هل أنت من أهل الغفلة

أزهري أحمد محمود

الحمد لله تعالى الرزاق ذي القوة المتين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله تعالى الرزَّاق ذي القوة المتين، والمنَّان صاحب الفضل المبين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وعلى آله وأصحابه أعلام الدين. أخي المسلم: الغفلة! ذلك الداء الأكبر .. والخطر الأحمر! كم أهلكت من خلائق .. وكم أفسدت من قلوب وصدَّت عن حقائق .. وصف الله تعالى بها أعداءه الكافرين .. والعصاة الظالمين .. وأهل ناره الخاسرين .. فقال الله تعالى: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء: 97]. وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]. الغفلة سلطان إبليس على القلوب .. وفرحته التي يجدها من الخلق .. أخي المسلم: لقد عمَّت نار الغفلة .. حتى أصبح أكثرهم يعيش عيش البهائم! وقليل أولئك الذين عرفوا الغاية التي خُلقوا من أجلها .. فسعوا إلى تحقيقها؛ فسلموا من شرور الغفلة .. فيا من أردت السَّعادة في الدنيا والآخرة؛ هذه وقفة أخرى من

دروس المحاسبة .. وعروة من عُرى هذه السلسلة: (سلسلة المحاسبة). ونحن وإيَّاك على متن سفينة النُّصْح .. نعبر ذلك البحر الفسيح؛ بحر الإسلام .. الدين الحق .. عسى أن نصل إلى دار النَّجاة .. ومنزل أولياء الله ألأبدي؛ (الجنَّة! ). فقف معي أخي .. وحاسب نفسك: هل أنت من أهل الغفلة؟ قليلٌ أولئك الذين وقفوا هذه الوقفة .. وحاسبوها .. وسائلوها .. ليعلموا هل هم من أهل الغفلة؟ ! أخي المسلم: لقد استفحل داء الغفلة .. وكُثر أصحابه في كل مجمع وفي كل مكان! فترى الأكثرين سُكارى .. لا يدرون إلى أين يسيرون .. حيارى .. تائهين! نَسُوا ماذا بعد الحياة؟ ! نَسُوا الأجل! نَسُوا ساعة الرَّحيل! نَسُوا الدَّار الأخرى! نَسُوا الموت وسكراته! نَسُوا القبر وضمَّته وأهواله! نَسُوا هول المحشر! نَسُوا الصراط وكلاليبه! نَسُوا النَّار وفظائعها! يا أيُّهَذَا الذي قد غرَّهُ الأملُ ... ودون ما يأملُ التَّنغيصُ والأجَلُ ألا ترى إنَّما الدُّنيا وزينتُها ... كمنزل الرَّكْبِ دارًا ثُمَّةً ارْتحلُوا تظلُّ تُفزعُ في الرُّوعات ساكنَها ... فما يسوغُ له لينٌ ولا جَذَلُ المرءُ يشقى بما يسعى لوارثِهِ ... والقبرُ وارثُ ما يسعى له الرَّجُلُ

عن الحسن البصري في قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ} [محمد: 25]. قال: (زيَّن لهم الخطايا، ومدَّ لهم في الأمل). لقد انشغل الخلق عن الطاعات .. وأعرضوا عن فعل الصالحات .. وأقبلوا على دار الغرور .. ومستوطن الشرور! فترى هذا مشغولاً بتجارته .. وتكثير أمواله؛ من حلال أو حرام! وهذا مشغول بزراعته في ليله ونهاره! وهذا مشغول بحساب رصيده الفاني! فهو في ليله ونهاره؛ يحسب في أمواله .. وإذا نام؛ كانت أحلامه مواصلة لذلك الحساب! ! وآخر عكف على الشهوات .. فهو مشغول بتلبية شهواته البهيمية! ! وآخر غارق في أنواع من المعاصي! يستفتح يومه بمعصية .. ويختمه بمعصية! ! وآخر لا يدري لم خلق؟ ! ولا ماذا يجب عليه؟ ! خلق سيطرت عليهم الغفلة .. وكستهم من ثيابها ألوانًا! قال نصر بن محمد السمرقندي: (ويقال: الناس يصبحون على ثلاثة أصناف: صنف في طلب المال، وصنف في طلب الإثم، وصنف في طلب الطريق. فأما من أصبح في طلب المال؛ فإنه لا يأكل فوق ما رزقه الله تعالى، وإن أكثر المال. ومن أصبح في طلب الإثم؛ لحقه الهوان والإثم. ومن أصبح في طلب الطريق؛ آتاه الله تعالى الرزق والطريق! ). فانظر أخي المسلم؛ من أي الأصناف أنت؟ !

وإيَّاك أن تتكل على عمل صالح قليل عملته .. فتظن نفسك أنك بعيد عن أهل الغفلة! بل الواجب عليك أن تتهم نفسك دائمًا .. وتنظر إليها بعين التقصير .. فإن ذلك من علامات النجاة .. فهاهم الصالحون؛ يحاسبون أنفسهم .. ويتهمونها بالغفلة .. كان عون بن عبد الله رحمه الله يقول: (ويحي! كيف أغفل عن نفسي، وملك الموت ليس بغافل عني؟ ! ويحي! كيف أتكل على طول الأمل، والأجل يطلبني؟ ! ). وكان محمد بن النضر الحارثي رحمه الله يقول: (إلى الله أشكو طول أملي، وعند الله أحتسب عظيم غفلتي). فيا أيها الغافل .. ويا أيها اللاَّهي السَّاهي .. تذكَّر أنَّك لن يُغفل عنك! فبادر إلى العمل الصالح؛ قبل أن يُحال بينك وبينه! جهولٌ ليس تنهاهُ النَّواهي ... ولا تلقاهُ إلاَّ وهو ساهي يُسرُّ بيومِهِ لعبًا ولهوًا ... ولا يدري وفي غدِهِ الدَّواهي قال سلمان الفارسي - رضي الله عنه -: (ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني: مؤمِّل الدنيا والموت يطلبه! وغافل ليس يُغْفل عنه! وضاحكٌ مِلءْ فيه ولا يدري أساخط ربُّ العالمين عليه أم راضٍ؟ ! ) أخي المسلم: أسوأ ما في الغفلة أنها تبعد صاحبها عن الله تعالى! فالغافلون بعيدون عن الله تعالى .. شغلتهم الدنيا بزهرتها الفانية! إذا ذُكر الله تعالى .. لم يكن الغافل من الذاكرين! وإذا قرئ القرآن .. لم يكن الغافل من التالين!

وإليك علامات هذا الطريق؛ حتى تتقيه .. وحتى تحاسب نفسك: هل أنت من سالكيه

وإذا صلى الناس لرب العالمين .. لم يكن الغافل من المصلين! وإذا بادر أهل الطاعة إلى الطاعات .. لم يكن الغافل من المبادرين! لذلك كانت الغفلة سببًا في البعد عن الله تعالى! قال ابن القيم: (على قدر غفلة العبد عن الذكر يكون بُعْده عن الله). وقال أيضًا: (إنَّ الغافل بينه وبين الله عزَّ وجلَّ وحشة، لا تزول إلا بالذكر). فهل حاسبت نفسك أخي المسلم: هل أنت من الذاكرين لله تعالى؟ ! هل أنت من المنشغلين بالطاعات؟ كثير أولئك الذين انشغلوا بجمع الدنيا .. وضاعوا في غمار الحياة! فأضاعوا الصلوات .. وغفلوا عن ذكر الله .. وأعرضوا عن الطاعات .. أخي المسلم: الغفلة طريق ذو شرور .. إذا سلكه سالك حتى نهايته؛ أوصله إلى النار! وإليك علامات هذا الطريق؛ حتى تتقيه .. وحتى تحاسب نفسك: هل أنت من سالكيه؟ ! أولاً: حب الدنيا: حب الدنيا ذلك الداء الخطير؛ الذي أهلك الكثيرين .. وما زال يهلك الكثيرين؛ ممن انشغلوا بالدنيا! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم، وهما مُهْلكاكُمْ» [رواه البزار/ صحيح الترغيب للألباني: 3258]. ثانيًا: طول الأمل: طول الأمل شغل الكثيرين عن تذكُّر الموت والقبر والحساب! فترى صاحب الأمل يمنِّي نفسه بالأماني

ثالثا المعاصي: المعاصي تصد عن الطاعات

العريضة .. كأنه سيخلد في الدنيا! قال الحسن البصري رحمه الله: (ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل! ). وقال بعض الحكماء: (الأمل سلطان الشيطان على قلوب الغافلين). طول الأمل أكبر داعٍ إلى الغفلة .. إذ يتولَّد عنه؛ الكسل عن الطاعات، والوقوع في المعاصي، وتسويف التوبة، والانشغال بالدنيا، وقسوة القلب! ثالثًا المعاصي: المعاصي تصد عن الطاعات، وخاصة إذا كثرت، مع الإصرار وعدم الاستغفار، فإن ذلك من أسباب الغفلة .. قال ابن القيم: (فمما ينبغي أن يُعلم أن الذنوب والمعاصي؛ تضر ولا بد، وأن ضررها في القلب كضرر السُّموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلاَّ سببه الذنوب والمعاصي؟ ! ). أخي المسلم: تلك هي أهم العلامات في طريق الغفلة .. وتحت تلك العلامات تندرج أشياء كثيرة .. فضع نفسك في ميزان المحاسبة؛ فتأمل في حالك: هل أنت من الواقعين في شيء من تلك العلامات؟ ولتعلم أيها المحاسب لنفسه؛ أن تلك العلامات تتولَّد منها شرور يقع فيها كل غافل .. * منها: التهاون بالذنب: فإنَّ الغافل غارق في غفلته .. غير ملتفت إلى فعله؛ فتراه مستصغرًا لذنوبه .. غير خائف من عقوبة الله تعالى ..

* ومنها تسويف التوبة

قيل لبعض الحكماء: من أشد الناس اغترارًا؟ ! فقال: أشدهم تهاونًا بالذنب! فقيل له: علام تبكي؟ ! فقال: على ساعات الذنوب! قيل: علام تأسف؟ قال: على ساعات الغفلة! * ومنها تسويف التوبة: وهو حال كثير من الغافلين؛ يتعلَّق أحدهم دائمًا بالأماني؛ فتجده يقول: سوف أتوب .. سأتوب .. وهو غارق في اللهو والمعاصي! قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: (التسويف جند من جنود إبليس عظيم، طالما خدع به! ). * ومنها قسوة القلب: الغفلة تورث صاحبها قسوة في القلب، فتراه لا يتأثر بموعظة .. ولا ينفعه تعليم! وهو حال كثير من الغافلين. جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها تشكو إليها قسوة قلبها. فقالت لها: «أكثري من ذكر الموت يرق قلبك». ففعلت المرأة ذلك؛ فرق قلبها، فجاءت تشكر عائشة رضي الله عنها. أخي المسلم: لا تهملنَّ محاسبة نفسك .. وقلِّب صحيفتك؛ فانظر ماذا سجلت فيها من صالح الأعمال .. فإنَّك إن غفلت عن ذلك كنت في زمرة الغافلين! فبادر أخي .. قبل أن يبادرك الموت! وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ عشر آيات في ليلة؛ لم يُكتب من الغافلين» [رواه الحاكم/ صحيح الترغيب والترهيب: 1436]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الذي يذكر ربَّه، والذي لا يذكر ربَّه، مَثَلُ الحي والميت» [رواه البخاري].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات، لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ في ليلة مائة آية كُتب من القانتين» [رواه ابن خزيمة والحاكم - واللفظ له/ صحيح الترغيب: 1437]. أخي المسلم: ها هي الأيام تنقضي سريعًا .. وفي كل يوم يُفتح لك ديوان يُسجَّل فيه عملك .. فاحذر من الغفلة عن ذلك .. واجعل أيامك مزرعة للآخرة؛ تجد بركاتها غدًا .. قال بعض الحكماء: (إذا أصبح الرجل ينبغي أن ينوي أربعة أشياء: أولها: أداء ما فرض الله عليه. والثاني: اجتناب ما نهى الله عنه .. والثالث: إنصاف من كان بينهم وبينه معاملة. والرابع: إصلاح ما بينه وبين خصمائه. فإذا أصبح على هذه النيات؛ أرجو أن يكون من الصالحين المفلحين). فاعمل أيها العاقل .. قبل نزول الآجال .. وانقطاع الآمال .. إنَّا لنفرحُ بالأيامِ نقطعُهَا ... وكلُّ يوم مضى يُدْنِي منَ الأجَلِ فاعملْ لنفسَكَ قبل الموت مجتهدًا ... فإنَّما الربحُ والخُسْرانُ في العملِ فيا ملتمسًا لسبيل فلاحه .. حاسب نفسك اليوم .. وعالج أدواءها؛ قبل أن تهلك! وإن أردت العلاج القاتل لجرثوم الغفلة .. فإليك هذه الوصفة؛ وهي خير علاج لهذا الداء ..

* الإكثار من فعل الطاعات

* الإكثار من فعل الطاعات: الطاعات مضادٌّ قوي للغفلة؛ لأن الطاعة تقرِّب من الله تعالى .. كما أنَّ المعصية تبعد عن الله تعالى .. فكلَّما كثُرت الطاعات؛ ازداد العبد قُرْبًا من الله تعالى .. لذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لينتهينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهِمُ الجُمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكُونُنَّ من الغافلين! » [رواه مسلم]. ومعنى وَدْعِهِمْ: تركهم. * الإكثار من ذكر الله تعالى: ذكر الله تعالى حياة للقلوب .. وغيث للنفوس .. فكثرة ذكرك الله تعالى جلاء لقلبك من أدران الغفلة .. قال أبو محمد بن علي الزاهد: (خرجنا في جنازة بالكوفة، وخرج فيها داود الطائي، فانتبذ؛ فقعد ناحية وهي تُدفن، فجئت فقعدت قريبًا منه فتكلم فقال: من خاف الوعيد؛ قَصُر عليه البعيد، ومن طال أمله؛ ضَعُف عمله، وكلُّ ما هو آت قريب! ). * تذكير القبر: لقب منزل الوَحْشَة .. وبيت الوحدة! أهواله فظيعة .. ولحظاته شديدة! ماذا أعددت له؟ ! تذكر تلك الحفرة .. والتي لا ينجيك من أهوالها إلا العمل الصالح! هذا الربيع بن خثيم رحمه الله حفر في داره قبرًا! فكان إذا وجد في قلبه قساوة؛ دخل فيه، فاضطجع فيه! ومكث ساعة ثم قال: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}. ثم يقول: يا ربيع قد أرجعت، فاعمل الآن قبل أن لا تُرجع! أخي: هكذا كان الصالحون يحاسبون أنفسهم .. ويذكِّرونها

بذلك اليوم الشديد .. فتدبر .. واتعظ .. ولا تكن من الغافلين .. نُودي بصَوْت أيَّما صَوْتِ ... ما أقرب الحيِّ من المَوْتِ كأنَّ أهل الغَيِّ في غيِّهم ... قد أخذُوا أمْنًا من المَوْتِ كم مُصْبِحٍ يعْمُرُ بيتًا له ... لم يُمسِ إلاًَّ خاربُ البَيْتِ ولتعلم أيها العاقل؛ أن الغفلة سبب في سوء الخاتمة .. أعاذني الله وإياك من سوء الخواتم .. كان ملك الموت في القديم؛ يأتي على صورة رجل؛ فيقبض الأرواح .. فهذا واحد من الغافلين .. جمع من المال أصنافًا، وابتنى قصرًا وجعل عليه بابين وثيقين، وجمع عليه حرسًا من غلمانه، ثم جمع أهله، وصنع لهم طعامًا، وقعد على سريره، ورفع إحدى رجليه على الأخرى، وهم يأكلون، فلما فرغوا قال: يا نفس انعمي لسنين، قد جمعت لك ما يكفيك! فلم يفرغ من كلامه؛ حتى أقبل على قصره رجل رث الثياب، في عنقه مخلاة، فقرع باب القصر قرعًا شديدًا! ففزع الغني، وهو على فراشه. فوثب الحرس والغلمان إلى الرجل. وقالوا له: ما شأنك؟ ! فقال: ادعوا إليَّ مولاكم! فقالوا: وإلى مثلك يخرج مولانا؟ ! فقال: نعم فأخبروه بذلك! فقال الغني: هلاَّ فعلتم به وفعلتم؟ ! فقرع الرجل الباب قرعة أشد من المرَّة الأولي! فوثب إليه الحرس! فقال: أخبروه أني ملك الموت! ! فلما سمعوه، أُلقي عليهم الرُّعب، ووقع على مولاهم الذل والتخشُّع!

فقال: قولوا له قولاً لينًا، وقولوا: هل تأخذ به أحدًا؟ ! فدخل عليه .. وقال: اصنع في مالك ما أنت صانع، فإني لست بخارج منها حتى أُخرج روحك! .. فأمر بماله، حتى وضع بين يديه .. فقال حين رآه: لعنك الله من مال! أنت شغلتني عن عبادة ربي، ومنعتني أن أتخلَّى لربي. فأنطق الله المال .. فقال: لم تسبني؟ ! وقد كنت تدخل على السلاطين بي، ويرد المتقي عن بابهم، وكنت تنكح المتنعمات بي، وتجلس مجالس الملوك بي، وتنفقني في سبيل الشر، فلا أمتنع منك، ولو أنفقتني في سبيل الخير نفعتك! خلقت يا ابن آدم من تراب، فمنطلق ببر، ومنطلق بإثم! ثم قبض ملك الموت روحه .. فسقط! أخي المسلم: تيقَّظ .. وحاسب نفسك .. فإنَّ الموت وراء الجميع .. والقبر هو المنزل؛ فإن قدَّمت عملاً صالحًا؛ كان قبرك روضة ونعيمًا .. وإن كنت من أهل الغفلة؛ كان قبرك شقاءً ونيرانًا! جعلني الله تعالى وإياك من أهل طاعته .. وجنَّبني وإياك سبيل الغافلين .. والحمد لله تعالى .. والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله والأصحاب .. * * * *

§1/1