم على غَيره إِلَّا بثبت من الْعَرَب عدم جَوَاز اسْتثِْنَاء شَيْئَيْنِ بأداة وَاحِدَة (ص) مَسْأَلَة لَا يسْتَثْنى بأداة شَيْئَانِ دون عطف على الْأَصَح وَقيل قطعا وَالْخلاف فِي موهمه فَقيل لحن وَقيل صَحِيح على أَنَّهُمَا بدل ومعمول مُضْمر وَقيل بدلان (ش) لَا يَسْتَثْنِي بأداة وَاحِدَة دون عطف شَيْئَانِ فَلَا يُقَال أَعْطَيْت النَّاس إِلَّا عمرا الدَّنَانِير وَلَا مَا أَعْطَيْت أحدا درهما إِلَّا عمرا دانقا تَشْبِيها بواو (مَعَ) وحرف الْجَرّ فَإِنَّهُمَا لَا يصلان إِلَّا إِلَى مَعْمُول وَاحِد وَأَجَازَهُ قوم تَشْبِيها بواو الْعَطف حَيْثُ يُقَال ضرب زيد عمرا وَبشر خَالِدا وَقيل لم يقل أحد بِجَوَازِهِ وَإِنَّمَا الْخلاف فِي صِحَة التَّرْكِيب فقوم قَالُوا بفساده وَإنَّهُ لحن وَقوم قَالُوا إِنَّه صَحِيح لَا على الِاسْتِثْنَاء بل على أَن الأول بدل وَالثَّانِي مَنْصُوب بِفعل مُضْمر من لفظ الْفِعْل الظَّاهِر وَالتَّقْدِير إِلَّا عمرا أَعْطيته الدَّنَانِير وأعطيته دانقا وَأخذ درهما وَضرب بَعْضًا وَقيل كِلَاهُمَا بدلان من الاسمين السَّابِقين قبل إِلَّا فيبدل من الْمَرْفُوع مَرْفُوع وَمن الْمَنْصُوب مَنْصُوب وَعَلِيهِ ابْن السراج وَقد ورد إِبْدَال اسْمَيْنِ فِي الْمُوجب فِي قَوْله: 893 - (فَلَمَّا قَرَعْنا النّبْعَ بالنَّبْع بَعْضَهُ ... ببَعْض ... ... ... ... . .) أما تعدد المستثني مَعَ الْعَطف نَحْو قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا وعمرا فَجَائِز اتِّفَاقًا

المستثنى الوارد بعد جمل متعاطفة

الْمُسْتَثْنى الْوَارِد بعد جمل متعاطفة (ص) والوارد بعد جمل متعاطفة للْكُلّ وَلَو اخْتلف الْعَامِل فِي الْأَصَح وَقيل إِن سبق لغَرَض وَقيل إِن عطف بِالْوَاو وَبعد مفردين يَصح لكل للثَّانِي فَإِن تقدم فللأول فَإِن كَانَ أَحدهمَا مَرْفُوعا وَلَو معنى فَلهُ مُطلقًا (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان هَذِه الْمَسْأَلَة قل من تعرض لَهَا من النُّحَاة وَلم أر من تكلم عَلَيْهَا مِنْهُم سوى ابْن مَالك فِي (التسهيل) وإليها نَادَى فِي (شرح اللمع) قلت وَالْأَمر كَمَا قَالَ فَإِن المسالة بِعلم الْأُصُول أليق وَقد ذكرهَا أَبُو حَيَّان نَفسه فِي (الارتشاف) فَأَحْبَبْت إِلَّا أخلي كتابي مِنْهَا فَنَقُول إِذا ورد الِاسْتِثْنَاء بعد جمل عطف بَعْضهَا على بعض فَهَل يعود للْكُلّ فِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا وَهُوَ الْأَصَح نعم وَعَلِيهِ ابْن مَالك إِلَّا أَن يقوم دَلِيل على إِرَادَة الْبَعْض قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} [النُّور: 6] الْآيَة فَقَوله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} عَائِد إِلَى فسقهم وَعدم قبُول شَهَادَتهم مَعًا إِلَّا فِي الْجلد لما قَامَ عَلَيْهِ من الدَّلِيل وَسَوَاء اخْتلف الْعَامِل فِي الْجمل أم لَا بِنَاء على أَن الْعَامِل فِي الْمُسْتَثْنى إِنَّمَا هُوَ إِلَّا لَا الْأَفْعَال السَّابِقَة الثَّانِي أَنه يعود للْكُلّ إِن سيق الْكل لغَرَض وَاحِد نَحْو حبست دَاري على أعمامي ووقفت بستاني على أخوالي وسلبت سقايتي لجيراني إِلَّا أَن يسافروا وَإِلَّا فللأخيرة فَقَط نَحْو (أكْرم الْعلمَاء وأحبس دِيَارك على أقاربك وَأعْتق عبيدك إِلَّا الفسقة مِنْهُم) الثَّالِث إِن عطف بِالْوَاو عَاد للْكُلّ أَو بِالْفَاءِ أَو ثمَّ عَاد للأخيرة فَقَط وَعَلِيهِ ابْن الْحَاجِب الرَّابِع أَنه خَاص بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان الْخَامِس إِن اتَّحد الْعَامِل فللكل أَو اخْتلف ف للأخيرة خَاصَّة إِذْ لَا يُمكن عمل العوامل الْمُخْتَلفَة فِي مستثني وَاحِد وَعَلِيهِ البهاباذي بِنَاء على أَن عَامل الْمُسْتَثْنى الْأَفْعَال السَّابِقَة دون إِلَّا وَأما الْوَاو بعد مفردين وَهُوَ بِحَيْثُ يَصح لكل مِنْهُمَا فَإِنَّهُ للثَّانِي فَقَط كَذَا جزم بِهِ ابْن مَالك نَحْو غلب مائَة مُؤمن مِائَتي كَافِر إِلَّا اثْنَيْنِ

تكرار إلا

فَإِن تقدم الِاسْتِثْنَاء على أَحدهمَا تعين للْأولِ نَحْو {قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه} [المزمل: 2 - 3] ف (إِلَّا قَلِيلا) صَالح لكَونه من (اللَّيْل) وَمن (نصفه) لكنه تقدم على (نصفه) فاختص بِاللَّيْلِ لِأَن الأَصْل فِي الِاسْتِثْنَاء التَّأْخِير وَكَذَا لَو تقدم عَلَيْهِمَا مَعًا فَإِنَّهُ يكون للْأولِ نَحْو استبدلت إِلَّا زيدا من أَصْحَابنَا بأصحابكم فإلا زيدا مستثني من قَوْله (من أَصْحَابنَا) لَا من قَوْله (بأصحابكم) هَذَا إِن لم يكن أَحدهمَا مَرْفُوعا لفظا أَو معني فَإِن كَانَ اخْتصَّ بِهِ مُطلقًا أَولا كَانَ أَو ثَانِيًا نَحْو ضرب إِلَّا زيدا أَصْحَابنَا أصحابكم وملكت إِلَّا الأصاغر عبيدنا أبناءنا وَضرب إِلَّا زيدا أصحابكم أَصْحَابنَا وملكت إِلَّا الأصاغر أبناءنا عبيدنا فالأبناء فِي المثالين فَاعل من حَيْثُ الْمَعْنى لأَنهم المالكون فَإِن لم يَصح كَونه لكل مِنْهُمَا بل لأَحَدهمَا فَقَط تعين لَهُ نَحْو طلق نِسَاءَهُمْ الزيدون إِلَّا الحسينات وأصبى الزيدين نِسَاؤُهُم إِلَّا ذَوي النهى واستبدلت إِلَّا زيدا من إمائنا بعبيدنا تكْرَار إِلَّا (ص) وتكرر إِلَّا توكيدا فيبدل غير الأول مِنْهُ إِن كَانَ مغنيا عَنهُ وَإِلَّا عطف بِالْوَاو وَجوز الصَّيْمَرِيّ طرحها وَلغيره فَإِن أمكن اسْتثِْنَاء بعض من بعض فَكل لما يَلِيهِ وَقيل للْأولِ وَقيل الثَّانِي مُنْقَطع أَولا فَإِن فرغ الْعَامِل شغل بأحدها وَنصب غَيره وَإِلَّا نصب الْكل إِن تقدّمت اسْتثِْنَاء وَقَالَ ابْن السَّيِّد يجوز حَالا واستثناء الأول وحالية الْبَاقِي وَعَكسه وَغير وَاحِد إِن تَأَخَّرت وَله مَا لَهُ مُفردا وَجوز الأبذي نصب الْكل اسْتثِْنَاء ورفعها وأحدها نعتا أَو بَدَلا أَيْضا فِي النَّفْي وَحكمهَا معنى كَالْأولِ

(ش) إِذا كررت (إِلَّا) فلهَا حالان الأول أَن تكون للتَّأْكِيد فتعجل كَأَنَّهَا زَائِدَة لم تذكر وَيكون مَا بعد الثَّانِيَة بَدَلا مِمَّا بعد الأولى نَحْو قَامَ الْقَوْم إِلَّا مُحَمَّدًا إِلَّا أَبَا بكر وَهِي كنيته وَشرط هَذَا التّكْرَار أَن يكون الثَّانِي يُغني عَن الأول كَمَا أَن أَبَا بكر يُغني عَن ذكر مُحَمَّد فَإِن لم يكن يُغني عَنهُ عطف بِالْوَاو لمباينته للْأولِ نَحْو قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا وَإِلَّا جعفرا وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله: 894 - (مَا لَكَ مِنْ شَيْخك إلاّ عَمَلُهْ ... إلاّ رَسِيمُهُ وإلاّ رَمَلُهْ) والرسيم والرمل ضَرْبَان من الْعَدو والرمل لَا يُغني عَن قَوْله إِلَّا رسيمة فعطف بِالْوَاو وهما يغنيان عَن قَوْله إِلَّا عمله فَلم يعْطف إِلَّا رسيمه الْحَال الثَّانِي أَن تكَرر لغير تَأْكِيد فَإِن أمكن اسْتثِْنَاء بَعْضهَا من بعض فَفِيهِ مَذَاهِب أَحدهَا وَعَلِيهِ البصريون وَالْكسَائِيّ أَن الْأَخير يَسْتَثْنِي من الَّذِي قبله وَالَّذِي قبله بمستثني من الَّذِي قبله إِلَى أَن يَنْتَهِي إِلَى الأول نَحْو لَهُ على عشرَة إِلَّا تِسْعَة ثَمَانِيَة إِلَّا سَبْعَة فإلا سَبْعَة مُسْتَثْنى من ثَمَانِيَة يبْقى وَاحِد يَسْتَثْنِي من تِسْعَة وَهِي من عشرَة فيضم الأشفاع دَاخِلَة والأوتار خَارِجَة فالمقر بِهِ اثْنَان الثَّانِي أَنَّهَا كلهَا رَاجِعَة إِلَى الْمُسْتَثْنى مِنْهُ الأول فَإِذا قَالَ لَهُ على مائَة إِلَّا عشرَة إِلَّا اثْنَيْنِ فالمقر بِهِ ثَمَانِيَة وَثَمَانُونَ وعَلى الأول الْمقر بِهِ اثْنَان وَتسْعُونَ الثَّالِث أَن الِاسْتِثْنَاء الثَّانِي مُنْقَطع وَالْمقر بِهِ على هَذَا اثْنَان وَتسْعُونَ أَيْضا وَعَلِيهِ الْفراء وَالْمعْنَى عَلَيْهِ لَهُ عِنْدِي مائَة إِلَّا عشرَة سوى الِاثْنَيْنِ الَّتِي لَهُ عِنْدِي وَإِن لم يكن اسْتثِْنَاء بَعْضهَا من بعض فَإِن كَانَ الْعَامِل مفرغا شغل بِوَاحِد مِنْهَا أيا كَانَ مُتَقَدما أَو مُتَأَخِّرًا أَو متوسطا وَنصب مَا سواهُ نَحْو مَا قَامَ إِلَّا زيد إِلَّا عمرا إِلَّا بكرا وَلَك أَن ترفع بدل زيد عمرا أَو بكرا لَكِن الأول أولى وَإِن لم يكن مفرعا فَإِن تقدّمت نصبت الْجَمِيع على الِاسْتِثْنَاء نَحْو مَا قَامَ إِلَّا زيدا إِلَّا عمرا إِلَّا خَالِدا أحد

الاستثناء من العدد

وَزعم ابْن السَّيِّد أَنه يجوز فِي ذَلِك أَرْبَعَة أوجه النصب على الِاسْتِثْنَاء كَمَا نَص عَلَيْهِ النحويون وَالنّصب على الْحَال قَالَ لِأَنَّهَا لَو تَأَخَّرت لجَاز كَونهَا صِفَات لِأَن إِلَّا يُوصف بهَا فَإِذا تقدّمت انتصبت على الْحَال وَجعل الأول حَالا وَالثَّانِي اسْتثِْنَاء وَعَكسه ورد بِأَن (إِلَّا) غير متمكنة فِي الْوَصْف بهَا فَلَا تكون صفة إِلَّا وَهِي تَابِعَة فِي اللَّفْظ وَلَا يجوز تَقْدِيمهَا أصلا وَإِن تَأَخَّرت فلأحدها مَا لَهُ مُفردا وللباقي النصب نَحْو قَامَ الْقَوْم إِلَّا زيدا إِلَّا عمرا إِلَّا بكرا وَمَا جَاءَ أحد إِلَّا زيدا إِلَّا عمرا إِلَّا بكرا وَجوز الأبذي فِي الْإِيجَاب نصب الْجَمِيع على الِاسْتِثْنَاء كَمَا قَالَه النحويون وَرفع الْجَمِيع على الصّفة وَرفع أَحدهَا على الصّفة وَنصب الْبَاقِي على الِاسْتِثْنَاء كَمَا قَالَ ابْن السَّيِّد فِيمَا تقدم إِن إِلَّا صفة فِي المكرر وَجوز فِي النَّفْي نصب الْجَمِيع على الِاسْتِثْنَاء وَرفع الْجَمِيع على الْبَدَل أَو النَّعْت وَرفع أَحدهمَا على الْوَجْهَيْنِ وَنصب الْبَاقِي على الِاسْتِثْنَاء وَحكم مَا بعد الأول من هَذَا النَّوْع حكم الأول من دُخُوله فِي غير الْمُوجب وَخُرُوجه من الْمُوجب الِاسْتِثْنَاء من الْعدَد (ص) وَيجوز اسْتثِْنَاء الْمسَاوِي خلافًا لقوم وَالْأَكْثَر وفَاقا لأبي عُبَيْدَة والسيرافي والكوفية وَعَلِيهِ (كلكُمْ جَائِع إِلَّا من أطعمته) إِلَّا الْمُسْتَغْرق خلافًا للفراء وَفِي الْعدَد ثَالِثهَا لَا يجوز عقد صَحِيح وَهُوَ من الْإِثْبَات نفي وَعَكسه خلافًا للكسائي ومباحث الِاسْتِثْنَاء من صناعَة الْأُصُولِيِّينَ (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان اتّفق النحويون على أَنه لَا يجوز أَن يكون المستثني مُسْتَغْرقا للمستثنى مِنْهُ وَلَا كَونه أَكثر مِنْهُ إِلَّا أَن ابْن مَالك نقل عَن الْفراء جَوَاز لَهُ على ألف إِلَّا أَلفَيْنِ

وَاخْتلفُوا فِي غير الْمُسْتَغْرق فَأكْثر النَّحْوِيين أَنه لَا يجوز كَون الْمُسْتَثْنى قدر الْمُسْتَثْنى مِنْهُ أَو أَكثر بل يكون أقل من النّصْف وَهُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور والأبذي وَأكْثر الْكُوفِيّين أَجَازُوا ذَلِك وَهُوَ مَذْهَب أبي عُبَيْدَة والسيرافي وَاخْتَارَهُ ابْن خروف والشلوبين وَابْن مَالك وَذهب بعض الْبَصرِيين وَبَعض الْكُوفِيّين إِلَى أَنه يجوز أَن يكون الْمخْرج النّصْف فَمَا دونه وَلَا يجوز أَن يكون أَكثر من ذَلِك وَيدل لجَوَاز الْأَكْثَر قَوْله تَعَالَى: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} [الْحجر: 42] والغاوون أَكثر من الرَّاشِدين {وَمن يرغب عَن مِلَّة إِبْرَاهِيم إِلَّا من سفه نَفسه} [الْبَقَرَة: 130] وَحَدِيث مُسلم: (يَا عبَادي كلم جَائِع إِلَّا من أطعمته) والمطعمون أَكثر قطعا ولجواز النّصْف قَوْله تَعَالَى: {قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه} [المزمل: 2 - 3] قَالَ أَبُو حَيَّان وَجَمِيع مَا اسْتدلَّ بِهِ مُحْتَمل التَّأْوِيل والمستقرأ من كَلَام الْعَرَب إِنَّمَا هُوَ الِاسْتِثْنَاء الْأَقَل وَاخْتلف النحويون فِي الِاسْتِثْنَاء من الْعدَد على مَذَاهِب أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا وَاخْتَارَهُ ابْن الصَّائِغ وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور لِأَن أَسمَاء الْعدَد نُصُوص فَلَا يجوز أَن ترد إِلَّا على مَا وضعت لَهُ وَالثَّالِث الْمَنْع إِن كَانَ عقدا نَحْو عِنْدِي عشرُون إِلَّا عشرَة وَالْجَوَاز إِن كَانَ غير عقد نَحْو لَهُ عشرَة إِلَّا اثْنَيْنِ ورد هَذَا وَمَا قبله بقوله تَعَالَى: {فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما} [العنكبوت: 14] وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا يكَاد يُوجد اسْتثِْنَاء من عدد فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب إِلَّا فِي هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة

الاستنثاء ب إلا والوصف بها

قَالَ وَلم أَقف فِي شَيْء من دواوين الْعَرَب على اسْتثِْنَاء من عدد وَالْآيَة خرجت مخرج التكثير وَمذهب الْجُمْهُور أَن الِاسْتِثْنَاء من النَّفْي إِثْبَات وَمن الْإِثْبَات نفي فنحو قَامَ قوم إِلَّا زيدا وَمَا قَامَ أحد إِلَّا زيدا يدل الأول على نفي الْقيام عَن زيد وَالثَّانِي على ثُبُوته لَهُ وَخَالف فِي ذَلِك الْكسَائي وَقَالَ إِنَّه مسكوت عَنهُ لَا دلَالَة لَهُ على نَفْيه عَنهُ وَلَا ثُبُوته واستفادة الْإِثْبَات فِي كلمة التَّوْحِيد من عرف الشَّرْع وَبَقِيَّة مبَاحث الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُورَة فِي (الارتشاف) من علم الْأُصُول لَا تعلق لَهَا بالنحو فَلِذَا أضربنا عَن ذكرهَا هَا هُنَا الاستنثاء ب (إِلَّا) وَالْوَصْف بهَا (ص) مَسْأَلَة يُوصف ب (إِلَّا) وبتاليها جمع مُنكر قَالَ ابْن الْحَاجِب غير مَحْصُور أَو شبهه أَو ذُو أل الجنسية قَالَ الْأَخْفَش أَو غَيرهَا وسيبويه كل نكرَة وَقوم كل ظَاهر ومضمر وَقيل المُرَاد بِالْوَصْفِ الْبَيَان وَشَرطه أَن يَصح الِاسْتِثْنَاء وَقيل الْمُتَّصِل وَقيل الْبَدَل وَقيل أَن يتَعَذَّر وَألا يحذف موصوفها وَلَا يَليهَا (ش) الأَصْل فِي (إِلَّا) أَن تكون للاستثناء وَفِي (غير) أَن تكون وَصفا ثمَّ قد تحمل إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فيوصف ب (إِلَّا) وَيسْتَثْنى ب (غير) وَالْمَفْهُوم من كَلَام الْأَكْثَرين أَن المُرَاد الْوَصْف الصناعي وَقَالَ بَعضهم قَول النَّحْوِيين إِنَّه يُوصف بإلا يعنون بذلك أَنه عطف بَيَان وعَلى الأول الْوَصْف بهَا وبتاليها لَا بهَا وَحدهَا وَلَا بالتالي وَحده وَحكمه كالوصف بالجار وَالْمَجْرُور وَشرط الْمَوْصُوف أَن يكون جمعا مُنْكرا نَحْو جَاءَنِي رجال قرشيون أَلا زيد وَمِنْه: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} [الْأَنْبِيَاء: 22] أَو مشبه الْجمع نَحْو مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيد

وَزَاد ابْن الْحَاجِب فِي (الكافية) بعد قَوْله جمع مُنكر غير مَحْصُور قَالَ النيلي وَهُوَ احْتِرَاز من الْعدَد نَحْو لَهُ على عشرَة إِلَّا درهما فَإِنَّهُ يتَعَيَّن فِيهِ الِاسْتِثْنَاء أَو ذَا أل الجنسية لِأَنَّهُ فِي معنى النكرَة نَحْو: 895 - (قَلِيل بهَا الأصْواتُ إلاّ بُغَامُها ... ) بِخِلَاف ذِي أل العهدية هَذَا مَا جزم بِهِ ابْن مَالك تبعا لِابْنِ السراج والمبرد وَجوز الْأَخْفَش أَن يُوصف بهَا الْمُعَرّف بأل العهدية وَجوز سِيبَوَيْهٍ أَن يُوصف بهَا كل نكرَة وَلَو مُفردا وَمثل ب (لَو كَانَ مَعنا رجل إِلَّا زيد) وَاخْتَارَهُ وَمَا قبله صَاحب (الْبَسِيط) وَجوز بعض المغاربة أَن يُوصف بهَا كل ظَاهر ومضمر ونكرة وَمَعْرِفَة وَقَالَ إِن الْوَصْف بهَا يُخَالف سَائِر الْأَوْصَاف وَمن شُرُوط الْوَصْف بهَا أَن لَا يَصح الِاسْتِثْنَاء بِخِلَاف (غير) فَلَا يجوز عِنْدِي دِرْهَم إِلَّا جيد وَيجوز غير جيد كَذَا قَالَه ابْن مَالك وَغَيره وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّه كالمجمع عَلَيْهِ إِلَّا أَن تَمْثِيل سِيبَوَيْهٍ ب (لَو كَانَ مَعنا رجل إِلَّا زيد) يُخَالِفهُ لِأَنَّهُ لَا يجوز فِيهِ الِاسْتِثْنَاء وَكَذَا {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} [الْأَنْبِيَاء: 22] لَا يجوز فِيهِ الِاسْتِثْنَاء لِأَنَّهُ لَا عُمُوم فِيهِ استغراقي ينْدَرج فِيهِ مَا بعد إِلَّا وَقد انْفَصل بعض أَصْحَابنَا عَن ذَلِك بِأَنَّهُ لَا يَعْنِي بِصِحَّة الِاسْتِثْنَاء الْمُتَّصِل بل أَعم مِنْهُ وَمن الْمُنْقَطع وَالْآيَة يَصح فِيهَا الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقد صرح الْمبرد والجرمي بِجَوَاز الْوَصْف بهَا حَيْثُ يَصح الْمُنْقَطع وَشَاهده قَوْله:

إلا عاطفة وزائدة

896 - (لَدَمٌ ضائِعٌ تغيّب عَنهُ ... أقربوه إلاّ الصَّبا والجنوبُ) ف (أقربوه) مَوْصُوف بإلا الصِّبَا والجنوب وليسا من جنسه وَالْقَصِيدَة مَرْفُوعَة وَسَوَاء كَانَ الِاسْتِثْنَاء مِمَّا يجوز فِيهِ الْبَدَل أم لَا وَزعم الْمبرد أَن الْوَصْف بإلا لم يَجِيء إِلَّا فِيمَا يجوز فِيهِ الْبَدَل وَلذَلِك منع قَامَ إِلَّا زيد بِحَذْف الْمَوْصُوف وَجعل إِلَّا صفة لَهُ لِأَنَّهُ لَا يجوز فِيهِ الْبَدَل ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ: 897 - (وكلّ أَخ مفارقهُ أَخُوه ... لَعَمرُ أَبيك إلاّ الفَرْقَدان) ب (إِلَّا الفرقدان) صفة وَلَا يُمكن فِيهِ الْبَدَل وَأغْرب ابْن الْحَاجِب فَشرط فِي وُقُوع إِلَّا صفة أَن يتَعَذَّر الِاسْتِثْنَاء وَجعل الْبَيْت الْمَذْكُور شاذا وَمن شُرُوط الْوَصْف ب (إِلَّا) أَلا يحذف موصوفها بِخِلَاف (غير) فَلَا يُقَال جَاءَنِي إِلَّا زيد وَيُقَال جَاءَنِي غير زيد ونظيرها فِي ذَلِك الْجمل والظروف فَإِنَّهَا تقع صِفَات وَلَا يجوز أَن تنوب عَن موصوفاتها وَألا يَليهَا بِأَن تقدم عَلَيْهِ مَنْصُوبَة على الْحَال لِأَنَّهَا غير متمكنة فِي الْوَصْف كَمَا تقدم (إِلَّا) عاطفة وزائدة (ص) قَالَ الكوفية والأخفش وَترد عاطفة كالواو وَالْإِعْرَاب كالاستثناء والأصمعي وَابْن جني وزائدة

(ش) أثبت الْكُوفِيُّونَ والأخفش ل (إِلَّا) معنى ثَالِثا وَهُوَ الْعَطف كالواو وَخَرجُوا عَلَيْهِ {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا} [الْبَقَرَة: 150] {لَا يخَاف لدي المُرْسَلُونَ إِلَّا من ظلم} [النَّمْل: 10 - 11] أَي (وَلَا الَّذين ظلمُوا) وَلَا من ظلم وتأولهما الْجُمْهُور على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَأثبت الْأَصْمَعِي وَابْن جني لَهَا معنى رَابِعا وَهُوَ الزِّيَادَة وَخَرجُوا عَلَيْهِ قَوْله: 898 - (حرَاجيجُ مَا تَنْفَكُّ إلاّ مُناخَةً ... ) وَخرج عَلَيْهِ ابْن مَالك: 899 - (أرِي الدَّهر إلاَّ مَنْجَنُوناً بأهلِهِ ... ) وَأجِيب بِتَقْدِير (لَا) فِي الثَّانِي وَبِأَن (تنفك) تَامَّة فنفيها نفي و (مناخة) حَال (ص) وَلَا يَليهَا نعت مَا قبلهَا خلافًا للزمخشري ويليها فِي النَّفْي مضارع مُطلقًا وماض إِن وليت فعلا قيل أَو صَحِبت (قد) وَلَا يعْمل تَالِيهَا فِيمَا قبلهَا وَلَا عَكسه إِلَّا مستثني مِنْهُ أَو صفته قَالَ الْأَخْفَش أَو ظرف أَو حَال وَابْن الْأَنْبَارِي أَو مَرْفُوع وَالْكسَائِيّ مُطلقًا (ش) فِيهِ مسَائِل الأولى لَا يفصل بَين الْمَوْصُوف وَصفته بإلا فَلَا يُقَال جَاءَنِي رجل إِلَّا رَاكب لِأَنَّهُمَا كشيء وَاحِد فَلَا يفصل بَينهمَا بهَا كَمَا لَا يفصل بهَا بَين الصِّلَة والموصول وَلَا بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ وَلِأَن (إِلَّا) وَمَا بعْدهَا فِي حكم جملَة مستأنفة وَالصّفة لَا تسْتَأْنف وَلَا تكون فِي حكم المستأنف كَذَا ذكره ابْن مَالك تبعا للأخفش والفارسي

وَذكره أَيْضا صَاحب (الْبَسِيط) ورد على الزَّمَخْشَرِيّ حَيْثُ جوز ذَلِك فِي الْمُفْرد نَحْو مَا مَرَرْت بِرَجُل إِلَّا صَالح وَفِي الْجُمْلَة نَحْو (مَا مَرَرْت بِأحد إِلَّا زيد خير مِنْهُ) {وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا وَلها كتاب مَعْلُوم} [الْحجر: 4] بِأَنَّهُ مَذْهَب لَا يعرف لَا بَصرِي وَلَا كُوفِي وَقَالَ الصَّوَاب أَن الْجُمْلَة فِي الْآيَة والمثال حَالية وَإِنَّمَا لم تقس الصّفة على الْحَال لوضوح الْفرق بَينهمَا بِجَوَاز تَقْدِيم الْحَال على صَاحبه وَيُخَالِفهُ فِي الْإِعْرَاب والتنكير الثَّانِيَة يَلِي إِلَّا فِي النَّفْي فعل مضارع مُطلقًا سَوَاء تقدمها فعل أَو اسْم نَحْو مَا كَانَ زيد إِلَّا يضْرب عمرا وَمَا خرج زيد إِلَّا يجر ثَوْبه وَمَا زيد إِلَّا يفعل كَذَا وماض بِشَرْط أَن يتقدمها فعل نَحْو {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} [الْحجر: 11] قَالَ ابْن مَالك ويغني عَن تَقْدِيم فعل اقتران الْمَاضِي بقد كَقَوْلِه: 900 - (وَمَا المَجدُ إلاّ قد تبيّن أنّهُ ... بندًى وحِلْم لَا يزَال مُؤثّلا) لِأَنَّهَا تقربه من الْحَال فَأشبه الْمُضَارع والمضارع لَا يشْتَرط فِيهِ ذَلِك لشبهه بِالِاسْمِ وَالِاسْم بإلا أولى لِأَن الْمُسْتَثْنى لَا يكون إِلَّا اسْما ومؤولا بِهِ وَإِنَّمَا سَاغَ وُقُوع الْمَاضِي بِتَقْدِيم الْفِعْل لِأَنَّهُ مَعَ النَّفْي يَجْعَل الْكَلَام بمعني كلما كَانَ كَذَا كَانَ كَذَا فَكَانَ فِيهِ فعلان كَمَا كَانَ مَعَ كلما وَقَالَ ابْن طَاهِر أجَاز الْمبرد وُقُوع الْمَاضِي مَعَ (قد) بِدُونِ تقدم فعل وَلم يذكرهُ من تقدم من النُّحَاة وَفِي (البديع) لَو قلت مَا زيد إِلَّا قَامَ لم يجز فَإِن دخلت (قد) أجازها قوم الثَّالِثَة الِاسْتِثْنَاء فِي حكم جملَة مستأنفة لِأَنَّك إِذا قلت جَاءَ الْقَوْم إِلَّا زيدا فكأنك قلت جَاءَ الْقَوْم وَمَا مِنْهُم زيد فمقتضي هَذَا أَلا يعْمل مَا بعد إِلَّا فِيمَا قبلهَا وَلَا مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا فَلَا يقدم مَعْمُول تَالِيهَا عَلَيْهَا فَلَا يُقَال مَا زيد إِلَّا أَنا ضَارب

غير

وَقَالَ الرماني لَا يُقَال مَا قَوْمك زيدا إِلَّا ضاربون لِأَن تقدم الِاسْم الْوَاقِع بعد إِلَّا عَلَيْهَا غير جَائِز فَكَذَا معموله لما تقرر من أَن الْمَعْمُول لَا يَقع إِلَّا حَيْثُ يَقع الْعَامِل وَلَا يُؤَخر مَعْمُول مَا قبلهَا عَنْهَا فَلَا يُقَال مَا ضرب إِلَّا زيد عمرا وَمَا ضرب إِلَّا زيدا عَمْرو وَمَا مر إِلَّا زيد بِعَمْرو إِلَّا على إِضْمَار عَامل يفسره مَا قبله ويستثني من هَذَا الْقسم الْمُسْتَثْنى مِنْهُ وَصفته فَيجوز تأخيرهما كَمَا تقدم نَحْو مَا قَامَ إِلَّا زيدا أحد وَمَا مَرَرْت بِأحد إِلَّا زيدا خير من عَمْرو وَأَجَازَ الْكسَائي تَأْخِير الْمَعْمُول مَرْفُوعا كَانَ أَو مَنْصُوبًا أَو مجرورا وَاسْتدلَّ بقوله: 901 - (فَمَا زَادَنِي إلاّ غراماً كَلاَمُها ... ) وَقَوله: 902 - (وَمَا كفَّ إِلَّا ماجدٌ ضُرَّ بائس ... ) وَقَوله تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا} إِلَى قَوْله {بِالْبَيِّنَاتِ والزبر} [النَّحْل: 43 - 44] وَوَافَقَهُ ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَرْفُوع فَقَط كَمَا تقدم فِي بَاب الْفَاعِل تَوْجِيهه وَوَافَقَهُ الْأَخْفَش فِي الظّرْف وَالْمَجْرُور وَالْحَال نَحْو مَا جلس إِلَّا زيد عنْدك وَمَا مر إِلَّا عَمْرو بك وَمَا جَاءَ إِلَّا زيد رَاكِبًا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الْمُخْتَار لِأَنَّهُ يتَسَامَح فِي الْمَذْكُورَات مَا لَا يتَسَامَح فِي غَيرهَا غير (ص) مَسْأَلَة يُوصف ب (غير) ويستثني جرا وَلها إِعْرَاب تلو (إِلَّا) وَفتحهَا مُطلقًا لُغَة وناصبها قَالَ الْجُمْهُور كَونهَا فضلَة والسيرافي السَّابِق والفارسي حَال فِيهَا معنى الِاسْتِثْنَاء

وَالْمُخْتَار أَنَّهَا قَائِمَة مقَام مضافها وَأَن أَصله النصب ب (أستثني) وَيجوز مُرَاعَاة الْمَعْنى فِي تَابع الْمُسْتَثْنى بهَا قيل وب (إِلَّا) وَالصّفة وَفِي الْعَطف ب (لَا) بعد (غير) خلف ويحذف تالي (إِلَّا) و (غير) بعد (لَيْسَ) قيل وَلم يكن (ش) تقدم أَن (غير) أَصْلهَا الْوَصْف وَأَنَّهَا مَحْمُولَة فِي الِاسْتِثْنَاء على إِلَّا والمستثني بهَا مجرور بإضافتها إِلَيْهِ وتعرب بِمَا للاسم الْوَاقِع بعد إِلَّا من وجوب نصب فِي الْمُوجب نَحْو قَامَ الْقَوْم غير زيد وَفِي الْمُنْقَطع وَفِي الْمُقدم نَحْو مَا جَاءَ الْقَوْم غير الْحمير وَمَا جَاءَ زيد غير أحد وَمن جَوَازه ورجحان الإتباع فِي الْمَنْفِيّ نَحْو مَا جَاءَ أحد غير زيد وَمن كَونه على حسب الْعَامِل فِي المفرغ نَحْو مَا جَاءَ غير زيد وَمَا رَأَيْت غير زيد وَمَا مَرَرْت بِغَيْر زيد وَبَعض بني أَسد وقضاعة يفتحها فِي الِاسْتِثْنَاء مُطلقًا وَإِذا انتصب على الِاسْتِثْنَاء فَفِي الناصب لَهَا أَقْوَال أَحدهَا وَعَلِيهِ المغاربة أَن انتصابها انتصب الِاسْم الْوَاقِع بعد إِلَّا والناصب لَهُ كَونه جَاءَ فضلَة بعد تَمام الْكَلَام وَذَلِكَ مَوْجُود فِي (غير) الثَّانِي وَعَلِيهِ السيرافي وَابْن الباذش أَنَّهَا مَنْصُوبَة بِالْفِعْلِ السَّابِق الثَّالِث وَعَلِيهِ الْفَارِسِي أَنَّهَا مَنْصُوبَة على الْحَال وفيهَا معنى الِاسْتِثْنَاء كَمَا أَن مَا عدا زيدا مُقَدّر بمصدر فِي مَوضِع الْحَال وفيهَا معنى الِاسْتِثْنَاء وَالَّذِي أختاره أَنَّهَا انتصبت لقيامها مقَام مضافها وَأَن أَصله النصب ب (أستثني) مضمرا وَهُوَ الَّذِي أميل إِلَيْهِ فِي أصل الِاسْتِثْنَاء أَن نَصبه بأستثني لَازم الْإِضْمَار وَجعلت إِلَّا عوضا عَن النُّطْق بِهِ وَإِذا عطف على الْمُسْتَثْنى بهَا جَازَ فِي الْمَعْطُوف مُرَاعَاة اللَّفْظ فيجر وَهُوَ الأجود نَحْو جَاءُوا غير زيد وَعَمْرو وَيجوز مُرَاعَاة المعني فينصب فِي نَحْو جَاءُوا غير زيد وعمرا وَيرْفَع فِي نَحْو مَا جَاءَ أحد غير زيد وَعَمْرو وَلَيْسَ ذَلِك عطفا على (غير) بل على الْمَجْرُور لِأَن أَصله النصب أَو الإتباع كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ يُؤَيّد مَا اخترته من أَن (غير) قَائِمَة مقَام مضافها فِي الْإِعْرَاب ووجهوا منع عطفه على (غير) نَفسهَا بِأَنَّهَا يلْزم فِيهِ التَّشْرِيك فِي الْعَامِل فيستحيل المعني

قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذَكرُوهُ فِي الْعَطف يَقْتَضِي جَرَيَانه فِي سَائِر التوابع من نعت وَبَيَان وتأكيد وَبدل نَحْو مَا جَاءَنِي غير زيد نَفسه أَو الْعَاقِل أَو أبي حَفْص أَو أَخِيك فَالْقِيَاس أَن يجوز فِي الْجَمِيع الْجَرّ وَالرَّفْع وَلم ينصبوا إِلَّا على الْعَطف إِلَّا أَن فِي لفظ ابْن عُصْفُور مَا يَقْتَضِي الْعُمُوم حَيْثُ عبر بالتابع فَقَالَ وَيجوز فِي تَابعه الْحمل على الْمَعْنى قَالَ وَقد صرح صَاحب الْبَسِيط بجريان ذَلِك أَيْضا فِي (غير) إِذا كَانَت صفة إِلَّا أَنه فِيهَا من الْحمل على المعني وَفِي الِاسْتِثْنَاء من الْحمل على الْموضع فَهُوَ فِي الِاسْتِثْنَاء أقوى وَذكره سِيبَوَيْهٍ أَيْضا وَقَالَ قوم إِنَّه خَاص بِالِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يكون فِي الصّفة وَالظَّاهِر الأول قَالَ وَيجوز وَجه آخر وَهُوَ الْقطع على الِابْتِدَاء وَأما الْمَعْطُوف على الْمُسْتَثْنى بإلا فَلَا يجوز فِيهِ إِلَّا مشاركته فِي الْإِعْرَاب وَأَجَازَ قوم مِنْهُم ابْن خروف الْعَطف عَلَيْهِ بِالْجَرِّ نَحْو قَامُوا إِلَّا زيدا وَعَمْرو على أَن إِلَّا فِي معنى غير لِأَن مكانهما وَاحِد وأنشدوا عَلَيْهِ: 903 - (ومَا هَاجَ هَذَا الشّوْقَ إلاّ حمامةٌ ... تغَنّتْ على خَضْراءَ سمر قيودها) يرْوى بِرَفْع لفظ (سمر) على لفظ (حمامة) وبالجر على معنى غير حمامة قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي هَذَا دَلِيل على إِجْرَاء النَّعْت مجْرى الْعَطف وَأَنَّهَا لَا تتقيد بِهِ والمانعون حملُوا الْجَرّ على الْجوَار وَإِذا كَانَت (غير) اسْتثِْنَاء فَفِي الْعَطف بعْدهَا ب (لَا) خلاف فَذهب أَبُو عُبَيْدَة والأخفش وَابْن السراج والزجاج والفارسي والرماني إِلَى جَوَاز ذَلِك فَيُقَال جَاءُوا غير زيد وَلَا عَمْرو إِمَّا على تَقْدِير زِيَادَة (لَا) وَإِمَّا على الْحمل على الْمَعْنى لِأَن الِاسْتِثْنَاء فِي معنى النَّفْي فَإِن قَوْلك جَاءَ الْقَوْم إِلَّا زيدا فِي معني جَاءَ الْقَوْم لَا زيد وَهُوَ هُنَا أولي لِأَن (غيرا) فِي أَصْلهَا تُعْطِي النَّفْي وَذهب الْفراء وثعلب إِلَى الْمَنْع كَمَا فِي إِلَّا إِذْ لَا يُقَال جَاءُوا إِلَّا زيدا وَلَا عمرا

بيد

وَيجوز حذف مَا بعد (إِلَّا) وَبعد (غير) وَذَلِكَ بعد (لَيْسَ) خَاصَّة يُقَال جَاءَنِي زيد لَيْسَ إِلَّا أَو لَيْسَ غير أَي لَيْسَ الجائي إِلَّا هُوَ أَو غَيره وقبضت عشرَة لَيْسَ إِلَّا وَلَيْسَ غير أَي لَيْسَ الْمَقْبُوض غير ذَلِك أَو لَيْسَ غير ذَلِك مَقْبُوضا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ هَذَا باستثناء من الأول لِأَنَّهُ يكون تَابعا لما لَيْسَ مبعضا وَلِأَن مَا بعد لَيْسَ هُوَ الأول كَيفَ كَانَ وَاخْتلف هَل يجوز الْحَذف مَعَ (لم يكن) فَأَجَازَهُ الْأَخْفَش وَابْن مَالك نَحْو لم يكن غير وَمنعه السيرافي لِأَن الأَصْل فِي بَاب كَانَ أَلا يجوز فِيهَا حذف الِاسْم وَلَا الْخَبَر ومجيء لَيْسَ إِلَّا وَلَيْسَ غير على خلاف الأَصْل بيد (ص) وَيسْتَثْنى ب (بيد) مُنْقَطِعًا لَازم النصب وَالْإِضَافَة إِلَى (أَن) وصلتها غَالِبا وَهِي بمعني (غير) وَقيل عَليّ من أجل وَيُقَال ميد وَجعلهَا ابْن مَالك حرفا (ش) من أدوات الِاسْتِثْنَاء (بيد) وَيُقَال ميد بإبدال بائها ميما وَهُوَ اسْم ملازم الْإِضَافَة إِلَى (أَن) وصلتها نَحْو (نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا) مَعْنَاهَا معنى (غير) فِي الْمَشْهُور إِلَّا أَنَّهَا لَا تقع مَرْفُوعَة وَلَا مجرورة بل مَنْصُوبَة وَلَا تقع صفة وَلَا اسْتثِْنَاء مُتَّصِلا وَإِنَّمَا يسْتَثْنى بهَا فِي الِانْقِطَاع خَاصَّة قَالَ فِي الصِّحَاح (بيد) بمعني (غير) يُقَال إِنَّه كثير المَال بيد أَنه بخيل

حاشا وخلا وعدا

وَفِي الْمُحكم أَن هَذَا الْمِثَال حَكَاهُ ابْن السّكيت وَأَن بَعضهم فَسرهَا بمعني (على) وَقيل هِيَ بمعني من أجل وَخرج عَلَيْهِ حَدِيث: (أَنا أفْصح من نطق بالضاد بيد أَنِّي من قُرَيْش) وَقَالَ ابْن مَالك وَغَيره إِنَّهَا فِيهِ بمعني (غير) على حد: 904 - (وَلاَعَيْبَ فِيهم غَيْرَ أَنَّ سُيوفَهُم ... ) (الْبَيْت) وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة على مجيئها بِمَعْنى (من أجل) قَوْله: 905 - (عَمْدًا فَعَلْتَ ذَاك بَيْد أَنِّي ... أَخَافُ إنْ هَلَكْتُ أَنْ تُرنِّي) حاشا وخلا وَعدا (ص) وبحاشا وخلا وَعدا بِالنّصب أفعالا جامدة قيل بِلَا فَاعل وَالأَصَح أَنه ضمير الْبَعْض وَقيل الْمصدر والجر حروفا مُتَعَلقَة كَغَيْرِهَا أَو لَا كالزائد أَو محلهَا ك (غير) أَقْوَال

وَنفي الْفراء حرفية (حاشا) والجر بلام مقدرَة وَالْأَكْثَرُونَ فعليتها وحرفية تَالِيهَا ويليان (مَا) وَهِي مَصْدَرِيَّة وَمن ثمَّ تعين النصب مَعهَا وَقيل زَائِدَة فتجر وَقيل بمعني الْمدَّة وَلَا تدخل على (حاشا) خلافًا لبَعْضهِم وَلَا إِلَّا مُطلقًا وَقيل يجوز إِن جرت وَقد تدخل على (خلا) و (عدا) مَعَ (مَا) وَترد (حاشا) فعلا متصرفا وَقيل لَام الْجَرّ فعلا أَو اسْما التَّنْزِيه مَبْنِيا إِلَّا فِي لُغَة أَو اسْم فعل أَقْوَال وَقد تحذف (عدا) بعد (مَا) نَحْو كل شَيْء مهه مَا النِّسَاء وَقَالَ الْفراء والأحمر (مَا) اسْتثِْنَاء (ش) من أدوات الِاسْتِثْنَاء (حاشا) و (خلا) و (عدا) وَينصب الْمُسْتَثْنى بهَا ويجر فَإِذا نصب كن أفعالا لِأَنَّهُنَّ لسن من قبيل الْأَسْمَاء العاملة ومدخولها لَا يَلِي العوامل كمدخول (إِلَّا) إِذْ لَا يُقَال مَا قَامَ الْقَوْم خلا زيد بِالرَّفْع فانتفت الاسمية والحرفية مَعًا وَهِي جامدة قَاصِرَة على لفظ الْمَاضِي فَلَا تتصرف بمضارع وَلَا أَمر وَإِذا جرت كن حُرُوف جر لِأَنَّهَا لم تباشر العوامل ك (غير) فَلَيْسَتْ أَسمَاء وَلَو كَانَت أفعالا لم تباشر الْجَرّ بِغَيْر وَاسِطَة حرفه وَهِي على هَذَا مُتَعَلقَة بِمَا قبلهَا من فعل أَو شبهه كَسَائِر حُرُوف الْجَرّ فمحلها مَعَ الْمَجْرُور نصب وَاخْتَارَ ابْن هِشَام فِي (الْمُغنِي) أَنَّهَا لَا تتَعَلَّق كالحروف الزَّائِدَة لِأَنَّهَا لَا توصل معنى الْفِعْل إِلَى الِاسْم بل تزيله عَنهُ وَلِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة إِلَّا وَهِي غير مُتَعَلقَة وَقيل موضعهَا نصب من تَمام الْكَلَام ك (غير) إِذا اسْتثْنِي بهَا وَمن النصب بهَا قَوْله: 906 - (حاشا قُرَيْشًا فَإِن اللهَ فَضَّلَهُم ... )

وَحكي: (اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَلمن يسمعني حاشا الشَّيْطَان وَأَبا الْأَصْبَغ) وَقَوله: 907 - (وَلَا خلا الجنَّ بهَا إنْسِيُّ ... ) وَقَوله: 908 - (عدا سُلَيْمَى وَعدا أَباها ... ) وَمن الْجَرّ بهَا قَوْله: 909 - (مَنْ رامَها حَاشَا النّبيِّ وَرَهْطِه ... ) وَقَوله: 910 - (حاشا أبي ثَوْبان إنّ بِهِ ... ) وَقَوله: 911 - (حَاشَايَ إنِّي مُسْلِمٌ مَعْذُورُ ... )

وَقَوله: 912 - (خلا اللهِ لَا أَرْجو سِواكَ وإنّما ... ) وَقَوله: 913 - (عدا الشّمْطاء والطّفل الصّغير ... ) وَأنكر بعض الْكُوفِيّين مِنْهُم الْفراء حرفية (حاشا) وَقَالَ إِنَّهَا فعل أبدا لقَولهم حاشا يحاشي وَإِن الْجَرّ بعْدهَا بلام مقدرَة وَالْأَصْل حاشا لزيد لَكِن كثر الْكَلَام بهَا فأسقطوا اللَّام وخفضوا بهَا وَأنكر سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين فعليتها وَقَالُوا إِنَّهَا حرف دَائِما بِمَنْزِلَة (لَا) لَكِنَّهَا تجر المستثني وأنكروا أَيْضا حرفية (خلا) و (عدا) وَقَالُوا إنَّهُمَا فعلان بمعني الْمُفَارقَة والمجاوزة ضمنا معنى الِاسْتِثْنَاء والعذر لسيبويه أَنه لم يحفظ النصب ب (حاشا) وَلَا الْجَرّ ب (عدا) لقلته وَإِنَّمَا نَقله الْأَخْفَش وَالْفراء ثمَّ على فعلية هَذِه الْأَفْعَال ذهب الْفراء إِلَى أَن حاشا فعل لَا فَاعل لَهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَيُمكن القَوْل فِي خلا وَعدا بذلك ك (قَلما) لما أشربت بِهِ من معنى (إِلَّا) وَاتفقَ بَقِيَّة الْكُوفِيّين والبصريين على أَن فاعلها ضمير مستكن فِيهَا لَازم الْإِضْمَار

ثمَّ قَالَ البصريون هُوَ عَائِد على الْبَعْض الْمَفْهُوم من الْكَلَام وَالتَّقْدِير قَامَ الْقَوْم عدا هُوَ أَي بَعضهم زيدا قَالَ الْكُوفِيُّونَ عَائِد على الْمصدر الْمَفْهُوم من الْفِعْل أَي عدا قيامهم زيدا وَهُوَ غير مطرد فِيمَا لم يتقدمه فعل أَو نَحوه وَلكَون الضَّمِير عَائِدًا على الْبَعْض أَو الْمصدر لم يثن وَلم يجمع وَلم يؤنث لِأَنَّهُ عَائِد على مُفْرد مُذَكّر وَتدْخل (مَا) على خلا وَعدا فَيتَعَيَّن النصب بعْدهَا لِأَنَّهَا مَصْدَرِيَّة فدخولها يعين الفعلية كَقَوْلِه: 914 - (أَلاَ كلّ شَيْء مَا خلا اللهَ باطِلُ ... ) وَقَوله: 915 - (تُمَلُّ النّدامى مَا عَدانِي فإنّني ... )

وَزعم الْجرْمِي والربعي وَالْكسَائِيّ والفارسي وَابْن جني أَنه يجوز الْجَرّ على تَقْدِير (مَا) زَائِدَة قَالَ فِي الْمُغنِي فَإِن قَالُوهُ بِالْقِيَاسِ ففاسد لِأَن (مَا) لَا تزاد قبل حُرُوف الْجَرّ بل بعْدهَا أَو بِالسَّمَاعِ فشاذ بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقيل (مَا) ظرف بمعني الْمدَّة فمحله نصب وَالتَّقْدِير قَامَ الْقَوْم فِي وَقت مجاوزتهم زيدا أَو وَقت خلوهم و (مَا) المصدرية كثيرا مَا تكون ظرفا وَأَجَازَ بَعضهم دُخُول (مَا) المصدرية على (حاشا) بقلة تمسكا بقوله: 916 - (رَأَيْتُ النّاسَ مَا حَاشا قُرَيْشًا ... فإنّا نَحْنُ أَفْضَلُهمْ فَعَالا) وَالَّذِي نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ الْمَنْع وَذهب الْكسَائي إِلَى أَنه يجوز دُخُول إِلَّا على (حاشا) إِذا جرت وَحكي قَامَ الْقَوْم إِلَّا حاشا زيد وَمنع البصريون ذَلِك كَمَا إِذا نصبت لِأَنَّهُ جمع بَين أداتين لمعني وَاحِد والحكاية شَاذَّة لَا يُقَاس عَلَيْهَا وَترد (حاشا) فِي غير الِاسْتِثْنَاء فعلا متصرفا مُتَعَدِّيا تَقول حَاشِيَته بمعني استثنيته وَمِنْه الحَدِيث: (مَا حاشى فَاطِمَة وَلَا غَيرهَا) وَقَالَ النَّابِغَة:

917 - (ولاَ أُحاشِي من الأقْوام مِنْ أَحِدِ ... ) وَتَقَع حاشا قبل لَام الْجَرّ نَحْو حاشا لله وَهِي عِنْد الْمبرد وَابْن جني والكوفيين فعل قَالُوا لتصرفهم فِيهَا بالحذف قَالُوا حاش وحشا ولإدخالهم إِيَّاهَا على الْحَرْف قبل لَام الْجَرّ وَالصَّحِيح أَنَّهَا اسْم مصدر مرادف للتنزيه بِدَلِيل قِرَاءَة بَعضهم {حَاشَا لِلَّهِ} [يُوسُف: 31] بِالتَّنْوِينِ كَمَا يُقَال تَنْزِيها لله وَبَرَاءَة وَقِرَاءَة ابْن مَسْعُود (حاشا الله) بِالْإِضَافَة كمعاذ الله وأنما ترك التَّنْوِين فِي قِرَاءَة الْجُمْهُور لِأَنَّهَا مَبْنِيَّة لشبهها بحاشا الحرفية لفظا وَزعم بَعضهم أَنَّهَا اسْم فعل بمعني أَتَبرأ أَو تبرأت وحامله على ذَلِك بناؤها وَيَردهُ إعرابها فِي بعض اللُّغَات وَرُوِيَ من كَلَام الْعَرَب كل شَيْء مهة مَا النِّسَاء وذكرهن فخرجه ابْن مَالك على أَن صلَة (مَا) محذوفة وَهِي (عدا) حذفوها وأبقوا معمولها وَإِنَّمَا أضمر (عدا) لِأَنَّهَا مُتَّفق على فعليتها بِخِلَاف (حاشا) و (خلا) فَإِنَّهُمَا مُخْتَلف فِي فعليتهما فَكَانَ الْمُتَّفق على فعليته أولى بِأَن يكون هُوَ الْمَحْذُوف وَزعم الْفراء والأحمر أَن (مَا) يَسْتَثْنِي بهَا ك (إِلَّا) وخرجا عَلَيْهِ الْحِكَايَة الْمَذْكُورَة ورد بِأَن الِاسْتِثْنَاء بهَا غير مَحْفُوظ فَلَا يخرج عَلَيْهِ وَمعنى الْحِكَايَة كل شَيْء يسير مَا عدا النِّسَاء وذكرهن وخرجها السُّهيْلي على أَن (مَا) نَافِيَة كليس اسْتثْنِي بهَا

ليس ولا يكون

لَيْسَ وَلَا يكون (ص) وبليس وَبلا يكون نصبا خَبرا وَلَا يقدمان أول الْكَلَام وَيجوز كَونهمَا صفة حَيْثُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاء فيرفعان ضَمِيره المطابق (ش) من أدوات الِاسْتِثْنَاء لَيْسَ وَلَا يكون وَهِي النَّاقِصَة لَا أُخْرَى ارتجلت للاستثناء وينصبان الْمُسْتَثْنى على أَنه خبر لَهما وَالِاسْم ضمير لَازم الاستتار كَمَا تقدم فِي مَبْحَث الضَّمِير نَحْو قَامَ القَوْل لَيْسَ زيدا وَخرج النَّاس لَا يكون عمرا و (لَا) قيد فِي يكون فَلَو نفيت ب (مَا) أَو (لما) أَو (لن) لم تقع فِي الِاسْتِثْنَاء وَمن شَوَاهِد (لَيْسَ) قَوْله: 918 - (إذْ ذَهَب القومُ الكِرامُ لَيْسِ ... ) وَحَدِيث: (يطبع الْمُؤمن على كل خلق لَيْسَ الْخِيَانَة وَالْكذب) وَقد يُوصف ب (لَيْسَ) وَلَا يكون حَيْثُ يَصح الِاسْتِثْنَاء بِأَن يكون نكرَة منفية قَالَ ابْن مَالك أَو مُعَرفا بلام الْجِنْس نَحْو مَا أَتَانِي أحد لَيْسَ زيدا وَمَا أَتَانِي رجل لَا يكون بشرا وأتاني الْقَوْم لَيْسُوا إخْوَتك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم فِي ذَلِك خلافًا إِلَّا أَن الْمَنْقُول اخْتِصَاصه بالنكرة دون الْمُعَرّف بلام الْجِنْس وَلَا يجوز فِي النكرَة المثبتة نَحْو أَتَتْنِي امْرَأَة لَا تكون فُلَانَة إِذْ لَا يَصح الِاسْتِثْنَاء مِنْهَا وَلَا فِي الْمعرفَة نَحْو جَاءَ الْقَوْم لَيْسُوا إخْوَتك بل يكونَانِ فِي مَوضِع نصب على الْحَال

لا سيما

وَإِذا وصف بهما رفعا ضمير الْمَوْصُوف المطابق لَهُ فيبرز نَحْو مَا جَاءَتْنِي امْرَأَة لَيست أَو لَا تكون فُلَانَة وَمَا جَاءَنِي رجال لَيْسُوا زيدا أَو نسَاء لسن الهندات قَالَ السيرافي أَجَازُوا الْوَصْف بليس وَلَا يكون لِأَنَّهُمَا نَص فِي النَّفْي عَن الثَّانِي وَهُوَ معنى الِاسْتِثْنَاء وَلَيْسَ ذَلِك فِي عدا وخلا إِلَّا بالتضمن فَلم يُوصف بهما لِأَنَّهُمَا ليسَا موضعي جحد فَلَا يُقَال مَا أَتَتْنِي امْرَأَة عدت هندا أَو خلت دعدا لَا سِيمَا (ص) وَبلا سِيمَا عِنْد الْأَخْفَش وَأبي حَاتِم والنحاس وَالأَصَح لَيْسَ مَا بعْدهَا مستثني بل مُنَبّه على أولويته بِمَا نسب لما قبله وَقَالَ خطاب مسكوت عَنهُ و (سي) اسْم لَا وَقيل حَال وَقيل (لَا) زَائِدَة وَأَصله سوى وتخفف ياؤها خلافًا لِابْنِ عُصْفُور وتسكن فالمحذوف اللَّام أَو الْعين قَولَانِ فَإِن تَلَاهَا معرفَة جر بِالْإِضَافَة و (مَا) زَائِدَة يجوز حذفهَا خلافًا للخضراوي أَو رفع خبر مَحْذُوف و (مَا) مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة أَو نكرَة جَازَ النصب تمييزا ل (مَا) نكرَة تَامَّة وَقيل ظرفا أَو صلَة لَهَا وَقيل هِيَ كَافَّة وَقَالَ دريود يخْتَص الْجَرّ بِالتَّخْفِيفِ وَالرَّفْع بالتثقيل وَقد يَليهَا ظرف وَفعل وَشرط ف (مَا) كَافَّة وَفِي وجوب الْوَاو قبل (لَا) خلف وَيُقَال لَا تيما وتا سِيمَا (ش) عد الْكُوفِيُّونَ وَجَمَاعَة من الْبَصرِيين كالأخفش وَأبي حَاتِم والفارسي والنحاس وَابْن مضاء من أدوات الِاسْتِثْنَاء (لَا سِيمَا) وَوَجهه أَنَّك إِذا قلت قَامَ الْقَوْم لَا سِيمَا زيد فقد خالفهم زيد فِي أَنه أولى بِالْقيامِ مِنْهُم فَهُوَ مخالفهم فِي الحكم الَّذِي ثَبت لَهُم بطرِيق الْأَوْلَوِيَّة قَالَ الخضراوي لما كَانَ مَا بعْدهَا بَعْضًا مِمَّا قبلهَا وخارجا عَنهُ بِمَعْنى الزِّيَادَة كَانَ اسْتثِْنَاء من الأول لِأَنَّهُ خرج عَنهُ بِوَجْه لم يكن لَهُ وَأقرب مَا يشبه بِهِ قَوْله:

919 - (فَتًى كَمُلَتْ خيراتُهُ غَيْرَ أَنه ... جَوادٌ فَمَا يُبْقِي من المَال بَاقِيا) لِأَن كَونه (جوادا) خير لَكِن زَاد فِي هَذَا الْخَيْر على غَيره بِمَا هُوَ خير وَالصَّحِيح أَنَّهَا لَا تعد من أدوات الِاسْتِثْنَاء لِأَنَّهُ مشارك لَهُم فِي الْقيام وَلَيْسَ تَأْكِيد الْقيام فِي حَقه يُخرجهُ عَن أَن يكون قَائِما وَمِمَّا يبطل ذَلِك دُخُول الْوَاو عَلَيْهَا وَعدم صَلَاحِية إِلَّا مَكَانهَا بِخِلَاف سَائِر الأدوات فالمذكور بعْدهَا لَيْسَ مستثني بل مُنَبّه على أولويته بالحكم الْمَنْسُوب لما قبلهَا فَإِن تَلَاهَا معرفَة مجرور نَحْو لَا سِيمَا زيد فبالإضافة و (مَا) زَائِدَة وَزِيَادَة (مَا) بَين المضافين مسموعة وَيجوز حذفهَا نَحْو لَا سي زيد نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَزعم ابْن هِشَام الخضراوي أَنَّهَا زَائِدَة لَازِمَة لَا تحذف وَلَيْسَ كَمَا قَالَ أَو مَرْفُوع نَحْو لَا سِيمَا زيد فخبر مُبْتَدأ مَحْذُوف و (مَا) مَوْصُولَة بِمَعْنى الَّذِي مجرورة بِإِضَافَة (سي) إِلَيْهَا وَالْجُمْلَة صلَة وَالتَّقْدِير لَا سي الَّذِي هُوَ زيد وَأَجَازَ ابْن خروف أَن تكون (مَا) نكرَة مَوْصُوفَة وَالْجُمْلَة صفة وَإِن تَلَاهَا نكرَة جَازَ فِيهَا الْأَمْرَانِ وثالث وَهُوَ النصب وَقد رُوِيَ بالأوجه الثَّلَاثَة قَوْله: 920 - (وَلَا سيّما يَوْم بدَارةِ جُلْجُل ... ) وَاخْتلف فِي وَجه النصب فَقيل إِنَّه على التَّمْيِيز و (مَا) نكرَة تَامَّة غير مَوْصُوفَة فِي مَوضِع خفض بِالْإِضَافَة والمنصوب تَفْسِير لَهَا أَي وَلَا مثل شَيْء يَوْمًا

وَقيل إِنَّه على الظّرْف و (مَا) بمعني الَّذِي وَهُوَ صلَة لَهَا أَي وَلَا مثل الَّذِي اتّفق يَوْمًا فَحذف للْعلم كَمَا قَالُوا رَأَيْت الَّذِي أمس أَي الَّذِي وَقع وَاتفقَ وَقيل إِن (مَا) حرف كَاف ل (سي) عَن الْإِضَافَة والمنصوب تَمْيِيز مثل قَوْلهم (على التمرة مثلهَا زيدا) وَاسْتَحْسنهُ ابْن مَالك والشلوبين وَقيل إِنَّهَا كَافَّة وَهُوَ ظرف قَالَه ابْن الصَّائِغ أَي وَلَا مثل مَا كَانَ لَك فِي يَوْم وَقد يَليهَا ظرف كَقَوْلِه: 921 - (يَسُرُّ الكريمَ الحمدُ لَا سِيمَا لَدَى ... شَهَادة مَنْ فِي خَيْرِهِ يَتَقَلّبُ) وَتقول يُعجبنِي الِاعْتِكَاف وَلَا سِيمَا عِنْد الْكَعْبَة وَلَا سِيمَا إِذا قرب الصُّبْح وَفعل كَقَوْلِه: 922 - (فُق النّاسَ فِي الْخَيْر لَا سِيَّما ... يُنيلك من ذِي الجَلال الرِّضا) وَشرط كَقَوْلِه: 923 - (أرى النّيْك يجلو الهمّ والغَمّ والعمى ... وَلَا سيمّا إِن نِكْت بالمَرَس الضّخم) وَمن أَحْكَام (لَا سِيمَا) أَنه لَا يَجِيء بعْدهَا الْجُمْلَة بِالْوَاو وَقَالَ أَبُو حَيَّان ولحن من المصنفين من قَالَ لَا سِيمَا وَالْأَمر كَذَا وَلَا تحذف (لَا) من لَا سِيمَا لِأَنَّهُ لم يسمع إِلَّا فِي كَلَام المولدين كَقَوْلِه: 924 - (سِيمّا من حَالَتْ الأحراس من دون مُناه ... )

وَذكر ثَعْلَب أَنه يجب اقتران (لَا) بِالْوَاو كالبيت السَّابِق وَجوز غَيره حذفهَا كَقَوْلِه: 925 - (فِهْ بِالْعُقُودِ والأيْمان لَا سِيَمَا ... عقدٌ وفاءٌ بِهِ من أعظم القُرَبِ) وَالْجُمْهُور على أَن (سي) اسْم لَا التبرئة وفتحته بِنَاء كهي فِي لَا رجل وَقَالَ الْفَارِسِي إِنَّه مَنْصُوب على الْحَال من الْجُمْلَة السَّابِقَة ورد بِوُجُوب تكْرَار (لَا) حِينَئِذٍ وبمنع الْوَاو إِذْ لَا يُقَال جَاءَ زيد وَلَا ضَاحِكا وَحكى فِي (البديع) عَن بَعضهم أَن (لَا) فِي لَا سِيمَا زَائِدَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ غَرِيب وأصل سي (سوى) فعينه وَاو سَاكِنة قلبت يَاء لسكونها وأدغمت فِي الْيَاء وَقد سمع تَخْفيف الْيَاء من (لَا سِيمَا) حَكَاهُ الْأَخْفَش وَابْن الْأَعرَابِي وَآخَرُونَ وَمِنْه الْبَيْت السَّابِق وَمنعه ابْن عُصْفُور حذرا من بَقَاء الِاسْم المعرب على حرفين وَإِذا خففت فَقَالَ ابْن جني الْمَحْذُوف لَام الْكَلِمَة وانفتحت الْيَاء بإلقاء حَرَكَة اللَّام عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو حَيَّان الأولى عِنْدِي أَن يكون الْمَحْذُوف الْعين وَإِن كَانَ أقل من حذف اللَّام وقوفا مَعَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْمَحْذُوف اللَّام لردت الْعين واوا لزوَال الْمُوجب لقلبها فَكَانَ يُقَال لَا سوما وَقد أبدلت الْعَرَب سين (سِيمَا) تَاء فَقَالُوا (لَا تيما) كَمَا قَالُوا فِي النَّاس النات وَقُرِئَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّات} [النَّاس: 1] وأبدلت أَيْضا (لَا) تَاء فَقَالُوا (تا سِيمَا) كَمَا قَالُوا قَامَ زيد تا بل عَمْرو أَي لَا بل عَمْرو

ما ألحق بلا سيما

مَا ألحق بِلَا سِيمَا (ص) وَألْحق بِهِ (لَا مثل مَا) و (لَا سوا مَا) و (لَا تَرَ مَا) و (لَو تَرَ مَا) لَكِن لَا يجر تلو هذَيْن (ش) حكى ابْن الْأَعرَابِي فِي نوادره وَأَبُو الْحسن النساي (لَا مثل مَا) بِمَعْنى لَا سِيمَا وَأَنه يرفع مَا بعده ويجر كَمَا بعد لَا سِيمَا وَفِي (التسهيل) أَن (لَا سوا مَا) كَذَلِك فَيُقَال قَامَ الْقَوْم لَا سوا مَا زيد قَالَ أَبُو حَيَّان وإطلاقه يدل على جَوَاز الرّفْع والجر بعده أَيْضا وَقَالَ النَّسَائِيّ (لَا تَرَ مَا) و (لَا سِيمَا) و (لَا مثل مَا) بِمَعْنى وَاحِد وَذكر ابْن الْأَعرَابِي لَو تَرَ مَا بمعني لَا سِيمَا قَالَ إِلَّا انه لَا يكن بعْدهَا إِلَّا الرّفْع وَكَذَا قَالَ الآخر وَوَجهه أَن (تَرَ) فعل فَلَا يُمكن أَن تكون (مَا) بعْدهَا زَائِدَة وينجر تَالِيهَا بِالْإِضَافَة لِأَن الْفِعْل لَا يُضَاف فَتعين أَن تكون مَوْصُولَة وَهِي مفعول (تَرَ) وَزيد خبر مَحْذُوف و (تَرَ) بعد (لَا) مجزوم بهَا وَهِي ناهية وَالتَّقْدِير فِي قَامَ الْقَوْم لَا تَرَ مَا زيد لَا تبصر أَيهَا الْمُخَاطب الشَّخْص الَّذِي هُوَ زيد فَإِنَّهُ فِي الْقيام أولى بِهِ مِنْهُم أَو غير مجزوم وَلَا نَافِيَة وحذفت أَلفه شذوذا أَو للتركيب وَكَذَا بعد (لَو) وَالتَّقْدِير لَو تبصر الَّذِي هُوَ زيد لرأيته أولى بِالْقيامِ مِنْهُم قَالَه أَبُو حَيَّان بله (ص) وبله أثْبته أهل بَغْدَاد والكوفية وَسمع جر تَالِيهَا فَقيل ك (غير) مُنْقَطِعًا وَقيل مصدر مُضَاف وَقيل حرف جر ونصبه مَفْعُولا وَهِي مصدر أَو

اسْم فعل وَرَفعه مُبْتَدأ وَهِي ك (كَيفَ) وهاؤه تفتح وتكسر وَيُقَال بَهَل وبَهْل (ش) عد الْكُوفِيُّونَ والبغداديون من أَلْفَاظ الِاسْتِثْنَاء (بله) وَهِي بِمَعْنى (لَا سِيمَا) نَحْو أكرمت العبيد بله الْأَحْرَار عَليّ معنى أَن إكرام الْأَحْرَار يزِيد على إكرام العبيد وَأنكر ذَلِك البصريون لِأَن إِلَّا لَا تقع مَكَانهَا وَلِأَن مَا بعْدهَا لَا يكون إِلَّا من جنس مَا قبلهَا وَلِأَن حرف الْعَطف يجوز دُخُوله عَلَيْهَا قَالَ ابْن الصَّائِغ وَلَو صَحَّ دُخُول (لَا سِيمَا) و (بله) فِي أدوات الِاسْتِثْنَاء لدخلت فِيهَا (حتي) لِأَن مَا بعْدهَا يخْتَص بِصفة لم تثبت لما قبلهَا والجر لما بعْدهَا مجمع على سَمَاعه وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ فِيهِ النصب وَأنْكرهُ أَكثر الْبَصرِيين وهم محجوجون بِالسَّمَاعِ قَالَ جرير 926 - (وَهَلَ كُنت يَا ابْنَ القَيْن فِي الدّهر مالِكاً ... بِغَيْر بعير بَلْهَ مُهْريَّةً نُخُبا) قَالَ قُطْرُب وَرُوِيَ بِرَفْع مَا بعْدهَا على أَنَّهَا بِمَعْنى (كَيفَ) وَقد رُوِيَ بِالْجَرِّ وَالنّصب وَالرَّفْع قَوْله 927 - (تَذَرُ الجماجمَ ضاحياً هاماتُها ... بَلْه الأكُفّ كأنّها لم تُخْلَق) وَإِذا جرت فَقَالَ بعض الْكُوفِيّين هِيَ اسْم بِمَعْنى (غير) والجر بإضافتها فَيكون اسْتثِْنَاء مُنْقَطِعًا

لما

وَقَالَ الْفَارِسِي هِيَ مصدر لم ينْطق لَهُ بِفعل مُضَاف إِلَى مَا بعده وَهِي إِضَافَة نصب وَقَالَ الْأَخْفَش هِيَ حرف جر وَإِذا نصبت فالمنصوب مفعول و (بله) مصدر وضع مَوضِع الْفِعْل بِمَعْنى تركا أَو اسْم فعل بِمَعْنى دع وَإِذا رفعت فمبتدأ وبله الْخَبَر وَفِي هائها لُغَتَانِ الْفَتْح بِنَاء وَالْكَسْر على أصل التقاء الساكنين إِلَّا على المصدرية فالفتح إِعْرَاب وَقَالَت الْعَرَب فِي بله بهل بِفَتْح الْهَاء وسكونها لمّا (ص) وبلما بِمَعْنى إِلَّا قَلِيلا نَحْو {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} [الطارق: 4] وَأنْكرهُ الْجَوْهَرِي وقاسه الزجاجي وَتوقف أَبُو حَيَّان وَتقدم اسْتثِْنَاء سوى وَدون (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان تكون (لما) بِمَعْنى إِلَّا وَهِي قَليلَة الدّور فِي كَلَام الْعَرَب وَيَنْبَغِي أَلا يَتَّسِع فِيهَا بل يقْتَصر على التَّرْكِيب الَّذِي وَقع فِي كَلَام الْعَرَب نَحْو قَوْله تَعَالَى {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} [الطارق: 4] {وَإِن كل لما جَمِيع لدينا محضرون} [يس: 32] فِي قِرَاءَة من شدد الْمِيم ف (إِن) نَافِيَة وَلما بِمَعْنى إِلَّا وَمِمَّنْ حكى أَن (لما) بِمَعْنى (إِلَّا) الْخَلِيل وسيبويه وَالْكسَائِيّ

وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: {وَمَا مِنَّا لمّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ} [الصافات: 164] أَي إِلَّا لَهُ وَقَالُوا نشدتك الله لما فعلت كَذَا وعمرك الله لما فعلت كَذَا وعزك الله وقعدك الله لما فعلت كَذَا وَلما مَعَ هَذِه بِمَعْنى إِلَّا وَقد يحذف نشدتك الله أَو سَأَلتك وَمَا أشبهه فَيُقَال بِاللَّه لما صنعت كَذَا أَي سَأَلتك أَو نشدتك بِاللَّه إِلَّا صنعت قَالَ الشَّاعِر: 928 - (قالتْ لَهُ بِاللَّه يَا ذَا البُرْدَيْنْ ... لمّا غَنِثْتَ نَفساً أَو اثْنَيْنْ) فَهَذِهِ التراكيب وَنَحْوهَا من المسموع يَنْبَغِي أَن يعْتَمد فِي مَجِيء لما بِمَعْنى إِلَّا وَزعم الزجاجي أَنه يُقَال لم يَأْتِ من الْقَوْم لما أَخُوك وَلم أر من الْقَوْم لما زيدا بِمَعْنى إِلَّا أَخُوك وَإِلَّا زيدا قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّف فِي إجَازَة هَذِه التراكيب وَنَحْوهَا حَتَّى يثبت سماعهَا أَو سَماع نظائرها من لِسَان الْعَرَب وَزعم الْجَوْهَرِي أَن لما بِمَعْنى إِلَّا غير مَعْرُوف فِي اللُّغَة وَبَقِي من أدوات الِاسْتِثْنَاء (سوى) وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهَا فِي الظروف وَكَذَا (دون) عِنْد من يرى الِاسْتِثْنَاء بهَا

الحال

الْحَال (ص) الْحَال هُوَ فضلَة دَالَّة على هَيْئَة صَاحبه ونصبه نصب الْمَفْعُول بِهِ أَو الْمُشبه بِهِ أَو الظّرْف أَقْوَال ويغلب انْتِقَاله إِلَّا فِي مُؤَكدَة وَقيل يشْتَرط لُزُومهَا وانتقال غَيرهَا واشتقاقه ويغني وَصفه أَو تَقْدِير مُضَاف قبله أَو دلَالَته على سعر أَو مفاعلة نَحْو كَلمته فَاه إِلَى فِي وَهل هُوَ مصدر سد عَن الْحَال أَو تقدر (من) أَو جاعلا أَو حذف أَو نَاب أَقْوَال وَلَا يُقَاس خلافًا لهشام وَسمع رَفعه وَلَا يقدم الْمَجْرُور وَجوزهُ الكوفية رفعا وَيُؤَخر الْعَامِل على الْأَصَح أَو على تَرْتِيب كعلمته الْحساب بَابا بَابا وَنصب الثَّانِي قَالَ الْفَارِسِي بِالْأولِ وَابْن جني صفة لَهُ والزجاج تَأْكِيد وَأَبُو حَيَّان منصوبان بالعامل لِأَن مجموعهما الْحَال وَالْمُخْتَار عطف بفاء بمحذوفة لظهورها فِي (لتتبعن سنَن من قبلكُمْ باعا فباعا) أَو على أصل أَو فرع أَو نوع أَو تَشْبِيه أَو تَقْسِيم أَو تَفْضِيل على نَفسه أَو غَيره (ش) الْحَال يذكر وَيُؤَنث وَهُوَ فضلَة دَال عل هَيْئَة صَاحبه نَحْو جَاءَ زيد ضَاحِكا ف (ضَاحِكا) فضلَة دَال على الْهَيْئَة الَّتِي جَاءَ عَلَيْهَا زيد

وَخرج بالفضلة الْعُمْدَة نَحْو زيد ضَاحِك وبدال على هَيْئَة سَائِر المنصوبات إِلَّا الْمصدر النوعي وبصاحبه نَحْو رجعت الْقَهْقَرِي فَإِنَّهُ يدل على هَيْئَة الرُّجُوع لَا على هَيْئَة الصاحب وَلَا يقْدَح فِي جعله فضلَة عدم الِاسْتِغْنَاء عَنهُ فِي بعض الْمَوَاضِع نَحْو {وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ بطشتم جَبَّارِينَ} [الشُّعَرَاء: 130] لِأَنَّهُ عَارض كَمَا لَا يقْدَح فِي الْعُمْدَة عرُوض الِاسْتِغْنَاء عَنهُ وَاخْتلفُوا من أَي بَاب نصب الْحَال فَقيل نصب الْمَفْعُول بِهِ وَقيل نصب الشبيه بالمفعول بِهِ وَهُوَ الْأَرْجَح وَقيل نصب الظروف لِأَن الْحَال يَقع فِيهِ الْفِعْل إِذْ الْمَجِيء فِي وَقت الضحك أَو الْإِسْرَاع مثلا فَأَشْبَهت ظرف الزَّمَان ورد بِأَن الظّرْف أَجْنَبِي من الِاسْم وَالْحَال هِيَ الِاسْم الأول وَالْغَالِب فِي الْحَال المبينة أَن تكون منتقلة أَي وَصفا غير لَازم وَقد تكون ثَابِتَة نَحْو {أنزل إِلَيْكُم الْكتاب مفصلا} [الْأَنْعَام: 114] {قَائِما بِالْقِسْطِ} [آل عمرَان: 18] {خلق الله الزرافة يَديهَا أطول من رِجْلَيْهَا} ولد زيد قَصِيرا خلق أشهل أما الْمُؤَكّدَة فَلَا يغلب فِيهَا الِانْتِقَال بل هُوَ الثُّبُوت فِيهَا كثيران نَحْو {وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً} [الْبَقَرَة: 91] {وَأَن هَذَا صِراطي مُسْتَقِيمًا} الْأَنْعَام: 153 {وَلَا تعثوا فس الأَرْض مفسدين} الْبَقَرَة: 60 {وَيَوْم يبْعَث حَيا} مَرْيَم: 15 {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا من قَوْلهَا} النَّمْل 19 وَقيل لَا تكون المبنية إِلَّا منتقلة وَمَا ورد من الثَّابِت كالأمثلة السَّابِقَة مَحْمُول على الْمُؤَكّدَة لِأَنَّهُ فِي حكم الْمَعْلُوم وَقيل لَا تكون الْمُؤَكّدَة إِلَّا غير منتقلة وَالْغَالِب فِي الْحَال أَن تكون وَصفا مشتقا إِمَّا من الْمصدر كاسم الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول أَو من الِاسْم غير الْمصدر كأظفر من الظفر ومستحجر من الْحجر ومستنسر من النسْر ويغني عَن الِاشْتِقَاق أُمُور أَحدهَا وَصفه نَحْو (فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيًّا [مَرْيَم: 17]

الثَّانِي تَقْدِير مُضَاف قبله كَقَوْلِهِم (وَقع المصطرعان عدلي عير) أَي مثل عدلي الثَّالِث دلَالَة على سعر نَحْو بِعْت الشياه شَاة بدرهم وَالْبر قَفِيزا بدرهم وَالدَّار ذِرَاعا بدرهم أَي مسعرا الرَّابِع دلَالَته على مفاعلة نَحْو كَلمته فَاه إِلَى فِي أَي مشافهة وبعته يدا بيد أَي مناجزة ورأسا بِرَأْس أَي مماثلة وَقد اخْتلف فِي أَعْرَاب كَلمته فَاه إِلَى فِي فمذهب سِيبَوَيْهٍ مَا ذكر أَنه حَال على انه اسْم وضع مَوضِع الْمصدر أَي مشافهة الْمَوْضُوع الْحَال أَي مشافها وَتعقب بِأَن الِاسْم الَّذِي تنقل الْعَرَب إِلَى الْمصدر لابد أَن يكون نكرَة كَمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ ولابد أَن يكون لَهُ مصدر من لَفظه كالدهن وَالعطَاء وفاه إِلَى فِي لَيْسَ كَذَلِك وَمذهب الْأَخْفَش أَن أَصله من فِيهِ إِلَى فِي حذف الْجَار فنصب كَقَوْلِه {وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح} [الْبَقَرَة: 235] أَي على عقدَة وَتعقب بِأَنَّهُ لَا يعْهَد حذف الْجَرّ مُلْتَزما وَبِأَن مبدأ غَايَة الْمُتَكَلّم فَمه لَا فَم المكلم وَلَو كَانَ معنى (من) مَقْصُودا لقيل من فِي إِلَى فِيهِ إِذا أظهرت وَفِي إِلَى فِيهِ إِذا قدرت وَقد ورد فِي الحَدِيث (أَقْرَأَنيهَا رسولُ الله فاهُ إِلَى فِيّ) ومبدأ الإقراء من فَم النَّبِي على مَا هُوَ الظَّاهِر فِي الْغَايَة على أَن الْفَارِسِي أجَاب عَنهُ فِي الْمِثَال الشهير بِأَنَّهُ من المفاعلة فَلَمَّا تضمن كَلمته معنى كلمني وكلمته صَحَّ ذَلِك لِأَن كلمني (من فِيهِ) صَحِيح أَي لَا

بِوَاسِطَة وَلَا بِكِتَابَة وَالْعرب إِذا ضمنت شَيْئا معنى شَيْء علقت بِهِ مَا يتَعَلَّق بذلك الشَّيْء وَمذهب الْكُوفِيّين أَن أَصله كَلمته جاعلا فَاه إِلَى (فِي) فَهُوَ مفعول بِهِ وَمذهب الْفَارِسِي أَنه حَال نائبة مناب (جاعلا) ثمَّ حذف وَصَارَ الْعَامِل فِيهَا (كَلمته) وَلَا يُقَاس على هَذَا التَّرْكِيب بل يقْتَصر فِيهِ على مورد السماع فَلَا يُقَال كَلمته وَجهه إِلَى وَجْهي وَلَا عينه إِلَى عَيْني وَأَجَازَ هِشَام الْقيَاس عَلَيْهِ فَأجَاز مَاشِيَته قدمه إِلَى قدمي وكافحته وَجهه إِلَى وَجْهي وصارعته جبهتة على جبهتي وجاورته بَيته إِلَى بَيْتِي وناضلته قوسه عَن قوسي وَنَحْو ذَلِك ورد بِأَن فِيهِ إِيقَاع جامد موقع مُشْتَقّ وَمَعْرِفَة موقع نكرَة ومركب مَوضِع مُفْرد وبأقل من هَذَا الشذوذ يمْتَنع الْقيَاس وَسمع كلمني زيد فوه إِلَى فِي بِالرَّفْع على أَنَّهَا جملَة حَالية وَلَا يجوز تَقْدِيم (إِلَى فِي) على (فَاه) نصب أَو رفع عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْجَار للتبيين ك (لَك) بعد (سقيا) وَهُوَ لَا يقدم وَجوز الكوفية تَقْدِيمه إِذا رفع وَيجوز تَقْدِيم كليهمَا وَتَأْخِير الْعَامِل فَيُقَال فَاه إِلَى فِي كلمت زيدا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين لتصرف الْعَامِل وَاتفقَ الْكُوفِيُّونَ على مَنعه وتبعهم بعض الْبَصرِيين وعزي لسيبويه أَيْضا لِأَنَّهَا حَال متأولة لم تقو قُوَّة غَيرهَا وَلم يسمع فِيهَا تَقْدِيم وَلَو قيل فوه إِلَى فِي كلمني زيد لم يجز أَيْضا عِنْد الْكُوفِيّين قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أحفظ عَن الْبَصرِيين نصا فِي ذَلِك وَالْقِيَاس يَقْتَضِي الْجَوَاز الْخَامِس دلَالَته على تَرْتِيب نَحْو ادخُلُوا رجلا رجلا أَي مرتبين وَاحِدًا بعد وَاحِد وعلمته الْحساب بَابا بَابا أَي مفصلا أَو مصنفا وَفِي نصب الثَّانِي من المكرر خلاف ذهب الْفَارِسِي إِلَى أَن الأول لما وَقع موقع الْحَال جَازَ أَن يعْمل فِي الثَّانِي وَذهب ابْن جني إِلَى أَنه فِي مَوضِع الصّفة للْأولِ وَتَقْدِيره بَابا ذَا بَاب حذف

(ذَا) وأقيم الثَّانِي مقَامه فَجرى عَلَيْهِ جَرَيَان الأول كَمَا تَقول زيد عَمْرو أَي مثل عَمْرو وَقيل هُوَ صفة بِلَا تَقْدِير لِأَن التَّفْصِيل لَا يفهم بِالْأولِ وَحده وَقَالَ الزّجاج الثَّانِي تَأْكِيد للْأولِ قيل وَهُوَ أولى لِأَن التّكْرَار للتَّأْكِيد ثَابت من كَلَامهم وَأما التكرير للتفصيل فَلم يثبت فِي مَوضِع وتُعقب بِأَنَّهُ لَو كَانَ تَأْكِيد لَأَدَّى مَا أدّى الأول وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي أختاره أَن كليهمَا مَنْصُوب بالعامل السَّابِق لِأَن مجموعهما هُوَ الْحَال لَا أَحدهمَا وَمَتى اخْتلف بالوصفية أَو غَيرهَا لم يكن لَهُ مدْخل فِي الحالية إِذْ الحالية مستفادة مِنْهُمَا فصارا يعطيان معنى الْمُفْرد فأعطيا إعرابه وَهُوَ النّصْف وَنَظِير ذَلِك قَوْلهم هَذَا حُلْو حامض وَكِلَاهُمَا مَرْفُوع على الخبرية وَإِنَّمَا حصل الْخَبَر بمجموعهما فَلَمَّا نَاب مناب الْمُفْرد الَّذِي هُوَ (مز) أعربا إعرابه قَالَ وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى أَن النصب إِنَّمَا هُوَ بالْعَطْف على تَقْدِير حذف الْفَاء أَي رجلا فرجلا وبابا فبابا لَكَانَ وَجها حسنا عَارِيا عَن التَّكَلُّف لِأَن المعني ادخُلُوا رجلا بعد رجل وعلمته الْحساب بَابا بعد بَاب قلت وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي لظهورهما فِي بعض التراكيب كَحَدِيث: (لتتبعن سنَن من قبلكُمْ باعا فباعا) قَالَ أَبُو حَيَّان والتكرار فِي مثل هَذَا لَا يدل على أَنه أُرِيد بِهِ شبع الْوَاحِد بل الِاسْتِغْرَاق لجَمِيع الرِّجَال والأبواب وَنَحْو ذَلِك السَّادِس دلَالَته على أصاله الشَّيْء نَحْو: {أأسجد لمن خلقت طينا} [الْإِسْرَاء: 61] وَهَذَا خاتمك حديدا وَهَذَا جبتك خَزًّا السَّابِع دلَالَته على فرعيته نَحْو هَذَا حديدك خَاتمًا الثَّامِن دلَالَته على نوعيته نَحْو هَذَا مَالك ذَهَبا التَّاسِع دلَالَته على تَشْبِيه نَحْو كرّ زيد أسدا أَي مشبها أسدا الْعَاشِر دلَالَته على تَقْسِيم نَحْو أقسم المَال عَلَيْهِم أَثلَاثًا أَو أَخْمَاسًا

ورود الحال مصدرا

الْحَادِي عشر دلَالَته على تَفْضِيل باعتبارين نَحْو هَذَا بسراً أطيب مِنْهُ رطبا الثَّانِي عشر دلَالَته على تَفْضِيل على غَيره ذكره ابْن مَالك فِي (كافيته) نَحْو أَحْمد طفْلا أجل من على كهلا وُرُود الْحَال مصدرا (ص) وَورد مصدرا فَأول بِوَصْف وَقيل بِحَذْف مُضَاف وَقيل مفعول مُطلق لما قبله وَقيل لمقدر هُوَ الْحَال وَلَا يُقَاس وَلَو نوع الْفِعْل فِي الْأَصَح نَحْو أَنْت الرجل علما وَزُهَيْر شعرًا وَالْمُخْتَار أَنَّهُمَا تمييزان وَأما علما فعالم وَالْمُخْتَار مفعول بِهِ وَقيل مطاق وَرَفعه لُغَة فَإِن عرف فراجح وَالنّصب مفعول لَهُ أَو بِهِ أَو مُطلق أَقْوَال وَلَا يَقع (أَن) أَو (أَن) وَالْفِعْل حَالا خلافًا لِابْنِ جني (ش) ورد الْحَال مصدرا بِكَثْرَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ أَكثر من وُرُوده نعتا فَمِنْهُ {ادعهن يأتينك سعيا وَاعْلَم} [الْبَقَرَة: 260] {يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة} [الْبَقَرَة: 274] {وادعوه خوفًا وَطَمَعًا} [الْأَعْرَاف: 56] {إِنِّي دعوتهم جهارا} [نوح: 8] وَقَالُوا قتلته صبرا وأتيته ركضا ومشيا وعدوا ولقيته فَجْأَة وكفاحا وعيانا وكلمته مشافهة وطلع بَغْتَة وَأخذت ذَلِك عَنهُ سَمَاعا فَاخْتلف النحويون فِي تَخْرِيج هَذِه الْكَلم وَمَا أشبههَا من المسموع فَذهب سِيبَوَيْهٍ وَجُمْهُور الْبَصرِيين إِلَى أَنَّهَا مصَادر فِي مَوضِع الْحَال مؤولة بالمشتق أَي ساعيا وراكضا ومفاجئا ومسرا ومعلنا وخائفين وطائعين ومجاهرا ومصبورا وَكَذَا الْبَاقِي وَقَالَ بَعضهم هِيَ مصَادر على حذف مُضَاف أَي إتْيَان ركض وسير عَدو ولقاء فَجْأَة وَقيل هِيَ أَحْوَال على حذف مُضَاف أَي ذَا سعي وَذَا فَجْأَة

وَقيل هِيَ مفاعيل مُطلقَة للأفعال السَّابِقَة نوعية وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ وَقيل هِيَ مفاعيل مُطلقَة لفعل مُقَدّر من لَفظهَا وَذَلِكَ الْفِعْل هُوَ الْحَال أَي أتيت أركض ركضا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش والمبرد وَأجْمع البصريون والكوفيون على أَنه لَا يسْتَعْمل من ذَلِك إِلَّا مَا استعملته الْعَرَب وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ غَيره فَلَا يُقَال جَاءَ زيد بكاء وَلَا ضحك زيد اتكاء وشذ الْمبرد فَقَالَ يجوز الْقيَاس وَاخْتلف النَّقْل عَنهُ فَنقل عَنهُ قوم أَنه أجَاز ذَلِك مُطلقًا وَنقل عَنهُ آخَرُونَ أَنه أجَازه فِيمَا هُوَ نوع الْفِعْل نَحْو أَتَيْته سرعَة وَيسْتَثْنى ثَلَاثَة أَنْوَاع جوزوا الْقيَاس فِيهَا الأول مَا وَقع بعد خبر قرن بأل الدَّالَّة على الْكَمَال نَحْو أَنْت الرجل علما أَي الْكَامِل فِي حَال علم فَيُقَال أَنْت الرجل أدبا ونبلا وحلما قَالَ أَبُو حَيَّان وَعِنْدِي أَن النصب فِي هَذَا على التَّمْيِيز كَأَنَّهُ قَالَ أَنْت الْكَامِل من حَيْثُ الْعلم لِأَن إِطْلَاق الرجل بِمَعْنى الْكَامِل مَعْرُوف وَالْأَصْل أَنْت الْكَامِل علمه الثَّانِي مَا وَقع بعد خبر يشبه بِهِ مبتدؤه نَحْو أَنْت زُهَيْر شعرًا فَيُقَال أَنْت حَاتِم جودا والأحنف حلما ويوسف حسنا قَالَ أَبُو حَيَّان والتمييز فِيهِ أظهر أَيْضا وَقد نصوا على أَنه تَمْيِيز فِي قَوْلك: زيد الْقَمَر حسنا وثوبك السلق خضرَة الثَّالِث مَا وَقع بعد أما نَحْو أما علما فعالم وَالْأَصْل فِيهِ أَن رجلا وصف عِنْده شخص بِعلم وَغَيره فَقَالَ الرجل للواصف أما علما فعالم يُرِيد مهما يذكر إِنْسَان فِي حَال علم فَالَّذِي وصفت عَالم كَأَنَّهُ مُنكر مَا وَصفه بِهِ من غير الْعلم فالناصب لهَذِهِ الْحَال هُوَ فعل الشَّرْط الْمَحْذُوف وَصَاحب الْحَال هُوَ الْمَرْفُوع بِفعل الشَّرْط وَيُقَال قِيَاسا عَلَيْهِ أما سمنا فسمين وَأما نبْلًا فنبيل وَذهب بَعضهم إِلَى أَن نصب (عَالما) فِي هَذَا الْمِثَال على أَنه مفعول بِهِ ب فعل الشَّرْط الْمُقدر فَيقدر مُتَعَدِّيا على حسب الْمَعْنى فَكَأَنَّهُ قَالَ مهما تذكر علما فَالَّذِي وصف عَالم

وَهَذَا مَذْهَب الْكُوفِيّين وَاخْتَارَهُ السيرافي وَابْن مَالك قَالَ لِأَنَّهُ لَا يخرج مِنْهُ شَيْء عَن أَصله إِذْ الحكم عَلَيْهِ بالحالية فِيهِ إِخْرَاج الْمصدر عَن أَصله وَوَضعه مَوضِع اسْم الْفَاعِل وَلِأَنَّهُ ورد فِيمَا لَيْسَ مصدرا سمع أما قُريْشًا فَأَنا أفضلهَا وَأما العبيد فذو عبيد وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه مفعول مُطلق مُؤَكد لناصبه وَهُوَ (عَالم) الْمُؤخر وَالتَّقْدِير (مهما يكن من شَيْء فالمذكور عَالم علما) فَلَزِمَ تَقْدِيمه كَمَا لزم تَقْدِيم الْمَفْعُول فِي {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} [الضُّحَى: 9] وَالْأَصْل مهما يكن من شَيْء فاليتيم لَا تقهر وَرفع الْمصدر الْوَاقِع بعد أما جَائِز فِي لُغَة تَمِيم أما علم فعالم مَعَ ترجيحهم النصب فَإِن وَقع بعد (أما) معرفَة فالأرجح عِنْد المجازيين رَفعه وأوجبه بَنو تَمِيم نَحْو أما الْعلم فعالم أَي فَهُوَ عَالم وَيجوز نَصبه أَيْضا فِي لُغَة الْحجاز وَوَجهه سيبوبه بِأَن مفعول لَهُ لتعذر الْحَال بالتعريف والمصدر لِأَنَّهُ مُؤَكد والمؤكد لَا يكون معرفَة وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه مفعول مُطلق والكوفيون وَمن وافقهم إِلَى أَنه مفعول بِهِ كالقولين فِي الْمُنكر وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن أَن وَالْفِعْل وَإِن قدرت بمصدر لَا يجوز أَن تقع حَالا لِأَن الْعَرَب أجرتهَا مجْرى المعارف فِي بَاب الْإِخْبَار بكان وَلِأَن أَن للاستقبال والمستقبل لَا يكون حَالا وأجازة ابْن جني وَخرج عَلَيْهِ قَوْله 929 - (وَقَالُوا لَهَا لَا تُنكِحيه فإنّه ... لأوّل نَصْل أنْ يلاقِيَ مَجْمعَا)

تنكير الحال

تنكير الْحَال (ص) مَسْأَلَة يجب تنكيره وَثَالِثهَا لَا إِن كَانَ فِيهِ معنى الشَّرْط وَورد بِاللَّامِ وَالْإِضَافَة وعلما فمؤول وَمِنْه الْعدَد من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة مُضَافا لضمير سَابق وتجعله بَنو تَمِيم توكيدا وَكَذَا مركبة فِي الْأَصَح وَالأَصَح أَن (وَحده) مَوضِع مصدر حَال وَقيل مصدر بِحَذْف الزِّيَادَة وَقيل من (وحد) وَقيل لَا فعل لَهُ وَقيل نصب ظرفا وَقيل بمضمر (ش) يجب فِي الْحَال التنكير لِأَنَّهَا خبر فِي الْمَعْنى وَلِئَلَّا يتَوَهَّم كَونهَا نعتا عِنْد نصب صَاحبهَا أَو خَفَاء إعرابها هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَجوز يُونُس والبغداديون تَعْرِيفهَا نَحْو جَاءَ زيد الرَّاكِب قِيَاسا على الْخَبَر وعَلى مَا سمع من ذَلِك وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِذا كَانَ فِي الْحَال معنى الشَّرْط جَازَ أَن يَأْتِي على صُورَة الْمعرفَة وَهِي مَعَ ذَلِك نكرَة نَحْو عبد الله المحسن أفضل مِنْهُ الْمُسِيء التَّقْدِير: إِذا أحسن أفضل مِنْهُ إِذا أَسَاءَ وَأَنت زيدا أشهر مِنْك عمرا أَي إِذا سميت وَسمع لذُو الرمة ذَا الرمة أشهر مِنْهُ غيلَان فَإِن لم يكن فِيهَا معنى الشَّرْط لم يجز أَن تَأتي معرفَة فِي اللَّفْظ نَحْو جَاءَ زيد الرَّاكِب والأولون قَالُوا الْمَنْصُوب فِي الأول بِتَقْدِير إِذا كَانَ وَفِي الآخرين بِفعل التَّسْمِيَة وَورد عَن الْعَرَب أَحْوَال مقترنة بِاللَّامِ كَقَوْلِهِم مَرَرْت بهم الْجَمَّاء الْغَفِير 930 - (فأرسلها العراكَ ... )

وادخلوا الأول فَالْأول وَقُرِئَ {ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل} [المُنَافِقُونَ: 8] وَهِي مؤولة على زِيَادَة اللَّام وَورد أَيْضا أَحْوَال مُضَافَة نَحْو (تفَرقُوا أيادي سبأ) فَأول بِتَقْدِير (مثل) أَو (تبددا لَا بَقَاء مَعَه) وطلبته جهدي وطاقتي ووحدي فَأول بِتَقْدِير جاهدا ومطيقا ومنفردا وَرجع عوده على بدئه أَي عَائِدًا وَمِنْه عِنْد الْحِجَازِيِّينَ الْعدَد من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة مُضَافا إِلَى ضمير مَا تقدم نَحْو مَرَرْت بهم ثَلَاثَتهمْ أَو خمستهم أَو عشرتهم وتأويله عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَنه فِي مَوضِع مصدر وضع مَوضِع الْحَال أَي مثلثا أَو مخمسا لَهُم وَبَنُو تَمِيم يتبعُون ذَلِك لما قبله فِي الْإِعْرَاب توكيدا فعلي هَذَا يقدر ب (جَمِيعهم) وعَلى الأول ب (جَمِيعًا) وَهل يجْرِي ذَلِك فِي مركب الْعدَد قيل لَا وَالصَّحِيح الْجَوَاز فَيُقَال جَاءَ الْقَوْم خَمْسَة عشرهم والنسوة خَمْسَة عشرتهم بِالنّصب وَورد أَيْضا من الْحَال مَا هُوَ علم قَالُوا جَاءَت الْخَيل بداد وبداد علم جنس فَأول بمتبددة

صاحب الحال

وَفِي (وَحده) مَذَاهِب قَالَ سِيبَوَيْهٍ والخليل هُوَ اسْم مَوْضُوع مَوضِع الْمصدر الْمَوْضُوع مَوضِع الْحَال كَأَنَّهُ قَالَ إيحادا وإيحادا مَوضِع موحدا فِي الْمُتَعَدِّي ومتوحدا فِي اللَّازِم وَقَالَ قوم إِنَّه مصدر على حذف حُرُوف الزِّيَادَة من إِيجَاد وَاقع موقع الْحَال وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّه مصدر لم يلفظ لَهُ بِفعل كالأخوة وَقيل إِنَّه مصدر بِلَا حذف لِأَنَّهُ سمع وحد يحد وَقَالَ يُونُس وَهِشَام إِنَّه مَنْصُوب انتصاب الظّرْف فَيجْرِي مجْرى (عِنْده) وَالْأَصْل فِي جَاءَ زيد وَحده على وَحده حذف الْجَار وَنصب على الظّرْف وَسمع جلسا على وحديهما وَالتَّقْدِير فِي زيد وَحده زيد مَوضِع التفرد وَهَذَا الْمِثَال مسموع وَهُوَ أقوى دَلِيل على ظرفيته حَيْثُ جَعَلُوهُ خَبرا لَا حَالا إِذْ لَا يجوز زيد جَالِسا وق وَقيل إِنَّه فِي زيد وَحده مَنْصُوب بِفعل مُضْمر أَي وحد وَحده كَمَا قَالُوا زيد إقبالا وإدبارا أَي يقبل وَيُدبر صَاحب الْحَال (ص) مَسْأَلَة لَا يَجِيء من نكرَة غَالِبا إِلَّا بمسوغ ابْتِدَاء قَالَ أَبُو حَيَّان: ودونه قِيَاسا وَقيل يخْتَص بِالْوَصْفِ وَشرط بَعضهم الْوَصْف بوصفين مَا لم يقدم أَو يكن جملَة بِالْوَاو وَالأَصَح أَنه فِي نَحْو فِيهَا قَائِما رجل من الْمُبْتَدَأ لَا ضمير الظّرْف وَيَجِيء من الْمُضَاف إِلَيْهِ مَفْعُوله قَالَ الْأَخْفَش وَابْن مَالك أَو جزؤه أَو كجزئه وَبَعْضهمْ مُطلقًا وَفِي مَجِيئه من المنادى ثَالِثهَا يجوز مُؤَكدَة لَا مبينَة (ش) لما كَانَت الْحَال خَبرا فِي الْمَعْنى وصاحبها مخبرا عَنهُ أشبه الْمُبْتَدَأ فَلم يجز مَجِيء الْحَال من النكرَة غَالِبا إِلَّا بمسوغ من مسوغات الِابْتِدَاء بهَا وَمن

النَّادِر قَوْلهم (عَلَيْهِ مائَة بيضًا) و (فِيهَا رجل قَائِما) وَاخْتَارَ أَبُو حَيَّان مَجِيء الْحَال من النكرَة بِلَا مسوغ كثيرا قِيَاسا وَنَقله عَن سِيبَوَيْهٍ وَإِن كَانَ دون الِاتِّبَاع فِي الْقُوَّة وَمن المسوغات النَّفْي كَقَوْلِه تَعَالَى {وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا وَلها كتاب مَعْلُوم} [الْحجر: 4] وَالنَّهْي نَحْو 931 - (لَا يَرْكَبَنْ أحدٌ إِلَى الإحْجام ... يَوْمَ الوَغَى مُتَخَوِّفاً لحِمام) والاستفهام نَحْو 932 - (يَا صَاح هَل حُمَّ عَيْشٌ باقِياً فَتَري ... ) وَالْوَصْف نَحْو {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم أمرا} [الدُّخان: 4 - 5] وبالآية رد على من قَالَ إِنَّه لَا يجوز إِلَّا أَن تكون النكرَة مَوْصُوفَة بوصفين وَالْإِضَافَة نَحْو: {فِي أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء} [فصلت: 10] {وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً} [الْأَنْعَام: 111] وَالْعَمَل نَحْو مَرَرْت بضارب هندا قَائِما وَقيل لَا يجوز فِي غير الْمَوْصُوف إِلَّا سَمَاعا

فَإِن قدم الْحَال على صَاحبه النكرَة جَازَ وَإِن لم يكن لَهُ مسوغ تخلصا من تقدم الْوَصْف نَحْو هَذَا قَائِما رجل وَكَذَا إِن كَانَ جملَة مقرونة بِالْوَاو نَحْو {أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة وَهِي خاوية على عروشها} [الْبَقَرَة: 259] 934 - (مَضَى زَمَنٌ والنَّاسُ يَسْتَشْفِعُون بِي ... ) وَظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ أَن صَاحب الْحَال فِي نَحْو (فِيهَا قَائِما رجل) هُوَ الْمُبْتَدَأ وَصَححهُ ابْن مَالك وَذهب قوم إِلَى أَن صَاحبه الضَّمِير المستكن فِي الْخَبَر بِنَاء على أَنه لَا يكون إِلَّا من الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَزعم ابْن خروف أَن الْخَبَر إِذا كَانَ ظرفا أَو مجرورا لَا ضمير فِيهِ عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْفراء إِلَّا إِذا تَأَخّر وَأما إِذا تقدم فَلَا ضمير فِيهِ لِأَنَّهُ لَو كَانَ لجَاز أَن يُؤَكد ويعطف عَلَيْهِ ويبدل مِنْهُ كَمَا يفعل ذَلِك مَعَ الْمُتَأَخر وَحقّ صَاحب الْحَال أَلا يكون مجرورا بِالْإِضَافَة كَمَا لَا يكون صَاحب الْخَبَر لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ مكمل للمضاف وواقع مِنْهُ موقع التَّنْوِين فَإِن كَانَ الْمُضَاف بِمَعْنى الْفِعْل حسن جعل الْمُضَاف إِلَيْهِ صَاحب حَال لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنى فَاعل أَو مفعول نَحْو {إِلَيْهِ مرجعكم جَمِيعًا} [يُونُس: 4] وَعرفت قيام زيد مسرعا وَجوز بعض الْبَصرِيين وَصَاحب (الْبَسِيط) مَجِيء الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ مُطلقًا وَخَرجُوا عَلَيْهِ {أَن دابر هَؤُلَاءِ مَقْطُوع مصبحين} [الْحجر: 66] وَقَوله 934 - (حَلَقُ الْحَدِيد مُضَاعَفاً يَتَلَهّبُ ... )

تقديم الحال على صاحبه

وَجوزهُ الْأَخْفَش وَابْن مَالك إِن كَانَ الْمُضَاف جُزْءا مَا أضيف إِلَيْهِ أَو مثل جزئه نَحْو {مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا} [الْحجر: 47] {مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} [النِّسَاء: 125] لِأَنَّهُ لَو اسْتغنى بِهِ عَن الْمُضَاف وَقيل نَزَعْنَا مَا فيهم إخْوَانًا وأتبع إِبْرَاهِيم حَنِيفا لصَحَّ ورده أَبُو حَيَّان وَقَالَ إِن النصب فِي (إخْوَانًا) على الْمَدْح و (حَنِيفا) حل من (مِلَّة) بِمَعْنى دين أَو من الضَّمِير فِي (اتبع) قَالَ وَإِنَّمَا لم يجز الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ لما تقرر من أَن الْعَامِل فِي الْحَال هُوَ الْعَامِل فِي صَاحبهَا وعامل الْمُضَاف إِلَيْهِ اللَّام أَو الْإِضَافَة وَكِلَاهُمَا لَا يصلح أَن يعْمل فِي الْحَال وَفِي مَجِيء الْحَاء من المنادى مَذَاهِب تَقْدِيم الْحَال على صَاحبه (ص) وَيقدم على صَاحبه لَا مجرور بِإِضَافَة وَقيل إِلَّا بِوَصْف وَلَا مَنْصُوب بكأن وليت وَلَعَلَّ وَفعل تعجب وَلَا ضمير مُتَّصِل بصلَة أل أَو حرف وَيجب إِن أضيف لضمير ملابسه قيل أَو قرن بإلا وَمنعه البصريون على مجرور بِغَيْر زَائِد وَثَالِثهَا إِلَّا الضَّمِير والفعلية والكوفية على ظَاهر مَرْفُوع آخر رافعه ومنصوب وَقيل إِلَّا الفعلية (ش) الأَصْل فِي الْحَال التَّأْخِير عَن صَاحبهَا كالخبر وَيجوز تَقْدِيمهَا عَلَيْهِ كَمَا يجوز فِيهِ سَوَاء كَانَ مَرْفُوعا كَقَوْلِه 935 - (فَسَقَى دِيَارَك غَيْرَ مُفْسِدِها ... صَوْبُ الغَمَام وديمةٌ تَهْمِى) أم مَنْصُوبًا كَقَوْلِه

936 - (وَصَلتْ وَلم أَصْرمْ مُسِبِّبينَ أُسْرَتِي ... ) أم مجرورا بِحرف زَائِد نَحْو مَا جَاءَ عَاقِلا من أحد وَكفى معينا بزيد أَو أُصَلِّي نَحْو {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} [سبأ: 28] هَذَا هُوَ الْأَصَح فِي الْجَمِيع أما الْمَجْرُور بِالْإِضَافَة فَلَا يجوز تَقْدِيم الْحَال عَلَيْهِ كعرفت قيام هِنْد مسرعة فَلَا يقدم (مسرعة) على (هِنْد) لِئَلَّا يفصل بَين الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ وَلَا على (قيام) الَّذِي هُوَ الْمُضَاف لِأَن نِسْبَة الْمُضَاف إِلَيْهِ من الْمُضَاف كنسبة الصِّلَة من الْمَوْصُول فَلَا يقدم عَلَيْهِ شَيْء من معمولاته وَسَوَاء كَانَت الْإِضَافَة مَحْضَة كالمثال أم غير مَحْضَة نَحْو هَذَا شَارِب السويق ملتويا الْآن أَو غَدا كَمَا قَالَ ابْن هِشَام فِي (الْجَامِع) إِنَّه الْأَصَح وَأَجَازَ ابْن مَالك فِي الثَّانِي تَقْدِيم الْحَال على الْمُضَاف لِأَن الْإِضَافَة فِي نِيَّة الِانْفِصَال كَذَا ذكره فِي (شَرّ ح التسهيل) لكنه نقل ذَلِك فِي (شرح الْعُمْدَة) عَن بعض النَّحْوِيين وَقَالَ الْمَنْع عِنْدِي أولى وَمنع أَكثر النَّحْوِيين مِنْهُم الْبَصرِيين تَقْدِيم الْحَال على صَاحبهَا الْمَجْرُور بِحرف غير زَائِد سَوَاء كَانَ ظَاهرا أَو ضميرا فمنعوا مَرَرْت ضاحكة بهند ومررت ضَاحِكا بك وتأولوا الْآيَة بِأَن (كَافَّة) حَال من الْكَاف وعللوا الْمَنْع بِأَن تعلق الْعَامِل بِالْحَال ثَان لتَعَلُّقه بِصَاحِبِهِ فحقه إِذا تعدى لصَاحبه بِوَاسِطَة أَن يتعدي إِلَيْهِ بِتِلْكَ الْوَاسِطَة لَكِن منع من ذَلِك خوف التباس الْحَال بِالْبَدَلِ وَأَن فعلا وَاحِدًا لَا يتَعَدَّى بِحرف بِحرف وَاحِد إِلَى شَيْئَيْنِ فَجعلُوا عوضا من الْإِشْرَاك فِي الْوَاسِطَة الْتِزَام التَّأْخِير وَبِأَن حَال الْمَجْرُور بِحرف شبية بِحَال عمل فِيهِ حرف جر مضمن معنى الِاسْتِقْرَار نَحْو زيد فِي الدَّار مُتكئا فَكَمَا لَا يجوز تَقْدِيم الْحَال على حرف الْجَرّ فِي مثل هَذَا لَا يقدم عَلَيْهِ هُنَا وَجوز الكوفية التَّقْدِيم إِن كَانَ صَاحب الْحَال ضميرا أَو ظَاهرا وَالْحَال فعل نَحْو مَرَرْت تضحك بهند ومنعوه إِذا كَانَ ظَاهرا وَهِي اسْم

تقديم الحال على عامله

وَنقل ابْن الْأَنْبَارِي الْإِجْمَاع على الْمَنْع حِينَئِذٍ وَلَيْسَ كَذَلِك فقد قَالَ بِالْجَوَازِ مُطلقًا الْفَارِسِي وَابْن كيسَان وَابْن برهَان وَصَححهُ ابْن مَالك وَمنع الْكُوفِيُّونَ أَيْضا التَّقْدِيم على الْمَرْفُوع الظَّاهِر الْمُؤخر رافعه فَلَا يجيزون مسرعا قَامَ زيد ويجيزون قَامَ مسرعا زيد لتقدم الرافع وَمنع الْكُوفِيُّونَ أَيْضا التَّقْدِيم على الْمَنْصُوب الظَّاهِر سَوَاء كَانَ الْحَال اسْما أَو فعلا فَلَا يجيزون لقِيت راكبة هندا وَلَا لقِيت تركب هِنْد وعللوه بِأَنَّهُ يُوهم كَون الِاسْم مَفْعُولا وَمَا بعده بدل مِنْهُ وَجوزهُ بَعضهم إِذا كَانَت الْحَال فعلا لَا اسْما لانْتِفَاء توهم المفعولية إِذْ لَا يتسلط الْفِعْل على الْفِعْل تسلط الْمَفْعُول بِهِ وَفِي (شرح الْعُمْدَة) لِابْنِ مَالك وَمَا يمْتَنع فِيهِ تَقْدِيم الْحَال على صَاحبهَا أَن يكون مَنْصُوبًا بكان أَو لَيْت أَو لَعَلَّ أَو فعل تعجب أَو اتَّصل بصلَة (أل) نَحْو القاصدك سَائِلًا زيد أَو اتَّصل بِفعل مَوْصُول بِهِ حرف نَحْو أعجبني أَن ضربت زيدا مؤدبا وَلم يتَعَرَّض لذَلِك فِي (التسهيل) وَقد يعرض للْحَال مَا يُوجب تَقْدِيمهَا على صَاحبهَا كإضافته إِلَى ضمير ملابسها نَحْو جَاءَ زَائِرًا هِنْد أَخُوهَا وَجَاء منقادا لعَمْرو صَاحبه وَجعل قوم من ذَلِك اقتران صَاحب الْحَال بإلا نَحْو مَا قدم مسرعا إِلَّا زيد تَقْدِيم الْحَال على عَامله (ص) وعَلى عَامله وَثَالِثهَا يمْنَع فِي نَحْو رَاكِبًا زيد جَاءَ وَرَابِعهَا إِن كَانَت فِي ظَاهر وَفِي الْمُؤَكّدَة خلاف الْمصدر وَيمْتَنع إِن كَانَ الْعَامِل فعلا غير متصرف أَو صلَة لأل أَو حرفا أَو مصدرا قَالَ ابْن مَالك أَو نعتا أَو أفعل تَفْضِيل أَو اتَّصل بلام ابْتِدَاء أَو قسم أَو أفهم تَشْبِيها خلافًا للكسائي أَو ضمن معنى الْفِعْل لَا حُرُوفه كإشارة وتنبيه وتمن وترج أَو قرن الْحَال بِالْوَاو وَثَالِثهَا يجوز إِن كَانَ فعلا (ش) فِي تَقْدِيم الْحَال على عَملهَا مَذَاهِب أَحدهَا الْمَنْع مُطلقًا وَعَلِيهِ الْجرْمِي تَشْبِيها بالتمييز

وَالثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا إِلَّا مَا يَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ وَهُوَ الْأَصَح وَعَلِيهِ الْجُمْهُور قِيَاسا على الْمَفْعُول بِهِ والظرف وَالْفرق بَينه وَبَين التَّمْيِيز أَن الْحَال يقتضيها الْفِعْل بِوَجْه فَقدمت كَمَا تقدم سَائِر الفضلات وَقد ورد بِهِ السماع قَالَ تَعَالَى {خشعا أَبْصَارهم يخرجُون} [الْقَمَر: 70] وَسَوَاء كَانَت الْحَال مصدرا أَو غَيره مُؤَكدَة أم غير مُؤَكدَة وَفِي الْمُؤَكّدَة خلاف كالخلاف فِي الْمصدر الْمُؤَكّدَة وَمنع الْأَخْفَش رَاكِبًا زيد جَاءَ لبعدها عَن الْعَامِل وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَب الثَّالِث وَالرَّابِع وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ إِن كَانَت الْحَال من مَرْفُوع ظَاهر تَأَخَّرت وتوسطت والرافع قبلهَا وَلم يتَقَدَّم على الرّفْع وَالْمَرْفُوع مَعًا فَلَا يجوز رَاكِبًا جَاءَ زيد لِأَنَّهَا عِنْدهم فِي معنى الشَّرْط فيؤول إِلَى تَقْدِيم الْمُضمر على الظَّاهِر لفظا ورتبة وَإِن كَانَت من مَرْفُوع مُضْمر جَازَ تَأْخِيرهَا وتوسيطها وتقديمها على الرافع وَالْمَرْفُوع مَعًا نَحْو قَائِما فِي الدَّار وَأَنت وراكبا جِئْت وَإِن كَانَت من مَنْصُوب ظَاهر أَو مجرور ظَاهر لم يجز تَقْدِيمهَا كالمرفوع وَلَا توسطها حذرا من توهم الْمَفْعُول أَو مُضْمر جَازَ التَّقْدِيم نَحْو ضَاحِكا لقيتني هِنْد وضاحكا مرت بِي هِنْد وعَلى الْأَصَح يسْتَثْنى صور لَا يجوز فِيهَا التَّقْدِيم مِنْهَا أَن يكون الْعَامِل فعلا غير متصرف نَحْو مَا أحسن هندا متجردة فَلَا يُقَال متجردة مَا أحسن هندا أَو صفة غير مَحْضَة أَو صلَة لأل نَحْو الجائي مسرعا زيد فَلَا يجوز المسرعا جَاءَنِي زيد بِخِلَاف صلَة غَيرهَا فَيُقَال من الَّذِي خَائفًا جَاءَ أَو صلَة لحرف مصدري نَحْو يُعجبنِي أَن يقوم زيد مسرعا فَلَا يجوز أَن مسرعا يقوم زيد أَو مصدرا نَحْو يُعجبنِي ركُوب الْفرس مسرجا أَو نعتا نَحْو مَرَرْت بِرَجُل ذَاهِبَة فرسه مكسورا سرجها فَلَا يُقَال بِرَجُل مكسورا سرجها ذَاهِبَة فرسه كَذَا قَالَه ابْن مَالك

وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّه غَفلَة مِنْهُ ونصوص النَّحْوِيين على جَوَاز تَقْدِيم مَعْمُول النَّعْت عَلَيْهِ من مفعول بِهِ وَحَال وظرف ومصدر وَنَحْوهَا وَإِنَّمَا منعُوا تَقْدِيم الْمَعْمُول على المنعوت لَا على النَّعْت الْعَامِل فِيهِ فَيجوز فِي مَرَرْت بِرَجُل يركب الْفرس مسرجا مَرَرْت بِرَجُل مسرجا يركب الْفرس وَلَا يجوز مَرَرْت مسرجا بِرَجُل يركب الْفرس قَالَ وَأما الْمِثَال الَّذِي ذكره فَلم يمْتَنع فِيهِ تَقْدِيم (مكسورا سرجها) من جِهَة أَن الْعَامِل فِي (مكسورا) النَّعْت بل من جِهَة تَقْدِيم الْمُضمر على مَا يفسره وَقد نَص النحويون على منع تَقْدِيم الْمُضمر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَا أشبههَا وَأَنه مِمَّا يلْزم فِيهِ تَأْخِير الْحَال إِذْ لَيْسَ من الْمَوَاضِع الَّتِي يُفَسر فِيهَا الْمُضمر مَا بعده وَمن الصُّور المستثناة أَن يكون الْعَامِل أفعل التَّفْضِيل نَحْو زيد أكفاهم ناصرا لانحطاطه عَن دَرَجَة اسْم الْفَاعِل وَالصّفة المشبهة فَأشبه الجوامد أَو مُتَّصِلا بلام الِابْتِدَاء أَو لَام الْقسم نَحْو لأصبر محتسبا وَالله لأقومن طَائِعا أَو مفهم تَشْبِيه نَحْو زيد مثلك شجاعا وَزيد زُهَيْر شعرًا وَزيد الشَّمْس طالعة وَالْمَنْع فِي هَذِه الصُّورَة مَذْهَب الْبَصرِيين وَأَجَازَ الْكسَائي التَّقْدِيم فَقَالَ زيد شجاعا مثلك وَزيد طالعة الشَّمْس وَمِنْهَا أَن يكون الْعَامِل غير فعل وَلَا وصف فِيهِ معنى الْفِعْل وحروفه وَهُوَ الجامد المتضمن معنى مُشْتَقّ ك (أما) فِي مثل أما علما فعالم أَو اسْم الْإِشَارَة (وحروف) التَّنْبِيه نَحْو هَذَا زيد قَائِما يجوز كَون الْعَامِل فِي الْحَال حرف التَّنْبِيه وَأَن يكون الْإِشَارَة فعلي تَقْدِير الأول يجوز هَا قَائِما ذَا زيد وَلَا يجوز على تَقْدِير الثَّانِي وكحرف التَّمَنِّي وَهُوَ لَيْت والترجي وَهُوَ لَعَلَّ وَمِنْهَا أَن يكون الْحَال جملَة مَعهَا وَاو نَحْو جَاءَ زيد وَالشَّمْس طالعة فَلَا يجوز وَالشَّمْس طالعة جَاءَ زيد وَأَجَازَهُ الْكسَائي وَالْفراء وَهِشَام مُطلقًا وَأَجَازَهُ بَعضهم إِذا كَانَ الْعَامِل فعلا

إذا كان عامل الحال أفعل التفضيل

إِذا كَانَ عَامل الْحَال أفعل التَّفْضِيل (ص) واغتفر بل وَجب على الْأَصَح توَسط أفعل بَين حَالين وَإِنَّمَا يجيئان مَعَه لمختلفي حَال أَو ذَات وَالأَصَح أَنه يعْمل فيهمَا (ش) كَانَ الْقيَاس إِذا كَانَ الْعَالم أفعل التَّفْضِيل وَاقْتضى حَالين أَن يتَأَخَّر الحالان عَنهُ لِأَنَّهُ إِذا كَانَ يَقْتَضِي حَالا وَاحِدَة وَجب تَأْخِيرهَا عَنهُ وَلَا ينْتَصب مَعَ أفعل التَّفْضِيل إِلَّا الْمُخْتَلف الذَّات مُخْتَلف الْحَالين نَحْو زيد مُفردا أَنْفَع من عَمْرو معانا أَو مُتَّفقا الْحَال نَحْو زيد مُفردا أَنْفَع من عَمْرو مُفردا أَو إِلَّا المتحد الذَّات مُخْتَلف الْحَالين نَحْو هَذَا بسرا أطيب مِنْهُ رطبا وَزيد قَائِما أَخطب مِنْهُ قَاعِدا وَاخْتلف فِي الْعَامِل فِي هذَيْن الْحَالين فَالْأَصَحّ أَنه أفعل التَّفْضِيل ف (بسرا) حَال من الضَّمِير المستكن فِي (أطيب) و (رطبا) حَال من ضمير (مِنْهُ) وَالْعَامِل فيهمَا (أطيب) وَذهب الْمبرد وَطَائِفَة إِلَى أَنَّهُمَا منصوبان على إِضْمَار كَانَ التَّامَّة صلَة ل (إِذْ) فِي الْمَاضِي و (إِذا) فِي الْمُسْتَقْبل وهما حالان من ضميرهما وَقيل على إِضْمَار (كَانَ) و (يكون) النَّاقِصَة وعَلى الحالية فالمسموع من كَلَام الْعَرَب توَسط (أفعل) بَين هذَيْن الْحَالين فاقتصر الْجُمْهُور على مَا سمع فَقَالُوا لَا يجوز تأخيرهما عَن أفعل وَلَا تَقْدِيمهَا عَلَيْهِ لِأَن الْقيَاس فِي أصل هَذِه الْمَسْأَلَة الْمَنْع لَوْلَا أَن السماع ورد بهَا إِذْ لَا يعْهَد نصب (أفعل) فضلتين بِدَلِيل أَنه لَا ينصب مفعولين فَلَمَّا وَردت أجريت كَمَا سَمِعت وَوَجهه الزّجاج بِأَنَّهُم أَرَادوا أَن يفصلوا بَين الْمفضل والمفضل عَلَيْهِ لِئَلَّا يَقع الالتباس وَلَا يعلم أَيهمَا الْمفضل فَلِذَا قدم الْمفضل وَأخر الْمفضل عَلَيْهِ وَأَجَازَ بعض المغاربة تَأْخِير الْحَالين عَن (أفعل) بِشَرْط أَن يَلِيهِ الْحَال الأولى مفصولة عَنهُ من الثَّانِيَة فَيُقَال هَذَا أطيب بسرا مِنْهُ رطبا وَزيد أَشْجَع أعزل من عَمْرو ذَا سلَاح

إذا كان عامل الحال ظرفا أو مجرورا

قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا حسن فِي الْقيَاس لكنه يحْتَاج إِلَى سَماع أما التَّأْخِير على غير هَذَا الْوَجْه نَحْو هَذَا أطيب مِنْهُ بسرا رطبا أَو التَّقْدِيم نَحْو هَذَا بسرا مِنْهُ رطبا أطيب فَلَا يجوز بِإِجْمَاع إِذا كَانَ عَامل الْحَال ظرفا أَو مجرورا (ص) فَإِن كَانَ الْعَامِل ظرفا لم يقدم على الْجُمْلَة وَثَالِثهَا يجوز إِن كَانَ مثله وَفِي تقدمه عَلَيْهِ لَا الْجُمْلَة الْأَقْوَال وَرَابِعهَا يجوز إِن كَانَت من مُضْمر مَرْفُوع وَقَالَ ابْن مَالك إِن كَانَت مثله قوي وَإِلَّا ضعف فَإِن تَأَخّر الْمُبْتَدَأ جَازَ اتِّفَاقًا (ش) إِذا كَانَ عَامل الْحَال ظرفا أَو مجرورا فَفِي جَوَاز تَقْدِيم الْحَال على الْجُمْلَة الَّتِي مِنْهَا الظّرْف وَالْمَجْرُور أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ الْأَصَح الْمَنْع مُطلقًا وَحكى فِيهِ ابْن طَاهِر الِاتِّفَاق فَلَا يُقَال قَائِما فِي الدَّار زيد وَالثَّانِي الْجَوَاز وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَالثَّالِث وَعَلِيهِ ابْن برهَان التَّفْضِيل بَين أَن يكون الْحَال أَيْضا ظرفا وحرف جر فَيجوز تَقْدِيمهَا نَحْو: {هُنَالك الْولَايَة لله الْحق} [الْكَهْف: 44] ف (هُنَالك) ظرف مَكَان وَهُوَ حَال من ضمير (لله) الَّذِي هُوَ خبر (الْولَايَة) وَالْمَنْع فِي غير ذَلِك وَفِي توسطه بِأَن يقدم على الْعَامِل دون الْمُبْتَدَأ أَقْوَال أَحدهَا الْجَوَاز مُطلقًا وَصَححهُ ابْن مَالك نَحْو زيد مُتكئا فِي الدَّار وَزيد عِنْد هِنْد فِي بستانها وَالثَّانِي الْمَنْع مُطلقًا لضعف الْعَامِل وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَصَححهُ أَبُو حَيَّان ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى: {وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] وَالثَّالِث الْجَوَاز إِذا كَانَت من مُضْمر مَرْفُوع نَحْو أَنْت قَائِما فِي الدَّار وَالْمَنْع إِن كَانَت من ظَاهر وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ

جواز جعل ما صلح للخبرية حالا

وَاخْتَارَ ابْن مَالك أَنه إِن كَانَت الْحَال اسْما صَرِيحًا ضعف التَّوَسُّط أَو ظرفا أَو مجرورا جَازَ التَّوَسُّط بِقُوَّة وَمحل الْخلاف مَا إِذا تقدم الْمُبْتَدَأ وَتَأَخر الْخَبَر فَإِن تَأَخّر الْمُبْتَدَأ وَتقدم الْخَبَر جَازَ توَسط الْحَال بَينهمَا بِلَا خلاف نَحْو فِي الدَّار عنْدك زيد وَفِي الدَّار قَائِما زيد جَوَاز جعل مَا صلح للخبرية حَالا (ص) وَإِن وَقع ظرف وَاسم يصلحان للخبرية فَإِن تقدم الظّرْف اختبر حَالية الِاسْم وَإِلَّا فخبريته وَقَالَ الْمبرد لَا فرق فَإِن تكَرر مُطلقًا رجحت الحالية وأوجبها الكوفية فَإِن كَانَ نَاقِصا فالخبرية مُطلقًا خلافًا لَهُم أَو تَامّ وناقص وبدئ بِأَيِّهِمَا جازا على الْأَصَح (ش) إِذا ذكر مَعَ الْمُبْتَدَأ اسْم وظرف أَو مجرور وَكِلَاهُمَا صالحان للخبرية بِأَن حسن السُّكُوت عَلَيْهِ جَازَ جعل كل مِنْهُمَا حَالا وَالْآخر خَبرا بِلَا خلاف لَكِن إِن تقدم الظّرْف أَو الْمَجْرُور على الِاسْم اختير عِنْد سِيبَوَيْهٍ والكوفيين حَالية الِاسْم وخبرية الظّرْف نَحْو فِيهَا زيد قَائِما لِأَنَّهُ من حَيْثُ تَقْدِيمه الأولى بِهِ أَن يكون عُمْدَة لَا فضلَة فَإِن لم يقدم اختير عِنْدهم خبرية الِاسْم نَحْو زيد فِي الدَّار قَائِم وَقَالَ الْمبرد التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فِي هَذَا وَاحِد فَإِن كرر الظّرْف أَو الْمَجْرُور جَازَ الْوَجْهَانِ أَيْضا وَحكم برجحان الِاسْم تقدم الظّرْف أَو تَأَخّر لنزول الْقُرْآن بِهِ قَالَ تَعَالَى {وَأَمَّا الّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدينَ فِيهَا} [هود: 108] {فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِي النَّار خَالِدين فِيهَا} [الْحَشْر: 17] وَادّعى الْكُوفِيُّونَ أَن النصب مَعَ التّكْرَار لَازم لِأَن الْقُرْآن نزل بِهِ لَا بِالرَّفْع وَأجِيب بِأَنَّهُ يدل على أَنه أَجود لَا وَاجِب على أَنه قد قرئَ فِي الْآيَتَيْنِ (خالِدون) و (خالِدين)

فَإِن كَانَ الظّرْف أَو الْمَجْرُور غير مُسْتَغْنى بِهِ تعين خبرية الِاسْم وحالية الظّرْف مُطلقًا تكَرر أَو لَا نَحْو فِيك زيد رَاغِب وَزيد رَاغِب فِيك وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ نصب (رَاغِب) وَشبهه على الْحَال وَإِن اجْتمع ظرفان تَامّ وناقص جَازَ الرّفْع فِي النصب فِي الِاسْم سَوَاء بدأت بالتام نَحْو إِن عبد الله فِي الدَّار بك واثقا أَو واثق أَو نَاقص نَحْو إِن فِيك عبد الله فِي الدَّار رَاغِبًا أَو رَاغِب وَأوجب الْكُوفِيُّونَ الرّفْع فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّك حِين قدمت مَا هُوَ من تَمام الْخَبَر وصلته وَهُوَ (بك) و (فِيك) كَأَنَّك اخْتَرْت إِخْرَاج الِاسْم عَن الحالية إِلَى الخبرية (ص) مَسْأَلَة اخْتلف هَل يعْمل فِيهِ غير عَامل صَاحبه وَمنع السُّهيْلي عمل الْإِشَارَة والتنبيه وَأَبُو حَيَّان لَيْت وَلَعَلَّ وَبَعْضهمْ كَانَ وَالأَصَح جَوَاز تعدده لمفرد وَغَيره متفقين أَو لَا وَلَا يجمعان إِلَّا إِن صلح انْفِرَاد كل بالموصوف وَقيل يجوز فِي متضايفين وَفِي التَّفْرِيق يكون للأقرب وَالْمُخْتَار للأسبق وَلَا يفرد بعد (إِمَّا) وندر بعد (لَا) (ش) فِيهِ مسَائِل الأولى اخْتلف هَل يعْمل فِي الْحَال غير الْعَامِل فِي صَاحبه فالجمهور لَا كالصفة والموصوف وَجوزهُ ابْن مَالك بقلة كالتمييز والمميز وَالْخَبَر والمخبر عَنهُ وَخرج عَلَيْهِ: {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة} [الْأَنْبِيَاء: 92] ف (أمتكُم) صَاحب الْحَال وَالْعَامِل فِيهِ إِن وَفِي الْحَال الْإِشَارَة الثَّانِيَة تقدم أَن العوامل المعنوية تعْمل فِي الْحَال كإشارة وَنَحْوهَا

وَمنع السُّهيْلي عمل حرف التَّنْبِيه فِي الْحَال فَقَالَ (هَا) حرف ومعني الْحُرُوف لَا يعْمل فِي الظروف وَالْأَحْوَال قَالَ وَلَا يَصح أَن يعْمل فِيهِ اسْم الْإِشَارَة لِأَنَّهُ غير مُشْتَقّ من لفظ الْإِشَارَة وَلَا من غَيرهَا وَإِنَّمَا هُوَ كالمضمر وَلَا يعْمل (هُوَ) وَلَا (أَنْت) بِمَا فِيهِ من معنى الْإِضْمَار فِي حَال وَلَا ظرف وَالْعَامِل فِي مثل هَذَا زيد قَائِما إِنَّمَا هُوَ (انْظُر) مقدرَة دلّ عَلَيْهَا الْإِشَارَة لِأَنَّك أَشرت إِلَى الْمُخَاطب لينْظر وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّه قريب لِأَنَّهُ فِيهِ أبقاء الْعَمَل للْفِعْل إِلَّا أَن فِيهِ تَقْدِير عَامل لم يلفظ بِهِ قطّ ثمَّ صرح بِاخْتِيَارِهِ وَاخْتَارَهُ أَيْضا صَاحب الْبَسِيط وَقَالَ أَبُو حَيَّان الصَّحِيح أَيْضا أَن (لَيْت) و (لَعَلَّ) وَبَاقِي الْحُرُوف لَا تعْمل فِي الْحَال وَلَا الظّرْف وَلَا يتَعَلَّق بهَا حرف جر إِلَّا (كَانَ) و (كَاف) التَّشْبِيه وَمنع بَعضهم عمل (كَانَ) أَيْضا فِي الْحَال نَقله صَاحب الْبَسِيط الثَّالِثَة يجوز تعدد الْحَال كالخبر والنعت سَوَاء كَانَ صَاحب الْحَال وَاحِدًا نَحْو جَاءَ زيد رَاكِبًا مسرعا أم مُتَعَددًا وَسَوَاء فِي المتعدد اتّفق إعرابه نَحْو جَاءَ زيد وَعَمْرو مُسْرِعين أم اخْتلف نَحْو لَقِي زيد عمرا ضاحكين هَذَا هُوَ الْأَصَح وَمذهب الْجُمْهُور وَزعم جمَاعَة مِنْهُم الْفَارِسِي وَابْن عُصْفُور أَن الْفِعْل الْوَاحِد لَا ينصب أَكثر من حَال وَاحِد لصَاحب وَاحِد قِيَاسا على الظّرْف وَاسْتثنى أفعل التَّفْضِيل فَإِنَّهُ يعْمل فِي حَالين كَمَا تقدم وَخَرجُوا الْمَنْصُوب ثَانِيًا على أَنه صفة للْحَال أَو حَال من الضَّمِير المستكن فِيهِ وَنسب أَبُو حَيَّان هَذَا القَوْل إِلَى كثير من الْمُحَقِّقين وعَلى الأول لَا يجمع الحالان حَتَّى يصلح انْفِرَاد كل وصف بالموصوف فَإِن اخْتلفَا فِي هَذَا الْمَعْنى لم يجمعا وَأَجَازَ الْكسَائي وَهِشَام أَن تَجِيء مَجْمُوعَة من مُضَاف ومضاف إِلَيْهِ نَحْو لقِيت صَاحب النَّاقة طليحين على أَن طليحين حَال من الصاحب والناقة

وتخرجيه عندنَا على أَنه حَال من صَاحب النَّاقة وَمن الْمَعْطُوف الْمُقدر أَي والناقة لِأَن الْحَال كالخبر والمضاف إِلَيْهِ لم يقْصد الْإِخْبَار عَنهُ إِنَّمَا الْإِخْبَار عَن الْمُضَاف وَإِن تعدد ذُو الْحَال وتفرق الحالان نَحْو لقِيت زيدا مصعدا منحدرا حمل الْحَال الأول على الِاسْم الثَّانِي لِأَنَّهُ يَلِيهِ وَالْحَال الثَّانِي على الِاسْم الأول ف (مصعدا) لزيد و (منحدرا) للتاء كَذَا قَالُوهُ ووجهوه بِأَن فِيهِ اتِّصَال أحد الْحَالين بِصَاحِبِهِ وعود مَا فِيهِ من ضمير إِلَى أقرب مَذْكُور واغتفر انْتِقَال الثَّانِي وعود ضَمِيره على الْأَبْعَد إِذْ لَا يُسْتَطَاع غير ذَلِك وَيجوز عكس هَذَا مَعَ أَمن اللّبْس فَإِن خيف تعين الْمَذْكُور أَولا وَفِي (التَّمْهِيد) الْعَرَب تجْعَل مَا تقدم من الْحَالين للْفَاعِل الَّذِي هُوَ مُتَقَدم وَمَا تَأَخّر للْمَفْعُول وَلَو جعلت الآخر للْأولِ لجَاز مَا لم يلبس قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الَّذِي ذكره صَاحب التَّمْهِيد مُخَالف لما قرر غَيره قلت وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَمِنْه قَوْله: 937 - (خرجْتُ بهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنا ... على أَثَريْنا ذَيْل مرْطٍ مُرحّلٍ)

أقسام الحال

ف (أَمْشِي) لأوّل الاسمين و (تجر) لثانيهما وَيجب للْحَال إِذا وَقعت بعد (إِمَّا) أَن تردف بِأُخْرَى معادا مَعهَا إِمَّا (أَو) كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا هديناه السَّبِيل إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا} [الْإِنْسَان: 3] وَقَول الشَّاعِر: 938 - (وَقد شَفّني أَلا يَزَالَ يروعُني ... خيالُك إمّا طَارقاً أَو مُغادِيَا) وإفرادها بعد (إِمَّا) مَمْنُوع فِي النثر وَالنّظم وَبعد (لَا) نَادِر تَقول لَا رَاغِبًا وَلَا رَاهِبًا فتكرر وَقد تفرد كَقَوْلِه: 939 - (قَهَرْتُ العِدا لَا مُسْتَعِينا بعُصْبَةٍ ... وَلَكِن بأنْواع الخَدائع والْمَكْر) أَقسَام الْحَال (ص) مَسْأَلَة تقع موطئة ومؤكدة خلافًا لقوم إِمَّا لجملة من معرفتين جامدين لتعين أَو فَخر أَو تَعْظِيم أَو ضِدّه وتصاغر أَو تهديد فعاملها مُضْمر وَقيل الْمُبْتَدَأ أَو لعاملها فالأكثر مُخَالفَته لفظا زَاد ابْن هِشَام أَو لصَاحِبهَا أَو مقدرَة ومحكية وسببية (ش) للْحَال أَقسَام باعتبارات فتنقسم بِحَسب قَصدهَا لذاتها والتوطئة بهَا إِلَى قسمَيْنِ مَقْصُودَة وَهُوَ الْغَالِب وموطئة وَهِي الجامدة الموصوفة نَحْو: {فتمثل لَهَا بشرا سويا} [مَرْيَم: 17] وَتقول جَاءَنِي زيد رجلا محسنا وتنقسم بِحَسب التَّبْيِين والتأكيد إِلَى قسمَيْنِ

مبينَة وَهُوَ الْغَالِب وتسمي مؤسسة أَيْضا وَهِي الَّتِي تدل على معنى لَا يفهم مِمَّا قبلهَا ومؤكدة وَهِي الَّتِي يُسْتَفَاد مَعْنَاهَا بِدُونِهَا وإثباتها مَذْهَب الْجُمْهُور وَذهب الْمبرد وَالْفراء والسهيلي إِلَى إنكارها وَقَالُوا لَا تكون الْحَال إِلَّا مبينَة إِذْ لَا يَخْلُو من تَجْدِيد فَائِدَة مَا عِنْد ذكرهَا وعَلى إِثْبَاتهَا هِيَ ثَلَاثَة أَنْوَاع مُؤَكدَة لمضمون الْجُمْلَة وَشرط الْجُمْلَة كَون جزئيها معرفتين لِأَن التَّأْكِيد إِنَّمَا يكون للمعارف وكونهما جامدين لَا مشتقين وَلَا فِي حكمهمَا وفائدتهما إِمَّا بَيَان تعين نَحْو زيد أَخُوك مَعْلُوما نَحْو: 940 - (أَنا ابْنُ دَارةَ مَعْروفاً بَها نَسَبىِ ... ) أَو فَخر نَحْو أَنا فلَان شجاعا أَو كَرِيمًا أَو تَعْظِيم نَحْو هُوَ فلَان جَلِيلًا مهيبا أَو تحقير نَحْو هَل فلَان مأخوذا مقهورا أَو تصاغر نَحْو أَنا عَبدك فَقِيرا إِلَى عفوك أَو وَعِيد نَحْو أَنا فلَان مُتَمَكنًا فَاتق غَضَبي وَفِي عاملها أَقْوَال أَحدهَا أَنه مُضْمر تَقْدِيره إِذا كَانَ الْمُبْتَدَأ (أَنا أَحَق) أَو (أعرف) أَو (أعرفني) وَإِذا كَانَ غَيره (أحقه) أَو (أعرفهُ) الثَّانِي أَنه الْمُبْتَدَأ مضمنا معني التَّنْبِيه وَعَلِيهِ ابْن خروف الثَّالِث أَنه الْخَبَر مؤولا بمسمي وَعَلِيهِ الزّجاج ولظهور تكلّف الْقَوْلَيْنِ كَانَ الرَّاجِح الأول مُؤَكدَة لعاملها وَهِي الَّتِي يُسْتَفَاد مَعْنَاهَا من صَرِيح لفظ عاملها فالأكثر أَن تخَالفه لفظا نَحْو: {وليتم مُدبرين} [التَّوْبَة: 25] {وَيَوْم يبْعَث حَيا} [مَرْيَم: 15]

وقوع الحال جملة

{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا} [النَّمْل: 19] {وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين} [الْبَقَرَة: 60] وَقد توافقه نَحْو: {وأرسلناك للنَّاس رَسُولا} [النِّسَاء: 79] {وسخر لكم اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرات بأَمْره} [النَّحْل: 12] قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي ومؤكدة لصَاحِبهَا وأهملها النحوييون نَحْو جَاءَ الْقَوْم طرا وفسرها فِي شرح الشذور بِأَنَّهَا الَّتِي يُسْتَفَاد مَعْنَاهَا من صَرِيح لفظ صَاحبهَا وتنقسم بِحَسب الزَّمَان إِلَى ثَلَاثَة مُقَارنَة وَهُوَ الْغَالِب نَحْو {وَهَذَا بعلي شَيخا} [هود: 72] ومقدرة وَهِي المستقبلية كمررت بِرَجُل مَعَه صقر صائدا بِهِ غَدا أَي مُقَدرا ذَلِك وَمِنْه: {فادخلوها خَالِدين} [الزمر: 73] ومحكية وَهِي الْمَاضِيَة نَحْو جَاءَ زيد أمس رَاكِبًا وتنقسم بِحَسب حُصُول مَعْنَاهَا إِلَى صَاحبهَا وَعَدَمه إِلَى قسمَيْنِ حَقِيقِيَّة وَهِي الْغَالِب وسببية كالنعت السببي نَحْو مَرَرْت بِالدَّار قَائِما ساكنها وُقُوع الْحَال جملَة (ص) مَسْأَلَة تقع جملَة خبرية غير ذَات اسْتِقْبَال وشرطية خلافًا للمطرزي فَفِي لُزُومهَا الْوَاو خلف وَجوز الْفراء الْأَمر والأمين الْمحلي النَّهْي فَإِن كَانَت مُؤَكدَة أَو معطوفة على الْحَال أَو صدرت بمضارع مُثبت أَو منفي ب (لَا) أَو مَاض تال إِلَّا أَو متلو بِأَو قيل أَو ذَات خبر مُشْتَقّ تقدم لَزِمَهَا ضمير صَاحبهَا

وخلت من الْوَاو غَالِبا وَإِلَّا فهما أَو أَحدهمَا واجتماعهما فِي اسمية وَذَات لبس أَكثر من الضَّمِير فَقَط وَقيل حتم وَقد تَخْلُو عَنْهَا فَيقدر وَقَالَ ابْن جني لَا تغني عَنهُ الْوَاو أصلا وَتجب فِي مضارع بقد قيل وبلم الْوَاو وَفِي ماضي مُثبت متصرف عَار من الضَّمِير قد وَكَذَا مَعَه فَإِذا فقدت قدرت فِي الْأَصَح وَلَيْسَت الْوَاو عاطفة وَلَا أَصْلهَا الْعَطف فِي الْأَصَح (ش) تقع الْحَال جملَة خبرية خَالِيَة من دَلِيل اسْتِقْبَال أَو تعجب فَلَا تقع جملَة طلبية وَلَا تعجبية وَلَا ذَات السِّين أَو (سَوف) أَو (لن) أَو (لَا) وَجوز الْفراء وُقُوع جملَة الْأَمر تمسكا بِنَحْوِ: (وجدت النَّاس اخبر تقله) وَأجِيب بِأَنَّهُ على تَقْدِير مقولا فيهم وَجوز الْأمين الْمحلي وُقُوع جملَة النَّهْي نَحْو: 941 - (اطْلُبْ وَلَا تَضْجَرَ مِنْ مَطْلَبٍ ... ) ورد بِأَن الْوَاو عاطفة وَمن الخبرية الشّرطِيَّة فَتَقَع حَالا خلافًا للمطرزي نَحْو أفعل هَذَا إِن جَاءَ زيد فَقيل بِلُزُوم الْوَاو وَقيل لَا تلْزم وَعَلِيهِ ابْن جني وَالْجُمْلَة الْوَاقِعَة حَالا إِمَّا ابتدائية نَحْو: {اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو} [الْبَقَرَة: 36] {خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف} [الْبَقَرَة: 243] 942 - (نَظَرْتُ إلَيْهَا والنُّجوم كأنّها ... مصابيحُ رُهْبان تُشَبُّ لِقُفّال)

{وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون} [الْأَنْفَال: 5] {وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم} [آل عمرَان: 154] أَو مصدرة ب (لَا) التبرئة نَحْو: {وَاللهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرَّعْد: 41] أَو ب (مَا) نَحْو: 943 - (فَرَأيْتُنا مَا بَيْنَنَا مِنْ حاجز ... ) أَو ب (أَن) نَحْو: {وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا إِنَّهُم ليأكلون} [الفرقانك 20] 944 - (مَا أعْطَيَانِي وَلاَ سَأْلُتهُمَا ... إلاَّ وإنِّي لَحَاجزي كَرَمي) أَو ب (كَأَن) نَحْو: {نبذ فريق من الَّذين أُوتُوا الْكتاب كتاب الله وَرَاء ظُهُورهمْ كَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ} [الْبَقَرَة: 101] جَاءَ زيد وَكَأَنَّهُ أَسد أَو بمضارع مُثبت عَار من (قد) نَحْو: {ونذرهم فِي طغيانهم يعمهون} [الْأَنْعَام: 110] أَو مقرون (بقد) نَحْو: {لم تؤذونني وَقد تعلمُونَ} [الصَّفّ: 5] أَو منفي ب (لَا) نَحْو: {وَمَا لنا لَا نؤمن بِاللَّه} [الْمَائِدَة: 84] 945 - (عَهدْتُكَ لَا تَصْبُو وفيك شَبيبَةٌ ... )

أَو ب (لم) نَحْو: {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء} [آل عمرَان: 174] وخال مِنْهُمَا نَحْو: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النِّسَاء: 90] {كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا} [الْبَقَرَة: 28] أَو بماض تال ل (إِلَّا) نَحْو: {وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} [الْحجر: 11] أَو متلو ب (أَو) نَحْو: 946 - (كُنْ لِلَخليل نَصيراً جَار أَوْ عَدلاَ ... ) لأضربنه ذهب أَو مكث قَالَ تَعَالَى: {أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} [الْأَنْعَام: 93] وَلَا بُد للجملة الْوَاقِعَة حَالا من رابط وَهُوَ ضمير صَاحبهَا أَو الْوَاو وَيتَعَيَّن الضَّمِير فِي الْمُؤَكّدَة كَقَوْلِه: 947 - (خَالِي ابنُ كَبْشَةَ قَدْ عَلِمْت مَكَانَهُ ... ) وقولك هُوَ زيد لَا شكّ فِيهِ فَلَا يجوز الِاقْتِصَار على الْوَاو وَلَا دُخُولهَا مَعَ الضَّمِير وَيتَعَيَّن الضَّمِير أَيْضا فِي المصدرة بمضارع مُثبت عَار من (قد) أَو منفي ب (لَا) أَو مَاض بعد (إِلَّا) أَو بعده (أَو) كَمَا تقدم وَلَا تغني عَنهُ الْوَاو وَلَا تجامعه غَالِبا وَقد ورد دُخُولهَا مَعَه فِي قَوْلهم قُمْت وأصك عينه وَقَوله: 948 - (نَجَوْتُ وأرْهَنُهُم مَالِكاً ... )

وَقَوله تَعَالَى: {فاستقيما وَلَا تتبعان} [يُونُس: 89] بتَخْفِيف النُّون {وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم} الْبَقَرَة: 119] فَأول على حذف الْمُبْتَدَأ أَي وَأَنا أصك وَأَنا أرهنهم وأنتما لَا تتبعان وَأَنت لَا تسْأَل وَمَا عدا مَا ذكر من الْجمل السَّابِقَة يجوز فِيهِ الِاقْتِصَار على الضَّمِير وعَلى الْوَاو وَالْجمع بَينهمَا كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة لَكِن تلْزم الْوَاو فِي الْمُضَارع الْمُثبت المقرون بقد وَلَا يُغني عَنهُ الضَّمِير نَحْو: {وَقد تعلمُونَ} [الصَّفّ: 5]

واجتماعهما فِي الاسمية أَكثر من الِاقْتِصَار على الضَّمِير وَمثلهَا المصدرة بليس نَحْو: {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون ولستم بآخذيه} [الْبَقَرَة: 267] وَمن انْفِرَاد الْوَاو فِيهَا قَوْله: 949 - (دهم الشّتاءُ ولَسْتُ أَمْلكُ عُدَّة ... ) وَذهب الْفراء والزمخشري إِلَى أَنه لَا يجوز انْفِرَاد الضَّمِير فِي الاسمية إِلَّا ندورا شاذا بل لَا بُد مِنْهُ وَمن الْوَاو مَعًا وَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه كَانَ خبر الْمُبْتَدَأ فِيهَا مشتقا مُتَقَدما لم يجز دُخُول الْوَاو عَلَيْهِ فَلَا يُقَال جَازَ زيد وَحسن وَجهه وَقَالَ ابْن مَالك وَقد تَخْلُو الاسمية من الْوَاو وَالضَّمِير مَعًا نَحْو مَرَرْت بِالْبرِّ قفيز بدرهم على حد السّمن منوان بدرهم وَقَالَ أَبُو حَيَّان هُوَ على تَقْدِير الضَّمِير كَمَا فِي الْمُشبه بِهِ وَكَذَا قَالَ ابْن هِشَام وَزَاد أَنه يقدر إِمَّا الضَّمِير كالمثال أَو الْوَاو كَقَوْلِه: 950 - (نَصَفَ النَّهارُ الماءُ غَامِرُهُ ... ) أَي وَالْمَاء وَذهب ابْن جني إِلَى أَنه لَا بُد من تَقْدِير الضَّمِير مَعَ الْوَاو فَإِذا قلت جَاءَ زيد وَالشَّمْس طالعة فالتقدير طالعة وَقت مَجِيئه ثمَّ حذف الضَّمِير ودلت عَلَيْهِ الْوَاو

وَقد يجب انْفِرَاد الضَّمِير وَلَا يجوز الْإِتْيَان بِالْوَاو مَعَه وَذَلِكَ فِي الاسمية إِذا عطفت على حَال كَرَاهَة اجْتِمَاع حرفي عطف نَحْو جَاءَ زيد مَاشِيا أَو هُوَ رَاكب لَا يجوز أَو وَهُوَ رَاكب قَالَ تَعَالَى: {فَجَاءَهَا بأسنا بياتا أَو هم قَائِلُونَ} [الْأَعْرَاف: 4] قَالَ فِي الْبَسِيط وَكَذَا فِي الاسمية الْوَاقِعَة بعد إِلَّا لِأَن الِاتِّصَال يحصل بإلا نَحْو مَا ضربت أحدا إِلَّا عَمْرو خير مِنْهُ وَزعم ابْن خروف أَن الْمُضَارع الْمَنْفِيّ لَا بُد فِيهِ من الْوَاو كَانَ ضميرا أَو لم يكن ورد بِالسَّمَاعِ كالآية السَّابِقَة قَالَ ابْن مَالك والمنفي بلما كالمنفي بلم فِي الْقيام إِلَّا أَنِّي لم أَجِدهُ إِلَّا بِالْوَاو نَحْو: {أم حسبتم أَن تتركوا وَلما يعلم} [التَّوْبَة: 16] والمنفي ب (مَا) فِيهِ الْوَجْهَانِ أَيْضا نَحْو جَاءَ زيد وَمَا يضْحك أَو مَا يضْحك والمنفي ب (إِن) قَالَ أَبُو حَيَّان لَا أحفظه من كَلَام الْعَرَب وَالْقِيَاس يَقْتَضِي جَوَازه نَحْو جَاءَ زيد إِن يدْرِي كَيفَ الطَّرِيق قِيَاسا على وُقُوعه خَبرا فِي حَدِيث: (فظل إِن يدْرِي كم صلى) وَيجب فِي الْمَاضِي الْمُثبت الْمُتَصَرف غير التَّالِي إِلَّا والمتلو ب (أَو) العاري من الضَّمِير قد مَعَ الْوَاو كَقَوْلِه: 951 - (فجئتُ وَقد نضت لنوم ثيابَها ... )

فَإِن كَانَ جَامِدا كليس أَو منفيا فَلَا نَحْو جَاءَ زيد وَمَا طلعت الشَّمْس بِالْوَاو فَقَط وَجَاء زيد وَمَا درى كَيفَ جَاءَ بِالْوَاو وَالضَّمِير وَجَاء زيد مَا دري كَيفَ جَاءَ بالضمير فَقَط وَكَذَا التَّالِي إِلَّا أَو المتلو (بِأَو) وَإِن كَانَ مثبتا وَفِيه الضَّمِير وَجَبت (قد) أَيْضا لتقربه من الْحَال نَحْو: {وَقد فصل لكم مَا حرم عَلَيْكُم} [الْأَنْعَام: 119] {وَقد بَلغنِي الْكبر} [آل عمرَان: 40] فَإِن لم تكن ظَاهِرَة قدرت نَحْو: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ} [النِّسَاء: 90] {هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا} [يُوسُف: 65] هَذَا مَا جزم بِهِ الْمُتَأَخّرُونَ كَابْن عُصْفُور والأبذي والجزولي وَهُوَ قَول الْمبرد والفارسي قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح جَوَاز وُقُوع الْمَاضِي حَالا بِدُونِ (قد) وَلَا يحْتَاج لتقديرها لِكَثْرَة وُرُود ذَلِك وَتَأْويل الْكثير ضَعِيف جدا لأَنا إِنَّمَا نَبْنِي المقاييس الْعَرَبيَّة على وجود الْكَثْرَة وَهَذَا مَذْهَب الْأَخْفَش وَنَقله صَاحب اللّبَاب عَن الْكُوفِيّين وَابْن أصبغ عَن الْجُمْهُور ثمَّ هَذِه الْوَاو تسمى وَاو الْحَال والابتداء وَلَيْسَت عاطفة وَلَا أَصْلهَا الْعَطف وَزعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَنَّهَا عاطفة كواو رب قَالَ وَإِلَّا لدخل العاطف عَلَيْهَا وقدرها سِيبَوَيْهٍ والأقدمون ب (إِذْ) وَلَا يُرِيدُونَ أَنَّهَا بمعني (إِذْ) إِذْ لَا يرادف الْحَرْف الِاسْم بل إِنَّهَا وَمَا بعْدهَا قيد للْفِعْل السَّابِق كَمَا إِن (إِذْ) كَذَلِك

الجملة الاعتراضية

الْجُمْلَة الاعتراضية (ص) وتشبه هَذِه الْجُمْلَة الاعتراضية الْوَاقِعَة بَين جزأي صلَة أَو إِسْنَاد أَو شَرط أَو قسم إو إِضَافَة أَو جر أَو صفة وموصوفها أَو حرف ومدخوله وتتميز بِجَوَاز الْفَاء وَلنْ وتنفيس وَكَونهَا طلبية وَعدم قيام مُفْرد مقَامهَا وَمن ثمَّ لَا مَحل لَهَا وَلَا للمستأنفة والمجاب بهَا قسم أَو شَرط غير جازم أَو غير مقترن بِالْفَاءِ أَو (إِذا) وَالصّفة قَالُوا والمفسرة الكاشفة حَقِيقَة مَا تليه صدرت بِحرف أَو لَا وَالْمُخْتَار أَنَّهَا بِحَسبِهِ وفَاقا للشلوبين وَأَنه لَا مَحل لتالي (حَتَّى) وَفِي أَفعَال الِاسْتِثْنَاء ومذ ومنذ خلف (ش) لما انقضي الْكَلَام على الْجُمْلَة الحالية وَكَانَ من الْجمل مَا يشبهها وَهِي الاعتراضية نبه عَلَيْهَا عَقبهَا وَذكر مَا تتَمَيَّز بِهِ عَنْهَا وَلما كَانَ وجود التَّمْيِيز كَونهَا لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب استطرد إِلَى ذكر بَقِيَّة الْجمل الَّتِي لَا مَحل لَهَا والاعتراضية هِيَ الَّتِي تفِيد تَأْكِيدًا وتسديدا للْكَلَام الَّذِي اعترضت بَين أَجْزَائِهِ وَفِي الْبَسِيط شَرطهَا أَن تكون مُنَاسبَة للجملة الْمَقْصُودَة بِحَيْثُ تكون كالتأكيد أَو التَّنْبِيه على حَال من أحوالها وَألا تكون معمولة لشَيْء من أَجزَاء الْجُمْلَة الْمَقْصُودَة وَألا يكون الْفَصْل بهَا إِلَّا بَين الْأَجْزَاء الْمُنْفَصِلَة بذاتها بِخِلَاف الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ لِأَن الثَّانِي كالتنوين مِنْهُ على أَنه قد سمع قطع بَينهمَا نَحْو لَا أَخا فَاعْلَم لزيد انْتهى والاعتراضية تقع بَين جزأي صلَة إِمَّا بَين الْمَوْصُول وصلته كَقَوْلِه: 952 - (ذَاكَ الَّذِي وأبيكَ يعْرفُ مَالِكًا ... ) أَو بَين أَجزَاء الصِّلَة نَحْو: {وَالَّذين كسبوا السَّيِّئَات} [يُونُس: 27] الْآيَات فَإِن (وَتَرْهَقُهُمْ) عطف على (كسبوا) فَهِيَ من الصِّلَة وَمَا بَينهمَا اعْتِرَاض بَين بِهِ قدر جزائهم وَالْخَبَر جملَة (مَا لَهُم)

وَبَين جزأي إِسْنَاد إِمَّا بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر كَقَوْلِه: 953 - (وفِيهنّ والأيّامُ يَعْثُرْنَ بالْفَتَى ... ) أَو بَين مَا أَصله الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر كَقَوْلِه 954 - (لَعلَّكَ والموعُودُ حقٌّ لِقاؤُهُ ... بَدا لَكَ فِي تِلْكَ القَلُوص بَدَاءُ) وَقَوله: 955 - (يَا لَيْتَ شِعْري والمْنَى لَا تَنْفَعُ ... هَلْ أغْدُوَنْ يَوْماً وأمْري مُجْمَعُ) وَقَوله: 956 - (إنّي وأَسْطَار سُطِرْنَ سَطْرًا ... لَقائِلٌ يَا نَصْرُ نَصْرٌ نَصْرَا) وَقَوله: 957 - (أَرَانِي وَلَا كُفْرَان للهِ إنَما ... أُواخِي مِنَ الأقْوَام كُل بَخيل)

أَو بَين الْفِعْل ومرفوعه كَقَوْلِه: 958 - (وَقد أدْرَكَتْني والحَوادِثُ جَمّةٌ ... أَسِنّةُ قَوْم لَا ضعَافٍ وَلَا عُزْل) أَو بَين الْفَاعِل ومفعوله كَقَوْلِه: 959 - (وبدّلتْ والدّهْرُ ذُو تَبَدُّل ... هَيْفاً دَبُوراً بالصّبا والشّمْأل) وَبَين جزأي شَرط أَي بَين الشَّرْط وَجَوَابه نَحْو: {فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا فَاتَّقُوا النَّار} [الْبَقَرَة: 24] وَبَين جزأي قسم أَي بَين الْقسم وَجَوَابه نَحْو: {قَالَ فَالْحق وَالْحق أَقُول لأملأن} [ص: 84 - 85] وَبَين جزأي إِضَافَة وَتقدم وَبَين جزأي جر أَي بَين الْجَار وَالْمَجْرُور نَحْو اشْتَرَيْته ب أرِي ألف دِرْهَم وَبَين جزأي صفة أَي بَين الصّفة وموصوفها نَحْو {وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم} [الْوَاقِعَة: 76] وَبَين الْحَرْف ومدخوله كَقَوْلِه: 960 - (لَيْتَ وَهَلْ يَنْفَعُ شَيْئًا لَيْتُ ... لَيْتَ شَباباً بُوع فاشُتَرَيْتُ) وَقَوله:

961 - (كأنّ وقَدْ أَتْى حَوْلٌ جَدِيدٌ ... أَثافِيَهَا حَمَاماتٌ مُثُولُ) وَقَوله: 962 - (وسوف إخالُ أَدْري ... ) وَقَوله: 963 - (أخالِدُ قَدْ واللهِ أَوْطَأتَ عَشْوَةً ... ) وَقَوله: 964 - (وَلَا أَراها تَزَال ظَالِمَةً ... ) وتتميز الاعتراضية من الحالية بِأُمُور أَحدهَا أَنه يجوز اقترانها بِالْفَاءِ كَقَوْلِه:

965 - (واعْلَمْ فَعِلْمُ المَرْء يَنْفعُهُ ... أَنْ سَوْفَ يَأتِي كلُّ مَا قُدرا) الثَّانِي أَنه يجوز اقترانها بِدَلِيل اسْتِقْبَال (لن) فِي (وَلنْ تَفعلُوا) وحرف التَّنْفِيس فِي (وسوف إخال) الثَّالِث أَنه يجوز كَونهَا طلبية كَقَوْلِه: 966 - (إنّ الثّمانِينَ وَبُلّغْتَها قَدْ ... أَحْوَجَتْ سَمْعِي إِلَى تَرْجُمانْ) الرَّابِع أَنه لَا يقوم مقَامهَا مُفْرد بِخِلَاف جملَة الْحَال وَمن ثمَّ كَانَ مَحل جملَة الْحَال النصب وَلم يكن للاعتراضية مَحل من الْإِعْرَاب وَكَذَا سَائِر الْجمل الَّتِي لَا مَحل لَهَا إِنَّمَا سَببه عدم حُلُول مُفْرد محلهَا وَهِي المستأنفة الْوَاقِعَة ابْتِدَاء كَلَام لفظا وَنِيَّة نَحْو زيد قَائِم وَقَامَ زيد أَو نِيَّة لَا لفظا نَحْو رَاكِبًا جَاءَ زيد والمجاب بهَا الْقسم نَحْو: {وتالله لأكيدن أصنامكم} [الْأَنْبِيَاء: 57] والواقعة جَوَاب شَرط غير جازم مُطلقًا كجواب (لَو) و (لَوْلَا) و (لما) و (كَيفَ) أَو شَرط جازم وَلم تقترن بِالْفَاءِ وَلَا بإذا الفجائية نَحْو إِن لم تقم أقِم وَإِن قُمْت قُمْت أما الأول فلظهور الْجَزْم فِي لفظ الْفِعْل وَأما الثَّانِي فَلِأَن الْمَحْكُوم لموضعه بِالْجَزْمِ الْفِعْل لَا الْجُمْلَة بأسرها والواقعة صلَة لاسم أَو حرف نَحْو جَاءَ الَّذِي قَامَ أَبوهُ وأعجبني أَن قُمْت والمفسرة وَهِي الكاشفة لحقيقة مَا تليه سَوَاء صدرت بِحرف التَّفْسِير نَحْو: {فأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك} [الْمُؤْمِنُونَ: 27] 967 - (وتَرْمِيَني بالطّرْفِ أيْ أنْتَ مُذْنِبٌ ... )

أم لم يصدر بِهِ نَحْو: {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب} [آل عمرَان: 59] الْآيَة فجمله (خلقه) إِلَى آخِره تَفْسِير لمثل آدم {هَل أدلكم على تِجَارَة تنجيكم} [الصَّفّ: 10] ثمَّ قَالَ: {تؤمنون} [الصَّفّ: 11] وَالْقَوْل بِأَن المفسرة لَا مَحل لَهَا من الْمَشْهُور وَقَالَ الشلوبين إِنَّه لَيْسَ على ظَاهره وَالتَّحْقِيق أَنَّهَا على حسب مَا كَانَت تَفْسِيرا لَهُ فَإِن كَانَ الْمُفَسّر لَهُ مَوضِع فَكَذَلِك هِيَ وَإِلَّا فَلَا وَمِمَّا لَهُ مَوضِع قَوْله تَعَالَى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُ , اوَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الْمَائِدَة: 9] فَقَوله: (لَهُم مغْفرَة) فِي مَوضِع نصب لِأَنَّهُ تَفْسِير للموعود بِهِ وَلَو صرح بالموعود بِهِ لَكَانَ مَنْصُوبًا وَكَذَلِكَ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ} [الْقَمَر: 49] ف (خلقناه) فسر عَاملا فِي (كل شَيْء) وَله مَوضِع كَمَا للمفسر لِأَنَّهُ خبر لإن وَهَذَا الَّذِي قَالَه الشلوبين هُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وَعَلِيهِ تكون الْجُمْلَة عطف بَيَان أَو بَدَلا وَقد اخْتلف فِي جمل ألها مَحل أم لَا ومنشأ الْخلاف أَهِي مستأنفة أم لَا الأولى الْجُمْلَة بعد حَتَّى الابتدائية كَقَوْلِه: 968 - (حَتَّى ماءُ دِجْلةَ أَشْكَل ... ) فَقَالَ الْجُمْهُور أَنَّهَا مستأنفة فَلَا مَحل لَهَا وَقَالَ الزّجاج وَابْن درسْتوَيْه إِنَّهَا فِي مَوضِع جر بحتى ورد بِأَن حُرُوف الْجَرّ لَا تعلق عَن الْعَمَل

إجراء الحال مجرى الظرف في التركيب

الثَّانِيَة جمل أَفعَال الِاسْتِثْنَاء لَيْسَ وَلَا يكون وخلا وَعدا وحاشا فَقَالَ السيرافي حَال إِذْ المعني قَامَ الْقَوْم خالين عَن زيد وَقَالَ قوم مستأنفة وَصَححهُ ابْن عُصْفُور إِذْ لَا رابط لَهَا بِذِي الْحَال الثَّالِثَة جملَة مذ ومنذ وَمَا بعدهمَا وَقد قدمت ذَلِك عِنْد شرحهما فِي الظروف وَعلم أَن مَا عدا مَا ذكر من الْجمل لَهُ مَحل من الْإِعْرَاب إِجْرَاء الْحَال مجْرى الظّرْف فِي التَّرْكِيب (ص) مسالة وَردت مِنْهُ أَلْفَاظ مركبة مِنْهَا مَا أَصله الْعَطف ك (شغر) وشذر ومذر وأخول أخول وَحَيْثُ بيث وَبَيت بَيت وَأما أَصله الْإِضَافَة كبادئ بَدْء وأيادي سبا فَقَالَ قوم مَبْنِيَّة كخمسة عشر وَقوم مركبة تركيب الْإِضَافَة وَحذف التَّنْوِين من الثَّانِي للإتباع (ش) لما كَانَت الْحَال شَبيهَة بالظرف حَتَّى قيل فِيهَا إِنَّهَا مفعول فِيهَا من حَيْثُ المعني وتوسعوا فِيهَا توسع الظروف أجريت مجْراهَا أَيْضا فِي الجريان كخمسة عشر وَهِي أَلْفَاظ مَحْفُوظَة لَا يُقَاس عَلَيْهَا فَمِنْهَا مَا أَصله الْعَطف نَحْو تفَرقُوا شغر بغر بمعني منتشرين وشذر مذر بِفَتْح أَولهمَا وكسره بمعني مُتَفَرّقين وأخول أخول فِي قَوْله: 969 - (سِقَاط شِرار القَيْن أَخْوَل أَخْوَلا ... ) 5 بمعني مُتَفَرقًا وَتركت الْبِلَاد حَيْثُ بيث بمعني مبحوثة أَي بحث عَن أَهلهَا وَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا وَهُوَ جاري بَيت بَيت بمعني مقاربا ولقيته كَافَّة كفة بمعني مواجها وَمِنْهَا مَا أَصله الْإِضَافَة كبادئ بَدْء بمعني مبدوء بهَا وَتَفَرَّقُوا أيادي سبأ بمعني مثل أيادي سبأ

منع حذف الحال وجواز حذف عامله

وَالَّذِي جزم بِهِ ابْن مَالك أَن هَذِه الْأَلْفَاظ مركبة تركيب خَمْسَة عشر مَبْنِيَّة على الْفَتْح للسبب الَّذِي بني لأَجله خَمْسَة عشر وَهُوَ تضمن معنى حرف الْعَطف فِي الْقسم الأول وَشبه مَا هُوَ مُتَضَمّن لَهُ فِي الثَّانِي وَذكر صَاحب الْبَسِيط أَنَّهَا لَيست بمبنية بل مُضَافَة وَإِنَّمَا حذف التَّنْوِين من الثَّانِي للإتباع وحركة الإتباع لَيست حَرَكَة إِعْرَاب فَهُوَ مخفوض فِي التَّقْدِير كَمَا أتبع الأول فِي يَا زيد بن عَمْرو للثَّانِي فِي حركته منع حذف الْحَال وَجَوَاز حذف عَامله (ص) مَسْأَلَة تحذف إِلَّا إِن حصر أَو نهي عَنهُ أَو كَانَ جَوَابا أَو نَاب عَنهُ خبر أَو عَن فعله وعامله لَا الْمَعْنَوِيّ عِنْد الْأَكْثَر وَيجب إِن جرى مثلا أَو بَين نقصا أَو زِيَادَة بتدريج مَعَ الْفَاء وَثمّ أَو كَانَ مؤكدا أَو نَائِبا أَو توبيخا (ش) الأَصْل فِي الْحَال أَن تكون جَائِزَة الْحَذف وَقد يعرض لَهَا مَا يمْنَع مِنْهُ ككونها جَوَابا نَحْو رَاكِبًا لمن قَالَ كَيفَ جِئْت أَو مَقْصُودا حصرها نَحْو لم أعده إِلَّا حرضا أَو نائبة عَن خبر نَحْو ضربي زيدا قَائِما عَن اللَّفْظ بِالْفِعْلِ نَحْو: هَنِيئًا لَك أَو مَنْهِيّا عَنهُ نَحْو: {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} [النِّسَاء: 43] {وَلَا تمش فِي الأَرْض مرحا} [لُقْمَان: 18] وَيجوز حذف عاملها لقَرِينَة حَالية كَقَوْلِك للْمُسَافِر راشدا مهديا أَي تذْهب وللقادم مَسْرُورا أَي رجعت وللمحدث صَادِقا أَي تَقول أَو لفظية نَحْو رَاكِبًا لمن قَالَ كَيفَ جِئْت وبلي مسرعا لمن قَالَ لم ينْطَلق وَمِنْه {بلَى قَادِرين} [الْقِيَامَة: 4] أَي نجمعها ويستثني مَا إِذا كَانَ الْعَامِل معنويا كالظرف وَالْمَجْرُور وَاسم الْإِشَارَة وَنَحْوه فَإِنَّهُ لَا يجوز حذفه عَن الْأَكْثَر فَهُوَ أم لَا لضَعْفه فِي نَفسه وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا عمل بالنيابة وَالْفرع لَا يُقَوي قُوَّة الأَصْل وَلِأَنَّهُ يجْتَمع فِيهِ تجوزان تَنْزِيله منزلَة الْفِعْل وحذفه وَأَجَازَ الْمبرد الْحَذف فِي الظّرْف فَقَالَ فِي قَوْله: 970 - (وإذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ ... )

وجوب حذف العامل

إِن (مثلهم) حَال وَالتَّقْدِير وَإِذ مَا فِي الدُّنْيَا بشر مثلهم وجوب حذف الْعَامِل وقديجب حذف الْعَامِل كَأَن جرى مثلا كَقَوْلِهِم (حظيين بَنَات صلفين كنات) أَي عرفتهم أَو بَين نقصا أَو زِيَادَة بتدريج أَي شَيْئا فَشَيْئًا نَحْو بِعته بدرهم فَصَاعِدا أَو فسافلا أَي فَزَاد الثّمن صاعداً أَو فَذهب صاعدا أَو فَانْحَطَّ سافلا وَشرط نصب هَذِه الْحَال أَن تكون مصحوبة بِالْفَاءِ أَو بثم وَالْفَاء أَكثر فِي كَلَامهم وَلَا يجوز أَن تكون بِالْوَاو لفَوَات معنى التدريج مَعهَا وَلَفْظَة (فسافلا) ذكرهَا ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم أرها لغيره فَإِن لم ينْقل عَن الْعَرَب فَهِيَ مَمْنُوعَة لِأَن حذف الْعَامِل فِي الْحَال وجوبا على خلاف الأَصْل وَمِمَّا الْتزم حذف عَامله الْحَال الْمُؤَكّدَة والنائبة عَن خبر والواقعة بَدَلا من اللَّفْظ بِفِعْلِهِ كهنيئا مريئا أَي ثَبت لَهُ ذَلِك والواقعة توبيخا نَحْو أقائما وَقد قعد النَّاس ألاهيا وَقد جد قرناؤك

التمييز

3 - التَّمْيِيز (ص) التَّمْيِيز هُوَ نكرَة بِمَعْنى (من) رَافع لإبهام جملَة أَو مُفْرد عددا أَو مُبْهَم مِقْدَار أَو مماثلة أَو مُغَايرَة أَو تعجب بِالنَّصِّ على جنس المُرَاد بعد تَمام بِإِضَافَة أَو تَنْوِين أَو نون وَمنع الكوفية التَّمْيِيز بِمثل وَغَيره وَأَبُو ذب ب (مَا) فِي نعم والأعلم عَن التَّعَجُّب (ش) التَّمْيِيز وَيُقَال لَهُ الْمُمَيز والتبيين والمبين وَالتَّفْسِير والمفسر نكرَة فِيهِ معنى (من) الجنسية رَافع لإبهام جملَة نَحْو تصبب زيد عرقا أَو مُفْرد عددا نَحْو أحد عشر رجلا أَو مُبْهَم كمقدار كيل أَو وزن أَو مساحة أَو شبهها كمثال ذرة وذنوب مَاء ونحي سمنا أَو مماثلة نَحْو (مثل أحد ذَهَبا) أَو مُغَايرَة نَحْو لنا غَيرهَا شَاءَ أَو تعجب نَحْو ويحه رجلا وَمَا أَنْت جَارة وَيَا حسنها لَيْلَة وناهيك رجلا وَقَوْلِي بِالنَّصِّ على جنس المُرَاد يتَعَلَّق بِقَوْلِي رَافع لإبهام وَالْحَال والتمييز مشتركان فِي سَائِر الْقُيُود إِلَّا فِي كَونه بمعني (من) وَإِنَّمَا يَأْتِي التَّمْيِيز بعد تَمام بِإِضَافَة نَحْو: {ملْء الأَرْض ذَهَبا} [آل عمرَان: 91) {أَو عدل ذَلِك صياما} [الْمَائِدَة: 95] أَو تَنْوِين ظَاهر كرطل زيتا أَو مُقَدّر كخمسة عشر أَو نون تَثْنِيَة كمنوين سمنا أَو نون جمع نَحْو {بالأخسرين أعمالا} [الْكَهْف: 103] أَو شبه الْجمع نَحْو ثَلَاثِينَ لَيْلَة وشملت النكرَة كل نكرَة

ناصب التمييز وجاره

وَقد اخْتلف فِي نكرات مِنْهَا مثل فَمنع الْكُوفِيُّونَ التَّمْيِيز بهَا لإبهامها فَلَا يبين بهَا وَأَجَازَهُ سِيبَوَيْهٍ فَيَقُول لي عشرُون مثله وَحكى لي ملْء الدَّار أَمْثَاله وَمِنْهَا (غير) فَمنع الْفراء التَّمْيِيز بهَا لِأَنَّهَا أَشد إبهاما وَأَجَازَهُ يُونُس وسيبويه لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من فَائِدَة إِذْ أَفَادَ أَن عِنْده مَا لَيْسَ بمماثل لهَذَا وَهَذَا الْمِقْدَار فِيهِ تَخْصِيص وَمِنْهَا (مَا) فِي بَاب نعم وَأَجَازَ الْفَارِسِي أَن تكون نكرَة تَامَّة بمعني شَيْء وتنتصب تمييزا وَتَبعهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَمنع ذَلِك قوم مِنْهُم أَبُو ذَر مُصعب بن أبي بكر الْخُشَنِي وَذهب الأعلم فِيمَا تقدم أَنه مَنْصُوب عَن التَّعَجُّب إِلَّا أَنه مِمَّا انتصب عَن تَمام الْكَلَام ناصب التَّمْيِيز وجاره (ص) وناصبه مُمَيزَة تَشْبِيها (بأفعل من) أَو باسم الْفَاعِل قَولَانِ وتجره الْإِضَافَة إِن حذف التَّنْوِين أَو النُّون وَلَا يحذف غَيره إِلَّا مُضَاف يُغني عَنهُ التَّمْيِيز وَتجب إِضَافَة مفهم مِقْدَار إِن كَانَ فِي الثَّانِي معنى اللَّام أَو جُزْء ويختار فِي نَحْو جُبَّة خَز وَيجوز نَصبه تمييزا وَحَالا وَإِظْهَار (من) مَعَ كل تَمْيِيز إِلَّا (أفعل) وَالْعدَد وَنعم ومنقول فَاعل ومفعول وَهِي تبعيض وَقيل زَائِدَة وَإِن كَانَ الْمِقْدَار من جِنْسَيْنِ جَازَ عطف أَحدهمَا خلافًا للفراء (ش) تَمْيِيز الْمُفْرد ينصبه مميزه كعشرين ميلًا وَعشْرين درهما ورطل وقفيز وذراع فِي رَطْل زيتا وقفيز برا وذراع ثوبا وَجَاز لمثل هَذِه أَن تعْمل وَإِن كَانَت جامدة لِأَن عَملهَا على طَرِيق التَّشْبِيه وَاخْتلف البصريون فِي الَّذِي شبهت بِهِ فَقيل باسم الْفَاعِل فِي طلبَهَا اسْما بعْدهَا وَقيل (بأفعل من) فِي طلبَهَا اسْما بعْدهَا على طَرِيق التَّبْيِين مُلْتَزما فِيهِ

التنكير قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ أقوي لِأَن اسْم الْفَاعِل لَا يعْمل إِلَّا مُعْتَمدًا وَيعْمل فِي النكرَة وَغَيرهَا ويجر التَّمْيِيز بِإِضَافَة مَا قبله إِلَيْهِ إِن حذف التَّنْوِين أَو النُّون نَحْو رَطْل زَيْت وإردب شعير ومنوا سمن وَلَا يحذف شَيْء غير التَّنْوِين أَو النُّون إِلَّا مُضَاف إِلَيْهِ صَالح لقِيَام التَّمْيِيز مقَامه نَحْو زيد أَشْجَع النَّاس رجلا فَيُقَال أَشْجَع رجل فَإِن لم يصلح لذَلِك نَحْو لله دره رجلا وويحه رجلا لم يجز الْحَذف فَلَا يُقَال لَهُ در رجل وَلَا وَيْح رجل والمقادير إِذا أُرِيد بهَا الْآلَات الَّتِي يَقع بهَا التَّقْدِير لَا يجوز إِلَّا إضافتها نَحْو عِنْدِي منوا سمن وقفيز بر وذراع ثوب يُرِيد الرطلين اللَّذين يُوزن بهما السّمن والمكيال الَّذِي يُكَال بِهِ الْبر والآلة الَّتِي يذرع بهَا الثَّوْب وَإِضَافَة هَذَا النَّوْع على معنى (اللَّام) لَا على معنى (من) وَكَذَا تجب الْإِضَافَة فِيمَا ميز بِجُزْء مِنْهُ نَحْو غُصْن ريحَان وَثَمَرَة نَخْلَة وَحب رمان وسعف مقل هَذَا إِن لم تَتَغَيَّر تَسْمِيَته بالتبعيض بِأَن بَقِي على اسْمه الأول فَإِن تَغَيَّرت كجبة خَز وَخَاتم فضَّة وسوار ذهب فَإِنَّهَا أَسمَاء حَادِثَة بعد التَّبْعِيض وَالْعَمَل الَّذِي هيأها للهيئات اللائقة بهَا فلك فِي هَذَا النَّوْع الجرّ بِالْإِضَافَة وَالنّصب على التَّمْيِيز أَو الْحَال وَالْإِضَافَة أرجح لِأَن الْحَال يحوج إِلَى التَّأْوِيل بمشتق كَمَا تقدم والتمييز بَاب ضَعِيف لكَونه فِي خَامِس رُتْبَة من الْفِعْل لِأَن النصب فِيهِ على التَّشْبِيه ب (أفعل من) و (أفعل من) مشبه بِالصّفةِ المشبهة وَهِي مشبهة باسم الْفَاعِل وَهُوَ بِالْفِعْلِ فَلَا يحسن إِلَّا عِنْد تعذر الْإِضَافَة وَإِذا كَانَ الْمِقْدَار مخلطا من جِنْسَيْنِ فَقَالَ الْفراء لَا يجوز عطف أَحدهمَا على الآخر بل تَقول عِنْدِي رَطْل سمنا عسلا إِذا أردْت أَن عنْدك من السّمن وَالْعَسَل مِقْدَار رَطْل لِأَن تَفْسِير الرطل لَيْسَ للمسن وَحده وَلَا للعسل وَحده وَإِنَّمَا هُوَ مجموعهما فَجعل سمنا عسلا اسْما للمجموع على حد قَوْلهم هَذَا حُلْو حامض

وَذهب غَيره إِلَى أَن الْعَطف بِالْوَاو لِأَن الْوَاو الجامعة تصير مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا بِمَنْزِلَة شَيْء وَاحِد أَلا ترى أَنَّك تَقول هَذَانِ زيد وَعَمْرو فصيرت الْوَاو الجامعة زيدا وعمرا خَبرا عَن (هَذَانِ) وَلَا يُمكن أَن يكون زيد على انْفِرَاده خَبرا وَلَا عَمْرو على انْفِرَاده وَكَذَلِكَ زيد وَعَمْرو قائمان وَقَالَ بعض المغاربة الْأَمْرَانِ سائغان الْعَطف وَتَركه وَيجوز إِظْهَار (من) مَعَ كل تَمْيِيز ذكر فِي هَذَا الْفَصْل أَو غَيره نَحْو (ملْء الأَرْض من ذهب) وإردب من قَمح ولي أَمْثَالهَا من إبل وَغَيرهَا من شَاءَ وويحه من رجل وَللَّه دره من فَارس وحسبك من رجل و (مَا أَنْت من جَارة) قَالَ: 971 - (يَا سيدًا مَا أنْتَ مِنْ سَيِّدٍ ... ) وَقَالَ: 972 فَيَا لَكَ مِنْ لَيْل ويستثني الْعدَد فَلَا يُقَال عشرُون من دِرْهَم مَا لم يخرج عَن التَّمْيِيز بالتعريف نَحْو عشرُون من الدَّرَاهِم وأفعل التَّفْضِيل فَلَا يُقَال فِي زيد أَكثر مَالا من مَال وَنعم فَلَا يُقَال فِي نعم رجل زيد من رجل وَالْمَنْقُول عَن فَاعل ومفعول وهما من تَمْيِيز الْجُمْلَة فَلَا يُقَال طَابَ زيد من نفس وَلَا فجرت الأَرْض من عُيُون

تمييز الجملة

و (من) الْمَذْكُورَة فِيهَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنه للتَّبْعِيض وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَالثَّانِي أَنَّهَا زَائِدَة قَالَ فِي الارتشاف وَيُؤَيِّدهُ الْعَطف على موضعهَا نصبا فِي قَوْله: 973 - (طافَتْ أُمامةُ بالرُّكْبان آونةً ... يَا حُسْنَهُ من قَوام مَا ومُنْتَقَبَا) تَمْيِيز الْجُمْلَة (ص) مَسْأَلَة مُمَيّز الْجُمْلَة ناصبة مَا فِيهَا من فعل وَشبهه وَقَالَ ابْن عُصْفُور هِيَ وَيكون مَنْقُولًا من فَاعل ومبتدأ ومفعول وَأنْكرهُ الشلوبين والأبذي وَابْن أبي الرّبيع ومشبها بِهِ وَهُوَ بعد أفعل فَاعل معنى حَقِيقَة أَو مجَازًا وَمِنْه نَحْو حَسبك بِهِ فَارِسًا وَللَّه دره رجلا {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} [النِّسَاء: 79] فَإِن صَحَّ أَن يخبر بِهِ عَمَّا قبله فَلهُ أَو لملابسه الْمُقدر وَإِن دلّ على هَيْئَة وعني بِهِ الأول جَازَ كَونه حَالا وَإِظْهَار (من) (ش) تَمْيِيز الْجُمْلَة مَا ينْتَصب عَن تَمام الْكَلَام فَتَارَة يكون مَنْقُولًا من فَاعل نَحْو طَابَ زيد نفسا ( {واشتعل الرَّأْس شيبا} [مَرْيَم: 4] وَالْأَصْل طابت نفس زيد واشتعل شيب الرَّأْس وَتارَة من الْمُبْتَدَأ نَحْو {أَنا أَكثر مِنْك مَالا} [الْكَهْف: 34] وَالْأَصْل مَالِي أَكثر من مَالك

وَتارَة من الْمَفْعُول بِنَحْوِ: {وفجرنا الأَرْض عيُونا} [الْقَمَر: 12] وَالْأَصْل فجرنا عُيُون الأَرْض هَذَا مَذْهَب الْمُتَأَخِّرين وَبِه قَالَ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك وَقَالَ الأبذي هَذَا الْقسم لم يذكرهُ النحويون وَإِنَّمَا الثَّابِت كَونه مَنْقُولًا عَن الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله وَقَالَ الشلوبين (عيُونا) فِي الْآيَة نصب على الْحَال الْمقدرَة لَا التَّمْيِيز وَلم يثبت كَون التَّمْيِيز مَنْقُولًا من الْمَفْعُول فَيَنْبَغِي أَلا يُقَال بِهِ وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع (عيُونا) نصب على الْبَدَل من الأَرْض وَحذف الضَّمِير أَي عيونها أَو على إِسْقَاط حرف الْجَرّ أَي بعيون وَتارَة يكون مشبها بالمنقول نَحْو امْتَلَأَ الْإِنَاء مَاء وَنعم زيد رجلا وَوجه الشّبَه أَن (امْتَلَأَ) مُطَاوع (مَلأ) فكأنك قلت مَلأ المَاء الْإِنَاء ثمَّ صَار تمييزا بعد أَن كَانَ فَاعِلا وَالْأَصْل نعم الرجل ثمَّ أضمر وَصَارَ بعد أَن كَانَ فَاعِلا تمييزا والتمييز بعد أفعل التَّفْضِيل فَاعل فِي المعني إِمَّا حَقِيقَة أَو مجَازًا وَمن تَمْيِيز الْجُمْلَة فِيمَا نَقله أَبُو حَيَّان عَن النَّحْوِيين مُنْكرا على ابْن مَالك حَيْثُ جعله من تَمْيِيز الْمُفْرد قَوْلهم حَسبك بِهِ فَارِسًا وَللَّه دره رجلا وَمِنْه عِنْد ابْن مَالك وَغَيره {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} [النِّسَاء: 79] وَفِي ناصب تَمْيِيز الْجُمْلَة قَولَانِ أصَحهمَا مَا فِيهَا من فعل وَشبهه لوُجُود مَا أصل الْعَمَل لَهُ وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والمازني والمبرد والزجاج والفارسي وَصحح ابْن عُصْفُور أَن الْعَامِل فِيهِ نفس الْجُمْلَة الَّتِي انتصب عَن تَمامهَا لَا الْفِعْل وَلَا الِاسْم الَّذِي جري مجْرَاه كَمَا أَن تَمْيِيز الْمُفْرد ناصبه نفس الِاسْم الَّذِي انتصب عَن تَمَامه وَمَتى صَحَّ الْإِخْبَار بالتمييز عَمَّا قبله نَحْو كرم زيد أَبَا فَإِنَّهُ يَصح أَن يَقع أَب خَبرا لزيد فَتَقول زيد أَب فلك فِيهِ وَجْهَان عوده إِلَيْهِ بِأَن يكون هُوَ الْأَب أَي مَا أكْرمه من أَب وعَلى هَذَا لَا يكون مَنْقُولًا عَن الْفَاعِل وَيجوز دُخُول (من) عَلَيْهِ وَعوده إِلَى ملابسه الْمُقدر بِأَن يكون الْأَب أَبَا زيد لَا زيدا نَفسه أَي مَا أكْرم أَبَاهُ وعَلى هَذَا يكون مَنْقُولًا عَن الْفَاعِل وَلَا يجوز دُخُول (من) عَلَيْهِ وَإِن دلّ التَّمْيِيز على هَيْئَة وعني بِهِ الأول نَحْو كرم زيد ضيفا إِذا أُرِيد أَن زيدا هُوَ الضَّيْف جَازَ أَن يكون ضيفا مَنْصُوبًا على الْحَال لدلالته على هَيْئَة وعَلى

مطابقة تمييز الجملة ما قبله في الإفراد وفرعيه

التَّمْيِيز لصلاحية (من) وَيجوز حِينَئِذٍ إِظْهَار (من) مَعَه وَهُوَ الأجود رفعا لتوهم الحالية نَحْو كرم زيد من ضيف فَإِن لم يعن بِهِ الأول على قصد كرم ضيف زيد تعين النصب تمييزا وامتنعت الحالية وَلم يجز دُخُول (من) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَاعل فِي الأَصْل مُطَابقَة تَمْيِيز الْجُمْلَة مَا قبله فِي الْإِفْرَاد وفرعيه (ص) ويطابق مَا قبله اتَّحد معنى أم لَا مَا لم يلْزم إِفْرَاده لإفراد مَعْنَاهُ أَو كَانَ مصدرا لم يقْصد اخْتِلَاف أَنْوَاعه وَيلْزم الْجمع بعد مُفْرد مباين لَا يُفِيد مَعْنَاهُ (ش) يلْزم فِي تَمْيِيز الْجُمْلَة الْمُطَابقَة لما قبله فِي الْإِفْرَاد وفرعيه إِن اتحدا معنى نَحْو كرم زيد رجلا وكرم الزيدان رجلَيْنِ وكرم الزيدون رجَالًا وَكَذَا إِن لم يتحدا من حَيْثُ الْمَعْنى نَحْو حسن الزيدون وُجُوهًا إِلَّا أَن يلْزم إِفْرَاد التَّمْيِيز لإفراد مَعْنَاهُ نَحْو كرم الزيدون أصلا إِذا كَانَ أصلهم وَاحِدًا و (أصل) لم يتحد من حَيْثُ الْمَعْنى بالزيدين إِلَّا أَنه لإفراد مَدْلُوله يلْزم إِفْرَاده لِأَن الْجمع يُوهم اخْتِلَاف أصولهم أَو يكون التَّمْيِيز مصدرا لم يقْصد اخْتِلَاف أَنْوَاعه نَحْو زكي الزيدون سعيا فَإِن قصد اخْتِلَاف الْأَنْوَاع فِي الْمصدر لاخْتِلَاف محاله جَاءَ التَّمْيِيز جمعا نَحْو {بالأخسرين أعمالا} [الْكَهْف: 103] لِأَن أَعْمَالهم مُخْتَلفَة الْمحَال هَذَا خسر بِكَذَا وَهَذَا خسر بِكَذَا وكقولك تخَالف النَّاس أَو تفاوتوا أذهانا وَيلْزم جمع التَّمْيِيز بعد مُفْرد مباين إِذا كَانَ معنى الْجمع يفوت بِقِيَام الْمُفْرد مقَامه نَحْو نظف زيد ثيابًا إِذْ لَو قيل ثوبا لتوهم أَن لَهُ ثوبا وَاحِدًا نظيفا توَسط التَّمْيِيز (ص) وَيجوز توسيطه بَين متصرف وفَاقا لَا تَقْدِيمه اخْتِيَارا وَجوزهُ قوم على فعل متصرف غير (كفى) وَالْفراء على اسْم شبه بِهِ الأول

(ش) يجوز توَسط التَّمْيِيز بَين الْفِعْل ومرفوعه بِلَا خلاف نَحْو طَابَ نفسا زيد قَالَ وَكَذَا قِيَاسه الْجَوَاز بَين الْفِعْل ومنصوبه نَحْو فجرت عيُونا الأَرْض وَأما تَقْدِيمه على الْفِعْل فَمَنعه ابْن عُصْفُور جزما بِنَاء على أَن الناصب لَهُ لَيْسَ هُوَ الْفِعْل وَإِنَّمَا هُوَ الْجُمْلَة بأسرها والقائلون بِأَن الناصب لَهُ مَا فِيهَا من فعل وَشبهه اخْتلفُوا فَمنع سِيبَوَيْهٍ وَالْأَكْثَرُونَ من الْبَصرِيين والكوفيين والمغاربة تَقْدِيمه فَلَا يُقَال نفسا طَابَ زيد كَمَا يمْتَنع التَّقْدِيم فِي تَمْيِيز الْمُفْرد وَمَا ورد من ذَلِك فضرورة وَجوزهُ الْكسَائي والمبرد والمازني والجرمي وَطَائِفَة وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك بِشَرْط كَون الْفِعْل متصرفا لوروده قَالَ: 974 - (وَمَا كَانَ نَفْساً بالفراق تَطيبُ ... ) وَقِيَاسًا على سَائِر الفضلات ويستثني من الْمُتَصَرف كفي فَلَا يُقَال شَهِيدا كفي بِاللَّه بِإِجْمَاع ذكره أَبُو حَيَّان

جواز تعريف التمييز

فَإِن كَانَ الْفِعْل جَامِدا امْتنع بِإِجْمَاع فَلَا يُقَال مَا رجلا أحسن زيدا كَذَا وَلَا رجلا أحسن بزيد كَمَا يمْتَنع إِذا كَانَ عَامله جَامِدا بِإِجْمَاع نعم اسْتثْنِي من مَحل الْإِجْمَاع فِي الثَّانِي صُورَة وَهُوَ التَّمْيِيز بعد اسْم شبه بِهِ الأول نَحْو زيد الْقَمَر حسنا فَإِن الْفراء جوز فِيهِ التَّقْدِيم فَيُقَال زيد حسنا الْقَمَر جَوَاز تَعْرِيف التَّمْيِيز (ص) وَجوز الْكُوفِيُّونَ وَابْن الطراوة تَعْرِيفه وَتَأَول البصرية مَا ورد (ش) البصريون على اشْتِرَاط تنكير التَّمْيِيز وَذهب الْكُوفِيُّونَ وَابْن الطراوة إِلَى أَنه يجوز أَن يكون معرفَة كَقَوْلِه: 975 - (وَطِبْتَ النّفْسَ يَا قيْسُ عَنْ عَمْرو ... ) وَقَوله: 976 - (عَلامَ مُلِئْتَ الرُّعْبَ والحربُ لم تَقِدْ ... )

مفارقة الحال التمييز

وَقَوْلهمْ سفه زيد نَفسه وألم رَأسه و {بطرت معيشتها} [الْقَصَص: 58] والأولون تأولوا ذَلِك على زِيَادَة اللَّام والمضافات نصبت على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ أَو على إِسْقَاط الْجَار أَي فِي نَفسه وَفِي رَأسه وَفِي معيشتها مُفَارقَة الْحَال التَّمْيِيز (ص) وَلَا يَتَعَدَّد وَالْجُمْهُور لَا يكون مؤكدا ويحذف لقَرِينَة أَو قصد الْإِبْهَام لَا الْمُمَيز مَا لم يوضع غَيره مَوْضِعه (ش) فَارق التَّمْيِيز الْحَال فِي أَنه لَا يَتَعَدَّد بِخِلَافِهَا وَفِي أَنه لَا يكون مؤكدا وَالْحَال تكون مُؤَكدَة كَذَا قَالَه الْجُمْهُور وَذكر ابْن مَالك أَن التَّمْيِيز قد يكون مؤكدا كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا} [التَّوْبَة: 36] وَأجِيب بِأَن شهرا وَإِن أكد مَا فهم من (إِن عدَّة الشُّهُور) إِلَّا أَنه بِالنِّسْبَةِ إِلَى عَامله وَهُوَ اثْنَا عشر مُبين وَيجوز حذف التَّمْيِيز إِذا قصد أبقاء الْإِبْهَام أَو كَانَ فِي الْكَلَام مَا يدل عَلَيْهِ وَلَا يجوز حذف الْمُمَيز لِأَنَّهُ يزِيل دلَالَة الْإِبْهَام إِلَّا أَن يوضع غَيره مَوْضِعه كَقَوْلِهِم مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رجلا وَقد يحذف من غير بدل كَقَوْلِهِم تالله رجلا أَي تالله مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ رجلا تَمْيِيز الْأَعْدَاد (ص) مَسْأَلَة مُمَيّز الْعدَد إِن كَانَ مَا بَين عشرَة وَمِائَة مُفْرد مَنْصُور وَأَجَازَ الْفراء جمعه وَإِضَافَة عشْرين وأخواته لُغَة أَو عشرَة فَمَا دونهَا مَجْمُوع مُضَاف إِلَيْهِ إِلَّا إِن كَانَ (مائَة) وَقد يجمع وَفِي اسْم الْجمع وَالْجِنْس

ثَالِثهَا إِن اسْتعْمل للقلة جَازَ قِيَاسا أَو مائَة فَمَا فَوْقهَا فمفرد مُضَاف وَجمعه مَعهَا ضَرُورَة وَقَالَ الْفراء سَائِغ وَيجوز جَرّه بِمن ونصبه مَعَ مائَة وَمِائَتَيْنِ وَألف ضَرُورَة وَأَجَازَ ابْن كيسَان وَلَا يُمَيّز وَاحِد وَاثْنَانِ دون شذوذ أَو ضَرُورَة وَلَا يجمع تَمْيِيز كَثْرَة إِن أمكن قلَّة غَالِبا وَلَا يفصل من الْعدَد اخْتِيَارا وينعت حملا عَلَيْهِ وعَلى الْعدَد وَيتَعَيَّن الثَّانِي فِي الْجمع السَّالِم ويغني الْعدَد عَن تَمْيِيزه إِضَافَة لغيره (ش) حولت ذكر تَمْيِيز الْأَعْدَاد من بَاب الْعدَد إِلَى هُنَا للمناسبة الظَّاهِرَة خُصُوصا وَقد تقدم فِي صدر الْبَاب أَن من أَنْوَاع تَمْيِيز الْمُفْرد تَمْيِيز الْعدَد فَأَقُول الْعدَد إِن كَانَ وَاحِدًا أَو اثْنَيْنِ لم يحْتَج إِلَى تَمْيِيز اسْتغْنَاء بِالنَّصِّ على الْمُفْرد والمثني فَيُقَال رجل ورجلان لِأَنَّهُ أخصر وأجود وَلَا يُقَال وَاحِد رجلا وَلَا اثْنَا رجل وَأما قَوْلهم شربت قدحا وأثنيه وشريت اثْنَي مد الْبَصْرَة فشاذ وَقَوله: 977 - (ظَرْفُ عَجُوز فِيهِ ثنتا حنظل ... )

فضرورة وَإِن كَانَ ثَلَاثَة فَمَا فَوْقهَا إِلَى الْعشْرَة ميز مَجْمُوع مجرور بِإِضَافَة الْعدَد إِلَيْهِ نَحْو ثَلَاثَة أَثوَاب وَثَلَاث لَيَال وَعشرَة أشهر وَعشر سِنِين مَا لم يكن التَّمْيِيز لفظ (مائَة) فيفرد غَالِبا نَحْو ثَلَاث مائَة وَقد يجمع أَيْضا نَحْو ثَلَاث مئين أما الْألف فتجمع الْبَتَّةَ نَحْو إِلَى اسْم الْجمع نَحْو ثَلَاث الْقَوْم أَو اسْم الْجِنْس نَحْو ثَلَاثَة آلَاف وَهل يجوز ثَلَاث نحل أَقْوَال: أَحدهَا نعم وَيُقَاس إِن كَانَ قَلِيلا وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَصَححهُ صَاحب الْبَسِيط إِضَافَته لشبهه بِالْجمعِ ولوروده قَالَ: 978 - (ثَلاَثَةُ أنْفُسِ تَعَالَى وثلاثُ ذَوْدٍ ... ) وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط} [النَّمْل: 48] وَالثَّانِي لَا ينقاس وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَابْن مَالك وَغَيرهمَا وَالثَّالِث التَّفْرِقَة بَين مَا يسْتَعْمل من اسْم الْجمع للقلة فَيجوز أَو للكثرة فَلَا يجوز وَعَلِيهِ الْمَازِني وعَلى الْمَنْع طَريقَة أَن يبين ب (من) فَيُقَال ثَلَاثَة من الْقَوْم وَأَرْبَعَة من الطير وَثَلَاث من النَّحْل وَهُوَ فِي اسْم الْجِنْس آكِد من اسْم الْجمع وَإِن كَانَ أحد عشر إِلَى تِسْعَة وَتِسْعين ميز بمفرد مَنْصُوب نَحْو: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يُوسُف: 4] {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً} [الْبَقَرَة: 60] (وَوَاعَدْنَا مُوسَى

ثَلاثِينَ لَيْلَةً} [الْأَعْرَاف: 142] {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} [الْأَعْرَاف: 155] وَلَا يجوز جمعه عِنْد الْجُمْهُور وَجوزهُ الْفراء نَحْو عِنْدِي أحد عشر رجَالًا وَقَامَ ثَلَاثُونَ رجَالًا وَخرج عَلَيْهِ {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً} [الْأَعْرَاف: 160] قَالَ الْكسَائي وَمن الْعَرَب من يضيف الْعشْرين وأخواته إِلَى التَّمْيِيز نكرَة وَمَعْرِفَة فَيَقُول عشرو دِرْهَم وأربعو ثوب وَإِن كَانَ مائَة فَمَا فَوْقهَا ميز بمفرد مجرور بِالْإِضَافَة نَحْو مائَة رجل وَمِائَتَا عَام وَألف إِنْسَان وَجمعه مَعَ الْمِائَة ضَرُورَة وَجوزهُ الْفراء فِي السعَة وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة حَمْزَة وَالْكسَائِيّ {ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} [الْكَهْف: 25] بِإِضَافَة مائَة وَيجوز جَرّه ب (من) فَيُقَال ثَلَاث مائَة من السنين وَنصب الْمُفْرد مَعَ مائَة وَمِائَتَيْنِ وَألف ضَرُورَة قَالَ 979 - (إذَا عَاشَ الفتَى مائَتَيْن عَاما ... ) وَأَجَازَ ابْن كيسَان أَن يُقَال فِي السعَة الْمِائَة دِينَار وَالْألف درهما وَبَقِي مسَائِل الأولى لَا يجب التَّمْيِيز مَعَ (ثَلَاثَة) وَنَحْوهَا جمع كَثْرَة مَا أمكن جمع الْقلَّة غَالِبا وَمن جموع الْقلَّة جمع التَّصْحِيح قَالَ تَعَالَى: {سَبْعَ سَمَوَاتٍ} [الْبَقَرَة 29] و {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} [يُوسُف: 43 - 46] {وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ} يُوسُف: 43 - 46] و {تِسْعَ آيَاتٍ} [الْإِسْرَاء: 101] وَمن الْقَلِيل: {سَبْعَ سَنَابِلَ} [الْبَقَرَة:

261 -] و {ثَلَاثَة قُرُوء} [الْبَقَرَة: 228] {ثَمَانِي حجج} [الْقَصَص: 27] فَإِن لم يكن جمع الْقلَّة بِأَن لم يسْتَعْمل تعين جمع الْكَثْرَة نَحْو ثَلَاثَة رجال الثَّانِي لَا يجوز الْفَصْل بَين التَّمْيِيز وَالْعدَد إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه: 980 - (فِي خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ جُمَادَى لَيلَةً ... ) وَقَوله: 981 - (ثَلَاثُونَ لِلْهَجْر حَوْلاً كمِيلا ... ) وَقَوله: 982 - (وعِشْرون مِنْهَا أصْبعاً مِنْ وَرائِنَا ... ) الثَّالِثَة إِذا جِيءَ بنعت مُفْرد أَو جمع تكسير جَازَ الْحمل فِيهِ على التَّمْيِيز وعَلى الْعدَد نَحْو عِنْدِي عشرُون رجلا صَالحا أَو صَالح وَعِشْرُونَ رجلا كراما أَو كرام فَإِن كَانَ جمع سَلامَة تعين الْحمل على الْعدَد نَحْو عشرُون رجلا صَالِحُونَ ذكره فِي الْبَسِيط

تمييز كم الاستفهامية

الرَّابِعَة يُغني عَن تَمْيِيز الْعدَد إِضَافَته إِلَى غَيره نَحْو خُذ عشرتك وعشري زيد لِأَنَّك لم تضف إِلَى غير التَّمْيِيز إِلَّا وَالْعدَد عِنْد السَّامع مَعْلُوم النَّجس فاستغني عَن الْمُفَسّر وَقد قَالَ الشَّاعِر: 983 - (وَمَا أَنْت أَم مَا رسُوم الدِّيار ... وسِتُّوك قد قَارَبَتْ تَكْمُل) تَمْيِيز كم الاستفهامية (ص) مَسْأَلَة مُمَيّز (كم) الاستفهامية مَنْصُوب وَفِي جَرّه ثَالِثهَا يجوز إِن جرت وَهُوَ ب (من) مقدرَة وَقَالَ الزّجاج بإضافتها وَلَا يكون جمعا خلافًا للكوفيين مُطلقًا وللأخفش فِيمَا أُرِيد بِهِ الْأَصْنَاف وَيجوز فَصله وحذفه (ش) ختمت الْكَلَام فِي التَّمْيِيز بأنواع مِنْهُ لم تجر عَادَتهم بذكرها فِي هَذَا الْبَاب كَمَا ذكرت تَمْيِيز الْأَعْدَاد وَذَلِكَ (كم) الاستفهامية والخبرية وكأين وَكَذَا وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَن مَعَانِيهَا فِي مَبْحَث الأدوات فمميز (كم) الاستفهامية مُفْرد مَنْصُوب كمميز عشْرين وأخواته نَحْو كم شخصا سما وَقَالَ ابْن مَالك لما كَانَت الاستفهامية بِمَنْزِلَة عدد مقرون بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام أشبهت الْعدَد الْمركب فأجريت مجْرَاه بِأَن جعل مميزها كمميزة فِي النصب والإفراد وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ كَونه جمعا مُطلقًا كَمَا يجوز ذَلِك فِي (كم) الخبرية نَحْو كم غلمانا لَك ورد بِأَنَّهُ لم يسمع

وَأَجَازَهُ الْأَخْفَش إِذا أردْت بِالْجمعِ أصنافا من الغلمان تُرِيدُ كم عنْدك من هَذِه الْأَصْنَاف وَاخْتَارَهُ بعض المغاربة فَقَالَ كم الاستفهامية لَا تفسر بِالْجمعِ إِنَّمَا هُوَ بِشَرْط أَن يكون السُّؤَال بهَا عَن عدد الْأَشْخَاص وَأما إِن كَانَ السُّؤَال عَن الْجَمَاعَات فيسوغ تمييزها بِالْجمعِ لِأَنَّهُ إِذْ ذَاك بِمَنْزِلَة الْمُفْرد وَذَلِكَ نَحْو كم رجَالًا عنْدك تُرِيدُ كم جمعا من الرِّجَال إِذا أردْت أَن تسْأَل عَن عدد أَصْنَاف الْقَوْم الَّذين عِنْده لَا عَن مبلغ أشخاصهم ويسوغ باسم الْجِنْس نَحْو كم بطا عنْدك تريدكم صنفا من البط عنْدك وَهل يجوز جر تَمْيِيز كم الاستفهامية حملا على الخبرية مَذَاهِب أَحدهَا لَا وَالثَّانِي نعم وَالثَّالِث الْجَوَاز بِشَرْط أَن يدْخل على (كم) حرف جر نَحْو على كم جذع بَيْتك مَبْنِيّ ثمَّ الْجَرّ حِينَئِذٍ ب (من) مقدرَة حذفت تَخْفِيفًا وَصَارَ الْحَرْف الدَّاخِل على (كم) عوضا عَنْهَا هَذَا مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه وَالْفراء وَالْجَمَاعَة وَخَالف الزّجاج فَقَالَ إِنَّه بِإِضَافَة (كم) لَا بإضمار (من) ورده أَبُو الْحسن الأبذي بِأَنَّهُم حِين خفضوا بعْدهَا لم يخفضوا إِلَّا بعد تقدم حرف جر فكونهم لم يتعدوا هَذَا دَلِيل لقوم الْجَمَاعَة وَيجوز فصل تَمْيِيز (كم) الاستفهامية فِي الِاخْتِيَار وَإِن لم يجز فِي عشْرين وَإِخْوَته إِلَّا اضطرارا وَيكثر بالظرف وَالْمَجْرُور وَقد يفصل بعاملها وبالخبر نَحْو كم ضربت رجلا وَكم أَتَاك رجلا وَلَكِن اتِّصَاله هُوَ الأَصْل والأقوى وَمِمَّا وَجه بِهِ جَوَاز الْفَصْل فِيهَا أَنَّهَا لما لَزِمت الصَّدْر ونظيرها من الْأَعْدَاد الَّتِي ينصب تمييزها لَيْسَ كَذَلِك بل يَقع صدر أَو غير جعل هَذَا الْقدر من التَّصَرُّف فِيهَا عوضا من ذَلِك التَّصَرُّف الَّذِي سلبته وَيجوز حذف تمييزها نَحْو كم ضربت رجلا على أَن رجلا مفعول ضربت والتمييز مَحْذُوف وَكم رجل جَاءَك أَي كم مرّة أَو يَوْمًا وَرجل مُبْتَدأ وَمَا بعده الْخَبَر

تمييز كم الخبرية

تَمْيِيز كم الخبرية (ص) والخبرية مجرورة بإضافتها وَقيل ب (من) وَينصب إِن فصل ودونه لُغَة وجره مَفْعُولا بظرف ضَرُورَة وَثَالِثهَا يجوز إِن كَانَ نَاقِصا وبجملة ثَالِثهَا يجوز فِي الشّعْر فَقَط وَيكون جمعا وَقيل شَاذ على معنى الْوَاحِد وَقيل إِن لم ينصب وَالأَصَح جَوَاز حذفه وَثَالِثهَا إِن لم يقدر مُضَافا وَرَابِعهَا يفتح إِن لم يقدر مَنْصُوبًا وَمنع نَفْيه فيهمَا (ش) تَمْيِيز (كم) الخبرية مجرور وَيكون مُفردا وجمعا قَالَ: 984 - (كم عَمّةٍ لَك يَا جريرُ وخالةٍ ... ) وَقَالَ: 985 - (كَمْ مُلوكٍ باد مُلْكُهُمُ ... )

والإفراد أَكثر من الْجمع وأفصح حَتَّى زعم بَعضهم أَن تمييزها بِالْجمعِ شَاذ وَعَلِيهِ العكبري فِي شرح الإفصاح وَقيل يكون الْجمع على معنى الْوَاحِد فَإِذا قلت كم رجال كَأَنَّك قلت كم جمَاعَة من الرِّجَال ثمَّ الْجَرّ بإضافتها إِلَيْهِ عِنْد الْبَصرِيين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: بِمن مقدرَة حذفت وأبقي عَملهَا كَمَا فِي قَوْله: 986 - (رَسْم دَار وقَفْتُ فِي طَلَلِهْ ... ) وَضعف بِأَن إِضْمَار حرف الْجَرّ وإبقاء عمله إِنَّمَا يكون فِي ضَرُورَة أَو شذوذ فَإِن فصل نصب حملا على الاستفهامية كَقَوْلِه: 987 - (كم نالني مِنْهُمُ فَضْلاً على عَدَم ... )

وَرُبمَا ينصب غير مفصول رُوِيَ (كم عمَّة لَك) الْبَيْت بِالنّصب وَذكر بَعضهم أَن النصب بِلَا فصل لُغَة تَمِيم وَذكره سِيبَوَيْهٍ عَن بعض الْعَرَب قَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي لُغَة قَليلَة وَإِذا نصب بفصل أَو بِغَيْر فصل جَازَ كَونه أَيْضا مُفردا أَو جمعا كَمَا إِذا جر هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَذهب الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ وَابْن هِشَام الخضراوي إِلَى أَنَّهَا إِذا نصب تمييزها الْتزم فِيهِ الْإِفْرَاد لِأَن الْعَرَب التزمته فِي كل تَمْيِيز مَنْصُوب عَن عدد أَو كِنَايَة ككم الاستفهامية وكأين وَكَذَا ورد بِأَن ذَلِك فِيمَا يجب نَصبه لَا فِيمَا يجوز نَصبه وجره وَهل يجوز جَرّه مَعَ الْفَصْل بظرف أَو مجرور مَذَاهِب: أَصَحهَا لَا لما فِيهِ من الْفَصْل بَين المتضايفين وَذَلِكَ مَمْنُوع إِلَّا فِي ضَرُورَة نَحْو: 988 - (كَمْ بجُودٍ مُقْرفٍ نَالَ العُلَى ... وكريم بُخْلُهُ قَدْ وَضَعَهْ)

تمييز كأين

وَالثَّانِي نعم وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ بِنَاء على رَأْيهمْ أَن الْجَرّ بِمن مضمرة وَيُونُس بِنَاء على رَأْيه من جَوَاز الْفَصْل بَين المتضايفين فِي الِاخْتِيَار بذلك وَالثَّالِث الْجَوَاز إِن كَانَ الظّرْف أَو الْمَجْرُور نَاقِصا نَحْو كم بك مَأْخُوذ أَتَانِي وَكم الْيَوْم جَائِع جَاءَنِي وَالْمَنْع إِن كَانَ تَاما ورد بِأَن الْعَرَب لم تفرق بَين الظّرْف التَّام والناقص فِي الْفَصْل بل تجريهما مجْرى وَاحِدًا فَإِن كَانَ الْفَصْل بجملة لم يجز الْجَرّ فِي كَلَام وَلَا فِي شعر عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْفَصْل بِالْجُمْلَةِ بَين المتضايفين لَا يجوز الْبَتَّةَ وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ فيهمَا بِنَاء على أَن الْجَرّ بِمن لَا بِالْإِضَافَة وَجوزهُ الْمبرد فِي الشّعْر فَقَط وَرُوِيَ قَوْله: 989 - (كَمْ نَالَنِي مِنْهُمُ فَضْل على عَدَم ... ) بِالْجَرِّ وَيجوز حذف تَمْيِيز (كم) الخبرية وَلَا يجوز كَون الْمُمَيز منفيا لَا فِي الاستفهامية وَلَا فِي الخبرية لَا يُقَال كم لَا رجلا جَاءَك وَلَا كم لَا رجل صَحِبت نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَأَجَازَ ذَلِك بعض النَّحْوِيين نعم يجوز الْعَطف عَلَيْهِ بِالنَّفْيِ نَحْو كم فرس ركبت لَا فرسا وَلَا فرسين أَي كثيرا من الأفراس ركبت لَا قَلِيلا تَمْيِيز كأين (ص) ومميز كأين بِمن غَالِبا وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَازِما وَمَعَ فقدها بإضمارها وَقيل بِالْإِضَافَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يجمع وحذفه سَائِغ أَو ضَعِيف أَو مَمْنُوع أَقْوَال وَالأَصَح أَلا يفصل

(ش) مُمَيّز كأين الْأَكْثَر جَرّه بِمن ظَاهِرَة قَالَ تَعَالَى: {وكأين من آيَة} [يُوسُف: 105] {وكأين من نَبِي} [آل عمرَان: 146] {وكأين من دَابَّة} [العنكبوت: 60] قَالَ ابْن حَيَّان وَيظْهر من كلا سِيبَوَيْهٍ أَن (من) هُنَا لتأكيد الْبَيَان فَهِيَ زَائِدَة قَالَ وَقد يُقَال إِنَّهَا تزاد فِي غير الْوَاجِب فَيُقَال إِن هَذَا روعي فِيهِ أَصله من الِاسْتِفْهَام وَهُوَ غير وَاجِب وَينصب قَلِيلا قَالَ الشَّاعِر: 990 - (وكَائِنْ لنَا فَضْلاً عَلَيْكُمْ ونِعْمَةً ... ) وَقَالَ: 991 - (اطْرُدِ اليَأس بالرَّجَا فَكَأيِّنْ ... آلِماً حُمَّ يُسْرُهُ بَعْدَ عُسر) وَزعم ابْن عُصْفُور أَن جَرّه بِمن لَازم وَأَنه لَا ينصب قَالَ فِي الْمُغنِي وَيَردهُ نَص سِيبَوَيْهٍ على خِلَافه وَيجوز جَرّه مَعَ فقد (من) قَالَ أَبُو حَيَّان إِلَّا أَنه لَا يحفظ فَإِن جَاءَ كَانَ على إِضْمَار (من) وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وَالْكسَائِيّ وَلَا يحمل على إِضَافَة كأين كَمَا ذهب إِلَيْهِ ابْن كيسَان لِأَنَّهُ لَا يجوز إضافتها إِذْ المحكى لَا يُضَاف وَلِأَن فِي آخرهَا تنوينا فَهُوَ مَانع من الْإِضَافَة أَيْضا وَقد قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِن جرها أحد من الْعَرَب فعسي أَن يجرها بإضمار (من) انْتهى وَقَالَ ابْن خروف يكون فِي مميزها النصب وَيجوز الْجَرّ ب (من) وَبِغير (من) بفصل وَبِغير فصل

تمييز كذا

قَالَ أَبُو حَيَّان ومقتضي الِاسْتِقْرَار أَن تَمْيِيز (كأين) لَا يكون جمعا فَلَيْسَتْ كَمثل (كم) الخبرية فِي ذَلِك وَاخْتلف فِي جَوَاز حذفه فجوزه الْمبرد وَالْأَكْثَرُونَ وَقَالَ صَاحب الْبَسِيط إِنَّه ضَعِيف للُزُوم (من) فَفِيهِ حذف عَامل ومعمول قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن يَقُول بِجَوَاز حذفه لَا يلْتَزم أَنه حذف وَهُوَ مجرور بِمن بل حذف وَهُوَ مَنْصُوب كَمَا حذف من (كم) الاستفهامية وَهُوَ مَنْصُوب والأفصح اتِّصَال تَمْيِيز (كأين) بهَا وَكَذَا وَقعت فِي الْقُرْآن وَيجوز الْفَصْل بَينهمَا بِالْجُمْلَةِ وبالظرف قَالَ: 992 - (وكائِنْ رَدَدْنًا عَنْكُمُ مِنْ مُدَجّج ... ) وَقَالَ: 993 - (وكائِنْ بالأباطح مِنْ صَديق ... ) تَمْيِيز كَذَا (ص) ومميز (كَذَا) لَا يجر بِمن وفَاقا وَلَا بِالْإِضَافَة وَلَا الْبَدَلِيَّة وَلَا يرفع وَلَا يجمع خلافًا لزاعميها (ش) مُمَيّز (كَذَا) لَا يكون إِلَّا مُفردا مَنْصُوبًا قَالَ الشَّاعِر: 944 - (عِدِ النّفْسَ نُعْمَى بَعْد بُوساك ذَاكرًا ... كَذَا وَكَذَا لُطْفاً بِهِ نُسِيَ الْجُهْدُ)

وَلَا يجوز جَرّه بِمن اتِّفَاقًا وَلَا بِالْإِضَافَة خلافًا للكوفيين وأجازوا فِي غير تكْرَار وَلَا عطف أَن يُقَال كَذَا ثوب وَكَذَا أَثوَاب قِيَاسا على الْعدَد الصَّرِيح ورد بِأَن المحكى لَا يُضَاف وَبِأَن فِي آخرهَا اسْم الْإِشَارَة وَاسم الْإِشَارَة لَا يُضَاف وَأَجَازَ بَعضهم كَذَا دِرْهَم بِالْجَرِّ على الْبَدَل وَجوز الْكُوفِيُّونَ الرّفْع بعد (كَذَا) قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ خطأ لِأَنَّهُ لم يسمع وجوزوا الْجمع بعد الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة

نواصب المضارع

نواصب الْمُضَارع أَن (ص) نواصب الْمُضَارع (أَن) يُقَال (عَن) وَهِي الموصولة بالماضي خلافًا لِابْنِ طَاهِر لَا بعد يَقِين غير مؤول فِي الْأَصَح وَيجوز فِي تلو (ظن) الرّفْع مُخَفّفَة وَكَذَا خوف تَيَقّن مخوفه فِي الْأَصَح وَالأَصَح لَا تعْمل زَائِدَة وَلَا يتَقَدَّم مَعْمُول معمولها وَثَالِثهَا يجوز مَعَ أُرِيد وَعَسَى وَلَا يفصل وَقيل يجوز بظرف وَقيل بِشَرْط وترفع إهمالا على الْأَصَح وَعَن الْكسَائي لَا يُقَاس وَلَا تجزم وَحَكَاهُ الرُّؤَاسِي واللحياني وَأَبُو عُبَيْدَة لُغَة وَتَقَع مُبْتَدأ وخبرا ومعمول حرف نَاسخ وَجَاز ولكان وَظن وَبَعض المغاربة وَفعل غير الْجَزْم ومضاف خلافًا لِابْنِ الطراوة لَا بِمَعْنى (الَّذِي) خلافًا لِابْنِ الذكي (ش) لما أنهيت منصوبات الْأَسْمَاء عقبت بمنصوبات الْأَفْعَال كَمَا ذكر عقب المرفوعات الْمُضَارع الْمَرْفُوع فنواصب الْفِعْل الْمُضَارع أَرْبَعَة أحرف

أَحدهَا (أَن) وَهِي أم الْبَاب قَالَ أَبُو حَيَّان بِدَلِيل الِاتِّفَاق عَلَيْهَا وَالِاخْتِلَاف فِي (لن) و (إِذن) و (كي) وَيُقَال فِيهَا (عَن) بإبدال الْهمزَة عينا وَأَن هَذِه الناصبة للمضارع هِيَ الَّتِي توصل بالماضي فِي نَحْو: {أَن كَانَ ذَا مَال وبنين} [الْقَلَم: 14] وبالأمر فِي نَحْو كتبت إِلَيْهِ أَن قُم وبالنهي فِي نَحْو كتبت إِلَيْهِ أَلا تفعل وَزعم أَبُو بكر بن طَاهِر أَنَّهَا غَيرهَا فَتكون (أَن) على مذْهبه مُشْتَركَة أَو متجوزا بهَا وَاسْتدلَّ لذَلِك بأمرين أَحدهمَا أَنَّهَا تخلص للاستقبال فَلَا تدخل على الْمَاضِي كالسين وسوف وَكَذَا الْأَمر وَالثَّانِي أَنا لَو فَرضنَا دُخُولهَا على الْمَاضِي لوَجَبَ أَن تصيره بِصِيغَة الْمُضَارع كلم لما دخلت على الْمَاضِي قلبت صيغته إِلَى الْمُضَارع لتعمل فِيهِ وَشرط نصب الْمُضَارع بعد (أَن) أَلا تقع بعد فعل يَقِين كعلم وَتحقّق وتيقن وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ المخففة من الثَّقِيلَة نَحْو: {علم أَن سَيكون} [المزمل: 20] خلافًا للفراء حَيْثُ جوز أَن تلِي أَن الناصبة للمضارع لفظ الْعلم وَمَا فِي مَعْنَاهُ مستدلا بِقِرَاءَة {أَفلا يرَوْنَ أَلا يرجع إِلَيْهِم} [طه: 89] بِالنّصب وَهِي بمعني أَفلا يعلمُونَ وَبقول جرير: 995 - (نَرْضَى عَن الله أنّ النّاس قَدْ عَلِمُوا ... ألاّ يُدانِينَا مِنْ خَلْقهِ أحَدُ)

وَأجِيب بِأَن الْعلم إِنَّمَا يمْتَنع وُقُوع أَن الناصبة بعده إِذا بَقِي على مَوْضِعه الْأَصْلِيّ أما إِذا أول بِالظَّنِّ وَاسْتعْمل اسْتِعْمَاله فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ ذَلِك وَالدَّلِيل على اسْتِعْمَال الْعلم بمعني الظَّن قَوْله تَعَالَى: {فَإِن علمتموهن مؤمنات} [الممتحنة: 10] فَإِن المُرَاد بِالْعلمِ فِيهِ الظَّن الْقوي إِذْ الْقطع بإيمانهن غير متوصل إِلَيْهِ وَمنع الْمبرد النصب أَيْضا فِي المؤول بِالظَّنِّ فَقولِي فِي الْأَصَح رَاجع إِلَى المستثني والمستثني مِنْهُ جَمِيعًا وَيجوز فِي الْوَاقِعَة بعد الظَّن الرّفْع على أَنَّهَا المخففة من الثَّقِيلَة وَهُوَ قَلِيل وَالْأَكْثَر فِي لِسَان الْعَرَب النصب بعده قَالَ تَعَالَى: {أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} [العنكبوت: 2] وَقُرِئَ بِالْوَجْهَيْنِ {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} [الْمَائِدَة: 71] قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ فِي الْوَاقِعَة بعد الشَّك إِلَّا النصب وَفِي الْوَاقِعَة بعد فعل خوف تَيَقّن مخوفه نَحْو خفت أَلا تقوم وَخفت أَلا تكرمني قَولَانِ أصَحهمَا جَوَاز الرّفْع كَمَا بعد الظَّن وَقد سمع قَالَ أَبُو محجن: 996 - (أَخَاف إِذا مَا مِتّ أنْ لَا أذْوقُها ... )

وَالثَّانِي تعين النصب وَعَلِيهِ الْمبرد وَلَا تعْمل أَن الزَّائِدَة عِنْد الْجُمْهُور لِأَنَّهَا لَا تخْتَص بِدَلِيل دُخُولهَا على الْفِعْل الْمَاضِي فِي قَوْله: {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير} [يُوسُف: 96] وَلَا يعْمل إِلَّا الْمُخْتَص وَجوز الْأَخْفَش إعمالها حملا لَهَا على المصدرية وَقِيَاسًا على الْبَاء الزَّائِدَة حَيْثُ تعْمل الْجَرّ وَفرق بِأَن الْبَاء الزَّائِدَة تخْتَص بِالِاسْمِ وَلَا يجوز تَقْدِيم مَعْمُول مَعْمُول أَن الناصبة عَلَيْهَا لِأَنَّهَا حرف مصدري ومعمولها صلَة لَهَا ومعمولة من تَمام الصِّلَة فَكَمَا لَا تتقدم الصِّلَة لَا يتَقَدَّم معمولها هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَجوز الْفراء تَقْدِيمه لقَوْله: 997 - (كَانَ جَزائي بالعصًا أنْ أُجْلَدا ... ) فَقَوله (بالعصا) مُتَعَلق ب (أجلد) وَأجِيب بندوره أَو تَأْوِيله على تَقْدِير مُتَعَلق دلّ عَلَيْهِ الْمَذْكُور وَنقل ابْن كيسَان عَن الْكُوفِيّين الْجَوَاز فِي نَحْو طَعَامك أُرِيد أَن آكل وطعامك عَسى أَن آكل وَلَا يجوز فصل أَن الناصبة من الْفِعْل لَا بظرف وَلَا بمجرور وَلَا قسم وَلَا غير ذَلِك هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَجوزهُ بَعضهم بالظرف وَشبهه نَحْو أُرِيد أَن عِنْدِي تقعد وَأُرِيد أَن فِي الدَّار تقعد قِيَاسا على أَن الْمُشَدّدَة حَيْثُ يجوز ذَلِك فِيهَا بِجَامِع مَا اشْتَركَا فِيهِ من المصدرية وَالْعَمَل وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ بِالشّرطِ نَحْو أردْت أَن إِن تزرني أزورك بِالنّصب مَعَ تجويزهم الإلغاء أَيْضا وَجزم أزورك جَوَابا وَيجوز إهمال (أَن) حملا على أُخْتهَا مَا المصدرية فيرفع الْفِعْل بعْدهَا وَخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {أَن يتم الرضَاعَة} [الْبَقَرَة: 233] بِالرَّفْع وَقيل لَا وَأَن الْمَرْفُوع بعْدهَا الْفِعْل مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة لَا المصدرية وَعَلِيهِ الْكُوفِيُّونَ

وَلَا يجوز الْجَزْم ب (أَن) عِنْد الْجُمْهُور وَجوزهُ بعض الْكُوفِيّين قَالَ الرُّؤَاسِي من الْكُوفِيّين فصحاء الْعَرَب ينصبون بِأَن وَأَخَوَاتهَا الْفِعْل ودونهم قوم يرفعون بهَا ودونهم قوم يجزمون بهَا وَأنْشد على الْجَزْم: 998 - (أُحَاذِرُ أنْ تَعْلَمْ بهَا فَتَرُدّها ... ) وَمِمَّنْ حكى الْجَزْم بهَا لُغَة من الْبَصرِيين أَبُو عُبَيْدَة واللحياني وَزَاد أَنَّهَا لُغَة بني صباح ثمَّ لما كَانَت أَن مَعَ معمولها فِي تَقْدِير الِاسْم تسلط عَلَيْهَا الْعَامِل الْمَعْنَوِيّ واللفظي فَتَقَع مُبْتَدأ نَحْو: {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} [الْبَقَرَة: 184] وَخبر مُبْتَدأ نَحْو الْأَمر أَن تفعل كَذَا وَلَا يكون مبتدؤها إِلَّا مصدرا فَإِن وَقع جثة أول ومعمولا لحرف نَاسخ نَحْو إِن عِنْدِي أَن تخرج وَلَا بُد أَن يكون أحد الجزأين مصدرا إِلَّا فِي لَعَلَّ فَيجوز أَن يكون جثة نَحْو لَعَلَّ زيد أَن يخرج حملا على (عسي)

لن

ومعمولا بِحرف جر وَيكثر حذفه ومعمولا لَكَانَ وَأَخَوَاتهَا اسْما وخبرا نَحْو كَانَ أَن تقعد خيرا من قيامك وَتَكون عُقُوبَتك أَن أعزلك ومعمولا لظن وَأَخَوَاتهَا مَفْعُولا أَولا وَثَانِيا نَحْو ظَنَنْت أَن تقوم خيرا من أَن تقعد وَقَوله: 999 - (إِنِّي رَأَيْت من المكارم حَسْبَكُم ... أَن تَلْبَسُوا خَزّ الثِّيابِ وتَشْبَعُوا) أَي لبس الثِّيَاب ومعمولا لبَعض أَفعَال المقاربة ولغيرها من أَفعَال غير الْجَزْم نَحْو طلبت مِنْك أَن تقوم وَأَرَدْت أَن تفعل وبدا لي أَن أقوم بِخِلَاف أَفعَال الْجَزْم لَا يُقَال فعلت أَن أقوم أَي الْقيام وَلَا أَعطيتك أَن تأمن أَي الْأمان ومعمولا لاسم مُضَاف نَحْو إِنَّه أهل أَن يفعل ومخافة أَن تفعل وأجيء بعد أَن تقوم وَقبل أَن تخرج وَقَالَ ابْن الطراوة لَا يجوز أَن يُضَاف إِلَى أَن ومعمولها لِأَن مَعْنَاهَا التَّرَاخِي فَمَا بعْدهَا فِي جِهَة الْإِمْكَان وَلَيْسَ بِثَابِت وَالنِّيَّة فِي الْمُضَاف إِثْبَات عينه بِثُبُوت عين مَا أضيف إِلَيْهِ فَإِذا كَانَ مَا أضيف إِلَيْهِ غير ثَابت فِي نَفسه فَإِن ثُبُوت غَيره محَال لن (ص) (لن) بسيطة وَقَالَ الْخَلِيل من (لَا أَن) وَالْفراء لَا النافية أبدلت نونا وَإِنَّمَا تنصب مُسْتَقْبلا وتفيد نَفْيه وَكَذَا التَّأْكِيد لَا التَّأْبِيد على الْمُخْتَار

وَقَالَ بعض البيانين لنفي مَا قرب وَالْمُخْتَار وفَاقا لِابْنِ عُصْفُور ترد للدُّعَاء وَيقدم مَعْمُول معمولها خلافًا للأخفش الصَّغِير وَلَا يفصل اخْتِيَار وَجوزهُ الْكسَائي بقسم ومعمول وَالْفراء بِشَرْط وأظن وتهمل وَحكى اللحياني الْجَزْم بهَا (ش) الثَّانِي من نواصب الْمُضَارع (لن) وَالْجُمْهُور أَنَّهَا حرف بسيط لَا تركيب فِيهَا وَلَا إِبْدَال وَقَالَ الْخَلِيل وَالْكسَائِيّ إِنَّهَا مركبة من (لَا أَن) فأصلها (لَا أَن) حذفت الْهمزَة لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال كَمَا حذفت فِي قَوْلهم ويلمه وَالْأَصْل ويل أمه ثمَّ حذفت الْألف لالتقاء الساكنين ألف (لَا) وَنون (أَن) فَصَارَت (لن) وَالْحَامِل لَهما على ذَلِك قربهَا فِي اللَّفْظ من (لَا أَن) وَوُجُود معنى (لَا) و (أَن) فِيهَا وَهُوَ النَّفْي والتخليص للاستقبال وَقَالَ الْفراء هِيَ لَا النافية أبدل من ألفها نون وَحمله على ذَلِك اتِّفَاقهمَا فِي النَّفْي وَنفي المستقيل وَجعل (لَا) أصلا لِأَنَّهَا أقعد فِي النَّفْي من (لن) لِأَن (لن) لَا تَنْفِي إِلَّا الْمُضَارع وَقد ذكرت رد الْقَوْلَيْنِ فِي حَاشِيَة الْمُغنِي وتنصب (لن) الْمُسْتَقْبل أَي أَنَّهَا تخلص الْمُضَارع إِلَى الِاسْتِقْبَال وتفيد نَفْيه ثمَّ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور أَنَّهَا تنفيه من غير أَن يشْتَرط أَن يكون النَّفْي بهَا آكِد من النَّفْي بِلَا وَذهب الزَّمَخْشَرِيّ فِي مفصله إِلَى أَن (لن) لتأكيد مَا تعطيه (لَا) من نفي الْمُسْتَقْبل قَالَ تَقول لَا أَبْرَح الْيَوْم مَكَاني فَإِذا أكدت وشددت قلت لن أَبْرَح الْيَوْم قَالَ تَعَالَى: {لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين} [الْكَهْف: 60] وَقَالَ: {فَلَنْ أَبْرَح الأَرْض حَتَّى يَأْذَن لي أبي} [يُوسُف: 80] وَذهب الزَّمَخْشَرِيّ فِي أنموذجه إِلَى أَنَّهَا تفِيد تأبيد النَّفْي قَالَ فقولك لن أَفعلهُ كَقَوْلِك لَا أَفعلهُ أبدا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {لن يخلقوا ذبابا} [الْحَج: 73] قَالَ ابْن مَالك وَحمله على ذَلِك اعْتِقَاده فِي (لن تراني)

أَن الله لَا يري وَهُوَ بَاطِل ورده غَيره بِأَنَّهَا لَو كَانَت للتأبيد لم يُقيد منفيها بِالْيَوْمِ فِي {فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسيا} [مَرْيَم: 26] وَلم يَصح التَّوْقِيت فِي قَوْله {لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] ولكان ذكر (الْأَبَد) فِي قَوْله {وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} [الْبَقَرَة: 95] تكْرَار إِذْ الأَصْل عَدمه وَبِأَن استفادة التَّأْبِيد فِي آيَة {لن يخلقوا ذبابا} [الْحَج: 73] من خَارج وَقد وَافقه على إِفَادَة التَّأْبِيد ابْن عَطِيَّة وَقَالَ فِي قَوْله {لن تراني} [الْأَعْرَاف: 143] لَو بَقينَا على هَذَا النَّفْي لتضمن أَن موسي لَا يرَاهُ أبدا وَلَا فِي الْآخِرَة لَكِن ثَبت فِي الحَدِيث الْمُتَوَاتر (أَن أهل الْجنَّة يرونه) وَوَافَقَهُ على إِفَادَة التَّأْكِيد جمَاعَة مِنْهُم ابْن الخباز بل قَالَ بَعضهم إِن مَنعه مُكَابَرَة فَلِذَا اخترته دون التَّأْبِيد وَأغْرب عبد الْوَاحِد الزملكاني فَقَالَ فِي كِتَابه (التِّبْيَان فِي الْمعَانِي وَالْبَيَان) إِن (لن) لنفي مَا قرب وَلَا يَمْتَد معنى النَّفْي فِيهَا قَالَ وسر ذَلِك أَن الْأَلْفَاظ مشاكلة للمعاني (وَلَا) آخرهَا ألف وَالْألف يكون امتداد الصَّوْت بهَا بِخِلَاف النُّون وَنقل ذَلِك عَنهُ ابْن عُصْفُور وَأَبُو حَيَّان ورداه وَالْجُمْهُور على أَن الْفِعْل بعد (لن) لَا يخرج عَن كَونه خَبرا كحاله بعد سَائِر حُرُوف النَّفْي غير لَا وَذهب قوم إِلَى أَنه قد يخرج بعد (لن) إِلَى الدُّعَاء كحاله بعد لَا قَالَ الشَّاعِر فِي (لَا) :

1000 - (وَلَا زالَ مُنْهَلاًّ بجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ ... ) وَقَالَ فِي لن: 1001 - (لن تَزالوا كذلِكُم ثمَّ لَا زلْت ... لكم خَالِداً خُلودَ الجبَال) وَهَذَا القَوْل اخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي لِأَن عطف الدُّعَاء فِي الْبَيْت قرينَة ظَاهِرَة فِي أَن الْمَعْطُوف عَلَيْهِ دُعَاء لَا خبر وَتقدم مَعْمُول مَعْمُول (لن) عَلَيْهَا جَائِز خلاف مَعْمُول مَعْمُول (أَن) إِذْ لَا مَصْدَرِيَّة فِيهَا وَقد قَالُوا إِن (لن أضْرب) نفي ل (سأضرب) فَكَمَا جَازَ زيدا سأضرب جَازَ زيدا لن أضْرب وَمنعه الْأَخْفَش الصَّغِير أَبُو الْحسن عَليّ بن سُلَيْمَان الْبَغْدَادِيّ لِأَن النَّفْي لَهُ صدر الْكَلَام فَلَا يقدم مَعْمُول معموله عَلَيْهِ كَسَائِر حُرُوف النَّفْي وَلَا يجوز الْفَصْل بَين (لن) وَبَين الْفِعْل فِي الِاخْتِيَار لِأَنَّهَا مَحْمُولَة على سيفعل وَكَذَلِكَ لم يجز لن تفعل وَلَا تضرب زيدا بِنصب (تضرب) لِأَن الْوَاو كالعامل فَلَا يفصل بَينهَا ويبن الْفِعْل ب (لَا) كَمَا لَا يُقَال لن لَا تضرب زيدا هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين وَهِشَام وَاخْتَارَ الْكسَائي الْفَصْل بالقسم ومعمول الْفِعْل نَحْو لن وَالله أكْرم زيدا وَلنْ زيدا أكْرم وَوَافَقَهُ الْفراء على الْقسم وَزَاد جَوَاز الْفَصْل ب (أَظن) نَحْو لن أَظن أزورك بِالنّصب وبالشرط نَحْو لن إِن تزرني أزورك بِالنّصب وَجوز الإلغاء والجزم جَوَابا قَالَ أَبُو حَيَّان وَأَصْحَاب الْفراء لَا يفرقون بَين لن وَالْفِعْل اخْتِيَارا وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن (لن) وَأَخَوَاتهَا من الْحُرُوف الناصبة للأفعال بِمَنْزِلَة إِن وَأَخَوَاتهَا من الْحُرُوف الناصبة للأسماء فَكَمَا لَا يجوز الْفَصْل بَين إِن وَاسْمهَا لَا يجوز بَين لن وَأَخَوَاتهَا وَالْفِعْل بل الْفَصْل بَين عوامل الْأَفْعَال وَالْأَفْعَال أقبح مِنْهُ بَين عوامل الْأَسْمَاء والأسماء لِأَن عوامل الْأَفْعَال أَضْعَف من عوامل الْأَسْمَاء

كي

وَحكى اللحياني الْجَزْم بلن لُغَة وَأنْشد عَلَيْهِ: 1002 - (لنْ يَخِبِ الْآن مِنْ رجَائِكَ مَنْ ... حرّك مِنْ دُون بَابكَ الْحَلَقَهْ) كي (ص) كي إِن كَانَت الموصولة فالنصب بهَا عِنْد الْجُمْهُور أَو الجارة فبأن مضمرة وَجوز الكوفية إظهارها وتتعين الأولى بعد اللَّام وَالثَّانيَِة قبلهَا وتترجح مَعَ إِظْهَار أَن وَأنكر الكوفية كَونهَا جَارة وَقوم كَونهَا ناصبة وَلَا تفِيد الناصبة عِلّة وَلَا تتصرف بل تجر بِاللَّامِ وَيجوز تَأْخِير معلولها والفصل بِلَا النافية وَمَا الزَّائِدَة وَبِهِمَا لَا بِغَيْر ذَلِك وَجوزهُ الْكسَائي بمعمول وَقسم وَشرط وَلَا عمل وَابْن مَالك وَولده وتعمل وَلَا يقدم مَعْمُول منصوبها وَلَا على الْمَعْمُول فِي الْأَصَح وَجوز الكوفية والمبرد النصب ب (كَمَا) (ش) الثَّالِث من نواصب الْمُضَارع كي وَمذهب سِيبَوَيْهٍ والأكثرين أَنَّهَا حرف مُشْتَرك فَتَارَة تكون حرف جر بِمَعْنى اللَّام فتفهم الْعلَّة وَتارَة تكون حرفا تنصب الْمُضَارع بعده وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا تنصب بِنَفسِهَا وَمذهب الْخَلِيل والأخفش أَن (أَن) مضمرة بعْدهَا وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهَا مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ فَلَا تكون جَارة فِي الِاسْم وَقيل إِنَّهَا مُخْتَصَّة بِالِاسْمِ فَلَا تكون ناصبة للْفِعْل

وَاحْتج من قَالَ إِنَّهَا مُشْتَركَة بِأَنَّهُ سمع من كَلَام الْعَرَب جِئْت لكَي أتعلم وَسمع من كَلَامهم كيمه فَأَما لكَي أتعلم فَهِيَ ناصبة بِنَفسِهَا لدُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهَا وَلَيْسَت فِيهِ حرف جر لِأَن حرف الْجَرّ لَا يدْخل على حرف الْجَرّ وَأما كيمه فَهِيَ حرف جر بمعني اللَّام كَأَنَّهُ قَالَ لمه وَوجه الِاسْتِدْلَال من هَذَا اللَّفْظ أَنه قد تقرر من لِسَان الْعَرَب أَن (مَا) الاستفهامية إِذا دخل عَلَيْهَا حرف الْجَرّ حذفت ألفها نَحْو بِمَ وَلم وفيم وَعم فَإِذا وقف عَلَيْهَا جَازَ أَن تلحقها هَاء السكت وَيدل أَيْضا على أَنَّهَا جَارة دُخُولهَا على (مَا) المصدرية كَقَوْلِه: 1003 - (يُراد الْفَتى كَيْما يَضُرُّ ويَنْفَعُ ... ) فَرفع الْفِعْل على معني يُرَاد الفتي للضر والنفع وَأما جِئْت كي أتعلم فَيحمل عِنْدهم أَن تكون الناصبة بِنَفسِهَا إِذْ قد ثَبت أَنَّهَا تنصب بِنَفسِهَا فَتكون بمعني أَن وَاللَّام الْمُقْتَضِيَة للتَّعْلِيل محذوفة كَمَا تحذف فِي جِئْت أَن تعلم وَيحْتَمل عِنْدهم أَن تكون الجارة وَتَكون أَن مضمرة بعْدهَا كَمَا أضمرت بعد غَيرهَا من الْحُرُوف عَليّ مَا سَيَأْتِي بَيَانه وَيَبْنِي على هَذَا الْمَذْهَب فرع وَهُوَ أَنه هَل يجوز أَن تدخل كي على (لَا) أم لَا يجوز وَالْجَوَاب أَنَّك إِن قدرتها الجارة لم يجز لِأَن (كي) كاللام فَلَا تدخل عَلَيْهَا إِلَّا مَعَ (أَن) كَمَا فِي اللَّام نَحْو {لِئَلَّا يعلم} [الْحَدِيد: 29] وَإِن قدرتها الناصبة جَازَ نَحْو كَيْلا تقدم

وَهِي إِذا كَانَت ناصبة لَا يفهم مِنْهَا السَّبَبِيَّة لِأَنَّهَا مَعَ الْفِعْل بعْدهَا بِتَأْوِيل الْمصدر كَأَن وَلَا تتصرف تصرف (أَن) فَلَا تقع مُبتَدأَة وَلَا فاعلة وَلَا مفعولة وَلَا مجرورة بِغَيْر اللَّام وتتعين الناصبة بعد اللَّام نَحْو جِئْت لكَي أتعلم لِئَلَّا يجمع بَين حرفي جر وَدخُول اللَّام على الناصبة لكَونهَا مَوْصُولَة كَأَن وَلذَلِك شبه سِيبَوَيْهٍ إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى وتتعين الجارة إِذا جَاءَت قبل اللَّام نَحْو جِئْت كي لأقرأ فكي حرف جر وَاللَّام تَأْكِيد لَهَا وَأَن مضمرة بعْدهَا وَلَا يجوز أَن تكون كي ناصبة للفصل بَينهَا وَبَين الْفِعْل بِاللَّامِ وَلَا يجوز الْفَصْل بَين الناصبة وَالْفِعْل بالجار وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَا يجوز أَن تكون كي زَائِدَة لِأَن (كي) لم يثبت زيادتها فِي غير هَذَا الْموضع فَيحمل هَذَا عَلَيْهِ وَهَذَا التَّرْكِيب أَي مَجِيء (كي) قبل اللَّام نَادِر وَمِنْه قَول الطرماح: 1004 - (كَادُوا بنَصْر تَميم كَيْ ليَلْحَقَهُمْ ... ) وإضمار (أَن) بعد الجارة على جِهَة الْوُجُوب فَلَا يجوز إظهارها عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا فِي ضَرُورَة وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ فِي السعَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمَحْفُوظ إظهارها بعد (كي) الموصولة بِمَا كَقَوْلِه: 1005 - (كَيْمَا أنْ تَغُرّ وتَخْدَعا ... )

وَلَا أحفظ من كَلَامهم جِئْت كي أَن تكرمني وَمَعَ إِظْهَار اللَّام نَحْو جِئْت لكيما أَن تقوم يتَرَجَّح كَونهَا جَارة مُؤَكدَة للام على كَونهَا ناصبة مُؤَكدَة بِأَن لِأَن (أَن) هِيَ الَّتِي وليت الْفِعْل وَهِي أم الْبَاب وَمَا كَانَ أصلا فِي بَابه لَا يَجْعَل تَأْكِيدًا لما لَيْسَ أصلا مَعَ مَا فِيهِ من الْفَصْل بَين الناصب وَالْفِعْل وَاللَّام أصل فِي بَاب الْجَرّ فَكَانَت كي توكيدا لَهَا وَلَا يجوز أَن تكون كي تَأْكِيدًا ل (أَن) لِأَن التَّأْكِيد فِي غير المصادر لَا يتَقَدَّم على الْمُؤَكّد وَمن أَحْكَام كي أَنه لَا يمْتَنع تَأْخِير معلولها فَيجوز أَن تَقول كي تكرمني جئْتُك سَوَاء كَانَت الناصبة أَو الجارة وَذَلِكَ أَنَّهَا فِي الْمَعْنى مفعول من أَجله وَتقدم الْمَفْعُول من أَجله سَائِغ قَالَ أَبُو حَيَّان وَأَجْمعُوا على أَنه يجوز الْفَصْل بَينهَا وَبَين معمولها ب (لَا) النافية نَحْو: {كي لَا يكون دولة} [الْحَشْر: 7] وب (مَا) الزَّائِدَة كَقَوْلِه: 1006 - (تُريدِين كَيْما تَجْمَعِيني وخَالِداً ... ) وَبِهِمَا مَعًا كَقَوْلِه: 1007 - (أَردْتُ لِكَيْما لَا تريِ لِيَ عِشْرةً ... ومَنْ ذَا الَّذِي يُعْطَى الكمالَ فَيَكْمُلُ) وَأما الْفَصْل بِغَيْر (مَا) فَلَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين وَهِشَام وَمن وَافقه من الْكُوفِيّين فِي الِاخْتِيَار وَجوزهُ الْكسَائي بمعمول الْفِعْل الَّذِي دخلت عَلَيْهِ وبالقسم

وبالشرط فَيبْطل عَملهَا فَتَقول أزورك كي وَالله تزورني وأكرمك كي غلامي تكرم وأزورك كي إِن تكافئ أكرمك وَاخْتَارَ ابْن مَالك وَولده جَوَاز الْفَصْل بِمَا ذكر مَعَ الْعَمَل قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مَذْهَب ثَالِث لم يسبقا إِلَيْهِ وَتقدم مَعْمُول معمولها مَمْنُوع وَله ثَلَاث صور أَحدهَا تقدمه على الْمَعْمُول فَقَط نَحْو جِئْت كي النَّحْو أتعلم وَالثَّانيَِة على كي فَقَط نَحْو جِئْت النَّحْو كي أتعلم وَالثَّالِثَة على الْمَعْلُول أَيْضا نَحْو النَّحْو جِئْت كي أتعلم وَعَلِيهِ الْمَنْع فِي الأول للفصل وَفِي الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة أَن كي من الموصولات ومعمول الصِّلَة لَا يتَقَدَّم على الْمَوْصُول وَإِن كَانَت جَارة فَأن مضمرة وَهِي مَوْصُولَة أَيْضا وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة خلاف للكسائي قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يبعد أَن يُجزئ فِي الثَّالِثَة لكنه لم ينْقل وَأثبت الْكُوفِيُّونَ من حُرُوف النصب (كَمَا) بمعني (كَيْمَا) وَوَافَقَهُمْ الْمبرد وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 1008 - (وطَرْفك إمّا جئتنا فاصْرفنّهُ ... كَمَا يَحْسِبُوا أنَّ الهَوَى حَيْثُ تَنْظُرُ) وَأنكر ذَلِك البصريون وتأولوا مَا ورد على أَن الأَصْل (كَيْمَا) حذفت ياؤه ضَرُورَة أَو الْكَاف الجارة كفت بِمَا وَحذف النُّون من الْفِعْل ضَرُورَة

إذن

إِذن (ص) إِذن الْجُمْهُور أَنَّهَا حرف بسيط وَقَالَ الْخَلِيل من (إِذْ أَن) والرندي (إِذْ أَن) وَقوم اسْم وَأَنَّهَا تنصب بِنَفسِهَا لَا بِأَن المضمرة وتليها جملَة اسمية وَخبر ذِي خبر وَإِنَّمَا تنصب مُسْتَقْبلا وَليهَا مصدرة وَالرَّفْع حِينَئِذٍ لغية أنكرها الْكُوفِيُّونَ فَإِن وليت عاطفا قل النصب أَو ذَا خبر امْتنع وَجوزهُ هِشَام بعد مُبْتَدأ وَالْكسَائِيّ بعد اسْمِي أَن وَكَانَ ويفصل بقسم حذف جَوَابه وَلَا النافية وَجوزهُ ابْن بابشاذ بِنِدَاء وَدُعَاء وَابْن عُصْفُور والأبذي بظرف وَالْكسَائِيّ وَهِشَام وَالْفراء بمعمول ثمَّ اخْتَار الرّفْع وَالْكسَائِيّ النصب وَجوز تقدمه مَعَ الْعَمَل ودونه وَالْفراء وأبطله وَلَا نَص للبصرية قَالَ أَبُو حَيَّان وَمُقْتَضى قواعدهم الْمَنْع وَمَعْنَاهَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْجَواب وَالْجَزَاء قَالَ الشلوبين دَائِما والفارسي غَالِبا وَلَا يحذف مَعْمُول ناصب دونه وَلَا لدَلِيل على الْأَصَح (ش) اخْتلف النحويون فِي حَقِيقَة (إِذن) فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنَّهَا حرف بسيط وَذهب قوم إِلَى أَنَّهَا اسْم ظرف وَأَصلهَا إِذْ الظَّرْفِيَّة لحقها التَّنْوِين عوضا من الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا ونقلت إِلَى الجزائية فَبَقيَ فِيهَا معنى الرَّبْط وَالسَّبَب وَلِهَذَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ مَعْنَاهَا الْجَواب وَالْجَزَاء فَقَالَ الشلوبين دَائِما فِي كل مَوضِع وَقَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي غَالِبا فِي أَكثر الْمَوَاضِع كَقَوْلِك لمن قَالَ أزورك إِذن أكرمك فقد أَجَبْته وَجعلت إكرامه جَزَاء زيارته أَي إِن تزرني أكرمتك

قَالَ وَقد تتمحض للجواب كَقَوْلِك لمن قَالَ أحبك إِذن أصدقك إِذْ لَا مجازاة هُنَا والشلوبين يتَكَلَّف فِي جعل مثل هَذَا جَزَاء أَي إِن كنت قلت ذَلِك حَقِيقَة صدقتك وَذهب الْخَلِيل إِلَى أَنَّهَا حرف تركب من (إِذْ) و (أَن) وَغلب عَلَيْهَا حكم الحرفية ونقلت حَرَكَة الْهمزَة إِلَى الذَّال ثمَّ حذفت وَالْتزم هَذَا النَّقْل فَكَأَن المعني إِذا قَالَ الْقَائِل أزورك فَقلت إِذْ أَن أكرمك قلت حِينَئِذٍ زيارتي وَاقعَة وَلَا يتَكَلَّم بِهَذَا وَذهب أَبُو عَليّ عمر بن عبد الْمجِيد الرندي إِلَى أَنَّهَا مركبة من (إِذا) و (أَن) لِأَنَّهَا تُعْطِي مَا تُعْطِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فتعطي الرَّبْط كإذا وَالنّصب كَأَن ثمَّ حذفت همزَة أَن ثمَّ ألف إِذا لالتقاء الساكنين وعَلى الأول فَهِيَ ناصبة للمضارع بِنَفسِهَا عِنْد الْأَكْثَرين لِأَنَّهَا تقلبه إِلَى الِاسْتِقْبَال وَقَالَ الزّجاج والفارسي الناصب أَن مضمرة بعْدهَا لَا هِيَ لِأَنَّهَا غير مُخْتَصَّة إِذْ تدخل على الْجمل الابتدائية نَحْو إِذن عبد الله يَأْتِيك وتليها الْأَسْمَاء مَبْنِيَّة على غير الْفِعْل ولنصبها الْمُضَارع ثَلَاثَة شُرُوط أَحدهَا كَونه مُسْتَقْبلا فَلَو قيل لَك أحبك فَقلت إِذن أَظُنك صَادِقا رفعت لِأَنَّهُ حَال وَمن شَأْن الناصب أَن يخلص الْمُضَارع للاستقبال ثَانِيهَا أَن يَليهَا فَيجب الرّفْع فِي نَحْو إِذن زيد يكرمك للفصل وَيغْتَفر الْفَصْل بالقسم وَبلا النافية خَاصَّة لِأَن الْقسم تَأْكِيد لربط إِذن و (لَا) لم يعْتد بهَا فاصلة فِي أَن فَكَذَا فِي إِذن قَالَ الشَّاعِر: 1009 - (إذَنْ وَاللهِ نَرْمِيَهُمْ بحَرْبٍ ... )

وَجوز أَبُو الْحسن طَاهِر بن بابشاذ الْفَصْل بَينهمَا بالنداء وَالدُّعَاء نَحْو إِذن يَا زيد أحسن إِلَيْك وَإِذن يغْفر الله لَك يدْخلك الْجنَّة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يَنْبَغِي أَن يقدم على ذَلِك إِلَّا بِسَمَاع من الْعَرَب وَأَجَازَ ابْن عُصْفُور والأبذي الْفَصْل بالظرف نَحْو إِذن غَدا أكرمك وَأَجَازَ الْكسَائي وَابْن هِشَام وَالْفراء الْفَصْل بمعمول الْفِعْل وَالِاخْتِيَار عِنْد الْكسَائي حِينَئِذٍ النصب وَعند هِشَام الرّفْع نَحْو إِذن فِيك أَرغب وأرغب وَإِذن صَاحبك أُكُرِمُ وُكُرِمَ فَلَو قدمت مَعْمُول الْفِعْل على إِذن نَحْو زيدا إِذن أكْرم فَذهب الْفراء إِلَى أَنه يبطل عَملهَا وَأَجَازَ الْكسَائي إِذْ ذَاك الرّفْع وَالنّصب قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نَص أحفظه عَن الْبَصرِيين فِي ذَلِك ومقتضي اشتراطهم التصدير فِي عَملهَا أَلا تعْمل وَالْحَالة هَذِه لِأَنَّهَا غير مصدرة وَيحْتَمل أَن يُقَال تعْمل لِأَنَّهَا وَإِن لم تصدر لفظا فَهِيَ مصدرة فِي النِّيَّة لِأَن النِّيَّة بالمفعول التَّأْخِير ثَالِثهَا أَن تكون مصدرة فَلَا تنصب مُتَأَخِّرَة نَحْو أكرمك إِذن بِلَا خلاف لِأَن الْفِعْل الْمَنْصُوب لَا يجوز تَقْدِيمه على ناصبه وَأما المتوسطة فَإِن افْتقر مَا بعْدهَا إِلَى مَا قبلهَا افتقار الشَّرْط لجزائه نَحْو إِن تزرني إِذن أكرمك أَو الْقسم لجوابه نَحْو: 1010 - (لَئِنْ عَاد لي عَبْدُ العَزيز بمِثْلِها ... وأمْكَنَنِي مِنْهَا إذَنْ لَا أُقِيلُها) أَو الْخَبَر للمخبر عَنهُ نَحْو زيد إِذن يكرمك امْتنع النصب فِي الصُّور كلهَا وَفِي الْأَخِيرَة خلاف فَأجَاز هِشَام النصب بعد مُبْتَدأ كالمثال وَأَجَازَهُ الْكسَائي بعد اسْم إِن نَحْو:

1011 - (إِنِّي إذنْ أَهْلِكَ أَو أطِيرَا ... ) وَبعد اسْم كَانَ نَحْو كَانَ عبد الله إِذن يكرمك وَوَافَقَ الْفراء الْكسَائي فِي إِن وَخَالفهُ فِي كَانَ فَأوجب الرّفْع وَنَصّ الْفراء على تعين الرّفْع بعد ظن نَحْو ظَنَنْت زيدا إِذن يكرمك قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس قَول الْكسَائي جَوَاز النصب أَيْضا وَإِن وليت عاطفا قل النصب وَالْأَكْثَر فِي لِسَان الْعَرَب إلغاؤها قَالَ تَعَالَى {وَإِذا لَا يلبثُونَ خِلافك إِلَّا قَلِيلا} [الْإِسْرَاء: 76] {فَإِذا لَا يُؤْتونَ النَّاس نقيرا} [النِّسَاء: 53] وَقُرِئَ شاذا (لَا يَلْبَثُوا) و (لَا يؤتوا) فَمن ألغي راعي تقدم حرف الْعَطف وَمن أعمل راعي كَون مَا بعد العاطف جملَة مستأنفة وإلغاء (إِذن) مَعَ اجْتِمَاع الشُّرُوط لُغَة لبَعض الْعَرَب حَكَاهَا عِيسَى بن عمر وتلقاها البصريون بِالْقبُولِ وَوَافَقَهُمْ ثَعْلَب وَخَالف سَائِر الْكُوفِيّين فَلم يجر أحد مِنْهُم الرّفْع بعْدهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَرِوَايَة الثِّقَة مَقْبُولَة وَمن حفظ حجَّة على من لم يحفظ إِلَّا أَنَّهَا لُغَة نادرة جدا وَلذَلِك أنكرها الْكسَائي وَالْفراء على اتساع حفظهما وَأَخذهمَا بالشاذ والقليل

لام الجحود

ونواصب الْمُضَارع لَا يجوز أَن يحذف معمولها وَتبقى هِيَ لَا اقتصارا وَلَا اختصارا فَلَو قيل أَتُرِيدُ أَن تخرج لم يجز أَن تجيب بِقَوْلِك (أُرِيد أَن) وتحذف (أخرج) وَأَجَازَهُ بعض المغاربة مستدلا بِمَا وَقع فِي صَحِيح البُخَارِيّ (فَيذْهب كَيْمَا فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا) يُرِيد كَيْمَا يسْجد قَالَ وَهَذَا كَقَوْلِهِم جِئْت وَلما قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ مثله لِأَن حذف الْفِعْل بعد لما للدليل جَائِز مَنْقُول فِي فصيح الْكَلَام وَلم ينْقل من نَحْو هَذَا شَيْء من كَلَام الْعَرَب لَام الْجُحُود (ص) مَسْأَلَة تنصب (أَن) مضمرة لُزُوما بعد لَام الْجُحُود الْمُؤَكّدَة وَلَيْسَت لَام كي على الصَّحِيح وَهِي المسبوقة بِكَوْن مَاض لفظا أَو معنى منفي بِمَا أول لم قيل أَو أَخَوَات كَانَ قيل أَو ظن قيل أَو كل فعل وَحذف الْخَبَر مَعهَا حتم غَالِبا وَزعم الكوفية النصب بهَا فمدخولها الْخَبَر وَهِي زَائِدَة للتَّأْكِيد وثعلب بقيامها مقَام (أَن) والفهري لَا يرفع مدخولها ضمير السببي وَجوز قوم إِظْهَار (أَن) مَعَ حذفهَا وَقوم دونه وَلَا تلِي مُفردا (ش) (أَن) أم الْبَاب فَلهَذَا تنصب ظَاهِرَة ومضمرة وَلها إِذا أضمرت حالان حَال وجوب وَحَال جَوَاز فَالْأول بعد نَوْعَيْنِ من الْحُرُوف أَحدهمَا مَا هُوَ حرف جر وَالْآخر مَا هُوَ حرف عطف فَالْأول حرفان أَحدهمَا اللَّام الَّتِي يسميها النحويون لَام الْجُحُود وَمذهب الْبَصرِيين أَن النصب بعْدهَا بِأَن مضمرة وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن الناصب هُوَ لَام الْجُحُود نَفسهَا وَذهب ثَعْلَب إِلَى أَن اللَّام هِيَ الناصبة لقيامها مقَام أَن

وَعلي الأول لَا يجوز إِظْهَار أَن لِأَن إِيجَابه كَانَ زيد سيقوم فَجعلت اللَّام فِي مُقَابلَة السِّين فَكَمَا لَا يجوز أَن يجمع بَين أَن الناصبة وَبَين السِّين فَكَذَلِك كَرهُوا أَن يجمعوا بَين اللَّام وَأَن فِي اللَّفْظ وَأَجَازَ بعض الْكُوفِيّين إظهارها بِفَتْح اللَّام تَأْكِيدًا كَمَا جَازَ ذَلِك فِي (كي) نَحْو مَا كَانَ زيد لِأَن يقوم قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَاج إِلَى سَماع من الْعَرَب وَأَجَازَ بعض النُّحَاة حذف اللَّام وَإِظْهَار (أَن) نَحْو {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآن أَن يفترى} [يُونُس: 37] أَي ليفتري وأوله المانعون بِأَن (أَن) وَمَا بعْدهَا فِي تَأْوِيل الْمصدر وَالْقُرْآن أَيْضا مصدر فَأخْبر بمصدر عَن مصدر وَلَام الْجُحُود عِنْد الْبَصرِيين تسمي مُؤَكدَة لصِحَّة الْكَلَام بِدُونِهَا إِذْ يُقَال فِي مَا كَانَ زيد ليفعل مَا كَانَ زيد يفعل لَا لِأَنَّهَا زَائِدَة إِذْ لَو كَانَت زَائِدَة لما كَانَ لنصب الْفِعْل بعْدهَا وَجه صَحِيح قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن أغرب المنقولات مَا نَقله بعض أَصْحَابنَا عَن أبي الْبَقَاء من أَن اللَّام فِي نَحْو قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم} [الْأَنْفَال: 33] هِيَ لَام كي وَهَذَا نَظِير من سمي اللَّام فِي مَا جئْتُك لتكرمني لَام الْجُحُود بل قَول هَذَا أشبه لِأَن اللَّام جَاءَت بعد جحد لُغَة وَإِن كَانَ لَيْسَ الْجحْد المصطلح عَلَيْهِ فِي لَام الْجُحُود وَأما أَن تسمي هَذِه لَام كي فسهو من قَائِله وَإِنَّمَا تقع لَام الْجُحُود بعد كَون منفي بِمَا أَو لم دون إِن وَلما هُوَ مَاض لفظا نَحْو {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم} [الْأَنْفَال: 33] أَو معنى نَحْو لم يكن زيد ليقوم وَمذهب الْبَصرِيين أَن خبر كَانَ حِينَئِذٍ مَحْذُوف وَأَن هَذِه اللَّام مُتَعَلقَة بذلك الْخَبَر الْمَحْذُوف وَأَن الْفِعْل لَيْسَ بِخَبَر بل الْمصدر المنسبك من أَن المضمرة وَالْفِعْل الْمَنْصُوب بهَا فِي مَوضِع جر وَالتَّقْدِير مَا كَانَ الله مرِيدا لكذا وَالدَّلِيل على هَذَا التَّقْدِير أَنه قد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي بعض كَلَام الْعَرَب قَالَ: 1012 - (سَمَوْتَ ولَمْ تكُنْ أهْلاً لِتَسْمُو ... )

حتى

فَصرحَ بالْخبر الَّذِي هُوَ أَهلا مَعَ وجود اللَّام وَالْفِعْل بعْدهَا وَمذهب الْكُوفِيّين أَن الْفِعْل فِي مَوضِع نصب على أَنه الْخَبَر وَاللَّام زَائِدَة للتَّأْكِيد وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى أَن لَام الْجُحُود تكون فِي أَخَوَات كَانَ قِيَاسا عَلَيْهَا نَحْو مَا أصبح زيد ليضْرب عمرا وَلم يصبح زيد ليضْرب عمرا وَزعم بَعضهم أَنَّهَا تكون فِي ظَنَنْت وَأَخَوَاتهَا نَحْو مَا ظَنَنْت زيدا ليضْرب عمرا وَلم أَظن زيدا ليضْرب عمرا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا كُله تركيب لم يسمع فَوَجَبَ مَنعه وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا تدخل فِي كل فعل منفي تقدمه فعل نَحْو مَا جِئْت لتكرمني قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا فَاسد لِأَن هَذِه لَام كي وَالْفرق بَينهمَا من وُجُوه كَثِيرَة ستأتي حَتَّى (ص) وَبعد حَتَّى الجارة وزعمها الْفراء غَيرهَا وَالنّصب بهَا وَالْكسَائِيّ بهَا والجر بإلي مضمرة جَوَازًا وَقوم ناصبة جَارة بِنَفسِهَا تَشْبِيها بِأَن وَإِلَى وَعَلَيْهَا يجوز إِظْهَار (أَن) وعَلى الْأَصَح قد يظْهر مَعَ مَعْطُوف منصوبها وَمَعْنَاهَا كي أَو إِلَى قَالَ الخضراوي وَابْن مَالك أَو إِلَّا وَإِنَّمَا تنصب مُسْتَقْبلا وجوبا إِن كَانَ حَقِيقَة وَإِلَّا فجوازا وترفع الْحَال أَو المؤول كَذَلِك بِأَن يكون مسببا عَمَّا قبلهَا فضلَة صَالحا لحلول الْفَاء محلهَا وَالأَصَح تعين النصب مَعَ فعل غير مُوجب وقلما لَا (كثر مَا) و (طالما) وَرُبمَا جوزه الْكسَائي لرفع مُسْتَقْبل غير سَبَب وَنصب حَال مسبب وَالنّصب بهَا مُطلقًا لُغَة وَلَا تفصل وَجوزهُ الْأَخْفَش وَابْن السراج بظرف وَشرط مَاض

وَهِشَام بقسم ومفعول وجر والأخفش وَابْن مَالك تَعْلِيقهَا (ش) الْحَرْف الثَّانِي حَتَّى وَكَونهَا الجارة وَالنّصب بعْدهَا ب (أَن) لَازِمَة الْإِضْمَار وجوبا هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَاسْتَدَلُّوا بثبات كَونهَا جَارة للاسم بِدَلِيل حذف (مَا) الاستفهامية بعْدهَا نَحْو: 1013 - (فحتّام حتّامَ العناءُ المُطَوَّلُ ... ) وَإِذا ثَبت ذَلِك انْتَفَى كَونهَا ناصبة للْفِعْل لما تقرر من أَن عوامل الْأَسْمَاء لَا تكون عوامل فِي الْأَفْعَال لِأَن ذَلِك ينفى الِاخْتِصَاص وَاخْتلف الْكُوفِيُّونَ فَذهب الْفراء إِلَى أَنَّهَا ناصبة بِنَفسِهَا وَلَيْسَت الجارة وَعِنْده أَن الْجَرّ بعْدهَا إِنَّمَا هُوَ لنيابتها مناب إِلَيّ وَذهب الْكسَائي إِلَى أَنَّهَا ناصبة بِنَفسِهَا أَيْضا وَأَنَّهَا جَارة بإضمار إِلَيّ وَهَذَا عكس مَذْهَب الْبَصرِيين ثمَّ إِنَّه جوز إِظْهَار (إِلَى) بعْدهَا فَقَالَ الْجَرّ بعد حَتَّى يكون بإلي مظهرة ومضمرة وَذهب بعض الْكُوفِيّين إِنَّهَا ناصبة بِنَفسِهَا ك أَن أَو جَارة بِنَفسِهَا أَيْضا قَالُوا لَو قلت وَمَعَ قَول الْكُوفِيّين إِنَّهَا ناصبه بِنَفسِهَا أَجَازُوا إِظْهَار أَن بعْدهَا قَالُوا لَو قلت لأسيرين حَتَّى أَن أصبح الْقَادِسِيَّة جَازَ وَكَانَ النصب بحتي وَأَن توكيد كَمَا أَجَازُوا ذَلِك فِي لَام الْجُحُود وعَلى قَول الْبَصرِيين لَا تظهر وَقد تظهر فِي الْمَعْطُوف على منصوبها لِأَن الثواني تحْتَمل مَا لَا تحتمله الْأَوَائِل كَقَوْلِه: 1014 - (حتّي يكونَ عَزِيزًا من نُفُوسهم ... أَو أَن يبينَ جَمِيعًا وَهُوَ مخْتارُ)

وَفِيه دَلِيل لقَولهم إِن (أَن) مضمرة بعْدهَا وحتي هَذِه هِيَ المرادفة لكَي الجارة أَو إِلَى بِخِلَاف الابتدائية الَّتِي لَا ترادف وَاحِدًا مِنْهُمَا فالمرادفة ل (كي) نَحْو أسلمت حَتَّى أَدخل الْجنَّة فَهِيَ هُنَا حرف تَعْلِيل والمرادفة لإلي نَحْو {قَالُوا لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] فَهِيَ هُنَا حرف غَايَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي ذكره مُعظم النَّحْوِيين فِي معنى حَتَّى هَذِه أَنَّهَا تكون للتَّعْلِيل أَو الْغَايَة فَهِيَ تنصب عِنْدهم على أحد هذَيْن الْمَعْنيين وَزَاد ابْن مَالك أَن تكون مرادفة ل (إِلَّا أَن) فَتكون للاستثناء وَأنْشد عَلَيْهِ: 1015 - (لَيْسَ العطاءُ من الفُضُول سماحةً ... حَتَّى تَجُودَ وَمَا لَدَيْكَ قَلِيلُ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد أغنانا ابْنه عَن الرَّد عَلَيْهِ فِي ذَلِك وَقَالَ إِنَّه يَصح فِيهِ تَقْدِير (إِلَى أَن) وَإِذا احْتمل أَن تكون حتي فِيهِ للغاية فَلَا دَلِيل فِي الْبَيْت على أَن حتي بِمَعْنى إِلَّا أَن وَقَالَ ابْن هِشَام الخضراوي فِي حَدِيث (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة حتي يكون أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ) عِنْدِي أَنه يجوز أَن يكون (على الْفطْرَة) حَالا من الضَّمِير ويولد فِي مَوضِع خبر وَحَتَّى بِمَعْنى إِلَّا أَن المنقطعة كَأَنَّهُ قَالَ إِلَّا أَن يكون أَبَوَاهُ والمعني لَكِن أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ قَالَ وَقد ذكر النحويون هَذَا الْمَعْنى فِي أَقسَام (حتي) وَمِنْه قَوْله:

1016 - (واللهِ لَا يَذْهَب شَيْخِي بَاطِلاَ ... حَتَّى أبيرَ مالِكاً وكَاهِلاَ) المعني إِلَّا أَن أبير وَهُوَ مُنْقَطع بِمَعْنى لَكِن أبير انْتهى وَإِنَّمَا ينصب الْمُضَارع بعد حتي إِذا كَانَ مُسْتَقْبلا نَحْو لأسيرن حَتَّى أصبح الْقَادِسِيَّة أَو مَاضِيا فِي حكم الْمُسْتَقْبل نَحْو سرت حَتَّى أَدخل الْمَدِينَة فَهَذَا مؤول بالمستقبل نظرا إِلَى أَنه غَايَة لما قبل حتي فَهُوَ مُسْتَقْبل بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ فَإِن كَانَ حَالا أَو مؤولا بِهِ رفع وَذَلِكَ بِأَن يكون مَا قبلهَا سَببا لما بعْدهَا وَلَا يكونَانِ متصلي الْوُقُوع فِيمَا مضى بل مَا قبل حتي وَقع ومضي وَمَا بعْدهَا فِي حَال الْوُقُوع وعلامة ذَلِك صَلَاحِية جعل الْفَاء مَكَان حتي نَحْو قَوْلهم مرض فلَان حَتَّى لَا يرجونه أَي فَهُوَ الْآن لَا يرجي وَضرب أمس حَتَّى لَا يَسْتَطِيع أَن يَتَحَرَّك الْيَوْم والمؤول بِالْحَال أَن يكون مَا بعد حتي لم يَقع لكنك مُتَمَكن من إِيقَاعه فِي الْحَال نَحْو سرت حَتَّى أَدخل الْمَدِينَة أَي فَأَنا الْآن مُتَمَكن من دُخُول الْمَدِينَة لَا أمنع من ذَلِك وَشرط الرّفْع أَيْضا أَن يكون مَا بعْدهَا فضلَة فَلَو كَانَ وَاقعا خبر الْمُبْتَدَأ أَو خبر كَانَ أَو نَحْوهمَا وَجب نَصبه نَحْو كَانَ سيري حَتَّى أدخلها لِأَنَّهُ لَو رفع كَانَت حَتَّى حرف ابْتِدَاء فيبقي الْمخبر عَنهُ بِلَا خبر وَأَجَازَ الْكسَائي رفع الْمُسْتَقْبل إِذا كَانَ غير مسبب عَمَّا قبل نَحْو سرت حتي تطلع الشَّمْس وَنصب الْحَال إِذا كَانَ مسببا عَمَّا قبل وَجوزهُ فِي قَول حسان: 1007 - (يُغْشَوْنَ حتّى مَا تَهرُّ كِلابُهُم ... ) ورد بِعَدَمِ السماع وبمخالفته للْقِيَاس بِأَن النواصب من مخلصات الْمُضَارع للاستقبال

وَيتَعَيَّن النصب عِنْد سِيبَوَيْهٍ والأكثرين بعد فعل غير مُوجب وَهُوَ الْمَنْفِيّ وَمَا فِيهِ الِاسْتِفْهَام وقلما نَحْو مَا سرت حَتَّى أَدخل الْمَدِينَة وقلما سرت حَتَّى أدخلها إِذا أردْت بقلما النَّفْي الْمَحْض وأسرت حَتَّى تدخل الْمَدِينَة وَإِنَّمَا لم يجز الرّفْع لِأَنَّهُ على معنى السَّبَبِيَّة للْأولِ فِي الثَّانِي وَالْأول منفي لم يَقع فَلَا يكون نفي السَّبَب مُوجبا لوُجُود مسببه وَخَالف الْأَخْفَش فجوز الرّفْع على أَن أصل الْكَلَام مُوجب وَهُوَ سرت حَتَّى أَدخل الْمَدِينَة ثمَّ أدخلت أَدَاة النَّفْي على الْكَلَام بأسره فنفت أَن يكون سير كَانَ عِنْد دُخُول فكأنك قلت مَا وَقع السّير الَّذِي كَانَ سَببا لدُخُول الْمَدِينَة وَاتَّفَقُوا على أَن الرّفْع فِي ذَلِك غير مسموح وَإِنَّمَا أجَازه الْأَخْفَش وَمن تبعه قِيَاسا وَلَو أُرِيد بقلما التقليل لَا النَّفْي فَكَذَلِك عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَجوز أَبُو عَليّ والرماني وَجَمَاعَة الرّفْع بعْدهَا وَذهب طَائِفَة من القدماء إِلَى امْتنَاع الرّفْع أَيْضا بعد (كثر مَا) و (طالما) و (رُبمَا) نَحْو كثر مَا سرت حَتَّى أدخلها وطالما سرت حَتَّى أدخلها وَرُبمَا سرت حَتَّى أدخلها إِلْحَاقًا لَهَا بقلما إِلَّا أَن السّير لما كَانَ مَجْهُول الْعدَد غير مَعْلُوم الْمَرَاتِب صَار بِمَنْزِلَة مَا لَيْسَ بِوَاجِب وعارضه سِيبَوَيْهٍ بقَوْلهمْ مَرَرْت غير مرّة حَتَّى أدخلها لأَنهم كَانُوا يجيزون الرّفْع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَفِيه (غير مرّة) الَّذِي من أَجله صَار السّير عِنْدهم لَيْسَ مَعْلُوما وَحكي الْجرْمِي فِي (الفرخ) أَن من الْعَرَب من ينصب بحتي فِي كل شَيْء قَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي لُغَة شَاذَّة وَمن أَحْكَام حَتَّى أَنَّهَا لَا يفصل بَينهمَا وَبَين الْفِعْل بِشَيْء وَجوز الْأَخْفَش وَابْن السراج فصلها بالظرف نَحْو أقعد حتي عنْدك يجْتَمع النَّاس وبشرط مَاض نَحْو أصحبك حتي إِن قدر الله أتعلم الْعلم

أو

وَجوزهُ هِشَام بالقسم وَالْمَفْعُول وَالْجَار وَالْمَجْرُور نَحْو ... واصبر حتي إِلَيْك تَجْتَمِع النَّاس وَأَجَازَ الْأَخْفَش وَابْن مَالك تَعْلِيقهَا قبل الشَّرْط الْمَذْكُور جَوَابه نَحْو أصحبك حَتَّى إِن تحسن إِلَى أحسن إِلَيْك قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَعْنِي بِالتَّعْلِيقِ هَذَا إبِْطَال الْعَمَل قَالَ وَذَلِكَ كَمَا أجَاز الْكسَائي وَمن أَخذ بمذهبه ذَلِك فِي (كي) نَحْو جِئْت كي إِن تكافئني أكافئك فَيرد على الْأَخْفَش فِي (حَتَّى) بِمَا رد بِهِ على الْكسَائي فِي (كي) انْتهى أَو (ص) وَبعد (أَو) بِمَعْنى (إِلَى أَن) أَو (إِلَّا أَن) وَقيل النصب بهَا وَقيل بِالْخِلَافِ وَلَا يفصل خلافًا للأخفش (ش) النَّوْع الثَّانِي مِمَّا يضمر بعده (أَن) حرف الْعَطف وَهُوَ ثَلَاثَة أَحدهَا (أَو) إِذا وَقعت موقع (إِلَى أَن) أَو (إِلَّا أَن) نَحْو لألزمنك أَو تقضيني حَقي وَقَوله: 1018 - (لأسْتَسْهلَنّ الصّعبَ أوْ أُدْركَ المُنَى ... ) أَي إِلَى أَن تقضيني حَقي وَإِلَّا أَن أدْرك فَإِن لم يَقع موقعها لم يلْزم الْإِضْمَار نَحْو: 1019 - (وَلَوْلَا رجالٌ مِنْ رزام أعِزّةٌ ... وآلُ سُبَيْع أَو أسُوءَك عَلْقمَا)

فاء السبب

وَمَا ذكر من أَن النصب بعد (أَو) بإضمار أَن هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَلذَلِك لَا يتَقَدَّم مَعْمُول الْفِعْل عَلَيْهَا وَلَا يفصل بَينهَا وَبَين الْفِعْل لِأَنَّهَا حرف عطف وَذهب الْفراء وَقوم من الْكُوفِيّين إِلَى أَن الْفِعْل انتصب بِالْخِلَافِ أَي مُخَالفَة الثَّانِي للْأولِ من حَيْثُ لم يكن شَرِيكا لَهُ فِي الْمَعْنى وَلَا مَعْطُوفًا عَلَيْهِ وَذهب الْكسَائي وَأَصْحَابه والجرمي إِلَى أَن الْفِعْل انتصب بِأَو نَفسهَا وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى أَن النصب هُنَا بِمَعْنى مَا وَقع موقعه لِأَنَّهُ وَقع موقع (إِلَى أَن) أَو (إِلَّا أَن) فانتصب كنصبه قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا ضَعِيف جدا وَنقل ابْن مَالك عَن الْأَخْفَش أَنه جوز الْفَصْل بَين أَو وَالْفِعْل بِالشّرطِ نَحْو لألزمنك أَو إِن شَاءَ الله تقضيني حَقي فَاء السَّبَب (ص) وَبعد فَاء السَّبَب جَوَابا لأمر خلافًا لشذوذ لَا اسْم فعل وَثَالِثهَا إِن اشتق أَو لنهي أَو دُعَاء بِفعل أصيل قَالَ الْكسَائي أَو بِخَبَر أَو لاستفهام مُطلقًا وَقيل إِن لم يكن عَن الْمسند إِلَيْهِ وَقيل إِن لم يتَضَمَّن وُقُوع الْفِعْل فَإِن أخبر عَن تاليه بِغَيْر مُشْتَقّ فالرفع أَو سبقه ظرف جَازَ أَو قد يحذف السَّبَب بعده وَقيل يخْتَص بالإثبات أَو للنَّفْي مُطلقًا وَمِنْه (قَلما) و (قد) فِيمَا حُكيَ أَو عرض أَو تحضيض أَو تمن قَالَ الكوفية وَابْن مَالك أَو رَجَاء أَو غير أَو كَأَن عَارِية من تشيبه وجوزوا سبق ذَا الْجَواب سَببه وَتَأْخِير معموله وَالْجُمْهُور لَا وَلَا ينصب بعد جملَة اسمية وَثَالِثهَا ينصب بِشَرْط وصف أَو ظرف مَحل الْفِعْل (ش) الثَّانِي الْفَاء إِذا كَانَت متضمنة معنى التسبيب وَكَانَت هِيَ ومدخولها جَوَابا لأحد أُمُور أَحدهَا الْأَمر نَحْو اضْرِب زيدا فيستقيم قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نعلم خلافًا فِي نصب الْفِعْل جَوَابا لِلْأَمْرِ إِلَّا مَا نقل عَن الْعَلَاء بن سيابة قَالُوا وَهُوَ

معلم الْفراء إِنَّه كَانَ لَا يُجِيز ذَلِك وَهُوَ محجوج بِثُبُوتِهِ عَن الْعَرَب وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ لأبي النَّجْم: 1020 - (يَا ناقُ سيري عَنقا فَسِيحَا ... إِلَى سُلَيْمان فنَسْتَريحَا) إِلَّا أَن يتأوله ابْن سيابة على أَنه من النصب فِي الشّعْر فَيكون مثل قَوْله: 1021 - (سأترك مَنْزلي لبني تَميم ... وألحقُ بالحجاز فَأسْتَريحَا) قَالَ وَلَا يبعد هَذَا التَّأْوِيل ولمنعه وَجه من الْقيَاس وَهُوَ إِجْرَاء الْأَمر مجري الْوَاجِب فَكَمَا لَا يجوز ذَلِك فِي الْوَاجِب كَذَلِك لَا يجوز فِي الْأَمر وَمن إِجْرَاء الْأَمر مجري الْوَاجِب بَاب الِاسْتِثْنَاء فَإِنَّهُ لَا يجوز فِيهِ الْبَدَل كَمَا لَا يجوز فِي الْوَاجِب وَذَلِكَ بِخِلَاف النَّفْي وَالنَّهْي فَإِنَّهُ يجوز فيهمَا ذَلِك وَإِلَى هَذَا أَشرت بِقَوْلِي خلافًا لشذوذ وَصُورَة الْمَسْأَلَة أَن يكون الْأَمر بِصَرِيح الْفِعْل فَإِن دلّ عَلَيْهِ بِخَبَر أَو اسْم فعل لم يجز النصب على الصَّحِيح لِأَنَّهُ غير مسموع وَجوزهُ الْكسَائي قِيَاسا نَحْو حَسبك الحَدِيث فينام النَّاس وصه فأحدثك وَفصل ابْن جني وَابْن عُصْفُور فأجازا النصب بعد اسْم فعل الْأَمر إِذا كَانَ مشتقا كنزال من النُّزُول ودراك من الْإِدْرَاك ورده بدر الدّين بن مَالك بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَونه مشتقا مَا يسوغ تَأَوَّلَه بِالْمَصْدَرِ فَإِن الْمُصَحح للنصب فِي نَحْو نزال فَأنْزل هُوَ صِحَة تَأَول فعل الْأَمر

بِالْمَصْدَرِ من قبل أَن فعل الْأَمر يَصح أَن يَقع فِي صلَة أَن بمصدر لَهَا كَمَا فِي نَحْو أوعزت إِلَيْهِ بِأَن أفعل وَلَا يَصح ذَلِك فِي اسْم الْفِعْل الْمُشْتَقّ من الْمصدر كَمَا لَا يَصح فِي غير الْمُشْتَقّ فَلَا فرق بَينهمَا فِي امْتنَاع نصب الْجَواب قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّوَاب أَن ذَلِك لَا يجوز لِأَنَّهُ غير مسموع من كَلَام الْعَرَب الثَّانِي النَّهْي نَحْو {لَا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم} [طه: 61] {وَلَا تطغوا فِيهِ فَيحل} [طه: 81] الثَّالِث الدُّعَاء بِفعل أصيل فِي ذَلِك نَحْو {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم وَاشْدُدْ على قُلُوبهم فَلَا يُؤمنُوا} [يُونُس: 88] 1022 - (ربِّ وَفِّقْنِي فَلَا أعْدِلَ عَنْ ... سَنَن السّاعِيْنَ فِي خَيْر سَنَنْ) وَاحْترز (بِفعل) من الدُّعَاء بِالِاسْمِ نَحْو سقيا لَك ورعيا و (بأصيل) من الدُّعَاء الْمَدْلُول عَلَيْهِ بِلَفْظ الْخَبَر نَحْو رَحْمَة الله زيدا فيدخله الْجنَّة وَأَجَازَ الْكسَائي نَصبه الرَّابِع الِاسْتِفْهَام سَوَاء كَانَ بِحرف نَحْو {فَهَل لنا من شُفَعَاء فيشفعوا لنا} [الْأَعْرَاف: 53] أَو باسم نَحْو من يدعوني فأستجيب لَهُ متي تسير فأرافقك كَيفَ تكون فأصحبك أَيْن بَيْتك فأزورك قَالَ أَبُو حَيَّان وَزعم بعض النَّحْوِيين أَن الِاسْتِفْهَام إِذا كَانَ عَن الْمقْرض لَا عَن الْقَرْض فَلَا يَصح النصب بعد الْفَاء على الْجَواب وَمنع النصب فِي نَحْو أَزِيد يقرضني فأسأله وَقَالَ لَا يَصح هَذَا الْجَواب قَالَ وَهُوَ محجوج بِقِرَاءَة {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ} [الْبَقَرَة: 245] بِالنّصب وَوجه الدّلَالَة من الْآيَة أَن الْفِعْل وَقع صلَة فَلَيْسَ مستفهما عَنهُ وَلَا هُوَ خبر عَن مستفهم عَنهُ بل هُوَ صلَة للْخَبَر وَإِذا جَازَ النصب

بعد (من ذَا الَّذِي يقْرض) لكَونه فِي معني (من يقْرض) فجوازه بعد (من يقْرض) و (أَزِيد يقْرض فأسأله) أَحْرَى وَأولى وَقيد ابْن مَالك الِاسْتِفْهَام بِكَوْنِهِ لَا يتَضَمَّن وُقُوع الْفِعْل فَإِن تضمنه لم يجز النصب نَحْو لم ضربت زيدا فيجازيك لِأَن الضَّرْب قد وَقع قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الشَّرْط لم أر أحدا يَشْتَرِطه وَقَالَ بدر الدّين بن مَالك إِن أَبَاهُ اقتدي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِمَا ذكره أَبُو عَليّ فِي الإغفال ردا على الزجلاج حَيْثُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {لم تلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ وتكتمون الْحق} [آل عمرَان: 71] لَو قَالَ (وتكتموا الْحق) لجَاز على معني لم تجمعون بَين ذَا وَذَا وَلَكِن الَّذِي فِي الْقُرْآن أَجود فِي الْإِعْرَاب انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان ورد أبي على عَليّ الزّجاج فِي هَذَا غير مُتَوَجّه وَإِذا تقدم اسْم غير اسْم اسْتِفْهَام وَأخْبر عَنهُ بِغَيْر مُشْتَقّ نَحْو هَل أَخُوك زيد فَأكْرمه فالرفع وَلَا ينصب فَإِذا تقدمه ظرف أَو مجرور نَحْو أَفِي الدَّار زيد فتكرمه جَازَ النصب لِأَن الْمَجْرُور نَاب مناب الْفِعْل وَقد يحذف السَّبَب بعد الِاسْتِفْهَام لدلَالَة الْجَواب عَلَيْهِ وَفهم الْكَلَام نَحْو متي فأسير مَعكُمْ أَي متي تسير جزم بِهِ ابْن مَالك فِي (التسهيل) وَنَقله أَبُو حَيَّان عَن الْكُوفِيّين ثمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَن يكون فِي اسْتِفْهَام الاستثبات بِأَن يَقُول الْقَائِل اسير فَتَقول لَهُ متي فَإنَّك لَو اقتصرت على قَوْلك (متي) جَازَ بِخِلَاف أَن يكون ابْتِدَاء اسْتِفْهَام فَإِنَّهُ لَا يجوز وَإِذا كَانَ كَذَلِك كَانَ الْفِعْل مدلولا عَلَيْهِ بسابق الْكَلَام فَكَأَنَّهُ ملفوظ بِهِ فَيجوز بِهَذَا المعني الْخَامِس النَّفْي سَوَاء كَانَ مَحْضا نَحْو {لَا يقْضى عَلَيْهِم فيموتوا} [فاطر: 36] أم مؤولا بِأَن دخلت عَلَيْهِ أَدَاة الإستفهام التقريري نَحْو ألم تأتنا فتحدثنا وَيجوز فِي هَذَا الْقسم أَعنِي المؤول الْجَزْم وَالرَّفْع أَيْضا كَقَوْلِه: 1023 - (ألَم تَسْأل الرَّبْع القَواءَ فَيَنْطِقُ ... )

وَمن المؤول مَا نقض بإلا نَحْو مَا تَأْتِينَا فتحدثنا إِلَّا بِخَير قَالَ أَبُو حَيَّان والتقليل المُرَاد بِهِ النَّفْي كالنفي فِي نصب جَوَابه نَحْو قَلما تَأْتِينَا فتحدثنا كَمَا كَانَ كَذَلِك فِي مَسْأَلَة (حَتَّى) نَحْو قَلما سرت حَتَّى أدخلها وَذكر ابْن سَيّده وَابْن مَالك أَنه رُبمَا نفي بقد فنصب الْجَواب بعْدهَا وَحكى بعض الفصحاء (قد كنت فِي خير فتعرفه) بِالنّصب وَيُرِيد مَا كنت فِي خير فتعرفه السَّادِس الْعرض سمع أَلا تقع المَاء فتسبح أَي فِي المَاء فَحذف الْحَرْف وعدي الْفِعْل وَقَالَ الشَّاعِر: 1024 - (يَا ابْنَ الكِرام أَلا تَدْنُوَ فتُبْصِرَ مَا ... قَدْ حَدَّثُوك فَمَا رَاء كَمَنْ سَمِعَا) السَّابِع التحضيض سمع هلا أمرت فتطاع وَقَالَ الشَّاعِر:

1025 - (لَوْلَا تَعُوجينَ يَا سَلْمى على دَنِفٍ ... فتُخْمِدِي نارَ وَجْدٍ كَاد يُفْنِيه) قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْعرض والتحضيض مقاربان وَالْجَامِع بَينهمَا التَّنْبِيه على الْفِعْل إِلَّا أَن التحضيض فِيهِ زِيَادَة تَأْكِيد وحث على الْفِعْل فَكل تحضيض عرض لِأَنَّك إِذا حضضته على فعل فقد عرضته عَلَيْهِ وَلذَلِك يُقَال فِي (هلا) عرض إِذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ وَألا مُخَفّفَة لمُجَرّد الْعرض الثَّامِن التَّمَنِّي نَحْو {يَا لَيْتَني كنت مَعَهم فأفوز} [النِّسَاء: 73] وَاخْتلف النُّحَاة فِي الرَّجَاء هَل لَهُ جَوَاب فينتصب الْفِعْل بعد الْفَاء جَوَابا لَهُ فَذهب البصريون إِلَى أَن الترجي فِي حكم الْوَاجِب وَأَنه لَا ينصب الْفِعْل بعد الْفَاء جَوَابا لَهُ وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز ذَلِك قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ الصَّحِيح لثُبُوته فِي النثر وَالنّظم قَالَ تَعَالَى {وَمَا يدْريك لَعَلَّه يزكّى أَو يذكر فتنفعه الذكرى} [عبس: 3، 4] وَقَالَ {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَاوَات فَأطلع} [غَافِر: 36، 37] فِي قِرَاءَة من نصب فيهمَا وَقَالَ أَبُو حَيَّان يُمكن تَأْوِيل الْآيَتَيْنِ بِأَن النصب فيهمَا من الْعَطف على التَّوَهُّم لِأَن خبر لَعَلَّ كثر فِي لِسَان الْعَرَب دُخُول أَن عَلَيْهِ وَفِي شرح كتاب سِيبَوَيْهٍ لأبي الْفضل الصفار خَالَفنَا الْكُوفِيُّونَ فِي (غير) فأجازوا بعْدهَا النصب لِأَن مَعْنَاهَا النَّفْي نَحْو أَنا غير آتٍ فأكرمك لِأَن مَعْنَاهُ مَا أَنا آتٍ فأكرمك قَالَ وَهَذَا لَا يجوز لِأَن (غيرا) مَعَ الْمُضَاف إِلَيْهَا اسْم وَاحِد و (مَا) بِخِلَافِهَا لِأَنَّك تقدر بعْدهَا الْمصدر فَتَقول لَكِن كَذَا وَمَا يكون كَذَا و (غير) لَا يتَصَوَّر فِيهَا ذَلِك لِأَنَّهَا مَعَ مَا بعْدهَا اسْم فَلَا يفصل مِنْهَا ويحذف لشَيْء آخر لِأَن فِي ذَلِك إِزَالَة لوضعها وَأَشَارَ بدر الدّين بن مَالك إِلَى أَن أَبَاهُ وَافق الْكُوفِيّين فِي ذَلِك قَالَ أَبُو حَيَّان وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن (كَأَن) إِذا خرجت عَن التَّشْبِيه جَازَ النصب بعد الْفَاء نَحْو كَأَنِّي بزيد يَأْتِي فتكرمه لِأَن مَعْنَاهُ مَا هُوَ إِلَّا يَأْتِي فتكرمه قَالَ وَهَذَا الَّذِي قَالُوا لَا يحفظه البصريون وَلَا يكون (كَأَن) أبدا للتشبيه وَفِي

(التسهيل) يلْحق بِالنَّفْيِ التَّشْبِيه الْوَاقِع موقعه نَحْو كَأَنَّك وَال علينا فتشتمنا تَقْدِيره مَا أَنْت وَال علينا فتشتمنا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا شَيْء قَالَه الْكُوفِيُّونَ قَالَ ابْن السراج وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ وَمنع البصريون من تقدم هَذَا الْجَواب على سببيه لِأَن الْفَاء عِنْدهم للْعَطْف وَجوز الْكُوفِيُّونَ فَيُقَال مَا زيد فتكرمه يأتينا لِأَن الْفَاء عِنْدهم لَيست للْعَطْف فَقولِي وجوزوا أَي الكوفية وَجوز الْكُوفِيُّونَ أَيْضا تَأْخِير مَعْمُول السَّبَب بعد الْفَاء والمنصوب نَحْو مَا زيد يكرم فنكرمه أخانا تُرِيدُ مَا زيد يكرم أخانا فنكرمه وَمنع أَكثر النَّحْوِيين النصب بِنَاء على أَن الْفَاء عاطفة على مصدر متوهم فَكَمَا لَا يجوز الْفَصْل بَين الْمصدر ومعموله فَكَذَا لَا يجوز بَين (يكرم) ومعموله لِأَنَّهُ فِي تَقْدِير الْمصدر وَإِن تقدّمت جملَة اسمية نَحْو مَا زيد قادم فتحدثنا فَأكْثر النَّحْوِيين على أَنه لَا يجوز النصب لِأَن الاسمية لَا تدل على الْمصدر وَذهب طَائِفَة إِلَى جَوَازه وَقَالَ أَبُو حَيَّان الصَّحِيح الْجَوَاز بِشَرْط أَن يقوم مقَام الْفِعْل ظرف أَو مجرور أَو اسْم فَاعل أَو مفعول ليدل ذَلِك على الْمصدر المتوهم نَحْو مَا أَنْت عندنَا فنكرمك وَمَا أَنْت منا فنحسن إِلَيْك وَمَا زيد مكرم لنا فنكرمه وَمَا زيد يكرم فنكرمه فَإِن كَانَ اسْما لَا دلَالَة فِيهِ على الْمصدر نَحْو مَا أَنْت زيد فنكرمه لم يجز النصب وَيتَعَيَّن الْقطع أَو الْعَطف وَالْقطع أحسن لِأَن الْعَطف ضَعِيف لعدم المشاكلة من حَيْثُ إِنَّه عطف جملَة فعلية على اسمية قَالَ ويدلك على أَن الْجَار وَالْمَجْرُور والظرف تجْرِي مجري الْفِعْل فِي الدّلَالَة على الْمصدر أَن الْعَرَب نصبت بعد الْجَار وَالْمَجْرُور وجزمت الْفِعْل بعد الظّرْف ووصلت الْمَوْصُول وأدخلت الْفَاء فِي خبر (مَا) الموصولة بالمجرور كَمَا أدخلتها فِي خَبَرهَا إِذا كَانَت مَوْصُولَة بِالْفِعْلِ قَالَ الفرزدق: 1026 - (مَا أنْتَ مِنْ قَيْس فَتَنْبَحَ دُونَها ... )

واو الجمع

وَقَالَ الآخر: 1027 - (مَكَانكِ تُحْمَدِي أوْ تَسْتَرِيحِي ... ) وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا بكم من نعْمَة فَمن الله} [النَّحْل: 53] وَاو الْجمع (ص) وَبعد وَاو الْجمع جَوَابا لما مر وَتوقف أَبُو حَيَّان فِي الدُّعَاء وَالْعرض والتحضيض والرجاء وتميز بحلول مَعَ وَالْفَاء بِتَقْدِير شَرطهَا قبلهَا أَو حَال محلهَا (ش) الثَّالِث الْوَاو إِذا كَانَ للْجمع فِي الزَّمَان أَو الْمَعِيَّة الَّتِي هِيَ أحد محتملاتها وَكَانَت هِيَ ومدخولها جَوَابا للمواضع السَّابِقَة فِي الْفَاء مِثَال الْأَمر قَوْله: 1028 - (فَقلت ادْعِي وأدْعُوَا إنّ أنْدي ... لِصَوْت أَن يُنادِيَ دَاعِيان)

وَالنَّهْي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ وتكتموا الْحق} [الْبَقَرَة: 42] وَقَول أبي الْأسود 1029 - (لَا تَنْه عَن خُلُق وتأتِيَ مِثْلَهُ ... ) وَالدُّعَاء قَوْلك (رب اغْفِر لي ويوسع على فِي الرزق) والاستفهام مَا أنْشدهُ بعض النُّحَاة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أَدْرِي أهوَ مسموع أم مَصْنُوع

1030 - (أتبيتُ رَيّانَ الجُفُون من الكرَي ... وأبيتَ مِنْكَ بلَيْلةِ الْملْسُوع) وَالنَّفْي قَوْله تَعَالَى {وَلما يعلم الله الَّذين جاهدوا مِنْكُم وَيعلم الصابرين} [آل عمرَان: 142] أَي وَلما يجْتَمع علم بِالْجِهَادِ وَعلم بِالصبرِ والمؤول قَول الحطيئة: 1031 - (ألم أك جارَكُمْ ويكونَ بَيْني ... وبَيْنكُمُ المودَّةُ والأخَاءُ) وَالْعرض قَوْلك أَلا تنزل فتصيب خيرا أَي الا تجمع بَين النُّزُول وإصابة الْخَيْر والتحضيض قَوْلك هلا تَأْتِينَا وتكرمنا أَي هلا تجمع لنا بَين إتياننا وإكرامنا وَالتَّمَنِّي قَوْله تَعَالَى {يَا ليتنا نرد وَلَا نكذب بآيَات رَبنَا ونكون من الْمُؤمنِينَ} [الْأَنْعَام: 27] فِي قِرَاءَة من نصب والرجاء قَوْلك لعَلي سأجاهد وأغنم قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أحفظ النصب جَاءَ بعد الْوَاو بعد الدُّعَاء وَالْعرض والتحضيض والرجاء فَيَنْبَغِي أَلا يقدم على ذَلِك إِلَّا بِسَمَاع قَالَ ومقتضي كَلَام ابْن مَالك جَوَاز ذَلِك مَعَ التَّشْبِيه الْوَاقِع موقع النَّفْي وَمَعَ الْمَنْفِيّ بهَا وَيحْتَاج ذَلِك إِلَى سَماع من الْعَرَب وتميز وَاو الْجمع من الْفَاء بتحتم تَقْدِير (مَعَ) موضعهَا وَلَا يَنْتَظِم مِمَّا قبلهَا وَمَا بعْدهَا شَرط وَجَزَاء أَلا تري أَن قَوْلك لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن لَا يَنْتَظِم مِنْهُ إِن تَأْكُل السّمك تشرب اللَّبن وَلَا إِن تَأْكُل السّمك تشرب اللَّبن بِخِلَاف

العطف بالفاء والواو وأو

الْفَاء فَإِنَّهَا فِي جَوَاب غير النَّفْي أَو فِي جَوَاب النَّفْي الَّذِي تدخل عَلَيْهِ همزَة الِاسْتِفْهَام للتقرير فينتظم مِنْهُ شَرط وَجَزَاء لِأَن مَا بعْدهَا مسبب عَمَّا قبلهَا أَلا تري أَن معنى {لَا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم} [طه: 61] إِن افتريتم أسحتكم وَكَذَا لَيْت لي مَالا فأنفق مِنْهُ مَعْنَاهُ إِن وجدت مَالا أنْفق مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وتلخص من ذَلِك أَن قَوْلهم تقع الْوَاو فِي جَوَاب كَذَا وَكَذَا إِنَّمَا هُوَ على جِهَة الْمجَاز لَا الْحَقِيقَة لِأَنَّهَا إِذا كَانَت بِمَعْنى (مَعَ) لَا تكون جَوَابا وَلَا متهيأ مِمَّا هِيَ مِنْهُ أَن يَنْتَظِم مِنْهُ شَرط وَجَزَاء وتميز فَاء الْجَواب من الْوَاو بِتَقْدِير شَرط قبلهَا كَمَا مر أَو حَال مَكَانهَا وَذَلِكَ أَن هَذِه الْفَاء تقع إِمَّا قبل مسيب انتفي سَببه فَيصح حِينَئِذٍ أَن تقدر بِشَرْط قبل الْفَاء كَمَا إِذا قصدت الْإِخْبَار بِنَفْي الحَدِيث لانْتِفَاء الْإِتْيَان قلت مَا تَأْتِينَا فتحدثنا فَيصح أَن يُقَال مَا تَأْتِينَا وَإِن تأتنا تحدثنا وَأما بَين أَمريْن أُرِيد نفي اجْتِمَاعهمَا فَيصح أَن يقدر حَال مَكَانهَا فَإِذا قصدت أَن تَنْفِي اجْتِمَاع الحَدِيث والإتيان فَقلت مَا تَأْتِينَا فتحدثنا صَحَّ أَن يُقَال مَا تَأْتِينَا مُحدثا فالنفي الدَّاخِل على الْفِعْل الْمُقَيد بِالْحَال لم ينفه مُطلقًا إِنَّمَا نَفَاهُ بِقَيْد حَاله فَهُوَ نفي الْجمع بَينهمَا وَذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُود من النصب على أحد معنييه الْعَطف بِالْفَاءِ وَالْوَاو وأو (ص) وَإِذا عطف بهما أَو بِأَو على فعل قبل أَو قصد الِاسْتِئْنَاف بَطل إِضْمَار أَن وَفِيهِمَا خلَافهَا وربعها النصب بنيابها عَن الشَّرْط وخامسها بِانْتِفَاء مُوجب الرّفْع والجزم (ش) إِذا عطف بِالْفَاءِ وَالْوَاو أَو بِأَو على فعل قبل أَي قبل الْفِعْل الَّذِي ولي الْفَاء أَو الْوَاو أَو قصد الِاسْتِئْنَاف أَي الْقطع عَن الْفِعْل الَّذِي قبله فَيكون إِذْ ذَاك الْفِعْل خَبرا لمبتدأ مَحْذُوف بَطل إِضْمَار أَن لِأَن الْعَطف يُشْرك الثَّانِي مَعَ الأول فِي رَفعه أَو نَصبه أَو جزمه والاستئناف إِن كَانَ بعد الْوَاو وَالْفَاء فَهُوَ جزم فِي الْإِخْبَار وَإِن كَانَ بعد أَو فَفِيهَا نوعع من الإضراب لِأَنَّك إِذا قلت الزم زيدا أَو يقضيك حَقك وَجَعَلته

حذف الفاء

مستأنفا فالمعني أَو هُوَ يقضيك حَقك أَي يقضيكه على كل حَال سَوَاء لَزِمته أم لم تلْزمهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ بل يقضيك حَقك وَإِذا عطف مَا بعد الْفَاء وَالْوَاو على مَا يَصح عَلَيْهِ الْعَطف من الْفِعْل قبلهَا لم يكن معنى الْعَطف كمعنى النصب فَإِذا قلت مَا تَأْتِينَا فتحدثنا بِالرَّفْع على معنى الْعَطف عَليّ تَأْتِينَا فَكل وَاحِد من الْفِعْلَيْنِ مَقْصُود نَفْيه وَكَأن أَدَاة النَّفْي مَنْطُوق بهَا بعد الْفَاء فَإِذا قلت مَا تَأْتِينَا فتحدثنا بِالنّصب كَانَ انتقاء الحَدِيث مسببا عَن انْتِفَاء الْإِتْيَان وَفِي التَّنْزِيل {وَلَا يُؤذن لَهُم فيعتذرون} [المرسلات: 36] وَمَا ذكر من أَن النصب بعد الْفَاء وَالْوَاو بإضمار أَن هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين وَفِيهِمَا المذهبان الْآخرَانِ السابقان فِي أَو وَفِي الْفَاء وَالْوَاو مذهبان زائدان أَحدهمَا قَالَه ثَعْلَب إِنَّمَا نصبا لِأَنَّهُمَا دلا على شَرط لِأَن معنى هلا تزورني فأحدثك إِن تزرني أحَدثك فَلَمَّا نابت عَن الشَّرْط ضارعت (كي) فلزمت الْمُسْتَقْبل وعملت عمله وَالثَّانِي قَالَه هِشَام إِنَّه لما لم يعْطف على مَا قبله لم يدْخلهُ الرّفْع وَلَا الْجَزْم لِأَن مَا قبله من الْفِعْل لَا يَخْلُو من أحد هذَيْن وَلما لم تسْتَأْنف بَطل الرّفْع أَيْضا فَلَمَّا لم يستقم رفع الْمُسْتَقْبل مَعهَا وَلَا جزمه لانْتِفَاء موجبهما لم يبْق إِلَّا النصب حذف الْفَاء (ص) وتحذف الْفَاء فَيجوز رفع تَالِيهَا حَالا أَو وَصفا أَو استئنافا وجزمه وَهل هُوَ بِمَا قبلهَا مضمنا معنى الشَّرْط أَو نَائِبا عَن جملَته أَو بِأَن أَو اللَّام مضمرة أَو مَبْنِيّ أَقْوَال وَيجوز بعد أَمر بِخَبَر وَاسم وَالأَصَح مَنعه بعد نفي وَبعد أَمر وَنهي لَا يصلح إِن تفعل وَإِلَّا تفعل وَثَالِثهَا رَدِيء وَرَابِعهَا يجوز حملا على اللَّفْظ لَا الْجَواب (ش) تنفرد الْفَاء بِأَنَّهَا إِذا حذفت جَازَ فِيمَا بعْدهَا أَن يرفع إِذا لم يرد بِمَا قبله شَرط مَقْصُودا بِهِ الْحَال إِن كَانَ قبله مَا يكون حَالا مِنْهُ نَحْو لَيْت زيدا يقدم

يزورنا أَو النَّعْت إِن كَانَ قبله مَا يحتاد أَن ينعَت نَحْو لَيْت لي مَالا أنْفق مِنْهُ أَو الِاسْتِئْنَاف قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَوله تَعَالَى {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي البَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَتَخْشَى} [طه: 77] يحْتَمل الْحَال وَيحْتَمل الِاسْتِئْنَاف أَي غير خَائِف أَو إِنَّك لَا تخَاف وَأَن يجْزم نَحْو {قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا الصَّلَاة} [إِبْرَاهِيم: 31] {وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن} [الْإِسْرَاء: 53] {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} [النُّور: 30] وَتقول (لَا تعص الله يدْخلك الْجنَّة) رب وفقني أطعك أَلا تنزل تصب خيرا لَيْت لي مَالا أنْفق مِنْهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وجزمه بعد الترجي غَرِيب جدا وَالْقِيَاس يقبله قَالَ الشَّاعِر: 1032 - (لعلّ الْتِفاتاً مِنْك نَحْوي مُيَسّرٌ ... يَمِلْ بك مِنْ بعْدِ القساوة للْيُسْر) وَسَوَاء فِي جَوَاز الْجَزْم بعد الْأَمر الصَّرِيح والمدلول عَلَيْهِ بِخَبَر نَحْو اتقِي الله امْرُؤ فعل الْخَيْر يثب عَلَيْهِ أَي ليتق أَو اسْم فعل نَحْو حَسبك الحَدِيث ينم النَّاس لِأَن مَعْنَاهُ اكتف ينم النَّاس ونزال أكرمك وَعَلَيْك زيدا يحسن إِلَيْك قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا الْفِعْل الخبري لفظا الأمري معني لَا ينقاس إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف على السماع والمسموع اتقِي الله امْرُؤ فعل الْخَيْر يثب عَلَيْهِ انْتهى فَإِن لم يحسن إِقَامَة (إِن يفعل) مقَام الْأَمر وَإِلَّا يفعل مقَام النَّهْي لم يجْزم جوابهما مِثَاله أحسن إِلَى لَا أحسن إِلَيْك يرفع على الِاسْتِئْنَاف لِأَنَّك لَو قدرته إِن تحسن إِلَى لَا أحسن إِلَيْك لم يُنَاسب أَن يكون شرطا وَجَزَاء لِأَن مقتضي الْإِحْسَان لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ عدم الْإِحْسَان وَكَذَلِكَ لَا تقرب الْأسد يَأْكُلك إِذْ لَا يَصح تَقْدِير إِلَّا تقرب الْأسد يَأْكُلك فَيتَعَيَّن الرّفْع هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر الْبَصرِيين وَجوز الْكسَائي الْجَزْم فيهمَا وَنسبه ابْن عُصْفُور للكوفيين وَذكر أَبُو عمر الْجرْمِي فِي (الفرخ) أَنه يجوز على رداءة وقبح

قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِيه مَذَاهِب آخر أَنه يجوز الْجَزْم لَا على أَنه جَوَاب بل حملا على اللَّفْظ لِأَن الأول مجزوم وَإِلَى هَذَا ذهب الْأَخْفَش أما النَّفْي فَلَا يجوز الْجَزْم بعده على الصَّحِيح لِأَنَّهُ خبر مَحْض فَلَيْسَ فِيهِ شبه بِالشّرطِ كَمَا فِي الْبَوَاقِي وَعَن أبي الْقَاسِم الزجاجي أَنه أجَاز الْجَزْم فِي النَّفْي وَقَالَ بَعضهم نَخْتَار فِيهِ الرّفْع وَيجوز الْجَزْم وَهُوَ مُوَافق لإِطْلَاق بَعضهم أَن كل مَا ينصب فِيهِ بِالْفَاءِ يجْزم وَلم يسْتَثْن النَّفْي قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يرد بِالْجَزْمِ فِي النَّفْي سَماع من الْعَرَب وَحَيْثُ جزم فِي الْبَوَاقِي فَقَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية هُوَ بِمَا قبلهَا من الْأَمر وَالنَّهْي وسائرها على تضمن معنى الطّلب معنى (إِن) كَمَا فِي أَسمَاء الشَّرْط نَحْو من يأتني أكْرمه فأغني ذَلِك التَّضْمِين عَن تَقْدِير لَفظهَا بعد الطّلب قَالَ وَهَذَا مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه وَقد رد وَلَده هَذَا الْمَذْهَب فَقَالَ تضمن هَذِه الْأَشْيَاء معني الشَّرْط ضَعِيف لِأَن التَّضْمِين زِيَادَة بتغيرالوضع والإضمار زِيَادَة بِغَيْر تَغْيِير فَهُوَ أسهل وَلِأَن التَّضْمِين لَا يكون إِلَّا لفائدة وَلَا فَائِدَة فِي تضمين الطّلب معنى الشّرك لِأَنَّهُ يدل عَلَيْهِ بالالتزام فَلَا فَائِدَة فِي تَضْمِينه بِمَعْنَاهُ ورده أَيْضا ابْن عُصْفُور فَقَالَ التَّضْمِين يَقْتَضِي أَن يكون الْعَامِل جملَة وَلَا يُوجد عَامل جملَة فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع قَالَ أَبُو حَيَّان وَأَقُول إِن التَّضْمِين لَا يجوز أصلا لِأَن المضمن شَيْئا يصير لَهُ دلَالَة على ذَلِك الشَّيْء بعد أَن لم يكن لَهُ دلَالَة عَلَيْهِ مَعَ إِرَادَة مَدْلُوله الْأَصْلِيّ فَإِذا قلت من يأتيني أته فَمن ضمنت معنى الْحَرْف ودلت على مدلولها من الِاسْم فَصَارَت لَهَا دلالتان دلَالَة مجازية وَهِي معني إِن وَدلَالَة حَقِيقَة وَهِي مَدْلُول الشَّخْص الْعَاقِل وَمَا هُنَا فقولك ائْتِنِي أكرمك يكون فِيهِ تضمين ائْتِنِي معني إِن تأتني فتضمنت معنى إِن ومعني الْفِعْل الْمَعْمُول لَهَا وَذَلِكَ معنى مركب ودلت على

إضمار أن بعد الواو والفاء وغيرهما

1 - مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ من الطِّبّ وَهُوَ دلَالَته الْحَقِيقَة وَلَا يُوجد فِي لِسَان الْعَرَب تضمين لمعنيين إِنَّمَا يكون التَّضْمِين لمعني وَاحِد وَلَا يُقَال إِنَّه تضمن معنى (إِن) وَحدهَا لِأَن فعل الطّلب لَيْسَ قَابلا لتضمن معنى (إِن) لتنافيهما من حَيْثُ إِن فعل الطّلب يَقْتَضِي مَدْلُوله من الطّلب وَإِن يَقْتَضِي مَعْنَاهَا أَن يكون الْفِعْل خَبرا وَلَا يكون الشَّيْء الْوَاحِد طلبا وخبرا انْتهى وَمِمَّنْ قَالَ بالتضمين ابْن خروف وَذهب الْفَارِسِي والسيرافي إِلَى أَن الْجَزْم بِهَذِهِ الْأَشْيَاء لَا على جِهَة التَّضْمِين بل على جِهَة أَنَّهَا نابت مناب الشَّرْط بِمَعْنى أَنه حذفت جملَة الشَّرْط وأنيبت هَذِه منابها فِي الْعَمَل وَنَظِيره قَوْلهم ضربا زيدا فَإِن (ضربا) نَاب عَن اضْرِب فنصب زيدا لَا أَنه ضمن الْمصدر معنى فعل الْأَمر بل ذَلِك على طَرِيق النِّيَابَة وَكَذَا زيد فِي الدَّار أَبوهُ ارْتَفع (أَبوهُ) بالجار وَالْمَجْرُور لِأَنَّهُ نَاب مناب كَائِن لَا أَنه ضمن مَعْنَاهُ فَيكون جزمه إِذْ ذَاك لنيابته مناب الْجَازِم لَا لعضمن الْجَازِم لِأَن الْجَازِم بطرِيق التَّضْمِين جازم بِحَق الأَصْل وَكَذَا تَقول الْجَازِم فِي من يأتني أكْرمه إِنَّه هُوَ لفظ اسْم الشَّرْط وَهَذَا مَا صَححهُ ابْن عُصْفُور وَذهب أَكثر الْمُتَأَخِّرين إِلَى أَنه مجزوم بِشَرْط مُقَدّر بعد هَذِه الْأَشْيَاء لدلَالَة مَا قبل وَمَا بعد عَلَيْهِ وَالتَّقْدِير مثلا ائْتِنِي إِن تأتني أكرمك قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الَّذِي نختاره وَلَا حَاجَة إِلَى التَّضْمِين وَلَا إِلَى النِّيَابَة قَالَ وَقد حُكيَ بعض أَصْحَابنَا مذهبا رَابِعا وَهُوَ أَنه مجزوم بلام مقدرَة فَإِذا قَالَ أَلا تنزل تصب خيرا فَمَعْنَاه لتصب خيرا قَالَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ لَا يطرد فِي مَوَاضِع الْجَزْم إِلَّا بتجوز كثير وَزعم الْفراء والمازني والزجاج أَن (يقيموا) فِي قَوْله تَعَالَى: {قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا} [إِبْرَاهِيم: 31] وَشبهه مَبْنِيّ لوُقُوعه مقوع (أقِيمُوا) وَهُوَ مَعْمُول القَوْل إِضْمَار أَن بعد الْوَاو وَالْفَاء وَغَيرهمَا (ص) مَسْأَلَة قد تضمر (أَن) بعد وَاو وَفَاء قيل وأو قيل وَثمّ بَين شَرط وَجَزَاء أَو بعدهمَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَبعد فعل شكّ قيل وَقسم قيل وَحصر

بإنما فَإِن كَانَ بإلا أَو الْفِعْل مثبتا خَالِيا من الشَّرْط فضرورة وَيرْفَع منفي بِلَا صَالح لكَي وَجوز الكوفية وَابْن مَالك جزمه اخْتِيَارا ويثلث مَعْطُوف على مَنْصُوب بعد جَزَاء (ش) ينصب الْفِعْل بإضمار (أَن) جَوَازًا إِذا وَقع بَين شَرط وَجَزَاء بعد الْفَاء وَالْوَاو وَزَاد بَعضهم بعد أَو وَزَاد الْكُوفِيُّونَ بعد (ثمَّ) وَالْأَحْسَن التَّشْرِيك فِي الْجَزْم مِثَاله إِن تأتني فتحدثني أحسن إِلَيْك وَمن يأتني ويحدثني أحسن إِلَيْهِ وَإِن تزرني أَو تحسن إِلَى أحسن إِلَيْك وَقُرِئَ: {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله} [النِّسَاء: 100] بِالنّصب وَإِنَّمَا كَانَ التَّشْرِيك فِي الْجَزْم أحسن لِأَن الْعَطف إِذْ ذَاك يكون على ملفوظ بِهِ وَهُوَ الْفِعْل السَّابِق وَالنّصب يكون الْعَطف فِيهِ على تَقْدِير الْمصدر المتوهم من الْفِعْل السَّابِق وَقَوْلِي بَين شَرط وَجَزَاء أحسن من قَول (التسهيل) بَين مجزومي أَدَاة شَرط لِأَنَّهُ لَا فرق فِي ذَلِك بَين أَن يكون فعلا الشَّرْط مضارعين أَو ماضيين وَلَا يلْزم أَيْضا أَن يكون مذكورين بل لَو كَانَ الْجَزَاء محذوفا جَازَ النصب كَقَوْلِه: 1033 - (فَلَا يَدْعُنِي قومِي صَرِيحًا لِحُرّةٍ ... وإنْ كُنْتُ مقتولاً ويَسْلَمَ عامِرُ) فَقَوله وَيسلم عَامر وَاقع بَين شَرط مَذْكُور وَجَزَاء مَحْذُوف أَي فَلَا يدعني قومِي لدلَالَة مَا قبله عَلَيْهِ وَكَذَا لَو وَقع ذَلِك بعد تَمام الشَّرْط وَالْجَزَاء جَازَ نَصبه وَالْأَحْسَن جزمه وَيجوز رَفعه أَيْضا استئنافا قَالَ تَعَالَى: {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله فَيغْفر لمن يَشَاء} [الْبَقَرَة: 284] قرئَ بجزم (يغْفر) ونصبه وَرَفعه وَمثله قَوْله تَعَالَى: (وِإن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ

وَيُكَفِّرُ} [الْبَقَرَة: 271] قرئَ (يكفر) بِالثَّلَاثَةِ وَإِذا نصبت الْفِعْل بعد فعل الْجَزَاء وعطفت فعلا آخر فلك فِيهِ أَيْضا الرّفْع وَالنّصب والجزم نَحْو إِن تأتني أحسن إِلَيْك وأزورك وَأكْرم أَخَاك فَيجوز رفع (أكْرم) استئنافا ونصبه عطفا على لفظ (أزورك) وجزمه عطفا على مَوْضِعه لِأَنَّهُ يجوز فِيهِ أَن يكون مَجْزُومًا قَالَ أَبُو حَيَّان وَذهب بعض النَّحْوِيين إِلَى أَنه يجوز النصب بعد أَفعَال الشَّك نَحْو حسبته شَتَمَنِي فأثب عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَن الْفِعْل غير الْمُحَقق قريب من الْمَنْفِيّ فَألْحق بِهِ فِي النصب بعده قَالَ وَقد اضْطربَ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة ابْن عُصْفُور فَأَجَازَهُ فِي شرح القانون وَمنعه فِي شرح الْجمل الْكَبِير قَالَ وَالصَّحِيح جَوَاز ذَلِك وَإِلَيْهِ ذهب سِيبَوَيْهٍ قَالَ وَزَاد بعض أَصْحَابنَا من مَوَاضِع النصب بعد الْفَاء وَالْوَاو النصب بعدهمَا بعد جَوَاب الْقسم لِأَنَّهُ غير وَاجِب وَجَوَابه كجواب كجواب الشَّرْط فَمَا جَازَ فِيهِ نَحْو أقسم لتقوم فَيضْرب زيدا وَلَتَقُومَنَّ فتضربه قَالَ وَهَذَا الْمَذْهَب لم يذكرهُ سِيبَوَيْهٍ فِي الْقسم وَقِيَاس قَوْله فِي الشَّرْط يَقْتَضِيهِ على ضعيفه قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذهب إِلَيْهِ هَذَا الذَّاهِب لَا يجوز لِأَنَّهُ لم يسمع من كَلَام الْعَرَب على كَثْرَة الْأَقْسَام على ألسنتهم بل المسموع أَنَّك إِذا عطفت على جَوَاب الْقسم كَانَ حكمه حكم الْجَواب فَمَا جَازَ فِي الْجَواب جَازَ فِي الْمَعْطُوف انْتهى وَزَاد ابْن مَالك فِي مَوَاضِع النصب بعد الْفَاء وَالْوَاو النصب بعدهمَا بعد حصر (بإنما) كَقِرَاءَة ابْن عَامر: {وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونَ} [الْبَقَرَة: 117] بِالنّصب قَالَ ابْنه وَهَذَا نَادِر لَا يكَاد يعثر على مثله إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر وَغَيره جعل الْآيَة من جَوَاب الْأَمر وَهُوَ (كن) وَإِن لم يكن أمرا فِي الْحَقِيقَة لكنه على صورته فعومل مُعَامَلَته

إضمار أن بعد لام كي جوازا

فَإِن كَانَ الْحصْر بإلا نَحْو مَا أَنْت إِلَّا تَأْتِينَا فتحدثنا لم يجز النصب إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر وَكَذَا نصب الْفِعْل الخبري الْمُثبت الْخَالِي من أَدَاة الشَّرْط قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَقد يجوز النصب فِي الْوَاجِب فِي اضطرار الشّعْر ونصبه فِي الِاضْطِرَار من حَيْثُ النصب فِي غير الْوَاجِب وَلَك أَن تجْعَل أَن العاملة وَأنْشد على ذَلِك قَوْله: 1034 - (سأتْرْك منْزلي لبني تَميم ... وألْحَقُ بالحجاز فَأسْتَريحَا) قَالَ ابْن مَالك وَيجوز فِي الْمَنْفِيّ ب (لَا) الصَّالح قبلهَا (كي) الرّفْع والجزم سَمَاعا عَن الْعَرَب قَالَ ابْنه فَقَوْل الْعَرَب (ربطت الْفرس لَا تَنْفَلِت وأوثقت العَبْد لَا يفر) حُكيَ الْفراء أَن الْعَرَب ترفع هَذَا وتجزمه قَالَ وَإِنَّمَا جزم لِأَن تَأْوِيله إِن لم أربطه فَجزم على التَّأْوِيل قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ادعياه وَلم يحكيا فِيهِ خلافًا خالفا فِيهِ الْخَلِيل وسيبويه وَسَائِر الْبَصرِيين وَفِي شرح الْجمل الصَّغِير لِابْنِ عُصْفُور أجَاز الْكُوفِيُّونَ جزمه جَوَابا للْفِعْل الْوَاجِب إِذا كَانَ سَببا للمجزوم نَحْو زيد يَأْتِي الْأَمِير لَا يقطع اللص وَهَذَا عندنَا يجب رَفعه وَلَا يجْزم إِلَّا ضَرُورَة وَفِي كتاب سِيبَوَيْهٍ سَأَلته يَعْنِي الْخَلِيل عَن آتِي الْأَمِير لَا يقطع اللص فَقَالَ الْجَزَاء هَا هُنَا خطأ لَا يكون الْجَزَاء أبدا حَتَّى يكون الْكَلَام الأول غير وَاجِب إِلَّا أَن يضْطَر الشَّاعِر وَلَا نعلم هَذَا جَاءَ فِي الشّعْر الْبَتَّةَ انْتهى إِضْمَار أَن بعد لَام كي جَوَازًا (ص) مَسْأَلَة تضمر جَوَازًا بعد لَام كي مَا لم تقترن بِلَا فَيجب الْإِضْمَار وَقَالَ الكوفية هِيَ الناصبة وَقَالَ ثَعْلَب قِيَامهَا مقَام أَن وَابْن كيسَان تقدر أَن أَو كي وَفتحهَا لُغَة وَبعد عاطف فعل على اسْم صَرِيح وَاو أَو فَاء أَو ثمَّ أَو

(أَو) وَلَا يحذف سوي مَا مر إِلَّا ندورا وَلَا يُقَاس فِي الْأَصَح وَقيل يجوز وَلَا نصب (ش) الْحَال الثَّانِي مَا تضمر أَن فِيهِ جَوَازًا وَذَلِكَ فِي موضِعين أَحدهمَا بعد لَام الْجَرّ غير الجحودية نَحْو جِئْت لأكرمك فالفعل مَنْصُوب بعد هَذِه اللَّام بِأَن مضمرة وَيجوز إظهارها نَحْو جِئْت لِأَن أكرمك وتسمي هَذِه اللَّام لَام كي بِمَعْنى أَنَّهَا للسبب كَمَا أَن (كي) للسبب يعنون إِذا كَانَت جَارة تكون جَارة وَتَكون ناصبة بِمَعْنى (أَن) وَلَا يعنون بذلك أَن (كي) تقدر بعْدهَا فَتكون للنصب بإضمار (كي) لَا بإضمار أَن وَإِن كَانَ يجوز أَن ينْطق ب (كي) بعْدهَا فَتَقول جِئْت لكَي أكرمك لِأَن (كي) لم يثبت إضمارها فِي غير هَذَا الْموضع فَحمل هَذَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا ثَبت إِضْمَار (أَن) فَلَزِمَ أَن يكون الْمُضمر هُنَا (أَن) وَزعم أَبُو الْحسن بن كيسَان والسيرافي أَنه يجوز أَن يكون الْمُضمر (أَن) وَيجوز أَن يكون (كي) وحملهما على ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ من أَن الْعَرَب أظهرت بعْدهَا (أَن) تَارَة وكي تَارَة وَزعم أهل الْكُوفَة أَن النصب فِي الْفِعْل بِهَذِهِ اللَّام نَفسهَا كَمَا زَعَمُوا ذَلِك فِي لَام الْجُحُود الْمُتَقَدّمَة وَأَن مَا ظهر بعْدهَا من أَن وكي هُوَ مُؤَكد لَهَا وَلَيْسَت لَام الْجَرّ الَّتِي تعْمل فِي الْأَسْمَاء لَكِنَّهَا لَام تشْتَمل على معنى كي فَإِذا رَأَيْت (كي) مَعَ اللَّام فالنصب للام وكي مُؤَكدَة وَإِذا انْفَرَدت (كي) فَالْعَمَل لَهَا وَزعم ثَعْلَب أَن اللَّام بِنَفسِهَا تنصب الْفِعْل كَمَا قَالَ الْكُوفِيُّونَ إِلَّا أَنه قَالَ لقيامها مقَام (أَن) قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ بَاطِل لِأَنَّهُ قد ثَبت كَونهَا من حُرُوف الْجَرّ وعوامل الْأَسْمَاء لَا تعْمل إِلَّا فِي الْأَسْمَاء فَإِن اقْترن الْفِعْل ب (لَا) بعد اللَّام تعين الْإِظْهَار كَقَوْلِه تَعَالَى: {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} [الْحَدِيد: 29] قَالَ أَبُو حَيَّان وَسَوَاء كَانَت لَا نَافِيَة أَو زَائِدَة

وَلَا يجوز الْفَصْل بَين لَام كي وَالْفِعْل الْمَنْصُوب إِلَّا بهَا وَإِنَّمَا سَاغَ ذَلِك لِأَنَّهَا حرف جر و (لَا) قد يفصل بهَا بَين الْجَار وَالْمَجْرُور فِي فصيح الْكَلَام نَحْو غضِبت من لَا شَيْء وَجئْت بِلَا زَاد وَيلْزم إِذْ ذَاك إِظْهَار أَن ليَقَع الْفَصْل بَين المتماثلين لأَنهم لَو قَالُوا جِئْت للا تغْضب كَانَ فِي ذَلِك قلق فِي اللَّفْظ ونبوة فِي النُّطْق فتجنبوه بِإِظْهَار (أَن) وَحكم لَام كي الْكسر وَفتحهَا لُغَة تَمِيم الْموضع الثَّانِي بعد عطف بِالْوَاو أَو الْفَاء أَو ثمَّ أَو (أَو) على اسْم صَرِيح كَقَوْلِه: 1035 - (لَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وتقرَّ عَيْنِي ... أَحَبُّ إِلَى مِنْ لُبْس الشُّفُوفِ) وَقَوله: 1036 - (لَوْلا تَوقُّعُ مُعْتَرٍّ فأرْضِيَهُ ... مَا كُنْتُ أوثرُ إتراباً على تَرَبِ) وَقَوله: 1037 - (إنِّي وَقْتِلي سُلَيكاً ثمَّ أَعْقِلَهُ ... كالثّوْر يُضْرَبُ لما عافَتِ البَقَرُ) وَقَوله تَعَالَى: {إِلَّا وَحيا أَو من وَرَاء حجاب أَو يُرْسل} [الشورى: 51] وَشَمل الِاسْم الْمصدر وَغَيره كَقَوْلِه: 1038 - (ولوْلا رجالٌ من رزام أعزّةٌ ... وآلُ سُبيْع أوْ أسُوءَكَ عَلْقمَا)

وَاحْترز بِالصَّرِيحِ من الْعَطف على الْمصدر المتوهم فَإِنَّهُ يجب فِيهِ إِضْمَار (أَن) كَمَا تقدم وَلَا تنصب (أَن) محذوفة فِي غير الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة إِلَّا نَادرا وَذهب جمَاعَة إِلَى أَنه يجوز حذفهَا فِي غير الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة ثمَّ اخْتلف هَؤُلَاءِ فَذهب أَكْثَرهم إِلَى أَنه يجب رفع الْفِعْل إِذا حذفت وَعَلِيهِ أَبُو الْحسن وَجعل مِنْهُ قَوْله: 1039 - (أَلا أَيُّهَذَا الزَّاجري أَحْضُرُ الوغى ... ) يُرِيد أَن أحضر قيل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أفغير الله تأمروني أعبد} [الزمر: 64] أَي أَن أعبد وَوَجهه أَن الْعَامِل إِذا نسخ عَاملا وَحذف رَجَعَ الأول لِأَن لَفظه هُوَ النَّاسِخ وَذهب أَبُو الْعَبَّاس إِلَى أَنه إِذا حذفت (أَن) بَقِي عَملهَا قَالَ لِأَن الْإِضْمَار لَا يزِيل الْعَمَل كَمَا فِي (رب) وَأكْثر العوامل وَأنْشد عَلَيْهِ مَا رُوِيَ فِي الْبَيْت السَّابِق أحضر بِالنّصب وَقَوله: 1040 - (وهمّ رجالٌ يَشْفعوا لي فَلم أجدْ ... شَفِيعًا إِلَيْهِ غَيْرَ جُودٍ يُعادِلُه) وَقَوله: 1041 - (ونَهْنَهتُ نَفْسي بَعْدَمَا كِدْت أَفْعَلَهْ ... ) وَحكي من كَلَامهم خُذ اللص قبل يأخذك ومره يحفرها وَقَرَأَ الْحسن: {تأمروني أعبد} [الزمر: 64] وَقَرَأَ الْأَعْرَج: {ويسفك الدِّمَاء} [الْبَقَرَة: 30]

خاتمة

وَاخْتلف النُّحَاة فِي الْقيَاس على مَا سمع من ذَلِك فَذهب الْكُوفِيُّونَ وَبَعض الْبَصرِيين إِلَى الْقيَاس عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح قصره على السماع لِأَنَّهُ لم يرد مِنْهُ إِلَّا مَا ذَكرْنَاهُ وَهُوَ نزر فَلَا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل ذَلِك قانونا كليا يُقَاس عَلَيْهِ فَلَا يجوز الْحَذف وَإِقْرَار الْفِعْل مَنْصُوبًا وَلَا مَرْفُوعا ويقتصر فِي ذَلِك على مورد السماع خَاتِمَة (ص) خَاتِمَة ترد (أَن) زَائِدَة وَلَيْسَت المخففة وَلَا تفِيد غير توكيد على الْأَصَح فيهمَا بعد (لما) وَبَين قسم وَلَو وزعمها ابْن عُصْفُور رابطة وسيبويه فِي قَول موطئة وَأَبُو حَيَّان مُخَفّفَة وشذوذا بعد كي وقاسه الكوفية وكاف الْجَرّ وَإِذا ومفسرة وأنكرها الكوفية بَين جملتين فِي الأولى معنى قَول لَا لَفظه قيل أَو لَفظه عَارِية من جَازَ فَإِن وَليهَا مضارع مُثبت جَازَ رَفعه ونصبه أَو مَعَ لَا جازا والجزم قَالَ الكوفية والأصمعي وشرطية قيل ونافية قيل وَبِمَعْنى لِئَلَّا قيل وَإِذ مَعَ الْمَاضِي قيل والمضارع (ش) لما انْقَضى الْكَلَام فِي أَحْكَام (أَن) الناصبة للمضارع وَكَانَ لفظا مُشْتَركا بَين المصدرية والزائدة والتفسيرية وَغير ذَلِك على مَا ذهب إِلَيْهِ بَعضهم تمم الْكَلَام وَختم الْبَاب بِذكر بَقِيَّة موَاضعهَا وَهِي سِتَّة أَحدهَا الزِّيَادَة وَأَن الزَّائِدَة حرف ثنائي بسيط مركب من الْهمزَة وَالنُّون فَقَط وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا هِيَ الثَّقِيلَة خففت فَصَارَت مُؤَكدَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا تفِيد عندنَا غير التَّأْكِيد وَزعم الزَّمَخْشَرِيّ أَنه ينجر مَعَ إِفَادَة التوكيد معنى أخر فَيُقَال فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ} [العنكبوت: 33] دخلت (أَن)

فِي هَذِه الْقِصَّة وَلم تدخل فِي قصَّة إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {وَلَقَد جَاءَت رسلنَا إِبْرَاهِيم بالبشرى قَالُوا سَلاما} [هود: 69] تَنْبِيها وتأكيدا فِي أَن الْإِسَاءَة كَانَت تعقب الْمَجِيء فَهِيَ مُؤَكدَة للاتصال واللزوم وَلَا كَذَلِك فِي قصَّة إِبْرَاهِيم إِذْ لَيْسَ الْجَواب فِيهِ كَالْأولِ وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ دخلت منبهة على السَّبَب وَأَن الْإِسَاءَة كَانَت لأجل الْمَجِيء لِأَنَّهَا قد تكون للسبب فِي قَوْلك جِئْت أَن تُعْطِي أَي للإعطاء قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الَّذِي ذهب إِلَيْهِ لَا يعرفهُ كبراء النَّحْوِيين ومواقع زيادتها بعد لما كالآية وَبَين الْقسم وَلَو كَقَوْلِه: 1042 - (أما واللهِ أنْ لَو كُنْتَ حُرًّا ... ) وَزعم ابْن عُصْفُور فِي المقرب أَنَّهَا حرف يرْبط جملَة الْقسم بجملة الْمقسم عَلَيْهِ وَالَّذِي نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ أَنَّهَا زَائِدَة وَنَصّ فِي مَوضِع آخر على أَنَّهَا بِمَنْزِلَة لَام الْقسم الموطئة وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي يذهب إِلَيْهِ فِي (أَن) هَذِه غير هَذِه الْمذَاهب الثَّلَاثَة وَهُوَ أَنَّهَا المخففة من الثَّقِيلَة وَهِي الَّتِي وصلت ب (لَو) كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا} [الْجِنّ: 16] وَتَقْدِيره أَنه إِذا قيل أقسم أَن لَو كَانَ كَذَا لَكَانَ كَذَا

فَمَعْنَاه أقسم أَنه لَو كَانَ كَذَا لَكَانَ كَذَا وَيكون فعل الْقسم قد وصل إِلَيْهَا على إِسْقَاط حرف الْجَرّ أَي أقسم على أَنه لَو كَانَ فصلاحية أَن الْمُشَدّدَة مَكَانهَا يدل على أَنَّهَا مُخَفّفَة مِنْهَا وتزاد شذوذا بعد (كي) وقاسه الْكُوفِيُّونَ نَحْو جِئْت لكَي أَن أكرمك قَالُوا وَلَا مَوضِع ل (أَن) لِأَنَّهَا مُؤَكدَة للام كَمَا أكدتها كي وَبعد كَاف الْجَرّ كَقَوْلِه: 1043 - (وَيَوْما تُوافينا بوَجْهٍ مُقَسّم ... كَأَن ظَبْيةٍ تعطو إِلَى وارق السّلمْ) وَبعد إِذا كَقَوْلِه: 1044 - (فأمهله حَتَّى إِذا أنْ كأنّهُ ... مُعاطى يدٍ فِي لُجّة المَاء غامِرُ) الْموضع الثَّانِي التَّفْسِير أثْبته البصريون وَأنكر الْكُوفِيُّونَ كَون ذَلِك من مَعَانِيهَا وَهِي عِنْدهم الناصبة للْفِعْل قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ ذَلِك بِصَحِيح لِأَنَّهَا غير مفتقرة إِلَى مَا قبلهَا وَلَا يَصح أَن تكون المصدرية إِلَّا بتأويلات بعيدَة وَالْكَلَام على مَذْهَب الْبَصرِيين فَنَقُول أجريت أَن فِي التَّفْسِير مجْرى أَي لَكِن تفارقها فِي أَنَّهَا لَا تدخل على مُفْرد لَا يُقَال مَرَرْت بِرَجُل أَن صَالح وَكَأَنَّهُم أَبقوا عَلَيْهَا مَا كَانَ لَهَا من الْجُمْلَة وَهِي فِي هَذَا غير مُخْتَصَّة بِالْفِعْلِ بل تكون مفسرة للجملة الاسمية والفعلية نَحْو كتبت إِلَيْهِ أَن افْعَل وَأرْسل إِلَيْهِ أَن مَا أَنْت وَهَذَا وَمِنْه {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة} [الْأَعْرَاف: 43] ول (أَن) التفسيرية شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن تكون مفسرة لما يتَضَمَّن القَوْل أَو يحْتَملهُ لَا لقَوْل مُصَرح بِهِ أَو مَحْذُوف أَو فعل متأول بِمَعْنى القَوْل فَإِن صرح بالْقَوْل خلصت الْجُمْلَة للحكاية

دون (أَن) وَكَذَلِكَ إِن كَانَ القَوْل منويا وَتقدم فعل مؤول بِهِ لكنه إِذا لم يتَأَوَّل كَانَت أَن دَاخِلَة للتفسير بِخِلَاف الْمُصَرّح والمقدر فَإِنَّهَا تَجِيء بعده (أَن) وَذكر ابْن عُصْفُور فِي شرح الْجمل الصَّغِير أَن أَن تَأتي تَفْسِيرا بعد صَرِيح القَوْل وَفِي الْبَسِيط اخْتلف فِي تَفْسِير صَرِيح القَوْل فَأَجَازَهُ بَعضهم وَحمل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {مَا قلت لَهُم إِلَّا مَا أَمرتنِي بِهِ أَن اعبدوا الله} [الْمَائِدَة: 117] وَمِنْهُم من يمْنَع فِي الصَّرِيح ويجيز فِي الْمُضمر كَقَوْلِك كتبت إِلَيْهِ أَن قُم الشَّرْط الثَّانِي أَلا تتَعَلَّق بِالْأولِ لفظا فَلَا تكون معمولة وَلَا مَبْنِيَّة على غَيرهَا وَلذَلِك لم تكن تفسيرية فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله} [يُونُس: 10] لِأَنَّهَا وَاقعَة خَبرا للمبتدأ وَلَا فِي قَوْلهم كتبت إِلَيْهِ بِأَن قُم لِأَنَّهَا معمولة لحرف الْجَرّ فَإِن لم تأت بِحرف الْجَرّ جَازَ فِيهَا الْوَجْهَانِ وَإِن ولي (أَن) الصَّالِحَة للتفسير مضارع مُثبت نَحْو أوحيث إِلَيْهِ أَن يفعل كَانَ فِيهِ الرّفْع على أَنَّهَا حرف تَفْسِير وَالنّصب على أَنَّهَا مَصْدَرِيَّة أَو مَعَه (لَا) نَحْو أَشرت إِلَيْهِ أَن لَا يفعل كَانَ فِيهِ الْأَمْرَانِ لما ذكر والجزم أَيْضا على النَّهْي وَتَكون (أَن) فِيهِ تَفْسِيرا الْموضع الثَّالِث الشَّرْط بِمَعْنى (إِن) أثْبته الْكُوفِيُّونَ والأصمعي وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 1045 - (أتغضب إِن أُذْنا قُتَيْبَةَ حُزَّتا ... جهاراً وَلم تَغْضَب لِقتْل ابْن خازم)

قَالُوا لصِحَّة وُقُوع (أَن) موقعها وَامْتِنَاع أَن تكون أَن الناصبة لِأَنَّهَا لَا تفصل بَين الْفِعْل أَو المخففة لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم عَلَيْهَا فعل تَحْقِيق وَلَا شكّ وَقَالَ الْخَلِيل بل هِيَ الناصبة وَقَالَ الْمبرد هِيَ المخففة من الثَّقِيلَة على تَقْدِير أتغضب من أجل أَنه أذنا ثمَّ حذف الْجَار وخفف الرَّابِع النَّفْي أثْبته بَعضهم وَخرج عَلَيْهِ: {قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد} [آل عمرَان: 73] أَي لَا يُؤْتِي وَأنْكرهُ الْجُمْهُور الْخَامِس بِمَعْنى لِئَلَّا أثْبته بَعضهم وَخرج عَلَيْهِ: {يبين الله لكم أَن تضلوا} [النِّسَاء: 176] أَي لِئَلَّا تضلوا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح الْمَنْع وَتَأْويل الْآيَة: كَرَاهَة أَن تضلوا السَّادِس بِمَعْنى إِذْ أثْبته بَعضهم مَعَ الْفِعْل الْمَاضِي قيل وَمَعَ الْفِعْل الْمُضَارع وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {بل عجبوا أَن جَاءَهُم مُنْذر مِنْهُم} [ق: 2] وَقَوله تَعَالَى: {أَن تؤمنوا بِاللَّه ربكُم} [الممتحنة: 1] أَي إِذْ آمنتم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء بل (أَن) فِي الْآيَتَيْنِ مَصْدَرِيَّة وَالتَّقْدِير بل عجبوا لِأَن جَاءَهُم وَكَذَلِكَ {يخرجُون الرَّسُول وَإِيَّاكُم أَن تؤمنوا بِاللَّه ربكُم} [الممتحنة: 1] وَقد انْقَضى القَوْل فِي شرح الْكتاب الثَّانِي من كتَابنَا جمع الْجَوَامِع وَهَذَا الْقدر إِلَى هُنَا نصف الْكتاب وَاعْلَم أَنِّي يما شرعت فِي شَرحه كنت بدأت أَولا بشرح النّصْف الثَّانِي فَكتبت من أول الْكتاب الثَّالِث إِلَى بِنَاء جمع التكسير على طَريقَة المزج ثمَّ بدا لي أَن أغير الأسلوب فشرحت من أَوله على النمط الْمُتَقَدّم وَكَانَ فِي نيتي الِاسْتِمْرَار على هَذِه الطَّرِيقَة إِلَى آخر الْكتاب وإلغاء الْقطعَة الَّتِي كتبتها أَولا ممزوجة ثمَّ لما ضَاقَ الزَّمَان عَن ذَلِك أبقيت كل قِطْعَة على حكمهَا وضممت هَذِه الْقطعَة إِلَى تِلْكَ ووصلت بَينهمَا وَلَا يضير كَون الشَّرْح على أسلوبين نصفه بِلَا مزج وَنصفه ممزوج ونعود هُنَاكَ إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِلَى تَكْمِلَة بَقِيَّة الْكتاب من جمع التكسير إِلَى آخِره على طَريقَة أَوله وَالله الْمُوفق

الكتاب الثاني في المجرورات وما حمل عليها وهي المجزومات

1 - الْكتاب الثَّانِي فِي المجرورات وَمَا حمل عَلَيْهَا وَهِي المجزومات المجرورات الْحُرُوف الْإِضَافَة الجوازم الْحُرُوف غير العاطفة

صفحة فارغة

الكتاب الثالث في المجرورات وما حمل عليها وهي المجزومات

1 - الْكتاب الثَّالِث فِي المجرورات وَمَا حمل عَلَيْهَا وَهِي المجزومات المجرورات وَمَا يستتبعها من ذكر أدوات الشَّرْط غير الجازمة وَمَا استطرد إِلَيْهِ من ذكر بَقِيَّة حُرُوف الْمعَانِي الْمرتبَة على حُرُوف المعجم وَآخِرهَا نون التوكيد وعقب بخاتمة من التَّنْوِين (الْجَرّ إِمَّا بِحرف أَو إِضَافَة) لَا ثَالِث لَهما وَمن زَاد (التّبعِيَّة) فَهُوَ رَأْي الْأَخْفَش مَرْجُوح عِنْد الْجُمْهُور كَمَا سَيَأْتِي فَإِن قلت الْجَرّ بِالْإِضَافَة أَيْضا رَأْيه وَهُوَ مَرْجُوح قلت نعم وَلَكِن المُرَاد الْجَرّ الْكَائِن بِسَبَبِهَا أَو فِيهَا على رَأْي سِيبَوَيْهٍ من أَن الْجَار الْمُضَاف وعَلى رَأْي ابْن مَالك أَنه الْحَرْف الْمُقدر لَا جَار سواهُ الْحُرُوف (الْحُرُوف) أَي هَذَا مَبْحَث حُرُوف الْجَرّ وسيمت بِهِ قَالَ ابْن الْحَاجِب لِأَنَّهَا تجر معنى الْفِعْل إِلَى الِاسْم وَقَالَ الرضي بل لِأَنَّهَا تعْمل إِعْرَاب الْجَرّ كَمَا قيل حُرُوف النصب وحروف الْجَزْم وَكَذَا قَالَ الرضي وتسيمها الْكُوفِيُّونَ حُرُوف الْإِضَافَة لِأَنَّهَا تضيف الْفِعْل إِلَى الِاسْم أَي توصله إِلَيْهِ وتربطه بِهِ

إلى

وحروف الصِّفَات لِأَنَّهَا تحدث صفة فِي الِاسْم فقولك جَلَست فِي الدَّار دلّت (فِي) على أَن الدَّار وعَاء للجلوس وَقيل لِأَنَّهَا تقع صِفَات لما قبلهَا من النكرات وَإِنَّمَا عملت لما تقدم من اختصاصها بِمَا دخلت عَلَيْهِ فَأَشْبَهت الْفِعْل وَلم تعْمل رفعا لِأَنَّهُ إِعْرَاب الْعمد ومدخولها فضلَة وَلَا نصبا لِأَن مَحل مدخولها نصب بِدَلِيل الرُّجُوع إِلَيْهِ فِي الضَّرُورَة وَلَو نصبت لاحتمل أَنه بِالْفِعْلِ وَدخل الْحَرْف لإضافة مَعْنَاهُ إِلَى الِاسْم كَمَا فِي مَا ضربت إِلَّا زيدا فَتعين عَملهَا الْجَرّ إِلَى (إِلَى) لَهُ معَان فَيكون (لانْتِهَاء الْغَايَة مُطلقًا) أَي زَمَانا نَحْو {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} [الْبَقَرَة: 187] ومكانا نَحْو {من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى} [الْإِسْرَاء: 1] قَالَ الرضي وَمعنى قَوْلهم انْتِهَاء الْغَايَة وابتداؤها نهايتها ومبدؤها (قَالَ ابْن مَالك) فِي التسهيل (والتبيين) قَالَ فِي شَرحه وَهِي المبينة لفاعلية مجرورها بعد مَا يُفِيد حبا أَو بغضا من فعل تعجب أَو اسْم تَفْضِيل نَحْو {رب السجْن أحب إِلَيّ} [يُوسُف: 33] قَالَ (وبمعني فِي) أَي الظَّرْفِيَّة لقَوْله تَعَالَى {ليجمعنكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} [النِّسَاء: 87] أَي فِيهِ وَذكره جمَاعَة فِي قَوْله: 1046 - (فَلَا تَتْرُكَنِّي بالوعيدِ كأنّنِي ... إِلَى النَّاس مَطْلِيُّ بِهِ القارُ أجْرَبُ) قَالَ (و) بِمَعْنى (اللَّام) نَحْو {وَالْأَمر إِلَيْك} [النَّمْل: 33] أَي لَك وَقيل هِيَ لانْتِهَاء الْغَايَة أَي منته إِلَيْك (و) قَالَ (الكوفية) وَطَائِفَة من البصرية (و) بِمَعْنى (مَعَ) أَي الْمَعِيَّة وَذَلِكَ إِذا ضممت شَيْئا إِلَى آخر فِي الحكم بِهِ أَو عَلَيْهِ أَو التَّعَلُّق كَقَوْلِه تَعَالَى {من أَنْصَارِي إِلَى الله} [الصَّفّ: 14] وَقَوله (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى

المَرَافِقِ} [الْمَائِدَة: 6] وَقَوْلهمْ (الذود إِلَى الذود إبل) وَلَا يجوز إِلَى زيد مَال تُرِيدُ مَعَ زيد مَال قَالَ الرضي وَالتَّحْقِيق أَن (إِلَى) هَذِه للانتهاء فَقَوله (إِلَى الْمرَافِق) أَي مُضَافَة إِلَيْهَا والذود إِلَى الذود أَي مُضَافَة إِلَى الذود وَقَالَ غَيره وَمَا ورد من ذَلِك مؤول على أَصْلهَا وَالْمعْنَى فِي قَوْله (من أَنْصَارِي إِلَى الله) من يضيف نصرته إِلَى نصْرَة الله و (إِلَى) حِينَئِذٍ أبلغ من (مَعَ) لِأَنَّك لَو قلت من ينصرني مَعَ فلَان لم يدل على أَن فلَانا وَحده ينصرك وَقيل التَّقْدِير من ينصرني حَال كوني ذَاهِبًا إِلَى الله (و) بِمَعْنى (من) كَقَوْلِه: 1047 - (تَقول وَقد عَالَيْتُ بالكُور فَوْقها ... أيُسْقَى فَلَا يَرْوَي إليَّ ابنُ أحْمَرا) أَي مني (و) بِمَعْنى (عِنْد) كَقَوْلِه: 1408 - (أم لَا سبيلَ إِلَى الشّباب وذكْرُهُ ... أشهى إِلَى من الرَّحيق السّلْسَل) أَي أشهي عِنْدِي كَذَا مثل ابْن مَالك وَابْن هِشَام فِي الْمُغنِي ونازعه ابْن الدماميني بِأَنَّهُ تقدم أَن الْمُتَعَلّقَة بِمَا يفهم حبا أَو بغضا من فعل تعجب أَو تَفْضِيل مَعْنَاهَا التَّبْيِين فعلى هَذَا تكون (إِلَى) فِي الْبَيْت مبينَة لفاعلية مجرورها لَا قسما آخر

الباء

وَأجَاب شَيخنَا الإِمَام الشمني بِأَن تِلْكَ شَرطهَا كَون التَّعَجُّب والتفضيل من نفس الْحبّ والبغض وَهِي هُنَا مُتَعَلقَة بتفضيل من الشَّهْوَة (و) قَالَ أَبُو الْحسن (الْأَخْفَش: و) بِمَعْنى (الْبَاء) نَحْو {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} [الْبَقَرَة: 14] أَي بشياطينهم (و) قَالَ (الْفراء) تكون (زَائِدَة) للتوكيد كَقَوْلِه تَعَالَى {أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم} [إِبْرَاهِيم: 37] بِفَتْح الْوَاو أَي تهواهم وَغَيره خرجها على تضمين تهوي معنى تميل أَو على أَن الأَصْل تهوي بِالْكَسْرِ فقلبت الكسرة فَتْحة وَالْيَاء ألفا كَمَا قيل فِي {نَاصِيَة كَاذِبَة خاطئة} [العلق: 16] ناصاة ذكره ابْن مَالك قَالَ ابْن هِشَام وَفِيه نظر لِأَن شَرط هَذِه اللُّغَة تحرّك الْيَاء فِي الأَصْل وَأجَاب ابْن الصَّائِغ بِأَن أصل هَذِه الْيَاء الْحَرَكَة وسكونها عَارض للاستثقال الْبَاء (الْبَاء: مَكْسُورَة) مُطلقًا (وَقيل: تفتح مَعَ الظَّاهِر) فَيُقَال بزيد قَالَ أَبُو حَيَّان حَكَاهُ أَبُو الْفَتْح عَن بَعضهم (للإلصاق) وَيُقَال الإلزاق قَالَ فِي (شرح اللب) وَهُوَ تعلق أحد الْمَعْنيين بِالْآخرِ قَالَ أَبُو حَيَّان قَالَ أَصْحَابنَا هِيَ نَوْعَانِ أَحدهمَا الْبَاء الَّتِي لَا يصل الْفِعْل إِلَى الْمَفْعُول إِلَّا بهَا نَحْو سطوت بِعَمْرو

ومررت بزيد قَالَ والإلصاق فِي مَرَرْت بزيد مجَاز لما الْتَصق الْمُرُور بمَكَان بِقرب زيد جعل كَأَنَّهُ ملتصق بزيد وَالْآخر الْبَاء الَّتِي تدخل على الْمَفْعُول المنتصب بِفِعْلِهِ إِذا كَانَت تفِيد مُبَاشرَة الْفِعْل للْمَفْعُول نَحْو أَمْسَكت بزيد الأَصْل أَمْسَكت زيدا فأدخلوا الْبَاء ليعلموا أَن إمساكك إِيَّاه كَانَ بِمُبَاشَرَة مِنْك لَهُ بِخِلَاف نَحْو أَمْسَكت زيدا بِدُونِ الْبَاء فَإِنَّهُ يُطلق على الْمَنْع من التَّصَرُّف بِوَجْه مَا من غير مُبَاشرَة قيل والإلصاق معنى لَا يُفَارق الْبَاء وَلِهَذَا لم يذكر لَهَا سِيبَوَيْهٍ معنى غَيره زَاد غَيره (والتعدية) وتسمي بَاء النَّقْل أَيْضا وَهِي المعاقبة للهمزة فِي تصيير الْفَاعِل مَفْعُولا وَأكْثر مَا تعدِي الْفِعْل الْقَاصِر تَقول فِي ذهب زيد ذهبت بزيد وأذهبته وَمِنْه {ذهب الله بنورهم} [الْبَقَرَة: 17] وَقد تكون مَعَ الْمُتَعَدِّي نَحْو: {دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض} [الْحَج: 40] وصككت الْحجر بِالْحجرِ وَالْأَصْل دفع بعض النَّاس بَعْضًا وصك الْحجر الْحجر (والسببية والاستعانة) جمع بَينهمَا ابْن مَالك فِي الألفية وَابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَفسّر الثَّانِيَة بالداخلة على آلَة الْفِعْل نَحْو كتبت بالقلم وَمثل الأولى بِنَحْوِ: {ظلمتم أَنفسكُم باتخاذكم الْعجل} [الْبَقَرَة: 54] وَقَالَ الرضي السَّبَبِيَّة فرع الِاسْتِعَانَة وَلذَا اقْتصر عَلَيْهَا أَعنِي الِاسْتِعَانَة ابْن مَالك فِي الْكِفَايَة الْكُبْرَى وَحذف السَّبَبِيَّة وَعكس فِي التسهيل فاقتصر على السَّبَبِيَّة وَقَالَ فِي شَرحه بَاء السَّبَبِيَّة هِيَ الدَّاخِلَة على صَالح للاستغناء بِهِ عَن فَاعل معد لَهَا مجَازًا نَحْو: {فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم} [الْبَقَرَة: 22] فَلَو قصد إِسْنَاد الْإِخْرَاج إِلَى المَاء وَقيل أنزل مَاء أخرج من الثمرات رزقا لصَحَّ وَحسن لكنه مجَاز وَالْآخر حَقِيقَة وَمِنْه كتبت بالقلم وَقطعت بالسكين فَإِنَّهُ يَصح أَن يُقَال كتب الْقَلَم وَقطع السكين والنحويون يعبرون عَن هَذِه الْبَاء بباء الِاسْتِعَانَة وآثرت على ذَلِك التَّعْبِير بالسببية من أجل الْأَفْعَال المنسوبة إِلَيْهِ تَعَالَى فَإِن اسْتِعْمَال السَّبَبِيَّة فِيهَا يجوز وَاسْتِعْمَال الِاسْتِعَانَة فِيهَا لَا يجوز انْتهى

وَقَالَ أَبُو حِين مَا ذهب إِلَيْهِ ابْن مَالك من أَن بَاء الِاسْتِعَانَة مدرجة فِي بَاب السَّبَبِيَّة قَول انْفَرد بِهِ وأصحابنا فرقوا بَين بَاء السَّبَبِيَّة وباء الِاسْتِعَانَة فَقَالُوا بَاء السَّبَبِيَّة هِيَ الَّتِي تدخل على سَبَب الْفِعْل نَحْو مَاتَ زيد بالحب وبالجوع وَحَجَجْت بِتَوْفِيق الله وباء الِاسْتِعَانَة هِيَ الَّتِي تدخل على الِاسْم الْمُتَوَسّط بَين الْفِعْل ومفعوله الَّذِي هُوَ آلَة نَحْو كتبت بالقلم ونجرت الْبَاب بالقدوم وبريت الْقَلَم بالسكين وخضت المَاء برجلي إِذْ لَا يَصح جعل الْقَلَم سَببا للكتابة وَلَا الْقدوم سَببا للنجارة وَلَا السكين سَببا للبري وَلَا الرجل سَببا للخوض بل السَّبَب غير هَذَا (والظرفية) وَهِي الَّتِي يحسن موضعهَا من) نَحْو: {نصركم الله ببدر} [آل عمرَان: 123] {نجيناهم بِسحر} [الْقَمَر: 34] (والمصاحبة) وَهِي كَمَا قَالَ ابْن مَالك الَّتِي يحسن موضعهَا (مَعَ) ويغني عَنْهَا وَعَن مصحوبها الْحَال نَحْو: {اهبط بِسَلام} [هود: 48] أَي مَعَ سَلام {قد جَاءَكُم الرَّسُول بِالْحَقِّ} [النِّسَاء 170] أَي مَعَ الْحق ومحقا {فسبح بِحَمْد رَبك} [النَّصْر: 3] أَي مَعَ حَمده وحامدا وَهَذَا الْمعَانِي الْخَمْسَة تجامع الإلصاق كَمَا نَقله أَبُو حَيَّان عَن الْأَصْحَاب وَضم إِلَيْهَا بَاء الْقسم وَلذَا ذكرتها مُتَوَالِيَة خلاف صَنِيع التسهيل (والغاية) نَحْو: {وَقد أحسن بِي} [يُوسُف: 100] أَي إِلَيّ {وَكذا الْبَدَل} وَهِي الَّتِي يحسن موضعهَا بدل (والتبعيض) وَهِي الَّتِي يحسن موضعهَا (من) (على الصَّحِيح) فيهمَا مِثَال الأول قَول عمر رَضِي الله عَنهُ: (كلمة مَا يسرني أَن لي بهَا الدُّنْيَا) أَي بدلهَا وَقَول الحماسي 1049 - (فليت لي بهم قوما إِذا ركبُوا ... شنّوا الإغارة فُرْساناً ورُكْبانا) وَمِثَال الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ} [الْإِنْسَان: 6] أَي مِنْهَا وَقَوله: 105 - (شَربْنَ بِمَاء البَحْر ... )

وَقَول الآخر: 1051 - (شُرْبَ النّزيف بَبْرد مَاء الحَشْرَج ... ) وَهَذَا الْمَعْنى أثْبته الْكُوفِيُّونَ والأصمعي والفارسي والعتبى وَابْن مَالك وَالْأول الْمُتَأَخّرُونَ وأنكرهما جمَاعَة وَقَالُوا فِي أَمْثِلَة الأول الْبَاء للسَّبَبِيَّة وَأولُوا أَمْثِلَة الثَّانِي بِأَن (يشرب) و (شربن) و 0 شرب) ضمن معنى يروي وَنَحْوه وَقيل المعني يشرب بهَا الْخمر كَمَا تَقول شربت المَاء بالعسل قَالَ بَعضهم وَلَو كَانَت الْبَاء للتَّبْعِيض لصَحَّ زيد بالقوم تُرِيدُ من الْقَوْم وقبضت بِالدَّرَاهِمِ أَي من الدَّرَاهِم (قَالَ ابْن مَالك) فِي التسهيل (وَالتَّعْلِيل) قَالَ فِي شَرحه وَهِي الَّتِي يحسن موضعهَا اللَّام غَالِبا نَحْو: {فبظلم من الَّذين هادوا} [النِّسَاء: 160] {إِن الْمَلأ يأتمرون بك} [الْقَصَص: 20]

قَالَ واحترزت بِقَوْلِي غَالِبا من قَول الْعَرَب غضِبت لفُلَان إِذا غضِبت من أَجله وَهُوَ حَيّ وغضبت بِهِ إِذا غضِبت من أَجله وَهُوَ ميت قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكر أَصْحَابنَا هَذَا المعني وَكَأن التَّعْلِيل وَالسَّبَب عِنْدهم شَيْء وَاحِد قَالَ وَيدل لذَلِك أَن الْمَعْنى الَّذِي سمى بِهِ بَاء السَّبَب مَوْجُود فِي بَاب التَّعْلِيل لِأَنَّهُ يصلح أَن ينْسب الْفِعْل لما دخلت عَلَيْهِ بَاء التَّعْلِيل كَمَا يَصح ذَلِك فِي بَاء السَّبَب فَتَقول ظلم أَنفسكُم اتخاذكم الْعجل وَأما {يأتمرون بك} [الْقَصَص: 20] فالباء فِيهِ ظرفية أَي يأتمرون فِيك أَي يتشاورون فِي أَمرك لأجل الْقَتْل انْتهى وَهَذَا هُوَ الْحق قَالَ أَيْضا (والمقابلة) قَالَ وَهِي الدَّاخِلَة على الأعواض والأثمان قَالَ وَقد تسمي بَاء الْعِوَض نَحْو اشْتريت الْفرس بِأَلف وكافأت الْإِحْسَان بِضعْف وَالظَّاهِر أَنَّهَا دَاخِلَة فِي بَاء الْبَدَل (و) قَالَ (الكوفية وبمعني عَليّ) أَي الاستعلاء وَجزم بِهِ ابْن مَالك نَحْو ( {إِن تأمنه بقنطار} [آل عمرَان: 75] أَي عَلَيْهِ بِدَلِيل {إِلَّا كَمَا أمنتكم على أَخِيه} [يُوسُف: 64] {وَإِذا مروا بهم يتغامزون} [المطففين: 30] أَي عَلَيْهِم بِدَلِيل: {وَإِنَّكُمْ لتمرون عَلَيْهِم} [الصافات: 137] 1052 - (أربٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبانُ بِرَأْسِهِ ... لقد ذلّ من بَالَتْ عَلَيْهِ الثَّعالبُ) قَالُوا (و) بِمَعْنى (عَن وَفِي اختصاصها بالسؤال خلاف) فَقيل تخْتَص بِهِ وَظَاهر كَلَام أبي حَيَّان أَن الكوفية كلهم عَلَيْهِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} [الْفرْقَان: 59] بِدَلِيل: {يسْأَلُون عَن أنبائكم} [الْأَحْزَاب: 20] وَقَول عَلْقَمَة: 1053 - (فإنْ تَسْألُوني بالنِّساء فإنني ... بَصِير بأدْواء النِّساء طبيبُ)

وَقيل لَا وَعَلِيهِ ابْن مَالك نَحْو {يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم وبأيمانهم} [الْحَدِيد: 12] {تشقق السَّمَاء بالغمام} [الْفرْقَان: 25] والبصرية أَنْكَرُوا هَذَا الْمَعْنى وَأولُوا الْآيَة وَالْبَيْت على أَن الْمَعْنى اسْأَل بِسَبَبِهِ خَبِيرا وبسبب النِّسَاء لِتَعْلَمُوا حالهن أَو تضمين السُّؤَال معني الاعتناء والاهتمام قَالُوا وَلَو كَانَت الْبَاء بِمَعْنى (عَن) لجَاز أطعمته بجوع وسقيته بعيمة تزيد عَن جوع وَعَن عيمة قَالَ ابْن هِشَام فِي التَّأْوِيل الأول بعد لِأَن الْمَجْرُور بِالْبَاء هُوَ الْمَسْئُول عَنهُ وَلَا يَقْتَضِي قَوْلك سَأَلت بِسَبَبِهِ أَن الْمَجْرُور هُوَ الْمَسْئُول عَنهُ (و) قَالَ ابْن هِشَام (الخضراوي: و) بِمَعْنى (الْكَاف) دَاخِلَة على الِاسْم حَيْثُ يُرَاد التَّشْبِيه نَحْو لقِيت بزيد الْأسد وَرَأَيْت بِهِ الْقَمَر أَي لقِيت بلقائي إِيَّاه الْأسد أَي شبهه قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَنَّهَا للسبب أَي بِسَبَب لِقَائِه وَسبب رُؤْيَته (وتزاد توكيدا فِي مَوَاضِع) سِتَّة هِيَ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول والمبتدأ وَالْخَبَر وَالْحَال والتوكيد وَهِي مَذْكُورَة فِي محالها وَمن غَرِيب زيادتها أَنَّهَا تزاد فِي الْمَجْرُور كَقَوْلِه: 1054 - (فأصْبَحْنَ لَا يَسْألْنَهُ عَنْ بِمَا بِهِ ... ) (قَالَ ابْن مَالك: و) تزاد (عوضا) وَمثله بقوله:

1055 - (وَلَا يُؤَاتِيك فِيمَا نابَ من حَدَثٍ ... إلاَّ أخُو ثِقَةٍ فَانْظُر بِمن تَثِقُ) قَالَ أَرَادَ من تثق فَزَاد الْبَاء قبل (من) عوضا (وَحَكَاهُ) أَيْضا (فِي عَن وعَلى) وَأنْشد قَوْله: 1056 - (أَتَجْزَعُ إنْ نَفْسٌ أَتَاهَا حِمَامُها ... فهلاَّ الَّتِي عَن بَين جنبَيْك تَدْفع) أَي فَهَلا عَن الَّتِي بَين جنبيك تدفع فَحذف (عَن) وزادها بعد الَّتِي عوضا وَقَول الآخر: 1057 - (إنَّ الْكَرِيم وأبيكِ يَعْتَمِلْ ... إنْ لم يَجدْ يَوماً على مَنْ يَتّكِلْ) أَي إِن لم يجد من يتكل عَلَيْهِ فَحذف (عَلَيْهِ) وَزَاد (على) قبل (من) عوضا (وقاسه فِي (إِلَى) و (فِي) و (اللَّام) و (من) فَقَالَ فِي الشَّرْح يجوز عِنْدِي أَن يُعَامل بِهَذِهِ الْمُعَامَلَة (من) و (اللَّام) و (إِلَى) و (فِي) قِيَاسا على (عَن) و (على) و (الْبَاء) فَيُقَال عرفت مِمَّن عجبت وَلمن قلت وَإِلَى من أدّيت وفيمن رغبت وَالْأَصْل عرفت من عجبت مِنْهُ وَمن قلت لَهُ وَمن أدّيت إِلَيْهِ وَمن رغبت فِيهِ فَحذف مَا بعد من وَزيد مَا قبلهَا عوضا (ورده أَبُو حَيَّان) أَي الْعِوَض بأنواعه فَقَالَ فِي الأبيات المستشهد بهَا لَا يتَعَيَّن فِيهَا التَّأْوِيل الْمَذْكُور لاحْتِمَال أَن يكون الْكَلَام تمّ عِنْد قَوْله فَانْظُر أَي فَانْظُر

حتى

لنَفسك وَلما قدم أَنه لَا يواتيه إِلَّا أَخُو ثِقَة استدرك على نَفسه فاستفهم على سَبِيل الْإِنْكَار على نَفسه حَيْثُ قرر وجود أخي ثِقَة فَقَالَ بِمن تثق أَي لَا أحد يوثق بِهِ فالباء فِي ب (من) مُتَعَلقَة ب (تثق) وَكَذَا الْبَيْت الآخر يحْتَمل تَمام الْكَلَام عِنْد قَوْله إِن لم يجد يَوْمًا أَي أَنه إِذا لم يجد مَا يَسْتَعِين بِهِ اعتمل بِنَفسِهِ ثمَّ قَالَ على من يتكل وَمن استفهامية أَي لَا أحد يتكل عَلَيْهِ فعلي مُتَعَلقَة بيتكل وَلم يؤول الْبَيْت الثَّانِي وَقَالَ فِي الْمَقِيس هَذَا الَّذِي أجَازه قِيَاسا لم يثبت الأَصْل الَّذِي يُقَاس عَلَيْهِ أَلا ترى إِلَى مَا ذَكرْنَاهُ من التَّأْوِيل فِيمَا اسْتدلَّ بِهِ وَلَو كَانَت لَا تحْتَمل التَّأْوِيل لكَانَتْ من الشذوذ والندور والبعد من الْأُصُول بِحَيْثُ لَا يُقَاس عَلَيْهَا وَلَا يلْتَفت إِلَيْهَا قَالَ وَقد نَص سِيبَوَيْهٍ على أَن (عَن) و (على) لَا يزادان لَا عوضا وَلَا غير عوض حَتَّى (حتي كإلى) فِي انْتِهَاء الْغَايَة (لَكِن) (إِلَى) أمكن مِنْهَا وَلذَلِك خالفتها فِي أَشْيَاء الأول أَنَّهَا (تفِيد تقضي الْفِعْل شَيْئا فَشَيْئًا) وَلذَا لَا يجوز كتبت حَتَّى زيد وَأَنا حتي عَمْرو وَيجوز كتبت إِلَى زيد وَأَنا إِلَى عَمْرو أَي هُوَ غايتي كَمَا فِي حَدِيث مُسلم (أَنا بك وَإِلَيْك) (و) الثَّانِي أَنَّهَا (لَا تقبل الِابْتِدَاء) لِضعْفِهَا فِي الْغَايَة فَلَا يُقَال سرت من الْبَصْرَة حَتَّى الْكُوفَة كَمَا يُقَال إِلَى الْكُوفَة (و) الثَّالِث أَنَّهَا (لَا تجر إِلَّا آخرا) أَي آخر جُزْء نَحْو أكلت السَّمَكَة حَتَّى رَأسهَا (قَالَ الْأَكْثَر: أَو ملاقيا لَهُ) أَي مُتَّصِلا بِهِ نَحْو {سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} [الْقدر: 5] وَلَا يجوز سرت حَتَّى نصف اللَّيْل بِخِلَاف (إِلَى) وَمُقَابل الْأَكْثَر قَول السيرافي وَجَمَاعَة إِنَّهَا لَا تجر إِلَّا الآخر فَقَط دون الْمُتَّصِل بِهِ

قَالَ الرضي وَهُوَ مَرْدُود بِالْآيَةِ (خلافًا لِابْنِ مَالك) إِذْ قَالَ فِي التسهيل وَشَرحه وَالْتزم الزَّمَخْشَرِيّ كَون مجرورها آخر جُزْء أَو ملاقي آخر جُزْء وَهُوَ غير لَازم بِدَلِيل قَوْله: 1058 - (عيَّنَتْ لَيْلةً فَمَا زلتُ حَتَّى ... نِصْفِها راجياً فَعُدْتُ يَؤُوسا) قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا نَقله الزَّمَخْشَرِيّ هُوَ قَول أَصْحَابنَا وَمَا اسْتدلَّ بِهِ لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم الْعَامِل فِيهَا حَتَّى مَا يكون مَا بعْدهَا جزاءا لَهُ فِي الْجُمْلَة المغياة بحتي فَلَيْسَ الْبَيْت نظر مَا مثل بِهِ أَصْحَابنَا وَلَو صرح فَقَالَ مَا زلت راجيا وَصلهَا تِلْكَ اللَّيْلَة حتي نصفهَا كَانَ ذَلِك حجَّة على الزَّمَخْشَرِيّ وَنحن نقُول إِذا لم يتَقَدَّم فِي الْجُمْلَة المغياة بحتي مَا يَصح أَن يكون مَا بعْدهَا آخر جُزْء جَازَ أَن تدخل على مَا لَيْسَ بِهِ وَلَا ملاقيا لَهُ وَكَذَا قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي على أَن ابْن مَالك جزم بِاشْتِرَاط ذَلِك فِي الكافية الرَّابِع أَنَّهَا لَا تجر إِلَّا (ظَاهرا خلافًا للمبرد والكوفية) فِي تجويزهم جرها الْمُضمر مستدلين بِنَحْوِ قَوْله: 1059 - (فَلَا واللهِ لَا يلْفَى أنَاسٌ ... فِتًى حتّاك يَا ابْنَ أبي زيادِ) وَالْجُمْهُور قَالُوا إِنَّه ضَرُورَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن أجَاز جرها الْمُضمر أدخلها على الْمُضْمرَات المجرورة كلهَا قَالَ وَلَا يَنْبَغِي الْقيَاس على (حتاك) فِي هَذَا الْبَيْت فَيُقَال ذَلِك فِي سَائِر الضمائر قَالَ وانتهاء الْغَايَة فِي (حتاك) هُنَا لَا أفهمهُ وَلَا أَدْرِي مَا يَعْنِي هُنَا بحتاك فَلَعَلَّ هَذَا الْبَيْت مَصْنُوع انْتهى وَمثل ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي بقوله:

1060 - (أتَتْ حَتّاك تَقْصِدُ كُلَّ فجٌّ ... تُرَجّى مِنْك أنْها لَا تَخيب) قَالَ وَاخْتلف فِي عِلّة الْمَنْع فَقيل هِيَ أَن مجرورها لَا يكون إِلَّا بَعْضًا لما قبلهَا أَو كبعض مِنْهُ فَلم يُمكن عود ضمير الْبَعْض على الْكل قَالَ وَيَردهُ أَنه قد يكون ضمير حَاضر كَمَا فِي الْبَيْت فَلَا يعود على مَا تقدم وَأَنه قد يكون ضميرا غَائِبا عَائِدًا على مَا تقدم غير الْكل كَقَوْلِك زيد ضربت الْقَوْم حتاه وَقيل الْعلَّة خشيَة التباسها بالعاطفة فَإِنَّهَا تدخل عَلَيْهِ على الْأَصَح قَالَ وَيَردهُ أَنَّهَا لَو دخلت عَلَيْهِ لقيل فِي العاطفة قَامُوا حتي أَنْت وأكرمتهم حتي إياك بِالْفَصْلِ لِأَن الضَّمِير لَا يتَّصل إِلَّا بعامله وَفِي الخافضة حتاك بالوصل كَمَا فِي الْبَيْت وَحِينَئِذٍ فَلَا التباس وَقيل الْعلَّة أَنَّهَا لَو دخلت عَلَيْهِ قلبت ألفها يَاء كَمَا فِي إِلَيّ وَهِي فرع عَن (إِلَى) فَلَا تحْتَمل ذَلِك وَإِلَّا ساوي الْفَرْع الأَصْل قَالَ شَيخنَا الإِمَام الشمني وَالْجَوَاب بعد تَسْلِيم بطلَان هَذَا اللَّازِم أَن فرعية حَتَّى عَن إِلَى إِنَّمَا هِيَ فِي الْمَعْنى وَالْعَمَل وَذَلِكَ يُوجب أَلا يحْتَمل مَا يحْتَملهُ إِلَى فيهمَا لَا فِي غَيرهمَا وَقَالَ الشاطبي قَالَ سِيبَوَيْهٍ استغنوا عَن الْإِضْمَار فِي (حتي) بقَوْلهمْ حتي ذَاك وبالإضمار فِي (إِلَى) لِأَن الْمَعْنى وَاحِد كَمَا استغنوا ب (ترك) عَن (وذر) و (ودع) (وإمالتها وعتي) بإبدال حائها عينا) (لُغَة) الأولي يمنية وَالثَّانِي هذلية قَالَ ابْن مَالك قَرَأَ ابْن مَسْعُود {لَيَسْجُنُنَّهُ عَتَّى حِينٍ} [يُوسُف: 35] فَكتب إِلَيْهِ عمر إِن الله أنزل هَذَا الْقُرْآن عَرَبيا وأنزله بلغَة قُرَيْش فَلَا تقرئهم بلغَة هُذَيْل

(وَمنع البصرية جر مَا لَا يصلح) أَن يكون (غَايَة لما قبلهَا) وأوجبوا فِيهِ الرّفْع على أَنَّهَا ابتدائية نَحْو الْعجب حَتَّى الْخَزّ يلبس زيد وَجوز جَرّه الْكسَائي (و) الْفراء وَمنعُوا أَيْضا الْجَرّ فِيمَا إِذا تَلا الِاسْم بعْدهَا جملَة اسمية وَمَا بعْدهَا غير شريك لما قبلهَا فِي الْمَعْنى (نَحْو ضربت الْقَوْم حَتَّى زيد فَتركت) وَحَتَّى زيد أَبوهُ مَضْرُوب وَجوز جَرّه الكوفية (و) منع (الكوفية) الْجَرّ فِيمَا إِذا تَلا الِاسْم الَّذِي بعْدهَا فعل عَامل فِي ضَمِيره نَحْو ضربت الْقَوْم (حَتَّى زيد ضَربته) وَقَالُوا لَا يجوز حَتَّى يُقَال فضربته وَجوزهُ البصرية فيهمَا وجوزوا فِي الأول أَيْضا الْعَطف والابتداء (و) منع (الْكل) الْجَرّ فِيمَا إِذا تلاه اسْم مُفْرد نَحْو ضربت الْقَوْم (حَتَّى زيد مَضْرُوب) وأوجبوا الِابْتِدَاء وجوزوهما والعطف فِيمَا إِذا تلاه ظرف أَو مجرور نَحْو الْقَوْم عنْدك حَتَّى زيد عنْدك وَالْقَوْم فِي الدَّار حَتَّى زيد فِي الدَّار أَو جملَة اسمية وَمَا بعْدهَا شريك لما قبلهَا فِي الْمَعْنى نَحْو ضربت الْقَوْم حَتَّى زيد هُوَ مَضْرُوب وجوزوا الْجَرّ والعطف فِيمَا إِذا تلاه فعل عَامل فِي ضمير مَا قبل حَتَّى نَحْو ضربت الْقَوْم حَتَّى زيد ضربتهم فَإِن كَانَ فِي ضَمِيره وَهُوَ غير شريك فالابتداء وَالْحمل على الْإِضْمَار نَحْو ضربت الْقَوْم حَتَّى زيد ضربت أَخَاهُ وأوجبوا الْعَطف فِيمَا إِذا قَامَت عَلَيْهِ قرينَة نَحْو ضربت الْقَوْم حَتَّى زيدا أَيْضا فأيضا تدل على إِرَادَة تكَرر الْفِعْل وَهَذَا الْمَعْنى لَا يُعْطِيهِ إِلَّا الْعَطف كَأَنَّك قلت ضربت الْقَوْم حَتَّى ضربت زيدا أَيْضا (وَزعم الْفراء الْجَرّ) بحتى (نِيَابَة) عَن إِلَى لَا بِنَفسِهَا كَمَا جرت الْوَاو نِيَابَة عَن رب قَالَ وَرُبمَا أظهرُوا (إِلَى) فِي بعض الْمَوَاضِع قَالُوا (جَاءَ الْخَبَر حَتَّى إِلَيْنَا) جمعُوا بَينهمَا بِتَقْدِير إِلْغَاء أَحدهمَا كَمَا جمعُوا بَين اللَّام وكي (وَتَكون) حَتَّى (حرف ابْتِدَاء) أَي حرفا تبتدأ بعده الْجمل أَي تسْتَأْنف وَحِينَئِذٍ (تليه الجملتان) الاسمية كَقَوْل جرير:

1061 - (فَمَا زَالَت القَتْلى تمُجُّ دماءَها ... بدجلةَ حَتَّى ماءُ دجلَة أشْكلُ) وَقَول الفرزدق: 1062 - (فواعجباً حَتَّى كُلَيْبٌ تَسُبُّني ... ) والفعلية المضارعة كَقِرَاءَة نَافِع: {وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول} [الْبَقَرَة: 214] والماضية نَحْو: {حَتَّى عفوا} [الْأَعْرَاف: 95] والمصدرة بِشَرْط نَحْو {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} [النِّسَاء: 6] (خلافًا لِابْنِ مَالك فِي زَعمه) أَنَّهَا (جَارة قبل) الْفِعْل (الْمَاضِي) بإضمار (أَن) بعْدهَا على تَأْوِيل الْمصدر قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد وهم فِي ذَلِك وَقَالَ ابْن هِشَام لَا أعرف لَهُ فِي ذَلِك سلفا وَفِيه تكلّف إِضْمَار من غير ضَرُورَة (و) خلافًا (وَله وللأخفش) أبي الْحسن (فِي) زعمهما (أَنَّهَا) جَارة (قبل إِذا) وَأَن إِذا فِي مَوضِع جر بهَا وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا حِينَئِذٍ ابتدائية وَإِذا فِي مَوضِع نصب بشرطها أَو جوابها قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ معنى قَوْلهم حرف ابْتِدَاء أَنه يصحبها الْمُبْتَدَأ دَائِما بل مَعْنَاهُ أَنَّهَا بصدد أَن يَقع بعْدهَا الْمُبْتَدَأ كَمَا قَالُوا هَل ويل وَلَكِن من حُرُوف الِابْتِدَاء وَإِن كَانَ يَقع بعْدهَا غير الْمُبْتَدَأ وَإِنَّمَا كَانَ يَقع الْمَعْنى أَنَّهَا تصلح أَن يَقع بعْدهَا الْمُبْتَدَأ

وَمَا تقدم فِي تَفْسِيره أخذا من ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي أولي وأقعد ثمَّ قَالَ قَالَ بعض شُيُوخنَا ضَابِط حتي أَنَّهَا إِذا وَقع بعْدهَا اسْم مُفْرد مجرور أَو مضارع مَنْصُوب فحرف جر وَاسم مَرْفُوع أَو مَنْصُوب فحرف عطف أَو جملَة فحرف ابْتِدَاء وَتقدم من بَاب الْحَال أَنه لَا مَحل لهَذِهِ الْجُمْلَة على الْأَصَح (مَسْأَلَة: متي دلّت قرينَة على دُخُول الْغَايَة) أَي الَّتِي بعد إِلَيّ وحتي فِي حكم مَا قبلهَا (أَو) على (عَدمه) أَي عدم دُخُوله فَوَاضِح أَنه يعْمل بِهِ فَالْأول نَحْو قَرَأت الْقُرْآن من أَوله إِلَى آخِره وبعتك الْحَائِط من أَوله إِلَى آخِره دلّ ذكر الآخر وَجعله غَايَة على الِاسْتِيفَاء {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} [الْمَائِدَة: 6] دلّت السّنة على دُخُول الْمرَافِق فِي الْغسْل: 1063 - ألْفَى الصّحِيفَة كي يُخفِّفَ رَحْله ... والزَّادَ حَتَّى نَعْله أَلْقَاهَا) وَالثَّانِي نَحْو {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} [الْبَقَرَة: 187] دلّ النَّهْي عَن الْوِصَال على عدم دُخُول اللَّيْل فِي الصَّوْم {فنظرة إِلَى ميسرَة} [الْبَقَرَة: 280] فَإِن الْغَايَة لَو دخلت هُنَا لوَجَبَ الإنظار حَال الْيَسَار أَيْضا وَذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى عدم الْمُطَالبَة وتفويت حق الدَّائِن 1064 - (سقى الحيا الأرْضَ حَتَّى أمْكُن عُزيتْ ... لَهُم فَلَا زَالَ عَنْهَا الخيرُ مجذوذا) دلّ على عدم الدُّخُول دُعَاء الشَّاعِر على مَا بعد حتي بِانْقِطَاع الْخَيْر عَنهُ

رب

(وَإِلَّا) أَي وَإِن لم تقم قرينَة تدل على الدُّخُول وَلَا عدمهَا (فثالثها) أَي الْأَقْوَال (وَهُوَ الْأَصَح) ورأي الْجُمْهُور (تدخل مَعَ حتي دون إِلَيّ) حملا على الْغَالِب فِي الْبَابَيْنِ لِأَن الْأَكْثَر مَعَ الْقَرِينَة عدم الدُّخُول فِي (إِلَى) وَالدُّخُول فِي (حتي) فَوَجَبَ الْحمل عَلَيْهِ عِنْد التَّرَدُّد وأولها يدْخل فيهمَا وَثَانِيهمَا لَا فيهمَا وَاسْتدلَّ الْقَوْلَانِ فِي اسْتِوَاء حتي وَإِلَى بقوله تَعَالَى {فمتعناهم إِلَى حِين} [الصافات: 148] وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود {عتي حِين} {وَرَابِعهَا يدْخل مَعَهُمَا} أَي مَعَ إِلَى وحتي (إِن كَانَ من الْجِنْس) و (لَا) يدْخل (إِن لم يكن) نَحْو إِنَّه لينام اللَّيْل حَتَّى الصَّباح أَو إِلَيّ الصَّباح نَقله أَبُو حَيَّان فِي حتي عَن الْفراء والرماني وَجَمَاعَة وَابْن هِشَام فِي إِلَى غير المسمي قَائِله وَهُوَ قَول الأندلسي فِيمَا نَقله الرضي (فَإِن كَانَت حتي عاطفة دخلت وفَاقا) نَحْو أكلت السَّمَكَة حتي رَأسهَا قَالَ ابْن هِشَام وَوهم من ادعِي الِاتِّفَاق فِي دُخُول الْغَايَة فِي حتي مُطلقًا وَإِنَّمَا هُوَ فِي العاطفة وَالْخلاف فِي الخافضة مَشْهُور قَالَ وَالْفرق أَن العاطفة بِمَنْزِلَة الْوَاو رب (رب) بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الْبَاء وَفتحهَا (وَيُقَال رب) بِفَتْح الرَّاء (وَرب) بضَمهَا (وربت) بِالضَّمِّ وَفتح الْبَاء وَالتَّاء (وربت) بِسُكُون التَّاء (وربت) بِفَتْح الثَّلَاثَة (وربت) بِفَتْح الْأَوَّلين وَسُكُون التَّاء وَتَخْفِيف الْبَاء فِي هَذِه (السَّبْعَة وربتا) بِالضَّمِّ وَفتح الْبَاء الْمُشَدّدَة (وَرب) بِالضَّمِّ وبالسكون (وَرب) بِالْفَتْح والسكون فَهَذِهِ سبع عشرَة لُغَة حَكَاهَا مَا عدا (ربتا) ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَحكي ابْن مَالك مِنْهَا عشرا وَزَاد أَبُو حَيَّان (ربتا) وَزعم أَبُو الْحسن عَليّ (بن فضال) الْمُجَاشِعِي فِي كتاب الهوامع والعوامل أَنَّهَا ثنائية الْوَضع سَاكِنة الثَّانِي كهل وبل وَقد وَأَن فتح التَّاء مُخَفّفَة دون

الْبَاء ضَرُورَة لَا لُغَة وَأَن فتح الرَّاء مُطلقًا أَي فِي الْجَمِيع مشددا ومخففا مَعَ التَّاء ودونها (شَاذ) وَالْجُمْهُور على أَنَّهَا ثلاثية الْوَضع وَأَن التَّخْفِيف الْمَذْكُور وَفتح الرَّاء لُغَة مَعْرُوفَة (و) زعم الكوفية وَابْن الطراوة أَنَّهَا اسْم مَبْنِيّ لِأَنَّهَا فِي التقليل مثل (كم) فِي التكثير وَهِي اسْم بِإِجْمَاع وللإخبار عَنْهَا فِي قَوْله: 1065 - (إنْ يَقْتُلُوكَ فإنّ قَتْلَكَ لَم يَكُنْ ... عاراً عَلَيْك ورُبَّ قتل عارُ) ف (رب) عِنْدهم مُبْتَدأ و (عَار) خَبره قَالَ وَتَكون معمولة بجوابها كإذا فيبتدأ بهَا فَيُقَال رب رجل أفضل من عَمْرو وَيَقَع مصدرا كرب ضَرْبَة ضربت وظرفا كرب يَوْم سرت ومفعولا بِهِ كرب رجل ضربت وَاخْتَارَ الرضي أَنَّهَا اسْم لِأَن معنى رب رجل فِي أصل الْوَضع قَلِيل فِي هَذَا الْجِنْس كَمَا أَن معنى كم رجل كثير من هَذَا الْجِنْس لَكِن قَالَ إعرابه أبدا رفع على أَنه مُبْتَدأ لَا يُخَيّر لَهُ كَمَا اخْتَارَهُ فِي قَوْلهم أقل رجل يَقُول ذَلِك إِلَّا زيدا لتناسبهما فِي معنى الْقلَّة قَالَ فَإِن كفت ب (مَا) فَلَا مَحل لَهَا حِينَئِذٍ لكَونهَا كحرف النَّفْي الدَّاخِل على الْجُمْلَة وَمنع ذَلِك البصريون بِأَنَّهَا لَو كَانَت اسْما لِجَار أَن يتعدي إِلَيْهَا الْفِعْل بِحرف الْجَرّ فَيُقَال بِرَبّ رجل عَالم مَرَرْت وَأَن يعود عَلَيْهَا الضَّمِير ويضاف إِلَيْهَا وَذَلِكَ وَجَمِيع عَلَامَات الِاسْم منتفية عَنْهَا وَأجِيب عَن الْبَيْت الأول بِأَن الْمَعْرُوف وَبَعض قتل عَار وَإِن صحت تِلْكَ الرِّوَايَة فعار خبر مَحْذُوف أَي هُوَ عَار كَمَا صرح بِهِ فِي قَوْله: 1066 - (يَا رُبّ هيجا هِيَ خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ ... )

وَالْجُمْلَة صفة الْمَجْرُور أَو خَبره إِذْ هُوَ فِي مَوضِع مُبْتَدأ قَالَ أَبُو عَليّ وَمن الدَّلِيل على أَنَّهَا حرف لَا اسْم أَنهم لم يفصلوا بَينهَا وَبَين الْمَجْرُور كَمَا فصلوا بَين كم وَبَين مَا تعْمل فِيهِ وَفِي مفادها أَقْوَال أَحدهَا أَنَّهَا للتقليل دَائِما وَهُوَ قَول الْأَكْثَر قَالَ فِي الْبَسِيط كالخليل وسيبويه وَعِيسَى بن عمر وَيُونُس وَأبي زيد وَأبي عَمْرو بن الْعَلَاء وَأبي الْحسن الْأَخْفَش والمازني وَابْن السراج والجرمي والمبرد والزجاج والزجاجي والفارسي والرماني وَابْن جني والسيرافي والصيمري وَجُمْلَة الْكُوفِيّين كالكسائي وَالْفراء وَابْن سَعْدَان وَهِشَام وَلَا مُخَالف لَهُم إِلَّا صَاحب الْعين انْتهى ثَانِيهَا للتكثير دَائِما وَعَلِيهِ صَاحب (الْعين) وَابْن درسْتوَيْه وَجَمَاعَة وَرُوِيَ عَن الْخَلِيل ثَالِثهَا وَهُوَ الْمُخْتَار عِنْدِي وفَاقا للفارابي أبي نصر وَطَائِفَة أَنَّهَا للتقليل غَالِبا والتكثير نَادرا وَرَابِعهَا عَكسه أَي للتقليل قَلِيلا وللتكثير كثيرا جزم بِهِ فِي التسهيل وَاخْتَارَهُ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وخامسها مَوْضُوعَة (لَهما) من غير غَلَبَة فِي أَحدهمَا نقلة أَبُو حَيَّان عَن بعض الْمُتَأَخِّرين وسادسها لم تُوضَع لوَاحِد مِنْهُمَا بل هِيَ حرف إِثْبَات لَا يدل على تَكْثِير وَلَا تقليل وَإِنَّمَا يفهم ذَلِك من خَارج وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان وسابعها أَنَّهَا للتكثير فِي مَوضِع المباهاة والافتخار وللتقليل فِيمَا عدا ذَلِك وَهُوَ قَول الأعلم وَابْن السَّيِّد

وَقيل هِيَ لمبهم الْعدَد تكون تقليلا وتكثيرا قَالَه ابْن الباذش وَابْن طَاهِر فَهَذِهِ ثَمَانِيَة أَقْوَال حَكَاهَا أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل وَمن وُرُودهَا للتكثير قَوْله تَعَالَى {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} [الْحجر: 2] فَإِنَّهُ يكثر مِنْهُم تمني ذَلِك وَحَدِيث البُخَارِيّ (يَا رب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية يَوْم الْقِيَامَة) وَمن مَوَاضِع الْفَخر قَول عمَارَة بن عقيل: 1067 - (فإنْ تَكُن الأيّامُ شَيَّبْنَ مَفْرقى ... وأكْثَرْنَ أشجاني وفَلّلن مِنْ غربي) وَقَول الآخر: 1068 - (فيا رب يَوْم قد لَهْوتُ ولَيْلةٍ ... بآنِسَةٍ كَأَنَّهَا خَطُّ تِمْثال) وَمن وُرُودهَا للتقليل: 1069 - (أَلا رُبّ مَولودٍ وَلَيْسَ لَهُ ابٌ ... وَذي ولد لم يَلْدَهُ أَبَوَانِ) (وَذي شمة غَرَّاء فِي حُرّ وَجهه ... مجلّلةٍ لَا تنقضى لِأَوَانِ) أَرَادَ عِيسَى وآدَم وَالْقَمَر وتصدر وجوبا غَالِبا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمرَاد تصديرها على مَا تتَعَلَّق بِهِ فَلَا يُقَال لقِيت رب رجل عَالم لَا أول الْكَلَام فقد وَقعت خَبرا ل (إِن) و (أَن) المخففة من الثَّقِيلَة وجوابا (للو) قَالَ: 1070 - (أماويُّ إنِّي رُبَّ واحِد أمِّه ... ملكْتُ فَلَا أسْرٌ لَدَيَّ وَلَا قَتْلُ) وَقَول الآخر:

1071 - (تَيَقَّنْتُ أنْ رُبّ أمْرئ خِيلَ خائِناً ... أمينٌ وخوّان يُخَال أَمينا) وَقَالَ: 1072 - (وَلَو علم الأقوامُ كَيفَ خَلَفْتُهُمْ ... لَرُبّ مُفَدِّ فِي القُبور وحامِدِ) قَالَ شَيخنَا الإِمَام الشمني وَيحْتَمل أَن يعد ذَلِك ضَرُورَة وَلَا تجر غير نكرَة مَعهَا معربا كَأَن أَو مَبْنِيا كَقَوْلِه: 1073 - (رُبَّ مَنْ أنضجْتُ غَيْظاً قَلْبَهُ ... قد تمنّى لِيَ موْتاً لم يُطَعْ) خلافًا لبَعْضهِم فِي تَجْوِيز جرها الْمُعَرّف بأل محتجا بقوله: 1074 - (رُبّما الجامِل المُؤَبّل فِيهمْ ... وعناجيحُ بَيْنَهُن المِهَارُ) بجر الجامل وَأجَاب الْجُمْهُور بِأَن الرِّوَايَة بِالرَّفْع وَإِن صحت بِالْجَرِّ خرج على زِيَادَة (أل) وَلِأَنَّهَا إِمَّا للقلة أَو للكثرة وَغير النكرَة لَا يحتملها لِأَن الْمعرفَة إِمَّا للقلة فَقَط كالمفرد والمثني أَو للكثرة فَقَط كالجمع وَمَا لَا يحتملها لَا يحْتَاج إِلَى عَلامَة يصير بهَا نصا

وَفِي وجوب نَعته أَي مجرورها خلف فَقَالَ الْمبرد وَابْن السراج والفارسي والعبدي وَأكْثر الْمُتَأَخِّرين وعزي للبصريين يجب لِأَن (رب) أجريت مجْرى حرف النَّفْي حَيْثُ لَا تقع إِلَّا صَدرا وَلَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَا يعْمل فِي الِاسْم بعْدهَا بِخِلَاف سَائِر حُرُوف الْجَرّ وَحكم حرف النَّفْي أَن يدْخل على جملَة فالأقيس فِي مجرورها أَن يُوصف بجملة لذَلِك وَقد يُوصف بِمَا يجْرِي مجْراهَا من ظرف أَو مجرور أَو اسْم فَاعل أَو مفعول وَجزم بِهِ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَاخْتَارَهُ الرضي وَقَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء والزجاج وَأَبُو الْوَلِيد الوحشي وَابْن طَاهِر وَابْن خروف لَا يجب وتضمنها الْقلَّة أَو الْكَثْرَة يقوم مقَام الْوَصْف وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَتَبعهُ أَبُو حَيَّان وَمنع كَونهَا لَا تقع إِلَّا صَدرا بِمَا تقدم وَكَون مَا يعْمل فِيمَا بعْدهَا لَا يتَقَدَّم مقتضيا لشبهها بِحرف النَّفْي بِأَن لنا مَا لَا يتَقَدَّم على الْمَجْرُور الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وَلَا يلْزم أَن يكون جَارِيا مجْرى النَّفْي نَحْو بكم دِرْهَم تَصَدَّقت على الخبرية ويجر مُضَافا إِلَيْهِ ضمير مجرورها مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بِالْوَاو خَاصَّة رب رجل وأخيه رَأَيْت وسوغ ذَلِك كَون الْإِضَافَة غير مَحْضَة فَلم تفد تعريفا وَقَالَ الْجُزُولِيّ لِأَنَّهُ يغْتَفر فِي التَّابِع مَا لَا يغْتَفر فِي الْمَتْبُوع قَالَ الرضي وَلَو كَانَ كَذَلِك لجَاز رب غُلَام وَالسَّيِّد وَلَا يجوز ذَلِك فِي غير الْعَطف من التوابع وَلَا فِي الْعَطف بِغَيْر الْوَاو وَفِي الْقيَاس فِي الْمَعْطُوف بِالْوَاو خلف فَأَجَازَهُ الْأَخْفَش وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان وقصره سِيبَوَيْهٍ على المسموع أما مَا حَكَاهُ الْأَصْمَعِي من مُبَاشرَة (رب) للمضاف إِلَيْهِ الضَّمِير حَيْثُ قَالَ لأعرابية ألفلان أَب أَو أَخ فَقَالَت (رب أَبِيه وَرب أَخِيه) تُرِيدُ رب أَب لَهُ وَرب أَخ لَهُ تَقْديرا للانفصال لكَون أَب وَأَخ من الْأَسْمَاء الَّتِي يجوز الْوَصْف بهَا فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وتجر ضميرا وَيجب كَونه مُفردا مذكرا وَإِن كَانَ الْمُمَيز مثني أَو جمعا أَو مؤنثا وَكَونه يفسره نكرَة مَنْصُوبَة مُطَابقَة للمعني الَّذِي يَقْصِدهُ الْمُتَكَلّم

(تليه) غير مفصولة عَنهُ فَيُقَال ربه رجلا وربه رجلَانِ وربه رجَالًا وربه امْرَأَة وربه امْرَأتَيْنِ وربه نسَاء قَالَ: 1075 - (ربه امْرَأ بكَ نَالَ أمْنَع عِزّةٍ ... وغِنًى بُعَيْدَ خَصاصَةٍ وَهَوان) قَالَ أَبُو حَيَّان وَسمع جَرّه فِي قَوْله: 1706 - (وَرُبّهُ عَطِبٍ أَنْقَذَتَ من عَطَبهْ ... ) على نِيَّة (من) وَهُوَ شَاذ وَجوز الكوفية مطابقته إِلَى الضَّمِير لَهَا أَي النكرَة المفسرة فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث قِيَاسا وسماعا قَالَ: 1077 - (ربّه فتية دَعَوْتُ إِلَى مَا ... يُورث المَجْد دَائِما فأجَابُوا) قَالَ ابْن عُصْفُور وَذَلِكَ لَا يجوز عندنَا لِأَن الْعَرَب استغنت بتثنية التَّمْيِيز وَجمعه عَنهُ كَمَا استغنوا بِتَرْكِهِ من (وذر) و (ودع) قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن ذهب إِلَى وجوب وصف مجرور رب لم يُقَال بِهِ هُنَا قَالَ ابْن أبي الرّبيع لِأَنَّهُ استغني بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْإِضْمَار من التفخيم عَن الْوَصْف فَصَارَ قَوْلك ربه رجلا بِمَنْزِلَة رب رجل عَظِيم لَا أقدر على وَصفه وَالأَصَح أَنه أَي هَذَا الضَّمِير معرفَة جري مجري النكرَة فِي دُخُول رب عَلَيْهِ لما أشبههَا فِي أَنه غير معِين وَلَا مَقْصُود

وَقَالَ بَعضهم إِنَّه نكرَة وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور لوُقُوعه موقع النكرَة وكأنك قلت رب شَيْء ثمَّ فسرت الشي الَّذِي تريده بِقَوْلِك رجلا قَالَ بِخِلَاف الضَّمِير الْعَائِد على نكرَة مُقَدّمَة نَحْو لقِيت رجلا فضربته لِأَنَّهُ نَائِب مناب معرفَة إِذْ الأَصْل فَضربت الرجل أَو مُتَأَخِّرَة وَهُوَ وَاقع موقع معرفَة نَحْو نعم رجلا زيد فَالضَّمِير فِي نعم وَاقع موقع ظَاهر معرف بأل أَو مُضَاف إِلَى مَا هِيَ فِيهِ (و) الْأَصَح (أَنه) أَي جر رب الضَّمِير لَيْسَ قَلِيلا وَلَا شاذا بل جَائِز بِكَثْرَة فصيحا وَقَالَ ابْن مَالك هُوَ قَلِيل وَفِي بعض كتبه شَاذ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ بِصَحِيح إِلَّا إِن عني بالشذوذ شذوذ الْقيَاس وبالقلة بِالنِّسْبَةِ إِلَى جرها الظَّاهِر فَإِنَّهُ أَكثر من جرها الضَّمِير (و) الْأَصَح أَنَّهَا زَائِدَة فِي الْإِعْرَاب لَا المعني قَالَ أَبُو حَيَّان وَيدل عَلَيْهِ قَوْلهم رب رجل عَالم يَقُول ذَلِك فلولا أَن رب زَائِدَة فِي الْإِعْرَاب مَا جَازَ ذَلِك لما يلْزم من تعدِي فعل الْمُضمر الْمُتَّصِل إِلَى ظَاهره فَجعل رب رجل فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ هُوَ الَّذِي سوغ ذَلِك وَإِن كَانَت تدل على معني لِأَن الزَّائِد مِنْهُ مَا لَا يتَغَيَّر المعني بزواله وَهُوَ الزَّائِد للتوكيد وَمِنْه مَا يتَغَيَّر ويسمي زَائِدا اصْطِلَاحا بِاعْتِبَار تخطي الْعَامِل إِلَيْهِ كَقَوْلِهِم جِئْت بِلَا زَاد فَإِن النُّحَاة قَالُوا لَا زَائِدَة وَلَو أزيلت لتغير المعني وَمُقَابل الْأَصَح قَول ابْن أبي الرّبيع إِنَّهَا غير زَائِدَة لِأَنَّهَا تحرز معني والزائدة لَا تحرز وَإِنَّمَا يكون مؤكدا (و) الْأَصَح بِنَاء على أَنَّهَا زَائِدَة فِي الْإِعْرَاب أَن مَحل مجرورها على حسب الْعَامِل بعْدهَا فَهُوَ نصب فِي نَحْو رب رجل صَالح لقِيت وَرفع فِي نَحْو رب رجل عِنْدِي وَرفع أَو نصب فِي نَحْو رب رجل صَالح لَقيته لَا لَازم النصب بِالْفِعْلِ الَّذِي بعْدهَا أَو بعامل مَحْذُوف خلافًا للزجاج ومتابعيه فِي قَوْلهم بذلك لما يلْزم عَلَيْهِ من تعيدي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي بِنَفسِهِ إِلَى مَفْعُوله بوساطة رب وَهُوَ لَا يحْتَاج إِلَيْهَا وعَلى الأول فيعطف عَلَيْهِ أَي على مَحل مجرورها كَمَا يعْطف على لَفظه قَالَ: 1078 - (وسِنٍّ كَسُنّيْق سناءً وسُنّماً ... ذَعَرْتُ بمدلاح الهجير نَهوض)

فعطف (سنما) على مَحل (سنّ) لِأَنَّهُ فِي مَوضِع نصب بذعرت أَرَادَ ذعرت بِهَذَا الْفرس النهوض ثورا وبقرة والسنم بقرة الْوَحْش بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح النُّون الْمُشَدّدَة (و) الْأَصَح أَنَّهَا تتَعَلَّق كَسَائِر حُرُوف الْجَرّ وَقَالَ الرماني وَابْن طَاهِر لَا تتَعَلَّق بِشَيْء كالحروف الزَّائِدَة وَالأَصَح أَن التَّعَلُّق بالعامل الَّذِي يكون خَبرا لمجرورها أَو عَاملا فِي مَوْضِعه أَو مُفَسرًا لَهُ قَالَه أَبُو حَيَّان وَقَالَ ابْن هِشَام قَول الْجُمْهُور إِنَّهَا معدية لِلْعَامِلِ إِن أَرَادوا الْمَذْكُور فخطأ لِأَنَّهُ يتعدي بِنَفسِهِ أَو محذوفا تَقْدِيره حصل أَو نَحوه كَمَا صرح بِهِ جمَاعَة فَفِيهِ تَقْدِير مَا معنى الْكَلَام مستغن عَنهُ وَلم يلفظ بِهِ فِي وَقت فَقولِي وَالأَصَح منصب على مَسْأَلَتي التَّعَلُّق وَكَونه بالعامل مَعًا كَمَا قَرّرته وَمُقَابِله فِي الثَّانِيَة قَول الْجَمَاعَة الْمَذْكُورين (ثمَّ) على التَّعْلِيق (قَالَ لكذة) الْأَصْبَهَانِيّ (حذفه لحن) مَمْنُوع وَقَالَ مَا ورد من ذَلِك مَصْنُوع (و) قَالَ الْخَلِيل وسيبويه نَادِر كَقَوْل الشماخ: 1079 - (ودَوِّيَةٍ قَفْر تُمشّى نَعامُها ... كمشْي النّصارى فِي خِفَاف اليَرَنْدَج) أَي قطعتها قَالَ أَبُو حَيَّان وَمِمَّا يرد قَول (لكذة) قَوْلهم رب رجل قَامَ وَرب ابْن خير من ابْن وَقَول الشَّاعِر: 1080 - (أَلا رُبَّ مَنْ تَغْتَشُّه لَك ناصِح ... ومؤتمن بِالْغَيْبِ غيرُ أَمِين) (و) قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي والجزولي كثير وَبِه جزم ابْن الْحَاجِب وَرَابِعهَا وَاجِب نَقله صَاحب الْبَسِيط عَن بَعضهم قَالَ لِأَنَّهُ مَعْلُوم كَمَا حذف من (بِسم الله) وتالله لَأَفْعَلَنَّ وخامسها قَالَ ابْن أبي الرّبيع يجب حذفه إِن قَامَت الصّفة مقَامه نَحْو رب رجل يفهم هَذِه الْمَسْأَلَة أَي وجدته فَإِن لم تقم مقَامه جَازَ الْحَذف وَعَدَمه

سَوَاء كَانَ هُنَاكَ دَلِيل أم لَا كَأَن تسمع إنْسَانا يَقُول مَا رَأَيْت رجلا عَالما فَتَقول رب رجل عَالم رَأَيْت وَلَك حذف رَأَيْت وَكَأن يَقُول ذَلِك ابْتِدَاء غير جَوَاب وَيجب كَونه أَي الْفِعْل الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ رب مَاضِيا معني قَالَه الْمبرد والفارسي وَابْن عُصْفُور وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّه الْمَشْهُور ورأي الْأَكْثَرين وَقيل يَأْتِي حَالا أَيْضا فَلَا يُقَال رب قَائِله رجل سيقوم قَالَه ابْن السراج (وَقيل: و) يَأْتِي مُسْتَقْبلا أَيْضا قَالَه ابْن مَالك كَقَوْلِه تَعَالَى {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا} [الْحجر: 2] وَقَول هِنْد أم مُعَاوِيَة: 1081 - (يَا رب قَائِلًَ غَداً ... يَا لَهْفَ أُمِّ مُعاوَيَهْ) والأولون تأولوا الْآيَة على أَنه مَوضِع الْمَاضِي على حد {وَنفخ فِي الصُّور} [الْكَهْف: 99، وَيس: 51، وَالزمر: 68، وق: 20] قَالَ ابْن هِشَام وَفِيه تكلّف لاقْتِضَائه أَن الْفِعْل الْمُسْتَقْبل عبر بِهِ عَن مَاض متجوز بِهِ عَن الْمُسْتَقْبل قَالَ وَالدَّلِيل على صِحَة اسْتِقْبَال مَا بعْدهَا قَوْله يَا رب قائلة غَدا وَأجَاب شَيخنَا الإِمَام الشمني بِأَنَّهُ لَا تكلّف لأَنهم قَالُوا إِن هَذِه الْحَالة الْمُسْتَقْبلَة جعلت بِمَنْزِلَة الْمَاضِي المتحقق فَاسْتعْمل مَعهَا رُبمَا المختصة بالماضي وَعدل إِلَى لفظ الْمُضَارع لِأَنَّهُ كَلَام من لَا خلف فِي إخْبَاره فالمضارع عِنْده بِمَنْزِلَة الْمَاضِي فَهُوَ مُسْتَقْبل فِي التَّحْقِيق مَاض بِحَسب التَّأْوِيل وَأما الْبَيْت فَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَنَّهُ من بَاب الْوَصْف بالمستقبل لَا من بَاب تعلق (رب) بِمَا بعْدهَا قَالَ وَنَظِيره قَوْلك رب مسيء الْيَوْم يحسن غَدا أَي رب رجل يُوصف بِهَذَا وَلَا يسبقها متعلقها لِأَن لَهَا الصَّدْر وَقد يسْبق بألا وَيَا وَاقعَة صَدرا جَوَاب شَرط غَالِبا كَقَوْلِه: 1082 - (أَلا رُبّ مأخوذٍ بإجُرَام غَيره ... فَلَا تَسْأمَنْ هجْرانَ مَنْ كَانَ مُجْرما)

على

وَقَوله: 1083 - (فَإِن أُمْس مَكْروباً فيا رُبّ فتية ... ) وَمن سبقها بيا لَا فِي جَوَاب شَرط حَدِيث (يَا رب كاسية) على عَليّ للاستعلاء حسا نَحْو {وَعَلَيْهَا وعَلى الْفلك تحملون} [الْمُؤْمِنُونَ: 22] أَو معنى نَحْو {فضلنَا بَعضهم على بعض} [الْبَقَرَة: 253] {وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} [الْبَقَرَة: 228] قَالَ ابْن مَالك وَمِنْه الْمُقَابلَة للام المفهمة مَا يجب كَقَوْلِه: 1084 - (فَيَوْمٌ عَلَيْنا ويَوْمٌ لَنا ... ) وَمَا وَقع بعد (وَجب) أَو شبهه أَو كبر أَو صَعب وَنَحْوه مِمَّا فِيهِ ثقل أَو دلّ على تمكن نَحْو {أُولَئِكَ على هدى من رَبهم} [الْبَقَرَة: 5] (أَنا على عَهْدك وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت) قَالَ الكوفية والعتبي وَابْن مَالك وبمعني مَعَ أَي المصاحبة نَحْو {وَآتى المَال على حبه} [الْبَقَرَة: 177] أَي مَعَ حبه {وَإِن رَبك لذُو مغْفرَة للنَّاس على ظلمهم} [الرَّعْد: 6] أَي مَعَ ظلمهم (و) بِمَعْنى (فِي) أَي الظَّرْفِيَّة نَحْو {وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين على ملك سُلَيْمَان} [الْبَقَرَة: 102] أَي فِي ملكه {وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة} [الْقَصَص: 15] أَي فِي حِين (و) بِمَعْنى (من) نَحْو {إِذا اكتالوا على النَّاس} [المطففين: 2] ي من النَّاس {لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم} [الْمُؤْمِنُونَ: 5، 6] أَي مِنْهُم بِدَلِيل الحَدِيث (احفظ عورتك إِلَّا من زَوجتك وَمَا ملكت يَمِينك) (و) بِمَعْنى (عَن) أَي الْمُجَاوزَة نَحْو:

1085 - (إِذا رضيت على بَنو قشَيْر ... ) (و) بِمَعْنى الْبَاء نَحْو {حقيق على أَن لَا أَقُول على الله} [الْأَعْرَاف: 105] أَي بِأَن كَمَا قَرَأَ أبي (و) بِمَعْنى (اللَّام) أَي التَّعْلِيل نَحْو {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} [الْبَقَرَة: 185] أَي وَلأَجل هدايته هِدَايَة إيَّاكُمْ والبصريون قَالُوا لَو كَانَ لَهَا هَذِه الْمعَانِي لوقعت موقع هَذِه الْحُرُوف فَكنت تَقول وليت عَلَيْهِ أَي عَنهُ وكتبت على الْقَلَم أَي بِهِ وَجَاء زيد على عَمْرو أَي مَعَه وَالدِّرْهَم على الصندوق أَي فِيهِ وَأخذت على الْكيس أَي مِنْهُ وَأولُوا مَا تقدم على التَّضْمِين وَنَحْوه فضمن (تتلو) معنى (تَقول) و (رَضِي) معنى (عطف) و (اكتالوا) معنى (حكمُوا) فِي الْكَيْل و (حافظون) معنى قاصرون و (حقيق) معنى حَرِيص و (لتكبروا) معنى تحمدوا (وحذفها وزيادتها ضَرُورَة) كَقَوْلِه 1086 - تحن فتبدي مَا بهَا من صبَابَة وأخفى الَّذِي لَوْلَا الأسى لقضانى أَي لقضي عَليّ وَقَوله

1087 - أبي الله إِلَّا أَن سرحة مَالك على كل أفنان الْعضَاة تروق ف (على) زَائِدَة لِأَن (راق) يتعدي بِنَفسِهِ وَجوز ابْن مَالك زيادتها فِي النثر كَحَدِيث (من حلف على يَمِين) أَي يَمِينا وَقَالَ أَبُو حَيَّان هُوَ على تضمين حلف بِمَعْنى (جسر) وَجوز الْأَخْفَش حذفهَا وَنصب تَالِيهَا مَفْعُولا نَحْو {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} [الْبَقَرَة: 235] أَي على سر {لأقعدن لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم} [الْأَعْرَاف: 16] أَي على صراطك وزعمها ابْن الطراوة وَأَبُو عَليّ الْفَارِسِي والشلوبين اسْما دَائِما معربا لِأَنَّهَا لَا يظْهر فِيهَا عَلامَة الْبناء من شبه الْحَرْف إِذْ لَا حرف فِي مَعْنَاهَا وَقلة تصرفها لَا يُوجب لَهَا الْبناء قَالَ ابْن خروف وَهُوَ الْقيَاس وَقيل مَبْنِيا ك (هَذَا) بِدَلِيل أَن (على) الِاسْم على رَأْي الْجُمْهُور مَبْنِيَّة وَكَذَا (عَن) وَالْكَاف ومذ ومنذ اسْما لتضمنها معنى الْحَرْف الَّذِي يكونه لِأَنَّهَا بِمَعْنى وَاحِد فَحملت عَلَيْهَا (على) طردا للباب قَالَ صَاحب الإفصاح وَهَذَا هُوَ الْوَجْه وَالْقِيَاس وزعمها الْأَخْفَش اسْما إِذا كَانَ مجرورها وفاعل متعلقها ضميري مسمي وَاحِد كَقَوْلِه تَعَالَى {أمسك عَلَيْك زَوجك} [الْأَحْزَاب: 37] وَقَول الشَّاعِر 1088 - (هَوِّن عَلَيْك فَإِن الْأُمُور ... بكفّ الإلهِ مَقادِيرُها)

لِأَنَّهُ لَا يتَعَدَّى فعل الْمُضمر الْمُتَّصِل إِلَى ضميرَة الْمُتَّصِل فِي غير بَاب ظن وفقد وَعدم كَمَا تقدم قَالَ أَبُو حَيَّان وَابْن هِشَام وَفِيه نظر لِأَنَّهَا لَو كَانَت اسْما حِينَئِذٍ لصَحَّ حُلُول (فَوق) محلهَا وَلِأَنَّهَا لَو لَزِمت اسميتها لما ذكر لزم الحكم باسمية إِلَى فِي نَحْو {فصرهن إِلَيْك} [الْبَقَرَة: 260] {واضمم إِلَيْك} [الْقَصَص: 32] {وهزي إِلَيْك} [مَرْيَم: 25] قَالَ فليتخرج هَذَا كُله على التَّعَلُّق بِمَحْذُوف كَمَا فِي (سقيا) لَك أَو على حذف مُضَاف أَي هون على نَفسك واضمم إِلَى نَفسك انْتهى قَالَ ابْن الدماميني وَقد يُقَال لَا نسلم أَن مَا كَانَ بِمَعْنى شَيْء وَيصِح حُلُوله مَحَله وأجراه أَي أجْرى الْأَخْفَش مَا قَالَه فِي (على) من اسميتها فِي الْحَالة الْمَذْكُورَة كَقَوْل امْرِئ الْقَيْس 1089 - (دَعْ عَنْك نَهْباً صِيح فِي حَجَراتِه ... ) وَقَول أبي نواس 1090 - (دَعْ عَنْك لَوْمِي فإنَّ اللوم إغراءُ ... ) قَالَ ابْن هِشَام وَقد تقدم مَا فِيهِ قَالَ وَمِمَّا يدل على أَنَّهَا لَيست اسْما أَنه لَا يَصح حُلُول الْجَانِب محلهَا

عن

عَن عَن للمجاوزة وَهِي الأَصْل وَلِهَذَا عدي بهَا صد وَأعْرض وأضرب وانحرف وَعدل وَنهى ونأي وحرف ورحل وَاسْتغْنى وَرغب وَنَحْوهَا وَمِنْه بَاب الرِّوَايَة والإخبار لِأَن الْمَرْوِيّ والمخبر بِهِ مجَاز لمن أَخذ عَنهُ قَالَ الكوفية وَابْن قُتَيْبَة وَابْن مَالك والاستعانة كالباء نَحْو {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} [النَّجْم: 3] أَي بِهِ وَالتَّعْلِيل نَحْو {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَن موعدة} [التَّوْبَة: 114] {وَمَا نَحن بتاركي آلِهَتنَا عَن قَوْلك} [هود: 53] وَبِمَعْنى عَليّ أَي الاستعلاء كَقَوْلِه تَعَالَى {فَإِنَّمَا يبخل عَن نَفسه} [مُحَمَّد: 38] وَقَول الشَّاعِر 1091 - (لاهِ ابنُ عمكَ لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ ... عنِّي وَلَا أَنْتَ ديّاني فَتَخْزُوني) أَي على وَبِمَعْنى بعد نَحْو {لتركبن طبقًا عَن طبق} [الانشقاق: 19] أَي بعد طبق {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} [النِّسَاء: 46، والمائدة: 13] بِدَلِيل {من بعد موَاضعه} [الْمَائِدَة: 41] {عَمَّا قَلِيل ليصبحن نادمين} [الْمُؤْمِنُونَ: 40] والبصريون قَالُوا هِيَ للمجاوزة فِي الْجَمِيع وَلَو كَانَت لَهَا مَعَاني هَذِه الْحُرُوف لجَاز أَن تقع موقعها فَيُقَال زيد عَن الْفرس أَي عَلَيْهِ وَجئْت عَن الْعَصْر أَي بعده وَتكلم عَن خير أَي بِهِ بل التَّقْدِير مَا صدر نطقة عَن الْهَوِي وَمَا كَانَ

اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم إِلَّا صادرا عَن موعدة وَمَا نَحن بتاركي آلِهَتنَا صادرين عَن قَوْلك وَضمن يبخل معنى يرغب وأفضلت معنى انْفَرَدت قَالَ بعض شُيُوخنَا قَالَ أَبُو حَيَّان ووقوعها بِمَعْنى بعد لتقارب معنى البعدية والمجاوزة لِأَن الشَّيْء إِذا جَاءَ بعد الشَّيْء فقد عدا وقته وجاوزه قَالَ أَبُو حَيَّان قَالَ بعض شُيُوخنَا وَيَنْبَغِي على قَوْلهم أَنَّهَا بِمَعْنى بعد أَن تكون حِينَئِذٍ ظرفا قَالَ وَلَا أعلم أحدا قَالَ إِنَّهَا اسْم إِلَّا إِذا دخل عَلَيْهَا حرف الْجَرّ وَبِمَعْنى فِي أَي الظَّرْفِيَّة كَقَوْلِه 1092 - (وآس سرَاةَ الحَيِّ حَيْثُ لَقِيتَهُمْ ... وَلَا تَكْ عَنْ حَمْل الرِّباعة وانيا) أَي (فِي) كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَا تنيا فِي ذكري} [طه: 42] ورد بِأَن تَعديَة (وني) ب (عَن) مَعْرُوف وَفرق بَين وني عَنهُ ووني فِيهِ بِأَن معنى الأول جاوزه وَلم يدْخل فِيهِ وَالثَّانِي دخل فِيهِ وفتر زَاد ابْن مَالك وَالْبدل نَحْو قَوْله تَعَالَى {لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} [الْبَقَرَة: 48] وَحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ (صومي عَن أمك) وَزَاد ابْن هِشَام فِي المغنى وَمعنى من نَحْو {يقبل التَّوْبَة عَن عباده} [الشورى: 25] {نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا} [الْأَحْقَاف: 16] بِدَلِيل {فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا} [الْمَائِدَة: 27] الْآيَة (و) بِمَعْنى (الْبَاء) وَفرق بَينه وَبَين الِاسْتِعَانَة وَمثله بِالْآيَةِ السَّابِقَة وَمثل الِاسْتِعَانَة بِنَحْوِ رميت عَن الْقوس لأَنهم يَقُولُونَ (رميت بِالْقَوْسِ) حَكَاهُ الْفراء وزيادتها ضَرُورَة كَقَوْلِه:

في

1093 - (فأصْبَحْنَ لَا يَسْألْنَهُ عَنْ بِمَا بِهِ ... ) (خلافًا لأبي عبيد) حَيْثُ أجزها فِي الِاخْتِيَار وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى: {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} [النُّور: 63] أَي أمره فِي فِي للظرفية مَكَانا وزمانا وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى: {غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} [الرّوم: 2، 3، 4] حَقِيقَة كالآية (ومجازا) نَحْو: {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة يَا أولي الْأَلْبَاب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} [الْبَقَرَة: 179] {لقد كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَته آيَات} [يُوسُف: 7] قَالَ الكوفية وَابْن قُتَيْبَة وَابْن مَالك وَمعنى الْبَاء نَحْو: {يذرؤكم فِيهِ} [الشورى: 11] أَي بِسَبَبِهِ 1094 - (بَصِيرُون فِي طَعْن الأبَاهر والكُلَي ... ) أَي بطعن (و) بِمَعْنى (عَليّ) نَحْو {ولأصلبنكم فِي جُذُوع النّخل} [طه: 71] أَي عَلَيْهَا (و) بِمَعْنى (مَعَ) أَي المصاحبة نَحْو {ادخُلُوا فِي أُمَم}

[الْأَعْرَاف: 38] أَي مَعَهم {فَخرج على قومه فِي زينته} [الْقَصَص: 79] (و) بِمَعْنى (من) كَقَوْلِه: 1095 - (وَهل يَعِمَنْ مَنْ كَانَ أحدثُ عصره ... ثلاثينَ شَهْراً فِي ثلاثَةِ أحْوال) أَي مِنْهَا (و) بِمَعْنى (إِلَى) نَحْو {فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} [إِبْرَاهِيم: 9] أَي إِلَيْهَا زَاد ابْن مَالك وَالتَّعْلِيل كَحَدِيث: (إِن امْرَأَة دخلت النَّار فِي هرة حبستها) (فِي النَّفس مائَة من الْإِبِل) (الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله من الْإِيمَان) بِدَلِيل الحَدِيث الآخر: (أَن تحب لله وَتبْغض لله) والمقايسة وَهِي الدَّاخِلَة بَين مفضول سَابق وفاضل لَاحق نَحْو {فَمَا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا قَلِيل} [التَّوْبَة: 38] وَقَول الْخضر لمُوسَى (مَا علمي وعلمك فِي علم الله إِلَّا كَمَا غمس هَذَا الطَّائِر بمنقاره من الْبَحْر) والبصريون قَالُوا لَا تكون إِلَّا للظرفية وَمَا لَا تظهر فِيهِ حَقِيقَة فَهِيَ مجازية وَهل تزاد أَقْوَال أَحدهَا نعم فِي الِاخْتِيَار وَغَيره نَحْو {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسم الله} [هود: 41] ثَانِيهَا لَا وَلَا فِي الضَّرُورَة ثَالِثهَا وَهُوَ رَأْي الْفَارِسِي تزاد ضَرُورَة لَا اخْتِيَارا كَقَوْلِه:

الكاف

1096 - (أَنا أَبُو سَعْدٍ إذَا الليلُ دَجَا ... يُخَالُ فِي سَوَادِه يَرَنْدَجَا) أَي يخال سوَاده الْكَاف الْكَاف للتشبيه نَحْو زيد كالأسد وَالتَّعْلِيل أثْبته قوم قَالَ ابْن هِشَام وَهُوَ الْحق سَوَاء جردت نَحْو {ويكأنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} [الْقَصَص: 82] أَي أعجب لِأَنَّهُ لَا يفلح الْكَافِرُونَ أَو وصلت بِمَا المصدرية نَحْو {واذكروه كَمَا هدَاكُمْ} [الْبَقَرَة: 198] ونفاه الْأَكْثَرُونَ وَثَالِثهَا تفيده إِن كفت بِمَا كحكاية سِيبَوَيْهٍ (كَمَا أَنه لَا يعلم فيتجاوز الله عَنهُ وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قَالَ الكوفية والأخفش والاستعلاء وحكوا أَن بَعضهم قيل لَهُ كَيفَ أَصبَحت فَقَالَ كخير أَي على خير وَكن كَمَا أَنْت أَي على مَا أَنْت عَلَيْهِ وَغَيرهم قَالَ هِيَ للتشبيه على حذف مُضَاف أَي كصاحب خير وعَلى أَن (مَا) مَوْصُولَة أَي كَالَّذي هُوَ أَنْت (و) قَالَ السيرافي وَابْن الخباز فِي النِّهَايَة والمبادرة إِذا اتَّصَلت ب (مَا) نَحْو صل كَمَا يدْخل الْوَقْت وَسلم كَمَا تدخل قَالَ ابْن هِشَام وَهُوَ غَرِيب جدا

وتزاد توكيدا قَالَ فِي التسهيل إِن أَمن اللّبْس نَحْو {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أَي لَيْسَ مثله شَيْء وَإِلَّا لزم إِثْبَات الْمثل وَهُوَ محَال وَبَعْضهمْ قَالَ الزَّائِد لفظ الْمثل وَالْأول أولى بل القَوْل بِزِيَادَة الِاسْم لم يثبت وجرها الْمُضمر ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1097 - (وَإِن يكُ إنْساً مَا كها الإنْسُ تَفْعل ... ) أَي مَا مثلهَا وَقَوله: 1098 - (فَلَا تري بَعْلاً وَلَا حلائِلا ... كَهُ وَلَا كَهُنَّ إلاّ حاظِلا) وَعبارَة التسهيل ودخولها على ضمير الْغَائِب الْمَجْرُور قَلِيل قَالَ أَبُو حَيَّان وَمعنى كَلَامه يفهم جَوَازه على قلته واختصاصه بالغائب وَالْمَجْرُور وأصحابنا خصوه وأطلقوا الْمُضمر وأنشدوا فِي دُخُولهَا على ضمير الْمُتَكَلّم وحركتها حِينَئِذٍ الْكسر 1999 - (وَإِذا الحرْبُ شَمّرَتْ لم تكن كِي ... حِين تَدْعُو الكُمَاةُ فِيهَا نَزَال) وحكوا فِيهِ وَفِي الْمُخَاطب عَن الْحسن أَنا كك وَأَنت كي وَفِي الْمَرْفُوع: 1100 - (قلت إِنِّي كَأَنْت ثُمّة لمّا ... )

وَفِي الْمَنْصُوب 1101 - (فأحْسِنُ وأجمل فِي أسيرك إِنَّه ... ضعيفٌ وَلم يأسِر كإيّاك آسِرُ) وحكوا أَنْت كأنا وكهو انْتهى فَلِذَا عبرت بِمَا تقدم وَإِنَّمَا لم تجره اخْتِيَارا اسْتغْنَاء عَنْهَا بِمثل وَشبهه كَمَا استغنوا فِيهِ ب (إِلَى) عَن (حَتَّى) نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَتَقَع اسْما مرادفة لمثل جَارة أَيْضا ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ والمحققون لَا تقع كَذَلِك إِلَّا ضَرُورَة وَحِينَئِذٍ فتجر بالحرف كَقَوْلِه: 1102 - (يَضْحكْنَ عَنْ كَالْبَرَدِ المُنْهَمِّ ... ) 1103 - (بكا للَّقَوْةِ الشّغْواء جُلْتُ فَلم أكُنْ ... ) وبالإضافة كَقَوْلِه: 1104 - (تَيّمَ القلْبَ حُبُّ كَالْبَدْر لَا بَلْ ... فاق حُسْنًا مَنْ تَيَّمَ الْقَلبَ حُبّا) وَتَقَع فاعلة كَقَوْلِه:

1105 - (هَلْ تنتهون ولَنْ يَنْهَى ذَوي شَطَطٍ ... كالطَّعْن يذهبُ فِيهِ الزَّيتُ والفُتُل) ومبتدأ كَقَوْلِه: 1106 - بِنَا كالجَوَى مِمَّا نَخافُ وقَدْ نَري ... شِفَاء الْقُلُوب الصاّدياتِ الحوَائِم) وَاسم (كَانَ) كَقَوْلِه: 1107 (لَو كَانَ فِي قلبِي كَقدْر قلامة ... فضلا لغيرك مَا أتتك رسالتي) 1108 - (لَا يبرمون إِذا مَا الأفْقُ جَلّله ... برْدُ الشتَاء من الإمحال كالأدَم) وَذَلِكَ فِي الشّعْر كثير جدا وَلم يرد فِي النثر فاختص بِهِ (و) قَالَ أَبُو الْحسن (الْأَخْفَش) وَأَبُو عَليّ (الْفَارِسِي) تقع كَذَلِك اخْتِيَارا كثيرا نظرا إِلَى كَثْرَة السماع وعَلى هَذَا يجوز فِي زيد كالأسد أَن تكون الْكَاف فِي مَوضِع رفع والأسد مخفوضا بِالْإِضَافَة وعَلى ذَلِك كثير من المعربين مِنْهُم الزَّمَخْشَرِيّ قَالَ ابْن هِشَام وَلَو صَحَّ ذَلِك لسمع فِي الْكَلَام مثل مَرَرْت بكالأسد

كي

وَقَالَ أَبُو حَيَّان تقع اخْتِيَارا قَلِيلا قَالَ لِأَنَّهُ تصرف فِيهَا بِكَثْرَة وُرُودهَا فاعلة اسْم كَانَ ومفعولة ومبتدأة ومجرورة بِحرف وَإِضَافَة وَهَكَذَا شَأْن الْأَسْمَاء المتصرفة يتقلب عَلَيْهَا وجود الْإِسْنَاد وَالْإِعْرَاب وَقَالَ أَبُو جَعْفَر بن مضاء هِيَ اسْم أبدا لِأَنَّهَا بِمَعْنى مثل وَمَا هُوَ بِمَعْنى اسْم فَهُوَ اسْم ورده الْأَكْثَرُونَ بمجيئها على حرف وَاحِد وَلَا يكون على ذَلِك من الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة إِلَّا مَحْذُوف مِنْهُ أَو شَاذ وبورود زيادتها وَلَا تزاد إِلَّا الْحُرُوف وَقَالَ قوم هِيَ اسْم إِذا زيدت ورد بِأَن زِيَادَة الِاسْم لم تثبت 3 - كي كي لتعليل وتختص بِمَا الاستفهامية وَأَن وَمَا المصدريتين فَلَا تجر غَيرهَا كَقَوْلِهِم من السُّؤَال عَن الْعلَّة كيمه وقولك جِئْت كي تكرمني وَقَوله 1109 - (يُرَجّى الفَتى كَيْمَا يَضُرّ وينفع ... ) وَقد تقدم فِي نواصب الْمُضَارع أَن الكوفية أَنْكَرُوا كَونهَا جَارة مَعَ دَلِيله ورده 3 - اللَّام اللَّام للْملك نَحْو {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} [الصَّفّ: 1] والاختصاص نَحْو {إِن لَهُ أَبَا} [يُوسُف: 78] {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة} [النِّسَاء: 11] الْجنَّة للْمُؤْمِنين والسرج للْفرس وَهَذَا الشّعْر لفُلَان والاستحقاق وَهِي الْوَاقِعَة بَين معنى وَذَات نَحْو (الْحَمد لله) {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] و {لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي} [الْمَائِدَة: 41] قَالَ ابْن هِشَام وَبَعْضهمْ يَسْتَغْنِي بالاختصاص عَن ذكر الْملك والاستحقاق ويمثله بالأمثلة الْمَذْكُورَة ويرجحه أَن فِيهِ تقليلا للاشتراك وَفرق بَعضهم بَين الِاسْتِحْقَاق والاختصاص بِأَن الأول أخص إِذْ هُوَ شهِدت بِهِ الْعَادة وَقد يخْتَص الشَّيْء بالشَّيْء من غير شَهَادَة عَادَة إِذْ لَيْسَ من لَازم الْبشر أَن يكون لَهُ ولد

وَالتَّمْلِيك نَحْو وهبت لزيد دِينَارا أَو شبهه نَحْو {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} [النَّحْل: 72] وَالنّسب نَحْو لزيد عَم هُوَ لعَمْرو خَال والتبليغ وَهِي الجارة لاسم السَّامع لقَوْل أَو مَا فِي مَعْنَاهُ نَحْو قلت لَهُ وأذنت لَهُ وفسرت لَهُ والتبيين وَهِي أَقسَام مَا يبين الْمَفْعُول من الْفَاعِل بِأَن يَقع بعد فع تعجب أَو اسْم تَفْضِيل من حب أَو بغض تَقول مَا أجبني وَمَا أبغضني فَإِن قلت لفُلَان فَأَنت فَاعل الْحبّ والبغض وَهُوَ مفعول لَهما فَإِن قلت إِلَى فلَان فَالْأَمْر بِالْعَكْسِ ذكره ابْن مَالك قَالَ ابْن هِشَام وَليكن ذَلِك أَيْضا فِي معنى إِلَيّ وَمَا يبين فاعليه غير ملتبسة بمفعولية أَو مفعولية غير ملتبسة بفاعلية ومصحوب كل مِنْهُمَا إِمَّا غير مَعْلُوم مِمَّا قبلهَا أَو مَعْلُوم وَلَكِن استؤنف بَيَانه تَقْوِيَة للْبَيَان وتوكيدا لَهُ وَاللَّام فِي ذَلِك مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف فَالْأول نَحْو تَبًّا لزيد وريحا لَهُ وَالثَّانِي نَحْو سقيا وجدعا لَهُ والتعجب إِمَّا مَعَ الْقسم وَهِي الدَّاخِلَة على اسْم الله تَعَالَى نَحْو 1110 - (للهِ يبْقى على الأيّام ذُو حِيَدٍ ... ) أَو مُجَردا عَنهُ وَهِي المستعملة فِي النداء نَحْو 1111 - (فيا لَكَ من لَيْل كأنَّ نُجُومَهُ ... بِكُل مغار الفَتْل شُدَّت بيذبل)

وَبِمَعْنى عِنْد نَحْو كتبته لخمس خلون قَالَ ابْن جني وَمِنْه قِرَاءَة الجحدري {بل كذبُوا بِالْحَقِّ لما جَاءَهُم} [ق: 5] بِكَسْر اللَّام وَتَخْفِيف الْمِيم قَالَ الْأَخْفَش والصيرورة وتسمي لَام الْعَاقِبَة وَلَام الْملك نَحْو {فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} [الْقَصَص: 8] 1112 - (لدوا لِلْمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَراب ... ) وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالتَّعْلِيل نَحْو {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما آتيتكم} [آل عمرَان: 81] الْآيَة فِي قِرَاءَة حَمْزَة بِكَسْر اللَّام {وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد} [العاديات: 8] {لِإِيلَافِ قُرَيْش} [قُرَيْش: 1] وَمعنى إِلَيّ نَحْو {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} [الزلزلة: 5] {كل يجْرِي لأجل مُسَمّى} [الرَّعْد: 2] (سمع الله لمن حَمده) أَي اسْتمع إِلَيْهِ وَبِمَعْنى عَليّ نَحْو {يخرون للأذقان سجدا} [الْإِسْرَاء: 107] {وتله للجبين} [الصافات: 103] {وَإِن أسأتم فلهَا} [الْإِسْرَاء: 7] و (اشترطي لَهُم الْوَلَاء) وَبِمَعْنى مَعَ كَقَوْلِه 1113 - (فَلَمَّا تفرَّقَنا كأنِّي ومالِكاً ... لِطُول اجْتماع لم نَبتْ لَيْلةً مَعَا)

وَبِمَعْنى من كَقَوْل جرير 1114 - (لنا الْفَضْلُ فِي الدُّنيا وأَنْفُكَ رَاغِمٌ ... ونَحنُ لكم يَوْمَ القِيامَةِ أَفْضَلُ) وقولك سَمِعت لَهُ صراخا وَبِمَعْنى فِي نَحْو {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} [الْأَنْبِيَاء: 47] {لَا يجليها لوَقْتهَا} [الْأَعْرَاف: 187] وَبِمَعْنى بعد نَحْو {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} [الْإِسْرَاء: 78] (صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته) وَقَالَ ابْن الْحَاجِب فِي الكافية وَبِمَعْنى عَن من القَوْل نَحْو {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا} [الْأَحْقَاف: 11] الْآيَة أَي عَنْهُم وَلَيْسَ الْمَعْنى أَنهم خاطبوا بِهِ الْمُؤمنِينَ وَإِلَّا لقَالَ مَا سبقتمونا إِلَيْهِ قَالَ ابْن الصَّائِغ وَفِيه نظر لجَوَاز أَن يكون من بَاب الْحِكَايَة وَجعلهَا ابْن مَالك وَغَيره للتَّعْلِيل وَقوم للتبليغ وَمن ذَلِك {قَالَت أخراهم لأولاهم رَبنَا هَؤُلَاءِ أضلونا} [الْأَعْرَاف: 38] {وَلَا أَقُول للَّذين تزدري أعينكُم لن يُؤْتِيهم الله خيرا} [هود: 31] 1115 - (كضَرائر الْحَسْناء قُلْنَ لِوَجْهها ... حَسَداً وبُغْضاً إِنَّه لَدَمِيمُ) وَقَالَ ابْن مَالك فِي (الْخُلَاصَة) و (الكافية) والتعدية وَمثل لَهُ فِي شرحها بقوله تَعَالَى {فَهَب لي من لَدُنْك وليا} [مَرْيَم: 5] وَمثل ابْنه بِقَوْلِك قلت لَهُ كَذَا وَلم يذكرهُ فِي التسهيل وَلَا شَرحه بل فِيهِ أَن اللَّام فِي الْآيَة لشبه التَّمْلِيك وَفِي الْمِثَال للتبليغ قَالَ ابْن هِشَام والأولي عِنْدِي أَن يمثل للتعدية بِنَحْوِ

مَا أضْرب زيدالعمرو وَمَا أضربه لبكر وَقَالَ الرضي الشاطبي لم يذكر أحد من الْمُتَقَدِّمين هَذَا الْمَعْنى للام فِيمَا أعلم وَأَيْضًا فالتعدية لَيست من الْمعَانِي الَّتِي وضعت الْحُرُوف لَهَا وَإِنَّمَا ذَلِك أَمر لَفْظِي مَقْصُوده إِيصَال الْفِعْل الَّذِي لَا يسْتَقلّ بالوصول بِنَفسِهِ إِلَى الِاسْم فيتعدي إِلَيْهِ بواسطته وَهَذَا الْقَصْد يشْتَرك فِيهِ جَمِيع الْحُرُوف لِأَنَّهَا وضعت لتوصيل الْأَفْعَال إِلَى الْأَسْمَاء والتوكيد وَهِي الزَّائِدَة بَين المتضايفين نَحْو لَا أَبَا لزيد وَلَا أَخا لَهُ وَلَا غُلَام لَهُ و 1116 - (يَا بُوْسَ للْحَرْب ... ) وَالأَصَح أَن الْجَرّ حِينَئِذٍ بهَا لَا بالمضاف لِأَنَّهَا أقرب أَو الْفِعْل الْمُتَعَدِّي ومفعوله كَقَوْلِه تَعَالَى {يكون ردف} [النَّمْل: 72] وَقَول الشَّاعِر 1117 - (ومَلَكْتَ مَا بَيْن العِراق وَيثْرب ... مُلْكاً أَجَارَ لِمُسْلم ومُعَاهد) والتقوية فِي مفعول عَامل ناصب وَاحِد ضعف بِالتَّأْخِيرِ نَحْو {للرؤيا تعبرون} [يُوسُف: 43] {للَّذين هم لرَبهم يرهبون} [الْأَعْرَاف: 154] وبكونه فرعا فِي الْعَمَل نَحْو {فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] {مُصدقا لما مَعَهم} [الْبَقَرَة 91] {نزاعة للشوى} [المعارج 16] قَالَ فِي شرح الكافية وَلَا يفعل ذَلِك بمعتد إِلَى اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ إِن زيدت فيهمَا لزم تَعديَة فعل وَاحِد إِلَى مفعولين بِحرف وَاحِد وَلَا نَظِير لَهُ أَو فِي أَحدهمَا لزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح وإيهام غير الْمَقْصُود وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان قَالَ ابْن هِشَام والأخير مَمْنُوع لِأَنَّهُ إِذا تقدم أَحدهمَا دون الآخر وزيدت اللَّام فِي الْمُقدم لم يلْزم ذَلِك وَقد قَالَ الْفَارِسِي فِي قَوْله

تَعَالَى {وَلكُل وجهة هُوَ موليها} [الْبَقَرَة: 148] بِإِضَافَة كل إِنَّه من هَذَا وَالْمعْنَى الله مول كل ذِي وجهة وجهته وَقَالُوا فِي قَوْله 1118 - (هَذَا سُراقة لِلْقُرْآنِ يَدْرسُهُ ... ) إِن الْهَاء مفعول مُطلق لَا ضمير الْقُرْآن وَقد دخلت اللَّام فِي أحد المفعولين الْمُقدم بل وَدخلت فِي أحد الْمُتَأَخِّرين فِي قَول ليلى 1119 - (أحجّاجُ لَا تُعْطِ العُصاةَ مناهُمُ ... وَلَا اللهُ يُعْطِي للعُصاة مُناها) قَالَ لكنه شَاذ لقُوَّة الْعَامِل انْتهى وَالْأَشْهر كسرهَا أَي لَام الْجَرّ مَعَ كل ظَاهر إِلَّا المستغاث كَمَا سبق إِلَّا مَعَ الْمُضمر فالأشهر فتحهَا غير الْيَاء وَمُقَابل الْأَشْهر أَن بعض الْعَرَب يفتحها مَعَ الظَّاهِر مُطلقًا فَتَقول المَال لزيد وَبَعْضهمْ إِذا دخلت على الْفِعْل وَقُرِئَ {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم} [الْأَنْفَال: 33] وخزاعة تكسرها مَعَ الْمُضمر وَإِنَّمَا كسرت هِيَ وَالْبَاء وَإِن كَانَ الأَصْل فِي الْحَرْف الْوَاحِد بِنَاؤُه على الْفَتْح تَخْفِيفًا لموافقة معمولها وَلم تكسر الْكَاف لِأَنَّهَا تكون اسْما أَيْضا فَكَانَ جرها لَيْسَ بِالْأَصَالَةِ وَلِئَلَّا تلبس بلام الِابْتِدَاء وَنَحْوهَا وَبقيت فِي الْمُضمر على الأَصْل لِأَنَّهُ يتَمَيَّز ضمير الْجَرّ من غَيره وَلم يعول فِي الظَّاهِر على الْفرق بالإعراب لعدم اطراده إِذْ قد يكون مَبْنِيا وموقوفا عَلَيْهِ

لعل

لَعَلَّ لَعَلَّ والجر بهَا لُغَة عقيلية حَكَاهَا أَبُو زيد والأخفش وَالْفراء قَالَ شَاعِرهمْ 1120 - (لعلَّ أبي المِغْوار مِنْك قَريبُ ... ) وَقد أنكرها قوم مِنْهُم الْفَارِسِي وَتَأَول الْبَيْت على أَن الأَصْل لَعَلَّه لأبي المغوار جَوَاب قريب فَحذف مَوْصُوف (قريب) وَضمير الشَّأْن وَلَام لَعَلَّ الثَّانِيَة تَخْفِيفًا وأدغم الأولي فِي لَام الْجَرّ وَمن ثمَّ كَانَت مَكْسُورَة وَمن فتح فَهُوَ على لُغَة المَال لزيد وَهَذَا تكلّف كثير مَرْدُود بِنَقْل الْأَئِمَّة وفيهَا حِينَئِذٍ أَي إِذا جرت فتح الآخر وكسره كَمَا ذكر مَعَ حذف الأول ودونه أَي عل وَلَعَلَّ وَحكم محلهَا ومجرورها كرب فَالْأَصَحّ أَنَّهَا تتَعَلَّق بالعامل وَقيل لَا تَنْزِيلا لَهَا منزلَة الزَّائِد وَأَن مَحل مجرورها على حسب مَا بعْدهَا فَفِي الْبَيْت الْمَذْكُور مَحَله رفع بِالِابْتِدَاءِ وَقَرِيب خَبره لعا بِمَعْنى لَعَلَّ نقل الْفراء وَابْن الْأَنْبَارِي الْجَرّ بهَا قَالَ الْفراء وَفِي خَبَرهَا الرّفْع وَالنّصب

لولا

لَوْلَا لَوْلَا الامتناعية إِذا تَلَاهَا ضمير جر نَحْو لولاي ولولاك ولولاه قَالَ 1121 - (وكَمْ مَوْطِن لَوْلايَ طِحْتَ كَمَا هَوى ... ) وَقَالَ 1122 - (لَوْلاك فِي ذَا الْعَام لم أَجْجُج ... ) وَقَالَ 1123 - (لَوْلاكُمُ ساغَ لَحْمي عِنْدها وَدمِي ... ) وَقَالَ 1124 - ولَوْلاَهُ مَا قَلّتْ لديَّ الدّراهِمُ ... )

متى

وَقَالَ 1125 - (فلولاهُمُ لَكُنْتُ كحُوتِ بَحْر ... ) فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور مَوْضِعه جر بهَا واختصت بِهِ كَمَا اخْتصّت (حتي) و (الْكَاف) بِالظَّاهِرِ قَالُوا وَلَا جَائِز أَن يكون مَرْفُوعا لِأَنَّهَا لَيست ضمائر رفع وَلَا مَنْصُوبًا وَإِلَّا لجَاز وَصلهَا بنُون الْوِقَايَة مَعَ يَاء الْمُتَكَلّم كالياء الْمُتَّصِلَة بالحروف وَلِأَنَّهُ كَانَ حَقّهَا أَن تجر الِاسْم مُطلقًا لَكِن منع من ذَلِك شبهها بِمَا اخْتصَّ بِالْفِعْلِ من أدوات الشَّرْط فِي ربط جملَة بجملة فأرادوا التَّنْبِيه على مُوجب الْعم فجروا بهَا الْمُضمر وَقَالَ الْأَخْفَش والكوفية مَوْضِعه رفع على الِابْتِدَاء إنابة لضمير الْجَرّ عَن ضمير الرّفْع كَمَا عكسوا فِي أَنا كَأَنْت وَأَنت كأنا وَلَوْلَا غير جَاره لِأَن الْمُضمر فرع الظَّاهِر وَهِي لَا تجر الأَصْل فَكيف تجر الْفَرْع وَمَا قيل من أَنَّهَا مُخْتَصَّة بِالِاسْمِ مَمْنُوع وَإِنَّمَا هِيَ دَاخِلَة على الْجُمْلَة الابتدائية وَقَالَ الْمبرد هُوَ لحن ورد بِاتِّفَاق أَئِمَّة الْبَصرِيين والكوفيين على رِوَايَته عَن الْعَرَب وَلَا يعْطف عَلَيْهِ بِالْجَرِّ بل يتَعَيَّن الرّفْع نَحْو لولاك وَزيد لِأَنَّهَا لَا تجر الظَّاهِر وَخرج بالامتناعية التحضيضية فَلَا يَليهَا غير الْفِعْل الْبَتَّةَ مَتى مَتى والجر بهَا لُغَة لهذيل بِمَعْنى من كَقَوْلِه

من

1126 - (شَربْنَ بِمَاء البَحْر ثمَّ تَرَفّعَت ... مَتى لُجَج خَضْر لَهُنَّ نَئِيجُ) وَتَأْتِي بِمَعْنى وسط حُكيَ وَضعته مَتى كمي أَي وَسطه وَإِذا كَانَت بِمَعْنى (وسط) فَهِيَ اسْم أَو (من) فحرف جزم بِهِ ابْن هِشَام وَغَيره من من مَبْنِيَّة على السّكُون مَكْسُورَة الأول قَالَ ابْن درسْتوَيْه وَكَانَ حَقه الْفَتْح لَكِن قصد الْفرق بَينهَا وَبَين من الاسمية قَالَ الْكسَائي وَالْفراء أَصْلهَا منا فحذفت الْألف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال واستدلا بقوله 1127 (بذلنا مازنَ الخَطّى فِيهمْ ... وكُلَّ مُهنّدٍ ذكَر حُسام) (مِنَا إِن ذرَّ قرْنُ الشّمس حَتَّى ... أغاب شريدَهُمْ قترُ الظّلام) قَالَ فَرد (من) إِلَى أَصْلهَا لما احْتَاجَ إِلَى ذَلِك فعلي هَذَا هِيَ ثلاثية وَالْجُمْهُور أَنَّهَا ثنائية وَأولُوا الْبَيْت على أَن (منا) مصدر مني يمني إِذا قدر اسْتعْمل ظرفا كخفوق النَّجْم أَي تَقْدِير إِن ذَر قرن الشَّمْس وموازنته إِلَى أَن غربت وَقَالَ ابْن مَالك هُوَ لُغَة لبَعض الْعَرَب وَقَالَ أَبُو حَيَّان ضَرُورَة لابتداء الْغَايَة مُطلقًا أَي مَكَانا وزمانا وَغَيرهمَا نَحْو {من الْمَسْجِد الْحَرَام} [الْإِسْرَاء: 1] {أسس على التَّقْوَى من أول يَوْم} [التَّوْبَة: 108]

(مُطِرْنَا من الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة) {خَلَقْنَاكُمْ من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة} [الْحَج: 5] الْآيَة: (من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل) وخصها البصرية إِلَّا الْأَخْفَش والمبرد وَابْن درسْتوَيْه بِالْمَكَانِ وأنكروا وُرُودهَا للزمان قَالَ ابْن مَالك وَغير مَذْهَبهم هُوَ الصَّحِيح لصِحَّة السماع بذلك وَكَذَا قَالَ أَبُو حَيَّان لِكَثْرَة ذَلِك فِي كَلَام الْعَرَب نظما ونثرا وَتَأْويل مَا كثر وجوده لَيْسَ بجيد وَقَالَ الرضي الْمَقْصُود من معنى الِابْتِدَاء فِي (من) أَن يكون الْفِعْل المعدي بهَا شَيْئا ممتدا كالسير وَالْمَشْي وَيكون الْمَجْرُور بِمن الشَّيْء الَّذِي مِنْهُ ابْتَدَأَ ذَلِك الْفِعْل نَحْو سرت من الْبَصْرَة أَو يكون الْفِعْل أصلا للشَّيْء الممتد نَحْو تبرأت من فلَان وَخرجت من الدَّار لِأَن الْخُرُوج لَيْسَ ممتدا لحصوله ب الِانْفِصَال وَلَو بِأَقَلّ خطْوَة وَلَيْسَ (التأسيس) فِي الْآيَة حَدثا ممتدا وَلَا أصلا لَهُ بل هُوَ حدث وَاقع فِيمَا بعد (من) فَهِيَ بِمَعْنى (فِي) ثمَّ قَالَ وَالظَّاهِر مَذْهَب الْكُوفِيّين إِذْ لَا منع من قَوْلك نمت من أول اللَّيْل إِلَى آخِره وَهُوَ كثير الِاسْتِعْمَال قَالَ وضابطها أَن يحسن فِي مقابلتها (إِلَى) أَو مَا يُفِيد فائدتها نَحْو أعوذ بِاللَّه مِنْك إِذْ الْمَعْنى ألتجئ إِلَيْهِ فالباء أفادت معنى الِانْتِهَاء والتبعيض وَهِي الَّتِي تسد (بعض) مسدها نَحْو {مِنْهُم من كلم الله} [الْبَقَرَة: 253] وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود {حَتَّى تُنفِقُوا بَعَض مِا تُحِبُّونَ} [آل عمرَان: 92] والتبيين للْجِنْس وَكَثِيرًا بعد (مَا) و (مهما) وهما بهَا أولي

لإفراط إبهامها نَحْو {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك} [فاطر: 2] {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها} [الْبَقَرَة: 106] {مهما تأتنا بِهِ من آيَة} [الْأَعْرَاف: 132] وَمن وُقُوعهَا بعد غَيرهمَا {وَيلبسُونَ ثيابًا خضرًا من سندس} [الْكَهْف: 31] {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} [الْحَج: 30] وأنكرهما طَائِفَة فَمن أنكر التَّبْعِيض الْمبرد والأخفش الصَّغِير وَابْن السراج والجرجاني والزمخشري وَقَالُوا هِيَ للابتداء وَأنكر الثَّانِي أَكثر المغاربة وَقَالُوا فِي الْآيَة هِيَ للتَّبْعِيض وَفِي الثَّانِيَة للابتداء والمعني فَاجْتَنبُوا من الرجس والأوثان وَهُوَ عبادتها وَكَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ قَالَ الرضي وَهُوَ بعيد لِأَن الْأَوْثَان نفس الرجس فَلَا تكون مبدأ لَهُ قَالَ ابْن مَالك وللتعليل نَحْو {مِّمَّا خَطِايَاهِمْ أُغْرِقُوا} [نوح: 25] وَالْبدل وَهِي الَّتِي يصلح محلهَا لفظ بدل نَحْو {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة} [التَّوْبَة: 38] {لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلفون} [الزخرف: 60] (وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد) أَي بدلك والفصل وَهِي الدَّاخِلَة على ثَانِي المتضايقين نَحْو {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب} [آل عمرَان: 179] ورد بِأَن الْفَصْل مُسْتَفَاد من الْعَامِل وَهُوَ الْعلم وماز وَأَن الظَّاهِر كَونهَا للابتداء أَو الْمُجَاوزَة وَبِمَعْنى عَن نَحْو {قد كُنَّا فِي غَفلَة من هَذَا} [الْأَنْبِيَاء: 97] {فويل للقاسية قُلُوبهم من ذكر الله} [الزمر: 22] وَبِمَعْنى عَليّ نَحْو {ونصرناه من الْقَوْم} [الْأَنْبِيَاء: 77] وَبِمَعْنى الْبَاء نَحْو {ينظرُونَ من طرف خَفِي} [الشورى: 45]

(و) قَالَ (الكوفية و) بِمَعْنى (فِي) نَحْو {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} [الْجُمُعَة: 9] (و) بِمَعْنى (إِلَى) نَحْو رَأَيْته من ذَلِك الْموضع فَجَعَلته غَايَة لرؤيتك أَي محلا للابتداء والانتهاء وَقربت مِنْهُ أَي إِلَيْهِ (قيل و) بِمَعْنى (عِنْد) قَالَ أَبُو عُبَيْدَة نَحْو {لن تغني عَنْهُم أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم من الله شَيْئا} [آل عمرَان: 10] قيل (و) بمعني (رُبمَا) إِذا اتَّصَلت مَعَ (مَا) قَالَه السيرافي وَابْن خروف وَابْن طَاهِر والأعلم كَقَوْلِه: 1128 - (وإنّا لِمِمّا نَضْرب الكَبْشَ ضَرْبةً ... على رَأسه تُلْقى اللِّسَان من الفَم) وَالْأَكْثَرُونَ قَالُوا إِنَّهَا فِي الْأَمْثِلَة كلهَا ابتدائية (تَنْبِيه) علم مِمَّا حُكيَ عَن الْبَصرِيين فِي هَذِه الأحرف من الِاقْتِصَار على بِمَعْنى وَاحِد لكل حرف أَن مَذْهَبهم أَن أحرف الْجَرّ لَا يَنُوب بَعْضهَا عَن بعض بِقِيَاس كَمَا أَن أحرف الْجَزْم كَذَلِك وَمَا أوهم ذَلِك فإمَّا مؤول تَأْوِيلا يقبله اللَّفْظ أَو على تضمين الْفِعْل معنى فعل يتعدي بذلك الْحَرْف أَو على النِّيَابَة شذوذا والأخير محمل الْبَاب كُله عِنْد غَيرهم بِلَا شذوذ وَهُوَ أقل تعسفا (وتزاد) للتنصيص على الْعُمُوم من نكرَة لَا تخْتَص بِالنَّفْيِ نَحْو مَا جَاءَنِي من رجل وللتوكيد قَالَ الْأَخْفَش من البصرية وَالْكسَائِيّ وَهِشَام من الكوفية مُطلقًا أَي فِي النَّفْي والإيجاب والنكرة والمعرفة وَاخْتَارَهُ فِي التسهيل وَشَرحه قَالَ لصِحَّة السماع بذلك كَقَوْلِه تَعَالَى: {يغْفر لكم من ذنوبكم} [الْأَحْقَاف: 31] {وَلَقَد جَاءَك من نبإ الْمُرْسلين} [الْأَنْعَام: 34] وَحَدِيث: (إِن من أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة المصورون} وَقَول الشَّاعِر:

1129 - (وكنْتُ أرِي كَالْمَوْت مِنْ بَين ساعةٍ ... فيكف ببَيْن كَانَ موعِدَهُ الحشْرُ) أَي وَكنت أرِي بَين سَاعَة كالموت وَقَوله: 1130 - (ويكثرُ فيهِ مِنْ حَنين الأباعِر ... ) (و) قَالَ بَعضهم أَي الكوفية فِي نكرَة منفية كَانَت أم مُوجبَة سمع (قد كَانَ من مطر) (و) قَالَ قوم مِنْهُم الْفَارِسِي فِي نكرَة شَرط كَقَوْلِه: 1131 - (ومَهْما تَكُنْ عِنْد امْرئ من خَلِيقة ... وإنْ خَالها تَخْفى على النّاس تُعْلم) (و) قَالَ الْجُمْهُور فِي نكرَة ذَات نفي بِأَيّ حرف كَانَ من حُرُوفه أَو نهي نَحْو: {مَا لكم من إِلَه غَيره} [الْأَعْرَاف: 59، 65، 73] {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا} [الْأَنْعَام: 59] لَا تضرب من أحد أَو اسْتِفْهَام بهل نَحْو {هَل ترى من فطور} [الْملك: 3] وَلَا غَيرهَا من سَائِر الأدوات كَيفَ وَنَحْوهَا إِذْ لم تحفظ قَالَه أَبُو حَيَّان قَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف (وَفِي) إِلْحَاق الْهمزَة بهل وَلَا نظر أحفظه من كَلَام الْعَرَب وَظَاهر كَلَام شَيْخه الرضي الشاطبي الْإِلْحَاق لِأَنَّهُ قَالَ لَا تدخل من مَعَ كل أَدَاة اسْتِفْهَام كأين وَمَتى مَعَ هَل وَمَا يقوم مقَامهَا من استدعاء الْجَواب بِالنَّفْيِ ثمَّ الْجُمْهُور أولو مَا اسْتدلَّ بِهِ الْأَولونَ بِأَن

التَّقْدِير بعض ذنوبكم وَلَقَد جَاءَك من نبأ نبأ فَحذف الْمَوْصُوف أَو هون أَي جَاءَ من الْخَبَر كَائِنا من نبأ أَو الْقُرْآن وَمَا بعده حَال وَقد كَانَ هُوَ أَي كَائِن من جنس الْمَطَر أَو قصد بِهِ الْحِكَايَة كَأَنَّهُ سُئِلَ هَل كَانَ من مطر فَأُجِيب على نمطه وَأَنه من أَشد النَّاس أَي الشَّأْن وَقس عَلَيْهِ (تَنْبِيه) شَرط ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي أَن تكون المزيدة فِيهِ أَيْضا فَاعِلا أَو مَفْعُولا بِهِ أَو مُبْتَدأ كَمَا مثلت قَالَ وأهمل أَكْثَرهم هَذَا الشَّرْط فيلزمهم زيادتها فِي الْخَبَر والتمييز وَالْحَال المنفيات وهم لَا يجيزون ذَلِك انْتهى وَقد سبقه إِلَى مَعْنَاهُ الرضي الشاطبي نقلا عَن ابْن أبي الرّبيع وَغَيره وتفيد إِذا زيدت فِي الْحَالة الْمَذْكُورَة توكيدا وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان الْأَخْفَش الصَّغِير ابْتِدَاء للغاية قَالَ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ النَّفْي من هَذَا النَّوْع ثمَّ عرض أَن يقْتَصر بِهِ عَلَيْهِ وتنفرد من (بجر بله) كَحَدِيث البُخَارِيّ: (عَن أبي هُرَيْرَة يَقُول الله أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر ذخْرا من بله مَا اطلعتم عَليّ) وَالْمَعْرُوف نَصبه أَو فَتحه كَمَا تقدم على أَن فِي بعض طرق الحَدِيث (من بله) بِفَتْح الْهَاء مَبْنِيَّة (وجر عِنْد) نَحْو ( {رَحْمَة من عندنَا} [الْكَهْف: 65] قَالَ الحريري وَغَيره وَقَول الْعَامَّة ذهبت إِلَى عِنْده وَقَول بعض المريدين: 1132 - (كل عندٍ لَك عِنْدِي ... لَا يُسَاوِي نِصْفَ عِنْدِي) لحن

(و) يجر (مَعَ) قرئَ {هَذَا ذكر من معي} [الْأَنْبِيَاء: 24] وَحكي سيبيوه ذهبت من مَعَه (و) يجر لدن نَحْو {وَحَنَانًا من لدنا} [مَرْيَم: 13] (و) يجر قبل وَبعد نَحْو {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد} [الرّوم: 4] (و) يجر (عَن وعَلى) كَقَوْلِه: 1133 - (مِنْ عَن يَمِيني مرّةً وأمامي ... ) وَقَوله: 1134 - (مِنْ عَلَيْهِ بَعدما تَمَّ ظِمْؤُها ... ) وهما اسمان حِينَئِذٍ بمعني جَانب وَفَوق مبنيان على الْأَصَح وَبِه جزم ابْن الْحَاجِب قَالَ لحُصُول مُقْتَضى الْبناء وَهُوَ مشابهة الْحَرْف فِي لَفظه وأصل مَعْنَاهُ وَنقل أَبُو حَيَّان عَن بعض أشياخه أَنَّهُمَا معربان وَلَا يُنَافِي فِي رجحته هُنَا مَا سبق تَرْجِيحه من إعرابها على القَوْل باسميتها لعدم الْعلَّة هُنَاكَ إِذْ لَا حرف حِينَئِذٍ بمعناها تشبه بِهِ وَلذَا حُكيَ بَعضهم الِاتِّفَاق على إعرابها حِينَئِذٍ مَعَ حِكَايَة الْخلاف هُنَا وَقَالَ الكوفية حرفان بقيا على حرفيتهما قَالُوا أَيْضا وَتدْخل من (على كل) حرف (جَار إِلَّا من وَاللَّام وَالْبَاء وَفِي وَسمع جر عَن بلعى) فِي بَيت وَاحِد وَهُوَ قَوْله:

1135 - (على عَن يَمِيني مرَّت الطّيرُ سُنّحاً ... ) وَالأَصَح أَنَّهَا أَي من (فِي قبل وَبعد) ابتدائية وَهُوَ قَول الْجُمْهُور وَاسْتشْكل بِأَنَّهَا لَا ترد عِنْدهم للزمان وَأجِيب بِأَنَّهُمَا غير متأصلين فِي الظَّرْفِيَّة وَإِنَّمَا هما فِي الأَصْل صفتان للزمان إِذْ أصل جِئْت قبلك جِئْت زَمَانا قبل زمن مجيئك فَجعل ذَلِك فيهمَا وَقَالَ ابْن مَالك وَجَمَاعَة هِيَ فيهمَا زَائِدَة بِنَاء على مَا اخْتَارَهُ من زيادتها فِي الْإِيجَاب (و) الْأَصَح أَنَّهَا (فِي فعل) التَّفْضِيل ابتدائية وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ فَفِي نَحْو زيد أفضل من عَمْرو لابتداء الِارْتفَاع وَشر مِنْهُ لابتداء الانحطاط إِذْ لَا يَقع بعْدهَا (إِلَى) وَقَالَ ابْن مَالك وَابْن ولاد للمجاوزة وَكَأَنَّهُ قيل جَاوز زيد عمرا فِي الْفضل أَو الشَّرّ أَي ابْتِدَاء التَّفْضِيل مِنْهُ قَالَ ابْن هِشَام وَلَو صَحَّ ذَلِك لوقع موضعهَا (عَن) قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْكَشَّاف وَالطِّيبِي فِي حَاشِيَته وَترد من اسْما مَفْعُولا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم} [الْبَقَرَة: 22] أعرب من مَفْعُولا لأخرج وَرِزْقًا مَفْعُولا لأَجله قَالَ وَكَذَا حَيْثُ كَانَت للتَّبْعِيض فَهِيَ فِي مَوضِع الْمَفْعُول بِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ وَإِذا قدرت (من) مَفْعُولا كَانَت اسْما ك (عَن) فِي قَوْله من عَن يَمِينه

مسألة

(تَنْبِيه) ترد (إِلَى) أَيْضا اسْما بِمَعْنى النِّعْمَة وَجمعه الآلاء و (فِي) اسْما بِمَعْنى (الْفَم) مجرورا و (كي) اسْما مُخْتَصرا من (كَيفَ) كَمَا قيل فِي سَوف سو وَمَتى اسْما بِمَعْنى وسط كَمَا تقدم وَمَرَّتْ أحرف فِي مَبْحَث الِاسْتِثْنَاء وَهِي بيد وحاشا وخلا وَعدا وبله (و) فِي الظروف وَهِي مذ ومنذ وَمَعَ على خلف وتفصيل فأغني عَن إِعَادَتهَا هُنَا مَسْأَلَة مسالة لَا يحذف الْجَار وَيبقى عمله اخْتِيَارا وَإِن وَقع فضرورة كَقَوْلِه: 1136 - ... ) إِذا قيل أيُّ النّاس شَرّ قَبيلَة ... أشَارَتْ كُلَيْبٍ بالأكُفِّ الأصابعْ) وَقَوله: 1137 - (وكريمةٍ مِنْ آل قَيس أَلَفْتُه ... حَتَّى تَبذَّخ فارْتقى الْأَعْلَام) أَي إِلَى كُلَيْب وَفِي الْأَعْلَام أَو نَادِر لَا يُقَاس عَليّ كَحَدِيث البُخَارِيّ: (صَلَاة الرجل فِي جمَاعَة تضعف على صلَاته فِي بَيته وسوقه خمس وَعشْرين ضعفا) أَي بِخمْس (إِلَّا مَعَ كم) كَمَا تقدم فِي مَبْحَث التَّمْيِيز (أَو رب بعد) الْفَاء و (الْوَاو العاطفة كثيرا) جدا حَتَّى قَالَ أَبُو حَيَّان لَا يحْتَاج إِلَى مِثَال فَإِن دواوين الْعَرَب ملأى مِنْهُ والتأويل قَلِيل: كَقَوْلِه:

1138 - (فمثِلكِ حُبْلَى قد طرقْتُ ومرضع ... ) 1139 - (بَلْ بَلَدٍ مِلْءُ الفِجاج قَتَمُهْ) (وَقيل الْجَرّ بِالثَّلَاثَةِ) أَي الْوَاو وَالْفَاء وبل أما الأول فقاله الْمبرد والكوفية قَالُوا وَلَا تنكر أَن يكون للحرف الْوَاحِد معَان وَيدل لذَلِك مجيئها فِي أول القصائد كَقَوْل رؤبة: 1140 - (وقاتِم الأعْمَاق خَاوي المُخْتَرَقَنْ ... ) فَلَيْسَتْ عاطفة ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت بِمَنْزِلَة (رب) وَلَيْسَت عاطفة لدخل عَلَيْهَا وَاو الْعَطف كَمَا يدْخل على رب وَلَا يُقَال كَرهُوا اتِّفَاق اللَّفْظَيْنِ لأَنهم

أدخلوها على وَاو الْقسم وَأما الِابْتِدَاء بهَا فِي القصائد لِإِمْكَان عطفه على مَا فِي خاطره مِمَّا يُنَاسب مَا عطف عَلَيْهِ بِدَلِيل قَول زُهَيْر أول قصيدة: 1141 - (دع ذَا وعدّ الْقَوْل فِي هَرم ... ) فَأَشَارَ ب (ذَا) إِلَى مَا فِي نَفسه وَأما حِكَايَة الْخلاف فِي التَّأْوِيل فقد وَقع فِي الْمُغنِي لِابْنِ هِشَام نقلا عَن الْمبرد فِي (الْفَاء) وَعَن بَعضهم فِي (بل) وَفِي الارتشاف نقلا عَن بَعضهم فيهمَا لَكِن ابْن مَالك وَابْن عُصْفُور وَغَيرهمَا قَالُوا لَا خلاف فِي أَن الْجَرّ فيهمَا بِرَبّ محذوفة لَا بهما وَأقرهُ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل وَادّعى الرضي أَن الْجَرّ بِرَبّ محذوفة بعد الثَّلَاثَة خَاص بالشعر (قيل) وتجر رب محذوفة بعد (ثمَّ) أَيْضا نَقله أَبُو حَيَّان عَن صَاحب الْكَافِي قَالَ وَسبب ذَلِك أَن هَذِه الأحرف من حُرُوف الْعَطف جَامِعَة فِي الْمَعْنى وَاللَّفْظ وَمَا عَداهَا إِنَّمَا يجمع فِي اللَّفْظ (و) الْجَرّ بهَا محذوفة (دونهَا) أَي دون الْحُرُوف الْمَذْكُورَة (أقل) كَقَوْلِه: 1142 - (رسم دَار وقَفْتُ فِي طَلَلِهْ ... كِدْتُ أقضِي الحياةَ من جَلَلِهْ) قَالَ ابْن مَالك أَو غَيرهَا أَي غير رب قد تجر محذوفا فِي جَوَاب مَا يضمر مثله كزيد فِي جَوَاب من قَالَ بِمن مَرَرْت وبل زيد لمن قَالَ مَا مَرَرْت بِأحد وَمِنْه حَدِيث (أقربهم مِنْك بَابا) لمن قَالَ (فَإلَى أَيهمَا أهدي) أَو فِي مَعْطُوف عَلَيْهِ أَي على مَا تضمنه بِحرف مُتَّصِل نَحْو فِي الدَّار زيد وَالْقصر عَمْرو أَي وَفِي الْقصر وَمِنْه {وَفِي خَلقكُم وَمَا يبث من دَابَّة آيَات لقوم يوقنون وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار} [الجاثية: 4، 5] الْآيَة أَو مُنْفَصِلا بِلَا كَقَوْلِه:

1143 - (مَا لِمُحبِّ جَلَدٌ أنْ يَهْجُرَا ... وَلَا حَبيبٍ رَأفَةٌ فَيَجْبُرا) (أَو لَو) كَقَوْلِه: 1144 - (مَتى عُذْتُمُ بِنَا وَلَو فئةٍ مِنّا ... ) وَإِن كَانَ الْمُعْتَاد فِي مثل هَذَا النصب كَقَوْلِهِم آتني بِدَابَّة وَلَو حمارا (أَو) فِي مقرون بعده أَي بعد مَا تضمنته بِالْهَمْزَةِ نَحْو أَزِيد بن عَمْرو فِي جَوَاب مَرَرْت بزيد (أَو هلا) نَحْو هلا دِينَار فِي جَوَاب جِئْت بدرهم حَكَاهُمَا الْأَخْفَش أَو إِذا وَالْفَاء الجزائيتين نَحْو مَرَرْت بِرَجُل صَالح إِلَّا صَالح فطالح حَكَاهُ يُونُس أَي إِلَّا أَمر بِصَالح فقد مَرَرْت بطالح وَفِي الصَّحِيح (من كَانَ عِنْده طَعَام اثْنَيْنِ فليذهب بثالث وَإِن أَرْبَعَة فخامس أَو سادس) قَالَ فِي التسهيل وَيُقَاس على جَمِيعهَا خلافًا للفراء فِي الصُّورَة الأولى لقَوْل الْعَرَب خير بِالْجَرِّ لمن قَالَ كَيفَ أَصبَحت بِحَذْف الْبَاء وَبَقَاء عَملهَا لِأَن معنى كَيفَ بِأَيّ حَال فَجعلُوا معنى الْحَرْف دَلِيلا فَلَو لفظ بِهِ لكَانَتْ الدّلَالَة أقوى وَجَوَاز الْجَرّ أولي قَالَ أَبُو حَيَّان وَيَنْبَغِي أَن يثبت فِي جَوَاز هَذِه الصُّور لِأَن أَصْحَابنَا نصوا على أَنه لَا يجوز حذف الْجَار وإبقاء عمله إِلَّا إِذا عوض مِنْهُ وَذَلِكَ فِي بَاب كم وَالْقسم وَجعلُوا قَول الْعَرَب (خير) من الشاذ الَّذِي لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقد صرح صَاحب الْبَسِيط بِوُجُوب إِعَادَة الْجَار بعد الْهمزَة فَيُقَال أبزيد فِي جَوَاب مَرَرْت بزيد انْتهى

فصل الجار من المجرور وتأخيره عنه

وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ أَو الْبَاء (تَنْبِيه) قَالَت الْعَرَب (لاه أَبوك) يُرِيدُونَ لله أَبوك قَالَ سِيبَوَيْهٍ حذف لَام الْجَرّ وأل وَهُوَ شَاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ ثمَّ قَالُوا لهي أَبوك قلبوا وأبدلوا من الْألف يَاء وَهُوَ مَبْنِيّ لتَضَمّنه معنى لَام الْجَرّ المحذوفة كَمَا بني أمس لتَضَمّنه معنى لَام التَّعْرِيف على الْفَتْح لخفته على الْيَاء وَقَالَ ابْن ولاد بل أَصله إِلَه أَبوك حذفت الْهمزَة ثمَّ قَالُوا لهي بِالْقَلْبِ تَشْبِيها للألف الزَّائِدَة بالأصلية وَقَالَ الْمبرد المحذوفة لَام التَّعْرِيف وَلَام الأَصْل والباقية لَام الْجَرّ قَالَ لِأَن حرف الْجَرّ لمعني وَعلة وحذفه وإبقاء عمله شَاذ فَالْحكم بِحَذْف غَيره أولى أما لَام التَّعْرِيف فَوَاضِح إِذْ لَا معنى لَهَا هُنَا لصيرورة الْكَلِمَة علما فَلم يفْتَقر إِلَيْهَا وَأما لَام الأَصْل فقد عهد حذف بعض الْأُصُول تَخْفِيفًا ك (يَد) و (دم) فصل الْجَار من الْمَجْرُور وتأخيره عَنهُ (وفصله) أَي الْجَار (من مجروره وتأخيره عَنهُ) كِلَاهُمَا ضَرُورَة أما الأول فَيكون بظرف كَقَوْلِه: 1145 - (إنَّ عَمْرًا لَا خَيْر فِي الْيَوْمَ عَمْرٍ و ... ) وبجار ومجرور كَقَوْلِه: 1146 - (رُبَّ فِي النَّاس مُوسِر كعديم ... وعديم يخال ذَا أَيْسَار) ومفعول كَقَوْلِه:

اتصال ما بحرف الجر

1147 - (وأقطع بالخرْقَ الهَبُوع المُراجم ... ) أَي وأقطع الْخرق بالهبوع وَسمع فِي النثر بقسم حُكيَ الْكسَائي اشْتَرَيْته بوالله دِرْهَم وقاسه تِلْمِيذه عَليّ بن الْمُبَارك الْأَحْمَر فِي رب نَحْو رب وَالله رجل عَالم لَقيته قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يبعد ذَلِك إِلَّا أَن الِاحْتِيَاط أَلا يقدم عَلَيْهِ إِلَّا بِسَمَاع وَأما الثَّانِي ... وَقيل يجوز فصل رب بقسم قَالَه عَليّ بن الْمُبَارك الْأَحْمَر نَحْو رب وَالله رجل صَالح صحبته وَالأَصَح الْمَنْع اتِّصَال مَا بِحرف الْجَرّ مَسْأَلَة فِي اتِّصَال (مَا) بِحرف الْجَرّ تزاد (مَا) بعد (عَن) فَلَا تكف أصلا كَقَوْلِه تَعَالَى: {عَمَّا قَلِيل ليصبحن نادمين} [الْمُؤْمِنُونَ: 40] وَقَول الشَّاعِر: 1148 - (وأَعْلَمُ أنني عمّا قريبٍ ... ) (و) بعد الْيَاء وَمن فيكفان بقلة ويليهما حِينَئِذٍ الْفِعْل كَقَوْلِه:

1149 - (فَلَئِنْ صِرْتَ لَا تَحِيرُ جَواباً ... لَبَما قد تَرَى وَأَنت خَطِيبُ) وَقَوله: 1150 - (وإِنَّا لَمِمّا نَضْرب الكبْشَ ضَرْبةً ... ) وَالْأَكْثَر عدم الْكَفّ قَالَ تَعَالَى: {فبمَا رَحْمَة من الله} [آل عمرَان: 159] {فبمَا نقضهم ميثاقهم} [النِّسَاء: 155] {مِمَّا خطيئاتهم أغرقوا} [نوح: 25] وَمَسْأَلَة كف من بقلة ذكرهَا ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَلم يذكر ذَلِك ابْن مَالك فِي التسهيل وَلَا أَبُو حَيَّان بل سويا بَينهمَا وَبَين (عَن) نعم فِي (سبك المنظوم) لِابْنِ مَالك وتقترن مَا بِالْبَاء وَالْكَاف فتكفهن وتفيدان مَعَ مَا تقليلا كربما ذكره ابْن مَالك فِي التسهيل فِي الْبَاء وَقَالَ فَمَعْنَى لبما قد تري وَأَنت خطيب رُبمَا اري والسيرافي وَغَيره فِي من وَجزم بِهِ فِي سبك المنظوم وَأنْكرهُ أَبُو حَيَّان أَي إفادتهما التقليل حِينَئِذٍ وَقَالَ مَا ورد من ذَلِك مؤول (و) تزاد (مَا) بعد رب فالغالب الْكَفّ وإيلاؤها حِينَئِذٍ الْمَاضِي لِأَن التكثير والتقليل إِنَّمَا يكون فِيمَا عرف حَده والمستقبل مَجْهُول قَالَ: 1151 - (رُبّما أوْفَيتُ فِي عَلَم ... تَرْفَعَنْ ثَوْبي شَمَالاتُ)

وَقد يَليهَا الْمُضَارع نَحْو {رُبمَا يود} [الْحجر: 2] وَقد يَليهَا الْجُمْلَة الاسمية نَحْو: 1152 - (رُبّما الجامل المؤبّل فيهم ... ) وَقد لَا يكف نَحْو: 1153 - (رُبّما ضَرْبةٍ بسَيفٍ صقيل ... ) وَقيل يتَعَيَّن بعْدهَا الفعلية إِذا كفت قَالَ الْفَارِسِي وَأول الْبَيْت على أَن (مَا) نكرَة مَوْصُوفَة بجملة حذف مبتدؤها أَي رب شَيْء هُوَ الجامل وَقد لَا يحذف الْفِعْل بعْدهَا كَقَوْلِه: 1154 - (فَذَلِك إنْ يَلْق المنيّية يَلْقَها ... حميدا وَإِن يسْتَغْن يَوْمًا فربّما) (و) قد تلْحق التَّاء بهَا وَلَا تكف كَقَوْلِه: 1155 - (مأويّ يَا رُبّتَما غارةٍ ... ) (و) تزداد (مَا) بعد (الْكَاف فتكف) غَالِبا ويليها حِينَئِذٍ الْجمل الاسمية والفعلية كَمَا صرح بِهِ فِي الارتشاف نقلا عَن النِّهَايَة كَقَوْلِه:

1156 - (أَخ ماجدٌ لم يُخْزني يَوْمَ مَشْهدٍ ... كَمَا سيفُ عَمْرو لم تَخُنْهُ مضاربُهْ) وَقَوله: 1157 - (ألم تَرَ أَن البَغْلَ يتبعُ إلْفَه ... كَمَا عامِرٌ واللؤمُ مؤتِلفَان) وَقد لَا يكف كَقَوْلِه: 1158 - (وننصر مَوْلَانَا ونَعْلَمُ أنّهُ ... كَمَا النَّاس مَجْرومٌ عَلَيْهِ وجارم) وَقَوله: 1159 - (لَا تَشْتُم النّاسَ كَمَا لَا تُشْتَمُ ... ) وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا يكف أصلا وَأول الأبيات الْوَارِدَة فِي ذَلِك على أَن (مَا) مَصْدَرِيَّة منسبكة من الْجُمْلَة بعْدهَا بمصدر بِنَاء على جَوَاز وَصلهَا بالاسمية وَمحله حِينَئِذٍ جر

حروف القسم

حُرُوف الْقسم حُرُوف الْقسم الجارة أَي هَذَا مبحثها وأفردت بترجمة لاخْتِصَاص الْقسم بِأَحْكَام وفروع بَاء الْقسم أَحدهَا الْبَاء وَهِي الأَصْل أَي أصل أحرفه وَإِن كَانَت الْوَاو أَكثر اسْتِعْمَالا مِنْهَا لِأَنَّهَا للإلصاق فَهِيَ تلصق فعل الْقسم بالمقسم بِهِ وَمن ثمَّ أَي من هُنَا وَهُوَ كَون الْبَاء الأَصْل اخْتصَّ بهَا الطّلب والاستعطاف فَلَا يقسم فيهمَا بغَيْرهَا نَحْو بِاللَّه أَخْبرنِي وَبِاللَّهِ هَل قَامَ زيد أَي أَسأَلك بِاللَّه مستحلفا وَجَاز إِظْهَار الْفِعْل أَي فعل الْقسم مَعهَا نَحْو {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} [النُّور: 53] كَمَا يجوز إضماره نَحْو: {فبعزتك لأغوينهم} [ص: 82] بِخِلَاف غَيرهَا (و) جَازَ حذفهَا لَا غَيرهَا من أحرفه فينصف تَالِيهَا بإضمار فعل الْقسم قَالَ ابْن خروف وَابْن عُصْفُور أَو فعل آخر ك (الزم) وَنَحْوه وَيرْفَع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف وَرُوِيَ بهما قَوْله: 1160 - (فَقلت يمينُ اللهِ أبْرَحُ قَاعِداً ... ) وَلَا تجر خلافًا لمن جوز الْجَرّ بالحرف الْمَحْذُوف وهم الْكُوفِيُّونَ وَبَعض الْبَصرِيين أَو منع النصب إِلَّا فِي حرفين قَضَاء الله وكعبة الله وَهُوَ بعض أَئِمَّة

الْكُوفِيّين قَالَ لِأَن فعل الْقسم لَا يعْمل ظَاهرا إِلَّا بِحرف فيكف يكون مضمرا أقوى مِنْهُ مظْهرا وَأجِيب باتساعهم فِي هَذَا الْبَاب كثيرا أما الحرفان الْمَذْكُورَان فجوز نصبهما وَأنْشد: 1161 - (لَا كَعْبَةَ الله مَا هَجَرْتُكُم ... إلاّ وَفِي النَّفس مِنْكُمُ أرَبُ) فَإِن كَانَ الْمقسم بِهِ الله وَعوض عَن حذف الْبَاء هَاء محذوفة الْألف لالتقاء الساكنين أَو ثَابِتَة لِأَن الثَّانِي مشدد فَنزل منزلَة دَابَّة مَعَ وصل أَلفه وقطعها نَحْو هَا الله هَا ألله هألله هالله أَو عوض همزَة ممدودة مَفْتُوحَة نَحْو آللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ قَالَ أَبُو حَيَّان وأصحابنا يعبرون عَن هَذِه الْهمزَة بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وَلَيْسَ استفهاما حَقِيقَة وَقَالَ الرضي بل هُوَ اسْتِفْهَام حَقِيقِيّ وَقد يكون إنكارا أَو لم يعوض وَلَكِن قطع أَلفه نَحْو الله لَأَفْعَلَنَّ جر ويقل الْجَرّ فِيهِ بِدُونِهِ أَي التعويض حكى سِيبَوَيْهٍ (آللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ) وَحكى غَيره (كلا الله لأخْرجَن) وأنشدوا: 1162 - (أَلا رُبَّ مَنْ تَغْتَشُّه لَك نَاصح ... ) وَإِنَّمَا جَازَ ذَلِك فِي هَذَا اللَّفْظ فَقَط لِأَن اسْتِعْمَاله فِي الْقسم أَكثر من غَيره وَلِهَذَا لحقه أَنْوَاع من التَّغْيِير قَالُوا (وَله لَا أفعل) وَهل هُوَ أَي الْجَرّ حَال التعويض بِالْعِوَضِ أَي بِالْعِوَضِ من الْهمزَة أَو (هَا) (أَو) بالحرف الْمَحْذُوف مِنْهُ فالأخفش وَجَمَاعَة من الْمُحَقِّقين على الأول فِي شرح الكافية وَهُوَ قوي لِأَنَّهُ شَبيه بتعويض الْوَاو من الْبَاء وَالتَّاء من الْوَاو وَلَا خلاف فِي كَون الْجَرّ بهما فَكَذَا يَنْبَغِي فِي هَا والهمزة وَصحح فِي التسهيل وَشَرحه الثَّانِي وَإِن

تاء القسم

كَانَ لَا يلفظ بِهِ كَمَا كَانَ النصب بعد الْفَاء وَالْوَاو وَاو وكي وَاللَّام بِأَن المحذوفة وَإِن كَانَت لَازِمَة الْحَذف وَعَزاهُ فِي الْبَسِيط إِلَى الْكُوفِيّين وَمُقْتَضى كَلَام شرح الكافية تَضْعِيفه وَلم يُصَرح أَبُو حَيَّان بترجيح وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ أَو عوض غَيره أَي غير لفظ (الله) شَيْئا مِمَّا ذكر نصب حتما نَحْو الْعَزِيز لَأَفْعَلَنَّ بِهِ تَاء الْقسم الثَّانِي أَي ثَانِي حُرُوف الْقسم (التَّاء وتختص بِاللَّه) نَحْو: {تالله تفتؤا} [يُوسُف: 85] فَلَا تجر غَيره لَا ظَاهرا وَلَا مضمرا لفرعيتها وشذت فِي الرَّحْمَن وَرب الْكَعْبَة وربي وحياتك سمع تالرحمن وترب الْكَعْبَة وتربي وتحياتك لَام الْقسم الثَّالِث أَي الثَّالِث من حُرُوف الْقسم (اللَّام يكون لما فِيهِ معنى التَّعَجُّب) وَغَيره كَقَوْلِهِم لله لَا يُؤَخر الْأَجَل أَي تالله وَقَوله: 1163 - (لله يبْقى على الْأَيَّام ذُو حيد) وَاو الْقسم الرَّابِع أَي الرَّابِع من حُرُوف الْقسم (الْوَاو وتختص) بِالظَّاهِرِ فَلَا تجر ضميرا بِخِلَاف الْبَاء قَالَ (بك رب أقسم لَا بغيرك) وَلَا يظْهر مَعهَا الْفِعْل أَي فعل الْقسم بل يضمر وجوبا نَحْو: {وَالْقُرْآن الْحَكِيم} [يس: 2ٍ] {وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين} [الْأَنْعَام: 23] خلافًا لِابْنِ كيسَان من تجويزه إِظْهَار

الْفِعْل مَعَ الْوَاو فَيُقَال حَلَفت وَالله لأقومن قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يحفظ ذَلِك فَإِن جَاءَ فمؤول على أَن حَلَفت كَلَام تَامّ ثمَّ أُتِي بعده بالقسم وَلَا يَجْعَل وَالله مُتَعَلقَة بحلفت (وَلَا) يظْهر الْفِعْل أَيْضا (مَعَ التَّاء وَاللَّام) بِلَا خلاف بل يجب إضماره كَمَا تقدم (وَهل هِيَ) أَو الْوَاو (العاطفة أَو بدل من الْبَاء أَو التَّاء) بدل مِنْهَا خلاف فَجزم الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن مَالك فِي شرحي الكافية والتسهيل وَنَقله أَبُو حَيَّان عَن الْجُمْهُور بِأَنَّهَا بدل من الْبَاء لتقارب مَعْنَاهُمَا لِأَن الْوَاو جمع وَالْبَاء للإلصاق وَهُوَ جمع فِي المعني وَلِأَنَّهُمَا من حُرُوف مقدم الْفَم وَأَن التَّاء بدل من الْوَاو كَمَا أبدلت مِنْهَا فِي نَحْو اتَّصل واتصف وتراث وتجاه وَقَالَ السُّهيْلي وَغَيره بل الْوَاو هِيَ العاطفة كواو (رب) عطفت على مُقَدّر ويقويه أَنَّهَا لَا تدخل على مُضْمر وَكَذَلِكَ العاطفة وَأَنَّهَا لَو كَانَت بَدَلا من الْبَاء لم يختلفا فِي الْحَرَكَة كَمَا لم تخْتَلف حَرَكَة الْهمزَة المبدلة من الْوَاو فِي إشاح ووشاح وَأَنَّهَا لم تُوجد قطّ بَدَلا مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيست من مخرجها وَلما بَينهمَا من المضادة إِذْ فِي الْوَاو لين وَفِي الْبَاء شدَّة قَالَ ويضعف عِنْدِي أَن تكون التَّاء بَدَلا من الْوَاو لما فِيهَا من معنى الْعَطف وَلَيْسَ ذَلِك فِي التَّاء وَلِأَن التَّاء إِنَّمَا أبدلت مِنْهَا حَيْثُ كثرت زيادتها فِي تصاريف الْكَلِمَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يقوم دَلِيل على صِحَة شَيْء من هَذِه الْمذَاهب وَلَو كَانَ أَصْلهَا الْعَطف لم يدْخل عَلَيْهَا وَاو الْعَطف فِي قَوْله: 1164 - (أرقْتُ وَلم تَهْجَع لعَيْنِي هَجْعَةٌ ... وَوَاللَّه مَا دهري بعُسْر وَلَا سَقَمْ) قَالَ وَمِمَّنْ ذهب إِلَى أَن التَّاء حرف مُسْتَقل غير بدل من الْوَاو قطرب وَغَيره

أيمن

أَيمن الْخَامِس أَي الْخَامِس من حُرُوف الْقسم (أَيمن) بِفَتْح الْهمزَة وَضم الْمِيم وَيُقَال فِيهِ (إيمن) بالكسرة فالضم (وأيمن) بفتحهما (وإيمن) بِالْكَسْرِ فالفتح (وإيم) بِالْكَسْرِ وَالضَّم لُغَة لسليم (وأيم) بِالْفَتْح وَالضَّم لُغَة لتميم (وإيم) بكسرتين (وهيم) بِفَتْح الْهَاء مبدلة من الْهمزَة وَالضَّم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي أغرب لغاتها (وإيم) بكسرتين (وَأم) بِفتْحَتَيْنِ (وَأم) بِالْفَتْح وَالضَّم (وَأم) بِالْفَتْح وَالْكَسْر (وإم) بِالْكَسْرِ وَالضَّم لُغَة أهل الْيَمَامَة (وإم) بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح (وَمن مثلث الحرفين) أَي الْمِيم وَالنُّون أَي بفتحهما وكسرهما وضمهما (وم مثلثا) حكى الْفَتْح الْهَرَوِيّ وَالْكَسْر وَالضَّم الْكسَائي والأخفش وَأَن رجلا من بني العنبر سُئِلَ مَا الدهدران فَقَالَ م رَبِّي الْبَاطِل فَهَذِهِ عشرُون لُغَة حكى ابْن مَالك مِنْهَا بضع عشرَة وَالسَّبَب فِي كَثْرَة تصرفهم فِيهَا كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَالأَصَح أَنه اسْم وَقَالَ الرماني والزجاج هُوَ حرف جر قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ خلاف شَاذ وَثَالِثهَا من وم بلغاتهما حرفان وليسا بَقِيَّة (أَيمن) وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي كِتَابه سبك المنظوم لِأَنَّهُمَا لَو كَانَا مِنْهَا لم يستعملا إِلَّا مَعَ الله كأعين وَقد استعملتا مَعَ غَيره حكى من رَبِّي لَأَفْعَلَنَّ وَلِأَن الِاسْم المعرب لَا يجوز حذفه حَتَّى يبْقى على حرف وَاحِد ورد بِأَن كَثْرَة تصرفهم فِيهَا اقْتضى ذَلِك وَهُوَ أولى من إِثْبَات حرف جر لم يسْتَقرّ فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع (و) الْأَصَح أَن همزَة وصل بِدَلِيل سُقُوطهَا بعد متحرك كَقَوْلِه: 11650 (فَقَالَ فريقُ الْقَوْم لَا وفريقُهم ... نَعْم وفريقٌ لَيْمُنُ اللهِ لَا نَدْري) وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ قطع بِنَاء على أَنه عِنْدهم جمع يَمِين وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهَا مَفْتُوحَة وَلَا تكون همزَة وصل مَفْتُوحَة وإبدالها هَاء فِي بعض اللُّغَات وَأَجَابُوا عَن حذفهَا فِي الدرج بِأَنَّهُ تَخْفيف لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَا تبدل من الْوَصْل

وَثَالِثهَا همز (أيم قطع) بِخِلَاف (أَيمن) حكى عَن الْأَخْفَش قَالَ همزَة أَيمن قد علمت أَنَّهَا وصل وَلَا أحمل عَلَيْهَا (أيم) لِأَن همزَة الْوَصْل لَيست مطردَة فِي الْأَسْمَاء (و) الْأَصَح أَنه مُعرب لعدم سَبَب الْبناء قَالَ الْكُوفِيُّونَ مَبْنِيّ لشبهه الْحَرْف فِي عدم التَّصَرُّف إِذْ لم يسْتَعْمل فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع الَّتِي تسْتَعْمل فِيهَا الْأَسْمَاء إِلَّا فِي الِابْتِدَاء خَاصَّة كالحرف وَثَالِثهَا إيم الْمَكْسُورَة مَبْنِيّ وَأَصله السّكُون كسر لالتقاء الساكنين وعَلى الأول هِيَ جَرّه إِعْرَاب بواو قسم مقدرَة وَرَابِعهَا من وم مبنيان لِأَنَّهُمَا على وضع الْحَرْف وحركة الثَّانِي لضَرُورَة الِابْتِدَاء وَالْأول لالتقاء الساكنين فِي الِاسْم بعْدهَا (و) الْأَصَح بِنَاء على الْإِعْرَاب (أَنه لَازم الرّفْع) إِذْ لم يرو عَن الْعَرَب إِلَّا بذلك وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه يجوز جَرّه بواو الْقسم (و) الْأَصَح على الرّفْع أَنه مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي قسمي وَقَالَ ابْن عُصْفُور هُوَ خبر والمحذوف مُبْتَدأ (و) الْأَصَح أَنه مُضَاف (لله والكعبة وَالْكَاف وَالَّذِي) وَالْأول هُوَ الْغَالِب وَالْبَاقِي كَقَوْلِهِم أَيمن الْكَعْبَة وَقَول عُرْوَة بن الزبير أيمنك لَئِن ابْتليت لقد عافيت وَقَوله : (وأيم الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) وَقَالَ الْفَارِسِي لَا يُضَاف إِلَّا إِلَى الله والكعبة وَقَالَ ابْن هِشَام لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى الله فَقَط أما أضافته لغير مَا ذكر فشاذ أنْشد الْكسَائي: 1166 - (لَيْمُنْ أبيهمْ لَبِئْسَ الْعذرَة اعْتَذَرُوا ... ) (و) الْأَصَح (أَنه مُفْرد) وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُوَ جمع يَمِين على أفعل كأفلس لِأَن بِنَاء أفعل لَا يُوجد فِي الْأَسْمَاء مُفردا ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ جمعا للزمت همزته الْفَتْح وَالْقطع وميمه الضَّم ولجاء مَرْفُوعا ومنصوبا

جملة القسم

(و) الْأَصَح على الْإِفْرَاد (أَنه مُشْتَقّ من الْيمن) وَبِه جزم ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَحكي ابْن طَاهِر عَن سِيبَوَيْهٍ أَنه مُشْتَقّ من الْيَمين (و) الْأَصَح (أَن م لَيست بَدَلا عَن الْوَاو وَلَا أَصْلهَا من وَلَا أَيمن) وَقيل هِيَ بدل من الْوَاو كالتاء لِكَوْنِهِمَا شفهيتين ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك للزمت الْفَتْح كالتاء وَبِأَن إِبْدَال التَّاء من الْوَاو مَعْرُوف مطرد كاتصف واتصل وَغير مطرد كتراث وتجاه وَلم تبدل الْمِيم مِنْهَا إِلَّا فِي مَوضِع شَاذ وَهُوَ فَم وَفِيه مَعَ شذوذه خلاف وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ هِيَ من الدَّاخِلَة على رَبِّي حذفت نونها ورده ابْن مَالك بِأَنَّهَا لَو كَانَت لجَاز دُخُولهَا على رَبِّي كالأصل وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَنَّهُ قد سمع ذَلِك كَمَا تقدم وَقيل أَصْلهَا أَيمن حذف مِنْهَا حَتَّى بقيت الْمِيم جملَة الْقسم مَسْأَلَة الْقسم جملَة لفظا كأقسمت بِاللَّه أَو تَقْديرا ك (بِاللَّه) إنشائية كَمَا ذكر أَو خبرية كأشهد لعَمْرو خَارج وَعلمت لزيد قَائِم مُؤَكدَة لخبرية أُخْرَى تالية غير تعجب فَخرج بالمؤكدة لأخرى نَحْو زيد قَائِم زيد قَائِم فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهَا جملَة مُؤَكدَة لَيست أُخْرَى بل هِيَ هِيَ وبالخبرية غَيرهَا فَلَا تقع مقسمًا عَلَيْهَا وبالباقي التعجبية بِنَاء على الصَّحِيح أَنَّهَا خبرية وتتلقى أَي تسْتَقْبل بِمَعْنى تجاب فِي الْإِثْبَات بلام مَفْتُوحَة مَعَ الاسمية والفعلية مَعَ التَّنْفِيس أَو لَا نَحْو: {ثمَّ لنَحْنُ أعلم} [مَرْيَم: 70] {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا} [يُوسُف: 32] {ولسوف يعطيك رَبك} [الضُّحَى: 5] وَالله لسيقوم زيد وَقد تكسر مَعَ الْفِعْل فِي لُغَة نَحْو وَالله لتفعلن ومنعها أَي اللَّام الْفراء مَعَ السِّين لِأَنَّهُ لم يسمع بِخِلَاف (سَوف (وَالْفرق أَن اللَّام كالجزء مِمَّا تدخل عَلَيْهِ فَيُؤَدِّي دُخُولهَا إِلَى توالي أَربع حركات فِيمَا هُوَ

كالكلمة الْوَاحِدَة وَهُوَ مرفوض فِي كَلَامهم وَأجِيب باغتفار ذَلِك كَمَا قَالُوا وَالله لكذب زيد (و) يتلَقَّى أَيْضا فِي الْإِثْبَات (بِأَن) الْمَكْسُورَة مثقلة ومخففة سَوَاء كَانَ فِي خَبَرهَا اللَّام نَحْو: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّآ} [اللَّيْل: 4] {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} [الطارق: 4] أم لَا وَقيل إِن كَانَ فِي خَبَرهَا اللَّام جَازَ تلقيه بِهِ وَإِلَّا فَلَا لَان الْقَصْد بذلك إِفَادَة التَّأْكِيد الَّذِي لأَجله الْقسم وَقيل لَام كي قَالَه الْأَخْفَش وَمثل بقوله: {يحلفُونَ بِاللَّه لكم ليرضوكم} [التَّوْبَة: 62] وَقَول الشَّاعِر: 1168 - (إِذا قَالَ قدْني قلت بِاللَّه حِلْفةً ... لِتُغْنِي عني ذَا إنائك أجمعاً) وَوَافَقَهُ الْفَارِسِي فِي العسكريات وَرجع فِي البصريات والتذكرة وَأجَاب عَن الْآيَة بِأَنَّهُ لم يرد الْقسم بل الْخَبَر فَإِنَّهُم يحلفُونَ بِاللَّه مَا عابوا النَّبِي ليرضوا الْمُؤمنِينَ وَعَن الْبَيْت بِأَنَّهُ كَذَلِك أَي حَلَفت لتغنيني عني أَو بِأَن الْجَواب مَحْذُوف لدلَالَة الْحل أَي لتشربن قيل وبل قَالَه بعض القدماء وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى: {وَالْقُرْآن ذِي الذّكر بل الَّذين كفرُوا} [ص: 1، 2] قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ رَأْي بَاطِل وَالْجَوَاب فِي الْآيَة مَحْذُوف أَو كم أهلكنا وَحذف اللَّام لطول الْفَصْل فِيهِ قيل وَأَن الْمَفْتُوحَة قَالَه ابْن عُصْفُور فِي المقرب وَاسْتدلَّ بقوله: 1168 - (أما وَالله أَن لَو كنت حرًّا ... وَمَا بالحُرّ أَنْت وَلَا الْعَتِيق) ورده ابْن الصَّائِغ وَقَالَ بل جَوَاب الْقسم جَوَاب لَو أَي مَا يكون جوابها لَوْلَا الْقسم قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد رَجَعَ عَن ذَلِك ابْن عُصْفُور

(و) يتلَقَّى (فِي النَّفْي بِمَا وَلَا وَإِن) قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الاسمية والفعلية إِلَّا أَن الاسمية إِذا نفيت بِلَا وَقدم الْخَبَر أَو كَانَ الْمخبر عَنهُ معرفَة لزم تكرارها فِي غير الضَّرُورَة نَحْو وَالله لَا زيد فِي الدَّار وَلَا عَمْرو ولعمري لَا أَنا هاجرك وَلَا مهينك قَالَ أَبُو حَيَّان وَغلط فِي أَن الْجُمْلَة الاسمية لَا تَنْفِي بِلَا قَالَ وَلَا يَنْفِي بهَا أَيْضا الْمَاضِي فَلَا تَقول وَالله لَا قَامَ زيد لَكِن فِي شرح التسهيل والكافية لِابْنِ مَالك أَنه يَنْفِي بهَا كَقَوْلِه: 1169 - (ردُوا فَوالله لَا ذُدْنَاكُمُ أبدا ... ) ومثاله ب (مَا) : {وَلَئِن أتيت الَّذين أُوتُوا الْكتاب بِكُل آيَة مَا تبعوا قبلتك} [الْبَقَرَة: 145] وب (إِن) : {وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد} [فاطر: 41] (قيل وَلنْ وَلم) فِي الفعلية كَقَوْل أبي طَالب: 1170 - (وَالله لن يَصِلوا إِلَيْك بجَمْعِهِم ... ) وَحكى الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ لأعرابي أَلَك بنُون قَالَ نعم وخالقهم لم تقم عَن مثلهم منجبة وَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا سلف لِابْنِ مَالك فِي تجويزه ذَلِك إِلَّا مَا حكى عَن ابْن جني أَنه زعم أَنه يتلَقَّى بهما فِي الضَّرُورَة وَهُوَ غلط من ابْن جني انْتهى فَظَاهره أَنه لَا يجوز عِنْده لَا فِي الضَّرُورَة وَلَا غَيرهَا فَنَشَأَ من ذَلِك قَول مفصل حكيته بِقَوْلِي: وَثَالِثهَا ضَرُورَة وَرَابِعهَا يجوز (بلم دون لن) نَقله أَبُو حَيَّان عَن مُحَمَّد بن خلصة الضَّرِير قَالَ وَلنْ وَإِن كَانَت ك (لَا) فِي نَفسِي الْمُسْتَقْبل إِلَّا أَنَّهَا نفي ل سيفعل فَلَمَّا كَانَت فِي مُقَابلَة السِّين لم يتلق بهَا كالسين

وَعِنْدِي عَكسه وَهُوَ جَوَاز التلقي بلن دون لم لِأَنَّهَا للماضي وَالْقسم بالمستقبل أَجْدَر وَلِأَن الْمِثَال السَّابِق يظْهر فِيهِ الْحمل على الِاسْتِئْنَاف وَتَمام الْكَلَام عِنْد وخالقهم وَالْبَيْت لَا يحْتَملهُ وَمَا قَالَه من إلحاقها بِالسِّين مَرْدُود لِأَن الْحَرْف المتلقى بِهِ جعل لتأكيد الْجُمْلَة الْمقسم عَلَيْهَا وَلَا تَأْكِيد فِي السِّين وَلنْ يُفِيد تَأْكِيد النَّفْي فالتلقي بهَا حسن حِينَئِذٍ (و) يتلَقَّى (فِي الطّلب بِهِ) أَي بِالطَّلَبِ أَدَاة أَو فعلا كَقَوْلِه: 1171 - (برَبّكَ هَل للصّبَ عنْدك رأفة ... ) وَقَوله: 1172 - (بعَيْنَيْك يَا سلْمَى ارْحَمي ذَا صبَابةٍ ... ) وَقَوله: 1173 - (رُقَىَّ بعَمْركُم لَا تَهْجُرينا ... ) (أَو لما) نَحْو: 1174 - (قالَتْ لَهُ بِاللَّه يَا ذَا البُرْدَيْنْ ... لمَّا غَنِثْتَ نفسا أَو اثْنَيْن) (أَو إِلَّا) نَحْو: 1175 - (بِاللَّه ربِّكِ إِلَّا قُلْتِ صادِقةً ... هَل فِي لقائِك لِلمشْغُوف من طَمع)

(أَو إِن وَتلْزم اللَّام مَعَ النُّون) الشَّدِيدَة أَو الْخَفِيفَة فِي مضارع مُسْتَقْبل كَمَا تقدم مِثَاله بِخِلَاف غير الْمُسْتَقْبل كالحال نَحْو وَالله لأظنك صَادِقا وَلَا حَاجَة إِلَى تَقْيِيده بالمثبت كَمَا فِي التسهيل لِأَن اللَّام لَا تدخل غَيره إِلَّا شذوذا كَمَا سَيَأْتِي والاكتفاء بِأَحَدِهِمَا أَي بِاللَّامِ أَو النُّون إِن لم يفصل بَينه وَبَين اللَّام ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1176 - (تألّى ابنُ أوْس حِلْفةً لِيَرُدَّني ... ) وَقَوله: 1177 - (وقتيل مُرَّةَ أثأَرنَّ فإنّه ... ) خلافًا لأبي عَليّ الْفَارِسِي والكوفية فِي تجويزهم ذَلِك فِي الِاخْتِيَار قَالَ أَبُو حَيَّان وَوهم الخضرواوي فَادّعى الْإِجْمَاع على الْمَنْع فَإِن فصل جَازَ وفَاقا إِمَّا بمعمول مقدم نَحْو {وَلَئِن متم أَو قتلتم لإلى الله تحشرون} [آل عمرَان: 158] أَو حرف تَنْفِيس نَحْو {ولسوف يعطيك} [الضُّحَى: 5] و (قد) نَحْو وَالله لقد أقوم غَدا (و) تلْزم (اللَّام مَعَ قد وَلَو مقدرَة فِي مَاض مُثبت غير جامد) نَحْو: {تالله لقد آثرك الله} [يُوسُف: 91] (وَلَو) كَانَ بَعيدا من الْحَال خلافًا لِابْنِ عُصْفُور

فِي مَنْعَة قد حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا للتقريب من زمن الْحَال أما الْمَنْفِيّ فَلَا تدخله اللَّام وَكَذَا الْخَالِي من قد إِذا لم تقدر كَخَبَر إِن الْمَاضِي والجامد لَا يقْتَرن بقد كَقَوْلِه: 1178 - (يَميناً لَنِعْمَ السيِّدان وُجدْتُمَا ... ) (وشذ) دُخُول اللَّام (مَعَ رُبمَا وَبِمَا) فِي الْمَاضِي كَقَوْلِه: 1179 - (لَئِن نَزَحَتْ دارٌ لِلَيْلى لرُبّما ... غَنينا بِخَير والديارُ جَمِيعُ) 1180 - (فلئن بَان أَهله ... بِمَا كَانَ يؤهل) وأوله أَبُو حَيَّان على تَقْدِير فعل بعد اللَّام أَي لبان بِمَا (و) شَذَّ دُخُولهَا (مَعَ مضارع بِأحد الثَّلَاثَة) أَي قد وَرُبمَا وَبِمَا كَقَوْلِه: 1181 - (لَئِن أمست رُبُوعهم يَباباً ... لقد تَدْعُو الوفودُ لَهَا وفُودا) وَقَوله: 1182 - (فلئن تغيّر مَا عَهدْتُ وأصْبَحت ... صَدفتْ فَلَا بَذْلٌ وَلَا مَيْسور) (لَبما يُساعِفُ فِي اللِّقاء وَلِيها ... فَرحٌ بِقرب مَزارها مَسْرُورُ) (و) شَذَّ دُخُولهَا مَعَ (منفي) كَقَوْلِه: 1183 - (أما والّذي لَو شَاءَ لم يَخْلُق النّوَي ... لَئِن غِبْتِ عَن عَيْني لما غِبْتِ عَن قلبِي)

(و) شَذَّ حذفهما أَي اللَّام وَقد من الْمَاضِي ذِي الشُّرُوط (أَو) حذف أَحدهمَا أَي قد فَقَط إِذا لم يقدر أَو اللَّام فَقَط كَقَوْلِه: 11840 (حَلَفت لَهَا بِاللَّه حَلْفة فَاجر ... لنامُوا فَمَا إِن من حَدِيث وَلَا صَال) وَقَوله: 1185 - (تاللَّهِ قدْ علمت قيس إِذْ قذفت ... ) (أَو) حذف اللَّام من الاسمية كَقَوْل أبي بكر وَالله أَنا كنت أظلم مِنْهُ وَقَوْلِي حَيْثُ لَا طول رَاجع إِلَى الاسمية والماضي مَعًا فَإِن كَانَ فِي الْكَلَام طول حسن الْحَذف للام أَو قد أَو هما قَالَ تَعَالَى: {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} [الشَّمْس: 1] إِلَى قَوْله: {قد أَفْلح من زكاها} [الشَّمْس: 9] وَقَالَ: {وَالسَّمَاء ذَات البروج} [البروج: 1] إِلَى قَوْله: {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} [البروج: 4] وَقَالَ الشَّاعِر: 1186 - (ورَبِّ السَّمَوَات العُلى وبروجها ... وَالْأَرْض وَمَا فِيهَا المُقدَّر كَائِنُ) أَو نافيها أَي الاسمية كَقَوْلِه:

1187 - (فوَاللَّه مَا نِلْتم وَلَا نيل مِنْكُم ... بمعتدل وفْق وَلَا مُتقَاربِ) أَرَادَ مَا نلتم فَحذف مَا النافية وَأبقى الموصولة لدلَالَة الْبَاء والعطف عَلَيْهَا ونافي الْمَاضِي كَقَوْلِه: 1188 - (فَإِن شِئُتِ آليتُ بَين المقَام ... والرُّكن وَالْحجر الْأسود) (نَسيتُكِ مَا دَامَ عَقْلي معي ... أمدُّ بِهِ أَمَدَ السّرمَدِ) أَرَادَ لَا نسيتك وَيجوز بِلَا شذوذ حذف لَا النافية مَعَ مضارع لم يُؤَكد بالنُّون نَحْو {تالله تفتؤأ} [يُوسُف: 85] أَي لَا تفتؤ للْعلم بِأَن الْإِثْبَات غير مُرَاد لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُرَاد لجيء بِاللَّامِ وَالنُّون بِخِلَاف الْمُؤَكّد بهَا لِأَنَّهُ يلتبس حِينَئِذٍ بالمثبت لَا (مَا) على الْأَصَح لعدم وُرُوده وَلما فِيهِ من الإلباس إِذا لم يعلم هَل الْقسم على النَّفْي فِي الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وَقيل يجوز حملا على لَا وَتدْخل اللَّام كَأَن كَقَوْل إعرابي مَا هَذِه القنمة وَالله لكأنها على حششة القنمة الرَّائِحَة الرَّديئَة والحششة جمع حش (لَا إِن وَأَن) وَإِذا تقدم الْقسم (على لَو أَو لَوْلَا) وَلم يُؤْت إِلَّا بِجَوَاب وَاحِد فالمحذوف جَوَابه أَو جوابهما خلاف فَنقل أَبُو حَيَّان عَن الْجُمْهُور أَنه جوابهما وَأَن الْمَذْكُور جَوَابه كَمَا إِذا تقدم على أَدَاة الشَّرْط وَإِن لزم أَن يكون مَاضِيا لِأَنَّهُ مغن عَن جوابهما وَنقل عَن مُقْتَضى كَلَام التسهيل فِي الجوازم أَنه جَوَابه وَالْمَذْكُور جوابهما وَقد صرح بذلك فِي الكافية وَعَن مُقْتَضى كَلَامه هُنَا أَنه لَا حذف وَأَن (لَو)

و (لَوْلَا) ومدخولهما جَوَاب الْقسم حَيْثُ قَالَ وتصدر فِي الشَّرْط الِامْتِنَاع ب (لَو) أَو لَوْلَا وَنقل عَن بَعضهم أَنه إِن لم يصلح جَوَابا للقسم بِأَن نفي ب (لم) نَحْو وَالله لَو قَامَ زيد لم يقم عَمْرو أَو ب (مَا) مَعَ اللَّام نَحْو وَالله لَو قَامَ عَمْرو مَا قَامَ زيد تعين جعله للو وَهُوَ تَقْيِيد لمحل الْخلاف لَا قولا آخر وَمن أَمْثِلَة الْمَسْأَلَة قَوْله: 1189 - (واللهِ لَوْلاَ اللهُ مَا اهْتَدَيْنا ... ) وَقَوله: 1190 - (فواللهِ لَو كُنّا شُهوداً وغِبْتُمُ ... إِذن لَملأنَا جَوْفَ جيرَانِهم دَما) أَو توالي شَرط وَقسم وتقدمهما طَالب خبر فَالْجَوَاب للشّرط تقدم أَو تَأَخّر ختما تَفْصِيلًا لَهُ بِلُزُوم الِاسْتِغْنَاء بجوابه عَن جَوَاب الْقسم لِأَن سُقُوطه مخل بِالْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ لمُجَرّد التَّأْكِيد نَحْو زيد وَالله إِن تقم وَزيد إِن يقم وَالله أقِم وَقيل جَوَازًا حَكَاهُ أَبُو حَيَّان فَيُقَال عَلَيْهِ زيد وَالله إِن قَامَ لأقومن وَقيل يجوز رَفعه وحذفهما حَكَاهُ (أَو لَا) أَي لم يتقدمهما طَالب خبر فَالْجَوَاب للسابق فِي الْأَصَح قسما كَانَ أَو شرطا وَجَوَاب الآخر مَحْذُوف نَحْو وَالله إِن قَامَ زيد لأقومن وَإِن يقم وَالله أقِم وَجوز الْفراء وَابْن مَالك جعل الْجَواب للشّرط وَإِن تَأَخّر كَقَوْلِه: 1191 - (لَئِنْ كَانَ مَا حَدِّثتُهُ اليومَ صادِقاً ... أصُمْ فِي نَهَار القيظ للشمس باديًا)

وَجعل ابْن مَالك الْجَواب للقسم الْمُؤخر إِن اقْترن بِالْفَاءِ لدلالته على الِاسْتِئْنَاف كَقَوْلِه: 1192 - (فإمَّا أعِشْ حَتَّى أَدُبُّ على الْعَصَا ... فوَاللَّه أَنْسَى لَيْلتي بالمَسَالِم) ورده أَبُو حَيَّان بِأَن الْقسم مَعَ جَوَابه جَوَاب الشَّرْط وَلذَا اقْترن بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ جَوَاب الْقسم أَو سبق الْقسم وَحده طَالب خبر أَو طَالب صلَة بني على أَيهمَا شِئْت فَإِن بني عَلَيْهِمَا أَي طَالب الْخَبَر أَو الصِّلَة فَجَوَابه مَحْذُوف لدلَالَة الْخَبَر أَو الصِّلَة عَلَيْهَا وَإِلَّا فَهُوَ وَجَوَابه الْخَبَر أَو الصِّلَة نَحْو زيد وَالله يقوم وَجَاءَنِي الَّذِي وَالله يقوم وَزيد وَالله ليقومن وَجَاءَنِي الَّذِي وَالله ليقومن وَحَيْثُ أُغني الْجَواب عَن جَوَاب الشَّرْط لزم كَونه مُسْتَقْبلا لِأَنَّهُ مغن عَن مُسْتَقْبل ودال عَلَيْهِ (و) لزم كَون (فعل الشَّرْط مَاضِيا وَلَو معني) كالمضارع الْمَنْفِيّ بلم غَالِبا لِأَن جَوَاب الشَّرْط لَا يحذف إِلَّا حَيْثُ كَانَ فعله كَذَلِك فَلَا يجوز أَن يُقَال وَالله إِن يقم زيد لأقومن وَلَا وَالله إِن لم يقم لأقومن وَلَا وَالله إِن قَامَ زيد لقمت إِلَّا أَن أوقع الْمَاضِي موقع الْمُسْتَقْبل كَقَوْلِه: {وَلَئِن أرسلنَا ريحًا فرأوه مصفرا لظلوا} [الرّوم: 51] أَي ليظللن وَإِذا كَانَ للمقسم عَلَيْهِ جَوَاب شَرط مُسْتَقْبل مَسْبُوق بقسم ملفوظ أَو مُقَدّر قرنت الأداة الشّرطِيَّة إِن أَو غَيرهَا بِلَا مَفْتُوحَة نَحْو: {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن أَمرتهم ليخرجن} [النُّور: 53] {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} [الْأَحْزَاب: 60] وَهَذِه اللَّام تسمى الموطئة لِأَنَّهَا وطأت الْجَواب للقسم الْمَذْكُور قبلهَا أَي مهدته لَهُ والمؤذنة لِأَنَّهَا آذَنت بِأَن الْجَواب بعْدهَا مَبْنِيّ على قسم قبلهَا لَا على الشَّرْط أَي أعلمت بذلك وَيجوز حذفهَا مَا دَامَ لم يحذف الْقسم فَإِن حذف لم تحذف غَالِبا لتدل عَلَيْهِ وَمن الْقَلِيل: (وَإِنْ لَّمْ

يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ} [الْمَائِدَة: 73] {وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ} [الْأَعْرَاف: 23] قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن كَانَ الْفِعْل الْوَاقِع جَوَابا منفيا (بِلَا) لم يجز أصلا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا دلَالَة فى اللَّفْظ على الْقسم الْمَحْذُوف وَلَا يُوجد فِي كَلَامهم إِن قَامَ زيد لَا يقوم زيد وَمن دُخُولهَا على غير إِن قَوْله: 1193 - (ولَما رُزقْتَ ليأتِيَنّك سَيبُهُ ... ) وَقَوله: 1194 - (لمتَي صَلحْتَ لَيُقْضَيَنْ لَك صالحٌ ... ) قَالَ وَقد شبه بَعضهم (إِذْ) ب (إِن) فَأدْخل عَلَيْهَا هَذِه اللَّام قَالَ: 1195 - (غَضِبَتْ على وَقد شربت بجزَّة ... فلإذْ غَضِبْتِ لأشَرَبَنْ بخَرُوفِ) وَالْجَوَاب المقرون بِمَا أَو إِن الْمُؤَكّدَة أَو اللَّام مَعَ اسْم لَا يقدم مَعْمُول عَلَيْهِ مُطلقًا بِلَا خلاف كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِذا قلت وَالله مَا يقوم زيد الْآن أَو وَالله إِن زيدا قَائِم الْآن أَو وَالله لزيد قَائِم الْآن لم يجز تَقْدِيم الْآن أَو هِيَ أَي اللَّام مَعَ مضارع فَكَذَلِك لَا يجوز التَّقْدِيم مُطلقًا صَححهُ أَبُو حَيَّان وَقيل يجوز مُطلقًا ظرفا كَانَ أَو مَفْعُولا وَهُوَ رَأْي الْفراء وَأبي عُبَيْدَة واستدلا بقوله {فَالْحَقُّ وَالْحَقُّ أَقُولُ لأَمْلأَنَّ} [ص: 84، 85] أَي حَقًا

وَثَالِثهَا يقدم الظّرْف وَالْمَجْرُور دون الْمَفْعُول وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك وَاسْتدلَّ بقوله تَعَالَى: {عَمَّا قَلِيل ليصبحن نادمين} [الْمُؤْمِنُونَ: 40] وَيَقَع الْقسم بَين منفيين توكيدا لنفي الْمَحْلُوف عَلَيْهِ كَقَوْلِه: 1196 - (أَخِلاَّي لَا تَنْسوا مَواثيق بَيْنَنا ... فإنّيَ لَا وَالله مَا زلْتُ ذاكِرا) وَقد يُغني النَّفْي السَّابِق عَن النَّفْي الْمُبَاشر للجواب كَقَوْلِه: 1197 - (فَلَا واللهِ نادَى الحيُّ ضَيْفِي ... ) أَي مَا نَادَى ويغني عَنهُ أَي عَن الْقسم بِأَن يحذف الْجَواب لدَلِيل يدل عَلَيْهِ وَقيل وَعَلِيهِ ابْن مَالك إِن وَقع بعد لقد نَحْو {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} [آل عمرَان: 152] أَو لَئِن نَحْو: {لَئِن أخرجُوا لَا يخرجُون مَعَهم} [الْحَشْر: 12] أَو مصاحبا لإما مَفْتُوحَة ونونا للتوكيد نَحْو: {لأُغَذَّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيدا} [النَّمْل: 21] وَقيل وَعَلِيهِ أَبُو حَيَّان إِن كَانَ الْجَواب بِاللَّامِ أَو إِن الْمُشَدّدَة فَإِن كَانَ بِغَيْرِهِمَا ك (مَا) وَلَا وَإِن فَلَا (و) يُغني عَن الْجَواب بِحَذْف معموله نَحْو {والنازعات} [النازعات: 1] إِلَى قَوْله: {يَوْم ترجف الراجفة} [النازعات: 6] أَي ليبْعَثن وَقسم مَسْبُوق بِحرف جَوَاب نَحْو: {أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بلَى وربنا} [الْأَحْقَاف: 34] وقولك لمن قَالَ أتفعل كَذَا أَي وَالله أَو نعم وَالله أَو أجل وَالله

1198 - (قَالُوا قُهرْتَ فقلْتُ جَيْر لَيْعْلَمَنْ ... عمّا قَلِيل أيُّنا المقهورُ) كسرا أَي مكسورا بِنَاء لالتقاء الساكنين وبفتح تَخْفِيفًا ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ اسْما لدُخُول التَّنْوِين عَلَيْهَا فِي قَوْله: 1199 - (وقائلةٍ أسِيتَ فَقلت جَيْر ... ) بِمَعْنى حَقًا فَيكون مصدرا وَقيل أبدا فَيكون ظرفا كعوض وبنيت لقلَّة تمكنها إِذْ لَا تسْتَعْمل إِلَّا فِي الْقسم قَالَه صَاحب الملخص (و) قَالَ (قوم حرف جَوَاب) بِمَعْنى نعم وَصَححهُ ابْن مَالك قَالَ لِأَن كل مَوضِع تقع فِيهِ يصلح أَن يَقع فِيهِ نعم وَلَيْسَ كل مَوضِع تقع فِيهِ يصلح أَن يَقع فِيهِ حَقًا فإلحاقها ب نعم أولى لِأَنَّهَا أشبه بهَا لفظا أَو اسْتِعْمَالا وَلذَلِك بنيت وَلَو وَافَقت حَقًا فِي الاسمية أعربت ولجاز أَن يصحبها الْألف وَاللَّام كَمَا أَن حَقًا كَذَلِك وَلَو لم تكن بِمَعْنى نعم لم تعطف عَلَيْهَا فِي قَوْله: 1200 - (أبي كَرماً لَا آلِفاً جَيْر أَو نعم ... بِأَحْسَن إِيفَاء وأَنْجَز مَوْعدِ) وَلم تؤكد فِي قَوْله: 1201 - (وَقُلْنَ على البرْدِيّ أوَّلُ مَشْرَبٍ ... نَعْم جَيْر إنْ كانَت رواءَ أسافِله) وَلَا قوبل بهَا (لَا) فِي قَوْله:

1202 - (إِذا تَقول لَا ابْنة العُجَيْر ... تَصْدقُ لَا إِذا تَقول جَير) قَالَ وَأما تنوينها فضرورة أَو ترنم زَاد الْفَارِسِي أَو شَاذ كتنوين اسْم الْفِعْل فِي قَوْلهم فدَاء لَك بِكَسْر الْهمزَة وَاخْتَارَ هَذَا القَوْل أَبُو حَيَّان وَابْن هِشَام والرضي وَقَالَ إِنَّمَا صَحَّ وُقُوعهَا قسما بِجَامِع أَن التَّصْدِيق توكيد وتوثيق كالقسم قَالَ ابْن الدماميني وَلقَائِل أَن يمْنَع لُزُوم الْإِعْرَاب لَو كَانَت بِمَعْنى حَقًا وَدخُول أل وَسَنَده مَا الَّتِي بِمَعْنى شَيْء وَنَحْوهَا وَسبب الْبناء حِينَئِذٍ موافقتا ل جير الحرفية لفظا وَكَونهَا مُؤَكدَة فِي الْبَيْت الْمَذْكُور لاحْتِمَال أَن يكون المعني نعم يحِق ذَلِك حَقًا وَأجَاب شَيخنَا الإِمَام الشمني عَن الأول بِأَن اللُّزُوم لعدم مشابهتها الْحَرْف حِينَئِذٍ بِوَجْه من الْوُجُوه الْمُقْتَضِيَة للْبِنَاء بِخِلَاف مَا بِمَعْنى شَيْء فَإِنَّهَا مشابهة لَهُ فِي الْوَضع قَالَ وَقَوله إِن سَبَب بنائها موافقتها لجير الحرفية فِيهِ نظر فَإِن الْقَائِل باسمية جير لَا يثبت جيرا أُخْرَى حرفا حَتَّى تكون هَذِه مشابهة لَهَا انْتهى (و) قَالَ قوم اسْم فعل حَكَاهُ صَاحب الملخص وَاخْتَارَهُ فِيمَا نقل أَبُو حَيَّان قَالَ لِأَن تنوينها للتنكير وَهُوَ لَا يُوجد إِلَّا فِي اسْم الْفِعْل أَو الصَّوْت وتنوين ضَرُورَة كالبيت السَّابِق

لا جرم

وَقد يُجَاب بهَا دونه أَي دون قسم كَمَا يجب ب (نعم) و (أجل) كَقَوْلِه: 1203 - (قَالَت أَرَاك هَارِبا للجوْر ... مِنْ هدّة السُّلطان قلت جَيْر) لَا جرم (و) يُغني عَن الْقسم أَيْضا (لَا جرم) حكى الْفراء أَن الْعَرَب تَقول لَا جرم لآتينك وَلَا جرم لقد أَحْسَنت فاستغنوا بهَا عَن الْقسم قَاصِدين بهَا معنى (حَقًا) وَأَصلهَا بِمَعْنى لَا بُد عوض قَالَ الكوفية ويغني عَن الْقسم أَيْضا عوض فَيُقَال عوض لَأَفْعَلَنَّ قَالَ أَبُو حَيَّان والبصريون لَا يعْرفُونَ الْقسم بِهِ وَإِن ذكره الزجاجي وَيجمع بَين أَيْمَان توكيدا سَوَاء اخْتلف حرف الْقسم أم لَا لَكِن إِن اخْتلف الْحَرْف لم يُؤْت بِالثَّانِي حَتَّى يوف الأول جَوَابه فَيُقَال تالله لَأَفْعَلَنَّ بِالْكَعْبَةِ لَأَفْعَلَنَّ خلافًا للأخفش فِي تجويزه الْمُوَالَاة فَيُقَال وَالله تالله بِاللَّه لَا أفعل كَمَا يُقَال وَالله وَالله لَا أفعل الْقسم غير الصَّرِيح مَسْأَلَة من الْقسم غير صَرِيح وَهُوَ مَا لَا يعلم بِمُجَرَّد لَفظه كَون النَّاطِق بِهِ مقسمًا كعلمت نَحْو: {علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} [الْبَقَرَة: 102] قَالَ سِيبَوَيْهٍ: وَمِنْه قَوْلهم علم الله وَشهِدت نَحْو: {شهد الله أَنه} [آل عمرَان: 18] فِي رِوَايَة الْكسر {نشْهد إِنَّك لرَسُول الله}

[المُنَافِقُونَ: 1] وجاهدت وأوثقت وَأخذت وَمِنْه {وَإذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِين أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ} [آل عمرَان: 187] وَهَذِه الْأَلْفَاظ فِي الْخَبَر ونشدتك الله وعمرتك الله بِالتَّشْدِيدِ وعمرك الله بِضَم الرَّاء وَفتحهَا مَعَ ضم الْعين وقعدك الله بِفَتْح الْقَاف وَكسرهَا وقعيدك الله وعزمت فِي الطّلب وَقد تقدم أَن جَوَاب الطّلب يتلَقَّى بِهِ أَو بلما أَو إِلَّا أَو إِن وَمن أمثلته هُنَا قَوْلهم أنْشدك الله إِلَّا فعلت وَفِي الصَّحِيح (الله إِلَّا قضيت بَيْننَا بِكِتَاب الله) وَقَوله: 1204 - (عَمَّرتُكِ الله إلاَّ مَا ذَكَرْتِ لنا ... هَل كُنْتِ جارَتنا أيّامَ ذِي سَلَم) وَقَوله: 1205 - (يَا عَمْرَكِ الله إلاَّ قُلْتِ صَادِقَة ... أصَادِقاً وصْفهُ الْمَجْنُون أَو كذبَّا) وَقَوله: 1206 - (عَمْرك اللهُ يَا سعادُ عِديني ... بَعْضَ مَا أَبتغي وَلَا تُؤْيسيني) وَقَوله: 1207 - (عَمرك الله أما تَعْرفُنِي ... أَنا حَرَّاثُ المنايا فِي الفَزعْ) وَقَوله:

1208 - (قعيدَكما اللهُ الَّذِي أَنْتُمَا لَهُ ... ألم تَسْمَعا بالبيضَتَيْن المناديا) وَقَوله: 1209 - (قعِيدَكِ أَن لَا تُسْمِعيني مَلامَةً ... وَلَا تَنْكَئِي قَرْحَ الْفُؤَاد فَيَيْجَعَا) وَيجوز حذف نشدت فَيُقَال بِاللَّه لما فعلت وَمِنْه قَوْله: 1210 - (قَالَت لَهُ بِاللَّه يَا ذَا البُرُدَيْنْ ... لما غنثت نَفسًا أَو اثْنَيْن) (و) يجوز حذف (الْبَاء فينتصب تَالِيهَا) نَحْو نشدتك الله لما فعلت وَالْأَصْل بِاللَّه وَمعنى نشدتك بِاللَّه إِلَّا فعلت أَقْسَمت بِهِ لَا ترى إِلَّا فَاعِلا أَي سَأَلتك وَطلبت مِنْك من نَشد الضَّالة طلبَهَا (و) معنى عمرك الله يعمرك أَي عمرك تعميرا وَهُوَ مخفف عمرتك الله بِحَذْف الزَّوَائِد سَأَلت بتعميرك أَي بإقرارك لَهُ بِالْبَقَاءِ كَمَا أَن عمرك الله أَحْلف بِبَقَاء الله ودوامه فَإِن لم يرد بهما الْقسم فَالْمَعْنى سَأَلت الله أَن يُطِيل عمرك وَقيل المُرَاد بِهِ ضد الْخُلُو من عمر الرجل منزلَة كَأَنَّهُ أَرَادَ تذكير الْقلب بِذكر الله تَأْكِيدًا للصدق وَالتَّقْدِير ذكرتك بِاللَّه تذكيرا يعمر الْقلب فَلَا يَخْلُو مِنْهُ (و) معنى (قعدك الله وقعيدك الله مَعَك) أَي رَقِيب عَلَيْك وحفيظ وَقيل مقاعدك وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَضمن الْقسم قَالَ فِي الصِّحَاح على معنى يصاحب الله الَّذِي هُوَ صَاحب كل نحوي

المجرورات الإضافة

وَقيل هما مصدران بِمَعْنى المراقبة وَالتَّقْدِير أقسم بمراقبتك الله وَنصب (الْجَلالَة) فِي الْجَمِيع على إِسْقَاط الْجَار المجرورات / الْإِضَافَة (الْإِضَافَة) أَي هَذَا مبحثها هِيَ فِي اللُّغَة الإمالة وَمِنْه ضَاقَتْ الشَّمْس للغروب مَالَتْ أَو أضفت ظَهْري إِلَى الْحَافِظ أملته إِلَيْهِ مُضَاف السهْم عَن الهدف عدل وأضفته إِلَى فلَان ألجأته والمضاف فِي الْحَرْب المحاط بِهِ والمضاف الملزق بالقوم وضافه الْهم نزل بِهِ وتضايف الْوَادي تضايق كَأَنَّهُ مَال أحد جانبيه إِلَى الآخر وأضفت من الْأَمر أشفقت وَفِي الِاصْطِلَاح (نِسْبَة تقييدية بَين اسْمَيْنِ توجب لثانيهما الْجَرّ) فَخرج بالتقييدية الإسنادية نَحْو زيد قَائِم وَبِمَا بعده نَحْو قَامَ زيد وَلَا ترد الْإِضَافَة إِلَى الْجمل لِأَنَّهَا فِي تَأْوِيل الِاسْم وبالأخير الْوَصْف نَحْو زيد الْخياط وَتَصِح بِأَدْنَى مُلَابسَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {لم يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضحاها} [النازعات: 46] لما كَانَت العشية وَالضُّحَى طرفِي النَّهَار صحت إِضَافَة أَحدهمَا إِلَى الآخر وَقَوْلهمْ (كَوْكَب الخرقاء) أضيف إِلَيْهَا لِأَنَّهَا كَانَت تنتبه وَقت طلوعه (وَالأَصَح أَن الأول) هُوَ (الْمُضَاف وَالثَّانِي) هُوَ (الْمُضَاف إِلَيْهِ) وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ لِأَن الأول هُوَ الَّذِي يُضَاف إِلَى الثَّانِي فيستفيد مِنْهُ تَخْصِيصًا وَغَيره وَقيل عَكسه وَثَالِثهَا يجوز فِي كل مِنْهُمَا كل مِنْهُمَا (وتجري) هَذِه الْأَقْوَال (فِي الْمسند والمسند إِلَيْهِ) فَقيل الْمسند الأول مُبْتَدأ كَانَ أَو غَيره والمسند إِلَيْهِ الثَّانِي وَقيل عَكسه وَقيل يجوز أَن يُقَال كل مِنْهُمَا فِي الأول وَالثَّانِي وَالأَصَح قَول رَابِع أَن الْمسند الْمَحْكُوم بِهِ والمسند إِلَيْهِ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ (و) يجْرِي أَيْضا فِي (الْبَدَل والمبدل مِنْهُ) وَالأَصَح هُنَا أَن الثَّانِي الْبَدَل وَالْأول الْمُبدل مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذ من مبحثه

(و) الْأَصَح (أَن الْجَرّ) فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ (بالمضاف) قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَإِن كَانَ الْقيَاس أَلا يعْمل من الْأَسْمَاء إِلَّا مَا أشبه الْفِعْل وَالْفِعْل لَا حَظّ لَهُ فِي عمل الْجَرّ لَكِن الْعَرَب اختصرت حُرُوف الْجَرّ فِي مَوَاضِع وأضافت الْأَسْمَاء بَعْضهَا إِلَى بعض فناب الْمُضَاف مناب حرف الْجَرّ فَعمل عمله وَيدل لَهُ اتِّصَال الضمائر بِهِ وَلَا تتصل إِلَّا بعاملها وَقَالَ الزّجاج وَابْن الْحَاجِب هُوَ بالحرف الْمُقدر لِأَن الِاسْم لَا يخْتَص (و) قَالَ الْأَخْفَش بِالْإِضَافَة المعنوية قَالَ الْجُمْهُور وتقدر اللَّام قَالَ فِي شرح الكافية وَمَعْنَاهَا هُوَ الأَصْل وَلذَا يحكم بِهِ مَعَ صِحَة تقديرها وَامْتِنَاع تَقْدِير غَيرهَا نَحْو دَار زيد وَمَعَ صِحَة تقديرها وَتَقْدِير غَيرهَا نَحْو يَد زيد وَعند امْتنَاع تقديرها وَتَقْدِير غَيرهَا نَحْو عِنْده وَمَعَهُ وَمِنْه إِضَافَة كل إِلَى مَا بعْدهَا (و) قَالَ (قوم و) يقدر (من إِن كَانَ الأول بعض الثَّانِي وَصَحَّ الْإِخْبَار بِهِ عَنهُ) كَثوب خَز وَخَاتم فضَّة فالثوب بعض الْخَزّ والخاتم بعض الْفضة وَيصِح أَن يُطلق على كل اسْم الْخَزّ وَالْفِضَّة وَمِنْه إِضَافَة الْعدَد إِلَى الْمَعْدُود والمقدر إِلَى المقدرات على الصَّحِيح بِخِلَاف يَد زيد وَعين عَمْرو فبالإضافة فِيهِ بِمَعْنى اللَّام إِذْ لَا يَصح إِطْلَاق اسْم الثَّانِي فِيهِ على الأول (قيل أَو لم يَصح) ذَلِك اكْتِفَاء بِكَوْنِهِ بَعْضًا وَهُوَ رَأْي ابْن كيسَان والسيرافي واستدلا بظهورها فِي قَوْله: 1211 - (فالْعَيْنُ مني كأنْ غَرْبٌ تُحطَّ بِهِ ... ) وَقَوله: 1212 - (كأنَّ على الكفّين مِنْه إِذا انْتحي ... )

ورده ابْن مَالك بِأَن الْفضل ب (من) لَا يدل على أَن الْإِضَافَة بمعناها وَقد فصل بهَا مَا لَيْسَ بِجُزْء قَالَ: ذ 1213 - (وإنَّ حَدِيثاً مِنْكَ لَو تعلمينه ... ) وَأنكر قوم الْإِضَافَة بِمَعْنى (من) أصلا وَقَالُوا الْإِضَافَة بِمَعْنى اللَّام لِأَن الْخَزّ مُسْتَحقّ للثوب كَمَا أَنه أَصله (و) قَالَ الْجِرْجَانِيّ وَابْن الْحَاجِب فِي كافيته وَابْن مَالك فِي كتبه (و) تقدر (فِي) حَيْثُ كَانَ ظرفا لَهُ قَالَ فِي شرحي الكافية والتسهيل قد أغفلها أَكثر النَّحْوِيين وَهِي ثَابِتَة فِي الفصيح كَقَوْلِه: {أَلد الْخِصَام} [الْبَقَرَة: 204] {مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} [سبأ: 33] {تربص أَرْبَعَة أشهر} [الْبَقَرَة: 226] {يَا صَاحِبي السجْن} [يُوسُف: 39، 40] وَفِي الحَدِيث: (فَلَا تَجِدُونَ أعلم من عَالم المدنية) فَمَعْنَى (فِي) فِي هَذِه الْأَمْثِلَة ظَاهر وَلَا يَصح تَقْدِير غَيرهَا إِلَّا بتكلف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم أحدا ذهب إِلَى هَذِه الْإِضَافَة غَيره وَهُوَ مَرْدُود فقد قَالَ بهَا الْجَمَاعَة المذكورون مَعَه كَمَا صرحت بنقله عَنْهُم تَقْوِيَة لِابْنِ مَالك ورد الدعْوَة تفرده وَصرح ابْن الْحَاجِب فِي مقدمته بِأَن تَقْدِير (فِي) أقل من (اللَّام) و (من) وَكَذَا قَالَ ابْن مَالك وَزَاد أَن تَقْدِير (من) أقل من تَقْدِير (اللَّام) (و) قَالَ (الكوفية و) يقدر (عِنْد) نَحْو هَذِه نَاقَة رقود الْحَلب أَي رقود عِنْد الْحَلب وَأجَاب أَبُو حَيَّان بِأَن هَذَا وَمَا قدر فِيهِ من بَاب الصّفة المشبهة وَالْأَصْل رَفعه على الفاعلية مجَازًا للْمُبَالَغَة (و) قَالَ أَبُو حَيَّان لَا تَقْدِير أصلا لَا للام وَلَا

لغَيْرهَا وَإِنَّمَا الْإِضَافَة تفِيد الِاخْتِصَاص وجهاته مُتعَدِّدَة بَين كل جِهَة مِنْهَا الِاسْتِعْمَال فَإِذا قلت غُلَام زيد وَدَار عَمْرو فالإضافة للْملك أَو سرج الدَّابَّة فاللاستحقاق أَو شيخ أَخِيك فلمطلق الِاخْتِصَاص وَيخْتَص التَّقْدِير عِنْد من قَالَ بِهِ بالمحضة وَقيل تقدر اللَّام فِي غَيرهَا لظهورها فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} [فاطر: 32] {حافظات للغيب} [النِّسَاء: 34] {مُصدق لما مَعَهم} [الْبَقَرَة: 89] {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [هود: 107] ورد بِعَدَمِ اطراده إِذْ لَا يسوغ فِي الصّفة المشبهة (و) الْمَحْضَة (هِيَ الَّتِي تفِيد تعريفا) إِذا كَانَ الْمُضَاف إِلَيْهِ معرفَة أَو تَخْصِيصًا إِذا كَانَ نكرَة قَالَ أَبُو حَيَّان هَكَذَا قَالُوا وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَنَّهُ من جعل الْقسم قسيما وَذَلِكَ أَن التَّعْرِيف تَخْصِيص فَهُوَ قسم مِنْهُ وَالصَّوَاب أَنَّهَا تفِيد التَّخْصِيص فَقَط وَأقوى مراتبه التَّعْرِيف انْتهى وَهُوَ بحث لَفْظِي وَفِي مفَاد إِضَافَة الْجمل أَي الْإِضَافَة إِلَيْهَا احْتِمَالَانِ لصَاحب الْبَسِيط وَجه التَّخْصِيص أَن الْجمل نكرات وَوجه التَّعْرِيف أَنَّهَا فِي تَأْوِيل الْمصدر الْمُضَاف فِي التَّقْدِير إِلَى فَاعله أَو مَفْعُوله هَكَذَا حَكَاهُمَا أَبُو حَيَّان بِلَا تَرْجِيح ثمَّ قَالَ وَفِي التَّعْرِيف نظر لِأَن تَقْدِير الْمصدر تَقْدِير معنى كَمَا فِي همزَة التَّسْوِيَة فَلَا يلْتَفت إِلَى الْإِضَافَة فِيهِ كَمَا لَا يتعرف قَوْلك غُلَام رجل وَأَنت تُرِيدُ وَاحِدًا بِعَيْنِه وَأَيْضًا فَلَا يلْزم فِي الْمصدر أَن يقدر مُضَافا بل قد يقدر منونا عَاملا انْتهى وَغَيرهَا أَي غير الْمَحْضَة مَا لَا يُفِيد وَاحِدًا مِنْهُمَا بل تَخْفِيفًا فِي اللَّفْظ بِحَذْف التَّنْوِين وَشبهه فَمِنْهُ أَي من غير الْمَحْضَة إِضَافَة غير وَمثل وَشبه وخدن بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُهْملَة بِمَعْنى صديق وَنَحْو بِمَعْنى مثل وناهيك وحسبك من رجل أَي كافيك وَمَا فِي مَعْنَاهَا كترب بمعني لِدَة وَضرب وند فِي معنى مثل وشرعك وبجلك وقطك وقدك فِي معنى حَسبك فَهَذِهِ الْأَسْمَاء نكرات وَإِن أضيف إِلَى معرفَة إِمَّا لِأَنَّهَا على نِيَّة التَّنْوِين قصدا للتَّخْفِيف كالوصف كَمَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ والمبرد وَهُوَ صَرِيح الْمَتْن وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي (حسب) وَنَحْوهَا لِأَنَّهَا مُرَاد بهَا اسْم الْفَاعِل أَو لِأَنَّهَا شَدِيدَة الْإِبْهَام كَمَا قَالَ ابْن السراج والسيرافي وَغَيرهمَا وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي غير وَمثل وَنَحْوهمَا لِأَنَّك إِذا قلت غير زيد فَكل شَيْء إِلَّا زيد غَيره وَمثل زيد فَمثله كثير

وَاحِد فِي طوله وَآخر فِي عمله وَآخر فِي صَنعته وَآخر فِي حسنه وَهَذَا لَا يكَاد يكون لَهُ نِهَايَة وَنقض هَذَا بِأَن كَثْرَة المتماثلين والمغايرين لَا توجب التنكير كَمَا أَن كَثْرَة غلْمَان زيد لَا توجب كَون غُلَام زيد نكرَة بل يجب بالوقوع على وَاحِد مَعْهُود للمخاطب وَقَالَ الْأَخْفَش يجوز أَن يكون السَّبَب فِي ذَلِك كَون أول أحوالها الْإِضَافَة لِأَنَّهَا لَا تسْتَعْمل مفصولة عَنْهَا لَا يُقَال هَذَا مثل لَك وَلَا غير لَك وَأول أَحْوَال الِاسْم التنكير فَلذَلِك كَانَت نكرَة مُطلقًا وَكَذَا وَاحِد أمه وَعبد بَطْنه وَأَبُوك فِي لُغَة لبَعض الْعَرَب حَكَاهَا أَبُو عَليّ فِي الْأَوَّلين والأصمعي فِي الْأَخير حَيْثُ أَدخل عَلَيْهَا (رب) فِي قَول حَاتِم 1214 - (أماويّ إِنِّي رُبَّ وَاحِد أمّه ... ) وَقَوْلها رب أَبِيه رب أَخِيه قَالَ أَبُو حَيَّان كَأَنَّهُ لوحظ فِي وَاحِد أمة معنى مُفْرد أمه وَفِي عبد بَطْنه خَادِم بَطْنه وَالضَّمِير فيهمَا لَا يرجع إِلَى وَاحِد وَلَا عبد بل إِلَى غَيرهمَا مِمَّا تقدم وَفِي أَبِيه وأخيه مُنَاسِب لَهُ بالأبوة والأخوة وَالْأَشْهر اسْتِعْمَال مَا ذكر معرفَة وَقيل وَمِنْه أَيْضا الظروف سَوَاء أضيفت إِلَى مُفْرد أم جملَة حَكَاهُ أَبُو حَيَّان عَن بَعضهم وَيعرف مَا ذكر من (غير) وَمَا بعده إِن تعين المغاير والمماثل كَأَن وَقع (غير) بَين ضدين نَحْو {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} [الْفَاتِحَة: 7] وقولك مَرَرْت بالكريم غير الْبَخِيل والجامد غير المتحرك أَو قَارن مثلا مِمَّا يشْعر بمماثلة خَاصَّة وَقَالَ الْمبرد لَا يتعرف (غير) بِحَال لِأَن كل من خالفك فَهُوَ غَيْرك حَقِيقَة وَالَّذِي يماثلك من كل وَجه قد يتَعَيَّن أَن يكون وَاحِدًا قَالَ أَبُو حَيَّان ورد بِأَنَّهُ قد يكون معرفَة بِاعْتِبَار أَنه نِهَايَة فِي الْمُغَايرَة كَمَا يكون نِهَايَة فِي الْمثل وَمِنْه أَي غير الْمَحْضَة إِضَافَة الصّفة أَي اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وأمثلة الْمُبَالغَة وَالصّفة المشبهة إِلَى معمولها الْمَرْفُوع بهَا فِي الْمَعْنى أَو الْمَنْصُوب لِأَنَّهَا فِي تَقْدِير الِانْفِصَال وَلذَلِك وصف بهَا النكرَة فِي قَوْله تَعَالَى {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} [الْمَائِدَة: 95] وَوَقعت حَالا فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} [الْحَج: 9] وَدخل عَلَيْهِ رب فِي قَول جرير:

1215 - (يَا رُبَّ غابطنا لَو كَانَ يَطْلُبُكُمْ ... ) وَذكر ابْن مَالك فِي نكته على الحاجية أَنَّهَا قد تفِيد التَّخْصِيص أَيْضا فَإِن ضَارب زيد أخص من ضَارب قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا سَهْو فَإِن ضَارب زيد أَصله ضَارب زيدا لَا ضَارب فَقَط فالتخصيص حَاصِل بالمعمول قبل الْإِضَافَة وَفهم من تَقْيِيد الْإِضَافَة بِكَوْنِهَا إِلَى الْمَعْمُول اشْتِرَاط كَونهَا بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال فَإِن كَانَت بِمَعْنى الْمَاضِي فإضافتها مَحْضَة لِأَنَّهَا لَيست فِي تَقْدِير الِانْفِصَال قيل وَمِنْه إِضَافَة الْمصدر إِلَى مَرْفُوعَة أَو مَنْصُوبَة قَالَه ابْن برهَان وَعلله بِأَن الْمَجْرُور بِهِ مَرْفُوع الْمحل أَو منصوبه فَأشبه الصّفة وَابْن الطراوة وَعلله بِأَن عمله بالنيابة عَن الْفِعْل فَهُوَ أقوى من الصّفة العاملة بالشبه بِدَلِيل اختصاصها بِبَعْض الأزمنه دونه وَإِذا كَانَ أقوى كَانَ أولى أَن يحكم لَهُ بِحكم الْفِعْل فِي عدم التَّعْرِيف وَالأَصَح لَا ورد الِاسْتِدْلَال لِأَنَّهُ لم ينب مناب الْفِعْل وَحده بل مَعَ أَن والموصول مَحْكُوم بتعريفه فَكَذَلِك مَا وَقع موقعه وبانتقاء لَوَازِم التنكير من دُخُول (رب) وَآل ونعته بالنكرة وبورود نَعته وتأكيده بالمعرفة فِي قَوْله

1216 - (إنّ وَجْدِي بك الشّدِيدَ أَرَانِي ... ) وَقَوله: 1217 - (فَلَو كَانَ حُبِّي أمَّ ذِي الوَدْع كُلَّهُ ... ) وَبِأَن تَقْدِير الِانْفِصَال فِي الصّفة للضمير الْمُسْتَتر فِيهَا وَهُوَ بِخِلَافِهِ (قيل و) مِنْهُ إِضَافَة اسْم التَّفْضِيل قَالَه الْكُوفِيُّونَ والفارسي وَأَبُو الْكَرم بن الدباس والجزولي وَابْن عُصْفُور وَابْن أبي الرّبيع قَالَ الْفَارِسِي لِأَنَّهُ يَنْوِي بهَا الِانْفِصَال لكَونهَا تُضَاف إِلَى جمَاعَة هُوَ أَحدهمَا وَإِلَّا لزم إِضَافَة الشَّيْء إِلَى نَفسه إِذْ لَا يَنْفَكّ أَن يكون بعض الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا وَلِأَن فِيهِ معنى الْفِعْل وَلِهَذَا نصب الظّرْف وتعدى تَارَة بِنَفسِهِ وَتارَة بِحرف جر وَالأَصَح أَنَّهَا مَحْضَة إِذْ لَا يحفظ ووروده حَالا وَلَا تمييزا وَلَا بعد رب وأل قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْعَرَب لَا تَقول هَذَا زيد أسود النَّاس لِأَن الْحَال لَا يكون إِلَّا نكرَة وَثَالِثهَا إِن نوى معنى (من) فَغير مَحْضَة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي حكم الِانْفِصَال وَإِلَّا فمحضة قَالَ لَهُ ابْن السراج وَنزل قَول سِيبَوَيْهٍ على الثَّانِي وَقَول الْكُوفِيّين على الأول فَإِن قصد تَعْرِيفهَا أَي الصّفة المضافة إِلَى معمولها بِأَن قصد الْوَصْف بهَا من غير اخْتِصَاص بِزَمَان دون زمَان تعرفت وَلذَا وصف بهَا الْمعرفَة فِي قَوْله تَعَالَى:

{مَالك يَوْم الدّين} [الْفَاتِحَة: 4] {فالق الْحبّ والنوى} [الْأَنْعَام: 95] {غَافِر الذَّنب} [غَافِر: 3] (إِلَّا) الصّفة المشبهة فَلَا تتعرف لِأَن الْإِضَافَة فِيهَا نقل عَن أصل وَهُوَ الرّفْع بِخِلَافِهَا فِي غَيرهَا فَهِيَ عَن فرع وَهُوَ النصب وَلِأَنَّهُ إِذا قصد تَعْرِيفهَا أَدخل عَلَيْهَا اللَّام وَزعم الكوفية والأعلم فَقَالُوا إِنَّهَا تتعرف بِقَصْدِهِ إِذا الْإِضَافَة لَا تمنع مِنْهُ (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ أَن إِضَافَة الصّفة إِلَى معمولها لَا تفِيد تعريفا بل تَخْفِيفًا جَازَ اقتران هَذَا الْمُضَاف دون غَيره من المضافات (بأل) لِأَن الْمَحْذُوف فِي غَيره من اجْتِمَاع أداتي تَعْرِيف مُنْتَفٍ فِيهِ وَإِنَّمَا يقرن بهَا هَذَا (إِن كَانَ مثنى أَو جمعا على حَده) نَحْو الضاربا زيد والضاربو زيد قَالَ الشَّاعِر: 1218 - (لَيْسَ الأخلاَّءُ بالمُصْغِي مَسامِعِهم ... ) وَقَالَ: 1219 - (إِن يَغْنَيَا عَنّي المُسْتوطِنا عَدَن ... ) (أَو أضيف لمقرون بهَا) نَحْو الضَّارِب الرجل وَقَوله تَعَالَى: {والمقيمي الصَّلَاة} [الْحَج: 35] (أَو) أضيف إِلَى (مُضَاف إِلَيْهِ) أَي إِلَى مقرون بهَا نَحْو القاصد بَاب الْكَرِيم (وَكَذَا) إِن أضيف إِلَى (ضمير هِيَ فِي مرجعه على الْأَصَح) نَحْو الضَّارِب الرجل والشاتمة وَقَوله:

1220 - (الودُّ أنْتِ المُسْتَحِقّة صَفْوهِ ... ) وَقَوله: 1221 - (الْوَاهِب المائةِ الهجان وعَبْدِها ... ) وَمنع الْمبرد هَذِه الصُّورَة وَأوجب النصب قيل أَو إِلَى ضمير مَا نَحْو الضاربك والضاربي والضاربه قَالَه الرماني والمبرد والزمخشري وَمنع سِيبَوَيْهٍ والأخفش ذَلِك وَجعلا مَوضِع الضَّمِير نصبا كَمَا لَو كَانَ مَوْضِعه ظَاهرا فَإِنَّهُ يتَعَيَّن نَصبه قَالَ الْفراء أَو أضيف إِلَى (معرفَة) مَا نَحْو الضَّارِب زيد بِخِلَاف الضَّارِب رجل وَلَا مُسْتَند لَهُ فِي السماع (و) قَالَ الكوفية أَو أضيف عدد إِلَى مَعْدُود نَحْو الثَّلَاثَة الأثواب قَالَ ابْن مَالك وحجتهم السماع وَأما البصريون فاستندوا فِي الْمَنْع إِلَى الْقيَاس لِأَنَّهُ من بَاب الْمَقَادِير فَكَمَا لَا يجوز الرطل زَيْت لَا يجوز هَذَا الْجُمْهُور على أَنه لَا يُضَاف اسْم لمرادفه ونعته ومنعوته ومؤكده لِأَن الْمُضَاف يتعرف أَو يتخصص بالمضاف إِلَيْهِ وَالشَّيْء لَا يتعرف وَلَا يتخصص إِلَّا بِغَيْرِهِ والنعت عين المنعوت وَكَذَا مَا ذكر بعده (إِلَّا بِتَأْوِيل) كَقَوْلِهِم سعيد كرز أَي مُسَمّى هَذَا اللقب وخشرم دبر أَي الَّذِي لَهُ ذَا الِاسْم لِأَنَّهُمَا اسمان للنحل وَصَلَاة الأولى وَمَسْجِد الْجَامِع و {دين الْقيمَة} [الْبَيِّنَة: 5] أَي السَّاعَة الأولى وَالْيَوْم أَو الْوَقْت الْجَامِع وَالْملَّة الْقيمَة وسحق عِمَامَة وجرد قطيفة

الأَصْل عِمَامَة سحق وقطيفة جرد قدم وَجعل نوعا مُضَافا إِلَى الْجِنْس كخاتم فضَّة وَيَوْم يَوْم وَلَيْلَة لَيْلَة وَشرط الكوفية فِي الْجَوَاز اخْتِلَاف اللَّفْظ فَقَط من غير تَأْوِيل تَشْبِيها بِمَا اخْتلف لَفظه وَمَعْنَاهُ كَيَوْم الْخَمِيس و {شهر رَمَضَان} [الْبَقَرَة 165] و {وعد الصدْق} [الْأَحْقَاف: 16] و {حق الْيَقِين} [الْوَاقِعَة: 95] و {مَكْرَ السَّيِّيءِ} [فاطر: 43] و {يَا نسَاء الْمُؤْمِنَات} كَمَا جَاءَ ذَلِك فِي النَّعْت والعطف والتأكيد نَحْو: {وغرابيب سود} [فاطر: 27] 1222 - (كَذِبًا ومَيْنا ... ) {كلهم أَجْمَعُونَ} [الْحجر: 30] (و) قَالَ أَبُو حَيَّان لَا يتَعَدَّى السماع بل يقْتَصر عَلَيْهِ فَلَا يُقَاس وَهل هِيَ أَي هَذِه الْإِضَافَة مَحْضَة أَو لَا أَو وَاسِطَة بَينهمَا أَقْوَال: الأول قَالَه جمَاعَة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان لِأَنَّهُ لَا يَقع بعد (رب) وَلَا (أل) وَلَا ينعَت بنكرة وَلَا ورد نكرَة فَلَا يحفظ (صَلَاة أولى) و (مَسْجِد جَامع) وَالثَّانِي قَالَه الْفَارِسِي وَابْن الدباس وَغَيرهمَا لشبهه بِحسن الْوَجْه وَأَمْثَاله لِأَن الأَصْل فِي (صَلَاة الأولى) وَنَحْوه (الصَّلَاة الأولى) على النَّعْت ثمَّ أزيل عَن حَده كَمَا أَن أصل حسن الْوَجْه (حسن وَجهه) فأزيل عَن الرّفْع وَالثَّالِث قَالَه ابْن مَالك قَالَ لِأَن لَهَا اعتبارين اتِّصَال من وَجه أَن الأول غير مفصول بضمير منوي وانفصاله من وَجه أَن الْمَعْنى لَا يَصح إِلَّا بتكلف خُرُوجه عَن الظَّاهِر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يسْبقهُ أحد إِلَى ذكر هَذَا الْقسم الثَّالِث (ثمَّ تجْرِي) هَذِه الْأَقْوَال فِيمَا ألغي فِيهِ مُضَاف نَحْو:

1223 - (إِلَى الحوْل ثُمّ اسْمُ السّلام عَلَيْكما ... ) أَو مُضَاف إِلَيْهِ نَحْو: 1224 - (أَقَامَ ببَغْدادِ العِراق وشَوْقُه ... لأهل دِمشْق الشّام شَوْقٌ مُبرِّحُ) وَلَا يقدم على الْمُضَاف مَعْمُول مُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ من تَمَامه كَمَا لَا يتَقَدَّم الْمُضَاف إِلَيْهِ على الْمُضَاف وَجوزهُ الْكسَائي على أفعل نَحْو أَنْت أخانا أول ضَارب وَاقْتصر فِي التسهيل على ذكر الْمِثَال وَأَن ثعلبا حَكَاهُ عَنهُ قَالَ أَبُو حَيَّان فَهَل هُوَ مُخْتَصّ بِلَفْظ (أول) أَو (عَام) فِي كل أفعل تَفْضِيل يحْتَاج إِلَى تَحْرِير النَّقْل فِي ذَلِك وَلَا يظْهر فَوق بَين (أول) وَغَيره فَيجوز هَذَا بِاللَّه أفضل عَارِف وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز شَيْء من ذَلِك لعدم سَماع ذَلِك من كَلَامهم ولمخالفة الْأُصُول وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن مَالك التَّقْدِيم على غير النافية مُطلقًا نَحْو: زيد عمرا غير ضَارب قَالَ: 1225 - (فَتى هُوَ حَقًّا غيرُ مُلْغ فَرِيضَة ... وَلَا تَتّخِذْ يَوْمًا سواهُ خَلِيلًا) قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز ذَلِك وَالْبَيْت نَادِر لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَجوزهُ قوم على غير (إِن كَانَ) الْمَعْمُول ظرفا أَو مجرورا لتوسعهم فِيهِ كَقَوْلِه:

1226 - (إنَّ امْرَءًا خَصّني يَوْمًا مَوَدَّتَه ... على التّنائِي لَعِنْدي غَيرُ مَكْفُور) قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح الْمَنْع لِاتِّحَاد الْعلَّة فِي ذَلِك وَفِي الْمَفْعُول أما (غير) الَّتِي لم يرد بهَا نفي فَلَا يجوز التَّقْدِيم عَلَيْهَا بِاتِّفَاق فَلَا يُقَال أكْرم الْقَوْم زيدا غير مشاتم وَجوز قوم التَّقْدِيم على حق كَقَوْلِه: 1227 - (فإنْ لَا أكُنْ كُلَّ الشُجاع فإنّني ... بِضَرْب الطُّلَى والهام حقُّ عليم) قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح الْمَنْع لندور هَذَا الْبَيْت وَإِمْكَان تَأْوِيله وَجوز قوم التَّقْدِيم على (مثل) نَقله ابْن الْحَاج نَحْو أَنا زيدا مثل ضَارب وَقد يكْتَسب الْمُضَاف من الْمُضَاف إِلَيْهِ تأنيثا وتذكيرا إِن صَحَّ حذفه وَلم يخْتل الْكَلَام بِهِ وَكَانَ بَعْضًا من الْمُضَاف إِلَيْهِ أَو كبعض مِنْهُ كَقَوْلِهِم قطعت بعض أَصَابِعه وَقُرِئَ: {يلتقطه بعض السيارة} [يُوسُف: 10] وَقَوله: 1228 - (كَمَا شَرقَتْ صدْرُ القَنَاةِ من الدَّم ... ) وَقَوله:

أسماء لازمة الإضافة

1229 - (رؤيةُ الْفِكر مَا يَؤُول لَهُ الأمْرُ ... مُعينٌ على اجْتناب التّواني) بِخِلَاف مَا إِذا لم يَصح لَو حذف فَلَا يُقَال قَامَت غُلَام هِنْد وَلَا أمة زيد جَاءَ أَو صَحَّ وَلم يكن بَعْضًا وَلَا كبعض فَلَا يُقَال أعجبتني يَوْم الْجُمُعَة وَلَا جَاءَت يَوْم عَاشُورَاء أَسمَاء لَازِمَة الْإِضَافَة مَسْأَلَة فِي أَسمَاء لازمت الْإِضَافَة لاحتياجها إِلَيْهَا فِي فهم مَعْنَاهَا لزم الْإِضَافَة مُطلقًا حمادى وقصارى بِضَم أولاهما وقصرهما بِمَعْنى الْغَايَة يُقَال قصاراك أَن تفعل كَذَا أَي غايتك وَآخر أَمرك وَحكى الْجَوْهَرِي فِيمَا فتح الْقَاف وَقصر أَيْضا قَالَ: 1230 - (قَصْرُ الْجَدِيد إِلَى بلَى ... والْعَيْشُ فِي الدّنيا انْقِطَاعُه) (و) لزم الْإِضَافَة إِلَى ضمير وحد فَلَا يُضَاف إِلَى ظَاهر وَسَوَاء ضمير الْغَائِب وَغَيره وَتجب مطابقته لما قبله نَحْو: {إِذا دعِي الله وَحده} [غَافِر: 12] 1231 - (والذّنْبَ أخْشَاهُ إنْ مَرَرْتُ بِهِ ... وَحْدِي ... ... ... ... ... .) 1232 - (وكُنْتَ إذْ كُنْتَ إلهي وحْدَكا ... )

وَقَوله: 1233 - (أعاذِلَ هَل يَأْتِي القبائلَ حظَّها ... من الْمَوْت أم خُلِّي لنا الموتُ وَحْدنا) لَازم النصب على الْمصدر لفعل من لَفظه حكى الْأَصْمَعِي وحد الرجل يحد إِذا انْفَرد وَقيل لم يلفظ بِفِعْلِهِ كالأبوة والأخوة والخؤولة وَقيل مَحْذُوف الزَّوَائِد من إيحاد وَقيل نَصبه على الْحَال لتأويله بموحد وَقيل على حذف حرف الْجَرّ وَالْأَصْل على وَحده (و) لَازم الْإِفْرَاد والتذكير لِأَنَّهُ مصدر (وَقد يثنى) شذوذا أَو يجر بعلى سمع جلسا على وحديهما وَقُلْنَا ذَلِك وحدينا واقتضيت كل دِرْهَم على حَده وَجلسَ على وَحده أَو إِضَافَة نَسِيج وقريع بِوَزْن كريم وجحيش وعيير مصغرين إِلَيْهِ ملحقات بالعلامات على الْأَصَح يُقَال هُوَ نَسِيج وَحده وقريع وَحده إِذا قصد قلَّة نَظِيره فِي الْخَيْر وَأَصله فِي الثَّوْب لِأَنَّهُ إِذا كَانَ رفيعا لم ينسج على منواله والقريع السَّيِّد وَهُوَ جحيش وَحده وعيير وَحده إِذا قصد قلَّة نَظِيره فِي الشَّرّ وهما مصغر عير وَهُوَ الْحمار وجحش وَهُوَ وَلَده يذم بهما الْمُنْفَرد بِاتِّبَاع رَأْيه وَيُقَال (هما نسيجا وَحدهمَا) و (هم نسجاء وحدهم) و (هِيَ نسيجة وَحدهَا) وَهَكَذَا وَقيل لَا يتَّصل بنسيج وإخواته العلامات فَيُقَال هما نَسِيج وَحدهمَا وَهَكَذَا و (قريع) لم يذكرهَا فِي التسيهل وَذكرهَا أَبُو حَيَّان وَشَيْخه الشاطبي (رجيل وَحده) وَلزِمَ الْإِضَافَة إِلَى معرفَة مثناة لفظا أَو (معنى تفريقه) مَعْطُوفًا بِالْوَاو فَقَط (ضَرُورَة كلا وكلتا) نَحْو: وكلا الرجلَيْن {كلتا الجنتين} [الْكَهْف: 33] 1234 - (كِلانا غنِيٌّ عَن أَخِيه حَياتَهُ ... )

1235 - (إنّ للخير وللشرّ مَدًى ... وكِلا ذَلِك وَجْهٌ وقَبَلْ) وَمن تفريقه بِالْوَاو: 1236 - (كلا أخي وخليلي وَاجدِي عَضُدًا ... ) وَقَالَ الكوفية أَو نكرَة محدودة بِنَاء على جَوَاز توكيدها سمع: (كلتا جاريتين عنْدك مَقْطُوعَة يَدهَا وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي وَإِلَى مُفْرد إِن كررت كلا نَحْو كلاي وكلاك محسنان (و) لزم الْإِضَافَة ذُو وفروعه أَي ذَوا وذوو وَذَات وذاتا وَذَوَات (وألوا وَأولَات إِلَى اسْم جنس) قِيَاسا كذي علم وَذي حسن ( {وَأشْهدُوا ذَوي عدل} [الطَّلَاق: 2] {ذواتا أفنان} [الرَّحْمَن: 48] وَإِلَى علم سَمَاعا نَحْو ذُو يزن وَذُو رعين وَذُو الكلاع وَذُو سلم وَذُو عَمْرو وَذُو تَبُوك وَقيل قِيَاسا قَالَه الْفراء وَالْغَالِب إلغاؤها أَي كَونهَا ملغاة أَي زَائِدَة حِينَئِذٍ وَقد لَا تلغى نَحْو (أَنا الله ذُو بكة) أَي صَاحب (بكة) وَالْمُخْتَار جَوَازهَا أَي إضافتها إِلَى ضمير كَمَا يفهم من كَلَام أبي حَيَّان أَن الْجُمْهُور عَلَيْهِ كَقَوْلِه:

1237 - (إنّما يَعْرفُ ذَا الفَضْل ... من النّاس ذَوُوهُ) وَقَوله: 1238 - (أبار ذَوي أرُومَتِها ذَوُوهُ ... ) وَقَوله: 1239 - (رجوناه قُدْمًا من ذَويك الأفاضل ... ) خلافًا للكسائي والنحاس والزبيدي والمتأخرين فِي مَنعهم ذَلِك إِلَّا فِي الشّعْر وَجزم بِهِ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح وَفِي رُؤُوس الْمسَائِل بعد نَقله الْمَنْع عَن الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين وَأَجَازَهُ غير هَؤُلَاءِ وَقد اسْتعْمل جمع (ذِي) مَقْطُوعًا عَن الْإِضَافَة إِلَى فِي قَوْله: 1240 - (فَلَا أعْنِي بذَلك أسفليكمْ ... ولكنّي أُرِيد بِهِ الذَّوينا) وَجمع مَا تقدم لزم الْإِضَافَة معنى ولفظا (و) لزم الْإِضَافَة معنى لَا لفظا فَيجوز الْقطع على نِيَّتهَا

أل

أل (آل) وَأَصله أول قلبت واوه ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا بِدَلِيل قَوْلهم أويل وَقيل أهل أبدلت هاؤه همزَة ثمَّ الْهمزَة ألفا لسكونها بعد همزَة مَفْتُوحَة بِدَلِيل أهيل وَإِنَّمَا يُضَاف (إِلَى علم عَالم غَالِبا) كَقَوْلِه: 1241 - (نَحن آلُ اللهِ فِي بَلْدَتنَا ... لم نَزْل آلاً على عهد إِرَمْ) وَمن إِضَافَته إِلَى علم غَيره: 1242 - (من الجُرْد من آل الْوَجِيه ولاحق ... ) وهما علما فرس وَإِلَى الْجِنْس آل الصَّلِيب وَالصَّحِيح جَوَازه إِلَى ضمير كَقَوْلِه: 1243 - (وانصُر على آل الصَّليبِ ... وعابديه اليومَ آلَكْ) وَقيل لَا يجوز وعزي للكسائي والنحاس والزبيدي كل وَبَعض وَلزِمَ الْإِضَافَة معنى أَيْضا (كل وَبَعض وَالْجُمْهُور) على (أَنَّهُمَا) عِنْد التجرد مِنْهَا (معرفتان بنيتها) لِأَنَّهُمَا لَا يكونَانِ أبدا إِلَّا مضافين فَلَمَّا نَوَيْت تعرف من جِهَة الْمَعْنى (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ كَونهمَا عِنْد الْقطع معرفتين بنيتها أَي من أجل ذَلِك (امْتنع وقوعهما حَالا وتعريفهما بَال خلافًا للأخفش وَأبي عَليّ) الْفَارِسِي

أي

وَابْن درسْتوَيْه فِي قَوْلهم بِأَنَّهُمَا نكرتان وأنهما معرفان بأل وينصبان على الْحَال قِيَاسا على نصف وَسدس وَثلث فَإِنَّهَا نكرات بِإِجْمَاع وَهِي فِي الْمَعْنى مضافات وحكوا مَرَرْت بهم كلا بِالنّصب على الْحَال وَهَذَا القَوْل مَشْهُور عَن الْأَوَّلين وظفرت بنقله عَن ابْن درسْتوَيْه أَيْضا فِي كتاب (لَيْسَ) لِابْنِ خالويه فَذَكرته تَقْوِيَة لَهما أَي (و) لزم الْإِضَافَة معنى أَيْضا (أَي) بأقسامها فَتكون نفس مَا تُضَاف إِلَيْهِ (وَهِي مَعَ النكرَة ككل وَمَعَ الْمعرفَة كبعض وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ كَونهَا مَعَ الْمعرفَة كبعض أَي من أجل ذَلِك (لم تضف لمفرد معرفَة إِلَّا مكررة أَو منويا بهَا الْأَجْزَاء) ليَصِح فِيهَا معنى البعضية نَحْو: 1244 - (أيِّي وأَيُّكَ فارسُ الأحْزابِ ... ) وَنَحْو أَي زيد حسن أَي أَي أَجْزَائِهِ فَإِن لم يكن تعين إضافتها إِلَى نكرَة أَو مثنى نَحْو أَي رجل وَأي الزيدين عنْدك هَذَا حكم شَامِل لأي بأنواعها وَتقدم مَا يخْتَص بِكُل نوع مِنْهَا فِي مَبْحَث الْمَوْصُول (وَمر كثير) مِمَّا لزم الْإِضَافَة فِي المصادر والظروف وَالِاسْتِثْنَاء (فَلم نعده) حذرا من التّكْرَار مَسْأَلَة أضيف للْفِعْل آيَة بِمَعْنى عَلامَة مَعَ (مَا) المصدرية أَو النافية ودونهما تَشْبِيها لَهَا بالظرف كَقَوْلِه:

1245 - (بآيةِ تُقْدِمون الْخيل شُعْثًا ... ) وَقَوله: 1246 - (أَلِكْنِي إِلَى سَلْمى بآيةِ أوْمأتْ ... ) وَقَوله: 1247 - (بآيةِ مَا تُحبُّون الطّعاما ... ) وَقَوله: 1248 - (بآيةِ مَا كَانُوا ضعافاً وَلَا عُزْلا ... )

وَقيل هُوَ على حذف مَا المصدرية وَالْإِضَافَة إِلَى الْمصدر المؤول قَالَ ابْن جني وعَلى الأول (مَا) الْمَوْجُودَة زَائِدَة وَيُؤَيِّدهُ عدم تصريحهم بِالْمَصْدَرِ أصلا وإضافتها إِلَى الْجُمْلَة الاسمية فِي قَوْله: 125 - (بِآيَة الخالُ مِنْهَا عِنْد بُرْقُعِها ... ) وَقيل لَا يطرد ذَلِك بل يقْتَصر فِيهِ على السماع قَالَه الْمبرد (و) أضيف إِلَيْهِ أَيْضا (ذُو فِي قَوْلهم اذْهَبْ) بِذِي تسلم (أَو افْعَل بِذِي تسلم) وَهِي بِمَعْنى صَاحب (أَي بِذِي سلامتك) وَالْمعْنَى فِي وَقت ذِي سَلامَة فالباء بِمَعْنى فِي وَقيل للمصاحبة أَي أَفعلهُ مقرنا بسلامتك كَمَا تَقول افعله بسعادتك وَقيل للقسم أَي بِحَق سلامتك وهلا هُوَ خبر فِي معنى الدُّعَاء أَي وَالله يسلمك و (قيل ذُو مَوْصُولَة) أعربت على لُغَة و (تسلم) صلتها وَالْمعْنَى اذْهَبْ فِي الْوَقْت الَّذِي تسلم فِيهِ ثمَّ حذف الْجَار اتساعا فَصَارَ تسلمه ثمَّ الضَّمِير (وَيلْحق الْفِعْلَيْنِ الْفُرُوع) فَيُقَال اذْهَبَا بِذِي تسلمان واذهبوا بِذِي تسلمون واذهبي بِذِي تسلمين مَسْأَلَة (يحذف الْمُضَاف لدَلِيل) جَوَازًا نَحْو: {أَو كصيب} [الْبَقَرَة: 19] أَي كأصحاب صيب {أَو كظلمات فِي بَحر} [النُّور: 40] أَي كذل ظلمات بِدَلِيل {يجْعَلُونَ أَصَابِعهم} [الْبَقَرَة: 19] {يَغْشَاهُ موج} [النُّور: 40] ودونه ضَرُورَة كَقَوْلِه: 125 - (عَشِيَّة فَرَّ الحارثيُّون بَعْدَمَا ... قضى نَحْبه فِي ملتقى الْقَوْم هوْبرُ) يُرِيد ابْن هوبر

وَإِنَّمَا يُقَاس إِذا لم يستبد الثَّانِي بِنِسْبَة الحكم نَحْو: {واسأل الْقرْيَة} [يُوسُف: 82] أَي أَهلهَا {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل} [الْبَقَرَة: 93] أَي حبه فَإِن جَازَ استبداده بِهِ اقْتصر فِيهِ على السماع وَلم يقس خلافًا لِابْنِ جني فِي قَوْله بِالْقِيَاسِ مُطلقًا فَأجَاز جَلَست زيدا على تَقْدِير جُلُوس زيد وَقد يحذف متضايفان وَثَلَاثَة نَحْو: {فَإِنَّهَا من تقوى الْقُلُوب} [الْحَج: 32] أَي فَإِن تعظيمها من أَفعَال ذَوي تقَوِّي {قَبْضَة من أثر الرَّسُول} [طه: 96] أَي أثر حافر فرس الرَّسُول {فَكَانَ قاب قوسين} [النَّجْم: 9] أَي مِقْدَار مَسَافَة قربه مثل قاب ثمَّ الْأَفْصَح نِيَابَة الثَّانِي أَي الْمُضَاف إِلَيْهِ عَن الْمُضَاف فِي أَحْكَامه من الْإِعْرَاب كَمَا تقدم والتذكير نَحْو: 1251 - (يَسْقُون مَنْ وَرَدَ البَريصَ عَلَيْهمُ ... بَرَدَى يُصفّقُ بالرّحيق السّلسَل) أَي مَاء بردى وَإِلَّا لقَالَ تصفق وَهُوَ نهر بِدِمَشْق أَلفه للتأنيث والتأنيث نَحْو: 1252 - (والمسْكُ من أرْدانِها نافِحَهْ ... ) أَي رَائِحَته وعود ضَمِيره نَحْو: {وَتلك الْقرى أهلكناهم} [الْكَهْف: 59] أَي أَهلهَا وَغير ذَلِك كَحَدِيث: (إِن هذَيْن حرَام على ذُكُور أمتِي) أَي اسْتِعْمَال هذَيْن

وَفِي نيابته عَنهُ فِي التنكير إِذا كَانَ الْمُضَاف الْمَحْذُوف مثلا خلف فَقَالَ ابْن مَالك تبعا للخليل نعم وَلذَلِك نصب على الْحَال نَحْو (تفَرقُوا أيادي سبأ) أَي مثلهَا أَو ركب مَعَ (لَا) كَحَدِيث: (إِذا هلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده) وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ لَا وَيجوز إبْقَاء جَرّه إِن عطف على مماثل للمحذوف أَو مُقَابل لَهُ فَالْأول نَحْو: 1253 - (أَكُلَّ امْرئ تَحْسبين امْرَءًا ... ونار تَوقَّدُ باللّيل نَارا) أَي وكل نَار وَالثَّانِي نَحْو: {تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا وَالله يُرِيد الْآخِرَة} [الْأَنْفَال: 67] أَي مَا فِي الْآخِرَة وَشرط ابْن مَالك للْجُوَاز اتِّصَال العطب كَمَا مثل أَو فَصله بِلَا نَحْو 1254 - {وَلم أَرَ مِثْلَ الْخَيْر يَتْركُهُ الْفَتى ... وَلَا الشرِّ يَأْتِيهِ امرؤٌ وَهُوَ طائِعُ} وَلم يَشْتَرِطه الْأَكْثَرُونَ كَمَا فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة (و) شَرط قوم سبق نفي أَو اسْتِفْهَام كَمَا تقدم فِي الْأَمْثِلَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح جَوَازه مَعَ عدمهما كَقَوْلِه:

1255 - (لَوَ أنَّ طَبِيب الْإِنْس والجنِّ دَاوَيا الّذِي ... بِي من عَفْراءَ مَا شَفَيَاني) وَقَوله: 1256 - (كل مُثْر فِي رهطه ظاهِرُ العِزْز ... وَذي غُرْبَةٍ وفقر مَهينُ) (و) الْجَرّ (دون عطف ضَرُورَة) كَقَوْلِه: 1257 - (الآكِلُ المالَ الْيَتِيم بَطَرَا ... ) أَي مَال الْيَتِيم خلافًا للكوفية فِي تجويزهم ذَلِك فِي الِاخْتِيَار حكوا أطعمونا لَحْمًا سمينا شَاة أَي لحم شَاة فقاسوا عَلَيْهِ نَحْو يُعجبنِي ضرب زيد أَي ضرب زيد والبصريون حملُوا ذَلِك على الشذوذ ويحذف الْمُضَاف إِلَيْهِ منويا وَيكثر هَذَا الْحَذف فِي الْأَسْمَاء التَّامَّة ويقل فِي غَيرهَا كقبل وَبعد وَنَحْوهمَا وَقَالَ ابْن عُصْفُور لَا يُقَاس إِلَّا فِي مُفْرد مضافه زمَان وَقد يبْقى الْمُضَاف بِلَا تَنْوِين إِن عطف هُوَ على مُضَاف لمثله أَو عطف عَلَيْهِ مُضَاف لمثله فَالْأول نَحْو حَدِيث البُخَارِيّ عَن أبي بَرزَة: (غزوت مَعَ رَسُول الله سبع غزوات أَو ثَمَانِي) بِفَتْح الْيَاء بِلَا تَنْوِين وَالثَّانِي نَحْو حَدِيث أَنه قَالَ (تحيضين فِي علم الله سِتَّة أَو سَبْعَة أَيَّام) وَخَصه الْفراء بالمصطحبين كَالْيَدِ وَالرجل نَحْو قطع الله يَد وَرجل من قَالَهَا ... وَالنّصف وَالرّبع وَقبل وَبعد بِخِلَاف نَحْو دَار وَغُلَام فَلَا يُقَال اشْتريت دَار وَغُلَام زيد

الفصل بين المتضايفين

قَالَ ابْن مَالك وَقد ينفى بِلَا تَنْوِين من غير عطف كَقِرَاءَة ابْن مُحَيْصِن ( {فَلَا خوف عَلَيْهِم} [الْبَقَرَة: 38] أَي لَا خوف شَيْء عَلَيْهِم وَقَوله: 1258 - (سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخر ... ) الْفَصْل بَين المتضايفين مَسْأَلَة لَا يفصل بَين المتضايفين أَي الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ اخْتِيَارا لِأَنَّهُ من تَمَامه ومنزل مِنْهُ منزلَة التَّنْوِين إِلَّا بمفعوله وظرفه على الصَّحِيح كَقِرَاءَة ابْن عَامر: {قتل أَوْلَادهم شركاؤهم} [الْأَنْعَام: 137] وَقُرِئَ {مخلف وعده رسله} [إِبْرَاهِيم: 47] وَحَدِيث البُخَارِيّ: (هَل أَنْتُم تاركو لي صَاحِبي) وَقَوله: (ترك يَوْمًا نَفسك وهواها سعي لَهَا فِي رداها) وَقَوله: 1259 - (كناحِتِ يَوْماً صَخْرةٍ بعسِيل ... )

وَقيل لَا يجوز بهما وعَلى الْمَفْعُول أَكثر النَّحْوِيين ورد فِي الظّرْف بِأَنَّهُ يتوسع فِيهِ وَفِي الْمَفْعُول بِثُبُوتِهِ فِي السَّبع المتواترة وَحسنه كَون الْفَاصِل فضلَة فَإِنَّهُ يصلح بذلك لعدم الِاعْتِدَاد وَكَونه غير أَجْنَبِي من الْمُضَاف ومقدر التَّأْخِير وَخرج بمفعوله وظرفه الْمَفْعُول والظرف الأجنبيان فالفصل بهما ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1260 - (تُسْقي امتياحاً ندي المسواكَ ريقتِها ... )

وَقَوله: 1261 - (كَمَا خْطَّ الكتابُ بكفِّ يًوْماً ... يَهُوديٍّ ... ... ... ... ... . .) وَقَوله:

1262 - (هما أخَوا فِي الحرْب من لَا أَخا لَهُ ... ) وَجوزهُ أَي الْفَصْل الكوفية مُطلقًا بالظرف وَالْمَجْرُور وَغَيرهمَا (و) جوزه يُونُس بالظرف وَالْمَجْرُور غير المستقل وَجوزهُ ابْن مَالك بقسم حكى الْكسَائي هَذَا غُلَام وَالله زيد وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة إِن الشَّاة لتجتر فَتسمع صَوت وَالله رَبهَا وَإِمَّا كَقَوْلِه: 1263 - (هما خُطّتا إمّا إسار ومِنّهٍ ... وَإِمَّا دَم والمَوْتُ بالحُرِّ أجْدرُ) ذكرهَا فِي الكافية وَالْأول فِي الْخُلَاصَة وَلَا ذكر لَهما فِي التسهيل وَيجوز الْفَصْل ضَرُورَة لَا اخْتِيَارا بنعت نَحْو: 1264 - (منِ ابْن أبي شيْخ الأباطِح طَالِبِ ... )

ونداء قَالَ فِي شرح الكافية كَقَوْلِه: 1265 - (كأنّ برْذَوْن أَبَا عِصام ... زيدٍ حمارٌ دُقَّ باللِّجام) أَرَادَ كَأَن برذون زيد يَا أَبَا عِصَام وَقَالَ ابْن هِشَام يحْتَمل أَن يكون (أَبَا) هُوَ الْمُضَاف إِلَيْهِ على لُغَة الْقصر وَزيد بدل أَو عطف بَيَان وَمثله أَبُو حَيَّان بقول زُهَيْر 1266 - (وفاقُ كَعْبُ بُجَير منْقِذ لَكَ مِنْ ... تَعْجيل تَهْلكَةٍ والخُلْدِ فِي سَقَرا) أَي يَا كَعْب وفاعل يتَعَلَّق بالمضاف أَو غَيره كَقَوْلِه: 1267 - (مَا إنْ وَجدْنا لِلْهَوى من طِبِّ ... وَلَا عَدِمْنا قَهْرَ وَجْدٌ صَبِّ) وَقَوله: 1268 - (أنْجَبَ أيّامَ والِدَاهُ بِهِ ... إذْ نَجَلاهُ فَنِعْم مَا نَجَلا)

وَفعل ملغي كَقَوْلِه: 1269 - (بأيِّ تراهُمُ الأرضينَ حَلُّوا ... ) أَي بِأَيّ الْأَرْضين تراهم حلوا ومفعول لَهُ أَي من أَجله كَقَوْلِه:

المضاف للياء

1270 - (أشمُّ كأنّهُ رجُلٌ عَبوسُ ... مُعاودُ جُرْأةً وَقْتِ الهوادي) أَي معاود وَقت الهوادي جرْأَة الْمُضَاف للياء مَسْأَلَة الْمُضَاف للياء بِكَسْر آخِره لمناسبة الْيَاء إِلَّا مثنى ومجموعا على حَده وَمَا حمل عَلَيْهِمَا ومعتلا لَا يجْرِي مجْرى الصَّحِيح فيسكن آخِره وَهُوَ الْألف من الأول والأخير وَالْوَاو من الثَّانِي وَالْيَاء من الثَّلَاثَة ثمَّ تُدْغَم فِي يَاء الْإِضَافَة الْيَاء الَّتِي فِي آخر الْكَلِمَة وَالْوَاو بعد قَلبهَا يَاء وَيكسر مَا قبلهَا إِن كَانَ ضما للمجانسة نَحْو وزيدي وقاضي ومسلمي وتسلم الْألف فَلَا تقلب فِي الْمثنى كزيداي والمقصور كعصاي ومحياي وقلبها يَاء فِي الْمَقْصُورَة لُغَة لهذيل وَغَيرهم كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان كَقَوْلِه: 1271 - (سَبَقُوا هَوَيَّ وأعْنَقُوا لهَوَاهُمُ ... )

وَقَرَأَ الْحسن (يَا بَشْرَايَ} [يُوسُف: 19] (و) قَلبهَا (فِي لَدَى وَإِلَى وعَلى) الاسمين أَكثر وَأشهر فِي اللُّغَات من السَّلامَة نَحْو لدي وَعلي الشَّيْء وَإِلَى وَبَعض الْعَرَب يَقُول لداي وعلاي نَقله أَبُو حَيَّان مُعْتَرضًا بِهِ على صَاحب التَّمْهِيد فِي نَفْيه ذَلِك ثمَّ الْيَاء الْمُضَاف إِلَيْهَا فِي غير الْمُفْرد الصَّحِيح تفتح كَمَا تقدم وَقد تكسر مَعَ الْمَقْصُور قَرَأَ الْحسن: {عصاي} [طه: 18] (و) قد تكسر المدغمة فِي جمع أَو غَيره كَقِرَاءَة حَمْزَة {بمصرخي} [إِبْرَاهِيم: 22] وَقَول الشَّاعِر:

1272 - (على لعَمْروا نعْمةٌ بعد نعْمَةٍ ... ) سمع بِكَسْر الْيَاء (و) الْيَاء فِيهِ أَي فِي الْمُفْرد الصَّحِيح تفتح وتسكن أَي يجوز كل مِنْهُمَا وَفِي الأَصْل مِنْهُمَا خلاف قيل الْفَتْح أصل لِأَنَّهُ حرف وَاحِد فقياسه التحريك بِهِ ثمَّ سكن تَخْفِيفًا وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي سبك المنظوم وَقيل السّكُون أصل لِأَنَّهُ حرف عِلّة ضمير فَوَجَبَ السّكُون كواو ضربوا وَلِأَن بِنَاء الْحَرْف على حَرَكَة إِنَّمَا هُوَ لتعذر الِابْتِدَاء بِهِ والمتصل بِغَيْرِهِ لَا تعذر فِيهِ وَقل حذفهَا أَي الْيَاء مَعَ كسر المتلو أَي مَا قبلهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {فبشر عباد الَّذين} [الزمر: 17، 18] بِحَذْف الْيَاء وصلا ووقفا خطا (و) قل قَلبهَا ألفا كَقَوْلِه: 1273 - (أطوِّف مَا أُطوِّف ثمَّ آوي ... إِلَى أُمّا ويَرْويني النقيعُ) وَخَصه ابْن عُصْفُور بِالضَّرُورَةِ وَأطلق غَيره جَوَازه (و) قل حذفهَا أَي الْألف مَعَ فتح المتلو بِهِ دَالا عَلَيْهَا كَقَوْلِه: 1274 - (ولستُ بمدْرك مَا فَاتَ منِّي ... بلَهْفَ وَلَا بليَتَ وَلَا لَوَ أنِّي)

قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء وَمَعَ ضمه كَقَوْلِه: 1275 - (ذَريني إنّما خَطَئي وصَوْبي ... عليّ وَإِنَّمَا أهْلكْتُ مالُ) أَي مَالِي وَأنْكرهُ أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ وَقَالَ الْمَعْنى فِي الْبَيْت إِن الَّذِي أهلكته مَال لَا عرض قَالَ ابْن مَالك فَإِن كَانَت الْإِضَافَة غير مَحْضَة كإضافة مكرمي مرَادا بِهِ الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال فَلَا حذف وَلَا قلب لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ فِي نِيَّة الِانْفِصَال فَلم تمازح مَا اتَّصَلت بِهِ فتشبه يَاء قَاض فِي جَوَاز الْحَذف فَلَا حَظّ لَهَا فِي غير الْفَتْح والسكون قَالَ أَبُو حَيَّان وَغَيره من النَّحْوِيين لم يذكرُوا هَذَا الْقَيْد ثمَّ نَقله فِي الارتشاف عَن الْمجَالِس لثعلب وَالنِّهَايَة فَإِن نُودي الْمُضَاف للياء لَا بعد سَاكن فَفِيهَا أَي الْيَاء لُغَات أشهرها الْحَذف وأبقاء الْكسر دَالا عَلَيْهَا لِأَن المنادى كثير التَّغْيِير لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال نَحْو: {يَا عباد فاتقون} [الزمر: 16] فالإبقاء سَاكِنة يَلِيهِ فمفتوحة نَحْو {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا} [الزمر: 53] فقلبها ألفا يَلِيهِ نَحْو: {يَا حسرتى على مَا فرطت} [الزمر: 56] فحذفها أَي الْألف مَعَ فتح المتلو اسْتغْنَاء بِهِ عَنْهَا كَمَا استغنوا بِالْكَسْرِ على الْيَاء وَهَذَا الْوَجْه أجَازه الْأَخْفَش والمازني والفارسي وَمنعه الْأَكْثَرُونَ قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَاج إِلَى سَماع من الْعَرَب فِي النداء فَمَعَ ضمه أَي المتلو حَيْثُ لَا لبس يحصل بالمنادي الْمُفْرد قرئَ {قَالَ رب احكم بِالْحَقِّ} [الْأَنْبِيَاء: 112] {قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ} [يُوسُف: 33] أَي إِلَى يَا رب وَحكي سِيبَوَيْهٍ يَا قوم لَا تَفعلُوا وَيَا رب اغْفِر لي

وَوجه بِأَنَّهُ لما حذف المعاقب للتنوين بني على الضَّم كَمَا بني مَا لَيْسَ بمضاف إِذا حذف تنوينه قَالَ أَبُو حَيَّان وَالظَّاهِر أَن حكمه فِي الإتباع حِينَئِذٍ حكم الْمَبْنِيّ على الضَّم غير الْمُضَاف لَا حكم الْمُضَاف للياء وَأنْكرهُ أَي الضَّم ابْن هِشَام اللَّخْمِيّ وَقَالَ إِنَّمَا أجَازه سِيبَوَيْهٍ فِيمَا كثير إِرَادَة الْإِضَافَة فِيهِ وَقَالَ خطاب الماردي هُوَ رَدِيء قَبِيح لِأَنَّهُ يلتبس الْمُضَاف بِغَيْرِهِ أما بعد سَاكن مدغم أَو غَيره فَلَا سَبِيل إِلَى ... نَحْو يَا قَاضِي وَبني فَإِن كَانَ الْمُضَاف إِلَى الْيَاء فِي النداء أما أَو عَمَّا مَعَ ابْن وَابْنَة قل إِثْبَاتهَا وقلبها ألفا ثَابِتَة حَتَّى لَا يكَاد يُوجد إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1276 - (يَا ابْنَ أُمِّي وَيَا شُقَيِّقَ نَفْسِي ... ) وَقَوله: 1277 - (يَا ابْنَةَ عَمَّا لَا تَلُومي واهْجَعي)

وَغلب الْحَذف لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا فِي النداء مَعَ كسر الْمِيم دلَالَة على الْيَاء المحذوفة وَفتحهَا دلَالَة على الْألف المحذوفة المنقلبة على الْيَاء الْمُقدر فتح مَا قبلهَا لَا تركيبا خلافًا لسيبويه وَأَصْحَابه فِي قَوْلهم إِنَّه مركب مَبْنِيّ كَأحد عشر وبعلبك قَالَ تَعَالَى: {يَا بَنْؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي} [طه: 94] قرئَ فِي السَّبع بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح قَالَ قوم وَمَعَ ضمهَا أما غير أم وَعم مَعَ ابْن وَابْنَة فَلَا يحذف مِنْهُ الْيَاء كيا أخي وَيَا ابْن خَالِي وتزيد أم وَأب على الْحَذف والإبقاء وَالْقلب بوجوهها بقلبها أَي الْيَاء تَاء مَكْسُورَة وَهُوَ الْأَكْثَر ومفتوحة وَبهَا قرئَ فِي السَّبع قيل ومضمومة قَالَ الْفراء والنحاس وَحكى الْخَلِيل يَا أمت لَا تفعلي وَمنعه الزّجاج وَالأَصَح أَنَّهَا توصل أَي التَّاء عوض من الْيَاء أَو الْألف وَمن ثمَّ أَي من أجل ذَلِك لَا يَجْتَمِعَانِ اخْتِيَارا إِذْ لَا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض وَقَوْلهمْ يَا أبتا بِالْألف وَهِي الَّتِي توصل بآخر المنادى لبعد أَو استغاثة لَا المبدلة من الْيَاء كَالَّتِي فِي حسرتا وَأَجَازَ كثير من الْكُوفِيّين الْجمع بَينهمَا أَو ندب المنادى الْمُضَاف للياء فعلى السّكُون أَي على لُغَة من أثبتها سَاكِنة تفتح أَو تقلب فتحذف لِاجْتِمَاع أَلفَيْنِ نَحْو واعبديا واعبدا وعَلى لُغَة الْفَتْح تفتح فَقَط وتزاد الْألف وَلَا تحْتَاج إِلَى عمل ثَان لِأَن الْيَاء مهيأة لمباشرة الْألف بِفَتْحِهَا وعَلى لُغَة غَيره أَي الْحَذف مَعَ كسر المتلو أَو فَتحه أَو ضمه وَالْقلب ألفا تقلب ألفا وتحذف الْألف الندبة لِاجْتِمَاع أَلفَيْنِ وَقد يسْتَغْنى بالكسرة فِي المنادى فَلَا يجب رد الْيَاء فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ الْمَنْدُوب عِنْد الْجُمْهُور فَيُقَال يَا غُلَام واحيباه خلافًا للفراء فِي إِيجَابه الرَّد فَتَقول يَا غلامي واحييباه وَيُقَال فِي إِضَافَة ابنم إِلَى الْيَاء ابنمي وَيُقَال فِي فَم فِي برد الْوَاو الَّتِي هِيَ الأَصْل وقلبها يَاء وإدغامها فِي الْيَاء وَقل فمي وَقيل لَا يجوز إِلَّا فِي الضَّرُورَة لِأَن الْإِضَافَة ترد إِلَى الأَصْل وَاسْتدلَّ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان على جَوَاز إبْقَاء الْمِيم بِحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ (لخلوف فَم الصَّائِم) (و) يُقَال فِيهِ

الجر بالمجاورة

فِي لُغَة التَّضْعِيف (فمي) وَالْقصر (فماي) وَيُقَال فِي أَب وَإِخْوَته أبي وَأخي وحمي وهني بِلَا رد لِأَنَّهُ الْمُسْتَعْمل كالإضافة إِلَى غير الْيَاء نَحْو إِن هَذَا أخي وَجوز الكوفية والمبرد وَابْن مَالك أَن يُقَال أبي برد اللَّام كَقَوْلِه: 1278 - (كأنْ أبيِّ كَرَمًا وسودا ... يُلْقِي على ذِي اللّبَد الجديدا) زَاد ابْن مَالك وَأخي قَالَ وَلم أجد لَهُ شَاهدا لَكِن أجيزه قِيَاسا على أبي كَمَا فعل الْمبرد وَيُقَال على الْمُخْتَار فِي ذِي ذِي لِأَن الأَصْل فِي الرّفْع ذَوي قلبت الْوَاو يَاء وأدغمت فِيهَا كالجر وَالنّصب وَمُقَابل الْمُخْتَار هُوَ منع إضافتها إِلَى الضَّمِير الْجَرّ بالمجاورة خَاتِمَة فِي سَبَب للجر ضَعِيف أثبت الْجُمْهُور من الْبَصرِيين والكوفيين الْجَرّ بالمجاورة للمجرور فِي نعت كَقَوْلِهِم هَذَا جُحر ضَب خرب وتوكيد كَقَوْلِهِم: 1279 - (يَا صَاحِ بلِّغ ذَوي الزَّوجات كُلِّهِمُ ... ) بجر كلهم على الْمُجَاورَة لِأَنَّهُ توكيد لِذَوي الْمَنْصُوب لَا لِلزَّوْجَاتِ وَإِلَّا لقَالَ كُلهنَّ زَاد قوم وَعطف نسق كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأْرْجُلِكُمْْ} [الْمَائِدَة: 6] فَإِنَّهُ مَعْطُوف على وَأَيْدِيكُمْ لِأَنَّهُ مَوْصُول قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ

ضَعِيف جدا وَلم يحفظ من كَلَامهم قَالَ وَالْفرق بَينه وَبَين النَّعْت والتوكيد أَنَّهُمَا تابعان بِلَا وَاسِطَة فهما أَشد مجاورة من الْعَطف المفصول بِحرف الْعَطف وَأجِيب عَن الْآيَة بِأَن الْعَطف فِيهَا على الْمَجْرُور الْمَمْسُوح إِشَارَة إِلَى مسح الْخُف وَزَاد ابْن هِشَام فِي شرح الشذور وَعطف بَيَان وَقَالَ لَا يمْتَنع فِي الْقيَاس جَرّه على الْجوَار لِأَنَّهُ كالنعت والتوكيد فِي مجاورة الْمَتْبُوع أما الْبَدَل فَقَالَ أَبُو حَيَّان لَا يحفظ من كَلَامهم وَلَا خرج عَلَيْهِ أحد شَيْئا قَالَ وَسَببه أَنه مَعْمُول لعامل آخر غير الْعَامِل الأول على الْأَصَح وَلذَلِك يجوز إِظْهَاره إِذا كَانَ حرف جر بِإِجْمَاع فبعدت مُرَاعَاة الْمُجَاورَة وَنزل منزلَة جملَة أُخْرَى وَكَذَا قَالَ ابْن هِشَام وَأنْكرهُ أَي الْجَرّ بالمجاورة مُطلقًا السيرافي وَابْن جني وَقَالَ الأول الأَصْل هَذَا جُحر ضَب خرب الْجُحر مِنْهُ كمررت بِرَجُل حسن الْوَجْه مِنْهُ ثمَّ حذف الضَّمِير للْعلم بِهِ ثمَّ أضمر الْجُحر فَصَارَ خرب وَقَالَ الثَّانِي أَصله خرب جُحْره نَحْو حسن وَجهه ثمَّ نقل الضَّمِير فَصَارَ خرب الْجُحر ثمَّ حذف ورد بِأَن إبراز الضَّمِير حِينَئِذٍ وَاجِب للإلباس وَبِأَن مَعْمُول هَذِه الصّفة لِضعْفِهَا لَا يتَصَرَّف فِيهِ بالحذف وقصره الْفراء على السماع وَمنع الْقيَاس على مَا جَاءَ مِنْهُ فَلَا يجوز هَذِه جحرة ضَب خربة بِالْجَرِّ وَخَصه قوم بالنكرة كالمثال ورد بِمَا حَكَاهُ أَبُو مَرْوَان كَانَ وَالله من رجال الْعَرَب الْمَعْرُوف لَهُ بذلك

وَخَصه الْخَلِيل بِغَيْر المثني أَي بالمفرد وَالْجمع فَقَط قيل (و) بِغَيْر (الْجمع) أَيْضا بالمفرد فَقَط لَا يجوز عَلَيْهِمَا هَذَانِ جُحر ضَب خربين وَلَا على الثَّانِي هَذِه جحرة ضَب خربة وَالْجَوَاز فِي الْمثنى معزو إِلَى سبيويه قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاسه الْجَوَاز فِي الْجمع وَالْمَانِع قَالَ لم يرد إِلَّا فِي الْإِفْرَاد وَهُوَ قريب من رَأْي الْفراء

الجوزام

الجوزام أَي هَذَا مبحثها لَام الطّلب أَي أَحدهَا لَام الطّلب أمرا كَانَ نَحْو: {فلينفق} [الطَّلَاق: 7] أَو دُعَاء نَحْو: {ليَقْضِ علينا رَبك} [الزخرف: 77] وحركتها الْكسر لضَرُورَة الِابْتِدَاء وَفتحهَا لُغَة لسليم طلبا للخفة وَقيل إِنَّمَا تفتح على هَذِه اللُّغَة إِن فتح تَالِيهَا بِخِلَاف مَا إِذا انْكَسَرَ نَحْو لتيذن أَو ضم نَحْو لتكرم وَقيل إِنَّمَا تفتح عَلَيْهَا إِن استؤنفت أَي لم تقع بعد الْوَاو أَو الْفَاء أَو ثمَّ حَكَاهَا الْفراء وتسكن أَي يجوز تسكينها رُجُوعا إِلَى الأَصْل فِي الْمَبْنِيّ ومشاكله عَملهَا تلو وَاو وَفَاء وَثمّ نَحْو {فليستجيبوا} [الْبَقَرَة: 186] {ثمَّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا} [الْحَج: 29] {وليتمتعوا} [العنكبوت: 66] وَقُرِئَ بِالتَّحْرِيكِ فِي الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة فَقَط وَقيل يقل مَعَ ثمَّ لِأَن التسكين إِنَّمَا كثر فِي الْأَوَّلين لشدَّة اتصالهما بِمَا بعدهمَا لِكَوْنِهِمَا على حرف فصارا مَعَه ككلمة وَاحِدَة فَخفف بِحَذْف الْكسر وَمن ثمَّ حملت عَلَيْهِمَا فَلَا تبلغ فِي الْكَثْرَة مبلغهما وَقيل هُوَ مَعهَا ضَرُورَة لَا يجوز فِي الِاخْتِيَار قَالَه خطاب وَأنكر قِرَاءَة حَمْزَة وَهُوَ مَرْدُود قَالَ أَبُو حَيَّان مَا قرئَ بِهِ فِي السَّبْعَة لَا يرد وَلَا يُوصف بِضعْف وَلَا بقلة

وَتلْزم اللَّام فِي أَمر فعل غير الْفَاعِل الْمُخَاطب أَي فِي الْغَائِب والمتكلم وَالْمَفْعُول نَحْو ليقمْ زيد {ولنحمل خطاياكم} [العنكبوت: 12] قومُوا فلأصل لكم لتعن بحاجتي وَثقل فِي أَمر مُتَكَلم لِأَن أَمر الْإِنْسَان لنَفسِهِ قَلِيل الِاسْتِعْمَال وتقل اللَّام فِي أَمر فَاعل مُخَاطب نَحْو {فبذلك فليفرحوا} [يُونُس: 58] وَحَدِيث لِتَأْخُذُوا مَصَافكُمْ وَالْأَكْثَر أمره بِصِيغَة افْعَل قَالَ الرضي فَإِن كَانَ الْمَأْمُور جمَاعَة بَعضهم غَائِب فَالْقِيَاس تَغْلِيب الْحَاضِر فيؤتي بالصيغة ويقل الْإِتْيَان بِاللَّامِ وحذفها أَي اللَّام فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا يجوز مُطلقًا حَتَّى فِي الِاخْتِيَار بعد قَول أَمر وَهُوَ رَأْي الْكسَائي قَالَ كَقَوْلِه تَعَالَى: {قل لعبادي الَّذين آمنُوا يقيموا} [إِبْرَاهِيم: 31] أَي ليقيموا ثَانِيهَا لَا يجوز مُطلقًا وَلَا فِي الشّعْر وَهُوَ رَأْي الْمبرد ثَالِثهَا وَهُوَ الصَّحِيح يجوز فِي الشّعْر فَقَط كَقَوْلِه: 1280 - (مُحَمّد تَفْدِ نَفْسَك كُلُّ نَفْس ... )

لا الطلبية

وَلَا يجوز فِي الِاخْتِيَار سَوَاء تقدم أَمر بالْقَوْل أَو قَول غير أَمر أم لم يتقدمه والجزم فِي الْآيَة لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر أَو جَوَاب شَرط مَحْذُوف كَمَا سَيَأْتِي وَرَابِعهَا يجوز فِي الِاخْتِيَار بعد قَول وَلَو كَانَ غير أَمر نَحْو قلت لزيد يضْرب عمرا أَي ليضْرب وَلَا يجوز غَيره إِلَّا ضَرُورَة وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَجعله أقل من حذفهَا بعد قَول أَمر وَاسْتدلَّ فِيهِ بقوله: 1281 - (قلت لبوَّابٍ لَدَيْهِ دارها ... تِيذَنْ فَإِنِّي حَمْؤُها وجارُها) قَالَ وَلَيْسَ بضرورة لتمكنه من أَن يَقُول أيذن أَو تيذن إِنِّي وَلَا تفصل اللَّام عَمَّا عملت فِيهِ لَا بمعموله وَلَا بِغَيْرِهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي أَشد اتِّصَالًا من حُرُوف الْجَرّ لِأَنَّهُ قد رُوِيَ فِيهِ الْفَصْل وَلم يجز ذَلِك مِنْهَا لِأَن عَامل الْجَزْم أَضْعَف من عَامل الْجَرّ لَا الطلبية أَي الثَّانِي (لَا الطلبية) أَي الْمَطْلُوب بهَا التّرْك سَوَاء النَّهْي نَحْو: {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} [الْبَقَرَة: 237] وَالدُّعَاء نَحْو: {لَا تُؤَاخِذنَا} [الْبَقَرَة: 286] (وَلَيْسَ أَصْلهَا (لَا) النافية) والجزم بلام الْأَمر مقدرَة قبلهَا وحذفت كَرَاهَة اجْتِمَاع لامين (وَلَا) أَصْلهَا (لَام الْأَمر) زيدت عَلَيْهَا ألف ففتحت لأَجلهَا (خلافًا

لم

لزاعم ذَلِك) وَهُوَ السُّهيْلي فِي الأولى وَبَعْضهمْ فِي الثَّانِيَة قَالَ أَبُو حَيَّان لِأَن ذَلِك دَعْوَى لَا دَلِيل على صِحَّتهَا (وَجزم فعل الْمُتَكَلّم بهَا قَلِيل جدا) كَقَوْلِه (لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على أريكته يَأْتِيهِ الْأَمر مِمَّا أمرت بِهِ) الحَدِيث رَوَاهُ كَذَا وَالْأَكْثَر أَن يكون الْمنْهِي بهَا فعل الْغَائِب والمخاطب قَالَ الرضي على السوَاء وَلَا تخْتَص بالغائب كاللام وَفِي الارتشاف الْأَكْثَر كَونهَا للمخاطب ويضعف كَونهَا للْغَائِب كالمتكلم وَمن أمثلته: {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} [الْإِسْرَاء: 33] {لَا يتَّخذ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمرَان: 28] (وفصلها) من الْفِعْل (بمعمول مجزومها) نَحْو لَا الْيَوْم يضْرب زيد (قَلِيل أَو ضَرُورَة خلف) حَكَاهُ فِي الارتشاف وَمِنْه قَوْله: 1282 - (وَقَالُوا أخَانا لَا تَخشّع لظَالِم ... عَزِيز وَلَا ذَا حقّ قَوْمِك تَظْلِم) أَي وَلَا تظلم ذَا حق قَوْمك قَالَ فِي شرح الكافية وَهَذَا رَدِيء لِأَنَّهُ شَبيه بِالْفَصْلِ بَين حرف الْجَرّ وَالْمَجْرُور (وَجوز ابْن عُصْفُور والأبذي حذفه) أَي مجزومها وإبقاءها لدَلِيل نَحْو اضْرِب زيدا إِن أَسَاءَ وَإِلَّا فَلَا وَتوقف أَبُو حَيَّان فَقَالَ يحْتَاج إِلَى سَماع عَن الْعَرَب لم 3 - أَي الثَّالِث (لم) وَهِي حرف نفي (وتختص بمصاحبة أدوات الشَّرْط) نَحْو إِن تقم لم أقِم بِخِلَاف (لما) فَلَا تصاحبها قَالَ الرضي كَأَنَّهُ لكَونهَا

فاصلة قَوِيَّة بَين الْعَامِل الْحرفِي وَشبهه وَقَالَ غَيره لِأَن مثبتها وَهُوَ (قد فعل) لَا يصحبها بِخِلَاف مُثبت لم (وَجَوَاز انْفِصَال نَفيهَا عَن الْحَال) لِأَنَّهَا لمُطلق الانتفاء فَتكون للمتصل بِهِ نَحْو: {وَلم أكن بدعائك رب شقيا} [مَرْيَم: 4] وَلغيره نَحْو: {لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} [الْإِنْسَان: 1] وَلِهَذَا جَازَ لم يكن ثمَّ كَانَ وَدخُول الْهمزَة عَلَيْهَا بِخِلَاف اللَّام وَلَا وَالْأَكْثَر كَونهَا أَي الْهمزَة الدَّاخِلَة عَلَيْهَا للتقرير أَي حمل الْمُخَاطب على الْإِقْرَار أَي الِاعْتِرَاف بِثُبُوت مَا بعْدهَا نَحْو: {ألم نشرح لَك صدرك} [الشَّرْح: 1] وَلِهَذَا عطف عَلَيْهِ الْمُوجب (وَضعنَا) ورفعنا) وَقد يَجِيء لغيره كالإبطاء نَحْو: {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع} [الْحَدِيد: 16] والتوبيخ نَحْو: {أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم} [فاطر: 37] وَقد تدخل على (لما) لَكِن دُخُولهَا على (لم) أَكثر وفصلها عَن الْفِعْل بمعمول مجزومها وحذفه أَي مجزومه كِلَاهُمَا ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1283 - (فأضحت مَغَانِيها قِفاراً رسُومُها ... كأنْ لَمْ سِوى أهْل من الْوَحْش تُؤْهَل) وَقَوله: 1284 - (احْفَظُ وَدِيعَتك الَّتِي استُودِعُتها ... يَوْم الأعازب إنْ وَصَّلتَ وإنْ لَم)

لما

وَلَا يجوزان فِي الِاخْتِيَار وَقد تهمل فَلَا تجزم حملا على (مَا) وَقيل (لَا) كَقَوْلِه: 1285 - (لَوْلَا فَوارسُ من نُعم وأُسْرَتُهُمْ ... يَوْمَ الصُّلَيْفاء لم يُوفُونَ بالجار) وَهل هُوَ ضَرُورَة أَو لُغَة خلاف وَالنّصب بهَا لُغَة حَكَاهَا اللحياني وَقُرِئَ {ألم نشرح} [الشَّرْح: 1] لما (4) أَي الرَّابِع (لما) قَالَ الْأَكْثَر هِيَ مركبة من لم الجازمة وَمَا الزَّائِدَة كَمَا فِي (أما) وَقَالَ بَعضهم هِيَ بسيطة وَيجب اتِّصَال نَفيهَا بِالْحَال ويعبر عَن ذَلِك بالاستغراق فقولك (لما يقم) دَلِيل على انْتِفَاء الْقيام إِلَى زمن الْإِخْبَار وَلِهَذَا لَا يجوز ثمَّ قَامَ بل وَقد يقوم

وَقيل يغلب ذَلِك وَلَا يجب فقد لَا يتَّصل بِهِ وَقيل إِنَّمَا يكون لنفي الْمَاضِي الْقَرِيب من الْحَال دون الْبعيد وَهَذَا القَوْل أخص من الأول وَجزم بِهِ ابْن هِشَام فَلَا يُقَال لما يكن زيد فِي الْعَام الْمَاضِي وَقَالَ الأندلسي شَارِح الْمفصل هِيَ (كلم) تحْتَمل الِاتِّصَال والانفصال وَيكون منفيها متوقعا ثُبُوته نَحْو: {لما يَذُوقُوا عَذَاب} [ص: 8] أَي لم يذوقوه إِلَى الْآن وذوقه لَهُم متوقع بِخِلَاف (لم) فَلَا يكون منفيها متوقعا وَلِهَذَا يُقَال لم يقْض مَا لَا يكون دون (لما) وَهَذَا معنى قَوْلهم (لم) لنفي فعل وَلما لنفي قد فعل ويحذف مجزومها لدَلِيل كَقَوْلِه: 1286 - (فَجئْت قُبورُهم بَدْءاً ولمّا ... فنادْيتُ الْقُبُور فَلم يُجبْنَهُ) وَتقول شارفت الْمَدِينَة وَلما أَي وَلما أدخلها قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا أحسن مَا يخرج عَلَيْهِ قِرَاءَة {وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا} [هود: 111] أَي لما ينقص من عمله بِدَلِيل: {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} [هود: 111] قَالَ وَقد خرجه على ذَلِك ابْن الْحَاجِب وَمُحَمّد ابْن مَسْعُود الغزني فِي البديع لكنه قدره (لما يوقنوا) بِدلَالَة: {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ} [هود: 110] قَالَ وَإِنَّمَا جَازَ فِي (لما) دون (لم) لِأَنَّهُ يقوم بِنَفسِهِ بِسَبَب أَنه مركب من (لم) و (مَا) وَكَأن (مَا) عوض من الْمَحْذُوف انْتهى وَقَالَ غَيره لِأَن مثبتها وَهُوَ (قد فعل) يجوز فِيهِ ذَلِك بِأَن يقْتَصر على قد كَقَوْلِه:

أدوات الشرط

1287 - (وكَأنْ قَدِ ... ) وفصله مِنْهَا ضَرُورَة وَأَجَازَهُ الْفراء بِشَرْط إِن فيهمَا أَي فِي لم وَلما نَحْو لم أَو لما إِن تزرني أزرك وَمنعه هِشَام أدوات الشَّرْط وَمِنْهَا أَي الجوازم أدوات الشَّرْط وَهِي (إِن) أم الْبَاب (وَمَا وَمن وَمهما) بِمَعْنى (مَا) وَقيل أَعم مِنْهَا (وَهِي بسيطة وَزنهَا فعلى وألفها تَأْنِيث) وَلذَا لم تنون بَاقِيَة على التنكير أَو يُسمى بهَا أَو إِلْحَاق وَزَالَ تنوينها للْبِنَاء أَو مركبة من مَا الجزائية وَمَا الزَّائِدَة كَمَا قيل فِي (مَتى مَا) و (أما) ثمَّ أبدلت الْهَاء من الْألف الأولى دفعا للتكرار لتقاربهما فِي الْمَعْنى وَهُوَ رَأْي الْخَلِيل وَاخْتَارَهُ الرضي قِيَاسا على أخوتها (أَو) مركبة من (مَه) بِمَعْنى كف (وَمَا الشّرطِيَّة) وَهُوَ رَأْي الْأَخْفَش والزجاج ورد بِأَنَّهُ لَا معنى للكف هُنَا إِلَّا على بعد وَهُوَ أَن يُقَال فِي مهما تفعل أفعل إِنَّه رد لكَلَام مُقَدّر كَأَنَّهُ قيل لَا تقدر على مَا أفعل (أَو) هِيَ (مَه) الْمَذْكُورَة وأضيفت لما الشّرطِيَّة وَهُوَ رَأْي سبيويه أَقْوَال قَالَ أَبُو حَيَّان الْمُخْتَار أَولهَا وَهُوَ البساطة لِأَنَّهُ لم يقم على التَّرْكِيب دَلِيل وَقَول أَصْلهَا (ماما) دَعْوَى أصل لم ينْطق بِهِ فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع

متى وأيان

مَتى وأيان (وَمَتى وأيان) وهما ظرفا زمَان للْعُمُوم نَحْو مَتى تقم أقِم وأيان تقم أقِم وَكسر همزَة (إيان لُغَة) لسليم (وَأنكر قوم جزمها لقلته) وَكَثْرَة وُرُوده أستفهاما نَحْو: {أَيَّانَ مرْسَاها} [النازعات: 42] {أَيَّانَ يبعثون} [النَّحْل: 21] قَالَ أَبُو حَيَّان وَمِمَّنْ لم يحفظ الْجَزْم بهَا سِيبَوَيْهٍ لَكِن حفظه أَصْحَابه وتختص إِذا وَردت فِي الِاسْتِفْهَام بمستقبل كَمَا تقدم فَلَا يستفهم بهَا عَن الْمَاضِي كَذَا قَالَ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان وَلم يحكيا فِيهَا خلافًا وَأطلق السكاكي والقزويني فِي الْإِيضَاح كَونهَا للزمان ومثلا بأيان جِئْت وَهُوَ يشْعر بِأَنَّهَا تسْتَعْمل فِي الْمَاضِي وَالصَّوَاب خِلَافه وَقد قَيده فِي تلخيصه نعم نقل عَن عَليّ بن عِيسَى الربعِي أَنَّهَا تخْتَص بمواقع التفخيم نَحْو: {أَيَّانَ يَوْم الدّين} [الذاريات: 12] {أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة} [الْقِيَامَة: 6] وَالْمَشْهُور أَنَّهَا لَا تخْتَص بِهِ بِخِلَاف مَتى إِذا استفهم بهَا فَإِنَّهَا يَليهَا الْمَاضِي والمستقبل حَيْثُمَا أَيْن وأنى (وحيثما أَيْن أَنى) وَالثَّلَاثَة ظروف للمكان عُمُوما وَقد تخرج (أَيْن) عَن الشّرطِيَّة فَتَقَع استفهاما بِخِلَاف (حَيْثُمَا)

أي

وَتَقَع (أَنى) استفهاما بِمَعْنى (مَتى) نَحْو: {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} [الْبَقَرَة 223] وَبِمَعْنى من أَيْن نَحْو: {أَنى لَك هَذَا} [آل عمرَان: 37] وَبِمَعْنى كَيفَ نَحْو: {أَنى يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا} [الْبَقَرَة: 259] وَاخْتَارَ أَبُو حَيَّان فِي الْآيَة الأولى أَنَّهَا شَرْطِيَّة أُقِيمَت فِيهَا الْأَحْوَال مقَام الظروف المكانية وَالْجَوَاب مَحْذُوف أَي (وَأي) وَهِي بِحَسب مَا تُضَاف إِلَيْهِ فَإِن أضيفت إِلَى ظرف مَكَان فظرف مَكَان نَحْو أَي جِهَة تجْلِس أَجْلِس أَو زمَان أَو مفعول أَو مصدر فَكَذَلِك وَهِي لعُمُوم الْأَوْصَاف إِذْ مَا (وَإِذ مَا وَأنكر قوم الْجَزْم بهَا) وخصوه بِالضَّرُورَةِ كإذا مَا وَمهما (وَلَا ترد (مَا) وَلَا (مهما) للزمان) وَقيل تردان لَهُ وَجزم بِهِ الرضي قَالَ نَحْو مَا تجْلِس من الزَّمَان أَجْلِس فِيهِ وَمهما تجْلِس من الزَّمَان أَجْلِس فِيهِ وَحمل عَلَيْهِ بَعضهم قَوْله: 1288 - (مَهْمَا تُصِبْ أُفُقًا من بَارِقِ تَشِم ... )

أَي أَي وَقت تصب بارقا من أفق فَقلب وَاسْتدلَّ لَهُ ابْن مَالك بقوله: 1289 - (وإنّك مَهما تُغْطِ بَطْنَك سُؤْلَهُ ... وفَرْجَكَ نالا مُنْتَهى الذَّمِّ أَجْمَعَا) ورد بِجَوَاز كَونهَا للمصدر أَي إِعْطَاء كثيرا أَو قَلِيلا (وَلَا) ترد (مهما حرفا) بل تلْزم الاسمية وَقَالَ خطاب والسهيلي ترد حرفا بِمَعْنى (إِن) كَقَوْلِه: 1290 - (ومَهْمَا تكن عِنْد امْرئ من خَلِيقَة ... وإنْ خَالها تَخْفَى على النَّاس تُعْلم) إِذْ لَا مَحل لَهَا وَأجِيب بِأَنَّهَا خبر (تكن) و (خَلِيقَة) اسْمهَا أَو مُبْتَدأ وَاسم (تكن) ضميرها (وَمن خَلِيقَة) تَفْسِيره والظرف خبر (وَلَا) ترد (مهما استفهاما) وَقيل ترد لَهُ قَالَه ابْن مَالك كَقَوْلِه: 1291 - (مَهْما لِيَ اللّيْلَةَ مَهْما لِيَهْ ... ) فمهما مبتدأه خَبره (لي) وَأجِيب بِاحْتِمَال أَن (مَه) اسْم فعل واستؤنف الِاسْتِفْهَام ب (مَا) وَحدهَا (وَلَا تجر) مهما بِحرف وَلَا إِضَافَة فَلَا يُقَال على مهما تكن أكن وَلَا جِهَة مهما تقصد أقصد وَقَالَ ابْن عُصْفُور يجوز ذَلِك كَسَائِر الأدوات

إن بمعنى إذ وإذا

إِن بِمَعْنى إِذْ وَإِذا (وَلَا) ترد (إِن بِمَعْنى إِذْ) وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ ترد بمعناها نَحْو: {وَاتَّقوا الله إِن كُنْتُم مُؤمنين} [الْمَائِدَة: 57] {لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله} [الْفَتْح: 27] إِذْ لَا يَصح هُنَا معنى (إِن) وَهُوَ الشَّك وَأجِيب بِأَنَّهَا فِي الأولى شَرط جِيءَ بهَا للتهيج كَقَوْلِك لابنك إِن كنت ابْني فَلَا تفعل كَذَا وَفِي الثَّانِيَة لتعليم الْعباد كَيفَ يَتَكَلَّمُونَ إِذا أخبروا عَن الْمُسْتَقْبل أَو إِن أَصله الشَّرْط ثمَّ صَار يذكر للترك (و) لَا ترد بِمَعْنى (إِذا) وَقَالَ قوم ترد بمعناها وتأولوا عَلَيْهِ الْآيَتَيْنِ السابقتين لِأَن إِذا تحْتَاج إِلَى جَوَاب كَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ إِن والشيئان إِذا تقاربا فَرُبمَا وَقع أَحدهمَا موقع الآخر (وَلَا تهمل) (إِن) فيرفع مَا بعْدهَا وَقيل نعم حملا على (لَو) قَالَه ابْن مَالك كَحَدِيث: (فَإنَّك إِن لَا ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك) إهمال مَتى (وَلَا) تهمل (مَتى) وَقيل نعم حملا على إِذا كَحَدِيث البُخَارِيّ: (وَإنَّهُ مَتى يقوم مقامك لَا يسمع النَّاس) قَالَ ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا شَيْء غَرِيب ثمَّ تكلم فِي استدلاله بِمَا أثر فِي الحَدِيث على إِثْبَات الْأَحْكَام النحوية

المجازاة بكيف

المجازاة بكيف (وَلَا يجازي بكيف) وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ وَكثير يجازى بهَا معنى لَا عملا وَيجب كَون فعلَيْهَا متفقي اللَّفْظ وَالْمعْنَى نَحْو كَيفَ تصنع أصنع وَلَا يجوز كَيفَ تجْلِس أذهب بالِاتِّفَاقِ (وَلَا تجزم بهَا) وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وقطرب نعم مُطلقًا وَقوم إِن اقترنت بِمَا نَحْو كيفكما تكن أكن (وَلَا) يجْزم (بِحَيْثُ وَإِذ) مجردين من (مَا) وَأَجَازَهُ الْفراء قِيَاسا على (أَيْن) وَأَخَوَاتهَا ورد بِأَنَّهُ لم يسمع فيهمَا إِلَّا مقرونين بهَا بِخِلَافِهَا (وَلَا) يجْزم الْمُسَبّب عَن صلَة الَّذِي وَعَن النكرَة الموصوفة وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ تَشْبِيها بِجَوَاب الشَّرْط فَيُقَال الَّذِي يأتيني أحسن إِلَيْهِ وكل رجل يأتيني أكْرمه وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك خلافًا لزاعميها أَي الْأَقْوَال فِي الْمسَائِل الْأَرْبَعَة عشرَة وَقد بيّنت (أدوات الشَّرْط) كلهَا (أَسمَاء إِلَّا إِن) فَإِنَّهَا حرف بالِاتِّفَاقِ والبواقي متضمنة مَعْنَاهَا فَلِذَا بيّنت أدوات الشَّرْط كلهَا أَسمَاء إِلَّا أَن فَإِنَّهَا حرف بالِاتِّفَاقِ والبواقي متضمنة مَعْنَاهَا فَلِذَا بيّنت إِلَّا أيا فَإِنَّهَا معربة (وَفِي إِذْ مَا خلف) فَذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَنَّهَا حرف كَإِن وَذهب الْمبرد وَابْن السراج والفارسي إِلَى أَنَّهَا اسْم ظرف زمَان وَأَصلهَا إِذْ الَّتِي هِيَ ظرف لما مضى فزيد عَلَيْهَا (مَا) وجوبا فِي الشَّرْط فَجزم بهَا وَاسْتدلَّ سِيبَوَيْهٍ لِأَنَّهَا لما ركبت مَعَ (مَا) صَارَت مَعهَا كالشيء الْوَاحِد فَبَطل دلالتها على مَعْنَاهَا الأول بالتركيب وَصَارَت حرفا وَنَظِير ذَلِك أَنهم حِين ركبُوا (حب) مَعَ (ذَا) فَقَالُوا حبذا زيد بَطل معنى: (حب) من الفعلية وَصَارَت مَعَ (ذَا) جُزْء كلمة وَصَارَت حبذا كلهَا اسْما بالتركيب وَخرجت عَن أصل وَضعهَا بِالْكُلِّيَّةِ (وتقتضي) أدوات الشَّرْط (جملتين الأولى شَرط وَالثَّانيَِة جَزَاء وَجَوَاب) أَي يُسمى كل مِنْهُمَا بِمَا ذكر قَالَ أَبُو حَيَّان وَالتَّسْمِيَة بالجزاء وَالْجَوَاب مجَاز وَوَجهه أَنه شابه الْجَزَاء من حَيْثُ كَونه فعلا مترتبا على فعل آخر فَأشبه الْفِعْل الْمُرَتّب على فعل آخر ثَوابًا عَلَيْهِ أَو عقَابا الَّذِي هُوَ حَقِيقَة الْجَزَاء وشابه الْجَواب من حَيْثُ كَونه لَازِما عَن القَوْل الأول فَصَارَ كالجواب الْآتِي بعد كَلَام السَّائِل

لو

(فَإِن كَانَا) أَي الشَّرْط وَالْجَزَاء (فعلين فَالْأَحْسَن أَن يَكُونَا مضارعين) كَمَا مر لظُهُور تَأْثِير الْعَمَل فيهمَا (ثمَّ) أَن يَكُونَا ماضيين للمشاكلة فِي عدم التأثر نَحْو: {إِن أَحْسَنْتُم أَحْسَنْتُم لأنفسكم} [الْإِسْرَاء: 7] (ثمَّ) أَن يكون الأول مَاضِيا وَالثَّانِي مضارعا لِأَن فِيهِ الْخُرُوج من الأضعف إِلَى الْأَقْوَى وَهُوَ من عدم التأثر إِلَى التأثر نَحْو إِن قَامَ أقِم (ثمَّ) أَن يكون الأول مضارعا وَالثَّانِي مَاضِيا وَهَذَا الْقسم أجَازه الْفراء فِي الِاخْتِيَار وَتَبعهُ ابْن مَالك (وَخَصه سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور بِالضَّرُورَةِ كَقَوْلِه: 1292 - (إِن تَصْرمُونا وصَلْنَاكُم وإنْ تَصِلُوا ... ملأتُمُ أنْفُس الأعْداء إرْهَاباَ) وَيجب استقبالهما لِأَن أدوات الشَّرْط من شَأْنهَا أَن تقلب الْمَاضِي إِلَى الِاسْتِقْبَال وتخلص الْمُضَارع لَهُ لَو (و (وَلَو) كَإِن) إِذا وَقعت شرطا فَإِنَّهَا كَذَلِك تقلب مَعْنَاهَا إِلَى الْمُسْتَقْبل فِي الْأَصَح كَغَيْرِهَا نَحْو {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} [الْمَائِدَة: 6] قَالَ أَبُو حَيَّان وَنقل عَن الْمبرد أَنه زعم أَن (إِن) تبقى على مدلولها من الْمُضِيّ وَلَا تغير أدوات الشَّرْط دلالتها عَلَيْهِ نَحْو: {إِن كنت قلته فقد عَلمته} [الْمَائِدَة: 116] {إِن كَانَ قَمِيصه قد} [يُوسُف: 26] (وَذَا الْفَاء مَعَ قد) ظَاهِرَة أَو مقدرَة حَال كَونه جَوَابا فِي الْأَصَح وَذكر ابْن مَالك تعبا للجزولي وَغير أَن الْفِعْل المقرون بِالْفَاءِ وَقد ظَاهِرَة أَو مقدرَة يكون جَوَاب الشَّرْط وَهُوَ ماضي اللَّفْظ وَالْمعْنَى نَحْو: {إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ} [يُوسُف: 77] {وَإِن كَانَ قَمِيصه قد من دبر فَكَذبت} [يُوسُف: 27] أَي فقد كذبت قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ مُسْتَحِيل من حَيْثُ إِن الشَّرْط يتَوَقَّف عَلَيْهِ مشروطه

فَيجب أَن يكون فِي الْخَارِج أَو فِي الذِّهْن وَذَلِكَ محَال فيتأول مَا ورد من ذَلِك على حذف الْجَواب أَي إِن سرق فتأس فقد سرق أَخ لَهُ من قبل وَمثله {وَإِن يُكذِّبُوك فقد كذبت رسل} [فاطر: 4] أَي فتسل فقد كذبت قَالَ وَسمي الْمَذْكُور جَوَابا لِأَنَّهُ مغن عَنهُ بِحَيْثُ لَا يجامعه لِكَثْرَة مَا اسْتعْمل كَذَلِك محذوفا (وَإِنَّمَا يصدر الشَّرْط بِفعل مضارع غير دُعَاء وَلَا ذِي تَنْفِيس مُثبت أَو مَعَ لَا أَو لم) نَحْو إِن تقم أقِم (إِن لَا يكنه فَلَا خير لَك فِي قَتله) {فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا فَاتَّقُوا النَّار} [الْبَقَرَة: 24] وَلَا يصدر بمضارع دُعَاء أَو مقرون بِالسِّين أَو سَوف (أَو) يصدر بِفعل مَاض عَار من قد وحرف نفي وَدُعَاء وجمود نَحْو إِن قَامَ زيد قُمْت وَلَا يصدر بماض مقرون بقد أَو بِحرف نفي أَو ذِي دُعَاء أَو جامد وَلَا بِفعل الْأَمر الْبَتَّةَ (وَلَو) كَانَ الْفِعْل (مضمرا فسره فعل) بعد معموله فَإِنَّهُ يجوز تصدير الشَّرْط بِهِ نَحْو: {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك} [التَّوْبَة: 46] التَّقْدِير إِن استجارك أحد من الْمُشْركين استجارك ف (استجارك) الْمُتَأَخر فسرت الأولى المضمرة وارتفع (أحد) على الفاعلية بهَا (وَكَونه) وَالْحَالة هَذِه مضارعا دون لم ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1293 - (يُثْنِي عَلَيْكَ وَأَنت أهلُ ثَنائِهِ ... ولَدَيْكَ إنْ هُو يَستَزدْك مَزيدُ) وَالِاخْتِيَار أَن يكون عِنْد الْإِضْمَار وَالتَّفْسِير إِمَّا مَاضِيا كَمَا تقدم أَو مضارعا مَقْرُونا بلم كَقَوْلِه: 1294 - (فَإِن أَنْت لم يَنْفَعْك عِلْمُك فانْتَسِبْ ... )

وَقَوله: 1295 - (فإنْ هُوَ لم يَحْمِل على النّفْسِ ضَيْمَها ... ) وَكَذَا تَقْدِيم الِاسْم على إِضْمَار الْفِعْل قبله وَالتَّفْسِير بعده (مَعَ غير إِن) من الأدوات ضَرُورَة والشائع وُقُوع ذَلِك مَعَ إِن وَحدهَا كَمَا تقدم واختصت بذلك لِأَنَّهَا أم الْبَاب وأصل أدوات الشَّرْط وَمن الضَّرُورَة قَوْله: 1296 - (فَمَنْ نَحن نُؤمِنْه يَبتْ وَهُوَ آمنٌ) وَقَوله: 1297 - (فَمَتَى واغِلٌ يَنُبْهُمْ يُحَيُّوهُ ... وتُعْطفْ عَلَيْهِ كَأسُ السّاقِي) وَقَوله: 1298 - (أيْنما الرِّيحُ تُمَيِّلْهَا تَمِلْ ... )

وَجوزهُ الْكسَائي اخْتِيَارا مَعَ من وَإِخْوَته فَأجَاز نَحْو من زيدا يضْرب أضربه (و) جوزه قوم من الْكُوفِيّين فِي غير الْمَرْفُوع أَي الْمَنْصُوب وَالْمَجْرُور لِأَنَّهُمَا فَضله ومنعوه فِي الْمَرْفُوع (و) جوزه قوم مِنْهُم فِي الْمَرْفُوع أَيْضا إِن لم يُمكن عود ضمير على الشَّرْط كَمَا فِي (مَتى) و (أَيْنَمَا) فَإِن أمكن عود الضَّمِير عَلَيْهِ لم يجز تَقْدِيم الِاسْم لَا تَقول من هُوَ يضْرب زيدا أضربه لِأَن الْمُضمر هُوَ من وَاخْتَارَ هَذَا الْمَذْهَب الْأَخير أَبُو عَليّ صَاحب الْمُهَذّب قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح الْمَنْع لِأَن الفضلة والعمدة سيان إِذْ فِيهِ الْفَصْل بجملة بَين الأداة وَالْفِعْل وَفِي الْفَصْل بَين من وَأَخَوَاتهَا وَالْفِعْل بعطف وتوكيد خلف كُوفِي أجَازه الْكسَائي وَمنعه الْفراء قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الَّذِي تَقْتَضِيه قَوَاعِد الْبَصرِيين وَشرط الْجَواب الإفادة فَلَا يكون بِمَا لَا يُفِيد كَخَبَر الْمُبْتَدَأ فَلَا يجوز إِن يقم زيد يقم كَمَا لَا يجوز فِي الِابْتِدَاء زيد زيد فَإِن دخله معنى يُخرجهُ للإفادة جَازَ نَحْو إِن لم تُطِع الله عصيت أُرِيد بِهِ التَّنْبِيه على الْعقَاب فَكَأَنَّهُ قَالَ وَجب عَلَيْك مَا وَجب على العَاصِي كَمَا جَازَ فِي الِابْتِدَاء نَحْو: 1299 - (أَنا أَبُو النّجْم وَشِعْري شِعْري ... ) وَمِنْه (وفمن كَانَت هجرته إِلَى الله وَرَسُوله فَهجرَته إِلَى الله وَرَسُوله) الحَدِيث وتدخله الْفَاء إِن لم يَصح تَقْدِيره شرطا بِأَن كَانَ جملَة اسمية كَقَوْلِه: 1300 - (إنْ تَرْكَبُوا فرُكُوبُ الخَيْل عَادَتُنا ... )

أَو فعل أَمر نَحْو: {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني} [آل عمرَان: 31] أَو دُعَاء نَحْو إِن مَاتَ زيد فيرحمه الله أَو فرحمه الله أَو مَقْرُونا بِحرف تَنْفِيس نَحْو: {من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم} [الْمَائِدَة: 54] أَو بِحرف نفي غير لَا وَلم نَحْو إِن قَامَ زيد فَمَا يقوم أَو فَلَنْ يقوم عَمْرو أَو بعد نَحْو {إِن يسرق فقد سرق} [يُوسُف: 77] أَو جامد نَحْو: {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} [الْبَقَرَة: 271] {إِن تَرَنِ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً فَعَسَى رَبِّي} [الْكَهْف: 39، 40] إِن أقبل زيد فَمَا أحْسنه قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه الْفَاء هِيَ فَاء السَّبَب الكائنة فِي الْإِيجَاب فِي نَحْو قَوْلك يقوم زيد فَيقوم عَمْرو وكما يرْبط بهَا عِنْد التَّحْقِيق يرْبط بهَا عِنْد التَّقْدِير وَلَا يجوز غَيرهَا من حُرُوف الْعَطف لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الرَّبْط السببي وسيقت هُنَا للربط لَا للتشريك وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا هِيَ هُنَا عاطفة جملَة على جملَة فَلم تخرج عَن الْعَطف قَالَ وَهَذَا عِنْدِي فِيهِ نظر انْتهى (وَفِي) جَوَاز حذفهَا أَي الْفَاء أَقْوَال أَحدهَا يجوز ضَرُورَة واختيارا نَقله أَبُو حَيَّان عَن بعض النَّحْوِيين وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون} [الْأَنْعَام: 121] ثَانِيهَا الْمَنْع فِي الْحَالين قَالَ أَبُو حَيَّان فِي محفوظي قَدِيما أَن الْمبرد منع من حذف الْفَاء فِي الضَّرُورَة وَأَنه زعم فِي قَوْله: 1301 - (من يَفْعل الحسناتِ اللهُ يَشْكُرُها ... )

أَن الرِّوَايَة من يفعل الْخَيْر فالرحمن يشكره قَالَ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ على تَقْدِير صِحَة الرِّوَايَة لَا يطعن ذَلِك فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ثَالِثهَا وَهُوَ الْأَصَح يجوز ضَرُورَة وَيمْتَنع فِي السعَة وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وينوب عَنْهَا فِي الْأَصَح إِذا الفجائية فِي جملَة اسمية غير طلبية وَلَا منفية قَالَ أَبُو حَيَّان النُّصُوص متظافرة فِي الْكتب على الْإِطْلَاق فِي الرَّبْط بإذا وَلَكِن السماع إِنَّمَا ورد فِي (إِن) قَالَ تَعَالَى {وَإِن تصبهم سَيِّئَة بِمَا قدمت أَيْديهم إِذا هم يقنطون} [الرّوم: 36] فَيحْتَاج فِي إِثْبَات ذَلِك فِي غير (إِن) من الأدوات إِلَى سَماع وَاحْترز بالاسمية من الفعلية فَإِن إِذا لَا تدخل عَلَيْهَا لَا يجوز إِن قَامَ زيد إِذا يقوم عَمْرو وَبِغير الطلبية فَلَا يجوز إِن يعْص زيد إِذا ويل لَهُ وَإِن أطَاع إِذا سَلام عَلَيْهِ وَبِغير المنفية من المنفية فَلَا يجوز إِن يقم زيد إِذا مَا عَمْرو قَائِم وَإِنَّمَا تدخل الْفَاء فِي الصُّور كلهَا وَمُقَابل الْأَصَح فِي الْمَتْن قَول الْأَخْفَش لَا أرى إِذا بِمَنْزِلَة الْفَاء إِلَّا رديا لَا تَقول إِن تأتني إِذا أكرمك كَمَا تَقول فَأَنا أكرمك وَلَكِن أرى الْآيَة على حذف الْفَاء أَي (فَإِذا هم يقنطون) ورده أَبُو حَيَّان بِأَن حذف الْفَاء فِيمَا يلْزمه الْفَاء لم يَجِيء فِي كَلَامهم إِلَّا فِي الشّعْر وَلَو جَازَ حذف الْفَاء رفعت فِي قَوْلك إِن تقم أقوم وَلم يَجِيء مِنْهُ شَيْء فَالصَّحِيح مَا ذهب إِلَيْهِ الْخَلِيل وسيبويه انْتهى (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ أَن (إِذا) نائبة عَن الْفَاء أَي من أجل ذَلِك لَا يَجْتَمِعَانِ لِأَن المعوض لَا يجْتَمع مَعَ الْعِوَض فَلَا يُقَال إِن يقم زيد فَإِذا عَمْرو قَائِم

وَيرْفَع الْجَواب وجوبا إِن قرن بِالْفَاءِ سَوَاء كَانَ فعل الشَّرْط مَاضِيا نَحْو {وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ} [الْمَائِدَة: 95] أم مضارعا نَحْو {فَمَنْ يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً} [الْجِنّ: 13] رفع لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ من جملَة اسمية وَهُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره فَهُوَ ينْتَقم الله مِنْهُ فَهُوَ لَا يخَاف قَالُوا وَلَوْلَا ذَلِك الحكم بِزِيَادَة الْفَاء لَكَانَ الْفِعْل ينجزم وَلَكِن الْعَرَب التزمت فِيهِ الرّفْع فَعلم أَنَّهَا غير زَائِدَة (و) يرفع الْجَواب جَوَازًا إِن كَانَ الشَّرْط فعلا مَاضِيا نَحْو إِن قَامَ زيد يقوم عَمْرو وَقَوله: 1302 - (وَإِن أَتَاهُ خليلٌ يَوْم مَسْألةٍ ... يَقولُ لَا غائِبٌ مَالِي وَلَا حَرمُ) وَمن شَوَاهِد الْجَزْم قَوْله تَعَالَى {مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} [هود: 15] {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرِةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: 20] قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نعلم خلافًا فِي جَوَاز الْجَزْم وَأَنه فصيح مُخْتَار إِلَّا مَا ذكره صَاحب كتاب الْإِعْرَاب عَن بعض النَّحْوِيين أَنه لَا يَجِيء فِي الْكَلَام الفصيح وَإِنَّمَا يَجِيء مَعَ كَانَ لِأَنَّهَا أصل الْأَفْعَال قَالَ وَالَّذِي نَص عَلَيْهِ الْجَمَاعَة أَن ذَلِك لَا يخْتَص بهَا بل سَائِر الْأَفْعَال فِي ذَلِك مثلهَا وَأنْشد سِيبَوَيْهٍ للفرزدق: 1303 - (دسّتْ رَسُولاً بأنَّ الْقَوْم إنْ قَدَرُوا ... عَلَيْك يَشْفُوا صدُوراً ذاتَ توغير)

قَالَ وَأما الرّفْع فَهُوَ مسموع وَنَصّ بعض أَصْحَابنَا أَنه أحسن من الْجَزْم وَاخْتلف فِي تَخْرِيجه فَقَالَ سِيبَوَيْهٍ إِنَّه على نِيَّة التَّقْدِيم وَالْجَوَاب مَحْذُوف وَقَالَ الْمبرد والكوفيون إِنَّه الْجَواب وَإنَّهُ على حذف الْفَاء وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ الْجَواب لَا على إِضْمَار الْفَاء وَلَا على نِيَّة التَّقْدِيم وَلَكِن لما لم يظْهر لأداة الشَّرْط تَأْثِير فِي فعلة لكَونه مَاضِيا ضعف عَن الْعَمَل فِي فعل الْجَواب (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ الشَّرْط مضارعا فضرورة يرفع الْجَواب كَقَوْلِه: 1304 - (يَا أقْرَعَ بنَ حَابِس يَا أقرَعُ ... إنّكَ إِن يُصْرعْ أَخُوك تُصْرعُ) وَالِاخْتِيَار جزمه قَالَ تَعَالَى {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} [الطَّلَاق: 2] وَإِذا رفع فمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه على نِيَّة التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير إِن كَانَ قبله مِمَّا يُمكن أَن يَطْلُبهُ كالبيت وَإِلَّا فعلى إِضْمَار الْفَاء نَحْو إِن تأتني آتِيك إِذا جَاءَ فِي الشّعْر وَمذهب الْمبرد أَنه على إِضْمَار الْفَاء فِي الْحَالين لِأَنَّهُ جَوَاب فِي الْمَعْنى قد وَقع فِي مَحَله فَلَا يَنْوِي بِهِ التَّقْدِيم وجازمه أَي الْجَواب الأداة عملت فِيهِ كَمَا عملت فِي الشَّرْط بِاتِّفَاق لاقتضائها إيَّاهُمَا فَعمِلت فيهمَا كَمَا عملت كَانَ وَظن وَإِن فِي جزئيها هَذَا مَذْهَب الْمُحَقِّقين من الْبَصرِيين وَعَزاهُ السيرافي لسيبويه وَاخْتَارَهُ الْجُزُولِيّ وَابْن عُصْفُور والأبذي وَقيل جازمه فعل الشَّرْط قَالَه الْأَخْفَش وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك لِأَنَّهُ مستدع لَهُ بِمَا أحدثت فِيهِ الأداة من الْمَعْنى والاستلزام ورد بِأَن النَّوْع لَا يعْمل إِذْ لَيْسَ أَحدهمَا بأولي من الآخر وَإِنَّمَا يعْمل بمزية وَهُوَ أَن يضمن الْعَامِل من غير النَّوْع أَو شبهه كعمل الْأَسْمَاء فِي الْأَسْمَاء وَقيل جازمه (هما) أَي الأداة وَالْفِعْل مَعًا وَنسب أَيْضا للأخفش قَالَ الْمَجْمُوع هُوَ الطَّالِب فَهُوَ الْعَامِل قَالَ وباطل أَن يكون الْعَمَل ل (إِن) لِأَن الْجَزْم نَظِير الْجَرّ فَإِذا كَانَ الْجَار وَهُوَ أقوى لَا يعْمل عملين فأحري أَلا يعمله الْجَازِم

ورد بِأَن الْجَار لَا يَقْتَضِي معمولين والجازم يقتضيهما فَيعْمل فيهمَا وَبِأَن كل عَامل مركب من شَيْئَيْنِ لَا يجوز حذف أَحدهمَا كإذما وحيثما وَقد يحذف فعل الشَّرْط دون الأداة فَدلَّ على أَن الْعَامِل لَيْسَ مركبا مِنْهُمَا وَبِأَن الْجَازِم لَا يحذف معموله وَالْجَوَاب يجوز حذفه فَلَو كَانَ الْعَامِل مَجْمُوع الأداة وَالشّرط لزم أبقاء الْجَازِم مَعَ حذف معموله بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ الْعَامِل الأداة وَحذف فَإِنَّهَا تكون قد أخذت مَعْمُولا وَاحِدًا فَلَا يقبح وَقيل جازمه الْجوَار قَالَه الْكُوفِيُّونَ قِيَاسا على الْجَرّ بالجوار قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ فَائِدَة وَلَا حكم نطقي وَقيل فعل الْجَواب مَبْنِيّ وَفعل الشَّرْط مُعرب وَقيل هُوَ وَالشّرط أَيْضا مبنيان وَالْقَوْلَان للمازني اسْتدلَّ على بنائهما بِأَن الْفِعْل لَا يَقع موقع الِاسْم فِي المحلين فَلَا يكون معربا بِنَاء على أَن سَبَب إِعْرَاب الْمُضَارع وُقُوعه موقع الِاسْم وَاسْتدلَّ لبِنَاء الْجَواب فَقَط بِأَنَّهُ لم يكن لَهُ عَامل فَكَانَ مَبْنِيا لِأَنَّهُ لم يَصح عِنْده عمل مَا تقدمه فِيهِ قَالَ أَبُو حَيَّان والمازني فِي رَأْيه مُخَالف لجَمِيع النَّحْوِيين البصريون قَالُوا لأداة الشَّرْط الصَّدْر أَي صدر الْكَلَام فَلَا يسبقها مَعْمُول معمولها أَي لَا يجوز تَقْدِيم شَيْء من معمولات فعل الشَّرْط وَلَا فعل الْجَواب عَلَيْهَا لِأَنَّهَا عِنْدهم كأداة الِاسْتِفْهَام وَمَا النافية وَنَحْوهمَا مِمَّا لَهُ الصَّدْر وَلَا يعْمل مَا قبلهَا فِيمَا بعْدهَا وَإِنَّمَا تقع مستأنفة أَو مَبْنِيَّة على ذِي خبر أَو نَحوه وَجوز الْكسَائي تَقْدِيم مَعْمُول فعل الشَّرْط أَو الْجَواب على الأداة نَحْو خيرا إِن تفعل يثبك الله وَخيرا إِن أتيتني تصب قَالَ أَبُو حَيَّان وتحتاج إجَازَة هَذَا التَّرْكِيب إِلَى سَماع من الْعَرَب غير مَعْمُول فعل الْجَواب الْمَرْفُوع فَإِنَّهُ يجوز تَقْدِيمه نَحْو خيرا إِن أتيتني تصب وسوغ ذَلِك أَنه لَيْسَ فعل جَوَاب حَقِيقَة بل هُوَ فِي نِيَّة التَّقْدِيم وَالْجَوَاب مَحْذُوف وَالتَّقْدِير تصيب خيرا إِن أتيتني قَالَ أَكْثَرهم أَي البصريون وَلَا الْجَواب أَيْضا لَا يجوز تَقْدِيمه على الأداة لِأَنَّهُ ثَان أبدا عَن الأول مُتَوَقف عَلَيْهِ

وَقَالَ الْأَخْفَش يجوز تَقْدِيمه عَلَيْهَا كمذهب الْكُوفِيّين مَاضِيا كَانَ أَو مضارعا نَحْو قُمْت إِن قُمْت وأقوم إِن قُمْت وَثَالِثهَا يجوز تَقْدِيم الْجَواب إِن كَانَ مضارعا وَيمْتَنع إِن كَانَ مَاضِيا وَعَلِيهِ الْمَازِني لِأَن الْمُضَارع هُوَ الأَصْل فَلم يكثر فِيهِ التَّجَوُّز بِخِلَاف الْمَاضِي فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ بِأَن عبر بصيغته عَن الْمُسْتَقْبل فَإِن قدم وَحقه التَّأْخِير كثر التَّجَوُّز وَرَابِعهَا يجوز تَقْدِيم الْجَواب (إِن كَانَا) أَي الشَّرْط وَالْجَوَاب ماضيين بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ الشَّرْط وَحده مَاضِيا وَوجه أَن لما لم يظْهر للأداة فِيهِ عمل إِذا تَأَخّر جَازَ تَقْدِيمه لِأَنَّهُ مقدما كحاله مُؤَخرا فَكَانَ كَأَنَّمَا لم يعْمل فِيهِ بِخِلَاف الْمُضَارع فَإِنَّهُ متأثر بهَا فَصَارَ تَقْدِيمه على الْجَازِم كتقديم الْمَجْرُور على الْجَار (قيل وَلَا) يسْبق الْجَواب المجزوم معموله قَالَ الْفراء وَالصَّحِيح جَوَازه وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَالْكسَائِيّ نَحْو إِن تأتني خيرا تصب وعَلى الأول وَهُوَ مَذْهَب الْأَكْثَر من منع تَقْدِيم الْجَواب على الأداة مُطلقًا إِن تقدم شبهه فدليله وَلَيْسَ إِيَّاه وَشَرطه اخْتِيَار مُضِيّ الشَّرْط لفظا أَو معنى بِأَن كَانَ مضارعا مقترنا بلم (فِي الْأَصَح) نَحْو قُمْت إِن قُمْت وأقوم إِن قُمْت وأقوم إِن لم تقم قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَكَذَا جري فِي كَلَامهم وَأما الشّعْر فَمحل ضَرُورَة واتساع وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ سوي الْفراء أَن يحذف جَوَاب الشَّرْط فِي الِاخْتِيَار وَفعل الشَّرْط مُسْتَقْبل قِيَاسا على الْمَاضِي فأجازوا أَنْت ظَالِم إِن تفعل فَإِن لم يكن فعل الشَّرْط مَاضِيا تقريعا على الْأَصَح (وَهُوَ مَعَ مَا، أَو من، أَو أَي صرن موصولات) أَي حكم لَهُنَّ بذلك الَّذِي هُوَ من مَعَانِيهَا اخْتِيَارا وَزَالَ حكم الشّرطِيَّة لزوَال شَرطهَا وَهُوَ الْمُضِيّ فَيَنْتَفِي الْجَزْم نَحْو أَي من يأتيني وَزيد يحب مَا تحبه وَأكْرم أَيهمْ يحبك وَحِينَئِذٍ فتأتي أَحْكَام الموصولات من جَوَاز عمل مَا قبلهَا فِيهَا وَحكم الضَّمِير الْعَائِد عَلَيْهَا وصلتها وَغير ذَلِك وَأما فِي الشّعْر فَيجوز بَقَاء الشّرطِيَّة والجزم وَكَذَا إِن أضيف لَهُنَّ أَي لمن وَمَا وَأي زمَان يجب لَهُنَّ فِي السعَة أَن يكن موصولات نَحْو أَتَذكر إِذْ من يأتينا نأتيه وَلَا يجوز الْجَزْم عِنْد سِيبَوَيْهٍ والجرمي والمازني لِأَن أَسمَاء الأحيان لَا تُضَاف إِلَى

الْجُمْلَة الشّرطِيَّة المصدرة ب (إِن) فَكَذَا الاتصاف على مَا تضمن معنى إِن خلافًا للزيادي أبي إِسْحَاق فِي ذَهَابه إِلَى جَوَاز الْجَزْم اخْتِيَارا كَقَوْلِه: 1305 - (على حِينَ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيْهِ ذَنُوبهُ ... يَرثْ شِرْبُهُ إذْ فِي المقَام تَداثُرُ) والأولون قَالُوا هُوَ ضَرُورَة (و) يجْرِي هَذَا الحكم وَهُوَ وجوب الرّفْع وَامْتِنَاع الْجَزْم مُطلقًا أَي فِي الِاخْتِيَار والضرورة إِذا وقعن بعد بَاب كَانَ وَإِن نَحْو من كَانَ يأتينا نأتيه وَإِن من يأتينا نأتيه وليت من يحسن إِلَيْنَا نحسن إِلَيْهِ لِأَن الشَّرْط لَا يعْمل فِيهِ عَامل قبله (وَلَكِن) المخففة نَحْو وَلَكِن من يزورني أَزورهُ وَإِذا المفاجأة نَحْو مَرَرْت بزيد فَإِذا من يزوره يحسن إِلَيْهِ (وَمَا) النافية نَحْو مَا من يأتينا نُعْطِيه لِأَن (مَا) لَا تَنْفِي الْجُمْلَة الشّرطِيَّة (وَهل) نَحْو هَل من يأتينا نأتيه لِأَن (هَل) لَا يستفهم بهَا عَن الْجمل الشّرطِيَّة (قيل والهمزة) قَالَ يُونُس قِيَاسا على هَذَا وَالأَصَح جَوَاز الْجَزْم بعْدهَا وَكَون من شَرْطِيَّة لِأَنَّهُ توسع فِيهَا فاستفهم بهَا عَن الْجُمْلَة الشّرطِيَّة كَمَا استفهم بهَا عَن غير ذَلِك نَحْو أإن تأتني آتِك فَلَمَّا حسن ذَلِك فِي (إِن) حسن فِي أخواتها نَحْو أَمن يأتنا نأته مَسْأَلَة يحذف الْجَواب لدَلِيل كَقَوْلِه تَعَالَى {أئن ذكرْتُمْ} [يس: 19] أَي تطيرتم وَقَوله: {وَإِن كَانَ كبر عَلَيْك إعراضهم فَإِن اسْتَطَعْت} [الْأَنْعَام: 35] الْآيَة أَي فافعل وَيكثر الْحَذف لتقدم شبهه على الأداة كَمَا مر (و) لتقدم جَوَاب قسم يدل عَلَيْهِ

(و) يحذف الشَّرْط وَهُوَ أقل من حذف الْجَواب نَص عَلَيْهِ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَمِنْه {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك} [التَّوْبَة: 6] وَقَوْلهمْ (إِن خيرا فَخير) (وَقيل) إِنَّمَا يجوز حذفه (إِن عوض) مِنْهُ (لَا) وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور والأبذي كَقَوْلِه: 1306 - (فطَلِّقْها فَلَسْتَ لَهَا بكُفء ... وإلاَّ يَعْلُ مَفْرقَك الْحُسَام) أَي وَإِلَّا تطلقها قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهَا لَو كَانَت عوضا من الْفِعْل الْمَحْذُوف لم يجز الْجمع بَينهمَا مَعَ أَنه يجوز نَحْو وَإِلَّا يسيء فَلَا تضربه فَهِيَ فِي نَحْو ذَلِك نَافِيَة لَا عوض وَورد الْحَذف وَهُوَ مُثبت كَمَا تقدم ويحذفان أَي الشَّرْط وَالْجَوَاب (مَعَ إِن) دون سَائِر الأدوات واختصت بذلك لِأَنَّهَا أم الْبَاب وَلِأَنَّهُ لم يرد فِي غَيرهَا قَالَ: 1307 - {قَالَت بناتُ الحيِّ يَا سلمى وإنْ ... كَانَ فَقِيرا مُعْدماً قَالَت وإنْ} أَي وَإِن كَانَ كَمَا تَصِفِينَ فزوجنيه قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا حذف الْجَواب وَحده وَالشّرط وَحده لَا أحفظه بعد غير (إِن) قَالَ إِلَّا أَن ابْن مَالك أنْشد فِي شرح الكافية وَزعم أَنه حذف فِيهِ فعل الشَّرْط بعد مَتى وَهُوَ قَوْله:

1308 - (مَتى تُؤْخَذوا قسراً بظِنّة عَامر ... وَلَا يَنْجُ إلاّ فِي الصِّفاد يزيدُ) (وَقيل) حذفهما مَعًا ضَرُورَة قَالَه ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَتبع فِيهِ ابْن عُصْفُور قَالَ وَلم ينص غَيرهمَا على أَن ذَلِك ضَرُورَة بل أطْلقُوا الْجَوَاز إِذا فهم الْمَعْنى قلت وَقد ورد فِي النثر فِي عدَّة من الْآثَار (لَا الأداة) أَي لَا يجوز حذف أَدَاة الشَّرْط (وَلَو) كَانَت (إِن فِي الْأَصَح) كَمَا لَا يجوز حذف غَيرهَا من الجوازم وَلَا حذف حرف الْجَرّ وَجوز بَعضهم حذف (إِن) فيرتفع الْفِعْل وَتدْخل الْفَاء إشعارا بذلك وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {تحبسونهما من بعد الصَّلَاة فيقسمان بِاللَّه} [الْمَائِدَة: 106] وَإِن توالى شَرْطَانِ فَصَاعِدا من غير عطف فَالْأَصَحّ أَن الْجَواب للسابق ويحذف جَوَاب مَا بعده لدلَالَة الأول وَجَوَابه عَلَيْهِ وَمِنْهُم من جعل الْجَواب للأخير وَجَوَاب الأول الشَّرْط الثَّانِي وَجَوَابه وَجَوَاب الثَّانِي الشَّرْط الثَّالِث وَجَوَابه وَهَكَذَا على إِضْمَار الْفَاء فَإِذا قَالَ إِن جَاءَ زيد إِن أكل زيد إِن ضحك فَعَبْدي حر فعلى الْأَصَح الضحك أول ثمَّ الْأكل ثمَّ الْمَجِيء فَإِذا وَقع على هَذَا التَّرْتِيب ثَبت عتقه وعَلى مُقَابِله عَكسه فَإِذا وَقع الْمَجِيء ثمَّ الْأكل ثمَّ الضحك لزم الْعتْق فَإِن كَانَ عطف فَالْجَوَاب لَهما مَعًا وَمِنْه {وَإِن تؤمنوا وتتقوا يُؤْتكُم} [مُحَمَّد: 36] الْآيَة (و) الْأَصَح (أَن الْأَحْسَن) حِينَئِذٍ (مَجِيء) فعل الشَّرْط الثَّانِي مَاضِيا بِنَاء على أَن الْجَواب للسابق وَأَن جَوَاب الثَّانِي مَحْذُوف لما مر من أَنه لَا يحذف جَوَاب الشَّرْط فِي الِاخْتِيَار حَتَّى يكون فعله مَاضِيا وعَلى أَن الْجَواب للمتأخر لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك لِأَنَّهُ غير مَحْذُوف الْجَواب (و) الْأَصَح (أَنه) أَي الشَّرْط الثَّانِي مُقَيّد للْأولِ تَقْيِيد الْحَال الْوَاقِعَة موقعه قَالَه ابْن مَالك قَالَ فقولك من أجابني إِن دَعوته أَحْسَنت إِلَيْهِ فِي تَقْدِير من أجابني دَاعيا لَهُ وَقَول الشَّاعِر:

1309 - (إِن تَسْتَغِيثوا بِنَا إِن تُذْعَروا تَجدوا ... مِنّا معاقِلَ عِزٍّ زانَها كَرَمُ) فِي التَّقْدِير إِن تستغيثوا بِنَا مذعورين قَالَ أَبُو حَيَّان وَغير ابْن مَالك جعله مُتَأَخِّرًا فِي التَّقْدِير فَكَأَنَّهُ قَالَ من أجابني أَحْسَنت إِلَيْهِ إِن دَعوته فَمن أجابني هُوَ جَوَاب (إِن) فِي الْمَعْنى حَتَّى كَأَنَّهُ قَالَ إِن دَعَوْت من أجابني أَحْسَنت إِلَيْهِ فَإِذا وَقع دعاءه لشخص فَأَجَابَهُ ذَلِك الشَّخْص بعد دُعَائِهِ إِيَّاه لزم الْإِحْسَان لِأَن جَوَاب الشَّرْط فِي التَّقْدِير بعد الشَّرْط وَكَذَا الْبَيْت تَقْدِيره على هَذَا إِن تذعروا فَإِن تستغيثوا بِنَا تَجدوا فَأول الشَّرْط يصير جَزَاء وَإِن توَسط الْجَزَاء وَالشّرط مضارع وَافقه أَي الشَّرْط معني حَال كَونه غير صفة وَصَحَّ حذفه أبدل مِنْهُ مِثَال إِن تأتني تمش أكرمك (وَإِلَّا) بِأَن لم يُوَافقهُ معنى (رفع حَالا) نَحْو إِن تأتني تضحك أحسن إِلَيْك والماضي كالمضارع فِي ذَلِك وَإِنَّمَا فرضت الْمَسْأَلَة فِيهِ كالتسهيل لِأَنَّهُ فِيهِ يظْهر الْأَثر مِثَاله إِن أتيتني مشيت أكرمك وَإِن تأتني قد ضحِكت أحسن إِلَيْك وَاحْترز بِغَيْر صفة عَن الْوَاقِع صفة نَحْو إِن يأتني رجل يعرف النَّحْو أكْرمه (فَيعرف) فِي مَوضِع الصّفة لرجل ولصحة الْحَذف من خبر كَانَ وَثَانِي ظَنَنْت نَحْو إِن تكن تحسن إِلَى أحسن إِلَيْك وَإِن تَظُنُّنِي أصدق أصدقك فالمتوسط لَا بدل وَلَا حَال بل فِي مَوضِع نصب على أَنه خبر ومفعول وَمِنْه قَول زُهَيْر: 1310 - (وَمن لَا يَزَلْ يَسْتحمِلُ النّاسَ نَفْسَه ... وَلَا يُغْنِها يَوْمًا من الدَّهر يُسْأم)

وتزاد (مَا) توكيدا (فِي إِن) وَمِنْه {وَإِمَّا يَنْزغَنك} [الْأَعْرَاف: 200] {وَإِمَّا ينسينك} [الْأَنْعَام: 68] قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ فِي الْقُرْآن كثير وَلم يَأْتِ فِيهِ إِلَّا وَالْفِعْل مُؤَكد بالنُّون وَأما فِي لِسَان الْعَرَب فقد جَاءَ أَيْضا بِغَيْر نون كثيرا قَالَ: 1311 - (زعمت تُماضِرُ أنّني إمّا أمُتْ ... يَسْدُدْ أُبَيْنُوها الأصاغِرُ خَلّني) (و) فِي أَي غير مُضَافَة لضمير بِأَن لم تضف أصلا أَو أضيفت لظَاهِر وَمِنْه {أيا مَا تدعوا} [الْإِسْرَاء: 110] {أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت} [الْقَصَص: 28] (و) فِي (أَيْن ومتي) قَالَ تَعَالَى {أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت} [النِّسَاء: 78] وَقَالَ الشَّاعِر: 1312 - (مَتى مَا تَلْقَنِي فَرْدَين ترجُفْ ... ) (وَكَذَا أَيَّانَ) فِي الْأَصَح قَالَ: 1313 - (فأيّان مَا تَعْدِلْ بِهِ الرِّيحُ تَنْزل ... )

إعراب أسماء الشرط وأسماء الاستفهام

قَالَ أَبُو حَيَّان وَزعم بعض أَصْحَابنَا أَنَّهَا لَا تزاد فِيهَا وَلَيْسَ بِصَحِيح لوُرُود السماع بِهِ (لَا (مَا) و (من) و (أَنِّي) فِي الْأَصَح) وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى جَوَاز زيادتها بعْدهَا فَيجوز من مَا يكرمني أكْرمه إِعْرَاب أَسمَاء الشَّرْط وَأَسْمَاء الِاسْتِفْهَام مَسْأَلَة فِي إِعْرَاب أَسمَاء الشَّرْط وَأَسْمَاء الِاسْتِفْهَام إِذا وَقعت الأداة الشّرطِيَّة على مَكَان أَو زمَان فظرف أَي فَهِيَ فِي مَوضِع نصب على الظّرْف نَحْو مَتى تقم أقِم و {أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت} [النِّسَاء: 78] (أَو) على حدث فمفعول مُطلق نَحْو. . وَإِلَّا فَإِن وَقع بعْدهَا فعل لَازم نَحْو من يقم أقِم مَعَه فمبتدأ خَبره فعل الشَّرْط وَفِيه ضميرها وَقيل هُوَ وَالْجَوَاب مَعًا لِأَن الْكَلَام لَا يتم إِلَّا بِالْجَوَابِ فَكَانَ دَاخِلا فِي الْخَبَر ورد بِأَنَّهُ أَجْنَبِي من الْمُبْتَدَأ أَو مُتَعَدٍّ وَاقع عَلَيْهَا نَحْو من يضْرب زيدا أضربه وَمن تضرب أضربه (فمفعول بِهِ أَو) وَاقع على ضميرها نَحْو من يضْربهُ زيد أضربه وَمن تضربه أضربه أَو متعلقها نَحْو من يضْرب يَد أَخَاهُ أضربه فاشتغال أَي فَالْمَسْأَلَة من بَاب الِاشْتِغَال فَيجوز فِي أَدَاة الشَّرْط أَن يكون فِي مَوضِع رفع على الِابْتِدَاء وَأَن يكون فِي مَوضِع نصب بِفعل مُضْمر يفسره الظَّاهِر بعْدهَا وَمثلهَا فِي هَذَا التَّفْصِيل أَسمَاء الِاسْتِفْهَام لَو مَسْأَلَة لَو شَرط للماضي غَالِبا وَقد ترد للمستقبل ك (إِن) وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافا} [النِّسَاء: 9] وَقَول تَوْبَة:

1314 - وَلَو أنَّ ليلى الأخيليّةَ سَلّمتْ ... عليَّ ودوني جَنْدّلٌ وصفائحُ) (لسلَّمتُ تَسْلِيم البشَاشةِ أَو زَقا ... إِلَيْهَا صَدًي مِنْ دَاخل الْقَبْر صائِحُ) وَقيل دَائِما قَالَ بدر الدّين بن مَالك وَعَلِيهِ أَكثر الْمُحَقِّقين قَالَ وورود شَرطهَا فِي الْآيَة وَالْبَيْت مُسْتَقْبلا فِي نَفسه أَو بِقَيْد لَا يُنَافِي امْتِنَاعه فِيمَا مضى لِامْتِنَاع غَيره وَلَا يحوج إِلَى إِخْرَاج (لَو) عَمَّا عهد فِيهَا من مَعْنَاهَا إِلَى غَيره وَقَالَ أَبُو حَيَّان متعقبا عَلَيْهِ وُرُود (لَو) فِي الْمُسْتَقْبل قد قَالَه النحويوون فِي غير مَوضِع وجزمها لفعلها ضَرُورَة لَا يحسن فِي الِاخْتِيَار لعدم تمكنها بِكَوْنِهَا للمضي وَمن الضَّرُورَة قَوْله: 1315 - (لَو يشَأْ طارَ بهَا ذُو مَيْعَة ... )

وَقيل بل هُوَ (لُغَة) لقوم فيطرد عِنْدهم فِي الْكَلَام وَقيل مَمْنُوع لَا يجوز لَا فِي كَلَام وَلَا فِي الشّعْر حكى الْأَقْوَال الثَّلَاثَة أَبُو حَيَّان وَاخْتلفت عِبَارَات النُّحَاة فِي مَعْنَاهَا حَتَّى قَالَ بَعضهم إِن النُّحَاة لم يفهموا لَهَا معني قَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ حرف لما كَانَ سيقع لوُقُوع غَيره أَي أَنَّهَا تَقْتَضِي فعلا مَاضِيا كَأَنَّهُ يتَوَقَّع ثُبُوته لثُبُوت غَيره والمتوقع غير وَاقع فَكَأَنَّهُ قَالَ حرف يَقْتَضِي فعلا امْتنع لِامْتِنَاع مَا كَانَ يثبت لثُبُوته (و) قَالَ المعربون هِيَ حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع أَي تدل على امْتنَاع الشَّيْء لِامْتِنَاع غَيره وَاخْتلف فِي المُرَاد بذلك قيل المُرَاد امْتنَاع الأول أَي الشَّرْط للثَّانِي أَي الِامْتِنَاع للجواب ذكره ابْن الْحَاجِب فِي (أَمَالِيهِ) بحثا من عِنْده وَوَجهه بِأَن انْتِفَاء السَّبَب لَا يدل على انْتِفَاء مسببه لجَوَاز أَن يكون ثمَّ أَسبَاب أخر قَالَ وَيدل على هَذَا {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} [الْأَنْبِيَاء: 22] فَإِنَّهَا مسوقة لنفي التَّعَدُّد فِي الْآلهَة بامتناع الْفساد لَا أَن امْتنَاع الْفساد لِامْتِنَاع الْآلهَة لِأَنَّهُ خلاف الْمَفْهُوم من مساق أَمْثَال هَذِه الْآيَة وَلِأَنَّهُ لَا يلْزم من انْتِفَاء الْآلهَة انْتِفَاء الْفساد لجَوَاز وُقُوع ذَلِك وَإِن لم يكن تعدد فِي الْآلهَة لِأَن المُرَاد بِهِ فَسَاد نظام الْعَالم عَن حَالَته وَذَلِكَ جَائِز أَن يَفْعَله الْإِلَه الْوَاحِد سُبْحَانَهُ انْتهى وَتَابعه على ذَلِك ابْن الخباز وَقيل عَكسه أَي المُرَاد أَن جَوَاب (لَو) مُمْتَنع لِامْتِنَاع شَرطه فقولك لَو جِئْت لأكرمتك دَال على امْتنَاع الْإِكْرَام لِامْتِنَاع الْمَجِيء وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ النَّاس مِمَّن أثبت الِامْتِنَاع فِيهَا وَهُوَ الْمُتَبَادر إِلَى الأفهام واستنكر ابْن هِشَام فِي (الْمُغنِي) مقَالَة ابْن الْحَاجِب وَمن تبعه (ثمَّ إفادتها) لذَلِك قيل (نطقا) أَي بالمنطوق وَقَالَ بدر الدّين بن مَالك فِي تَكْمِلَة شرح التسهيل وَشَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي رَحمَه الله فِيمَا سمعناه من لَفظه حَال تدريسه (للْمُغني) فهما أَي بِالْمَفْهُومِ

قَالَ أَبُو حَيَّان كَأَن (لَو) عِنْد سِيبَوَيْهٍ لَهَا مَنْطُوق وَمَفْهُوم كَمَا أَن (أَن) لَهَا مَنْطُوق وَمَفْهُوم فَإِذا قلت لَو أكلت لشبعت فَعنده أَن الشِّبَع كَانَ يَقع لوُقُوع الْأكل وَلَو قلت إِن قَامَ زيد قَامَ عَمْرو فمنطوقه تَعْلِيق وجود قيام عَمْرو على تَقْدِير وجود قيام زيد وَتارَة يكون الْمَفْهُوم مرَادا وَتارَة يكون غير مُرَاد فَنظر غير سِيبَوَيْهٍ إِلَى الْمَفْهُوم فَقَالُوا إِذا قلت لَو أكلت لشبعت امْتنع الشِّبَع لِامْتِنَاع الْأكل وسيبويه نظر إِلَى الْمَنْطُوق فاطرد لَهُ فِي جَمِيع مواردها وَقيل هِيَ حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع وَإِن كَانَ بعْدهَا مثبتان وَإِلَّا بِأَن كَانَ بعْدهَا منفيان فوجود أَي فحرف وجود لوُجُود فَإِن كَانَ الأول منفيا وَالثَّانِي مثبتا فحرف وجود لِامْتِنَاع أَو عَكسه فحرف امْتنَاع لوُجُود قَالَ أَبُو حَيَّان وَالسَّبَب فِي ذَلِك عِنْد هَذَا الْقَائِل أَن الْمَنْفِيّ بعد (لَو) مُوجب والموجب منفي قَالَ هَذَا وَقَول من قَالَ حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع يرجعان إِلَى معنى وَاحِد أَلا ترى أَنَّهَا إِذا كَانَت حرف امْتنَاع لزم من ذَلِك إِذا كَانَ مَا بعْدهَا مُوجبا أَن يمْتَنع وجود الثَّانِي لِامْتِنَاع وجود الأول أَو منفيا لزم امْتنَاع نفي الثَّانِي لِامْتِنَاع نفي الأول أَو الأول منفيا وَالثَّانِي مُوجبا لزم امْتنَاع وجود الثَّانِي لِامْتِنَاع نفي الأول فَيكون الأول إِذْ ذَاك مُوجبا وَالثَّانِي منفيا أَو الأول مُوجبا وَالثَّانِي منفيا لزم امْتنَاع نفي الثَّانِي لِامْتِنَاع وجود الأول فَيكون الأول إِذْ ذَاك منفيا وَالثَّانِي مُوجبا فَهُوَ اخْتِلَاف عبارَة وَقد رد الْقَوْلَانِ بِعَدَمِ امْتنَاع الْجَواب فِي مَوَاضِع كَثِيرَة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يمده من بعده سَبْعَة أبحر مَا نفدت كَلِمَات الله} [لُقْمَان: 27] وَقَول عمر (نعم العَبْد صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ) لِأَن عدم النّفُوذ مَحْكُوم بِهِ سَوَاء وجد الشَّرْط أم لَا وَعدم الْعِصْيَان كَذَلِك سَوَاء وجد الْخَوْف أم لَا

وَقَالَ أَبُو عَليّ الشلوبين وَابْن هِشَام الخضراوي إِنَّهَا لَا تفِيد الِامْتِنَاع بِوَجْه وَلَا يدل على امْتنَاع الشَّرْط وَلَا امْتنَاع الْجَواب بل هِيَ لمُجَرّد الرَّبْط أَي ربط الْجَواب بِالشّرطِ دلَالَة على التَّعْلِيق فِي الْمَاضِي كَمَا دلّت إِن على التَّعْلِيق فِي الْمُسْتَقْبل وَلم تدل بِالْإِجْمَاع على امْتنَاع وَلَا ثُبُوت بإلا إِذْ لَو كَانَ من مدلولها الِامْتِنَاع مَا أغفله سِيبَوَيْهٍ فِي بَيَان مَعْنَاهَا قَالَ الْجمال بن هِشَام فِي الْمُغنِي وَهَذَا الَّذِي قَالَاه كإنكار الضروريات إِذْ فهم الِامْتِنَاع فِيهَا كالبديهي فَإِن كل من سمع (لَو فعل) فهم عدم وُقُوع الْفِعْل من غير تردد وَلِهَذَا جَازَ استداركه فَنَقُول لَو جَاءَ زيد لأكرمته لكنه لم يَجِيء وَالْمُخْتَار فِي تَحْرِير الْعبارَة فِي مَعْنَاهَا وفَاقا لِابْنِ مَالك أَنَّهَا حرف يَقْتَضِي امْتنَاع مَا يَلِيهِ واستلزامه لتاليه من غير تعرض لنفي التَّالِي قَالَ فقيام زيد من قَوْلك لَو قَامَ زيد قَامَ عَمْرو مَحْكُوم بانتفائه ويكونه مستلزما ثُبُوته لثُبُوت قيام من عَمْرو وَهل لعَمْرو قيام آخر غير اللَّازِم عَن قيام زيد أَو لَيْسَ لَهُ لَا تعرض لذَلِك قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَهَذِه أَجود الْعبارَات ثمَّ يَنْتَفِي التَّالِي أَيْضا إِن ناسب الأول بِأَن لزمَه عقلا أَو شرعا أَو عَادَة وَلم يخلف الْمُقدم غَيره فِي ترَتّب التَّالِي عَلَيْهِ ك {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} [الْأَنْبِيَاء: 22] أَي السَّمَوَات وَالْأَرْض ففسادهما أَي خروجهما عَن نظامهما الْمشَاهد مُنَاسِب لتَعَدد الْآلهَة للزومه على وفْق الْعَادة عِنْد تعدد الْحَاكِم من التمانع فِي الشَّيْء وَعدم الِاتِّفَاق عَلَيْهِ وَلم يخلف التَّعَدُّد فِي ترَتّب الْفساد غَيره فَيَنْتَفِي الْفساد بِانْتِفَاء التَّعَدُّد المفاد بلو (وَلَا) يَنْتَفِي التَّالِي (إِن خَلفه) أَي الأول غَيره كَقَوْلِك لَو كَانَ إنْسَانا لَكَانَ حَيَوَانا فالحيوان مُنَاسِب للْإنْسَان للزومه لَهُ عقلا لِأَنَّهُ جزؤه وَخلف الْإِنْسَان فِي ترَتّب الْحَيَوَان غَيره كالحمار فَلَا يلْزم بِانْتِفَاء الْإِنْسَان عَن شَيْء المفاد بلو انْتِفَاء الْحَيَوَان عَنهُ لجَوَاز أَن يكون حمارا كَمَا لَا يجوز أَن يكون حجرا وَيثبت التَّالِي مَعَ انْتِفَاء الأول (إِن لم يناف) انتفاؤه وناسب الأول إِمَّا بالأولي نَحْو نعم العَبْد صُهَيْب (لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ) رتب عدم الْعِصْيَان على عدم الْخَوْف وَهُوَ بالخوف المفاد بلو أنسب فيترتب عَلَيْهِ أَيْضا فِي

قَصده والمعني أَنه لَا يَعْصِي الله مُطلقًا لَا مَعَ الْخَوْف وَهُوَ ظَاهر وَلَا مَعَ انتفائه إجلالا لَهُ تَعَالَى عَن أَن يعصيه أَو الْمسَاوِي النَّحْو قَوْله فِي بنت أم سَلمَة (لَو لم تكن ربيبتي) فِي حجري مَا حلت لي إِنَّهَا لأبنة أخي من الرضَاعَة رَوَاهُ الشَّيْخَانِ رتب عدم حلهَا على عدم كَونهَا ربيبته للرضاع الْمُنَاسب لَهُ شرعا فترتب أَيْضا فِي قَصده على كَونهَا ربيبته المفاد بلو الْمُنَاسب لَهُ شرعا كمناسبته للْأولِ سَوَاء لمساواة حُرْمَة الْمُصَاهَرَة لحُرْمَة الرَّضَاع والمعني أَنَّهَا لَا تحل لي أصلا لِأَن بهَا وصفين لَو انْفَرد كل مِنْهُمَا حرمت لَهُ كَونهَا ربيبة وَكَونهَا ابْنة أخي من الرَّضَاع أَو الأدون كَقَوْلِك لَو انْتَفَت أخوة الرَّضَاع مَا حلت للنسب هُوَ على نسق مَا تقدم فِيهَا قبله وَحُرْمَة الرَّضَاع أدون من حُرْمَة النّسَب (ويليها) أَي (لَو) اسْم على إِضْمَار فعل يفسره ظَاهر بعده اخْتِيَارا كَقَوْلِهِم (لَو ذَات سوار لطمتني) وَقَول عمر (لَو غَيْرك قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَة) (و) يَليهَا أَيْضا جُزْءا ابْتِدَاء اخْتِيَارا فَيُقَال لَو زيد قَائِم وَفَارَقت (إِن) فِي ذَلِك حَيْثُ لَزِمت الْمَاضِي وَلم تعْمل خلافًا للبصرية فيهمَا حَيْثُ قَالُوا لَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل ظَاهرا وَلَا يَليهَا مضمرا إِلَّا فِي الضَّرُورَة أَو فِي نَادِر كَلَام وَمن الضَّرُورَة عِنْدهم قَوْله:

1316 - (لَو غَيْرُكم عَلِقَ الزُّبيرُ بحَبْلهِ ... أدَّي الجوارَ إِلَى بني العوَّام) وَقَوله: 1317 - (لوْ بِغَيْر المَاء حَلْقي شَرقٌ ... ) وَفِي التَّنْزِيل {قل لَو أَنْتُم تَمْلِكُونَ} [الْإِسْرَاء: 100] فاستدل بِهِ الْأَولونَ وتأوله المانعون على أَن الأَصْل لَو كُنْتُم تَمْلِكُونَ فحذفت كَانَ وانفصل الضَّمِير وجوابها فِي الْغَالِب فعل مضارع مجزوم بلم كَقَوْلِه: 1318 - (فَلَو كَانَ حمدٌ يُخْلدُ النَّاس لم يمت ... ولكنّ حمد النَّاس لَيْسَ بمُخْلِدِ) (أَو) فعل ماضي مُثبت وَالْغَالِب حِينَئِذٍ اقترانه بِاللَّامِ الْمَفْتُوحَة كَقَوْلِه تَعَالَى {وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا} [الْأَنْفَال: 23] وَمن غير الْغَالِب {لَو نشَاء جَعَلْنَاهُ أجاجا} [الْوَاقِعَة: 70] (أَو) مَاض منفي وَالْغَالِب خلوه من اللَّام نَحْو {لَو شَاءَ الله مَا أشركنا} [الْأَنْعَام: 148] وَمن غير الْغَالِب قَوْله: 1319 - (وَلَو نُعْطَى الْخِيَار لما افترقْنا ... )

وَقد يقْتَرن جوابها بإذا نَحْو (لَو جئتني إِذا لأكرمتك) وندر كَونه تَعَجبا مَقْرُونا بِاللَّامِ قَالَ: 1320 - (فَلَو متُّ فِي ويم وَلم آتٍ عَجْزةً ... يُضَعِّفِني فِيهَا امْرُؤ غيرُ عَاقل) (لأكْرمْ بهَا من مَيْتَةٍ إِن لقيتُها ... أطاعِنُ فِيهَا كل خِرْق مُنازل) (و) ندر كَونه مصدرا بِرَبّ أَو الْفَاء كَقَوْلِه: 1321 - (لَو كَانَ قَتْلٌ يَا سلامُ فراحةٌ ... ) فَإِن وَقع الْجَواب فِي الظَّاهِر جملَة اسمية فجواب قسم مَحْذُوف مغن عَن جوابها وَلَيْسَ بجوابها خلافًا للزجاج كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَو أَنهم آمنُوا وَاتَّقوا لمثوبة من عِنْد الله خير} [الْبَقَرَة: 103] فجواب لَو مَحْذُوف لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ وَتَقْدِيره لأثيبوا وَقَوله لمثوبة إِلَى آخِره جَوَاب قسم مَحْذُوف تَقْدِيره وَالله لمثوبة وَقَالَ الزّجاج بل هُوَ جَوَاب (لَو) وَاللَّام هِيَ الدَّاخِلَة فِي جوابها ويحذف جَوَاب (لَو) لدَلِيل وَهُوَ كثير فِي الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الجِبَالُ} [الرَّعْد: 31] الْآيَة أَي لَكَانَ هَذَا الْقُرْآن قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحسن حذفه فِي طول الْكَلَام

وَترد لَو لِلتَّمَنِّي كَقَوْلِك لَو تَأتِينِي فتحدثني وَأنكر ذَلِك قوم وَقَالُوا لَيست قسما برأسها وَإِنَّمَا هِيَ الشّرطِيَّة أسربت معنى التَّمَنِّي (و) على الأول لَا جَوَاب لَهَا فِي الْأَصَح قَالَ أَبُو حَيَّان هَذَا ظَاهر الْمَنْقُول وَنَصّ عَلَيْهِ شَيخنَا أَبُو الْحسن بن الصَّائِغ وَأَبُو مَرْوَان عبيد الله بن عمر بن هِشَام الْحَضْرَمِيّ فِي شرح قصيدة ابْن دُرَيْد قَالَ وَالَّذِي يظْهر أَنَّهَا لَا بُد لَهَا من جَوَاب لكنه الْتزم حذفه لإشرابها معنى التَّمَنِّي لِأَنَّهُ مَتى أمكن تقليل الْقَوَاعِد وَجعل الشَّيْء من بَاب الْمجَاز كَانَ أولى من تَكْثِير الْقَوَاعِد وادعاء الِاشْتِرَاك لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى وضعين وَالْمجَاز لَيْسَ فِيهِ إِلَّا وضع وَاحِد وَهُوَ الْحَقِيقَة انْتهى وَنقل الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام فِي الْمُغنِي عَن ابْن الصَّائِغ وَابْن هِشَام أَنَّهُمَا قَالَا يحْتَاج إِلَى جَوَاب كجواب الشَّرْط وَهُوَ سَهْو وَقَوْلِي فِي الْأَصَح رَاجع إِلَى الْأَمريْنِ مَعًا وُرُودهَا لِلتَّمَنِّي واستغناؤها عَن الْجَواب كَمَا تبين وَقيل وَترد للتقليل نَحْو: (تصدقوا وَلَو بظلف محرق)

لولا ولوما

لَوْلَا ولوما (لَوْلَا ولوما حرفا امْتنَاع لوُجُود) نَحْو لَوْلَا زيد لأكرمتك فَامْتنعَ الْإِكْرَام لوُجُود زيد (وَإِنَّمَا يَليهَا اسْم أَو أَن) الثَّقِيلَة وَتقدم إعرابه فِي بَاب الْمُبْتَدَأ (أَو أَن) المخففة مِنْهَا أَو الناصبة نَحْو: {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين للبث} [الصافات: 143، 144] {لَوْلَا أَن من الله علينا لخسف بِنَا} [الْقَصَص: 82] {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة لجعلنا} [الزخرف: 33] قَالَ فِي الْمُغنِي وَتصير أَن وصلتها مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر وجوبا أَو مُبْتَدأ لَا خبر لَهُ أَو فَاعِلا يثبت محذوفا على الْخلاف السَّابِق فِي (لَو وجوابهما مَاض مَعَ (مَا) النافية نَحْو: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُمِّ مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النُّور: 21] أَو مُثبت مَعَ اللَّام نَحْو: {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لمسكم} [النُّور: 14] وحذفها أَي اللَّام ضَرُورَة خَاص بالشعر أَو قَلِيل فِي الْكَلَام اخْتلف فِيهِ كَلَام ابْن عُصْفُور فَمرَّة قَالَ بِالْأولِ وَمرَّة قَالَ بِالثَّانِي وَلم يَقع مِنْهُ فِي الْقُرْآن شَيْء وَمن وُقُوعه فِي الشّعْر قَوْله: 1323 - (لَوْلَا الحياءُ وبَاقِي الدِّين عِبْتُكُما ... ) وَيجوز حذفه أَي جَوَاب (لَوْلَا) لدَلِيل قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النُّور: 20] أَي لَو أخذكم وتردان أَي لَوْلَا ولوا للتحضيض وَهُوَ طلب بحث وإزعاج

وَترد أَيْضا لَهُ (هلا وَألا) بِالتَّشْدِيدِ وَالْأَرْبَعَة حِينَئِذٍ بسائط أَي غير مركبة كَمَا اخْتَارَهُ القواس فِي شرح الكافية قَالَ لِأَن الأَصْل عدم التَّرْكِيب وَقيل الْأَرْبَعَة مركبات من (لَو) و (لَا) و (لَو) و (مَا) و (هَل) و (لَا) وقلبت الْهَاء فِي هلا للهمزة ذكره فِي الْأَرْبَعَة أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل والسكاكي فِي الْمِفْتَاح وَذكره فِي (هلا) و (أَلا) ابْن مَالك فِي بَاب الِاشْتِغَال من شرح التسهيل وَحِينَئِذٍ فتختص بِفعل وَلَو مُقَدرا فِي الْأَصَح نَحْو {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النُّور: 13] {لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} [الْحجر: 7] هلا ضربت زيدا أَلا أكرمت عمرا وَمِثَال تَقْدِير الْفِعْل {وَلَوْلَا إِذْ سمعتموه قُلْتُمْ} [النُّور: 16] 1324 - (فَهَلا نَفْسُ لَيْلَى شَفِيعُها ... ) أَلا زيدا ضَربته وَذهب بَعضهم إِلَى جَوَاز مَجِيء جملَة الِابْتِدَاء بعد هَذِه الْحُرُوف مستدلا بِالْبَيْتِ الْمَذْكُور وَمن خلوها من التوبيخ: {لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب} [المُنَافِقُونَ: 10] وَقد تفيده أَي التحضيض (لَو وَألا) بِالتَّخْفِيفِ ذكر ذَلِك ابْن مَالك فِي التسهيل نَحْو لَو تنزل عندنَا فتصيب خيرا ( {أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم} [النُّور: 22] {أَلا تقاتلون قوما نكثوا} [التَّوْبَة: 13]

أما

وَقَالَ وَترد (لَوْلَا) و (هلا) استفهامية و (لَوْلَا) نَافِيَة وَجعل من الأول ( {لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب} [المُنَافِقُونَ: 10] {لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} [الْأَنْعَام: 8] وَمن الثَّانِي: {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت} [يُونُس: 98] قَالَ ابْن هِشَام وَأَكْثَرهم لم يذكرُوا ذَلِك وَالظَّاهِر أَن الأولى للعرض وَالثَّانيَِة مثل: {لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النُّور: 13] وَالثَّالِثَة كَذَلِك أَي فَهَلا كَانَت قَرْيَة وَاحِدَة من الْقرى الْمهْلكَة تابت عَن الْكفْر قبل مَجِيء الْعَذَاب فنفعها ذَلِك وَيُؤَيِّدهُ قِرَاءَة أبي (فَهَلا) وَيلْزم من هَذَا الْمَعْنى النَّفْي لِأَن التوبيخ يَقْتَضِي عدم الْوُقُوع وَقَالَ المالقي لم ترد (لوما) إِلَّا للتحضيض نَقله عَنهُ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي أما (أما) بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد وَيُقَال فِيهَا (أَيّمَا) بإبدال ميمها الأولى يَاء استثقالا للتضعيف قَالَ: 1325 - (رَأتْ رَجُلاً أيْما إِذا الشّمْسُ عارَضَتْ ... )

الْأَصَح أَنَّهَا حرف بسيط وَقيل مركب من أم وَمَا مَعْنَاهُ مهما يكن من شَيْء فَهِيَ نائبة عَن أَدَاة الشَّرْط وَفعل الشَّرْط مَعًا بعد حذفهما وَقيل عَن فعل الشَّرْط فَقَط قَالَه فِي الْبَسِيط وَقَالَ أَبُو حَيَّان مَا ذكر فِي مَعْنَاهُ هُوَ من حَيْثُ صَلَاحِية التَّقْدِير وَلَا جَائِز أَن يكون مرادفا لَهُ من حَيْثُ الْمَعْنى لِأَن مفعولية الْحَرْف مباينة لمفعولية الِاسْم وَالْفِعْل فتستحيل المرادفة وَلِأَن فِي يكن ضميرا يعود على (مهما) وَفِي الْجَواب ضمير يعود على الشَّرْط وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي أما وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا لَو كَانَت شرطا لَكَانَ مَا بعْدهَا متوقفا عَلَيْهَا وَأَنت تَقول أما علما فعالم فَهُوَ عَالم ذكرته وَلم تذكره بِخِلَاف إِن قَامَ زيد قَامَ عَمْرو فقيام عَمْرو مُتَوَقف على قيام زيد وَأجِيب بِأَنَّهُ قد يَجِيء الشَّرْط على مَا ظَاهره عدم التَّوَقُّف عَلَيْهِ كَقَوْلِه: 1326 - (من يَكُ ذَا بَتًّ فَهَذَا بَتّى ... ) أَلا ترى أَن بته مَوْجُود كَأَن لغيره بت أم لم يكن وَمن ثمَّ أَي من هُنَا وَهُوَ كَونهَا فِي معنى الشَّرْط أَي من أجل ذَلِك لَزِمت الْفَاء جوابها فَلم تحذف دون ضَرُورَة وَكَذَا دون تَقْدِير قَول على الْأَصَح نَحْو: {فَأَما الَّذين آمنُوا فيعلمون} [الْبَقَرَة: 26] لَا جَائِز أَن تكون الْفَاء للْعَطْف لِأَن العاطفة لَا تعطف الْخَبَر على مبتدئه وَلَا زَائِدَة إِذْ لَا يَصح الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا فَتعين أَنَّهَا فَاء الْجَزَاء وَقَالَ أَبُو حَيَّان هَذِه الْفَاء جَاءَت فِي اللَّفْظ خَارِجَة عَن قياسها لِأَنَّهَا لم تَجِيء رابطة بَين جملتين وَلَا عاطفة مُفردا على مثله وَالتَّعْلِيل بِكَوْن أما فِي معنى الشَّرْط لَيْسَ بجيد لِأَن جَوَاب مهما يكن من شَيْء لَا تلْزم فِيهِ الْفَاء إِذا كَانَ صَالحا لأداة الشَّرْط وَالْفَاء لَازِمَة بعد أما كَانَ مَا

دخلت عَلَيْهِ صَالحا لَهَا أم لم يكن أَلا ترى أَنه يُقَال مهما يكن من شَيْء لم أبال بِهِ وَيمْتَنع ذَلِك فِي (أما) وَيجب ذكر الْفَاء فَدلَّ على أَن لُزُوم الْفَاء لَيْسَ لأجل ذَلِك ... انْتهى وَقد تحذف الْفَاء فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 1327 - (فأمّا القِتَالُ لَا قِتَال لَدَيْكُمُ ... ) وَيجوز حذفهَا فِي سَعَة الْكَلَام إِذا كَانَ هُنَاكَ قَول مَحْذُوف كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم أكفرتم} [آل عمرَان: 106] الأَصْل فَيُقَال لَهُم أكفرتم فَحذف القَوْل اسْتغْنَاء عَنهُ بالمقول فتبعته الْفَاء فِي الْحَذف وَرب شَيْء تبعا وَلَا يَصح اسْتِقْلَالا هَذَا قَول الْجُمْهُور وَزعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَن الْفَاء لَا تحذف فِي غير الضَّرُورَة أصلا وَأَن الْجَواب فِي الْآيَة فَذُوقُوا الْعَذَاب وَالْأَصْل فَيُقَال لَهُم ذوقوا فَحذف القَوْل وانتقلت الْفَاء للمقول وَأَن مَا بَينهمَا اعْتِرَاض وَمن أجل ذَلِك أَيْضا لم يلها فعل لِأَنَّهَا لما قدرت بمهما يكن وَجعلُوا لَهَا جَوَابا تعذر إيلاؤها الْفِعْل من حَيْثُ أَن فعل الشَّرْط لَا يَلِيهِ فعل إِلَّا إِن كَانَ جَوَابا وَالْفَرْض أَن مَا بعد الْفَاء جَوَاب وتفيد أما التَّفْصِيل فتكرر غَالِبا نَحْو: {فَأَما الَّذين آمنُوا فيعلمون أَنه الْحق من رَبهم وَأما الَّذين كفرُوا فَيَقُولُونَ} [الْبَقَرَة: 26] قَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي وَالتَّفْصِيل غَالب أحوالها قَالَ وَقد يتْرك تكرارها اسْتغْنَاء بِذكر أحد الْقسمَيْنِ عَن الآخر أَو بِكَلَام يذكر بعْدهَا فِي مَوضِع ذَلِك الْقسم فَالْأول نَحْو: {فَأَما الَّذين آمنُوا بِاللَّه واعتصموا بِهِ} [النِّسَاء: 175] الْآيَة أَي وَأما الَّذين

عمل ما بعد الفاء فيما قبلها

كفرُوا فَلهم كَذَا وَكَذَا وَالثَّانِي نَحْو: {فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ} [آل عمرَان: 7] الْآيَة وَأما غَيرهم فيؤمنون بِهِ ويكلون مَعْنَاهُ إِلَى رَبهم وَيدل على ذَلِك: {والراسخون فِي الْعلم} [آل عمرَان: 7] إِلَى آخِره وتفيد التوكيد قَالَ فِي الْمُغنِي وَقل من ذكره قَالَ وَلم أر من أحكم شَرحه غير الزَّمَخْشَرِيّ فَإِنَّهُ قَالَ فَائِدَة (أما) فِي الْكَلَام أَن تعطيه فضل توكيد تَقول زيد ذَاهِب فَإِذا قصدت توكيد ذَلِك وَأَنه لَا محَالة ذَاهِب وَأَنه بصدد الذّهاب وَأَنه مِنْهُ عَزِيمَة قلت أما زيد فذاهب وَكَذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي تَفْسِيره مهما يكن من شَيْء فزيد ذَاهِب وَهَذَا التَّفْسِير يدل بفائدتين بَيَان كَونه توكيدا وَأَنه فِي معنى الشَّرْط انْتهى وتفصل أما من الْفَاء بِوَاحِد من أَرْبَعَة أُمُور إِمَّا بمبتدأ كالآيات السَّابِقَة أَو خبر نَحْو أما فِي الدَّار فزيد وَقيل الْفَصْل بِهِ قَلِيل نَقله فِي ((الْمُغنِي)) عَن الصفار أَو مَعْمُول لما بعْدهَا إِمَّا صَرِيحًا نَحْو: {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} [الضُّحَى: 9] أَو مُفَسرًا نَحْو أما زيد فَاضْرِبْهُ قَالَ سِيبَوَيْهٍ أَو جملَة شَرط نَحْو {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} [الْوَاقِعَة: 88، 89] لَا بجملة تَامَّة أَن هَذَا التَّقْدِيم إِنَّمَا جَازَ للاضطرار ليحصل الْفَصْل بَين أما وَالْفَاء وَذَلِكَ حَاصِل باسم وَاحِد فَبَقيَ الزَّائِد على أَصله من الْمَنْع إِذْ الْفَاء لَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا مَا بعْدهَا قَالَ أَبُو حَيَّان إِلَّا أَن كَانَت للدُّعَاء نَحْو أما زيدا رَحِمك الله فَاضْرب عمل مَا بعد الْفَاء فِيمَا قبلهَا مَسْأَلَة يعْمل مَا بعد الْفَاء فِيمَا قبلهَا هُنَا وفَاقا كَمَا تقدم فِي قَوْله: {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} [الضُّحَى: 9] ثمَّ قَالَ سِيبَوَيْهٍ مَا جَازَ عمله بعد حذف أما وَالْفَاء عمل فِيمَا قبل وَمَا لَا فَلَا أَلا ترى أَنَّك لَو حذفت أما وَالْفَاء فِي الْآيَة وَقلت الْيَتِيم لَا تقهر لَكَانَ جَائِزا بِخِلَاف نَحْو أما زيدا فَإِنِّي ضَارب لَا يجوز إِذْ لَو حذفت أما وَالْفَاء لم يجز تقدم

مَعْمُول خبر إِن عَلَيْهَا وَكَذَا لَا يجوز أما درهما فعندي عشرُون إِذْ الْمُمَيز لَا يعْمل فِيمَا قبله وفَاقا وَقَالَ الْمبرد أَولا وَابْن درسْتوَيْه زِيَادَة على ذَلِك وَإِن أَيْضا يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا مَعَ أما خَاصَّة نَحْو أما زيدا فَإِنِّي ضَارب وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا لم يرد بِهِ سَماع وَلَا يَقْتَضِيهِ قِيَاس صَحِيح قَالَ وَقد رَجَعَ الْمبرد إِلَى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِيمَا حَكَاهُ ابْن ولاد عَنهُ قَالَ الزّجاج رُجُوعه مَكْتُوب عِنْدِي بِخَطِّهِ فَلِذَا لم أحكه عَنهُ فِي الْمَتْن وَقَالَ الْفراء زِيَادَة على ذَلِك وكل نَاسخ يدْخل على الْمُبْتَدَأ من أَخَوَات إِن وَغَيرهَا نَحْو أما زيدا فليتني ضَارب وَأما عمرا فلعلي مكرم وَقيل يخْتَص ذَلِك بالظرف وَالْمَجْرُور للتوسع فِيهِ نَحْو أما الْيَوْم فَإِنِّي ذَاهِب وَأما فِي الدَّار فَإِن زيدا جَالس وَقيل زِيَادَة على ذَلِك وَفعل التَّعَجُّب إِذا كَانَ مُتَعَدِّيا نَحْو أما زيدا فَمَا أزورني لَهُ قَالَه الْكُوفِيُّونَ وعللوه بِأَن التَّعَجُّب مَحْمُول على مَعْنَاهُ والمعني أما زيدا فَأَنا أَزورهُ كثيرا بِخِلَاف غير الْمُتَعَدِّي إِذا اتَّصل بضمير الِاسْم فَلَا يجوز أما زيدا فَمَا أحْسنه نعم يجوز إِذا لم يتَّصل لَهُ نَحْو أما زيدا فَمَا أحسن وَلَا تعْمل أما فِي اسْم صَرِيح فَلَا تنصب الْمَفْعُول خلافًا للكوفية حَيْثُ أجازوه لما فِيهَا من معنى الْفِعْل ورد بِأَن الْأَسْمَاء الصَّرِيحَة لَا تعْمل فِيهَا الْمعَانِي وَبِأَنَّهُ لَا يحفظ من كَلَامهم أما زيدا فَعنده عشرُون درهما وَلَا أما زيدا فقائم غير الظّرْف وَالْمَجْرُور وَالْحَال فَإِنَّهَا تعْمل فِيهَا وفَاقا لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء يعْمل فِيهَا مَا فِيهِ معنى الْفِعْل

الحروف غير العاطفة

الْحُرُوف غير العاطفة الْكَلَام فِي بَقِيَّة الْحُرُوف غير العاطفة فَإِن تِلْكَ تَأتي فِي مَبْحَث عطف النسق الْهمزَة الْهمزَة للاستفهام وَالْمرَاد بِهِ طلب الإفهام وَهِي الأَصْل فِيهِ لكَونهَا حرفا بِخِلَاف مَا عدا هَذِه من أدواته فَلم تخرج عَن موضوعها فَلم تسْتَعْمل لنفي وَلَا بِمَعْنى قد بِخِلَاف هَل (وَمن ثمَّ) أَي من أجل أصالتها فِيهِ اخْتصّت بالحذف أَي بِجَوَاز حذفهَا كَقَوْلِه: 1328 - (طَربْتُ وَمَا شَوْقاً إِلَى الْبيض أَطْرَبُ ... وَلَا لَعِبًا مني وذُو الشّيْبِ يَلْعَبُ) أَرَادَ أَو ذُو الشيب وَسَائِر الأدوات لَا تحذف ودخولها على النَّفْي كَمَا تدخل على الْإِثْبَات نَحْو ألم يقم زيد وَغَيرهَا لَا يدْخل إِلَّا على الْإِثْبَات خَاصَّة ودخولها على (وَاو الْعَطف وفائه وَثمّ) تَنْبِيها على أصالتها فِي التصدير نَحْو: {أولم يَسِيرُوا فِي الأَرْض} [الرّوم: 9] {أَفلا تعقلون} [آل عمرَان: 65] {أَثم إِذا مَا وَقع آمنتم بِهِ} [يُونُس: 51] بِخِلَاف غَيرهَا من الأدوات فَلَا يتَقَدَّم العاطف بل يتَأَخَّر عَنهُ كَمَا هُوَ قِيَاس جَمِيع أَجزَاء الْجُمْلَة المعطوفة نَحْو: {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} [الْمَائِدَة: 91] {فَكيف إِذا أَصَابَتْهُم} [النِّسَاء: 62] {فَأَيْنَ تذهبون} [التكوير: 26] {فَأنى تؤفكون} [الْأَنْعَام: 95] (فَأَيُّ

الفَرِيقَيْنِ} [الْأَنْعَام: 81] {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النِّسَاء: 88] هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور خلافًا للزمخشري حَيْثُ قَالَ إِن الْهمزَة فِي الْمَوَاضِع السَّابِقَة ونحوهافي محلهاالأصلي وَإِن الْعَطف على جملَة مقدرَة بَينهَا وَبَين العاطف مُحَافظَة على إِقْرَار حرف الْعَطف على حَاله من غير تَقْدِيم وَلَا تَأْخِير فَيقدر (امكثوا) (وَلم يَسِيرُوا) (أتجهلون فَلَا تعقلون) قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ تَقْدِير مَا لَا دَلِيل عَلَيْهِ من غير حَاجَة إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن هِشَام يُضعفهُ مَا فِيهِ من التَّكَلُّف وَأَنه غير مطرد (و) دُخُولهَا على الشَّرْط نَحْو: {أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الخَالِدُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 34] بِخِلَاف (هَل) فَلَا تدخل عَلَيْهِ (و) على (إِن) نَحْو: {أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ} [يُوسُف: 90] بِخِلَاف (هَل) وَعدم إِعَادَتهَا بعد أم يُقَال أَزِيد فِي الدَّار أم عَمْرو وَأقَام زيد أم قعد وَلَا يجوز أم أعمرو وَلَا أم أقعد بِإِعَادَة الْهمزَة كَمَا يُعَاد الْجَار بعْدهَا توكيدا فِي نَحْو أَعلَى زيد غضب أم على عَمْرو لِأَن الْهمزَة لم تقع بعد حرف الْعَطف تأسيسا بل يجب تَقْدِيمهَا عَلَيْهِ كَمَا تقدم فَلم تقع بعده تَأْكِيدًا بِخِلَاف غَيرهَا من الأدوات فَإِنَّهَا تُعَاد بعد (أم) نَحْو: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرَّعْد: 16] {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ} [الْملك: 20] {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ} [الْملك: 21] وورودها لطلب التَّصَوُّر نَحْو أَزِيد قَائِم أم عَمْرو أدبس فِي الْإِنَاء أم خل والتصديق نَحْو أَزِيد قَائِم وَأقَام زيد بِخِلَاف (هَل) فَإِنَّهَا للتصديق خَاصَّة وَبَقِيَّة الأدوات للتصور خَاصَّة (و) وُرُودهَا للتسوية نَحْو: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ} [الْبَقَرَة: 6] وَالْإِنْكَار نَحْو: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ إِنَاثًا} [الْإِسْرَاء: 40] {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ} [ق: 15] أَي لم يَقع ذَلِك ومدعيه كَاذِب

الألف اللينة

(والتوبيخ) أَي اللوم على مَا وَقع نَحْو: {أتعبدون مَا تنحتون} [الصافات: 95] (والتقرير) أَي حمل الْمُخَاطب على الْإِقْرَار نَحْو: {ألم نشرح لَك صدرك} [الشَّرْح: 1] أَي شرحنا (والتهكم) نَحْو: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود: 87] (وَالْأَمر) نَحْو: {أسلمتم} [آل عمرَان: 20] أَي أَسْلمُوا (والتعجب) نَحْو: {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} [الْفرْقَان: 45] (والاستبطاء) نَحْو: {ألم يَأن للَّذين آمنُوا} [الْحَدِيد: 16] وَسَائِر الأدوات لَا ترد لشَيْء من ذَلِك الْألف اللينة الْألف اللينة وَهِي الَّتِي لَا تقبل الْحَرَكَة قَالَ ابْن جني وَهَذَا الْمُسَمّى (لَا) الَّذِي يذكر قبل (الْيَاء) عِنْد عد الْحُرُوف وَأَنه لم يُمكن أَن يلفظ بِهِ فِي أول اسْمه كَمَا فعل فِي أخواته إِذْ قيل صَاد جِيم توصل إِلَى النُّطْق بِهِ بِاللَّامِ كَمَا توصل إِلَى اللَّفْظ بلام التَّعْرِيف بِالْألف حِين قيل فِي الِابْتِدَاء الْغُلَام ليتقارضا وَأَن قَول المعلمين لَام ألف خطأ لِأَن كلا من اللَّام وَالْألف قد مضى ذكره وَلَيْسَ الْغَرَض بَيَان كَيْفيَّة تركيب الْحُرُوف بل سرد أَسمَاء الْحُرُوف البسائط قَالَ: وَأما قَول أبي النَّجْم 1329 - (أقبلتُ من عِنْد زِيَاد كالخَرفْ ... تَخُطَّ رجلاي بخطِّ مختلفْ) (تُكتِّبان فِي الطَّرِيق لامَ ألِفْ ... ) فَلَعَلَّهُ تَلقاهُ من أَفْوَاه الْعَامَّة لِأَن الْخط لَيْسَ لَهُ تعلق بالفصاحة ... انْتهى

وَفِي حَاشِيَة الْكَشَّاف للتفتازاني كل الْحُرُوف إِذا عدت صدر فِيهَا الِاسْم بِالْمُسَمّى إِلَّا الْألف فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِك وَفِي أَيَّتهمَا الأَصْل قَولَانِ قَالَ الْفراء الْهمزَة هِيَ الأَصْل وَالْألف الساكنة هِيَ الْهمزَة ترك همزتها وَقَالَ ابْن كيسَان الْألف هِيَ الأَصْل وَفِي حَاشِيَة الْكَشَّاف للتفتازاني قَالُوا الْألف على ضَرْبَيْنِ لينَة ومتحركة فاللينة تسمى ألفا والمتحركة تسمى همزَة والهمزة اسْم مستحدث لَا أُصَلِّي وَإِنَّمَا يذكر فِي التهجي الْألف لَا الْهمزَة انْتهى وَهَذِه الحملة مُعْتَرضَة وَكَذَا مَا قبلهَا وَخبر الْمُبْتَدَأ قولي وَترد للإنكار جَوَازًا فِي مُنْتَهى المنكور وفقا بعد همزَة لم تفصل كَقَوْلِك لمن قَالَ لقِيت عمرا أعمراه مُنْكرا لِقَاء لَهُ وَشَمل الْمُنْتَهى وَصفه والمعطوف عَلَيْهِ كَقَوْلِك لمن قَالَ رَأَيْت عمرا الْفَاضِل أعمرا الفاضلاه وَلمن قَالَ رَأَيْت زيدا وعمرا أزيدا وعمراه وَذَلِكَ غير لَازم فلك أَن لَا تلْحق وَتقول أعمرا أَو عمرا الْفَاضِل أَو زيدا وعمرا فَإِن وصل الْمُتَكَلّم وَلم يقف امْتنع الْإِلْحَاق نَحْو أعمرا يَا هَذَا وَكَذَا إِن فصلت الْهمزَة من المنكور نَحْو أَتَقول عمرا أَو الْيَوْم عمرا وتقلب بعد ضم واوا وَكسر يَاء للمجانسة كَقَوْلِك لمن قَالَ قَامَ عَمْرو أعمروه وَلمن قَالَ قَامَ زيد الْفَاضِل أَزِيد الفاضلوه وَلمن قَالَ مَرَرْت بِالْحَارِثِ الحارثية (أَو) تقلب بعد تَنْوِين مُطلقًا يَاء سَاكِنة بعد كسر التَّنْوِين لالتقاء الساكنين فَيُقَال فِي قَامَ زيد أزيدنيه وَفِي ضربت زيدا أزيدنيه وَفِي مَرَرْت بزيد أزيدنيه (و) ترد للتذكر كَذَلِك أَي كالإنكار من الِاتِّصَال بمنتهى الْكَلِمَة جَوَازًا كَقَوْل من أَرَادَ أَن يَقُول رَأَيْت الرجل الْفَاضِل فنسي الْفَاضِل فَأَرَادَ مد الصَّوْت ليتذكره إِذْ لم يرد قطع الْكَلَام رَأَيْت الرجلا وَمن أَرَادَ أَن يَقُول قَامَ زيد فنسي زيدا قاما

ألا

وَفِي قَلبهَا واوا بعد ضمة وياء بعد كسرة للمجانسة كَقَوْل من أَرَادَ أَن يَقُول يقوم زيد فنسي زيد يقومو وَمن أَرَادَ أَن يَقُول قد قَامَ فنسي قَامَ قدي وتقلب بعد السَّاكِن الصَّحِيح أَيْضا يَاء كَقَوْل من أَرَادَ أَن يَقُول لم يضْرب زيد فنسي زيد لم يضربني بِخِلَاف المعتل فَإِنَّهُ يَسْتَغْنِي بِمدَّة عَن مُدَّة التَّذَكُّر نَحْو موسي وتفارق مُدَّة الْإِنْكَار فِي أَنَّهَا لَا تلحقها هَاء السكت لِأَنَّهُ غير قَاصد للْوَقْف وَإِنَّمَا عرض لَهُ مَا أوجب قطع كَلَامه وَهُوَ طَالب لتذكر مَا بَقِي بِخِلَاف الْمُنكر (و) ترد فاصلة بَين الهمزتين جَوَازًا نَحْو {أأنذرتهم} [الْبَقَرَة: 6] وَلَا فرق بَين كَون الثَّانِيَة مُحَققَة أَو مسهلة (و) ترد فاصلة بَين النونين نون النسْوَة وَنون التوكيد نَحْو اضربنان وَهَذِه وَاجِبَة كَمَا سَيَأْتِي (و) ترد لغير ذَلِك كمد الصَّوْت للمنادي المستغاث أَو المتعجب مِنْهُ أَو الْمَنْدُوب كَمَا تقدم فِي مَحَله أَلا (أَلا) بِفَتْح الْهمزَة وَالتَّخْفِيف حرف استفتاح وتنبيه وَتدْخل على الجملتين نَحْو: {أَلا إِنَّهُم هم السُّفَهَاء} [الْبَقَرَة: 13] {أَلا يَوْم يَأْتِيهم لَيْسَ مصروفا عَنْهُم} [هود: 8] وتكثر قبل النداء كَقَوْلِه: 1330 - (أَلا يَا عِبَاد اللهِ قَلْبي مُتَيّمٌ ... )

ياء التنبه وهاؤه

وَيُقَال فِيهَا هلا بإبدال الْهمزَة هَاء قرئَ: {أَلا يسجدوا لله} [النَّمْل: 25] يَاء التنبه وهاؤه وكهي فِي التَّنْبِيه يَاء كهذه الْآيَة (وَهَا) وَأكْثر اسْتِعْمَالهَا مَعَ ضمير رفع مُنْفَصِل نَحْو: {هَا أَنْتُم أولاء} [آل عمرَان: 119] وَمَعَ اسْم الْإِشَارَة كَهَذا زيد وَتَقَع مَعَ غَيرهمَا كَقَوْل النَّابِغَة: 1331 - (هَا إنَّ ذِي عِذْرَةٌ إِن لَا تَكُنْ نفَعَتْ ... فَإِن صاحِبَها مُشَاركُ النّكَدِ) ويلي يَا غَالِبا أَمر كالآية وَكَقَوْلِه: 1332 - (أَلا يَا اسْلمي يَا دَار ميّ على البِلَي ... ) (أَو لَيْت) نَحْو: {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ} [يس: 26] (أَو رب) نَحْو (يَا رب كاسية فِي الدُّنْيَا عَارِية يَوْم الْقِيَامَة) وَقد يَليهَا الْجُمْلَة الاسمية كَقَوْلِه:

أما

1333 - (يَا لعنةُ الله والأقوام كلهمُ ... والصّالحين على سمْعانَ مِنْ جَار) أما (أما) بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف (كألا) فَهُوَ حرف استفتاح وتنبيه وَيكثر قبل الْقسم كَقَوْلِه: 1334 - (أما وَالَّذِي أبْكى وأضْحَكَ والّذي ... أمات وأحْيَا وَالَّذِي أمرهُ الأمْر) وتبدل همزتها هَاء وعينا فَيُقَال هما وَعَما وتحذف أَي الْهمزَة فَيُقَال (مَا) قَالَ: 1335 - (مَا تَرى الدَّهْرَ قَد أباد مَعدًّا ... وأبادَ السّراةَ من عَدْنان) (أَو) تحذف (الْألف) فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة فَيُقَال أم وهم وَعم لُغَات (و) تكون (بِمَعْنى حَقًا) وتفتح بعْدهَا أَن نَحْو أما أَنَّك ذَاهِب وَهِي حِينَئِذٍ (اسْم) مرادف لَهُ (أَو حرف) قَالَه ابْن خروف وَجعلهَا مَعَ أَن ومعلومها كلَاما تركب من حرف وَاسم كَمَا قَالَ الْفَارِسِي فِي يَا زيد (أَو مركبة) من كَلِمَتَيْنِ (همزَة الِاسْتِفْهَام وَمَا) اسْم بِمَعْنى شَيْء ذَلِك الشَّيْء حق فَالْمَعْنى أحقا (وَهِي) أَي (أما) حِينَئِذٍ (نصب على الظَّرْفِيَّة) كَمَا انتصب حَقًا على ذَلِك فِي نَحْو قَوْله: 1336 - (أحقًّا أنَّ جيرتنا اسْتَقَلَّوا ... )

أي

هَذِه أَقْوَال قَالَ ابْن هِشَام الثَّالِث قَول سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ المالقي وَترد أما للعرض بِمَنْزِلَة أَلا فتختص بِالْفِعْلِ نَحْو أما تقوم أما تقعد قَالَ ابْن هِشَام وَقد يَدعِي فِي ذَلِك أَن الْهمزَة للاستفهام التقريري وَمَا نَافِيَة ظَاهر كَلَام ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي أَن الاستفتاح والتنبيه فِي (أَلا) و (أما) متلازمان حَيْثُ جعل التَّنْبِيه مَعْنَاهَا والاستفتاح مَكَانهَا وَعبارَته أَن (لَا) تكون للتّنْبِيه فتدل على تحقق مَا بعْدهَا وَيَقُول المعربون فِيهَا حرف استفتاح فيبينون مَكَانهَا ويهملون مَعْنَاهَا وإفادتها التَّحْقِيق من حَيْثُ تركبها من الْهمزَة (وَلَا) وهمزة الِاسْتِفْهَام إِذا دخلت على النَّفْي أفادت التَّحْقِيق وَظَاهر كَلَام ابْن مَالك وابي حَيَّان أَنَّهُمَا مَعْنيانِ مستقلان وَعبارَة التسهيل وَقد يعزى التَّنْبِيه إِلَى أَلا وَأما وهما للاستفتاح مُطلقًا قَالَ أَبُو حَيَّان فِي شَرحه فِي قَوْله وَقد يعزى إِشْعَار بالقلة بِمَعْنى أَن الْأَكْثَر أَن يَكُونَا للاستفتاح مُطلقًا سَوَاء قصد مَعَ ذَلِك التَّنْبِيه أم لم يقْصد انْتهى أَي (أَي) بِالْفَتْح والسكون حرف للتفسير بمفرد نَحْو عِنْدِي عسجد أَي ذهب وغضنفر أَي أَسد فتاليها عطف بَيَان على مَا قبلهَا أَو بدل مِنْهُ وَقيل عطف نسق قَالَه الْكُوفِيُّونَ وصاحبا المستوفي والمفتاح

إي

ورد بِأَنا لم نر عاطفا يصلح للسقوط دَائِما وَلَا عاطفا ملازما لعطف الشَّيْء على مرادفه (و) لتفسير جملَة أَيْضا كَقَوْلِه: 1337 - (وتَرْمِينَني بالطّرْف أيْ أنْتَ مُذْنِبٌ ... ) (فَإِن وَقعت بعد تَقول وَقبل) فعل مُسْند للضمير حُكيَ الضَّمِير نَحْو تَقول أستكتمته الحَدِيث أَي سَأَلته كِتْمَانه يُقَال ذَلِك بِضَم التَّاء وَلَو جِئْت ب (إِذا) مَكَان (أَي) فتحت فَقلت إِذا سَأَلته لِأَن (إِذا) ظرف ل (تَقول) إِي (إِي) بِالْكَسْرِ والسكون حرف للجواب كنعم فَيكون لتصديق الْمخبر ولإعلام المستخبر ولوعد الطَّالِب وَتَقَع بعد قَامَ زيد وَهل قَامَ زيد وَاضْرِبْ زيدا ونحوهن كَمَا تقع (نعم (بعدهن (و) تفارق نعم فِي أَنَّهَا لَا تقع إِلَّا قبل الْقسم كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَحَق هُوَ قل إِي وربي إِنَّه لحق} [يُونُس: 53] وَنعم تكون مَعَ قسم وَغير قسم قَالَ ابْن الْحَاجِب وَلَا تقع أَيْضا إِلَّا بعد الِاسْتِفْهَام كالآية وَغَيره لم يذكر ذَلِك وَأَشَارَ فِي الْمُغنِي إِلَى تَضْعِيفه وَإِذا وَليهَا حرف الْقسم نَحْو إِي وَالله فَلَا يجوز فِيهَا إِلَّا إِثْبَات الْيَاء فَإِن حذفت الْوَاو ووليها لفظ الله جَازَ فِيهَا سُكُون الْيَاء وَحِينَئِذٍ فيلتقي ساكنان على غير حدهما وَهُوَ من المستثني من قَاعِدَة الْمَنْع (و) جَازَ أَيْضا فتحهَا وحذفها لالتقاء يَاء سَاكِنة مَعَ لَام الله

أجل

أجل (أجل) بِسُكُون اللَّام حرف للجواب كنعم فَتكون تَصْدِيقًا للمخبر وإعلاما للمستخبر ووعدا للطَّالِب وَتَقَع بعد نَحْو قَامَ زيد وَمَا قَامَ زيد وَهل قَامَ زيد وَاضْرِبْ زيدا وَلَا تضرب زيدا وخصها قوم بالْخبر دون الِاسْتِفْهَام والطلب وَعَلِيهِ الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن مَالك (و) خصها ابْن خروف بِهِ فِي الْغَالِب قَالَ أَكثر مَا تكون بعده (و) خصها المالقي بِغَيْر النَّفْي وَالنَّهْي وَجعلهَا للْخَبَر الْمُثبت والطلب بِغَيْر النَّهْي (و) خصها بَعضهم بِغَيْر الِاسْتِفْهَام أَي بالْخبر والطلب وَقَالَ لَا تَجِيء بعد الِاسْتِفْهَام وَعَن الْأَخْفَش هِيَ بعد الْخَبَر أحسن من (نعم) و (نعم) بعد الِاسْتِفْهَام أحسن مِنْهَا بجل (بجل) حرف لَهُ أَي للجواب كنعم وَاسم فعل بِمَعْنى يَكْفِي (و) اسْم مرادف لحسب وَيُقَال على الأول بجلني وَهُوَ نَادِر وعَلى الثَّانِي بجلي قَالَ: 1338 - (أَلا بَجَلِي مِنَ الشّارب أَلا بَجَلْ ... ) بلي (بلَى) حرف مرتجل لَهُ أَي للجواب أُصَلِّي الْألف وَلَيْسَ أَصْلهَا بل العاطفة بعد النَّفْي فِي الْفِعْل وَالْألف زَائِدَة عَلَيْهَا دخلت للْإِيجَاب

جلل

وَقيل للإضراب أَو للتأنيث خلافًا لزاعمه اسْتدلَّ قَائِل الأول بِلُزُوم كَون مَا قبلهَا منفيا أبدا وَالثَّانِي بإمالتها وكتابتها بِالْيَاءِ وَالْقِيَاس على تَأْنِيث (رب) وَثمّ وَنَحْوهمَا بِالتَّاءِ وتختص بِالنَّفْيِ وتثبته سَوَاء كَانَ مُجَردا نَحْو {زعم الَّذين كفرُوا أَن لن يبعثوا قل بلَى} [التغابن: 7] أَو مَقْرُونا بالاستفهام حَقِيقِيًّا كَانَ نَحْو أَلَيْسَ زيد بقائم فَيُقَال بلَى أَو توبيخا نَحْو {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ} [الْقِيَامَة: 3، 4] أَو تقريريا نَحْو {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} [الْأَعْرَاف: 172] أجري النَّفْي مَعَ التَّقْرِير مجري النَّفْي الْمُجَرّد فِي رده (ببلى) وَلذَلِك قَالَ ابْن عَبَّاس وَغَيره لَو قَالُوا نعم كفرُوا وَوَجهه أَن (نعم) تَصْدِيق للْخَبَر بِنَفْي أَو إِيجَاب وَأما وُقُوعهَا بعد الِاسْتِفْهَام الْمُثبت فِي حَدِيث (أترْضَوْنَ أَن تَكُونُوا رُبْع أهْلِ الجنّة قَالُوا بلَى) فَهُوَ إِمَّا قَلِيل أَو من تَغْيِير الروَاة كَمَا تقرر فِي غير مَا مَوضِع جلل جلل حرف لَهُ أَي للجواب كنعم حَكَاهُ الزّجاج فِي كتاب (الشَّجَرَة) وَيرد اسْما بِمَعْنى عَظِيم قَالَ 1339 - (قوْمى هُمُ قتلوا أمَيمَ أخى ... فَإِذا رَمَيْتُ يصيبنى سَهْمى) (وَلَئِن عَفَوْتُ لأعْفُوَن جَللا ... وَلَئِن سَطَوْتُ لأوهِنَن عَظْمِى)

جير

وَبِمَعْنى حقير قَالَ امْرُؤ الْقَيْس وَقد قتلوا أَبَاهُ 1340 - (أَلا كلّ شَيْء سِواه جلَلْ ... ) وَبِمَعْنى أجل قَالُوا فعلت ذَلِك من جللك أَي من أَجلك وَقَالَ جميل 1341 - (رسْم دَار وقَفْتُ فِي طَلَلِهْ ... كدت أقضِي الْغَدَاة مِنْ جَللهْ) قيل أَرَادَ من أَجله وَقيل أَرَادَ من عظمه فِي عَيْني جير جير بِالْكَسْرِ على أصل التقاء الساكنين كأمس وَالْفَتْح للتَّخْفِيف كأين وَكَيف حرف لَهُ أَي للجواب كنعم قَالَ فِي الْمُغنِي لَا اسْم بِمَعْنى حَقًا فَيكون مصدرا وَلَا بِمَعْنى (أبدا) فَيكون ظرفا وَإِلَّا لأعربت وَدخل عَلَيْهَا (أل) وَلم تؤكد (أجل) فِي قَوْله 1342 - (أجل جَيْر إنْ كَانَت رواءً أسافِلُه ... ) وَلَا قوبل بهَا (لَا) فِي قَوْله 1343 - (إِذْ تَقول (لَا) ابنةُ العُجَيْر ... تَصْدقُ (لَا) إِذا تقُول جَيْر) وَأما قَوْله 1344 - (وقائلة أسيت فَقلت جَيْر ... ) فالتنوين فِيهِ للترنم وَهُوَ غير مُخْتَصّ بِالِاسْمِ انْتهى

السين وسوف

وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان جير من حُرُوف الْجَواب فِيهَا خلاف أَي اسْم أَو حرف السِّين وسوف السِّين وسوف كِلَاهُمَا للتنفيس أَي تَخْلِيص الْمُضَارع من الزَّمن الضّيق وَهُوَ الْحَال إِلَى الزَّمَان الْوَاسِع وَهُوَ الِاسْتِقْبَال قَالَ البصرية وزمانه مَعَ السِّين أضيق مِنْهُ مَعَ سَوف نظرا إِلَى أَن كَثْرَة الْحُرُوف تفِيد مُبَالغَة فِي الْمَعْنى والكوفيون أَنْكَرُوا ذَلِك ورده ابْن مَالك تبعا مِنْهُمَا على الْمَعْنى الْوَاحِد فِي الْوَقْت الْوَاحِد قَالَ تَعَالَى {وسوف يُؤْت الله الْمُؤمنِينَ أجرا عَظِيما} [النِّسَاء: 146] {أُولَئِكَ سنؤتيهم أجرا عَظِيما} [النِّسَاء: 162] {كلا سيعلمون} [النبأ: 4] {ثمَّ كلا سَوف تعلمُونَ} [التكاثر: 4] وَقَالَ الشَّاعِر 1345 - (وَمَا حالةٌ إلاَّ سَيُصْرَفُ حالُها ... إِلَى حالةٍ أخري وسوف تَزول) وبالقياس على الْمَاضِي فَإِن الْمَاضِي والمستقبل متقابلان فَكَمَا أَن الْمَاضِي لَا يقْصد بِهِ إِلَّا مُطلق الْمُضِيّ دون تعرض لقرب أَو بعد فَكَذَلِك الْمُسْتَقْبل قلت وَهُوَ مَمْنُوع فَإِن الْمَاضِي أَيْضا فرقوا فِيهِ وَقَالُوا إِن (قد) تقر بِهِ من الْحَال قيل والاستمرار ذكره بَعضهم فِي {سَيَقُولُ السُّفَهَاء} [الْبَقَرَة: 142] مُدعيًا أَن ذَلِك إِنَّمَا نزل بعد قَوْله {مَا ولاهم} [الْبَقَرَة: 142] فَجَاءَت السِّين إعلاما بالاستمرار لَا بالاستقبال قَالَ فِي (الْمُغنِي) وَهَذَا لَا يعرفهُ النحويون وَمَا ذكره من أَن الْآيَة نزلة بعد قَوْلهم مَا ولاهم غير مُوَافق عَلَيْهِ وتختص سَوف خلافًا للسيرافي بِدُخُول اللَّام نَحْو {ولسوف يعطيك رَبك} [الضَّحي: 5] وبجواز فصلها بِالْفِعْلِ ملغي نَحْو 1346 - (وَمَا أدْري وسوف إخَالُ أدْري ... )

قد

والأمران ممتنعان فِي السِّين وجوزهما السيرافي فِيهَا أَيْضا وسو بِحَذْف الْفَاء وسي بحذفها وقلب الْوَاو يَاء مُبَالغَة فِي التَّخْفِيف وسف بِحَذْف الْوسط لُغَات حَكَاهَا الْكُوفِيُّونَ قَالَ الشَّاعِر 1347 - (فَإِن أهْلِكْ فَسَوْ تَجدون فَقْدِي ... ) وَقيل إِن هَذَا الْحَذف بوجوهه ضَرُورَة خَاص بالشعر لَا لُغَة وَلَيْسَت السِّين مقتطعة مِنْهَا أَي من سَوف بل هِيَ أصل برأسها عَليّ الْأَصَح لِأَن الأَصْل عدم الاقتطاع وَقيل إِنَّهَا فرعها ومقتطعة مِنْهَا وَرجحه ابْن مَالك ورد بِأَنَّهَا لَو كَانَت فرعا لَهَا لساوتها فِي الْمدَّة ولكانت أقل اسْتِعْمَالا مِنْهَا وَأجِيب عَن الأول بالتزامه كَمَا تقدم وَعَن الثَّانِي بِأَن الْفَرْع قد يفوق الأَصْل كنعم وَبئسَ فَإِنَّهُمَا فرعا محرك الْعين وهما أَكثر اسْتِعْمَالا قد قد حرف يخْتَص بِالْفِعْلِ الْمُتَصَرف الخبري الْمُثبت الْمُجَرّد من جازم وناصب وحرف تَنْفِيس فَلَا يدْخل على الجامد كعسى و (لَيْسَ) وَلَا الإنشائي كنعم وَبئسَ وَلَا الْمَنْفِيّ وَلَا المقترن بِمَا ذكر وَهِي مَعَه كالجزء وَمن ثمَّ لَا يفصل مِنْهُ بِشَيْء فيقبح أَن يُقَال قد زيدا رَأَيْت إِلَّا بقسم كَقَوْلِه 1348 - (أخالِدُ قَد وَالله أوْطأت عشْوة ... ) وَسمع (قد لعمري بت ساهرا) و (قد وَالله أَحْسَنت) وَتَكون للتوقع من الْمُضَارع كَقَوْلِك قد يقدم الْغَائِب الْيَوْم إِذا كنت تتَوَقَّع قدومه

وَمَعَ الْمَاضِي قَالَ الْخَلِيل يُقَال قد فعل الْقَوْم ينتظرون الْخَبَر وَمِنْه قَول الْمُؤَذّن قد قَامَت الصَّلَاة لِأَن الْجَمَاعَة منتظرون لذَلِك وَفِي التَّنْزِيل {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} [المجادلة: 1] لِأَنَّهَا كَانَت تتَوَقَّع إِجَابَة الله عز وَجل لدعائها وَقيل لَا تكون لَهُ مَعَ الْمَاضِي بل مَعَ الْمُضَارع خَاصَّة لِأَن التوقع انْتِظَار الْوُقُوع والماضي قد وَقع وَأنْكرهُ ابْن هِشَام فِي (الْمُغنِي) مُطلقًا فَقَالَ وَالَّذِي يظْهر لي قَول ثَالِث وَهُوَ أَنَّهَا لَا تفِيد التوقع أصلا أما فِي الْمُضَارع فَلِأَن قَوْلك يقدم الْغَائِب يُفِيد التوقع بِدُونِ (قد) إِذْ الظَّاهِر من حَال الْمخبر عَن مُسْتَقْبل أَنه متوقع لَهُ وَأما فِي الْمَاضِي فَلِأَنَّهُ لَو صَحَّ إِثْبَات التوقع لَهَا بِمَعْنى أَنَّهَا تدخل على مَا هُوَ متوقع لصَحَّ أَن يُقَال فِي لَا رجل بِالْفَتْح أَن لَا للاستفهام لِأَنَّهَا لَا تدخل إِلَّا جَوَابا لمن قَالَ هَل من رجل وَنَحْوه فَالَّذِي بعد (لَا) يستفهم عَنهُ من جِهَة شخص آخر كَمَا أَن الْمَاضِي بعد (قد) متوقع كَذَلِك قَالَ وَعبارَة ابْن مَالك فِي ذَلِك حَسَنَة فَإِنَّهُ قَالَ إِنَّهَا تدخل على مَاض متوقع وَلم يقل إِنَّهَا تفِيد التوقع وَلم يتَعَرَّض للتوقع فِي الدَّاخِلَة على الْمُضَارع الْبَتَّةَ وَهَذَا هُوَ الْحق انْتهى وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل لَا يتَحَقَّق التوقع فِي (قد) مَعَ دُخُوله على الْمَاضِي لِأَنَّهُ لَا يتَوَقَّع إِلَّا المنتظر وَهَذَا قد وَقع وَالَّذِي تلقفناه من أَفْوَاه الشُّيُوخ بالأندلس أَنَّهَا حرف تَحْقِيق إِذا دخلت على الْمَاضِي وحرف توقع إِذا دخلت على الْمُسْتَقْبل إِلَّا إِن عني بالتوقع أَنه كَانَ متوقعا ثمَّ صَار مَاضِيا وَتَكون لتقريب الْمَاضِي من الْحَال تَقول قَامَ زيد فَيحْتَمل الْمَاضِي الْقَرِيب والماضي الْبعيد فَإِذا قلت قد قَامَ اخْتصَّ بالقريب والتقليل مَعَ الْمُضَارع نَحْو قد يصدق الكذوب وَقد يجود الْبَخِيل وَالتَّحْقِيق مَعَهُمَا مِثَاله مَعَ الْمَاضِي {قد أَفْلح من زكاها} [الشَّمْس: 9] وَمَعَ الْمُضَارع {قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} [النُّور: 64] قَالَ سِيبَوَيْهٍ والتكثير كَقَوْلِه 1349 - (قد أتْرُك القرْنَ مُصْفرًّا أنامِلُه ... كأنّ أثْوَابَهُ مُجّتْ بفِرصادِ)

كل

وَقَالَ ابْن سَيّده وَالنَّفْي وَحكي (قد كنت فِي خير فتعرفه) بِنصب (تعرف) وَأَشَارَ إِلَيْهِ فِي التسهيل بقوله وَرُبمَا نفي بقد فنصب الْجَواب قَالَ ابْن هِشَام وَمحله عِنْدِي على خلاف مَا ذكر وَهُوَ أَن يكون كَقَوْلِك للكذوب هُوَ رجل صَادِق ثمَّ جَاءَ النصب بعْدهَا نظرا إِلَى الْمَعْنى قَالَ وَإِن كَانَا إِنَّمَا حكما بِالنَّفْيِ لثُبُوت النصب فَغير مُسْتَقِيم لمجيء قَوْله 1350 - (وأَلْحَق بالحجاز فأسْتَريحا ... ) وَقِرَاءَة بَعضهم {بل نقذف بِالْحَقِّ على الْبَاطِل فيدمغه} [الْأَنْبِيَاء: 18] بِالنّصب كل كل اسْم مَوْضُوع لاستغراق أَفْرَاد الْمُنكر نَحْو {كل نفس ذائقة الْمَوْت} [آل عمرَان: 185] والمعرف الْمَجْمُوع نَحْو {وَكُلُّهُمْ آتِيةِ} [مَرْيَم: 95] (وأجزاء الْمُفْرد الْمُعَرّف) نَحْو كل زيد حسن وَتَقَع توكيدا وَسَيَأْتِي فِي مَبْحَث التَّأْكِيد فِي الْكتاب الْخَامِس ونعتا دَالا على الْكَمَال لنكرة أَو معرفَة فتضاف حتما لظَاهِر مماثلة لفظا ومعني نَحْو أطعمنَا شَاة كل شَاة وَقَوله 1351 - (وإنَّ الَّذِي حانت بفلْج دماؤُهُمْ ... هُمُ القومُ كُلُّ الْقَوْم يَا أمَّ خالدِ)

قيل أَو معنى فَقَط وتالية للعوامل فتضاف للظَّاهِر نَحْو: {كل نفس بِمَا كسبت رهينة} [المدثر: 38] أَو ضمير مَحْذُوف نَحْو {كلا هدينَا} [الْأَنْعَام: 84] أَي كلهم فَإِن أضيف لضمير مَذْكُور لم يعْمل فِيهَا غير الِابْتِدَاء غَالِبا نَحْو: {إِن الْأَمر كُله لله} [آل عمرَان: 154] فِيمَن رفع كُله {وَكلهمْ آتيه} [مَرْيَم: 95] وَمن الْقَلِيل قَوْله: 1352 - (يميدُ إِذا مادت عَلَيْهِ دلاؤُهُم ... فَيصْدرُ عَنهُ كلَّها وَهوَ ناهِلُ) وَقيل دَائِما ثمَّ إِن أضيفت لمعْرِفَة روعي فِي ضميرها الْمَعْنى أَو اللَّفْظ وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن كل من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وَكلهمْ آتيه يَوْم الْقِيَامَة فَردا} [مَرْيَم: 93، 94، 95] وأوجبه أَي مُرَاعَاة اللَّفْظ ابْن هِشَام فَقَالَ فِي الْمُغنِي وَالصَّوَاب أَن الضَّمِير لَا يعود إِلَيْهَا من خَبَرهَا إِلَّا مُفردا مذكرا على لَفظهَا نَحْو: {وَكلهمْ آتيه} [مَرْيَم: 95] {كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} (كلكُمْ جَائِع إِلَى من أطعمته) وَقَوله (كل النَّاس يَغْدُو فبائع نَفسه فمعتقها أَو موبقها) و (كلكُمْ رَاع وكلكم مسئول عَن رَعيته) و (كلنا لَك عبد) وَأما الْآيَة

الأولى فجملة {لقد أحصاهم} أُجِيب بهَا الْقسم وَلَيْسَت خَبرا عَن (كل) وضميرها رَاجع ل (من) لَا لكل (أَو) أضيفت إِلَى نكرَة فثالثها أَي الْأَقْوَال وَهُوَ الْمُخْتَار وفَاقا لَهُ أَي لِابْنِ هِشَام إِن نسب الحكم لكل فَرد فاللفظ نَحْو كل رجل يشبعه رغيفان (أَو) نسب للمجموع فَالْمَعْنى نَحْو كل رجل قائمون أَي مَجْمُوع الرِّجَال وَأول الْأَقْوَال وَعَلِيهِ ابْن مَالك وجوب مُرَاعَاة الْمَعْنى مُطلقًا فَلذَلِك جَاءَ الضَّمِير مُفردا مذكرا فِي نَحْو: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهً فِي الزُّبُرِ} [الْقَمَر: 52] ومفردا مؤنثا نَحْو: {كل نفس بِمَا كسبت رهينة} [المدثر: 38] ومثنى فِي نَحْو: 1353 - (وكُلُّ رَفِيقَيْ كُلِّ رَحْل وإنْ هُما ... تعاطَى القنا قوماهُما آخوَان) ومجموعا مذكرا فِي نَحْو: {كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ} [الرّوم: 32] ومجموعا مؤنثا فِي نَحْو: 1354 - (وكُلّ مُصيبات الزّمان وجَدْتُها ... سوى فُرْقةِ الأحباب هَيِّنَةَ الخَطْبِ) وَالثَّانِي وَعَلِيهِ أَبُو حَيَّان جَوَاز الْأَمريْنِ مُطلقًا كَقَوْلِه: 1355 - (جَادت عَلَيْهِ كُلُّ عين ثرَّةٍ ... فتركن كُلَّ حَديقة كالدّرهم) فَقَالَ تَرَكْنَ وَلم يقل تركت فَدلَّ على جَوَاز كل رجل قَائِم وقائمون

كلما

أَو قطعت عَن الْإِضَافَة لفظا فجوزهما أَي مُرَاعَاة اللَّفْظ وَالْمعْنَى أَبُو حَيَّان مِثَال اللَّفْظ {قل كل يعْمل على شاكلته} [الْإِسْرَاء: 84] {فكلا أَخذنَا بِذَنبِهِ} [العنكبوت: 40] وَمِثَال الْمَعْنى: {وكل كَانُوا ظالمين} [الْأَنْفَال: 54] وَقَالَ ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي الصَّوَاب أَنه (إِن قدر) الْمَنوِي مُفردا نكرَة وَجب الْإِفْرَاد كَمَا لَو صرح بالمفرد (أَو) قدر جمعا مُعَرفا فالجمع وَاجِب وَإِن كَانَت الْمعرفَة لَو ذكرت لوَجَبَ الْإِفْرَاد وَلَكِن فعل ذَلِك تَنْبِيها على حَال الْمَحْذُوف فيهمَا فَالْأول نَحْو: {قل كل يعْمل على شاكلته} [الْإِسْرَاء: 84] {كل آمن بِاللَّه} [الْبَقَرَة: 285] {كل قد علم صلَاته وتسبيحه} [النُّور: 41] وَالثَّانِي نَحْو: {كل لَهُ قانتون} [الْبَقَرَة: 116] {كل فِي فلك يسبحون} [الْأَنْبِيَاء: 33] {وكل أَتَوْهُ داخرين} [النَّمْل: 87] قَالَ البيانيون إِذا وَقعت كل فِي حيّز النَّفْي توجه النَّفْي إِلَى الشُّمُول خَاصَّة وَأفَاد بمفهومه ثُبُوت الْفِعْل لبَعض الْأَفْرَاد كَقَوْلِك مَا جَاءَ كل الْقَوْم وَلم آخذ كل الدَّرَاهِم وكل الدَّرَاهِم آخذ وَقَوله: 1356 - (مَا كُلُّ رَأْي الفتي يَدْعو إِلَى رشد ... ) أَو وَقع النَّفْي فِي حيزها توجه إِلَى كل فَرد نَحْو قَوْله لما قَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أنسيت أم قصرت الصَّلَاة (كل ذَلِك لم يكن) كلما كلما ظرف يَقْتَضِي التّكْرَار مركب من (كل) و (مَا) المصدرية أَو النكرَة الَّتِي بِمَعْنى وَقت وَمن هُنَا جاءتها الظَّرْفِيَّة كَقَوْلِه تَعَالَى: {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا قَالُوا هَذَا الَّذِي رزقنا من قبل} [الْبَقَرَة: 25] فإمَّا أَن يكون الأَصْل كل رزق ثمَّ عبر عَن معنى الْمصدر بِمَا وَالْفِعْل ثمَّ أنبأ عَن الزَّمَان أَي كل وَقت رزق كَمَا أنيب عَنهُ الْمصدر الصَّرِيح فِي جئْتُك خفوق النَّجْم أَو يكون التَّقْدِير كل وَقت رزقوا فِيهِ فَحذف الْعَائِد وَلَا يحْتَاج فِي هَذَا إِلَى تَقْدِير وَقت

كلا

(وناصبة) الْفِعْل الَّذِي هُوَ جَوَابه فِي الْمَعْنى مثل قَالُوا فِي الْآيَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يكون تالية وَجَوَابه إِلَّا فعلا مَاضِيا كلا (كلا الْأَكْثَر) على أَنَّهَا بسيطة وَقَالَ ثَعْلَب هِيَ مركبة من كَاف التَّشْبِيه وَلَا النافية قَالَ وَإِنَّمَا شددت لامها لتقوية الْمَعْنى ولدفع توهم بَقَاء الْكَلِمَتَيْنِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه دَعْوَى لَا يقوم عَلَيْهَا دَلِيل (و) الْأَكْثَر على أَنَّهَا حرف ردع وزجر لَا معنى لَهَا عِنْدهم إِلَّا ذَلِك حَتَّى إِنَّهُم يجيزون أبدا الْوَقْف عَلَيْهَا والابتداء بِمَا بعْدهَا وَحَتَّى قَالَه جمَاعَة مِنْهُم مَتى سَمِعت (كلا) فِي سُورَة فاحكم بِأَنَّهَا مَكِّيَّة لِأَنَّهُ فِيهَا معنى التهديد والوعيد وَأكْثر مَا نزل ذَلِك بِمَكَّة لِأَن أَكثر العتو كَانَ بهَا (وَزَاد) لَهَا قوم لما رَأَوْا أَن معنى الردع والزجر لَيْسَ مستمرا فِيهَا معنى ثَانِيًا يَصح عَلَيْهَا أَن يُوقف دونهَا ويبتدأ بهَا ثمَّ اخْتلفُوا فِي تعْيين ذَلِك الْمَعْنى فالكسائي قَالَ تكون بِمَعْنى حَقًا أَيْضا وزعمها مكي اسْما حِينَئِذٍ كمرادفها وَلِأَنَّهَا تنون فِي قِرَاءَة بَعضهم: {كلا سيكفرون بعبادتهم} [مَرْيَم: 82] وَغَيره قَالَ اشْتِرَاك اللَّفْظ بَين الاسمية والحرفية قَلِيل ومخالف للْأَصْل ومحوج لتكلف دَعْوَى عِلّة لبنائها وَخرج التَّنْوِين فِي الْآيَة على أَنه بدل من حرف الْإِطْلَاق الْمَزِيد فِي رُءُوس الْآي ثمَّ إِنَّه وصل بنية الْوَقْف وَأَبُو حَاتِم قَالَ تكون بِمَعْنى أَلا الاستفتاحية قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يتقدمه إِلَى ذَلِك أحد وَوَافَقَهُ على ذَلِك الزّجاج وَغَيره

كم

وَالنضْر بن شُمَيْل قَالَ تكون بِمَعْنى إِي فَتكون حرف تَصْدِيق وتستعمل مَعَ الْقسم وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {كلا وَالْقَمَر} [المدثر: 32] فَقَالَ مَعْنَاهُ إِي وَالْقَمَر قَالَ ابْن هِشَام وَقَول أبي حَاتِم عِنْدِي أولى من قَول الْكسَائي وَالنضْر لِأَنَّهُ أَكثر اطرادا فَإِن قَول النَّضر لَا يَتَأَتَّى فِي قَوْله: {كلا إِنَّهَا كلمة} [الْمُؤْمِنُونَ: 100] وَقَوله: {كلا إِن معي رَبِّي سيهدين} [الشُّعَرَاء: 62] لِأَنَّهَا لَو كَانَت فيهمَا بِمَعْنى أَي لكَانَتْ للوعد بِالرُّجُوعِ وللتصديق بالإدراك وَقَول الْكسَائي لَا يَتَأَتَّى فِي نَحْو: {كلا إِن كتاب الْأَبْرَار} [المطففين: 18] لِأَن إِن تكسر بعد أَلا الاستفتاحية وَلَا تكسر بعد حَقًا وَلَا بعد مَا كَانَ بمعناها قَالَ أَبُو حَيَّان وَذهب الْفراء وَأَبُو عبد الرَّحْمَن اليزيدي وَمُحَمّد بن سَعْدَان إِلَى أَن كلا بِمَنْزِلَة سَوف قَالَ وَهَذَا مَذْهَب غَرِيب كم (كم) على وَجْهَيْن (خبرية بِمَعْنى كثير واستفهامية بِمَعْنى أَي عدد لَا لقلَّة وَلَا كَثْرَة وَلَا هِيَ حرف وَلَا مركبة خلافًا لزاعمي ذَلِك) بل هِيَ اسْم بسيط وضعت مُبْهمَة تقبل قَلِيل الْعدَد وَكَثِيره وَالدَّلِيل على اسميتها دُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهَا وَالْإِضَافَة إِلَيْهَا وعود الضَّمِير عَلَيْهَا وَذهب بَعضهم فِيمَا حَكَاهُ صَاحب الْبَسِيط إِلَى أَن الخبرية حرف للتكثير فِي مُقَابلَة (رب) الدَّالَّة على التقليل وَذهب الْكسَائي وَالْفراء إِلَى أَن (كم) بوجهيها مركبة من (كَاف) التَّشْبِيه و (مَا) الاستفهامية وحذفت ألفها كَمَا تحذف مَعَ سَائِر حُرُوف الْجَرّ نَحْو بِمَ وَلم وَعم وَكثر الِاسْتِعْمَال لَهَا فأسكنت وَحدث لَهَا بالتركيب معنى غير الَّذِي كَانَ لكل وَاحِد من مفرديها كَمَا قَالَه النحويون فِي لَوْلَا وهلا

وَزعم بَعضهم على أَن الاستفهامية للتكثير (وَتَقَع) كم فِي حالتيها مُبْتَدأ قَالَ بَعضهم وَجَاز الِابْتِدَاء بالخبرية وَإِن كَانَت نكرَة مَجْهُولَة حملا على الاستفهامية فيقبح الْإِخْبَار عَنْهَا بِمَعْرِِفَة وظرف وَيمْنَع بمؤقت وَإِنَّمَا يحسن بنكرة نَحْو كم رجل قَامَ أَو زارك وَكم غُلَاما دخل فِي ملكك (و) تقع مَعْمُول نَاسخ يعْمل فِيمَا قبله ككان وَظن نَحْو كم كَانَ مَالك وَكم ظَنَنْت إخْوَتك بِخِلَاف نَاسخ لَا يعْمل فِيمَا قبله ك (مَا) وَإِن وَأَخَوَاتهَا (و) تقع خَبرا للمبتدأ نَحْو كم دراهمك أَو ل (كَانَ) نَحْو كم كَانَ غلْمَان قَوْمك ومفعولا بِهِ نَحْو كم غُلَاما اشْتريت ومجرورة بِحرف تعلق بتاليها نَحْو بكم درهما اشْتريت ثَوْبك وبكم جَارِيَة عتقت ومضافة قيل إِن كَانَ ذَلِك الْمُضَاف مَعْمُولا لَهُ أَي لتاليها نَحْو غُلَام كم رجل ضربت ورقبة كم أَسِير فَككت فَإِن غُلَاما مَعْمُولا لضَرَبْت ورقبة مَعْمُول لفككت بِخِلَاف غُلَام كم رجل قَامَ أَو أَتَاك غُلَام كم رجل دخل فِي ملكك قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الشَّرْط شَرطه بعض أَصْحَابنَا وَلَا أرَاهُ بل أرى جَوَاز الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَلَا فرق بَين (كم) والمضاف إِلَيْهَا فَكَمَا أَن (كم) تقع مُبتَدأَة فِي كم رجل قَامَ أَو أَتَاك وَفِي كم غُلَاما دخل فِي ملكك فَكَذَلِك مَا أضيف إِلَيْهَا (وظرفا) نَحْو كم ميلًا سرت وَكم يَوْمًا صمت نَحْو كم ضَرْبَة ضربت زيدا (وَقيل ومفعولا لَهُ) نَحْو لكم إِكْرَاما لَك وصلت قَالَه ابْن هِشَام الخضراوي قَالَ ولابد من حرف الْعلَّة لِأَنَّهُ لَا يحذف إِلَّا فِي لفظ الْمصدر قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نعلم أحد نَص على جَوَاز ذَلِك غَيره وَقد توقف أَبُو عبد الله السُّوسِي الرعيني من نحاة تونس فِي إجَازَة ذَلِك

كأين

(وَلَا) تقع مَفْعُولا مَعَه لِأَنَّهُ لَا يتَقَدَّم وَجَوَاب كم الاستفهامية يجوز رَفعه وَإِن اخْتلف مَحل كم من النصب وَالرَّفْع والجر وَالْأولَى فِيهِ مُرَاعَاة محلهَا فَيجْرِي على حَسبه إِن رفعا فَرفع وَإِن نصبا فنصب وَإِن جرا فجر مِثَال ذَلِك كم عبدا دخل فِي ملكك وَكم عبدا اشْتريت وبكم عبدا استعنت فجواب هَذِه كلهَا على الأول أَن تَقول عشرُون عبدا وعَلى الثَّانِي أَن تَقول فِي الْمِثَال الأول عشرُون وَفِي الثَّانِي عشْرين وَفِي الثَّالِث بِعشْرين كأين (كأين) اسْم (ككم) فِي الْمَعْنى مركب من كَاف التَّشْبِيه وَأي الاستفهامية المنونة وحكيت وَلِهَذَا جَازَ الْوَقْف عَلَيْهَا بالنُّون لِأَن التَّنْوِين لما دخل فِي التَّرْكِيب أشبه النُّون الْأَصْلِيَّة وَلِهَذَا رسم فِي الْمُصحف نونا وَمن وقف عَلَيْهَا بحذفه اعْتبر حكمه فِي الأَصْل وَهُوَ الْحَذف فِي الْوَقْف وَقيل الْكَاف فِيهَا هِيَ الزَّائِدَة قَالَ ابْن عُصْفُور أَلا ترى أَنَّك لَا تُرِيدُ بهَا معنى تَشْبِيه قَالَ وَهِي مَعَ ذَلِك لَازِمَة كلزوم (مَا) الزَّائِدَة فِي (لَا سِيمَا) وَغير مُتَعَلقَة بِشَيْء كَسَائِر حُرُوف الْجَرّ الزَّوَائِد وَأي مجرور بهَا وَقيل هِيَ اسْم بسيط وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان قَالَ وَيدل على ذَلِك تلاعب الْعَرَب بهَا فِي اللُّغَات الْآتِيَة وإفادتها للاستفهام نَادِر وَالْغَالِب وُقُوعهَا خبرية بِمَعْنى كثير نَحْو {وكأين من دَابَّة لَا تحمل رزقها الله يرزقها} [العنكبوت: 60] ومثالها استفهامية قَوْلك بكأين تبيع هَذَا الثَّوْب كَذَا مثله ابْن عُصْفُور وَمثله ابْن مَالك بقول أبي لِابْنِ مَسْعُود كأين تقْرَأ سُورَة الْأَحْزَاب آيَة فَقَالَ ثَلَاثًا وَسبعين (وَمن ثمَّ) أَي من أجل أَن إفادتها للاستفهام نَادِر أنكرهُ الْجُمْهُور فَقَالُوا لَا تقع استفهامية الْبَتَّةَ

وَتلْزم الصَّدْر فَلَا تجر خلافًا لِابْنِ قُتَيْبَة وَابْن عُصْفُور حَيْثُ ذكرا أَنَّهَا يدْخل عَلَيْهَا حرف الْجَرّ فِي الْمِثَال السَّابِق قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَاج دُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهَا إِلَى سَماع وَلَا يَنْبَغِي الْقيَاس على (كم) الخبرية لِأَن ذَلِك يَقْتَضِي أَن يُضَاف إِلَيْهَا ككم وَلَا يحفظ من كَلَامهم وَلَا يخبر عَنْهَا إِذا وَقعت مُبْتَدأ إِلَّا بجملة فعلية مصدرة بماض أَو مضارع نَحْو: {وكأين من نَبِي قَاتل} [آل عمرَان: 146] {وكأين من آيَة فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض يَمرونَ عَلَيْهَا} [يُوسُف: 105] قَالَ أَبُو حَيَّان قد استقرأت مَا وَقعت فِيهِ فَوجدت الْخَبَر فِيهِ لَا يكون إِلَّا كَذَلِك وَلم أَقف على كَونه اسْما مُفردا وَلَا جملَة اسمية وَلَا فعلية مصدرة بمستقبل وَلَا ظرفا وَلَا مجرورا فَيَنْبَغِي أَلا يقدم على شَيْء من ذَلِك إِلَّا بِسَمَاع من الْعَرَب قَالَ وَالْقِيَاس يَقْتَضِي أَن يكون فِي مَوضِع نصب على الْمصدر أَو الظّرْف أَو خبر كَانَ كَمَا كَانَ ذَلِك فِي (كم) وَفِي الْبَسِيط أَنَّهَا تكون مُبْتَدأ وخبرا ومفعولا وَيُقَال فِيهَا كَائِن بِالْمدِّ بِوَزْن اسْم الْفَاعِل من كَانَ سَاكِنة النُّون وَبِذَلِك قَرَأَ ابْن كثير وَقَالَ الشَّاعِر: 1357 - (وكائنْ بالأباطح مِنْ صَديق ... يراني لَو أُصِبْتُ هُو المُصَابا) (وكئن) بِالْقصرِ بِوَزْن عَم (وكأي) بِوَزْن رمي وَبِه قَرَأَ ابْن مُحَيْصِن (وكييء) بِتَقْدِيم الْيَاء على الْهمزَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه اللُّغَات الثَّلَاث نقلهَا النحويون وَلم ينشدوا فِيهَا شعرًا فِيمَا علمت

كذا

كَذَا (كَذَا اسْم مركب) من (كَاف) التَّشْبِيه و (ذَا) اسْم إِشَارَة وَهُوَ بعد التَّرْكِيب كِنَايَة عَن عدد مُبْهَم (ككم) الخبرية (لَكِن) يفارقها فِي أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا الصَّدْر تَقول قبضت كَذَا وَكَذَا درهما (و) فِي أَنَّهَا الْغَالِب فِي اسْتِعْمَالهَا تكرارها بالْعَطْف عَلَيْهَا كالمثال وأوجبه ابْن خروف فَقَالَ إِنَّهُم لم يَقُولُوا كَذَا درهما وَلَا كَذَا كَذَا درهما وَذكر ابْن مَالك أَنه مسموع وَلكنه قَلِيل (وتتصرف) بِوُجُوه الْإِعْرَاب فَتكون فِي مَوضِع رفع وَفِي مَوضِع نصب وَفِي مَوضِع جر بِالْإِضَافَة والجر وَلَا تقتصر على إِعْرَاب خَاص (وَلَا تتبع) بتابع لَا ينعَت وَلَا عطف بَيَان لَا تَأْكِيد وَلَا بدل وَلَا مَحل لكافها من الْإِعْرَاب فَلَا تتَعَلَّق بِشَيْء لِأَن التَّرْكِيب أخرجهَا عَن ذَلِك وَمن النَّحْوِيين من حكم على مَوضِع الْكَاف بالإعراب وَجعلهَا اسْما مُبْتَدأ كَمثل وَثَالِثهَا هِيَ زَائِدَة لَازِمَة فِرَارًا من التَّرْكِيب إِذْ لَا معنى للتشبيه فِيهَا وَذَا مجرورة بهَا كَمَا فِي كَائِن سَوَاء وَقَائِل ذَلِك فيهمَا وَاحِد وَهُوَ ابْن عُصْفُور لَا (لَا) حرف للجواب نقيض نعم وَهَذِه تحذف الْجمل بعْدهَا كثيرا تَقول أجاءك زيد فَيُقَال لَا وَالْأَصْل لَا لم يَجِيء نعم (نعم) بِفَتْح النُّون وَالْعين فِي أشهر اللُّغَات وَكسر عينهَا مَعَ فتح النُّون لُغَة لكنانة وَبهَا قَرَأَ الْكسَائي (و) كسر نونها مَعَ كسر الْعين اتبَاعا لُغَة لبَعْضهِم حَكَاهَا فِي الْمُغنِي وإبدالها أَي الْعين حاء فَيُقَال نحم لُغَة حَكَاهَا النَّضر بن

هل

شُمَيْل وَفِي الْمُغنِي أَن ابْن مَسْعُود قَرَأَ بهَا قَالَ أَبُو حَيَّان لِأَن الْحَاء تلِي الْعين فِي الْمخْرج وَهِي أخف من الْعين لِأَنَّهَا أقرب إِلَى حُرُوف الْفَم حرف للجواب تَصْدِيقًا لمخبر كَقَوْلِك لمن قَالَ قَامَ زيد أما مَا قَامَ زيد نعم وإعلاما لمستخبر كَقَوْلِك لمن قَالَ هَل جَاءَ زيد نعم وَفِي التَّنْزِيل {فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا قَالُوا نعم} [الْأَعْرَاف: 44] ووعدا لطَالب كَقَوْلِك لمن قَالَ اضْرِب زيدا نعم وَكَذَا لمن قَالَ لَا تضرب زيدا وهلا تفعل وَتَكون بعد إِيجَاب نَحْو قَامَ زيد فَيُقَال نعم (و) بعد نفي نَحْو مَا قَامَ زيد فَيُقَال نعم (و) بعد سُؤال عَنْهُمَا نَحْو أَكَانَ كَذَا وَأما قَامَ زيد فَيُقَال نعم فَهِيَ فِي الْمُوجب وَالسُّؤَال عَنهُ تَصْدِيق فِي الثُّبُوت وَفِي الْمَنْفِيّ وَالسُّؤَال عَنهُ تَصْدِيق النَّفْي قيل وَترد للتذكير بِمَا بعْدهَا وَذَلِكَ إِذا وَقعت صَدرا لجملة بعْدهَا كَقَوْلِك نعم هَذِه أطلالهم قَالَ ابْن هِشَام وَالْحق أَنَّهَا فِي ذَلِك حرف إِعْلَام وَأَنَّهَا جَوَاب لسؤال مُقَدّر وَقَالَ أَبُو حَيَّان هِيَ فِيهِ تَصْدِيق لما بعْدهَا وقدمت قَالَ والتقديم أولى من ادِّعَاء معنى لم يثتب لَهَا هَل (هَل وَيُقَال) فِيهَا (أل) بإبدال هائها همزَة لطلب التَّصْدِيق نَحْو هَل قَامَ زيد وَهل زيد قَائِم وَبَاقِي الأدوات للتصور نَحْو من جَاءَك مَتى تقوم وتختص عَن الْهمزَة (بورودها للجحد) أَي يُرَاد بالاستفهام بهَا النَّفْي وَلذَلِك دخلت على الْخَبَر بعْدهَا إِلَّا فِي نَحْو: {هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان} [الرَّحْمَن: 60] وَالْبَاء فِي قَوْله: 1358 - (ألاَ هَلْ أخْو عَيْش لذيذٍ بدائم ... )

وَصَحَّ الْعَطف فِي قَوْله: 1359 - (وإنّ شِفَائي عَبْرةٌ مُهَراقةٌ ... وَهل عِنْد رَسْم دارس مِنْ مُعَوَّل) إِذْ لَا يعْطف الْإِنْشَاء على الْخَبَر والهمزة لَا ترد لذَلِك (و) تخْتَص بِعَدَمِ دخلوها على اسْم بعده فعل اخْتِيَارا وَلذَلِك وَجب النصب فِي نَحْو هَل زيدا ضَربته لِأَن (هَل) إِذا كَانَ فِي حيزها فعل وَجب إيلاؤها إِيَّاه فَلَا يُقَال هَل زيد قَامَ إِلَّا فِي ضَرُورَة قَالَ: 1360 - (أمْ هَل كَبِيرٌ بَكَى لَمْ يَقْضِ عَبْرتَه ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَيمْتَنع حِينَئِذٍ أَن تكون مُبْتَدأ وخبرا بل يجب حمله على إِضْمَار فعل قَالَ وَسبب ذَلِك أَن (هَل) فِي الْجُمْلَة الفعلية مثل (قد) فَكَمَا أَن (قد) لَا تَلِيهَا الْجُمْلَة الابتدائية فَكَذَلِك (هَل) بِخِلَاف الْهمزَة فَتدخل على اسْم بعده فعل اخْتِيَارا نَحْو: {أبشرا منا وَاحِدًا نتبعه} [الْقَمَر: 24] وَتقول أَزِيد قَامَ على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر لِأَنَّهَا أم أدوات الِاسْتِفْهَام فاتسع فها وَجوزهُ أَي دُخُول (هَل) على اسْم بعده فعل فِي الِاخْتِيَار الْكسَائي فَأجَاز هَل زيد قَامَ جَوَازًا حسنا لأَنهم أَجَازُوا هَل زيد قَائِم وابتدأوا بعْدهَا الْأَسْمَاء فَكَذَا مَعَ وجود الْفِعْل ورد بِأَنَّهُم ضعفوا بناءه على الْفِعْل مَعَ حُضُوره فالابتداء أَحْرَى قيل وَترد للتسوية كَمَا ترد الْهمزَة نَحْو علمت هَل قَامَ زيد أم عَمْرو قَالَ أَبُو حَيَّان كَذَا زعم بَعضهم وَيحْتَاج ذَلِك إِلَى سَماع من الْعَرَب وَالْمَعْرُوف أَن ذَلِك مِمَّا تفرد بِهِ الْهمزَة

قيل والتقرير قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمَعْرُوف أَن ذَلِك للهمزة دون هَل قَالَ الْجلَال الْقزْوِينِي فِي بعض وَالتَّمَنِّي فِي بعض وَقَالَ الْمبرد فِي المقتضب وَترد بِمَعْنى قد وَبِذَلِك فسر قَوْله تَعَالَى: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} [الْإِنْسَان: 1] قَالَ جمَاعَة قد أَتَى وَأنْكرهُ قوم آخِرهم أَبُو حَيَّان وَقَالَ لم يقم على ذَلِك دَلِيل وَاضح إِنَّمَا هُوَ شَيْء قَالَه الْمُفَسِّرُونَ فِي الْآيَة وَهَذَا تَفْسِير معنى لَا تَفْسِير إِعْرَاب وَلَا يرجع إِلَيْهِم فِي مثل هَذَا إِنَّمَا يرجع فِي ذَلِك إِلَى أَئِمَّة النَّحْو واللغة لَا إِلَى الْمُفَسّرين وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل والسكاكي فِي الْمِفْتَاح أبلغ من هَذِه الدَّعْوَى (هُوَ) أَي معنى قد مَعْنَاهَا أبدا والاستفهام الْمَفْهُوم مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ من همزَة مقدرَة مَعهَا قَالَ ابْن هِشَام وَنَقله عَن سِيبَوَيْهٍ وَعبارَته فِي الْمفصل وَعند سِيبَوَيْهٍ أَن (هَل) بِمَعْنى (قد) إِلَّا أَنهم تركُوا الْألف قبلهَا لِأَنَّهَا لَا تقع إِلَّا فِي الِاسْتِفْهَام وَقد جَاءَ دُخُولهَا عَلَيْهَا فِي قَوْله: 1361 - (سائِلْ فوارسَ يَرْبُوع بشدَّتِنا ... أَهَلْ رأَوْنا بسَفْح القاع ذِي الأَكَم) انْتهى قَالَ ابْن هِشَام وَلَو كَانَ كَمَا ذكر لم تدخل إِلَّا على الْفِعْل كقد قَالَ وَلم أر فِي كتاب سِيبَوَيْهٍ مَا نَقله عَنهُ إِنَّمَا قَالَ فِي بَاب عدَّة مَا يكون عَلَيْهِ الْكَلم مَا نَصه وَهل هِيَ للاستفهام لم يزدْ على ذَلِك وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي الإفصاح ذكر جمَاعَة من النَّحْوِيين وَأهل اللُّغَة أَن (هَل) تكون بِمَعْنى (قد) مُجَرّدَة من الِاسْتِفْهَام وَرُبمَا فسروا بذلك قَوْله تَعَالَى: {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} [الْإِنْسَان: 1] وأري هَذَا القَوْل مأخوذا

من قَول سِيبَوَيْهٍ وَتقول قعد أم هَل قَامَ هِيَ بِمَنْزِلَة (قد) فَقيل أَرَادَ أَنَّهَا بِمَنْزِلَة (قد) فِي الأَصْل وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي مَوضِع آخر زَعَمُوا أَن (هَل) بِمَنْزِلَة (قد) وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِك إِلَّا إِذا دخلت على الْجُمْلَة الفعلية المثبتة أما إِذا دخلت على الْجُمْلَة الاسمية فَلَا تكون إِذْ ذَاك بِمَعْنى قد لِأَن (قد) لَا تدخل على الْجُمْلَة الاسمية (و) قَالَ ابْن مَالك تتَعَيَّن لَهُ إِذا قرنت بِالْهَمْزَةِ كالبيت السَّابِق قَالَ أَبُو حَيَّان: وَلَا دلَالَة لَهُ فِي ذَلِك على التَّعْيِين لِأَن ذَلِك لم يكثر كَثْرَة توجب الْقيَاس إِنَّمَا جَاءَ مِنْهُ هَذَا الْبَيْت أَو بَيت آخر إِن كَانَ جَاءَ وَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك احْتمل أَن يكون مِمَّا دخل فِيهِ أَدَاة الِاسْتِفْهَام على مثلهَا على سَبِيل التَّأْكِيد كدخول حرف الْجَرّ على مثله فِي نَحْو: 1362 - (فأصبَحْنَ لَا يَسْأَلْنَه عَنْ بِمَا بِهِ ... ) وَنَحْو: 1363 - (وَلَا للِما بهمْ أبدا دَواءُ وَإِذا احْتمل ذَلِك لم تتَعَيَّن مرادفة (قد) انْتهى وَوَافَقَهُ ابْن هِشَام فِي ((الْمُغنِي)) ثمَّ المُرَاد بِمَعْنى (قد) الْمَذْكُورَة قيل التَّقْرِيب قَالَ فِي الْكَشَّاف (هَل أتَي) أَي (قد) أَي على معنى التَّقْرِير والتقريب جَمِيعًا أَي أَتَى على الْإِنْسَان قبل زمَان قريب طَائِفَة من الزَّمَان الطَّوِيل الممتد لم يكن فِيهِ شَيْئا مَذْكُورا قَالَ ابْن هِشَام وفسرها غَيره ب (قد) خَاصَّة وَلم يحملوا (قد) على معنى التَّقْرِيب بل على معنى التَّحْقِيق وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهَا التوقع وَكَأَنَّهُ قيل لقوم يتوقعون الْخَبَر عَمَّا أَتَى على الْإِنْسَان وَهُوَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ والحين زمن كَونه طينا

نونا التوكيد

مَسْأَلَة صدر الْكَلَام للاستفهام والتحضيض والتنبيه غير (هَا) وَلَام الِابْتِدَاء وَلَعَلَّ وَمَا النافية فَلَا يقدم عَلَيْهَا مَعْمُول الْفِعْل بعْدهَا لَا يُقَال عمرا مَا ضرب زيد وَفِي لَا النافية أَقْوَال أَحدهَا أَن لَهَا الصَّدْر ك (مَا) ثَانِيهمَا وَثَالِثهَا وَهُوَ الْأَصَح إِن كَانَت فِي جَوَاب قسم (وَرب) غَالِبا لَا للتنفيس فِي الْأَصَح نونا التوكيد نون التوكيد نَوْعَانِ خَفِيفَة وثقيلة والتأكيد بهَا أَي الثَّقِيلَة أَشد من التَّأْكِيد بالخفيفة نَص عَلَيْهِ الْخَلِيل وَلَيْسَت هِيَ الأَصْل والخفيفة فرع عَنْهَا خففت كَمَا تخفف أَن خلافًا للكوفية حَيْثُ ذَهَبُوا إِلَى ذَلِك وَاسْتدلَّ البصريون على أَن الْخَفِيفَة نون على حدتها بِأَن لَهَا أحكاما لَيست للشديدة كَمَا سَيَأْتِي وَتدْخل جَوَازًا على الْأَمر كاضربن وَقَوله 1364 - (فاَنْزلَنْ سكينَة عَلَيْنا ... ) والمضارع الْخَالِي من تَنْفِيس ذَا طلب سَوَاء كَانَ ذَلِك الطّلب أمرا أم نهيا أم تحضيضا أم تمنيا أم استفهاما بِحرف أم باسم كَقَوْلِه 1365 - (فإيّاكَ والْمَيْتَاتِ لَا تَقْرَبّنها ... ) وَقَوله

1366 - (هلا تُمَنِّنْ بوَعْدٍ غَيْرَ مُخْلِفَةٍ ... ) وَقَوله 1367 - (فَلَيْتَكِ يَوْم المُلْتَقى تَرَينّني ... ) وَقَوله 1368 - (وَهل يَمْنعنِّي ارتيادي البلادَ ... مِنْ حذَر الْمَوْت أنْ يأتِيَنْ) وَقَوله 1369 - (أفبعد كِنْدةَ تمدحنَّ قَبيلا ... ) وَقَوله 1370 - (فأقْبلْ على رَهْطي ورهْطِكَ نَبْتَحِثْ ... مَساعِينَا حَتَّى تَرى كَيْف نفعلا)

وَقَوله 1371 - (أَلا لَيْت شِعري مَا يَقُولَنْ فوارسٌ ... إِذا حَارب الهامَ المصَيّح هامتي) خلافًا لِابْنِ الطراوة فِي المستفهم عَنهُ باسم حَيْثُ قَالَ لَا يلْحقهُ وَخص ذَلِك بِالْهَمْزَةِ وَهل ورد بِالسَّمَاعِ فِي الْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورين وَتدْخل لُزُوما الْمُضَارع الْمُثبت الْمُسْتَقْبل جَوَاب قسم نَحْو وَالله ليقومن بِخِلَاف الْمَنْفِيّ نَحْو {لَا أقسم} [الْقِيَامَة: 1] وَالْحَال نَحْو وَالله ليقوم زيد الْآن والمقرون بِحرف تَنْفِيس نَحْو {وَلَسَوْف يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضُّحَى: 5] لِأَنَّهُمَا مَعًا يخلصان لاستقبال فكرهوا الْجمع بَين حرفين لمعني وَاحِد وَتدْخل كثيرا وَقيل لُزُوما الْمُضَارع التَّالِي إِمَّا الشّرطِيَّة نَحْو {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ} [الزخرف: 41] {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ} [الْأَعْرَاف: 200] وَلم يَقع فِي الْقُرْآن إِلَّا مؤكدا بالنُّون وَمن ثمَّ قَالَ الْمبرد والزجاج إِنَّهَا لَازِمَة لَا يجوز حذفهَا إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه 1372 - (إمّا تَرَيْ رأسِي تغيّر لونُه ... ) ولكثرة حذفهَا فِي الشّعْر قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور بِجَوَازِهِ فِي الْكَلَام لَا الْجَزَاء والمنفي بِمَا وَلَا وَلم والتعجب والماضي ومدخول رُبمَا وَمَا الزَّائِدَة وَسَائِر أدوات الشَّرْط والخالي مِمَّا ذكر وَاسم الْفَاعِل أَي لَا تدخل فِي شَيْء من هَذِه الْأَنْوَاع إِلَّا شذوذا وضرورة أَو مثلا كَقَوْلِه 1373 - (حَدِيثاً مَتَى مَا يأتِك الخيرُ يَنْفَعا ... )

وقولك مَا فِي الدَّار يقومن زيد وَقَوله تَعَالَى {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} [الْأَنْفَال: 25] وَقَول الشَّاعِر 1374 - (فَلا ذَا نعيم يُترَكَنْ لنَعيمِهِ ... ) وَقَوله 1375 - (يَحْسَبُهُ الجاهِلُ مَا لم يَعْلما ... ) وَقَوله 1376 - (فأحْرِ بِهِ مِنْ طُول فقْرٍ وأحْرِيا ... ) وَقَوله 1377 - (دامَنَّ سَعْدُكِ لَوْ رحمْتِ مُتَيّماً ... )

وَقَوله 1378 - (ربّما أوْفَيْتُ فِي عَلَم ... تَرْفَعَنْ ثوبي شَمَالات) وَقَوله 1379 - (قَلِيلا بِهِ مَا يحمدنك وَارِث ... ) وَقَوله 1380 - (مَنْ يُثْقَفَنْ مِنُهُم فَلَيْسَ بآيبٍ ... ) وَقَوله 1381 - (ومَهْما تَشَأ مِنْهُ فَزارَةُ تَمْنعا ... )

وَقَوله 1382 - (لَيْت شِعْري وأشْعُرَنَّ إِذا مَا ... ) وَقَوله 1383 - (أقَائِلُنَّ أحْضِروا الشّهودا ... ) وَيفتح آخِره أَي الْمُضَارع مَعَ النُّون لتركيبه مَعهَا وَقيل لالتقاء الساكنين آخر الْفِعْل وَأول النُّون الأولى وَسَوَاء فِي فتح آخِره أَكَانَ صَحِيحا كاعتضدن أم مُعْتَلًّا كاخشين وأرمين وحذفه حَال كَونه يَاء تلو كسرة لُغَة لفزارة يَقُولُونَ فِي ابكين ابكن بِحَذْف الْيَاء قَالَ شَاعِرهمْ 1384 - (وابْكِنّ عَيْشاً تَولّى بعد جدّته ... ) وَقَالَ

1385 - (وَلَا تُقاسِنّ بعدِي الهَمّ والجزَعا ... ) وَغَيرهم بِفَتْح الْيَاء وَلَا يحذفها فَيَقُول ابكين ولاتقاسين فَإِن كَانَ مَعَ آخِره وَاو أَو ضمير أَو يَاء وَهِي بعد حَرَكَة مجانسة حذفت نَحْو لتقومن يَا رجال وَلَتَقُومَنَّ يَا هِنْد وأصلهما لتقوموا ولتقومي فحذفت الْوَاو وَالْيَاء لالتقاء الساكنين وَإِلَّا بِأَن كَانَت بعد حَرَكَة غير مجانسة وَهِي الفتحة تثبت محركة بهَا أَي بالحركة المجانسة نَحْو اخشون يَا قوم بِضَم الْوَاو واخشين يَا هِنْد بِكَسْر الْيَاء إِذْ لَو حذفت بعد الفتحة لم يبْق مَا يدل عَلَيْهَا وَجوز الكوفية حذف يائه تلو فَتْحة فَيُقَال اخشن يَا هِنْد بِحَذْف الْيَاء وَقيل هُوَ لُغَة طائية نقل ذَلِك عَنْهُم الْفراء أما الْألف الضَّمِير فَلَا يحذف بل يبقي كَمَا يُؤْخَذ من قولي وَلَا يَقع بعد الْألف الِاثْنَيْنِ وَنون الْإِنَاث إِلَّا الثَّقِيلَة نَحْو اضربان يَا زَيْدَانَ واضربنان يَا هندات وَلَا تقع الْخَفِيفَة لِأَن فِيهِ جمعا بَين ساكنين خلافًا ليونس والكوفية حَيْثُ أَجَازُوا وُقُوع الْخَفِيفَة بعْدهَا مَكْسُورَة قَالَ ابْن مَالك وَيُؤَيِّدهُ قِرَاءَة بَعضهم {فَدَمِّرَانَّهْمُ تَدْمِيراً} [الْفرْقَان: 36] وَيُمكن أَن يكون مِنْهُ قِرَاءَة ابْن ذكْوَان {وَلَا تتبعان سَبِيل الَّذين لَا يعلمُونَ} [يُونُس: 89] انْتهى وَأما سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ قَالَ ردا على من أجَاز ذَلِك هَذَا لم تقله الْعَرَب وَلَيْسَ لَهُ نَظِير فِي كَلَامهم وَعلي الأول فتكسر الثَّقِيلَة فِي هذَيْن الْحَالين لالتقاء الساكنين

وتفصل النُّون من نون الْإِنَاث بِأَلف على الْقَوْلَيْنِ أَي على قَول الْجُمْهُور وَيُونُس مَعًا أَي من أكد بالثقيلة فصل بهَا نَحْو اضربنان وَمن أكد بالخفيفة فصل بهَا نَحْو اضربنان وتحذف الْخَفِيفَة لملاقاة سَاكن كَقَوْلِه 1386 - (لَا تُهينَ الْفَقِير علّك أنْ ... تركع يَوْمًا والدَّهْرُ قد رَفَعَهْ) وندر حذفهَا فِي الْوَصْل دونه كَقَوْلِه 1387 - (اصْرفَ عَنْك الهموم طَارقَها ... ) وتحذف الْخَفِيفَة للْوَقْف بعد كسر أَو ضم مردودا مَا حذف لَهَا من يَاء أَو وَاو لزوَال سَبَب حذفهما وَهُوَ التقاء الساكنين بحذفها كَقَوْلِك فِي اضربن واضربن اضربي واضربوا وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي يظْهر أَن دُخُولهَا فِي الْوَقْف خطأ لِأَنَّهَا لَا تدخل لِمَعْنى التوكيد ثمَّ يحذف وَلَا يبْقى دَلِيل على مقصودها الَّذِي جَاءَت لَهُ وَأَجَازَ يُونُس فِي هَذِه الْحَالة إبدالها يَاء وواوا وَيظْهر ذَلِك ظهورا بَينا فِي نَحْو اخشون واخشين فَيُقَال اخشي واخشووا كَمَا أبدلت ألفا بعد الْفَتْح إِجْمَاعًا كَقَوْلِك فِي اضربن اضربا وَفِي التَّنْزِيل {لنسفعا} [العلق: 15] وَلذَلِك رسم بِالْألف على نِيَّة الْوَقْف خَاتِمَة التَّنْوِين نون تثبت لفظا لَا خطا هَذَا أحسن حُدُوده وأخصرها وأوجزها إِذْ سَائِر النونات المزيدة الساكنة أَو غَيرهَا تثبت خطا وَهُوَ أَقسَام

تَمْكِين يدْخل فِي الِاسْم المعرب المنصرف دلَالَة على أصالته إِذا لم يبن وَلم يمْنَع الصّرْف لسلامته من شبه الْحَرْف وَمن شبه الْفِعْل وَمن ثمَّ أَي من أجل ذَلِك سمي صرفا أَيْضا فالصرف فِي تَنْوِين التَّمْكِين الَّذِي إِذا حرمه الِاسْم لمشابهة الْفِعْل قيل منع من الصّرْف وَقيل يدْخل فرقا بَين المنصرف وَغَيره وَقَالَ الْفراء فرقا بَين الِاسْم وَالْفِعْل وَقَالَ قطرب والسهيلي فرقا بَين الْمُفْرد والمضاف وَمن ثمَّ حذف فِي الْإِضَافَة وتنكير يلْحق بعض الْمَبْنِيّ كأسماء الْأَفْعَال والأصوات فرقا بَين الْمعرفَة والنكرة نَحْو صه وسيبويه آخر وَهُوَ مسموع فِي بَاب اسْم الْفِعْل ومطرد فِي كل علم مختوم ب (ويه) وَعوض يلْحق (إِذْ) و (كلا) و (بَعْضًا) (وأيا) عوضا عَن مضافها إِذا حذفت نَحْو {وَأَنْتُم حِينَئِذٍ تنْظرُون} [الْوَاقِعَة: 84] {كل فِي فلك} [يس: 40] {فضلنَا بَعضهم على بعض} [الْبَقَرَة: 253] {أيا مَا تدعوا} [الْإِسْرَاء: 110] والمتناهي المعتل اللَّام إِذا حذفت ياؤه رفعا وجرا كجوار وغواش عوضا من الْيَاء بحركتها عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَقيل من الْحَرَكَة فَقَط قَالَه الْمبرد والزجاجي وَقيل هُوَ فِي الْجَمِيع تَنْوِين صرف وَدخل فِي (إِذْ) لإعرابها بِالْإِضَافَة إِلَيْهَا وَرجع فِي (كل) وَنَحْوه لزوَال الْإِضَافَة الَّتِي كَانَت تعارضه وَفِي بَاب جوَار لِأَن الْيَاء لما حذفت الْتحق الْجمع بأوزان الْآحَاد كسلام وَكَلَام فصرف ورد بِأَن الْحَذف عَارض فَلَا يعْتد بِهِ

ومقابلة فِي بَاب جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم نَحْو مسلمات فَإِنَّهُ فِي مُقَابلَة النُّون فِي نَحْو مُسلمين وَقَالَ عَليّ بن عِيسَى الربعِي هُوَ فِيهِ للصرف وَيَردهُ ثوبته مَعَ التَّسْمِيَة بِهِ كعرفات وَقَالَ الرضي هُوَ لَهما وَقيل هُوَ عوض من الفتحة نصبا ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لم يُوجد فِي الرّفْع والجر ثمَّ الفتحة قد عوض مِنْهَا الكسرة فَمَا هَذَا الْعِوَض وترنم فِي الروي الْمُطلق فِي لُغَة تَمِيم يأْتونَ بِهِ بَدَلا من حرف الْإِطْلَاق وَهُوَ الْألف وَالْوَاو وَالْيَاء لقطع الترنم الْحَاصِل بهَا بِخِلَاف لُغَة الْحجاز فَإِنَّهُم يثبتون الْمدَّة وغال فِي الروي الْمُقَيد أثْبته الْأَخْفَش وَغَيره وَأنْكرهُ الزّجاج والسيرافي لِأَنَّهُ بِكَسْر الْوَزْن وَقَالَ ابْن يعِيش هُوَ ضرب من الترنم زاعما أَن الترنم يحصل بالنُّون نَفسهَا لِأَنَّهَا حرف أغن ويكونان أَي تَنْوِين الترنم والغالي فِي ذِي أل وَالْفِعْل والحرف كَقَوْلِه 1388 - (أقلّى اللّوم عاذِلَ والعتابَن ... وقُولي إنْ أَصَبْتُ لَقَدْ أصابَنْ ... ) وَقَوله 1389 - (لمّا تزل بركابنا وَكَأن قَدِنْ) وَقَوله

1390 - (وقاتم الأعماق خاوي المخترقن ... ) وَقَوله 1391 - (ويَعْدُو على المَرْء مَا يأتَمِرَنْ) وَقَوله 1392 - (قَالَت بناتُ العمّ يَا سلمي وإنِنْ ... ) بِخِلَاف غَيرهمَا من أَقسَام التَّنْوِين فَإِنَّهُ لَا يكون إِلَّا فِي الِاسْم الْخَالِي من (أل) وَمن ثمَّ قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَابْن هِشَام فِي تَوْضِيحه هما نونان لَا تنوينان قَالَا وَلَعَلَّ الشَّاعِر زَاد أَن آخر كل بَيت فضعفت صَوته بِالْهَمْزَةِ فَتوهم السَّامع أَنه نون وَكسر الروي وَقَالَ أَبُو الْحجَّاج يُوسُف ابْن معزوز هما نونان أبدلا من الْمدَّة وليسا بتنوين وَزَاد ابْن الخباز فِي شرح الجزولية تَنْوِين ضَرُورَة فِي المنادى وَمَا لَا ينْصَرف قَالَ ابْن هِشَام وَبِقَوْلِهِ أَقُول فِي الْمُنَادِي دون الآخر لِأَن الضَّرُورَة أَبَاحَتْ الصّرْف فَهُوَ حِينَئِذٍ تَمْكِين بِخِلَاف المنادى نَحْو

1393 - (سَلامُ اللهِ يَا مطٌ ر عَلَيْهَا ... ) فَإِن الِاسْم مَبْنِيّ على الضَّم وَزَاد أَيْضا تَنْوِين حِكَايَة كَأَن يُسَمِّي رجلا بعاقلة لَبِيبَة فَإنَّك تحكي اللَّفْظ المسمي بِهِ قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا اعْتِرَاف مِنْهُ بِأَنَّهُ تَنْوِين الصّرْف لِأَن الَّذِي كَانَ قبل التَّسْمِيَة حُكيَ بعْدهَا وَزَاد بَعضهم وتنوين شذوذ كَقَوْل بَعضهم هَؤُلَاءِ قَوْمك حَكَاهُ أَبُو زيد وَفَائِدَته تَكْثِير اللَّفْظ قَالَ ابْن مَالك وَالصَّحِيح أَن هَذَا نون زيدت فِي آخر الِاسْم كنون ضيفن وَلَيْسَ بتنوين قَالَ ابْن هِشَام وَفِيمَا قَالَه نظر لِأَن الَّذِي حَكَاهُ سَمَّاهُ تنوينا فَهَذَا دَلِيل مِنْهُ على أَنه سَمعه فِي الْوَصْل دون الْوَقْف وَنون ضيفن لَيست كَذَلِك.

الجزء 3

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 1 - فِي العوامل الْكتاب الرَّابِع أَنْوَاع الْأَفْعَال نعم وَبئسَ حبذا صيغتا التَّعَجُّب الْمصدر اسْم الْمصدر اسْم الْفَاعِل صِيغ الْمُبَالغَة اسْم الْمَفْعُول الصّفة المشبهة أَسمَاء الْأَفْعَال أَسمَاء الْأَصْوَات الظّرْف وَالْمَجْرُور التَّنَازُع فِي الْعَمَل الِاشْتِغَال

صفحة فارغة

الكتاب الرابع في العوامل

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 1 - الْكتاب الرَّابِع فِي العوامل الْكتاب الرَّابِع فِي العوامل فِي الْأَسْمَاء وَالرَّفْع وَالنّصب من الْفِعْل وَمَا ألحق بِهِ فِي الْعَمَل وابتدئ ذَلِك بتقسيم الْفِعْل إِلَى لَازم ومتعد ومتصرف وجامد وَختم بتنازع العوامل مَعْمُولا وَاحِدًا الْمُقْتَضِي لإضماره غَالِبا فِي الثَّانِي وضده وَهُوَ اشْتِغَال الْعَامِل الْوَاحِد عَن الْمَعْمُول لوُجُود غَيره الْمُقْتَضِي لإضماره هُوَ غَالِبا من الْبَاقِي (الْفِعْل) أَرْبَعَة أَقسَام (لَازم ومتعد وواسطة) لَا يُوصف بِلُزُوم وَلَا تعد وَهُوَ النَّاقِص كَانَ وَكَاد وأخواتهما وَمَا يُوصف بهما أَي باللزوم والتعدي مَعًا لاستعماله بِالْوَجْهَيْنِ (كشكر ونصح على الْأَصَح) فَإِنَّهُ يُقَال شكرته وشكرت لَهُ ونصحته وَنَصَحْت لَهُ وَمثله كلته وكلت لَهُ ووزنته ووزنت لَهُ وعددته وعددت لَهُ وَلما تساوى فِيهِ الاستعمالان صَار قسما بِرَأْسِهِ وَمِنْهُم من أنكرهُ وَقَالَ أَصله أَن يسْتَعْمل بِحرف الْجَرّ وَكثر فِيهِ الأَصْل وَالْفرع وَصَححهُ ابْن عُصْفُور وَمِنْهُم من قَالَ الأَصْل تَعديَة بِنَفسِهِ وحرف الْجَرّ زَائِد وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه أصل (نصح) أَن يتَعَدَّى لوَاحِد بِنَفسِهِ وَللْآخر بِحرف الْجَرّ وَالْأَصْل نصحت لزيد رَأْيه قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا زعم لم يسمع فِي مَوضِع قلت وَلَا أَظُنهُ مَخْصُوصًا بنصح فَإِنَّهُ مُمكن فِي بَاقِي أخواته إِذْ يُقَال شكرت لَهُ معروفه ووزنت لَهُ مَاله

قَالَ الرضي الشاطبي وَهَذَا النَّوْع مَقْصُور على السماع وَمِنْه مَا وصف بهما مَعَ اخْتِلَاف مَعْنَاهُ كفغر فَاه وشحاه بِمَعْنى فَتحه وفغر فوه وشحا بِمَعْنى انْفَتح وَكَذَلِكَ زَاد وَنقص ذكره فِي شرح الكافية (فاللازم) وَيُقَال لَهُ الْقَاصِر وَغير الْمُتَعَدِّي للزومه فَاعله وَعدم تعديه إِلَى الْمَفْعُول بِهِ (مَا لَا يَبْنِي مِنْهُ مفعول تَامّ) أَي بِغَيْر حرف جر كغضب فَهُوَ مغضوب عَلَيْهِ بِخِلَاف الْمُتَعَدِّي وَيُقَال لَهُ الْوَاقِع والمجاوز فَإِنَّهُ يَبْنِي مِنْهُ اسْم مفعول بِدُونِ حرف جر كضرب فَهُوَ مَضْرُوب (وَلَزِمَه) أَي اللُّزُوم (فعل) بِضَم الْعين وَلَا يكون هَذَا الْوَزْن إِلَّا لأفعال السجايا وَمَا أشبههَا مِمَّا يقوم بفاعله وَلَا يتجاوزه كظرف وعذب وجنب (وتفعلل) كتدخرج (وانفعل) كانقطع وَانْصَرف وانقضي (وَافْعل) بتَشْديد اللَّام كاحمر وازور (وافعلل) أصلا كاقشعر واشمأز أَو إِلْحَاقًا كاكوهد الفرخ أَي ارتعد (وافعنلل) أصلا كاقعنسس واحرنجم أَو إِلْحَاقًا كاحرنبي الديك إِذا انتفش (وافعال) كاحمار قَالَ ابْن مَالك فَهَذِهِ الأوزان دَلَائِل على عدم التَّعَدِّي من غير حَاجَة إِلَى الْكَشْف عَن مَعَانِيهَا (وَيَتَعَدَّى) اللَّازِم (لغير الْمَفْعُول بِهِ) من الْمصدر وَالزَّمَان وَالْمَكَان (وَقيل لَا يتَعَدَّى لزمن مُخْتَصّ إِلَّا بِحرف و) يتَعَدَّى (لَهُ) أَي للْمَفْعُول بِهِ (بِحرف جر مَخْصُوص) (ويطرد) أَي يكثر وَيُقَال (حذفه) أَي الْحَرْف (لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال) نَحْو دخلت الدَّار فيقاس عَلَيْهِ دخلت الْبَلَد وَالْبَيْت بِخِلَاف مَا لم يكثر نَحْو ذهبت

الشَّام وتوجهت مَكَّة فَيسمع وَلَا يُقَاس (وَمَعَ أَن وَأَن) المصدريتين (إِذْ لَا لبس) كعجبت أَن تذْهب وَأَنَّك ذَاهِب أَي (من) بِخِلَاف مَا إِذا لم يتَعَيَّن الْحَرْف فَلَا يجوز الْحَذف للإلباس نَحْو رغبت أَنَّك قَائِم إِذا لَا يدْرِي هَل الْمَحْذُوف (فِي) أَو (عَن) وَأما قَوْله تَعَالَى: {وترغبون أَن تنكحوهن} [النِّسَاء: 127] فالحذف فِيهِ إِمَّا للاعتماد على الْقَرِينَة أَو لقصد الْإِبْهَام ليرتدع بذلك من يرغب فِيهِنَّ لمالهن وجمالهن وَمن يرغب عَنْهُن لدمامتهن وفقرهن زَاد ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي (وكي) قَالَ وَقد أهملها النحويون هُنَا مَعَ تجويزهم فِي جِئْت كي تكرمني أَن تكون (كي) مَصْدَرِيَّة وَاللَّام مقدرَة قَالَ وَلَا يحذف مَعهَا إِلَّا لَام الْعلَّة لِأَنَّهَا لَا تجر بغَيْرهَا بِخِلَاف أَن وَأَن ومحلهما أَي أَن وَأَن بعد الْحَذف فِيهِ خلاف قَالَ الْخَلِيل وَالْأَكْثَر نصب حملا على الْغَالِب فِيمَا ظهر فِيهِ الْإِعْرَاب مِمَّا حذف مِنْهُ (و) قَالَ الْكسَائي جر لظُهُوره فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي قَوْله: 1395 - (وَمَا زُرْتُ ليلى أَن تكون حَبيبةً ... إليّ وَلَا دَيْن بهَا أَنا طالِبُهْ)

وَلما حكى سِيبَوَيْهٍ قَول الْخَلِيل قَالَ وَلَو قَالَ إِنْسَان إِنَّه جر لَكَانَ قولا قَوِيا وَله نَظَائِر نَحْو قَوْلهم لاه أَبوك قَالَ أَبُو حَيَّان وَغَيره وَأما نقل ابْن مَالك وَصَاحب الْبَسِيط عَن الْخَلِيل أَنه جر وَعَن سيبوه أَنه نصب فَوَهم لِأَن الْمَنْصُوص فِي كتاب سبيويه عَن الْخَلِيل أَنه نصب وَأما سِيبَوَيْهٍ فَلم يُصَرح فِيهِ بِمذهب وشذ الْحَذف فِيمَا سواهُ أَي سوى مَا ذكر كَقَوْلِه: 1396 - (كَمَا عَسل الطريقَ الثعلبُ ... ) وَقَوله: 1397 - (أشارت كُليبٍ بالأكُفّ الأصابعُ ... ) أَي إِلَى كُلَيْب وَلَا يُقَاس على الْأَصَح بل يقْتَصر فِيهِ على السماع وَقَالَ الْأَخْفَش الصَّغِير يُقَال إِذا أَمن اللّبْس كَقَوْلِه:

1398 - (وأُخفِي الَّذِي لَوْلَا الأسى لقضَاني ... ) أَي لقضى عَليّ (و) يتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُول بِهِ أَيْضا بتضمنه معنى فعل (مُتَعَدٍّ) كَقَوْلِه أرحبكم الدُّخُول فِي طَاعَة ابْن الْكرْمَانِي أَي أوسعكم وَفِي الْقيَاس عَلَيْهِ خلف قيل يُقَاس عَلَيْهِ لِكَثْرَة مَا سمع مِنْهُ وَقيل لَا (و) يتَعَدَّى إِلَيْهِ أَيْضا (بِالْهَمْزَةِ) نَحْو: {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ} [الْأَحْقَاف: 20] {أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} [غَافِر: 11] وَرُبمَا أحدثت فِي الْمُتَعَدِّي لُزُوما خلاف الْمَعْهُود نَحْو أكب الرجل وكببته أَنا وأقشع الْغَيْم وقشعته الرّيح وأنسل ريش الطَّائِر ونسلته أَنا فِي أَفعَال مسموعة وتعدي ذَا المعتدي إِلَى الْوَاحِد لاثْنَيْنِ نَحْو كفل زيد عمرا وأكفلت زيدا عمرا وَلَا تعدِي ذَا الِاثْنَيْنِ إِلَى ثَلَاثَة فِي غير بَاب (علم) بِإِجْمَاع (ثمَّ) اخْتلف فِي الْمُتَعَدِّي بِالْهَمْزَةِ كَذَا على أَقْوَال أَحدهَا أَنه سَماع فِي اللَّازِم والمتعدي وَعَلِيهِ الْمبرد ثَانِيهَا قِيَاس فيهمَا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش والفارسي ثَالِثهَا قَالَ سِيبَوَيْهٍ قِيَاس فِي اللَّازِم سَماع فِي الْمُتَعَدِّي وَرَابِعهَا قِيَاس مُطلقًا فِي غير بَاب (علم) وَعَلِيهِ أَبُو عَمْرو خَامِسهَا قِيَاس فِيمَا يحدث الفعلية أَي يكْسب فَاعله صفة من نَفسه لم تكن فِيهِ قبل الْفِعْل نَحْو قَامَ وَقعد فَيُقَال أقمته وأقعدته أَي جعلته على هَذِه الصّفة سَماع فِيمَا لَيْسَ كَذَلِك نَحْو أشريت زيدا مَا فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ أذبحته الْكَبْش أَي جعلته بذَبْحه لِأَن الْفَاعِل لَهُ يصير على هَيْئَة لم يكن عَلَيْهَا (و) يتَعَدَّى أَيْضا بِتَضْعِيف الْعين سَمَاعا فِي الْأَصَح نَحْو فَرح زيد وفرحته {قد أَفْلح من زكاها} [الشَّمْس: 9] {هُوَ الَّذِي يسيركم} [يُونُس: 22] وَقيل قِيَاسا

وَادّعى الخضراوي الِاتِّفَاق على الأول قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ بِصَحِيح (قيل و) بِتَضْعِيف (اللَّام) نَحْو صعر خُذْهُ وصعررته قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ غَرِيب قيل وَألف المفاعلة نَحْو سَار زيد وسايرته وَجلسَ وجالسته قيل وَصِيغَة استفعل نَحْو حسن زيد واستحسنته نقلهما أَبُو حَيَّان عَن بعض النُّحَاة قَالَ الْكُوفِيُّونَ وتحويل حَرَكَة الْعين نَحْو كسي زيد بِوَزْن فَرح وكسى زيد عمرا وتتعاقب الْهمزَة والتضعيف وَالْبَاء أَي يَقع كل مِنْهُمَا موقع الآخر نَحْو أنزلت الشَّيْء ونزلته وَأثبت الشَّيْء وثبته وأذهبت زيدا وَذَهَبت بِهِ (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ وُرُود الْهمزَة معاقبة لما ذكر أَي من أجل ذَلِك ادّعى الْجُمْهُور أَن مَعْنَاهُمَا أَي الْهمزَة والتضعيف أَو الْهمزَة وَالْبَاء فِي التَّعْدِيَة وَاحِد فَلَا يفهم هَذَا التَّضْعِيف تَكْرَارا وَلَا مُبَالغَة وَلَا مصاحبة وَادّعى الزَّمَخْشَرِيّ وَمن وَافقه أَن بَين التعديتين فرقا وَأَن التَّعْدِيَة بِالْهَمْزَةِ لَا تدل على تَكْرِير وبالتضعيف تدل عَلَيْهِ ورد بقوله تَعَالَى: {وَقد نزل عَلَيْكُم فِي الْكتاب أَن إِذا سَمِعْتُمْ} [النِّسَاء: 140] الْآيَة وَهُوَ إِشَارَة إِلَى قَوْله: {وَإِذَا رَأَيتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيءَايَاتِنَا} [الْأَنْعَام: 68] وَهِي آيَة وَاحِدَة وَبِقَوْلِهِ {لَولاَ نُزِّلَ عَلَيهِ القُرءَانُ جُملَةً وَاحِدَةً} [الْفرْقَان: 32] وَادّعى الْمبرد والسهيلي الْفرق بَين الْهمزَة وَالْبَاء وَأَنَّك إِذا قلت ذهبت بزيد كنت مصاحبا لَهُ فِي الذّهاب ورد بقوله تَعَالَى: {ذهب الله بنورهم} [الْبَقَرَة: 17] (وَفِي نَصبه) أَي الْفِعْل اللَّازِم اسْما تَشْبِيها بالمتعدي خلف فَأَجَازَهُ بعض

الْمُتَأَخِّرين قِيَاسا على تَشْبِيه الصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي نَحْو زيد تفقأ الشَّحْم أَصله تفقأ شحمه فأضمرت فِي تفقأ ونصبت (الشَّحْم) تَشْبِيها بالمفعول بِهِ وَاسْتدلَّ بِمَا رُوِيَ فِي الحَدِيث: (كَانَت امْرَأَة تهراق الدِّمَاء) وَمنعه الشلوبين قَالَ لَا يكون ذَلِك إِلَّا فِي الصِّفَات وَقد تأولوا الْأَثر على أَنه إِسْقَاط حرف الْجَرّ أَو على إِضْمَار فعل أَي بالدماء أَو يهريق الله الدِّمَاء مِنْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح إِذْ لم يثبت ذَلِك من لِسَان الْعَرَب (والمتعدي غير النَّاسِخ إِمَّا لوَاحِد وَقد يتَضَمَّن اللُّزُوم) فيتعدى بالحرف نَحْو: {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره} [النُّور: 63] أَي يخرجُون وينفصلون (أَو لاثْنَيْنِ ثَانِيهمَا بِحرف جر) وَالْأول بِنَفسِهِ وَسمع حذفه من الثَّانِي (مَعَ) أَفعَال وَهِي (اخْتَار) قَالَ تَعَالَى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه} [الْأَعْرَاف: 155] أَي من قومه (واستغفر) قَالَ: 1399 - (أسْتغفِر اللهَ ذَنْبًا لَسْتُ مُحْصِيَهُ ... )

أَي من ذَنْب (وَأمر) قَالَ: 1400 - (أمرْتُكَ الخيْرَ فافْعل مَا أُمِرْتَ بهِ ... )

أَي بِالْخَيرِ (وسمى وكنى) بِالتَّخْفِيفِ (ودعا) نَحْو سميت وَلَدي أَحْمد وكنيته أَبَا الْحسن ودعوته زيدا أَي بِأَحْمَد وَأبي الْحسن وبزيد (وَزوج) نَحْو {زَوَّجْنَاكهَا} [الْأَحْزَاب: 37] أَي بهَا (وَصدق) بِالتَّخْفِيفِ نَحْو: {صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} [سبأ: 20] أَي فِي ظَنّه وَهدى نَحْو: {هديناه السَّبِيل} [الْإِنْسَان: 3] أَي إِلَيْهِ (وعير) نَحْو عيرت زيدا سوَاده أَي بِهِ وَمِنْهَا فرق وقرع وَجَاء واشتاق وَرَاح وَتعرض ونأى وَحل وخشي فَمنع الْجُمْهُور الْقيَاس عَلَيْهَا

وَجوزهُ الْأَخْفَش الصَّغِير عَليّ بن سُلَيْمَان وَابْن الطراوة ووالدي رَحمَه الله فَقَالُوا بِحَذْف حرف الْجَرّ فِي كل مَا لَا لبس فِيهِ بِأَن يتَعَيَّن هُوَ ومكانه نَحْو بريت الْقَلَم السكين قِيَاسا على تِلْكَ الْأَفْعَال فَإِن فقد الشرطان أَو أَحدهمَا بإن لم يتَعَيَّن الْحَرْف نَحْو رغبت أَو مَكَانَهُ نَحْو اخْتَرْت إخْوَتك الزيدين لم يجز لِأَن كلا مِنْهُمَا يصلح لدُخُول (من) عَلَيْهِ وَمَا نقلته عَن وَالِدي ذكره فِي رِسَالَة لَهُ فِي تَوْجِيه قَول الْمِنْهَاج (وَمَا ضبب بِذَهَب أَو فضَّة ضبة) فَقَالَ وَالَّذِي ظهر لي فِيهِ بعد الْبَحْث مَعَ نجباء الْأَصْحَاب وَنظر الْمُحكم والصحاح وتهذيب اللُّغَة وَغَيرهَا وَلم نجده مُتَعَدِّيا بِهَذَا الْمَعْنى أَن الْبَاء فِي (بِذَهَب) بِمَعْنى (من) و (فضَّة) مَنْصُوب على إِسْقَاط الْخَافِض أما من بَاب (أَمرتك الْخَيْر) وَهُوَ ظَاهر قَالَ وَلَا يرد أَنهم لم يعدوه من أَفعاله لأَنا نقُول مَا قيس على كَلَامهم فَهُوَ من كَلَامهم فَهَذَا عين مَا نقلته عَنهُ من الْقيَاس ثمَّ قَالَ وَقد قَالُوا فِي ضبط أَفعَال بَاب (أَمر) أَنه كل فعل ينصب مفعولين لَيْسَ أَصلهمَا الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وأصل الثَّانِي مِنْهُمَا حرف الْجَرّ وَهَذَا الضَّابِط يَشْمَلهُ لَا محَالة وَهُوَ أولى من أَن يدعى أَنه من بَاب: 1401 - (تمرون الدِّيارَ ... )

أنواع الفعل

لِأَن هَذَا مَحْفُوظ انْتهى ووالدي رَحمَه الله كَانَ مِمَّن لَهُ التَّمَكُّن فِي عُلُوم الشَّرْع والعربية وَالْبَيَان والإنشاء أجمع على ذَلِك كل من شَاهده (وَقيل إِن ضمن) الْفِعْل معنى فعل (ناصبه) أَي ناصب لَهُ بِنَفسِهِ جَازَ الْحَذف قِيَاسا وَإِلَّا فَلَا وَقيل يجوز بِشَرْط عدم الْفَصْل بَينه وَبَين الَّذِي يحذف مِنْهُ حرف الْجَرّ فَلَا يُقَال أَمرتك يَوْم الْجُمُعَة الْخَيْر (و) بِشَرْط عدم التَّقْدِير فَلَا يُقَال أَمرتك زيدا تُرِيدُ بزيد أَي بأَمْره وشأنه (و) إِمَّا مُتَعَدٍّ (إِلَى اثْنَيْنِ بِدُونِهِ) أَي بِدُونِ حرف جر كأعطى وكسى وَقيل الثَّانِي من منصوبهما مَنْصُوب بمضمر ويحذف أحد مفعوليه (وَكَذَا) يحذف أَي مفعول بَاب اخْتَار نَحْو اخْتَرْت الرِّجَال واستغفرت ذَنبي خلافًا لِلسُّهَيْلِي من قَوْله لَا يجوز الِاقْتِصَار على الْوَاحِد الْمَنْصُوب أَنْوَاع الْفِعْل مَسْأَلَة (الْفِعْل متصرف) وَهُوَ مَا اخْتلفت أبنيته لاخْتِلَاف زَمَانه وَهُوَ كثير (وجامد) بِخِلَافِهِ وَهُوَ مَعْدُود (وَمِنْه غير مَا مر) من النواسخ وَالِاسْتِثْنَاء (قل للنَّفْي الْمَحْض فَترفع الْفَاعِل متلوا بِصفة) مُطَابقَة لَهُ نَحْو قل رجل يَقُول ذَلِك وَقل رجلَانِ يَقُولَانِ ذَلِك بِمَعْنى مَا رجل

(ويكف عَنهُ ب (مَا)) الكافة فَلَا يَليهَا غير فعل اخْتِيَارا وَلَا فَاعل لَهَا لإجرائها مجْرى حرف النَّفْي نَحْو قَلما قَامَ زيد وَقد يَليهَا الِاسْم ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1402 - ( ... ... ... . . وقلّما ... وصالٌ على طول الصدود يدومُ)

(و) مِنْهُ (تبَارك) من الْبركَة (وهدك من رجل) وهدتك من امْرَأَة بِمَعْنى كَفاك وكفتك (وَسقط فِي يَده) بِمَعْنى نَدم (وَكذب فِي الإغراء) بِمَعْنى وَجب كَقَوْل عمر كذب عليكهم الْحَج أَي وَجب قَالَ ابْن السّكيت بِمَعْنى عَلَيْكُم بِهِ كلمة نادرة جَاءَت على غير الْقيَاس وَقَالَ الْأَخْفَش الْحَج مَرْفُوع بِهِ وَمَعْنَاهُ نصب لِأَنَّهُ يُرِيد الْأَمر بِهِ كَقَوْلِهِم أمكنك الصَّيْد يُرِيد ارمه وَقَالَ أَبُو حَيَّان الَّذِي تَقْتَضِيه الْقَوَاعِد فِي مثل هَذَا أَنه من بَاب الإعمال وَالْمَرْفُوع فَاعل (كذب) وَحذف مفعول عَلَيْك أَي عَلَيْكُم لفهم الْمَعْنى وَإِن نصب فَهُوَ ب (عَلَيْك) وفاعل كذب مُضْمر يفسره مَا بعده على رَأْي سِيبَوَيْهٍ أَو مَحْذُوف على رَأْي الْكسَائي وَهَذِه الْأَفْعَال الْمَذْكُورَة لم يسْتَعْمل مِنْهَا إِلَّا الْمَاضِي وَالرَّابِع مِنْهَا لم يسْتَعْمل إِلَّا مَبْنِيا للْمَفْعُول و (فِي يَده) مَرْفُوعَة

قَالَ أَبُو حَيَّان لَكِن قرئَ (سقط) بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل أما (قل) مُقَابل (كثر) وَكذب بِمَعْنى اختلق أَو أَخطَأ أَو أبطل فمتصرفة ويهيط يَصِيح ويفج لم يسْتَعْمل إِلَّا مضارعا يُقَال مَا زَالَ مُنْذُ الْيَوْم يهيط هيطا وأهلم بِفَتْح الْهمزَة وَالْهَاء وَضم اللَّام وبضم الْهمزَة وَكسر اللَّام لم يسْتَعْمل مِنْهُ الْمَاضِي وَلَا الْأَمر فِي أَكثر اللُّغَات وأهاء مَبْنِيّ للْفَاعِل بِمَعْنى آخذ وللمفعول بِمَعْنى أعطي لم يسْتَعْمل مِنْهُ غير الْمُضَارع وَإِنَّمَا يليان لَا وَلم بِكَسْر اللَّام وَفتح الْمِيم فَيُقَال فِي جَوَاب (هَا) لَا أها وَلم أهاء وَلَا أهلم وَلم أهلم لَا تنفيسا على الصَّحِيح وهاء بِالْمدِّ وَالْكَسْر وَهَا بِالْقصرِ والسكون معنى خُذ وتلحقها الضمائر فَيُقَال فِي هَاء هائي هَاء وهائين وهاؤم وهاؤن وَعم صباحا بِمَعْنى أنعم صباحا لم يسْتَعْمل مِنْهُ إِلَّا أَمر وَيَنْبَغِي لم يسْتَعْمل مِنْهُ إِلَّا الْمُضَارع وَقَالَ أَبُو حَيَّان سمع مَا ضيهما ومضارع عَم قَالَ يُونُس وعمت الدَّار أَعم قلت لَهَا انعمي وَقَالَ الأعلم وَعم يعم بِمَعْنى نعم ينعم قَالَ 1403 - (وَهل يَعِمَنْ مَنْ كَانَ فِي العُصُر الْخَالِي ... )

وَقَالَ ابْن فَارس بغيته فانبغى ككسرته فانكسر وهات وتعال وَبِمَا قيل هَاتِي بهاتي وهلم التميمية لم يسْتَعْمل مِنْهَا إِلَّا الْأَمر أما الحجازية فَهِيَ اسْم فعل لَا تلْحقهُ الضمائر وَقَالَ ابْن كيسَان فِي تصريفه ونكر ضد عرف وَيُسَوِّي بِمَعْنى يُسَاوِي لم يسْتَعْمل من الأول إِلَى إِلَّا الْمَاضِي وَمن الثَّانِي إِلَّا الْمُضَارع وَذكر الأول

أَيْضا (البهاري) وَالثَّانِي (ابْن الْحَاج) واستغني غَالِبا ب (ترك) الْمَاضِي وَالتّرْك الْمصدر وتارك اسْم الْفَاعِل ومتروك اسْم الْمَفْعُول عَنْهَا أَي عَن اسْتِعْمَال هَذِه الصِّيَغ من وذر وودع فعلى هَذَا يعدَّانِ فِي الجوامد إِذْ لم يسْتَعْمل مِنْهُمَا إِلَّا الْأَمر وَمن غير الْغَالِب مَا قرئَ (مَا وَدعك رَبك) مخففا وَحَدِيث أبي دَاوُد وَغَيره (دعوا الْحَبَشَة مَا ودعوكم) وَحَدِيثه (لينتهين أَقوام عَن ودعهم الْجُمُعَات) وَحَدِيث البُخَارِيّ (غير مكفي وَلَا مكفور وَلَا مُودع) وَقَول الشَّاعِر 1404 - (جَرى وَهُوَ مَوْدُوعٌ وواعِدُ ... )

نعم وبئس

3 - نعم وَبئسَ وَمِنْه أَي الجامد نعم وَبئسَ فعلان لإنشاء الْمَدْح والذم قَالَ الرضي وَذَلِكَ أَنَّك إِذا قلت نعم الرجل زيد فَإِنَّمَا تنشيء الْمَدْح وتمدحه بِهَذَا اللَّفْظ وَلَيْسَ الْمَدْح مَوْجُودا فِي الْخَارِج فِي أحد الْأَزْمِنَة مَقْصُودا مُطَابقَة هَذَا الْكَلَام إِيَّاه حَتَّى يكون خَبرا بل يقْصد بِهَذَا الْكَلَام مدحه على جودته الْحَاصِلَة خَارِجا فَقَوْل الْأَعرَابِي لمن بشره بمولودة وَقَالَ نعم الْمَوْلُود وَالله مَا هِيَ بنعم المولودة لَيْسَ تَكْذِيبًا لَهُ فِي الْمَدْح إِذْ لَا يُمكن تَكْذِيبه فِيهِ بل هُوَ إِخْبَار بِأَن الْجَوْدَة الَّتِي حكمت بحصولها فِي الْخَارِج لَيست بحاصلة فَهُوَ إنْشَاء جزؤه الْخَبَر وَكَذَلِكَ الْإِنْشَاء التعجبي والإنشاء الَّذِي فِي كم الخبرية وَرب هَذَا غَايَة مَا يُمكن ذكره فِي تمشية مَا قاولوا من كَون هَذَا الْأَشْيَاء للإنشاء قَالَ وَمَعَ هَذَا فلي فِيهِ نظر إِذْ يطرد ذَلِك فِي جَمِيع الْأَخْبَار لِأَنَّك إِذا قلت زيد أفضل من عَمْرو لَا ريب فِي كَونه خَبرا إِذْ لَا يُمكن أَن يكذب فِي التَّفْضِيل وَيُقَال لَك إِنَّك لم تفضل بل التَّكْذِيب إِنَّمَا يتَعَلَّق بأفضلية زيد وَكَذَا إِذا قلت زيد قَائِم فَهُوَ خبر بِلَا شكّ وَلَا يدْخلهُ التَّصْدِيق والتكذيب من حَيْثُ الْإِخْبَار إِذا لَا يُقَال لَك أخْبرت أَو وَلم تخبر لِأَنَّك أوجدت بِهَذَا اللَّفْظ الْإِخْبَار بل يدخلَانِ من حَيْثُ الْقيام وَيُقَال إِن الْقيام حَاصِل أَو لَيْسَ بحاصل فَكَذَا قَوْله لَيْسَ بنعم المولودة بَيَان أَن النعمية أَي الْجَوْدَة الْمَحْكُوم بثبوتها خَارِجا لَيست بثابتة وَكَذَا فِي التَّعَجُّب وَفِي كم وَرب انْتهى وَعَن الْفراء أَنَّهُمَا اسمان لدُخُول حرف الْجَرّ عَلَيْهِمَا فِي قَوْله (وَالله مَا هِيَ بنعم الْوَلَد) وَقَوْلهمْ (نعم السّير على بئس العير) وَالْإِضَافَة فِي قَوْله 1405 - (بنِعْمَ طيْر وشبابٍ فاخِر ... )

والنداء فِي قَوْلهم يَا نعم الْمولى وَنعم النصير وَدخُول لَام الِابْتِدَاء عَلَيْهِمَا فِي خبر إِن وَلَا يدْخل على الْمَاضِي والإخبار عَنْهُمَا فِيمَا حكى الرُّؤَاسِي (فِيك نعم الْخصْلَة) وعطفهما على الِاسْم فِيمَا حكى الْفراء (الصَّالح وَبئسَ الرجل فِي الْحق سَوَاء) وَعدم التَّصَرُّف والمصدر وَأجِيب بِأَن حرف الْجَرّ والنداء قد يدخلَانِ على مَا لَا خلاف فِي فعليته بِتَأْوِيل مَوْصُوف أَو منادى مُقَدّر وَكَذَا فِي الْإِخْبَار والعطف أَي فِيك خصْلَة نعمت الْخصْلَة وَرجل بئس الرجل وَبِأَن نعم فِي (نعم طير) سمي بهَا محكية وَلذَا فتحت ميمها وَبِأَن عدم التَّصَرُّف والمصدر لَا يدلان على الاسمية بِدَلِيل لَيْسَ وَعَسَى وَنَحْوهمَا وَيدل لفعليتهما لُحُوق تَاء التَّأْنِيث الساكنة بهما فِي كل اللُّغَات وَضمير الرّفْع فِي لُغَة حَكَاهَا الْكسَائي وَقيل لَا خلاف فِي أَنَّهُمَا فعلان وَإِنَّمَا الْخلاف فيهمَا بعد الْإِسْنَاد إِلَى الْفَاعِل فالبصريون يَقُولُونَ نعم الرجل وَبئسَ الرجل جملتان فعليتان وَغَيرهم يَقُول اسمان محكيان نقلا عَن أَصلهمَا وَسمي بهما الْمَدْح والذم كتأبط شرا وَنَحْوه وأصلهما فعل بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين وَقد يردان بِهِ قَالَ طرفَة 1406 - (مَا أقَلَّتْ قَدَمٌ أنَّهُمُ ... نَعِمَ السَّاعون فِي الْأَمر المُبرْ)

صفحة فارغة

وَقد يردان بِسُكُون الْعين وَفتح الْفَاء تَخْفِيفًا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرُوا لَهُ شَاهدا وكسرهما إتباعا قَالَ تَعَالَى {إِن الله نعما يعظكم بِهِ} [النِّسَاء: 58] وَكَذَا كل ذِي عين حلقية أَي هِيَ حرف حلق من فعل بِالْفَتْح وَالْكَسْر اسْما كَانَ أَو فعلا يرد بِهَذِهِ اللُّغَات الْأَرْبَع نَحْو فَخذ فَخذ فَخذ فَخذ شهد شهد شهد شهد قَالَ 1407 - (إِذا غَابَ عنّا غَابَ عنّا ربيعُنَا ... وإنْ شِهْدَ أجْدَى خيرُهُ ونوافِلُه)

قَالَ أَبُو حَيَّان وَيشْتَرط فِي ذَلِك أَلا يكون مِمَّا شذت بِهِ الْعَرَب فِي فكه نَحْو لححت عينه أَو اتَّصل بِآخِرهِ مَا يسكن لَهُ نَحْو شهِدت وَلَا اسْم فَاعل معتل اللَّام نَحْو ثوب صخ أَي متسخ فَلَا يجوز التسكين فِيهَا وَيُقَال فِي بئس بيس بِفَتْح الْبَاء وياء سَاكِنة مبدلة من الْهمزَة على غير قِيَاس حَكَاهَا الْأَخْفَش والفارسي وَيُقَال فِي نعم نعيم بالإشباع حَكَاهُ الصفار قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ شذوذ لَا لُغَة قَالَ وَذكر بعض أَصْحَابنَا أَن الْأَفْصَح نعم وَهِي لُغَة الْقُرْآن ثمَّ نعم وَعَلِيهِ {فَنعما هِيَ} [الْبَقَرَة: 271] ثمَّ نعم وَهِي الْأَصْلِيَّة ثمَّ نعم وفاعلهما ظَاهر معرف بأل نَحْو {نعم الْمولى} [الْأَنْفَال: 40] {ولبئس المهاد} [الْبَقَرَة: 206] أَو مُضَاف لما هِيَ فِيهِ نَحْو {ولنعم دَار الْمُتَّقِينَ} [النَّحْل: 30] {فبئس مثوى المتكبرين} [غَافِر: 76] أَو مُضَاف لمضاف إِلَيْهِ أَي إِلَى مَا هِيَ فِيهِ كَقَوْلِه 1408 - (فَنِعْمَ ابنُ أخْتِ الْقَوْم غَيْرَ مُكَذّبٍ ... ) وَقَوله 1409 - (فَنِعْم ذَوُو مُجامَلَةِ الْخَلِيل ... )

قيل أَو مُضَاف إِلَى ضمير عَائِد عَلَيْهِ أَي على مَا هِيَ فِيهِ كَقَوْلِهِم 1410 - (فَنعم أَخُو الهيجا ونِعْم شبابُها ... ) وَالأَصَح أَنه لَا يُقَاس عَلَيْهِ لقلته وَهِي أَي أل الَّتِي فِي فاعلهما جنسية عِنْد الْجُمْهُور بِدَلِيل عدم لحوقهما التَّاء حَيْثُ الْفَاعِل مؤنث فِي الْأَفْصَح وَاخْتلف على هَذَا فَقيل للْجِنْس حَقِيقَة فالجنس كُله هُوَ الممدوح أَو المذموم والمخصوص بِهِ فَرد من أَفْرَاده مندرج تَحْتَهُ وَقصد ذَلِك مُبَالغَة فِي إِثْبَات الْمَدْح أَو الذَّم للْجِنْس الَّذِي هُوَ مُبْهَم لِئَلَّا يتَوَهَّم كَونه طارئا على الْمَخْصُوص وَقيل تعديته إِلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَقيل قصد جعله عَاما ليطابق الْفِعْل لِأَنَّهُ عَام فِي الْمَدْح وَلَا يكون الْفِعْل عَاما وَالْفَاعِل خَاصّا وَقيل للْجِنْس مجَازًا فَجعل الْمَخْصُوص جَمِيع الْجِنْس مُبَالغَة وَلم يقْصد غير مدحه أَو ذمه وَقَالَ قوم هِيَ عهدية ذهنية كَمَا تَقول اشْتريت اللَّحْم وَلَا تُرِيدُ الْجِنْس وَلَا معهودا تقدم وَأُرِيد بذلك أَن يَقع إِبْهَام ثمَّ يَأْتِي التَّفْسِير بعده تفخيما لِلْأَمْرِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق بن ملكون وَأَبُو مَنْصُور الجواليقي وَأَبُو عبد الله الشلوبين الصَّغِير عهدية شخصية والمعهود هُوَ الشَّخْص الممدوح والمذموم

فَإِذا قلت زيد نعم الرجل فكأنك قلت نعم هُوَ وَاسْتدلَّ هَؤُلَاءِ بتثنيته وَجمعه وَلَو كَانَ عبارَة عَن الْجِنْس لم يسغْ فِيهِ ذَلِك وَيجوز إتباعه أَي فاعلهما بِبَدَل وَعطف وَيجوز مباشرتهما لنعم وَبئسَ لَا بِصفة فِي الْأَصَح وَهُوَ رَأْي الْجُمْهُور لما فِيهَا من التَّخْصِيص الْمنَافِي للشياع الْمُقْتَضِي مِنْهُ عُمُوم الْمَدْح والذم وَأَجَازَهُ ابْن السراج والفارسي وَابْن جني فِي قَوْله 1411 - (لبئْس الْفَتى المدْعُوُّ باللَّيل حاتِمُ ... ) وَثَالِثهَا وَهُوَ رَأْي ابْن مَالك يجوز إِذا تؤول بالجامع لأكمل الْخِصَال اللائقة فِي الْمَدْح والذم بِخِلَاف مَا إِذا قصد بِهِ التَّخْصِيص مَعَ إِقَامَة الْفَاعِل مقَام الْجِنْس لِأَن تَخْصِيصه منَاف لذَلِك وَلَا توكيد معنوي قطعا كَذَا قَالَه ابْن مَالك وَعلله بِأَن الْقَصْد بالتوكيد من رفع توهم الْمجَاز أَو الْخُصُوص منَاف للقصد بفاعل نعم من إِقَامَته مقَام الْجِنْس أَو تَأْوِيله بالجامع لأكمل خِصَال الْمَدْح أَو الذَّم قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن يرى أَن أل عهدية شخصية لَا يبعد أَن يُجِيز نعم الرجل نَفسه زيد وَفِي إتباعه بالتوكيد اللَّفْظِيّ احْتِمَالَانِ وَأَجَازَهُ ابْن مَالك فَيُقَال نعم الرجل الرجل زيد وَقَالَ أَبُو حَيَّان يَنْبَغِي أَلا يجوز إِلَّا بِسَمَاع وَلَا يفصل بَين نعم وفاعلها بظرف وَلَا غَيره قَالَه ابْن أبي الرّبيع وَالْجُمْهُور وَفِي (الْبَسِيط) يجوز الْفَصْل لتصرف هَذَا الْفِعْل فِي رَفعه الظَّاهِر والمضمر وَعدم التَّرْكِيب

وَثَالِثهَا قَالَه الْكسَائي يجوز بمعموله أَي الْفَاعِل نَحْو نعم فِيك الرَّاغِب قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي الشّعْر مَا يدل لَهُ قَالَ 1412 - (وَبئسَ من المليحاتِ البديلُ ... ) قَالَ وورود الْفَصْل ب (إِذن) وبالقسم فِي قَوْله 1413 - (لبئس إِذن راعِي المودّة والوَصْل ... ) وَقَوله 1414 - (بئسَ عَمْرُ الله قومٌ طرقوا ... ) أَو يكون ضميرا مستترا خلافًا للكسائي فِي مَنعه ذَلِك قَالَ فِي نَحْو نعم رجلا زيد الْفَاعِل هُوَ زيد والمنصوب حَال وَتَبعهُ دريود وَقَالَ الْفراء تَمْيِيز محول عَن الْفَاعِل وَالْأَصْل نعم الرجل زيد وعَلى الأول هَذَا الضَّمِير يكون مَمْنُوع الإتباع فَلَا يعْطف عَلَيْهِ وَلَا يُبدل مِنْهُ وَلَا يُؤَكد بضمير وَلَا غَيره لشبهه بضمير الشَّأْن فِي قصد إبهامه تَعْظِيمًا لمعناه وَمَا ورد من نَحْو (نعم هم قوما أَنْتُم) فشاذ مُفَسرًا بتمييز مُطَابق للمعنى) فِي الْإِفْرَاد والتذكير وفروعهما عَام فِي الْوُجُود غير متوغل فِي الْإِبْهَام وَلَا ذِي تَفْضِيل بِخِلَاف نَحْو الشَّمْس وَالْقَمَر فَلَا يُقَال نعم شمسا هَذِه الشَّمْس

وَنَحْو غير وَمثل وَأي وَمَا دلّ على مفاضلة فَلَا يُقَال (نعم أفضل مِنْك زيد) لعدم قبُول مَا ذكر ل (أل) ولكونه خلفا عَن فَاعل مقرون بهَا اشْترط صلاحيته لَهَا جَائِز الْوَصْف نَحْو نعم رجلا صَالحا زيد نَقله أَبُو حَيَّان عَن الْبَسِيط جَازِمًا بِهِ وَكَذَا الْفَصْل نَحْو {بئس للظالمين بَدَلا} [الْكَهْف: 50] خلافًا لِابْنِ أبي الرّبيع فِي قَوْله يمْنَع الْفَصْل بَين نعم والمفسر قيل وَجَائِز الْحَذف أَيْضا إِذا علم نَحْو حَدِيث (من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة) فبها ونعمت ونعمت السّنة سنة أَو رخصَة فعلية أَي فبالسنة أَخذ وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَابْن مَالك وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ على لُزُوم ذكره وَفِي الْجمع بَينه أَي التَّمْيِيز وَبَين الْفَاعِل الظَّاهِر أَقْوَال أَحدهَا لَا يجوز إِذْ لَا إِبْهَام يرفعهُ التَّمْيِيز وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والسيرافي وَجَمَاعَة ثَانِيهَا يجوز وَعَلِيهِ الْمبرد وَابْن السراج والفارسي وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قَالَ وَلَا يمْنَع مِنْهُ زَوَال الْإِبْهَام لِأَن التَّمْيِيز قد يجاء بِهِ توكيدا وَمِمَّا ورد مِنْهُ قَوْله 1415 - (والتغلبيون بئس الفحلُ فحلُهُم ... فحلاً ... )

وَقَوله 1416 - (نعم الفتاةُ فتاةً هِنْدُ لَو بَذَلتْ ... ) ثَالِثهَا وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور يجوز إِن أَفَادَ التَّمْيِيز مَا لم يفده الْفَاعِل نَحْو نعم الرجل رجلا فَارِسًا وَقَوله 1417 - (فَنِعْم المرءُ من رَجُل تِهَامى ... ) وَلَا يجوز إِن لم يفد ذَلِك وَلَا يُؤَخر هَذَا التَّمْيِيز عَن الْمَخْصُوص اخْتِيَارا فَلَا يُقَال نعم زيد رجلا إِلَّا فِي ضَرُورَة خلافًا للكوفية فِي تجويزهم تَأْخِيره عَنهُ أم تَأَخره عَن الْفِعْل فَوَاجِب قطعا وَلَا يكون الْفَاعِل لنعم وَبئسَ نكرَة اخْتِيَارا وَإِن ورد فضرورة كَقَوْلِه 1418 - (بئْسَ قرينا يَفَن هالِكِ ... ) وَقَوله 1419 - (فنِعْم صَاحِبُ قوم لَا سِلاح لَهُمْ ... )

خلافًا للكوفيه وموافقتهم فِي إجازتهم ذَلِك لما حكى الْأَخْفَش أَن نَاسا من الْعَرَب يرفعون بهم النكرَة مُفْردَة ومضافة وَلَا يكون موصلا قَالَه الْكُوفِيُّونَ وَكثير من الْبَصرِيين وَجوزهُ الْمبرد فِي الَّذِي الجنسية كَقَوْلِه 1420 - ( ... بئس الَّذِي مَا أنتمُ آلَ أبْجرا ... ) قَالَ ابْن مَالك وَظَاهر قَول الْأَخْفَش أَنه يُجِيز نعم الَّذِي يفعل زيد ولايجيز نعم من يفعل قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَن يمْنَع لِأَن الَّذِي يفعل بِمَنْزِلَة الْفَاعِل وَلذَلِك أطْرد الْوَصْف بِهِ وَمُقْتَضى النّظر الصَّحِيح أَلا يجوز مُطلقًا وَلَا يمْنَع مُطلقًا بل إِذا قصد بِهِ الْجِنْس جَازَ أَو الْعَهْد منع انْتهى والمانعون مُطلقًا عللوا بِأَن مَا كَانَ فَاعِلا لنعم وَكَانَ فِيهِ أل كَانَ مُفَسرًا للضمير الْمُسْتَتر فِيهَا إِذا نزعت مِنْهُ وَالَّذِي لَيْسَ كَذَلِك (و) جوزه قوم فِي من وَمَا مرَادا بهما الْجِنْس كَقَوْلِه 1421 - ( ... ونِعْم مَنْ هُو فِي سرِّ وإعْلان ... )

وتأوله غَيرهم على أَن الْفَاعِل مُضْمر وَمن فِي مَحل نصب تَمْيِيزه وَمن ثمَّ أَي من هُنَا وَهُوَ أَن فاعلهما لَا يكون مَوْصُولا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْهُم سِيبَوَيْهٍ إِن مَا فِي نعم وَبئسَ الْوَاقِع بعْدهَا فعل نَحْو {بئْسَمَا اشْتَروا} [الْبَقَرَة: 90] نعم مَا صنعت معرفَة تَامَّة أَي لَا يفْتَقر إِلَى صلَة فَاعل وَالْفِعْل بعْدهَا صفة لمخصوص مَحْذُوف أَي نعم الشَّيْء شَيْء اشْتَروا قَالَ فِي شرح الكافية ويقويه كَثْرَة الِاقْتِصَار عَلَيْهَا فِي نَحْو غسلته غسلا نعما والنكرة التالية نعم لَا يقْتَصر عَلَيْهَا (وَقيل نكرَة تَمْيِيز) وَالْفِعْل بعْدهَا صفة لَهَا أَو بِمَعْنى شَيْء صفتهَا الْفِعْل أَي بئس شَيْئا شَيْء اشْتَروا أَقْوَال ورد بِأَن التَّمْيِيز يرفع الْإِبْهَام وَمَا يُسَاوِي الْمُضمر فِي الْإِبْهَام فَلَا يكون تمييزا (وَثَالِثهَا) هِيَ (مَوْصُولَة) صلتها الْفِعْل والمخصوص مَحْذُوف أَو هِيَ الْمَخْصُوص و (مَا) أُخْرَى تَمْيِيز مَحْذُوف أَي نعم شَيْئا الَّذِي صَنعته أَو هِيَ الْفَاعِل واكتفي بهَا وبصلتها عَن الْمَخْصُوص أَقْوَال (وَرَابِعهَا مَصْدَرِيَّة) وَلَا حذف وَالتَّقْدِير نعم صنعك وَبئسَ شراؤهم (وخامسها نكرَة مَوْصُوفَة فَاعل) يكْتَفى بهَا وبصلتها عَن الْمَخْصُوص (وسادسها كَافَّة) كفت نعم وَبئسَ كَمَا كفت قل وَصَارَت تدخل على الْجُمْلَة الفعلية (وَفِي) (مَا) إِذا وَليهَا اسْم نَحْو: (نعما هِيَ) الْقَوْلَانِ (الْأَوَّلَانِ) أَحدهمَا أَنَّهَا معرفَة تَامَّة فَاعل بِالْفِعْلِ وَهُوَ قَول سِيبَوَيْهٍ والمبرد وَابْن السراج والفارسي وَالثَّانِي أَنَّهَا نكرَة غير مَوْصُوفَة تَمْيِيز وَالْفَاعِل مُضْمر وَالْمَرْفُوع بعْدهَا هُوَ الْمَخْصُوص

(وَثَالِثهَا) أَن (مَا) (مركبة) مَعَ الْفِعْل (لَا مَحل لَهَا) من الْإِعْرَاب وَالْمَرْفُوع فَاعل (وشذ كَونه) أَي الْفَاعِل (إِشَارَة) متبوعا بِذِي اللَّام كَقَوْلِه: 1422 - (بئْسَ هَذَا الحيُّ حَيًّا ناصِرًا ... ) (وعلما) كَقَوْل سهل بن حنيف شهِدت صفّين وبئست الصفون وَكَذَا شَذَّ كَونه (مُضَافا إِلَى الله) علما أَو غَيره وَإِن كَانَت فِيهِ (أل) لِأَنَّهُ من الْأَعْلَام كَقَوْل : (نعم عبد الله خَالِد بن الْوَلِيد) وَقَول الشَّاعِر: 1423 - (بئس قوم الله يومٌ طُرقوا ... ) (خلافًا للجرمي) فِي قَوْله باطراده وَغَيره يتَأَوَّل مَا ورد مِنْهُ وَمن الْعلم على أَنه الْمَخْصُوص وَالْفَاعِل مُضْمر حذف مفسره (وشذ كَونه ضميرا غير مُفْرد) أَي مطابقا للمخصوص نَحْو أَخَوَاك نعما رجلَيْنِ وَحكى الْأَخْفَش عَن بعض بني أَسد نعما رجلَيْنِ الزيدان ونعموا رجَالًا الزيدون ونعمتم رجَالًا ونعمن نسَاء الهندات ثمَّ قَالَ (لَا آمن أَن يَكُونَا فهما التَّلْقِين) (خلافًا لقوم) من الكوفية لقَولهم بِالْقِيَاسِ على ذَلِك (و) شَذَّ جَرّه (بِالْبَاء) الزَّائِدَة رُوِيَ نعم بهم قوما أَي نعم هم (وَلَا يعملان) أَي نعم وَبئسَ (فِي مصدر و) لَا (ظرف) (وَيذكر الْمَخْصُوص) وَهُوَ الْمَقْصُود بالمدح أَو الذَّم (قبلهمَا) أَي نعم وَبئسَ (مُبْتَدأ أَو مَنْسُوخا) وَالْفِعْل ومعموله الْخَبَر والرابط هُنَا الْعُمُوم فِي الْمَرْفُوع الْمَفْهُوم من أل الجنسية نَحْو زيد نعم الرجل أَو رجلا وَكَانَ زيد نعم الرجل وَإِن زيدا نعم الرجل قَالَ:

1424 - (إنَّ ابْن عبد الله نِعْم ... أَخُو النّدى وابنُ العَشِيرَهْ) وَقَالَ: 1425 - (إِذا أرْسَلُوني عِنْد تعذير حَاجَة ... أُمارسُ فِيهَا كنتُ نِعْمَ الممارسُ) (أَو) يذكر (بعد الْفَاعِل) نَحْو نعم الرجل زيد وَهُوَ أحسن من تقدمه لإِرَادَة الْإِبْهَام ثمَّ التَّفْسِير وَإِعْرَابه (مُبْتَدأ) خَبره الْجُمْلَة قبله وَقيل مَحْذُوف أَو خَبرا مبتدؤه مَحْذُوف وجوبا (أَو بَدَلا) من الْفَاعِل أَقْوَال قَالَ ابْن مَالك أرجحها الأول لصِحَّته فِي الْمَعْنى وسلامته من مُخَالفَة أصل بِخِلَاف جعله خَبرا فَإِنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن ينصب لدُخُول كَانَ عَلَيْهِ أَو جعل خَبره محذوفا فَإِنَّهُ لم يعْهَد الْتِزَام حذف الْخَبَر إِلَّا حَيْثُ سد مسده شَيْء أَو جعله بَدَلا فَإِنَّهُ لَا يصلح لمباشرة نعم وَأجَاب قَائِله بِأَنَّهُ يجوز أَن يَقع بَدَلا مَا لَا يجوز أَن يَلِي الْعَامِل بِدَلِيل (أَنَّك أَنْت) وعَلى هَذَا هُوَ بدل اشْتِمَال لِأَنَّهُ خَاص وَالرجل عَام (وَقد يدْخلهُ نَاسخ) نَحْو نعم الرجل كَانَ زيدا وظننت زيدا فالجملة فِي مَوْضُوع خبر كَانَ أَو ثَانِي مفعولي ظن (ويغلب أَن يخْتَص) بِأَن يَقع معرفَة أَو قَرِيبا مِنْهَا أخص من الْفَاعِل لَا أَعم مِنْهُ وَلَا مُسَاوِيا نَحْو نعم الْفَتى رجل من قُرَيْش (و) أَن (يَصح الْإِخْبَار بِهِ عَن الْفَاعِل) مَوْصُوفا بالممدوح بعد نعم أَو المذموم بعد بئس كَقَوْلِك فِي نعم الرجل زيد الرجل الممدوح زيد وَفِي بئس الْوَلَد الْعَاق أَبَاهُ الْوَلَد المذموم الْعَاق أَبَاهُ

ما ألحق ب بئس

وَإِلَّا أَي وَإِن وَقع غير مُخْتَصّ وَلَا صَحِيح الْإِخْبَار عَنهُ بِهِ بِأَن وَقع مباينا لَهُ (أول) كَقَوْلِه تَعَالَى: {بئس مثل الْقَوْم الَّذين كذبُوا} [الْجُمُعَة: 5] أَي (مثل الَّذين) حذف (مثل) الْمَخْصُوص وأقيم الَّذين مقَامه ويحذف الْمَخْصُوص (لدَلِيل) يدل عَلَيْهِ نَحْو: {نعم العَبْد} [ص: 5] أَي أَيُّوب ( {فَنعم الماهدون} [الذاريات: 48] أَي نَحن (وَقيل) إِنَّمَا يحذف إِن تقدم (ذكره) وَالْأَكْثَرُونَ على عدم اشْتِرَاطه (وتخلفه) إِذا حذف (صفته) وَهِي إِن كَانَت اسْما وفَاقا نَحْو نعم الرجل حَلِيم كريم أَي رجل حَلِيم فَإِن كَانَت فعلا نَحْو (نعم) الصاحب تستعين بِهِ فيعينك أَي (رجل) (فَمَمْنُوع أَو جَائِز أَو غَالب مَعَ مَا قَلِيل دونهَا أَقْوَال) الْأَكْثَر على الأول وَالْكسَائِيّ على الثَّانِي وَابْن مَالك على الثَّالِث وَأَقل مِنْهُ أَن يحذف الْمَخْصُوص وَصفته وَيبقى متعلقهما كَقَوْلِه: 1426 - (بئس مقامُ الشَّيْخ أمْرِسْ أمْرِسِ ... ) أَي مقَام مقول فِيهِ أمرس أبقى مقول القَوْل مَا ألحق ب (بئس) (مَسْأَلَة) ألحق ببئس فِي الْعَمَل (سَاءَ) وفَاقا كَقَوْلِه تَعَالَى: {سَاءَ مثلا الْقَوْم} [الْأَعْرَاف: 177] وَقَوله: {بئس الشَّرَاب وَسَاءَتْ مرتفقا} [الْكَهْف: 29] وَقَوله: {سَاءَ مَا يحكمون} [الْأَنْعَام: 136] وَهِي فَرد من أَفْرَاد فعل الْآتِي لِأَنَّهَا فِي الأَصْل بِوَزْن (فعل) بِالْفَتْح متصرفة فحولت إِلَى (فعل) ومنعت التَّصَرُّف وَإِنَّمَا أفردت بِالذكر للاتفاق عَلَيْهَا كَمَا قَالَه فِي سبك المنظوم (و) ألحق (بهما) أَي بنعم فِي الْمَدْح وَبئسَ فِي الذَّم عملا (فعل) بِضَم الْعين (وَصفا) ككرم وظرف وَشرف (أَو مصوغا) محولا (من ثلاثي) مَفْتُوح أَو مكسور كعقل ونجس

حبذا

ثمَّ إِن كَانَ معتل الْعين لزم قَلبهَا ألفا نَحْو قَالَ الرجل زيد وَبَاعَ الرجل زيد أَو اللَّام ظَهرت الْوَاو وقلبت الْيَاء واوا نَحْو غَزْو ورمو وَقيل يقر على حَاله فَيُقَال رمى وغزا وَمن المسموع قَوْلهم لقضو الرجل فلَان أَي نعم القَاضِي هُوَ وَمَا ذكر من اشْتِرَاط كَون الصَّحِيح مِنْهُ ثلاثيا كالتسهيل زَاد عَلَيْهِ (خطاب) فِي الترشيح أَن يكون مِمَّا يَبْنِي مِنْهُ التَّعَجُّب فَلَا يصاغ من الألوان والعاهات كَمَا لَا يصاغ من الرباعي اسْتغْنَاء بأفعل الْفِعْل فعله نَحْو أَشد الْحمرَة حمرته وأسرع الانطلاق انطلاقه فأفعل مُضَاف مُبْتَدأ خَبره الْجُزْء الْأَخير وَرجحه أَبُو حَيَّان (وَقيل إِلَّا علم وَجَهل وَسمع) فَلَا تحول إِلَى فعل بل يسْتَعْمل اسْتِعْمَاله بَاقِيَة على حَالهَا قَالَه الْكسَائي (قيل) وَيلْحق فعل الْمَذْكُور (بصيغتي التَّعَجُّب) أَيْضا حكى الْأَخْفَش ذَلِك عَن الْعَرَب فَيُقَال حسن الرجل زيد بِمَعْنى مَا أحْسنه (فيصدر بلام) نَحْو لكرم الرجل زيد بِمَعْنى مَا أكْرمه قَالَ خطاب وَهِي لَام قسم (وَلَا تلْزم أل فَاعله) بل تكون معرفَة ونكرة وتلحق الْفِعْل العلامات نَحْو لكرم زيد وَهِنْد لكرمت والزيدان لكرما رجلَيْنِ والزيدون لكرموا رجَالًا يُرِيد مَا أكْرم بِخِلَافِهِ خَال اسْتِعْمَاله كنعم فَلَا تلْزمهُ اللَّام بل يجوز إدخالها وَتركهَا وَلَا يكون فَاعله إِلَّا كفاعل نعم حبذا (مَسْأَلَة) كنعم فِي الْعَمَل وَفِي الْمَعْنى مَعَ زِيَادَة أَن الممدوح بهَا مَحْبُوب للقلب (حبذا وَأَصله حبب) بِالضَّمِّ أَي صَار حبيبا لَا من حبب بِالْفَتْح (ثمَّ) أدغم فَصَارَ (حب) وَالأَصَح أَن (ذَا) فَاعله فَلَا تتبع وَتلْزم الْإِفْرَاد والتذكير وَإِن كَانَ الْمَخْصُوص بِخِلَاف ذَلِك كَقَوْلِه:

1427 - (يَا حبّذا جَبَلُ الرّ يان من جبل ... وحبَّذَا ساكِنُ الرَّيَان مَنْ كَانَا) (وحبّذا نَفَحاتٌ من يمانِيةٍ ... تَأْتِيك من قبل الرَّيّان أَحْيَانًا) وَقَوله: 1428 - (حبَّذا أنْتُما خلِيليَّ إنْ لَمْ ... تَعذُلانِي منْ دَمْعِيَ المهراق) وَقَوله: 1429 - (أَلا حَبَّذا هِندٌ وأرْضٌ بهَا هِنْد ... ) وَإِنَّمَا الْتزم ذَلِك (لِأَنَّهُ كالمثل) والأمثال لَا تغير كَمَا يُقَال (الصَّيف ضيعت اللَّبن) بِكَسْر التَّاء وَإِن كَانَ الْخطاب لغير مؤنث أَو لِأَنَّهُ على حذف وَالتَّقْدِير فِي (حبذا هِنْد) مثلا (حبذا حسن هِنْد) و (حبذا زيد) (حبذا أمره وشأنه) فالمقدر الْمشَار إِلَيْهِ مُذَكّر مُفْرد حذف وأقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه أَو لِأَنَّهُ على إِرَادَة جنس شَائِع فَلم يخْتَلف كَمَا لم يخْتَلف فَاعل نعم إِذا كَانَ ضميرا هَذِه أَقْوَال الْأَكْثَر على الأول وَنسب للخليل وسيبويه وَابْن كيسَان على الثَّانِي والفارسي على الثَّالِث (وَقَالَ دريود (ذَا) زَائِدَة) وَلَيْسَت اسْما مشارا بِهِ بِدَلِيل حذفهَا من قَوْله:

1430 - (وحبَّ دِينا ... ) وَقيل صَارَت بالتركيب مَعَ (حب) فعلا فَاعله الْمَخْصُوص كَقَوْلِهِم فِيمَا حكى لَا حبذه قَالَه الْمبرد وَالْأَكْثَرُونَ وَلعدم الْفَصْل بَين (حب) و (ذَا) وَلعدم تصرف (ذَا) بِحَسب الْمشَار إِلَيْهِ ورد بِجَوَاز حذف الْمَخْصُوص وَالْفَاعِل لَا يحذف (وَقيل الْكل اسْم وَاحِد) وَاحِد مركب قَالَه الْمبرد وَالْأَكْثَرُونَ وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور لإكثار الْعَرَب من دُخُولهَا عَلَيْهَا من غير استيحاش وَلعدم الْفَصْل بَين (حب) و (ذَا) وَلعدم تصرف (ذَا) بِحَسب الْمشَار إِلَيْهِ وعَلى هَذَا هُوَ مَرْفُوع وفَاقا ثمَّ هَل هُوَ (مُبْتَدأ خَبره الْمَخْصُوص أَو عَكسه) أَي خبر مبتدؤه الْمَخْصُوص (قَولَانِ) الْمبرد على الأول والفارسي على الثَّانِي (وعَلى الأول) وَهُوَ القَوْل بِأَن ذَا فَاعل (هُوَ) الْمَخْصُوص (مبتدؤها) أَي الْجُمْلَة فَهِيَ خبر عَنهُ والرابط ذَا أَو الْعُمُوم إِن قُلْنَا أُرِيد الْجِنْس (أَو مُبْتَدأ مَحْذُوف الْخَبَر أَو عَكسه) أَي خبر مَحْذُوف الْمُبْتَدَأ وجوبا وَكَأَنَّهُ قيل من المحبوب فَقَالَ زيد أَي هُوَ (أَو بدل) من ذَا لَازم التّبعِيَّة (أَو عطف بَيَان) وَعَلِيهِ (أَقْوَال) الْأَكْثَرُونَ على الأول وعَلى الثَّانِي الصَّيْمَرِيّ وَابْن مَالك على الثَّالِث وَابْن كيسَان على الرَّابِع قَالَ ابْن مَالك وَالْحكم عَلَيْهِ بالخبرية هُنَا أسهل مِنْهُ فِي بَاب (نعم) لِأَن مصعبه هُنَا نَشأ من دُخُول نواسخ الِابْتِدَاء وَهِي لَا تدخل هُنَا لِأَن حبذا جَار مجْرى الْمثل ورد كَونه مُبْتَدأ حذف خَبره أَو عَكسه بِأَنَّهُ يجوز حذف الْمَخْصُوص فَيلْزم حذف الْجُمْلَة بأسرها من غير دَلِيل

ورد عطف الْبَيَان بمجيئه نكرَة وَاسم الْإِشَارَة معرفَة كَمَا فِي قَوْله: 1431 - (وحبَّذا نفحات ... ) ورد الْبَدَل بِأَنَّهُ على نِيَّة تكْرَار الْعَامِل وَهُوَ لَا يَلِي حب وَأجِيب بِعَدَمِ اللُّزُوم بِدَلِيل (أَنَّك أَنْت) (وَلَا تقدم) مَخْصُوص حبذا عَلَيْهَا وَإِن جَازَ تَقْدِيمه على (نعم) بقلة لِأَنَّهَا فرع عَنْهَا فَلَا تساويها فِي تصرفاتها وَلِأَنَّهَا جَارِيَة مجْرى الْمثل وَلِئَلَّا يتَوَهَّم من قَوْلك مثلا (زيد حبذا) كَون المُرَاد الْإِخْبَار بِأَن زيدا أحب ذَا وَإِن كَانَ توهما بَعيدا (وحذفه) اسْتغْنَاء بِمَا دلّ عَلَيْهِ كَقَوْلِه: 1432 - (فحبذا ربًّا وحبّ دِينا ... ) أَي رَبًّا الْإِلَه وَقَوله: 1433 - (أَلا حبّذا لَوْلَا الحياءُ وربّما ... مَنَحْتُ الهوَى من لَيْس بالمتقارب) أَي حبذا حالتي مَعَك (وَيجوز فَصله) من حبذا (بِنِدَاء) كَقَوْل كثير: 1434 - (أَلا حبذا يَا عَزُّ ذَاك التّسَاتُرُ ... ) (و) يجوز (كَونه) اسْم (إِشَارَة) كَقَوْل كثير الْمَذْكُور وَقَول الآخر

1435 - (فيا حبّذا ذَاك الحبيبُ المُبَسْمِلُ ... ) (وَيكون قبله) أَي الْمَخْصُوص (أَو بعده نكرَة مَنْصُوبَة بمطابقة مَا) كَقَوْلِه: 1436 - (أَلا حبّذا قوَماً سُلَيْمٌ فإِنّهُمْ ... ) وَقَوله: 1437 - (حبذا الصَّبْرُ شِيمَة لامرئ رام ... مُباراةَ مُولَعٌ بالمعَالي) وَيُقَال حبذا رجلَيْنِ الزيدان ورجالا الزيدون وَنسَاء الهندات وَكَذَا مُؤَخرا (فثالثها) أَي الْأَقْوَال فِيهِ (إِن كَانَ مشتقا) فَهُوَ (حَال وَإِلَّا) بِأَن كَانَ جَامِدا فَهُوَ (تَمْيِيز) وَقَالَ الْأَخْفَش والفارسي والربعي حَال مُطلقًا وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء تَمْيِيز مُطلقًا (وَرَابِعهَا) قَالَه أَبُو حَيَّان (الْمُشْتَقّ إِن أُرِيد تقيد الْمَدْح بِهِ حَال وَغَيره) وَهُوَ الجامد والمشتق الَّذِي لم يرد بِهِ ذَلِك بل تَبْيِين حسن المبالغ فِي مدحه (تَمْيِيز) مِثَال الأول وَلَا يَصح دُخُول (من) عَلَيْهِ (حبذا هِنْد مُوَاصلَة) أَي فِي حَال مواصلتها وَالثَّانِي وَتدْخل عَلَيْهِ (من) حبذا زيد رَاكِبًا

(وخامسها) قَالَه فِي الْبَسِيط إِنَّه مَنْصُوب ب (أَعنِي) مضمرا فَهُوَ مفعول لَا حَال وَلَا تَمْيِيز قَالَه أَبُو حَيَّان وَهُوَ غَرِيب ثمَّ الأولى التَّأْخِير عِنْد الْفَارِسِي والتقديم عِنْد ابْن مَالك وَقَالَ الْجرْمِي وَابْن خروف هما سَوَاء فِي الْحَال ثمَّ قَالَ الْجرْمِي تَقْدِيم التَّمْيِيز فِيهِ قَبِيح وَقَالَ ابْن خروف حسن وَقَالَ أَبُو حَيَّان الْأَحْسَن تَقْدِيم التَّمْيِيز وَكَذَا الْحَال إِن كَانَت من (ذَا) وَإِن كَانَت من الْمَخْصُوص فالتأخير (وتؤكد حبذا) توكيداً (لفظيا) كَقَوْلِه: 1438 - (أَلا حبّذا حَبّذا حبّذا ... حبيبٌ تَحمّلْتُ مِنْهُ الْأَذَى) (وَتدْخل عَلَيْهِ لَا فتساوي بئس فِي) الْعَمَل وَالْمعْنَى مَعَ زِيَادَة مَا تقدم نَظِيره فِي حبذا كَقَوْلِه: 1439 - (لَا حبّذا أنتِ يَا صنعاءُ من بلد ... ) وَقَوله: 1440 - (وَلَا حبّذا الجاهِلُ العاذِلُ ... )

وَقَوله: 1441 - (أَلا حبذا أهْلُ الملا غَيْرَ أنّهُ ... إِذا ذُكِرَتْ مَيٌّ فَلَا حبّذا هِيا) وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَدخُول (لَا) على حبذا لَا يَخْلُو من إِشْكَال لِأَنَّهُ إِن قدر (حب) فعلا و (ذَا) فَاعله أَو حبذا كلهَا فعلا ف (لَا) لَا تدخل على الْمَاضِي غير الْمُتَصَرف وَلَا على الْمُتَصَرف إِلَّا قَلِيلا أَو كلهَا اسْما فَإِن قدر فِي مَحل نصب لم يَصح لِأَنَّهُ على الْعُمُوم نَحْو لَا رجل وَهُوَ هُنَا خُصُوص أَو رقع فَكَذَلِك لوُجُوب تكْرَار (لَا) حِينَئِذٍ (وتعمل) حبذا (فِيمَا عدا الْمصدر) كالظرف وَالْمَفْعُول لَهُ وَمَعَهُ نَحْو حبذا زيد إِكْرَاما لَهُ وحبذا عَمْرو لزيد بِخِلَاف الْمصدر إِذْ هِيَ غير متصرفة فَلَا مصدر لَهَا (وَتوقف أَبُو حَيَّان فِي) عَملهَا من غير (الْحَال والتمييز) وَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَن يقدم عَلَيْهِ إِلَّا بِسَمَاع أما الْحَال والتمييز فتعلم فيهمَا وفَاقا (وتضم فَاء (حب) مُفْردَة) من (ذَا) بِنَقْل ضمة الْعين إِلَيْهَا كَمَا يجوز إبْقَاء الْفَتْح استصحابا نَحْو حب زيد وَحب دينا وَيجب الْإِبْقَاء إِذا فكت كإسناد (حب) إِلَى مَا سكن لَهُ آخر الْفِعْل نَحْو حببت يَا هَذَا (وَكَذَا فعل السَّابِق) الْمُسْتَعْمل كنعم وَبئسَ أَو تَعَجبا أصلا أَو تحولا يجوز نقل ضمة عينه إِلَى الْفَاء فتسكن كَقَوْلِه: 1442 - (حُسْنَ فِعلاً لِقاءُ ذِي الثّروةِ المملق ... بالبشْر وَالعطَاء الجزيل) وَقيد فِي التسهيل الْفَاء بِكَوْنِهَا حلقية قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يخْتَص بذلك بل

كل فعل يجْرِي فِيهِ ذَلِك نَحْو لضرب الرجل بِضَم الضَّاد (وَيجوز جر فاعلهما) أَي (حب) المفردة وَفعل (بِالْبَاء) الزَّائِدَة تَشْبِيها بفاعل أفعل تَعَجبا كَقَوْلِه: 1443 - (وحُبَّ بهَا مَقْتُولةً حِين تُقْتَلُ ... )

صيغتا التعجب

وَكَقَوْلِه: 1444 - (حبَّ بالزَّوْر الَّذِي لَا يُرى ... مِنْهُ إلاّ صفحةٌ أَو لمامُ) وَحكى الْكسَائي (مَرَرْت بِأَبْيَات جاد بِهن أبياتاً وجدن أبياتاً) صيغتا التَّعَجُّب (وَمِنْه) أَي الجامد (صيغتا التَّعَجُّب) وهما (مَا أفعل وأفعل) بِهِ (قَالَ الكوفية وأفعل) بِغَيْر (مَا) مُسندَة إِلَى الْفَاعِل نَحْو قَوْله: 1445 - (فأبْرحْتَ فَارِسًا ... ) أَي مَا أبرحك فَارِسًا (وَبَعْضهمْ وأفعل من كَذَا) وَزعم الْفراء الأولى أَي مَا أفعل (اسْما) لكَونه لَا يتَصَرَّف ولتصغيره ولصحة عينه فِي قَوْلهم مَا أحيسنه وَقَوله: 1446 - (يَا مَا أُميلح غِزْلاناً ... ) وَقَالُوا مَا أطوله كَمَا قَالُوا هُوَ أطول من كَذَا ورد بِأَن امْتنَاع التَّصَرُّف لكَونه غير مُحْتَاج إِلَيْهِ للزومه طَريقَة وَاحِدَة إِذْ معنى التَّعَجُّب لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْأَزْمِنَة لَا يُنَافِي الفعلية ك (لَيْسَ) (وعس) وَبِأَن تصغيره وَصِحَّة عينه لشبهه بأفعل التَّفْضِيل وَقد صحت الْعين فِي أَفعَال كحول وعور

وَيدل للفعلية بِنَاؤُه على الْفَتْح ونصبه الْمَفْعُول الصَّرِيح وَلُزُوم نون الْوِقَايَة مَعَ الْيَاء (و) زعم ابْن الْأَنْبَارِي (الثَّانِيَة) أَي (أفعل بِهِ) اسْما لكَونه لَا تلْحقهُ الضمائر (وَجوز هِشَام الْمُضَارع من مَا أفعل) فَيُقَال مَا يحسن زيدا (ورد بِأَنَّهُ لم يسمع) (وَينصب المتعجب مِنْهُ بعد مَا أفعل مَفْعُولا بِهِ) على رَأْي غير الْفراء والهمزة فِيهِ للتعدية وَالْفَاعِل ضمير مستتر عَائِد على (مَا) مُفْرد مُذَكّر لَا يتبع بعطف وَلَا توكيد وَلَا بدل وعَلى رَأْيه نَصبه على حد نصب (الْأَب) فِي زيد كريم الْأَب وَالْأَصْل زيد أحسن من غَيره مثلا أَتَوا ب (مَا) على سَبِيل الِاسْتِفْهَام فنقلوا الصّفة من (زيد) وأسندوها إِلَى ضمير (مَا) وانتصب (زيد) ب (أحسن) فرقا بَين الْخَبَر والاستفهام وفتحة افْعَل على هَذَا قيل بِنَاء لتَضَمّنه معنى التَّعَجُّب وَقيل إِعْرَاب وَهُوَ خبر (مَا) بِنَاء على نصب الخبرية بِالْخِلَافِ عِنْد الْكُوفِيّين (وَالأَصَح أَن (مَا) مُبْتَدأ) خَبره مَا بعده وَقَالَ الْكسَائي لَا مَوضِع ل (مَا) من الْإِعْرَاب (و) الْأَصَح (أَنَّهَا نكرَة تَامَّة بِمَعْنى شَيْء خبرية قصد بهَا الْإِبْهَام ثمَّ الْإِعْلَام بإيقاع الْفِعْل على المتعجب مِنْهُ لاقْتِضَاء التَّعَجُّب ذَلِك (وَقيل) نكرَة (مَوْصُوفَة) بِالْفِعْلِ وَالْخَبَر مَحْذُوف وجوبا أَي شَيْء أحسن زيدا عَظِيم (وَقيل) استفهامية) دَخلهَا معنى التَّعَجُّب لإجماعهم على ذَلِك فِي أَي رجل زيد ورد بِأَن مثل ذَلِك لَا يَلِيهِ غَالِبا إِلَّا الْأَسْمَاء نَحْو: {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة} [الْوَاقِعَة: 8] و (مَا) مُلَازمَة للْفِعْل وبأنها لَو كَانَت كَذَلِك جَازَ أَن يخلفها أَي كَمَا جَازَ ذَلِك فِي:

1447 - (يَا سيدًا مَا أَنْت من سَيّد ... ) (وَقيل مَوْصُولَة صلتها الْفِعْل وَالْخَبَر مَحْذُوف وجوبا وَالتَّقْدِير الَّذِي أحسن زيدا عَظِيم (و) يجر المتعجب مِنْهُ (بعد أفعل بباء زَائِدَة لَازِمَة) لَا يجوز حذفهَا نَحْو أكْرم بزيد (وَقيل يجوز حذفهامع وَأَن) المصدريتين كَقَوْلِه: 1448 - (وأحبب إِلَيْنَا أَن نَكونَ المُقدّما ... ) وَقَوله: 1449 - (فأحْسِن وأزْين لامْرئ أنْ تسرْبَلا ... ) وَقَالَ بعض المولدين: 1450 - (أَهْون عليَّ إِذا امتلأتَ من الْكرَى ... أَنِّي أَبيت بليلة الملْسُوع) (وَالأَصَح أَنه خبر) معنى وَإِن كَانَ لَفظه الْأَمر للْمُبَالَغَة وَلَيْسَ بِأَمْر حَقِيقَة (فَمحل الْمَجْرُور) بعده (رفع فَاعِلا) والهمزة فِيهِ للصيرورة وَالْبَاء للتعدية وَلَا

ضمير فِي (أفعل) وَالتَّقْدِير فِي أحسن بزيد صَار زيد ذَا حسن كَقَوْلِهِم أبقلت الأَرْض أَي صَارَت ذَات بقل (وَقيل) هُوَ (أَمر) حَقِيقَة فَمحل الْمَجْرُور نصب على المفعولية والهمزة للنَّقْل كهي فِي (مَا أفعل) فالباء زَائِدَة وَاخْتلف على هَذَا فَالْأَصَحّ (فَاعله ضمير الْمصدر) الدَّال على الْفِعْل فَكَأَنَّهُ قيل يَا حسن أحسن بزيد أَي الزمه وَدم بِهِ وَلذَلِك وجد الْفِعْل على كل حَال (وَقيل) فَاعله ضمير (الْمُخَاطب) كَأَنَّك قلت أحسن يَا مُخَاطب بِهِ أَي احكم بحسنه وَلم يبرز فِي التَّأْنِيث والتثنية وَالْجمع لِأَنَّهُ جرى مجْرى الْمثل ولزمت الْبَاء فِي الْمَفْعُول ليَكُون لِلْأَمْرِ فِي معنى التَّعَجُّب حَال لَا يكون لَهُ فِي غَيره ورد كَونه أمرا بِأَنَّهُ مُحْتَمل للصدق وَالْكذب وَبِأَنَّهُ لَا يُجَاب بِالْفَاءِ وَبِأَنَّهُ يَلِيهِ ضمير الْمُخَاطب نَحْو أحسن بك وَلَا يجوز ذَلِك فِي الْأَمر لما فِيهِ من إِعْمَال فعل وَاحِد فِي ضميري فَاعل ومفعول لمسمى وَاحِد وَبِأَنَّهُ لَو كَانَ النَّاطِق بِهِ أمرا بالتعجب لم يكن مُتَعَجِّبا كَمَا لَا يكون الْأَمر بِالْحلف والنداء والتشبه حَالفا وَلَا مناديا وَلَا مشبها وَقد أجمع على أَنه متعجب قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى أَن أفعل أَمر صُورَة خبر معنى وَالْفَاعِل فِيهِ ضمير يعود على الْمصدر الْمَفْهُوم فِي الْفِعْل والهمزة للتعدية وَالْمَجْرُور فِي مَوضِع مفعول لَكَانَ مذهبا فقولك أحسن بزيد مَعْنَاهُ أحسن هُوَ أَي الْإِحْسَان زيدا أَي جعله حسنا فيوافق معنى مَا أحسن زيدا قَالَ وَلَا يُنَافِي ذَلِك التَّصْرِيح بِالْخِطَابِ من يَا زيد أحسن بزيد لِأَن الْفَاعِل مُخَالف للمخاطب فَالْمَعْنى يَا زيد أحسن الْإِحْسَان زيدا أَي جعله حسنا كَمَا تَقول يَا زيد مَا أحسن زيدا أَي شَيْء جعله حسنا قَالَ وَيدل على أَن مَحل الْمَجْرُور نصب جَوَاز حذفه ونصبه بعد حذف الْبَاء فِي قَوْله:

1451 - (فأبْعِد دَار مُرْتحل مزارا ... ) ويحذف المتعجب مِنْهُ مَعَ مَا أفعل (لدَلِيل) كَقَوْلِه: 1452 - (جزى اللهُ عَنَّا والجزَاءُ بفَضْلِه ... ربيعَة خيرا مَا أعفَّ وأكْرَما) أَي مَا أعفهم وَأكْرمهمْ وَفِي جَوَاز حذفه (مَعَ أفعل خلف) قَالَ سِيبَوَيْهٍ لَا يجوز وَقَالَ الْأَخْفَش وَقوم يجوز لقَوْله تَعَالَى: {أسمع بهم وَأبْصر} [مَرْيَم: 38] أَي بهم (وَقيل بل يحذف الْجَار فيستتر) الْفَاعِل فِي أفعل وَلَا يحذف ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ مستترا لبرز فِي التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث (وَلَا يكون المتعجب) مِنْهُ (إِلَّا مُخْتَصًّا) من معرفَة أَو قريب مِنْهَا بالتخصيص لِأَنَّهُ مخبر عَنهُ فِي الْمَعْنى (وَمنع الْفراء ذَا أل العهدية) نَحْو مَا أحسن القَاضِي تُرِيدُ قَاضِيا بَيْنك وَبَين الْمُخَاطب عهد فِيهِ وَأَجَازَهُ الْجُمْهُور (و) منع (الْأَخْفَش أيا الْمَوْصُول بالماضي) نَحْو مَا أحسن أَيهمْ قَالَ ذَاك وأجازها سَائِر الْبَصرِيين فَإِن وصلت بمضارع جَازَ اتِّفَاقًا (وَلَا يفصل) المتعجب مِنْهُ من أفعل وأفعل بِشَيْء لضعفهما بِعَدَمِ التَّصَرُّف فأشبها إِن وَأَخَوَاتهَا (إِلَّا بظرف ومجرور يتَعَلَّق بِالْفِعْلِ) فَإِنَّهُ يجوز (على الصَّحِيح) توسعهم فيهمَا ولجواز الْفَصْل بهما بَين إِن ومعمولها وَلَيْسَ فعل التَّعَجُّب بأضعف مِنْهَا ولكثرة وُرُوده كَقَوْلِه: (مَا أحسن فِي الهيجاء لقاءها) وَقَوله:

1453 - (وأحْبب إِلَيْنَا أَن تكون المقدّما ... ) وَقيل لَا يجوز الْفَصْل بهما أَيْضا وَعَلِيهِ أَكثر الْبَصرِيين وَنسب إِلَى سِيبَوَيْهٍ (وَثَالِثهَا قَبِيح) أَي جوز على قبح قَالَ أَبُو حَيَّان وَمحل الْخلاف فِيمَا إِذا لم يتَعَلَّق بالمعمول ضمير يعود على الْمَجْرُور فَإِن تعلق وَجب تَقْدِيم الْمَجْرُور كَقَوْلِهِم مَا أحسن بِالرجلِ أَن يصدق وَقَوله: 1454 - (خَلِيليَّ مَا أحرَى بِذِي اللُّب أَن يُرَى ... صبوراً وَلَكِن لَا سَبيلَ إِلَى الصّبر) أما مَا لَا يتَعَلَّق مِنْهُمَا بِالْفِعْلِ فَلَا يجوز الْفَصْل بِهِ وفَاقا نَحْو مَا أحسن بِمَعْرُوف أمرا (وَجوزهُ الْجرْمِي وَهِشَام بِالْحَال) أَيْضا نَحْو مَا أحسن مُقبلا زيدا (وَزَاد الْجرْمِي أَو الْمصدر) نَحْو مَا أحسن إحسانا زيدا وَالْجُمْهُور على الْمَنْع فيهمَا (و) جوزه (ابْن مَالك بالنداء) كَقَوْل عَليّ: (أعزز عَليّ أَبَا الْيَقظَان أَن أَرَاك صَرِيعًا مجدلا) (و) جوزه (ابْن كيسَان بلولا) الامتناعية نَحْو مَا أحسن لَوْلَا بخله زيدا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا حجَّة لَهُ على ذَلِك (وَلَا يقدم مَعْمُول) لفعل التَّعَجُّب (على الْفِعْل وَلَا) على (مَا) وَإِن جَازَ ذَلِك فِي غير هَذَا الْبَاب لعدم تصرفه وَلِأَن الْمَجْرُور من أفعل عِنْد الْجُمْهُور فَاعل وَالْفَاعِل لَا يجوز تَقْدِيمه

(وَلَا يفصل بَينهمَا) أَي بَين (مَا) وأفعل (بِغَيْر كَانَ) أما كَانَ الزَّائِدَة فَيجوز الْفَصْل نَحْو مَا كَانَ أحسن زيدا (وَالْأَكْثَر) على أَن فعل التَّعَجُّب (يدل على الْمَاضِي الْمُتَّصِل) بِالْحَال فَإِذا أُرِيد الْمَاضِي الْمُنْقَطع أُتِي بكان أَو المتستقبل أُتِي بيكون (وَقيل) إِنَّمَا يدل على (الْحَال) دون الْمُضِيّ حُكيَ عَن الْمبرد (وَقيل) يدل على (الثَّلَاثَة) الْحَال والماضي والاستقبال ويقيد فِي الْمُضِيّ بكان وَأمسى وَفِي الْحَال بالآن وَفِي الِاسْتِقْبَال بيكون وَنَحْوه من الظروف الْمُسْتَقْبلَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {أسمع بهم وَأبْصر يَوْم يأتوننا} [مَرْيَم: 38] قَالَه ابْن الْحَاج (ويجر مَا يتَعَلَّق بهما إِن كَانَ فَاعِلا معنى بإلى) نَحْو مَا أحب زيدا إِلَى عَمْرو وَمَا أبغضه إِلَى بكر وَالْأَصْل أحب عَمْرو زيدا وَأبْغض بكر زيدا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن فَاعِلا معنى (فَإِن أفهم علما أَو جهلا فبالياء) يجر نَحْو مَا أعرف زيدا بالفقه وَمَا أبْصر عمرا بالنحو وأجهل خَالِدا بالشعر (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يفهم ذَلِك (فَإِن تعدى بِحرف فِيهِ) يجر نَحْو مَا أعز زيدا عَليّ وَمَا أزهده فِي الدُّنْيَا (وَإِلَّا) بِأَن تعدى بِنَفسِهِ (فباللام) يجر نَحْو مَا أضْرب زيدا لعَمْرو (ويقتصر على الْفَاعِل) فِي بَابي كسا وَظن فَيُقَال مَا أكسى زيدا وَمَا أعْطى عمرا وَمَا أَظن خَالِدا بِحَذْف المفعولين (ويستغنى بجر أحد مفعولي الأول) أَي بَاب كسا بِاللَّامِ عَن ذكر الآخر نَحْو مَا أكساه لعَمْرو وَمَا أكساه للثياب وَلَا يفعل ذَلِك فِي بَاب ظن وَإِن جمع بَينهمَا فَالثَّانِي منتصب بمضمر نَحْو مَا أعْطى زيدا لعَمْرو الدَّرَاهِم وَمَا أكساه للْفُقَرَاء الثِّيَاب (خلافًا للكوفية) فِي الْأَمريْنِ أَي قَوْلهم بِجَوَاز ذكرهمَا فِي بَاب كسا على أَن الثَّانِي مَنْصُوب بِفعل التَّعَجُّب وبجواز مثل ذَلِك فِي بَاب ظن إِذا أَمن اللّبْس نَحْو مَا أَظن زيدا لبكر صديقا فَإِن خيف أَدخل اللَّام عَلَيْهِمَا نَحْو مَا أَظن زيدا لأخيك لأَبِيك وَالْأَصْل ظن أَخَاك أَبَاك

بعض صيغ التعجب التي لم تبوب في النحو

قَالَ أَبُو حَيَّان هَذَا تَحْرِير النَّقْل فِي الْمَسْأَلَة وخلط ابْن مَالك فَنقل عَن الْبَصرِيين تساوى الحكم فِي بَاب كسا وَظن وَعَن الْكُوفِيّين نصب الثَّانِي بِفعل التَّعَجُّب بِلَا تَفْصِيل بعض صِيغ التَّعَجُّب الَّتِي لم تبوب فِي النَّحْو مَسْأَلَة (من مفهم التَّعَجُّب) الَّذِي لَا يبوب لَهُ فِي النَّحْو قَوْلهم (سُبْحَانَ الله) وَفِي الحَدِيث: (سُبْحَانَ الله إِن الْمُؤمن لَا ينجس) (لله دره) قَالَ فِي الصِّحَاح أَي عمله وأصل الدّرّ اللَّبن (حَسبك بزيد رجلا) وَيجوز حذف (من) فِي رجل (يَا لَك من ليل) وَيجوز حذف (من) وَالنّصب (إِنَّك من رجل) لعالم وَلَا يجوز حذف (من) مِنْهُ (مَا أَنْت جَارة) بِالنّصب على التَّمْيِيز وَيجوز إِدْخَال (من) (واها لَهُ ناهيا) وَمن ذَلِك لَا إِلَه إِلَّا الله سُبْحَانَ الله من هُوَ أَو رجلا ويله رجلا وَكَفاك بِهِ رجلا وَالْعَظَمَة لله من رب واعجبوا لزيد رجلا أَو من جرل وكاليوم رجلا وكالليلة قمرا وكرما وصلفا وَيَا للْمَاء يَا للدواهي وَيَا حسنه رجلا وَيَا طيبها من لَيْلَة لله لَا يُؤَخر الْأَجَل (و) من ذَلِك (كَيفَ وَمن وَمَا وَأي فِي الِاسْتِفْهَام) نَحْو: {كَيفَ تكفرون بِاللَّه} [الْبَقَرَة: 28] {عَم يتساءلون} [النبأ: 1] {الحاقة مَا الحاقة} [الحاقة: 1، 2] {لأي يَوْم أجلت} [المرسلات: 12]

المصدر

الْمصدر (الْمصدر) أَي هَذَا مَبْحَث إعماله (يعْمل كَفِعْلِهِ) لَازِما ومتعديا إِلَى وَاحِد فَأكْثر أصلا لَا إِلْحَاقًا كَمَا فِي شرح الكافية لِأَنَّهُ أَصله وَلذَا لم يتَقَيَّد عمله بِزَمَان (إِن كَانَ مُفردا مكبرا غير مَحْدُود وَكَذَا) إِن كَانَ (ظَاهرا على الْأَصَح) فَلَا يعْمل مثنى فَلَا يُقَال عجبت من خبربتك زيدا وَلَا مجموعا وَلَا مُصَغرًا كعرفت ضربيك زيدا وَلَا محدودا بِالتَّاءِ كعجبت من ضربتك زيدا وشذ قَوْله: 1455 - (بضرْبة كفيه الملا نَفْسَ راكبِ ... ) وَلَا مضمرا كضربك زيدا حسن وَهُوَ المحسن قَبِيح لِأَن كلا مِمَّا ذكر يزِيل الْمصدر عَن الصّفة الَّتِي هِيَ أصل الْفِعْل خُصُوصا الْإِضْمَار فَإِن ضمير الْمصدر لَيْسَ بمصدر حَقِيقَة كَمَا أَن ضمير الْعلم لَيْسَ بِعلم وَلَا ضمير اسْم الْجِنْس اسْم جنس وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ بِجَوَاز إِعْمَال الْمصدر وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 1456 - (وَمَا الحرْبُ إلاّ مَا عَلِمتم وذُقْتُمُ ... وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ المُرَجَّم) أَي وَمَا الحَدِيث عَنْهَا والبصريون تأولوه على أَن (عَنْهَا) مُتَعَلق بأعنى مُقَدرا (وَثَالِثهَا) يعْمل فِي الْمَجْرُور فَقَط) دون الْمَفْعُول الصَّرِيح قَالَه الْفَارِسِي وَابْن جني قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس قَوْلهمَا إعماله فِي الظّرْف إِذْ لَا فرق بَينهمَا وَقد أجَازه

جمَاعَة (وَجوزهُ قوم فِي الْجمع المكسر) وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك قَالَ لِأَنَّهُ وَإِن زَالَت مَعَه الصِّيغَة الْأَصْلِيَّة فَالْمَعْنى مَعهَا بَاقٍ ومتضاعف بالجمعية لِأَن جمع الشَّيْء بِمَنْزِلَة ذكره متكررا بعطف وَقد سمع (تركته بملاحس الْبَقر أَوْلَادهَا) وَقَالَ الشَّاعِر: 1457 - (مواعيد عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بيَثْربِ ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمُخْتَار الْمَنْع وَتَأْويل مَا ورد من ذَلِك على النصب بمضمر أَي لحست أَوْلَادهَا ووعد أَخَاهُ (وَيقدر بِأَن) المصدرية مُخَفّفَة أَو غَيرهَا (قيل) أَي قَالَ بَعضهم زِيَادَة (أَو مَا المصدرية) وَالْفِعْل ف (أَن) غير المخففة للماضي كَقَوْلِه: 1458 - (أمِنْ بَعْد رَمْي الغانِياتِ فؤَادَهُ ... ) والمستقبل كَقَوْلِه:

1459 - (فَرُمْ بيديْكَ هَل تَسْطِيعُ نَقْلاً ... جبالاً من تهامَةَ راسِيَاتِ) و (مَا) للماضي وَالْحَال كَقَوْلِه: {كَذِكرِكُمءَابَاءَكُم} [الْبَقَرَة: 200] وَقَوله: {تخافونهم كخيفتكم} [الرّوم: 28] والمخففة للثَّلَاثَة كَقَوْلِه: 1460 - (عَلِمْتُ بَسْطك للمعروف خَيْر يَد ... ) وَقَوله: 1461 - (لَو علمنَا إخْلافكم عِدَة السّلم ... ) وَقَوله: 1462 - (لَو عملتْ إيثارَي الَّذِي هَوَتْ ... ) قَالَ ابْن مَالك وتقدر المخففة بعد الْعلم وَغَيرهَا بعد لَوْلَا أَو فعل كَرَاهَة أَو إِرَادَة أَو خوف أَو رَجَاء أَو منع أَو نَحْو ذَلِك

ثمَّ هَذَا التَّقْدِير قَالَ الْجُمْهُور (دَائِما وَقيل) أَي قَالَ ابْن مَالك (غَالِبا) قَالَ وَمن وُقُوعه غير مُقَدّر قَول الْعَرَب (سمع أُذُنِي زيدا يَقُول ذَلِك) وَقَول أَعْرَابِي (اللَّهُمَّ إِن استغفاري إياك مَعَ كَثْرَة ذنُوب للؤم وَإِن تركي الاسْتِغْفَار مَعَ علمي بسعة عفوك لغي) وَقَول الشَّاعِر: 1463 - (ورَأيُ عينيَّ الْفَتى أباكا ... يُعْطِي الجزيل فَعَلَيْك ذاكا) قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذكره مَمْنُوع (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ كَون هَذَا الْمصدر مُقَدرا بِحرف مصدري وَالْفِعْل أَي من أجل ذَلِك (لم يقدم معموله عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ كالموصول ومعموله كالصلة والصلة لَا تتقدم على الْمَوْصُول ويؤول مَا أَوْهَمهُ على إِضْمَار فعل كَقَوْلِه: 1464 - (وَبَعْضُ الحِلْم عِنْد الجهْل ... للذلّة إذْعانُ) (خلافًا لِابْنِ السراج) فِي قَوْله بِجَوَاز تَقْدِيم (الْمَفْعُول عَلَيْهِ) فَأجَاز يُعجبنِي عمرا ضرب زيد (و) من ثمَّ أَيْضا (لَا يفصل من معموله بتابع أَو غَيره) كَمَا لَا يفصل بَين الْمَوْصُول وصلته وَشَمل التَّابِع النَّعْت وَغَيره خلافًا لقَوْل التسهيل وَلَا منعوت قبل تَمَامه فَلَا يُقَال عجبت من ضربك الشَّديد زيدا وَلَا من شربك وأكلك اللَّبن بل يجب تَأْخِيره كَقَوْلِه: 1465 - (إِن وجْدي بك الشّديد أَرَانِي ... ) وَأما قَوْله: 1466 - (أزْمَعْتُ يأسًا مُبيناً من نَوالِكُم ... )

فمؤول على إِضْمَار يئست من نوالكم وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّه على رجعه لقادر يَوْم تبلى السرائر} [الطارق: 8، 9] يقدر يرجعه يَوْم (وَلَا يتَقَدَّر عمله بِزَمَان) بل يعْمل مَاضِيا وَحَالا ومستقبلا كَمَا تقدم (خلافًا لِابْنِ أبي الْعَافِيَة فِي) قَوْله لَا يعْمل فِي (الْمَاضِي) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَعَلَّه لَا يَصح عَنهُ (وَلَا يحذف) الْمصدر (بَاقِيا معموله فِي الْأَصَح) لِأَنَّهُ مَوْصُول والموصول لَا يحذف وَقيل يجوز لدَلِيل لِأَنَّهُ كالمنطوق كَمَا يحذف الْمُضَاف لدَلِيل وَيبقى عمله فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ قبل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {هَل تَسْتطيعُ رَبَّكَ} [الْمَائِدَة: 112] أَي سُؤال رَبك إِذْ لَا يَصح تَعْلِيق الِاسْتِطَاعَة بِغَيْر فعل المستطيع (وإعماله مُضَافا أَكثر) من إعماله منونا استقراء وَعلله ابْن مَالك بِأَن الْإِضَافَة تجْعَل الْمُضَاف إِلَيْهِ كجزء من الْمُضَاف كَمَا يَجْعَل الْإِسْنَاد الْفَاعِل كجزء من الْفِعْل وَيجْعَل الْمُضَاف كالفعل فِي عدم قبُول أل والتنوين فَقَوِيت بهَا مُنَاسبَة الْمصدر للْفِعْل (ثمَّ) إعماله (منونا) أَكثر من إعماله مُعَرفا بأل لِأَن فِيهِ شبها بِالْفِعْلِ الْمُؤَكّد بالنُّون الْخَفِيفَة (وَأنْكرهُ الكوفية) أَي إعماله منونا وَقَالُوا إِن وَقع بعده مَرْفُوع أَو مَنْصُوب فبإضمار فعل يُفَسر الْمصدر من لَفظه كَقَوْلِه تَعَالَى: (أَو إِطعَامٌ فِي يَومٍ ذِي

مَسغَبَةٍ يَتِيماً} [الْبَلَد: 14، 15] التَّقْدِير يطعم ورد بِأَن الأَصْل عَدمه (ثمَّ) يَلِيهِ (إعماله مُعَرفا ب (أل)) كَقَوْلِه: 1467 - (ضَعِيفُ النكاية أعداءَه ... ) وَقَوله:

1468 - (فَلم أنْكُلْ عَن الضّرْب مِسْمَعا ... ) (وَأنْكرهُ كَثِيرُونَ) والبغداديون وَقوم من الْبَصرِيين كالمنون وقدروا لَهُ عَاملا (وَثَالِثهَا أَنه قَبِيح) أَي يجوز إعماله على قبح (وَرَابِعهَا إِن عَاقَبت) (أل) (الضَّمِير عمل) نَحْو إِنَّك وَالضَّرْب خَالِدا لمسيء إِلَيْهِ

(وَإِلَّا) بِأَن لم تعاقبه (فَلَا) يجوز إعماله نَحْو عجبت من الضَّرْب زيدا عمرا وَهُوَ قَول ابْن طَلْحَة وَابْن الطراوة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان وَقَوْلِي مُعَرفا تَصْرِيح بِأَن (أل) فِيهِ للتعريف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نعلم فِي ذَلِك خلافًا إِلَّا مَا ذهب إِلَيْهِ صَاحب (الْكَافِي) من أَنَّهَا زَائِدَة كَمَا فِي الَّذِي وَالَّتِي وَنَحْوهمَا لِأَن التَّعْرِيف فِي هَذِه الْأَشْيَاء بِغَيْر أل فَلَا وَجه إِلَّا ادِّعَاء زيادتها إِذْ لَا يجْتَمع على الِاسْم تعريفان قَالَ وَهُوَ فِي حَالَة التَّنْوِين معرفَة لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا (وَقَالَ الزّجاج) إِعْمَال (الْمنون أقوى) من الْمُضَاف لِأَن مَا شبه بِهِ نكرَة فَكَذَا يَنْبَغِي أَن يكون نكرَة ورد بِأَن إعماله لَيْسَ للشبه بل بالنيابة عَن حرف مصدري وَالْفِعْل والمنوب عَنهُ فِي رُتْبَة الْمُضمر (و) قَالَ (ابْن عُصْفُور) إِعْمَال (الْمُعَرّف) أقوى من إِعْمَال الْمُضَاف فِي الْقيَاس (وَقيل الْمُضَاف والمنون) فِي الإعمال (سَوَاء) قَالَ أَبُو حَيَّان وَترك إِعْمَال الْمُضَاف وَذي أل عِنْدِي هُوَ الْقيَاس لِأَنَّهُ قد دخله خَاصَّة من خَواص الِاسْم فَكَانَ قِيَاسه أَلا يعْمل فَكَذَلِك الْمنون لِأَن الأَصْل فِي الْأَسْمَاء أَلا تعْمل فَإِذا تعلق اسْم باسم فَالْأَصْل الْجَرّ بِالْإِضَافَة (ويضاف للْفَاعِل مُطلقًا) أَي مَذْكُورا مَفْعُوله ومحذوفا كَقَوْلِه: {كَذِكرِكُمءَاباءَكُم} [الْبَقَرَة: 200] وَقَوله: {يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} [الرّوم: 4، 5] (و) يُضَاف (للْمَفْعُول فيحذف) الْفَاعِل كَقَوْلِه: {لاَّ يَسئَمُ الإنسَانُ مِن دُعَاءِ الخَيرِ} [فصلت: 49] أَي دُعَائِهِ الْخَيْر وَبِذَلِك يُفَارق الْفِعْل لِأَن الْمُوجب للْمَنْع فِيهِ تَنْزِيله إِذا كَانَ ضميرا مُتَّصِلا كالجزء مِنْهُ بِدَلِيل تسكين آخِره وللفصل بِهِ بَين الْفِعْل وَإِعْرَابه فِي يفْعَلَانِ وَحذف الْجُزْء من الْكَلِمَة لَا يجوز بِقِيَاس وَحمل عَلَيْهِ الْمُنْفَصِل وَالظَّاهِر والمصدر لَا يتَّصل بِهِ ضمير فَاعل فَلم تكن نِسْبَة فَاعله مِنْهُ نِسْبَة

الْجُزْء من الْكَلِمَة (وَقَالَ الكوفية) لَا يحذف بل (يضمر) فِي الْمصدر كَمَا يضمر فِي الصِّفَات والظرف (و) قَالَ أَبُو الْقَاسِم خلف بن فرتون (ابْن الأبرش ينوى) إِلَى حَيْثُ الْمصدر قَالَ وَلَا يجوز أَن يُقَال إِنَّه مَحْذُوف لِأَن الْفَاعِل لَا يحذف وَلَا يضمر لِأَن الْمصدر لَا يضمر فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة اسْم الْجِنْس (وَيجوز إبقاؤه) أَي الْفَاعِل مَعَ الْإِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول (فِي الْأَصَح) نَحْو قَوْله تَعَالَى: فِي قِرَاءَة يحيى بن الْحَارِث الذمارِي عَن ابْن عَامر: {ذكر رَحْمَة رَبك عَبده زَكَرِيَّا} [مَرْيَم: 2] وَقَوله : (وَحج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا) وَقَول الشَّاعِر:

1469 - (قَرْعُ القواقيز أفواهُ الأباريق ... ) وَقيل لَا يجوز إِلَّا فِي الشّعْر

(و) يُضَاف (لظرف فَيعْمل فِيمَا بعده رفعا ونصبا) كالمنون نَحْو عرفت انْتِظَار يَوْم الْجُمُعَة زيد عمرا قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن منع من ذكر الْفَاعِل والمصدر منون منع هَذِه الْمَسْأَلَة (ويؤول الْمنون بالمبني للْمَفْعُول فيرفع) مَا بعده على النِّيَابَة عَن الْفَاعِل نَحْو عجبت من ضرب زيد وَقَالَ الْأَخْفَش لَا يجوز ذَلِك بل يتَعَيَّن النصب أَو الرّفْع على الفاعلية وَاخْتَارَهُ الشلوبين (وَثَالِثهَا) قَالَ أَبُو حَيَّان يجوز (إِن لزمَه) أَي الْبناء للْمَفْعُول (فعله) أَي فعل ذَلِك الْمصدر نَحْو عجبت من جُنُون بِالْعلمِ زيد بِخِلَاف مَا لَيْسَ كَذَلِك (ويحذف مَعَه) أَي بالمنون (الْفَاعِل وأوجبه الْفراء) فَقَالَ لَا يجوز ذكر الْفَاعِل مَعَ الْمصدر الْمنون أَلْبَتَّة لِأَنَّهُ لم يسمع (فالأقوال الثَّلَاثَة) السَّابِقَة فِيهِ أهوَ مَحْذُوف أم مُضْمر أم منوي تَأتي هُنَا (وَرَابِعهَا) قَالَه السيرافي (لَا يقدر) الْفَاعِل هُنَا (أَلْبَتَّة) بل ينْتَصب الْمَفْعُول بِالْمَصْدَرِ كَمَا ينْتَصب التَّمْيِيز فِي عشْرين درهما من غير تَقْدِير فَاعل ورد بِأَنَّهُ إِن قَالَ إِن الْفَاعِل غير مُرَاد فَبَاطِل بِالضَّرُورَةِ إِذْ لَا بُد للإطعام مثلا فِي قَوْله أَو إطْعَام من مطعم من جِهَة الْمَعْنى وَإِن قَالَ إِنَّه مُرَاد فقد أقرّ بِأَن الْمصدر يَقْتَضِيهِ كَمَا يَقْتَضِي الْفِعْل بِخِلَاف عشْرين درهما فَيلْزمهُ تَقْدِيره وَإِن لم يَصح إضماره مَسْأَلَة (يذكر) بعد الْمصدر (الْبَدَل من فعله معموله) نَحْو ضربا زيدا وسقيا زيدا (وعامله) الناصب لَهُ (الْمصدر) عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور لِأَنَّهُ صَار بَدَلا من الْفِعْل فورث الْعَمَل الَّذِي كَانَ لَهُ وَصَارَ الْفِعْل نسيا منسيا (وَقيل) عَامله الْفِعْل (الْمَحْذُوف) الناصب للمصدر (فَعَلَيهِ) أَي على هَذَا القَوْل (يجوز تَقْدِيمه) أَي الْمَعْمُول على الْمصدر نَحْو زيد ضربا (وَكَذَا) يجوز التَّقْدِيم (على) القَوْل (الأول) أَيْضا (فِي الْأَصَح) لِأَنَّهُ نَاب عَن فعله فَهُوَ أقوى مِنْهُ إِذْ كَانَ غير نَائِب وَلِأَنَّهُ غير مُقَدّر بِحرف مصدري حَتَّى يشبه

الْمَوْصُول فِي الِامْتِنَاع وَقيل لَا يجوز التَّقْدِيم على القَوْل بِأَنَّهُ الْعَامِل قِيَاسا على الْمصدر السَّابِق قَالَ أَبُو حَيَّان والأحوط أَلا يقدم على التَّقْدِيم إِلَّا بِسَمَاع (وَفِي تحمله) أَي هَذَا الْمصدر (الضَّمِير خلف) صحّح ابْن مَالك أَنه يتَحَمَّل كاسم الْفَاعِل وَقَالَ ...

اسم المصدر

اسْم الْمصدر مَسْأَلَة (يعْمل كمصدر اسْمه) أَي اسْم الْمصدر (الميمي لَا الْعلم بِإِجْمَاع) فيهمَا أما الأول فَلِأَنَّهُ مصدر فِي الْحَقِيقَة كَقَوْلِه: 1470 - (أظلوم إِن مُصابكم رَجُلاً ... أهْدى السّلام تحيّة ظُلْم) فمصابكم مصدر بِمَعْنى إصابتكم وَأما الثَّانِي وَهُوَ مَا دلّ على الْمصدر دلَالَة مغنية عَن أل لتضمن الْإِشَارَة إِلَى حَقِيقَته كيسار وبرة وفجار فَلِأَنَّهَا خَالَفت المصادر الْأَصْلِيَّة بِكَوْنِهَا لَا يقْصد بهَا الشياع وَلَا تُضَاف وَلَا تُوصَف وَلَا تقع موقع الْفِعْل وَلَا موقع مَا يُوصل بِهِ وَلَا تقبل أل وَلذَلِك لم تقم مقَامهَا فِي توكيد الْفِعْل وتبيين نَوعه أَو مراته (وَأما) اسْم الْمصدر (الْمَأْخُوذ من حدث لغيره) كالثواب وَالْكَلَام وَالعطَاء أخذت من مواد الْأَحْدَاث وَوضعت لما يُثَاب بِهِ وللجملة من القَوْل وَلما يعْطى (فَمَنعه) أَي إعماله (البصرية) إِلَّا فِي الضَّرُورَة (وَجوزهُ) قِيَاسا (أهل الْكُوفَة وبغداد) إِلْحَاقًا لَهُ بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِه: 1471 - (وَبعد عَطائِك المائَة الرّتاعا ... ) وَقَوله: 1472 - (فَإِن ثوَاب اللهِ كُلَّ مُوحِّدٍ ... )

وَقَوله: 1473 - (فَإِن كَلَامهَا شِفاء لما بيا ... ) (قَالَ الْكسَائي) إِمَام أهل الْكُوفَة إِلَّا ثَلَاثَة أَلْفَاظ (الْخبز والدهن والقوت) فَإِنَّهَا لَا تعْمل فَلَا يُقَال عجبت من خبزك الْخبز وَلَا من دهنك رَأسك وَلَا من قوتك عِيَالك وَأَجَازَ ذَلِك الْفراء وَحكى عَن الْعَرَب مثل أعجبني دهن زيد لحيته قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي أذهب إِلَيْهِ فِي المسموع من هَذَا النَّوْع أَن الْمَنْصُوب فِيهِ بمضمر يفسره مَا قبله وَلَيْسَ باسم الْمصدر وَلَا جرى مجْرى الْمصدر فِي الْعَمَل لَا فِي ضَرُورَة وَلَا فِي غَيرهَا

اسم الفاعل

اسْم الْفَاعِل أَي هَذَا مَبْحَث إعماله وَذكر مَعَه أَمْثِلَة الْمُبَالغَة وَاسم الْمَفْعُول (هُوَ مَا دلّ على حدث وَصَاحبه) فَمَا دلّ جنس وَقَوله على حدث يخرج الجامد وَالصّفة المشبهة وأفعل التَّفْضِيل وَصَاحبه يخرج الْمصدر وَاسم الْمَفْعُول (وَيعْمل عمل فعله مُفردا أَو غَيره) أَي مثنى ومجموعا جمع سَلامَة وَجمع تكسير (وَمنع قوم) عمل (المكسر و) منع (سِيبَوَيْهٍ) والخليل إِعْمَال (الْمثنى وَالْجمع) الصَّحِيح (الْمسند الظَّاهِر) لِأَنَّهُ فِي مَوضِع يفرد فِيهِ الْفِعْل فخالفه فَلَا يُقَال مَرَرْت بِرَجُل ضاربين غلمانه زيدا وَأَجَازَ الْمبرد إعماله لِأَن لحاقه حِينَئِذٍ بِالْفِعْلِ قوي من حَيْثُ لحقه مَا يلْحقهُ (وَقيل) لَا ينصب اسْم الْفَاعِل أصلا بل (الناصب فعل مُقَدّر مِنْهُ) لِأَن الِاسْم لَا يعْمل فِي الِاسْم حَكَاهُ ابْن مَالك فِي التسهيل وَبِه يرد على ابْنه فِي دَعْوَاهُ نفي الْخلاف فِي عمله (وَشرط البصرية) لإعماله (اعْتِمَاده على) أَدَاة (نفي) صَرِيح نَحْو مَا ضَارب زيد عمرا أَو مؤول نَحْو غير مضيع نَفسه عَاقل (أَو) أَدَاة (اسْتِفْهَام) اسْما أَو حرفا ظَاهرا أَو مُقَدرا كَقَوْلِه: 1474 - (أناوٍ رجالُك قتل امْرِئ ... ) (أَو) على (مَوْصُوف) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل ضَارب عمرا وَلَو تَقْديرا هُوَ رَاجع

للاستفهام والموصوف مَعًا كَقَوْلِه: 1475 - (لَيْت شِعْري مُقِيمٌ العُذْر قومِي ... ليَ أم هُمْ فِي الحُبّ لِي عاذِلونا) أَي أمقيم وَقَوله: 1476 - (وَمَا كُل مُؤْتٍ نُصْحَه بلبيبِ ... ) أَي رجل مؤت (أَو مَوْصُول) وَذَلِكَ إِذا وَقع صلَة أل (أَو) على (ذِي خبر) نَحْو هَذَا ضَارب زيدا وَكَانَ زيد ضَارِبًا عمرا وَإِن زيدا ضَارب عمرا وظننت زيدا ضَارِبًا عمرا (أَو) على ذِي (حَال) نَحْو جَاءَ زيد رَاكِبًا فرسه (قيل أَو) على (إِن) نَحْو إِن قَائِما زيد فقائما اسْم إِن وَزيد الْخَبَر وَلم يشْتَرط الْكُوفِيُّونَ وَوَافَقَهُمْ الْأَخْفَش الِاعْتِمَاد على شَيْء من ذَلِك فأجازوا إعماله مُطلقًا نَحْو ضَارب زيدا عندنَا (و) شَرط البصرية (كَونه مكبرا) فَلَا يجوز هَذَا ضويرب زيدا لعدم وُرُوده ولدخول مَا هُوَ من خَواص الِاسْم عَلَيْهِ فَبعد عَن شبه الْمُضَارع بتغيير بنيته الَّتِي هِيَ عُمْدَة الشّبَه وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِلَّا الْفراء وَوَافَقَهُمْ النّحاس يعْمل مُصَغرًا بِنَاء على مَذْهَبهم

أَن الْمُعْتَبر شبه للْفِعْل فِي الْمَعْنى لَا الصُّورَة قَالَ ابْن مَالك فِي التُّحْفَة هُوَ قوي بِدَلِيل إعماله محولا للْمُبَالَغَة اعْتِبَارا بِالْمَعْنَى دون الصُّورَة وقاسه النّحاس على التكسير (وَثَالِثهَا يعْمل) المصغر (الملازم التصغير) الَّذِي لم يلفظ بِهِ مكبرا كَقَوْلِه: 1477 - (فَمَا طَعْمُ رَاح فِي الزّجاج مُدَامة ... تَرقْرقُ فِي الْأَيْدِي كميتٍ عَصيرُها) فِي رِوَايَة جر كميت (أما الْمَاضِي فَالْأَصَحّ يرفع فَقَط) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل قَائِم أَبوهُ أَو ضَارب أَبوهُ أمس وَلَا ينصب لِأَنَّهُ لَا يشبه الْمُضَارع إِلَّا إِذا كَانَ بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وَقَالَ الْكسَائي وَهِشَام وَوَافَقَهُمَا قوم ينصب أَيْضا اعْتِبَارا بالشبه معنى وَإِن زَالَ الشّبَه لفظا وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى: {وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد} [الْكَهْف: 18] وتأوله الْأَولونَ على حِكَايَة الْحَال (وَمنع قوم رَفعه الظَّاهِر وَقوم) رَفعه (الْمُضمر) أَيْضا قَالَه ابْن طَاهِر وَابْن خروف وَهُوَ يرد دَعْوَى ابْن عُصْفُور الِاتِّفَاق على أَنه يرفعهُ ويتحمله (و) قَالَ (قوم يعْمل) النصب (إِن تعدى لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة) نَحْو هَذَا معطي زيدا درهما أمس لِأَنَّهُ قوي شبهه بِالْفِعْلِ هُنَا من حَيْثُ طلبه مَا بعده وَغير صَالح للإضافة إِلَيْهِ لاستثنائه بِالْإِضَافَة إِلَى الأول وَالْأَكْثَرُونَ قَالُوا هُوَ مَنْصُوب بِفعل مُضْمر قَالَ ابْن مَالك وَيَردهُ أَن الأَصْل عَدمه (فَإِن كَانَ) اسْم الْفَاعِل (صلَة أل فالجمهور) أَنه (يعْمل مُطلقًا) مَاضِيا وَحَالا ومستقبلا لِأَن عمله حِينَئِذٍ بالنيابة فنابت (أل) عَن الَّذِي وفروعه وناب اسْم الْفَاعِل عَن الْفَاعِل الْمَاضِي فَقَامَ تَأَوَّلَه بِالْفِعْلِ مَعَ تَأَول أل بِالَّذِي مقَام مَا فَاتَهُ من

الشّبَه اللَّفْظِيّ كَمَا قَامَ لُزُوم التَّأْنِيث بِالْألف وَعدم النظير فِي الْجمع مقَام السَّبَب الثَّانِي فِي منع الصّرْف ومثاله مَاضِيا قَوْله: 1478 - (وَالله لَا يذهب شَيْخِي بَاطِلا ... حَتَّى أُبير مالِكاً وكَاهِلا) (القاتِلينَ الملِكَ الحُلاحِلا ... ) قَالَ الْأَخْفَش: وَلَا يعْمل بِحَال وأل فِيهِ معرفَة كهي فِي الرجل لَا مَوْصُولَة وَالنّصب بعده على التَّشْبِيه بالمفعول بِهِ (وَثَالِثهَا) قَالَه الرماني وَجَمَاعَة يعْمل (مَاضِيا فَقَط) لَا حَالا وَلَا مُسْتَقْبلا ورد بِأَن الْعَمَل حِينَئِذٍ أولى وَمن وُرُوده حَالا قَوْله تَعَالَى: {والحافظين فروجهم والحافظات} [الْأَحْزَاب: 35] وَقَالَ الشَّاعِر: 1479 - (إِذا كُنت مَعْنِّياً بمجد وسُؤدَدٍ ... فَلَا تَكُ إِلَّا المُجِْمَلَ القوْلَ والفِعْلا) (ويضاف لمفعوله) جَوَازًا نَحْو: {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} [الْمَائِدَة: 95] {إِنَّك جَامع النَّاس} [آل عمرَان: 9] {غير محلي الصَّيْد} [الْمَائِدَة: 1] قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ أَن النصب أولى من الْجَرّ وَقَالَ الْكسَائي هما سَوَاء وَيظْهر لي أَن الْجَرّ أولى لِأَن الأَصْل فِي الْأَسْمَاء إِذا تعلق أَحدهمَا بِالْآخرِ الْإِضَافَة وَالْعَمَل إِنَّمَا هُوَ بِجِهَة الشبة للمضارع فالحمل على الأَصْل أولى (وَتجب) الْإِضَافَة (إِن كَانَ مَاضِيا) نَحْو ضَارب زيد أمس إِذْ لَا يجوز النصب كَمَا تقدم (أَو) كَانَ (الْمَفْعُول ضميرا) مُتَّصِلا بِهِ نَحْو زيد مكرمك (وَقيل) وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَهِشَام مَحَله نصب وَزَالَ التَّنْوِين أَو النُّون فِي مكرماك

ومكرموك للطافة الضَّمِير لَا للإضافة قَالَا لِأَن مُوجب النصب المفعولية وَهِي مُحَققَة وَمُوجب الْجَرّ الْإِضَافَة وَلَيْسَت مُحَققَة إِذْ لَا دَلِيل عَلَيْهَا إِلَّا الْحَذف الْمَذْكُور وَلم يتَعَيَّن سَببا لَهُ ورد بِالْقِيَاسِ على الظَّاهِر فَإِنَّهُ لَا يحذف التَّنْوِين فِيهِ إِلَّا للإضافة وَيتَعَيَّن النصب لفقد شَرط الْإِضَافَة بِأَن كَانَ فِي اسْم الْفَاعِل (أل) وخلا مِنْهَا الظَّاهِر والمضاف إِلَيْهِ ومرجع الضَّمِير وَيجوز تَقْدِيم معموله أَي اسْم الْفَاعِل عَلَيْهِ نَحْو هَذَا زيدا ضَارب لَا إِن جر بِغَيْر حرف زَائِد من إِضَافَة أَو حرف فَلَا يُقَال هَذَا زيدا غُلَام قَاتل وَلَا مَرَرْت زيدا بضارب بِخِلَاف مَا جر بِالزَّائِدِ فَيجوز التَّقْدِيم عَلَيْهِ نَحْو لَيْسَ زيد عمرا بضارب قيل أَو جر بِهِ أَي زَائِد أَيْضا فَلَا يقدم كَغَيْرِهِ وَجوزهُ قوم إِن أضيف إِلَيْهِ (حق) أَو (غير) أَو (جد) فأجازوا هَذَا زيدا غير ضَارب وَكَذَا الْآخرَانِ وَقد تقدم ذَلِك فِي مَبْحَث الْإِضَافَة (و) يجوز تَقْدِيم معموله (على متبدئه) الَّذِي هُوَ خير عَنهُ نَحْو زيدا هَذَا ضَارب وَقيل لَا يجوز إِن كَانَ اسْم الْفَاعِل خبر مُبْتَدأ سببي أَي من سَبَب الْمُبْتَدَأ نَحْو زيد أَبوهُ ضَارب عمرا أَو كَانَ الْمَعْمُول لسببه نَحْو زيد ضَارب أَبوهُ عمرا وَأَجَازَ ذَلِك البصريون وَوَافَقَهُمْ الْكسَائي فِي الْأَخِيرَة لَا تَقْدِيم صفته أَي اسْم الْفَاعِل عَلَيْهِ أَي الْمَعْمُول (و) لَا تَقْدِيم معموله عَلَيْهِ وعَلى صفته مَعًا فَلَا يُقَال هَذَا ضَارب عَاقل زيدا وَلَا هَذَا زيدا ضَارب أَي ضَارب خلافًا للكسائي فِي إِجَازَته التَّقْدِيم فِي الصُّورَتَيْنِ وَيجوز وفَاقا تَأْخِير الْوَصْف عَن الْمَعْمُول نَحْو هَذَا ضَارب زيدا عَاقل وَالْفرق أَنه إِذا وصف قبل أَن يَأْخُذ معموله زَالَ شبهه للْفِعْل بِالْوَصْفِ الَّذِي هُوَ من خَواص الْأَسْمَاء بِخِلَاف مَا إِذا تَأَخّر الْوَصْف لِأَن صفته تحصل بعد تَمام عمله وَمن الْوَارِد فِي ذَلِك قَوْله:

1480 - (وتَخْرُجْن من جَعْد ثَراهُ مُنَصّبِ ... )

صيغ المبالغة

3 - صِيغ الْمُبَالغَة مَسْأَلَة (يعْمل بِشَرْطِهِ وفَاقا وَخِلَافًا مَا حول مِنْهُ للْمُبَالَغَة إِلَى فعال ومفعول ومفعال وفعيل وَفعل) قَالَ: 1481 - (أَخا الحرْب لبّاساً إِلَيْهَا جلالَها ( ... وَسمع أما الْعَسَل فَأَنا شراب وَقَالَ: 1482 - (ضَروبٌ بنَصْل السّيفِ سُوقَ ... ) وَسمع إِنَّه لمنحار بوائكها و (إِن الله سميع دُعَاء من دَعَاهُ) وَقَالَ: 1483 - (أَتَانِي أَنهم مزقون عِرْضى ... )

ولدلالتها على الْمُبَالغَة لم تسْتَعْمل إِلَّا حَيْثُ يُمكن الْكَثْرَة فَلَا يُقَال موَات وَلَا قتال زيدا بِخِلَاف قتال النَّاس أما إِذا لم تدل عَلَيْهَا فَلَا تعْمل كَأَن كَانَت للنسب كنجار وَطعم أَو كَانَ بِنَاء الْوَصْف عَلَيْهَا ككريم وَفَرح (وَأنكر الكوفية الْكل) أَي إِعْمَال الْخَمْسَة لِأَنَّهَا زَادَت على معنى الْفِعْل بالمبالغة إِذْ لَا مُبَالغَة فِي أفعالها ولزوال الشّبَه الصُّورِي أَيْضا فَمَا ورد بعْدهَا مَنْصُوبًا فبإضمار فعل يفسره الْمِثَال (و) أنكر (أَكثر الْبَصرِيين الْأَخيرينِ) أَي فعيل وَفعل لقلتهما (و) أنكر (الْجرْمِي فعل دون فعيل) لِأَنَّهُ أقل ورودا حَتَّى إِنَّه لم يسمع إعماله فِي نثر (وَقَالَ أَبُو عَمْرو يعْمل) فعل (بِضعْف) (و) قَالَ (أَبُو حَيَّان لَا يتَعَدَّى فيهمَا السماع) بل يقْتَصر عَلَيْهِ بِخِلَاف الثَّلَاثَة الْأُخَر فيقاس فِيهَا وَقد سقتها فِي الْمَتْن على ترتيبها فِي الْعَمَل فأكثرها فعال ثمَّ فعول ومفعال ثمَّ فعيل ثمَّ فعل وَادّعى ابْن طَلْحَة تفاوتها فِي الْمُبَالغَة أَيْضا ف (فعول) لمن كثر مِنْهُ الْفِعْل و (فعال) لمن صَار لَهُ كالصناعة و (معفال) لمن صَار لَهُ كالآلة و (فعيل) لمن صَار لَهُ كالطبيعة و (فعل) لمن صَار لَهُ كالعادة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يتَعَرَّض لذَلِك المتقدمون

(وأعمل ابْن ولاد وَابْن خروف فعيلا) بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد فأجازوا زيد شريب الْخمر وطبيخ الطَّعَام قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد سمع إِضَافَة شريب إِلَى معموله فِي قَوْله: 1484 - (لَا تَنْفُري يَا ناقُ مِنْهُ فإنّهُ ... شِرِّيبُ خَمْر مِسْعرٌ لحروب) فعلى هَذَا لَا يبعد عمله نصبا وَفهم من مُسَاوَاة الْأَمْثِلَة لاسم الْفَاعِل جَوَاز إعمالها غير مُفْردَة كَقَوْلِه: 1485 - (ثمَّ زادوا أنّهم فِي قَوْمِهم ... غُفُرٌ ذَنْبُهُم غَيْرُ فُخُرْ) وَقَوله: 1486 - (خَوارجَ ترّاكين قَصْدَ المخارج ... ) وَقَوله: 1487 - (شُمٍّ مهَاوينَ أبْدانَ الجُزور مخاميص ... العَشِيّاتِ لاخُور وَلَا قَزَم)

وَذهب ابْن طَاهِر وَابْن خروف إِلَى جَوَاز إعمالها مَاضِيَة وَإِن عريت من أل وَإِن لم يَقُولَا بذلك فِي اسْم الْفَاعِل لما فِيهَا من الْمُبَالغَة وَلم أحتج إِلَى ذكره لِأَنَّهُ رَأْي محكي فِي اسْم الْفَاعِل فَدخل فِي التَّشْبِيه

اسم المفعول

اسْم الْمَفْعُول مَسْأَلَة (كَهُوَ أَيْضا) فِي الْعَمَل والشروط وَالْأَحْكَام وفَاقا وَخِلَافًا (اسْم الْمَفْعُول فيرفع مَرْفُوع فعله) أَي الْمَفْعُول لِأَن فعله لما لم يسم فَاعله قَالَ: 1488 - (وَنحن تَركْنا تَغْلِب ابْنَةَ وَائِل ... كمضرُوبَةٍ رجْلاَهُ مُنْقَطع الظّهْر) (وَتجوز إِضَافَته) أَي اسْم الْمَفْعُول (إِلَيْهِ) أَي إِلَى مرفوعه (دونه) أَي اسْم الْفَاعِل فَإِنَّهُ لَا يجوز فِيهِ ذَلِك نَحْو زيد مَضْرُوب الظّهْر قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَن الْإِضَافَة فِي مثل ذَلِك من نصب لَا من رفع وَأَصله (مَضْرُوب الظّهْر) وَقَالَ شَيْخه الشاطبي لم يذكر هَذَا الحكم غير ابْن مَالك واعتنى بِذكرِهِ فِي سَائِر كتبه وَقَيده فِي الألفية بالقلة وَلم يُقَيِّدهُ بهَا فِي التسهيل وَالْأول أحسن قَالَ ثمَّ إِنَّمَا يجوز بِشَرْطَيْنِ أَن يكون اسْم الْمَفْعُول من مُتَعَدٍّ إِلَى وَاحِد فَلَا يجوز من لَازم وَلَا من مُتَعَدٍّ إِلَى أَكثر وَأَن يقْصد ثُبُوت الْوَصْف ويتناسى فِيهِ الْحُدُوث ثمَّ كَمَا تجوز الْإِضَافَة يجوز النصب على التَّشْبِيه بالمفعول أَو التَّمْيِيز نَحْو هَذَا مَضْرُوب الْأَب أَو أَبَا وَهُوَ أقل من الْإِضَافَة (وَلَا يعْمل) كعمل اسْم الْمَفْعُول (مَا جَاءَ بِمَعْنَاهُ) من فعل وَفعل وفعيل (كذبح وَقبض وقتيل) فَلَا يُقَال مَرَرْت بِرَجُل كحيل عينه وَلَا قَتِيل أَبوهُ (خلافًا لِابْنِ عُصْفُور) حَيْثُ أجَاز ذَلِك قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَاج فِي منع ذَلِك وإجازته إِلَى نقل صَحِيح عَن الْعَرَب

الصفة المشبهة

الصّفة المشبهة مَسْأَلَة (كَهُوَ) أَيْضا (الصّفة المشبهة بِهِ عملا لَكِن) تخَالف فِي أَنَّهَا (لَا تعْمل مضمرة وَلَا فِي أَجْنَبِي) بل فِي سببي (وَلَا فِي سَابق) عَلَيْهَا بل فِي مُتَأَخّر عَنْهَا (وَلَا) فِي (مفصول) بَينهَا وَبَينه بل فِي مُتَّصِل بهَا قَالَ الْخفاف فِي شَرحه لم يفصلوا بَين الصّفة المشبهة ومعمولها فيقولوا كريم فِيهَا حسب الْآبَاء إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَمَا قَالَ: 1489 - (والطِّيبون إِذا مَا يُنْسَبُون أَبَا ... ) (وَلَا مرَادا بهَا غير الْحَال) وَاسم الْفَاعِل يعْمل مضمرا نَحْو أَنا زيدا ضاربه تَقْدِيره أَنا ضَارب زيدا ضاربه كَمَا يعْمل مظْهرا وَفِي أَجْنَبِي كَمَا يعْمل فِي سببي وَفِي مُتَقَدم عَلَيْهِ كَمَا يعْمل فِي مُتَأَخّر عَنهُ وَفِي مفصول كَمَا يعْمل فِي مُتَّصِل ومرادا بِهِ الِاسْتِقْبَال كَمَا يعْمل فِي مُرَاد بِهِ الْحَال وَقَوْلِي (فِي الْأَصَح فيهمَا) رَاجع إِلَى الْأَخيرينِ قَالَ أَبُو حَيَّان ذكر صَاحب الْبَسِيط أَنه يجوز الْفَصْل بَين هَذِه الصّفة وَبَين معمولها إِذا كَانَ مَرْفُوعا أَو مَنْصُوبًا كَقَوْلِه تَعَالَى: {مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب} [ص: 50] قَالَ وَلم يتَعَرَّض ابْن مَالك فِي التسهيل لزمان هَذِه الصّفة وَذكر ذَلِك فِي أرجوزته فَقَالَ: (وصَوْغُها من لَازم لحاضِر ... )

وَفِي الْمَسْأَلَة خلاف ذهب أَكثر النَّحْوِيين إِلَى أَنه لَا يشْتَرط أَن تكون بِمَعْنى الْحَال وَذهب أَبُو بكر بن طَاهِر إِلَى أَنَّهَا تكون للأزمنة الثَّلَاثَة وَأَجَازَ أَن تَقول مَرَرْت بِرَجُل حَاضر الابْن غَدا فَيكون بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل وَذهب السيرافي إِلَى أَنَّهَا أبدا بِمَعْنى الْمَاضِي وَهُوَ ظَاهر كَلَام الْأَخْفَش قَالَ وَالصّفة لَا يجوز تشبيهها إِلَّا إِذا سَاغَ أَن يَبْنِي مِنْهَا قد فعل وَذهب ابْن السراج والفارسي إِلَى أَنَّهَا لَا تكون بِمَعْنى الْمَاضِي وَهُوَ اخْتِيَار الشلوبين قَالَ وساء رفعت أَو نصبت لِأَنَّك إِذا قلت مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه فَحسن الْوَجْه ثَابت فِي الْحَال لَا تُرِيدُ مضيا وَلَا اسْتِقْبَالًا لِأَنَّهَا لما شبهت باسم الْفَاعِل لم تقو قوته فِي عَملهَا فِي الزمانين وَقد جمع بعض أَصْحَابنَا بَين قَول السيرافي وَقَول ابْن السراج بِأَن قَالَ لَا يُرِيد السيرافي بقوله إِنَّهَا للماضي أَن الصّفة انْقَطَعت وَإِنَّمَا يُرِيد أَنَّهَا تثبتت قبل الْإِخْبَار عَنْهَا ودامت إِلَى وَقت الْإِخْبَار وَلَا يُرِيد ابْن السراج أَنَّهَا إِنَّمَا وجدت وَقت الْإِخْبَار فَلَا فرق بَين الْقَوْلَيْنِ على هَذَا وَفِي الْبَسِيط قَالَ بَعضهم الصّفة المشبهة باسم الْفَاعِل تُفَارِقهُ فِي أَنَّهَا لَا تُوجد إِلَّا حَالا وَتقدم أَن ذَلِك لَيْسَ على جِهَة الشَّرْط بل إِن وَضعهَا كَذَلِك لكَونهَا صفة دَالَّة على الثُّبُوت والثبوت من ضَرُورَته الْحَال وَأما على جِهَة الشَّرْط فَتكون حِينَئِذٍ يَصح تَأْوِيلهَا بِالزَّمَانِ وَلَا يشْتَرط إِلَّا الْحَاضِر لِأَنَّهُ الْمُنَاسب انْتهى (ثمَّ هِيَ إِمَّا صَالِحَة للمذكر والمؤنث مُطلقًا) أَي لفظا وَمعنى كحسن وقبيح (أَو لفظا لَا معنى) كحائض وَخصي لَفْظهمَا من حَيْثُ الْوَزْن بفاعل وفعيل صَالح للمذكر والمؤنث وَلَكِن معنى الْحيض مُخْتَصّ بالمؤنث وَمعنى الخصاء مُخْتَصّ بالمذكر (أَو عَكسه) أَي معنى لَا لفظا ككبر الألية فَإِنَّهُ معنى مُشْتَرك فِيهِ لَكِن خص الْمُذكر بِلَفْظ آلى والمؤنث بِلَفْظ عجزاء

(أَو لَا) تصلح لَهما بل تخْتَص بِأَحَدِهِمَا كآدر وأكمر لَفْظهمَا ومعناهما خَاص بالمذكر ورتقاء وعفلاء لَفْظهمَا ومعناهما خَاص بالمؤنث (وتجري الأولى على مثلهَا وضدها) أَي يجْرِي مذكرها على الْمُذكر والمؤنث ومؤنثها على الْمُؤَنَّث والمذكر قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الَّذِي يعبر عَنهُ النحويون بِأَنَّهُ يشبه عُمُوما تَقول مَرَرْت بِرَجُل حسن الْأَب وبرجل حسن الْأُم وبامرأة حَسَنَة الْأُم وبامرأة حَسَنَة الْأَب (دون الْبَاقِي) فَإِنَّهَا إِنَّمَا تجْرِي على مثلهَا فَقَط وَلَا تجْرِي على ضدها (فِي الْأَصَح) تَقول مَرَرْت بِرَجُل خصي الابْن وبامرأة خائص الْبِنْت وبرجل آلى الابْن وبامرأة عجزاء الْبِنْت وبرجل آدر الابْن وبامرأة رتقاء الْبِنْت قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا يعبر عَنهُ النحويون بِأَنَّهُ يشبه خُصُوصا وَأَجَازَ الْكسَائي والأخفش جَرَيَان هَذِه الصّفة على ضدها فِي الْأَقْسَام الثَّلَاثَة فَتَقول بِرَجُل حَائِض بنته وبامرأة خصي ابْنهَا وبرجل عجزاء بنته وبامرأة آلى ابْنهَا وبرجل رتقاء بنته وبامرأة آدر ابْنهَا هَكَذَا حكى ابْن مَالك الْخلاف فِي الثَّلَاثَة ونازعه أَبُو حَيَّان بِأَن بعض المغاربة نقل الِاتِّفَاق على الْمَنْع فِي قسمَيْنِ مِنْهَا وَأَن الْخلاف خَاص بقسم وَاحِد

وَهِي الصّفة الْمُشْتَركَة من جِهَة الْمَعْنى وَاللَّفْظ مُخْتَصّ (وتعمل مَعَ أل) مقترنة بهَا (ودونها رفعا) على أَن يعرب الْمَرْفُوع بهَا (فَاعِلا) بهَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ والبصريون (أَو بَدَلا) من الضَّمِير المستكن فِيهَا قَالَه الْفَارِسِي (ونصبا) على أَنه يعرب (مشبها بالمفعول) بِهِ فِي الْمعرفَة) (أَو تمييزا) فِي النكرَة (وجرا بِالْإِضَافَة وَفِي مراتبها خلاف فِي مُجَرّد ومقرون بأل ومضاف لَهُ) أَي لمقرون بأل (أَو لمُجَرّد أَو لضمير أَو لمضاف لَهُ) أَي للضمير فَتلك سِتَّة وَثَلَاثُونَ حَاصِلَة من ضرب اثْنَيْنِ وَهِي حالتا اقترانها ب (أل) وَعَدَمه فِي ثَلَاثَة وَهِي وُجُوه عَملهَا الرّفْع وَالنّصب والجر تبلغ سِتَّة ثمَّ ضرب السِّتَّة الْمَذْكُورَة فِي أَحْوَال الْمَعْمُول السِّتَّة وَهِي تجريده واقترانه بأل وإضافته للأربعة الْمشَار إِلَيْهَا فتبلغ مَا ذكر وَهَذِه أمثلتها على التَّرْتِيب رَأَيْت الرجل الْحسن وَجه وَالْحسن وَجها وَالْحسن وَجه وَالْحسن الْوَجْه وَالْحسن الْوَجْه وَالْحسن الْوَجْه وَالْحسن وَجه الْأَب وَالْحسن وَجه الْأَب وَالْحسن وجهِ الْأَب وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجه أَبِيه وَالْحسن وَجه أَبِيه وَالْحسن وَجه أَبِيه وَرَأَيْت رجلا حسنا وَجهه وحسنا وَجها وَحسن وَجه وحسنا الْوَجْه وحسنا الْوَجْه وَحسن الْوَجْه وحسنا وَجه الْأَب وَحسن وَجه الْأَب وَحسن وَجه الْأَب وحسنا وَجه أَب وحسنا وَجه أَب وَحسن وَجه أَب وحسنا وَجه وحسنا وَجهه وَحسن وَجهه وحسنا وَجه أَبِيه وحسنا وَجه أَبِيه وَحسن وَجه أَبِيه ... هَذَا سردها وَلَيْسَت

كلهَا بجائزة على مَا تبين (لَكِن تجب الْإِضَافَة) حَال كَونهَا (مُجَرّدَة) من أل (إِلَى ضمير مُتَّصِل بهَا فِي الْأَصَح) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل حسن الْوَجْه جميلَة وَلَا يجوز نصب هَذَا الضَّمِير وَجوزهُ الْفراء فَيُقَال جميل إِيَّاه ورد بِأَنَّهُ لَا يفصل الضَّمِير مَا قدر على اتِّصَاله فَإِن لم تباشره مُتَّصِلَة بِهِ أَو قرنت ب (أل) لم تجب الْإِضَافَة بل يتَعَيَّن النصب بِاتِّفَاق فِي حَالَة الْفَصْل نَحْو قُرَيْش نجباء النَّاس وكرامهموها وعَلى أحد الْقَوْلَيْنِ للنحاة فِي حَالَة الاقتران بأل نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن وَجها الجميلة وَالْقَوْل الثَّانِي أَن الضَّمِير فِي مَوضِع جر فَلَو كَانَت الصّفة غير متصرفة فِي الأَصْل وقرنت ب (أل) نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن الْوَجْه الْأَحْمَر فَالضَّمِير فِي مَوضِع نصب عِنْد سِيبَوَيْهٍ وجر عِنْد الْفراء (وتمتنع) الْإِضَافَة حَال كَون الصّفة (مَعَ أل) إِلَى مَعْمُول (عَار مِنْهَا أَو من إِضَافَة لذيها) أَي لذِي أل (أَو) إِلَى (ضمير ذيها) فَلَا يجوز من الْأَمْثِلَة السَّابِقَة الْحسن وَجه وَالْحسن وَجه أَب وَالْحسن وَجهه وَالْحسن وَجه أَبِيه لما تقرر فِي بَاب الْإِضَافَة من أَنه لَا تجوز الصّفة المقترنة ب (أل) إِلَى الْخَالِي من أل وَمن إِضَافَة لما فِيهِ أل وَمِثَال الْمُضَاف إِلَى ضمير مَا فِيهِ أل رَأَيْت الْكَرِيم الْآبَاء الغامر جودهم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ نَادِر (وتقبح) الْإِضَافَة حَال كَون الصّفة دون أل (إِلَى مُضَاف لضمير) وَهُوَ مِثَال حسنن وَجهه (ومنعها سِيبَوَيْهٍ اخْتِيَارا) وَخص جَوَازهَا بالشعر كَقَوْل الشماخ: 1490 - (أمِنْ دِمْنَتْين عرَّج الركْبُ فيهمَا ... بحَقْل الرُّخامي قد عَفا طَللاهُما) (أَقَامَت على رَبْعيْهما جارَتا صفا ... كميْتا الأعالي جَوْنَتا مُصْطَلاهما)

(و) منعهَا (الْمبرد مُطلقًا) فِي الشّعْر وَغَيره وَتَأَول الْبَيْت الْمَذْكُور على أَنَّهُمَا من قَوْله مصطللاهما عَائِد على الأعالي لِأَنَّهَا مثناة فِي الْمَعْنى قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيّين جَائِز فِي الْكَلَام كُله وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن مثله قد ورد فِي حَدِيث أم زرع: (صفر وشاحها) وَفِي حَدِيث الدَّجَّال (أَعور عينه الْيُمْنَى) وَفِي وصف النَّبِي : (شثن أَصَابِعه) قَالَ وَمَعَ هَذَا فِي جَوَازه ضعف وَوَافَقَهُ أَبُو حَيَّان (وَكَذَا) يقتح (رَفعهَا مُطلقًا) أَي مَعَ أل ومجردة (العاري من الضَّمِير وأل وَالْإِضَافَة

إِلَى أَحدهمَا) وَذَلِكَ مِثَال الْحسن وَجه وَحسن وَجه وَالْحسن وَجه أَب وَحسن وَجه أَب (وَمنع أَكثر البصرية حسن وَجه) وَهُوَ الْمِثَال الثَّانِي من هَذِه الْأَرْبَعَة لخلو الصّفة من ضمير مَذْكُور يعود على الْمَوْصُوف وَاخْتَارَهُ ابْن خروف وَمَا تقدم من جَوَازه بقبح مَذْهَب الْكُوفِيّين وَأَجَازَهُ ابْن مَالك وَمن شواهده قَوْله: 1491 - (بِثَوْب ودينار وشاةٍ وَدِرْهَم ... فَهَل أَنْت مَرْفوْعٌ بِمَا هَاهنا راسُ) وَقَوله: 1492 - (ببُهْمةٍ مُنِيتُ شَهْم قلْبُ ... مُنَجَّذٍ لَا ذِي كَهام يَنْبُو) قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول ابْن هِشَام الخضراوي فِي نَحْو هَذَا لَا يجوز الرّفْع فِي قَول أحد إِذْ لَا ضمير فِي السَّبَب وَلَا مَا يسد مسده لَيْسَ بِصَحِيح إِذْ جَوَازه محكي عَن الْكُوفِيّين وَبَعض الْبَصرِيين (وَيتبع معمولها) أَي الصّفة المشبهة بِجَمِيعِ التوابع وتجري على حسب لَفظه لَا مَوْضِعه وَأَجَازَ الْفراء أَن يتبع الْمَجْرُور على مَوْضِعه من الرّفْع كَمَا جَازَ (مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن الْوَجْه نَفسه) و (هَذَا قوي الْيَد وَالرجل) بِرَفْع (نَفسه) (وَالرجل) مَعَ جر الْمَعْمُول وَقد صرح سِيبَوَيْهٍ بِمَنْع ذَلِك وَأَنه لم يسمع مِنْهُم فِي هَذَا الْبَاب

وَأما أَن يعْطف على معمولها الْمَجْرُور نصبا فنصبوا على أَنه لَا يجوز لَا يُقَال (هَذَا حسن الْوَجْه وَالْبدن) بِخِلَاف اسْم الْفَاعِل (وَقيل) يتبع بِكُل التوابع (إِلَّا بِالصّفةِ) قَالَ أَبُو حَيَّان هَكَذَا قَالَ الزّجاج وَزعم أَنه لم يسمع من كَلَامهم فَلَا يجوز (جَاءَنِي زيد الْحسن الْوَجْه الْجَمِيل) قَالَ وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث فِي صفة الدَّجَّال (أَعور عينه الْيُمْنَى) فاليمين صفة لعَينه وعينه مَعْمُول الصّفة فَيَنْبَغِي أَن ينظر فِي ذَلِك قَالَ وَعلل منع ذَلِك بعض شُيُوخنَا بِأَن مَعْمُول الصّفة محَال أبدا على الأول فَأشبه الْمُضمر لِأَنَّهُ قد علم أَنَّك لَا تَعْنِي من الْوُجُوه إِلَّا وَجه زيد فِي نَحْو مَرَرْت بزيد الْحسن الْوَجْه قَالَ وَحكى لي هَذَا التَّعْلِيل أَيْضا الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس عَن عبد الْمُنعم الإسْكَنْدراني من تلاميذ ابْن بري قَالَ لي وَقد كَانَ ظهر لي مَا يشبه هَذَا وَهِي أَن الصّفة هِيَ فِي الْحَقِيقَة للْوَجْه وَإِن أسندت إِلَى زيد مثلا فقد تبين الْوَجْه بِالصّفةِ فَلَا يحْتَاج إِلَى تَبْيِين قلت لَهُ الصّفة قد تكون لغير التَّبْيِين كالمدح والذم وَغَيرهمَا فَهَلا جَازَ أَن يُوصف بِصِفَات هَذِه الْمعَانِي فَقَالَ أصل الصّفة أَن تَأتي للتبيين ومجيئها لما ذكرت هُوَ بِحَق الْفَرْع وَإِذا امْتنع الأَصْل فأحرى أَن يمْتَنع الْفَرْع وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا امْتنع ذَلِك لِأَنَّهَا ضَعِيفَة فِي الْعَمَل فَلم تقو أَن تعْمل فِي الْمَوْصُوف وَالصّفة مَعًا ويضعف هَذَا بعملها فِي الْمُؤَكّد والتوكيد إِلَّا أَن فرق بَينهمَا بِأَن الْمُؤَكّد والتوكيد كَأَنَّهُمَا شَيْء وَاحِد لِأَن التوكيد لم يدل على معنى زَائِد فِي الْمُؤَكّد

بِخِلَاف الصّفة (وَإِذا كَانَ مَعْنَاهَا) أَي الصّفة المشبهة (لسابقها) أَي للموصوف (رفعت ضَمِيره مُطَابقَة) لَهُ فِي الْإِفْرَاد والتذكير وضدهما نَحْو مَرَرْت بِرَجُل عَاقل وَرجلَيْنِ عاقلين وبامرأة عَاقِلَة (أَو) كَانَ مَعْنَاهَا (لغيره وَلم ترفعه فَكَذَلِك) أَي تطابق الصّفة الْمَوْصُوف قبلهَا نَحْو مَرَرْت برجلَيْن حسنين الغلمان وبامرأة حَسَنَة الْغُلَام وبنساء حسان الغلمان (وَإِلَّا) بِأَن رفعته (فكالفعل) فَلَا يُطَابق إِلَّا على لُغَة أكلوني البراغيث نَحْو مَرَرْت برجلَيْن حسن غلاماهما وبرجال حسن غلمانهم وبامرأة حسن غلامها (وتكسيرها حِينَئِذٍ) أَي حِين رفعت السببي مُسندَة إِلَى جمع (إِن أمكن أولى من الْإِفْرَاد فِي الْأَصَح) سَوَاء كَانَ الْمَوْصُوف جمعا أم مثنى أم مُفردا نَحْو مَرَرْت بِرِجَال حسان غلمانهم وَرجلَيْنِ حسان غلمانهما وبرجل حسان غلمانه هَذَا قَول الْمبرد وَنَصّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي بعض نسخ كِتَابه وَأَجَازَهُ الْجُزُولِيّ وَصَاحب التَّمْهِيد وَبِه جزم ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان وَذهب بعض شُيُوخنَا إِلَى أَن الْإِفْرَاد أحسن من التكسير قَالَ لِأَن الْعلَّة فِي ذَلِك أَنه قد ينزل منزلَة الْفِعْل إِذا رفع الظَّاهِر وَالْفِعْل لَا يثنى وَلَا يجمع فَانْتفى أَن تكون الصّفة مُفْردَة قَالَ نعم التكسير أَجود من جمع السَّلامَة إِذْ لَا تلْحقهُ عَلامَة جمع فَهُوَ كالمفرد لِأَنَّهُ مُعرب بالحركات مثله بِخِلَاف جمع السَّلامَة وَإِلَّا فالفعل لَا يجمع لَا جمع سَلامَة وَلَا جمع تكسير فَكيف يكون أَحدهمَا أحسن من الْإِفْرَاد قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا ذكره هُوَ الْقيَاس لكنه ذهل عَن نقل سِيبَوَيْهٍ فِي ذَلِك ثمَّ ذكر أَبُو حَيَّان بعد سطر أَن هَذَا القَوْل هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَاخْتِيَار الشلوبين وَشَيْخه الأبذي

(وَثَالِثهَا إِن تبِعت جمعا) فالتكسير أولى مشاكلة لما قبله وَلما بعده نَحْو مَرَرْت بِرِجَال حسان غلمانهم وَإِن تبِعت مُفردا فالإفراد أولى من التكسير لِأَنَّهُ تكلّف جمع فِي مَوضِع لَا يحْتَاج إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا رفع فقوته قُوَّة الْفِعْل وَطَرِيق الْجمع فِي الْفِعْل مَكْرُوه فَكَذَا فِي الِاسْم نقل ذَلِك أَبُو حَيَّان عَن بعض من عاصره فَإِن لم يُمكن التكسير فَوَاضِح أَنه لَيْسَ إِلَّا الْإِفْرَاد نَحْو مَرَرْت بِرَجُل شراب آباؤه (وأوجبه) أَي جمع التكسير (الكوفية فِيمَا لم يصحح) أَي لم يجمع جمع تَصْحِيح بِالْوَاو وَالنُّون نَحْو مَرَرْت بِرِجَال عور آباؤهم (وَكَذَا) أوجبوا فِيهِ الْمُطَابقَة فِي (التَّثْنِيَة) نَحْو مَرَرْت برجالين أعورين أبواهما وَمنعُوا الْإِفْرَاد فيهمَا بِخِلَاف مَا جمع الجمعين فجوزوا فِيهِ الْإِفْرَاد والتكسير أحسن نَحْو مَرَرْت بِرَجُل كريم أَعْمَامه وكرام أَعْمَامه ويضيف كريمين أَعْمَامه (وَأجْرِي كعملها) فِي رفع السببي ونصبه وجره (اسْم مفعول الْمُتَعَدِّي لوَاحِد وفَاقا) كَقَوْلِه: 1493 - (فَهَل أَنْت مَرْفوعٌ بِمَا هاهُنا راسُ) وَقَوله: 1494 - (لما بَدَت مَجْلُوَّةً وجَنَاتِها ... ) وَقَوله: 1495 - (تمنّى لِقائي الجَوْنُ مَغْرورَ نَفْسه ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول السُّهيْلي الْأَصَح يدل على خلاف فِي المسالة وَلَا نعلم

أحدا منعهَا فَلذَلِك قلت وفَاقا (و) أجري كَذَلِك أَيْضا (الجامد المضمن معنى الْمُشْتَقّ) نَحْو (وردنا منهلا عسلا مَاؤُهُ وَعسل المَاء) أَي حلوا وَقَالَ الشَّاعِر: 1496 - (لأُبْتَ وأنتَ غِرْبالُ الإهابِ ... ) وَقَالَ آخر: 1497 - (فَراشهُ الحِلْم فرعونُ العذَاب وَإِن ... تَطْلُبْ نداه فكَلْبٌ دونه كَلِبُ) أَي مثقب وطائش ومهلك (وَمنع أَبُو حَيَّان قِيَاسه وَكَذَا اسْم الْفَاعِل) الْمُتَعَدِّي لوَاحِد (إِن أَمن اللّبْس) نَحْو (زيد ظَالِم العبيد خاذلهم رَاحِم الْأَبْنَاء ناصرهم) إِذا كَانَ لَهُ عبيد ظَالِمُونَ خاذلون وَأَبْنَاء راحمون ناصرون كَذَا (هَذَا ضَارب الْأَب زيدا) فِي (هَذَا ضَارب أَبوهُ زيدا) فَإِن لم يُؤمن اللّبْس لم يجز (وَقَالَ ابْن عُصْفُور وَابْن أبي الرّبيع) إِنَّمَا يجوز (إِن حذف الْمَفْعُول اقتصارا) فَإِن لم يحذف أصلا لم يجز وَكَذَا إِن حذف اختصارا لِأَنَّهُ كالمثبت

فَيكون الْوَصْف إِذا ذَاك مُخْتَلف التَّعَدِّي والتشبيه وَهُوَ وَاحِد وَذَلِكَ لَا يحوز وَبَيَانه أَنه من حَيْثُ نصب السببي أَو جَرّه يكون مشبها باسم الْفَاعِل الْمُتَعَدِّي وَمن حَيْثُ نصب الْمَفْعُول بِهِ يكون اسْم فَاعل مُتَعَدِّيا مشبها بالمضارع فاختف جِهَة تَعديَة وجهة تشبيهه من حَيْثُ صَار شَبِيها بِأَصْل فِي الْعَمَل شَبِيها بفرع فِي الْعَمَل فَصَارَ فرعا لأصل وفرعا لفرع وَلَا يكون الشَّيْء الْوَاحِد فرعا لشيئين ثمَّ إِنَّه لما سمع اسْتِعْمَال الْمُتَعَدِّي صفة مشبهة حَيْثُ حذف الْمَفْعُول اقتصارا نَحْو: 1498 - (مَا الرَّاحِمُ القَلْبِ ظلاّماً وَإِن ظُلِمَا ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا تَفْصِيل حسن (و) قَالَ (أَبُو عَليّ) الْفَارِسِي يجوز (مُطلقًا) وَلم يُقيد بأمن اللّبْس قَالَ ابْن مَالك فِي شرح التسهيل وَالصَّحِيح أَن جَوَاز ذَلِك مُتَوَقف على أَمن اللّبْس قَالَ وَيكثر أَمن اللّبْس فِي اسْم فَاعل غير الْمُتَعَدِّي فَلذَلِك سهل فِيهِ الِاسْتِعْمَال الْمَذْكُور وَمِنْه قَول ابْن رَوَاحَة: 1499 - (تباركُت إِنِّي من عَذابك خائفٌ ... وَإِنِّي إِلَيْك تائب النَّفس راجعٌ) وَقَالَ آخر: 1500 - (وَمن يَك منحل العزائم تَابعا ... هَوَاهُ فَإِن الرشد مِنْهُ بعيد) وَمن وُرُوده فِي المصوغ من مُتَعَدٍّ قَوْله:

1501 - (مَا الرّاحم القلبِ ظلاماً وإنْ ظُلِما ... وَلَا الْكَرِيم بمنّاع وَإِن حُرما) انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وإطلاقه يدل على جَوَاز ذَلِك فِي كل مُتَعَدٍّ سَوَاء تعدى لوَاحِد أم لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَلَا خلاف أَنه لَا يجوز فِي الْمُتَعَدِّي لاثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة (وَمنعه الْأَكْثَر مُطلقًا وَتوقف أَبُو حَيَّان) فَقَالَ الْأَحْوَط أَلا يقدم على جَوَاز ذَلِك حَتَّى يكثر فِيهِ السماع فَيُقَال على الْكثير لِأَن الْقَلِيل يقبل الشذوذ مَعَ أَن الْبَيْت السَّابِق يحْتَمل التَّأْوِيل (فَإِن تعدى بالحرف فَلَا) يجوز فِيهِ ذَلِك (فِي الْأَصَح) وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَجوزهُ الْأَخْفَش وَابْن عُصْفُور نَحْو (مَرَرْت بِرَجُل مار الْأَب) يُرِيد بِنصب الْأَب أَو جَرّه واستدلا بقَوْلهمْ (هُوَ حَدِيث عهد بالوجع) فَقَوْلهم (بالوجع) مُتَعَلق ب (حَدِيث) وَهُوَ صفة مشبهه وَالْجُمْهُور تأولوا ذَلِك على أَنه مُتَعَلق ب (عهد) لَا بِالصّفةِ فَإِن جَاءَ من كَلَامهم: مَرَرْت بِرَجُل غَضْبَان الْأَب على زيد عَلقُوا (على زيد) بِفعل مَحْذُوف تدل عَلَيْهِ الصّفة أَي غضب على زيد

أفعل التفضيل

3 - أفعل التَّفْضِيل أَي هَذَا مبحثه (يرفع) أفعل التَّفْضِيل (الضَّمِير غَالِبا وَالظَّاهِر فِي لُغَة) ضَعِيفَة نَحْو: مَرَرْت بِرَجُل أفضل مِنْهُ أَبوهُ أَي أَزِيد عَلَيْهِ فِي الْفضل أَبوهُ حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ وَغَيره (وَالْأَحْسَن حِينَئِذٍ تقدم من) (وَيكثر) رَفعه الظَّاهِر (إِن كَانَ مفضلا على نَفسه باعتبارين وَاقعا بَين ضميرين ثَانِيهمَا لَهُ وَالْآخر للموصوف والوارد) فِي ذَلِك عَن الْعَرَب (كَونه بعد نفي) والمثال الْمَشْهُور لذَلِك قَوْلهم (مَا رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل مِنْهُ فِي عين زيد) وَبِه عرفت الْمَسْأَلَة بِمَسْأَلَة (الْكحل) وأفردت بالتآليف فالكحل فَاعل بِأَحْسَن وَهُوَ مفضل بِاعْتِبَار كَونه فِي عين زيد على نَفسه حَالا فِي عين غَيره وواقع بَين ضميرين ثَانِيهمَا لَهُ وَهُوَ الضَّمِير فِي (مِنْهُ) وَالْأول للموصوف وَهُوَ الضَّمِير فِي عينه وَقد تقدم النَّفْي أول الْجُمْلَة وَمثله الحَدِيث: (مَا من أَيَّام أحب إِلَى الله فِيهَا الْعَمَل مِنْهُ فِي عشر ذِي الْحجَّة) وَقَول الشَّاعِر: 1502 - (مَا علمت امرْءًا أحَبَّ إِلَيْهِ البذْلُ ... مِنْهُ إِلَيْك يَا ابْنَ سِنان)

قَالَ ابْن مَالك وَالسَّبَب فِي رَفعه الظَّاهِر فِي هَذِه الْحَالة تهيؤه بالقرائن الَّتِي قارنته لمعاقبته الْفِعْل إِيَّاه على وَجه لَا يكون بِدُونِهَا أَلا ترى أَنه يحسن فِي الْمِثَال أَن يُقَال بدله مَا رَأَيْت رجلا يحسن فِي عينه الْكحل كحسنه فِي عين زيد وَلَا يخْتل الْمَعْنى بِخِلَاف قَوْلك فِي الْإِثْبَات رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل مِنْهُ فِي عين زيد فَإِن إِيقَاع الْفِعْل فِيهِ موقع أفعل يُغير الْمَعْنى فَكَانَ رفع (أفعل) للظَّاهِر لوُقُوعه موقعا صَالحا للْفِعْل على وَجه لَا يُغير الْمَعْنى بِمَنْزِلَة إِعْمَال اسْم الْفَاعِل الْمَاضِي معنى إِذا وصل بِالْألف وَاللَّام فَإِنَّهُ كَانَ مَمْنُوع الْعَمَل لعدم شبهه بِالْفِعْلِ الَّذِي فِي مَعْنَاهُ فَلَمَّا وَقع صلَة قدر بِفعل وفاعل ليَكُون جملَة فَإِن الْمُفْرد لَا يُوصل بِهِ مَوْصُول فانجبر بِوُقُوعِهِ موقع الْفِعْل مَا كَانَ فائتا من الشّبَه فَأعْطِي الْعَمَل بعد أَن مَنعه (وقاس ابْن مَالك) على النَّفْي (النَّهْي والاستفهام) فَقَالَ لَا بَأْس بِاسْتِعْمَالِهِ بعد نهي أَو اسْتِفْهَام فِيهِ معنى النَّفْي كَقَوْلِك (لَا يكن غَيْرك أحب إِلَيْهِ الْخَيْر مِنْهُ إِلَيْك) و (هَل فِي النَّاس رجل أَحَق بِهِ الْحَمد مِنْهُ بمحسن لَا يمن) وَإِن لم يرد ذَلِك مسموعا (وَمنعه أَبُو حَيَّان) قَائِلا إِذا كَانَ لم يرد هَذَا الِاسْتِعْمَال إِلَّا بعد نفي وَجب اتِّبَاع السماع فِيهِ والاقتصار على مَا قالته الْعَرَب وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ مَا ذكر من الْأَسْمَاء لَا سِيمَا وَرَفعه الظَّاهِر إِنَّمَا جَاءَ فِي لُغَة شَاذَّة فَيَنْبَغِي أَن يقْتَصر فِي ذَلِك

على مورد السماع قَالَ على أَن إلحاقها بِالنَّفْيِ ظَاهر فِي الْقيَاس وَلَكِن الأولى اتِّبَاع السماع (وأعرب الأعلم مثله) أَي هَذَا التَّرْكِيب مَعَه أَي (مَعَه) الْوَجْه الَّذِي تقدم تَقْرِيره (مُبْتَدأ وخبرا) (وَقد يحذف الضَّمِير الأول) إِذا كَانَ مَعْلُوما سمع (مَا رَأَيْت قوما أشبه بعض بِبَعْض من قَوْمك) وَقَالَ ابْن مَالك تَقْدِيره (مَا رَأَيْت قوما أبين فيهم شبه بعض بِبَعْض مِنْهُ فِي قَوْمك) (و) قد يحذف الضَّمِير (الثَّانِي وَتدْخل (من) على الظَّاهِر) نَحْو مَا رَأَيْت رجلا أحسن فِي عينه الْكحل من كحل عين زيد (أَو) على (مَحَله) كَقَوْلِك فِي الْمِثَال الْمَذْكُور من عين زيد بِحَذْف (كحل) الَّذِي هُوَ الْمُضَاف (أَو) على (ذِي مَحَله) كَقَوْلِك فِيهِ من زيد بِحَذْف (كحل) و (عين) وإدخاله على صَاحب الْعين وَمن إِدْخَاله على الْمحل قَوْلهم (مَا رَأَيْت كذبه أَكثر عَلَيْهَا شَاهد من كذبه أَمِير على مِنْبَر) وَالْأَصْل من شُهُود كذبة أَمِير فَحذف شُهُود وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه (وَلَا ينصب) أفعل التَّفْضِيل (مَفْعُولا بِهِ على الْأَصَح) بل يتَعَدَّى إِلَيْهِ بِاللَّامِ إِن كَانَ الْفِعْل يتَعَدَّى إِلَى وَاحِد نَحْو زيد أبذل للمعروف فَإِن كَانَ الْفِعْل يفهم علما أَو جهلا تعدى بِالْبَاء نَحْو زيد أعرف بالنحو وأجهل بالفقه وَإِن كَانَ مَبْنِيا على من فعل الْمَفْعُول تعدى بإلى إِلَى الْفَاعِل معنى نَحْو زيد أحب إِلَى عَمْرو من خَالِد وَأبْغض إِلَى بكر من عبد الله وب (فِي) إِلَى الْمَنْقُول نَحْو زيد أحب فِي عَمْرو من خَالِد وَأبْغض فِي عَمْرو من جَعْفَر قَالَ ابْن مَالك وَإِن كَانَ مُتَعَدٍّ إِلَى اثْنَيْنِ عدي إِلَى أَحدهمَا بِاللَّامِ وأضمر ناصب الثَّانِي نَحْو هُوَ أكسى للْفُقَرَاء الثِّيَاب أَي يكسوهم الثِّيَاب قَالَ أَبُو حَيَّان

وَيَنْبَغِي أَلا يُقَال هَذَا التَّرْكِيب إِلَّا إِن كَانَ مسموعا من لسانهم وَذهب بَعضهم إِلَى أَنه ينصب الْمَفْعُول بِهِ إِن أول بِمَا لَا تَفْضِيل فِيهِ حَكَاهُ ابْن مَالك فِي التسهيل قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الرَّأْي ضَعِيف لِأَنَّهُ وَإِن أول بِمَا لَا تَفْضِيل فِيهِ فَلَا يلْزم مِنْهُ تَعديَة كتعدية وللتراكيب خصوصيات وَفِي شرح الكافية لِابْنِ مَالك أَجمعُوا على أَنه لَا ينصب الْمَفْعُول بِهِ فَإِن ورد مَا يُوهم جَوَاز ذَلِك جعل نَصبه بِفعل مُقَدّر يفسره أفعل كَقَوْلِه تَعَالَى: {الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته} [الْأَنْعَام: 124] فَحَيْثُ هُنَا مفعول بِهِ لَا مفعول فِيهِ وَهِي فِي مَوضِع نصب بِفعل مُقَدّر يدل عَلَيْهِ (أعلم) زَاد فِي شرح التسهيل وَالتَّقْدِير وَالله أعلم يعلم مَكَان جعل رسالاته قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد فرضناه نَحن على أَن تكون (حَيْثُ) بَاقِيَة على بَابهَا من الظَّرْفِيَّة لِأَنَّهَا من الظروف الَّتِي لَا تتصرف (وَلَا) تنصب مَفْعُولا (مُطلقًا وفَاقا) ذكره (وَتلْزَمهُ من وَلَو تَقْديرا إِن جرد) من أل وَالْإِضَافَة نَحْو زيد أفضل من عَمْرو قَالَ تَعَالَى: {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} [الْأَحْزَاب: 6] وَمِثَال تقديرها: {وَأُلُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعْضٍ فيِ كِتَابِ اللهِ} [الْأَنْفَال: 75] {وَالْآخِرَة خير وَأبقى} [الْأَعْلَى: 17] (و) يلْزمه (الْإِفْرَاد والتذكير إِن جرد أَو أضيف لنكرة) سَوَاء كَانَ تَابعا لمذكر أم مؤنث لمفرد أم مثنى أم مَجْمُوع نَحْو زيد أفضل من عَمْرو وَهِنْد أفضل من دعد والزيدان أفضل من عَمْرو والزيدون أفضل من عَمْرو والهندان أفضل من دعد والهندات أفضل من دعد وَنَحْو زيد أفضل رجل وهما أفضل رجلَيْنِ وهم أفضل رجال وَهِي أفضل امْرَأَة وَهن أفضل نسَاء (خلافًا للفراء فِي

الثَّانِي) حَيْثُ أجَاز فِيمَا أضيف لنكرة مدناة من الْمعرفَة فَصله وَاقْتضى حِينَئِذٍ أَن يؤنث ويثنى نَحْو هِنْد فضلى امْرَأَة تقصدنا والهندان فضلتا امْرَأتَيْنِ تزوراننا (و) على الأول يلْزم (مطابقتها هِيَ) أَي النكرَة الْمُضَاف إِلَيْهَا كَمَا تقدم فِي الْأَمْثِلَة (خلافًا لِابْنِ مَالك فِي) النكرَة (المشتقة) حَيْثُ قَالَ يجوز فِيهَا الْإِفْرَاد مَعَ جمعية مَا قبل الْمُضَاف وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا أول كَافِر بِهِ} [الْبَقَرَة: 41] قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس قَوْله جَرَيَان ذَلِك فِيمَا قبله مثنى نَحْو الزيدان أفضل مُؤمن قَالَ وَالْحق تَأْوِيل الْآيَة على حذف مَوْصُوف هُوَ جمع فِي الْمَعْنى أَي أول فريق كَافِر (و) على الْأَقْوَال يلْزم (كَونهَا من جنس الْمسند إِلَيْهِ أفعل) كَمَا تبين (وَجوز) أَبُو بكر (ابْن الْأَنْبَارِي جرها إِن خالفته) فِي الْمَعْنى مَعَ تجويزه نصبها نَحْو أَخُوك أوسع دَار أَو دَارا وأبسط جاه وجاها قَالَ فالجر على إِضَافَة أفعل إِلَى الْمُفَسّر وَالنّصب على إِرَادَة (من) إِذْ لَو ظَهرت لم يكن إِلَّا النصب (والمعرف بأل يُطَابق) فِي الْإِفْرَاد والتذكير وضدهما حتما نَحْو زيد الْأَفْضَل والزيدان الأفضلان الزيدون الأفضلون وَهِنْد الفضلي والهندان الفضليان والهندات الفضليات أَو الْفضل (وَفِي الْمُضَاف لمعْرِفَة الْوَجْهَانِ) الْمُطَابقَة وَعدمهَا وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله : (أَلا أخْبركُم بأحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مجَالِس يَوْم الْقِيَامَة أحاسنكم أَخْلَاقًا) (وَأوجب ابْن السراج الْإِفْرَاد والتذكير) وَمنع من مُطَابقَة مَا قبله قَالَ أَبُو حَيَّان ورد عَلَيْهِ بِالسَّمَاعِ وَالْقِيَاس قَالَ تَعَالَى: {ولتجدنهم أحرص النَّاس على حَيَاة} [الْبَقَرَة 96] وَقَالَ: {جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها} [الْأَنْعَام: 123] فأفرد (أحرص) وَجمع (أكَابِر) وَأما الْقيَاس فشبهه بِذِي الْألف وَاللَّام أقوى من شبهه بالعاري من حَيْثُ اشتراكهما

فِي أَن كلا مِنْهُمَا معرفَة فإجراؤه مجْرَاه فِي الْمُطَابقَة أولى من إجرائه مجْرى العاري فَإِنَّهُ لم يُعْط الِاخْتِصَاص بجريانه مجْرَاه فَلَا أقل من أَن يُشَارك (وعَلى الأول فِي الْأَفْصَح خلف) قَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي الْإِفْرَاد والتذكير أفْصح اسْتغْنَاء بتثنية مَا أضيف إِلَيْهِ وَجمعه وتأنيثه عَن تَثْنِيَة أفعل وَجمعه وتأنيثه قَالَ وَهَذَا القَوْل عَن الْعَرَب وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الجواليقي الْأَفْصَح من الْوَجْهَيْنِ الْمُطَابقَة (وَلَا يجرد) أفعل (من) معنى (التَّفْضِيل حِينَئِذٍ وَيكون بعض الْمُضَاف إِلَيْهِ) كَمَا تقدم (وَقَالَ الكوفية) الْإِضَافَة فِيهِ (على تَقْدِير من فَإِن لم يقْصد بِهِ التَّفْضِيل طابق) وجوبا كالمعرف ب (أل) لتساويهما فِي التَّعْرِيف وَعدم اعْتِبَار معنى من وَلَا يلْزم كَونه بعض مَا أضيف إِلَيْهِ قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية فَلَو قيل يُوسُف أحسن إخْوَته امْتنع عِنْد إِرَادَة معنى الْمُجَرّد وَجَاز عِنْد إِرَادَة معنى الْمُعَرّف ب (أل) لما ذكرت لَك وَلما قرر فِي بَاب الْإِضَافَة من أَن (أيا) بِمَعْنى بعض إِن أضيف إِلَى معرفَة وَمعنى (كل) إِن أضيف إِلَى نكرَة وأفعل التَّفْضِيل مثلهَا فِي ذَلِك وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان إِذا كَانَ أفعل جَارِيا على من أطلق لَهُ التَّفْضِيل فَلَا ينوى مَعَه (من) وَإِذا أول بِمَا لَا تَفْضِيل فِيهِ لَزِمت الْمُطَابقَة فِي الْحَالين وَلَا يلْزم أَن يكون فيهمَا بعض الْمُضَاف إِلَيْهِ مِثَال الأول (يُوسُف أحسن إخْوَته) أَي أحْسنهم أَو الْأَحْسَن من بَينهم فَهَذَا على الإخلاء من معنى (من) وإضافته إِلَى مَا لَيْسَ بَعْضًا مِنْهُ لِأَنَّهُ إخْوَة يُوسُف لَا ينْدَرج فيهم يُوسُف وَمِثَال الثَّانِي زيد أعلم بِالْمَدِينَةِ تُرِيدُ عَالم الْمَدِينَة قَالَ وَهَذَا النَّوْع ذهب إِلَيْهِ الْمُتَأَخّرُونَ وَاسْتَدَلُّوا على وُقُوعه بقوله تَعَالَى: {هُوَ أعلم بكم} [النَّجْم: 32] {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} [الرّوم: 27] قَالُوا التَّقْدِير هُوَ عَالم بكم إِذْ لَا مشارك لَهُ فِي علمه وَهُوَ هَين عَلَيْهِ إِذْ لَا تفَاوت فِي نسب المقدورات إِلَى قدرته

(وَفِي قِيَاس ذَلِك خلف) فَقَالَ الْمبرد هُوَ مقيس مطرد وَقَالَ ابْن مَالك فِي التسهيل الْأَصَح قصره على السماع قَالَ أَبُو حَيَّان لقلَّة مَا ورد من ذَلِك (وَلَا يَخْلُو) أفعل التَّفْضِيل (الْمُجَرّد) من أل وَالْإِضَافَة المقرون ب (من) (من مُشَاركَة الْمفضل) فِي الْمَعْنى (غَالِبا وَلَو تَقْديرا) قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِذا قيل سِيبَوَيْهٍ أنحى من الْكسَائي فالكسائي مشارك لسيبويه فِي النَّحْو وَإِن كَانَ سِيبَوَيْهٍ قد زَاد عَلَيْهِ فِي النَّحْو وَالْمرَاد بقلونا (وَلَو تَقْديرا) مشاركته بِوَجْه مَا كَقَوْلِهِم فِي البغيضين هَذَا أحب إِلَيّ من هَذَا وَفِي الشريرين هَذَا خير من هَذَا وَفِي الصعبين هَذَا أَهْون من هَذَا وَفِي القبيحين هَذَا أحسن من هَذَا وَفِي التَّنْزِيل: {قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} [يُوسُف: 33] وَتَأْويل ذَلِك هَذَا أقل بغضا وَأَقل شرا وأهون صعوبة وَأَقل قبحا وَمن غير الْغَالِب قَوْله الْعَسَل أحلى من الْخلّ والصيف أحر من الشتَاء (وتحذف من والمفضول لقَرِينَة) كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَإِنَّهُ يعلم السِّرّ وأخفى} [طه: 7] (وَيكثر) الْحَذف (لكَون أفعل خَبرا) لمبتدأ أَو نَاسخ نَحْو: {ذالكم أقسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقوَمُ للِشَّهَادةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرتَابُوا} [الْبَقَرَة: 282] {وَالله أعلم بِمَا وضعت} [آل عمرَان: 36] {وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر} [آل عمرَان: 118] {والباقيات الصَّالِحَات خير عِنْد رَبك ثَوابًا وَخير أملا} [الْكَهْف: 46] {تَجِدُوهُ عِنْد الله هُوَ خيرا وَأعظم أجرا} [المزمل: 20] وَقَالَ الشَّاعِر: 1503 - (ولكِنَه كَانُوا على الموْت أصْبَرا ... )

(أَو صفة) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل أفضل (وَمنع الرماني مَعهَا) وَقَالَ لَا يجوز الْحَذف إِلَّا فِي الْخَبَر (وَثَالِثهَا) الْحَذف مَعَ الصّفة (قَبِيح وَجوزهُ البصرية مَعَ) أفعل إِذا كَانَ فِي مَوضِع (فَاعل أَو اسْم إِن) نَحْو جَاءَنِي أفضل وَإِن أكبر وَمنعه الْكُوفِيُّونَ (وَفِي تَقْدِيمهَا) أَي من ومجرورها على أفعل أَقْوَال أَحدهَا الْجَوَاز (ثَانِيهَا) الْمَنْع (ثَالِثهَا) وَهُوَ (الْأَصَح يجب إِن وصلت باستفهام) نَحْو (مِمَّن أَنْت خير) و (من أَي النَّاس زيد أفضل) و (مِمَّن كَانَ زيد أفضل) وَمِمَّنْ طننت زيدا أفضل و (من وَجه من وَجهك أجمل) (وَإِلَّا) بِأَن كَانَت فِي الْخَبَر (منع اخْتِيَارا) وَجَاز فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 1504 - (فَقَالَت لنا أهْلاً وسَهْلاً وزَوَّدَتْ ... جَنى النّحْل أَو مَا زَوَّدَتْ مِنْهُ أطيب)

(وتفصل) من مَعَ مجرورها من أفعل (بمعمول) لَهُ كَقَوْلِه تَعَالَى: {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} [الْأَحْزَاب: 6] (وَقل) الْفَصْل بَينهَا وَبَينه (بِغَيْرِهِ) أَي بِغَيْر الْمَعْمُول كَقَوْلِه: 1505 - (ولَفُوك أطيَبُ لَوْ بَذَلْتِ لَنا ... من مَاء مَوْهَبَةٍ على خَمْر) وَقَوله: 1506 - (لم ألْق أخْبثَ يَا فرزدَقُ مِنْكُم ... لَيْلًا وأخْبَث بالنّهار نهارَا) (ويعدى أفعل كالتعجب) أَي بالحروف الَّتِي يعدى بهَا قَالَ ابْن مَالك فَيُقَال زيد أَرغب فِي الْخَيْر من عَمْرو وَأجْمع لِلْمَالِ من زيد وأرأف بِنَا من غَيره مسالة (خرج عَن الأَصْل آخر) وَهُوَ وصف على (أفعل) (مُطَابق) وَمَا هُوَ لَهُ (مُطلقًا) فِي الْإِفْرَاد والتذكير والتنكير وأضدادها نَحْو مَرَرْت بزيد وَرجل آخر وَرجلَيْنِ آخَرين أَو رجَالًا آخَرين وَكَانَ مُقْتَضى جعله من بَاب أفعل التَّفْضِيل أَن يلازمه فِي التنكير لفظ الْإِفْرَاد والتذكير وَألا يؤنث وَلَا يثنى وَلَا يجمع إِلَّا مُعَرفا كَمَا كَانَ أفعل التَّفْضِيل فَمنع هَذَا الْمُقْتَضى وَكَانَ بذلك معدولا عَمَّا هُوَ بِهِ أولى فَلذَلِك منع من التَّصَرُّف (وَلم تدخله من) لِأَنَّهُ لَا دلَالَة فِيهِ على تَفْضِيل لنَفسِهِ وَلَا بِتَأْوِيل (وَالصَّحِيح) أَنه (يسْتَعْمل فِي غير الآخر)

(أما أول الْوَصْف فكغيره) من سَائِر أفعل التَّفْضِيل فيفرد مُجَردا ومضافا لنكرة ويطابق مُعَرفا ب (أل) ويضاف لمعْرِفَة قَالَ تَعَالَى: {إِن أول بَيت وضع} [آل عمرَان: 96] {وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ} [الْأَعْرَاف: 143] (وَيَقَع بعد عَام مُضَافا) هُوَ (إِلَيْهِ وتابعا) لَهُ (ومنصوبا ظرفا) قَالَ فِي الْبَسِيط تَقول الْعَرَب على مَا قَالَه اللحياني مضى عَام الأول بِمَا فِيهِ وَالْعَام الأول وعام أول بِمَا فِيهِ وعام أول بِمَا فِيهِ وعام أول وعام أول فتضيف الْعَام إِلَى أول فتصرف وَلَا تصرف وترفعه على النَّعْت فتصرف وَلَا تصرف لِأَن أول يكون معرفَة ونكرة وَيكون ظرفا واسما تَقول ابدأ بِهَذَا أول فتبنيه على الضَّم وَالْحَمْد لله أَولا وآخراً يعرب وَتصرف نكرَة وَفعلت ذَلِك عَاما أَولا وعام أول وَأول وَاحْترز بِأول الْوَصْف عَن الِاسْم وَهُوَ الْمُجَرّد عَن الوصفية فَإِنَّهُ مَصْرُوف نَحْو مَا لَهُ أول وَلَا آخر قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي محفوظي أَن مؤنث هَذَا أَوله

أسماء الأفعال

أَسمَاء الْأَفْعَال أَي هَذَا مبحثها هِيَ أَسمَاء قَامَت مقَامهَا أَي مقَام الْأَفْعَال فِي الْعَمَل غير متصرفة لَا تصرف الْأَفْعَال إِذْ لَا تخْتَلف أبنيتها لاخْتِلَاف الزَّمَان وَلَا تصرف الْأَسْمَاء إِذا لَا يسند إِلَيْهَا فَتكون مُبتَدأَة أَو فاعلة وَلَا يخبر عَنْهَا فَتكون مَفْعُولا بهَا أَو مجرورة وَبِهَذَا الْقَيْد خرجت الصِّفَات والمصادر فَإِنَّهَا وَإِن قَامَت مقَام الْأَفْعَال فِي الْعَمَل إِلَّا أَنَّهَا تتصرف تصرف الْأَسْمَاء فَتَقَع مُبتَدأَة وفاعلا ومفعولا وَأما قَول زُهَيْر 1507 - (دُعِيَتْ نَزَال ولُجَّ فِي الدُّعْر ... ) فَمن الْإِسْنَاد اللَّفْظِيّ وَقَوْلِي فِي صدر الْحَد هِيَ أَسمَاء أحسن من قَول (التسهيل) هِيَ أَلْفَاظ إِلَى آخِره لِأَنَّهُ يدْخل فِيهِ إِن وَأَخَوَاتهَا فَإِنَّهَا أَلْفَاظ قَامَت مقَام أَفعَال فَعمِلت غير متصرفة تصرفها وَلَا تصرف الْأَسْمَاء وَهِي حُرُوف لَا أَسمَاء أَفعَال وَلذَا احْتَاجَ إِلَى إخْرَاجهَا فَزَاد فِي الكافية قَوْله (وَلَا فضلَة) وَقَالَ فِي شرحها إِنَّه أخرج الْحُرُوف لِأَن الْحَرْف أبدا فضلَة فِي الْكَلَام وَحكمهَا غَالِبا فِي التَّعَدِّي واللزوم وَغَيرهمَا كإظهار فاعلها وإضماره حكم موافقها معنى ف (رويد) مُتَعَدٍّ لِأَن فعله أمْهل فَيُقَال رويد زيدا وصه لَازم لِأَن فعله اسْكُتْ وفاعل كليهمَا مُضْمر وجوبا كفعليهما ومظهر فِي هَيْهَات

زيد كَمَا تَقول بعد زيد وَاحْترز بغالبا من آمين فَإِنَّهُ بِمَعْنى استجب وَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلم يحفظ لَهَا مفعول وَكَذَا (إيه) بِمَعْنى زِدْنِي لَكِن يُخَالِفهُ فِي أَنَّهَا لَا يبرز مَعهَا ضمير بل يستكن فِيهَا مُطلقًا بِخِلَاف الْفِعْل فَتَقول صه للْوَاحِد والاثنين وَالْجمع وللمذكر والمؤنث بِلَفْظ وَاحِد وَلَا يتَقَدَّم معمولها عَلَيْهَا فَلَا يجوز أَن يُقَال زيدا عيك وَلَا زيدا رويد لِأَنَّهَا فرع فِي الْعَمَل عَن الْفِعْل فضعفت وَلَا تضمر أَي لَا تعْمل مضمرة بِأَن تحذف وَيبقى معمولها فِي الْأَصَح فيهمَا وَجوز الْكسَائي أَن يتَصَرَّف فِيهَا بتقدم معمولها عَلَيْهَا إِجْرَاء لَهَا مجْرى أُصُولهَا وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {كتاب الله عَلَيْكُم} [النِّسَاء: 24] وَقَول الشَّاعِر 1508 - (يَا أيُّها المائحُ دَلْوي دُونَكَا ... )

وَجوز ابْن مَالك إعمالها مضمرة وَخرج عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْت فَجعل (دلوي) مَفْعُولا ب (دُونك) مضمرا لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ وزعمها الكوفية أفعالا لدلالتها على الْحَدث وَالزَّمَان وزعمها ابْن صابر قسما رَابِعا زَائِدا على أَقسَام الْكَلِمَة الثَّلَاثَة سَمَّاهُ الْمُخَالفَة ثمَّ على الأول وَهُوَ قَول جُمْهُور الْبَصرِيين باسميتها اخْتلف فِي مسماها قيل مدلولها لفظ الْفِعْل لَا حدث وَلَا زمَان بل تدل على مَا يدل على الْحَدث وَالزَّمَان وَقَالَ بل تفيدهما قَالَ فِي الْبَسِيط ودلالتها على الزَّمَان بِالْوَضْعِ لَا بالطبع وعَلى هَذَا فَهِيَ اسْم لِمَعْنى الْفِعْل قيل وَهُوَ ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ وَالْجَمَاعَة وَقيل هِيَ أَسمَاء للمصادر ثمَّ دَخلهَا معنى الْفِعْل وَهُوَ معنى الطّلب فِي الْأَمر أَو معنى الْوُقُوع بِالْمُشَاهَدَةِ وَدلَالَة الْحَال فِي غير الْأَمر فَتَبِعَهُ الزَّمَان وَمَا نون مِنْهَا لُزُوما نَحْو واها وإيها وويها أَو جَوَازًا كصه ومه وإيه فَهُوَ نكرَة بِمَعْنى أَنه إِذا وجد دلّ على تنكير الْحَدث الْمَفْهُوم من اسْم الْفِعْل

وَغَيره أَي مَا لم ينون إِمَّا جَوَازًا كَمَا ذكر أَو لُزُوما كآمين وبله معرفَة وَقيل كلهَا معارف لَا نكرَة فِيهَا ثمَّ اخْتلف فِي تَعْرِيفهَا من أَي قبيل هُوَ فَقيل من قبيل تَعْرِيف الْأَشْخَاص بِمَعْنى أَن كل لفظ من هَذِه الْأَسْمَاء وضع لكل لفظ من هَذِه الْأَفْعَال وَقيل هِيَ أَعْلَام أَجنَاس وأكثرها أوَامِر كصه بِمَعْنى اسْكُتْ وَيُقَال صاه ومه وإيها وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى انكفف كَذَا فِي التسهيل خلاف قَول كثيرين أَن (مَه) بِمَعْنى اكفف لِأَن اكفف مُتَعَدٍّ و (مَه) لَا يتَعَدَّى وَهَا بِمَعْنى خُذ وفيهَا لُغَتَانِ الْقصر وَالْمدّ وتستعمل مُجَرّدَة فَيُقَال للْوَاحِد الْمُذكر وَغَيره هَا وهاء ومتلوها بكاف الْخطاب بِحَسب الْمُخَاطب فَيُقَال هاك وهاك وهاكما وهاكم وهاكن ومقتصرا على تصرف الْهمزَة فَيُقَال هَاء وهاؤما وهاؤم وهاءون وَهَذِه أفْصح اللُّغَات فِيهَا وَبهَا ورد الْقُرْآن ورويد وتيد وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى أمْهل وَقد يردان مصدرين معربين نَحْو رويدك وتيدك ورويد زيد وهيت بِفَتْح الْهَاء وَكسرهَا وَضمّهَا وهيه بِفَتْح الْهَاء وَكسرهَا مَعَ تَشْدِيد الْيَاء فيهمَا وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى أسْرع وَقد قرئَ قَوْله تَعَالَى {وَقَالَت هيت لَك} [يُوسُف: 23] بالأوجه الثَّلَاثَة

صفحة فارغة

وإيه بِمَعْنى حدث وآمين بِالْمدِّ وَالْقصر بِمَعْنى استجب وَقد تدل على حدث مَاض كهيهات بِمَعْنى بعد وَقد حكى فِيهَا الصَّنْعَانِيّ سِتا وَثَلَاثِينَ لُغَة هَيْهَات وأيهات وهيهان وأيهان وهيهاه وأيهاه كل وَاحِدَة من هَذِه السِّتَّة مَضْمُومَة الآخر ومفتوحتة ومكسورته وكل وَاحِدَة مِنْهَا منونة وَغير منونة وَحكى غَيره أيهاك وأيها وإيها وهيهاتا بِالْألف وإيهاء بِالْمدِّ فزادت على الْأَرْبَعين وشتان بِمَعْنى افترق وسرعان ووشكان مثلثا أَولهمَا بِمَعْنى سرع وعَلى حدث حَاضر كأوه بِمَعْنى أتوجع وفيهَا لُغَات أشهرها فتح الْوَاو الْمُشَدّدَة وَسُكُون الْهَاء وَمِنْهَا كسر الْهَاء وَكسر الْوَاو فيهمَا وأوه بِسُكُون الْوَاو وَكسر الْهَاء وأف بِمَعْنى أتضجر وفيهَا نَحْو أَرْبَعِينَ لُغَة وإخ وكخ بِكَسْر الْهمزَة وَالْكَاف وَتَشْديد الْخَاء سَاكِنة ومكسورة بِمَعْنى أتكره وواها ووى بِمَعْنى أعجب وَقد تضمن نفيا كَقَوْلِهِم همهام بِمَعْنى فني وَلَو بِلَا النافية كَقَوْلِهِم لَا لعا لَهُ لَا إِقَالَة ونهيا كَقَوْلِهِم وَرَاءَك بِمَعْنى تَأَخّر لِأَنَّهُ بِمَعْنى لَا تتقدم واستفهاما كَقَوْلِهِم مَهيم أَي أحدث لَك شَيْء وَقيل مَعْنَاهُ مَا وَرَاءَك وتعجبا كَقَوْلِهِم بطآن هَذَا الْأَمر بِمَعْنى بطؤ وَفِيه معنى التَّعَجُّب وَقَوله 1509 - (وَا، بِأبي أنْتِ وفُوكِ الأشنَبُ ... كأنّما ذُرَّ عَليه الزَّرْنَبُ)

وَغَيرهَا كالاستعظام فِي قَوْلهم بخ بخ والتندم فِي قَوْله 1510 - (سالتاني الطّلاقَ أنْ رأتَانِي ... قلَّ مَالِي قد جئْتُمانِي بنُكْر) (وَيْ كَأنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَب يُحْبَبْ ... وَمن يَفْتَقِر يعشْ عَيْش ضُرِّ) وَمِنْهَا مَا أَصله ظرف أَو جَار مجرور قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَهَذَا النَّوْع لَا يسْتَعْمل إِلَّا مُتَّصِلا بضمير مُخَاطب كمكانك بِمَعْنى اثْبتْ وعندك ولديك ودونك الثَّلَاثَة بِمَعْنى خُذ ووراءك بِمَعْنى تَأَخّر وأمامك بِمَعْنى تقدم وَإِلَيْك بِمَعْنى تَنَح وَعَلَيْك بِمَعْنى الزم وَلَا تقاس هَذِه فِي الْأَصَح بل يقْتَصر فِيهَا على السماع

وَأَجَازَ الْكسَائي أَن يُوقع كل ظرف ومجرور موقع فعل قِيَاسا على مَا سمع ورد بِأَن ذَلِك إِخْرَاج لفظ عَن أَصله وَقيل إِن الْكسَائي يشرط كَونه على أَكثر من حرفين بِخِلَاف نَحْو بك وَلَك وَمحل الضَّمِير الْمُتَّصِل بِهَذِهِ الْكَلِمَات فِيهِ أَقْوَال أَحدهَا رفع وَعَلِيهِ الْفراء ثَانِيهَا نصب وَعَلِيهِ الْكسَائي ثَالِثهَا وَهُوَ الْأَصَح وَمذهب الْبَصرِيين جر لِأَن الْأَخْفَش روى عَن عرب فصحاء (عَليّ عبد الله زيدا) بجر عبد الله فَتبين بذلك أَن الضَّمِير مجرور الْموضع لَا مرفوعه وَلَا منصوبه قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَمَعَ ذَلِك فَمَعَ كل وَاحِد من هَذِه الْأَسْمَاء ضمير مستتر مَرْفُوع الْموضع بِمُقْتَضى الفاعلية فلك أَن تَقول فِي التوكيد عَلَيْكُم كلكُمْ زيدا بِالْجَرِّ توكيدا للموجود الْمَجْرُور وبالرفع توكيدا للمستكن الْمَرْفُوع وَقَالَ ابْن بابشاذ الْكَاف الْمُتَّصِلَة بِهَذِهِ الظروف حرف خطاب لَا ضمير فَلَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب وَمِنْهَا مَا هُوَ مركب مزجا كحيهل اسْم مركب من حَيّ بِمَعْنى أقبل وهلا بِمَعْنى قر وَتقدم فَلَمَّا ركب حذف ألفها وَكثر اسْتِعْمَالهَا لاستحثاث الْعَاقِل تَغْلِيبًا ل (حَيّ) وَقد يستحث بهَا غَيره تَغْلِيبًا ل (هلا) وتستعمل بِمَعْنى قدم نَحْو حيهل الثَّرِيد وَبِمَعْنى عجل مُتَعَدٍّ بِالْبَاء نَحْو حيهل بِكَذَا وب (إِلَى) نَحْو حيهل إِلَى كَذَا وَبِمَعْنى أقبل فيتعدى ب (على) نَحْو حيهل على كَذَا وفيهَا لُغَات وهلم الحجازية نقل بَعضهم الْإِجْمَاع على تركيبها وَفِي كيفيته خلاف قَالَ البصريون مركبة من (هاه) التَّنْبِيه وَمن (لم) الَّتِي هِيَ فعل أَمر من قَوْلهم لم الله شعته أَي جمعه كَأَنَّهُ مثل اجْمَعْ نَفسك إِلَيْنَا فَحذف ألفها تَخْفِيفًا

ونظرا إِلَى أَن أصل لَام لم السّكُون وَقَالَ الْخَلِيل ركبا قبل الْإِدْغَام فحذفت الْهمزَة للدرج إِذْ كَانَت همزَة وصل وحذفت الْألف لالتقاء الساكنين ثمَّ نقلت حَرَكَة الْمِيم الأولى إِلَى اللَّام وأدغمت وَقَالَ الْفراء مركبة من (هَل) الَّتِي للزجر و (أم) بِمَعْنى اقصد خففت الْهمزَة بإلقاء حركتها على السَّاكِن قبلهَا وصرفت فَصَارَ هَلُمَّ قَالَ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَقَول الْبَصرِيين أقرب إِلَى الصَّوَاب قَالَ فِي الْبَسِيط وَيدل على صِحَّته أَنهم نطقوا بِهِ فَقَالُوا هالم وَيَأْتِي هَلُمَّ بِمَعْنى أحضر فيتعدى وَمِنْه {هَلُمَّ شهداءكم} [الْأَنْعَام: 150] أَي أحضروهم وهلم الثَّرِيد أَي أحضرهُ وَبِمَعْنى أقبل فيتعدى بإلى نَحْو {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الْأَحْزَاب: 18] وَقد تعدى بِاللَّامِ نَحْو هَلُمَّ للثريد هَذِه لُغَة الْحجاز من جعلهَا اسْم فعل وَأما بَنو تَمِيم فَهِيَ عندههم فعل تتصل بهَا الضمائر فيقولن هَلُمِّي وهلما وهلموا وهلممن أما قَول النَّاس هَلُمَّ جرا فتوقف الشَّيْخ جمال الدّين بن هِشَام فِي عربيته قَالَ فِي رِسَالَة لَهُ

أسماء الأصوات

أَسمَاء الْأَصْوَات مَسْأَلَة أَسمَاء الْأَصْوَات مَا وضع لزجر لما لَا يعقل كهلا بِوَزْن أَلا لزجر الْخَيل عَن البطء أَو دُعَاء لما لَا يعقل كأو بِلَفْظ (أَو) العاطفة لدعاء الْفرس أَو حِكَايَة صَوت لحيوان أَو اصطكاك أجرام كغاق بغين مُعْجمَة وَكسر الْقَاف لحكاية صَوت الْغُرَاب وطاق بطاء مُهْملَة وَكسر الْقَاف لحكاية صَوت الضَّرْب وَفِيه أَي فِي هَذَا النَّوْع أَيْضا كَمَا فِي أَسمَاء الْأَفْعَال الْمركب المزجي كخاق بَاقٍ بإعجام وَكسر الْخَاء القافين لحكاية صَوت الْجِمَاع وقاش ماش بِكَسْر الشينين المعجمتين لحكاية صَوت القماش قَالَ ابْن قَاسم وَحصر أَسمَاء الْأَصْوَات وضبطها من علم اللُّغَة وحظ النَّحْوِيّ أَن يتَكَلَّم على بنائها وَقد تقدم فِي بَاب المعرب والمبني أَنَّهَا كلهَا مَبْنِيَّة لشبهها بالحروف الْمُهْملَة فِي أَنَّهَا لَا عاملة وَلَا معمولة وشذ إِعْرَاب بَعْضهَا لوُقُوعه موقع مُتَمَكن كَقَوْلِه 1511 - (إِذا لِمّتي مِثْلُ جَنَاح غاق ... ) أعرب (غاق) لوُقُوعه موقع غراب

وتنكيرها بِالتَّنْوِينِ كَمَا فِي أَسمَاء الْأَفْعَال وأصل بنائها على السّكُون كقب وسع وَحج ووح وَحل وَمَا سكن وَسطه من ثلاثي كسر على أصل التقاء الساكنين كغاق وطاق وهاب وهاج وعاج وجاه وحوب وعوه وقوس وهيج وعيط وطيخ وَعبر بمض بِالْمِيم وَالضَّاد الْمُعْجَمَة عَن صَوت يخرج من بَين الشفتين مغن عَن لَا مَبْنِيّ لسد مسد الصَّوْت وَكَانَ من حَقه الْإِعْرَاب وَمن بنائِهِ قَول الراجز 1512 - (سألْتُ هَلْ وصْلٌ فَقَالَت مِضَّ ... وحرّكت لي رأسهَا بالنّغْص)

الظرف والمجرور

الظّرْف وَالْمَجْرُور أَي هَذَا مبحثهما إِذا اعْتمد كالوصف على نفي أَو اسْتِفْهَام أَو مَوْصُوف أَو مَوْصُول أَو صَاحب خبر أَو حَال رفعا مَا بعدهمَا فَاعِلا نَحْو مَا فِي الدَّار أحد وأفي الدَّار زيد ومررت بِرَجُل مَعَه صقر وَجَاء الَّذِي فِي الدَّار أَبوهُ وَزيد عنْدك أَخُوهُ ومررت بزيد عَلَيْهِ جُبَّة ثمَّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ بِوُجُوبِهِ لِأَن الأَصْل عدم التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَقَالَ قوم هُوَ رَاجِح وَيجوز مَعَ ذَلِك كَونه مُبْتَدأ مُؤَخرا والظرف خبر مقدم وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَقَالَ قوم الرَّاجِح فِيهِ الابتدائية وَيجوز كَونه فَاعِلا وأوجبها أَي الابتدائية السُّهيْلي فَهَذِهِ أَرْبَعَة مَذَاهِب وَاخْتلفُوا على الأول هَل الْعَامِل للرفع على الفاعلية الْفِعْل الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ متعلقهما الْمُقدر باستقر أَو الْعَامِل هما نِيَابَة عَنهُ لقربهما مِنْهُ باعتمادهما على قَوْلَيْنِ قَالَ فِي المغنى وَالْمُخْتَار الثَّانِي بِدَلِيل امْتنَاع تَقْدِيم الْحَال فِي نَحْو زيد فِي الدَّار جَالِسا وَلَو كَانَ الْعَامِل الْفِعْل لم يمْتَنع وَاخْتَارَ ابْن مَالك الأول لِأَن الأَصْل فِي الْعَمَل الْفِعْل ولتعادل المرجحين فِي الْإِمَامَة أرْسلت الْخلاف من غير تَرْجِيح فَإِن لم يعتمدا على شَيْء مِمَّا ذكر نَحْو فِي الدَّار أَو عنْدك زيد فالابتدائية وَاجِبَة خلافًا للأخفش والكوفية فِي إجازتهم الْوَجْهَيْنِ لِأَن الِاعْتِمَاد عِنْدهم لَيْسَ بِشَرْط يجب تعليقهما أَي الظّرْف وَالْمَجْرُور حَيْثُ وَقعا بِفعل أَو شبهه وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله تَعَالَى {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم} [الْفَاتِحَة: 7] أَو مَا فِيهِ رَائِحَته كَقَوْلِه

1513 - (أَنا أَبُو المِنهال بَعْضَ الأحيانْ ... ) وَقَوله 1514 - (أَنا ابنُ ماويّة إِذْ جَدَّ النقرْ ... ) فَيتَعَلَّق (بعض) و (إِذْ) بالاسمين العلمين لما فيهمَا من معنى قَوْلك الشجاع أَو الْجواد وَتقول فلَان حَاتِم فِي قومه فَتعلق الظّرْف لما فِي حَاتِم فِي معنى الْجُود وَلَو مُقَدرا كَقَوْلِه تَعَالَى {وَإِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا} [الْأَعْرَاف: 73] فَإِنَّهُ مُتَعَلق ب (أرسلنَا) مُقَدرا وَلم يتَقَدَّم ذكر الْإِرْسَال وَلَكِن ذكر النَّبِي والمرسل إِلَيْهِم يدل عَلَيْهِ وَفِي أحرف الْمعَانِي هَل يتعلقان بهَا أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ الْمَشْهُور الْمَنْع مُطلقًا ثَانِيهَا الْجَوَاز مُطلقًا ثَالِثهَا يتَعَلَّق بِهِ إِن نَاب عَن فعل حذف وَيكون ذَلِك على سَبِيل النِّيَابَة لَا الْأَصَالَة وَإِن لم يكن كَذَلِك فَلَا وَعَلِيهِ الْفَارِسِي وَابْن جني قَالَا فِي نَحْو يَا لزيد إِن اللَّام مُتَعَلقَة ب (يَا) وَقَالَ المجوزون مُطلقًا فِي قَول كَعْب

1515 - (وَمَا سعادُ غداةَ البَيْن إِذْ رَحلوا ... إلاّ أغَنُّ غَضِيضُ الطّرف مكحولُ) غَدَاة الْبَين ظرف للنَّفْي أَي انْتَفَى كَونهَا فِي هَذَا الْوَقْت إِلَّا كأغن وَلَا يتَعَلَّق من حُرُوف الْجَرّ زَائِد كالباء و (من) فِي {وَكفى بِاللَّه شَهِيدا} [الْفَتْح: 28] {هَل من خَالق غير الله} [فاطر: 3] وَذَلِكَ لِأَن معنى التَّعَلُّق الارتباط الْمَعْنَوِيّ وَالْأَصْل أَن أفعالا قصرت عَن الْوُصُول إِلَى الْأَسْمَاء فأعينت على ذَلِك بحروف الْجَرّ وَالزَّائِد إِنَّمَا دخل فِي الْكَلَام تَقْوِيَة وتوكيدا وَلم يدْخل للربط إِلَّا اللَّام المقوية فَإِنَّهَا تتَعَلَّق بِالْعَمَلِ المقوي نَحْو {مُصدقا لما مَعَهم} 6 [الْبَقَرَة: 91] {فعال لما يُرِيد} [هود: 107] {إِن كُنتُم لِلرُّءيَا تَعبُرُون} [يُوسُف: 43] لِأَن التَّحْقِيق أَنَّهَا لَيست بزائدة مَحْضَة لما تخيل فِي الْعَامِل من الضعْف الَّذِي نزل منزلَة الْقَاصِر وَلَا معدية مَحْضَة لاطراد صِحَة إِسْقَاطهَا فلهَا منزلَة بَين منزلتين وَقَول الحوفي فِي إعرابه إِن الْبَاء فِي {أَلَيسَ اللهُ بِأَحكَمِ الحَاكِمِينَ} [التِّين: 8] مُتَعَلق وهم أَي غلط نَشأ عَن ذُهُول وَلَا تتَعَلَّق لَعَلَّ الجارة فِي لُغَة عقيل لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَة الْحَرْف الزَّائِد أَلا ترى أَن مجرورها فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ بِدَلِيل ارْتِفَاع مَا بعْدهَا على الخبرية فِي قَوْله 1516 - (لعلّ أبي المغَوار مِنكَ قَريبُ ... ) وَلَا لَوْلَا إِذا جرت الضَّمِير لِأَنَّهَا أَيْضا بِمَنْزِلَة لَعَلَّ فِي أَن مَا بعْدهَا مَرْفُوع الْمحل بِالِابْتِدَاءِ

وَلَا حُرُوف الِاسْتِثْنَاء خلا وَعدا وحاشا إِذا خفضن لِأَنَّهُنَّ لتنحية الْفِعْل عَمَّا دخلن عَلَيْهِ كَمَا أَن إِلَّا كَذَلِك وَذَلِكَ عكس معنى التَّعْدِيَة الَّتِي هِيَ إِيصَال معنى الْفِعْل إِلَى الِاسْم قَالَ الْأَخْفَش وَابْن عُصْفُور وَلَا الْكَاف الَّتِي للتشبيه قَالَا إِنَّه إِذا قيل زيد كعمرو فَإِن كَانَ الْمُعَلق اسْتَقر فالكاف لَا تدل عَلَيْهِ بِخِلَاف (فِي) من نَحْو زيد فِي الدَّار وَإِن كَانَ فعلا مناسبا للكاف وَهُوَ (أشبه) فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ لَا بالحرف قَالَ فِي الْمُغنِي وَالْحق أَن جَمِيع الْحُرُوف الجارة الْوَاقِعَة فِي مَوضِع الْخَبَر وَنَحْوه تدل على الِاسْتِقْرَار وَيجب حذفه أَي مَا يتعلقان بِهِ إِذا وَقعا صلَة نَحْو {وَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمن عِنْده لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [الْأَنْبِيَاء: 19] أَو صفة نَحْو {أَو كصيب من السَّمَاء} [الْبَقَرَة: 19] أَو خَبرا نَحْو زيد عنْدك أَو فِي الدَّار أَو حَالا نَحْو {فَخرج على قومه فِي زينته} [الْقَصَص: 79] أَو مثلا كَقَوْلِهِم للمعرس بالرفاء والبنين أَي أعرست وَجوز ابْن جني إِظْهَار الْمُتَعَلّق فِي الْخَبَر وَاسْتدلَّ بقوله 1517 - (فأنتَ لَدَى يَحْبُوحَةِ الهُون كائِنُ ... ) وَجوزهُ ابْن يعِيش إِن لم يحذف وينقل إِلَيْهِ ضَمِيره نَحْو زيد مُسْتَقر عَنْك فَإِن حذف وَنقل ضَمِيره إِلَى الظّرْف لم يجز إِظْهَاره لِأَنَّهُ قد صَار أصلا مرفوضا وَأنكر الكوفية وَابْن طَاهِر وَابْن خروف التَّقْدِير للمتعلق فِيهِ أَي فِي الْخَبَر ثمَّ عِنْدهم أَي الكوفية ينصبه أَمر معنوي وَهُوَ الْخلاف أَي كَونهمَا مخالفين للمبتدأ

وَعِنْدَهُمَا ينصبه الْمُبْتَدَأ وزعما أَنه يرفع الْخَبَر إِذا كَانَ عينه نَحْو زيد أَخُوك وينصبه إِذا كَانَ غَيره وَيقدر الْكَوْن الْمُطلق نَحْو زيد فِي الدَّار فَيقدر كَائِن أَو مُسْتَقر ومضارعها إِن أُرِيد الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال نَحْو الصَّوْم الْيَوْم أَو غَدا أَو كَانَ أَو اسْتَقر أَو وصفهما إِن أُرِيد الْمَعْنى نبه عَلَيْهِ ابْن هِشَام وَقَالَ إِنَّهُم أغفلوه إِلَّا لدَلِيل فَيقدر الْكَوْن الْخَاص {الْحر بِالْحرِّ} [الْبَقَرَة: 178] الْآيَة فَيقدر فِيهَا (يقتل) وَيقدر مقدما كسائل العوامل من معمولاتها إِلَّا لمَانع كَمَا فِي نَحْو إِن فِي الدَّار زيدا فَيقدر مُؤَخرا حتما لِأَن إِن لَا يَليهَا مرفوعها ويرجح ذَلِك فِي نَحْو فِي الدَّار زيد لِأَن الأَصْل تَأْخِير الْخَبَر وَالْمُخْتَار وفَاقا لأهل الْبَيَان تَقْدِيره فِي الْبَسْمَلَة فعلا مُؤَخرا مناسبا لما جعلت هِيَ مبدأ لَهُ فَيقدر فِي أول الْقِرَاءَة بِسم الله أَقرَأ وَفِي الْأكل باسم الله آكل وَفِي السّفر باسم الله أرتحل وَعَلِيهِ قَوْله فِي ذكر النّوم (بِاسْمِك رَبِّي وضعت جَنْبي وباسمك أرفعه) وَذهب البصريون إِلَى أَنه يقدر فِيهَا فِي كل مَوضِع ابْتِدَاء كَائِن باسم الله فَيكون خبر الْمُبْتَدَأ (إِمَّا) مُقَدّر وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه يقدر أبتدئ باسم الله

التنازع في العمل

التَّنَازُع فِي الْعَمَل أَي هَذَا مبحثه إِذا تعلق عاملان فَأكْثر كثلاثة وَأَرْبَعَة من الْفِعْل وَشبهه كالوصف وَاسم الْفِعْل اتَّحد النَّوْع أَو اخْتلف بِخِلَاف الْحُرُوف كَإِن وَأَخَوَاتهَا باسم بِأَن طلبا فِيهِ رفعا أَو نصبا أَو جرا بِحرف أَو أَحدهمَا رفعا وَالْآخر خِلَافه عمل فِيهِ أَحدهمَا السَّابِق أَو الثَّانِي بِاتِّفَاق الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ الْفراء كِلَاهُمَا يعملان فِيهِ إِن اتفقَا فِي الْإِعْرَاب الْمَطْلُوب نَحْو قَامَ وَقعد زيد فَجعله مَرْفُوعا بالفعلين كَمَا يسند للمبتدأ خبر إِن وكما يرفع (منطلقان) فِي زيد وَعَمْرو منطلقان بالمعطوف والمعطوف عَلَيْهِ مَعًا لِأَنَّهُمَا يقتضيانه وَالْجُمْهُور منعُوا ذَلِك حذرا من اجْتِمَاع مؤثرين على أثر وَاحِد وَذَلِكَ مَفْقُود فِي الْخَبَرَيْنِ عَن مُبْتَدأ كَمَا هُوَ وَاضح فِي مَسْأَلَة زيد وَعَمْرو منطلقان لِأَن الِاثْنَيْنِ فيهمَا كل وَاحِد مِنْهُمَا جُزْء عِلّة فالعلة مجموعهما بِخِلَاف مَسْأَلَة الْفِعْلَيْنِ إِذْ لَا يَصح إِسْنَاد كل مِنْهُمَا وَحده إِلَى زيد وَلَا يَصح إِسْنَاد كل من زيد وَعَمْرو وَحده إِلَى منطلقان وعَلى الأول الْأَقْرَب من العاملين أَو العوامل أَحَق بِالْعَمَلِ فِي الِاسْم من الأسبق عِنْد البصرية لقُرْبه ولسلامته من الْفَصْل بَين الْعَامِل ومعموله والأسبق عِنْد الكوفية أَحَق لسبقه ولسلامته من تَقْدِيم مضمره على مفسره فَإِن ألغي الثَّانِي من الإعمال فِي الِاسْم بِأَن أعمل فِيهِ الأول حَال كَون الثَّانِي رَافعا سَوَاء كَانَ الأول رَافعا أَيْضا أم لَا أضمر فِيهِ أَي الثَّانِي إِذْ لَا يجوز حذف مَرْفُوع الْفِعْل ضميرا مطابقا للاسم فِي الْإِفْرَاد والتذكير وفروعهما لِأَنَّهُ مفسره والمطابقة بَين الْمُفَسّر والمفسر ملتزمة نَحْو قَامَ وَقعد زيد قَامَ وقعدا الزيدان قَامَ وقعدوا الزيدون قَامَت وَقَعَدت هِنْد ضربت وضربني زيدا ضربت وضرباني الزيدين ضربت وضربوني الزيدين ضربت وضربتني هندا

مَا لم تُؤَد الْمُطَابقَة إِلَى مُخَالفَة مخبر عَنهُ فالإظهار حِينَئِذٍ وَاجِب لتعذر الْإِضْمَار بِلُزُوم مُخَالفَة الْمخبر عَنهُ إِن طوبق الْمُفَسّر والمفسر إِن طوبق الْمخبر عَنهُ وكل مِنْهُمَا مَمْنُوع نَحْو ظَنَنْت وظناني قَائِما الزيدين قَائِمين يظْهر ثَانِي ظناني لِأَنَّهُ لَو أضمر مُفردا فَقيل (إِيَّاه) طابق الْيَاء الْمخبر عَنهُ لَا قَائِمين الْمُفَسّر أَو مثنى فَقيل (إيَّاهُمَا) فبالعكس وَقد خرجت الْمَسْأَلَة بالإظهار عَن بَاب التَّنَازُع لِأَن كلا من العاملين عمل فِي ظَاهر وَجوز الكوفية مَعَ الْإِظْهَار وَجْهَيْن آخَرين حذفه لدلَالَة مَعْمُول الآخر عَلَيْهِ كَمَا جَازَ مثل ذَلِك فِي الِابْتِدَاء نَحْو 1518 - (نَحْن بِمَا عِنْدنا وَأَنت بمَا ... عِنْدك رَاض والرأي مُخْتلفُ) أَي رضوَان وإضماره مُؤَخرا عَن مَعْمُول الآخر مطابقا للمخبر عَنهُ نَحْو ظَنَنْت وظناني الزيدين قَائِمين إِيَّاه فَيدل عَلَيْهِ الْمثنى لِأَنَّهُ يتَضَمَّن الْمُفْرد وَجوز قوم من الْبَصرِيين وَجها آخر إضماره مقدما فِي مَحَله مطابقا للمخبر عَنهُ نَحْو ظَنَنْت وظنني إِيَّاه الزيدين قَائِمين وَكَذَا إِذا كَانَ الثَّانِي غير رَافع يضمر فِيهِ إِذا أعمل الأول اخْتِيَارا فِي الْأَصَح نَحْو قَامَ أَو ضَرَبَنِي وضربته زيد وَقَامَ أَو ضَرَبَنِي وضربتهما الزيدان وَقيل يجوز حذفه كَقَوْلِه 1519 - (بعكاظ يُعْشِي الناظرين ... إِذا هُمُ لَمحوا شَعاعُهْ)

أَي لمحوه وَأجِيب بِأَنَّهُ ضَرُورَة أَو ألغي الأول من الْعَمَل فِي الِاسْم بِأَن أعمل فِيهِ الثَّانِي أضمر فِي الأول الْمَرْفُوع كَقَوْلِه 1520 - (خالفَاني وَلم أُخالِف خليلَيْيَ ... وَلَا خَيْر فِي خلاف الْخَلِيل ... ) وَقَوله 1521 - (جَفَوْني وَلم أجْفُ الأخِلاّء إنّني ... ) وَقَوله 1522 - (هَوَيْنَني وَهَوَيْتُ الخُرَّدَ العُرُبا) وَقَالَ الْكسَائي وَهِشَام والسهيلي وَابْن مضاء يحذف بِنَاء على رَأْيهمْ من إجَازَة حذف الْفَاعِل وَحسنه هُنَا الْفِرَار من الْإِضْمَار قبل الذّكر الَّذِي هُوَ خَارج عَن الْأُصُول وَقَالَ أَبُو ذَر الْأَحْسَن إِعْمَال الأول حِينَئِذٍ فِرَارًا من حذف الْفَاعِل وَمن الْإِضْمَار قبل الذّكر وَقَالَ الْفراء فِيمَا نَقله عَنهُ الْجُمْهُور لَا تصح الْمَسْأَلَة إِلَّا بِهِ فَأوجب

إِعْمَال الأول حِينَئِذٍ وَعنهُ قَول آخر محكي فِي (الْبَسِيط) أَنه يقْتَصر فِي مُقَابل ذَلِك على السماع وَلَا يكون قِيَاسا وَحكي عَنهُ قَول آخر حَكَاهُ ابْن مَالك أَنه يجوز إِعْمَال الثَّانِي قِيَاسا ويضمر فِي الأول بِشَرْط تَأَخّر الضَّمِير نَحْو ضَرَبَنِي وَضربت زيدا هُوَ قَالَ الْبَهَاء بن النّحاس وَلم أَقف على هَذَا النَّقْل عَن الْفراء من غير ابْن مَالك ويحذف الضَّمِير غير الْمَرْفُوع فَلَا يضمر فِي الأول لكَونه فضلَة لم يحْتَج فِيهِ إِلَى الْإِضْمَار قبل الذّكر قَالَ تَعَالَى {ءَاتُونِي أُفرِغ عَلَيهِ قِطراً} [الْكَهْف: 96] وَقَالَ {هآؤُمُ اقرَءُوا كِتَابِيَه} [الحاقة: 19] وَهُوَ مِمَّا تنَازع فِيهِ الْفِعْل واسْمه مَا لم يلبس حذفه فَيجب إضماره كَقَوْلِك مَال عني وملت إِلَى زيد إِذْ لَو حذف عني لتوهم أَن المُرَاد مَال إِلَيّ وَكَذَا رغب فِي ورغبت عَن زيد وَجوز قوم إِظْهَاره اخْتِيَارا وَإِن لم يلبس وَعَلِيهِ ابْن مَالك كَمَا فِي إِلْغَاء الثَّانِي وَدفع بِالْفرقِ بَين الْإِضْمَار قبل الذّكر وَبعده وَلَا خلاف فِي جَوَازه ضَرُورَة كَقَوْلِه 1523 - (إِذْ كنتَ تَرْضِيه ويُرْضِيك صاحِبٌ ... )

فَإِن كَانَ الْعَامِل من بَاب ظن أضمر قبل الذّكر نَحْو ظناني إِيَّاه وظننت الزيدين قَائِمين أَو أضمر مُؤَخرا نَحْو ظناني وظننت الزيدين قَائِمين إِيَّاه أَو حذف أصلا أَو أُتِي بِهِ اسْما ظَاهرا حذرا من عدم مُطَابقَة الْمخبر عَنهُ أَو الْمُفَسّر نَحْو ظناني قَائِما وظننت الزيدين قَائِمين وَبِه تخرج الْمَسْأَلَة من بَاب التَّنَازُع كَمَا سبق هَذِه أَقْوَال تقدم نظيرها فِي إِلْغَاء الثَّانِي وَالْجُمْهُور على إخيرها وَالْمُخْتَار أَنه إِن وجدت قرينَة حذف لجَوَاز حذف أحد مفعولي ظن لدَلِيل وَإِلَّا بِأَن لم تكن قرينَة جِيءَ بِهِ اسْما ظَاهرا كَمَا قَالَ الْجُمْهُور حذرا من الْمُخَالفَة الْمَذْكُورَة وَمنع ابْن الطراوة الْإِضْمَار فِي بَاب ظن مُطلقًا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَغَيرهَا فَلم يجز مَا أدّى إِلَيْهِ من مسَائِل التَّنَازُع واستبشع من النَّحْوِيين إجَازَة ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ للمضمر مُفَسّر يعود عَلَيْهِ أَلا ترى أَنَّك إِذا قلت ظننته وظننت زيدا قَائِما لم تكن الْهَاء عَائِدَة على قَائِم إِذْ يصير الْمَعْنى وظنني ذَلِك الْقَائِم الْمَذْكُور

وَلَيْسَ هُوَ إِيَّاه لِأَن الْقَائِم هُوَ زيد وَأجِيب بِأَنَّهُ يعود على قَائِم من حَيْثُ اللَّفْظ لَا الْمَعْنى وَذَلِكَ شَائِع فِي سان الْعَرَب كَمَا قَالُوا عِنْدِي دِرْهَم وَنصفه أَي نصف دِرْهَم آخر فَأَعَادَ ذكره على دِرْهَم الْمَذْكُور من حَيْثُ اللَّفْظ فَقَط وَتوقف أَبُو حَيَّان فَقَالَ الَّذِي يَنْبَغِي الرُّجُوع إِلَى السماع فَإِن استعملته الْعَرَب فِي (ظن) فِي هَذَا الْبَاب اتبع وَإِلَّا توقف فِي إِجَازَته لِأَن عود الضَّمِير على شَيْء لفظا لَا معنى قَلِيل وَخلاف الأَصْل فَلَا يَجْعَل أصلا يُقَاس عَلَيْهِ وَالأَصَح أَنه لَا تنَازع فِي نَحْو مَا قَامَ وَقعد إِلَّا زيد وَقَول الشَّاعِر 1524 - (مَا صاب قلبِي وأضْناه وتَيّمه ... إِلَّا كواعِبُ من ذهل بن شيبانا) وَقَوله 1525 - (مَا جادَ رَأيا وَلَا أجدى مُحاولةً ... إِلَّا امْرُؤ لم يُضِعْ دُنْيا وَلَا دِينَا) بل هُوَ من بَاب الْحَذف الْعَام لدلَالَة الْقَرَائِن اللفظية وَالتَّقْدِير (أحد) حذف وَاكْتفى بِقَصْدِهِ وَدلَالَة النَّفْي وللاستثناء على حد {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم} [الصافات: 164] وَقيل إِنَّه من بَاب التَّنَازُع وَلَيْسَ كالآية الْمَذْكُورَة لِأَن الْمَحْذُوف فِيهَا مُبْتَدأ وَهُوَ جَائِر الْحَذف بخلافة فِي الْمِثَال والبيتين فَإِنَّهُ فَاعل وَلَا يجوز حذفه فَتعين أَن يكون من التَّنَازُع وَالأَصَح أَيْضا أَنه لَا تنَازع فِي قَول امْرِئ الْقَيْس 1526 - (فَلَو أَن مَا أسعى لأدْنى مَعيشة ... كفانِي وَلم أطلب قليلٌ من المَال)

خلافًا لمن جعله من بَاب التَّنَازُع وَاسْتدلَّ بِهِ على حذف الْمَنْصُوب من الثَّانِي الملغي أَي أطلبه بل هُوَ فعل لَازم لَا مفعول لَهُ أَي كفاني قَلِيل وَلم أسع بِدَلِيل قَوْله فِي صَدره (فَلَو أَن مَا أسعى) وَمنعه أَي التَّنَازُع الْجُمْهُور فِي الْعَامِل الْمُؤخر وشرطوا تقدم العاملين وَتَأَخر مَا يطلبانه عَنْهُمَا فَلَو قلت (ضربت زيدا وضربني) أَو (أَي رجل قد ضربت أَو شتمت) لم يكن من الْبَاب وَجوزهُ الْفَارِسِي فِي تَأَخّر أحد العاملين وَبَعض المغاربة فِي تأخرهما واستغرب أَبُو حَيَّان الْقَوْلَيْنِ وَمنعه الْجُمْهُور فِي الْعَامِل غير الْمُتَصَرف كنعم وَبئسَ قَالَ فِي الْبَسِيط فَلَو قلت نعم فِي الْحَضَر وَبئسَ فِي السّفر الرجل زيد على إِعْمَال الثَّانِي لَكُنْت قد أضمرت فِي الأول وَلم تفسر وَهُوَ لَازم التَّفْسِير إِذا أضمر وَلَو أضمرت لم يكن متنازعا لِأَنَّهُ استوفى جَمِيع مَا لَهُ على النَّحْو الْمَطْلُوب وَكَذَلِكَ فِي الثَّانِي قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا (حبذا) لَا يكون فِيهَا التَّنَازُع بالِاتِّفَاقِ لعدم الْفَصْل لِأَنَّهُ صَار كالمركب مَعَ الْإِشَارَة قَالَ وَكَذَا فعل التَّعَجُّب فِي ظَاهر مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ لما يلْزم فِيهِ من الْفَصْل بَينه وَبني معموله على إِعْمَال الأول وَقيل يجوز فِي التَّعَجُّب مُطلقًا ويقتصر الْفَصْل لامتزاج الجملتين بِحرف الْعَطف واتحاد مَا يَقْتَضِي العاملان وَعَلِيهِ الْمبرد وَرجحه الرضي وَقيل يجوز فِيهِ بِشَرْط إِعْمَال الثَّانِي ليزول مَا ذكر من الْفَصْل الْمَحْذُور وَعَلِيهِ ابْن مَالك نَحْو مَا أحسن وأجمل زيدا أَو أحسن بِهِ وأعقل بزيد ورده أَبُو حَيَّان بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ من بَاب التَّنَازُع إِذْ شَرطه جَوَاز إِعْمَال أَيهمَا شِئْت فِي الْمُتَنَازع فِيهِ قَالَ فَإِن ورد بذلك سَماع جَازَ وَمنعه ابْن مَالك وَوَافَقَهُ الْبَهَاء ابْن النّحاس وَابْن أبي الرّبيع فِي الْعَامِل المكرر الْمَعْنى لغَرَض التَّأْكِيد نَحْو

1527 - (أتاكَ أتاكَ اللاَّحِقُون ... ) 1528 - (فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ العيقيقُ وأهْلُهُ ... )

لِأَن الثَّانِي فِي حكم السَّاقِط فَلَا يعْتد بِهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُصَرح بِالْمَنْعِ فِي ذَلِك أحد سواهُم بل صرح الْفَارِسِي فِي الْمِثَال الثَّانِي بِأَنَّهُ من التَّنَازُع والإضمار فِي أَحدهمَا وَمنعه الْجرْمِي فِيمَا تعدد مَفْعُوله إِلَى اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَخَصه بالمتعدي إِلَى وَاحِد قَالَ لِأَنَّهُ لم يسمع من الْعَرَب فِي ذَوَات الثَّلَاثَة وَبَاب التَّنَازُع خَارج عَن الْقيَاس فَيقْتَصر فِيهِ على المسموع وَالْجُمْهُور قَالُوا سمع فِي الِاثْنَيْنِ حكى سِيبَوَيْهٍ مَتى رَأَيْت أَو قلت زيدا مُنْطَلقًا وَيُقَاس عَلَيْهِ الثَّلَاثَة كَمَا جَازَ توالي المبتدآت وَإِن لم يسمع لِأَنَّهُ قِيَاس أصولهم فَيُقَال فِي إِعْمَال الأول أعلمني وأعلمته إِيَّاه زيد عمرا قَائِما وَفِي إِعْمَال الثَّانِي أعلمني وأعملته زيدا عمرا قَائِما إِيَّاه إِيَّاه هَذَا وَجوزهُ بَعضهم فِي لَعَلَّ وَعَسَى قَالَ فِي الارتشاف تَقول لَعَلَّ وَعَسَى زيد أَن يخرج على إِعْمَال الثَّانِي وَلَو أعمل الأول لقَالَ لَعَلَّ وَعَسَى زيدا خَارج وَجوزهُ السيرافي فِي مصدرين نَحْو قَوْلهم 1529 - (أرواحٌ مُوَدِّعٌ أم بُكُورُ ... أَنْت فَانْظُر لأيِّ ذَاك تَصِير) وَمِنْه الْجُمْهُور قَالَ فِي النِّهَايَة فَإِذا قلت سرني إلزامك وزيارتك زيدا وَجب نصب زيدا بالتالي وَلَا يجوز بِالْأولِ للفصل بَين الْمصدر ومعموله وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف يَنْبَغِي أَن يجوز فِيمَا بِمَعْنى الْأَمر أَو بِمَعْنى الْخَبَر بإعمال أَيهمَا شِئْت وَيَقَع التَّنَازُع فِي كل مَعْمُول إِلَّا الْمَفْعُول لَهُ والتمييز وَكَذَا الْحَال لِأَنَّهَا لَا تضمر خلافًا لِابْنِ معط

قَالَ فِي الارتشاف فَإِنَّهُ جوز التَّنَازُع فِيهَا وَلَكِن يَقُول فِي مثل إِن تزرني ألقك رَاكِبًا على إِعْمَال الأول إِن تزرني أزرك فِي هَذِه الْحَال رَاكِبًا على معنى إِن تزرني رَاكِبًا ألقك فِي هَذِه الْحَال وَلَا يجوز الْكِنَايَة بضمير عَنْهَا والأجود إِعَادَة لفظ الْحَال كَالْأولِ انْتهى وَمنعه ابْن خروف وَابْن مَالك فِي سببي مَرْفُوع قَالَا فَلَا تنَازع فِي نَحْو زيد منطلق مسرع أَخُوهُ وَقَول كثير 1530 - (وعزّة مَمْطولٌ معنىّ غريمُها ... )

صفحة فارغة

لِأَنَّك لَو قدرته لأسندت أحد العاملين إِلَى السببي وأسندت الآخر إِلَى ضَمِيره فَيلْزم عدم ارتباطه بالمبتدأ لِأَنَّهُ لم يرفع ضَمِيره وَلَا مَا لابس ضَمِيره وَذَلِكَ مَمْنُوع فَيحمل الْبَيْت على أَن الْمُتَأَخر مُبْتَدأ مخبر عَنهُ بالعاملين الْمُتَقَدِّمين وَفِي كل مِنْهُمَا ضميرهما وَمَا بعدهمَا خبر عَن الأول بِخِلَاف السببي الْمَنْصُوب فَيكون فِي التَّنَازُع نَحْو زيد اكرم وَأفضل إِيَّاه لِأَنَّهُ يحذف وَلَا يضمر قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا قَالَاه لم يذكرهُ مُعظم النَّحْوِيين وَمنعه قوم فِي الْمُضمر قَالَ فِي الارتشاف وَأَجَازَهُ أَكْثَرهم

الاشتغال

3 - الِاشْتِغَال أَي هَذَا مبحثه هُوَ أَن يتَقَدَّم وَينصب ضَمِيره أَو ملابسه كالمضاف إِلَى ضَمِيره والمشتمل صلته على ضَمِيره نَحْو زيد ضَربته وَزيد ضربت أَخَاهُ وَهِنْد أكرمت الَّذِي يُحِبهَا بِخِلَاف مَا لَو تَأَخّر الِاسْم بعد الضَّمِير نَحْو ضَربته زيدا على الْبَدَل أَو زيد على الِابْتِدَاء فَلَيْسَ من الْبَاب وفاعل ينصب قولي عَامل جَائِز الْعَمَل فِيمَا قبله لَو لم يشْتَغل بِمَا بعده كالفعل واسمي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِخِلَاف فعل التَّعَجُّب وأفعل التَّفْضِيل وَالصّفة المشبهة وَاسم الْفِعْل وَكَذَا الْمصدر وَفِيه خلاف يَأْتِي إِذْ مَا لَا يَصح أَن يعْمل فِي شَيْء لَا يَصح أَن يُفَسر عَاملا فِيهِ وَمن صور مَا لَا يجوز أَن يعْمل فِيمَا قبله مفاهيم قولي غير صلَة نَحْو زيد أَنا الضاربة وَلَا شبهها وَهُوَ الصّفة والمضاف إِلَى فعل تَشْبِيها بهَا فِي تتميم مَا قبلهَا بهَا نَحْو مَا رجل تحبه يهان وَزيد يَوْم ترَاهُ تفرح وَلَا مُسْند لضمير السَّابِق الْمُتَّصِل نَحْو (أَزِيد ظَنّه ناجيا) بِمَعْنى ظن نَفسه لما فِيهِ من تَفْسِير الْفَاعِل الْعُمْدَة بالمفعول الَّذِي حَقه أَن يكون فضلَة فَإِن انْفَصل الضَّمِير نَحْو زيدا لم يَظُنّهُ ناجيا إِلَّا هُوَ جَازَ لِأَن الْمُنْفَصِل كَالْأَجْنَبِيِّ فَأشبه نَحْو لِأَن زيدا لم يَظُنّهُ ناجيا إِلَّا عَمْرو وَلَا تالي اسْتثِْنَاء نَحْو مَا وَزيد إِلَّا يضْربهُ عَمْرو أَو تالي مُعَلّق أَي حرف من أدوات التَّعْلِيق نَحْو زيد كَيفَ وجدته وَزيد مَا أضربه وَعَمْرو لأضربنه وَزيد إِنِّي أكْرمه وَالدِّرْهَم لمعطيك عَمْرو أَو تالي كم الخبرية نَحْو زيدكم لَقيته إِجْرَاء لَهَا مجْرى كم الاستفهامية أَو تالي وَاو الْحَال نَحْو جَاءَ زيد وَعَمْرو يضْربهُ بشر فِرَارًا من تَقْدِير الْمُضَارع بعْدهَا

(وَفِي الشَّرْط) نَحْو زيد إِن زرته يكرمك (وَالْجَوَاب) نَحْو زيد إِن يقم أكْرمه (وتالي لَا) النافية من المعلقات نَحْو زيد لَا أضربه وَزيد وَالله لَا أضربه (أَو) تالي حرف تَنْفِيس نَحْو زيد سأضربه أَو سَوف أضربه (خلاف مَبْنِيّ على تقدم معمولها) فَمن أجَازه فِيهَا جوز الِاشْتِغَال وَالنّصب فِي الِاسْم السَّابِق وَمن مَنعه فِيهَا مَنعه وَأوجب الرّفْع وَالأَصَح فِي الشَّرْط وَالْجَوَاب الْمَنْع وَفِي لَا التَّفْصِيل وَهُوَ الْمَنْع فِي جَوَاب الْقسم دون غَيره (و) فِي التَّنْفِيس الْجَوَاز وَفِي تالي (إِذا الفجائية) نَحْو خرجت فَإِذا زيد يضْربهُ عَمْرو (وليتما) نَحْو ليتما زيد أضربه (خلاف إيلائها الْفِعْل) فَمن جوزه جوز الِاشْتِغَال وَالنّصب وَمن لَا يجوزه وَهُوَ الْأَصَح عِنْد ابْن مَالك فيهمَا فَلَا وَمن فصل فِي إِذا بَين اقترانها بقد وَعَدَمه فصل هُنَا (وَالأَصَح مَنعه فِي مفصول) من الْفِعْل (بأجنبي) نَحْو زيد أَنْت تضربه وَهِنْد عَمْرو يضْربهَا فَلَا ينصب إِذْ المفصول لَا يعْمل فَلَا يُفَسر وَجوزهُ الْكسَائي قِيَاسا على اسْم الْفَاعِل أَجَازُوا (زيدا أَنْت ضَارب) وَفرق المانعون بِأَن اسْم الْفَاعِل لَا يعْمل حَتَّى يعْتَمد فَصَارَ أَنْت ضَارب بِمَنْزِلَة ضربت فَكَأَنَّهُ لم يفصل بَين الْعَامِل والمعمول بِشَيْء بِخِلَاف الْفِعْل وَالأَصَح مَنعه فِي تالي أَدَاة تخضبض أَو عرض أَو تمن بألا نَحْو زبد هلا ضَربته عَمْرو أَلا تكرمه والعون على الْخَبَر أَلا أَجِدهُ بِنَاء على أَن الثَّلَاثَة لَهَا الصَّدْر إِجْرَاء لَهَا مجْرى الِاسْتِفْهَام فَلَا يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا لِأَن معنى هلا فعلت لم لم تفعل وَمعنى أَلا تفعل أتفعل مَعَ أَن هلا وَألا مركبان من هَل والهمزة وَلَا وَجوزهُ قوم مَعَ اخْتِيَار الرّفْع حَكَاهُ فِي الْبَسِيط وَجوزهُ آخَرُونَ مَعَ اخْتِيَار النصب وَعَلِيهِ الْجُزُولِيّ

(وَمنعه قوم فِي لَيْسَ) بِنَاء على منع تَقْدِيم خَبَرهَا لعدم تصرفها وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ على جَوَازه بِنَاء على الْجَوَاز نَحْو أزيدا لست مثله (و) فِي (كَانَ) نَقله فِي الارتشاف عَن الْمَازِني وَبَعض الْكُوفِيّين (و) مَنعه (قوم) فِي الْجمع المكسر) من أَسمَاء الفاعلين والمفعولين قَالُوا لِأَن عمله ملفق ضَعِيف والاشتغال كَذَلِك بَاب ملفق فيضعف عَن الدُّخُول فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يقوى على أَن يُفَسر وَنَصّ سيبوبه على جَوَازه نَحْو زيدا أَنْتُم ضرابه قَالَ أَبُو حَيَّان والأحوط أَلا يجوز إِلَّا بِسَمَاع قَالَ أما الْجمع السَّالِم فَالْقِيَاس الْجَوَاز فِيهِ نَحْو زيدا أَنْتُم ضاربوه وزيدا أنتن ضارباته وَالْفرق بَينه وَبَين المكسر أَن التكسير يبعد عَن شبه الْفِعْل وَيلْحق بالأسماء الْمَحْضَة (وَفِي الْمصدر) أَقْوَال أَحدهَا يجوز دُخُوله فِي بَاب الِاشْتِغَال مُطلقًا سَوَاء كَانَ بِمَعْنى الْأَمر والاستفهام نَحْو أما زيدا فضربا إِيَّاه وأزيدا ضربا أَخَاهُ أم منحلا بِحرف مصدري وَالْفِعْل نَحْو زيدا ضربه قَائِما فَيضمن فعلا يفسره الْمصدر (ثَانِيهَا) لَا يجوز مُطلقًا لِأَنَّهُ لَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ معموله (ثَالِثهَا) التَّفْصِيل (إِن كَانَ بَدَلا من فعله) وَهُوَ الْأَمر والاستفهام (جَازَ) وَإِن لم يجز تقدم معموله لِأَنَّهُ معاقب للْفِعْل وَقد تفسر أَشْيَاء وَلَا تعْمل (أَو منحلا) بِحرف مصري وَالْفِعْل (فَلَا يجوز ثمَّ) إِذا صَحَّ الِاشْتِغَال يجب نصب الِاسْم السَّابِق (إِن تَلا مَا يخْتَص بِالْفِعْلِ) كظرف الزَّمَان الْمُسْتَقْبل وأدوات الشَّرْط الجازمة والتخصيص وَلَو الشّرطِيَّة لوُجُوب إِضْمَار الْفِعْل بعْدهَا نَحْو إِذا زيدا تَلقاهُ فَأكْرمه وَإِن زيدا رَأَيْته فَأكْرمه وهلا زيدا ضَربته وَلَو زيدا رَأَيْت (أَو تَلا استفهاما بِغَيْر الْهمزَة) كهل مرادك نلته وَمَتى أمة الله تمْضِي بهَا لوُجُوب إيلائها الْفِعْل إِذا وَقع فِي حيزها قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِذا اجْتمع بعد الِاسْتِفْهَام الِاسْم وَالْفِعْل قدم الْفِعْل فَإِن قلت أَيهمْ زيد ضربت قبح

(ويختار نصب الِاسْم السَّابِق) أَي يرجح على رَفعه بِالِابْتِدَاءِ الْجَائِز أَيْضا (إِن وليه فعل طلب) وَهُوَ الْأَمر وَالنَّهْي وَالدُّعَاء نَحْو زيدا أضربه وزيدا ليضربه عَمْرو وزيدا لَا تضربه وزيدا أصلح الله شَأْنه وَسَوَاء فِي ذَلِك الْأَمر المُرَاد بِمَا قبله الْعُمُوم أَو الْخُصُوص (خلافًا لِابْنِ بابشاذ فِي) الْأَمر (المُرَاد) بِمَا قبله (الْعُمُوم) حَيْثُ قَالَ يخْتَار فِيهِ الرّفْع لشبهه بِالشّرطِ لما دخله من الْعُمُوم والإبهام نَحْو: {وَالَّذَانِ يَأتِيَانِهَا مِنكُم فَئَاذُوهُمَا} [النِّسَاء: 16] {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} [الْمَائِدَة: 38] وَالْجُمْهُور تأولوا الْآيَتَيْنِ على الْإِضْمَار وَأَن الْكَلَام فِي ذَلِك جملتان وَالتَّقْدِير وَفِيمَا فرض عَلَيْكُم حكم السَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا وَخرج بِقَوْلِي فعل طلب اسْم فعله نَحْو زيد سَمَاعه فَلَا نصب فِيهِ كَمَا تقدم (أَو) وليه (مصدر لَهُ) أَي الطّلب نَحْو زيدا ضربا لَهُ وَالله حمدا لَهُ (أَو ولي همزَة اسْتِفْهَام) سَوَاء كَانَ الْفِعْل الَّذِي ولي الْهمزَة من بَاب الظَّن نَحْو أعبد الله ظننته قَائِما أم غَيره نَحْو أزيدا ضَربته كَانَ الِاسْتِفْهَام عَن الْفِعْل كَمَا مثل أم عَن الِاسْم نَحْو أزيدا ضَربته أم عمرا (خلافًا للفراء فِي بَاب ظن) حَيْثُ أوجب فِيهِ الرّفْع قَالَ لِأَن من عَادَة الْعَرَب إلغاؤها إِذا لم يكن فِيهَا الْهَاء (و) خلافًا (لِابْنِ الطراوة فِي الِاسْتِفْهَام الْوَاقِع على الِاسْم) حَيْثُ أوجب فِيهِ الرّفْع بِخِلَاف الِاسْتِفْهَام الْوَاقِع على الْفِعْل وَهِي بَين اسْمَيْنِ فتوهموا ذَلِك فِيهَا وفيهَا الْهَاء (و) خلافًا (للأخفش فِي إِلْحَاق سَائِر الأدوات) بِالْهَمْزَةِ فِي تَجْوِيز الرّفْع أَيْضا وَوجه تخصيصها بذلك عِنْد الْجُمْهُور أَنَّهَا الأَصْل وَلها مزية على سَائِر أدواته فَإِن تَأَخّر الْهَمْز عَن الِاسْم نَحْو زيد أضربته لم يجز النصب لما تقدم (و) خلافًا للأخفش أَيْضا (فِي الْمَفْعُول) من همز الِاسْتِفْهَام (بِغَيْر ظرف) حَيْثُ جوز نَصبه نَحْو أَأَنْت زيدا تضربه وسيبويه على الْمَنْع لبعده من الْفِعْل فَإِن كَانَ الْفَصْل بظرف أَو مجرور جَازَ مَعَ اخْتِيَاره اتِّفَاقًا لاتساعهم فيهمَا نَحْو أكل يَوْم زيدا تضربه وأفي الدَّار زيدا ضَربته

قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا الْفَصْل بالعاطف نَحْو أَو زيدا ضَربته (أَو) ولي (حرف نفي لَا يخْتَص) نَحْو مَا زيدا ضَربته وَلَا زيدا قتلته قِيَاسا على همزَة الِاسْتِفْهَام (وَقيل الرّفْع فِيهِ أرجح) من النصب وَعَلِيهِ أَبُو بكر بن طَاهِر وَنسب لظَاهِر كَلَام سِيبَوَيْهٍ (وَثَالِثهَا) هما (سَوَاء) وَعَلِيهِ ابْن الباذش وَخرج بِحرف النَّفْي فعله وَهُوَ لَيْسَ فَإِن تَالِيهَا يجب رَفعه اسْما لَهَا وبقولنا لَا يخْتَص الْمُخْتَص وَهُوَ لم وَلما وَلنْ وَيصير الْفَصْل فِيهِ كالاستفهام نَحْو مَا أَنْت زيد ضَربته ذكره أَبُو حَيَّان (أَو) ولي حَيْثُ نَحْو حَيْثُ زيدا تَلقاهُ يكرمك وَوجه اخْتِيَاره النصب أَنَّهَا فِي معنى حُرُوف المجازاة أَو لي (عاطفا على) جملَة (فعلية) سَوَاء كَانَ الْفِعْل مُتَعَدِّيا متصرفا تَاما أم ضد ذَلِك نَحْو لقِيت زيدا وعمرا كَلمته وَلست أَخَاك وزيدا أعينك عَلَيْك وَكنت أَخَاك وعمرا كنت لَهُ أَخا وَإِنَّمَا رجح النصب للمشاكلة (أَو أوهم الرّفْع وَصفا مخلا) فيتخلص بِالنّصب من إِيهَام غير الصَّوَاب نَحْو: {إنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بَقَدَرٍ} [الْقَمَر: 49] إِذا رفع (كل) يُوهم كَون (خلقناه) صفة مخصصة فَلَا يدل على عُمُوم خلق الْأَشْيَاء بِقدر (أَو أُجِيب بِهِ اسْتِفْهَام مَنْصُوب) نَحْو زيدا ضَربته جَوَابا لمن قَالَ أَيهمْ ضربت (أَو مُضَاف إِلَيْهِ) نَحْو ثوب زيد لبسته جَوَاب من قَالَ ثوب أَيهمْ لبست (قيل أَو وليه لم أَو لن أَو لَا) نَحْو زيدا لم أضربه وبشرا لن أكْرمه وزيدا لَا أضربه قَالَ ابْن السَّيِّد (أَو تقدمه) مَا هُوَ فَاعل فِي الْمَعْنى بِأَن كَانَ الِاسْم الْمُتَقَدّم على المشتغل عَنهُ وفاعل المشغول دالين على شَيْء وَاحِد نَحْو أَنا زيدا ضَربته وَأَنت عمرا كَلمته قَالَه الْكسَائي وَالأَصَح فِي الصُّور الْأَرْبَع اخْتِيَار الرّفْع

(ويستويان) أَي النصب وَالرَّفْع (فِي الْمَعْطُوف على جملَة ذَات وَجْهَيْن) أَي اسمية الْمصدر فعلية الْعَجز لتعادل التشاكل نَحْو زيد ضَربته وَعَمْرو أكرمته وَهِنْد ضربتها وزيدا كَلمته فِي دارها فالنصب عطفا على الْعَجز وَالرَّفْع عطفا على الصَّدْر (فَإِن خلا) الْمَعْطُوف (من عَائِد لَهَا) أَي لمبتدأ الْجُمْلَة الْمَعْطُوف عَلَيْهَا (فثالثها الْأَصَح) وَعَلِيهِ الْجُمْهُور (إِن كَانَ) الْعَطف (بِالْفَاءِ صحت الْمَسْأَلَة) لحُصُول الرَّبْط بِمَا فِيهَا من السَّبَب وَإِن كَانَ بغَيْرهَا فَلَا وأولها يجوز مُطلقًا نَحْو هِنْد ضربتها وعمرا أكرمته وَثَانِيها لَا يجوز مُطلقًا لِأَن الْمَعْطُوف على الْخَبَر خبر فَيشْتَرط لَهُ وجود الرَّبْط (وَالرَّابِع) يجوز إِن كَانَ الْعَطف بِالْفَاءِ كَقَوْل الْجُمْهُور (أَو الْوَاو) لما فِيهَا من معنى الْجمع (ويرجح الرّفْع بِالِابْتِدَاءِ فِيمَا عدا ذَلِك) نَحْو زيد رَأَيْته وَإِن زيد لَقيته مَسْأَلَة (مُلَابسَة الضَّمِير بنعت) نَحْو هِنْد أكرمت رجلا يُحِبهَا (أَو) عطف (بَيَان) نَحْو زيد ضربت عمرا أَخَاهُ (أَو) عطف (نسق بِالْوَاو غير معاد مَعَه) الْعَامِل نَحْو زيد ضربت عمرا وأخاه (وَقيل أم ثمَّ أَو (أَو) نَحْو زيد رَأَيْت عمرا ثمَّ أَخَاهُ أَو أَخَاهُ (كهي بِدُونِهِ) بِخِلَاف الْعَطف بِغَيْر الثَّلَاثَة وَكَذَا بِغَيْر الْوَاو على الْأَصَح لاختصاصها بِمَعْنى الْجمع وَبِخِلَاف الْبَدَل لِأَنَّهُ على تكْرَار الْعَامِل فتخلو الْجُمْلَة الْوَاقِعَة خَبرا من الرَّبْط وَبِخِلَاف مَا إِذا أُعِيد الْعَامِل (وَالنّصب هُنَا) أَي فِي بَاب الِاشْتِغَال (قَالَ الْجُمْهُور بِفعل وَاجِب الْإِضْمَار من لفظ الظَّاهِر) إِن أمكن كَمَا فِي الْأَمْثِلَة السَّابِقَة (أَو مَعْنَاهُ) إِن لم يُمكن نَحْو إِن زيدا مَرَرْت بِهِ فَأحْسن إِلَيْهِ فَيقدر إِن جَاوَزت زيدا مَرَرْت بِهِ (مقدما) على الِاسْم (خلافًا للبيانيين) فِي قَوْلهم بتقديره مُؤَخرا (و) قَالَ (الْكسَائي) النصب (بِالظَّاهِرِ) أَي الْفِعْل الْمُؤخر على كَونه ملغى (غير عَامل فِي الضَّمِير) بِأَن يلغى

ورد بِأَن الضَّمِير قد لَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ الْفِعْل إِلَّا بِحرف جر فَكيف يلغى وَينصب الظَّاهِر وَهُوَ لَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ أَيْضا إِلَّا بِحرف جر نَحْو (زيدا غضِبت عَلَيْهِ) وَأَيْضًا فَلَا يُمكن الإلغاء فِي السَّبَب لِأَنَّهُ مَطْلُوب الْفِعْل فِي الْحَقِيقَة نَحْو زيدا ضربت غُلَام رجل يُحِبهُ (و) قَالَ (الْفراء) الْفِعْل (عَامل فيهمَا) أَي فِي الِاسْم وَالضَّمِير مَعًا ورد بِلُزُوم تعدِي الْفِعْل الْمُتَعَدِّي إِلَى وَاحِد إِلَى اثْنَيْنِ والمتعدي إِلَى اثْنَيْنِ إِلَى ثَلَاثَة وَهُوَ خرم للقواعد (وَجوزهُ قوم) فِي المشتغل عَنهُ بمجرور نَحْو زيد مَرَرْت بِهِ (جر السَّابِق بِمَا جر الضَّمِير) فَيُقَال بزيد مَرَرْت بِهِ وَقُرِئَ: {وللظَّالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [الْإِنْسَان: 31] وَالْجُمْهُور على الْمَنْع لِأَن الْجَار منزل من الْفِعْل منزلَة الْجُزْء مِنْهُ لِأَنَّهُ يصل بِهِ إِلَى معموله كَمَا يصل بِهَمْزَة النَّقْل فَكَمَا لَا يجوز إِضْمَار بعض اللَّفْظَة وإبقاء بَعْضهَا لَا يجوز هَذَا وَالْقِرَاءَة مؤولة على تعلق اللَّام ب (أعد) الظَّاهِر و (لَهُم) بدل مِنْهُ (وَيجوز رَفعه) أَي المشتغل عَنهُ مُطلقًا (بإضمار كَانَ أَو فعل للْمَجْهُول خلافًا لِابْنِ العريف لَا بمطاوع خلافًا لِابْنِ مَالك) حَيْثُ قَالَ إِذا كَانَ للْفِعْل المشتغل مُطَاوع جَازَ أَن يضمر وَيرْفَع بِهِ السَّابِق كَقَوْل لبيد: 1531 - (فَإِن أَنْت لم يَنفَعْك عِلمُك فانتسِب ... )

خاتمة

قَالَ فَأَنت فَاعل لم ينفع مضمرا وَجَاز إضماره لِأَنَّهُ مُطَاوع (ينفع) والمطاوع يسْتَلْزم المطاوع وَيدل عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مَنعه أَصْحَابنَا أولُوا اليبت على أَنه مِمَّا وضع فِيهِ ضمير الرّفْع مَوضِع ضمير النصب أَو رفع بإضمار فعل يفسره الْمَعْنى وَلَيْسَ من بَاب الِاشْتِغَال (وَاخْتلف هَل شَرط الِاشْتِغَال أَن ينْتَصب الضَّمِير وَالسَّابِق من جِهَة وَاحِدَة) فَقيل نعم وَعَلِيهِ الْفَارِسِي والسهيلي والشلوبين فِي أحد قوليه فَإِن كَانَ نصب الضَّمِير على المفعولية شَرط نصب السَّابِق عَلَيْهَا أَو الظَّرْفِيَّة فَكَذَلِك وَلَا يجوز نصب الضَّمِير على المفعولية مثلا وَالسَّابِق على الْمَفْعُول لَهُ أَو الظّرْف فَلَا يُقَال زيدا قُمْت إجلالا لَهُ أَو زيدا جَلَست مَجْلِسه وَقيل لَا يشْتَرط ذَلِك وَعَلِيهِ سِيبَوَيْهٍ والأخفش والشلوبين فِي آخر قَوْله قَالَ سِيبَوَيْهٍ أعبد الله كنت مثله أَي أأشبهت عبد الله فانتصب السَّابِق مَفْعُولا والمتأخر خبر (لَكَانَ) خَاتِمَة (الِاشْتِغَال فِي الرّفْع) بِأَن يكون فِي الِاسْم على الابتدائية أَو على إِضْمَار فعل (كالنصب فَيجب الِابْتِدَاء فِي زيد قَامَ) لعدم تقدم مَا يطْلب لنصب لُزُوما أَو اخْتِيَارا (خلافًا لِابْنِ العريف) أبي الْقَاسِم حُسَيْن بن الْوَلِيد حَيْثُ جوز فِيهِ الفاعلية بإضمار فعل يفسره الظَّاهِر قَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي نَزعَة كوفيه أَي لبنائه على جَوَاز تقدم الْفَاعِل على الْفِعْل (ويرجح الِابْتِدَاء فِي) نَحْو (خرجت فَإِذا زيد قد ضربه عَمْرو) لرجحان

مَرْفُوع الِاسْم بعد (إِذا) وَجَوَاز وُقُوع الْفِعْل مَعَ قد بعْدهَا بقلة (وَتجب الفاعلية فِي) نَحْو (إِن زيد قَامَ) لما تقدم من اخْتِصَاص أدوات الشَّرْط بِالْفِعْلِ (خلافًا للأخفش) فِي قَوْله بِجَوَاز الِابْتِدَاء أَيْضا مَعَ رُجْحَان الفاعلية عِنْده (وترجح) الفاعلية (فِي) نَحْو (أَزِيد قَامَ خلافًا للجرمي) فِي قَوْله بِجَوَاز الِابْتِدَاء فِيهِ ويستويان) أَي الِابْتِدَاء والفاعلية (فِي أَزِيد قَامَ وَعَمْرو قعد) لِأَن الْجُمْلَة الأولى ذَات وَجْهَيْن فالابتداء عطفا على الصَّدْر والفاعلية عطفا على الْعَجز (وَجوز قوم نصب) نَحْو (أَزِيد ذهب بِهِ على إِسْنَاد ذهب للمصدر) أَي إِلَى ضَمِيره وَهُوَ الذّهاب وَكَأَنَّهُ قيل أذهب هُوَ أَي الذّهاب بزيد فَيكون (بِهِ) فِي مَوضِع نصب وَضَعفه ابْن مَالك بِأَنَّهُ مَبْنِيّ على الْإِسْنَاد إِلَى الْمصدر الَّذِي تضمنه الْفِعْل وَلَا يتَضَمَّن الْفِعْل إِلَّا مصدرا غير مُخْتَصّ والإسناد إِلَيْهِ منطوقا بِهِ غير مُفِيد فَكيف إِذا لم يكن منطوقا بِهِ وسيبويه وَالْجُمْهُور على منع النصب (وَشرط المشغول عَنهُ قبُول الْإِضْمَار فَلَا يَصح) الِاشْتِغَال (عَن حَال وتمييز ومصدر مُؤَكد ومجرور بِمَا لَا يجر الْمُضمر) كحتى وَالْكَاف جزم بذلك أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل قَالَ بِخِلَاف الظّرْف وَالْمَفْعُول لَهُ وَالْمَجْرُور وَالْمَفْعُول مَعَه فَيجوز الِاشْتِغَال عَنْهَا نَحْو يَوْم الْجُمُعَة لقاؤك فِيهِ وَالله أطعمت لَهُ والخشبة اسْتَوَى المَاء وَإِيَّاهَا قَالَ وَأما الْمصدر فَإِن اتَّسع فِيهِ جَازَ الِاشْتِغَال عَنهُ نَحْو الضَّرْب الشَّديد ضَربته زيدا وَكَذَا الْمَفْعُول الْمُطلق لِأَنَّهُ مفعول وَإِن كَانَ مَفْعُولا لَهُ بني على الْإِضْمَار إِن جوزناه جَازَ وَإِلَّا فَلَا

الكتاب الخامس في التوابع وعوارض التركيب

1 - الْكتاب الْخَامِس فِي التوابع وعوارض التَّرْكِيب النَّعْت عطف الْبَيَان الْبَدَل حُرُوف الْعَطف تَابع المنادى الْإِخْبَار ب (الَّذِي) وفروعه الْعدَد التأريخ الْحِكَايَة الضرائر

صفحة فارغة

الكتاب الخامس في التوابع وعوارض التركيب

1 - الْكتاب الْخَامِس فِي التوابع وعوارض التَّرْكِيب حد ابْن مَالك فِي التسهيل التَّابِع فَقَالَ هُوَ مَا لَيْسَ خَبرا من مشارك مَا قبله فِي إعرابه وعامله مُطلقًا مخرجا بالقيد الْأَخير الْمَفْعُول الثَّانِي وَالْحَال والتمييز قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يحده جُمْهُور النُّحَاة لِأَنَّهُ مَحْصُور بالعد فَلَا يحْتَاج إِلَى حد فَلذَلِك قلت (التوابع نعت وَعطف بَيَان وتوكيد وَبدل وَعطف نسق) لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يكون بِوَاسِطَة حرف فالنسق أَو لَا وَهُوَ على نِيَّة تكْرَار الْعَامِل فالبدل أَو لَا وَهُوَ بِأَلْفَاظ محصورة فالتأكيد أَو لَا وَهُوَ جامد فالبيان أَو مُشْتَقّ فالنعت (وَإِذا اجْتمعت رتبت كَذَلِك) بِأَن يقدم النَّعْت لِأَنَّهُ كجزء من متبوعه ثمَّ الْبَيَان لِأَنَّهُ جَار مجْرَاه ثمَّ التَّأْكِيد لِأَنَّهُ شَبيه بِالْبَيَانِ فِي جَرَيَانه مجْرى النَّعْت ثمَّ الْبَدَل لِأَنَّهُ تَابع كلا تَابع كَونه مُسْتقِلّا ثمَّ النسق لِأَنَّهُ تَابع بِوَاسِطَة وَلِهَذَا ناسب ذكرهَا فِي الْوَضع على هَذَا التَّرْتِيب بِخِلَاف ابْتِدَاء التسهيل بالتوكيد فَيُقَال جَاءَ أَخُوك الْكَرِيم مُحَمَّد نَفسه رجل صَالح وَرجل آخر وَكَذَا لَو كَانَ التَّأْكِيد بالتكرر نَحْو جَاءَ زيد الْعَاقِل زيد قَالَ: 1532 - (وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ طويلُ ... ) (وَقدم قوم التَّأْكِيد على النَّعْت) فَيُقَال قَامَ زيد نَفسه الْكَاتِب ورد بِأَن التَّأْكِيد لَا يكون إِلَّا بعد تَمام الْبَيَان وَلَا يحصل ذَلِك إِلَّا بالنعت (وَيَنْبَغِي تَقْدِيم) عطف (الْبَيَان) لِأَنَّهُ أَشد فِي التَّبْيِين من النَّعْت إِذْ لَا يكون لغيره والنعت يكون مدحا وذما وتأكيدا (وتتبع) كلهَا (الْمَتْبُوع فِي الْإِعْرَاب ثمَّ قَالَ الْمبرد وَابْن السراج وَابْن

كيسَان الْعَامِل فِي الثَّلَاثَة الأول) النَّعْت وَالْبَيَان والتأكيد (عَامله) أَي الْمَتْبُوع ينصب عَلَيْهَا انصبابة وَاحِدَة (وعزي لِلْجُمْهُورِ) (وَقَالَ الْخَلِيل وسيبويه والأخفش والجرمي) الْعَامِل فِيهَا (التّبعِيَّة) ثمَّ اخْتلف (فَقيل) المُرَاد التبيعة من حَيْثُ الْمَعْنى أَي اتِّحَاد معنى الْكَلَام اتّفق الْإِعْرَاب أَو اخْتلف (وَقيل) المُرَاد الِاتِّحَاد (من حَيْثُ الْإِعْرَاب) وَلَو اخْتلفت جِهَته (وَقيل) اتِّحَاد الْإِعْرَاب (بِشَرْط اتحادها) أَي جِهَته بِأَن تكون العوامل من جنس وَاحِد وَلَا تكون مُخْتَلفَة (وَالْأَكْثَر) على (أَن الْعَامِل فِي الْبَدَل مُقَدّر بِلَفْظ الأول) فَهُوَ من جملَة ثَانِيَة لَا من الأولى لظُهُوره فِي بعض الْمَوَاضِع كَقَوْلِه تَعَالَى: {لِلَّذِينَ استُضعِفُوا لِمَنءَامَنَ مِنهُمْ} [الْأَعْرَاف: 75] {وَمن النّخل من طلعها} [الْأَنْعَام: 99] {من الْمُشْركين من الَّذين فرقوا دينهم} [الرّوم: 31، 32] {لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم} [الزخرف: 33] (وَقيل) هُوَ الْعَامِل (نِيَابَة عَنهُ) أَي عَن الْمُقدر حَكَاهُ أَبُو حَيَّان عَن ابْن عُصْفُور قَالَ لما حذفت الْعَرَب عَامل الْبَدَل عوضت مِنْهُ الْعَامِل فِي الْمُبدل مِنْهُ فَتَوَلّى من الْعَمَل مَا كَانَ يَتَوَلَّاهُ ذَلِك الْمَحْذُوف كَمَا أَنهم لما عوضوا الظّرْف وَالْمَجْرُور فِي نَحْو زيد عنْدك قَائِما وَفِي الدَّار جَالِسا من مُسْتَقر الْمَحْذُوف توليا من الْعَمَل مَا لَهُ فنصبا الْحَال ورفعا الضَّمِير (وَقيل) هُوَ الْعَامِل (أَصَالَة من غير نِيَّة تكْرَار عَامل) وَعَلِيهِ الْمبرد وَابْن مَالك (و) الْأَكْثَر على أَن الْعَامِل (فِي النسق الأول بِوَاسِطَة الْحَرْف وَقيل) الْعَامِل فِيهِ (مُقَدّر) بعد الْحَرْف (وَقيل) الْعَامِل فِيهِ (الْحَرْف) نَفسه وَثَمَرَة الْخلاف [عدم جَوَاز] الْوَقْف على الْمَتْبُوع [دون التَّابِع عِنْد من قَالَ الْعَامِل فِيهِ هُوَ الأول]

(وَلَو قيل الْعَامِل فِي الْكل الْمَتْبُوع لَكَانَ لَهُ شَوَاهِد) تؤيده مِنْهَا قَوْلهم إِن الْمُبْتَدَأ عَامل فِي الْخَبَر والمضاف عَامل فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ وَلم أر أحد قَالَ بذلك هُنَا (وَيجوز فصلها) أَي التوابع (من الْمَتْبُوع بِغَيْر مباين مَحْض) كمعمول الْوَصْف نَحْو: {ذَلِك حشر علينا يسير} [ق: 44] والموصوف نَحْو: {سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ عَالم الْغَيْب} [الْمُؤْمِنُونَ: 91، 92] وَالْعَامِل فِيهِ نَحْو أزيدا ضربت الْقَائِم والمفسر نَحْو: {إِنِ امرُؤٌ اهَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ} [النِّسَاء: 176] والمبتدأ الَّذِي خَبره فِي مُتَعَلق الْمَوْصُوف نَحْو: {أَفِي الله شكّ فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} [إِبْرَاهِيم: 10] وَالْخَبَر نَحْو: زيد قَائِم الْعَاقِل وَجَوَاب الْقسم نَحْو: {بلَى وربي لتأتينكم عَالم الْغَيْب} [سبأ: 3] والاعتراض نَحْو: {وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم} [الْوَاقِعَة: 76] وَالِاسْتِثْنَاء نَحْو مَا جَاءَنِي أحد إِلَّا زيدا خير مِنْك وَمن الْفَصْل بَين التَّأْكِيد والمؤكد:: {وَلاَ يحزَنَّ وَيَرضَينَ بِمَاءَاتَيتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} [الْأَحْزَاب: 51] وَمن الْعَطف والمعطوف {وَامسَحُوا بِرُءُوسِكُم وَأَرجُلَكُمْ} [الْمَائِدَة: 6] بَين (الْأَيْدِي) والأرجل وَحسن ذَلِك أَن الْمَجْمُوع عمل وَاحِد وَقصد الْإِعْلَام بترتيبه وَبَين الْبَدَل والمبدل مِنْهُ: {قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه} [المزمل: 2، 3] وَلَا يجوز الْفَصْل بمباين مَحْض أَي أَجْنَبِي بِالْكُلِّيَّةِ من التَّابِع والمتبوع فَلَا يُقَال مَرَرْت بِرَجُل على فرس عَاقل أبلق وشذ قَوْله:

1533 - (قلْتُ لقوم فِي الكنيفِ تروَّحُوا ... عَشِيّة بتنا عِنْد مَاوَانَ رُزَّحِ) (لَا نعت) منعوت (مُبْهَم وَنَحْوه) مِمَّا لَا يَسْتَغْنِي عَن الصّفة أَي لَا يجوز الْفَصْل فِيهِ فَلَا يُقَال فِي (ضرب هَذَا الرجل زيدا) (وطلعت الشعرى العبور) ضربت هَذَا زيدا الرجل والشعرى طلعت العبور قَالَ فِي شرح الكافية وَمِنْه الْمَعْطُوف المتمم وَمَا لَا يسْتَغْنى عَنهُ من الصِّفَات نَحْو إِن امْرأ ينصح وَلَا يقبل خاسر فَلَا يجوز الْفَصْل ب (خاسر) بَين (ينصح) ومعطوفه لِأَنَّهُمَا جُزْءا صفة لَا يسْتَغْنى بِأَحَدِهِمَا عَن الآخر وَكَذَا كل نعت ملازم التّبعِيَّة كأبيض يقق وَنَحْوه وَمِنْه تَوَابِع التوكيد (أجمع) وَمَا بعده لَا يفصل بَينهمَا وَبَين كل (وَلَا التَّأْكِيد) أَي لَا يفصل بَينه وَبَين الْمُؤَكّد (بإما على الْأَصَح) فَلَا يُقَال مَرَرْت بقومك إِمَّا أَجْمَعِينَ وَإِمَّا بَعضهم وَلَا مَرَرْت بهم إِمَّا كلهم وَإِمَّا بَعضهم وَأَجَازَهُ الْكسَائي وَالْفراء (وَلَا يقدم معمولها) أَي التوابع على الْمَتْبُوع لِأَن الْمَعْمُول لَا يحل إِلَّا فِي مَوضِع يحل فِيهِ الْعَامِل وَمَعْلُوم أَن التَّابِع لَا يتَقَدَّم على الْمَتْبُوع (خلافًا للكوفية) فِي جويزهم ذَلِك فَيُقَال هَذَا طَعَامك رجل يَأْكُل وَوَافَقَهُمْ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقل لَهُم فِي أنفسهم قولا بليغا} [النِّسَاء: 63] فَجعل (فِي أنفسهم) مُتَعَلقا ب (بليغا)

النعت

النَّعْت أَي هَذَا مبحثه قَالَ أَبُو حَيَّان وَالتَّعْبِير بِهِ اصْطِلَاح الْكُوفِيّين وَرُبمَا قَالَه البصريون وَالْأَكْثَر عِنْدهم الْوَصْف وَالصّفة (تَابع مكمل لمتبوعه لدلالته على معنى فِيهِ أَو فِي مُتَعَلق بِهِ) فَخرج بالمكمل الْبَدَل والنسق وَبِمَا بعده الْمشَار بِأول قسميه إِلَى الْجَارِي عَلَيْهِ وَبِالثَّانِي إِلَى الْمسند إِلَى سَببه التوكيد وَالْبَيَان (وَيرد مدحا) نَحْو {الْحَمد لله رب الْعَالمين} [الْفَاتِحَة: 2] الْآيَات (وذما) نَحْو (أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم) (وترحما) نَحْو: (لطف الله بعباده الضُّعَفَاء) (وتوضيحا) أَي إِزَالَة للاشتراك الْعَارِض فِي الْمعرفَة نَحْو مَرَرْت بزيد الْكَاتِب (وتخصيصا) فِي النكرَة نَحْو: {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} [النِّسَاء: 92] (وتوكيدا) نَحْو: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} [النَّحْل: 51] (وَغير ذَلِك) كالتعميم نَحْو (إِن الله يحْشر النَّاس الْأَوَّلين والآخرين) ومقابلة نَحْو: (الصَّلَاة الْوُسْطَى) وَالتَّفْصِيل نَحْو (مَرَرْت برجلَيْن عَرَبِيّ وعجمي) (ويوافق متبوعه تعريفا وتنكيرا) سَوَاء كَانَ مَعْنَاهُ لَهُ أَو لما بعده فَهُوَ كَمَا قَالَ ابْن مَالك أولى من التَّعْبِير بمنعوته لِأَنَّهُ إِنَّمَا يصدق حَقِيقَة على الأول وَلِأَنَّهُ يَشْمَل الْمَقْطُوع وَلَا تجب الْمُوَافقَة فِيهِ وَلَا يُطلق عَلَيْهِ تَابع وَإِنَّمَا وَجَبت الْمُوَافقَة فِي ذَلِك حذرا من التدافع بَين مَا هُوَ فِي الْمَعْنى وَاحِد لِأَن فِي التَّعْرِيف إيضاحا وَفِي التنكير إبهاما والنعت والمنعوت فِي الْمَعْنى وَاحِد فتدافعا (وَشرط الْجُمْهُور أَلا يكون أعرف) من متبوعه بل دونه أَو مُسَاوِيا لَهُ نَحْو (رَأَيْت زيدا الْفَاضِل وَالرجل الصَّالح) نعم يجوز كَونه أخص نَحْو (رجل فصيح ولحان) و (غُلَام يافع ومراهق) وَقَالَ الْفراء يُوصف الْأَعَمّ بالأخص نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ أَخِيك وَابْن خروف تُوصَف كل معرفَة بِكُل معرفَة كَمَا تُوصَف كل نكرَة بِكُل

نكرَة من غير مُلَاحظَة تَخْصِيص وَلَا تَعْمِيم قَالَ وَمَا ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور دَعْوَى بِلَا دَلِيل (وَجوز الكوفية التخالف فِي الْمَدْح والذم) ومثلوا بقوله تَعَالَى: {ويل لكل همزَة لُمزَة الَّذِي جمع} [الْهمزَة: 1، 2] فَجعلُوا (الَّذِي) صفة لهمزة (و) جوز (الْأَخْفَش وصف النكرَة بالمعرفة إِذا خصصت) قبل ذَلِك بِالْوَصْفِ وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَئَاخَرَانِ يَقُومَنِ مَقَّامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ استَحَقَّ عَلَيهِمُ الأَولَيانِ} [الْمَائِدَة: عَلَيْهِم 107] قَالَ: (الأوليان) صفة (لآخران) لِأَنَّهُ لما وصف تخصص (و) جوز (قوم عَكسه) أَي وصف الْمعرفَة بالنكرة (مُطلقًا) وَمثل بقوله: 1534 - (وللمُغنى رَسول الزُّور قوَّادِي) قَالَ (قواد) صفة الْمُغنِي (و) جوز أَبُو الْحُسَيْن (ابْن الطراوة) وصف الْمعرفَة بالنكرة (إِذا كَانَ الْوَصْف خَاصّا بالموصوف) لَا يُوصف بِهِ غَيره كَقَوْلِه: 1535 - (فِي أنيابها السُّمُّ ناقِعُ ... ) قَالَ (ناقع) صفة للسم وَأجِيب بِالْمَنْعِ فِي الْجَمِيع بإعرابها إبدالا (وَهُوَ) أَي النَّعْت (فِي الْإِفْرَاد والتذكير وفروعهما) أَي التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث (كَمَا مر فِي) مَبْحَث إِعْمَال (الصّفة) المشبهة

فَإِن رفع ضمير المنعوت بِأَن كَانَ مَعْنَاهُ لَهُ نَحْو مَرَرْت برجلَيْن قارئين أَو لسببية وَلم يرفع الظَّاهِر نَحْو مَرَرْت بِامْرَأَة حَسَنَة الْوَجْه وبرجال حسان الْوُجُوه وَجَبت الْمُطَابقَة فِي ذَلِك أَو رَفعه فكالمسند إِلَى الْفِعْل يجب إِفْرَاده فِي الْأَصَح وتأنيثه حَيْثُ الظَّاهِر حَقِيقِيّ وَرجح حَيْثُ هُوَ مجازي على التَّفْصِيل الْآتِي فِي التَّأْنِيث (وَيكون) النَّعْت (جملَة كالصلة) فَلَا تكون إِلَّا خبرية وَنَحْو: 1536 - (جَاءُوا بمَذْق هَل رأيْتَ الذِّئْبَ قَطْ ... ) مؤول على حذف الْوَصْف أَي مقول فِيهِ (هَل رَأَيْت) وَمِنْه قَول أبي الدَّرْدَاء (وجدت النَّاس أخبر تقله) أَي مقولا فيهم وَيجب مَعهَا الْعَائِد كعائد الْمَوْصُول (و) لَكِن (حذف عائدها) هُنَا (كثير) وَفِي الْخَبَر قَلِيل وَفِي الصِّلَة أَكثر

صفحة فارغة

مسألة

مَسْأَلَة (لَا ينعَت الضَّمِير وَلَا) ينعَت (بِهِ) مُطلقًا أما الأول فَلِأَنَّهُ إِشَارَة بِحرف وَاحِد أَو حرفين أَو ظَاهر تقدم ذكره وَالْإِشَارَة لَا تنْعَت بل الْمشَار إِلَيْهِ الظَّاهِر الْمُتَقَدّم وَلِأَن النَّعْت فِي الأَصْل إِيضَاح أَو تَخْصِيص وَلَا إِضْمَار إِلَّا بعد معرفَة لَا إلباس فِيهَا وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بمشتق وَلَا مؤول بِهِ فَلَا يتَصَوَّر فِيهِ إِضْمَار يعود على منعوته وَلِأَنَّهُ أعرف المعارف وَتقدم اشْتِرَاط أَلا يكون النَّعْت أعرف (وَجوز الْكسَائي نعت) مُضْمر (الْغَائِب) إِذا كَانَ (لمدح أَو ذمّ أَو ترحم) كَذَا نَقله عَنهُ النَّاس كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَاحْتج بقوله تَعَالَى: {قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب} [سبأ: 48] وَقَوْلهمْ (مَرَرْت بِهِ الْمِسْكِين) وَقَوْلهمْ (اللَّهُمَّ صل عيه الرءوف الرَّحِيم) وَقَوله: 1537 (فَلَا تلمْهُ أَن ينامَ البائِسا ... ) وَغَيره خرج ذَلِك على الْبَدَل قَالَ ابْن مَالك وَفِيه تكلّف (وَقيل) إِنَّه أجَازه (إِذا تقدم الْمظهر) كَذَا نَقله عَنهُ النّحاس وَالْفراء (وَكَذَا كل متوغل فِي الْبَاء) لَا ينعَت وَلَا ينعَت بِهِ كأسماء الشَّرْط والاستفهام وَكم الخبرية وَمَا التعجبية والآن وَقبل وَبعد (غير مَا مر) أَنه ينعَت أَو ينعَت بِهِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ (مَا) و (من) النكرتان وَذُو الطائية والموصول المقرون بأل (والمصدر) الَّذِي (للطلب) نَحْو ضربا زيدا وسقيا لَك لَا ينعَت لِأَنَّهُ بدل من الْفِعْل وَلَا ينعَت بِهِ لِأَنَّهُ طلب (وَقَالَ الكوفية والزجاج والسهيلي وَمِنْه) أَي مِمَّا لَا ينعَت وَلَا ينعَت بِهِ

(الْإِشَارَة) أما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ جامد وَلَا يتَصَوَّر فِيهِ الْإِضْمَار وَأما الأول فَلِأَن غَالب مَا يَقع بعده جامد قَالَ السُّهيْلي فَالْأولى جعله بَيَانا وَإِن سَمَّاهُ سِيبَوَيْهٍ صفة فتسامح كَمَا سمى بذلك التوكيد وَالْبَيَان فِي غير مَوضِع وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَأكْثر الْبَصرِيين على أَنه ينعَت وينعت بِهِ نَحْو: {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} [الْأَنْبِيَاء: 63] {أَرَءَيتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمتَ عَلَيَّ} [الْإِسْرَاء: 62] (و) لَكِن (لَا ينعَت عِنْد المجوز لَهُ إِلَّا بِذِي أل) أما غير الْمُضَاف من المعارف فَوَاضِح أَنه لَا ينعَت بِهِ أما الْمُضَاف فَلِأَن النَّعْت مَعَ منعوته كاسم وَاحِد وَاسم الْإِشَارَة لَا يُضَاف فَكَذَا منعوته ولوحظ فِي ذِي أل معنى الِاشْتِقَاق على أَن معنى قَوْلك هَذَا الرجل هَذَا الْحَاضِر الْمشَار إِلَيْهِ (فَإِن كَانَ) الْوَاقِع بعده (مشتقا ضعف) (وينعت فَقَط) أَي وَلَا ينعَت بِهِ (الْعلم) لِأَنَّهُ لَيْسَ بمشتق وَصفا وَلَا تَأْوِيلا (والأجناس) مَا دَامَت على موضوعها كَرجل وَسبع (وَعَكسه) أَي ينعَت بِهِ وَلَا ينعَت (أَي) كَمَا سبق (وَمَا مر) من كل وجد وَحقّ (وَمِنْه مَا لَا يَقع إِلَّا تَابعا) كخالدة تالدة وَحسن بسن وَشَيْطَان ليطان أَي كالاسم الثَّانِي من الْمَذْكُورَات قَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي مَحْفُوظَة لَا يُقَاس عَلَيْهَا قلت ألف فِيهَا ابْن فَارس كتابا (قيل وَمِنْه الْمَوْصُول) لِأَنَّهُ كجزء كلمة إِذْ لَا يتم إِلَّا بصلته وجزء الْكَلِمَة لَا ينعَت وَالأَصَح أَن المقرون بأل مِنْهُ يُوصف كَمَا يُوصف بِهِ ويصغر ويثنى وَيجمع وَكَذَا (مَا) و (من) تَقول جَاءَنِي من فِي الدَّار الْعَاقِل وَنظرت إِلَى مَا اشْتريت الْحسن (قيل وَمِنْه الْوَصْف) قَالَ ابْن جني من خَواص الْوَصْف أَلا يقبل الْوَصْف لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة الْفِعْل وَالْجُمْلَة وَإِن كثرت الصِّفَات فَهِيَ للْأولِ

مسألة

وَقَالَ غَيره لِأَنَّهُ من تَمام الأول فَكَأَنَّهُ بعضه ورد بِأَن الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ كَذَلِك وَلَا خلاف فِي وصفهما وَالأَصَح أَنه قد يُوصف مُطلقًا لِأَنَّهُ اسْم وكل اسْم فِي الْحَقِيقَة قَابل للوصف فَلَا يرد بشبة ضَعِيف وَقد أجَاز سِيبَوَيْهٍ يَا زيد الطَّوِيل ذُو الجمة على جعل (ذِي الجمة نعتا (للطويل) وَجعل (صَائِما) من قَوْله: 1538 - (لدي فرس مُسْتقبل الرّيح صَائِم ... ) صفة مُسْتَقْبل وَهُوَ عَامل (وَثَالِثهَا يُوصف إِن دلّ على جموده دَلِيل) قَالَه السهلي كَأَن يكون خَبرا لمبتدأ أَو بَدَلا من اسْم جامد بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ نعتا فيقوى فِيهِ معنى الْفِعْل حِينَئِذٍ بالاعتماد فَلَا ينعَت (وَرَابِعهَا) يُوصف (إِن لم يعْمل) عمل الْفِعْل لبعده حِينَئِذٍ عَن الْفِعْل بِخِلَاف مَا إِذا عمل مَسْأَلَة (يفرق نعت غير الْوَاحِد) أَي الْمثنى وَالْجمع (بِالْوَاو إِن اخْتلف) نَحْو مَرَرْت برجلَيْن كريم وبخيل (وَإِلَّا) بِأَن اتّفق (جمع) بَينهمَا فِي اللَّفْظ نَحْو مَرَرْت برجلَيْن كريمين (وَغلب التَّذْكِير وَالْعقل وجوبا عِنْد الشُّمُول) نَحْو مَرَرْت بزيد وَهِنْد الصَّالِحين وبرجل وَامْرَأَة عاقلين واشتريت عَبْدَيْنِ وفرسين مختارين (واختيارا عِنْد التَّفْصِيل) نَحْو مَرَرْت بإنسانين صَالح وَصَالح وَيجوز وصالحة وانتفعت بعبيد وأفراس سابقيين وسابقين وَيجوز وسابقات (فَإِن تعدد الْعَامِل وَجب الْقطع إِلَى الرّفْع) بإضمار مُبْتَدأ

(وَكَذَا النصب بِفعل لَائِق وَاجِب الْإِضْمَار فِي غير تَخْصِيص) سَوَاء اخْتلف الْعَمَل نَحْو مَرَرْت بزيد وَلَقِيت عمرا الكريمان أَو الكريمين أم اتَّحد وَاخْتلف جنس الْكَلَام فِي الْمَعْنى نَحْو قَامَ زيد وَهل خرج عَمْرو العاقلان أَو اتّفق وَاخْتلف جنس الْعَامِل كَأَن يَكُونَا مرفوعين هَذَا على الفاعلية وَهَذَا على الِابْتِدَاء أَو منصوبين هَذَا على المفعولية وَهَذَا على الظَّرْفِيَّة أَو مجرورين هَذَا بِحرف وَهَذَا بِإِضَافَة نَحْو هَذَا زيد وَقَامَ عَمْرو الظريفان أَو الظريفين (وَجوز قوم) مِنْهُم الْأَخْفَش (الإتباع إِذا اتَّحد الْعَمَل لَا جنس الْعَامِل وتقارب الْمَعْنى) وَهُوَ الْقسم الْأَخير مِمَّا ذكر (و) جوز (الْكسَائي) وَالْفراء الإتباع (إِذا تقَارب الْمَعْنى) أَي معنى العاملين (وَإِن اخْتلفَا) فِي الْعَمَل نَحْو رَأَيْت زيدا ومررت بِعَمْرو الظريفين لِأَن الْمُرُور فِي معنى الرُّؤْيَة ومررت بِرَجُل مَعَه رجل قَائِمين لِأَنَّهُ قد مر بهما جَمِيعًا لَكِن الْكسَائي يتبع الثَّانِي وَالْفراء يتبع الأول وَقَوْلِي فِي غير تَخْصِيص رَاجع إِلَى وجوب إِضْمَار الْفِعْل فَإِن نعت التَّخْصِيص يجوز فِيهِ إِظْهَاره نَحْو أَعنِي (فَإِن اتحدا) أَي العاملان جِنْسا وَعَملا (جَازَ) الإتباع (عِنْد الْجُمْهُور) سَوَاء اتفقَا لفظا وَمعنى نَحْو قَامَ زيد وَقَامَ بكر العاقلان أَو اخْتلفَا فيهمَا نَحْو أقبل زيد وَأدبر عَمْرو العاقلان أَو اتفقَا لفظا فَقَط نَحْو وجد زيد على عَمْرو وَوجد بكر الضَّالة العاقلان أَو معنى نَحْو ذهب زيد وَانْطَلق خَالِد العاقلان وَذهب ابْن السراج إِلَى وجوب الْقطع فِي الْجَمِيع إِلَّا أَنه فصل فِي الأولى فَقَالَ إِن قدرت الثَّانِي عَاملا فالقطع أَو توكيدا وَالْعَامِل هُوَ الأول جَازَ الإتباع وَوَافَقَهُ الْمبرد فِي الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَمُقْتَضى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَنه لَا يجوز الإتباع لما انجر من جِهَتَيْنِ كاختلاف الْحَرْف وَالْإِضَافَة نَحْو مَرَرْت بزيد وَهَذَا غُلَام بكر الفاضلين وكاختلاف الحرفين نَحْو مَرَرْت بزيد وَدخلت إِلَى عَمْرو الظريفين وكاختلاف معنى الحرفين نَحْو مَرَرْت يزِيد واستعنت بِعَمْرو الفاضلين أَو الإضافتين نَحْو هَذِه دَار زيد وَهَذَا أَخُو عَمْرو الفاضلين

(وَإِن كَانَ الْعَامِل وَاحِدًا جازا) أَي الإتباع وَالْقطع (إِن لم يخْتَلف الْعَمَل) نَحْو قَامَ زيد وَعَمْرو العاقلان بِخِلَاف مَا إِذا اخْتلف فَيتَعَيَّن الْقطع سَوَاء اخْتلفت النِّسْبَة إِلَيْهِمَا من حَيْثُ الْمَعْنى نَحْو ضرب زيد عمرا العاقلان أم اتّحدت وَقَالَ الْفراء وَابْن سَعْدَان يجوز الإتباع فِي الْأَخِيرَة ثمَّ قَالَ الْفراء يجب إتباع الْمَرْفُوع تغلبيا لَهُ وَقَالَ ابْن سَعْدَان يجوز إتباع كل مِنْهُمَا نَحْو خَاصم زيد عمرا الكريمان والكريمين لِأَن كلا مِنْهُمَا مخاصم ومخاصم فَهُوَ فَاعل ومفعول قَالَ أَبُو حَيَّان ورد بِأَنَّهُ لَا يجوز ضَارب زيد هندا الْعَاقِلَة بِالرَّفْع على الإتباع إِجْمَاعًا فَكَمَا لَا يجوز فِي نعت الِاسْم إِذا أفرد الْحمل على الْمَعْنى لَا يجوز إِذا ضممته إِلَى غَيره (ويجوزان) أَي الإتباع وَالْقطع (فِي نعت غير مُبْهَم إِن لم يكن مُلْتَزما وَلَا مؤكدا قَالَ يُونُس وَلَا ترحما) نَحْو الْحَمد لله الحميد أَي هُوَ ( {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} [المسد: 4] أَي أَذمّ {والمقيمين الصَّلَاة} [النِّسَاء 162] أَي أمدح و (اللَّهُمَّ الطف بعبدك الْمِسْكِين) أَي أترحم على رَأْي الْجُمْهُور بِخِلَاف نعت الْمُبْهم نَحْو مَرَرْت بِهَذَا الْعَالم أَو النَّعْت الْمُلْتَزم نَحْو نظرت إِلَى الشعرى العبور أَو الْمُؤَكّد نَحْو: {لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} [النَّحْل: 51] فَلَا يجوز فيهمَا الْقطع (فَإِن كَانَ) النَّعْت (لنكرة شَرط) فِي جَوَاز الْقطع (تقدم) نعت (آخر اخْتِيَارا) كَقَوْل أبي الدَّرْدَاء (نزلنَا على خَال لنا ذُو مَال وَذُو هَيْئَة) فَإِن لم يتَقَدَّم آخر لم يجز الْقطع إِلَّا فِي الشّعْر (لَا لكَونه لغير مدح أَو ذمّ أَو ترحم) أَي لَا يشْتَرط ذَلِك (فِي الْأَصَح) وَقَالَ يُونُس لَا يجوز الْقطع فِي الثَّلَاثَة وَوَافَقَهُ الْخَلِيل فِي الْمَدْح والذم أما نعت الْمعرفَة فَلَا يشْتَرط ذَلِك فِيهِ بِاتِّفَاق إِلَّا مَا تقدم عَن يُونُس فِي الترحم (وَإِن كثرت نعوت مَعْلُوم) لَا يحْتَاج إِلَيْهَا فِي التَّمْيِيز (أَو منزل مَنْزِلَته) تَعْظِيمًا أَو غَيره (أتبعت) كلهَا (أَو قطعت أَو) قطع (بَعْضهَا) وأتبع بعض (بِشَرْط تَقْدِيم المتبع فِي الْأَصَح) لِأَنَّهُ الثَّابِت عَن الْعَرَب لِئَلَّا يفصل بَين النَّعْت والمنعوت

وَقيل لَا يشْتَرط بل يجوز الإتباع بعد الْقطع لِأَنَّهُ عَارض لَفْظِي فَلَا حكم لَهُ وَقد قَالَ تَعَالَى: {والمقيمين الصَّلَاة والمؤتون الزَّكَاة} [النِّسَاء: 162] وَقَالَت الخرنق 1539 - (لَا يَبْعَدنْ قَوْمِي الَّذين هُمُ ... سَمُّ العُدَاةِ وآفةُ الجُزُر) (النّازلين بِكُل مُعْتَرَكٍ ... والطَيِّبُون مَعاقِدَ الأزْر) رُوِيَ برفعهما ونصبهما وَنصب الأول وَرفع الثَّانِي وَعَكسه وَهُوَ مِمَّا نزل فِيهِ المنعوت منزلَة الْمَعْلُوم تَعْظِيمًا وَأجِيب بِأَن الرّفْع فِيهِ على رِوَايَة نصب الأول وَفِي الْآيَة على الِابْتِدَاء أما إِذا احْتَاجَ المنعوت إِلَى إتباع الْجَمِيع أَو بَعْضهَا فِي الْبَيَان فَإِنَّهُ يجب إتباعه وَيقدم فِي الثَّانِيَة على الْمَقْطُوع وإتباعه أَيْضا أَجود (وَيجوز تعاطفها) أَي النعوت أَي عطف بَعْضهَا على بعض متبعة كَانَت أَو مَقْطُوعَة قَالَ أَبُو حَيَّان وتختص بِالْوَاو نَحْو: {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى الَّذِي خلق فسوى وَالَّذِي قدر فهدى وَالَّذِي أخرج المرعى} [الْأَعْلَى: 1 - 4] قَالَ وَلَا يجوز بِالْفَاءِ إِلَّا إِن دلّت على أَحْدَاث وَاقع بَعْضهَا على إِثْر بعض نَحْو مَرَرْت بِرَجُل قَائِم إِلَى زيد فضاربه فقاتله قَالَ

1540 - (يَا وَيْحَ زَيّابَة لِلْحَارِثِ الصابح ... فالغانِم فالآيبِ) أَي الَّذِي صبح الْعَدو فغنم فآب قَالَ السُّهيْلي والعطف بثم فِي مثل هَذَا بعيد جَوَازه وَقَالَ ابْن خروف إِذا كَانَت مجتمعة فِي حَالَة وَاحِدَة لم يكن الْعَطف إِلَّا بِالْوَاو وَإِلَّا جَازَ بِجَمِيعِ حُرُوف الْعَطف إِلَّا حَتَّى وَأم وَإِنَّمَا يجوز الْعَطف (لاخْتِلَاف الْمعَانِي) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ينزل اخْتِلَاف الصِّفَات منزلَة اخْتِلَاف الذوات فَيصح الْعَطف فَإِن اتّفقت فَلَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى عطف الشَّيْء على نَفسه (وَإِنَّمَا تحسن لتباعدها) نَحْو: {هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن} [الْحَدِيد: 3] بِخِلَاف مَا إِذا تقاربت نَحْو: {هُوَ الله الْخَالِق البارئ المصور} [الْحَشْر: 24] (ويلي) النَّعْت (إِمَّا) أَو (لَا) لإِفَادَة شكّ أَو تنويع أَو نَحْوهمَا (فَيجب تكرارهما) مقرونين (بِالْوَاو) نَحْو مَرَرْت بِرَجُل إِمَّا صَالح وَإِمَّا طالح: {وظل من يحموم لَا بَارِد وَلَا كريم} [الْوَاقِعَة: 43، 44] (وَقيل لَا يجب تكْرَار لَا) لِأَنَّهَا لَيست فِي جَوَاب (وَإِذا وصف بمفرد وظرف) أَو مجرور (وَجُمْلَة فَالْأولى ترتيبها هَكَذَا) كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤمِنٌ مِّنءَالِ فِرعَونَ يَكتُمُ إِيمَانَهُ} [غَافِر: 28] وَعلة ذَلِك أَن الأَصْل الْوَصْف بِالِاسْمِ فَالْقِيَاس تَقْدِيمه وَإِنَّمَا تقدم الظّرْف وَنَحْوه على الْجُمْلَة لِأَنَّهُ من قبيل الْمُفْرد (وأوجبه ابْن عُصْفُور اخْتِيَارا) وَقَالَ لَا يُخَالف فِي ذَلِك إِلَّا فِي ضَرُورَة أَو ندور ورد بقوله تَعَالَى: {كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك} [ص: 29] وَقَوله: {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين} [الْمَائِدَة: 54] (وَقدم ابْن جني الصّفة غير الرافعة عَلَيْهَا) أَي على الرافعة لِأَن الرافعة شَبيهَة

مسألة

بِالْجُمْلَةِ فَيُقَال مَرَرْت بِرَجُل قَائِم عَاقل أَبوهُ وعَلى هَذَا يَليهَا الظّرْف (وَقدم بَعضهم) وَهُوَ صَاحب (البديع) الْجُمْلَة (الفعلية على الاسمية) قَالَ لِأَن الْوَصْف بِتِلْكَ أقوى مِنْهُ بِهَذِهِ قَالَ وَأكْثر مَا يُوصف من الْأَفْعَال بالماضي مَسْأَلَة (لَا يقدم النَّعْت) على منعوته (خلافًا لبَعْضهِم) وَهُوَ صَاحب البديع (فِي) إِجَازَته تَقْدِيم النَّعْت (غير مُفْرد) أَي مثنى أَو جمع (إِذا تقدم أحد متبوعيه) فَيُقَال قَامَ زيد العاقلان وَعَمْرو كَقَوْلِه: 1541 - (أبَى ذَاكَ عَمِّي الأكْرمان وخَالِيا ... ) (ويحذف المنعوت لقَرِينَة) كتقدم ذكره نَحْو (ائْتِنِي بِمَاء وَلَو بَارِدًا) واختصاص النَّعْت بِهِ كمررت بكاتب وحائض وراكب صاهلا ومصاحبة مَا يُعينهُ نَحْو: {وألنا لَهُ الْحَدِيد أَن اعْمَلْ سابغات} [سبأ: 10، 11] أَي (دروعا) وَقصد الْعُمُوم نَحْو: {وَلَا رطب وَلَا يَابِس} [الْأَنْعَام: 59] وإجرائه مجْرى الْأَسْمَاء كمررت بالفقيه أَو القَاضِي وإشعاره بِالتَّعْلِيلِ نَحْو أكْرم الْعَالم وأهن الْفَاسِق وَكَونه لمَكَان أَو زمَان نَحْو جَلَست قَرِيبا مِنْك وصحبتك طَويلا (ويقام نَعته مقَامه إِن لم يكن ظرفا أَو جملَة) بِأَن كَانَ مُفردا كَمَا مثلنَا لتصح مُبَاشَرَته لما كَانَ المنعوت يباشره (أَو كَانَ هما) أَي ظرفا أَو جملَة (والمنعوت بعض مَا قبله من مجرور بِمن) نَحْو: {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ} [النِّسَاء: 159] أَي وَإِن أحد {وَمنا دون ذَلِك} [الْجِنّ: 11] أَي قوم دون وَقَالُوا منا ظعن وَمنا أَقَامَ أَي إِنْسَان وَقَالَ:

1542 - (وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا تارتان فمِنْهُما ... أَمُوتُ وَأُخْرَى أَبْتَغِي العَيش أكْدَحُ) أَي تَارَة (وَقَالَ ابْن مَالك أَو فِي) كَقَوْلِه: 1543 - (لَو قُلْتَ مَا فِي قَوْمِها لم تيثم ... يَفْضُلُها فِي حَسَبٍ ومِيسَم) أَي (أحد) يفضلها وَغَيره لم يذكرذلك بل جعله ابْن عُصْفُور من الصرائر وَإِلَّا بِأَن لم يكن قرينَة أَو كَانَ النَّعْت ظرفا أَو جملَة والمنعوت غير بعض مِمَّا قبله أَو بعض بِلَا تقدم (من) أَو (فِي) على رَأْي ابْن مَالك (فضرورة) حذفه كَقَوْلِه: 1544 - (وقُصْرَى شَنِج الأنْساء ... نَبَّاح من الشُّعْبِ)

أَي ثَوْر شنج الأنساء وَقد يُوصف بِهِ الْفرس والغزال وقولك وَمَا من الْبَصْرَة إِلَّا يسير إِلَى الْكُوفَة أَي رجل وَقَوله: 1545 (ترْمِي بكَفِّيْ كَانَ من أرمَى البَشَر ... ) وَقَوله: 1546 - (وَالله مَا زَيْدٌ بنامَ صاحِبُهْ ... ) أَي (رجل نَام) و (بكفي رجل كَانَ) (ويقل حذف النَّعْت) مَعَ الْعلم بِهِ لِأَنَّهُ جِيءَ بِهِ فِي الأَصْل لفائدة إِزَالَة الِاشْتِرَاك أَو الْعُمُوم فَحَذفهُ عكس الْمَقْصُود وَمِمَّا ورد مِنْهُ: {وَكذب بِهِ قَوْمك} [الْأَنْعَام: 66] أَي المعاندون {إِنَّه لَيْسَ من أهلك} [هود: 46] أَي الناجين: {الْآن جِئْت بِالْحَقِّ} [الْبَقَرَة: 71] أَي الْوَاضِح (تُدَمِّرُ كُلَّ شيءٍ} [الْأَحْقَاف: 25] أَي سلطت عَلَيْهِ 1547 - (فَلم أُعطَ شَيْئا وَلم أُمْنَع ... ) أَي طائلا

عطف البيان

عطف الْبَيَان أَي هَذَا مبحثه قَالَ أَبُو حَيَّان وَسمي بِهِ لِأَنَّهُ تكْرَار الأول لزِيَادَة بَيَان فكأنك رَددته على نَفسه بِخِلَاف النَّعْت والتأكيد وَالْبدل وَقيل لِأَن أَصله الْعَطف فَأصل جَاءَ أَخُوك زيد وَهُوَ زيد حذف الْحَرْف وَالضَّمِير وأقيم زيد مقَامه وَلذَلِك لَا يكون فِي غير الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة ذكره صَاحب الْبَسِيط والكوفيون يسمونه التَّرْجَمَة (هُوَ الْجَارِي مجْرى النَّعْت) فِي تَكْمِيل متبوعه (توضيحا وتخصيصا قيل وتوكيدا) فَالْأول فِي المعارف نَحْو جَاءَ أَخُوك زيد وَالثَّانِي فِي النكرات نَحْو: {من شَجَرَة مباركة زيتونة} [النُّور: 35] وَالثَّالِث فِي المكرر بِلَفْظِهِ نَحْو: 1548 - (لقائِلٌ يَا نَصْرٌ نَصْرٌ نَصْرَا ... ) قَالَ ابْن مَالك وَالْأولَى عِنْدِي جعله توكيدا لفظيا لِأَن عطف الْبَيَان حَقه أَن يكون للْأولِ بِهِ زِيَادَة وضوح وتكرير اللَّفْظ لَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى ذَلِك وَفَارق بِمَا ذَكرْنَاهُ سَائِر التوابع إِلَّا النَّعْت (لَكِن يجب جموده) وَلَو تَأْوِيلا وَبِذَلِك يقارن النَّعْت وَالْمرَاد بالجامد تَأْوِيلا الْعلم الَّذِي كَانَ أَصله صفة فَغلبَتْ (لَا كَونه أخص من الْمَتْبُوع أَو غير أخص) مِنْهُ أَي لَا يجب وَاحِد مِنْهُمَا (فِي الْأَصَح) قَالَ فِي شرح الكافية وَاشْترط الْجِرْجَانِيّ والزمخشري زِيَادَة تَخْصِيصه وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَنَّهُ فِي الجامد بِمَنْزِلَة النَّعْت فِي الْمُشْتَقّ وَلَا يشْتَرط زِيَادَة تخصص النَّعْت فَكَذَا عطف الْبَيَان بل الأولى بهما الْعَكْس لِأَنَّهُمَا مكملان وَقد جعل سِيبَوَيْهٍ (ذَا الجمة) من (يَا هَذَا ذَا الجمة) عطف بَيَان مَعَ أَن (هَذَا) أخص انْتهى

وَقَالَ فِي شرح التسهيل زعم أَكثر الْمُتَأَخِّرين أَن متبوع عطف الْبَيَان لَا يفوتهُ فِي الِاخْتِصَاص بل يُسَاوِيه أَو يكون أَعم مِنْهُ وَالصَّحِيح جَوَاز الثَّلَاثَة لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة النَّعْت وَهُوَ يكون فِي الِاخْتِصَاص فائقا ومفوقا ومساويا فَلْيَكُن الْعَطف كَذَلِك انْتهى فَذكر فِي كل من الْكِتَابَيْنِ مَسْأَلَة وَتحصل من ذَلِك فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَة أَقْوَال وَقَالَ أَبُو حَيَّان شَرط ابْن عُصْفُور أَن يكون عطف الْبَيَان أعرف من متبوعه وَعلله بِأَن الِابْتِدَاء بالأخص يُوجب الِاكْتِفَاء بِهِ وَعدم الْحَاجة إِلَى الْإِتْيَان بِمَا هُوَ دونه (وَيُوَافِقهُ) أَي مبتوعه (فِي الْإِفْرَاد والتذكير والتنكير) وفروعهما أَي التَّثْنِيَة وَالْجمع والتأنيث والتعريف كالنعت (وَمنع البصرية جَرَيَانه على النكرَة) وَقَالُوا لَا يجْرِي إِلَّا فِي المعارف كَذَا نَقله عَنْهُم الشلوبين قَالَ ابْن مَالك وَلم أجد هَذَا النَّقْل عَنْهُم إِلَّا من جِهَته وَذهب الْكُوفِيُّونَ والفارسي والزمخشري إِلَى جَوَاز تنكيرهما ومثلوا بقوله تَعَالَى: {من مَاء صديد} [إِبْرَاهِيم: 16] وَقَوله: {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} [الْمَائِدَة: 95] {من شَجَرَة مباركة زيتونة} [النُّور: 35] وَهُوَ الصَّحِيح وَاحْتج المانعون بِأَن الْغَرَض فِي عطف الْبَيَان تَبْيِين الِاسْم الْمَتْبُوع وإيضاحه والنكرة لَا يَصح أَن يبين بهَا غَيرهَا لِأَنَّهَا مَجْهُولَة وَلَا يبين مَجْهُول بِمَجْهُول وَأجِيب بِأَنَّهَا إِذا كَانَت أخص مِمَّا جرت عَلَيْهِ أفادته تبيينا وَإِن لم تصيره معرفَة وَهَذَا الْقدر كَاف فِي تَسْمِيَته عطف الْبَيَان قَالَ ابْن عُصْفُور وَهُوَ مَبْنِيّ على اشْتِرَاط كَونه أخص (وَجوز الزَّمَخْشَرِيّ تخالفهما) فأعرب قَوْله تَعَالَى: {مقَام إِبْرَاهِيم} [آل عمرَان: 97] عطف بَيَان وَهُوَ معرفَة جَار على (آيَات بَيِّنَات) وَهِي نكرَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ ومخالف لإِجْمَاع الْبَصرِيين والكوفيين فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِ (وَخَصه بَعضهم بِالْعلمِ) بِأَن يجْرِي على الِاسْم كنيته وَعَلَيْهِمَا اللقب وَلَا يجْرِي فِي سَائِر المعارف نَقله صَاحب الْبَسِيط

(وَلَا يكون مضمرا وفَاقا وَلَا تَابعا لَهُ) أَي لمضمر (على الصَّحِيح) لِأَنَّهُ فِي الجوامد نَظِير النَّعْت فِي الْمُشْتَقّ وَجوز بَعضهم جَرَيَانه على الْمُضمر فَإِنَّهُ قَالَ فِي (قَامُوا إِلَّا زيدا) إِن زيدا بَيَان للمضمر فِي قَامُوا وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَن اعبدوا الله} [الْمَائِدَة: 117] إِنَّه بَيَان للهاء من (أَمرتنِي بِهِ) (وَلَا) يكون (جملَة وَلَا تَابعا لَهَا) كَذَا نَقله ابْن هِشَام فِي الْمُغنِي جَازِمًا بِهِ وَسَوَاء الاسمية والفعلية (و) كل مَا كَانَ عطف بَيَان (يصلح) أَن يكون (بَدَلا) بِخِلَاف الْعَكْس لِأَن الْبَدَل لَا يشْتَرط فِيهِ التوافق فِي التَّعْرِيف والتنكير وَلَا الْإِفْرَاد وفرعيه (إِلَّا إِذا أفرد) عَن الْإِضَافَة مَقْرُونا بَال أَو لَا (تَابعا لمنادى) مَنْصُوب أَو مضموم كَقَوْلِه: 1549 - (فِيمَا أخوَيْنا عَبْد شَمْس ونوفلا ... ) وقولك يَا أخانا الْحَارِث يَا غُلَام بشر يَا أخانا زيدا بِالنّصب فَإِنَّهُ يتَعَيَّن فِي هَذِه الْأَمْثِلَة كَونه عطف بَيَان وَلَا يجوز إعرابه بَدَلا لِأَنَّهُ فِي نِيَّة تَقْدِير حرف النداء فَيلْزم ضمه وَنَحْو يَا زيد الرجل إِذْ على الْبَدَلِيَّة يلْزم دُخُول (يَا) على الْمُعَرّف بأل وَذَلِكَ مَمْنُوع (أَو جر متبوعه بِمَا لَا تصلح إِضَافَته إِلَيْهِ) بِأَن كَانَ صفة مقترنة ب (أل) وَالتَّابِع خَال مِنْهَا نَحْو: 1550 - (أَنا ابْن التّاركِ البكريِّ بشْر ... )

فَإِنَّهُ لَا تجوز هُنَا الْبَدَلِيَّة لِئَلَّا يلْزم إِضَافَة الْمُعَرّف ب (أل) إِلَى الْخَالِي مِنْهَا بِخِلَاف مَا إِذا صلح نَحْو أَنا الضَّارِب الرجل غُلَام الْقَوْم أَو أفعل تَفْضِيل مُضَافا إِلَى عَام مُتبع بقسميه والمفضل أَحدهمَا نَحْو زيد أفضل النَّاس الرِّجَال وَالنِّسَاء إِذْ على الْبَدَلِيَّة يكون التَّقْدِير زيد أفضل الرجل وَالنِّسَاء وَذَلِكَ لَا يسوغ أَو (أَي) أَو (كلا) مفصلا مَا بعده نَحْو أَي الرجلَيْن زيد وَعَمْرو أفضل وكلا أخويك زيد وَعَمْرو قَالَ ذَلِك (تَنْبِيهَات) الأول عد أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف الصُّور المستثناة إِحْدَى عشرَة شملت الْعبارَة مِنْهَا سَبْعَة وَالثَّامِنَة أَن يفْتَقر الْكَلَام إِلَّا رابط إِلَّا التَّابِع نَحْو هِنْد ضربت الرجل أخاها إِذْ على الْبَدَلِيَّة يلْزم خلو الْجُمْلَة الأولى عَن رابط لِأَن الْبَدَل فِي التَّقْدِير من جملَة أُخْرَى والتاسعة والعاشرة أَن يتبع مَوْصُوف أَي فِي النداء بمضاف أَو منون نَحْو يأيها الرجل غُلَام زيد ويأيها الرجل زيد إِذْ على الْبَدَلِيَّة يلْزم وصف أَي بِمَا لَيْسَ فِيهِ أل والحادية عشرَة أَن يتبع المنادى المضموم بِإِشَارَة نَحْو يَا زيد هَذَا إِذْ على الْبَدَلِيَّة يلْزم نِدَاء اسْم الْإِشَارَة من غير وصف وكل ذَلِك مَمْنُوع الثَّانِي اسْتشْكل ابْن هِشَام فِي حَوَاشِي التسهيل مَا علل بِهِ الصُّور الْمَذْكُورَة بِأَنَّهُم يغتفرون فِي الثواني مَا لَا يغتفرون فِي الْأَوَائِل وَقد جوزوا فِي (إِنَّك أَنْت) كَون (أَنْت) توكيدا وَكَونه بَدَلا مَعَ أَنه لَا يجوز (إِن أَنْت) الثَّالِث قَالَ أَبُو حَيَّان مَا عدا هَذِه الْمَوَاضِع يَجِيء عطف الْبَيَان فِيهِ مُشْتَركا فَتَارَة مَعَ النَّعْت نَحْو جَاءَ زيد أَبُو عَمْرو وَتارَة مَعَ الْبَدَل نَحْو جَاءَ أَبُو مُحَمَّد زيد وَتارَة مَعَ التَّأْكِيد نَحْو رَأَيْت زيدا زيدا

وَفِي شرح الكافية عطف الْبَيَان يجْرِي مجْرى النَّعْت فِي تَكْمِيل متبوعه ويفارقه فِي أَن تكميله شرح وتبيين لَا بِدلَالَة على معنى فِي الْمَتْبُوع أَو سَبَبِيَّة ومجرى التوكيد فِي تَقْوِيَة دلَالَته ويفارقه فِي أَنه لَا يرفع توهم مجَاز ومجرى الْبَدَل فِي صلاحيته للاستقلال ويفارقه فِي أَنه غير منوي الاطراح انْتهى قيل وَيتَعَيَّن للبدلية إِذا كَانَ التَّابِع بِلَفْظ الأول نَحْو {وَترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إِلَى كتابها} [الجاثية: 28] قَالَه ابْن الطراوة وَتَبعهُ ابْن مَالك لِأَن الشَّيْء لَا يبين نَفسه قَالَ ابْن هِشَام وَفِيه نظر لِأَن اللَّفْظ المكرر إِذا اتَّصل بِهِ مَا لم يتَّصل بِالْأولِ اتجه كَونه بَيَانا لما فِيهِ من زِيَادَة الْفَائِدَة نَحْو 1551 - (يَا زَيْدَ زَيْدَ اليَعْملات ... ) 1552 - (يَا تَيْم تَيْمَ عَدِيٍّ ... )

التوكيد

3 - التوكيد أَي هَذَا مبحثه وَهُوَ مصدر وكد والتأكيد مصدر أكد لُغَتَانِ قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ تَابع يقْصد بِهِ كَون الْمَتْبُوع على ظَاهره وَهُوَ قِسْمَانِ فَالْأول معنوي بِأَلْفَاظ محصورة فَلَا يحْتَاج إِلَى حد فَمِنْهُ لدفع توهم الْمجَاز من حذف مُضَاف أَو غَيره أَو السَّهْو أَو النسْيَان النَّفس وَالْعين بِمَعْنى الذَّات مضافين لضمير الْمُؤَكّد المطابق لَهُ فِي الْإِفْرَاد والتذكير وفروعهما نَحْو جَاءَ زيد نَفسه وَهِنْد نَفسهَا والزيدان أَو الهندان أَنفسهمَا والزيدون أنفسهم والهندات أَنْفسهنَّ فَإِن أكد مثنى فجمعهما أفْصح من الْإِفْرَاد كَمَا تقدم وَيجوز الزيدان نفسهما بِالْإِفْرَادِ وَجوز ابْن مَالك وَولده تثنيتهما فَيُقَال نفساهما وَمنع ذَلِك أَبُو حَيَّان وَقَالَ إِنَّه غلط لم يقل بِهِ أحد من النَّحْوِيين وَإِنَّمَا منع أَو قل لكَرَاهَة اجْتِمَاع تثنيتين فِيمَا هُوَ كالكلمة الْوَاحِدَة واختير الْجمع على الْإِفْرَاد لِأَن التَّثْنِيَة جمع فِي الْمَعْنى وَلَا يؤكدان غَالِبا ضمير رفع مُتَّصِلا مستترا أَو بارزا إِلَّا بفاصل مَا نَحْو قُم أَنْت نَفسك وَقمت أَنْت نَفسك وقاما هما نفسهما وعلته أَن تَركه يُؤَدِّي إِلَى اللّبْس فِي بعض الصُّور نَحْو هِنْد ذهبت نَفسهَا أَو عينهَا لاحْتِمَال أَن يظنّ أَنَّهَا مَاتَت أَو عميت واحترزت بقول (غَالِبا) كَمَا فِي (التسهيل) عَمَّا ذكره الْأَخْفَش من أَنه يجوز على ضعف (قَامُوا أنفسهم) وأشرت ب (فاصل مَا) إِلَى أَنه لَا يشْتَرط كَونه ضميرا فَيجوز (هَلُمَّ لكم أَنفسكُم) بِلَا خلاف اكْتِفَاء بِفضل (لكم) وَيجوز جرهما أَي النَّفس وَالْعين بِالْبَاء الزَّائِدَة نَحْو جَاءَ زيد بِنَفسِهِ أَو بِعَيْنِه وَجعل مِنْهُ بَعضهم {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [الْبَقَرَة: 228] وَلَا يجوز ذَلِك فِي غَيرهمَا من أَلْفَاظ التَّأْكِيد

وَمِنْه للشمول وَرفع توهم إِطْلَاق الْبَعْض على الْكل فِي الْمثنى كلا وكلتا وَفِي غَيره أَي الْجمع وَمَا فِي مَعْنَاهُ كل وَجَمِيع وَعَامة مُضَافَة كلهَا إِلَى الضَّمِير المطابق للمؤكد وَأجْمع وأكتع وأبصع وأبتع وَمن ثمَّ أَي من هُنَا وَهُوَ كَون هَذِه الْأَلْفَاظ دَالَّة على الشُّمُول أَي من أجل ذَلِك لم يُؤَكد بالأولين أَي كلا وكلتا مَا لَا يصلح مَوْضِعه (وَاحِد) فَلَا يُقَال اخْتصم الرّجلَانِ كِلَاهُمَا وَلَا رَأَيْت أحد الرجلَيْن كليهمَا وَلَا المَال بَين الرجلَيْن كليهمَا لعدم الْفَائِدَة إِذْ لَا يحْتَمل فِي ذَلِك أَن يُرَاد بِالرجلَيْنِ أَحدهمَا حَتَّى يحْتَاج إِلَى التَّأْكِيد لدفعه وَلِأَنَّهُ لم يسمع من الْعَرَب قطّ وَيدل لَهُ أَنهم لَا يؤكدون فعل التَّعَجُّب بِالْمَصْدَرِ لِأَن التَّأْكِيد لرفع توهم الْمجَاز فِي الْفِعْل وإثباته حَاصِل لكَونه حَقِيقَة إِذْ لَا يتعجب من وصف شَيْء إِلَّا وَذَلِكَ الْوَصْف ثَابت لَهُ فَكَمَا رفضوا تأكيده بِالْمَصْدَرِ رفضوا تَأْكِيد مَا ذكر لما كَانَ الْمجَاز لَا يدْخلهُ خلافًا لِلْجُمْهُورِ فِي تجويزهم ذَلِك قَالُوا لِأَن الْعَرَب قد تؤكد حَيْثُ لَا يُرَاد رفع الِاحْتِمَال كَمَا أَتَوا بأجمع وأكتع بعد كل وَلَا احْتِمَال يرفع بهما لرفعه بِكُل وَالْجَوَاب كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّان أَن الْمَعْنى إِذا كَانَ يفِيدهُ اللَّفْظ حَقِيقَة فَلَا حَاجَة للفظ آخر يؤكده إِلَّا إِذا قوي بِرِوَايَة عَن الْعَرَب وَقد ذكرنَا أَن ذَلِك لم يسمع وَمن ثمَّ أَيْضا لَا يُؤَكد بالبواقي أَي كل وَمَا بعده غير ذِي أَجزَاء وَلَو حكما إِذا مَا لَا يتَجَزَّأ لَا يتَوَهَّم فِيهِ عدم الشُّمُول حَتَّى يرفع بالتوكيد بهَا فَلَا يُقَال جَاءَ زيد كُله وَيُقَال قبضت المَال كُله وبعت العَبْد كُله وَرَأَيْت زيدا كُله لِإِمْكَان رُؤْيَة وَبيع بعض زيد وَالْعَبْد وَأنكر الْمبرد عَامَّة وَقَالَ إِنَّمَا هِيَ بِمَعْنى أَكثر وَلم يذكر أَكثر النُّحَاة (جَمِيعًا) قَالَ ابْن مَالك سَهوا أَو جهلا وَقَالَ قد نبه سِيبَوَيْهٍ على أَنَّهَا بِمَنْزِلَة (كل) معنى واستعمالا وَلم يذكر لَهُ شَاهدا وَقد وجدت لَهُ شَاهدا وَهُوَ قَول امْرَأَة من الْعَرَب ترقض ابْنهَا

1553 - (فِدَاكَ حَيُّ خَوْلانَ ... جَميعُهُم وهَمْدانْ) (وكُلُّ آل قَحْطانْ ... والأكرمَون عَدْنَانْ) انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَمِمَّنْ نقلهَا عَن سِيبَوَيْهٍ صَاحب (الإفصاح) وَجوز الكوفية والزمخشري الِاسْتِغْنَاء بنية الْإِضَافَة فِي كل عَن التَّصْرِيح بهَا ومثلوا بقوله تَعَالَى {إِنَّا كُلاًّ فِيهَا} [غَافِر: 48] أَي كلنا وخرجه غَيرهم على أَنه حَال أَبُو بدل من الضَّمِير وَعلل ابْن مَالك الْمَنْع بِأَن أَلْفَاظ التوكيد ضَرْبَان مُصَرح بإضافته إِلَى ضمير الْمُؤَكّد وَهُوَ النَّفس وَالْعين وكل وَجَمِيع وَعَامة ومنوي فِيهِ تِلْكَ وَهُوَ أجمع وأخواته وَقد أجمعنا على أَن الْمَنوِي الْإِضَافَة لَا يسْتَعْمل مُضَافا صَرِيحًا وعَلى أَن غير (كل) من الصَّرِيح الْإِضَافَة لَا يسْتَعْمل منويها فتجويز ذَلِك فِي (كل) مُسْتَلْزم عدم النظير فِي الضربين وَجوز ابْن مَالك إضافتها أَي كل إِلَى ظَاهر مثل الْمُؤَكّد وَاسْتدلَّ بقوله 1554 - (يَا أشْبَهَ النَّاس كلِّ بالقمر ... )

وَقَوله 1555 - (وأبْعَدُ النَّاس كلِّ النَّاس من عَار ... ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا حجَّة فِي ذَلِك لِأَنَّهُ فِيهِ نعت لَا توكيد أَي النَّاس الكاملين فِي الْحسن وَالْفضل كَمَا قَالَ ابْن مَالك فِي قَوْلك مَرَرْت بِالرجلِ كل الرجل أَنه نعت بِمَعْنى الْكَامِل وَيتبع كلهَا جَمْعَاء وَكلهمْ أَجْمَعُونَ نَحْو {فَسجدَ الْمَلَائِكَة كلهم أَجْمَعُونَ} [الْحجر: 30] وكلهن جمع وَكَذَا الْبَوَاقِي أَي كتعاء وأكتعون وكتع وَكَذَا فِي أبضع وأبتع وَيجب ترتيبها إِذا اجْتمعت بِأَن يُقَال كُله أجمع أَكْتَع أبصع أبتع وَكَذَا الْفُرُوع وَتقدم النَّفس على الْعين وهما على (كل) فِي الْأَصَح لِأَنَّهَا تَوَابِع وَقيل لَا يجب التَّرْتِيب بل يحسن وَثَالِثهَا لَا يجب فِيمَا بعد أجمع لاستوائها وَيجب فِيهَا مَعَ أجمع وَمَا قبله وَهُوَ رَأْي ابْن عُصْفُور وَالْجُمْهُور على أَنه لَا يُؤَكد بهَا أَي بأكتع وَمَا بعده دونه أَي دون أجمع لِأَنَّهَا تَوَابِع وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ وَابْن كيسَان وَاسْتَدَلُّوا بقوله 1556 - (تحمِلني الذلفاءُ حَوْلا أكتعا ... ) وَقَوله

1557 - (وسائِرُهُ بادٍ إِلَى الشَّمْس أكتعُ ... ) وَقَوله 1558 - (تَولّوا بالدَّوابر واتّقَوْنا ... بنُعْمان بن زُرْعَةَ أكْتَعِينا) والأولون قَالُوا هُوَ ضَرُورَة وَفِيه نظر لِإِمْكَان الْإِتْيَان بدله بِلَفْظ (أجمع) وَالْجُمْهُور على أَنه لَا يُؤَكد بِهِ أَي بأجمع دون كل اخْتِيَارا وَالْمُخْتَار وفَاقا لأبي حِين جَوَازه لِكَثْرَة وُرُوده فِي الْقُرْآن وَالْكَلَام الفصيح كَقَوْلِه تَعَالَى {ولأغوينهم أَجْمَعِينَ} [الْحجر: 39] {وَإِن جَهَنَّم لموعدهم أَجْمَعِينَ} [الْحجر: 43] {لأَملأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجمَعِينَ} [هود: 119] وَفِي الصَّحِيح (فَلهُ سلبه أجمع) (فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يُقَال دَلِيل الْمَنْع وجوب تَقْدِيم (كل) عِنْد الِاجْتِمَاع لِأَن النَّفس يجب تَقْدِيمهَا على الْعين إِذا اجْتمعَا وَيجوز التَّأْكِيد بِالْعينِ على الِانْفِرَاد وَهِي أَي أجمع وأخواته معارف بالِاتِّفَاقِ وَلِهَذَا جرت على الْمعرفَة ثمَّ اخْتلف فِي سَبَب تَعْرِيفهَا فَقيل هُوَ بنية الْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير إِذْ أصل رَأَيْت النِّسَاء جمع جَمِيعهنَّ فَحذف الضَّمِير للْعلم بِهِ وعزي إِلَى سِيبَوَيْهٍ وَاخْتَارَهُ السُّهيْلي وَابْن مَالك وَقيل بالعلمية لِأَنَّهَا أَعْلَام للتوكيد علقت على معنى الْإِحَاطَة بِمَا يتبعهُ كأسامة وَنَحْوه من أَعْلَام الْأَجْنَاس وَهَذَا قَول صَاحب البديع وَغَيره وَاخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب وَصَححهُ أَبُو حَيَّان قَالَ وَيُؤَيِّدهُ أَنه لم يصرف وَلَيْسَ بِصفة وَلَا شبهها

وَمَا منع وَلَيْسَ كَذَلِك وَهُوَ معرفَة فالمانع فِيهِ هُوَ تَعْرِيف العلمية فَإِنَّهُ جمع بِالْوَاو وَالنُّون وَلَا يجمع من المعارف بهما إِلَّا الْعلم خَاصَّة وَمن ثمَّ أَي من هُنَا وَهُوَ كَونهَا معارف أَي من أجل ذَلِك لم تصرف أما على العلمية فَوَاضِح إِذْ مَعهَا فِي (أجمع) الْوَزْن وَفِي (جمع) الْعدْل عَن (فعلاوات) الَّذِي يسْتَحقّهُ فعلاء مؤنث أفعل الْمَجْمُوع بِالْوَاو وَالنُّون وَأما على نِيَّة الْإِضَافَة فلشبه هَذَا التَّعْرِيف بالعلمية من حَيْثُ إِنَّه لَا أَدَاة لتعريفه لفظا وَإِن كَانَ على نِيَّة أل وَمن ثمَّ أَيْضا لم تنصب حَالا على الْأَصَح وَقيل نعم حكى الْفراء أعجبني الْقصر أجمع وَالدَّار جَمْعَاء وَقيل يجوز نصب أجمع وجمعاء دون أَجْمَعِينَ وَجمع وَاسْتدلَّ ابْن مَالك لجوازه بِحَدِيث الصَّحِيحَيْنِ (فصلوا جُلُوسًا أَجْمَعِينَ) ثمَّ أَكْتَع مَأْخُوذ مَعَ تكتع الْجلد أَي تقبض والتقبض فِيهِ معنى التجمع وأبصع وَهُوَ بالصَّاد الْمُهْملَة على الْمَشْهُور من قَوْلهم (إِلَى مَتى تكرع وَلَا تبصع) أَي لَا تروى وَفِيه معنى الْغَايَة والبتع طول الْعُنُق وَقد جَاءَ أجمع لغير التوكيد قَالُوا جَاءُوا بأجمعهم وجمعاء بِمَعْنى مجتمعة فَلَا تفيده كَحَدِيث (كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء) أَي مجتمعة الْخلق وَلَا يتحد توكيد متعاطفين مَا لم يتحد عاملهما معنى فَلَا يُقَال مَاتَ زيد وعاش عَمْرو وَكِلَاهُمَا فَإِن اتحدا معنى جَازَ وَإِن اخْتلفَا لفظا جزم بِهِ ابْن مَالك تبعا للأخفش نَحْو انْطلق زيد وَذهب بكر كِلَاهُمَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَاج ذَلِك إِلَى سَماع من الْعَرَب حَتَّى يصير قانونا يَبْنِي عَلَيْهِ وَالَّذِي تَقْتَضِيه الْقَوَاعِد الْمَنْع لِأَنَّهُ لَا يجْتَمع عاملان على مَعْمُول وَاحِد فَلَا يَجْتَمِعَانِ على تَابعه

وَلَا تؤكد نكرَة مُطلقًا عِنْد أَكثر الْبَصرِيين بِشَيْء من أَلْفَاظ التوكيد لِأَنَّهَا معارف فَلَا تتبع نكرَة وَأَجَازَهُ بَعضهم مُطلقًا سَوَاء كَانَت محدودة أم لَا نَقله ابْن مَالك فِي شرح التسهيل خلاف دَعْوَاهُ فِي شرح الكافية نفي الْخلاف فِي منع غير المحدودة وَثَالِثهَا وَهُوَ رَأْي الْأَخْفَش والكوفيين يجوز توكيدها إِن كَانَت محدودة أَي مُؤَقَّتَة وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْن مَالك وَهَذَا القَوْل أولى بِالصَّوَابِ لصِحَّة السماع بذلك وَلِأَن فِيهِ فَائِدَة لِأَن من قَالَ صمت شهرا قد يُرِيد جَمِيع الشَّهْر وَقد يُرِيد أَكْثَره فَفِي قَوْله احْتِمَال يرفعهُ التوكيد وَمن الْوَارِد فِيهِ قَوْله 1559 - (قد صَرَّت البكرَة يَوْمًا أجْمعَا ... ) وَقَوله 1560 - (تحْمِلني الذلفاءُ حولا أكتعا ... ) وَقَوله 1561 - (أوفتْ بِهِ حوْلا وحوْلا أجمعا ... ) وَقَول عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا (مَا رَأَيْت رَسُول الله صَامَ شهرا كُله إِلَّا رَمَضَان) أما غير الْمَحْدُود فَلَا فَائِدَة فِيهِ فَلَا يُقَال اعتكفت وقتا كُله وَلَا رَأَيْت شَيْئا نَفسه والمانعون مُطلقًا أجابوا بِأَن مَا ورد من ذَلِك مَحْمُول على الْبَدَل أَو النَّعْت أَو الضَّرُورَة

وَفِي توكيد مَحْذُوف خلاف فَأَجَازَهُ الْخَلِيل وسيبويه والمازني وَابْن طَاهِر وَابْن خروف فَيُقَال فِي (الَّذِي ضَربته نَفسه زيد) (الَّذِي ضربت نَفسه زيد) (ومررت بزيد وأتاني أَخُوهُ أَنفسهمَا) وَمنعه الْأَخْفَش والفارسي وَابْن جني وثعلب وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان لِأَن التوكيد بَابه الإطناب والحذف للاختصار فتدافعا وَلِأَنَّهُ لَا دَلِيل على الْمَحْذُوف ورد الأول بِأَن ذَلِك تَأْكِيد التّكْرَار دون غَيره وَالثَّانِي بِأَن التوكيد يدل على الْمَحْذُوف قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي نختاره عدم الْجَوَاز لِأَن إجَازَة مثل ذَلِك يحْتَاج إِلَى سَماع من الْعَرَب وَلَا يجوز تعاطفهما أَي عطف بعض أَلْفَاظ التوكيد على بعض فَلَا يُقَال قَامَ زيد نَفسه وعينه وَلَا جَاءَ الْقَوْم كلهم وأجمعون لاتحادهما فِي الْمَعْنى خلافًا لِابْنِ الطراوة فِي أجازته ذَلِك وَيَنْبَغِي أَن يكون مَبْنِيا فِي (كل) و (أَجْمَعِينَ) على مَا ذهب إِلَيْهِ الْمبرد وَالْفراء من اخْتِلَاف مَعْنَاهُمَا بإفادة أَجْمَعِينَ اجْتِمَاعهم فِي وَقت الْفِعْل بِخِلَاف كل وَهُوَ مَرْدُود بقوله {ولأغوينهم أَجْمَعِينَ} [الْحجر: 39] مَعَ أَن إغواءهم لم يجْتَمع فِي وَقت تَنْبِيه خَالف التوكيد النَّعْت فِي أَنه بِأَلْفَاظ مَخْصُوصَة وَوُجُوب ترتيبها إِذا اجْتمعت وَأَنه لَا يجْرِي على النكرَة على رَأْي الْجُمْهُور وَلَا على مَحْذُوف على الْأَصَح عِنْد الْمُتَأَخِّرين وَلَا على توكيد وَلَا يعْطف وَفِي أَنه لَا يقطع لَا إِلَى رفع وَلَا إِلَى نصب

التوكيد اللفظي

3 - التوكيد اللَّفْظِيّ الثَّانِي من قسمي التوكيد لَفْظِي وَهُوَ بِإِعَادَة اللَّفْظ الأول أَو مرادفه وَهُوَ أحسن فِي الضَّمِير الْمُتَّصِل والحرف مُفردا كَانَ أَو مركبا مُضَافا أَو جملَة أَو كلَاما نكرَة أَو معرفَة ظَاهرا أَو مضمرا اسْما أَو فعلا أَو حرفا وَلَو ثَلَاثًا نَحْو {دكت الأَرْض دكا دكا وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا} [الْفجْر: 21، 22] وَقَوله 1562 - (أنْتَ بِالْخَيرِ حَقِيقٌ قَمِنُ ... ) وَقَوله 1563 - (أجَلْ جَيْر إِن كَانَت أُبيحَتْ ... ) وَقَوله 1564 - (تَيَمّمْتُ هَمْدانَ الَّذينَ هُمُ هُمُ ... ) وَقَوله 1565 - (أَخَاك أخَاك إنّ من لَا أَخا لَهُ ... )

وَقَوله 1566 - (فأيْنَ إِلَى أيْن النَّجاةُ ببغلتي ... أتاكَ أتاكَ اللاّحِقون احْبس احْبس) وَقَوله 1567 - (فحتام حتام العناءُ المُطوَّلُ ... ) وَقَوله 1568 - (لَا لَا أَبُوحُ بحُبِّ بَثْنَة إنّها ... أخَذَتْ عليّ مواثقاً وعُهُودا ... ) وَقَوله 1569 - (أيَا مَنْ لَسْتُ أقْلاهُ ... وَلَا فِي البُعْد أنْساهُ) (لَك اللهُ على ذَاك ... لَك اللهُ لَك اللهُ) وَقَوله 1570 - (قُمْ قائِماً قُمْ قائِما ... إنّك لاَ ترجعُ إلاًّ سالِمَا) وَلَا يضر نوع اخْتِلَاف فِي اللَّفْظ نَحْو {فمهل الْكَافرين أمهلهم} [الطارق: 117] فَإِن كَانَ الْمُؤَكّد ضميرا مُتَّصِلا أَو حرفا غير جَوَاب عَاملا أَو غَيره لم يعد اخْتِيَارا إِلَّا مَعَ مَا دخل عَلَيْهِ لكَونه كالجزء مِنْهُ نَحْو قُمْت قُمْت رَأَيْتُك رَأَيْتُك مَرَرْت بِهِ بِهِ إِن زيدا إِن زيدا قَائِم وَقَوله 1571 - (لَيْتني لَيْتَني تَوقَيْتُ مذ أَيْفَعْتُ ... طَوْعَ الهوَى وكنتُ مُنِيبا)

أَو مَفْصُولًا بفاصل مَا وَلَو حرف عطف ووقف نَحْو {أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم وكنتم تُرَابا وعظاما أَنكُمْ مخرجون} [الْمُؤْمِنُونَ: 35] وَقَوله 1572 - (حَتَّى ترَاهَا وكأنَّ وَكأنْ ... ) وَقَوله 1573 - (ليْتَ شِعْري هَل ثمَّ هلْ آتينهُم ... ) وَقَوله 1574 - (لَا يُنْسِك الأسَى تأسِّياً فَمَا ... مَا من حمام أحدٌ مُعْتَصِما) وَلَا تجوز إِعَادَته وَحده دون فصل إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه 1575 - (وَلَا لِلما بهم أبدا دَواءُ ... )

وَقَوله 1576 - (إنَّ إنَّ الْكَرِيم يَحْلُم مَا لَمْ ... يَرَيَنْ مَنْ أجارَهُ قد ضِيما) خلافًا للزمخشري فِي تجويزه ذَلِك اخْتِيَارا فَيُقَال إِن إِن زيدا قَائِم أما أحرف الْجَواب فتعاد وَحدهَا نَحْو لَا لَا نعم نعم والأجود مَعَ الظَّاهِر الْمَجْرُور إِذا أكد إِعَادَة الْجَار مَعَ لَفظه أَو ضَمِيره نَحْو مَرَرْت بزيد بزيد وَبِه قَالَ تَعَالَى {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنِّةِ خَالدِينَ فِيهَا} [هود: 108] {فَفِي رَحْمَة الله هم فِيهَا خَالدُونَ} [آل عمرَان: 107] والأجود مَعَ الْجُمْلَة إِذا أكدت الْفَصْل بَينهَا وَبَين الْمُعَادَة بثم نَحْو {أولى لَك فَأولى ثمَّ أولى لَك فَأولى} [الْقِيَامَة: 34، 35] {وَمَآ أَدراكَ ومَا يَومُ الدِّينِ ثُمَّ مَآ أَدرَاكَ مَا يَومُ الدَّينِ} [الانفطار: 17، 18] وَهَذَا إِذْ لَا لبس يحصل فَإِن حصل لم يُؤْت بهَا نَحْو ضربت زيدا ضربت زيدا إِذْ لَو جِيءَ بهَا لتوهم أَنَّهُمَا ضَرْبَان ويؤكد بالمضمر الْمَرْفُوع الْمُنْفَصِل كل ضمير مُتَّصِل مَرْفُوعا كَانَ أَو مَنْصُوبًا أَو مجرورا مَعَ مطابقته لَهُ فِي التَّكَلُّم والإفراد والتذكير وأضدادها نَحْو قُمْت أَنا وأكرمتني أَنا ومررت بك أَنْت وأكرمته هُوَ وَهَكَذَا وَجوز بَعضهم تَأْكِيد الضَّمِير الْمُنْفَصِل بِالْإِشَارَةِ وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ} [الْبَقَرَة: 85]

البدل

3 - الْبَدَل أَي هَذَا مبحثه وَالتَّعْبِير بِهِ اصْطِلَاح الْبَصرِيين والكوفيين قَالَ الْأَخْفَش يسمونه التَّبْيِين وَقَالَ ابْن كيسَان التكرير وَهُوَ التَّابِع الْمَقْصُود بِحكم بِلَا وَاسِطَة فَخرج بِالْمَقْصُودِ مَا عدا النسق وَهُوَ بِمَا بعده وَهُوَ أَقسَام بدل كل من كل بِأَن اتحدا معنى وَقد يُقَال بدل شَيْء من شَيْء لوُجُوده فِيمَا لَا يُطلق عَلَيْهِ (كل) نَحْو {صِرَاط الْعَزِيز الحميد الله} [إِبْرَاهِيم: 1، 2] وَبدل بعض إِن دلّ على بعض مَا دلّ عَلَيْهِ الأول نحون مَرَرْت بقومك نَاس مِنْهُم وَبدل اشْتِمَال إِن دلّ على معنى فِي الأول أَو استلزمه فِيهِ كعجبت من زيد علمه أَو قِرَاءَته {يَسئَلُونَكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [الْبَقَرَة: 217] {أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار} [البروج: 4، 5] ورجعهما السُّهيْلي إِلَى الأول أَي إِلَى بُد الشَّيْء من الشَّيْء قَالَ لِأَن الْعَرَب تَتَكَلَّم بِالْعَام وتريد بِهِ الْخَاص وتحذف الْمُضَاف وتنويه فقولك أكلت الرَّغِيف ثلثه إِنَّمَا تُرِيدُ أكلت بعض الرَّغِيف ثمَّ بيّنت ذَلِك الْبَعْض وأعجبتني الْجَارِيَة حسنها إِنَّمَا تُرِيدُ أعجبني وصفهَا فحذفته ثمَّ بَينته بِقَوْلِك حسنها وشرطهما صِحَة الِاسْتِغْنَاء بالمبدل مِنْهُ وَعدم اختلال الْكَلَام لَو حذف الْبَدَل أَو أظهر فِيهِ الْعَامِل فَلَا يجوز قطعت زيدا أَنفه وَلَا لقِيت كل أَصْحَابك أَكْثَرهم وَلَا أسرجت الْقَوْم دابتهم وَلَا مَرَرْت بزيد أَبِيه وَكَذَا عود ضمير فيهمَا على الْمُبدل مِنْهُ ملفوظا أَو مُقَدرا شَرط على الصَّحِيح ليحصل الرَّبْط نَحْو {ثمَّ عموا وصموا كثير مِنْهُم} [الْمَائِدَة: 71] {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ} [آل عمرَان: 97] أَي مِنْهُم {أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار} [البروج: 4، 5] أَي فِيهِ وَلم يشْتَرط ذَلِك فِي بدل الْكل لِأَنَّهُ نفس الْمُبدل مِنْهُ فِي الْمَعْنى كَمَا أَن جملَة

الْخَبَر الَّتِي هِيَ نفس الْمُبْتَدَأ فِي الْمَعْنى لَا تحْتَاج إِلَى ذَلِك وَمن النَّحْوِيين من لَا يلْتَزم فِي هذَيْن الْبَدَلَيْنِ أَيْضا ضميرا وَقد صَححهُ ابْن مَالك فِي شرح الكافية قَالَ وَلَكِن وجوده أَكثر من عَدمه وَفِي الْمُشْتَمل فِي بدل الاشتمال هَل هُوَ الأول على الثَّانِي أَو الثَّانِي على الأول أَو الْعَامِل خلاف قَالَ الْفَارِسِي والرماني فِي أحد قوليهما وخطاب الأول وَصَححهُ ابْن مَالك فَلَا يجوز سرني زيد دَاره وَلَا أعجبني زيد فرسه وَلَا رَأَيْت زيدا فرسه وَيجوز سرني زيد ثَوْبه لِأَن الثَّوْب متضمنه جسده وَقَالَ الْفَارِسِي والرماني فِي أحد قوليهما الثَّانِي نَحْو سلب زيد ثَوْبه فَإِن الثَّوْب يشْتَمل على زيد قَالَ الْأَولونَ إِن ظهر معنى اشْتِمَال الثَّانِي على الأول فِي سلب زيد ثَوْبه لم يطرد فِي أعجبني زيد علمه وَكَلَامه وفصاحته وكرهت زيدا ضجره وسلب زيد فرسه وَنَحْوهَا فَإِن الثَّانِي فِيهَا غير مُشْتَمل على الأول وَقَالَ الْمبرد والسيرافي وَابْن جني وَابْن الباذش وَابْن أبي الْعَافِيَة وَابْن الأبرش هُوَ (الْعَامِل) بِمَعْنى (أَن الْفِعْل يستدعيهما) أَحدهمَا على سَبِيل الْحَقِيقَة وَالْقَصْد وَالْآخر على سَبِيل الْمجَاز والتبع فنحو سلب زيد ثَوْبه وأعجبني زيد علمه {يَسئَلُونَكَ عَنِ الشَّهرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [الْبَقَرَة: 217] الْإِسْنَاد فِيهِ حَقِيقَة إِلَى الثَّانِي مجَاز فِي الأول إِذْ المسلوب هُوَ الثَّوْب والمعجب هُوَ الْعلم لَا زيد والمسئول عَنهُ الْقِتَال لَا الشَّهْر وَقيل بِمَعْنى أَنه اشْتَمَل على التَّابِع والمتبوع مَعًا إِذْ الْإِعْجَاب فِي (أعجبتني الْجَارِيَة حسنها) مُشْتَمل على الْجَارِيَة وعَلى حسنها والوضوح فِي (كَانَ زيد عذره وَاضحا) مُشْتَمل عَليّ زيد وعذره وَالْكَثْرَة فِي (كَانَ زيد مَاله كثيرا)

مُشْتَمِلَة على زيد وَمَاله فَالْمُرَاد بالعامل مَا تمّ بِهِ الْمُتَعَلّق فعلا كَانَ أَو اسْما مقدما أَو مُؤَخرا وَالْقسم الرَّابِع بدل البداء وَيُسمى بدل الإضراب أَيْضا وَهُوَ مَا لَا تناسب بَينه وَبَين الأول بموافقة وَلَا خبرية وَلَا تلازم بل هما متباينان لفظا وَمعنى نَحْو مَرَرْت بِرَجُل امْرَأَة أخْبرت أَولا أَنَّك مَرَرْت بِرَجُل ثمَّ بدا لَك أَن تخبر أَنَّك مَرَرْت بِامْرَأَة من غير إبِْطَال الأول فَصَارَ كَأَنَّهُمَا إخباران مُصَرح بهما وَهَذَا الْبَدَل أثْبته سِيبَوَيْهٍ وَغَيره وَمثل لَهُ ابْن مَالك وَغَيره بِحَدِيث أَحْمد وَغَيره (إِن الرجل ليُصَلِّي الصَّلَاة وَمَا كتب لَهُ نصفهَا ثلثهَا) أخبر أَنه قد يُصليهَا وَمَا كتب لَهُ نصفهَا ثمَّ أضْرب عَنهُ وَأخْبر أَنه قد يُصليهَا وَمَا كتب لَهُ ثلثهَا وَهَكَذَا وَالْخَامِس بدل الْغَلَط وَهُوَ مَا ذكر فِيهِ الأول من غير قصد بل سبق اللِّسَان إِلَيْهِ وَبِهَذَا يُفَارق بدل البداء وَإِن كَانَ مثله فِي اللَّفْظ وَهَذَا الْقسم أثْبته سِيبَوَيْهٍ وَغَيره مثله بِقَوْلِك (مَرَرْت بِرَجُل حمَار) أردْت أَن تخبر بِحِمَار فَسبق لسَانك إِلَى رجل ثمَّ أبدلت مِنْهُ الْحمار (وأنكرهما) أَي بدل البداء والغلط قوم وَقَالُوا فِي الأول إِنَّه مِمَّا حذف فِيهِ حرف الْعَطف وَفِي الثَّانِي أَنه لم يُوجد قَالَ الْمبرد على سَعَة حفظه بدل الْغَلَط لَا يكون مثله فِي كَلَام الله وَلَا فِي شعر وَلَا فِي كَلَام مُسْتَقِيم وَقَالَ خطاب لَا يُوجد فِي كَلَام الْعَرَب لَا نثرها وَلَا نظمها وَقد عنيت بِطَلَب ذَلِك فِي الْكَلَام وَالشعر فَلم أَجِدهُ وطالب غَيْرِي بِهِ فَلم يعرفهُ وَادّعى أَبُو مُحَمَّد بن السَّيِّد أَنه وجد فِي قَول ذِي الرمة 1577 - (لَمْيَاءُ فِي شَفَتْيها حُوَّة لَعَسٌ ... وَفِي اللّثاثِ وَفِي أنيابها شَنَبُ) قَالَ (فلعس بدل غلط لِأَن الحوة السوَاد بِعَيْنِه واللعس سَواد مشرب بحمرة)

ورد بِأَنَّهُ من بَاب التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَتَقْدِيره فِي شفتيها حوة وَفِي اللثاث لعس وَفِي أنيابها شنب وَجوز بعض القدماء وُقُوع الْغَلَط فِي غير الشّعْر وَمنعه فِي الشّعْر لوُقُوعه غَالِبا عَن ترو فَلَا يقدر فِيهِ الْغَلَط وَهَذَا نقيض الْقَاعِدَة الْمَشْهُورَة أَنه يغْتَفر فِي الشّعْر مَا لَا يغْتَفر فِي غَيره وَالْمُخْتَار خلافًا لِلْجُمْهُورِ إِثْبَات بدل الْكل من الْبَعْض لوروده فِي الفصيح نَحْو قَوْله تَعَالَى {يدْخلُونَ الْجنَّة وَلَا يظْلمُونَ شَيْئا جنَّات عدن} [مَرْيَم: 60، 61] فجنات أعربت بَدَلا من الْجنَّة وَهُوَ بدل كل من بعض وَفَائِدَته تَقْرِير أَنَّهَا جنَّات كَثِيرَة لَا جنَّة وَاحِدَة وَقَول الشَّاعِر 1578 - (رحمَ الله أعْظُماً دَفَنُوها ... بسِجستَان طَلْحَةَ الطّلَحاتِ) ف (طَلْحَة) بدل من (أعظم) وَهِي بعضه وَقَوله 1579 - (كَأَنِّي غَدَاة البَيْن يَوْم ترحّلوا ... ) ف يَوْم بدل من غَدَاة وَهِي بعضه وَالْجُمْهُور لَا تجب مُوَافقَة الْبَدَل لمتبوعه فِي التَّعْرِيف والإظهار وضدهما فتبدل النكرَة من الْمعرفَة والمضمر من الْمظهر والمفرد من غَيره وبالعكوس كَقَوْلِه تَعَالَى {إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم صِرَاط الله} [الشورة: 52، 53] {لَتَسفَعَا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيةٍ} [العلق: 15، 16] وَقَول الشَّاعِر 1580 - (وَلَا تلمْه أَن ينامَ البَائِسَا ... ) وقولك رَأَيْت زيدا أَبَاهُ

لَكِن إِنَّمَا يُبدل الظَّاهِر من ضمير الْحَاضِر مُخَاطبا أَو متكلما إِن أَفَادَ إحاطة نَحْو {تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا} [الْمَائِدَة: 114] و (أكرمتكم أكابركم وأصاغركم) أَو بَعْضًا نَحْو 1581 - (أوْعَدانِي بالسِّجْن والأدَاهِم ... رجْلي فَرجْلي شَثْنُةُ المنَاسِم) أَو اشتمالا نَحْو 1582 - (وَمَا ألفيْتِني حِلمي مُضَاعا ... )

وَإِلَّا فَلَا يُبدل مِنْهُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جِيءَ بِهِ للْبَيَان وَضمير الْمُتَكَلّم والمخاطب لَا يحْتَاج إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي غَايَة الوضوح وَقيل يجوز مُطلقًا وَعَلِيهِ الْأَخْفَش والكوفيون قِيَاسا عَن الْغَائِب لِأَنَّهُ لَا لبس فِيهِ أَيْضا وَلذَا لم ينعَت وَلَو كَانَ الْبَدَل لإِزَالَة لبس لامتنع فِي الْغَائِب كَمَا امْتنع أَن ينعَت وَقد ورد قَالَ تَعَالَى {ليجمعنكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا ريب فِيهِ الَّذين خسروا} [الْأَنْعَام: 12] ف (الَّذين) بدل من ضمير الْخطاب وَأجِيب بِأَنَّهُ مُسْتَأْنف وَثَالِثهَا وَهُوَ رَأْي قطرب يجوز فِي الِاسْتِثْنَاء نَحْو مَا ضربتكم إِلَّا زيدا قَالَ تَعَالَى {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا} [الْبَقَرَة: 150] أَي إِلَّا على الَّذِي ظلمُوا وَمنع أهل الْكُوفَة وبغداد بدل النكرَة من الْمعرفَة مَا لم تُوصَف وَوَافَقَهُمْ السُّهيْلي وَابْن أبي الرّبيع نَحْو قَوْله تَعَالَى {عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} [الْبَقَرَة: 217] لِأَنَّهَا إِذا لم تُوصَف لم تفد إِذْ لَا فَائِدَة فِي قَوْلك مَرَرْت بزيد بِرَجُل زَاد أهل بَغْدَاد أَو يكون من لفظ الأول كَمَا تقدم فِي (نَاصِيَة) وَالْجُمْهُور أطْلقُوا الْجَوَاز لورودها غير مَوْصُوفَة وَلَيْسَت من لفظ الأول كَقَوْلِه 1583 - (فَصَدُوا من خيارهن لِقاحاً ... يتقَاذَفْنَ كالغُصون غِزَارُ) فغزار بدل من الضَّمِير فِي يتقاذفن وَقَوله 1584 - (فَإلَى ابْن أُمِّ أُناس أرْحَلُ نَاقَتِي ... عَمرو فَتُبْلِغُ حاجَتِي أَو تُزْحِفُ) (مَلِكٍ إِذا نزل الوُفودُ ببَابه ... عَرَفُوا مَوارد مُزْبدٍ لَا يُنْزَفُ)

فَملك بدل من عَمْرو وَأجِيب عَمَّا ذكر من عدم الْفَائِدَة بِأَنَّهُ علم من طَريقَة الْعَرَب أَنهم يسمون الْمُذكر بالمؤنث وَعَكسه ففائدة الْإِبْدَال رفع الإلباس نَحْو (مَرَرْت بهند رجل وبجعفر امْرَأَة) وَمنع أَو حَيَّان وَقوم بدل الْمُضمر من مثله أَي من مُضْمر بدل بعض أَو اشْتِمَال نحنو ثلث التفاحة أكلتها إِيَّاه و (حسن الْجَارِيَة أعجبتني هُوَ) وَأَجَازَهُ آخَرُونَ قَالَ أَبُو حَيَّان ومنشأ الْخلاف هَل الْبَدَل من جملَة أُخْرَى أَو الْعَامِل فِيهِ عَامل الْمَتْبُوع فعلى الأولى يمْنَع لِئَلَّا يبْقى الْمُبْتَدَأ بِلَا رابط لِأَن الضَّمِير يعود على الْمُضَاف إِلَيْهِ وعَلى الثَّانِي يجوز قَالَ إِلَّا أَنه يحْتَاج إِلَى سَماع قَالَ الكوفية أَو كل أَي لَا يُبدل الْمُضمر من مُضْمر بدل كل إِذا كَانَ مَنْصُوبًا بل يحمل على التَّأْكِيد نَحْو رَأَيْتُك إياك والبصريون قَالُوا هُوَ بدل كَمَا أَن الْمَرْفُوع بدل بِإِجْمَاع نَحْو (قُمْت أَنْت) وَصحح الأول ابْن مَالك وَالثَّانِي أَبُو حَيَّان وَمنع ابْن مَالك إِبْدَال الْمُضمر من الظَّاهِر بدل كل قَالَ لِأَنَّهُ لم يسمع من الْعَرَب لَا نثرا وَلَا نظما وَلَو سمع لَكَانَ توكيدا لَا بَدَلا وَأَجَازَهُ الْأَصْحَاب نَحْو رَأَيْت زيدا إِيَّاه وَفِي جَوَاز بدل الْبَعْض والاشتمال خلف قيل يجوز نَحْو (ثلث التفاحة أكلت التفاحة إِيَّاه) و (حسن الْجَارِيَة أعجبني الْجَارِيَة هُوَ) وَقيل يمْنَع قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ كالخلاف فِي إبدالهما مضمرا من مُضْمر وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيح الْمَنْع على رَأْيه والمبدل من اسْم شَرط أَو اسْم اسْتِفْهَام يقْتَرن بأداته نَحْو (مَا تقْرَأ إِن نَحوا وَإِن فقها أقرأه) وَكَيف زيد أصحيح أم سقيم فَإِن دخت الأداة على الْمُبدل مِنْهُ لم تدخل على الْبَدَل نَحْو هَل أحد جَاءَك زيد أَو عَمْرو وَإِن تضرب أحدا رجلا أَو امْرَأَة أضربه

(ويبدل الْفِعْل من الْفِعْل بدل كل) بِلَا خلاف نَحْو: {وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاما يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب} [الْفرْقَان: 68، 69] وَقَوله: 1585 - (مَتى تَأتِنا تُلْمِمْ بِنَا فِي دِيَارنَا ... تَجدْ حَطَباً جَزْلاً وَنَارًا تأجّجَا) (لَا) بدل (بعض) بِلَا خلاف لِأَن الْفِعْل لَا يَتَبَعَّض (وَفِي) جَوَاز بدل (الاشتمال) فِيهِ (خلف) قيل لَا لِأَن الْفِعْل لَا يشْتَمل على الْفِعْل وَقيل نعم وَجعل مِنْهُ الْآيَة السَّابِقَة قَالَ صَاحب الْبَسِيط وَأما بدل الْغَلَط فجوزه فِيهِ سِيبَوَيْهٍ وَجَمَاعَة وَالْقِيَاس يَقْتَضِيهِ (و) تبدل (الْجُمْلَة من الْجُمْلَة) نَحْو: {أمدكم بِمَا تعلمُونَ أمدكم بأنعام وبنين} [الشُّعَرَاء: 132، 133] {إِنِّي جزيتهم الْيَوْم بِمَا صَبَرُوا أَنهم هم الفائزون} [الْمُؤْمِنُونَ: 111] بِكَسْر إِن (وَقَالَ ابْن جني والزمخشري وَابْن مَالك و) تبدل الْجُمْلَة (من الْمُفْرد) نَحْو قَوْله: 1586 - (إِلَى الله أشْكُو بالمَدينة حَاجَة ... وبالشّام أُخْرَى كَيْفَ يَلْتقِيان) فيكف يَلْتَقِيَانِ بدل من حَاجَة وَأُخْرَى كَأَنَّهُ قَالَ أَشْكُو هَاتين الحاجتين لتعذر التقائهما

قَالَ ابْن مَالك وَمِنْه {مَا يُقَال لَك إِلَّا مَا قد قيل للرسل من قبلك إِن رَبك} [فصلت: 43] الْآيَة وَإِن وَمَا بعْدهَا بدل من (مَا) وصلتها وَالْجُمْهُور لم يذكرُوا ذَلِك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ (كَيفَ يَلْتَقِيَانِ) بَدَلا بل استئنافا للاستبعاد وَكَذَا (إِن رَبك) لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى إِسْنَاد الْفِعْل إِلَى الْجُمْلَة وَهُوَ مَمْنُوع (وَلَا يتَقَدَّم بدل الْكل) على الْمُبدل مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أَيهمَا هُوَ الْمُعْتَمد عَلَيْهِ بِخِلَاف بدل الْبَعْض فَيقدم لَكِن الْأَحْسَن إِضَافَته نَحْو أكلت ثلث الرَّغِيف (وَفِي) جَوَاز (حذف الْمُبدل مِنْهُ) وإبقاء الْبَدَل (رأيان) قيل يجوز وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَابْن مَالك نَحْو أحسن إِلَى الَّذِي وصفت زيدا أَي وَصفته وَجعل مِنْهُ: {وَلَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب} [النَّحْل: 116] وَقيل لَا وَعَلِيهِ السيرافي وَغَيره لِأَن الْبَدَل للإسهاب والحذف يُنَافِيهِ (وَيجوز الْقطع) على إِضْمَار مُبْتَدأ كالإتباع (فِيمَا) أَي بدل (فصل بِهِ جمع أَو عدد) نَحْو مَرَرْت بِرِجَال طَوِيل وقصير وربعه و (بني الْإِسْلَام على خمس شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله) الحَدِيث (وَكَذَا غَيره) أَي غير التَّفْصِيل يجوز فِيهِ الْقطع أَيْضا نَحْو مَرَرْت بزيد أَخُوك نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ والأخفش وَقيل يقبح فِي غير التَّفْصِيل (مَا لم يطلّ الْكَلَام) فَيحسن نَحْو: {بشر من ذَلِكُم النَّار} [الْحَج: 72]

حروف العطف

حُرُوف الْعَطف أَي هَذَا مَبْحَث الْحُرُوف العاطفة وَتسَمى المعطوفات بهَا عِنْد الْبَصرِيين شركَة وَعند الْكُوفِيّين وَهُوَ المتداول نسفا بِفَتْح السِّين اسْم مصدر نسقت الْكَلَام أنسقه نسقا بالتسكين أَي عطفت بعضه على بعض قَالَ أَبُو حَيَّان ولكونه بأدوات محصورة لَا يحْتَاج إِلَى حَده وَمن حَده كَابْن مَالك بِكَوْنِهِ تَابعا بِأحد حُرُوف الْعَطف لم يصب مَعَ مَا فِيهِ من الدّور ولتوقف معرفَة الْمَعْطُوف على حرفه وَمَعْرِفَة الْحَرْف على الْعَطف حرف الْوَاو (الْوَاو) وَهِي (لمُطلق الْجمع) أَي الِاجْتِمَاع فِي الْفِعْل من غير تَقْيِيد بحصوله من كليهمَا فِي زمَان أَو سبق أَحدهمَا فقولك جَاءَ زيد وَعَمْرو يحْتَمل على السوَاء أَنَّهُمَا جَاءَا مَعًا أَو زيدا أَولا أَو آخرا وَمن وُرُودهَا فِي: {فأنجيناه وَأَصْحَاب السَّفِينَة} [العنكبوت: 15] وَفِي السَّابِق: {وَلَقَد أرسلنَا نوحًا وَإِبْرَاهِيم} [الْحَدِيد: 26] وَفِي الْمُتَأَخر: {كَذَلِك يوحي إِلَيْك وَإِلَى الَّذين من قبلك} [الشورى: 3] وَاسْتدلَّ لذَلِك بِأَن التَّثْنِيَة مختصرة من الْعَطف بِالْوَاو فَكَمَا تحْتَمل ثَلَاثَة معَان وَلَا دلَالَة فِي لَفظهَا على تَقْدِيم وَلَا تَأْخِير فَكَذَلِك الْعَطف بهَا وباستعمالها حَيْثُ لَا تَرْتِيب فِي نَحْو اشْترك زيد وَعَمْرو وبصحة نَحْو قَامَ زيد وَعَمْرو بعده أَو قبله أَو مَعَه وَالتَّعْبِير بِمَا سبق أحسن كَمَا قَالَه ابْن هِشَام من قَول بَعضهم (للْجمع الْمُطلق) لتقييد الْجمع بِقَيْد الْإِطْلَاق وَإِنَّمَا هِيَ للْجمع لَا بِقَيْد (وَقَالَ قطرب والربعي وَهِشَام وثعلب و) غُلَامه أَبُو عمر (الزَّاهِد و)

أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن جَعْفَر (الدينَوَرِي) هِيَ (للتَّرْتِيب) قَالُوا لِأَن التَّرْتِيب فِي اللَّفْظ يَسْتَدْعِي سبا وَالتَّرْتِيب فِي الْوُجُود صَالح لَهُ فَوَجَبَ الْحمل عَلَيْهِ وَنقل هَذَا القَوْل عَن الْمَذْكُورين فِي شرح أبي حَيَّان رد بِهِ على ادِّعَاء السيرافي وَغَيره إِجْمَاع الْبَصرِيين والكوفيين على أَنَّهَا لَا تفيده وَنَقله ابْن هِشَام عَن الْفراء أَيْضا والرضي عَن الْكسَائي وَابْن درسْتوَيْه ورد بِلُزُوم التَّنَاقُض فِي قَوْله تَعَالَى: {وادخلوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطة} [الْبَقَرَة: 58] مَعَ قَوْله فِي مَوضِع آخر: {وَقُولُوا حطة وادخلوا الْبَاب سجدا} [الْأَعْرَاف: 161] والقصة وَاحِدَة (و) قَالَ (ابْن كيسَان) هِيَ (للمعية حَقِيقَة) واستعمالها فِي غَيرهَا مجَاز قَالَ لِأَنَّهَا لما احتملت الْوُجُوه الثَّلَاثَة وَلم يكن فِيهَا أَكثر من جمع الْأَشْيَاء كَانَ أغلب أحوالها أَن تكون للْجمع فِي كل حَال حَتَّى يكون فِي الْكَلَام مَا يدل على التَّفَرُّق (وَعَكسه الرضي) فَقَالَ لقَائِل أَن يَقُول اسْتِعْمَال الْوَاو فِيمَا لَا تَرْتِيب فِيهِ مجَاز وَهِي فِي أصل الْوَضع للتَّرْتِيب وَلما الثَّانِي فِيهِ قبل الأول وَالْأَصْل فِي الِاسْتِعْمَال الْحَقِيقَة (و) قَالَ (ابْن مَالك الْمَعِيَّة) فِيهَا (أرجح) من غَيرهَا (وَالتَّرْتِيب كثير وَعَكسه قَلِيل) قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ قَول مخترع مُخَالف لمَذْهَب الْأَكْثَرين وَغَيرهم (وتختص) بِأَحْكَام لَا يشاركها فِيهَا غَيرهَا من حُرُوف الْعَطف فاختصت (بعطف مَا لَا يسْتَغْنى عَنهُ) نَحْو اخْتصم زيد وَعَمْرو وَهَذَانِ زيد وَعَمْرو وَإِن إخْوَتك زيدا وعمرا وبكرا نجباء وَالْمَال بَين زيد وَعَمْرو وَأما قَول امْرِئ الْقَيْس: 1587 - (بَين الدَّخول فحَوْمل ... )

فتقديره بَين نواحي الدُّخُول وَأَجَازَ الْكسَائي الْعَطف فِي ذَلِك بِالْفَاءِ وَثمّ وأو (و) اخْتصّت بعطف (الْخَاص على الْعَام وَعَكسه) أَي الْعَام على الْخَاص نَحْو: {وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال} [الْبَقَرَة: 98] {رب اغْفِر لي ولوالدي وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} [نوح: 28] وَقَالَ ابْن هِشَام قد يشاركها فِي هَذَا الحكم (حَتَّى) قَالَ الْفَارِسِي وَابْن جني مَا جَاءَ من ذَلِك لم ينْدَرج تَحت مَا قبله بل أُرِيد بِهِ غير مَا عطف عَلَيْهِ لِأَن الْمَعْطُوف غير الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (و) اخْتصّت بعطف (المرادف) على مرادفه نَحْو: {إِنَّمَا أَشكُوا بَثِّي وَحُزنِي إِلَى اللهِ} [يُوسُف: 86] {صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة} [الْبَقَرَة: 157] (ليليني مِنْكُم ذَوُو الأحلام والنهى) 1588 - (وألْقَى قَوْلَها كَذِباً ومَيْنا ... ) وَقَالَ ابْن مَالك قد يشاركها فِي ذَلِك (أَو) نَحْو: {وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا} [النِّسَاء: 112] وَسَبقه إِلَيْهِ ثَعْلَب فِيمَا حَكَاهُ صَاحب الْمُحكم عَنهُ فِي قَوْله: {عُذرًا أَو نُدرًا} [المرسلات: 6] وَقَالَ الْعذر وَالنّذر وَاحِد (و) اخْتصّت بعطف (النَّعْت) على مَا تقدم تَفْصِيله فِي مَبْحَث النَّعْت (فِي

الْأَصَح فِيهَا) أَي فِي الْمسَائِل الْخَمْسَة وَقد ذكر فِي كل مَا يُقَابله (و) اخْتصّت بعطف (مَا حَقه التَّثْنِيَة) أَو الْجمع كَقَوْل الفرزدق: 1589 - (إِن الرَّزيّةَ لَا رَزيّةَ مِثْلُها ... فُقْدانُ مِثْل مُحمّدٍ ومُحَمّدِ) وَقَول أبي نواس: 1590 - (أقَمْنا بهَا يَوْماً وَيَوْما وثالِثاً ... وَيَوْما لَهُ يومُ التّرحل خَامِسُ) (و) اخْتصّت بعطف (العقد على النيف) نَحْو أحد وَعِشْرُونَ (و) اخْتصّت (باقترانها بإما) نَحْو: {إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا} [الْإِنْسَان 3] (وَلَكِن) نَحْو: {وَلَكِن رَسُول الله} [الْأَحْزَاب: 40] (وَلَا) إِن سبقت بِنَفْي وَلم تقصد الْمَعِيَّة) نَحْو مَا قَامَ زيد وَلَا عَمْرو ليُفِيد أَن الْفِعْل منفي عَنْهُمَا فِي حَالَة الِاجْتِمَاع والافتراق وَمِنْه: {وَمَا أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم} [سبأ: 37] إِذْ لَو لم تدخل (لَا) لاحتمل أَن المُرَاد نفي التَّقْرِيب عِنْد الِاجْتِمَاع دون الِافْتِرَاق والعطف حِينَئِذٍ من عطف الْمُفْردَات وَقيل الْجمل بإضمار الْعَامِل فَإِن لم يسْبق بِنَفْي أَو قصد الْمَعِيَّة لم تدخل فَلَا يُقَال قَامَ زيد وَلَا عَمْرو وَلَا مَا اخْتصم زيد وَلَا عَمْرو وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَمَا يَستَوِي الأَعَمَى وَالبَصَيرُ وَلاَ الضُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ} [فاطر: 19، 20] الْآيَة ف (لَا) الثَّانِيَة زَائِدَة لأمن اللّبْس (وَغير ذَلِك) اخْتصّت بِهِ كعطف الْمُفْرد السببي على الْأَجْنَبِيّ عِنْد الاجتياع إِلَى الرَّبْط نَحْو مَرَرْت بِرَجُل قَائِم زيد وَأَخُوهُ وَعطف الْجوَار إِن قيل بِهِ فِي النسق وَعطف الْمُقدم على متبوعه للضَّرُورَة نَحْو:

1591 - (عَلَيْك ورَحْمَة اللهِ السّلامُ ... ) وَنَحْوهمَا مِمَّا هُوَ مفرق فِي محاله (قَالَ ابْن مَالك وَعطف عَامل حذف وَبَقِي معموله على) عَامل (ظَاهر يجمعهما معنى) وَاحِدًا (نَحْو) قَوْله تَعَالَى: {تَبَؤءُوا الدَّارَ وَالإِيمانَ} [الْحَشْر: 9] أَصله واعتقدوا الْإِيمَان أَو اكتسبوا فاستغنى بمفعوله عَنهُ لِأَن فِيهِ وَفِي (تبوءوا) معنى لازموا وألفوا وَقَول الشَّاعِر: 1592 - (عَلَفْتُها تِبْناً وَمَاء بَارِدًا ... ) أَي وسقيتها وَالْجَامِع الطّعْم 1593 - (وزجّجْنَ الحواجبَ والعُيُونَا ... ) أَي وكحلن وَالْجَامِع التحسين (وَجعله الْجُمْهُور من عطف الْجمل بإضمار فعل) مُنَاسِب كَمَا تقدم لتعذر الْعَطف (و) جعله (قوم) من عطف (الْمُفْرد بتضمين) الْفِعْل (الأول معنى يتسلط) بِهِ عَلَيْهِ فَيقدر (آثروا الدَّار الْإِيمَان) وَنَحْوه قَالَ أَبُو حَيَّان فَركب ابْن مَالك من المذهبين مذهبا ثَالِثا (وَقَالَ أَبُو حَيَّان) فِي الارتشاف الَّذِي اخْتَارَهُ التَّفْصِيل وَذَلِكَ أَنه (إِن صَحَّ نسبه) الْعَامِل الأول (الظَّاهِر لما يَلِيهِ حَقِيقَة فالإضمار مُتَعَيّن فِي الثَّانِي) لِأَنَّهُ أَكثر من التَّضْمِين نَحْو (يجدع الله أَنفه وَعَيْنَيْهِ) أَي ويفقأ عَيْنَيْهِ فنسبة الجدع إِلَى

الْأنف حَقِيقَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يَصح نسبته إِلَيْهِ حَقِيقَة (فالتضمين) مُتَعَيّن فِي الثَّانِي لتعذر الْإِضْمَار نَحْو علفت الدَّابَّة تبنا وَمَاء أَي أطعمتها أَو غذوتها (وَالْأَكْثَر) على (أَنه) أَي التَّضْمِين (ينقاس) وضابطه أَن يكون الأول وَالثَّانِي يَجْتَمِعَانِ فِي معنى عَام لَهما وَمنع بَعضهم قِيَاسه (قيل وَتَكون) الْوَاو (للتقسيم) نَحْو الْكَلِمَة اسْم وَفعل وحرف 1594 - (كَمَا النَّاس مجرومٌ عَلَيْهِ وجَارمٌ ... ) ذكره ابْن مَالك فِي (التُّحْفَة) وَغَيره قَالَ ابْن هِشَام وَالصَّوَاب أَنَّهَا على مَعْنَاهَا الْأَصْلِيّ إِذْ الْأَنْوَاع مجتمعة فِي الدُّخُول تَحت الْجِنْس (قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ والقزويني وَالْإِبَاحَة والتخيير) نَحْو جَالس الْحسن أَو ابْن سِيرِين أَي أَحدهمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ وَلِهَذَا قيل (تِلكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [الْبَقَرَة: 196] بعد ذكر ثَلَاثَة وَسَبْعَة لِئَلَّا يتَوَهَّم إِرَادَة التَّخْيِير قَالَ ابْن هِشَام وَالْمَعْرُوف من كَلَام النَّحْوِيين خِلَافه (و) قَالَ (الخارزنجي) و (التَّعْلِيل) وَحمل عَلَيْهِ الواوات الدَّاخِلَة على الْأَفْعَال المنصوبة فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو يُوبِقهُنَّ بَمَا كَسَبُوا وَيَعفُ عَن كَثِير وَيَعلَمَ الَّذِينَ} [الشورى: 34، 35] {أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعلَمِ اللهُ الّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُم وَيَعلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمرَان 142] {يَا لَيتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِبُ} [الْأَنْعَام: 27] قَالَ ابْن هِشَام وَالصَّوَاب الْوَاو فِيهِنَّ للمعية (و) قَالَ (الْكُوفِيُّونَ والأخفش) وَتَكون (زَائِدَة) نَحْو: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَت أَبَوابُها وَقَالَ لَهُم خَزَنَتُهَا} [الزمر: 73] (فَلَمَّا أَسلَمَا وَتَلَّهُ لِلجَبِينِ

وَنَادينَاهُ} [الصافات: 103، 104] إِحْدَى الواوين فِي الْآيَتَيْنِ زَائِدَة إِمَّا الأولى أَو الثَّانِيَة وَغَيرهم قَالَ لَا تزاد وَهِي فيهمَا عاطفة وَالْجَوَاب مَحْذُوف أَو حَالية فِي الأولى أَي جاءوها وَقد فتحت أَبْوَابهَا من قبل إِكْرَاما لَهُم عَن أَن يقفوا حَتَّى تفتح لَهُم وَأثبت الحريري وَابْن خالويه وَاو الثَّمَانِية وَقَالا لِأَن الْعَرَب إِذْ عدوا قَالُوا سِتَّة سَبْعَة ثَمَانِيَة إِيذَانًا بِأَن السَّبْعَة عدد تَامّ وَمَا بعده عدد مُسْتَأْنف وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى {سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَّابِعُهُم كَلبُهُم} إِلَى قَوْله {وَثَامِنُهُم} [الْكَهْف: 22] وَقَوله فِي آيَة الْجنَّة {وَفُتِحَت أَبَوابُهَا} [الزمر: 73] لِأَن أَبْوَابهَا ثَمَانِيَة بِخِلَاف آيَة جَهَنَّم لِأَن أَبْوَابهَا سَبْعَة وَقَوله {وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ} [التَّوْبَة: 112] فَإِنَّهُ الْوَصْف الثَّامِن وَقَوله {وَأَبكَاراً} [التَّحْرِيم: 5] وَلم يذكر هَذِه الْوَاو أحد من أَئِمَّة الْعَرَبيَّة ووجهت فِي الْآيَة الأولى بِأَنَّهَا لعطف جملَة على جملَة أَي هم سَبْعَة وثامنهم وَفِي الثَّانِيَة زَائِدَة أَو عاطفة أَو حَالية كَمَا تقدم وَفِي الثَّالِثَة عاطفة لِأَن الْأَمر وَالنَّهْي صفتان متقابلتان بِخِلَاف بَقِيَّة الصِّفَات وَكَذَا فِي الرَّابِعَة لعطف صفتين متقابلتين إِذْ لَا تَجْتَمِع الثيوبة والبكارة وَتَأْتِي الْوَاو للتذكير وَالْإِنْكَار كَقَوْل من أَرَادَ أَن يَقُول يقوم زيد نفس (زيد) فَأَرَادَ مد الصَّوْت ليتذكر إِذْ لم يرد قطع الْكَلَام يقومو وقولك آلرجلوه بعد قَول قَائِل قَامَ الرجل قَالَ ابْن هِشَام وَالصَّوَاب أَلا يعدَّانِ لِأَنَّهُمَا إشباع للحركة بِدَلِيل آلرجلاه فِي النصب وآلرجلية فِي الْجَرّ

حرف الفاء

3 - حرف الْفَاء (الْفَاء للتَّرْتِيب) مَعَ التَّشْرِيك وَهُوَ معنوي كقام زيد فعمرو وذكري وَهُوَ عطف مفصل على مُجمل نَحْو {فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا فأخرجهما} [الْبَقَرَة: 36] {فقد سَأَلُوا مُوسَى أكبر من ذَلِك فَقَالُوا} [النِّسَاء: 153] {ونادى نوح ربه فَقَالَ} [هود: 45] (وَأنْكرهُ) أَي التَّرْتِيب (الْفراء مُطلقًا) وَاحْتج بقوله تَعَالَى {أهلكناها فَجَاءَهَا بأسنا} [الْأَعْرَاف: 4] ومجيء الْبَأْس سَابق للإهلاك وَأجِيب بِأَن الْمَعْنى أردنَا إهلاكها أَو بِأَنَّهَا للتَّرْتِيب الذكري وَأنْكرهُ (الْجرْمِي فِي الْأَمَاكِن والمطر) بِدَلِيل قَوْله 1595 - (بَين الدَّخول فحّومل ... ) وَقَوْلهمْ (مُطِرْنَا مَكَان كَذَا فَكَانَ كَذَا) وَإِن كَانَ وُقُوع الْمَطَر فيهمَا فِي وَقت وَاحِد (وللتعقيب فِي كل شَيْء بِحَسبِهِ) نَحْو جَاءَ زيد فعمرو أَي عقبه بِلَا مهلة (تزوج فلَان فولد لَهُ) إِذا لم يكن بَينهمَا إِلَّا مُدَّة الْحمل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أنزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة} [الْحَج: 63] (وللسببية غَالِبا) فِي عطف (جملَة أَو صفة) نَحْو {فوكزه مُوسَى فَقضى عَلَيْهِ} [الْقَصَص: 15] {فَتَلَقًّىءَادَمُ مِن رَّبِهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيهِ} [الْبَقَرَة: 37] {لأَكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ فَمَالِئُنَ مِنهَا البُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيهِ مِنَ الحَمِيمِ} [الْوَاقِعَة: 52، 53، 54] وَقد تخلوا عَنهُ نَحْو {فرَاغ إِلَى أَهله فجَاء بعجل سمين فقربه إِلَيْهِم} [الذرايات: 26، 27] {فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا} [الصافات: 2، 3]

(وتختص) الْفَاء (بعطف مفصل على مُجمل) كالأمثلة السَّابِقَة فِي التَّرْتِيب الذكري (و) بعطف (جملَة شَرطهَا الْعَائِد خلت مِنْهُ) صفة أَو صلَة أَو خَبرا لما فِيهَا من الرَّبْط نَحْو (الَّذِي يطير فيغضب زيد الذُّبَاب) (مَرَرْت بِرَجُل يبكي فيضحك عَمْرو خَالِد يقوم فيقعد عَمْرو) قيل وَترد للغاية بِمَعْنى إِلَى وَجعل مِنْهُ قَوْله 1596 - (بَين الدّخول فحومل ... ) على تَقْدِير مَا بَين (الدُّخُول) إِلَى (حومل) فَحذف مَا دون (بَين) كَمَا عكس ذَلِك من قَالَ 1597 - (يَا أحْسنَ النَاس مَا قرْنا إِلَى قدَم ... ) أَي مَا بَين قرن فَحذف (بَين) وَأقَام (قرنا) مقَامهَا وَالْفَاء نائبة عَن (إِلَى) قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا غَرِيب قَالَ ويستأنس لَهُ بمجيء عَكسه فِي قَوْله 1598 - (وأنْتِ الَّتِي حبّبْتِ شَغْباً إِلَى بَدَا ... إليَّ وأوطاني بلادٌ سِواهُما) إِذْ الْمَعْنى شغبا فَبَدَا وهما موضعان قَالَ وَيدل على إِرَادَة التَّرْتِيب قَوْله بعده 1599 - (حَللْتِ بِهَذَا حَلّة ثمَّ حَلّةً ... بِهَذَا فطاب الواديان كِلاهُما)

قَالَ وَهَذَا معنى غَرِيب لِأَنِّي لم أر من ذكره (قيل والاستئناف) نَحْو 1600 - (ألم تسْأل الرَّبْعَ القواء فينطِقُ ... ) أَي فَهُوَ ينْطق لِأَنَّهَا لَو كَانَت عاطفة جزم مَا بعْدهَا أَو سَبَبِيَّة نصب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} [يس: 82] بِالرَّفْع وَقَول الشَّاعِر 1601 - (يُريدُ أَن يُعْربَه فيُعْجمُهْ ... ) قَالَ ابْن هِشَام وَالتَّحْقِيق أَنَّهَا فِي ذَلِك كُله للْعَطْف وَأَن الْمُعْتَمد بالْعَطْف الْجُمْلَة لَا الْفِعْل (قيل) وَترد (زَائِدَة) دُخُولهَا كخروجها كَقَوْلِه 1602 - (يَموتُ أناسُ أَو يشِيبَ فَتاهُمُ ... ويَحْدُثُ ناسٌ والصَّغيرُ فيَكْبُرُ) وَقَوله 1603 - (أَرَانِي إذَا مَال بنُّ على هَوًى ... فثمَّ إِذا أصبحتُ غادِيا)

ثم

3 - ثمَّ (ثمَّ) وَيُقَال فَم بِالْفَاءِ بَدَلا من الثَّاء كَمَا قَالُوا فِي جدث جدف (و) يُقَال (ثمت) بتاء سَاكِنة ومفتوحة قَالَ 1604 - (صاحْبته ثمّت فارقتهُ ... ) (للتشريك) فِي الحكم (وَالتَّرْتِيب خلافًا لقطرب) فِي قَوْله إِنَّهَا لَا تفيده وَاحْتج بقوله تَعَالَى {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة ثمَّ جعل مِنْهَا زَوجهَا} [الزمر: 6] {وَبَدَأَ خلق الْإِنْسَان من طين ثمَّ جعل نَسْله من سلالة من مَاء مهين ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه} [السَّجْدَة: 7، 8، 9] {ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ثُمَّءَاتَينَا مُوسَى الكِتَابَ} [الْأَنْعَام: 153، 154] وَقَول الشَّاعِر 1605 - (إنَّ مَنْ سادَ ثُمّ سادَ أَبُوه ... ثُمَّ قد سَاد قَبْلَ ذلِك جَدُّه) وَأجِيب بِأَنَّهَا فِي الْجَمِيع لترتيب الْأَخْبَار لَا الحكم (والمهلة) (خلافًا للفراء) فِي قَوْله إِنَّهَا بِمَعْنى الْفَاء (وَقد تقع الْفَاء) فِي إِفَادَة التَّرْتِيب بِلَا مهلة (وَعَكسه) أَي تقع الْفَاء موقع (ثمَّ) فِي إفادته بمهلة فَالْأول كَقَوْلِه 1606 - (كهَزِّ الرُّدَيْنيِّ تَحت العَجَاج ... جَرَى فِي الأنابيب ثُمَّ اضْطَربْ)

أم

إِذْ الهز مَعَ جرى فِي أنابيب الرمْح يعقبه اضطرابه بِلَا تراخ وَالثَّانِي كَقَوْلِه تَعَالَى {ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا الْعِظَام لَحْمًا} [الْمُؤْمِنُونَ: 14] فالفاء فِي الثَّلَاثَة بِمَعْنى ثمَّ (قَالَ الكوفية و) تقع (زَائِدَة) كَقَوْلِه تَعَالَى {حَتَّى إِذا ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ} إِلَى قَوْله {ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم} [التَّوْبَة: 118] وَأجِيب بِأَن الْجَواب فِيهَا مُقَدّر (و) قَالَ (الْفراء) تقع (الِاسْتِئْنَاف) نَحْو أَعطيتك ألفا ثمَّ أَعطيتك قبل ذَلِك مَالا فَيكون 3 - أم (أم) وأنكرها أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى وَتَبعهُ مُحَمَّد بن مَسْعُود الغزني صَاحب البديع فَقَالَ لَيست بِحرف عطف بل بِمَعْنى همزَة الِاسْتِفْهَام وَلِهَذَا يَقع بعْدهَا جملَة يستفهم عَنْهَا كَمَا تقع بعد الْهمزَة نَحْو أضربت زيدا أم قتلته أبكر فِي الدَّار أم خَالِد أَي أخالد فِيهَا قَالَ ولتساوي الجملتين بعْدهَا فِي الِاسْتِفْهَام حسن وُقُوعهَا بعد (سَوَاء) لَكِن لما كَانَت تتوسط بَين مُحْتَمل الْوُجُود لشيئين أَحدهمَا بالاستفهام كتوسط (أَو) بَين اسْمَيْنِ محتملي الْوُجُود قيل إِنَّهَا حرف عطف (وَزعم ابْن كيسَان أَن أَصْلهَا أَو) أبدلت واوها ميما فتحولت إِلَى معنى يزِيد على معنى أَو

وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَهِي دَعْوَى بِلَا دَلِيل وَلَو كَانَ كَذَلِك لاتفقت أحكامهما وهما مُخْتَلِفَانِ من أوجه مِنْهَا أَن السُّؤَال بِأَو قبله بِأم وَأَنه يقدر مَعَ (أَو) بِأحد وَمَعَ أم (بِأَيّ) وَأَن جَوَاب (أَو) بنعم أَو لَا وَجَوَاب (أم) بِالتَّعْيِينِ بِالِاسْمِ أَو الْفِعْل وَأَن الْأَحْسَن مَعَ أَو تَقْدِيم الْفِعْل وَمَعَ (أم) تَقْدِيم الِاسْم وَأَن (أَو) لَا يلْزم معادلتها للاستفهام بِخِلَاف أم وَأَنَّك إِذا استفهمت باسم وعطفت عَلَيْهِ كَانَ (بِأَو) دون (أم) وَأَن الْعَطف بعد أفعل التَّفْضِيل (بِأم) دون (أَو) وَكَذَا مَا لم يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ (وَهِي قِسْمَانِ مُتَّصِلَة) تقع بعد همزَة التَّسْوِيَة (أَو) همزَة يطْلب بهَا وبأم (التَّعْيِين) وَلذَا تسمى معادلة لمعادلتها للهمزة فِي إِفَادَة التَّسْوِيَة أَو الِاسْتِفْهَام ويجمعهما أَن يُقَال هِيَ الَّتِي لَا يَسْتَغْنِي مَا بعْدهَا عَمَّا قبلهَا وَلَا يَقع إِلَّا فِيمَا يسْتَعْمل فِي لفظ الِاسْتِفْهَام سَوَاء أُرِيد مَعْنَاهُ أم لَا (وتختص الأولى) أَي الَّتِي تقع بعد همزَة التَّسْوِيَة (بِأَنَّهَا لَا تقع إِلَّا بَين جملتين) شَرطهمَا أَن يَكُونَا (فِي تَأْوِيل المفردين) وَسَوَاء الاسميتان والفعليتان والأغلب فيهمَا الْمُضِيّ والمختلفان كَقَوْلِه تَعَالَى {سَوَاء علينا أجزعنا أم صَبرنَا} [إِبْرَاهِيم: 21] وَقَوله {سَوَاء عَلَيْكُم أدعوتموهم أم أَنْتُم صامتون} [الْأَعْرَاف: 193] وَقَول الشَّاعِر 1607 - (ولَسْتُ أُبالِي بعد فَقْدِيَ مالِكاً ... أمَوْتِيَ ناء أم هُوَ الْآن واقِعُ) بِخِلَاف الْأُخْرَى فَتَقَع بَين مفردين وَهُوَ الْغَالِب فِيهَا نَحْو

{ءَأَنتُم أَشَدُ خَلقاً أَمِ السَّمَآءُ} [النازعات: 27] وجملتين ليستا فِي تأويلهما كَقَوْلِه 1608 - (فَقُلْتُ أهْيَ سَرَتْ أمْ عادني حلُمُ) وَقَوله 1609 - (لَعمْرُك مَا أدْري وإنْ كنت دَاريا ... شُعَيْثُ ابْن سَهْم شُعَيْثُ ابْن مِنْقَر) وتختص الأولى أَيْضا بِأَنَّهَا لَا تسْتَحقّ جَوَابا لِأَن الْمَعْنى مَعهَا لَيْسَ على الِاسْتِفْهَام فَإِن الْكَلَام مَعهَا قَابل للتصديق والتكذيب لِأَنَّهُ خبر بِخِلَاف الْأُخْرَى (وَيُؤَخر الْمَنْفِيّ فيهمَا) أَي الأولى وَالْأُخْرَى فَيُقَال (سَوَاء على أجاء أم لم يَجِيء) (أَقَامَ زيد أم لم يقم) وَلَا يجوز سَوَاء على لم يَجِيء أم جَاءَ وَلَا ألم يقم أم قَامَ فَإِن كَانَ مَا قبلهَا وَمَا بعْدهَا مثبتا قدم مَا شِئْت مِنْهُمَا (وَفصل الثَّانِيَة من معطوفها أَكثر لَا وَاجِب وَلَا مَمْنُوع فِي الْأَصَح) مِثَال الْفَصْل {أذلك خير أم جنَّة الْخلد} [الْفرْقَان: 15] والوصل {أَقَرِيب أم بعيد مَا توعدون} [الْأَنْبِيَاء: 109] وَالتَّأْخِير أعندك زيد أم عَمْرو ألقيت زيدا أم عمرا وَقيل لَا يجوز إِلَّا الْفَصْل وَقيل لَا يجوز إِلَّا ضم أَحدهمَا إِلَى الآخر مقدمين أَو مؤخرين (وَقد تحذف الْهمزَة) وتنوي كَقَوْلِه 1610 - (لَعَمْرُك مَا أدْري وَإِن كنتُ دارياً ... بسَبْع رمَيْن الْجَمْر أم بثَمان} أَي أبسبع وَقُرِئَ {سَوَاءٌ عَلَيهِم أَنذَرتَهُم أَم لَم تُنذِرهُم} [الْبَقَرَة: 6] بِهَمْزَة وَاحِدَة

(و) قد تحذف (أم والمعطوف بهَا) كَقَوْلِه 1611 - (دَعَاني إليْها القلْبُ إنِّي لأَمره ... سميعٌ فَمَا أَدْرِي أرُشْدٌ طِلاَبُها) أَي أم غي (و) قد يحذف (هُوَ) أَي الْمَعْطُوف بهَا (دونهَا بتعويض لَا) نَحْو أَزِيد عنْدك أم لَا أَزِيد يقوم أم لَا (قيل: و) يحذف (دونه) أَي دون تعويض وَجعل مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {أَفلا تبصرون أم} [الزخرف: 51، 52] أَي أم تبصرون ثمَّ ابْتَدَأَ {أَنا خير} [الزخرف: 52] قَالَ ابْن هِشَام وَهَذَا بَاطِل إِذْ لم يسمع حذف مَعْطُوف بِدُونِ عاطفة وَإِنَّمَا الْمَعْطُوف جملَة {أَنَا خَيرٌ} [الزخرف: 52] وَوجه المعادلة أَن الأَصْل أم ينْصرُونَ ثمَّ أُقِيمَت الأسمية مقَام الفعلية وَالسَّبَب مقَام الْمُسَبّب لأَنهم إِذْ قَالُوا لَهُ (أَنْت خير) كَانُوا عِنْده بصراء قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ (و) يحذف (الْمَعْطُوف عَلَيْهِ) وَجعل مِنْهُ {أَم كُنتُم شَهَدَآءَ} [الْبَقَرَة: 133] أَي (أَتَدعُونَ على الْأَنْبِيَاء الْيَهُودِيَّة أم كُنْتُم شُهَدَاء) وَوَافَقَهُ الواحدي وَقدر أبلغكم مَا تنسبون إِلَى يَعْقُوب من إيصائه بنية باليهود أم كُنْتُم (و) الثَّانِي من قسمي أم (مُنْقَطِعَة) سميت بذلك لِأَن الْجُمْلَة بعْدهَا مُسْتَقلَّة وَهِي

الَّتِي تقع (بعد غير همزَة الِاسْتِفْهَام) وَذَلِكَ إِمَّا خبر مَحْض نَحْو {تَنْزِيل الْكتاب لَا ريب فِيهِ من رب الْعَالمين} [السَّجْدَة: 2] أَو همزَة لغير اسْتِفْهَام نَحْو {ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا أم لَهُم أيد} [الْأَعْرَاف: 195] لِأَن الْهمزَة هُنَا للإنكار فَهِيَ بِمَعْنى النَّفْي أَو الِاسْتِفْهَام بِغَيْر الْهمزَة نَحْو {هَل يَستَووي الأَعمَى وَالبَصيِرُ أَم هَل تَستَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرَّعْد: 16] وَاخْتلف فِي مَعْنَاهَا (فَقَالَ البصريون هِيَ بِمَعْنى بل) أَي للإضراب (والهمزة مُطلقًا) (و) قَالَ (الْكسَائي وَهِشَام) هِيَ (كبل وتاليها) أَي مَا بعْدهَا (كمتلوها) أَي كَمَا قبلهَا فَإِذا قلت قَامَ زيد أم عَمْرو فَالْمَعْنى بل قَامَ عَمْرو وَإِذا قلت هَل قَامَ زيد أم عَمْرو فَالْمَعْنى بل هَل قَامَ عَمْرو ورد بقوله تَعَالَى {وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا} إِلَى قَوْله {أَم نَجعَلُ الَّذِينَءَامَنُوا} [ص: 27، 28] الْآيَة ف (أم) لم يتقدمها اسْتِفْهَام وَقد استؤنف بِأم السُّؤَال على جِهَة الْإِنْكَار وَالرَّدّ وَلَا يُمكن أَن يكون مَا بعْدهَا مُوجبا فَلَيْسَ مثل مَا قبلهَا (و) قَالَ (الْفراء) هِيَ ك (بل) إِذا وَقعت (بعد اسْتِفْهَام) كَقَوْلِه 1612 - (فواللهِ مَا أَدْرِي أسَلْمَى تغوَّلَتْ ... أم النّوْمُ أم كُلُّ إليَّ حَبيبُ) أَي بل كل ورد بِأَن الْمَعْنى على الِاسْتِفْهَام أَي بل أكل إِلَى حبيب لِأَنَّهَا لما تمثلت لعَينه لم يدر أذلك فِي النّوم أم صَارَت من الغول لِأَن الْعَرَب تزْعم أَنَّهَا تبدو متزينة لتفتن ثمَّ لما جوز أَن تكون تغولت دَاخله الشَّك فَقَالَ بل أكل إِلَيّ حبيب أَي الغول وسلمى كل مِنْهُمَا إِلَى حبيب (و) قَالَ (قوم) تكون ك (بل) إِذا وَقعت بعد الِاسْتِفْهَام (وَالْخَبَر)

وَقَالَ (أَبُو عُبَيْدَة) هِيَ (كالهمزة مُطلقًا) قَالَ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {أَم ترِيدُونَ أَن تَسئَلُوا رَسُولَكُم} [الْبَقَرَة: 108] (و) قَالَ (الْهَرَوِيّ) فِي (الأزهية) هِيَ كالهمزة (إِن لم يتَقَدَّم) عَلَيْهَا (اسْتِفْهَام) ورد الْقَوْلَانِ بِأَنَّهَا لَو كَانَت بِمَعْنى الْهمزَة لوقعت فِي أول الْكَلَام وَذَلِكَ لَا يجوز فِيهَا ولورودها للاستفهام بعده فِي قَوْله 1613 - (هَلْ مَا عَلِمْتَ وَمَا اسُتودِعْت مَكْتومُ ... أم حَبْلها إِذْ نَأتْكَ الْيَوْم مَصْرومُ) فَإِنَّهُ اسْتَأْنف السُّؤَال بِأم عَمَّا بعْدهَا مَعَ تقدم الِاسْتِفْهَام لِأَن الْمَعْنى بل أحبلها لقَوْله بعده (أم هَل كبيرٌ بَكَى لم يَقْص عبَرته ... إثْر الأحِبَّة يَوْم الْبَين مَشْكُومُ) (وَتدْخل) أم هَذِه (على هَل) كَمَا تقدم (و) على (سَائِر أَسمَاء الِاسْتِفْهَام فِي الْأَصَح) نَحْو {أَمَّاذَا كُنتُم تَعمَلُون} [النَّمْل: 84] وَلَا تدخل على حرفه وَهُوَ الْهمزَة وَبِذَلِك اسْتدلَّ على أَنَّهَا بِمَعْنى بل والهمزة وَإِلَّا لدخلت عَلَيْهَا كَمَا يدْخل عَلَيْهَا بل فِي قَوْلك أَقَامَ زيد بل أَقَامَ عَمْرو وَلَا بدع فِي دُخُولهَا على هَل وَإِن كَانَت للاستفهام فقد دخلت عَلَيْهَا الْهمزَة فِي قَوْله 1615 - (أهَل رأوْنا بسَفح القاع ذِي الأكَم ... )

وَذهب الصفار إِلَى منع دُخُول (أم) على (هَل) وَغَيرهَا لِأَنَّهُ جمع بَين أداتي معنى وَقَالَ لَا يحفظ مِنْهُ إِلَّا قَوْله 1616 - (أم هَل كبيرٌ بَكَى ... ) وَقَوله 1617 - (أم هَل لامَنِي فِيك لائمُ ... ) وَقَوله 1618 - (وَمَا أنتَ أمْ مَا ذِكرُها رَبعيّة ... ) وَقَوله تَعَالَى {أَمَّن هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُم} [الْملك: 20] (أَمن يرزقكم) قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مِنْهُ دَلِيل على الجسارة وَعدم حفظ كتاب الله قَالَ وَقد دخلت على كَيفَ فِي قَوْله 1619 - (أم كَيفَ يَنْفَع مَا تُعْطي العَلوقُ بِهِ ... )

أو

وعَلى (أَيْن) فِي قَوْله: 1620 - (فَأصْبح لَا يَدْري أيَقْعُد فيكُمُ ... على حَسَك الشّحْناء أم أيْن يَذْهبُ) (لَا مُفْرد) أَي لَا تدخل عَلَيْهِ (خلافًا لِابْنِ مَالك) فِي قَوْله بذلك وَأَنه مِنْهُ قَوْلهم (إِنَّهَا لإبل أم شَاءَ) لقَوْل بَعضهم (إِن هُنَاكَ لإبلا أم شَاءَ) بِالنّصب قَالَ فَهَذَا عطف صَرِيح يُقَوي عدم الْإِضْمَار فِي الْمَرْفُوع قَالَ أَبُو حَيَّان وَابْن هِشَام وَقد خرق إِجْمَاع النَّحْوِيين فِي ذَلِك فَإِنَّهُم اتَّفقُوا على تَقْدِير مُبْتَدأ أَي بل أَهِي شَاءَ وَأما رِوَايَة النصب إِن صحت فَالْأولى أَن يقدر فِيهَا ناصب أَي أم أرى شَاءَ (قَالَ أَبُو زيد) الْأنْصَارِيّ (وَترد) أم (زَائِدَة) وَاسْتدلَّ بقوله: 1621 - (يَا ليْت شِعري وَلَا مَنْجَا من الهَرَم ... أم هَل على الْعَيْش بعد الشّيْب من نَدَم) أَو أَو (قَالَ المتقدمون هِيَ لإحدى الشَّيْئَيْنِ أَو الْأَشْيَاء) قَالَ ابْن هِشَام وَهُوَ التَّحْقِيق والمعاني الَّتِي ذكرهَا غَيرهم مستفادة من غَيرهَا (و) قَالَ (الْمُتَأَخّرُونَ) هِيَ مَعَ ذَلِك (للشَّكّ) من الْمُتَكَلّم نَحْو: {لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم} [الْكَهْف: 19] (والإبهام) بِالْمُوَحَّدَةِ على السَّامع نَحوه {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} [سبأ: 24] (والتخيير وَالْإِبَاحَة) وَالْفرق بَينهمَا أَن الثَّانِي يجوز فِيهِ الْجَمِيع نَحْو اقْرَأ فقها أَو نَحوا بِخِلَاف الأول نَحْو انكح هندا أَو أُخْتهَا

قَالَ ابْن مَالك وَأكْثر ... (وَالتَّفْصِيل) بعد الْإِجْمَال نَحْو: {وَقَالُوا كونُوا هودا أَو نَصَارَى تهتدوا} [الْبَقَرَة: 135] {قَالُوا سَاحر أَو مَجْنُون} [الذاريات: 52] أَي قَالَ بَعضهم كَذَا وَبَعْضهمْ كَذَا (والإضراب) ك (بل) (قَالَ قوم) تَأتي لَهُ (مُطلقًا) كَقَوْلِه تَعَالَى: {وأرسلناه إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} [الصافات: 147] أَي بل يزِيدُونَ وَقَول جرير: 1622 - (مَاذَا ترى فِي عِيَال قد بَرمْتُ بهم ... لم أُحْص عِدَّتَهُم إِلَّا بعدّاد) (كَانُوا ثَمَانِينَ أَو زادوا ثَمَانِيَة ... لَوْلَا رجَاؤُك قد قَتّلْتُ أوْلادي) (و) قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِذا وَقعت (بعد نفي أَو نهي أَو) بعد (إِعَادَة الْعَامِل) نَحْو (مَا) قَامَ زيد أَو مَا قَامَ عَمْرو أَو (لَا تضرب زيدا أَو لَا تضرب عمرا) (قَالَ الكوفية والأخفش والجرمي والأزهري وَابْن مَالك و) بِمَعْنى (الْوَاو) أَي لمُطلق الْجمع نَحْو:

1623 - (لِنَفْسي تُقَاها أَو عَلَيْهَا فُجُورُها ... ) أَي وَعَلَيْهَا 1624 - (جَاءَ الخِلافَة أَو كانَتْ لَهُ قَدَرًا ... ) أَي وَكَانَت قَالَ ابْن مَالك وَمن أحسن شواهده حَدِيث: (اسكن حرا) فَمَا عَلَيْك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد وَحَدِيث (مَا أخطأك سرف أَو مخيلة)

وَغَيرهم تَأَول الْبَيْتَيْنِ الأول على أَن أَو فِيهِ للإبهام وَأَنَّهَا فِي الثَّانِي للشَّكّ وَقَالَ ابْن هِشَام الَّذِي رَأَيْته فِي ديوَان جرير إِذْ كَانَت وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّهَا الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة (زَاد ابْن مَالك) فِي الكافية وَشَرحهَا (والتقسيم) نَحْو الْكَلِمَة اسْم أَو فعل أَو حرف وَلم يذكرهُ فِي التسهيل وَلَا شَرحه بل قَالَ تَأتي للتفريق الْمُجَرّد من الشَّك والإبهام والتخيير قَالَ وَهَذَا أولى من التَّعْبِير بالتقسيم لِأَن اسْتِعْمَال الْوَاو فِيهِ أَجود قَالَ وَمن مَجِيئه بِأَو قَوْله: 1625 - (فَقَالُوا لنا ثِنْتان لَا بُدَّ مِنْهُمَا ... صدُورُ رماح أُشْرعت أَو سَلاسِلُ) قَالَ ابْن هِشَام ومجيء الْوَاو فِي التَّقْسِيم أَكثر لَا يَقْتَضِي أَن (أَو) لَا تَأتي لَهُ (و) قَالَ (الحريري) والتقريب نَحْو مَا أَدْرِي أسلم أَو ودع وَأذن أَو أَقَامَ قَالَ ابْن هِشَام وَهُوَ بَين الْفساد لِأَن التَّقْرِيب إِنَّمَا اسْتُفِيدَ من إِثْبَات اشْتِبَاه السَّلَام بالتوديع فَهِيَ للشَّكّ (و) قَالَ (ابْن الشجري وَالشّرط) نَحْو لأضربنه عَاشَ أَو مَاتَ أَي إِن عَاشَ بعد الضَّرْب وَإِن مَاتَ مِنْهُ ولآتينك أَعْطَيْتنِي أَو أحرمتني قَالَ ابْن هِشَام وَالْحق أَنَّهَا للْعَطْف على بَابهَا وَلَكِن لما عطفت على مَا فِيهِ معنى الشَّرْط دخل فِيهِ الْمَعْطُوف

(و) قَالَ (قوم) من الْكُوفِيّين (والتبعيض) نَحْو: {وَقَالُوا كونُوا هودا أَو نَصَارَى} [الْبَقَرَة: 135] قَالَ ابْن هِشَام وَالَّذِي يظْهر أَنه أَرَادَ معنى التَّفْصِيل فَإِن كل وَاحِد مِمَّا قبل أَو التفصيلية وَمَا بعْدهَا بعض لما تقدم عَلَيْهِمَا من الْمُجْمل وَلم يرد أَنَّهَا ذكرت لتفيد مُجَرّد معنى التَّبْعِيض (وَلَا تَأتي بعد همزَة التَّسْوِيَة) لِأَنَّهَا لأحد الشَّيْئَيْنِ أَو الْأَشْيَاء والتسوية تَقْتَضِي شَيْئَيْنِ فَصَاعِدا فَلَا يُقَال سَوَاء كَانَ كَذَا أَو كَذَا قَالَ ابْن هِشَام وَقد أولع بهَا الْفُقَهَاء وَهُوَ لحن وَالصَّوَاب الْإِتْيَان بِأم وَفِي الصِّحَاح تَقول سَوَاء عَليّ أَقمت أَو قعدت وَهُوَ سَهْو وَفِي الْكَامِل أَن ابْن مُحَيْصِن قَرَأَ: {أَو لَمْ تُنذِرْهُمْ} [الْبَقَرَة: 6] وَهُوَ من الشذوذ بمَكَان قَالَ أما همزَة الِاسْتِفْهَام فيعطف بعْدهَا بِأَو نَحْو أَزِيد عنْدك أَو عَمْرو انْتهى وَفِي البديع قَالَ سِيبَوَيْهٍ إِذا كَانَ بعد (سَوَاء) همزَة الِاسْتِفْهَام فَلَا بُد من (أم) اسْمَيْنِ كَانَا أَو فعلين تَقول سَوَاء عَليّ أَزِيد فِي الدَّار أم عَمْرو وَسَوَاء عَليّ أَقمت أم قعدت وَإِذا كَانَ بعْدهَا فعلان بِغَيْر ألف الِاسْتِفْهَام عطف الثَّانِي بِأَو تَقول سَوَاء عَليّ قُمْت أَو قعدت وَإِن كَانَا اسْمَيْنِ بِلَا ألف عطف الثَّانِي بِالْوَاو تَقول سَوَاء عَليّ زيد وَعَمْرو

إما

وَإِن كَانَ بعْدهَا مصدران كَانَ الثَّانِي بِالْوَاو وأو حملا عَلَيْهَا قَالَ السيرافي فَإِذا قلت سَوَاء عَليّ قُمْت أَو قعدت فتقديره إِن قُمْت أَو قعدت فهما عَليّ سَوَاء فعلى هَذَا سَوَاء خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي الْأَمْرَانِ سَوَاء وَالْجُمْلَة دَالَّة على جَوَاب الشَّرْط الْمُقدر قَالَ ابْن الدماميني وَبِذَلِك تبين صِحَة قَول الْفُقَهَاء وَكَأن ابْن هِشَام توهم أَن الْهمزَة لَازِمَة بعد كلمة سَوَاء فِي أول جملتيها وَلَيْسَ كَذَلِك إِمَّا (إِمَّا) بِالْكَسْرِ (المسبوقة بِمِثْلِهَا لمعاني (أَو) الْخَمْسَة) الأول الشَّك نَحْو جَاءَ إِمَّا زيد وَإِمَّا عَمْرو والإبهام نَحْو: {وَءَاخَرُونَ مُرجَونَ لأَمرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِبُهُم وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيهِم} [التَّوْبَة: 106] والتخيير نَحْو: {إِمَّا أَن تعذب وَإِمَّا أَن تتَّخذ فيهم حسنا} [الْكَهْف: 81] وَالْإِبَاحَة نَحْو اقْرَأ إِمَّا فقها وَإِمَّا نَحوا وَالتَّفْصِيل نَحْو: {إِمَّا شاكرا وَإِمَّا كفورا} [الْإِنْسَان: 3] وَعبر عَنهُ فِي التسهيل بِالتَّفْرِيقِ الْمُجَرّد كَمَا عبر بِهِ فِي أَو وَالْفرق بَينهَا وَبَين (أَو) فِي الْمعَانِي الْخَمْسَة أَنَّهَا لتكررها يدل الْكَلَام مَعهَا من أول وهلة على مَا أَتَى بهَا لأَجله من شكّ أَو غَيره بِخِلَاف (أَو) فَإِن الْكَلَام مَعهَا أَولا دَال على الْجَزْم ثمَّ يُؤْتى (بِأَو) دَالَّة على مَا جِيءَ بهَا لأَجله ثمَّ التَّحْقِيق أَن (إِمَّا) لأحد الشَّيْئَيْنِ أَو الْأَشْيَاء وَهَذِه الْمعَانِي تعرض فِي الْكَلَام من جِهَة أُخْرَى كَمَا فِي أَو (وَأنكر قوم الْإِبَاحَة) فِي (إِمَّا) مَعَ إثباتهم ذَلِك لأو (و) أنكر (يُونُس وَأَبُو عَليّ) الْفَارِسِي (وَابْن كيسَان وَابْن مَالك كَونهَا عاطفة) كَمَا أَن الأولى غير عاطفة وَقَالُوا الْعَطف بِالْوَاو الَّتِي قبلهَا وَهِي جائية لِمَعْنى من الْمعَانِي المفادة بِأَو

وَقَالَ ابْن مَالك وُقُوعهَا بعد الْوَاو مسبوقة بِمِثْلِهَا شَبيه بِوُقُوع لَا بعد الْوَاو مسبوقة بِمِثْلِهَا فِي مثل لَا زيد وَلَا عَمْرو فِيهَا و (لَا) هَذِه غير عاطفة بِإِجْمَاع مَعَ صلاحيتها للْعَطْف قبل الْوَاو فلتكن إِمَّا كَذَلِك بل أولى (وَادّعى ابْن عُصْفُور الْإِجْمَاع عَلَيْهِ) أَي على كَونهَا غير عاطفة كالأولى تخلصا من دُخُول عاطف على عاطف قَالَ وَإِنَّمَا ذكروها فِي بَاب الْعَطف لمصاحبتها لحرفه (وَقيل) (إِمَّا) (عطفت الِاسْم على الِاسْم وَالْوَاو) عطفت (إِمَّا على إِمَّا) قَالَ ابْن هِشَام وَعطف الْحَرْف على الْحَرْف غَرِيب وَقَالَ الرضي غير مَوْجُود (وَقد تفتح همزتها) وَالْتَزَمَهُ تَمِيم وَقيس وَأسد كَقَوْلِه: 1626 - (تُلَقِّحُها أمّا شَمالٌ عَريَّةٌ ... وأمَّا صبا جنْح العشيّ هَبُوبُ) (و) قد (تبدل الْمِيم الأولى يَاء) مَعَ كسر الْهمزَة وَفتحهَا كَقَوْلِه: 1627 - (لَا تُفسِدُوا آبَا لَكُمْ ... إيما لنا إيما لَكُمْ) وَقَوله: 1628 - (يَا لَيْتَما أمُّنَا شَالَت نَعَامَتُها ... إيْما إِلَى جَنّة إيما إِلَى نَار) (و) قد (تحذف الأولى) كَقَوْلِه: 1629 - (تُهاضُ بدار قد تقادم عَهْدُها ... وإمَّا بأمواتٍ ألمَّ خَيَالُها)

وَنقل النّحاس أَن الْبَصرِيين لَا يجيزون فِيهَا إِلَّا التكرير وَأَن الْفراء أجَازه إِجْرَاء لَهَا مجْرى (أَو) فِي ذَلِك (أَو) تحذف (الْوَاو) من الثَّانِيَة فتنوى كالبيت السَّابِق (أَو) يحذف (مَا) من الأولى أَو الثَّانِيَة كَقَوْلِه: 1630 - (وَقد كَذَبَتْكَ نَفْسُك فاكْذَبَنْها ... فَإِن جَزَعاً وَإِن إجْمالَ صَبْر) (أَو) تحذف (هِيَ) بكمالها (مُسْتَغْنى عَنْهَا ب (وَإِلَّا) أَو بِأَو) كَقَوْلِه: 1631 - (فإمَّا أَن تكونَ أخِي بصدْق ... فأعْرفَ مِنْك غَثِّي من سَمِيني) (وإلاّ فاطَّرحْني واتَّخِذْنِي ... عدوًّا أتَّقِيك وتَّتّقِيني) وَقَوله: 1632 - (وَقد شَفّنِي ألاّ يَزال يروعُنِي ... خَيَالُك إمّا طَارِقًا أَو مُغاديا) (وَهِي مركبة) من (إِن) و (مَا) الزَّائِدَة (على الْأَصَح) وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَعَلِيهِ بني الِاقْتِصَار على (إِن) وَحذف (مَا) وَقيل بسيطة وَاخْتَارَهُ أَبُو حَيَّان لِأَن الأَصْل البساطة لَا التَّرْكِيب

بل

بل (بل) للإضراب فَإِن كَانَت بعد أَمر أَو إِيجَاب نقلت حكم مَا قبلهَا لتاليها الْمُفْرد وَصَارَ مَا قبلهَا مسكوتا عَنهُ لَا يحكم لَهُ بِشَيْء نَحْو اضْرِب زيدا بل عمرا وَجَاء زيد بل عَمْرو أَو نفي أَو نهي (قَرّرته) أَي حكمه لَهُ (وَجعلت ضِدّه لتاليها) الْمُفْرد نَحْو مَا قَامَ زيد بل عَمْرو وَلَا تضرب زيدا بل عمرا (وَجوز الْمبرد النَّقْل فيهمَا) أَي النَّفْي وَالنَّهْي أَيْضا على تَقْدِير بل مَا قَامَ وبل لَا تضرب قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ مُخَالف لاستعمال الْعَرَب كَقَوْلِه: 1633 - (لَو اعْتصَمْتَ بِنَا لم تَعْتَصمْ بعِدًى ... بل أولياءَ كُفَاةٍ غَيْر أوغادِ) وَقَوله: 1634 - (وَمَا انْتَميْتُ إِلَى خثور وَلَا كُشُفٍ ... وَلَا لِئام غداةَ الرَّوْع أوْزَاع) (بل ضاربين حبيك الْبيض إِن لَحِقُوا ... شُمّ العرانين عِنْد الْمَوْت لُذَّاعِ) (وَمنع الكوفية و) أَبُو جَعْفَر (بن صابر الْعَطف بهَا بعد غَيرهمَا) قَالَ هِشَام مِنْهُم محَال ضربت عبد الله بل إياك قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا من الْكُوفِيّين مَعَ كَونهم أوسع من الْبَصرِيين فِي اتِّبَاع شواذ الْعَرَب دَلِيل على أَنه لم يسمع الْعَطف بهَا فِي الْإِيجَاب أَو على قلته وَلَا يعْطف بهَا بعد الِاسْتِفْهَام وفَاقا

حتى

(فَإِن تَلَاهَا جملَة فللإبطال) للمعنى الأول وإثباته لما بعد نَحْو: {أم يَقُولُونَ بِهِ جنَّة بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ} [الْمُؤْمِنُونَ: 70] (أَو الِانْتِقَال) من غَرَض إِلَى آخر بِدُونِ إبِْطَال نَحْو: {ولدينا كتاب ينْطق بِالْحَقِّ وهم لَا يظْلمُونَ بل قُلُوبهم فِي غمرة} [الْمُؤْمِنُونَ: 62، 63] (وَلَيْسَت) حِينَئِذٍ (عاطفة على الصَّحِيح) بل حرف ابْتِدَاء (وتزاد قبلهَا لَا) لتوكيد الإضراب بعد الْإِيجَاب كَقَوْلِه: 1635 - (وَجْهُك البدرُ لَا بل الشّمْسُ لَوْ لَمْ ... يُقْضَ للشَّمْس كَسْفةٌ وأُفولُ) ولتوكيد تَقْرِير مَا قبلهَا بعد النَّفْي وَالنَّهْي (ومنعها) أَي زِيَادَة (لَا) (ابْن درسْتوَيْه بعد النَّفْي زَاد ابْن عُصْفُور) وَبعد (النَّهْي) أَيْضا قَالَ لِأَنَّهُ لم يسمع ورد بقوله: 1636 - (وَمَا هَجَرْتُك لَا بل زادَني شغَفًا ... هَجْرٌ وبُعْدٌ ترَاخى لَا إِلَى أجَل) وَقَوله: 1637 - (لَا تَملَّنَّ طاعةَ الله لاَ بَلْ ... طاعةَ الله مَا حَييتَ اسْتَدِيما) قَالَ أَبُو حَيَّان وَيُقَال فِي لَا بل (نَا بن) و (لَا بن) و (نَا بل) بإبدال اللامين أَو إِحْدَاهمَا نونا (وتزاد (لَا) ضَرُورَة) حَتَّى (حَتَّى) هِيَ (كالواو) لمُطلق الْجمع

(وَقيل) هِيَ (للتَّرْتِيب) قَالَ ابْن مَالك وَهِي دَعْوَى بِلَا دَلِيل فَفِي الحَدِيث: (كل شَيْء بِقَضَاء وَقدر حَتَّى الْعَجز والكيس) وَلَيْسَ فِي الْقَضَاء تَرْتِيب وَإِنَّمَا التَّرْتِيب فِي ظُهُور المقضيات وَقَالَ الشَّاعِر: 1638 - (لَقَوْمي حَتَّى الأقدمون تمَالَئُوا ... ) فعطف الأقدمون وهم سَابِقُونَ (و) تفارق الْوَاو فِي أَحْكَام (لَا يعْطف) إِلَّا مَا كَانَ (بَعْضًا) من الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (أَو كبعض) مِنْهُ (غَايَة لَهُ فِي رَفعه أَو خفضه) نَحْو (مَاتَ النَّاس حَتَّى الْأَنْبِيَاء) و (قدم الْحجَّاج حَتَّى المشاة) وَقَوله: 1639 - (قهرنَاكُمُ حَتَّى الكماةُ فأنتمُ ... تهَابُوننا حَتَّى بَنِينا الأصَاغِرا) وَقَوله: 1640 - (ألْقى الصَّحِيفَة كي يُخَفِّف رَحْلَه ... والزَّادَ حَتَّى نَعْله ألْقاهَا) فالنعل لَيست بعض الصَّحِيفَة والزاد وَلَكِن كبعضه لِأَن الْمَعْنى ألْقى مَا يثقله قَالَ ابْن هِشَام وَالضَّابِط أَنَّهَا تدخل حَيْثُ يَصح الِاسْتِثْنَاء وتمتنع حَيْثُ يمْتَنع وَلِهَذَا لَا يجوز (ضربت الرجلَيْن حَتَّى أفضلهما) و (لَا صمت الْأَيَّام حَتَّى يَوْمًا)

(وَكَذَا لَا تعطف إِلَّا مَا كَانَ (مُفردا على الصَّحِيح) لِأَن الْجُزْئِيَّة لَا تتأتى إِلَّا فِي الْمُفْردَات وَقَالَ ابْن السَّيِّد يعْطف بهَا الْجمل كَقَوْلِه: 1641 - (سريْتُ بهم حَتَّى تكِلُّ مطيُّهُمْ ... ) بِرَفْع (تكل) عطفا على سريت وَنقل فِي الْبَسِيط عَن الْأَخْفَش أَنَّهَا تعطف الْفِعْل إِذا كَانَت سَببا كالفاء نَحْو مَا تَأْتِينَا حَتَّى تحدثنا (قَالَ) ابْن هِشَام (الخضراوي و) لَا تعطف إِلَّا مَا كَانَ (ظَاهرا) كَمَا لَا تجر إِلَّا الظَّاهِر قَالَ فِي الْمُغنِي وَلم أره لغيره (ويعاد الْجَار مَعهَا) إِذا عطفت على مجرور فرقا بَينهَا وَبَين الجارة نَحْو مَرَرْت بالقوم حَتَّى بزيد ثمَّ اخْتلف فِيهِ هَذِه الْإِعَادَة (قَالَ ابْن عُصْفُور) يُعَاد (رجحانا) لَا وجوبا (و) قَالَ ابْن (الخباز) المصولي شَارِح (ألفية) ابْن معط (و) أَو عبد الله (الجليس) صَاحب (ثمار الصِّنَاعَة) (وجوبا و) قَالَ (ابْن مَالك إِن لم يتَعَيَّن للْعَطْف) وَجب نَحْو اعْتكف فِي الشَّهْر حَتَّى فِي آخِره وَإِن تعيّنت لَهُ (فَلَا لحُصُول الْفرق) نَحْو عجبت من الْقَوْم حَتَّى بنيهم وَقَوله: 1642 - (جُود يُمْنَاك فاضَ فِي الخلْق حتّى ... بائس دَان بالإساءة دينا)

لا

قَالَ ابْن هِشَام وَهُوَ حسن وَأما أَبُو حَيَّان فَرده وَقَالَ هِيَ فِي الْمِثَال جَارة وَفِي الْبَيْت مُحْتَملَة (والعطف بهَا قَلِيل وَمن ثمَّ) أَي من أجل قَتله (أنكرهُ الكوفية) فَقَالُوا لَا يعْطف بهَا أَلْبَتَّة وحملوا نَحْو جَاءَ الْقَوْم حَتَّى أَبوك ورأيتهم حَتَّى أَبَاك ومررت بهم حَتَّى أَبِيك على أَن حَتَّى فِيهِ ابتدائية وَأَن مَا بعْدهَا بإضمار عَامل لَا ((لَا) يعْطف بهَا بعد أَمر) نَحْو اضْرِب زيدا لَا عمرا (وَدُعَاء) نَحْو غفر الله لزيد لَا لبكر (وتحضيض) نَحْو هلا تضرب زيدا لَا عمرا (وَإِيجَاب) نَحْو (جَاءَ زيد لَا عَمْرو) و (زيد قَائِم لَا عَمْرو أَو لَا قَاعد) وَيقوم زيد لَا عَمْرو (وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ ونداء) نَحْو يَا ابْن أخي لَا ابْن عمي وَأنْكرهُ ابْن سَعْدَان وَقَالَ لَيْسَ هَذَا من كَلَامهم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه شَهَادَة على نفي وَالظَّن لسيبويه أَنه لم يذكرهُ فِي كِتَابه إِلَّا وَهُوَ مسموع (و) قَالَ (الْفراء وَاسم لَعَلَّ) نَحْو لَعَلَّ عمرا لَا زيدا منطلق كَمَا يجوز ذَلِك فِي اسْم إِن (وَشرط السُّهيْلي) فِي نتائج الْفِكر والأيذي فِي شرح الجزولية وَأَبُو حَيَّان فِي الارتشاف وَابْن هِشَام فِي الْمُغنِي (تعاند متعاطفيها) فَلَا يجوز جَاءَنِي رجل لَا زيد أَو لَا عَاقل لصدق اسْم الرجل عَلَيْهِ بِخِلَاف لَا امْرَأَة أَو عَالم لَا جَاهِل أَو عَمْرو لَا زيد وَعلله الأبذي بِأَن (لَا) تدخل لتأكيد الْمَنْفِيّ وَلَيْسَ فِي مَفْهُوم الْكَلَام الأول مَا يَنْفِي الْفِعْل عَن الثَّانِي فَإِن أُرِيد بذلك الْمَعْنى جِيءَ بِغَيْر فَيُقَال غير زيد وَغير عَاقل بِخِلَاف الْأَمْثِلَة الْأَخِيرَة فَإِن مَفْهُوم الْخطاب يقْضِي من قَوْلك جَاءَ رجل

لكن

وَنَحْوه نفي الْمَرْأَة وَنَحْوهَا فَدخلت (لَا) للتصريح بِمَا اقْتَضَاهُ الْمَفْهُوم وللسبكي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة مؤلف مُسْتَقل يشْتَمل على نفائس لخصتها فِي حَاشِيَة الْمُغنِي (وضع قوم الْعَطف بهَا على معموم مَاض) فَلم يجيزوا (قَامَ زيد لَا عَمْرو) مَعَ إجازتهم ذَلِك فِي الْمُضَارع قَالُوا لِأَنَّهَا تكون نَافِيَة للماضي وَنفي الْمَاضِي لَا يجوز وَمَا جَاءَ مِنْهُ حفظ وَلم يقس عَلَيْهِ وَقيل لِأَن الْعَامِل مُقَدّر بعد العاطف وَلَا يُقَال لَا قَامَ عَمْرو إِلَّا على الدُّعَاء قَالَ ابْن هِشَام وَهُوَ مَرْدُود فَإِنَّهُ لَو توقفت صِحَة الْعَطف على تَقْدِير الْعَامِل بعد الْحَرْف لامتنع لَيْسَ زيد قَائِما وَلَا قَاعِدا وَلَا يعْطف بهَا جملَة لَا مَحل لَهَا فِي الْأَصَح وَقد يحذف متبوعها نَحْو (أَعطيتك لَا لتظلم) أَي لتعدل لَا لتظلم لَكِن (لن) للاستدراك فَإِن وَليهَا جملَة فَغير عاطفة بل حرف ابْتِدَاء سَوَاء كَانَت بِالْوَاو نَحْو: {وَلَكِن كَانُوا هم الظَّالِمين} [الزخرف: 76] أَو بِدُونِهَا كَقَوْلِه: 1643 - (إنَّ ابْنَ ورقَاء لَا تُخْشَى بوادِرُه ... لَكِنْ وقائِعُهُ فِي الْحَرْب تُنْتَظَرُ) (وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع) هِيَ عاطفة جملَة على جملَة (مَا لم تقترن بِالْوَاو) أَو وَليهَا (مُفْرد فشرطها تقدم نفي أَو نهي) نَحْو مَا قَامَ زيد لَكِن عَمْرو لَا تضرب زيدا لَكِن عمرا (قَالَ الكوفية أَو إِيجَاب) كبل لِأَنَّهَا مثلهَا فِي الْمَعْنى نَحْو قَامَ زيد لَكِن عَمْرو

ليس

والبصريون منعُوهُ لِأَنَّهُ لم يسمع فَيتَعَيَّن كَونهَا حرف ابْتِدَاء بعده الْجُمْلَة فَيُقَال لَكِن عَمْرو لم يقم (و) الثَّانِي (أَلا تقترن بِالْوَاو) فَإِن اقترنت بِهِ فحرف ابْتِدَاء لِأَن العاطف لَا يدْخل على عاطف نَحْو مَا قَامَ زيد وَلَكِن عَمْرو (وَقيل لَا تكون) عاطفة (مَعَه) أَي مَعَ الْمُفْرد (إِلَّا بهَا) أَي بِالْوَاو قَالَه ابْن خروف (وَزعم يُونُس الْعَطف بِالْوَاو دونهَا) فَلَا تكون عاطفة عِنْده أصلا لِأَنَّهَا لَام لم تسْتَعْمل غير مسبوقة بواو وَهُوَ عِنْده عطف (مُفْرد) على (مُفْرد) (و) زعم (ابْن مَالك) أَن الْعَطف بِالْوَاو دونهَا لَكِن (عطف جملَة حذف بَعْضهَا) على جملَة صرح بجميعها فالتقدير وَلَكِن قَامَ عَمْرو وَعلل ذَلِك بِأَن الْوَاو لَا تعطف مُفردا على مُفْرد مُخَالف لَهُ فِي الْإِيجَاب وَالسَّلب بِخِلَاف الجملتين المتعاطفتين فَيجوز تخالفهما فِيهِ نَحْو قَامَ زيد وَلم يقم عَمْرو (و) زعم (ابْن عُصْفُور الْوَاو زَائِدَة لَازِمَة) والعطف بلكن (و) زعم (ابْن كيسَان) أَنَّهَا زَائِدَة (غير لَازِمَة) والعطف بلكن أَيْضا لَيْسَ (وَأثبت الكوفية الْعَطف بليس ك (لَا)) فَتكون حرفا وَاحْتَجُّوا بقوله: 1644 - (أَيْن المَفرُّ والإلهُ الطّالِبُ ... والأشْرَمُ المغْلُوبُ لَيْسَ الغالِبُ) أَي لَا الْغَالِب وَفِي الصَّحِيح من قَول أبي بكر بِأبي شَبيه بِالنَّبِيِّ لَيْسَ بشبيه بعلي

أي

والبصريون أولُوا ذَلِك بِأَن الْمَرْفُوع بعْدهَا اسْمهَا وَالْخَبَر ضمير مُتَّصِل مَحْذُوف تَخْفِيفًا أَي ليسه قلت الغاب وَفِي ذَلِك نظر على أَن حذف خبر بَاب كَانَ ضَرُورَة (وَبِه نطق الشَّافِعِي) فَإِنَّهُ قَالَ فِي (الْأُم) فِي أثْنَاء مَسْأَلَة (لِأَن الطَّهَارَة على الظَّاهِر لَيْسَ على الأجواف) أَي لَا وَلَا يَصح أَن يكون اسْما ضميرا مستترا لوُجُوب تَأْنِيث الْفِعْل حِينَئِذٍ وَقَول الشَّافِعِي حجَّة فِي اللُّغَة أَي (و) أثبت الْكُوفِيُّونَ أَيْضا الْعَطف (بِأَيّ) نَحْو رَأَيْت الغضنفر أَي الْأسد وَضربت بالعضب أَي السَّيْف وَالصَّحِيح أَنَّهَا حرف تَفْسِير يتبع بعْدهَا الأجلي للأخفي لأَنا لم نر عاطفا يصلح للسقوط دَائِما وَلَا ملازما لعطف الشَّيْء على مرادفه وَهَذَا القَوْل نَقله فِي التسهيل عَن صَاحب المستوفي قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أَدْرِي من هُوَ قَالَ وَالْعجب نسبته هَذَا الْمَذْهَب إِلَى كتاب مَجْهُول وَهُوَ مَذْهَب الْكُوفِيّين وَوَافَقَهُمْ ابْن صابر والسكاكي هلا (و) أثبت الْكُوفِيُّونَ عطف (هلا) قَالُوا تَقول الْعَرَب جَاءَ زيد فَهَلا عَمْرو وَضربت زيدا فَهَلا عمرا فمجيء الِاسْم مُوَافقا للْأولِ فِي الْإِعْرَاب دلّ على الْعَطف وَالصَّحِيح أَنَّهَا لَيست من أدواته وَالرَّفْع وَالنّصب على الْإِضْمَار بِدَلِيل امْتنَاع الْجَرّ فِي مَا مَرَرْت بِرَجُل فَهَلا امْرَأَة إِلَّا (و) أثبت الْكُوفِيُّونَ عطف (إِلَّا) وَجعلُوا مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَواتُ وَالأَرضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رُبُّكَ} [هود: 107] أَي وَمَا شَاءَ رَبك ورد

أين

بقَوْلهمْ مَا قَامَ إِلَّا زيد وَلَيْسَ شَيْء من أحرف الْعَطف يَلِي العوامل أَيْن (و) أثبتوا عطف (أَيْن) قَالُوا تَقول الْعَرَب هَذَا زيد فَأَيْنَ عَمْرو وَلَقِيت زيدا فَأَيْنَ عمرا لَوْلَا وَمَتى (و) أثبت الْكسَائي الْعَطف (بلولا وَمَتى) فِي قَوْلك مَرَرْت بزيد فلولا عَمْرو أَو فَمَتَى عَمْرو بِالْجَرِّ وأباه الْفراء كالبصريين كَيفَ (و) أثبت هِشَام الْعَطف (بكيف بعد نفي) نَحْو مَا مَرَرْت بزيد فَكيف عَمْرو وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ رَدِيء لَا تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَب قَالَ أَبُو حَيَّان وَدخُول حرف الْعَطف على هَذِه الأحرف دَلِيل على أَنَّهَا لَيست حُرُوف عطف وَنسب ابْن عُصْفُور الْعَطف بكيف للكوفيين قَالَ ابْن بابشاذ وَلم يقل بِهِ مِنْهُم إِلَّا هِشَام وَحده قَالَ فِي الْمُغنِي وَقد قَالَ بِهِ عِيسَى بن موهب وَاسْتدلَّ بقوله: 1645 - (إِذا قَلَّ مالُ الْمَرْء لانَت قَناتُه ... وَهَان على الأدْنى فَكيف الأباعِد) قَالَ هَذَا خطأ لاقترانها بِالْفَاءِ والجر بِإِضَافَة مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي فيكف حَال الأباعد على حد قِرَاءَة: {وَالله يُرِيد الْآخِرَة} [الْأَنْفَال: 67] بالْعَطْف بِالْفَاءِ وَكَيف مقحمة لإِفَادَة الْأَوْلَوِيَّة بالحكم

عطف بعض الأسماء على بعض

عطف بعض الْأَسْمَاء على بعض مسالة (يعْطف بعض الْأَسْمَاء على بعض) فيعطف الظَّاهِر على ظَاهر ومضمر مُتَّصِل ومنفصل والمضمر الْمُنْفَصِل على مثله ومتصل وَظَاهر سَوَاء صلح الْمَعْطُوف لمباشرة الْعَامِل أم لَا فَيجوز قَامَ زيد وَأَنا وَقمت أَنا وَزيد وَرب رجل وأخيه (وَمنع الأبذي عطف) ضمير (مُنْفَصِل على ظَاهر) قَالَ أَبُو حَيَّان وَوهم فِي ذَلِك وَكَلَام الْعَرَب على جَوَازه وَمِنْه {وَلَقَد وصينا الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَإِيَّاكُم} [النِّسَاء: 131] (وَلَا يعْطف على ضمير رفع مُتَّصِل اخْتِيَارا إِلَّا) بعد الْفَصْل (بفاصل مَا) ضميرا مُنْفَصِلا أَو غَيره نَحْو: {كُنتُم أَنتُم وَءَاباؤُكُم} [الْأَنْبِيَاء: 54] {يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ} [الرَّعْد: 23] {مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا} [الْأَنْعَام: 148] فصل فِي الأول بالضمير الْمَذْكُور وَفِي الثَّانِي بالمفعول وَفِي الثَّالِث بِلَا وَقَوله: 1646 - (لقد نلْت عَبْد اللهِ وابْنُك غايَةً ... ) فصل بالنداء وَقَوله: 1647 - (مُلِئْتَ رُعْباً وقومٌ كُنت رَاجيهم ... )

فصل بالتمييز قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يَكْفِي الْفَصْل بكاف رويدك بل لَا بُد من التَّأْكِيد نَحْو رويدك أَنْت وزيدا وَمن ترك الْفَصْل ضَرُورَة قَوْله: 1648 - (وَرَجا الأخَيْطِلُ من سفُاهة ... مَا لَمْ يكُنْ وأبٌ لَهُ لِينَالا) (خلافًا للكوفية) فِي تجويزهم الْعَطف عَلَيْهِ بِلَا فصل اخْتِيَارا حكى مَرَرْت بِرَجُل سَوَاء والعدم وَفِي الصَّحِيح كنت وَأَبُو بكر وَعمر وَفعلت وَأَبُو بكر وَعمر وَانْطَلَقت وَأَبُو بكر وَعمر أما ضمير النصب فَيجوز الْعَطف عَلَيْهِ بِلَا فصل اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَيْسَ كالجزء من الْفِعْل بِخِلَاف ضمير الرّفْع (وَلَا يجب عود الْجَار فِي الْعَطف على ضَمِيره) أَي الْجَرّ لوُرُود ذَلِك فِي الفصيح بِغَيْر عود قَالَ تَعَالَى: {تساءلون بِهِ والأرحام} [النِّسَاء: 1] {وَجَعَلنَا لكم فِيهَا معايش وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين} [الْحجر: 20] وَسمع مَا فِيهَا غَيره وفرسه قَالَ: 1649 - (فَمَا بك والأيّام من عَجَبٍ ... ) وَهَذَا رَأْي الْكُوفِيّين وَيُونُس والأخفش وَصَححهُ ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان (خلافًا لجمهور البصرية) فِي قَوْلهم بِوُجُوب إِعَادَة الْجَار لِأَنَّهُ الْأَكْثَر نَحْو: {فَقَالَ لَهَا وللأرض} [فصلت: 11] {وَعَلَيْهَا وعَلى الْفلك} [غَافِر: 80] {ينجيكم مِنْهَا وَمن كل كرب} [الْأَنْعَام: 64] {نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَءَابَائِكَ} [الْبَقَرَة: 133]

وَاحْتَجُّوا بِأَن ضمير الْجَرّ شَبيه بِالتَّنْوِينِ ومعاقب لَهُ فَلم يجز الْعَطف عَلَيْهِ كالتنوين وَبِأَن حق المتعاطفين أَن يصلحا لحلول كل مِنْهُمَا مَحل الآخر وَضمير الْجَرّ لَا يصلح لحلوله مَحل الْمَعْطُوف فَامْتنعَ الْعَطف عَلَيْهِ قَالَ ابْن مَالك وَالْجَوَاب أَن شبه الضَّمِير بِالتَّنْوِينِ لَو منع الْعَطف عَلَيْهِ لمنع من توكيده والإبدال مِنْهُ كالتنوين وَلَا يمنعان بِإِجْمَاع وَأَن الْحُلُول لَو كَانَ شرطا لم يجز رب رجل وأخيه وَلَا كل شَاة وسخلتها بدرهم وَلَا: 1650 - (الواهِبُ الْمِائَة الهجَان وعَبْدَها ... ) وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يصلح فِيهِ الْحُلُول (وَثَالِثهَا) وَهُوَ رَأْي الْجرْمِي والزيادي (يجب) الْعود (أَن لم يُؤَكد) نَحْو مَرَرْت بك وبزيد بِخِلَاف مَا إِذا أكد نَحْو مَرَرْت بك أَنْت وَزيد ومررت بِهِ نَفسه وَزيد ومررت بهم كلهم وَزيد (ويعطف) بالحرف (على) مَعْمُول (ومعمولي ومعمولات عَامل) وَاحِد (لَا) معمولات عوامل (ثَلَاثَة بِإِجْمَاع) فيهمَا فَيُقَال ضرب زيد عمرا وَبكر خَالِدا وَظن زيد عمرا مُنْطَلقًا وَبكر جعفرا مُقيما وَأعلم زيد عمرا بكرا مُقيما وَعبد الله جعفرا عَاصِمًا راحلا وَلَا يُقَال إِن زيدا فِي الْبَيْت على فرَاش وَالْقصر نطع عمرا أَي وَإِن فِي الْقصر على نطع عمرا بنيابة الْوَاو عَن (إِن) و (فِي) و (عَليّ) وَلَا جَاءَ من الدَّار إِلَى الْمَسْجِد زيد والحانوت الْبَيْت عَمْرو بنيابتها عَن (جَاءَ) و (من) و (إِلَى) (وَفِي) الْعَطف على معمولي (عاملين) أَقْوَال (منع سِيبَوَيْهٍ) الْعَطف (مُطلقًا) فِي الْمَجْرُور وَغَيره وَصَححهُ ابْن مَالك فَلَا يُقَال كَانَ آكلا طَعَاما زيد وَتَمْرًا عَمْرو وَلَا فِي الدَّار زيد والحجرة عَمْرو لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة تعديتين بمعد وَاحِد وَذَلِكَ لَا يجوز وَلِأَنَّهُ لَو جَازَ لجَاز من أَكثر من عاملين وَذَلِكَ مُمْتَنع بِإِجْمَاع كَمَا تقدم

(وَجوزهُ شَيخنَا الكافيجي وشرذمة) مُطلقًا من الْمَجْرُور وَغَيره قَالَ لِأَن جزئيات الْكَلَام إِذا أفادت الْمَعْنى الْمَقْصُود مِنْهَا على وَجه الاسْتقَامَة لَا يحْتَاج إِلَى النَّقْل وَالسَّمَاع وَإِلَّا لزم توقف تراكيب الْعلمَاء فِي تصانيفهم عَلَيْهِ وَقد نقل ابْن مَالك وَغَيره الْإِجْمَاع على الِامْتِنَاع فِي غير الْمَجْرُور ورد ابْن الْحَاجِب نقل الْجَوَاز عَن قوم مُطلقًا وَذكره الْفَارِسِي فِي بعض كتبه عَن قوم من النَّحْوِيين وَنسب إِلَى الْأَخْفَش (وَثَالِثهَا) يجوز (إِن كَانَ أَحدهمَا جارا) حرفا أَو اسْما سَوَاء تقدم الْمَجْرُور الْمَعْطُوف نَحْو فِي الدَّار زيد والحجرة عَمْرو أم تَأَخّر نَحْو وَعَمْرو الْحُجْرَة (وَرَابِعهَا) يجوز (إِن تقدم الْمَجْرُور الْمَعْطُوف) سَوَاء تقدم فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ أم لَا بِخِلَاف مَا إِذا تَأَخّر وَهُوَ رَأْي الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ وَالْفراء والزجاج وَابْن مضاء (وخامسها) يجوز (إِن تقدم) الْمَجْرُور (فِي المتعاطفين) نَحْو إِن فِي الدَّار زيدا والحجرة عمرا وَلَا يجوز إِن لم يتَقَدَّم فيهمَا وَإِن تقدم فِي الْمَعْطُوف نَحْو إِن زيدا فِي الدَّار والحجرة عمرا وَهُوَ رَأْي الأعلم قَالَ لِأَنَّهُ لم يسمع إِلَّا مقدما فيهمَا ولتساوى الجملتين حِينَئِذٍ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَفِي خَلقِكُم وَمَا يَبُثُّ ومِن دَابَةٍءَايَاتٌ لَقَومٍ يُوقِنُونَ وَاختِلاَفِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ} إِلَى قَوْله: {ءَايَاتٌ لِقَومٍ يَعقِلُونَ} [الجاثية: 4، 5] وَقَوله: {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} [يُونُس: 26] {وَالَّذين كسبوا السَّيِّئَات جَزَاء سَيِّئَة} [يُونُس: 27] وَقَول الشَّاعِر: 1651 - (وللطَّيْر مَجْرًى والجُنوب مَصارعُ ... ) وَأول ذَلِك من منع مُطلقًا على حذف حرف الْجَرّ

(وسادسها) يجوز (فِي غير العوامل اللفظية) وَيمْتَنع فِيهَا وَغَيرهَا هِيَ الابتدائية فجوز نَحْو زيد فِي الدَّار وَالْقصر عَمْرو لِأَن الِابْتِدَاء رَافع لزيد ولعمرو أَيْضا فَكَأَن الْعَطف على مَعْمُول عَامل وَاحِد وَهُوَ رَأْي ابْن طَلْحَة (وسابعها) يجوز فِي غير اللفظية (وَفِي) اللفظية (الزَّائِدَة) لِأَنَّهُ عَارض وَالْحكم للْأولِ نَحْو لَيْسَ زيد بقائم وَلَا خَارج أَخُوهُ وَمَا شرب من عسل زيد وَلَا لبن عَمْرو وَإِنَّمَا امْتنع فِي العوامل اللفظية المؤثرة لفظا وَمعنى وَهَذَا رَأْي ابْن الطراوة (وَيجوز عطف الِاسْم على الْفِعْل والماضي على الْمُضَارع والمفرد على الْجُمْلَة وبالعكوس) أَي الْفِعْل على الِاسْم والمضارع على الْمُضَارع وَالْجُمْلَة على الْمُفْرد (فِي الْأَصَح إِن اتحدا) أَي الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ (بالتأويل) بِأَن كل الِاسْم يشبه الْفِعْل والماضي مُسْتَقْبل الْمَعْنى أَبُو الْمُضَارع ماضي الْمَعْنى وَالْجُمْلَة فِي تَأْوِيل الْمُفْرد بِأَن يكون صفة أَو حَالا أَو خَبرا أَو مَفْعُولا لظن نَحْو: {يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت ومخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} [الْأَنْعَام: 95] {إِن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله} [الْحَدِيد: 18] {يَقدُمُ قَومَهُ يَوَمَ القِيَامَةِ فَأَورَدهُمُ النَّارَ} [هود: 98] {إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار وَيجْعَل لَك قصورا} [الْفرْقَان: 10] {أنزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة} [الْحَج: 663] أَي فَأَصْبَحت 1652 - (وَلَقَد أمرُّ على اللَّئِيم يَسُبّني ... فمَضَيْتُ ... ) أَي مَرَرْت {دَعَانَا لجنبه أَو قَاعِدا أَو قَائِما} [يُونُس: 12] ف (قَاعِدا) عطف على (لجنبه) لِأَنَّهُ حَال فَهُوَ فِي تَأْوِيل الْمُفْرد ( {بياتا أَو هم قَائِلُونَ} [الْأَعْرَاف: 4] عطف الْجُمْلَة على الْمُفْرد لِأَنَّهَا حَال أَيْضا أَي قائلين وَمنع الْمَازِني والمبرد والزجاج عطف الِاسْم على الْفِعْل وَعَكسه لِأَن الْعَطف أَخُو التَّثْنِيَة فَكَمَا لَا يَنْضَم فِيهَا فعل إِلَى اسْم فَكَذَا لَا يعْطف أَحدهمَا على الآخر

وَقَالَ السُّهيْلي يحسن عطف الِاسْم على الْفِعْل ويقبح عَكسه لِأَنَّهُ فِي الصُّورَة الأولى عَامل لاعتماده على مَا قبله فَأشبه الْفِعْل وَفِي الثَّانِيَة لَا يعْمل فتمحض فِيهِ معنى الِاسْم وَلَا يجوز التعاطف بَين فعل وَاسم لَا يُشبههُ وَلَا فعلين اخْتلفَا فِي الزَّمَان (و) يجوز عطف الْجُمْلَة (الاسمية على الفعلية وَبِالْعَكْسِ) نَحْو قَامَ زيد وَعَمْرو أكرمته وَمنعه ابْن جني مُطلقًا (وَثَالِثهَا) يجوز بِالْوَاو فَقَط وَلَا يجوز بغَيْرهَا قَالَه الْفَارِسِي وَبني عَلَيْهِ منع كَون الْفَاء عاطفة فِي (خرجت فَإِذا الْأسد حَاضر) (وَأما) عطف (الْخَبَر على الْإِنْشَاء وَعَكسه فَمَنعه البيانيون وَابْن مَالك) فِي بَاب الْمَفْعُول مَعَه فِي شرح التسهيل وَابْن عُصْفُور فِي شرح الْإِيضَاح وَنَقله عَن الْأَكْثَرين (وَجوزهُ الصفار وَجَمَاعَة) وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى: {وَبَشِرِ الِّذِينَءَامَنُوا} [الْبَقَرَة: 25] {وَبشر الْمُؤمنِينَ} [يُونُس: 87] وَقَول الشَّاعِر: 1653 - (وَإِن شِفائي عَبرة مُهراقَة ... فَهَل عِنْد رَسْمٍ دارسٍ من مُعَوّل) والمانعون أولُوا ذَلِك بِأَن الْأَمريْنِ فِي الْآيَتَيْنِ معطوفان على (قل) مقدرَة قبل (يَا أَيهَا) أَو على أَمر مَحْذُوف تَقْدِيره فِي الأولى (فَأَنْذر) وَفِي الثَّانِيَة (فأبشر)

جوازحذف المعطوف بالواو مع الواو

كَمَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي: {واهجرني مَلِيًّا} [مَرْيَم: 46] إِن التَّقْدِير فاحذرني واهجرني لدلَالَة (لأرجمنك) على التهديد وَإِن الْفَاء فِي قَوْله: فَهَل إِلَى آخِره لمُجَرّد السَّبَبِيَّة جوازحذف الْمَعْطُوف بِالْوَاو مَعَ الْوَاو مَسْأَلَة (يجوز حذف الْمَعْطُوف بِالْوَاو مَعهَا) كَقَوْلِه تَعَالَى: {سرابيل تقيكم الْحر} [النَّحْل: 81] أَي وَالْبرد {بِيَدِك الْخَيْر} [آل عمرَان: 26] أَي وَالشَّر {وَتلك نعْمَة تمنها عَليّ أَن عبدت بني إِسْرَائِيل} [الشُّعَرَاء: 22] أَي وَلم تعبدني (وَكَذَا الْوَاو) يجوز حذفهَا (دونه) أَي دون الْمَعْطُوف بهَا (فِي الْأَصَح) كَذَلِك الحَدِيث: (تصدق رجل من ديناره من درهمه من صَاع بره من صَاع تمره) وَحكي (أكلت سمكًا لَحْمًا تَمرا) وَقَالَ 1654 - (كَيفَ أصْبَحتَ كَيفَ أمْسَيْتَ ممّا ... يَغْرسُ الوُدَّ فِي فُؤاد الكَريم) أَي وَكَيف وَمنع ذَلِك ابْن جني والسهيلي وَابْن الضائع لِأَن الْحُرُوف دَالَّة على مَعَاني فِي نفس الْمُتَكَلّم وإضمارها لَا يُفِيد مَعْنَاهَا وَقِيَاسًا على حُرُوف النَّفْي والتأكيد وَالتَّمَنِّي والترجي وَغير ذَلِك إِلَّا أَن الِاسْتِفْهَام جَازَ إضماره لِأَن للمستفهم هَيْئَة تخَالف هَيْئَة الْخَبَر وَأول المسموع من ذَلِك على الْبَدَل (و) يجوز حذف (الْفَاء ومتبوعها) أَي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ بهَا نَحْو: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة} [الْبَقَرَة: 184] أَي فَأفْطر

(وَأنْكرهُ ابْن عُصْفُور) وَقَالَ إِنَّمَا حذف الْمَتْبُوع فَقَط (وَقل فِي أَو) أَي حذفهَا أَو متبوعها نَحْو (صلى رجل فِي إِزَار ورداء فِي إِزَار وقميص فِي إِزَار وقباء) أَي (أوفى) وَقَالَ الْهُذلِيّ: 1655 - (فهَلْ لَك أَو من والدٍ لَك قبلنَا ... ) أَي فَهَل لَك من أَخ أَو وَالِد (ويغني الْمَعْطُوف بِالْوَاو عَن الْمَتْبُوع بعد حرف جَوَاب) فَيُقَال لمن قَالَ ألم تضرب زيدا بلَى وعمرا وَلمن قَالَ خرج زيد نعم وَعَمْرو (وَتقدم الْمَعْطُوف) على الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (ضَرُورَة) كَقَوْلِه: 1656 - (عَلَيْك وَرَحْمَة الله السَّلام ... ) (وَجوزهُ الكوفية) فِي الِاخْتِيَار (إِن كَانَ بِالْوَاو) كَمَا مثل (قيل أَو (الْفَاء) أَو (ثمَّ) أَو (أَو) (لَا)) كَقَوْلِه: 1657 - (أأطلال دَار بالنِّياع فحمّتِ ... سألتَ فَلَمَّا استَعجَمت ثمَّ صَمّتِ) أَي سَأَلت فحمت وَقَوله: 1658 - (فلست بنازل إلاَّ أَلمّتْ ... برجْلِي أَو خَيَالتُها الكَذوبُ)

أَي الكذوب أَو خيالها (و) إِن (لم يؤد إِلَى وُقُوع العاطف صَدرا أَو) إِلَى (مُبَاشَرَته عَاملا غير متصرف و) إِن (لم يكن التَّابِع مجرورا) بل مَرْفُوعا كَمَا تقدم أَو مَنْصُوبًا كَقَوْلِه: 1659 - (لعن الإلَهُ وزَوْجَها مَعها ... هِندَ الهُنود طَويلَة البَظْر) (وَلَا) كَانَ (الْعَامِل لَا يَسْتَغْنِي بِوَاحِد) فَإِن فقد شَرط من هَذِه لم يجز فِي الِاخْتِيَار عِنْد الْكُوفِيّين وَلَا فِي الضَّرُورَة عِنْد الْبَصرِيين فَلَا يُقَال وَعَمْرو زيد قائمان وَلَا إِن وعمرا زيدا قائمان وَلَا مَرَرْت وَعَمْرو بزيد وَلَا اخْتصم وَعَمْرو زيد (وَخَالف ثَعْلَب فِي الْأَخير) فل يَشْتَرِطه وَجوز التَّقْدِيم وَإِن لم يسْتَغْن الْعَامِل بِوَاحِد (ويطابق الضَّمِير المتعاطفين بعد الْوَاو) نَحْو زيد وَعَمْرو منطلقان ومررت بهما (ويفرد بعد غَيرهمَا غَالِبا) مرَاعِي فِيهِ التَّأْخِير أَو التَّقْدِيم نَحْو: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} [الْجُمُعَة: 11] وندرت الْمُطَابقَة فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن يكن غَنِيا أَو فَقِيرا فَالله أولى بهما} [النِّسَاء: 135] (وَفِي الْفَاء وَثمّ الْوَجْهَانِ) الْمُطَابقَة وَهِي احسن فِي الْفَاء والإفراد وَهُوَ أحسن فِي ثمَّ للتراخي بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ نَحْو زيد فعمرو أَو ثمَّ عَمْرو قائمان أَو قَائِم (وَفصل الْوَاو وَالْفَاء) من الْمَعْطُوف بهما (ضَرُورَة) كَقَوْلِه: 1660 - (يورَثه مَالاً وَفِي الحَيّ رفْعةً ... لما ضَاع فِيهَا من قُروء نِسائِكا)

العطف على اللفظ وعلى المحل بشرط

(و) فصل (غَيرهمَا) من حُرُوف الْعَطف (سَائِغ بقسم أَو ظرف) سَوَاء كَانَ الْمَعْطُوف اسْما نَحْو قَامَ زيد ثمَّ وَالله عَمْرو وَمَا ضربت زيدا لَكِن فِي الدَّار عمرا أم فعلا نَحْو قَامَ زيد ثمَّ فِي الدَّار قعد أَو ثمَّ أَو بل وَالله قعد هَكَذَا نَقله أَبُو حَيَّان عَن الْأَصْحَاب مُعْتَرضًا بعد إِطْلَاق ابْن مَالك جَوَاز الْفَصْل من غير اسْتثِْنَاء الْوَاو وَالْفَاء وتقييده بِمَا إِذا لم يكن فعلا (وَلَا يتَقَدَّم على الْكل مَعْمُول معطوفها) فَلَا يُقَال فِي (زيد قَائِم وضارب عمرا) (عمرا وضارب) الْعَطف على اللَّفْظ وعَلى الْمحل بِشَرْط (مَسْأَلَة) (الأَصْل الْعَطف على اللَّفْظ وَشَرطه إِمْكَان توجه الْعَامِل) إِلَى الْمَعْطُوف فَلَا يجوز فِي نَحْو مَا جَاءَنِي من امْرَأَة وَلَا زيد إِلَّا الرّفْع عطفا على الْموضع لِأَن (من) الزَّائِدَة لَا تعْمل فِي المعارف (وَيجوز) الْعَطف (على الْمحل بِهَذَا الشَّرْط) أَي إِمْكَان توجه الْعَامِل أَيْضا فَلَا يجوز مَرَرْت بزيد وعمرا لِأَنَّهُ لَا يجوز مَرَرْت زيدا وَأَجَازَهُ ابْن جني (و) شَرطه (أَصَالَة الْموضع) فَلَا يجوز هَذَا الضَّارِب زيدا وأخيه لِأَن الْوَصْف المستوفي لشروط الْعَمَل الأَصْل إعماله لَا إِضَافَته لالتحاقه بِالْفِعْلِ وَأَجَازَهُ البغداديون تمسكا بقوله: 1661 - ( ... ... ... ... . . مُنضجٍ ... صفِيفَ شِواءٍ أَو قَديرٍ معجّل) (و) شَرطه (وجود المجوز) أَي الطَّالِب لذَلِك الْمحل (على الْأَصَح) فيهمَا فَلَا يجوز إِن زيدا وَعَمْرو قائمان لِأَن الطَّالِب لرفع (عَمْرو) هُوَ الِابْتِدَاء وَهُوَ ضَعِيف وَهُوَ التجرد وَقد زَالَ بِدُخُول (إِن) وَلَا (إِن زيدا قَائِم وَعَمْرو) على الْعَطف

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَبَعض الْبَصرِيين لَا يشْتَرط المجوز فجوزوا الصُّورَتَيْنِ وَمنع الأولى من لم يَشْتَرِطه من الْبَصرِيين لتوارد عاملين وَهُوَ (إِن) و (الِابْتِدَاء) على مَعْمُول وَاحِد وَهُوَ (الْخَبَر) (و) يجوز الْعَطف (على التَّوَهُّم) نَحْو لَيْسَ زيد قَائِما وَلَا قَاعد بِالْجَرِّ على توهم دُخُول الْبَاء فِي الْخَبَر (وَشَرطه) أَي الْجَوَاز (صِحَة دُخُول الْعَامِل المتوهم) (و) شَرط (حسنه كثرته) أَي كَثْرَة دُخُوله هُنَاكَ وَلِهَذَا حسن قَول زُهَيْر: 1662 - (بدا لي أَنِّي لست مُدْركَ مَا مضى ... وَلَا سابقٍ شَيْئا إِذا كَانَ جائِيَا) وَقَول الآخر: 1663 - (مَا الحازمُ الشّهْمُ مِقَداماً وَلَا بَطلٍ ... ) وَلم يحسن قَول الآخر: 1664 - (وَمَا كنت ذَا نَيْرَبٍ فيهمُ ... وَلَا مُنْمِشٍ فيهمُ مُنْمِل) لقلَّة دُخُول الْبَاء على خبر كَانَ بِخِلَاف خبر (لَيْسَ) و (مَا) والنيرب النميمة

والمنمل كثيرها والمنمش الْمُفْسد ذَات الْبَين (وَوَقع) الْعَطف (على التَّوَهُّم فِي أَنْوَاع الْإِعْرَاب) فِي الْجَرّ وَقد تقدم وَالرَّفْع حكى سِيبَوَيْهٍ إِنَّهُم أَجْمَعُونَ ذاهبون وَإنَّك وَزيد ذاهبان على توهم أَنه قَالَ (هم) وَالنّصب قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} [هود: 71] وَقَوله: {ودوا لَو تدهن فيدهنون} [الْقَلَم: 9] على معنى أَن تدهن والجزم قَالَ الْخَلِيل وسيبويه فِي قَوْله: {فَأَصدق وأكن} [المُنَافِقُونَ: 10] والفارسي فِي قَوْله: {إِنَّه من يتق ويصبر} [يُوسُف: 90] جزما على معنى تَشْبِيه مَدْخُول الْفَاء بِجَوَاب الشَّرْط وَمن الموصولة بالشرطية وَإِذا وَقع ذَلِك فِي الْقُرْآن عبر عَنهُ بالْعَطْف على الْمَعْنى لَا التَّوَهُّم أدبا

خاتمة في تابع المنادى

خَاتِمَة فِي تَابع المنادى (خَاتِمَة) فِي تَوَابِع مَخْصُوصَة (تَابع المنادى الْمَبْنِيّ إِن كَانَ مُضَافا أَو شبهه نصب مُطلقًا) لِأَن الأَصْل فِي تَابعه النصب لكَونه مَنْصُوب الْمحل وتأكد ذَلِك بِالْإِضَافَة وَشبههَا كَقَوْلِه: 1665 - (أزَيْد أَخا وَرْقاء إِن كنت ثَائِرًا ... ) عَائِد على الْمحرم لتأنثيث خَبره وَهُوَ ميته نعم جَازَ فِي ضمير مُذَكّر وَهَذَا (مَا) دَامَ (لم تكن الْإِضَافَة غير مَحْضَة) فَإِن كَانَت (فَيجوز رَفعه) نَحْو يَا زيد الْحسن الْوَجْه (وَجوز الكوفية و) أَبُو بكر (بن الْأَنْبَارِي رفع النَّعْت الْمُضَاف) إِضَافَة مَحْضَة لِأَن الْأَخْفَش حكى يَا زيد بن عَمْرو بِالرَّفْع وَغَيرهم قَالُوا هُوَ شَاذ قَالَ ابْن مَالك لاستلزامه تَفْضِيل الْفَرْع على أَصله لِأَن الْمُضَاف لَو كَانَ منادى لم يجز فِيهِ إِلَّا النصب فَلَو جوز رفع نَعته مُضَافا لزم إِعْطَاء الْمُضَاف تَابعا تَفْضِيلًا عَلَيْهِ مُسْتقِلّا

(و) جوز (الْفراء) رفع (التوكيد والعطف) نسقا قِيَاسا فِي الثَّانِي وسماعا فِي الأول حكى الْأَخْفَش (يَا تَمِيم كلكُمْ) بنصبه عِنْد الْجُمْهُور وَرَفعه عِنْد الْأَخْفَش وَالْجُمْهُور أولوه على الْقطع مُبْتَدأ أَي كلكُمْ مدعُو (أَو) كَانَ (مُفردا جَازَ) أَي الرّفْع حملا على اللَّفْظ وَالنّصب على الْمحل نَحْو يَا رجل الطَّوِيل والطويل وَيَا تَمِيم أَجْمَعُونَ وأجمعين وَيَا زيد والغلام والغلام (وَأوجب الكوفية نصب الثَّلَاثَة) أَي النَّعْت والتوكيد والنسق ورد بِالسَّمَاعِ قَالَ تَعَالَى: {يَا جبال أوبي مَعَه وَالطير} [سبأ: 10] قرئَ فِي السَّبع بِالنّصب وَالرَّفْع وَقَالَت الْعَرَب: 1667 - (أَلا يَا زيدُ والضحاكَ سيرا ... ) وبالرفع (و) أوجب (الْأَخْفَش نصب نعت الْعلم وتوكيده) إتباعا على الْمحل كَمَا يجب فِي (جَاءَت حذام الْعَاقِلَة) بِالرَّفْع حملا عَلَيْهِ وَلَا يجوز الْكسر إتباعا للفظ قَالَ وَمَا ورد من ذَلِك مضموما فحركته حَرَكَة إتباع لَا إِعْرَاب (و) أوجب (رفعهما) أَي النَّعْت والتوكيد (فِي) حَال تَبَعِيَّة (النكرَة) الْمَقْصُودَة لِأَن الضمة عِنْده فِي (يَا رجل) لَيست ضمة بِنَاء بل إِعْرَاب وَأَصله (يَا أَيهَا الرجل) حذفت (أَي) فَبَقيَ على إعرابه كَمَا كَانَ

وَالْجُمْهُور قَالُوا لما حذفت وَحل محلهَا وَصَارَ هُوَ المنادى حكم لَهُ بِحكمِهِ فَبنِي كَمَا بنيت (نعم الْبَدَل والعطف) بالحرف عِنْد الْجُمْهُور (كمستقل) فَمَا كَانَ مِنْهُمَا مُضَافا أَو شبهه نصب أَو مُفردا أَو نكرَة مَقْصُودَة رفع كَمَا لَو دخلت عَلَيْهِ (يَا) لِأَن الْبَدَل يقدر فِيهِ مثل عَامل الْمُبدل مِنْهُ والنسق شَبيه بِهِ بِصِحَّة تَقْدِير الْعَامِل قبله ولاستحسان ظُهُوره توكيدا كَمَا يظْهر مَعَ الْبَدَل نَحْو يَا زيد رجلا صَالحا يَا زيد بطة (إِلَّا للمنسوق ذَا أل فالوجهان) الرّفْع وَالنّصب جائزان فِيهِ لِامْتِنَاع تَقْدِير حرف النداء قبله فَأشبه النَّعْت (وَفِي الْأَرْجَح) مِنْهُمَا أَقْوَال أَحدهَا الرّفْع وَهُوَ رَأْي الْخَلِيل وسيبويه والمازني لِأَنَّهُ أَكثر مَا سمع وللمشاكلة فِي الْحَرَكَة ثَانِيهَا النصب وَهُوَ رَأْي أبي عَمْرو وَعِيسَى بن عمر وَيُونُس والجرمي لِأَن مَا فِيهِ أل لم يل حرف النداء فَلم يَجْعَل لَفظه كَلَفْظِ مَا ولي الْحَرْف وَلِأَن أَكثر الْقُرَّاء قرأوا بِهِ فِي {وَالطير} [سبأ: 10] (ثَالِثهَا) الْأَرْجَح (النصب إِن كَانَت) أل فِيهِ (للتعريف) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ شَبيه بالمضاف وَالرَّفْع إِن لم تكن لَهُ بل للمح الصّفة (كاليسع) لعدم شبهه حِينَئِذٍ بِهِ وَهَذَا رَأْي الْمبرد (وَجوز الْمَازِني والكوفية نصب الْعَطف) بالحرف (الْمُفْرد) حملا على الْمحل نَحْو يَا زيد وعمرا يَا عبد الله وعمرا (وَمنع) أَي النصب (الْأَخْفَش فِي الْعَطف على نكرَة) مَقْصُودَة وَأوجب الرّفْع (وَفِي نعت المضموم الْمنون ضَرُورَة الْمُفْرد الْوَجْهَانِ) الرّفْع وَالنّصب (و) فِي نعت (الْمَنْصُوب) الْمُفْرد الْمنون ضَرُورَة (النصب) فَقَط لِأَن المنادى حِينَئِذٍ مُعرب مَنْصُوب لفظا ومحلا

(فَإِن نون مَقْصُور) نَحْو يَا فَتى للضَّرُورَة (بني) النَّعْت (وعَلى مَا نون) فِي الْمُنَادِي فَإِن نوى الضَّم جَازَ الْأَمْرَانِ أَو النصب تعين (وتابع) الْمُنَادِي (المعرب ينصب) سَوَاء كَانَ مُفردا أَو مُضَافا لِأَن رَفعه إِنَّمَا جَازَ إِذا كَانَ لفظ متبوعه شَبِيها بالمرفوع (إِلَّا الْبَدَل كمستقل) فينصب إِذا كَانَ مُضَافا وَيرْفَع إِلَى كَانَ مُفردا لما تقدم وَلَا يكون إِلَّا صَالحا لمباشرة حرف النداء (وَكَذَا النسق) كمستقل (فِي الْأَصَح) ويقابله قَول الكوفية والمازني السَّابِق أَنه يجوز نَصبه إِذا كَانَ مُفردا قَالَ أَبُو حَيَّان بل هُوَ هُنَا أولى مِنْهُ هُنَاكَ (وَمنع الْأَكْثَر وصف النكرَة الْمَقْصُودَة) وَحكى يُونُس أَنهم وصفوه بالمعرفة وأجروه مجْرى الْعلم الْمُفْرد (و) منع (الْأَصْمَعِي) وصف المنادى (الْمَبْنِيّ) لِأَنَّهُ شَبيه بالمضمر والمضمر لَا ينعَت وَالْجُمْهُور على الْجَوَاز لِكَثْرَة وُرُوده وَلِأَن مشابهة المنادى للضمير عارضة فَكَانَ الْقيَاس أَلا تعْتَبر مُطلقًا كَمَا لَا تعْتَبر مشابهة الْمصدر لفعل الْأَمر فِي نَحْو ضربا زيدا لَكِن اعْتبرت مشابهته فِي النداء اسْتِحْسَانًا فَلَا يُرَاد على ذَلِك كَمَا أَن فعال الْعلم لما بني حملا على فعال الْأَمر لم يَتَعَدَّ إِلَى سَائِر أَحْوَاله (و) منع (قوم) مِنْهُم الْفراء والسيرافي وصف (المرخم) قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يرخم الِاسْم إِلَّا وَقد علم مَا حذف مِنْهُ وَمن يَعْنِي بِهِ فَإِن احْتِيجَ إِلَى النَّعْت فَرد مَا سقط مِنْهُ أولى وَأَجَازَهُ الْجُمْهُور لوروده قَالَ: 1668 - (أحار بن عَمْرو كَأَنِّي خَمِرْ ... ) وَمَا ذكر من الدَّلِيل مَمْنُوع لِأَن الِاسْم يرخم إِذا علم مَا حذف مِنْهُ وَإِن لم يعلم من يَعْنِي بِهِ (وَثَالِثهَا) يمْنَع (إِن أتم) لِأَنَّهُ للفظ يخْتَص بالنداء فَأشبه نَحْو قل وَفسق

وفساق بِخِلَاف مَا إِذا انْتظر فَيجوز وَصفه لِأَن الْمَحْذُوف كالموجود (وَرَابِعهَا) يجوز فِي الْحَالين لكنه (قَبِيح) وَعَلِيهِ ابْن السراج (و) منع (الْأَخْفَش عطف نكرَة مَقْصُودَة أَو إِشَارَة) على المنادى فَلَا يُقَال يَا زيد وَرجل وَلَا وَهَذَا أما الأول فَلِأَن (أل) لَا تحذف إِلَّا ذَا ولي الِاسْم حرف النداء وَأما الثَّانِي فَلِأَن الْمشَار لَا يكون منادى إِلَّا إِذا وليه حرف النداء وجوزهما الْمبرد فِي المقتضب وَقَوْلِي (كَمَا لَا يبدلان) أَي النكرَة الْمَقْصُودَة وَالْإِشَارَة (وَلَا ذُو أل) من المنادى (و) منع (الْمَازِني عطف الأول العاري من أل) (و) اعْتقد (قوم بِنَاء النَّعْت إِذا رفع) لأَنهم رَأَوْا حركتها كحركة المنادى حَكَاهُ فِي (النِّهَايَة) (وَضمير المنادى) الْوَاقِع فِي (التَّابِع) يَأْتِي (بِلَفْظ غيبَة) وَهِي الأَصْل (وَكَذَا) بِلَفْظ (خطاب) اعْتِبَارا بِمَا عرض لَهُ من الْحُضُور بالمواجهة وَقد اجْتمعَا فِي قَوْله: 1669 - (فيا أيُّها المُهْدي الخفَا من كَلامِه ... كأنّك تَضْغُو فِي إزاركَ خِرْنِقُ) وَيُقَال يَا تَمِيم كلهم وكلكم وَيَا زيد نَفسه ونفسك (خلافًا للأخفش) فِي مَنعه أَن يَأْتِي بِلَفْظ الْخطاب (وتابع اسْم لَا) الَّتِي لنفي الْجِنْس (يرفع وَينصب مُطلقًا) سَوَاء كَانَ هُوَ وَالِاسْم مُفردا أم لَا مُتَّصِلا بالمتبوع أم مُنْفَصِلا نعتا أَو غَيره من التوابع أما النصب فاتباعا لمحل اسْم (لَا) وَأما الرّفْع فلمحل (لَا) مَعَ اسْمهَا فَإِن رفع بِالِابْتِدَاءِ وَقَالَ فِي شرح الكافية على مَحل اسْم (لَا) فَإِن (لَا) عَامل ضَعِيف فَلم ينْسَخ عمل الِابْتِدَاء لفظا وتقديرا نَحْو لَا رجل ظريف أَو ظريفا فِي الدَّار لَا رجل فِيهَا ظريف أَو ظريفا لَا أحد رجل أَو رجلا فِيهَا لَا مَاء مَاء بَارِدًا أَو مَاء بَارِد

1670 - (فَلَا أَب وابْنًا مِثْل مَرْوان وابْنه ... ) لَا رجل وَامْرَأَة فِي الدَّار لَا رجل قبيحا أَو قَبِيح فعله عنْدك لَا طالعا جبلا ظريف أَو ظريفا حَاضرا (إِلَّا الْبَدَل قيل أَو النسق الْمعرفَة فَيجب رَفعه) وَلَا يجوز نَصبه لِأَن الْبَدَل فِي تَقْدِير الْعَامِل و (لَا) لَا تدخل على المعارف نَحْو لَا أحد زيد فِيهَا وَكَذَا النسق عِنْد من قَالَ إِنَّه يحل مَحل الْمَعْطُوف عَلَيْهِ نَحْو لَا غُلَام فِيهَا وَلَا زيد وَمن لم يقل ذَلِك أجَاز نَصبه (و) أَلا (التوكيد) اللَّفْظِيّ (والعطف) بالحرف (المكرر مَعَه (لَا) والنعت الْمُفْرد لمبني لم يفصل فَيجوز فتحهَا أَيْضا) كَمَا يجوز رَفعهَا ونصبها مِثَال الأول لَا مَاء مَاء بَارِدًا بالأوجه الثَّلَاثَة وَالثَّالِث لَا رجل ظريف فِيهَا وَالثَّانِي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه 1671 - (لَا أمَّ لي إِن كَانَ ذَاك وَلَا أبُ ... ) 1672 - (لَا نَسب الْيَوْم وَلَا خُلَّةً ... )

وَالْفَتْح فِي الثَّلَاثَة (تركيبا) وَجَاز لِأَنَّهَا من تَمَامه (وَقيل إعرابا فِي النَّعْت) حملا على الْمحل وَحذف تنوينه للمشاكلة (وَلَك فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ حِينَئِذٍ) أَي حِين تكْرَار (لَا) مَعَ الْمَعْطُوف (الرّفْع) على الْفَاء (لَا) الدَّاخِلَة عَلَيْهِ وإعمالها عمل لَيْسَ (فَيمْتَنع نصب الْمَعْطُوف) لعدم نصب الْمَعْطُوف عَلَيْهِ لفظا ومحلا وَيجوز الْفَتْح على التَّرْكِيب وَالرَّفْع على إِلْغَاء الثَّانِيَة وَعطف الِاسْم بعْدهَا على مَا قبلهَا أَو إعمالها عمل (لَيْسَ) نَحْو: 1673 - (فَلَا لَغْوٌ وَلَا تأثِيمَ فِيهَا ... ) و {لَا بيع فِيهِ وَلَا خلة} [الْبَقَرَة: 254] (وَمنع قوم) من المغاربة (رفع نعت) اسْم (لَا) (المعرب) وأوجبوا أَلا يتبع إِلَّا على اللَّفْظ (و) منع (قوم النَّعْت الْمُضَاف أَو شبهه) الْجَارِي على الْمُفْرد وأوجبوا إتباعه على اللَّفْظ (و) منع (يُونُس نصب الْعَطف المكرر بِلَا) وَأوجب فَتحه لاستقلاله فَلَا يجوز تنوينه كَمَا لَا يجوز تَنْوِين المنادى الْمُفْرد الْمعرفَة وَأجِيب بِجعْل (لَا) زَائِدَة مُؤَكدَة

(وتابع اسْم إِن الْمَكْسُورَة إِن كَانَ نسقا جَازَ رَفعه بعد استكمال الْخَبَر) لَا قبله كَقَوْلِه: 1674 - (فإنَّ لنا الأمَّ النجيبَة والأبُ ... ) وَيجوز نَصبه وَهُوَ الأَصْل وَالْوَجْه كَقَوْلِه: 1675 - (إنَّ الرَّبيع الجَوْدَ والخَريفا ... يَدا أَبى الْعَبَّاس والصُّيُوفا) وَالرَّفْع (على الِابْتِدَاء) وَالْخَبَر مَحْذُوف لدلَالَة خبر إِن عَلَيْهِ (وَقيل) عطفا (على مَوضِع اسْم إِن) فَإِن كَانَ مَرْفُوعا على الِابْتِدَاء وَقَائِل هَذَا لَا يشْتَرط فِي الْعَطف على الْمحل وجود المجوز (وَقيل) عطفا على مَحل (إِن وَاسْمهَا) فَإِنَّهُ رفع على الِابْتِدَاء فَهُوَ على هذَيْن من عطف الْمُفْردَات وعَلى الأول من عطف الْجمل (وَجوزهُ الْكسَائي) أَي الرّفْع (قبل) استكمال (الْخَبَر مُطلقًا) ظهر الْإِعْرَاب فِيهِ أم لم يظْهر نَحْو إِن زيدا وَعَمْرو قائمان وَإِن هَذَا وَزيد قائمان (و) جوزه (الْفراء بِشَرْط بِنَاء الِاسْم) كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُون} [الْمَائِدَة: 69] الْآيَة وَقَول الشَّاعِر: 1676 - (فَإِنِّي وقيّارٌ بهَا لَغَريبُ ... )

قَالَ ابْن مَالك وَيصْلح أَن يكون هَذَا وَشبهه حجَّة للكسائي وَيَقُول بِنَاء الِاسْم فِي الْآيَة وَالْبَيْت وَقع اتِّفَاقًا وَرفع الْمَعْطُوف هُوَ الْحجَّة وَالْأَصْل التَّسْوِيَة بَين المعرب والمبني فِي إِجْرَاء التوابع عَلَيْهِمَا وسيبويه يحمل الْآيَة وَالْبَيْت على أَن الْمَعْطُوف فيهمَا منوي التَّأْخِير وأسهل مِنْهُ تَقْدِير خير قبل العاطف مَدْلُول عَلَيْهِ بِخَبَر مَا بعده وَقد قرئَ {إِن الله وَمَلَائِكَته} [الْأَحْزَاب: 56] بِالرَّفْع وَهُوَ شَاهد للكسائي (وَقيل) إِنَّمَا جوزه الْفراء بِشَرْط (خَفَاء إعرابه) أَي الِاسْم لِئَلَّا يتنافر اللَّفْظ كَذَا حَكَاهُ عَنهُ أَبُو حَيَّان وَغَيره (وَجوزهُ الْخَلِيل إِن أفرد الْخَبَر) نَحْو إِن زيدا وَعَمْرو قَائِم وَقَوله: 1677 - (فَإِنِّي وقيارٌ بهَا لغريب ... ) بِخِلَاف مَا إِذا جمع نَحْو إِن زيدا وعمرا قائمان (وَمثلهَا) أَي (إِن) فِي جَوَاز الْعَطف على خَبَرهَا بِالرَّفْع بِالشّرطِ الْمَذْكُور (أَن الْمَفْتُوحَة وَلَكِن) نَحْو {أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التَّوْبَة: 3] 1678 - (ولكِنَّ عَمّي الطيِّب الأَصْل والخالُ ... )

وَقيل لَا يجوز الْعَطف بِالرَّفْع على اسْمهَا لمخالفتها للمكسورة لما فِي (لَكِن) من معنى الِاسْتِدْرَاك وَلكَون أَن لَا تقع إِلَّا معمولة فَلَا مساغ للابتداء فِيهَا (وَثَالِثهَا) وَعَلِيهِ ابْن مَالك (إِن صلح الْموضع للجملة) جَازَ الْعَطف بِالرَّفْع وَإِلَّا فَلَا وصلاحيته لَهَا بِأَن يتَقَدَّم عَلَيْهَا علم أَو مَعْنَاهُ كالآية الْمَذْكُورَة وَنَحْو علمت أَن زيدا منطلق وَعَمْرو (دون الْبَاقِي) أَي لَيْت وَلَعَلَّ وَكَأن فَلَا يجوز الْعَطف عَلَيْهَا بِالرَّفْع لما فِيهَا من الْمُخَالفَة لذَلِك بتغيير الْمَعْنى (و) دون (غير النسق) من التوابع فَلَا يجوز فِيهَا إِلَّا النصب (على الْأَصَح فيهمَا) وَأَجَازَهُ الْفراء فِي لَيْت وَأَخَوَاتهَا بعد الْخَبَر مُطلقًا وَقَبله بِالشّرطِ الْمَذْكُور عَنهُ وَاحْتج بقوله: 1679 - (يَا لَيْتَني وَأَنت يَا لميس ... فِي بَلَد لَيْسَ بِهِ أنِيسُ) وَأجِيب بِأَن تَقْدِيره وَأَنت معي وَالْجُمْلَة حَالية وَجوزهُ الْجرْمِي والزجاج وَالْفراء أجَازه أَيْضا فِي سَائِر التوابع بعد الْخَبَر مُطلقًا وَقَبله بِشَرْطِهِ وَوَافَقَهُ الْجرْمِي والزجاج فِي الصُّورَة الأولى نَحْو إِن هَذَا زيد الْعَاقِل وَإِن هَذَا الْعَاقِل زيد وَإِن هَذَا أَخُوك قَائِم وَإِن هَذَا نَفسه قَائِم وَسمع إِنَّهُم أَجْمَعُونَ ذاهبون (وَقيل) فِي (غير نسق إِن) الْمَكْسُورَة (وَلَكِن) من توابعهما (الْخلاف) الْمُتَقَدّم فِي نسقها من الرّفْع بعد الْخَبَر فِي قَول وَقَبله مُطلقًا فِي قَول وَشرط الْبناء فِي قَول وَلَا يجوز فِي تَابع مَا عداهما إِلَّا النصب (أما عطف الْجُمْلَة على هَذِه الْحُرُوف وَمَا عملت فِيهِ رفعا) نَحْو إِن زيدا قَائِم وَعَمْرو ذَاهِب (فاتفاق) أَي جَازَ اتِّفَاقًا وَيكون غير دَاخل فِي مَعْنَاهَا (وَجوز الْكسَائي رفع نسق أول) مفعولي ظن (إِذا لم يظْهر الْإِعْرَاب فِي الْمسند إِلَيْهِمَا) نَحْو أَظن عبد الله وزيدا قاما أَو يقومان أَو (مَا لَهما كثير) بِخِلَاف قَائِمين أَو قَائِما وَخَالفهُ الْفراء والبصريون وَهَذَا النَّقْل عَنهُ هُوَ الصَّوَاب وَقَالَ أَبُو حَيَّان خلاف مَا التسهيل من نَقله اشْتِرَاط خَفَاء إِعْرَاب الثَّانِي ممثلا

لَهُ (لظَنَنْت زيدا صديقي وَعَمْرو) (وَيجوز نصب نسق الْجُمْلَة الْمُعَلقَة) لِأَن محلهَا نصب نَحْو علمت لزيد منطلق وعمرا قَائِما (وتابع الْمَجْرُور بِالْمَصْدَرِ) فَاعِلا أَو مَفْعُولا (يجْرِي على اللَّفْظ) قطعا (وَمنع سِيبَوَيْهٍ والمحققون) الإجراء (على الْمحل) لِأَن شَرطه أَنه يكون محرزه لَا يتَغَيَّر عَنهُ التَّصْرِيح بِهِ وَهنا لَو صرح بِرَفْع الْفَاعِل أَو نصب الْمَفْعُول لتغير الْعَامِل بِزِيَادَة تَنْوِين وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ وَجَمَاعَة من الْبَصرِيين وَجزم بِهِ ابْن مَالك لوُرُود السماع بِهِ كَقَوْلِه: 1680 - (طَلَبَ المُعَقِّبِ حَقَّهُ المظلُومُ ... ) وَقَوله: 1681 - (مَشْيَ الهَلُوكِ عَلَيْهَا الخَيعَلُ الفُضُلُ ... ) وَفِي قِرَاءَة الْحسن: {عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ والملائكةُ والنّاسُ أَجْمَعُونَ} [الْبَقَرَة: 161] وَقَوله: 1682 - (مَخافة الإفلاس والليانا ... )

ثمَّ الِاخْتِيَار عِنْد هَؤُلَاءِ الْحمل على اللَّفْظ قَالَ الْكُوفِيُّونَ إِلَّا أَن يفصل بَين التَّابِع والمتبوع بِشَيْء فيستويان نَحْو يُعجبنِي ضرب زيد عمرا وبكرا (وَثَالِثهَا يجوز فِي عطف وَبدل) دون النَّعْت والتوكيد وَهُوَ رَأْي الْجرْمِي لِأَن الْعَطف وَالْبدل عِنْده من جملَة أُخْرَى فالعامل فِي الثَّانِي غير الْعَامِل فِي الأول بِخِلَاف الصّفة والتأكيد فالعامل فيهمَا وَاحِد ومحال وهما شَيْء وَاحِد لِأَن يكون الشَّيْء مجرورا مَرْفُوعا أَو مجرورا مَنْصُوبًا (وَقيل) يجوز (بِشَرْط ذكر الْفَاعِل) فَيُقَال عجبت من شرب المَاء وَاللَّبن زيد (وَلَا يجوز حذفه) (وَيجب) الإتباع على الْمحل بِلَا خلاف (إِذا كَانَ الْمَفْعُول الْمُضَاف إِلَيْهِ ضميرا اخْتِيَارا) نَحْو يُعجبنِي إكرامك زيدا وعمرا بِالنّصب وَلَا يجوز الإتباع على اللَّفْظ إِلَّا فِي ضَرُورَة (وَيجوز فِي تَابع الْمَفْعُول) مَعَ الْجَرّ وَالنّصب حَيْثُ قُلْنَا بِهِ (الرّفْع على تَأْوِيله) أَي الْمصدر (بمبني) أَي بِحرف مصدري مَوْصُول بِفعل مَبْنِيّ (للْمَفْعُول) بِنَاء على جَوَاز ذَلِك فِيهِ وَهُوَ الْأَصَح كَمَا تقدم فِي مَبْحَث إعماله (ويجريان) أَي الإتباع على اللَّفْظ وَالْمحل (وَفِي تَابع مجرور اسْم الْفَاعِل الْعَامِل) كَقَوْلِه: 1683 - (هَل أنْتَ باعِثُ دِينَار لِحَاجَتِنا ... أوْ عَبْدَ ربٍّ أَخا عَوْن بن مخْراق)

(وَإِلَّا النَّعْت والتوكيد فاللفظ) يتَعَيَّن فيهمَا (فِي الْأَصَح) لِأَنَّهُ لم يسمع فيهمَا الإتباع على الْمحل وَقيل يجوز الْمحل فيهمَا قِيَاسا على مجرور الْمصدر قَالَ ابْن مَالك بل أولى لِأَن إِضَافَته فِي نِيَّة الِانْفِصَال وَلِأَنَّهُ أمكن فِي عمل الْفِعْل من الْمصدر (وَمنع قوم الْمحل فِي تَابع معرف بأل مثنى أَو جمع) على حِدة فَلَا يُقَال هَذَانِ الضاربا زيد أَو الضاربو زيد أَخَاك وعمرا وأوجبوا الْجَرّ وَجوز ابْن عُصْفُور والأبذي الْأَمريْنِ (و) منع (الْمبرد اللَّفْظ فِي تَابع غَيرهمَا) أَي الْمُفْرد أَو المكسر أَو الْجمع بِأَلف وتاء (العاري من أل وَلَو أضيف لما هِيَ فِيهِ أَو) إِلَى (ضَمِيره) أَو ضمير مَا هِيَ فِيهِ فَلَا يُقَال (هَذَا الضَّارِب الْجَارِيَة وَغُلَام الْمَرْأَة أَو أَخِيهَا) أَو الضراب أَو الضاربات الرجل أَخِيك وَزيد وَأوجب النصب وَجوز سِيبَوَيْهٍ الْأَمريْنِ فَإِن لم يكن عَارِيا من أل جازا بِلَا خلاف نَحْو الضَّارِب الْغُلَام وَالْجَارِيَة (وَجوز أهل الْكُوفَة وبغداد جر تَابع منصوبه) أَي اسْم الْفَاعِل فَيُقَال هَذَا ضَارب زيدا وَعَمْرو وَأوجب غَيرهم النصب بِنَاء على اشْتِرَاط المحرز فِي الْعَطف على الْمحل (وَلَا يجوز فِي تَابع مَعْمُول) الصّفة (المشبهة) إِلَّا اللَّفْظ أَي الإتباع عَلَيْهِ إِن رفعا فَرفع وَإِن نصبا فنصب وَإِن جرا فجر

(و) جوز (الْفراء رفع تَابع مجرورها) لِأَنَّهُ فَاعل فِي الْمَعْنى نَحْو مَرَرْت بِالرجلِ الْحسن الْوَجْه نَفسه وَأَنْفه وَغَيره قَالَ لم يسمع ذَلِك (و) جوز (أهل بَغْدَاد جر عطف منصوبها) نَحْو هَذَا حسن وَجها وَيَد كَأَنَّك قلت حسن وَجه وَيَد وَلَا خلاف أَنه لَا يعْطف على مجرورها بِالنّصب فَلَا يُقَال هُوَ حسن الْوَجْه وَالْبدن

العوارض الإخبار ب الذي وفروعه

الْعَوَارِض الْإِخْبَار ب (الَّذِي) وفروعه (الْكَلَام فِي الْإِخْبَار) بِكَسْر الْهمزَة وَيُقَال لَهُ بَاب المخاطبة وَهُوَ نوع من أَنْوَاع الِابْتِدَاء أفرد بِالذكر للتمرين (الْإِخْبَار بِالَّذِي وفروعه) من الْمثنى وَالْجمع الْمُؤَنَّث (أَن يتَقَدَّم) الَّذِي مُبْتَدأ وَيُؤَخر الِاسْم الَّذِي يُقَال أخبر عَنهُ بِالَّذِي (أَو خَلفه) وَهُوَ الضَّمِير الْمُنْفَصِل عَن الْمُتَّصِل (خَبرا) عَنهُ (و) يتوسط (مَا) فِي الْجُمْلَة (بَينهمَا صلَة) للَّذي (عائدها ضمير غَائِب يخلف الِاسْم فِي إعرابه الَّذِي كَانَ لَهُ) قبل الْإِخْبَار كَقَوْلِك فِي الْإِخْبَار عَن (زيد) من (ضربت زيدا) الَّذِي ضَربته زيد وَعَن التَّاء (الَّذِي ضرب زيدا أَنا) وَبِهَذَا ظهر أَن الْإِخْبَار لَيْسَ بِالَّذِي وَلَا عَن الِاسْم بل بِالِاسْمِ عَن الَّذِي قَالَ ابْن السراج وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنى مخبر عَنهُ قَالَ أَبُو حَيَّان وَيحْتَمل أَن الْبَاء بِمَعْنى عَن وَعَن بِمَعْنى الْبَاء كَمَا تَقول سَأَلت عَنهُ وَسَأَلت بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أخبر بِهَذَا الِاسْم أَي صيره خَبرا وَقَالَ غَيره الْبَاء هُنَا للسَّبَبِيَّة لَا للتعدية وَكَأَنَّهُ قيل أخبر بِسَبَب الَّذِي أَي بِسَبَب جعلهَا مُبْتَدأ قَالَ بدر الدّين بن مَالك وَكَثِيرًا مَا يُصَار إِلَى هَذَا الْإِخْبَار لقصد الِاخْتِصَاص أَو تقَوِّي الحكم أَو تشويق السَّامع أَو إِجَابَة الممتحن (وَجوز أَبُو ذَر) مُصعب ابْن أبي كثير الْخُشَنِي (عوده) أَي الضَّمِير (مطابقا للْخَبَر) فِي الْخطاب فَيُقَال فِي الْإِخْبَار عَن التَّاء من ضربت (الَّذِي ضربت أَنْت) حملا على الْمَعْنى لِأَن الَّذِي هُوَ أَنْت كَمَا يجوز الْوَجْهَانِ فِي أَنْت الَّذِي قَامَ وَأَنت الَّذِي قُمْت وَفرق هُنَا بِأَنَّهُ يلْزم أَن يكون فَائِدَة الْخَبَر حَاصِلَة فِي الْمُبْتَدَأ وَذَلِكَ خطأ بخلافة هُنَاكَ قَالَ أَبُو حَيَّان

وَقِيَاس قَوْله جَوَاز ذَلِك فِي ضمير الْمُتَكَلّم إِذْ لَا فرق فَيُقَال الَّذِي قُمْت أَنا (و) جوز (الْمبرد تقدم الْمخبر بِهِ) على الَّذِي مَعَ قَوْله إِن الْأَحْسَن تَأْخِيره وعَلى قَول الْجُمْهُور بِوُجُوب تَقْدِيم (الَّذِي) المُرَاد حَيْثُ لَا مَانع فَإِن كَانَ هُنَاكَ اسْتِفْهَام وَجب تَقْدِيمه كَقَوْلِك فِي الْإِخْبَار عَن (أَي) من (أَيهمْ قَائِم) (أَيهمْ الَّذِي هُوَ قَائِم) وَمن أَي رجل كَانَ أَخَاك (أَيهمْ الَّذِي هُوَ كَانَ أَخَاك) هَكَذَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِيه نظر لما سَيَأْتِي (و) يخبر (بأل إِن صدرت الْجُمْلَة) الَّتِي هِيَ مِنْهَا (بِفعل مُوجب) يصلح لِأَن (يصاغ مِنْهُ صلتها) فَتَقول فِي الْإِخْبَار عَن (زيد) من (قَامَت جَارِيَة زيد) (الْقَائِم جَارِيَته زيد) فَإِن لم تصدر بِفعل نَحْو زيدا ضرب عَمْرو أَو صدرت بِفعل غير مُوجب أَو مُوجب لَا يصلح أَن يصاغ مِنْهُ صلَة لأل كيذر ويدع لم يخبر بأل (فَإِن رفعت) صلَة أل (ضمير غَيرهَا) أَي غير أل (وَجب إبرازه) كَأَن يخبر بهَا عَن زيد من ضربت زيدا فَتَقول الضاربه أَنا زيد بإبراز الضَّمِير لِأَن أل لزيد وَأَنا لغير أل بِخِلَاف مَا إِذا أخْبرت عَن (زيد) من (خرج زيد) أَو التَّاء من (ضربت زيدا) فَتَقول (الْخَارِج زيد والضارب زيدا أَنا) لِأَن مَرْفُوع الصِّلَة ضمير أل (فَإِن كَانَ الِاسْم) الْمخبر بِهِ (ظرفا) فَإِن كَانَ متصرفا (لم يتوسع فِيهِ) قبل الْإِخْبَار (قرن الضَّمِير ب (فِي)) كَأَن يخبر عَن الْيَوْم من (قُمْت الْيَوْم) فَتَقول (وَالَّذِي قُمْت فِيهِ الْيَوْم) أَو عَن خَلفك من (قعدت خَلفك) فَتَقول (الَّذِي قعدت فِيهِ خَلفك) فَإِن كَانَ مِمَّا يتوسع فِيهِ قبل وصل الْفِعْل إِلَيْهِ بِنَفسِهِ حَالَة الْإِخْبَار (وَشرط هَذَا الِاسْم) الْمخبر عَنهُ فِي هَذَا الْبَاب (إِمْكَان الْفَائِدَة بِهِ لَا) مَا لَا يُفِيد نَحْو (ثواني الْأَعْلَام) المضافة من الكنى وَغَيرهَا كبكر من (أبي بكر) و (قزَح) من (قَوس قزَح) (وَلَا) ثواني المركبات تَرْتِيب (المزج) إِذا أعربت إِعْرَاب المتضايفين (خلافًا للمازني) حَيْثُ جوز الْإِخْبَار عَن الِاسْم الَّذِي لَيْسَ تَحْتَهُ معنى وَاسْتدلَّ بِأَن الْعَرَب قد أخْبرت عَنهُ فِي كَلَامهَا قَالَ: 1684 - (أَو حَيْث عَلّق قَوْسَهُ قُزَحُ ... )

ورد بِأَن (قزَح) اسْم للشَّيْطَان وَكَأن الْعَرَب قد وضعت قوسا للشَّيْطَان فَيكون من أكاذيبها (و) شَرطه (الْغنى عَنهُ بأجنبي) يوضع مَكَانَهُ قبل الْإِخْبَار لِأَنَّك تضع بدل (زيد) فِي (ضربت زيدا) مثلا (عمرا) بِخِلَاف الْهَاء فِي نَحْو (زيد ضَربته) لَا يجوز فِيهِ (زيد ضربت عمرا) (أَو) الْغنى عَنهُ (بمضمر لَا حَال وتمييز) فَلَا يَصح الْإِخْبَار عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لَا يكونَانِ مضمرين قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَذَا مَا ربط بِهِ من اسْم ظَاهر أَو إِشَارَة فَلَا يَصح الْإِخْبَار عَن زيد من (زيد ضربت زيدا) وَلَا عَن ذَلِك من قَوْله تَعَالَى: {ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} [الْأَعْرَاف: 26] وَكَذَا لَا يَصح الْإِخْبَار عَن مجرور حَتَّى وَنَحْوهمَا مِمَّا لَا يجر الْمُضمر (و) شَرطه (قبُوله الرّفْع) بِخِلَاف مَا لَا يقبله كالظرف والمصدر غير المتصرفين وَمَا لزمَه كأيمن فِي الْقسم وَمَا التعجبية (و) شَرطه (قبُوله التَّأَخُّر) هُوَ (أَو خَلفه) كالتاء من ضربت فَإِنَّهَا وَإِن لم تقبل التَّأْخِير فخلفها يقبله وَهُوَ الضَّمِير الْمُنْفَصِل أَعنِي (أَنا) (لَا لَازم الصَّدْر) كأسماء الشَّرْط والاستفهام وَكم الخبرية وَضمير الشَّأْن فَلَا يجوز الْإِخْبَار عَن شَيْء من ذَلِك (وَقيل إِلَّا) اسْم (الِاسْتِفْهَام) فَإِنَّهُ يجوز الْإِخْبَار عَنهُ وَيلْزم الصَّدْر فَيُقَال فِي (أَيهمْ قَائِم) أَيهمْ الَّذِي هُوَ قَائِم وَفِي (أَيهمْ ضربت) (أَيهمْ الَّذِي إِيَّاه ضربت (و) شَرطه (قبُوله الْإِثْبَات لَا) مَا لزم النَّفْي (كَأحد وعريب) وكتيع وطوري وَاسم فعل نساخ منفي كليس وَمَا زَالَ وَإِخْوَته

(و) شَرطه (أَلا يعود الضَّمِير على شَيْء قبله) كالهاء فِي زيد ضَربته وَالضَّمِير فِي (منطلق) من (زيد منطلق) لِأَنَّك لَو أخْبرت عَنْهَا لجعلت مَكَانهَا ضميرا وَذَلِكَ الضَّمِير يَطْلُبهُ زيد والموصول وَلَا جَائِز أَن يعود إِلَيْهِمَا وَإِن أعدته إِلَى أَحدهمَا بَقِي الآخر بِلَا رابط فَامْتنعَ الْإِخْبَار (وَقيل) بل (الشَّرْط أَلا يكون) الضَّمِير قبل الْإِخْبَار (رابطا) كَمَا فِي زيد ضَربته فَإِن عَاد على سَابق وَلَيْسَ رابطا جَازَ الْإِخْبَار عَن ضمير (لَقيته) وَإِن كَانَ عَائِدًا على شَيْء قَالَه الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ الشلوبين قَالَ الشلوبين الصَّغِير وَهَذَا غير صَحِيح وَلَا يُوجد فِي كَلَام الْعَرَب إِذْ لَا يفهم الْمَعْنى المُرَاد مِنْهُ فِي الْجُمْلَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي نَذْهَب إِلَيْهِ هُوَ الشَّرْط الأول وَهُوَ اخْتِيَار الْجُزُولِيّ (و) شَرطه (كَون بعض مَا يُوصف بِهِ من جملَة صَالِحَة) للوصف بِأَن تكون خبرية عَارِية من معنى التَّعَجُّب غير مستدعية كلَاما ليَصِح كَونهَا صلَة بِخِلَاف غير الخبرية وَنَحْوهَا (أَو جملتين فِي حكم) جملَة (وَاحِدَة) كجملتي الشَّرْط وَالْجَزَاء فَإِنَّهَا تصلح للوصف فيصلح فِي هَذَا الْبَاب كَأَن يخبر عَن (زيد) من قَوْلك (إِن تضرب زيدا أضربه) فَتَقول الَّذِي إِن تضربته أضربه زيد (و) شَرطه (أَن يتحد الْعَامِل فِي المتعاطفين) بِأَن كَانَ الَّذِي يُرَاد الْإِخْبَار عَنهُ مَعْطُوفًا ومعطوفا عَلَيْهِ فَتَقول فِي (قَامَ زيد وَعَمْرو) (الَّذِي قَامَ وَعَمْرو وَزيد) بِخِلَاف مَا إِذا اخْتلف قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ لَا يتَصَوَّر إِلَّا فِي الْعَطف على التَّوَهُّم نَحْو (زيد لم يقم وَلَا بصديقك) تُرِيدُ (زيد لَيْسَ بقائم وَلَا بصديقك) فَلَا يجوز الْإِخْبَار عَن قَوْلك بصديقك لِأَن عَامل الْجَرّ لَيْسَ مَوْجُودا فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فَمَا اتَّحد الْعَامِل فِي المعتاطفين (وَالأَصَح جَوَازه) فِي هَذَا الْبَاب (عَن ضمير الْمُتَكَلّم والمخاطب) وَمنعه بَعضهم قَالَ لِأَنَّك إِذْ ذَاك تضع موضعهما ضمير غيبَة وَهُوَ أَعم مِنْهُمَا وَوضع

الْأَعَمّ مَوضِع الْأَخَص لَا يجوز وَأجِيب بِمَنْع مَا ذكره مِثَاله قَوْلك فِي الْإِخْبَار عَن (أَنا) من (أَنا [قَائِم] ) و (أَنْت) من (أَنْت قَائِم) (الَّذِي هُوَ قَائِم أَنا) و (الَّذِي هُوَ قَائِم أَنْت) أما ضمير الْغَائِب فَنقل ابْن عُصْفُور أَنه لَا خلاف فِي جَوَازه عَنهُ (و) الْأَصَح جَوَازه فِي (خبر بَاب كَانَ الجامد) كَمَا يجوز فِي خبر بَاب الْمُبْتَدَأ وَبَاب إِن وَبَاب ظن الجامد بِلَا خلاف مِثَاله فِيهَا (من كَانَ زيد أَخَاك) (الَّذِي كَانَ إِيَّاه أَو كَأَنَّهُ زيد أَخُوك) وَفِي بَاب الْمُبْتَدَأ (الَّذِي زيد هُوَ أَخُوك) وَفِي بَاب إِن (الَّذِي إِن زيدا هُوَ أَخُوك) وَفِي بَاب ظن (الَّذِي ظَنَنْت زيدا إِيَّاه أَخُوك) وَالْأَحْسَن وصل الضَّمِير فَيُقَال (الَّذِي ظننته زيدا أَخُوك) وَنقل ابْن الدهان عَن بَعضهم منع الْإِخْبَار عَن خبر كَانَ مُطلقًا لِأَنَّهُ فِي معنى الْجُمْلَة واستقبحه ابْن السراج قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بمفعول على الْحَقِيقَة وَلَيْسَ إضماره مُتَّصِلا إِنَّمَا هُوَ مجَاز وَهَذَا يخدش نفي ابْن عُصْفُور الْخلاف فِي الْجَوَاز أما الْمُشْتَقّ فَسَيَأْتِي (و) الْأَصَح جَوَازه عَن (الْمصدر الْمُخَصّص) بِوَصْف أَو إِضَافَة كَقَوْلِك فِي (قَامَ زيد قيَاما حسنا أَو قيام الْأَمِير) الَّذِي قامه زيد قيام حسن أَو قيام الْأَمِير (لَا) عَن (غَيره) وَهُوَ الْمُؤَكّد وَقيل لَا يجوز الْمُخَصّص أَيْضا وَقيل يجوز عَن الْمُؤَكّد أَيْضا (و) الْأَصَح جَوَازه عَن (الْمَفْعُول لَهُ) وَاخْتَارَهُ ابْن الضائع فَتَقول فِي الْإِخْبَار عَن (إجلالا) من (قُمْت إجلالا لَك) (الَّذِي قُمْت لَهُ إجلال لَك) وَصحح ابْن عُصْفُور الْمَنْع لِأَن فِي الْإِخْبَار عَنهُ تغييرا عَن حَاله من الرّفْع وَغَيره (و) الْأَصَح جَوَازه فِي الْمَفْعُول (مَعَه) وَاخْتَارَهُ أَيْضا ابْن الضائع وَصَححهُ أَبُو حَيَّان فَنَقُول فِي الْإِخْبَار عَن (الطيالسة) من (جَاءَ الْبرد والطيالسة) (الَّتِي جَاءَ الْبرد وَإِيَّاهَا الطيالسة) وَصحح ابْن عُصْفُور الْمَنْع فِي الْإِخْبَار لما فِيهِ من التَّغْيِير عَن حَاله وأجب بِأَن التَّغْيِير مَوْجُود فِي كل اسْم أُرِيد الْإِخْبَار عَنهُ

(و) الْأَصَح (مَنعه فِي كل خبر مُشْتَقّ) لمبتدأ أَو كَانَ أَو إِن أَو ظن وَقيل يجوز فَيُقَال فِي (قَائِم) من (زيد قَائِم) أَو مَعَ نَاسخ (الَّذِي زيد هُوَ قَائِم) و (الَّذِي كَانَ زيد إِيَّاه قَائِم) و (الَّذِي إِن زيدا هُوَ قَائِم) و (الَّذِي ظَنَنْت زيدا إِيَّاه قَائِم) وو (الَّذِي ظننته زيدا قَائِم) (و) الْأَصَح (مَنعه) فِي (مَرْفُوع نَحْو عَسى) من جوامد أَفعَال بَاب المقاربة وَأَجَازَهُ ابْن أبي الرّبيع فَيُقَال (وَالَّذِي عَسى أَن يقوم زيد) ورد بِأَن عَسى لَا تصلح للصلة لِأَنَّهَا خبرية أما المتصرفة ككاد وأوشك فَيجوز الْإِخْبَار عَن مرفوعها نَحْو (الَّذِي كَاد يضْرب عمرا زيد) فِي (كَاد زيد يضْرب عمرا) (وَيجوز فِي كل من المتعاطفين بِغَيْر أم) تَقول فِي (قَامَ زيد وَعَمْرو) مخبرا عَن الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (الَّذِي قَامَ هُوَ وَعَمْرو زيد) وَعَن الْمَعْطُوف (الَّذِي قَامَ زيد وَهُوَ عَمْرو) وَقس عَلَيْهِ الْعَطف بِسَائِر الْحُرُوف فَإِن كَانَ الْعَطف بِأم لم يجز الْإِخْبَار لَا عَن الْمَعْطُوف وَلَا عَن الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (و) يجوز فِي (سَائِر التوابع) أَي بَاقِيهَا (مَعَ الْمَتْبُوع) فَيُقَال فِي بَاب النَّعْت فِي (مَرَرْت بِرَجُل عَاقل) (وَالَّذِي مَرَرْت بِهِ رجل عَاقل) وَفِي بَاب التَّأْكِيد فِي (قَامَ زيد نَفسه) (وَالَّذِي قَامَ زيد نَفسه) وَفِي بَاب الْبَدَل فِي (قَامَ زيد أَخُوك) (الَّذِي قَامَ زيد أَخُوك) (وَقيل يجوز فِي بدل دون متبوعه وَعَكسه) فَيُقَال الَّذِي قَامَ زيد هُوَ أَخُوك وَالَّذِي قَامَ هُوَ أَخُوك زيد وَالصَّحِيح الْمَنْع كَمَا فِي بَابي النَّعْت والتأكيد (وَضَعفه الْمَازِني فِي يَاء الْمُتَكَلّم) وَيجوز (فِي الْمَوْصُول) بِأَن يَجْعَل مَكَان الْمَوْصُول وصلته ضميرا لِأَنَّهُمَا شَيْء وَاحِد ويحيل الْمَوْصُول وصلته خَبرا فَيُقَال فِي الْإِخْبَار عَن الَّذِي من قَوْلك (ضربت الَّذِي ضَربته) (الَّذِي ضَربته الَّذِي ضَربته) (و) يجوز (فِي الْمُتَنَازع فِيهِ وَيبقى التَّرْتِيب) فَيُقَال فِي الْإِخْبَار عَن (زيد) من ضَرَبَنِي وضربته زيد (الَّذِي ضَرَبَنِي وضربته زيد)

(فَإِن كَانَ) الْإِخْبَار (بأل والمخبر عَنهُ غَيره) أَي غير الْمُتَنَازع فِيهِ (فخلف) قَالَ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل إِذا كَانَ الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ من جملتين فعليتين بَينهمَا ارتباط فَأَرَدْت الْإِخْبَار (بأل) عَن بعض أَسمَاء الجملتين فَمنع ذَلِك قوم وَأَجَازَهُ آخَرُونَ ثمَّ اخْتلفُوا فَذهب الْأَخْفَش إِلَى أَنه يسبك من الْفِعْلَيْنِ اسْما فَاعل وَتدْخل أل عَلَيْهِمَا ويوفيا عوائدهما ويجعلهما جَمِيعًا كشيء وَاحِد ويعطف مُفْرد على مُفْرد فَيُقَال فِي الْإِخْبَار عَن التَّاء من (ضربت وضربني زيد) (الضَّارِب زيدا والضاربه هُوَ أَنا) وَذهب قوم من البغداديين إِلَى نَحْو ذَلِك إِلَّا أَنهم يحذفون العوائد فَيَقُولُونَ فِي الْإِخْبَار عَن التَّاء من (ظَنَنْت وظنني زيد عَالما) الظَّان والظان عَالما زيد أَنا وَقِيَاس قَول الْأَخْفَش الظانة إِيَّاه والظان عَالما زيد أَنا وَذهب الْمَازِني إِلَى مُرَاعَاة التَّرْتِيب وَهُوَ كأصحاب الْحَذف إِلَّا أَنه يَجْعَل الْكَلَام جملتين اسميتين كَمَا كَانَا فعليتين فَتَقول (الضاربه أَنا والضاربي زيد) وَذهب الْفَارِسِي والجرجاني إِلَى أَنه تدخل أل على الأول خَاصَّة فَتَقول (الظانة أَنا إِيَّاه وظنني عَالما زيد) فَهَذِهِ خَمْسَة مَذَاهِب ذكرهَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم ابْن أصبغ فِي كِتَابه الْمُسَمّى ب (رُءُوس الْمسَائِل فِي الْخلاف)

العدد

3 - الْعدَد أَي هَذَا مبحثه (يؤنث بِالتَّاءِ ثَلَاثَة) فَمَا فَوْقهَا (إِلَى الْعشْرَة) أَي مَعهَا (إِن كَانَ الْمَعْدُود مذكرا مَذْكُورا) نَحْو أَرْبَعَة أَيَّام وَعشرَة رجال (وَكَذَا) إِن كَانَ الْمَعْدُود الْمُذكر (محذوفا على الْأَفْصَح) نَحْو صمت خَمْسَة أَي خَمْسَة أَيَّام وَيجوز فصيحا ترك التَّاء وَعَلِيهِ {أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} [الْبَقَرَة: 234] (من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ سِتا من شَوَّال) وَحكى الْكسَائي (صمت من الشَّهْر خمْسا) (وتحذف التَّاء) من ثَلَاثَة إِلَى عشرَة (إِن كَانَ) الْمَعْدُود (مؤنثا) حَقِيقَة أَو مجَازًا نَحْو {سبع لَيَال} [الحاقة: 7] وَعشر وَشعر إِمَاء (أَو اسْم جمع أَو) اسْم (جنس) كل مِنْهُمَا (مؤنث غير نَائِب عَن جمع مُذَكّر وَلَا مَسْبُوق بِوَصْف يدل على التَّذْكِير) نَحْو عِنْدِي ثَلَاث من الْإِبِل وَثَلَاث من البط وَخمْس من النّخل بِخِلَاف اسْم الْجمع الْمُذكر كتسعة رَهْط وَثَلَاثَة نفر وَاسم الْجِنْس الْمُذكر ومدركة السماع كعنب وَسدر وموز وقمح نصت الْعَرَب على تذكيرها وتأنيث البط وَالنَّخْل واستعملت سَائِر أَسمَاء الْجِنْس كالبقر مُؤَنّثَة ومذكرة قَالُوا وَالْغَالِب عَلَيْهَا التَّأْنِيث وَبِخِلَاف الْمُؤَنَّث مِنْهَا النَّائِب عَن جمع مُذَكّر كَقَوْلِهِم ثَلَاثَة أَشْيَاء وَثَلَاثَة رجلة لِأَنَّهُمَا نائبان عَن جمع مفرديهما إِذْ عدل من جمع (شَيْء) على (أَفعَال) إِلَى (فعلاء) وَمن جمع (راجل) على (أَفعَال) كصاحب وَأَصْحَاب إِلَى فعلة وَبِخِلَاف الْمَسْبُوق بِوَصْف يدل على التَّذْكِير نَحْو ثَلَاثَة ذُكُور من البط وَأَرْبَعَة فحول من الْإِبِل فَإِن التَّأْنِيث فِي جَمِيع مَا ذكره

والنكتة فِي إِثْبَات التَّاء فِي الْمُذكر أَن الْعدَد كُله مؤنث وأصل الْمُؤَنَّث أَن يكون بعلامة التَّأْنِيث وَتركت من الْمُؤَنَّث لقصد الْفرق وَلم يعكس لِأَن الْمُذكر أصل وأسبق فَكَانَ بالعلامة أَحَق وَلِأَنَّهُ أخف وَأبْعد عَن اجْتِمَاع علامتي تَأْنِيث (وَالْعبْرَة) فِي التَّذْكِير والتأنيث (بِاللَّفْظِ غَالِبا لَا بِالْمَعْنَى وَقد يعْتَبر) فِي ذَلِك الْمَعْنى (بقلة) فيجاء بِالتَّاءِ مَعَ لفظ مؤنث لتأويله بمذكر كَقَوْلِه 1685 - (ثلاثةُ أنفس وَثَلَاث ذَوْد ... ) وَقَوله 1686 - (وقائعُ فِي مُضر تِسْعَةٌ ... ) أول الْأَنْفس بالأشخاص والوقائع بالمشاهد وَيتْرك مَعَ لفظ مُذَكّر لتأويله بمؤنث كَقَوْلِه 1687 - (وإنَّ كِلاً با هَذِه عَشْرُ أبْطن ... ) أول (الأبطن) بالقبائل (و) الْعبْرَة أَيْضا فِي التَّذْكِير والتأنيث (بالمفرد) لَا الْجمع فَيُقَال ثَلَاثَة سجلات وَثَلَاثَة دنينيرات (خلافًا لأهل بَغْدَاد) فَإِنَّهُم يعتبرون لفظ الْجمع فَيَقُولُونَ ثَلَاث سجلات وَثَلَاث حمامات بِغَيْر هَاء وَإِن كَانَ الْوَاحِد مذكرا

(و) الْعبْرَة (فِي الصّفة النائبة عَن الْمَوْصُوف بِحَالهِ) أَي الْمَوْصُوف لَا بِحَال الصّفة فَيُقَال رَأَيْت ثَلَاثَة ربعات بِالتَّاءِ إِذا أردْت (رجَالًا) وَثَلَاث ربعات بحذفها إِذا أردْت نسَاء اعْتِبَارا بِحَال الْمَوْصُوف وَعَلِيهِ {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} [الْأَنْعَام: 160] أسقط التَّاء اعْتِبَارا بِحَال الْمَوْصُوف وَهُوَ الْحَسَنَات وَلم يعْتَبر الْمثل (ويعطف الْعشْرُونَ وأخوته) من ثَلَاثِينَ إِلَى تسعين (على النيف) وَهُوَ (مَا دون الْعشْرَة) من وَاحِد إِلَى تِسْعَة (إِن قصد بِهِ التَّعْيِين) فَيُقَال فِي الْمُذكر وَاحِد وَعِشْرُونَ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ إِلَى تِسْعَة وَتِسْعين وَفِي الْمُؤَنَّث وَاحِدَة وَعِشْرُونَ وَاثْنَتَانِ أَو ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ إِلَى تسع وَتِسْعين وَلَا يُقَال فِي شَيْء مِمَّا دون الْعشْرَة نَيف إِلَّا وَبعده عشرُون أَو إِحْدَى إخْوَته وَإِلَّا أَي وَإِن لم يقْصد التَّعْيِين (فبضعة فِي الْمُذكر وبضع فِي الْمُؤَنَّث) يعْطف عَلَيْهِمَا الْعشْرُونَ وَإِخْوَته فَيُقَال عِنْدِي بضعَة وَعِشْرُونَ رجلا وبضع وَعِشْرُونَ امْرَأَة وهما بِكَسْر الْبَاء من بضعت الشَّيْء قطعته كَأَنَّهُ قِطْعَة من الْعدَد (وَلَا يختصان) أَي الْبضْعَة والبضع (بِالْعشرَةِ فَصَاعِدا) بل يستعملان وَإِن لم يعْطف عَلَيْهِمَا عشرَة وَلَا عشرُون وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {فِي بضع سِنِين} [الرّوم: 4] (خلافًا للفراء) فِي قَوْله إنَّهُمَا لَا يستعملان إِلَّا مَعَ الْعشْرَة وَمَعَ الْعشْرين إِلَى التسعين ثمَّ هما اسْم عدد مُبْهَم من ثَلَاث إِلَى تسع وَبِذَلِك فَارقه النيف فَإِنَّهُ من وَاحِد وفارقه أَيْضا فِي أَنه يكون للمذكر والمؤنث بِغَيْر هَاء وَفِي أَنه يخْتَص بِالْعشرَةِ فَصَاعِدا وَهُوَ من أناف على الشي إِذا زَاد عَلَيْهِ (وتبني الْعشْرَة مَعَه) أَي مَعَ الِاسْم المضموم إِلَيْهِ وَهُوَ النيف عِنْد قصد التَّعْيِين وَبضْعَة وبضع عِنْد عَدمه لتَضَمّنه معنى حرف الْعَطف الَّذِي هُوَ الأَصْل فِي الْعدَد وَترك اختصارا (على) حَرَكَة لِأَنَّهُ مُعرب الأَصْل وَكَانَت (الْفَتْح) طلبا لتخفيف فَيُقَال أحد عشر وَإِحْدَى عشرَة وَثَلَاثَة عشر وَثَلَاث عشرَة وَبضْعَة عشر وبضع عشرَة (وَجوز الكوفية) إِضَافَته أَي النيف أَو الْبضْع (إِلَيْهَا) أَي الْعشْرَة وَاسْتَدَلُّوا بقوله

1688 - (بنتَ ثَمَانِي عَشْرَةٍ من حِجّتِهْ ... ) وَأجِيب بِأَنَّهُ ضَرُورَة إِذْ لَا معنى لهَذِهِ الْإِضَافَة لِأَنَّهَا إِمَّا بِمَعْنى اللَّام أَو من والنيف لَيْسَ للعشرة وَلَا مِنْهَا بل هُوَ زِيَادَة عَلَيْهَا (و) جوز (الْأَخْفَش إعرابها مُضَافَة) إِلَى اسْم بعْدهَا (كبعلبك) فَيُقَال هَذِه خَمْسَة عشرك بِبَقَاء الصَّدْر مَفْتُوحًا وتغيير آخر الْعَجز بالعوامل (و) جوز (الْفراء) حِينَئِذٍ إعرابها (كَابْن عرس) فَيُقَال هَذِه خَمْسَة عشرك ومررت بِخَمْسَة عشرك بإعراب الأول على حسب العوامل وجر الثَّانِي أبدا وَالْجُمْهُور منعُوا قِيَاس ذَلِك وأوجبوا بَقَاء الجزأين على الْفَتْح كَمَا لَو لم يضف (و) جوز (ابْن مَالك إِظْهَار العاطف) الَّذِي قدر فِي الأَصْل (فتعرب) لزوَال الْمَعْنى الْمُوجب للْبِنَاء فَيُقَال عِنْدِي خَمْسَة وَعشر رجلا وَخمْس وَعشرَة امْرَأَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَا أَظن الْعَرَب تَكَلَّمت بِمثل ذَلِك وَأما قَوْله 1689 - (كأنَّ بهَا البدْرَ ابنَ عَشْر وأرْبَع ... ) فمخالف لتركيب أَربع وَعشر بِتَقْدِيم النيف على الْعشْر فَلَا يَصح الِاسْتِدْلَال بِهِ على هَذَا التَّرْكِيب (وتاء ثَلَاثَة فَمَا فَوْقهَا) إِلَى تِسْعَة (فِي الْمركب) مَعَ عشر (والمعطوف مَعَ الْعشْرين وَإِخْوَته كَغَيْرِهِ) ثَابِتَة فِي الْمُذكر سَاقِطَة فِي الْمُؤَنَّث وتاء عشرَة فِي الْمركب بِالْعَكْسِ أَي سَاقِطَة فِي الْمُذكر ثَابِتَة فِي الْمُؤَنَّث كَرَاهَة اجْتِمَاع علامتي تَأْنِيث فَيُقَال عني ثَلَاثَة عشر رجلا إِلَى تِسْعَة عشر وَثَلَاثَة وَعِشْرُونَ رجلا إِلَى تِسْعَة وَتِسْعين وَثَلَاث عشرَة امْرَأَة إِلَى تسع عشرَة وَثَلَاث وَعِشْرُونَ امْرَأَة إِلَى تسع وَتِسْعين

(ولمذكر دون ثَلَاثَة عشر أحد عشر أَو وحد عشر واثني عشر ولمؤنثه إِحْدَى عشرَة أَو وحدة عشرَة واثنتا عشرَة) وَلم يبال هُنَا بِالْجمعِ بَين علامتي تَأْنِيث لاخْتِلَاف اللَّفْظ فِي إِحْدَى عشرَة وإعراب الصَّدْر دون الْعَجز فِي اثْنَتَيْ عشرَة فكأنهما كلمتان قد تباينتا (وَاثنا) عشر (واثنتا) عشرَة مبنيان عَجزا لما تقدم (معربان صَدرا) على الْأَصَح بِالْألف رفعا وَالْيَاء جرا ونصبا (لقِيَامه) أَي الْعَجز فيهمَا (عَن النُّون) فَبَقيَ الصَّدْر على إعرابه كَمَا كَانَ مَعَ النُّون (وَمن ثمَّ) أَي وَمن أجل ذَلِك وَهُوَ قيام الْعَجز فيهمَا مقَام النُّون (اختصا بِمَنْع الْإِضَافَة) فَلَا يُقَال اثْنَا عشرك وَلَا اثْنَتَا عشرتك كَمَا أَنه لَا تجامع النُّون الْإِضَافَة بِخِلَاف سَائِر أخواتها فَإِنَّهَا تُضَاف نَحْو أحد عشرك وَثَلَاثَة عشرك وَمُقَابل الْأَصَح فِي الصَّدْر أَنه مَبْنِيّ على الْألف وَالْيَاء كأخواته المركبات وَعَلِيهِ ابْن كيسَان وَابْن درسْتوَيْه (وياء ثَمَانِي عشرَة تفتح) على الأجود لخفة الْفَتْح على الْيَاء (أَو تسكن) كسكونها فِي (معدي كرب) (أَو تحذف) لِأَنَّهَا حرف زَائِد وَلَيْسَت من سنخ الْكَلِمَة وحذفها (بعد) إبْقَاء (كسر قبلهَا) دلَالَة عَلَيْهَا (أَو) بعد (فتح) للتركيب (وَقد يلْزم الْحَذف فِي الْإِفْرَاد) قيل أَن تركب فِي الْعدَد فَيجْعَل الْإِعْرَاب على النُّون نَحْو هَذِه ثَمَان وَرَأَيْت ثمانا ومررت بثمان (وشين عشرَة فِي التَّرْكِيب سَاكِنة) فِي لُغَة الْحجاز قَالَ تَعَالَى {اثْنَتَا عشرَة عينا} [الْبَقَرَة: 60] وَقد تكسر فِي لُغَة تَمِيم وَقُرِئَ بِهِ فِي الْآيَة (أَو تفتح) رُجُوعا إِلَى الأَصْل فِيهَا وَقَرَأَ بِهِ الْأَعْمَش أما عشر فِي التَّرْكِيب فمفتوح الشين

وَالْعين (أَو تسكن عين عشرَة) لتوالي الحركات فِي كلمة وَقُرِئَ بِهِ فِي {أحد عشر كوكبا} [يُوسُف: 4] {اثْنَا عشر شهرا} [التَّوْبَة: 36] (أَو) تسكن ((حا) أحد) عشر (استثقالا لتوالي الحركات) (وهمزة) أَي أحد بدل (عَن وَاو) الأَصْل وحد (وَألف إِحْدَى) تَأْنِيث وَلذَا منعت الصّرْف (وَقيل إِلْحَاق) وهمزة أَيْضا عَن وَاو (ويعطف عَلَيْهِمَا) أَي على أحد وَإِحْدَى (الْعشْرُونَ وَإِخْوَته) كَمَا يعْطف على وَاحِد وَوَاحِدَة (وَلَا يستعملان غَالِبا دون تنييف) مَعَ الْعشْرَة أَو الْعشْرين وَإِخْوَته (إِلَّا مضافين لغير علم) نَحْو {لإحدى الْكبر} [المدثر: 35] {إحدَى ابنَتَيَّ} [الْقَصَص: 27] {قَالَت إِحداهُمَا} [الْقَصَص: 26] {فَتُذَكَّرَ إِحدَاهُمَا الأُخرَى} [الْبَقَرَة: 282] أحد الأحدين واستعمالهما بِلَا نَيف وَلَا إِضَافَة قَلِيل نَحْو {وَإِن أَحَدٌ مِّنَ المُشرِكِينَ} [التَّوْبَة: 6] 1690 - (قد ظهرْتَ فَمَا تخفى على أحدٍ ... ) وأضيفت إِلَى الْعلم فِي قَول النَّابِغَة 1691 - (إحدَى بلِى وَمَا هام الْفُؤَاد بهَا ... )

فَأول على حذف الْمُضَاف أَي إِحْدَى نسَاء بلي وَالْغَالِب عِنْد عدم النيف وَاحِد وَوَاحِدَة (وَيعرف الْعدَد الْمُفْرد) وَهُوَ من وَاحِد إِلَى عشرَة إِذا لم تضف ثَلَاثَة وَمَا بعْدهَا والعقود عشرُون وَإِخْوَته وَمِائَة وَألف إِذا قصد تَعْرِيفه (بأل) كَسَائِر الْأَسْمَاء المفردة فَيُقَال الْوَاحِد والاثنان وَالثَّلَاثَة وَالْعشرَة وَالْعشْرُونَ وَالتِّسْعُونَ وَالْمِائَة وَالْألف (وَتدْخل فِي المتعاطفين) بِإِجْمَاع كَقَوْلِه 1692 - (إِذا الخَمْسَ والخمسِين جاوزْتَ فَارْتَقِبْ ... قُدُوماً على الْأَمْوَات غَيْر بعِيدِ) (و) تدخل (فِي) ثَانِي (الْمُضَاف) دون أَوله نَحْو ثَلَاثَة الأثواب وَمِائَة الدِّرْهَم وَألف الدِّينَار قَالَ 1693 - (ثَلَاث الأثافِي والرُّسُوم البلاقعُ ... ) وَقَالَ 1694 - (فأدْرك خمسَة الأشبار ... ) (و) تدخل فِي (أول الْمركب) دون ثَانِيه نَحْو (مَا فعلت الْأَحَد عشر درهما) (وَجوز الكوفية دُخُولهَا فِي جزئيهما أَي الْمُضَاف والمركب فَيُقَال الثَّلَاثَة الأثواب والخمسة الْعشْر رجلا

والبصريون قَالُوا الْإِضَافَة لَا تجامع أل والمركب مَحْكُوم لَهُ بِحكم الِاسْم الْمُفْرد من حَيْثُ إِن الْإِعْرَاب فِي مَحل جَمِيعه فَكَانَ ثَانِيه كوسط الِاسْم وَلَا تدخل على أول الْمُضَاف مَعَ تجرد ثَانِيه بِإِجْمَاع كالثلاثة أَثوَاب (و) جوز (قوم) دُخُولهَا (فِي تَمْيِيزه) بِنَاء على جَوَاز تَعْرِيف التَّمْيِيز نَحْو الْعشْرُونَ الدِّرْهَم (و) جوز (قوم تَركهَا من الْمَعْطُوف) ودخولها فِي الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فَقَط نَحْو الْأَحَد وَعِشْرُونَ رجلا وَاخْتَارَهُ الأبذي تَشْبِيها بالمركب ورده أَبُو حَيَّان بِالْفرقِ فَإِن المتعاطفين كل مِنْهُمَا مُعرب فَلَيْسَ الثَّانِي من الأول كالاسم الْوَاحِد (وَإِذا ميز) الْعدَد (بمذكر ومؤنث) فَالْحكم فِي التَّاء وحذفها (للسابق مَعَ الْإِضَافَة مُطلقًا) وجد الْعقل أم لَا اتَّصل أم لَا نَحْو عِنْدِي عشرَة أعبد وإماء وَعشرَة إِمَاء وأعبد وَعشرَة جمال ونوق وَعشر نُوق وجمال وَعشرَة بَين جمل وناقة وَعشر بَين نَاقَة وجمل وَالْحكم للسابق أَيْضا (مَعَ التَّرْكِيب بِشَرْط الِاتِّصَال وَعدم الْعقل) نَحْو عِنْدِي سِتَّة عشرَة جملا وناقة وست عشرَة نَاقَة (و) جملا (وَإِن فصل ببين) مَعَ عدم الْعقل (فللمؤنث) سبق أم لَا نَحْو سِتّ عشرَة بَين جمل وناقة أَو بَين نَاقَة وجمل وَوَجهه أَن الْمُذكر فِيمَا لَا يعقل كالمؤنث (وَإِن وجد الْعقل فللمذكر مُطلقًا) سبق أم لَا فصل ب (بَين) أم لَا نَحْو خَمْسَة عشر عبدا وَأمة أَو أمة وعبدا أَو بَين عبد وَأمة أَو بَين أمة وَعبد قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَو كَانَ عَاقل وَغَيره غلب الْعَاقِل قَالَ وَالْعدَد الْمَعْطُوف هَل هُوَ كالمركب ظَاهر كَلَام ابْن مَالك لَا وَابْن عُصْفُور نعم

مسألة في اسم الفاعل

3 - مَسْأَلَة فِي اسْم الْفَاعِل (الْمُشْتَقّ من الْعدَد يصاغ من اثْنَيْنِ) فَمَا فَوْقهمَا (إِلَى عشرَة وزن فَاعل) بِغَيْر تَاء من الْمُذكر وفاعلة (بِالتَّاءِ من الْمُؤَنَّث بِمَعْنى بعض مَا صِيغ مِنْهُ) وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي معنى الْوَاحِد لِأَن الْوَاحِد نَفسه هُوَ اسْم الْعدَد فَلَا أصل لَهُ يكون مصاغا مِنْهُ وَيسْتَعْمل (فَردا) كثان وثانية وثالث وثالثة إِلَى عَاشر وعاشرة (أَو مُضَافا لما) هُوَ مصوغ (مِنْهُ) كثاني اثْنَيْنِ وثالث ثَلَاثَة إِلَى عَاشر عشرَة (وَلَا ينصبه) أَي لَا ينصب هَذَا المصوغ أَصله الْمَأْخُوذ مِنْهُ (فِي الْأَصَح) وَعَلِيهِ الْجُمْهُور لِأَنَّهُ لَا فعل لَهُ لم يَقُولُوا ثلثت الثَّلَاثَة وَلَا ربعت الْأَرْبَعَة وَعمل اسْم الْفَاعِل فرع الْفِعْل وَالثَّانِي أَنه ينصبه وَعَلِيهِ الْأَخْفَش وَالْكسَائِيّ وثعلب وقطرب فَيُقَال ثَالِث ثَلَاثَة ورابع أَرْبَعَة على أَن مَعْنَاهُ متمم ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة (وَثَالِثهَا) وَعَلِيهِ ابْن مَالك (ينصب ثَان فَقَط) دون ثَالِث فَمَا فَوْقه قَالَ لِأَن لَهُ فعلا سمع ثنيت الرجلَيْن إِذا كنت الثَّانِي مِنْهُمَا فَيُقَال ثَانِي اثْنَيْنِ وَلم يسمع مثل ذَلِك فِي الْبَوَاقِي (ويضاف غير عَاشر) أَي تَاسِع فَمَا دونه (إِلَى مركب مصدر بِمَا) هُوَ مصوغ مِنْهُ فَيُقَال تَاسِع تِسْعَة عشر وتاسعة تسع عشرَة وَهَذَا الْوَجْه أحسن مِمَّا يَأْتِي ويعرب اسْم الْفَاعِل لزوَال التَّرْكِيب إِذا كَانَ أَصله تَاسِع عشر تِسْعَة عشر قَالَ أَبُو حَيَّان وَقِيَاس من أجَاز الإعمال فِي ثَالِث ثَلَاثَة أَن يُجِيزهُ هُنَا على معنى متمم تِسْعَة عشر (أَو يعْطف عَلَيْهِ عشرُون وَإِخْوَته) فَيُقَال التَّاسِع وَالْعشْرُونَ والتاسعة وَالْعشْرُونَ وَكَذَا سائرها

(أَو تركب مَعَ الْعشْرَة) تركيبها مَعَ النيف (مُقْتَصرا عَلَيْهِ غَالِبا) نَحْو التَّاسِع عشر والتاسعة عشرَة (أَو مُضَافا لمركب مُطَابق) مَعَ بَقَاء كل من جزئي اسْم الْفَاعِل وَالْعدَد الْمُضَاف إِلَيْهِ نَحْو تَاسِع عشر تِسْعَة عشر وتاسعة عشر تسع عشرَة (وَهُوَ الأَصْل) وأقلها اسْتِعْمَالا والأولان محذوفان مِنْهُ اختصارا وَهل حذف فِي الثَّانِي التَّرْكِيب الثَّانِي أَو صَدره وعجزه الأول قَولَانِ فعلى الثَّانِي يعرب الْجُزْء الأول لزوَال التَّرْكِيب دون الأول (وَمثله الْحَادِي فِي الزَّائِد على الْعشْرَة) فَيُقَال على الأول حادي أحد عشر وحادية إِحْدَى عشرَة وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ والحادية وَالْعشْرُونَ وعَلى الثَّانِي الْحَادِي عشر والحادية عشرَة وعَلى الثَّالِث حادي عشر أحد عشر وحادية عشر إِحْدَى عشرَة وحادي مقلوب وَاحِد جعلت فاؤه مَكَان لامه فَانْقَلَبت يَاء لكسر مَا قبلهَا وَحكى الْكسَائي وَاحِد عشر على الأَصْل (وَإِن قصد بِهِ) أَي بفاعل من المصوغ من اثْنَيْنِ إِلَى عشرَة (جعل الْأَسْفَل فِي رتبته) أَي رُتْبَة أَصله الَّذِي صِيغ مِنْهُ (عمل) لِأَن لَهُ فعلا حكى ثلثت الِاثْنَيْنِ وربعت الثَّلَاثَة فَيُقَال رَابِع ثَلَاثَة بِمَعْنى جاعلها أَرْبَعَة وثالث اثْنَيْنِ وَحكي ثَانِي وَاحِد وَحكم عمله كاسم الْفَاعِل من النصب أَو الْإِضَافَة إِذا كَانَ بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وَوُجُوب الْإِضَافَة إِذا كَانَ بِمَعْنى الْمَاضِي وَفِي التَّنْزِيل {ثَلَاثَة رابعهم كلبهم} [الْكَهْف: 22] الْآيَة {ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم} [المجادلة: 7] الْآيَة (وَلَا يُجَاوز الْعشْرَة فِي الْأَصَح) وَقيل يُجَاوز بِأَن يسْتَعْمل مَعَ التَّرْكِيب لَكِن بِشَرْط الْإِضَافَة وَعدم النصب فَيُقَال رَابِع ثَلَاثَة عشر بإعراب الأول ورابع عشر ثَلَاثَة عشر بِبِنَاء جُزْء كل وَإِضَافَة الْمركب الأول إِلَى الثَّانِي وَهُوَ الأَصْل وَلَا يجوز هُنَا الِاقْتِصَار على مركب وَاحِد لالتباسه وَهَذَا رَأْي سِيبَوَيْهٍ قَالَه قِيَاسا وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَالْجُمْهُور على خِلَافه لِأَنَّهُ لم يسمع وَجوز الْكسَائي بناءه من الْعُقُود وَحكي عَاشر عشْرين وقاس عَلَيْهِ الْأَخْفَش إِلَى التسعين فَيُقَال هَذَا الْجُزْء الثَّالِث ثَلَاثِينَ وأباه سِيبَوَيْهٍ وَالْفراء وَقَالا يُقَال هَذَا الْجُزْء الْعشْرُونَ زَاد غَيره أَو كَمَال الْعشْرين أَو تَمام الْعشْرين أَو الموفى عشْرين

التأريخ

3 - التأريخ أَي هَذَا مبحثه وَهُوَ عدد الْأَيَّام والليالي بِالنّظرِ إِلَى مَا مضى من السّنة والشهر وَمَا بَقِي وَفعله أرخ وورخ وَكَذَا يُقَال تَارِيخ وتوريخ (يؤرخ بالليالي) دون الْأَيَّام (لسبقها) لِأَن أول الشَّهْر ليل وَآخره يوموالليل أسبق من النَّهَار خلقا كَمَا قَالَه أخرجه ابْن أبي حَاتِم (وَإِن تَأَخَّرت لَيْلَة عَرفة) عَن يَوْمهَا (شرعا) فَذَاك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الحكم وَهُوَ شروعية الْوُقُوف فِي هَذَا الْوَقْت الْمَخْصُوص (فَيُقَال أول) لَيْلَة من (الشَّهْر كتب لأوّل لَيْلَة مِنْهُ) أَو فِي أول لَيْلَة أَو (لغرته) أَو (لمهله) أَو (لمستهله) (ثمَّ) إِذا أرخت بعد مُضِيّ لَيْلَة يُقَال كتب لليلة خلت أَو مَضَت مِنْهُ , إِذا لأرخت بعد مضى لَيْلَتَيْنِ (فخلتا) أَي فَيُقَال لليلتين خلتا مِنْهُ (فخلون) أَي وَيُقَال بعد مُضِيّ ثَلَاث فَأكْثر لثلاث خلون مِنْهُ (وللعشر فخلت) أَي وَيُقَال بعد الْعشْر لإحدى عشرَة لَيْلَة خلت بِالتَّاءِ لِأَنَّهُ جمع كَثْرَة وَقد تقدم فِي الضَّمِير أَن الْأَحْسَن فِيهِ التَّاء وَفِي جمع الْقلَّة النُّون وَيجوز عَكسه وَإِذا أرخت يَوْم خَمْسَة عشر فَيُقَال كتب (لنصف من) شهر (كَذَا) وَهُوَ (أَجود من) أَن يُقَال (لخمس عشرَة) لَيْلَة (خلت) مِنْهُ (أَو بقيت) مِنْهُ الجائر أَيْضا (فلأربع عشرَة بقيت) يُقَال فِي السِّتَّة عشر مؤرخا بِالْقَلِيلِ عِنْد الْأَكْثَر وَيُقَال فِي الْعشْرين (لعشرين بَقينَ) وَكَذَا مَا بعده وَفِي التَّاسِع وَالْعِشْرين (لآخر لَيْلَة بقيت) وَفِي لَيْلَة الثَّلَاثِينَ (لآخر لَيْلَة) مِنْهُ (أَو

لسلخه) أَو (لانسلاخه) وَفِي يَوْم الثَّلَاثِينَ (لآخر يَوْم) مِنْهُ (كَذَلِك) أَي لسلخه أَو لانسلاخه (وَقيل إِنَّمَا يؤرخ) فِي النّصْف الثَّانِي أَيْضا (بِمَا مضى) لِأَنَّهُ مُحَقّق وَمَا بَقِي غير مُحَقّق (وَيُقَال) كتبته (فِي الْعشْر الأول والأواخر لَا الْأَوَائِل والأخر)

الحكاية

3 - الْحِكَايَة أَي هَذَا مبحثها وَهِي إِيرَاد لفظ الْمُتَكَلّم على حسب مَا أوردهُ فِي الْكَلَام (يسْأَل بِأَيّ عَن مَذْكُور نكرَة) سَوَاء كَانَ عَاقِلا أم لَا وصلا أم وَقفا (فالأفصح) فِيهِ (مُطَابقَة المحكي إعرابا وتذكيرا وإفرادا وَغَيرهمَا) أَي تأنيثا وتثنية وجمعا فَيُقَال فِي حِكَايَة قَامَ رجل أَي وَفِي قَامَت امْرَأَة أَيَّة وَفِي قَامَ رجلَانِ أَيَّانَ وَفِي قَامَت امْرَأَتَانِ أيتان وَفِي قَامَ رجال أيون وَفِي قَامَت فتيات أيات وَفِي رَأَيْت رجلا أيا وَفِي مَرَرْت بِرَجُل أَي وَهَكَذَا وَيجوز ترك الْمُطَابقَة فِيمَا عد الْإِفْرَاد والتأنيث وَالْأول أَكثر فِي لِسَان الْعَرَب وَيسْأل عَن الْمَذْكُور النكرَة (بِمن وَقفا لَا وصلا خلافًا ليونس فَكَذَلِك) أَي فالأفصح الْمُطَابقَة فِيمَا ذكره (و) لَكِن (تشبع نونها فِي الْإِفْرَاد) فَيُقَال فِي قَامَ رجل منا وَفِي ضربت رجلا منو وَفِي مَرَرْت بِرَجُل مني (وتسكن) نونها (قبل تَاء التَّأْنِيث فِي التَّثْنِيَة غَالِبا) فَيُقَال منتان فِي الرّفْع ومنتين فِي النصب والجر وَقد تسكن قبلهَا فِي الْإِفْرَاد فَيُقَال منت بِسُكُون النُّون وَالْبَاقِي الرّفْع وَالنّصب والجر والفصيح مِنْهُ بِفَتْح النُّون وَإِسْكَان الْهَاء المبدلة من تَاء التَّأْنِيث وَقد يُحَرك قبلهَا فِي التَّثْنِيَة فَيُقَال منتان وَهُوَ الْقيَاس لِأَنَّهُ تَثْنِيَة مِنْهُ بِالتَّحْرِيكِ والتثنية فرغ الْإِفْرَاد وَهُوَ الْمشَار إِلَيْهِ بِقَوْلِي غَالِبا وَيُقَال فِي حِكَايَة التَّثْنِيَة وَالْإِعْرَاب منان ومنين وَفِي حِكَايَة الْجمع الْإِعْرَاب منون ومنين وَفِي حِكَايَة الْجمع والتأنيث منات

وَيجوز أَيْضا ترك الْمُطَابقَة فَتَقول إِذا قيل قَامَ رجل أَو رجلَانِ أَو رجال منو وَفِي نصب ذَلِك منا وَفِي جَرّه مني وَكَذَلِكَ فِي الْمُؤَنَّث إفرادا وتثنية وجمعا وَهُوَ لُغَة لقوم من الْعَرَب وَكَأن هَؤُلَاءِ أَرَادوا أَن يحكوا إِعْرَاب الِاسْم فَقَط وَأَجَازَ يُونُس الْحِكَايَة بِمن فِي الْوَصْل وإلحاق الزِّيَادَات بهَا حِينَئِذٍ تَقول منو يَا فَتى وَمنا يَا هَذَا ومني يَا هِنْد وَلَا تنون ومنت يَا فَتى فِي الْأَحْوَال تُشِير إِلَى الْحَرَكَة وتنون ومنان ومنتان يَا فَتى فتكسر النُّون ومنون ومنين يَا فَتى فتفتح النُّون ومنات يَا فَتى فتضم التَّاء وتنون فِي الرّفْع وتكسر التَّاء وتنون نصبا وجرا وحكاها لُغَة لبَعض الْعَرَب ولشذوذها قَالَ لَا يصدق بِهَذِهِ اللُّغَة كل أحد (وَقيل الْحُرُوف الناشئة زِيَادَة) زيدت أَولا (فِي الْحِكَايَة) ولزمت عَنْهَا الحركات لَا إشباع للحركات فَنَشَأَتْ الْحُرُوف وتولدت عَنْهَا فحاصل الْقَوْلَيْنِ أَنه اخْتلف هَل الْحِكَايَة وَقعت بالحركات وتولدت عَنْهَا الْحُرُوف أَو بالحروف ولزمت عَنْهَا الحركات وَالْأول قَول السيرافي وَالثَّانِي قَول الْمبرد والفارسي (وَقيل) الْحُرُوف (بدل من التَّنْوِين) قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَن الْإِبْدَال من التَّنْوِين رفعا وجرا لُغَة لبَعض الْعَرَب وَأما منو ومني فَكل الْعَرَب تَقوله (وَمثل بدل من لَام الْعَهْد) لِأَن النكرَة مَتى أُعِيدَت كَانَت بِاللَّامِ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن الثَّانِي غير الأول (وَلَا يحْكى غَالِبا معرفَة) وشذ حِكَايَة الْمُضمر فِيمَا رُوِيَ من قَوْلهم مَعَ منين لمن قَالَ ذهب مَعَهم (خلافًا ليونس) حَيْثُ أجَاز حِكَايَة جَمِيع المعارف كالإشارة والمضاف (إِلَّا علم لم يتَيَقَّن نفي الِاشْتِرَاك فِيهِ) اسْما أَو كنية أَو لقبا فيحكى بِإِجْمَاع النُّحَاة على لُغَة الْحِجَازِيِّينَ (بِمن دون عاطف فَيقدر إعرابه كُله فِي الْأَصَح) كَقَوْلِك لمن قَالَ زيد من زيد وَلمن قَالَ رَأَيْت زيدا من زيدا وَلمن قَالَ مَرَرْت بزيد من زيد ف (من) فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة مُبْتَدأ وَزيد خبر وحركات الْإِعْرَاب الثَّلَاثَة مقدرَة لِأَن حرفه مَشْغُول بحركة الْحِكَايَة

وَذهب بَعضهم إِلَى أَن حركته فِي الرّفْع إِعْرَاب وَلَا تَقْدِير إِذْ لَا ضَرُورَة فِي تكلّف رَفعه مَعَ وجود أُخْرَى وَإِنَّمَا قيل بِهِ فِي النصب والجر للضَّرُورَة وَذهب الْفَارِسِي إِلَى أَن (من) فِي مثل ذَلِك مُبْتَدأ وخبرها جملَة محذوفة وَزيد بعض تِلْكَ الْجُمْلَة وَالتَّقْدِير من ذكرته زيدا وَمن مَرَرْت بِهِ زيد فَيكون بَدَلا من الضَّمِير الْمُقدر وَذهب بعض الْكُوفِيّين إِلَى أَن (من) مَحْمُولَة على عَامل مُضْمر يدل عَلَيْهِ الْعَامِل فِي الِاسْم المستفهم عَنهُ وَالْوَاقِع بعد من بدل مِنْهَا فَإِذا قيل ضربت زيدا فَقلت من زيدا فالتقدير من ضربت وزيدا بدل من (من) وَإِذا قيل مَرَرْت بزيد فَقلت من زيد فالتقدير بِمن مَرَرْت وَزيد بدل من من فَإِن اقترنت من بعاطف فَقلت وَمن زيد بطلت الْحِكَايَة وَتعين الرّفْع سَوَاء كَانَ زيد فِي كَلَام الْمُتَكَلّم مَنْصُوبًا أم مجرورا لزوَال اللّبْس وَلَو تَيَقّن نفي الِاشْتِرَاك فِي الْعلم لم يجز أَن يحْكى وَقد يتْرك الحجازيون حِكَايَة الْعلم مَعَ وجود شَرطه ويرفعون على كل حَال كلفة غَيرهم فَإِن بني تَمِيم لَا يجيزون الْحِكَايَة أصلا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْإِعْرَاب أَقيس من الْحِكَايَة لِأَنَّهَا لَا تتَصَوَّر إِلَّا بِخُرُوج الْخَبَر عَمَّا عهد فِيهِ من الرّفْع (ويحكى الْوَصْف الْمُعَرّف الْمَنْسُوب قَالَ سيبوبه ب (من) مُلْحقَة بأل وَالْيَاء) الْمُشَدّدَة (كالمني) لمن قَالَ مثلا قَامَ زيد الْقرشِي فَلم تفهم الْقرشِي فاستفهمت عَنهُ ويعرب إِذْ ذَاك وَيُؤَنث ويثنى وَيجمع بِالْوَاو وَالنُّون وبالألف وَالتَّاء وَتثبت هَذِه الزِّيَادَات فِي الْوَصْل وَالْوَقْف فَإِن فهمت الصّفة المنسوبة وَلم يفهم الْمَوْصُوف لم تحك بل تَقول من زيد الْقرشِي إِلَّا على لُغَة من يَحْكِي الْعلم المتبع وَذَلِكَ قَلِيل ثمَّ إِن سِيبَوَيْهٍ أطلق هَذَا الحكم وَلم يذكر خُصُوصا وَلَا عُمُوما (فعمم قوم ذَلِك) فِي الْعَاقِل وَغَيره وَفِي النّسَب إِلَى أَب أَو أم أَو قَبيلَة أَو بلد أَو صَنْعَة (وَخَصه الْمبرد بالعاقل وَحكى غَيره بالماي والماوي) لِأَن (مَا) لما لَا يعقل فَإِذا قيل رَأَيْت الْحمار الوحشي أَو الْمَكِّيّ تَقول الماي أَو الماوي

قَالَ صَاحب الْبَسِيط وَفِي هَذَا نظر عِنْدِي لِأَن (مَا) لَا يَحْكِي بهَا فَيَنْبَغِي أَلا تدخل فِي هَذَا الْبَاب قَالَ وَكَانَ الأقيس أَن تدخل فِيهِ أَي لِأَنَّهَا لغير الْعَاقِل وَلها حَظّ فِي الْحِكَايَة فَيُقَال الأيوي ينْسب إِلَى أَي وَقَالَ غَيره الصَّحِيح أَن سِيبَوَيْهٍ أطلق القَوْل وَلم يسمع (الماي) وَلَا الماوي وَإِنَّمَا قَالَه من قَالَه بِالْقِيَاسِ (و) خصّه (السيرافي بِالنّسَبِ إِلَى الْأُم وَالْأَب والقبيلة) كالعلوي والفاطمي والقرشي قَالَ وَأما النّسَب إِلَى الْبَلَد كالمكي أَو الصَّنْعَة كالخياط فَلَا يُقَال فيهمَا الْمَنِيّ لِأَنَّهُ لم يسمع ذَلِك إِلَّا فِي النّسَب لغير الصَّنْعَة والبلد وَالْقِيَاس يَقْتَضِيهِ لِأَن الْقَصْد بالحكاية إِنَّمَا هُوَ الْمُحَافظَة على الِاسْم وهم إِنَّمَا يُحَافِظُونَ على النّسَب إِلَى الْأُم وَالْأَب والقبيلة لَا غير ذَلِك انْتهى (وَلَا يحْكى علم مُتبع بِغَيْر ابْن مُضَافا لعلم) سَوَاء أتبع بنعت أَو عطف بَيَان أَو بدل أَو تَأْكِيد بل يتَعَيَّن الْإِعْرَاب فِي جَمِيع ذَلِك فَإِذا قيل رَأَيْت زيدا الْفَاضِل أَو أَخا عَمْرو أَو نَفسه يُقَال من زيد الْفَاضِل أَو من زيد أَخُو عَمْرو أَو من زيد نَفسه فَإِن أتبع (بِابْن) مُضَاف إِلَى علم جَازَت الْحِكَايَة لِأَن التَّابِع مَعَ مَا جرى عَلَيْهِ قد جعلا كشيء وَاحِد فَيُقَال لمن قَالَ رَأَيْت زيد بن عَمْرو من زيد بن عَمْرو (وَقيل يحْكى الْوَصْف والموصوف مُطلقًا) قَالَه أَبُو عَليّ (وَفِي) حِكَايَة الْعلم (الْمَعْطُوف) وَالْعلم (الْمَعْطُوف عَلَيْهِ خلف) فَذهب يُونُس وَجَمَاعَة إِلَى أَن عطف أحد الاسمين على الآخر مُبْطل للحكاية وَمذهب آخَرين أَن الْعَطف لَا يُبْطِلهَا وَفرقُوا بَين الْعَطف وَسَائِر التوابع بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَان للمعطوف عَلَيْهِ بِخِلَافِهَا فَإِن فِيهَا بَيَانا للمتبوع فَيُقَال لمن قَالَ رَأَيْت زيدا وعمرا من زيدا وعمرا فَإِن كَانَ أحد المتعاطفين مِمَّا يحْكى وَالْآخر بِخِلَافِهِ بنيت على الْمُتَقَدّم مِنْهُمَا وأتبعته الآخر فِي الْحِكَايَة أَو إِبْطَالهَا فَيُقَال فِي رَأَيْت زيدا وَصَاحب عَمْرو من زيدا وَصَاحب عَمْرو وَفِي رَأَيْت صَاحب عَمْرو وزيدا من صَاحب عَمْرو وَزيد

حكاية المسمي به من متضمن إسناد

(وَرُبمَا حُكيَ الِاسْم دون سُؤال) كَقَوْلِه تَعَالَى {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} [الْأَنْبِيَاء: 6] فإبراهيم لَيْسَ بمسئول وَقد حُكيَ هَذَا اللَّفْظ لِأَنَّهُ كاسمه فحكي وأعرب وَجعل مَفْعُولا لم يسم فَاعله (ويحكى التَّمْيِيز بِمَاذَا) فَيُقَال لمن قَالَ (عِنْدِي عشرُون رجلا) (عنْدك عشرُون مَاذَا) قَالَه أَبُو حَيَّان (و) يحْكى (الْمُفْرد الْمَنْسُوب للفظه حكم أَو يجْرِي معربا) بِوُجُوه الْإِعْرَاب (اسْما للكلمة أَو للفظ) كَقَوْلِك فِي قَول الْقَائِل (ضربت زيدا) (زيدا مفعول) فتحكي الْكَلِمَة كَمَا نطق بهَا فِي كَلَامه أَو تَقول (زيد مفعول) بالإعراب والتذكير أَي هَذَا اللَّفْظ أَو زيد مفعولة بالإعراب والتأنيث أَي هَذِه الْكَلِمَة فَإِن لم يكن مِمَّا يقبل الْإِعْرَاب تعيّنت الْحِكَايَة كَقَوْلِك فِي قَامَ من فِي الدَّار من مَوْصُول وَفِي عجبت من زيد من حرف جر وَلَا يجوز من مَوْصُول وَلَا (من) حرف جر 3 - حِكَايَة المسمي بِهِ من مُتَضَمّن إِسْنَاد (مَسْأَلَة) (يَحْكِي الْمُسَمّى بِهِ من مُتَضَمّن إِسْنَاد) كبرق نَحره وتأبط شرا و (قَامَ) نَاوِيا فِيهِ الضَّمِير (أَو عمل) رفعا أَو نصبا أَو جرا كقام أَبوهُ وضارب زيدا وَغُلَام زيد قَالَ فِي الارتشاف ويتأثر بالعوامل فَتَقول قَامَ قَائِم أَبوهُ وَرَأَيْت قَائِما أَبوهُ ومررت بقائم أَبوهُ ويتأثر فِي غُلَام زيد الأول وَالثَّانِي مجرور دَائِما (أَو إتباع) كَأَن يُسمى بِصفة أَو مَوْصُوف كَرجل عَاقل أَو بمعطوف ومعطوف عَلَيْهِ كزيد وَعَمْرو أَو نسق (بِحرف دون متبوع) كَأَن تسمي وَزيد أَو وزيدا أَو وَزيد فيحكى كَمَا تحكى الْجُمْلَة (أَو مركب حرف وَاسم) كيا زيد وَأَنت وبزيد وحيثما وَكَذَا وكأين وَهَذَا وَهَؤُلَاء (أَو) مركب حرف (وَفعل) كهلما إِذا لم يضمر فِيهِ ويضربون وضربوا فِي لُغَة أكلوني البراغيث

(أَو) مركب (حرفين) كَأَنَّمَا وليتما (وَقيل يعرب) الْمركب من حرفين (إِن كَانَ أَحدهمَا زَائِدا لغير معنى) ك (عَن مَا) فِي {عَمَّا قَلِيل} [الْمُؤْمِنُونَ: 40] فَيقدر تَقْدِير اسْمَيْنِ ويتمم مِنْهُمَا مَا يحْتَاج إِلَى التَّمام كَمَا لَو سمي ب (مَا) من قَوْله {فبمَا نقضهم ميثاقهم} [النِّسَاء: 155] فَيُقَال على هَذَا بِي مَا بالإتمام (قيل) ويعرب (نَحْو قُمْت) أَيْضا مِمَّا اتَّصل بِهِ ضمير الْفَاعِل فَيُقَال هَذَا قُمْت وَرَأَيْت قمتا ومررت بقمت وَلَا يُضَاف شَيْء من هَذِه الْأَنْوَاع الْمُسَمّى بهَا ويحكى (وَلَا يصغر) لِأَنَّهَا إِمَّا جملَة وَإِمَّا شبه جملَة وَكَذَلِكَ لَا يثنى وَلَا يجمع (ويعرب غير ذَلِك) مِمَّا يُسمى بِهِ وَلَيْسَ من الْأَنْوَاع الْمَذْكُورَة (و) الْمُسَمّى بحرفين (يضعف ثَانِيهمَا أَو يرد مَا حذف) مِنْهُ إِن كَانَ محذوفا مِنْهُ (إِن كَانَ لينًا) نَحْو (لَو) و (كي) فَيرد آخرهما وَنَحْو (قل) و (بِعْ) و (خف) فَيُقَال قل وبع وخف بالتضعيف أَو قَول وَبيع و (خَافَ) بِالرَّدِّ (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ حرفا صَحِيحا (فَلَا) يضعف كمن وَعَن بل يعربان ك (يَد) و (دم) (و) الْمُسَمّى (بِحرف) وَاحِد (لَيْسَ بعض كلمة إِن تحرّك كمل بِتَضْعِيف) حرف (مجانس حركته) كَأَن تسمى بِالتَّاءِ من ضربت وبالياء من بزيد وبالكاف من أكرمك فَتَقول (تو) و (بِي) و (كاء) (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ سَاكِنا كَلَام التَّعْرِيف على رَأْي سِيبَوَيْهٍ فيكمل (بِهَمْزَة الْوَصْل) فَيُقَال قَامَ أل فَإِن كَانَ ألفا لَا يقبل التحرك لم تصح التَّسْمِيَة بهَا (أَو بَعْضًا) فَإِن سكن (فبالوصل أَو الْحَرْف) الَّذِي كَانَ قبله (أَبُو بِهِ يرد كل كلمة أَقْوَال) مِثَاله إِذا سميت بالراء من ضرب الْمصدر فَتَقول على الأول قَامَ أَو وعَلى الثَّانِي قَامَ ضرّ (وَإِلَّا) بِأَن تحرّك (فبالتضعيف) كَقَوْلِك فِي الضَّاد الْمَفْتُوحَة من ضرب ضاء والمكسورة من ضرب ضي والمضمومة من ضرب ضو (أَو بِالْفَاءِ إِن كَانَ

عينا) كَقَوْلِك فِي الرَّاء من (ضرب) القفل إِذا سمي بِهِ قَامَ ضرّ (وَعَكسه) أَي بِالْعينِ إِذن كَانَ فَاء كَقَوْلِك فِي الضَّاد مِنْهُ قَامَ ضرّ أَيْضا (وَاللَّام بِأَحَدِهِمَا) إِمَّا بِالْفَاءِ أَو الْعين كَقَوْلِك فِي الْبَاء من ضرب ضَب أَو رب (أَو إِن كَانَ فعلا بِالْفَاءِ وَاللَّام) كَقَوْلِك فِي الضَّاد من ضرب ضَب (وَهِي) أَي اللَّام (بِغَيْر الْفَاء) إِمَّا الْفَاء أَو الْعين. . (أَو يرد كل الْكَلِمَة أَقْوَال وَمنع الْفراء التَّسْمِيَة بساكن مُطلقًا) لِأَنَّهُ لَا يُمكن الِابْتِدَاء بِهِ (و) منعهَا (بَعضهم إِن امْتنع تحريكه) كالألف (وَيجْعَل (فو) فَمَا) لِأَن الْعَرَب لما أفردته عَن الْإِضَافَة قَالُوا (فَم وَذُو) بِمَعْنى صَاحب (ذَوي) عِنْد سِيبَوَيْهٍ رد إِلَى أَصله عِنْده وَهُوَ ذَوي فقلبت الْيَاء ألفا (وذوو) عِنْد الْخَلِيل لِأَن أَصله عِنْده فَيُقَال قَامَ ذُو وَرَأَيْت ذَوا ومررت بذو (و) يرد همز (الْوَصْل فِي فعل قطعا) فَإِذا سميت بِنَحْوِ انْطلق قلت أَنطلق بِقطع الْهمزَة لقلَّة مَا جَاءَ من الْأَسْمَاء بِهَمْزَة الْوَصْل فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ بِخِلَافِهَا فِي الِاسْم نَحْو انطلاق فَلَا يقطع لِأَنَّهَا ثبتَتْ فِيهِ وَهُوَ اسْم لم يخرج عَن الاسمية (قيل أَو اسْم) أَيْضا وَعَلِيهِ ابْن الطراوة فَقَالَ تقطع الْهمزَة فِي انطلاق (و) يَجْعَل الْفِعْل (الْمَحْذُوف آخِره) كلم ترم وَلم يغز (أَو متلوه) أَي مَا قبل آخِره كلم يقم وَلم يبع (أَو لامه وفاؤه) نَحْو (ع) و (ف) (أَو) لامه (وعينه) نَحْو (ر) (مكملا) برد الْمَحْذُوف فَيُقَال فِي الْأَمْثِلَة قَامَ يَرْمِي ويغزو وَيقوم وَيبِيع ودع وَرَأَيْت وعيا ورأي كعصى (و) يَجْعَل (الفك للجزم وَالْوَقْف مدغما) فَإِذا سيمت بلم يردد أَو ارْدُدْ قلت جَاءَ يرد غير منصرف ورد منصرفا (و) يَجْعَل (هَاء السكت محذوفا) فَيُقَال فِي ارمه جَاءَ ارْمِ على حد جوَار (و) الْمُسَمّى (بجار فَوق حرف ومجرور الأجود إعرابه مُضَافا لمجروره) فَيُقَال فِي نَحْو من زيد جَاءَ من زيد وَرَأَيْت من زيد ومررت بِمن زيد (ومعطى مَا لَهُ مُسْتقِلّا) أَي يضعف إِن كَانَ آخِره لين فَيُقَال جَاءَ فِي زيد ويقابل الأجود

أَنه يحْكى فَيُقَال جَاءَ من زيد (وَقيل يجب) الْإِعْرَاب وَالْإِضَافَة (فِي ثلاثي أَو ثنائي صَحِيح) كمنذ وَرب وَمن وَعَن وَلَا تجوز الْحِكَايَة (وَقيل) تجب (الْحِكَايَة فِي ثنائي معتل) ك (فِي) وَلَا يجوز الْإِعْرَاب (و) الْمُسَمّى بجار ومجرور وَالْجَار (حرف) وَاحِد (يحْكى وجوبا عِنْد الْجُمْهُور) وَأَجَازَ الْمبرد والزجاج إعرابهما ويكمل الأول كَمَا لَو سمي بِهِ مُسْتقِلّا فَيُقَال فِي (بزيد) جَاءَ بِي زيد (و) الْمُسَمّى (بِالَّذِي وفروعه إِن قُلْنَا أل معرفَة حذفت) فَيُقَال جَاءَ لذ ولت (وَإِلَّا) بِأَن قُلْنَا زَائِدَة وتعريفها بالصلة (فَقَوْلَانِ) قيل تحذف وَقيل لَا (وَعَلَيْهِمَا تحذف الصِّلَة) إِذْ صَار علما فأغنى تَعْرِيف العلمية عَنْهَا (وَقيل) هَذَا إِذا لم يلحظ فِيهِ معنى الْوَصْف (وَإِن لحظ الْوَصْف بقيا) أَي أل والصلة (وَيجْعَل الْيَاء) من الَّذِي وَنَحْوه (حرف إِعْرَاب) فَيُقَال جَاءَ الَّذِي وَرَأَيْت لذيا كَمَا يعرب عر وسح (مَا لم يحذف) قبل التَّسْمِيَة ثمَّ يُسمى بِهِ كَمَا سمي باللذ لُغَة فِي الَّذِي (فمثلوها) وَهُوَ الذَّال حِينَئِذٍ يَجْعَل حرف الإعرب فَيُقَال جَاءَ لذ وَرَأَيْت لذاً (وَأَسْمَاء الْحُرُوف) ألف بَاء تَاء ثاء إِلَى آخرهَا (وقف) كَمَا جَاءَت فِي الْقُرْآن {الم} [الْبَقَرَة: 1 وَغَيرهَا] (إِلَّا مَعَ عَامل فالأجود) حِينَئِذٍ فِيهَا (الإعرب وَمد الْمَقْصُور) مِنْهَا نَحْو كتبت بَاء تَاء وَيجوز فِيهَا الْحِكَايَة كحالها بِلَا عَامل نَحْو كتبت بَاء وتاء وجيم وَجَاء وَيجوز ترك الْمَدّ ثَان يعرب مَقْصُورا منونا نَحْو كتبت با (كالتعاطف) أَي كَمَا إِذا تعاطفت فَإِن الأجود فِيهَا أَيْضا الْإِعْرَاب وَالْمدّ وَإِن لم يكن عَامل تَقول جِيم وكاف وباء كَمَا تَقول وَاحِد وَاثْنَانِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة

الضرائر

الضرائر أَي هَذَا مَبْحَث الْأُمُور الَّتِي تجوز لضَرُورَة الشّعْر وَلَا تجوز فِي غَيره (يجوز للشاعر) أَن يرتكب (مَا لَا يجوز فِي الِاخْتِيَار قَالَ ابْن مَالك إِن لم يجد عِنْد مندوحه بِأَن لم يُمكنهُ الْإِتْيَان بِعِبَارَة أُخْرَى) (وَجوزهُ ابْن جني وَابْن عُصْفُور وَأَبُو حَيَّان وَابْن هِشَام مُطلقًا) أَي وَإِن لم يضْطَر إِلَيْهِ لِأَنَّهُ مَوضِع ألفت فِيهِ الضرائر بِدَلِيل: 1695 - (كم بجُودٍ مُقَرفٍ نَالَ العُلا ... ) فصل بَين كم ومدخولها بالجار وَالْمَجْرُور وَذَلِكَ لَا يجوز إِلَّا فِي الشّعْر وَلم يضْطَر إِلَى ذَلِك إِذْ قد يَزُول الْفَصْل بَينهمَا بِرَفْع (مقرف) أَو نَصبه قَالَ أَبُو حَيَّان فِي شرح التسهيل لَا يَعْنِي النحويون بِالضَّرُورَةِ أَنه لَا مندوحة عَن النُّطْق بِهَذَا اللَّفْظ وَإِلَّا كَانَ لَا تُوجد ضَرُورَة لِأَنَّهُ مَا من لفظ أَو ضَرُورَة إِلَّا وَيُمكن إِزَالَتهَا ونظم تركيب آخر غير ذَلِك التَّرْكِيب وَإِنَّمَا يعنون بِالضَّرُورَةِ أَن ذَلِك من تراكيبهم الْوَاقِعَة فِي الشّعْر المختصة بِهِ وَلَا يَقع ذَلِك فِي كَلَامهم النثر وَإِنَّمَا يستعملون ذَلِك فِي الشّعْر خَاصَّة دون الْكَلَام انْتهى (وذمه ابْن فَارس مُطلقًا) فَقَالَ مَا رَأينَا أَمِيرا أَو ذَا شَوْكَة أكْرم شَاعِرًا على ارْتِكَاب ضَرُورَة فإمَّا أَن يَأْتِي بِشعر سَالم أَو لَا يعْمل شَيْئا (نعم لَا يخرج عَن الفصاحة إِلَّا مَا استوحش وفَاقا لحازم) الأندلسي وَعبارَته فِي (الْمِنْهَاج) الضرائر السائقة فِيهَا المستقبح وَغَيره وَهُوَ مَا لَا تستوحش فِيهِ النَّفس كصرف مَا لَا ينْصَرف

وَقد تستوحش مِنْهُ النَّفس كالأسماء المعدولة وَأَشد وتنوين (أفعل من) وَمِمَّا لَا يستقبح قصر الْجمع الْمَمْدُود وَمد الْجمع الْمَقْصُور ويستقبح مِنْهُ مَا أدّى إِلَى التناس جمع بِجمع كرد مطاعم إِلَى مطاعيم أَو عَكسه فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى التباس مطعم بمطعام وأقبح الضرائر الزِّيَادَة المؤدية إِلَى مَا لَيْسَ أصلا فِي كَلَامهم كَقَوْلِه 1696 - (من حَيْثُمَا نظرُوا أدنوا فأنظور ... ) أَي أنظر إِلَى مَا يقل فِي الْكَلَام كَقَوْلِه 1697 - ... طأطأت شيمالي ... ) أَي شمَالي وَالنَّقْص المجحف كَقَوْلِه 1698 - (درسَ المَنا بمُتالع فأبان ... )

أَي الْمنَازل والعدول عَن صِيغَة لأخرى كَقَوْلِه 1699 - (جدلاء محكمَة من نَسْج سلاَّم ... ) أَي سُلَيْمَان انْتهى قَالَ فِي (عروس الأفراح) وَهَذَا تَفْصِيل حسن يَنْبَغِي اعْتِبَاره قَالَ وَقد أطلق الخفاجي أَن صرف غير المنصرف وَعَكسه فِي الضَّرُورَة مخل بالفصاحة فتلخص من ذَلِك قَولَانِ (وَهِي كَثِيرَة جدا) حَتَّى أفردها ابْن عُصْفُور بمؤلف (وغالبها مفرق فِي أَبْوَاب) وَمِنْهَا نقل حَرَكَة وحرف لغير مَحَله كَقَوْلِه 1700 - (قد كَانَ شَيْبَانُ شَدِيداً وهَصُهْ ... حَتَّى أَتَاهُ قِرْنهُ فَوقَصُهْ)

نقل ضمة الْهَاء إِلَى الصَّاد كَقَوْلِه 1701 - (تكَاد أواليها تفرِّي جُلودَها ... ) أَي أوائلها (وَحذف تَنْوِين) كَقَوْلِه 1702 - (وَقل بشاشَة الوجهُ المليحُ ... ) أَي بشاشة بِالنّصب على أَنه تَمْيِيز نِسْبَة وَالْوَجْه فَاعل قل (و) حذف (نون شتان) كَقَوْلِه 1703 - (أُرِيد صلاحَها وتريد قَتْلِي ... وشَتّا بَيْن قَتْلِي والصّلاح) (و) حذف (نون لَكِن) كَقَوْلِه 1704 - (فلست بآتية وَلَا أسْتطِيعُه ... ولاكِ اسْقِني إِن كَانَ ماؤُك ذَا فَضْل)

(و) نون (لم يكن قبل سَاكن) كَقَوْلِه 1705 - (لم يَكُ الْحقَّ على أَن هاجه ... رسمُ دَار قد تَعفّت بالطّللْ) (و) حذف (مَا) النافية (وَلَا النافية حَيْثُ لَا تجوز) بِأَن لم تكن إِلَّا فِي مضارع جَوَاب قسم كَقَوْلِه 1706 - (لعَمْرُ أبي دّهْماء زالتْ عزيزةً ... على قَومهَا مَا فَتّل الزَّنْد قادِحُ) أَي مَا زَالَت وَقَوله 1707 - (رَأَيْتُك يَا ابْنَ الحارثيّة كالّتي ... صناعَتها أبقت وَلَا الوَهْيَ تَرْقعُ) أَي لَا صناعتها (و) حذف (همز مئين) كَقَوْلِه 1708 - (وَذَلِكَ أنّ ألفَكُم قلِيلٌ ... لواحِدنا أجَلْ أَيْضا ومِينُ) أَي مئين (و) حذف (كَانَ بِلَا عوض) عَنْهَا مِمَّا بعد أَن وَنَحْوهَا كَقَوْلِه 1709 - (أزْمانَ قومِي وَالْجَمَاعَة ... ) أَي أزمان كَانَ قومِي (وَقصر الْمَمْدُود) كَقَوْلِه 1710 - (لابدّ من صَنعَا وَإِن طَال السّفرْ ... )

وَقَالَ الْكسَائي فِي (النصب فَقَط) قَالَ لَا تكَاد الْعَرَب تقصر ممدودا فِي رفع وَلَا جر ورد بِمَا تقدم وَبِقَوْلِهِ 1711 - (وأهْلُ الوَفا مِن حادِثٍ وقديم ... ) (و) قَالَ (الْفراء إِن جَازَ مَجِيئه مَقْصُورا) فِي بَابه كالهواء بِخِلَاف مَا لَهُ قِيَاس يُوجب مُدَّة كفعلاء أفعل فَلَا يجوز قصره ورد بقوله 1712 - (صَفرا كلوْن الفرَس الأشْقر ... ) (وَاسْتثنى ابْن هِشَام) فِيمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ فِي حَوَاشِي (شرح الألفية) لِابْنِ النَّاظِم (نَحْو سَوَاء) قَالَ لأَنهم قَالُوا فِيهِ سوى بِالضَّمِّ وَالْكَسْر مَعَ الْقصر فيهمَا وَحَيْثُ فتحُوا مدوا لَا غير فَلَيْسَ لَك أَن تفتح وتقصر للضَّرُورَة لِأَن لَك عَن ذَلِك مندوحة بِأَن تضم أَو تكسر فَلَا يَقع لَك تجوز فِي الْكَلِمَة وخروجها عَن أَصْلهَا وَغَيره لم يسْتَثْن ذَلِك لاشتراطه أَلا يجد مندوحة وَهُوَ مَفْقُود هُنَا (وَعَكسه) أَي مد الْمَقْصُور كَقَوْلِه 1713 - (يَا لَك من تَمْر ومِنْ شِيْشَاء ... يَنْشَبُ فِي المسْعَل واللهاء)

(خلافًا لأكْثر البصرية) فِي قَوْلهم بِالْمَنْعِ (مُطلقًا وللفراء فِي اشْتِرَاط أَن يكون لَهُ قِيَاس يُوجب مده) ليَكُون رُجُوعا إِلَيْهِ بِخِلَاف مَا يُوجب الْقيَاس قصر كفعلى فعلان فَلَا يجوز مده (وإبدال حَرَكَة أَو حرف من) حَرَكَة أُخْرَى أَو حرف (آخر) فَالْأول كإبدال كسرة نون الْمثنى بفتحة أَو ضمة وفتحة الْجمع بكسرة وَالثَّانِي (كالياء من آخر ثَالِث وخامس وسادس وأرانب وضفادع وتقضض) فِي قَوْله 1714 - (قد مرّ يَوْمَانِ وهَذا الثالِي ... وأنْت بالهجْران لَا تبالي) وَقَوله 1715 - (وعام حَلتْ وَهَذَا التابعُ الخامِي ... ) وَقَوله 1716 - (فزوجُك خامِسٌ وأبوكِ سَادي ... ) وَقَوله 1717 - (من الثعالِي ووَخر من أرانيها ... )

وَقَوله 1718 - (ولضِفادِي جَمِّهِ نقانِقُ ... ) وَقَوله 1719 - (تقضي الْبَازِي إِذا الْبَازِي كسَرْ ... ) وكإبدال (الْجِيم من يَا حجتي) فِي قَوْله 1720 - (يَا رَبِّ إِن كُنْتَ قَبلْتَ حَجّتِجْ ... ) (و) كإبدال (هَاء من ألف مَا وَهنا) فِي قَوْله 1721 - (من بَعْدِ مَا وبَعْدِ مَا وَبعد مَتْ ... ) وَقَوله 1722 - (من هَهُنا وَمن هُنهْ) (وحركة عين سَاكِنة) فِي اسْم أَو فعل كَقَوْلِه

1723 - (ضَرْبًا أَلِيمًا بسِبْتٍ يَلْعج الجلِدَا ... ) وَقَوله: 1724 - (مذ سنة وخمِسون عَدَدَا ... ) (وَزِيَادَة حرف إشباعا) أَو غَيره كَقَوْلِه: 1725 - (أقِلى اللوم عاذِلَ والعِتابَا ... ) وَقَوله: 1726 - (كأنّك فِينَا يَا أبات غريبُ ... ) وَقَوله: 1727 - (تَقَطّعتْ فِي دُونِك الأسبابُ ... )

أَي تقطعت (وَإِثْبَات النُّون فِي الْإِضَافَة) كَقَوْلِه: 1728 - (هم القائِلونَ الخَيْرَ والآمِرونه ... ) (وَفك المدغم) كَقَوْلِه: 1729 - (الْحَمد لله العليِّ الأجْلل ... ) (وَقطع) همزَة (الْوَصْل) كَقَوْلِه: 1730 - (ولكّ اثْنَيْنِ إِلَى افْتِرَاق ... ) (وَتَشْديد المخفف) كَقَوْلِه: 1731 - (وهُوَّ على من صَبّه الله عَلْقَمُ ... ) (وتأنيث الْمُذكر) كَقَوْلِه: 1732 - (سَائِلْ بني أسَدٍ مَا هَذِه الصَّوْتُ ... )

(وعكوسها) أَي سُكُون عين متحركة كَقَوْلِه: 1733 - (أبي من تُرَابٍ خَلقهُ اللهُ آدَمُ ... ) وَقَوله: 1734 - (ولكِنَّ نَظَراتٍ بعَيْن مَريضَةٍ ... ) وَنقص حرف كَقَوْلِه: 1735 - (وأخو الغوان مَتى يَشَأ يَصْرمْنَهُ ... ) وَقَوله: 1736 - (والبَكَراتِ الفُسَّج العَطامسَا ... ) والعطاميس جَمِيع عيطموس وَقَوله: 1737 - (أوالفا مكّة من وُرْق الحَمَا ... ) أَي الْحمام وَزَوَال النُّون فِي غير الْإِضَافَة كَقَوْلِه: 1738 - (وهم مُتكنَفو البَلد الحرامَا ... )

وإدغام مَا يسْتَحق الفك كَقَوْلِه ... وَوصل همزَة الْقطع كَقَوْلِه: 1739 - (أبُوهمْ أبي والأمّهاتُ أمّهاتنا ... ) وَتَخْفِيف المشدد كَقَوْلِه: 1740 - (رَهْطَ مَرْجُوم ورَهْطَ ابْن المُعَلْ ... ) أَي الْمُعَلَّى وتذكير الْمُؤَنَّث كَقَوْلِه: 1741 - (لَو كَانَ مدحَة حَيّ مُنشِراً أحَدًا ... ) (وَزِيَادَة (من) فِي الْحِكَايَة وصلا) كَقَوْلِه: 1742 - (أتَوْا نَارِي فَقلت مَنون أنتمْ ... )

صفحة فارغة

(و) زِيَادَة (هَاء السكت فِيهِ) أَي الْوَصْل كَقَوْلِه: 1743 - (يَا مَرحَباهُ بِحِمَار ناجَيهْ ... ) وَقَوله: 1744 - (فَقلت أيّا ربّاه أوّل سُؤْلتى ... ) (و) زِيَادَة (نون شَدِيدَة آخرا) كَقَوْلِه: 1745 - (أُحِبُّ مِنْك مَوْضعَ الوْشْحُنِّ ... ومَوْضِعَ الْإِزَار والقَفَنِّ) (و) زِيَادَة (لَام فِي مفعول تقدم فعله) كَقَوْلِه: 1746 - (مُلْكا أَجَارَ لمُسْلِم ومُعاهدِ ... )

(و) زِيَادَة (مَا بعد كَمَا) كَقَوْلِه: 1747 - (كَمَا مَا امْرُؤٌ فِي معشر غير قَوْمه ... ضَعيفٌ الْكَلَام شَخْصُهُ مُتضَائِلُ) (و) زِيَادَة مَا بعد (اللَّهُمَّ) كَقَوْلِه: 1748 - (وَمَا عَلَيْك أنْ تَقُولِي كُلّما ... سَبّحْتِ أَو هَلْلْتِ يَا اللَّهُمَّ مَا) (و) زِيَادَة مَا (ابْتِدَاء) كَقَوْلِه: 1749 - (مَا مَعَ انّبكَ يَوْمَ الورْد ذُو جزر ... ضَخْمُ الدسِيعة بالسّلْميْن وكّارُ) (و) زيادتها (بَين الْبَدَل ومتبوعه وَالْفِعْل ومرفوعه) كَقَوْلِه: 1750 - (وكأنّهُ لَهقُ السّراة كأنّهُ ... مَا حاجبَيْهِ مُعَيّنٌ بسواد) وَقَوله: 1751 - (ضُرِّجَ مَا أنْفُ خَاطبٍ بدَم ... )

(و) زِيَادَة (الْجَار على) جَار (مثله) لفظا كَقَوْلِه: 1752 - (وَلَا لِلما بهم أبدا دواءُ ... ) أَو تَعديَة كَقَوْلِه: 1753 - (فأصْبحْنَ لَا يَسْألنهُ عنْ بِمَا بِهِ ... ) (و) زِيَادَة (النَّافِي) كَقَوْلِه: 1754 - (وَمَا إنْ لَا تحَاك لهمْ ثِيَابُ ... ) وَقَوله: 1755 - (إِلَّا الأواري لأيَا مَا أَبَيِّنَهَا ... ) زَاد (إِن) و (لَا) و (إِن) و (مَا) (و) زِيَادَة (لفظ اسْم) كَقَوْلِه: 1756 - (إِلَى الحوْل ثمّ اسْمُ السّلام عَليْكما ... ) (وكل مَا وضعناه) فِي هَذَا الْكتاب فِيمَا تقدم أَو يَأْتِي (بالندور أَو الشذوذ أَو الْمَنْع اخْتِيَارا أَو) الْمَنْع (فِي السعَة) فَهُوَ من ضرائر الشّعْر (وقلب الْإِعْرَاب) قيل (يجوز فِيهَا) أَي الضَّرُورَة (مُطلقًا وَقيل) يجوز فِيهَا (بشر تضمين الْعَامِل) معنى يَصح بِهِ (وَقيل يجوز فِي الْكَلَام أَيْضا) اتساعا واتكالا على فهم الْمَعْنى (أما إِبْدَال اسْم بمناسبة اشتقاقا كسلام من سُلَيْمَان) فِي قَوْله:

1757 - (محكمةٌ من نَسْج سَلاّم ... ) أَو غَيره نَحْو: 1758 - (والشّيْخَ عثمانٌ أَبُو عفّانا ... ) أَي ابْن عَفَّان أَبُو عَمْرو (فَمَمْنُوع) لَا يجوز فِي الشّعْر وَلَا فِي غَيره (وَاسْتحْسن أهل البديع بعض مَا سَمَّاهُ النُّحَاة ضَرُورَة كحذف مَعْمُول الجوازم) وَالْجَار والمستثنى (الْمُسَمّى) عِنْد أهل البديع (بالاكفتاء) ونظم فِيهِ الباخرزي: 1759 - (عليَّ نحت القوافي ... وَمَا عَليَّ إِذا لَمْ) (فَإِن اشْتَمَل) الْكَلَام (على تورية تصرفه عَنهُ) أَي عَن الِاكْتِفَاء) (فَأحْسن) وَأحلى كَقَوْلِه ... .

خاتمة المختار وفاقا للأخفش وخلافا لأبي حيان وغيره جوازه أي ما جاز في الضرورة في النثر للتناسب والسجع نحو قوله فيما رواه الحاكم وغيره اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن وكان

خَاتِمَة (الْمُخْتَار وفَاقا للأخفش) وَخِلَافًا لأبي حَيَّان وَغَيره (جَوَازه) أَي مَا جَازَ فِي الضَّرُورَة فِي النثر (للتناسب والسجع) نَحْو قَوْله فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِم وَغَيره (اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات) السَّبع (وَمَا أظللن) وَرب الْأَرْضين السَّبع وَمَا أقللن (و) رب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن وَكَانَ الْقيَاس أَضَلُّوا فَأتى بضمير مؤنث لمناسبته أظللن وأقللن وَقَوله فِي حَدِيث الْمَوَاقِيت فِي الصَّحِيح (هن لَهُنَّ) وَالْقِيَاس (لَهُم) بعوده على أهل الْمَدِينَة وَمن ذكر مَعَهم وَقَوله فِيمَا رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده وَغَيره (أنْفق بِلَالًا وَلَا تخش من ذِي الْعَرْش إقلالا) نون الْمُنَادِي الْمعرفَة ونصبه لمناسبة إقلالا وَقَوله للنِّسَاء حِين رجعن من الْجِنَازَة فِيمَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَغَيره (ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات) وَالْقِيَاس موزورات بِالْوَاو وَقَوله فِيمَا رَوَاهُ (كل مَا أصميت) أَي مَا رميت من الصَّيْد فَقتلته وَأَنت ترَاهُ (ودع مَا أنميت) أَي مَا رميته فَغَاب عَنْك ثمَّ مَاتَ وَالْقِيَاس ... . وَقَوله فِيمَا رَوَاهُ الْبَزَّار (أيتكن صَاحِبَة الْجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب) وَالْقِيَاس الْأَدَب بِالْإِدْغَامِ وَقَوله فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ (أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة) (من كل شَيْطَان وَهَامة) أَي حَنش مخوف (و) من (كل عين

لَامة) أَي تصيب بِسوء وَالْقِيَاس (ملمة) ونظائر ذَلِك فِي الحَدِيث وَالْكَلَام الصَّحِيح كثير لَا يُمكن استيعابه وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ لذَلِك قَوْله تَعَالَى {وتظنون بِاللَّه الظنونا} [الْأَحْزَاب: 10] {فأضلونا السبيلا} [الْأَحْزَاب: 67] بِزِيَادَة ألف لتوافق الفواصل

صفحة فارغة

الكتاب السادس في الأبنية

1 - الْكتاب السَّادِس فِي الْأَبْنِيَة أبنية الِاسْم أبنية الْفِعْل الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول صيغتا التَّعَجُّب وأفعل التَّفْضِيل بِنَاء الْمصدر بِنَاء الصِّفَات التَّأْنِيث الْمَقْصُور والممدود جمع التكسير جموع الْقلَّة جموع الْكَثْرَة التصغير الْمَنْسُوب التقاء الساكنين الإمالة الْوَقْف

صفحة فارغة

الكتاب السادس في الأبنية

1 - الْكتاب السَّادِس فِي الْأَبْنِيَة للأسماء وَالْأَفْعَال قَالَ ابْن الْحَاجِب وَهِي إِمَّا للْحَاجة المعنوية بِأَن يتَوَقَّف عَلَيْهَا فهم الْمَعْنى كالماضي والمضارع وَالْأَمر والمصدر وَأَسْمَاء الزَّمَان وَالْمَكَان والآلة وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالصّفة المشبهة وأفعل التَّفْضِيل والتأنيث وَالْجمع والمصغر والمنسوب أَو اللفظية بِأَن توقف عَلَيْهَا التَّلَفُّظ بِاللَّفْظِ وَذَلِكَ كالابتداء وَالْوَقْف أَو للتوسع كالمقصور والممدود أَو لمجانسة كالإمالة 3 - أبنية الِاسْم وبدأت بأوزان أبنية الِاسْم وبالمجرد مِنْهَا لِأَن كلا مِنْهُمَا أصل بِخِلَاف مُقَابلَة وبالثلاثي لِأَنَّهُ أَكثر لخفته وَلذَا أكثرت أبنيته فَقلت 3 - الْمُجَرّد الثلاثي (الِاسْم الْمُجَرّد) من الزَّوَائِد (إِمَّا ثلاثي) وَله عشرَة أبنية وَمُقْتَضى الْقِسْمَة اثْنَا عشر لِأَنَّهُ إِمَّا مَفْتُوح الأول أَو مكسوره أَو مضومه مَعَ سُكُون الثَّانِي وفتحه وكسره وضمه وثلاثي فِي أَرْبَعَة بِاثْنَيْ عشر وَذَلِكَ (كفلس) فِي الِاسْم و (صَعب) و (بر) فِي الصّفة (وَفرس) وَحسن ويقق (وكتف) ودرد للَّذي سَقَطت أَسْنَانه وحذر (وعضد) وَحدث (وَحبر) وَحب (وعنب) قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَلم يَجِيء مِنْهُ فِي الصّفة إِلَّا قوم عدا واستدرك عَلَيْهِ {دينا قيمًا} [الْأَنْعَام: 161] وَلحم زيم أَي متفرق و {مَكَانا سوى} [طه: 58]

{طرائق قددا} [الْجِنّ: 11] وَمَاء صرى أَي طَال مكثه (وإبل) قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَلم يَجِيء غَيره واستدرك عَلَيْهِ إطل للخصير وبلص للبلوص وَلَا أَفعلهُ أبدا الإبد ووتد ومشط وإشر لُغَات وَفِي الصّفة امْرَأَة بلز أَي ضخمة وأتان إبد أَي ولود و (فعل) وحلو (وصرد) وجدد (وعنق) وشلل فَهَذِهِ عشرَة (وَسقط فعل) بِضَم أَوله وَكسر ثَانِيه (وَفعل) بِكَسْر أَوله وَضم ثَانِيه (استثقالا) لِاجْتِمَاع ثقلين إِذْ الضمة أثقل الحركات لتحرك الشفتين لَهَا وتليها الكسرة لتحرك الشّفة لَهَا بِخِلَاف الفتحة إِذْ لَا تحرّك مَعهَا والسكون إِذْ هُوَ عدم مَحْض وَلم يعْتَبر بِنَحْوِ الْعَضُد وَيضْرب لِأَن كسرة الأول وضمة الثَّانِي منتقلة وَلَا يضْرب لِأَنَّهُ صِيغَة عارضة وللاحتياج إِلَيْهَا فِي الْأَفْعَال بِخِلَاف الْأَسْمَاء وَمَا ورد فِيهَا من نَحْو دئل لدويبة ورئم للاست فشاذ و {الحبك} [الذاريات: 7] فَمن تدَاخل اللغتين أَعنِي ضمهَا وَكسرهَا ركب مِنْهُمَا الْقَارئ مَا قَرَأَ بِهِ كَذَا قَالَه ابْن

المجرد الرباعي

جني قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْأَحْسَن عِنْدِي أَن يكون مِمَّا تبع فِيهِ حَرَكَة الْحَاء لحركة تَاء {ذَات} [الذاريات: 7] فِي الْكسر وَلم يعْتد بِاللَّامِ الساكنة لِأَن السَّاكِن حاجز غير حُصَيْن 3 - الْمُجَرّد الرباعي (أَو رباعي) وَله أوزان بِاتِّفَاق خَمْسَة وباختلاف أَكثر وَمُقْتَضى الْقِسْمَة أَن يكون ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين بِضَرْب اثْنَي عشر فِي أَرْبَعَة وَهِي أَحْوَال اللَّام الأولى لَكِن لم يَأْتِ مِنْهَا إِلَّا مَا يذكر إِمَّا للِاحْتِرَاز عَن التقاء الساكنين أَو لدفع الثّقل أَو توالي أَربع حركات فالمتفق عَلَيْهِ من أوزانه فعلل بِفَتْح الْفَاء وَاللَّام الأولى وَسُكُون الْعين (كجعفر) وَهُوَ النَّهر الصَّغِير (و) فعلل بكسرهما نَحْو (زبرج) بالزاي وَالْمُوَحَّدَة وَالرَّاء وَالْجِيم وَهُوَ الزِّينَة (و) فعلل بضمهما نَحْو (برثن) بِالْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاء والمثلثة وَالنُّون وَهُوَ مخلب الْأسد (و) فعلل بِالْكَسْرِ والسكون وَالْفَتْح نَحْو (دِرْهَم) وهجرع للمفرط الطول قَالَ الْأَصْمَعِي وَلَا ثَالِث لَهما واستدرك عَلَيْهِ زئبر وقلعم لجبل وللشيخ المسن وهبلع لمن لَا يعرف أَبَوَاهُ أَو أَحدهمَا (و) فعل بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَسُكُون اللَّام الأولى نَحْو (قمطر) بِالْقَافِ وَهُوَ وعَاء الْكتب (قَالَ الكوفية والأخفش وَابْن مَالك) (و) فعلل بِالضَّمِّ والسكون وَفتح اللَّام الأولى نَحْو (جحدب) بِالْجِيم والحاء الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة وَهُوَ نوع من الْجَرَاد وسيبويه رَوَاهُ بِضَم الدَّال فَهُوَ من بَاب برثن وخفف

المجرد الخماسي

(و) قَالَ (قوم و) فعلل بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَسُكُون اللَّام الأولى نَحْو (خبعث) ودلمز للجمل وفتكر وَاحِد الفتكرين وَهِي الدَّوَاهِي (و) فعلل بِالْكَسْرِ والسكون وَضم اللَّام الأولى نَحْو (زعبر) وخرفع وَهُوَ الْقطن الْفَاسِد وضئبل وَهُوَ الداهية (و) فعلل بِالضَّمِّ والسكون وَكسر اللَّام (نَحْو حرمز) وفعلل بِفَتَحَات نَحْو دهنج لحجر (و) فعلل بِفتْحَتَيْنِ وَضم اللَّام نَحْو (عرتن) شجر (و) فعلل بِفتْحَتَيْنِ وَكسر اللَّام نَحْو (جندل) للمكان الْكثير الْحِجَارَة (و) فعلل بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَكسر اللَّام نَحْو (علبط) للرجل الضخم وَالْأَكْثَرُونَ لم يثبتوا هَذِه الأوزان لندور مَا ورد مِنْهَا خُصُوصا مَا توالى فِيهِ أَربع حركات وَهِي الْأَرْبَعَة الْأَخِيرَة فجعلوها فروعا عَن فعلل وفعلل وفعليل وفعالل فدهنج مثقل دهنج وعرتن مخفف عرنتن وجندل مخفف جنديل وعلبط مخفف علابط 3 - الْمُجَرّد الخماسي (أَو خماسي) وَله أوزان بالِاتِّفَاقِ أَرْبَعَة وَزيد عَلَيْهَا مَا نذْكر وَمُقْتَضى الْقِسْمَة أَن تكون مائَة واثنين وَتِسْعين بِضَرْب ثَمَانِيَة وَأَرْبَعين فِي الْأَحْوَال الْأَرْبَعَة للام الثَّانِيَة وَلم يرد سوى مَا ذكر لما تقدم فالمتفق عَلَيْهِ من أوزانه فعلل بِفَتَحَات مَعَ سُكُون اللَّام الأولى (كسفرجل) وفعلل بِالْكَسْرِ والسكون وَفتح اللَّام الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة نَحْو (قرطعب) بِالْقَافِ وَهُوَ الشَّيْء الحقير (و) فعلل بِالْفَتْح والسكون وَفتح اللَّام الأولى وَكسر الثَّانِيَة نَحْو (جحمرش) بِالْحَاء وَالْجِيم آخِره مُعْجمَة وَهُوَ الْعَجُوز الْكَبِيرَة وَقيل الأفعى

أبنية الفعل

(و) فعلل بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَسُكُون اللَّام الأولى وَكسر الثَّانِيَة قذعمل بِالْقَافِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْأسد قَالَ أَبُو حَيَّان وفعلل بكسرات وَسُكُون اللَّام الأولى نَحْو (عقرطل) للفيلة (و) فعلل بضمات وَسُكُون اللَّام الأولى نَحْو (قرعطب) وفعلل بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَسُكُون اللَّام الأولى وَفتح الثَّانِيَة نَحْو (سبطر) للضخم كَذَا ذكرهَا مزيدة على التسهيل فِي شَرحه جَازِمًا بهَا (و) قَالَ (ابْن السراج و) فعللل بِالضَّمِّ والسكون وَفتح اللَّام الأولى وَكسر الثَّانِيَة نَحْو (هندلع) لبقلة مَعْرُوفَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهُ سِيبَوَيْهٍ وَالظَّاهِر أَنه مِمَّا زيد فِيهِ النُّون 3 - أبنية الْفِعْل (وَالْفِعْل إِمَّا ثلاثي أَو رباعي) وَسَيَأْتِي أوزانهما وَلم يَأْتِ الِاسْم الْمُجَرّد على سِتَّة لِئَلَّا يُوهم التَّرْكِيب وَنقص عَنهُ الْفِعْل حرفا لثقله بِمَا يستدعيه من الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَغَيرهمَا وَمَا يدل عَلَيْهِ من الْحَدث وَالزَّمَان وَلم يَأْتِ وَاحِد مهما على أقل من ثَلَاثَة لِأَنَّهَا أقل مَا يُمكن اعْتِبَاره إِذْ من عوارض الْكَلِمَة الِابْتِدَاء بهَا وَالْوَقْف عَلَيْهَا وَلَا ابْتِدَاء بساكن وَلَا وقف على متحرك فَوَجَبَ أَلا يكون حرفا وَاحِدًا وَإِلَّا لَكَانَ مُسْتَحقّا للسكون وَالْحَرَكَة مَعًا وَهُوَ محَال فَبَقيَ أَن يكون على حرفين حرف محرك للابتداء وحرف سَاكن للْوَقْف لكِنهمْ يكْرهُونَ اجْتِمَاع المتضادين ففصلوا بَينهمَا بِحرف وَعَن الْكُوفِيّين أَن أقل مَا يكون عَلَيْهِ الِاسْم حرفان (وَمَا عدا ذَلِك) الْمَذْكُور مِمَّا جَاءَ بخلافة (شَاذ) نَحْو دئل وطحربة (أَو شبه الْحَرْف) أَي مَبْنِيّ كَهُوَ وَذَا وَكم وَنَحْوهَا (أَو أعجمي) نَحْو نرجس وجربز (أَو مَحْذُوف) مِنْهُ كيد وَدم وَأب وَأَخ وبع و (ق) (أَو مزِيد) فِيهِ (وأبنيته كَثِيرَة) ستأتي (ومنتهاه) أَي الْمَزِيد (فِي ثلاثي الْفِعْل ثَلَاثَة) بِلَا زِيَادَة لِئَلَّا يزِيد على أُصُوله

(و) فِي ثلاثي الِاسْم أَرْبَعَة وندر مَا زيد فِيهِ خَمْسَة وَهُوَ ثَلَاثَة أَلْفَاظ لَا رَابِع لَهَا (كذبذبان) بتَشْديد الذَّال الأولى وَأَصله فعلعلان (وبربيطياء) وَهُوَ ضرب من الثِّيَاب (وقرقيسياء) اسْم بلد وهما بِوَزْن فعفيلياء (و) الْمَزِيد فِي الِاسْم (الرباعي اثْنَتَانِ وَثَلَاثَة وَفِي الخماسي وَاحِد) فَيصير سِتَّة وَلَا تصل إِلَى سَبْعَة (ومغناطيس إِن صَحَّ) فِيهِ زِيَادَة حرفين فِي الخماسي فَهُوَ (نَادِر) لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَلَا يتَجَاوَز الْمَزِيد ذَلِك أَي سَبْعَة أحرف فِي الِاسْم وَسِتَّة فِي الْفِعْل (إِلَّا بتاء تَأْنِيث) كقرعبلانة لدويبة عرضية أَصله قرعبل زيد فِيهِ ثَلَاثَة أحرف أَحدهَا التَّاء وكاستخرجت (أَو عَلامَة تَثْنِيَة وَنَحْوهَا) أَي جمع تَصْحِيح كَأَن يُسمى بعرطليل ثمَّ يثنى أَو يجمع بِالْوَاو وَالنُّون وَالْألف وَالتَّاء (أَو) عَلامَة (نسب) كخنفساوي (أَو) حرف (تَنْفِيس) نَحْو ستستخرج (أَو) نون (توكيد) نَحْو لأستخرجن (وأهمل) من الْمَزِيد (دون ندور فعويل) بِالْكَسْرِ وَمن النَّادِر سرويل (وفعولي) وَمن النَّادِر عدولي (وفعلال) بِالْفَتْح (غير مضعف) وَمن النَّادِر خزعال لظلع النَّاقة وقسطال للغبار وقشعام للعنكبوت وبغداد أما فعلال المضعف فكيثر نَحْو زلزال وقلقال ووسواس (وفعلال) بِالْكَسْرِ (مضعف الأول وَالثَّانِي) وَمن النَّادِر دئداء لآخر الشَّهْر (وفيعال) بِالْكَسْرِ (غير مصدرين) وَمن النَّادِر نَاقَة ميلاع أَي سريعة أما مصدر فكثير كقيتال وزلزال (وفوعال) بِالْفَتْح (وإفعله) بِالْكَسْرِ وَفتح الْعين (وفعلى) بِكَسْر (أوصافا) وَمن النَّادِر رجل هوهاة أَي أَحمَق وإمعة وَقِسْمَة ضيزى أَي جائرة وَأما أَسمَاء فكثير (كتوراب) وإنفحه وذكرى (وفيعل) بِكَسْر الْعين (فِي الصَّحِيح) وَمن النَّادِر بيئس وصيقل اسْم امْرَأَة أما فِي المعتل فكثير كسيد ولين

الماضي المجرد الرباعي

(وفيعل) بِالْفَتْح (فِي المعتل دون ألف وَنون) وَمن النَّادِر (عين) أما فِي الصَّحِيح أَو مَعَ ألف وَنون فكثير كيوعد وييسر وعيزى وريمى وتيحان لكثير الْكَلَام العجول وهيبان للجبان 3 - الْمَاضِي الْمُجَرّد الرباعي (مَسْأَلَة للماضي الرباعي) الْمُجَرّد (فعلل) لَا غير كدحرج وبدأت بِهِ خلاف بَدْء النَّاس بالثلاثي لِأَن الْكَلَام فِي ذَلِك يطول فأخرته وَإِنَّمَا لم يَجِيء على غير هَذَا الْوَزْن لِأَنَّهُ قد ثَبت أَن الأول لَا يكون مضموماً فِي البنانا للْفَاعِل وَلَا مكسوراً للثقل فَتعين الْفَتْح وَلَا يكون سَاكِنا وَأول الْمَاضِي لَا يكون آخِره إِلَّا مَفْتُوحًا لوضعه مَبْنِيا عَلَيْهِ وَلَا يكون مَا بَينهمَا متحركا كُله لِئَلَّا يتوالى أَربع حركات وَلَا مسكنا كُله لِئَلَّا يلتقي ساكنان وَلَا الثَّالِث لعروض سُكُون الرَّابِع عِنْد الْإِسْنَاد إِلَى الضَّمِير فَتعين أَن يسكن الثَّانِي 3 - الْمَاضِي الرباعي الْمَزِيد (ولمزيده) ثَلَاثَة أوزان (تفعلل) كتدحرج (وافعنلل) كاحرنجم وَالْأَصْل حرجم (وافعلل) كاقشعر وَالْأَصْل قشعر (وَأنْكرهُ قوم) وَقَالُوا هُوَ مُلْحق باحرنجم لَا بِنَاء مقتضبا بِدَلِيل مَجِيء مصدره كمصدره (وَزيد افعلل) بتَشْديد اللَّام الأولى نَحْو اخرمس واجرمز قَالَ أَبُو حَيَّان وَيظْهر لي أَنه من مزِيد الثلاثي غير الملحق وَغير المماثل 3 - الْمَاضِي الثلاثي الْمُجَرّد (وللثلاثي) الْمُجَرّد (فعل مثلث الْعين) أَي مفتوحها ومكسورها ومضمومها مَعَ فتح الْفَاء (فالمفتوح للغلبة) أَي غَلَبَة الْمُقَابل نَحْو كارمني فكرمته أَو الْغَلَبَة مُطلقًا نَحْو قهر وقسر (والنيابة عَن فعل) المضموم (فِي المضاعف) نَحْو جللت فَأَنت جليل (و) فِي

(اليائي الْعين) نَحْو طَابَ فَهُوَ طيب وَأَصله أَن يكون على فعل (وللجمع) كحشر وحشد ويتصل بِهِ مَا دلّ على وصل كمرج ومشج (والإعطاء) كمنح وَنحل (والاستقرار) كسكن وقطن (وضدها) أَي الثَّلَاثَة وَهُوَ التَّفْرِيق كفصل وَقسم ويتصل بِهِ مَا دلّ على قطع كقصم أَو كسر كقصف أَو خرق كنقب وَالْمَنْع كحظل وحظر والتحول كرحل وَالسير كرمل وذمل (والإيذاء) كلسع ولدغ (والاصطلام) كنسج وردن (والتصويب) كصرخ وصهل وَيلْحق بِهِ مَا دلّ على قَول: كنطق وَوعظ (وَغير ذَلِك) كالدفع نَحْو دَرأ وردع والتحويل كقلب وَصرف والستر كخبأ وحجب والتجريد كسلخ وقشر وَالرَّمْي كقذف وَحذف (والمكسور للعلل) كَمَرَض (وَالْأَحْزَان) كحرن (وضدها) كبرئ ونشط وَفَرح (والألوان) كسود وشهب (والعيوب) كعور وعوج (والحلى) كجبه وَعين (والإغناء عَن فعل) المضموم (فِي يائي اللَّام) كحيي ووعى (ولمطاوعة فعل) كجدعه فجدع وثلمه فثلم وثرمة فثرم (ولزومه أَكثر) من تعديه فَإِن أَكثر الْأَفْعَال الَّتِي جَاءَت على فعل لَازِمَة استقراء (والمضموم للغرائز غَالِبا) ككرم ولؤم وَشعر وَفقه وَمن غير الْغَالِب كجنب ونجس (وَلم يرد يائي الْعين) اسْتغْنَاء عَنهُ بِفعل لاستثقال الضمة على الْيَاء نَحْو طَابَ يطيب بِخِلَاف الْوَاو قَالُوا طَال أَصله طول (إِلَّا هيؤ) الشَّيْء بِمَعْنى حسنت هَيئته فَإِنَّهُ جَاءَ مضموما وَهُوَ يائي الْعين شذوذا

الثلاثي المزيد

(وَلَا) يائي (اللَّام إِلَّا نهو) الرجل من النهية وَهِي الْعقل فَإِن أَصله نهى قلبت الْيَاء واوا لانضمام مَا قبلهَا وَذَلِكَ أَيْضا شَاذ وَورد واوي اللَّام نَحْو سرو الرجل الثلاثي الْمَزِيد أفعل (أفعل) (وللمزيد) من الثلاثي (أفعل) وَهُوَ (للتعدية) كأخرجت زيدا (والصيرورة) كأغد الْبَعِير أَي صَار ذَا غُدَّة (وَالسَّلب) كأشكيته أَي أزلت شكايته (والتعريض) كأقتلت فلَانا إِذا عرضته للْقَتْل وأبعت الشَّيْء إِذا عرضته للْبيع (وَوُجُود الشَّيْء على صفته) كأحمدت فلَانا وأبخلته وأجبنته أَي وجدته متصفا بِالْحَمْد وَالْبخل والجبن (والإعانة) كأحلبت فلَانا وأرعيته أَي أعنته على الْحَلب والرعي (وَبِمَعْنى فعل) كأحزنه بِمَعْنى حزنه وأشغله بِمَعْنى شغله وأحبه بِمَعْنى حبه (ومطاوعته) ككببت الرجل فأكب وقشعت الرّيح السَّحَاب فأقشع (والإغناء عَنهُ) كأرقل وأعنق أَي سَار سيرا سَرِيعا وأذنب بِمَعْنى أَثم وَأقسم بِمَعْنى حلف فعل (وَفعل) وَهُوَ (للتعدية) نَحْو أدبت الصَّبِي (والتكثير) كفتحت الْأَبْوَاب وذبحت الْغنم (وَالسَّلب) كقردت الْبَعِير وحلمته أَي أزلت قراده وحلمه (والتوجه) كشرق وَغرب وغور وكوف وبصر أَي توجهه نَحْو الشرق والغرب والغور والكوفة وَالْبَصْرَة

تفعل

(واختصار الْحِكَايَة) كأمن وَهَلل وأيه وَسبح وسوف إِذا قَالَ آمين وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَيَا أَيهَا وَسُبْحَان الله وسوف (وَبِمَعْنى فعل) مخفف الْعين كَقدْر بِمَعْنى قدر وَبشر وميز بِمَعْنى بشر وماز تفعل (و) بِمَعْنى (تفعل) كولى بِمَعْنى تولى أَي أعرض وفكر بِمَعْنى تفكر ويمم بِمَعْنى تيَمّم (والإغناء عَنْهُمَا) كعرد فِي الْقِتَال أَي فر وعيره بالشَّيْء أَي أعابه وعول عَلَيْهِ أَي اعْتمد وكعجزت الْمَرْأَة صَارَت عجوزا فَاعل (وفاعل) وَهُوَ (للاشتراك) فِي الفاعلية والمفعولية كضارب زيد عمرا فَإِن كلا من زيد وَعَمْرو من جِهَة الْمَعْنى فَاعل ومفعول إِذْ فعل كل وَاحِد مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ مثل مَا فعل بِهِ الآخر (وَبِمَعْنى فعل) كجاوزت الشَّيْء وجزته وواعدت زيدا ووعدته (وَبِمَعْنى أفعل) كباعدت الشَّيْء وأبعدته وضاعفته وأضعفته (والإغناء عَنْهُمَا) كبارك الله فِيهِ أَي جعل فِيهِ الْبركَة وقاسى وبالى بِهِ أَي كابد وَأَكْثَرت بِهِ وكواريت الشَّيْء بِمَعْنى أخفيته تفَاعل (وتفاعل) وَهُوَ للمشاركة كتضارب زيد وَعَمْرو (والتجهيل) كتغافل وتجاهل وتباله وتمارض وتطارش (ومطاوعة فَاعل) كباعد فتباعد وضاعفت الْحساب فتضاعف (وَبِمَعْنى فعل) كتواني وونى وَتَعَالَى وَعلا (والإغناء عَنهُ) كتثاءب وتمارى

تفعل

(فَإِن تعدى هُوَ) أَي تفَاعل (أَو تفعل دون التَّاء لاثْنَيْنِ) أَي مفعولين (فمعها) أَي التَّاء يتَعَدَّى (لوَاحِد) كنازعته الحَدِيث وناسيته الْبغضَاء أَي تنازعنا الحَدِيث وتناسينا الْبغضَاء وعلمته الرماية فتعلمها وجنبته الشَّرّ فتجنبه (وَإِلَّا) بِأَن تعدى دونهَا لوَاحِد (لزم) مَعهَا كضارب زيد عمرا وتضارب زيد وَعَمْرو وأدبت الصَّبِي وتأدب الصَّبِي تفعل (وَتفعل) وَهُوَ (لمطاوعة فعل) ككسرته فتكسر وعلمته فتعلم (والتكلف) كتحلم وتصبر وتشجع إِذا تكلّف الْحلم وَالصَّبْر والشجاعة وَكَانَ غير مطبوع عَلَيْهَا (والاتخاذ) كتبنيت الصَّبِي اتخذته ابْنا وتوسدت التُّرَاب اتخذته وسَادَة (والتكوين بمهلة) كتفهم وتبصر وَتسمع وتعرف وتجرع وتحسى (والتجنب) كتأثم وتحرج وتهجد إِذا تجنب الْإِثْم والحرج والهجود (والصيرورة) تأيمت الْمَرْأَة وتحجر الطين وتجبن اللَّبن (وَبِمَعْنى استفعل) كتكبر وتعظم (و) بِمَعْنى (فعل) كتعدى الشَّيْء وعداه إِذا جاوزه وَتبين وَبَان (والإغناء عَنهُ) أَي عَن فعل كتلكم وتصدى افتعل (وافتعل) وَهُوَ (للاتخاذ) كاذبح واطبخ واشتوى أَي اتخذ ذَبِيحَة وطبخا وشواء (وَالتَّصَرُّف) ويعبر عَنهُ بالتسبب كاعتمل واكتسب إِذا تسبب فِي الْعَمَل وَالْكَسْب (وَالتَّصَرُّف) ويعبر عَنهُ بالتسبب كاعتمل واكتسب إِذا تسبب فِي الْعَمَل وَالْكَسْب

انفعل

(والمطاوعة) كأنصفته فانتصف وأشعلت النَّار فاشتعلت (والتخير) كانتخب وَاصْطفى وانتقى (وَبِمَعْنى تفَاعل) كاشتوروا وَتَشَاوَرُوا (وَتفعل) كابتسم وَتَبَسم (واستفعل) كاعتصم واستعصم (وَفعل) كاقتدر وَقدر (والإغناء عَنهُ) أَي عَن فعل كاستلم الْحجر والتحى الرجل قَالَ فِي الارتشاف وَأكْثر بِنَاء افتعل من الْمُتَعَدِّي انفعل (وانفعل) وَهُوَ (لمطاوعة فعل علاجا) نَحْو صرفته فَانْصَرف وقسمته فانقسم وسبكته فانسبك (وَلَا يبْنى) انفعل (من غَيره) أَي من غير مَا يدل على علاج من فعل ثلاثي فَلَا يُقَال عَرفته فانعرف وَلَا جهلته فانجهل وَلَا سمعته فانسمع وَكَذَا لَو دلّ على معالجة وَلم يكن ثلاثيا لَا يُقَال أحكمته فانحكم وَلَا أكملته فانكمل وشذ نَحْو فحمته فانفحم وأدخلته فاندخل (وَلَا) يَبْنِي (من لَازم خلافًا لأبي عَليّ) الْفَارِسِي فَإِنَّهُ زعم أَنه قد جَاءَ من لَازم نَحْو منهو ومنغو وَخرج على أَنه مُطَاوع أهويته وأغويته استفعل (واستفعل) وَهُوَ (للطلب) كاستغفر واستعان واستطعم أَي سَأَلَ الغفران والإعانة وَالْإِطْعَام (والتحول) كاستنسر البغاث أَي صَار نسرا واستحجر الطين (والاتخاذ) كاستعبد عبدا واستأجر أَجِيرا (والوجود) كاستعظمته إِذا وجدته عَظِيما

افعل

(وَبِمَعْنى افتعل) كاستحصد الزَّرْع واحتصد (ومطاوعته) كأحكمه فاستحكم (و) بِمَعْنى (فعل) كاستغنى وأغنى (والإغناء عَنهُ) كاستحيا واستأثر افْعَل (وَافْعل) وَهُوَ (للألون) كاحمر واسود (والعيوب) كاحول (وَلَا يبْنى من مضاعف الْعين (فَلَا يُقَال فِي رجل أجم بالجسم أَي لَا رمح مَعَه فِي الْحَرْب اجمم لما فِيهِ من الثّقل (وَلَا من (معتل اللَّام) فَلَا يُقَال فِي رجل ألمي وَهُوَ الأسمر الشفتين المي (وتلي عينه ألف) نَحْو احمار واحوال (وَقيل) وَعَلِيهِ الْخَلِيل (هُوَ الأَصْل) وَافْعل مَقْصُور مِنْهُ وَاخْتَارَهُ ابْن عُصْفُور بِدَلِيل أَنه لَيْسَ شَيْء من افْعَل إِلَّا وَقَالَ فِيهِ افعال افعوعل (وافعوعل) وَهُوَ (للْمُبَالَغَة) اخشوشن الشَّيْء كثر خشونته واعشوشب الْمَكَان كثر عشبه (والصيرورة) كاحلولي الشَّيْء صَار حلوا واحقوقف الْجِسْم والهلال صَار كل مِنْهُمَا أحقف أَي منحنيا (وافعول وافعولل وافعيل) أبنية (نَوَادِر) كاجلوذ إِذا مضى وأسرع فِي السّير واعلوط الْبَعِير إِذا تعلق بعنقه وعلاه واخروط بهم السّير إِذا اشْتَدَّ وكاعثوجج الْبَعِير أسْرع واهبيخ الرجل تكبر (وَمَا عَداهَا) أَي الْأَبْنِيَة الْمَذْكُورَة

مسألة

(مُلْحق) وَذَلِكَ (فوعل) كحوقل الشَّيْخ كبر و (فعول) كجهور أَي رفع صَوته بالْقَوْل و (فعلل) ذُو الزِّيَادَة كجلبب و (فيعل) كبيطر و (فعيل) كعذيط أَي أحدث عِنْد الْجِمَاع وفعلى كسلقى الرجل إِذا أَلْقَاهُ على ظَهره مَسْأَلَة (مَا لَيْسَ فِيهِ) أَي فِي أُصُوله (حرف عِلّة صَحِيح) ثمَّ إِن سلم من التَّضْعِيف والهمزة فسالم أَيْضا (وَإِلَّا) فَلَا فَكل سَالم صَحِيح وَلَا عكس وَإِلَّا بِأَن كَانَ فاؤه أَو عينه أَو لامه حرف عِلّة (فَهُوَ معتل فبالفاء) يُقَال لَهُ (مِثَال) لِأَنَّهُ يماثل الصَّحِيح فِي صِحَّته (و) معتل (العني أجوف) لِأَن إعلاله فِي جَوْفه أَي وَسطه وَذُو الثَّلَاثَة لكَون ماضيه على ثَلَاثَة عِنْد الْإِسْنَاد إِلَى التَّاء فَهُوَ خَاص بِالْفِعْلِ (و) معتل (اللَّام مَنْقُوص) لنقصانه عَن قبُول بعض الْإِعْرَاب (وَذُو الْأَرْبَعَة) لكَونه على أَرْبَعَة أحرف عِنْد الْإِسْنَاد إِلَى التَّاء فَهُوَ خَاص بِالْفِعْلِ أَيْضا (و) المعتل (بحرفين لفيف) لالتفاف حرفي الْعلَّة فِيهِ أَي اجْتِمَاعهمَا ثمَّ هُوَ (مقرون إِن تواليا) كويل وَيَوْم وثوى (وَإِلَّا فمفروق) والمتعل بِالثَّلَاثَةِ قَلِيل جدا كواو وياء لاسمي الحرفين فَلهَذَا لم نتعرض لذكره الْمُضَارع (الْمُضَارع) إِنَّمَا يحصل (بِزِيَادَة حرف المضارعة على الْمَاضِي) وَذَلِكَ الْهمزَة وَالنُّون وَالتَّاء وَالْيَاء لِأَن مَعْنَاهُمَا متغاير وتغاير الْمَعْنى يَقْتَضِي تغاير اللَّفْظ (فَإِن كَانَ) الْمَاضِي (مُجَردا) من الزِّيَادَة وَهُوَ (على فعل) بِالْفَتْح (ثلثت عينه) فِي الْمُضَارع أَي فتحت وَكسرت وضمت نَحْو ضرب يضْرب وَنصر ينصر وَعدل يعدل وَلَا شَرط للكسرة والضمة فيجوزان سَوَاء كَانَت الْعين أَو اللَّام حرف حلق كدخل يدْخل وَرجح يرجح أم لَا

(وَشرط الْفَتْح كَونهَا) أَي الْعين (أَو اللَّام حرف حلق) وَسَيَأْتِي نَحْو سَأَلَ يسال ومنح يمنح بِخِلَاف غَيره وَعليَّة جَوَاز الْفَتْح فِيمَا ذكر التَّخْفِيف لاستثقال حرف الْحلق واكتفي فِيمَا إِذا كَانَ ألفا نَحْو أكل يَأْكُل بسكوته وَلَو كَانَت الْعين وَاللَّام مَعًا من جنس وَاحِد فَلَا فتح أَيْضا لسكونها بِالْإِدْغَامِ نَحْو صَحَّ يَصح وَلم أحتج إِلَى تَقْيِيده بِكَوْنِهِ غير ألف كَمَا نقل ابْن الْحَاجِب لعدم الْحَاجة إِلَيْهِ إِذْ لَا يكون أصلا فِي فعل كَمَا نبه عَلَيْهِ شرَّاح كَلَامه ثمَّ الحركات الثَّلَاث تسْتَعْمل فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة كمضارع صبغ ونهق ودبغ وَرجح وَقد لَا يسْتَعْمل فِيهَا إِلَّا حَرَكَة كَمَا تقدم وَقد يسْتَعْمل فِيهَا حركتان كمضارع صلح وَفرع فِي الْفَتْح وَالضَّم مَعًا وَكَذَا الضَّم وَالْكَسْر فِي غير الحلقي قد يَجْتَمِعَانِ كمضارع فسق وَعَكَفَ وَقد لَا كَمَا تقدم فَمَا أشكل فَهَل يتَوَقَّف فِيهِ على السماع لاستعمال الْعَرَب الْوَجْهَيْنِ فِي بعضه واقتصارهم فِي بعض على وَجه أَو يَجْعَل بِالْكَسْرِ لِأَنَّهُ أخف وَأكْثر خلاف وَقيل يجوزان فِي كل مضارع سمعا فِيهِ أم لَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي نختاره أَنه إِن سمع الْكسر أَو الضَّم أتبع وَإِلَّا جَازَ فِيهِ الْكسر وَالضَّم (ولزموا الضَّم فِي بَاب الْمُبَالغَة على الصَّحِيح) نَحْو ضاربني فضربته أضربه وكابرته فكبرته أكبره وفاضلني ففضلته أفضله وَجوز الْكسَائي فتح عين مضارع هَذَا النَّوْع إِذا كَانَ عينه أَو لامه حرف حلق قِيَاسا نَحْو فاهمني ففهمته أفهمهُ وفاقهني فققهته أفقهه وَحكى الجوهوي واضأني فوضأته أوضؤه وَقَالَ وَذَلِكَ بِسَبَب الْحَرْف الحلقي وروى غَيره شاعرته فشعرته أشعره وفاخرني ففخرته أفخره بِالْفَتْح وَرِوَايَة أبي ذَر (و) لزموا الضَّم (فِي المضاعف الْمُتَعَدِّي) نَحْو شدّ يشد وعد يعد

لِأَنَّهُ كثيرا تلحقها الضمائر المنصوبة فَلم كسر لزم الْخُرُوج من كسرة إِلَى ضمتين متواليتين فضم ليجري اللِّسَان على سسن وَاحِد بِخِلَاف اللَّام (و) لزموا الضَّم (فِي الأجوف والمنقوص بِالْوَاو) للمناسبة وَلِئَلَّا يَنْقَلِب يَاء فيلتبس باليائي نَحْو قَالَ يَقُول وجاد يجود ودعا يَدْعُو وَعلا يَعْلُو (و) لزموا الْكسر فيهمَا أَي فِي الأجوف والمنقوص (بِالْيَاءِ) لما ذكر سَوَاء كَانَ غير مِثَال نَحْو بَاعَ يَبِيع وَرمى يَرْمِي أم مِثَالا نَحْو وَفِي يَفِي (و) لزموا الْكسر (فِي المضاعف اللَّازِم) نَحْو صَحَّ يَصح وضج يضج وَأَن يَئِن (و) لزموا الْكسر (فِي الْمِثَال) نَحْو وسم يسم لِئَلَّا يلْزم إِثْبَات الْوَاو فِيهِ لارْتِفَاع الْعلَّة الْمُوجبَة للحذف وَهِي وُقُوعهَا بَين يَاء وكسرة فَيلْزم وَاو بعْدهَا ضمة وَهُوَ مستثقل وَسَوَاء كَانَ صَحِيح اللَّام أم لَا نَحْو وَفِي يَفِي هَذَا إِلَّا لم تكن عينه أَو لامه حرف حلق (فَإِن كَانَ عينه أَو لامه) حرفا (حلقيا فالفتح) وَارِد (أَيْضا) مَعَ الْكسر نَحْو وعد يعد وَوضع يضع ويعرت الشَّاة تَيْعر إِلَّا أَن يكون منقوصا وَيكون يائيا فَفِيهِ الْكسر كَمَا سبق نَحْو وعى يعي (أَو) كَانَ الْمَاضِي على (فعل) بِالْكَسْرِ (فتحت) الْعين فِي الْمُضَارع نَحْو علم يعلم بمخالفة عينهما (وتكسر) أَيْضا (فِي الْمِثَال) لتسقط الْفَاء فَتحصل الخفة نَحْو ورث يَرث وومق يمق وَجَاء الْفَتْح فِيهِ بِلَا شذوذ كوله يَله ووهل يهل وَلم يضم فِي هَذَا الْبَاب كَرَاهَة اجْتِمَاع ثقيلين وهما الْكسر وَالضَّم فِي بَاب وَاحِد (أَو) كَانَ الْمَاضِي على (فعل) بِالضَّمِّ (ضمت) أَيْضا فِي الْمُضَارع نَحْو ظرف يظرف لِأَن هَذَا الْبَاب مَوْضُوع للصفات اللَّازِمَة فاختير للماضي وللمضارع فِيهِ حَرَكَة لَا تحصل إِلَّا بانضمام إِحْدَى الشفتين إِلَى الْأُخْرَى رِعَايَة لتناسب بَين الْأَلْفَاظ ومعانيها (وَمَا عدا ذَلِك) الْمَذْكُور (شَاذ) كفتح مضارع أبي وركن وَقَنطَ وَلَيْسَ حلقي الْعين أَو اللَّام

وكدت المضمومة وَكسر مضارع نم وَبت وَحب وعل المضاعف الْمُتَعَدِّي وَحسب وَنعم المكسور وطاح وتاه الواوي الْعين وَضم مضارع فر وكر وهب المضاعف اللَّازِم وَحضر وَقَنطَ المكسور (أَو لُغَة) غير فصيحة كَقَوْل بني عَامر قلى يقلى بفتحهما وَوجه بِالْكَسْرِ يجه بِالضَّمِّ وَقَول طيىء بَقِي يبْقى بفتحهما وَقَول تَمِيم ضللت تضل بكسرهما (وَغير فعل) من الرباعي والمزيد مِنْهُ وَمن الثلاثي (يكسر مَا قبل آخِره) فِي الْمُضَارع سَوَاء كَانَ عين الْفِعْل أَو اللَّام الأولى كدحرج يدحرج وَقَاتل يُقَاتل (مَا لم يكن أول ماضيه تَاء مزيدة) وَذَلِكَ تفعل وتفاعل وتفعلل فَلَا يُغير مَا قبل الآخر نَحْو تعلم يتَعَلَّم وتجاهل يتجاهل وتدحرج يتدحرج إِذْ لَو كسر لالتبس أَمر مخاطبها بمضارع علم وجاهل ودحرج إِذْ الْمُغَايرَة حِينَئِذٍ إِنَّمَا هِيَ بحركة التَّاء وَقد لَا يرفع اللّبْس لاحْتِمَال الذهول عَنْهَا وَلم يسْتَثْن ابْن الْحَاجِب تفعل وَلَا بُد مِنْهُ وَاسْتثنى المكرر اللَّام نَحْو احمر واحمار فَإِنَّهُ يُقَال فيهمَا يحمر ويحمار وَالتَّحْقِيق أَنه لَا يسْتَثْنى لِأَنَّهُ كَانَ فِي الأَصْل مكسورا وَزَالَ بِالْإِدْغَامِ (وَيضم حرف المضارعة من رباعي) أَي مَاض ذِي أَرْبَعَة أحرف (وَلَو بِزِيَادَة) نَحْو يدحرج وَيكرم وَيعلم ويضاعف (وَإِلَّا يفتح) نَحْو يذهب وينطلق ويستخرج وَوجه ذَلِك بِأَن الثلاثي كثير فِي كَلَامهم وَمَا زَاد على الرباعي ثقيل فَاخْتَارُوا الْفَتْح لخفته للكثير والثقيل وَالضَّم للقليل (وكسره) أَي أول الْمُضَارع (إِلَّا الْيَاء إِن كسر ثَانِي الْمَاضِي) كتعلم (أَو زيد أَوله تَاء) كيتدحرج ويتعلم (أَو وصل) كيستعين (أَو الْيَاء) أَيْضا (مُطلقًا) قرئَ فَإِنَّهُم (فإنّهم يِئْلمون كَمَا تِئْلمون} [النِّسَاء: 104]

الأمر

بِكَسْر الْيَاء وَالتَّاء (أَو فِي) مَا فاؤه وَاو نَحْو (وَجل) وَقُرِئَ بِهِ (وقلب الْفَاء) الَّتِي هِيَ وَاو (حِينَئِذٍ يَاء) لوقوعها سَاكِنة بعد كسرة نَحْو ييجل (أَو ألفا) نَحْو يَا جلّ (لُغَات) منقولة الْأَمر (مَسْأَلَة) (الْأَمر من ذِي همز) للوصل (يفْتَتح بِهِ) نَحْو انْطلق واستخرج واقتدر واخشوشن (وَغَيره) يفْتَتح (بتالي حرف المضارعة) إِن كَانَ متحركا الْآن نَحْو دحرج وتدحرج أَو أصلا نَحْو أكْرم إِذا الأَصْل فِي يكرم ويؤكرم (فَإِن كَانَ) تالي حرف المضارعة (سَاكِنا فبالوصل) يفتح نَحْو اضْرِب وَاعْلَم واخرج (وحركة مَا قبل آخِره كالمضارع) لِأَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْهُ الْمَبْنِيّ للْمَجْهُول (مَسْأَلَة) فِي الْفِعْل الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول (الْجُمْهُور أَن فعل الْمَفْعُول مغير) من فعل الْفَاعِل فَهُوَ فرع عَنهُ (وَقَالَ الكوفية والمبرد وَابْن الطراوة أصل) وَنسبه فِي شرح الكافية لسيبويه (للزومه فِي أَفعَال) فَلم ينْطق لَهَا بفاعل كزهي وعني فَلَو كَانَ فرعا للَزِمَ أَلا يُوجد إِلَّا حَيْثُ يُوجد الأَصْل ورد بِأَن الْعَرَب قد تَسْتَغْنِي بالفرع عَن الأَصْل بِدَلِيل أَنه وَردت جموع لَا مُفْرد لَهَا كمذاكير وَنَحْوه وَهِي لَا شكّ ثوان عَن الْمُفْردَات قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الْخلاف لَا يجدي كَبِير فَائِدَة (وَيضم أَوله مُطلقًا) مَاضِيا كَانَ أَو مضارعا (و) يضم (مَعَه ثَانِي ذِي تَاء) مزيدة سَوَاء كَانَت للمطاوعة نَحْو تعلم وتوعد وتدحرج أم لَا نَحْو تكبر وتجبر حذرا من الالتباس

(ويقلب ثالثه) أَي ذِي التَّاء (واوا) لوقوعها بعد ضمة كَمَا فِي توعد (و) يضم مَعَ الأول أَيْضا (ثَالِث ذِي) همز (الْوَصْل) لِئَلَّا يلتبس بِالْأَمر فِي بعض أَحْوَاله نَحْو استخرج واستحلي (وَيكسر مَا قبل الآخر فِي الْمَاضِي) كَمَا تقدم (وَيفتح فِي الْمُضَارع) كيضرب ويتعلم ويستخرج (فَإِن كَانَ) الْمَاضِي (مِثَالا) أَي معتل الْفَاء (بِالْوَاو جَازَ قَلبهَا همزَة) سَوَاء كَانَ مضعفا نَحْو (أد) فِي (ود) أم لَا نَحْو أعد فِي وعد صَحِيح اللَّام كَمَا مثل أم لَا نَحْو أُتِي فِي وقِي (أَو أجوف) أَي معتل الْعين (وأعل فَفِيهِ الْقلب يَاء) لِأَن الأَصْل فِي قَالَ وَبَاعَ مثلا قَول وَبيع استثقلت الكسرة على الْوَاو وَالْيَاء فنقلت إِلَى الْفَاء بعد حذف ضمتها فَسلمت الْيَاء وانقلبت إِلَيْهَا الْوَاو لسكونها بعد كسرة فَصَارَ قيل وَبيع وَالْقلب واوا بِحَذْف حَرَكَة الْعين لِأَن الثّقل إِنَّمَا نَشأ مِنْهَا وإبقاء ضمة الْفَاء فَسلمت الْوَاو وَردت إِلَيْهَا الْيَاء لوقوعها سَاكِنة بعد ضمة نَحْو قَول وبوع قَالَ: 1760 - (لَيْت شَبابًا بُوعَ فاشْترَيْتُ ... ) وَقَالَ: 1761 - (حُوكَتْ على نَوْلَيْن إذْ تُحَاكُ ... ) وَقَالَ: 1762 - (نوط إِلَى صُلبٍ شَدِيد الحمَل ... ) (والإشمام وأفصحها الأولى) وَبهَا ورد الْقُرْآن قَالَ تَعَالَى: (وَقِيلَ يَأَرضَ

ابلَعيِ} و {وَغِيضَ المَاءُ} [هود: 44] (ثمَّ الإشمام) وَبِه قَرَأَ ... وَحَقِيقَته ضم الشفتين مَعَ النُّطْق بحركة الْفَاء بَين حركتي الضَّم وَالْكَسْر ممتزجة مِنْهُمَا (وَشرط) أَبُو عَمْرو (الداني إسماعه و) أَبُو عَمْرو (ابْن الطُّفَيْل عَدمه) أَي عَدمه إسماعه (فَالْمُرَاد) بِهِ عِنْده (الرّوم) لِأَنَّهُ إِشَارَة إِلَى الْحَرَكَة من غير توصيت وَخرج بِقَيْد الإعلال مَا كَانَ معلا وَلم يعل نَحْو (غور) فِي الْمَكَان فَحكمه حكم الصَّحِيح قَالَ ابْن مَالك (وَيتَعَيَّن أَحدهَا) أَي اللُّغَات الثَّلَاث (إِذا أسْند) الْفِعْل (للتاء أَو النُّون وألبس بِغَيْرِهِ) من الأشكال فَفِي بِعْت وَدنت وَخفت يتَعَيَّن غير الْكسر وَفِي لذن وفدن ورعن يتَعَيَّن غير الضَّم لِئَلَّا يلتبس بِفعل الْفَاعِل قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الَّذِي ذكره ابْن مَالك لم يذكرهُ أَصْحَابنَا وَلم يعتبروه بل جوزوا الثَّلَاثَة وَأَن ألبس وَلم يبالوا بالإلباس كَمَا لم يبالوا بِهِ حِين قَالُوا مُخْتَار لاسم الْفَاعِل أَو اسْم الْمَفْعُول والفارق بَينهمَا تقديري لَا لَفْظِي (وتجري اللُّغَات الثَّلَاث وَفِي وزن انفعل وافتعل) من الأجوف المعل نَحْو انقيد واختير وانقود واختور وانقيد واختير بِخِلَاف غَيره وَلَو اعتل نَحْو اعتور

وَحكم الْهمزَة تَابع للعين فتكسر وتضم وتشم كَذَا قَالَ ابْن مَالك وَقَالَ ابْن أبي الرّبيع تضم مُطلقًا لِأَن الْكسر فِي الإشمام عَارض وَقِيَاسًا فِي حَالَة الْكسر على أَمر المخاطبة نَحْو اغزي وَفرق ابْن الضائع بِأَن هَذِه حَالَة عارضة بِخِلَاف اختير وَنَحْوه فَإِن ذَلِك صَار أصلا فِي المعتل مُلْتَزما وَبِأَن الْكسر فِي اغزي للمضير الْمُتَّصِل وَهُوَ معرض للانفصال وَهنا الْأَمر عَارض فِي نفس الْفِعْل لَازم لَهُ لَا لشَيْء مُنْفَصِل (وَأنكر خطاب) أَن يجْرِي فِيهِ (غير الأولى) وَالْتزم الْقلب يَاء (و) أنكر أَبُو الحكم الْحسن (بن عذرة) فِيهِ (الثَّانِيَة) وَأَجَازَ مَعَ الْقلب يَاء الإشمام (وتقلب فِي الْمُضَارع فِي الْجَمِيع ألفا) لِأَن الأَصْل مثلا يَقُول وَيبِيع وينقرد ويختير نقلت حَرَكَة الْوَاو وَالْيَاء من الْعين استثقالا ثمَّ قلبا ألفا لتحركها فِي الأَصْل وانفتاح مَا قبلهمَا الْآن (و) تقلب (لَام) الْمَاضِي (المعتل اللَّام) بِالْألف (يَاء) وَإِن كَانَت منقلبة عَن وَاو نَحْو غزي فِي غزا وهدي فِي هدى (وَأوجب الْجُمْهُور ضم فَاء المضاعف) ثلاثيا كَانَ أَو غَيره نَحْو حب وَاشْتَدَّ قَالَ تَعَالَى: {هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا} [يُوسُف: 65] (وَأَجَازَ قوم الْكسر أَيْضا و) أجَاز (المهاباذي) الإشمام وَبِهِمَا قرئَ فِي (ردَّتْ)

صيغتا التعجب وأفعل التفضيل

(وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا) عِنْد الْإِسْنَاد إِلَى التَّاء وَنَحْوهَا (الإلباس) لحُصُول الفك حِينَئِذٍ فَيظْهر (وَلَا يبْنى) هَذَا الْبناء (فعل جامد وَكَذَا نَاقص من) كَانَ وَكَاد وأخواتهما (على الصَّحِيح وفَاقا للفارسي وَجوزهُ سِيبَوَيْهٍ والسيرافي والكوفيون قَالَ أَبُو حَيَّان وَالَّذِي نختاره مَذْهَب الْفَارِسِي لِأَنَّهُ لم يسمع وَالْقِيَاس يأباه صيغتا التَّعَجُّب وأفعل التَّفْضِيل (مَسْأَلَة) تبني صيغتا التَّعَجُّب وأفعل التَّفْضِيل من فعل ثلاثي مُجَرّد تَامّ مُثبت متصرف قَابل للكثرة غير مَبْنِيّ للْمَفْعُول وَلَا معبر عَن فَاعله بأفعل فعلاء فَلَا يبنيان اخْتِيَارا من اسْم وَلَا من فعل رباعي كدحرج وَلَا ثلاثي مزِيد (أفعل) كَانَ أَو غَيره وَلَا نَاقص ككان وَكَاد وأخواتهما وَعلل بِأَنَّهَا بِمُجَرَّد الزَّمَان وَلَا دلَالَة لَهَا على الحَدِيث فَلَا فَائِدَة فِي التَّعَجُّب بهَا وَلَا منفي لُزُوما نَحْو مَا عاج بالدواء أَو جَوَازًا نَحْو مَا ضرب لِأَن فعل التَّعَجُّب مُثبت فمحال أَن يَبْنِي من منفي وَلَا غير متصرف كنعم وَبئسَ ويدع ويذر لِأَن الْبناء مِنْهُ تصرف وَلَا مَا لَا يقبل الْكَثْرَة والتفاضل كمات وفني وَحدث بِهِ إِذْ لَا مزية فِيهِ لبَعض فاعليه على بعض وَلَا مَبْنِيّ للْمَفْعُول لُزُوما كزهي أَو لَا كضرب لخوف اللّبْس وَلَا مَا فَاعله أَي وَصفه على أفعل كحمر وسود وعور وَعلله الْجُمْهُور بِأَن حق مَا يصاغان مِنْهُ أَن يكون ثلاثيا مَحْضا وأصل هَذَا النَّوْع أَن يكون فعله على أفعل قَالَ ابْن مَالك وأسهل مِنْهُ أَن يُقَال لِأَن بِنَاء وَصفه على أفعل وَلَو بني مِنْهُ أفعل تَفْضِيل لالتبس أَحدهمَا بِالْآخرِ وَإِذا امْتنع صوغ التَّفْضِيل امْتنع صوغ التَّعَجُّب

لتساويهما وزنا وَمعنى وجريانهما مجْرى وَاحِدًا فِي أُمُور كَثِيرَة وَبِهَذَا التَّعْلِيل جزم ابْن الْحَاجِب (وَجوزهُ الْأَخْفَش فِي كل فعل مزِيد) كَأَنَّهُ رَاعى أَصله لِأَن أصل جَمِيع ذَلِك الثلاثي (و) جوزه (قوم من أفعل) فَقَط كأكرم وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك وَنسبه لسيبويه ومحققي أَصْحَابه وَثَالِثهَا وَصَححهُ ابْن عُصْفُور يجوز إِن لم تكن الْهمزَة فِيهِ للنَّقْل وَمن المسموع فِيهِ مَا أتقنه وَمَا أصوبه وَمَا أخطأه وَمَا أيسره وَمَا أعدله وَمَا أسنه وَإِن كَانَت للنَّقْل لم يجز وَإِن سمع فشاذ نَحْو مَا أأتاه للمعروف وَمَا أعطَاهُ للدراهم (و) جوزه (قوم من النَّاقِص) قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي تَقول مَا أكون عبد الله قَائِما وأكون بِعَبْد الله قَائِما (و) جوزه (خطاب) الماردي (وَابْن مَالك من فعل الْمَفْعُول إِذا أَمن اللّبْس نَحْو) مَا أجنه من جن وَمَا أشغله من شغل وَمَا أزهاه من زهي قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ فِي التَّفْضِيل أَكثر مِنْهُ فِي التَّعَجُّب كأزهى من ديك وأشغل من ذَات النحيين وَأشهر من غَيره وأعذر وألوم وَأعرف وَأنكر وأخوف وأرجى قَالَ كَعْب: 1763 - (فَلَهْو أخْوَف عِندي ... )

(و) جوزه (الْكسَائي وَهِشَام والأخفش من العاهات) نَحْو مَا أعوره (وَزَادا) أَي الْكسَائي وَهِشَام (والألوان) أَيْضا نَحْو مَا أحمره وَمنع ذَلِك الْأَخْفَش كَسَائِر الْبَصرِيين (وَثَالِثهَا) قَالَه بعض الْكُوفِيّين يجوز (من السوَاد وَالْبَيَاض فَقَط) دون سَائِر الألوان (وَقد يُغني مَعَ اسْتِيفَاء الشُّرُوط) فِي فعل عَن صوغ التَّعَجُّب والتفضيل مِنْهُ (فعل آخر) يصاغ مِنْهُ نَحْو قَالَ من الْمُقَابلَة لَا يُقَال مِنْهُ مَا أقيله اسْتغْنَاء بِمَا أَكثر قائليه وَمَا أنومه فِي سَاعَة كَذَا كَمَا استغنوا بتركت عَن ودعت قَالَ ابْن عُصْفُور وَغَيره وَمن الْأَفْعَال الَّتِي اسْتغنى عَن الصوغ فِيهَا قَامَ وَقعد وَجلسَ وَغَضب وشكر اسْتغْنَاء بِمَا أحسن قِيَامه وَنَحْوه وَقَالَ ابْن الْحَاج بل لِأَنَّهَا لَا يتَصَوَّر فِيهَا المفاضلة فَلَا يرجع قيام على قيام فِيمَا يدل عَلَيْهِ لفظ قيام وَكَذَا الْقعُود وَالْجُلُوس (وَمَا فقد) الشوط (توصل إِلَيْهِ بجائز) يصاغ مِنْهُ (وَنصب مصدر التَّعَجُّب من بعده) مَفْعُولا فِي (مَا أفعل) وتمييزا فِي (أفعل من) (أَو جر بِالْبَاء) فِي (أفعل) نَحْو مَا أَشد دحرجته وحمرته وَكَونه مُسْتَقْبلا وأشدد بذلك وَهُوَ أَشد احمرارا من الدَّم ويؤتي بمصدر الْمَنْفِيّ والمبني للْمَفْعُول غير صَرِيح إبْقَاء للفظهما نَحْو مَا أَكثر أَلا تقوم وَأَن يضْرب فَإِن أَمن اللّبْس جَازَ كَونه صَرِيحًا نَحْو مَا أسْرع نِفَاس هِنْد وَمَا لَا مصدر لَهُ مَشْهُورا أُتِي بِهِ صلَة ل (مَا) نَحْو مَا أَكثر مَا يذر زيد الشَّرّ وَأكْثر مَا يذر وَلَا يفعل ذَلِك بالجامد إِذْ لَا مصدر لَهُ وَلَا بِمَا لَا يقبل الْكَثْرَة فِيمَا ذكره ابْن هِشَام

وَمثل غَيره بِمَا أفجع مَوته وأفجع بِمَوْتِهِ وَلَا بِمَا يلْزمه النَّفْي أَو النَّهْي من بَاب كَانَ وَأَجَازَ ابْن السراج مَا أحسن مَا لَيْسَ يذكرك زيد وَلَا مَا يزَال يذكرنَا وَلَا تحذف همزَة أفعل (وشذ حذف همزَة خير وَشر فِي التَّعَجُّب) سمع مَا خير اللَّبن للصحيح وَمَا شَره للمبطون وَالْأَصْل مَا أخيره وَمَا أشره فَلَمَّا حذفت الْهمزَة نقلت حَرَكَة الْيَاء إِلَى الْخَاء وَلم يحْتَج إِلَى ذَلِك فِي (شَرّ) وَبَعْضهمْ يحذف ألف (مَا) لالتقاء الساكنين فَيُقَال (مخيره ومحسنه ومخبثه) (وَكثر) حذفهَا مِنْهُمَا (فِي التَّفْضِيل) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال نَحْو هُوَ خير من فلَان وَشر مِنْهُ وندر إِثْبَاتهَا فيهمَا فِي قَوْله: 1764 - (بلالُ خَيْرُ النَّاس وابنُ الأخيَر ... ) وَقِرَاءَة أبي قلَابَة {من الْكذَّاب الأشر} [الْقَمَر: 26] كَمَا ندر الْحَذف من غَيرهمَا كَقَوْلِه: 1765 - (وحَبُّ شيْء إِلَى الإنسَان مَا مُنِعَا ... )

(وَمَا ورد بِخِلَاف ذَلِك فشاذ مسموع) لَا يُقَال عَلَيْهِ (فأقمن بِهِ) من قَوْلهم هُوَ قمن بِكَذَا أَي حقيق صِيغ من اسْم وَكَذَا قَوْلهم مَا أَذْرع فُلَانَة من امْرَأَة ذِرَاع أَي خَفِيفَة الْيَد فِي الْغَزل كَذَا قَالَ ابْن مَالك لَكِن حكى ابْن القطاع ذرعت الْمَرْأَة (وَمَا أخصره) من اختصر فَهُوَ من غير الثلاثي الْمُجَرّد من مَبْنِيّ للْمَفْعُول (و) مَا (أعساه) وأعس بِهِ من عَسى وَهُوَ جامد (و) مَا (أزهاه) من زهي وَهُوَ مَبْنِيّ للْمَفْعُول (و) هِيَ (أسود من القار) كَذَا فِي حَدِيث صفة جَهَنَّم من سود فَهُوَ أسود وسوداء وَفِي صفة الْحَوْض مَاؤُهُ أَبيض من اللَّبن (وأشغل من ذَات النحيين) من شغل وَهِي مَبْنِيّ للْمَفْعُول (قَالَ أَبُو حَيَّان) وشذ أَيْضا (قَوْلهم مَا أعظم الله وَمَا أقدره) فِي قَوْله: 1766 - (مَا أقْدَر اللهَ أَن يُدْني على شَحَطٍ ... ) لعدم قبُول صِفَات الله الْكَثْرَة

(وَالْمُخْتَار وفَاقا للسبكي وَجَمَاعَة) كَابْن السراج وَأبي البركات بن الْأَنْبَارِي والصيمري (جَوَازه) وَالْمعْنَى فِي مَا أعظم الله أَنه فِي غَايَة العظمة وَمعنى التَّعَجُّب فِيهِ أَنه لَا يُنكر لِأَنَّهُ مِمَّا تحار فِيهِ الْعُقُول وإعظامه تَعَالَى وتعظيمه الثَّنَاء عَلَيْهِ بالعظمة واعتقادها وَكِلَاهُمَا حَاصِل والموجب لَهما أَمر عَظِيم وَالدَّلِيل على جَوَاز إِطْلَاق صِيغَة التَّعَجُّب والتفضيل فِي صِفَاته تَعَالَى لقَوْله {أسمع بهم وَأبْصر} [مَرْيَم: 38] أَي مَا أسمعهُ وَمَا أبصره (و) قَول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِيمَا رَوَاهُ ابْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة عَنهُ (أَي رب (مَا أحلمك) أَي يَا رب مَا أحلمك) وَقَوله : (لله أرْحم بِالْمُؤمنِ من هَذِه بِوَلَدِهَا) وَقَوله لأبي مَسْعُود وَقد حزب رب مَمْلُوكه: (لله (أقدر عَلَيْك) مِنْك عَلَيْهِ) // رَوَاهُ مُسلم // فَهَذِهِ شَوَاهِد صَحِيحَة لم يذكر السُّبْكِيّ مِنْهَا إِلَّا اثر أبي بكر وَعَجِبت كَيفَ لم يذكر هذَيْن الْحَدِيثين الْمَشْهُورين والعذر لَهُ أَنه تكلم على التَّعَجُّب وهما فِي التَّفْضِيل

بناء المصدر أي هذا مبحثه

بِنَاء الْمصدر أَي هَذَا مبحثه فعل (يطرد لفعل) بِالْفَتْح (وَفعل) بِالْكَسْرِ حَال كَونهمَا (متعديين (فعل)) بِالْفَتْح والسكون صَحِيحا كَانَ كضرب ضربا وَجَهل جهلا أَو مُعْتَلًّا كوعد وَعدا وَبَاعَ بيعا وَقَالَ قولا وَرمى رميا وغزا غزوا ووطئ وطئا وَخَافَ خوفًا وفني فنيا أَو مضاعفا كرد ردا ومست مسا أَو مهموزا ورئمت الدَّابَّة وَلَدهَا رأما أحبته (وَشرط ابْن مَالك لفعل) المكسور (أَن يفهم عملا بالفم) كلقم لقما وَشرب شربا وبلع بلعا (وَمنع ابْن جودي قياسهما) أَي مصدر فعل فَقَالَ لَا تدْرك مصَادر الْفِعْل الثلاثي إِلَّا بِالسَّمَاعِ فَلَا يُقَاس على فعل وَلَو عدم السماع فعل (و) يطرد (لفعل) بِالْكَسْرِ (لَازِما فعل) بِفتْحَتَيْنِ صَحِيحا كَانَ كفرح فَرحا أَو مُعْتَلًّا كجوي جوى ووجل وجلا وعور عورا وردي ردى أَو مضاعفا كشل شللا (إِلَّا فِي الألوان والعيوب ففعلة) بِالضَّمِّ مصدره المطرد كسمر سَمُرَة وحمر حمرَة وأدم أدمة

فعول

فعول (ولفعل) بِالْفَتْح (لَازِما فعول) بِضَم الْفَاء سَوَاء كَانَ صَحِيحا كركع رُكُوعًا وَخرج خُرُوجًا أَو مُعْتَلًّا كوقف وقوفا وَغَابَتْ الشَّمْس غيوبا ودنى دنوا وَمضى مضيا أم مضاعفا كمر مرورا فعال وفعيل (فَإِن كَانَ لعِلَّة ففعال) كسعل سعالا وعطس عطاسا (أَو سير ففعيل) كرحل رحيلا (ويكونان) أَي فعال وفعيل (للصوت) كصرخ صراخا وصهل صهيلا (وَيخْتَص فعال بالمنقوص) كرغا رُغَاء فَلَا يَتَأَتَّى على فعيل (وَغلب فعيل فِي المضعف فعلان وللتغلب وَالِاضْطِرَاب (فعلان) بِفَتْح الْفَاء وَالْعين كخفق خفقانا وجال جولانا فعال (والإباء) أَي الِامْتِنَاع (فعال) بِكَسْر الْفَاء كنفر نفارا وجمح جماحا فعالة (وللحرفة وَالْولَايَة فعالة) بِالْكَسْرِ ككتبت كِتَابَة وخاط خياطَة وَولي ولَايَة ونقب نقابة فعولة (ولفعل) بِضَم الْفَاء كصعب صعوبة وَسَهل سهولة (وفعالة بِالْفَتْح) كنصح نصاحة وجزل جزالة (وَقيل فعل)

إفعال

إفعال (ولأفعل إفعال) سَوَاء كَانَ صَحِيحا أم مُعْتَلًّا أم مضاعفا مُتَعَدِّيا أم لَازِما كأكرم إِكْرَاما وأمسي إمساء وَأجل إجلالا وَأعْطى إِعْطَاء استفعال (واستفعل استفعال) كاستخرج استخراجا تفعيل تفعلة (ولفعل تفعيل وتفعلة) ككرم تكريما وتكرمة وهنأ تهنيئا وتهنئة (وتخص) تفعلة (بالمعتل) فَلَا يرد فِيهِ التَّفْصِيل كزكى تَزْكِيَة فعللة (ولفعلل فعللة) كدحرج دحرجة فعلال وفعلال (وفعلال) بِالْكَسْرِ كسرهف سرهافا (وَالأَصَح أَنه سَماع) لَا قِيَاس فَإِن كَانَ مضاعفا كزلزال ففعلال بِالْفَتْح لَهُم مطرد كزلزال فعال ومفاعلة (ولفاعل فعال ومفاعلة) كقاتل قتالا ومقاتلة (وَيلْزم) مفاعلة (فِيمَا فاؤه يَاء) كياسر مياسرة وندر فِي فعال كياوم يواما (و) الْمصدر المطرد (لما أَوله تَاء) وَهُوَ تفعلل وتفاعل وَتفعل وملحقاتها (وَزنه بِضَم رابعه) وَهُوَ الْعين نَحْو تدحرج تدحرجا وتقاتل تقاتلا وتوانى توانيا

اسم المرة والهيئة

وتكرم تكرما وَفِي الملحقات تسربل وتمسكن (فَإِن اعتل خامسه فبكسره) نَحْو تجعبى تجعبيا وتقلسي تقلسيا (و) الْمصدر المطرد (لذِي الْهمزَة وَزنه مَعَ كسر ثالثه) وَزِيَادَة (ألف قبل الآخر) كاجتمع اجتماعا وَانْقطع انْقِطَاعًا واستخرج استخراجا وَاطْمَأَنَّ اطمئنانا واحرنجم احرنجاما واجلوذ اجلواذا واعشوشب اعشيشابا واحمر احمرارا واحمار احميرارا (وَمَا عدا ذَلِك مسموع كشكران) مصدر شكر (وَذَهَاب) مصدر ذهب (وبهجة) مصدر بهج (وشبع) مصدر شبع (وَكَذَّاب) مصدر كذب (وتملاق) مصدر تملق (وَجَاء) الْمصدر على (مفعول قَلِيلا) كميسور ومعسور ومعقول ومفتون ومجلود (و) على (فاعلة أقل) كباقية وعافية (وَزعم بَعضهم قِيَاس التفعال و) قَالَ (الْفراء هُوَ من التفعيل و) زعم (قوم قِيَاس فعيلي) 3 - اسْم الْمرة والهيئة (مَسْأَلَة) (يدل على الْمرة من الثلاثي العاري من تَاء بفعلة) بِفَتْح الْفَاء سَوَاء كَانَ مصدره على فعل كَضَرْبَة أَو لَا كخرجة من خُرُوج لِأَن الْمصدر الْمُطلق بِمَنْزِلَة اسْم الْجِنْس فَكَمَا فرق بَينه وَبَين واحده بِالتَّاءِ كَذَلِك الْمصدر (و) على (الْهَيْئَة) أَي الثلاثي العاري من التَّاء (بفعلة) بِالْكَسْرِ كجلسة (وَلَا تكون) الْهَيْئَة (من غَيره) أَي غير الثلاثي وَهُوَ الرباعي والمزيد (غَالِبا) وشذ حسن الْعمة من اعتم والخمرة من اختمر والقمصة من تقمص والنقبة من تنقب (والمرة مِنْهُ) أَي من غير الثلاثي العاري من التَّاء أَيْضا (بِالتَّاءِ) بِأَن تلْحق فِي مصدره نَحْو انطلاقه وَمَا فِيهِ التَّاء فِي الصُّور الثَّلَاث يدل على الْمرة والهيئة مِنْهُ بِالْوَصْفِ كرحمة وَاحِدَة واستعانة وَاحِدَة ونشدة عَظِيمَة

اسم المصدر والزمان والمكان من الثلاثي

ثمَّ إِنَّمَا تلْحق التَّاء الْأَبْنِيَة المقيسة دون السماعية فَإِن كَانَ لَهُ بناءان مقيسان أَو مسجوعان لحقت الْأَغْلَب فِي الِاسْتِعْمَال نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَغَيره قَالَ ابْن هِشَام وَيظْهر لي أَن نَحْو كدرة مِمَّا فِيهِ تَاء وَلَيْسَ على فعلة وَلَا فعلة يجوز أَن يرجع بِهِ إِلَى فعلة وفعلة للدلالة على الْمرة والهيئة وَلَا تحْتَاج إِلَى الصّفة إِذْ لَا إلباس 3 - اسْم الْمصدر وَالزَّمَان وَالْمَكَان من الثلاثي (مَسْأَلَة) (يصاغ من الثلاثي مفعل) بِفَتْح الْمِيم وَالْعين (قِيَاسا مصدر وزمان وَمَكَان إِن اعتلت لامه مُطلقًا) سَوَاء كَانَ مَفْتُوح الْعين فِي الْمُضَارع أم مكسورها أم مضمومها مِثَالا أم لَا كمرعى ومرمى ومدعى وموعى (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ صَحِيح اللَّام (فتكسر الْعين إِن كَانَ مِثَالا بِالْوَاو) كموعد ومورد وموقف لِأَن الْوَاو بَين الفتحة والكسرة أخف مِنْهَا بَينهَا وَبَين الفتحة فَإِن كَانَ مِثَالا بِالْيَاءِ فبالفتح كميسر وتكسر الْعين أَيْضا فِي غير الْمصدر أَي فِي الزَّمَان وَالْمَكَان (إِن كَانَ من يفعل بِالْكَسْرِ) غير مِثَال مَنْقُوص وَلَا مَنْقُوص لِأَنَّهُمَا يبنيان على الْمُضَارع لتوافق حَرَكَة عينهما حَرَكَة عينه لكَونهَا شقَّتْ مِنْهُ كمضرب بِخِلَاف الْمصدر فَإِنَّهُ بِالْفَتْح كمضرب وَبِخِلَاف الثَّلَاثَة من يفعل أَو يفعل فَإِنَّهَا بِالْفَتْح أَيْضا كمشرب ومقتل وَمَا عينه يَاء كَغَيْرِهِ أَو مُخَيّر أَو مسموع أَقْوَال 3 - من غير الثلاثي (ويصاغ من غَيره) أَي الثلاثي (للثَّلَاثَة لفظ الْمَفْعُول) فِي الْمُسْتَعْمل مصدرا {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} [هود: 41] أَي إجراؤها وإرساؤها {ومزقناهم كل ممزق} [سبأ: 19] {إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المستقر} [الْقِيَامَة: 12] أَي الِاسْتِقْرَار (وَمَا عدا ذَلِك مسموع) لَا يُقَاس عَلَيْهِ كالمشرق والمطلع وَالْمغْرب والمرفق والمجزر والمحشر والمسقط والمنبت والمسكن والمنسك وَالْمَسْجِد

بناء الآلة

بِالْكَسْرِ وَالْقِيَاس فتحهَا 3 - بِنَاء الْآلَة (مَسْأَلَة) (بِنَاء الْآلَة) مطرد (على مفعل) بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْعين (ومفعال ومفعلة) كَذَلِك كمشفر ومجدح ومفتاح ومنقاش ومكسحة (والمفعل) بِضَمَّتَيْنِ (والمفعل) بِفتْحَتَيْنِ (والمفعال) بِالْكَسْرِ (يحفظ) وَلَا يقاسم عَلَيْهِ كمخل ومسعط ومدهن و (إراث) آلَة تأريث النَّار أَي إضرامها ومسراد مَا يسْرد بِهِ أَي يخرز (وَكثر مفعل) بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْعين (للمكان) كمطبخ لمَكَان الطَّبْخ ومرفق لبيت الْخَلَاء 3 - بِنَاء الصِّفَات أَي هَذَا مَبْحَث أبنية اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالصّفة المشبهة وأمثلة الْمُبَالغَة 3 - اسْم الْفَاعِل وَالْمَفْعُول (ويطرد فِي اسْمِي الْفَاعِل وَالْمَفْعُول من غير الثلاثي زنة الْمُضَارع بإبدال أَوله ميما مَضْمُومَة وَكسر متلو الآخر) أَي مَا قبله (فِي الْفَاعِل وفتحه فِي الْمَفْعُول) كمكرم ومكرم ومستخرج ومستخرج (وَمِنْه) أَي الثلاثي (زنة فَاعل) فِي الْفَاعِل كضارب وعالم (و) زنة (مفعول) فِي الْمَفْعُول كمضروب (لَكِن صفة) فعل المكسور الْعين (اللَّازِم فِي الْأَعْرَاض فعل) بِالْكَسْرِ كفرح فَهُوَ فَرح (و) فِي (الألوان والعاهات أفعل) كأحمر واسود وأعور وأجهر (و) فِي الامتلاء وضده فعلان كشبعان وريان وصديان وعطشان (وَصفَة فعل المضموم) وَلَا يكون إِلَّا لَازِما فعل كضخم (وفعيل) كجميل (وَهَذِه) الأوزان هِيَ الصّفة (المشبهة)

الصفة المشبهة

الصّفة المشبهة (وَلَا تبنى مَعَ مُتَعَدٍّ) بل من لَازم (وَقل فِيهَا) وزن اسْم (الْفَاعِل) نَحْو طَاهِر الْقلب ومنطلق اللِّسَان ومنسبط الْوَجْه (خلافًا لمن منع مجاراتها الْمُضَارع) وَهُوَ الزَّمَخْشَرِيّ وَابْن الْحَاجِب قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا الْتِفَات إِلَيْهِ لاتفاقهم على أَن ضامر الكشح وساهم الْوَجْه وخامل الذّكر وَحَائِل اللَّوْن وَظَاهر الْفَاقَة وطاهر الْعرض ومطمئن الْقلب صِفَات مشبهة وَهِي مجارية لَهُ قيل وَلقَائِل أَن يَقُول إِن هَذَا الصِّيَغ وَنَحْوهَا أَسمَاء فاعلين قصد بهَا الثُّبُوت فعوملت مُعَاملَة الصّفة المشبهة لَا أَنَّهَا صِفَات مشبهة (وَورد الْفَاعِل) بِغَيْر قِيَاس من فعل المفتوح (على فعيل) كعف فَهُوَ عفيف وخف فَهُوَ خَفِيف (و) على (فعول وفيعل) نَحْو مَاتَ فَهُوَ ميت وساد فَهُوَ سيد (وفعال) نَحْو جاد فَهُوَ جواد (وَغَيرهَا) كفعلان نَحْو نعسان وفيعلان كبيحان من باح وفوعل كخوتع من ختع (و) ورد (الْمَفْعُول على فعل) بِفتْحَتَيْنِ كقبض بِمَعْنى مَقْبُوض (و) على (فعل) بِالْكَسْرِ والسكون كذبح بِمَعْنى مَذْبُوح (و) على (فعيل) كقتيل وصريع وجريح (وقاسه) أَي فعيلا (بَعضهم فِيمَا لَيْسَ لَهُ فعيل بِمَعْنى فَاعل) نَقله فِي التسهيل وَلم يستحضره ابْنه فَقَالَ فِي شرح الألفية فعيل بِمَعْنى مفعول كثير وعَلى كثرته لم يقس عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع وغره كَلَام أَبِيه فِي شرح الكافية حَيْثُ قَالَ وكل ذَلِك مَحْفُوظ لَا يُقَاس عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع فَظن أَنه عَائِد إِلَى الأوزان الثَّلَاثَة وَإِنَّمَا هُوَ خَاص بِفعل وَفعل لِأَنَّهُ فصلهما بعد أَن ذكر أَن مَجِيء فعيل كثير وَأَنه لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَلم يدع فِي ذَلِك اجماعاً وَلَا خلافًا والقيد الْمَذْكُور للْقِيَاس نبه عَلَيْهِ أَبُو حَيَّان وَلَا بُد مِنْهُ فَإِن مَا لَهُ فعيل بِمَعْنى فَاعل كعليم وحفيظ وقدير لَا يجوز اسْتِعْمَاله فِي الْمَفْعُول وفَاقا لِئَلَّا يلبس قَالَ وَيَنْبَغِي أَيْضا أَن يُقيد بِكَوْنِهِ من فعل ثلاثي مُجَرّد وتام متصرف لِأَن مَا

أمثلة المبالغة

وجد عَن الْعَرَب مصوغا كَذَلِك إِنَّمَا هُوَ مصوغ مِمَّا ذَكرْنَاهُ (و) وَردت (صفة فعل) المكسور على (فعل) بِضَمَّتَيْنِ (وفعيل وَفعل) بِالضَّمِّ والسكون (و) وَردت صفة (فعل) المضموم (على فعل) بِالْفَتْح وَالْكَسْر كحصر فَهُوَ حصر (وفعول) كحصور (وفعال) كجبان (وفعال) بِالضَّمِّ كشجاع (وَغَيرهَا) كأشجع وصرعان وَحسن وعفر وغمر ووضاء (وَإِذا بنيت صفة من مَفْتُوح الْعين ومضمومها بني على الْفَتْح وأمثلة الْمُبَالغَة تبنى من ثلاثي مُجَرّد غَالِبا أَمْثِلَة الْمُبَالغَة وشذ بناؤها من أفعل كدراك من أدوك ومعطاء من أعْطى ونذير وأليم من أنذر وآلم وزهوق من أزهق التَّأْنِيث أَي هَذَا مبحثه (هُوَ فرع التَّذْكِير) لِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْأَسْمَاء إِذْ مَا من شَيْء يذكر أَو يؤنث إِلَّا وَيُطلق عَلَيْهِ (شَيْء) وَشَيْء مُذَكّر فِي لغاتهم (وَمن ثمَّ) أَي من هُنَا وَهُوَ كَون التَّأْنِيث فرعا أَي من أجل ذَلِك (احْتَاجَ إِلَى عَلامَة) لِأَن الْأَشْيَاء الأول تكون مُفْردَة لَا تركيب فِيهَا والثواني تحْتَاج إِلَى مَا يميزها من الأول وَيدل على مثنويتها بِدَلِيل احْتِيَاج التَّعْرِيف إِلَى عَلامَة لِأَنَّهُ فرع التنكير واحتياج النَّفْي وَشبهه إِلَيْهَا لِأَنَّهَا فروع الْإِيجَاب (وَهِي) أَي عَلامَة التَّأْنِيث (ألف مَقْصُورَة وممدودة قَالَ البصرية وَهِي) أَي الممدودة (فرع) عَن الْمَقْصُورَة أبدلت مِنْهَا همزَة لأَنهم لما أَرَادوا أَن يؤنثوا بهَا مَا فِيهِ ألف لم يُمكن اجْتِمَاعهمَا لتماثلهما والتقائهما ساكنين فأبدلت المتطرفة للدلالة على التَّأْنِيث همزَة لتقاربهما وخصت المتطرفة لِأَنَّهَا فِي مَحل التَّغَيُّر وَيدل لذَلِك سُقُوطهَا فِي الْجمع كصحارى وَلَو لم تكن مبدلة لم تحذف كَمَا لم تحذف فِي جمع قرى قَالَ الكوفية بل هِيَ أصل أَيْضا (وتاء) وَهِي أَكثر وَأظْهر دلَالَة

(وَقد تقدر) التَّاء فِي أَسمَاء (فتعرف بالضمير) يعود إِلَيْهَا نَحْو الْكَتف أكلتها (وَالْإِشَارَة) كهذه جَهَنَّم (وَالرَّدّ فِي التصغير) كهنيدة (وَالْخَبَر وَالْحَال والنعت) نَحْو الْكَتف المشوية أَو مشوية لذيذة (وَالْعدَد) أَي سُقُوطهَا مِنْهُ نَحْو ثَلَاث هنود (وَالْغَالِب) فِي التَّاء) أَن يفصل بهَا وصف الْمُؤَنَّث من الْمُذكر) كضارب وقائمة وحسنة وصعبة (وَقلت) للفصل (فِي الجوامد) كامرئ وَامْرَأَة وَرجل ورجلة وَغُلَام وغلامة وإنسان وإنسانة وحمار وحمارة وَأسد وأسدة وبرذون وبرذونة وَهَذَا النَّوْع لَا ينقاس (وَجَاءَت لتمييز الْوَاحِد من الْجِنْس كثيرا) كتمر وَتَمْرَة وبقر وبقرة (ولعكسه قَلِيلا) ككمء للْوَاحِد وكمأة للْجمع (وللمبالغة) كراوية (وتأكيدها) أَي الْمُبَالغَة كعلامة (وتأكيد التَّأْنِيث) كنعجة وناقة (أَو) تَأْكِيد (الْجمع) كحجارة وفحولة (أَو) تَأْكِيد (الْوحدَة) كظلمة وغرفة (والتعريب) أَي الدّلَالَة على أَنه عجمي عرب ككيالجة جمع كيلج مكيال وموازجة جمع موزج الْخُف (وَالنّسب) أَي الدّلَالَة عَلَيْهِ نَحْو المهالبة والأشاعثة والأزارقة فِي النّسَب إِلَى الْمُهلب والأشعث والأزرق أَي الْأَشْخَاص المنسوبون إِلَى مَا ذكر دلّت على أَنه جمع بطرِيق نسب لَا جمع بطرِيق الِاسْم كَسَائِر الجموع وَعبر بَعضهم عَن ذَلِك بِأَنَّهَا عوض من يائه (و) تكون (عوضا) من فَاء كعدة أَو عين كإقامة أَو لَام كلغة أَو مُدَّة تفعيل كتزكية (وَغير ذَلِك) قَالَ أَبُو حَيَّان كالنسب والعجمة مَعًا نَحْو سيابحة وبرابرة وَمَعْنَاهُ السبيحيون والبربريون لَا تجْعَل التَّاء فِيهِ لأحد الْمَعْنيين لِأَنَّهُ لَيْسَ أولى بهَا من الآخر وكالفرق بَين الْوَاحِد وَالْجمع نَحْو بغال وبغالة وحمار وحمارة وبصري وبصرية وكوفي وكوفية قَالَ وَلَا يدْخل هَذَا تَحت تَمْيِيز الْوَاحِد من الْجِنْس لِأَن هَذَا من الصِّفَات لَا من الْأَجْنَاس (وَالْغَالِب أَلا تلْحق الْوَصْف الْخَاص بالمؤنث) كحائض وَطَالِق وطامث

ومرضع لعدم الْحَاجة إِلَيْهَا بأمن اللّبْس وَلِأَنَّهَا فِي الأَصْل وصف مُذَكّر كَأَنَّهُ قيل شخص حَائِض وَطَالِق وَلِأَنَّهَا تُؤدِّي معنى السَّبَب أَي ذَات حيض وَذَات طَلَاق علل بِالْأولِ الْكسَائي وَبِالثَّانِي سِيبَوَيْهٍ وبالثالث الْخَلِيل (و) الْغَالِب أَن (لَا) تلْحق (صفة على مفعال) بِكَسْر كمذكار وميقات ومعطار وشذ ميقانة بِمَعْنى موقنة (أَو مفعل) بِالْكَسْرِ وَفتح الْعين كمغشم (أَو مفعيل) كمعطير وشذ مسكينة) (أَو فعول لفاعل) كصبور وشكور وضروب وشذ عدوة بِخِلَافِهِ بِمَعْنى مفعول كأكولة يعْنى مأكولة ورغوثة بِمَعْنى مرغوثة أَي مرضوعة (أَو فعيل لمفعول) كجريح وقتيل (مَا) دَامَ (لم يحذف مَوْصُوفَة) فَإِن حذف لحقته نَحْو رَأَيْت قتيلة بني فلَان لِئَلَّا يلبس وَكَذَا إِذا جرد عَن الوصفية نَحْو ذَبِيحَة ونطيحة وَكَذَا فعيل بِمَعْنى فَاعل كمريضة وظريفة وَشَرِيفَةٌ وشذ امْرَأَة صديق (وَقد يذكر الْمُؤَنَّث وَبِالْعَكْسِ) حملا على الْمَعْنى نَحْو (ثَلَاثَة أنفس) من قَوْله: 1767 - (ثَلَاثَة أنفُس وَثَلَاث ذودٍ ... ) ألحق التَّاء فِي عدده حملا على الْأَشْخَاص وَسمع جَاءَتْهُ كتابي فاحتقرها أنث الْكتاب حملا على الصَّحِيفَة (وَمِنْه) أَي من تَأْنِيث الْمُذكر حملا على الْمَعْنى (تَأْنِيث الْمخبر عَنهُ لتأنيث الْخَبَر) كَقَوْلِه تَعَالَى: {ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا} [الْأَنْعَام: 23] أنث الْمصدر المنسبك بِأَن وَالْفِعْل وَهُوَ اسْم تكن وَهُوَ الْمخبر عَنهُ لتأنيث الْخَبَر وَهُوَ (فتنتهم) وَقَوله: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِي إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلاَّ أَن

تَكُونَ مَيتَةً} [الْأَنْعَام: 145] أنث تكون واسمهما ضمير مذكرعائد على الْمحرم لتأنيث خَبره وَهُوَ ميته نعم جَازَ فِي ضمير مُذَكّر ومؤنث توسطهما) (مَسْأَلَة) تحلق آخر الْمَاضِي تَاء سَاكِنة حرفا (وَقَالَ الجلولي اسْما) مَا بعْدهَا بَدَلا مِنْهَا أَو مُبْتَدأ خَبره الْجُمْلَة قبله وَلم تلْحق آخر الْمُضَارع اسْتغْنَاء بتاء المضارعة وَلَا الْأَمر اسْتغْنَاء بِالْيَاءِ ولحوقها لآخر الْمَاضِي (إِذا أسْند لمؤنث) دلَالَة على تَأْنِيث فَاعله (وجوبا إِن كَانَ ضميرا مُطلقًا) أَي لحقيقي أَو مجازي نَحْو هِنْد قَامَت وَالشَّمْس طلعت (أَو ظَاهرا حَقِيقِيًّا) وَهُوَ مَا لَهُ فرج من الْحَيَوَان نَحْو قَامَت هِنْد (وَتركهَا) مِمَّا ذكر (ضَرُورَة على الْأَصَح) كَقَوْلِه:

1768 - (وَلَا أرْضَ أبقل إبْقالَها ... ) وَقَوله: 1769 - (تمنى ابنتايَ أَن يعِيش أُبُوهُما ... ) وَقَالَ ابْن كيسَان يُقَال عَلَيْهِ لِأَن سِيبَوَيْهٍ حكى قَالَ فُلَانَة (وَثَالِثهَا) قَالَ الْكُوفِيُّونَ (يجوز) الْقيَاس (فِي الْجمع) بِالْألف وَالتَّاء دون الْمُفْرد فَيُقَال قَامَ الهندات قِيَاسا على جمع التكسير (وراجحا إِن كَانَ) ظَاهرا (مجازيا) نَحْو طلعت الشَّمْس وَمن تَركه: {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} [الْقِيَامَة: 9] {فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ} [النَّمْل: 51] (أَو) حَقِيقِيًّا (مَفْصُولًا بِغَيْر إِلَّا) نَحْو قَامَت الْيَوْم هِنْد وَمن تَركه ( {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات} [الممتحنة: 10] 1770 - (إِن امْرأ غره مِنكن واحِدَة ... )

(ومساويا إِن كَانَ جمع تكسير أَو اسْم جمع مُطلقًا) أَي لمذكر أَو لمؤنث نَحْو قَامَت الزيود و (قَامَ الزيود) و {قَالَت الْأَعْرَاب} [الحجرات: 14] {وَقَالَ نسْوَة} [يُوسُف: 30] أَو (جمعا بِالْألف وَالتَّاء لمذكر) نَحْو جَاءَت الطلحات وَجَاء الطلحات بخلافة لمؤنث فَإِن التَّاء وَاجِبَة فِيهِ لِسَلَامَةِ نظم وَاحِدَة نَحْو الهندات إِلَّا على لُغَة قَالَ فُلَانَة (أَو اسْم جنس لمؤنث) نَحْو كثرت النَّحْل وَكثر النَّحْل (وَمِنْه نعم وَبئسَ) نَحْو نعمت الْمَرْأَة فُلَانَة وَنعم الْمَرْأَة لِأَن الْمَقْصُود فِيهِ الْجِنْس على سَبِيل الْمُبَالغَة فِي الْمَدْح أَو الذَّم وَكَذَا نعمت جَارِيَة هِنْد وَنعم جَارِيَة هِنْد (فَإِن كَانَ فاعلهما مذكرا كني بِهِ عَن مؤنث جَازَ لحاقها وَالتّرْك أَجود) نَحْو هَذِه الدَّار نعم الْبَلَد ونعمت الْبَلَد وَفِي عَكسه الْإِثْبَات أَجود نَحْو هَذَا الْبَلَد نعمت الدَّار وَنعم الدَّار (ومرجوحا إِن فصل بإلا) نَحْو 1771 - (مَا برئَتْ من رِيبَة وذَمِّ ... فِي حربنا إِلَّا بَنَات العَمِّ (وَقيل ضَرُورَة) لَا يجوز فِي النثر ورد بِقِرَاءَة {إِن كَانَت إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة} [يس: 29] بِالرَّفْع (وجوزها الكوفية فِي جمع الْمُذكر السَّالِم) كجمع التكسير فَيُقَال قَامَت الزيدون

أوزان ألف التأنيث المقصورة

والبصرية منعُوا ذَلِك لعدم وُرُوده وَلِأَن سَلامَة نظمه تدل على التَّذْكِير وَأما البنون فَإِن نظم وَاحِدَة متغير فَجرى مجْرى التكسير كالأبناء (وَالتَّاء فِي) أول (الْمُضَارع كالماضي خلافًا وَحكما) فَيجب فِي تقوم هِنْد وَهِنْد تقوم وَالشَّمْس تطلع وترجح فِي تطلع الشَّمْس وتهب الرّيح ويرجح فِي مَا تهب الرّيح إِلَّا فِي كَذَا وَمن ألحاقها مَا قرئَ {فَأَصبَحُوا لاَ تَرَى إِلاَّ مَسَاكِنَهُمْ} [الْأَحْقَاف: 25] (فَإِن أخبر بِهِ عَن ضمير غيبَة لمؤنث) نَحْو الهندان هما يفْعَلَانِ (فألزم ابْن أبي الْعَافِيَة التَّاء) حملا على الْمَعْنى (وَصَححهُ أَبُو حَيَّان وَخَالف ابْن الباذش) فجوز التَّاء حملا على لَفْظهمَا وَذكر أَنه قَالَه قِيَاسا وَلم نعلم فِي الْمَسْأَلَة سَمَاعا من الْعَرَب وَلَا نعتا لأحد من النُّحَاة ورده أَبُو حَيَّان بِأَن الضَّمِير يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَقد وجد السماع بِالتَّاءِ فِي قَوْله ابْن أبي ربيعَة: 1772 - (لعَلّها أَن تبْغِيَا لَك حَاجَةً ... ) أوزان ألف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة (مَسْأَلَة أوزان) ألف التَّأْنِيث (الْمَقْصُورَة) فعلى (فعلى) بِالضَّمِّ فالكسون اسْما أَو صفة مصدرا نَحْو أُنْثَى وحبلى وبشرى

فعلى

فعلى (وفعلى) بِالْفَتْح (أُنْثَى فعلان) أَي وَصفا كسكرى (أَو مصدرا) كدعوى (أَو جمعا) كجرحى فَإِن كَانَ اسْما لم يتَعَيَّن كَون أَلفه للتأنيث بل يصلح لَهَا وللإلحاق كأرطى وعلقى فعلى (وفعلى) بِالْكَسْرِ (مصدرا) كذكرى (أَو جمعا) كظربي وحجلي وَلَا ثَالِث لَهما فَإِن لم يكن مصدرا وَلَا جمعا لم يتَعَيَّن لَهُ فَإِن لم ينون فَلهُ ك (ضيزى) أَي جائرة أَو نونت فللألحاق كَرجل كيصى وَهُوَ المولع بِالْأَكْلِ وَحده فعالى (و) فعالى بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيف وَلم يرد وَصفا بل اسْما (نَحْو حبارى) لطائر وجمعا نَحْو سكارى وَزعم الزبيدِيّ أَنه ورد وَصفا نَحْو جمل علادى أَي شَدِيد ضخم فعلى (و) فعلى بِالضَّمِّ وَتَشْديد الْعين الْمَفْتُوحَة (نَحْو سمهى) للباطل أفعلاوي (و) أفعلاوي بِالْفَتْح وَضم الْعين (نَحْو أربعاوي) لقعدة المتربع فعلى (و) فعلى بِالْكَسْرِ فالفتح فالتشديد (نَحْو سبطرى) لنَوْع من الْمَشْي

فعلى

فعلى (و) فعلى بِضَمَّتَيْنِ وَتَشْديد اللَّام (نَحْو كفرى) لوعاء الطّلع وحذرى من الحذر ونذرى من التبذير فعالى (و) فعالى بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد (نَحْو شقارى) لبِنْت وحوارى وخضارى فعلوى (و) فعلوى نَحْو (هرنوى) لنبت فعولى (و) فعولى نَحْو (قعولي) لضرب من مشي الشَّيْخ فعللولى فنعلولى (و) فعللولى أَو فنعلولى نَحْو (حندقوقا) لنبت قيل نونه أَصْلِيَّة وَقيل زَائِدَة وَيُقَال بِكَسْر الْحَاء وبكسرها وَالدَّال وبفتح الدَّال وَالْقَاف مَعَ كسر الْحَاء وَفتحهَا مفعلى (و) بِالضَّمِّ وَتَشْديد اللَّام وَلم يَجِيء إِلَّا صفة نَحْو (مكورى) لعَظيم الأرنبة مفعلى (و) مفعلى بِالْكَسْرِ وَتَشْديد اللَّام نَحْو (مرقدى) لكثير الرقاد فعلوتا (و) فعلوتا بِفتْحَتَيْنِ نَحْو (رهبوتا) ورغبوتا للرهبة وَالرَّغْبَة فعللى (و) فعللى بِكَسْر الْفَاء وَاللَّام نَحْو (قرفصى) بِمَعْنى القرفصاء

فعلنى

فعلنى (و) فعلنى مثلنَا نَحْو (عرضنى) وفعلنى بِالضَّمِّ وَالْفَتْح وَسُكُون اللَّام نَحْو عرضنى من الِاعْتِرَاض يفعلى (و) يفعلى بتَشْديد اللَّام نَحْو (يهبرى) للباطل فعللى (و) فعللى بِكَسْر الْفَاء وَاللَّام وَتَشْديد الثَّانِيَة نَحْو (شفصلى) لنبت يلتوي على الْأَشْجَار فعيلى (و) فعيلى بِفَتَحَات وَتَشْديد الْيَاء نَحْو (هبيخا) لمشية بتبختر فعليا (و) فعليا بِفَتَحَات وَتَشْديد وَلم يَجِيء إِلَّا اسْما نَحْو (مرحيا) للمرح فعللايا (و) فعللايا نَحْو (بردرايا) لموْضِع فعلايا (و) فعلايا نَحْو (حولايا) فعلايا (و) فعلايا بِالضَّمِّ وَالْفَتْح نَحْو (برحايا) للعجب

إفعلى

إفعلى (و) افعلى بِالْكَسْرِ نَحْو (إيجلى) لموْضِع فوعلى (و) فوعلى بِالْفَتْح وَتَشْديد اللَّام نَحْو (دودرى) لعَظيم الخصيتين أوزان ألف التَّأْنِيث الممدودة (و) أوزان الممدودة فعلاء (فعلاء) بِالْفَتْح والسكون اسْما لصحراء أَو وَصفا كحمراء وديمة هطلاء أَو مصدرا كرغباء أَو جمعا كطرفاء أفعلاء (وأفعلاء) بِكَسْر الْعين نَحْو أربعاء للرابع من أَيَّام الْأُسْبُوع وأصدقاء وأولياء أفعلاء (و) أفعلاء (بضَمهَا) كأربعاء لعود من عيدَان الْخَيْمَة فعللاء (وفعللاء) مثلت وَفَاء لَام كعقرباء لمَكَان وهندباء لبقلة وقرفصاء لضرب من الْقعُود وفعللاء (و) بِالضَّمِّ وَفتح اللَّام كقرفصاء قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُثبتهُ غير ابْن مَالك وَقَالَ الفتحة للتَّخْفِيف فَلَا تكون أصلا

فعيلياء

فعيلياء وفعيلياء بِالضَّمِّ كمزيقياء ومطيطياء قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكرهُ إِلَّا ابْن القطاع وَتَبعهُ ابْن مَالك وَكَأَنَّهُم رَأَوْا أَن الْيَاء يَاء تَصْغِير فَكَأَنَّهُ فِي الأَصْل بني على فعلياء وَإِن لم ينْطق بِهِ فَيكون كَمَا لَو صغرت كبرياء (كبيرياء) وَمَا جَاءَ فِي لسانهم على هَيْئَة المصغر وَصفا فَإِنَّهُ لَا يثبت بِنَاء أَصْلِيًّا فعولاء (وفعولاء) بِضَمَّتَيْنِ نَحْو عشوراء للعاشر من أَيَّام الْمحرم قَالَ أَبُو حَيَّان وَذكر بعض الْكُوفِيّين فِيهِ الْقصر فَيكون من الْأَبْنِيَة الْمُشْتَركَة معفولاء (ومفعولاء) نَحْو مشيوخاء ومعلوجاء ومعيوراء ومأتوناء لجَماعَة الشُّيُوخ والعلوج والأعيار والأتن مفعلاء (ومفعلاء) بِالْفَتْح وَكسر الْعين كمرعزاء فعلاء (وفعلاء) بِالْكَسْرِ وَفتح الْعين نَحْو سيراء لنَوْع من ثِيَاب القز فعلاء (وفعالاء) بِالْفَتْح اسْما نَحْو براكاء لمعظم الشَّيْء وَصفته نَحْو طباقاء للرجل الَّذِي ينطبق عَلَيْهِ أمره

فعالاء

فعالاء (وفعالاء) بِالْكَسْرِ كقصاصاء للْقصَاص قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا يحفظ غَيره يفاعلاء (ويفاعلاء) بِالْفَتْح كينابعاء لمَكَان قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يذكر هَذَا الْبناء غير ابْن القطاع وَتَبعهُ ابْن مَالك فاعلاء (وفاعلاء مثلت عين) أَي مفتوحها كخازباء ومكسورها كقاصعاء ونافقاء كِلَاهُمَا لجحر اليربوع ومضمومها كقافلاء وشاصلاء لنبت والمفتوح والمضموم زادهما أَبُو حَيَّان على التسهيل فعلياء وفعلياء بِكَسْر الْفَاء وَاللَّام اسْما ككبرياء وسيمياء للعلامة أَو صفة كريح جربياء أَي شمال فنعلاء (وفنعلاء) بِضَم الْفَاء وَالْعين وتفتح الْعين كخنفساء وخنفساء فعنلاء وفعنلاء بِالْفَتْح ك (برنساء) بِمَعْنى النَّاس الأوزان الْمُشْتَركَة (ويشتركان) أَي الْمَقْصُورَة والممدودة (فِي) أوزان

فعلى

فعلى (فعلى) بِفتْحَتَيْنِ فالمقصور اسْم نَحْو أجلى لموْضِع وبردى نهر دمشق وَصفَة كجمزى ومرطى وبشكى لضرب من الْعَدو وجفلى للدعوة الْعَامَّة ونقرى للخاصة والممدود لَا يحفظ مِنْهُ إِلَّا فرحاء وجنفاء موضعان وَابْن دأثاء وَهِي الْأمة فعلى (وفعلى) بِالضَّمِّ فالفتح فالمقصور لم يرد إِلَّا اسْما نَحْو شعبى لموْضِع وأربى للداهية فعلاء والممدود اسْم كخششاء لعظم خلف الْأذن وصعداء للتنفس ورحضاء لعرق الْحمى وَصفَة كنفساء وناقة عشراء فعللى وفعللاء (وفعللى) بِفَتْح الْفَاء وَاللَّام لم يرد إِلَّا اسْما فالمقصور كقهقرى لنَوْع من الْمَشْي وفرتنى لامْرَأَة وقرقرى لموْضِع والممدود كعقرباء لموْضِع وعد ابْن مَالك هَذِه الأوزان الثَّلَاثَة فِي الكافية من المختصات بالمقصورة وَفِي التسهيل من الْمُشْتَركَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الصَّحِيح

فعللى

فعللى (وفعللى) بِكَسْر الْفَاء وَاللَّام وَلم يرد إِلَّا اسْما فالمقصور كهربدي لمشية الهربدة والممدودة كهندباء لبقلة وطرمساء للظلمة وجلحطاء لأرض لَا شجر فِيهَا فوعلى (وفوعلى) بِفَتْح الْفَاء وَالْعين وَلم يرد إِلَّا اسْما كخوزلى لمشية بتبختر وحوصلاء فيعلى (وفيعلى) بِالْفَتْح كخيزلى وديكسى لُغَة فِي ديكساء وَهِي الْقطعَة من النعم قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يثبت هَذَا الْوَزْن إِلَّا ابْن القطاع وَتَبعهُ ابْن مَالك وَقَالَ غَيره هُوَ فعللاء وفعللى فَلم يثبت فيعلى للممدود فعيلى وفعيلاء (وفعيلى وفعيلاء) نَحْو كثيرى وقريثاء وكريثاء لنَوْع من الْبُسْر بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين فعيلى (وفعيلى) بكسرتين وَتَشْديد الْعين فالمقصور لم يرد إِلَّا مصدرا كحثيثى للحث وهجيري للْعَادَة والممدود لم يحفظ مِنْهُ إِلَّا فخيراء وخصيصاء ومكيناء وَلَا رَابِع لَهَا فاعولى (وفاعولى) بِضَم الْعين نَحْو بادولى لبلد وعاشوراء وضاروراء للضَّرَر

إفعيلى

إفعيلى (وإفعيلى) بِكَسْر الْهمزَة وَالْعين نَحْو إهجيري واجريا للْعَادَة وَلَا يحفظ غَيرهمَا وإهجيراء وإجرياء لُغَة فيهمَا وإحليلاء مَوضِع فعلى (وفعلى) كقطبى لنبت وزمكى وزمجى وزمجاء بِالْقصرِ وَالْمدّ للاست وَهَذَا الْوَزْن عده ابْن مَالك فِي الكافية من الْمُخْتَص بالمقصورة وَفِي التسهيل من الْمُشْتَرك قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الصَّحِيح فعلولى (وفعلولى) بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْعين وَضم اللَّام نَحْو فوضوضى ومعكوكاء وبعكوكاء للشر والجلبة فعليا (وفعليا) بِفتْحَتَيْنِ وَكسر اللَّام نَحْو زَكَرِيَّا وزكرياء فعيلي (وفعيلى) بِضَم الْفَاء وَتَشْديد الْمَفْتُوحَة كخليطى للاختلاط ولغيزى للغز ودخيلا لباطن الْأَمر وقبيطا للناطف فعنلى (وفعنل) كجلندى اسْم ملك وجلنداء أفعلى (وأفعلى) بِفَتْح الْهمزَة وَالْعين كأجفلى للدعوة الْعَامَّة وأوجلى مَوضِع وَلَا ثَالِث لَهما والأربعا والأجفلا

يفاعلى

يفاعلى (ويفاعلى) بِضَم أَوله بيض أَبُو حَيَّان لمثال الْمَقْصُور مِنْهُ قَالَ وَمِثَال الْمَمْدُود ينابعاء اسْم بلد لَا غير فعاللى (وفعاللى) بِالضَّمِّ وَكسر اللَّام جخادبى وجخادباء فعولى وفعولى وفاعلى وفعلى (وفعولى) بِالْفَتْح فالضم كعبيد سنوطي اسْم أَو لقب وحضورى لموْضِع ودبوقا للعذرة ودقوقا لقرية بِالْبَحْرَيْنِ وقطورى قَبيلَة فِي جرهم وكحرورا وجعولا مضعان وَهَذَا الْوَزْن ذكره فِي التسهيل فِي الْمُخْتَص بالممدود وَهُوَ رَأْي ابْن عُصْفُور وعده ابْن الْقُوطِيَّة وَابْن القطاع من الْمُشْتَرك قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الصَّحِيح (وفعولى) بِفتْحَتَيْنِ وَسُكُون الْوَاو كشرورى لموْضِع وخجوجا للطويل الرجلَيْن (وفاعلى) بِالتَّشْدِيدِ كقافلا وقافلاء (وفعلى) بِضَم الْفَاء وَفتح الْعين وَتَشْديد اللَّام كعرضى من الِاعْتِرَاض وسلحفا

المقصور والممددود

الْمَقْصُور والممددود أَي هَذَا مبحثهما وذكرا عقب التَّأْنِيث لاشْتِمَاله على الْألف الْمَقْصُورَة والممدودة وَالْأولَى فِي مُنَاسبَة التَّسْمِيَة لِأَن الْمَقْصُور سمي بِهِ لِأَنَّهُ لَا يمد إِلَّا بِمِقْدَار مَا فِي أَلفه من اللين وَلِأَن أَلفه تحذف لتنوين أَو سَاكن بعْدهَا فيقصر والممدود بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ يمد لوُقُوع الْألف قبل همزَة كَمَا تمد حُرُوف الْمَدّ الْمُتَّصِلَة بِهِ وَلَا تحذف أَلفه بِحَال وَقيل سمي الْمَقْصُور لِأَنَّهُ حبس عَن الْإِعْرَاب وَالْقصر الْحَبْس وَلَيْسَ بجيد لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يشْعر بمناقضة الْمَمْدُود وَيلْزمهُ صدق هَذَا الِاسْم على الْمُضَاف للياء الْمَقْصُور (الْمَقْصُور مَا آخِره ألف لَازِمَة) من الْأَسْمَاء المعربة فَخرج بِالْألف مَا آخِره يَاء وباللازمة الْأَسْمَاء السِّتَّة حَالَة النصب وَلم أحتج إِلَى زِيَادَة مفرده كَمَا صنع ابْن الْحَاجِب احْتِرَازًا عَن الْمَمْدُود نَحْو صحراء لعدم الْحَاجة إِلَيْهِ إِذا لَا يصدق عَلَيْهِ أَن آخِره ألف بل همزَة فَلم يدْخل وَلَا يُوصف بذلك غير الْأَسْمَاء كيخشى وَرمى وأبى وَلَا المبنيات كمتى وَهَذَا وَإِذا وَمَا يَقع فِي عبارَة بَعضهم من إِطْلَاق ذَلِك عَلَيْهَا تسَامح (وَيُقَاس) الْقصر (فِي كل معتل) آخِره (فتح مَا قبل آخِره نَظِير الصَّحِيح لُزُوما أَو غَلَبَة كمفعول غير الثلاثي) كمصطفى ومقتدى وَمُقْتَضى ومستقصى إِذْ نظائرها من الصَّحِيح مَفْتُوحَة مَا قبل الآخر لُزُوما كَمَا تقدم وَلم يشذ مِنْهَا شَيْء (ومصدر فعل اللَّازِم) كهوي هوى وجوي جوى إِذْ نظيرهما من الصَّحِيح (فَرح) وَنَحْوه لِأَن الْمصدر فِيهِ على فعل بِالْفَتْح غَالِبا وَإِن جَاءَ على فعالة كشكس شكاسة فاكتفي بالغالب فِي قصر نَظِيره المعتل (والمفعل) سَوَاء كَانَ مصدرا أم زَمَانا كمرمى ومغزى إِذْ نظيرهما مَذْهَب ومسرح بِفَتْح مَا قبل الآخر لُزُوما

الممدود

(والمفعل) بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْعين للآلة نَحْو مرمى ومهدى وَهُوَ وعَاء الْهَدِيَّة إِذْ نظيرهما نَحْو مخصف ومغزل على مفعل بِفَتْح غَالِبا وَإِن جَاءَ على مفعال نَادرا (وَجمع فعلة) بِالْكَسْرِ (وفعلة) بِالضَّمِّ نَحْو مرية ومرى ومدية ومدى إِذْ نظيرهما من الصَّحِيح نَحْو قربَة وَقرب وقرية وقرى على فعل وَفعل بِفَتْح مَا قبل الآخر الْمَمْدُود (والممدود مَا آخِره ألف بعْدهَا همزَة) زَائِدَة من الْأَسْمَاء المعربة فَخرج بالقيد الْأَخير الْمَقْصُور وبالزائدة الْهمزَة المبدلة من أصل نَحْو كسَاء ورداء وَالْألف كَذَلِك نَحْو مَاء فَإِن أَصله موه قلبت الْوَاو ألفا وَالْهَاء همزَة فَلَا يُسمى ممدودا نَص عَلَيْهِ الْفَارِسِي لعروض الْمَدّ فِيهِ إِذْ ألفها وَاو فِي الأَصْل وَلَا يُسمى ممدودا غير الْأَسْمَاء كجاء وَشاء وَلَا المبنيات كهؤلاء واللاء إِلَّا تسمحا (وَيُقَاس فِيمَا) أَي معتل الآخر (قبل آخِره نَظِيره) الصَّحِيح (ألف) لُزُوما أَو غَلَبَة (كمصدر) الْفِعْل (ذِي) همز (الْوَصْل) كالاستقصاء والاصطفاء إِذْ نظيرهما الاستخراج والاقتدار (وفعال) بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد كعداء وسقاء إِذْ نظيرهما قتال وشراب وتفعال) بِالْفَتْح كالتعداء والترماء إِذْ نظيرهما التّكْرَار والتطواف (ومفعال صفة) كمهزاء إِذْ نَظِيره مهزار بِخِلَافِهِ غير صفة كاسم الْآلَة ثمَّ وَورد الصّفة على هَذَا الْوَزْن غَالِبا وَقد يَأْتِي على مفعل كمدعس ومطعن (وَوَاحِد أفعلة) ككساء وأكسية وقباء وأقبية إِذْ نظيرهما خمار وأخمرة وقذال وأقذلة وأشرت بِالْكَاف إِلَى أَنه بقيت أَمْثِلَة كَثِيرَة اطرد فِيهَا الْقصر وَالْمدّ لاندراجها تَحت الْقَاعِدَة الْمُتَقَدّمَة

جمع التكسير

(وَغير ذَلِك مرجعه السماع) قصرا ومدا وَفِيه كتب مُؤَلفه يرجع إِلَيْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَمن أجمعها (تحفة المودود) لِابْنِ مَالك (وَمر من بِنَاء التَّثْنِيَة وجمعي التَّصْحِيح) فِي أول الْكتاب تبعا للتسهيل وَإِن كَانَ اللَّائِق ذكره هُنَا جمع التكسير أَي هَذَا مبحثه (هُوَ قلَّة) يُطلق على ثَلَاثَة إِلَى عشرَة (وَكَثْرَة) يُطلق على عشرَة فَمَا فَوْقهَا وَقد يُغني أَحدهمَا عَن الآخر وضعا كَقَوْلِهِم فِي رجل أرجل وَلم يجمعوه على مِثَال كَثْرَة وَفِي رجل رجال وَلم يجمعوه على مِثَال قلَّة أَو اسْتِعْمَالا لقَرِينَة مجَازًا نَحْو: {ثَلَاثَة قُرُوء} [الْبَقَرَة: 228] جموع الْقلَّة (فَالْأول) أَي الَّذِي للقلة أَرْبَعَة أوزان وسلكت هُنَا كَابْن مَالك طَريقَة الِابْتِدَاء بِالْجمعِ وَذكر مَا يجمع عَلَيْهِ قِيَاسا وسماعا وسلك ابْن الْحَاجِب طَرِيق سِيبَوَيْهٍ الِابْتِدَاء بالمفرد وَذكر مَا يجمع عَلَيْهِ قلَّة أَو كَثْرَة كَذَلِك أفعل أَحدهَا (أفعل) وابتدء بِهِ لِأَنَّهُ أقل زَوَائِد إِذْ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَة غير الْهمزَة (ويطرد فِي ثلاثي اسْما صَحِيح الْعين على فعل) بِالْفَتْح والسكون ككلب وأكلب وفلس وأفلس وَوجه وأوجه ودلو وأدل وظبي وأظب بِخِلَاف غير الِاسْم وَهُوَ الْوَصْف كضخم وكهل والمعتل الْعين كسيف وثوب لاستثقال الضمة على حرف الْعلَّة وندر أعبد وأعين وأسيف وأثوب (و) يطرد أَيْضا (فِي) اسْم (مؤنث بِلَا عَلامَة رباعي ثالثه مُدَّة) ألف أَو وَاو أَو يَاء مَفْتُوح الأول أَو مكسوره أَو مضمومه كعناق وأعنق وذراع وأذرع وعقاب وأعقب وَيَمِين وأيمن بِخِلَاف الْوَصْف كشجاع والمذكر وشذ طحال أطحل وعتاد وأعتد وغراب وَأغْرب والمؤنث بعلامة كسحابة ورسالة وعجالة وصحيفة والثلاثي كدعد والخالي من مُدَّة كخنصر وضفدع

أفعال

(لَا فعل) بِفتْحَتَيْنِ (وَفعل) بِالْكَسْرِ فالفتح (وَفعل) بِالْكَسْرِ والسكون (وَفعل) بِالضَّمِّ والسكون (وَفعل) بِالْفَتْح وَالضَّم (وَفعل) بِضَمَّتَيْنِ حَال كَون كل مِمَّا ذكر (مؤنثا) أَي لَا يطرد فِيهَا (فِي الْأَصَح) بل مَا ورد مِنْهُ يسمع وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقَالَ يُونُس يطرد فِي فعل إِذا كَانَ مؤنثا نَحْو قدم وأقدم وَقَالَ الْفراء يطرد فِيهِ وَفِيمَا بعده كَذَلِك كَقدْر وأقدر وَقدم وأقدم وغول وأغول وَعجز وأعجز وعنق وأعنق وَلَا يطرد فِيهَا الْمُذكر وفَاقا وشذ جبل وأجبل وجرو وَأجر وركن وأركن وفرط وأفرط شَذَّ أَيْضا أكمة وآكم ونعمة وأنعم وَمَكَان وَأمكن وجنين وآجن أَفعَال (و) الثَّانِي (أَفعَال ويطرد فِي اسْم ثلاثي لم يطرد فِيهِ أفعل) وَهُوَ فعل المعتل الْعين كسيف وأسياف وثوب وأثواب وَغير وزن فعل من أوزانه كحزب وأحزاب وصلب وأصلاب وجمل وأجمال ووعل وأوعال وعضد وأعضاد وعنق وأعناق وَرطب وأرطاب وإبل وآبال وضلع وأضلاع وَأما فعل المطرد فِيهِ أفعل فَلَا يَأْتِي فِيهِ أَفعَال إِلَّا نَادرا كفرخ وأفراخ وَكَذَا الثلاثي غَيره وَالْوَصْف كجلف وأجلاف وحر وأحرار وَخلق وأخلاق ونكد وأنكار ويقظ وأيقاظ وجنب وأجناب وَكَذَا غير الثلاثي كشريف وأشراف وجبان وأجبان وجثة وأجثاث وهضبة وأهضاب ونضوة وأنضاء وسعفة وأسعاف ونمرة وأنمار وجاهل وأجهال وميت وأموات وغثاء وأغثاء وقماط وأقماط وَصَاحب وَأَصْحَاب وأغيد وأغياد وقحطان وأقحاط وذوطة وأذواط وَهُوَ نوع من العنكبوت (قيل) ويطرد أَيْضا (فِيمَا فاؤه همزَة أَو وَاو) وَهُوَ (على فعل صَحِيح الْعين) نَحْو أنف وآناف وَألف وآلاف وَوهم وأوهام وَوقت وأوقات ووقف وأوقات

أفعلة

استثقالا لأَفْعَل فِيهِ بِوُقُوع الضمة بعد وَاو وَهَذَا رَأْي الْفراء وَالْأَكْثَر على أَنه مَحْفُوظ فِيهِ (وَقل) أَفعَال (فِي فعل) بِفتْحَتَيْنِ حَال كَونه (أجوف) ك (مَال) وأموال وَحَال وأحوال وخال وأخوال (وندر فِي فعل) بِالضَّمِّ وَالْفَتْح كرطب وأرطاب وَربع وأرباع وَسَيَأْتِي قِيَاسه (وَلزِمَ فِي فعل) بكسرتين كإبل وآبال (وَغلب) فِي فعل لمضاعف (نَحْو لبب) وألباب (و) فعل نَحْو (مدى) وأمداء (و) فعل نَحْو (نمر) وأنمار (و) فعل نَحْو (عضد) وأعضاد (و) فعل نَحْو (عِنَب) وأعناب (و) فعل نَحْو (طُنب) وأطناب) وعنق وأعناق (و) فعول نَحْو (فَلَو) وأفلاء وعدو وأعداء أفعلة (و) الثَّالِث (أفعلة ويطرد فِي اسْم مُذَكّر رباعي ثالثه مُدَّة) ألف أَو وَاو أَو يَاء كطعام وأطعمة وحمار وأحمرة وغراب وأغربة ورغيف وأرغفة وعمود وأعمدة بِخِلَاف الصّفة وندر شحيح وأشحة ونجي وأنجية وَأما الْمُؤَنَّث فَتقدم أَن قِيَاسه أفعل وندر عِقَاب وأعقبه وَغير الرباعي وندر قدح وأقدحة و (قَز وأقزة) وخال وأخولة ورمضان وأرمضة وخوان لربيع الأول وأخونة والخالي من مُدَّة وندر جَائِز وأجوزة وَهِي الْخَشَبَة الممتدة فِي أَعلَى السّقف (فَإِن كَانَت) الْمدَّة فِي الِاسْم الْمَذْكُور (ألفا شَذَّ غَيره فِيهِ) إِن كَانَ (منقوصا أَو مضاعفا على فعال) بِالْكَسْرِ (أَو فعال) بِالْفَتْح كسقاء وزمام وسماء وبتات وَمن الشاذ فِيهِ عنان وعنن وحجاج وحجج وسماء وَسمي بِمَعْنى الْمَطَر ليَكُون مذكرا وَلَا يشذ فِي غير مَا ذكر غير أفعلة كَمَا سَيَأْتِي فِي أمثلته (وَمَا عدا مَا تقدم) قِيَاسه (يحفظ) وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ

فعلة

فعلة (و) الرَّابِع (فعلة وَقيل هُوَ اسْم جمع) لَا جمع قَالَه ابْن السراج قَالَ أَبُو حَيَّان وشبهته أَنه رَآهُ لَا يطرد قَالَ وَهَذِه شُبْهَة ضَعِيفَة لِأَن لنا أبنية جموع بِإِجْمَاع وَلَا تطرد (و) على الأول (لَا يطرد بل يحفظ فِي فعيل) كصبي وصبية وَخصي وخصية بِالْفَتْح وجليل وَجلة وَفعل بِفتْحَتَيْنِ كَوَلَد وولدة وفتى وفتية (وَفعل) بِسُكُون الْعين كشيخ وشيخة وثنى وَهُوَ الثَّانِي فِي السِّيَادَة وثنية (وفعال) بِالضَّمِّ كغلام وغلمة وشجاع وشجعة (وفعال) بِالْفَتْح كغزال وغزلة (وَفعل) بِالْكَسْرِ فالفتح وكثنى بِوَزْن عدى وثنية جموع الْكَثْرَة (وَالثَّانِي) أَي جمع الْكَثْرَة لَهُ أوزان فعل أَحدهَا (فعل) ويطرد جمعا (لأَفْعَل وفعلاء) وصفين (مُتَقَابلين) كأحمر وحمراء وحمر (أَو منفردين لمَانع خلقَة) كأكمر للعظيم الكرة أَي الْحَشَفَة وآدر للمنتفخ الخصية وأقلف ورتقاء وقرناء وعذراء (وَفِي) المنفدرين لمَانع (اسْتِعْمَال) بِأَن لم تسْتَعْمل الْعَرَب إِلَّا أَحدهمَا مَعَ وجود الْمَعْنى فيهمَا كَرجل آلي وَامْرَأَة عجزاء وَلم يَقُولُوا أعجز وَلَا ألياء مَعَ وجود الْمَعْنى وَهُوَ كبر الْعَجز فيهمَا (خلف) قيل يطرد فِيهِ فعل وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَقيل يحفظ وَجزم بِهِ فِي التسهيل (فَإِن صَحَّ لاما وعينا جَازَ ضمهَا) أَي الْعين (ضَرُورَة) فِي الشّعْر (مَا لم يُضَاعف) كَقَوْلِه:

فعل

1773 - (وَمَا انْتَمَيْتُ إِلَّا خُور وَلَا كُشُفٍ ... ) وَقَوله: 1774 - (وأنكرتني ذوَاتُ الأعْيُن النَجُل ... ) بِخِلَاف المضاعف نَحْو (غر) لما يلْزم مِنْهُ فِي الفك وَهُوَ ثقيل مَعَ ثقل الْجمع والمتعل اللَّام نَحْو عمي لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء واوا ثمَّ تنْقَلب إِلَى الْيَاء كَمَا الْقَاعِدَة فِي كل اسْم وَاو قبلهَا فيئول إِلَى وزن فعل المهمل أَو الْعين نَحْو سود وبيض لاستثقال الضمة على حرف الْقلَّة وَمَا عدا مَا ذكر يحفظ فِيهِ فعل كسقف وسقف وخوار وخور وعميمة وَهِي النَّخْلَة الطَّوِيلَة وَعم وبازل وبزل وَأسد وَأسد وبدنة وبدن وذباب وذب فعل (و) الثَّانِي من أوزان جمع الْكَثْرَة (فعل) بِضَمَّتَيْنِ ويطرد جمعا (لفعول اسْما) مذكرا أَو مؤنثا كعمود وَعمد وقلوص وقلص (أَو صفة لَا لمفعول) كصبور وصبر وشكور وشكر بِخِلَاف نَحْو حَلُوب وركوب (وفعيل) بِلَا تَاء (اسْما) كقضيب وقضب وندر فِي الصّفة كنذير وَنذر وَفِي ذِي التَّاء كصحيفة وصحف (وفعال) بِالْفَتْح (وفعال) بِالْكَسْرِ (اسْمَيْنِ غير مضاعفين) لمذكر أَو مؤنث كقذال وقذل وأتان وأتن وحمار وحمر وذراع وذرع

بِخِلَاف الوصفين كجبان وَجبن وناقة ضناك أَي عَظِيمَة المؤخرة وشذ جمل ثقال أَي بطيء وَثقل وناقة كناز وكنز والمضاعفين كحنان ومداد وشذ عنان وعنن (وَلَا يُقَاس فِي فعال) بِالضَّمِّ (على الصَّحِيح) وَبِه جزم فِي التسهيل وَجزم فِي شرح الكافية بقياسه فِيهِ وَمثله بكراع وكرع وقراد وقرد وَسمع وفَاقا فِي نَحْو سقف وسقف ونمر ونمر وشارف وَشرف وفرحة وَفَرح وَتَمْرَة وتمر وَستر وَستر (وَيجب تسكين عينه إِن كَانَت واوا اخْتِيَارا) نَحْو سوار وسور ونوار وَنور وعوان وَعون وَمن ضمهَا فِي الضَّرُورَة قَوْله: 1775 - (عَنْ مُبْرقاتٍ بالبُريْن وتبدو ... بالأكفِّ اللامعات سُوُرْ) (خلافًا للفراء) فِي قَوْله بِبَقَاء الضَّم اخْتِيَارا قَالَ وَرُبمَا قَالُوا عون كرسل فرقا بَين جمع الْعوَان والعانة وَيجوز التسكين (إِن لم تكنها) أَي واوا وَلم يُضَاعف نَحْو حمر وقذل بِخِلَاف مَا إِذا ضوعف نَحْو سرر فَلَا يسكن لما يُؤَدِّي إِلَيْهِ التسكين من الْإِدْغَام وَهُوَ مَمْنُوع هُنَا لالتزام الفك فِي الْمُفْرد وَالْجمع مَبْنِيّ على مفرده (فَإِن كَانَت) الْعين (يَاء كسرت الْفَاء) فَتُصْبِح نَحْو سيل وَعين جمعي سيال وعيان وَالْأَصْل سيل وَعين وَلَو بقيت الضمة لزم قلب الْيَاء واوا كموقن وتغيير الْحَرَكَة أسهل من تَغْيِير الْحَرْف (وَحكى قوم الْفَتْح فِي) فِي عين فعل (المضاعف) الَّذِي مفرده على فعيل لُغَة تَخْفِيفًا

فعل

(وَقيل اسْما وَقيل صفة) أَيْضا فعلى الأول وَهُوَ رَأْي ابْن قُتَيْبَة وَغَيره وَاخْتَارَهُ ابْن الضائع لَا يجوز فِي (ثِيَاب جدد) إِلَّا الضَّم لِأَنَّهُ إِنَّمَا سمع فِي الِاسْم فَلَا تقاس عَلَيْهِ الصّفة وعَلى الثَّانِي وَهُوَ رَأْي ابْن جني وَاخْتَارَهُ الشلوبين وَابْن مَالك يجوز (جدد) كسرر جمع سَرِير وَالتَّقْيِيد بِكَوْن مفرده على فعيل أهمله ابْن مَالك وَنبهَ عَلَيْهِ أَبُو حَيَّان فعل (و) الثَّالِث من الأوزان (فعل) بِالضَّمِّ فالفتح ويطرد جَمِيعًا (الِاسْم على فعلة) بِالضَّمِّ والسكون (وفعلة بِضَمَّتَيْنِ) سَوَاء كَانَ صَحِيح اللَّام كغرفة وغرف وجمعة وَجمع أم معتلها أم مضاعفها كعروة وعرى ونهية وَنهى وعدة وَعدد بِخِلَاف الْوَصْف مِنْهَا كَرجل ضحكة وهزأة وَامْرَأَة شللة أَي سريعة فِي حَاجَتهَا وشذ رجل بهمة وبهم (و) يطرد (لفعلى أُنْثَى أفعل) ككبرى وَكبر وفضلى وَفضل بِخِلَاف فعلى غَيره كحبلى وبهمى ورجعى وربي (وقاسه الْمبرد فِي) فعل بِالضَّمِّ والسكون مؤنثا بِغَيْر تَاء نَحْو (جمل) وَغَيره قَالَ وَهُوَ مسموع (و) قاسه (الْفراء فِي) فعلى مصدر نَحْو (الرُّؤْيَا) والرؤى والرجعى والرجع (و) فِي فعلة بِفَتْح الْفَاء ثَانِي وَاو سَاكِنة (نَحْو نوبَة) ونوب وَغَيره قصره على السماع وَسمع وفَاقا فِي نَحْو قَرْيَة وقرى وَحلية وحلى وبرة وبرى وعجاية وَهِي لحْمَة فِي ركبة الْبَعِير وعجى وعدو وعدى وفقر وَهُوَ الْجَانِب وفقر

فعل

فعل (و) الرَّابِع من أوزان الْكَثْرَة (فِعَل) بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح وَقيل هُوَ ومتلوه أَي فُعل بِالضَّمِّ (أَسمَاء جمع) قَالَه الْفراء لِأَنَّهُ رأى أَنَّهُمَا يجمعان بِالْألف وَالتَّاء كعرفات وسدرات وَجمع الْجمع لَا يُقَاس وفَاقا فَحكم بِأَنَّهُمَا اسْما جمع لِأَنَّهُمَا أقرب إِلَى الْمُفْرد وَأجِيب بِأَن عَرَفَات وَنَحْوه للمفرد لَا للْجمع وَالْفَتْح فِيهِ للتَّخْفِيف وَيدل لِكَوْنِهِمَا جمعين أَنَّهُمَا لَا يوصفان وَلَا يخبر عَنْهُمَا إِلَّا بِجمع ويطرد فعل جمعا (لاسم تَامّ على فِعْلة) بِالْكَسْرِ والسكون نَحْو فرقة وَفرق بِخِلَاف الْوَصْف نَحْو صغرة وكبرة وَغير التَّام وَهُوَ الْمَحْذُوف مِنْهُ إِمَّا الْفَاء نَحْو رقة أَو اللَّام نَحْو لثة (وقاسة الْفراء) فِي فعلى اسْما نَحْو (ذِكْرى) وَذكر (و) فعلة بِفَتْح الْفَاء يائي الْعين نَحْو (ضيْعة) وضيع كَمَا قَاس فعلا فِي رُؤْيا ونوبة وحجته فِي ذِي الْألف فيهمَا أَن التَّأْنِيث بِالْألف شَبيه بالتأنيث بِالتَّاءِ فِي مَوَاضِع وَقد عاملتهما الْعَرَب مُعَاملَة وَاحِدَة فِي نَحْو أُخْرى وأُخر كغرفة وغرف وقاصعاء وقواصع كسالفة وسوالف فَكَذَا تجْرِي فُعْلى وفِعْلى كفُعْلة وفِعْلة وَلم يجز ذَلِك فِي فِعْلى وَصفا ك (كيصى) (و) قاسه الْمبرد فِي فعل بِالْكَسْرِ مؤنثا بِغَيْر تَاء نَحْو (هِنْد) كَمَا قَاس فعلا فِي نَحْو جمل وَوَافَقَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ابْن مَالك فِي شرح الكافية وَسمع وفَاقا فِي نَحْو قشع وَهُوَ الْجلد الْبَالِي وقشع وهضبة وهضب وحاجة وحوج وَهدم وَهُوَ الثَّوْب الْخلق وَهدم وَصُورَة وصور وحدأة وحدى وعدو وعدى فِعال (و) الْخَامِس (فِعال) بِالْكَسْرِ ويطرد جمعا (لفَعْلة) بِالْفَتْح والسكون (مُطلقًا) اسْما كَانَ أَو صفة يائي الْعين أَو غَيره كجفنة وجفان وصعبة وصعاب وغيضة وغياض (وفَعْل) بِالْفَتْح والسكون اسْما أَو صفة أَو واوي الْعين نَحْو كَعْب وكعاب وصعب وصعاب وحوض وحياض (لَا يائي الْعين أَو الْفَاء) كبيت وَشَيخ ويعر لاستثقال كسر الْيَاء أَو مَا قبلهَا

وشذ ضيف وضياف ويعر ويعار وَهُوَ الجدي (وفَعَل) بِفتْحَتَيْنِ اسْما كحبل وجبال وقلم وقلام لَا مضاعفا كطلل (وَلَا) منقوصا كرحى وندى وَلَا الْوَصْف كبطل وشذ حسن وَحسان (وفَعَلة) بِفتْحَتَيْنِ كرقبة ورقاب وحسنة وَحسان كَذَا مثل أَبُو حَيَّان فأشعر بِأَنَّهُ لَا يشْتَرط فِيهِ مَا اشْترط فِي فعل وَلَا اسْم على فِعْل بِالْكَسْرِ (أَو فُعْل) بِالضَّمِّ سَاكِني الْعين كذئب وذئاب ورمح ورماح وخف وخفاف (لَا) فعل بِالضَّمِّ يائي اللَّام (كمُدْي) بل قِيَاسه أَفعَال (و) لَا واوي الْعين نَحْو (حُوت) بل قِيَاسه فِعْلان وَلَا الْوَصْف مِنْهُمَا كجلف وحلو ولوصف غير مَنْقُوص صَحِيح الْعين أَو معتلها على فعيل وفعيلة بِمَعْنى فَاعل فالع كظريف وظريفة وظراف وكرام وطويل وطوالة وطوال بخلافهما بِمَعْنى مفعول كجريح ولطيمة وشذ ربيطة ورباط أَو مَنْقُوص وَخَصه الْعَبْدي بمؤنثة أَي فعيلة وَخَطأَهُ الخضراوي (و) لوصف (على فعْلان) بِالْفَتْح وَالضَّم (وفعْلانة) كَذَلِك (وفَعْلى) بِالْفَتْح نَحْو غضاب فِي غَضْبَان وغضبى وندام فِي ندمان وندمانة وخماص فِي خمصان وخمصانة وشذ فِيمَا عدا مَا ذكر كخروف وخراف ولقحة لقاح ونمر ونمرة ونمار وعباءة وعباء وقائم وقائمة وَقيام وراع وراعية ورعاء وربى ورباب وجواد وجياد وناقة هجان ونياق هجان وَخير وَخيَار وأعجف وعجفاء وعجاف وبرمة وبرام وَربع وَربَاع وسرحان وسراح وَرجل وَرِجَال وأيصر وإصار وحدأة وحداء وقنينة وقنان

فعول

فُعُول (و) السَّادِس (فُعُول) بِالْفَتْح وَالضَّم ويطرد جمع الِاسْم على فَعْل بِالْفَتْح والسكون غير واوي الْعين ككعب وكعوب وَبَيت وبيوت بِخِلَاف الْوَصْف وشذ ضيف وضيوف وكهل وكهول والواوي الْعين وشذ فَوْج وفووج (أَو) على (فِعْل) بِالْكَسْرِ كجسم وجسوم وَدرع ودروع بِخِلَاف الْوَصْف (أَو) على فُعْل) بِالضَّمِّ غير مضاعف وَلَا واوي الْعين أَو ياتي اللَّام) كجند وجنود وَبرد وبرود بِخِلَاف المضاعف نَحْو خف وحوت ومدي وشذ حص وحصوص وَهُوَ الورس ونؤي ونئي (أَو على (فَعَل) بِفتْحَتَيْنِ غير أجوف وَلَا مضاعف كأسد وأسود بِخِلَاف الْوَصْف والأجوف وشذ سَاق وسوق والمضاعف نَحْو طلل وطلول وَقيل يسمع فِيهِ وَلَا يطرد وَجزم بِهِ فِي شرح الكافية (أَو) على (فَعِل) بِالْفَتْح وَالْكَسْر نَحْو كبد وكبود ونمر ونمور وشذ فِيمَا عدا ذَلِك كشاهد وشهود وصخرة وصخور وَشعْبَة وشعوب وقنة وقنون وظرف وظروف وأسينة وَاحِدَة قوى الْوتر وأسون وعناق وعنوق وَقد تلْحقهُ أَي فعولًا (وفِعالاً التَّاء) كفحولة وعمومة وحجارة وفحالة وَقد يُغني عَنْهُمَا فَعيل وفُعال) بِالضَّمِّ فِي الِاسْتِعْمَال كَقَوْلِهِم ضئين فِي ضَأْن وَلم يَقُولُوا ضئان وضؤون وَقَالُوا فِي الْمعز معيز وَلم يَقُولُوا معوز نعم قَالُوا معاز وَالأَصَح أَنَّهُمَا تكسير أَي جمعان لَا اسْما جمع وَقيل هما اسْما جمع وَثَالِثهَا الثَّانِي أَي فعال اسْم جمع وفعيل جمع حَكَاهُ أَبُو حَيَّان

فعل

فُعّل (و) السَّابِع (فعل) بِالضَّمِّ وَفتح الْعين الْمُشَدّدَة ويطرد جمعا لوصف على فَاعل وفاعلة كضرب فِي ضَارب وضاربة بِخِلَاف الِاسْم مِنْهُمَا كحاجب الْعين وجائزة الْبَيْت فُعّال (و) الثَّامِن (فُعَّال) بضبطه ويطرد جمعا للْأولِ أَي لوصف على فَاعل كصائم وصوام وشذ فِي فَاعله كصادة وصداد (وندرا) أَي فعل وفعال للمنقوص اسْتغْنَاء بِفِعْلِهِ وَمِمَّا سمع سَاق وَسقي وغاز وغزى وغزاء وَسَار وسراء وندر أَيْضا فِيمَا عدا مَا ذكر كأعزل وعزل وعزال وسخل وسخل وسخال ونفساء وَنَفس ونفاس وَقيل يسمعان أَي فعل وفعال مُطلقًا وَيرجع فِيمَا لم يسمع ورودهما فِيهِ إِلَى التَّصْحِيح وَلَا يقاسان فَعَلة (و) التَّاسِع (فَعَلَة) بِفتْحَتَيْنِ ويطرد جمعا لفاعل وصف ذكر عَاقل صَحَّ لاما وَإِن اعتل عينا كسافر وسفرة وَكَاتب وكتبة وبار وبررة بِخِلَاف وصف مؤنث كحائض وطامث وَطَالِق أَو مَا لَا يعقل وشذ ناعق ونعقة أَو معتل اللَّام كغاز ورام أَو على غير زنة فَاعل وشذ خَبِيث وخبيثة وَسيد وسَادَة وأجوق وجوقة وَهُوَ المائل الشدق ودنغ ودنغة وَهُوَ الرذل فُعَلَة (و) الْعَاشِر فعلة بِضَم الْفَاء وَفتح الْعين

فعلة

ويطرد جمعا (لَهُ) أَي لفاعل وصف ذكر عَاقل (معتلها) أَي اللَّام كغاز وغزاة ورام ورماة وقاض وقضاة بِخِلَاف غير فَاعل وشذ كمي وكماة وَالِاسْم وشذ باز وبزاة وَوصف الْمُؤَنَّث كغازية أَو غير الْعَاقِل كضار وشذ (الصَّحِيح اللَّام) وشذ هادر وهدرة وَهُوَ بِالْمُهْمَلَةِ الرجل لَا يعْتد بِهِ وَالأَصَح أَن الضَّم فِي هَذَا الْوَزْن (أصل) وَقيل لَا بل أَصله فعلة حول إِلَى الضَّم للْفرق بَين الصَّحِيح والمعتل (و) الْأَصَح أَنه لَيْسَ مخففا (من فُعَل) المشدد وَقَالَ الْفراء هُوَ مخفف عَنهُ عوض الْهَاء عَمَّا ذهب من التَّضْعِيف فِعَلة (و) الْحَادِي عشر (فِعلة بِكَسْرِهَا) أَي الْفَاء وَفتح الْعين (وَقيل) هُوَ اسْم جمع قَالَه الْفراء ويطرد جمعا لاسم على فُعْل بِالضَّمِّ والسكون صَحَّ لاما وَإِن اعتل عينا كدرج ودرجة وقرط وقرطة وكوز وكوزة بِخِلَاف الْوَصْف وشذ علج وعلجة والمعتل اللَّام وَقل فِي فَعْل بِالْفَتْح (وفِعْل) بِالْكَسْرِ كَزَوج وَزَوْجَة وغرد وغردة وقرد وقردة وحسل وحسلة فَعْلَى (و) الثَّانِي عشر (فَعْلى) بِالْفَتْح ويطرد جمعا (لفعيل) وَصفا بِمَعْنى ممات أَو موجع كقتيل وقتلى وصريع وصرعى وجريح وجرحى وَمَا دلّ عَلَيْهِ أَي هَذَا الْمَعْنى من فعل بِالْفَتْح وَالْكَسْر كزمن وزمنى (وفَعْلان) كسكران وسكرى (وفَيْعل) كميت وموتى (وأفْعَل) كأحمق وحمقى و (فَاعل) كهالك وهلكى

فعلى

وشذ فِيمَا عدا ذَلِك ككيس وكيسى وَسنَان ذرب وأسنة ذربي وَرجل جلد وجلدى فِعْلَى (و) الثَّالِث عشر (فِعلى) بِالْكَسْرِ وَهُوَ جمع (لحجل وظربان) وَلَا ثَالِث لَهما نَص على ذَلِك أَبُو عَليّ الْفَارِسِي وَغَيره وَلأَجل ذَلِك قَالَ ابْن السراج إِنَّه اسْم جمع وَقَالَ الْأَصْمَعِي حجلى لُغَة فِي الحجل لَا جمع وَهُوَ نوع من الطير والظربان دَابَّة تشبه القرد وَقيل الهر فُعَلاء (و) الرَّابِع عشر (فُعَلاء) بِالضَّمِّ وَالْفَتْح ويطرد جمعا (لفعيل وصف ذكر عَاقل بِمَعْنى فَاعل مفعل أَو مفاعل) ككريم وكرماء وَسميع بِمَعْنى مسمع وسمعاء وجليس وخليط ونديم بِمَعْنى مفاعل وجلساء وخلطاء وندماء وشذ فِي فعيل بِمَعْنى مفعول كأسير وأسراء أَو صفة مؤنث كسفيهة وسفهاء (وَحمل عَلَيْهِ خَليفَة) وَقَالُوا فِيهِ خلفاء لِأَنَّهُ بِمَعْنى فَاعل فَشبه بِمَا لَا تَاء فِيهِ (وَمَا دلّ على سجية حمد أَو ذمّ من فعال) بِالضَّمِّ (أَو فَاعِل) كشجاع وشجعاء وَصَالح وصلحاء وشاعر وشعراء وشعراء وعالم وعلماء وجاهل وجهلاء وشذ فِي غير مَا ذكر كرسول ورسلاء وَحدث وحدثاء وسمح وسمحاء أفعلاء (و) الْخَامِس عشر (أفْعلاء) ويطرد جمعا (لفعيل الْمُذكر مضاعفا أَو منقوصا) كشديد وأشداء ولبيب وألباء وجليل وأجلاء وتقي وأتقياء وَولي وأولياء وَنَبِي وأنبياء (وندر فِي صديقَة) لِأَنَّهُ لمؤنث وَإِنَّمَا يطرد فِي الْمُذكر وَفِي الحَدِيث: (أرْسلُوا بهَا إِلَى أصدقاء خَدِيجَة)

فعلان

فعلان (و) السَّادِس عشر (فعلان) بِالْكَسْرِ ويطرد جمعا (لاسم على فعل) بِالضَّمِّ وَالْفَتْح (أَو فعل) بِفتْحَتَيْنِ (أَو فعال) بِالضَّمِّ (مُطلقًا) صَحِيحا كَانَ أَو معتل الْعين أَو اللَّام كصرد وصردان وَخرب وَهُوَ ذكر الْحُبَارَى وخربان وتاج وتيجان وفتى وفتيان وَغُلَام وغلمان (أَو فعل) بِالضَّمِّ والسكون (أجوف بِالْوَاو) كحوت وحيتان وَنون ونينان وشذ فِي فعال الْوَصْف كشجاع وشجعان وَفِي غير ذَلِك كقنو وقنوان وصوار وَهُوَ قطيع بقر الْوَحْش وصيران وغزال وغزلان وخروف وخرفان وَعِيد وعيدان وظليم وظلمان وحائط وحيطان ونسوة ونسوان وقضفة وَهِي الأكمة وقضفان فُعْلان (و) السَّابِع عشر (فُعْلان) بِالضَّمِّ ويطرد جَمِيعًا (لاسم على فعيل أَو فعل) بِفتْحَتَيْنِ (صَحِيح الْعين) كرغيف ورغفان وقضيب وقضبان وَذكر وذكران (أَو) على (فَعْل) بِالْفَتْح والسكون كَظهر وظهران وبطن وبطنان أَو على فعل بِالْكَسْرِ والسكون كذئب وذؤبان وشذ فِي فعيل أَو فعل الْوَصْف نَحْو قعيد وقعدان وجزع وجزعان وَفِيمَا عدا ذَلِك كراكب وركبان وأعمى وعميان وحوار وحوران وزُقاق وزُقَّاق وَثني وثنيان ورخل وَهُوَ ولد الضَّأْن ورخلان

فواعل

فواعل (و) الثَّامِن عشر (فواعل) ويطرد جمعا (لفاعل غير وصف ذكر عَاقل) بِأَن كَانَ غير وصف أَو وصف مؤنث أَو غير عَاقل (ثَانِيَة ألف زَائِدَة) كحاجز وحواجز وَخَاتم وخواتم وَطَالِق وطوالق وحائض وحوائض وضاربة وضوارب وَنجم طالع وطوالع وجبل شامخ وشوامخ أَو ثَانِيَة واوغير مُلْحقَة بخماسي كجوهر وجواهر وكوثر وكواثر بِخِلَاف نَحْو خورنق فَإِن واوه لإلحاقه بسفرجل يجمع على خرانق لَا خوارق (ويفصل عينه من لامه يَاء) تزاد فِي الْجمع (إِن فصلا إفرادا) كساباط وسوابيط وجاسوس وجواسيس وطومار وطوامير وشذ فِي صفة الْمُذكر نَحْو فَارس وفوارس وَفِيمَا عدا ذَلِك كدخان ودواخن وحاجة وحوائج فَعَالَى (و) التَّاسِع عشر (فعالى) بِالْفَتْح ويطرد جمعا (لاسم على فعلاء) بِالْفَتْح وَالْمدّ (أَو فِعْلى) بِالْكَسْرِ (أَو فَعْلى) بِالْفَتْح كصحراء وصحاري وذفرى وذفاري وعلقى وعلاقى وشذ فِي الْوَصْف كعذراء وعذارى (وَوصف على فْعْلى) بِالضَّمِّ كحبلى وحبالى وَخُنْثَى وخناثي (لَا أُنْثَى أفعل) كالفضلى وَالدُّنْيَا (و) لوصف على فعلان بِالْفَتْح كغضبان وغضابي وسكران وسكارى وندمان وندامى (و) لوصف على (فَعْلى) بِالْفَتْح كسكرى وسكارى وشَاة حرمى أَي مشتهيه للنِّكَاح وحرامى وشذ فِيمَا عدا ذَلِك كيتيم ويتامى وأيم وأيامى ومهري ومهارى وحبط وحباطى

فعالى

فُعَالى (و) الْعشْرُونَ (فُعالى) بِالضَّمِّ (وَهُوَ للأخيرين) أَي فعلان وفعلى (أرجح) من فعالى بِالْفَتْح كسكارى فِي سَكرَان فَعالِي (و) الْحَادِي وَالْعشْرُونَ (الفَعالِي) بِالْفَتْح وَكسر اللَّام (وَهُوَ يُغني عَن فعالى) بِالْفَتْح (جَوَازًا فِي فعلى) بِالضَّمِّ كحبلى والحبالى (وَمَا قبلهَا) أَي فعلاء وفِعْلى وفَعْلى كالصحاري والذفاري والعلاقي (و) فِي (عذراء ومهرى) فَيُقَال العذاري والمهاري وَيجوز فِي كل فعالى بِالْفَتْح (وَيلْزم فِيمَا) لَا يجوز فِيهِ فعالى (نَحْو حذرية) بِكَسْر الْحَاء وَالرَّاء وَهِي الْقطعَة الغليظة من الأَرْض والحذاري (وسعلاة) وَهِي أُنْثَى الغيلان والسعالي (وعرقوة) وَهِي الْخَشَبَة المعترضة على رَأس الدَّلْو والعراقي (والمأقى) وَهُوَ طرف الْعين مِمَّا يَلِي الْأنف والمآقي (وَفِيمَا حذف أول زائديه من حبنطى) والحباطي (وعفرني) والعفاري (وعدولى) والعدالي (وقلنسوة) والقلاسي (وحبارى وَنَحْوه) كقهوباة والقهابي وبلهنية والبلاهي فَإِن حذف ثَانِي الزائدين قيل الحبانط والعفارن والعداول والقلانس والحبائر والقهاوب والبلاهن وشذ فعالي فِي غير مَا ذكر كليلة وليالي وَأهل وأهالي وَعشْرين وعشاري وكيكة وَهِي الْبَيْضَة وكياكي فعَالِيّ (و) الثَّانِي وَالْعشْرُونَ (فَعالي) بِالْفَتْح وَتَخْفِيف الْعين وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء

فعائل

(لثلاثي سَاكن الْعين آخِره يَاء مُشَدّدَة لَا لتجديد نسب) ككرسي وكراسي بِخِلَاف نَحْو تركي (ولنحو علْبَاء وقوباء) فِيمَا الْهمزَة فِيهِ للإلحاق فَإِنَّهُمَا يلحقان بسرداح وَقِرْطَاس فَيُقَال علابي وقوابي (و) لنَحْو (حولايا) فَيُقَال حوالي وشذ فِي نَحْو صحرى وصحاري وإنسان وأناسي وظربان وظرابي فعائل (و) الثَّالِث وَالْعشْرُونَ (فعائل) ويطرد جمعا (لفعيلة لَا بِمَعْنى مفعولة) اسْما أَو صفة كصحيفة وصحائف وظريفة وظرائف بِخِلَاف نَحْو قتيلة وشذ ذَبِيحَة وذبائح (و) لوزن فعأل بِالْفَتْح والسكون وهمزة (نَحْو شمأل) وشمائل (و) فعائل بِالضَّمِّ نَحْو (جُرائض) وجَرائض (و) فعيلاء نَحْو (قريثاء) وقرائث (و) فعالاء نَحْو (براكاء) وبرائك (و) فعولاء نَحْو (جَلُولَاء) وجلائل (وحبار وجزابية إِن حذف مَا بعد لامهما) وَهُوَ الزَّائِد الثَّانِي نَحْو حبائر وحزائب فَإِن حذف الأول فَلهُ فعالي كَمَا تقدم (وفعولة) بِالْفَتْح (وفعالة مثلث الْفَاء اسْمَيْنِ) كحمولة وحمائل وسحابة وسحائب ورسالة ورسائل وذؤابة وذوائب بِخِلَاف الْوَصْف فيهمَا كضرورة وفقاقة وطوالة وَبِخِلَاف مَا خلا مِنْهُمَا من التَّاء وَإِن كَانَ لمؤنث وشذ قلُوص وقلائص وشمال وشمائل وعقاب وعقائب وَكَذَا غير مَا ذكر كضرة وضرائر وحرة وحرائر وطنة وطنائن وهجان وهجائن (وَمَا عدا مَا ذكر) أَنه مطرد (فِي هَذِه الأوزان) كلهَا (شَاذ مسموع) لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَقد تبين ذَلِك عقب كل وزن وَإِلَى هُنَا كَانَ انْتِهَاء كتابتي لهَذِهِ الْقطعَة المشروحة أَولا على هَذِه الطَّرِيقَة ثمَّ عدلت إِلَى طَريقَة أُخْرَى فشرحت عَلَيْهَا من أول الْكتاب إِلَى آخر الْكتاب الثَّانِي

مسألة

ونعود إِلَى إِكْمَال مَا بَقِي من الْكتاب على ذَلِك الأسلوب مَسْأَلَة (ص) (مَسْأَلَة) يجمع الزَّائِد على ثَلَاثَة غير مَا سبق لفواعل ومفاعل على موازنهما لَا مَا ثَانِيه مُدَّة أَو أفعل فعلاء أَو ذُو عَلامَة تَأْنِيث رَابِعَة أَو ألف وَنون كألفي فعلاء وَلَا يفك المضاعف اللَّام إِن لم يفك إفرادا على الصَّحِيح وَمَا رابعه لين غير مدغم فِيهِ تأصيلا فصل ثالثه من آخِره بياء سَاكِنة قد تعاقبها الْهَاء ويحذف من الزَّوَائِد مَا لَا يبْقى مَعَه أحد المثالين فَإِن تأتى بِحَذْف بعض أبقى مَا لَهُ مزية معنى أَو لفظا وَمَا لَا يُغني حذفه عَن غَيره فَإِن تكافآ فَالْخِيَار وَالأَصَح أَن مِيم مقعنسس أولى بِالْبَقَاءِ وَأَن انفعالا وافتعالا لَا يُعَامل كفعال وَإِن لم يبْق بِأَصْل حذف الْخَامِس أَو الرَّابِع إِن أشبه زَائِدا لَا الثَّالِث فِي الْأَصَح وَلَا يبْقى زَائِد مَعَ أَرْبَعَة أصُول إِلَّا لين رَابِع وَيجوز أَن يعوض مِمَّا حذف يَاء سَاكِنة قبل آخر مَا لم يَسْتَحِقهَا وهاء من ألف خَامِسَة وَهِي أَحَق بالمحذوف مِنْهُ يَاء النّسَب وَلَا تحذف يَاء مفاعيل وَعَكسه اخْتِيَارا وَجوزهُ الكوفية وَلَا يفتح بِغَيْر مفتتح مفرده وَلَا يخْتم بلين لَيْسَ فِيهِ أَو بدله وَمَا ورد فَهُوَ لوَاحِد قياسي مهمل أَو قَلِيل (ش) يجمع مَا زَاد على ثَلَاثَة أحرف سوى مَا تقدم أَنه يجمع على فواعل وفعائل على مَا يساويهما فِي البنية وَالْوَزْن أَي فِي الحركات والسكنات وَعدد الْحُرُوف كوزن فعالل ومفاعل وفعائل وفعاول وتفاعل ويفاعل وفياعل وفعالن وأفعال وفناعل وفعالم وَمَا أشبه هَذِه الأوزان بِشَرْط أَلا يكون ثَانِيه مُدَّة وَألا يكون بِهَمْزَة أفعل فعلاء نَحْو أَحْمَر حَمْرَاء وَلَا بعلامة تَأْنِيث رَابِعَة كحبلى وذكرى وَدَعوى وَلَا بِأَلف وَنون يضارعان ألفي فعلاء كسكران وَلَا يفك المضاعف اللَّام فِي هَذَا الْجمع إِن لم يفك فِي الْإِفْرَاد على الصَّحِيح وَذَلِكَ نَحْو معد ويمن وزعارة وحمارة وطمر وخدب وهجف فَإِذا جمعت بقيت على الْإِدْغَام فَيُقَال معاد وطمار وخداب وهجاف فَإِن فك فِي الْإِفْرَاد فك فِي الْجمع نَحْو مهدد وقردد فَيُقَال مهادد وقرادد وَاخْتَارَ بَعضهم فِي خدب وَنَحْوه مِمَّا كَانَ مُلْحقًا الفك أَو الْإِدْغَام فَيُقَال

خدابب لِأَن خدبا مُلْحق بسبطر فيغتفر فِي جمعه الفك لِأَن باءه الثَّانِيَة بِإِزَاءِ رَاء سباطر وَمَا رابعه حرف لين غير مدغم فِيهِ إدغاما أَصْلِيًّا فصل فِي هَذَا الْجمع ثالثه من آخِره بياء سَاكِنة قد تعاقبها هَاء التَّأْنِيث وَذَلِكَ نَحْو بهلون وسربال وقنديل ومطعام ومطعان وفردوس وغرنيق فَيُقَال بهاليل وسرابيل وقناديل ومطاعيم ومطاعين [وفراديس وغرانيق] بِخِلَاف مَا رابعه مُنْقَلب عَن أصل كمختار ومنقاد فَإِنَّهُ يُقَال مخاتر ومقاود من غير فصل وَمَا أدغم فِيهِ إدغاما أَصْلِيًّا كعطود وهبيخ وقنور فَإِنَّهُ لَا يفصل أَيْضا بل يحذف مِنْهُ الْوَاو وَالْيَاء الساكنان فَيُقَال عطاود وهبايخ وقناور فَإِن كَانَ إدغامه عارضا كجديل تَصْغِير جدول وعُثَيِّر تَصْغِير عِثْيَر فصل وَمِثَال معاقبة هَاء التَّأْنِيث الْيَاء جَبَّار وجبابرة ودجال ودجاجلة وَكَانَ قِيَاسه جبابير ودجاجيل فعاقبت الْهَاء الْيَاء وَلذَلِك لَا يَجْتَمِعَانِ ويحذف من ذَوَات الزَّوَائِد مَا يتَعَذَّر بِبَقَائِهِ أحد المثالين أَعنِي مَا شبه فعالل أَو فعاليل كعيطموس فَفِيهَا زائدان الْيَاء وَالْوَاو فإمَّا أَن تحذف الْيَاء وَتبقى الْوَاو فَيُقَال عطاميس فَإِنَّهُ يصير رابعه حرف لين لَيْسَ مدغما إدغاماً أَصْلِيًّا وَإِمَّا أَن تحذف الْوَاو وَتبقى الْيَاء فَيُقَال عياطمس فَيُؤَدِّي هَذَا الْحَذف إِلَى تعذر شبه فعالل أَو فعاليل إِلَّا بِحَذْف حرف آخر أُصَلِّي وَعمل يُؤَدِّي إِلَى حذف وَاحِد أحسن من عمل يُؤَدِّي إِلَى حذف اثْنَيْنِ فَلذَلِك حذفوا الْيَاء فَإِنَّهُ لَا يلْزم من حذفهَا وإبقاء الْوَاو تعذر أحد المثالين وَكَذَلِكَ يُقَال فِي نَحْو مستعد ومستخرج (معاد) ومخارج وَكَذَلِكَ يحذف زَائِد إبقاؤه مخل بمفاعل أَو مفاعيل وَمَا أشبههما سَوَاء كَانَ الزَّائِد أَولا أَو آخرا أَو وسطا نَحْو سبطرى وسباطر ومدحرج ودحارج وفدوكس وفداكس فَإِن تأتى أحد المثالين بِحَذْف بعض وإبقاء بعض أُبْقِي مَا لَهُ مزية فِي الْمَعْنى أَو اللَّفْظ وَحذف الآخر مِثَال الْمَعْنى نَحْو منطلق ومعتلم الْمِيم وَالنُّون وَالتَّاء زَوَائِد فيحذف النُّون وَالتَّاء وَتبقى الْمِيم فَيُقَال مطالق ومعالم لِأَن الْمِيم زيد

لِمَعْنى وَهُوَ الدّلَالَة على اسْم الْفَاعِل وزيادتها مُخْتَصَّة بالأسماء بِخِلَاف النُّون وَالتَّاء فَإِنَّهُمَا يزادان فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال وَمِثَال اللَّفْظ نَحْو اسْتِخْرَاج يُقَال فِي جمعه تخارج فَتبقى التَّاء وتحذف السِّين لِأَن بقاءها وَحذف السِّين أدّى إِلَى وجود النظير نَحْو تجافيف وتماثيل وَالْعَكْس يُؤَدِّي إِلَى عدم النظير لِأَنَّهُ يصير سخاريج وسفاعيل مَعْدُوم فِي أبنية كَلَامهم وَيبقى أَيْضا الزَّائِد الَّذِي لَا يُغني حذفه لَو حذف عَن حذف زَائِد غَيره مِثَاله لغيزى وحضيرى الْألف وَأحد حرفي التَّضْعِيف زائدان فَيبقى المضاعف لِأَن حذفه لَا يُغني عَن حذف الآخر فَإِنَّهُ لَو حذف لبقي لغيزى وحضيرى مخففا وَلَو جمع هَذَا لزم حذف الْألف فَلذَلِك يبْقى المضاعف وتحذف الْألف فَيُقَال لغاغيز وحضاضير فَإِن ثَبت التكافؤ بِأَن لم يكن لأحد الزائدين مزية على الآخر لَا فِي معنى وَلَا فِي لفظ وَلَا تأدية إِلَى حذف الزَّائِد الآخر فالحاذف مُخَيّر نَحْو حبنطى النُّون وَالْألف زائدتان وَلَا مزية لأَحَدهمَا على الآخر لِأَن الزَّائِد الأول فضل بالتقدم وَالثَّانِي بنية الْحَرَكَة لِأَنَّهُ مُلْحق بسفرجل وَكَذَا قلنسوة فضلت النُّون بالتقدم وَالْوَاو بالحركة وعفرنى فضلت النُّون بالتقدم وَالْألف بتمكنها فِي تَقْدِير الحركات الثَّلَاث وفيقال فِي الْجمع إِمَّا حبانط وقلانس وعفارن وَإِمَّا حباطي وقلاسي وعفاري فَإِن كَانَ أحد الزائدين يضاهي أصلا وَالْآخر لَا يضاهيه وَهُوَ مِيم سَابِقَة كميم (مقعنسس) فَفِيهِ خلاف مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَنَّك تحذف السِّين فَتَقول مقاعس وَمذهب الْمبرد أَنَّك تحذف الْمِيم فَتَقول قعاسس وَجه الأول أَنه أبقى الْمِيم لكَونهَا مُتَقَدّمَة ولكونها تفِيد معنى وَهُوَ الدّلَالَة على اسْم الْفَاعِل وَوجه الثَّانِي أَن السِّين أشبهت الأَصْل فَحكم لَهَا بِحكمِهِ أَلا ترى أَنَّك تَقول فِي محرنجم ومدحرج حراجم ودحارج فتحذف الْمِيم وتبقي الْحَرْف الْأَصْلِيّ

فَكَذَا فِي مقعنسس تحذف الْمِيم وتبقي الْحَرْف الملحق بِالْأَصْلِ وَأجِيب بِأَن هَذَا من قبيل زائدين ترجح أَحدهمَا بدلالته على معنى دون الآخر وَالنُّون فِي المذهبين محذوفة وَكَذَلِكَ المذهبان فِي التصغير والمصادر الَّتِي أَولهَا همزَة الْوَصْل تحذف للُزُوم تحرّك مَا بعْدهَا فِي التكسير والتصغير فَإِن كَانَ الْمصدر على وزن انفعال وافتعال كانطلاق وافتقار فَفِي تكسيره وتصغيره خلاف مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَنه يُقَال نطاليق وفتاقير ونطيليق وفتيقير فَإِن كَانَت تَاء الافتعال قد أبدلت ردَّتْ إِلَى أَصْلهَا من التَّاء فَيُقَال فِي اضْطِرَاب واصطبار وازدياد واذكار واظلال ضتاريب وضتيريب وَذهب الْمَازِني إِلَى إِجْرَاء انفعال وافتعال مجْرى فعال فِي حذف الْهمزَة وَحذف النُّون وَالتَّاء فَيُقَال فِي الْجمع طلائق وفقائر و [فِي التصغير] طليق وفقير فَإِن تعذر أحد المثالين بِبَعْض الْأُصُول حذف الْخَامِس من الْأُصُول مُطلقًا سَوَاء وَافق بعض الزَّوَائِد لفظا أم مخرجا أم لم يُوَافقهُ كسفرجل وسفارج وشمردل وشمارد ويحذف الرَّابِع وَيبقى الْخَامِس إِن كَانَ الرَّابِع أصلا وَافق بعض حُرُوف الزِّيَادَة فِي اللَّفْظ أَو فِي الْمخْرج نَحْو خدرنق نونه أصل لَكِنَّهَا مثل النُّون الزَّائِدَة من حَيْثُ اللَّفْظ فَيُقَال خدارق بحذفها وَإِقْرَار الْقَاف وَهُوَ الْحَرْف الْخَامِس وفرزدق داله أصل لَكِنَّهَا تشبه التَّاء الَّتِي هِيَ من حُرُوف الزِّيَادَة من حَيْثُ الْمخْرج لَا من حَيْثُ اللَّفْظ فَيُقَال فرازق بحذفها وَإِقْرَار الْقَاف هَذَا هُوَ الأجود وَيجوز فِيهِ وَجه آخر وَهُوَ إبْقَاء الرَّابِع وَحذف الْخَامِس فَيُقَال خدارن وفرازد هَذَا الْمَذْكُور من جَوَاز حذف الْخَامِس مُطلقًا أَو الرَّابِع بِشَرْطِهِ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَقَالَ الْمبرد لَا يجوز إِلَّا حذف الْخَامِس لَا غير وَمَا جَاءَ من قَوْلهم فرازق غَلطا وَمَا كَانَ غلط لَا يتَعَدَّى بِهِ اللَّفْظَة المسموعة قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد وَافق الْمبرد على هَذَا غَيره

أما الثَّالِث فَلَا يحذف فَلَا يُقَال فرادق وَلَا خدانق وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ والأخفش قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَأَنَّهُم رَأَوْا حذف الثَّالِث أسهل إِذْ تحل ألف الْجمع محلهَا فَيبقى مَا قبل الْألف معادلا لما بعْدهَا فِي كَون كل مِنْهُمَا حرفين متساويين فِي نظم التَّرْتِيب وَكَأَنَّهُم رَأَوْا أَن بالثالث حصل الِامْتِنَاع من الْوُصُول إِلَى مماثلة مفاعل أَو مفاعيل فأجروه مجْرى الزَّائِد الَّذِي جَاءَ ثَالِثا فحذفوه نَحْو وَاو فدوكس حَيْثُ قَالُوا فداكس وَلَا يبْقى فِي هَذَا الْجمع الَّذِي على مماثلة مفاعل أَو مفاعيل زَائِد مَعَ أَرْبَعَة أصُول بل يحذف سَوَاء كَانَ أَولا أَو ثَانِيًا أَو ثَالِثا أَو رَابِعا أَو خَامِسًا أَو سادسا نَحْو مدحرج وقنفخر وفدوكس وصفصل وسبطري وعنكبوت وعقربان وبرنساء فَيُقَال دحارج وقفاخر وفداكس وصفاصل وسباطر وعناكب وعقارب وبرانس وَلَا تُوجد زِيَادَة رَابِعَة فِي رباعي الْأُصُول إِلَّا حرف لين أَو مدعما وَلَا سادسة فِي رباعي الْأُصُول أَيْضا إِلَّا مَعَ زِيَادَة أُخْرَى ويكونان زيدتا مَعًا كَمَا مثلنَا بِهِ من عنكبوت وعقربان وبرنساء فَإِن كَانَ الزَّائِد حرف لين رَابِعا سَوَاء كَانَ حرف مد أَيْضا كعصفور وقنديل وسرداح أم غير حرف فَلَا كغرنيق وفردوس لم يحذف ذَلِك الزَّائِد بل إِن كَانَ يَاء أقرّ على حَاله أَو واوا أَو ألفا قلب فَيُقَال عصافير وقناديل وسراديح وغرانيق وفراديس فَإِن كَانَ حرف عِلّة لَا لين حذف كَالصَّحِيحِ فَيُقَال فِي كنهور كناهر وحرف اللين مَا كَانَ سَاكِنا سَوَاء كَانَت الْحَرَكَة قبله مُنَاسبَة أم لَا فَإِن ناسبته سمي حرف مد ولين وَاحْترز برابع من غير الرَّابِع فَإِنَّهُ يحذف أَيْضا وَإِن كَانَ حرف لين سَوَاء كَانَ ثَانِيًا أم ثَالِثا أم خَامِسًا كفدوكس وسميذع وعذافر وخيتعور وخيسفوج فَيُقَال فداكس وسماذع وعذافر وختاعر وخسافج وَيجوز أَن يعوض مِمَّا حذف سَوَاء كَانَ ثلاثي الْأُصُول أَو رباعيه أم خماسيه يَاء سَاكِنة قبل الآخر نَحْو مطاليق فِي منطلق وفداكيس فِي فدوكس وسفارج فِي

سفرجل مَا لم يَسْتَحِقهَا من غير تعويض نَحْو لغيزى فَإِنَّهُ يُقَال فِيهِ لغاغيز بفك التَّضْعِيف وَحذف أَلفه وياء قبل آخِره لَكِن هَذِه الْيَاء هِيَ الَّتِي فِي الْمُفْرد فَلَيْسَتْ تعويضا من الْمَحْذُوف فِي الْجمع وَقد تعوض هَاء التَّأْنِيث من أَلفه الْخَامِسَة تَقول فِي حبنطى وعفرني حبانط وعفارن فَإِذا عوضت الْيَاء قلت حبانيط وعفارين أَو الْهَاء قلت حبانطة وعفارتة لَكِن بَاب تعويض الْيَاء أوسع جدا لِأَنَّهَا يجوز دُخُولهَا فِي كل مَا حذف مِنْهُ شَيْء غير بَاب لغيزى وتعويض الْهَاء مَقْصُور على مَا ذكر وهاء التَّأْنِيث بِالِاسْمِ الَّذِي حذفت مِنْهُ يَاء النّسَب عِنْد الْجمع من غَيره مِثَاله أشعثي وأشاعثه وأزرقي وأزارقة ومهلبي ومهالبة وَلَا يجوز حذف الْيَاء من مفاعيل وَلَا إِثْبَاتهَا فِي غَيره كمفاعل وفواعل عِنْد الْبَصرِيين إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 1776 - (أَلا إِن جيراني العَشِيَّة رَائِحُ ... دَعَتْهُم دواع من هوى ومنادح) وَالْأَصْل مناديح لِأَنَّهُ جمع مندوحة وَقَوله: 1777 - (سوابغُ بيضٌ لَا تُخَرِّقُها النَّبْلُ ... ) وَالْأَصْل سوابيغ لِأَنَّهُ جمع سابغة وَأَجَازَ الكوفية الْأَمريْنِ فِي الِاخْتِيَار وَاسْتَدَلُّوا بقوله تَعَالَى: {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب} [الْأَنْعَام: 59] وَالْأَصْل مَفَاتِيح لِأَنَّهُ جمع مِفْتَاح وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَو ألْقى معاذيره} [الْقِيَامَة: 15] وَالْأَصْل (معاذره) لِأَنَّهُ جمع معذرة

وَتَأَول البصريون ذَلِك على أَنه جمع مفتح بِلَا ألف ومعذار بِأَلف وَوَافَقَ ابْن مَالك الْكُوفِيّين فَأجَاز فِي سربال وعصفور سرابل وعصافر وَفِي دِرْهَم وصيرف دراهيم وصياريف وَلَا يفْتَتح بَاب مفاعل ومفاعيل بالحرف الَّذِي لم يفْتَتح بِهِ الْمُفْرد بل أَي حرف كَانَ أول الْمُفْرد يكون أول هَذِه الجمعين كَمَا مر فِي الْأَمْثِلَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا الحكم مُشْتَرك بَين هذَيْن المثالين وَبَين كثير من أَمْثِلَة الجموع وَإِنَّمَا يخرج عَنهُ مَا جمع على أفعل وأفعال وأفعلة وأفعلاء وَفعل فِي جمع أفعل وَلَا يخْتم بَاب مفاعل ومفاعيل بِحرف لين لَيْسَ فِي الْوَاحِد هُوَ وَلَا مَا أبدل مِنْهُ فَإِن كَانَ هُوَ أَو مَا أبدل مِنْهُ فِي الْوَاحِد حتم هَذَا الْجمع بِهِ كحذرية وحذاري وعروهَ وعراقي وَمَا ورد بِخِلَاف ذَلِك فِي الْأَمريْنِ أَعنِي الِافْتِتَاح والاختتام فَهُوَ جمع لوَاحِد قياسي مهمل أَو مُسْتَعْمل قَلِيلا مِثَاله فِي الِافْتِتَاح ملامح ومذاكير ومحاسن افْتتح بِغَيْر الْحَرْف الَّذِي فِي أول لمحة وَذكر وحسنة فَقدر كَأَنَّهَا جمع ملمحة ومذكار ومحسنة وَهِي مُفْرَدَات مُهْملَة الْوَضع جَاءَ الْجمع عَلَيْهَا وأظافير افْتتح بِغَيْر الْحَرْف الَّذِي فِي أول ظفر لكنه ورد الأظفور فِي معنى الظفر فَكَأَن الْجمع جَاءَ عَلَيْهِ وَإِن كَانَ الظفر أشهر وَأكْثر اسْتِعْمَالا ومثاله فِي الاختتام باللين الكياكي ختم بِهِ والمفرد كيكة وَلَيْسَ هُوَ فِيهِ وَلَا مَا أبدل مِنْهُ فَقدر كَأَنَّهُ جمع كيكاة وَهُوَ مُفْرد قياسي قد أهمل والليالي مُفْرد لَيْلَة وَلم يخْتم بِهِ وَلكنه قد اسْتعْمل قَلِيلا ليلاه قَالَ: 1778 - (يَا وَيْحَهُ من جَمَل مَا أشْقَاه ... فِي كل يَوْم مَا وكُلِّ ليلاهْ)

فَجَاءَت اللَّيَالِي على مُرَاعَاة هَذَا الْقَلِيل (ص) مَسْأَلَة يجمع الْعلم المرتجل وَالْمَنْقُول من غير اسْم جامد لَهُ جمع موازنة أَو مقاربه من جامد اسْم الْجِنْس الْمُوَافقَة تذكيرا وضده وَلَا يتَجَاوَز بالمنقول فِي جامد لَهُ جمع وَزنه فَإِن لم يكن عومل كأشبه الْأَسْمَاء بِهِ (ش) إِذا كَانَ الِاسْم علما مرتجلا فَإنَّك تجمعه جمع مَا وازنه من أَسمَاء الْأَجْنَاس إِن كَانَ لَهُ نَظِير فِي الأوزان أَو مَا قاربه فِي الْوَزْن إِن لم يكن لَهُ نَظِير مراعيا للموافقة فِي التَّذْكِير والتأنيث فَإِن كَانَ الْعلم مذكرا جمع جمع اسْم الْجِنْس الْمُذكر أَو مؤنثا جمع جمع اسْم الْجِنْس الْمُؤَنَّث مِثَال مَا لَهُ نَظِير زَيْنَب وسعاد وأدد فَيجمع زَيْنَب على زيانب كَمَا تجمع (أرنبا) على أرانب و (سعاد) على أسعد كَمَا تجمع كرَاع على أكرع وأدد على إدان كَمَا تجمع (نغر) على نغران وَمِثَال مَا لَا نَظِير لَهُ ضريب إِذا ارتجلت علما من الضَّرْب على وزن فعلل فَإِنَّهُ مَفْقُود فِي كَلَامهم فتجمعه جمع برثن لِأَنَّهُ قاربه فِي الْوَزْن وَكَذَلِكَ الْعلم الْمَنْقُول من غير اسْم جامد سَوَاء كَانَ مَنْقُولًا من صفة أَو من فعل وَقد اسْتَقر لَهُ جمع قبل النَّقْل فَإِنَّهُ أَيْضا يَجْعَل كاسم الْجِنْس الْمُوَافق لَهُ فِيمَا ذكر مِثَاله لَو سميت رجلا بجامد أَو بِضَرْب الْمَنْقُول من الْفِعْل لَقلت فِي جمع جامد جوامد كَمَا تَقول فِي حَائِط حَوَائِط وَفِي جمع ضرب أضراب كَمَا تَقول فِي جمع حجر أَحْجَار وَكَذَا إِذا سميت امْرَأَة بِخَالِد جمعتها على خوالد كَمَا تجمع طَالِق على طَوَالِق وَلَو سميتها ب (قَالَ) لَقلت فِي جمعهَا قَول كَمَا تَقول فِي جمع سَاق سوق وَلَو سميت ب (أقتل) مَنْقُولًا من الْمُضَارع الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول فَإِنَّهُ لَا نَظِير لَهُ فِي أوزان الْأَسْمَاء فَيجمع مثل جمع أفكل المقارب لوزنه وَلَا تتجاوز بالمنقول من جامد مُسْتَقر لَهُ جمع مَا كَانَ لَهُ من الْجمع فَلَو سميت رجلا بغراب قلت فِي جمعه أغربة وغربان كَمَا قيل فِيهِ قبل النَّقْل وَلَا يُزِيلهُ النَّقْل عَمَّا كَانَ لَهُ فِي حَال كَونه اسْم جنس فَإِن لم يسْتَقرّ لَهُ جمع قبل النَّقْل بِأَن لم يجمع أَلْبَتَّة كالمنقول من أَكثر المصادر فَأَنَّهَا لم تجمع أَو جمع لكنه مَا اسْتَقر فِيهِ جمع بل اضْطربَ وَلم تطرد فِيهِ قَاعِدَة بِحَيْثُ تكون مقيسة فِي جمع ذَلِك الِاسْم فَإِنَّهُ إِذْ ذَاك يجمع جمع مَا كَانَ أشبه بِهِ

مِثَال الأول أَن يُسمى ب (ضرب) فَإِنَّهُ لم يجمع وَهُوَ مصدر فَجمع مُسَمّى بِهِ على أفعل فِي الْقلَّة فَتَقول أضْرب ككلب وأكلب وضروب من الْكَثْرَة ككعب وكعوب وَمِثَال الثَّانِي ... (ص) وَلَا يجمع جمع كَثْرَة وَاسم جنس لم تخْتَلف أَنْوَاعه وفَاقا فَإِن اخْتلف فالجمهور لَا يُقَاس هُوَ وَلَا اسْم الْجمع وَأَنه يُقَاس فِي الْقلَّة أما جمع الْجمع فَلم يُثبتهُ غير الزجاجي وَابْن عَزِيز (ش) لَا خلاف فِي أَن جموع الْكَثْرَة لَا تجمع قِيَاسا وَلَا أَسمَاء المصادر وَلَا أَسمَاء الْأَجْنَاس إِذا لم تخْتَلف أَنْوَاعهَا فَإِن اخْتلفت فسيبويه لَا يقيس جمعهَا على مَا جَاءَ مِنْهُ وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَمذهب الْمبرد والرماني وَغَيرهمَا قِيَاس ذَلِك قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ لقلَّة مَا حكى مِنْهُ وَسَوَاء فِي اسْم الْجِنْس مَا ميز واحده بِالتَّاءِ وَمَا لَيْسَ كَذَلِك وَمن المسموع فِي الأول قَوْلهم رطبَة وأرطاب وَاخْتلفُوا فِي جموع الْقلَّة وَهِي أَفعَال وأفعلة وأفعل وفعلة فمذهب الْأَكْثَرين أَنه منقاس جمعهَا وَلَا خلاف أَنه مَا سمع من جمع الْقلَّة أَكثر مِمَّا سمع من جمع الْكَثْرَة وَلَكِن أهوَ من الْكَثْرَة بِحَيْثُ يُقَاس عَلَيْهِ أم لَا وَاخْتِيَار ابْن عُصْفُور أَنه لَا ينقاس جمع الْجمع لَا جمع الْقلَّة وَلَا جمع الْكَثْرَة وَلَا يجمع إِلَّا مَا جمعُوا وَمن المسموع فِي ذَلِك أيد وأياد وأوطب وأواطب وَأَسْمَاء وأسام وأسورة وأساور وأبيات وأباييت وأنعام وأناعيم وأقوال وأقاويل وأعراب وأعاريب ومعن ومعنان ومصران ومصارين وحيشان وحشاشين وجمل

وجماميل وأعطية وأعطيات وأسقية وأسقيات وبيوت وبيوتات وموال ومواليات بني هَاشم ودور ودورات وعوذ وعوذات وَصَوَاحِب وصواحبات يُوسُف وحدائد وحديدات وحمر وحمرات وطرق وطرقات وجزر وجزرات وأنصاء وأناص وَهُوَ مَا رعي من النَّبَات قَالَ أَبُو حَيَّان فَهَذَا مَا جمع من الْجَمِيع فِي الْكَلَام والمفرد يَد ووطاب وَاسم وسوار وَبَيت وَنعم وَقَول وعرب ومعن ومصير وَحش وجمل وَعَطَاء وسقاء وَبَيت وَمولى وَدَار وعائذ وصاحبة وحديدة وحمار وَطَرِيق وجزور ونصو قَالَ وَأما مَا جَاءَ فِي الضَّرُورَة فأعينات والبرعات وأيامنون ونواكسون وعقابين وغرابين أما جمع جمع الْجمع فأثبته الزجاجي وَمثله بأصائل وَهِي العشايا فَإِنَّهُ جمع آصال وآصال جمع أصل وأصل جمع أصيل كَمَا تَقول رغيف ورغف ثمَّ تشبه أصلا الْجمع بعنق فتجمعه على آصال كَمَا تجمع عنقًا على أَعْنَاق ثمَّ تشبه أصالا بأعصار لموافقته فِي الزِّيَادَة وَعدد الْحُرُوف فتجمعه على أصائل وَكَانَ قِيَاسه أصائيل لأجل الْألف كأعاصير وَبَعْضهمْ قَالَ إِن أصلا قد اسْتعْمل فِي لِسَان الْعَرَب مُفردا بِمَعْنى أصيل فأصائل من جمع الْجمع قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا أحسن من أَن يَجْعَل جمع جمع جمع قَالَ وَذكر أَبُو الْحسن بن الباذش أَن النَّحْوِيين على أَن آصالا جمع أصيل كيمين وأيمان وَأَن أصائل جمع أصيلة كسفينة وسفائن وَقد حكى يَعْقُوب أصيله فِي معنى أصيل فعلى هَذَا لَا يكون أصائل من بَاب جمع الْجمع وَلَا من بَاب جمع جمع الْجمع قَالَ وَهَذَا أولى من تكلّف لَا يضْطَر إِلَيْهِ انْتهى وَقَالَ السُّهيْلي لَا أعرف أحدا قَالَ جمع جمع الْجمع غير الزجاجي وَابْن عَزِيز قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ أَنه لَا ينقاس جمع اسْم الْجمع وَمن المسموع مِنْهُ قوم وأقوام ورهط أراهط

مسألة

مَسْأَلَة (ص) مَسْأَلَة مَا دلّ على أَكثر من اثْنَيْنِ وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه إِن كَانَ وَزنه خَاصّا بِالْجمعِ أَو غَالِبا فَجمع وَاحِد مُقَدّر وَإِلَّا فاسم جمع وَمَا لَهُ وَاحِد يُوَافقهُ فِي اصل اللَّفْظ وَالدّلَالَة عِنْد عطف أَمْثَاله فَجمع مَا لم يُخَالف أوزانه أَو يُسَاوِي الْوَاحِد فِي خَبره وَوَصفه وَنسبه أَو يُمَيّز من واحده بياء نِسْبَة فاسم جمع أَو بتاء فاسم جنس فِي الْأَصَح أما مَا يَقع على الْمُفْرد وَالْجمع فَإِن لم يثن كجنب على الْأَفْصَح فَغير جمع وَإِلَّا فَقيل اسْم جمع وَقيل جمع مُقَدّر تَغْيِيره وَقيل مُفْرد (ش) كل اسْم دَال على أَكثر من اثْنَيْنِ وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه فَهُوَ جمع وَاحِد مُقَدّر إِن كَانَ على وزن خَاص بِالْجمعِ أَو غَالب فِيهِ مِثَال الْخَاص عبابيد وشماطيط فَهَذَا جمع وَإِن لم ينْطق لَهُ بمفرد لِأَنَّهُ جَاءَ على وزن يخْتَص بِالْجمعِ إِذْ لم يَجِيء لنا من لسانهم اسْم مُفْرد على هَذَا الْوَزْن وَمِثَال الْغَالِب أَعْرَاب فَإِنَّهُ جمع لمفرد لم ينْطق بِهِ وَجَاء على وزن غَالب فِي الجموع لِأَن أفعالا قل فِي الْمُفْردَات جدا وَمِنْه برمة أعشار وَإِلَّا فَهُوَ اسْم جمع كإبل وذود واحدهما جمل أَو نَاقَة وَقوم واحده (رجل) فَإِن كَانَ لَهُ وَاحِد يُوَافقهُ فِي أصل اللَّفْظ دون الْهَيْئَة وَفِي الدّلَالَة عِنْد عطف أَمْثَاله فَهُوَ جمع مِثَاله رجال لَهُ وَاحِد يُوَافقهُ فِي الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة دون الْهَيْئَة وَيُقَال فِيهِ قَامَ رجل وَرجل وَرجل فَإِن وَافقه فِي اللَّفْظ والهيئة كفلك للْوَاحِد وَالْجمع فَسَيَأْتِي حكمه أَو لم يُوَافقهُ فِي الدّلَالَة عِنْد عطف أَمْثَاله كقريش فَإِن واحدهم قرشي وَإِذا عطف أَمْثَاله عَلَيْهِ فمدلوله جمَاعَة منسوبة إِلَى قُرَيْش وَلَيْسَ مَدْلُول قُرَيْش ذَلِك فَلَيْسَ بِجمع وَكَذَا إِن وجد الشرطان وَلَكِن خَالف أوزان الجموع السَّابِقَة أَو سَاوَى الْوَاحِد فِي خَبره وَوَصفه نَحْو الركب سَائِر وَهَذَا ركب سَائِر كَمَا تَقول الرَّاكِب سَائِر وَهَذَا رَاكب سَائِر

أَو ساواه فِي النّسَب إِلَيْهِ بِأَن نسب إِلَيْهِ على لَفظه نَحْو ركبي كَمَا تَقول راكبي بِخِلَاف الْجمع فَإِنَّهُ لَا ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه بل يرد إِلَى الْمُفْرد كَمَا سَيَأْتِي أَو ميز من واحده بِنَزْع يَاء النّسَب نَحْو روم وَترك فَإِن الْوَاحِد مِنْهُمَا رومي وتركي وَمَعَ ذَلِك لَا يكون روم وَترك وَنَحْوهمَا جموعا أَو ميز من واحده بتاء التَّأْنِيث كبسر وبسرة فِي الْمَخْلُوقَات وسفن وسفينة فِي المصنوعات فَلَيْسَ شَيْء من هَذِه الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة يجمع بل كل من الثَّلَاثَة الأول اسْم جمع والأخير اسْم جنس وَخَالف الْأَخْفَش فِيمَا كَانَ على فعل كركب طير وَصَحب وَنَحْوهَا فَقَالَ إِنَّهَا جموع تكسير لراكب وطائر وَصَاحب لَا أَسمَاء جموع قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مَرْدُود بِأَن الْعَرَب صغرتها على لَفظهَا وَلَو كَانَت جموعا ردَّتْ فِي التصغير إِلَى مفرداتها وَخَالف الْفراء فِي كل مَا لَهُ وَاحِد مُوَافق فِي أصل اللَّفْظ كبسر وغمام وسحاب وَنَحْوهَا ورد بِأَنَّهُ لَو كَانَ جمعا لم يجز وَصفه بالمفرد وَقد وصف بِهِ قَالَ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} [فاطر: 10] {أعجاز نخل منقعر} [الْقَمَر: 20] وَمن الْوَاقِع على جمع مَا يَقع على الْوَاحِد وَالْجمع بِغَيْر تَغْيِير ظَاهر فإمَّا أَن يثنى أَو لَا فَإِن لم يثن فَإِنَّهُ لَيْسَ بِجمع كالمصدر إِذا أخبر بِهِ أَو وصف بِهِ أَو وَقع حَالا وَنَحْو جنب أَيْضا فَإِن الْأَفْصَح فيهمَا أَلا يثنيا وَلَا يجمعا فليسا بجمعين وَإِن ثني فَهُوَ جمع عِنْد الْأَكْثَرين كفلك وهجان ودلاص فَإِنَّهَا تطلق على الْمُفْرد وَالْجمع ففلك فِي حَالَة الْإِفْرَاد نَظِير قفل وَفِي حَالَة الْجمع نَظِير رسل وهجان فِي حَالَة الْإِفْرَاد نَظِير لجام وَفِي حَالَة الْجمع نَظِير كرام فَقدر التَّغْيِير فِي حَالَة الْجمع بتبدل الحركات وَلم يَجْعَل من بَاب الْمُشْتَرك لوُجُود تثنيته فِي كَلَامهم بِخِلَاف نَحْو جنب فَإِنَّهُ هَكَذَا الْمُفْرد والمثنى وَالْمَجْمُوع على الفصيح وَإِن كَانَ بَعضهم قد ثناه فَيكون إِذا ذَاك من بَاب فلك فَلَمَّا ثنيت دلّ ذَلِك على عدم الِاشْتِرَاك

التصغير

وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن بَاب فلك وَنَحْوه أَسمَاء جموع وَأَنه لَا تَغْيِير فِيهَا مُقَدرا فَيكون إِذْ ذَاك من قبيل الْمُشْتَرك بَين الْمُفْرد وَالْجمع وَلَا يمْتَنع أَن يوضع لفظ مُشْتَرك بَين الْمُفْرد وَالْجمع لِأَنَّهُمَا مَعْنيانِ متغايران بكيفية الْإِفْرَاد وَالْجمع وَإِن كنت إِذا أطلقته على الْجمع دلّ على الْمُفْرد وَالْجمع ضم مُفْرَدَات نظمهن لفظ كَمَا لم يمْتَنع أَن يوضع الْمُشْتَرك بَين الْكل وجزئه نَحْو إِنْسَان فَإِنَّهُ مَوْضُوع لهَذَا الشَّخْص وموضوع لإِنْسَان الْعين وَإِن كنت إِذا أطلقته على الْإِنْسَان دلّ بطرِيق التَّضْمِين على إِنْسَان الْعين فَكَمَا لم يمْتَنع وضع مثل هَذَا فَكَذَلِك لَا يمْتَنع بَين الْمُفْرد وَالْجمع وَهُوَ فِي هَذَا أسهل لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكثر من ضم أَمْثَال بِخِلَاف إِنْسَان فَإِن المباينة فِيهِ أَكثر لِأَن مباينة الْجُزْء للْكُلّ أَكثر من مباينة الْمُفْرد للْجمع وَهَذَا الرَّأْي صَححهُ ابْن مَالك فِي التسهيل وَقَالَ بعض النَّحْوِيين الْفلك اسْم مُفْرد يذكر وَيُؤَنث وَقَوله تَعَالَى: {والفلك تجْرِي} [الْحَج: 65] على التَّأْنِيث المسموع فِيهِ وَهُوَ مُفْرد وَاللَّام للْجِنْس وَقَوله: {وجرين بهم} [يُونُس: 22] أُعِيد فِيهِ على الْمَعْنى كَمَا قَالُوا الدِّينَار الصفر وَالدِّرْهَم الْبيض وَغير هَذَا الْقَائِل يَجعله دَلِيلا على الْجمع التصغير (ص) المصغر هُوَ المصوغ لتحقير أَو تقليل أَو تقريب أَو تعطف قَالَ الكوفية أَو تَعْظِيم بِضَم أَوله وَفتح ثَانِيه وَزِيَادَة يَاء سَاكِنة بعده قيل أَو ألف (ش) فَوَائِد التصغير خمس أَحدهمَا تحقير شَأْن الشَّيْء وَقدره نَحْو رجيل وزييد تُرِيدُ تحقير قدره والوضع مِنْهُ الثَّانِي التقليل إِمَّا لذاته نَحْو كُلَيْب أَو لكميته نَحْو دريهمات الثَّالِث التَّقْرِيب إِمَّا لمنزلته نَحْو صديقَة أَو لزمانه ومسافته نَحْو قبيل وبعيد وفويق وتحيث ودوين

الرَّابِع التعطف نَحْو يَا أخي يَا حَبِيبِي الْخَامِس التَّعْظِيم أثْبته الْكُوفِيُّونَ وَاسْتَدَلُّوا بقوله: 1779 - (وكُلُّ أٌ نَاس سَوف تَدْخُل ... دُوَيْهية تَصْفَرُّ مِنْهَا الأنامِلُ) والبصريون تأولوا ذَلِك وَيكون تَصْغِير الِاسْم بِضَم أَوله وَفتح ثَانِيه وَزِيَادَة يَاء سَاكِنة بعده أَعنِي بعد الثَّانِي واعتل السيرافي لضم أول المصغر بِأَنَّهُم لما فتحُوا من التكسير لم يبْق إِلَّا الْكسر وَالضَّم فَكَانَ الضَّم أولى بِسَبَب الْيَاء وَالْكَسْر بعْدهَا فِي الْأَكْثَر وَهِي أَشْيَاء متجانسة وتجانس الْأَشْيَاء مِمَّا يستثقل وَقَالَ أَبُو بكر بن طَاهِر جعلُوا الْألف وَالْفَتْح فِي الْجمع لِأَنَّهُ أثقل فطلبوا فِيهِ الخفة والضمة وَالْيَاء للمصغر لِأَنَّهُ أخف وَقَالَ بَعضهم إِنَّمَا ضم أول المصغر لِأَنَّهُ ثَان للمكبر وتال لَهُ فَلَمَّا كَانَ بعده جرى مجْرى الْفِعْل الَّذِي لم يسم فَاعله قَالُوا وَإِنَّمَا فتح مَا قبل الْيَاء لِأَن الْيَاء فِي التصغير وَالْألف فِي شبه مفاعل متقابلان لِأَن التصغير والتكسير من بَاب وَاحِد فَكَمَا أَن مَا قبل الْألف مَفْتُوح فَكَذَلِك مَا قبل هَذِه الْيَاء الْمُقَابلَة لَهَا وَإِنَّمَا كَانَت عَلامَة التصغير يَاء لِأَن الأولى بِالزِّيَادَةِ حُرُوف الْمَدّ واللين وَالْجمع قد أَخذ الْألف فأرادوا حرفا يُخَالِفهُ ويقاربه ليَقَع الْفَصْل فَجَاءُوا بِالْيَاءِ لِأَنَّهَا أقرب إِلَى الْألف وَزعم بعض الْكُوفِيّين وَصَاحب (الْغرَّة) أَن الْألف قد تجْعَل عَلامَة للتصغير

كَقَوْلِهِم هدهد وتصغيره هداهد ودابة وشابة والتصغير دوابة وشوابة بِالْألف وَأجِيب بِأَن الأَصْل دويبة وشويبة فأبدلت الْألف من الْيَاء وَبِأَن هداهد اسْم مَوْضُوع للتصغير لَا أَنه تَصْغِير هدهد 0 ص) ويحذف أول ياءين ولياها وتقلب يَاء وَاو سكنت أَو اعتلت أَو كَانَت لاما وجوبا أَو تحركت فِي مُفْرد وَجمع اخْتِيَارا وواو ثَان فتح للتصغير مُنْقَلب عَنْهَا أَو ألف زَائِدَة أَو مَجْهُولَة أَو بدل همزَة تَلِيهَا لَا يَاء ومنقلب عَنْهَا فِي الْأَصَح وَيجْرِي ذَلِك فِي الْجمع الموازن مفاعل أَو مفاعيل (ش) إِذا ولي يَاء التصغير ياءان حذف أولاهما لتوالي الْأَمْثَال وَإِن وَليهَا وَاو قلبت يَاء وجوبا إِن سكنت كعجوز وعجيز أَو اعتلت كمقام أَصله مقوم ومقيم أَو كَانَت لاما كغزو وغزي وغزوة وغزية وعشوا وعشيا واختيارا إِن تحرّك لفظا فِي إِفْرَاد وتكسير وَلم يكن لاما كأسود وأساود وَأسيد وجدول وجداول وجديل وَيجوز فِي الْإِقْرَار وَترك الْقلب فَيُقَال أسيود وجديول وَجه الأول الجري على قَاعِدَة اجْتِمَاع يَاء وواو سبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ من قلب الْوَاو يَاء وإدغامها فِي الْيَاء وَوجه الثَّانِي الإجراء على حَدهَا فِي التكسير لِأَنَّهُمَا من بَاب وَاحِد فَإِن تحركت فيهمَا وَهِي لَام قلبت فِي التصغير وجوبا وَلم يلْتَفت إِلَى الْجمع نَحْو كروان وكراوين وكريان ويقلب ثَانِي المصغر المفتوح للتصغير واوا وجوبا إِن كَانَ منقلبا عَنْهَا كديمة ودويمة وَقِيمَة وقويمة وريح ورويحة وميزان ومويزن وَمَال ومويل وريان ورويان وشذ من هَذَا الأَصْل قَوْلهم عيد وعييد وَكَانَ قِيَاس عويدا لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من الْعود وَكَذَا قَوْلهم فِي الْجمع أعياد وقصدوا بذلك الْفرق بَينه وَبَين تَصْغِير عود وَجمعه

أَو كَانَت ألفا زَائِدَة كضارب وضويرب وكاهل وكويهل وقاصعاء وقويصعاء وخاتام وخويتيم وجاموس وجويميس أَو كَانَت ألفا مَجْهُولَة الأَصْل كعباب وصويب وعاج وعويج وآوى وأوي أَو كَانَت ألفا بدل همزَة كآدم وأويدم أَصله أأدم لِأَنَّهُ أفعل من الأدمة فأبدلت الْهمزَة ألفا وَلَا تقلب إِن كَانَت يَاء كبيت وَشَيخ وميت وَسيد أَو كَانَ منقلبا عَن يَاء كَنَابِ للسن فِي الْأَصَح الَّذِي هُوَ مَذْهَب الْبَصرِيين بل يجب إِقْرَار الْيَاء فِي الْحَالين فَيُقَال بييت وشييخ ومييت وسييد ونييب وَجوز الْكُوفِيُّونَ الْإِقْرَار وَالْقلب واوا كَرَاهَة اجْتِمَاع الياءات وَاخْتَارَهُ ابْن مَالك فَيُقَال بويت وشويخ ومويت وسُويد ونويب وَسمع فِي بَيْضَة بويضة بِالْوَاو وَفِي نَاب للمسنة من الْإِبِل نويب وَذَلِكَ عِنْد الْبَصرِيين شَاذ لَا يعْمل بِهِ وعَلى مَذْهَبهم الْأَحْسَن ضم مَا قبل الْيَاء وَيجوز كسرهَا فَيُقَال شييخ وَهَكَذَا ويجرى مَا ذكر من الْقلب فِي الْجمع على مِثَال مفاعل أَو مفاعيل فَيُقَال فِي الْأَمْثِلَة السَّابِقَة عَجَائِز وروائح وموازين وضوراب وكراهل وقواصع وخواتيم وجواميس وأوادم (ص) وَيكسر تالي يَاء التصغير لَا آخرا أَو مُتَّصِلا بهاء التَّأْنِيث أَو ألفيه أَو ألف أَفعَال أَو ألف وَنون مزيدتين (ش) إِذا كَانَ تالي يَاء التصغير مكسورا بَقِي على كسر كزبرج وزبيرج قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا نقُول إِن الكسرة الْأَصْلِيَّة زَالَت وَجَاءَت كسرة التصغير لِأَنَّهُ لَا حَاجَة إِلَى دَعْوَى ذَلِك قَالَ وَيُشبه ذَلِك الكسرة فِي نَحْو شرب فَإِنَّهُ إِذا بني للْمَفْعُول ضم أَوله وَلَا يُقَال إِن كَسرته زَالَت وَجَاء غَيرهَا قَالَ وَلم قيل إِن الكسرة فِي زبرج وَشرب زَالَت وَجَاءَت كسرة أُخْرَى لَكَانَ وَجها كَمَا قَالُوا فِي من زيد فِي الْحِكَايَة على أحد الْقَوْلَيْنِ وَفِي يَا منص إِذا رخم مَنْصُور على لُغَة من لَا ينْتَظر فَإِنَّهُم زَعَمُوا أَنَّهَا ضمة بِنَاء غير الضمة الأصلة أهـ وَإِن كَانَ تالي يَاء التصغير غير مكسور كسر للمناسبة بَين الْيَاء والكسرة كجعيفر

وبريثن ودريهم إِلَّا أَن يكون آخرا كرجيل لِأَن الآخر مَشْغُول بحركة الْإِعْرَاب وَهِي متبدلة عَلَيْهِ فَلم يُمكن كَسره أَو مُتَّصِلا بهاء التَّأْنِيث كطليحة فَإِن كَانَت الْهَاء فِيهِ وَلم يتَّصل بهَا كسر كدحرج ودحيرجة أَو مُتَّصِلا بِمَا هُوَ منزل منزلَة هَاء التَّأْنِيث كبعيلبك فَلَا تكسر اللَّام أَو بِأَلف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة أَو الممدودة ككسيرى وحميراء بِخِلَاف ألف الْإِلْحَاق كعلقى وعلباء فَإِنَّهُ يكسر مَا هِيَ فِيهِ فَيُقَال عليق عليب أَو مُتَّصِلا بِأَلف أَفعَال جمعا كأتراب وأنياب وأسقاط وأسباط أَو مُفردا كَأَن يُسمى بأجمال فَيُقَال أجيمال أَو مُتَّصِلا بِالْألف وَالنُّون المزيدتين ك (سكيران) بِخِلَاف مَا نونه أَصْلِيَّة فَإِنَّهُ يكسر فِيهِ مَا قبل الْألف 0 ص) والثنائي حذفا برد مَا حذف وضعا يُزَاد آخِره يَاء قيل أَو يضعف من جنسه وَلَا يعْتد بِالتَّاءِ وَلَا يرد مَحْذُوف تَأتي بِدُونِهِ فعيل على الْأَصَح (ش) يتَوَصَّل إِلَى مِثَال فعيل فِي الثنائي برد مَا حذف مِنْهُ إِن كَانَ منقوضا سَوَاء كَانَ الْمَحْذُوف مِنْهُ الْفَاء أَو الْعين أَو اللَّام مِثَال الْفَاء عدَّة وزنة وشية وسعة وَصفَة وصلَة وجهة ولدة وَخذ وكل وَمر وعد مُسَمّى بهَا فَإِذا صغرت هَذَا النَّوْع رددت الْمَحْذُوف فِي مَوْضِعه فَتَقول وَعِيد وأخيذ وأعيد وَكَذَا بَاقِيهَا وَمِثَال الْعين سه ومذ وسل وقم وَمر وبع مُسَمّى بهَا فَتَقول ستيهة ومنيذ وسويل وقويم وبييع وَمِثَال اللَّام يَد وَدم وشفة ودد وحر وفوك وقط وفل فَتَقول يَدَيْهِ وَدمِي وشفيهة وددين وحريح وفويهك وقطيط وفلين وَإِن لم يكن منقوصا بل كَانَ ثنائي الْوَضع زيد فِيهِ يَاء فَيُقَال فِي (من) و (عَن) و (إِن) مُسَمّى بهَا مني وعني وَأَنِّي وَذكر ابْن مَالك فِيهِ وَجْهَيْن أَحدهمَا هَذَا وَالْآخر أَنه يُضَاعف الْحَرْف الْأَخير من جنسه فَيُقَال فِي عَن عنين وَلَا يعْتد بتاء التَّأْنِيث فَلَا يُقَال فِي شفة مثلا أَنه ثلاثي بل هُوَ ثنائي وَكَذَا بنت وَأُخْت وَكَيْت وذيت وهنت ومنت فَكلهَا ثنائية فَإِذا صغرت رددت

الْمَحْذُوف فَقلت شفيهة وبنية وأخية وكيية وذيية وهنية ومنية لِأَن لامها مُخْتَلف فِيهِ عِنْد الْعَرَب وَمَا اخْتلف فِي لامه الْمَحْذُوف فَكَانَ حرفا فِي لُغَة وحرفا غَيره فِي لُغَة جَازَ تصغيره على كل مِنْهُمَا فَإِن تَأتي فعيل بِمَا بَقِي من مَنْقُوص لم يرد إِلَى أَصله كهار وميت وشاك وَخير وَشر وناس فَيُقَال هوير ومييت وشويك وخيير وشرير ونويس هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَنقل ابْن مَالك عَن أبي عَمْرو أَنه يرد الْمَحْذُوف فَيُقَال هوير ومويت وشويك وأخير وأشير وأنيس وَفِي يرى علما يريئ وَنقل غَيره هَذَا الْمَذْهَب عَن يُونُس (ص) ويحذف الْوَصْل خلافًا لثعلب وَشرط الْمَازِني وزانه للأسماء (ش) تزَال ألف الْوَصْل عِنْد تَصْغِير مَا هِيَ فِيهِ سَوَاء كَانَ ثنائيا كَابْن وَاسم أم أَكثر كافتقار وانطلاق واستضراب واشهيباب واعديدان واقعنساس واعلوط واضطراب لزوَال الْحَاجة إِلَيْهَا بتحريك أول المصغر فَيُقَال بنى وَسمي وفتيقير ونطيليق وشهيبيب وعديدين وقعيسيس وعلييط وضتيريب وَسَوَاء بَقِي على مِثَال الْأَسْمَاء أم لَا هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَأثبت ثَعْلَب همزَة الْوَصْل فِي الْأَسْمَاء فِي حَال التصغير وَلم يُسْقِطهَا فَيُقَال فِي اضْطِرَاب أضيريب فَحذف الطَّاء لِأَنَّهَا بدل من تَاء افتعل وَهِي زَائِدَة وَأبقى همزَة الْوَصْل لِأَنَّهَا فضلتها بالتقدم وَمنع الْمَازِني من تَصْغِير انفعال وافتعال فَلم يجز فِي انطلاق نطيليق وَلَا فِي افتقار فتيقير لِأَنَّهُمَا لَيْسَ لَهما مِثَال فِي الْأَسْمَاء بل يحذف حَتَّى يصير إِلَى مِثَال الْأَسْمَاء فَيُقَال طليق وفقير قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ خلاف الْمَازِني مُخْتَصًّا بانفعال وافعتال فَقَط بل يشْتَرط فِي المصغر كُله أَن يكون على مِثَال الْأَسْمَاء (ص) ويتوصل إِلَى فعيعل وفعيعيل فِي التصغير بِمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى مفاعل ومفاعيل حذفا وإبقاء لَكِن لَا تحذف هُنَا التَّاء وَالْألف الممدودة وياء النّسَب وَالْألف وَالنُّون الزائدتان بعد أَربع وَلَا يعْتد بِهن ويحذف وَاو جَلُولَاء وَشبههَا فِي الْأَصَح

(ش) يتَوَصَّل إِلَى مِثَال فعيعل فعيعيل فِي التصغير بِمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى مفاعل ومفاعيل فِي التكسير لِأَنَّهُمَا من وَاد وَاحِد فَكَمَا تَقول فِي خدب خداب وَفِي بهْلُول بهاليل وَفِي عطرد عُطَارِد وعطاريد فَكَذَا تَقول خديب وبهيليل وعطيريد والحذف وَالتَّرْجِيح والتخيير فِي الزيادتين هُنَا كَمَا هُنَاكَ فَكَمَا تَقول عطاميس ومطاليق وتخاريج ودحاريج تَقول عطيميس ومطيليق وتخيريج ودحيريج وكما تَقول فِي سفرجل سفاريج تَقول سفيريج وكما تَقول فِي حبنطي وعفرني وقندأو حباطي وحبانط وعفاري وعفارن وقنادي وقداين تَقول حبينط وحبيطي وعفيرن وعفيرى وقنيدى وقدينى لَكِن خَالف التصغير التكسير فِي أَنه لَا يحذف فِيهِ هَاء التَّأْنِيث وَإِن حذفت فِي الْجمع فَيُقَال فِي دحرجة دحيرجة وَالْجمع دحارج وَلَا تحذف فِيهِ أَلفه الممدودة وَيُقَال فِي قاصعاء قويصعاء وَالْجمع قواصع بحذفها وَلَا تحذف فِيهِ يَاء النّسَب فَيُقَال فِي لوذعي لويذعي وَالْجمع لواذع بحذفها وَلَا يحذف فِيهِ الْألف وَالنُّون الزائدتان بعد أَرْبَعَة أحرف فَصَاعِدا فَيُقَال فِي زعفران زعيفران وَالْجمع زعافر بحذفهما وَفِي عرنقصان عريقصان وَالْجمع عراقص بحذفهما فَإِن كَانَتَا بعد ثَلَاثَة أحرف لم يحذفا لَا هُنَا وَلَا هُنَاكَ وَكَذَا لَو كَانَت النُّون أَصْلِيَّة ثبتَتْ فِي الْبَابَيْنِ كأسطوانة وأساطين وأسيطينة وَلَو كَانَت ألف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة حذفت فِي الْبَابَيْنِ كقرقرى وقراقر وقريقر وَلَا يعْتد بِهَذِهِ الْأُمُور الْأَرْبَعَة أعنى هَاء التَّأْنِيث وألفه الممدودة وياء النّسَب وَالْألف وَالنُّون المزيدتين بل يصغر الِاسْم على أحد المثالين وَفِيه اللواحق الْمَذْكُورَة وَمذهب سِيبَوَيْهٍ فِي وَاو (جَلُولَاء) وَشبههَا وَالْمرَاد بِهِ ألف براكاء وياء قريثاء أَنَّهَا تحذف عِنْد التصغير فَيُقَال جليلاء وبريكاء وقريثاء لِأَن لِأَلف التَّأْنِيث

الممدودة شبها بهاء التَّأْنِيث وشبها بألفه الْمَقْصُورَة فاعتبرنا الشّبَه بِالْهَاءِ فِي عدم الْحَذف لَهَا واعتبرنا الشّبَه بالمقصورة فِي إِسْقَاط الْوَاو وَالْألف وَالْيَاء لِأَنَّهَا كالألف فِي حيارى وَخَالفهُ الْمبرد فأثبتها وأدغمها بعد الْقلب فَقَالَ جليلاء وبريكاء وقريثاء كَمَا لم تحذف وَاو فروقة وَألف رِسَالَة وياء صحيفَة وَلم يعْتَبر إِلَّا أحد الشبهين فَقَط 0 ص) وَيرد إِلَى الأَصْل هُنَا وَفِي مفاعل ومفاعيل وأفعال وأفعلة وفعال ذُو الْبَدَل آخرا مُطلقًا وَغَيره إِن كَانَ لينًا بدل غير همزَة تلِي همزَة الِاسْتِفْهَام لَا تَاء (مُتَعَدٍّ) وَنَحْوه خلافًا للزجاج وَلَا ذُو الْقلب وَمَا خَالف فشاذ أَو مَادَّة أُخْرَى (ش) يرد إِلَى أَصله فِي التصغير وَفِي التكسير على مِثَال مفاعل أَو مفاعيل أَو أَفعَال أَو أفعلة أَو فعال ذُو الْبَدَل الْكَائِن آخرا مُطلقًا سَوَاء كَانَ حرف لين نَحْو ملهى أم غير حرف لين نَحْو مَاء فَإِن الْألف فِي ملهى بدل من الْوَاو لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من اللَّهْو والهمزة فِي مَاء بدل من الْهَاء لقَولهم مياه فمثال التكسير على مفاعل ملاهي وعَلى مفاعيل صحاري وعَلى أَفعَال أمواه وعَلى أفعلة أسقية وعَلى فعال مياه وَيُقَال فِي تصغيرها مليهى ومويه وَسَقَى لِأَن التصغير والتكسير يردان الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا فَإِن لم يكن ذُو الْبَدَل آخرا فَيشْتَرط فِيهِ شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن يكون حرف لين وَالثَّانِي أَن يكون بَدَلا من حرف لَا يكون ذَلِك الْحَرْف همزَة تلِي همزَة أُخْرَى مِثَاله مَال وَقيل وريان وميزان وموقن فَيُقَال مويل وقويل ورويان ومويزين ومييقين وَإِنَّمَا رَجَعَ فِي هَذِه الأَصْل لزوَال مُوجب الْبَدَل لِأَن الْوَاو إِنَّمَا أبدلت فِي نَحْو مَال لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَفِي قيل وميزان لكسر مَا قبلهَا وَفِي رَيَّان لاجتماعها مَعَ الْيَاء وَسبق إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ وَفِي موقن أبدلت الْيَاء بِضَم مَا قبلهَا وَقد زَالَ الْمُوجب فِي التصغير وَسَوَاء كَانَ اللين بَدَلا من لين

كَمَا مثلنَا أم من غَيره كقيراط وديباج فَيُقَال فِيهِ قريريط ودبيبيج وقراريط ودبابيج وَيُقَال فِي ذِئْب ذُؤَيْب وَفِي آل أهيل فَلَو انخرم الشَّرْط الأول بِأَن كَانَ حرفا صَحِيحا بَدَلا من حرف صَحِيح أَو من حرف لين لم يرد إِلَى أَصله بل يصغر على حَاله كتخمة وتخيمة وتراث وتريث وأباب فِي عباب وأبيب وقائم وقويم بِالْهَمْز وَكَذَا لَو انخرم الشَّرْط الثَّانِي بِأَن كَانَ بَدَلا من همزَة تلِي همزَة كآدم فَيُقَال أويدم من غير رد الْألف إِلَى أَصْلهَا من الْهَمْز بل تقلب واوا كَمَا تقدم لضمة مَا قبلهَا أما مَا فِيهِ تَاء الافتعال كمتعد ومتسر فسيبويه يحذف مِنْهُ تَاء الافتعال مَعَ تَاء أُخْرَى مبدلة من حرف لين عِنْد التصغير فَيَقُول متيعد ومتيسر كَمَا يَقُول فِي مكتسب مكيسب وَتبقى التَّاء المبدلة على حَالهَا من غير رد إِلَى الأَصْل وَذهب قوم مِنْهُم الزّجاج إِلَى أَنه يرد إِلَى أَصله فَيُقَال مويعد ومييسر لِأَنَّهُمَا من الْوَعْد واليسر قَالَ صَاحب (الإفصاح) إِنَّمَا كَانَ الْمَحْذُوف تَاء الافتعال لِأَنَّهُ لَا بُد من حذف وَهِي زَائِدَة وَالزَّائِد أَحَق بالحذف من الْأَصْلِيّ وَأما ذُو الْقلب فَإِنَّهُ لَا يرد فِي الْبَابَيْنِ إِلَى أَصله بل يصغر وَيكسر على لَفظه كجاه أَصله وَجه لِأَنَّهُ من الوجاهة فَقلب فَيُقَال فِي تصغيره جويه لَا وجيه لعدم الِاحْتِيَاج إِلَى الرَّد إِلَى الأَصْل وَيجمع أينق على أيانق ويصغر على أيينق وَيُقَال فِي شَاك وَأَصله شائك شواك وشويك وَمَا ورد بِخِلَاف مَا قَرَّرْنَاهُ من رد ذِي الْبَدَل إِلَى أَصله فإمَّا شَاذ كَقَوْلِهِم فِي عيد عييد وأعياد أَو من مَادَّة أُخْرَى كَقَوْلِهِم فسيتيط فَهُوَ تَصْغِير فستاط لُغَة فِي فسطاط وفسيطيط بِالطَّاءِ لتصغر فسطاط فهما مادتان لَا أَنه رد أَحدهمَا إِلَى الآخر (ص) وتلحق التَّاء غَالِبا إِذْ لَا لبس فِي مؤنث عَار ثلاثي أَو رباعي بِمدَّة قبل لَام معتلة لَا غَيره وَقد تعوض من ألف تَأْنِيث خَامِسَة أَو سادسة مَقْصُورَة قيل

أَو ممدودة وَلَا يعْتَبر فِي الْعلم مَا نقل مِنْهُ فِي الْأَصَح وتحذف بِلَا عوض من بنت علم مُذَكّر (ش) تلْحق تَاء التَّأْنِيث غَالِبا عِنْد تَصْغِير مؤنث بِلَا عَلامَة بِشَرْطَيْنِ الأول أَلا يلبس فَإِن حصل لبس لم تلْحقهُ كخمس وَنَحْوه من عدد الْمُؤَنَّث إِذْ لَو لحقته لألبس بِعَدَد الْمُذكر وكشجر وبقر إِذْ لَو لحقته لالتبس بتصغير شَجَرَة وبقرة الثَّانِي أَن يكون ثلاثيا كدار ودويرة نَار ونويرة أَو رباعيا بِمدَّة قبل لَام معتلة كسماء وَسُميَّة بِخِلَاف رباعي لَيْسَ كَذَلِك كزينب وسعاد وعناق وعقرب فَيُقَال زيينب وَسَعِيد وعنيق وعقيرب بِلَا تَاء وَبِخِلَاف مَا زَاد على الرباعي إِلَّا مَا حذف مِنْهُ ألف تَأْنِيث مَقْصُورَة خَامِسَة أَو سادسة فَإِنَّهُ يجوز لحاقه التَّاء كحبارى يجوز تصغيره بِإِقْرَار الْألف فَيُقَال حبيرى وبحذفها فَيجوز حِينَئِذٍ لحاق التَّاء تعويضا فَيُقَال حبيرة كَمَا يجوز تَركهَا فَيُقَال حبير وكلغيزى يجوز فِيهِ الْأَمْرَانِ دون إِقْرَار الْألف ك (لغيغيزة) ولغيغيز وشذ ترك التَّاء فِي تَصْغِير قَوس وَحرب وَدرع الْحَدِيد وَنصف لمتوسطة السن وخود وعرب وَفرس ونعل وناب للمسن من الْإِبِل وعرس وشول وَنحل وضحى قَالَ أَبُو حَيَّان هَذِه جملَة مَا حفظ مِمَّا شَذَّ من ذَلِك وشذ لحاقها للرباعي والخماسي بِدُونِ شَرط كَقَوْلِهِم فِي وَرَاء وأمام وَقُدَّام وريئة وَأُمَيْمَة (وقديديمة) وَهَذَانِ المحترز عَنْهُمَا بِقَوْلِي غَالِبا وجور ابْن الْأَنْبَارِي أَن تحذف ألف التَّأْنِيث الممدودة خَامِسَة أَو سادسة كباقلاء وبرنساء وتعوض مِنْهَا التَّاء قِيَاسا على الْمَقْصُورَة وَلَا يجوز عِنْد غَيره إِلَّا الْإِقْرَار فَيُقَال بويقلاء وبرينساء وَذهب أَيْضا إِلَى أَنه يعْتَبر فِي الْعلم مَا نقل عَنهُ فَإِن كَانَ علم الْمُؤَنَّث مَنْقُولًا من مُذَكّر كرمح علم امْرَأَة لم تدخله التَّاء رِعَايَة لأصله الَّذِي نقل مِنْهُ فَيُقَال رُمَيْح وَغَيره منع ذَلِك وَقَالَ لما سمي بِهِ مؤنث صَار اسْما خَاصّا بالمؤنث

فيصغر كَمَا يصغر مؤنث الأَصْل اعْتِبَارا بِمَا آل [إِلَيْهِ من التَّأْنِيث] وَكَذَا لَو كَانَ علم الْمُذكر مَنْقُولًا من مؤنث كأذن علم رجل فَإِن الْجُمْهُور على أَنه لَا تدخله التَّاء إِذا صغر اعْتِبَارا بِمَا آل إِلَيْهِ من التَّذْكِير وَذهب يُونُس إِلَى أَنَّهَا تدخله اعْتِبَارا بِأَصْلِهِ وَاحْتج بقَوْلهمْ عُرْوَة بن أذينة وَمَالك بن نُوَيْرَة وعيينة بن حصن فَإِنَّهَا أَسمَاء مذكرين أَعْلَام قد دَخَلتهَا التَّاء وَأَصلهَا مؤنث وَأجِيب بِأَن كلا من هَؤُلَاءِ لم يسم بأذن وَلَا بِنَار وَلَا بِعَين ثمَّ حقر بعد التَّسْمِيَة وَإِنَّمَا هِيَ أَسمَاء أَعْلَام سمي بهَا بعد أَن صغرت وَهِي نكرات فَإِن سمي مُذَكّر ببنت وَأُخْت ثمَّ صغر بعد التَّسْمِيَة حذفت التَّاء وَردت لَام الْكَلِمَة من غير تعويض بتاء تَأْنِيث فَيُقَال بني وَأخي بِخِلَاف مَا إِذا سمي بهما مؤنث فتحذف هَذِه التَّاء ويعوض عَنْهَا تَاء التَّأْنِيث فَيُقَال بنية وأخية إِجْرَاء لَهما حَال العلمية مجراهما حَال التنكير (ص) مَسْأَلَة يصغر اسْم الْجمع وَالْعلَّة بِلَفْظِهِ ورد الْأَخْفَش نَحْو (ركب) لواحده لَا الْكَثْرَة بل يرد إِلَى قلَّة أَو تَصْحِيح الْمُذكر إِن كَانَ لعاقل وَإِلَّا فالإناث وَجوزهُ الكوفية فِيمَا لَهُ نَظِير فِي الْآحَاد وَمَا لَهُ وَاحِد مهمل قياسي رد إِلَيْهِ لَا إِن كَانَ لَهُ مُسْتَعْمل خلافًا لأبي زيد (ش) تصغر أَسمَاء الجموع وجموع الْقلَّة على لَفظهَا فَيُقَال فِي ركب ركيب وَفِي قوم قويم وَفِي رَهْط رهيط وَفِي أجمال أجيمال وَفِي أكلب أكيلبة وَفِي أرغفة أريغفة وَفِي غلمة غليمة قَالَ أَبُو حَيَّان ويندرج اسْم الْجِنْس تَحت اسْم الْجمع فَيُقَال فِي تمر تمير ورد الْأَخْفَش بَاب ركب لواحده فَيُقَال رويكبون وصويحبون وطويمرات بِنَاء على قَوْله إِن فعلا جمع وَقَول الْجُمْهُور مَبْنِيّ على أَنه اسْم جمع وَأما جمع الْكَثْرَة فَلَا يصغر على لَفظه عِنْد الْبَصرِيين فَلَا يُقَال فِي رغفان رغيفان لِأَن التَّثْنِيَة تدل على الْكَثْرَة والتصغير يدل على الْقلَّة فيتنافيا بل يرد إِلَى جمع الْقلَّة إِن كَانَ لَهُ جمع قلَّة فَيُقَال فِي تَصْغِير فلوس أفيلس رد إِلَى أفلس وَفِي

عنق أعينق رد إِلَى أعنق وَإِلَى جمع تَصْحِيح الْمُذكر إِن كَانَ لمذكر عَاقل سَوَاء كَانَ مفرده مِمَّا يجمع بِالْوَاو وَالنُّون أم لَا فَإِن التصغير يُوجب الْجمع بِالْوَاو وَالنُّون حَيْثُ لَا يجوز فِي المكبر فَيُقَال فِي تَصْغِير زيود حَال الرَّد زييدون وَفِي تَصْغِير رجال وغلمان وفتيان رجيلون وغليمون وفتيون وَإِن كَانَ رجل وَغُلَام وفتى لَا يجمع بِالْوَاو وَالنُّون والأمران جائزان فِيمَا لَهُ جمع قلَّة وَإِن لم يكن لَهُ جمع قلَّة وَلَا هُوَ لمذكر عَاقل بِأَن كَانَ لمذكر لَا يعقل أَو لمؤنث مُطلقًا وَجب الرَّد إِلَى جمع تَصْحِيح الْإِنَاث سَوَاء كَانَ مفرده مِمَّا يجمع بِالْألف وَالتَّاء أم لَا فَيُقَال فِي تَصْغِير دَرَاهِم دريهمات وَفِي سكارى جمع سكرى سكيرات وَفِي حمر جمع حَمْرَاء حميروات وَفِي جوَار جويريات وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ تَصْغِير جمع الْكَثْرَة إِذا كَانَ لَهُ نَظِير فِي الْآحَاد كرغفان صغروه على رغيفان كعثيمان وَزَعَمُوا أَن أصيلانا تَصْغِير أصلان جمع أصيل فَإِن كَانَ جمع الْكَثْرَة مكسرا على وَاحِد مهمل وَلَيْسَ لَهُ وَاحِد مُسْتَعْمل بِأَن لم ينْطق لَهُ بمفرد أصلا لَا قياسي وَلَا غير قياسي يرد عِنْد التصغير إِلَى مفرده القياسي المهمل فَيُقَال فِي (تفرق إخْوَتك شماطيط) تفَرقُوا شميطيطين وَفِي (تَفَرَّقت جواريك شماطيط) تَفَرَّقت شميطيطات وَإِن كَانَ مكسرا على وَاحِد مهمل وَله وَاحِد مُسْتَعْمل رد إِلَى الْوَاحِد الْمُسْتَعْمل لَا إِلَى المهمل القياسي خلافًا لأبي زيد فَيُقَال فِي ملاميح ومذاكير لميحات وذكيرات ردا إِلَى لمحة وَذكر لَا إِلَى ملمحة ومذكار لأَنا حِينَئِذٍ صغرنا لفظا عَرَبيا وَلَو رددناه إِلَى المهمل كُنَّا قد صغرنا لفظا لم تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَب من غير دَاعِيَة إِلَى ذَلِك وَكَأن أَبَا زيد لما لم ينْطق لَهُ بِوَاحِد قياسي جعل ذَلِك الْوَاحِد الَّذِي لَيْسَ على قِيَاس كَالْمَعْدُومِ فِي لسانهم فسوى بَين ملاميح وشماطيط (ص) وَقد يكون للاسم تصغيران قياسي وشاذ وَقد يَسْتَغْنِي مصغر عَن مكبر أَو مهمل عَن مُسْتَعْمل أوأحد المترادفين عَن الآخر قَالَ ابْن مَالك ويطرد إِن جَمعهمَا أصل وَاحِد وَتوقف أَبُو حَيَّان

(ش) قد يكون للاسم تصغيران قياسي وشاذ كصبية وغلمة قَالُوا فيهمَا صبية وغليمة وَهَذَا هُوَ الْقيَاس لِأَنَّهُمَا جمعا قلَّة وجموع الْقلَّة تصغر على لَفظهَا وَقَالُوا أصيبية وأغيلمة وَهَذَا هُوَ الشاذ وَكَأَنَّهُم صغروا أغلمة وأصبية وَإِن لم يسْتَعْمل فِي الْكَلَام وَقد جَاءَت أَسمَاء على صُورَة المصغر وَلم ينْطق لَهَا بمكبر نَحْو الْكُمَيْت من الْخَيل الْحمر والكعيت وَهُوَ البلبل والثريا للنجم الْمَعْرُوف فِي أَلْفَاظ كَثِيرَة استوعبتها فِي كتاب (المزهر) فِي علم اللُّغَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَكثر مَجِيء المصغر دون المكبر فِي الْأَسْمَاء الْأَعْلَام كقريظة وجهينة وبثينة وطهية وحنين وعرين وفرين وَأم حبين وهذيل وسليم وَقد يسْتَغْنى بتصغير مهمل عَن تَصْغِير مُسْتَعْمل كَقَوْلِهِم فِي مغرب الشَّمْس مغيربان وَفِي عَشِيَّة عشيشة وَفِي الْعشَاء عشيان وَفِي لَيْلَة لييلية وَفِي رجل رويجل وَفِي بنُون أبينون كَأَنَّهُ تَصْغِير مغربان وعشاة وعشيان وليلاة وراجل وَابْن وَهَذَا التصغير الَّذِي جَاءَ على خلاف المكبر نَظِير جمع التكثير الَّذِي جَاءَ على خلاف تَكْثِير الْمُفْرد نَحْو لَيَال وبابه وَقد يسْتَغْنى بتصغير أحد المترادفين عَن تَصْغِير الآخر قَالُوا أَتَانَا قصرا أَي عشيا وَلم يصغروا قصرا اسْتغْنَاء عَنهُ بتصغير عشيا قَالَ ابْن مَالك ويطرد ذَلِك فيهمَا جَوَازًا إِن جَمعهمَا أصل وَاحِد نَحْو جليس بِمَعْنى مجَالِس فلك أَن تَسْتَغْنِي بتصغير أَحدهمَا عَن الآخر لِأَنَّهُمَا جَمعهمَا أصل وَاحِد وَهُوَ اشتقاقهما من الْجُلُوس لِأَن مَادَّة كل مِنْهُمَا (ج ل س) فلك أَن تَسْتَغْنِي بتصغير مجَالِس وَهُوَ مجيلس عَن تَصْغِير جليس وَلَك أَن تَسْتَغْنِي بتصغير جليس وَهُوَ جليس عَن تَصْغِير مجَالِس وَتوقف فِي ذَلِك أَبُو حَيَّان قَالَه فِي الارتشاف (ص) مَسْأَلَة لَا يصغر مبْنى إِلَّا أوه والمنادى والمزج وَذَا وتا وَالَّذِي وفروعهما لَا اللَّاتِي واللواتي واللائي فِي الْأَصَح فَيبقى أَولهَا مَفْتُوحًا وَيُزَاد آخرهَا ألف وَقد يضم اللذيا واللتيا

وَفِي التَّعَجُّب ثَالِثهَا الصَّحِيح يصغر أفعل فَقَط وَلَا عَامل عمل الْفِعْل وَفِي الْمصدر ثَالِثهَا مَا يقبل الْقلَّة وَالْكَثْرَة وَلَا غير وَسوى وغد والبارحة وحسبك ومختص بِالنَّفْيِ ومعظم شرعا ومنافيه وكل وَبَعض وَمَعَ وَأي وظرف غير مُتَمَكن ومحكي ومصغر وَشبهه وَأَسْمَاء الشُّهُور وَفِي الْأَيَّام ثَالِثهَا يجوز فِي الرّفْع دون النصب وَرَابِعهَا عَكسه (ش) أطلق ابْن مَالك وَغَيره أَنه لَا تصغر الْأَسْمَاء المبنية قَالَ أَبُو حَيَّان وَيرد عَلَيْهِ أَن بعض المبنيات يصغر وَذَلِكَ الْأَسْمَاء المركبة تركيب المزج فِي لُغَة من بنى كبعلبك وعمرويه فَيُقَال بعيلبك وعميرويه والأسماء المبنية بِسَبَب النداء يُقَال يَا زبيد وَيَا جعيفر قَالَ وَقد احْتَرز بَعضهم عَن هذَيْن النَّوْعَيْنِ فَقَالَ لَا تصغر الْأَسْمَاء المتوغلة فِي الْبناء وَهِي الَّتِي لم تعرب قطّ فَإِن هذَيْن النَّوْعَيْنِ لَهما حَالَة يعربان فِيهَا قَالَ وَمَعَ ذَلِك يرد عَلَيْهِ الْمركب الَّذِي آخِره ويه فَإِنَّهُ لَا يعرب قطّ على أصح الْقَوْلَيْنِ وَمَعَ ذَلِك يصغر قَالَ وَلنَا نوع ثَالِث لم يعرب قطّ ويصغر ذكره صَاحب الْبَسِيط قَالَ وَيُقَال أويه من كَذَا وَهُوَ تَصْغِير أوه كَمَا قَالُوا فِي المبهمة كَالَّتِي وَالَّذِي وَالضَّم الَّذِي فِيهَا لَا يمْنَع من التحقير كَمَا لم يمنعهُ فِي رويد زيدا وَهُوَ اسْم الْفِعْل لِأَنَّهُ على حد أَسمَاء الفاعلين وَيسْتَثْنى من المبنيات اسْم الْإِشَارَة والموصول فيصغران لِأَنَّهُ صَار فيهمَا شبه بالأسماء المتمكنة من حَيْثُ أَنَّهُمَا يوصفان ويوصف بهما وَقد خُولِفَ بهما قَاعِدَة التصغير حِين أُبْقِي أَولهمَا على الْفَتْح وَزيد فِي آخرهما ألف عوضا عَمَّا فَاتَ من ضم الأول فَقَالُوا فِي ذَا ذيا وَفِي تا تيا وَفِي أولى أليا وَفِي ذان وتان ذيان وتيان وَفِي الَّذِي وفروعه اللذيا واللتيا واللذيان واللتيان واللذيون بِضَم الْيَاء وَقيل بِفَتْحِهَا وَكَذَا اللَّذين بِكَسْرِهَا وَقيل بِفَتْحِهَا واللتيات واللوتيا فِي اللَّاتِي واللوياء واللويئون فِي اللائي واللائين وَضم لَام اللذيا واللتيا لُغَة لبَعض الْعَرَب

قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ دَلِيل على أَن الْألف لَيست عوضا من ضم الأول إِذْ لَا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض مِنْهُ قَالَ وَلم يصغروا من أَلْفَاظ إِشَارَة الْمُؤَنَّث سوى (تا) وَتركُوا تَصْغِير تي وَذي وذهي وذه اسْتغْنَاء بتصغير (تا) أَو خوفًا من الالتباس بالمذكر قَالَ وإجازة تَصْغِير اللَّاتِي واللواتي واللاء واللائي مَذْهَب الْأَخْفَش قَالَه قِيَاسا وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَنه لَا يجوز تصغيرها اسْتغْنَاء بِجمع الْوَاحِد المحقر وَهُوَ اللتيات جمع اللتيا قَالَ وَمذهب سِيبَوَيْهٍ هُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ لم يثبت عَن الْعَرَب وَلَا يَقْتَضِيهِ قِيَاس لِأَن قِيَاس هَذِه الْأَسْمَاء أَلا تصغر فَمَتَى صغرت الْعَرَب مِنْهَا شَيْئا وقفنا فِيهِ مَعَ مورد السماع وَلَا نتعداه وَقد دخل فِي المبنيات الْحُرُوف وَالْأَفْعَال فَلَا تصغر لِأَن التصغير وصف فِي الْمَعْنى والحرف وَالْفِعْل لَا يوصفان فَلَا يصغران وَقد سمع تَصْغِير فعل التَّعَجُّب قَالَ: 1780 - (يَا مَا أميلح غزلاناً شَدَنَّ لنا ... ) وَفِي قِيَاسه خلاف وَلَا تصغر الْأَسْمَاء العاملة عمل الْفِعْل وَفِي تَصْغِير اسْم الْفَاعِل مَعَ عمله خلاف وَفِي شرح التسهيل لأبي حَيَّان لَا تصغر الْأَسْمَاء المصغرة وَلَا المشبهة بهَا ككميت وَنَحْوه وَلَا غير وَسوى وَسوى بِمَعْنى غير وَلَا البارحة وَلَا أمس وغد وَقصر بِمَعْنى عَشِيَّة وَلَا حَسبك وَلَا الْأَسْمَاء المختصة بِالنَّفْيِ وَلَا الْأَسْمَاء الْوَاقِعَة على مُعظم شرعا كأسماء الله تَعَالَى وَلَا الْأَسْمَاء المنافية لِمَعْنى التصغير ككبير وجسيم وَلَا كل وَلَا بعض وَلَا أَي وَلَا الظروف غير المتمكنة نَحْو ذَات مرّة وَلَا الْأَسْمَاء المحكية وَلَا أَسمَاء شهور السّنة كالمحرم وصفر وباقيها وَلَا أَسمَاء الْأُسْبُوع كالسبت والأحد وباقيها على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَاخْتَارَهُ ابْن كيسَان

مسألة

وَمذهب الْكُوفِيّين والمازني والجرمي جَوَاز تَصْغِير أَيَّام الْأُسْبُوع وَزعم بعض النَّحْوِيين أَنَّك إِذا قلت الْيَوْم الْجُمُعَة وَالْيَوْم السبت فَرفعت الْيَوْم جَازَ تَصْغِير الْجُمُعَة والسبت وَإِن نصبت لم يجز تصغيرهما وَزعم بَعضهم أَنه يجوز التصغير فِي النصب وَيبْطل فِي الرّفْع وَأَجَازَ الْمَازِني تصغيرهما فِي الرّفْع وَالنّصب أه مَسْأَلَة (ص) مَسْأَلَة تَصْغِير التَّرْخِيم تحذف فِيهِ الزَّوَائِد وَرُبمَا حذف أصل يُشبههُ وَلَا يَسْتَغْنِي عَن التَّاء مؤنث وَالأَصَح أَنه لَا يخْتَص بِالْعلمِ وَأَنه يُقَال فِي غير التَّرْخِيم فِي إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل بريهيم وسميعيل وَمِنْه بريه وَسميع وفَاقا (ش) من التصغير نوع يُسمى تَصْغِير التَّرْخِيم وَذَلِكَ بِحَذْف الزَّوَائِد مَعَ إِعْطَاء مَا يَلِيق بِهِ من فعيل أَو فعيعل كَقَوْلِك فِي أَزْهَر زُهَيْر وَفِي أسود سُوَيْد وَفِي منطلق طليق وَفِي مستخرج خريج وَفِي مدحرج دحيرج وَفِي زعفران زعيفر وَلَا فرق فِي جَوَاز تَصْغِير التَّرْخِيم بَين الْأَعْلَام وَغَيرهَا عِنْد الْبَصرِيين وَزعم الْفراء وثعلب أَنه يخْتَص بالأعلام كحارث وأسود علمين فَيُقَال فيهمَا حُرَيْث وسُويد بخلافهما وصفين فَلَا يُقَال إِلَّا حويرث وأسيود أَو أسيد فَإِن كَانَ المصغر اسْما لمؤنث عَارِيا من التَّاء وَجب دُخُول التَّاء مُطلقًا فَيُقَال فِي زَيْنَب وسعاد وحبلى زنيبة وسعيدة وحبيلة قَالَ أَبُو حَيَّان نعم الصِّفَات الَّتِي للمؤنث نَحْو طَالِق وحائض لَا تلحقها التَّاء فِي تَصْغِير التَّرْخِيم بل يُقَال طليق وحييض وَقد يحذف لتصغير التَّرْخِيم أصل يشبه الزَّائِد مِثَاله مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل فِي تَصْغِير إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل تَصْغِير ترخيم بريه وَسميع بِحَذْف الْمِيم وَاللَّام من آخرهما وهما أصل بِاتِّفَاق لَكِن لما كَانَا مِمَّا يزادان من كَلَامهم ذَهَبُوا بهما مَذْهَب الزِّيَادَة فحذفوهما وَحسن ذَلِك طول الِاسْم وكونهما آخرا تحذف الْهمزَة مِنْهُمَا وَهِي أصل فِي قَول الْمبرد زَائِدَة فِي قَول سِيبَوَيْهٍ

المنسوب

حجَّة الْمبرد أَن الْهمزَة لَا تكون زَائِدَة أَولا إِلَّا وَبعدهَا أَرْبَعَة أصُول وَحجَّة سِيبَوَيْهٍ أَن الْعَرَب حِين صغرت هذَيْن الاسمين تَصْغِير ترخيم حذفت الْهمزَة وَيَنْبَنِي على هَذَا الْخلاف تصغيرهما تَصْغِير غير التَّرْخِيم فَذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى حذف الْهمزَة فَيصير مَا بَقِي على (فعيعيل) خماسيا رابعه حرف مد ولين فَلَا يحذف مِنْهُ شَيْء وَتقول بريهيم وسميعيل وَذهب الْمبرد إِلَى إبْقَاء الْهمزَة لأصالتها عِنْده وَإِلَى حذف الْمِيم وَاللَّام كَمَا تحذف آخر الخماسي الْأُصُول فَيُقَال أبيريه وأسيميع كَمَا يُقَال فِي سفرجل سفيرج قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَهَكَذَا صغر الْعَرَب فِيمَا رَوَاهُ أَبُو زيد وَغَيره الْمَنْسُوب (ص) الْمَنْسُوب هُوَ الْمَجْهُول حرف إعرابه يَاء مُشَدّدَة يكسر متلوها ويحذف تَاء التَّأْنِيث وعلامة التَّثْنِيَة والتصحيح فَإِن لحق الْمُؤَنَّث تَغْيِير وَهُوَ غير علم رد إِلَى مُفْرد وَإِلَّا أبقى إِلَّا نَحْو سدرات وَعجز الْمركب والمضاف إِن لم يفد تعريفا تَحْقِيقا أَو تَقْديرا وَلم يلبس وَإِلَّا فصدره وَجوز الْجرْمِي حذف صدر المزج وَالْجُمْلَة وَنسب أَبُو حَاتِم إِلَى الجزأين والأخفش إِن ألبس (ش) يَجْعَل حرف الْإِعْرَاب من الْمَنْسُوب يَاء مُشَدّدَة تزاد فِي آخِره وَيكسر لأَجلهَا مَا قبلهَا كهاشمي ومالكي وَإِنَّمَا كسر تَشْبِيها بياء الْإِضَافَة وَهَذَا أحد التغييرات اللاحقة للاسم الْمَنْسُوب إِلَيْهِ إِذْ يلْحقهُ ثَلَاث تغييرات لَفْظِي وَهُوَ كسر مَا قبل الْيَاء وانتقال الْإِعْرَاب إِلَيْهَا ومعنوي وَهُوَ صَيْرُورَته اسْما لما لم يكن لَهُ وحكمي وَهُوَ رَفعه لما بعده على الفاعلية كالصفة المشبهة نَحْو مَرَرْت بِرَجُل

قرشي أَبوهُ كَأَنَّك قلت منتسب إِلَى قُرَيْش أَبوهُ ويطرد ذَلِك فِيهِ وَإِن لم يكن مشتقا وَإِن لم يرفع الظَّاهِر رفع الضَّمِير المستكن فِيهِ كَمَا يرفعهُ اسْم الْفَاعِل الْمُشْتَقّ وَلما كَانَ فِيهِ هَذِه التغيرات كثر فِيهِ التَّغَيُّر وَالْخُرُوج عَن الْقيَاس إِذْ التَّغْيِير يأنس بالتغيير ويحذف لهَذِهِ الْيَاء آخر الِاسْم إِن كَانَ تَاء تَأْنِيث كَقَوْلِك فِي النّسَب إِلَى مَكَّة وَفَاطِمَة مكي وفاطمي حذرا من اجْتِمَاع تاءي تَأْنِيث عِنْد نِسْبَة مُؤَنّثَة فِي نَحْو مَكِّيَّة وفاطمية إِذْ لَو بقيت لقيل مكيتة وفاطميتة قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول النَّاس (دِرْهَم خليفتي لحن) أَو كَانَ عَلامَة تَثْنِيَة أَو جمع تَصْحِيح بواو وَنون أَو بِأَلف وتاء كَقَوْلِك فِي النّسَب إِلَى عَبْدَانِ وعبدين وزيدان وزيدين واثنين ومسلمين ومسلمات وَعشْرين عَبدِي وزيدي واثني ومسلمي وعشري حذارا من اجْتِمَاع إعرابين فِي اسْم وَاحِد لَو لم تحذف فِيمَا عدا (مسلمات) وَمن اجْتِمَاع حرفي تَأْنِيث فِي مسلمات فَإِن نسب إِلَى مَا جمع بِالْألف وَالتَّاء وَكَانَ فِي الْجمع تَغْيِير بحركة لَازِمَة كجفنات أَو جَائِزَة كسدرات وغرفات فَإِن لم يكن علما رَددته إِلَى مفرده فَتَقول جفني وسدري وغرفي بِسُكُون عين الْكَلِمَة وَإِن كَانَ علما أبقيت الْحَرَكَة فَتَقول جفني وسدرى وغرفي فَإِن كَانَ التَّغْيِير كسرة كسدرات رَددتهَا فَتْحة وَنسب إِلَيْهِ كَمَا ينْسب إِلَى الْإِبِل فَتَقول سدري كَمَا تَقول إبلي وتحذف لهَذِهِ الْيَاء أَيْضا عجز الْمركب تركيب جملَة أَو مزج أَو عدد إِجْرَاء لَهُ مجْرى تَاء التَّأْنِيث فَيُقَال فِي النّسَب إِلَى تأبط شرا وبعلبك وَخَمْسَة عشر تأبطي وبعلي وخمسي

قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَانَ مُقْتَضى الْقيَاس أَن الْجُمْلَة لَا ينْسب إِلَيْهَا كَمَا أَنَّهَا لَا تثنى وَلَا تجمع وَلَا تعرب وَلَا تُضَاف وَلَا تصغر وَإِنَّمَا جَازَ النّسَب إِلَى الصَّدْر مِنْهَا تَشْبِيها بالمركب تركيب مزج قَالَ وَيدخل تَحت قَوْلنَا عجز الْمركب النِّسْبَة إِلَى لَوْلَا وحيثما وشبههما فَيُقَال لوي بتَخْفِيف الْوَاو وحيثي بِحَذْف عجزهما لجريانهما مجْرى الْجُمْلَة الَّتِي تحكي وَتقول فِي النِّسْبَة إِلَى كنت كوني بِحَذْف تَاء الضَّمِير ورد الْوَاو لزوَال مُوجب الْحَذف وَهُوَ اجتماعها مَعَ النُّون الساكنة لأجل التَّاء وَقد نسبوا إِلَى الْجُمْلَة بأسرها فَقَالُوا كنتي لَكِن فِي الشّعْر قَالَ الْأَعْشَى: 1781 - (فَأَصْبَحت كنتيًّا وأَصْبَحْتُ عاجنا ... ) وَقَالَ آخر: 1782 - (إِذا مَا كُنْتَ مُلْتَمِساً لقُوتٍ ... فَلَا تَصْرخْ بكُنْتيّ يُجيبُ) قَالَ وَلَو سمي بجملة زَائِدَة على كَلِمَتَيْنِ كَأَن تسمي رجلا (يخرج الْيَوْم زيد) حذف مَا زَاد على الْجُزْء الأول وَقيل خرجي وَجوز الْجرْمِي فِي الْجُمْلَة والمزج النّسَب إِلَى الْجُزْء الأول أَو الثَّانِي فَتَقول تأبطي أَو شري وبعلي أَو بكي

وَجوز أَبُو حَاتِم السجسْتانِي النّسَب إِلَيْهِمَا مَعًا مقترنين فَيُقَال تأبطي شري وبعلي بكي ورامي هرمزي وَفِي الْعدَد إحدي عشري وَقَالَ الْأَخْفَش فِي (الْأَوْسَط) وَإِن خفت الإلباس قلت رامي هرمزي ويحذف أَيْضا لهَذِهِ الْيَاء عجز الْمركب تركيب إِضَافَة إِن لم يتعرف الأول بِالثَّانِي تَحْقِيقا وَلَا تَقْديرا وَلم يخف لبس كَقَوْلِهِم فِي النّسَب إِلَى امْرِئ الْقَيْس امرئي ومرئي فامرؤ الْقَيْس لم يتعرف الأول فِيهِ بِالثَّانِي لَا تَحْقِيقا وَلَا تَقْديرا لِأَنَّهُ لم تسبق لَهُ إِضَافَة قبل اسْتِعْمَاله علما كَمَا سبقت لأبي بكر مثلا وَإِن تعرف الأول بِالثَّانِي تَحْقِيقا أَو تَقْديرا أَولا وَلَكِن خيف لبس حذف الصَّدْر وَنسب إِلَى الْعَجز مِثَال الأول قَوْلهم فِي ابْن عمر وَابْن الزبير وَابْن كرَاع وَابْن دعْلج عمري وزبيري وكراعي ودعلجي وَمِثَال الثَّانِي قَوْلهم فِي أبي بكر بكري فَأَبُو بكر لم يتعرف فِيهِ الأول بِالثَّانِي تَحْقِيقا لِأَن الِاسْم لَا يكون مُعَرفا من جِهَتَيْنِ العلمية وَالْإِضَافَة لكنه تعرف بِهِ تَقْديرا لِأَنَّهُ قبل العلمية كَانَ (أَبُو) مُعَرفا ببكر تَحْقِيقا وَمِثَال الثَّالِث قَوْلهم فِي عبد منَاف وَعبد الْأَشْهَل منافي وأشهلي لأَنهم لَو قَالُوا عَبدِي لالتبس بِالنِّسْبَةِ إِلَى عبد الْقَيْس فَإِنَّهُم قَالُوا فِي النِّسْبَة إِلَيْهِ عَبدِي فرقوا بَين مَا يكون الأول مُضَافا إِلَى اسْم يقْصد قَصده ويتعرف الْمُضَاف الأول بِهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِك غَالب أَو طرأت عَلَيْهِ العلمية نَحْو ابْن عمر وَأبي بكر وَعبد منَاف وَعبد الْأَشْهَل وَعبد الْمطلب وَكَذَا كل مَا كَانَ فِيهِ ابْن أَو أَب أَو أم وَبَين مَا لَيْسَ كَذَلِك نَحْو امْرِئ الْقَيْس وَعبد الْقَيْس فَإِن الْقَيْس لَيْسَ بِشَيْء مَعْرُوف بِغَيْر إِضَافَة امْرِئ إِلَيْهِ أَو عبد وَقَالُوا فِي الرجل من بني عبد الله بن دارم دارمي وَمن بني عبد الله بن الدئل دئلي نسبوا إِلَى الْجد قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْمرَاد بالمضاف فِي الْمَسْأَلَة الَّذِي يكون علما أَو غَالِبا بِحَيْثُ يكون مَجْمُوعه لِمَعْنى مُفْرد لَا الْمُضَاف على الْإِطْلَاق فَإِن مثل غُلَام زيد إِذا لم يكن كَذَلِك ينْسب فِيهِ إِلَى زيد أَو إِلَى غُلَام وَيكون إِذْ ذَاك من قبيل النِّسْبَة إِلَى الْمُفْرد لَا إِلَى الْمُضَاف لِأَن كلا من جزأيه بَاقٍ على مَعْنَاهُ

(ص) وياء المنقوص إِلَّا الثلاثي فَترد وتقلب واوا والمشددة بعد أَكثر من حرفين وَقد تقلب واوا فِي مرموي فَإِن كَانَ حرفان حذفت أولى الياءين وقلبت الثَّانِيَة أَو حرف فالقلب وشذ غَيره خلافًا لأبي عَمْرو وَألف التَّأْنِيث رَابِعَة أَو فَوْقهَا مُطلقًا وَالْوَاو تلو ضم ثَالِث فَصَاعِدا وَالْيَاء الْمَكْسُورَة المدغم فِيهَا الموصولة بِالْآخرِ (ش) يحذف للنسب يَاء المنقوص غير الثلاثي فَيُقَال فِي قَاض ومعتل ومستدع قَاضِي ومعتلي ومستدعي بِخِلَاف الثلاثي كعم وشج فَإِنَّهُ ترد لامه وتقلب واوا سَوَاء كَانَت فِي الأَصْل واوا أم يَاء كَرَاهَة اجْتِمَاع الْأَمْثَال فَيُقَال عموي وشجوي وَقد يَقع ذَلِك فِي الرباعي أَيْضا فَيُقَال قاضوي لكنه شَاذ وتحذف أَيْضا الْيَاء الْمُشَدّدَة بعد أَكثر من حرفين سَوَاء كَانَت من بنية الْكَلِمَة أم دخلت للنسبة ككرسي ويحني ومرمي وشاهي فتحذف ياءاتها وَيثبت مَكَانهَا يَاء النّسَب فَتَصِير كلفظها كَرَاهَة اجْتِمَاع أَربع ياءات وَلِأَنَّهُ لَا يُوجد فِي آخر اسْم أَربع زَوَائِد من جنس وَاحِد وَقد يُقَال فِي مرموي بِحَذْف الْيَاء الزَّائِدَة المنقلبة عَن الْوَاو الزَّائِدَة فِي اسْم الْمَفْعُول وقلب الْيَاء الَّتِي هِيَ لَام الْكَلِمَة واوا كَمَا يُقَال فِي عَليّ علوي فَإِن كَانَ قبل الْيَاء الْمُشَدّدَة حرفان فَقَط كقصي حذفت أولى الياءين وقلبت الثَّانِيَة واوا فَيُقَال قصوي أَو حرف وَاحِد كحي وطي قلبت الثَّانِيَة واوا وَصحت الأولى محركة بِالْفَتْح فَيُقَال حيوي لِأَنَّهُ لَو نسب إِلَيْهِمَا على لَفْظهمَا لاجتمع فِي آخر الِاسْم أَربع ياءات وَذَلِكَ مستثقل فِي كَلَامهم وشذ قَوْلهم حييي وَكَانَ أَبُو عَمْرو يختاره لِأَن لَيْسَ فِيهِ زَائِد يحذف وتحذف أَيْضا ألف التَّأْنِيث رَابِعَة أَو فَوْقهَا فَيُقَال فِي جمزى وحبلى جمزي وحبلي بِخِلَاف ألف الْإِلْحَاق كعلقى أَو لَام الْكَلِمَة كملهى كَمَا سَيَأْتِي وتحذف أَيْضا الْوَاو تلو مضموم ثَالِث فَصَاعِدا فَيُقَال فِي عرقوة وترقوة وقمحدوة عرقي وترقي وقمحدي بِخِلَافِهَا بعد مضموم ثَان كرموه من الرَّمْي فَلَا تحذف

وتحذف أَيْضا الْيَاء الْمَكْسُورَة المدغم فِيهَا الموصولة بِالْآخرِ فِرَارًا من توالي ياءات بَينهَا كسر فَيُقَال فِي سيد وميت سَيِّدي وميتي بِالتَّخْفِيفِ حذفا للياء المدغم فِيهَا الْيَاء الأولى وشذ قَوْلهم طائي بقلب الْيَاء ألفا الْمَكْسُورَة الْقيَاس طيئي فَلَو كَانَت الْيَاء غير مَكْسُورَة كهبيخ لم تحذف بل يُقَال هبيخي وَكَذَا لَو كسرت وَلم توصل بِالْآخرِ كمهيم تَصْغِير مهيام مفعال من هام فَيُقَال مهيمي بِلَا خلاف لِأَن الْيَاء الْمَكْسُورَة المدغم فِيهَا مفصولة من الآخر بياء التعويض (ص) وتقلب واوا ألف ثَالِثَة أَو رَابِعَة لإلحاق أَو أصل وَقد تحذف أَو تقلب رَابِعَة لتأنيث فِيمَا سكن ثَانِيه مثل [حبلوي] أَو خَامِسَة تلو مشدد وَقد تزاد ألف قبل بدل رَابِعَة مُطلقًا وهمزة تَأْنِيث غَالِبا وَفِي غَيرهَا وَجْهَان (ش) تقلب فِي النّسَب واوا ألف ثَالِثَة كفتوي وعصوي فِي فَتى وعصا أَو رَابِعَة لغير تَأْنِيث كالإلحاق فِي علقى وَلَام الْكَلِمَة فِي ملهى فَيُقَال فيهمَا علقوي وملهوي وَقد تحذف هَذِه أَعنِي الرَّابِعَة لغير تَأْنِيث تَشْبِيها لَهَا بِأَلف التَّأْنِيث فَيُقَال علقي وملهي وَقد تقلب الرَّابِعَة الَّتِي للتأنيث فِيمَا سكن ثَانِيه فَيُقَال فِي حُبْلَى حبلوى حملا على ملهى وعلقى بِخِلَاف مَا تحرّك ثَانِيه كجمزى فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْحَذف وَقد تزاد ألف قبل بدل الْألف الرَّابِعَة مُطلقًا سَوَاء كَانَت للتأنيث كَمَا نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ أَو للإلحاق كَمَا ذكره أَبُو زيد أَو منقلبة عَن أصل كَمَا ذكره السيرافي فَيُقَال حبلاوي وعلقاوي وملهاوي فَإِن وَقعت الْألف خَامِسَة وَهِي منقلبة عَن أصل بعد مشدد نَحْو مصلى ومثنى فمذهب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور الْحَذف كحالها إِذا وَقعت خَامِسَة منقلبة عَن أصل وَلَيْسَ قبلهَا مشدد كمشترى فَإِنَّهُ لَا خلاف فِي حذفهَا وَمذهب يُونُس جعله

مثل معطى وملهى فيجيز فِيهِ الْقلب كَمَا يُجِيز الْحَذف وتقلب أَيْضا واوا همزَة أبدلت من ألف التَّأْنِيث فَيُقَال فِي حَمْرَاء وصفراء حمراوي وصفراوي وَمن الْعَرَب من يَقُول حمرائي وصفرائي فتقر الْهمزَة من غير قلب تَشْبِيها بِأَلف كسَاء قَالَ فِي التوشيح وَذَلِكَ قَلِيل رَدِيء نَقله أَبُو حَاتِم فِي كتاب التَّذْكِير والتأنيث وَفِي همزَة غَيرهَا تالية ألف وَجْهَان الْإِقْرَار وَالْقلب سَوَاء كَانَت أَصْلِيَّة كقراء ووضاء أَو مُلْحقَة بِأَصْل كعلباء أَو منقلبة عَن أصل ككساء فَيُقَال قرائي وقراوي ووضائي ووضاوي وعلبائي وعلباوي وكسائي وكساوي والتصحيح فِي الْأَصْلِيَّة أَجود من الْقلب قَالَه ابْن مَالك قَالَ أَبُو حَيَّان فيفهم مِنْهُ أَن الْقلب فِي الْأَخيرينِ أَجود قَالَ وَالَّذِي ذكره غَيره أَن الْقلب فِي بَاب علْبَاء أحسن وَالْإِقْرَار فِي بَاب كسَاء أحسن بِنَاء لباب النّسَب على بَاب التَّثْنِيَة قَالَ وَقد قَالُوا فِي بَاب التَّثْنِيَة كسايان فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ النّسَب فَيُقَال كسايي بِالْيَاءِ أه (ص) وَيُقَال فِي فعيلة فعلي وفعلية وفعولة فعلي مَا لم يكن مضاعفا أَو أجوف صَحِيح اللَّام قَالَ ابْن مَالك أَو تعدم الشُّهْرَة وشذ نَحْو سليمي وقاس أَبُو البركات بن الْأَنْبَارِي نَحْو الْحَنَفِيّ فِي الْمَذْهَب وَأثبت الْأَخْفَش وَاو فعولة وحذفها ابْن الطراوة وَأبقى الضمة ويقاسان فِي فعيل وفعيل معتلي اللَّام لَا صَحِيحَيْنِ فِي الْأَصَح وَثَالِثهَا يقاسان فِي يَاء ثَالِثَة وَرَابِعهَا فِي فعيل فَقَط (ش) يُقَال فِي النّسَب إِلَى فعيلة بِضَم الْفَاء وَفتح الْعين فعلي كَذَلِك بِحَذْف الْيَاء الزَّائِدَة وتاء التَّأْنِيث نَحْو جُهَيْنَة جهين وضبيعة وضبعي وشذ ردينة ورديني بِإِثْبَات الْيَاء وَيُقَال فِي فعيلة بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين فعلي بفتحهما وَحذف الْيَاء وَالتَّاء

كحنيفة وحنفي وَرَبِيعَة ورِبْعِي وشذ قَوْلهم فِي سليم سليمي وَفِي عميرَة عميري وَفِي السليقة سليقي بِإِثْبَات الْيَاء من غير تَغْيِير وقاس الْكَمَال أَبُو البركات عبد الرَّحْمَن بن الْأَنْبَارِي الْحَنَفِيّ فِي النِّسْبَة إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة فرقا بَينه وَبَين الْمَنْسُوب إِلَى قَبيلَة بني حنيفَة حَيْثُ يُقَال فِي حنيفي كَمَا فرقوا بَين الْمَنْسُوب إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَإِلَى مَدِينَة الْمَنْصُور فَقَالُوا فِي الأول مدنِي وَفِي الثَّانِي مديني وَيُقَال فِي فعولة فعلي بحذ الْوَاو وَالتَّاء وَفتح الْعين سَوَاء كَانَت اللَّام صَحِيحَة كحمثولة وحملي وركوبة وركبي أم معتلة كعدوة وعدوي هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَذهب الْأَخْفَش والجرمي والمبرد إِلَى أَنه ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه كَقَوْلِهِم فِي أَزْد شنُوءَة شنوي وَذهب ابْن الطراوة إِلَى أَنه تحذف الْوَاو وَيتْرك مَا قبلهَا على الضَّم فَيُقَال حملي وركبي فَإِن ضوعفت الثَّلَاثَة كعديدة وضريرة تَصْغِير الْعدة والضرة وشديدة وقديدة وضرورة لم تحذف الْيَاء وَلَا الْوَاو كَرَاهَة اجْتِمَاع المثلين لَو حذفا فَإِنَّهُ كَانَ يصير عددي وضرري وشددي وقددي وضرري فَهَرَبُوا إِلَى الْفَصْل بَين المثلين بِالْيَاءِ وَالْوَاو وَالنِّسْبَة إِلَيْهِمَا على لَفظهَا فَقَالُوا عديدي وشديدي وضروري وَكَذَا إِن اعتلت عينهَا وَاللَّام صَحِيحَة لَا تحذف كلويزة ولويزي وطويلة وطويلي وقوولة وقوولي فَإِن اعتلت هِيَ وَاللَّام أَيْضا حذفت كطويه وطووي وحيية وحيوي وطهية وطهوي وَيُقَال فِي فعيل وفعيل صحيحي اللَّام أَو معتلين فُعَلِيّ وفَعَليّ بِحَذْف الْيَاء مِثَال الصَّحِيحَيْنِ هُذَيْل وهذلي وَثَقِيف وثقفي وَمِثَال المعتلين قصي وقصوي وَعلي وعلوي وَفِي قِيَاس ذَلِك أَقْوَال أَصَحهَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ يُقَال فِي المعتلين دون الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُمَا ينْسب إِلَيْهِمَا على لَفْظهمَا ككليب وكليبي وَتَمِيم وتميمي وَمَا جَاءَ من الْحَذف يحمل على الشذوذ

وَالثَّانِي يُقَاس الصحيحان قِيَاسا مطردا كالمعتلين وَعَلِيهِ الْمبرد وَالثَّالِث إِن كَانَت الْيَاء ثَالِثَة حذفت نَحْو قُرَيْش وقرشي وهذيل وهذلي قَالَه المهاباذي قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا خلاف لمَذْهَب سِيبَوَيْهٍ ولمذهب الْمبرد أَيْضا وَالرَّابِع يُقَاس فِي فعيل لِكَثْرَة مَا جَاءَ فِيهِ سمع غير مَا تقدم ضبري من بني ضبير وفقمي من بني فقيم (كنَانَة) وملحي فِي مليح خُزَاعَة وقرمي فِي قريم وسلمي فِي سليم بِخِلَاف فعيل فَإِنَّهُ لم يحذف مِنْهُ إِلَّا ثَقِيف وثقفي فَالْقِيَاس على هَذِه اللَّفْظَة الْوَاحِدَة فِي غَايَة الْبعد والضعف أما فعول فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا النِّسْبَة على لَفظه من غير تَغْيِير وفَاقا كعدو وعدوي (ص) وَيفتح غَالِبا كسر فعل مثلث الْفَاء وجوبا وَقيل جَوَازًا وَبَاب تغلب سَمَاعا وَقيل قِيَاسا لَا بَاب جندل وفَاقا (ش) إِذا نسبت إِلَى فعل بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين أَو فعل بِكَسْر الْفَاء وَالْعين أَو فعل بِضَم الْفَاء وَكسر الْعين فتحت الْعين من الثَّالِثَة كنمر ونمري وإبل وإبلي ودئل ودئلي وَكَذَا مَا ختم بتاء التَّأْنِيث من ذَلِك كشقرة وشقري وحبرة وحبري وشذ قَوْلهم فِي الصَّعق صعقي بِكَسْر الْعين وَالصَّاد قبلهَا إتباعا وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أعلم خلافًا فِي وجوب فتح الْعين فِي نَحْو نمر وإبل ودئل إِلَّا مَا ذكره طَاهِر الْقزْوِينِي فِي مُقَدّمَة لَهُ أَن ذَلِك على جِهَة الْجَوَاز وَأَنه يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ وَقد تفتح الْعين الْمَكْسُورَة من الرباعي كتغلب وتغلبي ويثرب ويثربي ومشرق ومغرب ومشرقي ومغربي وَقد اخْتلف فِي قِيَاس ذَلِك على قَوْلَيْنِ أصَحهمَا وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه أَنه شَاذ يحفظ مَا ورد مِنْهُ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ

وَالثَّانِي أَنه مطرد ينقاس وعزي إِلَى الْمبرد وَابْن السراج والرماني والفارسي والصيمري وَجَمَاعَة قَالَ أَبُو حَيَّان هَكَذَا نقل الْخلاف فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بعض أَصْحَابنَا وَذهب أَبُو مُوسَى إِلَى توَسط بَين الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَن الْمُخْتَار أَلا يفتح قَالَ وَهَذَا مُخَالف لقَوْل سِيبَوَيْهٍ من أَنه شَاذ وَلقَوْل الْمبرد أَنه مطرد وَلَا يخْتَار الْكسر قَالَ وَنقل أَبُو الْقَاسِم البطليوسي فِي شَرحه لكتاب سِيبَوَيْهٍ أَن الْجُمْهُور على جَوَاز الْوَجْهَيْنِ فِيهِ وَأَنه إِنَّمَا خَالف فِيهِ أَبُو عَمْرو فَأوجب الْكسر قَالَ وَهَذَا مُخَالف للنَّقْل السَّابِق وَلَا يُغير بَاب جندل وعلبط ودردم وهدهد وعجلط وسلسة مِمَّا توالت حركاته وَلم يسكن ثَانِيه وَكسر مَا قبل آخِره بل ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه من غير تَحْويل كَسرته فَتْحة بِلَا خلاف (ص) وَلَا يرد من الْمَحْذُوف الْفَاء أَو الْعين إِلَّا المنقوص وَترد اللَّام إِن كَانَ أجوف أَو جبر فِي التَّثْنِيَة أَو جمع الْمُؤَنَّث وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فَإِن عرض الْوَصْل جَازَ حذفه وَالرَّدّ وَعَكسه وتفتح عين المجبور وَقيل يسكن مَا أَصله السّكُون وَلَا يحذف الْوَصْل من غير مَا ذكر (ش) لَا يرد فِي النّسَب مَا حذف من فَاء أَو عين إِن كَانَت اللَّام صَحِيحَة فَيُقَال فِي عدَّة عدي وَفِي سه سهي وَفِي مذ مُسَمّى بهَا مذي وَيرد إِن كَانَت اللَّام معتلة فَيُقَال فِي شية وشوي وَفِي (يرى) مُسَمّى بهَا يرئي يرد الْفَاء وَالْعين وَأما الْمَحْذُوف اللَّام فَيرد إِن كَانَ معتل الْعين سَوَاء كَانَت اللَّام المحذوفة حرف عِلّة كذي بِمَعْنى صَاحب فَيُقَال ذووي أم حرفا صَحِيحا كشاة أَصْلهَا شوهة بِسُكُون الْوَاو كصحفة فَلَمَّا حذفت الْهَاء باشرت تَاء التَّأْنِيث الْوَاو فَانْقَلَبت الْفَاء لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فالمحذوف هَاء وَهُوَ حرف صَحِيح فَيُقَال فِي

النِّسْبَة إِلَيْهِ على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ شاهي برد اللَّام وإبقاء الْألف المبدلة وعَلى مَذْهَب الْأَخْفَش شوهي برد الْوَاو أَيْضا إِلَى أَصْلهَا فَإِن كَانَ صَحِيح الْعين وَجب رد اللَّام أَيْضا إِن جبر بردهَا فِي التَّثْنِيَة كأب وَإِخْوَته فتقولء ابوي وأخوي كَمَا تَقول أَبَوَانِ وَأَخَوَانِ وَتقول فموي على لُغَة من يَقُول فموان أَو فِي الْجمع بِالْألف وَالتَّاء كعضة وهنة وَسنة فَتَقول عضوي وهنوي وسنوي على لُغَة من جعل الْمَحْذُوف مِنْهَا الْوَاو أَو عضيهي وهنهي وسنهي على لُغَة من جعل الْمَحْذُوف مِنْهَا الْهَاء كَمَا تَقول سنوات وسنهات وَإِن لم يجْبر برد لامه فِي التَّثْنِيَة وَلَا فِي الْجمع بِالْألف وَالْيَاء جَازَ فِيهِ وَجْهَان الرَّد وَتَركه نَحْو حر فَقَالَ حرحي أَو حري وشفة فَيُقَال شفهي أَو شفي فَإِن كَانَ الْمَحْذُوف اللَّام وَعوض فِي أَوله همز الْوَصْل جَازَ حذف الْهمزَة وَالرَّدّ وإبقاء الْهمزَة وَترك الرَّد فَيُقَال فِي ابْن وَاسم بنوي وسموي أَو ابْني واسمي وَلَا يجمع بَين الْهمزَة وَالرَّدّ لِئَلَّا يجمع بَين الْعِوَض والمعوض وَيُقَال فِي ابْن ابنمي أَو ابْني أَو بنوي وتفتح عين المجبور مُطلقًا سَوَاء كَانَ أَصْلهَا السّكُون أم الْحَرَكَة كالأمثلة السَّابِقَة كلهَا تفتح عينهَا وَهَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَقَالَ الْأَخْفَش إِن كَانَ أَصْلهَا السّكُون سكنت يُقَال فِي النّسَب إِلَى شَاة شوهي بِسُكُون الْوَاو قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا مِنْهُ قِيَاس مصادم للنَّص فَهُوَ من فَسَاد الْوَضع قَالَ وَقد رَجَعَ فِي الْأَوْسَط إِلَى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَذكره سَمَاعا عَن الْعَرَب وَلَا تحذف همزَة الْوَصْل من غير مَا ذكر فَيُقَال فِي النِّسْبَة إِلَى (امْرِئ) امرئي وَإِلَى استغاثة استغاثي وَالرَّاء وَالنُّون من امْرِئ وابنم تابعان فِي الْكسر لما بعدهمَا فِي غير النّسَب (ص) ويضعف ثَانِي الثنائي وضعا جَوَازًا إِن صَحَّ ووجوبا إِن اعتل إِلَّا بِالْألف فيهمز (ش) إِذا نسب إِلَى الثنائي وضعا فَإِن كَانَ آخِره حرف صَحِيح جَازَ تَضْعِيفه وَعدم تَضْعِيفه فَيُقَال فِي كم كمي بِالتَّشْدِيدِ أَو كمي بِالتَّخْفِيفِ وَإِن كَانَ آخِره يَاء أَو واوا وَجب تَضْعِيفه فَيُقَال فِي كي وَلَو كيوي ولووي كحيوي

وَإِن كَانَ آخِره ألف ضعف بِالْهَمْز فَيُقَال فِي لَا لائي وَيجوز لاوي لما تقدم من أَن الْهمزَة لغير التَّأْنِيث يجوز فِيهَا الْإِقْرَار وَالْقلب واوا (ص) وتبدل يَاء سِقَايَة وحولايا همزَة أَو واوا وتزيد (غَايَة) الْإِقْرَار لَا يُغير ثلاثي سَاكن الْعين صحيحها لامه وَاو أَو يَاء فَإِن أنث بِالتَّاءِ فثالثها يقر مَا قبل الْوَاو وتقلب فِي بَاب بنت ثَالِثهَا حذف التَّاء وَإِقْرَار مَا قبل (ش) النّسَب إِلَى سِقَايَة وحولايا بإبدال الْيَاء همزَة فَيُقَال سقائي وحولائي لِأَن التَّاء وَالْألف يحذفان فتتطرف الْيَاء وَقبلهَا ألف زَائِدَة فتبدل همزَة كَمَا هُوَ قَاعِدَة بَاب الْإِبْدَال وَقد تجْعَل هَذِه الْهمزَة واوا فَيُقَال سقاوي وحولاوي أما نَحْو سقاوة فَتبقى الْوَاو فِيهِ على حَالهَا وَلَا تقلب همزَة فَيُقَال سقاوي لِأَن الْعَرَب قد تقلب الْهمزَة واوا فَإِذا حذفت لم يجز فِيهَا إِلَّا الْإِثْبَات وَأما غَايَة وَنَحْوهَا كطاية وثاية مِمَّا ثالثه يَاء بعد الْألف فَفِيهِ ثَلَاثَة أوجه النِّسْبَة إِلَيْهِ على لَفظه فَيُقَال غايي وإبدال الْيَاء همزَة كَمَا قلبت فِي سِقَايَة فَيُقَال غائي وإبدال الْهمزَة المبدلة من الْيَاء واوا فَيُقَال غاوي والهمزة أَجود لِأَن فِيهِ سَلامَة من استثقال الياءات وإبدال أخف من إبدالين وَلَا يُغير ثلاثي سَاكن الْعين صحيحها لامه يَاء أَو وَاو أَو خَال من تَاء التَّأْنِيث كظبي وغزو بِاتِّفَاق فَيُقَال ظبيي وغزوي فَإِن أنث بِالتَّاءِ كظبية ودمية وزبية وَعُرْوَة وركوة ورشوة فَفِيهِ أَقْوَال أَحدهَا وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل أَنه لَا يُغير أَيْضا بل ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه بعد حذف التَّاء سَوَاء كَانَ من ذَوَات الْوَاو أَو من ذَوَات الْيَاء وَالثَّانِي أَنه ينْسب إِلَيْهِ كَمَا ينْسب إِلَى المنقوص الثلاثي فتقلب الْيَاء واوا فِي اليائي وَيفتح مَا قبل الْوَاو فِيهَا وَفِي الواوي فَيُقَال ظبوي وعروي وَعَلِيهِ يُونُس وَاخْتَارَهُ الزّجاج وَالثَّالِث التَّفْرِقَة بَين ذَوَات الْيَاء فتفتح مَا قبلهَا وَتَقَلُّبهَا واوا كالثلاثي المنقوص وَبَين ذَوَات الْوَاو فتبقيه سَاكِنا وَتقول عروي وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَفِي النّسَب إِلَى بنت وَأُخْت وثنتان وكلتا وَكَيْت وذيت مَذَاهِب

أَحدهَا وَعَلِيهِ الْخَلِيل وسيبويه أَنه تحذف التَّاء وينسب إِلَيْهَا كمذكراتها فَيُقَال بنوي وأخوي وثنوي وكلوي وكيوي وذيوي كَسَائِر الْأَلْفَاظ المؤنثة بِالتَّاءِ وَالثَّانِي وَعَلِيهِ يُونُس أَنه ينْسب إِلَيْهَا على لَفظهَا بإبقاء التاءن فَيُقَال بِنْتي وأختي وثنتي وكلي أَو كلتوي وكيتي وذيتي فِرَارًا من اللّبْس وَهُوَ اخْتِيَاري وَالثَّالِث وَعَلِيهِ الْأَخْفَش أَنه تحذف التَّاء ويقر مَا قبلهَا على سكونه وَمَا قبل السَّاكِن على حركته وَيرد الْمَحْذُوف فَيُقَال بنوي وأخوي وثنتي وكلوي وكيوي وذيوي (ص) وينسب لاسم الْجمع وَالْجمع الْمُسَمّى بِهِ وَالْغَالِب وَمَا لَا وَاحِد لَهُ وَإِلَّا فَالْأَصَحّ ينْسب لمفرده إِن لم يلبس وَثَالِثهَا إِن كَانَ غير شَاذ (ش) إِذا نسب إِلَى اسْم الْجمع أَو الْجمع الْمُسَمّى بِهِ أَو الْجمع الْغَالِب أَو الْجمع الَّذِي واحده مهمل نسب إِلَيْهِ على لَفظه كَمَا ينْسب إِلَى الْوَاحِد فَيُقَال فِي قوم وتمر قومِي وتمري وَفِي كلاب وضباب وأنمار أَسمَاء قبائل كلابي وضبابي وأنماري لِأَنَّهَا بالعلمية لم يبْق يلحظ بهَا مُفْرد أصلا وَفِي الْأَنْصَار أَنْصَارِي لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ بَاقِيا على جمعيته لم يخرج عَنْهَا لكنه غَالب على قبائل بأعيانهم فنسب إِلَيْهِ على لَفظه كَالْعلمِ وَفِي شماطيط وعباديد شماطيطي وعباديدي إِذْ لَيْسَ لَهُ وَاحِد معِين يرجع إِلَيْهِ وَأما الْجمع الْبَاقِي على جمعيته وَله وَاحِد مُسْتَعْمل فَإِنَّهُ ينْسب إِلَى الْوَاحِد مِنْهُ فَيُقَال فِي الْفَرَائِض فَرضِي وَفِي الحمس أحمسي وَفِي الْفَرْع أفرعي قَالَ أَبُو حَيَّان بِشَرْط أَلا يكون رده إِلَى الْوَاحِد يُغير الْمَعْنى فَإِن كَانَ كَذَلِك نسب إِلَى لفظ الْجمع كأعرابي إِذْ لَو قيل فِيهِ عَرَبِيّ رد إِلَى الْمُفْرد لالتبس الْأَعَمّ بالأخص لاخْتِصَاص الْأَعْرَاب بالبوادي وَعُمُوم الْعَرَب وَأَجَازَ قوم أَن ينْسب إِلَى الْجمع على لَفظه مُطلقًا وَخرج عَلَيْهِ قَول النَّاس فرائضي وكتبي وقلانسي

شواذ النسب

وَذهب هَؤُلَاءِ إِلَى أَن الْقمرِي والدبسي مَنْسُوب إِلَى الْجمع من قَوْلهم طيور قمر ودبس وَعند الْأَوَّلين هُوَ مَنْسُوب إِلَى القمرة وَهِي الْبيَاض والدبس أَو مثل كرْسِي مِمَّا بني على الْيَاء الَّتِي تشبه يَاء النّسَب وَأَجَازَ أَبُو زيد فِي مَا لَهُ وَاحِد شَاذ كمذاكير ومحاسن أَن ينْسب إِلَيْهِ على لَفظه كَالَّذي واحده مهمل فَيُقَال مذاكيري ومحاسني وسيبويه ينْسب إِلَى مفرده الشاذ فَيَقُول ذكري وحسني لِأَنَّهُ قد نطق لَهُ بِوَاحِد فِي الْجُمْلَة وَمن الشاذ على الأول وَقَوْلهمْ كلابي الْخلق وَالْقِيَاس كَلْبِي وَقَوْلهمْ فِي الْجمع الْمُسَمّى بِهِ فرهودي نِسْبَة إِلَى الفراهيد وَالْقِيَاس فراهيدي وَإِذا سمي بِنَحْوِ تمرات وأرضين وسنين ثمَّ نسب إِلَيْهَا فتحت عين تمرات وأرضين وَكسر فَاء سِنِين فرقا بَين النِّسْبَة إِلَيْهَا حَال العلمية وَبَين النِّسْبَة إِلَيْهَا حَال الجمعية فَإِنَّهُ فِي كلا الْحَالين يلْزم حذف الْألف وَالتَّاء وَالْيَاء وَالنُّون فَلَو أسكنت الْعين وَفتحت الْفَاء لالتبس فَيُقَال فِي الْعلم تمري وأرضي وسني وَفِي الْجمع تمري وأرضي وسنوي أَو سنهي شواذ النّسَب (ص) شواذ النّسَب الْمُخَالفَة لما ملا لَا تحصى وَمِنْهَا بِنَاء فعلل من جزئي الْمركب ولحاق الْيَاء لأبعاض الْجَسَد مَبْنِيَّة على فعال أَو مُلْحقًا بهَا ألف وَنون للْمُبَالَغَة وَالْفرق بَين الْوَاحِد وجنسه وَالزِّيَادَة والإغناء عَنْهَا بفعال من الحرفة وفاعل وَفعل بِمَعْنى صَاحب الشَّيْء وَإِقَامَة أَحدهمَا مقَام الآخر أَو غَيرهمَا وقاس الْمبرد بَاب فعال وتخفف الْيَاء فيعوض قبل اللَّام ألف وَلَا يجمعان إِلَّا شذوذا (ش) مَا سمع من النّسَب مغيرا لم يذكر فِي هَذَا الْبَاب أَو متروكا فِيهِ التَّغْيِير الْمُقَرّر فِيهِ لم يقس عَلَيْهِ وعد فِي شواذ النّسَب الَّتِي تحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهَا وَهِي كَثِيرَة لَا تحصى فَمن المغير قَوْلهم فِي النّسَب إِلَى السهل سهلي بِضَم السِّين

وَهُوَ خلاف مَا تقرر فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُقَال فِي كلب كَلْبِي بِضَم الْكَاف وَقَوْلهمْ فِي الشتَاء شتوي وَقِيَاسه شتائي على لَفظه وَقَوْلهمْ فِي الْبَصْرَة بَصرِي بِكَسْر الْبَاء وَقِيَاسه فتحهَا وللشيخ الْهم دهري بِضَم الدَّال نِسْبَة إِلَى الدَّهْر وَقِيَاسه فتحهَا وَفِي خُرَاسَان خرسي وخراسي وَفِي الرّيّ رازي وَفِي مرو مروزي وَفِي دراب جرد دراوردي وَفِي دَار الْبِطِّيخ دريخي وَفِي سوق اللَّيْل سقلي وَمن الْمَتْرُوك تَغْيِيره وَالْقِيَاس أَن يُغير قَوْلهم كلب عميري فِي النّسَب إِلَى عميرَة وَمن شواذ النّسَب بناؤهم فعلل من جزئي الْمركب كَقَوْلِهِم فِي عبد شمس عبشمي وَفِي عبد الدَّار عبدري وَفِي امْرِئ الْقَيْس مرقسي وَعبد الْقَيْس عبقسي وَفِي حَضرمَوْت حضرمي وَمِنْهَا لحاق يَاء النّسَب أَسمَاء أبعاض الْجَسَد مَبْنِيَّة على فعال أَو مزيدا فِي آخرهَا ألف وَنون للدلالة على عظمها كَقَوْلِهِم أنافي للعظيم الْأنف ورآسي للعظيم الرَّأْس وعضادي للعظيم الْعَضُد وفخاذي للعظم الْفَخْذ وَفِي الَّذِي طوله أَو عرضه شبر أحادي أَو شبران ثنائي أَو ثَلَاثَة ثلاثي وَهَكَذَا رباعي وخماسي وسداسي وسباعي فَلَا يُقَاس على شَيْء من ذَلِك بِحَيْثُ يُقَال فِي الْعَظِيم الكبد أَو الْوَجْه كبادي أَو جاهي بل يقْتَصر على مَا سمع وكقولهم فِي الْعَظِيم الرَّقَبَة والجمة واللحية وَالشعر رقباني وجماني ولحياني وشعراني فَلَا يُقَاس عَلَيْهِ بِحَيْثُ يُقَال فِي الْعَظِيم الرَّأْس رأساني وَمِنْهَا لحاق الْيَاء عَلامَة للْمُبَالَغَة كَقَوْلِهِم رجل أعجمي وأشعري وأحمري أَو للْفرق بَين الْوَاحِد وجنسه كزنج وزنجي ومجوس ومجوسي ويهود ويهودي وروم ورومي أَو زَائِدَة إِمَّا لَازِمَة ككرسي وحواري وكلب زبني فَهَذِهِ الْيَاء لَيست للنسب بل هِيَ زَائِدَة فبنيت الْكَلِمَة عَلَيْهَا أَو غير لَازِمَة كَقَوْلِه: 1783 - (والدّهر بالإنسان دوّاريُّ ... ) وَلَا يُقَال إِنَّهَا زَائِدَة للْمُبَالَغَة لِأَنَّهَا قد استفيدت من بنائِهِ على فعال وَلَا يُقَاس على شَيْء مِمَّا ذكر وَمِنْهَا الإغناء عَن يَاء النّسَب بصوغ فعال من الحرفة كخباز وقزاز وسقاء

التقاء الساكنين

وَبَقَاء وزجاج وبزاز وبقال وخياط ونجار وبصوغ فَاعل وَفعل بِمَعْنى صَاحب الشَّيْء كتامر وَلابْن ونابل أَي صَاحب تمر وَلبن ونبل وَطعم وَلبن وَعمل أَي صَاحب طَعَام وَلبن وَعمل وَقد يُقَام فعال مقَام فَاعل كنبال بِمَعْنى نابل أَي صَاحب نبل وَخرج عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا رَبك بظلام للعبيد} [فصلت: 46] أَي بِذِي ظلم وَقد يُقَام فَاعل مقَام فعال كحائك فِي معنى حواك لِأَن الحياكة من الْحَرْف وَقد يُقَام غَيرهمَا مقامهما نَحْو امْرَأَة معطار أَي ذَات عطر وناقة محضير وكل هَذَا مَوْقُوف على السماع وَلَا يُقَاس شَيْء مِنْهُ وَإِن كَانَ قد كثر فِي كَلَامهم قَالَ سِيبَوَيْهٍ فَلَا يُقَال لصَاحب الْبر برار وَلَا لصَاحب الشّعير شعار وَلَا لصَاحب الدَّقِيق دقاق وَلَا لصَاحب الْفَاكِهَة فكاه والمبرد يقيس بَاب فَاعل وفعال لِأَنَّهُ فِي كَلَامهم أَكثر من أَن يُحْصى وَقد تخفف يَاء النّسَب بِحَذْف إِحْدَى ياءيها فيعوض مِنْهَا ألف قبل لَام الْكَلِمَة كَقَوْلِهِم فِي يمني يماني وَفِي شَامي شآمي وَيصير الِاسْم إِذا ذَاك منقوصا تَقول قَامَ الْيَمَانِيّ وَرَأَيْت الْيَمَانِيّ ومررت باليماني وَلأَجل كَون هَذِه الْألف عوضا من الْيَاء المحذوفة لَا يَجْتَمِعَانِ إِلَّا شذوذا فِي الشّعْر التقاء الساكنين (ص) التقاء الساكنين الْغَالِب أَنه لَا يكون فِي الْوَصْل إِلَّا فِي حرف لين مَعَ مدغم مُتَّصِل وَقد يُغير بإبدال الْألف همزَة وَأَنه فِيمَا عداهُ يحذف الأول إِن كَانَ مدا أَو نون توكيد أَو لدن وَألا يُحَرك مَا لم يكن الثَّانِي آخر كلمة فَهُوَ وَإنَّهُ يُحَرك بِالْكَسْرِ وَقد يفتح أَو يضم لموجب فَإِن الْوَاو بعد فتح لجمع تضم وَلغيره تكسر وَإِن نون (عَن) تكسر مُطلقًا و (من) مَعَ غير اللَّام وتفتح مَعهَا وتحذف إِن لم تُدْغَم بِكَثْرَة وفَاقا لأبي حَيَّان وَقَالَ ابْن مَالك بقلة وَابْن عُصْفُور ضَرُورَة وَحذف التَّنْوِين وضمه لتلو ضم لَازم لُغَة 0 ش) لَا يَخْلُو التقاء الساكنين من حذف أَحدهمَا أَو تحريكه وَهُوَ الأَصْل لِأَنَّهُ أقل إخلالا وَلذَلِك لَا يعدل إِلَيْهِ إِلَّا بعد تعذره بِوَجْه مَا

وأصل التَّخْفِيف أَن يكون من السَّاكِن الْمُتَأَخر لِأَن الثّقل يَنْتَهِي عِنْده وَلذَلِك لَا يكون التَّغَيُّر فِي الأول إِلَّا لوجه يرجحه وَقيل الأَصْل تَحْرِيك السَّاكِن الأول لِأَن بِهِ التَّوَصُّل إِلَى النُّطْق بِالثَّانِي فَهُوَ كهمزة الْوَصْل وَقَالَ قوم الأَصْل تَحْرِيك مَا هُوَ طرف الْكَلِمَة أَو الساكنين كَانَ أَو ثَانِيهمَا لِأَن الْأَوَاخِر مَوَاضِع التَّغْيِير وَلذَلِك كَانَ الْإِعْرَاب آخرا والتقاء الساكنين من الْأَحْوَال الْعَارِضَة للكلمة ثمَّ تَارَة يكون السَّاكِن أَصله الْحَرَكَة وَتارَة لَا ويلتقيان فِي الْوَقْف مُطلقًا سَوَاء كَانَ الأول حرف عِلّة أم لَا نَحْو يعلمُونَ وَصرف وَلَا يَلْتَقِيَانِ فِي الْوَصْل إِلَّا وأولهما حرف لين وَثَانِيهمَا مدغم مُتَّصِل نَحْو دَابَّة ودويبة والضالين بِخِلَاف الْمُنْفَصِل فيحذف لَهُ الأول وَرُبمَا ثَبت كَقِرَاءَة {عَنهُ تلهى} [عبس: 10] {مَا لكم لَا تناصرون} [الصافات: 25] وَرُبمَا فر من التقائهما فِي الْمُتَّصِل بإبدال همزَة مَفْتُوحَة من الْألف وَقُرِئَ {فَيَومئِذٍ لاَّ يُسئَلُ عَن ذَنبِهِ أِنسٌ وَلاَ جأَنُ} [الرَّحْمَن: 39] {وَلاَ الظّألين}

[الْفَاتِحَة: 7] وَقَالَ الشَّاعِر: 1784 - (وللأرْض أَمَّا سُودُها فَتَحجَّلّتْ ... بَياضاً وَأما بيضُها فادْهَأَمَتِ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا ينقاس شَيْء من ذَلِك إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر على كَثْرَة مَا جَاءَ مِنْهُ فَإِن لم يكن الثَّانِي مدغما حذف الأول إِن كَانَ حرف مد أَو نون توكيد خَفِيفَة أَو نون (لدن) كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقيل ادخلا النَّار مَعَ الداخلين} [التَّحْرِيم: 10] {يَقُولُوا الَّتِي} [الْإِسْرَاء: 53] {أَفِي الله شكّ} [إِبْرَاهِيم: 10] وَتقول اضْرِب الرجل تُرِيدُ اضربن ورأيته لدا الصَّباح أَي لدن وشذ إِثْبَات الْألف فِي قَوْلهم الْتَقت حلقتا البطال وَقَوْلهمْ فِي الْقسم هَا الله وإي الله بِإِثْبَات الْألف وَالْيَاء وَكسر نون لدن كَقَوْلِه: 1785 - (تَنْتَهضُ الرِّعْدَةُ فِي ظُهَيري ... من لَدُن الظُّهْر إِلَى العُصَيْر) وَإِن كَانَ غير ذَلِك حرك أَعنِي الأول نَحْو اضْرِب الرجل إِلَّا أَن يكون الثَّانِي آخر كلمة فيحرك هُوَ أَي الثَّانِي كأين وَكَيف وأمس وَحَيْثُ ومنذ وَإِذا كَانَ الأول تنوينا فَالْأَصْل فِيهِ عِنْد التقاء الساكنين الْكسر نَحْو مَرَرْت بزيد الظريف فَإِن كَانَ بعد السَّاكِن مضموم ضما لَازِما فَمن الْعَرَب من يضم إتباعا نَحْو هَذَا زيد اخْرُج إِلَيْهِ وَفِيهِمْ من يكسر فَإِن كَانَت الضمة عارضة فَلَيْسَ إِلَّا الْكسر نَحْو زيد ابْنك وَزيد اسْمك وَقَالَ الْجرْمِي حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين مُطلقًا لُغَة وَعَلَيْهَا قرئَ {أحد الله الصَّمد} [الْإِخْلَاص: 1، 2] {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} [يس: 40] وَقَالَ

1786 - (وَلَا ذاكِر اللهَ إِلَّا قلِيلا ... ) وأصل مَا حرك من الساكنين الْكسر لِأَنَّهَا حَرَكَة لَا توهم إعرابا إِذْ لَا يكون فِي كلمة لَيْسَ فِيهَا تَنْوِين وَلَا مَا يُعَاقِبهُ من أل وَالْإِضَافَة بِخِلَاف الضَّم وَالْفَتْح فَإِنَّهُمَا يكونَانِ إعرابا وَلَا تَنْوِين مَعَهُمَا قَالَ صَاحب (الْبَسِيط) هَذَا قَول النَّحْوِيين قَالَ وَيحْتَمل أَن يُقَال الْفَتْح الأَصْل لِأَن الْفراء من الثّقل وَالْفَتْح أخف الحركات فَكَانَ أصلا أَو يُقَال لَا أصل فِي الالتقاء لحركة بل يَقْتَضِي التحريك خَاصَّة وَتَعْيِين الْحَرَكَة يكون لوجوه تخص ويعدل عَن الْكسر إِمَّا للتَّخْفِيف كأين وَكَيف لِأَن الْكسر مجانس للياء فثقل اجْتِمَاعهمَا وأشبه اجْتِمَاع مثلين وَمِنْه {آلمَ اللهُ} [آل عمرَان: 1 - 2] بِفَتْح الْمِيم

أَو للجبر كقبل وَبعد لِأَنَّهُمَا لما حذف مَا أضيفا إِلَيْهِ وبنيا صَار لَهما بذلك دهن فجبرا بِأَن بنيا على الضَّم لتخالف حَرَكَة بنائهما حَرَكَة إعرابهما أَو للإتباع تمّ تَارَة يكون إتباعا لحركة مَا قبل وَتارَة يكون لما بعد كمنذ ضمة الذَّال قبلهَا إتباعا لضمة الْمِيم قبلهَا وَنَحْو {قل ادعوا} [الْإِسْرَاء: 110] ضمت لَام (قل) إتباعا لضمة الْعين بعْدهَا أَو ردا إِلَى الأَصْل نَحْو مذ الْيَوْم تحرّك بِالضَّمِّ لِأَن أَصله مُنْذُ فَيرد إِلَى أَصله وتجنبا للبس كَانَت و (اضربن) لخطاب الْمُذكر حركا بِالْفَتْح لِئَلَّا يلتبس بخطاب الْمُؤَنَّث أَو حملا على نَظِير ك (نَحن) حرك بِالضَّمِّ على (هم) وَالْوَاو أَو إيثارا للتجانس نَحْو (إسحار) مُسَمّى بِهِ إِذا رخم فَإِنَّهُ تحذف راؤه الْأَخِيرَة فَيبقى آخر الْكَلِمَة رَاء سَاكِنة بعد ألف سَاكِنة فَتحَرك بِالْفَتْح لمجانسة الْألف وَالْغَالِب فِي نون (من) أَنَّهَا تفتح مَعَ حرف التَّعْرِيف وتكسر مَعَ غَيره نَحْو {وَمن النَّاس} [الْبَقَرَة: 204، وَغَيرهَا] {من الَّذين فرقوا دينهم} [الرّوم: 32] (من ابْنك) وَقل عَكسه أَي الْكسر مَعَ حرف التَّعْرِيف وَالْفَتْح مَعَ غَيره وَكَذَا حذفهَا مَعَ حرف التَّعْرِيف كَقَوْلِه 1787 - (كأنهُما مِلآن لمْ يَتغيّرا ... ) أَي من الْآن وَقد جعل ابْن مَالك هَذَا قَلِيلا وَجعله ابْن عُصْفُور وَغَيره من الضرورات ونازعهما أَبُو حَيَّان فَقَالَ إِنَّه حسن شَائِع لَا قَلِيل وَلَا ضَرُورَة

قَالَ وَلَو تتبعنا دواوين الْعَرَب لاجتمع من ذَلِك شَيْء كثير فَكيف يَجْعَل قَلِيلا أَو ضَرُورَة بل هُوَ كثير وَيجوز فِي سَعَة الْكَلَام قَالَ وطالما بنى النحويون الْأَحْكَام على بَيت وَاحِد أَو بَيْتَيْنِ فَكيف لَا يَبْنِي جَوَاز حذف نون (من) فِي هَذِه الْحَالة وَقد جَاءَ مِنْهُ مَا لَا يُحْصى كَثْرَة قَالَ نعم لجوازه شَرط وَهُوَ أَن تكون اللَّام ظَاهِرَة غير مدغمة فِيمَا بعْدهَا فَلَا تَقول فِي من الظَّالِم م الظَّالِم وَلَا فِي (من اللَّيْل) (م اللَّيْل) قَالَ وَنَظِير ذَلِك حذف نون (بني) فَإِنَّهُم لَا يحذفونها إِلَّا إِذا كَانَ بعْدهَا لَام ظَاهِرَة فَيَقُولُونَ فِي بني الْحَارِث بلحارث وَلَا يَقُولُونَ فِي بني النجار بلنجار قَالَ وَوَقع فِي شعر المؤرخ التغلبي حذف نون (من) عِنْد لَام التَّعْرِيف المدغم فِي النُّون إِلَّا أَنه حِين حذف النُّون أظهر لَام التَّعْرِيف قَالَ 1789 - (المطعمين لَدَى الشِّتاء ... سدائفاً مِلْنِيبِ غُرَّا) انْتهى وَالْغَالِب فِي نون (عَن) أَنَّهَا تكسر مُطلقًا مَعَ لَام التَّعْرِيف وَمَعَ غَيره نَحْو رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ وَعَن ابْنك وَقد تضم مَعَ اللَّام حكى الْأَخْفَش (عَن الْقَوْم) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَيْسَ لَهَا وَجه من الْقيَاس وَالْغَالِب فِي الْوَاو المفتوح مَا قبلهَا الضَّم إِن كَانَت للْجمع نَحْو اخشوا النَّاس وَالْكَسْر إِن لم تكن للْجمع نَحْو لَو استطعنا وَقد ترد بِالْعَكْسِ فتكسر وَاو الْجمع وتضم وَاو غَيره وَقد تفتح وَاو الْجمع قرئَ {اشْتَروا الضَّلَالَة} [الْبَقَرَة: 16] بِالْفَتْح

الإمالة

3 - الإمالة (ص) الإمالة هِيَ أَن تنحي الصَّوْت جَوَازًا بِالْألف نَحْو الْيَاء لكَونهَا بدلهَا فِي طرف أَو آيلة إِلَيْهَا أبدل عين مَا يُقَال فِيهِ (فَلت) أَو تلوها يَاء أَو قبلهَا وَلَو مفصولة بِحرف أَو حرفين ثَانِيهمَا هَاء أَو تلوها كسرة أَو قبلهَا بِحرف أَو حرفين أَولهمَا سَاكن أَو بَينهمَا هَاء (ش) الْمَقْصُود بالإمالة تناسب الصَّوْت وَذَلِكَ أَن الْألف وَالْيَاء وَإِن تقاربا فِي وصف وَقد تباينا من حَيْثُ أَن الْألف من حُرُوف الْحلق وَالْيَاء من حُرُوف الْفَم فقاربوا بَينهمَا بِأَن نَحوا بِالْألف نَحْو الْيَاء وَلَا يُمكن أَن ينحي بهَا نَحْو الْيَاء حَتَّى ينحي بالفتحة نَحْو الكسرة فَيحصل بذلك التناسب وَنَظِير ذَلِك اجْتِمَاع الصَّاد وَالدَّال واجتماع السِّين وَالدَّال فَإِن كلا من الصَّاد وَالسِّين يشرب صَوت حرف قريب من الدَّال وَهُوَ صَوت الزَّاي لِأَن الصَّاد مستعل مطبق مهموس رخو وَالدَّال بِخِلَاف ذَلِك وَالسِّين مهموس فأشربا صَوت الزَّاي لموافقته للدال فِي كَونهَا مجهورة شَدِيدَة وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك ليتقارب مَا تبَاعد من الْحُرُوف ثمَّ الإمالة جَائِزَة لَا وَاجِبَة بِالنّظرِ إِلَى لِسَان الْعَرَب لِأَن الْعَرَب مُخْتَلفُونَ فِي ذَلِك فَمنهمْ من أمال وهم تَمِيم وَأسد وَقيس ويمامه أهل نجد وَمِنْهُم من لم يمل إِلَّا فِي مَوَاضِع قَليلَة وهم أهل الْحجاز وَبَاب الإمالة الِاسْم وَالْفِعْل بِخِلَاف الْحَرْف فَإِنَّهُ وَإِن أميل مِنْهُ شَيْء فَهُوَ قَلِيل جدا بِحَيْثُ لَا ينقاس بل يقْتَصر فِيهِ على مورد السماع وَأَسْبَاب الإمالة فِيمَا ذكر أَبُو بكر بن السراج استخراجا من كتاب سِيبَوَيْهٍ سِتَّة وَهِي كسرة تكون قبل الْألف أَو بعْدهَا وياء قبلهَا وانقلاب الْألف عَن الْيَاء وتشبيه ألف بِالْألف المنقلبة عَن الْيَاء وكسرة تعرض فِي بعض الْأَحْوَال وَذَلِكَ مَا

لم يمْنَع من ذَلِك مَانع على مَا تبين وَشرح فِيهِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد زَاد سِيبَوَيْهٍ ثَلَاثَة أَسبَاب شَاذَّة وَهِي شبه الْألف بِالْألف المشبهة بِالْألف المنقلبة وَفرق بَين الِاسْم والحرف وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال اه فَتَقول إِذا كَانَت الْألف متطرفة منقلبة عَن الْيَاء وأصلية نَحْو فَتى وَرمى وملهى ومرمى سَوَاء كَانَت فِي اسْم أَو فعل وَسَوَاء كَانَت ألفا منقبلة عَن يَاء أصليه أم عَن يَاء منقلبة عَن وَاو نَحْو ملهى وَأعْطى وَكَذَا إِن كَانَ مآلها إِلَى الْيَاء فَإِنَّهَا تمال مِثَاله ألف التَّأْنِيث الْمَقْصُورَة فَإِنَّهَا تؤول إِلَى الْيَاء فِي حَال التَّثْنِيَة وَالْجمع بِاتِّفَاق من الْعَرَب وَقَيده فِي التسهيل بقوله دون ممازجة زَائِد احْتِرَازًا من نَحْو قفا وقطا لِأَن أَلفه تؤول إِلَى الْيَاء مَعَ يَاء الْإِضَافَة فِي لُغَة هُذَيْل وتقرأ ألفا فِي لُغَة غَيرهم قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه الْمَسْأَلَة أَعنِي إِذا كَانَت الْألف لَا تؤول إِلَى الْيَاء إِلَّا بممازجة زَائِد فِيهَا خلاف فَالظَّاهِر من مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَنه يُسَوِّي فِيمَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من بَنَات الْوَاو بَين الِاسْم وَبَين النَّقْل وَلَا يفرق بَينهمَا فِي جَوَاز الإمالة قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَقد يتركون الإمالة فِيمَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من بَنَات الْوَاو نَحْو قفا وعصا قَالَ أَرَادوا أَنِّي يفصلوا بَينهَا وَبَين بَنَات الْيَاء وَهُوَ قَلِيل وَفرق النحويون الْفَارِسِي وَغَيره بَين الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فيطردون الإمالة فِي الْفِعْل ويجعلونها شَاذَّة فِي الِاسْم قَالَ وَإِنَّمَا غر النَّحْوِيين فِي ذَلِك وَالله أعلم مَا حُكيَ من أَن الْقُرَّاء السَّبْعَة اتّفقت فِيمَا كَانَ على ثَلَاثَة أحرف من الِاسْم وألفه منقلبة عَن وَاو على الْفَتْح والقراءات سنة متبعة وَقد يتفقون على الْجَائِز وَلَا يقْدَح اتِّفَاقهم إِذا سلم فِي نقل سِيبَوَيْهٍ انْتهى وَكَذَا تمال الْألف إِذا كَانَت مبدلة من عين مَا يُقَال فِيهِ (فَلت) قَالَ أَبُو حَيَّان وَعبر بَعضهم عَن هَذَا السَّبَب بالإمالة لكسرة تعرض من بعض الْأَحْوَال

قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَمِمَّا يميلون كل شَيْء كَانَ من بَنَات الْيَاء وَالْوَاو مِمَّا هِيَ فِيهِ عين إِذا كَانَ أول (فعلت) مكسورا نَحوا لكسره كَمَا نَحوا نَحْو الْيَاء فِيمَا كَانَت أَلفه فِي مَوَاضِع الْيَاء وَهِي لُغَة لبَعض الْحجاز اه وَذَلِكَ نَحْو خَافَ وطاب وَزَاد وَجَاء فَتَقول خفت وطبت وزدت وَجئْت فتحذف الْعين إِذا لحقت تَاء الضَّمِير وَيصير إِذْ ذَاك إِلَى فَلت وَاحْترز من أَن يصير إِلَى (فَلت) بِضَم الْفَاء نَحْو قلت فَإِنَّهُ لَا يمال قَالَ وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا يَاء فِيهِ وَلَا كسرة تعرض وَكَذَا تمال الْألف إِذا كَانَت مُتَقَدّمَة على يَاء تَلِيهَا نَحْو بَايع أَو مُتَأَخِّرَة عَنْهَا مُتَّصِلَة بهَا كالسيال ل (شَجَرَة) والضياح للبن الممزوج قَالَ أَبُو حَيَّان والإمالة فِي بياع وكيال أقوى لِأَن الْيَاء مضعفة أَو مُنْفَصِلَة بِحرف نَحْو شَيبَان والإمالة إِذا كَانَت الْيَاء سَاكِنة أقوى مِنْهَا إِذا كَانَت متحركة نَحْو الْحَيَوَان لِأَن الانخفاض فِي الساكنة أظهر لقربها من حُرُوف الْمَدّ أَو مُنْفَصِلَة بحرفين ثَانِيهمَا هَاء نَحْو (بَيتهَا) وَرَأَيْت جيبها قَالَ أَبُو حَيَّان وَأطلق صَاحب التسهيل فِي ذَلِك وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يقْصد بألا يفصل بَين الْهَاء وَالْيَاء ضمة نَحْو بَيتهَا فَإِنَّهُ لَا يجوز الإمالة لِأَن الضمة فِيهَا ارْتِفَاع فِي النُّطْق والإمالة فِيهَا انخفاض فتدافعا قَالَ وَإِنَّمَا شَرطه أَن يكون ثَانِيهمَا هَاء لخفائها فَكَأَنَّهُ لَيْسَ بَين الْيَاء وَالْألف إِلَّا حرف وَاحِد قَالَ وَاعْلَم أَن الْيَاء وَإِن كَانَت من أقوى أَسبَاب الإمالة فَإنَّا لم نجدها سَببا مُوجبا للشَّيْء مِمَّا أمالت الْقُرَّاء إِلَّا فِي نَحْو {الْخيرَات} [الْبَقَرَة: 148] و {حيران} [الْأَنْعَام: 71] فِي قِرَاءَة ورش وَإِلَّا فِي مَذْهَب قُتَيْبَة وَحده فَإِن الإمالة مَوْجُودَة فِي قِرَاءَته لذَلِك

وَكَذَا تمال الْألف لكَونهَا مُتَقَدّمَة على كسرة تَلِيهَا نَحْو مَسَاجِد أَو مُتَأَخِّرَة عَنْهَا بِحرف نَحْو عماد أَو حرفين أَولهمَا سَاكن نحون شملال بِخِلَاف مَا إِذا كَانَا متحركين نَحْو أكلت عنبا وَمَا إِذا تقدم ثَلَاثَة أحرف فَإِنَّهُ لَا يجوز الإمالة إِلَّا أَن تكون أَحدهَا الْهَاء نَحْو (درهماك) وَيُرِيد أَن (يَنْزِعهَا) لخفاء الْهَاء وَشَرطه أَلا يكون إِحْدَى الحركتين ضمة فَلَا يجوز إمالة (هُوَ يضْربهَا) لحجر الضمة بَين الكسرة وَالْألف وَحكم الكسرة فِي وسط الِاسْم حكمهَا فِي أَوله (فالاسوداد) مثل (عماد) وكل مَا كَانَت الكسرة أقرب إِلَى الْألف كَانَت الإمالة أولى (فكتاب) أولى من (جِلْبَاب) وَكلما كثرت الكسرات كَانَت الإمالة أولى وَقد انْتهى أَسبَاب الإمالة وملخصها أَنَّهَا ترجع إِلَى شَيْئَيْنِ الْيَاء والكسرة وَقد اخْتلف فِي أَيهمَا أقوى فَذهب ابْن السراج إِلَى أَن الْيَاء أقوى من الكسرة لِأَنَّهَا حرف والكسرة بَعْضهَا وَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَن الكسرة أقوى لِأَنَّهَا تجلب الإمالة ظَاهِرَة ومقدرة وَهُوَ ظَاهر كَلَام سِيبَوَيْهٍ وَاسْتدلَّ لَهُ من جِهَة السماع بِأَن أهل الْحجاز يمليون الْألف للكسرة وَلَا يمليونها للياء وَمن جِهَة الْمَعْنى بِأَن الاستثقال فِي النُّطْق بالكسرة أظهر مِنْهُ فِي النُّطْق بِالْيَاءِ الَّتِي لَيست مُدَّة وَإِن كَانَت مُدَّة فالكسرة مَعهَا نَحْو ديماس فَلَا شكّ أَن إمالة مثل هَذَا أقوى من إمالة سربال وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي الْيَاء الَّتِي لَيست مَعهَا كسرة (ص) ويغلب الْيَاء والكسرة غير المنويتين تَأَخّر مستعل وَلَو بِحرف أَو حرفين لَا ثَلَاثَة وتقدمه غير مكسور أَو سَاكن إثره وَرَاء مَفْتُوحَة أَو مَضْمُومَة ويكف كسر الرَّاء كل مَانع إِن لم يتباعد وَلَا يُؤثر سَبَب فِي كلمة أُخْرَى وَرُبمَا

أثر الْمَانِع مُنْفَصِلا وَالْكَسْر منويا فِي مَوْقُوف ومدغم فَإِن كَانَ الْإِدْغَام من كَلِمَتَيْنِ أثر على الصَّحِيح (ش) يغلب الْيَاء والكسرة الموجودتين إِلَّا المنويتين تَأَخّر حرف من حُرُوف الاستعلاء السَّبْعَة مُتَّصِل بهَا نَحْو باخل أَو مُنْفَصِل بِحرف نَحْو ناهض أَو بحرفين نَحْو مناشيط فَلَا يمال شَيْء من ذَلِك فِي الْأَفْصَح وَنقل سِيبَوَيْهٍ إمالة نَحْو مناشيط عَن قوم من الْعَرَب لتراخي حرف الاستعلاء قَالَ وَهِي قَليلَة فَإِن كَانَ الْفَصْل بِثَلَاثَة أحرف لم يغلب لتراخيه نَحْو يُرِيد أَن يضْربهَا بِسَوْط وَبَعض الْعَرَب غلب حرف الاستعلاء وَإِن بعد وَمَا صدرت بِهِ من التَّعْبِير تبِعت فِيهِ التسهيل وَقد تعقبه أَبُو حَيَّان قَائِلا أما تَمْثِيل حرف الاستعلاء بالمتأخر عَن الْألف الَّتِي من شَأْنهَا أَن تمال لأجل الْيَاء لَوْلَا ذَلِك الْحَرْف فيقتضيه كَلَام المُصَنّف قَالَ وغلبته للكسرة وَاضح وَأما غَلَبَة الْيَاء فَلم نجد ذَلِك فِيهَا لَا فِي تَأَخّر حرف الاستعلاء عَن الْألف وَلَا فِي تقدمه عَلَيْهَا إِنَّمَا يمْنَع مَعَ الكسرة فَقَط قَالَ وَكَذَلِكَ قَوْله الموجودتين لَا المنويتين غلط لِأَنَّهُ لَيْسَ لنا يَاء منوية تمال الْألف لأَجلهَا لَا مُتَقَدّمَة على الْألف وَلَا مُتَأَخِّرَة وَإِنَّمَا الكسرة هِيَ الَّتِي تكون مَوْجُودَة ومنوية قَالَ فَذكر الْيَاء هُنَا غلط وَصَوَابه أَن يُقَال تقلب الكسرة الْمَوْجُودَة لَا المنوية وَمِثَال مَا الكسرة فِيهِ منوية وَبعد الْألف حرف الاستعلاء (هَذَا مَاض) فِي الْوَقْف ومررت بماض قيل اصله ماضض فأدغم انْتهى وَكَذَلِكَ يغلب حرف الاستعلاء إِن تقدم على الْألف فَلَا تجوز الإمالة نَحْو قَاعد وغانم وصاعد وطائف وضامن وظالم إِلَّا أَن يكون مكسورا نَحْو غلاب أَو سَاكِنا بعد مكسور نَحْو مِصْبَاح فَإِنَّهُ تجوز الإمالة وَمَتى اتَّصَلت بِالْألف رَاء مَفْتُوحَة أَو مَضْمُومَة منعت الإمالة قَالَ أَبُو حَيَّان سَوَاء تقدّمت نَحْو رَاشد وفراش أَو تَأَخَّرت نَحْو هَذَا كَافِر وحمار وَرَأَيْت حمارا

وَبَعض الْعَرَب يمِيل وَلَا يلْتَفت إِلَى الرَّاء فَإِن كسرت الرَّاء كفت الْمَانِع كقارب وغارم فَإِن حرف الاستعلاء وَلَو لم تكن الرَّاء الْمَكْسُورَة بعد الْألف يمْنَع من الإمالة لَكِن الرَّاء الْمَكْسُورَة نزلت منزلَة حرفين مكسورين فَقَوِيت فِي جَانب الإمالة حَتَّى غلبت المستعلى وَإِنَّمَا قويت هَذِه الألفات لِأَنَّك تستعلي بلسانك ثمَّ تنحدر وَذَلِكَ سهل فَحَيْثُ قوي الْمُوجب التزموه وَلذَلِك لم يغلب الرَّاء الْمَكْسُورَة حرف الاستعلاء إِذا كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا نَحْو فَارق لِأَن ذَلِك لَو أميل إصعاد بعد انحدار وَهُوَ صَعب فَإِن كَانَت هَذِه الرَّاء غير مُتَّصِلَة بِالْألف نَحْو {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر} [الْقِيَامَة: 40] لم تغلب الْقَاف لبعدها إِلَّا فِي لُغَة شَاذَّة قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِي قَول التسهيل كفت الْمَانِع اخْتِصَار حسن وَذَلِكَ أَن الْمَانِع يَشْمَل حرف الاستعلاء ويشمل الرَّاء الْمَفْتُوحَة الَّتِي تنزلت منزلَة حرف الاستعلاء فَإِذا اتَّصَلت بِالْألف الرَّاء الْمَكْسُورَة كفت مَا منع من الإمالة وَهُوَ حرف الاستعلاء نَحْو غَارِم وَالرَّاء الْمَفْتُوحَة نَحْو قرارك لِأَن الرَّاء الْمَفْتُوحَة لَيست فِي بَاب الْمَنْع بأقوى من حرف الاستعلاء اه فَلذَلِك زِدْت فِي التَّصْرِيح بِقَوْلِي كل مَانع وَبَعض الْعَرَب يَجْعَل الرَّاء الْمَكْسُورَة مَانِعَة من الإمالة كالمفتوحة والمضمومة وَلَا يُؤثر سَبَب الإمالة إِلَّا وَهُوَ بعض مَا الْألف بعضه فَلَو كَانَ السَّبَب من كلمة وَالْألف من أُخْرَى نَحْو هَذَا قَاضِي سَابُور وَرَأَيْت يَدي سَابُور لم يجز إمالة ألف سَابُور لِأَن الْيَاء والكسرة الموجبين للإمالة من كلمة وَالْألف من كلمة أُخْرَى وَكَذَلِكَ لَو قلت 1790 - (هَا إنَّ ذِي عِذرَة ... )

لم تمل ألف هَا لأجل كسرة همزَة إِن لِأَن ألف (هَا) من كلمة والكسرة من كلمة أُخْرَى قَالَ أَبُو حَيَّان وَيسْتَثْنى من هَذِه مَسْأَلَة بَينهَا وَعِنْدهَا وَلنْ يضْربهَا فَإِن الْهَاء ألفها الَّتِي تمال من كلمة وَالسَّبَب الَّذِي هُوَ الْيَاء أَو الكسرة من كلمة قَالَ وَقد مضى تَعْلِيل اغتفار ذَلِك فِي الْهَاء وَكَأَنَّهَا مفقودة لخفائها قَالَ وَقد نصوا على أَن الكسرة إِذا كَانَت مُنْفَصِلَة من الْكَلِمَة الَّتِي فِيهَا الْألف فَإِنَّهَا قد تمال الْألف لَهَا وَإِن كَانَت أَضْعَف من الكسرة الَّتِي تكون مَعهَا فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة قَالَ سِيبَوَيْهٍ سمعناهم يَقُولُونَ لزيد مَال فأمالوا للكسرة وشبهوا بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَة اه وَقد يُؤثر مَانع الإمالة وَهُوَ فِي كلمة أُخْرَى غير الْكَلِمَة الَّتِي فِيهَا الْألف نَحْو يُرِيد أَن يضْربهَا قبل فالألف من كلمة وَالْمَانِع هُوَ الْقَاف من كلمة أُخْرَى وَرُبمَا أثرت الكسرة منوية فِي مَوْقُوف عَلَيْهِ أَو مدغم نَحْو هَذَا حَاج وَهَؤُلَاء حواج وَالْأَكْثَر فِي لِسَان الْعَرَب أَن مَا كَانَت الكسرة ذَاهِبَة مِنْهُ للإدغام أَنه لَا تمال أَلفه قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر قَول التسهيل فِي مدغم يَشْمَل إدغام مَا كَانَ فِي كلمة نَحْو حاد وإدغام مَا كَانَ فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم} [الانفطار: 13] وَقد حكى صَاحب كتاب التَّفْصِيل خلافًا فِي إمالة الْألف الَّتِي قبل الرَّاء المدغمة فِي مثلهَا أَو فِي اللَّام نَحْو {مَعَ الْأَبْرَار رَبنَا} [آل عمرَان: 193 - 194] {وَالنَّهَار لآيَات} [آل عمرَان: 190] فَقَالَ بَعضهم يمْنَع الإمالة فِي ذَلِك لذهاب الجالب لَهَا وَهِي الكسرة بِالْإِدْغَامِ وَهَذَا مَذْهَب ناشىء من النَّحْوِيين الْبَصرِيين وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الإمالة ثَابِتَة فِي ذَلِك مَعَ الْإِدْغَام كثبوتها مَعَ غَيره وَذَلِكَ أَن تسكين الْحَرْف للإدغام عَارض بِمَنْزِلَة تسكينه للْوَقْف إِذا هُوَ بصدد أَلا يدغم وَلَا يُوقف عَلَيْهِ والعارض لايعتد بِهِ وَإِلَى هَذَا ذهب أَحْمد بن يحيى

قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ عِنْدِي الصَّحِيح لِأَن الإمالة قد حَكَاهَا سِيبَوَيْهٍ فِي نَحْو حاد وَإِن كَانَ الْأَفْصَح أَلا تمال فَإِذا كَانَ قد جَازَ ذَلِك فِي مثل حاد مَعَ أَن كَسرته لَا تظهر إِلَّا أَن اضْطر شَاعِر ففك فَلِأَن يجوز مَعَ هَذَا أولى لِأَن هَذَا الْإِدْغَام لَيْسَ بِوَاجِب وَهُوَ زائل إِذا وقفت وَلَا سِيمَا إِذا قُلْنَا بِأَن المدغم فِي شَيْء يشار إِلَى حركته إِشَارَة لَطِيفَة فَكَأَن الْحَرَكَة إِذْ ذَاك مَوْجُودَة لَكِنَّهَا ضعفت (ص) وأميل بِلَا سَبَب للمجاورة والفواصل قيل وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال (ش) من أَسبَاب الإمالة فِيمَا عري من الْأَسْبَاب السِّتَّة السَّابِقَة مُجَاوزَة الممال قَالَ سِيبَوَيْهٍ قَالُوا (رَأينَا عمادا) فأمالوا للإمالة كَمَا أمالوا للكسرة وَقَالُوا مغزانا فِي قَول من قَالَ عمادا فأمالوهم جَمِيعًا وَذَا قِيَاس انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد قَرَأَ القرآء بالإمالة للإمالة فِي عدَّة كلم من ذَلِك صَاد {وَالنَّصَارَى} [الْبَقَرَة: 62] وتاء {واليتامى} [الْبَقَرَة: 83] وسين {أُسَارَى} [الْبَقَرَة: 85] و {كسَالَى} [النِّسَاء: 142] وكاف {سكارى} [النِّسَاء: 43] أمالها بعض الْقُرَّاء لإمالة مَا بعْدهَا وَقَوْلنَا مجاورة الممال يَشْمَل مَا أميل لتقدم الإمالة عَلَيْهِ وَمَا أميل لتأخر الإمالة عَنهُ وَمن أَسبَابهَا مُرَاعَاة الفواصل كإمالة {وَالضُّحَى وَالَّيلِ إِذَاس سَجَى} [الضُّحَى: 1 - 2] بمراعاة قلى وَمَا بعده من رُءُوس الْآي وعد قوم مِنْهُم صَاحب البديع والبهاباذي من أَسبَاب الإمالة كَثْرَة الِاسْتِعْمَال كإمالة الْأَعْلَام نَحْو الْحجَّاج والعجاج اسْم الراجز مَرْفُوعا ومنصوبا قَالَ أَبُو حَيَّان

كَثْرَة الِاسْتِعْمَال من الْأَسْبَاب الشاذة الَّتِي أميلت الْألف لأَجلهَا (ص) والفتحة قيل رَاء مَكْسُورَة أَو هَاء تَأْنِيث لَا سكت على الصَّحِيح (ش) أميل من الفتحات نَوْعَانِ أَحدهمَا مَا تلته رَاء مَكْسُورَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه الإمالة مطردَة وَلها شَرْطَانِ أَحدهمَا أَن تكون الرَّاء الْمَكْسُورَة تلِي فَتْحة فِي غير يَاء أَو يكون بَينهمَا حرف سَاكن غير الْيَاء نَحْو (من عَمْرو) وخبط ريَاح أَو مكسور نَحْو يَاسر وَسَوَاء كَانَت الفتحة فِي حرف الاستعلاء نَحْو من الْبَقر أم فِي رَاء نَحْو (شرر) أم فِي غَيرهمَا نَحْو (من الْكبر) أم كَانَت الرَّاء والفتحة فِي كلمة كَمَا مثلنَا أم فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو رَأَيْت خبط ريَاح إِلَّا أَن الْمُتَّصِلَة أقوى فِي إِيجَاد الإمالة من الْمُنْفَصِلَة فَهِيَ فِي من الْبَقر أقوى مِنْهَا فِي خبط ريَاح فَإِن كَانَت الفتحة فِي يَاء نَحْو من الْغَيْر أَو السَّاكِن الْفَاصِل بَين الفتحة وَالرَّاء يَاء نَحْو لغير امْتنعت الإمالة فِيهِ الشَّرْط الثَّانِي أَلا يكون بعد الرَّاء الْمَكْسُورَة حرف استعلاء فَإِنَّهُ لَا تجوز الإمالة وَذَلِكَ نَحْو الشرق والصرط النَّوْع الثَّانِي مَا يَلِيهِ هَاء تَأْنِيث مَوْقُوف عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان سَبَب الإمالة لهاء التَّأْنِيث من الْأَسْبَاب الشاذة وَهُوَ أَنَّهَا شبهت بِالْألف المشبهة بِالْألف المنقلبة قَالَ سِيبَوَيْهٍ سَمِعت الْعَرَب يَقُولُونَ ضربت ضَرْبَة وَأخذت أَخْذَة شبهت الْهَاء بِالْألف فأمال مَا قبلهَا كَمَا يمِيل قبل الْألف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يبين سِيبَوَيْهٍ بِأَيّ ألف شبهت وَالظَّاهِر أَنَّهَا شبهت بِأَلف التَّأْنِيث لاشْتِرَاكهمَا فِي معنى التَّأْنِيث قَالَ وكل هَاء تَأْنِيث فَإِن الإمالة جائرة فِي

الفتحة الَّتِي قبلهَا وَلَا تمال الْألف قبلهَا نَحْو الْحَيَاة والنجاة وَالزَّكَاة إِلَّا إِن كَانَ فِيهَا مَا يُوجب الإمالة نَحْو إمالة (مرضاة) و (تقاة) وَسَوَاء كَانَت هَذِه الْهَاء للْمُبَالَغَة نَحْو عَلامَة ونسابة أم لَا لِأَنَّهَا كلهَا تَاء تَأْنِيث فَإِن كَانَت الْهَاء للسكت نَحْو {مَا هيه} [القارعة: 10] فَذهب ثَعْلَب وَابْن الْأَنْبَارِي إِلَى جَوَاز ذَلِك وَقد قَرَأَ بِهِ أَبُو مُزَاحم الخاقاني فِي قِرَاءَة الْكسَائي قَالَ أَبُو الْحسن بن الباذش وَوجه إمالة ذَلِك الشّبَه اللَّفْظِيّ الَّذِي بَينهَا وَبَين هَاء التَّأْنِيث اه (ص) وَلَا يمال مَبْنِيّ الأَصْل غير (هَا) و (نَا) و (ذَا) و (مَتى) و (أَنى) وَلَا حرف غير مُسَمّى بِهِ إِلَّا (بلَى) وَلَا فِي (إِمَّا لَا) قيل وَالْجَوَاب قَالَ قوم وَحَتَّى وَالْفراء وَلَكِن وَغير مَا مر مسموع أَو غير فصيح (ش) لَا يمال من الْأَسْمَاء إِلَّا المتمكن وأميل من غير المتمكن أَي من الْمَبْنِيّ الْأَصْلِيّ (هَا) و (نَا) نَحْو مر بهَا وَنظر إِلَيْهَا وَمر بِنَا وَنظر إِلَيْنَا وَذَا اسْم الْإِشَارَة سمع (ذَا قَائِم) بالإمالة وإمالته شَاذَّة وَوجه إمالته أَن أَلفه يَاء وَأَنه قد تصرف فِيهِ بِالتَّصْغِيرِ وَإِن كَانَ التصغير لَا يدْخل نَظَائِره فتصرف فِيهِ بالإمالة وأمالت الْعَرَب (مَتى) فِي كلتا حالتيها من الِاسْتِفْهَام وَالشّرط وَكَذَلِكَ أَنى وإمالة ألفها إِنَّمَا هِيَ لشبهها بِالْألف المشبهة بِالْألف المنقلبة

وَاخْتلف فِي وَزنهَا فَقيل فعلى وَإِلَيْهِ ذهب الْأَهْوَازِي وَاخْتَارَهُ ابْن مُجَاهِد وَجوز أَن يكون أفعل وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحسن بن الباذش لِأَن زِيَادَة الْهمزَة أَولا عِنْد سِيبَوَيْهٍ أَكثر من زِيَادَة الْألف آخرا وَخرج بِمني الأَصْل مَا عرض بِنَاؤُه كالمنادي نَحْو يَا فَتى وَيَا حُبْلَى فَإِن أمالته مطردَة وإمالة الْفِعْل الْمَاضِي مطردَة وَإِن كَانَ المبنى الأَصْل وَأما الْحُرُوف فَلم يمل مِنْهَا إِلَّا (بلَى) لِأَنَّهَا تنوب عَن الْجُمْلَة فِي الْجَواب فَصَارَ لَهَا بذلك مزية على غَيرهَا وَلَا فِي (إِمَّا لَا) لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة مَوضِع الْجُمْلَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل لِأَن الْمَعْنى إِن لم تفعل كَذَا فافعل كَذَا وَلَو أفردت من (إِمَّا) لما صحت إمالة ألف (لَا) وَحكى ابْن جني عَن قطرب إمالة (لَا) فِي الْجَواب لكَونهَا مُسْتَقلَّة فِي الْجَواب كالاسم قَالَ الخضراوي وَالْأَحْسَن أَن يُقَال كالفعل لِأَنَّهَا اسْتَقَلت لنيابتها عَن الْفِعْل قَالَ أَبُو حَيَّان وَحكى صَاحب (الغنية) وَهُوَ أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن الْحسن الاستراباذي فِي هَذَا الْكتاب عَن أبي بكر بن مقسم أَن بعض أهل نجد وَأكْثر أهل الْيمن يميلون ألف (حَتَّى) لِأَن الإمالة غلابة على ألسنتهم فِي أَكثر الْكَلَام

الوقف

وَعَامة الْعَرَب والقراء على فتحهَا قَالَ أَبُو يَعْقُوب وَقد رُوِيَ إمالتها عَن حَمْزَة وَالْكسَائِيّ إمالة لَطِيفَة وَذهب سِيبَوَيْهٍ وَأَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي والمهاباذي وَغَيرهم إِلَى منع إمالة حَتَّى قَالَ أَبُو حَيَّان وهم محجوجون بِنَقْل ابْن مقسم قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي وَإِنَّمَا كتبت بِالْيَاءِ وَإِن كَانَت لَا تمال فرقا بَين دُخُولهَا على الظَّاهِر والمكي فلز الْألف فِيهَا مَعَ المكنى حِين قَالُوا حتاي وحتا وحتاه وَانْصَرف إِلَى الْيَاء مَعَ الظَّاهِر حِين قَالُوا حَتَّى زيد انْتهى قَالَ أَبُو حَيَّان وَاخْتلف أَيْضا فِي إمالة (لَكِن) فَذهب إِلَى جَوَاز ذَلِك الْفراء تَشْبِيها لألفها بِأَلف فَاعل وَالصَّحِيح أَنه لَا يجوز الإمالة لِأَنَّهَا لم تسمع فِيهَا وَالْأَصْل فِي الأدوات أَلا تمال وَمَا أميل مِنْهَا فَإِن ذَلِك فِيهَا على طَريقَة الشذوذ فَلَا يتَعَدَّى مورد السماع وَمَا سمي بِهِ من الْحُرُوف دَخلته الإمالة لِخُرُوجِهِ عَن حيّز الحرفية إِلَى حيّز الْأَسْمَاء كَقَوْلِهِم فِي حُرُوف المعجم بَاء تَاء ثاء يَاء وَكَذَا أَوَائِل السُّور الَّتِي آخرهَا ألف كالراء فَإِن لم يكن كصاد وقاف فَلَا خلاف فِي فتحهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد حكوا إمالة ألف يَا فِي النداء وَوجه ذَلِك أَنَّهَا عاملة فِي الْمُنَادِي فِي قَول ونائبة عَن الْعَامِل فِي قَول فَصَارَ لَهَا بذلك مزية على غَيرهَا من الْحُرُوف وشبهت أَيْضا بِمَا أميل من كَلَام المعجم نَحْو إمالتهم ألف بَاء وتاء وَرَاء وَغير مَا تقدم تَقْرِيره فِي الْبَاب شَاذ مسموع أَو لُغَة ضَعِيفَة لقوم من الْعَرَب لم يوثق بفصاحتهم وَقد تقدم فِي الشَّرْح الْإِشَارَة إِلَى بعض ذَلِك 3 - الْوَقْف (ص) الْوَقْف إِذا وقف على سَاكن لم يُغير إِلَّا المهمل خطا فيحذف إِلَّا التَّنْوِين فِي غير الْهَاء فَالْأَصَحّ إِبْدَاله فِي الْفَتْح ألفا وحذفه فِي غَيره وَفِي الْمَقْصُور الْمنون

ثَالِثهَا الْأَصَح كَالصَّحِيحِ والمنقوص غير الْمَنْصُوب إِن حذف فاؤه أَو عينه فبالباء حتما وَإِلَّا فَالْأَصَحّ إِن نون الْحَذف وَإِلَّا فالإثبات خلافًا ليونس فِي الْمُنَادِي وياء الْمُتَكَلّم الساكنة وصلا والمحذوفة وَالْيَاء وَالْوَاو المتحركتان كَالصَّحِيحِ والساكنان لَا يحذفان اخْتِيَارا خلافًا للفراء وَكَذَا ألف الْمَقْصُور وَضمير الغائبة وفَاقا لأبي حَيَّان وَيجوز إِبْدَال ألف الْمَبْنِيّ همزَة وإقرارها ولحوق الْهَاء وإبدال الْألف مُطلقًا همزَة أَو يَاء أَو واوا لُغَة وَالْمُخْتَار وفَاقا للمبرد والمازني وَابْن عُصْفُور وَخِلَافًا لِلْجُمْهُورِ الْوَقْف على (إِذن) بالنُّون وَفِي (كَائِن) خلف وَترد نون (لم يَك) وَمنعه الْفراء (ش) إِذا كَانَ آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ سَاكِنا ثَبت بِحَالهِ فِي الْوَقْف كحاله فِي الدرج وَذَلِكَ نَحْو لم وَمن وَالَّذِي وَلم يقم وَلم يقوما وَسَوَاء كَانَ مَبْنِيا أم معربا إِلَّا أَن يكون آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ حرفا أهمل فِي الْخط أَي لم تجْعَل لَهُ صُورَة فِي الْخط فَصَارَ يلفظ بِهِ وَلَا يصور لَهُ شكل وَهُوَ التَّنْوِين وَنون (إِذن) على مَذْهَب من يرى كتبهَا بِالْألف وَنون التوكيد بعد فَتْحة أَو ألف فَإِنَّهُ يحذف إِلَّا تَنْوِين مَفْتُوح مُعرب أَو مَبْنِيّ غير مؤنث بِالْهَاءِ فَإِنَّهُ يُبدل ألفا فِي الْإِعْرَاب فِي لِسَان الْعَرَب نَحْو رَأَيْت زيدا وويها وإيها فَإِن كَانَ مؤنثا بِالْهَاءِ نَحْو رَأَيْت قَائِمَة فَإنَّك لَا تبدل من التَّنْوِين فِيهِ ألف هَذَا أَيْضا على الأعرف من لِسَان الْعَرَب وهم الَّذين يقفون بإبدال التَّاء هَاء وَأما من يقف بِالتَّاءِ وهم بعض الْعَرَب فَإِنَّهُ يُبدل من التَّنْوِين فِي هَذَا النَّوْع ألفا فَيَقُولُونَ رَأَيْت قائمتا قَالَ 1791 - (إذَا اغْتَزَلَتْ من بُقام الفَرير ... فيا حُسْنَ شَمْلِتَها شَمْلَتا)

وَخرج بالمؤنث بِالْهَاءِ الْمُؤَنَّث بِالتَّاءِ نَحْو بنت وَأُخْت فَإِنَّهُ يُبدل فِيهِ التَّنْوِين ألفا كَغَيْر الْمُؤَنَّث نَحْو رَأَيْت بِنْتا وأختا ولغة ربيعَة حذف التَّنْوِين من الْمَنْصُوب وَلَا يبدلون مِنْهُ ألفا فَيَقُولُونَ رَأَيْت زيد حملا لَهُ على الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور ليجري الْبَاب مجْرى وَاحِدًا قَالَ 1792 - (أَلا حبَّذا غُنْمٌ وحُسْنُ حَدِيثها ... لقد تَرَكَتْ قلبِي بهَا هائماً دَنِفْ) وَوجه الْحَذف فِي الرّفْع والجر استثقال الْإِبْدَال فِيهَا ولغة أَزْد السراة الْإِبْدَال فِي الْأَحْوَال الثَّلَاثَة حكى أَبُو الْخطاب عَنْهُم أَنهم يبدلون فِي الرّفْع وَالنّصب والجر حرفا يُنَاسب الْحَرَكَة أَي واوا وألفا أَو يَاء وَكَأن الْبَيَان عِنْدهم أولى وَإِن لزم الثّقل وَمذهب سِيبَوَيْهٍ فِيمَا نقل أَكثر النَّحْوِيين أَن الْمَقْصُور الْمنون كَالصَّحِيحِ فِيمَا ذكر من أَن أشهر اللُّغَات فِيهِ حذف التَّنْوِين من المضموم والمكسور وإبداله ألفا من المفتوح نَحْو قَامَ فَتى ومررت بفتى وَرَأَيْت فَتى فَإِن الْعَرَب مجمعون على الْوُقُوف بِالْألف فَفِي حَالَة الضَّم وَالْكَسْر هِيَ الْألف الَّتِي كَانَت فِي آخر الْكَلِمَة وحذفت لالتقائها سَاكِنة مَعَ التَّنْوِين لِأَنَّهُ لما حذف التَّنْوِين عَادَتْ الْألف إِذْ قد زَالَ مُوجب الْحَذف وَأما فِي المفتوح فَإِنَّهَا بدل من التَّنْوِين وَبِهَذَا الْمَذْهَب قَالَ أَبُو عَليّ فِي أحد قوليه وَالْجُمْهُور وَابْن مَالك فِي التسهيل وَذهب الْمَازِني إِلَى إِبْدَال الْألف من تنوينه مُطلقًا رفعا وجرا ونصبا قَالَ لِأَن التَّنْوِين فِي الْأَحْوَال كلهَا قبله فَتْحة فَأشبه التَّنْوِين فِي رَأَيْت زيدا لأَنهم إِنَّمَا وقفُوا على رَأَيْت زيدا بالإبدال ألفا لِأَن الْألف لَا ثقل فِيهَا بِخِلَاف الْوَاو وَالْيَاء وَهَذِه الْعلَّة مَوْجُودَة فِي الْمَقْصُور الْمنون وَبِهَذَا الْمَذْهَب قَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء أَبُو عَليّ أَولا وَذهب أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ إِلَى عدم الْإِبْدَال فِيهِ مُطلقًا وَذَلِكَ أَنه يحذف التَّنْوِين رفعا وجرا ونصبا فتعود الْألف فِي الْأَحْوَال كلهَا وَهَذَا الْمَذْهَب قَالَه ابْن

كيسَان والسيرافي وَابْن برهَان وَابْن مَالك فِي الكافية وشرها وَعَزاهُ مكي بن ابي طَالب إِلَى الْكُوفِيّين وَعَزاهُ أَبُو أَبُو جَعْفَر بن الباذش فِي الْإِقْنَاع إِلَى مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل وَقَالَ أَبُو حَيَّان إِنَّه الْأَرْجَح وَأما المنقوص فَإِن حذف فاؤه ك وَفِي يَفِي علما ومثلما وقِي يقي أَو عينه ك مر اسْم فَاعل من أرأى يرئي علما فَإِنَّهُ يُوقف عَلَيْهِ برد الْيَاء حتما فِي الْأَحْوَال كلهَا إِذْ لَو وقف عَلَيْهِ بِدُونِهَا لزم الْإِخْلَال بِالْكَلِمَةِ إِذْ لم يبْق فِيهَا إِلَّا حرف وَاحِد وَإِن لم يحذف مِنْهُ فَاء وَلَا عين فَإِن كَانَ مَنْصُوبًا ثبتَتْ فِي الْيَاء فِي الْوَقْف وابدل من التَّنْوِين ألف نَحْو رَأَيْت القَاضِي وَرَأَيْت قَاضِيا وَإِن كَانَ مَرْفُوعا أَو مجروراً فالأفصح إِن كَانَ منونا حذف يائه نَحْو هَذَا قَاض ومررت بقاض وَإِن كَانَ غير منون إِثْبَات يائه وَتَحْت ذَلِك صور أَن يكون مُعَرفا بِاللَّامِ نحجو جَاءَ القَاضِي ومررت بِالْقَاضِي أَو بِالْإِضَافَة نَحْو جَاءَ قَاضِي مَكَّة وقاضي الْمَدِينَة أَو غير منصرف نَحْو هَؤُلَاءِ جواري أَو منادى نَحْو يَا قَاضِي وَاخْتِيَار إِثْبَات الْيَاء فِي الْوَقْف على المنادى وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وَمذهب يُونُس اخْتِيَار حذفهَا نَحْو يَا قَاض قَالَ سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ أقوى لِأَن النداء مَحل حذف أَلا تراهم رخموا فِيهِ الْأَسْمَاء وَمُقَابل الْأَفْصَح فِي الْمنون لُغَة قوم يثبتون الْيَاء فِيهِ نَحْو هَذَا قَاضِي وغازي وَبهَا قَرَأَ ابْن كثير وورش فِي أحرف وَمُقَابِله فِي الْمُعَرّف بِاللَّامِ لُغَة قوم يحذفون الْيَاء مِنْهُ وعَلى هَذِه اللُّغَة قَوْله {الْكَبِير المتعال} [الرَّعْد: 9] {يَوْم التناد} [غَافِر: 32] وهب جَارِيَة فِي الْمُضَاف الملاقي السَّاكِن نَحْو قَاضِي الْمَدِينَة إِذا وقف عَلَيْهِ وزالت الْإِضَافَة وَحكم يَاء الْمُتَكَلّم الساكنة وصلا والمحذوفة وَحكم الْيَاء وَالْوَاو المتحركين حكم الصَّحِيح فَيُوقف على الأولى بِالسُّكُونِ كَمَا هِيَ فِي الدرج نَحْو جَاءَ غلامي وَرَأَيْت غلامي ومررت بغلامي وعَلى الثَّانِيَة بإبقاء حذفهَا كحالها فِي

الْوَصْل نَحْو يَا قوم وعَلى الآخرين بِحَذْف الْحَرَكَة نَحْو لن يَرْمِي وَلنْ يَغْزُو وَأما يَاء الْمُتَكَلّم المتحركة فَإِنَّهُ يجوز الْوَقْف عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ وَيجوز الْهَاء مَعَ التحريك فَتَقول فِي قَامَ غلامي قَامَ غلامي وَقَامَ غلاميه وَأما الْيَاء وَالْوَاو الساكنتان فَيُوقف عَلَيْهِمَا بِالسُّكُونِ كحالهما فِي الْوَصْل نَحْو يَرْمِي وَيَدْعُو وَلَا يحذفان إِلَّا فِي فاصلة أَو قافية كَقَوْلِه تَعَالَى {وَالَّيلِ إِذَا يَسرِ} [الْفجْر: 4] وَقَول الشَّاعِر 1793 - (وأراك تَفْري مَا خلَقْتَ وَبَعض ... الْقَوْم يخلق ثمَّ لَا يَفْر) وَأَجَازَ الْفراء الْحَذف فِي سَعَة الْكَلَام لِكَثْرَة مَا ورد من ذَلِك وَمِنْه {ذَلِك مَا كُنَّا نبغ} [الْكَهْف: 64] قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا خلاف أَن الْمَقْصُور لَا تحذف أَلفه إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه 1794 - (رَهْطُ مَرجُوم ورَهْطُ ابْن المُعَلْ ... ) يُرِيد ابْن الْمُعَلَّى وَأما ألف ضمير الغائبة فَذكر ابْن مَالك أَنه قد يحذف مَنْقُولًا فَتحه اخْتِيَارا كَقَوْلِه (والكرامة ذَات أكْرمكُم الله بِهِ) يُرِيد بهَا فَحذف الْألف وَسكن الْهَاء وَنقل حركتها إِلَى الْيَاء وَلذَلِك فتحهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَظَاهر كَلَامه قِيَاس ذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ اخْتِيَارا فعلى مَا ذكر يجوز أَن يقف على مِنْهَا وعنها وفيهَا مِنْهُ وَعنهُ وَفِيه قَالَ وَإِنَّمَا رُوِيَ مِنْهُ فِيمَا

علمناه هَذَا الْحَرْف الْوَاحِد على جِهَة الندور لبَعض الْعَرَب وَيَنْبَغِي فِي إِثْبَات ذَلِك إِلَى كَثْرَة توجب الْقيَاس قَالَ وكل مبْنى آخِره ألف نَحْو (هَا) و (هُنَا) يجوز فِيهِ ثَلَاثَة أوجه إبقاؤها ألفا كَمَا فِي الْوَصْل وإبدالها همزَة وإلحاق هَاء السكت بعْدهَا سمع (هُوَ أَحْرَى بهاء) بِالْهَمْزَةِ وَأما قلب الْألف هَاء كَقَوْلِه 1795 - (من هَا هُنَا وَمن هُنهْ ... ) فشاذ إِلَّا فِي الِاسْم الْمَنْدُوب فَإِنَّهُ يتَعَيَّن فِيهِ الْوَجْه الثَّالِث وَهُوَ إِلْحَاق الْهَاء نَحْو يَا زيداه وَلَا يُوقف عَلَيْهِ بِالْألف فَقَط وَلَا تبدل أَلفه همزَة ولحوق هَذِه الْهَاء خَاص بالمبني فَلَا يُقَال موساه وَلَا عيساه حذرا من التباسه بالمضاف إِلَيْهِ وَرُبمَا قلبت الْألف الْمَوْقُوف عَلَيْهَا همزَة أَو يَاء أَو واوا نَحْو هَذِه أفعأ أَو أفعي أَو أفعو فِي هَذِه أَفْعَى وَهَذِه عصأ أَو عصى أَو عصو فِي عَصا الأولى والأخيرة لُغَة بعض طَيئ وَالثَّانيَِة لُغَة فَزَارَة وَنَصّ سِيبَوَيْهٍ على أَن هَذِه اللُّغَات الثَّلَاث فِي كل ألف فِي آخر اسْم سَوَاء كَانَت أَصْلِيَّة أَو غير أَصْلِيَّة وَحكى الْخَلِيل أَن بَعضهم يَقُول رَأَيْت رجلا فيهمز لِأَنَّهَا ألف فِي آخر الِاسْم وَاخْتلف فِي الْوَقْف على إِذن فمذهب أبي عَليّ وَالْجُمْهُور إِبْدَال نونها فِي الْوَقْف ألفا وَذهب طَائِفَة إِلَى أَنه يُوقف عَلَيْهَا بالنُّون قَالَ أَبُو حَيَّان وَأما عَن وَلنْ وَأَن وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا يُوقف عَلَيْهَا بالنُّون إِذا اضْطر إِلَى ذَلِك لِأَنَّهَا حرف لَا يحسن الْوَقْف عَلَيْهَا بِخِلَاف إِذن فَإِنَّهُ يحسن الْوَقْف عَلَيْهَا والفصل قَالَ وَأما النُّون الْخَفِيفَة فَلَا خلاف أَنه يُوقف عَلَيْهَا بإبدال نونها ألفا إِذا انْفَتح مَا قبلهَا قَالَ وَاخْتلف فِي (كَائِن)

قَالَ وَإِذا حذف من الْفِعْل حرف صَحِيح لِكَثْرَة ذَلِك الِاسْتِعْمَال وَذَلِكَ الْمُضَارع من كَانَ نَحْو لم يَك ثمَّ وقف عَلَيْهِ فنص بعض أَصْحَابنَا أَنه لَا يكون فِيهِ الْوَقْف على الْكَاف وَلَا يجْرِي مجْرى (مَا أدر) فِي الْوُقُوف على الرَّاء لِأَن نون لم يَك لم تحذف عِنْد التقاء الساكنين بِلَا تحرّك فِيهِ بِخِلَاف يَاء (مَا أَدْرِي) فَإِنَّهَا تحذف عِنْد التقاء الساكنين فَلَمَّا خَالفه فِي الْوَصْل فِي هَذَا خَالفه فِي الْوَقْف وَلِأَنَّهُ لَو وقف عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ لَكَانَ إخلالا بِالْكَلِمَةِ فَصَارَ بِمَنْزِلَة مَا مر قَالَ وَظَاهره أَنه ترد النُّون المحذوفة كَمَا ترد الْيَاء فِي مر وَأما الْقُرَّاء فَإِنَّهُم يقفون على الْكَاف وَلَا يردون الْمَحْذُوف قَالَ وعلامة الْجَزْم فِي (لم يَك) حذف الْحَرَكَة الَّتِي كَانَت على النُّون المحذوفة لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَصرح أَبُو عَليّ فِي (العسكريات بِأَنَّهُ حذفت الْحَرَكَة للجزم ثمَّ كثر استعمالهم لَهُ فحذفوا النُّون للجزم كَمَا تحذف حُرُوف الْعلَّة للجزم لِأَنَّهَا تشبهها فِي أُمُور مَعْلُومَة فَهُوَ جزم بعد جزم حذف بتدريج وَنَظِير لم يَك لم يكن انْتهى (ص) مَسْأَلَة يُوقف على حَرَكَة غير التَّاء بِالسُّكُونِ وَالروم مُطلقًا وَقيل لَا روم فِي الْفَتْح والإشمام فِي الضَّم والتضعيف إِن لم يكن همزَة أَو لينًا أَو تالي سُكُون أَو مَنْصُوبًا منونا وَنقل حركته لساكن قبله إِن قبلهَا وَلم يُوجب عدم النظير مَا لم يكن همزَة وَلَا ينْقل من غَيرهَا الْفَتْح فِي الْأَصَح ثمَّ يحذف وَيُوقف على الْمَنْقُول إِلَيْهِ ثَابتا لَهُ مَا مر فِي الْأَفْصَح وَالْمَنْقُول حَرَكَة الآخر وَقيل مثلهَا لالتقاء الساكنين وَقيل للدلالة على الْإِعْرَاب وَقيل لَهما (ش) إِذا كَانَ آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ متحركا غير تَاء التَّأْنِيث جَازَ فِي الْوَقْف عَلَيْهِ أُمُور أَحدهمَا السّكُون وَهُوَ الأَصْل فِي الْوَقْف على المتحرك وَذكروا أَنه لما كَانَ الأَصْل لشيئين أَحدهمَا أَن الْحَرْف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ مضاد للحرف الْمُبْتَدَأ بِهِ لِأَن الْوَقْف هُوَ الِانْتِهَاء والانتهاء مضاد للابتداء فَيَنْبَغِي أَن تكون صفته مضادة لصفته والابتداء لَا يكون إِلَّا بمتحرك فَيكون هَذَا سَاكِنا

وَالْآخر أَن الْوَقْف مَوضِع استراحة لِأَنَّهُ مَوضِع يضعف فِيهِ الصَّوْت فَاخْتَارُوا للحرف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أخف الْأَحْوَال وَهُوَ السّكُون وَجعلُوا علامته فِي الْخط حاء فَوق الْحَرْف وَصورتهَا هَكَذَا (ح) الثَّانِي الرّوم وَهُوَ إخفاء الصَّوْت بالحركة هَكَذَا شَرحه ابْن مَالك وَقَالَ بَعضهم هُوَ ضعف الصَّوْت بالحركة من غير سُكُون فَتكون حَالَة متوسطة بَين الْحَرَكَة والسكون وَتَكون فِي الحركات كلهَا فِي الْمَرْفُوع منونا كَانَ أَو غير منون وَهُوَ كجزء من الضمة وَفِي الْمَنْصُوب غير الْمنون وَفِي المفتوح وَفِي الْمَجْرُور بالكسرة وبالفتحة وَفِي المكسور وَهُوَ كجزء من الكسرة وَيحْتَاج فِي الْمَنْصُوب والمفتوح إِلَى رياضة لخفة الفتحة وَتَنَاول اللِّسَان لَهَا بِسُرْعَة وَلذَلِك لم يجزه الْفراء فِي الفتحة وَأم النحويون فمذهب الْجُمْهُور جَوَازه فِي الفتحة قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو الْحسن بن عَليّ بن أَحْمد بن خلف الْأنْصَارِيّ عرف بِابْن الباذش زعم أَبُو حَاتِم أَن الرّوم لَا يكون فِي الْمَنْصُوب لخفته وَالنَّاس على خِلَافه لِأَن الرّوم لَا يرفع حكمه حكم السّكُون لما فِيهِ من جري بعض الْحَرَكَة فِي الْوَقْف فَلَا يمْنَع أَن يكون الْفَتْح كَغَيْرِهِ اه وَأما الْمَنْصُوب الْمنون فَمن وقف عَلَيْهِ من الْعَرَب دون تَعْرِيض فَإِنَّهُ يقف بالإسكان وَالروم الثَّالِث الإشمام وَهُوَ الْإِشَارَة إِلَى الْحَرَكَة دون صَوت فَهُوَ لَا يدْرك إِلَّا بِالرُّؤْيَةِ وَلَيْسَ للسمع فِيهِ حَظّ وَلذَلِك لَا يُدْرِكهُ الْأَعْمَى ويدركه بالتعلم بِأَن يضم شَفَتَيْه إِذا وقف على الْحَرْف قَالَ أَبُو الْحسن الحصري فِي قصيدته: 1796 - (يُرى رُوْمُنا والعُمْيُ تَسْمعُ صَوْتَهُ ... وإشْمَامُنَا مِثْلُ الإشَارة بالشّعْر)

وَذكر النحويون أَن الإشمام مُخْتَصّ بالضمة سَوَاء كَانَت إعرابا أم بِنَاء قَالُوا وَلَا يكون فِي الْمَنْصُوب وَالْمَجْرُور لِأَن الفتحة من الْحلق والكسرة من وسط الْفَم وَلَا تمكن الْإِشَارَة لموضعهما فالإشمام فِي النصب والجر لِأَنَّهُ لَا آله لَهُ بِخِلَاف الرّوم لِأَنَّهُ عمل اللِّسَان فَقَط فيلفظ بهما لفظا خَفِيفا وَيسمع قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَوْلهمْ فِي الرّوم إِنَّه عمل اللِّسَان لَا يتم إِلَّا فِي الْحُرُوف اللسانية وَهِي الَّتِي يكون للسان عمل فِي حركاتها أَلا ترى أَن الْحُرُوف الحلقية والشفهية لَا عمل للسان فِيهَا وَمَعَ ذَلِك فِيهَا الرّوم وَإِنَّمَا لم يكن الإشمام فِي الفتحة والكسرة لِأَن الْإِشَارَة إِلَيْهِمَا فِيهَا تَشْوِيه لهيئة الشّفة انْتهى الرَّابِع التَّضْعِيف وَيُقَال فِيهِ التثقيل تَارَة بِأَن تَجِيء بِحرف سَاكن من جنس الْحَرْف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فيجتمع ساكنان فيحرك الثَّانِي ويدغم فِيهِ الأول وَقَالَ بَعضهم التَّضْعِيف تَشْدِيد الحرفين فِي الْوَقْف نَحْو (هَذَا جَعْفَر) و (قَامَ الرجل) وَلَا يجوز ذَلِك فِي الْهَمْز نَحْو (بِنَاء) لِأَن الْعَرَب تنكبت إدغام الْهمزَة فِي الْهمزَة إِلَّا إِذا كَانَت عينا نَحْو سَأَلَ ولال وَلَا فِي حرف لين نَحْو يعي وسرو وَلَا فِي تالي سَاكن نَحْو عَمْرو وَبكر وَيَوْم وَبَين وَلَا فِي مَنْصُوب منون لِأَنَّهُ يُوقف عَلَيْهِ فِي أشهر اللُّغَات بإبدال ألف من تنوينه وَلَا تَضْعِيف فِي الْألف قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُؤثر الْوُقُوف بالتضعيف عَن أحد من الْقُرَّاء إِلَّا مَا رَوَاهُ عصمَة بن عُرْوَة عَن عَاصِم أَنه وقف على قَوْله تَعَالَى: (متسطر) [الْقَمَر: 53] فِي سُورَة الْقَمَر بتَشْديد الرَّاء وَذَلِكَ بِخِلَاف الإسكان الرّوم والإشمام فَإِن ذَلِك مَرْوِيّ عَنْهُم الْخَامِس النَّقْل بِأَن تنقل حَرَكَة الْحَرْف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ إِلَى الْحَرْف السَّاكِن قبله نَحْو قَامَ عَمْرو بِضَم الْمِيم ومررت ببكر بِكَسْر الْكَاف قَالَ 1797 - (أَنا ابْنُ مَاويّة إِذْ جَدّ النَقَرْ ... )

وَقَالَ: 1798 - (أرَتْنِيَ حِجْلاً على سَاقيهَا ... فهش الْفُؤَاد لذاك الحِجلْ) وَقَالَ: 1799 - (عَجبْتُ والدَّهْر كثير عَجَبُهُ ... من عَنَزيٍّ سَبَّنِي لم اَضْربُهْ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُؤثر الْوُقُوف بِالنَّقْلِ عَن أحد من الْقُرَّاء إِلَّا مَا رُوِيَ عَن أبي عَمْرو أَنه قَرَأَ {وَتَوَاصَو بالصَّبِرْ} [الْعَصْر: 3] بِكَسْر الْبَاء وَقَرَأَ سَلام عَن السّديّ (والعصِر) بِكَسْر الصَّاد قَالَ وَالظَّاهِر من كَلَام ابْن مَالك أَن الْحَرَكَة الَّتِي كَانَت على الْحُرُوف الْمَوْقُوف عَلَيْهِ هِيَ بِعَينهَا الَّتِي نقلت إِلَى السَّاكِن قبل الْحَرْف وَبِه قَالَ بعض النَّحْوِيين قَالَ نقلوا لِئَلَّا تذْهب حَرَكَة الْإِعْرَاب بِالْجُمْلَةِ وَقَالَ أَبُو عَليّ هَذِه الْحَرَكَة لالتقاء الساكين وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَنَّهُم لم ينقلوا فِي زيد وَعون لِأَن الْيَاء وَالْوَاو احتملتا ذَلِك كَمَا احتملتا أَن يدغم مَا بعدهمَا فِي نَحْو ثوب بكر قَالَ أَبُو حَيَّان وينفصل عَن هَذَا بِمَا يلْزم من استثقال الْحَرَكَة فِي حرف الْعلَّة

قَالَ وَقَالَ أَبُو عَليّ أَيْضا وَلَيْسَ بتحريك لالتقاء الساكين مَحْضا أَلا ترى أَنه يدل على الْحَرَكَة المحذوفة من الثَّانِي فَدلَّ هَذَا على أَن النَّقْل جمع بَين التَّخَلُّص من التقاء الساكنين وَبَين الدّلَالَة على حَرَكَة الْإِعْرَاب وَقَالَ الْمبرد والسيرافي هَذَا النَّقْل للدلالة على الْحَرَكَة المحذوفة كَمَا راموا الْحَرْف وأشموه للدلالة واحتجا بِأَن الْوَقْف يحْتَمل فِيهِ الْجمع بَين ساكنين وَلَا يتَعَذَّر فَإِنَّمَا نقلوا لبَيَان حَرَكَة الْمَوْقُوف عَلَيْهِ ثمَّ إِن النَّقْل لَا يكون إِلَّا إِلَى سَاكن فَإِن كَانَ مَا قبل الْحَرْف الآخر متحركا فَلَا يجوز النَّقْل فَلَا يُقَال مَرَرْت بِالرجلِ بِكَسْر الْجِيم نقلا لحركة اللَّام إِلَيْهَا لِأَنَّهَا مَشْغُولَة بحركتها وَلِأَن النَّقْل إِنَّمَا كَانَ فِرَارًا من التقاء الساكنين وَهُوَ مَفْقُود فِي الَّذِي تحرّك مَا قبله ولغة لخم النَّقْل إِلَى المتحرك قَالَ: 1800 - (منْ يأتمِرْ للحوم فِيمَا قَصدُهُ ... تُحْمدْ مسَاعيه ويُعْلَمْ رشَدُهُ) وَشرط السَّاكِن أَن يكون صَحِيحا فَإِن كَانَ حرف عِلّة ك (دَار) و (عون) و (بَين) لم يجز النَّقْل إِلَيْهِ لاستثقال الْحَرَكَة على حرف الْعلَّة وَألا يكون مضاعفا نَحْو (العل) فَلَا يُقَال انتفعت بالعلل لِأَن ذَلِك مفض إِلَى فك المدغم وَقد اعْتَرَفُوا على إدغامه فَلَا يفك مثل هَذَا إِلَّا فِي ضَرُورَة الشّعْر وَشرط الْمَنْقُول مِنْهُ أَن يكون حرفا صَحِيحا فَلَا ينْقل من غَزْو لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى كَون الآخر واوا قبلهَا ضمة فِي الْمَرْفُوع وَذَلِكَ مرفوض وَإِلَى الْقلب والتغيير فِي المخفوض وَشرط النَّقْل أَلا يُؤَدِّي إِلَى عدم النظير فَلَا يجوز فِي انتفعت ببسر لِأَنَّهُ يصير على وزن فعل وَهُوَ مَفْقُود فِي الْأَسْمَاء وَلَا فِي هَذَا بشر لِأَنَّهُ يصير على وزن فعل وَهُوَ مَفْقُود فِي الْكَلَام بل يتبع فَيُقَال بسر وَهَذَا بشر وَيسْتَثْنى من هَذَا الشَّرْط المهموز فَإِنَّهُ يجوز النَّقْل فِيهِ وَإِن أدّى إِلَى عدم النظير وَيغْتَفر فِيهِ ذَلِك لِأَن الضَّرُورَة فِيهِ أخف من الْهَمْز السَّاكِن مَا قبله فَيُقَال هَذَا الردء ومررت بالبطء

وَشرط الْحَرَكَة المنقولة أَلا تكون فَتْحة فَلَا يُقَال قَرَأت الْعلم بِالنَّقْلِ بل الْعلم بالإتباع وَذكروا فِي امْتنَاع النَّقْل من الفتحة إِلَى السَّاكِن قبلهَا وَجْهَيْن أَحدهمَا أَنهم لَو نقلوا فِي الْوَقْف وَسَكنُوا فِي الْوَصْل كَانُوا كَأَنَّهُمْ سكنوا فعل وَلَا يجوز تسكينه بِخِلَاف المضموم والمكسور قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا ضَعِيف لِأَن فِيهِ مُرَاعَاة الْحَالة الْعَارِضَة وَهِي النَّقْل فِي الْوَقْف فَصَارَ الْوَقْف كَأَنَّهُ أصل إِذْ خَافُوا أَن يكون فِي ذَلِك فعل إِذا وصلوا والوصل هُوَ الأَصْل وَهُوَ السّكُون وَالثَّانِي أَن الْمَنْصُوب إِن كَانَ منونا فيبدل من تَنْوِين ألف فَلَا يُمكن النَّقْل لِأَن مَا قبل الْألف تلْزمهُ الفتحة وَذَلِكَ بِخِلَاف الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور وَإِن كَانَ فِيهِ الْألف وَاللَّام فَهُوَ فِي حكم الْمنون لِأَنَّهَا بدل مِنْهُ وَلِأَن الْألف وَاللَّام لَا تلْزم فَكَانَ التَّنْوِين مَوْجُودا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا ضَعِيف لِأَن هَذِه الْعلَّة لَيست شَامِلَة أَلا ترى أَن من الْأَسْمَاء الْمَفْتُوحَة السَّاكِن مَا قبلهَا مَا لَا يكون منونا وَلَا فِيهِ ألف وَلَام وَذَلِكَ نَحْو جمل ودعد وَهِنْد إِذا منعن من الصّرْف وَنَحْو حضجر اسْم امْرَأَة فَلَا مَانع يمْنَع هَذَا النَّوْع من النَّقْل فِي النصب لارْتِفَاع تِلْكَ الْعلَّة الْمَانِعَة وَيسْتَثْنى من هَذَا الشَّرْط أَيْضا المهموز فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ نقل حرَّة الْهمزَة إِذا كَانَت فَتْحة إِلَى السَّاكِن الصَّحِيح قبلهَا فَيُقَال رَأَيْت الردء والخبء واغتفر فِيهِ ذَلِك كَمَا اغتفر فِيهِ الْأَدَاء إِلَى عدم النظير بل هَذَا أولى وَخَالف الْكُوفِيُّونَ فِي هَذَا الشَّرْط فأجازوا نقل الفتحة إِلَى السَّاكِن قبلهَا مُطلقًا وَإِن لم يكن مهموزا فَيَقُولُونَ رايت الْبكر فِي رَأَيْت الْبكر وَوَافَقَهُمْ الْجرْمِي قِيَاسا مِنْهُ لَا سَمَاعا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يُؤثر ذَلِك عَن أحد من الْقُرَّاء وَفِي (الإفصاح) قد اتسعت الْقرَاءَات وَكثر فِيهَا الشاذ وَلم يسمع فِيهَا هَذَا الْوَقْف وَإِنَّمَا جَاءَ فِي الشّعْر وَإِذا نقلت حَرَكَة الْهمزَة حذفهَا الحجازيون واقفين على حَامِل حركتها كَمَا يُوقف علها مستبدا بهَا فَيُقَال هَذَا الرَّد وَرَأَيْت الرَّد ومررت بِالرَّدِّ فَيصير السَّاكِن الَّذِي يُحَرك آخر الْكَلِمَة فَيجْرِي عَلَيْهِ مَا جرى على الصَّحِيح إِذا وقف عَلَيْهِ فِي الْوُجُوه السِّتَّة الإسكان وَالروم والإشمام والإبدال حَيْثُ يكون والتضعيف

إبدال تاء التأنيث هاء

وحذفوها فِي الآخر وألقوا حركتها على مَا قبلهَا كَمَا حذفوها إِذا كَانَت حَشْوًا نَحْو أرؤس فَقَالُوا أرس وَكَانَ الْحَذف فِيهَا أولى لِأَن الْأَوَاخِر هِيَ مَحل التَّغْيِير وَأما غير الْحِجَازِيِّينَ فَإِنَّهُم يثبتون الْهمزَة بعد النَّقْل سَاكِنة فَيَقُولُونَ هَذَا الردء وَرَأَيْت الردء وَرَأَيْت البطا والخبا والردا ومررت بالبطي والخبي والردي أَو مُتبعا نَحْو هَذَا البطو وَرَأَيْت البطو ومررت بالبطو وَهَذَا الخبا وَرَأَيْت الخبا وَمَرَّتْ الخبا وَهَذَا الرَّدِيء وَرَأَيْت الردي ومررت بالردي إِبْدَال تَاء التَّأْنِيث هَاء (ص) والأفصح إِبْدَال التَّاء فِي الِاسْم تلو حَرَكَة هَاء وسلامتها فِي جمع التَّصْحِيح وَشبهه وَفِي هَيْهَات ولات وَجْهَان وَالْأَحْسَن وفَاقا لأبي حَيَّان سَلامَة ربت وثمت ولعلت (ش) إِذا كَانَ آخر الْمَوْقُوف عَلَيْهِ تَاء تَأْنِيث فِي اسْم فالأفصح إبدالها فِي الْوَقْف هَاء إِن تحرّك مَا قبلهَا لفظا كفاطمه وقائمه وطلحه وغلمه أَو تَقْديرا كالحياه والقناه فَإِن أصل هَذِه الْألف حرف عِلّة متحرك انقلبت عَنهُ وَاحْترز بِهَذَا الشَّرْط من نَحْو بنت وَأُخْت فَإِن تاءهما للتأنيث لَكِن لم يَتَحَرَّك مَا قبلهَا لفظا وَلَا تَقْديرا فَيُوقف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ لَا بِالْهَاءِ وَخرج بقولنَا فِي اسْم التَّاء الَّتِي تكون فِي الْفِعْل نَحْو قَامَت وَقَعَدت وبقولنا تَاء التَّأْنِيث تَاء التابوت والفرات فَإِنَّهُ مَشْهُور اللُّغَة الْوَقْف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ وَإِن كَانَ بعض الْعَرَب وقف عَلَيْهِمَا بِالْهَاءِ وَبَعض الْعَرَب لَا يُبدل وَإِن اجْتمعت الشُّرُوط قَالَ بَعضهم يَا أهل سُورَة البقرت فَقَالَ مُجيب لَا أحفظ فِيهَا وَلَا آيت وَقَالَ الراجز: 1810 - (الله نَجّاك بكَفّيْ مُسْلِمَتْ ... من بَعْدِما وبَعْدما وبَعْدِمَتْ)

(كَانَت نُفُوسُ الْقَوْم عِنْد الغَلْصَمَتْ ... وكادت الحُرّة أَن تُدْعى أَمَتْ) قَالَ أَبُو حَيَّان وعَلى هَذِه اللُّغَة كتب فِي الْمُصحف أَلْفَاظ بِالتَّاءِ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُومِ طَعَامُ الأَثِيمِ} [الدُّخان: 43، 44] {أَهُم يَقسِمُونَ رَحمَتَ رَبِّكَ} [الزخرف: 32] وَسَوَاء على اللُّغَة الفصحى كَانَت التَّاء فِي مُفْرد أَو جمع تكسير كَمَا مثل أما جمع التَّصْحِيح والمحمول عَلَيْهِ كالهندات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات وَأولَات فالأفصح الْوَقْف عَلَيْهِ بِالتَّاءِ وَيجوز إبدالها هَاء سمع (دفن البناه من المكرماه) و (كَيفَ الإخوه والأخواه) قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَانَ الْقيَاس أَن يكون الْوَقْف بِالْهَاءِ لِأَنَّهَا الَّتِي للتأنيث لكِنهمْ أَرَادوا التَّفْرِقَة بَينهَا وَبَين مَا تكون فِيهِ للْوَاحِد كالسعلاة وعلقاة لِأَن التَّاء فِي الْمُفْرد بِمَنْزِلَة شَيْء ضم إِلَى شَيْء وَالتَّاء فِي الْجمع قريبَة من تَاء الْإِلْحَاق تحو تَاء (عفريت) لِأَنَّهَا صَارَت مَعَ التَّأْنِيث تدل على الْجمع كالواو وَالنُّون فِي زيدين فَصحت لذَلِك

هاء السكت

وَفِي الإفصاح مَا حَكَاهُ الْفراء وقطرب من الْوَقْف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ شَاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَفِي كتاب اللوائح لأبي الْفضل الرَّازِيّ أَن الْوَقْف عَلَيْهَا بِالْهَاءِ لُغَة طييء وَفِي هَيْهَات وَجْهَان إِقْرَار التَّاء وإبدالها هَاء وَقد وقف عَلَيْهَا بِالْوَجْهَيْنِ فِي السَّبْعَة وعَلى لات وَيَا أَبَت قَالَ أَبُو حَيَّان وَأما ثمت وربت ولعلت فَالْقِيَاس على لات سَائِغ فَيُوقف عَلَيْهِنَّ بِالتَّاءِ وَالْهَاء قَالَ وَقد ذهب إِلَى ذَلِك فِي ربت ابْن مَالك قَالَ وَالْأَحْسَن عِنْدِي الْوَقْف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ كالوصل هَاء السكت (ص) وَيُوقف السكت وجوبا على فعل حذف آخِره مَعَ فائه أَو عينه وَمَا الاستفهامية إِن جرت باسم وَإِلَّا فاختيارا وَيجوز فِي حَرَكَة لَا تشبه الإعرابية لَا مَبْنِيّ للنداء أَو قطع عَن الْإِضَافَة أَو اسْم لَا وَكَذَا الْمَاضِي فِي الْأَصَح وَثَالِثهَا تلْحق اللَّازِم (ش) مِمَّا يخْتَص بِهِ الْوَقْف زِيَادَة هَاء السكت فَيُوقف بهَا على الْفِعْل المعتل الآخر فِي الْجَزْم أَو فِي الْوَقْف فَإِن كَانَ مَحْذُوف الْفَاء نَحْو لَا تق زيدا وقِ عمرا مَحْذُوف الْعين نَحْو لَا تَرَ زيدا أَو ت بكرا ووقف عَلَيْهِ وَجب إِلْحَاق الْهَاء لِأَنَّهُ بَقِي على حرف وَاحِد كَمَا وَجب رد الْيَاء فِي نَحْو مر وَنَحْوه وَإِنَّمَا لم ترد هُنَا اللَّام المحذوفة لِأَن الْمُوجب لحذفها قَائِم مَوْجُود وَهُوَ الْجَزْم أَو الْوَقْف بِخِلَاف مر فَإِن الْمُوجب لحذف لامه قد زَالَ فِي الْوَقْف فَلذَلِك كَانَ الْحَرْف اللَّاحِق فِي ق وَنَحْوه الْهَاء وَكَانَ لُزُومهَا فِي الْوَقْف عوضا من الْمَحْذُوف الَّذِي هُوَ الْفَاء وَالْعين لَا اللَّام

وَإِن كَانَ غير مَحْذُوف الْفَاء وَلَا الْعين فيختار إِلْحَاق الْهَاء نَحْو ارمه واغزه وَلَا ترمه وَلَا تغزه وَيجوز تَركهَا وَإِنَّمَا كَانَ الْأَكْثَر وَالِاخْتِيَار إِلْحَاق الْهَاء فِي هَذَا النَّوْع لِأَن الْكَلِمَة قد لحقها الاعتلال بِحَذْف آخرهَا فكرهوا أَن يجمعوا عَلَيْهَا حذف لامها وَحذف الْحَرَكَة وَوجه اللُّغَة الْأُخْرَى أَن الْكَلِمَة قويت بالاعتماد على كَونهَا على أَكثر من حرف فشبهت بِمَا لم يحذف مِنْهُ شَيْء والمدغم فِي ذَلِك كَغَيْرِهِ نَحْو لم يضل الْأَكْثَر فِيهِ لم يضله وَمَا الاستفهامية إِن جرت باسم نَحْو مَجِيء م جِئْت وَجب عِنْد الْوَقْف إلحاقها الْهَاء فَيُقَال مَجِيء مَه وَإِن جرت بِحرف نَحْو لم تفعل وَعم تسْأَل فَالْأَحْسَن إلحاقها الْهَاء فَيُقَال لمه وَعَمه وَيجوز لم وَعم بالإسكان وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا لِأَن الْجَار الْحرفِي مُتَّصِل كالجزء مِنْهَا فَصَارَت كَأَنَّهَا على حرفين فَأَشْبَهت ارمه وَأما الِاسْم فَلَيْسَ مُتَّصِلا بالشَّيْء كاتصال الْحَرْف فَلَزِمَ كَون الِاسْم على حرف وَاحِد فَأشبه قه وَالْوَقْف بِغَيْر هَاء فِيمَا حرف الْجَرّ مِنْهُ على أَزِيد من حرف وَاحِد نَحْو على م وَإِلَى م أقل مِنْهُ فِيمَا كَانَ على حرف وَاحِد نَحْو بِمَ وَلم قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد جَاءَ فِي السَّبْعَة الْوَقْف على مَا الاستفهامية المجرورة بالحرف وَإِن كَانَ أَكثر وقوفهم عَلَيْهَا بِغَيْر الْهَاء وَذَلِكَ بِاتِّبَاع رسم الْمُصحف وَالَّذين نقلوا اللِّسَان الْعَرَبِيّ ذكرُوا أَن الْأَكْثَر والأفصح الْوَقْف بِالْهَاءِ اه وَيجوز اتِّصَال الْهَاء بِكُل متحرك حَرَكَة غير إعرابية سَوَاء كَانَت بنائية نَحْو هوه وهيه وثمه وَإنَّهُ أم لَا نَحْو الزيدانه والمسلمونه وَيجوز فِي ذَلِك ترك الْهَاء وَالْوَقْف بِالسُّكُونِ وَلَا تتصل بمنادى مضموم وَلَا بمبني لقطعه عَن الْإِضَافَة نَحْو: {من قبل وَمن بعد} [الرّوم 4] وشذ قَوْله: 1802 - (وأضحى من عَلهْ ... )

وَلَا باسم لَا نَحْو لَا رجل وَلَا بِفعل مَاض نَحْو ضرب وَعلة هَذِه أَن حركاتها وَإِن كَانَت بِنَاء فَهِيَ شَبيهَة بحركات الْإِعْرَاب لوجودها عِنْد مقتضياتها وانتفائها عِنْد عدمهَا ورجوعها إِلَى أَصْلهَا من الْإِعْرَاب وَأما حَرَكَة الْفِعْل الْمَاضِي وَإِن كَانَ مَبْنِيا بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ شَبيه بالمضارع كَمَا مر أول الْكتاب وَمَا ذكر من أَنَّهَا لَا تلْحق الْمَاضِي هُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور وَقيل تلْحقهُ مُطلقًا لِأَنَّهُ مَبْنِيّ على حَرَكَة لَازِمَة فلحقته قِيَاسا على غَيره من المبنيات وَقيل تلْحقهُ إِن لم يخف لبس وَلَا تحلقه إِن خيف فَيُقَال فِي قعد قعده وَلَا يُقَال فِي ضرب ضربه لِئَلَّا يلتبس بضمير الْمَفْعُول بِخِلَاف قعده فَإِنَّهُ لَا يتَعَدَّى إِلَى مفعول فَلَا يلبس وَهُوَ معنى قولي وَثَالِثهَا تلْحق اللَّازِم أَي دون الْمُتَعَدِّي 0 ص) وَقد يُوقف على حرف موصلا بِأَلف أَو همزَة والأفصح الْوَقْف على الروي بِمدَّة وَيجْرِي الْوَصْل كالوقف ضَرُورَة كثيرا ودونها قَلِيلا 0 ش) مِثَال الْمَسْأَلَة الأولى قَوْله: 1803 - (قد وَعَدَتني أُمُّ عَمْرو أنْ تا ... ) فَوقف على حرف المضارعة وَوَصله بِأَلف وَقَوله: 1804 - (بِالْخَيرِ خَيْراتٍ وَإِن شرًّا فأا ... )

أَي فشر فَوقف على الْفَاء الَّتِي هِيَ جَوَاب الشَّرْط وَوَصلهَا بِهَمْزَة وَألف وَمِثَال الْوَقْف على الروي بِزِيَادَة مُدَّة مُطلقًا قصد الترنم أم لَا وَذَلِكَ لُغَة الْحِجَازِيِّينَ قَوْله: 1805 - (وَأَنَّك مهما تأمري الْقلب يَفعلى ... ) والتميميون لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك إِلَّا إِذا ترنموا فَإِن لم يترنموا حذفوا الْمدَّة ثمَّ مِنْهُم من يقف بِالسُّكُونِ كَمَا يقف فِي الْكَلَام كَأَنَّهُ لَيْسَ فِي شعر فَيَقُول: 1806 - (أقلى اللّوم عاذِلَ والعِتابْ ... ) وَمِنْهُم من يعوض من الْمدَّة التَّنْوِين كَمَا تقدم أما الْمَقْصُور وَمَا شاكله فَلَا يحذف أحد مدَّته وَمِثَال إِجْرَاء الْوَصْل مجْرى الْوَقْف ضَرُورَة قَوْله: 1807 - (يَا أَبَا الْأسود لِمْ خلَفتني ... ) سكن مِيم لم فِي الْوَصْل وَقَوله: 1808 - (أتَوْا نَارِي فَقلت منون أَنْتُم ... )

وَإِنَّمَا تثبت الزِّيَادَة فِي الْوَقْف قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا كثير لَا يكَاد ينْحَصر ومثاله اخْتِيَارا قَوْله تَعَالَى: {لم يتسنه وَانْظُر} [الْبَقَرَة: 259] {فبهداهم اقتده} [الْأَنْعَام: 90] أثبت الْهَاء فِي الْوَصْل إِجْرَاء لَهُ مجْرى الْوَقْف

خاتمة

خَاتِمَة لَا ابْتِدَاء بساكن (ص) لَا ابْتِدَاء بساكن قَالَ ابْن جني وَأَبُو الْبَقَاء وَهُوَ محَال فِي كل لُغَة وَالسَّيِّد وَشَيخنَا الكافيجي مُمكن فِي غير الْألف فَإِن احْتِيجَ إِلَيْهِ جِيءَ بهمز الْوَصْل وَذَلِكَ فِي الْمَاضِي الخماسي والسداسي وَأمره ومصدره وَأم الثلاثي وأل وَأمر على قَول وحفظت فِي اسْم واست وايمن وابنم وَابْن واثنين وامرئ وفروعها وتكسر إِلَّا فِي ايمن وأل فتفتح وَإِلَّا متلو ساكنها ضمة أَصْلِيَّة فتضم على الْأَفْصَح وتشم لإشمامه فِي الْأَصَح وَلَا تثبت وصلا اخْتِيَارا وَاخْتلف هَل وضعت أَولا وصلا وَهل وضعت سَاكِنة وَإِذا تلت تلت همزَة الِاسْتِفْهَام مَفْتُوحَة فَقَالَ ابْن الباذش تسهل وَأَبُو عَليّ وَابْن الْحَاجِب تبدل ألفا وَابْن عَظِيمَة تحذف 0 ش) لَا يبتدأ بساكن وَهُوَ محَال فِي كل لُغَة أما فِي الْألف فبالإجماع وَأما فِي غَيرهَا فَكَذَلِك نَص عَلَيْهِ ابْن جني وَأَبُو الْبَقَاء العكبري وَذهب السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ وَشَيخنَا الْعَلامَة الكافيجي إِلَى أَنه مُمكن إِلَّا أَنه مستثقل فَإِذا احْتِيجَ إِلَى الِابْتِدَاء بالساكن توصل إِلَيْهِ باجتلاب همزَة الْوَصْل وَذَلِكَ فِي الْأَفْعَال الْمَاضِيَة الخماسية والسداسية كانطلق واستخرج وَفِي الْأَمر مِنْهَا كانطلق واستخرج وَفِي مصادرها كالانطلاق والاستخراج وَفِي فعل الْأَمر من الثلاثي كاضرب وَاعْلَم واخرج وَفِي أل الْمعرفَة على رَأْي من يَقُول إِن أَدَاة التَّعْرِيف اللَّام وَحدهَا أَو أل بجملتها وهمزتها وصل وَقد تقدم الْخلاف فِي ذَلِك وَفِي أم الْمعرفَة فِي لُغَة طَيئ وَلم تقع همزَة الْوَصْل فِي شَيْء من الْحُرُوف سوى أل وَأم المذكورتين وَلَا فِي الْأَسْمَاء إِلَّا فِي عشرَة أَسمَاء مَحْفُوظَة وَهِي اسْم واست وايمن وابنم وَابْن وَابْنَة وَاثْنَانِ وَاثْنَتَانِ وامرئ وَامْرَأَة وَهِي مَكْسُورَة فِي الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة إِلَّا

ايمن فَإِنَّهَا فِيهِ مَفْتُوحَة وتفتح أَيْضا فِي أل وَأم وَلَا رَابِع لَهَا وَهِي فِيمَا عدا ذَلِك مَكْسُورَة إِلَّا إِن تَلا السَّاكِن الَّذِي بعْدهَا ضمة أَصْلِيَّة فَإِنَّهَا تضم تبعا لَهُ فِي الْأَفْصَح وَسَوَاء كَانَت تِلْكَ الضمة مَوْجُودَة كاخرج فِي الْأَمر واستخرج فِي الْمَاضِي الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول أم مقدرَة كاغزي يَا هِنْد وادعي لِأَن أَصله اغزوي وادعوي فاستثقلت الكسرة على الْوَاو فنقلت ثمَّ حذف الْوَاو للساكنين وَاحْترز بالأصلية من الْعَارِضَة نَحْو امشووا واقضووا فَإِن الْهمزَة فِيهِ مَكْسُورَة وَمن الْعَرَب من يكسر همزَة الْوَصْل مَعَ الْأَصْلِيَّة أَيْضا على الأَصْل وَلَا يتبع وَهِي لُغَة شَاذَّة حَكَاهَا ابْن جني فِي الْمنصف وتشم الْهمزَة الضَّم قبل الضمة المشمة نَحْو انقيد واختير على لُغَة الإشمام وَلَا تثبت همزَة الْوَصْل غير مبدوء بهَا إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1809 - (إِذْ جَاوز الإِثْنَيْن سرُّ فإنّهُ ... بنَثٍّ وتكثير الحديثِ قَمِينُ) وَكثر قطعهَا فِي أَوَائِل أَنْصَاف الأبيات لِأَنَّهَا إِذْ ذَاك كَأَنَّهَا فِي ابْتِدَاء الْكَلَام كَقَوْلِه: 1810 - (لَا نسب الْيَوْم وَلَا خلة ... إتّسَعَ الخَرْقُ على الراقع) وَقد اخْتلف فِي همزَة الْوَصْل هَل وضعت همزَة فَقَالَ ابْن جني نعم وَقيل يحْتَمل أَن يكون أَصْلهَا ألفا وَإِنَّمَا قلبت همزَة

لأجل الْحَرَكَة فَقَالَ الْفَارِسِي وَغَيره اجتلبت سَاكِنة وَكسرت لالتقاء الساكنين وَعلله الشلوبين بِأَن أصل الْحُرُوف السّكُون وَقيل اجتلبت متحركة لِأَن سَبَب الْإِتْيَان بهَا التَّوَصُّل إِلَى الِابْتِدَاء بالساكن فَوَجَبَ كَونهَا متحركة كَسَائِر الْحُرُوف المبدوء بهَا وأحق الحركات بهَا الكسرة لِأَنَّهَا راجحة على الضمة بقلة الثّقل وعَلى الفتحة بِأَنَّهَا لَا توهم استفهاما وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ حركتها للإتباع فَكسرت فِي إضرب إتباعاً للكسرة وضمت فِي أخرج إتباعا للضمة وَلم تتبع فِي المفتوح لِئَلَّا يلتبس الْأَمر بالْخبر وَإِذا وَقعت همزَة الْوَصْل الْمَفْتُوحَة بعد همزَة الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِه تَعَالَى: {ءَآلذَّكرَينِ حَرَّمَ} [الْأَنْعَام: 143] فقد كَانَ حَقّهَا أَن تحذف كَمَا يحذف غَيرهَا من همزات الْوَصْل إِذا وليت همزَة الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِه تَعَالَى: {أصطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ} [الصافات: 153] لكنه كَانَ يعلم أَهِي همزَة الِاسْتِفْهَام أم همزَة أل لَو حذفت وبدئ بهَا فَعدل عَن ذَلِك إِلَى إبدالها ألفا أَو تسهيلها وَذهب أَبُو عَمْرو بن عَظِيمَة إِلَى أَن همزَة الِاسْتِفْهَام حذفت على الأَصْل وَأَن الْمدَّة لَيست بَدَلا مِنْهَا وَإِنَّمَا هِيَ مُدَّة زَائِدَة للْفرق بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر وَيَردهُ وَجه التسهيل وَقَالَ المهاباذي إِذا دخلت همزَة الِاسْتِفْهَام على همزَة الْوَصْل حذفت إِلَّا أَن تكون مَفْتُوحَة كَالَّتِي مَعَ لَام التَّعْرِيف وأيمن وأيم فَإِنَّهَا تثبت ألفا فِي هَذِه الثَّلَاثَة

الكتاب السابع في التصريف

1 - الْكتاب السَّابِع فِي التصريف الِاشْتِقَاق الْمِيزَان الصرفي حُرُوف الزِّيَادَة الْحَذف القياسي والشاذ الْإِبْدَال النَّقْل الْإِدْغَام الْخط رسم الْمُصحف التنقيط

صفحة فارغة

الكتاب السابع في التصريف

1 - الْكتاب السَّابِع فِي التصريف (ص) أَعنِي تَغْيِير الْكَلم بِالزِّيَادَةِ والحذف والإعلال وَيخْتَص بِالِاسْمِ المعرب وَالْفِعْل الْمُتَصَرف (ش) التصريف لُغَة التقليب من حَالَة إِلَى حَالَة وَهُوَ مصدر صرف أَي جعله يَنْقَلِب فِي أنحاء كَثِيرَة وجهات مُخْتَلفَة وَمِنْه: {انْظُر كَيفَ نصرف الْآيَات} [الْأَنْعَام: 46] {وَلَقَد صَرَّفنَا فِي هَذَا القُرءَانِ لِيَذَّكَّرُوا} [الْإِسْرَاء: 41] أَي جَعَلْنَاهُ على أنحاء وجهات مُتعَدِّدَة أَي لَيْسَ ضربا وَاحِدًا أما فِي اصْطِلَاح النُّحَاة فَقَالَ فِي التسهيل هُوَ علم يتَعَلَّق ببنية الْكَلِمَة وَمَا لحروفها من أَصَالَة وَزِيَادَة وَصِحَّة وإعلال وَشبه ذَلِك وَقَالَ أَبُو حَيَّان علم النَّحْو مُشْتَمل على أَحْكَام الْكَلِمَة وَالْأَحْكَام على قسمَيْنِ قسم يلْحقهَا حَالَة التَّرْكِيب وَقسم يلْحقهَا حَالَة الْإِفْرَاد فَالْأول قِسْمَانِ قسم إعرابي وَقسم غير إعرابي وَسمي هَذَانِ القسمان علم الْإِعْرَاب تَغْلِيبًا لأحد الْقسمَيْنِ وَالثَّانِي أَيْضا قِسْمَانِ قسم تَتَغَيَّر فِيهِ الصِّيَغ لاخْتِلَاف الْمعَانِي نَحْو ضرب وضارب وتضارب واضطراب وكالتصغير والتكسير وَبِنَاء الْآلَات وَأَسْمَاء المصادر وَغير ذَلِك وَهَذَا جرت عَادَة النَّحْوِيين بِذكرِهِ قبل علم التصريف وَإِن كَانَ مِنْهُ وَقسم تَتَغَيَّر فِيهِ الْكَلِمَة لاخْتِلَاف الْمعَانِي كالنقص والإبدال وَالْقلب وَالنَّقْل وَغير ذَلِك ومتعلق التصريف من أَنْوَاع الْكَلِمَة الِاسْم الْعَرَب وَالْفِعْل الْمُتَصَرف فَلَا مدْخل لَهُ فِي الْحُرُوف وَلَا فِي الْأَسْمَاء المبنية وَلَا الْأَفْعَال الجامدة نَحْو لَيْسَ وَعَسَى

الاشتقاق

الِاشْتِقَاق (ص) الِاشْتِقَاق أَصْغَر وَهُوَ رد لفظ إِلَى آخر لمناسبة فِي الْمَعْنى والحروف الْأَصْلِيَّة وأكبر وَيجوز فِيهِ ترك التَّرْتِيب وَلم يُثبتهُ غير أبي عَليّ وَابْن جني وَأنكر قوم الأول أَيْضا وَقَالَ الزّجاج كل كلمة فِيهَا حرف من كلمة فَهِيَ مُشْتَقَّة مِنْهَا وَعَزاهُ لسيبويه وَلَا بُد فِيهِ من تَغْيِير وَلَو تَقْديرا (ش) الِاشْتِقَاق نَوْعَانِ أكبر وأصغر فالأكبر هُوَ عقد تقاليب الْكَلِمَة كلهَا على معنى وَاحِد كَمَا ذهب إِلَيْهِ ابْن جني فِي مَادَّة ق ول أَن تقاليبها السِّتَّة على معنى الخفة والسرعة نَحْو القَوْل والقلو والولق والوقل واللوق واللقو وكما ذكر صَاحب الْمُحَرر فِي مَادَّة الْكَلِمَة أَن خَمْسَة مِنْهَا مَوْضُوعَة لِمَعْنى الشدَّة وَالْقُوَّة وَهِي الْكَلم والكمل واللكم والمكل وَالْملك وَالسَّادِس مهمل وَهُوَ اللمك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يقل بِهَذَا الِاشْتِقَاق الْأَكْبَر أحد من النَّحْوِيين إِلَّا أَبُو الْفَتْح بن جني وَحكي عَن أبي عَليّ أَنه كَانَ يأنس بِهِ فِي بعض الْمَوَاضِع قَالَ وَالصَّحِيح أَن هَذَا الِاشْتِقَاق غير معول عَلَيْهِ لعدم اطراده والاشتقاق الْأَصْغَر هُوَ إنْشَاء مركب من مَادَّة يدل عَلَيْهَا وعَلى مَعْنَاهُ وَهَذَا الِاشْتِقَاق أَيْضا فِيهِ خلاف ذهب الْخَلِيل وسيبويه وَأَبُو عَمْرو وَأَبُو الْخطاب وَعِيسَى بن عمر والأصمعي وَأَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة والجرمي وقطرب والمازني والمبرد والزجاج وَالْكسَائِيّ وَالْفراء والشيباني وَابْن الْأَعرَابِي وثعلب إِلَى أَن الْكَلم بعضه مُشْتَقّ وَبَعضه غير مُشْتَقّ وَذَهَبت طَائِفَة من متأخري أهل اللُّغَة أَن الْكَلم كُله مُشْتَقّ وَقد نسب هَذَا الْمَذْهَب للزجاج وَزعم بَعضهم أَن سِيبَوَيْهٍ كَانَ يرى ذَلِك وَزعم قوم من أهل النّظر أَن الْكَلم كُله أصل وَلَيْسَ مِنْهُ شَيْء اشتق من غَيره وتفريع النَّاس إِنَّمَا هُوَ على القَوْل الأول قَالَ أَبُو حَيَّان وَاعْلَم أَنه يعرض فِي اللَّفْظ الْمُشْتَقّ مَعَ الْمُشْتَقّ مِنْهُ تغييرات تِسْعَة

الميزان الصرفي

الأول زِيَادَة حَرَكَة كضرب من ضرب الثَّانِي زِيَادَة حرف كطالب من طلب الثَّالِث زِيَادَة حَرَكَة وحرف كضارب من ضرب الرَّابِع نقص حَرَكَة كفرس من الْفرس الْخَامِس نقص حرف كنبت من النَّبَات وَخرج من الْخُرُوج السَّادِس نقص حَرَكَة وحرف كنزا من النزوات السَّابِع نقص حَرَكَة وَزِيَادَة حرف كغضبي من الْغَضَب الثَّامِن نقص حرف وَزِيَادَة حَرَكَة كحرم من الحرمان التَّاسِع زِيَادَة حَرَكَة وحرف ونقصان حَرَكَة وحرف نَحْو استنوق من النَّاقة فالعين فِي النَّاقة سَاكِنة وَفِي استنوق متحركة وَالْفَاء فِي النَّاقة متحركة وَفِي استنوق سَاكِنة وَالتَّاء فِي النَّاقة مَوْجُودَة وَفِي استنوق مفقودة وَالسِّين فِي النَّاقة مفقودة وَفِي استنوق مَوْجُودَة الْمِيزَان الصرفي (ص) مَسْأَلَة يُوزن أول الْأُصُول بِالْفَاءِ وَثَانِيها بِالْعينِ وَثَالِثهَا بِاللَّامِ وتكرر للفائق وَحكم الكوفية بِزِيَادَة غير الثَّلَاثَة ثمَّ اخْتلفُوا فِي الْوَزْن وَصفته وَالزَّائِد بِلَفْظِهِ إِلَّا المكرر فِيمَا تقدمه وَبدل تَاء افتعل فبالتاء ويحذف من الزنة ويقلب كَهُوَ وَيعرف الزَّائِد بالاشتقاق وَشبهه وسقوطه من نَظِير وَكَونه لِمَعْنى أَو فِي مَوضِع تلْزم فِيهِ زِيَادَته أَو تكْثر واختصاصه بِبِنَاء لَا يَقع فِيهِ مَا لَا يصلح للزِّيَادَة وَلُزُوم عدم النظير بِتَقْدِير أصالته فِيمَا هُوَ مِنْهُ أَو نَظِيره (ش) اصْطلحَ النحويون على أَن يزنوا بِلَفْظ الْفِعْل لما كَانَ الْفِعْل يعبر بِهِ عَن كل فعل وَكَانَت الْأَفْعَال لَهَا ظُهُور الزِّيَادَة والأصالة بِأَدْنَى نظر ثمَّ حملُوا الْأَسْمَاء عَلَيْهَا فِي أَن وزنوها بِالْفِعْلِ فَكَانَ أقل مَا تكون عَلَيْهِ الْكَلِمَة الَّتِي يدخلهَا التصريف ثَلَاثَة أحرف فَجعلُوا حُرُوف الْفِعْل مُقَابلَة لأصول الْكَلِمَة والحرف الزَّائِد منطوقا بِهِ

بِلَفْظِهِ ليمتاز الْأَصْلِيّ من الزَّائِد فَإِن لم تغن الْأُصُول كررت عِنْد الْبَصرِيين فَيُقَال وزن جَعْفَر فعلل وَوزن سفرجل فعلل لِأَن الْكَلِمَة تكون عِنْدهم ثلاثية ورباعية وخماسية وَهِي مُجَرّدَة من الزَّوَائِد وَأما الْكُوفِيُّونَ فَذَهَبُوا إِلَى أَن نِهَايَة أصل الْكَلِمَة ثَلَاثَة وَمَا زَاد على الثَّلَاثَة حكمُوا بِزِيَادَتِهِ فيزنون مَا كَانَ ثلاثيا بِلَفْظ الْفِعْل وَأما مَا زَاد نَحْو جَعْفَر وسفرجل فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَمنهمْ من قَالَ لَا نزن شَيْئا من ذَلِك وَإِذا سُئِلَ عَن وَزنه قَالَ لَا أَدْرِي وَمِنْهُم من يزن وَاخْتلف هَؤُلَاءِ فَمنهمْ من ينْطق بِلَفْظ مَا زَاد عَن الثَّالِث فَيَقُول وزن جَعْفَر فعلر وَوزن سفرجل فعلجل وَمِنْهُم من يزن ذَلِك كوزننا فَيَقُول فعلل وفعلل مَعَ اعْتِقَاد زِيَادَة مَا زَاد على الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن قلت مَا فَائِدَة وزن الْكَلِمَة بِالْفِعْلِ قلت فَائِدَته التَّوَصُّل إِلَى معرفَة الزَّائِد من الْأَصْلِيّ على سَبِيل الِاخْتِصَار فَإِن قَوْلك وزن اسْتِخْرَاج استفعال أخصر من أَن تَقول الْألف وَالسِّين وَالتَّاء وَالْألف فِي اسْتِخْرَاج زَوَائِد وَإِذا حذف من الْكَلِمَة شَيْء فلك أَن تزنه بِاعْتِبَار أَصله أَو اعْتِبَار مَا صَار إِلَيْهِ فوزن شية وسه وَيَد بِاعْتِبَار الأَصْل فعلة وَفعل وَفعل وَبِاعْتِبَار الْحَذف عِلّة وفل وفع وَإِذا وَقع فِي الْكَلِمَة قلب قلب فِي الزنة فَيُقَال وزن أَشْيَاء لفعاء على رَأْي من يرى أَن فِيهَا قلبا ويوزن المكرر للتضعيف بِمَا تقدمه لَا بِلَفْظِهِ فَيُقَال وزن قردد فعلل لَا فعلد لِأَن الدَّال لما لم ترد مُنْفَرِدَة فِي الأَصْل لم يجعلوها مُنْفَرِدَة فِي الْوَزْن وَيحصل الْفرق بَينه وَبَين بَاب جَعْفَر بالموزون لَا بِالْوَزْنِ ويوزن الْمُبدل من تَاء الافتعال بِالتَّاءِ لَا بالحرف الْمُبدل فَيُقَال فِي وزن اصْطفى افتعل لَا افطعل وَجُمْلَة مَا يعرف بِهِ الزَّائِد تِسْعَة أَشْيَاء أَحدهَا الِاشْتِقَاق فَإِن دلّ على أَن ألف ضَارب وهمز اضْرِب وَرَاء ضرب زَوَائِد

الثَّانِي شبه الِاشْتِقَاق وَالْفرق بَينه وَبَين مَا قبله أَن الأول فِيهِ سُقُوط من أصل وَهَذَا فِيهِ سُقُوط من فرع مِثَاله ألف قذال وواو عَجُوز وياء كثيب فَإِنَّهَا تسْقط فِي الْجمع وَهُوَ قذل وَعجز وكثب وَالْجمع فرع والإفراد أصل فَدلَّ على زيادتها فِيهِ الثَّالِث سُقُوطه من نَظِير كإطل وأيطل وهما بِمَعْنى فالياء من أيطل زَائِدَة لسقوطها فِي إطل الرَّابِع كَونه لِمَعْنى فَإِن رَأَيْت حرفا فِي كلمة يفهم مِنْهُ معنى فاحكم بِزِيَادَتِهِ كحروف المضارعة وَألف فَاعل وتاء افتعل وياء التصغير الْخَامِس كَونه فِي مَوضِع تلْزم فِيهِ زِيَادَته كنون (عفنقس) بِالْفَاءِ وَهُوَ الْعسر الْأَخْلَاق لَا يعف لَهُ اشتقاق وَحكم بِزِيَادَة نونه لِأَنَّهَا وَقعت ثَالِثَة سَاكِنة وَبعدهَا حرفان وَلَيْسَت مدغمة فِيمَا بعْدهَا وَمَا وجد من ذَلِك مِمَّا عرف لَهُ اشتقاق كَانَت النُّون فِي زَائِدَة على جِهَة اللُّزُوم كجحنفل وحبنطى السَّادِس كَونه فِي مَوضِع تكْثر فِيهِ زِيَادَته كهمزة أفكل وَهِي الرَّعْد لَا يعرف لَهُ اشتقاق وَحكم بِزِيَادَة همزته لِكَثْرَة زِيَادَة الْهمزَة أَولا قبل ثَلَاثَة أحرف السَّابِع اخْتِصَاصه بباء لَا يَقع موقعه مِنْهَا مَا لَا يصلح للزِّيَادَة كنون حنطأو بِوَزْن فنعلو فَإِنَّهَا زَائِدَة إِذْ لم يَجِيء مَكَان النُّون فِي نَحْو هَذَا الْبناء حرف أُصَلِّي الثَّامِن وَالتَّاسِع لُزُوم عدم النظير بِتَقْدِير أصالته فِيمَا هُوَ مِنْهُ أَو فِي نَظِير مَا هُوَ مِنْهُ مِثَال الأول ملوط وَهِي مقرعة الْحَدِيد فالواو زَائِدَة وَالْمِيم أَصْلِيَّة ووزنه فعول لِأَنَّهُ لَو عكس لَكَانَ وزن مفعلا ومفعل مَفْقُود وفعول مَوْجُود نَحْو عتود وعسول وعلود وَمِثَال الثَّانِي وَالْمرَاد بِهِ أَن يكون فِي الْكَلِمَة حرف لَا يُمكن إِلَّا زِيَادَته لكَون الْكَلِمَة على بِنَاء مَخْصُوص لَا يكون إِلَّا من الْأَبْنِيَة الْمَزِيد فِيهَا ثمَّ تسمع فِي تِلْكَ الْكَلِمَة لُغَة أُخْرَى يتَعَيَّن فِيهَا حَرَكَة ذَلِك الْحَرْف فَيحْتَمل بتغيير تِلْكَ الْحَرَكَة أَن يكون ذَلِك الْحَرْف أصلا وَأَن يكون زَائِدا فَيحمل على الزِّيَادَة للْقطع بِأَنَّهُ زَائِد فِي اللُّغَة الْأُخْرَى وَذَلِكَ (تَتْفُل) فَإِن فِيهِ لُغَات أَحدهَا بِفَتْح التَّاء الأولى وَضم الْفَاء فَهَذَا وَزنه تفعل كتنضب فالتاء فِيهِ زَائِدَة لأَنا لَو قدرناها أَصْلِيَّة لزم من ذَلِك عدم

حروف الزيادة

النظير لِأَنَّهُ يكون وَزنه حِينَئِذٍ فعللا وفعلل بِنَاء لم يَجِيء عَلَيْهِ شَيْء من الْكَلم واللغة الْأُخْرَى تنفل بِضَم التَّاء وَالْفَاء فَهَذَا يحْتَمل أَن تكون التَّاء فِيهِ أَصْلِيَّة وَيكون وَزنه (فعللا) كبرثن لكنه يلْزم من ذَلِك عدم النظير فِي اللَّفْظ الَّذِي هُوَ ذَلِك الْحَرْف مِنْهُ أَلا ترى أَن التَّاء فِي تَتْفُل المضموم أَوله موجوة فِي تفل المفتوح أَوله فلزوم عدم النظير فِي تَتْفُل إِذا قدرناها أَصْلِيَّة دَلِيل على الزِّيَادَة فِي تَتْفُل إِذْ هَذِه التَّاء هِيَ تِلْكَ وَلم تَتَغَيَّر إِلَّا بالحركة حُرُوف الزِّيَادَة (ص) حُرُوف الزِّيَادَة (تَسْلِيم وهناء) فَمَتَى صَحِبت أَكثر من أصلين ألف أَو يَاء أَو وَاو أَو غير مصدرة أَو همزَة مصدرة أَو مؤخرة هِيَ أَو نون بعد ألف زَائِدَة أَو مِيم مصدرة فزائدة مَا لم يُعَارض دَلِيل الْأَصَالَة كملازمة مِيم معد اشتقاقا والتقدم على أَرْبَعَة أصُول فِي غير فعل أَو اسْم بشبهه (ش) حُرُوف الزِّيَادَة عشرَة وَقد جمعهَا النَّاس فِي أَنْوَاع من الْكَلَام كَقَوْلِهِم (سألتمونيها) و (الْيَوْم تنساه) و (أَمَان وتسهيل) و (تَسْلِيم وهناء) فَيحكم بِزِيَادَة مَا صحب أَكثر من أصلين من ألف أَو يَاء أَو وَاو غير مصدرة نَحْو كتاب وكثيب وعجوز بِخِلَاف مَا صحب أصلين فَقَط كدار وفيل وغول فَلَيْسَ بزائد لِأَن أقل مَا تكون عَلَيْهِ الْكَلِمَة ثَلَاثَة أحرف وَقَوْلِي غير مصدرة قيد فِي الْوَاو فَقَط لِأَن الْألف لَا تتصدر لسكونها وَالْيَاء تتصدر وَهِي زَائِدَة وَمِثَال تصدر الْوَاو (ورنتل) فَهِيَ أصل لَا زَائِدَة وَكَذَا يحكم بِزِيَادَة الْهمزَة إِذا صَحِبت أَكثر من أصلين وَكَانَت مصدرة نَحْو أَحْمَر وأصفر أَو مؤخرة نَحْو حَمْرَاء وصفراء فَإِن صَحِبت أصلين فَقَط كَانَت أصلا نَحْو أَبنَاء و (أجأ) أَو بَدَلا من أصل نَحْو مَاء وَكسَاء وَكَذَا يحكم بِزِيَادَة النُّون إِذا صَحِبت أَكثر من أصلين وَكَانَت مؤخرة بعد ألف زَائِدَة نَحْو قطران وَعُثْمَان وسرحان وَكَذَا يحكم بِزِيَادَة الْمِيم إِذا صَحِبت أَكثر من أصلين وَكَانَت مصدرة نَحْو منسج ومرحب فَإِن كَانَ بعْدهَا أصلان فَقَط قضي عَلَيْهَا بِالْأَصَالَةِ إِذْ لَا أقل من ثَلَاثَة أصُول

وَمحل الحكم بِالزِّيَادَةِ فِي جَمِيع الْمَذْكُورَات أَعنِي الْألف وَالْيَاء وَالْوَاو والهمزة وَالنُّون وَالْمِيم مَا إِذا لم يُعَارض الزِّيَادَة دَلِيل الْأَصَالَة كملازمة مِيم معد فِي الِاشْتِقَاق فَإِنَّهُم حِين اشتقوا من معد فعلا قَالُوا تمعدد وكالتقدم على أَرْبَعَة أصُول فِي غير فعل أم اسْم يُشبههُ نَحْو يستعور وورنتل وإصطبل أما الْفِعْل وَشبهه فَإِن الزِّيَادَة تتقدم فيهمَا على أَرْبَعَة أصُول نَحْو تدحرج ومتدحرج (ص) وزيدت النُّون فِي نَفْعل وَانْصَرف واحرنجم والمثنى وَالْجمع وَنَحْو غضنفر (ش) النُّون تزاد باطراد فِي أول الْمُضَارع وَفِي بَاب الانفعال والافعنلال وفروعهما كالانصراف والاحرنجام وَفِي آخر التَّثْنِيَة وَالْجمع كالزيدان والزيدون وساكنة مفكوكة بَين حرفين قبلهَا نَحْو غضنفر وجحنفل وعقنقل بِخِلَاف المدغمة كعجنس وهجنف فَلَا يحكم عَلَيْهَا بِالزِّيَادَةِ فوزنهما فعلل (ص) وَالتَّاء فِي تفعل وتفعلل وَتفعل وتفاعل وافتعل ومسلمة وَالسِّين مَعهَا فِي الاشتقعال وفروعه وَالْهَاء وَقفا أنكرها الْمبرد وَاللَّام فِي الْإِشَارَة (ش) تزاد التَّاء باطراد فِي أول الْمُضَارع وَفِي بَاب التفعلل كالتدحرج والتفعل كالتكسر والتفاعل كالتغافل والافتعال كالاكتساب وفروعها وَفِي صِفَات المؤنثة كمسلمة وتزاد مَعَ السِّين فِي الاستفعال كالاستخراج وفروعه وتزاد الْهَاء فِي الْوَقْف وَاللَّام فِي الْإِشَارَة على مَا مر فِي بابهما وَأنكر الْمبرد زِيَادَة الْهَاء لِأَنَّهَا لم تأت فِي كلمة مَبْنِيَّة على الْهَاء وَإِنَّمَا تلْحق لبَيَان الْحَرَكَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَالصَّحِيح أَنَّهَا من حُرُوف الزِّيَادَة وَإِن كَانَت زيادتها قَليلَة من ذَلِك أمهة وهبلع وهجرع وهركولة (ص) وتقل زِيَادَة مَا ذكر خَالِيا من قيد وَلَا تقبل إِلَّا بِدَلِيل كهمزة شمأل وهاء أُمَّهَات وأهراق وسين قدموس واسطاع فَإِن لم يثبت زِيَادَة الْألف فبدل لَا أصل إِلَّا فِي حرف أَو شبهه أَو تَضَمَّنت كلمة متماثلين ومتباينين لم تثبت زِيَادَة أَحدهَا فأحد المثلين زَائِد مَا لم يماثل الْفَاء أَو الْعين المفصولة بِأَصْل فَإِن تماثلت أَرْبَعَة وَلَا أصل للكلمة فَالْكل

أصُول وَثَالِثهَا إِن لم يفهم الْمَعْنى بِسُقُوط الثَّالِث وَفِي الأولى بِالزِّيَادَةِ من المضاعف ثَالِثهَا الثَّانِي فِي نَحْو اقعنسس وَالْأول فِي نَحْو علم والهمزة وَالنُّون آخرا بعد الْألف بَينهَا وَبَين الْفَاء مشددأ وحرفان أَحدهمَا لين يحْتَمل زيادتهما وَزِيَادَة أحد المثلين أَو اللين إِلَّا لمَانع (ش) تقل زِيَادَة مَا ذكر من الْحُرُوف إِن خلا مِمَّا قيد بِهِ فِيمَا سبق وَلَا تقبل زِيَادَته إِلَّا بِدَلِيل يحْكى من الدَّلَائِل التِّسْعَة السَّابِق ذكرهَا كسقوط همزَة شمأل واحبنطأ فِي الشُّمُول والحبط فَإِنَّهُ دَلِيل زيادتها مَعَ فقد شَرطهَا وَهُوَ التصدر أَو التَّأَخُّر بعد ألف زَائِدَة وَسُقُوط هَاء أُمَّهَات فِي أمات وهاء أهراق فِي أراق وسين قدموس وَهُوَ بِمَعْنى قديم زيدت فِيهِ السِّين للإلحاق بعصفور وسين اسطاع فِي أطَاع فَإِن لم تثبت زِيَادَة الْألف فَهِيَ بدل لَا أصل كالرحى والعصى إِلَّا فِي حرف كلا وبلى وَإِلَى أَو شبهه كالأولى وَمَا الاسمية وَالضَّابِط أَن الْألف لَا تكون أصلا إِلَّا فِي حرف أَو شبهه وَإِن تَضَمَّنت كلمة حرفين متباينين وحرفين متماثلين وَلم تثبت زِيَادَة أحد المتباينين حكم على أحد المتماثلين بِالزِّيَادَةِ نَحْو جليب وقردد فَإِن ثَبت زِيَادَة أحد المتباينين لم يحكم على أحد المتماثلين بِالزِّيَادَةِ بل هُوَ أصل نَحْو مفر ومقر فَإِن الْمِيم فيهمَا قد ثبتَتْ زيادتها وَكَذَا إِذا ماثل أحد المثلين الْفَاء أَو الْعين المفصولة بِأَصْل فَإِنَّهُ لَا يحكم حِينَئِذٍ على أحد المتماثلين بِالزِّيَادَةِ نَحْو كَوْكَب وقوقل فَإِنَّهُمَا تضمنا حرفين متماثلين وهما القافان والكافان وحرفين متباينين وهما الْوَاو وَالْبَاء وَالْوَاو وَاللَّام وَلَا يحكم على أحد المتماثلين الَّذِي هُوَ الْقَاف وَالْكَاف بِالزِّيَادَةِ لمماثلة الْفَاء بل هما أصلان وَنَحْو حَدْرَد فَإِنَّهُ تضمن حرفين متباينين وهما الْحَاء وَالرَّاء وحرفين متماثلين وهما الدالان وَلَا يحكم على أحد الدالين بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ قد ماثل أحد المتماثلين الْعين الَّتِي هِيَ الدَّال وَفصل بَين المتماثلين بِأَصْل وَهُوَ الرَّاء الَّتِي هِيَ لَام الْكَلِمَة الأولى

فَإِن فصل بَينهمَا بزائد كَانَ أحد المتماثلين زَائِدا كحنفقيق اجْتمع فِيهِ مثلان وهما القافان ومتباينان وهما الْخَاء وَالْفَاء وَقد ماثل المثلين عين الْكَلِمَة وَقد فصل بَينهمَا بزائد فَيحكم على أحد المثلين بِأَنَّهُ زَائِد أَلا ترى أَنه مَأْخُوذ من الخفق وَكَذَا لَو لم يَقع فصل أَلْبَتَّة نَحْو (مشمخر) فأحد المثلين زَائِد فَإِن تماثلت أَرْبَعَة وَلَا أصل للكلمة غَيرهَا نَحْو سمسم وقمقم وفلفل وزلزل فَالْكل أصُول هَذَا مَذْهَب الْبَصرِيين لِأَنَّهُ إِن جعل كل من المثلين زَائِدا أدّى إِلَى بِنَاء الْكَلِمَة على أقل من ثَلَاثَة أَو أَحدهمَا أدّى إِلَى بِنَاء مَفْقُود إِذْ يصير وَزنهَا على تَقْدِير زِيَادَة أول الْكَلِمَة (عفعل) وعَلى زِيَادَة الثَّانِي (فَلَعَلَّ) وعَلى زِيَادَة الثَّالِث (فعفل) وَكلهَا مَفْقُود وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَن هَذَا الْبَاب وَنَحْوه ثلاثي أَصله فعل فاستثقل التَّضْعِيف فحالوا بَين المضاعفين بِحرف مثل فَاء الْفِعْل وَقيل مَحل الْخلاف فِيمَا يفهم الْمَعْنى بِسُقُوط ثالثه نَحْو كبكب بِخِلَاف غَيره فَإِن كَانَ للكلمة أصل غير الْأَرْبَعَة حكم بِزِيَادَة أَحدهمَا نَحْو مرمريس فَإِنَّهُ ثلاثي مَأْخُوذ من المرس فَلَا تعم الْحُرُوف الْأَصَالَة وَاخْتلف فِي المثلين فِي نَحْو اقعنسس وَعلم أَيهمَا الزَّائِد فَذهب الْخَلِيل إِلَى أَن الزَّائِد هُوَ الأول وَذهب يُونُس إِلَى أَن الثَّانِي هُوَ الزَّائِد وَأما سِيبَوَيْهٍ فَإِنَّهُ حكم بِأَن الثَّانِي هُوَ الزَّائِد ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك وكلا الْوَجْهَيْنِ صَوَاب وَمذهب وَصحح الْفَارِسِي مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَصحح ابْن عُصْفُور مَذْهَب الْخَلِيل وَقد بسطت أَدِلَّة ذَلِك فِي كتاب (الْأَشْبَاه والنظائر النحوية) وَاخْتَارَ ابْن مَالك فِي التسهيل أَن الثَّانِي أولى بِالزِّيَادَةِ فِي بَاب (اقعنسس) وَالْأول أولى فِي بَاب (علم) وَمَا آخِره همزَة أَو نون بعد ألف بَينهَا وَبَين الْفَاء حرف مشدد نَحْو (قثاء) و (رمان) أَو حرفان أَحدهمَا لين نَحْو (زيزاء) و (قوباء) و (عقيان) و (عنوان) و (علوان) فَيحْتَمل أَصَالَة الْأَخير من الْهمزَة أَو النُّون

معاني الحرف الزائد

وَزِيَادَة أحد المثلين فِي المشدد أَو اللين فِي قسميه وَالْعَكْس أَي زِيَادَة الآخر وأصالة أحد المثلين أَو اللين فوزن قثاء على الأول فعال ورمال وعَلى الثَّانِي فعلاء وفعلان مَا لم يكن مَانع من أَدَاء إِلَى إهمال تِلْكَ الْمَادَّة أَو قلَّة نَظِير فَيتَعَيَّن فِي (مزاء) زِيَادَة الْهمزَة لِأَن مَادَّة مزاء مُهْملَة ومادة (مزز) مَوْضُوعَة بِدَلِيل قَوْلهم مزة وَفِي (لوذان) زِيَادَة النُّون لِأَن مَادَّة (لذن) مُهْملَة ومادة (لوذ) مَوْضُوعَة لقَولهم (لواذ) وَفِي سقاء زِيَادَة أحد المثلين لِأَن مَادَّة س ق ق مُهْملَة ومادة س ق ي مَوْضُوعَة وَفِي قينان زِيَادَة الْيَاء لِأَن مَادَّة ق. ي. ن مُهْملَة ومادة ق. ن. ن مَوْضُوعَة لقَولهم قنن وأقنان مَعَاني الْحَرْف الزَّائِد (ص) مَسْأَلَة الزَّائِد إِمَّا لِمَعْنى أَو إِمْكَان أَو بَيَان حَرَكَة أَو مد أَو عوض أَو تَكْثِير أَو إِلْحَاق وَهُوَ بِمَا جعل بِهِ ثلاثي أَو رباعي موازنا لما فَوْقه مُسَاوِيا لَهُ فِي حكمه وَلَا تلْحق الْألف إِلَّا آخِره مبدلة من يَاء وَلَا الْهمزَة أَولا إِلَّا مَعَ مساعد وَلَا إِلْحَاق أَو بِنَاء نَظِير من غير تدرب وامتحان إِلَّا بِسَمَاع على أصح الْأَقْوَال (ش) الزَّائِد يكون لأحد سَبْعَة أَشْيَاء الأول لِمَعْنى وَهُوَ أقوى الزَّائِد كحرف المضارعة الثَّانِي الْإِمْكَان كهمزة الْوَصْل الثَّالِث لبَيَان الْحَرَكَة كهاء السكت فِي الْوَقْف الرَّابِع للمد ككتاب وعجوز وقضيب الْخَامِس للعوض كتاء التَّأْنِيث فِي زنادقة فَإِنَّهَا عوض من يَاء زنديق وَلذَا لَا يَجْتَمِعَانِ

السَّادِس لتكثير الْكَلِمَة كألف (قبعثرى) وَنون (كنهبل) السَّابِع للإلحاق كواو كوثر وياء (ضيغم) وَضَابِط الَّذِي للإلحاق مَا جعل بِهِ ثلاثي أَو رباعي موازنا لما فَوْقه ك (رعشن) نونه زَائِدَة للإلحاق لِأَنَّهُ من الارتعاش فَألْحق بِجَعْفَر و (فردوس) واوه زَائِدَة للإلحاق (بجردحل) و (إنقحل) همزته ونونه زائدتان للإلحاق لِأَنَّهُ من القحل فَألْحق (بجردحل) وَالْمرَاد بالموازنة الْمُوَافقَة فِي الحركات والسكنات وَعدد الْحُرُوف لِأَنَّهُ يُوزن كوزنه وبالمساواة فِي حكمه ثُبُوت الْأَحْكَام الثَّابِتَة للملحق بِهِ للمحلق من صِحَة واعتلال وتجرد من حُرُوف الزِّيَادَة وتضمن لَهَا وزنة الْمصدر الشَّائِع فَلَو قيل ابْن من الضَّرْب مثل (جَعْفَر) يُقَال (ضربب) أَو مثل (برثن) يُقَال (ضربب) أَو مثل (زبرج) يُقَال (ضربب) وَلَو قيل ابْن من البيع مثل (صعون) يُقَال (بُيُوع) فَيصح وَلَا يدغم وَلَو قيل ابْن من القَوْل مثل (طيال) يُقَال (قيال) فيعل وَلَو بني من سحك مثل (احرنجم) قيل اسحنكك) فَيضمن النُّون الَّتِي هِيَ مزيدة فِي الملحق بِهِ وزيدت الْهمزَة وَإِحْدَى الكافين للإلحاق وَلَو بنى من (دحرج) مثل (قبعثرى) قيل (دحرحجى) فَيضمن الْألف الَّتِي هِيَ مزيدة الملحق وَزِيَادَة خَامِس للإلحاق وَقيل فِي مصدر (بيطر) الملحق (بيطرة) كَمَا جَاءَ مصدر (دحرج) على (دحرجة) وَلَا تلْحق الْألف إِلَّا آخِره مبدلة من يَاء (كعلقى) فِي لُغَة من نون فَإِنَّهُ مُلْحق (بِجَعْفَر) و (ذفرى) فِي لُغَة من نون فَإِنَّهُ مُلْحق بدرهم و (حبنطى) مُلْحق (بسفرجل) وَلَا تلْحق حَشْوًا وَلَا آخرا مبدلة من وَاو

وَلَا تلْحق الْهمزَة أَولا إِلَّا مَعَ مساعد أَي إِن كَانَ مَعهَا حرف آخر زَائِد للإلحاق أَيْضا كنون (ألندد) الملحق بسفرجل وواو (إدرون) الملحق (بجردحل) فَإِن وَقعت أَولا وَلَيْسَ مَعهَا حرف زَائِد لم تكن للإلحاق (كأفكل) وَإِن وَقعت حَشْوًا أَو طرفا فَإِنَّهَا تكون للإلحاق وَلَا يحْتَاج إِلَى مساعد من حرف زَائِد نَحْو شأمل مُلْحق بِجَعْفَر وَقد يكون مَعهَا حرف زَائِد نَحْو علْبَاء مُلْحق بقرطاس وَلَا إِلْحَاق إِلَّا بِسَمَاع من الْعَرَب إِلَّا أَن يكون على جِهَة التدرب والامتحان كالأمثلة الَّتِي يتَكَلَّم بهَا النحويون متضمنة لحروف الْإِلْحَاق على طَريقَة أبنية الْعَرَب يقصدون بذلك تمرين المشتغل بِهَذَا الْفَنّ وإجادة فكره وَنَظره وَهَذَا الحكم جَار فِي كل مَا أردْت أَن تبني من كلمة نَظِير كلمة أُخْرَى وَإِن لم يكن إِلْحَاق فَإِن ذَلِك لَا يجوز إِلَّا أَن يكون على وَجه التدرب والامتحان هَذَا أصح الْمذَاهب فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ إِحْدَاث لفظ لم تَتَكَلَّم بِهِ الْعَرَب وَالثَّانِي يجوز مُطلقًا لِأَن الْعَرَب قد أدخلت فِي كَلَامهَا الْأَلْفَاظ الأعجمية كثيرا سَوَاء كَانَت على بِنَاء كَلَامهَا أم لم تكن فَكَذَلِك يجوز إِدْخَال هَذِه الْأَلْفَاظ المصنوعة هُنَا فِي كَلَامهم وَإِن لم تكن مِنْهُ قِيَاسا على الأعجمية وَعَلِيهِ الْفَارِسِي قَالَ لَو شَاءَ شَاعِر أَو متسع أَن يَبْنِي بإلحاق اللَّام اسْما أَو فعلا أَو صفة لجَاز ذَلِك لَهُ وَكَانَ من كَلَام الْعَرَب وَذَلِكَ قَوْلك حزجج أحسن من دخلل وضريب زيد ومررت بِرَجُل كريم وضريب قَالَ ابْن جني فَقلت لَهُ أترتجل اللُّغَة ارتجالا قَالَ لَيْسَ هَذَا ارتجالا لكنه مقيس على كَلَامهم أَلا ترى أَنَّك تَقول طَابَ الخشكنان فتجعله من كَلَام الْعَرَب وَإِن لم تكن الْعَرَب قد تَكَلَّمت بِهِ فرفعك إِيَّاه ونصبك صَار مَنْسُوبا إِلَى كَلَامهم انْتهى ورد بِأَن اللَّفْظ الأعجمي لَا يصير بِإِدْخَال الْعَرَب لَهُ فِي كَلَامهَا عَرَبيا بل تكون قد تَكَلَّمت بِهِ بلغَة غَيرهَا وَإِذا تكلمنا نَحن بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ المصنوعة كناقد تكلمنا بِمَا لَا يرجع إِلَى لُغَة من اللُّغَات

الحذف القياسي والشاذ

وَالْمذهب الثَّالِث التَّفْصِيل بَين مَا تكون الْعَرَب قد فعت مثله فِي كَلَامهَا كثيرا واطرد فَيجوز لنا إِحْدَاث نَظِيره وَإِلَّا فَلَا فَإِذا قيل ابْن من الضَّرْب مثل جَعْفَر قُلْنَا ضربب فَهَذَا مُلْحق بِكَلَام الْعَرَب لِأَن الرباعي قد ألحق بِهِ كثيرا من الثلاثي بالتضعيف نَحْو مهدد وقردد وَبِغير التَّضْعِيف نَحْو شأمل ورعشن وَلَا فرق بَين قِيَاس اللَّفْظ على اللَّفْظ وَالْحكم على الحكم عِنْد صَاحب هَذَا الْمَذْهَب وَالَّذين قَالُوا بِالْقِيَاسِ فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء اخْتلفُوا فِي المعتل وَالصَّحِيح أَنَّهُمَا بَاب وَاحِد فَمَا سمع فِي أَحدهمَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ الآخر أَو هما بَابَانِ متباينان يجْرِي فِي أَحدهمَا مَا لَا يجرى فِي الآخر فَذهب سِيبَوَيْهٍ وَجَمَاعَة إِلَى أَنَّهُمَا بَاب وَاحِد وَذهب الْجرْمِي والمبرد إِلَى أَنَّهُمَا بَابَانِ 3 - الْحَذف القياسي والشاذ (ص) الْحَذف يطرد فِي ألف مَا الاستفهامية المجرورة وَفَاء نَحْو وعد فِي مضارعة وَأمره ومصدره محركة عينه بحركتها وهمز أفعل فِي مضارعه ووصفية مَا لم تقلب هَاء أَو عينا وَعين فيعلولة خلافًا للكوفية وواو فيعل وفيعلة وَفِي قِيَاس يائهما خلف وَفَاء (مر) لَا بعد وَاو أَو فَاء وَخذ وكل وَمَا خرج عَن ذَلِك من حذف أَو إبْقَاء فشاذ وَمِنْه خلافًا للشلوبين حذف عين وَقيل لَام أحس وظل وَمَسّ مَبْنِيا على السّكُون مكسور أول الْأَخيرينِ ومفتوحا وَقل فِي أَمر ومضارع وَيَا نَحْو استحيى وفروعه وَكثر فِي أُبَالِي جزما وَاللَّام واوا وَمِنْه اسْم خلافًا للكوفية وَالْيَاء وَالْهَاء قَلِيل والهمزة وَالنُّون وَفِي غير اللَّام أقل (ش) الْحَذف قِسْمَانِ مقيس وشاذ فالمقيس حذف ألف مَا الاستفهامية المجرورة نَحْو {عَم يتساءلون} [النبأ: 1] {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا} [النازعات: 43] {لم تؤذونني} [الصَّفّ: 5] (مَجِيء م جِئْت) وشذ إبقاؤها فِي قَوْله: 1881 - (على مَا قَامَ يَشتِمُني لَئِيمٌ ... )

وَقيل إِن ذَلِك لُغَة لبَعض الْعَرَب وَخرج عَلَيْهَا بَعضهم قَوْله تَعَالَى {يَالَيتَ قَومِي يَعلَمُونَ بَمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} [يس: 26 - 27] أَي بِأَيّ شَيْء قَالَ الخضراوي وَهَذَا قَول مَرْغُوب عَنهُ وَخرج بالاستفهامية الموصولة والشرطية فَلَا يحذف ألفها وَإِن دخل عَلَيْهَا الْجَار وَذكر أَبُو زيد والمبرد أَن حذف ألف (مَا) الموصولة ثَبت لُغَة كثير من الْعَرَب يَقُولُونَ (سل عَم شِئْت) لِكَثْرَة استعمالهم إِيَّاه وَخرج بالمجرورة المرفوعة والمنصوبة فَلَا يحذف الْألف مِنْهَا إِلَّا فِي الضَّرُورَة كَقَوْلِه: 1812 - (أَلا مَ تَقول الناعيات أَلا مَهْ ... ) وَلَو ركبت (مَا) الاستفهامية مَعَ (ذَا) لم تحذف أَيْضا نَحْو (على مَاذَا يلْزَمنِي) وَوجه الْحَذف من الاستفهامية التَّخْفِيف وَخص بهَا لِأَنَّهَا مستبدة بِنَفسِهَا بِخِلَاف الشّرطِيَّة لِأَنَّهَا مُتَعَلقَة بِمَا بعْدهَا وَبِخِلَاف الموصولة لافتقارها إِلَى الصِّلَة وَمن المطرد حذف الْوَاو من مضارع ثلاثي فاؤه وَاو استثقالا لوقوعها فِي فعل بَين يَاء مَفْتُوحَة وكسرة ظَاهِرَة كيعد أَو مقدرَة كيقع ويسع وَحمل على ذِي الْيَاء أخواته كأعد وتعد ويعد وَالْأَمر كعد والمصدر الْكَائِن على (فعل) محرك الْعين بحركة الْفَاء معوضا عَنْهَا تَاء تَأْنِيث كعدة وَسَوَاء كَانَ الْمَاضِي على فعل كوعد أَو فعل كومق وَلَا يجوز الْحَذف من مضارع رباعي كأوعد يوعد ويوعيد مِثَال يَقْطِين من الْوَعْد

وَلَا من الِاسْم كموعد لما فِيهِ لَو حذف من توالي الْحَذف إِذْ قد حذف مِنْهُ الْهمزَة وَلِأَن ضمة الْيَاء قوت الْوَاو وَلِأَن الْفِعْل أثقل مِنْهُ وَلَا إِذا وَقعت بَين يَاء مَفْتُوحَة وضمة أَو فَتْحة نَحْو وضؤ يوضؤ وشذ وجد يجد بِالضَّمِّ ويذر ويدع وَلَا مِمَّا فاؤه يَاء كيسر الرجل يسر ويعرت الشَّاة تَيْعر وشذ يَئِسَ يَئِسُ وَمن المطرد حذف همزَة أفعل من مضارعه واسمي فَاعله ومفعوله نَحْو أكْرم استثقالا لِاجْتِمَاع همزتين إِذْ كَانَ الأَصْل أأكرم وَحمل عَلَيْهِ نكرم وتكرم وَيكرم ومكرم ومكرم طردا للباب وشذ إِثْبَاتهَا فِي قَوْلهم أَرض مؤرنبة بِكَسْر النُّون أَي كثير الأرانب وَكسَاء مؤرنب إِذا خلط صوفه بوبر الأرانب وَقَوله: 1813 - (فإنهُ أهْلٌ لأنْ يُؤكَرمَا ... ) فَلَو قلبت همزَة أفعل هَاء أَو عينا لم تحذف للأمن من التقاء الهمزتين نَحْو هراق المَاء يهريق فَهُوَ مهريق ومهراق وعيهل الْإِبِل يعيهلها فَهُوَ معيهل وَالْإِبِل معيهلة أَي مُهْملَة وَمن المطرد حذف عين فيعلولة سَوَاء كَانَت واوا نَحْو كينونة أَو يَاء نَحْو طيرورة الأَصْل كيونونة وطيروورة اجْتمع فِي الأول يَاء وواو سبقت إِحْدَاهمَا بِالسُّكُونِ فقلبت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِيهَا وَفِي الثَّانِي أدغمت الْيَاء المزيدة فِي الْيَاء الَّتِي هِيَ عين الْكَلِمَة فَصَارَ كينونة وطيرورة ثمَّ حذفت عين الْكَلِمَة على جِهَة اللُّزُوم فَصَارَ كينونة وطيرورة وَصَارَ الْوَزْن فيعولة هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِي هَذِه المصادر أَن وَزنهَا فيعلولة

وَذهب الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنه لَا حذف وَأَن الأَصْل فعلولة بِضَم الْفَاء ففتحت لتسلم الْيَاء من ذَوَات الْيَاء وَحمل عَلَيْهَا ذَوَات الْوَاو وَمن المطرد حذف عين فعيل وفيعلة قَالَ أَبُو حَيَّان أما ذَوَات الْوَاو فَلَا نعلم خلافًا فِي قِيَاسه كسيد وسيدة يُقَال فِيهِ سيد وسيدة وَأما ذَوَات الْيَاء كلين ولينة فَفِيهَا خلاف زعم أَبُو عَليّ وَتَبعهُ ابْن مَالك أَن تخفيفها يحفظ وَلَا ينقاس قَالَ وَهُوَ مَرْجُوح وَالأَصَح أَنه مقيس لَا مَحْفُوظ قَالَ وَفِي محفوظي أَن الْأَصْمَعِي حكى أَن الْعَرَب تخفف مثل هَذَا كُله وَلم تفصل بَين ذَوَات الْوَاو وَذَوَات الْيَاء بل سرد مثلا من هَذَا وَمن هَذَا قَالَ إِلَّا (حبذا) فَلم أسمع أحدا من الْعَرَب يخففه أهـ وَقد عقدت لذَلِك تَرْجَمَة فِي كتابي (المزهر) وَمن المطرد حذف فاءات خُذ وكل وَمر وَالْأَصْل أأخذ أأكل أأمر فالهمزة الثَّانِيَة هِيَ فَاء الْفِعْل وَالْأولَى همزَة الْوَصْل فحذفت فَاء الْكَلِمَة فانحذفت همزَة الْوَصْل لِأَن مَا بعد الْفَاء المحذوفة محرك فَلَا حَاجَة إِلَى إِقْرَارهَا قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يَجْعَل سِيبَوَيْهٍ لهَذَا الْحَذف عِلّة سوى السماع الْمَحْض وَقد حكى أَبُو عَليّ وَابْن جني أؤكل على الأَصْل إِلَّا أَنَّهَا فِي غَايَة الشذوذ اسْتِعْمَالا فَإِن تقدم (مر) وَاو أَو فَاء فالإثبات أَجود نَحْو (وَأمر) (فَأمر) وَلَا يُقَاس على هَذِه الثَّلَاثَة غَيرهَا إِلَّا فِي ضَرُورَة كَقَوْلِه: 1814 - (ت لي آل زيد وانَدُهُمْ لي جَماعَةَ ... ) يُرِيد أئت لي آل زيد وَمَا خرج عَمَّا تقدم فشاذ وَقد تقدم بعضه وَمِنْه حذف أحد المثلين من أحس وظل وَمَسّ إِذا اتَّصل بتاء الضَّمِير أَو نونه نَحْو أحست وَأحسن وظلت وظللن ومست ومسن

قَالَ سِيبَوَيْهٍ هَذَا بَاب مَا شَذَّ من المضاعف وَذَلِكَ قَوْلهم أحست يُرِيدُونَ أحسست وَأحسن يُرِيدُونَ أحسسن وَمثل ذَلِك (ظلت) و (مست) حذفوا وألقوا الْحَرَكَة على الْفَاء كَمَا قَالُوا خفت وَلَيْسَ هَذَا الْحَذف إِلَّا شاذا وَالْأَصْل فِي هَذَا عَرَبِيّ كثير وَذَلِكَ قَوْلك أحسست وظللت ومسست وَلَا نعلم شَيْئا من المضاعف شَذَّ إِلَّا هَذِه الأحرف أهـ وَقَالَ أَبُو حَيَّان وَقد نَص سِيبَوَيْهٍ فِي عدَّة مَوَاضِع على شذوذ هَذَا الْحَذف وَقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي هَذَا فَذهب أَبُو عَليّ الشلوبين إِلَى أَن ذَلِك مطرد فِي مِثَال هَذِه الْأَفْعَال كأحب وانهم وانحط وَذهب ابْن عُصْفُور وَابْن الضائع إِلَى أَن ذَلِك لَا يطرد ثمَّ الْمَحْذُوف من هَذِه الْأَفْعَال الثَّلَاثَة الْعين وَبِه جزم ابْن مَالك وَغَيره وَيجوز فِي الْأَخيرينِ أَعنِي ظلّ وَمَسّ كسر أَولهمَا بإلقاء حَرَكَة الْعين عَلَيْهِ وإبقاء فَتحه وَقل وُقُوع هَذَا الْحَذف فِي الْأَمر والمضارع وَمِنْه {وَقرن فِي بيوتكن} [الْأَحْزَاب: 33] وَالْأَصْل اقررن وَسمع الْفراء ينحطن فِي ينحططن وَبَعض الْعَرَب يحذف إِحْدَى يائي {يستحي} [الْبَقَرَة ": 26] إِمَّا اللَّام أَو الْعين وَهِي لُغَة تَمِيم وَبهَا قَرَأَ ابْن مُحَيْصِن وَرويت عَن ابْن كثير ويستحيي لُغَة الْحِجَازِيِّينَ وَسَائِر الْعَرَب وفروعه سَائِر الصِّيَغ من الْمَاضِي وَالْأَمر والمثنى وَالْجمع والمؤنث وَالْوَصْف فَيَقُول التَّمِيمِيُّونَ استحيا استح يستحيان يستحون يستحن مستح مستحى مِنْهُ

الإبدال

وَيَقُول غَيرهم استحيا استحي يستحيان يستحيون يستحيين مستحِيٌّ مستحَيٌّ مِنْهُ وَكثر الْحَذف فِي أُبَالِي إِذا جزم فَقَالُوا لم أبل وَالْأَصْل لم أبال لِكَثْرَة استعمالهم إِيَّاه توهموا أَن اللَّام هِيَ الْأَخِيرَة فسكنوها للجازم فحذفت الْألف لالتقاء الساكنين وَكثر حذف اللَّام فِي الْأَسْمَاء إِذا كَانَت واوا (كأب) و (أَخ) و (حم) و (هن) و (ذِي) على مَذْهَب الْخَلِيل وَابْن وَاسم على مَذْهَب الْبَصرِيين وَالْأَصْل عِنْدهم سمو لِأَنَّهُ من السمو حذفت لامه وَعوض عَنْهَا همز الْوَصْل والكوفيون يَقُولُونَ أَصله وسم من السمة حذفت فاؤه ورد بِأَن جمعه أَسمَاء وتصغيره سمي وَلَو كَانَ كَمَا قَالُوا لَكَانَ أوساما ووسيما لِأَن التصغير والتكسير يردان الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا وَقل حذف اللَّام إِذا كَانَت يَاء كَلَام (يَد) و (دم) أَو هَاء كَلَام (شفة) وعضة وفم وشَاة وَأَقل مِنْهُ حذفهَا إِذا كَانَت همزَة كَقَوْلِهِم قوم برَاء وَالْأَصْل بُرَآء على وزن ظرفاء أَو نونا كدد وفل وَالْأَصْل ددن وَفُلَان وَأَقل من ذَلِك حذفهَا إِذا كَانَت حاء كحر أَصله حرح قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا أحفظ من حذف الْحَاء غَيره وَأَقل من ذَلِك حذف غير اللَّام إِمَّا الْفَاء كناس وَالْأَصْل أنَاس أَو الْعين كسه وَالْأَصْل سته 3 - الْإِبْدَال (ص) الْإِبْدَال أحرفه (طويت دَائِما) فتبدل الْهمزَة من كل يَاء أَو وَاو طرفا وَلَو تَقْديرا بعد ألف زَائِدَة أَو بَدَلا من عين فَاعل معلها وَمن أول واوين صدرتا وَلَيْسَت الثَّانِيَة مُدَّة فوعل أَو مبدلة من همزَة وَمن وَاو خَفِيفَة ضمت لَازِما وَمن تالي ألف شبه مفاعل مدا مزيدا أَو ثَانِي لينين اكتنفاها

إبدال الواو والياء همزة

وَيفتح هَذَا الْهمزَة مجعولا واوا إِن كانتها اللَّام وسلمت فِي الْمُفْرد بعد ألف وياء إِن كَانَت غَيرهَا أَو همزَة (ش) الْإِبْدَال قِسْمَانِ شَائِع وَغَيره فَغير الشَّائِع وَقع فِي كل حرف إِلَّا الْألف وَألف فِيهِ أَئِمَّة اللُّغَة كتبا مِنْهُم يَعْقُوب بن السّكيت وَأَبُو الطّيب عبد الْوَاحِد بن عَليّ اللّغَوِيّ وَفِي كتابي (المزهر) نوع مِنْهُ حافل والشائع الضَّرُورِيّ فِي التصريف أحرفه ثَمَانِيَة يجمعها قَوْلك طويت دَائِما إِبْدَال الْوَاو وَالْيَاء همزَة فتبدل الْهمزَة من كل يَاء أَو وَاو متطرفة بعد ألف زَائِدَة نَحْو رِدَاء وَكسَاء الأَصْل رداي من الردية وكساو من الْكسْوَة وَسَوَاء كَانَ تطرفها ظَاهرا أم تَقْديرا وَهِي الْمُتَّصِلَة بهاء التَّأْنِيث الْعَارِضَة كصلاءة وعظاءة بِخِلَاف اللَّازِمَة وَهِي الَّتِي بنيت الْكَلِمَة عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تبدل مِنْهَا همزَة كهداية وحماية وإداوة وهراوة وَلَا إِبْدَال بعد ألف أَصْلِيَّة نَحْو آيَة وتبدل الْهمزَة أَيْضا من كل يَاء أَو وَاو وَقعت عينا لما يوازن فَاعل وفاعلة من اسْم معتز إِلَى فعل معتل الْعين نَحْو بَائِع وقائم وأصلهما بَايع وقاوم وفعلهما بَاعَ وَقَامَ معل بِخِلَاف مَا لم يعل فعله كصيد وعور فَهُوَ صايد وعاور فَلَا إِبْدَال فِيهِ وَبِخِلَاف مَا لم يوازن فَاعِلا وَإِن أعل فعله كمنيل ومطيل من أَطَالَ وأنال وتبدل الْهمزَة أَيْضا من أول واوين صدرتا وَلَيْسَت الثَّانِيَة مُدَّة فوعل وَلَا مبدلة من همزَة كأواصل جمع واصلة أَصله وواصل استثقل اجْتِمَاع الواوين فأبدل من أولاهما همزَة إِذْ لم يُمكن إبدالها يَاء للاستثقال كالواو وَلَا ألفا لسكونها

فعدلوا إِلَى الْهمزَة إِذْ هِيَ أقرب إِلَى الْألف لِكَوْنِهِمَا من مخرج وَاحِد من أَن الْهمزَة تقلب فِي التسهيل واوا وياء فقد شاركت حُرُوف اللين بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ ثَانِي الواوين مُدَّة فوعل كوورى وفى من وارى ووافى فَلَا إِبْدَال فِيهِ وَكَذَا إِذا كَانَ مبدلا من همزَة كالوولى تَأْنِيث الأوأل أَصله وؤلى فأبدلوا من الْهمزَة واوا لضمة مَا قبلهَا فَلَا تبدل الْوَاو الأولى همزَة لِأَن الثَّانِيَة بدل مِنْهَا فَكَأَنَّهَا مَوْجُودَة وَصَارَ مستثقلا كَمَا لَو قيل الأألى بهمزتين وتبدل الْهمزَة أَيْضا من كل وَاو مَضْمُومَة لَازِمَة غير مُشَدّدَة كوجوه ووقتت فَيُقَال أجوه وأقتت لِأَن الْوَاو إِذا كَانَت مَضْمُومَة فَكَأَنَّهُ اجْتمع واوان فاستثقل وَاحْترز بِلُزُوم الضمة من نَحْو اخشوا الله و {لتبلون} [آل عمرَان: 186] فَلَا إِبْدَال لعروضها وَبِغير الْمُشَدّدَة من نَحْو تعوذ وتعود فَلَا إِبْدَال أَيْضا وَلَو أمكن تَخْفيف الْوَاو بالإسكان نَحْو سُوُر وسُوْر فَلَا إِبْدَال أَيْضا أوردهُ أَبُو حَيَّان على عبارَة التسهيل وَهُوَ عِنْدِي دَاخل تَحت قَوْله ضمة لَازِمَة وتبدل الْهمزَة أَيْضا من تالي ألف شبه مفاعل إِذا كَانَ مدا مزيدا كالقلائد والصحائف والعجائز بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ أَصْلِيًّا كمعايش ومفاوز فَإِن الْمَدّ فيهمَا عين الْكَلِمَة وتبدل الْهمزَة أَيْضا من ثَانِي حرفي لين اكتنفا مُدَّة مفاعل كأوائل جمع أول وينائف جمع نَيف وسيائد جمع سيد وتفتح هَذِه الْهمزَة فِي هَذِه الصُّورَة وَالَّتِي قبلهَا مَجْهُولَة واوا فِي مَا لامه وَاو سلمت فِي الْمُفْرد بعد ألف كهراوة وهراوى وإداوة كأداوى وَالْأَصْل هراءي وأداءي ثمَّ صَار (هراءا) و (أداءا) ثمَّ أبدل من الْهمزَة وَاو كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ بَينهمَا همزَة مَفْتُوحَة والهمزة كَأَنَّهَا ألف فَكَأَنَّهُ اجْتمع ثَلَاث ألفات

إبدال الهمزة مدة تجانس الحركة

ومجعولة يَاء إِن كَانَت اللَّام غير مَا ذكر بِأَن تكون يَاء نَحْو هَدِيَّة وهدايا أَو واوا اعتلت فِي الْمُفْرد وَلم تسلم كمطية ومطايا أَو كَانَت همزَة كخطيئة وخطايا إِبْدَال الْهمزَة مُدَّة تجانس الْحَرَكَة (ص) وتبدل الْهمزَة الساكنة بعد متحركة مُتَّصِلَة مُدَّة تجانس والمتحركة يَاء إِن كسرت أَو تلته وَلم تضم أَو كَانَت لاما مُطلقًا فِي غير ذَلِك فِي نَحْو أؤم وَجْهَان وأبدل الْمَازِني الْيَاء مِنْهَا فَاء لأَفْعَل والأخفش مَضْمُومَة بعد كسر وَالْوَاو من عكسها وتبدل تلو الساكنة يَاء إِن كَانَت مَوضِع اللَّام وَإِلَّا تصح وَلَو تولى همزات أبدلت الثَّانِيَة وَالرَّابِعَة وحقق الْبَاقِي (ش) تبدل الْهمزَة الساكنة بعد همزَة متحركة مُتَّصِلَة مُدَّة تجانس الْحَرَكَة فتبدل ألفا فِي آدم وياء فِي إِيمَان وواوا فِي أومن وَأَصلهَا أأدم وإئمان وَأُؤْمِنُ فَإِن تحركت الهمزتان المتصلتان وَالْأولَى لغير المضارعة أبدلت الثَّانِيَة يَاء إِن كسرت مُطلقًا سَوَاء تلت فتحا نَحْو أيمة وَالْأَصْل أَئِمَّة أَو كسرا نَحْو أَيْن مضارع أَن وَالْأَصْل أإن أَو ضما نَحْو أيم مِثَال أئم من الْأُم وَالْأَصْل أأمم نقلت حَرَكَة مَا بعد الْهمزَة الساكنة إِلَيْهَا لأجل الْإِدْغَام فَانْكَسَرت فأبدلت يَاء أَو تلت كسرا وَلم تضم نَحْو إيم مثل إِصْبَع من الْأُم الأَصْل إأمم نقلت حَرَكَة الْمِيم إِلَى الْهمزَة الساكنة لأجل الْإِدْغَام كَمَا تقدم أَو كَانَت لاما مُطلقًا سَوَاء كَانَت فِي اسْم أَو فعل تلت فتحا أَو ضما أَو كسرا مِثَاله بعد الْفَتْح قرأى وقرأى إِذا بنيت من الْقِرَاءَة اسْما مثل جَعْفَر وَدِرْهَم وقرأى إِذا بنيت فعلا مثل دحرج الأَصْل قرأأ وقرأأ وقرأأ

ومثاله بعد الضَّم قرأي مثل برثن من الْقِرَاءَة الأَصْل قرؤؤ فأبدل من الْهمزَة يَاء فَصَارَ فِي آخر الِاسْم وَاو سَاكِنة قبلهَا ضمة فقلبت الضمة كسرة وَالْوَاو يَاء فَصَارَ من بَاب المنقوص ومثاله بعد الْكسر قرإي مثل زبرج الأَصْل قرإأ أبدلت الْهمزَة يَاء ثمَّ استثقل الضمة فِي الْيَاء فَصَارَ مثل قَاض وتبدل الْهمزَة الثَّانِيَة واوا إِن فتحت بعد مَفْتُوحَة أَو مَضْمُومَة نَحْو أوادم جمع آدم أَصله أءادم وأويدم تَصْغِير آدم أَصله أأيدم أَو ضمت مُطلقًا سَوَاء تلت فتحا أَو ضما أَو كسرا كأوم مِثَال أصْبع وأوم مثل أبلم وإوم مِثَال إِصْبَع من الْأُم نقلت فِيهَا حَرَكَة الْمِيم إِلَى الْهمزَة الساكنة لأجل الْإِدْغَام فقلبت الْهمزَة واوا من جنس حَرَكَة نَفسهَا وَفِي نَحْو أؤم وَجْهَان وَخَالف الْمَازِني فِي مَسْأَلَة وَهِي مَا إِذا كَانَت الْهمزَة الثَّانِيَة فَاء لأَفْعَل فَإِنَّهُ يبدلها يَاء كَأَن تبني أفعل من الْأُم فَتَقول على رَأْيه (هَذَا أيم من هَذَا) وعَلى رَأْي الْجَمَاعَة هَذَا أوم وَحجَّة الْمَازِني الْحمل على أيمة لِأَن الفتحة أُخْت الكسرة فالأقيس أَن يكون حكم الْهمزَة الْمَفْتُوحَة كَحكم الْمَكْسُورَة فِي الْإِبْدَال لَا كالمضمومة وَخَالف الْأَخْفَش فِي مَسْأَلَتَيْنِ إِحْدَاهمَا مَسْأَلَة أإم مثل أصْبع فمذهبنا أَنه تبدل الْهمزَة يَاء لمناسبة حركتها ومذهبه إبدالها واوا لمناسبة حَرَكَة مَا قبلهَا فَتَقول أوم وَالثَّانيَِة مَسْأَلَة إأم مثل إِصْبَع فمذهبنا إبدالها واوا لمناسبة حركتها ومذهبه إبدالها يَاء لمناسبة حَرَكَة مَا قبلهَا فَيَقُول إيم وَالْحَاصِل أَن الْأَخْفَش يُبدل الْمَكْسُورَة بعد الضَّم واوا والمضومة بعد الْكسر يَاء فَإِن سكنت الْهمزَة الأولى أبدلت الثَّانِيَة يَاء إِن كَانَت مَوضِع اللَّام وَإِلَّا صحت نَحْو قرأي مثل قمطر الأَصْل قرأأ أبدلت الْهمزَة الثَّانِيَة يَاء فِرَارًا من الاستثقال لَو

تخفيف الهمزة المفردة الساكنة

بقيت وَمن مُخَالفَة الأقيسة لِأَنَّهُ مَتى التقى مثلان وَالْأول سَاكن فِي كلمة وَجب الْإِدْغَام وَقد أَجمعت الْعَرَب على ترك الْإِدْغَام فِي الهمزتين من كلمة إِلَّا إِذا كَانَتَا عينين نَحْو سآل ولآل وَهَذَانِ مِثَال قولي (وَإِلَّا صحت) وَخرج بِقَيْد الِاتِّصَال مَا لَو فصل بَين الهمزتين فَإِنَّهُمَا يصحان نَحْو الآء وَهُوَ شجر وَلَو توالى أَكثر من همزتين حققت الأولى وَالثَّالِثَة وَالْخَامِسَة وأبدلت الثَّانِيَة وَالرَّابِعَة كَأَن تبني من الْهمزَة مِثَال أترجة فَتَقول أُ أْ أُ أْ أَة فتبدل الثَّانِيَة واوا لضمة مَا قبلهَا وَكَذَلِكَ الرَّابِعَة وَتحقّق الأولى وَالثَّالِثَة وَالْخَامِسَة فَتَقول أُوْ أُوْ أَةٌ وَلَو بنيت من الْهمزَة مثل قمطر قلت إيَأْ أٌ وَالْأَصْل إِ أَأْ أٌ فتبدل الثَّانِيَة يَاء من جنس حَرَكَة مَا قبلهَا تَخْفيف الْهمزَة المفردة الساكنة (ص) مَسْأَلَة يجوز تَخْفيف الْهمزَة المفردة الساكنة بإبدالها مجانس حَرَكَة متلوها والمتحركة بعد سَاكن بالحذف وَنقل حركتها إِلَيْهِ مَا لم يكن مدا زَائِدا أَو يَاء تَصْغِير فتقلب وتدغم أَو نون انفعال فتقر وألفا فتسهل بَينهَا ومجانس حركتها وَكَذَا مُثَلّثَة بعد فتح ومكسورة ومضمومة بعد كسر أَو ضم فِي الْأَصَح وتقلب مَفْتُوحَة تلو كسر يَاء وَضم واوا (ش) هَذَا فصل فِي تَخْفيف الْهمزَة المفردة إِذا كَانَت الْهمزَة سَاكِنة فَإِن كَانَت مَا قبلهَا سَاكِنا لزم تحريكه لالتقاء الساكنين بِحَسب مَا يجب من الحركات كَنَظِيرِهِ مَعَ غير الْهمزَة وَإِن كَانَ مَا قبلهَا متحركا جَازَ أَن تخفف بإبدالها حرفا من جنس حَرَكَة مَا قبلهَا فتبدل ألفا فِي كأس وياء فِي ذِئْب وواوا فِي بؤس وَإِن تحركت الْهمزَة بعد سَاكن خففت بحذفها وَنقل حركتها إِلَى السَّاكِن قبلهَا كقلولك فِي اسْأَل سل مَا لم يكن السَّاكِن قبلهَا حرف مد زَائِد كخطيئة ومقروءة فَإِن الْهمزَة تقلب حرفا مثله وتدغم فِيهِ فَيُقَال خطية ومقروءة أَو يَاء تَصْغِير فَكَذَلِك كحطيئة أَو نون انفعال نَحْو انأطر فَإِن الْهمزَة تحقق فِيهِ حذرا من الإلباس أَو ألفا مبدلة من أصل كالهباء فَإِن الْهمزَة تسهل يَجْعَلهَا بَين بَين وَلَا حذف وَلَا نقل فِي الصُّور الْأَرْبَع

إبدال الواو ياء

وَإِن تحركت الْهمزَة بعد متحرك خففت بالتسهيل بَينهَا وَبَين حرف حركتها إِن كَانَت بعد فتح مُطلقًا مَفْتُوحَة كَانَت كسأل أَو مَكْسُورَة كسئم أَو مَضْمُومَة كلؤم أَو كَانَت بعد كسر أَو ضم وَهِي فِي الصُّورَتَيْنِ مَكْسُورَة أَو مَضْمُومَة كمئين وَسُئِلَ ويستهزئ ورءوس فَإِن كَانَت مَفْتُوحَة قلبت بعد الْكسر يَاء كمير فِي مئر جمع مئرة وَبعد الضَّم واوا كجون فِي جؤن جمع جؤنة وَرجل سولة فِي سؤلة وَخَالف الْأَخْفَش فِي صُورَتَيْنِ وَهِي المضمومة بعد كسرة ك (يستهزئ) والمكسورة بعد ضمة كسئل فأبدل الأولى يَاء وَالثَّانيَِة واوا إِبْدَال الْوَاو يَاء (ص) وتبدل الْيَاء بعد كسرة من وَاو عين مصدر أعلت فِي فعله لَا موازن فعل وَعين فعال جمعا لوَاحِد سكنت فِيهِ أَو اعتلت وَصحت اللَّام وتقلب فِي فعل لَا فعلة وَمن ألف وَاو سَاكِنة أَو آخرا وَلَو تَقْديرا وَمِنْهَا بعد فتح رابعه فَصَاعِدا وَلَام فعلى وَصفا وَمَعَ يَاء مُتَّصِلَة إِن سبقت إِحْدَاهمَا سَاكِنة وتأصل السَّبق وَكَذَا السّكُون فِي الْأَصَح وتدغم متطرفة وَلَو تَقْديرا بعد واوين سكن ثَانِيهمَا أَو كائنة لَام فعول جمعا وَيُعْطى متلوهما مَا ذكر من إِبْدَال وإدغام فَإِن كَانَت لَام مفعول غير واوي الْعين أَو مكسورها أَو لَام فعول مصدرا أَو عين فعل جمعا فالتصحيح أَكثر أَو مفعول من فعل فالإعلال (ش) تبدل الْيَاء بعد كسرة من وَاو هِيَ عين مصدر لفعل معل الْعين مَوْزُون بفعال نَحْو قَامَ قيَاما وَعَاد عيادا بِخِلَاف عين غير الْمصدر كصوان وَسوَاك والمصدر المفتوح أَوله كرواح

إبدال الألف ياء

أَو المضموم كعوار أَو المكسور الَّذِي لم تعل عين فعله كلاوذ لِوَاذًا وعاود عوادا أَو الْمَوْزُون بِفعل كالحول وتبدل أَيْضا بعد كسرة من وَاو هِيَ عين جمع لوَاحِد سَاكن الْعين أَو معتلها صَحِيح اللَّام مَوْزُون بفعال كَثوب وَثيَاب وحوض وحياض وَدَار وديار وريح ورياح بِخِلَاف عين الْمُفْرد كخوان وَمَا مفرده معتل اللَّام كجرو وجراء حذرا من اجْتِمَاع الإعلالين فِي كلمة وهما إِبْدَال اللَّام همزَة وإبدال الْعين يَاء فاقتصر على أحد الإعلالين وَكَانَ الآخر لِأَن الْأَوَاخِر هِيَ مَحل التغييرات أما الْمَوْزُون بِغَيْر فعال وَهُوَ فعل فَإِن فِيهِ الْوَجْهَيْنِ كحاجة وحوج وحيلة وحيل وَتارَة وتير وَقِيمَة وقيم وثور وثيرة وكوز وكوزة وعود وعودة إِلَّا أَن الإعلال فِي فعل أغلب والتصحيح فِي فعلة أغلب إِبْدَال الْألف يَاء وتبدل الْيَاء بعد كسرة من ألف وواو سَاكِنة أَو متطرفة تَحْقِيقا أَو تَقْديرا وَهِي الَّتِي تَلِيهَا عَلامَة التَّأْنِيث أَو زيادتا فعلان نَحْو محراب ومحاريب ومحيريب وَنَحْو إيعاد وميعاد وَنَحْو الْغَازِي وأكسية جمع كسَاء وشجيان إِبْدَال الْوَاو يَاء وتبدل الْيَاء بعد فَتْحة من وَاو وَقعت رَابِعَة فَصَاعِدا فِي اسْم أَو فعل نَحْو المعطيان يرضيان والمستعليان يسترضيان وتبدل الْيَاء من وَاو هِيَ لَام فعلى وَصفا كالعليا وَالدُّنْيَا وَمن الْوَاو الملاقية يَاء فِي كلمة إِن سكن سابقهما سكونا أَصْلِيًّا وتأصل السَّبق أَيْضا ثمَّ تُدْغَم إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى كسيد وهين الأَصْل سيود وهيون قلبت الْوَاو يَاء وأدغمت فِيهَا الْيَاء لِاجْتِمَاع الشُّرُوط وَاحْترز بِكَلِمَة عَمَّا فِي كَلِمَتَيْنِ كَقَوْلِك هُوَ يُرِيد ويسبق السَّاكِن عَن تَأَخره كالطويل والغيور

وبأصالة السّكُون عَن عروضه كقوي مخفف قوي وبأصالة السَّابِق عَن عروضه كروية مخفف رُؤْيَة فَإِن الْوَاو بدل الْهمزَة لَا أصل وتبدل الْيَاء أَيْضا من الْوَاو المتطرفة لفظا أَو تَقْديرا بعد واوين سكنت ثَانِيهمَا كَأَن تبنى مَفْعُولا ومفعولة من نَحْو قوي فَإِنَّهُ يُقَال مقووو ومقوووة فتجتمع ثَلَاث واوات فِي الطّرف مَعَ الضمة فاستثقل ذَلِك فقلبت الْوَاو الْأَخِيرَة يَاء ثمَّ المتوسطة لِاجْتِمَاع يَاء وواو وَسبق إحدهما بِالسُّكُونِ ثمَّ قلبت الضمة كسرة لأجل صِحَة الْيَاء أدغمت الْيَاء فِي الْيَاء فَقَالُوا مقوي ومقوية وتبدل الْيَاء أَيْضا من الْوَاو الكائنة لَام فعول جمعا ك (عصي) أَصله عصوو فأبدلت الْوَاو الْأَخِيرَة وَهِي لَام الْكَلِمَة يَاء وَأعْطِي متلوها الَّذِي هُوَ وَاو الْمَدّ من إبدالها يَاء وإدغامها فِي الْيَاء الْأَخِيرَة وقلبت الضمة كسرة لتصح الْيَاء فَإِن كَانَت الْوَاو لَام مفعول لَيست عينه واوا وَلَا هُوَ من فعل مكسور الْعين أَو لَام فعول مصدرا لَا جمعا أَو عين فعل جمعا فَوَجْهَانِ والتصحيح أَكثر مِثَال الأول مغزو ومغزي وَالثَّانِي عتا عتوا وعتيا وَالثَّالِث نوم وَصَوْم ونيم وصيم وَإِن كَانَت لَام مفعول من فعل فَوَجْهَانِ والإعلال أرجح نَحْو مرضِي ومرضو (ص) وتبدل الْوَاو بعد ضم من ألف وياء سَاكِنة مُفْردَة لَا فِي جمع فيكسر لَهَا الضَّم وَلَام فعل ومتلوة بزيادتي فعلان أَو تَاء بنيت عَلَيْهَا الْكَلِمَة وَلَام فعلى اسْما وَفِي عين فعلى وَصفا وَجْهَان (ش) تبدل الْوَاو بعد ضم من ألف كَقَوْلِك فِي تَصْغِير (ضَارب) (ضويرب) وَمن يَاء سَاكِنة مُفْردَة فِي غير جمع نَحْو (موقن) وَالْأَصْل (ميقن) لِأَنَّهُ من الْيَقِين وَاحْترز بالمفردة من المكررة (كبياع) وَبِغير الْجمع مِنْهُ فَإِنَّهُ تبدل فِيهِ واوا وَلَكِن تقلب الضمة كسرة لتسلم الْيَاء نَحْو (بيض) وَالْأَصْل بيض لِأَن وَزنه فعل (كحمر)

إبدال الواو والياء ألفا

وتبدل الْوَاو أَيْضا بعد الضَّم من الْيَاء الْوَاقِعَة لَام (فعل) ك (رمو) و (قضو) وَقبل زِيَادَتي فعلان كرموان مثل سبعان من الرَّمْي أَو قبل تَاء بنيت عَلَيْهَا الْكَلِمَة نَحْو رموة مثل تَمْرَة من الرَّمْي وتبدل الْوَاو من يَاء هِيَ لَام فعلى اسْما كتقوى وَفِي عين فعلى وَصفا وَجْهَان الْإِبْدَال كالطوبى والكوسى مؤنث الأطيب والأكيس والتصحيح ك {قسْمَة ضيزى} [النَّجْم: 22] وَامْرَأَة حيكى إِبْدَال الْوَاو وَالْيَاء ألفا (ص) وتبدل الْألف من يَاء أَو وَاو بعد فتح مُتَّصِل بِشَرْط أَن يتحركا بِأَصْل وَألا يَليهَا سَاكن أَو غير ألف وياء مُشَدّدَة وَهِي لَام وَألا يكون وَصفه أفعل وَلَا وَزنه افتعل وواوي الْعين دَالا على تفَاعل وَلَا اسْما آخِره زِيَادَة تخصه خلافًا للمازني فِي الْأَخِيرَة فَإِن اسْتحق ذَلِك حرفان صَحَّ الأول غَالِبا (ش) تبدل الْألف من يَاء أَو وَاو نَحْو بَاعَ وَقَالَ أَصلهمَا بيع وَقَول وَرمى وغزا أَصلهمَا رمى وغزو بِشُرُوط أَن يَكُونَا بعد فتح بِخِلَاف نَحْو غَزْو وظبي وَرَضي وشقي وشج وَعم وأدل وأظب وَأَن يتصلا بِهِ بِخِلَاف (آي) و (وَاو) فَإِنَّهُمَا لم يتصلا بالفتحة إِذْ حجز بنيهما الْألف وَأَن يتحركا بِخِلَاف مَا إِذا سكنا نَحْو غَزْو وَرمي من قمطر وَأَن تكون حركتهما أَصْلِيَّة بِخِلَاف مَا هُوَ سَاكن فِي الأَصْل وَعرض تحريكه نَحْو يرعوي ويرميي فَإِن حَرَكَة هَذِه الْوَاو وَالْيَاء عارضة إِذْ أَصلهمَا السّكُون لِأَن مثالهما فِي الصَّحِيح يحمر مضارع احمر وَألا يَليهَا سَاكن بِخِلَاف نَحْو طَوِيل وغيور وَهَذَا الشَّرْط فِي الْعين خَاصَّة أما اللَّام فَلَا يضر إيلاؤها السَّاكِن إِلَّا أَن يكون ألفا كرميا وغزوا ورحيان والغليان والنزوان أَو يَاء مُشَدّدَة نَحْو عضوي فَلَا تنْقَلب الْيَاء وَالْوَاو ألفا من مثل هَذَا وَألا يكون وَصفه أفعل بِخِلَاف نَحْو صيد وحول وعور وَسيد فَإِنَّهَا صحت لفتحتها من أصيد وأحول وأعور وأسود

إبدال النون ميما

وَألا يكون فعلا وَزنه افتعل وَهُوَ واوي الْعين دَال على تفَاعل بِخِلَاف نَحْو اجتوروا وازدوجوا واعتوروا فَإِنَّهُ صحت فِيهِ الْوَاو لِأَنَّهُ من معنى تجاوروا وتزاوجوا وتعاوروا فَإِن كَانَ على افتعل وَهُوَ يائي الْعين وَجب الإعلال نَحْو امتازوا وابتاعوا واستافوا أَي تضاربوا بِالسُّيُوفِ وَإِنَّمَا لم تصحح ذَوَات الْيَاء لِأَن الْيَاء أشبه بِالْألف من الْوَاو فرجحت عَلَيْهَا فِي الإعلال وَألا يكون اسْما آخِره زِيَادَة تخص الْأَسْمَاء بِخِلَاف السيلان والجولان وَخَالف الْمَازِني فِي هَذَا الشَّرْط فَأجَاز إعلاله وَعَلِيهِ جَاءَ داران وحادان من دَار يَدُور وحاد يحيد فَإِن اسْتحق هَذَا الإعلال حرفان فالغالب تَصْحِيح الأول وإعلال الثَّانِي نَحْو هوى وطوى إِبْدَال النُّون ميما (ص) وتبدل الْمِيم من نون سَاكِنة قبل بَاء وَالتَّاء من فَاء افتعال لينًا وشذ فِي الْهمزَة والطاء من تائه تلو مطبق وَالدَّال مِنْهَا تلو دَال أَو ذال أَو زَاي وَمَا عدا مَا قرر شَاذ مسموع أَو لُغَة قَليلَة وَيعرف بالإبدال بالتصاريف (ش) تبدل الْمِيم من النُّون الساكنة قبل بَاء نَحْو عنبر وشنباء {أَن بورك} [النَّمْل: 8] وَالنُّون أُخْت الْمِيم وَقد أدغمت فِيهَا نَحْو من مَالك فأرادوا إعلالها مَعَ الْبَاء كَمَا أعلوها مَعَ الْمِيم إِبْدَال الْوَاو وَالْيَاء تَاء وتبدل التَّاء من فَاء الافتقال وفروعه إِن كَانَت يَاء أَو واوا نَحْو اتّعد يَتَعَدَّ اتّعِدْ ومتعد ومصدرها الاتعاد وَالْأَصْل اوتعد لِأَنَّهُ من الْوَعْد وَكَذَا اتسر وفروعه أَصله ايتسر لِأَنَّهُ من الْيُسْر وَإِنَّمَا أبدلوا الْفَاء تَاء لأَنهم لَو أقروها لتلاعبت بهَا حركات مَا قبلهَا فَكَانَت تكون بعد الكسرة يَاء وَبعد الفتحة ألفا وَبعد الضمة واوا فأبدلوا مِنْهَا حرفا جلدا

إبدال التاء طاء

لَا يتَغَيَّر لما قبله وَهِي مَعَ ذَلِك أقرب من الْفَم إِلَى الْوَاو وشذ إبدالها من فَاء الافتعال إِذا كَانَت همزَة نَحْو اتزر من الْإِزَار والفصيح ائتزر إِبْدَال التَّاء طاء وتبدل وتبدل الطَّاء من تَاء الافتعال تلو حرف مطبق نَحْو اصْطفى واضطر واطعن واظلطلم إِبْدَال التَّاء دَالا الدَّال من تَاء الافتعال تلو دَال وذال أَو زَاي نَحْو أدان وادكروا وازدان وَمَا خرج عَمَّا قرر من هَذَا الْبَاب فَهُوَ شَاذ مسموع يحفظ وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ أَو لُغَة قَليلَة لقوم من الْعَرَب وعلامة صِحَة الْبَدَلِيَّة الرُّجُوع من بضع التصاريف إِلَى الْمُبدل مِنْهُ 3 - النَّقْل (ص) النَّقْل ينْقل للساكن الصَّحِيح حَرَكَة لين عين فعل غير تعجب وَلَا مصرف من (عور) وَنَحْوه وَلَا مضاعف اللَّام وَلَا معلها أَو اسْم غير جَار على فعل مصحح أَوله مِيم زَائِدَة غير مَكْسُورَة أَو مُوَافق للمضارع فِي زِيَادَته أَو وَزنه لَا فيهمَا أَو مصدر على إفعال واستفعال وتبدل ب (مجانسها) وتحذف ألفهما معوضا مِنْهَا التَّاء غَالِبا وَاو مفعول بعده وَقيل الثَّلَاثَة فَإِن كَانَت يَاء كسرت المنقولة صونا عَن الْإِبْدَال وقاس أَبُو زيد تَصْحِيح الْمصدر والمبرد تَصْحِيح مصون (ش) تنقل حَرَكَة الْعين للساكن الصَّحِيح قبلهَا إِن كَانَت من فعل أَو اسْم بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَة نَحْو يَبِيع وَيَقُول الأَصْل يَبِيع وَيَقُول وَنَحْو مقَام ومقال الأَصْل مقوم ومقول وَشرط الْفِعْل أَلا يكون لتعجب بِخِلَاف نَحْو مَا أبين هَذَا وَمَا أطوله وَلَا مصرفا من نَحْو عور بِخِلَاف نَحْو يصيد وَيعود وأصيد وأعور وأعوره الله وَلَا مضاعف اللَّام بِخِلَاف نَحْو ابيض واسود حذرا من الإلباس وَلَا معل اللَّام بِخِلَاف نَحْو أَهْوى واستحيا حذرا من توالي إعلالين وَشرط الِاسْم أَلا يكون غير جَار على فعل مصحح بِخِلَاف نَحْو مقاول مبايع

فَإِن حرف الْعلَّة لَا يعل فِي هَذَا الِاسْم لجريانه على تقاول وتبايع وَأَن يكون أَوله مِيم غير مَكْسُورَة إِمَّا مَفْتُوحَة كَمَا مر أَو مَضْمُومَة (كمقيم) و (مُبين) بِخِلَاف مَا أَوله مِيم مَكْسُورَة كمخيط ومقول أَو مُوَافقا للمضارع فِي زِيَادَته دون وَزنه نَحْو تقيل وتبيع مثل تحلىء من القَوْل وَالْبيع وَالْأَصْل تَقول وتبيع نقلت حَرَكَة الْعين إِلَى الْفَاء فسكنت وانقلبت وَاو (تَقول) يَاء لكسر مَا قبلهَا أَو فِي وَزنه دون زِيَادَته [كمقام فَإِنَّهُ مُوَافق للْفِعْل فِي وَزنه فَقَط وَفِيه زِيَادَة تنبيء على أَنه لَيْسَ من قبيل الْأَفْعَال وَهِي الْمِيم فأعل] فَإِن وَافقه فِي الزِّيَادَة وَالْوَزْن مَعًا لم يعل نَحْو أسود وأطول مِنْك وَأبين لِأَنَّهُ لَو أعل الْتبس بِلَفْظ الْفِعْل وَلَا ينْقل إِلَى سَاكن معتل كطاوع وَقوم وسير وَإِذا نقل أبدلت الْعين بمجانس الْحَرَكَة المنقولة كَقَوْلِك من أقوم وَأطيب أَقَامَ وأطاب فَإِن جانست الْحَرَكَة الْعين فَلَيْسَ فِيهِ سوى النَّقْل كيقول وَيبِيع وتنقل الْحَرَكَة أَيْضا إِلَى السَّاكِن الصَّحِيح قبلهَا من عين مصدر على إفعال أَو استفعال وتبدل الْعين حِينَئِذٍ بمجانس الْحَرَكَة المنقولة وتحذف ألفهما ويعوض مِنْهَا التَّاء غَالِبا مِثَال ذَلِك إِقَامَة واستقامة الأَصْل إقوام واستقوام نقل وأبدلت الْوَاو ألفا فَالتقى أَلفَانِ فحذفت ألف الْمصدر وَعوض مِنْهَا التَّاء وتنقل الْحَرَكَة أَيْضا من مفعول إِلَى السَّاكِن الصَّحِيح قبلهَا وتحذف واوه باجتماع واوين ساكنين نَحْو مصون وَالْأَصْل مصوون فَإِن كَانَ عين مفعول يَاء كسرت الضمة المنقولة صونا من إِبْدَال الْيَاء بعْدهَا واوا نَحْو مَبِيع

القلب

وَمَا ذكر من أَن الْمَحْذُوف فِي المصدرين وَاو مفعول هُوَ مَذْهَب الْخَلِيل وسيبويه لِأَن حذف الزَّائِد أولى من حذف الأَصْل وَمذهب الْأَخْفَش أَن الْمَحْذُوف فِي الثَّلَاثَة عين الْكَلِمَة لِأَن حذفهَا أولى من حذف مَا دلّ على معني وَهُوَ المصدرية والمفعولية وَالْكَلَام على ذَلِك مَبْسُوط فِي (الْأَشْبَاه والنظائر) وَرُبمَا صحّح الإفعال والاستفعال وفروعهما سمع أغيمت السَّمَاء اغياماً إغياما وأغيلت الْمَرْأَة إغيالا وَأطيب وأطول قَالَ: 1815 - (صَدَدْتِ فأطْوَلْتِ الصُدُود ... ) وَلَا يُقَاس على مَا سمع من ذَلِك خلافًا لأبي زيد وَرُبمَا صحّح مفعول سمع فرس مقوود وثوب مصوون وَلَا يُقَاس على مَا سمع من ذَلِك خلافًا للمبرد 3 - الْقلب (ص) الْقلب إِنَّمَا يقلب فِي المعتل والمهموز وَذُو الْوَاو أمكن وبتقديم الآخر على متلوه أَكثر وَمن تَقْدِيم اللَّام على الْفَاء (أَشْيَاء) فِي الْأَصَح فوزنها لفعاء لَا أفعاء أَو أَفعَال وَيعرف بِأَصْلِهِ واشتقاقه وَصِحَّته وَكَذَا إِذا أدّى تَركه إِلَى همزتين وَمنع صرفه بِلَا عِلّة على الْأَصَح فَإِن لم يثبت فأصلان (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان الْقلب تصيير حرف مَكَان حرف بالتقديم وَالتَّأْخِير وَقد جَاءَ مِنْهُ شَيْء كثير حَتَّى إِن ابْن السّكيت ألف فِيهِ كتابا وَمَعَ ذَلِك فَلَا يطرد شَيْء مِنْهُ إِنَّمَا يحفظ حفظا لِأَنَّهُ لم يَجِيء مِنْهُ فِي بَاب مَا يصلح أَن يُقَاس عَلَيْهِ انْتهى وَقد عقدت لَهُ نوعا فِي (المزهر) أوردت فِيهِ ألفاظا جمة قَالَ ابْن مَالك رَحْمَة الله تَعَالَى وَأكْثر مَا يكون الْقلب فِي المعتل والمهموز كهاري فِي هائر وشاكي السِّلَاح فِي شائك وَرَاء فِي رايي وآبار فِي أبآر وَمِنْه

فِي غَيرهمَا (رعملي) فِي (لعمري) وَذُو الْوَاو أمكن فِيهِ من ذِي الْيَاء قَالَ أَبُو حَيَّان دَلِيل ذَلِك الاستقراء فَأكْثر مَا جَاءَ الْقلب فِي ذَوَات الْوَاو نَحْو شَاك وهار ولاث وأينق كَمَا أَن انقلاب الْألف عَن الْوَاو أَكثر من انقلابها عَن الْيَاء حَتَّى أَنا لَو وجدنَا كلمة أشكل علينا الْأَمر فِيهَا ألفها عَن وَاو أم عَن يَاء حلمنا ذَلِك على أَنَّهَا منقلبة عَن وَاو وَدَلِيل ذَلِك الْكَثْرَة وَالْقلب بِتَقْدِيم الآخر على متلوه أَكثر مِنْهُ بِتَقْدِيم متلو الآخر على الْعين أَو بِتَقْدِيم الْعين على الْفَاء أَو بِتَأْخِير الْفَاء عَن الْعين وَاللَّام وَتَحْت ذَلِك صُورَتَانِ الأولى أَن يكون الآخر لاما والمتلو عينا كِرَاء فِي رايي وهار فِي هائر والأوالي فِي الْأَوَائِل والأيامي جمع أيم وَأَصله أيايم بِوَزْن قبائل الثَّانِيَة أَن يكون الآخر حرفا زَائِدا والمتلو غير عين كَقَوْلِهِم فِي جمع ترقوة ترائق وَهُوَ مقلوب من التراقي فالواو زَائِدَة فِي ترقوة وَالْقَاف لَام الْكَلِمَة لَا عين وَمِثَال تَقْدِيم متلو الآخر على الْعين الحوباء وَهِي النَّفس الأَصْل حبواء قدمت اللَّام وَهِي الْوَاو الَّتِي هِيَ متلوة للْآخر على الْيَاء وَهِي عين الْكَلِمَة فوزنها فلعاء وَالدَّلِيل على أَنه مقلوب قَوْلهم حابيت الرجل إِذا أظهرت لَهُ خلاف مَا فِي حوبائك وَمِثَال تَقْدِيم الْعين على الْفَاء أيس من يئس وأينق فِي أنوق جمع نَاقَة وَمِثَال تَأْخِير الْفَاء عَن الْعين وَاللَّام حادى أَصله وَاحِد تَأَخَّرت الْوَاو عَن الْحَاء وَالدَّال ثمَّ قلبت يَاء لانكسار مَا قبلهَا فوزنه عالف وَمن تَقْدِيم اللَّام على الْفَاء أَشْيَاء فِي مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ أَصْلهَا شيئاء نَحْو طرفاء وحلفاء بِتَقْدِيم لَام الْكَلِمَة على فائها فوزنها لفعاء وَمذهب ... .

وَيعرف الْقلب بأَشْيَاء أَحدهَا الأَصْل بِأَن يكثر اسْتِعْمَال أحد النظمين فَيكون الْأَقَل هُوَ المقلوب كَمَا فِي لعمري ورعملي الثَّانِي الِاشْتِقَاق بِأَن يَجِيء التصريف على أحد النظمين دون الآخر كَمَا تقدم فِي الحوباء وكما فِي شوايع وشواعي فَإِنَّهُ يُقَال شاع يشيع فَهُوَ شَائِع وَلَا يُقَال شعى يشعى فَهُوَ شاع فَعلم أَن شوائع هُوَ الأَصْل وشواعي مقلوب مِنْهُ الثَّالِث الصِّحَّة وَعدم الإعلال كَمَا فِي أيس إِذْ لَو لم يكن مقلوبا من يئس لوَجَبَ إعلاله وَأَن يُقَال آس لتحرك الْيَاء وانفتاح مَا قبلهَا فتصحيحه دَلِيل على قلبه قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِنَّمَا ادّعى فِيهِ الْقلب دون الشذوذ لِأَن بَاب الْقلب وَإِن كَانَ لَا يُقَاس أوسع وَأكْثر من بَاب الشذوذ الرَّابِع ... . فَإِن لم يثبت كَون أحد اللَّفْظَيْنِ أصلا وَالْآخر مقلوبا مِنْهُ بِدَلِيل فكلا التأليفين أصل نَحْو جبذ وجذب فَإِن جَمِيع تصاريفهما جَاءَ عَلَيْهِمَا قَالُوا جبذ يجبذ جبذا فَهُوَ جابذ ومجبوذ وَقَالُوا جذب يجذب جذبا فَهُوَ جاذب ومجذوب قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن قلت مَا فَائِدَة الْقلب وهلا جَاءَت التصاريف على نظر وَاحِد قلت الْفَائِدَة فِي ذَلِك الاتساع فِي الْكَلَام والاضطرار إِلَيْهِ فِي بعض الْمَوَاضِع

الإدغام

الْإِدْغَام (ص) الْإِدْغَام هُوَ قِسْمَانِ الأول فِي المثلين وَيجب إِن سكن الأول غير هَاء سكت وَلَا همزَة مُنْفَصِلَة عَن الْفَاء وَلَا مُدَّة فِي آخر أَو مبدلة دون لُزُوم أَو تحركا فِي كلمة إِن لم يصدر أَو لم يوصلا بمدغم أَو مُلْحق وَلَا زيد أَحدهمَا لَهُ وَلَا عرض تحريكهما وَلَا كَانَا واوين طرفين وَلَا فِي اسْم قيل أَو فعل موازن أَو صَدره فَعَلاً أَو فُعَلاً وفُعُلاً أَو فِعَلاً (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان الْإِدْغَام هُوَ آخر مَا يتَكَلَّم فِيهِ من علم التصريف وَهُوَ فِي اللُّغَة الإدخال وَيُقَال الْإِدْغَام وَهُوَ افتعال وَهِي عبارَة سِيبَوَيْهٍ وَعبارَة الْكُوفِيّين الْإِدْغَام إفعال وَفِي الِاصْطِلَاح رفعك اللِّسَان بالحرفين دفْعَة وَاحِدَة ووضعك إِيَّاه بهما وضعا وَاحِدًا وَلَا يكون إِلَّا فِي المثلين والمتقاربين وَهَذَا التَّقْسِيم إِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى الأَصْل وَإِلَّا فَلَا إدغام إِلَّا إدغام مثل فِي مثله أَلا ترى أَن المتقارب يقلب من جنس الْحَرْف الْأَخير فيؤول إِلَى أَنه إدغام مثلٍ فِي مِثْل والإدغام يكون فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال أوجب لِكَثْرَة اعتلالها وَذَلِكَ لثقلها وَلذَلِك يدغم فِي الْأَفْعَال مَا لَا يدغم فِي الْأَسْمَاء أَلا ترى إدغامتهم رد وفكهم شرر وَبَدَأَ بإدغام المثلين كَمَا هُوَ عَادَة المصنفين فِي التَّعْرِيف وَهُوَ وَاجِب بِشُرُوط أَن يسكن الأول نَحْو (اضْرِب بكرا) وَلم يكن هَاء سَاكِت بِخِلَاف نَحْو {ماليه هلك} [الحاقة: 28 - 29] فَإِنَّهَا إِذا وصلت ينوى الْوَقْف عَلَيْهَا والابتداء بِمَا بعْدهَا فَيتَعَيَّن الفك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلِهَذَا أظهرها الْقُرَّاء عِنْد الْوَصْل وَلم يدغموها إِلَّا رِوَايَة عَن ورش بِالْإِدْغَامِ وَهُوَ ضَعِيف من جِهَة الْقيَاس

وَلَا همزَة مُنْفَصِلَة عَن الْفَاء بِخِلَاف نَحْو اكلأ أَحْمد أما الْهمزَة الْمُتَّصِلَة بِالْفَاءِ فَيجب إدغامها نَحْو سآل ولآل وَلَا مُدَّة فِي آخر بِخِلَاف نَحْو (يُعْطي يَاسر) و (يَغْزُو واق) فَلَا يدغم مثل هَذَا لِئَلَّا يذهب الْمَدّ بِالْإِدْغَامِ مَعَ ضعف الْإِدْغَام فَلَو كَانَ حرف لين فَقَط وَجب الْإِدْغَام نَحْو (اخشني) ياسرا و (اخشوا واقدا) و (كي يقوم) (وَاو وَاقد) وَلَو كَانَت الْمدَّة لَيست فِي آخر وَجب الْإِدْغَام نَحْو مغزو أَصله (مغزوو) على وزن مفعول فَالْأولى مُدَّة وَلَيْسَت فِي آخِره وَقد أدغمت وَاحْتمل فِيهِ ذهَاب الْمَدّ لقُوَّة الْإِدْغَام وَلَا مُدَّة مبدلة من غَيرهَا دون لُزُوم بِخِلَاف نَحْو قوول مَبْنِيا للْمَفْعُول من قاول فَلَا تُدْغَم لِأَنَّهُ حرف مد لَا يلْزم كَمَا أَن (يَغْزُو وَاقد) حرف مد لَا يلْزم أَلا ترى أَنَّك تَقول فِي بنائِهِ للْفَاعِل (قاول) فيزول حر الْمَدّ كَمَا يَزُول فِي (لم يغز وَاقد) فَإِن كَانَت مبدلة من غَيرهَا وَيلْزم فِيهَا الْبَدَل أدغم نَحْو أَوب مثل (أبلم) من الأوب وَالْأَصْل أأوب أبدلت الْهمزَة الثَّانِيَة الساكنة من جنس حَرَكَة مَا قبلهَا واوا وَهُوَ يدل على جِهَة اللُّزُوم فأدغمت فِي الْوَاو وَإِن تحرّك المثلان وَجب الْإِدْغَام بِشُرُوط أَن يَكُونَا فِي كلمة كرد وظل بِخِلَاف مَا إِذا كَانَا فِي كَلِمَتَيْنِ فالإدغام جَائِز أَو وَاجِب كَمَا سَيَأْتِي وَألا يصدرا بِخِلَاف نَحْو ددن وَألا يسبقهما مدغم فِي أَولهمَا بِخِلَاف نَحْو ردد يردد فَهُوَ مردد فَلَا يدغم لِأَن فِيهِ إبطالا للإدغام الَّذِي قبله وَألا يسبقهما مزِيد الْإِلْحَاق بِخِلَاف نَحْو (ألندد) و (ألنجج) فَإِن نونهما وجيم (ألنجج) زيدت لأجل الْإِلْحَاق فَلَا يجوز الْإِدْغَام لِأَنَّهُ إِذْ ذَاك يَزُول الْإِلْحَاق بسفرجل وَألا يكون أَحدهمَا ملقحا بِخِلَاف نَحْو قردد فَإِنَّهُ لَو أدغم بَطل الْإِلْحَاق بِجَعْفَر وَألا يكون تَحْرِيك ثَانِيهمَا عارضا بِخِلَاف نَحْو لن يحيى واردد الْقَوْم

وَألا يَكُونَا واوين طرفين ... وَألا يَكُونَا فِي اسْم موازن بجملته أَو صَدره فَعَلاً بِفَتْح الْفَاء وَالْعين أَو فُعَلاً بِضَم الْفَاء وَفتح الْعين أَو فُعُلاً بضمهما أَو فِعَلاً بِكَسْر الْفَاء وَفتح الْعين مِثَال الْأَرْبَعَة فِي الموازن بجملته طلل وصفف وذلل وكلل وَفِي الموازن بصدره فَقَط شججى للعقعق وخششاء لعظم فِي أصل الْأذن وحممة لقطعة الفحم وقررة للازق بِأَسْفَل الْقدر (ص) وتنقل حركته لساكن قبلهَا فَإِن التقيا فِي كَلِمَتَيْنِ وَلَا مَانع أَو كَانَا ياءين لَازِما تَحْرِيك ثَانِيهمَا أَو تاءين كاستتر وتتجلى فَجَائِز فَإِن أدغم الْأَخير ألحق الْوَصْل وَيجوز فِيهِ حذف تَاء وَهِي الثَّانِيَة فِي الْأَصَح (ش) إِذا كَانَ المدغم متحركا فإمَّا أَن يكون مَا قبله متحركا أَو سَاكِنا إِن كَانَ متحركا بَقِي على حركته وَسكن ذَلِك الْحَرْف المدغم وأدغم فِيمَا بعده وَإِن كَانَ سَاكِنا نقل إِلَيْهِ حَرَكَة المدغم وأدغم نَحْو يرد ويفر ويمد ومقر الأَصْل يردد ويفرر ويمدد ومقرر نقلت الضمة والكسرة والفتحة إِلَى الْحَرْف السَّاكِن حذرا من اجْتِمَاع ساكنين ذَلِك الْحَرْف والحرف المدغم فَإِنَّهُ سكن لأجل الْإِدْغَام فَإِن كَانَ السَّاكِن الَّذِي قبله حرف مد ألفا أَو واوا أَو يَاء تَصْغِير لم ينْقل إِلَيْهِ نَحْو راد وحاد وعود ودويبة لِأَن أصل وضع حرف الْمَدّ عدم الْحَرَكَة خُصُوصا الْألف فَإِن تحريكها غير مُمكن فَإِن التقى المثلان المتحركان من كَلِمَتَيْنِ جَازَ الْإِدْغَام من غير وجوب نَحْو {إِن الله هُوَ الرَّزَّاق} [الذاريات: 58] مَا لم يكن مَانع فَإِنَّهُ يمْنَع الْإِدْغَام بِأَن كَانَا همزتين نَحْو قَرَأَ أَبوك فَإِن الْعَرَب تنكبت عَن إدغام الْهمزَة إِلَّا عينا

أَو وليا سَاكِنا غير لين فِيمَا قَالَه البصريون وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي (التسهيل) وَتعقبه أَبُو حَيَّان بِأَن أَبَا عَمْرو قَرَأَ بِالْإِدْغَامِ فِي مثل ذَلِك نَحْو {الرعب بِمَا} [آل عمرَان: 151] {خُذ الْعَفو وَأمر} ) [الْأَعْرَاف: 199] {من اللَّهْو وَمن التِّجَارَة} [الْجُمُعَة: 11] {وَهُوَ وَاقع بهم} [الشورى: 22] {الشَّمْس سِرَاجًا} [نوح: 16] {شهر رَمَضَان} [الْبَقَرَة: 185] {عَن أَمر رَبهم} [الذاريات: 44] {ذِكرُ رَحمَتِ} [مَرْيَم: 2] {الْبَحْر رهوا} [الدُّخان: 24] {وَمن خزي يَوْمئِذٍ} [هود: 66] {فَهِيَ يَوْمئِذٍ} [الحاقة: 16] قَالَ رُوِيَ جَمِيع هَذَا عَن أبي عَمْرو بِالْإِدْغَامِ وَهُوَ لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين وَالَّذين رووا ذَلِك عَن أبي عَمْرو أَئِمَّة ثقاة وَمِنْهُم عُلَمَاء بالنحو كَأبي مُحَمَّد اليزيدي وَغَيره فَوَجَبَ قبُوله وَإِن لم يجزه البصريون غير أبي عَمْرو فَأَبُو عَمْرو رَأس فِي الْبَصرِيين وَلم يكن ليقْرَأ إِلَّا بِمَا قرئَ لِأَن الْقِرَاءَة سنة متبعة غَايَة مَا فِي ذَلِك أَن يكون قَلِيلا فِي كَلَام الْعَرَب إِذْ لَو كَانَ كثيرا لما غَابَ علمه عَن الْبَصرِيين غير أبي عَمْرو وَأما عدم الْجَوَاز فَلَا نقُول بِهِ أهـ وَيجوز الْإِدْغَام أَيْضا من غير وجوب فِيمَا إِذا كَانَ المثلان ياءين لَازِما تَحْرِيك الثَّانِي مِنْهُمَا نَحْو حييّ وعيي وَقد قرئَ بِهِ {وَيحيى من حَيّ عَن بَيِّنَة} [الْأَنْفَال: 42] و (من حييّ) بِالْإِدْغَامِ والإظهار وَفِي (الْإِيضَاح) أَن الْإِظْهَار أَكثر فِي كَلَامهم فَإِن كَانَ تَحْرِيك الْيَاء الثَّانِيَة عارضا نَحْو لن يحيى لم يجز إِلَّا الْإِظْهَار فَقَط وَيجوز الْإِدْغَام أَيْضا من غير وجوب فِيمَا إِذا كَانَ المثلان تاءين فِي بَاب افتعل نَحْو (استتر) و (افتتل) وَحِينَئِذٍ تنقل حَرَكَة التَّاء الأولى إِلَى السَّاكِن قبلهَا وَهُوَ السِّين وَالْقَاف فتذهب همزَة الْوَصْل لحركة أول الْفِعْل فَيُقَال ستر وَقتل وحركة التَّاء فَتْحة فَيفتح أول الْفِعْل وَيجوز كَسره فَيُقَال ستر وَقتل

قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه الكسرة لَيست منقولة إِذا لَا كسرة فِي التَّاء المدغمة وَإِنَّمَا ذَلِك لأجل أَنهم لما سكنوا التَّاء لإدغامها فِي التَّاء وَكَانَت فَاء الْكَلِمَة قبل ذَلِك سَاكِنة كسرت الْفَاء على أصل التقاء الساكنين وَذَهَبت همزَة الْوَصْل لتحريك الْفَاء وَيُقَال فِي الْمُضَارع على لُغَة الْفَتْح (يستر) وَفِي الْوَصْف (مُسَتِّرٌ) و (مُسَتَّرٌ) بِفَتْح السِّين وعَلى لُغَة الْكسر يستر ومُسِتِّرٌ ومُسِتَّرٌ بِكَسْرِهَا وَيجوز الْإِدْغَام أَيْضا من غير وجوب فِيمَا إِذا كَانَ المثلان تاءين أول فعل مضارع نَحْو تتجلى وتتظاهر وَحِينَئِذٍ يُؤْتى بِهَمْزَة الْوَصْل لسكون التَّاء الأولى بِالْإِدْغَامِ فَيُقَال اتجلى واتظاهر وَيجوز فِي هَذَا النَّوْع حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا فَيُقَال تجلى وتظاهر وَهل الْمَحْذُوف الأولى أَو الثَّانِيَة قَولَانِ أصَحهمَا الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والبصريين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ بالمحذوف الأولى وَهِي حرف المضارعة (ص) فَإِن سكن المدغم لوصله بضمير رفع وَجب الفك وَكَذَا أفعل تَعَجبا خلافًا للكسائي أَو لجزم أَو بِنَاء جَازَ فَإِن لم يفك حرك الثَّانِي بِالْفَتْح مُطلقًا أَو مَا لم يَله سَاكن فبالكسر أَو بِالْكَسْرِ مُطلقًا أَو بالإتباع لفائه مَا لم يَله ضمير فبحركته أَو سَاكن فبالكسر لُغَات (ش) إِذا سكن المدغم لاتصاله بالضمير الْمَرْفُوع وَجب الفك نَحْو رددت ورددنا ورَدَدْتَ ورَدَدْتِ ورددتما وردتم ورددتن وَيجب الفك أَيْضا إِذا سكن فِي أفعل للتعجب عِنْد الْجُمْهُور نَحْو أشدد بحمرة زيد 1816 - (وأحْبب إِلَيْنَا أَن نَكُون المُقدَّما ... ) وَذهب الْكسَائي إِلَى أَن أفعل فِي التَّعَجُّب يدغم فَيُقَال أحب بزيد فَإِن سكن لجزم أَو بِنَاء جَازَ الفك وَهُوَ لُغَة الْحجاز والإدغام وَهُوَ لُغَة غَيرهم من الْعَرَب نظرا إِلَى عدم الِاعْتِدَاد بالعارض فَيُقَال لم يردد وَلم يرد واردد ورد فَإِن فك فَوَاضِح وَإِن أدغم حرك الثَّانِي من حرفى التَّضْعِيف تخلصا من التقاء

الساكنين وَفِي كَيْفيَّة تحريكه لُغَات أَحدهَا أَنه يُحَرك بِالْفَتْح مُطلقًا سَوَاء وليه ضمير نَحْو رده وَلم يردة وَلم يردهَا أم سكن نَحْو رد المَال وَلم يرد المَال أم لَا نَحْو رد وَلم يرد الثَّانِيَة أَنه يُحَرك بِالْفَتْح فِي الْحَالة الأولى وَالثَّالِثَة دون الثَّانِيَة وَهِي مَا إِذا وليه سَاكن فَإِنَّهُ يكسر فِيهَا على أصل التقاء الساكنين فَيُقَال رد المَال وَلم يرد ابْنك الثَّالِثَة أَنه يُحَرك بأقرب الحركات إِلَيْهِ نَحْو رد وفر وعض إِلَّا مَعَ ضميري الْمُؤَنَّث والمذكر الغائبين فيحرك بحركة الضمائر نَحْو عضه وردهَا وَإِلَّا فَمَا بعده سَاكن من كلمة أُخْرَى لَام تَعْرِيف أَو غَيرهَا فيكسر نَحْو: 1817 - (فغضِّ الطَرف ... ) ورد ابْنك (ص) الثَّانِي فِي المتقاربين ويتوقف على مخارج الْحُرُوف فَالْأَصَحّ أَنَّهَا تِسْعَة وَعِشْرُونَ وَأسْقط الْمبرد الْهمزَة وَأَن مخارجها سِتَّة عشرَة تَقْرِيبًا فأقصى الْحلق للهمزة وَالْألف وَالْهَاء قَالَ الْمَهْدَوِيّ مرتبات وَغَيره فِي رُتْبَة وَقيل الْهَمْز أول وَقيل بعد الْهَاء وَقيل لَا مخرج للألف ووسطه للحاء وَالْعين قيل هَكَذَا وَقيل عَكسه وَأَدْنَاهُ للغين وَالْخَاء وَفِيه الْقَوْلَانِ وأقصى اللِّسَان وَمَا فَوْقه للقاف وَمَا يَلِيهِ للكاف ووسطه للشين وَالْجِيم وَالْيَاء وَقدم أَبُو حَيَّان الْجِيم والخليل لَا مخرج للياء وَأول حافتيه وَمَا يليهما من الأضراس للضاد وَهِي من الْأَيْسَر أَقيس وَقيل تخْتَص بِهِ وَقيل بالأيمن وَلَا ينْطق بهَا

وَبِالْحَاءِ غير الْعَرَب وَمَا دون طرفه لمنتهاه وَمَا فَوْقه للام وَمَا دونه وَفَوق الثنايا للنون وَالرَّاء وَهِي أَدخل فِي ظَهره وَقَالَ قطرب والجرمي وَابْن دُرَيْد مخرج الثَّلَاثَة وَاحِد وَمَا بَين طرفه وأصول الثنايا للذاء وَالدَّال وَالتَّاء وَمَا بَينه وَبَين الثنايا للزاي وَالسِّين وَالصَّاد وَهِي الصفير وَمَا بَينه وَمَا بَين أطرافها للظاء والذال والثاء وباطن الشّفة السُّفْلى وأطراف الثنايا الْعليا للفاء وَمَا بَين الشفتين للباء وَالْمِيم وَالْوَاو وَقَالَ الْخَلِيل لَا مخرج للواو والمهدوي لَهَا مخرج على حِدة وَلها فروع حَسَنَة همزَة مسهلة وغنة مخرجها الخيشوم وَألف إمالة وتفخيم وشين كجيم وصاد كزاي وَغَيرهَا قبيحة والمهموسة (سكت فحثه شخص) والشديدة (أجدك تطبق) والمتوسطة (ولينا عمر) والمطبقة ص ض ط ظ والمستعلية (قطّ خص ضغط) والمذلقة (مر بنفل) وَغَيرهَا مجهورة رخوة منفتحة منخفضة مصمتة على التَّرْتِيب والقلقلة (قطب جد) وَقيل التَّاء بدل الْبَاء واللينة (واي) وَهِي الْهمزَة معتلة وَقيل هِيَ صَحِيح وَقيل شبه المعتل

والمنحرف اللَّام قيل وَالرَّاء وَهِي المكرر والمهتوت الْهمزَة والهاوي مَا لَا يخرج لَهُ وَلَا تُدْغَم حُرُوف ضوى شفر فِي مقارب وَجوز قوم إدغام الرَّاء فِي اللَّام وَهُوَ الْأَصَح وَلَا صفير فِي (يَده) وَلَا حلقي فِي (ادخل) إِلَّا الْحَاء فِي الْعين وَلَا مَا يُؤَدِّي إِلَى لبس وَأما غير ذَلِك فَيجوز بقلب الأول مثله فالهاء وَالْعين فِي الْحَاء وَالْخَاء فِي الْغَيْن وَالْيَاء فِي الْمِيم وَالْقَاف فِي الْكَاف وعكسهما وَالْجِيم فِي الشين وَالتَّاء والطاء والظاء وشركاؤهما فِي بَعْضهَا وَفِي الصفيرية وَفِي الْجِيم والشين وَالضَّاد وَالْفَاء وَاللَّام فِي ت ث د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ن فَإِن كَانَت تعريفية فوجوبا وَالنُّون الساكنة بغنة فِي حُرُوف (يَنْمُو) وبدونها فِي الرَّاء وَاللَّام وَتظهر عِنْد الحلقية وتخفى مَعَ الْبَوَاقِي وَمر قَلبهَا مَعَ الْبَاء (ش) الْقسم الثَّانِي من الْإِدْغَام إدغام المتقاربين وَذَلِكَ يتَوَقَّف على بَيَان مخارج الْحُرُوف ومخرج الْحَرْف هُوَ الْموضع الَّذِي ينشا مِنْهُ الْحَرْف وتقريب مَعْرفَته أَن يسكن الْحَرْف وَيدخل عَلَيْهِ همزَة الْوَصْل ليتوصل إِلَى النُّطْق بِهِ فيستقر اللِّسَان بذلك فِي مَوْضِعه فيتبين مخرجه وَهَذِه المخارج هِيَ من آخر الصَّدْر وَمَا يَلِيهِ من الْحلق والفم إِلَى الشفتين وَإِلَى الخيشوم والحروف تِسْعَة وَعِشْرُونَ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا خلاف فِي ذَلِك إِلَّا فِي الْهمزَة فَزعم الْمبرد أَنَّهَا لَيست من حُرُوف المعجم بِدَلِيل أَنَّهَا لَا تثبت على صُورَة وَاحِدَة فَكَأَنَّهَا عِنْده من قبيل الضَّبْط إِذْ لَو كَانَت حرفا لَكَانَ لَهَا شكل تثبت عَلَيْهِ كَسَائِر الْحُرُوف ورد بِأَنَّهَا لَو لم تكن حرفا لَكَانَ مثل أحد وَأهل على حرفين وَهُوَ بَاطِل لِأَن أقل أصُول الْكَلِمَة ثَلَاثَة أحرف وَأما كَونهَا لَا شكل لَهَا فَلِأَنَّهَا روعي فِيهَا التسهيل وَلَوْلَا ذَلِك لكتبت ألفا

مخارج الحروف

3 - مخارج الْحُرُوف والمخارج سِتَّة عشر مخرجا عِنْد الْخَلِيل وسيبويه والأكثرين وَذهب الْجرْمِي وقطرب وَالْفراء وَابْن دُرَيْد وَابْن كيسَان على خلاف عَنهُ إِلَى أَنَّهَا أَرْبَعَة عشرَة مخرجا وَمَوْضِع الْخلاف بَينهم مخرج اللَّام وَالنُّون وَالرَّاء فَهُوَ عِنْد هَؤُلَاءِ مخرج وَاحِد وَعند الْخَلِيل وَمن وَافقه ثَلَاثَة مخارج وعَلى الْقَوْلَيْنِ فَذَلِك على سَبِيل التَّقْرِيب وَإِلَّا فالتحقيق أَن لكل حرف مخرجا على حِدة وَعبارَة الْمَتْن فِي بَيَان المخارج بَيِّنَة وَلَا يحْتَاج إِلَى إِعَادَتهَا فِي الشَّرْح فلنقصتر على مَا يحْتَاج إِلَى التَّنْبِيه عَلَيْهِ قولي وَقيل الْهمزَة أول أَي وَالْألف وَالْهَاء بعْدهَا كِلَاهُمَا فِي رُتْبَة وَلَيْسَت وَاحِدَة أسبق من الْأُخْرَى وَبِهَذَا يُفَارق القَوْل الأول وَهَذَا رَأْي الْأَخْفَش وَالْمرَاد بِالْأولِ ربتة الأدخل فِي الصَّدْر وَالَّذِي رَجحه أَبُو حَيَّان أَن رُتْبَة الْعين بعد الْحَاء ورتبة الْغَيْن قبل الْخَاء قَالَ والحاء مِمَّا انْفَرَدت بهَا الْعَرَب فِي كَلَامهَا وَلَا تُوجد فِي كَلَام غَيرهَا وَالْعين مِمَّا انْفَرَدت بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا فَإِنَّهَا قَليلَة فِي كَلَام بعض الْأُمَم ومفقودة فِي كَلَام كثير مِنْهُم قَالَ وَالضَّاد أصعب الْحُرُوف فِي النُّطْق وَمن الْحُرُوف الَّتِي انْفَرَدت الْعَرَب بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَهِي قَليلَة فِي لُغَة بعض الْعَجم ومفقودة فِي لُغَة الْكثير مِنْهُم قَالَ وَالضَّاد لَا يخرج من موضعهَا غَيرهَا من الْحُرُوف عِنْدهم وَذهب الْخَلِيل إِلَى أَن الضَّاد شجرية من مخرج الْجِيم والشين فعلى هَذَا يشركها غَيرهَا فِيهِ وَمعنى شجرية خَارِجَة من شجر الحنك وَهُوَ مَا يُقَابل طرف اللِّسَان وَقَالَ الْخَلِيل الشَّجَرَة مفرج الْفَم أَي منفتحه وَقَالَ غَيره وَهُوَ مُجْتَمع اللحين عِنْد العنفقة وعَلى رَأْي الْأَوَّلين قَالَ أَبُو حَيَّان خُرُوج الضَّاد من الْجَانِب الْأَيْسَر عِنْد الْأَكْثَر

والأيمن عِنْد الْأَقَل ويحكى عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يُخرجهَا من الْجَانِبَيْنِ مَعًا وَقَالَ الصَّيْمَرِيّ بعض النَّاس يُخرجهَا من الْيُسْرَى وَبَعض النَّاس يسهل عَلَيْهِ إخْرَاجهَا من الْجِهَتَيْنِ مَعًا وَكَلَام سبيوبه أَيْضا يدل على أَن الضَّاد تكون من الجانبيين وَقد ذهب بعض من لَا ضبط لَهُ وَلَا معرفَة إِلَى أَن الْجِهَة الْيُمْنَى تخْتَص بهَا وَقَالَ أَبُو عَليّ بن أبي الْأَحْوَص يتأتي إِخْرَاج اللَّام من كلتا حافتي اللِّسَان الْيُمْنَى واليسرى إِلَّا أَن إخْرَاجهَا من حافته الْيُمْنَى أمكن بِخِلَاف الضَّاد فَإِنَّهَا من الْيَسْ أمكن وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ الرَّاء أَدخل من النُّون فِي ظهر اللِّسَان قَلِيلا لانحرافه إِلَى اللَّام وَقَالَ مُحَمَّد القيرواني صَاحب الرِّعَايَة اخْتِلَاف مخرج اللَّام وَالرَّاء وَالنُّون كاختلاف الْمخْرج الَّذِي فَوْقه من وسط اللِّسَان وَهُوَ مخرج الشين وَالْجِيم وَالْيَاء وَلم يَجْعَل ثَلَاثَة مخارج بل جعل مخرجا وَاحِدًا فَكَذَلِك هَذِه الْحُرُوف يَنْبَغِي أَن تجْعَل كَذَلِك وَقَالَ ابْن أبي الْأَحْوَص مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من أَنَّهَا ثَلَاثَة من أَنَّهَا ثَلَاثَة مخارج هُوَ الصَّوَاب لتباين مخارجها عِنْد اختبار الْمخْرج فِي النُّطْق بإسكانها وَإِدْخَال همزَة الْوَصْل عَلَيْهَا قَالَ ابْن أبي الْأَحْوَص وَالصَّاد مِمَّا انْفَرَدت الْعَرَب بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَهِي قَليلَة فِي لُغَة بعض الْعَجم ومفقودة فِي لُغَة كثير مِنْهُم وَسميت حُرُوف الصفير ... وَقَالَ أَبُو حَيَّان فصل الْمَهْدَوِيّ الْوَاو من الْيَاء وَالْمِيم وَجعل لَهَا مخرجا على حِدة فَقَالَ الْوَاو تهوي حَتَّى تَنْقَطِع إِلَى مخرج الْألف وَأما الْفُرُوع الْحَسَنَة فَهِيَ الَّتِي تُوجد فِي كَلَام الفصحاء فالهمزة المسهلة فرع المحققة والغنة فرع النُّون والخيشوم الَّذِي تخرج مِنْهُ هَذِه الغنة هُوَ الْمركب فَوق

غَار الْحلق الْأَعْلَى فَهِيَ صَوت يخرج من ذَلِك الْموضع تَابع لكل نون سَاكِنة وَلكُل مِيم سَاكِنة فَإنَّك لَو أَمْسَكت بأنفك لم تتمكن من خُرُوج الغنة وَقَالَ أَبُو عَمْرو الصَّيْرَفِي الغنة صَوت مركب فِي جسم النُّون ومخرجه من الخيشوم وَهُوَ مُؤخر الْأنف المنجذب إِلَى دَاخل الْفَم وَلَيْسَ بالمنخر وألفا الإمالة والتفخيم فرع عَن الْألف المنتصبة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ترقيق وَلَا تفخيم والشين الَّتِي كالجيم فرع عَن الْجِيم الْخَالِصَة وَالصَّاد الَّتِي كالزاي فرع عَن الزَّاي الْخَالِصَة والهمزة المسهلة عِنْد سِيبَوَيْهٍ حرف وَاحِد وَعند أبي سعيد ثَلَاثَة أحرف بَينهَا وَبَين الْألف وَبَينهَا وَبَين الْوَاو وَبَينهَا وَبَين الْيَاء قَالَ أَبُو حَيَّان وكلا الْقَوْلَيْنِ صَوَاب لِأَنَّك إِن أَخَذتهَا من حَيْثُ مُطلق التسهيل فَهِيَ حرف وَاحِد وَأَن أَخَذتهَا من حَيْثُ التسهيل الْخَاص كَانَت ثَلَاثَة أحرف ويعبر عَن الْهمزَة المسهلة بِهَمْزَة بَين بَين وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا ضَعِيفَة لَيْسَ لَهَا تمكن المحققة وَلَا خلوص الْحَرْف الَّذِي مِنْهُ حركتها قَالَ عبيد بن الأبرص: 1818 - (نحمي حقيقتنا وبعضُ ... القَوْم يَسْقُط بَيْن بَيْنَا) قَالَ أَبُو الْفَتْح أَي يتساقط ضَعِيفا غير مُعْتَد بِهِ وَألف التفخيم هِيَ الَّتِي بَين الْألف وَالْوَاو وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ كَقَوْل أهل الْحجاز الصَّلَاة وَالزَّكَاة والحياة وَلذَلِك كتبت هَذِه بِالْوَاو وَقَالَ أَبُو خروف الألفات أَربع ألف الطبيعة الْمُعْتَادَة وَألف الإمالة وَألف التفخيم وَالْألف الَّتِي بَين اللَّفْظَيْنِ فِي مثل الْأَبْرَار قَالَ وَمن ألف التفخيم ألف الاستعلاء فِي اسْم الله تَعَالَى ففتحت هِيَ وَاللَّام قبلهَا والشين كالجيم كَقَوْلِهِم فِي أشدق أجدق بَين الشين وَالْجِيم وَالصَّاد كالزاي هِيَ الَّتِي يقل همسها قَلِيلا فَيحدث فِيهَا بذلك جهر مَا كَقَوْلِك

فِي (مصدر) (مزدر) قَالَ سِيبَوَيْهٍ فَصَارَت الْحُرُوف بِهَذِهِ الْفُرُوع السِّتَّة خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَأما الْفُرُوع الَّتِي تستقبح وَهِي الَّتِي لَا يُوجد فِي لُغَة من ترتضى عربيته وَلَا تستحن فِي قِرَاءَة وَلَا شعر فَهِيَ كَاف كجيم يَقُولُونَ فِي كمل جمل قَالَ ابْن دُرَيْد وَهِي لُغَة فِي الْيمن كَثِيرَة فِي أهل بَغْدَاد وجيم ككاف يَقُولُونَ فِي رجل ركل فيقربونها من الْكَاف وجيم كشين وَأكْثر ذَلِك إِذا سكنت وَبعدهَا دَال وتاء نَحْو قَوْلهم فِي الأجدر الأشدر وَفِي اجْتَمعُوا اشتمعوا قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن قلت مَا الْفرق بَين هَذِه وَبَين عكسها حَيْثُ عدت هَذِه مستقبحة وَتلك مستحسنة فَالْجَوَاب أَنهم قربوا الْحَرْف الضَّعِيف من الْحَرْف الْقوي فِي جعلهم الشين كالجيم فَلذَلِك كَانَ من الْفُرُوع المستحسنة وَذَلِكَ أَن الْجِيم حرف شجري من وسط اللِّسَان مجهور شَدِيد منفتح متقلقل فَهُوَ حرف قوي لجهره وشدته والشين حرف ضَعِيف لهمسه ورخاوته واستفاله وَفِيه بعض قُوَّة لتفشيه فَلذَلِك كَانَ تقريبه من الْجِيم مستحسنا وَكَانَ تقريب الْجِيم مِنْهُ مستقبحا أَلا ترى أَنهم عدوا فِي الْفُرُوع المستحسنة الصَّاد كالزاي لهَذَا الْمَعْنى وصاد كسين ك (سابر) فِي (صابر) وطاء كتاء نَحْو (تال) فِي طَال وَهِي تسمع عَن عجم أهل الْمشرق كثيرا لفقد الطَّاء فِي لسانهم وظاء كثاء نَحْو ثالم فِي ظَالِم وباء كفاء وَهِي كَثِيرَة فِي لُغَة الْفرس وَغَيرهم وَتارَة يكون لفظ الْبَاء أغلب نَحْو (بَلخ) و (أَصْبَهَان) وضاد ضَعِيفَة نَحْو أضرّ فِي أثر يقربون الثَّاء من الضَّاد كَذَا فسر مبرمان الضَّاد الضعيفة قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِيه نظر وَقَالَ أَبُو عَليّ الضَّاد الضيعفة إِذا قلت ضرب وَلم تشبع مخرجها وَلَا اعتمدت عَلَيْهِ وَلَكِن تخفف وتختلس فيضعف إطباقها

ألقاب الحروف

قَالَ أَبُو سعيد وأظن الَّذين تكلمُوا بِهَذِهِ الأحرف المزذولة من الْعَرَب خالطوا الْعَجم وسين كزاي وجيم كزاي وقاف بَينهَا وَبَين الْكَاف فتمت الْحُرُوف بِهَذِهِ الْفُرُوع سِتَّة وَأَرْبَعين حرفا ألقاب الْحُرُوف وَأما ألقاب الْحُرُوف فَذكرهَا النحويون لفائدتين إِحْدَاهمَا لأجل الْإِدْغَام ليعرف مَا يدغم فِي غَيره لقُرْبه مِنْهُ فِي الْمخْرج وَالصّفة أَو فِي أَحدهمَا وَمَا لَا يدغم لبعده مِنْهُ فِي ذَلِك وَالثَّانيَِة بَيَان الْحُرُوف الْعَرَبيَّة حَتَّى ينْطق من لَيْسَ بعربي بِمثل مَا ينْطق بِهِ الْعَرَبِيّ فَهُوَ كبيان رفع الْفَاعِل وَنصب الْمَفْعُول فَكَمَا أَن نصب الفال وَرفع الْمَفْعُول لحن فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة كَذَلِك النُّطْق بحروفها مُخَالفَة مخارجها وَسميت المهموسة لضعف الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا فِي موَاضعهَا وجري النَّفس مَعهَا حَتَّى ضعفت فخفي النُّطْق بهَا والهمس لُغَة هُوَ الصَّوْت الْخَفي وضدها المجهورة وَهِي مَا أشْبع الِاعْتِمَاد فِي مَوْضِعه وَمنع النَّفس أَن يجْرِي مَعَه حَتَّى يَنْقَضِي الِاعْتِمَاد وَيجْرِي الصَّوْت والشدة امْتنَاع الصَّوْت أَن يجْرِي فِي الْحَرْف وَالْفرق بَين المجهور والشديد أَن المجهور يُقَوي الِاعْتِمَاد فِيهِ والشديد يُقَوي لُزُومه فِي مَوْضِعه والرخاوة جري الصَّوْت فِي الْحَرْف والتوسط بَين الشدَّة والرخاوة وَسميت المطبقة لإطبقاق اللِّسَان فِيهَا على الحنك عِنْد اللَّفْظ بهَا وضدها المنفتحة لِأَنَّك لَا تطبق اللِّسَان بِشَيْء مِنْهَا على الحنك عِنْد النُّطْق بهَا والانفتاح ضد الانطباق وَسميت المستعلية لِأَن اللِّسَان يَعْلُو إِلَى الحنك عِنْد النُّطْق بهَا فينطق الصَّوْت مستعليا بِالرِّيحِ

وضدها المنفخضة وَيُقَال المتسفلة لِأَن اللِّسَان لَا يستعلي عِنْد النُّطْق بهَا إِلَى الحنك بل يتسفل بهَا إِلَى قاع الْفَم عِنْد النُّطْق وَسميت المذلقة لِأَنَّهَا من طرف اللِّسَان والفم وطرف كل شَيْء ذلفه وضدها المصمتة لِأَنَّهَا أصمتت فَلم تدخل فِي الْأَبْنِيَة كلهَا قَالَ الْأَخْفَش أصمتت أَي منعت أَن تخْتَص بِبِنَاء كلمة فِي لُغَة الْعَرَب إِذا كَانَت خماسية فَمَا فَوق فَلَا تَجِد كلمة خماسية فَمَا فَوق فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا وفيهَا من الْحُرُوف المذلقة أَو الْألف وَلَا تنفرد المصمتة بِكَلِمَة خماسية وَسميت أحرف القلقلة لِأَن الصَّوْت يشْتَد عِنْد الْوَقْف عَلَيْهَا والقلقة شدَّة الصَّوْت وَسميت المعتلة لِأَن الإعلال والانقلاب لَا يكون إِلَّا فِي أَحدهَا وَمن قَالَ الْهمزَة حرف صَحِيح قَالَ لِأَنَّهُ يقبل الحركات الثَّلَاث وَمِنْهُم من يَقُول إِنَّهَا حرف مشبه بحروف الْعلَّة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا حسن وَسمي اللَّام منحرفا وَزَاد الْكُوفِيُّونَ الرَّاء فهما عِنْدهم حرفا الانحراف قَالُوا لانحرافهما عَن مخرج النُّون وَقَالَ بَعضهم وصفت اللَّام بالانحراف لِأَنَّهَا انحرفت عَن مخرجها إِلَى مخرج غَيرهَا وَعَن صفتهَا إِلَى صفة غَيرهَا وَقَالَ الْمَهْدَوِيّ سميت بلك لِأَنَّهَا شاركت أَكثر الْحُرُوف فِي مخارجها وَقَالَ القيرواني هِيَ من الْحُرُوف الرخوة لَكِنَّهَا انحرف اللِّسَان بهَا مَعَ الصَّوْت إِلَى الشدَّة وَسمي الرَّاء المكرر لِأَنَّهَا تَتَكَرَّر على اللِّسَان عِنْد النُّطْق بهَا كَأَن طرف اللِّسَان يرتعد بهَا فكأك نطقت بِأَكْثَرَ من حرف وَاحِد وَأظْهر مَا يكون التكرير إِذا كَانَت الرَّاء مُشَدّدَة أَو وقف عَلَيْهَا وَسمي الْهَمْز المهتوت من الهت وَهُوَ عصر الصَّوْت لِأَنَّهَا معتصرة كالتهوع أَو من الهت وَهُوَ الحطم وَالْكَسْر لِأَنَّهَا يعرض لَهَا الْإِبْدَال كثيرا فتنحطم وتنكسر وَسمي الهاوي لِأَنَّهُ يهوي فِي الْفَم فَلَا يعْتَمد اللِّسَان على شَيْء مِنْهَا

إِذا تقرر ذَلِك فَلَا يدغم فِي المتقارب ضاد وَلَا وَاو وَلَا يَاء وَلَا مِيم وَلَا شين وَلَا فَاء وَلَا همزَة وَلَا رَاء هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل وَأكْثر النَّحْوِيين وَجوز أَبُو عَمْرو وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ واليزيدي من الْبَصرِيين وَالْكسَائِيّ وَالْفراء وَأَبُو جَعْفَر الرُّؤَاسِي من الْكُوفِيّين وتبعهم ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان بإدغام الرَّاء فِي اللَّام نَحْو: {يغْفر لمن يَشَاء} [الْفَتْح: 14] {واستغفر لَهُم الرَّسُول} [النِّسَاء: 64] وَلَا يدغم حرف صفيري وَهُوَ الصَّاد وَالسِّين وَالزَّاي فِي مقاربه مِمَّا لَيْسَ صفيريا ويدغم فِي مقارب صفيري فتدغم الصَّاد فِي السِّين وَفِي الزَّاي وَالسِّين فِي الصَّاد وَالزَّاي فِي الصَّاد وَالسِّين نَحْو فحص سَالم فحص زَاهِر حبس صابر حبس زَاهِر أَو جز صابر أَو جز سَالم وَعند إدغام الصَّاد فِي السِّين وَكَذَا كل مطبق أدغم فِي غَيره قَالَ أَبُو حَيَّان بعض الْعَرَب يبقي الإطباق كَمَا يبقي الغنة فِي إدغام النُّون

وَبَعْضهمْ يذهبه وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ كل عَرَبِيّ يرى إبْقَاء الإطباق وَتَركه وَلَا يدغم حرف حلقي فِي أَدخل مِنْهُ إِلَّا الْحَاء فِي الْعين نَحْو {فَمن زحزح عَن النَّار} [آل عمرَان،: 185] فَلَا تُدْغَم الْحَاء فِي الْهَاء وَلَا الْهَاء فِي الْعين وَلَا الْعين فِي الْهَاء وَإِن كَانَت الْعين أقرب مخرجا إِلَى الْهَاء من الْحَاء لتباعدها فِي الصِّفَات لِأَن الْهَاء مهموسة رخوة وَالْعين مجهورة وفيهَا شدَّة وَلَا يدغم من المقارب مَا يُؤَدِّي إِلَى لبس بتركيب آخر نَحْو أُنْمُلَة لَا يجوز فِيهَا الْإِدْغَام لِأَنَّهَا لَو أدغمت لأوهم أَنَّهَا من المضاعف أَي مِمَّا ضعف فاؤه وعينه لِأَنَّهُ لَا يدْرِي هَل الأَصْل أُنْمُلَة أَو أملة لِأَن كليهمَا وَزنه أفعلة وَمَا عدا مَا ذكر يجوز فِيهِ الْإِدْغَام بِأَن يقلب الأول حرفا مثل مقاربه الَّذِي يَلِيهِ ثمَّ يدغم فِيهِ وَمِثَال إدغام الْهَاء فِي الْحَاء (أحبه حاتما) وَالْعين فِي الْحَاء (أقطع حبلك) وَالْخَاء فِي الْغَيْن (اسلخ غنمك) والغين فِي الْخَاء (ادمغ خلفا) وَالْقَاف فِي الْكَاف (الْحق كِنْدَة) وَالْكَاف فِي الْقَاف (أمسك قطفا) وَالْجِيم فِي الشين {أَخرَجَ شَطئَهُ} [الْفَتْح: 29] وَالْجِيم فِي التَّاء {المعارج تعرج} [المعارج: 3، 4] والطاء والظاء وشركاؤهما فِي الْمخْرج وَهِي الدَّال وَالتَّاء والذال والثاء فِي بَعْضهَا أَي كل وَاحِد من هَذِه الأحرف السِّتَّة يدغم فِي كل وَاحِد من الْخَمْسَة الْبَاقِيَة مِثَال الطَّاء اربط ظَالِما اربط دارما اربط تميما اربط ذئبا أربط ثَابتا وَمِثَال الطَّاء عظ طَاهِرا عظ دارما إِلَى آخِره وَمِثَال الدَّال أبعد طَاهِرا إِلَى آخِره وَمِثَال التَّاء امقت طَاهِرا إِلَى آخِره وَمِثَال الذَّال خُذ طَاهِرا إِلَى آخِره

وَمِثَال إدغام هَذِه السِّتَّة من الصفيرية اضبط صَابِرًا اضبط سالما اضبط زاهرا وَاجعَل فِي الْبَاقِي بدل اضبط أيقظ أبعد امقت خُذ لبث وَمِثَال إدغام هَذِه السِّتَّة فِي الْجِيم اضبط جعفرا أيقظ جعفرا أبعد جعفرا أسكت جفعرا خُذ جعفرا لبث جعفرا وَفِي السِّين اضبط سالما أيقظ سالما أبعد سالما أسكت سالما خُذ سالما لبث سالما وَفِي الضَّاد اضبط ضَمرَة وَهَكَذَا وَمِثَال إدغام الْبَاء فِي الْمِيم اصحب مَطَرا وَفِي الْفَاء اضْرِب فَاجِرًا وَلَا تُدْغَم التَّاء فِي شَيْء من مقاربها نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَقد أدغم الْكسَائي الْفَاء فِي الْبَاء فِي: {إِن نَشأ نخسف بهم} [سبأ: 9] قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مِمَّا انْفَرد بِهِ وَمِثَال إدغام لَام التَّعْرِيف وجوبا فِي الأحرف الثَّلَاثَة عشر التَّقْوَى الثُّبُوت الدَّار الذّكر الرضْوَان الزبُور السراج الشَّمْس الصَّبْر الضياء الظّهْر الطُّهْر النُّور وَمِثَال إدغام اللَّام غير التعريفية فِي هَذِه الأحرف جَوَازًا {هَل تَنْقِمُونَ} [الْمَائِدَة: 59] {هَل ثوب} [المطففين: 36] (هَل دنا) (هَل ذهب) (هَل رَضِي) (هَل زار) (هَل سَار) (هَل شكر) (هَل صَبر) (هَل ضرب) (هَل طبع) (هَل ظفر) (هَل نصر) وَالنُّون الساكنة وَمِنْهَا التَّنْوِين تُدْغَم بغنة فِي الْيَاء وَالنُّون وَالْمِيم وَالْوَاو نَحْو {من يَأْتِ} [طه: 74] {إِن نَشأ} [سبأ: 9] {مِمَّا رزقكم الله} [الْمَائِدَة: 88] {من وَال} [الرَّعْد: 11] وتدغم بِغَيْر غنة فِي اللَّام وَالرَّاء نَحْو: {من ربكُم}

[الْبَقَرَة: 49] {من لدنا} [الْكَهْف: 65] وَتظهر عِنْد أحرف الْحلق السِّتَّة نَحْو {مَنءَامَنَ} [الْبَقَرَة: 126] {مِن هَادٍ} [الرَّعْد: 33] {وَمن عَاد} [الْبَقَرَة: 275] {من حَكِيم} [فصلت: 42] {من غَفُور} [فصلت: 32] {من خلاق} [الْبَقَرَة: 102] وتقلب ميما عِنْد الْبَاء كَمَا مر من الْإِبْدَال وتخفى عِنْد بَقِيَّة الْحُرُوف فَصَارَ لَهَا أَرْبَعَة أَحْوَال أَو خَمْسَة

خاتمة في الخط

خَاتِمَة فِي الْخط (ص) الْخط تَصْوِير اللَّفْظ بحروف هجائه غير أَسمَاء الْحُرُوف مَعَ تَقْدِير الِابْتِدَاء وَالْوَقْف وَمن ثمَّ كتب (ره) و (مَجِيء مَه) و (رَحمَه) بِالْهَاءِ وَأَنا زيد والمنون الْمَنْصُوب دون غَيره و (لسنفعا) بِالْألف و (إِذن) بالنُّون على الْمُخْتَار وَثَالِثهَا إِن عملت فبالألف وَإِلَّا فبالنون وَبنت وَقَامَت بِالتَّاءِ وَالْقَاضِي بياء وقض بِدُونِهَا وضربه وَمر بِهِ بِدُونِ وَاو وياء وَيكْتب المدغم بِلَفْظِهِ إِن كَانَ من كلمة وَاحِدَة وبأصله إِن كَانَ من كَلِمَتَيْنِ أَو نونا سَاكِنة مخفاة أَو مبدلة ميما أَو حرف مد لساكن يَلِيهِ غير نون توكيد (ش) الْخط تَصْوِير اللَّفْظ بحروف هجائه بِأَن يُطَابق الْمَكْتُوب الْمَنْطُوق بِهِ فِي ذَوَات الْحُرُوف وعددها إِلَّا أَسمَاء الْحُرُوف فَإِنَّهُ يجب الِاقْتِصَار فِي كتَابَتهَا على أول الْكَلِمَة نَحْو ق. ن. ص. ج وَكَانَ الْقيَاس أَن يكْتب هَكَذَا قَاف نون صَاد جِيم كحاله إِذا نطق بِهِ وَكَذَا بَقِيَّة أَسمَاء حُرُوف المعجم كتبت مُقْتَصرا على أوائلها فخالفت الْكِتَابَة فِيهَا النُّطْق وَكَذَلِكَ كتبت الْحُرُوف المفتتح بهَا السُّور على نَحْو مَا كتبُوا حُرُوف المعجم وفعلوا ذَلِك لأَنهم أَرَادوا أَن يضعوا أشكالا لهَذِهِ الْحُرُوف تتَمَيَّز بهَا فَهِيَ أَسمَاء مدلولاتها أشكال خطية فَلفظ قَاف يدل على هَذَا الشكل الَّذِي صورته هَكَذَا (ق) وَلَو لم يضعوا هَذِه الأشكال الخطية لم يكن لِلْخَطِّ دلَالَة على الْمَنْطُوق بِهِ وَلَو اقتصورا على كتبهَا على حسب النُّطْق وَلم يضعوا لَهَا أشكالا مُفْردَة تتَمَيَّز بهَا لم يُمكن ذَلِك لِأَن الْكِتَابَة بِحَسب النُّطْق متوقفة على معرفَة شكل كل حرف حرف وشكل كل حرف حرف غَيره مَوْضُوع فاستحال كتبهَا على حسب النُّطْق وَلَا بُد من تَقْدِير الِابْتِدَاء بِهِ وَالْوَقْف عَلَيْهِ فَيكْتب كل لفظ بالحروف الَّتِي ينْطق بهَا عِنْد تَقْدِير الِابْتِدَاء وَالْوَقْف وَكَذَلِكَ كتب بِالْهَاءِ مَا يجب إِلْحَاق هَاء السكت بِهِ عِنْد الْوَقْف ك (ره) و (رقّه) و (عه) و (لم يره) و (لم يقه) و (لم يعه) و (مَجِيء مَه جِئْت)

وَمَا يُوقف عَلَيْهِ من التاءات بِالْهَاءِ كرحمه ونعمه وكتبت بِالتَّاءِ مَا يُوقف عَلَيْهِ بِالتَّاءِ نَحْو (بنت) و (أُخْت) و (قَامَت) و (قعدت) و (ذَات) و (ذَوَات) وَمَا فِيهِ وَجْهَان عِنْد الْوَقْف (كهيهات) و (لات) و (ثمت) و (ربت) و (دفن الْبَنَات من المكرمات) بِالْوَجْهَيْنِ وَكتب بِالْألف مَا يُوقف عَلَيْهِ بِالْألف وَإِن سَقَطت فِي الدرج ك (أَنا) ضمير الْمُتَكَلّم والمنون الْمَنْصُوب أَو المفتوح (كرأيت زيدا) و (آها) و (ويها) بِخِلَاف الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور كقام زيد ومررت بزيد للوقوف عَلَيْهِمَا بالحذف وَكَذَا (إيه) و (صه) و (مَه) وَالْفِعْل الْمُؤَكّد بالنُّون الْخَفِيفَة نَحْو: {لنسفعا} [العلق: 15] و {وَلَيَكُوناً} [يُوسُف: 32] مَا لم يخف لبس فَإِن خيف نَحْو اضربن زيدا وَلَا تضربن زيدا كتب بالنُّون وَلم يعْتَبر بِحَالَة الْوَقْف لِأَنَّهُ لَو كتب بِالْألف لالتبس بِأَمْر الِاثْنَيْنِ أَو نهيهما فِي الْخط وَاخْتلف فِي (إِذن) فَجزم ابْن مَالك فِي التسهيل بِأَنَّهَا تكْتب بِالْألف مُرَاعَاة للْوَقْف عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان فِي شَرحه وَهَذَا مَذْهَب الْمَازِني قَالَ وَذهب الْمبرد وَالْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهَا تكْتب بالنُّون وَفصل الْفراء فَقَالَ إِن عملت كتبت بِالْألف لِضعْفِهَا وَإِن أهملت كتبت بالنُّون لقوتها وَقَالَ ابْن عُصْفُور الصَّحِيح كتبهَا بالنُّون فرقا بَينهَا وَبَين إِذا الظَّرْفِيَّة لِئَلَّا يَقع الإلباس قَالَ أَبُو حَيَّان وَلِأَن الْوَقْف عَلَيْهَا عِنْده بالنُّون قَالَ وَوجد بِخَط الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس مَا نَصه (وجدت بِخَط عَليّ بن عُثْمَان بن جني حكى أَبُو جَعْفَر النّحاس قَالَ سَمِعت عَليّ بن سُلَيْمَان يَقُول سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد يَقُول أشتهي أَن أكوي يَد من يكْتب إِذن بِالْألف لِأَنَّهَا مثل إِن وَلنْ وَلَا يدْخل التَّنْوِين فِي الْحَرْف) اه قلت وَمِمَّنْ صحّح كتَابَتهَا بالنُّون الزنجاني فِي شرح الْهَادِي

وَأما (كأين) فَكتبت بالنُّون قولا وَاحِد قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ شَاذ قَالَ أَبُو حَيَّان وَجه شذوذه أَن الْجُمْهُور ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهَا مركبة من كَاف التَّشْبِيه وَأي المنونة فَكَانَ الْقيَاس يَقْتَضِي أَلا تكْتب صُورَة التَّنْوِين بل تحذف خطأ إِلَّا أَنهم لما تلاعبوا فِي هَذِه الْكَلِمَة بأنواع من التراكيب وأخرجوها عَن أصل موضوعها فَكَذَلِك أخرجوها فِي الْخط عَن قِيَاس إخواتها قَالَ وَذهب يُونُس إِلَى أَنَّهَا اسْم فَاعل من كَانَ يكون فالنون أَصْلِيَّة وَهِي لَام الْفِعْل فعلى هَذَا لَا شذوذ فِي كتَابَتهَا بالنُّون لِأَنَّهَا ك (بَائِن) من (بَان يبين) قَالَ وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى أَن كأين اسْم بسيط فالكاف وَالنُّون فِيهِ أصلان وَهُوَ بِمَعْنى (كم) لذهب مذهبا حسنا فَإِنَّهُ أقرب من دَعْوَى التَّرْكِيب بِلَا دَلِيل وَكتب بِالْيَاءِ مَا يُوقف عَلَيْهِ بِالْيَاءِ كالمنقوص غير الْمنون كَالْقَاضِي وقاضي مَكَّة وحذفت الْيَاء وَالْوَاو مِمَّا يحذفان مِنْهُ فِي الْوَقْف كالمنقوص الْمنون كقام قَاض ومررت بقاض وصلَة ضمير الْغَائِب كضربه وَمر بِهِ وَضمير الْجمع كضربهم وأكرمكم فِي لُغَة من وصل مِيم الْجمع لِأَنَّهُ إِذا وقف عَلَيْهِ حذفت الصِّلَة نعم خرج عَن هَذَا مَا اتَّصَلت بِهِ نون التوكيد الْخَفِيفَة مِمَّا قبله وَاو أَو يَاء نَحْو اضربن يَا قوم واضربن يَا هِنْد فَإِنَّهُ منع أَن يعْتَبر مَا عرض فِيهِ من رد الْوَاو وَالْيَاء حَالَة الْوَقْف حملهَا على أُخْتهَا النُّون الشَّدِيدَة فَلم يلْتَفت إِلَى حَالَة الْوَقْف عَلَيْهَا واستصحب حذف الْوَاو وَالْيَاء لذَلِك خطا وَإِن كَانَت تعود وَقفا وَيكْتب المدغم من كلمة بِلَفْظِهِ لَا بِأَصْلِهِ سَوَاء كَانَ مثلا نَحْو رد ومفر واقشعر أَو مقاربا نَحْو: {فَادَّارّءتُم} [الْبَقَرَة: 72] واطجع الأَصْل تدارأتم واضطجع وَكَانَ قِيَاسه أَن يكْتب الحرفان إِلَّا أَنه ترك الأولي فِي الْخط اختصارا لضَعْفه بِالْإِدْغَامِ

أحكام الهمزة

وَأما المدغم من كَلِمَتَيْنِ فَيكْتب بِأَصْلِهِ اعْتِبَارا بِالْوَقْفِ على الْكَلِمَة الأولى نَحْو من مَال وَكَذَا النُّون الساكنة المخفاة أَو المبدلة ميما تكْتب نونا سَوَاء كَانَت من كلمة نَحْو (عَنْك) و (عنبر) أم من كَلِمَتَيْنِ نَحْو (من كَافِر) وَمن بعد وَيكْتب أَيْضا بِأَصْلِهِ حرف مد حذف لساكن يَلِيهِ نَحْو اضربوا الْقَوْم واضربي الرجل ويغرو الرجل وَيَرْمِي الْقَوْم وَلم يضْربُوا الْقَوْم وَلم تضربي الرجل فَيكْتب بِالْوَاو وَالْيَاء بِخِلَاف مَا حذف لدُخُول الْجَازِم نَحْو لم يغز وَلم يرم فَلَا يكْتب وَيسْتَثْنى مِمَّا وليه سَاكن مَا إِذا كَانَ السَّاكِن نون توكيد شَدِيدَة كَانَت أَو خَفِيفَة فَإِن حرف الْمَدّ لَا يكْتب حِينَئِذٍ نَحْو لتركبن يَا قوم ولتركبين يَا هِنْد الأَصْل تَرْكَبُونَ وتركبين ثمَّ دخلت نون التوكيد فحذفت نون الرّفْع لتوالي الْأَمْثَال فالتقت الْوَاو وَالْيَاء وَهِي سَاكِنة وَالنُّون والمدغمة وَهِي سَاكِنة فَحذف حرف الْعلَّة لالتقاء الساكنين وَحذف خطا كَمَا حذف لفظا وَلم تراع فِيهِ الْمُطَابقَة للْأَصْل كَمَا راعوا فِي اضربوا الْقَوْم وَلم يضْربُوا الرجل وَنَحْوه وَالْفرق بَينهمَا أَن لهَذَا حَالَة يثبت فِيهَا حرف الْمَدّ وَهِي الْوَقْف بِخِلَاف نون التوكيد الْمُشَدّدَة فَإِنَّهُ فِي حَالَة الْوَقْف لَا يرد الْمَحْذُوف وحملت الْخَفِيفَة على الشَّدِيدَة فِي ذَلِك وَإِن كَانَت الْوَاو وَالْيَاء ترد فِي الْوَقْف على مَا هِيَ فِيهِ نَحْو اضربن يَا قوم واضربين يَا هِنْد أَحْكَام الْهمزَة (ص) والهمزة فِي الأول بِالْألف وَالْوسط سَاكِنة بِحرف حَرَكَة متلوها ومتحركة تلو سَاكن بِحرف حركتها وَقد تحذف الْمَفْتُوحَة بعد ألف وَاخْتَارَ ابْن مَالك والزنجاني وَأَبُو حَيَّان حذفهَا مُطلقًا تلو غير ألف وَقوم تكْتب بِأَلف مُطلقًا وتلو متحرك على نَحْو مَا تسهل وتحذف إِن تَلَاهَا مد كصورتها عِنْد الْأَكْثَر وَإِن تطرقت تلو سَاكن حذفت فِي الْأَصَح أَو متحرك فبحركته مُطلقًا فِي الْأَصَح فَإِن، وصلت بِشَيْء فكالوسط على الْأَصَح بِخِلَاف الأولى إِلَّا لِئَلَّا وَلَئِن ويومئذ وَنَحْو وَهَؤُلَاء

وتحذف همزَة الْوَصْل بَين وَاو أَو فَاء أَو بَين همزَة هِيَ فَاء وَبعد همزَة اسْتِفْهَام وَقيل أَلا الْمَفْتُوحَة أما المقطوعة بعده فَكَمَا تسهل فِي الْأَصَح وَمن لَام التَّعْرِيف بعد لَام جر وَكَذَا ابْتِدَاء فِي الْأَصَح وَمن أول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لَا تَسْمِيَة غَيرهَا فِي الْأَصَح وَمن الابْن الْمَحْذُوف تَنْوِين متلوه وَلَو مَعَ كنية فِي الصَّحِيح لَا فِي أول السطر وَفِي ابْنة رأيان (ش) خرج عَن الأَصْل السَّابِق أَشْيَاء يتضمنها خَمْسَة أَنْوَاع أَحدهَا أَحْكَام الْهمزَة وَلَا أَحْوَال لِأَنَّهَا إِمَّا أَن تكون أَولا أَو حَشْوًا أَو طرفا وَالَّتِي فِي حَشْو إِمَّا أَن تكون سَاكِنة أَو متحركة والمتحركة إِمَّا أَن يكون مَا قبلهَا سَاكِنا أَو متحركا والمتطرفة إِمَّا أَن يكون مَا قبلهَا سَاكِنا أَو متحركا فَهَذِهِ سِتَّة أَحْوَال فالتي هِيَ أول تكْتب بِأَلف سَوَاء فتحت أم كسرت أم ضمت نَحْو أَحْمد وإثمد وَأكْرم وَكَذَا حكمهَا إِن تقدمها لفظ كَائِنا مَا كَانَ إِلَّا مَا شَذَّ وَهُوَ (لِئَلَّا لَئِن) و (يَوْمئِذٍ) وَنَحْوه وَهُوَ كل زمَان أضيف إِلَى الْملَّة كليلئذ وزمانئذ وَحِينَئِذٍ وساعتئذ فَإِن هَذِه الْأَلْفَاظ كتبت فِيهَا الْهمزَة يَاء وَإِلَّا (هَؤُلَاءِ) فَإِنَّهَا كتبت فِيهَا واوا وَكَانَ الْقيَاس أَن تكْتب (لِئَلَّا) (لِأَن لَا) و (لَئِن) (لإن) ويومئذ وَنَحْوه (يَوْم إِذا) بفصل الظّرْف وَألف بعد الذَّال بَدَلا من التَّنْوِين لَكِن جعل الظّرْف مَعَ (إِذا) كالشيء الْوَاحِد فوصل ب (إِذْ) وَجعلت صُورَة الْألف يَاء كَمَا جعلوها فِي بئس وَكَانَ الْقيَاس فِي (هَؤُلَاءِ) (هاألاء) قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِنَّمَا لم يُخَالف بهَا إِلَى حركتها لِأَن الْهمزَة إِذا كَانَت أَولا فَهِيَ مُبتَدأَة والمتبدأة لَا تسهل وَالْكتاب بنوا الْخط فِي الْأَكْثَر على حسب تسهيلها لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن التسهيل لُغَة أهل الْحجاز واللغة الحجازية هِيَ الفصحى فَكَانَ الْكتب على لغتهم أولى

وَالثَّانِي أَنه خطّ الْمُصحف فَكَانَ الْبناء عَلَيْهِ أولى مَعَ أَن الْقيَاس يَقْتَضِيهِ أَلا ترى أَنا نوافق خطّ الْمُصحف مَعَ مُخَالفَة الْقيَاس فِي مَوَاضِع كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة فَهَذَا سَبَب أَن كتبت أَولا على صورتهَا الَّتِي وضعت لَهَا وَهِي صُورَة الْألف الساكنة بِأَيّ حَرَكَة تحركت وَالَّتِي هِيَ حَشْو وَهِي سَاكِنة وَلَا تكون إِلَّا بعد متحرك تكْتب حرفا من جنس الَّتِي قبلهَا لِأَنَّهَا تبدل بِهِ فتكتب ألفا فِي نَحْو رَأس ويأس وكأس وياء فِي نَحْو ذِئْب وبئر وواوا فِي نَحْو مُؤمن وجؤنة وبؤس ويؤمن وَالَّتِي هِيَ حَشْو وَهِي متحركة بعد سَاكن حرفا من جنس حركتها سَوَاء كَانَ ذَلِك السَّاكِن صَحِيحا أَو حرف عِلّة لِأَنَّهَا تسهل على نَحوه فتكتب ألفا فِي نَحْو مرأة) و (كمأة) و (سَأَلَ) و (هيآت) وسوآت وياء فِي نَحْو يسئم وَسَائِل وواوا فِي نَحْو التساؤل وأبؤس ويلؤم هَذَا مَا ذكره الْأَكْثَرُونَ وَقد تحذف فِي حَالَة الْفَتْح بعد الْألف نَحْو سَالَ كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ فِي الْخط وَاخْتَارَ ابْن مَالك فِيمَا يُخَفف بِالنَّقْلِ حذفهَا مُطلقًا وَألا تثبت لَهَا صُورَة فِي الْخط وَذَلِكَ فِيمَا إِذا كَانَ السَّاكِن قبلهَا صَحِيحا نَحْو يسئم وتسئم ويلئم أَو يَاء أَو واوا نَحْو هَيْئَة وسوءة فَلم يبْق عِنْده مِمَّا يكْتب بِحرف إِلَّا التالية للألف نَحْو سَائل والتساؤل وَمَشى على ذَلِك الزنجاني فِي شرح الْهَادِي وَكَذَا أَبُو حَيَّان فَقَالَ فِي شرح التسهيل فِي الْأَمْثِلَة الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة وَالْأَحْسَن والأقيس أَلا تثبت لَهَا صُورَة فِي الْخط لَا فِي التَّحْقِيق وَلَا فِي الْحَذف وَالنَّقْل قَالَ وَمِنْهُم من يَجْعَل صورتهَا الْألف على كل حَال وَهُوَ أقل اسْتِعْمَالا وَمِنْهُم من يَجْعَل صورتهَا على حسب حركتها إِلَّا إِن كَانَ بعْدهَا حرف عِلّة زَائِد للمد نَحْو مسئول ومسئوم فَلَا يَجْعَل لَهَا صُورَة وَمِنْهُم من يَجْعَل لَهَا صُورَة وَذَلِكَ للْفرق بَين المهموز وَغَيره مثل مقول ومصوغ قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِذا كَانَ مثل (رُءُوس) يكْتب بواو وَاحِدَة مَعَ أَن تسهيله بَين الْهَمْز وَالْوَاو فَهَذَا أَحْرَى قَالَ وَقد كتب (الموءودة) بواو وَاحِدَة فِي الْمُصحف وَهُوَ قِيَاس فَإِن الْهمزَة لَا صُورَة لَهَا فَتبقى واوان وَمن عَادَتهم عِنْد اجْتِمَاع صُورَتَيْنِ فِي كلمة وَاحِدَة حذف إِحْدَاهمَا فَلذَلِك كتبت وَاحِدَة إِلَّا أَنه قد يخْتَار

فِي غير الْقُرْآن فِيهِ أَن يكْتب بواوين لِأَنَّهُ قد يحذف من الْكَلِمَة فِي الْخط حرف فَيكْرَه أَن يحذف غَيره انْتهى وَالَّتِي هِيَ حَشْو وَهِي متحركة بعد متحرك تكْتب حرفا على نَحْو مَا تسهل فَإِن كَانَت مَفْتُوحَة بعد فتح كتبت ألفا نَحْو سَأَلَ فَإِن كَانَ بعْدهَا ألف نَحْو مآل ومآب فَقيل تحذف وَلَا صُورَة لَهَا وَقيل تكْتب ألفا ويجتمع أَلفَانِ وَإِن كَانَت مَفْتُوحَة بعد كسرة كتبت يَاء نَحْو (مئر) وَبعد ضم كتبت واوا نَحْو جؤن وَإِن كَانَت مَكْسُورَة بعد فتح أَو كسر كتبت يَاء كسئم ومئين فَإِن كَانَ بعْدهَا فِي الْحَالين يَاء كلئيم ومئين فَقيل تحذف وَلَا صُورَة لَهَا وَقيل تجْعَل لَهَا صُورَة ويجتمع ياءان وَإِن كَانَت مَكْسُورَة بعد ضم نَحْو دئلل وَسُئِلَ فصورتها الْيَاء على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْوَاو على مَذْهَب الْأَخْفَش وَإِن كَانَت مَضْمُومَة بعد فتح أَو ضم كتبت واوا كلئوم ولؤم جمع لؤوم كصبر جمع صبور فَإِن كَانَ بعْدهَا فِي الْحَالين وَاو كلؤوم ورءوس فَقيل تحذف وَلَا صُورَة لَهَا وَقيل تجْعَل لَهَا صُورَة ويجتمع واوان وَإِن كَانَت مَضْمُومَة بعد كسر نَحْو (مئون) جمع (مائَة) كتبت بواو على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وبياء على مَذْهَب الْأَخْفَش والمتطرفة بعد سَاكن إِن كَانَ صَحِيحا حذفت الْهمزَة وألقيت حركتها على مَا قبلهَا وَلَا صُورَة لَهَا فِي الْخط لَا فِي الرّفْع وَلَا فِي النصب وَلَا فِي الْجَرّ نَحْو خبء ودفء وجزء وَقيل إِن كَانَ مَا قبلهَا السَّاكِن مَفْتُوحًا فَلَا صُورَة لَهَا وَإِن كَانَ مضموما فصورتها الْوَاو أَو مكسورا فصورتها الْيَاء مُطلقًا فيهمَا وَقيل فِي المضموم والمكسور يكْتب على حسب حَرَكَة الْهمزَة فَيكْتب الْجُزْء والدفء بِالْوَاو فِي الرّفْع وبالألف فِي النصب وبالياء فِي الْجَرّ على حسب حَرَكَة الْهمزَة وَإِن كَانَ شَيْء من ذَلِك مَنْصُوبًا منونا فَيكْتب بِأَلف وَاحِدَة وَهِي الْبَدَل من التَّنْوِين وَقيل يكْتب بِأَلفَيْنِ أَحدهمَا صُورَة الْهمزَة وَالْأُخْرَى الْبَدَل من التَّنْوِين وَقد

شَمل الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْخلاف فيهمَا قولي (حذفت فِي الْأَصَح) وَإِن كَانَ السَّاكِن مُعْتَلًّا فَإِن كَانَ زَائِدا للمد فَلَا صُورَة لَهَا نَحْو ينبيء ووضوء وسماء فَإِن كَانَ مَا فِيهِ الْألف كسماء منونا مَنْصُوبًا فَكَتبهُ جُمْهُور الْبَصرِيين بِأَلفَيْنِ الْوَاحِدَة حرف عِلّة وَالْأُخْرَى الْبَدَل من التَّنْوِين وَبَعْضهمْ والكوفيون بِوَاحِدَة وَهِي حرف الْعلَّة الَّتِي قبل الْهمزَة وَلَا يجْعَلُونَ للألف المبدلة من التَّنْوِين صُورَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَاتفقَ الْفَرِيقَانِ على أَنه لَيْسَ للهمزة صُورَة ألف فِي ذَلِك فَإِن اتَّصل مَا فِيهِ الْألف بضمير مُخَاطب أَو غَائِب فصورة الْألف وَاو رفعا نَحْو هَذِه سماؤك وياء جرا نَحْو سمائك وبألف وَاحِدَة هِيَ ألف الْمَدّ نصبا نَحْو رَأَيْت سماءك وَإِن كَانَ مَا فِيهِ الْيَاء وَالْوَاو منونا مَنْصُوبًا بِأَلف وَاحِدَة هِيَ الْبَدَل من التَّنْوِين نَحْو رَأَيْت نبيئا ووضوءا وَإِن كَانَ غير زَائِد للمد فتسهيله بالحذف وَالنَّقْل وَلَا صُورَة لَهَا فِي الْخط والمتطرفة بعد متحرك تكْتب على حسب الْحَرَكَة قبلهَا نَحْو يقْرَأ ويقرئ ويوضؤ وَهَذَا امْرُؤ وَرَأَيْت امْرأ ومررت بامرئ فَإِن كَانَ منونا مَنْصُوبًا فَقيل يكْتب بِأَلفَيْنِ وَقيل بِوَاحِدَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الأول وَقيل إِن كَانَ مَا قبلهَا مَفْتُوحًا فبالألف نَحْو لن يقْرَأ إِلَّا أَن تكون هِيَ مَضْمُومَة فالبواو نَحْو يكلؤ أَو مَكْسُورَة فبالياء نَحْو (من المكلئ) وَإِن كَانَ مَا قبلهَا مضموما فبالواو نَحْو هَذِه الأكمؤ وَرَأَيْت الأكمؤ إِلَّا أَن تكون هِيَ مَكْسُورَة فبالياء نَحْو (من الأكمئ) إِن قُلْنَا بالتسهيل بَين الْهمزَة وَالْيَاء وبالواو إِن قُلْنَا بإبدالها واوا وَإِن كَانَ مَا قبلهَا مكسورا فبالياء نَحْو لن يقرئ وَمن الْمُقْرِئ إِلَّا أَن تكون مَضْمُومَة فالبواو إِن قُلْنَا بالتسهيل بَين الْهمزَة وَالْوَاو وبالياء إِن قُلْنَا بإبدالها يَاء وعَلى الأول إِن اتَّصل بهَا ضمير فعلى حسب الْحَرَكَة قبلهَا كحالها إِذا لم يتَّصل بهَا ضمير وَقيل إِن انْضَمَّ مَا قبلهَا أَو انْكَسَرَ فَكَمَا قبل الِاتِّصَال بالضمير تجْعَل صورتهَا على حسب الْحَرَكَة قبلهَا

حذف همزة الوصل

وَإِن انْفَتح وانفتحت أَو سكنت فبالألف نَحْو لم يقرأه وَلنْ يقرأه أَو انضمت فبالواو نَحْو هُوَ يَقْرَؤُهُ هَذَا مَا قَرَّرَهُ أَبُو حَيَّان أَولا ثمَّ حكى قَول التسهيل أَنه إِذا اتَّصل بِالْهَمْزَةِ الْأَخِيرَة بعد فَتْحة أَو ألف ضمير مُتَّصِل فَإِنَّهَا تُعْطِي مَا للمتوسطة وَقَالَ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَأَنَّهَا لم تقع أخيرا إِذْ لَا يُوقف عَلَيْهَا وَلَا يبتدأ بِذَاكَ الضَّمِير قَالَ وَقد أحَال ابْن مَالك حكم مَا وَليهَا ضمير مُتَّصِل على حكم المتوسطة وَقد ذكر فِي المتوسطة أَنَّهَا تصور بالحرف الَّذِي يؤول إِلَيْهِ فِي التَّخْفِيف إبدالا وتسهيلا قَالَ فعلى هَذَا يكْتب يقْرَأ بِالْألف لِأَنَّهَا قد تخفف بإبدالها ألفا وبالواو لِأَنَّهَا قد تخفف بتسهيلها بَينهَا وَبَين الْحَرْف الَّذِي من حركتها وَيكْتب (مَا أَنا) و (ماؤك) و (مائك) بِالْألف وَالْوَاو وَالْيَاء لِأَنَّهَا قد تخفف بجعلها بَين بَين لَا بالإبدال وَقيل إِذا كَانَ مَا قبلهَا مَفْتُوحًا واتصل بهَا الضَّمِير فَكَمَا لم يتَّصل يَعْنِي أَنَّهَا تكْتب بِأَلف نَحْو هَذَا نبأك وَرَأَيْت نبأك وَعَجِبت من نبأك كحالة لَو لم يتَّصل بِهِ ضمير قَالَ أَحْمد بن يحيى إِذا انْفَتح مَا قبل الْهمزَة فبالألف مَا لم يضف فَإِن أضفته كتبته فِي الْخَفْض بياء نَحْو من نبئه وَفِي الرّفْع بواو وَفِي النصب بِأَلف قَالَ وَرُبمَا أقرُّوا الْألف وَجَاءُوا فِي الرّفْع بواو بعْدهَا وبياء فِي الْخَفْض وَلَا يجمعُونَ فِي النصب بَين أَلفَيْنِ فَيَقُولُونَ كرهت خطاأه وأعجبني خطاؤه وَعَجِبت من خطائه وَالِاخْتِيَار مَعَ الْوَاو وَالْيَاء أَن تسْقط الْألف وَهُوَ الْقيَاس فَأَما الألفان فَإِن الْعَرَب لم تجمع بَينهمَا وَلذَلِك كتبُوا أَخطَأ وَقَرَأَ بِأَلف وَاحِدَة وَلَو كتبت بِأَلفَيْنِ كَانَ هَا هُنَا أوثق ليفرق بَين الْوَاحِد والتثنية إِلَّا أَنهم اكتفوا بِالدَّلِيلِ الَّذِي قبله من الْكَلَام أَو بعده عَلَيْهِ اه حذف همزَة الْوَصْل وتحذف همزَة الْوَصْل خطا فِي مَوَاضِع أَحدهَا إِذا وَقعت بَين الْوَاو أَو الْفَاء وَبَين همزَة هِيَ فَاء نَحْو (فأت) (وأت) وَعَلِيهِ كتبُوا {وَأمر أهلك} [طه: 132] وَالسَّبَب فِي الْحَذف أَنَّهَا لَو أَثْبَتَت لَكَانَ جمعا بَين أَلفَيْنِ صُورَة همزَة الْوَصْل وَصُورَة الْهمزَة الَّتِي هِيَ فَاء

ألف القطع

الْكَلِمَة مَعَ كَون الْوَاو وَالْفَاء شديدي الِاتِّصَال بِمَا بعدهمَا لَا يُوقف عَلَيْهِمَا دونه وهم لم يجمعوا بَين أَلفَيْنِ فِي سَائِر هجائهم إِلَّا على خلاف فِي المتطرفة لِأَن الْأَطْرَاف مَحل التغييرات وَالزِّيَادَة فَلَو لم يتقدمها شَيْء أصلا أَثْبَتَت كَقَوْلِك فِي الِابْتِدَاء (ائْذَنْ لي) (اؤتمن فلَان) وَكَذَا لَو تقدمها غير الْوَاو وَالْفَاء نَحْو: {ثمَّ ائْتُوا} [طه: 64] {الَّذِي اؤتمن} [الْبَقَرَة: 283] {من يَقُول ائْذَنْ لي} [التَّوْبَة: 49] أَو تقدمها الْوَاو وَالْفَاء وَلَيْسَت فَاء الْكَلِمَة همزَة نَحْو: (وَاضْرِبْ) (فَاضْرب) الثَّانِي إِذا وَقعت بعد همزَة الِاسْتِفْهَام سَوَاء كَانَت همزَة الْوَصْل مَكْسُورَة أَو مَضْمُومَة نَحْو (أسمك زيد أَو عَمْرو) و (اصطفي زيد أم عَمْرو) فَإِن كَانَت مَفْتُوحَة نَحْو: {أصطفى الْبَنَات} [الصافات: 153] {ءالذَّكَرَينِ حَرَّمَ} [الْأَنْعَام: 143] فَكَلَام ابْن مَالك يَقْتَضِي الْحَذف أَيْضا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ شَيْء ذهب إِلَيْهِ أَحْمد بن يحيى قَالَ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابنَا أَنه يكْتب بِأَلفَيْنِ إِحْدَاهمَا ألف الْوَصْل وَالْأُخْرَى ألف الِاسْتِفْهَام قَالَ أَحْمد بن يحيى الْعَرَب تكتفي بِأَلف الِاسْتِفْهَام عَن ألف الْوَصْل فِي الْألف وَاللَّام من الْخط وَأما اللَّفْظ فعلى التَّطْوِيل وإثباتها مثل {ءَآلذَّكَرَينِ} [الْأَنْعَام: 143] (الله) وَكَأَنَّهُم اكتفوا بِصُورَة عَن صُورَة لِأَن صُورَة ألف الِاسْتِفْهَام كصورة الْألف بعْدهَا وَلم يحذفوا فِي اللَّفْظ لِئَلَّا يشْتَبه الْخَبَر بالاستفهام انْتهى ألف الْقطع أما ألف الْقطع إِذا وَقعت بعد همزَة الِاسْتِفْهَام فَإِنَّهَا لَا تحذف بل تصور بمجانس حركتها لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تسهل على نَحوه فتكتب ألفا فِي نَحْو (أأسجد) وياء فِي (أئنك) وواوا فِي أؤنزل وَجوز الْكسَائي وثعلب الْحَذف فِي الْمَفْتُوحَة فتكتب أَسجد بِأَلف وَاحِدَة غير أَن الْكسَائي قَالَ الْمَحْذُوف ألف الِاسْتِفْهَام وثعلب قَالَ المحذوفة الثَّانِيَة وَجوز ابْن مَالك كِتَابَة الْمَكْسُورَة والمضمومة بِأَلف نَحْو أإنك أأنزل

الثَّالِث من لَام التَّعْرِيف إِذا وَقعت بعد لَام الِابْتِدَاء أَو لَام الْجَرّ نَحْو {وللدار الْآخِرَة} [الْأَنْعَام: 32] {للَّذين أَحْسنُوا} [يُونُس: 26] وَكَانَ قياسها الْإِثْبَات كَمَا كتبوها فِي لابنك قَائِم ولابنك مَال وَسبب حذفهَا خوف التباسها بِلَا النافية وَزعم الْفراء أَن سَببه اجْتِمَاع ثَلَاثَة أشكال متشابهات فِي الْخط لِأَن اللَّام مثل الْألف واجتماع الْأَمْثَال يستثقل لفظا فَكَذَلِك خطا وَزعم بَعضهم أَن سَببه فِي لَام الْجَرّ شدَّة اتصالها بِمَا بعْدهَا فكأنهما كلمة وَاحِدَة وهمزة الْوَصْل لَا تكون حَشْوًا وَزعم بَعضهم أَن الْألف لَا تحذف مَعَ لَام الِابْتِدَاء فرقا بَينهَا وَبَين لَام الْجَرّ وَلَو وَقع بعد اللَّام وصل بعْدهَا لَام من نفس الْكَلِمَة كتبت الْألف على الأَصْل نَحْو جِئْت لالتقاء زيد فَإِن أدخلت الْألف وَاللَّام وأدخلت لَام الْجَرّ حذفت همزَة الْوَصْل فَكتبت للالتقاء الرَّابِع من أول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَكَانَ الْقيَاس أَن يكْتب (باسم) بِالْألف كَمَا يكْتب بِابْن لَكِن حذفوها لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَا تحذف فِي غير الْبَسْمَلَة من أَنْوَاع التَّسْمِيَة نَحْو باسم الله بِدُونِ الرَّحْمَن الرَّحِيم و ( {باسم رَبك} [العلق: 1] وَزعم بَعضهم أَنَّهَا لم تحذف فِي الْبَسْمَلَة أَيْضا وَإِنَّمَا كتتب على لُغَة من يَقُول سم الله وَالْأَصْل بِسم الله ثمَّ خفف على حد قَوْلهم فِي إبل بل وَالْتزم التَّخْفِيف قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْأَحْسَن جعل اللَّفْظ على اللُّغَة الفصيحة إِذا لَو كَانَ حذف الْألف لتِلْك اللُّغَة لجَاز إِسْقَاط الْألف فِي جَمِيع الْمَوَاضِع وَلَيْسَ كَذَلِك وَزعم الْأَخْفَش أَن سَبَب حذفهَا كَون الْبَاء لَا يُوقف عَلَيْهَا فَكَأَنَّهَا وَالِاسْم شَيْء وَاحِد وَجوز الْفراء حذفهَا من {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} [هود: 41] وباسم الله بِدُونِ الرَّحْمَن الرَّحِيم لِأَنَّهُمَا كَانَا مَعهَا فحذفا للاستعمال وَجوز بَعضهم حذفهَا من (بِسم الله) وَإِذا لم ينْو مَعهَا الرَّحْمَن الرَّحِيم بِشَرْط أَلا تكون الْإِضَافَة إِلَى الله والا يكون للباء تعلق بِهِ فِي اللَّفْظ وَألا يكون

أحكام الوصل والفصل

قبلهَا كَلَام فَإِن فقد شَرط مِمَّا ذكر لم يجز الْحَذف نَحْو (باسم رَبك تبركت باسم الله أبدأ باسم الله) وَجوز الْكسَائي حذفهَا وَلَو أضيف الِاسْم إِلَى الرَّحْمَن أَو القاهر وَقَالَ الْفراء هَذَا بَاطِل لَا يجوز أَن يحذف إِلَّا مَعَ الله لِأَنَّهَا كثرت مَعَه فَإِذا عدوت ذَلِك أثبت الْألف وَهُوَ الصَّوَاب الْخَامِس من (ابْن) الْوَاقِع بَين علمين صفة مُفردا سَوَاء كَانَا اسْمَيْنِ أم كنيتين أم لقين أم مُخْتَلفين نَحْو هَذَا زيد بن عَمْرو هَذَا أَبُو بكر بن أبي عبد الله وَهَذَا بطة بن قفة وَيتَصَوَّر فِي الْمُخْتَلِفين سِتَّة أَمْثِلَة وَحكى أَبُو الْفَتْح عَن متأخري الْكتاب أَنهم لَا يحذفون الْألف مَعَ الكنية تقدّمت أَو تَأَخَّرت قَالَ وَهُوَ مَرْدُود عِنْد الْعلمَاء على قِيَاس مَذْهَبهم لِأَن حذف التَّنْوِين مَعَ المكني كحذفه مَعَ الْأَسْمَاء وَإِنَّمَا هُوَ لجعل الاسمين اسْما وَاحِدًا فحذفت الْألف لِأَنَّهُ توَسط الْكَلِمَة أهـ وَقَالَ أَبُو حَيَّان الْألف تحذف من الْخط فِي كل مَوضِع يحذف مِنْهُ التَّنْوِين وَهُوَ يحذف مَعَ المكني مثل مَا يحذف مَعَ الْأَسْمَاء الْأَعْلَام قَالَ: 1819 - (فَلم أَجْبُن وَلم أنكل وَلَكِن ... يَمَمْتُ بهَا أَبَا صَخْر بنَ عَمْرو) قَالَ وَشرط ابْن عُصْفُور أَن يكون (ابْن) مذكرا وَهُوَ خلاف مَا جزم بِهِ ابْن مَالك من إلحاقهم فُلَانَة بنت فُلَانَة بفلان بن فلَان وَلم لم يكن (ابْن) صفة بل كَانَ بَدَلا أَو خَبرا لم تحذف أَلفه 3 - أَحْكَام الْوَصْل والفصل (ص) ويوصل مركب المزج وكل كلمة على حرف يقبل الْوَصْل وَالضَّمِير الْمُتَّصِل وعلامات الْفُرُوع وَمَا ملغاة أَو كَافَّة وَلَو فِي قَلما فِي الْأَصَح وَكلما إِن لم يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا واستفهامية بعن وَمن وَفِي لَا

بموصولة فِي الْأَصَح وَفِي نعما وبئسما وَجْهَان و (من) (بِمن) لَا (بعن) مُطلقًا فِي الْأَصَح واستفهامية (بعن) لَا مَعَ (مَعَ) و (إِن) (بِلَا) وَفِي (أَن) و (كي) خلف وتحذف نون ذِي النُّون وَلَا توصل لن وَلم وَأم وشذ وصل (ويكأنه) (ويلمه) وَنَحْو (يَوْمئِذٍ) و (ثَلَاثمِائَة) (ش) النَّوْع الثَّانِي أَحْكَام الْوَصْل والفصل فَالْأَصْل فصل الْكَلِمَة من الْكَلِمَة لِأَن كل كلمة تدل على معنى غير معنى الْكَلِمَة الْأُخْرَى فَكَمَا أَن الْمَعْنيين متميزان فَكَذَلِك اللَّفْظ الْمعبر عَنْهُمَا يكون وَكَذَلِكَ الْخط النَّائِب عَن اللَّفْظ يكون متميزا بفصله عَن غَيره وَخرج عَن ذَلِك مَا كَانَا كشيء وَاحِد فَلَا تفصل الْكَلِمَة من الْكَلِمَة وَذَلِكَ أَرْبَعَة أَشْيَاء الأول الْمركب تركيب مزج كبعلبك بِخِلَاف غَيره من المركبات كغلام زيد وَخَمْسَة عشر وصباح مسَاء وَبَين بَين وحيص بيص الثَّانِي أَن تكون إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ لَا يبتدأ بهَا لِأَن الْفَصْل فِي الْخط يدل على الْفَصْل فِي اللَّفْظ فَإِذا كَانَ لَا يُمكن فَصله فِي اللَّفْظ فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون فِي الْخط وَذَلِكَ نَحْو الضمائر البارزة والمتصلة وَنون التوكيد وعلامات التَّأْنِيث والتثنية وَالْجمع وَغير ذَلِك مِمَّا لَا يُمكن أَن يبتدأ بِهِ الثَّالِث أَن تكون إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ لَا يُوقف عَلَيْهَا وَذَلِكَ نَحْو بَاء الْجَرّ ولامه كافه وَفَاء الْعَطف وَالْجَزَاء وَلَام التَّأْكِيد فَإِن هَذِه الْحُرُوف لَا يُوقف عَلَيْهَا وَخرج عَن ذَلِك وَاو الْعَطف وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا لَا توصل لعدم قبُولهَا للوصل الرَّابِع مَا يذكر من الْأَلْفَاظ فتوصل (مَا) إِذا كَانَت ملغاة نَحْو {مِمَّا خطيئاتهم} [نوح: 25] {أَيْنَمَا تَكُونُوا} [النِّسَاء: 78] {فإمَّا تَرين} [مَرْيَم: 26] و (إِنَّمَا) و (حَيْثُمَا) و (كَيْفَمَا) و (أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت) وَإِذا كَانَت كَافَّة نَحْو (كَمَا) و (رُبمَا) و (إِنَّمَا) و (كَأَنَّمَا) و (ليتما) و (لعلما) وَاسْتثنى ابْن درسْتوَيْه والزنجاني (مَا) فِي (قَلما) فَقَالَا إِنَّهَا تفصل وتوصل ب (كل) إِن لم يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا وَهِي الظَّرْفِيَّة نَحْو (كلما جِئْت أكرمتك) {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا قَالُوا} [الْبَقَرَة: 25] بِخِلَاف الَّتِي يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا فَإِنَّهَا تكون حِينَئِذٍ اسْما مُضَافا إِلَيْهِ كل نَحْو {وَءَاتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إِبْرَاهِيم: 34]

وتوصل (مَا) الاستفهامية بعن وَمن وَفِي لِأَنَّهَا تحذف ألفها مَعَ الثَّلَاثَة وَتصير على حرف وَاحِد فَحسن وَصلهَا بهَا نَحْو {عَم يتساءلون} [النبأ: 1] مِم هَذَا الثَّوْب {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا} [النازعات: 43] وَلَا توصل (مَا) الشّرطِيَّة بِوَاحِد من الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو حَيَّان الْقيَاس يَقْتَضِي أَن تكْتب مَعهَا مفصولة وَقَالَ فِي (مَا) الموصولة مَعَ الثَّلَاثَة ثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا أَنَّهَا تكْتب مُتَّصِلَة مَعهَا لأجل الْإِدْغَام فِي عَن وَمن وَهُوَ مَذْهَب ابْن قُتَيْبَة نَحْو رغبت عَمَّا رغبت عَنهُ وَعَجِبت (مِمَّا) عجبت مِنْهُ وفكرت فِيمَا فَكرت فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّهَا تكْتب مفصولة على قِيَاس مَا هُوَ من كَلِمَتَيْنِ وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا وَبِه جزم ابْن عُصْفُور وَهُوَ أرجح لِأَنَّهُ الأَصْل وَلِأَن عِلّة الْوَصْل الْآتِيَة فِي (مِمَّن) وَهُوَ التباس اللَّفْظَيْنِ خطا مفقودة فِي (مِمَّا) وَالثَّالِث أَن الْغَالِب تكْتب مَوْصُولَة وَيجوز كتبهَا مفصولة وَهُوَ اخْتِيَار ابْن مَالك وَفِي (مَا) مَعَ (نعم) و (بئس) وَجْهَان حَكَاهُمَا ابْن قُتَيْبَة الْفَصْل على الأَصْل والوصل لأجل الْإِدْغَام فِي نعما وحملت بئْسَمَا عَلَيْهَا وَقد رسما فِي الْمُصحف بالوصل وتوصل (من) (بِمن) مُطلقًا سَوَاء كَانَت مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة أم استفهامية أم شَرْطِيَّة نَحْو (أخذت مِمَّن أخذت مِنْهُ وَمِمَّنْ أَنْت وَمِمَّنْ تَأْخُذ آخذ مِنْهُ) وَإِنَّمَا وصلت بهَا لأجل اشتباهها خطا لَو كتبا (من من) فوصلا وأدغمت نون من وَمِيم من وَنزلت منزلَة المدغم فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة فَلم يَجْعَل لَهَا صُورَة هَذَا مَا قَالَه ابْن مَالك وَقَالَ ابْن عُصْفُور توصل الاستفهامية فَقَط حملا على أُخْتهَا (مَا) ويفصل غَيرهَا على الأَصْل قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول ابْن مَالك أرجح نظرا إِلَى عِلّة الِاشْتِبَاه فِي الْخط

وَفِي (من) سَوَاء كَانَت استفهامية أَو مَوْصُولَة أَو شَرْطِيَّة مَعَ (عَن) رأيان قَالَ ابْن قُتَيْبَة تكْتب (عَمَّن) مُتَّصِلَة على كل حَال لأجل الْإِدْغَام كَمَا تكْتب (عَم) و (عَمَّا) نَحْو (عَمَّن تسْأَل) و (رويت عَمَّن رويت عَنهُ) و (عَمَّن ترْضى أرْضى عَنهُ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَزعم غَيره أَنه لَا يُؤثر فِي ذَلِك الْإِدْغَام لِأَنَّهُمَا كلمتان وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَأما ابْن مَالك فَقَالَ إِن الْغَالِب الْوَصْل وَيجوز الْفَصْل وتوصل (من) الاستفهامية ب (فِي) قولا وَاحِدًا نَحْو (فِيمَن تفكر) وتوصل إِن الشّرطِيَّة ب (لَا) نَحْو {إِلَّا تفعلوه} [الْأَنْفَال: 73] {إِلَّا تنصروه} [التَّوْبَة: 40] وَفِي أَن الناصبة مَعَ لَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنَّهَا تكْتب مفصولة مُطلقًا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ الأَصْل وَالثَّانِي أَن الناصبة يُوصل بهَا والمخففة من الثَّقِيلَة يفصل مِنْهَا وَهُوَ قَول ابْن قُتَيْبَة وَاخْتَارَهُ ابْن السَّيِّد وَعلله ابْن الضائع بِأَن الناصبة شَدِيدَة الِاتِّصَال بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ لَا يجوز أَن يفصل بَينهَا وَبَينه والمخففة بِالْعَكْسِ بِحَيْثُ لَا يجوز أَن تتصل بِهِ فَحسن الْوَصْل فِي تِلْكَ والفصل فِي هَذِه خطا وَفِي (كي) مَعَ (لَا) قَولَانِ قَالَ ابْن قُتَيْبَة تكْتب مُنْفَصِلَة كي لَا تفصل كَمَا تكْتب (حَتَّى لَا تفعل) مُنْفَصِلَة وَقَالَ غَيره تكْتب مُتَّصِلَة وَمَا وصل من الْمَذْكُورَات مِمَّا فِيهِ نون وَهُوَ من وَعَن وَأَن وَإِن حذفت نونه للإدغام كَمَا مر فِي الْأَمْثِلَة وَلَا يُوصل (لن) و (لم) و (لم) و (أم) بِشَيْء وَمَا وَقع فِي رسم الْمُصحف من وصل {ألن نجمع عِظَامه} [الْقِيَامَة: 3] {فَإِلَّم يَستَجِيبُوا لَكُم} [هود: 14] {أَمَّن هُوَ قَانِتٌ} [الزمر: 9] فَهُوَ مِمَّا لَا يُقَاس عَلَيْهِ كَسَائِر مَا رسم فِيهِ مُخَالفا لما تقدم وَلما يَأْتِي وَأما (مَعَ) إِذا اتَّصَلت بِمن فَإِنَّهَا تكْتب مفصولة قَالَه ابْن قُتَيْبَة

أحكام الزيادة

قَالَ أَبُو حَيَّان قَالَ بعض شُيُوخنَا أَظن سَبَب ذَلِك قلَّة الِاسْتِعْمَال وَإِلَّا فَمَا الْفرق بَين (مَعَ) وَبَين (فِي) قَالَ وَقد يُمكن أَن يفرق بالاسمية فَإِن (فِي) لَا تكون إِلَّا حرفا و (مَعَ) اسْم وَهِي أَيْضا تنفصل مِمَّا بعْدهَا فَتَقول (مَعًا) فَلذَلِك فصلت بِخِلَاف (فِي) وَمِمَّا وصل شذوذا وَكَانَ قِيَاسه الْفَصْل (ويكأنه) لِأَنَّهُ مركب من (وي) بِمَعْنى أعجب و (كَأَنَّهُ) و (ويلمه) وَالْأَصْل (ويل أمه) و (يَوْمئِذٍ) وَنَحْوه من الظروف المضافة ل (إِذْ) و (ثلثمِائة) وَنَحْوه وَفِي حفظي أَن الْوَصْل خَاص بثلاثمائة وسِتمِائَة فَقَط وأظن ذَلِك فِي شرح الْهَادِي للزنجاني وَلَيْسَ بحاضر عِنْدِي الْآن 3 - أَحْكَام الزِّيَادَة (ص) وزيدت ألف بعد وَاو الْجمع متطرفة فِي مَاض وَأمر وَفِي الْمُضَارع رأيان لَا اسْم خلافًا للكوفيين وَلَا مضارع مُفْرد مُطلقًا خلافًا للكسائي وَلَا رفعا خلافًا للفراء وَفِي مائَة وَمِائَتَيْنِ فِي الْأَشْهر وواو فِي أُولَئِكَ وَأولُوا وَأولَات وَفِي يَا أوخي عِنْد بَعضهم وَعَمْرو علما فرقا من عمر وَمن ثمَّ لم تزد مَنْصُوبًا قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَلَا مُضَافا لمضمر والزنجاني وَلَا مُصَغرًا ومعرفا بأل وقافية (ش) النَّوْع الثَّالِث أَحْكَام الزِّيَادَة فتزاد ألف بعد وَاو الْجمع المتطرفة الْمُتَّصِلَة بِفعل مَاض وأمرر نَحْو ضربوا واضربوا وَلَا تزاد بعد غير وَاو الْجمع نَحْو يَغْزُو وَيَدْعُو خلافًا للفراء فَإِنَّهُ يُجِيز أَن يلْحق فِي حَاله الرّفْع خَاصَّة وللكسائي حَالَة النصب نَحْو لن يغزوا زيد بِالْألف وَلنْ يغزوك بِلَا ألف فرقا بَين الِاتِّصَال والانفصال وَلَا بعد وَاو الْجمع غير المتطرفة نَحْو ضربوك واضربوه وَلَا بعد وَاو الْجمع المتطرفة الْمُتَّصِلَة باسم نَحْو (ضاربو زيد) لعدم لُزُوم هَذِه الْوَاو وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ لحاقها فيكتبون نَحْو ضاربوا زيد وهموا بِالْألف كَمَا ترى وَكَذَا بنوا زيد بخلفا أَبُو زيد وأخو زيد

وَاخْتلف البصريون فِي إلحاقها بالمضارع إِذا اتَّصَلت الْوَاو بِهِ متطرفة نَحْو لن يضْربُوا فالأخفش يَجعله كالماضي وَالْأَمر فِي لحاق الْألف وَبَعض الْبَصرِيين لَا يلْحقهَا وَقد اخْتلفُوا فِي سَبَب زيادتها فَقَالَ الْخَلِيل لما كَانَ وَضعهَا على الْمَدّ وعَلى أَلا تتحرك أصلا زادوا بعْدهَا الْألف لِأَن فصل صَوت الْمَدّ بهَا يَنْتَهِي إِلَى مخرج الْألف وَقَالَ بَعضهم فصلوا بهَا بَين الضَّمِير الْمُنْفَصِل وَالضَّمِير الْمُتَّصِل نَحْو ضربوهم إِذا كَانَ الضَّمِير مَفْعُولا لم يكتبوا الْألف وَإِذا كَانَ تَأْكِيدًا كتبوها فرقا بَين الضميرين وَيتْرك الْألف فِي خطّ الْمُصحف فِي {وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم} [المطففين: 3] استدلوا على أَن الضَّمِير مفعول وَأَنه لَيْسَ ضمير رفع مُنْفَصِلا توكيدا لواو الْجمع ثمَّ اطردت زِيَادَة هَذِه الْألف فِي كل وَاو جمع وَإِن لم يلْحقهَا ضمير وَذهب الْأَخْفَش وَابْن قُتَيْبَة إِلَى أَنَّهَا فصل بهَا وَبَين وَاو الْجمع وواو النسق نَحْو (كفرُوا) و (وردوا) و (جَاءُوا) وَنَحْوهَا من الواوات الْمُنْفَصِلَة عَن الْحَرْف قبلهَا هَذَا هُوَ الأَصْل ثمَّ حذفوا على ذَلِك من الواوات الْمُتَّصِلَة بالحرف قبلهَا نَحْو (ضربوا) ليَكُون الْبَاب وَاحِدًا وَلِهَذَا لم تلْحق بالمفرد نَحْو (يَدْعُو) لِأَنَّهَا لاتصالها لَا يعرض فِيهَا من اللّبْس مَا يعرض مَعَ وَاو الْجمع وَلذَلِك سموا هَذِه الْألف ألف الْفَصْل وَعلل مَذْهَب الْفراء بِأَنَّهَا زيدت للْفرق بَين الْوَاو المتحركة وَالْوَاو الساكنة وَعلل مَذْهَب الْكسَائي بِأَنَّهَا زيدت فرقا بَين الِاسْم وَالْفِعْل وَقَالَ بَعضهم فرقوا بهَا بَين الْوَاو الْأَصْلِيَّة وَالْوَاو الزَّائِدَة وزيدت ألف أَيْضا فِي (مائَة) قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ للْفرق بَينهَا وَبَين (مِنْهُ) وَكَانَت الزِّيَادَة من حُرُوف الْعلَّة لِأَنَّهَا تكْثر زيادتها وَكَانَت ألفا لِأَنَّهَا تشبه الْهمزَة وَلِأَن الفتحة من جنس الْألف وَلم تكن يَاء لِأَنَّهُ كَانَ يجْتَمع حرفان مثلان وَلَا واوا لاستثقال الْجمع بَين الْيَاء وَالْوَاو

وَجعل الْفرق فِي (مائَة) دون (مِنْهُ) إِمَّا لِأَن (مائَة) اسْم و (مِنْهُ) حرف وَالِاسْم أحمل للزِّيَادَة من الْحَرْف وَإِمَّا لِأَن (الْمِائَة) محذوفة اللَّام يدل على ذَلِك (أمأيت الدارهم) فَجعل الْفرق فِي (مائَة) بَدَلا من الْمَحْذُوف مَعَ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلذَلِك لم يفصلوا بَين فِئَة و (فِيهِ) لعدم كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَقَالَ مُحَمَّد بن حَرْب الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالملهم صَاحب الْأَخْفَش كَانَت هَذِه الْألف فِي مائَة أولى مِنْهَا بمنه لِأَن أصل مائَة مئية على وزن فعلة من مئيت والهمزة تقع مَفْتُوحَة فِي لفظ ألف وينكسر مَا قبلهَا فَيسْتَحق بذلك أَن تكْتب يَاء فألزموها العلتين جَمِيعًا الْيَاء للكسرة وَالْألف للفتحة وَلِأَن الْعدَد أولى بالتوكيد والعلامات من غَيره أهـ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالدَّلِيل على أَن الأَصْل فِي (مائَة) (مئية) قَول الشَّاعِر: 1820 - (فَقلت والمَرْءُ تُخْطِيه مَنِيتُهُ ... أَدْنَى عطيّتِهِ إيّاي مِئْياتُ) وَضعف الْكُوفِيُّونَ تَعْلِيل الْبَصرِيين بِأَن (مائَة) اسْم و (مِنْهُ) حرف فهما جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ وَالْفرق يَنْبَغِي أَن يَجْعَل فِي مُتحد الْجِنْس يدل على ذَلِك أَنهم لم يفرقُوا بَين (فِئَة) و (فِيهِ) لاختلافه قَالُوا وَإِنَّمَا زيدت فرقا بَينهَا وَبَين (فِئَة) و (رئة) فِي انْقِطَاع لَفظهَا فِي الْعدَد وَعدم انْقِطَاع (فِئَة ورئة) لِأَنَّك تَقول تسع مائَة وَلَا تَقول عشر مائَة بل تَقول ألف وَتقول تسع فئات وتسع رئات وَعشر فئات وَعشر رئات فَلَا يَنْقَطِع ذكرهَا بِهِ فِي التعشير فَلَمَّا خالفتها فِيمَا ذكر خالفوا بَينهَا وَبَينهَا فِي الْخط قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد رَأَيْت بِخَط بعض النُّحَاة (مأة) هَكَذَا بِأَلف عَلَيْهَا همزَة الْهمزَة دون يَاء وَقد حُكيَ كتب الْهمزَة الْمَفْتُوحَة إِذا انْكَسَرَ مَا قَلبهَا بِالْألف عَن حذاق النَّحْوِيين مِنْهُم الْفراء رُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول يجوز أَن تكْتب الْهمزَة ألفا فِي كل مَوضِع

وَقَالَ ابْن كيسَان وَمِنْهُم من يكْتب الْهمزَة ألفا على حركتها فِي نَفسهَا وَإِن كَانَ مَا قبلهَا مكسورا قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَثِيرًا مَا أكتب أَنا (مئة) بِغَيْر ألف كَمَا تكْتب (فِئَة) لِأَن كتب مائَة بِالْألف خَارج عَن الأقيسة فَالَّذِي أختاره أَن تكْتب بِالْألف دون الْيَاء على وَجه تَحْقِيق الْهمزَة أَو بِالْيَاءِ دون الْألف على وَجه تسهيلها قَالَ وَحكى صَاحب البديع أَن مِنْهُم من يحذف الْألف من مائَة فِي الْخط قَالَ وَأما زِيَادَة الْألف فِي مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خلاف مِنْهُم من يزيدها وَهُوَ اخْتِيَار ابْن مَالك لِأَن التَّثْنِيَة لَا تغير الْوَاحِد عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ بِخِلَاف الْجمع وَمِنْهُم من لَا يزيدها كَمَا لم يزدها فِي الْجمع لِأَن مُوجب الزِّيَادَة قد زَالَ وَاتَّفَقُوا على أَنَّهَا لَا تزاد فِي الْجمع نَحْو مئات ومئون وزيدت وَاو فِي أُولَئِكَ وأولو وَأولَات قَالَ أَبُو حَيَّان أما أُولَئِكَ فتضافرت النُّصُوص على أَنهم زادوا الْوَاو فِيهَا فرقا بَينهَا وَبَين إِلَيْك وَكَانَت الْوَاو أولى من الْيَاء لمناسبة ضمة الْهمزَة وَمن الْألف لِاجْتِمَاع مثلين وَجعل الْفرق فِي أُولَئِكَ لِأَن الزِّيَادَة فِي الْأَسْمَاء أَكثر وَلِأَن (أُولَئِكَ) قد حذف مِنْهُ ألف فَكَانَت الزِّيَادَة فِيهِ أولى ليَكُون كالعوض من الْمَحْذُوف وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن ذَلِك للْفرق بَينهَا وَبَين أُولَئِكَ الاسمية لِأَن (إِلَى) قد تسْتَعْمل اسْما حكوا من كَلَام الْعَرَب (انصرفت من إِلَيْك) وَهَذَا مِنْهُم بِنَاء على أَن الْفرق إِنَّمَا جعل فِي المتحد الْجِنْس قَالَ وَأما أولو وَأولَات فَلم أظفر فِي تَعْلِيله بِنَصّ وَيُمكن عِنْدِي أَن يَكُونُوا زادوا الْوَاو فِيهِ للْفرق بَين (أولي) فِي حَالَة النصب والجر وَبَين (إِلَى) الجارة وحملت حَالَة الرّفْع على حَالَة النصب والجر وَحمل التَّأْنِيث فِي أولات على التَّذْكِير فِي (أولي) قَالَ وَأما فِي (أوخي) حَالَة التصغير فزادها بعض أهل الْخط فرقا بَينهَا وَبَين أخي المكبر وَكَانَت الزِّيَادَة فِي التصغير لِأَنَّهُ فرع وَالْفُرُوع أحمل للزِّيَادَة وَلِأَنَّهُ قد يُغير لأجل التصغير والتغيير يأنس بالتغيير وَكَانَت وَاو الْمُنَاسبَة ضمة الْهمزَة وَأكْثر أهل الْخط لَا يزيدونهها لِأَن التصغير فرع من التَّكْبِير وَلَيْسَ

أحكام الحذف

بِبِنَاء أُصَلِّي أهـ وزيدت الْوَاو أَيْضا فِي (عَمْرو) وَذَلِكَ للْفرق بَينه وَبَين (عمر) وَلِهَذَا اخْتصّت بِحَالَة الرّفْع والجر لِأَنَّهُ حَالَة النصب يكْتب بِأَلف دون عمر فَيظْهر الْفرق وَكَانَت الزِّيَادَة واوا لِأَنَّهُ لَا يَقع فِيهَا لبس إِذْ لَو كَانَت يَاء لالتبس بالمضاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم أَو ألفا لالتبس الْمَرْفُوع بالمنصوب وَجعلت فِي عَمْرو وَلِأَنَّهُ أخف من (عمر) من جِهَة بنائِهِ على فعل وَمن جِهَة انْصِرَافه وَذكر ابْن قُتَيْبَة ... . أَحْكَام الْحَذف (ص) وحذفت لَام التَّعْرِيف من مَوْصُول إِلَّا اللَّذَان وَفِي اللَّيْل وَاللَّيْلَة قيل واللطيف وَجْهَان وَمِمَّا اجْتمع فِيهِ ثَلَاث لامات وَالْألف من الله وإله والرحمن والحرث علما مَا لم يجردا وَالسّلم عَلَيْكُم وَعبد السّلم وسبحن الله وَمَا كثر اسْتِعْمَاله من الْأَعْلَام الزَّائِدَة على ثَلَاثَة مَا لم يلبس أَو يحذف شَيْء وَمن ملئكة وسموات ومفاعل ومفاعيل إِن أَمن قيل وَلم يؤد إِلَى مثلين وفاعلات وفاعلين غير ملبس وَلَا مضاعف وَلَا معتل لَام وَمن ذَلِك وَأُولَئِكَ وَثَلَاث وَثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ وَثَمَانِية وثماني وَفِي ثَمَانِينَ وَجْهَان وَلَكِن ولكنّ وهاء مَعَ الله وَالْإِشَارَة خَالِيَة من الْكَاف إِلَّا تا وتي ومضمر أَوله همزَة وَقيل هِيَ المحذوفة قيل وَمَعَ غَيرهَا وَأحد لينين متماثلين مَا لم يلبس وَجوز ابْن الضائع كِتَابَة واوين (ش) النَّوْع الرَّابِع أَحْكَام الْحَذف فتحذف لَام التَّعْرِيف من الَّذِي وَجمعه وَهُوَ الَّذين وَمن الَّتِي وفروعه وَهُوَ للتثنية وَالْجمع نَحْو التان والتين والآتي والآئي كَرَاهَة اجْتِمَاع مثلين فِي الْخط وَتثبت فِي مثنى الَّذِي خَاصَّة وَهُوَ اللَّذَان واللذين فرقا بَينه وَبَينه الْجمع وَلم يثبت فِي مثنى الَّتِي لِأَنَّهُ لَا يلتبس بجمعه

وَقَالَ أَحْمد بن يحيى كتبُوا (اللَّاتِي) و (اللائي) (الَّتِي) و (الئي) وأسقطوا لاما من أَولهَا وألفا من آخرهَا هَذَا للاستعمال لِأَنَّهُ يقل فِي الْكَلَام مثله وَيدل عَلَيْهِ مَا قبله وَمَا بعده وَلَو كتب على لَفظه كَانَ أوثق أهـ قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَلَامه يدل على حذف اللَّام من أَوله وَالْألف من آخِره مَعًا وَالَّذِي عهدناه فِي الْكتاب أَنه لَا تحذف الْألف لِئَلَّا يلتبس بالمفرد قَالَ فَإِن قلت اللَّام ألزم فِي الله فَهَلا حذفت قيل لما حذفت الْألف مِنْهُ كَرهُوا حذف اللَّام مَعَ أَنَّهَا لَو حذفت لالتبس ب (إِلَه) لِأَن أَلفه تحذف وَفِي اللَّيْل وَاللَّيْلَة وَجْهَان الْحَذف وَالْإِثْبَات وَالْقِيَاس كتبه بلامين والحذف أَجود لِأَن فِيهِ اتِّبَاع خطّ الْمُصحف قَالَ أَبُو حَيَّان وَزَاد أَحْمد بن يحيى (اللَّطِيف) فعده مَعَ اللَّيْل وَاللَّيْلَة فِيمَا كتب بلام وَاحِدَة قَالَ لِأَنَّهُ عرف فاستخف قَالَ وَكَتَبُوا اللَّهْو واللعب وَاللَّحم بلامين وَلَو كتب بلام لجَاز وتحذف لَام التَّعْرِيف أَيْضا مِمَّا اجْتمع فِيهِ ثَلَاث لامات كَرَاهَة اجْتِمَاع الْأَمْثَال نَحْو (لله) (للسان) و (للدَّار) وتحذف اللَّام من اسْم (الله) وَكَانَ الْقيَاس إِثْبَاتهَا كَمَا فِي اللَّام لكنه قد تصرف فِيهِ بأنواع من التَّصَرُّفَات الَّتِي لَا تجوز إِلَّا فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا يلتبس إِذْ لَا مشارك فِي هَذَا الِاسْم ولكثرة الِاسْتِعْمَال فَهَذِهِ أَشْيَاء تحسن الْحَذف وَأما قَوْلهم (لاه أَبوك) يُرِيدُونَ لله أَبوك فَإِنَّهُم كتبوه بِالْألف لأجل مَا حذف مِنْهُ من حرف الْجَرّ وَالْألف وَاللَّام وَلَا يرد ذَلِك على عبارَة الْمَتْن لِأَنَّهُ خص فِيهِ الْحَذف بِلَفْظ الله ويحذف أَيْضا من (إِلَه) وَمن (الرَّحْمَن) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال مَعَ أَنه لَا يلبس وَشَرطه أَلا يجرد من الْألف وَاللَّام فَإِن جرد مِنْهُمَا كتب بِالْألف نَحْو (رحمان الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) وحذفت أَيْضا من (الْحَرْث) علما لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال بِخِلَاف صفة وَشَرطه أَيْضا أَلا يجرد من الْألف وَاللَّام فَإِن جرد مِنْهَا كتبت بِالْألف نَحْو حَارِث لِئَلَّا يلتبس ب (حَرْب علما واللبس مَعَ اللَّام مَفْقُود لِأَنَّهَا لَا تدخل على كل علم)

وحذفت أَيْضا من (السَّلَام عَلَيْكُم) و (عبد السَّلَام) وَمن (سُبْحَانَ الله) بِخِلَاف سبحانا مُنْكرا وَالْعلَّة فِي الثَّلَاثَة وَفِي جَمِيع مَا يَأْتِي كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وحذفت أَيْضا مِمَّا كثر اسْتِعْمَاله من الْأَعْلَام الزَّائِدَة على ثَلَاثَة أحرف سَوَاء كَانَت عَرَبِيَّة كمالك وَصَالح وخَالِد أم عجمية كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَهَارُون وَسليمَان قَالَ أَبُو حَيَّان وَذكر بعض شُيُوخنَا أَن إِثْبَاتهَا فِي نَحْو صَالح وخَالِد وَمَالك جيد وَكَذَا قَالَ أَحْمد بن يحيى أَنه يجوز فِيهِ الْحَذف وَالْإِثْبَات وَلَا يحذف مِمَّا لم يكثر اسْتِعْمَاله كحاتم وَجَابِر وحامد وَسَالم وطالوت وجالوت وهاروت وماروت وهامان وَقَارُون ويأجوج وَقد حذفت فِي بعض الْمَصَاحِف من هاروت وماروت وهامان وَقَارُون وَلَا من الصِّفَات (كَرجل صَالح) و (رجل مَالك) وَلَا مِمَّا لم يزدْ على ثَلَاثَة (كأوس بن لأم) و (ابْن دأب) و (سامة) و (هَالة) وَلَا مِمَّا حذف مِنْهُ شَيْء آخر (كإسرائيل) حذفت إِحْدَى يائيه و (دَاوُد) حذفت إِحْدَى واويه وَلَا إِذا خيف اللّبْس كعامر وعباس لَو حذف لالتبس بعمر وَعَبس وحذفت أَيْضا من (ملئكة) لِأَنَّهُ لَا يلابسه لفظ مَعَ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وحذفت أَيْضا من مفاعل ومفاعيل إِن أَمن التباسه بالمفرد كمحاريب وتماثيل وشياطين لِأَن مفردها محراب وتمثال وَشَيْطَان بِخِلَاف مَا يلتبس بِهِ كدراهم فَيكْتب بِالْألف لِئَلَّا يلتبس بدرهم قَالَ أَبُو حَيَّان وَيجوز الْإِثْبَات فِيمَا لَا يلتبس أَيْضا وَهُوَ أَجود قَالَ وَشرط بعض شُيُوخنَا لجَوَاز الْحَذف شرطا آخر وَهُوَ أَلا تكون الْألف فاصلة بَين حرفين متماثلين نَحْو سكاكين ودكاكين ودنانير فَلَا تحذف الْألف لِئَلَّا يجْتَمع مثلان فِي الْخط وَهُوَ مَكْرُوه ككراهته فِي اللَّفْظ وحذفت أَيْضا من فاعلات أَي مِمَّا كَانَ فِيهِ أَلفَانِ من جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم نَحْو صالحات وعابدات وذاكرات وَمِنْه سموات وَإِن لم يكن على وزن فاعلات فَلِذَا صرحت بِهِ فِي الْمَتْن وَحمل جمع الْمُذكر السَّالِم على جمع الْمُؤَنَّث وَإِن لم يكن فِيهِ أَلفَانِ نَحْو (الصَّالِحين) و (القانتين) و (الظَّالِمين) و (الْكَافرين) و (الخاسرين)

وَشرط الْحَذف من جمع الْمُؤَنَّث والمذكر أَن يكون غير ملتبس وَلَا مضاعف وَلَا معتل اللَّام فَلَا يحذف من نَحْو الطالحات لإلباسه بطلحات وَلَا من نَحْو حاذرين لإلباسه بحذرين وهما مُخْتَلِفَانِ فِي الدّلَالَة وَلَا من نَحْو شابات والعادين لِأَنَّهُ بِالْإِدْغَامِ نقص فِي الْخط إِذْ جعلُوا صُورَة المدغم والمدغم فِيهِ شكلا وَاحِدًا وَلذَلِك كتبُوا فِي الْمُصحف {الضَّالّين} [الْفَاتِحَة: 7] و {العادين} [الْمُؤْمِنُونَ: 113] بِالْألف وَلَا من نَحْو راميات والرامين لِأَنَّهُ حذف من الرامين لَام الْفِعْل وحملت عَلَيْهِ الراميات وَإِن لم يكن فِيهِ حذف كَمَا حمل الْحَذف من الصَّالِحين والصالحات وَإِن لم يكن فِيهِ أَلفَانِ وَهَذَا من تعاكس النَّظَائِر والتعارض حَيْثُ حمل الْإِثْبَات فِي الْمُؤَنَّث على الْإِثْبَات فِي الْمُذكر كَمَا حمل الْحَذف فِي الْمُذكر على الْحَذف فِي الْمُؤَنَّث وحذفت أَيْضا من علم فِي آخِره الْألف وَالنُّون كسفيان ومروان وَعُثْمَان وَمَا أشبهه فِي كَثْرَة الِاسْتِعْمَال نبه عَلَيْهِ أَبُو حَيَّان وَهُوَ دَاخل فِي مَسْأَلَة الْأَعْلَام الزَّائِدَة على ثَلَاثَة وحذفت أَيْضا من (ذَلِك) و (أُولَئِكَ) بِخِلَاف (ذَا) و (وأولاء) مجردين من حرف الْخطاب و (هذاك) و (هؤلائك) مَقْرُونا بِحرف الْخطاب وَهَا التَّنْبِيه وَمن (ثلث) و (ثَلَاثَة) بِخِلَاف (ثَلَاث) المعدول فَإِنَّهُ لم يكثر كثرتهما وَلِأَنَّهُ لَو حذف مِنْهَا لالتبس بِثلث وَمن ثلثين وثمنية وثمني بِإِثْبَات الْيَاء بِخِلَاف ثَمَان بِحَذْف الْيَاء فَلَا تحذف مِنْهُ الْألف فِرَارًا من توالي الْحَذف وكثرته وَفِي ثَمَانِينَ وَجْهَان الْإِثْبَات لِأَنَّهُ حذفت مِنْهُ يَاء الْمُفْرد وَالْيَاء الْمَوْجُودَة فِيهِ يَاء إِعْرَاب والحذف لِأَن الْيَاء المحذوفة عَاقبَتهَا يَاء أُخْرَى لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فَكَأَن الْيَاء مَوْجُودَة إِجْرَاء للمعاقب مجْرى المعاقب وَالْإِثْبَات اخْتِيَار ابْن عُصْفُور وَثَمَانُونَ بِالْوَاو حكمه حكم ثَمَانِينَ بِالْيَاءِ فِي جَوَاز الْوَجْهَيْنِ وحذفت أَيْضا من (لكنْ) و (لكنّ) وَمن هَا التَّنْبِيه مَعَ الله نَحْو هالله لِأَنَّهُ لم يسْتَعْمل إِلَّا مَعَه فَكَأَنَّهُ حرف وَاحِد وَنَصّ أَحْمد بن يحيى على أَن الْمَحْذُوف همزَة الله

وتحذف أَيْضا ألف (هَا) مَعَ اسْم الْإِشَارَة الْخَالِي من الْكَاف نَحْو (هَذَا) و (هَذِه) و (هَؤُلَاءِ) لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله مَعَه حَتَّى صَار كَلَفْظِ مركب بِخِلَاف الْمُتَّصِل بِالْكَاف فَإِنَّهُ يجب فِيهِ الْإِثْبَات نَحْو (هَا ذَاك) وَكَذَا هَا الْمُتَّصِلَة (بتا) و (تي) تكْتب بِالْألف نَحْو هاتا وهاتي وَهَاتَانِ وتحذف أَيْضا ألف هاه مَعَ مُضْمر أَوله همزَة نَحْو هأنتم هأنا هأنت بِخِلَاف (نَحن) قَالَ أَحْمد بن يحيى قَالَ الْكسَائي فِي هأنتم وهأنا حذفوا ألف هَا وَلَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا حذفوا الْهمزَة بِدَلِيل أَنهم لم يحذفوها فِي هَا نَحن فَدلَّ على أَن المحذوفة فِي هأنتم وهأنا همز الثَّانِيَة لَا الأولى وحذفت أَيْضا من يَاء الَّتِي للنداء الْمُتَّصِلَة بِهَمْزَة لَيست كهمزة (آدم) سَوَاء كَانَت قطعا نَحْو بإبراهيم بِإسْحَاق أَو وصلا نَحْو يَا بن آدم كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَنَصّ أَحْمد بن يحيى على أَن الْألف المحذوفة هِيَ صُورَة الْهمزَة لَا ألف يَا وَهُوَ خلاف قَول ابْن مَالك وَأما نَحْو آدم فَلم تحذف ألف يَا مَعَه لِأَنَّهُ حذف مِنْهُ الْألف المبدلة من فَاء أفعل فَلم يجمعوا عَلَيْهِ حذف أَلفَيْنِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَفْهُوم كَلَام ابْن مَالك أَنه لَا يجوز الْحَذف فِي (يَا جَعْفَر) و (يَا زيد) لِأَنَّهُ لم يتَّصل بِهَمْزَة وَنَصّ أَحْمد بن يحيى على أَنه يجوز فِي مثل ذَلِك الْإِثْبَات والحذف كَأَنَّهُمْ جعلُوا يَا مَعَ مَا بعْدهَا شَيْئا وَاحِدًا أَقَامُوا يَا مقَام الْألف وَاللَّام بِدَلِيل أَنهم لَا ينادون ب (يَا) هِيَ فِيهِ فَلذَلِك حذفت الْألف وتحذف إِحْدَى لينين متماثلين (كآدم) و (آمن) و (آل) و (إِسْرَائِيل) و (نَبِي) و (دَاوُد) و (طَاوس) و (يَسْتَوُن) و (يلون) و (يأوا إِلَى الْكَهْف) و (جاؤا) و (باؤا) و (شاؤا) كَذَا جزم بِهِ ابْن مَالك بِشَرْط أَلا يلبس (كقرء) حذرا من التباس الْمثنى بالمفرد و (قاريين) حذرا من التباس الْمثنى بِالْجمعِ و (قؤول) و (صؤول) حذرا من التباسه (بقول وُصُول)

أحكام البدل

قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يبين أَيهمَا المحذوفة فَالْقِيَاس يَقْتَضِي أَنَّهَا الساكنة لثقل المتحركة بالحركة قَالَ وَجوز بَعضهم كِتَابه الواوين على الأَصْل وَاخْتَارَهُ ابْن الضائع وَالْقِيَاس خِلَافه كَرَاهَة اجْتِمَاع المثلين وَلَو اجْتمع ثَلَاث متماثلات فِي كلمة أَو كَلِمَتَيْنِ حذف أَيْضا وَاحِد نَحْو يَا آدم ومسأآت وبراآت والنبيين ونجيين (ليسؤوا) و (مسؤون) 3 - أَحْكَام الْبَدَل (ص) وتنوب الْيَاء عِنْد الْجُمْهُور عَن ألف مختوم بهَا اسْم أَو فعل ثَالِثَة مبدلة من يَاء أَو رَابِعَة فَصَاعِدا مُطلقًا مَا لم تل يَاء فِي غير (يحيى) علما قيل أَو غَيره فَإِن وَليهَا ضمير مُتَّصِل وتاء فَقَوْلَانِ وَالأَصَح فِي كلا وكلتا الْألف إِلَّا لَدَى وعَلى الأول إِن نون فثالثها قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْمَنْصُوب بِأَلف وَغَيره بياء وتعرف الْيَاء بالتثنية وَالْجمع والكسرة والإسناد إِلَى الضَّمِير والمضارع وَكَون الْفَاء أَو الْعين واوا وَلَا يكْتب بِالْيَاءِ مَبْنِيّ غير مَتى وَلَا حرف غير بلَى وَإِلَى وعَلى وَحَتَّى إِلَّا مَوْصُولَة ب (مَا) استفهامية (ش) النَّوْع الْخَامِس أَحْكَام الْبَدَل فتكتب كل ألف رَابِعَة أَو خَامِسَة أَو سادسة فِي اسْم أَو فعل يَاء نِيَابَة عَن الْألف سَوَاء كَانَ أَصْلهَا الْيَاء أم الْوَاو أم كَانَت زَائِدَة لإلحاق أَو لتأنيث أَو لغير ذَلِك (كحبلى) و (ملهى) و (مغزى) و (أعْطى) و (يخْشَى) و (الخوزلى) و (أقتضى) و (اعتزى) و (يختشى) و (مستقصى) و (استقصى) و (يستقصى) و (قبعثرى) إِلَّا أَن تكون تالية لياء (كدنيا) و (محيا) و (أَحْيَا) و (خَطَايَا) و (استحيا) إِلَّا (يحيى) علما فَإِنَّهُ يكْتب بِالْيَاءِ فرقا بَين (يحيى) الِاسْم وَبَين (يحيا) الْفِعْل وَألْحق الْمبرد (بِيَحْيَى) كل علم مَنْقُول من الْفِعْل كَأَن يُسمى ب (أعيا) فَكتب بِالْيَاءِ

وَألْحق أَيْضا أَبُو جَعْفَر النّحاس كل علم مَنْقُول من الِاسْم (كروايا) علما فَكَتبهُ بِالْيَاءِ فرقا بَينه وَبَين (روايا) الْجمع كَمَا فرقوا بَين (يحيى) الْعلم وَالْفِعْل وَالْجُمْهُور كتب الْجَمِيع بِالْألف فَإِن اتَّصل بِالْكَلِمَةِ ضمير مُتَّصِل فخلاف مِنْهُم من يَكْتُبهُ بِالْيَاءِ وَمِنْهُم من يَكْتُبهُ بِالْألف نَحْو ملهاك ومستدعاه كَذَا حكى الْخلاف فِي التسهيل وَلم يرجح شَيْئا قَالَ أَبُو حَيَّان وَاخْتِيَار أَصْحَابنَا كتبه بِالْألف إِذا اتَّصل بِهِ ضمير نصب أَو خفض سَوَاء كَانَ ثلاثيا أَو زيد إِلَّا (إِحْدَى) خَاصَّة فتكتب بِالْيَاءِ حَال اتصالها بضمير الْخَفْض نَحْو (إحديهما) كحالها دون الِاتِّصَال وَاخْتلفُوا إِذا اتَّصل بتاء تَأْنِيث تقلب فِي الْوَقْف فَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا تكْتب ألفا لتوسطها وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ كتبهَا يَاء وَلم يعتدوا بتاء التَّأْنِيث وَسَوَاء فِي ذَلِك أَيْضا الثلاثي والأزيد هَذَا كُله تَفْرِيع على القَوْل الْمصدر بِهِ وَهُوَ الْأَشْهر وَحكى ابْن عُصْفُور أَن الْفَارِسِي زعم أَنه لَا يكْتب كل مَا تقدم ذكره إِلَّا بِأَلف أبدا وَكَذَا الثلاثي الْآتِي كَمَا أَن الْهمزَة المنقلبة عَن يَاء أَو وَاو فِي مثل رِدَاء وَكسَاء لَا تكْتب أبدا إِلَّا على صورتهَا لَا على أَصْلهَا ورده ابْن عُصْفُور بِأَن الْألف المنقلبة ترجع إِلَى أَصْلهَا فِي بعض الْأَحْوَال (كرحيان) و (رميت) فَجعلُوا الْخط فِي سَائِر الْمَوَاضِع على ذَلِك والهمزة لَا تعود إِلَى أَصْلهَا فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع وَقَالَ ابْن الضائع هَذِه الْحِكَايَة بعيدَة جدا عَن الْفَارِسِي بل مُرَاده أَنه الْقيَاس قَالَ وللفارسي أَن يَقُول إِن كَانَت الْعلَّة الرُّجُوع إِلَى الْيَاء فِي بعض الْمَوَاضِع فلتكتب المنقلبة عَن الْوَاو واوا لرجوعها إِلَيْهَا فِي بعض الْمَوَاضِع وَإِن كَانَت الْعلَّة

التَّفْرِيق لزم الِاعْتِرَاض بِالْهَمْزَةِ بل الأولى أَن يُقَال للفارسي فرقت الْعَرَب فِي اللَّفْظ بَين هذَيْن الْأَلفَيْنِ بالإمالة فَحمل الْخط فيهمَا على ذَلِك وَلم يفرق بَين الهمزتين وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة مَذَاهِب مَذْهَب الْجُمْهُور وَمذهب الْفَارِسِي وَالثَّالِث أَنه لَا تلْزم ألف وَلَا يَاء بل يجوز أَن تكْتب بِالْيَاءِ وَهُوَ الِاخْتِيَار وَيجوز أَن تكْتب بِالْألف وَذَلِكَ قَلِيل قَالَ وَقد رَأَيْت بِخَط بعض النَّحْوِيين وَهُوَ عِيسَى الْمَلْطِي (عيسا) بِالْألف فِي كتاب قرئَ عَلَيْهِ وَأما الْألف الثَّالِثَة فمذهب الْجُمْهُور أَنَّهَا إِن كَانَت مبدلة من يَاء كتبت أَيْضا يَاء نَحْو (رحى) و (رمى) وَإِن كَانَت مَجْهُولَة الأَصْل (كخسا) أَو كَانَت مبدلة من وَاو كعصا وغزا كتبت بِالْألف وَمُقَابل الْجُمْهُور قَول الْفَارِسِي الْمُتَقَدّم أَنه لَا يكْتب شَيْء بِالْيَاءِ وَقَول الْكسَائي إِن مَا كَانَ من الْفِعْل عينه همزَة نَحْو (شَاءَ) فَإِنَّهُ يجوز أَن يكْتب بِالْيَاءِ وَإِن كَانَ من ذَوَات الْوَاو كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ وَمَا كَانَ من الِاسْم على وزن فَعَل أَو فِعَل فَإِنَّهُ يكْتب بِالْيَاءِ أبدا وَإِن كَانَ من ذَوَات الْوَاو نَحْو (الكبى) والبصريون لَا يجوزون شَيْئا من ذَلِك وَمذهب الْبَصرِيين فِي (كلا) أَن يكْتب بِالْألف لِأَن ألفها منقلبة عَن وَاو وَمن زعم أَنَّهَا منقلبة عَن يَاء كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْعَبْدي فَإِنَّهُ يكْتب بِالْيَاءِ وكتبت على الأول (كلتا) بِالْألف حملا على (كلا) وَكَانَ الْقيَاس أَن تكْتب بِالْيَاءِ لِأَن ألفها رَابِعَة وَيعرف كَون الْألف مبدلة من الْيَاء بالانقلاب فِي التَّثْنِيَة نَحْو رحى ورحيان أَو فِي الْجمع بِالْألف وَالتَّاء نَحْو (حَصى وحصيات) أَو فِي الْمرة نَحْو (رمى رمية) أَو فِي الْإِسْنَاد إِلَى الضَّمِير نَحْو (رميت) أَو فِي الْمُضَارع نَحْو يَرْمِي وَيكون الْفِعْل معتل الْعين أَو الْفَاء بِالْوَاو نَحْو هوى وروى ووفى ووعى

رسم المصحف

وَلَا يكْتب اسْم مَبْنِيّ بِالْيَاءِ إِلَّا (مَتى) لإمالتها وَلَا شَيْء من الْحُرُوف بِالْيَاءِ إِلَّا (بلَى) لإمالتها أَيْضا و (على) و (حَتَّى) و (إِلَى) لعودها يَاء فِي (إِلَيْهِ) و (عَلَيْهِ) قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي وَإِنَّمَا كتبت (حَتَّى) بِالْيَاءِ وَإِن كَانَت لَا تمال فرقا بَين دُخُولهَا على الظَّاهِر والمضمر فَلَزِمَ فِيهَا الْألف مَعَ الْمُضمر حِين قَالُوا (حتاي) و (حتاك) و (حتاه) وَانْصَرف إِلَى الْيَاء مَعَ الظَّاهِر حِين قَالُوا حَتَّى زيد انْتهى فَإِن وصلت الثَّلَاثَة ب (مَا) الاستفهامية كتبت بِالْألف لوقوعها وسطا نَحْو (إلام) و (علام) و (حتام) وَقَالَ الزجاجي إِذا أشكل عَلَيْك شَيْء من مَا آخِره ألف فاكتبه بِالْألف لِأَنَّهُ الأَصْل وكما ذهب بَعضهم وَهُوَ الصَّحِيح إِلَى أَن جَمِيع مَا جَازَ يكْتب بِالْيَاءِ جَازَ أَن يكْتب بِالْألف 3 - رسم الْمُصحف (ص) ورسم الْمُصحف مُتبع وَمن ثمَّ قيل خطان لَا يقاسان خطّ الْمُصحف وَالْعرُوض أما القافية فالمقيدة تستوفي حروفها إِلَّا مَا يتم الْوَزْن دونه فَإِن كَانَ الروي ألفا فِيهَا أبدا والمطلقة نصبا بِالْألف وَالْمُخْتَار حذف صلَة غَيره والممدودة بِأَلفَيْنِ وَمَا مر من زِيَادَة أَو حذف أَو بدل مَفْقُود (ش) رسم الْمُصحف مُتبع لاتباع السّلف رَضِي الله عَنْهُم وَقد وَقع فِيهِ أَشْيَاء كَثِيرَة من الْوَصْل والفصل وَالزِّيَادَة والحذف وَالْبدل على خلاف مَا تقدم تَقْرِيره كوصل {أَلَّن تَّجمَعَ عِظَامَهُ} [الْقِيَامَة: 3] {أَمَّن هُوَ قَانِتٌ} [الزمر: 9] وَفصل وَزِيَادَة يَاء فِي {بِأييدٍ} [الذاريات: 47] و {مِن نَّبَإِيْ المُرسَلِينَ} [الْأَنْعَام: 34] و {وَمَلإِيْهِ} [الْأَعْرَاف: 103] و {وَمَلإِئْهِم} [يُونُس: 83] وَألف فِي {الرِّبَوا} [الْبَقَرَة: 275] {إِنِ امرُؤٌ ا} [النِّسَاء: 176] وَحذف ألف (نشئوا) وَكِتَابَة وَاو صُورَة الْهمزَة وَزِيَادَة ألف بعْدهَا وَكِتَابَة (مَا زَكَى} [النُّور: 21] بِالْيَاءِ وَقِيَاسه الْألف لِأَنَّهُ من ذَوَات الْوَاو وَكِتَابَة (الصَّلَاة) و (الزَّكَاة) و (الْحَيَاة) و (مشكاة) و (مَنَاة) و (الرِّبَا) بواو بدل الْألف وَهَذَا كُله مِمَّا ينقاد إِلَيْهِ فِي

كِتَابه الْمُصحف وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ خَارجه بل إِذا وَقعت هَذِه الْأَلْفَاظ وَنَحْوهَا فِي غير الْقُرْآن لم تكْتب إِلَى على القوانين السَّابِقَة وَلِهَذَا قَالَ ابْن درسْتوَيْه خطان لَا يقاسان خطّ الْمُصحف وَالْعرُوض قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ أَن العروضيين يَكْتُبُونَ مَا يسمع خَاصَّة إِذْ الَّذِي يُقيد بِهِ فِي صفة الْعرُوض إِنَّمَا هُوَ مَا يلفظ بِهِ لأَنهم يُرِيدُونَ بِهِ عد الْحُرُوف الَّتِي يقوم بهَا الْوَزْن متحركا كَانَ أَو سَاكِنا فيكتبون التَّنْوِين نونا وَلَا يراعون حذفهَا فِي الْوَقْف والمدغم حرفين ويكتبون الْحُرُوف بِحَسب أَجزَاء التفعيل فقد تقطع الْكَلِمَة بِحَسب مَا يَقع من تَبْيِين الْأَجْزَاء كَقَوْلِه: (يَا دَار مَيْ يتبل علياء فَسْ سندي ... أقوت وطالعلي هَا سالفل الأمدي) لِأَن تقطيعه مستفعلن فعلن أَربع مَرَّات وَكِتَابَة هَذَا الْبَيْت فِي الْخط الَّذِي لَيْسَ فِي علم الْعرُوض 1821 - (يَا دَار مية بالعلياء فَالسَّنَد ... أَقْوت وَطَالَ عَلَيْهَا سالف الأمد) قَالَ فقد صَار الِاصْطِلَاح فِي الْكِتَابَة على ثَلَاثَة أنحاء اصْطِلَاح الْعرُوض واصطلاح كِتَابَة الْمُصحف واصطلاح الْكتاب فِي غير هذَيْن قَالَ وَعلم الْخط يُقَال لَهُ الهجاء لَيْسَ من علم النَّحْو وَإِنَّمَا ذكره النحويون فِي كتبهمْ لضَرُورَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمُبْتَدِئ فِي لَفظه وَفِي كتبه وَلِأَن كثيرا من الْكِتَابَة مبْنى على أصُول نحوية فَفِي بَيَانهَا بَيَان لتِلْك الْأُصُول ككتابة الْهمزَة على نَحْو مَا يسهل بِهِ وَهُوَ بَاب من النَّحْو كَبِير أهـ

التنقيط

3 - التنقيط (ص) وَوضع النقط لرفع الِاشْتِرَاك وَمن ثمَّ اخْتَار أَبُو حَيَّان نقط الْقَاف وَالنُّون وَالْيَاء وصلا لَا فصلا وَبَعْضهمْ نقط الشين وَاحِدَة والزنجاني نقط هَاء التَّأْنِيث ونقط أهل الْغَرِيب كل مهمل إِلَّا الْحَاء أَسْفَل وَرُبمَا كتبُوا تَحْتَهُ مثله أَو همزَة أَو فَوْقه عَلامَة أَو نبرة اصْطِلَاحَات (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان الْحُرُوف مِنْهَا مَا ينْفَرد بِصُورَة وَمِنْهَا مَا هُوَ مُشْتَرك وقصدوا بتعليل الصُّور الِاخْتِصَار فَكَمَا أَن فِي اللَّفْظ الْمُشْتَرك كَالْعَيْنِ فَكَذَلِك فعلوا فِي الصُّور جعلُوا فِيهَا الْمُشْتَرك قَالَ هَكَذَا قَالُوا وَقَالَ بعض شُيُوخنَا لَيْسَ كَذَلِك لأَنهم وضعُوا فارقا هُوَ النقط بِوَاحِدَة أَو أَكثر والإهمال فَلَيْسَ إِذن من الْمُشْتَرك فالصورة والنقط مجموعهما دلّ على أشكال الْحُرُوف قَالَ وَمن الْحُرُوف مَا يلتبس بالخط إِذا وصل بِغَيْرِهِ كالنون وَالْقَاف وَالْيَاء فيزول الِاشْتِرَاك بالنقط وَلذَلِك يَنْبَغِي أَلا تنقط فِي الْفَصْل إِذْ لَا يحصل اشْتِرَاك لِأَن لَهَا صُورَة خَاصَّة بهَا فَيكون إِذْ ذَاك كالكاف انْتهى وَاخْتَارَ بَعضهم نقط الشين بِوَاحِدَة لِأَن الْمَقْصُود وَهُوَ الْفرق بَينهمَا وَبَين السِّين حَاصِل بهَا وَالْأَكْثَر على نقطها بِثَلَاث وَاخْتَارَ الزنجاني فِي آخَرين نقط هَاء التَّأْنِيث فِي نَحْو رَحْمَة فرقا بَينهَا وَبَين هَاء الضَّمِير وهاء السكت والأدباء مِنْهُم الحريري يعدونها فِي الْحُرُوف غير المنقوطة وَلِهَذَا أَتَوا بهَا فِي الأبيات والرسائل الَّتِي التزموا عروها من حرف منقوط

ونقط أهل غَرِيب الحَدِيث كل حرف مهمل من أَسْفَل مُبَالغَة فِي الْإِيضَاح وَدفع توهم السَّهْو عَن النقط إِلَّا الْحَاء إِذْ لَو نقطت لالتبست بِالْجِيم وَمِنْهُم من يكْتب تَحت الْحَرْف المهمل حرفا صَغِيرا مثله أَو همزَة أَو فَوْقه عَلامَة أَو نبرة اصْطِلَاحَات لأهل الحَدِيث وَهَذَا آخر مَا تضمنه جمع الْجَوَامِع وَالْكَلَام عَلَيْهِ

§1/1