هدية الأحياء إلى الأموات وما يصل إليهم للهكاري

أبو الحسن الهَكَّارِي

كتاب هدية الأحياء للأموات وما يصل إليهم من النفع والثواب على ممر الأوقات تصنيف الشيخ الإمام شيخ الإسلام علي بن أحمد بن يوسف القرشي 489 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم رب أعن بعونك الحمد لله الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي الجنة رحمته، وفي النار عذابه، وفي القبور قضاؤه. أحمده حمداً يوافي نعمه، ويكافي مزيده كما هو أهله ومستحقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فيضاهيه، ولا نظير لها فيوازيه، وأشهد أن محمد عبده المرتضى، ورسوله المكي الطاهر الزكي التقي النقي، اختاره واصطفاه وقربه، ودناه وكلمه وناجاه،

وفي المعراج بنفسه وروحه رقاه، وبه أنظر إلى وجهه الكريم، ليلة أسري به أكرمه وحباه صلى الله عليه وسلم وعلى من قدمه للصلاة في

حياته، وفقاه واستخلفه بعده على أمة المسلمين وأكرمه برؤيته يوم لقاه، وعلى سائر أصحابه وأهل بيته وتابعي سنته بعده، وأسكنهم دار كرامته وتقاه.

باب الصدقة والدعاء وقراءة القرآن والصلاة يصل من المسلم ثوابه إلى الموتى

أما بعد، فإني جمعت هذا الكتاب مشتملاً على الاعتقاد. باب الصدقة والدعاء وقراءة القرآن والصلاة يصل من المسلم ثوابه إلى الموتى في قبورهم وهدية الأحياء للأموات واصلة إليهم ونافعة لهم بالدلالة الواضحة والحجج النيرة من الكتاب والسنة المنيرة، والله الموفق للصواب 1- حدثنا الشيخ أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن يوسف القرشي، قال لي الشيخ الأمام العارف شيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد يوسف القرشي قال: أخبرنا الشيخ الصالح الثقة أبو القاسم هبة الله بن علي بن عبد الرحمن بن شامة المعافري بمصر، وكان قد حج أربعين حجة على قدميه فرأى النبي صلى الله عليه وسلم، في المنام نيف وثمانين مرة، كل ذلك يعاهده على الشفاعة، قال: ثنا أبو إسحاق عبد الملك -[169]- ابن حيان، قال: ثنا محمد بن إبراهيم المصري، قال: ثنا أبو العباس العطار الأحدب بأنطاكية، ثنا الحسين بن حريث عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما الميت في قبره إلا شبه الغريق المتغوث ينتظر دعوة من أب أو أم أو أخ أو صديق ثقة أو ولد صالح، فإذا لحقه ذلك كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها، وإن الله عز وجل يدخل على أهل القبور من دعاء أهل الدور أمثال الجبال، وإن -[170]- هدية الأحياء للأموات الاستغفار لهم)) . وهذا دليل على أن الدعاء والاستغفار واصل إليهم وداخل عليهم ونافع لهم من الوالدين الأحياء.. الأمهات والصديق الولد.

باب الدليل على أن الصدقة واصلة إلى الميت

باب الدليل على أن الصدقة واصلةٌ إلى الميت 2- حدثنا الشيخ الإمام أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن يوسف القرشي، قال: أنبأ الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو الحسن علي ابن أحمد بن يوسف القرشي، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن علي ابن أحمد الصفار المرصفي، ثنا أبو الحسين علي بن أحمد بن مزاحم الصواف، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الحسن القرميسيني قال: ثنا الوليد بن حماد الرملي، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الطبري قال: ثنا عبد الله بن سليمان، قال: ثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنك لتصدق عن ميتك بصدقة فيجئ بها ملك من الملائكة في أطباق من نور فيقف على رأس القبر فينادي: يا صاحب القبر الغريب، إن أهلك قد أهدوك هذه الهدية فأقبلها، فيدخلها في قبره، فيقول: جزى الله أهلي عني خيراً، وأما القبر الذي يليه، فيقول: أما أنا فلم.. .. مالاً ولا ولداً ولا أحداً يذكرني بخير وهو مهموم حزين، والذي تصدق عنه فرح بالهدية)) .

باب النهي عن الجلوس على المقابر

باب النهي عن الجلوس على المقابر 3- أخبرنا الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو الحسن علي بن أحمد ابن يوسف القرشي، قال: أنبا الشيخ الإمام أبو الحسن أحمد بن فرغان، ثنا أبو الحسن علي بن عرابي بن محمد بن عبد الله بن المزوق، ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن إبراهيم العمري، ثنا علي بن حرب، ثنا زيد بن أبي الورقاء عن ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن عمارة بن حزم قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً جالساً على قبر فقال: ((انزل عن القبر، لا تؤذي صاحب القبر)) .

باب من صلى عليه مائة من المسلمين غفر له

باب من صلى عليه مائة من المسلمين غفر له 4- حدثنا الشيخ الإمام، قال: أنبأ أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السليمي كتابةً قال: أنبا أبو العباس الأصم، أنبا أبو بكر محمد ابن الحسن بن محمود إجازةً قال: ثنا الحسن بن عبد الله اليشتري، قال: أنبأ أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، ثنا العباس بن محمد الدوري، قال: ثنا علي بن الحسين بن سفيان، قال: ثنا أبو حمزة السكوني عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى عليه مائة من المسلمين غفر له)) ، وروي: ((أربعون رجلاً من أمتي)) . فإذا اجتمع أربعون رجلاً فصلوا وأخلصوا له في الدعاء شفعهم الله فيها.

5- أخبرنا يوسف بن محمد بن القاسم المهدوي، قال: ثنا أبو الحسن عمر بن أحمد بن البراء، قال: ثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد -[174]- الدقاق، قال: ثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب، قال: أخبرني أبي، قال: ثنا محمد بن الفضل عن زيد العمي عن يزيد القرشي عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يقوم من الليل فيصلي ركعتين ويدعوا في سجوده لأربعين من إخوانه يسميهم بأسمائهم، إلا لم يسأل الله في تلك الساعة شيئاً إلا أعطاه)) .

6- أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي كتابةً قال: ثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد النيسابوري عن علي بن موسى البصري، عن ابن جريج، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اهدوا لموتاكم)) ، قلنا: وما نهدي يا رسول الله الموتى؟ قال: ((الصدقة والدعاء)) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أرواح المؤمنين يأتون كل جمعة إلى سماء الدنيا فيقفون بحذاء دورهم وبيوتهم فينادي كل واحد منهم بصوت حزين: يا أهلي وولدي وأهل بيتي وقراباتي، اعطفوا علينا بشيء، رحمكم الله، واذكرونا ولا تنسونا، وارحموا غربتنا، وقلة حيلتنا، وما نحن فيه، فإنا قد بقينا في سحيق وثيق، وغم طويل، ووهن شديد، فارحمونا رحمكم الله، ولا تبخلوا علينا بدعاء أو صدقة أو تسبيح، لعل الله يرحنا قبل أن تكونوا أمثالنا، فيا حسرتاه وانداماه يا عباد الله، اسمعوا كلامنا، ولا تنسونا، فأنتم تعلمون أن هذه الفضول التي في أيديكم كانت في أيدينا، وكنا لم ننفق في طاعة الله، ومنعناها عن الحق فصار وبالاً علينا ومنفعته لغيرنا، والحساب والعقاب علينا)) ، قال: ((فينادي كل واحد منهم ألف مرةٍ من الرجال والنساء، اعطفوا علينا بدرهم أو رغيف أو كسرة)) قال: فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكينا معه، فلم نستطع أن نتكلم ثم قال: ((أولئك -[175]- إخوانكم كانوا في نعيم الدنيا، فصاروا رميماً بعد النعيم والسرور)) ، قال: ((ثم يبكون وينادون بالويل والثبور والنفير على أنفسهم يقولون: يا وليتنا لو أنفقنا ما كان في أيدينا ما احتجنا [.. ..] فيرجعون بحسرة وندامة، فينادون: ما أسرع ما تبكون أنتم على أنفسكم ثم لم ينفعكم فبادروا قبل أن تلحقوا بنا، فتكونوا أمثالنا، وقد نصحنا لكم، مهلاً مهلاً ثم ينادون بأجمعهم إن كنا أيسنا من أهالينا فإن الرحمن يذكرنا [.. ..] هو يرحمنا، فإن رحمته وسعت كل شيء)) ، فقالوا: يا نبي الله! صف لنا الصدقة للأموات فقال: ((إنك لتصدق عن ميتك بصدقة فيجيئه ملك من الملائكة بطبق من نور فيجعلها على الطبق ولها نور ساطع في سبع سماوات، فيقوم على شفير قبره فينادي: السلام عليك يا صاحب القبر الغريب إن أهلك أهدوا إليك بهدية فاقبلها)) ، قال: ((فيدخل الله في قبره وينور له في قبره، ويوسع عليه بها، من أعطى صدقة لميت فله عند الله من الثواب، مثل جبل أحد، ومثل جبل [..] وهو في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله، ولا حساب عليه، فتصدقوا رحمكم الله على موتاكم فانتم تنجون يوم القيامة من عذاب الله وتفرحون في جنة الله)) .

7- وقيل رأى شعبة بن الحجاج بعد موته في النوم وكان -[176]- مؤاخياً لمسعر بن كدام، فقيل له: ما فعل الله بك، فأنشأ يقول: حباني إلهي في الجنة بقبةٍ لها ... ألف باب من لجين وجوهر ونقلي لثام الحور والله خصني ... بقصر عقيق تربة القصر عنبر وقد قال يا من قبل يا شعبة الذي ... تبحر في جمع العلوم فأكثر تنعم بقربي إنني عنك راضٍ ... وعن عبدي القوام في الليل مسعر كفى مسعرٌ فخراً بان يزورني ... فاكشف عن وجهي وأدنيه ينظر فهذا فعالي بالذين تنسكوا ولم ... يألفوا في سائر الدهر منكر

باب الدليل على أن ثواب قراءة القرآن والصلاة والصدقة والحج والدعاء والاستغفار والتسبيح واصل إلى الموتى ونافع لهم

باب الدليل على أن ثواب قراءة القرآن والصلاة والصدقة والحج والدعاء والاستغفار والتسبيح واصل إلى الموتى ونافع لهم 8- حدثنا الشيخ الإمام أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن يوسف القرشي، قال: أخبرنا الشيخ الإمام العارف شيخ الإسلام أبو علي الحسن ابن أحمد بن عبد الله المقري ببغداد، قال: ثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن الفوارس الحافظ، قال: ثنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال: ثنا الحسن بن سعيد الموصلي، قال: ثنا ابن حبان بن النجار، قال: ثنا حبان يعني أباه عن أبيه عن جده أنس بن مالك، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي يا رسول الله، إنا لندعوا لموتانا ونتصدق ونحج عنهم فهل يصل ذلك إليهم؟ فقال: ((إنه يصل إليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه)) .

9- وأخبرنا الحسن بن أحمد، قال: ثنا عبد الرحيم بن عبيد الله، قال: ثنا حبيب بن الحسن القزاز، قال: ثنا أحمد بن عبد الرحيم بن مرزوق البزوري، قال: ثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، قال: ثنا محمد بن مسلمة، قال: ثنا عبد الرحمن بن زيد عن أبي أنيسة عن عبيد الله بن أبي قتادة عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((خير ما -[178]- يخلف الرجل من بعده ثلاثة: ولدٍ صالح يدعو له، وصدقةٍ تجري يبلغه أجرها، أو علم يعمل به من بعده)) .

10- أخبرنا الحسن بن أحمد قال: ثنا محمد بن أحمد الحافظ، قال: ثنا أبو بكر أحمد بن يوسف خلاد، ثنا الحارث بن محمد، ثنا روح بن عباد، ثنا زكريا بن إسحاق، قال: أخبرني عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمه توفيت أينفعها أن تصدقت عنها؟ قال: ((نعم)) قال: فإن لي مخرفاً، فأشهدك أني قد تصدقت عنها.

قال أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ: هذا حديث صحيح أخرجه البخاري نازلاً عن محمد بن عبد الرحيم عن روح. 11- أخبرنا شيخنا أبو طاهر محمد بن نصر بن أحمد المعروف -[179]- بابن الغرابيلي، قال: ثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ، ثنا مخلد بن جعفر، ثنا محمد بن جعفر الفريابي، ثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن، ثنا الحكم بن يعلى، ثنا عمرو بن الحارث ويزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور)) .

باب استغفار الولد للوالد

باب استغفار الولد للوالد 12- أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن سلامة المقري، ثنا أبو سعد أحمد بن محمد المالكي، ثنا عبد الله بن حيان، ثنا محمد بن مسلمة، ثنا يزيد بن هارون عن رجاء بن مسلمة، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليرفع له الدرجة في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذا؟ فيقال له: لاستغفار ولدك لك)) .

باب في أن ثواب القرآن يصل إلى الموتى

باب في أن ثواب القرآن يصل إلى الموتى 13- أخبرنا أبو القاسم أحمد بن علي بن المظفر بن الطوسي المقرئ بالموصل، أنبأ نصر بن أحمد المرجي، ثنا أبو يعلى أحمد بن علي المثنى، ثنا أبو همام الوليد بن شجاع، ثنا الوليد بن وهب، قال: أنبأ أبو يحيى بن أيوب عن زياد بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه بالذي عمل تاجاً يوم القيامة)) .

باب في أن ثواب التسبيح والذكر واصل إليهم

باب في أن ثواب التسبيح والذكر واصلٌ إليهم 14- أخبرنا أبو الفرج علي بن عبد القاهر الموصلي، قال: أنبأ أبو بكر محمد بن مهنا الزبيدي، ثنا صدقة بن هبيرة، ثنا أبو يعلى أحمد بن علي المثنى، ثنا الحسن بن إبراهيم بن واصل العسقلاني، ثنا عبد الرحمن ميمون المصري، ثنا محمد بن روح، ثنا خالد بن عبد الرحمن عن الحسن وأبان عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال بعدما يصلي الجمعة يوم الجمعة: سبحان الله العظيم وبحمده مائة مرة غفر الله له مائة ذنب، وغفر لوالديه مائة ألف وأربع وعشرون ألف ذنب، ومن قالها في سائر الأيام كتب الله له مائة ألف حسنة، وأربع وعشرون ألف حسنة، ومحي عنه السيئات مثلها ورفع له من الدرجات مثلها)) .

باب صلاة هدية الأحياء للأموات والدليل على أن ثواب الصلاة وقراءة القرآن يصل إلى الموتى من المؤمنين

باب صلاة هدية الأحياء للأموات والدليل على أن ثواب الصلاة وقراءة القرآن يصل إلى الموتى من المؤمنين 15- أخبرنا أبو الفرج عبد الوهاب بن عمر بن برهان البغدادي بمصر قال: ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن وهبان (..) بها، قال: أنبأ خالص بن مهذب أبو عمرو الضرير ببغداد، ثنا خليد بن أحمد البغدادي، قال: ثنا سيار بن حاتم عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال: دخلت المقبرة ليلة الجمعة، فإذا بنور مشرق فيها فقلت: لا إله إلا الله، ترى أن الله عزوجل قد غفر لأهل المقابر، فإذا أنا بهاتف يهتف من البعد وهو يقول: يا مالك بن دينار هذه هدية المؤمنين إلى إخوانهم من أهل المقابر، فقلت: بالذي أنطقكم، ألا أخبرتني ما هو؟ قال: رجل من المؤمنين قام هذه من الليل فأسبغ الوضوء وصلى ركعتين فقرأ فيها فاتحة الكتاب، و {قل يأيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} ، وقال: اللهم إني قد وهبت ثوابها لأهل المقابر من المؤمنين، فأدخل الله علينا الضياء والنور والفسحة والسرور في المشرق والمغرب. قال مالك: فلم أزل أقرأها في كل جمعة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فيقول: ((يا مالك! غفر الله لك بعدد النور الذي أهديته إلى أمتي، ولك ثواب ذلك)) ، ثم قال لي: ((وبنى الله لك بيتاً في الجنة في قصر يقال له المنيف)) ، قلت: وما المنيف؟ قال: ((المطل على أهل الجنة)) .

16- أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن القاسم بثغر آمد، قال: أنبأ أبو بكر محمد بن عربي بن علي المنقري بالبصرة، قال: ثنا أبو أحمد إسحاق بن عبد الجبار، قال: ثنا عبد الله بن جعفر بن بركة الإسكندراني، قال ثنا إبراهيم بن نصر، ثنا شعبة عن داود بن أبي هند عن زرارة عن تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مؤمن يقرأ آية الكرسي فيجعل ثوابها لأهل القبور إلا لم يبق على وجه الأرض قبراً إلا أدخل الله فيه معروفاً ووسع عليهم قبورهم مد البصر، وأعطاه الله بقراءتها ثواب ألف شهيد، ورفع له ألف درجة، وكتب له بكل كلمة ألف حجة، وألف عمرة، وخلق الله بكل حرف ملكين يسبحان الله عز وجل إلى يوم القيامة وكان ثوابهم له)) .

صلاة أخرى هدية الأحياء للأموات

صلاةٌ أخرى هدية الأحياء للأموات 17- حدثنا أبو طاهر أحمد بن عاصم المرصفي، قال: ثنا أبو الموفق محمد بن محمد ابن بنت المهتدي بالله النيسابوري، قال: ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن أيوب الطرماخي، قال: ثنا أبو عبد الله محمد بن صاحب، قال: ثنا المأمون بن أحمد السلمي، قال: ثنا أحمد بن عبد الله، ثنا وكيع بن الجراح عن الربيع عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يأتي على الميت أشد من أول ليلة في قبره فارحموا موتاكم بشيء من الصدقة)) ، قيل: يا رسول الله! ليس كلنا يجد ما يتصدق به عن ميته، قال: ((فليركع ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، وآية الكرسي مرة، وألهاكم، وقل هو الله أحد، عشر مرات، فإذا فرغ من صلاته يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم سبعين مرة، ويهدي ثوابه لميته يبعث الله إلى ميته سبعين ملكاً مع كل ملك حلة وهدية من الجنة وينور له في قلبه، ويوسع له في لحده مد بصره)) .

باب صلاة الوالدين في ليلة الخميس فيما بين العشاءين

باب صلاة الوالدين في ليلة الخميس فيما بين العشاءين 18- حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن أحمد الدينوري قال: ثنا أبو القاسم سعد بن علي القبلاوي، قال: ثنا سعد بن الحسن بن محمد بن الحسن القصري، قال: حدثني الحسين بن عبد الله القاضي، قال: ثنا محمد بن الحسن البغدادي، قال: ثنا محمد بن الضرير بن صلصال بن المدلهمي، قال: ثنا أبي، قال ثنا الحسن بن محمد المدني عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى ليلة الخميس بين المغرب والعشاء الآخرة ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وآية الكرسي خمس مرات، وقل هو الله أحد خمس مرات، والمعوذتين خمساً خمساً، فإذا فرغ من الركعتين استغفر خمس عشرة مرة، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة مرة، وجعل ثوابه لوالديه إن كانا مؤمنين فقد أدى به (..) حق والديه عليه، وأتم برهما، وأعطاه الله ما يعطي الصديقين والشهداء، فإذا مر على الصراط كان جبريل عليه السلام عن يمينه، وميكائيل عليه السلام عن شماله، والملائكة تشيعه من بين يديه ومن خلفه بالتهليل والتكبير حتى يدخله الجنة، فينزل في جوار إسماعيل وإسحاق عليهما السلام في قبة من درً أبيض فيه بيت من زبرجد أخضر سعة ذلك البيت مثل الدنيا سبع مرات في ذلك البيت سرير من نوم قوائم ذلك السرير من عنبر أشهب، على ذلك السرير ألف فراش من زعفران، على ذلك الفراش حوراء عليها -[187]- ألف حلة يرى مخ ساقيها من وراء ذلك، ويرى على رأسها ثلاثون ألف ذؤابة مكللة بالدر والياقوت والمرجان، على رأس كل ذؤابة عشرة آلاف جلجلةٍ حشوها المسك والعنبر إذا هي حركت رأسها سمع من تحت كل جلجلةٍ عشرة آلاف صوت لا يشبه بعض الأصوات بعضاً، وعلى رأسها ألف تاج مكلل بالياقوت والدر والمرجان، إذا ابتسمت مع زوجها خرجت من فيها نور فيتعجب من ذلك أهل الجنة، فيقولون: ما هذا النور فلعل الله يطلع علينا، فينادون من فوقهم: يا أهل الجنة تبسمت حوراء مع زوجها فخرج النور من فيها، وفي كل إصبع لها عشرة آلاف خاتم من ذهب، فيعطي الله هذا الثواب من صلى هذه الصلاة، وجعل ثوابها لأبويه، وله مثله من غير أن ينقص من أجره شيئاً)) .

19- حدثنا أبو الفضل أحمد بن علي الصفار الموصلي ببارت، ثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن زنبور المكتب بالموصل، وقال: ثنا المظفر بن إسحاق، ثنا أحمد بن الحسن المصري، ثنا محمد بن أيوب العابد، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا شعيب بن الضحاك، ثنا عبد الرحمن بن يحيى عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، لله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، وله العظمة في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، لله الملك رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، وله النور في السماوات والأرض وهو العزيز مرةً واحدة ثم قال: اللهم -[188]- اجعل ثوابها لوالدي لم يبق لوالديه حقاً إلا أداه الله إليهما)) .

باب ما يقول عند المقابر

باب ما يقول عند المقابر 20- أخبرنا القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم بن نصر النسفي بمدينة قال: أنبأ أبو بكر محمد بن عمر بن كاباره بن عمرويه بن أحمد الفقيه الأبهري بها قال: ثنا أبو علي أحمد بن محمد بن مردين.. قال: ثنا.. ثنا سعدون بن محمد البندرجروي قال: ثنا علي بن يعقوب الزيات بمصر، ثنا يعقوب بن إسحاق الجرجاني، ثنا إبراهيم بن عبد الله الصغاني، ثنا عبد الرزاق، ثنا أبي عن مينا، عن سعد بن أبي الطريف عن الأصبغ بن نباتة، قال: كنت مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فمر بالمقابر فقال: السلام على أهل لا إله إلا الله من أهل لا إله إلا الله، يا أهل لا إله إلا الله، كيف وجدتم قول لا إله إلا الله بحق لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، اغفر لمن قال لا إله إلا الله، قال علي كرم الله وجهه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قالها إذا مر بالمقابر غفر له ذنوب مائتي سنة)) ، قالوا: يا رسول [الله] من لم يكن له ذنوب خمسين سنة، قال: ((لوالديه ولقرابته ولجيرانه ولعامة المسلمين)) .

21- وبإسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيما مسلم وقف على قبر مسلم فقال: الحمد لله الذي لا يبقى إلا وجهه ولا يدوم إلا ملكه، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهاً واحداً أحداً فرداً صمداً وتراً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، إلا غفر الله لذلك الميت ذنب خمسين سنة، وكتب لقائلها خمس وأربعون ألف حسنة، ومحي عنه خمس وأربعون ألف سيئة، ورفع له خمس وأربعون ألف درجة)) .

22- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من اجتاز بمقبرةٍ لأهل الذمة فشيع، ثم تلا هذه الآية: {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسيرٌ} إلا رجع إليه من كل قبر عشر حسنات)) .

باب في السلام على أهل المقابر ورد الجواب

باب في السلام على أهل المقابر ورد الجواب 23- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الميت ليعلم بزائره ويستأنس به ما دام وهو عنده)) .

24- وروي عنه أيضاً: ((من زار قبر والديه أو أحدهما فقرأ عندهما (يس) غفر الله له بكل حرف من الذي قرأ سبعين مغفرة)) .

25- أخبرنا الحسن بن أحمد المقرئ ببغداد، ثنا علي بن محمد بن بشران قال: ثنا علي بن محمد المصري، ثنا بكر بن سهل، ثنا محمد ابن مخلدة الرعيني، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عامر ابن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا وسلم إلا عرفه ورد عليه)) .

26- أخبرنا أبو علي بن بردين بن سليمان البشنوي، قال: ثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ، أنبأ عبد الله ابن محمد بن حيان الحافظ، ثنا إسحاق بن إسماعيل (..) ، ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، ثنا محمد بن بشر، ثنا محمد بن عمرو، ثنا أبو قرصافة -[193]- جندرة بن خيشنة وكان له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من آوى إلى فراشه ثم قرأ سورة {تبارك الذي بيده الملك} ثم قال: اللهم رب الحل والحرام والبلد الحرام والركن والمقام والمشعر الحرام، بلغ روح محمد مني التحية والسلام، أربع مراتٍ، وكل الله به ملكين حتى يأتيا محمداً صلى الله عليه وسلم فيقولان له: يا محمد إن فلان ابن فلان يقرأ عليك السلام ورحمة الله، فيقول: على فلان ابن فلان مني السلام ورحمة الله وبركاته)) .

27- أبو الحسين محمد بن الحسين بن علي الترجماني قال: ثنا أبو بكر محمد بن أحمد الحيدري المقري، قال: ثنا أبو محمد عبد الله بن أبان بن شداد، ثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد الأنصاري، ثنا عتبة بن السكن عن أبي زكريا عن عمار بن سعيد الأودي قال: دخلت على أبي أمامة الباهلي وهو في النزع فقال: يا أبا سعيد، إذا مت أنا فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا فإنه قال: ((إذا مات الرجل منكم فدفنتموه فليقم أحدكم عند رأسه فليقل: يا فلان ابن فلان ابن فلانة، فإنه سيقول: أرشدني رحمك الله، فليقل له: اذكر ما خرجت عليه من زاد الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبداً ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه -[194]- فيقول له ما نصنع برجل قد لقن حجته، فيكون الله حجيجهما دونه)) .

ففي هذه الأخبار أدلة واضحة أن جميع ما يقرأ وما يتصدق به عن الموتى، والدعاء والاستغفار لهم، وما يهدى من أنواع البر والخير يصل إليهم ثوابه وينفعهم، ومن أنكر ذلك فقد قطع الطريق عليهم، ورد على الكتاب والسنة، قال الله تعالى في نص كتابه: {والذين جاءوا من -[195]- بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوفٌ رحيمٌ} ، وقوله تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء ٍرحمةً وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك} . ولو لم تكن الصلاة والاستغفار والدعاء نافعاً لهم كما أخبر الله عنهم بذلك، وكذلك الصدقة وقراءة القرآن إذا أهدي ثوابه إلى الموتى من المؤمنين في شرق الأرض وغربها ينفعهم ويصل إليهم، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في جماعة من أصحابه على النجاشي وهو غائب والبحر بينهم معترض، فلو لم يصل ثواب صلاته وصلاتهم إليهم لما صلوا عليه وهم بالمدينة، وكذلك خبيب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما صلب بمكة والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمدينة صلوا عليه، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى فنعوذ بالله من متابعة الهوى ومخالفة الكتاب والسنة والإجماع.

28- سمعت أبا طاهر إبراهيم بن محمد بن سلامة بن طوس الموصلي يقول بعض الصالحين من شيوخ الرحبة: أنه رأى في منامه كأنه اجتاز بمقبرة الرحبة فرأى أهل المقبرة جلوسٌ في أكنافهم يقتسمون -[196]- شيئاً فسألهم عن ذلك، فقالوا: نعم، اجتاز بنا بالأمس فلان، سماه شيخاً من الصالحين من أهل الرحبة ممن يجلس في السوق، فتعثرت رجله فأنقلع ظفر أصبعه الإبهام، فأغمي عليه، ووجد لذلك ألماً شديدا، فقال: اللهم إن كان بي من هذه العثرة، وهذا الألم ثواب، فقد أهديته لأهل هذه المقبرة، فلنا من الأمس نقتسم بثواب ذلك، ما فني بعد، قال: فلما أصبحت أتيت إليه وهو في دكانه بالسوق فسلمت عليه، وسألته أن يريني رجله، فأبى وقال: هي مثل أرجل الناس، ما عليك منها؟ فقلت: لي في هذا غرض، فكشف لي عن رجله الصحيحة، فقلت: أريد أن تكشف لي عن الأخرى؟! فقال: هي مثلها، وأقسمت عليه حتى كشف لي عنها، وأصبعه الإبهام مشدودة بخرقةٍ، فقلت: هذا كان قصدي، فسألني عن ذلك، فحدثته بما رأيته في منامي، فأقسم علي أن لا أحدث به في حياته، فما حدثت به حتى مات. وهذا صحيح لأنه: 29- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يكتب للمؤمن بالشوكة يصيبه وبالعثرة يعثرها وبالصداع والحمى يومٌ، كفارة سنة)) ، ونحو هذا.

30- وسمعت الشيخ أبا سعيد عبد العزيز بن محمد الإسترآباذي المعروف بكثرة الصلاة بمكة وأنا معه في الحديث بباب الندوة، زرت مقبرة المعلى في بمكة؟ قلت: لا، قال لي: زرها، فقد روي في كتاب ((فضائل مكة)) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان يوم القيامة يقوم من مقبرة المعلى بمكة سبعين ألفاً، وجوههم كالقمر ليلة البدر، يشفع كل واحد -[197]- منهم في سبعين ألفاً)) ، قيل: يا رسول الله! كلهم من أهل مكة؟ قال: ((لا من الغرباء)) ، وذلك أن تلك المقبرة هم برسم الغرباء واقرأ: {قل هو الله أحد} أحد عشر مرة، واهد لهم ثوابها، فقد روي أن من قرأ {قل هو الله أحد} أحد عشر مرة وأهدى ثوابها لأهل المقابر من أهل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال لي: وترجع إلي حتى أحدثك بحديث أحسن من هذا، فمضيت وزرتها وقرأت، ورجعت إليه، وقلت يا شيخ، الوعد الذي وعدتني به، قال: نعم، حدثني بعض شيوخ الحرم من المجاورين بها أنه زار تلك المقبرة، لأجل هذه الفضيلة وقرأ: {قل هو الله أحد} أحد عشر مرة وأهدى إليهم ثوابها، ثم إنه رأى حفارين يحفرون قبراً، فسألهم: لمن هذا؟ فقالوا: لرجل غريب، فقلت في نفسي: أقف حتى يأتون بجنازته وأصلي عليه، وأغتنم الثواب في ذلك، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من صلى على جنازة كتب له قيراط من الأجر، فإن شيعها كتب له قيراطان من الأجر، فإن انتظر دفنها كتب له قنطار من الأجر، والقنطار بألف أوقية، والوقية مثل جبل أحد)) فاستندت إلى قبر من تلك المقبرة، فنمت فرأيت في منامي أهل المقبرة جلوسٌ بأكفانهم وهم يتشاجرون أصواتهم كأنهم يقتسمون فيما بينهم، ورأيت صاحب هذا القبر الذي كنت مستنداً إليه، -[198]- فإذا هو شيخ بهيٌ، منور الوجه وهو يكلمني ويقول: يا أخي! ما يكفينا ثقل التراب حتى تتكأ علي، فقلت: وأنتم تحسون بثقلنا عليكم؟ قال: نعم، أما سمعت الخبر: ((يألم الميت، ما يألم الحي)) ، أما سمعت الخبر: ((لو أن أحدكم جلس على جمرة فتحرق ثوبه حتى يصل إلى جلده لكان أهون عليه من أن يطأ على قبر أو يجلس عليه)) ، فقلت: إنا لله، اجعلني في حل، فقال لي: أنت في حل أو كما قال، قال: فسألت عن مشاجرة أهل المقبرة، فقال: إنهم يقتسمون ثواب قراءة: {قل هو الله أحد} أحد عشر مرة التي قرأتها، فقلت: وكم أصاب كل واحد من ثوابها؟ قال: خير كثير، فقلت: فما الذي أصابك؟ فقال: أنا آثرتهم بسهمي حتى تتوفر عليهم، لأن هؤلاء ليس لهم أحد يهدي إليهم بشيء، أنا لي ولد صالح خياط بباب الندوة، يتصدق عني كل يوم بدانقين فضة، ويهدي إلي كل ليلة قبل أن ينام أحد عشر مرة {قل هو الله أحد} فقلت: وما اسمه؟ قال: محمد، فقلت: أتأذن لي أن أبشره عنك بهذا؟ قال: إن فعلت ذلك فلك علي منة كثيرة، قال: أقرئه عني السلام، وقل له: فعلامته أنك نسيت البارحة أن تقرأ: {قل هو الله أحد} فلما نمت جئت إليك فقلت: ولدي لم تركتني الليلة بلا عشاء ونسيتني، فانتبهت وقرأت، وبكيت وأهديت لي، فرضي الله عنك برضاي، قال: فلما انتبهت، أتيت باب الندوة ولقيته، وقلت يا محمد! أبوك يقرأ عليك السلام ويقول: بعلامة كيت وكيت رضي الله عنك، فقال لي: ومن أين رأيت والدي وله مذ مات عشرون سنة؟ فحدثته بما رأيت، وقلت: الساعة جئت من عند قبره، فقال: صدق -[199]- (..) وفرح بذلك. وقال الشيخ عبد العزيز: فلما حدثني بهذا الحديث أتيت أيضاً باب الندوة ولقيت محمد الخياط، وسلمت عليه وصافحته أو نحو هذا والسلام. تمت بحمد الله ومنه وصلواته على محمد وآله، على يد الفقير إلى الله يوسف بن محمد بن يوسف قرأ علي هذه الصورة (..) الإمام محمد (..) وكتب الفقير إلى الله محمد بن يوسف بن محمد بن يوسف الهكاري في سابع عشر من شوال/سنة سبع وستين وستمائة

§1/1