هداية القاري إلى تجويد كلام الباري

عبد الفتاح المرصفي

ترجمة الشيخ المؤلف عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي نور الله مرقده

ترجمة الشيخ المؤلف عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي نوَّر الله مرقده هو المقرىء الشهير، والعلامة النحرير، المحقق الشيخ عبد الفتاح بن السيد عجمي بن السيد العسس لقباً، المرصفي ولادة ونشأة، المصري موطناً، الشافعي مذهباً، ولد بمرصفا من أعمال محافظة القليوبية بجمهورية مصر العربية في 5 من شهر يونيو سنة 1923م. نشأ شيخنا الجليل في أسرة علمية صالحة من أهل القرآن ولا شك أنَّ الشجر الطيب ينبت ثماراً طيبة بإذن الله. أما والده فكان من أهل القرآن وكان حافظاً مقرئاً للقرآن الكريم في بلدة مرصفا وتخرج على يده العلماء المراصفة في عصره، وكان والد شيخنا يقرأ من القراءات قراءة أبي عمرو البصري. أما شيخنا الجليل نوَّر الله مرقده فهو محقق في علم القراءات بلا منازع وعالم متبحر في علم الرسم والضبط، وكأنَّ الله خلقه لهذا العلم. كان أسمر اللون ذا لحية بيضاء طويلة، كان صاحب نكتة ودعابة، إذا جالسه أحد لا يمل من حديثه، كان يمازح ضيفه وتلميذه رغم مرضه الشديد، لين العريكة، حلو الحديث، بسَّاماً، كريماً في بيته لأهل القرآن، شديد الخوف من الله، لا تأخذه في الله لومة لائم. إذا جلس للإقراء كانت له هيبة، يعلوه الوقار والصمت، وإذا شرع في الحديث عن الروايات وطرقها كان بحراً دفاقاً، غيوراً على أهل القرآن والقراءات، وكان يرد على المخالفين للقراءات، كثير الترحم والتأدب مع العلماء السابقين، وكان يعجبني فيه حبه لمشايخه، وأدبه الرفيع معهم فكان لا يُذكر عالمٌ إلا ترحم عليه، كثير القراءة للقرآن، فكان رحمه الله يصلي كل يوم الوتر في بيته إحدى عشرة ركعة يقرأ فيهن جزأين من القرآن، وأما في شهر رمضان فكان يترك الإقراء ويعتكف على صلاته وتهجده فكان يصلي التراويح في بيته ويقرأ خمسة أجزاء في

كل يوم، حقّاً هذه نعمة سبحان من وهبها لأهل القرآن. حفظ القرآن على الشيخ زكي محمد عفيفي نصر وأتم حفظ القرآن ولم يتجاوز العاشرة من عمره، ثم دخل المدرسة الأولية في ذلك الوقت سنة 1934م التي تسمى بالإبتدائية، ثم تخرج من التعليم الأولي سنة 1939م وكان ترتيبه الأول في المحافظة كما أفادني حسب شهادته التي عنده. أخذ التجويد عن الأستاذ رفاعي محمد أحمد المجولي، ثم قرأ بعدها ختمة كاملة لابن كثير على الشيخ رفاعي، ثم ختمة لحمزة من طريق الشاطبية وأجازه بهما، ثم التقى شيخنا نور الله ضريحه بالأستاذ المقرىء الشيخ حامد علي السيد الغندور فأخذ عليه القراءات الثلاث من طريق الدرة وقراءة حمزة ويعقوب ورواية حفص ورواية الأصبهاني عن ورش من طريق الطيبة وأجازه بذلك. ثم التقى شيخنا سنة 1935م بالعلامة محمد حسن الأنور شريف فأخذ عليه القراءات الثلاث عن طريق الدرة، ثم قرأ عليه خَتمة للقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة. ثم ارتحل إلى المقرىء الشيخ محمد جمعة الباز وقرأ عليه القراءات الثلاث من طريق الدرة. ثم في عام 1953م التحق بالأزهر الشريف في قسم القراءات فحصل على إجازة التجويد وكان ترتيبه الأول في مصر. وبعد ثلاث سنوات حصل على الشهادة العالية في القراءات وكان ترتيبه الثالث، وواصل دراسته في قسم تخصص القراءات بكلية اللغة العربية حتى حصل على شهادة التخصص في القراءات وكان ترتيبه الثاني. درس في الأزهر علوماً عدة وفنوناً شتى درس الشاطبية والدرة والطيبة والعقيلة ومورد الظمآن في علم رسم القرآن ودرس ناظمة الزهر في علم الفواصل وغيرها كالبلاغية والصرف والفقه والتفسير. وفي أوائل سنة 1962م سافر شيخنا إلى ليبيا مدرساً في جامعة الإمام محمد بن علي السنوسي الإسلامية وظل مدرساً فيها ستة عشر عاماً إلى سنة 1977م. وفي هذه الآونة انتسب إلى الأزهر وحصل على الشهادة العالية الليسانس وتلقى عنه خلق كثيرون في ليبيا، أخذوا عنه التجويد والقراءات حتى إن شيخنا

أفرد كتاباً خاصّاً لهم برواية قالون لأنهم يقرؤون بهذه الرواية. والتقى شيخنا رحمه الله سنة 1972م بأعلى القراء إسناداً في هذا العصر المقرىء الكبير بالقاهرة شيخنا الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات فسح الله في عمره وقرأ عليه ختمة بالقراءات العشر من طريق الطيبة وأجازه، وبعدها قرأ ختمة كاملة بالقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة وأجازه. وفي عام 1977م ودع ليبيا متوجهاً إلى المدينة المنورة على ساكنها أزكى الصلاة والسلام وعين معيداً في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة سنة 1397هـ وانتفع منه خلق وطلاب كثيرون في الجامعة وغيرها. وفي هذه الفترة أخرج شيخنا كتابه العجيب "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" فجاء الكتاب حلواً حاوياً لشتى المسائل في علم التجويد، وما إن بزغ نجم هذا الكتاب حتى تلقاه الناس بالاهتمام، وأقبلوا عليه ينهلون من رحيقه، وينتفعون بما فيه من أحكام التلاوة التي قل أن نجدها في غيره ويدرك ذلك من يطالع الكتاب. وتكريماً لجهوده في هذا الكتاب قررت إدارة مجلس الجامعة أن تكرم الشيخ فرفع الكتاب إلى المجلس الأعلى للجامعات ثم صدرت الموافقة في الأمر الملكي بتاريخ 6/2/1406هـ بترقية الشيخ عبد الفتاح المرصفي إلى درجة أستاذ في كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، وعين عضواً في اللجنة العلمية لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف للإشراف على المصحف الشريف طباعة وتسجيلاً بأصوات أشهر القراء في المملكة العربية السعودية. كان بيت الشيخ في المدينة المنورة حافلاً بالطلاب الذين يقرؤون عليه فكانوا يزدحمون على بيته رأيت ذلك بعيني، حتى كان بعضهم يقرأ عليه أثناء تناول الطعام. كان رحمه الله متضلعاً في العلم وكأنما ألين له العلم حتى استظهر متونه كلها حتى إن بعض المدرسين في الجامعة كانوا يأخذون عنه، ورغم مرضه الشديد كان يقرىء الطلاب ولا يمنع أحداً.

للشيخ مؤلفات كثيرة منها: 1- الطريق المأمون إلى أصول رواية قالون (مطبوع) . 2- هداية القاري إلى تجويد كلام الباري (مطبوع) . 3- شرح الدرة (مخطوط) . وأما الذين أخذوا عن الشيخ فأعداد كثيرة منهم: 1- الشيخ أحمد الزعبي الحسني أخذ عنه قراءة حفص من الشاطبية والدرة وأجازه بذلك كما قرأ عليه عقيلة أتراب القصائد في رسم المصاحف. 2- الشيخ عبد الرحيم البرعي أخذ عنه القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة. 3- الشيخ محمد تميم الزعبي أخذ عنه القراءات العشر عن طريق الطيبة وقرأ عليه عقيلة أتراب القصائد وناظمة الزهر. 4- أحمد ميهان التهانوي الباكستاني أخذ القراءات الثلاث من طريق الدرة. 5- الشيخ إدريس عاصم من لاهور باكستان أخذ عنه القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة. 6- الشيخ محمد إبراهيم الباكستاني أخذ القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة. 7- الشيخ عبد الرحيم محمد الحافظ العلمي من المدينة المنورة أخذ عنه رواية حفظ من الشاطبية وقرأ عليه القراءات السبع من طريق الشاطبية. 8- الشيخ عبد الناصر يوسف سلطان من المدينة المنورة قرأ عليه رواية حفص عن عاصم من طريق المصباح وأجازه بذلك. 9- الشيخ زايد الأذان من موريتانيا قرأ عليه القراءات السبع ووصل إلى سورة الأحزاب ولم يكمل حيث وافى الشيخ الأجل. 10- الشيخ يوسف شفيع قرأ عليه القراءات العشر الصغرى ووصل إلى سورة الأنبياء حيث توفي الشيخ. 11- الشيخ خالد محمد الحافظ العلمي قرأ عليه ختمة برواية حفص عن عاصم من الشاطبية وأجازه بذلك. وهناك خلق كثيرون أخذوا عن الشيخ

وفي يوم الأربعاء 17/6/1409هـ وبعد صلاة العصر كان يقرأ على الشيخ طالب من الإمارات المتحدة يدعى بلال فوصل إلى سورة الملك عند قوله تعالى: {إِنَّ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بالغيب لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك: 12] وفجأة سكت قلب طالما خفق خاشعاً لربه، ووقف لسان طالما نطق ذاكراً ربه، وانتهت مسيرة شعلة كانت مضيئة، فانطفأت وتركت ظلالاً يافعة أسأل الله أن يبارك فيها. وفي يوم الخميس 18/6/1409هـ صلي على الشيخ في الحرم النبوي الشريف بعد صلاة الفجر وسارت الجنازة حيث استقبل البقيع مقرىء العصر ووري جثمانه بين قبر سيدنا عثمان وشهداء الحرة رحمهم الله تعالى. رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح جناته ونور مرقده وجعل مع المقربين مقيله وسكناه. آمين. وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه آجمعين. كتبه تلميذ الشيخ أحمد الزعبي الحسني وقد أخذ رؤوس الترجمة من إملاء الشيخ أثناء حياته

التقديم للكتاب لسماحة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقا وعضو جماعة كبار العلماء بالأزهر وعضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة زادها الله شرفا وعزا

التقديم للكتاب لسماحة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقاً وعضو جماعة كبار العلماء بالأزهر وعضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة زادها الله شرفاً وعزًّا بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، هدى للناس ورحمة، وبينات من الهدى والفرقان. وأمره بإبلاغه للعالمين، والصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على عبده وخاتم رسله المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين أجمعين إلى يوم الدين. "وبعد": فقد اقتضت رحمة الله تعالى بعباده إرسال الرسل دعاة إلى الحق والهدى والعلم والنور، مبشرين ومنذرين. وإنزال الكتب تبياناً لكل شيء وإحقاقاً للحق وإزهاقاً للباطل، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها. والله تعالى بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير. وكل ذلك لئلا يكون للناس على الله حجة بعد إرسال الرسل وإنزال الكتب، وقد ختم الله رسالاته بأفضل البشر محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أرسله مبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأنزل إليه كتاباً عربيّاً مبيناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وجعله تفصيلاً لكل شيء، وتبياناً للحق وهدى ورحمة للعالمين، وحجة وبرهاناً على الجاحدين، وأمره بإبلاغه للناس كافة، فبلغه كلمة كلمة، وآية آية، وسورة سورة، حتى بلغت سوره مائة وأربع عشرة سورة، وآياته ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية، منها المكي والمدني، وأمر بكتابة كل ما أنزل إليه، فكتب الجميع بأمره في عهده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثم كتبت المصاحف كلها طبق ذلك، وبعث الخليفه الثالث عثمان بن عفان بالمصاحف إلى أقطار الإسلام، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، للحفظ والتلاوة كما كانا في العهد النبوي الشريف. فكان القرآن فيها

الشمس المشرقة، والنور الوضاء، والهدى والحق والسبيل الأقوم، والصراط المستقيم في أمة الإسلام التي رضي الله لها الإسلام ديناً، قال تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} [المائدة: 3] وقال: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخرة مِنَ الخاسرين} [آل عمران: 85] . وقد اهتم الجميع بتلاوة القرآن أكمل تلاوة وأجدرها كما تلقاها الصحابة الحفَّاظ على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم تتابع المسلمون على هذا النهج القويم والصراط المستقيم قراءة وترتيلاً وتجويداً للتلاوة، وبلغت الأمة في كل ذلك الغاية القصوى في كل العصور حتى أصبح الأخذ بالتجويد وأحكامه وكيفيته حتماً لازماً، وعد من لم يجود قراءته - كما أثر عن الحفاظ المجودين - آثماً. ومما أجمع عليه المسلمون في كل العصور وجوب تلاوة القرآن المجيد تلاوة مجودة كما رويت عن الصحابة ورواها الصحابة عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحرمة الهزرمة في التلاوة بحيث لا تستبين فيها الحروف ولا تكمل كمالها الواجب. ولذلك اهتم علماء التجويد في كل العصور بالدعوة إلى وجوب تجويد القراءة وبيان الحروف وإخراجها من مخارجها الطبيعية وحسن النطق بها، وحرمة ما يخالف ذلك. وألفوا في ذلك المؤلفات العديدة مطولة ومختصرة لسهولة الوقوف على الأحكام وكيفية النطق بالحروف ومنها بين أيدينا الكثير الوافي. وممن عنى بالدعوة إلى وجوب تجويد القرآن الكريم في تلاوته وحرمة الإخلال بالتلاوة وبيان المباحث الهامة في هذا العلم الجليل والشأن الخطير - أخونا العلامة الفاضل الكاتب المجيد والباحث المحقق الشيخ - عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي - المدرس بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة وفقه الله، فقد ألف كتابه القيم في هذا الشأن المسمى "هداية القارى إلى تجويد كلام الباري" عز وجل فجاء من خير ما أُلف في هذا الشأن العظيم جامعاً للمباحث الهامة في هذا العلم ببيان واضح وتحقيق دقيق وأسلوب متين واستقصاء للمباحث وتبيين لما يجب على التالي نحو الكتاب المبين في كل شئون التلاوة، فالحمد لله تعالى أجل الحمد وأوفاه. على ما وفقه له وأولاه. والشكر المزيد منا

نحن القراء لأخينا العلامة الأستاذ المؤلف حفظه الله. وإنا لنوصي إخواننا المسلمين القراء في كل البلاد الإسلامية أن يعنوا كل العناية بدراسة هذا المؤلَّف القويم ويستوعبوا مباحثه بدقة وإمعان، ويلتزموا النهج القويم الذي يشير إليه في التلاوة والتعليم والإرشاد في كل جهة وزمان ففي ذلك الخير العميم والنهج القويم السديد، ونسأل الله تعالى أن يجزيه عن كتاب الله تعالى خير الجزاء، وأن يوفقه لمتابعة نشره في كل الأمم الإسلامية، وأن يوفق المسلمين وخاصة القراء إلى الاستفادة منه، وأن يرشدوا أولادهم إلى الأخذ به في التلاوة. والله تعالى كريم لا يضيع عمل عامل من ذكر وأنثى من المحسنين. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين. كتبه حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقاً وعضو جماعة كبار العلماء بالأزهر وعضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة تحريراً في 17 من ذي الحجة سنة 1399هـ بالمدينة المنورة.

كلمة شيخنا الأستاذ الجليل صاحب الفضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد محمد الزيات المقرىء الكبير في هذا العصر وأعلى المقرئين إسنادا في مصر والمدرس بقسم تخصص القراءات بالأزهر سابقا

كلمة شيخنا الأستاذ الجليل صاحب الفضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد محمد الزيات المقرىء الكبير في هذا العصر وأعلى المقرئين إسناداً في مصر والمدرس بقسم تخصص القراءات بالأزهر سابقاً بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه "وبعد": فقد قرأ عليّ الأستاذ الفاضل الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي ما تيسرت قراءته من كتابه المسمى "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" فرأيت فيه الفوائد الكثيرة التي تدل على اطلاعه الواسع. وهذا الكتاب بحق قد خدم القرآن الكريم حيث بين ما يجب على القارىء من انتهاج منهج السلف الصالح الذين كرسوا حياتهم على فهم الكتاب المبين ودراسة أحكامه التي تتبع في تلاوته وحرموا على التالي أن يخلط، ويقرأ قراءة خارجة عن السنن القويم، الذي عرف من لدن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ونقل إلينا بلا تحريف ولا تبديل، ولا تغيير حسب الآراء والأهواء. وإني لأشكر للأستاذ المرصفي ما انتهجه في الرد على أولئك الذين لم يعبؤوا بالتخليط والتركيب بل كان رأيهم على عكس ما عرف من كلام المتقدمين وصدق الله العظيم القائل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] . وما هذا العمل إلا أثر لهذا الحفظ الذي تكفل به رب العالمين.

ونرجو من الله العلي القدير أن ينفع بهذا الكتاب وبمؤلفه النفع العميم. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآلهم وأصحابهم والحمد لله رب العالمين. أملاه أحمد عبد العزيز أحمد محمد الزيات المقرىء بالقاهرة المحروسة والمدرس بقسم تخصيص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر سابقاً تحريراً في ظهر يوم الخميس 27 من شعبان المبارك سنة 1400هـ الموافق 10/7/1980م بالقاهرة درب الأتراك بجوار الجامع الأزهر الشريف.

كلمة الأستاذ الجليل صاحب الفضيلة العلامة الشيخ حسين خطاب شيخ القراء بدمشق الشام بالجمهورية العربية السورية

كلمة الأستاذ الجليل صاحب الفضيلة العلامة الشيخ حسين خطاب شيخ القراء بدمشق الشام بالجمهورية العربية السورية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله. وأنزل عليه الكتاب ولم يجعل له عوجاً بلسان عربي مبين هدى ورحمة للمتقين. والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم أنبيائه المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الكرام البررة الذين حملوا أمانة القرآن الكريم سالمة نقية من كل زيف وأدوها كما تحملوها إلى أتباعهم حتى وصلت إلينا بالسند المتواتر النقي الشريف بارزة فيها معجزة قول الله العظيم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] . وبعد: فقد شرفني الله تعالى بزيارة الحرمين الشريفين في غرة جمادى الأولى سنة 1400 هـ لأداء الزيارة والعمرة وأثناء وجودي بالمدينة المنورة أكرمني الله تعالى بالاجتماع بالأستاذ الفاضل المقرىء فضيلة الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي وكان قد اختير للتدريس بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وذاكرته بعض الأحكام المتعلقة بعلوم القرآن ورواياته فأعجبت به وبصفاء ذهنه وحسن اتجاهه، وثباته على العهد الذي أخذه عليه أشياخه، وحرصه على نقاء الأمانة القرآنية التي شرفه الله بها، ونشاطه في بث هذا العلم ونشره تعليماً وتأليفاً، وقد أطلعني - حفظه الله - في المسجد النبوي الشريف على بعض مؤلفاته في علوم القرآن المطبوعة والتي هي تحت الطبع. أما المطبوع "فالطريق المأمون: إلى أصول رواية قالون" من طريق الشاطبية. وأما ما كان تحت الطبع فمسودة الكتاب الذي أسماه "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" فتصفحت فيه بعض المواضيع المتعلقة بعلم التجويد فوجدته كتاباً جامعاً مبسطاً ملمّاً بأبواب هذا الفن وقد جمع فيه ما تبعثر في كتب القدامى وناقش بعض النصوص للمؤلفين السابقين مناقشة علمية أدبية، وأبدى في ذلك رأيه الذي ألهمه الله أياه.

وقد وجدت الأستاذ الجليل سماحة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقاً قد قرأه وقدم له تقديماً حسناً ورغَّب في قراءته عموم المسلمين لينتفعوا به في تلاوة الكتاب العظيم، وينطقوا بحروفه وكلماته بعيدة عن التحريف والتصحيف، فيتقربوا بذلك إلى الله وينالوا من لدنه الثواب والأجر الجزيل. وقد ضممت صوتي إلى صوته مرغباً في قراءة هذا الكتاب الذي وضعه مؤلفه ليرد المسلمين عن اللحن والخطأ والتحريف في كتاب الله عز وجل إلى النطق به غضّاً طريّاً كما نزل. مع العلم أنه لابد من الرجوع إلى التلقي من أفواه الشيوخ الذي هو الأصل في نقل القرآن الكريم، وما تسطير قواعد هذا الفن في بطون الأسفار وكتب التجويد القديمة والحديثة إلا للاستئناس بها، وأما إحكام النطق بألفاظ القرآن فمرده أولاً وآخراً إلى المشافهة والأخذ من أفواه المتقنين من مشايخ الإقراء. هذا وأرجو الله العظيم لفضيلة الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي أن يزيده قوة ونشاطاً في نشر علوم القرآن والدفاع عنه ليدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: "خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه". وينال وسام الشرف الذي رفع رايته خاتم النبيين بقوله: "أشراف أمتي حملة القرآن". كما أسأله تعالى أن ينفع بعلومه وتآليفه المسلمين في الدنيا والآخرة. وأن يجزل له الأجر والثواب ويسدد خطاه إلى ما فيه الصواب والله ولي التوفيق. كتبه خادم القرآن الكريم حسين خطاب شيخ القراء بدمشق المدينة المنورة في يوم الأربعاء 2 من جمادى الأولى سنة 1400هـ.

كلمة الأستاذ الجليل فضيلة الشيخ عبد الرزاق علي موسى من علماء الأزهر الشريف والمدرس بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

كلمة الأستاذ الجليل فضيلة الشيخ عبد الرزاق علي موسى من علماء الأزهر الشريف والمدرس بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى ونوراً. وجعله للعالمين دستوراً، وجعل له حلاوة وعليه طلاوة لمن تلاه حق التلاوة، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي الذي كان خُلُقُه القرآن، وعلى آله وأصحابه والتابعين بإحسان، ما اختلف الملوان، وتعاقب الجديدان. أما بعد. فقد اطلعت على كتاب أخينا في الله تعالى العلامة المحقق المجيد، والفهامة المدقق الفريد صاحب الفضيلة الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي بارك الله في عمره وعمله وأطال الانتفاع بعلمه الذي توفر على تصنيفه في علم التجويد ليستفيد منه المسلمون بما يقربهم إلى الله من تصحيح التلاوة على النحو المأثور والمسمى "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" فرأيته قد أحاط بمسائل التجويد علماً، وانتظمها بياناً وفهماً، ورأيت عظم الحاجة إلى مثله ليرجع إليه ويعول عليه ... وإنه لمن نعم الله التي لا تحصى أن قيض لهذا المؤلَّف هذا العلامة. فقد صحبته ورأيت له مواقف مشهودة محمودة في نصرة القرآن الكريم والذود عن حياضه ودفع جهالات المغيرين عليه، وعادية الخائضين فيه بغير بينة ولا برهان، أعلى الله بها هامة الحق المأثور ودمدم بها على خواء الباطل المدحور، فكان للقرآن نصيراً، جزاه الله خير الجزاء، ومنَّ عليه بمزيد الفضل والآلاء. وقد نبه على سهو القدامى وخلط المحدثين. فأعلى راية الكتاب المبين. ودفع شُبَهَ المشكِّكين وأقام المتهوكين الحائرين على خير بينة وأوثق برهان بأوضح حجة وأظهر بيان، فكان بغية الملتمس، جعله الله في ميزان حسناته، وأعلى به درجاته، آمين. وفيه فرائد مدخرة، وفوائد معتبرة لا يقدرها قدرها إلا من رزقه الله التوفيق للاطلاع عليها في مواضعها منه فعنئذ يروي غليله ويشفي عليله ويهدي سبيله. والحق أقول: إنه بتأليف هذا الكتاب برأ ذمة القراء والمقرئين. وتقر

أرواحهم في قرارها المكين وهو ما نحمد الله عليه في المبتدأ والمنتهى. ونرجو أن يوفق للاطلاع عليه أهل النُّهى، وأن يجعله زاداً للمعاد في يوم النفاد لمؤلفه وكل من انتفع به بالاطلاع عليه. إنه ولي المؤمنين وهو يتولى الصالحين. كتبه عبد الرزاق علي موسى مدرس القراءات وعلومها بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحريراً في الأحد الموافق أول محرم الحرام سنة 1401هـ 9 نوفمبر سنة 1980م بالمدينة المنورة.

كلمة صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمد تميم الزعبي المقرىء بمدينة حمص بالجمهورية العربية السورية

كلمة صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمد تميم الزعبي المقرىء بمدينة حمص بالجمهورية العربية السورية بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي هيأ في كل عصر من الأعصار من أوقف حياته لخدمة القرآن. والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير من نطق بالضاد. وبعد: فإني قد تشرفت بالاطلاع على كتاب شيخنا الفاضل فضيلة الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي الموسوم "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" فقرأت منه عدة مباحث فوجدته جامعاً لأمهات مسائل فن التجويد مستوفياً كل مسألة حقها ومستحقها يغني العالم عن النصب في تحقيق مسألة ما عويصة في هذا المجال، ويوفي بغرض المبتدىء بما يسد به رمقه من القواعد والأحكام وقد جمع - حفظه الله - شتات الأقوال ورتبها وأحسن. وردَّ سقيمها بالحجة وأوجز وما قصر. فجاء كتاباً بتوفيق الله تعالى تبصرة للمبتدىء، وتذكرة للمنتهي مشتملاً على كل ما يحتاجه طالب علم التجويد من أبسط مسائله إلى أدقها ولا غرابة في ذلك فالمؤلف - حفظه الله وأدامه ذخراً للمسملين - محقق مدقق عرفته عن قرب أثناء قراءتي عليه القرآن الكريم بالقراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر فما من مسألة من دقائق فن التجويد والقراءات إلا وله فيها باع. وله عليها اطلاع. أسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياه للعمل بكتابه وأن يخلص لوجهه الكريم أقوال الكل منا وأعماله. وهو المسئول سبحانه أن يخص بأزكى صلواته وأوفى سلامة نبينا وآله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. كتبه الفقير إلى رحمة الغني محمد تميم الزعبي تحريراً بالمدينة المنورة في الثالث من شعبان سنة 1400 هـ.

كلمة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير والمقرىء الشهير الشيخ عامر السيد عثمان شيخ عموم المقارىء بالديار المصرية حاليا والمستشار في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة

كلمة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير والمقرىء الشهير الشيخ عامر السيد عثمان شيخ عموم المقارىء بالديار المصرية حاليًّا والمستشار في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد حبيبنا وطبيب قلوبنا صلاة وسلاماً دائمين ما تعاقب الليل والنهار وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار. وبعد: فقد اطلعت على كتاب "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" لمؤلفه الجهبذ العلامة الشيخ عبد الفتاح السيد عجمي الموصفي من علماء الأزهر الشريف فوجدته كتاباً مهذباً مبسطاً مرتباً قد جمع فيه أمهات المسائل التي يحتاجها طالب هذا الفن. فقد جمع الأمور في مجاريها، وحاد عن الشطط في مراميها وصحح الخلط والأوهام ورد على من يقول بتركيب القراءات وخلط الروايات. والحقيقية التي لا مرية فيها أن العالم الإسلامي كان ينتظر كتاباً يجمع مسائل التجويد واختلافات أهل الأداء من القراء والنجباء فجاء هذا الكتاب في حينه ووقته. ومؤلف هذا الكتاب معروف بمؤلفاته وتضلعه في هذا الفن فهو محقق مفنن له قدم راسخة في فن القراءات والتجويد، وإن هذا الكتاب يوفر على المسلمين بشكل عام وطلاب هذا الفن بشكل خاص مؤنة الرجوع إلى المراجع القديمة والحديثة، فلدى اطلاعي على هذا الكتاب أدهشني ما فيه من نقولات وترتيبات لم أر أحداً جمعها ونسقها ورتبها على هذا الترتيب من علماء هذا الفن المتأخرين والمتقدمين، وخاصة ذكر الأعلام الذين ورد ذكرهم في الكتاب فترجم لهم بملحق خاص في آخره.

والله أسأل أن يجزي مؤلف هذا الكتاب خير الجزاء في يوم المعاد، وينفع به المسلمين آمين آمين. كتبه عامر السيد عثمان تحريراً في يوم الأربعاء 21/8/1406هـ بالمدينة المنورة على ساكنها أزكى الصلاة والسلام.

مقدمة المؤلف

مقدمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اصطفى من شاء من خلقه لحفظ كتابه، وجعلهم من جملة أوليائه وخواص أحبابه، ووعدهم على تلاوته الصحيحة والعمل بما فيه جزيل الثواب، وأعلى الدرجات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدخرها ليوم العرض والحساب، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله أحب الأحباب إلى العزيز الوهاب، القائل: "أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه". والقائل: "يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها". والقائل: "إن لله تعالى أهلين من الناس أهل القرآن هم أهل الله وخاصته". اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين نقلوا القرآن وحافظوا عليه ورتلوه كما أنزل، وعملوا بما فيه، فأحلوا حلاله، وحرَّموا حرامه، واهتدوا بهديه، وتخلقوا بآدابه، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون. "أما بعد" فيقول أفقر العباد وأحوجهم إلى الله عز شأنه عبد الفتاح السيد

عجمي المرصفي بلداً ومولداً، المصري وطناً الشافعي مذهباً، الأزهري تربية، لما تشرفت بتدريس علم التجويد بالمدارس القرآنية كمدرسة مدينة تاجوراء وترهونة وغيرهما من المدن الليبية إلى جانب قيامي بمواجب إلقاء دروس الوعظ والإرشاد بالجامعة الإسلامية بإقليم طرابلس الغرب بليبيا آنذاك، رأيت أن من الواجب عليَّ نحو القرآن الكريم، وأحكام تلاوته أن أكتب كتاباً في فن تجويد القرآن متوخياً فيه سهولة الأسباب ووضوح المعنى وبسط الموضوع، وتقريب البعيد، وتجنب التعقيد، ليكون للمبتدئين تبصرة، وللمنتهين تذكرة، وقد قيدت جل مسائله بشواهد من المنظوم تضمنت ما جاء في المتنين المباركين متن المقدمة الجزرية للحافظ ابن الجزري ومتن تحفة الأطفال للعلامة الشيخ سليمان الجمزوري وغيرهما من المتون المعمول عليها في هذا الشأن. ومما أخذته عن شيوخي بالأزهر المعمور حالة الأداء ليعم النفع به ويسهل الاغتراف منه، فليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، فجاء بحمد الله كتاباً وافياً بالمقصود منه، جامعاً للفوائد المتعلقة بموضوعه، ولم أدخر جهداً في تنقيحه وتهذيبه وتحريره وتقريبه. تيسيراً لطلابه، ومع هذا فإني معترف بالتقصير أمام الأثبات النحارير، ولا أدَّعي السلامة فيه من العيوب؛ لأنه لا كمال إلا لله وحده علاَّم الغيوب، ولا عصمة إلا للأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام، ولما فتح الله عليَّ بإتمام كتابته سميته آنذاك "طريق المريد إلى علم التجويد". ثم إنني لما شرفتني العناية الإلهية بابتعاثي إلى "كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية" إحدى كليات الجامعة الإسلامية بطيبة مدينة رسول الله المنورة الزكية. على ساكنها أفضل الصلاة وأسنى التحية، لأقوم فيها بتدريس العشر القراءات على ما تواترت به الروايات، وما يتبعها من علوم فواضل كعلمي الرسم والضبط وعلم الفواصل "عد الآي" وكان إحكام هذه الأحكام متوقفاً على دراسة علم التجويد، الذي هو حق الله على العبيد إذا ذكروه بتلاوة القرآن المجيد، أعدت النظر في هذا المصنَّف وأجريْتُ عليه قلم التنقيح ليوافق مستوى طلاب الجامعة من الإجمال والتوضيح، والكناية والتصريح، والزيادة والإفادة فجاء - والفضل لله وحده - درة يتيمة في بابه، فريداً في استيعابه، في إيجازه وإطنابه.

والتزمت فيه التنبيه على سهو القدامى وخلط المحدثين من سائر ما اطلعت عليه إلا ما رأيت العزوف عن الوقوف عنده طويلاً أليق بحاله وأصلح لمآله لعدم اشتهاره أو لعدم تلقي الناس له بالقبول وقد قمت بذكر تراجم لجميع من أوردت ذكره من العلماء في أصل الكتاب. وجعلت ذلك في ملحق خاص بآخره ليكون أعون للطالب على معرفة أهل العلم الذين هم شهودنا ووسائطنا في نقل هذا العلم، وإليهم تنتمي الأقوال فيه وليكون أعون على الاستفادة من أهل العلم والاقتداء بهم واقتفاء سننهم، ولما أن أكمل الله لي منته، وأتم علي نعمته سميته حاليّاً "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يثيبني عليه - يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم - وأن ينفع به أهل القرآن، في كل زمان ومكان، إنه الجواد الكريم. الرؤوف الرحيم. المؤلف عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي المدرس بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة تم تبييضه مع الزيادة والتنقيح وذكر أعلامه بالمدينة المنورة في يوم الجمعة المبارك 27 من شوال سنة 1399 هـ. وتمت كتابته الأولى بمدينة تاجوراء - طرابلس - ليبيا في يوم السبت العاشر من جمادى الآخرة سنة 1383هـ الموافق 30/9/1963م.

مقدمة الكتاب

مقدمة الكتاب والمقصود منها ذكر التعريف بحفص وبشيخه الإمام عاصم - رضي الله تعالى عنهما - ثم ذكر الإسناد الذي أدَّى إليَّ رواية حفص عن عاصم ثم يتبع ذلك ذكر أشياء هامة ينبغي تقديمها على مباحث هذا الفن كما ينبغي للطالب معرفتها كذلك كمبادىء علم التجويد ومراتب القراءة وأركان القرآن الكريم إلى آخر ما هنالك، ولكل كلام خاص نوضحه في الفصول الآتية:

الفصل الأول / في التعريف بحفص رضي الله عنه

الفصل الأول / في التعريف بحفص رضي الله عنه هو حفص بن سليمان ابن المغيرة أبو عمر بن أبي داود الأسدي الكوفي الغاضري البزاز ويعرف بحفيص، أخذ القراءة عرضاً وتلقيناً عن عاصم وكان ربيبه ابن زوجته. قال الداني: وهو الذي أخذ قراءة عاصم على الناس تلاوة. ونزل بغداد فأقرأ بها وجاور مكة فأقرأ بها أيضاً، وقال يحيى بن معين: الرواية الصحيحة التي رويت عن قراءة عاصم رواية أبي عمر حفص بن سليمان. وقال أبو هشام الرفاعي: كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم. وقال ابن المنادى: قرأ على عاصم مراراً وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ على عاصم، وأقرأ الناس دهراً وكانت القراءة التي أخذها عن عاصم ترتفع إلى علي - رضي الله عنه -. وروى القراءة عنه عرضاً وسماعاً خلق كثير منهم: حسين بن محمد المروزي، وحمزة بن القاسم الأحول، وسليمان بن داود الزهراني، وحمدان بن أبي عثمان الدقاق، والعباس بن الفضل الصفار، وعبد الرحمن بن محمد بن واقد، وعمرو بن الصباح، وعبيد بن الصباح، وأبو شعيب القواس وغيرهم. ولد رضي الله عنه سنة 90 تسعين من الهجرة، وتوفي رحمه الله سنة 180هـ ثمانين ومائة على الصحيح، غفر الله له ولنا وللمسلمين قاطبة بمنه وكرمه آمين، انتهى ملخصاً من ابن الجزري غاية النهاية ج1 ص 254. طبعة الخانجي بمصر عام 1351هـ - 1932م.

الفصل الثاني / في التعريف بالإمام عاصم الكوفي رضي الله عنه

الفصل الثاني / في التعريف بالإمام عاصم الكوفي رضي الله عنه هو عاصم بن بهدلة أبي النجود بفتح النون وضم الجيم أبو بكر الأسدي مولاهم الكوفي الحناط بالمهملة والنون، شيخ الإقراء بالكوفة، وأحد القراء السبعة وهو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي في موضعه، جمع بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن، وكان ثقة ضابطاً صدوقاً، وحديثه مخرج في الكتب الستة، وهو من التابعين، أخذ القراءة عرضاً على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش وغيرهما وروى عنه القراءة خلق كثير منهم أبان بن تغلب، وأبان بن يزيد العطار، وإسماعيل بن مجالد، والحسن بن صالح، وحفص بن سليمان، والحكم بن ظهير، وحماد بن زيد، وحماد بن أبي زياد، وحماد بن عمرو، وسليمان بن مهران الأعمش، وسلام بن سليمان أبو المنذر، وسهل بن شعيب، وأبو بكر شعبة بن عياش، والضحاك بن ميمون، وعمرو بن خالد وآخرون لا يُحصون. وروى عنه حروفاً من القرآن أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، والحارث بن نبهان، وحمزة الزيات، والمغيرة الضبي وغيرهم. وتوفي رحمه الله تعالى على ما صححه الحافظ ابن الجزري آخر سنة سبع وعشرين ومائة، ودفن بالسماوة في اتجاه الشام، رحمه الله رحمة واسعة، انتهى ملخصاً من ابن الجزري غاية النهاية ج1 ص 348 تقدم.

الفصل الثالث / في ذكر الإسناد الذي أدى إلي رواية حفص عن عاصم رضي الله عنهما

الفصل الثالث / في ذكر الإسناد الذي أدى إِليَّ رواية حفص عن عاصم رضي الله عنهما أقول: قرأت القرآن الكريم من أوله إلى آخره برواية حفص عن عاصم عدة مرات على غير واحد من الثقات الجهابذة الأثبات، منهم شيخنا الموقر الأستاذ الكبير والعلم الشهير الشيخ زكي محمد عفيفي نصر المرصفي ابن العلامة المحقق الأستاذ الجليل الشيخ محمد عفيفي نصر المرصفي شيخ القراء والمقرئين في وقته ببلدنا مرصفا رحمهما الله تعالى. وشيخنا الموقر الشيخ رفاعي محمد أحمد المجولي المرصفي شيخ القراء والإقراء. بمرصفا رحمه الله تعالى ... وشيخنا الفاضل الشيخ محمد الأنور حسن شريف المشهور بالحاج الأنور شيخ القراء والإقراء بمحافظة الشرقية رحمه الله تعالى. وشيخنا الفاضل الشيخ حامد علي السيد الغندور المقرىء الكبير بالسماعنة أطال الله حياته نفعاً للمسلمين وهو ابن العلامة المحقق الشيخ علي السيد الغندور شيخ القراء والإقراء في وقته بمحافظة الشرقية، وأستاذنا الجليل العلامة المحقق والمتقن المدقق شيخ شيوخ الإقراء في هذا العصر وأعلى القراء إسناداً في مصر صاحب الفضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد الزيات أطال الله حياته نفعاً للمسلمين وذخراً لكتاب ربّ العالمين. أما أستاذنا الشيخ زكي محمد عفيفي نصر المرصفي فقرأت عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم مرات من طريق الشاطبية وأخبرني أنه قرأها ضمن القراءات السبع من طريق الشاطبية على العلامة المحقق والمتقن المدقق الشيخ محمد أحمد شرع المرصفي شيخ القراء والإقراء في وقته بمرصفا. وأما أستاذنا الشيخ رفاعي محمد أحمد المجولي المرصفي فقرأ عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم مرتين. الأولى: إفراداً. والثانية: جمعاً ضمن القراءات السبع من طريق الشاطبية. وأخبرني انه قرأها ضمن القراءات السبع من الطريق المذكور على الاستاذ الكبير والعلم الشهير الشيخ محمد أحمد شرع المرصفي المتقدم وأخذ العلامة الشيخ أبو شرع القراءات السبع من الشاطبية عن الأستاذ الكبير والعالم النحرير التقي الورع الشيخ ضيف الله سالم عامر الشبلنجي وهو "أي الشيخ ضيف الله" عن الأستاذ الفاضل الشيخ غنيم محمد غنيم وهو عن الأستاذ الفاضل الشيخ حسن الجريسي الكبير رضي الله عنه وهو عن خاتمة القراء المحققين شمس الملة والدير، الشيخ أحمد الدُّريّ المالكي الشهير بالتهامي أحسن الله إليه. وأما شيخنا الكبير فضيلة الشيخ محمد الأنور حسن شريف فقرأت عليه رواية حفص عن عاصم ضمن القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة وأخبرني بأنه تلقى القراءات العشر من الطريق المذكور على الأستاذ الجليل الشيخ محمد الغريب المشهور بأبي قاعود. وأخبره بأنه تلقاها عن الأستاذ الكبير الشيخ عبد العزيز مصطفى السحار المقرىء الشهير بالقاهرة المحروسة ثم أخذ أيضاً القراءات العشر من الطريق المذكور ثم من طريق طيبة النشر على الأستاذ الفاضل والمربي الكامل الذي فضله بين الورى مشهور الشيخ أحمد يوسف عجور المقرىء الكبير بالجامع الأحمدي بمدينة طنطا فأما الشيخ عبد العزيز السحار فقد قرأ على الأستاذ الكبير الشيخ محمد حسن الإبياري وهو "أي الشيخ الإبياري" عن

الشيخ حسن الجريسي الكبير وهو عن العلامة المحقق والمتقن المدقق الشيخ

محمد بن أحمد الشهير بالمتولي شيخ القراء والمقارىء بالديار المصرية في وقته وهو عن العلامة الفاضل الشيخ أحمد الدُّرّي المالكي الشهير بالتهامي المتقدم ذكره. وأما أستاذنا الكبير فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد محمد الزيات فقرأت عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم مرتين: الأولى: جمعاً ضمن القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة. والثانية: جمعاً ضمن القراءات العشر من طريق طيبة النشر، وأخبرني بأنه قرأ القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة والطيبة على الأستاذ الكبير والعلم الشهير شيخ الإقراء بالقاهرة في وقته فضيلة الشيخ عبد الفتاح هنيدي، وأخبره بأنه أخذ القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة ثم من طريق الطيبة على الأستاذ الكبير والعالم النحرير الشيخ محمد أحمد الشهير بالمتولي السالف الذكر، وهو "أي الشيخ المتولي" عن الشيخ الكبير خاتم المحققين الشيخ أحمد الدُّري المالكي الشهير بالتهامي المتقدم، وأخذ العلامة التهامي القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة ثم من طريق طيبة النشر عن الأستاذ الفاضل الشيخ محمد بن أحمد المعروف بسلمونة شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية في زمانه، وهو عن السيد إبراهيم العبيدي، وهو عن مشايخ أجلاَّء منهم المتقن المحقق الشيخ عبد الرحمن الأجهوري المقرىء المالكي الأحمدي الأشعري المصري وطناً، والعمدة الفاضل المحقق السيد علي البدري، وأخذ الأجهوري والبدري عن جماعة من المحققين: منهم العلامة المحقق الشيخ أحمد الإسقاطي، وقرأ الإسقاطي على المحقق ابن الدمياطي، وقرأ ابن الدمياطي على العلامة المحقق العالم العامل والولي الكامل الشيخ أحمد البنا الدمياطي صاحب الإتحاف، وقرأ صاحب الإتحاف عن مشايخ أجلاَّء: منهم العلامة المحقق أبو الضياء الشيخ علي بن علي الشبراملسي، وقرأ الشبراملسي على العالم الفاضل الشيخ عبد الرحمن اليمني، وهو عن الشيخ أحمد ابن عبد الحق السنباطي، وهو عن المحقق الشيخ شحاذة اليمني، وهو عن الناصر الطبلاوي، وهو عن شيخ الإسلام والمسلمين أبي

يحيى زكريا الأنصاري، وهو عن شيخه أبي النعيم رضوان العقبي، وهو عن الحافظ محمد بن محمد بن محمد الجزري، وهو عن الشيخ أبي محمد عبد الرحمن بن المبارك بن معالي البغدادي الواسطي ثم المصري، وهو عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري المعروف بالصائغ، وهو عن شيخ الإقراء بمصر الإمام أبي الحسين عليّ بن شجاع المعروف بالكمال الضرير وبصهر الشاطبي، وهو عن قطب الزمان ومعدن العرفان الإمام أبي القاسم ابن فيرة الرعيني الشاطبي رضي الله عنه ونفعنا بعلمه، وهو عن الشيخ أبي الحسن علي بن هذيل بالأندلس، وهو عن أبي داود سليمان بن نجاح، وهو عن الحافظ أبي عمرو الداني. قال الحافظ أبو عمرو الداني: وأما رواية حفص فحدثنا بها أبو الحسن طاهر بن غلبون المقرىء، قال حدثنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن صالح الهاشمي الضرير المقرىء بالبصرة قال حدثنا أبو عباس أحمد بن سهل الأشناني، قال قرأت على أبي محمد عبيد بن الصباح، وقال قرأت على حفص، وقال قرأت على عاصم. قال أبو عمرو الداني: وقرأت بها القرآن كله على شيخنا أبي الحسن، وقال لي قرأت بها على الهاشمي، وقال قرأت على الأشناني عن عبيد عن حفص عن عاصم، وقرأ عاصم على أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي وأبي مريم زر بن حبيش، وأخذ أبو عبد الرحمن عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبُي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأخذ زر بن عثمان وابن مسعود رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الأمين جبريل عليه السلام عن رب العالمين جل جلاله وتقدست أسماؤه. إسناد العلامة الشيخ أحمد يوسف عجور وهو الأستاذ الثاني للشيخ محمد الغريب المشهور بأبي قاعود المتقدم والذي قد وعدنا بذكره، فنقول: وأما الشيخ أحمد يوسف عجور فقد قرأ القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة والطبية على والده العالم الكبير والمقرىء الشهي الشيخ يوسف عجور كبير

المقرئين في وقته وشيخ الإقراء بالجامع الأحمدي بطنطا، وهو أي "الشيخ يوسف عجور" أخذ القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة والطيبة عن الأستاذ الشيخ علي صقر الجوهري المرحومي. وأما أستاذنا الموقر الشيخ حامد علي السيد الغندور فقد قرأت عليه القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم، وكذلك رواية الأصبهاني عن ورش عن نافع، وقراءة حمزة ويعقوب والجميع من طريق طيبة النشر، وكذلك قرأت عليه القرآن الكريم بالقراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر من طريق الدرة، وأخبرني بأنه أخذ القراءات الثلاث ضمن القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة وكذلك رواية الأصبهاني عن ورش عن نافع ورواية حفص عن عاصم وقراءة حمزة ويعقوب من طريق طيبة النشر على الأستاذ الفاضل والمربي الكامل خاتمة المحقيين الشيخ إبراهيم أحمد سلام المالكي شيخ القراء والإقراء في وقته بالجامع الاحمدي بطنطا، وأخبره بأنه تلقى القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة والطيبة على الأستاذ الفاضل الشيخ أحمد مصطفى مراد المرحومي، وهو "أي الشيخ أحمد مصطفى" أخذ القراءات العشر المذكورة آنفاً عن الأستاذ الكبير الشيخ على حسن أبو شبانة وهو عن الأستاذ الجليل الشيخ علي صقر الجوهري المرحومي المتقدم. وأخذ العلامة الشيخ علي صقر الجوهري المرحومي عن الإمام الهمام علامة الأنام المحقق المدقق سيدي الشيخ مصطفى الميهي وهو عن والده العلامة المحقق الواصل سيدي الشيخ علي الميهي وعن سيدي سالم النبتيتي. قال العلامة النبتيتي: أخذت جميع ذلك عن سيدي وأستاذي وعمدتي وملاذي خاتمة محققي هذا الشأن سيدي الشيخ علي البدري الشافعي، وهو عن الشيخ أحمد الإسقاطي الحنفي رضي الله عنه، وقرأ العلامة الإسقاطي على الشيخ أبي السعود أبي النور، وعلى العلامة المحقق شمس الدين المنوفي، وعلى الشهاب أحمد البنا، وهم قرؤوا القرآن كذلك على الضياء سلطان بن أحمد

المزاحي، وهو قرأ كذلك على العلامة سيف الدين بن عطاء الله الفضالي البصير بقلبه، زاد الشهاب البنا فقال وعلى النور عليّ بن عليّ الشبراملسي، وزاد الشيخ المنوفي فقال: وعلى النور عليّ بن إبراهيم الرشيدي المعروف بالخياط، وهم والشبراملّسي قرؤوا على الزين عبد الرحمن بن العلامة والشيخ شحاذة اليمني، وهو والفضالي قرآ على والده الشيخ شحاذة اليمني المذكور، وهو على العلامة ناصر بن سلام الطبلاوي، زاد الشيخ عبد الرحمن اليمني فقال: وقرأته كذلك على العلامة شهاب الدين أحمد بن الشرف عبد الحق بن محمد السنباطي الشافعي، والنور عليّ بن محمد بن خليل بن موسى بن غانم المقدسي الأنصاري الخزرجي الحنفي، وقرأ ابن عبد الحق على الجمال يوسف بن شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري الخزرجي، وهو والطبلاوي على المشهور من الإجازات شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري، وقرأ ابن غانم على الشرف بن عبد الحق السنباطي، والمحب أبي الجود محمد بن إبراهيم السمديسي الحنفي وهما وشيخ الإسلام قرؤوا على الشهاب أحمد بن أسد الأميوطي، زاد شيخ الإسلام فقال: وعلى الزين رضوان بن محمد بن يوسف والزين طاهر بن محمد بن عليّ النويري، والشهاب أحمد بن بكر بن يوسف القلقيلي المعروف بالأسكندري، وهو والأميوطي قرؤوا على الحافظ المتقن الثقة الضابط الشمس أبي الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري الدمشقي. قال الحافظ ابن الجزري: وأما رواية حفص فحدثنا بها أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الفيرزأبادي بقراءتي عليه بسفح قاسيون، حدثنا علي بن أحمد فيما شافهني به، حدثنا أبو اليمن زيد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن علي البغدادي، حدثنا الإمام أبو الفضل الشريف، حدثنا أبو عبد الله الكارزيني، أخبرني بها عالياً جدّ الشيخ أبو عليّ الحسن بن أحمد بن هلال قراءة مني عليه بالجامع الأموي بدمشق، عن أبي الحسن عليّ بن أحمد ابن أبي المكارم اللبّان عن أبي عليّ الحداد، عن أبي بردة المليخي قراءة قالا: حدثنا الشريف أبو الحسن علي بن محمد بن صالح الهاشمي بالبصرة حدثنا أبو العباس أحمد بن سهل الأشناني قال: قرأت على أبي محمد عبيد بن الصبّاح قال: قرأت على حفص قال: قرأت على عاصم:

قال الحافظ ابن الجزري: وقرأت بها القرآن كله على عبد الرحمن بن أحمد بمصر، وقال لي قرأت بها على إبراهيم بن أحمد، وقال قرأت بها على زيد بن الحسن، وقال قرأت بها على سبط الخياط. وقال قرأت بها على الشريف أبي الفضل، وقال قرأت بها على الكارزيني، وقال قرأت بها على الهاشمي، وقال قرأت بها على أبي العباس أحمد بن سهل الأشناني، وقال قرأت على أبي محمد عبيد بن الصباح، وقال قرأت على حفص وقال قرأت على عاصم وتقدم سنده. قلت: وقرأت القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم مرتين أخريين - بقسم القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر آنذاك - على غير واحد من الثقات بأسانيدهم المتصلة برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم الأستاذ الكبير فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد الزيات وتقدم سنده وفضيلة الشيخ حسن المري الذي قرأ على فضيلة الشيخ الزيات المتقدم وفضيلة الشيخ عبد الله البطران الذي أخذ عن العلامة المحقق الشيخ خليل الجنايني عن الإمام المتولي الذي تقدم سنده غير مرة. فأما المرة الأولى: فقرأتها ضمن القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة في المرحلة الأولى التي بنهايتها يمنح الطالب "الشهادة العالية للقراءات" بعد اجتياز امتحانها. وأما المرة الثانية: فقرأتها ضمن القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر في المرحلة الثانية وهي المسماة بقسم تخصص القراءات والتي بنهايتها يمنح الطالب "شهادة التخصص في القراءات" بعد اجتياز امتحانها والحمد لله. قد منحني الله تعالى من فضله هاتين الشهادتين كما منحني من قبلهما شهادة "إجازة

التجويد" من شعبة التجويد بالقسم المذكور فحمداً له تعالى وشكراً ونسأله تعالى المزيد من العلم والتوفيق في طلبه إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآلهم وأصحابهم والحمد لله رب العالمين.

الفصل الرابع / في ذكر مبادىء علم التجويد

الفصل الرابع / في ذكر مبادىء علم التجويد ينبغي لكل من شرع في فن من الفنون أن يعرف مبادئه العشرة المشهورة ليكون على بصيرة في المشروع فيه، وحيث إن رسالتنا هذه خاصة بعلم التجويد فينبغي أن نتكلم على تلك المبادىء العشرة الخاصة به ليكون الطالب على علم بها فنقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون والقول: الأول: حده: التجويد مصدر جود تجويداً، والاسم منه الجودة ضد الرداءة وهو في اللغة التحسين يقال جوَّد الرجل الشيء إذا أتى به جيداً ويستوي في ذلك القول والفعل. ويقال لقارىء القرآن الكريم المحسن لتلاوته: "مجوِّد" بكسر الواو إذا أتى بالقراءة مجوَّدة - بفتح الواو - الألفاظ بريئة من الجوْر والتحريف حال النطق بها. وفي الاصلاح: إخراج كل حرف من مخرجه وإعطاؤه حقه ومستحقه - بفتح الحاء - من الصفات. فحق الحرف من الصفات أي الصفات اللازمة الثابتة التي لا تنفك عنه بحال، كالجهر، والشدة، والاستعلاء، والاستفال، والإطباق، والقلقلة، إلى غير ذلك مما سنذكره مبسوطاً في موضعه.. ومستحقَّه أي من الصفات العارضة التي تعرض له في بعض الأحوال وتنفك عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب كالترقيق والتفخيم، فإن الأول ناشىء عن صفة الاستفال والثاني ناشىء عن صفة الاستعلاء وكالإظهار والإدغام والإخفاء

والمد والقصر إلى غير ذلك مما سيأتي مفصلاً، مشروطاً بشروطه في محله إن شاء الله تعالى. الثاني: موضوعه: هو الكلمات القرآنية من حيث إعطاء حروفها حقها ومستحقها كما مر من غير تكلف ولا تعسف في النطق مما يخرج بها عن القواعد المجمع عليها. وزاد بعض أئمتنا - الحديث الشريف - إذ يرى تطبيق قواعد التجويد في قراءته والجمهور على أن موضوع التجويد هو القرآن الكريم فقط.. الثالث: ثمرته: هي صون اللسان عن اللحن في لفظ القرآن الكريم حال الأداء وكذلك الحديث الشريف عند من رأى ذلك، وقد تقدم ما عليه الجمهور في هذا الشأن.. الرابع: فضله: هو من أشرف العلوم وأفضلها لتعلقه بكلام الله تعالى.. الخامس: نسبته من العلوم: هو أحد العلوم الشرعية المتعلقة بالقرآن الكريم. السادس: واضعه: أما الواضع له من الناحية العملية فهو سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه نزل عليه القرآن من عند الله تعالى مجوَّداً وتلقاه صلوات الله وسلامه عليه من الأمين جبريل عليه السلام كذلك وتلقته عنه الصحابة وسمعته من فيه الشريف كذلك وتلقاه من الصحابة التابعون كذلك وهكذا إلى أن وصل إلينا عن طريق شيوخنا متواتراً ولا نكر هذا إلا مكابر أو معاند. وأما الواضع له من ناحية قواعده وقضاياه العلمية ففيه خلاف فقيل أبو الأسود الدؤلي. وقيل أبو عبيد القاسم بن سلام. وقيل الخليل بن أحمد وقيل غير هؤلاء من أئمة القراءة واللغة. السابع: أسمه: علم التجويد. الثامن: استمداده: جاء من كيفية قراءة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم

من كيفية قراءة الصحابة بمن بعده والتابعين وأتباعهم وأئمة القراءة إلى أن وصل إلينا بالتواتر عن طريق شيوخنا. التاسع: حكم الشارع فيه هو الوجوب العيني على كل مكلَّف من مسلم ومسلمة يحفظان القرآن كله أو بعضه ولو سورة واحدة لثبوت ذلك بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً} [المزمل: 4] أي اتله على تؤدة وطمأنينة وخشوع وتدبر مع مراعاة قواعد التجويد من مد الممدود وقصر المقصور وإظهار المظهر وإدغام المدغم وإخفاء المخفى إلى غير ذلك مما سيأتي مبسوطاً في مواضعه. وقد أخبر غير واحد من أئمتنا أنه صح عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً} [المزمل: 4] "الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف" أهـ. وإذا تأملنا في الآية الكريمة نجد أن الله تبارك وتعالى لم يقتصر على الأمر بالفعل في قوله عز شأنه: {وَرَتِّلِ} [المزمل: 4] بل أكده بمصدر مؤكد للأمر وهو قوله سبحانه: {القرآن} [المزمل: 4] وهذا مما يفيد الاهتمام بشأنه والترغيب في ثوابه والعمل به. هذا: والأمر في هذه الآية للوجوب كما هو الأصل في الأمر إلا أن تكون

قرينة تصرفه عن هذا الوجوب إلى غيره من المعاني كالندب أو الإباحة أو التهديد ... إلخ ولا قرينة هنا تصرفه عن الوجوب إلى غيره مما ذكر ونحوه فبقي على الأصل وهو الوجوب فتأمل. وما الأمر بالترتيل هنا إلا لأن الترتيل صفة تكلم الله بالقرآن كما قال سبحانه وتعالى: {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان: 23] وناهيك بهذا شرفاً وجلالاً. وأما السنة: فكثيرة منها ما خرَّجه الحافظ السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور، وعزاه للطبراني في الأوسط وابن مردويه وسعيد بن منصور من حديث موسى بن يزيد الكندي رضي الله عنه قال: "كان ابن مسعود رضي الله عنه يقرىء رجلاً، فقرأ الرجل: {إنَّما الصَّدقات للفُقَراءِ والمَسَاكينِ} [التوبة: 60] مرسلة فقال ابن مسعود ما هكذا أقرأنيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها: {إنَّما الصَّدقاتُ للفُقراءِ والمساكينِ} [التوبة: 60] فمدها أهـ فابن مسعود الذي هو أشبه الناس سمتاً ودلاًّ برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنكر على الرجل أن يقرأ كلمة "الفقراء" من غير مد ولم يرخص له في تركه"، مع أن فعله وتركه سواء في عدم التأثير على دلالة الكلمة ومعناها، ولكن لأن القراءة سنة متَّبعة يأخذها الآخر عن الأول كما قال زيد بن ثابت رضي الله عنه. واستفاض النقل عنه بذلك؛ أنكر ابن مسعود رضي الله عنه على الرجل أن يقرأ بغير قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي أقرأ بها أصحابه رضي الله عنهم جميعاً، فدل ذلك على وجوب تعلم التجويد واتباع أحكامه عند التلاوة، لدلالة مثل هذا النص بالجزء على الكل. وسيأتي لهذا الحديث مزيد تفصيل في "باب المد والقصر" من هذا الكتاب إن شاء العزيز الوهاب سبحانه وتعالى. وهناك سنشير إلى تخريجه مستوفى. وأما إجماع الأمة فقد قال العلامة الشيخ محمد مكي نصر في نهاية القول المفيد ما نصه: فقد اجتمعت الأمة المعصومة من الخطأ على وجوب التجويد من زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى زماننا ولم يختلف فيه أحد منهم وهذا من أقوى الحجج أهـ منه بلفظه ص (10) . العاشر: مسائله وهي قواعده كقولنا: كل نون ساكنة وقع بعدها حرف من

حروف الحلق يجب إظهارها ويسمى إظهاراً حلقيّاً، وكل حرف مد وقع بعده ساكن أصلي وصلاً ووقفاً يُمدّ مدّاً طويلاً ويسمى مدّاً لازماً وهكذا، وقد أشار إلى ما قدمنا في هذا الفصل الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: والأخْذُ بالتَّجويدِ حتمٌ لازمٌ ... مَنْ لمْ يُجوِّدِ القرآنَ آثِمُ لأنَّه بِه الإلهُ أنزلا ... وهكذا مِنْه إلينَا وَصَلاَ وهوَ ايضاً حليَةُ التِّلاوةِ ... زينةُ الأداءِ والقراءةِ وهو إعطاءُ الحروفِ حقَّها ... من صفة لها ومُستحقَّها ورد كلِّ واحد لأصلهِ ... واللفظُ في نظيره كمثله مكمَّلاً من غيرَ ما تَكَلُّف ... باللطفِ في النُّطقِ بلا تعسُّفِ وليس بينهُ وبين تركهِ ... إلا رياضةُ امرىءٍ بفكِّهِ اهـ

الفصل الخامس / في بيان مراتب القراءة

الفصل الخامس / في بيان مراتب القراءة تقدم أن فرضيَّة علم التجويد ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ومما ورد في هذا الشأن من الأدلة قول الله تبارك وتعالى: {وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً} [المزمل: 4] . والترتيل هو أحد مراتب القراءة الثلاث التي يجب على القارىء معرفتها وهي كما يلي: الترتيل، والحدر، والتدوير. أما الترتيل: فهو القراءة بتؤدة واطمئنان مع تدبر المعاني ومراعاة أحكام التجويد من إعطاء الحروف حقها من الصفات والمخارج ومد الممدود وقصر المقصور وترقيق المرقَّق وتفخيم المفخَّم مما يتفق وقواعد التجويد وهو أفضل المراتب الثلاث فقد أمر الله تعالى نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال جل شأنه: {وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً} [المزمل: 4] . وأما الحدر: بسكون الدال، فهو الإسراع في القراءة مع المحافظة على قواعد التجويد ومراعاتها بدقة وليحترز القارىء حينئذ من بتر حروف المد وذهاب صوت الغنة واختلاس أكثر الحركات ومن التفريط إلى غاية لا تصح بها القراءة ولا توصف بها التلاوة. وأما التدوير: فهو القراءة بحالة متوسطة بين مرتبتي الترتيل والحدر مع المحافظة على قواعد التجويد ومراعاتها كذلك. والمراتب الثلاث في الأفضلية على النحو التالي الترتيل فالتدوير فالحدر آخرها وقد نظم هذه المراتب صاحب تذكرة القراء فقال: الحدْرُ والترتيل والتدوير ... والأوسط الأتم فالأخير والله تعالى أعلم.

الفصل السادس / في معرفة أركان القرآن اكريم

الفصل السادس / في معرفة أركان القرآن اكريم تقدم أن الأخذ بقواعد التجويد واجب شرعي في قراءة القرآن الكريم يثاب القارىء بفعلها ويأثم بتركها، ولا يكفيه مجرد العلم بها من الكتب، بل لا بد له من الرجوع إلى الشيوخ المتقنين الآخذين ذلك عن أمثالهم المتصل سندهم برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: والأخذ عنهم والسماع من أفواههم لأن هناك أموراً لا تُدرَك إلا بالسَّماع منهم ورياضة اللسان عليها المرة تلو المرة أمامهم كالروم والإشمام والإدغام والإخفاء والمد والقصر والإمالة والتسهيل إلىآخر ما هنالك. وبهذا يكون القارىء سليم النطق حسن الأداء بعيداً عن اللحن. بخلاف من أخذ من الكتب وترك الرجوع إلى الشيوخ فإنه يعجز لا محالة عن الأداء الصحيح ويقع في التحريف الصريح الذي لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة ولله در القائل: من يأخُذِ العلمَ عن شيخ مُشافهةً ... يكن عن الزيغ والتصحيف في حَرَم ومن يَكُنْ آخذاً للعلم من صُحُفٍ ... فعلمُهُ عند أهل العلمِ كالعَدَمِ والأخذ عن الشيوخ هو أحد أركان القرآن الثلاثة التي يجب على القارىء معرفتها وهي كما يلي: الأول: موافقة القراءة لوجه من وجوه العربية ولو ضعيفاً. الثاني: موافقتها للرسم العثماني ولو احتمالاً. ومعنى الاحتمال هنا أي ما يحتمله رسم المصحف الشريف كقراءة من قرأ "مالك" في قوله تعالى: {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: 4] بالألف فإنها كتبت في عموم المصاحف العثمانية بغير ألف

فاحتملت الكتابة أن تكون مالك بالألف وفعل بها كما فعل باسم الفاعل في نحو قادر وصالح مما حذفت منه الألف اختصاراً فهذا موافق للرسم تقديراً. وحينئذ فلا بد للقارىء من معرفة طرف من علم الرسم كمعرفة المقطوع والموصول والثابت والمحذوف من حروف المد وما كتب بالتاء المجرورة والمربوطة ليقف على المقطوع في محل قطعه وعلى الموصول عند انقضائه وعلى المرسوم بالتاء المجرورة تاء حسب الرواية وبالمربوطة هاء بالاتفاق وعلى الثابت من حروف المد بإثباته وعلى المحذوفة منها بحذفه مما سيأتي بيانه في محله إن شاء الله تعالى. الثالث: صحة السند وهذا الركن شرط صحة للركنين السابقين وهو أن يأخذ القارىء القراءة عن شيخ متقن فطن لم يتطرق إليه اللحن واتصل سنده برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة كانت القراءة شاذة ولو كانت من قراءات الأئمة السبعة المجمَع على صحتها وتواترها. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في طيبة النشر بقوله رحمه الله تعالى: فَكُلُّ ما وافق وَجْهَ نحوِ ... وكان للرسم احتمالاً يحوِي وصحَّ إسناداً هو القرآنُ ... فهذه الثلاثةُ الأركانُ وحيثما يختلُّ ركنٌ أثْبِتِ ... شُذوذهُ لو أنهُ في السبعة

الفصل السابع / في معرفة اللحن والمقصود منه هنا وحكمه

الفصل السابع / في معرفة اللحن والمقصود منه هنا وحكمه يَرِدُ اللحن في لغة العرب على عدة معان والمقصود به هنا الخطأ والميل عن الصواب في القراءة وينقسم إلى قسمين: جلي - أي ظاهر - وخفيّ - أي مستتر - ولكل منهما حد يخصه وحقيقة يتميز بها عن الآخر. فالجلي: هو خلل يطرأ على الألفاظ فيخل بعرف القراءة سواء أخل بالمعنى أم لم يخل. فالأول: كتغيير حركة باخرى كضم التاء أو كسرها من نحو: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين} [الفاتحة: 7] و {لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا القتال} [النساء: 77] أو فتحها أو كسرها من نحو {مَا قُلْتُ لَهُمْ} [المائدة: 117] أو تحريك السواكن كتحريك الميم بالفتح من نحو {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المغضوب عَلَيْهِم وَلاَ الضآلين} [الفاتحة: 7] {وَلاَ حَرَّمْنَا} [الأنعام: 148] أو إبدال حرف بحرف كإبدال الطاء دالاً أو تاء وذلك بترك إطباقها واستعلائها نحو {يَطْبَعُ} [الأعراف: 101] إلى غير ذلك مما يغير المعنى. والثاني: كرفع الهاء من قوله تعالى: {الحمد للَّهِ} [الفاتحة: 2] أو تحريك الدال بالضم من قوله تعالى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] . وسمي هذا اللحن جليّاً

لأنه خلل ظاهر يشترك في معرفته علماء القراءة وغيرهم وحكمه التحريم بالإجماع. والخفي: هو خلل يطرأ على الألفاظ فيخل بالعرف دون المعنى. وسمي خفيّاً لاختصاص معرفته بعلماء القراءة دون غيرهم وهو نوعان: الأول: مثاله ترك الإدغام في موضعه وكذلك الإظهار والإقلاب والإخفاء وترقيق المفخم وعكسه وتخفيف المشدد كذلك وقصر الممدود ومد المقصور والوقف بالحركة كاملة في غير الوقف بالروم إلى غير ذلك مما هو مخالف لقواعد هذا الفن. الثاني: وهو لا يعرفه إلا مهرة القراء وحذاقهم ومثاله تكرير الراءات وتطنين النونات وتغليظ اللامات في غير محله وترقيقها كذلك ترعيد الصوت بالمد وبالغنة وكذلك ترك الغنة أو الزيادة على مقدارها أو النقص عنه وكذلك الزيادة في مقدار المد أو النقص عنه إلى غير ذلك مما يخل باللفظ ويذهب برونقه وحسن طلاوته. والحكم في هذا اللحن بنوعيه التحريم أيضاً خلافاً لما ذكره مُلاَّ علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية حيث قال في النوع الأول: "ولا شك أن هذا النوع مما ليس بفرض عين يترتب عليه العقاب الشديد وإما فيه خوف العقاب والتهديد" أهـ. وقال في النوع الثاني: "ولا يتصور أن يكون فرض عين يترتب العقاب على فاعله لما فيه من حرج عظيم". قال في نهاية القول المفيد: وقال البركوي في شرحه على الدر اليتيم: "تحرم هذه التغييرات جميعها لأنها وإن كانت لا تخل بالمعنى لكنها تخل باللفظ لفساد رونقه وذهاب حسنه وطلاوته" أهـ بحروفه. قلت: والصواب ما قاله

البركوي عليه رحمه الله؛ لأن القارىء إذا قرأ بترك الإظهار والإدغام والقلب والإخفاء وبترك المد في موضعه والقصر كذلك ... إلخ فماذا بقي من أحكام التجويد؟ وكيف توصف التلاوة بعد ذلك بالصحة؟ إن ترك هذه الأحكام لا يتفق وقواعد التجويد المجمع عليها بين عامة المسملين. وقد تقدم إجماع الأمة على ذلك. والأمة كما هم متعبَّدون بإقامة حدود القرآن متعبَّدون كذلك بإقامة حروفه وتصحيح ألفاظه، وإقامة الحروف وتصحيحها لا يقومان إلا بتطبيق أحكام التجويد كاملة من إظهار المظهَر وإدغام المدغَم ... إلخ. انظر إلى قول الحافظ ابن الجزري في النشر: "ولا شك أن هذه الأمة كما هم متعبَّدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده متعبَّدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها" أهـ منه بلفظه قلت: ويؤخذ من عبارة الحافظ ابن الجزري هذه أنه لا بد من الأخذ بجميع أحكام التجويد كاملة حال أداء القرآن ولا يجوز العدول عنها إلى غيرها لأنه وصف إقامة الحروف وتصحيحها بالصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالحضرة النبوية ولم نسمع بل ولم يوجد نص يدل دلالة واضحة أو غير واضحة على أن قراءة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت بترك الإظهار أو الإدغام ... إلخ ما تقدم بل دلت النصوص والأدلة على أنها كانت قراءة محكمة مجوَّدة كما علمها إياه جبريل عليه السلام على هذه الكيفية المعروفة ثم تلقاها عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصحابة رضوان الله عليهم ثم من بعدهم التابعون ثم أتباعهم ثم أئمة القراءة ثم من بعدهم أمم وخلائق لا يُحصَوْن عدداً في جميع الأعصار والأمصار إلى أن وصل إلينا بهذه الصفة بطريق التواتر الذي يستفاد منه القطع واليقين، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحيد عن هذه الصفة قيد أنملة فمن تركها وتحول إلى غيرها أو رغب عنها فهو معتد أثيم مستحق للعقاب لتركه واجباً شرعيّاً، ويحضرني الآن فتوى لشيخ الإسلام في وقته العلامة المحقق شيخ شيوخنا الشيخ

ناصر الدين الطبلاوي حيث وُجِّه إليه سؤال في هذا الشأن وأجاب عليه رحمه الله وإليك نص السؤال والإجابة عليه كما أوردهما صاحب نهاية القول المفيد: "هل يجب إدغام النون الساكنة والتنوين في حروف الإدغام وإظهارهما عند حروف الإظهار وإخفاؤهما عند حروف الإخفاء وقلبهما عند حرف الإقلاب أم لا؟ وإذا كان واجباً فهل يجب على مؤدب الأطفال تعليمهم ذلك؟ وهل المد اللازم والمتصل كذلك؟ وإذا قلتم بالوجوب في جميع ذلك فهل هو شرعي يثاب فاعله ويأثم تاركه ويكون تركه لحناً؟ أو صناعي فلا ثواب لفاعله ولا إثم على تاركه ولا يكون تركه لحناً؟ وماذا يترتب على تارك ذلك؟ وإذا أنكر شخص وجوبه فهل هو مصيب أو مخطىء؟ وماذا يترتب عليه في إنكار ذلك؟ أفتونا أثابكم الله. فأجاب بقوله: الحمد لله الهادي للصواب نقول بالوجوب في جميع ذلك من أحكام النون الساكنة والتنوين والمد اللازم والمتصل، ولم يرد عن أحد من الأئمة أنه خالف فيه، وإنما تفاوت مراتبهم في المد المتصل مع اتفاقهم على أنه لا يجوز قصره كقصر المنفصل في وجه من الوجوه، وقد أجمع الفقهاء والأصوليون على أنه لا تجوز القراءة بالشاذ مع وروده في الجملة، فما بالك بقراءة ما لم يرد أصلاً وقد نص الفقهاء على أنه أذا ترك شدة من الفاتحة كشدة الرحمن منها بأن جزم اللازم وأتى بها ظاهرة فلا تصح صلاته، ويلزم من عدم الصحة التحريم لأن كل ما أبطل الصلاة حرم تعاطيه ولا عكس، وقد قال ابن الجزري في التمهيد: ما قرىء به وكان متواتراً فجائز وإن اختلف لفظه، وما كان شاذّاً فحرام تعاطيه، وما خالف ذلك فكذلك ويكفر متعمده. فإذا تقرر ذلك فترك ما ذكر ممتنع بالشرع وليس للقياس فيه مدخل بل محض اتباع، وقد قال العلامة ابن الجزري: والأخذُ بالتجويدِ حتمٌ "لازمٌ" ... من لم يجوِّد القرآنَ آثمُ فيجب على كل عاقل له ديانة أن يتلقاها بالقبول عن الأئمة المعتبرين، ويرجع إليهم في كيفية أدائه لأن كل فن يؤخذ عن أهله فاعتن به ولا تأخذ بالظن ولا تنقله عن غير أهله، ويجب على المعلم للقرآن من فقيه الأولاد وغيره أن يعلم تلك الأحكام وغيرها مما أجمع القراء على تلقيه بالقبول لأن كل ما أجمع عليه القراء حرمت مخالفته. ومن أنكر ذلك أي مما تقدم كله فهو مخطىء آثم يجب

عليه الرجوع عن هذا الاعتقاد، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل، انتهى بحروفه. "قلت": ومما يجدر ذكره في هذا المقام أيضاً ما كان من أمر سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما كان يقرىء رجلاً قوله الله تعالى: {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} [التوبة: 60] الآية فلم يمد الرجل لفظ الفقراء فأوقفه ابن مسعود عن القراءة وقال له ما معناه: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له الرجل: كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن فقال: أقرأنيها {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} [التوبة: 60] فمدها. فإذا تأملنا هذا الحديث وألقينا عليه نظرة فاحصة عابرة نجد أن ابن مسعود وهو الصحابي الجليل لم يسمح للرجل في عدم مد لفظ الفقراء وهذا شيء لا يغير المعنى وأوقفه عن القرءاة ثم عاد وقرأ لفظ الفقراء ممدوداً. وما ذاك إلا لأن ابن مسعود رضي الله عنه قرأ هذا اللفظ ممدوداً على سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما علم من الحديث. فما بالك بالقراءة التي فيها ترك الإظهار والإدغام والإخفاء ... إلى آخر ما تقدم فهذا شيء لا يصح فعله بحال. هذا. وما ذكرنا من أدلة على تحريم اللحن الخفي بنوعيه هو الصواب وإن لم يكن من أدلته إلا ما جاء عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لكفى. ولا التفات إلى ما ذكره العلامة مُلاَّ علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية ومن حذا حذوه وبالله التوفيق، اللهم سامحنا وتجاوز عن تقصيرنا وألهمنا رشدنا وارزقنا تلاوة كتابك على النحو الصحيح الذي يرضيك وترضى به عنا ياذا الجلال والإكرام. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد النبي العربي الأمي وعلى آله وصحبه والتابعين وعلى سائر النبيين والمرسلين وآلهم والحمد لله رب العالمين.

الباب الأول / في مخارج الحروف

الباب الأول / في مخارج الحروف التمهيد للدخول إلى الباب مما لا يخفى أن هذا الباب وكذلك باب الصفات الذي سنذكره بعد من أهم مباحث هذا الفن بل إن كل مسائله أو جلها منحصرة فيهما وإذا كان كذلك فيجب إتقان كل منهما قبل البدء في مباحثه، ولذا افتتحنا بهما كتابنا هذا بعد المقدمة، وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: إذْ واجبٌ عليهمُ محتَّمُ ... قبل الشروع أولاً أن يعلمُوا مخارج الحروفِ والصفاتِ ... ليلفظُوا بأفصحِ اللُّغاتِ هذا: والمخارج جمع مخرج ومعناه في اللغة: اسم لموضع خروج الحرف أو هو عبارة عن الحيّز المولِّد للحرف. وفي الاصطلاح: محل خروج الحرف - أي ظهوره - الذي ينقطع عنده صوت النطق به فيتميز به عن غيره كما سيأتي. والحروف: جمع حرف وهو في اللغة طرف الشيء. وفي الاصطلاح: صوت معتمد على مقطع "أي مخرج" محقق أو مقدر فالمخرج المحقق أن يكون معتمداً على جزء معين من أجزاء الحلق أو اللسان أو الشفتين. والمقدر هو الهواء الذي في داخل الحلق والفم وهو مخرج حروف المد الثلاثة. وذلك لأنها لا تعتمد على شيء من أجزاء الفم بحيث ينقطع عند ذلك الجزء ولهذا قبلت الزيادة على مقدار الطبيعي كما ستقف على ذلك قريباً إن شاء الله تعالى. والمراد بالحروف هنا الحروف الهجائية أو حروف التهجي التي

هي: أبا تا ثا إلى الياء لا حروف المعاني المذكورة في علم العربية كباء الجر وسين التنفيس وهمزة الاستفهام. إلخ. هذا: ويعرف مخرج الحرف بأن يسكن أو يشدد ويدخل عليه همزة الوصل محركة بأي حركة كانت فحيث ينتهي صوته فثم مخرجه المحقق وحيث يمكن انقطاع الصوت فثم مخرجه المقدر. وهذا خاص بمخرج حروف المد الثلاثة. ثم اعلم أن مخارج الحروف نوعان: الأول: المخارج العامة. الثاني: المخارج الخاصة. أما المخارج العامة فهي ما اشتمل الواحد منها على مخرج واحد فأكثر. وأما المخارج الخاصة فهي ما اشتمل الواحد منها على مخرج واحد فقط، وقد يخرج منه حرف واحد أو حرفان أو ثلاثة ولا أكثر من ذلك.

الفصل الأول / في بيان اختلاف علماء القراءة واللغة في عدد مخارج الحروف

الفصل الأول / في بيان اختلاف علماء القراءة واللغة في عدد مخارج الحروف اختلف علماء القراءة واللغة في عدد المخارج على ثلاثة مذاهب: الأول: مذهب سيبويه ومن تبعه كالإمامين الجليلين الشاطبي وابن بريّ رضي الله عنهما. ومخارج الحروف عند هؤلاء ستة عشر مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف الذي هون مخرج حروف المد الثلاثة ووزعوا حروفه على مخارج الحلق واللسان والشفتين فجعلوا مخرج "الألف" من أقصى الحلق مع الهمزة و"الياء" من وسط اللسان مع الياء المتحركة أو الساكنة بعد فتح و"الواو" من الشفتين مع الواو المتحركة أو الساكنة بعد فتح كذلك. الثاني: مذهب الفراء والجرمي وقطرب وابن كيسان ومن تبعهم وعدد المخارج عندهم أربعة عشرة مخرجاً فقد أسقطوا مخرج الجوف ووزعوا حروفه كما تقدم في مذهب سيبويه وموافقيه ثم جعلوا مخرج اللام والنون والراء مخرجاً واحداً وهو طرف اللسان مع ما يحاذيه ويعم المخارج على هذين المذهبين أربعة مخارج عامة وهي الحلق واللسان والشفتان والخيشوم. ففي الحلق ثلاثة مخارج وفي اللسان عشرة على المذهب الأول وثمانية على المذهب الثاني وفي الشفتين مخرجان. وفي الخيشوم واحد. الثالث: مذهب الخليل بن أحمد شيخ سيبويه ومن تبعه من المحققين كالحافظ ابن الجزري وغيره. وعدد المخارج عند أصحاب هذا المذهب سبعة عشر مخرجاً فقد أثبتوا مخرج الجوف في مكانه وجعلوا حروف المد فيه ثابتة لم توزع كما وزعت فيما سبق وكذلك أثبتوا لكل من اللام والنون والراء مخرجاً سيأتي بيان كل منها في محله من الباب. والمختار من هذه المذاهب الثلاثة هو مذهب الخليل بن أحمد وهو الذي عليه الجمهور واختاره الحافظ ابن الجزري

وإليه أشار في المقدمة الجزرية والطيبة بقوله رحمه الله: مخارج الحروف سبعة عشر ... على الذي يختاره من اختبر اهـ هذا: وتنحصر المخارج على هذا المذهب في خمسة مخارج عامة وهي: الجوف والحلق واللسان والشفتان والخيشوم فيخرج من الجوف مخرج واحد ومن الحلق ثلاثة، ومن اللسان عشرة، ومن الشفتين اثنان، ومن الخيشوم واحد. ثم إن حصر المخارج فيما تقدم ذكره إنما هو على وجه التقريب وإلا فالتحقيق أن لكل حرف مخرجاً خاصّاً به يخالف مخرج الآخر وإلا لكان إياه. وفي هذا المعنى يقول العلامة ابن عبد الرزاق في تذكرة القراء رحمه الله: والحصرُ تقريبٌ وبالحقيقهْ ... لكل حرفٍ بقعة دقيقهْ إذ قال جمهور الورى ما نصُّهْ ... لكلِّ حرفٍ مخرجٌ يخصُّهْ

الفصل الثاني / في بيان تفصيل المخارج

الفصل الثاني / في بيان تفصيل المخارج وتفصيلنا لهذه المخارج سيكون إن شاء الله تعالى حسبما جاء في المذهب الثالث الذي هو سبعة عشرة مخرجاً وفقاً لما عليه الجمهور ولما ذكره الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة الجزرية كما أنه سيكون حسب ترتيب المخارج الخمسة العامة والمتضمنة للسبعة عشرة مخرجاً الخاصة فنقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون والقول: المخرج الأول: الجوف - أي جوف الحلق والفم - وهو في اللغة الخلاء. وفي الاصطلاح الخلاء الداخل في الفم. ويخرج منه مخرج واحد هو مخرج حروف المد الثلاثة، وهي الألف ولا يكون ما قبلها مفتوحاً دائماً كقال. والواو الساكنة المضموم ما قبلها كقولوا. والياء الساكنة المكسور ما قبلها كقيل، وهذه الحروف ليس لها حيز محقق تنتهي إليه كما لسائر الحروف غيرها بل تنتهي بانتهاء الصوت ولذا قبلت الزيادة على المد الطبيعي كما سيأتي في مراتب المد. وقد أشار إلى هذا المخرج الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: فألِفُ الجوْف وأُختاها وهي ... حروفُ مدٍّ للهواءِ تَنْتَهي المخرج الثاني: الحلق: ويخرج منه ثلاثة مخارج لستة أحرف وهي: الأول: أقصاه - أعني أبعَدهُ مما يلي الصدر ويخرج منه حرفان: الهمزة فالهاء. الثاني: وسطه ويخرج منه حرفان العين فالحاء المهملتان. الثالث: أدناه أعني أقربه مما يلي الفم ويخرج منه حرفان الغين فالخاء المعجمتان، وقد أشار إلى مخارج الحلق الثلاثة الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله:

ثم لأقصى الحلقِ همزٌ هاءُ ... ثمَّ لوسطهِ فعيْنٌ حَاءُ أدْنَاهُ غَيْنٌ خاؤُها ... ... ... ... ... ... ... المخرج الثالث: اللسان ويخرج منه عشرة مخارج لثمانية عشر حرفاً وتنحصر في أربعة مواضع منه وهي: أقصاه ووسطه وحافته وطرفه. ففي أقصاه مخرجان لحرفين. وفي وسطه مخرج واحد لثلاثة أحرف. وفي حافته مخرجان لحرفين. وفي طرفه خمسة مخارج لأحد عشر حرفاً وها هي على النحو التالي: الأول: أقصى اللسان أعني أبعده مما يلي الحلق وما فوقه من الحنك الأعلى ويخرج منه حرف واحد وهو القاف. الثاني: أقصى اللسان من أسفل مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى تحت مخرج القاف قليلاً ويخرج منه حرف واحد وهو الكاف وهو أقرب إلى مقدم الفم من القاف وأبعد من الحلق. الثالث: وسط اللسان وما يليه من الحنك الأعلى ويخرج منه مخرج واحد لثلاثة أحرف وهي الجيم فالشين فالياء. ونعني بالياء هنا غير المدية وهي المتحركة مطلقاً أو الساكنة بعد فتح كخير وشيء ويَوَدُّ. أما الياء المدية وهي الساكنة إثر كسر كقيل فتقدم أنها تخرج من جوف الحلق على مذهب الجمهور وعلى غيره من وسط اللسان مع المتحركة والساكنة إثر فتح. الرابع: إحدى حافتي اللسان وما يليها من الأضراس العليا التي في الجانب الأيسر أو الأيمن. ويخرج منها حرف واحد وهو الضاد المعجمة وخروجها من الحافة اليسرى أكثر وأيسر. من اليمنى أصعب وأقل. ومن الحافتين معاً أقل وأعسر وهذا ما أشار إليه الإمام الشاطبي بقوله: ... ... وهو لَدَيْهما ... يعزُّ وباليمنى يكون مُقلَّلا اهـ قال في نهاية القول المفيد: وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرجها من الجانبين وقيل: كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخرجها من الجانبين

أيضاً وبالجملة فهي أصعب الحروف مخرجاً وأشدها على اللسان ولا يمكن ضبط مخرجها إلا بالمشافهة. قال الحافظ ابن الجزري في التمهيد: واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره والناس يتفاضلون في النطق به أهـ. الخامس: أدنى حافتي اللسان أي أقربها إلى مقدم الفم بعد مخرج الضاد مع ما يليها من اللثة "أي لحمة الأسنان العليا" ويخرج منه حرف واحد وهو اللام وليس في الحروف أوسع مخرجاً منه. وخروج اللام من الحافة اليسرى أقل وأعسر ومن اليمنى أكثر وأسهل على العكس من الضاد، وخروجها من الحافتين معاً عزيز وصعب كما في الضاد. قال العلامة المارغني في النجوم الطوالع: "ويتأتى إخراج اللام من كلتا الحافتين إلا أن إخراجها من الحافة اليمنى أمكن بخلاف الضاد فإنها من اليسرى أمكن" أهـ. السادس: طرف اللسان تحت مخرج اللام قليلاً وما يحاذيه من لثة الثنيتين العُلْيَيَيْن ويخرج منه حرف واحد وهو النون الساكنة المظهرة ولو تنويناً والمدغمة في مثلها وكذلك المتحركة مشددة كانت أو مخففة. وخرج بهذا القيد: النون المخفاة والمدغمة مطلقاً في غير مثلها. فأما النون المخفاة فتتحول من طرف اللسان إلى قرب مخرج ما تخفى عنده من الحروف: وأما المدغمة مطلقاً أي بالغنة أو بغيرها في غير مثلها فتتحول أيضاً من طرف اللسان إلى مخرج ما تدغم فيه نفسه من الحروف وهذا هو الصواب خلافاً لمن قال بأن مخرج النون في هاتين الحالتين يتحول من طرف اللسان إلى الخيشوم ولمن قال بخروج المشددة من الخيشوم كذلك وسيأتي في باب الغنة ما يوضح ذلك إن شاء الله تعالى.

السابع: طرف اللسان مع ظهره بالقرب من مخرج النون وما يحاذيه من لثة الثَّنيتَين العُلْيَيَيْن أيضاً ويخرج منه حرف واحد وهو الراء ومن هنا يتضح أن النون والراء اشتركتا في المخرج من طرف اللسان وما يحاذيه من لثة الثَّنيتَين العُلْيَيَيْن إلا أن الراء أدخل إلى ظهر اللسان من مخرج النون. وهذا هو الفرق بينهما فاعرفه. هذا: وما ذكرناه من أن لكل من اللام والنون والراء مخرجاً مستقلاً هو ما قال به الجمهور خلافاً للفراء وموافقيه حيث قالوا: إن مخرج الحروف الثلاثة واحد وهو طرف اللسان وما يحاذيه كما تقدم والتحقيق ما قال به الجمهور لأن طرف اللسان غير ظهره وحافته غيرهما. وقد أشار الإمام ابن برِّي إلى مذهب الفراء والجمهور معاً بقوله رضي الله عنه: واللامُ من طرفه والرَّاء ... والنون هكذا حكى الفرَّاءُ والحقُّ أنَّ قد تناهى ... له من الحافة من أدناها والراءُ أدخَلُ إلى ظهر اللسانْ ... من مخرج النُّون فدونك البيان اهـ الثامن: طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا ويخرج منه ثلاثة أحرف: الطاء فالدال المهملتان فالتاء المثناة فوق. التاسع: طرف اللسان ومن فوق الثنايا السفلى مع إبقاء فرجة قليلة بين طرف اللسان والثنايا عند النطق ويخرج منه ثلاثة أحرف: الصاد فالزاي فالسين. العاشر: طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا أي رؤسها ويخرج منه ثلاثة أحرف: الظاء فالذال المعجمتان فالثاء المثلثة وهذه الأحرف الثلاثة هي التي جرت

عادة المعلمين لكتاب الله تعالى على النصح بإخراج اللسان عند النطق بها. وإلى هنا انتهى كلامنا على مخارج اللسان العشرة وتسمى كلها لسانية لخروجها من اللسان في الجملة وإن كان يشاركه فيها غيره كما مر توضيحه فتأمل. وقد أشار إلى مخارج اللسان العشرة الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة الجزرية بقوله: ... ... ... والقافُ ... أقصى اللسانِ فوقُ ثمَّ الكافُ أسفلُ والوسْطُ فجيمُ الشين يا ... والضَّاد من حافتهِ إذْ ولِيَا لاضراس من أيسرَ أو يُمناها ... واللامُ أدناها لمُنتهاها والنُّون من طرفهِ تحتُ اجْعَلُوا ... والرَّا يُدانيهِ لظَهْرِ أدْخَلُوا والطاءُ والدالُ وتَا مِنْهُ ومنْ ... عُليا الثَّنايا والصفيرُ مُستكِنْ منهُ ومنْ فوق الثنايا السُّفلى ... والظاءُ والذالُ وثا للعُليَا منْ طَرَفيْهِما ... ... المخرج الرابع: الشفتان: ويخرج منهما مخرجان لأربعة أحرف فيخرج من الأول حرف واحد ومن الثاني ثلاثة وهما على النحو التالي: الأول: باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا ويخرج منه الفاء. الثاني: ما بين الشفتين معاً ويخرج منه ثلاثة أحرف وهو الواو والباء الموحدة والميم لكن بانطباقهما في الميم والباء وانفتاحهما في الواو أو انضمامهما وانطباق الشفتين في الباء أقوى من انطباقهما في الميم ونعنى بالواو

هنا الواو غير المدية وهي المتحركة مطلقاً أو الساكنة بعد فتح كخوف. أما الواو المدية وهي الساكنة بعد ضم كقولوا فتقدم أنها تخرج من جوف الحلق على مذهب الجمهور وعلى غيره من بين الشفتين مع المتحركة والساكنة إثر فتح. المخرج الخامس والأخير: الخيشوم وهو خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم. وقيل هو أقصى الأنف ويخرج منه مخرج واحد: هو مخرج الغنة أي صوتها لا حروفها كما سيأتي في مبحثها. وقال بعضهم: وتكون (أي الغنة) في النون والميم السكانتين حالة الإخفاء أو الإدغام بالغنة فإن مخرج هذين الحرفين في هذه الحالة يتحول من مخرجه الأصلي الذي هو طرف اللسان بالنسبة لنون وبين الشفتين بالنسبة للميم إلى الخيشوم على القول الصحيح هذا بعض ما قاله أئمتنا في هذا المقام. ويؤخذ منه أن مخرج النون والميم حال تحريكهما بالتخفيف أو بالتشديد أو حال سكونهما مع الإظهار يكون من طرف اللسان بالنسبة للنون ومن بين الشفتين بالنسبة للميم وهو كذلك. وللكلام صِلة تأتي في البحث الخاص بالغنة بعون الله تعالى. وقد أشار إلى مخرجي الشفتين ومخرج الخيشوم الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة والجزرية بقوله: ... ... ومنْ بطنِ الشِّفَهْ ... فالفا معَ اطرافِ الثَّنايَا المُشْرِفهْ للشفتين الواوُ باءُ ميمُ ... وغُنَّةٌ مخرَجُها الخيشومُ وإلى هنا انتهى كلامنا على مخارج الحروف على مذهب الجمهور مع التنبيه على مذهب الغير والله أعلم.

الفصل الثالث / في ألقاب الحروف

الفصل الثالث / في ألقاب الحروف وهي عشرة ألقاب لقبها بها الخليل بن أحمد في أول كتاب العين وهي مشتقة من أسماء المواضع التي تخرج منها، وإليك بيانها: الأول: الحروف الجوفية وهي حروف المد الثلاثة - الألف - ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحاً - والواو - الساكنة المضموم ما قبلها - والياء - الساكنة المكسور ما قبلها ويجمع الكل لفظ (نوحيها) ولقبت بذلك لخروجها من جوف الحلق كما مر وتلقب أيضاً بالمدية لامتداد الصوت بها كما سيأتي الكلام عليها في موضعه، وتلقب أيضاً بحروف العلة لما يعتريها من القلب والإبدال والإعلال كما تقرر في فن الصرف. قال في نهاية القول المفيد: "وهو بالصوت أشبه فلولا تَصَعُّدُ الألف وتسفّل الياء واعتراض الواو بين التصعُّد والتسفُّل لما تميزت عن الصوت المجرد" أهـ بحروفه وقال بمعناه ملا علي القاري. الثاني: الحروف الحلقية وهي الهمزة والهاء والعين والحاء المهملتان والغين والخاء المعجمتان ولقبت بذلك لخروجها من الحلق كما تقدم فإن روعي ما جاء في مذهبي سيبويه والفراء فتصير الحروف الحلقية سبعة أحرف بإضافة ألف المد إليها حيث قالا بخروجها من أقصى الحلق مع الهمزة.

وفي ذلك يقول الإمام ابن بري في الدرر وهو ممن أخذ بمذهب سيبويه: فالهاءُ والهمزةُ ثمَّ الألفُ ... من آخر الحلقِ جميعاً تُعرفُ والعين من وسطهِ والحاءُ ... والغين من آخره والخاءُ أهـ الثالث: الحروف اللهوية وهما حرفان: القاف والكاف ويقال لهما: اللهويان نسبة إلى "اللهاة" بفتح اللام وهي اللحمة المشرفة على الحلق. الرابع: الحروف الشجرية بسكون الجيم وقد اختلف العلماء في حروف هذا اللقب فذهب البعض إلى أن حروفه ثلاثة، وذهب البعض الآخر إلى أنها أربعة. واختلف القائلون بالأحرف الثلاثة فذهب بعضهم إلى أنها الجيم والشين والياء. وذهب غيرهم إلى أنها الجيم والشين والضاد بإسقاط الياء. أما القائلون بالأحرف الأربعة فهي عندهم: الجيم والشين والياء والضاد، واختلف قول الحافظ ابن الجزري فقال في النشر: إن الحروف الشجرية الجيم والشين

المعجمة والياء غير المدية أهـ. وقال في التمهيد: الشجرية وهي ثلاثة أحرف: الجيم والشين والضاد أهـ. فأسقط الياء وفي المسألة كلام كثير غير ما ذكرنا وقد أتينا بما يلائم المبتدئين وفيه الكفاية إن شاء الله. هذا والمراد بالياء في كل ما ذكر الياء غير المدية. أما هي فقد تقدم أنها تخرج من الجوف. وسواء قلنا بأن الأحرف الشجرية ثلاثة أو أربعة فإن اعتبرنا مذهبي سيبويه والفراء فتصير الأحرف الشجرية أربعة بالنسبة لمن قال إنها ثلاثة وتصير خمسة بالنسبة لمن قال إنها أربعة وذلك بإضافة الياء المدية إليها حيث قالا بخروجها من وسط اللسان مع الياء المتحركة مطلقاً والساكنة إثر فتح كما مر في المخارج. ولقبت هذه الأحرف بالشجرية لخروجها من شجر الفم وهو ما بين وسط اللسان وما يقابله من الحنك الأعلى في قول. وقيل غير ذلك، وبالله التوفيق. الخامس: الحروف الذلقية بفتح اللام وسكونها وهي اللام والنون والراء ولقبت بذلك لخروجها من ذلق اللسان وهو طرفه وقال في الرعاية: سماهن الخليل بذلك لأنه نسبهنَّ إلى الموضع الذي يخرجن منه. ومخرجهن من طرف اللسان وطرف كل شيء ذلقه أهـ. السادس: الحروف النطعية بكسر النون وفتح الطاء وهي الطاء والدال المهملتان والتاء المثناة فوق قال العلامة المارغني في النجوم الطوالع: وتسمى هذه الأحرف الثلاثة نطعية لمجاورة مخرجها نطع غار الحنك الأعلى وهو سقفه لا لخروجها منه كما قيل، والنطع بكسر النون وإسكان الطاء وفتحها ما ظهر من الحنك الأعلى فيه آثار كالتحزيز كما في القاموس أهـ. السابع: الحروف الأسلية وهي الصاد والسين المهملتان والزاي ولقبت بذلك لخروجها من أسلة اللسان أي طرفه لا مستقره كما قيل وتسمى حروف

الصفير أيضاً كما سيأتي بيانه في مبحث الصفات. الثامن: الحروف اللثوية وهي الظاء والذال المعجمتان والثاء المثلثة ولقبت بذلك لخروجها من قرب اللثة لا منها: التاسع: الحروف الشفوية أو الشفهية وهي الفاء والواو غير المدية والباء الموحدة والميم ولقبت بذلك لخروجها من الموضع الذي تخرج منه وهو باطن الشفة السفلى بالنسبة للفاء وللشفتين معاً بالنسبة لغيرها في الجملة. فإن روعي ما قاله سيبويه والفراء فتصير الحروف الشفوية خمسة أحرف بإضافة الواو المدية إليها حيث قالا بخروجها من الشفتين مع المتحركة فتنبه. العاشر: الحروف الهوائية وهي حروف المد الثلاثة التي تقدم ذكرها في الحروف الجوفية ولقبت بذلك لانتشار هوائها في الفم حال النطق بها حتى يمر على جميع المخارج فهي باعتبار المد هوائية وباعتبار مخرجها من الجوف جوفية وهذا هو السبب في تلقيبها بهذين اللقبين فتأمل والله الموفق. وقد نظم هذه الألقاب العشرة غير واحد من الفضلاء وإليك أسهلها وأخصرها لصاحب لآلىء البيان فقال: وأحرفُ المدَّ إلى الجوفِ انتمت ... وهكذا إلى الهواء نُسبتْ وأحرف الحلقِ أتتْ حلقيَّهْ ... والقاف والكاف معاً لهويَّهْ والجيم والشين وياء لقِّبتْ ... مع ضادها شجرية كما ثبتْ واللام والنون ورا ذلقيَّهْ ... والطاءُ والدالُ وتا نطعيَّهْ وأحرفُ الصَّفير قلْ أسْليَّهْ ... والظاءُ والذالُ وثا لثويَّة والفا وميمُ با واوٌ سُمِّيتْ ... شفوية فتلك عشرة أتتْ أهـ والله تعالى أعلى وأعلم.

الباب الثاني / في صفات الحروف

الباب الثاني / في صفات الحروف التمهيد للدخول إلى الباب الصفات جمع صفة وهي في اللغة ما قام بالشيء من المعاني حسيًّا كان كالبياض والصفرة والحمرة واللمس أو معنويًّا كالعلم والأدب. وفي الاصطلاح كيفية تعرض للحرف عند النطق به كجريان النفس في الحروف المهموسة وعدم جريانه في الحروف المجهورة وما إلى ذلك مما سيأتي مفصلاً. ولمعرفة هذا الباب فوائد مهمة وجليلة منها: 1- تمييز الحروف المشتركة في المخرج إذ لولاها لكانت تلك الحروف حرفاً واحداً فمن ذلك: الطاء المهلمة فلولا انفرادها بالاستعلاء والإطباق والجهر لكانت تاءاً لاتفاقهما في المخرج. والذال المعجمة لولا الاستفال والانفتاح اللذان فيها لكانت ظاءاً معجمة لاتفاقهما في المخرج أيضاً. والحاء المهملة والهاء والثاء المثلثة لولا اختلافهن في المخرج لكن حرفاً واحداً لاتفاقهن في الصفات. 2- تحسين لفظ الحروف المختلفة في المخرج. 3- معرفة قوي الحروف وضعيفها ليعلم ما يجوز فيه الإدغام وما لا يجوز إلى غير ذلك من الفوائد.

الفصل الأول / في أقوال العلماء في عدد صفات الحروف

الفصل الأول / في أقوال العلماء في عدد صفات الحروف اختلف العلماء في عدد صفات الحروف فأنْهاهَا بعضهم إلى أربع وأربعين صفة وبعضهم إلى أربع وثلاثين صفة. وبعضهم إلى أربع عشرة صفة وبعضهم زاد على ما ذكر وبعضهم نقص. والقول المشهور عند الجمهور هو سبع عشرة صفة وهو الذي اختاره الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية والطيبة وتابعه على ذلك شارحو المقدمة والطيبة وغيرهما وذِكْرُنا للصفات في كتابنا هذا سيكون إن شاء الله تعالى على القول الأخير الذي هو سبع عشرة صفة وفقاً لما عليه الجمهور ولما ذكره الحافظ ابن الجزري في مقدمته وطيبته فنقول وبالله التوفيق: تنقسم الصفات إلى قسمين: الأول: الصفات الأصلية - اللازمة. الثاني: الصفات العرضية. أما الصفات الأصلية فهي الملازمة للحرف لا تفارقه بحال من الأحوال كالجهر والاستعلاء والإطباق والقلقلة. وأما الصفات العرضيَّة فهي التي تعرض للحرف في بعض الأحوال وتنفك عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب كالتفخيم والترقيق والإظهار والإدغام والمد والقصر وسنتكلم على هذا القسم بعد الانتهاء من الكلام على الصفات اللازمة إن شاء الله تعالى.

الفصل الثاني / في الكلام على الصفات الأصلية اللازمة

الفصل الثاني / في الكلام على الصفات الأصلية اللازمة تنقسم الصفات الأصلية إلى قسمين أيضاً: قسم له ضد وهو خمس وضده كذلك وتسمى هذه الصفات ذوات الأضداد. وقسم لا ضد له وهو سبع. وفيما يلي الكلام على كل قسم بانفراد: الكلام على الصفات ذوات الأضداد والصفات ذوات الأضداد عشر وهي كالآتي: الجهر وضده الهمس. والرخو وضده الشدة والتوسط معاً. والاستفال وضده الاستعلاء. والانفتاح وضده الإطباق. والإصمات وضده الإذلاق. وأما الصفات التي لا ضد لها فسبع كما مر وهي: الصفير، والقلقلة، واللين، والانحراف، والتكرار، والتفشي، والاستطالة. وسنتكلم أولاً علىكل صفة وضدها على حدة إلى أن تنتهي ذوات الأضداد ثم نعقب بالكلام على الصفات السبع التي لا ضد لها فنقول وبالله التوفيق. الصفة الأولى: الهمس وهو في اللغة الخفاء. وفي الاصطلاح ضعف التصويت بالحرف لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى النفس معه فكان فيه همس أي خفاء ولذا سمي مهموساً وحروفها عشرة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فحثه شخص سكت" وهي الفاء والحاء والثاء المثلثة والهاء والشين والخاء والصاد والسين والكاف والتاء المثناة فوق. الصفة الثانية: الجهر وهو ضد الهمس ومعناه في اللغة الإعلان والإظهار. وفي الاصطلاح قوة التصويت بالحرف لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى منع

جريان النفس معه فكان فيه جهر أي إعلان وإظهار ولذا سمي مجهوراً وحروفه تسعة عشر حرفاً وهي الأحرف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الهمس العشرة السابقة ويؤخذ من التعريف الاصطلاحي لصفتي الجهر والهمس أن الفرق بينهما قائم على عدم جريان النفس في الأول وجريانه في الثاني، كما يؤخذ أيضاً أن الحروف الهجائية موزعة على الصفتين فما كان من حروف (فحثه شخص سكت) فهو من صفة الهمس وما كان من غيرها فهو من صفة الجهر. الصفة الثالثة: الشدة والتوسط. فالشدة معناها في اللغة القوة وفي الاصطلاح لزوم الحرف لموضعه لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى حبس الصوت عن الجريان معه فكان فيه شدة أي قوة ولذا سمي شديداً وحروفها ثمانية جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "أجد قط بكت" وهي الهمزة والجيم والدال والقاف والطاء والباء الموحدة والكاف والتاء المثناة فوق. والتوسط: أي بين الشدة والرخو معناه في اللغة الاعتدال وفي الاصطلاح كون الحرف بين الصفتين (أي بين صفة الشدة وصفة الرخو الآتية بعد) بحيث يكون عند النطق به ينحبس بعض الصوت معه ويجري بعضه ولذا سمي متوسطاً. وحروفه خمسة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "لن عمر" وهي اللام والنون والعين والميم والراء. الصفة الرابعة: الرخو وهو ضد الشدة والتوسط ومعناه في اللغة اللين وفي الاصطلاح ضعف لزوم الحرف لموضعه لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى جرى معه الصوت فكان فيه رخو أي لين ولذا سمي رخواً. وحروفه ستة عشر حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الشدة الثمانية المتقدم ذكرها وحروف التوسط الخمسة السابق ذكرها كذلك. ويؤخذ مما سبق توضيحه أن الحروف الهجائية موزعة على صفة الشدة والتوسط والرخو فما كان من حروف "أجد قط بكت" فهو من صفة الشدة وما كان من حروف "لن عمر" فهو من صفة التوسط وما ليس منهما فهو من صفة الرخو كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي للصفات الثلاث ونعني بها الشدة

والتوسط والرخو أن الفرق بينهن قائم على حبس جريان الصوت في الأولى وجريانه في الثالثة وعدم كمال جريانه في الثانية بمعنى أن الصوت لم يجر في حروف التوسط كجريانه مع الرخو ولم ينحبس كانحباسه مع الشدة، وإليك بعضاً من الأمثلة ليظهر لك الفرق بينهن فإذا وقفت على الدال والجيم من نحو {مُّهْتَدٍ} [الحديد: 26] {والحج} [البقرة: 189] ترى أن الصوت انحبس ولم يخرج لأن الدال والجيم من حروف الشدة. وإذا وقفت على السين والفاء من نحو {المس} [البقرة: 275] {أُفٍّ} [الأحقاف: 17] ترى أن الصوت قد جرى جرياناً ظاهراً وذلك لأن السين والفاء من حروف الرخو. وإذا وقفت على اللام والنون من نحو {قُلْ} [الناس: 1] و {يَكُنْ} [الإخلاص: 4] ترى أن الصوت لم ينحبس عند النطق بهذين الحرفين كانحباسه مع الشدة ولم يجر معهما كجريانه مع الرخو ومن ثم سميت بحروف التوسط أو الحروف البينية وهذه الأمور كلها مدركة بالحس بأدنى تأمل، والله أعلم. الصفة الخامسة: الاستعلاء وهو في اللغة الارتفاع وفي الاصطلاح ارتفاع اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فيرتفع الصوت معه ولذا سمي مستعلياً وحروفه سبعة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "خص ضغط قظ" وهي الخاء والصاد والضاد والغين والطاء والقاف والظاء". الصفة السادسة: الاستفال وهو ضد الاستعلاء ومعناه في اللغة الانخفاض وقيل الانحطاط. وفي الاصطلاح انخفاض اللسان أو انحطاطه عن الحنك الأعلى عند النطق بالحرف فينخفض معه الصوت إلى قاع الفم ولذا سمي مستفلاً وحروفه اثنان وعشرون حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الاستعلاء السبعة المتقدمة. ومن هنا يؤخذ أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف "

خص ضغط قظ" فهو مستعل وما كان من غيرها فهو مستفل. كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي لهاتين الصفتين أن الفرق بينهما قائم على ارتفاع اللسان بالحرف إلى الحنك الأعلى عند النطق به أو انخفاضه عنه فما كان من الحروف مرتفع مع اللسان فهو مستعل وما كان منها منخفض معه فهو مستفل. ويترتب على صفة الاستفال الترقيق لحروفها كما يترتب على صفة الاستعلاء التفخيم لحروفها وسيأتي مزيد بيان لهذا. الصفة السابعة: الإطباق ومعناه في اللغة الالتصاق. وفي الاصطلاح انطباق طائفة - أي جملة - من اللسان إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانحصار الصوت بينهما ولذا سمي مطبقاً وحروفه أربعة وهي: (الصاد والضاد والطاء والظاء) وأقوى حروف الإطباق الطاء المهملة لجهرها وشدتها وأضعفها الظاء المعجمة لرخاوتها، وأما الصاد والضاد فمتوسطتان. ومعنى انطباق اللسان أي قربه من الحنك الأعلى عند النطق بهذه الأحرف زيادة عن قربه منه عند غيرها من حروف الاستعلاء المتقدمة. واعلم أن الإطباق أبلغ وأخص من الاستعلاء فكونه أبلغ لأن اللسان عند النطق بحروفه يرتفع بها إلى الحنك الأعلى وينطبق بخلاف الاستعلاء فإن اللسان يرتفع بحروفه فقط ولا ينطبق بها ولذا خصت حروف الإطباق من بين حروف الاستعلاء بتفخيم أقوى كما سيأتي. وكون الإطباق أخص من الاستعلاء لأنه يلزم من الإطباق الاستعلاء ولا يلزم من الاستعلاء الإطباق فكل مطبق مستعل وليس كل مستعل مطبقاً. الصفة الثامنة: الانتفاح وهو ضد الإطباق ومعناه في اللغة الافتراق. وفي الاصطلاح انفتاح ما بين اللسان والحنك الأعلى عند النطق بالحرف فلا ينحصر الصوت بينهما ولذا سمي منفتحاً وحروفه خمسة وعشرون حرفاً وهي الحروف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الإطباق الأربعة التي تقدمت. ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على الصفتين فما كان من حروف الإطباق الأربعة فمطبق وما كان من غيرها فمنفتح كما يؤخذ أيضاً من التعريف الاصطلاحي لصفتي الإطباق والانفتاح أن الفرق بينهما قائم على انطباق اللسان

إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانفتاحه عنه فما انطبق معه اللسان إلى الحنك الأعلى فمطبق وما انفتح اللسان عن الحنك الأعلى فمنفتح. الصفة التاسعة: الذلاقة ومن معانيها في اللغة الفصاحة والخفة وفي الاصطلاح الاعتماد عند النطق بالحرف على ذلق اللسان والشفة وقيل غير ذلك وحروفها ستة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فِرَّ مِنْ لُبِّ" وهي الفاء والراء والميم والنون اللام والباء الموحدة. وسميت بذلك لذلاقتها أي خفتها وسرعة النطق بحروفها لأن بعضها يخرج من ذلق اللسان أي طرفه وهو الراء واللام والنون وبعضها يخرج من ذلق الشفة وهو الفاء والباء والميم وكما تسمى بالذلاقة تسمى بالحروف المذلقة وبحروف الإذلاق وكلها ألفاظ مترادفة. الصفة العاشرة: الإصمات وهو ضد الذلاقة ومعناه في اللغة المنع وفي الاصطلاح منع حروفه من أن يبنى منها وحدها في كلام العرب كلمة رباعية الأصول أو خماسية لثقلها على اللسان فلا بد من أن تكون في الكلمات الرباعية الأصول أو الخماسية حرف من الحروف المذلقة لتعدل خفته ثقل حرف الإصمات ولهذا سميت بالحروف المصمتة. وأما كلمة عسجد اسم للذهب وعسطوس بفتح العين والسين اسم شجر فقيل إنهما غير أصليين في كلام العرب بل ملحقان به وقيل شاذان وقيل غير ذلك واعلم أن صفة الإذلاق وضدها صفة الصمت لا دخل لهما في تجويد الحروف. هذا: وحروف الإصمات ثلاثة وعشرون حرفاً هي الباقية من حروف الهجاء بعد الحروف الستة المتقدمة للذلاقة. ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على صفتي الذلاقة والإصمات فماكان من حروف "فر من لب" فمذلق وما كان من غيرها فمصمت. وهنا قد انتهى كلامنا على الصفات العشر ذوات الأضداد وهي التي أشار إليها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة بقوله: صفاتُها جهرٌ ورخوٌ مستفل ... منفتح مصمتةٌ والضدَّ قُلْ مهموسُها (فحثَّهُ شخصٌ سكت ... شديدها لفظٌ (أجد قط بَكَتْ) وبين رخو والشديد (لن عُمَرْ) ... وسبعُ عُلْوٍ (خُصَّ ضغطٍ قظْ) حصرْ وصادُ ضاد طاءُ ظاءٌ مُطبقهْ ... وَ (فِرَّ مِنْ لبِّ) الحروف المذلَقَهْ الكلام على الصفات التي لا ضد لها وهي سبع كما مر آنفاً وفيما يلي تفصيلها واحدة واحدة: الصفة الأولى: الصفير ومن معانيه في اللغة - حدة الصوت - وفي الاصطلاح حدوث صوت زائد يخرج من بين الشفتين يشبه صوت الطائر عند النطق بحروفه الثلاثة التي هي الصاد والزاي والسين ولذا سميت بحروف الصفير. وأقوى تلك الحروف في الصفير الصاد لاستعلائها وإطباقها ثم الزاي لجهرها ثم السين لهمسها. الصفة الثانية: القلقلة ومن معانيها في اللغة: التحريك والاضطراب وفي الاصطلاح اضطراب اللسان بالحرف عند النطق به ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية وحروفها خمسة جمعها الحافظ ابن الجزري في مقدمته وطيبته بقوله: (قطب جد) وهي القاف والطاء والباء الموحدة والجيم والدال المهملة وسميت بذلك لأنها حال سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها نبرة قوية - أي صوت عال - وذلك لأن من صفاتها الشدة والجهر فالشدة تمنع الصوت أن يجري معها والجهر يمنع النفس أن يجري معها كذلك. فلما امتنع جريان الصوت والنفس مع حروفها احتيج إلى التكلف في بيانها بإخراجها شبيهة بالمتحرك. والقلقلة صفة لازمة لحروفها الخمسة المذكورة آنفاً ولا فرق بين أن يكون الساكن منها موصولاً نحو {يَقْبَلُ} [التوبة: 104] {يَطْبَعُ} [الأعراف: 101] {يَبْدَأُ} [يونس: 4] {يَجْمَعُ} [المائدة: 109] {

وَيَدْرَؤُاْ} [النور: 8] أو موقوفاً عليه سواء أكان مخففاً أم مشدداً فالمخفف نحو {فَوَاقٍ} [ص: 15] {الصراط} [ص: 22] {الأحزاب} [ص: 13] {أَزْوَاجٌ} [ص: 58] {المهاد} [ص: 56] والمشدد نحو {الحق} [الشورى: 18] {وَتَبَّ} [المسد: 1] {والحج} [البقرة: 189] {أَشَدَّ} [فاطر: 44] . والقلقلة في الساكن الموقوف عليه بنوعيه أبين من الساكن الموصول. وفي هذا يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: وبيَّن مقلقلاً إنْ سكَنَا ... وإن يكنْ في الوقفِ كان أبْينا ثم اعلم أن القلقلة لم تكن قاصرة على ما تقدم من كونها في الساكن بأنواعه المتقدمة بل في المتحرك من حروفها قلقلة كذلك لأنها لا تنفك عنها ساكنة

كانت أو متحركة ولكونها من الصفات اللازمة لها ولتعريفها باجتماع صفتي الشدة والجهر كما تقدم فأصلها ثابت في المتحرك أيضاً وإن لم تكن ظاهرة إلا أنها أقل من الساكن غير الموقوف عليه كما أن أصل الغنة ثابت في النون والميم الساكنتين المظهرتين والمتحركتين الخفيفتين، وبهذا يتبين أن مراتب القلقلة أربع وهي على النحو التالي: الأولى: الساكن الموقوف عليه المشدد نحو {بالحق} [غافر: 20] . الثانية: الساكن الموقوف عليه المخفف نحو {مُّحِيطٌ} [فصلت: 54] . الثالثة: الساكن الموصول وهو المعروف بالأصلي نحو {يَجْمَعُ} [المائدة: 109] . الرابعة: المتحرك مطلقاً كالطاء والباء من نحو {طَبَعَ} [النحل: 108] . فالقلقلة في الساكن المشدد الموقوف عليه أقوى منها في الساكن المخفف الموقوف عليه. وفي الساكن المخفف الموقوف عليه أقوى منها في الساكن الموصول. وفي الساكن الموصول أقوى منها في المتحرك الذي فيه أصل القلقلة فقد وإن لم تكن ظاهرة فتأمل. أقسام القلقلة وكيفية أدائها تنقسم القلقلة في غير المتحرك من حروفها الذي فيه أصل القلقلة فقط ثلاثة أقسام صغيرة وكبيرة وأكبر: فالصغيرة: ما كان وجودها في الساكن الموصول كقاف {وَيَقْدِرُ} [القصص: 82] . والكبيرة: ما كانت في الساكن الموقوف عليه المخفف كدال {السجود} [البقرة: 125] . والأكبر ما كانت حاصلة في الساكن الموقوف عليه المشدد كقاف {أَشَقُّ} [الرعد: 34] .

أما كيفية أدائها فقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من قول والمشهور منها قولان: الأول: أن الحرف المقلقل يتبع حركة ما قبله ويستوي في ذلك ما كان سكونه موصولاً أو موقوفاً عليه مخففاً كان أو مشدداً. فإن كان ما قبله مفتوحاً نحو {لِيَقْطَعَ} [آل عمران: 127] {والحج} [البقرة: 189] فقلقلته للفتح أقرب. وإن كان ما قبله مكسوراً نحو {قِبْلَةً} [البقرة: 144] فقلقلته للكسر أقرب. وإن كان مضموماً نحو {مُّقْتَدِرٍ} [القمر: 55] فقلقلته للضم أقرب. هذا هو القول المشهور وعليه الجمهور وانظر جهد المقل وشرحه للمرعشي. الثاني: أن الحرف المقلقل يكون للفتح أقرب مطلقاً سواء أكان قبله مفتوحاً أم مكسوراً أم مضموماً. وقد أشار بعضهم إلى هذا القول بقوله: وقلقلةً قرِّبْ إلى الفتح مُطلقاً * ولا تتبعنها بالذي قبلُ تجْمُلا كما أشار العلامة السمنودي في لآلىء البيان إلى القولين معاً مرجحاً الإتباع لما قبله ومبيناً تعريف كل من القلقلة الكبيرة والأكبر بقوله حفظه الله: قلقلةٌ قطبُ جدٍ وقُرِّبتْ ... للفتحِ والأرجحُ ما قبلُ اقْتَفَتْ كبيرةٌ حيث لدى الوقفِ أتتْ ... أكبرُ حيثُ عند وقف شُدِّدتْ اهـ هذا وذكر صاحب العميد قولاً ثالثاً في كيفية أداء القلقلة حاصلة أن حروف القلقلة تتبع حركة ما بعدها من الحروف لتتناسب الحركات. وهو قول من

الأقوال الواردة في غير القولين المشهورين. قلت: وإن صح هذا القول فيمكن تطبيقه على الساكن الموصول فقط نحو {يُبْدِىءُ} [البروج: 13] لأن الساكن الموقوف عليه كحرف الدال في نحو قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] لا يتأتى فيه إتباعه لما بعده لذهاب حركة ما بعده بسبب الوقف عليه فتنبه. ومما يجب معرفته والتنبيه عليه في كيفية أداء القلقلة أن حروفها الخمسة اجتمع فيها ماهو متصف بصفة الاستعلاء وهو القاف. وما هو متصف بصفة الإطباق وهو الطاء. وما هو متصف بصفة الاستفال وهو باقي الحروف الخمسة. ولكل مراعاة في الأداء ففي حروف الاستفال تؤدى القلقلة بمراتبها السابقة مرققة لأن حروف الاستفال حكمها الترقيق كما سيأتي بيانه في موضعه. وفي حرفي الاستعلاء والإطباق تؤدى القلقلة فيهما بمراتبها السابقة مفخمة لأن حروف الاستعلاء حكمها التفخيم كما سنوضحه بعد، ويلاحظ هنا أن تفخيم الطاء يكون أقوى من تفخيم القاف لأن حروف الإطباق في التفخيم أقوى من حروف الاستعلاء كما هو مقرر. فاحفظ ذلك جيداً واعمل به في الأداء فقد أوضحنا لك هذا المقام توضيحاً كاملاً فاحرص عليه فقد لا تجده مجموعاً في غيره والله ولي التوفيق. الصفة الثالثة: اللين وهو في اللغة السهولة وقيل في معناه ضد الخشونة. وفي الاصطلاح خروج الحرف من مخرجه من غير كلفة على اللسان وله حرفان: الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما نحو {الخوف} [الأحزاب: 15] {البيت} [قريش: 3] وسيما بذلك لخروجهما بلين وعدم كلفة على اللسان ولهذين الحرفين كلام خاص وهام للغاية سنأتي عليه إن شاء الله تعالى في باب المد والقصر. الصفة الرابعة: الانحراف وهو في اللغة الميل. وفي الاصطلاح ميل

الحرف بعد خروجه من مخرجه حتى يتصل بمخرج غيره. وله حرفان اللام والراء على الصحيح وسمي حرفاه بذلك لانحرافهما عن مخرجهما حتى اتصلا بمخرج غيرهما فاللام فيها انحراف إلى طرف اللسان والراء فيها انحراف إلى ظهره وميل قليل إلى جهة اللام ولذلك يجعلها الألثغ لاماً. الصفة الخامسة: التكرير وهو في اللغة إعادة الشيء وأقله مرة وفي الاصطلاح ارتعاد طرف اللسان عند النطق بالحرف. وله حرف واحد وهو الراء وسمي بذلك لارتعاد طرف اللسان عند النطق به. ومعنى وَصْف الراء بالتكرير أنها قابلة له وليس المراد منه الإتيان به كما هو ظاهر وإنما المراد به التحرز منه واجتنابه وخاصة إذا كانت الراء مشددة فالواجب على القارىء حينئذ إخفاء هذا التكرير لأنه متى أظهره فقد جعل من الراء المشددة راءات ومن المخففة راءين والتكرير في المشددة أحوج إلى الإخفاء من التكرير في المخففة. ولهذا أمر الحافظ ابن الجزري في المقدمة بإخفاء تكرير المشدد بقوله: ... ... ... ... واخْفِ تكريراً إذا تُشَدَّدُ وخلاصة القول أن الغرض من معرفة صفة التكرير للراء ترك العمل به عكس ما تقدم في الصفات وما هو آت بعد إذ الغرض منها العمل بمقتضاها. وطريقة إخفاء التكرير في الراء كما قال الجعبري إنه يلصق اللافظ ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقاً محكماً مرة واحدة بحيث لا يرتعد لأنه متى ارتعد حدث من كل مرة راء

أهـ بتصرف من النجوم الطوالع. الصفة السادسة: التفشي ومن معانيه في اللغة الانتشار وفي الاصطلاح انتشار الريح في الفم عند النطق بالحرف. وله حرف واحد على الصحيح وهو الشين وسمي بذلك لانتشار الريح في الفم عند النطق به حتى اتصل بمخرج الظاء المعجمة. الصفة السابعة: الاستطالة وهي في اللغة الامتداد. وفي الاصطلاح امتداد الصوت من أول حافة اللسان إلى آخرها وهي صفة لحرف واحد وهو الضاد المعجمة وسمي بذلك لاستطالته مخرجاً وصوتاً حتى اتصل بمخرج اللام. وهنا انقضى كلامنا على الصفات السبع التي لا ضد لها والتي أشار إليها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة بقوله:

صفيرُها صادٌ وزايٌ سينُ ... قلقلةُ قطبُ جدٍ واللينُ واوٌ وياءُ سكَنَا وانفَتَحَا ... قبلَهُما والانحرافُ صُحِّحَا في اللام والرَّا وبتكريرٍ جُعِلْ ... وللتَّفَشِّي الشِّينُ ضادٌ اسْتُطِلْ أهـ تتمة في صفتي الخفاء والغنة: زاد كثير من الأئمة صفتين أخريين من الصفات اللازمة التي لا ضد لها على الصفات السبع التي تقدم الكلام عليها وهي صفة الخفاء والغنة. وفيما يلي الكلام عليهما.

أما الخفاء: فهو في اللغة الاستتار، وفي الاصطلاح خفاء صوت الحرف، وحروفه أربعة وهي: حروف المد الثلاثة المتقدمة غير مرة والهاء وسميت بذلك لأنها تخفى في اللفظ إذا اندرجت بعد حرف قبلها. أما الخفاء في حروف المد فلسعة مخرجها لأنه مقدر كما تقدم في المخارج ولذا قويت بالمد عند الهمز. وأما الخفاء في الهاء فلاجتماع صفات الضعف فيها ولذا قويت بالصلة إذا كانت ضميراً. وأما الغنة: فهي في اللغة صوت في الخيشوم وعرفها شيخ شيوخنا العلامة الشيخ عبد الحق البنهاوي في بهجة الصبيان بأنها في اللغة صوت أغَنّ لا عمل للسان فيه أهـ ومن معانيها في الاصطلاح صفة لازمة للنون ولو تنويناً والميم سكنتا أو تحركتا ظاهرتين أو مدغمتين أو مخفاتين وسيأتي استيفاء الكلام عليها في بابها المعد لها قريباً إن شاء الله تعالى. والحق أن هاتين الصفتين ينبغي إلحاقهما بالصفات السبع التي لا ضد لها لأن الغنة صفة لازمة للنون والميم من كل الأحوال كما تقدم. مثلُها مثلُ صفة القلقلة بالضبط لأنها لا تنفك عن حروفها حتى في حال تحركها كما سبق وكذلك صفة الخفاء لما ذكر. وبإلحاق صفتي الخفاء والغنة بالصفات السبع التي لا ضد لها تصير تسعاً يضاف إليها ذوات الأضداد العشر فتصير تسع عشرة صفة كلها صحيحة ومشهورة والله أعلم.

الفصل الثالث / في تقسيم الصفات بالنسبة إلى القوة والضعف

الفصل الثالث / في تقسيم الصفات بالنسبة إلى القوة والضعف تنقسم الصفات التي سبق ذكرها إلى ثلاثة أقسام: قوية وضعيفة ومتوسطة. فالصفات القوية إحدى عشرة صفة وهي: الجهر والشدة والاستعلاء والإطباق والصفير والقلقلة والانحراف والتكرير والتفشي والاستطالة والغنة. والصفات الضعيفة ست وهي: الهمس والرخاوة والاستفال والانتفاح واللين والخفاء. والصفات المتوسطة ثلاث وهي: الإصمات والذلاقة والبينية - أي التي بين الرخاوة والشدة - وقد نظمها صاحب لآلىء البيان فقال: ضعيفها همسٌ ورخو وخَفَا ... لينٌ انفتاحٌ واستفال عُرفا وما سِوَاها وصْفُهُ بالقُوَّةِ ... لا الذَّلْق والإصْماتِ والبينِيَّةِ اهـ هذا: وباعتبار تقسيم الصفات إلى هذا التقسيم تنقسم الحروف الهجائية كذلك إلى أقسام ثلاثة: قوية وضعيفة ومتوسطة، وذلك حسبما يتصف به الحرف من الصفات القوية أو الضعيفة أو المتوسطة. فالحرف الذي جمع كل صفات القوة كالطاء المهملة كان قويّاً. والحرف الذي جمع كل صفات الضعف كالهاء كان ضعيفاً. والحرف الذي جمع بين صفات القوة والضعف كاللام والغين كان متوسطاً وهكذا دواليك.

الفصل الرابع / في معرفة كيفية استخراج صفات كل حرف بمفرده

الفصل الرابع / في معرفة كيفية استخراج صفات كل حرف بمفرده إذا أردت ذلك فخذ الحرف الذي تريد استخراج صفاته ومُرَّ به أولاً على حروف صفة الهمس "فحثه شحص سكت" فإن وجدته فيها فأثبت له صفة الهمس وإن لم تجده فيها فهو في حروف الجهر وهناك يأخذ صفة الجهر. ثم مر به على حروف الشدة التي هي: "أجد قط بكت" وعلى حروف التوسط التي هي: "لن عمر" فإن كان في حروف الشدة فهي صفته. وإن كان في حروف التوسط فهي صفته وإن لم يكن فيهما فهو في حروف الرخاوة وحينئذ فهي صفته. ثم مُرَّ به على حروف الاستعلاء التي هي: "خص ضغط قظ" فإن كان فيها فهي صفته وإن لم يكن فيها ففي حروف الاستفال وحينئذ فصفته الاستفال. ثم مرَّ به على حروف الإطباق الأربعة التي هي: "الصاد والضاد والطاء والظاء" فإن كان واحدها فصفته الإطباق وإلا ففي حروف الانتفاح وعندئذ فهو منفتح. ثم مر به على حروف الذلاقة التي هي: "فِرَّ مِنْ لُبّ" فإن كان منها فيه صفته. وإن لم يكن منها ففي حروف الإصمات وحئنئذ فهو مُصْمَتٌ ومن ثم يتم لكل حرف من حروف الهجاء خمس صفات ألبتَّة من الصفات ذوات الأضداد. وذلك لأن الحرف لا يتصف بصفة وضدها في آن واحد فلا يكون مستعليا مستفلاً مثلاً ثم مُرَّ ثانياً بهذا الحرف بعينه على الصفات السبع التي لا ضد لها فإن كان موجوداً في واحدة منها فقط فأثبت له هذه الصفة وأضفها إلى الصفات الخمس المتقدمة وحينئذ يكمل لهذا الحرف ست صفات وإن كان هذا الحرف موجوداً في صفتين منها فأثبت له هاتين الصفتين أيضاً وأضفهما إلى الصفات الخمس المتقدمة وهنا يتم للحرف سبع صفات وهذا لا يكون إلا في حرف واحد وهو الراء.

وإذا لم يكن الحرف الممرور به موجوداً في الصفات السبع فليس له إلا الصفات الخمس السابقة المستفادة من ذوات الأضداد ليس غير ومن ثم يتضح جليّاً أن الحرف لا يتصف بأكثر من السبع ولا ينقص عن الخمس فالحرف المتصف بالصفات السبع هو الراء ولا ثاني له في الحروف على المعتمد فهو جهريٌّ متوسط مستفل منفتح مذلق منحرف مكرَّر ومثال ما له ست صفات من الحروف حرف الضاد فهو جهريٌّ رخويٌّ مستعلٍ مطبق مصمت مستطيل. ومثال ما له خمس صفات حرف الهمز فهو جهري شديد مستفل منفتح مصمت. ولا يخفى عليك بعد هذا التوضيح قاعدة استخراج صفات كل حرف من الحروف على حدة فتأملها والله المرشد والمعين.

الفصل الخامس / في توزيع الصفات على الحروف الهجائية حسب ترتيبها في المخارج

الفصل الخامس / في توزيع الصفات على الحروف الهجائية حسب ترتيبها في المخارج تقدم في الفصل السابق كيفية استخراج صفات كل حرف بمفرده والآن نوضح لك صفات كل حرف على حدة حسب ترتيبها في المخارج لتكون على بصيرة بها فنقول وبالله التوفيق: أما حروف المد الثلاثة: فتتصف بخمس صفات وهي: الجهر والرخاوة والاستفال والانفتاح والإصمات، وإذا اعتبرنا صفة الخفاء فيكون اتصافها بست صفات والواجب اعتبار هذه الصفة كما أسلفنا. وأما الهمزة: فتتصف بخمس صفات وهي: الجهر والشدة والاستفال والانفتاح والإصمات. وأما الهاء: فتتصف بخمس صفات وهي الهمس والرخاوة والاستفال والانفتاح والإصمات وإذا اعتبرنا صفة الخفاء وهذا هو الواجب فيكون اتصافها بصفات ست فتأمل. وأما العين المهملة: فتتصف بخمس صفات وهي: الجهر والتوسط بين الشدة والرخاوة والاستفال والانفتاح والإصمات. وأما الحاء المهملة: فتتصف بصفات خمس وهي: الهمس والرخاوة والاستفال والانفتاح والإصمات. وأما الغين المعجمة: فتتصف بخمس صفات وهي: الجهر والرخاوة والاستعلاء والانفتاح والإصمات. وأما الخاء المعجمة: فهي متصة بخمس صفات وهي: الهمس والرخاوة والاستعلاء والانفتاح والإصمات.

وأما القاف: فقد اتصفت بست صفات وهي: الجهر والشدة والاستعلاء والانفتاح والإصمات والقلقلة. وأما الكاف: فقد اتصفت بخمس صفات وهي: الهمس والشدَّة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات. وأما الجيم: فتتصف بصفات ست وهي: الجهر، والشدة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات، والقلقلة. وأما الشين: فتتصف بست صفات وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات، والتفشي. وأما الياء المثناة تحت: فالمراد بها هنا الياء المتحركة مطلقاً أو الساكنة بعد فتح، فالمتحركة تتفق مع المدية في صفاتها الخمس التي تقدمت وإليكها مرة أخرى: الجهر، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات، وأما الياء المتحركة إثر فتح نحو {لاَ ضَيْرَ} [الشعراء: 50] فصفاتها ست وهي: الخمس التي تقدمت للمتحركة والمدية والسادسة صفة اللين فتنبه. وأما الضاد المعجمة: فتتصف بست صفات وهي: الجهر، والرخاوة، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات، والاستطالة. وأما اللام: فقد اتصفت بست صفات وهي: الجهر، والتوسط، والاستفال، والانفتاح، والإذلاق، والانحراف. وأما النون: فتتصف بخمس صفات وهي: الجهر، والتوسط بين الرخاوة والشدة، والاستفال، والانفتاح، والذلاقة، ثم هناك صفة سادسة للنون وهي الغنة وهذه يجب إضافتها لها بجانب صفاتها الخمس لأنها من الصفات اللازمة كما تقدم وإن لم تكن مذكورة في المقدمة والطيبة فهي مذكورة في غيرهما من الكتب المعول عليها كما أسلفنا. وأما الراء: فمتصفة بسبع صفات على المعتمد وهي: الجهر، والتوسط،

والاستفال، والانفتاح، والإذلاق، والانحراف، والتكرار. وأما الطاء المهملة: فهي متصفة بست صفات وهي: الجهر، والشدة، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات، والقلقلة. وأما الدال المهملة: فهي متصفة بست صفات وهي: الجهر، والشدة، والاستفال، والانفتاح والإصمات، والقلقلة. وأما التاء المثناة فوق: فتتصف بخمس صفات وهي: الهمس، والشدة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات. وأما الصاد المهملة: فمتصفة بست صفات وهي: الهمس، والرخاوة، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات، والصفير. وأما الزاي: فتتصف بست صفات وهي: الجهر، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات، والصفير. وأما السين: فقد اتصفت بست صفات وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات، والصفير. وأما الظاء المشالة: فهي متصفة بخمس صفات وهي: الجهر، والرخاوة، والاستعلاء، والإطباق، والإصمات. وأما الذال المعجمة: فتتصف بخمس صفات وهي: الجهر، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات. وأما الثاء المثلثة: فمتصفة بخمس صفات وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات. وأما الفاء: فقد اتصفت بصفات خمس وهي: الهمس، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإذلاق. وأما الواو: فالمقصود منها هنا الواو غير المدية وتشمل المتحركة مطلقاً والساكنة إثر فتح فالمتحركة متفقة مع المدية في صفاتها الخمس والتي هي: الجهر، والرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والإصمات، وأما الواو الساكنة إثر فتح كـ {خَوْفٍ} [قريش: 4] فتتصف

بست صفات الخمس المتقدمة للمتحركة والمدية والسادسة اتصافها باللين فتأمل. وأما الباء الموحدة: فقد اتصفت بصفات ست وهي: الجهر، والشدة، والاستفال، والانفتاح، والإذلاق، والقلقلة. وأما الميم: فهي متصفة بخمس صفات وهي: الجهر، والتوسط، والاستفال، والانفتاح، والإذلاق. وهناك صفة سادسة لها أيضاً وهي الغنة وتقدم أنها من الصفات اللازمة التي لا ضد لها ولا يعكر علينا عدم ذكرها في الجزرية والطيبة ونحوهما فقد عدها جمع من العلماء كما أسلفنا، والآن قد انقضى كلامنا على توزيع الصفات على موصوفاتها. وإذا تأملنا هذا التوزيع يظهر لنا بوضوح أن هناك حروفاً اتفقت مع حروف أخرى في الصفات سواء اتفق على تلك الصفات أو اختلف فيها فمن ذلك حروف المد الثلاثة اتفقت في صفاتها الخمس أو الست إن قلنا بصفة الخفاء والواو والياء المتحركتان مطلقاً اتفقتا مع حروف المد الثلاثة في غير صفة الخفاء. وكذلك الواو والياء اللينتان اتفقتا في صفاتهما الست. وكذلك التاء المثناة فوق والكاف اتفقتا في صفاتهما الخمس. وكذلك الثاء المثلثة والحاء والمهملة اتفقتا في الصفات الخمس. وأيضاً الجيم والدال المهملة فقد اتفقتا على صفاتهما الست وعندنا أيضاً النون والميم اتفقتا في صفاتهما الخمس أو الست إن قلنا بالغنة لأنها صفة لازمة للنون الميم مطلقاً كما أسلفنا والقول بالغنة هنا واجب لأن الغنة لا تنفك عن النون والميم بحال حتى في حال إظهارهما وتحركهما مع التخفيف كما سيأتي ذلك في المبحث الخاص بالغنة وبالله التوفيق.

الفصل السادس / في الكلام على الصفات العرضية

الفصل السادس / في الكلام على الصفات العرضية سبق أن قلنا في أول الباب إن الصفات العرضية هي التي لم تكن ملازمة للحرف في كل حال بل تعرض له في بعض الأحوال وتنفك عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب كالتفخيم والترقيق فإن التفخيم في الأصل ناشىء عن حروف الاستعلاء. والترقيق ناشىء عن حروف الاستفال كما سيأتي بيان ذلك مفصلاً في موضعه قريباً. وقد حصر العلماء هذه الصفات في إحدى عشرة صفة وهي: التفخيم، والترقيق، والإظهار، والإدغام، والقلب، والإخفاء، والمد، والقصر، والتحريك، والسكون، والسكت. كما حكاه بعضهم. وقد نظمها غير واحد من الأفاضل الأعلام. وإليك أسهلها وأخصرها للعلامة السمنودي في لآلىء البيان قال حفظه الله ونفع بعلمه المسلمين: إظهارٌ ادغام وقلبٌ وكذا ... إخفا وتفخيمٌ ورقٌّ أُخِذا والمدُّ والقصرُ مع التحرُّكِ ... وأيضاً السُّكون والسَّكْتُ حُكي اهـ وهذا: وسنتكلم على هذه الصفات في الأبواب التي نتعرض لها في هذا الكتيب إن شاء الله تعالى: ولنبدأ الآن بصفتي التفخيم والترقيق فنقول وبالله التوفيق.

الباب الثالث / في التفخيم والترقيق

الباب الثالث / في التفخيم والترقيق معنى التفخيم والترقيق لغة واصطلاحاً التفخيم معناه في اللغة التسمين. وفي الاصطلاح هو عبارة عن تسمين الحرف بجعله في المخرج جسيماً سميناً وفي الصفة قويّاً ويرادفه التغليظ إلا أن التفخيم غلب استعماله في الراءات والتغليظ غلب استعماله في بعض اللامات. والترقيق ضدهما وهو في اللغة التنحيف. وفي الاصطلاح هو عبارة عن تنحيف الحرف بجعله في المخرج نحيفاً وفي الصفة ضعيفاً. والحروف الهجائية بالنسبة للتفخيم والترقيق ثلاثة أقسام: الأول: ما يفخم قولاً واحداً بدون استثناء شيء منها. الثاني: ما يرقق قولاً واحداً بدون استثناء شيء منها كذلك. الثالث: ما يرقق تارة ويفخم أخرى لسبب من الأسباب. ولكل قسم كلام خاص نوضحه في الفصول الآتية:

الفصل الأول / في الكلام على الحروف المفخمة قولا واحدا

الفصل الأول / في الكلام على الحروف المفخمة قولاً واحداً الحروف المفخمة وجهاً واحداً هي حروف الاستعلاء السبعة والمتقدمة والمجموعة في قول الحافظ ابن الجزري: "خص ضغط قظ" بدون استثناء شيء منها إلا أن التفخيم فيها ليس في مرتبة واحدة بل يتفاوت وذلك حسبما يتصف به الحرف من الصفات القوية والضعيفة فكلما كان الحرف متصفاً بالصفات القوية كان في التفخيم أقوى من الحرف الذي قلب فيه صفات القوة ولهذا كانت حروف الإطباق الأربعة المتقدمة والتي هي: "الصاد والضاد والطاء والظاء" أقوى من باقي حروف الاستعلاء لما اتصفت به من كثرة الصفات القوية: الأمر الذي جعلها تختص بتفخيم أقوى من باقي حروف الاستعلاء. وقد أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: وحرف الاستعلاءِ فخِّمْ واخْصُصَا ... الإطباق أقوى نحو قال والعَصَا أهـ ومما تقدم يتضح أن حروف الاستعلاء في القوة على هذا الترتيب الطاء المهملة فالضاد المعجمة فالصاد المهملة فالظاء المشالة فالقاف فالغين فالخاء. وإنما كانت الطاء أعلاها لاتصافها بكل صفات القوة التي لم تجتمع في غيرها من باقي الحروف السبعة إذ هي مجهورة شديدة مستعلية مطبقة مصمتة مقلقلة. وإنما كانت الخاء أقلها لاتصافها بكل صفات الضعف إلا صفة الاستعلاء. هذا: وللتفخيم مراتب نوضحها فيما يلي:

مراتب التفخيم وأقوال العلماء فيها وضوابطها مراتب التفخيم خمس لكل حرف من حروف الاستعلاء السبعة على ما اختاره الحافظ ابن الجزري وها هي على النحو التالي: المرتبة الأولى: وهي الحروف التي تَمكَّن "أي قوي" فيها التفخيم وهي المفتوحة التي بعدها ألف نحو {طَابَ} [النساء: 3] {وَضَاقَ} [هود: 77] {صَابِراً} [الكهف: 69] {يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللائي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ القول وَزُوراً وَإِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [المجادلة: 2-3] {يُقَاتِلُونَ} [التوبة: 11] {غَآئِبِينَ} [الأعراف: 7] {خَآئِبِينَ} [آل عمران: 127] ويلحق بهذه المرتبة الراء المفتوحة التي بعدها ألف {يُرَآءُونَ} [الماعون: 6] نبه على ذلك العلامة الشيخ محمد مصطفى الحمامي في كتابه سراج المعالي وقال صاحب انشراح الصدور: الراء واللام حال تفخيمهما يتبعان حروف الاستعلاء لشبههما بها أهـ. المرتبة الثانية: وهي دون الأولى في القوة وهي المفتوحة التي ليس بعدها ألف نحو {طَبَعَ} [النحل: 108] {وَضَرَبَ} [النحل: 76] {

وَصَدَقَ} [الأحزاب: 22] {ظَلَّ} [الزخرف: 17] {وَقَتَلَ} [البقرة: 251] {وَغَفَرَ} [الشورى: 43] {وَخَلَقَ} [الجاثية: 22] . المرتبة الثالثة: وهي دون الثانية في القوة وهي المضمومة نحو {وَطُبِعَ} [التوبة: 87] {صُرِفَتْ} [الأعراف: 47] {وَضُرِبَتْ} [البقرة: 61] {يَظُنُّونَ} [البقرة: 46] {قُتِلَ} [عبس: 17] {غُلِبَتِ} [الروم: 2] {خُلِقَتْ} [الغاشية: 17] . المرتبة الرابعة: وهي الساكنة نحو {يَطْبَعُ} [الأعراف: 101] {يَضْرِبُ} [الرعد: 17] {أَصْبَرَهُمْ} [البقرة: 175] {يَظْلِم} [الفرقان: 19] {يَقْتُلْ} [النساء: 93] {يَغْلِبْ} [النساء: 74] {يَخْلُقُ} [الشورى: 49] . وفي هذه المرتبة تفصيل وهو: إن كان الحرف المفخم ونعني به الساكن وقع بعد فتح فيعطى تفخيم المفتوح الذي ليس بعده ألف كما في الأمثلة المذكورة، وإن قوع بعد ضم فيعطى تفخيم المضموم نحو {

وَيُطْعِمُونَ} [الإنسان: 8] {مُّقْمَحُونَ} [يس: 8] وإن وقع بعد كسر فيعطى تفخيماً أدنى مما قبله مضموم نحو {إِطْعَامُ} [المائدة: 89] {نُّذِقْهُ} [الحج: 25] ولم يوضح أئمتنا في الحرف المفخم الساكن إثر كسر أكثر من هذا فيما وقفت عليه من مراجع. ولكن يؤخذ من تمثيلهم بكلمتي {اقرأ} [الإسراء: 14] {نُذِقْهُ} [الفرقان: 19] ومن قولهم يعطى في التفخيم تفخيم المكسور؛ لأنه لم يكن هناك مرتبة أقل منه وفي الوقت نفسه لم يكن هناك أدنى من المضموم إلا المكسور. ومن ثم يتضح أن حرف التفخيم الساكن الواقع إثر فتح يكون في التفخيم ملحقاً بالمفتوح الذي ليس بعده الف في المرتبة الثانية التي سبق الكلام عليها. والحرف الساكن الواقع إثر ضم يكون في التفخيم ملحقاً بالمضموم في المرتبة الثالثة. والحرف الساكن الواقع إثر كسر يكون في التفخيم ملحقاً بالمكسور في المرتبة الخامسة والأخيرة الآتية بعد. وقد صرح بذلك العلامة المتولي في الساكن عموماً بقوله رحمه الله: فما أتَى من قبلهِ من حركَهْ ... فافرضْهُ مشكلاً بتلك الحركة أهـ المرتبة الخامسة: وهي المكسورة نحو {طِبَاقاً} [الملك: 3] {ضِرَاراً} [البقرة: 231] {صِرَاطاً} [النساء: 68] {ظِلاًّ} [النساء: 57] {قِتَالاً} [آل عمران: 167] {غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] {

خِفَافاً} [التوبة: 41] وهذه المرتبة هي أضعف المراتب الخمس في التفخيم. وذكر فيها صاحب الجواهر الغوالي تفصيلاً حاصله أن حروف الإطباق الأربعة مفخمة. حسب مرتبتها وهي الآخيرة. وحروف الاستعلاء فقط وهي الثلاثة الباقية مرققه وإليك قوله في متنه: ... ... ... ... ... مكسورهُ رَقِّقْ سِوَى ما أطبقا أهـ قلت: وليس المراد من الأمر بالترقيق في قوله: "رقق" الترقيق الحقيقي الآتي بعد في حروف الاستفال. إنما هو تفخيم بالنسبة لحروف الاستفال وسماه أئمتنا التفخيم النسبي وإليه أميل لأن حروف الاستعلاء لا ترقق مطلقاً. وإن كان التفخيم في تلك الحروف الثلاثة أعني (القاف والغين والخاء) في أدنى منزلة كما مر فهي مفخمة على كل حال بالنسبة للحروف المستفلة المرققة الآتية بعد. وفي هذه المسألة يقول شيخ مشايخنا العلامة المتولي رحمه الله: فهي وإنْ تَكُنْ بأدْنَى منزِلَهْ ... فخيمةٌ قَطْعاً من المستفلَهْ فلا يُقَال إنَّها رقيقَهْ ... كضِدِّها تلك هي الحقيقهْ أهـ توضيح: تقدم في المرتبة الرابعة من مراتب التفخيم ما يفيد أن حرف التفخيم الساكن المكسور ما قبله يعطى في التفخيم حكم الحرف المكسور في المرتبة الخامسة والأخيرة. كما تقدم أيضاً في المرتبة الخامسة أن حرف الاستعلاء المكسور فيه تفصيل وهو إذا كان مطبقاً فيفخم حسب مرتبته. وإذا كان مستعلياً فقط ونعني به - القاف والغين والخاء - فيفخم تفخيماً نسبيّاً وعلى هذا الضوء يمكن ضبط الحرف المفخم الساكن إثر كسر سواء كان مطبقاً نحو {فِطْرَتَ} [الروم: 30] أو مستعلياً نحو {يَزِغْ} [سبأ: 12] . فالمطبق يفخم لأنه في حال الكسر مفخم حسب مرتبته. والمستعلي يفخم تفخيماً نسبيّاً لأنه في حالة الكسر يكون كذلك كما مر

ويشهد بذلك النطق بكلمتي {إِطْعَامُ} [المائدة: 89] و {مِصْرَ} [الزخرف: 51] و {أَفْرِغْ} [البقرة: 250] و {إِخْوَاناً} [لحجر: 47] فنجد أن التفخيم حسب مرتبته ظاهر في الطاء والصاد بخلاف الغين والخاء فإن فيهما أصل التفخيم فقط وهذا واضح بأدنى تأمل ثم إن الكسر الذي قبل الغين والخاء الساكنتين يستوي فيه الأصلي والعارض فالأصلي نحو {أَفْرِغْ} [الأعراف: 126] {وَإِخْوَانَكُمْ} [التوبة: 23] والعارض نحو {إِلاَّ مَنِ اغترف} [البقرة: 249] {ولكن اختلفوا} [البقرة: 253] ولا يضر وجود حرف الاستعلاء بعد الغين في نحو {لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا} [آل عمران: 8] فكل هذا يفخم تفخيماً نسبيّاً: أما حرف الاستعلاء الذي بعد الغين فيعطى حكمه حسب مرتبته. ويلحق بالغين والخاء الساكنتين إثر كسر في التفخيم النسبي الغين والخاء الساكنتان للوقف الواقعتان بعد الياء اللَّينَة نحو {زَيْغٌ} [آل عمران: 7] و {شَيْخٌ} [القصص: 23] أما إذا وصلتا فينزلان منزلتهما في المرتبة الثالثة لأنهما أصبحتا مضمومتين: وأما من فخم الغين والخاء الساكنتين المكسور ما قبلهما أو الساكنتين للوقف المسبوقتين بالياء اللينة تفخيماً قويّاً كما سمعنا ورأينا فقد أخطأ إذ يخرجهما بذلك التفخيم القوي عن المرتبة المخصصة لهما. هذا: ويستثنى من التفخيم النسبي الخاء الساكنة الواقعة بعد كسر المجاورة للراء المفخمة فلتفخيم الراء تفخم الخاء تفخيماً قويّاً ليحصل التناسب بينهما

وذلك في كلمة "إخراج" حيث وقعت في التنزيل كقوله تعالى: {وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} [نوح: 18] ونحوها. وفي هذه المسألة يقول شيخ مشايخي الإمام المتولي - رحمه الله -: وخاءُ إخراج بتفخيمٍ أتت ... من أجل راءٍ بعدها إذْ فخِّمتْ أهـ ويلحق بخاء إخراج الخاء من "اخرج" في قوله تعالى: {وَقَالَتِ اخرج عَلَيْهِنَّ} [يوسف: 31] . وصفوة القول فيما تقدم من تفصيل في المرتبة الأخيرة أن حروف الاستعلاء فقط ونعني بها - القاف والغين والخاء - تفخم تفخيماً نسبيّاً في حالتين: الأولى: إذا كانت مكسورة نحو {قِيلَ} [البقرة: 11] {وَغِيضَ} [هود: 44] {وَخِيفَةً} [الأعراف: 205] . الثانية: إذا كانت ساكنة بعد كسر مطلقاً نحو {نُّذِقْهُ} [الحج: 25] {يَزِغْ} [سبأ: 12] {ولكن اختلفوا} [البقرة: 253] . أو إذا كانت الغين والخاء ساكنتين للوقف وقبلهما ياء لينة نحو {زَيْغٌ} [آل عمران: 7] و {شَيْخٌ} [القصص: 23] ويستثنى من ذلك الخاء من "إخراجاً" و"قالت اخرج" كما مر توضيحه. وما عدا هاتين الحالتين فتفخم بحسب مراتبها المتقدمة آنفاً.

وقد نظم مراتب التفخيم الخمس غير واحد من أئمتنا وإليك أوضحها لصاحب الجواهر الغوالي قال رحمه الله تعالى: مراتبُ التفخيم خمسٌ حقِّقتْ ... حروفه قظ خُصَّ ضغط جُمِعتْ فالأول المفتوح بعْدَه أَلف ... والثاني مفتوح وذا بلا ألِفْ كذلك المضمومُ الإسكان ارْتَقَى ... مكسورَه رقِّق سِوَى ما أطْبقَا أهـ وإلى هنا انقضى كلامنا في توضيح مراتب التفخيم فاحرص عليها جيداً فقد لا تجدها مجموعة في غيره والله يرشدنا وإياك إلى الصراط السوي.

الفصل الثاني / في الكلام على الحروف المرققه قولا واحدا

الفصل الثاني / في الكلام على الحروف المرققه قولاً واحداً الحروف المرققة قولاً واحداً هي حروف الاستفال وهي الحروف الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الاستعلاء السبعة المتقدم ذكرها غير مرة باستثناء ألف المد والراء واللام من لفظ الجلالة خاصة في بعض الأحوال كما سيأتي إلا أن هناك حروفاً مستفلة فيها الترقيق آكد لأن اللسان قد يسبق إلى تفخيمها. فمن هذه الحروف الهمزة عند الابتداء في لفظ الحمد وكذلك إذا جاورت العين المهملة في لفظ {أَعُوذُ} [الناس: 1] . والهاء من لفظ {اهدنا} [الفاتحة: 6] وكذلك لفظ الجلالة "الله" وحاصله أن الهمزة ترقق مطلقاً سواء كانت همزة وصل مبتدأ بها أو همزة قطع مرققة وجوباً سواء جاورها حرف مفخم أو مرقق. ومنها اللام في غير لفظ الجلالة الآتي ذكرها بعد وهي في خمسة مواضع: لام الجر الداخلة على لفظ الجلالة نحو {وَللَّهِ الأسمآء الحسنى} [الأعراف: 180] واللام في لفظ {لَنَا} [التوبة: 51] ومن لفظ {وَلْيَتَلَطَّفْ} [الكهف: 19] لمجاورتها الطاء المفخمة مع المحافظة على سكون اللام الأولى مرققه واللام من "على" في نحو قوله تعالى: {وعلى الله قَصْدُ السبيل} [النحل: 9] لمجاورتها لام الجلالة المفخمة. واللام من "وَلاَ" في قوله تعالى: {وَلاَ الضآلين} [الفاتحة: 7] من قوله {صِرَاطَ الذين} [الفاتحة: 7] الآية ونحوها. وحاصله أن

اللام مرققه وجوباً فيما ذكر ونحوه لا مطلقاً كما تقدم في الهمزة إذ أن هناك لامات مفخمة وجوباً للكل كاللام من لفظ الجلالة الواقعة بعد الفتح والضم كقوله تعالى: {لاَ إلاه إِلاَّ الله} [محمد: 19] {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} [الفتح: 29] كما سيأتي ذلك قريباً ومفخمة جوازاً في نحو لفظ "الطلاق". البقرة الآية 229. في رواية ورش من طريق الأزرق بالشروط المذكورة في كتب القراءات. ومنها الميم الأولى والثانية من {مَخْمَصَةٌ} [التوبة: 120] لمجاورتهما الخاء والصاد المفخمتان. ومنها الباء الموحدة في أربع كلمات باء {بَرْقٌ} [البقرة: 19] لمجاورتها الراء المفخخة وباء {وَبَاطِلٌ} [الأعراف: 139] لمجاورتها الطاء المفخمة أيضاً وباء {بِهِمُ} [البقرة: 166] {وَبِذِي} [النساء: 36] لمجاورتهما الرخوى. ثم إن الترقيق للباء والميم ليس قاصراً على ما ذكر من الأمثلة بل هو عام في كل باء وميم حيث وقعتا ولكن لا يبالغ في ترقيق الباء لئلا تصير كأنهم ممالة كما يفعله الكثير من القراء. ومما يجب مراعاته في الباء وكذلك الجيم بالإضافة إلى الترقيق فيهما: الحرص على صفتي الشدة والجهر اللتين فيهما ضمن ما اتصفتا به من الصفات لئلا تشتبه الباء بالفاء والجيم بالشين. فالباء في نحو قوله تعالى: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله والذين آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ} [البقرة: 165] . وقوله عز شأنه: {وَآوَيْنَاهُمَآ إلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50] {إِلاَّ الذين آمَنُواْ

وَعَمِلُواْ الصالحات وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} [العصر: 3] . والجيم نحو قوله تعالى: {اجتثت مِن فَوْقِ الأرض} [إبراهيم: 26] ونحو قوله تعالى: {وَأَذِّن فِي الناس بالحج} [الحج: 27] وقوله سبحانه: {وَقُرْآنَ الفجر} [الإسراء: 78] ومما يجب مراعاته أيضاً في الباء والجيم بجانب ما تقدم تبيين صفة القلقلة حال سكونهما وخاصة في الوقف. وتقدم الكلام مستوفياً على ذلك في موضعه فارجع إليه إن شئت. ومما يجب البيان فيه بجانب الترقيق الحاء الأولى والثانية من لفظ {حَصْحَصَ الحق} [يوسف: 51] لمجاورتهما الصاد المفخمة. وكذلك لفظ {أَحَطتُ} [النمل: 22] ولفظ الحق في نحو قوله: {الحق مِن رَّبِّكَ} [البقرة: 147] لمجاورتهما الطاء والقاف المفخمتان. ومما يجب البيان فيه بجانب الترقيق السين من كلمة {مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52] لمجاورتهما التاء الشديدة وكذلك من كلمتي {يَسْطُونَ} [الحج: 72] و {يَسْقُونَ} [القصص: 23] لمجاورتهما الطاء والقاف المفخمتان. ثم إن التبيين للسين ليس قاصراً على هذه الأمثلة بل هو عام في كل سين سواء كانت ساكنة أو متحركة وسواء جاورت حرفاً مفخماً أو مرققاً نحو {

بَسطَةً} [الأعراف: 69] و {مَسْطُوراً} [الأحزاب: 6] و {القسطاس} [الإسراء: 35] و {تَسْتَطِع} [الكهف: 78] و {تَسْطِع} [لكهف: 82] و {أَقْسَطُ} [البقرة: 282] و {المقسطين} [المائدة: 42] و {يَسْجُدُ} [النحل: 49] وما إلى ذلك. قال الحافظ ابن الجزري في التمهيد وإذا أتى لفظ هو بالسين يشبه لفظاً هو بالصاد وجب بيان كل وإلا التبس نحو {وَأَسَرُّواْ} [الأنبياء: 3] و {أَصَرُّواْ} [نوح: 7] و {يُسْحَبُونَ} [غافر: 71] و {يُصْحَبُونَ} [الأنبياء: 43] و {يُسَبِّحُونَ} [الشورى: 5] و {تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] و {قَسَمْنَا} [الزخرف: 32] و {قَصَمْنَا} [الأنبياء: 11] . فلا بد من بيان صفيرها في انسفالها أهـ بلفظه. وقد أشار إلى ما تقدم ذكره الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: فَرَقِّقَنْ مُسْتَفِلاً مِنْ أحْرُفِ ... وحَاذِرَنْ تفخيمَ لفظِ الألِفِ وهمز الحمد أعودُ اهْدِنا ... الله ثُمَّ لامِ لله لَنَا

وليتلطلفْ وعلى الله ولاَ الضْ ... والميم من مخمصة ومنْ مَرَضْ وباءَ بَرْقٍ باطل بهمْ بذِي ... فاحرص على الشدَّةِ والهجر الذي فيها وفي الجيم كحبّ الصَّبْر ... رَبوةٍ اجتُثَّت وحِجُّ الفجْر وبيِّنَنْ مقلقلاً إن سَكَنَا ... وإن يَكُنْ في الوقفِ كان أبْينا وحاءُ حصحص أحطت الحق ... وسين مستقيمٌ يَسْطُوا يَسْقُوا ومما يجب مراعاته بجانب الترقيب أيضاً الحرص على سكون اللام وإظهارها نحو {جَعَلْنَا} [هود: 82] {وَأَنزَلْنَا} [البقرة: 57] {وَأَرْسَلْنَا} [الأنعام: 6] ونحو {ضَلَلْنَا} [السجدة: 10] وذلك لأن اللسان يسرع إلى إدغامها في النون لما بينهما من التقارب أو التجانس وكذلك النون الساكنة من نحو {أَنْعَمْتَ} [الفاتحة: 7] ونحوها من كل نون ساكنة أتى بعدها حرف حلقي كما سيأتي بيانه في موضعه. وكذلك الغين الساكنة من نحو {المغضوب} [الفاتحة: 7] احترازاً من تحريكها وهو لحن فظيع ولا يخفى أن الغين هنا مفخمة من المرتبة الثانية لسكونها بعد فتح كما مر آنفاً فتنبه. ومما يجب مراعاته بجانب الترقيق أيضاً تخليص انفتاح الذال المعجمة من {مَحْذُوراً} [الإسراء: 57] في قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [الإسراء: 57] لئلا تشتبه بالظاء من محظوراً في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} [الإسراء: 20] وذلك لأن الذال

والظاء يخرجان من مخرج واحد وكذلك تخليص انفتاح السين من لفظ عسى في نحو قوله تعالى: {وعسى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 216] لئلا تشتبه بالصاد من عصى في نحو قوله تعالى: {فعصى فِرْعَوْنُ الرسول فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} [المزمل: 16] وذلك لأن السين والصاد يخرجان من مخرج واحد أيضاً ولا يتميز كل حرف اتفق مع حرف في المخرج كهذه الأحرف إلا بتمييز الصفة فسين عسى وذال محذوراً منفتحتان وصاد عصى وظاء محظوراً مطبقتان فينبغي أن يتخلص كل حرف من الآخر بانفتاح الفم في الانفتاح وانطباقه في الانطباق. وكذلك يفعل في كل حرفين متفقين في المخرج ومختلفين في الصفة. ومما يجب مراعاته بجانب الترقيق مراعاة صفة الشدة التي في الكاف والتاء المثناة فوق وذلك بمنع جريان النفس معهما مع ثباتهما في مخرجيهما قويتين فالكاف نحو {بِشِرْكِكُمْ} [فاطر: 14] و {مَّنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] و {مَا سَلَكَكُمْ} [المدثر: 42] و {إِنَّكَ كُنتَ} [طه: 35] والتاء المثناة فوق نحو قوله تعالى: {الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة طَيِّبِينَ} [النحل: 32] ونحو فتنة في قوله تعالى: {واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً} [الأنفال: 25] وما إلى ذلك. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: واحْرصْ على السُّكون في جَعَلْنا ... أنعمتَ والمغْضُوب مع ضَلَلْنَا وخلِّص انْفتاحَ محذوراً عسى ... خوْف اشْتِبَاهِهِ بمحظوراً عَصَى وراعِ شِدَّةً بكاف وَبتَا ... كشرْكِكُمْ وتَتَوَفَّى فِتْنَتَا أهـ

الفصل الثالث / في الكلام على الحروف المرققه تارة والمفخمة أخرى

الفصل الثالث / في الكلام على الحروف المرققه تارة والمفخمة أخرى وهذه الأحرف ثلاثة - الألف المدية - واللام من لفظ الجلالة خاصة والراء. وهن من حروف الاستفال ولكل كلام خاص نوضحه فيمايلي: الكلام على الألف المدية وأحكامها أما الألف المدية كـ {جَآءَ} [الأعراف: 143] {وَقَالَ} [الأعراف: 142] فلا توصف بتفخيم ولا بترقيق بل تابعة لما قبلها تفخيماً وترقيقاً: فإن وقعت بعد مفخم فخمت نحو {ضَاقَ} [هود: 77] و {طَالَ} [لأنبياء: 44] و {الراشدون} [الحجرات: 7] {وَقَالَ الله} [المائدة: 12] . وإن وقفت بعد مرفقق رققت مثل {جَآءَ} [الزخرف: 63] و {شَآءَ} [البقرة: 255] و {بِسْمِ الله الرحمان الرحيم} [النمل: 20] وما إلى ذلك وهذا هو المعنى المراد من قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: ... ... ... ... وحَاذرن تفخيم لفظ الألفِ فأكد التحذير من تفخيمها إذا جاورت حرفاً مستفلاً.

أما إذا جاورت حرفاً مستعلياً فالأمر على العكس. الكلام على اللام من لفظ الجلالة وأحكامها أما اللام من لفظ الجلالة وإن زيد عليه الميم في آخره فتفخم لكل القراء إذا وقعت بعد فتحة خالصة سواء كانت حقيقة أو حكماً أو بعد ضمه. أما وقوعها بعد الفتح الحقيقي فكثير نحو {شَهِدَ الله} [آل عمران: 18] {قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ اللهم رَبَّنَآ} [المائدة: 114] {لاَ إلاه إِلاَّ الله} [محمد: 19] {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} [الفتح: 29] . وأما وقوعها بعد الفتح الحكمي ففي لفظي {ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} [يونس: 59] و {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] على كلا الوجهين أي الإبدال والتسهيل بين بين وذلك لأن اللام هنا لم تقع بعد فتح حقيقي كما نحو {قَالَ الله} [المائدة: 12] وإنما وقعت بعد الهمزة المبدلة ألفاً في وجه الإبدال وبعد الهمزة المسهلة في وجه التسهيل والألف المبدلة في حكم الفتحة لأنها مبدلة من همزة الوصل المفتوحة في الأصل وكذلك الهمزة المسهلة فإنها في حكم المتحركة بالفتح أيضاً. فلهذا فخمت اللام في اللفظين على كلا الوجهين بلا خلاف للجميع. وأما وقوعها بعد الضم فكثير كالفتح الحقيقي نحو {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} [الفتح: 29] {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ} [الجن: 19] {رُسُلُ الله} [الأنعام: 124] {قَالُواْ اللهم} [الأنفال] .

فإذا ابتدىء باسم الجلالة فخمت لامه أيضاً لأن من شرط تفخيم اللام فيه تقدم الفتح عليها ولو في لفظ الجلالة نفسه كقوله تعالى: {الله لا إلاه إِلاَّ هُوَ الحي القيوم} [البقرة: 255] . هذا: ويجب الاحتراز من تفخيم الهاء من لفظ الجلالة في نحو {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 199] {ولكن الله سَلَّمَ} [الأنفال: 43] فإنه خطأ ينزه عنه الاسم الكريم وكثيراً ما يقع فيه بعض القراء، وقد أشار إلى شرطي التفخيم في لام لفظ الجلالة الحافظ ابن لجزري في المقدمة الجزرية بقوله: وفَخِّمِ اللاَّمَ من اسْمِ الله ... عن فتْحٍ أو ضَمٍّ كَعَبْدُ الله اهـ كما أشار إلى ذلك الإمام ابن بري في الدرر بقوله رضي الله عنه: وفُخِّمَتْ في الله واللَّهُمَّهْ ... للْكُلِّ بَعْدَ فتْحة أو ضمَّة اهـ وفهم من قول هذين الإمامين وفخم اللام وكذلك وفخمت إلخ أن هذه اللام لو وقعت بعد كسرة رققت للجميع وهو كذلك بشرط أن تكون الكسرة خالصة سواء كانت متصلة أو منفصلة أصلية كانت أو عارضة نحو {بالله} [النساء: 62] {وَللَّهِ} [آل عمران: 180] {يَتْلُونَ آيَاتِ الله} [آل عمران: 113] {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر: 2] {قُلِ اللهم} [آل عمران: 26] {أَحَدٌ الله الصمد} [الإخلاص: 1-2] وما إلى ذلك. وتقييدنا الفتحة في

شرط التفخيم والكسرة في شرط الترقيق بالخالصة فيهما احترازاً عن لام الجلالة الواقعة بعد الراء الممالة في أحد القولين في رواية السوسي عن أبي عمرو البصري في نحو {نَرَى الله} [البقرة: 55] {وَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 94] فإنه يجوز حينئذ ترقيق اللام لعدم وجود الفتحة الخالصة قبلها وتفخيمها لعدم وجود الكسرة الخالصة قبلها كذلك. والله أعلم. الكلام على الراء وأحكامها أما الراء فإما أن تكون متحركة في الوصل والوقف، وإما أن تكون ساكنة في الوصل والوقف أيضاً. وإما أن تكون متحركة في الوصل ساكنة في الوقف ولكل حكم خاص نوضحه فيما يلي: حكم الراء المتحركة في الوصل والوقف وهذه الراء تقع أولاً ووسطاً وتكون مفتوحة ومضمومة ومكسورة فإن كانت مفتوحة أو مضمومة فلا خلاف في تفخيمها مخففة كانت أو مشددة. فمثال الراء المضمومة نحو {كُلَّمَا رُزِقُواْ} [البقرة: 25] {والركع السجود} [البقرة: 125] و {عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65] {لاَ يُفْلِحُ الكافرون} [المؤمنون: 117] .

ومثال الراء المفتوحة نحو {رَأَوْاْ} [الجمعة: 11] {مِرَآءً} [الكهف: 22] {ظَاهِراً} [الكهف: 22] {وَمُبَشِّراً} [الأحزاب: 45] {وَنَذِيراً} [الأحزاب: 45] و {الخيرات} [البقرة: 148] و {الراشدون} [الحجرات: 7] . وإن كانت مكسورة فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء سواء كانت مخففة أو مشددة وذلك نحو {رِجَالٌ} [النور: 37] . و {رِئَآءَ الناس} [النساء: 38] {والصابرين} [البقرة: 177] ، {وَفِي الرقاب والغارمين} [التوبة: 60] وما إلى ذلك. حكم الراء الساكنة في الوصل والوقف وهذه الراء تقع متوسطة ومتطرفة. فالمتوسطة نحو {شِرْعَةً} [المائدة: 48] و {فِرْقَةٍ} [التوبة: 122] . والمتطرفة كقوله تعالى: {قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ والرجز فاهجر} [المدثر: 2-5] . ولكل من الراء الساكنة المتوسطة والمتطرفة شروط للتفخيم والترقيق نذكرها فيما يلي: شروط الترقيق للراء الساكنة المتوسطة تُرقَّق الراء الساكنة في الحالين المتوسطة لجميع القراء بأربعة شروط ولا بد من اجتماعها كلها في آن واحد، فإن تخلف شرط منها وجب تفخيمها: فالشرط الأول: أن يكون قبل الراء كسرة. والشرط الثاني: أن تكون هذه الكسرة أصلية. والشرط الثالث: أن تكون الكسرة والراء في كلمة واحدة. والشرط الرابع: أن تكون بعد الراء حرف من حروف الاستفال المتقدم ذكرها وذلك نحو {مِرْيَةٍ} [السجدة: 23] و {لَشِرْذِمَةٌ} [الشعراء: 54] {فِرْعَوْنَ} [البقرة: 50] و {الفردوس} [المؤمنون: 11] وهنا اجتمعت شروط الترقيق الأربعة في كل كلمة من هذه الكلمات وتدرك بأدنى تأمل. شروط التفخيم للراء الساكنة المتوسطة تقدم في شروط الترقيق الأربعة للراء الساكنة في الحالين المتوسطة أنه إذا تخلف شرط منها وجب التفخيم وبذلك تكون شروط التفخيم هنا للراء المتوسطة الساكنة في الحالين أربعة أيضاً وهي كما يلي: الشرط الأول: أن يكون قبل الراء فتحة أو ضمة نحو {لاَ ترفعوا} [الحجرات: 2] {يَرْضَوْنَهُ} [الحج: 59] {يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] {نُرْسِلُ المرسلين} [الأنعام: 48] {اركض} [ص: 42] ابتداء وهذا الشرط مقابل للشرط الأول من شروط الترقيق.

الشرط الثاني: أن يكون قبل الراء كسرة عارضة سواء كانت هذه الكسرة مع الراء في كلمتها نحو {ارجعوا} [يوسف: 81] {اركعوا} [الحج: 77] أم كانت منفصلة عنها نحو {ِإنِ ارتبتم} [الطلاق: 4] {أَمِ ارتابوا} [النور: 50] وهذا الشرط مقابل للشرط الثاني من شروط الترقيق: الشرط الثالث: أن يكون قبل الراء كسرة أصلية منفصلة عنها نحو {الذي ارتضى} [النور: 55] وهذا الشرط مقابل للشرط الثالث من شروط الترقيق. الشرط الرابع: أن يكون بعد الراء حرف من حروف الاستعلاء السبعة المتقدمة نحو {فِرْقَةٍ} [التوبة: 122] . وهذا الشرط مقابل للشرط الرابع من شروط الترقيق. هذا: ويشترط لوجود حرف الاستعلاء بعد الراء لأجل تفخيمها شرطان: الأول: أن يكون مع الراء في كلمتها. الثاني: أن يكون غير مكسور ووجد من ذلك أي من حروف الاستعلاء غير المكسورة ومع الراء في كلمتها ثلاثة أحرف وهي "الطاء" {فِي قِرْطَاسٍ} [بالأنعام، الآية: 7] . والصاد في {إِرْصَاداً} [بالتوبة الآية: 107] . {مِرْصَاداً} [بالنبأ، الآية: 21] . و {لبالمرصاد} [بالفجر، الآية: 14] ، (والقاف) في {فِرْقَةٍ} [بالتوبة، الآية: 122] . فإن انفصل حرف الاستعلاء عن الراء بأن كانت الراء في آخر الكلمة وحرف الاستعلاء في أول الكلمة الثانية فلا خلاف في ترقيقها لجميع القراء والوارد من ذلك في القرآن الكريم ثلاثة مواضع وهي قوله تعالى: {أَنذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: 1] {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ} [لقمان: 18] {فاصبر صَبْراً جَمِيلاً} [المعارج: 5] . أما إذا كان حرف الاستعلاء الذي

بعد الراء مكسوراً ففي الراء خلاف بين أهل الأداء، فقال الجمهور بالترقيق. وقال بعض بالتفخيم وهذا في كلمة فرق في قوله تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم} [الشعراء: 63] فمن فخم نظر إلى وجود حرف الاستعلاء بعد الراء على القاعدة السابقة ومن رقق نظر إلى كسر حرف الاستعلاء لأنه لما انكسر ضعفت قوته وصارت الراء متوسطة بين كسرين. وإلى هذا الخلاف أشار الحافظ أبن الجزري بقوله في المقدمة الجزرية: والخلْفُ في فرقٍ لِكَسْر يُوجَدُ ... ... ... ... ... وقوله لكسر يوجد أي في القاف: "الوجهان صحيحان مقروء بهما" لكل القراء غير أن الترقيق هو المشهور والمقدم في الأداء وحكى غير واحد لإجماع عليه كما في النشر وغيث النفع وتنبيه

الغافلين وغيرها. قال صاحب انشراح الصدور: قال الداني: والوجهان جيدان والمأخوذ به الترقيق نقله النويري في شرح الطيبة فهو أولى بالعمل إفراداً وبالتقديم جمعاً أهـ بحروفه. تنبيه: تقدم أن شروط الترقيق الأربعة للراء الساكنة المتوسطة لا بد من أن تكون كلها موجودة في آن واحد: أما شروط التفخيم الأربعة للراء ذاتها فليست كذلك بل يكفي وجود واحد منها ويكون مسوغاً للتفخيم حينئذ فتأمل، والله الموفق. الكلام على الراء المتطرفة الساكنة في الوصل والوقف وهي نحو قوله تعالى: {واستغفر لِذَنبِكَ} [غافر: 55] {وَأْمُرْ أَهْلَكَ} [طه: 132] . وهذه الراء ترقق بشرط واحد وهو وقوعها بعد كسرة كقوله تعالى: {قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 2-4] ولا يضر وجود حرف الاستعلاء بعد الراء في النوع لأنه أصبح مفصولاً عنها كما تقدم في نحو {فاصبر صَبْراً جَمِيلاً} [المعارج: 5] وتفخم هذه الراء بشرطين: أولهما: أن يقع قبلها فتحة نحو {فَلاَ تَقْهَرْ} [الضحى: 9] {فَلاَ تَنْهَرْ} [الضحى: 10] . ثانيهما: أن يقع قبلها ضمة نحو {فانظر كَيْفَ} [النمل: 14] {والرجز فاهجر} [المدثر: 5]

وهذان الشرطان مقابلان لشرط ترقيقها المتقدم آنفاً. هذا: ولم نشترط هنا في الكسرة التي قبل الراء والتي هي شرط في ترقيقها أن تكون مع الراء في كلمتها إلى آخر ما تقدم في الراء الساكنة والمتوسطة: لأنه لا يتأتى هنا انفصال الكسرة عن الراء بحال. ولأنه لا توجد كلمة على حرف واحد هو الراء حتى تنفصل الكسرة عنها. فلهذا خلت الكسرة عن القيود السابقة ولزمت الراء في كلمتها. انتهى بتصرف من كتابنا الطريق المأمون إلى أصول رواية قالون ص (163) . حكم الراء الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل وهذه الراء لا تكون إلا متطرفة كما هو معلوم نحو {قُدِرَ} [القمر: 12] و {كُفِرَ} [القمر: 14] و {وَدُسُرٍ} [القمر: 13] و {لِلْبَشَرِ} [المدثر: 31و 36] و {النذر} [القمر: 41] و {والفجر وَلَيالٍ عَشْرٍ والشفع والوتر والليل إِذَا يَسْرِ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ} [الفجر: 1-5] و {قَدِيرٌ} [الممتحنة: 7] و {خَبِيرٌ} [آل عمران: 180] و {ضَيْرَ} [الشعراء: 50] و {الخير} [الحج: 77] و {النار} [البقرة: 39]

و {القرار} [إبراهيم: 29 وغافر: 39] و {لَغَفُورٌ} [فاطر: 34] و {شَكُورٌ} [فاطر: 34] . وما إلى ذلك. ولكل من الترقيق والتفخيم في هذه الراء له شروط نوضحها فيما يلي: شروط الترقيق شروط الترقيق لهذه الراء ثلاثة وهي كالآتي: الأول: أن تسبق الراء كسرة نحو {قُدِرَ} [القمر: 12] و {كُفِرَ} [القمر: 14] و {الأشر} [القمر: 26] . وإذا تخلل بين الكسرة والراء ساكن بشرط ألا يكون حرف استعلاء فلا يضر وجوده في هذه الحالة ولا يزال الترقيق سارياً وذلك نحو {لِلذِّكْرِ} [القمر: 17] و {السحر} [البقرة: 102] و {حِجْرٍ} [الفجر: 5] . أما إذا كان الساكن حرف استعلاء وهو المعبر عنه بالساكن الحصين نحو {مِصْرَ} [الزخرف: 51] {القطر} [سبأ: 12] فسيأتي الكلام عليه قريباً. الثاني: أن تسبق الراء ياء ساكنة سواء كانت حرف مد نحو {بَصِيرٌ} [البقرة: 233] و {خَبِيرٌ} [آل عمران: 180] و {النذير} [فاطر: 37] و {قِطْمِيرٍ} [فاطر: 13] أو حرف لين فقط نحو {

السير} [سبأ: 18] و {الخير} [الحج: 77] و {لاَ ضَيْرَ} [الشعراء: 50] و {غَيْرَ} [الأنفال: 7] وهذان الشرطان باتفاق جميع القراء. الثالث: أن يسبق الراء حرف ممال عند من يقول بالإمالة نحو {ذَاتِ قَرَارٍ} [المؤمنون: 13و 50] و {الأشرار} [ص: 62] و {كِتَابَ الأبرار} [المطففين: 18] {عقبى الدار} [الرعد: 24] بشرط كسر الراء المتطرفة كما هو مقرر في محله. أما إذا كانت الراء منصوبة كقوله تعالى: {جَاهِدِ الكفار} [التوبة: 73 والتحريم: 9] أو مرفوعة نحو {هاذه النار} [الطور: 14] {وَبِئْسَ القرار} [إبراهيم: 29] فلا خلاف في تفخيمها للكل كما سيأتي. تنبيه: عرفت فيما سبق أن الإمالة سبب من أسباب الترقيق وقد قرأ بها حفص عن عاصم مع من قرأ في كلمة {مجراها} [هود: 14] بهود خاصة دون غيرها من الكلمات ذوات الراء ولهذا رقق الراء فاحفظه.

شروط التفخيم تفخم الراء المتطرفة الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل بثلاثة شروط متفق عليها بين عموم القراء وهذه الشروط كالآتي: الأول: أن يسبق الراء فتحة أو ضمة سواء تخلل بين الفتحة والضمة ساكن أم لا وذلك {القمر والنذر والقدر واليسر والعسر} [البقرة: 185] . الثاني: أن يسبق الراء ألف المد بشرط نصب الراء المتطرفة نحو {إِنَّ الأبرار} [الانفطار: 13] {جَاهِدِ الكفار} [التوبة: 73] أو رفعها نحو قوله تعالى: {سُبْحَانَهُ هُوَ الله الواحد القهار} [الزمر: 4] . الثالث: أن يسبق الراء واو المد نحو قوله تعالى: {إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى: 23] {وَإِلَيْهِ النشور} [الملك: 15] {وَأَنَّ الله يَبْعَثُ مَن فِي القبور} [الحج: 7] وما إلى ذلك. هذا: وما تقدم ذكره من شروط للتفخيم والترقيق في الراء المتحركة مطلقاً والساكنة في الحالين سواء توسطت أو تطرفت والساكنة في الوقف دون الوصل

ينطوي تحت قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: ورقِّق الراءَ إذا ما كُسِرَتْ ... كذلك بعد الكسر حيثُ سَكَنَتْ إن لم تَكُنْ منْ قبْلِ حرْفِ استعْلا ... أو كانَتِ الكسرَةُ ليسَتْ أصْلا اهـ تنبيهات هامة بخصوص الوقف على الراء المتطرفة التنبيه الأول: لا يخفى أنه إذا وقفت على الراء الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل المتقدم ذكرها أخيراً يجوز لك الوقف بالسكون المجرد أو به مع الإشمام أو الوقف بالروم فيما يجوز فيه ذلك فإذا وقفت بالروم في نحو {والفجر وَلَيالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2] {عقبى الدار} [الرعد: 22] {إِلَى النور} [البقرة: 257] من كل راء مجرورة أو مكسورة فلا بد من ترقيق الراء ولو لم يكن قبلها أحد شروط الترقيق السابقة. وذلك لأن الروم كالوصل فكأنك واصل والراء مجرورة والجر أو الكسر من مسوغات الترقيق كما مر آنفاً في صدر الباب. أما إذا وقفت بالروم في حالة الرفع مثل: {وانشق القمر} [القمر: 1] {الواحد القهار} [الزمر: 4] . {وَإِلَيْهِ النشور} [الملك: 15] فلا ترقيق للراء للجميع وإن سبقها أحد شروط الترقيق كما لو وقفت على نحو {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] وذلك لأن الراء مرفوعة

والرفع من مسوغات التفخيم كما مر أيضاً: وإذا وقفت بالسكون المجرد سواء كانت الراء مرفوعة كما لو وقفت على نحو {فَمَا تُغْنِ النذر} [القمر: 5] . و {لَيْسَ البر} [البقرة: 189] {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ} [القمر: 2] أو مجرورة نحو {والوتر} [الفجر: 22] أو منصوبة {إِنَّ الأبرار} [المطففين: 22] أو وقفت بالسكون مع الإشمام ولا يكون إلا في المرفوع فينظر إلى ما قبل الراء حينئذ. فإن كان ما قبلها أحد شروط الترقيق الثلاثة المتقدمة فترقق. وإن كان ما قبلها أحد شروط التفخيم الثلاثة المتقدمة أيضاً فتفخم. وقد مر توضيح ذلك بما فيه الكفاية. التنبيه الثاني: إذا تخلل بين الراء الموقوف عليها وبين الكسر الذي قبلها ساكن حصين ونعني به الصاد والطاء من حروف الاستعلاء وذلك من لفظ {مِّصْرَ} [يوسف: 21] غير المنون حيث وقع في التنزيل ولفظ {القطر} [سبأ: 12] ففي الراء خلاف بين أهل الأداء. فمنهم من فخم لكون الحاجز حرف استعلاء معتدّاً به ومنهم من رقق ولم يعتد بالحاجز الحصين وجعله كغير الحصين مثل {الشعر} [يس: 69] واختار الحافظ ابن الجزري التفخيم في مصر والترقيق في القطر نظراً لحال الوصل وعملاً بالأصل أي أن الراء في مصر مفتوحة في الوصل مفخمة. وفي القطر مكسورة في

الوصل مرققة. وهذا هو المعمول عليه والمأخوذ به. وقد بين العلامة المتولي رحمه الله مذهب الحافظ الجزري في هاتين الكلمتين بقوله: ومِصْرَ فيه اختارَ أن يفخِّما ... وعكسُهُ في القِطْر عنْه فاعْلما أهـ التنبيه الثالث: من الراءات الساكنة للوقف المتحركة في الوصل ما يجوز فيها الوجهان الترقيق والتفخيم والأول هو الأرجح. وهي الراءات المكسورة التي بعدها ياء محذوفة للتخفيف المنحصرة في كلمة {وَنُذُرِ} [القمر: 16و 18 و21 و30 و37 و39] المسبوقة بالواو في ستة مواضع بالقمر وكلمة {يَسْرِ} [الفجر: 4] في قوله تعالى: {والليل إِذَا يَسْرِ} [بالفجر الآية: 4] . فمن رقق نظر إلى الأصل وهو الياء المحذوفة للتخفيف وأجرى الوقف مجرى الوصل. ومن فخم لم ينظر إلى الأصل ولا إلى الوصل واعتد بالعارض وهو الوقف بسكون الراء وحذف الياء ولفتح ما قبل الراء في "يسر" ولضمه في "ونُذُرِ" إذ كل هذا موجب للتفخيم. ويلحق بهذه الراءات السبع في إجراء الوجيهن وقفاً مع ترجيح الترقيق في الراء من كلمتي {أَنْ أَسْرِ} [طه: 77] و {فَأَسْرِ} [الدخان: 23] إذ أن بعد الراء فيهما ياء محذوفة للبناء.

التنبيه الرابع: علم مما تقدم في التنبيه الثالث أن الراءات الساكنة في الوقف المتحركة في الوصل والتي يجوز فيها الترقيق والتفخيم وقفاً مع أرجحية الترقيق تسع راءات يضاف إليها راء "القطر" بسبأ التي تقدم الكلام عليها في التنبيه الثاني فتصير عشر راءات الأرجح فيهن الترقيق وقفاً كما تقدم أيضاً من هذا النوع راء واحدة فيها الوجهان وفقاً التفخيم والترقيق والأول هو الأرجح عكس ما تقدم في الراءات العشر المذكورة آنفاً وهذه في لفظ {مِصْرَ} [الزخرف: 51] غير المنون فتكون الجملة إحدى عشرة راء فليعلم. التنبيه الخامس: الراء المكسورة المتطرفة الموقوف عليها إن ضم ما قبلها نحو {بالنذر} [القمر: 23 و33 و36] {وَدُسُرٍ} [القمر: 13] أو فتح نحو {البشر} [المدثر: 25و31] أو سكن نحو {الفجر} [الإسراء: 78] {القدر} [القدر: 1] حكمها التفخم كما ذكرنا في شروط التفخيم للراء الساكنة للوقف. وهذا ما ذهب إليه الجمهور وهو الصحيح كما في إتحاف البشر وغيره. وقيل بترقيقها لعروض الوقف وذهب إليه جماعة والمعول عليه والمقروء به هو ما ذهب إليه الجمهور وبه قرأت على جميع شيوخي وبه أقرىء هذا إذا كان الوقف بالسكون المجرد. أما إذا كان الوقف بالروم فلا خلاف في ترقيق هذه الراء لجميع القراء كما مر. وفيما يلي

ضابط نفيس لشيخ مشايخي العلامة المتولي بين فيه ما ذكرناه في هذا التنبيه مع ذكر اختيار الحافظ ابن الجزري فيما

تقدم في الراءات ذوات الوجهين وقفاً قال عليه رحمة الله: والراجحُ التفخيم في للبَشَر ... والفجْر أيضاً وكذا بالنُّذُر وفي إذا يَسر اختيار الجزري ... ترقيقهُ وهكذا ونُذر ومِصر فيه اخْتار أن يفخِّمَا ... وعكسه في القِطْر عنه فاعلما وذلك كلُّه بحالِ وقْفِنا ... والروم كالوصل على ما بُيِّنَا اهـ التنبيه السادس: كل ما تقدم ذكره من أحكام للراء الساكنة وقفاً المتحركة وصلاً إنما هو في زمن الوقف فقط كما بيناه. أما إذا وصلت الراء فلا يخفى الحكم فيها حينئذ لأنها صارت متحركة وتقدم الكلام في صدر الباء على الراء المتحركة سواء كانت الحركة فتحة أو ضمة أو كسرة كما تقدم حكمها تفخيماً وترقيقاً فتأمل. وإلى هنا انتهى كلامنا على أحكام الراء الساكنة ومتحركة. وإنما أطلنا الكلام عليها لكثرة مسائلها وقصداً لإتقان أحكامها فاحرص عليها وتأمل مسائلها فقد أوضحناها لك توضيحاً كاملاً والله يرشدنا وإياك إلى الطريق السوي إنه سبحانه صاحب التوفيق ووليه.

الباب الرابع / في الضاد المعجمة والظاء المشالة

الباب الرابع / في الضاد المعجمة والظاء المشالة الفصل الأول / في الفرق بين الضاد والظاء الفرق بين الضاد والمعجمة والضاء المشالة يأتي من ناحيتين: ناحية المخرج وناحية الصفة: أما ناحية المخرج فالضاد تخرج من إحدى حافتي اللسان وما يليها من الأضراس التي في الجانب الأيسر أو الأيمن إلى آخر ما تقدم في المخارج والظاء تخرج من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا أي رؤوسها وقد تقدم تفصيل ذلك في المخارج أيضاً. وأما من ناحية الصفة فالضاد تمتاز - أي تزيد - عن الظاء صفة الاستطالة وباقي الصفات الخمس تتفق معها فيها. ومن ثم يتضح أن الفرق بين الضاد والظاء قائم على المخرج وصفة الاستطالة ولولاهما لكانت إحداهما عن الأخرى. ومن أجل هذا وجب التمييز بينها بهذين الفرقين. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله رضي الله عنه. والضَّاد باستطالة ومخْرَج ... مَيِّزْ من الظَّاء

الفصل الثاني / في الظاءات المشالة الواردة في القرآن الكريم

الفصل الثاني / في الظاءات المشالة الواردة في القرآن الكريم لما كانت الضاد المعجمة أصعب الحروف وأشدها على اللسان مخرجاً كما تقدم ويختلف نطق الناس بها. فمنهم من يخرجها من مخرجها الحقيقي المعد لها ضاداً مستطيلة وهم القلة. ومنهم من يخرجها من مخرج الظاء المشالة أو يخرجها طاء مهملة. ومنهم من يلتبس عليه الفرق بين الضاد المعجمة والظاء المشالة فيضع إحداهما مكان الأخرى وهذا كله لحن لا تصح القراءة به لأن فيه تغييراً للَّفظ وإخراجاً للكلمة عن المعنى المقصود. ولهذا اهتم العلماء اهتماماً بالغاً بحصر الظاءات المشالة وموادها التي وردت في القرآن الكريم وأفردوها بالتأليف نثراً ونظماً كالحافظ أبي عمرو الداني وابن الجزري وسيدي علي النوري الصفاقسي وخلق غيرهم رحمهم الله ورضي عنهم. وإنما فعلوا ذلك لقلتها بالنسبة إلى الضاد ومن ثم يؤخذ من حصرهم للظاءات المشالة الواردة في التنزيل أن ما سواها فيه هو بالضاد المعجمة لفظاً وكتابة. وجملة ما ورد في القرآن الكريم من الظاءات المشالة حسبما جاء في المقدمة الجزرية ثلاثون لفظاً متفق عليه وواحد مختلف فيه بين القراء كما سيأتي ومن هذه الألفاظ ما وقع في موضع واحد. ومنها ما وقع في غير موضع ودونكها مفصلة حسب ترتيب المقدمة الجزرية ليسهل فهمها إن شاء الله تعالى. اللفظ الأول: الظعن فتح الظاء والعين أو بسكون العين أيضاً وهما لغتان

في هذا اللفظ وقرىء بهما في المتواتر ومعناه الرحلة من مكان إلى آخر ووقع منه في القرآن العظيم موضع. واحد وهو قوله تعالى: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} [الآية: 80] بالنحل. اللفظ الثاني: الظل بكسر الظاء المشالة ووقع منه في القرآن العظيم اثنان وعشرون موضعاً أولها قوله تعالى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغمام وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ المن والسلوى} [الآية: 57] بالبقرة وآخرها قوله تعالى بالمرسلات: {إِنَّ المتقين فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ} [لآية: 41] ومن هذا اللفظ باب الظلة أيضاً ووقع في موضعين قوله تعالى: {كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الآية: 171] بالأعراف وقوله سبحانه: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظلة} [الآية: 189] بالشعراء. اللفظ الثالث: الظهر بضم الظاء وهو وقت منتصف النهار ووقع منه في القرآن الكريم موضعان: أولهما: قوله تعالى: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثيابكم مِّنَ الظهيرة} [الآية: 58] بالنور. وثانيهما: قوله تعالى: {وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الآية: 18] بالروم. اللفظ الرابع: العظم بضم العين وسكون الظاء بمعنى العظمة ووقع منه في القرآن العظيم مائة وثلاثة مواضع الأول منه قوله تعالى بالبقرة: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ} [الآية: 7] وآخرها قوله تعالى بالمطففين: {أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [الآية: 4-5] . اللفظ الخامس: الحفظ بكسر الحاء وسكون الفاء. وقع منه في التنزيل اثنان وأربعون موضعاً أولها في قوله تعالى بالبقرة: {حَافِظُواْ عَلَى الصلوات والصلاة الوسطى} [بالبقرة، الآية: 238] . وآخرها قوله تعالى: {

إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [بالطارق، الآية: 4] . اللفظ السادس: أيقظ من اليقظة ضد النوم وقع منه في التنزيل موضع واحد بالكهف وهو قوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ} [الآية: 18] . اللفظ السابع: النظر من الإنظار بمعنى المهلة والتأخير وقع منه في القرآن الكريم عشرون موضعاً: أولها قوله تعالى: {لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ} [بالبقرة، الآية: 162] . وآخرها قوله تعالى: {انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} [بالحديد، الآية: 13] . قال العلامة ابن يالوشة في شرح المقدمة الجزرية، وأما: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الملائكة} [بالأنعام، الآية: 158] [والنحل، الآية: 33] من الانتظار لا من الإنظار أهـ. اللفظ الثامن: العظم بفتح العين وسكون الظاء وهو العظم المعروف سواء أكان عظم آدمى أم غيره وسواء أكان مفرداً أم جمعاً. وقع منه في القرآن الكريم خمسة عشر موضعاً: الأول منه قوله تعالى بالبقرة: {وانظر إِلَى العظام كَيْفَ نُنْشِزُهَا} [الآية: 259] . وآخرها قوله تعالى: {عِظَاماً نَّخِرَةً} [بالنازعات، الآية: 11] . اللفظ التاسع: الظهر بفتح الظاء وسكون الهاء وهو خلاف البطن سواء كان ظهراً لآدمي أو لغيره. وقع منه في القرآن الكريم ستة عشرة موضعاً: أولها قوله تعالى: {وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [بالبقرة، الآية: 101] . وآخرها قوله عز شأنه: {الذي أَنقَضَ ظَهْرَكَ} [بالانشراح، الآية: 3] . اللفظ العاشر: اللفظ بمعنى التلفظ وقع منه في التنزيل موضع واحد وهو قوله تعالى: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [سورة ق، الآية: 18] . اللفظ الحادي عشر: ظاهر بكسر الهاء. ومادة هذا اللفظ تفيد ست معان وهي كالآتي: الأول: الظاهر ضد الباطن. وقع منه في القرآن الكريم ثلاثة عشرة موضعاً: الأول منها قوله تعالى: {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإثم وَبَاطِنَهُ} [بالأنعام، الآية: 120] . والآخر قوله سبحانه: {وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ العذاب} [بالحديد، الآية: 13] .

الثاني: الظهور بمعنى العلو والانتصار. وقع منه في القرآن العظيم ثمانية مواضع: الأول منها قوله تعالى: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المشركون} [بالتوبة، الآية: 33] . وآخرها قوله تعالى: {فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ} [بالصف، الآية: 14] . الثالث: الظهور بمعنى الظفر وقع منه في التنزيل موضعان: الأول: قوله تعالى: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} [بالتوبة، الآية: 8] . والثاني: قوله تعالى: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ} [بالكهف، الآية: 20] . الرابع: الظهور بمعنى الاطلاع والإحاطة وقع منه في القرآن الكريم ثلاثة مواضع: أولها: قوله تعالى: {الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء} [بالنور، الآية: 31] . وثانيها: قوله تعالى: {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ} [بالتحريم، الآية: 3] . وثالثها: قوله تعالى: {فَلاَ يُظْهِرُ على غَيْبِهِ أَحَداً} [بالجن، الآية: 26] . الخامس: التظاهر بمعنى التعاون. وقع منه في القرآن الكريم اثنا عشر موضعاً: الأول منها قوله تعالى: {تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بالإثم وَالْعُدْوَانِ} [بالبقرة، الآية: 85] . وآخرها قوله تعالى: {وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [بالتحريم، الآية: 4] . السادس: الظهر بمعنى الظهار وهو الحلف به. وقع منه في التنزيل ثلاثة مواضع: الأول: قوله تعالى: {تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ} [بالأحزاب، الآية: 4] . والثاني والثالث: قوله تعالى: {الذين يُظَاهِرُونَ مِنكُمْ مِّن نِّسَآئِهِمْ} وقوله سبحانه: {والذين يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ} كلاهما بالمجادلة، [الآيتان: 2، 3] . والحاصل أن مادة لفظ "ظاهر" بمعانيها المذكورة اشتملت على واحد وأربعين موضعاً في التنزيل. اللفظ الثاني عشر: لظى وهو اسم من أسماء جهنم نسأل الله النجاة منها.

وقع منه في القرآن العظيم موضعان: قوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهَا لظى} [بالمعارج، الآية: 15] . وقوله سبحانه: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى} [بالليل، الآية: 14] . اللفظ الثالث عشر: شواظ بضم الشين وكسرها لغتان وقرىء بهما في المتواتر وهو اللهب الذي لا دخان معه نسأل الله السلامة منه وقع منه في التنزيل موضع واحد وهو قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ} [الآية: 35] بسورة الرحمن جل وعلا. اللفظ الرابع عشر: الكظم وهو تجرع الغيظ وعدم ظهوره وذلك بتحمله وقع منه في التنزيل ستة مواضع: أولها قوله تعالى: {والكاظمين الغيظ} [بآل عمران، الآية: 134] . وثانيها: قوله تعالى: {وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن فَهُوَ كَظِيمٌ} [بيوسف، الآية: 84] . وثالثها: قوله تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [بالنحل، الآية: 58] . ورابعها: قوله تعالى: {إِذِ القلوب لَدَى الحناجر كَاظِمِينَ} [بغافر، الآية: 18] . وخامسها: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [بالرخزف، الآية: 17] . وسادسها: قوله تعالى: {إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ} [بالقلم، الآية: 48] . اللفظ الخامس عشر: الظلم وهو وضع الشيء في غير موضعه. وقع منه في القرآن الكريم مائتان وثمانون موضعاً على الصحيح: الأول منها قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبَا هاذه الشجرة فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} [بالبقرة، الآية: 35] . وآخرها قوله تعالى: {والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [بالدهر، الآية: 31] . اللفظ السادس عشر: الغلظ من الغلاضة ضد الرقة وقع منه في التنزيل ثلاثة عشر موضعاً: الأول منها قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [بآل عمران، الآية: 159] . وآخرها قوله تعالى: {جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ} [بالتحريم، الآية: 9] . اللفظ السابع عشر: الظلام ضد النور. وقد اختلف العلماء في عدد

مواضعه فذكر الحافظ ابن الجزري في التمهيد أن مواضعه في التنزيل ستة وعشرون موضعاً وقال ابنه المعروف بابن الناظم: إن مواضعه مائة موضع وتابعه على ذلك جماعة من شارحي المقدمة الجزرية وغيرهم والصواب ما قاله والده وهو ستة وعشرون موضعاً وبه قال العلامة سيدي علي النوري الصفاقسي والعلامة ابن يالوشة وكذلك الملا علي القاري وغيرهم. هذا: والموضع الأول من الستة والعشرين قوله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ} [بالبقرة، الآية: 17] . وآخرها قوله تعالى: {لِّيُخْرِجَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنَ الظلمات إِلَى النور} [بالطلاق، الآية: 11] . اللفظ الثامن عشر: الظفر بضم الظاء والفاء وهو معروف وجمعه أظافر جاء منه في التنزيل موضع واحد وهو قوله تعالى: {وَعَلَى الذين هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [بالأنعام، الآية: 146] . اللفظ التاسع عشر: الانتظار بمعنى الارتقاب وقع منه في التنزيل ستة وعشرون موضعاً على الصحيح. أولها قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام والملائكة} [بالبقرة، الآية: 210] . وآخرها قوله تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ الساعة أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} [بالقتال، الآية: 18] . اللفظ العشرون: الظمأ وهو العطس وقع منه في القرآن العظيم ثلاثة مواضع: أولها: قوله تعالى: {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ} [بالتوبة، الآية: 120] . وثانيها: قوله تعالى: {وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا} [بـ طه، الآية: 119] .

وثالثها: قوله تعالى: {يَحْسَبُهُ الظمآن مَآءً} [بالنور، الآية: 39] . وقد أشار إلى هذه الألفاظ العشرين الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وكُلُّها تَجي في الظَّعْن ظِلُّ الظُّهْر عُظْم الحِفظ ... أيقِظْ وانْظُر عَظْمَ ظهْر اللفظ ظاهِرْ لَظَى شُواظ كضْمِ ظَلمَا ... أُغْلُظْ ظلامَ ظُفُر انتظرْ ظَمَا اهـ اللفظ الحادي والعشرون: الظفر بفتح الظاء والفاء بمعنى الغلبة والنصر وقع منه في القرآن الكريم موضع واحد في قوله تعالى: {مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [بالفتح، الآية: 24] . اللفظ الثاني والعشرون: الظن وهو تجويز أمرين: أحدهما أقرب من الآخر. ويأتي بمعنى الشك أو اليقين. فالأول كقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا} [بالأحزاب، الآية: 10] . وقوله: {وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء} [بالفتح: الآية: 12] . والثاني: نحو قوله تعالى: {الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ} [بالبقرة، الآية: 46] . وقوله {فظنوا أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا} [بالكهف، الآية: 53] . وقد يأتي بمعنى التهمة كقوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الغيب بِضَنِينٍ} [بالتكوير، الآية: 24] . وذلك عند من قرأ بالظاء المشالة. والحاصل أن باب الظن كيف ورد في القرآن الكريم سواء كان بمعنى الشك أو اليقين أو العلم أو التهمة وسواء كان اسماً أو فعلاً فهو بالظاء المشالة واستفيد هذا الإطلاق من قول المقدمة الجزرية "ظنّاً كيف جا" والوارد منه في التنزيل تسعة وستون موضعاً على الصحيح. أولها: قوله تعالى: {الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ} [بالبقرة، الآية: 46] . وآخرها قوله سبحانه: {إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ} [بالانشقاق، الآية: 14] . اللفظ الثالث والعشرون: الوعظ وهو التخويف من عذاب الله والترغيب

في ثوابه وقع منه في القرآن العظيم أربعة وعشرون موضعاً على الصحيح. أولها: قوله تعالى: {وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} [بالبقرة، الآية: 66] . وآخرها قوله سبحانه: {ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ} [بالمجادلة، الآية: 3] . وليس منه لفظ "عضين" في قوله تعالى: {الذين جَعَلُواْ القرآن عِضِينَ} [بالحجر، الآية: 91] . فإنه بالضاد المعجمة وهو جمع عضة بمعنى فرقة وهذا معنى قول المقدمة الجزرية "وعظ سوى عضين" وجاء في بعض شراح المقدمة الجزرية وغيرها أن الوارد في القرآن الكريم من مادة الوعظ تسعة مواضع والصحيح ما ذكرناه وبه قال غير واحد من الثقات كسيدي علي النوري الصفاقسي والعلامة ابن يالوشة. اللفظ الرابع والعشرون: ظل بمعنى دام أو صار. وقع منه في التنزيل تسعة مواضع وفيما يلي ذكرها كترتيب المقدمة الجزرية. الأول والثاني قوله تعالى: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً} [في النحل، الآية: 58] [والزخرف، الآية: 17] . الثالث: قوله تعالى: {الذي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً} [بطه، الآية: 97] . الرابع: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [بالواقعة، الآية: 65] . الخامس: قوله تعالى: {لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ} [بالروم، الآية: 51] . السادس: قوله تعالى: {فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ} [بالحجر، الآية: 14] . السابع والثامن: قوله تعالى: {آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} . وقوله سبحانه {قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} كلاهما بالشعراء، [الآيتان: 4، 71] . التاسع: قوله تعالى: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ} [بالشورى، الآية: 33] . قال العلامة ابن يالوشة في شرح المقدمة الجزرية عقب تعداد المواضع التسعة للفظ ظل المذكور آنفاً ما نصه "وما سوى" هذه المواضع فإنه الضاد لأنه إما من الضلال ضد الهوى كقوله تعالى: {يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ} [النحل: 93] ومن

الاختلاط والمزج كقوله تعالى: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأرض} [السجدة: 10] . أو بمعنى الهلاك كقوله تعالى: {إِنَّ المجرمين فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ} [القمر: 47] . أو بمعنى البطلان كقوله تعالى: {الذين ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحياة الدنيا} [الكهف: 104] . أو بمعنى التغيب كقوله تعالى: {قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا} [الأعراف: 37] . فهذا جميعه بالضاد لأنه ليس بمعنى الدوام أو الصيرورة أهـ منه بلفظه ص (36) . اللفظ الخامس والعشرون: الحظر وهو المنع والحجر وقع منه في القرآن الكريم موضع واحد وهو قوله تعالى: {وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً} [بالإسراء الآية: 20] . اللفظ السادس والعشرون: المحتظر بكسر الظاء بمعنى صاحب الحظيرة وقع منه التنزيل موضع واحد هو قوله تعالى: {إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر} [القمر: 31] . اللفظ السابع والعشرون: الفظ من الفظاظة وهي الغلظة والتجافي وقع منه في القرآن الكريم موضع واحد وهو قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [بآل عمران، الآية: 159] . اللفظ الثامن والعشرون: النظر بمعنى الرؤية أو بمعنى التفكير: فالأول: كقوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} [بالأعراف، الآية: 198] . والثاني: كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السماوات والأرض} [بالأعراف، الآية: 185] . والوارد في القرآن الكريم من باب النظر مطلقاً ستة وثمانون موضعاً على الصحيح: أولها: قوله تعالى: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ} [بالبقرة، الآية: 50] . وآخرها قوله سبحانه وتعالى: {أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خُلِقَتْ} [بالغاشية، الآية: 17] .

قال العارف بالله سيدي علي النوري الصفاقسي بعد أن تكلم على مادة "النظر" هذه ما نصه: "لا يخفى أن بعضه نظر بصر كقوله تعالى: {تَسُرُّ الناظرين} [البقرة: 69] . وبعضه للاستدلال كقوله تعالى: {قُلِ انظروا مَاذَا فِي السماوات والأرض} [يونس: 101] . {فانظر إلى آثَارِ رَحْمَتِ الله كَيْفَ يُحْيِيِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَآ} [الروم: 50] . وبعضه للاعتبار كقوله تعالى: {فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين} [النمل: 14] . وبعضه نظر تعجب كقوله تعالى: {انظر كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيات ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75] . انتهى كلامه رضي الله عنه. هذا: وليس من باب النظر كلمة "ناظرة" الأولى في قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} [بالقيامة، الآية: 22] . وكلمة "نظرة" في قوله تعالى: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} [بالدهر، الآية: 11] . وفي قوله سبحانه: {نَضْرَةَ النعيم} [بالمطففين، الآية: 24] . فالكلمات الثلاثة بالضاد المعجمة لأنها من النضارة بمعنى الحسن والإضاءة ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وحفظها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه". الحديث. وهذا معنى قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية "وجميع النظر: إلا بويل هل وأولى" أي جميع مادة النظر مطلقاً في التنزيل بالظاء المشالة إلا {نَضْرَةَ النعيم} [الآية: 24] بسورة ويل للمطففين و {نَضْرَةً وَسُرُوراً} [الآية: 11] بسورة هل أتى و {نَاظِرَةٌ} [الآية: 22] الاولى بالقيامة كما مر وخرج بقوله: "وأولى ناضرة" كلمة "ناظرة" الثانية بنفس سورة القيامة في قوله تعالى: {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [الآية: 23] . فهي بالظاء المشالة لأنها بمعنى الرؤية والمشاهدة.

نسأل الله تعالى من فضله وكرمه أن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم في دار الكرامة والتنعيم إنه سميع مجيب آمين. اللفظ التاسع والعشرون: الغيظ: وهو شدة الغضب وثوران طبع النفس وقع منه في التنزيل أحد عشر موضعاً: أولهما: قوله تعالى: {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ} [بآل عمران، الآية: 119] . وآخرها قوله سبحانه: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ} [بالملك، الآية: 8] . وليس من هذا اللفظ "غيض وتغيض" في قوله تعالى: {وَغِيضَ المآء} [بهود، الآية: 44] . وفي قوله سبحانه: {وَمَا تَغِيضُ الأرحام وَمَا تَزْدَادُ} [بالرعد، الآية: 8] . فإنهما بالضاد المعجمة لكونهما من الغيض بمعنى النقص ولم يقع غيرهما في القرآن الكريم وهذا معنى قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: "والغيظ لا الرعد وهود قاصرة". اللفظ الثلاثون: الحظ بمعنى النصيب وقع منه في التنزيل سبعة مواضع وهي كالآتي: الأول: قوله تعالى: {يُرِيدُ الله أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخرة} [بآل عمران، الآية: 176] . الثاني والثالث: بالنساء في قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين} [الآية: 11] . وفي قوله سبحانه: {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين} [الآية: 176] . الرابع الخامس: بالمائدة في قوله تعالى: {وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} [الآية: 13] . وفي قوله سبحانه: {فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} [الآية: 14] . السادس: قوله تعالى: {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [بالقصص، الآية: 79] . السابع: قوله تعالى: {إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [بفصلت، الآية: 35] . وأما الحض بمعنى التحريض والحث على فعل الشيء فهو بالضاد المعجمة ووقع منه في التنزيل ثلاثة مواضع: أولها وثانيها: لفظ "يحض" في قوله تعالى: {وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين} في كل من سورة [الحاقة، الآية: 34] ، [وسورة الماعون، الآية: 3] . وثالثها: قوله تعالى: {وَلاَ تَحَآضُّونَ على طَعَامِ المسكين} [بالفجر، الآية: 18] . وهذا معنى قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: "والحفظ لا الحض على الطعام". اللفظ الحادي والثلاثون: (ضنين) وهذا هو اللفظ المختلف فيه بين القراء كما تقدم في صدر هذا الفصل. وقد وقع منه في القرآن الكريم لفظ واحد وهو قوله تعالى: {وَمَا هُوَ عَلَى الغيب بِضَنِينٍ} [بالتكوير، الآية: 24] . فقد قرأه بعضهم بالظاء المشالة بمعنى متهم أي وما محمد بمتهم فيما يوحى إليه وقرأه بعضهم بالضاد المعجمة بمعنى بخيل أي وما محمد ببخيل على الناس ببيان ما يوحى إليه من الله تعالى. وما سوى هذه الألفاظ الجامعة للظاءات المشالة في التنزيل فإنه بالضاد المعجمة لظفاً وكتابة. وقد أشار إلى بقية الألفاظ من الحادي والعشرين إلى نهاية الواحد والثلاثين الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: أظفرَ طنًّا كيفَ جا وِعظْ سِوَى ... عِضِينَ ظَلَّ النحْل زُخرُف سَوَى وظلتَ ظَللتُمْ وبرُومٍ ظَلُّوا ... كالحِجْر ظلَّتْ شُعَرَا تَظِلُّ يظْلَلْنَ محظُوراً معَ المُحتَظِر ... وكنتَ فَظًّا وجميعَ النَّظَر إلا بويْلٍ هلْ وأُولَى ناضِرَه ... والغَيْظِ لا الرَّعْدِ وهُود قَاصِرهْ والحظُّ لا

الحضِّ على الطَّعامِ ... وفي ضَنين الخِلاَفُ سامِي اهـ

الفصل الثالث / في لزوم بيان حرف الضاد المعجم من الظاء المشال ونحوهما إذا التقيا

الفصل الثالث / في لزوم بيان حرف الضاد المعجم من الظاء المشال ونحوهما إذا التقيا إذا التقت الضاد المعجمة بالظاء المشالة لزم بيان مخرج كل منهما سواء أكان بينهما فاصل في الخط أم لم يكن كقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ} [بالفرقان، الآية: 27] . وكقوله سبحانه: {أَنقَضَ ظَهْرَكَ} [بالإنشراح، الآية: 3] . وذلك لئلا تختلط إحداهما بالأخرى فتبدل الضاد ظاء أو العكس وهذا لحن لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة وفيه تغيير للَّفظ وإخراج للكلمة عن معناها المراد. وكذلك الحكم في لزوم بيان الضاد المعجمة في الطاء المهملة ومن التاء المثناة فوق أيضاً. فالأولى: في نحو قوله تعالى: {فَمَنِ اضطر} [البقرة: 173] و {ثُمَّ أَضْطَرُّهُ} [البقرة: 126] و {إلاَّ مَا اضطررتم إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] . والثانية في قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ} [البقرة: 200] {وَخُضْتُمْ} [التوبة: 69] و {عَرَّضْتُمْ} [البقرة: 235] { ... فَقَبَضْتُ} [طه: 96] وذلك لئلا يسبق اللسان إلى إدغامها فيها لأنه الأخف حينئذ وهو ممنوع بالاتفاق. وكذلك الحكم في لزوم بيان الظاء المشالة من التاء المثناة فوق نحو قوله تعالى: {أَوَعَظْتَ} [الشعراء: 136] لئلا يسبق اللسان إلى إدغامها فيها

وهو ممنوع كذلك وليس بيان الضاد المعجمة قاصراً على ما ذكر بل بيانها لازم مطلقاً خصوصاً إذا كانت ساكنة نحو {فَضَّلْنَا} [الإسراء: 21، 55] و {وَقَيَّضْنَا} [فصلت: 25] و {يُضْلِلِ} [الرعد: 33] {واخفض جَنَاحَكَ} [الشعراء: 215] . ومما يجب مراعاته أيضاً تصفية الهاء أي تخليصها إذا جاورت هاء أو ياء أو غيرهما نحو {جِبَاهُهُمْ} [التوبة: 35] و {جُنوبُهُمْ} [التوبة: 35] و {ظُهُورُهُمْ} [التوبة: 35] ونحو {عَلَيْهِم} [الفاتحة: 7] و {إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 199] و {يُزَكِّيهِمْ} [البقرة: 129] وذلك لأن الهاء حرف خفي ولاتصافها بصفات الضعف كما تقدم ولذلك قويت بالصلة إذا وقعت ضميراً كقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} [الانشقاق: 15] . وقد أشار إلى ما ذكرناه في هذا الفصل الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: وإنْ تَلاقَيَا البَيَانُ لاَزمُ ... أَنْقَضَ ظَهْرَك يَعَضُّ الظَّالِمُ واضْطُرَّ معْ وَعَظْتَ مع أَفَضْتُمْ ... وَصَفِّ هَا جِبَاهُهُمْ عليْهمُ والله تعالى أعلى وأعلم.

الباب الخامس / في أحكام النون الساكنة والتنوين

الباب الخامس / في أحكام النون الساكنة والتنوين تعريف النون الساكنة والتنوين والأمور التي تخالف فيها النون (أ) تعريف النور الساكنة وإخراج محترزات القيود: النون الساكنة هي التي سكونها ثابت في الوصل والوقف نحو {مَنْ هَاجَرَ} [الحشر: 9] {يَنْهَوْنَ} [الأنعام: 26] {إِنْ عَلَيْكَ} [الشورى: 48] فقولنا: "النون الساكنة" خرج به النون المتحركة المخففة نحو {قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ} [الزخرف: 32] والمشددة {مِنَ الجنة والناس} [الناس: 6] وقولنا "سكونها ثابت" خرج به ما كان ثابتاً وزال للتخلص من التقاء الساكنين نحو {إِنِ ارتبتم} [الطلاق: 4] {إِلاَّ مَنِ ارتضى} [الجن: 27] . وقولنا: "في الوصل والوقف خرج به السكون العارض كسكون النون المتطرفة في الوقف نحو {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75] {ونَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] . ومن ثم يتضح أن النون الساكنة التي سكونها ثابت في الوصل والوقف هي التي "تثبت خطّاً ولفظاً ووصلاً ووقفاً" وهي المقصودة بالذكر هنا وتقع في الأسماء والأفعال متوسطة ومتطرفة وفي الحروف متطرفة فقط. (ب) تعريف التنوين وإخراج محترزات القيود: التنوين معناه في اللغة التصويت. وفي الاصطلاح "نون ساكنة زائدة لغير توكيد تلحق آخر الاسم وصلاً وتفارقه خطّاً ووقفاً نحو قوله تعالى: {والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31] . {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران: 34] .

فقولنا هنا: "نون ساكنة" خرج به نون التنوين المتحركة للتخلص من التقاء الساكنين نحو {فَتِيلاً. انظُرْ} [النساء: 49-50] {مُّنِيبٍ ادخلوها} [ق: 33-34] . وقولنا: "زائدة" خرج به النون الأصلية التي سبق الكلام عليها قريباً. وقولنا: "لغير توكيد" خرج به نون التوكيد الخفيفة في {وَلَيَكُوناً} [يوسف: 32] {لَنَسْفَعاً} [العلق: 15] في قوله تعالى: {وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين} [يوسف: 32] وفي قوله سبحانه: {لَنَسْفَعاً بالناصية} [العلق: 15] . لأنها ليست تنونياً وإن أشبهته في إبدالها ألفاً في الوقف لاتصالها بالفعل ولا ثالث لهما في القرآن الكريم. وقولنا: "تلحق آخر الاسم وصلاً" خرج به الفعل والحرف فهي لا تلحقهما أبداً لأنهما لا ينونان بحال. وقولنا: "وتفارقه خطًّا ووقفاً" خرج به النون الأصلية فهي لا تفارق الاسم مطلقاً أثناء وجودها فيه. ويؤخذ من هذا التعريف أن التنوين خاص بالأسماء فلا يدخل الأفعال ولا الحروف ولا يكون إلا متطرفاً لأنه لا يوجد إلا بين كلمتين ولا يثبت إلا في الوصل واللفظ. (ج) الأمور التي تخالف فيها النون الساكنة التنوين: مما تقدم ذكره من تعريف كل من النون الساكنة والتنوين يتبين أن النون الساكنة تخالف التنوين في أربعة أمور لا بد من معرفتها جيداً وها هي: الأول: أن النون الساكنة تقع في وسط الكلمة وفي آخرها والتنوين لا يقع إلا في الآخر.

الكلام على الحكم الاول "الإظهار" ووجهه وضوابطه

الثاني: أن النون الساكنة تقع في الأسماء والأفعال والحروف والتنوين لا يقع إلا في الأسماء. الثالث: أن النون الساكنة تكون ثابتة في الوصل والوقف والتنوين لا يثبت إلا في الوصل. الرابع: أن النون الساكنة تكون ثابتة في الخط واللفظ والتنوين لا يثبت إلا في اللفظ فتأمل. هذا: وللنون الساكنة والتنوين بالنسبة لما يأتي بعدهما من الحروف الهجائية أربعة أحكام وهي الإظهار والإدغام والقلب والإخفاء. وقد اشار إليها الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: وحُكْمُ تنوين ونُون يُلْفَى ... إظهارٌ ادْغامٌ وقلبٌ اخْفا أهـ ولكل من هذه الأحكام الأربعة كلام خاص نوضحه فيما يلي: الكلام على الحكم الاول "الإظهار" ووجهه وضوابطه الإظهار في اللغة البيان. ومن معانيه في الاصطلاح: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنة في الحرف والمظهر. وقال بعضهم: "هو فصل الحرف

الأول من الثاني من غير سكت عليه وقيل غير ذلك. وحروفه في هذا الباب ستة: الهمزة والهاء والعين والحاء المهملتان والغين والخاء المعجمتان وهي المسماة بحروف الحلق لخروجها منه كما تقدم في المخارج فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد النون الساكنة سواء أكان معها في كلمة أم كان منفصلاً عنها بأن كانت النون آخر الكلمة وحرف الحلق أول الثانية أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين وجب الإظهار ويسمى إظهاراً حلقيّاً: وفيما يلي الأمثلة للنون من كلمة ومن كلمتين وللتنوين مع هذه الأحرف: فالهمزة: في كلمة {وَيَنْأَوْنَ} [الأنعام: 26] ولا ثاني لها في التنزيل ونحو {مَّنْ آمَنَ} [البقرة: 253] و {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} [النبأ: 16] . والهاء: نحو {يَنْهَوْنَ} [الأنعام: 26] {مَنْ هَاجَرَ} [الحشر: 9] {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] . والعين المهملة: نحو {أَنْعَمَ الله} [النساء: 69] ، {إِنْ عَلَيْكَ} [الشورى: 48] ، {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام: 83] . والحاء المهملة أيضاً: نحو: {وَتَنْحِتُونَ} [الشعراء: 149] {مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلك: 42] .

والغين المعجمة في كلمة {فَسَيُنْغِضُونَ} [الإسراء: 51] . ولا ثاني لها في التنزيل ونحو {مِّنْ غِلٍّ} [الحجر: 47] {إِنَّ الله لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج: 60] . والخاء المعجمة في كلمة {والمنخنقة} [المائدة: 3] . ولا ثاني لها في القرآن الكريم ونحو {مِنْ خَيْرٍ} [البقرة: 197] {إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] . ووجه إظهار النون الساكنة والتنوين عند هذه الأحرف بعد مخرجهما عن مخرجهن كل البعد إذ هن يخرجن من الحلق وهما من طرف اللسان ولم يحسن الإدغام لعدم وجود سببه. ولا الإخفاء لأنه قريب منه ولا القلب لأنه وسيلة إلى الإخفاء. ولهذا تعين الإظهار الذي هو الأصل. وسمي إظهاراً لظهور النون الساكنة والتنوين عند ملاقاتهما بحرف من هذه الأحرف. وسمي حلقيّاً لخروج حروفه من الحلق وسماه بعضهم التبيين. وقد أشار صاحب التحفة إلى أحكام النون الساكنة والتنوين الأربعة مبيناً منها الإظهار وحروفه بقوله: للنُّون إنْ تسكُنْ وللتنوين ... أرْبَعُ أحْكَامٍ فخذ تبيينِي فالأول الإظهارُ قبل أحْرُف ... للحلق سِتٌّ رُتِّبت فلتُعْرَفِ همزٌ فهاءٌ ثمَّ عينٌ حاءُ ... مُهملتَان ثمَّ غيْنٌ خَاءُ

الكلام على الحكم الثاني الإدغام وأقسامه ووجهه وضوابطه

الكلام على الحكم الثاني الإدغام وأقسامه ووجهه وضوابطه من معاني الإدغام في اللغة الإدخال: وفي الاصطلاح: التقاء حرف ساكن بحرف متحرك بحيث يصير الحرفان حرفاً واحداً مشدداً يرتفع اللسان بهما ارتفاعة واحدة وهو بوزن حرفين. وحروفه في هذا الباب ستة مجموعة في قول صاحب التحفة "يرملون" وهي الياء المثناة تحت والراء والميم واللام والواو والنون. فإذا وقع حرف من هذه الأحرف الستة بعد النون الساكنة بشرط أن تكون النون آخر الكلمة وأحد هذه الأحرف أول الثانية. أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين وجب إدغمها وتسمى النون الساكنة والتنوين مدغماً بفتح الغين ويسمى أحد حروف (يرملون) مدغماً فيه. وينقسم هذا الإدغام إلى قسمين: الأول: إدغام بغنة. الثاني: إدغام بغير غنة ولكل تفصيل نوضحه فيما يلي: الإدغام بغنة: يختص هذا الإدغام بأربعة أحرف من حروف "يرملون" مجموعة في قول الكثير من أئمتنا في لفظ "ينمو" وهي الياء المثناة تحت والنون والميم والواو فإذا وقع حرف من هذه الأحرف الأربعة بعد النون الساكنة بشرط انفصاله عنها كما تقدم أو بعد التنوين أو بعد نون التوكيد الخفيفة المتصلة بالفعل المضارع الشبيهة بالتنوين وجب الإدغام ويسمى إدغاماً بغنة وإليك أمثلة الجميع مع هذه الأحرف: فالياء: نحو {إِن يَقُولُونَ} [الكهف: 5] {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ} [النور: 25] .

والنون: نحو {إِن نَّقُولُ} . [هود: 54] {مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله} [البقرة: 246] . والميم: نحو {مِّن مَّآءٍ} [السجدة: 8] {فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: 59] . وبعد نون التوكيد الخفيفة في قوله تعالى: {وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين} [يوسف: 32] ولا ثاني لها في التنزيل بالنسبة للإدغام. والواو: نحو {مِنَ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ} [الرعد: 37] . وسمي إدغاماً لإدغام النون والتنوين في حروف (ينمو) بشرطه المذكور آنفاً وسمي بغنة لمصاحبة الغنة له سواء أكانت للمدغم أم للمدغم فيه وسيأتي توضيح المدغم والمدغم فيه قريباً. أما إذا اجتمعت النون الساكنة مع حرف من حروف ينمو في كلمة واحدة فيمتنع الإدغام ويجب الإظهار اتفاقاً ويسمى إظهاراً مطلقاً لأنه ليس من الإظهار الحلقي المتقدم ولا من الشفوي ولا من القمري الآتي ذكرهما بعد. ولم يجتمع مع النون الساكنة من حروف ينمو في كلمة واحدة إلا الياء والواو فالياء في كلمتي {الدنيا} [الحديد: 20] {بُنْيَاناً} [الكهف: 21] حيث جاءتا في التنزيل. والواو في كلمتي {قِنْوَانٌ} [الأنعام: 99] {صِنْوَانٌ} [الرعد: 4] . وإنما وجب الإظهار هنا لئلا يشتبه بالمضاعف وهو ما تكرر أحد أصوله كصوان ورمان فلو أدغمت النون في الياء أو في الواو لقيل الديا وصوان فيلتبس الأمر بين ما أصله النون فأدغمت نونه وبين ما أصله التضعيف فلذا أظهرت النون خوف الالتباس. قال الإمام ابن بري في الدرر:

وتُظْهَرُ النونُ لواو أوْيَا ... في نحو قِنْوان ونحو الدُّنْيا خِيفةَ أنْ تُشْبهِ في ادِّغامه ... ما أصلُهُ التَّضعيفُ لالتزَامِهِ اهـ الإدغام بغير غنة: ولهذا الإدغام الحرفان الباقيان من أحرف "يرملون" بعد إسقاط حروف ينمو المتقدمة وهما اللام والراء. فإذا وقع حرف منهما بعد النون الساكنة بشرط انفصاله عنها كما تقدم أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين كما هو معروف وجب إدغامهما ويسمى إدغاماً بغير غنة فتبدل النون الساكنة وكذلك التنوين لاماً عند اللام وراء الراء وتدغم اللام في اللام والراء في الراء إدغاماً تامّاً نحو {ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ} [البقرة: 12] {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] {كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ} [سبأ: 15] {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 7] . ويستثنى من ذلك لحفص عن عاصم إدغام النون في الراء من قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} [القيامة: 27] بسبب سكته عليها بلا تنفس وذلك لأن السكت يمنع الإدغام كما يمنع ملاقاة النون بالراء. ولولا السكت لأدغمت على القاعدة. ووجه الإدغام بغنه: التماثل بالنسبة للنون والتجانس في الجهر والاستفال والانفتاح بالنسبة للواو والياء. والتجانس في الغنة وفي سائر الصفات الخمس بالنسبة للميم هذا ما قاله بعضهم وفيه كلام سنأتي عليه في باب الإدغام إن شاء الله.

تنبيهات هامة بخصوص الإدغام

ووجه الإدغام بغير غنه: التقارب في المخرج على مذهب الجمهور والتجانس على مذهب الفراء وموافقيه إذ النون واللام والراء يخرجن من مخرج واحد على مذهبه كما تقدم. ووجه حذف الغنة هنا المبالغة في التخفيف لأن في بقائها بعض من الثقل وإنْ قرىء به في المتواتر كما سيأتي. تنبيهات هامة بخصوص الإدغام تنبيهات هامة: الأول: يستثنى من الإدغام بالغنة إدغام النون الساكنة في الواو في قوله تعالى: {يس والقرآن الحكيم} [يس: 1-2] . {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] عند من أظهر النون فيهما ومنهم حفص عاصم خلافاً للقاعدة السابقة ووفاقاً للرواية كما أنه استثنى من قاعدة اجتماع المدغم والمدغم فيه في كلمة واحدة النون مع الميم من هجاء "طَسَمَ" فاتحة الشعراء والقصص فأدغمها كل القراء إلا حمزة وأبا جعفر فأظهراها خلافاً للقاعدة ووفاقاً للرواية كذلك. الثاني: اتفق أهل الأداء على أن الغنة الظاهرة في حالة إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء غنة المدغم وهو النون الساكنة والتنوين. وفي حالة إدغامها في النون غنة المدغم فيه وهو النون من ينمو. واختلفوا في حالة إدغامهما في الميم فذهب بعضهم إلى أنها غنة المدغم وذهب آخرون إلى أنها غنة المدغم فيه وهو الميم لا غنة النون وهذا هو الصحيح المعول عليه وبه قال الجمهور وذلك لأن النون الساكنة والتنوين حالة إدغامهما في الميم انقلبا إلى لفظها وهذا واضح بأدنى تأمل عند النطق بنحو {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] {مَثَلاً مَّا} [البقرة: 26] والله أعلم.

الثالث: إدغام النون الساكنة والتنوين في حروف "يرملون" سواء أكان بغنة أم بدونها حسب التفصيل السابق نوعان: ناقص وكامل. فالناقص: هو إدغامها في الواو والياء وسمي بذلك لأنه غير مستكمل التشديد من أجل بقاء الغنة الموجودة في المدغم فهي بمنزلة حرف الإطباق الموجود مع الإدغام في نحو {بَسَطتَ} [المائدة: 28] كما سيأتي. والكامل: هو إدغامهما في اللام والراء وكذلك في النون والميم على الصحيح وجمعها علماء الضبط في حروف "نرمل" وسمي كاملاً لأنه مستكمل التشديد لانعدام المدغم ذاتاً وصفة. ففي إدغام نحو {مِّن رُّسُلِهِ} [البقرة: 285] . {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] زال أثر المدغم بإبداله راء عند الراء وميماً عند الميم كما هو واضح من النطق بخلاف نحو {إِن يَقُولُونَ} [الكهف: 5] {مِن وَالٍ} [الرعد: 11] فإن صفة المدغم لا تزال موجودة وهي الغنة. ومن ثم يؤخذ أن الغنة إذا كانت للمدغم فالإدغام ناقص وإذا كانت للمدغم فيه فالإدغام كامل وهذا مقتضى كلام الجعبري كما ذكر صاحب إتحاف البشر. وسيأتي بسط الكلام على الإدغام الكامل والناقص معاً في باب الإدغام وقد أشار صاحب التحفة إلى حكم الإدغام هنا وحروفه وشرطه وقسميه بقوله رضي الله عنه فيها: والثَّان إدغامٌ بستَّةٍ اتتْ ... في يرمَلُون عندهُمْ قد ثَبَتتْ لكنَّها قِسمان قِسْمٌ يُدغَما ... فيه بغُنَّةٍ بينْمُوا غُلِما إلا إذا كانَا بكلمَةٍ فلا ... تُدغمْ كدُنيا ثمَّ صِنوانٍ تَلا

الكلام على الحكم الثالث "القلب" وكيفية أدائه ووجهه وضوابطه

والثان إدغامٌ بغير غُنَّة ... في اللامِ والرَّا ثمَّ كرَّرَنِّهْ الكلام على الحكم الثالث "القلب" وكيفية أدائه ووجهه وضوابطه من معاني القلب في اللغة التحويل وفي الاصطلاح: جَعْلُ حرفٍ مكان آخر مع مراعاة الغنة والإخفاء في الحرف المقلوب. وله حرف واحد هو "الباء الموحدة" فإذا وقع بعد النون الساكنة سواء أكان معها في كلمة أم في كلمتين أم بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين كما هو مقرر أم بعد نون التوكيد الخفيفة المتصلة بالفعل المضارع الشبيهة بالتنوين. وجب قلب النون الساكنة والتنوين ونون التوكيد ميماً خالصة لفظاً لا خطّاً مخفاة مع إظهار الغنة وذلك نحو {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هؤلاء إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 31] {مِن بَعْدِهِمْ} [الشورى: 14] {والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} [التغابن: 4] ونون التوكيد في قوله تعالى: {لَنَسْفَعاً بالناصية} [العلق: 15] ولا ثاني لها في التنزيل بالنسبة للقلب وسمي بالقلب لقلب النون الساكنة والتنوين ونون التوكيد الخفيفة ميماً خالصة في اللفظ لا في الخط. هذا: ولا يتحقق القلب إلا بثلاثة أعمال مأخوذة من التعريف ومن الدليل الآتي بعد وهي كالآتي: الأول: قلب النون الساكنة أو التنوين أو نون التوكيد الخفيفة ميماً خالصة لفظاً لا خطّاً تعويضاً صحيحاً بحيث لا يبقى أثر بعد ذلك للنون الساكنة والمؤكدة والتنوين. الثاني: إخفاء هذه الميم عند الباء. الثالث: إظهار الغنة مع الإخفاء: والغنة هنا صفة الميم المقلوبة لا صفة النون والتنوين.

الكلام على الحكم الرابع "الإخفاء" ووجهه وضوابطه

هذا: ونلفت نظر القارىء الكريم إلى شيء هنا يجب أن يراعيه حال أداء القلب وهو أن يحترز عند التلفظ به من كلا الشفتين على الميم المقلوبة لئلا يتولد من كزهما غنة من الخيشوم ممططة فليسكن الميم بتلطف من غير ثقل ولا تعسف وكذلك الحكم بعينه في إخفاء الميم الساكنة قبل الباء نحو {فاحكم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الحق لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولكن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48] على القول بالإخفاء كما سيأتي. ووجه القلب: أنه لم يحسن الإظهار لأنه يستلزم الإتيان بالغنة في النون والتنوين ثم إطباق الشفتين من أجل النطق بالباء عقب الغنة وفي كل هذا عسر وكلفة. وكذلك لم يحسن الإدغام لبعد المخرج وفقد السبب الموجب له. ولما لم يحسن الإظهار ولا الإدغام تعين الإخفاء ثم توصل إليه بالقلب ميماً لمشاركتها للباء مخرجاً وللنون غنة: وقد أشار العلامة الجمزوري في تحفته إلى حكم القلب بقوله فيها: والثالِثُ الإقلاب عندَ الباءِ ... ميماً بغُنَّة معَ الإخفاءِ اهـ الكلام على الحكم الرابع "الإخفاء" ووجهه وضوابطه من معاني الإخفاء في اللغة "الستر" وفي الاصطلاح هو عبارة عن النطق بحرف ساكن عار من الشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول وهو هنا النون الساكنة والتنوين. والميم الساكنة في الإخفاء الشفوي. وحروفه هنا خمسة عشر حرفاً وهي الباقية من الحروف الهجائية بعد إسقاط الحروف المتقدمة للأحكام الثلاثة السابقة التي هي الإظهار والإدغام والقلب. وقد جمعها الجمزوري في تحفته في أوائل كلمات هذا البيت:

صفْ ذا ثَناً كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَما ... دُمْ طيِّباً زدْ تُقىً ضعْ ظَالما وهي الصاد المهملة والذال المعجمة والثاء المثلثة، والكاف والجيم والشين المعجمة، والقاف والسين والدال والطاء المهملات والزاي والفاء والتاء والمثناة فوق والضاد المعجمة والظاء المشالة. فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد النون الساكنة سواء أكان متصلاً بها في كلمتها أم منفصلاً عنها أو بعد التنوين ولا يكون إلا من كلمتين كما هو مقرر. وجب إخفاؤهما ويسمى إخفاء حقيقيّاً. فتسميته إخفاء لإخفاء النون الساكنة والتنوين عند هذه الحروف. وتسميته حقيقّاً لأنه متحقق في النون الساكنة والتنوين أكثر من غيرهما. وإليك الأمثلة للنون الساكنة من كلمة ومن كلمتين وللتنوين مع هذه الحروف: فالصاد المهملة: نحو {وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ} [البقرة: 86] {أَن صَدُّوكُمْ} [المائدة: 2] {رِيحاً صَرْصَراً} [القمر: 19] . والذال المعجمة: نحو {لِّيُنذِرَ} [الأحقاف: 12] {مِّن ذَكَرٍ} [آل عمران: 195] {سِرَاعاً ذَلِكَ} [ق: 44] . والثاء المثلثة: نحو {مَّنثُوراً} [الدهر: 19] {أَن ثَبَّتْنَاكَ} [الإسراء: 74] . {

أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً} [الواقعة: 7] . والكاف: نحو {أَنكَالاً} [المزمل: 12] {مِن كُلٍّ} [المؤمنون: 27] {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26] . والجيم: نحو {فَأَنجَيْنَاهُ} [الشعراء: 119] {مَن جَآءَ} [الأنعام: 160] {قَوْماً جَبَّارِينَ} [المائدة: 22] . والشين المعجمة: نحو {مَنْشُوراً} [الإسراء: 13] {فَمَن شَآءَ} [الدهر: 29] {والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [البروج: 29] . والقاف: نحو {يُنقَذُونَ} [يس: 43] {وَإِن قِيلَ} [النور: 28] {إِنَّ الله عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [النحل: 70] . والسين المهملة: نحو {مَا نَنسَخْ} [البقرة: 106] {مِّن سَيِّئَاتِكُمْ} [البقرة: 271] {وَرَجُلاً سَلَماً} [الزمر: 29] . والدال المهملة: نحو {وَعِندَهُ} [الأنعام: 59] {وَمَن دَخَلَهُ} [آل عمران: 97] {مُّسْتَقِيمٍ دِيناً} [الأنعام: 161] .

والطاء المهلمة: نحو {انطلقوا} [المرسلات: 29، 30] {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] {صَعِيداً طَيِّباً} [النساء: 43] . والزاي: نحو {أَنَزَلَ} [الرعد: 17] {مِّن زَوَالٍ} [إبراهيم: 44] {وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] . والفاء: نحو {يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] {إِن فِي صُدُورِهِمْ} [غافر: 56] {على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [البقرة: 184، 185] . والتاء المثناة فوق: نحو {مُّنتَهُونَ} [المائدة: 91] {إِن تَتُوبَآ} [التحريم: 4] {زَرْعاً تَأْكُلُ} [السجدة: 27] . والضاد المعجمة: نحو {مَّنْضُودٍ} [هود: 82] {مِّن ضُرٍّ} [المؤمنون: 75] {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا} [الفرقان: 39] . والظاء المشالة: نحو {فانظر} [النمل: 14] {إِن ظَنَّآ} [البقرة: 230] {ظِلاًّ ظَلِيلاً} [النساء: 57] . ووجه الإخفاء هنا: أن النون الساكنة والتنوين لم يبعدا عن حروف الإخفاء كبعدهما عن حروف الحلق حتى يجب الإظهار. ولم يقربا منهن كقربهما من حروف الإدغام حتى يجب الإدغام فلما عدم البعد الموجب للإظهار والقرب

تنبيهات هامة بخصوص الإخفاء من حيث الأداء والكيفية والمراتب والفرق بينه وبين الإدغام..الخ

الموجب للإدغام أعطيا معهن حكماً وسطاً بين الإظهار والإدغام هو الإخفاء. تنبيهات هامة بخصوص الإخفاء من حيث الأداء والكيفية والمراتب والفرق بينه وبين الإدغام..الخ الأول: النون الساكنة في حالة الإخفاء لا تخلو من أن يقع قبلها ضمة نحو {كُنْتُمْ} [البقرة: 23] أو كسرة نحو {مِّنكُمْ} [مريم: 71] أو فتحة نحو {عَنكُمْ} [الأنفال: 11] فليحذر القارىء من إشباع هذه الحركات حتى لا يتولد من الضمة واو ومن الكسرة ياء ومن الفتحة ألف فيصير اللفظ (كونتم ومينكم وعانكم) وكثيراً ما يقع هذا من بعض القراء المتعسفين وهو خطأ قبيح وتحريف صريح وزيادة في كلام الله تعالى. الثاني: من الخطإ في الإخفاء أيضاً إلصاق اللسان في الثنايا العليا عند إخفاء النون الساكنة والتنوين إذ ينشأ عن ذلك. النطق بالنون ساكنة مُظهرة مصحوبة بغنة. فيخرج القارىء بذلك عن الإخفاء المقصود وما سمي الإخفاء إخفاء إلا لإخفاء النون الساكنة والتنوين عند الحروف الخاصة به. وكيفيته كما صرح به غير واحد من أئمتنا كالحافظ القسطلاني أن يكون هنالك تجاف بين اللسان والثنايا العليا أو بعبارة أخرى أن يجعل القارىء لسانه بعيداً عن مخرج النون قليلاً فيقع الإخفاء الصحيح المقصود ويتأكد ذلك عند الطاء والدال المهملتان والتاء المثناة فوق وكذلك الضاد المعجمة. الثالث: مما يجب معرفته أن الفرق بين الإدغام والإخفاء هو أن الإدغام يصحبه التشديد وأن الإخفاء غير مصحوب به ويكون عند الحروف لا فيها بخلاف الإدغام فهو في الحروف لا عندها يقال أخفيت النون عند الكاف لا فيها وأدغمتها في الراء لا عندها. الرابع: إخفاء النون الساكنة والتنوين عند الحروف الخمسة عشر ليس في مرتبة واحدة بل متفاوت في القوة وذلك على قدر قرب حروف الإخفاء من النون

والتنوين وبعدهن عنهما في المخرج فكلما قربا من حروف الإخفاء كان إخفاؤهما عند هذا الحرف أزيد مما بعد عنه. وبذلك يكون الإخفاء على ثلاث مراتب: أقواها: عند الطاء والدال المهملتين والتاء المثناة فوق أي أن الإخفاء عند هذه الحروف يكون قريباً من الإدغام وذلك لقربهن من النون والتنوين في المخرج. وأدناها عند القاف والكاف أي أن الإخفاء عند هذين الحرفين يكون قريباً من الإظهار وذلك لبعدهما عن النون والتنوين في المخرج. وأوسطها عند الحروف العشرة الباقية أي أن الإخفاء عند هذه الحروف يكون متوسطاً فليس قريباً من الإدغام كما في المرتبة الأولى ولا من الإظهار كما في المرتبة الثانية وذلك لتوسطها في القرب والبعد من النون والتنوين في المخرج. وأما الغنة في الإخفاء في جميع أحواله السابقة فلا تفاوت فيها على التحقيق فهي لا تزيد ولا تنقص عن مقدار حركتين كالمد الطبيعي كما سيوقف على ذلك قريباً. الخامس: كل ما جاء في هذا الباب من الأحكام الأربعة إن كان في كلمة فالحكم فيه عام في الوصل والوقف وإن كان في كلمتين فالحكم فيه خاص بالوصل فقط هذا بالنسبة للنون، أما بالنسبة للتنوين فالحكم فيه خاص بالوصل لا غير لأنه لا يكون إلا من كلمتين كما هو مقرر. فتأمل. وقد أشار صاحب التحفة إلى حكم الإخفاء هنا وحروفه الخمسة عشر بقوله رحمه الله: والرابعُ الإخفاءُ عند الفاضل ... من الحروفِ واجبٌ للفاضلِ في خمسة من بعد عشْر رمزُها ... في كلم هذا البيت قد ضمَّنتُها صِفْ ذا ثناً كم جاد شخصٌ قد سما ... دُمْ طيِّباً زدْ في تقىً ضعْ ظالما اهـ كما أشار الحافظ الجزري إلى الأحكام الأربعة كلها في المقدمة الجزرية

بقوله رضي الله عنه: فعندَ حرْفِ الحلْق أظهرْ وادَّغمْ ... في اللام والرا لا بغُنَّة لَزمْ وأدغِمَن بغْنِّة في يُومِنُ ... إلا بكلمةٍ كدُنيا عَنْوَنُوا والقلبُ عند البا بغُنَّةٍ كذا ... لاخفَا لَدَى باقي الحروف أُخِذَا اهـ والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم.

الباب السادس / في الغنة وأحكامها وأقوال العلماء في ذلك

الباب السادس / في الغنة وأحكامها وأقوال العلماء في ذلك تعريف الغنة ينحصر الكلام في الغنة في سبع مسائل وخاتمة وإليك بيانها: المسألة الأولى: تعريف الغنة. اختلف العلماء - رضوان الله عليهم - في تعريف الغنة في اللغة والاصطلاح على أقوال عدة ذكرنا جانباً منها في باب الصفات. ونذكر جانباً آخر هنا فنقول: الغنة في اللغة: صوت يخرج من الخيشوم لا عمل للسان فيه. وفي الاصطلاح: صوت أغن مركب في جسم النون ولو تنويناً والميم مطلقاً - أي إن صوت الغنة صفة لازمة للنون والميم سواء كانتا متحركتين أو ساكنتين مظهرتين أو مدغمتين أو مخفاتين على ما سيأتي بيانه: محلها المسألة الثانية: في محل الغنة: أما محلها ففي النون والميم لا في غيرهما من الحروف. والنون أغن من الميم ويلحق بالنون التنوين. مخرجها المسألة الثالثة: في مخرج الغنة أما مخرجها فمن الخيشوم كما تقدم في المخارج وهو خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم. وقيل هو أقصى الأنف - أي إن صوت الغنة بجميع أحواله يخرج من الخيشوم ودليل ذلك أنه أمسك الأنف لانحبس خروجه مطلقاً حتى في حال ضعفه عند تحريك النون والميم مخففتين أو سكونهما مظهرتين كما يشهد بذلك النطق. مراتبها المسألة الرابعة: في مراتب الغنة وأقوال العلماء فيها اتفاقاً واختلافاً أما مراتبها: ففيها خلاف بين العلماء. فقال فريق منهم: إنها ثلاث مراتب: أولها: المشدد فالمدغم بالغنة الناقص فالمخفي. ولم ينظر هذا الفريق إلى الغنة التي في الساكن المظهر ولا في المتحرك المخفف. وهذا هو ظاهر كلام الإمام الشاطبي رضي الله عنه في الشاطبية. وقال جمهور العلماء إنها خمس مراتب: الثلاثة المتقدمة. ورابعها الساكن المظهر. وخامسها المتحرك المخفف. وهذا هو المعول عليه والخلاف بين الفريقين لفظي. فمن قال بسقوط الغنة في المرتبتين الأخيرتين أي في الساكن

المظهر والمتحرك المخفف فقد أراد سقوط كمالها وهذا لا ينافي أن أصلها موجود عنده. ومن قال ببقائها فيهما فقد أراد بقاء اصلها فقط لا بقاء كمالها. ونظر إلى كون الغنة صفة لازمة للنون ولو تنويناً والميم مطلقاً كما مر توضيحه. وإليك توضيح المراتب الخمس وتحديد أماكن كل مرتبة: المرتبة الأولى: المشدد ويشمل ما كان في كلمة وما كان في كلمتين فالذي في كلمة هو النون والميم المشددتان مطلقاً نحو {إِنَّ المسلمين} [الأحزاب: 35] {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ} [الأحقاف: 15] {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ} [الحجرات: 17] {هَمَّتْ بِهِ} [يوسف: 24] {مِّنَ اليم} [طه: 78] {وَعِندَهُ أُمُّ الكتاب} [الرعد: 39] . والذي في كلمتين يشمل أربعة أنواع وكلها في الإدغام التام: الأول: الإدغام التام المصحوب بالغنة وهو إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم نحو {إِن نَّشَأْ} [الشعراء: 4] {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] . الثاني: إدغام الميم الساكنة في مثلها نحو {كَم مِّن فِئَةٍ} [البقرة: 249] . الثالث: إدغام المتجانسين الصغير المصحوب بالغنة وهو إدغام الباء الساكنة في الميم في قوله تعالى: {يابني اركب مَّعَنَا} [هود: 42] عند من أدغم ومنهم حفص عاصم من الشاطبية اتفاقاً ونحو {يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} [آل عمران، الآية 129] . عند من أدغم. الرابع: إدغام اللام الشمسية في النون اتفاقاً نحو {إِلَى

النور} [البقرة: 257] {عَنِ النعيم} [التكاثر: 8] ويسمى كل من النون والميم فيما ذكر حرف غنة مشدداً. ويجب إظهار غنته كما يجب الاحتراز من المد عند الإتيان بالغنة في مثل {إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الكوثر} [الكوثر: 1] {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} [الأنفال: 57] وكثيراً ما يتساهل في ذلك من يبالغ في إظهار الغنة فيتولد منها ياء فيصير اللفظ إينّا فإيمّا وهو من الخطأ القبيح والتحريف الصريح. وقد أشار صاحب التحفة إلى هذه المرتبة وحكمها بقوله فيها: وعُنَّ ميماً ثمَّ نوناً شُدِّدا ... وسمِّ كُلاًّ حرفَ غُنَّة بَدَا كما أشار إليها الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: وأظْهر الغُنَّة من نُون ومِنْ ... ميمٍ إذا ما شُدِّدا ... ... ... المرتبة الثانية: المدغم والمراد به هنا الإدغام بالغنة الناقص وهو إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء وقد تقدم. المرتبة الثالثة: المخفى ويشمل أنواعاً ثلاثة: الأول: إخفاء النون الساكنة والتنوين عند حروف الإخفاء الخمسة عشر عند الجمهور وقد تقدم ذلك. الثاني: إخفاء الميم قبل الباء نحو {فاحكم بَيْنَهُم} [المائدة: 48] .

مقدارها

الثالث: إخفاء الميم المقلوبة من النون الساكنة والتنوين عند ملاقاتهما بالباء مثل {يُنبِتُ} [النحل: 11] {عَلِيمٌ بِذَاتِ} [هود: 5] لأن بعد القلب إخفاء للميم المقلوبة ولهذا شمل المخفي القلب. المرتبة الرابعة: الساكن المظهر ويشمل إظهار النون الساكنة والتنوين عند حروف الحلق. وكذلك الميم الساكنة حال إظهارها إذا لم يأت بعدها باء أو ميم وقد سبقت الإشارة إلى ذلك. المرتبة الخامسة: المتحرك المخفف ويشمل النون والميم الخفيفتين المتحركتين بأي حركة كانت. وكذلك التنوين المتحركة نحو {يُنَادَوْنَ} [غافر: 10] و {نُودِيَ} [القصص: 30] {مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجَ} [البقرة: 22] {يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ} [الكهف: 99] {مَحْظُوراً انظر} [الإسراء: 20-21] {مُّنِيبٍ ادخلوها} [ق: 33-34] وما إلى ذلك. مقدارها المسألة الخامسة: في مقدار الغنة. أما مقدارها فهو حركتان كالمد الطبيعي أي غنة كاملة من غير تفاوت

كيفية أدائها

في المراتب الثلاث الأولى التي هي المشدد والمدغم بالغنة الناقص والمخفى أما مقدارها في المرتبتين الأخيرتين اللتين هما الساكن المظهر والمتحرك المخفف فالثابت فيهما من الغنة أصلها فقط الذي لا بد منه كما مر. *تنبيه: يستثنى من وجود أصل الغنة في الساكن المدغم إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء من غير غنة لأن في هذه الحالة لا يوجد أصل للغنة بسبب تمام الإدغام إذ أن النون والتنوين يبدلان حينئذ لاماً عند اللام وراء عند الراء وتدغم اللام في اللام والراء في الراء وبذلك قد انعدم كل من النون والتنوين ذاتاً وصفة بخلاف تمام الإدغام في إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم فإن انعدام النون والتنوين ذاتاً وصفة حينئذ لا يؤثر في حذف الغنة لأن غنة المدغم فيه وهو النون والميم لا تزال باقية كما تقدم من أن الغنة صفة لازمة للنون والميم مطلقاً بخلاف المدغم فيه في النوع الأول فإنه لام وراء والغنة ليست من صفاتهما. كيفية أدائها المسألة السادسة: في كيفية أداء الغنة وما يراعى في ذلك: أما كيفية أدائها فإنها تؤدى غنة سلسة في نطقها وإخراجها من غير تمطيط ولا لوك ومن غير زيادة ولا نقص عن مقدارها المحدد لها والذي أشرنا إله آنفاً. ومن تمام كيفية أدائها اتباعها لما بعدها من الحروف تفخيماً وترقيقاً على العكس من ألف المد التي تتبع ما قبلها في ذلك كما تقدم. وبالاستقراء والتتبع وجدنا أن تفخيم الغنة يكون في المرتبة الثالثة وهي مرتبة المخفي وفي نوع الإخفاء الحقيقي منه وعند خمسة أحرف وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والقاف عند كل القراء: فالصاد نحو {وَلَمَن صَبَرَ} [الشورى: 43] . {رِيحاً صَرْصَراً} [القمر: 19] والضاد نحو {

لَمَنْ ضَرُّهُ} [الحج: 13] {وَكُلاًّ ضَرَبْنَا} [الفرقان: 39] . والطاء نحو {وَإِن طَآئِفَتَانِ} [الحجرات: 9] {صَعِيداً طَيِّباً} [المائدة: 6] . والظاء نحو {إِن ظَنَّآ} [البقرة: 230] {ظِلاًّ ظَلِيلاً} [النساء: 57] . والقاف نحو {مِن قَبْلِهِمْ} [التوبة: 70] {عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [النحل: 70] ويزاد على هذه الأحرف الخمسة حرفان هما الغين والخاء المعجمتان في قراءة الإمام أبي جعفر المدني في نحو {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] {اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إلاه غَيْرُهُ} [الأعراف: 65] {مِّنْ خَيْرٍ} [البقرة: 105] {إِنَّ الله عَلَيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] . ويلاحظ أن التفخيم في الغنة كما ذكرنا خاضع لمراتب التفخيم السابقة بحسب حركة الحرف الواقع بعد الغنة كما يلاحظ مرتبة الكسر في ذلك وخاصة حرف الاستعلاء في نحو {وَإِن قِيلَ} [النور: 28] عند الجميع ونحو {مِّنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] {مِن قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] عند أبي جعفر فإن الغنة هنا تفخم تفخيماً نسبياً خلافاً لصاحب السلسبيل الشافي حيث قال بترقيقها وقد تقدم أن حرف الاستعلاء المكسور لا يرقق بحال بل يفخم تفخيماً نسبيّاً وهو الذي ارتضاه العلامة المتولي وقال به إلى آخر ما ذكرنا هناك.

القول في تثبيت حروف الغنة في مخرجها أو نقلها إلى مخرج غيرها

وقد أشار صاحب لآلىء البيان إلى كيفية أداء الغنة مع حكم ألف المد بقوله: ... ... وتتبع ما قبلها الألِفْ ... والعكس في الغنِّ أُلِفْ كما أشار صاحب السلسبيل الشافي إلى أداء الغنة بقوله: وفخِّم الغُنَّة إن تلاها ... حروفُ الاستعلاءِ لا سواها القول في تثبيت حروف الغنة في مخرجها أو نقلها إلى مخرج غيرها المسألة السابعة: في القول في تثبيت حروف الغنة في مخرجها أو نقلها إلى مخرج غيرها: سبق أن ذكرنا في آخر مخارج الحروف بعض ما قاله أئمتنا فيما يخرج من الخيشوم. وما قالوا يخرج من الخيشوم النون والميم الساكنتان حال الإخفاء أو الإدغام بالغنة. وزاد بعضهم على ذلك النون والميم المشددتين. وقالوا إن مخرج كل من النون والميم في هذه الأحوال يتحول من مخرجه الأصلي الذي هو طرف اللسان بالنسبة للنون وبين الشفتين بالنسبة للميم إلى الخيشوم على الصحيح وخص بعضهم النون المخفاة بالتحول من طرف اللسان إلى الخيشوم دون الميم. وأما خروج النون من طرف اللسان والميم من بين الشفتين ففي حالة إسكانهما مع الإظهار أو تحريكهما. هذا مضمون قولهم في هذا المقام في كثير من المراجع التي بيدي. ونقول: إن الحق الذي يجب أن يُتبع في هذه المسألة ويشهد له النطق الصحيح هو أن مخرج كل من النون والميم المشددتين وكذلك النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما في النون وكذلك الميم الساكنة المدغمة في مثلها أو المخفاة لدى الباء سواء كانت أصلية أو مقلوبة من النون الساكنة والتنوين لا يتحول إلى الخيشوم بل يظل ثابتاً في مخرجه الأصلي الذي هو طرف اللسان بالنسبة للنون والتنوين وبين الشفتين بالنسبة للميم. ومن قال بخلاف ذلك فقد نازع في شيء محسوس قد حدده النطق. وأما النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما بالغنة في حروف (ينمو) غير النون كما تقدم فينتقل مخرجهما من طرف اللسان إلى مخرج المدغم فيه نفسه وليس إلى الخيشوم ويؤيد ذلك ما هو مقرر في أن الإدغام في غير المثلين بشرطه يستلزم إبدال المدغم من جنس المدغم فيه وخروج الأول من مخرج الثاني وتصييره حرفاً واحداً مشدداً كما تقدم في تعريف الإدغام. فإذا أدغمنا النون الساكنة والتنوين في الميم نجد أن مخرجهما قد تحول من طرف اللسان إلى مخرج المدغم فيه وهو الميم وإذا أدغمناهما في الواو والياء نجد أن مخرجهما قد تحول من طرف اللسان أيضاً إلى مخرج المدغم فيه (الواو والياء) وهنا نجد أن النون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما في الميم والواو كان مخرجهما من الشفتين. وفي حال إدغامهما في الياء كان مخرجهما من وسط اللسان وهذا واضح من النطق بأدنى تأمل. وأما في حالة إخفائهما الأصلي فلا ينتقلان إلى الخيشوم ولا يستقران في طرف اللسان الذي هو مخرجهما الأصلي بل ينطق بهما قريبين من مخرج الحرف الذي يخفيان عنده من غير أن يبدلا من جنسه كما في الإدغام لأن الإبدال حينئذ يأتي بالتشديد. والإخفاء لا تشديد معه وهذا هو مقتضى عبارة تعريف الإخفاء السابقة التي تقول الإخفاء هو عبارة عن النطق بحرف ساكن خال من التشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول. والمراد به هنا النون الساكنة والتنوين. فوجود الغنة في الحرف الأول مع النطق به ساكناً غير مشدد بين صفتي الإظهار والإدغام يتطلب نقل النون الساكنة والتنوين من طرف

اللسان إلى قرب مخرج الحرف الذي يخفيان عنده كما قدمنا: ويشهد بذلك النطق السليم في أداء الإخفاء على ما بيناه آنفاً: فمثلاً إذا أخفينا النون الساكنة عند القاف في نحو {يُنقَذُونَ} [يس: 43] نجد أنها لم تستقر في طرف اللسان ولم تتحول إلى الخيشوم ولكنها قريبة من مخرج القاف الذي هو من أقصى اللسان. وكذلك إذا أخفيناها عند الشين المعجمة في نحو {مَنْشُوراً} [الإسراء: 13] وعند الفاء في نحو {لاَ يَنفَعُ} [الشعراء: 88] وجدناها لم تستقر في مخرجها ولم تتحول إلى الخيشوم ولكنها قريبة من مخرج

الشين الذي هو من وسط اللسان وقريبة من مخرج الفاء الذي هو من باطن الشفة السلفى. وكذلك إذا أخفيناها عند الصاد في نحو {وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48] أوعند الذال المعجمة في نحو {مِّن ذَكَرٍ} [آل عمران: 195] أو عند التاء المثناة فوق في نحو {إِن تَتُوبَآ} [التحريم: 4] أو عند الغين المعجمة في نحو {مِّنْ غِلٍّ} [الحجر: 47] في قراءة الإمام أبي جعفر إلى آخر حروف الإخفاء وجدناها غير مستقرة طرف اللسان وغير محولة إلى الخيشوم ولكنها قريبة من مخرج الحروف المخفاة عندها وهذا واضح من النطق أيضاً. ومثل النونِ التنوينُ في كل ما ذكر. ومن ثمَّ يتضح لنا جليّاً أنه لا يخرج من الخيشوم إلا صوت الغنة فقط دون حروفها في كل ما تقدم سواء كانت الغنة للإخفاء أو للإدغام وهذا هو ظاهر كلام الحافظ ابن الجزري في الطيبة والمقدمة الجزرية حيث يقول فيهما: "وغنة مخرجها الخيشوم" وومن صرح من المتقدمين زمناً على الحافظ ابن الجزري بخروج صوت الغنة من الخيشوم فقط دون حروفها الإمام أبو الحسن بن بري حيث يقول في الدرر اللوامع: والغُنَّة الصوت الذي في الميمِ ... والنُّون يخرُجُ من الخيْشُومِ اهـ ويؤيد ذلك أيضاً قولهم في تعريف الغنة السابق إنها صوت يخرج من الخيشوم لا عمل للسان فيه ويؤخذ من هذا القول أمران: الأول: أن الذي يخرج من الخيشوم هو صوت الغنة فقط لا حروفها. الثاني: أن الغنة ليست حرفاً كما في إطلاق بعضهم أو تخصيصه لأن الحروف يعمل فيها اللسان لإخراجها والغنة ليست كذلك بل هي صفة تابعة لموصوفها اللساني أو الشفوي أي النون والميم: الأمر الذي أوجب إلحاقها

بالصفات اللازمة المشهورة التي لا ضد لها كما تقدم فهي لا تقل أهمية عن القلقلة وقد عدها من الصفات جمع من العلماء كالإمام ابن بري وغيره ولا يعكر علينا ذكرها مع المخارج فلكل وِجْهةٌ. فمن ذكرها في المخارج نظر إلى أن لها مخرجاً وهو الخيشوم فذكرها معه وعدها من الحروف تغليباً للحروف عليها. ومن ذكرها في الصفات نظر إلى أنها صفة اختصت بمخرج دون سائر الصفات فعدها منها تبعاً لها. ولأهمية هذا الباب نلخص ما جاء فيه ليكون أقرب للحصر والفهم فنقول وبالله التوفيق:

الخاتمة في ملخص الباب

الخاتمة في ملخص الباب الخاتمة نسأل الله تعالى حسنها في ملخص باب الغنة أولاً: لا يخرج من الخيشوم إلا صوت الغنة دون حروفها. ثانياً: محل هذا الصوت النون ولو تنويناً والميم مطلقاً. ثالثاً: مراتب الغنة خمس. المشدد فالمدغم بالغنة الناقص فالمخفي فالساكن المظهر فالمتحرك المخفف، وقيل إنها ثلاث بحذف الساكن المظهر والمتحرك المخفف، والأول هو الأشهر والمعول عليه والخلاف بين الفريقين لفظي كما مر. رابعاً: مقدار الغنة: حركتان أي غنة كاملة في المراتب الثلاث الأولى وأما في المرتبتين الأخيرتين فالثابت فيهما من الغنة أصلها فقط الذي لابد منه. خامساً: لا يوجد أصل للغنة في حال إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء بغير غنة وكذلك في الواو والياء في رواية خلف عن حمزة. سادساً: مخرج كل من النون والميم المشددتين والنون الساكنة والتنوين في حال إدغامهما في النون وكذلك الميم الساكنة المدغمة في مثلها أو المخفاة لدى الباء حتى في حالة القلب لا يتحول إلى الخيشوم بل هو ثابت في مخرجه الأصلي وهو طرف اللسان بالنسبة للنون والتنوين وبين الشفتين بالنسبة للميم. سابعاً: في حالة إدغام النون الساكنة والتنوين في الميم وكذلك في الواو والياء يتحول مخرجهما من طرف اللسان إلى مخرج كل من الميم والواو والياء وليس إلى الخيشوم. ثامناً: في حالة إخفاء النون الساكنة والتنوين يتحول مخرجهما من طرف اللسان إلى قرب مخرج الحرف الذي يخفيان عنده وليس إلى الخيشوم. تاسعاً: الحق أن الغنة صفة تابعة لموصوفها اللساني أو الشفوي وليست حرفاً.

عاشراً: كيفية أداء الغنة أنها تتبع ما بعدها من الحروف تفخيماً وترقيقاً وتخضع في ذلك لمراتب التفخيم الخمس بالتفصيل المتقدم وتفخم تفخيماً نسبيّاً فما إذا كان حرف الاستعلاء بعدها مكسوراً على الأصح بل هو الصواب. وإلى هنا انتهى كلامنا في توضيح هذا المقام فاحرص عليه وتأمله جيداً فقد لا تجده مجموعاً في غيره. وبالله الهداية والتوفيق إلى أقوم طريق.

الباب السابع / في أحكام الميم الساكنة

الباب السابع / في أحكام الميم الساكنة تعريف الميم الساكنة وإخراج محترزات القيود وأقسامها الميم الساكنة هي التي سكونها ثابت في الوصل والوقف نحو {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] . فقولنا: الميم الساكنة خرج به الميم المتحركة مطلقاً نحو {مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] وكذلك الميم المشددة نحو {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي} [المؤمنون: 13] {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] وقد تقدم الكلام عليها قريباً. وقولنا: "التي سكونها ثابت" خرج به ما كان ثابتاً وزال للتخلص من التقاء الساكنين نحو {قُمِ الليل} [المزمل: 2] {أَمِ ارتابوا} [النور: 50] . وقولنا "في الوصل والوقف" خرج به السكون العارض كسكون الميم المتطرفة في الوقف كما لو وقف على نحو {حَكِيمٌ عَليمٌ} [الأنعام: 128] . هذا وتقع الميم الساكنة المقصودة في هذا الباب متوسطة ومتطرفة وتكون في الاسم نحو {لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة} وفي الفعل نحو {قُمْتُمْ} [المائدة: 6]

و {وَيَمْكُرُونَ} [الأنفال: 30] {قُمْ فَأَنذِرْ} [المدثر: 2] وفي الحرف نحو {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} [النجم: 36] . وتكون للجمع نحو {وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25] {وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 134، 141] .

ولغير الجمع كما مثلنا سابقاً. ويصح وقوعها ساكنة قبل الحروف الهجائية عموماً إلا الألف اللينة - ألف المد - فلا يتأتى سكون الميم قبلها بحال لأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحاً دائماً كما هو مقرر في محله. وهذا ما أشار إليه العلامة الجمزوري في تحفته بقوله فيها: والميمُ إنْ تَسْكُنْ تجي قَبْلَ الهِجَا ... لا ألِفَ ليِّنَةٍ لِذِي الحِجَا اهـ وللميم الساكنة في الحالين على ما ذكرنا أحكام ثلاثة وهي: الإخفاء

الشفوي، والإدغام الصغير، والإظهار الشفوي وقد تقدم معنى كل في اللغة والاصطلاح. وقد أشار إليها العلامة الجمزوري في تحفته بقوله فيها: أحكامُها ثلاثة لمَنْ ضَبْطْ ... إخفاءُ ادْغامٌ وإظهارٌ فقط أهـ ولكل من الأحكام الثلاثة هذه كلام خاص نوضحه فيمايلي:

الكلام على الحكم الأول: الإخفاء الشفوي وأقوال أهل العلم فيه

الكلام على الحكم الأول: الإخفاء الشفوي وأقوال أهل العلم فيه الإخفاء الشفوي له حرف واحد وهو الباء فإذا وقع بعد الميم الساكنة ولا يكون ذلك إلا من كلمتين جاز إخفاؤها عنده مع الغنة ويسمى إخفاء شفويّاً نحو {أَم بِظَاهِرٍ} [الرعد: 33] {فاحكم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ الله} [المائدة: 48] {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ} [غافر: 16] . والإخفاء مع الغنة هو المختار وعليه أهل الأداء بمصر والشام والأندلس وغيرها واختاره أكثر المحققين كالحافظ أبي عمرو الداني وابن الجزري وابن مجاهد وغيرهم.

وقد أشار صاحب التحفة إلى الإخفاء الشفوي مقتصراً عليه بقوله فيها: فالأولُ الإخفاءُ عند الباءِ ... وسمِّهِ الشَّفويَّ للقُرَّاءِ اهـ كما أشار إليه أيضاً الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية مختاراً له بقوله فيها: ... ... ... ... ... ... ... ... وأخْفَيَن الميمَ إنْ تسكُنْ بغُنَّة لدَى ... باءٍ على المُخْتار مِنْ أهْلِ الأدَا اهـ وسمي إخفاء لإخفاء الميم الساكنة لدى الباء: وشفويّاً لخروج الميم والباء من الشفتين: ووجهه التجانس في المخرج وفي أكثر الصفات.

الكلام على الحكم الثاني: الإدغام الصغير ووجهه وضابطه

الكلام على الحكم الثاني: الإدغام الصغير ووجهه وضابطه الإدغام الصغير له حرف واحد وهو "الميم" فإذا وقع بعد الميم الساكنة سواء كان معها في كلمة أم كان في كلمتين وجب إدغام الميم الساكنة في الميم المتحركة ويسمى إدغام مثلين صغيراً مع الغنة. فالذي من كلمة نحو {الم} [البقرة: 1] {المص} [الأعراف: 1] {المر تِلْكَ آيَاتُ الكتاب والذي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الحق ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ} [الرعد: 1] . والذي من كلمتين نحو {كَم مِّن فِئَةٍ} [البقرة: 249] {وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 134، 141] {أَم مَّنْ خَلَقْنَآ} [الصافات: 11] ومنه إدغام النون الساكنة والتنوين في الميم نحو {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] {كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام: 59] وذلك لقلب المدغم من جنس المدغم فيه وكذلك يطلق علىكل ميم مشددة قال في النشر: "ويطلق ذلك في كل ميم مشددة نحو {دَمَّرَ} [القتال: 10] و {يُعَمَّرُ} [فاطر: 11] و {حَمَّالَةَ} [المسد: 4] و {هَمَّ} [يوسف: 24] {أَم مَّنْ أَسَّسَ} [التوبة: 109] أهـ.

وبهذا: قد انتفى ما قاله بعض المحدثين من أن الإدغام الصغير هنا لا يكون إلا في كلمتين فقد اتضح مما تقدم أنه يكون في كلمة أيضاً. وسمي إدغاماً لإدغام الميم الساكنة في المتحركة. وسمي بالمثلين لكون المدغم والمدغم فيه مؤلفان من حرفين اتحدا مخرجاً وصفة أو اتحدا اسماً ورسماً كما سيأتي. وسمي صغيراً لكون الأول من المثلين ساكناً والثاني متحركاً أو لقلة عمل المدغم وقيل غير ذلك. وسمي بالغنة لكون الغنة مصاحبة له وهي هنا غنة المدغم بالإجماع. ووجهه التماثل. وقد أشار صاحب التحفة إلى حكم الإدغام الصغير بقوله فيها: والثَّان إدْغام بمثْلِهَا أتى ... وسَمِّ إدْغَاماً صَغيراً يَا فتى وكذلك ينطوي دليل هذا الإدغام أيضاً تحت قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية الآتي بعد: وأوَّلىْ مِثْلٍ وجنْس إن سَكَنْ ... أَدْغِم ... ... ... إلخ وهو هنا من باب إدغام المثلين.

الكلام على الحكم الثالث: الإظهار الشفوي ووجهه وضابطه

الكلام على الحكم الثالث: الإظهار الشفوي ووجهه وضابطه وحروف الإظهار الشفوي ستة وعشرون حرفاً وهي الباقية من الحروف الهجائية بعد إسقاط حرف الباء الذي تقدم ذكره في الإخفاء الشفوي وحرف الميم الذي تقدم ذكره في الإدغام الصغير. فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد الميم الساكنة سواء كان معها في كلمة واحدة أو في كلمتين وجب إظهارها ويسمى إظهاراً شفويّاً. فالذي من كلمة نحو {الحمد للَّهِ} [الفاتحة: 1] {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] {وَيُمْسِكُ السمآء} [الحج: 65] {قُمْتُمْ إِلَى الصلاة} [المائدة: 6] {الر} [يونس: 1] والميم الثانية من نحو {المر} [الرعد: 1] {المص} [الأعراف: 1] . والذي من كلمتين نحو {ذلكم أزكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} [البقرة: 232] {أَمْ زَاغَتْ} [ص: 63] {أَلَمْ يَرَوْاْ} [النحل: 79] وما إلى ذلك. وسمي إظهاراً لإظهار الميم الساكنة عند ملاقاتها بحرف من حروف الإظهار

الستة والعشرين. وسمي شفويّاً لخروج الميم الساكنة المظهرة من الشفتين. ووجهه التباعد أي بعد مخرج الميم عن أكثر مخارج حروف الإظهار. ثم إن إظهار الميم الساكنة يكون عند الفاء والواو آكد خوفاً من أن يسبق اللسان إلى إخفائها عند هذين الحرفين لقربها من الفاء من المخرج واتحادها مع الواو فيه وذلك كقوله تعالى: {الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: 15] وإظهار هذه الميم في هذه الحالة يسمى إظهاراً شفويّاً أشد إظهار. وقد أشار العلامة الجمزوري إلى الإظهار الشفوي مع التحذير من إخفاء الميم لدى الواو والفاء في تحفته بقوله فيها: والثَّالثُ الإظْهارُ في البَقِيَّهْ ... من أحْرُف وسَمِّها شَفَويَّهْ واحْذَرْ لدى واو وفَا أنْ تَخْتفي ... لقُرْبها والاتِّحادِ فاعْرفِ اهـ كما أشار إليه أيضاً الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله فيها: وأظْهرْنهَا عنْدَ باقِي الأحْرُفِ ... واحْذَرْ لدى وواو وفَا أنْ تَخْتَفي اهـ والله تعالى أعلى وأعلم.

الباب الثامن / في اللامات الساكنة وأحكامها

الباب الثامن / في اللامات الساكنة وأحكامها التمهيد للدخول إلى الباب اللامات الساكنة في القرآن الكريم على خمسة أقسام: الأول: لام التعريف "لام أل". الثاني: لام الفعل. الثالث: لام الأمر. الرابع: لام الاسم. الخامس: لام الحرف. ولكل قسم فصل خاص نذكره فيما يلي:

الفصل الأول / في لام التعريف وأحكامها

الفصل الأول / في لام التعريف وأحكامها وهي المعروفة في علم التجويد (بلام أل) وكلامنا فيها هنا على ناحيتين: الأولى: تعريفها. والثانية: حالتها بالنسبة لما يقع بعدها من الحروف الهجائية. أما تعريفها: فهي لام ساكنة زائدة عن بنية الكلمة مسبوقة بهمزة وصل مفتوحة عند البدء وبعدها اسم سواء صح تجريدها عن هذا الاسم كـ {الشمس والقمر} [الرحمن: 5] أم يصح كـ {التي} [البقرة: 24] و {الذى} [الناس: 5] . فقولنا: "لام ساكنة زائدة عن بنية الكلمة.. إلخ" خرج به اللام الساكنة الأصلية التي من بنية الكلمة المسبوقة بهمزة قطع مفتوحة وصلاً وبدءاً وليس بعدها اسم مستقل ليصح تجريدها عنه سواء كانت في اسم نحو {أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22] و {أَلْفَافاً} [النبأ: 16] أو في فعل نحو {أَلْهَاكُمُ} [التكاثر: 1] {وَأَلْزَمَهُمْ} [الفتح: 26] {فَأَلْهَمَهَا} [الشمس: 8] وما إلى ذلك: وتسمى الأولى لام اسم والثانية لام

فعل وسيأتي بسط الكلام عليهما قريباً. هذا: ولام التعريف المقصودة الصادق عليها هذه التعريف تقع قبل الحروف الهجائية عموماً إلا حروف المد الثلاثة فلا تقع اللام قبلها بحال إذ فيه الجمع بين الساكنين على غير حده. أما حالتها بالنسبة لما يقع بعدها من الحروف الهجائية فاثنتان: الأولى: أن تكون مظهرة. الثانية: أن تكون مدغمة. ولكل من الحالتين تفصيل خاص نوضحه فيما يلي: أما حالة الإظهار: فعند أربعة عشر حرفاً مجموعة في قول صاحب التحفة "إبغ حجك وخف عقيمه" وهي الهمزة والباء والغين والحاء والجيم والكاف والواو والخاء والفاء والعين والقاف والياء والميم والهاء. فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد لام التعريف وجب إظهارها ويسمى إظهاراً قمريّاً وتسمى اللام حينئذ لاماً قمرية لظهورها عند النطق بها في لفظ {القمر} [القمر: 1] ثم غلبت هذه التسمية على كل اسم يماثله في ظهورها فيه: وإليك الأمثلة على ترتيب هذه الحروف: فالهمزة نحو {الأول والآخر} [الحديد: 3] والباء نحو {البارىء} [الحشر: 24] . والغين نحو {الغفار} [غافر: 42] والحاء نحو {هُوَ الحي} [غافر: 65] والجيم نحو {الجبار} [الحشر: 23] والكاف نحو {الكبير} [الرعد: 9] والواو نحو {الودود} [البروج: 14] والخاء نحو {الخالق} [الحشر: 24] والفاء نحو {

الفتاح} [سبأ: 26] والعين نحو {العليم} [سبأ: 26] والقاف نحو {القهار} [الزمر: 4] والياء نحو {اليقين} [التكاثر: 7] والميم نحو {الملك} [الحشر: 23] والهاء نحو {عَنِ الهوى} [النازعات: 40] وسمي إظهاراً لظهور لام التعريف عند هذه الأحرف. ووجهه التباعد أي بُعد مخرج اللام عن مخرج هذه الحروف. وقد أشار صاحب التحفة إلى الحالتين معاً والتنبيه على أولاهما بقوله فيها: لِلاَمِ ألْ حَالاَن قبْلَ الأحْرُفِ ... أولاهُمَا إظهارها فليعرَفِ قبل ارْبَعٍ مَعْ عَشْرَة خُذْ عِلْمَهْ ... مِنْ إبْغِ حَجَّك وَخَفْ عَقِيمَهُ وأما حالة الإدغام: فعند أربعة عشرة حرفاً وهي الباقية من حروف الهجاء بعد حروف الإظهار السابقة. وقد رمز إليها صاحب التحفة في أوائل هذا البيت: طبْ ثُم صِلْ رَحْماً تَفُزْ ضِفْ ذَا نِعَمْ ... دَعْ سُوءَ ظَنٍّ زُرْ شَرِيفاً لِلْكَرَم وهي: الطاء والثاء والمثلثة والصاد والراء والتاء المثناة فوق والضاد والذال والنون والدال والسين والظاء والزاي والشين واللام فإذا وقع حرف من هذه الأحرف بعد لام التعريف وجب إدغامها ويسمى إدغاماً شميسّاً وتسمى اللام حينئذ لاماً شمسية لعدم ظهورها عند النطق بها في لفظ {الشمس} [لرحمن: 5] ثم غلبت هذه التسمية على كل اسم يماثله في إدغامها فيه. وإليك الأمثلة على ترتيب هذه الأحرف: فالطاء نحو {مِنَ الطيبات} [المؤمنون: 51] والثاء المثلثة نحو {الثواب} [آل عمران: 195] والصاد نحو {

يُوَفَّى الصابرون} [الزمر: 10] والراء نحو {الرحمان الرحيم} [البقرة: 163] والتاء المثناة فوق نحو {التَّوَّابُ} [البقرة: 160] والضاد نحو {وَلاَ الضآلين} [الفاتحة: 7] والذال المعجمة نحو {والذاكرين الله كَثِيراً والذاكرات} [الأحزاب: 35] والنون نحو {إِلَى النور} [البقرة: 257] والدال المهملة نحو {دَعْوَةَ الداع} [البقرة: 186] والسين نحو {السميع} [البقرة: 127] والظاء المشالة نحو {الظالمين} [البقرة: 145] والزاي {يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزرع والزيتون} [النحل: 11] والشين نحو {وَسَيَجْزِي الله الشاكرين} [آل عمران: 144] واللام نحو {وَهُوَ اللطيف الخبير} [الأنعام: 103] . وسمي إدغاماً لإدغام لام التعريف في هذه الحروف. ووجهه التماثل بالنسبة للام في نحو {اللطيف} [الملك: 14] والتجانس بالنسبة للنون والراء في نحو {مِّنَ النور} [البقرة: 257] ، {مِّنَ الرحمان الرحيم} [فصلت: 2] على مذهب الفراء وموافقيه وأما على مذهب الجمهور فللتقارب وكذلك في أكثر الحروف الباقية في غير ما تقدم. وقد أشار صاحب التحفة إلى حالة الإدغام وتسمية اللام فيها بالشمسية وتسميتها في حالة الإظهار الأولى بالقمرية بقوله فيها: ثانيهما إدغامها في أَرْبعِ ... وعَشْرَة أيضاً ورمزها فَعِ

طِبْ ثُمَّ صِلْ رَحْماً تَفُزْ ضِفْ ذَا نِعَمْ ... دَعْ سُوءَ ظَنِّ زُرْ شَريفاً لِلْكَرمْ واللامَ الأولى سَمِّهَا قَمَريَّهْ ... واللامَ الأُخْرى سَمِّها شَمْسِيَّهْ تنبيه: من لامات التعريف الشمسية اللام من لفظ الجلالة "الله" وهي في هذا الاسم من النوع الذي لا يمكن فيه تجريدها عما بعدها كاللام في نحو {الذي} [يس: 80] . ثم إن للفظ الجلالة تصريفاً خاصّاً حاصله أن الأصل فيه "إله" فأسقطت منه الهمزة وأدخلت عليه لام التعريف فالتقت باللام بعدها ثم أدغمت اللام الأولى في الثانية للتماثل كما أدغمت في نحو الليل فصار اللفظ الكريم "الله". وقد أشار بعضهم إلى هذا التصريف بقوله: والاسْمُ ذو التقديس وهو الله ... على الأَصح أَصْلُهُ إل 1648;هُ أُسقِطَ منه الهمز ثمَّ أُبْدِلا ... بال لِتَعْريفٍ لذاكَ جُعِلاَ اهـ وفي الاسم الكريم كلام كثير من جهة التصريف. ومن أراد الوقوف عليه فليراجع كتب الصرف ففيها ما يكفي الباحث وما ذكرناه هنا هو الملائم للمبتدئين والله الموفق.

الفصل الثاني / في لام الفعل وحكمها

الفصل الثاني / في لام الفعل وحكمها وسميت بلام الفعل لوجودها فيه وهي من أصوله وتكون مظهرة ومدغمة كما سيأتي توضيحه: وتوجد في الأفعال الثلاثة. الماضي والمضارع والأمر متوسطة ومتطرفة في بعضها. ففي الماضي: نحو {أَلْهَاكُمُ} [التكاثر: 1] {فَالْتَقَى} [القمر: 12] {وَأَنزَلْنَا} [النبأ: 14] {وَأَرْسَلْنَا} [الأنعام: 6] . وفي المضارع: نحو {يَلْتَقِطْهُ} [يوسف: 10] {أَلَمْ أَقُلْ} [الكهف: 72، 75] . {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] . وفي الأمر: نحو {وَأَلْقِ عَصَاكَ} [النمل: 10] . {قُلْ تَعَالَوْاْ} [الأنعام: 151] {فاجعل أَفْئِدَةً} [إبراهيم: 37] . والحكم في هذه اللامات الإظهار وجوباً عند الجميع إلا إذا وقع بعدها لام أو راء فتدغم اتفاقاً نحو {قُل لَّكُم} [سبأ: 30] . {قُل رَّبِّي} [الكهف: 22] .

ووجه الإدغام هنا التماثل بالنسبة للام والتقارب بالنسبة للراء على مذهب الجمهور. والتجانس على مذهب الفراء وموافقيه. وقد أشار صاحب التحفة إلى حكم الإظهار في لام الفعل بقوله فيها: وأظهِرَنَّ لامَ فعْلٍ مُطلَقَا ... في نحْوِ قُلْ نعَمْ وقُلْنَ والْتَقَى اهـ تنبيه: علم مما تقدم أن لام الفعل أدغمت في الراء في نحو {قُل ربي} [القصص: 85] . وقد وجه بأنه إما للتقارب وإما للتجانس. ولم تدغم في النون في نحو {قُلْ نَعَمْ} [الصافات: 18] والعلة واحدة وهي التقارب أو التجانس. والمانع من الإدغام هنا أن النون لا يجوز إدغامها في حرف أدغمت هي فيه. والنون أحد حروف "يرملون" التي تدغم فيها النون الساكنة فلو أدغمت اللام في النون في نحو {قُلْ نَعَمْ} [الصافات: 18] لزالت الألفة بين النون وأخواتها من حروف الإدغام وقيل غير ذلك في علة عدم الإدغام في مثل هذا. وأما إدغام لام التعريف في النون في نحو {إِلَى النور} [البقرة: 257] {والنجم} [النجم: 1] فلكثرة دورانها في التنزيل بخلاف لام الفعل فإنها قليلة الدوران فيه. قال العلامة الميهي في شرح التحفة: وأما إدغام الكسائي اللام في نحو {هَلْ نُنَبِّئُكُم} [الكهف: 103] {بَلْ نَتَّبِعُ} [البقرة: 170] فمن تفرُّدِه أهـ بلفظه.

الفصل الثالث / في لام الامر وحكمها

الفصل الثالث / في لام الامر وحكمها وهي زائدة عن بنية الكلمة ويقع بعدها الفعل المضارع مباشرة وتأتي عقب الفاء أو الواو أو ثم العاطفة نحو {فَلْيَكْتُبْ} [البقرة: 282] {فَلْيَنظُرِ الإنسان} [عبس: 24] [والطارق: 5] ، {وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ} [البقرة: 282] ، {وَلْيَعْفُواْ} [النور: 22] ، {وليصفحوا} [النور: 22] ، {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} [الحج: 15] ، {فَلْيَنْظُرْ} [الحج: 29] ، {ثُمَّ لْيَقْضُواْ} [الحج: 89] . وحكمها الإظهار وجوباً وليعتن بإظهارها إذا جاورت التاء نحو {فَلْتَقُمْ} [النساء: 102] {وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ} [النساء: 102] خوفاً من أن يسبق اللسان إلى إدغامها ولا يقاس عليها إدغام لام التعريف في نحو {إِنَّ الله يُحِبُّ التوابين} [البقرة: 222] لأنها "أي لام التعريف" كثيرة الدوران في القرآن الكريم بخلاف لام الأمر فإنها قليلته.

الفصل الرابع / في لام الاسم وحكمها

الفصل الرابع / في لام الاسم وحكمها وسميت بذلك لوجودها فيه وهي من أصوله نحو {أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم: 22] و {أَلْفَافاً} [النبأ: 16] و {سُلْطَانٌ} [الحجر: 42] {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} [الأعراف: 17] و {مَلْجَأَ} [التوبة: 118] . وحكمها الإظهار وجوباً بالاتفاق.

الفصل الخامس / في لام الحرف وحكمها

الفصل الخامس / في لام الحرف وحكمها وسميت بذلك لوجودها فيه وهي في القرآن الكريم في حرفين فقط. "هل وبل" وحكم هذين الحرفين بالنسبة لما يأتي بعدهما من الحروف الهجائية على ثلاثة أقسام: الأول: وجوب إدغامهما عند كل القراء وذلك إذا أتى بعدهما لام أو راء. فاللام تقع بعد كل من هل وبل نحو {هَلْ لَّكُمْ} [الروم: 28] . {بَل لاَّ يَخَافُونَ} [المدثر: 53] . والراء لا تقع إلا بعد بل فقط نحو {بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ} [النساء: 158] . فالإدغام في اللام للتماثل. وفي الراء للتقارب على مذهب الجمهور وللتجانس على مذهب الفراء ومن نحا نحوه. ويستثنى من ذلك لحفص عن عاصم من الشاطبية إدغام لام بل في الراء من قوله تعالى: {بَلْ رَانَ} [الآية: 14] . بالمطففين بسبب سكته عليها والسكت يمنع الإدغام. الثاني: جواز الإدغام فيهما. وذاك إذا أتى بعدهما حرف من ثمانية أحرف وهي: "التاء المثناة فوق والثاء المثلثة والزاي والسين والضاد والطاء والظاء والنون". فالتاء المثناة فوق والنون تقعان بعد كل من هل وبل نحو {هَلْ تَعْلَمُ} [مريم: 65] {

هَلْ نُنَبِّئُكُم} [الكهف: 103] {بَلْ تَأْتِيهِم} [الأنبياء: 40] {بَلْ نَحْنُ} [الواقعة: 67] . والثاء المثلثة لا تقع إلا بعد هل في قوله تعالى: {هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الآية: 36] بالمطففين ولا ثاني لها في التنزيل. والأحرف الخمسة الباقية تقع كلها بعد حرف بل وحده {بَلْ سَوَّلَتْ} [يوسف: 18، 83] {بَلْ ظَنَنْتُمْ} [الفتح: 12] . {بَلْ ضَلُّواْ} [الأحقاف: 28] {بَلْ زُيِّنَ} [الرعد: 33] {بَلْ طَبَعَ} [النساء: 155] . ونعني بجواز الإدغام في هذا القسم أن بعض القراء أدغم فيه وبعضهم أظهر وتركنا تفصيل ذلك طلباً للاختصار ومن أراده فعليه بكتب الخلاف فهو مبسوط فيها وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه قرأ بالإظهار وجهاً واحداً فتأمل. الثالث: وجوب إظهارهما عند عامة القراء وذلك إذا وقع بعدها أي حرف من حروف الهجاء غير حرف اللام والراء اللذين للوجوب في القسم الأول. وغير الحروف الثمانية التي للجواز في القسم الثاني. وذلك نحو {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ} [المائدة: 60] {هَلْ يَسْتَوِي} [الرعد: 16] {بَلْ فَعَلَهُ} [الأنبياء: 63] {بَلْ قَالُواْ} [المؤمنون: 81] {بَلْ جَآءَ بالحق} [الصافات: 37] وما إلى ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.

الباب التاسع / في المثلين والمتقاربين والمتجانسين والمتباعدين

الباب التاسع / في المثلين والمتقاربين والمتجانسين والمتباعدين التمهيد للدخول إلى الباب كل حرفين التقيا في الخط واللفظ بأن لا يفصل بينهما فاصل سواء كانا في كلمة أو في كلمتين. أو التقيا في الخط دون اللفظ بأن فصل بينهما فاصل في اللفظ ولا يكون ذلك إلا من كلمتين مثل الهاءين في نحو {إِنَّهُ هُوَ} [غافر: 56] انقسم كل من الحرفين المتلاقيين هذا التلاقي إلى أربعة أقسام: مثلين ومتقاربين ومتجانسين ومتباعدين ولكل قسم تعريف خاص نوضحه فيما يلي: تعريف المثلين وأقوال العلماء فيه وأقسامه وحكمه التعريف: المثلان هما الحرفان اللذان اتحدا في الاسم والرسم كالكافين في نحو {مَّنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] {مَا سَلَكَكُمْ} [المدثر: 42] . والميمين في نحو {الرحيم مالك} [الفاتحة: 3-4] والهاءين في نحو {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً} [النور: 15] وسميا بذلك لأن اسمهما واحد وذاتهما في الرسم واحدة. فخرج باتحاد الحرفين في الرسم الاختلافُ في الاسم كالعين المهملة والغين المعجمة ونحوهما فإن ذاتهما في الرسم واحدة ولا التفات إلى النقط فإنه

عارض ولكنهما مختلفان في الاسم فخرجا بذلك عن حد تعريف المثلين ودخل الياءان في نحو {فِي يَوْم} [المعارج: 4] والواوان في نحو {قَالُواْ وَهُمْ} [الشعراء: 96] لاتحادهما في الاسم والرسم فهما من المثلين لدخولهما في حد التعريف، وأما قولهم في تعريف المثلين بأنهما الحرفان اللذان اتفقا مخرجاً وصفة فغير جامع لحد التعريف لعدم دخول الياءين والواوين في نحو ما تقدم لاختلافهما في المخرج والصفة كما هو ظاهر مع أنهما من المثلين. ومن ثَم كان التعريف الأول الذي ذكرناه للمثلين أعم من الثاني وقد عرف به غير واحد من شيوخنا. أقسام المثلين وحكم كل قسم ينقسم المثلان إلى ثلاثة أقسام صغير وكبير ومطلق: فالصغير أن يكون الأول من المثلين ساكناً، والثاني متحركاً كالكافين في {يُدْرِككُّمُ} [النساء: 78] والهاءين في نحو {يُوَجِّههُّ} [النحل: 76] والباءين في نحو {اضرب بِّعَصَاكَ} [الشعراء: 63] . وسمي صغيراً لقلة العمل فيه حالة الإدغام حيث لا يكون فيه إلا عمل واحد وهو إدغام الأول في الثاني فيما صح فيه ذلك. وحكمه الإدغام وجوباً لكل القراء بشروط نوضحها في باب الإدغام إن شاء الله. والكبير أن يتحرك الحرفان معاً كالكافين في نحو {مَّنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] {

واذكر رَّبَّكَ كَثِيراً} [آل عمران: 41] والهاءين في نحو {إِنَّهُ هُوَ} [الزمر: 53] . وسمي كبيراً لكثرة العمل فيه حالة الإدغام حيث يكون فيه عملان هما تسكين الأول ثم إدغامه في الثاني. وحكمه جواز الإدغام عند بعض القراء بشروط مبسوطة في كتب الخلاف تركنا ذكرها هنا طلباً للاختصار. وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه قرأ فيه بالإظهار وجهاً واحداً إلا في كلمات يسيرة جدًّا مثل {لاَ تَأْمَنَّا} [الآية: 11] بيوسف وسيأتي الكلام عليها في آخر باب الإدغام إن شاء الله، وكلمة {مَكَّنِّي} [الآية: 95] بالكهف في قوله تعالى: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الآية: 95] فقد قرأ حفص بإدغام النون الأولى في الثانية فيصير النطق بنون واحدة مكسورة مشددة. والمطلق أن يكون الحرف الأول متحركاً والثاني ساكناً كالتاءين في نحو {تتلى} [يونس: 15] والسينين في نحو {تَمْسَسْهُ} [النور: 35] . وسمي مطلقاً لأنه ليس من الصغير ولا من الكبير. وحكمه الإظهار وجوباً للجميع لأن من شرط الإدغام أن يكون المدغم فيه متحركاً والمدغم ساكناً سواء كان سكونه أصليّاً كنحو {رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ} [البقرة: 16] أو كان سكونه للإدغام كسكون الهاء الأولى في نحو {فِيهِ هُدًى} [البقرة: 2] عند من أدغم.

تعريف المتقاربين وأقسامه وحكمه

تعريف المتقاربين وأقسامه وحكمه التعريف: المتقاربان هما الحرفان اللذان تقاربا في المخرج والصفة أو في المخرج دون الصفة أو في الصفة دون المخرج. فهذه ثلاث صور للمتقاربين وفيما يلي أمثلتها: فالصورة الأولى: مثل النون مع اللام في نحو {مِّن لَّدُنْهُ} [الكهف: 2] ومع الراء في نحو {مِن رِّزْقِ الله} [البقرة: 60] والقاف مع الكاف في نحو {خَلَقَكُمْ} [البقرة: 21] . والصورة الثانية: مثل الدال مع السين في نحو {عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112] . والصورة الثالثة: مثل السين مع الشين في نحو {الرأس شَيْباً} [مريم: 4] . والتاء المثناة فوق مع الثاء المثلثة في نحو {بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: 95] . أقسام المتقاربين وحكم كل قسم ينقسم المتقاربان إلى ثلاثة أقسام أيضاً صغير وكبير ومطلق: فالصغير أن يكون الحرف الأول منها سكاناً، والثاني متحركاً مثل النون مع اللام في نحو {ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13] والقاف مع الكاف في نحو {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] . وسمي صغيراً لقلة العمل فيه حالة الإدغام حيث يكون فيه عملان هما:

تعريف المتجانسين وأقسامه وحكمه

قلب المدغم من جنس المدغم فيه ثم إدغامه في المدغم فيه كما سيأتي توضيح ذلك في باب الإدغام إن شاء الله تعالى. وحكمه جواز الإدغام أو وجوبه كما سنوضحه في باب الإدغام بعون الله سبحانه. والكبير أن يتحرك الحرفان معاً كالقاف مع الكاف في نحو {رَزَقَكُمْ} [الروم: 40] والدال مع السين في نحو {عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112] . وسمي كبيراً لكثرة العمل فيه حال الإدغام حيث يكون فيه ثلاثة أعمال هي: قلب المدغم من جنس المدغم فيه ثم تسكينه ثم إدغامه في المدغم فيه. وحكمه جواز الإدغام عند بعض القراء بشروط مفصلة في كتب الخلاف وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه قرأ فيه بالإظهار وجهاً واحداً. والمطلق أن يتحرك الأول منهما ويسكن الثاني كالهمزة مع الحاء المهملة في نحو {أَحْمِلُ} [يوسف: 36] والياء المثناة تحت مع الضاء في نحو {يُضْلِلْ} [الإسراء: 97] . وسمي مطلقاً لما تقدم في المثلين. وحكمه الإظهار وجوباً للجميع لما تقدم في المثلين أيضاً. تعريف المتجانسين وأقسامه وحكمه التعريف: المتجانسان هما الحرفان اللذان اتفقا في المخرج واختلفا في بعض الصفات كالطاء مع التاء في نحو {أَحَطتُ} [النمل: 22] و {بَسَطتَ} [المائدة: 28] والدال مع

التاء في نحو {حَصَدتُّمْ} [يوسف: 47] {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ} [النساء: 20] والثاء مع الذال في نحو {يَلْهَث ذَّلِكَ} [الأعراف: 176] . أقسام المجانسين وحكم كل قسم ينقسم المتجانسان إلى ثلاثة أقسام كذلك: صغير وكبير ومطلق. فالصغير: أن يكون الحرف الأول منهما ساكناً، والثاني متحركاً كالراء مع اللام في نحو {واصبر لِحُكْمِ} [الطور: 48] عند الفرَّاء والدال مع التاء في نحو {وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ} [الأنفال: 42] عند الجمهور. وسمي صغيراً لما تقدم ذكره في المتقاربين الصغير. وحكمه كالمتقاربين الصغير في جواز الإدغام أو وجوبه كما سنبينه في باب الإدغام. والكبير أن يتحرك الحرفان معاً كالتاء مع الطاء في نحو {الصالحات طوبى} [الرعد: 29] واللام مع الراء على مذهب الفراء في نحو {قَالَ رَبُّكُمْ} [الشعراء: 26] . وسمي كبيراً لما تقدم ذكره في المتقاربين الكبير. وحكمه جواز الإدغام عند بعض القراء بشروطه المبسوطة في كتب الخلاف وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه قرأ فيه بالإظهار قولاً واحداً. والمطلق أن يتحرك الحرف الأول ويسكن الثاني كالياء مع الشين في نحو {

تعريف المتباعدين وأقسامه وحكمه

يَشْكُرُ} [النمل: 40] واللام مع النون على مذهب الفراء في لفظ {لَن} [البقرة: 61] في نحو قوله تعالى: {لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ وَاحِدٍ} [البقرة: 61] . وسمي مطلقاً لما تقدم ذكره في المثلين والمتقاربين. وحكمه الإظهار وجوباً للجميع لما تقدم في مثله. وقد أشار العلامة الجمزوري إلى ما تقدم ذكره من الأقسام الثلاثة عدا المطلق منها بقوله في التحفة: إنْ في الصِّفَات والمخارج اتَّفقْ ... حرفَان فالمِثْلان فيهمَا أحقُّ أوْ إن يَكونا مخرجاً تقاربَا ... وفي الصفاتِ اخْتَلفَا يُلَقَّبَا متقاربيْن أو يكونا اتَّفَقَا ... في مخرج دُونَ الصفات حُقِّقَا بالمتجانسيْن ثُمَّ إنْ سَكَنْ ... أوَّلُ كلٍّ فالصَّغيرَ سَمِّيَنْ أوْ حُرِّكَ الحرفَان في كُلٍّ فَقُلْ ... كُلٌّ كبيرٌ وأفهَمَنْهُ بالمُثُلْ اهـ تعريف المتباعدين وأقسامه وحكمه التعريف: المتباعدان هما الحرفان اللذان تباعدا في المخرج واختلفا في الصفة وهذا هو الغالب. وقد يتفق الحرفان المتباعدان في الصفة أيضاً وهذا يكاد يكون قليلاً. فالأول: مثل الحاء مع الميم في نحو {تُحْمَلُونَ} [المؤمنون: 22] والقاف مع الراء في نحو {قُرِىءَ} [الانشقاق: 21] . والثاني: مثل التاء المثناة فوق مع الكاف في نحو {

وَلِتُكْمِلُواْ} [البقرة: 185] والحاء المهملة مع الثاء المثلثة في نحو {حَثِيثاً} [الأعراف: 54] . أقسام المتباعدين ينقسم المتباعدان إلى ثلاثة أقسام أيضاًك صغير وكبير ومطلق. فالصغير: أن يكون الأول منهما ساكناً والثاني متحركاً كالهمزة مع اللام في نحو {تَأْلَمُونَ} [النساء: 104] . والكبير: أن يتحرك الحرفان معاً كالزاي مع الهمزة في نحو {استهزىء} [الأنبياء: 41] . والمطلق أن يتحرك الأول ويسكن الثاني كالقاف مع الواو في نحو {قَوْلٌ} [البقرة: 263] . حكم المتباعدين أما حكمهما فالإظهار وجوباً بالاتفاق سواء أكان صغيراً أم كبيراً أم مطلقاً لأن الإدغام بشروطه مطلقاً إنما يسوغه التماثل أو التقارب أو التجانس. وأما تسميته بالصغير وبالكبير وبالمطلق فتبعاً للأقسام الثلاثة المتقدمة في النظام لا لقلة العمل في الصغير ولا لكثرته في الكبير بالنسبة للإدغام، إذ لا إدغام في المتباعدين كما هو مقرر. هذا: ولم يتعرض بعض الباحثين في هذا الفن إلى ذكر قسم المتباعدين في هذا الباب. والبعض ذكره غير أنه قال: "لا دخل له في هذا الباب" والحق الذي لا ريب فيه أنه ينبغي ذكره في هذا الباب ومعرفته جيداً إذ بمعرفته يتعين أن ما عداه هو أحد الأقسام الثلاثة المتقدمة التي هي سبب في الإدغام. ومن ثم كان ذكره في هذا الباب واجباً. ولا يعكر علينا عدم ذكره في التحفة. فقد ورد ذكره في أكثر من مؤلف بين منظوم ومنثور. فقد أشار إليه العلامة السمنودي في لآلىء

المراد من الحرفين المتقاربين

البيان بقوله: ومُتباعدان حيثُّ مَخْرجَا ... تباعَدَا والخلْفُ في الصفات جا اهـ وكذلك أشار إليه صاحب انشراح الصدور بقول بعضهم: وإن يكونا مَخْرجاً تَبَاعَدَا ... وفي الصفات اخْتَلَفا مُبَاعدا اهـ كما أشار إليه أيضاً صاحب السلسبيل الشافي بقوله: ومتباعدان إن تباعدا ... في مخرج والوصْفِ لَمْ يَتَّحِدا اهـ المراد من الحرفين المتقاربين اختلف في المراد من الحرفين المتقاربين على أكثر من قول نذكر منها هنا مضمون قولين: الأول: ألا يكون بين مخرجي الحرفين المتقاربين مخرج فاصل بينهما وأن يكونا من عضو واحد وذلك مثل العين والحاء المهملتين لكل من الهمزة والهاء وللغين والخاء المعجمتين. هذا بالنسبة لمخارج الحلق. ومثل الجيم والشين والياء لكل من القاف والكاف وللضاد المعجمة من مخارج اللسان. ومثل الفاء لكل من الواو والباء الموحدة والميم بالنسبة لمخرجي الشفتين. وقد يكون الحرفان المتقاربان من عضوين بشرط ألا يفصل بين مخرجيهما فاصل وذلك في مسألتين بالاتفاق: - الأول: الغين والخاء المعجمتان للقاف والكاف ذلك لأن الغين والخاء يخرجان من أدنى الحلق والقاف والكاف يخرجان من أقصى اللسان ولا فاصل بين المخرجين كما هو ظاهر. الثانية: الظاء المشالة والذال المعجمة والثاء المثلثة للفاء وذلك لأن الظاء المشالة وأختيها يخرجن من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا والفاء تخرج من أطراف الثنايا العليا مع باطن الشفة السفلى ولا فاصل بين المخرجين أيضاً.

القول الثاني: أن المراد من الحرفين المتقاربين هو التقارب المناسب سواء أكانا من عضو واحد مثل الشين المعجمة والسين المهملة في نحو {ذِي العرش سَبِيلاً} [الإسراء: 42] ونحو الدال المهملة مع الشين المعجمة في نحو {قَدْ شَغَفَهَا} [يوسف: 30] وكذلك التاء المثناة فوق مع الثاء المثلثة في نحو {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} [الشعراء: 141] أم كانا من عضوين مثل النون مع كل من الواو والميم في نحو {مِن وَلِيٍّ} [الرعد: 37] {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] . ويمكن أخذ هذا القول من تعريف المتقاربين في إحدى صوره المتقدمة التي هي التقارب في الصفة دون المخرج. وهذا القول هو أرجح من الأول بل وأرجح الأقوال الواردة في هذه المسألة التي اضطربت فيها كتب التجويد في القديم والحديث إذ بمقتضى القول الأول أنه لا يجوز إدغام شيء من الأمثلة التي أوردناها في القول الثاني لوجود فاصل بين كل من مخرجي الحرفين المذكورين في أمثلته فقد فصل بمخرج واحد بين التاء المثناة فوق والثاء المثلثة في نحو {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} [الشمس: 11] المثال المذكور وبأكثر من مخرج في باقي الأمثلة. ومع هذا فقد ورد أدغامها في المتواتر في أكثر من قراءة في الأمثلة الثلاثة الأولى وبالإجماع في الرابع والخامس اي في النون مع كل من الواو والميم. ومن المقرر أن المسوغ للإدغام واحد من ثلاثة، التماثل أو التقارب أو التجانس. وحد التماثل والتجانس لا يصدق على الأمثلة المذكورة في القول الثاني. بقي من المسوغ التقارب وبه جاز الإدغام فيها. ومن ثم كان المراد من التقارب هو التقارب النسبي لما ذكرنا وكان هو أرجح الأقوال الواردة في هذه المسألة والتي تركنا ذكرها خوف التطويل. إذ ما ذكرنا هو أهم ما فيها. هذا: ومما ينبغي معرفته أن كل حرفين صح إدغامهما سواء أكان الإدغام

واجباً أم جائزاً ولم ينطبق عليهما حد المثلين ولا حد المتجانسين كان المسوغ للإدغام حينئذ هو التقارب. إذ هو الباقي من أسباب الإدغام الثلاثة فإن فصل بين المخرجين بأكثر من مخرج كالأمثلة التي ذكرنا كان سبب الإدغام حينئذ هو التقارب النسبي وهو كثير في المدغم جوازاً. وسنذكر منه الكثير في باب الإدغام إن شاء الله تعالى. تنبيه: قال صاحب انشراح الصدور: وأما حروف المد الثلاثة مع غيرها من حروف الهجاء فلا يقال بينهما متقاربان ولا متجانسان ولا متباعدان لأنه لم يكن لحروف المد مخرج من حيز مخصوص كغيرها والله أعلم أهـ بحروفه. وقال صاحب السلسبيل الشافي بنحو ما قاله صاحب انشراح الصدور. قلت: ويستثنى من اجتماع حروف المد مع غيرها الياء المدية إذا جاورت الياء المتحركة مثل: {الذى يُوَسْوِسُ} [الناس: 5] وكذلك الواو المدية إذا جاورت الواو المتحركة مثل: {قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ} [يوسف: 71] فإن الياء والواو المدِّيتان مع ما جاورهما يوصفان حينئذ بالمثلين لصدق الحد عليهما لأن اسمهما واحد ورسمهما واحد وقد تقدم ذلك في صدر الباب، فتأمل وبالله التوفيق.

الباب العاشر / في الإدغام وأقسامه وأحكامه

الباب العاشر / في الإدغام وأقسامه وأحكامه التمهيد للدخول إلى الباب تقدم في باب النون الساكنة والتنوين تعريف الإدغام لغة واصطلاحاً كما تقدم في نفس الباب تعريف ما يقابله وهو الإظهار في اللغة والاصطلاح أيضاً ونقول هنا: إن الإظهار هو الأصل لعدم احتياجه إلى سبب والإدغام فرع عنه لاحتياجه إلى السبب كما سنوضحه قريباً. بقي لنا أن نتكلم على أسباب الإدغام وفائدته وشروطه وكيفيته وأقسامه وموانعه والمقصود ذكره في هذا المختصر فنقول وبالله التوفيق ومنه العون. أسباب الإدغام أما أسبابه فثلاثة وهي: التماثل والتقارب والتجانس وقد تقدم الكلام مستوفى على هذه الثلاثة في الباب السابق مما أغنانا عن إعادته هنا. فائدة الإدغام أما فائدته فهي التخفيف والتسهيل في النطق إذ النطق بحرف واحد فيه خفة وسهولة عن النطق بحرفين. شروط الإدغام للإدغام شرطان: الأول: خاص بالمدغم وهو الحرف الأول. الثاني: خاص بالمدغم فيه وهو الحرف الثاني. أما الشرط الخاص بالمدغم فهو التقاؤه بالمدغم فيه خطاً ولفظاً كالنون مع الراء في نحو {مِّن رَّبِّهِمْ} [البقرة: 5] أو خطاً لا لفظاً فيدخل الهاءان في نحو {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً} [لنور: 15] . ويمتنع كونه لفظاً لا خطاً فيخرج النونان في نحو {أَنَاْ نَذِيرٌ} [ص: 70] .

وأما الشرط الخاص بالمدغم فيه فهو أن يكون أكثر من حرف إذا كان الإدغام في كلمة، فيدخل القاف والكاف في نحو {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] بالاتفاق ونحو {خَلَقَكُمْ} [الروم: 40] و {رَزَقَكُمْ} [الروم: 40] و {يَخْلُقُكُمْ} [الزمر: 6] و {سَبَقَكُمْ} [العنكبوت: 28] عند من أدغم ويخرج نحو {خَلَقَكَ} [الكهف: 37] و {نَرْزُقُكَ} [طه: 132] فلا إدغام فيه. كيفية الإدغام أما كيفيته فهي جعل المدغم وهو الحرف الأول من جنس المدغم فيه وهو الحرف الثاني فمثلاً إذا أدغمت النون في اللام أو في الراء في نحو {مِن لَّدُنَّا} [الكهف: 65] . {مِن رِّزْقِ الله} [البقرة: 60] فتقلب النون لاماً في المثال الأول وراء في المثال الثاني وتدغم اللام في اللام والراء في الراء وحنيئذ يصير النطق بلام مفتوحة مشددة بعد الميم في {مِن لَّدُنَّا} [الكهف: 65] وبراء مكسورة مشددة بعد الميم في {مِن رِّزْقِ الله} [البقرة: 60] . ومن ثم يتضح أن هذه الكيفية تمت بعملين هما: قلب المدغوم وهو الحرف الأول من جنس المدغم فيه وهو الحرف الثاني. ثم إدغامه في المدغم فيه. وهذان العملان فيما إذا كان الإدغام في غير المثلين. أما إذا كان الإدغام في المثلين فكيفته تتم بعمل واحد وهو إدغام الأول في الثاني

كالفاء في نحو {َلاَ يُسْرِف فِّي القتل} [الإسراء: 33] . وكل من العملين اللذين في إدغام غير المثلين والعمل الواحد الذي في إدغام المثلين فيما إذا سكن الحرف الأول من المثلين أو المتقاربين أو المتجانسين. أما إذا تحرك الحرفان في كل من الثلاثة فتتم كيفية الإدغام بعملين اثنين في المثلين وبثلاثة أعمال في المتقاربين والمتجانسين. أما عملا إدغام المثلين فهما تسكين المدغم ثم إدغامه في المدغم فيه كالميمين في نحو {الرحيم مالك} [الفاتحة: 3-4] وحينئذ يصير النطق بميم واحدة مفتوحة مشددة بعد الياء المدية. وأما الأعمال الثلاثة التي في إدغام المتقاربين والمتجانسين فهي قلب المدغم من جنس المدغم فيه. ثم تسكينه. ثم إدغامه في المدغم فيه مثال إدغام المتقاربين القاف في الكاف من نحو {خَلَقَكُمْ} [البقرة: 21] . ومثال إدغام المتجانسين التاء المثناة فوق في الطاء المهملة في نحو {وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار} [هود: 114] وهنا يصير النطق في {خَلَقَكُمْ} [البقرة: 21] بكاف واحدة مضمومة مشددة بعد اللام. وبطاء واحدة مفتوحة مشددة بعد الفاء المد المعانقة للام في {وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ} [هود: 114] . وهنا يتضح جليّاً أن المدغم في الأمثلة الواردة ذكرها في كيفية الإدغام هذه لم يبق له أثر لاستهلاكه في المدغم فيه كما هو واضح في النطق، والله أعلم. أقسام الإدغام أما أقسامه فأثنان: صغير وكبير: فالصغير هو إدغام ساكن في متحرك كإدغام التاء في الدال في نحو {

حَصَدتُّمْ} [يوسف: 47] والميم في الميم في نحو {كَم مِّن فِئَةٍ} [البقرة: 249] والقاف في الكاف من {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] . وسمي صغيراً لقلة أعمال المدغم حال الإدغام بالنسبة للكبير. وقيل لكونه إدغام ساكن في متحرك. والكبير هو إدغام متحرك في متحرك كإدغام اللام في اللام في نحو {جَعَلَ لَكُمُ} والتاء المثناة فوق في السين وفي الطاء المهملتين في نحو {الصالحات سَنُدْخِلُهُمْ} [النساء: 57، 122] و {الصالحات طوبى} [الرعد: 29] . وسمي كبيراً لكثرة أعمال المدغم وقد تقدم آنفاً تفصيل ذلك أثناء الكلام على كيفية الإدغام وقيل لكونه إدغام متحرك في متحرك وقيل لكثرة وقوعه. وقيل لتأثيره في إسكان المتحرك قبل إدغامه. وقيل لشموله المثلين والمتقاربين والمتجانسين وقيل غير ذلك. موانع الإدغام أما موانعه بالنسبة للإدغام الكبير فهي مبسوطة في كتب الخلاف تركنا ذكرها هنا طلباً للاختصار لأن الإدغام الكبير لم يقع في رواية حفص عن عاصم إلا في كلمتين تقدم ذكرهما عند الكلام على تعريف المثلين.

وأما موانع الإدغام بالنسبة للصغير فسنذكرها إن شاء الله تعالى عند ذكر الإدغام الممتنع منه. المقصود ذكره من الإدغام في هذا المختصر أما المقصود ذكره منه في هذا المختصر فهو الإدغام الصغير لأنه الأهم بالنسبة للمبتدئين في هذا الفن وبالأخص معرفة الواجب منه ولأنه أشد تعلقاً برواية حفص عن عاصم المشهورة في كثير من الأمصار. أما الإدغام الكبير فلم يقع في رواية حفص عن عاصم إلا في كلمات يسيرة كما تقدم منها كلمة {مَكَّنِّي} [الكهف: 95] بالكهف وتقدم الكلام عليها في المثلين. وكلمة {لاَ تَأْمَنَّا} [يوسف: 11] بيوسف وسنذكرها في خاتمة باب الإدغام بعون الله سبحانه ولذا تركنا ذكر الكبير في هذا المختصر وفيما يلي الكلام على ما قصدنا ذكره وهو الإدغام الصغير. الكلام على الإدغام الصغير وهو ما كان الحرف الأول ساكناً والثاني متحركاً كما تقدم ويقع في كل من المثلين والمتقاربين والمتجانسين وينقسم هذا الإدغام إلى ثلاثة أقسام: واجب وجائز وممتنع ثم إلى كامل وناقص. 1- فالواجب هو ما وجب إدغامه عند كل القراء. 2- والممتنع هو ما امتنع إدغامه عندهم كذلك. 3- والجائز هو ما جاز أدغامه وإظهاره عند بعضهم. 1- الإدغام الكامل هو سقوط المدغم ذاتاً وصفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك يصير المدغم والمدغم فيه حرفاً واحداً مشدداً نحو {مِن لَّدُنِّي} [الكهف: 76] وسمي إدغاماً كاملاً لاستكمال التشديد.

2- والإدغام الناقص هو سقوط المدغم ذاتاً لا صفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك يصير المدغم والمدغم فيه حرفاً واحداً مشدداً تشديداً ناقصاً نحو {فَرَّطَتُ} [الزمر: 56] وسمي بذلك لأنه غير مستكمل التشديد وفيما يلي الكلام على كل مفصلاً. الكلام على الإدغام الواجب وسمي بذلك لإجماع القراء على وجوب إدغامه ويكون في المثلين والمتقاربين والمتجانسين وإليك بسط الكلام على كل. الإدغام الواجب في المثلين وضابطه وهو مشروط بشرطين: الأول: متفق عليه. والثاني: مختلف فيه. أما الشرط المتفق عليه فهو ألا يكون أول المثلين حرف مد كالواوين في نحو قوله تعالى: {اصبروا وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ واتقوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200] وكالياءين في نحو {الذى يُوَسْوِسُ} [الناس: 5] فإن كان كذلك فحكمه الإظهار بالإجماع لئلا يذهب المد بسبب الإدغام. فلذا بقي الإظهار محافظة على المد. أما إذا سكنت الواو الأولى وانفتح ما قبلها وجب إدغامها في المتحركة بعدها نحو قوله تعالى: {ثُمَّ اتَّقَواْ وَآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ} [المائدة: 93] {آوَواْ ونصروا} [الأنفال: 72، 74] وذلك لأن حرف اللين بمنزلة الصحيح. ولم يقع في القرآن الكريم ياء لينية بعدها ياء متحركة ولو وقعت لوجب الإدغام.

وأما الشرط المختلف فيه فهو ألا يكون أول المثلين هاء سكت. ولم يقع من ذلك في التنزيل إلا موضع واحد وهو لفظ {مَالِيَهْ} من {مَالِيَهْ هَّلَكَ} [بالحاقة، الآيتان: 28، 29] . وقد اختلف فيه. فقال البعض بالإدغام على القاعدة العامة، "أي أن أول المثلين ساكن وليس حرف مد، والثاني متحرك كما سيأتي بعد". وقال البعض الآخر بالإظهار وهو الأرجح والمقدم في الأداء وعليه الجمهور. ووجهه أن هاء السكت لا حظ لها في الإدغام. وكيفية الإظهار الوقف على هاء "ماليه" وقفة لطيفة من غير تنفس. وهذان الوجهان أي الإظهار والإدغام جائزان في حال وصل ماليه بهلك لمن أثبت الهاء من القراء حينئذ ومنهم حفص عن عاصم. أما في حالة الوقف فلا خلاف في إثبات الهاء للكل. وفيما سوى هذين الشرطين يدغم أول المثلين في الثاني وجوباً لكل القراء سواء كان في كلمة نحو {يُدْرِككُّمُ} [النساء: 78] {يُوَجِّههُّ} [النحل: 76] {الم} [البقرة: 1] {المر} [الرعد: 1] أو في كلمتين نحو {رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ} {اضرب

بِّعَصَاكَ} [الأعراف: 160] . {فَلاَ يُسْرِف فِّي القتل} [الإسراء: 33] {وَقَدْ دَّخَلُواْ} [المائدة: 61] {كَانَت تَّأْتِيهِمْ} [التغابن: 6] {قُل لَّكُم} [سبأ: 30] {عَصَوْاْ وَّكَانُواْ} [آل عمران: 112] {إِن نَّشَأْ} [الشعراء: 4] . {إِذ ذَّهَبَ} [لأنبياء: 87] وما إلى ذلك. ويسمى إدغام مثلين صغيراً. فإن كان مصحوباً بالغنة نحو {كَم مِّن فِئَةٍ} [البقرة: 249] و {الم} [البقرة: 1] و {لَن نُّؤْمِنَ} [الإسراء: 90] فيمسى إدغام مثلين صغيراً مع الغنة. وقد أشار العلامة الجمزوري في كنز المعاني إلى وجوب إدغام المثلين الصغير للجميع بالشروط التي ذكرنا بقوله فيه رحمه الله تعالى: وما أوَّلُ المثْلَيْن فيه مُسَكَّن ... فلا بُدَّ من إدغامِه مُتَمَثِّلا لدى الكلِّ إلاَّ حرف مَد فأظْهِرنْ ... كقالوا وَهُمْ في يَوْمِ وامدُدْهُ مُسْجَلاَ لِكُلِّ وإلاَّ هاءُ سَكْت بمَالِيَهْ ... ففيهِ لهُمْ خُلْفٌ والإظهارُ فُضِّلاَ بسَكْت ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... اهـ كما أشار أيضاً العلامة السمنودي في لآلىء البيان بقوله عفا الله عنه: أوَّلَ مِثْلَى الصَّغير دُون مَدّ ... أدْغِمْ ولكنْ سَكْت مَالِيَهْ أسَدّ أهـ الإدغام الواجب في المتقاربين وحروفه الخاصة به وهو ليس مطلقاً كإدغام المثلين بل في أحرف مخصوصة. منها ما هو مطرد

في التنزيل. ومنها ما هو خاص بموضعه. وهذه الأحرف هي: 1- اللام الساكنة في الراء سواء كانت من حرف "بل" أو من فعل "قل" نحو {بَل رَّبُّكُمْ} [الأنبياء: 56] {بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ} [النساء: 158] . {وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً} [المؤمنون: 29] . وما ذكره إمامنا الحافظ السيوطي في الإتقان من التثميل بقوله: "هل رَّأيتم" فهو سهو منه رحمه الله إذ الراء لا تقع بعد هل في القرآن الكريم ألْبَتَّه ويستثنى من هذا النوع إدغام لام بل في الراء من {بَلْ رَانَ} [بالمطففين الآية: 14] ، لحفص عن عاصم من الشاطبية بسبب سكته عليها والسكت يمنع الإدغام. 2- النون الساكنة ولو تنويناً في خمسة أحرف وهي: "اللام والراء والميم والواو والياء". مثال النون مع هذه الأحرف {مِّن رَّبِّهِمْ} [البقرة: 5] {مِّن لَّدُنْهُ} [الكهف: 2] {مِّن مَّالِ الله} [لنور: 33] {مِن وَلِيٍّ} [البقرة: 120] {إِن يَقُولُونَ} [الكهف: 5] . ومثال التنوين معها نحو {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} [الفتح: 29] {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] {

مَثَلاً مَّا} [البقرة: 26] {وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} [الأحزاب: 17] {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ} [النور: 25] . بقي حرف واحد من الأحرف التي تدغم فيه النون الساكنة ولو تنويناً وهو "النون" نحو {إِن نَّقُولُ} [هود: 54] {يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] وهو حينئذ من باب المثلين الذي ذكرناه آنفاً وقد مثلنا له هناك بنحو هذا فتأمله. أما الكلام على الغنة وعدمها في هذا الإدغام فسيأتي عند الكلام على نقصان الإدغام وكماله إن شاء الله تعالى. هذا: ويستثنى من هذا النوع إدغام النون الساكنة في الراء من قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} [بالقيامة: 27] عند حفص عاصم من الشاطبية بسبب سكته على النون والسكت يمنع الإدغام. 3- الإدغام الشمسي وهو إدغام لام التعريف في حروفها الأربعة عشر الخاصة بها المتقدمة في قوله: "طب ثم صل ... البيت" باستثناء حرف واحد منها وهو اللام في نحو {والليل إِذَا يغشى} [الليل: 1] فإنه من قبيل إدغام المثلين والأمثلة غير خفية لتقدمها في محلها كما تقدم هناك أيضاً وجه إدغام لام التعريف في

القرب والمثل اتفاقاً واختلافاً فارجع إليه إن شئت. 4- القاف الساكنة في الكاف في قوله تعالى بالمراسلات: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} [الآية: 20] ،. ويسمى كل ما ذكرنا في هذا الإدغام إدغام متقاربين صغيراً وتزاد كلمة بغنة إن كان مصحوباً بها كإدغام النون الساكنة والتنوين في الميم والواو والياء وكذلك لام التعريف في النون نحو {مِّنَ النور} [البقرة: 257] فتأمل. الإدغام الواجب في المتجانسين وحروفه الخاصة به وهو كإدغام المتقاربين في أن له حروفاً مخصوصة وقد تكون مطردة وغير مطردة وأحرفه كما يلي: 1- الذال المعجمة الساكنة من ذال "إذ" في الظاء في موضعين وهما {إِذ ظَّلَمْتُمْ} [الزخرف: 39] ، {إِذ ظلموا} [النساء: 64] ولا ثالث لهما في التنزيل. 2- الدال المهملة الساكنة في التاء المثناة فوق سواء أكانت الدال هذه حرف "قد" أو من غيره. ففي قد نحو {قَد تَّبَيَّنَ} [البقرة: 256] ، و {قَد تَّعْلَمُونَ} [الصف: 5] وما شابه ذلك. وأما في غير "قد" فهو كثير في التنزيل نحو {حَصَدتُّمْ} [يوسف: 47] {وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ} [الأنفال: 42] ، {إِلاَّ الذين عَاهَدتُّم} [التوبة: 4، 7] {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ} [النساء: 20] ، {لَقَدْ كِدتَّ} [الإسراء: 74] ، {

رُّدِدتُّ} [الكهف: 36] وما إلى ذلك. وليس منه كلمة {عَنِتُّمْ} [بآل عمران: 118] والتوبة: 128] و {لَعَنِتُّمْ} [بالحجرات: 7] لأنها من العنت ولذا لم ترسم في المصحف الشريف بدال بين النون والتاء وقد نظم بعضهم هذه المواضع فقال: عَنِتُّم قدْ أتَتْ في ثلاثَةٍ ... بتَاءٍ فلاَ تُرْسَمُ بدالٍ أخَا العُلاَ ففي آل عِمْران أتَتْ وبتوبَةٍ ... وبالحُجُرات اخْتِمْ كذا نَقَل المَلاَ اهـ 3- تاء التأنيث الساكنة في الدال وفي الطاء المهملتين. ففي الدال في موضعين لا ثالث لهما: أولهما في قوله تعالى في الأعراف: {فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا الله رَبَّهُمَا} [الأعراف: 189] . وثانيهما في قوله بيونس: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فاستقيما} [يونس: 89] . وفي الطاء في نحو قوله تعالى بالصف: {فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ} [الصف: 14] . 4- الطاء المهملة الساكنة في التاء المثناة فوق نحو {أَحَطتُ} [النمل: 22] {بَسَطتَ} [المائدة: 28] ، {فَرَّطتُمْ} [يوسف: 80] ولهذا الحرف مزيد بيان نأتي عليه عند الكلام على كمال الإدغام ونقصانه. 5- الميم الساكنة إذا وقع بعدها الباء الموحدة فتخفى حينئذ مع الغنة في

أحد القولين نحو {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ} [غافر: 16] {فاحكم بَيْنَهُمْ} [المائدة: 42] {أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول} [الرعد: 33] . والقول الآخر هو الإظهار من غير غنة وإليه ذهب بعضهم وهو اختيار مكي بن أبي طالب القيسي وتقدم الكلام مستوفى على هذه المسألة في باب الميم الساكنة فارجع إليه إن شئت والله الموفق. 6- اللام الساكنة في الراء نحو {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه: 114] وكذلك النون الساكنة في اللام والراء نحو {مِن لَّدُنَّا} [الكهف: 65] {أَن رَّآهُ} [العلق: 7] وهذا على مذهب الفراء وموافقيه. أما على مذهب الجمهور وهو المعول عليه فمن قبيل إدغام المتقاربين كما تقدم ويسمى الكل إدغام متجانسين صغيراً والله تعالى أعلم. الكلام على الإدغام الممتنع: أو موانع الإدغام الصغير تقدم أن الإدغام الممتنع هو ما امتنع إدغامه عند عامة القراء. وهو ما كان الحرف الأول فيه متحركاً والثاني ساكناً سواء كانا في كلمة كالقافين في نحو {شَقَقْنَا} [عبس: 26] وكالذال المعجمة والتاء المثنة فوق في نحو {فاتخذت مِن دُونِهِم} [مريم: 17] أو كلمتين كاللامين في نحو {قَالَ الملأ} [الأعراف: 60، 66، 75، 88، 109] واللام والراء في نحو {قَالَ ارجع} [يوسف: 50] فكل هذا وما شاكله لا يجوز إدغامه بحال لأن من شرط الإدغام

أن يكون المدغم وهو الحرف الأول ساكناً والمدغم فيه وهو الحرف الثاني متحركاً وهو هنا بالعكس ولهذا امتنع الإدغام هنا بالإجماع وهذه هي موانع الإدغام الصغير. وقد أشار إلى ما تقدم ذكره من الإدغام الواجب الممتنع في هذا الباب الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: واوَّلَىْ مِثْلٍ وجنْس إنْ سَكَنْ ... أدْغِمْ كقُل ربِّي وبل لا وأبنْ في يومِ مع قالوا وَهُمْ وقُلْ نعَمْ ... سبَّحْهُ لا تُزغْ قُلوبَ فالْتَقُمْ الكلام على الإدغام الجائز وبيان مذهب حفص عن عاصم في فصوله سبق أن قلنا إن المراد بالإدغام الجائز أي ما جاز إدغامه وإظهاره عند بعض القراء وينحصر الكلام عليه في خمسة فصول: الأول: في ذال إذ. والثاني: في دال قد. والثالث: في تاء التأنيث الساكنة. والرابع: في لامي هل وبل. والخامس: في حروف قربت مخارجها. وفيما يلي الكلام على كل بانفراد فنقول وبالله التوفيق ومنه العون.

الفصل الأول / في الإدغام الجائز في ذال "إذ"

الفصل الأول / في الإدغام الجائز في ذال "إذ" الذال المعجمة من ذال "إذ" يجوز إدغامها في ستة أحرف وهي: التاء المثناة فوق والجيم والدال المهملة والزاي والسين والصاد. ففي التاء نحو {إِذْ تَأْتِيهِمْ} [الأعراف: 163] وفي الجيم {وَإِذْ جَعَلْنَا} [البقرة: 125] وفي الدال نحو {إِذْ دَخَلُواْ} [ص: 22] وفي الزاي نحو {إِذْ زَيَّنَ} [الأنفال: 48] وفي السين نحو {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} [النور: 12-16] وفي الصاد نحو {وَإِذْ صَرَفْنَآ} [الأحقاف: 29] وقد اختلف القراء في هذه الأحرف الستة في إظهارها وإدغامها في ذال "إذ" فمنهم من أدغمها كلها إما للتجانس وإما للتقارب كما هو معروف ومنه من أدغم بعضها كذلك ومنهم من أظهرها كلها على الأصل. ومن أراد ذلك فهو مبسوط في كتب الخلاف. وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه قرأ في كلها بالإظهار وجهاً واحداً على الأصل وبالله التوفيق.

الفصل الثاني / في الإدغام الجائز في دال "قد"

الفصل الثاني / في الإدغام الجائز في دال "قد" يجوز إدغام دال قد في ثمانية أحرف وهي "الجيم والذال المعجمة والزاي والسين والشين والصاد والضاد والظاء المشالة". ففي الجيم نحو {وَلَقَدْ جَعَلْنَا} [الحجر: 16] وفي الذال نحو {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} [الأعراف: 179] وفي الزاي نحو {وَلَقَدْ زَيَّنَّا} [الملك: 5] وفي السين نحو {قَدْ سَمِعَ الله} [المجادلة: 1] وفي الشين في نحو {قَدْ شَغَفَهَا} [يوسف: 30] وفي الصاد نحو {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا} [الكهف: 54] وفي الضاد نحو {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا} [الروم: 58] وفي الظاء نحو {لَقَدْ ظَلَمَكَ} [ص: 24] وقد اختلف القراء في إدغام هذه الأحرف الثمانية في دال قد فمنهم من أظهرها كلها على الأصل ومنهم حفص عن عاصم ومنهم أدغمها كلها للتقارب. ومنهم من أدغم بعضها كلها ومن أراد تفصيل ذلك فهو مذكور بإسهاب في كتب الخلاف والله المرشد والمعين.

الفصل الثالث / في الإدغام الجائز تاء التأنيث الساكنة

الفصل الثالث / في الإدغام الجائز تاء التأنيث الساكنة تدغم تاء التأنيث الساكنة جوازاً في ستة أحرف وهي: "الثاء المثلثة والجيم والزاي والسين والصاد والظاء". ففي الثاء نحو {بَعِدَتْ ثَمُودُ} [هود: 95] . وفي الجيم نحو {نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} [النساء: 56] وفي الزاي نحو {خَبَتْ زِدْنَاهُمْ} [الإسراء: 97] وفي السين {فَكَانَتْ سَرَاباً} [النبأ: 20] وفي الصاد نحو {لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} [الحج: 40] وفي الظاء نحو {كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: 11] وكما مر: اختلف الأئمة القراء في إدغام هذه الأحرف الستة وإظهارها في تاء التأنيث الساكنة. فمنهم من أدغمها كلها للتقارب ومنهم من أدغم بعضها كذلك. ومنهم من أظهرها كلها على الأصل ومن بينهم حفص عن عاصم وتفصيل الإدغام والإظهار في هذا الموطن مبسوط في كتب القراءات والله الموفق.

الفصل الرابع / في الإدغام الجائز في لام "هل وبل"

الفصل الرابع / في الإدغام الجائز في لام "هل وبل" تدغم اللام من بل وهل جوازاً في أحرف ثمانية قد مر ذكرها مفصلاً تفصيلاً كاملاً في باب اللامات الساكنة في الفصل الخامس في لام الحرف فارجع إليه إن شئت والله المرشد والهادي إلى سواء السبيل.

الفصل الخامس / في الإدغام الجائز في حروف قربت مخارجها وبيان مذهب حفص فيه اتفاقا واختلافا

الفصل الخامس / في الإدغام الجائز في حروف قربت مخارجها وبيان مذهب حفص فيه اتفاقاً واختلافاً وجملة هذه الأحرف سعبة عشر حرفاً وهي كالآتي: الحرف الأول: الباء المجزومة من الفاء نحو {أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ} [النساء: 74] {وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ} [الرعد: 5] وما شاكل هذا وسبب الإدغام هنا التقارب. الحرف الثاني: اللام المجزومة في الذال المعجمة في {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ} [البقرة: 231] حيث وقع هذا اللفظ بعينه في القرآن الكريم. وسبب الإدغام هنا التقارب. أما إذا كانت اللام غير مجزومة فلا تدغم بالإجماع كما في قوله تعالى: {فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ} [البقرة: 85] فتنبه. الحرف الثالث: الفاء المجزومة في الباء الموحدة في موضع واحد في التنزيل في قوله تعالى بسبأ: {إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرض} [الآية: 9] وسبب الإدغام هنا التقارب أيضاً. وتضعيف الزمخشري وغيره لهذا الإدغام رده غير واحد من الثقات كالإمام أبي حيان وهي قراءة سبعية متواترة كما هو مقرر. الحرف الرابع: الذال المعجمة في التاء المثناة فوق في لفظ {عُذْتُ} [الدخان: 1] نحو

قوله تعالى: {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ} [الدخان: 1] . الحرف الخامس: الذال المعجمة في التاء المثناة فوق أيضاً في لفظ {فَنَبَذْتُهَا} [طه: 96] بسورة طه ليس غير، وسبب الإدغام هنا وفيما سبق التقارب. الحرف السادس: الثاء المثلثة في التاء المثناة فوق في لفظ {أُورِثْتُمُوهَا} [في الأعراف: 43] [والزخرف: 72] . الحرف السابع: الراء المجزومة في اللام نحو {واصطبر لِعِبَادَتِهِ} [ريم: 65] وسبب الإدغام هنا التجانس حسبما ذهب إليه الفراء وموافقوه أما على مذهب الجمهور فسببه التقارب. الحرف الثامن والتاسع: النون في الواو من هجاء {يس والقرآن الحكيم} [يس: 1-2] {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] ولا ثالث لهما في التنزيل. وسبب الإدغام التقارب. الحرف العاشر: الدال المهملة من هجاء {كهيعص} [مريم: 1] والذال المعجمة من {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ} [مريم: 2] بفاتحة مريم والسبب هنا التقارب. الحرف الحادي عشر: الدال المهملة المجزومة في الثاء المثلثة في {يُرِدْ ثَوَابَ} [آل عمران: 145] في الموضعين بآل عمران. الحرف الثاني عشر: الثاء المثلثة في التاء المثناة فوق في كلمتي {

لَبِثْتُ} [البقرة: 259] و {لَبِثْتُمْ} [الكهف: 19] كيف وقعتا في النزيل مفردة أو مجموعة كما في المثال وسبب الإدغام هنا وفيما سبق التقارب أيضاً. الحرف الثالث عشر: النون في الميم من هجاء {طسم} [الشعراء: 1] فاتحة الشعراء والقصص. الحرف الرابع عشر: الذال المعجمة في التاء المثناة فوق في لفظ "أخذت" كيف جاء في القرآن أو كما عبر الإمام المتولي في هذا الحرف "بباب الاتخاذ" أي كيف وقع سواء كان مفرداً أو مجموعاً نحو {أَخَذْتُ} [فاطر: 26] و {أَخَذْتُمْ} [آل عمران: 81] و {لَتَّخَذْتَ} [الكهف: 77] و {فاتخذتموهم} [المؤمنون: 110] وما إلى ذلك وسبب الإدغام هنا وفيما سبق التقارب. الحرف الخامس عشر: الباء الموحدة من لفظ "يعذب" في ميم "من" بسورة البقرة خاصة في قوله عز من قائل: {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} [البقرة: 284] والإدغام في هذا الحرف خاص بمن قرأ بالجزم في باء يعذب: أما من قرأ بالرفع ومنهم حفص عن عاصم فلا إدغام عنده بحال فتنبه. هذا: ووجه من أدغم هنا التجانس. الحرف السادس عشر: الثاء المثلثة في الذال المعجمة من لفظ {يَلْهَث ذَّلِكَ} [الأعراف: 176] بالأعراف خاصة وسبب الإدغام هنا التجانس كذلك. الحرف السابع عشر: الباء الموحدة الساكنة في الميم من {

اركب مَّعَنَا} [هود: 42] بهود وسبب الإدغام هنا التجانس أيضاً. والآن قد تم الكلام على الأحرف السبعة عشر المدغمة جوازاً وقد تقدم معنى الجواز غير مرة: ونقول أن كل حرف منها قد اختلف الأئمة القراء فيه. فمنهم من أظهر على الأصل. ومنهم من أدغم على الجواز سواء أكان الإدغام متفقاً عليه أم مختلفاً فيه وهذا كله مبسوط في كتب القراءات تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار ومراعاة للمبتدئين وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه قرأ بالإظهار وجهاً واحداً في كلها باستثناء أحرف ثلاثة. فأدغم في واحد منها بالإجماع. واختلف عنه في الحرفين الباقيين. أما الحرف المتفق على إدغامه عنه فهو النون في الميم من هجاء "طسَمَ" فاتحة الشعراء والقصص. وأما الحرفان المختلف عنه فيهما. فأولهما: الثاء المثلثة في الذال المعجمة في {يَلْهَث ذَّلِكَ} [بالأعراف: 176] . وثانيهما: الباء في الميم في {اركب مَّعَنَا} [بهود: 42] . وهنا شيء هام يجب معرفته بالنسبة لهذين الحرفين وهو: أن الإدغام فيهما جاء عن حفص عن عاصم من طريق الشاطبية بالاتفاق. وجاء عنه من طريق الطيبة بالخلاف وهذا يفيد أن لحفص الوجهين الإظهار والإدغام في هذين الحرفين من طريق الطيبة وعليه: فيكون الإظهار لحفص زائداً له على ما في الشاطبية. ولا يجوز للقارىء أن يقرأ بوجه الإظهار لحفص في هذين الحرفين إلا إذا علم بطريق التلقي ما يترتب عليه من أحكام يجب مراعاتها ولا يجوز مخالفتها بحال لأن هذه الأحكام إذا تركت ولم تراع في التلاوة فيعد كذباً في الرواية. وقد وقع في بعض كتب المحدثين الكثير من هذا وشبهه ولم ينبه الطالب في هذه الكتب إلى ما أشرنا إليه وترك الكلام فيها مطلقاً ولابد من تقييده بما ذكرنا. فلا تغتر أخي بما جاء في هذه الكتب مما يفيد ترك الأحكام الواجب

اتباعها على أحكام ذكرت لحفص من الطيبة كوجه الإظهار في هذين الحرفين. وإن شاء الله تعالى سأتتبع هذه الكتب وأبين في كتابنا هذا ما جاء فيها من أوجه زائدة لحفص من الطيبة ولم ينبه أصحابها عليها. وإن مد الله في العمر فالنية متجهة إلى إفراد الأوجه الزائدة لحفص من طريق الطيبة وما يترتب عليها من أحكام يجب اتباعها في كتاب خاص لأن ذكرها في هذا الكتاب يشوش على المبتدئين والله ولي التوفيق. تتمة: ذكر أئمتنا فصلاً سادساً في الإدغام الجائز وهو فصل أحكام النون الساكنة والتنوين وهذا الفصل أكثر مسائله إجماعية. والحق أن ذكره في المدغم وجوباً أولى لأن الإدغام الذي جاء فيه متفق عليه بين عامة القراء وإنما الخلاف الذي جاء فيه بينهم من جهة بقاء صفة الغنة في المدغم وعدم بقائها مما سيأتي بيانه في كتابنا هذا عند الكلام على كمال الإدغام ونقصانه. وقد تقدم الكلام مستوفى على هذا الفصل فارجع إليه والله الموفق. أقسام الإدغام الصغير من حيث الكمال والنقصان ينقسم الإدغام الصغير في غير الأقسام المتقدمة التي هي الإدغام الواجب والجائز والممتنع إلى قسمين آخرين: كامل، وناقص، ولكل منهما حد يخصه وحقيقة يتميز بها عن الآخر. الإدغام الكامل أما حقيقة الإدغام الكامل فهو سقوط المدغم ذاتاً وصفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك يصير المدغم والمدغم فيه حرفاً واحداً مشدداً تشديداً كاملاً وذلك نحو {فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ} [الصف: 14] {وَإِنْ أَرَدْتُّمُ} [النساء: 20] {وَقُل رَّبِّ} [طه: 114] {مِّن رَّبِّهِمْ} [البقرة: 5] {مِّن

لَّدُنْهُ} [الكهف: 2] {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] {كَم مِّن فِئَةٍ} [البقرة: 249] ونحو {الراكعون} [التوبة: 112] . ومن ثم نرى أن التاء من {فَآمَنَت} [الصف: 14] في المثال الأول أبدلت طاء ثم أدغمت في الطاء من "طائفة" فانعدمت ذاتاً وصفة وصار النطق بنون مفتوحة بعدها طاء مفتوحة مشددة وكذلك القول في باقي الأمثلة المذكورة هنا وما شابهها من غيرها. وسمي كاملاً لاستكمال التشديد. الإدغام الناقص وأما حد الإدغام الناقص فهو سقوط المدغم ذاتاً لا صفة بإدغامه في المدغم فيه وبذلك يصير المدغم والمدغم فيه حرفاً واحداً مشدداً تشديداً ناقصاً وذلك من أجل بقاء صفة المدغم نحو إدغام الطاء الساكنة في التاء المثناة فوق نحو {أَحَطتُ} [النمل: 22] {بَسَطتَ} [المائدة: 28] . وسمي ناقصاً لأنه غير مستكمل التشديد من أجل بقاء صفة المدغم وهي هنا صفة الإطباق وكيفية أداء الإدغام هنا المحافظة على سكون الطاء من غير قلقلة وهذا هو المراد من بيان إطباق الطاء وذلك لئلا تشتبه بالتاء المدغمة المجانسة لها في المخرج ولا يضبط هذا الإدغام إلا بالمشافهة والسماع من شيوخ الأداء. ومنه أيضاً إدغام القاف الساكنة في الكاف من {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] بالمرسلات في أحد الوجهين ويسمى إدغاماً ناقصاً لأنه غير مستكمل التشديد أيضاً

من أجل بقاء صفة المدغم وهي هنا صفة الاستعلاء التي في القاف. كيفية أداء الإدغام الناقص في ألم نخلقكم وكيفية أداء هذا الإدغام المحافظة على سكون القاف من غير قلقلة أيضاً. أما الوجه الآخر في هذا الكلمة فهو إدغام القاف في الكاف إدغاماً كاملاً بإسقاطها ذاتاً وصفة وبذلك يصير النطق بلام مضمومة بعدها كاف مضمومة مشددة تشديداً كاملاً. والوجهان صحيحان مقروء بهما لجميع القراء إلا أن الإدغام الكامل هو الأولى والمختار عند الجمهور المقدم في الأداء وقد حكى غير واحد الإجماع عليه. وقد أشار بعضهم إلى كيفية أداء الوجهين في لفظ {نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] بقوله: فبعضهم أتى بالقاف غير مقلقل ... وبعضٌ أَتى بالكاف خالصةً تلا أهـ كما أشار إلى ما ذكرناه من كيفية الإدغام الناقص في نحو {بَسَطتَ} [المائدة: 28] وإلى الخلاف في {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: وبيّن الإطباقَ منْ أحطتُ مَعْ ... بسطتَ والخُلْفُ بنخْلُقكم وَقَعْ اهـ ومن الإدغام الناقص أيضاً إدغام النون الساكنة ولو تنويناً في الواو والياء

بالغنة نحو {مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [التوبة: 74] {إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ} [الأنفال: 70] . وسمي الإدغام هنا ناقصاً لأنه غير مستكمل التشديد من أجل بقاء صفة الغنة في المدغم فهي بمنزلة حرف الإطباق الموجود مع الإدغام في نحو {فَرَّطَتُ} [الزمر: 56] وبمنزلة حرف الاستعلاء الموجود مع الإدغام في {أَلَمْ نَخْلُقكُّم} [المرسلات: 20] على القول بنقصانه. وأما إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء من غير غنة في نحو {مِن لَّدُنِّي} [الكهف: 76] {هُدًى لِّلنَّاسِ} [البقرة: 185] {مِن رِّزْقِ الله} [البقرة: 60] {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 182] فمن قبيل الإدغام الكامل لانعدام المدغم. ذاتاً وصفة بإدغامه في المدغم فيه ولاستكمال التشديد. أما إذا قرىء ببقاء صفة الغنة وهي قراءة الأئمة "نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو ويعقوب وابن عامر وعاصم من رواية حفص في أحد الوجهين عنهم من طريق طيبة النشر". فالإدغام من قبيل الإدغام الناقص لعدم استكمال التشديد فيه من أجل بقاء صفة الغنة نص على ذلك الحافظ أبو عمرو الداني في المحكم كما سيأتي والعلامة المارغني في شرح ضبط الخراز وكذلك العلامة الضباع في تذكرة الإخوان وغيرهم.

كيفية إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء بالغنة وأما الغنة في هذا الإدغام فتجعل على اللام والراء نبه على ذلك العلامة الخليجي الإسكندري في كتابه تيسير الأمر وبذلك قرأ وبه أقرىء. هذا: ويستثنى من قراءة الإمام نافع رواية ورش من طريق الأزرق حيث قرأ بعدم بقاء صفة الغنة في هذا الإدغام. وأما إدغام النون الساكنة ولو تنويناً في النون والميم في نحو {إِن نَّقُولُ} [هود: 54] {يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] {مِن مَّآءٍ} [البقرة: 164] {مَثَلاً مَّا} [البقرة: 26] فمن قبيل الإدغام الكامل على الصحيح لاستكمال التشديد فيه وذلك لسقوط المدغم ذاتاً وصفة بانقلابه من جنس المدغم فيه كما هو واضح من النطق وهذا هو المعتمد والمأخوذ به وعليه الجمهور. وذهب بعضهم إلى أنه من قبيل الإدغام الناقص بحجة أن الغنة منعت كمال التشديد فيه وألحقوه بإدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء مع الغنة في

نقصانه. وجاء هذا في بعض شراح المقدمة الجزرية وغيرها ككتاب العقد الفريد الكبير والرعاية. ونقول: إن هذا القول مخالف لما عليه الجمهور ومردود عليه بأكثر من رد وكلها تؤيد أن إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم من قبيل الإدغام الكامل. ومن تلك الردود ما قاله الإمام أبو شامة نَقَلَهُ عن صاحب "نهاية القول المفيد" ونصه وأما إدغامهما في النون والميم فهو إدغام محض لأن في كل من المدغم والمدغم فيه. غنة فإذا ذهبت إحداهما يعني غنة المدغم بالإدغام بقيت الأخرى وهذا مذهب الجمهور فالتشديد مستكمل على مذهبهم" أهـ بلفظه. قال الفقير وممَّا يعضد قول الحافظ أبي شامة وغيره من الأئمة الذين لم يرتضوا نقصان الإدغام في هذه الحالة قول علماء فن الضبط في هذه المسألة حيث قالوا بكمال الإدغام حال إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم وأورد هنا بعضاً من كلام المتقدمين منهم والمتأخرين فأقول وبالله التوفيق. جاء في "كتاب المحكم في نقط المصاحف" للحافظ أبي عمرو الداني رحمه الله في باب ذكر حكم النون الساكنة وما بعدها - أي من الحروف - في حال البيان والإدغام والإخفاء عند ذكره لنقط الإدغام ما حاصله أي إن النون الساكن تدغم إدغاماً صحيحاً وتدخل إدخالاً شديداً إذ أتى بعدها اللام والراء والنون والميم وكذلك إذا أتى بعدها الواو والياء على مذهب من أذهب الغنة عندهما ولم يبق لها أثر مع الإدغام. وعلى مذهب من بين غنة النون عند اللام والراء والواو والياء لم تدغم النون إدغاماً تامّاً لأنها لم تنقلب إلى لفظ هذه الحروف قلباً صحيحاً ولم تدغم فيها إدغاماً تامّاً لبقاء صوتها الذي لها من الخيشوم وهو الغنة. وقال رضي الله عنه

بنحو ذلك في باب التنوين قبل باب النون في الكتاب نفسه أهـ بمعناه. وجاء في شرح ضبط الخراز للعلامة المارغني ما حاصله أيضاً "أن من الإدغام الكامل إدغام النون الساكنة والتنوين في أربعة أحرف وهي: اللام والميم والنون والراء وجمعها لفظ النظم في جملة "لم نر" وكذلك الواو والياء عند من قرأ بإدغامهما فيهما بغير غنة وأن من الإدغام الناقص إدغامهما في الواو والياء بالغنة وكذلك اللام والراء عند من أدغم وأبقى الغنة" أهـ بمعناه أيضاً. بعد هذا أصبح من الواضح تماماً أن إدغام النون الساكنة والتنوين في النون والميم من الإدغام الكامل وهو الصحيح المأخوذ به عند الجمهور وهو الذي تلقيناه عن مشايخنا في الجامع الأزهر المعمور فتأمله والله الموفق. وصفوة القول أن الفرق بين الإدغام الكامل والناقص هو أن الإدغام الناقص يبقى في المدغم وصفه سواء أكان إطباقاً أم استعلاء أم غنة وأن الإدغام الكامل هو الذي لا يبقى للمدغم أثر وذلك بسقوطه ذاتاً وصفة وإدغامه في المدغم فيه. وهذا ما أشار إليه العلامة السمنودي في لآلىء البيان في تقسيم الإدغام بقوله: ذا ناقِصٌ إنْ يبقَ وصْفُ المدغَم ... وكاملٌ إنْ يُمْحَ ذا فَلْتَعْلَمِ اهـ ومعنى سقوط المدغم في كل ما مر ذكره إنما هو في اللفظ لا في الخط فتأمل. تتمة: قد يعبر عن الإدغام الناقص بالإدغام غير المحض ناقص التشديد وعن الإدغام الكامل بالإدغام المحض كامل التشديد وبالإدغام التام وبالخالص وكلها ألفاظ مترادفة فتفطن وبالله التوفيق.

الخاتمة نسأل الله تعالى حسنها في الكلام على كلمة تأمنا كلمة "تأمنا" جاءت في سورة سيدنا يوسف على نبينا سيدنا محمد وعليه أفضل الصلاة والسلام في قوله تعالى: {مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا على يُوسُفَ} [يوسف: 11] والأصل فيها "تأّمَنُنَا" على وزن تضمننا بنونين مظهرتين الأولى مرفوعة وهي لام الفعل والثانية مفتوحة وهي نون المتكلم وقد أجمعت المصاحف على كتابتها بنون واحدة على خلاف الأصل. والحكم فيها متعلق بالإدغام الكبير الذي تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار ولعدم تعلقه برواية حفص ولما كان الحكم فيها متفق عليه بين جمهور القراء والذين منهم حفص عاصم كان من الواجب ذكر ما فيها من أحكام التلاوة ووفاء بما وعدنا به من الكلام عليها في باب المثلين نقول وبالله التوفيق. يجوز في هذه الكلمة لحفص عن عاصم كغيره من الأئمة العشرة باستثناء الإمام أبي جعفر وجهان صحيحان مقروء بهما. الأول: إدغام النون الأولى في الثانية مع الإشمام. الثاني: الاختلاس أي اختلاس ضمة النون الأولى وحينئذ يمتنع إدغام

النون الأولى في الثانية مطلقاً لتعذر الإتيان به لأن من شرط الإدغام تسكين المدغم وهو هنا النون الأولى وهي لا تزال متحركة وإن كانت حركتها غير كاملة بسبب اختلاسها فلا تكون مدغمة والحالة هذه. هذا: ووجه الاختلاس وكذلك وجه الإشمام لا يحكمان إلا بالمشافهة والسماع من أفواه الشيوخ المحققين الآخذين ذلك عن شيوخهم. ووجه الاختلاس هو المقدم في الأداء والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم.

الباب الحادي عشر / في المد والقصر

الباب الحادي عشر / في المد والقصر التمهيد التمهيد: ينحصر كلامنا في هذا الباب جملة في خمسة أشياء وهي: 1- الأصل في المد. 2- تعريفه. 3- حروفه. 4- شروطه. 5- أقسامه. ولكلٍ كلامٌ خاص نفصله فيما يلي: الأصل في المد أما الأصل فيه فهو حديث موسى بن يزيد الكندي قال: "كان ابن مسعود يقرىء رجلاً فقرأ الرجل {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} [التوبة: 60] "مرسلة" فقال: ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها: {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين} [التوبة: 60] فمدها. وقد خرجه السيوطي في "الدر المنثور" فقال: أخرجه سعيد بن منصور والطبراني وابن مردويه. وذكره الحافظ ابن الجزري في "النشر الكبير" بسنده إلى ابن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ مقارب وقال فيه: "هذا حديث حجة ونص في هذا الباب رجال إسناده ثقات، رواه الطبراني في معجمه الكبير انتهى منه بلفظه. والأصل في المد عموماً ما رواه البخاري في صحيحه (باب مد القراءة) عن قتادة قالت سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "كان يمد مدّاً" أهـ ورواه النسائي عن قتادة بلفظ "سألت أنساً كيف

تعريفه

كانت قراءة رسول الله صلى عليه وسلم؟ قال: "كان يمد صوته مدّاً". قال مكي بن أبي طالب القيسي فيه في "الكشف" فهذا عموم في كل ممدود وذكر الصوت يدل على نفس المد وتأكيده بالمصدر يدل على إشباع المد. وقد قيل: إن معناه: "يصل قراءة بعضها ببعض" من قولهم مددت السير في هذه الليلة وذكره في الحديث لـ"الصوت" يدل على خلاف هذا التأويل. وقوله تعالى: {وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً} [المزمل الآية: (4) ] يدل على التمهل والتمهل يعطي المد وهو الاختيار لإجماع أكثر القراء على ذلك ولما فيه من البيان ولما ذكرنا من الحديث" أهـ. وقال الشريف بن يالوشة في شرح المقدمة الجزرية بعد أن ساق هذا الحديث "والخبر عام في المتصل والمنفصل وغيرهما من أنواع المد" أهـ. تعريفه أما تعريف المد: فهو في اللغة الزيادة ومنه قوله تعالى {أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ} [آل عمران: 124] أي يزدكم وفي الاصطلاح إطالة الصوت بحرف من حروف المد واللين أو بحرف من حرفي اللين فقط. وأما تعريف القصر فهو في اللغة الحبس ومنه قوله تعالى: {حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ} [الرحمن: 72] أي محبوسات فيها. وفي الاصطلاح: إثبات حرف المد فقط

حروفه وشروطه

وحرف اللين وحده من غير زيادة عليهما. ويستفاد من التعريف الاصطلاحي للقصر بالنسبة لحرف المد فقط أن المراد منه هنا هو ترك الزيادة التي فوق مقدار المد الطبيعي لا ترك المد بالكلية كما قد يتبادر لأنه يؤدي إلى حذف حرف من القرآن وهو غير جائز وقد يرد القصر ويراد منه حذف حرف المد كلية أو نوعاً ما وهو قليل وسنبينه عند التعرض له إن شاء الله تعالى. وإذا أطلق القصر انصرف إلى ترك الزيادة التي فوق مقدار المد الطبيعي فحسب. وإذا أريد بالقصر حذف المد نهائيّاً أو نوعاً ما فلا بد من تقييده أو قرينة تدل على المعنى المراد من القصر عندئذ. هذا: والقصر هو الأصل لأنه يحتاج إلى سبب والمد فرع عنه لاحتياجه إلى سبب سواء أكان المد إشباعاً أم توسطاً. حروفه وشروطه أما حروف المد واللين فثلاثة يجمعها لفظ "واي" وهو الواو الساكنة المضموم ما قبلها نحو {يَقُولُ} [البقرة: 8] والألف الساكنة المفتوح ما قبلها نحو {قَالَ} [البقرة: 30] والياء الساكنة المكسور ما قبلها نحو {وَقِيلَ} [هود: 44] ويجمع الكل بشروطها المذكورة الكلمات التالية: {نُوحِيهَآ} [هود: 49] ، {وَأُوتِينَا} [النمل: 42] ، {أُوذِينَا} [الأعراف: 129] وتسمى الحروف الثلاثة هذه حروف المد واللين لخروجها بامتداد ولين من غير كلفة على

اللسان لاتساع مخرجها. وقد تقدم الكلام عليها في باب المخارج فراجعه. وأما حرفا اللين فهما الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما نحو قوله تعالى: {ألا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] وسميا بذلك لخروجهما بلين وعدم كلفة على اللسان. وقد تقدم في باب الصفات معنى اللين لغة واصطلاحاً فانظره. وأما شروط حروف المد واللين فثلاثة: الأول: ضم ما قبل الواو نحو {يَحُولُ} [الأنفال: 24] . الثاني: كسر ما قبل الياء نحو {وَحِيلَ} [سبأ: 54] . الثالث: فتح ما قبل الألف نحو {وَحَالَ} [هود: 43] وهذا الشرط لازم للألف لا ينفك عنها بخلاف الواو والياء كما سيأتي. وأما حرفا اللين فلهما شرطان: الأول: أن يكونا ساكنين. الثاني: أن يفتح ما قبلهما نحو {الفوز} [النساء: 13] {والخير} [الأنبياء: 35] . ويتلخص مما ذكر أن الياء والواو تارة توصفان بحرفي المد واللين وذلك إذا سكنتا وانكسر ما قبل الياء وانضم ما قبل الواو. وتارة توصفان بحرفي اللين فقط وذلك إذا سكنتا إثر فتح. وإذا خلتا من هذين الوصفين بأن كانتا متحركتين بأي حركة كانت كانتا حرفي علة فقط والأمثلة غير خفية. وأما الألف فلا توصف إلا بحرف المد واللين وهذا الوصف لازم لها لأنها لا تتغير عن سكونها ولا عن فتح ما قبلها بخلاف الواو والياء في أحوالهما الثلاثة المتقدمة. ومما تقدم يفهم أن اللين يصدق على حرف المد فيقال حرف مد ولين

أقسامه

بخلاف العكس فلا يوصف اللين بالمد إلا إذا كان هناك سبب يقتضي المد كما سيأتي ذكر ذلك عند الكلام على أسباب المد الفرعي. وقد أشار العلامة الجمزوري في تحفته إلى حروف المد وحرفي اللين وشروط كل بقوله: حروفُه ثلاثةٌ فعِيهَا ... من لفظِ واي وهي في نوحيها والكسرُ قَبْلَ اليا وقَبْلَ الواو ضم ... شرطٌ وفتحٌ قبْلَ ألف يلْتزمْ واللينُ منها اليا وواوٌ سكَنَا ... إن انفتاحٌ قبلَ كلٍّ أُعلِنا اهـ أقسامه ينقسم المد إلى قسمين: الأول: المد الأصلي. والثاني: المد الفرعي. ولكل منهما حد يخصه وحقيقة يتميز بها عن الآخر وإليك الكلام على كل منهما. الكلام على المد الأصلي "الطبيعي" ويسمى بالمد الطبيعي أيضاً وهو الذي لا تقوم ذات حرف المد إلا به. ولا يتوقف على سبب من أسباب المد الفرعي الآتية بعد: بل يكفي فيه وجود حرف المد واللين. وضابطه ألا يقع بعد حرف المد واللين همز ولا سكون نحو {قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ} [يوسف: 71] {الذى يُوَسْوِسُ} [الناس: 5] . وسمي طبيعيّاً لأن صاحب الطبيعة السليمة لا ينقصه عن حده ولا يزيده عليه. وسمي أصليّاً لأنه أصل لجميع المدود وكما يسمى بالطبيعي وبالأصلي يسمي أيضاً بالمد الذاتي وبمد الصيغة.

أما كونه ذاتيّاً فلأن ذات الحروف لا تقوم إلا به ولا تجتلب بدونه. وأما كونه مد الصيغة فلأن صيغة حروف المد - أي بنيتها - تمد لكل القراء قدر مدها الطبيعي الذي لا تقوم ذاتها إلا به ولا توجد بعدمه لابتنائها عليه وهو مد الصوت بقدر النطق بحركتين كما سيأتي بيانه. قال الإمام ابن بري في الدرر اللوامع: وصيغةُ الجميع للجميع ... تمدُّ قدْرَ مدِّها الطَّبيعي اهـ أقسام المد الطبيعي ينقسم المد الطبيعي إلى قسمين: الأول: المد الطبيعي الكلمي. والثاني: المد الطبيعي الحرفي. ولكل منهما حد يخصه وحقيقة يتميز بها عن الآخر وإليك الكلام على مكل منهما. الكلام على المد الطبيعي الكلمي وأقسامه المد الطبيعي الكلمي هو ما كان موجوداً في كلمة نحو {يُنَادُونَكَ} [الحجرات: 4] ، {فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله} [البقرة: 137] ولأجل هذا سمي كلميّاً. وينقسم هذا المد إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يكون هذا المد ثابتاً في الوصل والوقف ويستوي في ذلك ثبوت حرف المد في خط المصحف الشريف كما في الأمثلة المتقدمة أو حذفها منه نحو {يَابَنِيَّ} [البقرة: 132] {وياقوم استغفروا رَبَّكُمْ} [هود: 52] وما إلى ذلك.

القسم الثاني: أن يكون ثابتاً في الوقف دون الوصل وهو كثير في التنزيل وله صور متعددة تدرك بالتأمل. منها: الوقف على الألف المبدلة من التنوين في الاسم المقصور مطلقاً نحو {هُدًى} [لقمان: 3] {مُصَلًّى} [البقرة: 125] {غُزًّى} [آل عمران: 156] {قُرًى} [سبأ: 18] {عَمًى} [فصلت: 44] {سُدًى} [القيامة: 36] وكذلك الألف المبدلة من التنوين وقفاً في الاسم المنصوب نحو {وَكِيلاً} [النساء: 81] {حَسِيباً} [لنساء: 6] {حَدِيثاً} [النساء: 42] {قِيلا} [النساء: 122] . وليس منه الوقف على الألف المبدلة من التنوين وقفاً في الاسم المنصوب أيضاً في نحو {دُعَآءً} [البقرة: 171] و {نِدَآءً} [البقرة: 171] {بِنَآءً} [البقرة: 22] {غُثَآءً} [الأعلى: 5] فهو من قبيل المحمول على مد البدل وإن كان الحكم فيهما واحداً إلا أنه يخالفه في النوع كما سيأتي: ومنها: الوقف على حرف المد المحذوف للساكنين وهو كثير في القرآن الكريم سواء أكان ألفاً أم واواً أم ياء. فالألف: تكون للتثنية وغيرها. فالتثنية كالوقف على لفظ {ذَاقَا} [الأعراف: 22] من {ذَاقَا الشجرة} [الأعراف: 22] وعلى {ادْخُلا

وقَالا} [التحريم: 10] من {وَقِيلَ ادخلا النار} [التحريم: 10] {وَقَالاَ الحمد لِلَّهِ} [النمل: 15] . وغير التثنية كالوقف على لفظ "الأقصا وأقصا وطغا" من {إلى المسجد الأقصى} [الإسراء: 1] {وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى المدينة يسعى} [القصص: 20] {وَجَآءَ مِنْ أَقْصَى المدينة رَجُلٌ يسعى} [يس: 20] {إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء} [الحاقة: 11] وما إلى ذلك. والواو: نحو الوقف على "تسبوا وقالوا وملاقوا" من {وَلاَ تَسُبُّواْ الذين} [الأنعام: 108] {وَإِذْ قَالُواْ اللهم} [الأنفال: 32] {مُلاَقُواْ الله} [البقرة: 249] وما شابه ذلك. والياء: نحو الوقف على "حاضِري، مُحلِّى، مُهْلِكي" من {حَاضِرِي المسجد الحرام} [البقرة: 196] {غَيْرَ مُحِلِّي الصيد} [المائدة: 1] {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القرى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: 59] وسيأتي مزيد بيان على هذه الحروف ونحوها في باب الوقف على أواخر الكلم. القسم الثالث: أن يكون ثابتاً في الوصل دون الوقف وله صور: منها: صلة هاء الضمير سواء كانت واواً أو ياء كقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} [الانشقاق: 15] أما في حالة الوقف فتحذف الصلة ويوقف بالإسكان بالإجماع.

ومنها: الياء من نحو {المحسنين} [الزمر: 58] والواو من نحو {الراكعون الساجدون} [التوبة: 112] والألف من نحو {الثواب} [آل عمران: 195] {العقاب} [المائدة: 98] وهذا كله في حالة الوصل. أما في حالة الوقف فيصير المد من قبيل المد الجائز العارض للسكون أحد أنواع المد الفرعي الآتي ذكره بعد وليس طبيعيّاً فتأمل. الكلام على المد الطبيعي الحرفي وهو ما كان موجوداً في حرف واحد من الحروف الهجائية وهي حروف مخصوصة افتتح بها بعض سور التنزيل نحو "طه، يسَ". وينحصر هذا المد في خمسة أحرف مجموعة في قول بعضهم "حي طهر" وهي الحاء المهملة والياء المثناة تحت والطاء والهاء والراء. فالحاء المهملة من كلمة {حم} في سورها السبع. والياء المثناة تحت من {كهيعص} [مريم: 1] ومن {يس} [يس: 1] . والطاء من {طه} [طه: 1] {طسم} فاتحة الشعراء والقصص، {طس} فاتحة النمل. والهاء من {كهيعص} [مريم: 1] ومن {طه} [طه: 1] .

والراء من {الر} في سورها الخمس ومن {المر} فاتحة الرعد وليس غير هذه الأحرف في التنزيل. وسمي طبيعيّاً حرفيّاً لوجود حرف المد الذي ليس بعده همز ولا سكون في حرف من حروف الهجاء وهذا المد ثابت في الوصل والوقف دائماً بخلاف المد الطبيعي الكلمي في أحواله المتقدمة. مقدار المد في الطبيعي أما مقدار مده في جميع أنواعه المتقدمة وصوره المختلفة فهو مد الصوت بقدر حركتين اثنتين فقط لكل القراء بالإجماع ويستوي في ذلك ما ثبت منه في الوصل والوقف أو في الوصل دون الوقف أو في الوقف دون الوصل: ويحرم شرعاً النقص عن هذا القدر أو الزيادة عليه وتعرف الحركة بمقدار حركة الأصبع قبضاً أو بسطاً بحالة معتدلة لا بالسريعة ولا بالبطيئة ولا يضبط هذا إلا المشافهة والإدمان على القراءة والسماع من أفواه الشيوخ المحققين الآخذين ذلك عن شيوخهم رزقنا الله تعالى أداء كأدائهم وسيراً على طريقهم حتى نتلو كتاب الله تلاوة صحيحة ترضيه ويرضى بها عنا آمين. هذا: وقد أشار العلامة الجمزوري إلى ما تقدم ذكره في هذا القسم بقوله في التحفة: والمدُّ أصْليٌّ وفرعيٌّ لهُ ... وسمِّ أوَّلاً طبيعيّاً وهُو ما لا توقُّفٌ لهُ على سببْ ... ولا بدونه الحروفُ تُجتَلَبْ بل أي حرف غير همزٍ أو سُكونْ ... جاء بَعْدَ مَدٍّ فالطَّبيعيُّ يكونْ اهـ وهنا قد انقضى كلامنا على القسم الأول وهو المد الأصلي وفيما يلي الكلام على القسم الثاني وهو المد الفرعي فنقول وبالله التوفيق ومنه سبحانه نستمد العون.

القسم الثاني / المد الفرعي وفيه خمس مسائل

الكلام على المد الفرعي والكلام فيه على خمس مسائل وهي: الأولى: في تعريفه. والثانية: في أسبابه. والثالثة: في أنواعه. والرابعة: في أحكامه. والخامسة: في مراتبه. ولكل مسألة من هذه المسائل كلام خاص نوضحه فيما يلي. القسم الثاني / المد الفرعي وفيه خمس مسائل المسألة الأولى في تعريفه المسألة الأولى في تعريف المد الفرعي وضابطه أما تعريفه: فهو المد الزائد على مقدار المد الطبيعي المتقدم لسبب من الأسباب الآتية بعد وهو الذي تقوم ذوات حروف المد بدونه. وأما ضابطه: فهو أن يقع بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده همز أو سكون سواء كان السكون لازماً أو عارضاً نحو {هؤلاء} [النساء: 41] {بِمَآ أُنْزِلَ} [البقرة: 4] {آمِنُواْ} [البقرة: 13] ونحو {السوء} [التوبة: 98] {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] لدى الوقف اتفاقاً: أما في حالة الوصل فمده لورش من طريق الأزرق خاصة ونحو {دَآبَّةٍ} [الأنعام: 38] {الم} [البقرة: 1] في الوصل والوقف.

المسألة الثانية في أسبابه

ونحو {إلى حِينٍ} [البقرة: 36] {يَعْمَهُونَ} [البقرة: 15] و {الحساب} [الإسراء: 12] {الخير} [الحج: 77] {القول} [محمد: 30] في الوقف للجميع. وسمي فرعيّاً لتفرعه من المد الطبيعي أو لتفرع جميع المدود منه سوى المد الطبيعي. ويسمى أيضاً بالمد المزيدي لزيادة مده على مقدار المد الطبيعي. وإذا أطلق المد انصرف إليه - أي إلى المد الفرعي أو المزيدي. المسألة الثانية في أسبابه المسألة الثانية في أسباب المد الفرعي للمد الفرعي سببان لتفظي ومعنوي: فأما السبب اللفظي فنوعان الهمز والسكون مطلقاً وهما سببان لزيادة المد الفرعي عن المد الأصلي - الطبيعي - إذا وجد أحدهما بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده وسيأتي مزيد بيان لذلك قريباً إن شاء الله تعالى. وأما السبب المعنوي فهو قصد المبالغة في النفي وهو من الأسباب القوية المقصودة عند العرب وإن كان ضعيفاً عند القراء وهو نوعان أيضاً. الأول: المد للتعظيم وهو في "لا" النافية للجنس في كلمة التوحيد خاصة نحو {لاَ إلاه إِلاَّ الله} [محمد: 30] {لاَّ إلاه إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ} [الأنبياء: 87] {لاَ إلاه إِلاَّ هُوَ العزيز الحكيم} [آل عمران: 6-18] ويسمى بمد المبالغة أيضاً لأنه طلب للمبالغة في نفي الألوهية عما سوى الله تعالى.

الثاني: مد التبرئة وهو ثابت عن الإمام حمزة أحد القراء السبعة في أحد الوجهين عنه من طريق طيبة النشر لكن لا يبلغ به حد الإشباع بل يقتصر فيه على التوسط وقدره أربع حركات وذلك لضعف سببه عن السبب اللفظي ومثاله: {لاَ رَيْبَ} [البقرة: 2] {لاَّ شِيَةَ فِيهَا} [البقرة: 71] {لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41] وما إلى ذلك. هذا: وقد رَدَّ مُلاّ على القارى في شرحه على المقدمة الجزرية المد للتعظيم لأصحاب قصر المنفصل. وكذلك وصف مد التبرئة الوارد عن الإمام حمزة بأنه رواية شاذة عند أهل الدراية. وحجته في هذا وذاك عدم ورودهما من طريق الشاطبية. أقول: أما المد للتعظيم لأصحاب قصر المنفصل فهو صحيح ثابت في أحد الوجهين عنهم من طريق طيبة النشر قرأت به على جميع شيوخي من هذا الطريق وبه آخذ قراءة وإقراء وسيأتي ذكره مع الأحكام المترتبة عليه بالنسبة لحفص عن عاصم. وأما مد التبرئة في لا النافية للجنس فهو قراءة صحيحة سبعية متواترة ليست

بشاذة جاءت عن الإمام حمزة في أحد الوجهين عنه من طريق طيبة النشر كما تقدم وبهذه القراءة قرأت على جميع شيوخي من هذا الطريق وبها آخذ قراءة وإقراء. وقد قال الإمام حمزة نفسه فيما نقله عنه الحافظ الذهبي وغيره "ما قرأت حرفاً من كتاب الله إلا بأثر". وأما عن عدم ورود هذين المدين من طريق الشاطبية فلا يمنع ورودهما وصحتهما من طريق غيرها كالنشر وطيبته. وكم من قراءات لا يأتي عليها العد صحت واستفاضت وتواترت عن الأئمة السبعة من غير طريق الشاطبية وتلقتها الأمة بالقبول ولم تقلل من شأنها. ومن قرأ كتاب النشر للحافظ ابن الجزري عرف تلك القراءات. والذي يظهر أن مُلاَّ علي القارى لم يقرأ بما جاء في كتاب النشر ولو قرأ القرآن الكريم بما جاء فيه ما رد المد للتعظيم لأصحاب القصر في المنفصل ولا حكم بشذوذ قراءة حمزة بمد التبرئة. وكأنه كان يرى - رحمه الله - أن كل قراءة جاءت عن الأئمة السبعة من غير طريق الشاطبية فهي قراءة شاذة وهذا عجيب من عالم كبير كالقارى. واحترازاً عن فهم مثل هذا فقد اعتنى أئمتنا بسرد الزيادات التي ثبتت وتواترت واستفاضت عن الأئمة السبعة من غير الشاطبية في كتب مستقلة بها كالعلامة أحمد الطيبي في كتابه "التنوير فيما زاد للسبعة الأئمة البدور على ما في الحرز والتيسير". كما اعتنوا بسرد الزيادات التي صحت وتواترت واستفاضت عن الأئمة العشرة من غير طريق الشاطبية والدرة في كتب مستقلة بها كذلك كالعلامة الشيخ محمد محمد هلالي الإبياري في كتابيه "منحة مولى البر: فيما زاده كتاب النشر:

المسألة الثالثة في أنواعه

في القراءات العشر" وشرحها "القول المبين، المستقر بشرح منحة مولى البر". والعلامة الشيخ محمد عبد الرحمن الخليجي الإسكندري في كتابيه، "تكلمة العشر بما زاده النشر" وشرحها المعروف "بشرح التكملة" وغيرهما من الأجلاء فجزاهم الله عن القرآن الكريم وأهله خيراً ورحم الله تعالى ملا علي القاري ورحمنا معه وعامة المسلمين بمنه وكرمه آمين. ولنرجع إلى ما كنا قد وقفنا عنده: فنقول: وقد أشار العلامة الجمزوري إلى المد الفرعي وأسبابه بقوله في تحفته: والآخرُ الفرعيُّ موقوف على ... سبب كهمْز أو سُكُون مُسْجَلاَ اهـ المسألة الثالثة في أنواعه المسألة الثالثة في أنواع المد الفرعي علم مما تقدم أن للمد الفرعي سببين لفظيين: هما الهمز والسكون: فالهمز سبب لثلاثة أنواع منه وهي المد المتصل والمنفصل والبدل. فإن تقدم المهمز على حرف المد فهو المد البدل نحو {آمَنَّا بالله} [البقرة: 136] وإن تأخر عنه وكان معه في كلمة واحدة فهو المد المتصل نحو {مَا شَآءَ الله} [الكهف: 39] وإن انفصل عنه بأن كان حرف المد آخر الكلمة والهمز أول الثانية فهو المد المنفصل نحو {آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ الله مِن كِتَابٍ} [الشورى: 15] . والسكون سبب لنوعين منه ولا يكون إلا بعد حرف المد دائماً. فإن كان

المسألة الرابعة في أحكامه

ثابتاً في الوصل والوقف فهو المد اللازم نحو {الصآخة} [عبس: 33] وإن كان ثابتاً في الوقف دون الوصل فهو المد العارض للسكون نحو {نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] . فيتلخص مما ذكر أن أنواع المد الفرعي خمسة وهي: المد المتصل والمنفصل والبدل والعارض للسكون واللازم وسيأتي بسط الكلام على كل بما فيه الكفاية في المسألة الرابعة إن شاء الله تعالى. المسألة الرابعة في أحكامه المسألة الرابعة في أحكام المد الفرعي أحكام المد الفرعي ثلاثة: أولها: الوجوب وهو خاص بالنوع الأول وهو المد المتصل. ثانيها: الجواز وهو خاص بالأنواع الثلاثة بعد الأول وهي المد المنفصل والعارض للسكون والبدل. ثالثها: اللزوم وهو خاص بالنوع الخامس والأخير وهو المد اللازم وفيما يلي الكلام على كل حكم وما يختص به من الأنواع فنقول وبالله التوفيق. الكلام على الحكم الأول من أحكام المد الفرعي وهو المد الواجب (المتصل) وسبب تسميته واجباً ومتصلاً ومقدار مده ووجهه وضابطه تقدم أن حكم الوجوب خاص بالنوع الأول من أنواع المد الفرعي وهو المد المتصل. وتعريفه: أن يقع الهمز بعد حرف المد واللين في كلمة واحدة نحو {أولائك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وأولائك هُمُ المفلحون} [البقرة: 5] [لقمان: 5] {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: 4] {أَسَاءُواْ السوءى} [الروم: 10] ومقدار المد فيه بالنسبة لحفص عن عاصم من الشاطبية أربع

حركات وهو المعروف بالتوسط ثم المد بقدر خمس حركات أيضاً وهو المعروف بفويق التوسط وصلاً ووقفاً والوجهان صحيحان مأخوذ بهما لفحص من الشاطبية غير أن التوسط هو المشهور والمقدم في الأداء ولم أقرأ بسواه من هذا الطريق وهو الذي ارتضاه إمامنا الشاطبي رحمه الله ولم يقرىء بسواه لأصحاب التوسط فاعلم ذلك. هذا: وما أشرنا إليه من المد بقدر أربع حركات أو خمس إذا كان المد متوسطاً كما مثلنا: أما إذا كان متطرفاً وموقوفاً عليه كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] ففيه ما تقدم من المد بأربع حركات أو خمس ثم زيادة المد بقدر ست حركات لأجل الوقف كما سيأتي. وسمي متصلاً لاتصال حرف المد بالهمز في كلمة واحدة: أو لاتصال الشرط بالسبب في كلمة واحدة كذلك. وكان حكمه الوجوب لوجوب مده عند كل القراء زيادة على مقدار المد الطبيعي. وإن كانت الزيادة فيه متفاوتة عندهم. ومن ثم يعلم أن للمد المتصل محلين: محل اتفاق ومحل اختلاف. أما محل الاتفاق: فهو أن كل القراء اتفقوا على زيادة مده عن مقدار المد الطبيعي. وأما محل الاختلاف: فهو تفاوتهم في مقدار تلك الزيادة علىحسب مذاهبهم فمنهم من قرأ بمرتبة الإشباع وقدرها ست حركات. ومنهم من قرأ بمرتبة دونه وقدرها خمس حركات وهو الإمام عاصم شيخ حفص. ومنهم من قرأ بمرتبة المتوسط وقدرها أربع حركات ومن بينهم الإمام عاصم كذلك. ومنه من قرأ بمرتبة فويق القصر وقدرها ثلاث حركات ولا أقل

من ذلك. ولم نذكر أصحاب هذه المراتب هنا طلباً للاختصار وهي مبسوطة في كتب الخلاف فراجعها إن شئت. ومما تقدم يعلم أن المد المتصل لا يزيد عن الحركات الست ولا ينقص عن الثلاث فمراتبه أربع فقط كما يعلم أيضاً أنه لا يجوز بحال القصر فيه كالطبيعي. قال الحافظ الجزري في النشر: "وقد تتبعته - أي القصر في المتصل - فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شاذة بل رأيت النص بمده" أهـ. هذا ما يتعلق بمسألة الوجوب في المد المتصل باختصار. وقد أشار العلامة الجمزوري إلى المد الواجب ونوعه في التحفة بقوله: فواجبٌ إنْ جاءَ هَمْزٌ بعد مَدْ ... في كلمة وذا بمُتَّصلٍ يُعَدْ اهـ كما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: وواجبٌ إن جاءَ قبْلَ همزةٍ ... مُتَّصِلاً إن جُمِعَا بكلمةٍ هذا ووجه المد في المتصل هو أن الهمز ثقيلة في النطق بها لأنها حرف شديد جهري كما تقدم في الصفات فزيد في المد قبلها للتمكن من النطق بها على حقها من شدتها وجهرها. وقيل إن حرف المد ضعيف خفي والهمز قوي صعب فزيد في المد تقوية لضعفه عند مجاورته القوي. الكلام على الحكم الثاني من أحكام المد الفرعي وهو - المد الجائز تقدم أن حكم الجواز في المد الفرعي يتلعق بثلاثة أنواع منه وهي: المد الجائز المنفصل، والجائز العارض للسكون، والجائز البدل، وفيما يلي تفصيل كل بمفرده.

الكلام على المد الجائز المنفصل وسبب تسميته جائزاً ومنفصلاً ومقدار مده ووجهه وضابطه وهذا هو النوع الأول من أنواع المد الجائز. وتعريفه: أن يقع الهمز بعد حرف المد واللين بشرط انفصاله عنه وذلك بأن يكون حرف المد واللين آخر الكلمة والهمز أول الثانية ويستوي في ذلك الانفصال الحقيقي والحكمي. فالانفصال الحقيقي: هو أن يكون حرف المد واللين ثابتاً في الرسم واللفظ نحو {قوا أَنفُسَكُمْ} [التحريم: 6] {آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ الله مِن كِتَابٍ} [الشورى: 15] {وَأُفَوِّضُ أمري إِلَى الله} [غافر: 44] . والإنفصال الحكمي: هو أن يكون حرف المد واللين محذوفاً في الرسم ثابتاً في اللفظ ومنه: ياء النداء نحو {يا إبراهيم} [مريم: 46] {يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ} [النساء: 1] . وها التي للتنبيه نحو {ها أنتم هؤلاء} [آل عمران: 66] وصلة هاء الضمير نحو {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7] {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} [الكهف: 26] وكذلك صلة ميم الجمع عند من وصلها بواو نحو {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} [البقرة: 78] ما إلى ذلك من كل حرف مد حذف رسماً وثبت لفظاً.

وسمي منفصلاً لانفصال حرف المد عن الهمز أو لانفصال الشرط عن السبب. وكان حكمه الجواز لجواز قصره ومده عند بعض القراء. فالقصر حركتان كالمد الطبيعي والمد يشمل أربع مراتب وهي: المد ثلاث حركات أو أربع أو خمس أو ست. وعليه فتكون مراتب المد المنفصل خمساً أولها حركتان وآخرها ست وتركنا ذكر أصحاب هذه المراتب هنا طلباً للاختصار ومن أرادها فهي مبسوطة في كتب الخلاف هذا ما يتعلق بمسألة الجواز بالاختصار. وأما مقدار مده بالنسبة لحفص عاصم من الشاطبية فهو أربع حركات وهو المعروف بالتوسط أو خمس حركات أيضاً وهو المعروف بفويق التوسط والوجهان صحيحان مأخوذ بهما لحفص من الشاطبية إلا أن التوسط هو المشهور والمقدم في الأداء ولم أقرأ بسواه من هذا الطريق وهو الذي ارتضاه إمامنا الشاطبي رضي الله عنه ولم يقرىء بسواه لأصحاب التوسط فاعلم ذلك. هذا: ووجه القصر في المنفصل انتفاء أثر الهمزة لعدم لزومها عند الوقف. ووجه مده اعتبار اتصالها لفظاً من الوصل. وقد أشار العلامة الجمزوري إلى المد الجائز المنفصل في تحفته بقوله: وجائزٌ مدٌّ وقصرٌ إنْ فُصِلْ ... كُلٌّ بكلمة وهذا المُنفَصِل اهـ سبعة تنبيهات هامة: الأول: مقدار المد الزائد على القصر في المنفصل يكون في حالة الوصل فقط. أما في حالة الوقف فيصير المد طبيعياً لجميع القراء. لأن انتفاء الهمز عند الوقف موجب للقصر. ووجوده عند الوصل كان سبباً في زيادة المد فلما انعدم الهمز بسبب الوقف انعدمت هذه الزيادة هذا في المد المنفصل الحقيقي نحو قوله تعالى: {وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85] .

أما في المنفصل الحكمي في نحو {يَاأَيُّهَا الناس} [البقرة: 21] فالمقدار الزائد على القصر ثابت في الوصل والوقف لعدم إمكان الوقف على "يا" من يا أيها ونحوها. وأما في صلة هاء الضمير نحو {وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً} [الكهف: 110] وكذا صلة ميم الجمع نحو {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105] فمقدار المد فيه ثابت في الوصل فقط أما في الوقف فيحذف المد مطلقاً لأن الهاء والميم سكنتا للوقف وبسكونهما انعدمت الصلة التي هي المد فتأمل. الثاني: إذا اجتمع مدان متصلان أو أكثر كما في قوله تعالى: {الذي جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشاً والسماء بِنَآءً وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً} [البقرة: 22] الآية، فلا يجوز التفرقة بينهما في المد بحجة جواز الوجهين في كل منها بل تجب التسوية في الكل إما بالحركات الأربع في الجميع أو بالخمس فيها. وكذلك الحكم بعينه فيما اجتمع مدان منفصلان أو أكثر كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَآ الذين أُوتُواْ الكتاب آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ} [النساء: 47] الآية، فلا تجوز التفرقة بين هذه المدود بحجة جواز الوجهين أيضاً بل تجب التسوية بينها بأن يكون المنفصل الثاني وما بعده مساوياً للأول توسطاً كان أو فويقه لأن التسوية في هذا وذاك من جملة التجويد وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: "واللفظ في نظيره كمثله". الثالث: زاد الدكتور محمد سالم محيسن في كتابه "الرائد في تجويد القرآن" مرتبة الإشباع وقدرها ست حركات لحفص عن عاصم في المد المتصل على مذكرناه له من مرتبة التوسط وقدرها أربع حركات ومرتبة فويق التوسط التي هي خمس حركات. فيكون لحفص على قوله ثلاث مراتب في المد المتصل هي التوسط وفويق التوسط والإشباع. وكما زاد له في الكتاب نفسه مرتبة القصر في المد المنفصل وقدرها حركتان على ما ذكرناه له من مرتبة التوسط وفويق التوسط

كذلك: وعليه فيصير لحفص في المد المنفصل وفق قوله ثلاث مراتب أيضاً هي: القصر والتوسط وفويق التوسط. وقد أطلق هذه الوجوه فقال في المد المتصل - ص (28) من الكتاب المذكور: "واعلم أن المد المتصل يمد أربع حركات أو خمس أو ست" وذلك بعد أن ذكر المد المنفصل وقال فيه: "واعلم أن المد المنفصل يجوز مده حركتين أو أربعاً أو خمساً" أهـ. ولا ريب أن إطلاق الزيادة بالإشباع لحفص في المد المتصل أو بالقصر له في المد المنفصل على هذا النحو الذي تضمنه كلام الدكتور ليس صواباً ذلك أن مرتبة الإشباع هذه التي زادها الدكتور لحفص في المد المتصل لم ترد عنه من طريق الشاطبية الذي هو طريق عامة الناس وإنما تصح له - كبقية القراء العشرة - من طريق طيبة النشر في قول. وكذلك فإن قصر المنفصل لحفص لم ينقل عنه من طريق الشاطبية كذلك ولكن ثبت له من طريق طيبة النشر في قول كذلك. وطريق طيبة النشر هذا سواء أكان في مرتبة الإشباع في المتصل لحفص أم كان في مرتبة القصر له في المنفصل لا يسلكه إلا العارفون من خواص أهل هذا الشأن لدقته وكثرة ما يترتب عليه من الأحكام العلمية والعملية في الأداء. وهي صعبة متعذرة على غير المتخصص الواعي كما سنبينه بعد. وكان الواجب على فضيلة الدكتور أن يوضح تلك الأحكام للقراء ما دام على علم بها كما هو الظن به فإن صاحب العلم لا يسعه كتمانه. لا سيما إذا كان ذلك العلم متعلقاً بالكتاب العزيز، وما دام قد قال بوجهي الإشباع في المتصل والقصر في المنفصل لحفص، فإن عدم إيضاحه ذلك للقراء يوهم أن الإشباع لحفص في المتصل والقصر له في المنفصل يأتيان على ما له من الأحكام المعروفة لدى عامة الناس وليس كذلك. لأن القارىء إذا قرأ بالإشباع

في المتصل لحفص أو بالقصر له في المنفصل حسبما ذكر الدكتور لزمه العلم بالأحكام الواجب اتباعها حال الأداء لكونها لا يجوز مخالفتها بحال وهذه الأحكام كثيرة ليس محل ذكرها هنا لأن في ذكرها تشويشاً علىلمبتدئين ولكن لا بأس بذكر شيء منها ليعلم القارىء خطأ إقحام مثل هذا على ما عرفه عامة الناس فيتورع عنه إلا إذا علم ذلك يقيناً كأن يأخذه عن طريق التلقي والرواية والإسناد عن الشيوخ المحققين الآخذين ذلك عن شيوخهم وذلك أعلى درجات العلم متى شهدت لهم بصحته المصادر العلمية المعتبرة وعندئذ فلا حرج على من تحصل له ذلك أن يقرأ بهذا وبغيره مما جاء من طريق طيبة النشر لحفص. وفيما يلي بعض تلك الأحكام: بعض الأحكام التي تجب لحفص حال الإشباع في المتصل من طريق طيبة النشر تمهيد: من القواعهد المقررة أن مرتبة الإشباع في المد المتصل لحفص من طريق طيبة النشر يأتي عليها المراتب الأربع التي في المد المنفصل من الطريق المذكور وهي القصر وفويقه والتوسط وفويقه: فالقصر حركتان وفويق القصر ثلاث حركات والتوسط أربعة حركات وفويق التوسط خمس. أما مرتبتا القصر والتوسط في المنفصل فسنتكلم عليهما عند الكلام على قصر المنفصل. وأما مرتبتا فويق القصر وفويق التوسط اللتان في المنفصل أيضاً فسنترك الكلام عليهما وعلى ما يترتب عليهما من أحكام لما وعدنا به هنا من أننا سنذكر بعض الأحكام فقط رغبة في الاختصار ومراعاة لحال المبتدئين. ومما يجب معرفته أيضاً أن من الأحكام التي تختص بها مرتبة الإشباع في المد المتصل بقاء الغنة حال إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء. والأخذ بمرتبة السكت

العام وهو السكت على الساكن الصحيح وشبهه قبل الهمز. وهو مشروط بعدم التنفس ويشمل أربعة أصول مطردة في التنزيل وهي كما يلي: الأصل الأول: السكت على "أل" كقوله تعالى: {والأرض وَضَعَهَا لِلأَنَامِ} [الرحمن: 10] . الأصل الثاني: السكت علىكلمة "شيء" مطلقاً سواء كانت منصوبة كقوله تعالى: {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [يس: 82] أم مجرورة كقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] أم مرفوعة كقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السميع البصير} [الشورى: 11] . الأصل الثالث: السكت على الساكن المفصول كقوله تعالى: {إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ} [فاطر: 23] . الأصل الرابع: السكت على الساكن الموصول كقوله سبحانه: {واسألوا الله مِن فَضْلِهِ} [النساء: 32] . وأما الساكن شبه الصحيح قبل الهمز فمحله الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما المعروفتان بحرفي اللين كما تقدم في غير موضع وهذان الحرفان تارة يكونان في الساكن المفصول نحو {خَلَوْاْ إلى} [البقرة: 14] {ابنيءَادَمَ} [المائدة: 27] وتارة يكونان في الساكن الموصول نحو {كَهَيْئَةِ الطير} [المائدة: 110] {السوء} [الفتح: 6، 12] . هذا: ونلفت نظر القارىء الكريم إلى أن السكت إذا كان في الساكن

الموصول نحو {جُزْءٌ مَّقْسُومٌ} [الحجر: 44] {بَيْنَ المرء} [البقرة: 102] {مِنَ الأمر شَيْءٌ} [آل عمران: 128] {دَآئِرَةُ السوء} [التوبة: 98] من كل لفظ بقي فيه بعد الساكن الهمز وحده فلا يجوز فيه السكت إن وقفت عليه بالسكون لالتقاء الساكنين وعدم الاعتماد في الهمز على شيء ومثل الوقف بالسكون في هذا النوع الوقف بالإشمام فيه أيضاً فلا يتأتى معه السكت. أما إذا وقفت بالروم فيما يصح فيه فيجوز الوقف بالسكت حينئذ. ومن المقرر أن الروم يكون في المرفوع والمجرور ولا يكون في المنصوب نحو {يُخْرِجُ الخبء} [النمل: 25] فلا يكون فيه الوقف بالسكت بحال لما تقدم ويتعين فيه الوقف بالسكون من غير سكت ولو كان السكت جارياً في مثله. أما المنصوب المنون نحو {جُزْءًا} [البقرة: 260] فلا يدخل فيه، فيصبح فيه السكت وقفاً لأنه صار متوسطاً بإبدال التنوين ألفاً كما هي القاعدة فتأمل هذا جيداً. وقد أشار شيخ شيوخي العلامة المتولي إلى ما ذكرناه في هذه المسألة في الروض النضير بقوله: وفي نحْوِ دفءُ مَنْ يقف ساكتاً يَرُمْ ... وللسَّكْتِ كُنْ يُخْرجُ الخبْءَ مُهْمِلا اهـ إذا تقرر هذا فاعلم أيها القارىء أنك إذا قرأت بتوسط المنفصل وبالإشباع في المتصل وهذا من طريق أبي طاهر عن الأشناني عن عُبيد من كتاب إرشاد المتبدي وتذكرة المنتهي في القراءات العشر لأبي العز القلانسي تعيَّن عليك حال الأداء الأخذ بالأحكام الآتية: 1-

وجوب الأخذ بالتحقيق أي بترك السكت على الساكن قبل الهمز وقد تقدم الكلام على هذا السكت مع الأمثلة قريباً. 2- وجوب الأخذ بترك الغنة عن إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء وقد تقدمت الأمثلة لذلك. 3- وجوب الأخذ بوجه السين فقط في {وَيَبْسُطُ} [بالبقرة: 245] وكذلك {فِي الخلق بَصْطَةً} [بالأعراف: 69] . 4- وجوب الأخذ بوجه الإبدال فقط في {ءَآلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143، 144] وبابه وتقدم الكلام على ذلك. 5- وجوب الأخذ بوجه الإدغام فحسب في {يَلْهَث ذَّلِكَ} [بالأعراف: 176] وكذلك في {اركب مَّعَنَا} [بهود: 42] عليه السلام. 6- وجوب الأخذ بوجه الإشمام فقط في {لاَ تَأْمَنَّا} [بيوسف: 11] عليه السلام. 7- وجوب الأخذ بوجه الإدراج أي بترك السكت في {عِوَجَا} [بالكهف: 1] وكذلك في {مَّرْقَدِنَا} [بيسَ: 52] . 8- وجوب الأخذ بوجه القصر أي بحركتين في "العين" من فاتحة مريم والشورى. 9- وجوب الأخذ بالتفخيم وجهاً وحداً في راء {فِرْقٍ} [بالشعراء: 63] . 10- وجوب الأخذ بوجه القصر أي بحذف الياء وقفاً في {آتَانِيَ الله خَيْرٌ} [بالنمل: 36] . 11- وجوب الأخذ بوجه فتح الضاد فقط في كلمة {ضَعْفٍ} [الروم: 54] معاً وفي كلمة {ضَعْفاً} [الروم: 54] والكلمات الثلاث في سورة الروم. 12- وجوب الأخذ بوجه إظهار النون من {يس والقرآن} فاتحة سورة يسَ وكذلك في {ن والقلم} فاتحة سورة القلم. 13- وجوب الأخذ بوجه السين فحسب في {المصيطرون} [بالطور: 37] . 14- وجوب الأخذ بوجه السكت وجهاً واحداً على النون في {مَنْ رَاقٍ} [بالقيامة: 27] وكذلك على اللام في {بَلْ رَانَ} [بالمطففين: 14] . 15- وجوب الأخذ بالقصر أي بحذف الألف الثانية وقفاً لا غير في كلمة {سَلاَسِلَ} [بسورة الإنسان: 4] . 16- وجوب الأخذ بوجه الصاد فحسب في كلمة {بِمُصَيْطِرٍ} [بسورة الغاشية: 22] . 17- وجوب الأخذ بوجه عدم التكبير مطلقاً أي سواء كان عند سور الختم أم في سائر القرآن ويستوي في ذلك البدء بأوائل السور أو عند وصل السورة السابقة باللاحقة وسيأتي الكلام مستوفى على التكبير في باب خاص آخر الكتاب إن شاء الله ولنكتف بذكر هذه الحالة طلباً للاختصار.

بعض الأحكام التي تجب لحفص حال القصر في المنفصل من طريق طيبة النشر التمهيد للدخول إلى هذه الأحكام وذكر بعض حالاتها ... إلخ. من القواعد المقررة أن مرتبة القصر في المنفصل لحفص من طريق النشر يأتي عليها مرتبتان فقط من مراتب المد الثلاث التي في المتصل له وهما مرتبتا التوسط والإشباع. وقد سبق أن قلنا غير مرة إن مرتبة التوسط قدرها أربع حركات وأن مرتبة الإشباع قدرها ست. والقصر في المنفصل قد يكون مطلقاً وقد يكون مقيداً. أما القصر المطلق فهو القصر في عموم أنواع المنفصل في سائر التنزيل. وأما القصر المقيد فهو القصر في العموم أيضاً باستثناء نوع واحد منه وهو ما جاء في كلمة التوحيد خاصة في عموم القرآن الكريم نحو {لاَ إلاه إِلاَّ الله} [محمد: 19] {لاَّ إلاه إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} [الأنبياء: 87] {وَأَن لاَّ إلاه إِلاَّ هُوَ} [هود: 14] {الله لاَ إلاه إِلاَّ هُوَ الحي القيوم} [البقرة: 255] وما إلى ذلك فإن من أهل الأداء ذهبوا إلى التوسط في كلمة التوحيد فقط مع القصر فيما سواها من أنواع المنفصل الأخرى وهذا هو المسمى عندهم بمد التعظيم وقد سبق الكلام عليه في صدر هذا الباب بالنسبة لهذه التسمية. أما بالنسبة لأحكام الأداء المترتبة عليه فسنذكرها قريباً. هذا: ولقصر المنفصل مطلقاً لحفص من طريق الطيبة أكثر من حالة ولكل حالة منها أحكامها الخاصة بها وسوف نقتصر على ذكر ثلاث حالات من تلك الحالات لما وعدنا به من أننا سنذكر بعض الأحكام الواجب اتباعها حال الأداء عند قصر المنفصل وإليكها مفصلة مطردة في عموم التنزيل.

الحالة الأولى: من حالات القصر وهي القصر المطلق في المد المنفصل مع التوسط في المد المتصل لحفص من طريق الطيبة من كتاب "المصباح" في القراءات العشر مخطوط للشهرزُوري من طريق الحمامي عن الوَليّ عن الفيل عن عمرو عن حفص. إذا قرىء لحفص بذلك تعين على القارىء الأخذ بالأحكام الآتية: الأول: وجوب الأخذ بالتحقيق أي بترك السكت على الساكن قبل الهمز وقد تقدم الكلام على هذا السكت مع أمثلته قريباً. الثاني: وجوب الأخذ بترك الغنة عند إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء وقد تقدمت الأمثلة لذلك. الثالث: وجوب الأخذ بوجه الصاد فقط في {وَيَبْصُطُ} [بالبقرة: 245] وكذلك {فِي الخلق بَصْطَةً} [بالأعراف: 69] . الرابع: وجوب الأخذ بوجه الإبدال فقط في {ءَآلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143] وبابه. الخامس: وجوب الأخذ بوجه الإدغام فحسب في {يَلْهَث ذَّلِكَ} [بالأعراف: 176] وكذلك في {اركب مَّعَنَا} [بهود: 42] عليه السلام. السادس: وجوب الأخذ بوجه الإشمام فقط في {لاَ تَأْمَنَّا} [بيوسف: 11] عليه السلام. السابع: وجوب الأخذ بوجه السكت وجهاً واحداً في {عِوَجَا} [آل عمران: 99] وأخواتها وسيأتي الكلام على أخوات "عِوَجاً" في فصل السكت. الثامن: وجوب الأخذ بوجه التوسط فقط في العين من فاتحة سورتي مريم والشورى. التاسع: وجوب الأخذ بالتفخيم وجهاً واحداً في راء {فِرْقٍ} [بالشعراء: 63] .

العاشر: وجوب الأخذ بوجه القصر أي بحذف الياء وقفاً في {آتَانِيَ الله خَيْرٌ} [بالنمل: 36] . الحادي عشر: وجوب الأخذ بوجه فتح الضاد فقط في كلمة "ضعف" في الموضعين وفي كلمة {ضَعْفاً} [الروم: 54] والمواضع الثلاث بالروم. الثاني عشر: وجوب الأخذ بوجه إظهار النون من {يس والقرآن الحكيم} [الآية: 1-2] فاتحة سورة يسَ وكذلك النون من {ن والقلم} [الآية: 1-2] فاتحة سورة القلم. الثالث عشر: وجوب الأخذ بوجه السين فحسب في {المصيطرون} [بالطور: 37] . الرابع عشر: وجوب الأخذ بالقصر أي بحذف الألف الثانية وقفاً فقط في كلمة {سَلاَسِلَ} [بالإنسان: 4] . الخامس عشر: وجوب الأخذ بوجه الصاد فحسب في كلمة {بِمُصَيْطِرٍ} [بالغاشية: 22] . السادس عشر: عدم التكبير العام ويصح التكبير الخاص لأواخر سُور الختم، والله الموفق. الحالة الثانية: من حالات القصر وهي القصر المطلق في المد المنفصل مع إشباع المتصل لحفص من طريق الطيبة من كتاب روضة المعدّل من طريق الفيل عن عمرو عن حفص. إذا قرىء لحفص بذلك وجب على القارىء الأخذ بالأحكام الآتية: أولاً: وجوب الأخذ بترك السكت على الساكن قبل الهمز وقد سبق الكلام على هذا السكت مع التمثيل. ثانياً: وجوب الأخذ بترك الغنة عند إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء وقد تقدمت الأمثلة لذلك. ثالثاً: وجوب الأخذ بوجه السين فقط في {وَيَبْسُطُ} [بالبقرة: 245] وكذلك {فِي الخلق بَصْطَةً} [بالأعراف: 69] . رابعاً: وجوب الأخذ بوجه الإبدال فقط في باب {ءَآلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143] . خامساً: وجوب الأخذ بوجه الإدغام فقط في {يَلْهَث ذَّلِكَ} [بالأعراف: 176] وكذلك في {اركب مَّعَنَا} [بهود: 42] عليه السلام. سادساً: وجوب الأخذ بوجه الإشمام فقط في {لاَ تَأْمَنَّا} [بيوسف: 11] عليه السلام. سابعاً: وجوب الأخذ بالإدراج أي بترك السكت وجهاً واحداً في كلمة {عِوَجَا} [آل عمران: 99] وأخواتها وسيأتي الكلام على هذه الكلمة في محلها. ثامناً: وجوب الأخذ بوجه القصر بقدر حركتين فقط في {عَيْن} من فاتحة سورتي مريم والشورى. تاسعاً: وجوب الأخذ بالتفخيم قولاً واحداً في الراء في كلمة {فِرْقٍ} [بالشعراء: 63] . عاشراً: وجوب الأخذ بوجه القصر أي بحذف الياء في الوقف على كلمة {آتَانِيَ الله خَيْرٌ} [بالنمل: 36] .

حادي عشر: وجوب الأخذ بوجه فتح الضاد فقط في كلمة {ضعف} [الآية: 54] في الكلمتين وكذلك في كلمة {ضَعْفاً} [الآية: 54] والثلاث بسورة بالروم. ثاني عشر: وجوب الأخذ بوجه الإظهار في النون من هجاء {يس والقرآن الحكيم} [الآية: 1-2] فاتحة يسَ وكذلك النون من هجاء {ن والقلم} [الآية: 1-2] فاتحة سورة القلم. ثالث عشر: وجوب الأخذ بوجه السين فحسب في كلمة {المصيطرون} [بالطور: 37] . رابع عشر: وجوب الأخذ بالقصر أي بحذف الألف الثانية في الوقف فقط على كلمة {سَلاَسِلَ} [بالإنسان: 4] . خامس عشر: وجوب الأخذ بوجه الصاد لا غير في كلمة {بِمُصَيْطِرٍ} [بالغاشية: 22] . سادس عشر: عدم التكبير مطلقاً والله الموفق. الحالة الثالثة: من حالات القصر وهي القصر المقيَّد في المد المنفصل مع الإشباع في المد المتصل. سبق أن قلنا إن القصر المقيَّد هو القصر في المنفصل عموماً باستثناء نوع واحد منه وهو ما جاء في كلمة التوحيد خاصة نحو قوله تعالى {الله لاَ إلاه إِلاَّ هُوَ الحي القيوم} [البقرة: 255] فإن بعض أهل الأداء ذهبوا إلى التوسط فقد في هذه الكلمة مع أخذهم بالقصر وجهاً واحداً فيما عداها من أنواع المنفصل الأخرى. وعليه فإذا قرىء لحفص بذلك أي بالقصر في المنفصل مع التوسط فقط في كلمة التوحيد مع الإشباع في المد المتصل وهو من كتاب الكامل للهذلي من طريق المحامي عن الولي عن الفيل عن عمرو عن حفص لزم القارىء الأخذ بالأحكام الآيتة. أولاً: وجوب الأخذ بترك السكت على الساكن قبل الهمز وقد سبق الكلام عليه. ثانياً: وجوب الأخذ بوجه بقاء الغنة عند إدغام النون الساكنة والتنوين في اللام والراء والأمثلة غير خفية. ثالثاً: وجوب الأخذ بوجه الصاد قولاً واحداً في {وَيَبْصُطُ} [بالبقرة: 245] وكذلك {فِي الخلق بَصْطَةً} [بالأعراف: 69] . رابعاً: يجوز الأخذ بكل من الإبدال والتسيهل في كلمة {ءَآلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143] وبابها

وتقدم توضيح هذا الباب. خامساً: وجوب الأخذ بوجه الإدغام قولاً واحداً في {يَلْهَث ذَّلِكَ} [بالأعراف: 176] . سادساً: وجوب الأخذ بوجه الإظهار فقط في {اركب مَّعَنَا} [بهود: 42] عليه السلام. سابعاً: وجوب الأخذ بوجه الإشمام فحسب في كلمة {لاَ تَأْمَنَّا} [بيوسف: 11] عليه السلام. ثامناً: وجوب الأخذ بالإدراج أي بترك السكت قولاً واحداً في كلمة {عِوَجَا} [آل عمران: 99] وأخواتها وسيأتي الكلام على هذه الكلمات في محلها. تاسعاً: يجوز الأخذ بكل من وجهي التوسط والإشباع في {عَيْن} في فاتحة مريم والشورى. عاشراً: وجوب الأخذ بوجه التفخيم فقط في الراء لفظ {فِرْقٍ} [بالشعراء: 63] . حادي عشر: وجوب الأخذ بوجه لقصر أي بحذف الياء وقفاً في كلمة {آتَانِيَ الله خَيْرٌ} [بالنمل: 36] . ثاني عشر: وجوب الأخذ بوجه الفتح في الضاد لا غير في كلمة {ضعف} [الآية: 54] في الموضعين وكذلك في كلمة {ضَعْفاً} [الآية: 54] والمواضع الثلاثة في سورة الروم. ثالث عشر: وجوب الأخذ بوجه إظهار النون من هجاء {يس والقرآن الحكيم} [الآية: 1-2] فاتحة يسَ وكذلك النون من هجاء {ن والقلم} [الآية: 1-2] فاتحة سورة القلم. رابع عشر: وجوب الأخذ بوجه السين فحسب في كلمة {المصيطرون} [بالطور: 37] . خامس عشر: وجوب الأخذ بوجه المد أي بإثبات الألف الثانية وقفاً على كلمة {سَلاَسِلَ} [بالإنسان: 4] .

سادس عشر: وجوب الأخذ بوجه الصاد فحسب في {بِمُصَيْطِرٍ} [بالغاشية: 22] . سابع عشر: يجوز الأخذ بعدم التكبير مطلقاً والأخذ بوجه التكبير العام والأخذ بالتكبير لأواخر سور الختم فالمذهب ثلاثة والله الموفق. وفيما يلي جدول يوضح حالات القصر الثلاث المذكورة آنفاً مع حالة توسط المدَّين لحفص من الشاطبية فانظره والله المرشد والمعين.

الكتاب ... 1- المصباح ... 2- الكامل ... روضة المعدل ... الشاطبية الطريق ... الحمامي عن الولي عن الفيل (1) ... الحمامي عن الولي عن الفيل (2) ... لم يذكر النشر ولا الضباع طريقاً دون الفيل ... الهاشمي عن الأشناني عن عبيد خلاف أصولاً وفرش ... وهذا الخلاف من جميع الطرق منحصر في خمس من الأصول وثماني عشرة كلمة من الفرش التكبير (1) عدم التكبير، (2) التكبير لأواخر سور الختم ... (1) عدم التكبير، (2) التكبير العام، (3) التكبير لأواخر السور ... عدم التكبير مطلق ... عدم التكبير المد المنفصل العام ... قصر ... قصر أو ثلاث ولم نقرأ بالأخير ... قصر ... توسط أو خمس حركات والمنفصل الخاص بكلمة التوحيد ... قصر ... توسط ... قصر ... توسط أو خمس حركات المد المتصل ... توسط ... إشباع ... إشباع ... توسط أو خمس ساكن قبل الهمز ... ترك السكت مطلق ... ترك السكت مطلق ... ترك السكت مطلق ... ترك السكت مطلق النون والتنوين مع اللام والراء ... لا غنه ... لزوم الغنة ... لا غنة ... لا غنة بصط وفي الخلق بصطة ... بالصاد ... بالصاد ... بالسين ... بالسين الذكرين وبابه ... الإبدال فقط ... الإبدال والتسهيل ... الإبدال فقط ... الإبدال والتسهيل يلهث ذلك ... بالإدغام ... بالإدغام ... بالإدغام ... بالإدغام اركب معنا ... بالإدغام ... بالإدغام ... بالإدغام ... بالإدغام لا تأمنا ... إشمام فقط ... إشمام فقط ... إشمام فقط ... إشمام واختلاس عِوَجا وأخواته ... سكت ... إدراج ... إدراج ... سكت عين بمريم والشورى ... توسط فقط ... توسط وإشباع ... قصر فقط ... توسط وإشباع فرق بالشعراء ... تفخيم فقط ... تفخيم فقط ... تفخيم فقط ... ترقيق وتفخيم والأول مقدم ءاتن وقفا ... بالحذف ... بالحذف ... بالحذف ... بالحذف والإثبات ضعف معا وضعفا بالروم ... فتح الضاد ... فتح الضاد ... فتح الضاد ... فتح الضاد وضمها ... والأول مقدم ن والقرآن. ن والقلم ... بالإظهار ... بالإظهار ... بالإظهار ... بالإظهار المصيطرون ... بالسين فقط ... بالسين فقط ... بالسين فقط ... بالسين وبالصاد والأخير هو مقدم سلاسلا وقفا ... بالحذف المعبر عنه بالقصر ... بالإثبات المعبر عنه بالمد ... بالحذف ... بالوجهين بمصيطر ... بالصاد لا غير ... بالصاد لا غير ... بالصاد لا غير ... بالصاد لا غير

وبهذه الأحكام التي ذكرت في حالات القصر الثلاث المذكورة آنفاً قرأت وبها آخذ قراءة وإقراء. هذا ولا يجوز لأحد مَّا أن يقرأ بهذه الأحكام أخذاً من هذا الكتاب أو من غيره مما دُون فيه مثل ذلك دون أن يرجع إلى الشيوخ المقرئين المسندين في هذا الشأن، فيأخذ عنهم ويعرض عليهم القرآن الكريم من أوله إلى آخره سواء كان بحالة من هذه الحالات أو بالحالات الثلاث كلها أو برواية حفص كاملة من طريق الطيبة. وعليه فلا بد من الرجوع إلى التلقي من أفواه الشيوخ الذي هو الأصل في نقل القرآن الكريم. وما تسطير قواعد هذا الفن في بطون الأسفار القديم منها والحديث إلا للاستئناس بها والرجوع إليها عند الحاجة، وأما إحكام النطق بألفاظ القرآن الكريم فمردُّه أولاً وآخراً إلى المشافهة والأخذ من أفواه المتقنين من مشايخ الإقراء. وبهذا انقضى كلامنا على الحالات الثلاث التي أردنا ذكرها من حالات القصر في المنفصل لحفص من طريق طيبة النشر وقد علمت ما يجب عليها أو على القصر بالأحرى من أحكام لا يسع أحد أن ينفلت منها أو يزيغ عنها متى اختار أن يقرأ رواية حفص عن عصام بقصر المنفصل، كما تقدم بيان وجوب نظائرها على من يختار الرواية عن حفص بإشباع المتصل ولا ريب أن هناك أحكاماً أخرى تأتي لحفص على قصر المنفصل وإشباع المتصل من الطريق المذكور آنفاً. وإنما لم نذكرها لأننا لم نرد استقصاءها هنا لأن هذا المقام تغني فيه الإشارة عن العبارة. وإنما أردت أن أبين للقارىء إلى أي حد يخطىء أولئك الذين يطلقون الوجوه للناس فيعملون بها حال الأداء من غير توقيف ولا حساب "ويحسبون أنهم على الحق" فيزل بزلتهم خلق كثير فيقعون في المحظور الذي هو بذاته الكذب في الرواية والتركيب في الطرق وهو ممنوع لا يجوز بحال فإن الأصل في قراءة القرآن هو التلقي والرواية لا الاجتهاد ولا القياس ولله در شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث أفتى بعدم جواز القراءة بمجرد الرأي وساق لذلك أدلة كثيرة من كلام السلف وقال كما قال زيد بن ثابت القراءة سنة

يأخذها الآخر عن الأول وذكر من كلام ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (فاقرأوا كما علمتم) وانتهى من ذلك إلى قوله: (ليس لأحد أن يقرأ بمجرد رأيه بل القراءة سنة متبعة) إلى أن قال: (والاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب لا على المصاحف) أهـ. وهذا الذي أفتى به شيخ الإسلام هو ما عليه جميع علماء القراءة وقد نص عليه غير واحد من أعيانهم: قال العلامة المحقق الشيخ أبو العاكف محمد أمين المدعو بعبد الله أفندي زادة شيخ الإقراء في وقته باستانبول في كتابه "عمدة الخلان" شرح زبدة العرفان في القراءات العشر ما نصه: "فلا يجوز لأحد قراءة القرآن من غير أخذ كامل عن أفواه الرجال المقرئين بالإسناد. ويحرم تعليم علم القراءة باستنباط المسائل من كتب القوم بمطلق الرأي بغير تلق على الترتيب المعتاد لأن أركان القرآن اتصال السند إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلا انقطاع فالإقراء بلا سند متصل إليه عليه الصلاة والسلام مردود وممنوع عن الأخذ والاتباع أهـ بلفظه. وكذا فإن العلامة المحقق والباحث المدقق فضيلة الشيخ علي محمد الضباع شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية الأسبق. لما وقع له ذكر التلفيق في القراءة عظم أمره وقال: "هو خلط الطرق بعضها ببعض وذلك غير جائز". قال النويري في شرح الدرة: "والقراءة بخلط الطرق أو تركيبها حرام أو مكروه أو معيب". وقال القسطلاني في لطائفه: "يجب على القارىء الاحتراز من التركيب في الطرق وتمييز بعضها من بعض وإلا وقع فيما لا يجوز وقراءةِ ما لم

يُنْزَل" أهـ كلام الضباع. هذا: ولعل الدكتور محيسن لا يلهينه قول العلامة النويري عن القراءة بخلط الطرق أو تركيبها فيما تقدم أنه "حرام أو مكروه أو معيب" فيتعلل به ويتوكأ عليه متوهماً أن النويري بهذا يتردد في القطع بحرمته فإنه ليس من هذا الباب وإلا فإنه لو كان مراده تأرجح الحكم بين هذه الثلاثة "التحريم والكراهة، والعيب" من غير ترجيح التحريم على الأقل إن لم يكن القطع به عنده لما أثبت قوله بالتحريم ألبتة ولمحاه أصلاً حتى لا يؤثر عنه. وإلا فقد ذكر العلامة القسطلاني شارح البخاري عقبه فيه ما فيه وقد تقدم حكايته عنه ثم يقال لقد دلت قرائن الحال على أن العلامة النويري إنما يعنى بقوله ذاك التحريم ليس إلا: فإنه رحمه الله تعالى كان من أئمة القراءة ولم يؤثر عنه القول بجواز التركيب في القراءة ولا الترخيص فيه وهذه كتبه مخطوطة بين أيدينا فأين فيها النص على ذلك؟ وهذا أولاً: ثم يقال أرأيت إن كان كلام العلامة النويري وهو تلميذ الحافظ ابن الجزري رحمه الله تعالى متوجهاً إلى عدم القطع بحرمة هذا الخلط والتركيب في القراءة أفكان يفهم منه العلامة الضباع عدم الجواز فينص عليه ويصرح به وهو مَنْ هو جلاء ونبلاً وعلماً وفضلاً اللهم: لا ولو فرضنا جدلاً جرياً مع أوهام المتوهم أن العلامة النويري عنى بعبارته تلك النص على تعييب خلط القراءة وتركيب الطرق وأنه هو الذي استقر حكمه عليه واطمأن قلبه إليه فهل يظن بإمام كبير كالنويري - رحمه الله تعالى - أن يدل الناس على ما تقضى قواعد الشرع وصحة النظر وجوامع الأصول عنده أنه معيب اللهم لا: وإلا فأين الورع وأين الحياء؟ ولهذا كله فقد قطع الإمام مصطفى بن عبد الرحمن الإزميري رحمه الله تعالى بأن حكم التركيب التحريم وجعل الاحتراز عنه باعثه على تأليف كتابه "عمدة العرفان في تحرير أوجه القرآن" فقال في سبب تأليفه وجمع ما فيه من الطرق: ( ... احترازاً عن التركيب لأنه حرام في القرآن على سبيل الرواية أو مكروه كراهة

تحريم كما حققه أهل الدارية) . وهكذا أقول لأقطع الطريق على كل مترخص يتلاعب بجلال كلام الله تعالى أفرأيت إن كان خلط القراءة وتركيب الطرق مجرد معيب أيليق بك أن تدل الناس عليه وترشدهم إليه وترخص لهم فيه؟ ولله ما أصدق الإمام عبد البر لهجة حين ينقل إلينا عن التابعي الجليل سليمان التيمي نصيحته الخالصة "إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله" اللهم سلمنا من ذلك وجنبنا الزلل في تلاوة كلامك وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على النحو الصحيح الذي يرضيك وترضى به عنا ياذا الجلال والإكرام ياذا الطول والإنعام. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. التنبيه الرابع: جاء في آخر الرسالة المسماة "أحكام تجويد القرآن: على رواية حفص بن سليمان تأليف محمد سعيد محمد علي ملحس" قوله في جملة ما ذكره لحفص من أحكام التجويد: ( ... إلا أن المد في المنفصل يجوز قصره عن طريق "الطيبة" أهل المدينة المنورة) أهـ. وهذا عجيب جدّاً فقد حسب أن طريق الطيبة بطاء مفتوحة بعدها مثناة تحتيه مشددة مكسورة وهو متن نظمه الحافظ ابن الجزري رحمه الله تعالى في القراءات العشر الكبرى، معروف ومتداول، هو طريق الطيبة الذي هو علم على المدينة

المنورة زادها الله شرفاً وعزّاً فاختلط عليه الأمر بين طريق الطيبة في القراءات العشر وبين الطيبة - المدينة المنورة - ففسر الطيبة المنظومة بأنه طريق أهل المدينة المنورة وليس بذاك والصواب أن القصر المذكور الجائز في المد المنفصل لحفص جاء من طريق الطيبة المنظومة في القراءات العشر للحافظ ابن الجزري كما تقدم وليس من طريق الطيبة الذي هو علم على المدينة المنورة فتنبه والله الموفق. التنبيه الخامس: بخصوص التقاء المدين معاً - المنفصل والمتصل - حال الوصل لحفص من طريق الشاطبية. قال صاحب سراج المعالي: "فائدة" إذا كان المد المنفصل يمد أربع حركات فيمد المتصل عنه الوصل أربع حركات وخمساً. وإذا مد المنفصل خمس حركات فلا يمد المتصل أقل من خمس لأن مده واجب ومد المنفصل جائز وإذا نقص الواجب عن الجائز لم يصح أهـ. وقال صاحب حل المشكلات بنحو ما ذكره صاحب السراج لِعاصم شيخ حفص. وعلى هذين القولين تصير الأوجه ثلاثة لحفص أو لشيخه عاصم سواء تقدم المنفصل على المتصل أم تأخر عنه. قلت: وما ذكره صاحبا سراج المعالي وحل المشكلات ورحمهما الله تعالى لعاصم أو لحفص عنه مبني على الأخذ بقواعد مراتب المد الفرعي التي سنذكرها بعد. ومن تلك القواعد. إن تقدم الضعيف على القوي من المدود كالمد المنفصل على المتصل ساوى القوي الضعيف وعلا عنه. وإن تأخر الضعيف عن القوي كتقدم المتصل على المنفصل ساوى الضعيف القوي ونزل عنه. وهذه القاعدة وإن كان معمول بها لكنها هنا بالذات لا توافق قراءة عاصم

ولا رواية حفص عنه وذلك لأن النص الوارد عن عاصم في هذه المسألة أن من مد المنفصل عنه أربع حركات مد المتصل أربعاً فقط. ومن مد المنفصل خمساً مد المتصل كذلك ففي المسألة وجهان فقط لا ثلاثة ويستوي في ذلك تقدم المنفصل على المتصل أو تأخره عنه وهذا هو الصواب. وما ذكره الشيخان فيما تقدم فهو سهو منهما بدليل أنهما مشيا على هذا النص الوارد عن عاصم أو حفص عنه في تساوي المدين عند الكلام على أحكام المد المتصل المتطرف همزه الموقوف عليه سواء سبقه المنفصل أو المتصل فقالا ما يفيد أن من مد ما قبل المتصل الموقوف عليه أربع حركات سواء أكان منفصلاً أم متصلاً مد المتصل الموقوف عليه أربعاً ثم ستًّا للوقف ومن مد السابق خمساً مد المتصل الموقوف عليه خمساً ثم ستًّا للوقف ... إلخ ما ذكراه من أحكام الروم والإشمام مما سنأتي عليه إن شاء الله تعالى في فصل المد الجائز العارض للسكون فتفطن لهذه المسألة. التنبيه السادس: في بيان مراتب المد المنفصل والمتصل منفردين أو مجتمعين حالة الوصل لحفص من طريق طيبة النشر حيث تعرضنا لبعض الأحكام له من الطريق المذكور. أولاً: المد المنفصل بانفراده فيه لحفص من طريق الطيبة أربع مراتب وهي القصر وفويقه والتوسط وفويقه فالقصر حركتان وفويق القصر ثلاث حركات والتوسط أربع وفويق التوسط خمس. والمد المتصل بانفراده فيه لحفص في حالة الوصل من طريق الطيبة ثلاث مراتب وهي: التوسط وفويق التوسط والإشباع. وقد تقدم فيما مضى مقدار التوسط وفويقه. وأما الإشباع فمقداره ست حركات كما مر. ثانياً: التقاء المدين معاً حالة الوصل. إذا التقى المدان معاً والحالة هذه فيجوز لحفص من الطيبة سبعة أوجه سواء تقدم المتصل على المنفصل أو تأخر عنه. فمثال تقدم المتصل على المنفصل قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السمآء ... } [البقرة: 19] الآية. وكيفية إجراء الأوجه السبعة لحفص هنا وفيما شابهه كما يلي: التوسط في المتصل: عليه في المنفصل وجهان هما: القصر والتوسط ثم مد المتصل خمساً وعليه يتعين في المنفصل خمس لا غير ثم مد المتصل ستّاً وعليه في المنفصل المراتب الأربع التي هي القصر وفويقه والتوسط وفويقه فجملة الوجوه سبعة. ومثال تقدم المنفصل على المتصل قوله تعالى: {يا أيها الناس أَنتُمُ الفقرآء إِلَى الله} [فاطر: 15] وطريقة إجراء الأوجه السبعة هنا لحفص وفيما ماثله كالآتي: القصر في المنفصل: عليه في المتصل وجهان هما: التوسط والإشباع. ثم مد المنفصل ثلاثاً: عليه في المتصل وجه واحد وهو الإشباع. ثم التوسط في المنفصل: عليه في المتصل وجهان هما: التوسط والإشباع. ثم مد المنفصل خمساً: عليه في المتصل وجهان كذلك المد خمس والإشباع. فالكل سبعة وبالله التوفيق. التنبيه السابع: في اجتماع ما يمد للتعظيم مع المد المنفصل لحفص عاصم من طريق طيبة النشر. إذا اجتمع ما يمد للتعظيم مع المد المنفصل فيتحصل لحفص من الطريق المذكور آنفاً ثلاثة أوجه سواء تقدم مد التعظيم على المد المنفصل أم تأخر عنه. فمثال تقدم مد التعظيم على المنفصل قوله تعالى: {الله لاَ إلاه إِلاَّ هُوَ الحي القيوم لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البقرة: 255] الآية. فعلى القصر في مد التعظيم القصر فقط في المد المنفصل بعده. وعلى المد في التعظيم القصر والتوسط في الثاني. ومثال تقدم المد المنفصل على المد للتعظيم قوله تعالى: {اتبع مَآ أُوحِيَ

إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إلاه إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} [الأنعام: 106] . فعلى قصر المد المنفصل القصر والتوسط فيما يمد للتعظيم وعلى التوسط في المنفصل التوسط فقط في المد للتعظيم فالوجوه ثلاثة في كلتا الحالتين. وقد نظم هذه الأوجه شيخ مشايخنا العلامة المحقق الشيخ عثمان راضي السنطاوي في كتابة "النفائس المطربة: في تحرير أوجه الطيبة" فقال رحمه الله تعالى: وَسِّط لتعْظيمِ بقَصْرٍ لمنفَصِلْ ... وَسَوِّهما معاً يَصِحُّ لمن تَلاَ أهـ فتأمل وبالله التوفيق. الكلام على النوع الثاني وهو المد الجائز العارض للسكون وأقسامه وسبب تسميته جائزاً وعارضاً ومقدار مده ووجهه وضابطه وهذا هو النوع الثاني من أنواع المد الجائز. وتعريفه: أن يقع سكون عارض للوقف بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده. فمثال الأول: نحو {المفلحون} [البقرة: 207] {بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8] {بالعباد} [البقرة: 207] ونحو {مَا يَشَآؤونَ} [النحل: 31] {خَاسِئِينَ} [البقرة: 62] [الأعراف: 166] {وَإِلَيْهِ مَآبِ} [الرعد: 36] ونحو {وَيُؤْتُواْ الزكاة} [البينة: 5] ونحو {

اجتباه} [النحل: 121] {وَهَدَاهُ} [النحل: 121] {وَعَزَّرُوهُ} [الأعراف: 157] {وَنَصَرُوهُ} [الأعراف: 157] {لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] . ويدخل فيه ما إذا كان الساكن العارض في همز بعد حرف المد نحو {بِمَا شَآءَ} [لبقرة: 255] {يَنْهَوْنَ عَنِ السوء} [الأعراف: 165] {وَلاَ المسيء} [غافر: 58] . ومثال الثاني: نحو {السير} [سبأ 18] {مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] {مَثَلُ السوء} [النحل: 60] {لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159] . وسمي بالمد العارض للسكون لعروض سببه في الوقف وهو السكون. وكان حكمه الجواز لجواز قصره ومده عند كل القراء. فالقصر حركتان والمد يشمل التوسط والإشباع فالتوسط أربع حركات والإشباع ست وتجري هذه الأوجه الثلاثة على هذا الترتيب في كل مد عارض للسكون مما ذكرنا ونحوه إلا المد العارض للسكون الذي أصله المد المتصل كقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى الله

مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] فلا يجوز فيه القصر بحال حالة الوقف وإنما الجائز عموماً لكل القراء هو التوسط والإشباع ما دونهما وبالنسبة لحفص عن عاصم فيجوز له المد وقفاً بقدر أربع حركات أو خمس أو ست وسنوضح ذلك قريباً إن شاء الحق سبحانه. وقد أشار إلى المد الجائز العارض للسكون العلامة الجمزوري في تحفته بقوله: ومِثْلُ ذا إن عَرضَ السكونُ ... وقْفاً كَتَعلَمُونَ نستعينُ اهـ كما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة مع المد الجائز المنفصل السابق بقوله: وجائزٌ إذا أَتَى مُنْفصِلاً ... أو عَرض السكونُ وقفاً مُسْجَلاً اهـ فصل في بيان الأوجه الجائزة وقفاً في المد العارض للسكون المد العارض للسكون لا يخلو من أن يكون سكونه العارض في همز ونعني به المد المتصل العارض نحو {إِن شَآءَ} [التوبة: 28] لا نحو {سَوْءٍ} [مريم: 28] أو هاء التأنيث نحو {مُّزْجَاةٍ} [يوسف: 88] أو هاء ضمير نحو {بِوَالِدَيْهِ} [الأحقاف: 15] {لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] أو في غير ذلك نحو {آمَنَّا بِرَبِّ العالمين} [الأعراف: 121] {

لاَ ضَيْرَ} [الشعراء: 50] {وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: 145] {ظَنَّ السوء} [الفتح: 12] {وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد: 29] وما إلى ذلك. فإن كان المد العارض للسكون في غير ما آخره همز نحو {السفهآء} [لبقرة: 13] أو هاء التأنيث نحو {إِلَى النجاة} [غافر: 41] أو هاء ضمير نحو {فَبَشَّرْنَاهُ} [الصافات: 101] وكان آخره مرفوعاً نحو {نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] {والله قَدِيرٌ} [الممتحنة: 7] {إِنَّ الله بالناس لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 143] بأن وُقِف على لَرَءُوفٌ. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] . أو مضموناً نحو {ياهود} [هود: 53] {ياشعيب} [هود: 87، 91] {وَحَيْثُ} [البقرة: 144، 150] ففيه سبعة أوجه لجميع القراء وهي المدود الثلاثة التي هي القصر والتوسط والإشباع بالسكون المجرد أي الخالي من الروم والإشمام ثم يُؤْتَى بهذه المدود

الثلاثة مرة أخرى بالسكون مع الإشمام. ثم الروم ولا يكون إلا مع القصر. وذلك لأن الروم مثل الوصل. وأصل المد العارض في حالة الوصل كان طبيعيّاً ومده حركتان. ولهذا كان الوقف بالروم كالوصل أي على مد حركتين. ويستثنى من ذلك المد العارض للسكون الذي سكونه بعد حرف اللين فقط نحو {مِّنْ عِندِ الله خَيْرٌ} [البقرة: 103] {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] في حالة الوقف بالروم مطلقاً. فإن الروم فيه لا يكون على القصر المعروف الذي هو حركتان كالوقف على نحو {وَنِعْمَ النصير} [الأنفال: 40] بل على القصر الذي هو بمعنى مدّ مَّا وذلك لأن حرف اللين في الوصل يمدُّ مدّاً يسيراً بقدر الطبع وقدروه بأنه دون المد الطبيعي فالروم فيه يكون كذلك أي بمدّ مّا ويضبط هذا المشافهة والإخلال بشيء من ذلك لحن وهذا هو المستفاد من التعريف الاصطلاحي للقصر في أول الباب. وقد تكلم في هذه المسألة غير واحد من علمائنا ونورد هنا ما قاله العلامة الضباع في كتاب الإضاءة قال: "إن في حروف المد واللين مدًّا أصليًّا وفي حروف اللين فقط مدّاً ما يضبط كل منهما المشافهة والإخلال بشيء منهما لحن وهذا معنى قول مكي: "في حروف اللين من المد بعض ما في حروف المد" وقد نص عليه سيبويه ... إلى أن قال: والدليل على أن في حرفي اللين مدّاً ما من العقل والنقل - أما العقل فإن علة المد موجودة فيهما والإجماع على دوران المعلول من علته. وأيضاً فقد قوي شبههما بحروف المد لأن فيهما شيئاً من الخفاء ويجوز إدغام الحرف بعدهما بإجماع في نحو {كَيْفَ فَعَلَ} [الفجر: 6] {قَوْمِ موسى} [الأعراف: 159] بلا عسر" ويجوز مع

إدغامهما الثلاثة الجائزة في حروف المد بلا خلاف وأيضاً جوز أكثر القراء التوسط والطول فيهما وقفاً. وجوز ورش مدهما مع السبب. وأما النقل فنص سيبويه وناهيك به على ذلك وكذلك الداني ومكي إذ قالا: في حرفي اللين من المد بعض ما في حروف المد. وكذلك الجعبري قال: واللين لا يخلو من أيسر مد فيمد بقدر الطبع. فإن قلت أجمع القائلون به على أنه دون ألف. والمد لا يكون دون ألف. (قلت) : الألف إنما هي نهاية الطبيعي وهذا لا ينافي أن ما دونها يسمى مدّاً لا سيما وقد تضافرت النصوص الدالة على ثبوت مدهما. فإن (قلت) قال أبو شامة: فمن مد {عَلَيْهِم} [الفاتحة: 7] و {إِلَيْهِمْ} [آل عمران: 199] و {لَدَيْهِمْ} [آل عمران: 44] ونحو ذلك وفقاً أو وصلاً أو مد نحو {والصيف} [قريش: 2] و {البيت} [البقرة: 127] و {الخوف} [الأحزاب: 19] و {الموت} [العنكبوت: 57] في الوصل فهو مخطىء وهذا صريح في أن اللين لا مد فيه (قلت) : ما أعظمه مساعداً لو كان في محل النزاع. لأن النزاع في الطبيعي وكلامه هنا في الفرعي بدليل قوله قبل. فقد بان لك أن حرف اللين لا مد فيه إلا إذا كان بعده همزة أو ساكن عند من رأى ذلك. وأيضاً فهو يتكلم على قول الشاطبي "وإن تسكن اليا بين فتح وهمزة" وليس كلام الشاطبي إلا في الفرعي بل أقول في كلام أبي شامة تصريح بأن اللين ممدود وأن مده قدر حرف المد

وذلك أنه قال في الانتصار لمذهب الجماعة على ورش في قصر اللين. وهنا لما لم يكن فيهما مد كان القصر عبارة عن مد يسير يصيران به على لفظهما إذا كانت حركة ما قبلهما من جنسمها فقوله على لفظهما دليل المساواة. وعلى هذا فهو برىء مما فهم السائل من كلامه وهذا مما لا ينكره عاقل والله أعلم أهـ بحروفه. هذا: وما ذكرناه من كلام العلامة الضباع هنا قد نص عليه الإمام النويري في شرحه على الطيبة بكلام أوسع مما هنا كما نص عليه شيخه الحافظ ابن الجزري في النشر. وبعد: فقد ظهر لك مما قدمنا من نصوص أئمتنا أن الوقف بالروم على المد العارض للسكون الذي سكونه العارض بعد حرفي اللين لا يكون على القصر الذي هو حركتان كما قد يتبادر بل على القصر الذي هو بمعنى مد ما لأنه في حالة الوصل يكون كذلك كما قدمنا. ومن ثم تعلم أن ما قاله الدكتور محمد سالم محيسن في كتابه الرائد في تجويد القرآن ص (34) "واعلم أن المد العارض للسكون إذا كان حرف لين مثل "بيت وخوف" فإن الروم يكون على عدم المد مطلقاً لأن الروم مثل حالة الوصل وقد علمت أنه في حالة الوصل لا يمد أصلاً" أهـ. هو كلام لا يلتفت إليه ولا يعول عليه وكاتبه يعوزه الاطلاع وصحة الفهم وضبط المسائل العلمية. ولنرجع إلى بقية الكلام على أوجه المد العارض للسكون الجائزة وقفاً فنقول: وإن كان المد العارض للسكون آخره مجروراً نحو {مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ} [فصلت: 14] {

والله عِنْدَهُ حُسْنُ المآب} [آل عمران: 14] {وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 154] {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] أو مكسرواً نحو {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثقلان} [الرحمن: 31] {زَوْجَيْنِ اثنين} [هود: 40] ففيه أربعة أوجه لكل القراء وهي المدود الثلاثة التي هي القصر فالتوسط فالإشباع وكلها بالسكون المجرد ثم الوقف بالروم ولا يكون إلا مع القصر. وقد مر قريباً بيان كيفية الوقف بالروم في المد العارض للسكون الذي سكونه بعد حرفي اللين فقط فتأمله. وإن كان المد العارض للسكون آخره منصوباً نحو {وَهَدَيْنَاهُمَا الصراط المستقيم} [الصافات: 118] {وَقَدَّرْنَا فِيهَا السير} [سبأ: 18] {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت} [الدخان: 56] أو مفتوحاً نحو {إِنَّا كَفَيْنَاكَ المستهزئين} [الحجر: 95] {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 96] {لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] {فَلاَ فَوْتَ} [سبأ: 51] {كَيْفَ} [الفيل: 1] ففيه المدود الثلاثة المتقدمة بالسكون المجرد فقط. وقد نظم أوجه المد الجائز العارض للسكون حالة الوقف في أحواله الثلاثة المتقدمة صاحب الجواهر الغوالي فقال رحمه الله تعالى: في العارضِ الممدودِ سبعَةٌ أتَتْ ... إنْ ضُمَّ نحو نستعينُ قدْ ثبَتْ

مدٌّ توسُّطٌ وقصرٌ سَكِّنا ... وأشْمِمْ وزدْ روماً بقصْرٍ أُعْلِنَا وأرْبَعٌ في الجرِّ لا تُشْمِمْ سَمَا ... في النَّصْبِ إسْكانٌ كما تَقَدَّما اهـ وهنا انتهى كلامنا على المد العارض للسكون وما فيه من أوجه حال الوقف في غير ما آخره همز وهو المد المتصل العارض للسكون أو هاء تأنيث أو هاء ضمير فبقيت هذه الأنواع الثلاثة وإليك الكلام عليها على هذا الترتيب فنقول وبالله التوفيق. الكلام على المد المتصل العارض للسكون ومثاله الوقف على نحو {الضرآء والسرآء} [الأعراف: 95] {ثَلاَثَةَ قروء} [البقرة: 228] {وَلاَ المسيء} [غافر: 58] وهذا المد قد يكون مسبوقاً بأحد المدين - المنفصل أو المتصل - أو بهما معاً وقد لا يكون مسبوقاً بشيء من ذلك ويسمى الأول بالمد المتصل العارض للسكون المجموع مع ما قبله. ويمسى الثاني بالمد المتصل العارض للسكون المنفرد. ولكل منهما كلام خاص سنقتصر فيه هنا على ما يوافق رواية حفص عن عاصم من الشاطبية موافقة لقراءة العامة فنقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون والقول. الكلام على أوجه المد المتصل العارض للسكون المنفرد المد المتصل العارض للسكون المنفرد - أي الذي لم يُسبَق بمد متصل ولا بمنفصل إن كان آخره منصوباً نحو {نَسُوقُ المآء} [السجدة: 27] أو مفتوحاً نحو {فَقَدْ بَآءَ} [الأنفال: 16] ففيه ثلاثة أوجه لفحص عن عاصم من الشاطبية وهي الوقف بأربع حركات أو خمس أو ست بالسكون المجرد فقط.

وإن كان آخره مجروراً نحو {على سَوَآءٍ} [الأنبياء: 109] أو مكسوراً نحو {أولاء} [آل عمران: 119] ففيه خمسة أوجه لحفص من الطريق المذكور وهي الوقف بأربع حركات أو خمس أو ست بالسكون المجرد. ثم الروم مع المد بأربع حركات وخمس فقط ذلك لأن الروم كالوصل كما تقدم. وهنا المد المتصل يمد في الوصل أربع حركات وخمس وإن كان آخره مرفوعاً نحو قوله تعالى: {والله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ} [البقرة: 261] أو مضموماً نحو {وياسمآء} [هود: 44] ففيه لحفص من الطريق السالف الذكر ثمانية أوجه وهي الوقف بأربع حركات أو خمس أو ست وكلها السكون المجرد ثم يؤتى بهذه الأوجه الثلاثة مرة ثانية بالسكون مع الإشمام ثم الروم مع المد بأربع حركات وخمس فحسب فهذه هي الأوجه الثمانية وقد نظمها غير واحد من الأفاضل الأعلام وإليك أوضحها لشيخنا الموقر صاحب الفضيلة الشيخ محمد السباعي عامر رحمه الله تعالى قال: وقِفْ على مُتَّصلٍ تطرَّفَا ... إنْ كان منصوباً بستٍّ وكَفَى وأربعٍ ثمَّ بخمسٍ فاقْضِ ... وكلُّها مع السكون المحضِ كجاءَ ساءَ شاءَ مع أضاءَ ... أفاءَ والسماءَ لا بناءَ ومثلُهُ المجرورُ دون لبْسٍ ... والروم زدْ بأربعٍ وخمسِ

مثالُهُ لفظ من السماء ... ونحو في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ ومثلُهُ المرفوعُ لكنْ زدْ لهُ الْ ... إشْمامَ في الكل أراهُ قدْ سَهُلْ مثاله يشاءُ أولياءُ ... (فما بكتْ عليهمُ السماءُ) إذنْ ففيه أوجُهٌ ثمانيهْ ... والخمسُ في المخفوضِ منكَ دَانِيه والروم في ثلاثة المنصوب ... دعُهُ كإشمام بلا لَغُوب والرَّوم لا يأتي مع الإشباع ... أي فيهما ففُزْ بالاتْبَاعِ اهـ تنبيه: ما ذكره الدكتور محمد سالم محيسن في كتابه "الرائد في تجويد القرآن" من أوجه العارض للسكون الذي أصله المد المتصل حيث قال فيه: "وإن كان مجروراً مثل {مِنَ المآء} [الأنبياء: 30] ففيه ستة أوجه وهي الثلاثة التي في المنصوب ومثلها مع الروم. وإن كان مرفوعاً مثل {يَشَآءُ} [البقرة: 261] ففيه تسعة أوجه وهي الثلاثة التي في المنصوب ومثلها على كل من الروم والإشمام" أهـ فقد بناه على ما ذكره من قبل من أن المد المتصل يجوز فيه الإشباع بقدر ست حركات لحفص وعليه. فقد جوز الوقف بالروم على الإشباع. ومرتبة الإشباع هذه قلنا عليها فيما سبق أنها لا تجوز لحفص من طريق الشاطبية التي هي طريق العامة. وإنما تجوز له في وجه من الطيبة. ولم ينبه الدكتور على ذلك ولا على ما يتعين عليها من أحكام حال الأداء ولا بد من هذا التنبيه. وقد بينا خطأ هذا القول وإقحامه على ما عرفه عامة الناس واستوفينا الرد عليه فيما تقدم بما لا مزيد عليه لمستزيد فراجعه في موضعه في التنبيه الثالث ص (284)

ولا التفات إلى قول هذا الدكتور وعليه فالوجوه ثمانية في العارض للسكون الذي أصله المتصل المرفوع وخمسة في المجرور منه كما قلنا سابقاً وكما أجمع عليه المسلمون لحفص من طريق الشاطبية. وعليه: فاعلم أن الوقف بالروم لا يأتي لحفص على الإشباع بحال من الطريق المذكور. وقد مر عليك قريباً قول أستاذنا العلامة فضيلة الشيخ محمد السباعي عامر - عليه رحمة الله: والرَّوْمُ لا يأتي مع الإشباع ... ... ... .. البيت نعم: يأتي الروم لحفص من الإشباع في المرفوع والمجرور من الطيبة فقط وفي قول كما أسلفنا وفي هذا الشأن يقول العلامة صاحب سراج المعالي في آخر بيت من نظم "باب القصر لحفص من طريق طيبة النشر": وإن تقِفْ نحو يشاءُ زدْ لدى ... ستٌ بهِ روْماً كَذَا الجَرِّ بَدَا اهـ فقوله: "زد" أي زد لحفص الوقف بالروم على الحركات الست من طريق الطيبة على طريق الشاطبية الذي فيه الروم على الأربع حركات والخمس فقط وعليه فيكون لحفص من طريق الطيبة في العارض للسكون الذي أصله المد المتصل المرفوع تسعة أوجه وفي المجرور منه ستة بزيادة الروم في الوقف بالإشباع في كل منهما. ولا يخفى عليك ما قدمناه من أحكام لا يجوز مخالفتها بحال على إشباع المد المتصل لحفص من الطيبة سواء قرىء بالإشباع وصلاً أو وقفاً في المتطرف مع الروم فالأحكام التي ذكرناها هناك والحالات المطردة في التنزيل المترتبة عليها هي هي لا تتغير فلا تغفل عنها والله يتولانا وإياك. الكلام على أوجه المد المتصل العارض للسكون المسبوق بأحد المدَّين أو بهما معاً المد المتصل العارض للسكون المسبوق بأحد المدّين - المتصل أو المنفصل أو المسبوق بهما معاً فأوجه حفص فيه من الشاطبية تختلف عن أوجهه في المد المتصل العارض للسكون المنفرد الذي تقدم الكلام عليه قريباً من الطريق نفسه.

فالمنصوب منه أو المفتوح فيه أربعة أوجه. والمجرور منه أو المكسور فيه ستة. والمرفوع منه أو المضموم فيه عشرة. وإليك مثالاً لكل حالة من هذه الحالات الثلاث للقياس عليها: فمثال المد العارض للسكون المنصوب آخره أو المفتوح المسبوق بالمد المنفصل نحو قوله تعالى: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ} [التوبة: 28] ومثال المسبوق بالمد المتصل نحو قوله تعالى: {أولائك لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأرض وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَآءَ} [هود: 20] فهنا لحفص من الشاطبية أربعة أوجه وهي مد المنفصل في الآية الأولى والمتصل في الثانية أربع حركات وعليه يأتي في المتصل الموقوف عليه فيهما أربع حركات أو ست بالسكون المجرد. ثم مد المنفصل والمتصل في الآيتين خمس حركات وعليه يأتي في المتصل الموقوف عليه فيهما خمس حركات أو ست بالسكون المجرد أيضاً وما ذكرناه هنا في المتصل الموقوف عليه هو مثال للمفتوح ومثاله بالضبط المتصل المنصوب فتفطن. ومثال المد المتصل العارض للسكون المكسور آخره المسبوق بالمد المنفصل نحو قوله تعالى: {وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً على هاؤلآء} [النحل: 89] ومثال المجرور المسبوق بالمنفصل أيضاً قوله تعالى: {رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يخفى عَلَى الله مِن شَيْءٍ فَي الأرض وَلاَ فِي السمآء} [إبراهيم: 38] . وهنا لحفص من الشاطبية ست أوجه وبيانها كما يلي: مد المنفصل في الآيتين أربع حركات وعليه يأتي في المتصل الموقوف عليه أربع حركات أو ست بالسكون المجرد فيهما. ثم الوقف بالروم مع المد بأربع حركات فيهما كذلك فهذه ثلاثة أوجه. ثم مد المنفصل خمس حركات في الآيتين أيضاً وعليه يأتي في المتصل الموقوف عليه خمس حركات أو ست بالسكون المجرد ثم الوقف بالروم مع المد بخمس حركات فيهما أيضاً فهذه ثلاثة تضم

للثلاثة الأولى فتصير ستة أوجه. ومثل ذلك بالضبط ونفس الطريقة المد المتصل العارض للسكون المجرور المسبوق بالمد المتصل كقوله تعالى: {يانسآء النبي لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النسآء} [الأحزاب: 32] وكذلك تجري الأوجه الستة السابقة بنفس الطريقة والترتيب في المتصل العارض المكسور المسبوق بالمدين معاً - المنفصل والمتصل - كقوله تعالى: {لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء} [النساء: 143] فيمد المنفصل (وإن تعدد) ، والمتصل المتقدمان أربع حركات فيهما وعلى هذه الأربع يأتي في المتصل الموقوف عليه أربع حركات أو ست بالسكون المجرد فيهما ثم الوقف بالروم مع المد بأربع حركات ثم يؤتى بخمس حركات في المنفصل والمتصل المتقدمان وعلى هذه الخمس يأتي في المتصل الموقوف عليه خمس حركات أو ست بالسكون المجرد فيهما ثم الوقف بالروم مع المد بخمس حركات فتفطن. ومثال: المد المتصل العارض للسكون المرفوع المسبوق بالمد المنفصل أو المتصل. فمثال الأول نحو قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ الناس قالوا أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء} [البقرة: 13] . ومثال الثاني نحو قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} [البقرة: 284] . وهنا يتحصل لحفص من الشاطبية عشرة أوجه في كل من كلمة {السفهآء} [البقرة: 13] و {يَشَآءُ} [البقرة: 284] . وبيان كيفية إجراء الأوجه العشرة لحفص كما يلي: أولاً: مد الأول في الآيتين أربع حركات وعليه في الأخير الموقوف عليه {السفهآء} [البقرة: 13] و {يَشَآءُ} [البقرة: 284] أربع حركات أو ست السكون المجرد فيهما ثم بالسكون مع الإشمام مرة ثانية ثم الوقف بالروم مع المد بأربع حركات فقط. فهذه خمسة أوجه أتت على مد الأول أربعاً.

ثانياً: مد الأول في الآيتين خمس حركات وعليه في الأخير الموقوف عليه خمس حركات أو ست بالسكون المجرد فيهما. ثم بالسكون مع الإشمام مرة ثانية ثم الوقف بالروم مع المد بخمس حركات فحسب فهذه خمسة أوجه أيضاً أتت على مد الأول خمساً تضم للخمسة السابقة فتصير عشرة أوجه كلها صحيحة لا سقيم فيها ولا فيما سبق من أوجه. ومثل المد المتصل العارض للسكون المرفوع المد المتصل العارض للسكون المضموم وكذلك تجري الأوجه العشرة السابقة بنفس الطريقة والترتيب في المتصل العارض للسكون المرفوع المسبوق بالمدين معاً - المنفصل والمتصل كقوله تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ} [البقرة: 284] . وكيفية إجراء الأوجه العشرة لحفص هنا كالآتي: أولاً: يمد المنفصل والمتصل المتقدمان معاً أربع حركات ويؤتى في الأخير الموقوف بأربع حركات أو ست بالسكون المجرد فيهما ثم بالسكون مع الإشمام مرة ثانية ثم الوقف بالروم مع المد بأربع حركات فقط فهذه خمسة أوجه أتت على مد الأولين أربعاً. ثانياً: يمد المنفصل والمتصل المتقدمان معاً خمس حركات ويؤتى في الأخير الموقوف عليه بخمس حركات أو ست بالسكون المجرد فيهما. ثم بالسكون مع الإشمام مرة ثانية. ثم الوقف بالروم مع المد بخمس حركات ليس غير. فهذه خمسة أوجه أتت على مد الأولين خمساً تضاف للخمسة السابقة فتصير عشرة أوجه كلها صحيحة وهنا انتهى كلامنا على المد المتصل العارض للسكون المنفرد والمسبوق بالمدين معاً أو بأحدهما فتأمله جيداً وبالله التوفيق.

الكلام على أوجه المد الجائز العارض للسكون الذي آخره هاء التأنيث إذا كان المد العارض للسكون آخره هاء التأنيث وهي التي في الوصل تاء وفي الوقف هاء نحو {بالغداة} [الأنعام: 52] ففيه المدود الثلاثة لكل القراء التي هي القصر والتوسط والإشباع بالسكون المجرد فقط سواء كان منصوباً نحو قوله تعالى: {وَيُقِيمُواْ الصلاة وَيُؤْتُواْ الزكاة} [البينة: 5] أو مجروراً نحو قوله سبحانه: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} [يوسف: 88] أو مرفوعاً نحو قوله تعالى: {مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التوراة} [آل عمران: 93] من غير روم ولا إشمام لأن هاء التأنيث ضمن المواضع التي لا يدخلها روم ولا إشمام كما سيأتي والعلة في ذلك أن الهاء مبدلة من التاء التي كانت في الوصل. والروم والإشمام لا يدخلان في حرف كانت الحركة في غيره ولم تكن فيه. ولم يأت هذا العارض مفتوحاً ولا مكسوراً ولا مضموماً لأن هاء التأنيث معربة دائماً وليست مبنية فتأمل. تتمة: ما ذكرناه قريباً من جواز المدود الثلاثة في المد العارض للسكون الذي آخره هاء تأنيث هو أحد القولين فيه. والثاني: يمد مدّاً طويلاً وجهاً واحداً كالمد اللازم نص عليه العلامة المارغني في النجوم الطوالع وحجته أن السكون لازم في الحرف الموقوف عليه لعدم تحرك الهاء في الوصل والوقف. أما عدم تحركها في الوصل فلعدم وجودها فيه. وأما عدم تحركها في الوقف فظاهر وحينئذ تندرج فيما سكونه لازم وتمد الألف قبلها مدّاً طويلاً في الوقف. ولا يجوز فيه القصر ولا التوسط ولأهمية هذه المسألة فقد نقلنا كلام النجوم الطوالع هنا برمته: قال العلامة المارغني رحمه الله تعالى في باب الممدود والمقصور ما نصه "تنبيه" يتعين المد الطويل في الوقف

على اللائي - لورش على مذهب من أخذ له بتسهيل الهمزة بين بين في الوصل وإبدالها ياء في الوقف. ويتعين المد الطويل أيضاً لجميع القراء في الوقف على كل ما آخره في الوصل تاء قبلها ألف وإذا وقف عليه أبدلت تاؤه هاء نحو {الصلاة} [البقرة: 3] و {الزكاة} [البقرة: 177] و {الحياة} [البقرة: 86] و {تُقَاةً} [آل عمران: 28] ولا يجوز في ذلك كله توسط ولا قصر كما نص عليه في {اللائي} [الأحزاب: 4] الحافظ أبو عمرو الداني في كتابيه التلخيص والمفردة - وخاتمة المحققين سيدي علي النوري في غيث النفع وقرأت به على شيخنا رحمه الله في {اللائي} [الأحزاب: 4] وفي نحو {الصلاة} [البقرة: 3] ونبهنا عليه غير مرة واقتصر عليه في المسألتين بعض شراح المتن. ووجهه لزوم السكون للحرف الموقوف عليه وهو الياء في {اللائي} [الأحزاب: 4] والهاء في نحو {الصلاة} [البقرة: 3] إذ يصدق عليهما أنهما لا يتحركان لا وصلاً ولا وقفاً. أما عدم تحركهما وصلاً فلعدم وجودهما فيه. وأما عدم تحركهما وقفاً فظاهر وحينئذ يندرجان فيما سكونه لازم فيمد الألف قبلهما في الوقف مدّاً طويلاً لازماً لأجلهما فإن (قلت) الياء في (اللائي) والهاء في نحو (الصلاة) عارضان في أنفسهما لأنهما لا يوجدان إلا في الوقف فيكون سكونهما عارضاً بعروضهما (قلت) المعتبر لزوم السكون لهما وإن كانا في أنفسهما عارضين إذ لو اعتبر عروض سكونهما لعروضهما لجاز الروم والإشمام في كل ما رسم بالهاء من {رَحْمَةٌ} [البقرة: 157] و {نِّعْمَةٍ} [النحل: 53] و {الصلاة والزكاة} [مريم: 31] لأن الروم والإشمام إنما يكونان فيما سكونه عارض مع أنهم اتفقوا على منع الروم والإشمام في ذلك كما سيأتي في باب الوقف وذكر العلاقة الشيخ سيدي أحمد الشقانصي في كتابه - الشهب الثواقب -

أنه قرأ في ذلك بالأوجه الثلاثة في الوقف وهو مخالف لما قدناه وكل يقرأ بما أخذ لكن ينبغي لمن أخذ بالأوجه الثلاثة في الوقف أن يقف بذلك بالطويل احتياطاً وخروجاً من الخلاف أهـ بلفظه. قلت: وكما نص العلامة المارغني على أن المد في نحو "الصلاة" وقفاً هو من باب المد اللازم كما مر نص عليه كذلك العلامة الشيخ الأمين الطرابلسي في مذكرته وعبارته "ويتعين الإشباع في الوقف على المختوم بهاء التأنيث نحو "الصلاة" ولا يجوز التوسط ولا القصر وقد نظمت ذلك فقلت: وأشبعْ فقط مدَّ الصَّلاة ونحوه ... لدى الوقفِ عند الكلِّ يا صاح فاعْقِلاَ اهـ يقول مقيده عفا الله عنه: ويؤخذ مما تقدم أن المد العارض للسكون الذي سكونه واقع في هاء التأنيث {كَمِشْكَاةٍ} [النور: 35] يجوز فيه الوجهان وقفاً. الأول: الوقف بالممدود الثلاثة قياساً على غيره من العوارض كما مر. الثاني: الوقف بالإشباع وجهاً واحداً كالمد اللازم وفق قول المارغني والطرابلسي ولا مانع عندي من الأخذ بالوجهين غير أني أميل إلى الإشباع أكثر لأنه لا فرق بينه وبين {اللائي} [الأحزاب: 4] في وجه الوقف بالياء الساكنة لورش وموافقيه فالياء في {اللائي} [الأحزاب: 4] لا توجد إلا في الوقف وكذلك هاء التأنيث لا توجد إلا في الوقف أيضاً. وقد أجمعوا على وجه الإشباع في {اللائي} [الأحزاب: 4] على وجه الوقف بالياء الساكنة لورش ومن وافقه من القراء فإذا لم نعتبر الإشباع وجهاً واحداً في نحو {الصلاة} [البقرة: 3] وقفاً واعتبرنا المدود الثلاثة فيه إذاً فلنعتبرها في وقف {اللائي} [الأحزاب: 4] أيضاً إذ الحجة واحدة ولا قائل بذلك. وعليه فالإشباع هو المعتمد بل هو الواجب في الوقف على نحو "الصلاة"

كما قرره المارغني والطرابلسي. وإذا وقف بالمدود الثلاثة فيه على القول الثاني فينبغي الوقف بوجه الإشباع احتياطاً وخروجاً من الخلاف كما تقدم في كلام شيخنا العلامة المارغني، والله أعلم. الكلام على أوجه المد الجائز العارض للسكون الذي آخره هاء الضمير إذا كان المد الجائز العارض للسكون الذي وقع سكونه العارض في هاء الضمير نحو {اجتباه وَهَدَاهُ} [النحل: 121] {مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112] {لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ} [الأحقاف: 15] {وَلِيَرْضَوْهُ} [الأنعام: 113] ففيه المدود الثلاثة المتقدمة بالسكون المجرد لجميع القراء واختلف في جواز الروم والإشمام في هاء الضمير على ثلاثة مذاهب. الأول: منع الروم والإشمام فيها مطلقاً قياساً على هاء التأنيث لما بينهما من التشابه في الوقف. الثاني: جواز الروم والإشمام فيها مطلقاً بشروطهما المعروفة. الثالث: التفصيل وهو مذهب أكثر المحققين وأعدل المذاهب عند الحافظ ابن الجزري كما في النشر وحاصله منع الروم والإشمام فيها في أربع صور. وجوازهما فيما عداها وإليك صور المنع والجواز. أما صور المنع الأربع فيهي كالآتي: الأول: أن يقع قبل الهاء ياء ساكنة سواء كانت مدية نحو {أَنْ أَرْضِعِيهِ} [القصص: 7]

أو لينة نحو {لِوَالِدَيْهِ} [الأحقاف: 17] . الثانية: أن يقع قبلها واو ساكنة ويستوي في ذلك الواو المدية نحو {أَوْ حَرِّقُوهُ} [العنكبوت: 24] أو اللينة نحو {فَلَمَّا رَأَوْهُ} [الأحقاف: 24] . الثالثة: أن يقع قبلها كسرة نحو {إلى أَهْلِهِ} [الذاريات: 26] {حَقَّ قَدْرِهِ} [الحج: 74] . الرابعة: أن يقع قبلها ضمة نحو {قُلْتُهُ} [المائدة: 116] {فَمَا جَزَآؤُهُ} [يوسف: 74] . وفيما سوى هذه الصور الأربع يجوز الوقف بالروم والإشمام. وبالاستقراء وجدنا أن صور الجواز ثلاث وهي كما يلي: الأولى: أن يقع قبلها فتحة نحو {فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116] . الثانية: أن يقع قبلها ساكن صحيح نحو {فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] {استأجره} [لقصص: 26] . الثالثة: أن يقع قبلها ألف المد نحو {فَبَشَّرْنَاهُ} [الصافات: 101] {وَعَلَّمْنَاهُ} [الأنبياء: 80] . وقد أشار الحافظ ابن الجزري إلى هذه المذاهب الثلاثة في الطيبة بقوله: وخُلْفُ ها الضَّمير وامنَعْ في الأتَمْ ... منْ بعد يا أوْ واو أو كسر وضَمْ اهـ وعلى ضوء ما تقدم يمكن معرفة ما في هاء الضمير الواقع فيها السكون

العارض بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده من الأوجه اتفاقاً واختلافاً وعليه فنقول: إذا كانت الهاء مضمومة نحو {مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112] {وَهَدَاهُ} [النحل: 121] {وَشَرَوْهُ} [يوسف: 20] . ففيه على المذهب الأول وهو مذهب المنع ثلاثة أوجه وهي المدود الثلاثة المتقدمة غير مرة بالسكون المجرد فقط. وعلى المذهب الثاني وهو مذهب الجواز سبعة أوجه وهي المدود الثلاثة بالسكون المجرد. ثم بالسكون مع الإشمام مرة ثانية ثم الروم مع القصر والمراد من القصر هنا هو حذف صلة الهاء كلية وهذا معنى من معاني القصر كما هو المأخوذ من التعريف الاصطلاحي الذي قدمناه في صدر الباب فتأمله. وعلى المذهب الثالث وهو مذهب التفصيل هو أن نحو {مَا فَعَلُوهُ وَلِيَرْضَوْهُ} [الأنعام: 112-113] فيه المدود الثلاثة بالسكون المجرد فحسب لأن الروم والإشمام في مذهب التفصيل لا يجوزان في هاء الضمير المسبوقة بالواو المدية أو اللينة. وفي نحو {فَبَشَّرْنَاهُ} [الصافات: 101] الأوجه السبعة المتقدمة لأن الروم والإشمام في هذا المذهب يجوزان في هاء الضمير المسبوقة بألف المد وإن كانت الهاء مكسورة نحو {قُصِّيهِ} [القصص: 11] {بِوَالِدَيْهِ} [مريم: 14] ففيه على المذهب الأول الذي هو مذهب المنع ثلاثة أوجه وهي المدود الثلاثة بالسكون المجرد لا غير وعلى المذهب الثاني الذي هو مذهب الجواز أربعة أوجه وهي المدود الثلاثة بالسكون المجرد ثم الروم مع القصر. وتقدم قريباً معنى القصر هنا فتذكر وعلى المذهب الثالث الذي هو مذهب التفصيل ثلاثة أوجه فقط وهي المدود الثلاثة بالسكون المجرد كمذهب المنع بالضبط لأن الروم في مذهب التفصيل ممنوع إذا وقعت الهاء بعد الياء المدية أو اللينة ولم يأت هذا المد العارض مفتوحاً ولا منصوباً ولا مرفوعاً ولا مجروراً لأن هاء الضمير مبنية دائماً وليست معربة وبناؤها لا يكون إلا على الضم أو الكسر وسيأتي الكلام على تعريفها وأحوالها الأربعة في التنزيل في ختام باب المد والقصر إن شاء الله تعالى.

فصل في بيان حكم السكون العارض في الوقف غير المسبوق بحرف المد أو اللين وما يجوز فيه من الأوجه وقفاً تقدم الكلام على السكون العارض في الوقف المسبوق بحرف المد واللين أو حرف اللين وحده. والكلام هنا على السكون العارض غير المسبوق بشيء من ذلك وهذا السكون لا يخلو حاله من أن يكون في هاء تأنيث نحو {مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] أو في هاء ضمير نحو {فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] أو في عارض الشكل نحو الميم من {قُمِ الليل} [المزمل: 2] أو في غير ذلك نحو {أَنَّهَا الحق} [الشورى: 18] {مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [الروم: 4] {وَتَبَّ} [المسد: 1] وحكم الوقف عليه فيه تفصيل. فإن كان السكون العارض هذا في غير ما آخره هاء تأنيث أو هاء ضمير أو عارض شكل وكان مرفوعاً نحو {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] {يُبْدِئُ} [العنكبوت: 19] {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] أو مضموماً نحو {مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [الروم: 4] {فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ} [يونس: 71] ففيه وقفاً ثلاثة أوجه وهي الوقف بالسكون المجرد ثم بالسكون مع الإشمام ثم بالروم. وإن كان مجروراً نحو {بِعَشْرٍ} [الأعراف: 142] أو مكسوراً نحو {قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ

رَبُّكِ} [الذاريات: 30] ففيه في الوقف وجهان هما الوقف بالسكون المجرد ثم بالروم. وإن كان منصوباً نحو {العسر واليسر} [البقرة: 185] أو مفتوحاً نحو {الذي أَنشَأَ} [الأنعام: 141] ففيه وجه واحد وهو الوقف بالسكون المجرد فحسب. وقد نظم هذه الأوجه في هذه الأحوال الثلاثة صاحب سراج المعالي فقال رحمه الله تعالى: مالاَ يُمَدُّ خُذْ ثلاثاً إن يُضَمُ ... واثنين جرّاً واحِدٌ في النَّصْب تَم اهـ وإن كان السكون العارض في هاء التأنيث وهي التي في الوصل تاء وفي الوقف هاء نحو {كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: 24] ففيه الوقف بالسكون المجرد من غير روم، ولا إشمام لأن الروم والإشمام لا يدخلان هاء التأنيث كما تقدم ويستوي في ذلك المرفوع منها نحو {وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [ص: 23] والمجرور نحو {فِي الجارية} [الحاقة: 11] والمنصوب نحو {وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً} [الواقعة: 7] . أما إذا رسمت هاء التأنيث تاء مفتوحة في مواضعها المعروفة في التنزيل فيجوز دخول الروم والإشمام حالة الوقف عليها قال في النجوم الطوالع "لأن الوقف في هذا القسم على الحرف الذي كانت الحركة لازمة له في الوصل وهو التاء" أهـ. وعليه فيكون في المرفوع منها نحو {بَقِيَّةُ} [هود: 86] {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [الزخرف: 32]

الوقف بالأوجه الثلاثة السكون المجرد والإشمام والروم وفي المجرور نحو {بِنِعْمَةِ الله} [لقمان: 31] الوقف بوجهين السكون المجرد والروم وفي المنصوب نحو {إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين} [الأعراف: 56] الوقف بوجه واحد وهو السكون المجرد فحسب. وإن كان السكون العارض في هاء الضمير نحو {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} [الانشقاق: 15] {استأجره} [القصص: 26] {وَحَمْلُهُ} [الأحقاف: 15] ففي الوقف عليه خلاف وهو الخلاف السابق في هاء الضمير في جواز الروم والإشمام فيها وعدم جوازهما ويترتب على هذا الخلاف ثلاثة مذاهب كما تقدم وهي كالآتي: الأول: الوقف بالسكون المجرد فقط من غير روم ولا إشمام سواء أكانت مضمومة نحو {جَزَآؤُهُ} [يوسف: 75] {فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] {وَلَهُ الدين وَاصِباً} [النحل: 52] أم مكسورة نحو {حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] قياساً على هاء التأنيث لما بينهما من التشابه في الوقف وهذا هو مذهب المنع المطلق. الثاني: الوقف بالأوجه الثلاثة في المضمومة وبوجهي السكون المجرد والروم في المكسورة وهذا هو مذهب الجواز المطلق. الثالث: مذهب التفصيل وهو الأفضل عند الكثيرين من الأئمة والمختار عند الحافظ ابن الجزري وهو إن كانت الهاء مكسورة نحو {إلى أَهْلِهِ} [الذاريات: 26] أو مضمومة بعد ضم {جَزَآؤُهُ} [يوسف: 75] ففيها الوقف بالسكون المجرد فقط من غير روم ولا إشمام.

وإن كانت الهاء مضمومة بعد فتح نحو {لَّن تُخْلَفَهُ} [طه: 97] أو بعد ساكن صحيح نحو {فانفجرت مِنْهُ} [البقرة: 60] ففيها الوقف بالأوجه الثلاثة السكون المجرد والإشمام والروم. وإن كانت السكون العارض في عارض الشكل وهو ما كان ساكناً وحرك في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين كالميم من نحو {إِن يَعْلَمِ الله} [الأنفال: 70] {قُمِ الليل} [المزمل: 2] {وَمِنْهُمُ الذين} [التوبة: 61] والواو من نحو {رَأَوُاْ العذاب} [لشورى: 44] واللام من نحو {قُلِ انظروا} [يونس: 101] وما إلى ذلك ففيه الوقف بالسكون المجرد من غير روم ولا إشمام سواء أكانت الحركة ضمة أم كسرة. وسمي بعارض الشكل لأن الساكن الصحيح تحرك بحركة عارضة عند وصله بما بعده للتخلص من التقاء الساكنين. ومن عارض الشكل الوقف على كلمتي {حِينَئِذٍ} [الواقعة: 84] و {يَوْمَئِذٍ} [القيامة: 22، 24] لأن كسرة الذال فيهما عارضة فالوقف عليهما بالسكون المجرد أيضاً.

ووجه امتناع الروم والإشمام في الحركة العارضة عموماً هو أن ما وجدت فيه أصله السكون ووجود هذه الحركة كان لأجل التخلص من التقاء الساكنين فإذا وقف على الحرف المحرك بها زالت العلة التي من أجلها جيء بها ورجع إلى الأصل وهو السكون. وما كان أصله السكون لا يدخله روم ولا إشمام كما هو مقرر وكما سيأتي والله أعلم. تنبيهات: الأول: يستثنى من السكون العارض في الوقف غير المسبوق بحرف المد أو اللين الواو المتحركة بالفتح وصلاً الواقعة بعد الضم نحو {لَن نَّدْعُوَاْ} [الكهف: 14] {لِّتَتْلُوَاْ} [الرعد: 30] {هُوَ} [الحشر: 22، 23] وكذلك الياء المتحركة بالفتح وصلاً الواقعة بعد الكسر نحو {لِّيَقْضِيَ الله} [الأنفال: 42] {أَن يَأْتِيَ بالفتح} [المائدة: 52] وهي فلا يوقف عليهم بالسكون الصحيح وإن كانتا متحركتين بالفتح كما قد يتبادر بل يكونان في الوقت ساكنتين حرفي مد ولين لوقع الواو ساكنة إثر ضم والياء ساكنة إثر كسر كما هي القاعدة بخلاف الواو المتحركة بالفتح أو بالضم الواقعة إثر سكون صحيح نحو {لَهْوَ الحديث} [لقمان: 6] {لَهْوٌ وَلَعِبٌ} [العنكبوت: 64] والياء المتحركة بالكسر أو بالضم الواقعة إثر ساكن صحيح

كذلك نحو {بالوحي} [الأنبياء: 45] {وَحْيٌ} [النجم: 4] فالوقف عليهما يكون بالسكون الصحيح حينئذ لا ندراجهما تحت قاعدة الوقف بسكون المتحرك سكوناً صحيحاً فتأمل. التنبيه الثاني: يحذف التنوين من المنون في حالة الوقف بالروم كحذفه حالة الوقف بالسكون سواء أكان الحرف الموقوف عليه تقدمه حرف مد ولين أو حرف لين أم لم يتقدمه نحو {مِن سواء} [يوسف: 51] {والله قَدِيرٌ} [الممتحنة: 7] {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] {دِفْءٌ} [النحل: 5] {مِنْ حَقٍّ} [هود: 79] {على بَعْضٍ} [البقرة: 253] وما إلى ذلك. وكذلك تحذف صلة هاء الضمير في حالة الوقف بالروم كحذفها في حالة الوقف بالسكون أيضاً نحو {يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ} [التوبة: 28] {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: 42] {واشكروا لَهُ} [سبأ: 15] . التنبيه الثالث: إذا اجتمع مدان عارضان للسكون أو أكثر في حالة القراءة كأن وقف على فواصل سورة الفاتحة مثلاً فلا ينبغي للقارىء أن يمد أحدها أكثر أو أقل من الآخر بحجة أن كل مد عارض للسكون فيه المدود الثلاثة فيمد الأول طويلاً والثاني قصيراً والثالث متوسطاً كل هذا لا يجوز والذي ينبغي فيه هو التسوية بما جاء في العارض الأول من المد وباقي العوارض تابعة له مدّاً وتوسطاً

وقصراً وذلك لأن رواة المد في العارض غير رواة التوسط فيه غير رواه القصر فيه أيضاً. وكذلك الحكم بعينه فيما إذا اجتمع مدان عارضان للسكون أو أكثر وكان السكون العارض مسبوقاً بحرف اللين كأن وقف على فواصل سورة قريش مثلاً فينبغي التسوية في العموم مدّاً وتوسطاً وقصراً ولا تجوز التفرقة لأن التسوية في مثل هذا وذاك من جملة التجويد. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة بقوله "واللفظ في نظيره كمثله" فتفطن. التنبيه الرابع: علم مما تقدم أن المد الجائز العارض للسكون مطلقاً سواء كان ممدوداً بحرف المد واللين أو بحرف اللين فقط نحو {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] {ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ} [البقرة: 2] يجوز فيه المدود الثلاثة التي هي القصر والتوسط والإشباع وهذه المدود الثلاثة تجري في كل من النوعين - أي العارض الممدود بحرف المد واللين أو العارض الممدود بحرف اللين على انفراد. أما إذا اجتمع النوعان معاً فتزيد الأوجه على الثلاثة وتصير ستة تأتي في الأخير منها سواء تقدم الممدود بحرف المد واللين على المدود بحرف اللين أو تأخر عنه.

فمثال: تقدم العارض الممدود بحرف المد واللين على العارض الممدود بحرف اللين فقط نحو قوله تعالى: {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذي عَلَّمَكُمُ السحر فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُواْ لاَ ضَيْرَ} [الشعراء: 49-50] بأن وقف على أجمعين وعلى لا ضير في اللين العارض وهو الأخير ستة أوجه لجميع القراء وبيانها كالآتي: القصر في أجمعين وضير معاً. ثم التوسط في أجمعين عليه التوسط. والقصر في لا ضير. ثم المد في أجمعين. عليه المدود الثلاثة في لا ضير.

وقد نظم أوجه الحالة الشيخ العلامة على المنصوري رحمه الله تعالى فقال: وكلُّ منْ أشْبَعَ نحو الدين ... ثلاثة تجري بوقفِ اللين ومنْ يرى قصْراً فبالقصر اقْتَصَرْ ... ومنْ يوسِّطْهُ يُوَسِّط أوْ قَصَرْ اهـ ومثال تقدم العارض الممدود بحرف اللين على العارض الممدود بحرف المد واللين نحو قوله تعالى: {ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] بأن وقف على "لا ريب" وعلى "المتقين" ففي العارض الأخير ستة أوجه لعامة القراء وتوضيحها كالآتي: القصر في "لا ريب" عليه المدود الثلاثة في "المتقين" ثم التوسط في "لا ريب" عليه التوسط والمد في "المتقين" ثم المد فيهما معاً. وقد نظم أوجه هذه الحالة المحقق سيدي الشيخ مصطفى الميهي الأحمدي رضي الله عنه فقال: وكلُّ منْ قصر حرف اللين ... ثلاثة تجري بنحو الدِّين وإن تُوَسِّطْهُ فوسِّط اشْبعَا ... وإن تَمُدَّهُ فمُدَّ مُشْبعَا اهـ الكلام على النوع الثالث وهو المد الجائز البدل وتعريفه وضابطه وأقسامه ووجه تسميته بالبدل وبالجائز وهذا هو النوع الثالث والأخير من أنواع المد الجائز. وتعريفه: أن يتقدم الهمز على حرف المد نحو {ءَادَمَ} [الأعراف: 26، 27، 31، 35] {إِيمَاناً} [التوبة: 124] {وَأُوذُواْ} [آل عمران: 195] .

وسمي بمد البدل لإبدال حرف المد من الهمز. فإن الأصل في هذه الكلمات "ءَادَمَ. إيماناً. وأؤذوا" بهمزتين الأولى متحركة والثانية ساكنة فأبدت الساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها على القاعدة الصرفية المعروفة فصارت الكلمات. ءَادَمَ. إيماناً. وأوذوا. وكان حكمه الجواز لجواز قصره وتوسطه ومده. فالقصر لجميع القراء والتوسط والمد زائدان لورش من طريق الأزرق خاصة. وحكم القصر فيه للجميع مشروط بألا يقع بعده همز أو سكون أصلي نحو {بُرَءآؤاْ} [الممتحنة: 4] {رَأَى أَيْدِيَهُمْ} [هود: 70] {آمِّينَ} [المائدة: 2] فإن كان كذلك فيتعين المد لكلٍّ عملاً بأقوى السببين كما سيأتي. وقد أشار إلى المد الجائز البدل العلامة الجمزوري في تحفته فقال: أو قُدِّمَ الهمزُ عن المدِّ وذا ... بدل كآمنوا وإيماناً خُذَا اهـ هذا: وينقسم المد البدل إلى قسمين: الأول: المد البدل الأصلي وهو ما تقدم ذكره. الثاني: المد الشبيه بالبدل نحو {لَيَئُوسٌ} [هود: 9] {يَشَآؤونَ} [النحل: 31] {مُّتَّكِئِينَ} [الكهف: 31] {مَآبٍ} [ص: 25، 49] في حالة الوصل ونحو {فَإِنْ

فَآءُو} [البقرة: 226] {وَبَآءُوا} [آل عمران: 112] مطلقاً ونحو {دُعَآءً وَنِدَآءً} [البقرة: 171] حالة الوقف. وسمي شبيهاً بالبدل لأن حرف المد الواقع بعد الهمزة فيه ليس مبدلاً من الهمز كما في الأصلي. ولتقدم الهمز على حرف المد في الجملة. فبين النوعين اتفاق وافتراق. أما الاتفاق فلأن الهمزة تقدم علىحرف المد في كل منهما. وأما الافتراق فلأن حرف المد الذي بعد الهمز في الأصلي مبدل من الهمز الذي كان ساكناً بخلاف حرف المد الذي بعد الهمز في الشبيه بالبدل فإنه أصلي وليس مبدلاً من الهمز. ويؤخذ مما ذكرنا أن مد البدل مطلقاً تارة يثبت وصلاً ووقفاً نحو {آمَنَ الرسول} [البقرة: 285] {أَنْبِئُونِي} [البقرة: 31] وتارة يثبت وصلاً وقفاً نحو {والله عِنْدَهُ حُسْنُ المآب} [آل عمران: 14] {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ} [الأنعام: 134] وتارة يثبت وقفاً لا وصلاً كالوقف على نحو {غُثَآءً} [الأعلى: 5] وجاءوا من {وجآءوا أَبَاهُمْ} [يوسف: 16] وتارة يثبت ابتداء فقط كما لو ابتدىء بنحو {اؤتمن} [البقرة: 283] {ائذن لِّي} [التوبة: 49] فتلك أربع حالات للمد البدل مطلقاً تأملها والله الموفق.

تنبيه هام: مادة أتى إذا كانت فعلاً وقعت في القرآن الكريم مقصورة الهمز تارة وممدودة تارة أخرى. ويستوي في ذلك المتصلة بالضمير وغير المتصلة. وبعض المبتدئين لا يعرف الممدودة من المقصود ويلتبس عليه الحال فيمد المقصورة ويقصر الممدودة وهذا مفسد للقراءة لأن كلاًّ من القصر والمد في الهمزة يعطي معنى في الكلمة. ولكل من القصر والمد علامة. أما علامة القصر فهي إن أفادت كلمة "أتى" معنى المجيء فهمزتها مقصورة سواء اتصلت بالضمير أم لم تتصل. فالمتصلة بالضمير كقوله تعالى: {وَآتَيْنَاكَ بالحق} [الحجر: 64] {* وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الخصم} [ص: 21] {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ} [المؤمنون: 71] {فَأَتَاهُمُ الله مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ} [الحشر: 2] {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية} [الغاشية: 1] وما إلى ذلك. وغير المتصلة بالضمير كقوله سبحانه: {أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} [سورة النحل: 1] {كَذَلِكَ مَآ أَتَى الذين مِن قَبْلِهِمْ} [الذاريات: 52] {فَأَتَى الله بُنْيَانَهُمْ مِّنَ القواعد} [النحل: 26] وما أشبه ذلك. وأما علامة المد فهي إن أفادت معنى الإعطاء فهمزتها ممدودة سواء اتصلت بضمير أم لم تتصل.

فمثال المتصلة بالضمير كقوله تعالى: {فَآتَاهُمُ الله ثَوَابَ الدنيا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخرة} [آل عمران: 148] {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً} [الحجر: 87] {وابتغ فِيمَآ آتَاكَ الله} [القصص: 77] {وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الأمر} [الجاثية: 17] وغير المتصلة بالضمير مثل قوله تعالى: {وَآتَى المال} [البقرة: 177] . {وَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] {وَآتَى الزكاة} [البقرة: 177] وما إلى ذلك والمد هنا من قبيل المد البدل الأصلي المذكور آنفاً. فتنبه وبالله التوفيق. الكلام على الحكم الثالث من أحكام المد الفرعي المد اللازم تقدم أن الحكم الثالث من أحكام المد الفرعي هو اللزوم وهو خاص بالمد اللازم. وهذا هو النوع الخامس والأخير من أنواع المد الفرعي. وتعريفه: أن يقع سكون أصلي - أي في الوصل والوقف - بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده في كلمة أو في حرف.

أما الواقع بعد حرف المد واللين في كلمة ففي نحو {وَلاَ الضآلين} [الفاتحة: 7] {آلآنَ} [يونس: 51، 91] . وأما الواقع بعد حرف المد واللين في حرف ففي نحو {ق} [ق: 1] {ص} [ص: 1] . وأما الواقع بعد حرف اللين وحده فلا يكون إلا في الحرف وهو خاص

بالعين من فاتحة سورتي مريم والشورى لا غير. وسمي لازماً للزوم سببه في حالتي الوصل والوقف. أو للزوم مده عند كل القراء مدّاً متساوياً بمقدار ست حركات اتفاقاً سواء في الوصل أو في الوقف. وكان حكمه اللزوم لما تقدم في وجه التسمية. فإن طرأ على السكون الأصلي الذي بعد حرف المد تحريك للتخلص من التقاء الساكنين جاز في المد اللازم حينئذ وجهان الإشباع وقدره ست حركات والقصر وقدره حركتان وذلك نحو "الميم" من {الم} فاتحة سورة آل عمران خاصة بشرط وصلها بلفظ الجلالة بعدها. أما إذا وقف عليها فالإشباع لا غير وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة في باب البسملة إن شاء الله تعالى. وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة إلى المد اللازم في إطاره العام بقوله: فلازمٌ إنْ جاءَ بعْدَ حرفِ مَد ... ساكِنُ حَالَيْن وبالطول يُمَد كما أشار إليه العلامة الجمزوري في تحفته بقوله رحمه الله: ولازمٌ إن السكون أُصِّلا ... وصْلاً ووقْفاً بعد مَدٍّ طُوِّلا اهـ تنبيه: ذكر العلامة الشيخ خالد الأزهري في شرحه على المقدمة الجزرية جواز المد والقصر في نحو {فِيهِ هُدًى} [البقرة: 2] على قراءة أبي عمرو وفي نحو {وَلاَ تَيَمَّمُواْ} [البقرة: 267] على قراءة البزي وكذلك ذكر شيخ شيوخنا العلامة المحقق شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على المقدمة الجزرية أيضاً جواز المدود

الثلاثة في نحو {الرحيم مالك} [الفاتحة: 3-4] في قراءة أبي عمرو ونحو {وَلاَ تَيَمَّمُواْ} [البقرة: 267] في قراءة البزي. قلت: وهذا سهو من الشيخين رحمهما الله تعالى وذلك بالنسبة لنحو {وَلاَ تَيَمَّمُواْ} [البقرة: 267] أما بالنسبة لنحو {الرحيم مالك} [الفاتحة: 3-4] و {فِيهِ هُدًى} [البقرة: 2] في قراءة أبي عمرو فجائز لأن السكون العارض للإدغام كالعارض للوقف يجوز فيه المدود الثلاثة. ولا يجوز بحال في {وَلاَ تَيَمَّمُواْ} [البقرة: 267] ونحوه مما ورد في رواية البزي عن ابن كثير لأنه من قبيل المد اللازم بالإجماع وفي هذه المسألة يقول الحافظ ابن الجزري في الطيبة "وللصلة امدد والألف" والمراد من الأمر بالمد هنا هو المد اللازم لالتقاء الساكنين كما تقدم وبه قرأت وبه آخذ قراءة وإقراء في هذه المسألة وبالمدود الثلاثة في تلك أي في نحو {الرحيم مالك} [الفاتحة: 3-4] {فِيهِ هُدًى} [البقرة: 2] عن أبي عمرو علماً بأن المدود الثلاثة في نحو {الرحيم مالك} [الفاتحة: 3-4] لأبي عمرو لم تسلم بل هناك من يقول: إن المد في هذا الإدغام ملحق بالمد اللازم وهذا عند غير الجمهور أما الجمهور فهم الذين حكوا المدود الثلاثة فيه والله أعلم. هذا: وينقسم المد اللازم إلى أربعة أقسام نذكرها فيما يلي: أقسام المد اللازم ينقسم المد اللازم أولاً إلى قسمين: الأول: المد اللازم الكلمي. الثاني: المد اللازم الحرفي. وكل منهما ينقسم ثانياً إلى قسمين مخفف ومثقل وبذلك تصير الأقسام

أربعة. وهي التي أشار إليها العلامة الجمزوري في التحفة بقوله: أقسامُ لازمٍ لدَيْهم أربعه ... وتلْكَ كِلْميٌّ وحَرْفيٌّ مَعَهْ كِلاهُما مُخَفَّفٌ مُثَقَّلُ ... فهذه أربعةٌ تُفَصَّلُ اهـ ولكل قسم من هذه الأقسام الأربعة كلام خاص نفصله فيما يلي: القسم الأول: المد اللازم الكلمي المثقل: وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين سكون أصلي مدغم - أي مشدد - في كلمة نحو {الضآلين} [الفاتحة: 7] {دَآبَّةٍ} [البقرة: 164] {الحاقة} [الحاقة: 1-3] ومنه {ءَآلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143، 144] في موضعي الأنعام و {ءَآللَّهُ} [الآية: 59] موضع بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام وموضع بالنمل على وجه الإبدال في الأربعة. وسمي كلميّاً لوقوع الساكن الأصلي بعد حرف المد واللين في كلمة: ومثقلاً لكون الساكن مدغماً. وتقدم سبب تسميته لازماً. القسم الثاني: المد اللازم الكلمي المخفف: وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين سكون أصلي غير مدغم - أي مخفف في كلمة نحو {آلآنَ} [الآية: 51، 91] في موضعي سورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام على وجه الإبدال في غير قراءة نافع وابن وردان عن أبي جعفر وليس في التنزيل غير هذين الموضعين بالنسبة لرواية حفص عن عاصم. أما بالنسبة لغيره من القراء فكثير في القرآن الكريم نحو {ياحسرتا} [الزمر: 56] عند من زاد الياء بعد الألف وأسكنها {وَمَحْيَايَ} [الأنعام: 162] عند من أسكن الياء وغير ذلك مما يصعب حصره. وسمي كلميّاً لما تقدم ومخففاً لكون السكون غير مدغم.

القسم الثالث: المد اللازم الحرفي المثقل: وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين سكون أصلي مدغم - أي مشدد - في حرف. ويشترط في هذا الحرف أن يكون هجاؤه على ثلاثة أحرف ثانيها حرف مد ولين. وثالثها ساكن سكوناً اصليّاً وذلك نحو اللام من {الم} [البقرة: 1] . وسمي حرفيّاً لوقوع الساكن الأصلي بعد حرف المد واللين في حرف. ومثقلاً لكون الساكن مدغماً. القسم الرابع: المد اللازم الحرفي المخفف: وضابطه أن يقع بعد حرف المد واللين أو بعد حرف اللين وحده سكون أصلي غير مدغم "أي مخفف في حرف. ويشترط في هذا الحرف ما تقدم في نظيره قريباً". فمثال السكون الواقع بعد حرف المد واللين نحو {ص} [الأعراف: 1] {ن} [القلم: 1] والميم من {حم} [غافر: 1] . ومثال السكون الواقع بعد حرف اللين وحده هو "العين" من فاتحة سورتي مريم والشورى وليس غيره في التنزيل. وسمي حرفيّاً لما سبق. ومخففاً لكون السكون الأصلي غير مدغم. وقد أشار العلامة الجمزوري في التحفة إلى ضابط كل قسم من أقسام المد اللازم الأربعة بقوله: فإنْ بكلمة سكونٌ اجتمعْ ... مع حرْفِ مدٍّ فهوَ كلميٌّ وقَعْ أوْ في ثُلاثيِّ الحروفِ وُجِدوا ... والمد وَسْطُهُ فَحَرْفِيٌّ بَدَا كلآهما مثقَّلٌ إنْ أُدْغِما ... مُخَفَّفٌ كلٌّ إذا لمْ يُدغَمَا اهـ

فصل في بيان مواضع المد اللازم الحرفي وحروفه في القرآن الكريم للمد اللازم الحرفي سواء أكان مخففا أم مثقلاً مواضع في التنزيل يوجد بها وحروف مخصوصة به لا يتعداها. أما مواضعه: ففي فواتح السور التي افتتحت بحروف التهجي خاصة مثل {يس} [يس: 1] {ص} [الأعراف: 1] ولا يكون في وسط السور ولا في آخرها سواء افتتحت بحروف التهجي أم لم تفتح. بخلاف المد اللازم الكلمي فإنه يوجد في فواتح السور كأول سورة الحاقة والصافات كما يوجد في وسطها نحو {الطآمة} [النازعات: 34] وفي آخرها نحو {وَلاَ الضآلين} [الفاتحة: 7] . وأما حروفه الخاصة به - أي بالمد اللازم الحرفي - فثمانية جمعها العلامة الجمزوري في تحفته في قوله: "كم عسل نقص" وهي الكاف والميم والعين والسين واللام والنون والقاف والصاد. وجمعها غيره في قوله: "نقص عسلكم" أو "سنقص علمك" وهذه العبارات كلها سواء. وإليك الأمثلة لكل حرف من هذه الأحرف الثمانية ومواضعه في التنزيل ونوعه مثقلاً كان أو مخففاً حسب ترتيب عبارة العلامة الجمزوري. أما الكاف فوقعت في موضع واحد وهو فاتحة سورة مريم في قوله تعالى: {كهيعص} [مريم: 1] والمد فيها من اللازم الحرفي المخفف بالاتفاق. وأما الميم فوقعت في خمس كلمات في سبعة عشر موضعاً. أما الكلمات الخمس فهي في قوله تعالى: {الم. المص. المر. طسم. حم} وأما مواضعها السبعة عشر: فالكلمة الأولى: {الم} وقعت في ستة مواضع وهي فاتحة سورة البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة. والكلمة الثانية: {المص} وقعت في موضع واحد وهو فاتحة سورة الأعراف. والكلمة الثالثة: {المر} وقعت في موضع واحد وهو فاتحة سورة الرعد. والكلمة الرابعة: {طسم} وقعت في موضعين وهما فاتحة سورتي الشعراء والقصص. والكلمة الخامسة: {حم} وقعت في سبعة مواضع على التوالي وهي الحواميم السبع التي أولها سورة غافر وآخرها سورة الأحقاف. ومد الميم في تلك المواضع السبعة عشر من المد اللازم الحرفي المخفف بالإجماع. وأما العين: فوقعت في موضعين وهما قوله سبحانه: {كهيعص} فاتحة سورة مريم و {حمعاساقا} فاتحة سورة الشورى وفي مد العين هنا خلاف بالنسبة لمقداره فقال بعضهم تمد مدّاً متوسطاً بقدر أربع حركات وقال البعض الآخر تمد مدّاً مشبعاً على غرار المد اللازم والوجهان صحيحان مقروء بهما للقراء العشرة لا فرق بين حفص عاصم وغيره غير أن الإشباع هو الأفضل والمقدم في الأداء إن قرىء بالوجهين معاً وإن قرىء بأحد الوجهين فالاقتصار على الإشباع وقد اختاره غير واحد من أئمتنا كالإمام الشاطبي وابن بري والجمزوري وخلق غيرهم. وإذا قرىء بالإشباع فالمد من قبيل المد اللازم الحرفي المخفف عند الجميع. وإذا قرىء بالتوسط فالمد من قبيل مد اللين الآتي ذكره. وأما السين: فوقعت في خمسة مواضع: أولها وثانيها: قوله تعالى: {طسم} فاتحة سورتي الشعراء والقصص. وثالثها: قوله تعالى: {طس تِلْكَ} فاتحة سورة النمل.

ورابعها: قوله تعالى: {يس} فاتحة سورة يس. وخامسها: قوله سبحانه: {حمعاساقا} فاتحة سورة الشورى. ومد السين في فاتحة سورتي النمل والشورى من المد اللازم الحرفي المخفف بالإجماع ومدها في فاتحة سورة الشعراء والقصص ويس من المد اللازم الحرفي المثقل عند من أدغمها في الميم والواو ومن المخفف عند من أظهرها. وبالنسبة لحفص عن عاصم فمن المثقل في الشعراء والقصص لأنه ضمن المدغمين ومن المخفف في يس إذا قرىء له من طريق الشاطبية، وطريقها الإظهار وإذا قرىء بالإدغام في أحد الوجهين عنه من طريق طيبة النشر فمن قبيل المد اللازم الحرفي المثقل. أما إذا وقف على كلمة "يس" وهو جائز فالمد من قبيل اللازم المخفف بالإجماع فتأمل. وأما اللام فوقعت في أربع كلمات في ثلاثة عشر موضعاً. أما الكلمات الأربع: فهي {الم. المص. المر. الر} . فالكلمة الأولى: {الم} وقعت في ستة مواضع وهي: فاتحة سورة البقرة وآل عمران والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة.

والكلمة الثانية: {المص} وقعت في موضع واحد وهو فاتحة سورة الأعراف. والكلمة الثالثة: {المر} وقعت في موضع واحد وهو فاتحة سورة الرعد. والكلمة الرابعة: {الر} وقعت في خمسة مواضع وهي: فاتحة سورة سيدنا يونس وسيدنا هود وسيدنا يوسف وسيدنا إبراهيم على نبينا سيدنا محمد وعليم وعلى سائر النبيين عموماً الصلاة والسلام. والموضع الخامس فاتحة سورة الحجر. ومد اللام في {الر} في مواضعه الخمسة من اللازم الحرفي المخفف ومدها فيما سواها من اللازم الحرفي المثقل وهذا وذاك متفق عليه بين عامة القراء. وأما النون: فوقعت في موضع واحد وهو قوله تعالى: {ن والقلم} فاتحة

سورة القلم. والمد فيها من قبيل المد اللازم المثقل عند من أدغمها في واو {والقلم} [القلم: 2] ومن قبيل المخفف عند من أظهرها عندها. وبالنسبة لحفص عن عاصم فمن المخفف لأنه من المظهرين إذا قرىء له من طريق الشاطبية طريق العامة: وإذا قرىء له بالإدغام في أحد الوجهين عنه من طريق الطيبة فالمد من قبيل اللازم الحرفي المثقل لأنه صار حينئذ من المدغمين فتأمل. هذا: والقول باللازم الحرفي المخفف هنا وكذلك المثقل مشروط بوصل {ن} [القلم: 1] بواو {والقلم} [القلم: 2] أما إذا وقف على "ن" وهو جائز فالمد من قبيل اللازم الحرفي المخفف بالإجماع. وأما القاف: فوقعت في موضعين: أولهما: قوله تعالى: {حمعاساقا} فاتحة شورة الشورى. وثانيهما: قوله تعالى: {ق والقرآن المجيد} فاتحة سورة "ق" والمد في الموضعين من اللازم الحرفي المخفف بالاتفاق. وأما الصاد: فوقعت في ثلاثة مواضع: الأول: في قوله تعالى: {المص} فاتحة صورة الأعراف. والثاني: في قوله جل شأنه: {كهيعص} فاتحة سورة سيدتنا مريم. والثالث: في قوله عز من قائل: {ص والقرآن ذِي الذكر} فاتحة سورة ص ومد الصاد في فاتحة سورة الأعراف وكذلك في فاتحة سورة ص من المد اللازم الحرفي المخفف بإجماع الأئمة العشرة ومدها في فاتحة سورة سيدتنا مريم من المد اللازم الحرفي المثقل عند من أدغم الدال من "صاد" في "الذال" من "ذكر" بعدها ومن المخفف عند من أظهرها عندها وبالنسبة لحفص عن عاصم فهو من اللازم الحرفي المخفف بالاتفاق لأنه ضمن المظهرين: هذا: والقول بالمد اللازم الحرفي المثقل هنا وكذلك المخفف شرطه وصل {كهيعص} [مريم: 1] بكلمة "ذكر" بعدها. أما إذا وقف على {كهيعص} [مريم: 1] وهو جائز فالمد من اللازم الحرفي المخفف بإجماع القراء العشرة والله أعلم. تنبيه: علم مما تقدم في شروط المد اللازم الحرفي بنوعيه أن يكون حرف

المد والسكون الأصلي في حرف واحداً في الخط وثلاثة أحرف في اللفظ أوسطها حرف مد نحو {ق} [ق: 1] و {ن} [القلم: 1] فخرج بذلك شيئان: الشيء الأول: إذا كان الحرف واحد في الخط لكنه حرفان في اللفظ. وثاني الحرفين حرف مد وليس بعده ساكن نحو الطاء والهاء من {طه} [طه: 1] فالمد فيه ليس من المد اللازم لعدم وجود الساكن الأصلي بعد حرف المد كما هو شرط اللازم كما مر وإنما هو من قبيل المد الطبيعي الحرفي وحروفه خمسة لا يتعداها وجمعها بعضهم في قوله: "حي طهر" وهي الحاء والياء ولطاء والهاء والراء. وهذه الأحرف لا توجد إلا في فواتح السور وقد تكون مع الد اللازم الحرفي نحو {يس} [يس: 1] وقد تكون بمفردها. فالحاء: من قوله تعالى: {حم} في سورها السبع المتقدمة التي أولها سورة غافر وآخرها سورة الأحقاف. والياء: من قوله تعالى: {كهيعص} [مريم: 1] وقوله سبحانه: {يس} [يس: 1] . والطاء: من قوله تعالى: {طه} [طه: 1] و {طسم} [الشعراء: 1] [القصص: 1] و {طس} [النمل: 1] . والهاء: من قوله تعالى: {كهيعص} [مريم: 1] وقوله سبحانه: {طه} [طه: 1] . والراء: من قوله تعالى: {الر} [يونس، هود، يوسف، إبراهيم، محمد] في السور الخمس التي تقدمت غير مرة ومن قوله سبحانه: {المر} فاتحة الرعد وليس غير هذه الأحرف في التنزيل. وسمي طبيعيّاً حرفيّاً لوجود حرف المد الذي ليس بعده همز ولا سكون في حرف وهذا أحد قسمي الطبيعي. والثاني المد الطبيعي الكلمي. وقد تقدم الكلام

عليهما في صدر الباب فراجعهما إن شئت والله الموفق. الشيء الثاني: إذا كان الحرف واحداً في الخط وثلاثة أحرف في اللفظ ثالثها ساكن وليس الوسط حرف مد فلا يمد هذا الحرف أصلاً لعدم وجود حرف المد في الوسط. ووجد ذلك في حرف واحد فقط وهو الألف من نحو "الم" وليس غيره في حروف الهجاء فتأمل. فائدة: علم مما تقدم أن جملة الحروف الواقعة في فواتح السور الموجود فيها المد اللازم الحرفي والطبيعي الحرفي أيضاً وكذلك الألف التي لا تمد أصلاً أربعة عشر حرفاً جمعها صاحب التحفة في قوله: "صله سحيراً من قطعك" وجمعها غيره في قوله: "طرق سمعك النصيحة" وهذه الأحرف الأربعة عشر تنقسم إلى أربعة أقسام: الأول: ما يمد مدّاً لازماً وهو حروف "كم عسل نقص" باستثناء العين منها لما فيها من الخلاف المتقدم. الثاني: ما يمد مدّاً لازماً في أحد القولين وهو حرف العين الواقع في فاتحة سورتي مريم والشورى وقد تقدم الكلام عليها. الثالث: ما يمد مدّاً طبيعيّاً لعدم وجود ساكن بعد حرف المد وهو حروف "حي طهر" وهو المد الطبيعي الحرفي الذي تقدم ذكره قريباً. الرابع: ما لا يمد أصلاً وهو الألف من نحو {الم} [البقرة: 1] لعدم وجود حرف مد في هجائه وإن كان ثالثه ساكناً سكوناً أصليّاً إذ لا تأثير لهذا السكون ما دام لم يسبقه حرف المد وقد تقدم قريباً التمثيل لهذه الأقسام الأربعة بما فيه الكفاية. وقد أشار العلامة الجمزوري في تحفته إلى ما تقدم في هذا الفصل بقوله: والَّلازم الحرْفيُّ أول السَّوَرْ ... وجُودُهُ وفي ثمان انْحصَرْ يجمَعُهَا حُروف كمْ عَسَلْ نَقَصْ ... وعيْنُ ذُو وجهيْن والطُّولُ أخَصّ ومَا سِوَى الحَرفِ الثُّلاثي لا ألِفْ ... فمدُّه مدّاً طبيعيّاً أُلِفُ وذاك أيضاً في فواتحِ السُّوَرْ ... في لفظ حيِّ طاهِر قدْ انْحَصَرْ ويجمَعُ الفواتِحَ الأرْبَعْ عَشَرْ ... صِلْهُ سُحَيْراً من قَطَعْكَ ذا اشْتَهَرْ

فصل في بيان وجوه الوقف على المد اللازم الكلمي المتطرف وهذا لا يكون إلا في المد اللازم الكلمي المثقل نحو {غَيْرَ مُضَآرٍّ} [النساء: 12] {والدوآب} [الحج: 18] فإذا وقف عليه فليس فيه إلا الوقف بالمد الطويل كالوصل عملاً بأقوى السببين وهو السكون المدغم بعد حرف المد وإلغاء للسبب الضعيف وهو سكون الوقف. ويجب التحفظ فيه لدى الوقف من أن يوقف عليه بالحركة كما يفعله بعض من لا علم عنده فإن هذا خطأ لا يجوز فعله. والصواب كما في النشر الوقف بالسكون مع التشديد على الجمع بين الساكنين إذ الجمع بينهما في الوقف مغتفر مطلقاً أهـ. وعليه: فالوقف على المد اللازم المنصوب نحو {صَوَآفَّ} [الحج: 36] بالسكون المجرد فقط. والوقف على المجرور منه نحو {غَيْرَ مُضَآرٍّ} [النساء: 12] بالسكون المجرد ثم بالروم والوقف على المرفوع منه نحو {وَلاَ جَآنٌّ} [الرحمن: 39، 56، 74] بالسكون المجرد ثم بالسكون مع الإشمام ثم بالروم وكل من الوقف بالسكون المجرد أو بالسكون المجرد أو بالسكون مع الإشمام أو بالروم لا يكون إلا مع المد الطويل. ويلاحظ حذف التنوين من المنون منه حالة الوقف بالروم كحذفه حالة الوقف بالسكون كما تقدم ذلك قريباً. وقد أشار العلامة المحقق الشيخ إبراهيم السمنودي "حفظه الله" إلى وجوه الوقف على المد اللازم المتطرف بقوله في لآلىء البيان: سَكِّنْهُ إنْ تَقِفْ وأشْمِمْ رَافِعاً ... ورُمْهُ معْ جَرٍّ بمدٍّ مُشبعَا اهـ

المسألة الخامسة من مسائل المد الفرعي وهي مراتبة وما ينشأ عن هذه المراتب من أحكام

المسألة الخامسة من مسائل المد الفرعي وهي مراتبة وما ينشأ عن هذه المراتب من أحكام الكلام على المسألة الخامسة في مراتب المد الفرعي وما يترتب عليها تقدم أن للمد الفرعي سببين لفظيين هما: الهمز والسكون كما تقدم أن الهمز سبب لأنواع ثلاثة وهي: المد المتصل والمنفصل والبدل وأن السكون سبب لنوعين هما: المد اللازم والعارض للسكون. وقد مر توضيح ذلك والتمثيل بما فيه الكفاية. وأسباب هذه المدود تتفاوت قوة وضعفاً فأقواها السكون الأصلي الذي هو سبب للمد اللازم ويليه الهمز الذي هو سبب المد المتصل ويليه السكون العارض في الوقف الذي هو سبب للمد العارض للسكون. ويليه الهمز الذي هو سبب المد المنفصل ويليه الهمز المتقدم على حرف المد وهو المسمى بعد البدل وهو أضعفها. ومن ثم يعلم أن مراتب المد الفرعي خمس وهي في الترتيب كما يلي: المد اللازم فالمتصل فالعارض للسكون فالمنفصل فالبدل. ولا يجوز بحال تقديم مرتبة منها على الأخرى أو تأخير واحدة عن مكانها. وقد أشار إلى هذه المراتب على هذا الترتيب غير واحد من شيوخنا وإليك أخصرها لصاحب لآلىء البيان. قال: أقوى المدُودِ لازمٌ فما اتَّصَلْ ... فعارضٌ فذُو انْفِصالٍ فبَدَلْ اهـ فائدة: يترتب على معرفة هذه المراتب على هذا النسق قاعدتان كليتان يحب مراعاتهما والإخلال بشيء منهما مفسد للقراءة وفيما يلي الكلام عليهما: القاعدة الأولى: إذا اجتمع مدان مختلفان في النوع فلا يخلو حالهما من أن يكون أحدهما ضعيفاً والآخر قويّاً فإن تقدم القوي على الضعيف ساوى الضعيف القوي ونزل عنه وفي العكس يساوي القوي الضعيف ويعلو عنه وهذا هو

الضابط في هذه القاعدة وإليك مثالاً من مثلها وهو تقدم المد الجائز العارض للسكون وهو القوي على المد الجائز العارض للسكون الذي سكونه العارض بعد حرف اللين فقط وهو الضعيف مثاله قوله تعالى: {لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُواْ لاَ ضَيْرَ} [الشعراء: 49-50] بأن وقفت على "أجمعين" وعلى "لا ضير" فعلى القصر في "أجمعين" القصر في اللين "لا ضير" فقط: وعلى التوسط في "أجمعين" التوسط في اللين للتساوي ثم القصر بقدر حركتين نزولاً عن الأول لضعفه ثم المد في الأول وعليه الثلاثة في اللين فالمد للتساوي بالأول والتوسط والقصر للنزول عنه لضعفه. وإنما لم يؤت بأقل من القصر في الثاني على قصر الأول للنزول كما هي القاعدة لأنه ليس هناك مرتبة أقل من القصر حينئذ فالمساواة هنا واجبة فتأمل. ومثال تقدم الضعيف على القوي نحو قوله سبحانه {ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] بأن وقف على "لا ريب" وعلى "المتقين" فعلى قصر "لا ريب" المدود الثلاثة في "المتقين" فالقصر للتساوي بالأول والتوسط والمد لأنه أقوى من اللين وهذا هو المعبر عنه بالعلو. وعلى توسط "لا ريب" عليه في "المتقين" وجهان هما التوسط تساوياً بالأول والإشباع لأنه أقوى من اللين وهذا هو المعبر عنه بالعلو كما مر. وعلى الإشباع في "لا رَيْبَ" الإشباع في "المُتَّقينَ" فقط ولا يجوز فيه التوسط ولا القصر لأنه يعتبر نزولاً عنه وهو ممنوع حينئذ بالإجماع فالأوجه ستة في كلتا الحالتين وهي لكل القراء بالإجماع وقد تقدم الكلام على ذلك مع شواهد له من المنظوم وهذا توجيهه كما وعدنا هناك فتأمله والله يرشدك ولنكتفي بهذا المثال لهذه القاعدة وإلا فهناك أمثلة لمدود أخرى تركنا ذكرها رغبة في الاختصار ومراعاة لحال المبتدئين. القاعدة الثانية: إذا اجتمع سببان للمد الفرعي في كلمة واحدة فلا يخلو الأمر من أن يكون أحدهما ضعيفاً والآخر قويّاً وحينئذ يعمل بالسبب القوي ويلغى

العمل بالسبب الضعيف وهذا أمر متفق عليه. ومن أمثلة ذلك كلمة {آمِّينَ} [المائدة: 2] فقد اجتمع فيها سببان للمد: الأول: سبب المد البدل وهو تقدم الهمز على حرف المد. والثاني: سبب المد اللازم وهو السكون الأصلي المدغم الواقع بعد حرف المد وهنا يلغى الضعيف وهو المد البدل ويعمل بالقوي وهو المد اللازم وحينئذ يجب الإشباع وصلاً ووفقاً عملاً بأقوى السببين. وكذلك كلمة {بُرَءآؤاْ} [لممتحنة: 4] فقد اجتمع فيها سببان سبب المد البدل وهو الهمز المتقدم على حرف المد وسبب المد المتصل وهو الهمز الواقع بعد حرف المد في كلمة وهنا يلغى سبب مد البدل لضعفه ويعمل بسبب المد المتصل لقوته عملاً بأقوى السببين كذلك. وكذلك كلمة {الدعآء} [إبراهيم: 39] فقد اجتمع فيها سببان الأول سبب المد المتصل وهو الهمز الذي يعد حرف المد في كلمة والثاني السكون العارض الذي في الهمز والذي هو سبب المد العارض للسكون وهنا يلغى سبب المد العارض للسكون لضعفه فيمتنع فيه القصر ويعمل بسبب المد المتصل لقوته فتعين مده عملاً بأقوى السببين أيضاً. ومن ذلك كلمة {صَوَآفَّ} [الحج: 36] فقد اجتمع فيها سبب المد اللازم وهو السكون الأصلي المدغم بعد حرف المد كما اجتمع فيها سبب مد العارض للسكون وهو السكون العارض في الوقف وهنا يعمل بسبب المد اللازم لقوته فيمد طويلاً ويلغى سبب المد العارض للسكون فيمتنع قصره وتوسطه عملاً بأقوى السببين أيضاً. ومن ذلك كلمة {المآب} [آل عمران، الآية: 14] فقد اجتمع فيها سببان:

الأول: سبب مد البدل وهو الهمز المتقدم على حرف المد. الثاني: سبب المد الجائز العارض للسكون وهو السكون العارض للوقف فيعمل بسبب المد العارض لقوته ويلغى سبب المد البدل لضعفه عملاً بأقوى السببين. وكذلك كلمة {رَأَى أَيْدِيَهُمْ} [هود: 70] عند الوصل فقد اجتمع هنا سببان للمد: أحدهما: سبب المد البدل وهو تقدم الهمز على حرف المد. وثانيهما: سبب المد المنفصل وهو الهمز الواقع بعد حرف المد في كلمة أخرى وهنا يلغى سبب المد البدل لضعفه ويعمل بسبب المد المنفصل لقوته عملاً بأقوى السببين كذلك وأما عند الوقف على "رأى" فيتعين سبب مد البدل لا غير وهكذا دواليك. وقد أشار إلى قاعدة العمل بأقوى السببين الحافظ ابن الجزري في الطيبة بقوله: " ... ... ... ... ... وأقْوَى السَّبَبَيْن يَسْتَقِلْ"اهـ كما أشار إليها صاحب لآلىء البيان بقوله: وسَبَبا مدٍّ إذا ما وُجدَا ... فإنَّ أقْوَى السَّبَبَين انْفَرَدا اهـ والله أعلم. فصل في بيان مد اللين وحكمه في الوصل والوقف تقدم في صدر الباب أن حرفي اللين هما الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما نحو {القول} [سبأ: 31] {والصيف} [قريش: 2] ولهذين الحرفين حالتان: الأولى: أن يقع بعدهما همز متصل بهما في كلمة واحدة نحو {شَيْءٍ} [البقرة: 20] {

سَوْءٍ} [مريم: 28] . الثانية: ألا يقع بعدهما همز نحو {السير} [سبأ: 18] {فَلاَ خَوْفٌ} [البقرة: 38] {الموتة} [الدخان: 56] {فَأَحْيَيْنَا} [فاطر: 9] . فأما اللذان بعدهما همز متصل بهما في كلمة واحدة نحو {سَوْءَةَ} [لمائدة: 31] {كَهَيْئَةِ} فقرأ ورش من طريق الأزرق فيهما بوجيهن هما التوسط والإشباع ويستوي في ذلك عنده الوصل الوقف وهنا كلام خاص لورش يطلب من مضانه في كتب الخلاف تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار فليراجعه من شاء. أما باقي القراء غيره ومن بينهم حفص فليس لهم فيه إلا القصر ونعني به هنا المد نوعاً ما كما تقدم وهذا في حالة الوصل أما في حالة الوقف فيدخل في حكم المد العارض للسكون ويكون لهم فيه حنيئذ القصر والتوسط والإشباع بالسكون المجرد أو بالسكون مع الإشمام أو بالروم حسب نوع العارض. ولا نغفل عن الوقف بالروم فإنه يكون على القصر الذي هو بمعنى مد ما كحالة الوصل وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفياً باستنثاء الأزرق عن ورش كما مر وأما اللذان ليس بعدهما همز فللقراء فيهما تفصيل: حاصله أن نحو {لَوْمَةَ} [المائدة: 54] {وَأَحْيَيْنَا} [ق: 11] فيه القصر في الحالين على نحو ما مر أي بمد ما للأئمة العشرة لا

فرق بين حفص وغيره وكذلك الحكم بعينه للقراء العشرة في حرفي اللين اللذين بعدهما الهمز المنفصل عنهما أي أن حرفي اللين في آخر كلمة والهمز في أول الكلمة الثانية نحو {ابنيءَادَمَ} [المائدة: 27] {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ} [الأنعام: 111] . وأما نحو {لاَ خَوْفٌ} [يونس: 62] {فَلاَ فَوْتَ} [سبأ: 51] فقد أجمع القراء العشرة على القصر في الوصل كما مر في غير مرة. وأما في حالة الوقف ففيه المدود الثلاثة التي تقدم ذكرها مراراً لجميع القراء لا فرق بين حفص وغيره ويدخل حينئذ في حكم المد الجائز العارض للسكون وقد تقدم الكلام عليه مستوفياً في محله والله أعلم. فصل في بيان حكم هاء الضمير ما ألحق بها من حيث المد والقصر ونعني بهذا الفصل بيان حكمها عند الوصل من حيث المد والقصر لا من حيث الوقف عليها فقد تقدم الكلام عليه ولذا ختمنا بها باب المد والقصر ونرجوا الله سبحانه وتعالى أن يختم لنا جميعاً بالحسنى. وأن يجعلنا من المنضويين تحت قوله سبحانه: {* لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أولائك أَصْحَابُ الجنة هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [يونس: 26] إنه سميع مجيب. هذا: وكلامنا في هاء الضمير هنا على مسألتين: الأولى في تعريفها. والثانية في حالاتها في تلاوة القرآن الكريم. أما تعريفها: فهي الهاء الزائدة عن بنية الكلمة الدالة على المفرد المذكر الغائب. وأصلها الضم إلا أن يقع قبلها كسر أو ياء ساكنة مطلقاً فتكسر حينئذ.

فقولنا: "هي الهاء الزائدة عن بنيه الكلمة" خرج به الهاء الأصلية كالهاء في نحوة {مَا نَفْقَهُ} [هود: 91] {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ} [الأحزاب: 60] {وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يوسف: 9] {وانه عَنِ المنكر} [لقمان: 17] {وَلَمَّا تَوَجَّهَ} [القصص: 22] فكل هذه الهاءات وما مائلها أصلية مقصورة في التلاوة والقصر هنا معناه حذف المد نهائيّاً كما سيأتي بيانه في التنبيهات آخر الفصل. وقولنا "الدالة على المفرد المذكر الغائب" خرج به الدالة على الواحدة المؤنثة في نحو {مِّنْ أَهْلِهَآ} [النساء: 35] والدالة على التثنية نحو {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ} [البقرة: 230] والدالة على الجمع مطلقاً نحو {عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] {عَلَيْهِنَّ} [الفاتحة: 7] . وتتصل هاء الضمير بالاسم نحو {إلى أَجَلِهِ} [البقرة: 282] بالفعل نحو {قُلْتُهُ} [المائدة: 116] {وَيُعَلِّمُهُ} [آل عمران: 48] {أَوْ حَرِّقُوهُ} [العنكبوت: 24] وبالحرف نحو {

إِلَيْهِ} [البقرة: 28] . وكما تسمى بهاء الضمير تسمى بهاء الكناية أيضاً لأنها يكنى بها عن المفرد المذكر الغائب. وأما حالاتها في التلاوة فأربع يجب على القارىء معرفتها جيدّاً وهي كما يلي: الحالة الأولى: أن تقع بين ساكنين نحو {آتَاهُ الله الملك} [البقرة: 258] {وَآتَيْنَاهُ الإنجيل} [المائدة: 46] . الحالة الثانية: أن يقع قبلها محرك وبعدها ساكن نحو {لَهُ الملك وَلَهُ الحمد} [التغابن: 1] ولا خلاف بين القراء العشرة في قصر هذه الهاء أي عدم صلتها في هاتين الحالتين لئلا يجتمع ساكنان على غير حدهما. الحالة الثالثة: أن تقع بين محركين نحو قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} [الانشقاق: 15] ولا خلاف بين عامة القراء في هذه الحالة في صلة هذه الهاء بواو لفظية في الوصل إذا كانت مضمومة بعد ضم أو بعد فتح كقوله سبحانه: {إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116] وبياء لفظية في الوصل أيضاً إذا كانت مكسورة ولا يكون قبلها إلا مكسور حينئذ نحو قوله عز من قائل: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} [الكهف: 26] . ويستثنى من هذه الحالة اثنتا عشرة كلمة وقعت في واحد وعشرين موضعاً

من القرآن الكريم وقد وقع فيها خلاف بين القراء وهذا الخلاف دائر بين الصلة والقصر والإسكان والكلمات هي: "بيده، يؤده، نؤته، نوله، ونصله، أرجه، ترزقانه، يأته، ويتقه، فألقه، يرضه، يره". أما كلمة "بيده" فوقعت في أربعة مواضع: موضعان بالبقرة في قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَاْ الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} [البقرة: 237] وقوله سبحانه: {إِلاَّ مَنِ اغترف غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ} [البقرة: 249] وموضع في كل من المؤمنون ويس في وقوله تعالى: {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [الآية: 88] [الآية: 83] . وأما كلمة "يؤده" فوقعت في موضعين بآل عمران في قوله تعالى: {يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75] {لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75] . وأما كلمة "نؤته" فوقعت في ثلاثة مواضع منها موضعان بآل عمران في قوله تعالى: {وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخرة نُؤْتِهِ مِنْهَا} [آل عمران: 145] والثالث في سورة الشورى في قوله سبحانه: {وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا} [الشورى: 20] . وأما كلمتا "نوله ونصله" فوقعتا في سورة النساء في قوله تعالى: {نُوَلِّهِ مَا تولى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [النساء: 115] . وأما كلمة "أرجه" فوقعت في موضعين موضع بالأعراف في قوله تعالى: {قالوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ} [الأعراف: 111] وموضع بالشعراء في قوله سبحانه: {قالوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ

وابعث} [الآية: 36] . وأما كلمة "تُرزقانه" فوقعت في موضع واحد بسورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: {طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: 37] . وأما كلمة "يأته" فوقعت في سورة طه عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: {وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً} [طه: 75] . وأما كلمة "ويتَّقه" فوقعت في موضع واحد في سورة النور في قوله تعالى: {وَيَخْشَ الله وَيَتَّقْهِ} [النور: 52] . وأما كلمة "فألقه" فوقعت في موضع واحد في سورة النمل في قوله تعالى: {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 28] . وأما كلمة "يرضه" فوقعت في موضع واحد في الزمر في قوله تعالى: {وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7] . وأما كلمة "يره" فوقعت في ثلاثة مواضع: موضع بالبلد في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7] وموضعين بالزلزلة في قوله سبحانه: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: 7-8] . ومعرفة من سكن أو وصل أو قصر هذه الهاءات من القراء العشرة تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار ومراعاة لحال المبتدئين ومن أراد الوقوف على ذلك فلينظر كتب القراءات فهو مبسوط فيها. وبالنسبة لرواية حفص عن عاصم فإنه وصلها بواو لفظية إذا كانت مضمومة وبياء لفظية إذا كانت مكسورة كما تقدم إلا في خمسة مواضع منها وهي "أرجه"

في الموضعين "ويتَّقه" بالنور و"فألقه" بالنمل و"يرضه" بالزمر. أما "أرجه" في الموضعين وكذلك "فألْقِهِ" فقرأ بإسكان الهاء وصلاً ووقفاً. وأما "ويتَّقه" فقرأ بقصر الهاء لأنه يسكن القاف قبلها فخرجت بذلك عن حالة بين المحركين حسب روايته. وأما "يرضه" فقرأ بقصر الهاء ونعني بالقصر هنا حذف حرف المد الذي هو صلة الهاء نهائيّاً كما سيأتي في التنبيهات وبهذا يكون حفص قد جمع في روايته عن عاصم بين اللغات الثلاث التي في هاء الضمير وهي الصلة والقصر والإسكان. الحالة الرابعة: أن يقع قبلها ساكن مطلقاً وبعدها متحرك نحو {فِيهِ هُدًى} [البقرة: 2] {خُذُوهُ فاعتلوه} [الدخان: 47] {وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ} [مريم: 14] {وَلِيَرْضَوْهُ} [الأنعام: 113] {إِلَيْهِ أَخَاهُ} [يوسف: 69] {استأجره} [القصص: 26] . وهذه الحالة مختلف فيها بين القراء العشرة فابن كثير يقرأ بصلتها وصلاً بواو لفظية إذا كانت مضمومة نحو {اجتباه وَهَدَاهُ} [النحل: 121] {فَعَلُوهُ} [القمر: 52] وبباء لفظية في الوصل إذا كانت مكسورة نحو {لاَ رَيْبَ فِيهِ} [السجدة: 2] {والذي قَالَ لِوَالِدَيْهِ} [الأحقاف: 17] ووافقه حفص عن عاصم في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} [الفرقان: 69] بالفرقان فوصل الهاء من "فيه" بياء لفظية في الوصل وباقي

القراء غير ابن كثير وحفص في موضع الفرقان وغير ابن كثير في غيرها بالقصر أي بحذف الصلة مطلقاً. تنبيهات هامة: التنبيه الأول: إذا وصلت الهاء بباء أو بواو فينظر إلى ما بعدها فإن كان ما بعدها همز فالصلة من قبيل المد المنفصل فيعطى حكمه حينئذ في المد كقوله تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} [الكهف: 26] {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7] وإن كان ما بعد الصلة ليس همزاً فالصلة من قبيل المد الطبيعي كقوله تعالى: {نُوَلِّهِ مَا تولى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [النساء: 115] . التنبيه الثاني: المراد من صلة الهاء مدها وقد يكون الد طبيعيّاً وقد يكون منفصلاً كما مر والمراد من القصر هنا حذف الصلة نهائيّاً وليس المراد منه القصر المعهود الذي هو حركتان كالطبيعي كما يتبادر لأن حذف حرف المد من معاني القصر كما مر في المعنى الاصطلاحي للقصر في صدر الباب. ووصل الهاء وقصرها على ما تقدم إنما هو في حالة الوصل فحسب. أما في حالة الوقف فلا خلاف بين عامة القراء العشرة في أنه بالسكون وعلى هذا فمن سكن الهاء فيكون سكونه في الوصل والوقف. ومن وصلها أو قصرها فيكون في الوصل فقط فتأمل. التنبيه الثالث: فيما يلحق بهاء الضمير: يلحق بهاء الضمير في الحكم الهاء في اسم الإشارة للمفردة المؤنثة في لفظ "هذه" في عموم القرآن الكريم فتوصل بياء لفظية في الوصل إذا وقعت بين متحركين كقوله تعالى: {وَقَالُواْ هاذه أَنْعَامٌ} [الأنعام: 138] {هاذه بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} [يوسف: 65] . وتحذف صلتها وصلاً

لالتقاء الساكنين إذا وقعت قبل الساكن كقوله تعالى: {عَنْ هاذه الشجرة} [الأعراف: 20] {وهاذه الأنهار} [الزخرف: 51] والحكم في هذه الهاء عام لجميع القراء العشرة سواء في حذف صلتها أو في إثباتها لا فرق بين حفص وغيره. ويراعى هنا حكم الهمز الواقع بعد الصلة أيضاً كما مر في التنبيه الأول، وإنما لم توصل هذه الهاء بواو كهاء الضمير لأنها لم تقع مضمومة بحال وكذلك لم تقع ساكنة في الوصل فخالفت هاء الضمير في هاتين المسألتين. وقد أشار إلى هذه الهاء وبين حكمها المذكور هنا الإمام أبو شامة رحمه الله في شرحه على الشاطبية في نفس الباب. كما أشار إليها كذلك الإمام ابن بري في الدرر اللوامع بقوله رحمه الله: وهاءُ هذهِ كهاءِ المُضْمَر ... فوَصْلُهَا قبل مُحَرَّك حَرى اهـ ويؤخذ من كلامه (رحمه الله) أنها إذا وقعت قبل ساكن فتحذف صلتها وهو كذلك ما أسلفنا. وإلى هنا انتهى كلامنا على المدود ونسأل الله تعالى العون على تمام المقصود آمين.

الباب الثاني عشر / في معرفة الوقف والابتداء والقطع والسكت

الباب الثاني عشر / في معرفة الوقف والابتداء والقطع والسكت التمهيد للدخول إلى الباب من مهمات المسائل في علم التجويد معرفة كل من الوقف والابتداء فإنهما من مباحثه بمكان مكين بعد معرفة مسائل المخارج والصفات. وينبغي لكل مَعْنيٍّ بتلاوة القرآن الكريم مجتهد في إيفائها حقها ومستحقها أن يقبل عليها ويصرف همته إليها إذ لا يتحقق فهم كلام الله تعالى ولا يتم إدراك معناه إلا بذلك. فربما يقف القارىء قبل تمام المعنى ولا يصل ما وقف عليه بما بعده حتى ينتهي إلى ما يصح أن يقف عنده. وعندئذ لا يفهم هو ما يقول ولا يفهمه السامع بل ربما يفهم من هذا الوقف معنى آخر غير المعنى المراد. وهذا فساد عظيم وخطر جسيم لا تصح به القراءة ولا توصف به التلاوة. وقد أوجب المتقدمون من الرعيل الأول على القارىء معرفة الوقف والابتداء لما جاء في ذلك من الآثار الواردة عن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين. فقد ثبت أن الإمام عليّاً رضي الله عنه لما سئل عن قوله تعالى: {وَرَتِّلِ القرآن} [المزمل: 4] فقال: الترتيل معناه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف. وذكر الإمام أبو جعفر النحاس في كتابة "القطع والائتناف" بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما قال - أي ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا

ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل" أهـ منه بلفظه. وروى الحافظ ابن الجزري في النشر هذا الحديث باختلاف يسير. قال الإمام أبو جعفر النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون التمام كما يتعلمون القرآن. وقول ابن عمر: "لقد عشنا برهة من دهرنا" يدل على أن ذلك إجماع من الصحابة أهـ بلفظه. وقال الحافظ ابن الجزري في النشر: ففي كلام علي رضي الله عنه دليل على وجوب تعلمه ومعرفته. وفي كلام ابن عمر رضي الله عنهما برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم. وصح بل وتواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة الذي هو من أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم وأبي عمرو بن العلاء ويعقوب الحضرمي وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الأئمة. وكلامهم في ذلك معروف ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب أهـ بلفظه.

وقد نقل الإمام القسطلاني شارح البخاري في كتابه لطائف الإشارات وصف الإمام الهذلي الوقف في كتابه الكامل فقال: "وقد قال الهذلي - مما رأيته في كامله - الوقف حلية التلاوة وزينة القارىء وبلاغ التالي وفهم للمستمع وفخر للعالم. وبه يعرف الفرق بين المعنيين المختلفين. والنقيضين المتباينين. والحكمين المتغايرين" أهـ. ومن ثم اعتنى بعلم الوقف والابتداء وتعلمه والعمل به المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا فأفردوه بالتصنيف الخاص به منهم الإمام أبو بكر بن الأنباري والإمام أبو جعفر النحاس والحافظ أبو عمرو الداني والحافظ ابن الجزري وابنه العلامة الشيخ أحمد المعروف بابن الناظم وشيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري والعلامة المحقق الشيخ أحمد بن عبد الكريم الأشموني وخلق غير هؤلاء رحمهم الله أجمعين. ونفعنا بعلومهم آمين. هذا: وكلامنا في هذا الباب يتم - إن شاء الله تعالى - في ثلاثة فصول وخاتمة نسأل الله تعالى حسنها، أما الفصول الثلاثة: فأولها: في تعريف الوقف وأقسامه. وثانيها: في تعريف الابتداء وما يلزم فيه. وثالثها: في تعريف كل من القطع والسكت. وأما الخاتمة ففي التنبيه على انتهاء الكلام على صفات الحروف العرضية التي أشرنا إليها في باب الصفات. ولكل كلام خاص نوضحه فيما يلي:

الفصل الأول / في تعريف الوقف وأقسامه

الفصل الأول / في تعريف الوقف وأقسامه أما تعريف الوقف فهو في اللغة الكفُّ والحبس. وفي الاصطلاح هو عبارة عن قطع الصوت عن أخر الكلمة زمناً يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة لا بنية الإعراض عنها وينبغي معه البسملة في فواتح السور ويكون على رؤوس الآي وأواسطها، ولا يكون في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسماً كالوقف على "أن" من {أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] . وأما أقسام الوقف فثلاثة: اختباري "بالباء الموحدة" واضطراري واختياري "بالياء المثناة تحت ولكل منها حد يخصه وحقيقة يتميز بها عما سواه". أما الوقف الاختياري "بالباء الموحدة" فهو الذي يطلب من القارىء بقصد الامتحان ومتعلق هذا الوقف الرسم العثماني لبيان المقطوع والموصول والثابت والمحذوف من حروف المد والمجرور والمربوط من التاءات ويلحق بهذا الوقف وقف القارىء لإعلام غيره بكيفية الوقف على الكلمة بكونه عالماً بها من حيث القطع أو الوصل إلخ ولهذا سمي اختباريّاً. وحكمه: الجواز بشرط أن يبتدىء الواقف بما وقف عليه ويصله بما بعده إن صلح الابتداء به وإلا فيبتدىء بما قبله مما يصلح ابتداءً. وأما الوقف الاضطراري: فهو الذي يعرض للقارىء بسبب ضرورة ألجأته إلى الوقف كضيق النفس أو العطاس أو العيّ أو النيسان وما إلى ذلك وحينئذ يجوز له الوقف على أي كلمة كانت وإن لم يتم المعنى وبعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء منها ويصلها بما بعدها إن صلح البدء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها بما يصلح البدء به كما في الوقف الاختباري "بالموحدة".

وسمي اضطراريّاً للأسباب المذكورة آنفاً. وأما الوقف الاختياري: "بالياء المثناة تحت" فهو الذي يقصده القارىء باختياره من غير عروض سبب من الأسباب المتقدمة في الوقفين الاختباري "بالموحدة" والاضطراري. وقد يبتدأ بما بعد الكلمة الموقوف عليها وقد لا يبتدأ بأن توصل بما بعدها كما سنوضحه بعد في الوقف الحسن. وهذا الوقف هو المقصود بالذكر هنا وينقسم إلى أربعة أقسام: تام، وكاف، وحسن، وقبيح. فإن أفادت الكلمة الموقوف عليها معنى تامّاً يحسن السكوت عليه كان الوقف تامّاً أو كافياً أو حسناً. وإن لم تفد معنى يحسن السكوت عليه كان الوقف قبيحاً ويجب على الواقف حينئذ البدء على الفور بما قبل الكلمة الموقوف عليها ووصلها بما بعدها إلى أن يصل إلى كلام تام يحسن السكوت عليه كما سنذكره بعد ويشترط للمعنى التام الذي يحسن السكوت عليه أن يكون الكلام مشتملاً على ركني الجملة من المسند والمسند إليه. وبهذا يكون الكلام تامّاً. ولتمامه حينئذ أحوال ثلاثة. وذلك لأنه إما أن يكون غير متعلق بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وإما أن يكون متعلقاً بما بعده معنى لا لفظاً. وإما أن يكون متعلقاً بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة التي بها يحسن السكوت عليه. فالأول: هو الوقف التام. والثاني: هو الوقف الكافي. وحكمهما جواز الوقف عليهما والابتداء بما بعدهما. والثالث: هو الوقف الحسن. وحكمه جواز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده لتعلقه به لفظاً ومعنى. إلا إذا كان الابتداء برأس آية فإنه يجوز حينئذ لأن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً كما سيأتي بيانه عند تفصيل الكلام على الوقف الحسن. وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى أقسام الوقف الاختياري وحكمها مع التأكيد على معرفة الوقف والابتداء بقوله رحمه الله تعالى: وبعدَ تجويدِكَ للحروفِ ... لابدَّ من معرفةِ الوقوفِ

والابتدا وهي تقسَمُ إذَنْ ... ثلاثة تامٌ وكافٍ وحسنْ وهي لما تَمَّ فإن لمْ يُوجَدِ ... تَعلُّقٌ أو كان معنى فابْتَدِي فالتامُ فالكافِي ولفظاً فامْنَعَنْ ... إلا رؤوسَ الآي جوِّزْ فالحسَنْ وغير ما تَمَّ قبيحٌ ولهُ ... يوقَفُ مُضْطَرّاً ويُبْدأُ قبلَهُ اهـ وفيما يلي تفصيل الكلام على كل من الوقف التام والكافي والحسن والقبيح مع الأمثلة للجميع والأصل فيها من السنة فنقول وبالله التوفيق. الكلام على الوقف التام وهو الوقف على كلام تم معناه وليس متعلقاً بما بعده لا لفظاً ولا معنى. وأكثر ما يكون هذا الوقف في رؤوس الآي وانتهاء القصص كالوقف على قوله تعالى: {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: 4] والابتداء بقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وكالوقف على نحو {وأولائك هُمُ المفلحون} [البقرة: 5] والابتداء بقوله: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ} [البقرة: 6] . ونحو الوقف على قوله تعالى: {إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ} [هود: 49] والابتداء بقوله سبحانه: {وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً} [هود: 50] وذلك لأن لفظ "المفلحون" تمام الآيات المتعلقة بالمؤمنين وما بعده منفصل عنه متعلق بأحوال الكافرين وكذلك لفظ "للمتقين" تمام الآيات المتعلقة بقصة سيدنا نوح وما بعده منفصل عنه ابتداء قصة سيدنا هود على نبينا سيدنا محمد وعليهما الصلاة والسلام. وقد يكون في وسط الآي كالوقف على لفظ "جاءني" في قوله تعالى: {لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذكر بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي} [الفرقان: 29] فهذا تمام حكاية قول الظالم وتمام

الفاصلة ففي قول الله تعالى: {وَكَانَ الشيطان لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان: 29] . وقد يكون بعد تمام الآية بكلمة كالوقف على لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً" من قوله تعالى: {حتى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشمس وَجَدَهَا تَطْلُعُ على قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً كَذَلِكَ} [الكهف: 90-91] {وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وبالليل} [الصافات: 137-138] {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وَزُخْرُفاً} [الزخرف: 34-35] . فإن تمام الآية في كل "ستراً" و"مصبحين" و"يتكئون" وتمام الكلام لفظ "كذلك" "وبالليل" "وزخرفاً". ويكون في أواخر السور وهو ظاهر. قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "وقد يتفاضل التام في التمام نحو {مالك يَوْمِ الدين إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 4-5] كلاهما تام إلا أن الأول أتم من الثاني لاشتراك الثاني فيما بعده في معنى الخطاب بخلاف الأول" أهـ. وسمي تامّاً لتمام لفظه وانقطاع ما بعده عنه في اللفظ والمعنى. وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لما تقدم في وجه تسميته بالتام. هذا والمراد بالتعلق المعنوي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من جهة المعنى لا من جهة الإعراب. والمراد بالتعلق اللفظي أن يتعلق المتقدم بالمتأخر من حيث الإعراب كأن يكون موصوفاً للمتأخر أو يكون المتأخر معطوفاً على المتقدم أو مضافاً إليه أو خبراً له وما إلى ذلك. ويلزم من التعلق اللفظي التعلق المعنوي. الأصل في الوقف التام من السنة المطهرة الأصل في الوقف التام ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده المتصل إلى عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: "أي ابن أبي بكرة": إن جبريل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل:

استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده حتى بلغ سبة أحرف كل شاف كاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة او آية رحمة بآية عذاب. وفي رواية أخرى ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب بمغفرة أهـ. قال أبو عمرو هذا تعليم الوقف التام من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن جبريل عليه السلام إذ ظاهر ذلك أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة أو الثواب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر العقاب. وكذلك ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار أو العقاب وتفصل مما بعدها إذا كان ذكر الجنة أو الثواب أهـ منه بلفظه. الكلام على الوقف الكافي وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده معنى لا لفظاً. ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها كالوقف على نحو قوله تعالى: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] {وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4] . {أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6] . {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً} [البقرة: 30] فكل هذا كلام تام مفهوم وما بعده مستغن عما قبله في اللفظ وإن اتصل في المعنى. قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "وقد يتفاضل - أي الوقف الكافي -" في الكفاية كتفاضل التام نحو {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} [البقرة: 10] كاف {فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً} [البقرة: 10] أكفى منه {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10] أكفى منهما أهـ منه بلفظه.

وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده كالوقف التام. وسمي كافياً للاكتفاء به عما بعده لعدم تعلقه به من جهة اللفظ. وإن كان متعلقاً به من جهة المعنى. الأصل في الوقف الكافي من السنة المطهرة الأصل في الوقف الكافي ما ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد في علم التجويد بسنده المتصل إلى أبي عمرو الداني وبسند الداني إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال "أي ابن مسعود رضي الله عنه": "قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقرأ علي فقلت له أقرأ عليك وعليك أُنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. قال: فافتتحت سورة النساء فلما بلغت {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً} قال: فرأيته وعيناه تذرفان دموعاً فقال لي: حسبك" أهـ قال الداني: فهذا دليل جواز القطع على الوقف الكافي لأن شهيداً ليس من التام وهو متعلق بما بعده معنى لأن المعنى فكيف يكون حالهم إذا كان هذا يومئذ يود الذين كفروا فما بعده متعلق بما قبله والتمام "حديثاً" لأنه انقضاء القصة وهو آخر الآية الثانية. وقد أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقطع عليه دونه مع تقارب ما بينهما فدل ذلك دلالة واضحة على جواز القطع على الكافي أهـ منه بلفظه. الكلام على الوقف الحسن وهو الوقف على كلام تم معناه وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة

كأن يكون اللفظ الموقوف عليه موصوفاً وما بعده صفة له أو معطوفاً وما بعده معطوفاً عليه أو مستثنى منه وما بعده مستثنى أو بدلا وما بعده مبدل منه وما إلى ذلك ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها كالوقف الكافي. وسمي حسناً لحسن الوقف عليه لأنه أفهم معنى يحسن السكوت عليه وحكمه أنه يحسن الوقف عليه. وأما الابتداء بما بعده ففيه تفصيل لأنه قد يكون في رؤوس الآي وقد يكون في غيرها. فإن كان في غير رؤوس الآي فحكمه أنه يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده لتعلقه به لفظاً ومعنى كالوقف على لفظ "الله" من قوله تعالى: {الحمد للَّهِ} [الفاتحة: 2] فإنه كلام تام يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده. لأن ما بعده وهو قوله تعالى: {رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] أو قوله تعالى {فَاطِرِ السماوات والأرض} [فاطر: 1] صفة للفظ الجلالة في الموضعين والصفة والموصوف كالشيء الواحد لا يفرق بينهما والابتداء حينئذ يكون غير حسن وفوق هذا أصبح اللفظ المبدوء به عارياً عن العوامل اللفطية. والعاري عن العوامل اللفظية هو المبتدأ وحكمه الرفع بينما صار مخفوضاً. إذن فلا بد من وصل الكلمة الموقوف عليها بما بعدها في هذه الحالة وما ماثلها ليكون العامل والمعمول معاً كما هو مقرر. وإن كان في رؤوس الآي كالوقف على لفظ "العالمين" و"الرحيم" و"العلي" في قوله تعالى: {الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] {الرحمان الرحيم} [الفاتحة: 3] . {لَهُمُ الدرجات العلى} [طه: 75] فإنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده لأن الوقف على رؤوس الآي سنة سواء وجد تعلق لفظي أم لم يوجد وهذا هو المشهور عند

جمهور العلماء وأهل الأداء والنصوص عليه متوافرة لوروده عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كان إذا قرأ قطَّع قراءته آية آية يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم يقف ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف ثم يقول: الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين". قال الحافظ ابن الجزري في النشر عقب ذكره لهذا الحديث: رواه أبو داود ساكتاً عليه والترمذي وأحمد وأبو عبيدة وغيرهم. وهذا حديث حسن صحيح وكذلك عد بعضهم الوقف على رؤوس الآي سنة. وقال ابو عمرو وهو أحب إلي واختاره البيهقي في شعب الإيمان وغيره من العلماء. وقالوا الأفضل الوقوف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها. قالوا: واتباع هدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسنته أولى أهـ منه بلفظه. هذا ونصوص العلماء في هذا الوقف كثيرة وشهيرة لا يتحملها هذا المختصر وكلها تؤيد سنية الوقف على رؤوس الآي وقد اكتفينا منها بما جاء في النشر. وقد منع جماعة من العلماء الوقف على رؤوس الآي في مثل ما ذكرنا لتعلقها بما بعدها وحملوا ما في حديث أم سلمة رضي الله عنها على أن ما فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما قصد به بيان الفواصل لا التعبد. وعلى ذلك فلا يكون الوقف على رؤوس الآي سنة عندهم إذ لا يسن إلا ما فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعبداً. وردَّهُ غير واحد من العلماء منهم العلامة المتولي بقوله في الروض النضير: "إنَّ من المنصوص المقرر أنَّ "كان إذا" تفيد التكرر وظاهر أن الإعلام يحصل بمرة ويبلغ الشاهد منهم الغائب فليكن الباقي تعبداً وليس كله للإعلام حتى يعترض على هؤلاء الأعلام أهـ منه بلفظه". وهناك ردود أخرى تركنا ذكرها هنا رغبة في الاختصار. قال الحافظ ابن الجزري في النشر وقد يكون الوقف حسناً على تقدير وكافياً

على آخر وتامّاً على غيرهما نحو قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] يجوز أن يكون حسنا إذا جعل {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب} [البقرة: 3] نعتاً للمتقين وأن يكون كافياً إذا جعل {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب} [البقرة: 3] رفعاً بمعنى هم الذي يؤمنون بالغيب أو نصباً بتقدير أعني الذين. وأن يكون تامّاً إذا جعل {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب} [البقرة: 3] مبتدأ خبره {أولائك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} [البقرة: 5] أهـ منه بلفظه. الأصل في الوقف الحسن من السنة المطهرة والأصل في الوقف الحسن الحديث المتقدم المروي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فقد ذكره الحافظ ابن الجزري في كتابه التمهيد بسنده المتصل إليها ثم قال بعد أن أورده: قالوا وهذا دليل على جواز القطع على الحسن في الفواصل لأن هذا متعلق بما قبله وما بعده لفظاً ومعنى وهذا القسم يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده إلا في رؤوس الآي فإن لك سنة أهـ منه بلفظه. "فصل": في بيان وقف السنة الواقع جله في غير رؤوس الآي أو في بيان وقف جبريل كما سماه بعضهم. سبق أن بينا في فصل الوقف الحسن أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً سواء تعلق رأس الآية بما بعده أم لم يتعلق وقد فصلنا الكلام على ذلك أيما تفصيل وسقنا الأدلة على ذلك من الخبر المتبع والأثر الصحيح وأقوال أئمة هذا الشأن فيه وأنه مذهب الجمهور وذكرنا الاعتراض على ذلك ورددناه بما يسر الله تعالى ذكره من أقوال علماء هذا الفن مما تجده في موضعه السابق مستوفى إن شاء الله تعالى. والآن نشرع بحول الله في بيان الوقف المنسوب إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القرآن العظيم مما أكثره ليس برأس آية ونص عليه غير واحد ممن يعتد بنقلهم من محققي علماء القراءات مع عَزْوِ ذلك إليهم ونسبته لهم فقد قيل: إن من بركة

العلم نسبة القول إلى قائله. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. أولاً: نقل صاحب "منار الهدى: في بيان الوقف والابتدا" عن العلامة السخاوي أن هذه الوقوف عشرة وسمى بعضها بوقف جبريل عليه السلام وإليك نص عبارته: "قال السخاوي: ينبغي للقارى أن يتعلم وقف جبريل فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: {قُلْ صَدَقَ الله} [الآية: 95] ثم يبتدىء {فاتبعوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} [آل عمران: 95] والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبعه. وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقف في سورة البقرة والمائدة عند قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [البقرة: 148] [المائدة: 48] وكان يقف على قوله: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [المائدة: 116] وكان يقف {قُلْ هاذه سبيلي أَدْعُو إلى الله} [يوسف: 108] ثم يبتدىء {على بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتبعني} [يوسف: 108] وكان يقف {كذلك يَضْرِبُ الله الأمثال} [الرعد: 18] ثم يبتدىء {لِلَّذِينَ استجابوا لِرَبِّهِمُ الحسنى} [الرعد: 18] وكان يقف {والأنعام خَلَقَهَا} [النحل: 5] ثم يبتدىء {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} [النحل: 5] وكان يقف {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} [السجدة: 18] ثم يبتدىء {لاَّ يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18] وكان يقف {ثُمَّ أَدْبَرَ يسعى فَحَشَرَ} [النازعات: 22] ثم يتبدىء {فنادى} [النازعات: 23] وكان يقف {لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] ثم يبتدىء {تَنَزَّلُ الملائكة} [القدر: 4] فكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعمد الوقف على تلك الوقوف وغالبها ليس رأس آية وما ذلك إلا لعلم لدنِّي علمه من

علمه وجهله من جهله. فاتباعه سنة في أقواله وأفعاله انتهى منه بحرفه. ثانياً: نقل صاحب انشراح الصدور أن مواضع هذه الوقوف سبعة عشر موضعاً وفيما يلي نص عبارته. "أعلم أن الوقوف المندوبة التي كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحرى الوقوف عليها سبعة عشر موضعاً": الأول والثاني: {فاستبقوا الخيرات} [بالبقرة: 148] [والمائدة: 48] . والثالث: {قُلْ صَدَقَ الله} [بآل عمران: 95] . والرابع: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [بالمائدة: 116] . والخامس: {أَنْ أَنذِرِ الناس} [بيونس: 2] . والسادس: {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} [يونس: 65] بها أيضاً. والسابع: {قُلْ هاذه سبيلي أَدْعُو إلى الله} [بيوسف: 108] . والثامن: {كذلك يَضْرِبُ الله الأمثال} [بالرعد: 17] . والتاسع: {والأنعام خَلَقَهَا} [ب النحل: 5] . والعاشر: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] بها أيضاً. والحادي عشر: {يابني لاَ تُشْرِكْ بالله} [بلقمان: 12] .

والثاني عشر: {كَمَن كَانَ فَاسِقاً} [بالسجدة: 18] . والثالث عشر: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النار} [بغافر: 6] . والرابع عشر: {فَحَشَرَ} [بالنازعات: 23] . والخامس عشر: {خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [بالقدر: 3] . والسادس عشر: {مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4] بها أيضاً. والسابع عشر: {بِحَمْدِ رَبِّكَ واستغفره} [بالنصر: 3] أهـ منه بلفظه. ثالثاً: نقل صاحب "الرحلة العياشية" أن هذه الوقوف سبعة عشر وقفاً وساقها في نظم مبارك بديع وهذا أنذا أنثر مواضع هذا النظم أولاً ثم أذْكُرُه بعد ذلك ثانياًً. وإليك بيان مواضع هذه الوقوف حسب ترتيب هذا النظم المبارك: الأول: قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [بالبقرة: 148] . الثاني: قوله سبحانه: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله} [بالبقرة: 197] أيضاً. الثالث: قوله عز شأنه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله} [بآل عمران: 7] . الرابع: قوله عز من قائل: {فاستبقوا الخيرات} [بالمائدة: 48] . الخامس: قوله جل وعلا: {مِنْ أَجْلِ ذلك} [بالمائدة: 32] أيضاً.

السادس: قوله سبحانه: {مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [بالمائدة: 116] كذلك. السابع والثامن: قوله تعالى: {أَنْ أَنذِرِ الناس} [يونس: 2] وقوله عز شأنه: {قُلْ إِي وربي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يونس: 53] الموضعان بيونس عليه الصلة والسلام. التاسع: قوله سبحانه: {قُلْ هاذه سبيلي أَدْعُو إلى الله} [بيوسف: 108] عليه الصلاة والسلام. العاشر: قوله تعالى: {كذلك يَضْرِبُ الله الأمثال} [بالرعد: 17] . الحادي عشر: قوله تعالى: {والأنعام خَلَقَهَا} [بالنحل: 5] . الثاني عشر: قوله سبحانه: {يابني لاَ تُشْرِكْ بالله} [بلقمان: 13] . الثالث عشر: قوله عز وجل: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الذين كفروا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النار} [بغافر: 6] . الرابع عشر: قوله تعالى: {ثُمَّ أَدْبَرَ يسعى فَحَشَرَ} [بالنازعات: 23] . الخامس عشر والسادس عشر: قوله جل وعلا: {لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [الآية: 3] وقوله عز وجل: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [الآية: 4] الموضعان بالقدر. السابع عشر: قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واستغفره} [بالنصر: 3] . *

وإليك عبارة صاحب الرحلة العياشية مع ذكر النظم الذي تكلمنا عنه آنفاً. قال رحمه الله تعالى فيما أنشده شيخه أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن الربيع اليمني الزبيدي: "وأنشدني أيضاً في المواضع التي ورد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف عليها وأملاها عليَّ من حفظه ولم ينسبها": أيا سائِلي عن ما أتانا به الآلى ... عن المصطفى من وقْفِه مسلسلا ففي البكر جا الخيراتِ والثاني قُلْ بها ... أتى بعدُ يعلمْهُ على الله مُسْجَلا وعمرانُ إلا الله أوَّلها أتى ... عقودٌ بها الخيرات قد جاء مُرسلا وأيضاً بها من أجل ذلك جاءنا ... وآخرها قد جا بحقِّ مرتِّلا وأن أنذر الناس الذي حلَّ يونساً ... وقلْ بعده فيها لحقٌّ تنزِّلا إلى الله جا في يوسف وبتلوها ... أتانا على الأمثال كي يتمثَّلا خلقها بنحلٍ بعدَ الأنعام لفظةً ... وبعد لا تشرك بلقمان أنزلا وغافر فيها لفظةُ النار بعدها ... حكاية حمل العرشِ في قصَّة الملا وقل فحشر في النازعات وبعده ... على ألف شهر جاء في القدر أوَّلا ومن كلِّ أمرٍ جا بها وبنصرهم ... على لفظ واستغفره تمَّت فحمدِلا اهـ

ومن هذه النقول يتبين لك - أيها القارىء الكريم أن هذه المواضع كلها منها ما هو رأس آية - وهو القليل. ومنها ما ليس برأس آية وهو الكثير فالذي هو رأس آية قوله تعالى: {كذلك يَضْرِبُ الله الأمثال} [بالرعد: 17] . وقوله سبحانه: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الذين كفروا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النار} [بغافر: 6] . وقوله عز شأنه: {لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] . وقوله جل وعلا: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4] وهذا الموضعان بسورة القدر. وقد قدمنا لك أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً فيكون ذكره هنا في هذه الأوقاف من باب التأكيد عليه عند من وصل رؤوس الآي المتعلقة بما بعدها في غير هذه المواضع فليعلم ذلك. ولعل أحداً أن يقول: لقد تفاوتت مواضع هذه الأوقاف المذكورة في هذه النقول الثلاثة التي قدمنا. فهل يعتبر تفاوتها مدعاة إلى عدم التسليم ببعضها؟ والجواب عن ذلك ظاهر فإن هذه النقول وإن كان فيها تفاوت لكنه ليس تفاوت التناقض والاضطراب وإنما هو تفاوت الرواية والحفظ. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ فكل هذه النقول صحيحة، وسائر نقلتها عدول، وقد ذكر كل منهم انتهى إليه علمه بحسب التلقي والمشافهة عن شيوخه، وعليه فلا اختلاف. وهناك نقول أخرى غير هذه تركنا ذكرها هنا طلباً للاختصار والله تعالى أعلم. الكلام على الوقف القبيح وهو الوقف علىكلام لم يتم معناه لتعلقه بما بعده لفظاً ومعنى مع عدم الفائدة أو أفاد معنى غير مقصود أو أوهم فساد المعنى فهذه أنواع ثلاثة وإليكها مفصلة:

أما النوع الأول: فضابطه الوقف على العامل دون معمول ويشمل هذا الضابط صور شتى: منها الوقف على المضاف دون المضاف إليه كالوقف على لفظ "بسم ومالك من نحو {بسم الله} [الفاتحة: 1] و {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: 4] فالوقف على مثل هذا قيبح لأنه لم يعلم لأي شيء أضيف. ومنها الوقف على المبتدأ دون خبره كالوقف على "الحمدُ" من "الحمدُ لله". ومنها الوقف على الموصوف دون صفته كالوقف على لفظ "الصراط" من قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6] . ومنها الوقف على الفعل دون فاعله كالوقف على لفظ "يتقبل" من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين} [المائدة: 27] إلى آخر باقي المتعلقات. فكل هذا وما ماثله لا يجوز الوقف عليه ولا الابتداء بما بعده لأنه لا يتم معه كلام ولا يفهم منه معنى فالوقف عليه قبيح كما أسلفنا. وسمي قبيحاً لقبح الوقف عليه لعدم تمام الكلام وعدم فهم المعنى لما فيه من التعلق اللفظي والمعنوي معاً مع عدم الفائدة. ولا يجوز للقارىء تعمد الوقف على شيء من هذه الوقوف وما شاكلها إلا لضرورة كضيق نفس أو عطاس أو عجز أو نيسان ويسمى حينئذ وقف الضرورة وهو مباح للقارى كما تقدم ثم بعد ذهاب هذه الضرورة التي ألجأته إلى الوقف على هذه الكلمة يبتدىء منها ويصلها بما بعدها إن صلح الابتداء بها وإلا فيبتدىء بما قبلها ممن يصلح البدء به إلى أن يصل إلى ما يجوز أن يقف عنده. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله المذكور آنفاً:

وغيرُ ما تمَّ قبيحٌ ولهُ ... يوقفُ مضطرّاً ويُبدأُ قبلَهُ اهـ وأما النوع الثاني: وهو الذي أفاد معنى غير مقصود لتوقف ما بعده عليه ليتم منه المعنى المراد فنحو الوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة} [النساء: 43] وذلك لأنه يوهم النهي عن أداء الصلاة مطلقاً وليس كذلك. وإنما المقصود من الآية الكريمة لا تقربوا الصلاة حال كونكم سكارى حتى تعلموا ما تقولون. وهذا المعنى المقصود لا يتم إلا إذا انظم إليه ما بعده. وعليه: فالوقف على {لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة} [النساء: 43] قبيح فيوصل بما بعده إلى أن يقف على قوله تعالى: {حتى تَغْتَسِلُواْ} [النساء: 43] وهو كاف. ومنه الوقف على لفظ "بجناحيه" في قوله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] لأن ذلك يوهم نفي ما هو مشاهد من مخلوقات الله وهذا لا يجوز وإنما يكون الوقف على "أمثالكم" وهو كاف. ومنه الوقف على لفظ "والظالمين" من قوله تعالى: {يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} [الإنسان: 31] لأنه يوهم أن الظالمين داخلون في رحمة الله وليس كذلك بل أعد لهم العذاب الأليم فالوقف يكون على لفظ "رحمته" وهو تام. ومنه الوقف على "والذين آمنوا" من قوله تعالى: {الذين كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [فاطر: 7] لأنه يوهم دخول المؤمنين مع الكافرين في العذاب الشديد وليس كذلك بل أعد المغفرة والأجر الكبير للمؤمنين. أما العذاب الشديد فهو خاص بالكافرين. فالوقف يكون على قوله تعالى: "لهم عذاب شديد" وهو كاف وذلك ليفصل بين ما أعد للفريقين من جزاء. أو توصل الجملة الأولى بالثانية ويوقف على الفاصلة إن كانت هناك طاقة لدى القارىء بحيث يعطي الحروف حقها ومستحقها في التلاوة كما هو مقرر وإلا فلا.

فكل هذا وما ماثله مما هو خارج عن حكم الأول في المعنى لا يجوز الوقف عليه لما تقدم باستثناء الضرورة. وأما النوع الثالث: وهو ما أوهم فساد المعنى وفيه سوء الأدب مع الله تبارك وتعالى وهو أقبح من القبيح فنحو الوقف على لفظ الجلالة "والله" في قوله تعالى: {فَبُهِتَ الذي كَفَرَ والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} [البقرة: 258] فهذا لا يجوز بحال وإنما يجوز الوقف على لفظ "كفر" أو على لفظ "الظالمين" وهو آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "لا يستحي" في قوله تعالى: {* إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} [البقرة: 26] وهذا لا يجوز بحال وإنما يكون الوقف على "فما فوقها" ولا يخفى ما في ذلك من فساد المعنى وسوء الأدب مما هو ظاهر لا يصح التفوه به. وأقبح من هذا وأشنع الوقف على المنفي الذي بعده الإيجاب وفي هذا الإيجاب وصف لله تعالى أو لرسله عليهم الصلاة والسلام وذلك نحو قوله تعالى: {فاعلم أَنَّهُ لاَ إلاه إِلاَّ الله} [محمد: 19] وقوله سبحانه: {وَمَا مِنْ إلاه إِلاَّ الله} [آل عمران: 62] . بأن وقف على لفظ "إله" في الآيتين والقبح في هذا الوقف ظاهر لا يصح التفوه به أيضاً وإنما يكون الوقف على لفظ "وللمؤمنات" في الآية الأولى وهو تام. وعلى لفظ الجلالة في الثانية وهو كاف. ومثل ذلك الوقف على لفظ "أرسناك" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] فإنه يؤدي إلى نفي رسالته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنما يكون الوقف على "للعالمين" آخر الفاصلة ومثله الوقف على لفظ "من رسول" في قوله تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ الله} [النساء: 64] . وفي قوله سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4] فإنه يؤدي إلى نفي إرسال

جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام. وإنما يكون الوقف على لفظ الجلالة في الآية الأولى وعلى لفظ "لهم" في الآية الثانية. فكل هذه الوقوف وما ماثلها يجب ألا يوقف على شىء منها لما تقدم إلا من ضرورة كما ذكرنا آنفاً. فإن وقف القارىء على شيء منها أو مما شاكلها لضرورة وجب عليه أن يبتدىء بما قبل الكلمة الموقوف عليها ويصلها بما بعدها إلى أن ينتهي إلى ما يجوز أن يقف عنده فإن لم يفعل ذلك وتعمد الوقف فقد أثم إثماً كبيراً وأخطأ خطأ فاحشاً وخرق الإجماع وحاد عن إتقان القراءة وإتمام التجويد. نسأل الله تعالى التوفيق والهداية إلى أقوم طريق. الأصل في الوقف القبيح من السنة المطهرة والأصل فيه ما ذكره الحافظ ابن الجزري في التمهيد بسنده المتصل إلى عدي بن حاتم قال: "أي عدي" جاء رجلان إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتشهد أحدهما فقال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ووقف، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قم أو اذهب بئس الخطيب أنت أهـ قالوا: وهذا دليل على أنه لا يجوز القطع على القبيح لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقامه لما وقف على المستبشع لأنه جمع بين حال من أطاع الله ورسوله ومن عصى والأولى أنه كان يقف على رشد ثم يقول: ومن يعصهما فقد غوى" انتهى. وقال أبو عمرو: ففي الخبر دليل علىكراهة القطع على المستبشع من اللفظ المتعلق بما يبين حقيقته ويدل على المراد منه لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أقام الخطيب لما قطع على ما يقبح إذ جمع بقطعه بين حال من أطاع ومن عصى ولم يفصل بين ذلك وإنما كان ينبغي له أن يقف على قوله فقد رشد ثم يستأنف ومن يعصهما فقد غوى أو يصل كلامه إلى آخره. وإذا كان مثل هذا مكروهاً مستقبحاً في الكلام الجاري بين الناس فهو في كلام الله تعالى أشد كراهة وقبحاً وتجنبه أولى وأحق اهـ منه بلفظه.

تنبيهان: الأول: ما قاله أئمتنا من أنه لا يجوز الوقف على كلمة كذا وكذا إنما يريدون بذلك الوقف الاختياري "بالياء المثناة تحت" الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة ولا يريدون به أنه حرام أو مكروه إذ ليس في القرآن الكريم وقف واجب يأثم القارىء بتركه أو حرام يأثم القارىء بفعله لأن الوصل والوقف لا يدلان على معنى حتى يختل بذهابهما وإنما يتصف الوقف بالحرمة إذا كان هناك سبب يؤدي إليها فيحرم حينئذ كأن قصد القارىء الوقف من غير ضرورة على لفظ "إله" أو على لفظ "لا يستحي" أو على لفظ "لا يهدي" في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ إلاه إِلاَّ إلاه وَاحِدٌ} [المائدة: 73] ، {والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق} [الأحزاب: 53] ، {والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} [الصف: 5] وما شابه ذلك مما تقدم ذكره في الوقف القبيح إذ لا يفعل ذلك مسلم قلبه مطمئن بالإيمان. وفي هذا المقام يقول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: وليسَ في القرآن مِنْ وقْفٍ وجَب ... ولا حرام غير ما له سَبَبْ اهـ التنبيه الثاني: اشتهر عند كثير من الناس أن الوقف على لفظ "للمصلين" في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4-5] قبيح وحرام ولا يجوز مطلقاً وزعموا أن القارىء لو وقف على هذا اللفظ لأوهم تناول الويل كل مصلٍّ وليس كذلك وإنما الويل "وهو واد في جهنم أو وعيد شديد كما قاله المفسرون" للمصلين الموصوفين بالصفات المذكورة بعد في قوله تعالى: {الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] إلى آخر السورة وهذه حجتهم في منع الوقف على هذا اللفظ وحتموا الوصل بالموصولين بعد ليظهر المراد ويتم الكلام. والصواب الذي عليه الجمهور هو جواز الوقف على هذا اللفظ لأنه من رؤوس الآي والوقف على رؤوس الآي سنة لحديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وقد تقدم ذكره غير

مرة وهذا كما قلت المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء وإن تعلق رأس الآية بما بعدها لفظاً ومعنى كهذا الموضع كما تقدم. غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرّاً في قراءته إلى تمام الكلام وهو آخر السورة وبهذا حصل الغرض المطلوب وهو إيضاح المعنى المراد من الآية الكريمة لكل من القارىء والسامع وفي الوقت نفسه أتى القارىء بالوصفين المذكورين بعد "للمصلين" الذين يستحقون بهما هذا الوعيد. ويفهم من قولنا: "غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرّاً" ... الخ بأنه لو قطع قراءته وأنهاها عند قوله: "فويل للمصلين" من غير عذر كان الوقف قبيحاً ويقال له فيه بل ويمنع منه لإيهام خلاف المعنى المراد ولعدم إتمام الكلام حينئذ لأن إتمامه لا يتأتَّى إلا بذكر الصفتين المذكورتين بعد. ومن محاسن الوقف على رأس الآية "فويل للمصلين" هنا أنه لو وصل القارىء قوله: "فويل للمصلين" بما بعده كما قال مانعو الوقف عليه فلربما ضاف نفسه قبل الوصول إلى الوقف التام وهو آخر السورة لا سيما من كان ضيق النفس لا يستطيع أن يتكلم بكلام كثير في نفس واحد وخاصة في هذا الزمن الذي عمت فيه البلوى لكثير من الناس وحينئذ يضطر إلى أن يتنفس في القراءة وهو حرام فيها ومفسد لها أو إلى إدماج الحروف وبتر المد مما لا يتفق وقواعد التجويد المجمع عليها ويكون بذلك أتعب نفسه فوق إفساده القراءة مع أن السنة المطهرة أباحت له الوقف على رؤوس الآي مطلقاً سواء تم الكلام أم يتم كما مر، ولنا في سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسوة حسنة. هذا: وقد فات مانعو تجويز الوقف على قوله: "فويل للمصلين" وتأكيدهم على وصله بما بعده أن الصفتين المذكورتين بعد من باب التوابع كما هو مقرر. وهذا المعتبر إذا لم نقل بالقطع. فإن قلنا به كما جوزه علماء العربية من كل موصول وقع صفة يحتمل أن يكون تابعاً أو مقطوعاً عن التبعية لعدم ظهور الإعراب عليه لبنائه. بل جوزوا قطع الصفة عن الموصوف في العموم سواء كان موصولاً أو غير موصول. وبناء على جواز قطع الصفة عن الموصوف نقول: إن جعلنا الموصول هنا مع صلته خبراً لمبتدأ محذوف تقديره هم الذين إلخ كان الوقف على "للمصلين" كافياً فضلاً عن كونه رأس آية. وهذا أمر لا يخفى ومثله

حينئذ مثل الوقوف على رؤوس التي بعدها موصول كهذا وما أكثرها في القرآن باستثناء سبعة مواضع منها يتعين فيها أن يكون الموصول مبتدأ كما يتعين الوقف على ما قبلها والابتداء بها وسنذكرها بعد في "فصل الابتداء" إن شاء الله تعالى. وصفوة القول في هذه المسألة التي كثر فيها الكلام أن الوقف على قوله تعالى: "فويل للمصلين" جائز لانه رأس آية ولا قبيح فيه ولا حرمة ما دام القارىء مستمرّاً في قراءته إلى آخر السورة بخلاف ما لو قطع قراءته وأنهاها عنده فيمنع من ذلك ويكون الوقف قبيحاً إلا من عذر قهري صده عن إتمام السورة. وأما إذا كان القارىء عنده طاقة في نفسه ولم يقف إلا في آخر السورة بشرط أن تكون القراءة سليمة موافقة لقواعد التجويد المجمع عليها فلا بأس بذلك غير أنه على خلاف ما قال به جهمور العلماء وكثير من أهل الأداء من أن الوقف على رؤوس الآي سنة مطلقاً كما ذكر آنفاً والله تعالى أعلى وأعلم. وبعد أن فرغنا من كتابة هذا التنبيه ومضى عليه سنوات وجدناه منصوصاً عليه بمعناه من كلام العلامة الشيخ عبد الواحد المارغني في آخر رسالة تحرير الكلام في وقف حمزة وهشام للعلامة المحقق الشيخ محمد بن يالوشة الشريف التونسي ولعظم فائدته آثرنا أن ننقله هنا ليفيد منه ويعتبر به قارؤنا الكريم قال عفا الله عنه. "تنبيه": مما اشتهر عند كثير من الناس عدم الوقف علىقوله تعالى: {فويل للمصلين} [الماعون: 4] حتى جرى عندهم مجرى الأمثال فيقولون في كل شيء يتوقف على ما بعده لا تقف على "فويل للمصلين" ومرادهم بذلك التحرز من استحقاق المصلين مطلقاً لهذا الوعيد فالبوقف عليه يتناول الوعيد كل المصلين وهو غير مراد وغير صواب. وإن وصل بالموصول أو الموصولين بعده ظهر المعنى ولاح المراد من الآية الكريمة إذ المراد والله أعلم أن المصلين الموصوفين بالصفتين المذكورتين يستحقون العقاب بالويل وهو واد في جهنم وقيل كلمة عذاب هذا مراد من يمنع الوقف على ذلك. والتحقيق أنه لا مانع من الوقف على مثل ذلك حيث إنه من الفواصل التي يحسن الوقف عليها حسبما مر تفصيله. والصفتان بعد المصلين مثل الصفتين بعد اسم الجلالة في الفاتحة أعني "الرحمن" و"مالك يوم الدين" وقفت

السنة على ما قبلهما فكما حسن الوقف على مافي آم القرآن يحسن الوقف على مثل ذلك في غيرها ومنه هذا الذي في سورة الماعون ولا قبح في مثل هذا الوقف حيث إن الوقف على "المصلين" لا يمنع إرادة وملاحظة الصفتين بعده إذ الواقف عازم على إكمال السورة أو الآيات المتعلقة بالموضوع والسامع منتظر لباقي السورة أو الآيات فقد حصل غرض كل من التالي والسامع بإكمال الآيات المطلوبة ولو مع الأوقاف الفاصلة التي لا يقع الفصل إلا بزمن يتنفس فيه عادة نعم لو قطع القارىء قراءته عند قوله: "فويل للمصلين" لمنع إلا لعذر طارىء صده عن إتمام قراءته وهذا كله إن جعل النعتان في سورة الماعون تابعين كما هو الأصل. فإن جعلا مقطوعين كان الوقف عليه كافياً حينئذ كما لا يخفى على كل من مارس علم القراءة والعربية إذ كل موصول وقع صفة يحتمل كونه تابعاً ومقطوعاً لعدم ظهور أثر الإعراب عليه لبنائه كما نص على ذلك بعض علماء العربية: وعليه فالسنة لما وقفت على رؤوس الآي التي صفاتها المبدوء بها تابعة لموصوفاتها في الإعراب لظهور الجر عليها المختص بالإتباع دل على أولوية الوقف على ما احتمل نعته الإتباع والقطع كالموصولات إذا وقع فاصلة من الفواصل المعتبرة سنة وعرفاً ومن ذلك ما كان في سورة الماعون التي فواصلها بالياء والنون وبعضها بالواو والنون وفيها فاصلة بالياء والميم ولا جرم أن الميم كالنون في مثل ذلك لاشتراكهما في جميع الصفات المتضادة وفي صفة الغنة. ومن ثم اعتبر ذلك نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاصلة من فواصل أم القرآن فوقف على {الرحيم} [الفاتحة: 3] بعد {رَبِّ العالمين} [الفاتحة: 2] وقبل {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: 4] كما ثبت في بعض الآثار أنه وقف على {المستقيم} [الفاتحة: 6] بعد {نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وقبل {وَلاَ الضآلين} [الفاتحة: 7] اهـ منه بلفظه.

هذا: وقد قرأت بالوقف على رؤوس الآي في العموم كما هو السنة على جميع شيوخي في جميع إجازاتي إفراداً وجمعاً في أكثر من عشر ختمات في مختلف القراءات سبعية كانت أم عشرية. وبالوقف على رؤوس الآي مطلقاً آخذ قراءة وإقراء. فإن اتباع السنة من صدق الحب لمن سنها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والله نسأل أن يحشرنا معه في الفردوس الأعلى آمين.

الفصل الثاني / في تعريف الابتداء وما يلزم فيه

الفصل الثاني / في تعريف الابتداء وما يلزم فيه الابتداء في عرف القراء هو: الشروع في القراءة بعد قطع أو وقف فإذا كان بعد القطع فيتقدمه الاستعاذة ثم البسملة إذا كان الابتداء من أوائل السور. وإذا كان من أثنائها فللقارىء التخيير في الإتيان بالبسملة أو عدم الإتيان بها بعد الاستعاذة كما سيأتي بيان ذلك قريباً في بابي الاستعاذة والبسملة وكما سيأتي في تعريف القطع في الفصل التالي أيضاً. وأما إذا كان الابتداء بعد الوقف فلا يتقدمه الاستعاذة ولا البسملة لأن القارىء في هذه الحال يعتبر مستمرّاً في قراءته وإنما وقف ليريح نفسه ثم يستأنف القراءة كما تقدم في معنى الوقف. أما إذا كان مستمرّاً في قراءته إلى أن وصل إلى آخر السورة ثم قصد الشروع في السورة التالية فيبسمل لمن له البسملة كحفص كما هو مقرر. هذا: ويُطلب من القارىء حال الابتداء ما يطلب منه حال الوقف فلا يكون الابتداء إلا بكلام مستقل موف بالمقصود غير مرتبط بما قبله في المعنى لكونه مختاراً فيه بخلاف الوقف فقد يكون مضطرّاً إليه وتدعوه الحاجة إلى أن يقف في موضع لا يجوز الوقف عليه كما تقدم توضيحه، وعليه: فلا يجوز أن يبتدىء بالفاعل دون فعله ولا بالوصف دون موصوفه. ولا باسم الإشارة دون المشار إليه. ولا بالخبر دون المبتدأ ولا بالحال دون صاحبها. ولا بالمعطوف عليه دون المعطوف ولا بالبدل دون المبدل منه ولا بالمضاف دون المضاف إليه. ولا بخبر كان وإن وأخواتهما دون كان وإن وأسمائهما. وهكذا إلى آخر المتعلقات. وقصارى القول أنه لا يبتدأ بالمعمول دون عامله ويستثنى من ذلك ما إذا كان الابتداء في كل ما ذكرناه برؤوس الآي فإنه يجوز حينئذ لما تقدم. وقد أحسن الحافظ ابن الجزري حيث ذكر في النشر قاعدة فيما يبتدأ به فقال رحمه الله تعالى: "

كل ما أجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده" أهـ منه بلفظه. هذا: وتتفاوت مراتب الابتداء كتفاوت مراتب الوقف في التمام والكفاية والحسن والقبح بحسب تمام الكلام وعدمه وفساد المعنى بإحالته إلى معنى غير مقصود. فإذا كان الابتداء بكلام غير مستقل في معناه بسبب تعلقه بما قبله لفظاً ومعنى في غير رؤوس الآي كان الابتداء قبيحاً مثله مثل الوقف القبيح بل ويتفاوت في القبح كما لو وقف على لفظ الجلالة في قوله تعالى: {وَإِذْ يَقُولُ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً} [الأحزاب: 12] فإن ابتدأ من لفظ الجلالة كان الابتداء قبيحاً. وإن ابتدأ من "وعدنا" كان أقبح منه وإن ابتدأ من "ما وعدنا" كان أقبح منهما. وقد يكون الابتداء أشد قبحاً من الوقف كما لو وقف على لفظ "قالوا" في قوله تعالى: {لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الذين قالوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ} [آل عمران: 181] {لَّقَدْ كَفَرَ الذين قآلوا إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ} [المائدة: 17، 72] {لَّقَدْ كَفَرَ الذين قالوا إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} [المائدة: 73] . وابتدأ من "إن الله" في الآيات الثلاث بل يكون الوقف على لفظ "أغنياء" في الآية الأولى. وعلى لفظ "مريم" في الآية الثانية. وعلى لفظ "ثلاثة" في الآية الثالثة والابتداء يكون بما بعد هذه الألفاظ الثلاثة الموقوف عليها. ومثل ذلك لو وقف على لفظي "اليهود والنصارى" في قوله تعالى: {وَقَالَتِ اليهود يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ} [المائدة: 64] {وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابن الله وَقَالَتْ النصارى المسيح ابن الله ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ} [التوبة: 30] وابتدأ من "يد الله" في الآية الأولى و"عزير ابن" و"المسيح ابن" في الآية الثانية بل يكون الوقف على الفظ "مغلولة" في الآية الأولى. وعلى لفظ الجلالة الثاني في الآية الثانية. وكذلك لو

وقف على "من خالق" في قوله تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السمآء والأرض لاَ إلاه إِلاَّ هُوَ} [فاطر: 3] وابتدأ من لفظ "غير" ومثله الوقف على "ومالي" في قوله تعالى: {وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الذي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 22] وابتدأ من لفظ "لا أعبد" فكل هذا وما ماثله قبيح في الابتداء لما فيه من سوء الأدب من الله تبارك وتعالى وإحالة المعنى إلى معنى آخر لا يمكن التفوه به مطلقاً. فالحذر الحذر من البدء بمثل هذا ونظائره مما لم نذكره اكتفاء بذكر مثيله. وليتدبر القارىء القرآن وليع معانيه ودلالاته وليعلم أنه كلام الله. فلا يجوز أن يطوعه لهواه. وليتق الله ربه فإن تقوى الله خير زاد، وأفضل مستفاد. والله المستعان. تنبيهان: الأول: بخصوص الابتداء من أول بعض الأجزاء والأرباع والأحزاب. درج كثير من القراء على التسامح في البدء من أول الأجزاء أو الأحزاب أو الأرباع التي في أثناء السور مهما كان تعلقها بما قبلها من حيث المعنى. فأما الأجزاء المتعلقة بما قبلها في المعنى فنحو قوله تعالى: {* وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله} [الأنعام: 111] الآية وقوله سبحانه: {* قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ ياشعيب والذين آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [الأعراف: 88] الآية، وقوله عز شأنه: {* قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً} [الكهف: 75] ونظائره. وأما الأحزاب فكقوله تعالى: {* وَإِذ نَتَقْنَا الجبل فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وظنوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} [الأعراف: 171] الآية، وقوله سبحانه: {* قالوا أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} [الشعراء: 111] . وقوله

عز من قائل: {* فَنَبَذْنَاهُ بالعرآء وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 145] . وأما الأرباع فكثيرة، منها قوله تعالى: {* لَيْسُواْ سَوَآءً} [آل عمران: 113] وقوله تعالى: {* وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إني إلاه مِّن دُونِهِ فذلك نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظالمين} [الأنبياء: 29] وقوله جل جلاله: {* وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف أَتْرَابٌ} [ص: 52] . ولم أر لهم دليلاً يحسن التعلق به أو يصلح للتعويل عليه بخلاف ما تمسكوا به من أن هذه الآيات الكريمة وقعت في مستهل هذه الأجزاء أو الأحزاب أو الأرباع التي وردت فيها. وهذا غير كاف وغير شاف ومثله لا ينهض لتبرير الابتداء بهذه المواضع ونحوها ولا قطع القراءة دونها لأن هذا الابتداء يقصر عن إبلاغ المستمع معنى بيناً تامّاً لتعلق معنى الآيات بما تقدمها من سياقها الذي فصلت عنه أو بدىء به دونه. ولأن هذا القطع إنقاص لحد البلاغ الذي يشتمل عليه نص التنزيل ذو الموضوع الواحد وكلاهما تحكم في نصوص التنزيل بغير مسوغ وبغير دليل مع أن هذه الأجزاء والأحزاب والأرباع المعنية اجتهادية لا توقيفية وليس فيها خبر صحيح من حديث نبوي ولا أثر صريح عن صحابي أو تابعي وإنما هي من قبيل الاجتهاد الذي يقال فيه إن عدم المراد لا يمنع الإيراد. ولو أن الذي يقطع قراءته دون قوله تعالى: {* وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة} [الأنعام: 111] الآية وقف بها عند منتهى وقوله تعالى: {* وكذلك نُصَرِّفُ الآيات وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأنعام: 105] فيكون استفتاحه فيما بعد إذا هو عاد إلى التلاوة أن يسهل تلاوته بقوله تعالى: {اتبع مَآ أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إلاه إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} [الأنعام: 106] لكان ذلك حسناً ولكان

جميلاً. ولو أنه قطعها دون ذلك عند آخر قوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأبصار وَهُوَ يُدْرِكُ الأبصار وَهُوَ اللطيف الخبير} [الأنعام: 103] ليكون استهلاله حين يعود إلى التلاوة بقوله تعالى: {قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} [الأنعام: 104] لكان ذلك أحسن وأجدر وأجمل وأكمل. هذا إذا أراد القارىء القطع دون قوله تعالى: {* وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله ولكن أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} [الأنعام: 111] . وأما إن كان يريد تجاوز هذا الموضع فماذا عليه لو قطع قراءته دون قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الذي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب مُفَصَّلاً} [الأنعام: 114] الآية أو انتهى إلى هذه الآية فقطع قراءته دون قوله سبحانه: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السميع العليم} [الأنعام: 115] أو قرأ هذه أيضاً ليكون استهلاله فيما بعد بقوله جل وعلا: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116] فكل ذلك صحيح ومليح لا خلاف على حسنه لانقطاعه عن الكلام بعد تمام معناه وبلوغه في التأثير في نفس القارىء والمستمع إلى منتهاه. ولو أن الذي يقطع قراءته عند قوله تعالى أول الجزء التاسع: {* قَالَ الملأ الذين استكبروا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ ياشعيب والذين آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ} [الأعراف: 88] الآية أو يفتح قراءته به قطع دون قوله سبحانه: {وإلى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً} [الأعراف: 85] الآية أو وصل قراءته إلى قوله تعالى في نهاية قصة سيدنا شعيب {فَكَيْفَ آسى على قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف: 93] لكان ذلك أقوم قيلاً وأهدى سبيلاً.

ولو أن الذي يقطع قراءته عند قوله تعالى أو الجزء السادس عشر في المصحف لكريم: {* قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً} [الكهف: 75] أو يستفتح به القراءة قطع دون قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ موسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حتى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البحرين أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} [الكهف: 60] وفي مفتتح ذكر القصة أو بلغ بقراءته إلى نهايتها فيجعل استفتاحه للتالية قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي القرنين قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً} [الكهف: 83] لكان خيراً وأقوم وأرعى لآيات القرآن وأحكم. وبالمثل لا ينفك يراعي في الأحزاب ما راعاه في الأجزاء فلا يستفتح بقوله سبحانه: {* وَإِذ نَتَقْنَا الجبل فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وظنوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} [الأعراف: 171] الآية ولا يقطع دونه مباشرة بل يقطع عقب قوله تعالى: {واتبعوه لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] فيكون مستأنفه فيما بعد قوله تعالى: {وَمِن قَوْمِ موسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بالحق وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 159] أو ليتجاوز الآية الكريمة: {وَإِذ نَتَقْنَا الجبل فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف: 171] إلى آخر الآية فيقف عند منتهاها فتكون بدايته من بعد بقوله عز شأنه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بنيءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172] وهذا معنى مستأنف لا يتوقف فهمه على ما سبقه من الآيات ويحسن البدء به في كل الحالات. كذلك لا يستفتح بقوله سبحانه: {قالوا أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} [الشعراء: 111] ولا يقطع دونه بل يقطع دون قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المرسلين} [الشعراء: 105] ليبدأ به إذا

شرع بعد في التلاوة أو يتجاوزه إلى قوله تعالى في نهاية قصة سيدنا نوح عليه السلام: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم} [الشعراء: 121-122] ليكون دوره قوله سبحانه: {كَذَّبَتْ عَادٌ المرسلين} [الشعراء: 123] . وكذلك لا يستفتح بقوله سبحانه: {فَنَبَذْنَاهُ بالعرآء وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصافات: 145] ولا يقطع دونه بل يقطع دون قوله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المرسلين} [الصافات: 139] ليبدأ به إذا أخذ ثانية في التلاوة أو ليبلغ به إلى خاتمة قصة سيدنا يونس فلا يقطع دون أن يقرأ قوله تعالى: {فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ} [الصافات: 148] ليستوفي ذكر القصة في موضع واحد فتحصل بها الموعظة ويتم بها التذكير بما فيه من إنذار وتبشير. وكذلك لا يزال القارىء الكريم لآي الذكر الحكيم يعتبر في الأرباع ما اعتبره في الأحزاب والأجزاء فلا يقطع تلاوته دون قوله تعالى: {* لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الكتاب أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ الله آنَآءَ الليل وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] ليبدأ به بعد ذلك فيفصله عما سبقه من كلام الله المتمم لمعناه وإنما اللائق بجلال القرآن الملائم لمعاني الفرقان أن يقطع دون قوله عز من قائل: {وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض وإلى الله تُرْجَعُ الأمور} [آل عمران: 109] ومن قبل ذلك أو دون قوله سبحانه: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ الله شَيْئاً وأولائك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 116] من بعد ذلك ليبدأ من بعد بأي هذين الموضعين انتهى إليه ووقف عليه. ويقطع تلاوته دون قوله جلا وعلا: {* وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إني إلاه مِّن دُونِهِ فذلك نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظالمين} [الأنبياء: 29] مباشرة بل عليه أن يضيف هذه الآية

إلى ما تقدمها فيقف عند منتهاها لا دون مبتداها كما قد يفعله الكثيرون. وإلا فعليه ألا يتجاوز قول رب العالمين {أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الحق فَهُمْ مُّعْرِضُونَ} [الأنبياء: 24] على رأس الآية الرابعة والعشرين ليحسن له الابتداء بما بعدها حسناً بالغاً الغاية بيقين لا تخمين في ولا تظنين. ولا يقطع تلاوته دون قوله في محكم آي الكتاب {* وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف أَتْرَابٌ} [ص: 52] وليقطع دون قول العزيز الوهاب: {هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 49] ليستهل به من بعد التلاوة قراءة حلاوة وطلاوة أو ليبلغ بتلاوته نهاية ذكر خبر أهل الجنة من سورة ص في قوله تعالى: {إِنَّ هذا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ} [ص: 54] . ليت قارئنا الأغر، وطالبنا الزكي الأبر يفعل ذلك ... وليته إذ يقرأ القرآن الكريم العظيم الحكيم يقرؤه بتدبر في خشوع على بصيرة فيصل ما أمر الله به أن يوصل من كلماته وآياته ومبانيه ومعانيه. فإنه أجدر به وأجدى له وإنه لأعظم له في الأجر. وأرضى له في الذخر. وأطيب له في الزاد يوم النفاد ويوم المعاد ... والله ولي التوفيق والهادي لأقوم طريق وبعد هذا الذي أفضنا لك فيه. ووسعناه بالتفهيم والتنبيه مما ينبغي التفطن له حال التلاوة والأداء. من عموم القراء. ندع المقام للعلامة الكبير الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي - رحمه الله - فإنه قد سبق في بيان ذلك الذي نبهنا عليه. واشار إليه فأفاد وأجاد. قال رحمه الله تعالى في كتابه التبيان في آدب حملة القرآن ما نصه: "فصل": ينبغي للقارىء إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدىء من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض. وأن يقف على الكلام المرتبط ولا يتقيد بالأعشار والأجزاء فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط كالجزء الذي في قوله تعالى: {* والمحصنات مِنَ النسآء} [النساء: 24] وفي قوله: {* وَمَآ

أُبَرِّىءُ نفسي} [يوسف: 53] وفي قوله تعالى: {* فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} [النمل: 56] وقوله تعالى: {* وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ} [الأحزاب: 31] وفي وقوله تعالى: {* وَمَآ أَنزَلْنَا على قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِّنَ السمآء} [يس: 28] وفي قوله تعالى: {* إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة} [فصلت: 47] وفي قوله تعالى: {* وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ} [الجاثية: 33] . وفي قوله تعالى: {* قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المرسلون} [الذاريات: 31] . وكذلك الأحزاب كقوله تعالى: {* واذكروا الله في أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] . وقوله تعالى: {* قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذلكم} [آل عمران: 15] . فكل هذا وشبهه ينبغي ألا يبتدأ به ولا يوقف عليه فإنه متعلق بما قبله ولا يغترن بكثرة الغافلين له من القراء الذين لا يراعون هذه الآداب ولا يفكرون في هذه المعاني وامتثل ما روى الحاكم أبو عبد الله بإسناده عن السيد الجليل الفضيل بن عياض رضي الله عنه قال: "لا تستوحشن طرق الهدى لقلة أهلها ولا تغترن بكثرة الهالكين ولا يضرك قلة السالكين" ولهذا المعنى قالت العلماء: "قراءة سورة قصيرة بكمالها أفضل من قراءة بعض سورة طويلة بقدر القصيرة". فإنه قد يخفى الارتباط على بعض الناس في بعض الأحوال. وقد روى ابن أبي داود بإسناده عن عبد الله بن الهذيل التابعي المعروف رضي الله عنه قال: "كانوا يكرهون أن يقرأوا بعض الآية ويتركوا بعضها" أهـ منه بلفظه.

فهذا الذي ذكره الإمام النووي رحمه الله تعالى مع أنه من الإيجاز بمكان إلا أنه في غاية الوضوح والبيان، وليس على القارىء إلا أن يراعي في هذه المواضع التي عددها الإمام النووي للاستشهاد مثل الذي ضربنا له الأمثال من الاعتبارات بالاستطراد. وليقس القارىء ما ذكره الإمام النووي وذكرناه على ما لم نذكره جميعاً في سائر المصحف الشريف فلا يقطع التلاوة إلا على معنى تام يحسن الاستئناف بما بعده على حدة. وليجعل رائده في كل ذلك توخي الوفاء بالمعنى المراد ما استطاع في البدء والمنتهى. فهو أحجى لأولي النهى. وإنه ليثاب على نيته هذه متى توخاه. والله يتولى الجميع بهداه ويوفقهم لما يرضاه. التنبيه الثاني: في بيان وجوب الابتداء بلفظ "الذي والذين" في مواضع خاصة في القرآن الكريم وكنا قد وعدنا بذكرها في فصل تعريف الابتداء وما يلزم فيه ووفاء بالوعد نقول: قال الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه "البرهان في علوم القرآن" ما نصه "قاعدة" في الذي والذين في القرآن: جميع ما في القرآن من "الذي" و"الذين" يجوز فيه الوصل بما قبله نعتاً له والقطع على أنه خبر مبتدأ إلا في سبعة مواضع فإن الابتداء بها هو المعين: الأول: قوله: {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} [البقرة: 121] . الثاني: قوله: {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] . الثالث: في الأنعام كذلك. الرابع: قوله: {الذين يَأْكُلُونَ الربا لاَ يَقُومُونَ} [البقرة: 275] . الخامس: قوله في سورة التوبة: {الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ الله} [الآية: 20] .

السادس: قوله في سورة الفرقان: {الذين يُحْشَرُونَ على وُجُوهِهِمْ} [الآية: 34] . السابع: قوله في سورة حم المؤمن: {أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النار الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ} [الآيتان: 6-7] . وقال الزمخشري في تفسير سورة الناس: يجوز أن يقف القارىء على الموصوف ويبتدىء {الذى يُوَسْوِسُ} [الناس: 5] إن جعله على القطع بالرفع والنصب بخلاف ما إذا جعله صفة أهـ منه بلفظه. قلت: وذكر هذه القاعدة أيضاً الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" مع ذكره لكلام الزمخشري أيضاً. وكذلك ذكرها العلامة الأشموني في كتابه "منار الهدى: في بيان الوقف والابتدا" إلا أنه أسقط موضع سورة الأنعام وهو قوله تعالى: {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ} [الآية: 20] . وهو سهو منه رحمه الله تعالى ثم قال بعد ذكر هذه المواضع ... لا يجوز وصلها بما قبلها لأنه يوقع في محظور كما بين فيما تقدم أهـ منه بلفظه. قلت: والمحضور الذي عناه العلامة الأشموني لم يبينه في المواضع كلها

كما يؤخذ من عبارته بل بينه في موضعين اثنين وهما موضعا سورة التوبة وغافر على أن توضيحه للمحظور في هذين الموضعين كان توضيحاً خفيفاً مع كلمات أخرى ليست من باب "الذي" و"الذين". وها نحن أولاء نفسر لك ما أجمله العلامة الأشموني بتوضيح المحظور الذي عناه في المواضع كلها بمشيئة الله تعالى. أما الموضع الأول: فالكلام فيه مستأنف ولا تعلق له بما قبله لفظاً ولا معنى. إذ ما قبله جملة شرطية تم الكلام فيها بذكر جواب الشرط وذلك في قوله تعالى: {وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الذي جَآءَكَ مِنَ العلم مَا لَكَ مِنَ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} [البقرة: 120] . والذي بعده وهو قوله تعالى: {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} [البقرة: 121] . واقع موقع المبتدأ الموصوف بقوله: "يتلونه حق تلاوته" والمخبر عنه بقوله: {أولائك يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121] . والمبتدأ إنما سمي مبتدأ لابتداء الكلام به فعدم البدء به محظور، لكنه محظور صناعي لأن مقتضى صنعة الكلام أن يبتدأ بالمبتدأ كما هو مذكور في مواضعه في كتب اللغة. وأما الموضع الثاني: فإن الوصل فيه بجعل جملة {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] صفة ل {الظالمين} [البقرة: 145] فاصلة الآية الكريمة {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذين أُوتُواْ الكتاب بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظالمين} [البقرة: 145] . فيوهم معنىغير مراد إذ يظن منه أن الذين يعرفون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يعرفون أبناءهم من الذين آتاهم الله تعالى الكتاب جميعاً ظالمون وليس كذلك فقد قال القرآن الكريم: {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146] . فالفريق الكاتم وحده هو الفريق الظالم وما خلاه

ممن عرف فلم ينكر وعلم فعمل وآمن وصدق فلا يدخل معه فيما اتصف به كما يظهر للمتأمل فتعين الاستئناف به لكون الوصل محظوراً شرعاً لإبهام معنى فاسد غير مراد. هذا في موضع البقرة. وأما في موضع الأنعام وهو الموضع الثالث وهو قوله سبحانه: {الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَآءَهُمُ} [الأنعام: 20] . فيتعين الاستئناف بالموصول فيه لأنه مستأنف ولأنه ليس مفعولاً للفعل الذي تقدمه فاصلة للآية السابقة عليه التي هي قوله تعالى: {وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} [الأنعام: 19] . من حيث إن أولئك المشركين لم يشركوا المذكورين في الآية التي بعد هذه فالمحظور هنا محظور شرعي كالذي تقدمه وصناعي ايضاً لأن الاسم الموصول واقع موقع المبتدأ فحقه الابتداء به كما تقدم. وهذا من الوضوح بمكان. وأما الموضع الرابع: فإن الله تبارك وتعالى يقول: {الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بالليل والنهار سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 274] . في مدح الإنفاق في سبيله على الصفة التي جاء ذكرها فيه وأثنى على أهله ووعدهم عليه جزاء الحسنى، ثم إن الآية التالية للآية المتضمنة لذلك وهي قوله سبحانه: {الذين يَأْكُلُونَ الربا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الذي يَتَخَبَّطُهُ الشيطان مِنَ المس} [البقرة: 275] . ليست صفة للمتقدم ذكرهم في الآية السابقة، وإنما هو معنى مستأنف لحال أخرى مناقضة لحال أولئك الصلحاء الأخيار ولا تعلق لها بها إلا على أن ما فيها من الصورة الوصفية لحال المرابين ضد تزداد به الصورة الوصفية لأولئك المنفقين وضوحاً وجلاء فيظهر حسن أثر العمل الصالح وسوء أثر العمل الطالح ويكتمل فيها جانبا البلاغ من تبشير وإنذار أيما اكتمال. والوصل موهم معنىغير مراد شرعاً للمنافاة بين البابين: أحدهما ممدوح

والآخر مقدوح. فالوصل محظور شرعاً وصناعة معاً والله أعلم. وكذا الموضع الخامس وهو بين لا يحتاج إلى تطويل لأن تعين البدء بالموصول مدرأة لفساد المعنى الناتج عن الوصل في قوله تعالى: {والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ الله} [التوبة: 19-20] . فالوصل فيه محظور شرعاً وصناعة أيضاً لإيهامه معنى غير مراد إذ لا يصح بحال أن يوصف الظالمون بالمؤمنين المهاجرين المجاهدين في سبيل الله بالمال والنفس فتأمل. وأما الموضع السادس: فقد تم الجواب عن اعتراض الكفار: {لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً} [الفرقان: 32] كافياً شافياً بقوله تعالى جل ذكره وعز شأنه وعلت حكمته وتمت كلمته: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بالحق وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان: 32-33] . ولزم الاستئناف بعد انتهاء المبني وانقضاء المعنى بالموصول الآتي بعد {الذين يُحْشَرُونَ على وُجُوهِهِمْ إلى جَهَنَّمَ أولائك شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان: 34] لأن هذه الآية حديث آخر في معنى جديد، يذكر استهلالاً دون سبق الإشارة إليه في الآية المتقدمة قبل. فحظر الوصل هنا حظر صناعي على نحو ما سلف بيانه. ولم يبق بعد إلا الموضع السابع موضع سورة المؤمن وهو بين لا خفاء به ولا غموض فيه. ولا يحتاج إلى طويل تفكر أو كثير تدبر. فإن الذين عناهم الله تعالى بقوله: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الذين كفروا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النار} [غافر: 6] ليسوا هم {الذين يَحْمِلُونَ العرش وَمَنْ حَوْلَهُ} [غافر: 7] الفاعل في المعنى للتسبيح والإيمان والاستغفار المذكور في قوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ

آمَنُواْ} [غافر: 7] وحاشا هؤلاء الملائكة البررة المقربين أن يكونوا أولئك الكفرة الفجرة المبعدين. فيلزم القطع على لفظ {النار} [غافر: 6] ويتعين الاستئناف بقوله سبحانه: {الذين يَحْمِلُونَ العرش} [غافر: 7] أما الوصل فإنه محظور شرعاً لإيهامه معنى غير صحيح وا لله تعالى أعلم. وأما لفظ "الذي" فلم يقع إلا في موضع واحد من سورة الناس هو قوله تعالى: {الذى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ الناس} [الناس: 5] وقد سبق تفصيل الزمخشري فيه وهو تفصيل حسن فتأمل والله الموفق.

الفصل الثالث / في تعريف القطع والسكت

الفصل الثالث / في تعريف القطع والسكت أما القطع: فمعناه في اللغة الإبانة والإزالة تقول قطعت الشجرة إذا أبنتها وأزلتها وفي الاصطلاح قطع القراءة رأساً "أي الانتهاء منها" والقارىء به - أي بالقطع - كالمعرض عن القراءة والمنتقل منها إلى حالة أخرى غيرها كالذي يقطع على حزب أو ورد أو في ركعة ثم يركع وما إلى ذلك مما يؤذن بانتهاء القراءة والانتقال منها إلى حالة أخرى ولا يكون إلا على رؤوس الآي لأن رؤوس الآي في نفسها مقاطع بخلاف الوقف فقد يكون على رؤوس الآي وعلى أثنائها كما تقدم في صدر الباب. وإذا عاد القارىء إلى القراءة بعد أن قطعها فيستحب له الإتيان بالاستعاذة ثم بالبسملة إن كان العود من أول السورة وإن كان من أثنائها فله التخيير في الإتيان بالبسملة بعد التعوذ أو عدم الإتيان بها على ما تقدم في فصل الابتداء وعلى ما سيأتي في باب البسملة. وأما السكت: فهو في اللغة المنع وفي الاصطلاح قطع الصوت زمناً دون زمن الوقف من غير تنفس بنية العود إلى القراءة في الحال ويكون في وسط الكلمة وفي آخرها وعند الوصل بين السورتين لمن له ذلك وليس منهم حفص عن عاصم وأكثره وقوعاً على الساكن قبل الهمز سواء كان هذا الساكن صحيحاً أو شبه الصحيح أو كان حرف مد. فالساكن الصحيح نحو {وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4] وهو المعروف بسكت "أل" ونحو {إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ} [فاطر: 23] وهو المعروف بسكت المفصول ونحو القرآن في نحو قوله تعالى: {الرحمان عَلَّمَ القرآن} [الرحمن: 1-2] . وهو المعروف بسكت الموصول.

والساكن شبه الصحيح ما كان الساكن فيه حرف لين فقط ويشمل المفصول نحو {خَلَوْاْ إلى} [البقرة: 14] {الرياح بُشْراً} [الأعراف: 57] ويشمل كذلك الموصول نحو {فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} [المائدة: 31] {كَهَيْئَةِ الطير} [آل عمران: 49] . والساكن حرف مد نحو {قالوا آمَنَّا} [البقرة: 14] . {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] . {لاَ يَمَسُّهُمُ السوء} [الزمر: 61] وهو المعروف "بسكت المد". وقد سكت حفص عن عاصم وكذلك ابن ذكوان عن ابن عامر وإدريس عن خلف العاشر على الساكن قبل الهمز ما لم يكن حرف مد في أحد الوجهين عنهم من طريق طيبة النشر. وقد تقدم القول فيه لحفص من هذا الطريق كما تقدم ما يجب عليه من أحكام تراعى حال الأداء عند الكلام على إشباع المد المتصل ... إلخ. وكذلك سكت حمزة على الساكن قبل الهمز عموماً سواء كان الساكن صحيحاً أو شبهه أو حرف مد من طريق طيبة النشر وهو المعروف "بالسكت المطلق" وهنا كلام يرجع إليه من مظانه في كتب الخلاف لحمزة وغيره تركنا ذكره هنا رغبة في الاختصار ومن أراد الوقوف عليه فليطلبه من كتبه إذ ليس محل ذكره هنا. ولكن سنتكلم على الضروري منه بالنسبة للوارد في رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية فحسب إذ هو طريق العامة فنقول وبالله التوفيق. ورد عن حفص عن عاصم من الشاطبية أنه كان يسكت سكتة لطيفة من غير تنفس بقدر حركتين في حالة الوصل في أربعة مواضع في التنزيل بالاتفاق وهي كالآتي:

السكتة الأولى: على الألف المبدلة من التنوين في لفظ {عِوَجَا} [الكهف: 1] بأول الكهف حالة الوصل ثم يقول {قَيِّماً} [الكهف: 2] وهذا لا يمنع من الوقف على "عوجاً" لأنه رأس آية. وإنما السكت حالة وصل "عوجاً" بـ"قيماً" فتأمل. السكتة الثانية: على الألف من لفظ {مَّرْقَدِنَا} [بياسين: 52] ثم يقول: {هَذَا مَا وَعَدَ الرحمان وَصَدَقَ المرسلون} [يس: 52] . ويجوز الوقف على لفظ "مرقدنا" وهو تام كما ذكره سيدي على النوري في غيث النفع وعليه فلا سكت عندئذ وعند عدم الوقف يجب السكت من الشاطبية. السكتة الثالثة: على النون من لفظ "من" في قوله تعالى: {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} [بالقيامة: 27] ثم يقول: "راق" ويلزم من السكت إظهار النون الساكنة عند الراء لأن السكت يمنع الإدغام. السكتة الرابعة: على اللام من لفظ "بل" في قوله تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ} [بالمطففين: 14] ثم يقول: "ران" ويلزم من هذا السكت أيضاً إظهار اللام عند الراء لأن السكت يمنع الإدغام هنا كذلك وسَكْتُ حفص في هذه المواضع الأربعة من النوع الذي يأتي على آخر الكلمة. قال الإمام الشاطبي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه: وسكْتَةُ حفصٍ دون قطعٍ لطيفةٍ ... على ألِفِ التنوين في عِوَجاً بَلا وفي نون مَنْ راق ومرْقَدِنا ولا ... م بل ران والباقُون لا سَكْتَ مُوصَلا اهـ وكذلك يسكت حفص في وجه له بين السورتين من غير تنفس في موضع واحد في التنزيل وهو بين آخر سورة الآنفال وأول سورة براءة ومحله على الميم

من "عليم" ثم يقول براءة: كما تقدم له في باب الإدغام السكت وعدمه على الهاء من لفظ "ماليه" في قوله تعالى: {مَآ أغنى عَنِّي مَالِيَهْ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الآية: 28-29] بسورة الحاقة والوجهان صحيحان مقروء بهما والسكت هو المقدم في الأداء ومجمل القول أن حفصاً عن عاصم له في القرآن الكريم ست سكتات أربع منهن لم يشاركه فيهن أحد من القراء وهن المذكورات أولاً. والخامسة: بين آخر الأنفال وأول براءة وقد شاركه فيها باقي القراء العشرة في وجه لهم. والسادسة: في أحد الوجهين عنه على الهاء من "مالية هلك" بالحاقة وقد شاركه فيها باقي القراء العشرة في أحد الوجهين عنهم كذلك إلا حمزة ويعقوب فتأمل. وأما قول فضيلة الدكتور محمد سالم محيسن في كتاب الرائد في تجويد القرآن في بيان حكم السكت لحفص على آخر الكلمات الأربع الأولى "يجوز لحفص السكت بدون تنفس مقدار حركتين على الكلمات الآتية: "عوجاً" من قوله تعالى: {عِوَجَا قَيِّماً} [الآية: 1-2] بسورة الكهف، "مرقدنا" من قوله تعالى: {مَّرْقَدِنَا هَذَا} [الآية: 52] بسورة يس، "من" من قوله تعالى: {مَنْ رَاقٍ} [الآية: 27] بسورة القيامة، "بل" من قوله تعالى: {بَلْ رَانَ} [الآية: 14] بسورة المطففين" أهـ فظاهر عبارته تخيير القارىء بين السكت وعدمه. وهذا إن كان من طريق طيبة النشر فصحيح لكنه لم يذكر ذلك ولم يشر إلى ما يجب عليه من وجوه الأداء وهذا منه قصور وتقصير فإن التفصيل في المسألة مشهور وحاصله أن لحفص من طريق طيبة النشر هذه

خمسة مذاهب وبها نأخذ قراءة وإقراء وهي كالتالي: الأول: السكت على الجميع. الثاني: عدم السكت على الجميع كذلك. الثالث: السكت على عوجاً ومرقدنا وحدهما. الرابع: السكت على "من راق، "بل ران" دون غيرهما. الخامس: عدم السكت على مرقدنا والسكت في غيره. وعلى كل من هذه المذاهب الخمسة أحكام خاصة وأوجه أداء لا تنفك عنها وقد ذكرنا لك طرفاً منها عند الكلام على قصر المد المنفصل لحفص من طريق طيبة النشر في هذا الكتاب وليس هذا محل تفصيلها ولعلنا نفرد فيما بعد كتاباً لأحكام التجويد لحفص من طريق طيبة النشر فإن يسر الله ذلك تجده مستوفى فيه بما لا مزيد عليه إن شاء الله. وأما إن كان مراد فضيلة الدكتور المذكور بقوله المتقدم أن السكت الذي تكلم عنه إنما هو من طريق الشاطبية الذي هو طريق عامة من يقرأ - فلا تخيير - وإنما يتعين السكت وجهاً واحداً على المواضع الأربعة المذكورة لمن يقرأ لحفص من هذه الطريق كما أسلفنا. ولعلك تفهم من ذلك أن المؤلف المذكور جرى في عبارته تلك على مذهبه الذي ينتحله من إيراد الوجوه مطلقة من غير ضبط ولا تقييد. وهذا فيه ما فيه من

خلط الطرق وتركيب الوجوه الذي بينا لك حكمه من قبل أنه حرام وأنه يؤدي إلى قراءة ما لم ينزل كما قاله العلامة القسطلاني شارح البخاري وقد سقنا لك عبارته آنفاً فلا تلتفت إلى قول الدكتور المذكور ولا تأبه له فإنه خلاف الصواب. هذا: وقد ذكرنا بعض أحكام عدم السكت على هذه المواضع والوجوه المرتبة عليه في الأداء على القراءة بقصر المنفصل وإشباع المتصل لحفص من طريق طيبة النشر في باب المد والقصر من كتيبنا هذا وبالله التوفيق. الخاتمة: نسأل الله تعالى حسنها: تقدم في أول باب الصفات أن منها صفات عرضية. وهي التي تعرض للحرف في بعض الأحوال وتنفك عنه في البعض الآخر لسبب من الأسباب كالتفخيم والترقيق وقد تقدم توضيح ذلك بما فيه الكفاية: وعدد هذه الصفات إحدى عشرة صفة وها هي كما ذكرناها هناك: التفخيم والترقيق والإظهار والإدغام والقلب والإخفاء والمد والقصر والتحريك والسكون والسكت كما حكاه بعضهم وقد وعدنا هناك بالكلام عليها في الأبواب التي نتعرض لها في مختصرنا هذا. والآن نلفت نظر القارىء إلى أننا قد أتممنا الكلام عليها في الأبواب السابقة التي ورد ذكرها فيها: فصفتا التفخيم والترقيق قد مضتا في باب التفخيم والترقيق. وصفة الإظهار والإدغام والإخفاء قد سبق الكلام عليها في بابي النون الساكنة والتنوين والميم الساكنة وغيرهما كباب الإدغام مثلاً. وصفة القلب قد مضت في باب النون الساكنة والتنوين وصفتا المد والقصر قد تقدم الكلام عليهما في باب المد والقصر. كما تقدم الكلام على صفتي التحريك والسكون في باب الوقف والابتداء إذ الوقف لا يكون إلا بالتسكين والابتداء لا يكون إلا بالتحريك. وكذلك تم الكلام على صفة السكت في باب الوقف والابتداء أيضاً في فصل القطع والسكت. وهنا يمكن لنا أن نقول إن فن التجويد قد انحصر جله في بابي المخارج والصفات فتأمل والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

الباب الثالث عشر/ في معرفة المقطوع والموصول

الباب الثالث عشر/ في معرفة المقطوع والموصول التمهيد للدخول إلى الباب لما كان الوقف ينقسم أولاً إلى ثلاثة أقسام كما تقدم ذلك في بابه. وكان أحد هذه الأقسام الوقف الاختباري (بالباء الموحدة) وكان متعلق هذا الوقف الرسم العثماني كان لابد للقارئ من معرفة طرف من هذا الرسم وعلى وجه الخصوص معرفة المقطوع والموصول من الكلمات ومعرفة التاء المجرورة والمربوطة ليقف على المقطوع مقطوعاً حال انقطاع نفسه أو اختباره (بالموحدة) وعلى الموصول موصولاً عند انقضائه كذلك وعلى المرسوم بالتاء المجرورة تاء لمن له ذلك من القراء كحفص عن عاصم وعلى المربوطة بالهاء إجماعاً حسبما ورد رسمه في المصاحف العثمانية. ولهذا فقد أمر الحافظ ابن الجزري بمعرفة ذلك في المقدمة الجزرية بقوله رحمه الله تعالى: واعرف لمقطوعٍ وموصولٍ وتا ... في مصحف الإمام فيما قد أتى اهـ هذا: والمراد بالمقطوع ما كان مقطوعاً في رسم المصحف الشريف نحو "أن لن" من قوله تعالى: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء: 87] فأَنْ كلمة ولن كلمة أخرى. والمراد بالموصول ما كان موصولاً في الرسم كذلك نحو "ألن" من قوله سبحانه: {أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] فألَّن هنا كلمة واحدة وفي حالة الوقف يجب اتباع الرسم في كل من المقطوع والموصول فيوقف على كل من الكلمة الأولى والثانية في المقطوع ولا يوقف إلا على الكلمة الثانية في الموصول وجوباً للاتصال الرسمي ولا يجوز فيه الفصل إلا برواية صحيحة.

أما الكلمات المختلف فيها بين القطع والوصل مثل كلمة "بئسما" في قوله تعالى: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} [البقرة: 93] فقد رسمت في بعض المصاحف مقطوعة أي (بئس) كلمة و (ما) كلمة أخرى وفي بعضها موصولة أي "بئسما" كلها كلمة واحدة فيجوز أن يوقف على كل من الكلمتين على القول بقطعهما. ويجوز أن يوقف على الكلمة الثانية منهما دون الأولى على القول بوصلهما. هذا: ولا يجوز في الأداء تعمد الوقف على شيء مما ذكرناه ومما سنذكره بعد اختياراً "بالياء المثناة تحت" وإنما يجوز على سبيل الضرورة كضيق نفس أو عجز أو على سبيل الاختبار "بالموحدة" أو التعريف أي تعريف الكلمة بأنها مقطوعة أو موصولة أو مختلف فيها. هذا: وكلامنا يتم في هذا الباب في فصلين إن شاءالله تعالى: الأول: في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة والمختلف فيها بين القطع والوصل والتى ورد ذكرها في المقدمة الجزرية للحافظ ابن الجزري. الثاني: في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة والمختلف فيها بين القطع والوصل من غير المقدمة الجزرية وفيما يلي الكلام على كل.

الفصل الأول في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة والمختلف فيها بين القطع والوصل والتى ورد ذكرها في المقدمة الجزرية.

الفصل الأول في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة والمختلف فيها بين القطع والوصل والتى ورد ذكرها في المقدمة الجزرية. وهذه الكلمات ست وعشرون كلمة. منها ما هو مقطوع بالاتفاق ومنها ما هو موصول كذلك. ومنها ما هو مختلف فيه بين القطع والوصل وسنذكر هذه الكلمات كلها حسب ترتيبها في المقدمة الجزرية ليسهل فهمها وليكون بمثابة شرح لهذا الباب فنقول وبالله التوفيق ومنه سبحانه نستمد العون والقول. الكلمة الأولى: "أن" مفتوحة الهمزة ساكنة النون مع "لا" النافية جاءت في القرآن الكريم على ثلاثة أقسام: أولها: مقطوع بالاتفاق. وثانيها: موصول كذلك. وثالثها: مختلف فيه بين القطع والوصل. ولكل كلام خاص نوضحه فيما يلي: أما القسم الأول: فقد اتفقت المصاحف على قطع "أن" عن "لا" ويوقف على "أن" اختباراً "بالموحدة" وتدغم النون في اللام لفظاً لا خطًّا في عشرة مواضع: الأول والثاني قوله تعالى: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى الله إِلاَّ الحق} [الآية: 105] . وقوله سبحانه: {أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الحق} [الآية: 169] كلاهما بالأعراف. الثالث: قوله تعالى: {وظنوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ الله إِلاَّ إِلَيْهِ} [الآية: 118] بسورة التوبة.

الرابع والخامس: قوله تعالى: {وَأَن لاَّ إلاه إِلاَّ هُوَ} [الآية: 14] وقوله سبحانه: {أَن لاَّ تعبدوا إِلاَّ الله} [الآية: 26] الموضع الثاني بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام. السادس: قوله تعالى: {أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً} [الآية: 26] بسورة الحج. السابع: قوله تعالى: {أَن لاَّ تَعْبُدُواْ الشيطان} [الآية: 60] بسور يس عليه الصلاة والسلام. الثامن: قوله سبحانه: {وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى الله} [الآية: 19] بسورة الدخان. التاسع: قوله عز شأنه: {أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بالله شَيْئاً} [الآية: 12] بسورة الممتحنة. العاشر: قوله تعالى: {أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا اليوم عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ} [الآية: 24] بسورة القلم. أما القسم الثاني: وهو المختلف فيه بين القطع والوصل فوقع في موضع واحد وهو قوله تعالى: {فنادى فِي الظلمات أَن لاَّ إلاه إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} [الآية: 87] بسورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فرسم في أكثر المصاحف مقطوعاً وفي أقلها موصولاً. والقطع أشهر وعليه العمل. وأما القسم الثالث: وهو الموصول بالإجماع وتدغم فيه النون في اللام لفظاً وخطًّا ففي غير مواضع القطع العشرة المتفق عليها والموضع المختلف فيه نحو قوله تعالى: {أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله} [الآية: 2] الموضع الأول بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام. وقوله سبحانه: {أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ} [الآية: 31] بسورة النمل. وقوله تعالى: {أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الآية: 71] بالمائدة، وقوله عز شأنه: {أَلاَّ يَرْجِعُ

إِلَيْهِمْ قَوْلاً} [الآية: 89] بسورة طه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحو ذلك. الكلمة الثانية: (إن) مكسورة الهمزة ساكنة النون - وهي الشرطية مع "ما" المؤكدة جاءت في التنزيل على قسمين: القسم الأول: وهو مقطوع بالاتفاق وذلك في موضع واحد فقط وهو قوله تعالى: {وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ} [الآية: 40] بسورة الرعد فقد اتفقت المصاحف على قطع إن عن ما في هذا الموضع ويوقف على "إن" اختباراً بالموحدة أو اضطراراً وتدغم النون في الميم لفظاً لا خطًّا. القسم الثاني: وهو موصول باتفاق المصاحف وتدغم فيه النون خطًّا ولفظاً وهو ما سوى موضع القطع نحو قوله تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ} [الآية: 46] بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام، وقوله سبحانه: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ} [الآية: 77] بسورة غافر جل علا، وقوله عز شأنه: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ} [الآية: 57] بالأنفال وما إلى ذلك. الكلمة الثالثة: "أما" بفتح الهمزة مشددة الميم. والمراد بها المركبة من "أم" و"ما" الاسمية وهي في القرآن قسم واحد موصول باتفاق فقد اتفقت المصاحف على وصل "أم" بـ "ما" ووقعت في أربعة مواضع في التنزيل وهي قوله تعالى: {أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين} [الآية: 143 و144] في موضعي الأنعام وقوله سبحانه: {أَمَّا يُشْرِكُونَ} . {أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الآية: 59، 84] الموضعان في سورة النمل. وليس منها "أما" حرف الشرط والتفصيل نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا

اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمَّا السآئل فَلاَ تَنْهَرْ} [الآيتان: 9، 10] بالضحى وقوله تعالى: {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الآيتان: 6، 7] بالقارعة وهو كثير في القرآن الكريم كما أنه موصول بالاتفاق في جميع المصاحف. الكلمة الرابعة: "عن" الجارة مع "ما" الموصولة وهي في القرآن الكريم على قسمين: القسم الأول: مقطوع بالاتفاق وذلك في موضع واحد فقط وهو قوله تعالى: {فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ} [الآية: 116] بسورة الأعراف فقط اتفقت المصاحف على قطع "عن" عن "ما" في هذا الموضع ويوقف على "عن" اختباراً "بالموحدة" أو اضطراراً وتدغم النون في الميم لفظاً لا خطًّا. القسم الثاني: وهو موصول باتفاق المصاحف وتدغم فيه النون لفظاً وخطًّا وهو ما عدا موضع القطع المتفق عليه نحو قوله تعالى بالإسراء: {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً} [الآية: 43] وقوله عز شأنه: {سُبْحَانَ الله وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68] . وأما "عن" الجارة مع "ما" الاستفهامية محذوفة. الألف فموصولة باتفاق المصاحف وتدغم النون في الميم لفظاً وخطًّا وذلك في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} [الآية: 1] فاتحة سورة النبأ. الكلمة الخامسة: "من" الجارة مع "ما" الموصولة جاءت في القرآن الكريم على أقسام ثلاثة: أولها: مقطوع باتفاق. وثانيها: موصول كذلك. وثالثها: مختلف فيه بين القطع والوصل.

أما القسم الأول: فقد اتفقت المصاحف على قطع "من" عن "ما" ويوقف على "من" اختباراً بالموحدة أو اضطراراً وتدغم النون في الميم لفظاً لا خطًّا ذلك في موضعين اثنين فقط. أولهما: قوله تعالى: {فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} [الآية: 25] بسورة النساء. وثانيهما: قوله تعالى: {هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [الآية: 28] بسورة الروم. وأما القسم الثاني: وهو المختلف فيه بين القطع والوصل فوقع في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى: {وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت} [الآية: 10] بسورة المنافقون فرسم في جل المصاحف مقطوعاً وفي أقلها موصولاً والقطع أشهر وعليه العمل. وأما القسم الثالث: وهو الموصول بالإجماع ففي غير موضعي القطع المتفق عليهما وموضع الوصل المختلف فيه. والنون فيه مدغمة لفظاً وخطًّا نحو قوله تعالى: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] . وقوله سبحانه: {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} [الآية: 33] بسورة النور وما إلى ذلك. "فائدة": إذا دخلت "من" الجارة على الاسم الظاهر فاتفقت المصاحف على قطعها عنه وتدغم النون فيه لفظاً لا خطًّا وذلك نحو قوله تعالى: {مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} [المؤمنون: 55] . وقوله: {مِّن مَّالِ الله} [النور: 33] . وقوله سبحانه: {مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} [السجدة: 8] . وقوله عز شأنه: {مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ} [الرحمن: 15] .

وإذا دخلت على "من" الموصولة فاتفقت المصاحف على وصلها بها وتدغم النون في الميم لفظاً وخطًّا نحو قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ الله} [البقرة: 140] . وقوله سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى الله} [فصلت: 33] . وقوله عز من قائل: {وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ} [هود: 48] وما إلى ذلك. وكذلك إذا دخلت "من" الموصولة على "ما" الاستفهامية محذوفة الألف فاتفقت المصاحف على وصلها بها وتدغم فيها النون لفظاً وخطًّا وذلك في موضع واحد في التنزيل وهو قوله سبحانه: {فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ} [الآية: 5] بسورة الطارق. وقد أشار إلى ما ذكرناه في هذه الفائدة إمامنا الشاطبي رضي الله عنه في كتابه "العقيلة" بقوله: ولا خُلْفَ في قطعِ منْ مع ظاهرٍ ذكَرُوا ... ممنْ جميعاً فصِلْ ومِمَّ مُؤْتِمرَا اهـ الكلمة السادسة: "أم" مع "من" الاستفهامية جاءت في التنزيل على قسمين: أولهما: مقطوع بالاتفاق. وثانيهما: موصول كذلك. أما القسم الأول: فقد اتفقت المصاحف على قطع "أم" عن "من" ويوقف على "أم" اضطراراً أو اختباراً "بالموحدة" وتدغم الميم في الميم لفظاً لا خطًّا وذلك في أربعة مواضع في التنزيل: الأول: قوله تعالى: {أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} [الآية: 109] بسورة النساء.

الثاني: قوله سبحانه: {أَم مَّنْ أَسَّسَ} [الآية: 109] بسورة التوبة. الثالث: قوله تعالى: {فاستفتهم أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ} [الآية: 11] بسورة الصافات. الرابع: قوله عز شأنه: {أَم مَّن يأتي آمِناً يَوْمَ القيامة} [الآية: 40] بسورة فصلت. وأما القسم الثاني: فقد اتفقت المصاحف على وصل "أم" بـ "من" وتدغم الميم في الميم لفظاً وخطًّا وذلك في غير مواضع القطع الأربعة السالفة الذكر نحو قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض} [النمل: 60] وقوله سبحانه: {أَمَّن جَعَلَ الأرض قَرَاراً} [النمل: 61] . وقوله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62] . وقوله تعالى: {أَمَّنْ هذا الذي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ} [الملك: 20] وما إلى ذلك. الكلمة السابعة: "حيث" مع "ما" جاءت في القرآن الكريم قسماً واحداً اتفقت المصاحف فيه على قطع "حيث" عن "ما" وذلك في موضعين اثنين لا ثالث لهما في التنزيل. والموضعان هما: قوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الذين أُوتُواْ الكتاب} [الآية: 144] . وقوله سبحانه: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ} [الآية: 150] بسورة البقرة. الكلمة الثامنة: "أن" مفتوحة الهمزة ساكنة النون وهي المخففة مع "لم" الجازمة وهذه الكلمة وردت في التنزيل قسماً واحداً اتفقت فيه عموم المصاحف على قطع "أن" عن "لم" وتدغم النون في اللام لفظاً لا خطًّا في عموم القرآن

الكريم نحو قوله تعالى: {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الآية: 131] بسورة الأنعام، وقوله: {كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ ياليتني} [الآية: 73] بسورة النساء، وقوله عز شأنه: {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس} [الآية: 24] وقوله سبحانه: {كَأَن لَّمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النهار يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [الآية: 45] كلاهما بسورة يونس عليه الصلاة والسلام، وقوله سبحانه: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} [الآية: 92] بسورة الأعراف، وقوله سبحانه: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ} [الآية: 68] . وقوله تعالى: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ} [الآية: 95] والموضعان بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام. وقوله تعالى: {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ في أُذُنَيْهِ وَقْراً} [الآية: 7] بسورة لقمان. وقوله سبحانه: {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الآية: 8] بسورة الجاثية. وقوله عز شأنه: {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [الآية: 7] بسورة البلد وما إلى ذلك. إذا عرفت هذا فاعلم أن ما ادعاه فضيلة الدكتور محمد سالم محيسن في كتابه "الرائد" أنه ليس في القرآن كله "أن" مفتوحة والهمزة مخففة النون مقطوعة عن "لم" إلا في موضعين اثنين هما: {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى} [الآية: 131] بالأنعام، وقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [الآية: 7] بالبلد. كما جعل هاتين الكلمتين في جدول كتب تحته بعنوان "الشرح والتوضيح" ما يلي: (وأن: "أن" مفتوحة الهمزة مخففة النون تقطع عن "لم" في موضعين وليس في القرآن غيرهما) . انتهى

بلفظه فإنه تحكم بغير دليل وتخصيص بغير مخصص وكأنه تبع في ذلك جماعة من المحدثين لم يحققوا المسألة كصاحب "العقد الفريد" فإنه قال: (أن المفتوحة مع لم الجازمة فتقطع عنها في موضعين: {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ} [الآية: 131] في الأنعام، و {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [الآية: 7] في البلد) . انتهى منه بلفظه وصاحب "العميد" فإنه قال: ("أن" بفتح الهمزة وسكون النون مع لم في {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ} [الآية: 131] بالأنعام {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [الآية: 7] بالبلد ولا يوجد غيرهما في القرآن أهـ منه بلفظه. وهذا الذى ذكروه خطأ واضح لا يخفى. وإلا فإن جميع من تعرض لذلك ممن كتب في التجويد والقراءات في القديم والحديث من أئمة هذا الشأن ومحققيه لم يدَّع حصر الكلمات في هذا المقام وإنما اكتفى فيها بالمثال للاستدلال دون دعوى الاستقصاء أو إبهام الإحصاء. وإليك طائفة من أقوالهم رحمهم الله تعالى: قال الحافظ أبو عمرو الداني في المقنع "وكتب في جميع المصاحف "أن لم" بفتح الهمزة و"إن لم" بكسرها بالنون حيث وقع إلا الحرف الذي في هود وقد ذكرناه" أهـ منه بلفظه وقوله هنا "بالنون" أي بالقطع: وقوله إلا الحرف الذي في هود إلخ يريد "إن لم" بكسر الهمزة في قوله تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} [هود: 14] فإنه موصول أي رسم بغير نون وقد ذكر هذا الموضع في فصل سابق على هذا وسنذكره بعد ذلك إن شاءالله. وقال الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية عطفاً على القطع المتفق عليه "وأن لم المفتوح" فأطلقه ولم يخصصه وأطلقه كذلك في النشر بدون تخصيص. كما أطلقه الإمام الشاطبي رحمه الله في العقيلة

وكذلك أطلقه شيخ مشايخي العلامة المتولي في كتابه "اللؤلؤ المنظوم". وكذلك أطلقه صاحب انشراح الصدور ولم يخصصه. وكذلك أطلقه العلامة السمنودي في "لآلئ البيان" بدون تقييد. وكذلك الشهاب البنا في إتحاف البشر وعبارته -رحمه الله تعالى- "واتفقوا على قطع "أن" عن "لم" حيث جاء نحو {أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى} [الأنعام: 131] و {كَأَن لَّمْ تَغْنَ} [يونس: 24] " أهـ منه بلفظه. وكذلك أطلقه العلامة المارغني ولم يقيده في كتابيه "النجوم الطوالع" و"دليل الحيران. شرح مورد الظمآن" كما أطلقه العلامة الخراز في "المورد" وأطلقه كذلك بدون تخصيص صاحب "كتاب إيقاظ الأعلام لوجوب اتباع رسم مصحف الإمامَ" وعبارته قريبة من عبارة الحافظ الداني في "المقنع" وقد تقدمت. كما أطلقه أيضاً أستاذنا فضيلة الشيخ عثمان سليمان مراد في كتابه "

السلسبيل الشافي وعبارته "أن لم" قطعت حيث وقعت نحو {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى بِظُلْمٍ} [الآية: 131] بالأنعام و {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [الآية: 7] بالبلد و {كَأَن لَّمْ تَغْنَ بالأمس} [الآية: 24] بيونس و {كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ} [الآية: 73] بالنساء أهـ منه بلفظه. وهنا نجد أن صاحب الإتحاف مثل موضع الأنعام وترك التمثيل لموضع البلد وزاد موضع النساء. وأن صاحب السلسبيل الشافي مثل بموضعي الأنعام والبلد وزاد موضعي يونس والنساء. وهذا دليل واضح على الإطلاق لا على التخصيص. وفي هذا القدر كفاية من إيراد أقوال العلماء في هذه المسألة. وقد رأيت أيها القارئ الكريم أننا ذكرنا لك توسعاً في ضرب الأمثال بقصد تقرير الاستدلال عشر آيات من التنزيل في عشرة مواضع من كلمة "أن لم" ومن يبحث في التنزيل يجد غير ذلك. وفي هذا التقييد الذي ادعوه خطر جسيم يترتب عليه فساد عظيم. فإن ادعاء انحصار مواضع قطع "أن" المفتوح الهمز المخفف النون عن "لم" في الموضعين اللذين ذكروهما يفوِّت على القارئ إذا قرأ لحفص عاصم أو لغيره ممن يقرؤون بالغنة في اللام والراء عن طريق طيبة النشر عند إدغام النون الساكنة فيهما كما هنا لا سيما إذا كانت قراءتهم على مذهب من يرون الغنة في اللام عندما تدغم فيها النون الساكنة خاصة بالمقطوع كهذه المواضع وهذا هو المذهب المشهور. أقول يُفوِّت على القارئ أوجهاً كثيرة من أوجه التلاوة المتواترة إذ يحسب سائر المواضع غير الموضعين اللذين ذكرهما أولئك من المواضع الموصولة فلا يقرأ بالغنة فيها عند الإدغام. وقد تكون الغنة واجبة في التلاوة فيترتب على هذا الكذب في الرواية بقراءة ما لم ينزل وذهاب بعض

المتواتر من حروف القرآن وضياعه على الناس فيكون من وسائل تعجيل رفع بعض أوجه القرآن وذهاب العلم وانمحاق البركة من دنيا الناس فإلى الله المشتكى. ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتفاقم خطره ويتفشى ضرره إذ يوهم طلاب العلم والعامة إلى أنه لا يجوز الوقف على "أن" المفتوح الهمز المخفف النون المقطوع دون "لم" اضطراراً أو اختباراً "بالموحدة" إلا في الموضعين اللذين ذكروهما فيقع عامة من يعتمد على أي من هذه الكتب في الخطأ والمحذور وتعظم آثار ذلك إذا كان الطالب في مثل حال الامتحان الذي يكرم المرء فيه أو يهان فلا حول ولا قوة إلا بالله. الكلمة التاسعة: "إن" مكسورة الهمزة مشددة النون مع "ما" الموصولة وهذه الكلمة وردت في التنزيل على ثلاثة أقسام: أولها: مقطوع بالإجماع. وثانيها: مختلف فيه بين القطع والوصل. وثالثها: موصول بلا خلاف وإليك تفصيل الكلام على هذه الأقسام الثلاثة. أما القسم الأول: فقد اتفقت المصاحف فيه على قطع "إن" عن "ما" في موضع واحد في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ} [الآية: 134] بسورة الأنعام. وأما القسم الثاني: وهو المختلف فيه فقد رسم في بعض المصاحف مقطوعاً وفي بعضها موصولاً أي وصل "أن" بـ "ما" وهذا في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا عِنْدَ الله هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الآية: 95] بسورة النحل والوصل هو الأشهر وعليه العمل. وأما القسم الثالث: فقد اتفقت المصاحف فيه على وصله وذلك في غير موضع القطع المتفق فيه على قطعه وغير الموضع المختلف فيه نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب} [الآية: 19] بسورة الرعد وقوله سبحانه: {إِنَّمَا الله إلاه وَاحِدٌ} في

كل من سورة النساء [الآية: 171] والنحل [الآية: 51] وما إلى ذلك. الكلمة العاشرة: "أن" مفتوحة الهمزة مشددة النون مع "ما" الموصولة أيضاً وقد جاء ذكرها في التنزيل على ثلاثة أقسام: مقطوعة باتفاق وموصولة كذلك ومختلف فيها بين القطع والوصل. أما القسم الأول: فقد أجمعت المصاحف فيه على قطع "أن" عن "ما" وثبت هذا في موضعين اثنين فقط. أولهما: بسورة الحج في قوله تعالى: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الباطل} [الآية: 62] . وثانيهما: بسورة لقمان في قوله سبحانه: {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطل} [الآية: 30] . وأما القسم الثاني: فقد اختلف فيه المصاحف فرسم في بعضها مقطوعاً وفي بعضها موصولاً وذلك في موضع واحد في التنزيل في سورة الأنفال في قوله تعالى: {واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ} [الآية: 41] والأشهر هو الوصل وعليه العمل. وأما القسم الثالث: فقد أجمعت المصاحف فيه على وصل "أن" بـ "ما" وذلك في غير موضعي القطع المتفق عليهما وغير الموضع المختلف فيه نحو قوله تعالى: {فاعلموا أَنَّمَا على رَسُولِنَا البلاغ المبين} [الآية: 92] بسورة المائدة، وقوله تعالى: {اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الآية: 20] بسورة الحديد وما إلى ذلك. وقد أشار الحافظ ابن الجزري -رحمه الله تعالى- إلى هذه الكلمات العشر في المقدمة الجزرية بقوله: فاقطع بعشْر كلمات أن لاَّ ... مع ملجأ ولا إله إلاَّ

وتعبدوا ياسين ثاني هودَ لا ... يشركْنَ تُشْرك يدخُلَنْ تعلُوا على أن لا يقولُوا لا أقُولَ إنْ ما ... بالرعدِ والمفتوحَ صلْ وعنْ ما نهو اقطعوا منْ ما برومٍ والنِّسَا ... خُلفُ المنافقين أمْ منْ أسَّسا فُصِّلتِ النِّسَا وذبح حيثُ ما ... وأن لَّّم المفتوح كسرٌ إنَّ ما الأنعامِ والمفتوحِ يدعونَ معَا ... وخُلْفُ الأنفال ونحْلٍ وقَعَا اهـ الكلمة الحادية عشرة: "كل" مع "ما" وهي في القرآن الكريم ثلاثة أقسام: القسم الأول: مقطوع بالاتفاق وجاء في موضع واحد في التنزيل في سورة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34] فقد أجمعت المصاحف في هذا الموضع على قطع "كل" عن "ما". القسم الثاني: مختلف فيه بين القطع والوصل فقد رسم في بعض المصاحف مقطوعاً وفي بعضها موصولاً وذلك في أربعة مواضع في التنزيل: الأول: قوله تعالى: {كُلَّ مَا ردوا إِلَى الفتنة أُرْكِسُواْ فِيِهَا} [الآية: 91] بسورة النساء. الثاني: قوله سبحانه: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا} [الآية: 38] بسورة الأعراف. الثالث: قوله عز شأنه: {كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا} [الآية: 44] بسورة المؤمنون. الرابع: قوله عز من قائل: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} [الآية: 8] بسورة الملك.

هذا: ولم يتعرض الحافظ ابن الجزري في مقدمته إلى هذه المواضع المختلف فيها إلا لموضع النساء فقط وتعرض لها في النشر كما تعرض لها شارحوا المقدمة وغيرهم. وقد نظمها العلامة ملا علي القاري في شرحه على المقدمة فقال رحمه الله تعالى: وجاءَ أُمَّةً وأُلْقيَ دخَلَتْ ... في وصلها وقطعِهَا اخْتَلَفَتْ اهـ القسم الثالث: موصول بالإجماع - أي وصل "كل" بـ "ما" وذلك في غير موضع القطع المتفق عليه وفي غير المواضع الأربعة المختلف فيها بين القطع والوصل نحو قوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ} [الآية: 20] بسورة البقرة، وقوله سبحانه: {كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً} [الآية: 25] بسورة البقرة أيضاً، وقوله تعالى: {كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا الله} [الآية: 64] بسورة المائدة وما إلى ذلك. تنبيهات: الأول: بالنسبة للخلاف الذي في المواضع الأربعة في كلمة "كلما" قد اختلف في الأشهر فيها هل الوصل أو القطع؟ أو هما مستويان؟ أقوال: منها: أن الوصل هو المشهور فيها ذكر ذلك الحافظ ابن الجزري في النشر. ومنها: أن الوصل والقطع يستويان: جاء ذلك في "العقيلة" للإمام الشاطبي وإتحاف فضلاء البشر للشهاب البنا. وكتاب نهاية القول المفيد

والعقد الفريد الكبير والسلسبيل الشافي وبعض شراح المقدمة الجزرية كشرح شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري وشرح الشريف بن يالوشة. ومنها: أن المعمول به هو القطع في موضع النساء والمؤمنون. وأن الوصل هو المعمول به في موضع الأعراف والملك. ذكر ذلك العلامة المارغني التونسي في كتابيه "النجوم الطوالع" و"دليل الحيران شرح موارد الضمآن" وذكر ذلك أيضا العلامة المحقق الشيخ علي محمد الضباع في كتابه "سمير الطالبين" والذي أميل إليه من هذه الأقوال كلها ما قاله العلامة المارغني والأستاذ الضباع. وعليه رسم المصحف المصري المعروف بمصحف الأزهر الشريف وغيره. التنبيه الثاني: قال ملا علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية بعد أن انتهى من شرح كلام الناظم لكلمة "كلما": (وكذا) وقع الخلاف في {كُلَّما دخلتْ أُمَّةٌ} [الآية: 38] بالأعراف و {كلَّ ما جاءَ أُمَّةً} [الآية: 44] بالمؤمنون، و {كُلَّما أُلقي فيها فَوْجٌ} [الآية: 8] بالملك كما نص أبو عمرو الداني في المقنع على الخلاف في هذه الثلاثة ففي هذا قصور من الناظم للكلام عن مقام المرام حتى قال ابن المصنف وعبارة الناظم لا تفهم الخلاف إلى هذه الثلاثة. وأما قول الرومي ولعله سكت عنها اكتفاء بذكر واحد منها ولاشتهار ما عداه عندهم فعذر بارد وعن خطور الفهم شارد أهـ. أقول والجواب عن جميع ما ذكره: أولاً: أما قوله كما نص أبو عمرو الداني في المقنع على الخلاف في هذه الثلاثة.

فإن أبا عمرو لم ينص عليها ألبتة وإنما تركها على أنها موصولة وعبارته في المقنع: (قال محمد "كل ما" مقطوع؛ حرفان: في النساء {كُلَّ مَا رُدُّوا إلى الفِتْنَةٍ} [الآية: 91] وفي إبراهيم {مِنْ كُلِّ ما سَألْتُموهُ} [الآية: 34] قال ومنهم من يصل التى في النساء) أهـ منه بلفظه. وعليه: فيؤخذ من كلام المقنع أن "كل ما" التى في إبراهيم مقطوعة بالاتفاق وأن "كل ما" التي في النساء فيها الخلاف. وأن المواضع الثلاثة التي نسب ملا علي القاري فيها الخلاف إلى الداني هي عند الداني ضمن المواضع الأخرى الموصولة ويعلم هذا من السكوت عليها كما هو مقرر عند علماء الفن. وعليه: فلا قصور عند الناظم بحال فإنه تبع في ذلك الحافظ أبا عمرو الداني الذي نص في المقنع على أن المقطوع بالاتفاق موضع إبراهيم والمختلف فيه موضع النساء فحسب كما تقدم نقل ذلك عنه. فإن قال أحد: "قد قدمتم قريباً أن الناظم أورد في النشر الخلاف في المواضع الثلاثة التي قال عنها ملا علي مع موضع النساء أيضاً فكيف نوفق بين اختلاف النص عنه في المقدمة الجزرية والنشر؟ فالجواب: أن ما ذهب إليه الناظم -رحمه الله- في المقدمة الجزرية فقد وافق فيه ما ذهب إليه الحافظ أبو عمرو الداني في المقنع. وأما ما ذهب إليه في النشر فقد تبع فيه ما ذهب إليه الأمام الشاطبي رحمه الله في "العقيلة" فإنه ذكر القطع قولاً واحداً في موضع إبراهيم والخلاف في المواضع الأربعة التي هي موضع النساء والأعراف والمؤمنون والملك حيث قال

رحمه الله في العقيلة: وقُل أتاكُم من كلِّ ما قطعُوا ... والخلفُ في كلَّ ما ردُّوا فشا خبرا وكُلَّما ما أُلْقي اسْمع كلَّ ما دخلتْ ... وكلما جاءَ عن خُلْف يلي وقُرَا اهـ وبعد: فقد بان لك أيها القارئ الكريم أن الحافظ ابن الجزري -رحمه الله تعالى- لا اعتراض عليه ولا قصور عنده للكلام كما قال ملا علي القاري فقد اتبع فيما قاله في المقدمة الجزرية والنشر إمامين جليلين كل منهما له قوله واعتباره في فن الرسم والقراءات وغيرهما من العلوم عند الأمة. ورحم الله شيخ شيوخنا شيخ الإسلام أبا يحيى زكريا الأنصاري والعلامة ابن يالوشة حيث ذكرا في شرحيهما على المقدمة الجزرية المواضع المختلف فيها التي لم يذكرها الناظم بدون تعليق ولا اعتراض منهما لأنهما يعرفان أن الناظم قد تبع في ذلك الحافظ الداني في المقنع وإنما ذكرا المواضع المختلف فيها لإفادة الطالب وحسب: فلربما لا يقف على المقنع ولا على العقيلة فيفوته تحصيل مثل هذه الفائدة. وأما العلامة الشيخ خالد الأزهري رحمه الله فلم يتعرض إلى هذه المواضع الثلاثة المختلف فيها في شرحه لا من قريب ولا من بعيد ولا اعترض على الناظم لأنه يعرف أن الناظم في ذلك قد تبع ما جاء في المقنع وأن ما ذكره الناظم في المقدمة الجزرية فيه الكفاية بالنسبة للطالب المبتدئ فرحم الله الجميع ورحمنا معهم بفضله وكرمه آمين. ثانياً: وأما قوله عن ابن المصنف -رحمهما الله تعالى "وعبارة الناظم لا

تفهم الخلاف إلى هذه الثلاثة. فهذا صحيح لأن والده ترك الكلام على هذه الثلاثة في هذا المقام متبعاً في ذلك الداني كما تقدم. ثالثاً: وأما قوله - أي ملا علي - عن الرومي "ولعله سكت عنها - أي المواضع الثلاثة - اكتفاء بذكر واحد منها ولاشتهار ما عداه عندهم فهذا كلام محتمل متوجه أيضاً - لأن الناظم رحمه الله اكتفى بذكر واحد من مواضع الخلاف وترك باقيها وقد تقدم في النشر أن المشهور في المواضع الأربعة المختلف فيها الوصل وهو مذهبه. فاعتذار الرومي - رحمه الله - عن الناظم هو اعتذار حسن مقبول له وجه. وليس بالاعتذار البارد ولا هو عن خطور الفهم شارد كما قال ملا علي القاري سامحه الله تعالى وتجاوز عنا جميعاً وألهمنا الاشتغال بما يرضيه. ورزقنا التوفيق والهداية في البداية والنهاية ومن علينا جميعاً بالقبول إنه خير مأمول. الكلمة الثانية عشرة: "بئس" مع "ما" وردت هذه الكلمة في تسعة مواضع وهي في القرآن الكريم على ثلاثة أقسام وإليك تفصيلها: القسم الأول: مختلف فيه بين القطع والوصل وهو موضع واحد في التنزيل في قوله تعالى: {قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [الآية: 93] بسورة البقرة في الموضع الثاني منها فرسم في بعض المصاحف مقطوعاً وفي بعضها موصولاً والمشهور الوصل وعليه العمل. القسم الثاني: موصول باتفاق أي وصل "بئس" بـ "ما" وذلك في موضعين اثنين: أولهما قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [الآية: 90] وهو الموضع الأول من سورة البقرة. وثانيهما: قوله تعالى: {بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي} [الآية: 150] بسورة الأعراف. القسم الثالث: مقطوع باتفاق -أي اتفقت المصاحف على قطع "بئس" عن "

ما" وذلك في ستة مواضع في التنزيل وهي الباقية من هذه الكلمة. الموضع الأول: قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [الآية: 102] وهو الموضع الثالث في سورة البقرة. الموضع الثاني: قوله تعالى: {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [الآية: 187] بسورة آل عمران. والمواضع الأربعة الباقية كلها بسورة المائدة وهي قوله تعالى: {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} ، {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} ، {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ} [الآيات: 62، 63، 79، 80] . وما ذكره صاحب "العميد" من الخلاف في "بئس ما" في قوله سبحانه: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [الآية: 102] وهو الموضع الثالث بالبقرة والراجح فيه القطع فسهو منه رحمه الله إذ أن هذا الموضع من المواضع الستة المتفق على قطعها كما تقدم فتنبه. وأما قول ملا علي القاري عن عدد مواضع كلمة "بئس ما" المقطوعة باتفاق في كتابه "شرح المقدمة الجزرية فالمجموع سبعة لا ستة كما توهم المصري" أهـ منه بلفظه فمما يستدرك عليه ويعد من أوهامه فإنه ذهب يعدد هذه المواضع فنسب لسورة آل عمران موضعين. وليس بها إلا موضع واحد لا ثاني له وهو قوله تعالى: {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [الآية: 187] فعاد التحقيق إلى صحة ما ذكره العلامة المصري وإلى خطأ ما ذكره الملا علي القاري لكون هذه المواضع ستة لا سبعة فتأمل منصفاً.

رحم الله الجميع. ورحمنا معهم بمنه وكرمه آمين. الكلمة الثالثة عشرة: "في" الجارة مع "ما" الموصولة. اختلف كتاب المصاحف في هذه الكلمة وينحصر اختلافهم هذا في أربعة أقوال وإليك بيانها: القول الأول: وفيه ثلاثة أقسام: القسم الأول: مقطوع باتفاق أي قطع "في" عن "ما" وذلك في موضع واحد وهو قوله تعالى: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ} [الآية: 146] بسورة الشعراء. القسم الثاني: مختلف فيه بين القطع والوصل فرسم في بعض المصاحف مقطوعاً وفي بعضها موصولاً، والأشهر القطع وعليه العمل وذلك في عشرة مواضع: الأول: قوله تعالى: {فِي مَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ} [الآية: 240] وهو الموضع الثاني بسورة البقرة. الثاني: قوله تعالى: {لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم} [الآية: 48] بسورة المائدة. الثالث: قوله سبحانه: {لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم} [الآية: 165] آخر سورة الأنعام. الرابع: قوله عز شأنه: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} [الآية: 145] بسورة الأنعام أيضاً. الخامس: قوله عز من قائل: {وَهُمْ فِي مَا اشتهت أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الآية: 102] بسورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. السادس: قوله تعالى: {لَمَسَّكُمْ فِي مَآ أَفَضْتُمْ} [الآية: 14] بسورة النور. السابع: قوله تعالى: {شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ} [الآية: 28] بسورة الروم.

الثامن والتاسع: قوله تعالى: {فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الآية: 3] وقوله سبحانه: {فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الآية: 46] الموضعان بسورة الزمر. العاشر: قوله تعالى: {على أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الآية: 61] بسورة الواقعة. القسم الثالث: موصول باتفاق عموم المصاحف أي وصل "في" بـ "ما" وذلك في غير موضع القطع المتفق عليه والمواضع العشرة المختلف فيها بين القطع والوصل وذلك نحو قوله تعالى: {فِيمَا فَعَلْنَ في أَنْفُسِهِنَّ بالمعروف} [الآية: 234] الموضع الأول من سورة البقرة، وقوله تعالى: {فِيمَا طعموا} [الآية: 93] بسورة المائدة، وقوله تعالى: {فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الآية: 91] بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام وما إلى ذلك. وذكر هذا القول جل علماء التجويد وشراح المقدمة الجزرية وغيرهم. هذا: ولم يتعرض الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى الخلاف الذي في المواضع العشرة بل ذكر فيها القطع ولعله اقتصر عليه لشهرته ولكن تعرض له في النشر وشهر فيه القطع كما تعرض له غيره كما سيأتي: القول الثاني: وهو قسمان: القسم الأول: مختلف فيه بين القطع والوصول وذلك في المواضع الأحد عشر المتقدمة كلها أي العشر المختلف فيها والموضع المتفق على قطعه في سورة الشعراء في القول الأول. القسم الثاني: الوصل قولاً واحداً في المواضع العشرة والقطع في الحادي عشر وهو موضع الشعراء. ذكر هذا القول الحافظ أبو عمرو الداني في المقنع. القول الثالث: وهو قسمان أيضاً. أولها: القطع في المواضع الأحد عشر المتقدم ذكرها. ثانيهما: الوصل قولاً واحداً في المواضع العشرة والقطع في الحادي

عشر وهو موضع الشعراء كالقسم الثاني عند الداني. ذكر هذا القول الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في العقيلة. القول الرابع: وينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: القطع قولاً واحداً في المواضع الأحد عشرة المتقدمة غير مرَّة. القسم الثاني: القطع في تلك المواضع على المشهور. القسم الثالث: مختلف فيه بين القطع والوصل وذلك في تسعة مواضع من المواضع الأحد عشر باستثناء موضعي الأنبياء والشعراء ففيهما القطع وهذا ما ذهب إليه أبو داود في التنزيل ذكر هذا القول الإمام الخراز في مورد الظمآن. تتمة: بقي قسم ثالث لكل من القول الثاني والثالث وبقي قسم رابع للقول الرابع وهذه الأقسام الباقية كلها متفق فيها على الوصل أي وصل "في" بـ "ما" وذلك فيما سوى المواضع الأحد عشر المذكورة في كل منها وهو كالقسم الثالث من القول الأول فتنبه ويتحصل مما ذكر في الأقوال الأربعة أن المواضع الأحد عشر كلها فيها الخلاف بين القطع والوصل حتى موضع الشعراء المتفق على قطعه في القول الأول وهذه الأقوال كلها صحيحة فاختر لنفسك أيها القارئ ما يروق لك وبالله التوفيق. "تذييل": إذا دخلت "في" الجارة على "ما" الاستفهامية محذوفة الألف فلا خلاف في وصلها بها في عموم المصاحف كقوله تعالى: {فِيمَ كُنتُمْ} [النساء: 97] . وقوله

سبحانه {فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا} [الآية: 43] بسورة النازعات. وقد أشار الحافظ ابن الجزري إلى الكلمات الثلاث التي بعد العشر في المقدمة الجزرية بقوله: وكل ما سألتموهُ واختُلِف ... ردُّوا كذا قل بئسما والوصل صِفْ خلفتموني واشترَوْا في ما اقْطَعا ... أُوحي أفضتُمُ اشتهتْ يبلُوا معَا ثاني فعلْنَ وقعَتْ رومٍ كِلا ... تنزيل شُعَرا وغير ذي صِلاَ الكلمة الرابعة عشرة: "أين" مع "ما" وهي في القرآن الكريم ثلاثة أقسام: القسم الأول: موصول باتفاق أي وصل النون من "أين" بالميم من "ما" في موضعين اثنين هما قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ الله} [الآية: 115] بسورة البقرة وقوله سبحانه: {أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ} [الآية: 76] بسورة النحل. القسم الثاني: مختلف فيه بين القطع والوصل فرسم في بعض المصاحف مقطوعاً وفي بعضها موصولاً وذلك في ثلاثة مواضع: الأول: قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الموت وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [الآية: 78] بسورة النساء. الثاني: قوله تعالى: {أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ الله} [الآيتان: 92، 93] بسورة الشعراء. الثالث: قوله سبحانه: {أَيْنَمَا ثقفوا أُخِذُواْ} [الآية: 61] بسورة الأحزاب. القسم الثالث: مقطوع باتفاق أي اتفقت المصاحف على قطع "أين" عن "ما" وذلك فيما سوى الموضعين المتفق على الوصل فيهما والمواضع الثلاثة المختلف فيها بين القطع والوصل وذلك نحو قوله تعالى: {أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ الله جَمِيعاً} [الآية: 148] بسورة البقرة، وقوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [الآية: 4] بسورة

الحديد، وقوله تعالى: {إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ} [الآية: 7] بسورة المجادلة وما إلى ذلك. هذا: وقد اختلف في الأشهر في المواضع الثلاثة المختلف فيها هل القطع أو الوصل؟ أقوال: أولاها: أن القطع والوصل يستويان في موضع الشعراء والأحزاب وأن القطع هو الأشهر في موضع النساء وهذا هو المفهوم من قول الإمام الشاطبي في العقيلة: والخُلْفُ في سورة الأحزاب والشُّعَرا ... وفي النِّساءِ يقِلُّ الوصْلُ مُعْتَمِرَا وقد مشى على هذا القول بعض شراح المقدمة الجزرية وغيرهم. وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى الكلمة الرابعة عشرة بقوله: فأينما كالنَّحل صِلْ ومختلَفْ ... في الشُّعَرا الأحزاب والنِّسَا وُصِفْ اهـ الكلمة الخامسة عشرة: "إن" مكسورة الهمزة ساكنة النون وهي الشرطية مع "لم" الجازمة وهي في كتاب الله نوعان: الأول: موصول باتفاق - أي اتفقت المصاحف فيه على وصل "إن" بـ "لم" وتدغم النون في اللام لفظاً وخطًّا وذلك في موضع واحد في التنزيل هو قوله تعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ} [الآية: 14] بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام. الثاني: مقطوع باتفاق - أي اتفقت المصاحف فيه على قطع "إن" عن "لم" وتدغم النون في اللام لفظاً لا خطًّا ويوقف على النون اضطراراً أو اختباراً "بالموحدة" وذلك في غير الموضع المتفق فيه على الوصل حيث ورد في التنزيل سواء كانت "إن" مقترنة بالفاء أم باللام أم بالواو أم لم تقترن. فمثال المقترنة بالفاء نحو قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ} [الآية: 24] وقوله

سبحانه: {فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} [الآية: 282] الموضعان بسورة البقرة، وقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ} [الآية: 50] بسورة القصص. ومثال المقترنة بالواو نحو قوله تعالى: {وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [الآية: 67] ، وقوله تعالى: {وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ} [الآية: 73] الموضعان بسورة المائدة. ومثال المقترنة باللام نحو قوله تعالى: {لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا} [الآية: 149] بسورة الأعراف، وقوله تعالى: {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون} [الآية: 60] بسورة الأحزاب، وقوله تعالى: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً} [الآية: 15] بسورة العلق. ومثال غير المقترنة بشيء من هذه الحروف الثلاثة نحو قوله تعالى: {إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ} [الآية: 6] بسورة الكهف وما إلى ذلك. وأما "إن" الشرطية مع "لا" النافية فاتفقت المصاحف على وصلها بها وإدغام النون في اللام لفظاً وخطًّا نحو قوله تعالى: {إِلاَّ تَفْعَلُوهُ} [الآية: 73] بسورة الأنفال، وقوله سبحانه: {إِلاَّ تَنفِرُواْ} [الآية: 39] و {إِلاَّ تَنصُرُوهُ} [الآية: 40] الموضعان بسورة التوبة، وقوله سبحانه: {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي} [الآية: 47] بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام. الكلمة السادسة عشرة: "أن" المصدرية مع "لن" الناصبة. وردت هذه

الكلمة في القرآن الكريم على ثلاثة أقسام: القسم الأول: موصول باتفاق أي اتفقت المصاحف على وصف "أن" بـ "لن" وإدغام النون في اللام لفظاً وخطًّا وذلك في موضعين اثنين في التنزيل. أولهما: قوله تعالى: {أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً} [الآية: 48] بسورة الكهف. وثانيهما: قوله تعالى: {أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} [الآية: 3] بسورة القيامة. القسم الثاني: مختلف فيه بين القطع والوصل وذلك في موضع واحد في القرآن الكريم هو قوله تعالى: {عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ} [الآية: 20] بسورة المزمل عليه الصلاة والسلام فرسم في جل المصاحف مقطوعاً وفي أقلها موصولاً والقطع هو الأشهر وعليه العمل. هذا: ولم يتعرض لهذا الموضع الحافظ ابن الجزري في المقدمة ولا في النشر ولا غيره من العلماء وتعرض له الحافظ أبو عمرو الداني في المقنع وكذلك الإمام الخراز تعرض له في مورد الظمآن نقلاً عن المقنع وشهر فيه القطع وفيه يقول: كذاكَ في المزَّمِّلِ الوصْلُ ذُكِر ... في مُقْنعٍ عن بعضِهم ومَا شُهرْ اهـ القسم الثالث: مقطوع باتفاق أي اتفقت المصاحف على قطع "أن" عن "لن" وإدغام النون في اللام لفظاً لا خطًّا: والوقف على "أن" اضطراراً أو اختباراً "بالموحدة" وذلك في غير موضعي الوصل المتفق عليهما وغير المختلف فيه بين القطع والوصل. وذلك نحو قوله تعالى: {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [الآية: 87] بسورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقوله سبحانه: {أَن لَّن تَقُولَ الإنس والجن} [الآية: 5] بسورة الجن،

وقوله تعالى: {أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} [الآية: 5] بسورة البلد وما إلى ذلك. الكلمة السابعة عشرة: "كي" الناصبة مع "لا" النافية جاءت في القرآن الكريم في سبعة مواضع وتنقسم إلى قسمين: القسم الأول: موصول باتفاق أي اتفقت المصاحف على وصل "كي" بـ "لا" وذلك في أربعة مواضع من السبعة وهي: الأول: قوله تعالى: {لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ على مَا فَاتَكُمْ} [الآية: 153] بسورة آل عمران. الثاني: قوله تعالى: {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً} [الآية: 5] بسورة الحج. الثالث: قوله سبحانه: {لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} [الآية: 50] بسورة الأحزاب وهو الموضع الثاني بها. الرابع: قوله عز شأنه: {لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ على مَا فَاتَكُمْ} [الآية: 23] بسورة الحديد. القسم الثاني: مقطوع باتفاق - أي اتفقت المصاحف على قطع "كي" عن "لا" وذلك في ثلاثة مواضع وهي بقية السبعة المشار إليها آنفاً وفيما يلي ذكرها: الأول: قوله تعالى: {لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً} [الآية: 70] بسورة النحل. الثاني: قوله تعالى: {لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ} [الآية: 37] الموضع الأول بسورة الأحزاب. الثالث: قوله سبحانه: {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغنيآء مِنكُمْ} [الآية: 7] بسورة الحشر.

الكلمة الثامنة عشر: "عن" الجارة مع "من" الموصولة وهي في كتاب الله تعالى قسم واحد وقد اتفقت المصاحف فيه على قطع "عن" عن "من" وتدغم فيه النون لفظاً لا خطًّا وذلك في موضعين اثنين في التنزيل لا ثالث لهما وهما: قوله تعالى: {وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ} [الآية: 43] بسورة النور، وقوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تولى عَن ذِكْرِنَا} [الآية: 29] بسورة النجم. الكلمة التاسعة عشرة: "يوم" مفتوح الميم مع "هم" الضمير المنفصل المرفوع المحل وهي في القرآن الكريم قسم واحد وقد أجمعت المصاحف على القطع فيه أي قطع "يوم" عن "هم" وذلك في موضعين اثنين لا ثالث لهما في القرآن الكريم: أولهما: قوله تعالى: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ} [الآية: 16] . بسورة غافر. وثانيهما: قوله سبحانه: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} [الآية: 13] بسورة الذاريات. أما إذا كان الضمير مجرور المحل فاتفقت المصاحف على وصله بـ "يوم" نحو قوله تعالى: {حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ} [الآية: 83] بسورة الزخرف [الآية: 42] والمعارج وقوله سبحانه: {حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي فِيهِ يُصْعَقُونَ} [الآية: 45] بسورة الطور وكذلك اتفقت

المصاحف على وصل كلمة "يومهم" مكسور الميم والهاء كقوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ الذي يُوعَدُونَ} [الآية: 60] آخر سورة الذريات. الكلمة العشرون: "لام الجر مع "مجرورها" وهي في القرآن الكريم قسمان: القسم الأول: مقطوع باتفاق المصاحف العثمانية أي قطع "اللام" عن مجرورها وذلك في أربعة مواضع وهي: الأول: قوله تعالى: {يُدْرِككُّمُ الموت وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هاذه مِنْ عِندِ الله وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هاذه مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ الله فَمَالِ هؤلاء القوم لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً} [الآية: 78] بسورة النساء. الثاني: قوله تعالى: {مَالِ هذا الكتاب} [الآية: 43] بسورة الكهف. الثالث: قوله تعالى: {وَقَالُواْ مَالِ هذا الرسول} [الآية: 7] بسورة الفرقان. الرابع: قوله تعالى: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} [الآية: 36] بسورة المعارج. وما في هذه المواضع الأربعة استفهامية كلمة بنفسها. القسم الثاني: موصول باتفاق المصاحف العثمانية أي وصل "لام الجر" بمجرورها وذلك في غير مواضع القطع الأربعة المتقدمة كقوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الآية: 35] بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام، وقوله سبحانه: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [الآية: 154] بسورة الصافات، وقوله عز شأنه: {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى} [الآية: 19] بسورة الليل وما إلى ذلك. هذا: والمفهوم من كلام المقدمة الجزرية أن الوقف في حالة الاختبار "

بالموحدة" أو الاضطرار في مواضع القطع الأربعة يكون على اللام. فيقال "مال" والأصح كما في النشر وتقريبه وإتحاف البشر وغيرهما جواز الوقف على "ما" أيضاً لأنها كلمة برأسها منفصلة لفظاً وحكماً. فيتلخص من ذلك أن المواضع الأربعة المقطوعة فيها وجهان في الوقف لكل القراء وهما: الوقف على "ما" أو على "اللام" اختباراً أو اضطراراً قال العلامة الطباخ مشيراً إلى ذلك في كتابه "هبة المنان": وقِفْ على ما أو على اللام لِكل ... في مال كالفرقان سال الكهف قل اهـ الكلمة الحادية والعشرون: "لات مع "حين" في سورة ص في قوله تعالى: {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} [الآية: 3] وليس غيرها في القرآن الكريم. وقد اختلف في قطع التاء عن حين ووصلها بها والصحيح المشهور الذي عليه العمل قطعها وعليه فتكون "ولات" كلمة و"حين" كلمة أخرى. وعلى غير المشهور وصل التاء بحين وعليه فتكون "ولا" كلمة و"تحين" كلمة أخرى وهذا القول لا يعول عليه بدليل أن كل القراء وقفوا على "ولات" عند الضرورة سواء من وقف منهم بالتاء أم بالهاء بدلاً من التاء ولم ينقل عن أحد منهم أنه وقف على "ولا" بدون التاء. وفي المسألة كلام طويل اقتصرنا منه على المعول عليه والمناسب لحال المبتدئين.

ومن أراد الوقوف عليه فليراجع المطولات من كتب التجويد والرسم والقراءات والله وحده هو المرشد والمعين. الكلمة الثانية والعشرون والثالثة والعشرون: "كالوهم" و"وزنوهم" في قوله تعالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [الآية: 3] بسوة المطففين وليس غيرهما في التنزيل وقد كتبتا في جميع المصاحف العثمانية موصولتين ومعنى الوصل فيهما ترك رسم الألف الدالة على الانفصال بعد الوار في الكلمتين. وكان عدم رسم الألف بعد الواو في الكلمتين دليلاً على أنهما موصولتان بما بعدهما. وعليه: فلا يجوز الوقف على كلمة "كالوهم" أو "وزنوهم" دون "هم" معهما وإنما يكون الوقف على كلمة "كالوهم" بأسرها وكذلك كلمة "وزنوهم" فتأمل. قال ملا علي القاري في شرح المقدمة الجزرية قال ابن الأنباري قال أبو عمرو وعاصم وعلي يعني الكسائي والأعمش أي من الأربعة عشر: "كالوهم" حرف واحد أي حكماً والأصل كالوا لهم فحذفت اللام على حد كلتك طعاماً فحذفت اللام وأوقع الفعل على هم فصارا حرفاً واحداً لأن الضمير المتصل مع ناصبه كلمة واحدة أهـ منه بلفظه. أما كلمة "غضبوا هم" في قوله تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ} [الآية: 37] بسورة الشوى فمخالفة لكلمتي "كالوهم" و"وزنوهم" لأن "غضبوا" كلمة بنفسها و"هم" ضمير فصل مرفوع على الابتداء كلمة أخرى والخبر جملة "يغفرون". ولذلك أثبتوا الألف بعد الواو في كلمة "غضبوا" وعليه فيجوز الوقف ضرورة أو اختبار "بالموحدة" على كلمة "غضبوا" ولا يصح الابتداء بقوله تعالى: {هم يغفرون} [الشورى: 37] لما فيه من الفصل بين الشرط والجواب بل يتعين الابتداء بالشرط وهم "وإذا" ليكون هو جوابه معاً خلافاً لملا علي القاري فإنه أجاز الوقف على "

غضبوا" والابتداء بقوله: "هم" وليس بشيء لما تقدم فتنبه. الكلمة الرابعة والعشرون: "ال" التي للتعريف المعروفة في هذا الفن "بلام أل" نحو "الأرض، الليل" في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ} [الآية: 31] بسورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً} [الآية: 10] بسورة النبأ وسواء كانت شمسية أم قمرية اتفقت جميع المصاحف على وصلها بما بعدها قراءة ورسماً ولا يجوز الوقف على "أل" والابتداء بـ "الأرض" أو بـ "الليل" بل الوقف على كلمة "الأرض" بأكملها والابتداء منها وكذلك كلمة "الليل" ونحوهما في التنزيل وهو كثير فتأمل. الكلمة الخامسة والعشرون: "ها" التى للتنبيه من كلمتي "هؤلاء، وها أنتم" خاصة في قوله: {ها أنتم هؤلاء} في كل من سورة آل عمران [الآية: 66] والنساء [الآية: 109] والقتال [الآية: 38] . وقد تنفرد كلمة "هؤلاء" وحدها وهي كثيرة في التنزيل كقوله تعالى: {كُلاًّ نُّمِدُّ هؤلاء وهؤلاء مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ} [الآية: 20] بسورة الإسراء وما إلى ذلك فقد اتفقت المصاحف على وصل "ها" التنبيه بما بعدها قراءة ورسماً ولا يجوز الوقف على "ها" والابتداء بـ"أنتم" أو بـ"هؤلاء" بل الوقف على كلمة "هؤلاء" بأسرها ومثلها "ها أنتم" والابتداء منهما كذلك. الكلمة السادسة والعشرون: "يا" التي للنداء نحو قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الناس اعبدوا رَبَّكُمُ الذي خَلَقَكُمْ} [البقرة: 21] ، وقوله سبحانه: {يا أيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [التوبة: 73، التحريم: 9] ، وقوله عز شأنه: {يا أيها الذين آمَنُواْ

توبوا إِلَى الله تَوْبَةً نَّصُوحاً} [التحريم: 8] ، وقوله عز من قائل: {وَقِيلَ يا أرض ابلعي مَآءَكِ وياسمآء أَقْلِعِي} [هود: 44] ، وقوله تعالى: {يامريم اقنتي لِرَبِّكِ واسجدي واركعي مَعَ الراكعين} [آل عمران: 43] وما إلى ذلك فقد أجمعت المصاحف العثمانية على وصل "يا" التي للنداء بما بعدها رسماً وقراءة. ولا يجوز الوقف على "يا" والابتداء بـ"أيها" أو "بمريم" أو "بأرض" أو "بسماء" بل الوقف على كلمة "يا أيها" بأسرها والابتداء منها كذلك ومثلها "يا مريم" و"يا أرض" "ويا سماء" إلى أخر ما هناك. وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى الكلمات من الخامسة عشرة إلى نهاية السادسة والعشرين بقوله: وصِلْ فإلَّم هُودَ الَّن نجْعَلا ... نجمَعَ كيلاَ تحزَنُوا تأسَوْا على حجٌّ عليكَ حرجٌ وقطعُهُمْ ... عن من يشاءُ من تولَّى يوم هُمْ ومال هذا والذين وهؤلا ... تحينَ في الإمام صِلْ ووُهِّلاَ كالُوهُمُ أو وَزَنُوهُمُ صِل ... كذَا من آل ويا وها لا تفْصِل وبهذا ينقضي كلامنا عن الكلمات المقطوعة والموصولة اتفاقاً واختلافاً الوارد ذكرها في المقدمة الجزرية للحافظ ابن الجزري. وقد ذكرنا معها استطراداً بعض كلمات لم ترد في المقدمة هذه لاقتضاء المقام ذكرها هنا. ونشرع الآن بمشيئة الله تعالى في بيان الكلمات التي يجب على قارئ القرآن معرفتها والإلمام بالأحكام المتعلقة بها في كتابتها مقطوعة أو موصولة مما لم يرد له ذكر في المقدمة الجزرية في فصل عقدناه خاصًّا لهذا الغرض فنقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون والقول.

الفصل الثاني في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة والمختلف فيها بين القطع والوصل التى جاءت من غير المقدمة الجزرية.

الفصل الثاني في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة والمختلف فيها بين القطع والوصل التى جاءت من غير المقدمة الجزرية. ما تقدم ذكره في بيان الكلمات المقطوعة والموصولة اتفاقاً واختلافاً هو ما أورده الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية وهناك كلمات أخرى لم يرد ذكرها في تلك المقدمة ويجب على القارئ معرفتها كسابقتها وسنذكر منها المهم وتنحصر هذه الكلمات في هذا الفصل في اثنتي عشرة كلمة وإليك بيانها: الكلمة الأولى: "أن" مفتوحة الهمزة ساكنة النون مع "لو" وقعت هذه الكلمة في القرآن الكريم في أربعة مواضع وهي قسمان: القسم الأول: مقطوع باتفاق المصاحف أي قطع "أن" عن "لو" وإدغام النون في اللام لفظاً لا خطًّا وذلك في ثلاثة مواضع: الأول: قوله تعالى: {أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الآية: 100] بسورة الأعراف. الثاني: قوله تعالى: {أَن لَّوْ يَشَآءُ الله لَهَدَى الناس جَمِيعاً} [الآية: 31] بسورة الرعد. الثالث: قوله تعالى: {أَن لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الغيب} [الآية: 3] في سورة سبأ. القسم الثاني: مختلف فيه بين القطع والوصل وذلك في الموضع الرابع وهو قوله تعالى: {وَأَلَّوِ استقاموا عَلَى الطريقة} [الآية: 16] بسورة الجن فرسم في بعض المصاحف مقطوعاً وفي بعضها موصولاً وقد اختلف في المشهور. فعند المغاربة القطع أشهر وعليه العمل في رسم مصاحفهم وعند المشارقة الوصل أشهر وعليه العمل في

رسم مصاحفهم ولا وجه لإطلاق بعض المحدثين شهرة القطع في هذا الموضع دون تقييد كما ذكرنا آنفاً فتنبه. الكلمة الثانية: "ابن" مع "أم" في قوله تعالى: {قَالَ ابن أُمَّ إِنَّ القوم استضعفوني} [الآية: 150] بسورة الأعراف فقد اتفقت المصاحف العثمانية على قطع كلمة "ابن" عن كلمة "أم" وعليه: فـ"ابن" كلمة و"أم" كلمة أخرى أما كلمة "يبنؤم" في قوله تعالى: {قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي} [الآية: 94] بسورة طه عليه الصلاة والسلام فاتفقت المصاحف على وصلها أي وصل ياء النداء بابن مع حذف همزة الوصل ووصلها بأم كلمة واحدة وترسم هكذا "يبنؤم". قال الحافظ أبو عمرو الداني في المحكم: "وأما رسم يبنؤم كلمة واحدة وهي في الأصل ثلاث كلم "يا" كلمة و"ابن" كلمة و"أم" كلمة فعلى مراد الوصل وتحقيق اللفظ فذلك حذفت ألف "يا" وألف "ابن" لعدمهما في النطق بكون الأولى ساكنة والثانية للوصل وقد اتصلتا بالباء الساكنة مع "ابن" وصورت همزة "أم" المبتدأة واواً لما وصلت بما قبلها كما تصور الهمزة المضمومة المتوسطة في نحو {يَكْلَؤُكُم} [الأنبياء: 42] و {يَذْرَؤُكُم} [الشورى: 11] و {نقْرَؤُهُ} [الإسراء: 93] وشبهه سواء فصار ذلك كلمة واحدة وخرج رسمه على لفظه دون أصله" أهـ منه بلفظه. إذا تقرر هذا فاعلم أنه لا يجوز الوقف على الياء والابتداء بـ"ابنؤُمّ" ولا على "ابن" والابتداء "بأم" بل الوقف على الكلمة بأسرها "يبنؤم" والابتداء بكلها للاتصال الرسمي بخلاف موضع الأعراف فإنه يجوز فيه الوقف ضرورة أو اختباراً "بالموحدة" على "ابن" وعلى "أم" لانفصالهما رسماً كما مر ولا يجوز الابتداء

بلفظ "أم" دون "ابن" معها فتأمل. الكلمة الثالثة: "أَيَّا" مع "ما" في قوله تعالى: {أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأسمآء الحسنى} [الآية: 110] بسورة الإسراء فقد اتفقت المصاحف على قطع كلمة "أيا" عن "ما" وعليه فتكون "أياً" كلمة و"ما" كلمة أخرى وقد اختلف القراء على الوقف عليهما فمنهم من وقف على "أياً" دون "ما" ومنهم من وقف على "ما" دون أياً" ومن بين هؤلاء حفص عن عاصم والأوْلَى والأقرب للصواب كما ذكر الحافظ ابن الجزري في النشر وطيبته وتقريبه جواز الوقف على كل من "أياً" و"ما" اختباراً "بالموحدة" أو اضطراراً لكل القراء العشرة اتباعاً للرسم لأنهما كلمتان منفصلتان رسماً: وفي هذه المسألة يقول الإمام أحمد الطيبي في "التنوير": وقِفْ للابْتِلاَ على أيًّا ومَا ... لِكُلِّهمْ صُحِّحَ كلُّ منهما اهـ الكلمة الرابعة: كلمة "إل ياسين" في قوله تعالى: {سَلاَمٌ على إِلْ يَاسِينَ} [الآية: 130] بسورة الصافات. اتفقت المصاحف العثمانية على قطع كلمة "إل" عن كلمة "ياسين" سواء قرئت بفتح الهمزة ممدودة وكسر اللام "ءَالِ

ياسين" أم قرئت بكسر الهمزة مقصورة وسكون اللام "إل ياسين" كقراءة حفص عن عاصم وموافقيه. ويمتنع الوقف على كلمة "إل" بدون كلمة "ياسين" على القراءة بكسر الهمزة مقصورة وسكون اللام لأنها وإن كانت مقطوعة رسماً إلا أنها متصلة لفظاً. ولا يجوز اتباع الرسم فيها وقفاً بالإجماع ولم يقع لهذه الكلمة في القرآن نظير. ويجوز الوقف اختباراً "بالموحدة" أو اضطراراً على "إل" بدون "ياسين" على القراءة بفتح الهمزة ممدودة وكسر اللام لأنها أصبحت كلمة مستقلة بنفسها و"ياسين" كلمة أخرى غيرها مثلها حينئذ مثل {آلُ موسى وَآلُ هَارُونَ} [البقرة: 248] . قال صاحب لآلئ البيان مشيراً إلى ما ذكرناه في هذه الكلمة: وجاء إلْ ياسينَ بانْفصالِ ... وصَحَّ وقْفُ من تلاها آل اهـ الكلمة الخامسة: "يوم" مع "إذ" في نحو قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ} [القيامة: 22] وقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ} [الغاشية: 8] فقد اتفقت المصاحف على وصل "يوم" بـ"إذ" كلمة واحدة ولا يجوز الوقف على "يوم" دون "إذ" ولا الابتداء بإذ دون يوم بل الوقف على الكلمة بأسرها "يومئذ" والابتداء منها كذلك. الكلمة السادسة: "حين" مع "إذ" في قوله تعالى: {

وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} [الآية: 84] بسورة الواقعة ولا ثاني لها في التنزيل فقد اتفقت المصاحف على وصل "حين" بـ"إذ" كلمة واحدة كيومئذ ولا يجوز الوقف على "حين" دون "إذ" ولا الابتداء بـ"إذ" دون "حين" بل الوقف على الكلمة بأكملها "حينئذ" والابتداء منها كذلك. الكلمة السابعة: "كأن" مشددة النون مع "ما" حيث وقعت في القرآن الكريم اتفقت المصاحف العثمانية على وصل "كأن" بـ"ما" كلمة واحدة كقوله تعالى: {فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة: 32] وقوله سبحانه: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الموت} [الأنفال: 6] وقوله سبحانه: {فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السمآء} [الحج: 31] ولا يجوز الوقف على "كأن" دون "ما" ولا ابتداء بـ"ما" دون "كأن" بل الوقف على كلمة "كأنما" كلها والابتداء منها كذلك. الكلمة الثامنة: "رب" مع "ما" في قوله تعالى: {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} [الآية: 2] بأول سورة الحجر اتفقت المصاحف على وصل كلمة "رب" بـ"ما" كلمة واحدة ولا يجوز الوقف على كلمة "رب" دون "ما" ولا الابتداء بـ"ما" دون "رب" بل الوقف على "ربما" بأكملها والابتداء منها كذلك. الكلمة التاسعة: "وي" مع "كأن" او مع "كأنه" في قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الذين تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ بالأمس يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لولا أَن مَّنَّ الله عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون} [الآية: 82] بسورة القصص وقد اختلف القراء في الوقف على هذه الكلمة فوقف الكسائي على الياء فيقول: "وي" والابتداء عنده من "كأن" أو "كأنه" ووقف أبو عمرو بن العلاء على الكاف فيقول "ويك" والابتداء عنده من "أن" أو "أنه" وهذا في وقف الاختبار "بالموحدة" أو

الاضطرار وكلاهما ضعيف ووقف باقي القراء العشرة ومنهم حفص عاصم على الكلمة بأسرها فيقفون على النون في الكلمة الأولى وعلى الهاء في الكلمة الثانية. وهذا هو المختار لجميع القراء لاتصالهما رسماً بالإجماع كما في النشر وإتحاف البشر وغيرهما. الكلمة العاشرة: "نعم" مع "ما" في قوله تعالى: {فَنِعمَّا هيَ} [الآية: 271] بسورة البقرة وقوله تعالى: {إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [الآية: 58] بسورة النساء ولا ثالث لهما في التنزيل فقد اتفقت المصاحف العثمانية على وصل كلمة "نعم" بـ"ما" كلمة واحدة ولا يجوز الوقف على الكلمة "نعم" دون "ما" ولا الابتداء بـ"ما" دون "نعم" بل الوقف على الكلمة بأكملها "نعما" والابتداء بها كلها كذلك. الكلمة الحادية عشرة: "مهما" في قوله تعالى: {وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الآية: 132] بسورة الأعراف فقد اتفقت المصاحف العثمانية على وصلها سواء على القول بأنها مركبة من "مه" و"ما" الشرطية أم من "ما" الشرطية وما المزيدة وأبدلت الألف الأولى هاء دفعاً للتكرار. أو على القول بأنها اسم شرط بسيط غير مركب وهذا القول اختاره ابن هاشم في المغني. ولا يجوز الوقف على "مه" دون "ما" ولا الابتداء بـ"ما" دون "مه" بل الوقف على الكلمة بأسرها "مهما" والابتداء بها كذلك.

الكلمة الثانية عشرة: {الم} [الآية: 1] فاتحة سورة البقرة ونحوها من فواتح السور التي افتتحت بحروف التهجي نحو {المص} [الأعراف: 1] و {الر} [يونس: 1] و {المر} [الرعد: 1] وكهيعص} [مريم: 1] و {طه} [طه: 1] و {يس} [يس: 1] و {طسم} [الشعراء: 1، والقصص: 1] و {طس تِلْكَ} [النمل: 1] و {حم} [غافر: 1] فكل كلمة من هذه الكلمات ونحوها التي وجدت في فواتح السور سواء كانت مؤلفة من حرفين أم أكثر فهي كلمة برأسها ولا يجوز فصل حرف من حروفها ولا الوقف عليه بالإجماع. بل الوقف على آخرها تبعاً للرسم إذ أنها رسمت موصولة في جميع المصاحف العثمانية باستثناء "حما. عاساقا" فاتحة سورة الشورى فإنها رسمت مفصولة في كل المصاحف أي "حما" كلمة و"عاساقا" كلمة أخرى وهما آيتان في العدد الكوفي. وعليه: فالوقف جائز بل مسنون على "حما" وعلى "عاساقا" أيضاً باعتبار كل منهما رأس آية: هذا إذا قرأنا للكوفيين كحفص أو لشيخه عاصم أو لحمزة أو للكسائي أو لخلف العاشر.

أما إذا قرأنا لغير الكوفيين كما لو قرأنا لنافع وابن كثير وأبي جعفر مثلاً فلا يجوز الوقف على "حما" دون "عاساقا" ولا الابتداء بـ"عاساقا" دون "حما" لأنهما حينئذ كالكلمة الواحدة وإن انفصلتا رسماً. ومن وقف على "حم" لضرورة أعاد ووقف على "عاساقا" وهو وقف تام أو كاف. وما ذكره صاحب غيث النفع من قوله: "ولا يجوز الوقف على "حما" ومن وقف عليه من ضرورة أعاد. والوقف على "عاساقا" تام وقيل كاف" أهـ منه بلفظه. وكذلك ما ذكره صاحب حل المشكلات من قوله: "ولا يجوز الوقف على "حما" هنا اختياراً "بالياء المثناة تحت" لأنه نص في النشر على أن حروف الفواتح يوقف على آخرها لأنها كالكلمة الواحدة. وقال إلا أنه رسم "حما. عاساقا" مفصولاً بين الميم والعين انتهى. ولم ينص على جواز الوقف على "حما" وحدها فمن وقف عليها من ضرورة أعاد والوقف على "عسق" تام وقيل كاف" أهـ منه بلفظه. نقول: وهذا وإن كان محل اعتبار لأن الأولى الوقف على "حما عاساقا" معاً خروجاً من الخلاف فإنه ليس محل التزام لأن الوقف على "حم" وحدها صحيح جائز عند الكوفيين لأنها عندهم رأس آية والوقف على رؤوس الآي سنة كما سبق بيانه. وكان على صاحب غيث النفع وصاحب حل المشكلات أن يقيدا الوقف على "حما" وحدها في الضرورة بقراءة غير الكوفيين وبهذا يكون الكلام سليماً متفقاً عليه أما عند الكوفيين فالوقف جائز مسنون على "حم" وحدها لأنها رأس آية عندهم كما بينا فيما سبق فتنبه والله تعالى أعلم.

الباب الرابع عشر / في هاء التأنيث المرسومة بالتاء المفتوحة والمرسومة بالهاء المربوطة

الباب الرابع عشر / في هاء التأنيث المرسومة بالتاء المفتوحة والمرسومة بالهاء المربوطة التمهيد للدخول إلى الباب هاء التأنيث في القرآن الكريم نوعان: الأول: مرسوم بالهاء وهو المسمى بالتاء المربوطة. الثاني: مرسوم بالتاء وهو المسمى بالتاء المفتوحة أو المجرورة أو المبسوطة. وهذا من خصائص الرسم العثماني كما تقدم في باب المقطوع والموصول ولابد للقارئ من معرفة النوعين جيداً ليقف على المرسومة بالهاء المربوطة هاء. وعلى المرسومة بالتاء المفتوحة تاء حسب الرواية التي يقرأ بها اضطراراً أو اختباراً "بالموحدة" ولكل من النوعين كلام خاص نوضحه فيما يلي: أما هاء التأنيث المرسومة بالتاء المربوطة فإنها تكون في الاسم المفرد نحو قوله تعالى: أولائك عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157] وقوله تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله} [النحل: 53] وقوله سبحانه: {ضَرَبَ الله مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: 24] وما إلى ذلك. ومنها: المسبوقة بألف المد كقوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة} [البقرة: 110] وقوله سبحانه: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} [يوسف: 88] . وقد تكون في الاسم المفرد المضاف إلى الاسم الظاهر في غير المواضع المرسومة منها بالتاء المفتوحة كقوله تعالى: {واجعلني مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النعيم} [الشعراء: 85] ولا خلاف في هذا النوع في أنه مرسوم بالتاء المربوطة ويوقف عليه بالهاء لجميع

القسم الأول في بيان هاء التأنيث المتفق على قراءتها بالإفراد والمرسومة بالتاء المفتوحة

القراء وهو الذي يصدق عليه تعريف هاء التأنيث الذي يقول: "وهي التي في الوصل تاء وفي الوقف هاء". أما هاء التأنيث المرسومة بالتاء المفتوحة فهي قسمان: قسم اتفق فيه القراء على قراءته بالإفراد. وقسم اختلفوا فيه فقرأه بعضهم بالإفراد وبعضهم بالجمع. وفيما يلي الكلام على كل: القسم الأول في بيان هاء التأنيث المتفق على قراءتها بالإفراد والمرسومة بالتاء المفتوحة تقع هذه الهاء في التنزيل في ثلاث عشرة كلمة في واحد وأربعين موضعاً وكلها في الأسماء المفردة المضافة إلى الاسم الظاهر والوقف عليها مختلف فيه بين القراء فمنهم من وقف عليها بالهاء وإجراء لهاء التأنيث على سنن واحد وهي لغة قريش. ومنهم من وقف عليها بالتاء المفتوحة وفاقاً للرسم وهي لغة حمير وطيئ. وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه ممن وقف عليها بالتاء المفتوحة. والكلمات الثلاث عشرة التي انحصرت فيها هذه الهاءات هي: "رحمت ونعمت ولعنت وامرأت ومعصيت وشجرت وسنت وقرت وجنت وفطرت وبقيت وابنت وكلمت". وقد تكرر منها ست كلمات وهن الخمس الأولى مع الكلمة "سنت" والسبع الباقية لم تتكرر وقد رتبناها هذا الترتيب وفقاً لترتيب المقدمة الجزرية ليسهل على الطالب فهمها. وفيما يلي تفصيل الكلام عليها واحدة واحدة فنقول وبالله التوفيق. الكلمة الأولى: "رحمت" وقد رسمت بالتاء المفتوحة في سبعة مواضع في القرآن الكريم وهي:

الأول: قوله تعالى: {أولاائك يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله} [الآية: 218] بالبقرة. الثاني: قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين} [الآية: 56] بالأعراف. الثالث: قوله تعالى: {رَحْمَتُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت} [الآية: 73] بهود عليه الصلاة والسلام. الرابع: قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ} [الآية: 2] بمريم. الخامس: قوله تعالى: {فانظر إلى آثَارِ رَحْمَتِ الله} [الآية: 50] بالروم. السادس والسابع: قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} . {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الآية: 32] الموضعان بالزخرف. وما سوى هذه المواضع فإنها بالهاء المربوطة رسماً ووقفاً بالإجماع نحو قوله تعالى: {لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله} [الآية: 53] بالزمر. الكلمة الثانية: "نعمت" وقد رسمت بالتاء المفتوحة في القرآن في أحد عشر موضعاً وهي كالتالي: الأول: قوله تعالى: {واذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ وَمَآ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ} [الآية: 231] بالبقرة. الثاني: قوله تعالى: {واذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً} [الآية: 103] بآل عمران. الثالث: قوله تعالى: {اذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} [الآية: 11] بالمائدة. الرابع والخامس: قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَتَ الله} [الآية: 28] ، وقوله

سبحانه: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا} [الآية: 34] الموضعان بإبراهيم عليه الصلاة والسلام. السادس والسابع والثامن: قوله تعالى: {وَبِنِعْمَتِ الله هُمْ يَكْفُرُونَ} . {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ الله ثُمَّ يُنكِرُونَهَا} . {واشكروا نِعْمَتَ الله إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [الآيات: 72، 83، 114] الثلاثة بالنحل. التاسع: قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِي فِي البحر بِنِعْمَتِ الله} [الآية: 31] بلقمان. العاشر: قوله تعالى: {يا أيها الناس اذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ} [الآية: 3] بفاطر جل وعلا. الحادي عشر: قوله سبحانه: {فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ} [الآية: 29] بالطور. وما عدا هذه المواضع فبالهاء المربوطة رسماً ووقفاً بالإجماع كقوله تعالى: {واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الذي وَاثَقَكُم بِهِ} . [الآية: 7] الموضع الأول بالمائدة وقوله سبحانه: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَآ} [الآية: 18] بالنحل. الكلمة الثالثة: "لعنت" قد رسمت بالتاء المفتوحة في موضعين اثنين في التنزيل. أولهما: قوله تعالى: {وأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ الله عَلَى الكاذبين} [الآية: 61] الموضع الأول بآل عمران. وثانيهما: قوله تعالى: {والخامسة أَنَّ لَعْنَتَ الله عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الكاذبين} [الآية: 7]

بالنور. وما سوى هذين الموضعين فبالهاء المربوطة رسماً ووقفاً لجميع القراء كقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ} [الآية: 161] بالبقرة وقوله عز شأنه: {أولائك جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ} [الآية: 87] الموضع الثاني بآل عمران. الكلمة الرابعة: "امرأت" وشرط رسم هذه الكلمة بالتاء المفتوحة ذكرها مع زوجها ووقعت في التنزيل بهذا الشرط في سبعة مواضع وهي كالتالي: الأول: قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امرأت عِمْرَانَ} [الآية: 35] بآل عمران. الثاني والثالث: قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي المدينة امرأت العزيز تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ} {قَالَتِ امرأت العزيز الآن حَصْحَصَ الحق} [الآية: 30، 51] . الموضعان بسورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام. الرابع: قوله تعالى: {وَقَالَتِ امرأت فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ} [الآية: 9] بالقصص. الخامس والسادس والسابع: قوله تعالى: {ضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ} [الآية: 10] . وقوله سبحانه: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ امرأت فِرْعَوْنَ} [الآية: 11] الثلاثة بالتحريم. ولم يوجد في التنزيل لفظ امرأت مضافاً إلى الاسم الظاهر إلا هذه المواضع السبعة. أما لفظ امرأة في الاسم المفرد غير المضاف للظاهر فهو متفق عليه بين جميع القراء في أنه مرسوم بالهاء المربوطة والوقف عليه كذلك كقوله تعالى: {وامرأة مؤمنة} [الآية: 50] بالأحزاب وما شابهها كما تقدم.

الكلمة الخامسة: "معصيت" قد رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضعين اثنين لا ثالث لهما في القرآن الكريم. أولهما: قوله تعالى: {وَيَتَنَاجَوْنَ بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَتِ الرسول} [الآية: 8] . وثانيهما: قوله تعالى: {فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَتِ الرسول} [الآية: 9] والموضعان بالمجادلة. الكلمة السادسة: "شجرت" رسمت بالتاء المفتوحة في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزقوم * طَعَامُ الأثيم} [الآية: 43، 44] بالدخان وما سوى هذا الموضع فبالهاء المربوطة رسماً وقفا ً بالإجماع كقوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد وَمُلْكٍ لاَّ يبلى} [الآية: 120] بطه عليه الصلاة والسلام، وقوله سبحانه: {أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزقوم} [الآية: 62] بالصافات. الكلمة السابعة: "سنت" رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في القرآن الكريم في خمسة مواضع هي: الأول: قوله تعالى: {وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} [الآية: 38] بالأنفال. الثاني والثالث والرابع: قوله تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ آلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَبْدِيلاً} {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلاً} [الآية: 43] الثلاثة بسورة فاطر جل وعلا. الخامس: قوله تعالى: {سُنَّتَ الله التي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} [الآية: 85] آخر سورة غافر عز وجل وما عدا هذه المواضع الخمسة فبالهاء المربوطة رسماً ووقفاً للجميع كقوله

تعالى: {سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا} [الآية: 77] بالإسراء. وقوله سبحانه: {مَّا كَانَ عَلَى النبي مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَّقْدُوراً} [الآية: 38] ، الموضع الثاني قوله: {سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ} [الآية: 62] الموضعان بالأحزاب وما شابه ذلك. الكلمة الثامنة: "قرت" رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضع واحد في التنزيل وهو قوله سبحانه: {وَقَالَتِ امرأت فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ} [الآية: 9] بالقصص وما سواه فبالهاء المربوطة رسماً ووقفاً بالإجماع كقوله تعالى: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الآية: 74] بالفرقان وقوله سبحانه: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [الآية: 17] بالسجدة "الاما". الكلمة التاسعة: "جنت" قد رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضع واحد في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} [الآية: 89] بالواقعة وما عداه فبالهاء المربوطة رسماً ووقفاً للجميع بالاتفاق كقوله تعالى: {قُلْ أذلك خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخلد التي وُعِدَ المتقون} [الآية: 7] بالفرقان. وقوله سبحانه: {واجعلني مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النعيم} [الآية: 85] بالشعراء. الكلمة العاشرة: "فطرت" هذه الكلمة لا نظير لها في القرآن الكريم وقد رسمت بالتاء المفتوحة في قوله عز شأنه: {فِطْرَتَ الله التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا} [الآية: 30] بالروم. الكلمة الحادية عشرة: "بقيت" رسمت هذه الكلمة بالتاء المفتوحة في موضع واحد في القرآن الكريم وهو قوله تعالى: {بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ} [الآية: 86] بسورة

سيدنا هود عليه الصلاة والسلام وليس في القرآن الكريم غير هذه الكلمة مضافة إلى الاسم الظاهر. أما لفظ بقية في الاسم المفرد غير المضاف إلى الاسم الظاهر فنحو قوله تعالى: {وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ موسى وَآلُ هَارُونَ} [الآية: 248] بالبقرة وهذا ونحوه من المتفق عليه بين عامة القراء على أنه بالهاء المربوطة رسماً ووقفاً كما مر. الكلمة الثانية عشرة: "ابنت" هذه الكلمة من الكلمات التي لا نظير لها في القرآن الكريم وقد رسمت بالتاء المفتوحة في قوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابنت عِمْرَانَ} [الآية: 12] بالتحريم. الكلمة الثالثة عشرة: "كلمت" هذه الكلمة رسمت بالتاء المفتوحة على المعتمد في موضع واحد في التنزيل في قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحسنى

على بني إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ} [الآية: 137] بالأعراف وما عداه فبالهاء المربوطة رسماً وقفاً للجميع كقوله تعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الذين كَفَرُواْ السفلى وَكَلِمَةُ الله هِيَ العليا} [الآية: 40] بالتوبة وقوله سبحانه: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى} [الآية: 26] بالفتح وما إلى ذلك. وقد أشار الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية إلى الثلاث عشرة كلمة المتقدمة بقوله: ورحمَتُ الزُّخرُف بالتَّا زَبَرَهْ ... الاعرافِ رُومِ هُودِ كافِ البقرهْ نعمَتُها ثلاثُ نحْلٍ إبْرَهَمْ ... معا أخيرَاتُ عُقُودُ الثاني هَمْ لُقْمَانُ ثُم فاطِرُ كالطُّور ... عمران لَعْنَتُ بها والنُّور وامرأتُ يوسُفَ عمْران القصَصْ ... تحريمُ معصيَتْ بقدْ سَمِعْ يُخَص شجرتُ الدُّخان سُنتُ فَاطر ... كلاًّ والانفَال وحرْف غافر قُرَّتُ عيْن جنَّت في وقعتْ ... فِطْرَتْ بقيَّتْ وابنَتْ وكَلِمَتْ أوْسَطَ الأعراف ... ... ... ... ... ... ... ... ... . "تتمة": يلحق بهذا القسم ست كلمات رسمت بالتاء المفتوحة. منها ثلاث كلمات مضافة إلى الاسم الظاهر والثلاث الأخرى غير مضافة. أما الكلمات الثلاثة المضافة: فأولاها: كلمة "ذات" في قوله تعالى: {بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا} [الآية: 60] بالنمل فقط. أما كلمة "ذات" في غير موضع النمل فبالتاء المفتوحة رسماً ووقفاً للجميع بالإجماع نحو قوله تعالى: {فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} [الآية: 1] بالأنفال. وقوله

سبحانه: {يَعْلَمُ مَا فِي السماوات والأرض وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} [الآية: 4] بالتغابن ونحوها. وثانيها: كلمة "مرضات" في قوله تعالى: {ابتغآء مَرْضَاتِ الله} [الآيتان: 207، 265] في موضعي البقرة وموضع النساء [الآية: 114] وقوله سبحانه: {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} [الآية: 1] بالتحريم. وثالثها: كلمة "ولات" في قوله تعالى: {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} [الآية: 3] بـ"ص". أما الكلمات الثلاث غير المضافة. فأولاها: كلمة {يا أبت} وهي في سورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام [الآيتان: 4، 100] وسورة مريم [الآيات: 42، 43، 44، 45] والقصص [الآية: 26] والصافات [الآية: 102] . وثانيها: كلمة "هيهات" في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [الآية: 36] في الموضعين بالمؤمنون. وثالثها: كلمة "اللات" في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللات والعزى} [الآية: 19] بالنجم. وقد نظم هذه الكلمات الست الملا علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية بقوله: واللاتَ مع لات كذا مرضات ... وي 1648;أبت وذات مع هيهات اهـ

القسم الثاني في بيان هاء التأنيث المختلف فيها بين القراء في الإفراد والجمع.

وأما حكم الوقف عليها فمختلف فيه بين القراء فمنهم من وقف بالتاء المفتوحة. تبعاً للرسم. ومنهم من وقف بالهاء المربوطة خلافاً له مع صحته في الرواية وتفصيل ذلك مبسوط في كتب الخلاف تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار. وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه وقف على جميعها بالتاء المفتوحة موافقة لرسم المصحف الشريف فتأمل. القسم الثاني في بيان هاء التأنيث المختلف فيها بين القراء في الإفراد والجمع. وهذا القسم هو الذي أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية في بعض البيت الأخير من الباب بقوله رحمه الله تعالى: ... ... وكلّ ما اختُلفْ ... جمْعاً وفرداً فيه بالتَّاءِ عُرفْ اهـ ويتحصل من قوله هذا قاعدة عامة. وهي أن كل ما اختلف القراء في قراءته بالإفراد والجمع فمرسوم بالتاء المفتوحة. وقد وقع ذلك في سبع كلمات في اثني عشر موضعاً في القرآن الكريم. ومن بين الكلمات السبع كلمتان مضافتان إلى الاسم الظاهر والخمس الباقية غير مضافة. أما المضافتان: فالأولى منهما: "كلمت" وقد وقعت في أربعة مواضع في التنزيل: الأولى: قوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} [الآية: 115] بالأنعام. الثاني والثالث: قوله تعالى: {كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الذين فسقوا أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الآية: 33] وقوله سبحانه: {إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الآية: 96] الموضعان بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام.

الرابع: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الذين كفروا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النار} [الآية: 6] بسورة غافر جل وعلا. وقد اختلفت المصاحف في الموضع الثاني من يونس وكذلك موضع غافر والقياس فيهما التاء كما سيأتي. والثانية: كلمة {غيابت الجب} [الآيتان: 10، 15] في الموضعين بسورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام، أما الكلمات الخمس التي لم تضف فهي كالآتي: الكلمة الأولى: كلمة "آيات" في موضعين: أولهما: قوله تعالى: {ءايات لِّلسَّائِلِينَ} [الآية: 7] بسورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام. وثانيهما: قوله تعالى: {وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءايات مِّن رَّبِّهِ} [الآية: 50] بالعنكبوت. الكلمة الثانية: كلمة "الغرفات" في قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ} [الآية: 37] بسبأ. الكلمة الثالثة: كلمة "بينت" في قوله تعالى: {فَهُمْ على بَيِّنَتٍ مِّنْهُ} [الآية: 40] بفاطر جل وعلا. الكلمة الرابعة: كلمة "ثمرات" في قوله تعالى: {وَمَا تَخْرُجُ مِن ثمرات مِّنْ أَكْمَامِهَا} [الآية: 47] بفصلت. الكلمة الخامسة: كلمة "جمالت" في قوله تعالى: {كَأَنَّهُ جمالت صُفْرٌ} [الآية: 33] بالمرسلات. وقد نظم كلمات هذا القسم شيخ مشايخي العلامة المتولي في كتابه "اللؤلؤ

المنظوم" فقال رحمه الله تعالى: وكلُّ ما فيه الخلاف يجْري ... جمعاً وفرْداً فبتاءٍ فادْر وذا جم 1648;لتٌ وءَايتٌ أتَى ... في يوسف والعنكبوت يا فتى وكلم 1648;تٌ وهو في الطوْل معَا ... أنعامهُ ثم بيونُسَ معا والغرف 1648;ت في سبأ وبيِّنتْ ... في فاطر وثمرات فُصِّلتْ غي 1648;بت الجُبِّ وخُلف ثاني ... يونُس والطوْل فع المعاني اهـ وأما معرفة من قرأ فيها من القراء بالجمع ومن قرأ فيها منهم بالإفراد فقد تركنا ذكره هنا مراعاة للاختصار. ومن أراده فعليه بكتب الخلاف فهو مبسوط فيها. وأما معرفة الوقف عليها فمن قرأ فيها بالجمع وقف عليها بالتاء كسائر الجموع ولو كان مذهبه الوقف بالهاء في الإفراد. ومن قرأ فيها بالإفراد وكان مذهبه الوقف بالتاء وقف بها. ومن كان مذهبه الوقف بالهاء وقف بها أيضاً: وبالنسبة لحفص عن عاصم فيها فقد قرأ بالجمع في ثلاث كلمات في السبع ووقف عليها بالتاء كما هو مقرر وهي كلمة "آيات" في موضعيها بيوسف والعنكبوت و"الغرفات" في سبأ و"ثمرات" في فصلت. وأما الكلمات الأربع الباقية فهي كلمة "غيابت" في الموضعين بيوسف وكلمة "بينت" بفاطر وكلمة "جمالت" بالمرسلات ولفظ "كلمت" في كل من الأنعام وغافر وموضعي يونس فقرأهن حفص عن عاصم بالإفراد ووقف عليهن بالتاء المفتوحة كما مذهبه غير أن لفظ "كلمت" في موضع غافر اختلف كتاب المصاحف فيه فرسمها بعضهم بالتاء المفتوحة وبعضهم بالهاء المربوطة. وكذلك اختلف في "كلمت" في الموضع الثاني من يونس فرسمت في المصاحف

العراقية بالهاء وفي الشامية والمدنية بالتاء والأولى والقياس رسم موضع غافر والثاني من يونس بالتاء كما قال به الجمهور وإليه أشار الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في "العقيلة" بعد ما أورد الخلاف في الموضعين بقوله: "وفيهما التاء أولى" أهـ قال في نهاية القول المفيد: "وقطع ابن الجزري وغيره بأنهما بالتاء على ذلك شراح الجزرية ثم إنك إذا نظرت لرسمها هاء جاز لك الوقف عليهما بها لمن قرأهما بالإفراد. وإذا نظرت لرسمهما تاء أجريتهما كنظائرهما" أهـ منه بلفظه. وعلى هذا يتحصل لحفص عن عاصم حالة الوقف عليهما وجهان صحيحان: الأول: الوقف عليهما بالتاء المفتوحة وهذا هو المشهور عند الجمهور لما تقدم. والثاني: الوقف عليهما بالهاء المربوطة ولا بأس به. وما ذكره صاحب العقد الفريد الكبير من قوله فيهما: "إنهما رسمتا في مصاحف العراق بالهاء وحفص من أهل العراق فوقفه عليهما بالهاء تبعاً لمصحف بلده" أهـ فهذا القول وإن كان صحيحاً في كونهما مرسومتين في مصاحف أهل العراق بالهاء إلا أن ما يؤخذ منه أن حفصاً ليس له فيهما إلا الوقف بالهاء فليس بذاك إذ هو مخالف لما عليه الجمهور من ورود الرواية عنه بالوقف عليهما بالتاء أيضاً وهذا هو المشهور عنه والمعول عليه كما مر إذ أن قاعدة حفص هنا أن يقف بالتاء في هاتين الكلمتين وسائر ما يماثلهما كما تقدم في عموم الباب. وإنما جاء عنه الوقف عليهما هنا بالهاء أيضاً مراعاة للرسم الذي كتبت به مصاحف العراق

ليس إلا فافهم ذلك. ويوافق حفصاً على الوقف بالوجهين هنا من قرأ فيهما بالإفراد وكان مذهبه الوقف بالتاء في العموم وهم أبو بكر شعبة وحمزة وخلف العاشر فتأمل، والله الموفق.

الباب الخامس عشر / في همزتي الوصل والقطع

الباب الخامس عشر / في همزتي الوصل والقطع الفصل الأول في تعريف همزة الوصل ومواضعها وحكمها وصلاً وابتداء. من المقرر أن للقارئ حالتين: حالة ابتداء وحالة وقف. ومن الأصول المقررة ألا يبتدأ بساكن وألا يوقف على متحرك ويؤخذ من هذا الأصل أن الابتداء لا يكون إلا بالحركة وأن الوقف لا يكون إلا بالسكون أو ما فيه حكمه كالوقف بوجه الروم كما سيأتي: فإذا تقرر هذا فاعلم أن من الكلمات ما يكون أولها متحركاً وهذا لا إشكال فيه عند الابتداء إذ الابتداء بالحركة غير متعذر. ومنها ما يكون أولها ساكناً والابتداء بالساكن غير مقدور عليه بل ومحال ومن ثم احتيج إلى اجتلاب همزة زائدة في أول هذه الكلمة هي همزة الوصل ليتوصل بها إلى النطق بالساكن الموجود في أول الكلمة هذه. وعلى هذا: فتعريف همزة الوصل: هي الهمزة الزائدة في أول الكلمة الثابتة في الابتداء الساقطة في الدرج - أي في الوصل نحو قوله تعالى: {قُلِ الحمد لِلَّهِ وَسَلاَمٌ على عِبَادِهِ الذين اصطفى} [النمل: 51] وهنا نجد أن همزة كلمة "الحمد" و"الذين" و"اصطفى" هي همزة وصل لسقوطها في الوصل أي الوصل هذه الكلمات بما قبلها وثبوتها في الابتداء إذا ابتدئ بها. وسميت بهمزة الوصل لأنها يتوصل بها إلى النطق بالساكن كما مر. ولذا سماها الخليل بن أحمد سلم اللسان فتأمل. وأما مواضعها ففي الأسماء والأفعال والحروف وتارة تكون قياسية وهو

الأكثر وروداً وتارة تكون سماعية وهو الأقل. وفيما يلي الكلام على كل موضع جاءت فيه بانفراد. الكلام على وجود همزة الوصل في الأفعال وبيان حركة البدء بها وهي في الأفعال قياسية ولا توجد إلا في الفعل الماضي والأمر. أما وجودها في الماضي فلا يكون إلا في الخماسي والسداسي. فالماضي الخماسي: نحو "اعتدى واقترب واشترى" في قوله تعالى: {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وقوله تعالى: {اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1] . وقوله عز شأنه: {إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجنة} [التوبة: 111] وما إلى ذلك. والماضي السداسي: نحو "استسقى واستكبر واستطعم واستنصر" في قوله تعالى: {وَإِذِ استسقى موسى لِقَوْمِهِ} [البقرة: 60] وقوله سبحانه: {إِلاَّ إِبْلِيسَ استكبر وَكَانَ مِنَ الكافرين} [ص: 74] ، وقوله عز شأنه: {حتى إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ استطعمآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا} [الكهف: 77] وقوله عز من قائل: {وَإِنِ استنصروكم فِي الدين فَعَلَيْكُمُ النصر} [الأنفال: 72] وما شابه ذلك. وأما وجودها في فعل الأمر فمقيد بأمر الثلاثي والخماسي والسداسي. فالأمر من الثلاثي نحو "اضرب واخرج وانظر واتل وادع" في قوله تعالى: {فَقُلْنَا اضرب بِّعَصَاكَ الحجر} [البقرة: 60] . وقوله تعالى: {وَقَالَتِ اخرج عَلَيْهِنَّ} [يوسف: 31] ، وقوله

سبحانه: {انظر كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيات ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ} ، [المائدة: 75] وقوله عز شأنه: {اتل مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب وَأَقِمِ الصلاة} [العنكبوت: 45] ، وقوله عز من قائل: {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] وشبه ذلك. والأمر من الخماسي نحو قوله تعالى: {ثَلاَثَةٌ انتهوا خَيْراً} [النساء: 171] ، وقوله تعالى: {انطلقوا إلى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المرسلات: 29] وقوله سبحانه: {قُلِ انتظروا إِنَّا مُنتَظِرُونَ} [الأنعام: 158] ونحو ذلك. والأمر من السداسي: نحو "استغفر واستأجره واستهزءوا" في قوله تعالى: {استغفر لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] الآية، وقوله سبحانه: {يا أبت استأجره} [القصص: 26] ، وقوله عز من قائل: {قُلِ استهزءوا إِنَّ الله مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ} [التوبة: 64] ونحوه. وهذا: ومما يجب معرفته أنه (خرج) بوجود همزة الوصل في الفعل الماضي والأمر الفعل المضارع فإنها لا توجد فيه مطلقاً وأنها لا تكون فيه إلا همزة قطع على ما سيأتي. (وخرج) بقيد الخماسي والسداسي من الماضي الثلاثي والرباعي منه "كأمر وأذن وأكرم وأحسن" في قوله تعالى: {أَمَرَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [يوسف: 40] ، وقوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} [الحج: 39] ، وقوله سبحانه: {فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ} [الفجر: 15] ،

وقوله سبحانه: {إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] فالهمزة فيها همزة قطع مفتوحة وصلاً وابتداء. (وخرج) بقيد الأمر من الثلاثي والخماسي والسداسي الأمر من الرباعي كقوله تعالى: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] ، وقوله سبحانه: {رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] فالهمزة فيه همزة قطع مفتوحة وصلاً وابتداء كذلك على ما سيأتي إن شاءالله تعالى. حركة البدء بهمزة الوصل في الأفعال المقيسة فيها حركة البدء بهمزة الوصل في الأفعال المقيسة فيها قد تكون بالضم وقد تكون بالكسر. أما حركة البدء بالضم فشرطها أن يكون ثالث الفعل مضموماً ضمًّا لازماً. مثالها: في الماضي نحو "استحفظوا واجتثت وابتلى" في قوله تعالى: {والربانيون والأحبار بِمَا استحفظوا مِن كِتَابِ الله} [المائدة: 44] ، وقوله سبحانه: {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجتثت مِن فَوْقِ الأرض مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} [إبراهيم: 26] ، وقوله عز شأنه: {هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً (11) } [الأحزاب: 11] ونحو ذلك. ومثالها: في الأمر نحو "ادع واتل وانظر واقتلوا واخرجوا" في قوله تعالى: {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] ، وقوله تعالى: {اتل مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب} [العنكبوت: 45] ، وقوله جل شأنه: {انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال} [الإسراء: 48، الفرقان: 9] ، وقوله

سبحانه: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} [النساء: 66] وما شابه ذلك. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله رحمه الله تعالى: وابْدَأ بهمز الوصْلِ من فِعْلٍ بضَم ... إن كان ثالثٌ من الفعل يُضَمّ اهـ فخرج بالضم اللازم في ثالث الفعل الذي هو شرط في البدء بالضم، الضم العارض وحينئذ يبتدأ فيه بكسر الهمزة وجوباً نحو "اقضوا وابنوا وامضوا وامشوا وائتوا" في قوله تعالى: {ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ} [يونس: 71] ، وقوله تعالى: {فَقَالُواْ ابنوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً} [الكهف: 21] ، وقوله سبحانه: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65] ، وقوله عز من قائل: {ثُمَّ ائتوا صَفّاً} [طه: 64] . وقوله سبحانه: {ائتوني بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هاذآ أَوْ أَثَارَةٍ} [الأحقاف: 4] ونحوه وليس في القرآن غير هذه الأفعال الخمسة التي ضم ثالثها عارض فيما أحسب. وإن كان فيه غيرها فهو واضح، لكن لا يجوز البدء بهمزة الوصل مجردة عن واو العطف في "وامضوا" كما هو ظاهر فليعلم ذلك. هذا: وبيان عروض الضمة في ثالث هذه الأفعال هو أن كلمة "اقضوا" كان أصلها "اقضيوا" بضاد مكسورة وياء مضمومة بعدها فنقلت ضمة الياء إلى الضاد بعد تقدير سلب حركتها فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الياء لالتقاء الساكنين فصارت الكلمة "اقضوا" بضم الضاد وحذف الياء وكذلك القول في باقي الأفعال التي ضم ثالثها عارض فيما ذكرنا، فتأمل.

وما ذكره صاحب العميد رحمه الله تعالى من عدّه كلمة "اغدوا" في قوله تعالى: {أَنِ اغدوا على حَرْثِكُمْ} [الآية: 22] بسورة القلم ضمن الأفعال التي ضم ثالثها عارض ويبتدأ فيها بالكسر وجوباً كما قال فهو سهو منه رحمه الله. والصواب أنها من الأفعال التي يبتدأ فيها بضم الهمزة وجوباً لأن ضمة ثالثها أصلية وليست عارضة وذلك لأنها من معتل اللام بالوار فتفطن. وأما حركة البدء بالكسر فشرطها أن يكون ثالث الفعل مفتوحاً أو مكسوراً كسراً أصليًّا.

فمثال ما ثالث الفعل فيه مفتوح نحو "انقلب وارتضى وانطلق واذهبوا واعلموا واستغفروا واستجيبوا" في قوله تعالى: {وَإِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمُ انقلبوا فَكِهِينَ} [المطففين: 31] ، وقوله تعالى: {إِلاَّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ} [الجن: 27] ، وقوله سبحانه: {سَيَقُولُ المخلفون إِذَا انطلقتم إلى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا} [الفتح: 15] ، وقوله تعالى: {اذهبوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً} [يوسف: 93] ، وقوله عز شأنه: {اعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب وَأَنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 98] ، وقوله عز من قائل: {فَقُلْتُ استغفروا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} [نوح: 10] ، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ استجيبوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] وما إلى ذلك. ومثال ما ثالث الفعل فيه مكسوراً كسراً أصليًّا نحو "اهدنا واصبر واكشف واصرف" في قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6] ، وقوله سبحانه: {اصبر على مَا يَقُولُونَ} [ص: 17] ، وقوله تعالى: {رَّبَّنَا اكشف عَنَّا العذاب إِنَّا مْؤْمِنُونَ} [الدخان: 12] ، وقوله تعالى: {والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا اصرف عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ} [الفرقان: 65] وما أشبه ذلك. وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله: واكْسِرْهُ حال الكسر والفتْح ... ... ... ... ... "توضيح": قد تقدم قريباً أن الابتداء بكسر همزة الوصل في الفعل وجوباً

إذا كان ثالثه مضموماً ضمًّا عارضاً كاقضوا. وعليه فيصير الابتداء بكسر همزة الوصل في الفعل وجوباً في أحوال ثلاثة. إذا كان ثالثه مكسوراً كسراً أصليًّا أو مفتوحاً أو مضموماً ضمًّا عارضاً. وأما الابتداء بضم همزة الوصل وجوباً في الفعل ففي حالين اثنين إذا كان ثالث الفعل مضموماً ضمًّا لازماً. أو كان ثالثه مكسوراً كسراً عارضاً نحو "اضطر" في قراءة أبي جعفر المدني كما ذكرنا آنفاً بالحاشية. ومن ثم يتبين أن حركة همزة الوصل في الابتداء بالأفعال مبنية على حركة الثالث منها. فإن اختلف القراء في حركة الثالث لورود الفعل ما بابين نحو "انشزوا" في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ انشزوا فَانشُزُواْ} [المجادلة: 11] فقد قرأ بعضهم بضم الشين وبعضهم بكسرها فيراعى ذلك في الابتداء فيبتدأ بضم الهمزة لمن قرأ بضم الشين وبكسرها لمن كسر الشين. وكذلك يراعى اختلاف القراء في ضم ثالث الفعل عند بنائه للمجهول كما في لفظ "استحق" في قوله تعالى: {مِنَ الذين استحق عَلَيْهِمُ الأوليان} [المائدة: 2] فقد قرأ حفص عن عاصم بفتح التاء والحاء على البناء للمعلوم وقرأ الباقون غيره بضم التاء وكسر الحاء على البناء للمجهول وعليه فيبتدأ لحفص بكسر همزة الوصل مراعاة لفتح ثالث الفعل ويبتدأ لغيره من القراء بضمها مراعاة لضم ثالث الفعل ضمًّا لازماً فتأمل. الكلام على وجود همزة الوصل في الأسماء وحركة البدء بها وهي في الأسماء قياسية وسماعية. والاسم لا يخلو من أن يكون معرفاً بالألف واللام أو مجرداً منهما. فإن كان معرفاً بالألف واللام فهمزة الوصل فيه قياسية وحركتها عند الابتداء الفتحة طلباً للخفة ولكثرة دورانها نحو قوله تعالى: {هُوَ الله الخالق البارىء المصور لَهُ الأسمآء الحسنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السماوات والأرض وَهُوَ العزيز الحكيم} [الحشر: 24] .

وإن كان مجرداً من الألف واللام فهمزة الوصل فيه قياسية وسماعية. أما القياسية ففي نوعين منه: النوع الأول: مصدر الفعل الماضي الخماسي نحو "افتراء وابتغاء واختلاف وانتقام" في قوله تعالى: {وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ الله افترآء عَلَى الله} [الأنعام: 140] ، وقوله سبحانه: {وَمِنَ الناس مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابتغآء مَرْضَاتِ الله} [البقرة: 207] ، وقوله عز شأنه: {إِنَّ فِي اختلاف الليل والنهار وَمَا خَلَقَ الله فِي السماوات والأرض لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ} [يونس: 6] ، وقوله تعالى: {والله عَزِيزٌ ذُو انتقام} [المائدة: 95] وما إلى ذلك. النوع الثاني: مصدر الفعل الماضي السداسي نحو "استغفار واستعجال واستكبار" في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ استغفار إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ} [التوبة: 114] ، وقوله سبحانه: {وَلَوْ يُعَجِّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11] ، وقوله عز شأنه: {وَأَصَرُّواْ واستكبروا استكبارا} [نوح: 7] وما شابه ذلك. وحركة البدء بهمزة الوصل في هذين المصدرين الكسر وجوباً. وأما السماعية ففي عشرة أسماء محفوظة ورد منها في القرآن الكريم سبعة أسماء والثلاثة الباقية وردت في غير القرآن من كلام العرب. أما الأسماء السبعة التي في القرآن الكريم فهي كما يلي: الأول: "ابن" بالتذكير سواء كان مضافاً لياء المتكلم أو لغيرها كقوله تعالى: {إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي} [هود: 45] ، وقوله تعالى: {اسمه المسيح عِيسَى ابن مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدنيا

والآخرة} [آل عمران: 45] . الثاني: "ابنت" بالتأنيث مفردة أو مثناة كقوله تعالى: {وَمَرْيَمَ ابنت عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التحريم: 12] ، وقوله تعالى: {قَالَ إني أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابنتي هَاتَيْنِ} [القصص: 27] . الثالث: "امرؤ" بالتذكير حيث ورد مرفوعاً كان أو منصوباً أو مجروراً نحو قوله تعالى: {إِن امرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176] ، وقوله سبحانه: {مَا كَانَ أَبُوكِ امرأ سَوْءٍ} [مريم: 28] ، وقوله عز شأنه: {لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37] . الرابع: "اثنين: بالتذكير سواء كان معرباً بالألف والنون أو بالياء والنون أو كان مضافاً للعشرة نحو قوله تعالى: {اثنان ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ} [المائدة: 106] ، وقوله سبحانه: {ثَانِيَ اثنين إِذْ هُمَا فِي الغار} [التوبة: 40] ، وقوله سبحانه: {إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً} [التوبة: 36] ، وقوله تعالى: {وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً} [المائدة: 12] . الخامس: "امرأت" بالتأنيث مفردة أو مثناة وسواء رسمت بالتاء المفتوحة أم بالهاء المربوطة نحو {امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ} [التحريم: 10] ، وقوله سبحانه: {وَإِنِ امرأة خَافَتْ} [النساء: 128] ، وقوله تعالى: {وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امرأتين تَذُودَانِ} [القصص: 23] . السادس: "اسم" نحو قوله تعالى: {سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى} [الأعلى: 1] ، وقوله

سبحانه: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ} [الصف: 6] . السابع: "اثنتين" بالتأنيث سواء كان مضافاً للعشرة أم لم يضف نحو قوله تعالى: {فانفجرت مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً} [البقرة: 60] ، وقوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثنتي عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً} [الأعراف: 160] ، وقوله سبحانه: {فَإِن كَانَتَا اثنتين فَلَهُمَا الثلثان مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] ، ويلاحظ هنا أن النون من لفظ "اثنان" في المذكر و"اثنتين" في المؤنث محذوفة لأجل تركيبهما مع العشرة. وأما الأسماء الثلاثة الباقية من العشرة الواردة في غير القرآن فنوردها لتمام الفائدة: فنقول: أولها: لفظ "است". وثانيها: لفظ "ابنم" وهو "ابن" زيدت فيه الميم. وثالثها: لفظ "إيم" وهو للقسم وقد يزاد فيه النون فيقال "أيمن" نحو "وأيمن الله لأجتهدن". هذا: وقد اختلف في لفط "أيمن" بين كونه اسماً أو حرفاً والراجح أنه اسم. وأما حركة البدء بهمزة الوصل في هذه الأسماء فبالكسر وجوباً سواء أكانت من الواردة في التنزيل أم من غير الواردة فيه إلا "أيمن" في القسم في لغتيه فيجوز فيه الفتح أيضاً وهو الأرجح. وقد أشار الحافظ ابن الجزري إلى همزة الوصل في الأسماء وحركة البدء بها في المقدمة الجزرية بقوله: ... ... ... وفِي ... الأسماءِ غير اللام كسرُها وفي ابنٍ مع ابنة امرئ واثنيْن ... وامرأة واسْمِ مع اثنتَيْن اهـ

الكلام على وجود همزة الوصل في الحروف وحركة البدء بها همزة الوصل في الحروف لا توجد إلا في حرفين: الأول: "ال" في نحو قوله تعالى: {الرحمان * عَلَّمَ القرآن * خَلَقَ الإنسان * عَلَّمَهُ البيان} [الرحمن: 1-4] وهي هنا قياسية. الثاني: "أيمن" في القسم في لغتيه "زيادة النون أو حذفها" وهذا على القول بحرفيته وهو ضعيف وهمزة الوصل فيه سماعية. أما حركة البدء فيهما فبالفتح في "ال" وجوباً وفي "أيمن" على الأرجح. "فائدة": تحذف همزة الوصل لفظاً وخطًّا من "ال" إذا دخل عليها لام الجر نحو "للرؤيا. للمتقين. للذين" في قوله تعالى: {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] ، وقوله: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} [النبأ: 31] ، وقوله: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ، بخلاف دخول غيرها عليها من بقية حروف الجر فإنها حينئذ تحذف لفظاً وتثبت خطًّا نحو "بالآخرة بالغيب من الكتاب. كالذين. في الحياة. والطور والنجم" في نحو قوله تعالى: {وبالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4] ، وقوله تعالى: {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب وَيُقِيمُونَ الصلاة} [البقرة: 3] ، وقوله سبحانه: {والذي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب هُوَ الحق} [فاطر: 31] ، وقوله عز شأنه: {كالذين مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً} [التوبة: 69] ، وقوله عز شأنه: {لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة} [يونس: 64] ، وقوله

تعالى: {والطور * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ} [الطور: 1-2] ، وقوله سبحانه: {والنجم إِذَا هوى} [النجم: 1] وما إلى ذلك. وحكم همزة الوصل حينئذ حكم المسبوقة بكلام نحو قوله تعالى: {قُلِ الحمد لِلَّهِ وَسَلاَمٌ على عِبَادِهِ الذين اصطفى} [النمل: 59] ، وقوله سبحانه: {وَأَصَرُّواْ واستكبروا استكبارا} [نوح: 7] وهي بهذا مطابقة لتعريفها السابق من أنها تثبت في الابتداء وتسقط في الوصل، والله أعلم.

الفصل الثاني في تعريف همزة القطع ومواضعها التي تقاس فيها وحركتها.

الفصل الثاني في تعريف همزة القطع ومواضعها التي تقاس فيها وحركتها. تعرف همزة القطع بأنها الهمزة التي تثبت في حالتي الوصل والبدء نحو قوله تعالى: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذريتيا} [الأحقاف: 15] . وقوله تعالى: {وبالوالدين إِحْسَاناً} [النساء: 36] . وقوله تعالى: {إني أُشْهِدُ الله واشهدوا أَنِّي برياء مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ} [هود: 54، 55] . وسميت بهمزة القطع لثبوتها في الدرج فينقطع بالتلفظ بها الحرف الذي قبلها عن الحرف الذي بعدها بخلاف همزة الوصل فإنها تثبت في البدء وتسقط في الدرج كما مر ومن ثم يتضح الفرق بين الهمزتين. وقد أشار العلامة الطيبي إلى تعريف كل من همزتي القطع والوصل بقوله رحمه الله: وهمزةٌ تثبتُ في الحالين ... همزة قطع نحو أبيضين وهمزةٌ تثبتُ في البدء فقطْ ... همزة وصل نحو قولك النمط اهـ مواضع همزة القطع التي تنقاس فيها وبيان حركتها أما مواضعها التي تنقاس فيها فهي خمسة إجمالاً: وهي الأفعال الثلاثية ومصدرا الفعل الماضي الثلاثي والرباعي على تفصيل يأتي بعد. وأما بيان حركتها فيشمل الحركات الثلاث الفتحة والكسرة والضمة وفيها

يلي تفصيل كل موضع من مواضعها الخمسة مع بيان الحركة فيه فنقول وبالله التوفيق ومنه سبحانه نستمد العون والقول. همزة القطع المفتوحة وموضع وجودها توجد همزة القطع المفتوحة في خمسة مواضع وإليك بيانها: الأول: الفعل الماضي الثلاثي المبني للمعلوم نحو "أذن وأمر" في قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه} [النور: 36] . وقوله عز من قائل: {أَمَرَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلك الدين القيم} [يوسف: 40] وما إلى ذلك. الثاني: الفعل الماضي الرباعي المبني للمعلوم نحو: "ألهاكم وأوحَى وأحسنَ" في قوله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التكاثر} [التكاثر: 1] . وقوله سبحانه: {وأوحى رَبُّكَ إلى النحل} [النحل: 68] . وقوله تعالى: {إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إلى نُوحٍ والنبيين مِن بَعْدِهِ} [النساء: 163] . وقوله تعالى: {إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] ، وما أشبه ذلك. الثالث: الفعل المضارع نحو "أذبح وأعمل وأسمع وأرى" في قوله تعالى: {إني أرى فِي المنام أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: 102] ، وقوله سبحانه: {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ} [الأحقاف: 15] ، وقوله عز شأنه: {إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى} [طه: 46] وما كان على هذا النحو. الرابع: فعل الأمر من الرباعي نحو "أكرم وأحْسِن وأخرج وأصلح" في نحو قوله تعالى: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} [يوسف: 21] ، وقوله سبحانه: {وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله

إِلَيْكَ} [القصص: 77] ، وقوله سبحانه: {أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37] ، وقوله تعالى: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذريتيا} [الأحقاف: 15] وما إلى ذلك. الخامس: مصدر الفعل الماضي الثلاثي. وقد تكون همزة القطع فيه مفتوحة نحو "أمر وأمن وأكل" وقد تكون مكسورة أيضاً نحو "إذن وإفك وإثم". فمثال المفتوحة في التنزيل قوله تعالى: {وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً} [الكهف: 69] ، وقوله سبحانه: "من كلّ أَمْرٍ". وقوله جل شأنه: {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} [النور: 55] ، وقوله تعالى: {وَتَأْكُلُونَ التراث أَكْلاً لَّمّاً} [الفجر: 19] ، وما شابه ذلك. ومثال المكسورة في القرآن الكريم قوله تعالى: {تَنَزَّلُ الملائكة والروح فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} [القدر: 4] ، وقوله سبحانه: {وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظلمات إِلَى النور بِإِذْنِهِ} [المائدة: 16] ، وقوله تعالى: {وَقَالُواْ هاذآ إِفْكٌ مُّبِينٌ} [النور: 12] ، وقوله عز وجل: {وَمَن يُشْرِكْ بالله فَقَدِ افترى إِثْماً عَظِيماً} [النساء: 48] وشبه ذلك. همزة القطع المكسورة وموضع وجودها توجد همزة القطع المكسورة في موضعين: الأول: مصدر الفعل الماضي الرباعي نحو "إطعام وإخراج وإحسان وإنشاء وإكرام" في قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدةك 89] ، وقوله تعالى: {

وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} [نوح: 18] ، وقوله جل وعلا: {وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ وبالوالدين إِحْسَاناً} [الإسراء: 23] ، وقوله عز شأنه: {إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً} [الواقعة: 35] ، وقوله سبحانه: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجلال والإكرام} [الرحمن: 26، 27] ، وقوله عز وجل: {تَبَارَكَ اسم رَبِّكَ ذِي الجلال والإكرام} [الرحن: 78] . الثاني: مصدر الفعل الماضي الثلاثي فيما صح فيه الكسر نحو "إذن وإثم وإفك" وقد مر ذكر ذلك والتمثيل له من التنزيل آنفاً. همزة القطع المضمومة وموضع وجودها توجد هذه الهمزة في أربعة مواضع: الأول: الفعل المضارع من الثلاثي المزيد نحو "أُبرئ وأحيى وأميت" كما في قوله تعالى: {وَأُبْرِىءُ الأكمه والأبرص وَأُحْيِ الموتى بِإِذْنِ الله} [آل عمران: 49] ، وقوله سبحانه: {قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة: 258] وما كان من هذا الباب. ثانيها: الفعل المضارع من الثلاثي المضعف نحو "أُبرىءُ" كما في قوله تعالى: {وَمَآ أُبَرِّىءُ نفسي} [يوسف: 53] . ثالثها: الفعل الماضي الثلاثي المبني للمجهول نحو "أمر وأذن" كما في قوله تعالى: {وَمَآ أمروا إِلاَّ ليعبدوا إلاها وَاحِداً} [التوبة: 31] ، وقوله تعالى: {لاَ شَرِيكَ لَهُ وبذلك أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين} [الأنعام: 163] ، وقوله سبحانه: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ

بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ} [الحج: 39] . رابعها: الفعل الماضي الرباعي المبني للمجهول أيضاً نحو: "أُوتي وأوحي وأخرج" كما في قوله تعالى: {قَالُواْ لولا أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ موسى} [القصص: 48] ، وقوله سبحانه: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} [الجن: 1] ، وقوله سبحانه: {أتعدانني أَنْ أُخْرَجَ} [الأحقاف: 17] . "تتمة": ما تقدم هو المواضع القياسية لهمزة القطع في الأسماء والأفعال. أما في الحروف فهي فيها همزة قطع من غير شرط نحو "أن وكأن" المشددتين والمخففتين أيضاً نحو قوله تعالى: {إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20] ، وقوله سبحانه: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} [القمر: 20] ، وقوله عز شأنه: {إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً} [الكهف: 6] ، وقوله تعالى: {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا} [الأعراف: 92] وما شابه ذلك. ويستثنى من الحروف "ال" عند سيبويه ومذهب الخليل أنها قطعية ووصلت لكثرة الاستعمال. هذا: وكل ما يرد ذكره من همزات في غير ما تقدم قياسية في همزتي الوصل والقطع أو سماعية بالنسبة لهمزة الوصل فهو من همزات القطع سواء أكانت ساكنة متوسطة أم متطرفة وسواء كانت متحركة مبتدأة أو متوسطة أو متطرفة أو كانت للاستفهام أو لغيره وهي على هذا المنوال كثيرة يصعب حصرها وترد في الأسماء والأفعال والحروف بلا شرط وهي ظاهرة لا تخفى وتدرك بأدنى تأمل. فإن قلت حيث إن همزات القطع في غير ما تقدم كثيرة وترد في الأسماء والأفعال والحروف بلا قيد فما وجه ذكرها أولاً في أبواب خاصة بها مقيسة فيها.

قلت: وجه ذكرها في تلك الأبواب هو الخوف من وقوع التشابه بينها وبين الأبواب التي تنقاس فيها همزة الوصل إذ يخفى أمرها على المبتدئين وللتنبيه على أنها في هذه الأبواب تأتي همزة قطع لا همزة وصل: وهذا هو محل بحث الصرفيين فيها فتأمل. وإليك طائفة من أمثلة همزة القطع من غير الأبواب المقيسة فيها والتي مر ذكرها آنفاً. فمثالها ساكنة في الوسط وفي الطرف نحو "بئر ومأكول ويؤمنون وهيئ" في قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} [الحج: 45] ، وقوله سبحانه: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} [الفيل: 5] ، وقوله تعالى: {الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب} [البقرة: 3] ، وقوله جل شأنه: {وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} [الكهف: 10] وما إلى ذلك. ومثالها متحركة مطلقاً مبتدأة ومتوسطة ومتطرفة نحو "إنا وقرآن وسئل وسنقرئك وينشئ وبدأ ومن ماء" في قوله تعالى: {إِنَّا للَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [البقرة: 156] ، وقوله سبحانه: {وَقُرْآنَ الفجر إِنَّ قُرْآنَ الفجر كَانَ مَشْهُوداً} [الإسراء: 78] ، وقوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ موسى مِن قَبْلُ} [البقرة: 108] ، وقوله عز شأنه: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى} [الأعلى: 6] ، وقوله عز من قائل: {وَيُنْشِىءُ السحاب الثقال} [الرعد: 12] ، وقوله جل وعلا: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ} [السجدة: 7] ، وقوله سبحانه: {والله خَلَقَ

كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ} [النور: 45] وما شابه ذلك. ومثالها للاستفهام ولا تكون إلا مفتوحة نحو "أطلع أتتركون أألد الذكرين" في قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ عِندَ الرحمان عَهْداً} [مريم: 78] ، وقوله سبحانه: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ} [الشعراء: 146] ، وقوله جلت قدرته: {ءَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً} [هود: 72] ، وقوله سبحانه: {قُلْءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين} [الأنعام: 144] وما كان على هذا النحو. ومن ثم يتضح جليًّا أن همزة القطع تأتي ساكنة في الوسط وفي الطرف وتأتي متحركة مطلقاً في الابتداء والوسط والطرف وتوجد في الأسماء والأفعال والحروف بخلاف همزة الوصل فإنها لا توجد إلا في أول الكلمة ولا تقع ساكنة بحال: فخالفت همزة القطع في أنها لا تأتي ساكنة، ولا توجد في وسط الكلمة ولا في آخرها فتأمل هذا. والله ولي التوفيق والهادي إلى أقوم طريق.

الفصل الثالث في اجتماع همزتي القطع والوصل معا في كلمة واحدة وبيان حكمها وصلا وابتداء.

الفصل الثالث في اجتماع همزتي القطع والوصل معاً في كلمة واحدة وبيان حكمها وصلاً وابتداء. لاجتماع هاتين الهمزتين صورتان: الأولى: أن تتقدم همزة الوصل على همزة القطع الساكنة. الثانية: أن تتقدم همزة القطع التي للاستفهام على همزة الوصل. ولكل من هاتين الصورتين كلام خاص نوضحه فيما يلي: الكلام على الصورة الأولى وهي تقدم همزة الوصل على همزة القطع الساكنة وذلك لا يكون إلا في الأفعال خاصة نحو "اؤتمن وائتذن وائتوا وائتنا وائتوني" في قوله تعالى: {فَلْيُؤَدِّ الذي اؤتمن أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] ، وقوله سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ائذن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي} [التوبة: 49] ، وقوله عز وجل: {ثُمَّ ائتوا صَفّاً} [طه: 64] ، وقوله عز من قائل: {وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ائتنا بِمَا تَعِدُنَآ} [الأعراف: 77] ، وقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السماوات ائتوني بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هاذآ} [الأحقاف: 4] وما إلى ذلك. ثم لهذه الصورة حالتان: الحالة الأولى: وصل كلمة من هذه الكلمات ونحوها بما قبلها وحينئذ

تسقط همزة الوصل في الدرج وتثبت همزة القطع ساكنة نحو "الذي اؤتمن" بأن وصل لفظ "الذي" بلفط "اؤتمن" وهنا نجد أن همزة الوصل سقطت في الوصل وبقيت همزة القطع ساكنة وذلك عند من قرأ بتحقيقها كحفص عن عاصم. وهكذا الحكم في بقية الأمثلة المذكورة وشبهها. الحالة الثانية: الابتداء بكلمة من هذه الكلمات ونحوها كالابتداء بكلمة "ائتنا" وحينئذ ثبتت همزة الوصل وتبدل همزة القطع الساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها وذلك بإجماع القراء. وأما حركة الابتداء بهمزة الوصل في هذه الحالة فخاضع لحركة ثالث الفعل كما تقدم. فإن كان ثالثه مضموماً ضمًّا لازماً فحركة الابتداء بهمزة الوصل تكون بالضم وذلك لضم ثالث الفعل كما لو ابتدئ بكلمة "اؤتمن" وهنا تبدل الهمزة الساكنة واواً مدية لوقوعها إثر ضم. وإن كان ثالث الفعل مفتوحاً كانت حركة الابتداء بهمزة الوصل بالكسر وذلك لفتح ثالث الفعل كما لو ابتدئ بكلمة "ائذن لي" وهنا تبدل الهمزة الساكنة ياء مدية لوقوعها إثر كسر. وإن كان ثالث الفعل مضموماً ضمًّا عارضاً كانت حركة الابتداء بهمزة الوصل بالكسر على الأصل ولا التفات إلى الضم الموجود حالياًّ لثالث الفعل فإنه عارض كما مر: ومثاله: الابتداء بكلمة "ائتوني" ونحوها وهنا تبدل الهمزة الساكنة ياء مدية لوقوعها إثر كسر باعتبار الأصل. هذا: ولم أجد من نبه على حكم اجتماع الهمزتين في هذه الصورة فيما وقفت عليه من مراجع هذا الفن ولا بد من بيان ذلك لأن بعض المبتدئين أو من لا علم عنده يخفى عليه الحكم في هذه المسألة فيقرأ بهمزتين محققتين في الوصل والابتداء وهذا خطأ قبيح وتحريف صريح لا يجوز في كتاب الله تعالى.

الكلام على الصورة الثانية وهي تقدم همزة القطع التي للاستفهام على همزة الوصل وهذا وارد في الأفعال والأسماء: ولهذه الصورة حالتان أيضاً: الحالة الأولى: حذف همزة الوصل وبقاء همزة الاستفهام مفتوحة وذلك خاص بالأفعال بالنسبة لما جاء في القرآن الكريم وفي مواضع معدودة كما سيأتي: الحالة الثانية: بقاء الهمزتين مجتمعتين معاً في الكلمة وذلك خاص بالأسماء وفيما يلي توضيح كلتا الحالتين. أما حالة حذف همزة الوصل وإبقاء الاستفهام مفتوحة فذلك إذا كانت همزة الوصل في فعل وكانت مكسورة في الابتداء لو تجردت عنها همزة الاستفهام وابتدئ بها. والوارد من ذلك في القرآن الكريم سبعة مواضع: منها خمسة متقف عليها بين القراء العشرة. والموضعان الآخران مختلف فيهما بينهم. أما الخمسة المتفق عليها: فأولها: قوله تعالى: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ الله عَهْداً} [الآية: 80] بسورة البقرة. ثانيها: قوله تعالى: {أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ عِندَ الرحمان عَهْداً} [الآية: 78] بسورة مريم. وثالثها: قوله تعالى: {أفترى عَلَى الله كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ} [الآية: 8] بسورة سبأ. ورابعها: قوله سبحانه: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين} [الآية: 75] بسورة ص.

وخامسها قوله سبحانه: {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [الآية: 6] بسورة المنافقون. وأما الموضعان المختلف فيهما: فأولهما: قوله تعالى: {أَصْطَفَى البنات على البنين} [الآية: 153] بسورة الصافات. وثانيهما: قوله سبحانه: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبصار} [الآية: 63] بسور ص. فقد قرأ بعضهم بوصل الهمزة فيهما على الإخبار ويبتدئ بكسر الهمزة على القاعدة السابقة. وبعضهم بقطع الهمزة فيهما مفتوحة على الاستفهام وحذف همزة الوصل وبالنسبة لحفص عن عاصم في هذين الموضعين فإنه قرأ فيهما بقطع الهمزة مفتوحة على الاستفهام وصلاً وابتداء. وبذلك تكون المواضع السبعة كلها مقطوعة الهمزة على روايته: فتأمل. ووجه حذف همزة الوصل في هذه الأفعال أن الأصل فيها "أإتخذتم. أإطلع أإفترى. أإستكبرت. وأإستغفرت. أإتخذناهم. أإصطفى" بهمزتين: أولاهما: همزة الاستفهام ولا تكون إلا مفتوحة كما مر. وثانيهما: همزة الوصل وهي مكسورة لوجودها في الماضي السداسي في "استكبرت. واستغفرت" وفي الماضي الخماسي في الباقي. فخذفت همزة الوصل في جميعها استغناء عنها بهمزة الاستفهام ولا يترتب على حذفها التباس الاستفهام بالخبر. لأن همزة الاستفهام إحدى همزات القطع المفتوحة أبداً وهي ثابتة في الوصل والابتداء كما مر بخلاف همزة الوصل فإنها ثابتة في الابتداء ساقطة في الوصل وهي في هذه الأفعال مكسورة في الابتداء لفتح ثالثها كما تقدم وبالله التوفيق. وأما حالة بقاء همزة الاستفهام مفتوحة مع همزة الوصل في كلمة واحدة فالشرط أن تكون همزة الوصل مفتوحة في البدء وواقعة في اسم محلى بأل وحينئذ

لا يجوز حذفها بالإجماع لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر فيتغير المعنى تبعاً لذلك والجائز فيها حينئذ وجهان: الأول: إبدالها ألفاً مع المد الطويل لملاقاتها بالساكن الأصلي. الثاني: تسهيلها بين بين أي بين الهمزة والألف مع القصر والمراد به هنا عدم المد مطلقاً، والوجهان صحيحان مقروء بهما لكل القراء ووجه الإبدال هو المقدم في الأداء والوارد من ذلك في التنزيل ستة مواضع باتفاق القراء العشرة وموضع مختلف فيه بينهم. أما المواضع الستة المتفق عليها: فأولها وثانيها: "آلذكرين" في قوله تعالى: {قُلْءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين} [الآيتان: 143، 144] بموضعي الأنعام. وثالثها ورابعها: "آلآن" في قوله تعالى: {الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الآية: 51] ، وقوله سبحانه: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المفسدين} [الآية: 91] الموضعان بسورة سيدنا يونس عليه السلام. وخامسها وسادسها: "آلله" في قوله تعالى: {ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} [الآية: 59] بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام وفي قوله سبحانه: {ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [الآية: 59] بالنمل. وأما الموضع السابع المختلف فيه فهو كلمة "ءالسحر" في قوله تعالى: {قَالَ موسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السحر} [الآية: 81] بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام فقد قرأ أبو عمرو البصري وأبو جعفر المدني بإبدال همزة الوصل ألفاً مع المد الطويل وبتسهيلها بين بين من غير مد كما تقدم.

التتمة.

وقرأ الباقون بهمزة وصل على الخبر مفتوحة في الابتداء لوجودها في "ال". وقد أشار إلى هذه الحالة الإمام الشاطبي رحمه الله في الشاطبية بقوله: وإنْ همزُ وصلٍ بين لام مسكنٍ ... وهمزة الاستفهامِ فامدده مُبْدِلا فللكلِّ ذا أولى ويقصرُهُ الذي ... يسهِّل عن كل كآلان مُثِّلا اهـ كما أشار العلامة الطيبي إلى حالتي همزة الوصل حذفاً وبقاء بقوله رحمه الله تعالى: وهمزُ وصل إنْ عليه دخلا ... همزة الاستفهام أبدل سهِّلا إن كان همز ألْ وألا فاحْذِفا ... كأتخذتم أفترى أصطفى اهـ التتمة. "تتمة": إذا وقف على لفظ "بئس" اختبار بالموحدة في قوله تعالى: {بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان} [الآية: 11] بسورة الحجرات وابتدئ من لفظ "الاسم" فيجوز فيه وجهان: الأول: الابتداء بهمزة الوصل مفتوحة وكسر اللام. الثاني: الابتداء بلام مكسورة من غير همزة وصل قبلها. والوجهان صحيحان مقروء بهما ابتداء للقراء العشرة والوجه الأول هو الأولى والمقدم في الأداء اتباعاً لرسم المصحف الشريف. وقد أشار إلى هذين الوجهين شيخ شيوخي العلامة المتولي في الروض النضير بقوله: وفي بئس الاسم ابدأ بأل أو بلامه ... فقد صُحِّحَ الوجهان في النَّشْر للمَلاَ اهـ هذا: وبعض المبتدئين يخفى عليه الحكم في هذا اللفظ وصلاً أو ابتداء فيقرأ بسكون اللام وبقطع همزة "اسم" وهو خطأ فاحش لم يقل به أحد ولا يجوز بحال لأن همزة اسم همزة وصل كما مر دخلت عليها لام التعريف وهي ساكنة وبعدها السين ساكنة فالتقى ساكنان فلزم تحريك أولها بالكسر وهو اللام تخلصاً من التقاء الساكنين وحذفت همزة الوصل لدخول لام التعريف عليها كما هو مقرر فتأمل وبالله التوفيق.

الباب السادس عشر / في بيان الوقف على أواخر الكلم

الباب السادس عشر / في بيان الوقف على أواخر الكلم التمهيد للدخول إلى الباب. للوقف حالان: الأولى: ما يوقف عليه وما يبتدأ به وقد تقدم الكلام عليها في باب الوقف والابتداء. الثانية: ما يوقف به من سكون أو ورم إلى آخر ما سيأتي بيانه وهذه هي المقصودة بالذكر هنا. والكلمة الموقوف عليها لا تخلو من أن يكون الحرف الأخير منها صحيحاً أو معتلاًّ. فإن كان صحيحاً. فإما أن يكون ساكناً في الحالين نحو "فحدث" في نحو قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] . وإما أن يكون متحركاً وعرض عليه السكون للوقف نحو "للمتقين وينفقون والحساب والعسر واليسر" كما في قوله تعالى: {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] . وقوله: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3] . وقوله سبحانه: {والله سَرِيعُ الحساب} [البقرة: 202] ، وقوله جل وعلا: {يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر} [البقرة: 185] وما إلى ذلك مما سيأتي بيانه. وإن كان معتلاًّ: فإما أن يكون "ألفاً" أو واواً "كيتلوا" أو ياء "كترمي" في نحو قوله تبارك وتعالى: {ثُمَّ دَنَا فتدلى} [النجم: 8] ، وقوله سبحانه: {رَسُولٌ مِّنَ الله يَتْلُواْ

صُحُفاً مُّطَهَّرَةً} [البينة: 2] ، وقوله جل وعلا: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقصر} [المرسلات: 32] وما كان على هذا النحو ولكل من الوقف على الصحيح والمعتل قواعد متبعة نوضحها في الفصلين الآتيين:

الفصل الأول في الوقف على الكلمة الصحيحة الآخر. وفيه:

الفصل الأول في الوقف على الكلمة الصحيحة الآخر. وفيه: تقدم أن الكلمة الصحيحة الآخر إما أن يكون آخرها ساكناً في الحالين. وإما أن يكون متحركاً في الوصل وعرض عليه السكون للوقف. فإن كان آخرها ساكناً في الحالين نحو {فَلاَ تَنْهَرْ} [الضحى: 10] فليس فيه إلا الوقف بالسكون كالوصل كما سيأتي. وإن كان آخرها متحركاً وعرض عليه السكون للوقف نحو {والفجر} [الفجر: 1] فالقراء يقفون عليه بخمسة أوجه في الغالب وهي: السكون المحض والروم والإشمام والحذف والإبدال ولكل من هذه الأوجه الخمسة كلام خاص نوضحه فيما يلي: الكلام على الوقف بالسكون المحض وما يجوز فيه السكون المحض هو الخالص من الروم والإشمام ويقال له السكون المجرد أي المجرد من الروم والإشمام أيضاً وسواء أكان محضاً أم مجرداً فهو عبارة عن عزل الحركة عن الحرف الموقوف عليه فيسكن حينئذ ضرورة والسكون هو الأصل في الوقف لما تقدم من أن الوقف معناه "الكف" والقارئ بوقفه على الكلمة يكون قد كف عن الإتيان بالحركة في الحرف الأخير منها والتزم فيه السكون. ولأنه في الغالب يطلب في وقفه الاستراحة وسلب الحركة أبلغ في تحصيلها ولأن الوقف ضد الابتداء والحركة ضد السكون فكما اختص الابتداء بالحركة اختص الوقف بالسكون ومن ثم لا يجوز بحال الوقف بالحركة الكاملة ومن وقف

بكاملها فقد خالف وحاد عن الصواب وخرج عن منهاج القراءة. هذا: والوقف بالسكون المحض يكون في كل من المرفوع والمجرور والمنصوب في المعرب وفي كل من المضموم والمكسور والمفتوح في المبني. ويستوي في ذلك المخفف والمشدد والمهموز المحقق والمنون إلا ما كان منه في الاسم المنصوب نحو {حُوباً كَبِيراً} [النساء: 2] أو في الاسم المقصور مطلقاً نحو "عمى" في قوله تعالى: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: 44] كما يستوي أيضاً سكون ما قبل الحرف الأخير الموقوف عليه أو تحركه نحو "نعبد وقبل وبعد" في نحو قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] وقوله عز شأنه: {لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [الروم: 4] ، وقد تقدمت الأمثلة لهذا كله بما فيه الكفاية عند الكلام على الوقف على العارض للسكون مطلقاً في باب المد والقصر فارجع إليه إن شئت. الكلام على الوقف بالروم وما يجوز فيه الروم معناه في اللغة الطلب وفي الاصطلاح هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب بذلك التضعيف معظم صوتها وقال بعضهم هو الإتيان ببعض الحركة وقدر العلماء تضعيف الصوت بالحركة أو الإتيان ببعضها بالثلث أي أن المحذوف من الحركة أكثر من الثابت في حالة الروم ومن ثم ضعف صوتها لقصر زمنها

فيسمعها القريب المصغي ولو كان أعمى دون البعيد ويكون الوقف بالروم في المرفوع والمجرور من المعرب وفي المضموم والمكسور من المبني سواء أكان الحرف الموقوف عليه مخففاً أم مشدداً أم مهموزاً أم غير مهموز منوناً أم غير منون ونعني بالمنون هنا ألا يكون منصوباً كسميعاً وألا يكون في الاسم المقصور كهدى فإن التنوين في هذين يبدل ألفاً في الوقف كما سيأتي بيانه في قسم الإبدال. وسواء سكن ما قبل الحرف الموقوف عليه كالأمر أم تحرك كالبشر وقد تقدمت الأمثلة لذلك مستوفاة عند الكلام على العارض للسكون في باب المد والقصر فراجع. هذا: ولا يكون الوقف بالروم في المنصوب ولا في المفتوح. ووجهه: خفة الفتحة وخفاؤها فإذا خرج بعضها حالة الروم خرج سائرها وذلك لأنها لا تقبل التبعيض بخلاف الضمة والكسرة فإنهما تقبلانه لثقلهما ولا بد من حذف التنوين من المنون حال الوقف بالروم كما مر. وقد أشار إلى حقيقة الروم وما يجري فيه الإمام ابن بري في الدرر بقوله رحمه الله: فالروم إضعافك صوت الحركه ... من غير أن يذهب رأساً صوتكه يكون في المرفوع والمجرور ... معاً وفي المضموم والمكسور

ولا يُرى في النصب للقراء ... والفتح للخفَّةِ والخفاء اهـ الكلام على الوقف بالإشمام وما يجوز فيه والإشمام في عرف القراءة عبارة عن ضم الشفتين من غير صوت بعد النطق بالحرف الأخير ساكناً إشارة إلى الضم ولابد من إبقاء فرجة "أي انفتاح" بين الشفتين لإخراج النفس وضم الشفتين للإشمام يكون عقب مسكون الحرف الأخير من غير تراخ فإن وقع التراخي فهو إسكان محض لا إشمام معه. وهذا ما أشار إليه إمامنا الشاطبي رحمه الله تعالى في الشاطبية بقوله: والاشمام إطباقُ الشفاه بعيد ما ... يسَكَّن لا صوت هناك فيصحلا اهـ والإشمام يرى بالعين ولا يسمع بالأذن ولهذا لا يأخذه الأعمى عن الأعمى بل يأخذه عن المبصر ليريه كيفيته بخلاف الروم فإن الأعمى يدركه من غيره بحاسة السمع سواء أكان هذا الغير بصيراً أم ضريراً. هذا: والإشمام يكون في المرفوع من المعرب وفي المضموم من المبني. والأمثلة غير خفية لتقدمها في "باب المد والقصر" في فصل العارض للسكون مطلقاً فارجع إليه إن شئت. وإنما جاز الإشمام في المرفوع والمضموم دون غيرهما من الحركات لأنه المناسب لحركة الضمة لانضمام الشفتين عند النطق بها ولم يجز في المجرور والمنصوب والمكسور والمفتوح لخروج الفتحة بانفتاح الضم والكسرة بانخفاضه ولهذا تعسر الإتيان بالإشمام لما تقدم من أنه ضم الشفتين ولأن الإشمام في المفتوح والمكسور يوهم حركة الضم فيهما في الوصل بينما هما ليسا كذلك وهذا هو وجه المنع هنا فاحفظه.

وقد أشار إلى صفة الإشمام وما يجري فيه الإمام ابن بري في الدرر بقوله رحمه الله: وصفةُ الإشمام إطباقُ الشفاه ... بعد السكون والضريرُ لا يراهُ من غير صوت عنده مسموع ... يكون في المضموم والمرفوع اهـ وما تقدم ذكره من منع الوقف بالحركة كاملة ومن جواز الوقف بالأوجه الثلاثة التي هي السكون المحض والروم والإشمام بالشروط المتقدمة ينطوي تحت قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية: وحاذر الوقف بكل الحركه ... إلا إذا رُمت فبعضُ حركه إلا بفتح أو بنصب وأشمْ ... إشارة بالضمِّ في رفع وضمْ اهـ هذا: وباعتبار ما تقدم من الوقف بالأوجه الثلاثة ينقسم الموقوف عليه إلى ثلاثة أقسام: أولها: ما يجوز فيه الوقف بالأوجه الثلاثة التي هي الوقف بالسكون المحض والروم والإشمام. ثانيها: ما يجوز فيه الوقف بالسكون المحض والروم ولا يجوز فيه الإشمام. ثالثها: ما يجوز فيه الوقف بالسكون المحض فقط ولا يجوز فيه روم ولا إشمام. أما القسم الأول: وهو ما يوقف عليه بكل من السكون المحض والروم والإشمام فهو ما كان متحركاً في الوصل بالرفع نحو "الرحيم ويقبض ويبصط" في قوله تعالى: {لاَّ إلاه إِلاَّ هُوَ الرحمان الرحيم} [البقرة: 163] ، وقوله تعالى: {والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [البقرة: 245] أو بالضم نحو "قبل وبعد وحيث ويا سماء" في قوله تعالى: {لِلَّهِ الأمر مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [الروم: 4] ، وقوله سبحانه: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ

المسجد الحرام} [البقرة: 149، 150] ، وقوله جل شأنه: {وياسمآء أَقْلِعِي} [هود: 44] . وأما القسم الثاني: وهو ما يوقف عليه بالسكون المحض أو بالروم ولا يجوز فيه الإشمام فهو ما كان متحركاً في الوصل بالجر نحو "حميد، من العلم، بالوحي" في قوله تعالى: {تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] ، وقوله سبحانه: {وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم} [البقرة: 145] ، وقوله جل وعلا: {قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بالوحي} [الأنبياء: 45] أو بالكسر نحو "هؤلاء وهذان" في قوله تعالى: {ها أنتم هؤلاء} [آل عمران: 66، النساء: 109، محمد: 38] ، وقوله تعالى: {إِنْ هذان لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] . وأما القسم الثالث: وهو ما يوقف عليه بالسكون المحض فقط ولا يجوز فيه روم ولا إشمام فينحصر في خمسة أنواع وهي: النوع الأول: هاء التأنيث وهي قسمان: قسم رسم بالهاء المربوطة "كالصلاة والزكاة والجنة والمغفرة" في قوله تعالى: {وَيُقِيمُواْ الصلاة وَيُؤْتُواْ الزكاة} [البينة: 5] ، وقوله سبحانه: {والله يدعوا إِلَى الجنة والمغفرة بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221] فهذا ونحوه يوقف عليه بالسكون المحض بالإجماع ولا يدخله روم ولا إشمام.

وقسم رسم بالتاء المفتوحة وقد تقدم الكلام عليه في بابه. وهذا يوقف عليه بالسكون المحض فقط لمن مذهبه الوقف عليه بالهاء المربوطة كابن كثير وأما من وقف عليه بالتاء المفتوحة تبعاً للرسم كحفص عن عاصم فيقف بالأوجه الثلاثة السكون المحض والروم والإشمام وهذا في المرفوع منه نحو "بقيت" في قوله تعالى: {بَقِيَّتُ الله خَيْرٌ لَّكُمْ} [هود: 86] وبالسكون المحض والروم في المجرور منه نحو "رحمت" في قوله تعالى: {فانظر إلى آثَارِ رَحْمَتِ الله كَيْفَ يُحْيِيِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَآ} [الروم: 50] وبالسكون المحض فقط في المنصوب منه نحو "نعمت" في قوله تعالى: {يا أيها الناس اذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ} [فاطر: 3] . النوع الثاني: ميم الجمع في قراءة من وصلها بواو لفظية في الوصل كقوله تعالى: {وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 14] . أما في قراءة من أسكنها كحفص فهي عنده من النوع الساكن في الحالين الآتي بعد. النوع الثالث: عارض الشكل وهو ما كان محركاً في الوصل بحركة عارضة إما للنقل نحو اللام من قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ} [الجن: 1] في قراءة من نقل الحركة إلى الساكن قبلها كورش. وإما للتخلص من التقاء الساكنين كالراء من نحو قوله تعالى: {أَنْ أَنذِرِ الناس} [يونس: 2] ومنه ميم الجمع قبل الساكن في نحو قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأسباب} [البقرة: 166] وقوله جل شأنه: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] . وقد تقدم الكلام مستوفياً على هذا النوع كما تقدم وجه منع الروم والإشمام فيه وقفاً عند الكلام على العارض للسكون غير المسبوق بحرف المد

واللين فراجعه إن شئت. وقد أشار إلى هذه الأنواع الثلاثة وحكمها الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في الشاطبية بقوله: وفي هاء تأنيث وميم الجميع قلْ ... وعارض شكل لم يكونا ليدخلا اهـ النوع الرابع: ما كان آخره ساكناً في الوصل والوقف نحو "فأنذر فكبر فطهر فاهجر" في قوله جل وعلا: {يا أيها المدثر * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * والرجز فاهجر} [المدثر: 1 - 5] ومنه ميم الجمع في قراءة من أسكنها كما مر آنفاً. النوع الخامس: ما كان متحركاً في الوصل بالنصب في غير المنون نحو "المستقيم والخبء" أو بالفتح نحو "لا ريب - للمتقين - وتبَّ" في قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6] ونحوه وقوله تعالى: {يُخْرِجُ الخبء فِي السماوات والأرض} [النمل: 25] ، وقوله سبحانه: {ذَلِكَ الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] ، وقوله عز وجل: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] . أما المنون المنصوب فسيأتي حكمه عند الكلام على وجه الوقف بالإبدال. وقد تقدم مزيد بيان من هذه الأنواع في فصل العارض للسكون مطلقاً في باب المد والقصر كما سبق هناك ما يجوز في هاء الضمير وقفاً من حيث جواز الوقف بالروم والإشمام وفاقاً وخلافاً فارجع إليه إن شئت. ولنرجع إلى ذكر بقية الأوجه الخمسة التي يقف بها القراء غالباً فنقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون. الكلام على الوقف بوجه الحذف وما يجري فيه الوقف بوجه الحذف يجري في أربعة مواضع: أولها: التنوين من المرفوع والمجرور نحو "كريم ومكنون" في قوله تعالى: {

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} [الواقعة: 77، 78] . ثانيها: صلة هاء الضمير واواً كانت أو ياء نحو "ربه وبه" في قوله تعالى: {بلى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً} [الانشقاق: 15] . ثالثها: صلة ميم الجمع عند من قرأ بصلتها نحو قوله تبارك وتعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا اهتديتم} [المائدة: 105] . رابعها: الياءات الزوائد عند من أثبتها في الوصل فقط نحو "أكرمن وأهانن" في قوله تعالى: {فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15] ، وقوله جل وعلا: {فَيَقُولُ ربي أَهَانَنِ} [الفجر: 16] فإذا حذفت هذه الحروف كلها سكن الحرف الذي قبل المحذوف ووقف عليه بالسكون. الكلام على الوقف بوجه الإبدال وما يجري فيه الوقف بوجه الإبدال يجري في شيئين اثنين: الشيء الأول: ويشمل ثلاثة أنواع: أولها: التنوين في الاسم المنصوب سواء رسمت الألف فيه أم لم ترسم. فالأول: نحو "وكيلا" في نحو قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ على الله وكفى بالله وَكِيلاً} [الأحزاب: 3، 48] . والثاني: نحو "دعاء ونداء" في قوله تعالى: {وَمَثَلُ الذين كَفَرُواْ كَمَثَلِ الذي

يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً} [البقرة: 171] ، وما كان على هذا النحو. ثانيها: التنوين في الاسم المقصور مطلقاً سواء أكان مرفوعاً أم مجروراً أم منصوباً نحو "عمى ومصفى وغزى" في قوله تعالى: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: 44] ، وقوله سبحانه: {وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى} [محمد: 15] ، وقوله جل وعلا: {أَوْ كَانُواْ غُزًّى} [آل عمران: 156] وما أشبه ذلك. ثالثها: لفظ "إذاً" المنون نحو قوله تعالى: {فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ الناس نَقِيراً} [النساء: 53] ، وقوله سبحانه: {إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحياة} [الإسراء: 75] . فكل هذه الأنواع وما شاكلها يبدل فيها التنوين ألفاً في الوقف. ومثلها في ذلك إبدال نون التوكيد الخفيفة بعد الفتح ألفاً لدى الوقف في موضعين اثنين في التنزيل بالإجماع وهما قوله تعالى: {وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين} [يوسف: 32] ، وقوله سبحانه: {لَنَسْفَعاً بالناصية} [العلق: 15] . الشيء الثاني تاء التأنيث المتصلة بالاسم المفرد كما في قوله تعالى: {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] ، فتبدل هذه التاء هاء لدى الوقف فإن كانت منونة نحو قوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ} [الشعراء: 22] حذف تنوينها وأبدلت هاء كذلك لدى الوقف وهذا يرجع إلى الوقف بالسكون فتأمل وبالله التوفيق.

الفصل الثاني في الوقف على الكلمة المعتلة الآخر. وفيه:

الفصل الثاني في الوقف على الكلمة المعتلة الآخر. وفيه: التمهيد للدخول إلى هذا الفصل: تقدم أن الكلمة المعتلة الآخر المعنية هنا هي التي آخرها أحد حروف المد الثلاثة سواء كان ألفاً "كدعا" أم واواً "كيدعو" أم باء "كنقضي" في نحو قوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ} [الزمر: 8] ، وقوله تعالى: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ} [الحج: 13] ، وقوله سبحانه: {إِنَّمَا تَقْضِي هاذه الحياة الدنيآ} [طه: 72] وحكم الوقف عليها مرتبط بوجود حرف المد وعدمه. فإن كان حرف المد ثاتباً في الرسم ولم يأت بعده ساكن فالوقف على هذه الكلمة بإثبات حرف المد كإثباته في الوصل تبعاً للرسم وذلك نحو الوقف على قوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فتدلى} [النجم: 8] ، وقوله سبحانه: {فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي} [القصص: 25] ، وقوله جل وعلا: {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71] . فإن أتى بعده ساكن فيحذف لفظاً لا خطًّا في الوصل لالتقاء الساكنين ويثبت

وقفاً تبعاً للرسم كالوقف على كلمة "ملاقوا" و"يربى" "وقالا" في قوله عز وجل: {قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ الله} [البقرة: 249] ، وقوله سبحانه: {يَمْحَقُ الله الربا وَيُرْبِي الصدقات} [البقرة: 276] ، وقوله عز من قائل: {وَقَالاَ الحمد لِلَّهِ الذي فَضَّلَنَا على كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المؤمنين} [النمل: 15] . وإن كان حرف المد محذوفاً في الرسم فالوقف يكون بالحذف تبعاً لرسمه سواء كان ألفاً أم واواً أم ياء كالوقف على "فتول ويدع واتق" في نحو قوله تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} [القمر: 6] ، وقوله سبحانه: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير} [الإسراء: 11] ، وقوله جل وعلا: {يا أيها النبي اتق الله وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين} [الأحزاب: 1] . هذا هو الضابط المتبع في الوقف على الكلمات التى آخرها حروف المد واللين ولا خلاف فيه بين عامة القراء غير أن هناك حروفاً للمد جاءت في آخر الكلمات خرجت عن هذا الضابط. منها: ما هو محذوف في الوقف مع وجوده في الرسم. ومنها: ما هو محذوف في الوصل مع وجوده في الرسم، والوقف عليه قد يكون بالإثبات. وقد يكون بالإثبات والحذف معاً. ومنها: ما هو محذوف في الوقف لعدم رسمه لكنه ثابت في الوصل. ومنها: ما هو محذوف في الحالين لأسباب كجزم أو بناء أو غيرهما. وفيما يلي توضيح تلك الصور في كل حرف من حروف المد بانفراد فأقول مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه سبحانه. الكلام على الألف المدية وصورها حذفاً وإثباتاً للألف المدية أربع حالات وفيما يلي بيانها:

الحالة الأولى: إثباتها في الحالين وذلك في كل ما ثبتت فيه رسماً في المصحف الشريف بشرط ألا يقع بعدها ساكن سواء كانت للمفرد أو للمثنى أو كانت منقلبة عن ياء أو عن غيرها كالوقف على لفظ "لا تخافا ومعكما وأرى وسنا ونجا" في نحو قوله تعالى: {قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى} [طه: 46] ، وقوله سبحانه: {يَكَاُ سَنَا} [النور: 43] ، وقوله جل وعلا: {وَقَالَ الذي نَجَا مِنْهُمَا} [يوسف: 45] وإثبات الألف في الوقف والوصل هنا متفق عليه. الحالة الثانية: حذفها في الحالين وشرطه إذا كانت غير مرسومة في المصحف الشريف بسبب جزم أو بناء أو غيرهما. فمثال المحذوفة للجزم الفعل المضارع المجزوم بحذف الألف نحو "تر ويؤت ويخش ويأب" في نحو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ} [البقرة: 243] ، وقوله تعالى: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المال} [البقرة: 247] ، وقوله عز من قائل: {وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ الله} [التوبة: 18] ، وقوله سبحانه: {وَلاَ يَأْبَ الشهدآء إِذَا مَا دُعُواْ} [البقرة: 282] وما إلى ذلك. ومثال المحذوفة للبناء فعل الأمر المبني على حذف الألف نحو "وانه وفتول" في قوله تعالى: {وانه عَنِ المنكر} [لقمان: 17] ، وقوله سبحانه: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} [القمر: 6] ، والألف هنا وفي المجزوم محذوفة وصلاً ووقفاً بالإجماع

ويوقف بسكون الراء والتاء والشين والباء والهاء واللام في الأمثلة المذكورة وشبهها. ومثال الألف المحذوفة لغير الجزم والبناء "ما" الاستفهامية المجرورة بحرف الجر المحذوفة الألف وهي في التنزيل في خمسة مواضع: الأول: "فيم" نحو قوله تعالى: {فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا} [الآية: 43] بالنازعات وشبهها. الثاني: "بم" نحو قوله تعالى: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ المرسلون} [الآية: 35] بالنمل ونحوها. الثالث: "لم" نحو قوله تعالى: {لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا} [الآية: 21] بفصلت وما أشبهها. الرابع: "عم" في قوله سبحانه: {عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ} [الآية: 1] بالنبأ وليس غيرها في التنزيل فيما أعلم. الخامس: "مم" في قوله جلت قدرته: {فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ} [الآية: 5] بالطارق ونحوها إن وجد وحكم الوقف على "ما" الاستفهامية مختلف فيه بين القراء. فوقف البزي عن ابن كثير المكي ويعقوب البصري بإلحاق هاء السكت في أحد الوجهين عنهما. ووقف الباقون ومن بينهم حفص عن عاصم بحذف هاء السكت وسكون الميم مع التشديد في "عم ومم" ومع التخفيف في غيرهما فتدبر.

ويلحق بمواضع هذه الحالة لفظ "ثمود" في أربعة مواضع في التنزيل: أولها: قوله تعالى: {أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ} [الآية: 68] بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام. ثانيها: قوله سبحانه: {وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَأَصْحَابَ الرس} [الآية: 38] بسورة الفرقان. ثالثها: قوله جل وعلا: {وَعَاداً وَثَمُودَاْ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ} [الآية: 38] بسورة العنكبوت. رابعها: قوله جلت قدرته: {وَثَمُودَ فَمَآ أبقى} [الآية: 51] بسورة النجم. فيوقف عليها بحذف الألف وسكون الدال وإن كانت مرسومة في المصحف الشريف وحذف الألف هذه خاص بمن قرأ بترك تنوين الدال ومن بينهم حفص عن عاصم. أما من قرأ بالتنوين فيقف بالألف عوضاً منه على القاعدة. الحالة الثالثة: إثباتها في الوقف وحذفها في الوصل وذلك في ثلاث صور: الصورة الأولى: إذا وليها ساكن فتحذف في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين وتثبت في الوقف تبعاً للرسم سواء أكانت أصلية أم منقلبة عن ياء أم كانت للمثنى أم لغيره كالوقف على كلمة "قلنا والقتلى وذكرى وذاقا وتلكما ويا أيها" في نحو قوله تعالى: {قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعاً} [البقرة: 38] ، وقوله تعالى: {قُلْنَا احمل فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثنين} [هود: 40] ، وقوله سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص فِي القتلى الحر

بِالْحُرِّ} [البقرة: 178] الآية، وقوله تبارك وتعالى: {إِنَّآ أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدار} [ص: 46] ، وقوله سبحانه: {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة بَدَتْ} [الأعراف: 22] ، وقوله تعالى: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشجرة} [الأعراف: 22] ، وقوله سبحانه: {يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمُ} [النساء: 1، الحج: 1] ونحوها وهذه قاعدة كل القراء إلا أنه استثنى من لفظ "أيها" ثلاثة مواضع في التنزيل رسمت في المصاحف بغير ألف بعد الهاء وهي قوله تعالى: {وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] ، وقوله سبحانه: {وَقَالُواْ يا أيه الساحر} [الزخرف: 49] ، وقوله جل وعلا: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثقلان} [الرحمن: 31] ، وفي الوقف عليها خلاف بين القراء فبعضهم وقف بالألف وبعضهم بحذفها وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه ممن وقف بحذف الألف وسكون الهاء وفاقاً لرسم المصحف الشريف. الصورة الثانية: وهي في كلمات مخصوصة وقعت في رؤوس الآي وفي أربع كلمات: "الظنونا والرسولا والسبيلا وقواريرا" ومواضعها في التنزيل قوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا} [الأحزاب: 10] ، وقوله تعالى: {ياليتنآ أَطَعْنَا الله وَأَطَعْنَا الرسولا} [الأحزاب: 66] ، وقوله جل وعلا: {فَأَضَلُّونَا السبيلا} [الأحزاب: 67] وهذه الثلاثة بالأحزاب،

وقوله سبحانه: {كَانَتْ قَوَارِيرَاْ} [الإنسان: 15] ، الموضع الأول بالإنسان وهذه المواضع الأربعة قرأ حفص فيها بحذف الألف وصلاً وبإثباتها وقفاً تبعاً للرسم. وأما لفظ "قواريرا" الثاني من سورة الإنسان فسيأتي ذكره في الحالة الرابعة الآتية بعد. هذا: ومن مواضع حذف الألف وصلاً وإثباتها وقفاً في غير ما تقدم لفظ "أنا" الضمير المنفصل إذا لم يقع قبل همزة القطع سواء وقع قبل ساكن أو متحرك كما في قوله تعالى: {إنني أَنَا الله لا إلاه إلا أَنَاْ فاعبدني} [طه: 14] وهذا باتفاق عامة القراء. أما لفظ "أنا" الواقع قبل همزة القطع نحو قوله تعالى: {أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} [يوسف: 45] ، وقوله سبحانه: {وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين} [الأنعام: 163] ، وقوله سبحانه: {إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188] فقد اختلف القراء في حذف الألف وإثباتها في الوصل ولكنهم اتفقوا على إثباتها وقفاً تبعاً للرسم وبالنسبة لحفص فإنه ممن قرأ في هذا اللفظ بحذف الألف وصلاً وبإثباتها وقفاً. الصورة الثالثة: إذا كانت الألف مبدلة من التنوين سواء كان في الاسم المقصور مطلقاً نحو "قرى وعمى وفتى" في قوله تعالى: {فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ} [الحشر: 14] ، وقوله سبحانه: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: 44] ، وقوله جل وعلا: {قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60] أو كان الاسم المنصوب نحو "حسيباً" في قوله تعالى: {وكفى بالله حَسِيباً} [النساء: 6] ونحو "ركعاً سجداً مصراً غثاء" في قوله تعالى: {تَرَاهُمْ

رُكَّعاً سُجَّداً} [الفتح: 29] ، وقوله سبحانه: {اهبطوا مِصْراً} [البقرة: 61] ، وقوله عز شأنه: {فَجَعَلَهُ غُثَآءً أحوى} [الأعلى: 5] . وكذلك الحكم في لفظ "إذاً" المنونة كقوله تعالى: {وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ مِّن لَّدُنَّآ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 67] ، وقوله تعالى: {إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إلى ذِي العرش سَبِيلاً} [الإسراء: 42] . ومثال ذلك إذا وقف على نون التوكيد الخفيفة الواقعة بعد الفتح في قوله تعالى: {يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن الصاغرين} [يوسف: 32] ، وقوله سبحانه: {لَنَسْفَعاً بالناصية} [العلق: 15] فكل هذا يوقف عليه بالألف وفاقاً للرسم بالإجماع. الحالة الرابعة: وهي حذف الألف وصلاً وجواز الوجهين وقفاً. أو الحذف فقط أو الإثبات فحسب فتلك صور ثلاث للوقف في هذه الحالة وإليك بيانها وفق رواية حفص عن عاصم رغبة في الاختصار. أما الصورة الأولى: وهي حذف الألف وصلاً وجواز الوجهين وقفاً أي بإثبات الألف وحذفها مع سكون اللام. فوقعت في لفظ واحد وهو "سلاسلا" في قوله تعالى: {إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلاَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً} [الآية: 4] ، بالإنسان وإثبات الألف هو المقدم على حذفها إن وقف بها معاً وليس اللفظ بمحل وقف إلا للضرورة أو الاختبار "بالموحدة". وأما الصورة الثانية: وهي حذف الألف وصلاً ووقفاً مع وجودها في الرسم فوقعت في لفظ واحد كذلك وهو "قواريرا" الموضع الثاني من سورة الإنسان في قوله تعالى: {قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً} [الآية: 16] . وأما الصورة الثالثة: وهي حذف الألف وصلاً وإثباتها وقفاً تبعاً للرسم فوقعت في لفظ واحد أيضاً وهو "لكنا" في قوله تبارك وتعالى: {لكنا هُوَ الله رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً} [الآية: 38] بالكهف، والله تعالى أعلم. الكلام على الواو المدية وصورها حذفاً وإثباتاً للواو المدية أربع حالات كالألف وهي كما يلي: الحالة الأولى: إثباتها في الحالين تبعاً لرسمها في المصحف الشريف. وذلك في كل ما ثبتت فيه رسماً بشرط ألا يقع بعدها ساكن كقوله تعالى: {الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} [التوبة: 20] ونحو "مهلكوا وأوفوا وملاقوا" في قوله تعالى: {إِنَّا مهلكوا أَهْلِ هاذه القرية} [العنكبوت: 31] ، وقوله سبحانه: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ} [الإسرا: 5] ، وقوله تعالى: {الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] وما إلى ذلك. والإثبات في الحالين في هذه الحال متفق عليه بين عامة القراء. الحالة الثانية: حذفها في الحالين وهذا إذا كانت غير مرسومة في المصحف الشريف بسبب جزم أو بناء أو غيرهما. مثال المحذوفة للجازم الفعل المضارع المجزوم بحذف الواو نحو "يخل ويعش وتدع ونعف ولا تقف" في قوله تعالى: {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} [يوسف: 9] ، وقوله سبحانه: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمان نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36] ، وقوله تعالى: {

أخرى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} [فاطر: 18] ، وقوله سبحانه: {إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} [التوبة: 26] ، وقوله جل وعلا: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] ونحو ذلك. ومثال المحذوفة للبناء فعل الأمر للواحد المذكر المبني على حذف الواو نحو "اعف وادع واتل" في قوله تعالى: {واعف عَنَّا واغفر لَنَا وارحمنآ} [البقرة: 286] ، وقوله سبحانه: {ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] ، وقوله تعالى: {فَلِذَلِكَ فادع} [الشورى: 15] ، وقوله جل وعلا: {اتل مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكتاب وَأَقِمِ الصلاة} [العنكبوت: 45] وشبهه. فالوقف على هذه الأفعال أو تلك بحذف الواو وسكون الحرف الأخير لعامة القراء. أما مثال ما حذفت منه الواو لغير الجزم والبناء فهو في أربعة أفعال باتفاق المصاحف والقراء وهي "يدع ويمحو وسندع" في قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُ الداع} [الآية: 6] بالقمر، وقوله سبحانه: {وَيَدْعُ الإنسان بالشر دُعَآءَهُ بالخير} [الآية: 11] بالإسراء، وقوله تعالى: {وَيَمْحُ الله الباطل وَيُحِقُّ الحق بِكَلِمَاتِهِ} [الآية: 24] بالشورى، وقوله جل شأنه: {سَنَدْعُ الزبانية} [الآية: 18] بالعلق. وكذلك حذفت الواو من الاسم في موضع واحد وهو "صالح" في قوله تعالى: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [الآية: 4] بالتحريم على القول بأنه جمع مذكر سالم. وقد نظم هذه المواضع الخمسة شيخ مشايخي العلامة المتولي في "اللؤلؤ

المنظوم" بقوله: يمحُ بشورى يوم يدْع الداع معْ ... ويدعُ الإنسان سندعُ الواو دَعْ وهكذا وصالح الذي وردْ ... في سورة التحريم فاظفرْ بالرَّشَد اهـ وحذف الواو هنا متفق عليه. الحالة الثالثة: حذفها في الوصل وإثباتها في الوقف وذلك إذا وليها ساكن فتحذف في الوصل تخلصاً من التقاء الساكنين وتثبت في الوقف وفاقاً للرسم سواء كانت في اسم أو في فعل. فمثال وجودها في الاسم نحو "ملاقو وكاشفو ومرسلو وأولو وصالو" في نحو قوله تعالى: {قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ الله كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله} [البقرة: 249] ، وقوله سبحانه: {إِنَّا كَاشِفُو العذاب قَلِيلاً} [الدخان: 15] ، وقوله جل وعلا: {إِنَّا مُرْسِلُواْ الناقة فِتْنَةً لَّهُمْ} [القمر: 27] ، وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب} [الرعد: 19] ، وقوله سبحانه: {إِنَّهُمْ صَالُواْ النار} [ص: 59] وما إلى ذلك. ومثال وجودها في الفعل نحو "يمحو وأسروا وأوفوا فاستبقوا يرجوا تبوءوا ويقيموا ويؤتوا وجابوا" في قوله تعالى: {يَمْحُواْ الله مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] ، وقوله تعالى: {وَأَسَرُّواْ النجوى} [الأنبياء: 3] ، وقوله سبحانه: {وَأَوْفُوا الكيل إِذا كِلْتُمْ} [الإسراء: 35] ، وقوله جل جلاله: {فاستبقوا الصراط} [يس: 66] ، وقوله جل وعلا: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ

حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر} [الأحزاب: 21] ، وقوله سبحانه: {والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} [الحشر: 9] ، وقوله سبحانه: {وَيُقِيمُواْ الصلاة وَيُؤْتُواْ الزكاة} [البينة: 3] ، وقوله تعالى: {وَثَمُودَ الذين جَابُواْ الصخر بالواد} [الفجر: 9] وما جاء على هذا النحو. هذا: وحذف الواو في الوصل وإثباتها في الوقف في هذه الحالة متفق عليه. الحالة الرابعة: إثباتها في الوصل وحذفها في الوقف على العكس من الحالة السابقة وذلك إذا كانت صلة لهاء الضمير نحو قوله تعالى: {لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض} [الحديد: 2] ، وقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} [البلد: 7] وما أشبه ذلك. والوقف هنا بحذف واو الصلة وسكون الهاء باتفاق القراء قاطبة تبعاً للرسم كما مر في باب المد والقصر "فصل هاء الضمير" وبالله التوفيق. الكلام على الياء المدية وصورها حذفا وإثباتاً للياء المدية خمس حالات وإليك بيانها: الحالة الأولى: إثباتها في حالتي الوصل والوقف تبعاً لرسمها في المصحف الشريف وذلك في كل ما ثبتت فيه رسماً بشرط ألا يقع بعدها ساكن نحو "سآوى ويعصمني ويقضي وتوفني وألحقني وإني" في نحو قوله تعالى: {قَالَ سآوي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ المآء} [هود: 43] ، وقوله تعالى: {والله يَقْضِي بالحق} [غافر: 20] ، وقوله جل وعلا: {تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين} [يوسف: 101] ، وقوله جل جلاله: {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ

وَإِنِّي مِنَ المسلمين} [الأحقاف: 15] ، وما كان على هذا النحو. وهذا هو الضابط في إثبات الياء في الحالين لعامة القراء غير أن هناك ثماني عشرة ياء في أربعة وعشرين موضعاً في التنزيل ثبتت رسماً في الحالين ولها نظائر حذفت منها ولابد للقارئ من معرفتها جيداً لئلا يلتبس عليه الأمر فيذهب إلى حذف الثابتة منها أو العكس وهو من اللحن. ومن تلك الياءات الثابتة في الحالين لعامة القراء الياء في كلمة "الأيدي" في الموضع الثاني من سورة ص في قوله تعالى: {واذكر عِبَادَنَآ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأيدي والأبصار} [الآية: 45] ، ونظيرها كلمة "الأيد" في الموضع الأول من نفس السورة في قوله تعالى: {واذكر عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأيد إِنَّهُ أَوَّابٌ} [الآية: 17] فإن الياء فيها محذوفة رسماً ولفظاً ووصلاً ووقفاً بالإجماع وفي هذه المسألة يقول بعضهم: ويا أولي الأيدي بإثبات وصفْ ... وياء ذا الأيد لكلِّهم حُذِفْ اهـ فإذا وقف على كلمة "الأيدي" الثانية وقف بإثبات الياء وإذا وقف على كلمة "الأيد" الأولى وقف بحذفها والحذف في هذه والإثبات في تلك متفق عليه كما مر فتأمل. وأما باقي الياءات الثابتة في الحالين المجمع عليها ذات النظائر المحذوفة مطلقاً فهي "واخشوني" في قوله تعالى: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ واخشوني وَلأُتِمَّ} [الآية: 150] ، "ويأتي" في قوله سبحانه: {فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق} [الآية: 258] الموضعان بالبقرة. "فاتبعوني" في قوله تعالى: {فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله} [الآية: 31] بآل عمران، "وهداني" في

قوله سبحانه: {هَدَانِي ربي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الآية: 161] "ويأتي" في قوله سبحانه: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الآية: 158] كلاهما بالأنعام "ويأتي" أيضاً في قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الآية: 53] "والمهتدي" في قوله سبحانه: {مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتدي} [الآية: 178] الموضعان بالأعراف "وديني" في قوله تعالى: {إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ} [الآية: 104] بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام، و"فكيدوني" في قوله تعالى: {فَكِيدُونِي جَمِيعاً} [الآية: 55] بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام، "ونبغي" في قوله سبحانه: {قَالُواْ يا أبانا مَا نَبْغِي هاذه بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا} [الآية: 65] ، "واتبعني" في قوله تعالى: {على بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتبعني} [الآية: 108] الموضعان بسورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام، "وتأتي" في قوله سبحانه: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} [الآية: 111] بالنحل "وتسألني" في قوله سبحانه: {فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ} [الآية: 70] بالكهف و"فاتبعوني" في قوله تعالى: {فاتبعوني وأطيعوا أَمْرِي} [الآية: 90] بسورة طه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ويهديني في قوله تعالى: {عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السبيل} [الآية: 22] بالقصص "ويا عبادي" في قوله تعالى: {ياعبادي الذين آمنوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [الآية: 56] بالعنكبوت، "واعبدوني" في قوله تعالى: {وَأَنِ اعبدوني هذا صِرَاطٌ

مُّسْتَقِيمٌ} [الآية: 61] بيس، "وديني ويتقي ويا عبادي وهداني" في قوله تعالى: {قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي} [الآية: 14] ، وقوله سبحانه: {أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سواء العذاب يَوْمَ القيامة} [الآية: 24] ، وقوله تعالى: {قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله} [الآية: 53] ، وقوله سبحانه: {لَوْ أَنَّ الله هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ المتقين} [الآية: 57] وهذه المواضع الأربعة بالزمر "وأخرتني" في قوله تعالى: {رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ} [الآية: 10] بالمنافقون، "ودعائي" في قوله تعالى: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعآئي إِلاَّ فِرَاراً} [الآية: 6] بسورة سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام. أما نظائرها المحذوفة في الرسم باستثناء نظير كلمة "الأيدي" بصَ فإنها قد ذكرت في سبع عشرة ياء في عشرين موضعاً وهي "اخشون" في قوله تعالى: {واخشون وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً} [الآية: 44] بالمائدة "ويأت" في قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [الآية: 105] بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام "واتبعون" في قوله تعالى: {ياقوم اتبعون أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرشاد} [الآية: 38] بغافر وفي قوله سبحانه: {واتبعون هذا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [الآية: 61] بالزخرف "وهدان" في قوله تعالى: {قَالَ أتحاجواني فِي الله وَقَدْ هَدَانِ} [الآية: 80] بالأنعام "

والمهتد" في قوله تعالى: {وَمَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد} [الآية: 97] بالإسراء، وفي قوله سبحانه: {مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد} [الآية: 17] بالكهف "وكيدون" في قوله سبحانه: {ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ} [الآية: 195] بالأعراف، "ونبغ" في قوله تعالى: {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} [الآية: 64] بالكهف "واتبعن" في قوله تعالى: {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ اتبعن} [الآية: 20] بآل عمران، "وتسألن" في قوله تعالى: {فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الآية: 46] بسورة سيدنا هود عليه الصلاة والسلام "ويهدين" في قوله تعالى: {وَقُلْ عسى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً} [الآية: 24] بالكهف "وفاعبدون" في قوله تعالى: {وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاعبدون} [الآية: 92] بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام "ويتق" في قوله تعالى: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ} [الآية: 90] سورة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام، "وأخرتن" في قوله سبحانه: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إلى يَوْمِ القيامة} [الآية: 62] بالإسراء، "ودعاء" في قوله سبحانه: {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ} [الآية: 40] بسورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام "ودين" في قوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الآية: 6] بالكافرون، "وعباد ويا عباد وقل يا عباد" في قوله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ الذين يَسْتَمِعُونَ القول} [الآيتان: 17، 18] ، وقوله سبحانه: {

ياعباد فاتقون} [الآية: 16] ، وقوله جل وعلا: {قُلْ ياعباد الذين آمَنُواْ اتقوا رَبَّكُمْ} [الآية: 10] وهذه الثلاثة بالزمر. والحذف في هذه الياءات مختلف فيه بين القراء وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه قرأ في جميعها بالحذف قولاً واحداً بخلاف الإثبات في نظائرها التي تقدمت فإنه متفق عليه بينهم فتفطن كثيراً لحذف هذه لحفص وإثبات تلك لكلهم وبالله التوفيق. الحالة الثانية: حذف الياء في الحالين وذلك إذا كانت غير مرسومة في المصحف الشريف وهذا الحذف يكون غالباً في صور ست وفيما يلي ذكرها: الصورة الأولى: الفعل المضارع المعتل المجزوم بحذف الياء نحو "تمش وتبغ" في قوله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأرض مَرَحاً} [الإسراء: 37] وقوله سبحانه: {وَلاَ تَبْغِ الفساد فِي الأرض} [القصص: 77] . الصورة الثانية: فعل الأمر المبني على حذف الياء نحو "اتق وآت وابتغ" في قوله تعالى: {اتق الله وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين} [الأحزاب: 1] ، وقوله سبحانه: {وَآتِ ذَا القربى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] ، وقوله عز من قائل: {وابتغ فِيمَآ آتَاكَ الله الدار الآخرة} [القصص: 77] . الصورة الثالثة: الاسم المنادى المضاف إلى ياء المتكلم سواء حذف منه حرف النداء أم لم يحذف. فالأول: نحو "رب" في قوله تعالى: {رَّبِّ اغفر لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: 28] ، وقوله تعالى: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى} [البقرة: 260] ، وقوله سبحانه: {رَبِّ ابن لِي

عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة} [التحرم: 11] . والثاني: نحو "يا قوم يا عباد" في قوله تعالى: {يَاقَوْمِ اعبدوا الله} [الأعراف: 59] ، وقوله سبحانه: {ياعباد فاتقون} [الزمر: 16] ، وقوله تعالى: {قُلْ ياعباد الذين آمَنُواْ} [الآية: 10] ، الموضع الأول بالزمر والحذف في هذه الصور الثلاث متفق عليه غير أنه استثنى من الصورة الثالثة كلمتان أُثبتت فيهما الياء مع وجود حرف النداء من غير خلاف في المصاحف كلها وهما في قوله تعالى: {ياعبادي الذين آمنوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ} [الآية: 56] بالعنكبوت، وقوله تعالى: {قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله} [الآية: 53] الموضع الثاني بسورة الزمر، واختلف في موضع واحد وهو قوله عز من قائل: {ياعباد لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} [الآية: 68] بالزخرف فرسم في المصاحف المدنية والشامية بإثبات الياء بعد الدال وفي المصاحف المكية والعراقية بحذفها وكما اختلفت المصاحف الشريفة في هذه الكلمة اختلف القراء فيها أيضاً فبعضهم أثبتها مفتوحة في الوصل ساكنة في الوقف حرف مد ولين. وبعضهم أثبتها ساكنة حرف مد ولين في الوصل والوقف. وبعضهم حذفها في الحالين. وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه ممن قرأ بحذف الياء في الحالين ووقف على الدال الساكنة. الصورة الرابعة: الأسماء المنقوصة المرفوعة والمجرورة إذا كانت منونة

فقد اتفقت المصاحف على حذف الياء منها من أجل تنوينها. والوارد منها في القرآن الكريم ثلاثون اسماً في سبعة وأربعين موضعاً وهي كما يلي: {باغ ولا عاد ومن مُّوصٍ وعن تراضٍ ولا حام ولأتٍ وغواشٍ ولهم أيدٍ ولعالٍ وأنه ناج وهادٍ وواقٍ ومستخفٍ ووالٍ ووادٍ وباق ومفترٍ وليالٍ

وقاض وزانٍ وهو جاز وبكاف ومعتد وفانٍ وحميمءَانٍ دانٍ ومهتدٍ وملاقٍ ومن راقٍ وهارٍ} . على أنه مقلوب فكل هذه الأسماء محذوفة الياء في الحالين تبعاً للرسم والوقف عليها بسكون الحرف الأخير منها للكل ومنهم حفص عن عاصم فتأمل. الصورة الخامسة: الياءات الزوائد وهي الياءات المتطرفة الزائدة في التلاوة على رسم المصاحف العثمانية ولكونها زائدة في التلاوة على الرسم عند من أثبتها سميت بالزوائد وفي حال ثبوتها لا يكون ما بعدها إلا متحركاً. وتكون في الأسماء نحو "المتعال والتناد" في قوله تعالى: {عَالِمُ الغيب والشهادة الكبير المتعال} [الرعد: 9] ،

وقوله سبحانه: {وياقوم إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التناد} [غافر: 32] ، وفي الأفعال نحو "فارهبون ويسر وأكرمن" في قوله تعالى: {وَإِيَّايَ فارهبون} [البقرة: 40] ، وقوله سبحانه: {والليل إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4] ، وقوله تعالى: {فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15] . وجملتها في القرآن الكريم مائة وإحدى وعشرون ياء وقد اختلف القراء العشرة في إثباتها وحذفها وصلاً أو وصلاً ووقفاً وتفصيل ذلك مبسوط في كتب الخلاف تركنا ذكره هنا طلباً للاختصار ومراعاة لحال المبتدئين. وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه مذهبه في جميعها الحذف مطلقاً تبعاً للرسم. ولهذا عددناها من الياءات المحذوفة في الحالين فتأمل. الصورة السادسة: الياءات الزوائد التي تقدم تعريفها في الصورة الخامسة قبل هذه غير أنها في هذه الصورة وقع بعدها ساكن وحينئذ تحذف لفظاً ورسماً للتخلص من التقاء الساكنين وجملتها في التنزيل إحدى عشرة ياء في ستة عشر موضعاً وهي "يؤت" في قوله تعالى: {وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين أَجْراً عَظِيماً} [الآية: 146] بالنساء "واخشون" في قوله تعالى: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ واخشون اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [الآية: 3] بالمائدة "ويقص" في قوله سبحانه: {يَقُصُّ الحق وَهُوَ خَيْرُ الفاصلين} [الآية: 57] بالأنعام وذلك على قراءة من قرأ بسكون القاف وبالضاد المعجمة المكسورة وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه ممن قرأ بضم القاف وبالصاد المهملة المضمومة المشددة وعليه فلا دخل لهذه الياء في قراءته "وننج" في قوله تعالى: {كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ المؤمنين} [الآية: 103] بسورة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام "

والواد" في قوله تعالى: {إِنَّكَ بالواد المقدس طُوًى} [الآية: 12] بسورة طه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقوله سبحانه: {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بالواد المقدس طُوًى} [الآية: 16] بالنازعات "وواد" في قوله تعالى: {حتى إِذَآ أَتَوْا على وَادِ النمل} [الآية: 18] بالنمل "والواد" في قوله تعالى: {نُودِيَ مِن شَاطِىءِ الوادي الأيمن} [الآية: 30] بالقصص "ولهاد" في قوله تعالى: {وَإِنَّ الله لَهَادِ الذين آمنوا} [الآية: 54] بالحج "وبهاد" في قوله تعالى: {وَمَآ أَنتَ بِهَادِ العمي عَن ضَلاَلَتِهِمْ} [الآية: 53] بالروم "ويردن" في قوله تعالى: {إِن يُرِدْنِ الرحمان} [الآية: 23] بيس "وصال" في قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الجحيم} [الآية: 163] بالصافات، "ويناد" في قوله تعالى: {يَوْمَ يُنَادِ المناد} [الآية: 41] بق، "وتغن" في قوله سبحانه: {فَمَا تُغْنِ النذر} [الآية: 5] بالقمر، "والجوار" في قوله تعالى: {وَلَهُ الجوار المنشئات فِي البحر كالأعلام} [الآية: 24] بسورة الرحمن جل وعلا، وفي قوله سبحانه: {الجوار الكنس} [الآية: 16] بالتكوير. وقد اتفق القراء العشرة على حذف هذه الياءات وصلاً للساكن كما تقدم. واختلفوا في إثباتها وقفاً. فمنهم من أثبتها كلها.

ومنهم من أثبت بعضها. ومنهم من حذف جميعها وتفصيل هذا مبسوط في كتب الخلاف تركنا ذكره هنا رغبة في الاختصار وبالنسبة لحفص عن عاصم فإنه ممن قرأ بالحذف فيها جميعاً فتنبه. الحالة الثالثة: إثباتها في الوقف وحذفها لفظاً في الوصل وذلك إذا وليها ساكن فتحذف في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين وثبتت في الوقف تبعاً للرسم سواء كانت في الأفعال أو في الحروف أو في الأسماء وهذا مما لا خلاف فيه بين القراء. ففي الأفعال: نحو "تسقى ويؤتى ويربي ويأتي وأوفى وادخلي" في قوله تعالى: {وَلاَ تَسْقِي الحرث} [البقرة: 71] ، وفي قوله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ} [البقرة: 269] ، وفي قوله سبحانه: {يَمْحَقُ الله الربا وَيُرْبِي الصدقات} [البقرة: 276] ، وقوله عز وجل: {فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ، وقوله جل وعلا: {أَلاَ تَرَوْنَ أني أُوفِي الكيل} [يوسف: 59] ، وقوله سبحانه: {قِيلَ لَهَا ادخلي الصرح} [النمل: 44] وما إلى ذلك. وفي الحروف نحو "إني وليتني" في نحو قوله تعالى: {إِنِّي اصطفيتك عَلَى الناس بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي} [الأعراف: 144] ، وفي قوله تعالى: {ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً} [الفرقان: 27] على قراءة من سكن الياء في الوصل كحفص عن عاصم. وفي الأسماء: نحو "عهدي وقومي وبعدي" في قوله تعالى: {قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124] ، وقوله سبحانه: {إِنَّ قَوْمِي اتخذوا هذا

القرآن مَهْجُوراً} [الفرقان: 30] ، وقوله عز وجل: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ} [الصف: 6] وهذا على قراءة من سكن الياء في الوصل كحفص عن عاصم، ونحو "أيدي وبهادي ومخزي" في قوله تعالى: {ظَهَرَ الفساد فِي البر والبحر بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى الناس} [الروم: 41] ، وفي قوله سبحانه: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المؤمنين} [الحشر: 2] ، وقوله تعالى: {وَمَآ أَنتَ بِهَادِي العمي عَن ضَلالَتِهِمْ} [الآية: 81] بالنمل، وقوله تعالى: {وَأَنَّ الله مُخْزِي الكافرين} [التوبة: 2] وهذا بالاتفاق وكذلك فيما أشبهه ومنه جمع المذكر السالم المنصوب أو المجرور بالياء المضاف لما بعده والوارد منه في القرآن الكريم سبعة مواضع وهي: "حاضري ومحلي ومعجزي وآتي والمقيمي ومهلكي" في قوله تعالى: {لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المسجد الحرام واتقوا} [الآية: 196] بالبقرة، وقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأنعام إِلاَّ مَا يتلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصيد وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [الآية: 1] بالمائدة، وقوله سبحانه: {واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله} [الآية: 2] وقوله سبحانه: {وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فاعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله وَبَشِّرِ الذين كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الآية: 3] الموضعان بالتوبة، وقوله تعالى {إِن كُلُّ مَن فِي السماوات والأرض إِلاَّ آتِي الرحمان عَبْداً} [الآية: 93] بمريم، وقوله جل وعلا: {والمقيمي الصلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [الآية: 35] بالحج وقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي القرى

إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [الآية: 59] بالقصص. وقد نظمها بعضهم فقال: محلِّي مُقيمي حاضري معجزي معا ... وفي مريم آتي كذا مُهلكي القرى فبالياء قِفْ في الكل للكل مُبتلى ... لحذف سكون بعد ذي الياء قد جرى اهـ والحكم في هذه الحالة متفق عليه بين الشموس العشرة. "تنبيه هام": بخصوص الوقف على جمع المذكر السالم المضاف لما بعده. مما لا يخفى أن جمع المذكر السالم المضاف لما بعده الذي تقدم ذكره آنفاً كان قبل الإضافة هكذا "حاضرين محلين.. إلخ" فلما أضيف لما بعده حذفت منه النون كما هو مقرر وبقيت الياء مرسومة وعند الوقف يوقف بها تبعاً للرسم وعند الوصل تحذف لفظاً لالتقاء الساكنين كما هي القاعدة. وعليه: فإذا وقف على كلمة من كلمات الجمع السابقة لا يجوز بحال رد النون المحذوفة بحجة الوقف عليها وزوال إضافتها لما بعدها لأن الوقف حينئذ لا يزال بنية الإضافة وهذا هو الصواب خلافاً لمن قال برد النون بحجة الوقف عليها وزوال إضافتها وهذا خطأ فاحش لا يجوز في القرآن الكريم لأنه لو زيدت النون لزيد في القرآن ما ليس منه وقد تكلم العلماء في هذه المسألة ردًّا على من قال بزيادة النون وقفاً ونورد هنا بعضاً من كلامهم. قال صاحب "منار الهدى في بيان الوقف والابتدا" بعد أن عدد مواضع الجمع السالفة الذكر ما نصه "ومن لا مساس له بهذا الفن يعتقد أو يقلد من لا خبرة له أن النون تزاد حالة الوقف ويظن أن الوقف على الكلمة يزيل حكم الإضافة ولو زال حكمها لوجب أن لا يجر ما بعد الياء لأن الجر إنما أوجدته الإضافة. فإذا زالت وجب أن يزول حكمها وأن يكون ما بعدها مرفوعاً فمن زعم

رد النون فقد أخطأ وزاد في القرآن ما ليس منه" أهـ منه بلفظه. وقال صاحب المشكلات بعد أن عدد مواضع الجمع المشار إليها آنفاً ما نصه: "ولا ترد نون الجمع في الوقف لحذفها في الرسم

ولأن الوقف فيها على نية الإضافة ومثلها نون المثنى في {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] أهـ منه بلفظه "قلت": ولا ترد نون المثنى أيضاً في نحو قوله تعالى: {وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً} [المائدة: 12] وقوله سبحانه: {فانبجست مِنْهُ اثنتا عَشْرَةَ عَيْناً} [الأعراف: 110] وقوله جل وعلا: {إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السماوات والأرض} [التوبة: 36] بأن وقف على لفظ "اثني" أو "اثنتا" أو "اثنا" فالوقف على هذه الكلمات ونحوها يكون على الياء ساكنة في "اثني" وعلى الألف في "اثنتا" و"اثنا" من غير رد النون ولا يزال الوقف بنية الإضافة كما مر. هذا: ومثل جمع المذكر السالم المنصوب والمجرور المضاف لما بعده في حكم الوقف عليه جمع المذكر السالم المرفوع بالواو المضاف لما بعده أيضاً سواء وقع قبل ساكن أو قبل متحرك. فالواقع قبل الساكن نحو "ملاقو وكاشفو وأولو" نحو {الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُواْ الله} [البقرة: 249] ، وقوله سبحانه {إِنَّا كَاشِفُو العذاب قَلِيلاً} [الدخان: 15] وقوله تعالى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الفضل مِنكُمْ والسعة} [النور: 22] . والواقع قبل المتحرك نحو "ملاقو ونكسو وباسطو وأولو" في قوله تعالى: {

الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] ، وقوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ} [السجدة: 12] ، وقوله سبحانه: {وَلَوْ ترى إِذِ الظالمون فِي غَمَرَاتِ الموت والملائكة باسطوا أَيْدِيهِمْ أخرجوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: 93] ، وقوله تعالى: {قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ} [النمل: 33] ، فإذا وقف على كلمة من هذه الكلمات ونحوها يوقف على الواو ساكنة حرف مد ولا يجوز بحال رد النون المحذوفة بحجة الوقف عليها لما سبق والله تعالى أعلم. الحالة الرابعة: إثباتها في الوصل وحذفها في الوقف وهذا إذا كانت صلة لهاء الضمير كقوله تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بالله وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ واليوم الآخر فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً} [النساء: 136] ، وقوله سبحانه: {يُضَاعَفْ لَهُ العذاب يَوْمَ القيامة وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} [الفرقان: 69] ، فالوقف في هذه الحالة بحذف يا الصلة وسكون الهاء بالإجماع تبعاً للرسم كما تقدم. الحالة الخامسة: إثباتها في الوصل وجواز الوجهين في الوقف وهذا في لفظ واحد وهو "آتان" في قوله تعالى: {آتَانِيَ الله خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ} [الآية: 36] بالنمل حسب قراءة حفص عن عاصم فحسب فقد قرأ رضي الله عنه بإثبات الياء المفتوحة في الوصل وبجواز الوجهين في الوقف - أي بإثبات الياء ساكنة حرف مد وبحذفها مع سكون النون. والإثبات هو المقدم في الأداء على الحذف إن وقف بهما معاً وليس اللفظ بمحل للوقف إلا للضرورة أو للاختبار "بالموحدة" فتفطن والله الموفق.

فصل في بيان بعض الكلمات القرآنية التي يتبع فيها الرسم العثماني في الكتابة لا في القراءة.

فصل في بيان بعض الكلمات القرآنية التي يتبع فيها الرسم العثماني في الكتابة لا في القراءة. من الأصول المقررة إجماع العلماء وأهل الأداء على لزوم اتباع الرسم العثماني في حالة الوقف على الكلمة القرآنية وهذا من الأمور المتفق عليها بين عامة القراء وقد أشار إلى ذلك الحافظ ابن الجزري في الطيبة بقوله رحمه الله تعالى: . . . . . . . . . . . . . ... وعن كلٍّ كما الرَّسمُ أجلْ" اهـ وقد تقدم المزيد من الكلام على ذلك والتمثيل له بما فيه الكفاية في فصول - باب الوقف على أواخر الكلم - سواء كان الوقف بالإثبات أم بالحذف وسواء كان بالاتفاق أم بالاختلاف إلا أن هناك حروفاً ثابتة في رسم المصحف الشريف لا يجب اتباع الرسم فيها قراءة لا في الوصل ولا في الوقف بل ترسم ولا تقرأ. وأن هناك حروفاً محذوفة في الرسم ولكن يجب التلفظ بها في الوصل والوقف. وفيما يلي بعض الأمثلة على سبيل التمثيل لا على سبيل الحصر، فمن الصورة الأولى وهي أن تكون الحروف فيها ثابتة في الرسم ولكن لا يتلفظ بها في القراءة سبعة أشياء: الأول: الألف المتطرفة الزائدة في الخط في نحو قوله تعالى: {الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ الله} [التوبة: 20] هذه الألف لا يوقف بها بل يوقف على واو ساكنة حرف مد ولين لسكونها إثر ضم. ومثلُ الوقف في ذلك ونحوه الوصلُ. فتأمل. الثاني: الياء والواو إذا كانتا عوضين عن الألف في الرسم فالياء نحو "أبي والهوى" والواو نحو "الربا" في قوله تعالى: {فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى واستكبر وَكَانَ مِنَ

الكافرين} [البقرة: 34] ، وقوله سبحانه: {فَلاَ تَتَّبِعُواْ الهوى أَن تَعْدِلُواْ} [النساء: 135] ، وقوله تعالى: {يَمْحَقُ الله الربا وَيُرْبِي الصدقات} [البقرة: 276] فالوقف هنا يكون بالألف وليس بالياء ولا بالواوا خلافاً للرسم ومثلُ الوقف في ذلك وشبهه الوصلُ فاحفظه. الثالث: الحرف الذي جعل صورة الهمز سواء كان ألفاً نحو "تَبوأ ولتنوأ وسبأ بنبأ" أو واواً نحو "امرؤ" أو ياء نحو "امرئ وهيئ" في قوله تعالى: {أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} [المائدة: 29] ، وقوله سبحانه: {لَتَنُوءُ بالعصبة أُوْلِي القوة} [القصص: 76] ، وقوله تعالى: {وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22] ، ونحو قوله تعالى: {إِن امرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176] ، ونحو قوله تعالى: {لِكُلِّ امرىء مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37] ، وقوله تعالى: {وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} [الكهف: 10] فالوقف هنا يكون على الهمزة ساكنة وليس على الألف ولا على الواو ولا على الياء ومثل الوقف في ذلك وما أشبهه الوصل غير أنه بتحريك الهمزة بحركتها فتدبر. الرابع: الهمزة المتطرفة التي رسمت على الواو ورسم بعد الواو ألف سواء وقع قبل الهمزة ألف أم لم يقع نحو "نشاء والبلاء والضعفاء والعلماء" ونحو "يعبأ ويدرأ" في نحو قوله تعالى: {أَوْ أَن نَّفْعَلَ في أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: 87] ، وفي قوله تعالى: {

إِنَّ هذا لَهُوَ البلاء المبين} [الصافات: 106] ، وقوله سبحانه: {فَقَالَ الضعفاء لِلَّذِينَ استكبروا} [إبراهيم: 21] ، وقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] ، وقوله سبحانه: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ} [الفرقان: 77] ، وقوله جل وعلا: {وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا العذاب أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بالله إِنَّهُ لَمِنَ الكاذبين} [النمل: 8] فكل هذه الكلمات ونحوها في القرآن الكريم وهي معروفة يوقف فيها على الهمزة ساكنة ولا يوقف على الواو ولا على الهمزة ممدودة بواو من أجل الألف التي بعدها كما قد يتبادر ومثل الوقف هنا الوصل غير أنه بتحريك الهمزة بحركتها فاعرفه. الخامس: الهمزة المتطرفة التي رسمت على الياء سواء وقع قبل الهمزة ألف أم لم يقع نحو "إيتاء وآناء ومن نبإ ويبدئ" في قوله تعالى: {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان وَإِيتَآءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاء والمنكر} [النحل: 90] ، وقوله سبحانه: {وَمِنْ آنَآءِ الليل فَسَبِّحْ} [طه: 130] ، وقوله تعالى: {وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ المرسلين} [الأنعام: 34] ، وقوله جلت قدرته: {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ} [البروج: 13] فكل هذه المواضع ونحوها في التنزيل وهي معروفة ومحصورة يوقف فيها على الهمزة ساكنة ولا يوقف على الياء ولا على الهمزة ممدودة بياء كما قد يتبادر. ومثل الوقف في ذلك ونحوه الوصلُ غير أنه بتحريك الهمزة بحركتها فتفطن.

السادس: الألف الزائدة في الخط كالتي في لفظ "لشيء" في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله} [الآيتان: 23، 24] بالكهف خاصة وكالتي في لفظ "مائة ومائتين" في نحو قوله تعالى: {فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66] وكالألف المعانقة للام الأولى في "لا إلى" في قوله تعالى: {لإِلَى الله تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158] ، وكذلك الياء الزائدة التي بعد الياء الأصلية في لفظ "بأييد" في قوله تعالى: {والسمآء بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الآية: 47] بالذاريات ومثلها لفظ "بأيكم" في قوله تعالى: {بِأَيِّكُمُ المفتون} [الآية: 6] بالقلم. وكذلك الواو الزائدة التي بين الهمزة واللام في نحو "أولئك وأولو وأولي" في نحو قوله تعالى: {أولائك هُمُ الصادقون} [الحجرات: 15] ، وقوله سبحانه: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب} [الرعد: 19] ، وقوله تعالى: {واتقون يا أولي الألباب} [البقرة: 197] ، هذه الحروف الزوائد كلها ترسم في الخط ولا يتلفظ بها في القراءة مطلقاً لا في الوصل ولا في الوقف فتنبه. السابع: الألف المرسومة واواً في نحو "الصلاة والزكاة والحياة ومشكاة" في نحو قوله تبارك وتعالى: {وَأَقَامَ الصلاوة وَآتَى الزكاوة} [البقرة: 177] ، وقوله تعالى: {وَمَا هاذه الحياوة الدنيآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ} [العنكبوت: 64] ، وقوله سبحانه: {كمشكاوة

فِيهَا مِصْبَاحٌ} [النور: 35] ، هذه الألف لا تبدل واواً كرسمها في هذه المواضع وشبهها لا في الوصل ولا في الوقف بل ترسم واواً وتقرأ ألفاً فتدبر. والحكم في هذه الأشياء السبعة التي ذكرناها متفق عليه بين القراء باستثناء حمزة وهشام في وقفهما على الهمز كما مر بالحاشية فاعرف ذلك. وأما الصورة الثانية: وهي التي تكون فيها الحروف محذوفة في الرسم ولكن يتلفظ بها في القراءة حتماً فمن مواضعها شيئان متفق عليهما بين عامة القراء. الشيء الأول: الحرف المحذوف لاجتماع صورتين متماثلتين كالياء المتطرفة في نحو "يستحي ويحي" في نحو قوله تعالى: {والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق} [الأحزاب: 53] ، وقوله جلت قدرته: {والله يُحْيِي وَيُمِيتُ} [آل عمران: 156] فإذا وقف على هذين اللفظين ونحوهما في التنزيل وقف بإثبات الياء الثانية المحذوفة من الرسم حرف مد ولين وهذا على القول بأنها هي المحذوفة لا الأولى قاله العلامة المارغني وجزم الحافظ ابن الجزري في النشر برد هذه الياء في الوقف كما حكى الإجماع على ذلك مُلاَّ علي القاري في شرحه على الشاطبية. الشيء الثاني: الحروف المتقطعة التي افتتح بها بعض سور التنزيل نحو "يس" و"ص" و"ق" فيوقف على الحرف الأخير من أسمائها ولا يوقف على الحرف المرسوم فيوقف على النون ساكنة في "يس" وعلى الدال ساكنة مقلقلة في "ص" وعلى الفاء ساكنة في "ق" وإن كانت هذه الحروف غير موجودة في رسم المصحف الشريف فتأمل. وبعد فهذه تسعة أشياء لا يتبع فيها الرسم في القراءة لا في الكتابة وليست

كل ما هنالك فهناك أشياء أخرى غيرها تعرف بالتأمل والتفطن. والواجب على قارئ القرآن الكريم أن يلم بشيء من قواعد الرسم العثماني وأن يحفظ شيئاً من متونه الأولى كمتن العقيلة للإمام الشاطبي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه فإن ذلك يوصله إلى المتون الكبيرة كمورد الظمآن في رسم القرآن للعلامة الخراز. والله نسأل أن يرشدنا جميعاً إلى ما فيه الصواب حتى نكتب كتاب الله تعالى كتابة صحيحة ونقرأه قراءة سليمة على الوجه الصحيح الذي يرضيه ويرضى عنا إنه قريب مجيب.

الباب السابع عشر / في الاستعاذة

الباب السابع عشر / في الاستعاذة وكلامنا في الاستعاذة عام لجميع القراء كما أنه خاص بالقراءة خارج الصلاة ويتعلق به سبع مسائل: الأولى: في صيغتها. الثانية: في حكم الجهر والإخفاء بها. الثالثة: في حكمها وجوباً أو استحباباً. الرابعة: في محلها. الخامسة: في معناها. السادسة: في بيان أوجهها. السابعة: فيما إذا قطع القارئ قراءته ثم عاد إليها وبيان ما يترتب عليه عندئذ.

الأولى: في صيغتها.

ولكل مسألة من هذه المسائل كلام خاص نوضحه فيما يلي: الأولى: في صيغتها. أما صيغتها فهي "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وهذه هي المشهورة والمختارة من حيث الرواية لجميع القراء العشرة دون غيرها من الصيغ الواردة فيها لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم} [النحل: 98] . قال الحافظ أبو عمرو الداني في التيسير: "اعلم أن المستعمل عند الحذاق من أهل الأداء في لفظ الاستعاذة "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" دون غيره وذلك لموافقة الكتاب والسنة. فأما الكتاب فقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم} [النحل: 98] . وأما السنة فما رواه نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه استعاذ قبل القراءة بهذا اللفظ بعينه. "وبذلك قرأت وبه آخذ" أهـ بلفظه وكما أن هذا اللفظ هو المشهور والمختار لجميع القراء هو المأخوذ به عند عامة الفقهاء كالشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم. وقد ادعى بعضهم الإجماع على هذا اللفظ بعينه وهو مردود بما جاء من تغيير في هذا اللفظ تارة بالزيادة عليه وتارة بالنقص عنه. أما الزيادة فمنها "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" أو "أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم" أو "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم" أو "أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الجيم" إلى غير

ذلك من الصيغ الواردة عن أئمة القراء وأهل الأداء. وأما النقص فقد قال الحافظ ابن الجزري في النشر لم يتعرض للتنبيه عليه أكثر أئمتنا وكلام الشاطبي رحمه الله يقتضي عدمه والصحيح جوازه لما ورد: فقد نص الحلواني في جامعه على جواز ذلك فقال وليس للاستعاذة حد ينتهى إليه من شاء زاد ومن شاء نقص أي بحسب الرواية. وفي سنن أبي داود من حديث جبير بن مطعم "أعوذ بالله من الشيطان" من غير ذكر الرجيم وكذا رواه غيره أهـ منه بلفظه. هذا: ولم أر فيما وقفت عليه من صيغ النقص غير ما ذكر الحافظ ابن الجزري في النشر. قال العلامة المارغني "فإن قلت" حيث ورد في الكتاب والسنة لفظ أعوذ بالله من الشيطان كما تقدم فلم جوزوا غيره؟ "قلت" الآية لا تقتضي إلا طلب أن يستعيذ القارئ بالله من الشيطان لأن الأمر فيها وهو استعذ مطلق وجميع ألفاظ الاستعاذة بالنسبة إليه سواء فبأي لفظ استعاذ القارئ جاز وكان ممتثلاً والحديث ضعيف كما ذكره الأئمة ومع ذلك فالمختار أن يقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لموافقة لفظ الآية وإن كان الأمر فيها مطلقاً ولورود الحديث به وإن لم يصح لاحتمال الصحة وإنما اختاروا أعوذ مع أن الآية تقتضي استعيذ لوروده في مواضع كثيرة من القرآن كقوله تعالى: {وَقُلْ رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشياطين} [المؤمنون: 97] الآية. {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلق} [الفلق: 1] . {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس} [الناس: 1] ولوروده في

الثانية: في حكم الجهر والإخفاء بها.

عدة أحاديث أهـ. وأما ما قاله الإمام ابن بري في الدرر اللوامع: وقد أتتْ في لفظه أخبارُ ... وغير ما في النَّحل لا يُخْتار اهـ فأقول لعله قصد بقوله: "وغير ما في النحل لا يختار" أنه لم ينعقد إجماع القراء على غير التعوذ بلفظ سورة النحل أو أن القارئ يسعه التعوذ بأي لفظ وارد وقد اختار هو لفظ النحل وهذا أشبه بقوله وأحبُّ إليَّ إذ كل هذه الألفاظ التي تقدمت وكذلك غيرها من ما لم تذكر واردة والقارئ مأمور بالعمل بإحداها على التخيير وكل حق وصواب وقد تقدم ما يفيد ذلك في كلام العلامة المارغني شارح كلام الإمام ابن بري رحمهما الله تعالى ورحمنا معهما بمنه وكرمه آمين. الثانية: في حكم الجهر والإخفاء بها. اعلم أن الجهر بالاستعاذة هو المأخوذ به لدى عامة القراء عند افتتاح القراءة إلا ما روي عن نافع وحمزة من أنهما كانا يخفيان -أي يسران- لفظ الاستعاذة في جميع القرآن. ولكن المشهور عند جماهير العلماء هو الجهر لعامة القراء لا فرق بين نافع وحمزة وغيرهما من باقي الأئمة. قال الحافظ أبو عمرو الداني في التيسير: "ولا أعلم خلافاً بين أهل الأداء في الجهر بها عند افتتاح القرآن وعند الابتداء برؤوس الأحزاب وغيرها في مذهب الجماعة اتباعاً للنص واقتداء بالسنة". وقال: "وروى إسحاق المسيبي عن نافع أنه كان يخفيها في جميع القرآن وروى سليم عن حمزة أنه كان يجهر بها في أول أم القرآن خاصة ويخفيها بعد ذلك كذا قال خلف عنه. وقال خلاد عنه أنه كان يجيز الجهر والإخفاء جميعاً" أهـ منه بلفظه. ولكن قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "أطلقوا اختيار الجهر في

الاستعاذة مطلقاً ولابد من تقييده. وقد قيده الإمام أبو شامة رحمه الله تعالى بحضرة من يسمع قراءته ولابد من ذلك قال: لأن الجهر بالتعوذ إظهار لشعائر القراءة كالجهر بالتلبية وتكبيرات العيد، ومن فوائده أن السامع ينصت للقراءة من أولها ولا يفوته منها شيء. وإذا أخفى التعوذ لم يعلم السامع بالقراءة إلا بعد أن فاته من المقروء شيء. وهذا المعنى هو الفارق بين القراءة خارج الصلاة وفي الصلاة فإن المختار في الصلاة الإخفاء لأن المأموم منصت من أول الإحرام بالصلاة" أهـ منه بلفظه. وقال الحافظ ابن الجزري في النشر أيضاً: "ومن المواضع التي يستحب فيها الإخفاء إذا قرأ خالياً سواء قرأ جهراً أو سرًّا. ومنها إذا قرأ سرًّا فإنه يسر أيضاً. ومنها إذا قرأ في الدَّوْرِ ولم يكن في قراءته مبتدئاً بالتعوذ لتتصل القراءة ولا يتخللها أجنبي فإن المعنى الذي من أجله استحب الجهر وهو الإنصات فقد في هذه المواضع" أهـ منه بلفظه. قلت: ويؤخذ مما تقدم أن الجهر بلفظ التعوذ ليس على إطلاقه كما مر بل هناك حالات يستحب فيها الإخفاء وهي كالآتي: الأول: إذا كان القارئ يقرأ خالياً سواء قرأ سرًّا أو جهراً. الثانية: إذا كان يقرأ سرًّا. الثالثة: إذا كان يقرأ في الدَّوْرِ ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة ويفهم من هذا أنه إذا كان هو المبتدئ بالقراءة في الدور فيجهر بلفظه التعوذ لأنه الآن صار في حضرة من يسمع قراءته كما تقدم وما سوى حالات الإخفاء هذه فيجهر القارئ بلفظ التعوذ وهو تفصيل حسن "وجه الجهر بلفظه التعوذ" إنصات السامع للقراءة من أولها فلا يفوته منها شيء لما هو مقرر من أن لفظ التعوذ شعار القراءة

الثالثة: في حكمها وجوبا أو استحبابا.

وعلامتها "ووجه الإخفاء" حصول الفرق بين ما هو قرآن وما هو ليس بقرآن لأن لفظ التعوذ ليس في القرآن بالإجماع والله أعلم. الثالثة: في حكمها وجوباً أو استحباباً. اختلف العلماء في ذلك بعد اتفاقهم على أن الاستعاذة مطلوبة من مريدي القراءة فقال جمهورهم بالاستحباب أي أن الاستعاذة مستحبة عند إرادة القراءة. وعليه فالأمر الوارد في قوله تبارك وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم} [النحل: 98] محمول على الندب وعلى هذا المذهب لا يأثم القارئ بتركها. وقال غير الجمهور بالوجوب أي أن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة. وعليه فالأمر الوارد في الآية المذكورة محمول على الوجوب وعلى هذا المذهب يأثم القارئ بتركها. والمأخوذ به هو مذهب الجمهور فاحفظه. الرابعة: في محلها. جمهور العلماء على أن محل الاستعاذة قبل القراءة أي مقدمة عليها وقيل إن محلها بعد القراءة لظاهر الآية وهو غير صحيح. قال الإمام أبو شامة في شرحه على الشاطبية: "ووقت الاستعاذة ابتداء القراءة جرى على ذلك العمل في نقل الخلف عن السلف إلا ما شذ عن بعضهم أن موضعهم بعد الفراغ من القراءة وقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله} [النحل: 98] معناه إذا أردت القراءة كقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا} [المائدة: 6] وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا توضأ أحدكم فليستنشر، ومن أتى الجمعة فليغتسل". كل ذلك مبني على حذف الإرادة أهـ منه بلفظه، وقد أبطل غير واحد من أهل العلم القول بأن الاستعاذة تكون بعد القراءة لظاهر الآية، وقد أطال الحافظ ابن الجزري في الرد على من قال بذلك مما ينبغي الوقوف عليه وقد تركنا إيراد كلامه

الخامسة: في معناها.

هنا رغبة في الاختصار ورأفة بالمبتدئين فانظره في النشر وبالله التوفيق. الخامسة: في معناها. ومعناها الالتجاء إلى الله تعالى والتحصن به سبحانه من الشيطان فإذا قال القارئ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فكأنه قال ألجأ وأعتصم وأتحصن بالله من الشيطان. قال العلامة الشيخ سليمان الجمزوري رحمه الله تعالى في كتابه: "الفتح الرحماني بشرح كنز المعاني" ومعناها طلب الإعاذة من الله وهي عصمته يقال عذت بفلان واستعذب به لجأت إليه" أهـ منه بلفظه. هذا: ولفظ الاستعاذة على أي صيغة كانت ليس من القرآن بالإجماع كما أنه جاء على لفظ الخبر ومعناه الدعاء أي اللهم أعذني من الشيطان. قال العلامة القسطلاني شارح البخاري في اللطائف: "والشيطان مشتق من شَطَنَ إذا بَعُدَ فهو بعيد بطبعه عن طباع البشر وبعيد بفسقه عن كل خير. والظاهر أن المراد به إبليس وأعوانه" أهـ منه بلفظه كفانا الله تعالى شره ووقانا فتنته في الحياة وعند الممات إنه سبحانه القادر على ذلك. السادسة: في بيان أوجهها. أما أوجه الاستعاذة فبحسب ما تقترن به من القراءة لأنها إما أن تقترن بأول السورة. وإما أن تقترن بغير أولها ولكل من هاتين الحالتين كلام خاص نوضحه فيما يلي: الحالة الأولى: اقتران الاستعاذة بأول السورة: إذا اقترنت الاستعاذة بأول السورة باستثناء أول سورة براءة فيجوز لجميع

القراء أربعة أوجه وإليك ترتيبها حسب الأداء: الأول: قطع الجميع أي الوقف على الاستعاذة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة. الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث أي الوقف على الاستعاذة ووصل البسملة بأول السورة. الثالث: وصل الأول بالثاني وقطع الثالث أي وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف عليها والابتداء بأول السورة. الرابع: وصل الجميع أي وصل الاستعاذة بالبسملة بأول السورة جملة واحدة. أما الابتداء من أول سورة براءة فليس فيه إلا وجهان لجميع القراء وهما: الأول: القطع أي الوقف على الاستعاذة والابتداء بأول السورة من غير بسملة. الثاني: الوصل أي وصل الاستعاذة بأول السورة من غير بسملة كذلك وذلك لعدم كتابتها في أولها في جميع المصاحف العثمانية. وفي وجه عدم كتابة البسملة في أول براءة أقوال كثيرة نذكر منها هنا ما قاله العلامة ابن الناظم في شرح طيبة والده الحافظ ابن الجزري ونصه: "واختلف في العلة التي من أجلها لا يبسمل في سورة براءة بحالة فذهب الأكثرون إلى أنه لسبب نزولها بالسيف يعني ما اشتملت عليه من الأمر بالقتل والأخذ والحصر ونبذ العهد وأيضاً فيها الآية المسماة بآية السيف وهي: {قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله} [التوبة: 29] الآية وذهب بعضهم إلى احتمال كونها من الأنفال" أهـ منه بلفظه. هذا: والأشهر فيما قرأته لأئمتنا من الأقوال في هذه المسألة هو نزولها بالسيف وهو مروي عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن سيدنا علي بن

أبي طالب رضي الله عنه وعليه الجمهور من أهل العلم كما قال القاضي أبو بكر الباقلاني وإليه ذهب الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى وفيه يقول في الشاطبية: ومهما تصلها أو بدأت براءة ... لتنزيلها بالسيف لست مُبسملا اهـ الحالة الثانية: اقتران الاستعاذة بغير أول السورة: وهذا إذا كان القارئ مبتدئاً من أثناء السورة سواء كان الابتداء من أول الجزء أو الحزب أو الربع أو الثمن أو غير ذلك والمراد بأثناء السورة ما كان بعيداً عن أولها ولو بكلمة. وللقارئ حينئذ التخيير في أن يأتي بالبسملة بعد الاستعاذة أو لا يأتي بها. والإتيان بها أفضل من عدمه لفضلها والثواب المترتب على الإتيان بها وقد اختاره بعضهم قال الإمام ابن بري رحمه الله في الدرر: واختارها بعض أولى الأداء ... لفضلها في أول الأجزاءِ اهـ وبناء على هذا الخلاف إذا أُتيَ بالبسملة بعد الاستعاذة فيجوز للقارئ حينئذ الأوجه الأربعة السالفة الذكر التي في الابتداء بأول السورة وإذا لم يؤت بالبسملة بعد الاستعاذة فللقارئ حينئذ وجهان ليس غير: أولهما: القطع أي الوقف على الاستعاذة والابتداء بأول الآية. ثانيهما: الوصل أي وصل الاستعاذة بأول الآية. ووجه القطع أولى من الوصل خصوصاً إذا كان أول الآية المبتدأ بها اسماً من أسماء الله تعالى أو ضميراً يعود إليه سبحانه وذلك نحو قوله تعالى: {الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ} [البقرة: 257] ، وقوله سبحانه: {الرحمان عَلَى العرش استوى} [طه: 5] ، ونحو قوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59] ، وقوله سبحانه: {إِلَيْهِ يُرَدُّ

عِلْمُ الساعة} [فصلت: 47] ففي هذا وشبهه قطع الاستعاذة أولى من وصلها لما فيه من البشاعة كما في النشر وغيث النفع وغيرهما. وقد اختاره الإمام أبو محمد مكي بن طالب في الكشف كما أحد على الإتيان بالبسملة والحالة هذه العارف بالله تعالى شيخ شيوخنا سيدي الشيخ مصطفى الميهي في فتح الكريم وعبارته "ويستحب البسملة في أثناء السورة ويتأكد ذلك عند نحو {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعة} [فصلت: 47] ، {وَهُوَ الذي} [الأنعام: 97، 98، 99، 114، 141، 165] لما في ذكر ذلك بعد ذكر الاستعاذة من البشاعة وإيهام رجوع الضمير إلى الشيطان" أهـ منه بحروفه. وقد منع الشهاب البناء في إتحافه وصل البسملة بما بعدها في هذه الحال وكذلك يمنع وصل الاستعاذة بأجزاء السورة إذا كان المبتدأ به اسم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كالابتداء بقوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} [الفتح: 29] فلا يجوز وصل الاستعاذة باسمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما فيه من البشاعة أيضاً، وهنا ينبغي الإتيان بالبسملة. نبه على ذلك صاحب المكرر وهو كلام جيد لم أره لغيره وكما أن وصل الاستعاذة بأول أجزاء السورة ممنوع إذا كان أولها اسماً من أسماء الله تعالى أو ضميراً يعود عليه سبحانه فينبغي النهي عن البسملة في قوله تعالى: {الشيطان

السابعة: فيما إذا قطع القارئ قراءته ثم عاد إليهم وبيان ما يترتب عليه عندئذ.

يَعِدُكُمُ الفقر} [البقرة: 268] ، وقوله تعالى: {لَّعَنَهُ الله} [النساء: 118] ونحو ذلك لما فيه من البشاعة أيضاً. قاله الحافظ ابن الجزري في النشر وهو كلام نفيس واضح بين. وأما الابتداء من أثناء سورة براءة ففيه التخيير السابق في الإتيان بالبسملة وعدمه. وذهب بعضهم إلى منع البسملة في الابتداء من أثنائها كما منعت من أولها. وهو مذهب حسن وبالله التوفيق. السابعة: فيما إذا قطع القارئ قراءته ثم عاد إليهم وبيان ما يترتب عليه عندئذ. إذا عرض للقارئ ما قطع قراءته فإن كان أمراً ضروريًّا كسعال أو عطاس أو كلام يتعلق بالقراءة فلا يعيد لفظ التعوذ، وإن كان أمراً أجنبيًّا ولو ردًّا للسلام فإنه يستأنف التعوذ وكذلك لو قطع القراءة إعراضاً ثم عاد إليها. "فائدة": قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "إذا قرأ جماعة جملة واحدة هل يلزم كل واحد الاستعاذة أو تكفي استعاذة بعضهم؟ لم أجد فيها نصًّا ويحتمل أن تكون كفاية وأن تكون عيناً على كل من القولين بالوجوب والاستحباب والظاهر الاستعاذة لكل واحد لأن المقصود اعتصام القارئ والتجاؤه بالله تعالى عن شر الشيطان كما تقدم فلا يكون تعوذ واحد كافياً عن آخره" أهـ منه بلفظه والله أعلم.

الباب الثامن عشر / في البسملة

الباب الثامن عشر / في البسملة وكلامنا على البسملة هنا خاص بالقراءة خارج الصلاة ويتعلق به ثلاث مسائل: المسألة الأولى في بيان حكم البسملة عند افتتاح القراءة بأول السورة. المسألة الثانية في بيان حكم البسملة عند افتتاح القاراءة بغير أول السورة. المسألة الثالثة في بيان حكم البسملة عند الجمع بين السورتين. ولكل مسألة من هذه المسائل كلام خاص نوضحه فيما يلي:

المسألة الأولى في بيان حكم البسملة عند افتتاح القراءة بأول السورة

المسألة الأولى في بيان حكم البسملة عند افتتاح القراءة بأول السورة أما حكم البسملة عند افتتاح القراءة من أول السورة باستثناء أول سورة براءة فلا خلاف بين القراء قاطبة في الإتيان بها حتماً وأما الافتتاح بأول سورة براءة فلا خلاف بين القراء أيضاً في ترك البسملة لعدم وجودها في أولها كما تقدم ذلك قريباً في باب الاستعاذة. المسألة الثانية في بيان حكم البسملة عند افتتاح القراءة بغير أول السورة قلنا فيما تقدم أن المراد بغير أول السورة ما كان بعيداً عن أولها ولو بكلمة وعليه: فإذا ابتدئ من هذا المكان من أي سورة من سور التنزيل فيجوز لجميع القراء التخيير في الإتيان بالبسملة وعدم الإتيان بها والإتيان بها أفضل من عدمه لما مر. وقد تقدم الكلام مستوفى على هاتين المسألتين في باب الاستعاذة عند الكلام على اقتران الاستعاذة بأول السورة وبغير أولها وفي هاتين المسألتين يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في الشاطبية: ولابُدَّ منها في ابتدائك سورة ... سواها وفي الأجزاء خُيِّرَ من تلا اهـ

المسألة الثالثة في بيان حكم البسملة عند الجمع بين السورتين

المسألة الثالثة في بيان حكم البسملة عند الجمع بين السورتين المراد بالجمع بين السورتين انتهاء القارئ من قراءة السورة السابقة وشروعه في قراءة السورة اللاحقة كالانتهاء من قراءة سورة الفاتحة والشروع في قراءة أول سورة البقرة مثلاً ففي هذه الحالة وما شابهها يجوز ثلاثة أوجه لمن أثبت البسملة وفصل بها بين السورتين قولاً واحداً كحفص عن عاصم باستثناء آخر سورة الأنفال وأول سورة براءة وإليك ترتيب هذه الأوجه الثلاثة حسب الأداء: الأول: قطع الجميع أي الوقف على آخر السورة السابقة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة اللاحقة. الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث. أي الوقف على آخر السورة السابقة ووصل البسملة بأول السورة اللاحقة. الثالث: وصل الجميع -أي وصل آخر السورة السابقة بالبسملة بأول السورة اللاحقة جملة واحدة. وقد نظم هذه الأوجه الثلاثة العلامة الخليجي في قرة العين فقال رحمه الله تعالى: وبين كل سورة وأخرى ... لمن يبسمل ثلاث تُقرا قطع الجميع ثم وصل الثاني ... ووصْلُ كل فاتْلُ بالإتقان اهـ

وهذه الأوجه الثلاثة تجوز بين كل سورتين سواء رتبتا في التلاوة كآخر آل عمران مع أول النساء أم لم ترتبا كآخر الفاتحة مع أول المائدة. وفي هذا يقول الإمام أحمد الطيبي في التنوير: وبين سورتين لم ترتَّبا ... ما بين ما رُتِّبتا قد أوجبا اهـ هذا: ولا يجوز وصل آخر السورة بالبسملة مع الوقف عليها لأن في ذلك إيهاماً بأن البسملة لآخر السورة السابقة والحال أنها لأول اللاحقة. وهذا هو الوجه الممنوع لجميع القراء بالإجماع وفيه يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في الشاطبية: ومهما تصلها مع أواخر سورة ... فلا تقفنَّ الدهر فيها فتثقُلا اهـ أما ما بين آخر الأنفال وأول براءة فثلاثة أوجه لعامة القراء وهي كالتالي: الأول: القطع: أي الوقف على "عليم" مع التنفس والابتداء ببراءة. الثاني: السكت أي الوقف على "عليم" بسكتة لطيفة بدون تنفس والابتداء ببراءة. الثالث: الوصل أي وصل "عليم" ببراءة مع تبيين الإعراب وهذه الأوجه الثلاثة بلا بسملة لما تقدم وقد نظمها العلامة الخليجي في "قرة العين" فقال رحمه الله: وبين الانفال وتوبةً بلا ... بسملة أو اسكت أو صِلاَ اهـ تنبيهات: الأول: الأوجه الثلاثة التي بين آخر الأنفال وأول براءة التي ذكرناها آنفاً لم تكن مقيدة بهذا المحل فحسب بل تجوز بين آخر أي سورة وأول براءة بشرط أن يكون آخر هذه السورة قبل سورة براءة في ترتيب المصحف الشريف فمثلا ً لو وصل آخر سورة آل عمران بأول سورة براءة جازت تلك الأوجه الثلاثة للجميع

أيضاً بخلاف ما إذا كان آخر السورة بعد أول سورة براءة في ترتيب المصحف الكريم كأن وصل آخر سورة الكهف بأول سورة براءة فلا يجوز حينئذ إلا القطع بدون بسملة ويمتنع الوصل والسكت. وكذلك إذا كرر القارئ سورة براءة كأن وصل آخرها بأولها فليس له في هذه الحالة إلا القطع بدون بسملة ويمتنع الوصل والسكت أيضاً. التنبيه الثاني: إذا وصلت الميم من {الم} [الآية: 1] فاتحة سورة آل عمران بلفظ الجلالة جاز فيها وجهان للأئمة العشرة باستثناء الإمام أبي جعفر المدني والوجهان هما: الأول: تحريك الميم بالفتح للتخلص من التقاء الساكنين مع المد الطويل نظراً للأصل قبل التحريك وهو السكون اللازم. الثاني: تحريك الميم بالفتح للتخلص أيضاً لكن مع القصر وهو حركتان اعتداداً بالعارض وهو تحريك الميم: والوجهان صحيحان مقروء بهما لمن ذكرنا من القراء والمد الطويل هو المقدم في الأداء وبه قرأت وبه آخذ قراءة وإقراء. التنبيه الثالث: علم مما تقدم في التنبيه الثاني أن الميم من {الم} [الآية: 1] فاتحة آل عمران فيها الوجهان المد والقصر في حالة وصلها بلفظ الجلالة فإن روعي هذان الوجهان مع أوجه الاستعاذة الأربعة فتصير الأوجه ثمانية باعتبار وجهي الميم على كل وجه من أوجهها الأربعة وهذا لعامة القراء باستثناء أبي جعفر كما مر. أما إذا لم توصل الميم بلفظ الجلالة بأن وقف عليها فالأوجه الأربعة المعروفة وهي للقراء العشرة قاطبة.

وكذلك الحكم عند وصل آخر سورة البقرة بأول سورة آل عمران فعلى كل وجه من أوجه البسملة الثلاثة الوجهان الذان في الميم إذا كانت موصولة بلفظ الجلالة فتصير الأوجه التي بين السورتين في هذا المحل ستة أوجه وهذا لحفص عن عاصم ومن وافقه من المبسملين بين السورتين باستثناء أبي جعفر أيضاً. أما إذا لم توصل الميم بلفظ الجلالة بأن وقف عليها فالأوجه الثلاثة المعروفة لحفص عن عاصم وموافقيه فحسب ويلاحظ عند الوقف على الميم في كلتا الحالتين - أي حالة الاستعاذة وحالة الجمع بين السورتين - المد الطويل بالإجماع كما هو مقرر والله تعالى أعلى وأعلم وأعز وأكرم.

الباب التاسع عشر / فيما يجب مراعاته لحفص في بعض الكلمات القرآنية

الباب التاسع عشر / فيما يجب مراعاته لحفص في بعض الكلمات القرآنية التمهيد للدخول إلى الباب تقدم في أبواب هذه الكتيب ما يجب أن يراعى لحفص عن عاصم من أحكام تتعلق بكلمات مخصوصة في القرآن الكريم من طريق الشاطبية سواء أكانت بتنبيه خاص له أم كانت مذكورة له ضمن جماعة من القراء أم كانت من الأحكام المجمع عليها للأئمة العشرة رضي الله عنهم وعنا معهم بمنه وكرمه. وفيما يلي سرد المهم من هذه الكلمات المذكورة في تلك الأبواب التي تقدمت في هذا الكتيب على سبيل التذكرة لا على سبيل الحصر لتكون أمام الطالب هنا فيلاحظها حال التلاوة فنقول وبالله التوفيق: أولا: تقدم الكلام مستوفى على حكمة كلمة {ءَآلذَّكَرَيْنِ} [الآية: 143، 144] في موضعي الأنعام وبابها في باب همزة الوصل والقطع وغيره كباب المد والقصر. ثانياً: تقدم حكم إدغام الثاء المثلثة في الذال المعجمة في {يَلْهَث ذَّلِكَ} [الآية: 176] بالأعراف كما تقدم حكم إدغام الباء الموحدة في الميم في {يابني اركب مَّعَنَا} [الآية: 42] بهود عليه السلام وذلك في باب الإدغام قسم المدغم جوازاً وقد بينا هناك أن الإدغام في هاتين الكلمتين لحفص إنما هو من طريق الشاطبية فحسب. ثالثاً: سبق أن أوضحنا حكم الإشمام والإخفاء وكيفية كل منهما في الأداء في كلمة {تَأْمَنَّا} [الآية: 11] بيوسف عليه السلام في تتمة ذكرناها في آخر باب الإدغام. رابعاً: تقدم حكم السكت وكيفيته في الأداء على الألف من كلمة "

عوجاً" بالكهف حال الوصل وكذلك حكم السكت على الكلمات أخواتها وقد ذكرنا ذلك في باب الوقف والابتداء - فصل السكت.. إلخ كما نبهنا هناك على أن هذا السكت في كلمة "عوجاً" وأخواتها إنما هو لحفص من طريق الشاطبية فقط. خامساً: تقدم حكم إظهار النون الساكنة من هجاء "يس" وكذلك من هجاء "ن" عند الواو في قوله تعالى: {يس * والقرآن الحكيم} [يس: 1، 2] ، وقوله سبحانه: {ن والقلم وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1] ، وذلك في باب أحكام النون الساكنة والتنوين وقد نبهنا هناك على أن هذا الإظهار من طريق الشاطبية فحسب. سادساً: سبق أن ذكرنا كيفية الوقف على كلمة "آتان" في قوله سبحانه: {آتَانِيَ الله خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ} [الآية: 36] بالنمل. وكذلك حكم الوقف على الكلمات الثلاث بسورة الإنسان وهي {سَلاَسِلَ} [الآية: 4] و {قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ} [الآيتان: 15، 16] وذلك في باب الوقف على أواخر الكلم. سابعاً: تقدم حكم الراء من حيث التفخيم والترقيق سواء أكان ذلك في الوصل أم في الوقف في كلمة "فرق" في قوله تعالى: {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم} [الآية: 63] بالشعراء وكذلك حكم قراءات ذوات الوجهين في حالة الوقف كل هذا تم ذكره في باب التفخيم والترقيق "فصل الراء". ثامناً: سبق أن ذكرنا حكم الإظهار والإدغام للهاء من كلمة "ماليه" عند الهاء من كلمة "هلك" في قوله جل شأنه: {مَآ أغنى عَنِّي مَالِيَهْ * هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الآيتان: 28، 29] بالحاقة وبينا كيفية الإظهار بأنه لا يكون إلا مع سكتة لطيفة بدون تنفس إلى آخر ما ذكرنا هناك في هذا الموضوع في باب الإدغام.

تاسعاً: تقدم حكم الإدغام من حيث الكمال والنقصان وكيفية ذلك في الأداء في كلمة "نخلقكم" في قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ} [الآية: 20] ، بالمرسلات وتم ذكر هذا في باب الإدغام أيضاً إلى غير ذلك من الأحكام الخاصة لحفص عن عاصم في بعض الكلمات القرآنية التي لا تخفى على من تتبع أبواب هذا الكتيب كأوجه البسملة بين السورتين وحكم البدء بها في أوائل السور وأجزائها وتحديد نوعي المد الجائز المنفصل والمد الواجب المتصل من طريق الشاطبية التي هي طريق العامة من القراء والطلاب إلى آخر ماهو بدهي في هذا المقام. بقي له في غير ما ذكرنا هناك مراعاة كلمات يسيرة لم تذكر في تلك الأبواب التي تقدمت وقد قرأ حفص رحمه الله تعالى في بعضها بوجهين وفي بعضها بوجه واحد ويلزم القارئ معرفتها حتماً كما يجب عليه ملاحظتها عند التلاوة لئلا يقع في تخليط الطرق الواردة عن حفص وقد سبق أن نبهنا على أن التخليط في الطرق حرام في تلاوة القرآن الكريم وهذه الكلمات عددها سبع وهي: "يبصط" و"بصطة" و"مجريها" و"ضعف" في كلماتها الثلاثة و"أأعجمي" و"المصيطرون" و"بمصيطر" وفيما يلي بيان حكم كل كلمة من هذه الكلمات السبع حال الأداء من طريق الشاطبية فحسب إذ هو طريق العامة من الناس والذي التزمناه في كتيبنا هذا فنقول وبالله التوفيق ومنه نستمد العون. أما كلمة: "يبصط" ففي قوله تعالى: {والله يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [الآية: 245] بالبقرة. وأما كلمة: "بصطة" ففي قوله سبحانه: {وَزَادَكُمْ فِي الخلق بَصْطَةً} [الآية: 69] بالأعراف وقد قرأ حفص في هاتين الكلمتين بالسين وجهاً واحداً من طريق الشاطبية. وأما كلمة "ضعف" في مواضعها الثلاثة ففي قوله جلت قدرته: {الله الذي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا

يَشَآءُ وَهُوَ العليم القدير} [الآية: 54] بالروم، وقد قرأ حفص هذه الكلمة في مواضعها الثلاثة بوجهين: الأول: بفتح الضاد. والثاني: بضمها والوجهان صحيحان مقروء بهما لحفص من طريق الشاطبية والطيبة معاً والفتح هو المقدم في الأداء. وأما كلمة "مجريها" ففي قوله تعالى: {بِسْمِ الله مجراها وَمُرْسَاهَا} [الآية: 41] بهود عليه السلام وقد قرأ حفص فيها بإمالة الألف بعد الراء إمالة كبرى من جميع

طرقه وليس له غيرها في التنزيل مما صحت إمالته من ذوات الراء ولا من غيرها. وأما كلمة: "أأعجمي" ففي قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [الآية: 44] بفصلت. وقد قرأ حفص فيها بتسهيل الهمزة الثانية بين بين أي بين الهمزة والألف وجهاً واحداً من جميع طرقه وعلامة هذا التسهيل في المصحف الشريف وضع نقطة كبيرة في الهمزة الثانية كما قرره علماء الضبط. أما كيفية الأداء فيه فمتوقفة على المشافهة والسماع من أفواه الشيوخ المتقنين الآخذين ذلك عن أمثالهم فهم أرباب ذلك العارفون لما هنالك. وأما كلمة: "المصيطرون" ففي قوله تعالى: {أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ المصيطرون} [الآية: 37] بالطور. وقد قرأ حفص فيها بوجهين بالصاد الخالصة وبالسين من طريق الشاطبية والطيبة معاً والوجهان صحيحان مقروء بهما لحفص والمقدم له في الأداء القراءة بوجه الصاد.

وأما كلمة: "بمصيطر" ففي قوله سبحانه: {عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} [الآية: 22] بالغاشية. وقد قرأ حفص فيها بالصاد الخالصة وجهاً واحداً من طريق الشاطبية فحسب. وقد أشار إلى هذه الكلمات السبع وأحكامها لحفص العلامة السمنودي في نظمه المسمى تلخيص لآلئ البيان بقوله حفظه الله: ءَأعجمي سُهِّلت أخراها ... لحفصنا ومُيِّلت مجريها واضمُم أو افتح ضعف روم واثبتا ... سين ويبصط وثاني بصطة والصاد في مصيطر خذ وكلا ... هذين في المصيطرون نُقِلا اهـ هذا: وليتحرز مما ذكره فضيلة الدكتور محمد سالم محيسن في كتابه: "الرائد في تجويد القرآن" إذ قال ما نصه: "تجوز القراءة بالسين أو الصاد في الكلمات الآتية: {يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} [الآية: 245] بسورة البقرة، {وَزَادَكُمْ فِي الخلق بَصْطَةً} [الآية: 69] بسورة الأعراف، {أَمْ هُمُ المصيطرون} [الآية: 37] بسورة الطور، {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} [الآية: 22] بسورة الغاشية أهـ فإن قوله هذا لا يصدق إلا على كلمة "المصيطرون" موضع سورة الطور فحسب كما ذكرنا آنفاً. أما في الكلمات الثلاث الباقية فخطأ إذ لا يجوز الوجهان جميعاً في كل موضع منها من طريق الشاطبية الذي عليه العامة وإنما الجائز من ذلك تخصيص موضعي البقرة والأعراف بالقراءة فيهما بالسين وموضع الغاشية بالقراءة فيه بالصاد. أما قراءة موضعي البقرة والأعراف بالصاد وموضع الغاشية بالسين فهو مما

زادته طيبة النشر على الشاطبية. وتلك طريق يقرأ بها الخاصة من أهل هذا الفن لما يترتب على ذلك من أحكام سبق تقرير بعضها وتحريره فيما تقدم من تنويه. ولا يجوز للقارئ أن يقرأ في موضعي البقرة والأعراف بالصاد وفي موضع الغاشية بالسين إلا إذا علم طريقها وما يترتب عليها من أحكام لا يجوز مخالفتها بحال. وشأن إطلاق الوجوه للناس من غير تقييد أن يوقعهم في خلط طرق روايات القرآن الكريم وقراءة ما لم ينزل كما نص عليه غير واحد من الثقات كالعلامة القسطلاني شارح البخاري وقد تقدم التنبيه على هذا نسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من ذلك وأن يقيهم سائر المهالك بمنه وكرمه آمين. هذا: وللدكتور المذكور أخطاء مماثلة في كتابه الآخر في هذا الفن والمرسوم بـ"مرشد المريد إلى عالم التجويد" جرى فيها على سنن ما تعقبناه عليه في كتابه الرائد وكلها تؤدي إلى بدع في التلاوة فليحذرها طلاب العلم في هذا الشأن وبالله التوفيق.

الباب العشرون / في الكلام على التكبير وما يتعلق به

الباب العشرون / في الكلام على التكبير وما يتعلق به التمهيد للدخول إلى الباب التكبير مصدر كبَّرَ إذ قال: "الله أكبر" ومعناه الله أعظم من كل عظيم والكلام في التكبير هنا سيكون مقصوراً على ما ورد في رواية حفص عن عاصم من طريق طيبة النشر حيث تعرضنا في كتيبنا هذا في باب المد والقصر وغيره إلى ذكر بعض الأحكام الخاصة له من ذلك الطريق كقصر المد والمنفصل وإشباع المد المتصل. وكان من متعلقات بعض هذه الأحكام معرفة التكبير فكان لابد من ذكره مفصلاً كبيان أوجهه وسبب وروده وذكر ما يتعلق به من أحكام يجب على القارئ معرفتها ومراعاتها في الأداء خصوصاً إذا التزم به في قراءته سواء أكان ذلك في الصلاة أم في خارجها مما سنذكره مفصلاً إن شاء الله تعالى. وقد وعدنا هناك بذكره هنا. وهذا أوان الشروع فيه فنقول وبالله التوفيق ومنه سبحانه نستمد العون والقول.

الفصل الأول: في بيان حكمه والكلام على لفظه ومحله.

الفصل الأول: في بيان حكمه والكلام على لفظه ومحله. أما حكمه: فإنه سنة مطلقاً سواء أكان ذلك في الصلاة أم في خارجها ويسن الجهر به عند ختم القرآن الكريم وفي الصلاة أيضاً في بعض الأحوال كما سنوضحه بعد عند الكلام على حكمه في الصلاة إن شاء الله تعالى. وأما لفظه: فهو "الله أكبر" ولا تهليل ولا تحميد معه عند حفص أصلاً إلا عند سور الختم إذا قصد تعظيمه على رأي بعض المتأخرين. وهو رأي حسن ولا التفات إلى من أنكر التهليل والتحميد مع التكبير عند سور الختم في رواية حفص فقد أجازه له غير واحد من الثقات بل أجازه لكل القراء العشرة في هذا المكان لأنه محل إطناب وتلذذ بذكر الله تعالى وقد شنع صاحب "عمدة الخلان" شرح زبدة العرفان" على من أنكر ذلك. وعبارته: "وكذا لا يمنع القارئ من التهليل والتحميد من آخر الضحى إلى آخر الناس في قراءة أحد من الأئمة إذا كان بنية التشكر والتعظيم والتبرك فلا عبرة برأي بعض المتعصبين من حيث يجوزون التكبير فقط لحفص عن الختم بين كل سورتين وأواخرها من لدن سورة الضحى إلى سورة الناس وينكر أخذ التهليل

والتحميد فيها ويزعمون أن أخذ التهليل والتحميد لحفص ولغيره سوى البزي من أشراط الساعة وإلى الله المشتكى من هذه الخصلة ذات الشناعة" أهـ منه بلفظه. قلت: ويوخذ من تلك النصوص أنه لا وجه لمن أنكر التهليل مع التكبير أو التهليل مع التكبير والتحميد لحفص أو لغيره من باقي القراء العشرة فإن ذلك جائز ومرغوب فيه وهناك نصوص أخرى تؤيد هذه تركنا ذكرها هنا خوف التطويل ومراعاة لحال المبتدئين. وأما محل التكبير فقبل البسملة ويستوي في ذلك الابتداء بأول السورة أو وصلها بما بعدها ولهذا منع التكبير من أول سورة التوبة لعدم إثبات البسملة في أولها سواء ابتدئ بها أو وصلت بآخر الأنفال كما سنوضحه بعد.

الفصل الثاني: في بيان أقوال أهل الأداء فيه بالنسبة لرواية حفص عن عاصم من طريق الطيبة وبيان ابتدائه وانتهائه وأقوال العلماء في ذلك رضوان الله عليهم أجمعين.

الفصل الثاني: في بيان أقوال أهل الأداء فيه بالنسبة لرواية حفص عن عاصم من طريق الطيبة وبيان ابتدائه وانتهائه وأقوال العلماء في ذلك رضوان الله عليهم أجمعين. اختلف أهل الأداء في التكبير لحفص عن عاصم من طريق طيبة النشر فالجمهور منهم على تركه له. وذهب جماعة منهم إلى الأخذ به ولهم فيه ثلاثة مذاهب: الأول: التكبير من أول سورة "ألم نشرح" وما بعدها إلى أول سورة الناس وذكر هذا المذهب أبو العلاء في غايته. الثاني: التكبير من آخر سورة الضحى وما بعدها إلى آخر سورة الناس وقد ذكر هذا المذهب الهذلي في كامله وأبو الكرم الشهرزوري في مصباحه والتكبير في هذين المذهبين هو المعروف بالتكبير الخاص أي الخاص بسور الختم. الثالث: التكبير من أول كل سورة من سور التنزيل أي من أول الفاتحة إلى آخر القرآن الكريم سوى أول سورة براءة. وهذا المذهب ذكره الهذلي في الكامل وأبو العلاء في الغاية وهو المعروف بالتكبير العام أي العام لجميع سور القرآن الكريم وأما سورة براءة فلا تكبير في أولها. ووجهه أن التكبير حيث كان لابد من اقترانه بالبسملة مقدماً عليها. وقد تقدم أن البسملة غير موجودة في أولها بالاتفاق

ولعدم وجودها امتنع التكبير في أولها بالإجماع. وقد أشار العلامة الضباع إلى هذه المذاهب الثلاثة في الفوائد المهذبة بقوله رحمه الله: من أول انشراحها أو من فحدْ ... دثْ خلفُ تكبير لحفصٍ قد ورد وبعضهم كبَّر في غير برا ... ءة وتركه لجمهور جرى اهـ ويتحصل مما ذكر أن لحفص وجهين التكبير سواء أكان خاصًّا أم عامًّا وتركه. أما وجه ترك التكبير فمن طريق الشاطبية وجهاً واحداً. وأحد الوجهين له من طريق طيبة النشر. وأما وجه التكبير بمذاهبه الثلاثة المذكورة آنفاً فمن طريق الطيبة في وجهها الثاني. والوجهان - أي التكبير وعدمه صحيحان مأخوذ بهما لحفص إلا أن ترك التكبير هو المقدم في الأداء وبهذين الوجهين قرأت له الطيبة وبترك التكبير قرأت له من الشاطبية، وبالله التوفيق.

الفصل الثالث: في بيان أوجهه في مواطنه المعروفة - تنبيهات عشرة جاء في ثالثها الكلام على سبب ورود التكبير.

الفصل الثالث: في بيان أوجهه في مواطنه المعروفة - تنبيهات عشرة جاء في ثالثها الكلام على سبب ورود التكبير. تختلف أوجه التكبير باختلاف المواطن في القرآن الكريم وهذه المواطن ثلاثة وذلك بالنسبة لحفص عن عاصم ومن وافقه من القراء: أولها: الابتداء من أول سورة الفاتحة وما بعدها إلى الابتداء بسورة الناس باستثناء الابتداء بأول براءة. ثانيها: الجمع بين السورتين كالجمع بين آخر الفاتحة وأول البقرة إلى ما بين آخر الليل وأول الضحى باستثناء الجمع بين آخر الأنفال وأول براءة. ثالثها: الجمع بين السورتين من آخر الضحى خاصة إلى آخر ما بين الناس وأول الفاتحة. ولكل موطن من هذه المواطن الثلاثة كلام خاص نفصله فيما يلي: الكلام على الموطن الأول من مواطن التكبير وبيان الأوجه التي فيه وهذا الموطن هو الخاص بالابتداء من أول سورة الفاتحة وما بعدها إلى أول سورة الناس. فإذا ابتدئ من أول سورة الفاتحة أو من أول أي سورة بعدها من سور التنزيل باستثناء أول براءة جاز لحفص في هذا المكان ثمانية أوجه على القول بالتكبير. وأما على القول بتركه فيجوز له أربعة أوجه فقط وهي أوجه الاستعاذة الأربعة المقترنة بأول السورة التي تقدمت في بابها وحينئذ يكمل لحفص في هذا الموطن على كلا القولين - التكبير وعدمه - اثنا عشر وجهاً. وفيما يلي توضيح هذه الأوجه مع تقديم وجه عدم التكبير وفق مذهب الجمهور ووفقاً لترتيب الأداء الذي قرأنا به وبه نقرئ. الأول: قطع الجميع أي الوقف على الاستعاذة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة. الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث أي الوقف على الاستعاذة ووصل

البسملة بأول السورة. وهذان الوجهان بدون تكبير. الثالث: قطع الجميع أيضاً لكن مع التكبير وكيفيته الوقف على الاستعاذة وعلى التكبير وعلى البسملة والابتداء بأول السورة. الرابع: مثل الثالث إلا أنه يوصل البسملة بأول السورة. الخامس: الوقف على الاستعاذة ووصل التكبير بالبسملة مع الوقف عليها والابتداء بأول السورة. السادس: الوقف على الاستعاذة ووصل التكبير بالبسملة بأول السورة. فهذه ستة أوجه أتت على قطع الاستعاذة والستة الباقية تأتي على وصلها كذلك وتوضيحها كالآتي: السابع: وصل الأول بالثاني وقطع الثالث أي وصل الاستعاذة بالبسملة مع الوقف عليها ثم الابتداء بأول السورة. الثامن: وصل الجميع أي وصل الاستعاذة بالبسملة بأول السورة جملة واحدة من غير تكبير في هذين الوجهين. التاسع: وصل الاستعاذة بالتكبير مع الوقف عليه وعلى البسملة والابتداء بأول السورة. العاشر: مثل التاسع إلا أنه يوصل البسملة بأول السورة. الحادي عشر: وصل الاستعاذة بالتكبير بالبسملة مع الوقف عليها والابتداء بأول السورة. الثاني عشر: وصل الجميع أي وصل الاستعاذة بالتكبير بالبسملة بأول السورة جملة واحدة. وقد أشار إلى هذه الأوجه الاثني عشر العلامة الخليجي في تيسير الأمر بقوله: ففي استعاذة إذاً بسورة ... قرنتها اثنان أتت مع عشرة فاقطع وصل من غير تكبير وبه ... وصلْه مع وقف ووصل وانتبه وهذه الستةُ باستعاذة ... في حال قطعها ووصلها اثبتِ اهـ

وهذه الأوجه الاثنا عشر تجوز لحفص عند الابتداء من أول سورة الفاتحة وما بعدها من السور إلى آخر القرآن الكريم باستثناء البدء من أول سورة براءة كما تقدم. وما ذكره العلامة الضباع في كتابيه "صريح النص" و"تذكرة الإخوان" من أن أوجه التكبير التي تجوز في الابتداء لحفص إنما تجوز من أول سورة الفاتحة وما بعدها إلى أول سورة الضحى فقط فهو سبق قلم منه رحمه الله تعالى ولم أر وجهاً لذلك لأن القارئ قد يبتدئ من أول أي سورة من سور الختم بعد الضحى فكيف يكون حاله فهل يكبر أو ينتهي تكبيره عند الضحى كما قال لم أر فيما وقفت عليه من قال بقوله بل أطلق كلهم تعميم التكبير في الابتداء بسور القرآن كلهم عدا الابتداء بسورة براءة كما مر آنفاً. ولعله أراد بانتهاء التكبير عند الضحى نظراً لجواز التهليل مع التكبير أو التهليل مع التكبير والتحميد ابتهاجاً بختم القرآن على رأي بعض المتأخرين كما تقدم وهنا سترتقي أوجه الابتداء في هذا المحل من ثمانية أوجه على القول بالتكبير إلى أربعين وجهاً على القول نفسه كما سنوضحه بعد ولكن هذا بعيد لأنه لو أراده لنبه عليه وربما أراده وسها عن أن يقيده رحمه الله رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. وأما الابتداء من أول سورة براءة فليس فيه تكبير لأحد وذلك لعدم وجود البسملة في أولها إذ من شرط التكبير اقترانه بالبسملة كما تقدم. الكلام على الموطن الثاني من مواطن التكبير وبيان الأوجه التي فيه وهذا الموطن هو الخاص بالجمع بين السورتين كالجمع بين آخر الفاتحة وأول البقرة وما بعدهما إلى آخر ما بين الليل وأول الضحى باستثناء آخر الأنفال وأول براءة. وهنا يجوز لحفص خمسة أوجه على القول بالتكبير وأما على القول بتركه فيجوز له ثلاثة أوجه فقط وهي أوجه البسملة الثلاثة التي بين السورتين والتي مر ذكرها آنفاً في باب البسملة. وعليه فتكون جملة الأوجه التي بين السورتين لحفص في هذا الموطن على كلا القولين - التكبير وعدمه - ثمانية أوجه وفيما يلي تفصيلها مع تقديم وجه عدم التكبير حسب رأي الجمهور ووفقاً لترتيب الأداء الذي قرأنا به وبه نأخذ قراءة وإقراء. الأول: قطع الجميع أي الوقف على آخر السورة السابقة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة اللاحقة. الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث أي الوقف على آخر السورة السابقة ووصل البسملة بأول اللاحقة وهذان الوجهان من غير تكبير. الثالث: قطع الجميع أيضاً لكن مع التكبير وكيفيته الوقف على آخر السورة السابقة وعلى التكبير وعلى البسملة ثم الابتداء بأول السورة اللاحقة. الرابع: مثل الثالث غير أنه مع وصل البسملة بأول السورة اللاحقة. الخامس: الوقف على آخر السورة السابقة ووصل التكبير بالبسملة مع الوقف عليها ثم الابتداء بأول السورة اللاحقة. السادس: الوقف على آخر السورة السابقة ووصل التكبير بالبسملة بأول السورة اللاحقة. فهذه ست أوجه جاءت على قطع آخر السورة السابقة. أما الوجهان الباقيان المكملان للأوجه الثمانية فيأتيان على وصل آخر السورة السابقة وهما: السابع: وصل الجميع أي وصل آخر السورة السابقة بالبسملة بأول السورة اللاحقة دفعة واحدة بدون تكبير. الثامن: وصل الجميع أيضاً لكن مع التكبير وكيفيته وصل آخر السابقة بالتكبير بالبسملة بأول السورة اللاحقة جملة واحدة. وقد أشار إلى هذه الأوجه الثمانية العلامة الخليجي في تيسير الأمر بقوله: وبين كل غير ذين قف وصل ... مكبِّراً أوْ لا قطعت أو تصل مع قطع أول وصلْ كلاًّ إذا ... كبرتَ أو لا فثمان تحتذا اهـ

أما ما بين آخر الأنفال وأول سورة براءة فلا تكبير لأحد لعدم وجود البسملة في أول براءة كما مر إذ من شرط التكبير وجود البسملة. وعليه فالجائز في هذا المحل لكل القراء العشرة ثلاثة أوجه وهي الوقف والسكت بلا تنفس والوصل من غير بسملة في كلها. وقد تقدم الكلام مستوفى عليها في باب البسملة فراجعه إن شئت والله الموفق. الكلام على الموطن الثالث من مواطن التكبير وبيان الأوجه التي فيه وهذا الموطن هو الخاص بالجمع بين السورتين من آخر سورة الضحى وما بعدها إلى آخر سورة الناس. وهنا يجوز لحفص سبعة أوجه على القول بالتكبير أي بزيادة وجهين على الخمسة التي تقدمت في الجمع بين السورتين في الموطن الثاني. وأما على القول بترك التكبير فيجوز له ثلاثة أوجه فقط وهي أوجه البسملة الثلاثة التي تقدمت غير مرة. وحينئذ يكمل لحفص على كلا القولين التكبير وعدمه. عشرة أوجه بين آخر الضحى وأول ألم نشرح وهكذا إلى ما بين آخر الناس وأول الفاتحة وفيما يلي ذكر هذه الأوجه العشرة مع تقديم وجه عدم الكتبير حسب ما ذهب إليه الجمهور ووفقاً لترتيب

الأداء الذي قرأنا به وبه نأخذ قراءة وإقراء. والأوجه هي: الأول: قطع الجميع - أي الوقف على آخر الضحى وعلى البسملة والابتداء بألم نشرح. الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث - أي الوقف على آخر الضحى ووصل البسملة بألم نشرح وهذان الوجهان بدون تكبير. الثالث: قطع الجميع أيضاً لكن مع التكبير وكيفيته. الوقف على آخر الضحى وعلى التكبير وعلى البسملة والابتداء بألم نشرح. الرابع: مثل الثالث إلا أنه يوصل البسملة بألم نشرح. الخامس: الوقف على آخر الضحى ووصل التكبير بالبسملة مع الوقف عليها ثم الابتداء

بألم نشرح. السادس: الوقف على آخر الضحى ووصل التكبير بالبسملة بألم نشرح فهذه ستة أوجه أتت على قطع آخر الضحى. وأما الأوجه الأربعة المتممة للعشرة فتأتي على وصله وهي: السابع: وصل الجميع أي وصل آخر الضحى بالبسملة بألم نشرح من غير تكبير. الثامن: وصل آخر الضحى بالتكبير موقوفاً عليه وعلى البسملة أيضاً ثم الابتداء بألم نشرح. التاسع: وصل آخر الضحى بالتكبير مع الوقف عليه ثم وصل البسملة بألم نشرح. العاشر: وصل الجميع أي وصل آخر الضحى بالتكبير بالبسملة بألم نشرح جملة واحدة فهذه هي الأوجه العشرة الخاصة بالجمع بين السورتين من بين آخر الضحى وأول ألم نشرح وما بعدهما إلى آخر ما بين الناس وأول الفاتحة لحفص عن عاصم. عشرة تنبيهات هامة: التنبيه الأول: انتهى الكلام الآن على مواطن التكبير الثلاثة في القرآن الكريم. فإن قال قائل إن مواطن التكبير في التنزيل أربعة كما يؤخذ من ظاهر الطيبة حيث يقول الحافظ ابن الجزري فيها: منْ أولِ انشراح أو من الضحى ... من آخر أو أوَّلٍ قد صُححا مع قوله فيها أيضاً: ... ... ... . ورُوى ... عن كلِّهم أولُ كُلٍّ يستوى اهـ فالمواطن أربعة بزيادة واحد وهو التكبير من أول سورة الضحى وما بعدها إلى أول سورة الناس "قلنا": هذا صحيح ولكن هذا الموطن الزائد خاص بقراءة ابن كثير بخلاف عن قنبل وعليه فمواطن التكبير عنده أربعة كما يفيد ظاهر

الطيبة بخلاف غيره من القراء فالمواطن ثلاثة عنده كما ذكرنا فتأمل. التنبيه الثاني: سبق أن قلنا قريباً أن الأوجه التي بين آخر الضحى وأول ألم نشرح وما بعدهما إلى آخر ما بين الناس وأول الفاتحة سبعة أوجه على الأخذ بوجه التكبير وقد ذكرناها هناك مفصلة حسب ترتيب الأداء مع أوجه البسملة الثلاثة التي بين السورتين على وجه الأخذ بعدم التكبير وبهذا يتم لحفص في هذا الموطن عشرة أوجه تم ذكرها في موطنها. ونريد هنا أن نقول: إن أهل الأداء رحمهم الله تعالى قسموا أوجه التكبير السبعة هذه إلى ثلاثة أقسام: وجهان منها مختصان بأن التكبير لأول السورة. ووجهان مختصان بأن التكبير لآخرها. وثلاثة أوجه تحتمل كلا التقديرين أي كون التكبير لأول السورة وكونه لآخرها. ويجب على القارئ معرفة هذه الأقسام الثلاثة جيداً لما يترتب عليها من أحكام يجب مراعاتها حال قطع القراءة سواء أكان ذلك القطع في الصلاة أم في خارجها كما سنوضحه قريباً في الفصل الرابع إن شاء الله تعالى. وفيما يلي تفصيل هذه الأقسام الثلاثة: القسم الأول: وفيه الوجهان المختصان بأن التكبير لأول السورة وهما: الأول: الوقف على آخر السورة السابقة ووصل التكبير بالبسملة مع الوقف عليها ثم الابتداء بأول السورة اللاحقة. الثاني: الوقف على آخر السورة السابقة ووصل التكبير بالبسملة بأول السورة اللاحقة. وقد أشار إلى هذين الوجهين شيخ شيوخنا العلامة الشيخ علي المنصوري بقوله: واقطعه عن آخرها ثم صل ... بالبسملة موصولة بالأوَّل أوقف على بسملة وجهان ... بأول السورة مخصوصان اهـ

كما أشار إليهما العلامة شيخ شيوخنا الشيخ عثمان راضي السنطاوي بقوله: لأول سورة ببسملة فصلْ ... وقطع كذا وصلٌ لبسملة جلا اهـ قوله رحمه الله تعالى: "ببسملة فصل" أي فصل التكبير بالبسملة مع الوقف عليها أو وصلها بأول السورة التالية فمفعول صل محذوف وهو التكبير فتأمل. القسم الثاني: وفيه الوجهان المختصان بأن التكبير لآخر السورة وهما: الأول: وصل آخر السورة السابقة بالتكبير موقوفاً عليه وعلى البسملة أيضاً والابتداء بأول السورة اللاحقة. الثاني: وصل آخر السورة السابقة بالتكبير مع الوقف عليه أيضاً ثم صل البسملة بأول السورة اللاحقة. وقد أشار إلى هذين الوجهين شيخ شيوخنا العلامة المنصوري بقوله: ووصْل تكبير بختم السورة ... وقطعه عن تلوه البسملة مع وصل باسم الله بابتداء ... فصلها وجهان لانتهاء اهـ كما أشار إليهما شيخ شيوخنا العلامة السنطاوي بقوله: وآخر سورة فصله بها فقط ... وبسملة فصل أو اقطع لتجملا اهـ القسم الثالث: وفيه الأوجه الثلاثة المحتملة لكلا التقديرين وهي: الأول: قطع الجميع أي الوقف على آخر السورة السابقة وعلى التكبير وعلى البسملة والابتداء بأول السورة التالية. الثاني: الوقف على آخر السورة السابقة وعلى التكبير أيضاً ووصل البسملة بأول السورة اللاحقة. الثالث: وصل الجميع أي وصل آخر السورة السابقة بالتكبير بالبسملة بأول السورة اللاحقة دفعة واحدة. وقد أشار إلى هذه الأوجه الثلاثة شيخ شيوخنا العلامة المنصوري بقوله:

ولهم ثلاثة محتمله ... ... ... وصلُ الجميع قطعُهُ عن بسمَلَهْ وآخر مع وصلها بالابتدا ... ثالثها قطع الجميع أفردا اهـ كما أشار إليها شيخ شيوخنا العلامة السنطاوي بقوله: ويحتملُ القولين أيضاً ثلاثة ... فقطعٌ كذا وصلُ الجميع تخلَّلا أو اقطعْ لآخر وتكبيراً اقطعَنْ ... وبسملةٌ فقط فصلها بأوَّلا اهـ التنبيه الثالث: في سبب تقسيم أوجه التكبير السبعة إلى هذه الأقسام الثلاثة وفيه سبب ورود التكبير. وهذا يرجع في الأصل إلى سبب ورود التكبير. ومما جاء في سبب وروده أن الوحي انقطع عن سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فترة اختلف فيها كما هو مشهور فقال المشركون -زوراً وكذباً- إن محمداً قد ودعه ربه وقلاه فنزل - تكذيباً لهم - قوله تبارك وتعالى: {والضحى * والليل إِذَا سجى} [الضحى: 1، 2] إلى آخر السورة فلما فرغ جبريل - عليه السلام - من قراءة سورة الضحى فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الله أكبر" شكراً لله لما كذب المشركين وتصديقاً لما هو عليه وفرحاً وسروراً بنزول الوحي. وبالنعم التي عددها الله تعالى عليه في هذه السورة خصوصاً وعد الله تعالى له في قوله سبحانه: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى} [الضحى: 5] ثم أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكبر إذا بلغ والضحى مع خاتمة كل سورة حتى يختم تعظيماً لله تعالى واستحباباً للشكر وتعظيماً لختم القرآن الكريم. وقد قال العلماء في ذلك: فهل كان تكبيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لختم قراءة جبريل فيكون لأولها. وهذا هو السبب في أن التكبير قد يكون لأول

السورة وقد يكون لآخرها. ويمكن حمل تكبيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كلا التقديرين أي كون التكبير لآخر السورة أو لأولها وعلى ذلك يحمل كلام العلماء أهل الأداء في الأوجه الثلاثة المتقدمة المحتملة لكل التقديرين وقد قدمناه وسواء كان التكبير لأول الضحى أو لآخرها أو كان محتملاً لكلا القولين فهذا الحكم ليس خاصًّا بسورة الضحى وحدها بل ينسحب على سائر سور الختم بعدها فتأمل. التنبيه الرابع: في منع وصل آخر السورة بالتكبير بالبسملة موقوفاً عليها يمتنع وصل آخر السورة السابقة بالتكبير بالبسملة مع الوقف عليها فهذا الوجه ممنوع بالإجماع لأن فيه إيهاماً بأن البسملة لآخر السورة لا لأولها وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى في باب البسملة وفي هذا يقول الحافظ ابن الجزري في الطيبة: وامنع على الرحيم وقفاً إن تصلْ ... كلاًّ وغير ذا أجز ما يحتمل اهـ التنبيه الخامس: في بيان حكم آخر السورة عند وصله بالتكبير اعلم أن آخر السورة في حالة وصل الجميع بالتكبير مطلقاً أو في حالة وصله بالتكبير موقوفاً عليه وذلك خاص بأواخر سور الختم ينقسم إلى ستة أقسام: الأول: أن يكون آخر السورة حرف مد سواء كان ألفاً أو واواً كقوله تعالى: {فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصراط السوي وَمَنِ اهتدى} [طه: 135] الله أكبر وقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يرضى} [الليل: 21] الله أكبر، وقوله سبحانه: {فاسجدوا لِلَّهِ واعبدوا} [النجم: 62] الله أكبر، والحكم في هذا القسم أنه يحذف حرف المد لالتقاء الساكنين كما هو مقرر. الثاني: أن يكون آخر السورة ساكناً صحيحاً في غير ميم الجمع كقوله تعالى: {وإلى رَبِّكَ فارغب} [الشرح: 8] وقوله عز شأنه: {واسجد واقترب} [العلق: 19] ، وهنا

يحرك الساكن بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين كما هي القاعدة. أما إذا كان الساكن الصحيح ميم جمع كما في قوله تعالى: {لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم} [محمد: 38] الله أكبر فإن ميم الجمع هنا تحرك بالضم من غير صلة على القاعدة. الثالث: أن يكون آخر السورة منوناً كقوله تعالى: {وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 120] الله أكبر، وقوله سبحانه: {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 73] الله أكبر، وقوله تعالى: {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] الله أكبر. وفي هذا القسم يحرك التنوين بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين. الرابع: أن يكون آخر السورة محركاً بحركة الإعراب أو بحركة البناء. فمثال المحرك بحركة الإعراب قوله تعالى: {وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الألباب} [إبراهيم: 52] الله أكبر، وقوله تعالى: {سَلاَمٌ هِيَ حتى مَطْلَعِ الفجر} [القدر: 5] الله أكبر. وقوله عز من قائل: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} [التكاثر: 8] الله أكبر. ومثال المحرك بحركة البناء نحو قوله تعالى: {فانصرنا عَلَى القوم الكافرين} [البقرة: 286] الله أكبر، وقوله سبحانه: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5] الله أكبر، وفي هذا القسم تبقى حركة الإعراب على حالها وكذلك حركة البناء. الخامس: أن يكون آخر السورة هاء الضمير كقوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: 8] الله أكبر، وهنا تحذف صلة هاء الضمير للساكن بعدها.

السادس: أن يكون آخر السورة ياء الإضافة وذلك في قوله تعالى: {وادخلي جَنَّتِي} [الفجر: 30] الله أكبر، وفي هذا القسم تفتح ياء الإضافة لالتقاء الساكنين كما هو الأصل في نحو "بي ونبأني" في قوله تعالى: {فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعدآء} [الأعراف: 150] وفي قوله سبحانه: {قَالَ نَبَّأَنِيَ العليم الخبير} [التحريم: 3] نص على ذلك الإمام مصطفى الإزميري في كتابه "عمدة العرفان" وعبارته قوله تعالى: {وادخلي جَنَّتِي} [الفجر: 30] إلى قوله: {وَمَا وَلَدَ} [البلد: 3] إذا وصلت التكبير بآخر السورة مع وصل الكل فتحت الياء في قوله: "جنتي" لالتقاء الساكنين ثم قال رحمه الله تعالى في كتابه: "بدائع البرهان: شرح عمدة العرفان" بهذا الخصوص أيضاً ما نصه قوله تعالى: {وادخلي جَنَّتِي} [الفجر: 30] إلى قوله: {وَمَا وَلَدَ} [البلد: 3] إذا وصلت آخر السورة بالتكبير مع وصل الكل فتحت الياء في قوله: {جَنَّتِي} [الفجر: 30] لالتقاء الساكنين كما فتحت في قوله تعالى: {حَسْبِيَ الله} [التوبة: 129] و {بَلَغَنِي الكبر} [آل عمران: 40] و {نِعْمَتِيَ التي} [البقرة: 40، 47، 122] وبعض الناس يقرئ بإسكان الياء وحذفها لالتقاء الساكنين وهو خطأ لأنه لم يرد في القرآن أن القراء العشرة اتفقوا على إسكان ياء الإضافة إذا لقيت لام التعريف بل اتفقوا على فتحها في أكثر المواضع واختلف في بعضها فالأكثرون على الفتح كما في النشر والطيبة والتقريب فإن قيل إن يعقوب يثبت ياء {وَلِىَ دِينِ} [الآية: 6] في آخر سورة الكافرون في الحالين فإذا وصلها بالتكبير يحذفا فلم يفتحها هنا قلنا الياء في هذه السورة مرسومة في الخط فتكون من باب ياءات الإضافة فمذهب القراء العشرة الفتح في ياءات الإضافة إذا لقيت لام التعريف سوى أربعة عشر

موضعاً فاختلف فيها الأكثرون على الفتح وفي سورة الكافرون محذوفة رسماً فتكون من باب الزوائد فلذلك يحذفها إذا وصلها بالتكبير كما هو مذهبه في نظائرها نحو {واخشون اليوم} [المائدة: 3] و {يُرِدْنِ الرحمان} [يس: 23] فاعلم ذلك أهـ منه بلفظه. ويؤخذ مما نص عليه الإمام الإزميري -رحمه الله- أن حفصاً بل ومعه باقي الأئمة العشرة يفتحون الياء في كلمة {جَنَّتِي} [الفجر: 30] إذا وصلت بالتكبير كما ذكر آنفاً فتنبه جيداً لهذه المسألة. هذا: ويراعى في هذه الأقسام الستة تفخيم لفظ الجلالة وترقيقه فيفخم بعد الفتح والضم ويرقق بعد الكسر ولو كان تنويناً كما يراعى في اللفظ الكريم حذف همزة الوصل في الدرج عند وصل آخر السورة بالتكبير فتأمل. التنبيه السادس: في بيان ذكر التهليل والتحميد مع التكبير سبق أن قلنا إنه يجوز لحفص وكذلك لباقي القراء العشرة عند سور الختم أي من آخر الضحى إلى آخر الناس التهليل مع التكبير أو التهليل مع التكبير والتحميد إذا قصد بذلك تعظيم الختم على رأي بعض المتأخرين كما تقدم. ولذكر التهليل والتحميد مع التكبير طريقان: الأول: يقدم لفظ التهليل على التكبير بأن يقول القارئ: "لا إله إلا الله والله أكبر".

الثاني: يقدم لفظ التهليل على التكبير ويؤخر لفظ التحميد عن التكبير بأن يقول القارئ: "لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد" دفعة واحدة على هذا النسق. وإذا قرئ بالطريق الثاني فلا يجوز بحال فصل التهليل عن التكبير ولا التكبير عن التحميد ولا الإتيان بالتحميد بعد التكبير من غير التهليل بل توصل الألفاظ الثلاثة كلها دفعة واحدة كما تقدم وهكذا قرأت وبه آخذ قراءة وإقراء. ولا التفات إلى من نبغ في عصرنا هذا من القراء من فصل جملة التهليل عن التكبير موقوفاً عليها ووصل التكبير بالتحميد عند ختم القرآن الكريم كما سمعنا منه فهذا لا يجوز بحال لمخالفته الرواية الواردة في ذلك ولما نص عليه أئمتنا. وقد تكلم في هذه المسألة غير واحد من الثقات ونورد هنا قول الحافظ ابن الجزري في النشر في التنبيه الثالث ما نصه "التهليل مع التكبير مع الحمد لله عند من رواه حكمه حكم التكبير لا يفصل بعضه من بعض بل يوصل جملة واحدة كذا وردت به الرواية وكذا قرأنا لا نعلم في ذلك خلافاً أهـ منه بلفظه. ثم قال رحمه الله في هذا الخصوص أيضاً في التنبيه السادس لا يجوز الحمد لله مع التكبير إلا أن يكون التهليل معه كذا وردت به الرواية أهـ منه بلفظه. وقد أشار إلى كل هذا شيخ شيوخنا العلامة المنصوري بقوله رحمه الله تعالى: تهليلاً التكبير مع حمد لةِ ... رتب ولا تفصله للروايةِ ولا يجوزُ الحمدُ مع تكبير ... إلا مع التهليل للقدير اهـ إذا علمت هذا وأردت أن تقرأ بالتهليل مع التكبير أو بالتهليل مع التكبير والتحميد عند سور الختم فما ذكرناه آنفاً من ترتيب الأوجه السبعة حسب الأداء بين آخر الضحى وأول ألم نشرح وما بعدهما إلى آخر الناس على القول بالتكبير لحفص يسري على أوجه التكبير مع التهليل أو مع التهليل والتحميد ويجوز لك

أن تجمع بين التكبير مفرداً وبين التكبير مقروناً بالتهليل أو بالتهليل مع التحميد وبذلك ترتقي الأوجه السبعة إلى واحد وعشرون وجهاً كما يجوز لك أن تقصر المنفصل وتوسطه للتعظم في لفظ التهليل مع التكبير أو هما مع التحميد فتصير الأوجه بذلك خمسة وثلاثين وجهاً كلها صحيحة لا سقيم فيها. وإليك تفصيلها ثانياً: تأتي أولاً بالأوجه السبعة بالتكبير مفرداً من غير تهليل ولا تحميد ثم تأتي بها ثانياً مع التهليل والتكبير فقط مقصوراً وموسطاً. ثم تأتي بها ثالثاً مع التهليل والتكبير والتحميد مقصوراً وموسطاً كذلك فإذا أضفت إليها أوجه البسملة الثلاثة من غير تكبير فتبلغ الأوجه ثمانية وثلاثين وجهاً لحفص بين آخر الضحى وأول ألم نشرح وما بعدهما إلى آخر الناس وأول الفاتحة فتنبه. ويراعي ذلك أيضاً في أوجه الاستعاذة عند الابتداء من سور الختم أي من أول ألم نشرح إلى أول الناس فقد ذكرنا في موطن التكبير الأول أن الابتداء بالاستعاذة على الأخذ بوجه التكبير لحفص يجوز معه ثمانية أوجه وقد رتبناها هناك مع أوجه الاستعاذة الأربعة المعروفة بدون تكبير حسب الأداء فبلغ عددها اثني عشر وجهاً. وهنا نقول إذا أراد القارئ أن يأتي بالتهليل مع التكبير أو بالتهليل مع التكبير والتحميد عند الابتداء من سور الختم فلا مانع من الأخذ بذلك ويجوز له حينئذ أن يأتي بالتكبير مفرداً أو بالتهليل مع التكبير فحسب أو بالتهليل مع التكبير والتحميد كما يجوز له القصر والتوسط في لفظ التهليل في الحالتين أي في حالة التهليل مع التكبير أو في حالة التهليل مع التكبير والتحميد فتصبح الأوجه الثمانية التي في الابتداء على القول بالتكبير أربعين وجهاً كلها صحيحة فإذا أضفت إليها أوجه الاستعاذة الأربعة المعروفة بدون تكبير على القول بتركه فتبلغ الأوجه كلها أربعة وأربعين وجهاً لحفص عند الابتداء من سور الختم. أما الابتداء من غيرها من سائر السور فالأوجه الاثنا عشر المعروفة والتي ذكرناها في الموطن الأول من مواطن التكبير فتنبه لذلك والله الموفق. التنبيه السابع: منع العلامة الصفاقسي في كتابه "غيث النفع" وصل الاستعاذة بالتكبير موقوفاً عليه سواء أكان مفرداً أم كان مقروناً بالتهليل فحسب أم

كان مقروناً بالتهليل والتحميد وحجته في ذلك أن التكبير إما أن يكون لآخر السورة وإما أن يكون لأولها وليست الاستعاذة واحداً منهما انتهى كلامه بالمعنى. قلت: وما منعه العلامة الصفاقسي منعه العلامة البقري والعلامة سلطان المزاحي أيضاً وحجتهما كحجة الصفاقسي نقل ذلك عنهما العلامة الميهي في فتح الكريم فإذا تأملت الأوجه الممنوعة وفق كلام هؤلاء الأعلام وجدتها عشرة أوجه وهي وصل الاستعاذة بالتكبير موقوفاً عليه مفرداً كان أو مقروناً بالتهليل وحده أو بالتهليل والتحميد وسواء كان لفظ التهليل مقصوراً أو كان موسطاً فهذه خمسة أوجه يأتي عليها الوقف على البسملة والابتداء. بأول السورة ثم وصل البسملة بأول السورة وعليه. فتكون أوجه الاستعاذة مع الابتداء بسور الختم حسب قول هؤلاء ثلاثين وجهاً على القول بالتكبير بدلاً من الأربعين التي تقدمت وتكون أوجهها مع الابتداء بغيرها من سائر سور التنزيل ستة أوجه بدلاً من الأوجه الثمانية التي تقدمت على القول بالتكبير أيضاً فما ذكره هؤلاء من منعهم وصل الاستعاذة بالتكبير مع الوقف عليه وما يترتب على ذلك من الوجوه مخالف لما قرأنا به. وقد ردَّ على العلامة الصفاقسي صاحب "غيث الرحمن" شرح هبة المنان بعد أن أورد عبارته التي سقناها بالمعنى وعبارته "لكن ما ذكره من الأوجه - أي الممنوعة - لا يناسب قول الإمام الشاطبي حيث قال: "وما لقياس في القراءة مدخل" فتأمل منصفاً أهـ منه بلفظه كما ردَّ على العلامتين البقري وسطان العلامة الميهي بعد أن أورد عبارتهما بجواز ما منعاه ونسب هذا الجواز إلى الحق وقال وبه أخذت عن شيخي النبتيتي قلت: وقريب من هذين الردين أن يقال إن وصل التكبير بالاستعاذة والوقف عليه مشابه لوصل الاستعاذة بالبسملة مع الوقف

عليها إذ أن الاستعاذة ليست من القرآن بالاتفاق وكذلك التكبير. فإذا ساغ وصل ما ليس من القرآن بالقرآن والوقف عليه من غير معارض - كما في وصل الاستعاذة بالبسملة والوقف عليها - ساغ وصل ما ليس من القرآن بعضه ببعض والوقف عليه من باب أولى - كما في وصل الاستعاذة بالتكبير والوقف عليه وهذا جائز من غير نكير خلافاً لما منعه العلامة الصفاقسي والبقري والمزاحي وقد قدمنا لك أننا قرأنا به على جميع مشايخنا وبه نأخذ قراءة وإقراء كما أخذ غيرنا فتأمل وبالله التوفيق. التنبيه الثامن: ذكر شيخ شيوخنا العلامة السنطاوي رحمه الله تعالى في تحريره على الطيبة أنه يجوز في لفظ التهليل مطلقاً ثلاث مراتب في مده وهي: القصر والتوسط والإشباع ولم أر فيما وقفت عليه من قال بالإشباع في ذلك ولعله أراد - رحمه الله تعالى - بمرتبة الإشباع في لفظ التهليل قراءة حمزة ورواية ورش عن نافع من طريق الأزرق ورواية ابن ذكوان عن ابن عامر من طريق النقاش عن الأخفش إذا أخذ لهم بوجه التهليل مع التكبير أو بوجه التهليل مع التكبير والتحميد عند سور الختم على رأي بعض المتأخرين كما مر. ومن المعلوم أن حمزة والأزرق عن ورش مذهبهما الإشباع في المدين - المنفصل والمتصل من جميع الطرق بالإجماع وكذلك ابن ذكوان عن ابن عامر من طريق النقاش عن الأخفش من طريق طيبة النشر خاصة فعلى هذا تحمل مرتبة الإشباع في التهليل التي ذكرها العلامة السنطاوي وغير هذا الاحتمال لا يجوز الأخذ بها لأن أهل الأداء الذين أخذوا بمرتبة التوسط في مد التعظيم إنما إخذوها لأصحاب القصر في المنفصل كما هو معروف وليس مهم حمزة ولا الأرزق عن ورش ولا ابن ذكوان بل لحمزة والأزرق عن ورش الإشباع في المدين كما أسلفنا ولابن ذكوان فيهما من الطريق التي ذكرنا. وعليه فيكون الإشباع لهم في لفظ التهليل هو مذهبهم وليس داخلاً في المد للتعظيم بحال فما ذكره أستاذنا السنطاوي فسبق قلم منه رحمه الله ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. التنبيه التاسع: في بيان حكم أواخر سور الختم عند وصلها بالتهليل مطلقاً اعلم أن أواخر سور الختم في حالة وصلها بالتهليل مع التكبير أو بالتهليل مع

التكبير والتحميد سواء كان ذلك في وجه وصل الجميع أو كان في غيره كوصل آخر السورة بالتهليل مع التكبير أو هما مع التحميد مع الوقف عليه وعندئذ يبقى آخر السورة على حاله من غير تغيير فالساكن يظل ساكناً كما في آخر الضحى والعلق وصلة هاء الضمير تبقى كما هي كآخر البينة والزلزلة وكذلك يبقى المحرك بحركة الإعراب أو البناء على حاله كآخر الفلق بالنسبة للمبني وآخر الناس بالنسبة للمعرب أما إذا كان آخر السورة منوناً فيدغم التنوين في اللام من لفظ التهليل على القاعدة وحينئذ تجوز الغنة وعدمها في اللام نص على ذلك العارف بالله شيخ شيوخنا سيدي الشيخ مصطفى الميهي في فتح الكريم الرحمن. كما نص عليه العلامة الطباخ في هبة المنان وكذلك العلامة الشيخ أحمد شرف الأبياري في غيث الرحمن شرح هبة المنان فتنبه. التنبيه العاشر: في بيان حكم الاختلاف في أوجه التكبير مطلقاً اعلم أن الاختلاف في أوجه التكبير مطلقاً سواء أكان مفرداً أم كان مقروناً بالتهليل أم بالتهليل مع التحميد عند سور الختم ليس اختلاف رواية بحيث يلزم الإتيان بها كلها بين كل سورتين وإن لم يفعل يكن اختلالاً في الرواية بل هو من اختلاف التخيير كأوجه البسملة الثلاثة الجائزة بين السورتين فأي وجه أتى به القارئ منها أجزأه وكذلك أوجه التكبير وكان بعضهم يأخذ بوجه واحد من أوجه التكبير الجائزة بين السورتين ويأخذ بين السورتين الأخريين بوجه آخر غير الذي أخذه بين الأوليين وهكذا إلى أن يأتي على جميع أوجه التكبير لأجل حصول التلاوة بجميعها. قال الحافظ ابن الجزري في هذا الصدد: "وهو حسن ولا يلزم بل التلاوة بوجه منها إذا حصل معرفتها من الشيخ كاف" أهـ ثم قال رحمه الله تعالى في

هذا الخصوص أيضاً: "نعم الإتيان بوجه مما يختص بكون التكبير لآخر السورة وبوجه مما يختص بكونه لأولها وبوجه مما يحتملها متعين إذ الاختلاف في ذلك اختلاف رواية فلا بد من التلاوة به إذا قصد جمع تلك الطرق" أهـ قلت والمراد بالطرق في قوله أي الطرق الثلاثة التي هي كون التكبير لأول السورة أو لآخرها أو كونه محتملاً لكلا التقديرين. وقد مر ذلك آنفاً. وقوله رحمه الله تعالى: "إذا قصد جمع تلك الطرق" يؤخذ منه أنه إذا لم يقصد جمع تلك الطرق فلا يتعين الأخذ بوجه من كل من تلك الثلاثة ويرجع الأمر إلى التخيير السابق فأي وجه أتى به القارئ أجزاءه فتأمل هذا القصد وبالله التوفيق. وقد أشار إلى ما ذكرناه في هذا التنبيه العلامة الشيخ الأمين الطرابلسي ثم المدني في رسالته بقوله رحمه الله تعالى: واعلم بأن الخلف في التكبير ... من جملة الخلف على التخيير لكن ثلاثة لكل الجمع ... يجب الإتيان بها في الجمع فواحد من وجهي ابتداء ... وواحد من وجهي انتهاء وآخر من أوجه احتمال ... والحمد لله بكلِّ حال اهـ هذا: ويؤخذ من نظم العلامة الطرابلسي الوجوب قولاً واحداً في الأخذ بوجه من كل من الطرق الثلاثة وقد تقدم أن الوجوب في ذلك مرتبط بقصد جمع هذه الطرق أما إذا لم يكن هناك قصد لجمعها فلا يتعين الوجوب. ويرجع الأمر إلى التخيير كما أسلفنا فتأمل. "تتمة": بشأن تعلق التكبير ببعض حالات القصر في المد الجائز المنفصل لحفص عن عاصم من طريق طيبة النشر. تقدم أن ذكرنا في باب "المد والقصر" بعض الحالات المتعلقة بالقصر في المد المنفصل وبالإشباع في المد المتصل لحفص من طريق طيبة النشر كما

تعرضنا هناك في بعض تلك الحالات لذكر التكبير كما ذكر محرروا الطيبة والآن نلفت نظر القارئ إلى أن هناك حالة من حالات قصر المد المنفصل وهي القصر المطلق مع التوسط في المد المتصل وهذه هي الحالة الأولى من حالات القصر التي ذكرناها هناك مع ذكر أحكامها الواجب اتباعها حالة الأداء وقد قلنا عنها فيما قلنا إنه يجوز فيها التكبير الخاص وعدمه وقد سبق معنى الخاص بأنه الخاص بسور الختم فحسب وفيه مذهبان: الأول: التكبير من آخر الضحى إلى آخر الناس. الثاني: التكبير من أول ألم نشرح إلى أول الناس ويستوي في ذلك الأوجه التي بين السورتين في هذا المحل. وقد تقدم توضيح ذلك بما فيه الكفاية كما يستوي في ذلك أيضاً إفراد التكبير أو اقترانه بالتهليل أو بالتهليل والتحميد وسواء كان لفظ التهليل مقصوراً أو موسطاً إلى آخر ما ذكرناه آنفاً. كما أن هناك حالة أخرى من حالات القصر في المد المنفصل أيضاً وهي القصر المطلق في المنفصل مع الإشباع في المتصل وهذه هي الحالة الثانية التي ذكرناها هناك مع ذكرنا للأحكام المتعينة عليها حالة الأداء وقد قلنا فيما قلنا من أحكامها إنه يجوز فيها الأخذ بوجه التكبير العام وعدمه وقد سبق معنى العام أنه العام في جميع سور القرآن الكريم ويستوي في ذلك التكبير في أوائل سور التنزيل أي من أول سورة الفاتحة وما بعدها إلى أول سورة الناس باستثناء البدء من أول سورة براءة كما تقدم كما يستوي في ذلك أيضاً التكبير بين السورتين في سائر التنزيل باستثناء ما بين آخر الأنفال وأول براءة كما مر فتنبه.

الفصل الرابع: في بيان حكمه في الصلاة.

الفصل الرابع: في بيان حكمه في الصلاة. اعلم أن حكم التكبير في الصلاة أنه سنة ثابتة فيها كثبوتها في خارجها وقد تكلم في هذه المسألة غير واحد من الثقات الجهابذة الأثبات فقد ذكر الحافظ ابن الجزري في النشر بأسانيده إلى الصحابة والتابعين بثبوت التكبير في الصلاة وغيرها وقد تركنا ذكر هذه الأسانيد هنا رغبة في الاختصار لطولها. ثم قال الحافظ ابن الجزري بعد ذلك. وقال الشيخ أبو الحسن السخاوي - وروى بعض علمائنا الذين اتصلت قراءتنا بإسناده عن أبي محمد الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد القرشي قال: صليت خلف المقام بالمسجد الحرام في التراويح في شهر رمضان فلما كانت ليلة الختم كبرت من خاتمة الضحى إلى آخر القرآن في الصلاة فلما سلمت التفت وإذا بأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي قد صلى ورائي فلما أبصرني قال: أحسنت أصبت السنة ... إلى أن قال رحمه الله: فقد ثبت التكبير في الصلاة عن أهل مكة فقهائهم وناهيك بالإمام الشافعي وسفيان بن عيينة وابن جريح وابن كثير وغيرهم ... إلى أن قال: ورأيت أنا غير واحد من شيوخنا يعمل به ويأمر من يعمل به في صلاة التراويح وفي الإحياء في ليالي رمضان حتى كان بعضهم إذا وصل في الإحياء في الضحى قام بما بقي من القرآن في ركعة واحدة يكبر إثر كل سورة فإذا انتهى إلى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الناس} [الناس: 1] كبر في آخرها ثم يكبر ثانياً للركوع وإذا قام في الركعة الثانية قرأ الفاتحة وما تيسر من أول البقرة وفعلت أنا كذلك مرات لما كنت أقوم بالإحياء بدمشق ومصر. وأما من كان يكبر في صلاة التراويح فإنهم يكبرون إثر كل سورة ثم يكبرون للركوع. وذلك إذا آثر التكبير آخر كل سورة. ومنهم من كان إذا قرأ الفاتحة وأراد

الشروع في السورة كبر وبسمل وابتدأ السورة ... إلى أن قال رحمه الله: ثم رأيت كتاب الوسيط تأليف الإمام الكبير شيخ الإسلام أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي الشافعي رحمه الله تعالى وفيه ما هو نص على التكبير في الصلاة ... ثم عرج بعد ذلك على المذاهب الفقهية فقال: والقصد إنني تتبعت كلام الفقهاء من أصحابنا - يعني الشافعية - فلم أر لهم نصًّا في غير ما ذكرت وكذلك لم أر للحنفية ولا للمالكية وأما الحنابلة فقد قال الفقيه الكبير أبو عبد الله محمد بن مفلح في كتاب الفروع له: "وهل يكبر لختمه من الضحى أو ألم نشرح آخر كل سورة فيه روايتان ولم تستحبه الحنابلة لقراءة غير ابن كثير وقيل ويهلل انتهى قلت: ولما من الله علي بالمجاورة بمكة ودخل شهر رمضان فلم أر أحداً ممن صلى التراويح بالمسجد الحرام إلا يكبر من الضحى عند الختم فعلمت أنها سنة باقية فيهم إلى اليوم ... ثم قال رحمه الله تعالى: "والعجيب ممن ينكر التكبير بعد ثبوته عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن أصحابه والتابعين" انتهى كلام الحافظ ابن الجزري ملخصاً من النشر. يقول مقيده أفقر العباد وأحوجهم إلى الله تعالى عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي: ويؤخذ من كلام الحافظ ابن الجزري في النشر والذي سقناه آنفاً الأحكام الآتية: أولاً: إن التكبير سنة مطلقة في الصلاة وخارجها. وقد ثبت فعل هذه السنة عند فقهاء مكة المشرفة وغيرهم من فقهاء الأمصار في صلاة التراويح وغيرها. ثانياً: بيان حكم قطع القراءة في سور التكبير في الصلاة وما يترتب على ذلك مما سنأتي عليه مفصلاً في الفصل التالي إن شاء الله تعالى. ثالثاً: إن التكبير في الصلاة بالنسبة للمذاهب الفقهية قد ثبت عند الشافعية

وعلى رأسهم إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه وأنه لم يثبت عند الحنفية ولا عند المالكية أما الحنابلة فقد ورد عنهم فيه روايتان التكبير وعدمه وعندهم إن أخذوا بالتكبير لم يكن مستحبًّا لقراءة غير قراءة ابن كثير وحال أخذهم بالتكبير يجوز معه التهليل كما قيل عندهم. رابعاً: أنه لا وجه لمن أنكر التكبير بعد ثبوته عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم وعنا معهم بمنه وكرمه آمين. هذا: وذكر في الإتحاف أن التكبير مندوب في الصلاة في الختم وغيره حتى لو قرأ سورة من سور التكبير كالكافرون والإخلاص مثلاً في ركعتين كبر وهو واضح للعلة السابقة والعلة هذه قد ذكرناها فيما تقدم في سبب ورود التكبير. وقد اختلفوا في أداء التكبير في الصلاة هل يجهر به أو يسر أو هو تابع لها في السرية والجهرية أقوال. وأميل إلى أن التكبير يكون تابعاً للصلاة في السر والجهر فهو أحب إليَّ والله تعالى أعلى وأعلم.

الفصل الخامس: في بيان حكم قطع القراءة في سور التكبير وغيرها في الصلاة وخارجها.

الفصل الخامس: في بيان حكم قطع القراءة في سور التكبير وغيرها في الصلاة وخارجها. المراد بسور التكبير سور الختم من آخر الضحى إلى آخر الناس أو من أول ألم نشرح إلى أول الناس كما مر. والمراد بغيرها سائر سور التنزيل. وهذا بحث هام يجب فهمه جيداً لما يترتب عليه من أحكام للتكبير يجب مراعاتها حال قطع القراءة سواء أكان ذلك في الصلاة أم في خارجها. وقد تكلم في هذه المسألة المتقدمون والمتأخرون من أئمتنا وحاصل ما فيها بإيجاز غير مخل.. ليسهل فهمها على القارئ فيعمل بها حال الأداء على أي حال. فإذا أراد القارئ قطع قراءته في سور الختم خارج الصلاة فعليه أن يعتبر ما ذكرناه آنفاً في الفصل الثاني من أن التكبير إما أن يكون لأول السورة وإما أن يكون لآخرها فإن اعتبره لأولها قطع قراءته على آخر السورة السابقة بدون تكبير. فإذا استأنف قراءته بعد ابتداء السورة اللاحقة بالتكبير ويستوي في ذلك إفراد التكبير أو اقترانه بالتهليل فقط أو بالتهليل مع التحميد مقصوراً أو موسطاً ويجوز حينئذ أوجه الابتداء بالاستعاذة مع التكبير التي تقدم ذكرها. وإن اعتبر التكبير لآخر السورة كبر آخرها وقطع قراءته. فإذا استأنف القراءة بعد ابتداء السورة التالية بدون تكبير ويجوز له عند تكبيره لآخر السورة وصل آخر السورة بالتكبير موقوفاً عليه مفرداً كان أو مقروناً بالتهليل وحده أو بالتهليل والتحميد مقصوراً وموسطاً. فالأوجه عندئذ خمسة ويراعى في ذلك أيضاً سجدة التلاوة في آخر سورة العلق فإن كان قد اعتبر التكبير لآخر السورة فإنه يكبر للسجدة بعد انتهاء سورة العلق ثم بعد انتهائه منها يكبر لأول سورة القدر وإن كان قد اعتبر التكبير لآخر السورة كبر أولاً لآخر سورة العلق ثم يكبر ثانياً للسجدة ثم بعد انتهائه من السجدة يفتتح سورة القدر بدون تكبير.

هذا إذا كان قطع القراءة في سور الختم. أما إذا كان القطع في غيرها من سور التنزيل فواضح أن التكبير في هذا الموطن لم يكن لآخر السورة. فإذا قطع القارئ قراءته مثلاً على آخر سورة النساء ثم استأنف قراءته فيما بعد افتتح سورة المائدة بالتكبير إذا كان آخذاً بوجه التكبير العام ويراعى في ذلك أيضاً سجدة التلاوة كما في آخر الأعراف والنجم والحكم حينئذ أنه يكبر للسجدة آخر سورة الأعراف أو آخر سورة النجم ثم بعد انتهائه من السجدة يفتتح سورة الأنفال أو سورة القمر بالتكبير لأن المعتبر الآن أن التكبير في هذا الموطن لأول السورة اللاحقة. هذا حاصل ما في المسألة إذا كان القارئ قد قطع قراءته في سور الختم أو في غيرها من السور خارج الصلاة. أما إذا كان قطع قراءته وهو متلبس بالصلاة ففيه التفصيل السابق أيضاً وحاصله إذا كان في سور الختم واعتبر القارئ التكبير لأول السورة فإنه يقطع قراءته على آخر السورة السابقة بدون تكبير ثم يكبر للركوع فإذا قام إلى الركعة الثانية ابتدأ السورة التالية بعد الفاتحة بالتكبير ويستوي في هذا التكبير المفرد أو المقترن بالتهليل وحده أو بالتهليل مع التحميد وسواء كان لفظ التهليل مقصوراً أو موسطاً. وهل يكبر في هذه الصلاة تكبيرة لأول الفاتحة ثم يكبر ثانياً لأول السورة التالية بعدها لأن التكبير الآن لأول السورة؟ قولان: أولهما: أن التكبير يجوز في أول الفاتحة ثم في أول السورة التي بعدها أيضاً نص على ذلك العلامة الشيخ أحمد شرف الأبياري في "غيث الرحمن: شرح هبة المنان" وعبارته في هذه الصورة "فأت بتكبيرة الركوع أولاً ثم بعد قيامك من الركعة فأت بتكبيرة أول السورة سواء كانت الفاتحة أو غيرها" أهـ منه بلفظه.

ثاني القولين: أن التكبير لا يكون إلا في السورة التالية بعد الفاتحة فقط نص على ذلك شيخ شيوخنا العارف بالله تعالى سيدي الشيخ مصطفى الميهي رضي الله عنه في "فتح الكريم الرحمن" وعبارته رحمه الله "أو يكبر للركوع ثم يكبر بعد الفاتحة لابتداء السورة على القول الآخر" أهـ منه بلفظه وقوله على القول الآخر أي على القول بأن التكبير لأول السورة. وكلا القولين صحيح في هذه الصورة فحسب فتنبه. أما إذا كان القارئ قد اعتبر التكبير لآخر السورة فإنه يكبر في آخرها أولاً ثم يكبر للركوع ثانياً فإذا قام إلى الركعة الثانية افتتح السورة التالية بعد الفاتحة بدون تكبير ولا يكبر في هذه السورة في أول الفاتحة بالاتفاق لأن المعتبر الآن أن التكبير لآخر السورة. ويراعى في ذلك سجدة التلاوة أيضاً في آخر سورة العلق. فإن اعتبر القارئ التكبير لأول السورة فإنه يكبر للسجدة بعد انتهاء سورة العلق ثم بعد الانتهاء من السجدة يكبر لأول سورة القدر. وإن اعتبر التكبير لآخر السورة كبر أولاً لآخر سورة العلق ثم يكبر ثانياً للسجدة ثم بعد انتهائه منها يفتتح سورة القدر من غير تكبير ويستوي في كل ما ذكر إفراد التكبير أو اقترانه بالتهليل وحده أو بالتهليل مع التحميد مقصوراً أو موسطاً. وإذا كان القطع بغير سور الختم فمن المتفق عليه أن التكبير في هذا الموطن لم يكون لآخر السورة كما مر. فإذا قطع القارئ قراءته على آخر سورة البقرة مثلاً وهو في الصلاة كبر للركوع كالعادة ثم بعد قيامه للركعة الثانية يفتتح بعد الفاتحة سورة آل عمران بالتكبير إذا كان آخذاً بوجه التكبير العام. وهل يكبر في هذه الصورة تكبيراً لأول الفاتحة أولاً ثم يكبر ثانياً لأول السورة التالية بعدها؟ نعم يجوز أن يكبر لأول الفاتحة لأن المعتبر الآن أن التكبير لأول السورة التالية لأن السابقة قطع عليها للركوع بدون تكبير هذا هو الظاهر، والله أعلم. ويراعى في ذلك سجدة التلاوة أيضاً في آخر الأعراف والنجم. والحكم حينئذ أن يكبر لسجدة التلاوة في آخر الأعراف أو آخر النجم ثم بعد الانتهاء منها

يفتتح سورة الأنفال أو سورة القمر بالتكبير. وقد أشار إلى ما قلناه في هذا الفصل نظماً غير واحد من الثقات الجهابذة الأثبات. وإليك أخصره للعلامة الطباخ في هبة المنان فقد قال رحمه الله تعالى: ومن رأى التكبير آخر وقدْ ... أراد قطعاً دون بدء اعتمدْ وللركوع والسجود كبرا ... أخرى وعكسه لمن بدأ يُرى اهـ وهأنذا أزيدك توضيحاً لهذا النظم البديع في بابه العظيم في استيعابه فقد أشار رحمه الله تعالى في البيت الأول إلى أنك إذا رأيت أن التكبير لآخر السورة وأردت القطع فاعتمد التكبير لآخر السورة أي كبر لآخر السورة السابقة دون الابتداء بالتكبير لأول اللاحقة ... وهذا كله إذا كان القطع خارج الصلاة. أما إذا كان القطع فيها فأشار بقوله رحمه الله: "وللركوع والسجود كبرا أخرى" ومعناه إذا كنت متلبساً بالصلاة وأردت القطع وقد اعتمدت التكبير لآخر السورة أيضاً فكبر لآخر السورة السابقة ثم كبر تكبيرة أخرى للركوع. وهذا إذا لم يكن هناك سجود للتلاوة. فإن كان كما في آخر العلق فاعتمد التكبير لآخر السورة أيضاً ثم كبر تكبيرة أخرى لسجود التلاوة. وعليه: فإن كلمة "أخرى" في النظم هي صفة لتكبيرة الركوع ولتكبيرة السجود كذلك وكأنه يقول رحمه الله تعالى - كبرن تكبيرة أخرى للركوع بعد تكبيرة آخر السورة وكبرن أيضاً تكبيرة أخرى لسجود التلاوة بعد تكبيرة آخر السورة كذلك. وعلى كلتا الحالتين أي حالة القطع في الصلاة أو في خارجها فالابتداء بالسورة التالية يكون بدون تكبير لأن المعتمد في هذه الصورة أن التكبير لآخر السورة السابقة فتأمل. وقوله رحمه الله: "وعكسه لمن بدأ يرى" أي وعكس ما ذكر في الصورة السابقة من أن التكبير فيها لآخر السورة السابقة يظهر لمن يرى العكس وهو كون التكبير لأول السورة اللاحقة فإن كان كذلك فالأمر بعكس ما ذكر في الصورة الأولى وقد مر كيفية ذلك بإسهاب سواء أكان القطع في الصلاة أم في خارجها وسواء أكان ذلك في سور الختم أم

في غيرها من باقي سور التنزيل. فتفطن لما ذكرناه جيداً في هذه المسألة وغيرها مما أوردناه في التكبير عامة فقد لا تجده مجموعاً في غيره بهذه الكيفية والله يرشدني وإياك إلى الصراط السوي فإنه سبحانه وليُّ ذلك والقادر عليه. وهذا آخر ما يسر الله تعالى جمعه في هذا الكتيب والحمد لله على إتمامه حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده - والله أسأل أن يلبسه ثوب القبول وأن ينفع به أهل القرآن في كل زمان ومكان وأن ييسره لطالبيه ويعين ذا الرغبة من قاصديه. وأن يجعله خالصاً لوجه الكريم وسبباً للفوز لديه بجنات النعيم. إنه على ما يشاء قدير. وبالإجابة جدير، اللهم اغفر لي ولوالدي ولأولادي ولمشايخي عامة ولمن علمني القرآن الكريم ولمن أقرأنيه ولعموم المسلمين والمسلمات وأن يرزقني وإياهم الستر فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض. اللهم ارزقنا إيماناً كاملاً وعملاً صالحاً متقبلاً وجنة في الآخرة بعفوك لا بأعمالنا فإننا مقصرون. ولا يغفر الذنون إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام يا ذا الطول والإنعام. اللهم بلغنا من الخير أملنا، واختم بالإيمان أجلنا واجعل آخر كلامنا شهادة أن لا إله إلا الله وأن سيدنا محمداً رسول الله يا ربّ - يا ربُّ - يا ربّ - يا ربّ - يا ربّ. يا ربُّ إن الملوك إذا شابت عبيدهُمْ ... في رقهم أعتقوهم عتق أحرار وأنت يا رب أولى من يجود على ... العبد الأسير فاعتقني من النار واعتق المسلمين قاطبة ... يارب. يارب. يارب. يارب. يارب. وكان الفراغ من كتابته الأولى بمدينة تاجوراء شارع الحطاب المالكي الكبير بإقليم طرابلس ليبيا في يوم السبت العاشر من جمادى الآخرى سنة 1383هـ ثلاث وثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التحيات والتسليمات الموافق 3/9/1963م. وكان الفراغ من مراجعته وتنقيحه وزيادة أبوابه وفصوله وملحق أعلامه بالمدينة المنورة الزكية على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التحية في يوم الجمعة المبارك 27 شوال سنة 1399هـ سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وألف من الهجرة

النبوية، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وقائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآلهم والحمد لله رب العالمين. كتبه أفقر العباد وأحوجهم إلى الله تعالى عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي المصري الشافعي الأزهري المقرئ خادم العلم والقرآن والأستاذ المساعد بقسم القراءات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة زادها الله عزًّا وشرفاً

ملحق الأعلام

ملحق الأعلام

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى آله وصحبه الأئمة الهداة والصفوة المنتقاة وبعد: فيقول الفقير إلى الله تعالى عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي هذا هو ملحق الأعلام الذين ورد ذكرهم في صلب كتابنا "هداية القاري. إلى تجويد كلام الباري" وكنا قد وعدنا بذكر هؤلاء الأعلام في مقدمة الكتاب في ملحق خاص بهم، وها نحن نفي بوعدنا ونذكرهم والله نسأل أن يوفقنا لتمام المقصود إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير. المؤلف عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي الأستاذ المساعد بقسم القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة زادها الله شرفاً وعزًّا

1-المارغني التونسي.

1-المارغني التونسي. المارغني التونسي: هو إبراهيم بن أحمد بن سليمان المارغني وكنيته أبو إسحاق المفتي المالكي بالديار التونسية وشيخ القراء والمقرئين بالجامع الأعظم "الزيتونة" بها له مؤلفات جياد في القراءات وغيرها منها: 1- دليل الحيران: شرح مورد الظمآن في رسم وضبط القرآن. 2- تنبيه الخلان: إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن. 3- النجوم الطوالع: على الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع. 4- تحفة المقرئين والقارئين: في حكم جمع القراءات في كلام رب العالمين. 5- القول الأجلى: في كون البسملة من القرآن أو لا. 6- بغية المريد: إلى جوهرة التوحيد وغيرها. توفي المترجم عام تسع وأربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية رحمه الله رحمة واسعة. أفدناه من كتابه "النجوم الطوالع" طبع المطبعة التونسية بسوق البلاط بتونس عام 1354هـ - الموافق لعام 1935م. 2-أبو القسط. أبو القسط: هو إبراهيم بن عبد الرزاق بن الشريف الحاج آدم بن الحاج خيار المولود في "قطر يجو" من نواحي الحبشة سنة 1300هـ ثلاثمائة وألف من هجرة النبي المختار صلى الله عليه وسلم كان علامة حبراً. وفهامة بحراً. ورعاً زاهداً مجاهداً لا يأكل إلا من كسب يده، ولا تأخذه في الله لومة لائم وله أدب رفيع. واقتدار على النظم بديع وكني بأبي القسط لكثرة ما كان يقول في الأسواق: {وَأَقِيمُواْ الوزن بالقسط وَلاَ تُخْسِرُواْ الميزان} [الرحمن: 9] وكان جده تلميذاً لحبر الأمة العلامة البيجوري المشهور. وله مؤلفات غاية في الإجادة، نهاية في الإفادة منها: 1- تذكرة القراء: في التجويد، وقد شرحها ولده الشيخ عبد السلام ولا يزال مخطوطاً بمكتبتنا.

3- السمنودي.

2- مرمى عيون البررة: ألف بيت في النحو والصرف. 3- الدرة الفريدة: في مصطلح الحديث الشريف. 4- آية السعادة: في المنطق وشرحها المسمى. 5- راية الشهادة وكلها منظومة وله مؤلفات أخرى. وافاه الأجل سنة 1377هـ سبع وسبعين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام تغمده الله برحمته وأورده موارد عفوه - آمين. أفدناه من ولد المترجم المسمى: عبد السلام الطالب بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية. 3- السمنودي. السمنودي: هو إبراهيم بن علي بن علي بن شحاتة السمنودي مصري عالم نحرير وفاضل كبير؛ يشار إليه بالبنان في علم التجويد والقراءات في هذا العصر ومن بقية أفذاذ مدرسيها في هذا الدهر. ومن أكابر الأساتذة بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف سابقاً وتلامذته كثيرون مبرزون ... وله تآليف نفيسة فريدة وتصانيف عجيبة مفيدة منها: 1- حل العسير من أوجه التكبير. 2- تتمة في تحرير طرق ابن كثير وشعبة. 3- لآلئ البيان في تجويد القرآن الذي أفاق به كثيراً من الأعيان والأقران. 4- تلخيص لآلئ البيان المذكور آنفاً. 5- تنقيح فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن العظيم بالاشتراك مع شيخنا فضيلة الشيخ عبد العزيز الزيات والشيخ عامر السيد عثمان وهو من أحسن المؤلفات التي وضعت لتحرير أوجه طيبة النشر في القراء العشر، وكلها نظم ... وقد بورك للمترجم في عمره وعمله إذ لا يزال يدرس في الأزهر الشريف إلى الآن.

4- الجعبري.

4- الجعبري. الجعبري: هو أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل الجعبري نسبة إلى قلعة جعبر بين بالس والرقة، على الفرات فيها ولد وسكن دمشق مدة ثم ولي مشيخة الخليل إلى أن مات بها واشتهر بالجعبري "تقي الدين، برهان الدين، أبو العباس". كان عالماً بالقراءات والققة واللغة والنحو وله نحو مائة كتاب منها: "كنز المعاني شرح حرز الأماني - الشاطبية وهو من أنفس الشراح" و "نزهة البررة: في قراءات الأئمة العشرة وغيرها". ولد سنة أربعين وستمائة وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة للهجرة رحمه الله تعالى. اهـ الزركلي الأعلام ج1 ص (49) . وانظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحاله جزء أول ص (69) طبع دار إحياء التراث العربي ببيروت بدون تاريخ. 5- الطيبي الدمشقي. الطيبي الدمشقي: سنة 910 - 979هـ - 1505 - 1572م: هو أحمد بن أحمد بن بدر الدين الطيبي بكسر الطاء المشددة دمشقي كان مدرساً واعظاً شافعي المذهب فقيهاً نحويًّا مشاركاً في بعض العلوم ولد في ذي الحجة وتوفي في ذي القعدة بدمشق وجاء في الأعلام للزركلي أنه توفي سنة إحدى وثمانين وتسعمائة للهجرة، من مؤلفاته: مناسك الحج، بلوغ الأماني: في قراءة ورش من طريق الأصبهاني، رفع الإشكال: في حل الأشكال في المنطق، صحيفة فيما يحتاج إليه الشافعي في تقليد أبي حنيفة، ديوان خطب، وله شعر، وله المفيد في علم التجويد، قلت: وله كتاب التنوير فيما زاد للسبعة الأئمة البدور على ما في الحرز والتيسير (مخطوط) مصور عن نسخة دار الكتب المصرية تحت رقم (275) - قراءات أهـ. انظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة الجزء الأول ص (146 - 147) تقدم، وانظر الأعلام لخير الدين الزركلي الجزء الأول ص (88) بتصرف، تقدم. 6- الشيخ شرف الإيباري. الشيخ شرف الإبياري: هو أحمد بن أحمد شرف الأبياري.

7- البيهقي.

لم نعثر له على ترجمة والبحث جار في إيجاد ترجمة له والله الهادي إلى سواء السبيل. 7- البيهقي. البيهقي: هو أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي من أئمة الحديث، ولد في خسروجرد من قرى بيهق بنيسابور، صنف السنن الكبرى وغيرها من كتب الحديث، ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة للهجرة، وتوفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة أهـ. من الأعلام للزركلي ج1 ص (113) تقدم. 8- الإمام النسائي. الإمام النسائي: هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان من بحر الخراساني القاضي الحافظ الإمام شيخ الإسلام صاحب السنن، كان بارعاً في الحديث وتفرد فيه بالمعرفة والإتقان في وقته، ووصف بعلو الإسناد وأخذ عن إسحاق بن راهويه وطبقته. وحدث عنه أبو بكر بن السني وأبو القاسم الطبراني وكثير من أقرانهما. وكان ابن الحداد أبو بكر الشافعي كثير الحديث ولم يحدث عن غير النسائي وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله. ولد سنة خمس عشرة ومائتين وتوفي بمكة المكرمة سنة ثلاث وثلاثمائة للهجرة ودفن بين الصفا والمروة. رحمه الله تعالى. انظر تذكرة الحافظ للإمام أبي عبد الله شمس الدين الذهبي المتوفى سنة 748هـ - 1347م الجزء الثالث ص (698 - 701) ، الناشر دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ. 9- أحمد الشقانصي. أحمد الشقانصي: لم نعثر له على ترجمة ونحن بصدد البحث عنها، والله الموفق. 10- شيخ الإسلام ابن تيمية. شيخ الإسلام ابن تيمية: هو أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه المجتهد المفسر البارع شيخ الإسلام، علم الزهاد، نادرة العصر تقي الدين أحد الأعلام إمام ابن إمام ابن

11- العلامة الزيات المقري.

إمام. كان من بحور العلم ومن الأذكياء المعدودين والزهاد الأفراد والشجعان الكبار والكرماء الأجواد.. جدد الحنيفية السمحة ورفع أعلام الملة. وانتصر للسنة وقمع البدع والأهواء وأثنى عليه الموافق والمخالف، وسارت بتصانيفه الركبان. لعلها ثلاثمائة مجلد. ولد سنة إحدى وستين وستمائة، وتوفي معتقلاً في قلعة دمشق سنة ثمان وعشرين وسبعمائة للهجرة. رحمه الله وطيب الله ثراه وجزاه عن دينه وأمته خير الجزاء. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ج4 ص (1496 - 1497) تقدم. 11- العلامة الزيات المقري. العلامة الزيات المقري: هو أحمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد الزيات واشتهر بالشيخ عبد العزيز الزيات أحد شيوخنا في القراءات العشر الصغرى وشيخنا في القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر علامة كبير وإمام في القراءات بلا نظير، آية الدهر. ووحيد العصر في العلم والحياء والفضل والنبل، زكي القلب. يقظ الضمير تقي الخاطرة، من أجلة علماء العلوم الشرعية والعربية. وقد نفع الله به طويلاً الأمة. ولد بالقاهرة المحمية سنة سبع وتسعمائة وألف من ميلاد عيسى ابن مريم صلى الله على نبينا وعليه وسلم والتحق بالأزهر الشريف بعد أن حفظ القرآن الكريم وحصل على كثير من العلوم العربية والشرعية ثم أخذ القراءات العشر الصغرى من طريق الشاطبية والدرة والعشر الكبرى من طريق طيبة النشر عن كل من الشيخين الكبيرين الشيخ خليل الجنايني وفضيلة العلامة الشيخ عبد الفتاح هنيدي وهما قد أخذا عن العلامة الكبير شيخ مشيخة الديار المصرية في القراءة والإقراء في وقته الشيخ / محمد بن أحمد الشهير بالمتولي غفر الله له. ثم جلس المترجم له للإقراء بمنزله بجوار الأزهر الشريف بالقاهرة وانقطع له مدة ثم اختير مدرساً للقراءات بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف ذي المقام المنيف وظل هكذا إلى أن أحيل للتقاعد. ومن أقرانه المبرزين في العلم وإخوانه المشهورين في أسانيد إجازات القراءات في مصر صاحب الفضيلة الشيخ محمد علي خلف الحسيني الحداد

وشيخ عموم المقارئ المصرية - في وقته - والعلامة الشيخ علي محمد الضباع الذي ولي الشيخ محمد علي خلف الحسيني في رئاسة مشيخة المقارئ بالديار المصرية والمحقق الكبير الشيخ علي سبيع ومن في طبقتهم. وذلك لأن أولهم قرأ على عمه العلامة الشيخ حسن خلف الحسيني. والثاني أخذ عن الأستاذين الشيخ حسن الكتبي والشيخ الخطيب الشعار والثالث أسند عن العلامة المحقق الشيخ حسن الجريسي الكبير. وهؤلاء جميعاً الشيخ حسن خلف والشيخ حسن الكتبي والشيخ الخطيب الشعار والشيخ حسن الجريس الكبير كلهم أخذوا القراءات عن خاتمة المحققين الشيخ محمد بن أحمد المعروف بالمتولي. فالتقت أسانيدهم مع إسناد المترجم له من هذا الوجه فصاروا أقرانه بذلك وإن تقدمه بعضهم في السن رحم الله الجميع ورحمنا معهم بفضله وكرمه آمين. وقد أفاء الله نعمته على يدي المترجم له إلى خلق كثير من الديار المصرية وخارجها حصلوا منه على إجازات في التجويد والقراءات السبع والعشر الصغرى والكبرى يخطئهم العد فالله تعالى يثيبه ويديم النفع به آمين. وله نظم حسن وتصنيف رائق ومن مؤلفاته: تنقيح فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن العظيم من طريق طيبة النشر نظم سلس وهو من أنفس كتب تحرير طيبة النشر الآن. ثم شرح تنقيح فتح الكريم وهو مخطوط ينقله كل من أخذ عنه القراءات العشر من طريق طيبة النشر وقد نقلناه ونقله منا من أخذ علينا طيبة النشر وله تحقيق على عمدة العرفان للإمام الإزميري مع تلميذه العلامة المحقق فضيلة الشيخ جابر المصري من أفاضل علماء الأزهر وغير ذلك من التحقيقات ومن تلامذته الذين قرءوا عليه القراءات العشر الكبرى بمضمن طيبة النشر للحافظ ابن الجزري: 1- أفقر العباد وأحوجهم إلى الله تعالى عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي وقد ختمت في أربعة وأربعين يوماً. 2- الشيخ عبد المحسن شطا من علماء الأزهر وشيخ قسم القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر توفي رحمه الله وهذا الشيخ الجليل قد حضرت عليه في قسم تخصص القراءات مادة توجيه القراءات العشر من طريق طيبة النشر. 3- الشيخ حسن المري من المتقنين والمدرسين بقسم تخصص القراءات المذكور

وهذا الشيخ الجليل قد حضرت عليه في السنة الأولى بتخصص القراءات وشرعت في القراءة عليه في ختمة للعشرة من طيبة النشر وعاقني ظروف الطلب عن تمام الختمة عليه رحمه الله. 4- الشيخ محمد إسماعيل الهمداني المدرس بتخصص القراءات وأحيل للتقاعد وهو الآن يقرئ الناس بالجامع الأزهر "المسجد". 5- الشيخ حسنين إبراهيم محمد عفيفي جبريل من علماء الأزهر ومدرسيه الآن وهذا الأخ الفاضل كان زميلنا في طلب العلم في قسم القراءات وكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر وتخرجنا معاً وسبقني هو في الأخذ على المترجم له. 6- الشيخ علي المرازقي من أجلة علماء الأزهر توفي رحمه الله تعالى. 7- الشيخ أحمد مصطفى من خيرة علماء الأزهر ومدرسيه وهو من الحفاظ للتنقيح شرحاً ومتناً وكذلك عزو الطرق وغير ذلك. 8- الشيخ أحمد الأشموني من علماء الأزهر ومدرسيه. 9- الشيخ أحمد إسماعيل عيطة توفي رحمه الله تعالى. 10- الشيخ أمين الخطيب من علماء تخصص القراءات ومن التجار وهو أول من بدأ له المترجم له في نظم تنقيح التحرير. 11- الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف المدرس بمعهد القراءات بالأزهر. 12- الشيخ محمد محمد جابر المصري من أفاضل علماء الأزهر ومدرسيه وقد ترجمنا له في هذا الكتاب. 13- الشيخ قاسم الدجوي من خيرة علماء الأزهر ومدرسيه بقسم تخصص القراءات وقد حضرت عليه شرح طيبة النشر بالسنة الأولى بقسم التخصص وكان ذا أسلوب شيق وعرض بديع لطلابه وهو الآن مدرس بكلية التربية بالمدينة المنورة جامعة الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى. 14- الشيخ عثمان خليفة من بلدة كرداسة بالجيزة بالقاهرة رحمه الله تعالى. 15- الشيخ مصطفى خضر من علماء الأزهر ومدرسيه بالمعهد الأزهري بأسوان وهذا العالم الفاضل كان زميلنا في طلب العلم بقسم تخصص القراءات

12- أحمد البدوي.

وتخرجنا معاً ثم رافقنا في الطلب في كلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر وتخرجنا معاً أيضاً ثم انتسب إلى الدراسات العليا بالأزهر والله نسأل أن يتمم له بالخير. 16- الشيخ فرج ضبة من خيرة علماء الأزهر ومدرسيه في المعهد الأزهري بطنطا شافعي المذهب. 17- الشيخ محمد سالم من ناحية قويسنا بمحافظة المنوفية من القراء. 18- الشيخ محمد عبد القهار الحموي الحلبي طبيب من مدينة حلب بسوريا وختم في ثمانية وأربعين يوماً. 19- الشيخ أيمن سويد من دمشق الشام. 20- الشيخة الصالحة نفيسة وقد قرأت من مدة بعيدة على المترجم له وقد نسي المترجم له اسمها كاملاً وهي مجيدة من القاهرة. 21- الشيخ محمد تميم الزعبي من مدينة حمص بسوريا وشيخ القراء بها وهو من العلماء والمهندسين والمقرئين المجيدين وقد قرأ علينا أولاً القراءات العشر بمضمن طيبة النشر بالمدينة المنورة وأجزناه بها ثم قرأ على المترجم له ثانياً رغبة في علو السند وهو ما يحمد عليه فإن علو السند قربة من رب العالمين كما هو مقرر. 22- الشيخ حامد فرغل مقرئ بالقاهرة. 23- فضيلة الدكتور عبد العزيز أحمد محمد إسماعيل الأستاذ المساعد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، وهناك من قرأ على المترجم له القراءات السبع والقراءات العشر من الشاطبية والدرة وهؤلاء يخطئهم العد. هذا ولا يزال شيخنا الزيات المترجم له حيًّا إلى الآن يقرئ القراءات لطلابه الذين يرحلون إليه من كل أقطار الأرض لأنه أعلى القراء إسناداً في مصر. في هذا العصر بارك الله في عمره وعمله. وأحسن حياته في الأولى ومنقلبه في الأخرى وأجزل له الثواب آمين. 12- أحمد البدوي. أحمد البدوي: سنة 596 - 675هـ - 1200 - 1276م: هو أحمد بن علي بن إبراهيم الحسيني البدوي "أبو الفتيان شهاب الدين، أبو العباس"

13- الإمام القسطلاني شارح البخاري.

صوفي ولد بفاس وطاف البلاد وأقام بمكة والمدينة ودخل مصر والشام والعراق وعظم شأنه في بلاد مصر فانتسب إلى طريقته جمهور كبير من بينهم الملك الظاهر وتوفي ودفن في طنطا من تصانيفه: صلوات، ووصايات، والإخبار في حل ألفاظ غاية الاختصار أهـ من معظم المؤلفين لعمر رضا كحالة الجزء الأول ص (314) تقدم. 13- الإمام القسطلاني شارح البخاري. الإمام القسطلاني شارح البخاري: هو أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري من علماء الحديث والقراءات. ومن مؤلفاته: "إرشاد الساري: لشرح صحيح البخاري" ط عشرة أجزاء، "المواهب اللدنية في منح المحمدية" ط في السيرة النبوية و "لطائف الإشارات في علم القراءات" و "الكنز في وقف حمزة وهشام على الهمز" خ وغير ذلك. انظر الأعلام للزركلي ج1 ص (21) تقدم. 14- البناء الدمياطي. البناء الدمياطي: هو أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الغني الدمياطي الشافعي الشهير بالبّناء كان عالماً كبيراً بالقراءات والفقه والحديث. ولد بدمياط ونشأ بها فحفظ القرآن واشتغل بالعلوم على علماء عصره ثم ارتحل إلى القاهرة فلازم العلامة الشيخ سلطان بن أحمد المزَّاحي والنور الشبراملسي فأخذ عنهما القراءات وتفقه بهما وسع عليهما الحديث وعلى النور الأجهوري والشمس الشوبري والشهاب القليوبي والشمس البابلي وجماعة آخرين. ثم ارتحل إلى الديار الحجازية فحج وأخذ الحديث عن البرهان الكوراني ورجع إلى دمياط وصنف بها كتباً جليلة منها: "كتاب إتحاف فضلاء البشر: في القراءات الأربعة عشر" أبان فيه عن سعة اطلاعه وزيادة اقتداره في هذا الفن ومنها: "كتاب الذخائر المهمات: فيما يجب الإيمان به من المسموعات" ومنها:

15- أبو جعفر النحاس.

"مختصرة السيرة الحلبية" في مجلد واحد حتى كان الشيخ أبو النصر المنزلي يشهد بأنه أدق من ابن قاسم العبادي. ثم ارتحل ثانياً إلى الحجاز وحج وذهب إلى اليمن فاجتمع بسيدي أحمد بن عجيل الفقيه فأخذ عنه حديث المصافحة من طريق المعمرين وتلقن منه الذكر على طريق النقشبندية ولم يزل ملازماً لخدمته إلى أن بلغ مبلغ الكمل من الرجال فأجازه وأمره بالرجوع إلى بلده فرجع وقام مرابطاً بقريبة قريبة من البحر الأبيض المتوسط تسمى بعزبة البرج واشتغل بالدعوة إلى الله والتصدي للوعظ والإرشاد وكثرت تلامذته إلى أن صاروا أئمة يقتدى بهم منهم الأستاذ الكبير أبو النور الدمياطي. ثم ارتحل ثالثاً إلى الحجاز فحج ورجع إلى المدينة فأدركته الوفاة في المحرم سنة سبع عشرة ومائة وألف من الهجرة ودفن بالبقيع مساء رحمه الله تعالى. انتهى مختصراً من ترجمة المؤلف "اتحاف فضلاء البشر" مطبعة عبد الحميد أحمد حنفي بالقاهرة في النصف الثاني من شهر ربيع الثاني سنة 1359 هـ للعلامة الضباع. وانظر الأعلام للزركلي الجزء الأول ص (29) تقدم وانظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ج2 ص (71) تقدم وهذا العلم من رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا للقراءات. 15- أبو جعفر النحاس. أبو جعفر النحاس: هو أحمد بن إسماعيل بن يونس المرادي يعرف بابن النحاس أبو جعفر النحوي المصري من أهل الفضل الشائع. والعلم الذائع، رحل إلى بغداد وأخذ عن الأخفش الأصغر والمبرد ونفطويه والزجاج وعاد إلى مصر وسمع بها النسائي وغيره وصنف كتباً كثيرة منها: إعراب القرآن، معاني القرآن، والكافي في العربية، والمقنع في اختلاف البصريين والكوفيين، شرح المعلقات، شرح المفضليات، شرح أبيات الكتاب، الاشتقاق، أدب الكتاب وغير ذلك. وقلمه أحسن من لسانه وكان لا ينكر أن يسأل أهل النظر ويناقشهم عما أشكل عليه في تصانيفه. جلس على درج القياس بالنيل يقطع شيئاً من الشعر فسمعه جاهل فقال: هذا يسحر النيل حتى لا يزيد فدفعه برجله فغرق وذلك في ذي الحجة سنة ثمان

16- الإمام أحمد بن حنبل الشيباني.

وثلاثين وثلاثمائة للهجرة. وذكره الداني في طبقات القراء فقال روى الحروف عن أبي الحسن ابن شنبوذ وأبي بكر الداجوني وأبي بكر بن يوسف وسمع الحسن بن عليب وبكر بن سهل. انتهى مختصراً من بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للحافظ جلال الدين السيوطي الجزء الأول ص (362) مسلسل رقم (703) بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم الطبعة الأولى بمطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بالقاهرة في عام 1384 -1964م. 16- الإمام أحمد بن حنبل الشيباني. الإمام أحمد بن حنبل الشيباني: هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الوائلي إمام المذهب وإمام أهل السنة. كان ورعاً تقيًّا فاضلاً قويًّا في دين الله أبى أن يقول بخلق القرآن فامتحن فصبر على أمر الله وثبت على الحق أخذ القراءة عن يحيى بن آدم وعبيد بن عقيل وغيرهما. ولد سنة أربع وستين ومائة للهجرة وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين رحمه الله تعالى. انظر ابن الجزري: غاية النهاية ج1 ص (112) تقدم. 17- الأشموني المقري. الأشموني المقري: القرن الحادي عشر الهجري - القرن السابع عشر الميلادي: هو أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم الأشموني الشافعي فقيه مقرئ. من تصانيفه: منار الهدى في بيان الوقف والابتدا، القول المتين في بيان أمور الدين. أهـ من كتاب معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية ج (2) ص (121) تأليف عمر رضا كحاله تقدم. 18- البزّي. البزّي: هو أبو بزّة أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزّة أستاذ محقق. ضابط متقن إمام كبير قرأ على كثيرين منهم: عكرمة بن سليمان الذي أخذ عنه قراءة ابن كثير. وروى عنه القراءة خلق كثيرون من أجلهم الإمام قنبل.

19- ابن الناظم.

وعن البزّي روى حديث التكبير وأخرجه بسنده عنه الحاكم في المستدرك. وقال صحيح الإسناد ولم يخرجه البخاري ولا مسلم. ولد سنة سبعين ومائة هجرية. وتوفي سنة خمسين ومائتين غفر الله له وعفا عنه. أهـ مختصراً من غاية النهاية لابن الجزري ج1 ص (119 - 120) تقدم. 19- ابن الناظم. ابن الناظم: هو أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري، وكنتيه أبو بكر أحد أولاد الحافظ محمد بن الجزري. انتهى إليه العلم بالقراءات وبلغ الغاية في الفقه والأحكام كما كان عارفاً بالحديث فاضلاً جليلاً ورعاً. أخذ القراءات على غير واحد من الثقات الجهابذة الأثبات منهم: والده الحافظ ابن الجزري، له مصنفات كثيرة منها: شرح طيبة النشر: في القراءات العشر، شرح المقدمة الجزرية، وشرح مقدمة علوم الحديث وكلها من نظم والده، ولد ليلة الجمعة سابع عشر من شهر رمضان سنة سبعين وسبعمائة هجرية بدمشق. وتوفي سنة تسع وخمسين وثمانمائة وقيل بعدها وعرف فيما بعد بابن الناظم. انتهى من ترجمته للشيخ علي الضباع نقلاً عن كتاب نور العصر في مفتتح كتاب المترجم له "شرح طيبة النشر في القراءات العشر" نشر مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر الطبعة الأولى - سنة (1369 هـ - 1950م. وانظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة الجزء الثاني ص (148) تحت اسم "أحمد الجزري" تقدم. 20- ابن مردويه. ابن مردويه: هو أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني الحافظ الثبت العلامة صاحب التفسير والتاريخ. وله المستخرج على صحيح البخاري وكان قيماً بمعرفة هذا الشأن بصيراً بالرجال طويل الباع مليح التصانيف ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة للهجرة ومات سنة عشر وأربعمائة رحمه الله تعالى. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ج3 ص (1050 - 1051) تقدم. 21- ابن مجاهد. ابن مجاهد: سنة 245 - 324هـ - 859 - 936م: هو أحمد بن موسى بن العباس التميمي أبو بكر بن مجاهد كبير العلماء

22- إدريس الحداد.

بالقراءات في عصره من أهل بغداد وكان حسن الأدب رقيق الخلق فطناً جواداً. له كتاب القراءات الكبير، كتاب قراءة ابن كثير وكتاب قراءة أبي عمرو. وقراءة عاصم وقراءة نافع وقراءة حمزة. وقراءة ابن عامر. وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم. وكتاب الياءات. وكتاب الهاءات. أهـ من كتاب الأعلام للزركلي ج1 ص (246) تقدم. 22- إدريس الحداد. إدريس الحداد: راوي الإمام خلف العاشر: هو أبو الحسن إدريس بن عبد الكريم الحداد المقري البغدادي قرأ على خلف البزار وروى عن عاصم بن علي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين ومصعب بن عبد الله. وأقرأ الناس ورحل إليه من البلاد لإتقانه وعلو سنده في القرآن والحديث. وممن قرأ عليه أبو الحسين بن أحمد بن ثوبان وابن شنبوذ وأبو بكر بن مقسم. وأبو علي أحمد بن عبد الله بن حمدان وآخرون. وحدث عنه ابن مجاهد، وأبو بكر النجار، وإسماعيل الخطبي، وأبو بكر بن حمدان القطيعي، وأبو القاسم الطبراني وآخرون، وسئل عنه الدارقطني فقال: ثقة وفوق الثقة بدرجة وتوفي إدريس يوم الأضحى سنة اثنتين وتسعين ومائتين للهجرة وله ثلاث وتسعون سنة رحمه الله تعالى بمنته، وأسكنه فسيح جنته آمين. انتهى من كتاب معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للإمام شمس الدين أبي عبد الله الذهبي المتوفي سنة 748هـ الجزء الأول ص (204 - 205) الطبعة الأولى الناشر توفيق عفيفي بعابدين بالقاهرة عام 1969م. 23- إسحاق الوراق: راوي الإمام خلف العاشر. إسحاق الوراق: راوي الإمام خلف العاشر: هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عثمان بن عبد الله المروزي ثم البغدادي، كان وراقاً لخلف البزار وروى عنه اختياره. وكان ثقة حسناً في دينه وضبطه وكان قيماً بالقراءة قرأ عليه جماعة منهم: محمد بن عبد الله بن أبي عمر النقاش وعلي بن موسى الثقفي وابنه محمد بن إسحاق توفي سنة ست وثمانين ومائتين للهجرة رحمه الله تعالى، انتهى من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (155) تقدم.

24- إسحاق المسيبي صاحب الإمام نافع.

24- إسحاق المسيبي صاحب الإمام نافع. إسحاق المسيبي صاحب الإمام نافع: هو أبو محمد إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن المسيبّي المخزومي المدني المقري قرأ على نافع بن أبي نعيم وهو من جلة أصحابه المحققين أخذ عنه القراءة ولده محمد وخلف بن هشام البزار وطائفة وحدث عنه ابن ذكوان وأحمد بن حنبل وروى له أبو داود في سننه حديثاً. وتوفي سنة ست ومائتين للهجرة رحمه الله وبلغه رضاه. أهـ مختصراً من ج1 ص (121 - 122) معرفة القراء الكبار للذهبي، تقدم. 25- الأمين الطرابلسي ثم المدني. الأمين الطرابلسي ثم المدني: هو محمد أمين بن أحمد بن أبي زيد الطرابلسي الأزمرلي ولد عام 1316 هـ بطرابلس الغرب - ليبيا. تعلم القرآن الكريم على والده أحمد. وقرأ الفقه والنحو والصرف والأصول والمنطق والحديث على الشيخ عبد الرحمن البوصيري كما قرأ على الشيخ بكير والشيخ علي الغرياني التاجوري. وهاجر من طرابلس ليبيا إلى المدينة المنورة عام 1347هـ ودرّس العلوم الدينية في مدرسة العلوم الشرعية بجوار الحرم النبوي الشريف كما درّس بالحرم النبوي الشريف العلوم العربية البلاغة والنحو والصرف، والرياضيات الجبر والحساب والفلك. ثم انتقل إلى وزارة المعارف حوالي عام 1362هـ فدرس بالمدرسة الناصرية ثم بالمدرسة الثانوية ثم بمعهد المعلمين بالمدينة المنورة واعتزل التدريس عام 1372هـ وأخذ يدرس القرآن الكريم بقراءة نافع المدني وغيرها من القراءات والعلوم. ثم اعتزل التدريس حتى وافاه الأجل يوم 5 من صفر الخير لعام 1394هـ بالمدينة المنورة مع وقت الفجر ودفن بالبقيع بعد صلاة الظهر عليه وصلى عليه جماعة بالحرم النبوي الشريف. وكان موكب جنازته مهيباً حافلاً بأعيان المدينة المنورة. أفدناه من تلميذه الشيخ محمد العيد علي محسن مدير تزويد المكتبة المركزية العامة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

26- سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه.

قلت: ومن مصنفات هذا العالم الجليل: نظم نفيس مخطوط في بيان المقدم في الأداء من وجوه الخلاف أو جهيه للبدور السبعة من طريق الشاطبية وقد نقلناه. ثم مذكرة واسعة في علم التجويد والقراءات مخطوطة بمكتبة تلميذه الشيخ محمد العيد المذكور آنفاً. وقد نقلنا نقولاً منهما في كتابنا هذا تجدها في مواضعها منه. ومما رأيت في مذكرته هذه بخطه أنه حج بيت الله الحرام ستًّا وعشرين حجة وأمام كل حجة تاريخها رحمه الله رحمة واسعة ورحمنا معه بمنه وكرمه آمين. 26- سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه. سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه: هو أنس بن مالك بن النضر الأنصاري أبو حمزة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وخادمه، روى القراءة عنه سماعاً، وردت الرواية عنه في حروف القرآن. قرأ عليه قتادة ومحمد بن مسلم الزهري، توفي سنة إحدى وتسعين من الهجرة. انتهى ملخصاً من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (172) تقدم. 27- سيدنا جبير بن مطعم رضي الله عنه. سيدنا جبير بن مطعم رضي الله عنه: هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبدمناف بن قصي القرشي النوفلي يكنى أبا محمد وقيل أبا عدي. كان من علماء قريش وساداتهم وكان يؤخذ عنه النسب لقريش وللعرب قاطبة. وكان يقول أخذت النسب عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه في أسارى بدر فقال: لو كان الشيخ أبوك حيًّا فأتانا فيهم لشفعناه. وكان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يد، وهو أنه كان أجار رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم من الطائف حين دعا ثقيفاً إلى الإسلام وكان أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وبني المطلب. وكانت وفاة المطعم قبل بدر بنحو سبعة أشهر وكان إسلام ابنه جبير بعد الحديبية قبل الفتح، وقيل أسلم في الفتح، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة قربه من مكة في غزوة الفتح: إن بمكة أربعة نفر من

28- الحافظ أبو العلاء الهمذاني.

قريش أربأ بهم عن الشرك وأرغب لهم في الإسلام: عتاب بن أسيد، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو. وتوفي جبير سنة سبع وخمسين وقيل سنة ثمان وقيل سنة تسع وخمسين أهـ. انتهى ملخصاً من كتاب "أسد الغابة في معرفة الصحابة" لعزالدين ابن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري سنة (555 - 630هـ) المجلد الأول ص (323 - 324) تحت رقم (698) طبعت الشعب بالقاهرة - عام 1970م. 28- الحافظ أبو العلاء الهمذاني. الحافظ أبو العلاء الهمذاني: هو الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل الإمام الحافظ الأستاذ أبو العلاء الهمذاني العطار شيخ همذان وإمام العراقيين ومؤلف كتاب "الغاية في القراءات العشر وأحد حفاظ العصر ثقة دين خير كبير القدر اعتنى بهذا الفن أتم عناية وألف فيه أحسن كتب كالوقف والابتداء.. والتجويد وإفراد قراءات الأئمة أيضاً كل مفردة في مجلد وألف كتاب الانتصار في معرفة قراء المدن والأمصار. ومن وقف على مؤلفاته علم جلالة قدره. وعندي أنه في المشارقة كأبي عمرو الداني في المغاربة بل هذا أوسع رواية منه بكثير مع أنه في غالب مؤلفاته اقتفى أثره وسلك طريقه ... وقد رحل في طلب القراءات والحديث إلى أصبهان وبغداد وواسط ... وقد أثنى عليه الحافظ عبد القادر الرهاوي ثناء كثيراً إلى أن قال ثم عظم شأنه حتى كان يمر بالبلد فلا يبقى أحد رآه إلا قام ودعا له حتى الصبيان واليهود وكان يقرئ نصف نهاره القرآن والعلم ونصفه الآخر الحديث وكان لا يغشى السلاطين ولا تأخذه في الله لومة لائم وقرأ على غير واحد من الثقات الجهابذة الأثبات منهم: أبو غالب أحمد بن عبد الله بن محمد المغير البغدادي وأبو الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد السراج الأصبهاني الأخشيد وأبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد وأبو العز محمد بن الحسين بن بندار القلانسي الواسطي. وأخذ عليه خلق كثيرون منهم: الشيخ أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن

29- ابن أبي يزيد القرشي المكي.

سكينة ومحمد بن محمد بن الكيال وأبو الحسن علي بن الدباس. توفي في تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمسمائة رحمه الله تعالى. انتهى مختصراً من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (204 - 206) تقدم. 29- ابن أبي يزيد القرشي المكي. ابن أبي يزيد القرشي المكي: هو الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد أبو محمد المكي مقرئ متصدر قرأ على شبل بن عباد عن ابن كثير وابن محيصن جميعاً. وكان فاضلاً أم بالمسجد الحرام وروى عن الشافعي رحمه الله تعالى. وروى عنه القراءة حامد بن يحيى الباخي وأحمد بن محمد بن أبي بزّة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أهـ مختصراً من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (232) تقدم. 30- البغوي. البغوي: سنة 436 - 510هـ - 1044 - 1117م: هو الحسين بن مسعود بن محمد الفراء أو ابن الفراء أبو محمد. ويلقب بمحيي السنة البغوي فقيه محدث مفسر نسبته إلى "بغا" من قرى خرسان بين هراة ومرو. له "التهذيب" في فقه الشافعية و"شرح السنة" في الحديث و"معالم التنزيل" في التفسير ومصابيح السنة والجمع بين الصحيحين وغير ذلك. توفي بمرو الروذ انتهى من الأعلام للزركلي الجزء الثاني ص (284) تقدم. 31- العلامة الشيخ حسن بن خلف الحسيني. العلامة الشيخ حسن بن خلف الحسيني: هو حسن بن خلف الحسيني نسبة إلى "بني حسين" قرية من قرى الصعيد بمصر علامة كبير واسع الباع كثير الاطلاع أخذ القراءات عن العلامة المحقق الشيخ محمد بن أحمد الشهير بالمتولي شيخ عموم المقارئ والقراء بالديار المصرية في وقته وله تصانيف مفيدة منها نظم بديع في تحرير مسائل الشاطبية في القراءات السبع جرى فيه على وزنها وقد شرح هذا النظم العلامة الشيخ علي محمد الضباع شيخ عموم المقارئ والقراء بالديار المصرية في وقته وسماه "

32- حفص بن سليمان أو حفص عاصم.

مختصر بلوغ الأمنية". وله الشرح الشهير الموسوم "الرحيق المختوم في نثر اللؤلؤ المنظوم على أرجوزة خاتمة المحققين العلامة المتولي المسماة باللؤلؤ المنظوم: في ذكر جملة من المرسوم وغير ذلك من المصنفات الجيدة. وقد قرأ عليه جماعة منهم ابن أخيه العلامة المحقق صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن علي خلف الحسيني الشهير بالحداد من كبار علماء المالكية وشيخ عموم القراء والمقارئ بالديار المصرية في وقته. وقد توفي المترجم له قبل يوم الاثنين الموافق الخامس والعشرين من شهر شعبان سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة وألف للهجرة الذي تم فيه طبع كتابه الأخير المذكور كما يظهر منه رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأورده موارد عفوه آمين. 32- حفص بن سليمان أو حفص عاصم. حفص بن سليمان أو حفص عاصم: تقدمت ترجمته في مقدمة الكتاب فارجع إليها. 33- حفص الدوري أو دوري أبو عمرو أو دوري الكسائي. حفص الدوري أو دوري أبي عمرو أو دوري الكسائي: هو أبو عمر حفص عن عمر بن عبد العزيز بن صهبان بن عدي بن صهبان ويقال صهيب أبو عمر الدوري الأزدي البغدادي النحوي الدوري الضرير نزيل سامراء إمام القراء وشيخ الناس في زمانه ثقة ثبت كبير ضابط أول من جمع القراءات ونسبته إلى الدور موضع ببغداد ومحله بالجانب الشرقي وقرأ بسائر الحروف السبعة وبالشواذ. وسمع من ذلك شيئاً كثيراً. قرأ على أناس كثيرين منهم إسماعيل بن جعفر عن نافع وقرأ أيضاً عليه وعلى أخيه يعقوب بن جعفر عن ابن جماز عن أبي جعفر وعلى الكسائي لنفسه ولأبي بكر عن عاصم وحمزة بن القاسم عن أصحابه ويحيى بن المبارك اليزيدي وشجاع بن أبي نصر البلخي. وقرأ عليه وروى القراءة عنه أحمد بن حرب شيخ المطوعي وأحمد بن فرح بالحاء المهملة أبو جعفر المفسر المشهور وأحمد بن يزيد الحلواني وغيرهم. قال أبو داود ورأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمرو الدوري وقال أحمد بن فرح المفسر سألت الدوري ما تقول في القرآن قال كلام الله غير مخلوق توفي في شوال سنة ست وأربعين ومائتين. قال الذهبي وغلط من قال سنة ثمان

34- الإمام حمزة الزيات الكوفي أحد الأئمة السبعة.

وأربعين أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (255 - 257) تقدم. 34- الإمام حمزة الزيات الكوفي أحد الأئمة السبعة. الإمام حمزة الزيات الكوفي أحد الأئمة السبعة: هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الإمام الحبر أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم وقيل من صميمهم الزيات أحد القراء السبعة. ولد سنة ثمانين وأدرك الصحابة بالسن فيحتمل أن يكون رأى بعضهم. أخذ القراءة عرضاً عن أئمة ثقات منهم: سليمان الأعمش وحمران بن أعين وأبو إسحاق السبيعي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وطلحة بن مصرف ومغيرة بن مقسم وجعفر بن محمد الصادق وغيرهم وقرأ عليه وروى القراءة عنه أناس كثيرون منهم: إبراهيم بن أدهم وإبراهيم بن إسحاق بن راشد وإبراهيم بن طعمة وإبراهيم بن علي الأزرق وإسحاق بن يوسف الأزرق وإسرائيل بن يوسف السبيعي وحمزة بن القاسم الأحول وخالد بن يزيد الطبيب وربيع بن زياد وسليمان بن أيوب وسليمان بن يحيى الضبي وسليم بن عيسى وهو أضبط أصحابه وأجلهم وسليم بن منصور وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن قلوقا وعلي بن حمزة الكسائي - الإمام - وهو أجل أصحابه ويحيى بن يزيد الفراء وغيرهم. وصارت الإمامة لحمزة في القراءة بعد عاصم والأعمش وكان إماماً حجة ثقة ثبتاً قيماً بكتاب الله بصيراً بالفرائض عارفاً بالعربية حافظاً للحديث عابداً خاشعاً زاهداً ورعاً قانتاً لله عديم النظير. وكان يجلب الزيت من العراق إلى حلوان ويجلب الجوز والجبن إلى الكوفة. قال عبد الله العجلي قال أبو حنيفة لحمزة شيئان غلبتنا عليهما لسنا ننازعك فيهما - القرآن والفرائض وقال سفيان الثوري: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض، وقال أيضاً ما قرأ حمزة حرفاً من كتاب الله إلا بأثر. قال يحيى بن معين سمعت محمد بن فضيل يقول ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة. توفي سنة ست وخمسين ومائة وقيل سنة أربع، وقيل سنة ثمان وخمسين وهو وهم قاله الذهبي، وقبره بحلوان مشهور قال

35- خالد الأزهري.

عبد الرحمن بن أبي حماد زرته مرتين أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (261 - 263) تقدم. 35- خالد الأزهري. خالد الأزهري: هو زين الدين خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجاني الأزهري كان يعرف بالوقاد نحوي عالم بالقرآن والقراءات وولد بجرجا من الصعيد وله تآليف كثيرة منها: المقدمة الأزهرية في علم العربية، وموصل الطلاب إلى قواعد الإعراب، وشرح الآجورمية وشرح المقدمة الجزرية وغيرها. ولد سنة ثمانية وثلاثين وثمنمائة للهجرة. وتوفي سنة خمسين وتسعمائة للهجرة. انتهى مختصراً من الأعلام للزركلي ج2 ص (338 - 339) تقدم. 36- خلاد الكوفي راوي حمزة. خلاد الكوفي راوي حمزة: هو خلاد بن خالد أبو عيسى وقيل أبو عبد الله الشيباني مولاهم الصيرفي الكوفي إمام في القراءة ثقة عارف محقق أستاذ أخذ القراءة عرضاً على سليم وهو من أضبط أصحابه وأجلهم روى القراءة عن حسين بن علي الجعفي عن أبي بكر وعن أبي بكر نفسه عن عاصم وعن أبي جعفر محمد بن الحسن الرواسي. وروى القراءة عنه عرضاً خلق كثيرون منهم: أحمد بن يزيد الحلواني وإبراهيم بن علي القصار وإبراهيم بن نصر الرازي وحمدون بن منصور ومحمد بن شاذان الجوهري وهو من أضبطهم ومحمد بن عيسى الأصبهاني ومحمد بن الهيثم قاضي عكبرا وهو أجل أصحابه. توفي سنة عشرين ومائتين للهجرة رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من غاية النهاية جزء 1 ص (274 - 275) تقدم. 37- خلف راوي حمزة أو الإمام خلف البزار أو الإمام خلف العاشر أو صاحب الاختبار أحد الأئمة العشرة. خلف راوي حمزة أو الإمام خلف البزار أو الإمام خلف العاشر أو صاحب الاختبار أحد الأئمة العشرة: هو خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف بن ثعلب بن هشيم بن ثعلب بن داود بن مقسم بن غالب أبو محمد الأسدي. ويقال خلف بن هشام بن طالب بن غراب الإمام العلم أبو محمد البزار -بالراء- البغدادي

38- الخليل بن أحمد.

أصله من فم الصلح بكسر الصاد أحد القراء العشرة وأحد الرواة عن سليم عن حمزة. ولد سنة خمسين ومائة وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين وابتدأ في طلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة وكان ثقة كبيراً زاهداً عابداً عالماً. أخذ القراءة عرضاً عن سليم بن عيسى وعبد الرحمن بن أبي حماد عن حمزة ويعقوب بن خليفة الأعشى وأبي زيد سعيد بن أوس عن المفضل الضبي. وروى الحروف عن إسحاق المسيبي وإسماعيل بن جعفر وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن آدم وآخرين وسمع من الكسائي الحروف ولم يقرأ عليه القرآن وروى القراءة عنه عرضاً وسماعاً أحمد بن إبراهيم وراقه وأخوه إسحاق بن إبراهيم وإبراهيم بن علي القصار وأحمد بن يزيد الحلواني وإدريس بن عبد الكريم الحداد وأحمد بن زهير وسلمة بن عاصم وعبد الله بن عاصم شيخ الغضايري وأبو بكر بن أسد المؤدب وأبو الوليد عبد الملك بن القاسم وخلق كثيرون غير هؤلاء. مات خلف في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين ومائتين ببغداد وهو مختف من الجهمية رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من غاية النهاية ج1 ص (272 - 274) تقدم. 38- الخليل بن أحمد. الخليل بن أحمد: هو أب عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي من أئمة اللغة والأدب وهو أستاذ سيبويه وواوضع علم العروض وأبدع في اللغة بدائع لم يسبق إليها ويقال إن والده هو أول من تسمى "بأحمد" بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد بالبصرة عام مائة هجرية وتوفي بها عام سبعين ومائة رحمه الله تعالى، انتهى بتصرف يسير من الأعلام للزركلي ج2 ص (363) تقدم. 39- رَوْح: راوي الإمام يعقوب البصري. رَوْح: راوي الإمام يعقوب البصري: هو روح بن عبد المؤمن أبو الحسن الهذلي مولاهم البصري النحوي كذا

نسب جماعة الحفاظ والمحدثين. وقال الأهوازي هو ابن عبد المؤمن بن قرة بن خالد البصري وقال الداني هو ابن عبد المؤمن بن عبدة بن مسلم مقرئ جليل ثقة ضابط مشهور عرض على يعقوب الحضرمي وهو من جلة أصحابه. وروى الحروف عن أحمد بن موسى ومعاذ بن معاذ وابنه عبد الله بن معاذ ومحبوب كلهم عن أبي عمرو وغير هؤلاء وعرض عليه الطيب بن الحسن بن حمدان القاضي وأبو بكر بن وهب الثقفي ومحمد بن الحسن بن زياد وأحمد بن يزيد الحلواني وغيرهم.

40- الإمام أبو عمرو بن العلاء البصري أحد الأئمة السبعة.

وروى عنه البخاري في صحيحه مات سنة أربع أو خمس وثلاثين ومائتين للهجرة رحمه الله تعالى، انتهى ملخصاً من غاية النهاية جزء أول ص (285) تقدم. 40- الإمام أبو عمرو بن العلاء البصري أحد الأئمة السبعة. الإمام أبو عمرو بن العلاء البصري أحد الأئمة السبعة: هو زبان بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحسين بن الحارث بن جلهمة بن حجر بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن معد بن عدنان الإمام السيد أبو عمرو التميمي المازني البصري أحد القراء السبعة. ولد بمكة سنة ثمان وستين وقيل سنة سبعين وقيل سنة خمس وستين وقيل سنة خمس وخمسين وتوجه مع أبيه لما هرب من الحجاج فقرأ بمكة والمدينة وقرأ أيضاً بالكوفة والبصرة على جماعة كثيرة. فليس في القراء السبعة أكثر شيوخاً منه. سمع أنس بن مالك وغيره وقرأ على الحسن بن أبي الحسن البصري وحميد بن قيس الأعرج وأبي العالية رفيع من مهران الرياشي على الصحيح وسعيد بن جبير وشيبة بن نصاح وعاصم بن أبي النجود وعبد الله بن إسحاق الحضرمي وعبد الله بن كثير المكي وعطاء بن أبي رباح وعكرمة بن خالد المخزومي ومجاهد بن جبر ومحمد بن عبد الرحمن بن محيصن ونصر بن عاصم وأبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني ويزيد بن رومان ويحيى بن يعمر وغيرهم. روى القراءة عنه عرضاً وسماعاً خلق كثيرون منهم: أحمد بن محمد بن عبد الله الليثي المعروف بختن ليث وأحمد بن موسى اللؤلؤي وإسحاق بن يوسف بن يعقوب الأنباري المعروف بالأزرق وحسين بن علي الجعفي وسلام بن سليمان الطويل وشجاع بن أبي نصر البلخي والعباس بن الفضل وعبد الله بن المبارك وعبد الملك بن قريب الأصمعي وعيسى بن عمرو الهمداني وهارون بن موسى الأعور ويحيى بن المبارك اليزيدي ويونس بن حبيب وغيرهم. وروى عنه الحروف محمد بن الحسن بن أبي سارة وسيبويه. وكان -أبو عمرو بن العلاء عالماً بالقرآن والعربية مع الصدق والثقة والزهد قال أبو عمرو الأسدي لما أتى نعي أبي عمرو أتيت أولاده فعزيتهم عنه فإني لعندهم إذ أقبل يونس بن حبيب فقال: نعزيكم وأنفسنا بمن لا نرى شبهاً له آخر الزمان والله لو قسم علم أبي عمرو وزهده على مائة إنسان لكانوا كلهم علماء زهاداً والله لو رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسره ما هو عليه. ولد بمكة المكرمة كما تقدم ونشأ بالبصرة ومات بالكوفة سنة أربع وخمسين ومائة وقيل خمس وخمسين وقيل سنة سبع وخمسين وقيل سنة ثمان وأربعين ومائة رحمه الله تعالى رحمه واسعة وجزاه عن القرآن وأهله خيراً. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (288 - 292) تقدم. 41- شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري. شيخ الإسلام الشيخ زكريا الأنصاري: هو أبو يحيى بن زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السُنَيْكي المصري الشافعي شيخ الإسلام كان قاضياً وإماماً في التفسير حافظاً للحديث عالماً بالفقه والأصول مقدماً في القراءات والتجويد وله مصنفات كثيرة معروفة في العلوم الشرعية والتجويد منها في التجويد: "تحفة نجباء العصر" أو "الدقائق

42- سيدنا زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه.

المحكمة شرح الجزرية المقدمة". ولد سنة ثلاث وعشرين وثمنمائة للهجرة وتوفي سنة ست وعشرين وتسعمائة رحمه الله وبلغه رضاه. أهـ مختصراً من الأعلام للزركي الجزء الثالث ص (80) تقدم. قلت: وهذا العلم من رجال إسنادي في القراءات السبع والثلاث المتممة للقراءات العشر والقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة معاً والقراءات العشر من طريق طيبة النشر رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 42- سيدنا زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه. سيدنا زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه: هو أبو سعيد وأبو خارجة زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد بن لوزان بن عمرو بن عوف بن غانم بن مالك بن النجار الخزرجي النجاري المقرئ الفرضي الصحابي الجليل كاتب وحي النبي صلى الله عليه وسلم قتل أبوه يوم بعاث - حرب كانت بين الأوس والخزرج - قبل الهجرة فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وزيد صبي ذكي نجيب عمره إحدى عشرة سنة فأسلم وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعلم خط اليهود فجود الكتابة وكتب الوحي وحفظ القرآن الكريم وأتقنه وأتقن الفرائض وأحكمها وشهد الخندق وما بعدها وانتدبه الصديق - رضي الله عنه - لجمع القرآن فتتبعه وتعب على جمعه ثم عينه عثمان رضي الله عنه لكتابة المصحف الشريف وثوقاً بحفظه ودينه وأمانته وحسن كتابته وأمره الخليفة الثالث على رسمه المصحف وتبعه الصحابة عليه في ذلك فلأن يلزم غيرهم رسمه أولى. قرأ عليه القرآن جماعة منهم: ابن عباس رضي الله عنهما وأبو عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه وحدث عنه ابنه خارجة وأنس بن مالك وابن عمر ومروان وعبيد بن السباق وعطاء بن يسار وبشر بن سعيد وحجر المدري وطاووس وعروة وخلق سواهم وكان عمر رضي الله عنه يستخلفه على المدينة إذا حج ومناقبه كثيرة توفي رضي الله عنه سنة أربع وخمسين أو خمس وخمسين للهجرة وقيل غير ذلك. والله أعلم. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الأول ص (30 - 32) تقدم.

43- العلامة النبتيتي.

43- العلامة النبتيتي. العلامة النبتيتي: هو سالم النبتيتي من شيوخنا في الإسناد في بعض إجازاتي في القراءات كالمثبت في مقدمة هذا الكتاب وهو علامة كبير من رجال مشيخة طنطا مشهور في الرجال بالعلامة النبتيتي وبسيدي سالم النبتيتي. ويعد من أقران العلامة سيدي الشيخ علي بن عمر بن أحمد العوفي المعروف بالميهي الكبير. وممن قرأ عليه العارف بالله سيدي الشيخ مصطفى الميهي الصغير ابن العلامة الميهي الكبير المذكور بعد قراءته على أبيه وكلاهما مترجم له بهذا الملحق من هذا الكتاب - رحم الله الجميع بفضله الواسع آمين. 44- سعيد بن منصور. سعيد بن منصور: هو أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة المرزوي ويقال الطالقاني ثم البلخي المجاور الحافظ الإمام الحجة صاحب السنن سمع الإمام مالكاً وأبا عوانة وطبقتهم وذكر للإمام أحمد بن حنبل فأحسن الثناء عليه وفخم أمره. مات بمكة في رمضان في سنة سبع وعشرين ومائتين للهجرة وهو فوق التسعين رحمه الله تعالى. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الثاني ص (416) تقدم. 45- سفيان بن عيينة. سفيان بن عيينة: هو أبو محمد سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي العلامة الحافظ شيخ الإسلام محدث الحرم مولى محمد بن مزاحم أخي الضحاك بن مزاحم وكان إماماً حجة واسع العلم كبير القدر. وقال الترمذي سمعت البخاري يقول سفيان بن عيينة أحفظ من حماد بن زيد. قال حرملة سمعت الشافعي يقول: ما رأيت أحداً فيه من آلة العلم ما في سفيان وما رأيت أحداً أكف عن الفتيا منه. وما رأيت أحداً أحسن لتفسير الحديث منه. وقال ابن وهب: لا أعلم أحداً أعلم بالتفسير منه. وقال أحمد: ما رأيت أحدً أعلم بالسنن منه. وقال العجلي: كان ابن عيينة ثبتاً في الحديث وحديث نحو من سبعة آلاف ولم يكن له كتب. ولد سنة سبع ومائة للهجرة. وتوفي رحمه الله

46- شيخ شيوخنا الشيخ سلطان المزاحي الشافعي المصري.

تعالى سنة ثمان وتسعين ومائة للهجرة رحمه الله وطيب ثراه وأكرم مثواه يوم يلقاه. أفدناه من تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الأول ص (262 - 265) تقدم. 46- شيخ شيوخنا الشيخ سلطان المزاحي الشافعي المصري. شيخ شيوخنا الشيخ سلطان المزاحي الشافعي المصري: هو سلطان بن أحمد بن سلامة بن إسماعيل أبو العزائم المزَّاحي (بفتح الميم وتشديد الزاي) نسبة إلى مزاح قرية بمصر المصري الأزهري الشافعي إمام الأئمة وبحر العلوم وسيد الفقهاء وخاتمة الحفاظ والقراء فريد العصر وقدوة الأنام وعلامة الزمان الورع العابد الزاهد الناسك الصوام القوام. قرأ بالروايات على الشيخ الإمام المقرئ سيف الدين بن عطاءالله الفضالي بفتح الفاء البصير وأخذ العلوم الدينية عن النور الزيادي وسالم الشبشيرى وأحمد بن خليل السبكي وحجازي الواعظ ومحمد القصري تلميذ الشمس محمد الشربيني الخطيب. واشتغل بالعلوم العقلية على شيوخ كثيرين ينيفون على ثلاثين وأجيز بالإفتاء والتدريس سنة ثمان بعد الألف وتصدر بالأزهر للتدريس فكان يجلس في كل يوم مجلساً يُقرئ فيه الفقه إلى قبيل الظهر وبقية أوقاته موزعة لقراءة غيره من العلوم وانتفع الناس بمجلسه وبركة دعائه وطهارة أنفاسه وصدق نيته وصفاء ظاهره وباطنة وموافقة قوله لعمله وأخذ عنه جمع كثير من العلماء المحققين منهم: الشمس البابلي والعلامة الشبراملسي وعبد القادر الصفوري ومحمد الخباز البطنيني الدمشقيان ومنصور الطوخي ومحمد البقري ومحمد بن خليفة الشوبري وإبراهيم المرحومي والسيد أحمد الحموي وعثمان النحراوي وشاهين الأرمناوي ومحمد البهوتي الحنبلي وعبد القادر الزرقاني المالكي وأحمد البشبيشي وغيرهم وجميع فقهاء الشافعية بمصر في عصرنا لم يأخذوا الفقه إلا عنه وكان بيته بعيداً عن الأزهر ومع ذلك يأتي إلى الأزهر من أول ثلث الليل الأخير فيستمر يصلي إلى طلوع الفجر ثم يصلي الصبح إماماً بالناس ويجلس بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس لإقراء القرآن من طريق الشاطبية والطيبة والدرة. زاد عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين أنه توفي بالقاهرة في 17 من جمادى سنة خمس وسبعين وألف من الهجرة أهـ.

47- الطبراني المحدث.

انظر الأعلام للزركلي الجزء الثالث ص (164) تقدم. وانظر معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة الجزء الرابع ص (238) تقدم قلت: وهذا العلم من رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا للقراءات. 47- الطبراني المحدث. الطبراني المحدث: هو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي من كبار المحدثين أصله من طبرية الشام وإليها نسبته وله ثلاث معاجم في الحديث وله كتب في الأوائل والتفسير ودلائل النبوة وغير ذلك. ولد سنة ستين ومائتين للهجرة وتوفي سنة ستين وثلثمائة عن مائة عام. أهـ من الأعلام للزركلي الجزء الثالث ص (181) تقدم. 48- أبو داود المحدث. أبو داود المحدث: هو أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني إمام أهل الحديث في زمانه. وله "السنن" أحد الكتب الستة جمع فيه ثمنمائة وأربعة آلاف حديث انتخبها من خمسمائة ألف. ولد سنة اثنتين ومائة من الهجرة وتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين رحمه الله تعالى. انظر الأعلام للزركلي ج3 ص (182) تقدم. 49- سليمان التيمي التابعي. سليمان التيمي التابعي: هو أبو المعتمر سليمان بن طرخان القيسي مولاهم البصري التابعي الجليل الحافظ الإمام شيخ الإسلام لم يكن تيميًّا بل نزل فيهم سمع أنس بن مالك وأبا عثمان النهدي وطاووساً والحسن وعدة رضي الله عنهم أجمعين وعن شعبة والسفيانان وابن المبارك وآخرون قال شعبة: "ما رأيت أحداً أصدق من سليمان التيمي. كان إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير لونه". وقال يحيى القطان: "ما رأيت أحداً أخوف لله منه" وله مناقب جمة. وتوفي سنة ثلاث وأربعين ومائة للهجرة رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الأول ص (150 - 152) تقدم. 50- العلامة الجمزوري. العلامة الجمزوري كان حيًّا عام 1198هـ - 1784م: هو سليمان الجمزوري مقرئ من تصانيفه "تحفة الأطفال في تجويد

51- الأعمش: أحد الأئمة الأربعة الذي وراء العشرة.

القرآن. وفتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال، والفتح الرحماني بشرح كنز المعاني تحرير حرز الأماني في القراءات السبع أهـ من معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة الجزء الرابع ص (257) تقدم. قلت: هذا ما جاء في معجم المؤلفين كما ذكر. وجاء في كتاب "فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال" للمترجم أن اسمه كما قال هو "سليمان بن حسين بن محمد الجمزوري الشهير بالأفندي". ثم ذكر العلامة الشيخ علي محمد الضباع في حاشيته على فتح الأقفال هذا ما نصه: "وأما الناظم -يعني سليمان الجمزوري- فولد بطنتدا "طنطا" في ربيع الأول سنة بضع وستين بعد المائة والألف من الهجرة النبوية وهو شافعي المذهب أحمدي الخرقة شاذلي الطريقة تفقه على مشايخ كثيرين بطنتدا وأخذ القراءات والتجويد عن النور الميهي. وكان تلميذاً لسيدي مجاهد الأحمدي رضي الله عنه وقوله: "بالأفندي" هي كلمة تركية يشار بها للتعظيم إلا أنهم يستعملونها بالميم بدل الياء غالباً لقبه به سيدي مجاهد المقدم، انتهى بلفظه. 51- الأعمش: أحد الأئمة الأربعة الذي وراء العشرة. الأعمش: أحد الأئمة الأربعة الذين وراء العشرة: هو أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الكوفي الأعمش شيخ الإسلام. رأى أنس بن مالك وحفظ عنه وروى عن ابن أبي أوفى وعكرمة وإبراهيم النخعي وخلق كثير، وعن شعبة والسفيانان ووكيع وخلائق. قال ابن المديني: له نحو من ألف وثلاثمائة حديث. وقال ابن عيينة: كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله وأحفظهم للحديث وأعلمهم بالفرائض. وقال الغلاس: كان الأعمش يسمى المصحف من صدقه. وقال وكيع: بقي الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى، وكان رأساً في العلم النافع والعمل الصالح.

52- ابن نجاح.

وتوفي في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة وله سبع وثمانون سنة رحمه الله تعالى أهـ مختصراً من تذكرة الحفاظ الجزء الأول ص (154) تقدم. 52- ابن نجاح. ابن نجاح: هو أبو داود سليمان بن نجاح عالم بالتفسير والقراءات والرسم العثماني للقرآن. ولد في قرطبة، وله تصانيف بلغت ستًّا وعشرين مصنفاً منها: "البيان في علوم القرآن" و "التبيين لهجاء التنزيل". ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وتوفي سنة ست وتسعين وأربعمائة للهجرة رحمه الله تعالى. 53- ابن جماز أحد رواة الإمام أبي جعفر المدني. ابن جماز أحد رواة الإمام أبي جعفر المدني: هو سليمان بن مسلم بن جماز وقيل سليمان بن سالم من جماز بالجيم والزاي مع تشديد الميم أبو الربيع الزهري مولاهم المدني مقرئ جليل ضابط عرض على أبي جعفر ونافع. عرض عليه إسماعيل بن جعفر وقتيبة بن مهران. مات بعد السبعين ومائة فيما أحسب انتهى من غاية النهاية الجزء الأول ص (315) تقدم. 54- سليم صاحب الإمام حمزة الكوفي. سليم صاحب الإمام حمزة الكوفي: هو أبو عيسى ويقال أبو محمد سليم بن عيسى بن سليم بن عامر بن غالب الحنفي مولاهم الكوفي المقرئ صاحب حمزة الزيات الإمام القارئ وأخص تلامذته به وأحذقهم بالقراءة وأقومهم بالحرف وقد قرأ عليه خلائق لا يحصون منهم: خلف بن هشام البزار وخلاد بن خالد الصيرفي وأبو عمر الدوري وعدد كثير وقد رافقه في القراءة علي بن حمزة الكسائي الإمام الكبير كما أنه سمع الحديث من حمزة وسفيان الثوري وطبقتهما وكان يقول: "إنما التحقيق صون القرآن فإذا صنته فقد حققته". ولد سنة ثلاثين ومائة، وقيل سنة تسع عشرة ومائة. اهـ مصححة، وتوفي سنة ثمان وثمانين ومائة منها رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن كتابه خير الجزاء أهـ. انتهى مختصراً من ص (139) ج1 رقم الترجمة 51 اهـ من معرفة القراء الكبار للذهبي تقدم.

55- أبو بكر بن عياش راوي عاصم.

55- أبو بكر بن عياش راوي عاصم. أبو بكر بن عياش راوي عاصم: هو شعبة بن عياش أبو بكر الحناط -بالنون الأسدي النهشلي الكوفي الإمام العلم راوي عاصم ولد سنة خمس وتسعين وعرض القرآن على عاصم ثلاث مرات وعلى عطاء بن السائب وأسلم المنقري. وعرض عليه أبو يوسف يعقوب بن خليفة الأعشى ويحيى بن محمد العليمي وسهل بن شعيب وغيرهم. وروى عنه الحروف سماعاً من غير عرض خلق كثير منهم: إسحاق بن عيسى وإسحاق بن يوسف الأزرق وأحمد بن جبير وعبد الحميد بن صالح وعلي بن حمزة الكسائي - الإمام - ويحيى بن آدم وخلاد بن خالد الصيرفي وغيرهم. وعمر دهراً طويلاً إلا أنه قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين وقيل بأكثر وكان إماماً كبيراً عالماً عاملاً. وكان من أئمة السنة قال أبو داود حدثنا حمزة بن سعيد المروزي وكان ثقة قال: سألت أبا بكر بن عياش وقد بلغك ما كان من أمر ابن علية في القرآن. قال: ويلك من زعم أن القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زنديق عدو الله لا نجالسه ولا نكلمه. وروى يحيى بن أيوب عن أبي عبد الله النخعي قال: لم يفرش لأبي بكر بن عياش فراش خمسين سنة، وكذا قال يحيى بن معين ... والأثر المعروف: "ما سبقكم أبو بكر بكثير صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في صدره ينقله من لا معرفة له مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من كلام أبي بكر بن عياش" ولما حضرته الوفاة أبكت أخته فقال لها: ما يبكيك انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة، توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة وقيل سنة أربع وتسعين. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (325 - 327) تقدم.

56- الجرمي.

56- الجرمي. الجرمي: هو أبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي ولاء والجرمي بفتح الجيم المعجمة وسكون الراء كان فقيهاً عالماً بالنحو واللغة وله في ذلك تآليف. توفي سنة خمس وعشرين ومائتين للهجرة رحمه الله تعالى أهـ ملخصاً من الأعلام للزركلي الجزء الثالث ص (274) تقدم. 57- أبو شعيب السوسي راوي أبي عمر البصري. أبو شعيب السوسي راوي أبي عمر البصري: هو أبو شعيب صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح الرستبي السوسي الرقي. مقرئ ضابط محرر ثقة أخذ القراءة عرضاً وسماعاً عن أبي محمد اليزيدي وهو من أجل أصحابه وروى قراءة أبي عمرو بن العلاء البصري عنه - أي عن اليزيدي - وروى القراءة عن أبي شعيب السوسي خلق كثير منهم: ابنه أبو المعصوم محمد وموسى بن جرير النحوي وأبو الحارث محمد بن أحمد الطرسوسي الرقي ومحمد بن إسماعيل القرشي وموسى بن جمهور وأحمد بن شعيب النسائي الحافظ وغيرهم. مات أول سنة إحدى وستين ومائتين للهجرة وقد قارب السبعين رحمه الله تعالى أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (332 - 333) تقدم. 58- أبو الأسود الدؤلي. أبو الأسود الدؤلي: اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان أبو الأسود الدؤلي قاضي البصرة ثقة جليل. أول من وضع مسائل في النحو بإشارة علي رضي الله عنه فلما عرضها على علي قال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت فمن ثم سمي النحو نحواً. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره فهو من المخضرمين أخذ القراءة عرضاً عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. وروى القراءة عنه ابنه أبو حرب ويحيى بن يعمر.

59- الإمام عاصم بن أبي النجود الكوفي التابعي أحد الأئمة السبعة.

توفي في طاعون الجارف بالبصرة سنة تسع وستين من الهجرة أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (345 - 346) تقدم. 59- الإمام عاصم بن أبي النجود الكوفي التابعي أحد الأئمة السبعة. الإمام عاصم بن أبي النجود الكوفي التابعي أحد الأئمة السبعة: تقدمت ترجمة هذا الإمام الجليل والعلم الشهير في مقدمة هذا الكتاب، فارجع إليها إن شئت والله الموفق. 60- العلامة البنهاوي. العلامة البنهاوي: هو عبد الحق بن محمد البنهاوي -مصري- أستاذ كبير في القراءات والتجويد واللغة وغيرها وكان يقرئ في مسجد البهي الكائن بشارع السكة الجديدة بمدينة طنطا عاصمة محافظة الغربية بجمهورية مصر العربية وقد تلقى عنه القراءات خلائق لا يحصون كثرة. منهم من تلقى عنه القراءات السبع من طريق الشاطبية ومنهم من تلقى عنه القراءات العشر الصغرى من طريق الشاطبية والدرة والقراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر. وأما من أخذ عنه علم التجويد فطوائف كثيرة يخطؤهم العد. ومن مصنفاته التي وصلت إلينا مخطوط بعنوان "بهجة الصبيان في تجويد القرآن" وهو من أعيان علماء القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين كما يظهر مما كتبه بخطه آخر نسخة خطية له من "شرح الدرة في القراءات الثلاث" للعلامة الزبيدي فقد قال في آخرها ما نصه: "وكان الفراغ من نسخ هذا الشرح يوم الاثنين ثالث يوم من شهر ربيع الأول سنة 1304هـ أربع وثلثمائة وألف من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة. أفدناه من فضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي. 61- الحافظ السيوطي. الحافظ السيوطي: هو جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري بالتصغير والنسب. حافظ محدث مؤرخ أديب عالم بالقراءات له نحو من ستمائة مصنف منها: "الدر المنثور في التفسير بالمأثور" و "الإتقان في علوم القرآن" و "الإكليل في استنباط التنزيل" وغيرها.

62- الإمام شيخ الإسلام أبو الفضل الرازي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه.

ولد سنة تسع وأربعين وثمنمائة للهجرة بأسيوط من أعمال مصر. وتوفي سنة إحدى عشرة وتسعمائة للهجرة رحمه الله تعالى أهـ من الأعلام للزركلي الجزء الرابع ص (71 - 72) تقدم. 62- الإمام شيخ الإسلام أبو الفضل الرازي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه. الإمام شيخ الإسلام أبو الفضل الرازي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه: هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم بن جبريل بن محمد بن علي بن سليمان أبو الفضل الرازي العجلي الإمام المقرئ شيخ الإسلام الثقة الورع الكامل مؤلف كتاب جامع الوقوف وغيره قرأ القرآن على أناس كثيرين منهم: علي بن داود الداراني وأبو عبد الله الحسين بن عثمان المجاهدي وأبو الحسن الحمامي وأحمد بن يحيى وأبو نصر أحمد بن علي السمناني وأحمد بن عثمان بن جعفر المؤدب والقاضي أبو الحسين علي بن الحسين البصري ومحمد بن الدينوري وأبو الفرج النهرواني وأبو بكر بن شاذان وطاهر بن غلبون وخلق غير هؤلاء وممن قرأ عليه القراءات أبو القاسم الهذلي صاحب الكامل وأبو علي الحداد وأبو معشر الطبري ونصر بن محمد الشيرازي شيخ السلفي وغيرهم. وروى عنه القراءات محمد بن إبراهيم بن محمد المزكي ومنصور بن محمد بن الحسن بن محمد شيخ أبي العلاء يقال: إن مولده بمكة المشرفة ولا يزال ينتقل إلى البلدان على قدم التجريد والعرفان. قال أبو سعيد بن السمعاني: كان مقرئاً فاضلاً كثير التصانيف حسن السيرة متعبداً حسن العيش منفرداً قانعاً باليسير يقرى أكثر أوقاته ويروي الحديث وكان يسافر وحده ويدخل البراري وقال عبد الغافر الفارسي في تاريخه: كان ثقة جوالاً إماماً في القراءات إلى أن قال: وإذا فتح عليه بشيء آثر به وهو ثقة ورع عارف بالقراءات والروايات عالم بالأدب والنحو أكبر من أن يدل عليه مثلي وهو أشهر من الشمس وأضوء من القمر ذو فنون من العلم وله شعر رائق في الزهد. ولد سنة إحدى وسبعين وثلثمائة للهجرة قال الحافظ ابن الجزري: ومات في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة. وكان يقول أول سفري في الطلب كنت ابن ثلاثة عشرة سنة. فكان طوافه في البلاد أحدى وسبعين سنة رحمه الله تعالى ورضي عنه. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (361 - 363 تقدم، وانظر

63- الحافظ أبو شامة.

معجم المؤلفين الجزء الخامس ص (116) تقدم وجاء فيه أنه توفي بنيسابور في جمادى الأولى إلخ، وانظر بغية الوعاة للسيوطي ص (396) تقدم. 63- الحافظ أبو شامة. الحافظ أبو شامة. هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان أبو القاسم المقدسي ثم الدمشقي الشافعي المعروف بأبي شامة. الشيخ الإمام الحجة والحافظ ذو الفنون، وقيل له أبو شامة لأنه كان فوقه حاجبه الأيسر شامة كبيرة. ولد في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة وقرأ القراءات على السخاوي سنة ست عشر وستمائة. وروى الحروف عن أبي القاسم بن عيسى بالإسكندرية، أخذ عنه القراءات الشيخ شهاب الدين حسين بن الكفري وأحمد بن مؤمن اللبان. وأخذ عنه الحروف وشرح الشاطبية الشيخ شرف الدين أحمد بن سباع القراري وإبراهيم بن فلاح الإسكندري. وكتب وألف وكان أوحد زمانه صنف الكثير في أنواع العلوم فشرح الشاطبية مطولاً ولم يكمله ثم اختصره وهو الشرح المشهور وكتاب شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى وكتاب ضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري، وكتاب المحقق في الأصول. وكتاب الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز وغير ذلك. ولي مشيخة الحديث الكبرى بالأشرفية ومشيخة الإقراء بالتربة الأشرفية توفي في شهر رمضان يوم التاسع عشر سنة خمس وستين وستمائة من الهجرة ودفن خارج باب الفراديس بدمش رحمه الله تعالى رحمة واسعة. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الأول ص (365 - 366) تقدم. 64- ابن القاضي. ابن القاضي سنة 999هـ - 1591م - 1082 - 1671م: هو عبد الرحمن بن أبي القاسم المكناسي الأصل الفاسي الدار والمنشأ المالكي ويعرف بابن القاضي عالم أديب مشارك في بعض العلوم توفي بفاس، من آثاره: "الفجر الساطع في شرح الدرر اللوامع في مقرأ الإمام نافع"، "إزالة الشك والالتباس في نقل الم أحسب الناس"، "الاستحسان وما أعقله مورد الظمآن"،

65- ابن أبي بكرة.

"أجوبة منظومة ومنثورة في أحكام الضبط والرسم" أهـ من معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة الجزء الخامس ص (165) تقدم. 65- ابن أبي بكرة. ابن أبي بكرة: هو عبد الرحمن بن نفيع بن الحارث بن بحر بن أبي بكرة الثقفي البصري، وردت الرواية عنه في حروف القرآن وسمع أباه وعليًّا رضي الله عنه روى عنه محمد بن سيرين وعبد الملك بن عمير، قال شعبة: كان عبد الرحمن أقرأ أهل البصرة، وروى البخاري في التاريخ أنه أول مولود ولد بالبصرة، وقال ابن معين: ولد سنة أربع عشرة وتوفي سنة ست وتسعين رحمه الله تعالى، أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (380 - 381) تقدم. 66- العلامة الشيخ عبد العزيز عيون السود. العلامة الشيخ عبد العزيز عيون السود: هو عبد العزيز بن الشيخ محمد علي بن الشيخ عبد الغني عيون السود المولود في حمص سنة 1916م ألف

وتسعمائة وست عشرة للميلاد عالم مقدم في العلوم الشرعية والعربية والقراءات وعلومها حنفي المذهب وهو من أجلة علماء حمص بسوريا بقية السلف في الخلف علماً وتقى وورعاً ومهابة، ما رآه أحد إلا ذكر المخبتين وما رآه أحد على البديهة إلا هابه كان يطبق العلم بالعمل وكان كثير التلاوة للقرآن في الصلاة وكان يديم التهجد قبل الفجر ويحيى ما بين المغرب والعشاء وما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس ويحرص على تطبيق السنة في عبادته وأكله وشربه ونومه وكل تصرفاته وكان كثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب تواضعه الجم لجلسائه ومحبيه لا يذكر أحداً إلا بخير تولى مشيخة دور الإقراء بحمص وأمانة دار الإفتاء بها. حضر الفقه الحنفي وأصوله والحديث وعلومه والعلوم الشرعية والعربية عامة على مشايخ أجلاء من حمص وغيرها منهم في حمص والده وعمه الشيخ عبد الغفار والشيخ عبد القادر الخوجة وفي الجزائر الشيخ النعيم النعيمي المحدث. وأخذ القراءات وعلومها بالشام والحجاز ومصر. فممن أخذ عنه بالشام الشيخ سليمان الفار سكوري المصري أخذ عنه القراءات السبع

بمضمن الشاطبية والشيخ محمد سليم الحلواني شيخ القراء بدمشق الشام في وقته وقد أخذ عنه القراءات العشر بمضمن الشاطبية والدرة. والشيخ عبد القادر قويدر العربيني أخذ عنه القراءات العشر بمضمن طيبة النشر. ثم رحل إلى الحجاز فأخذ القراءات الأربع عشرة على العلامة الشيخ أحمد حامد التيجي شيخ القراء والإقراء بمكة المشرفة زادها الله شرفاً وعزًّا ثم رحل إلى مصر فأخذ القراءات الأربع عشرة وناظمة الزهر في الفواصل وعقيلة أتراب القصائد في الرسم على شيخ شيخه العلامة التيجي المحقق الشيخ علي محمد الضباع شيخ عموم القراء والمقارئ بالديار المصرية الأسبق. وقد جلس المترجم له للإقراء والفتيا في حمص بسوريا فأخذ عنه الجم الغفير القراءات وعلومها وكذلك العلوم العربية والشرعية. فممن أخذ عنه القراءات العشر بمضمن طيبة النشر الشيخ محمد تميم الزعبي والشيخ المحدث النعيم النعيمي الجزائري أخذ عنه القراءات الأربع عشرة وغيرها. وممن أخذ عنه القراءات العشر بمضمن الشاطبية والدرة الشيخ عبد الغفار الدروبي وغيره. وممن أخذ القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر من طريق الدرة الشيخ سعيد عبد الله شيخ القراء بحماه بسوريا وخلق غير هؤلاء وأجازهم. وله مصنفات وتحقيقات وأبحاث عدة منها: الفتن والملاحم وعلامات الساعة الصغرى والكبرى. ورسالة النفس المطمئنة في أحكام الغنة. ورسالة في أحكام البيوع وغيرها. وبعد حياة حافلة مليئة بخدمة كتاب الله تعالى وتقديم العلم للمسلمين توضأ المترجم وبدأ في صلاة التهجد كعادته وتوفي في أثناء الصلاة في ليلة السبت الثالث عشر من شهر صفر الخير سنة 1399هـ تسع وتسعين وثلثمائة وألف من الهجرة من عمر قارب الثلاثة والستين عاماً رحمه الله رحمة واسعة وأورده موارد الأبرار. وقد شيعه خلق كثير وجم غفير من علماء سوريا ووجهائها ورثاه غير واحد من الفضلاء منهم: الأستاذ راتب السيد بقصيدة عظيمة مطلعها:

67- العلامة المحقق القاضي المعاصر.

بكى عليك البيان اليوم والقلم ... يا كامل الفضل والإرشاد يا علم بكت عليك عيون سال مدمعها ... دمعاً هتوفاً فسال الدمع وهو دم عبد العزيز عيون السود واأسفا ... عليه مات التقى والعزُّ والشمم بنى من العلم صرحاً لا يطاوله ... بذلك من قرأوا القرآن أو علموا شيخ جليل له في العلم منزلة ... جلَّت عن الوصف لا يرقى لها قلم فإن أتيت عن التفسير تسأله ... وصلت فهو العليم الحاذق الفهم هو العلا والنُّهى والفضل أجمعه ... والعزم والحزم والإفصاح والحكم لقَّنت ناشئة الأجيال كل هدى ... وكنت أعذب ورد في الهدى لهم جاؤوك يبغون علماً فانبريت لهم ... معلماً منقذاً مما يظلُّهم نستودع الله شيخاً كان شيخ تقى ... وكان في العلم وهو المفرد العلم أفدناه ملخصاً مع التصرف من مجلة حضارة الإسلام السنة العشرون. العدد الأول في ربيع الأنوار سنة 1399هـ الصادرة في سوريا تحت مقال بعنوان "رجل فقدناه" ص (78) بقلم بفضيلة الشيخ محمد علي مشعل من علماء حمص والمدرس بالمعهد العالي للدعوة بالمدينة المنورة، يقول مقيده أفقر العباد وأحوجهم إلى الله عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي: إن هذا العالم الجليل هو أخي في الإسناد بالنسبة لما أخذه عن العلامة الضباع فإن الشيخ الضباع رحمه الله قد أخذ عن العلامة الخطيب الشعار عن الإمام المتولي شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية في وقته وبالنسبة لي فقد أخذت عن العلامة الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات -حفظه الله- بالقاهرة وهو عن العلامة الشيخ عبد الفتاح هنيدي وهو عن الإمام المتولي. وهذا ما نحمد الله تعالى عليه فإن هذا السند هو أعلى سند في مصر الآن وعلو السند قربة من رب العالمين جل ثناؤه وتقدست أسماؤه اللهم اجعلنا من أهل القرآن وشفعه فينا ياذا الجلال والإكرام آمين. 67- العلامة المحقق القاضي المعاصر. العلامة المحقق القاضي المعاصر: هو عبد الفتاح بن عبد الغني بن محمد القاضي المولود في مدينة دمنهور عاصم محافظة البحيرة بجمهورية مصر العربية في 25 من شعبان سنة 1325هـ ألف وثلثمائة وخمس وعشرين للهجرة الموافق 14 من أكتوبر سنة 1907 ألف وتسعمائة وسبع للميلاد، عالم مصري مبرز في القراءات وعلومها وفي العلوم الشرعية والعربية. من أفاضل علماء الأزهر وخيرتهم آية الدهر ووحيد العصر. له أدب رفيع واقتدار على النظم بديع. له مصنفات غاية في الإجادة نهاية في الإفادة حفظه الله تعالى نفعاً للمسلمين وذخراً لكتاب رب العالمين. حفظ المترجم له القرآن الكريم ببلده مدينة دمنهور على المرحوم الشيخ علي عياد وجوده على كل من الشيخين الفاضلين الشيخ محمود محمد غزال والشيخ محمود محمد نصر الدين بمدينة دمنهور. وأخذ القراءات العشر على غير واحد من الثقات الجهابذة الأثبات منهم: العلامة الشيخ محمود محمد غزال والعلامة الشيخ محمود محمد نصر الدين المذكوران وصاحب الفضيلة الشيخ همام قطب عبد الهادي وفضيلة الشيخ حسن صبحي وقد أجازه كل من ذكر. طلب المترجم له للعلم الشريف التحقق بالمعهد الأزهري بالإسكندرية بعد أن حفظ القرآن الكريم وحضر القسم الأول "الإعدادي حاليًّا" وحصل على الشهادة الأولية "الإعدادية حاليًّا" ثم التحق بالقسم الثانوي من المعهد المذكور وحصل على الشهادة الثانوية منه. ثم رحل إلى القاهرة فالتحق بالقسم العالي "جامعة الأزهر حاليًّا" وحصل على الشهادة العالمية النظامية عام 1931م - 1932م ثم التحق بقسم التخصص القديم شعبة التفسير والحديث وحصل على شهادة التخصص القديم "الدكتوراة حاليًّا" عام 1934م - 1935م. شيوخ المترجم له في العلم للمترجم له شيوخ غير من تقدم ذكرهم في القرآن والتجويد والقراءات فقد تلقى العلم على كبار العلماء في عصره بالإسكندرية والقاهرة فممن تلقى عنهم بالإسكندرية أصحاب الفضيلة: الشيخ محمد تاج الدين في التفسير، والشيخ شحادة منيسي في البلاغة والشيخ حسن الشريف في الحديث الشريف. والشيخ أمين محمود سرور في

التوحيد والشيخ محمد أحمد عرفة في الأخلاق ملخص كتاب إحياء علوم الدين للغزالي والشيخ محمد عبد الله الجزار والشيخ محمد حسن الطودي والشيخ محمود عبد الدائم في الفقه الشافعي وحضر المنطق وأدب البحث على الشيوخ الأفاضل. فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر، فضيلة الدكتور عبد الله دراز وفضيلة الشيخ عبد الحليم أحمد قادوم. وممن تلقى عنهم بالقاهرة المحروسة السادة أصحاب الفضيلة: الشيخ محمد العتريس في البلاغة والتفسير والأصول. الشيخ إسماعيل المسلاوي في الفقه الشافعي. الشيخ محمود خطاب السبكي في الحديث الشريف. الشيخ محمد شلتوت والدكتور عبد الله دراز كلاهما في التفسير. الشيخ محمد العزبي رزق والشيخ إبراهيم خاطر كلاهما في التوحيد. العلامة الكبير الفيلسوف الإسلامي الشيخ يوسف الدجوي في التفسير. العلامة الشيخ سيد بن علي المرصفي إمام الأدباء في عصره في الأدب كتابه رغبة الآمل بشرح الكامل للمبرد. شيوخه في قسم التخصص الشيخ أحمد مكي من هيئة كبار العلماء في التفسير. الشيخ عبد الله جاد من هيئة كبار العلماء في التفسير أيضاً. الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر في صحيح البخاري في جميع سني التخصص. ما وليه المترجم له من الوظائف في الأزهر الشريف أولاً: عين مدرساً في المعهد الأزهري الثانوي بالقاهرة عقب التخرج. ثانياً: عين رئيساً لقسم القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر حينذاك. ثالثاً: عين مفتشاً عامًّا بالمعاهد الأزهرية. رابعاً: عين شيخاً للمعهد الأزهري بدسوق ثم شيخاً للمعهد الأزهري بدمنهور بلد المترجم له.

خامساً: عين وكيلاً عامًّا للمعاهد الأزهرية. سادساً: عين مديراً عامًّا للمعاهد الأزهرية إلى أن أحيل للتقاعد. سابعاً: عين رئيساً لقسم القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة حتى الآن. نشاط المترجم له العلمي للمترجم له نشاط علمي في غير ما تقدم من الوظائف التي أسندت إليه بالأزهر من ذلك: 1- عين رئيساً للجنة تصحيح المصاحف بالأزهر حتى الآن. 2- عين خطيباً بمسجد العارف بالله الإمام عبد الوهاب الشعراني بالقاهرة. 3- عين عضواً في لجنة اختبار القراء بالإذاعة بجمهورية مصر العربية. مؤلفات المترجم له للمترجم له مصنفات عدة تزيد عن العشرين مصنفاً في القراءات وغيرها من العلوم الشرعية منها: 1- كتاب الوافي شرح على الشاطبية في القراءات السبع. 2- كتاب الإيضاح شرح على الدرة في القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر. 3- كتاب البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدرة. 4- النظم الجامع لقراءة الإمام نافع. 5- شرح النظم الجامع لقراءة الإمام نافع من الشاطبية. 6- نظم السر المصون في رواية قالون من الشاطبية. 7- شرح السر المصون في رواية قالون من الشاطبية. 8- شرح منحة مولى البر: فيما زاد النشر للقراء العشرة للعلامة الأبياري. 9- القراءات في نظر المستشرقين والملاحدة وهو من أنفس ما كتب المترجم له. 10- شرح ناظمة الزهر المسمى بشير اليسر في علم الفواصل. 11- الفرائد الحسان في عد آي القرآن "نظم". 12- نفائس البيان شرح الفرائد الحسان: في عد آي القرآن.

13- من علوم القرآن. 14- منظومة نفيسة للغاية في علم الميراث مشروحة. 15- الصيام وأحكامه وسننه وغير ذلك من المصنفات وجميعها مطبوع وله تحقيقات على عدة كتب مطبوعة منها: (أ) دليل الحيران شرح مورد الظمآن في رسم وضبط القرآن للعلامة المارغني. (ب) شرح العقيلة للعلامة ابن القاصح في رسم القرآن الكريم. (ج) شرح المقدمة الجزرية للشيخ خالد الأزهري. (د) تحبير التيسير في قراءات الأئمة العشرة للحافظ ابن الجزري وغير ذلك من التحقيقات. تلامذة المترجم له للمترجم له تلاميذ في مصر والحجاز وتونس والباكستان منهم: فضيلة الدكتور عبد العزيز عبد الفتاح القاري عميد كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة. وفضيلة الشيخ علي عبد الرحمن الحذيفي إمام الحرم النبوي الشريف. وفضيلة الشيخ على مشرف إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة. والشيخ منير محمد المظفر التونسي بتونس. والشيخ سعيد أحمد محمد عيسى من السند. ومن مصر خلق كثير يصعب حصرهم منهم: فضيلة الدكتور زكريا البري وزير الأوقاف بجمهورية مصر العربية. وفضيلة الدكتور موسى شاهين لاشين عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر. وفضيلة الدكتور عوض الله حجازي عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر سابقاً. وخلق غير هؤلاء لا يحصون في العلوم العربية والشرعية والتجويد والقراءات.

68- ابن العلامة المارغني التونسي.

هذا: ولا يزال المترجم له حيًّا بارك الله في عمره وعمله وأحسن حياته في الأولى ومنقلبه في الأخرى وأجزل له الثواب آمين. أفدناه من المترجم له نفسه وأملاه علينا بمنزله بالمدينة المنورة حيث يعمل رئيساً لقسم القراءات بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية كما تقدم في الترجمة وفقه الله ورزقه الصحة والعافية آمين. 68- ابن العلامة المارغني التونسي. ابن العلامة المارغني التونسي: هو عبد الواحد بن العلامة الكبير الشيخ إبراهيم بن أحمد المارغني التونسي صاحب التآليف الكثيرة في الرسم والضبط والقراءات وغيرها وقد ترجمنا له في هذا الملحق. وعبد الواحد هذا من العلماء المعاصرين الأفذاذ والمدرس بجامع الزيتونة بتونس وله تآليف وتعليقات وتتمات على كتب والده وجده لأمه العلامة الشريف ابن يالوشة شيخ الإقراء بجامع الزيتونة في وقته وقد ترجمنا له هنا أيضاً. ولا يزال العلامة ابن المارغني حيًّا إلى الآن نفع الله بعلومه الإسلام والمسلمين آمين. 69- ابن أبي الهذيل رضي الله تعالى عنه. ابن أبي الهذيل رضي الله تعالى عنه: هو أبو المغيرة عبد الله بن أبي الهذيل العنزي الكوفي تابعي كبير سمع من عمر وعلي وعمار بن ياسر وابن مسعود وعبد الله بن عمر وأبي بن كعب وخباب بن الأرت رضي الله عنهم وروى عن أبي بكر رضي الله عنه وفي سماعه منه نظر. وروى عنه خلق كثير. قال النسائي: "ثقة" وقال العجلي: "تابعي ثقة وكان عثمانيًّا" ذكره خليفه في الطبقات وتوفي في ولاية خالد القسري. انظر ترجمته في (62/6) تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني: نشر دار صياد طبعة مصورة عن طبعة دائرة المعارف النظامية العثمانية الكائنة بحيدرأباد الدكن بالهند سنة 1326هـ.

70- ابن ذكوان من رواه الإمام ابن عامر الشامي: أحد الأئمة السبعة.

70- ابن ذكوان من رواه الإمام ابن عامر الشامي: أحد الأئمة السبعة. ابن ذكوان من رواة الإمام ابن عامر الشامي: أحد الأئمة السبعة: هو عبد الله بن أحمد بن بشير ويقال بشير بن ذكوان بن عمرو بن حسان بن داود بن حسنون بن سعد بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر أبو عمرو وأبو محمد القرشي الفهري الدمشقي الإمام الأستاذ الشهير الراوي الثقة شيخ الإقراء بالشام وإمام جامع دمشق. أخذ القراءة عرضاً عن أيوب بن تميم وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة بدمشق قال أبو عمرو الحافظ وقرأ على الكسائي - الإمام - حين قدم الشام. وروى الحروف سماعاً عن إسحاق بن المسيبي عن نافع، وروى القراءة عنه خلق كثير منهم: ابنه أحمد وأحمد بن أنس وأحمد بن المعلى وأحمد بن يوسف التغلبي وأحمد بن نصر بن شاكر بن أبي رجاء وسهل بن عبد الله بن الفرخان الزاهد وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي وعبد الله بن عيسى الأصفهاني ومحمد بن موسى الصوري وهارون بن الأخفش - وقد ترجمنا له في هذا الكتاب - وأناس كثيرون غير هؤلاء. وألف كتاب أقسام القرآن وجوابها وما يجب على قارئ القرآن عند حركة لسانه. قال أبو زرعة الدمشقي لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان ابن ذكوان أقرأ عندي منه. وقال النقاش قال ابن ذكوان: أقمت عند الكسائي سبعة أشهر وقرأت عليه القرآن غير مرة. ولد يوم عاشوراء سنة ثلاث وسبعين ومائة وتوفي يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شوال وقيل لسبع خلون منه سنة اثنتين وأربعين ومائتين للهجرة. وقد غلط من قال سنة ثلاث وأربعين رحمه الله تعالى، انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الأول ص (404 - 405) تقدم. 71- الإمام عبد الله بن عامر الشامي والدمشقي أو اليحصبي أحد الأئمة السبعة. الإمام عبد الله بن عامر الشامي والدمشقي أو اليحصبي أحد الأئمة السبعة: هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر بن عبد الله بن عمران اليحصبي نسبة إلى يحصب بن دهمان بن عامر بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عامر وهو هود عليه السلام.

وفي يحصب الكسر والضم فإذا ثبت الكسر فيه جاز الفتح في النسبة فعلى هذا يجوز في اليحصبي - أي في الصاد - الحركات الثلاث وقد اختلف في كنيته كثيراً والأشهر أنه أبو عمران إمام أهل الشام في القراءة والذي انتهت إليه مشيخة الإقراء بها تابعي جليل القدر وأحد الأئمة السبعة قرأ على المغيرة بن شهاب صاحب عثمان وهو الأصح وعلى أبي الدرداء الصحابي وأثبته الداني وهو غير بعيد وعلى فضالة بن عبيد الأنصاري وهو جيد ويحتمل سماعه لقراءة عثمان بن عفان ويمكن أن يكون قرأ عليه بعض القرآن ولا يمتنع قراءته على واثلة بن الأسقع. قال أبو علي الأهوازي: كان ابن عامر إماماً عالماً ثقة فيما آتاه حافظاً لما رواه متقناً لما وعاه. عارفاً فهماً قيماً فيما جاء به صادقاً فيما نقله من أفاضل المسلمين وخيار التابعين وأجلة الراوين لا يتهم في دينه ولا يشك في يقينه ولا يرتاب في أمانته ولا يطعن عليه في روايته صحيح نقله فصيح قوله عالياً في قدره مصيباً في أمره مشهوراً في علمه رجوعاً إلى فهمه لم يتعد فيما ذهب إليه الأثر ولم يقل قولاً يخالف فيه الخبر أهـ وكان إمام الجامع بدمشق، لا يرى فيه بدعة إلا غيرها وظل ناظراً على عمارته حتى فرغ وولي قضاء الشام. قال الحافظ ابن الجزري في النشر: "أَمَّ - أي ابن عامر- المسلمين بالجامع الأموي سنين كثيرة في أيام عمر بن عبد العزيز وقبله وبعده فكان يأتم به وهو أمير المؤمنين وناهيك بذلك منقبة وجمع له بين الإمامة والقضاء ومشيخة الإقراء بدمشق ودمشق إذ ذاك دار الخلافة ومحط رجال العلماء والتابعين فأجمع على قراءته وعلى تلقيها بالقبول وهم الصدر الأول من أفاضل المسلمين. أهـ. ولد ابن عامر سنة ثمان من الهجرة على الصواب. قال خالد بن يزيد سمعت عبد الله بن عامر اليحصبي يقول: ولدت سنة ثمان من الهجرة في البلقا بضيعة يقال لها رحاب، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان وذلك قبل فتح دمشق وانقطعت إلى دمشق بعد فتحها ولي تسع سنين أهـ. وقد ثبت سماعه من جماعة من الصحابة منهم: معاوية بن أبي سفيان

72- سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.

والنعمان بن بشير وواثلة بن الأسقع وفضالة بن عبيد وروى عند القراء خلق كثيرون منهم: يحيى بن الحارث الذماري وهو الذي خلفه في القيام بها. وأخوه عبد الرحمن بن عامر وربيعة بن يزيد وجعفر بن ربيعة وإسماعيل بن عبيد الله بين أبي المهاجر وغيرهم. وروى عن يحيى بن الحارث الذماري أيوب بن تميم وعنه أبو عمرو عبد الله بن بشير بن ذكوان أحد روائي قراءة عبد الله بن عامر وقد تقدمت ترجمته. وروى عن يحيى الذماري أيضاً عراك المروزي الذي روى عنه أبو الوليد هشام بن عمار الدمشقي الراوي الثاني لابن عامر وستأتي ترجمته. توفي الإمام عبد الله بن عامر بدمشق يوم عاشوراء ثمان عشرة ومائة للهجرة رضي الله تعالى عنه وألحقه بالصالحين وألحقنا معه بمنه وكرمه آمين. انظر غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (423 - 425) تقدم. وانظر النشر للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (144) تقدم. وانظر سراج القاري (شرح الشاطبية) لابن القاصح ص (11) تقدم. 72- سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب الإمام رضي الله عنهما العدوي المدني الفقيه، أحد الأعلام في العلم والعمل شهد الخندق وهو من أهل بيعة الرضوان وممن كان يصلح للخلافة، فعين لذلك يوم الحكمين مع وجود مثل الإمام علي وفاتح العراق سعد ونحوهما - رضي الله عنهما - ومناقبه جمة أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بالصلاح. وقال سلام بن مسكين: سمعت الحسن يقول: أتوا ابن عمر فقالوا: أنت سيد الناس وابن سيدهم والناس بك راضون اخرج نبايعك فقال: لا والله لا يهراق في محجمة دم. وروى ابن عيينة عن عمر بن محمد بن زيد سمعت أبي يقول: ما ذكر ابن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا بكى. وما مر على ربعهم إلا غمض عينيه، وما أحسن قول سفيان الثوري يقتدى بعمر في الجماعة وبابنه في الفرقة.

73- الإمام عبد الله بن كثير المكي أحد الأئمة السبعة رضي الله تعالى عنه.

وقال عتيق بن يعقوب: سمعت مالكاً يقول: قال لي ابن شهاب: لا تعدلن برأي ابن عمر فإنه أقام ستين سنة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخف عليه شيء من أمره ولا من أمر أصحابه. وقال يحيى بن يحيى التميمي قلت لمالك: أليس قلت، سمعت المشايخ يقولون: من أخذ بقول ابن عمر لم يدع من الاستقصاء شيئاً؟ قال: نعم. والآثار في مثل هذا كثيرة متوافرة. توفي ابن عمر رضي الله عنهما في أول سنة أربع وسبعين للهجرة وهو شقيق أم المؤمنين حفصة رضي الله عنهما. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الأول (37 - 40) تقدم. 73- الإمام عبد الله بن كثير المكي أحد الأئمة السبعة رضي الله تعالى عنه. الإمام عبد الله بن كثير المكي أحد الأئمة السبعة رضي الله تعالى عنه: هو عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروز بن هرمز الإمام أبو معبد المكي الداري إمام أهل مكة في القراءة. اختلف في كنيته والصحيح ما قدمناه وقيل له الداري لأنه كان عطاراً. والعطار تسميه العرب داريًّا نسبة إلى دارين موضع بالبحرين يجلب منه الطيب. ولد بمكة سنة خمس وأربعين ولقي بها عبد الله بن الزبير وأبا أيوب الأنصاري وأنس بن مالك ومجاهد بن جبر، ودرباس مولى عبالله بن عباس وروى عنهم. وأخذ القراءة عرضاً عن عبد الله بن السائب وعرض أيضاً على مجاهد بن جبر ودرباس مولى ابن عباس. وورى القراءة عنه خلق كثير منهم: إسماعيل بن عبد الله القسط وإسماعيل بن مسلم وجرير بن حازم والحارث بن قدامة والخليل بن أحمد وسليمان بن المغيرة وشبل بن عباد وابنه صدقة بن عبد الله وعبد الملك بن جريج عيسى بن عمر الثقفي ومعروف بن مشكان وهارون بن موسى وابن أبي فديك وابن أبي مليكة وسفيان بن عيينة وأبو عمرو بن العلاء البصري - الإمام - وخلق غير هؤلاء. وكان ابن كثير فصيحاً بليغاً مفوهاً أبيض اللحية طويلاً جسيماً أشهل العينين يخضب بالحناء عليه السكينة والوقار.

74- أبو سالم العياشي.

قال الأصمعي قلت لأبي عمرو قرأت على ابن كثير قال: نعم ختمت على ابن كثير بعد ما ختمت على مجاهد. وكان ابن كثير أعلم بالعربية من مجاهد. وقال ابن مجاهد ولم يزل عبد الله هو الإمام المجتمع عليه في القراءة بمكة حتى مات سنة عشرين ومائة للهجرة وقال سفيان بن عيينة: حضرت جنازة ابن كثير الداري سنة عشرين ومائة أهـ رحمه الله رحمة واسعة وطيب ثراه، انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (443 - 445) تقدم. 74- أبو سالم العياشي. أبو سالم العياشي: هو أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي المغربي المالكي الأديب الإمام الحجة الثبت أحد من أحيا الله بهم طريقة الرواية بعد أن كانت شمسها على أطراف النخيل وجدد من فنون الأمر كل رسما محيل. قرأ بفاس على الإمام الأبار والشيخ ميارة وأبي زيد بن القاضي وأبي محمد عبد القادر الفاسي وهو عمرته وأجازه إجازة عامة. وأخذ ببلده عن والده وغيره وحج مراراً وجاور بالحرمين وبالقدس والخليل. وأخذ عن الشيخ علي الأجهوري والإمام ابن مهل عيسى بن محمد الثعالبي وأبي إسحاق الشهرزوري وغيرهم ممن اشتملت عليه رحلته وفهارسه. وكان رحمه الله تعالى من أهل الخير والصلاح متسماً بالزهد والورع وله تآليف حسنة منها: "منظومة البيوع وشرحها" و "تنبيه ذوي الهمم العالية عن الزهد في الدنيا الفانية" و "تأليف في معنى لو الشرطية" و " كتاب الحكم بالعدل والإنصاف واقتفاء الأثر" و "تحفة الأخلاء بأسانيد الأجلاء" و "ورحلته المسماة بماء الموائد" وهي رحلة بعيدة. وله غير ذلك وله شعر حسن. ولد رحمه الله تعالى سنة 1037هـ سبع وثلاثين وألف من الهجرة. وتوفي في ذي القعدة الحرام عام 1090هـ تسعين وألف من الهجرة أهـ من الصفوة باختصار. أفدناه من كتاب المترجم له "المرحلة العياشية ماء الموائد" مختصراً من الصحيفة الأولى وسبقت الإشارة إليها فيما سبق.

75- سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

75- سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: هو عبد الله بن مسعود بن الحارث بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر أبو عبد الرحمن الهذلي المكي أحد السابقين والبدريين والعلماء الكبار من الصحابة أسلم قبل عمر، عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه خلق كثير منهم: الحارث بن قيس وزر بن حبيش وعبيد بن قيس وعبيد بن فضلة وعمرو بن شرحبيل وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو عمروا الشيباني وغيرهم. وكان آدم خفيف اللحم لطيف القد أحمش الساقين حسن البزة طيب الرائحة موصوفاً بالذكاء والفطنة وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ويلزمه ويحمل نعله ويتولى فراشه ووساده وسواكه وطهوره وكان صلى الله عليه وسلم يطلعه على أسراره ونجواه. وكانوا لا يفضلون عليه في العلم، وروى عبيدة السمعاني عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة وسمعه صلى الله عليه وسلم يدعو فقال: سل تعطه، وقال لرجل عبد الله في الميزان أثقل من أحد. وقال حذيفة: ما أعلم أحداً أقرب سمتاً ولا هدياً ولا دلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد وهو الذي اجتز رأس أبي جهل وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم.. وكان مع ذلك هو الإمام في تجويد القرآن وتحقيقه وترتيله مع حسن الصوت حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد" ومناقبه جمة ... وإليه تنتهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش، وفد من الكوفة إلى المدينة فمات بها آخر سنة اثنتين وثلاثين ودفن في البقيع وله بضع وستون سنة. ولما جاء نعيه إلى أبي الدرداء قال: ما ترك بعده مثله رحمه الله تعالى رحمة واسعة أهـ مختصراً من غاية النهاية الجزء الأول ص (258 - 259) تقدم. 76- ابن هشام النحوي. ابن هشام النحوي: هو أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن يوسف بن هشام من أئمة العربية

77- ابن جريج.

وقال ابن خلدون: إنه أنحى من سيبويه. ومن تصانيفه "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب وشذور الذهب وقطر الندى وبل الصدى وأوضح المسالك وغيرها". ولد بمصر سنة ثمان وسبعمائة وبها توفي سنة إحدى وستين وسبعمائة من الهجرة رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من الأعلام للزركلي الجزء الرابع ص (291) تقدم. 77- ابن جريج. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو الوليد وقيل أبو خالد القرشي المكي أحد الأعلام روى القراءة عن عبد الله بن كثير وروى عنه القراءة سلام بن سليمان ويحيى بن سعيد الأنصاري والثوري. قال سفيان بن عيينة سمعته يقول: ما دون العلم تدويني أحد. ولد سنة ثمانين وتوفي سنة تسع وأربعين وقيل سنة خمسين ومائة للهجرة أهـ من غاية النهاية الجزء الأول ص (469) تقدم. 78- العلامة السنطاوي. العلامة السنطاوي: هو عثمان راضي السنطاوي - مصري علامة محقق في التجويد والقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة وطيبة النشر. ويعد من أعيان القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين له تآليف عديدة وتصانيف مفيدة منها: "رسالة في رواية ورش من طريق الأصبهاني" و "رسالة لحفص عن عاصم من طريق الطيبة ورسالة في قراءة حمزة بالسكت المطلق من طريق الطيبة أيضاً، ورسالة ليعقوب البصري من الطيبة كذلك" وكل هذه الرسائل حفظتها في الصغر، وانتفعت بها وهي مخطوطة وله نظم بديع سلس على وزان الشاطبية يسمى "النفائس المطربة في تحرير الطيبة" طبع قديماً سنة عشرين وثلاثمائة وألف للهجرة وفيها فرغ من تأليفه وأنشد في هذا المعنى بآخر النظم المذكور: وناظمه عثمان راض بسنطة ... ويرجو من الرحمن أن ينفع الملا وفي المائة التثليث والألف مفردٌ ... وعشرون قد مضت من الهجرة انْجلا والسنطاوي نسبة إلى مدينة "السنطا" من أعمال محافظة الغربية بمصر.

79- الحافظ أبو عمرو الداني.

أفدناه من مؤلفات المترجم له المخطوطة والمطبوعة. 79- الحافظ أبو عمرو الداني. الحافظ أبو عمرو الداني: هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر أبو عمرو الداني الأموي مولاهم القرطبي المعروف في زمانه بابن الصيرفي الإمام العلامة الحافظ أستاذ الأستاذين وشيخ مشايخ المقرئين ولد سنة إحدى وسبعين وثلثمائة. قال: وابتدأت في طلب العلم في سنة ست وثمانين ورحلت إلى المشرق سنة سبع وتسعين ودخلت في شوال منها فمكثت بها سنة وحججت ودخلت الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلثمائة وخرجت إلى السفر سنة ثلاث وأربعمائة فسكنت سرقسطة سبعة أعوام ثم رجعت إلى قرطبة. قال: وقدمت دانية سنة سبع عشرة فاستوطنها حتى مات. أخذ القراءات عرضاً عن خلف بن إبراهيم بن خاقان وأبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون وعبد العزيز بن جعفر بن خواستي الفارسي وأبي الفتح فارس بن أحمد وأكثر عنه وأبي الفرج محمد بن عبد الله النجاد وخاله محمد بن يوسف وعبيد الله بن سلمة بن حزم ومنه تعلم عامة القرآن وعبد الله بن أبي عبد الرحمن المصاحفي. وروى كتاب السبعة لابن مجاهد سماعاً عن أبي مسلم محمد بن أحمد الكاتب بسماعه منه. وروى الحروف عن أحمد بن عمر بن محفوظ ومحمد بن عبد الواحد البغدادي والحسن بن سليمان الأنطاكي والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي. وسمع الحديث من جماعة وبرز فيه وفي أسماء رجاله وفي القراءات علماً وعملاً وفي الفقه والتفسير وسائر أنواع العلوم. قرأ عليه خلق كثيرون منهم: ولده أحمد بن عثمان بن سعيد والحسين بن علي بن مبشر وخلف بن إبراهيم الطليطلي وخلف بن محمد الأنصاري وأبو داود سليمان بن نجاح وعبد الملك بن عبد المقدوس وغيرهم. وروى عنه التيسير سماعاً عبد الحق بن أبي مروان بن الثلجي الأندلسي وأبو القاسم شيخ ابن تمارة. وروى عنه بالإجازة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله

80- ورش المصري من رواة الإمام نافع المدني.

الخولاني وأحمد بن عبد الملك بن أبي جمزة المرسي وهو آخر من روى عنه مطلقاً فإنه بقي بعد الثلاثين وخمسمائة. قال ابن بشكوال كان أحد الأئمة في علم القرآن ورواياته وتفسيره ومعانيه وطرقه وإعرابه وجمع في ذلك تواليف حساناً يطول تعدادها وله معرفة بالحديث وطرقه وأسماء رجاله ونقلته وكان حسن الخط جيد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن ديناً فاضلاً ورعاً سنيًّا. وقال المغامي: كان أبو عمرو الداني مجاب الدعوة مالكي المذهب. قرأت بخط شيخنا الحافظ عبد الله بن محمد بن خليل رحمه الله قال بعض الشيوخ: لم يكن في عصره ولا بعد عصره بمدد أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه وكان يقول: ما رأيت شيئاً إلا كتبته ولا كتبته إلا حفظته ولا حفظته فنسيته. وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار وكلام السلف فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها ... ومن نظر كتبه علم مقدار لرجل وما وهبه الله تعالى فيه فسبحان الفتاح العليم وصنف كثيراً من الكتب تجتزئ منها بالآتي: كتاب جامع البيان فيما رواه في القراءات السبع وكتاب التيسير المشهور في القراءات السبع ومنظومته الاقتصاد أرجوزة في مجلد وكتاب المفردات في القراءات السبع وكتاب المقنع في رسم المصحف وكتاب المحكم في نقط المصاحف وكتاب المحتوى في القراءات الشواذ وكتاب طبقات القراء في أربعة أسفار وهو عظيم في بابه، وكتاب الوقف والابتداء وكتاب التحديد في الإتقان والتجويد وكتاب الإمالة وكتاب شرح قصيدة الخاقاني في التجويد وغير ذلك. توفي الحافظ أبو عمرو الداني بدانية يوم الاثنين منتصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة ودفن من يومه بعد العصر ومشى صاحب دانية أمام نعشه وشيعه خلق عظيم رحمه الله تعالى، انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (503- 505) تقدم. قلت: والحافظ أبو عمرو الداني من رجال إسنادنا في جميع إجازاتي للقراءات. 80- ورش المصري من رواة الإمام نافع المدني. ورش المصري من رواة الإمام نافع المدني: هو عثمان بن سعيد قيل سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان بن إبراهيم وقيل سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق أبو سعيد وقيل أبو القاسم، وقيل أبو عمرو القرشي مولاهم المصري الملقب بورش أهـ،

وجاء في النجوم الطوالع للعلامة المارغني أن اسمه عثمان واسم أبيه سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق المصري مولى الزبير بن العوام ولقبه ورش اهـ شيخ القراء المحققين وإمام أهل الأداء المرتلين انتهت إليه رئاسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه. ولد سنة عشر ومائة بمصر ورحل إلى الإمام نافع بن أبي نعيم بالمدينة المنورة فعرض عليه القرآن عدة ختمات في سنة خمس وخمسين ومائة. قال صاحب النجوم الطوالع: "ورجع إلى مصر فانتهت إليه رئاسة الإقراء بها فلم ينازعه فيها أحد" أهـ وكان أشقر أزرق أبيض اللون قصيراً ذا كدنة هو إلى السمن أقرب منه إلى النحافة، فقيل إن نافعاً لقبه بالورشان لأنه كان على قصره يلبس ثياباً قصاراً وكان إذا مشى بدت رجلاه مع اختلاف ألوانه فكان نافع يقول: هات يا ورشان واقرأ يا ورشان وأين الورشان ثم خفف فقيل: ورش والورشان طائر معروف. وقيل: إن الورش شيء يصنع من اللبن لقب به لبياضه ولزمه ذلك حتى صار لا يعرف إلا به ولم يكن فيما قبل أحب إليه منه فيقول: أستاذي سماني به ... ثم اشتغل بالقرآن والعربية فمهر فيهما. عرض عليه القرآن أناس كثيرون منهم: أحمد بن صالح وداود بن أبي طيبة وأبو الربيع سليمان بن داود المهري يعرف بابن أخي الرشديني وعامر بن سعيد أبو الأشعث الجرشي ويونس بن عبد الأعلى وأبو يعقوب الأزرق وغير هؤلاء. وكان ورش حجة في القراءة جيداً فيها حسن الصوت إذا قرأ يهمز ويمد ويشدد ويبين الإعراب لا يمله سامعه، ومناقبه جمة. توفي ورش بمصر سنة سبع وتسعين ومائة عن سبع وثمانين سنة ودفن بالقرافة الصغرى. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (502 - 503) تقدم، وانظر

81- الشيخ عثمان مراد.

النجوم الطوالع ص (15 - 16) تقدم. 81- الشيخ عثمان مراد. الشيخ عثمان مراد: هو عثمان بن سليمان مراد من أفاضل علماء مصر في التجويد والقراءات وله في ذلك نظم وتأليف ومن نظمه: "السلسبيل الشافي في أحكام التجويد الوافي" وله عليه شرح بديع وكلاهما مطبوع. وكان شيخاً لمقرأة مسجد الإمام الحسين بن علي بالقاهرة وقد توفي فيما بين سنة خمسين وتسعمائة وألف وسنة ستين وتسعمائة وألف من ميلاد سيدنا عيسى ابن مريم صلى الله على نبينا محمد وعليه وسلم أفدناه من رسالة وردتنا من تلميذه الأستاذ سعيد سمور المدرس بكلية الشريعة بالجامعة الأردنية بخطه. 82- أمير المؤمنين سيدنا عثمان بن عفان جامع القرآن رضي الله عنه. أمير المؤمنين سيدنا عثمان بن عفان جامع القرآن رضي الله عنه: هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي أبو عبد الله وأبو عمرو القرشي الأموي أمير المؤمنين ذو النورين أحد السابقين الأولين وأحد من جمع القرآن حفظاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض عليه. عرض عليه القرآن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي وأبو عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش وأبو الأسود الدؤلي ويقال وعبد الله بن عامر فيما ذكره الوليد بن مسلم عن يحيى بن الحارث، تزوج بابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية فولدت له عبد الله وبه كان يكنى ثم كني بأبيه عمرو فما توفيت رقية ليالي بدر زوجه النبي صلى الله عليه وسلم بأختها أم كلثوم. وكان معتدل الطول كثير اللحية حسن الوجه أسمر بعيد ما بين المنكبين يخضب بالصفرة. قال السائب: رأيته فما رأيت شيئاً أجمل منه وكان أصغر من النبي صلى الله عليه وسلم بست سنين. قتل شهيداً مظلوماً في داره يوم الأربعاء وقيل يوم الجمعة بعد العصر وكان صائماً ثامن عشر الحجة سنة خمس وثلاثين وله اثنتان وثمانون سنة على الصحيح قاتل الله من قتله ودفن ليلة السبت بالبقيع وصلى عليه جبير بن مطعم. قال: لم يشك في هلال رمضان حتى قتل عثمان رضي الله تعالى عنه أهـ. انتهى ملخصاً من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص (507) تقدم.

83- عدي بن حاتم رضي الله عنه.

83- عدي بن حاتم رضي الله عنه. عدي بن حاتم رضي الله عنه: هو أبو طريف بفتح المهملة وآخره فاء عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج - بفتح المهملة وسكون المعجمة آخره جيم - الطائي صحابي شهير، وكان ممن ثبت على الإسلام في الردة وحضر فتوح العراق وحروب علي. ومات سنة ثمان وستين وهو ابن مائة وعشرين سنة وقيل مائة وثمانين. أفدناه من الحافظ ابن حجر، تقريب التهذيب ص (237) تقدم. 84- الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الإمام أبو الحسن الهاشمي أمير المؤمنين وأحد السابقين الأولين فضائله أكثر من أن تحصى ومناقبه أعظم من أن تستقصى، روينا عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: ما رأيت ابن أنثى أقرأ لكتاب الله تعالى من علي، وقال أيضاً: ما رأيت أقرأ من علي. عرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو من الذين حفظوه أجمع بلا شك عندنا. وقد أبعد الشعبي في قوله: إنه لم يحفظه، قال يحيى بن آدم قلت لأبي بكر بن عياش يقولون إن عليًّا رضي الله عنه لم يقرأ القرآن فقال: أبطل من قال هذا، عرض عليه أبو عبد الرحمن السلمي وأبو الأسود الدؤلي وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وأجمع المسلمون على أنه قتل شهيداً يوم قتل وما على وجه الأرض أفضل منه، ضربه عبد الرحمن بن ملجم صبيحة سابع عشر شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة بالكوفة وهو ابن ثمان وخمسين سنة فبما قاله ابنه الحسين رضي الله عنه فعلى هذا يكون أسلم وهو ابن ثمان سنين. وقال محمد بن الحنفية: قتل أبي وله ثلاث وستون سنة وكذا قال الشعبي وابن عياش وجماعة، وقيل ابن سبع وخمسين سنة رضي الله عنه ورحمه رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (546 - 547) تقدم. 85- الشيخ صبرة الغرياني. الشيخ صبرة الغرياني: هو علي بن أحمد صبرة الغرياني مصري عالم أزهري شافعي المذهب اشتغل بتدريس التجويد وغيره من العلوم العربية والشرعية في القسم الأول

86- الكسائي الكبير الإمام أحد الأئمة السبعة.

-الإعدادي حاليًّا - بالأزهر الشريف سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف من هجرة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم. ومن تصانيفه كتاب: "العقد الفريد في فن التجويد" المعروف بالعقد الفريد الكبير وله تلخيص عليه وكلاهما مطبوع. وقد فرغ من تأليف العقد الفريد صباح الجمعة المبارك الثاني عشر من ربيع الأول من السنة المذكورة رحمه الله تعالى. أفدناه من كتابه العقد الفريد وقد ذكرناه في المراجع أهـ. 86- الكسائي الكبير الإمام أحد الأئمة السبعة. الكسائي الكبير الإمام أحد الأئمة السبعة: هو علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي مولاهم وهو من أولاد الفرس من سواد العراق كذا قال أبو بكر بن أبي داود السجستاني أبو الحسن الكسائي الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد حمزة الزيات. أخذ القراءة عرضاً عن حمزة أربع مرات وعليه اعتماده وعن محمد بن أبي ليلى وعيسى بن عمر الهمذاني. وروى الحروف عن أبي بكر بن عياش وإسماعيل ويعقوب ابني جعفر عن نافع ولا يصح قراءته على نافع كما ذكره الهذلي بل ولا رآه وعن المفضل بن محمد الضبي وعن زائدة بن قدامة عن الأعمش وعن آخرين. ورحل إلى البصرة فأخذ اللغة عن الخليل. أخذ عنه القراءة عرضاً وسماعاً خلق كثير منهم المكثرون والمقلون. فمن المكثرين: إبراهيم بن زاذان وإبراهيم بن الحريش وأحمد بن جبير وأحمد بن أبي سريج وحفص بن عمر الدوري وعبد الرحمن بن واقد وعبد الله بن أحمد بن ذكوان راوي ابن عامر، وعيسى بن سليمان والفضل بن إبراهيم وأبو عبيد القاسم بن سلام والليث بن خالد ويحيى بن آدم. ويحيى بن زياد الخوارزمي وخلق غير هؤلاء المكثرين. ومن المقلين: إسحاق بن إسرائيل وحاجب بن الوليد، وحجاج بن يوسف بن قتيبة، وخلف بن هشام البزار - الإمام - وزكريا بن يحيى الأنماطي، وأبو حيوة شريح بن يزيد، ومحمد بن يزيد الرفاعي، ويحيى بن زياد الفراء، ويعقوب الدورقي، ويعقوب الحضرمي - الإمام - روى عنه الحروف وغيرهم ... وروى عنه من الأئمة غير من تقدم الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وقال:

ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي وقال الشافعي رحمه الله: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي. وقال الفضل بن شاذان: لما عرض الكسائي على حمزة خرج إلى البدو فشاهد العرب وأقام عندهم حتى صار كواحد منهم ثم دنا الحضر وقد علم اللغة. وقال أبو بكر الأنباري: اجتمعت في الكسائي أمور كان أعلم الناس بالنحو وأوحدهم في الغريب وكان أوحد الناس في القرآن فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليهم فيجمعهم ويجلس على كرسي ويتلو القرآن من أوله إلى آخره وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادي. ويقول ابن الدورقي: اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد فحضرت صلاة فقدموا الكسائي يصلي فارتج عليه قراءة: {قُلْ يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] فقال اليزيدي قراءة: {قُلْ يا أيها الكافرون} [الكافرون: 1] ترتج على قارئ الكوفة قال فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي فارتج في الحمد فلما سلم قال: احفظ لسانك لا تقول فتبتلى ... إن البلاء موكل بالمنطق واختلف في تسميته بالكسائي فروى أنه سئل عن ذلك فقال: لأني أحرمت في كساء وقيل لأنه كان يتشح بكساء ويجلس في حلقة حمزة فيقول: اعرضوا علي صاحب الكساء. وقد ألف من الكتب: كتاب معاني القرآن، كتاب القراءات، كتاب العدد، كتاب النوادر الكبير والأوسط والصغير وكتاباً في النحو، كتاب الهجاء، كتاب مقطوع القرآن وموصوله وغيرها. واختلف في تاريخ موته فالصحيح الذي أرخه غير واحد من العلماء والحفاظ سنة تسع وثمانين ومائة صحبه هارون الرشيد بقرية رنبويه من عمل الري متوجهين إلى خراسان ومات معه بالمكان المذكور محمد بن الحسن القاضي صاحب أبي حنيفة فقال الرشيد: دفنا الفقه والنحو بالري، وقيل سنة إحدى وثمانين وقيل سنة اثنتين وثمانين وقيل سنة ثلاث وثمانين وقيل سنة خمس وثمانين وقيل سنة ثلاث وتسعين. قال الحافظ أبو العلاء الهمذاني: بلغني أن الكسائي عاش سبعين سنة ورثاه

87- العلامة المنصوري شيخ شيوخنا.

أبو محمد اليزيدي مع محمد بن الحسن فقال: تصرمت الدنيا فليس خلود ... وما قد نرى من بهجة ستبيدُ لكل امرئ كأس من الموت مترع ... وما إن لنا إلا عليه ورودُ ألم تر شيباً كاملاً يندر البلى ... وأن الشباب الغضَّ ليس يعود سنفنى كما أفنى القرون التي خلت ... فكن مستعدًّا فالفناء عتيدُ أسيت على قاضي القضاة محمد ... وفاضت عيوني والعيون جمودُ وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا ... بإيضاحه يوماً وأنت فقيدُ وأقلقني موت الكسائي بعده ... وكادت بي الأرض الفضاء تميد وأذهلني عن كل عيش ولذة ... وأرق عيني والعيون هجود هما عالما أوديا وتخرَّما ... فما لهما في العالمين نريدُ فحزني متى يخطر على القلب خطرة ... بذكرهما حتى الممات جديد اهـ أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (535 - 540) تقدم. 87- العلامة المنصوري شيخ شيوخنا. العلامة المنصوري شيخ شيوخنا: هو علي بن سليمان بن عبد الله المنصوري شيخ القراءات بالآستانة وهو مصري الأصل مات في أسكدار له كتب منها: "تحرير الطرق والروايات في القراءات". وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائة بعد الألف من الهجرة النبوية انتهى ملخصاً من الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (104) تقدم. هذا ما جاء في كتاب الأعلام في جزئه الخامس كما ذكرنا. وجاء في كتاب عمدة الخلان شرح زبدة العرفان عن هذا العلم ما نصه: "الإمام النحرير والأستاذ الكبير منبع الفيض المعنوي والصوري الشيخ علي المنصوري رحل - أي من مصر - في حدود سنة 1088هـ ثمان وثمانين بعد الألف إلى دار الخلافة العلية حميت عن الآفات والبلية فتحفل لنشر علم القراءة على طريق مصر للطالبين فلازم مجلسه جم غفير من الآخذين الراغبين فأقرأهم بكمال الإتقان والتوضيح ... إلى أن قال وتوفي الشيخ علي المنصوري في اليوم الثالث من المحرم سنة 1134هـ أربع وثلاثين ومائة وألف. انظر عمدة الخلان شرح زبدة العرفان في القراءات

88- أبو البقاء المعروف بابن القاصح.

العشر ص (6) تقدم ذكره قلت: وهذا العلم من رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا للقراءات سبعية كانت أو عشرية وقد نقلنا من كلامه الكثير في كتيبنا هذا رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. 88- أبو البقاء المعروف بابن القاصح. أبو البقاء المعروف بابن القاصح: سنة 716 - 801هـ - 1315 - 1399م: هو علي بن عثمان بن محمد بن أحمد أبو البقاء ويعرف بابن القاصح عالم بالقراءات من أهل بغداد له كتب منها: سراج القارئ المبتدى وتذكار المقري المنتهى ط وهو شرح على الشاطبية - في القراءات السبع وتلخيص الفوائد ط شرح رائية الشاطبي المسماة عقلية أتراب القصائد في رسم المصحف. وقرة العين مخطوط في التجويد ومصطلح الإشارات في القراءات مخطوط أهـ من الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (127) وكذلك المستدرك للأعلام المذكور الجزء العاشر ص (152) تقدم. وجاء في غاية النهاية هو علي بن عثمان بن محمد بن أحمد القاصح بالقاف العذري المصري الشافعي ناقل مصدَّر قرأ العشر وغيرها على أبي بكر الجندي وإسماعيل الكفتي وألف وجمع قرأ عليه "بياض" توفي سنة "بياض" وثمنمائة أهـ من غاية النهاية الجزء الأول ص (555) تقدم. قلت: ولابن القاصح غير ما تقدم مخطوطتان نفيستان إحداهما في الإمالة والأخرى في وقف حمزة وهشام على الهمز رحمه الله تعالى رحمة واسعة ورحمنا معه بمنه وكرمه آمين. 89- العلامة الشيخ الميهي الكبير. العلامة الشيخ الميهي الكبير: سنة ... - 1204هـ - ... - 1790م: هو علي بن عمر بن أحمد العوفي الميهي قارئ متصوف شافعي كان ضريراً ولد في "الميه" من قرى منوف بمصر وإليها نسبته وتعلم في الأزهر واشتهر في "طندتا" المسماة اليوم "طنطا" وتوفي بها له "الرقائق المنطمة على الدقائق المحكمة مخطوط أهـ من الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (132) تقدم. قلت: وهذا العالم الجليل من شيوخنا في الإسناد في بعض إجازاتي للقراءات كما هو مثبت في مقدمة كتابنا هذا وهو من رجال مشيخة طنطا ووالد

90- العلامة الضباع شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية الأسبق.

العلامة الشيخ مصطفى الميهي الأحمدي المعروف بالميهي الصغير وقد ترجمنا له في هذا الكتاب. رحم الله الجميع وأوردهم موارد عفوه آمين. 90- العلامة الضباع شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية الأسبق. العلامة الضباع شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية الأسبق: هو علي بن محمد بن حسن بن إبراهيم الملقب بالضباع مصري علامة كبير وإمام مقدم في علم التجويد والقراءات والرسم العثماني وضبط المصحف الشريف وعد الآي وغيرها. ولي مشيخة عموم المقارئ والإقراء بالديار المصرية على رؤوس الأشهاد من كبار العلماء المبرزين عن جدارة فنال منهم مكان الصدارة. وكان محيطاً لا يغيض وبحراً في العلم لا يزال يفيض وكتب في كل ما له صلة بالقرآن فأحسن وأجاد وناقش فأفحم وأفاد ورد المغيرين على علوم القرآن بغيظهم لم ينالوا خيراً. وكفى الله بصولته المسلمين منهم شرًّا وضرًّا. وكان نقيًّا زكيًّا ورعاً تقيًّا زاهداً عابداً متواضعاً لين الجانب سمحاً كريم النفس لا يفتر عن تلاوة القرآن وعمر طويلاً. وله أقران مبرزون لم يبق منهم الآن إلا شيخنا في الإجازة العلامة الفذ الكبير فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد محمد الزيات المدرس بالأزهر سابقاً والمقرئ بالقاهرة المحروسة حاليًّا. وقد بورك للمترجم له في وقته فأخذ عنه التجويد والقراءات عالم كثير وجم غفير من مصر وخارجها لا يأتي عليهم العد وذاع صيته في كل مكان برفعة الشأن. فممن أخذ عنه القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة وطيبة النشر وكذلك القراءات الأربع التي فوق العشر من خارج مصر العلامة المحقق فضيلة الشيخ عبد العزيز بن الشيخ محمد علي عيون السود شيخ القراء وأمين الإفتاء بحمص بسوريا. وممن أخذ عنه أيضاً القراءات العشر ومن طريق طيبة النشر العلامة المحقق والثبت المدقق الشيخ أحمد حامد الريدي التيجي المدني ثم المكي المقرئ الكبير

وشيخ القراء بمكة المكرمة. وقد تلقى العلامة الضباع القراءات على غير واحد من ثقات الجهابذة الأثبات منهم: العلامة المحقق الشيخ حسن الكتبي والأستاذ الكبير الشيخ عبد الرحمن الخطيب الشعار. وقد أخذ هذان العالمان على خاتمة المحققين العلامة الشيخ محمد بن أحمد المعروف بالمتولي شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية في وقته. هذا: وللعلامة الضباع - رحمه الله تعالى - مؤلفات كثيرة نجتزئ منها بعضها: 1- "إرشاد المريد إلى مقصود القصيد" شرح على الشاطبية في القراءات السبع وهذا هو الشرح الصغير "مطبوع". 2- "إنشاد الشريد من معاني القصيد" شرح آخر على الشاطبية في القراءات السبع وهو المعروف بالشرح الكبير "مخطوط". 3- البهجة المرضية شرح الدرة المضية" في القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر "مطبوع". 4- الأقوال المعربة "عن مقاصد الطيبة" في القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر "مخطوط" في مجلدين كبيرين. 5- قطف الزهر من ناظمة الزهر في علم الفواصل "مخطوط". 6- "إرشاد الإخوان إلى شرح مورد الظمآن" في الرسم "مخطوط". 7- الفوائد المدخرة شرح الفوائد المعتبرة في قراءات الأربعة الذين بعد العشرة "مخطوط". 8- هداية المريد إلى رواية أبي سعيد. وهو شرح على منظومة شيخ شيوخنا العلامة المتولي في رواية ورش من طريق الشاطبية "مطبوع". 9- الجوهر المكنون: شرح رواية قالون وهو من نظمة وشرحه "مطبوع". 10- المطلوب في بيان الكلمات المختلف فيها عن أبي يعقوب "مطبوع". 11- صريح النص في بيان الكلمات المختلف فيها عن حفص "مطبوع". 12- تذكرة الإخوان: في أحكام رواية حفص بن سليمان "مطبوع".

13- كتاب الفرائد المرتبة: على الفوائد المهذبة، في بيان خلف حفص من طريق الطيبة "مطبوع" وهو من نظمه وشرحه. 14- القول الأصدق في بيان ما خالف فيه الأصبهاني الأزرق عن ورش "مطبوع". 15- فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن "مطبوع". 16- الإضاءة في بيان أصول القراءة بالنسبة للقراء العشرة "مطبوع". 17- الشرح الصغير على تحفة الأطفال "تجويد" "مطبوع". 18- أقرب الأقوال على فتح الأقفال حاشية على شرح تحفة الأطفال "مطبوع". 19- بلوغ الأمنية: شرح إتحاف البرية في تحرير الشاطبية "مطبوع". 20- الدر النظيم شرح فتح الكريم في تحرير الطيبة "مخطوط". 21- البدر المنير في قراءة ابن كثير "مخطوط". 22- إتحاف المريد بشرح فتح المجيد في قراءة حمزة من طريق القصيد "مخطوط". 23- نور العصر في تاريخ رجال النشر "مخطوط". 24- الدرر الفاخرة في أسانيد القراءات المتواترة "مخطوط". 25- الشرح الكبير لتحفة الأطفال "تجويد" وهو المسمى "بمنحة ذي الجلال" في شرح تحفة الأطفال "مطبوع ونفد". 26- سمير الطالبين: في رسم وضبط الكتاب المبين "مطبوع". 27- شرح رسالة قالون من نظم العلامة الشيخ محمد سعودي إبراهيم "مطبوع". وله كتب أخرى غير ما ذكرنا وتحقيقات على كتب من تقدمه كالنشر للحافظ ابن الجزري "مطبوع". وعين - رحمه الله تعالى - مراجعاً للمصاحف الشريفة بمشيخة المقارئ المصرية قبل توليه لرئاسة هذه المشيخة وبعدها أيضاً فكان يعنى بكتاب الله تعالى ويسهر عليه ويحتاط له حتى تخرج طبعاته دقيقة مطابقة للأحكام المتعلقة بكتابة المصاحف وله دور كبير في هذا المجال يسجله له التاريخ بأحرف من نور ويذكر له عشرات الآلاف من حفاظ القرآن الكريم في أرجاء المعمورة.

91- الملا علي القاري.

وبعد حياة حافلة بالخدمات الجليلة لكتاب الله العزيز فاضت روح المترجم له إلى بارئها في نحو سنة ست وسبعين وثلثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأسنى التحية رحم الله المترجم له وأجزل له المغفرة والثواب وجزاه الله عن القرآن وأهله خيراً آمين. 91- الملا علي القاري. الملا علي القاري: هو علي بن محمد بن سلطان وقيل علي بن سلطان الهروي المعروف بالقاري نورالدين فقيه حنفي من صدور العلم في عصره. ولد في هراة وسكن مكة المشرفة وتوفي بها. وله كتب كثيرة في القراءات والحديث وغيرهما منها: شرح الشاطبية في القراءات السبع، وشرح المقدمة الجزرية في التجويد، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح في الحديث الشريف وشرح الشفاء للقاضي عياض وكلها مطبوعة. توفي رحمه الله تعالى سنة أربع عشرة وألف من الهجرة النبوية أهـ انظر الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (166) تقدم. 92- الربيع اليمني الزبيدي. الربيع اليمني الزبيدي: ترجم لهذا العلم تلميذه العلامة أبو سالم العياشي في الرحلة العياشية في ذكر من لقيه بالمدينة المنورة من المشايخ الأعلام ترجمة واسعة نذكر منها بعضها: قال: أول من قرأت عليه بالمدينة المنورة وأخذت عنه بقية السلف الصالح أستاذ المقرئين وإمام المحدثين الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن الربيع اليمني الزبيدي زاده الله عزًّا وشرفاً وأسكنه من منازل القرب غرفاً هو من قدماء مشايخي لقيته بمكة المكرمة سنة أربع وستين بعد الألف فأخذت عنه ما تيسر لي وأجازني كما هو مذكور في كتابنا.. إلى أن قال: ولما قدم شيخنا أبو الحسن المدينة المنورة أي بعد ملاقاته بمكة المشرفة، ونزل بجوار المسجد وكان قدم بأهله قاصداً للزيارة واجتمعت به في الحرم الشريف وآنست به فسألته أن أقرأ عليه ختمة من القرآن العظيم بقراءة الإمام عبد الله بن كثير المكي فأذن في ذلك وجعل لي وقتاً معلوماً بين من يقرأ عليه. وكان محققاً للقراءات

السبع مجوداً لها حسن التلاوة ما سمعت أذني في أقطار الأرض كلها على كثرة من سمعت أحسن منه تلاوة للقرآن وأطيب منه نغمة به وأجود منه ترتيلاً، له يعطي الحروف حقها في مخارجها من غير إفراط ولا تفريط في تؤدة وسكون ووقار بقراءة مسترسلة متناسبة لا يرجع فيها ترجيع أهل الألحان ولا يسرع إسراع الهزرمة ولا يمد في غير المد ولا يتركه في محله محافظاً على مراتبه من توسط وإشباع وقصر، مجيداً للنطق بالإمالة وتسهيل الهمز مراعياً لصفات الحروف من تفخيم وترقيق وتغليظ وتشديد وغنه وإظهار وإخفاء. إذا سمعته يقرأ رأيته يخشى الله فجزاه الله عن كتابه خيراً وكان أيام إقامته بالمدينة المنورة كثيراً ما يقدم للإمامة لحسن صوته وعذوبة قراءته وتزاحم الناس على القرب منه لسماع قراءته ... إلى أن قال: فلما كان اليوم الذي قبل خروجه من المدينة ذهب لزيارة قباء ولحقته هناك وقرأت عليه حين قاربت الختم وقرأت عليه أيضاً المقدمة الجزرية في تجويد القرآن وتفرغ لي رحمه الله ذلك اليوم عن جميع أشغاله وفي الغد يوم رحيله ختمت عليه بالحرم النبوي قرب المواجهة فكانت مدة القراءة نحو من سبعة عشر يوماً ... كتبت بين يديه رضي الله عنه بعد فراغي من قراءة المقدمة الجزرية إجازة بالمقدمة الجزرية وبقراءة ابن كثير وبسائر مروياته وكانت الكتابة هذه ظهر يوم الأربعاء الموافق عشرين من شهر الله صفر عام 1073هـ ثلاث وسبعين وألف ... إلى أن قال: ثم كتب الشيخ رضي الله عنه بخط يده عقب ما كتبته ما نصه: الحمد لله رب العالمين حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده صحيح ما كتبه الأخ في الله تعالى وقد استخرت الله تعالى وأجزت ذلك وجميع مروياتي في علم القراءات بمضمون الشاطبية والتيسير وجميع ما يجوز لي روايته من كتب الحديث وغيرها لعلمي بأهليته ... إلى أن قال: قال ذلك بفمه ورقمه بقلمه أفقر عباد الله وأحوجهم إليه العبد الفاني علي بن محمد بن عبد الرحمن الربيع الشيباني الشافعي مذهباً الزبيدي بلداً وموطناً، الأشعري معتقداً حامداً مصلياً عفا الله عنه وعن مشايخه في الدارين آمين وعن جميع المسلمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ... ثم ذكر بعد ذلك أسانيد شيخه الإمام أبي الحسن الربيع المترجم له في القراءات إلى الحافظ ابن الجزري ثم إلى الحافظ أبي عمرو الداني

93- الإمام العلامة أبو الحسن السخاوي.

ثم قال بعد ذلك - وخرج - أي الشيخ أبو الحسن - رحمه الله تعالى - قافلاً إلى بلاده يوم الخميس الواحد والعشرين من صفر وودعناه وأدعناه الدعاء. وأودعنا وكان رضي الله عنه كثير الحج قلما يخلو له عام من حج مع أنه فقير لا مال له انتهى كلام العلامة العياشي ملخصاً. قلت: ويوخذ من كلام العلامة العياشي في رحلته الذي ذكرناه أن العلامة الشيخ أبا الحسن المترجم له كان كثير الحج والترداد على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرئ الناس أيام إقامته بالمدينة المنورة وكان يؤم الناس في الصلاة وأنه كان من أعيان علماء القرن الحادي عشر الهجري ولم نعثر له على تاريخ وفاته رحمه الله تعالى رحمة واسعة ورحمنا معه بمنه وكرمه آمين. أهـ ملخصاً من كتاب "الرحلة العياشية" الجزء الأول ص (314 - 319) تقدم. 93- الإمام العلامة أبو الحسن السخاوي. الإمام العلامة أبو الحسن السخاوي: هو علي بن محمد بن عبد الصمد بن عبد الأحد بن عبد الغالب بن عطاس الإمام العلامة علم الدين أبو الحسن الهمذاني السخاوي المقرئ المفسر النحوي اللغوي الشافعي شيخ مشايخ الإقراء بدمشق. ولد سنة ثمان أو تسع وخمسين وخمسمائة بسخا من عمل مصر وسمع بإسكندرية من السلفي وأبي طاهر بن عوف وبمصر من عساكر بن علي والبوصيري وابن ياسين وغيرهم. قرأ القراءات بالديار المصرية على ولي الله أبي القاسم الشاطبي وبه انتفع وعلى أبي الجواد وأبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي وعساكر بن علي ثم رحل إلى دمشق فقرأ القراءات الكثيرة على أبي اليمن الكندي وأخذ عنه النحو واللغة والأدب وروى كتاب المصباح لأبي الكرم الشهرزوري بقراءته عن داود بن أحمد بن محمد البغدادي عن المؤلف سماعاً وسمع من القاسم بن عساكر وحنبل بن عبد الله وغيرهم. وكان إماماً علامة محققاً مقرئاً مجوداً بصيراً بالقراءات وعللها إماماً في النحو واللغة والتفسير والأدب. أتقن هذه العلوم إتقاناً بليغاً وليس في عصره من يلحقه فيها وكان مع ذلك ديناً خيراً متواضعاً مطرح التكليف حلو المحاضرة حسن النادرة حاد القريحة من أذكياء بني آدم وافر الحرمة كبير القدر ليس له شغل إلا

94- الإمام أبو الحسن بن بري.

العلم والإفادة أقرأ الناس نيفاً وأربعين سنة بجامع دمشق عند رأس يحيى بن زكريا عليهما السلام وقصده الطلبة من الآفاق وازدحموا عليه وتنافسوا في الأخذ. قال الحافظ أبو عبد الله في تاريخ الإسلام قرأ عليه خلق كثير إلى الغاية ولا أعلم أحداً من القراء في الدنيا أكثر أصحاباً منه. وممن قرأ القراءات السبع أبو الفتح محمد بن علي الأنصاري والحافظ أبو شامة والقاضي عبد السلام الزواوي والرشيد أبو بكر بن أبي الدر والتقي يعقوب الجرايدي وغيرهم ممن يخطئهم العد وألف الكثير من الكتب منها: شرح الشاطبية وسماه فتح الوصيد وهو أول من شرحها بل هو - والله أعلم - سبب شهرتها في الآفاق وإليه أشاد الشاطبي بقوله: "يقيض الله لها فتى يشرحها" وشرح الرائية وسماه "الوسيلة إلى شرح العقيلة" وله كتاب جمال القراء وكمال الإقراء فيه عدة مصنفات وهو من أجل الكتب وكتاب المفضل في شرح المفصل وهو كتاب نفيس في أربعة أسفار وكتاب القصائد السبعة في مدح سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شرحه الشيخ أبو شامة وغيرها. قال أبو شامة: وفي ثاني عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وستمائة توفي شيخنا علم الدين علامة زمانه وشيخ أوانه بمنزله بالتربة الصالحية ودفن بقاسيون وكانت على جنازته هيبة وجلالة وإخبات ومنه استفدت علوماً جمة كالقراءات والتفسير وفنون العربية وصحبته من شعبان سنة أربع عشرة وستمائة وهو عني راض رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (568 - 571) تقدم. 94- الإمام أبو الحسن بن بري. الإمام أبو الحسن بن بري: هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد بن الحسين الرباطي المعروف بابن بري. كان عالماً فاضلاً عارفاً بالقراءات وتوجيهها والتفسير والفقه واللغة وغيرها. وولي كتابة الخلافة بالمغرب وله تآليف عديدة منها: "الدر اللوامع" نظمه في أصل مقرأ الإمام نافع وغيره وهذا النظم المبارك تعاقب عليه شراح كثيرون من بعده وهذا دليل على القبول. ولد بتازة في حدود سنة ستين وستمائة وتوفي سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة للهجرة وقيل قبل ذلك بعام رحمه الله تعالى.

95- الإمام أبو الحسن علي النوري الصفاقسي.

انتهى من خاتمة كتاب النجوم الطوالع شرح الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع للعلامة إبراهيم المارغني سبقت الإشارة إليه. هذا: وجاء في معجم المؤلفين لكحالة ج7 ص (220) بالنسبة لتاريخ الوفاة أنه عام 730هـ ثلاثين وسبعمائة وفي رواية إحدى وثلاثين وسبعمائة وفي أخرى ثلاثة وثلاثين وسبعمائة. وانظر الأعلام للزركلي ج5 ص (156) تقدم. 95- الإمام أبو الحسن علي النوري الصفاقسي. الإمام أبو الحسن علي النوري الصفاقسي: هو أبو الحسن علي بن محمد النوري بن سليم الصفاقسي كان رجلاً صالحاً تقيًّا عفيفاً متكلماً محدثاً مفسراً واعظاً عارفاً بعلوم العربية بأسرها وبأصوله الفقه وفروعه والقراءات وأحكامها. وكان مصلحاً أنشأ المدارس القرآنية. ومجاهداً رابط في الثغور وجهز الغازين. وقاتل في سبيل الله تعالى وصنف كثيراً من كتب القراءات والتجويد والفقه وغيرها ومن ذلك "كتاب غيث النفع في القراءات السبع" وهو عمدة الطلاب والمقرئين في الدنيا، وما جاء بعده فعالة عليه ومرده إليه و"كتاب تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين عما يقع لهم من الخطأ خال تلاوتهم لكتاب الله المبين" وهو عمدة الطلاب والمقرئين في فن التجويد وغير هذين الكتابين كثير. ولد بصفاقس بتونس في سنة ثلاث وخمسين وألف من الهجرة. وتوفي بها سنة سبع عشرة ومائة وألف هجرية رحمه الله رحمة واسعة أهـ بتصرف من المترجم له "تنبيه الغافلين" فصل التعريف بالمؤلف تقديم وتصحيح محمد الشاذلي النيفر - نشر وتوزيع مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله بتونس عام 1974م تقدم. وانظر الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (183) تقدم. 96- أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بتقديم الراء على الزاي بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي العدوي أمير المؤمنين أبو حفص رضي الله عنه.

97- سيبويه.

وردت الراوية عنه في حروف القرآن وقال أبو العالية الرياحي: قرأت القرآن على عمر أربع مرات وأكلت معه اللحم رواه جماعة من الثقات عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين قالت: قال لي أبو العالية فذكرته وهذا سند صحيح لا شك فيه. ومناقبه أعظم من أن تذكر روينا عن علي رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر فقال: يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي قال: فما أخبرتهما حتى ماتا. ومن حديث الصعب بن جثامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة، واستشهد رضي الله عنه يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين. وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وعشرة أيام انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (591) تقدم. وانظر تقريب التهذيب للحافظ ابن الحجر ص (253) تقدم. 97- سيبويه. سيبويه: هو أبو بشر عمرو بن عثمان الحارثي بالولاء، ومعنى سيبويه رائحة التفاح بالفارسية كان إمام النحاة ومصنف "الكتاب" في النحو لا مثيل له، ولد سنة ثمانية وأربعين ومائة وتوفي سنة ثمانين ومائة للهجرة على الأظهر رحمه الله رحمة واسعة. أهـ بتصرف من الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (252) تقدم. 98- قالون: راوي الإمام نافع المدني. قالون: راوي الإمام نافع المدني: هو عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد بن عمر بن عبد الله الزرقي ويقال المري مولى بني زهرة أبو موسى الملقب قالون قارئ المدينة ونحويها، يقال إنه ربيب نافع وقد اختص به كثيراً وهو الذي سماه قالون لجودة قراءته فإن قالون بلغة الرومية جيد ... قال الأهوازي ولد سنة عشرين ومائة. وقرأ على نافع سنة خمسين قال قالون: قرأ على نافع قراءته غير مرة وكتبتها في كتابي.

99- ابن وردان: راوي الإمام أبي جعفر المدني.

أخذ قالون القراءة عرضاً عن نافع قراءة نافع وقراءة أبي جعفر وعرض أيضاً على عيسى بن وردان روى القراءة عنه خلق كثير منهم: إبراهيم وأحمد ولداه وإبراهيم بن الحسين الكسائي وإبراهيم بن محمد المدني وأحمد بن صالح المصري وأحمد بن يزيد الحلواني وإسماعيل بن إسحاق القاضي وغيرهم. وكان قالون أصم لا يسمع البوق فإذا قرأ عليه قارئ فإنه يسمعه وتوفي قالون سنة عشرين ومائتين على الأصح رحمه الله تعالى. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الأول ص (615 - 616) تقدم. 99- ابن وردان: راوي الإمام أبي جعفر المدني. ابن وردان: راوي الإمام أبي جعفر المدني: هو عيسى بن وردان أبو الحارث المدني الحذاء إمام مقرئ حاذق وراو محقق ضابط عرض على أبي جعفر وشيبة ثم عرض على نافع وهو من قدماء أصحابه قال الداني: هو من جلة أصحاب نافع وقدمائها وقد شاركه في الإسناد وعرض عليه إسماعيل بن جعفر وقالون ومحمد بن عمر الواقدي مات فيما أحسب في حدود الستين ومائة أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (616) تقدم. 100- ابن أبي داود المحدث. ابن أبي داود المحدث: هو عبد الله بن سليمان بن الأشعث أبو بكر السجستاني البغدادي الإمام المشهور صاحب كتاب المصاحف ابن الإمام أبي داود صاحب السنن ثقة كبير مأمون، روى الحروف عن أبي خلاد سليمان بن خلاد والحسن بن الأبح وأبي زيد عمر بن شيبة ويونس بن حبيب الأصبهاني وموسى بن حزام الترمذي ويعقوب بن سفيان الفسوي. وروى عنه القراءة ابن مجاهد والنقاش وعبد الواحد بن عمر ومحمد بن أحمد بن علي البغدادي وغيرهم. ولد سنة ثلاثين ومائتين وتوفي سنة ست عشرة وثلثمائة هجرية رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (420 - 421) تقدم.

101- الفضيل بن عياض رضي الله عنه.

101- الفضيل بن عياض رضي الله عنه. الفضيل بن عياض رضي الله عنه: هو أبو علي الفضيل بن عياض التميمي اليربوعي المرزوي شيخ الحرم والإمام القدوة شيخ الإسلام. روى عنه ابن المبارك ويحيى بن سعيد القطان والإمام الشافعي وبشر الحافي ويحيى بن يحيى التميمي وخلق كثير سكن مكة وكان إماماً ربانيًّا صمدانيًّا قانتاً ثقة كبير الشأن قال ابن المبارك: ما بقي على ظهر الأرض أفضل من الفضيل، وقال هارون الرشيد: ما رأيت في العلماء أهيب من مالك ولا أورع من الفضيل. وقال شريك: لم يزل لكل قوم حجة في زمانهم. وأن الفضيل بن عياض حجة لأهل زمانه، وقال إبراهيم بن الأشعث رأيت ابن عيينة يقبل يد الفضيل بن عياض مرتين، وقال النسائي ثقة مأمون، وقال عبد الصمد مردويه: سمعت الفضيل يقول: من جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، وقيل عنه إنه كان يقبل صلة ابن المبارك وكان بارًّا به ولا يقبل جوائز الدولة. توفي يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين ومائة للهجرة وقد نيف على الثمانين رحمه الله تعالى عليه. أهـ ملخصاً من تذكرة الحفاظ الجزء الأول ص (245 - 246) تقدم. 102- أبو عبيد القاسم بن سلام. أبو عبيد القاسم بن سلام: هو القاسم بن سلام أبو عبيد الخراساني الأنصاري مولاهم البغدادي الإمام الكبير الحافظ العلامة أحد الأعلام المجتهدين وصاحب التصانيف في القراءات والحديث والفقه واللغة والشعر. أخذ القراءة عرضاً وسماعاً عن علي بن حمزة الكسائي - الإمام - وشجاع بن أبي نصر وسليمان بن حماد وإسماعيل بن جعفر وحجاج بن محمد وهشام بن عمار وعبد الأعلى بن مسهر وسليم بن عيسى ويحيى بن آدم. وروى عنه القراءة أحمد بن إبراهيم وراق خلف وأحمد بن يوسف التغلبي وعلي بن عبد العزيز البغوي والحسن بن محمد بن زياد القرشي ومحمد بن

103- ولي الله تعالى الإمام الشاطبي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه.

أحمد بن عمر البابي وغيرهم. قال الداني: إمام أهل دهره في جميع العلوم صاحب سنة ثقة مأمون. وقال عبد الله بن طاهر: علماء الإسلام أربعة: عبد الله بن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه والقاسم بن معن في زمانه والقاسم بن سلام في زمانه. وقال ابن الأنباري: كان أبو عبيد يقسم الليل فيصلي ثلثه وينام ثلثه ويصنف ثلثه ومناقبه جمة، توفي سنة أربع وعشرين ومائتين للهجرة في المحرم بمكة المكرمة عن ثلاث وسبعين سنة. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (18 - 19) تقدم. 103- ولي الله تعالى الإمام الشاطبي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه. ولي الله تعالى الإمام الشاطبي رضي الله عنه ونفعنا بعلومه: هو القاسم بن فيره بكسر الفاء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء ومعناه بلغة عجم الأندلس الحديد بن خلف بن أحمد أبو القاسم وأبو محمد الشاطبي الرعيني الضرير، ولي الله الإمام العلامة أحد الأعلام الكبار والمشتهرين في الأقطار. ولد في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبة من الأندلس وقرأ ببلده القراءات وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي ثم رحل إلى بلنسية بالقرب من بلده فعرض بها التيسير من حفظه والقراءات على ابن هذيل وسمع منه الحديث وروى عنه وعن أبي عبد الله محمد بن أبي يوسف بن سعادة صاحب أبي علي الحسين بن سكرة الصدفي وعن الشيخ أبي محمد عاشر بن محمد بن عاشر وغيرهم. وأخذ عن أبي عبد الله محمد بن حميد كتاب سيبويه والكامل للمبرد وأدب الكاتب لابن قتيبة وغيرها ثم رحل للحج فسمع من أبي طاهر السلفي بالإسكندرية وغيره. ولما دخل مصر أكرمه القاضي الفاضل وعرف مقداره وأنزله بمدرسته التي بناها بدرب الملوخية داخل القاهرة وجعله شيخها وعظمه تعظيماً كثيراً ونظم قصيدتيه اللامية والرائية بها وجلس للإقراء فقصده الخلائق من الأقطار وكان إماماً كبيراً أعجوبة في الذكاء كثير الفنون آية من آيات الله تعالى غاية في القراءات

104- أبو الخطاب قتادة بن دعامة.

حافظاً للحديث بصيراً بالعربية إماماً في اللغة رأساً في الأدب مع الزهد والولاية والعبادة والانقطاع والكشف شافعي المذهب مواظباً على السنة. وكانت تصحح عليه نسخ البخارى ومسلم والموطأ من حفظه. وعرض عليه القراءات أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي وهو أجل أصحابه وأبو عبد الله محمد بن عمر القرطبي والسديد عيسى بن مكي ومرتضى بن جماعة بن عباد والكمال علي بن شجاع الضرير صهره والزين محمد بن عمر الكردي وأبو القاسم عبد الرحمن بن سعيد الشافعي وخلق غير هؤلاء. توفي رحمه الله تعالى في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة بالقاهرة ودفن بالقرافة بين مصر والقاهرة بمقبرة القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني وقبره مشهور معروف يقصد للزيارة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. انتهى مختصراً جدًّا من غاية النهاية الجزء الثاني ص (20 - 23) تقدم وانظر الأعلام للزركلي الجزء السادس ص (14) تقدم. قلت: وهذا الإمام الكبير من رجال إسنادي في إجازتي للقراءات السبع. 104- أبو الخطاب قتادة بن دعامة. أبو الخطاب قتادة بن دعامة: هو أبو الخطاب قتادة بن دعامة بن قتادة بن العزيز بن عمرو بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سدوس السدوسي البصري. تابعي كبير وإمام مقدم في الحديث والتفسير. روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وعكرمة وأبي الشعثاء وحميد بن عبد الرحمن بن عوف والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. وعنه أيوب السختياني وسليمان التيمي وحماد بن سلمة والليث بن سعد والأوزاعي وأبو عوانة وآخرون. قال له سعيد بن المسيب يتعجب من حفظه: ما كنت أظن أنه الله خلق مثلك وقال: ما أتاني عراقي أحسن من قتادة. وقال ابن سيرين: قتادة هو أحفظ الناس، وقال رجل لأبي قلابة: من أسأل؟ أسأل قتادة؟ قال: نعم سل قتادة. وقال شعبة: حدثت سفيان بحديث عن قتادة فقال لي وكان في الدنيا مثل

105- أبو الحارث راوي الكسائي.

قتادة. وقال أبو حاتم: سمعت أحمد بن حنبل وذكر قتادة فأطنب في ذكره فجعل ينشر في علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه وقال: قلما تجد من يتقدمه أما المثل فلعل. ولد قتادة سنة إحدى وستين للهجرة وتوفي سنة سبع عشرة ومائة منها على المشهور رحمه الله تعالى رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. انظر تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني الجزء الثامن ص (351 - 356) تقدم. 105- أبو الحارث راوي الكسائي. أبو الحارث راوي الكسائي: هو الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي ثقة معروف حاذق ضابط عرض على الكسائي - الإمام - وهو من جلة أصحابه. وروى الحروف عن حمزة بن القاسم الأحول وعن اليزيدي. روى القراءة عنه عرضاً وسماعاً سلمة بن عاصم صاحب الفراء ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير والفضل بن شاذان ويعقوب بن أحمد التركماني. توفي سنة أربعين ومائتين للهجرة. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (34) تقدم. 106- الإمام مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه. الإمام مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه: هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر أبو عبد الله الأصبحي المدني إمام دار الهجرة وصاحب المذهب، أخذ القراءة عرضاً عن نافع بن أبي نعيم روى القراءة عنه أبو عمرو الأوزاعي ويحيى بن سعيد والحلواني في قول الهذلي ولا يصح. ولد سنة ثلاث وسبعين ومات سنة تسع وسبعين ومائة للهجرة رحمه الله تعالى رحمة واسعة وجزاه عن الأئمة خيراً. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (35 - 36) تقدم.

107- الإمام أبو الكرم الشهرزوري.

107- الإمام أبو الكرم الشهرزوري. الإمام أبو الكرم الشهرزوري: هو المبارك بن الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور الأستاذ أبو الكرم الشهرزوري إمام كبير متقن محقق أحد مشايخ هذا العلم ثقة صالح. قرأ على تسعة عشر رجلاً منهم: أحمد بن الحسن بن خيرون وأحمد بن عبد القادر بن محمد وأحمد بن علي بن محمد الهاشمي وأحمد بن علي بن سوار وثابت بن بندار البقال وولده أبو نصر الحسن بن أحمد بن علي، ورزق الله بن عبد الوهاب التميمي وسمع الحديث من جماعة لا يحصون وأجازه ابن هزار مرد وغيره وقرأ عليه خلق كثير منهم: محمد بن محمد بن هارون بن الكال الحلبي وعمر بن بكرون وعبد الواحد بن سلطان وهبة الله بن يحيى الشيرازي وغيرهم. وسمع منه الحروف أبو الفتوح نصر بن محمد بن علي بن الحصري تلاوة وسماعاً وأبو شجاع محمد بن أبي المعالي المقرون كذلك وهبة الله بن يحيى الشيرازي. وألف كتاب المصباح الزاهر: في العشر البواهر من أحسن من ألف في هذا العلم. وذكر غير واحد من الحفاظ بأن أبا الكرم شيخ صالح دين خير قيم بكتاب الله تعالى عارف باختلاف الروايات والقراءة حسن السيرة جيد الأخذ على الطلاب ... أحد الشيوخ القراء المجودين المشهورين بحفظ القراءات وطرقها ومعرفة وجوهها وصنف في ذلك كتاباً حسنا سماه "المصباح في القراءات الصحاح" وكان عالماً فاضلاً أديباً ديناً حسن الطريقة ذا مروءة وسخاء وصولاً لأهله كانت له دنيا واسعة فأنفقها كلها على أهل الخير ... وقال أبو الفضل أحمد بن شافعي الجبلي: توفي شيخنا أبو الكرم الشهرزوري ليلة الخمس ثاني عشرين ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة نصف الليل وكنت هذا اليوم عنده مرتين وكلمني بكلام حسن وكان عقله ثابتاً وجأشه مستقيماً ولم أر من مات على مثله حاله في التيقظ والكلام والرأي إلى حين المعاينة. وصلى الله عليه يوم الخميس الشيخ أبو الحسن بن الخل الفقيه بمدرسته ثم مرة ثانية بالنظامية ثم حمل إلى باب حرب فدفن عند الشيخ أبي بكر

108- ابن كيسان.

الخطيب رحمه الله تعالى. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (38 - 40) تقدم. 108- ابن كيسان. ابن كيسان: هو محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو الحسن المعروف بابن كيسان عالم بالعربية نحواً ولغة من أهل بغداد أخذ عن المبرد وثعلب. ومن كتبه: "تلقيت القوافي وتلقيت حركاتها" ط، و"المهذب" في النحو، و"غلط أدب الكاتب"، و"غريب الحديث"، و"معاني القرآن"، "والمختار في علل النحو". توفي سنة تسع وتسعين ومائتين للهجرة. انتهى من الأعلام للزركلي الجزء السادس (197) تقدم. 109- العلامة أبو شرع المرصفي: شيخ شيوخنا. العلامة أبو شرع المرصفي: شيخ شيوخنا: هو محمد بن أحمد بن سليمان المرصفي وكنيته أبو شرع وقد اشتهر بهذه الكنية شهرة بعيدة كما اشتهرت بها أسرته بمرصفا. وهو من شيوخ شيوخنا في القراءات السبع وجدي لأمي. عالم مصري محقق وثبت نحرير مدقق في القراءات وعلومها. لا يشق له غبار في هذا الشأن. وكان لا يفتر عن تلاوة القرآن بجانب تعليمه للناس. وقد كان عف اللسان عالي الهمة مهيباً وجيهاً ذا جاه ومنزلة عالية رفيعة عند العامة والخاصة. وقد بارك الله في عمره ووقته فأخذ عنه التجويد والقراءات وحفظه عليه القرآن الكريم خلق كثير وجم غفير من مرصفا وغيرها وجلهم علماء مبرزون حتى ذاع صيته وعمت شهرته في كثير من البلاد المصرية وقد حفظ القرآن الكريم على شيوخ الوقف بمرصفا. ثم رحل إلى مدينة شبلنجة فالتقى بالعارف بالله تعالى التقي الورع شيخ القراء والإقراء بمحافظة القليوبية في وقته الشيخ ضيف الله سالم عامر فأخذ عنه القراءات السبع بمضمن ما في الشاطبية للإمام الشاطبي رضي الله عنه وأجازه بها في 17 في ذي القعدة الحرام سنة 1317هـ ألف وثلثمائة وسبع عشرة للهجرة. ثم جلس للإقراء بمرصفا فأتى الناس إليه من كل حدب وصوب يحفظون عليه القرآن الكريم ويأخذون عنه التجويد والقراءات إفراداً وجمعاً

وينهلون من علمه الفياض. فممن أخذ عنه القراءات بمرصفا بلد المترجم له: 1- العلامة الشيخ محمود إبراهيم الجيزاوي ثم المرصفي وهذا العالم جلس للإقراء بمرصفا في حياة المترجم له وأقرأ كثيراً من الناس وتلامذته مشهورون رحمه الله. 2- العلامة الشيخ رفاعي محمد أحمد المجولي ثم المرصفي وقد جلس للإقراء في حياة المترجم له أيضاً وأقرأ الكثير من الناس بمرصفا وغيرها وتلامذته معروفون وهو أحد شيوخي في القراءات السبع. وقد قرأت عليه القرآن الكريم من أوله إلى آخره خمس مرات. الأولى: برواية حفص عن عاصم. الثانية: بقراءة الإمام عبد الله بن كثير المكي. والثالثة: بقراءة الإمام حمزة الكوفي. والرابعة: بقراءة الإمام الكسائي الكوفي. والخامسة: بالقراءاة السبع بمضمن ما في الشاطبية. وقد أجازني بكل ختمة إجازة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 3- المقرئ الكبير الشيخ زكي محمد عفيفي نصر المرصفي وقد أخذت عن هذا الشيخ الجليل القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم وقرأت عليه بهذه الرواية مرات وأقرأني القرآن الكريم محتسباً فلم يأخذ مني شيئاً من حطام الدنيا بل أكرمني كثيراً رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأورده موارد الأبرار وأحسن إليه كما أحسن إلي وجمعني وإياه في دار الكرامة والتنعيم إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير. 4- الشيخ عبد الصبور عبدربه. 5- الشيخ محمود محمد حشيش. 6- الشيخ زين العابدين السيد سابق وهو قارئ مشهور لا يزال حيًّا. 7- الشيخ محمد منصور عقاب. 8- الشيخ محمد مرعي الغباشي رحم الله الجميع.

9- ولد المترجم له وخالنا العزيز الشيخ محمد محمد أحمد شرع المشهور "بالشيخ سعيد" وهو لا يزال حيًّا يقرئ المسلمين كتاب ربهم نفع الله بعلمه المسلمين وأكثر من أمثاله بين الخلائق أجمعين. وممن أخذ عن المترجم له القراءات من بلاد أخرى غير مرصفا منهم: 10- الشيخ السيد محمد رشوان. 11- الشيخ مصيلحي محمد سلام وهذان من بلدة كفر فرسيس. 12- الشيخ حسين حمودة كان قارئاً مشهوراً ذا شهرة بعيدة. 13- الشيخ عبد الفتاح بيومي وهذان من بلدة مشتهر. 14- الشيخ محمد عبد الوهاب الشيمي الكبير. 15- الشيخ عطاء السيد برغوث مدرس بوزارة التربية والتعليم. 16- الشيخ عبد الحميد السيد عيد وهؤلاء الثلاثة من بلدة ميت كنانة. 17- الشيخ عبد العزيز أحمد الشلف كان قارئاً مشهوراً. 18- الشيخ مهدي محمد حسونة كان قارئاً مشهوراً. 19- الشيخ علي محمد شرف وهؤلاء الثلاثة من بلدة بتمدة. 20- العلامة المحقق الشيخ عبد الوهاب الخليفة المشهور بالحاج عبد الوهاب الخليفة وقد جلس للإقراء في بلده في حياة المترجم له. 21- العالم الجليل الشيخ حسن إبراهيم دعادر وقد جلس للإقراء في بلده في حياة المترجم له بجانب الحاج عبد الوهاب الخليفة. 22- الشيخ ثابت محمد نعيم. 23- الشيخ السيد طه صبيح وهؤلاء الأربعة من بلدة الشموت. 24- الشيخ عبد الحميد محمد عليش. 25- الشيخ عبد الحميد سلامة وهذان من بلدة عرب المقابلة. 26- الشيخ محمد عبد الحق وهو من بلدة الدبر. 27- الشيخ سيد أحمد محمد عسكر من بلدة كفر الشيخ إبراهيم وهو صهر المترجم له. 28- الشيخ أبو المعاطي سالم مصطفى قرأ على المترجم له قراءة الإمام

110- العلامة المتولي شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية في وقته.

نافع المدني وهو قارئ مشهور طبقت شهرته الآفاق وهو من بلدة شرنيس محافظة المنوفية رحمه الله تعالى. أما الذين حفظوا القرآن الكريم على المترجم له فخلق كثير يخطئهم العد ولا يأتي عليهم الحصر كما أخبرنا بذلك أهل العلم والمعرفة بمرصفا وغيرهم وبعد حياة حافلة مليئة بالخدمات الجليلة لكتاب الله تعالى زهاء نصف قرن من الزمان انتقل المترجم له إلى رحمة الله تعالى مساء يوم السبت التاسع من جمادى الثانية سنة 1362هـ ألف وثلثمائة واثنتين وستين من الهجرة الموافق للثاني عشر من يونية سنة 1943م ألف وتسعمائة وثلاث وأربعين للميلاد ودفن في اليوم التالي عن عمر يناهز السبعين سنة وشيعه خلق كثير من العلماء والوجهاء من مرصفا وغيرها من البلاد المجاورة رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأورده موارد عفوه آمين. 110- العلامة المتولي شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية في وقته. العلامة المتولي شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية في وقته: من أعلام القراء في أواخر القرن الثالث عشر الهجري ومطلع الرابع عشر هو محمد بن أحمد بن عبد الله الشهير بالمتولي. وجاء في كتابه "موارد البررة" للمترجم له أن اسمه "محمد الشهير بالمتولي بن أحمد بن الحسن بن سليمان

أهـ عالم كبير وبحر في علوم القرآن بلا نظير. غاية في التدقيق. نهاية في التحقيق. كان واسع الحفظ والاطلاع شديد الضبط للقراءات المتواترة والشاذة ومحيطاً بعلوم الرسم والضبط والفواصل. على دراية فائقة بمذاهب القراء والرواة والطرق". التحق بالأزهر الشريف بعد أن حفظ القرآن الكريم. وحصل كثيراً من العلوم العربية والشرعية وحفظ متون التجويد والقراءات والرسم والضبط والفواصل: كالمقدمة الجزرية وتحفة الأطفال والشاطبية والدرة وطيبة النشر والعقيلة وناظمة الزهر وغيرها. كتحرير الطيبة في أكثر من طريق وتلقى القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة ثم من طريق طيبة النشر وكذلك القراءات الأربع الزائدة على العشر على علامة وقته خاتمة المحققين السيد أحمد الدري المالكي الشاذلي المعروف بالتهامي. واشتغل بالإقراء والتأليف فأجاد وأفاد. وله زهاء الأربعين مصنفاً في القراءات وغيرها من علوم القرآن كالتجويد والرسم والضبط والفواصل نذكر منها: 1- فتح الكريم في تجويد القرآن العظيم "مختصر". 2- فتح الرحمن في تجويد القرآن "أوسع من السابق". 3- سفينة النجاة فيما يتعلق بقوله تعالى حاشا لله" طبع قديماً ونفد. 4- رسالة في مذهب القراء السبعة في ياءات الإضافة والزوائد. 5- تحقيق البيان في عد آي القرآن "مخطوط". 6- توضيح المقام في أحكام الوقف لحمزة وهشام "منظومة". 7- إتحاف الأنام شرح توضيح المقام "شرح على النظم السابق" "مطبوع". 8- الوجوه المسفرة في القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر "مطبوع". 9- منظومة في بيان ما يخالف فيه ورش المصري حفصاً عن عاصم الكوفي "مطبوع". 10- فتح المعطي وغنية المقري شرح به المنظومة المتقدمة "مطبوع".

11- منظومة في بيان الفواصل المختلف فيها بين أهل العدد "مطبوع". 12- منظومة دالية في أوجه (الآن) لورش "مطبوع". 13- منظومة دالية في أوجه (الآن) لورش أطول من السابق "مطبوع". 14- رجزية في بيان ما خالف فيه قالون ورشاً من طريق الشاطبية "مخطوط". 15- الكوكب الدري في قراءة أبي عمرو البصري نظم فيها ما خالف فيه أبو عمرو البصري حفصاً من طريق الشاطبية. 16- فتح المجيد في قراءة حمزة من طريق القصيد "مطبوع". 17- اللؤلؤ المنظوم في بيان جملة من المرسوم "مطبوع". 18- رجزية في بيان أوجه التكبير. من طريق الإمام ابن كثير "مطبوع". 19- رجزية سماها "الواضحة" في تجويد الفاتحة. 20- شرح الواضحة في تجويد الفاتحة. 21- فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن العظيم. من طريق المنصوري. 22- الفوز العظيم شرح فتح الكريم المذكور. 23- الدرر الحسان في تحرير أوجه القرآن. 24- شرح الدرر الحسان في تحرير أوجه القرآن المسمى بفتح الرحيم الرحمن. 25- الشهاب الثاقب "الغاسق الواقب" في بيان طرق الأزرق ومذاهب الغنة عنه. 26- البرهان الأصدق والصراط المحقق في منع الغنة للأزرق. 27- رسالة في الهمزتين من كلمة ومن كلمتين للقراء العشرة. 28- جواهر القلائد في مذاهب العشرة في ياءات الإضافة والزوائد. 29- الفوائد المعتبرة في قراءات الأربعة بعد العشرة "مطبوع" منظومة. 30- موارد البررة على الفوائد المعتبرة "مخطوط نفيس".

31- فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن العظيم من طريق الأزميري. 32- الروض النضير "شرح عليه" من أنفس المخطوطات. 33- "تهذيب النشر" اختصر فيه النشر لابن الجزري "مخطوط". 34- إيضاح الدلالات في إثبات القراءات. 35- رجزية في بيان مآخذ أوجه القراءات وهي المعروفة "بعزو الطرق" "مخطوط نفيس". 36- التنبيهات في شرح أصول القراءات وغيرها. وقد أخذ عن المترجم له القراءات والتجويد عالم كثير وجم غفير يخطئهم العد وكلهم علماء أجلاء يشار إليهم بالبنان منهم: 1- الشيخ محمد البنا. 2- الشيخ أحمد شلبي. 3- الشيخ مصطفى شلبي. 4- الشيخ عبد الرحمن الخطيب الشعار. 5- الشيخ حسن الجريسي الكبير. 6- الشيخ حسن عطية. 7- الشيخ محمد المغربي. 8- الشيخ عبد الفتاح هنيدي وهو شيخ شيخنا العلامة "الزيات". 9- الشيخ حسن خلف الحسيني وهو عم وشيخ العلامة محمد علي خلف الحسيني المالكي شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية الأسبق. 10- الشيخ محمد الحسيني. 11- الشيخ محمد الغزولي. 12- الشيخ حسن يحيى الكتبي المعروف بصهر المتولي. 13- الشيخ خليل غنيم الجنايني وهو شيخ شيخنا العلامة "الزيات" أيضاً وغيرهم.

111- الحافظ الذهبي.

وولي العلامة المتولي مشيخة القراء والإقراء بالديار المصرية بعد سلفه العلامة المحقق الشيخ خليفة الفشني في عام 1293هـ ثلاث وتسعين ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية. وولد رضي الله عنه سنة ثمان وأربعين وقيل تسع وأربعين وقيل خمسين ومائتين بعد الألف من الهجرة بخط -بضم الخاء- الدرب الأحمر بالقاهرة. وبعد حياة حافلة مليئة بالخدمات الجليلة لكتاب الله العزيز فاضت روح المترجم إلى بارئها في ليلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم سنة 1313هـ ثلاث عشرة وثلثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأسنى التحية ودفن بالقرافة الكبرى بالقاهرة بالقرب من باب الوداع تغمده الله برحمته وأورده موارد عفوه آمين. 111- الحافظ الذهبي. الحافظ الذهبي: هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله التركماني الفارقي الأصل نسبة إلى ميافارقين الدمشقي الشافعي المعروف بالذهبي شمس الدين الشيخ الإمام العلامة شيخ المحدثين قدوة الحفاظ والقراء. سمع الحديث من أبي الفضل بن عساكر وخلق كثيرين بلغوا أزيد من ألف ومائتي نفس. وكان من الأذكياء المعدودين والحفاظ المبرزين. وجمع القراءات السبع على الشيخ أبي عبد الله بن جبريل المصري نزيل دمشق. فقرأ عليه ختمة جامعة لمذاهب القراء السبعة بما اشتمل عليه كتاب التيسير وحرز الأماني لأبي القاسم الشاطبي، وحمل عنه الكتاب والسنة خلائق. وله تصانيف عديدة فريدة ومفيدة. ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة بدمشق وبها توفي سنة ثمان وأربعين وسبعمائة رحمه الله تعالى رحمة واسعة. انظر ذيل تذكرة الحفاظ للذهبي، تأليف الحافظ شمس الدين أبي المحاسن محمد بن علي بن الحسن الحسيني الدمشقي ص (34 - 37) ويليه ذيل طبقات الحفاظ للذهبي تأليف الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ص (347 - 349) كلاهما في محل واحد، الناشر دار إحياء التراث العربي، بيروت لبنان (بدون تاريخ) .

112- إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه.

112- إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه. إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه: هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبديزيد بن هاشم بن المطلب بن عبدمناف الإمام العلم أبو عبد الله الشافعي رضي الله عنه أحد الأئمة الإسلام وصاحب المذهب أخذ القراءة عرضاً عن إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المكي، روى القراءة عنه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. ولد سنة خمسين ومائة بغزة وقيل بعسقلان ثم حمل إلى مكة المشرفة وهو ابن سنتين وتوفي بمصر سنة أربع ومائتين وذلك من ليلة الجمعة بعد المغرب آخر ليلة من رجب ودفن يوم الجمعة بعد العصر وقبره بقرافة مصر مشهور، والدعاء عنده مستجاب رحمه الله تعالى رحمة واسعة ورحمنا معه بمنه وكرمه آمين. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (95 - 97) تقدم. 113- الإمام البخاري رضي الله تعالى عنه. الإمام البخاري رضي الله تعالى عنه: هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي مولاهم البخاري شيخ الإسلام وإمام الحفاظ صاحب الصحيح والتصانيف، وكان آية من آيات الله تعالى، فكان رأساً في العلم ورأساً في الذكاء ورأساً في الورع والعبادة شدا وصنف وحدث وما في وجهه شعرة لصغره، ومن تلامذته الأئمة مسلم وابن خزيمة والترمذي ومحمد بن نصر المروزي وابن أبي داود وخلق كثيرون. وكتابه الجامع الصحيح هو أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل بإجماع الأمة ما شذ عن ذلك إلا خاطئ بليد ولا مارى فيه إلا شقي عنيد. ولد الإمام البخاري سنة أربع وتسعين ومائة للهجرة وتوفي ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن دينه خير الجزاء آمين. انظر تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الثاني ص (555 - 556) تقدم. 114- العلامة عبد الله أفندي زادة. العلامة عبد الله أفندي زادة: هو أبو العاكف محمد أمين المدعو بعبد الله أفندي زاده كان إماماً بجامع الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري عليه رضوان الباري وشيخ القراء والإقراء

115- العلامة الحاج الأنور حسن شريف: شيخنا.

باستنبول بتركيا في وقته. عالم فريد لا نظير له ولا نديد في علوم القرآن والقراءات بجميع الوجوه والطرق والروايات وكان آية من آيات الله في الحفظ والذكاء والاطلاع والورع والتقوى وخدمة كتاب الله تعالى. وله تصانيف باهرة يرجع إليها الأئمة المحققون ينهل منها الأثبات المدققون. ومن مؤلفاته هذا السفر البهي الجليل الخطي الواسع الانتشار المسمى "عمدة الخلان في إيضاح زبدة العرفان" للعلامة عبد الفتاح بالوي في القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة، ورسالة نفيسة جدًّا في إيضاح باب الإدغام الكبير لأبي عمرو البصري من رواية السوسي من طريق الشاطبية وفيها إحاطة واستيعاب وتفصيل لا حد له لم أر مثله وله رسالة أخرى في ترتيب وجوه بعض الآيات التي يعسر على كثير من المبتدئين استخراج مسائلها من كتب القراءات ويدخل في ذلك أوجه ما بين السورتين وغيرها ... ومؤلفات أخرى جيدة ومفيدة ومن وقف على مؤلفات هذا الشيخ الجليل عرف مقداره وقد طبعت مؤلفاته هذه في حياته المباركة في سنة سبع وثمانين ومائتين وألف من هجرة خاتم النبيين وإمام المرسلين صلى الله عليه وسلم فبعد هذا الشيخ من أعيان علماء القرن الثالث عشر الهجري تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته آمين. أفدناه من كتبه المذكورة. 115- العلامة الحاج الأنور حسن شريف: شيخنا. العلامة الحاج الأنور حسن شريف: شيخنا: هو محمد الأنور حسن شريف المشهور بالحاج الأنور عالم مصري مقدم في القراءات وعلومها. التحق بالأزهر الشريف حتى وصل فيه إلى القسم العالي - جامعة الأزهر حاليًّا - ومكث فيه مدة وحصل على كثير من العلوم العربية والشرعية. فكان متبحراً في علوم النحو والصرف والبلاغة والأدب. وكذلك الفقه وأصوله. والحديث وعلومه والتفسير وعلومه. وكان شافعي المذهب. هذا بجانب تبحره في القراءات وعلومها وكان لا يشق له غبار في هذه الفنون العلمية كلها. وكان ديناً ورعاً فاضلاً عابداً. لا يفتر عن تلاوة القرآن الكريم مطلقاً. حتى إنه ختم القرآن مرات لا تحصى في صلاته الخاصة كالنفل المطلق من ليل أو نهار. وكان ندي الصوت إذا قرأ القرآن على جلسائه تسيطر عليهم الخشية والرهبة.

هذا من ناحية خصائصه العلمية. وأما من ناحية خصائصه الاجتماعية والأدبية فقد كان عفيف النفس عالي الهمة. وكان على درجة عالية من الكرم يبذل ماله وطعامه على طلبة العلم والقرآن وغيرهما من الفقراء والمعوزين. وكان مهيباً وجيهاً ذا جاه ومنزلة عالية رفيعة عند العامة والخاصة مما كان له الأثر الكبير في حل المشكلات وفض المنازعات بين الناس على مستوى قريته خاصة ومركزه عامة. وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على قوة شخصيته وعدله ووقاره وسمعته الحسنة. وقد بارك الله سبحانه في عمر المترجم له ووقته فأخذ عنه التجويد والقراءات عالم كثير وجم غفير يخطئهم الحصر. ولا يأتي عليهم العد حتى ذاع صيته وعمت شهرته في أرجاء الديار المصرية. وقد أخذ المترجم له القراءات العشر من طريق الشاطبية والتيسير والدرة والتحبير على علامة زمانه وفريد عصره وأوانه الشيخ محمد الغريب المشهور "بأبي قاعود". وممن أخذ عن المترجم له القراءات وعلومها سواء أكانت هذه القراءات سبعية أم عشرية: 1- الفقير إلى الله مصنف هذا الكتاب وكاتب ملحق أعلامه عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي. فقد أخذ عنه القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر أولاً. ثم القراءات العشر الصغرى ثانياً وذلك حينما كان يعمل محفظاً للقرآن الكريم ببلدة السماعنة مركز فاقوس شرقية. 2- العلامة الشيخ طه الوكيل من قرية العارين مركز فاقوس شرقية وقد جلس للإقراء في بلده في حياة المترجم له. 3- الشيخ إبراهيم السيد المنزلاوي من قرية عرب درويش مركز فاقوس. 4- الشيخ عبد الله محمد عزب من قرية الحجاجية "بني صالح" مركز فاقوس. 5- الشيخ الشبراوي محمد خليل صيام من قرية البيروم مركز فاقوس وهي قرية المترجم له.

6- الشيخ محمد الصادق قمحاوي من قرية الروضة من علماء الأزهر الشريف والمفتش العام بالمعاهد الأزهرية. 7- الشيخ عثمان الشبراوي محمد صيام من قرية البيروم المذكورة. 8- الشيخ عبد الحميد نصر من قرية بني سريد مركز فاقوس. وغير هؤلاء كثير كما أشرت إلى ذلك من قبل. مولد المترجم له ووفاته ولد المترجم له بقرية "البيروم" مركز فاقوس محافظة الشرقية من جمهورية مصر العربية في سنة 1880م ألف وثمنمائة وثمانين من ميلاد عيسى ابن مريم. صلى الله على نبينا وعليه وسلم وبعد عمر طويل حافل بخدمته لكتاب الله تعالى يربو على نصف قرن من الزمن توفي رحمه الله تعالى في سنة 1380هـ ألف وثلثمائة وثمانين من الهجرة الموافق لصيف سنة 1960م ألف وتسعمائة وستين ميلادية. أفدناه بتصرف من رسالة شخصية بعث بها إلينا. ولد المترجم له الأستاذ حسن محمد الأنور حسن شريف، والشيخ عثمان الشبراوي وفضيلة الدكتور علي محمد يوسف شريف المدرس بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع المنصورة. يقول أفقر العباد وأحوجهم إلى الله تعالى مؤلف هذا الكتاب وكاتب ملحق أعلامه عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي إن هذا المترجم له لهو من أعلام القرآن الكريم في وقته ويعد من أعيان علماء القرن الرابع عشر الهجري وهو أحد شيوخنا في القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر ثم في القراءات العشر من الشاطبية والدرة وقد انتفعت به كثيراً. وكان له اليد الطُّولى عليَّ في انتسابي إلى الأزهر الشريف بعد أن تجاوزت الثلاثين عاماً وقد خصني رحمه الله ببعض كتبه المخطوطة النفيسة لأنقلها والحمد لله قد نقلتها وأعدتها إليه. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد أنني قد نقلت شرح الدرة للعلامة الأبياري وهو من المخطوطات النفيسة في بابها غير أنه كان ناقصاً ثلاث ورقات من أوله وعشر

116- العلامة ناصر الدين الطبلاوي.

ورقات من آخره وكدت أهمل نقله فنصحني - رحمه الله - بنقله وقال: ستعثر على إكماله مخطوطاً إن شاءالله وبعد ست وعشرين سنة مضت على الكتاب ناقصاً بمكتبي وإذا بنسخة مخطوطة أخرى أعثر عليها في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقلت منها الأوراق الناقصة فصدق حدس الشيخ فيما قاله لي من أنني سأعثر على نسخة أخرى لأكمل بها نسختي وفي أثناء الأخذ عليه قد لمست بنفسي كل هذه الصفات المذكورة في الترجمة فرحم الله المترجم له رحمة واسعة وأورده موارد عفوه آمين. 116- العلامة ناصر الدين الطبلاوي. العلامة ناصر الدين الطبلاوي سنة ... - 966هـ - ... 1559م: هو محمد بن سالم الطبلاوي ناصر الدين من علماء الشافعي بمصر عاش نحو مائة سنة وانفرد في كبره بإقراء العلوم الشرعية وآلاتها كلها حفظاً ولم يكن في مصر أحفظ لهذه العلوم منه. له شرحان على البهجة الوردية وهي خمسة آلاف بيت لعمر بن مظفر بن الوردي في فقه الشافعية وله منظومة مخطوطة من محفوظات دار الكتب المصرية لم يذكرها مترجموه "انظر خطه في آخر صفحاتها" والطبلاوي نسبة إلى طبلية من قرى المشرفية أهـ من الأعلام للزركلي الجزء السابع ص (4) تقدم وجاء بهامش "عمدة الخلان في إيضاح زبدة العرفان" بالنسبة لهذا العلم ما نصه "توفي الشيخ ناصر الدين الطبلاوي عاشر جمادى الآخر سنة 966هـ ست وستين وتسعمائة" انتهى منه بلفظه ص (5) تقدم. وهذا العالم الكبير من رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا للقراءات. 117- شيخنا العالم الفاضل الشيخ السباعي عامر. شيخنا العالم الفاضل الشيخ السباعي عامر: هو محمد السباعي عامر علامة مصري معاصر؛ من خيرة علماء الأزهر الشريف. كان من شيوخنا الأجلاء بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر يوم ذاك وهناك درست عليه علوم النحو والصرف والبلاغة والتفسير وناظمة الزهر في عد الآي للإمام الشاطبي رضي الله عنه وله عليها تعليقات وفوائد. وكان سريع البديهة قوي الملكة في النظم فحلا مبرزاً أوتي مقدرة فائقة في التأليف والنظم، والكتابة في كبرى المجلات الإسلامية ومجلة ا

118- القاضي أبو بكر الباقلاني.

لأزهر. وكان إذا فرغ من درسه نظمه على الفور للطلاب، وإن استفتاه أحد في مسألة علمية أو حكم شرعي أفتاه وأملاه نظماً للفتيا من فوره ... ومن عجائبه أنه نظم قواعد اللغة الإنجليزية في ألفية رائعة بديعة بالإنجليزية مع أنه كان كفيفاً لا يبصر. وقد فاجأته عقب فراغه من درس له في البلاغة بالسؤال عن الأوجه الجائزة لحفص عن عاصم في المد العارض للسكون الذي أصله المد المتصل فأجابني على الفور بنظمه البديع الذي سقناه في موضعه من هذا الكتاب. وكان سخيًّا عظيم العناية بطلاب العلم يبذل لهم طعامه وماله ويقوم على رعايتهم وقضاء حوائجهم. وكان وجيهاً مقدماً مهيباً ذا جاه ومكانة كريم النفس حسن الشمائل. وقد لبى نداء ربه في أوائل السنوات الخمس الأخيرة من القرن الرابع عشر الهجري. طيب الله ثراه. ورحمه وأرضاه، آمين. 118- القاضي أبو بكر الباقلاني. القاضي أبو بكر الباقلاني: هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر وكنيته أبو بكر، كان من أكبر علماء الكلام وله كتاب "إعجاز القرآن" وكتب أخرى فريدة ومفيدة. ولد سنة ثمانية وثلاثين وثلثمائة وتوفي سنة ثلاث وأربعمائة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية. أهـ من الأعلام للزركلي بتلخيص يسير الجزء السابع ص (46) تقدم. 119- قنبل: راوي الإمام ابن كثير المكي. قنبل: راوي الإمام ابن كثير المكي: هو محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن محمد بن سعيد بن جرجة أبو عمر المخزومي مولاهم المكي الملقب بقنبل شيخ القراء بالحجاز. ولد سنة خمس وتسعين ومائة. وأخذ القراءة عرضاً عن أحمد بن محمد بن عون النبال وهو الذي خلفه في القيام بها بمكة المشرفة وروى القراءة عن البزي. روى القراءة عنه عرضاً خلق كثيرون منهم: أبو ربيعة محمد بن إسحاق وهو أجل أصحابه ومحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن الصباح وإسحاق بن أحمد الخزاعي سمع منه الحروف ومحمد بن حمدون والعباس بن الفضل صهر الأمير

120- العلامة الخليجي الإسكندري وكيل مشيخة المقارئ والإقراء بالإسكندرية.

وأحمد بن موسى بن مجاهد ومحمد بن أحمد بن شنبوذ وعبد الله بن ثوبان وغيرهم. واختلف في سبب تلقبه قنبلاً فقيل اسمه وقيل لأنه من بيت بمكة يقال لهم القنابلة وقيل لاستعماله دواء يقال له قنبيل معروف عند الصيادلة لداء كان به فلما أكثر منه عرف به وحذفت الياء تخفيفاً. وقد انتهت إليه رياسة الإقراء بالحجاز ورحل إليه الناس من الأقطار قال أبو عبد الله القصاع: وكان على الشرطة بمكة لأنه كان لا يليها إلا رجل من أهل الفضل والخير والصلاح ليكون لما يأتيه من الحدود والأحكام على صواب فولوها لقنبل لعلمه وفضله عندهم. مات سنة إحدى وتسعين ومائتين عن ست وتسعين سنة أهـ مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (165 - 166) تقدم. 120- العلامة الخليجي الإسكندري وكيل مشيخة المقارئ والإقراء بالإسكندرية. العلامة الخليجي الإسكندري وكيل مشيخة المقارئ والإقراء بالإسكندرية: هو محمد بن عبد الرحمن الخليجي المقري بالإسكندرية، علامة كبير ومحقق قدير عمل وكيلاً لمشيخة المقارئ والإقراء بالإسكندرية. ولد بحي كوم الشقافة - قسم كرموز - بالإسكندرية من أبوين شريفين ونسبه متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظ القرآن الكريم بمكتب حسن بك عبد الله الملاصق لمسجد الميري المشهور بحي كوم الشقافة. والتحق بالمعهد الديني الأزهري بالإسكندرية وحصل على الشهادة الأهلية - الثانوية حاليًّا - سنة 1906م ست وتسعمائة وألف لميلاد عيسى ابن مريم صلى الله على نبينا وعليه وسلم. وكان حنفي المذهب.. حضر العلم على أساتذة كبار كرام منهم: العلامة الشيخ يوسف الشاذلي من كبار علماء الأزهر الشريف. والعلامة الشيخ عبد المجيد اللبان. والعلامة الأصولي الكبير الشيخ عبد الله دراز والعلامة الفاضل الشيخ عبد الهادي قالوف وغيرهم. ودرس القراءات على يد الأستاذ الجليل الفاضل المحقق الشيخ عبد العزيز علي كحيل شيخ القراءات بالإسكندرية في وقته رحمه الله تعالى، والشيخ محمد سابق.

وعين مدرساً ثم ناظراً بمدارس العروة الوثقى بالإسكندرية ونبغ في القراءات وتفرد فيها بقصب السبق وقدم الصدق حتى كان - رحمه الله تعالى - مدرسة كبيرة تخرج عليه فيها كل مشايخ القراءات بثغر الإسكندرية. وله كتب في غاية التحرير والتحري والضبط وهي جليلة لا يستغنى عنها ولا يستعاض بغيرها وترك تراثاً ضخماً تتلمذ عليه أعيان المتخصصين من بعده وفيما يلي بعض مصنفاته: 1- كتاب حل المشكلات وتوضيح التحريرات في القراءات طبع غير مرة. 2- كتاب قرة العين بتحرير ما بين السورتين بطريقتين "مطبوع". 3- نظم تيسير الأمر لما زاده حفص من طرق النشر "مطبوع". 4- إسناد الأفعال إلى الضمائر مشروح "مطبوع". 5- الألفية الخليجية في القراءات العشرية "نظم" مخطوط. 6- شرح الألفية الخليجية في القراءات العشرية "مخطوط". 7- نظم تكملة العشر بما زاده النشر "مخطوط". 8- شرح تكملة العشر بما زاده النشر "مخطوط". 9- نظم أحكام لا سيما "مخطوط". 10- شرح أحكام لا سيما المسمى "مزيل الظما" "مخطوط". 11- شرح عقيلة أتراب القصائد في الرسم "مخطوط". 12- مقرب التحرير للنشر والتحبير نظم "مخطوط". 13- شرح مقرب التحرير للنشر والتحبير "مخطوط". 14- الدروس التجويدية الكبير "مخطوط". 15- ملخص الدروس التجويدية "مطبوع". 16- نيل العلا في قراءة ابن العلا نظم "مخطوط نفيس". 17- شرح نيل العلا في قراءة ابن العلا "مخطوط" وهو شرح عظيم الفائدة. 18- إتحاف الأعزة بتتميم قراءة حمزة "نظم" من طريق الطيبة "مخطوط". 19- شرح إتحاف الأعزة بتتميم قراءة حمزة "مخطوط".

20- تتمة المطلوب في قراءة يعقوب من طريق الطيبة، نظم "مخطوط". 21- شرح تتمة المطلوب في قراءة يعقوب "مخطوط". 22- النظم اليسير في قراءة ابن كثير من طريق الشاطبية "مخطوط" وهو نظم بديع في بابه. 23- شرح نظم تيسير الأمر لما زاده حفص من طرق النشر "مطبوع". 24- نظم زوائد الإمام أبي جعفر من طريق طيبة النشر "مخطوط". 25- شرح نظم زوائد الإمام أبي جعفر "مخطوط". 26- الاهتداء إلى بيان الوقف والابتداء "مخطوط". 27- النبراس الوضاء في الفرق بين الضاد والظاء "مخطوط". 28- الإمام في وقف حمزة وهشام "مخطوط". 29- الدروس الدينية التهذيبية كتاب مدرسي جزءان طبع قديماً ونفذ وغيرها مما ينتفع به. قلت: وكان رحمه الله تعالى يعنى بطلاب العلم عناية كبيرة ويستوي في ذلك من يعرفهم ومن لا يعرفهم فيرسل إليهم كتبه التي صنفها سواء كانت المخطوطة أم المطبوعة دون سابقة صلة أو تعارف بينهم وبينه. وقد حدث مرات أن كتبت إليه ولم أره أطلب كتبه فأرسلها إليَّ وبعضها مخطوط مما سبق ذكره بغير مقابل إلا رجاء وجه الله سبحانه والدار الآخرة وله رسائل عندي بخط يده - رحمه الله - فيها فتاوى تتعلق بالقراءات. وجواب إشكالات وردود اعتراضات رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن القرآن وأهله خيراً وبعد حياة حافلة توفي المترجم له رحمه الله تعالى في السادس والعشرين من شهر فبراير سنة 1970م سبعين وتسعمائة وألف من ميلاد عيسى ابن مريم صلى الله على نبينا وعليه وسلم عن عمر يناهز التسعين عاماً رحمه الله تعالى.

121- أبو بكر الأصبهاني.

121- أبو بكر الأصبهاني. أبو بكر الأصبهاني: هو محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن شبيب بن يزيد بن خالد بن قرة بن عبد الله، وقال الحافظ أبو العلاء الهمذاني وغيره ابن خالد بن عبد الله بن زاذان بن فروخ أبو بكر الأسدي الأصبهاني صاحب رواية ورش عند العراقيين إمام ضابط مشهور ثقة نزل بغداد. أخذ قراءة ورش عرضاً عن أبي الربيع سليمان بن أخي الرشديني وعبد الرحمن بن داود بن أبي طيبة والفضل بن يعقوب الحمراوي بمصر ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقري بمكة وأبي الأشعث الجيزي وغيرهم. روى القراءة عنه أبو بكر بن مجاهد وعبد الله بن أحمد البلخي وعبد الله بن أحمد المطرز وإبراهيم بن عبد العزيز الفارسي والحسن بن سعيد المطوعي وهبة بن جعفر وأبو بكر النقاش وغيرهم. قال الداني: هو إمام عصره في قراءة نافع رواية ورش عنه لم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه ... وقد حدث عنه أبو أحمد العسال وأبو الشيخ ابن حبان قال عبد الباقي بن الحسن قال الأصبهاني دخلت مصر ومعي ثمانون ألفاً فأنفقتها على ثمانين ختمة. مات ببغداد سنة ست وتسعين ومائتين للهجرة رحمه الله تعالى. أهـ مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (169 - 170) تقدم. 122- الإمام بدرالدين الزركشي. الإمام بدر الدين الزركشي: هو بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي أحد العلماء الأثبات الذين برزوا بمصر في القرن الثامن الهجري وهو من جهابذة أهل النظر وأرباب الاجتهاد ومن أعلام الفقه والحديث والتفسير وأصول الدين تتلمذ على الأسنوي رئيس الشافعية بمصر في وقته. وابن كثير المفسر المحدث الحافظ وسراج الدين البلقيني والحافظ مغلطاي والشهاب الأذرعي وآخرين. وكان رضي الخلق محمود الخصال عذب الشمائل متواضعاً رقيقاً زاهداً

123- الإمام الحاكم.

قانعاً. ولزم بيته لا يتردد إلا إلى سوق الكتب فيطالع فيها طيلة نهاره ويعلق ما يستفيده منه. وتولى من المناصب خانقاه كريم الدين بالقرافة الصغرى. وترك كتباً نافعة منها: الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة رضوان الله عليهم والبحر المحيط في أصول الفقه. والبرهان في علوم القرآن. وفتح العزيز على كتاب الوجيز في تخريج أحاديث الرافعي الكبير. وتشنيف المسامع بجمع الجوامع في الأصول وغيرها. وتوفي رحمه الله تعالى بمصر في رجب سنة أربع وتسعين وسبعمائة للهجرة أفدناه من مقدمة "البرهان في علوم القرآن" للمترجم له بقلم محققه الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم، الجزء الأول، الناشر دار المعرفة، بيروت، لبنان بدون تاريخ. 123- الإمام الحاكم. الإمام الحاكم: هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع صاحب التصانيف الحافظ الكبير إمام المحدثين. ولد سنة إحدى وعشرين وثلثمائة. وكان له إلمام بالقراءات، واتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريباً من ألف جزء من تخريج الصحيحين والعلل والتراجم والأبواب والشيوخ ثم المجموعات مثل معرفة علوم الحديث ومستدرك الصحيحين وغيرها. وتوفي سنة خمس وأربعمائة للهجرة رحمه الله تعالى. انظر في ترجمته (1039 - 1045) تذكرة الحفاظ تقدم. 124- العلامة البركوي. العلامة البركوي 929هـ - 981هـ - 1521م - 1573م: هو محمد بن بير علي البركوي الرومي الحنفي "تقي الدين" صوفي واعظ نحوي فقيه مفسر محدث فرضي مشارك في غير ذلك. ولد بباليكسر من تصانيفه الكثيرة الطريقة المحمدية في الوعظ، شرح لب الألباب في علم الإعراب للبيضاوي، دافعة المبتدعين وكاشفة بطلان الملحدين، إنقاذ المهلكين في الفقه

125- الشريف ابن يالوشة.

والأربعون في الحديث أهـ من معجم المؤلفين لكحالة الجزء التاسع ص (123 - 124) تقدم. وجاء في كشف الظنون لحاجي خليفة بخصوص هذا العلم ومصنفاته "الدر اليتيم في التجويد لمولانا محمد بن بير علي المعروف ببركلي المتوفى سنة 981هـ إحدى وثمانين وتسعمائة، كتبه في أوائل جمادى الأولى سنة 974هـ أربع وسبعين وتسعمائة وشرحه الشيخ أحمد أحمد فائز الرومي شرحاً ممزوجاً أهـ ملخصاً م ص (737) الجزء الأول من كتاب "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" للعالم الأديب والمؤرخ الكامل الأريب مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة. منشورات مكتبة المثنى ببغداد. 125- الشريف ابن يالوشة. الشريف ابن يالوشة: هو أبو عبد الله فخر الدين محمد بن علي بن يوسف بن يالوشة الشريف المالكي التونسي مقاماً الأندلسي أصلاً، من العلماء الأفاضل بالقرآن والقراءات والتفسير والحديث والفقه والتوحيد. وعمل مدرساً من الرتبة الأولى بالجامع الأعظم بتونس "الزيتونة" وأسندت إليه مشيخة الإقراء بها، وكان يلقب لسعة علمه وإتقانه بالشاطبي الصغير وله مؤلفات كثيرة في القراءات وغيرها منها: "الفوائد المفهمة في شرح الجزرية المقدمة"، و"رسالة تحرير الكلام في وقف حمزة وهشام"، و"رسالة نفيسة في المقدمة أداء من أوجه الخلاف أو وجهيه للبدور السبعة" ورسالة في تفصيل هاء الكناية للأئمة السبعة وغيرها وهو شيخ العلامة المارغني في القراءات وغيرها المترجم له في كتيبنا هذا. ولد الشريف ابن يالوشة بمدينة تونس العاصمة سنة ستين ومائتين وألف من الهجرة، وتوفي بتونس في أواخر جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وثلثمائة وألف رحمه الله تعالى رحمة واسعة أفدناه باختصار من ترجمته الملحقة بآخر كتابه "الفوائد المفهمة في شرح الجزرية المقدمة" للمترجم له، وكتبها حفيده عبد الواحد بن العلامة إبراهيم المارغني وقد ترجم لحفيده ووالده بكتيبنا هذا. ابن يالوشة (الفوائد المفهمة" المطبعة العصرية بتونس سنة 1377هـ - 1957م) تقدم.

126- الإمام الترمذي المحدث.

126- الإمام الترمذي المحدث. الإمام الترمذي المحدث: هو أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي البوغي الترمذي أبو عيسى من أئمة علماء الحديث الشريف وحفاظه وهو من أهل ترمذ على نهر جيحون، تتلمذ على البخاري وشاركه في بعض شيوخه ومن مصنفاته: "الجامع الكبير"، وهو أحد الكتب الستة في الحديث والشمائل النبوية، و"العلل" وغيرها. ولد سنة تسع ومائتين للهجرة وتوفي سنة تسع وسبعين ومائتين رحمه الله تعالى رحمة واسعة. أهـ ملخصاً من الأعلام للزركلي الجزء السابع ص (213) سبقت الإشارة إليه. 127- العلامة محمد غوث صاحب كتاب نثر المرجان. العلامة محمد غوث صاحب كتاب نثر المرجان: هو محمد غوث بن ناصر الدين محمد بن نظام الدين أحمد النائطي الأركاني وهذا هو ما جاء في كتابه القيم "نثر المرجان في رسم نظم القرآن". وجاء في كتاب "نزهة الخواطر تذكرة في علماء الهند والباكستان" أن اسمه الشيخ محمد غوث بن ناصر الدين محمد نظام الدين بن عبد الله الشافعي المدراسي. ولد في سنة 1166هـ ست وستين ومائة وألف من الهجرة الموافق لسنة 1753م ثلاث وخمسين وسبعمائة وألف ميلادية وهو من القبائل التي هاجرت من المدينة المنورة بعد الدمار والإهلاك على أهل المدينة بأيدي الحجاج بن يوسف فورد هؤلاء العرب الهند وسموا هنا "نوائط". الشيخ محمد غوث صاحب النثر قرأ الكتب المتداولة في طفولته بخدمة جده ثم تعلم الكتب الكبار عند الأستاذ أمين الدين الصديقي الألوري وكمل أقصى الكتب وحصل على شهادة الفراغ "الليسانس" عند ملا بحر العلوم لكهنوي. وبعد هذا الفراغ اشتغل بأداء الفرائض موظفاً في أمور الحكومة في محكمة العدل والقضاء وفي عام 1213هـ ثلاثة عشر ومائتين بعد الألف من الهجرة حضر دولة

حيدرآباد دكن الدولة الكبيرة العثمانية في الهند، وكان في هذه الرئاسة أمير الأمراء تلميذه عظيم الدولة فجعله رئيس الوزراء ولقبه "شرف الملك غالب جنكس" فلم يزل على هذا المنصب الجليل من سنة 1801م إلى 1808م وقد صنف نثر المرجان في أثناء تلك المدة وطبع في سبع مجلدات بنفقة كبيرة وعلى هذا له تصانيف أخرى ثمينة في الفنون. مؤلفاته في العربية 1- في علوم القرآن: نثر المرجان في نظم القرآن. 2، 3- في علم الميراث: (أ) الفوائد الصبغية في شرح الفوائد السراجية. (ب) نور الفوائد وبحر الفوائد. 4- في الجهاد: سواطع الأنوار وزواجر الإرشاد إلى دار الجهاد. 5- في النحو: تعليقات على شرح قطر الندى. 6- في الأدب: النجم الوقاد شرح قصيدة بانت سعاد. 7- في اللغة: الحواشي على القاموس. مؤلفاته في الفارسية: 8- أبناء المفاخرة: في مناقب السيد عبد القادر. 9- اليواقيت المنثورة: في الأذكار المأثورة. 10- الفتاوى الناصرية في فقه الحنفية. وقد توفي هذا العالم الكبير في 11 صفر سنة 1238هـ ثمان وثلاثين ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية رحمه الله تعالى أهـ. أفدناه من رسالة خاصة بعث بها إلينا الأخ الكريم صاحب الفضيلة الشيخ إظهار أحمد التهانوي رئيس قسم التجويد والقراءات بمدرسة تجويد القرآن والقراءات في لاهور باكستان وخطيب جامع مسجد الحكومية بلاهور وقارئ في الإذاعتين المرئية والمسموعة بباكستان وجاء في آخر هذه الرسالة ما نصه: "نقلت هذه السوانح من نزهة الخواطر" تذكرة

128- العلامة أبو الإكرام محمد البقري.

في علماء الهند وباكستان وأن هذه الترجمة نقلت من اللغة الأردية إلى اللغة العربية وقام بالنقل من الأردية إلى العربية مرسل الرسالة فضيلة الشيخ إظهار أحمد التهانوي. 128- العلامة أبو الإكرام محمد البقري. العلامة أبو الإكرام محمد البقري: هو العلامة الفاضل شمس الدين الضرير أبو عبد الله شيخ المقرئين محمد بن قاسم بن إسماعيل البقري الشافعي الأزهري الصوفي الشناوي شيخ المحدثين والفقهاء والزاهدين في زمانه. ولد سنة 1018هـ ألف وثماني عشرة للهجرة وتوفي سنة 1111هـ ألف ومائة وإحدى عشر للهجرة رحمه الله تعالى عن عمر ناهز 93 ثلاثة وتسعين عاماً. أخذ علم القراءات عن العلامة الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ شحاذة اليمني المتوفى سنة 1050هـ ألف وخمسين من الهجرة وأخذ الفقه والحديث والطريقة عن غير واحد من الثقات الجهابذة الأثبات منهم: العلامة الشيخ سلطان المزاحي المتوفي سنة 1075هـ ألف وخمس وسبعين من الهجرة والعلامة أبو عبد الله علاء الدين البابلي المتوفي سنة 1077هـ سبع وسبعين بعد الألف من الهجرة والعلامة عم المترجم له الشيخ موسى بن إسماعيل البقري. وقرأ عليه عدد من العلماء لا يحصى كما قرأ عليه غالب علماء مصر. وله مؤلفات عديدة منها: 1- القواعد المقررة. والفوائد المحررة وهي المعروفة بالقواعد البقرية في القراءات السبعية. 2- غنية الطالبين ومنية الراغبين في التجويد. 3- العمدة السنية: في أحكام النون الساكنة والتنوين والمد والقصر ولام الفعل واللام القمرية والشمسية. 4- شرح المقدمة الآجرومية أهـ. أفدناه من كتاب توضيح أصول قواعد الشفع في نشر علم القراءات السبع ص (45) تأليف عبد المجيد الخطيب إمام وخطيب وواعظ بمسجد النبي شيث عليه الصلاة والسلام وحافظ كتب مكتبة الأوقاف العامة بالموصل بالعراق طبع

129- العلامة أبو بكر بن الأنباري.

سنة 1394هـ - 1974م بمطبعة الأزهر، بغداد، وانظر ترجمته في معجم المؤلفين ج11 ص 136 تقدم أهـ مؤلفه. قلت: وهذا العلم من رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا للقراءات وكذلك بعض مشايخه المذكورين في الترجمة وهم الشيخ عبد الرحمن اليمني ووالده الشيخ شحاذة اليمني والشيخ سلطان المزاحي كل هؤلاء من رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا للقراءات وقد ترجمنا لهم في كتيبنا هذا، رحم الله الجميع رحمة واسعة ورحمنا معهم بمنه وفضله آمين. 129- العلامة أبو بكر بن الأنباري. العلامة أبو بكر بن الأنباري: هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن أبو بكر بن الأنباري البغدادي الإمام الكبير والأستاذ الشهير، روى القراءة عن أناس كثيرين منهم: والده القاسم بن محمد، وإسماعيل بن إسحاق القاضي وأحمد بن سهل الأشناني وعبيد الله بن عبد الرحمن الواقدي وإدريس بن عبد الكريم ومحمد بن هارون التمار وخلق غير هؤلاء. وروى القراءة عنه خلق كثيرون منهم: عبد الواحد بن أبي هاشم وأبو الفتح بن بدهن وأحمد بن نصر وأبو علي إسماعيل القالي والدارقطني وخلائق آخرهم موتاً أبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب شيخ الحافظ الداني. قال أبو علي القالي: كان ابن الأنباري يحفظ ثلثمائة ألف بيت شاهداً في القرآن وكان ثقة صدوقاً وكان أحفظ من تقدم من الكوفيين. وقال حمزة بن محمد بن طاهر: كان زاهداً متواضعاً. وقال الداني فيه: إمام في صناعته مع براعة فهمه وسعة علمه وصدق لهجته ومن مؤلفاته كتابه في الوقف والابتداء أول ما ألف فيه وأحسن.. جيء به إلى ابن مجاهد فنظر فيه وقال: لقد كان في نفسي أن أعمل في هذا المعنى كتاباً وما ترك هذا الشاب لمصنف ما يصنف وتوفي يوم الأضحى سنة ثمان وعشرين وثلثمائة ببغداد في داره وقيل سنة سبع وعشرين وله ثمان وستون سنة. أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (230 - 232) تقدم.

130- رويس: راوي الإمام يعقوب البصري.

130- رويس: راوي الإمام يعقوب البصري. رويس: راوي الإمام يعقوب البصري: هو محمد بن المتوكل أبو عبد الله اللؤلؤي البصري المعروف برويس مقرئ حاذق ضابط مشهور أخذ القراءة عرضاً عن يعقوب الحضرمي. قال الداني وهو من أحذق أصحابه. روى القراءة عنه عرضاً محمد بن هارون التمار والإمام أبو عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري الشافعي. قال الزهري وسألت أبا حاتم عن رويس هل قرأت على يعقوب؟ فقال: نعم قرأ معنا وختم عليه ختمات. وكان يعقوب يقول له وقت أخذه عليه: هات يالاك وأحسنت يالاك وكان ينزل في بني مازن وعلى روايته أعول: توفي بالبصرة سنة ثمان وثلاثين ومائتين. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (234 - 235) تقدم. 131- الإمام الخراز. الإمام الخراز 718هـ - 1318م: هو محمد بن محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الأموي الشريشي الشهير بالخراز عالم بالقراءات من أهل فاس أصله من شريش له كتب منها: مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن، طبع الآن وغيرها. أهـ ملخصاً من الأعلام للزركلي الجزء السابع ص (262) تقدم. 132- العلامة الطباخ. العلامة الطباخ: هو محمد بن محمد بن خليل بن إبراهيم الطنتدائي المعروف بالطباخ مصري عالم مقدم في التجويد والقراءات وغيرها من العلوم العربية والشرعية، وكان رحلة الناس في عصره وسارت تصانيفه مسير الشمس في أفق السماء وانتفع بها طلاب العلم عامة والعلماء خاصة. ولا يزالون يصدرون عنها وينهلون منها ففيضها عميم وفضلها جسيم ... ومنها نظم رائق في تحرير أوجه القرآن الكريم من طريق طيبة النشر: في القراءات العشر سماه "هبة المنان في تحرير أوجه القرآن" فرغ منه سنة خمسين ومائتين وألف من الهجرة النبوية وشرحه بنفسه شرحاً فائقاً سماه "فتح العلي الرحمن على هبة المنان" وتواكب العلماء المعتبرون على

133- الإمام الحطاب المالكي الكبير.

شرحه من بعده. وممن شرحه من العلماء العلامة الفاضل الشيخ أحمد أحمد شرف الإبياري وسماه "غيث الرحمن على هبة المنان" وهو الذي بين أيدينا الآن. والعلامة الطباخ كان حيًّا في عام خمسين ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية فيعد من أعيان القرن الثالث عشر الهجري رحمه الله بواسع رحمته آمين. أفدناه من كتابه هبة المنان وشرحه غيث الرحمن للعلامة الإبياري. 133- الإمام الحطاب المالكي الكبير. الإمام الحطاب المالكي الكبير سنة 902 - 954هـ - 1497 - 1547م: هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني أبو عبد الله المعروف بالحطاب فقيه مالكي من علماء المتصوفين أصله من المغرب. ولد واشتهر بمكة ومات في طرابلس الغرب من كتبه: "قرة العين بشرح ورقات إمام الحرمين - خ - في الأصول" و"تحرير الكلام في مسائل الالتزام - ط -" و"هدية السالك المحتاج - خ - في مناسك الحج" و"تفريج القلوب بالخصال المكفرة لما تقدم وما تأخر من الذنوب - ط -" و"مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" ط في ست مجلدات في فقه المالكية، و"شرح نظم نظائر رسالة القيرواني لابن غازي - خ -" و"رسالة في استخراج أوقات الصلاة بالأعمال الفلكية بلا آلة - خ -" و"جزءان في اللغة وتحرير الكلام - خ - فقه". أهـ من الأعلام للزركلي الجزء السابع ص (286) تقدم. 134- العلامة الهلالي الإبياري. العلامة الهلالي الإبياري: هو محمد بن محمد بن محمد هلالي الإبياري نسبة إلى "إبيار" من أعمال محافظة الغربية بجمهورية مصر العربية - عالم مصري كبير برع في التجويد والقراءات وعلومها وتوسع في التأليف في هذا الشأن. وخلف تراثاً ضخماً ما بين منظوم ومنثور ولا تخلو مصنفاته من فرائد وفوائد لو رحل أحد لتحصيلها إلى أقصى الأرض ما ضاعت رحلته ومن مصنفاته: "الفوائد المحررة في القراءات العشرة المتواترة من طريق الشاطبية والدرة" وهو نظم فريد وله عليه شرح مفيد، المعروف "بشرح الفوائد المحررة" و"تنقيح الدرة في القراءات الثلاثة المتممة للقراءات العشر" وهذه الكتب مطبوعة ونفدت. وكتاب البهجة السنية بشرح الدرة المضية للحافظ ابن الجزري المتممة

135- الإمام النويري شارح طيبة النشر.

للقراءات العشر وهو شرح نفيس مخطوط فرغ من تأليفه يوم السبت ثالث ذي الحجة الحرام سنة 1305هـ خمس وثلثمائة وألف للهجرة وكتاب: "منحة مولى البر فيما زاده كتاب النشر في القراءات العشر" وهو نظم سلس وله عليه شرح نفيس أغر سماه "القول المبين المستقر بشرح منحة مولى البر" وكلاهما مخطوط وفرغ المترجم له من شرح المنحة في نصف جمادى الأولى سنة 1334هـ ألف وثلثمائة وأربع وثلاثين للهجرة. وتعاقب العلماء المعتبرون على شرح المنحة من بعده وله تآليف أخرى. هذا ويؤخذ من تاريخ شرح المنحة للمترجم له أنه كان حيًّا سنة 1334هـ ألف وثلثمائة وأربع وثلاثين للهجرة فيعد من أعيان القرن الرابع عشر الهجري رحمه الله وأفاض عليه وابل مغفرته ورضوانه آمين. أفدناه من كتب المترجم له المخطوطة التي بأيدينا. 135- الإمام النويري شارح طيبة النشر. الإمام النويري شارح طيبة النشر: هو أبو القاسم محب الدين محمد بن محمد بن محمد النويري فقيه مالكي عالم بالقراءات وكان ورعاً أبى القضاء. وله تصانيف كثيرة منها: شرح طيبة النشر في القراءات العشر لشيخه الحافظ ابن الجزري و"القول الجاذ لمن قرأ بالشاذ" و"شرح الدرة المضية في القراءات الثلاث" والغياث منظومة في القراءات الثلاث الزائدة على السبع وغيرها. ولد رحمه الله تعالى في سنة إحدى وثمنمائة هجرية. وتوفي سنة سبع وخمسين وثمنمائة رحمه الله تعالى. أهـ ملخصاً من الأعلام للزركلي الجزء السابع ص (277) تقدم. 136- الإمام الحافظ أبو الخير محمد بن الجزري رضي الله تعالى عنه. الإمام الحافظ أبو الخير محمد بن الجزري رضي الله تعالى عنه: هو الحافظ المقرئ شيخ الإقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الدمشقي الشافعي.

137- الشيخ جابر المصري.

ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة هجرية. وسمع من أصحاب الفخر ابن البخاري وبرع في القراءات ودخل الروم فاتصل بملكها أبي يزيد عثمان فأكرمه وانتفع به أهل الروم. فلما دخل تيمورلنك إلى الروم وقتل ملكها اتصل ابن الجزري بتيمور ودخل بلاد العجم وولي قضاء شيراز وانتفع به أهلها في القراءات والحديث وكان إماماً في القراءات لا نظير له في عصره في الدنيا حافظاً للحديث ... ألف النشر في القراءات العشر لم يصنف مثله وله أشياء أخر وتخاريج في الحديث وعمل جيد وصفه الحافظ ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من "الدرر الكامنة". مات سنة ثلاث وثلاثين وثمنمائة من الهجرة. انتهى مختصراً من ص (543 - 544) تسلسل رقم (1185) باسم "ابن الجزري" من كتاب طبقات الحفاظ للحافظ جلال الدين بن عبد الرحمن السيوطي طبعة القاهرة عام 1973م. 137- الشيخ جابر المصري. الشيخ جابر المصري: هو محمد بن محمد جابر المصري معاصر من أفاضل علماء الأزهر الشريف كان علامة في القراءات وعلوم الشريعة والعربية. وارتقى المناصب العالية في الأزهر الشريف وكان جليلاً كريم النفس زكي القلب بارعاً في النظم ومن نظمه البديع "قواعد التحرير لطيبة النشر في القراءات العشر" وله مختصر عليه منظوم أيضاً وفيه أفرد لكل راو من رواة القراء العشر التحرير الخاص به فجاء فريداً في بابه عظيماً في استيعابه وله كتب أخرى في الشريعة الإسلامية وغيرها. ويعد أخانا في تلقي القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر على شيخنا العلامة فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد الزيات شيخ شيوخ الإقراء في هذا العصر. وأعلى القراء إسناداً في مصر والمدرس بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر يوم ذاك. وقد توفي الشيخ جابر المصري في العقد الأخير من القرن الرابع عشر

138- العلامة الشنقيطي.

الهجري رحمه الله رحمة واسعة آمين. 138- العلامة الشنقيطي. العلامة الشنقيطي: هو العلامة الحافظ الحجة سيدي محمد حبيب الله بن الشيخ سيدي عبد الله ابن سيدي أحمد المشهور بـ ما يأبى الجكنى ثم اليوسفي نسباً المالكي مذهباً الشنقيطي إقليماً المدني مهاجراً، المتوفى بمصر في صفر الخير سنة 1363هـ ألف وثلثمائة وثلاث وستين للهجرة رحمه الله تعالى. درس العلوم الشرعية بالمسجد الحرام بمكة المكرمة وبالمدرسة الصولتية بها أيضاً ثم بالأزهر الشريف. وله مؤلفات ساطعة منها: "زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري ومسلم" وله عليه شرح بديع يسمى "فتح المنعم ببيان ما احتيج لبيانه من زاد المسلم"، وله أيضاً "إيقاظ الأعلام لوجوب اتباع رسم المصحف الإمام عثمان بن عفان رضي الله عنه" وله مؤلفات غير هذه. أفدناه بنحوه من الجزء الأول من كتاب المؤلف "زاد المسلم" الناشر مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع بالقاهرة بدون تاريخ. 139- قطرب. قطرب: هو أبو علي محمد بن المستنير بن أحمد الشهير بقطرب من علماء النحو وشيوخه وكان ذا أدب ولغة وهو أول من وضع المثلث في اللغة وله تصانيف عديدة. توفي سنة ست ومائتين من الهجرة رحمه الله تعالى. أهـ باختصار من الأعلام للزركلي الجزء السابع ص (315) تقدم. 140- الحمامي. الحمامي: هو محمد بن مصطفى بن أحمد الحمامي نسبة إلى بلد أجداده وهي برو الحمام. من أفاضل علماء مصر في التجويد والقراءات، وهو من أبرز تلامذة العلامة الكبير الشيخ محمد محمد هلالي الإبياري المترجم له هنا. ومن تصانيف العلامة الحمامي نظم بديع في التجويد اسمه "الجواهر الغوالي" وله عليه شرح نفيس اسمه "سراج المعالي على متن الجواهر الغوالي" وقد فرغ من تأليف هذا

141- محمد بن مفلح الحنبلي.

الشرح المبارك يوم الاثنين لثمانية عشر يوماً خلت من شهر ذي القعدة الحرام سنة 1309هـ تسع وثلثمائة وألف من الهجرة النبوية فيعد من أعيان علماء القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته آمين. أفدناه من كتابه "سراج المعالي على متن الجواهر الغوالي". 141- محمد بن مفلح الحنبلي. محمد بن مفلح الحنبلي 710 - 763هـ - 1310 - 1362م: هو محمد بن مفلح بن محمد بن مفرح المقدسي الراميني الدمشقي الصالحي الحنبلي، شمس الدين أبو عبد الله فقيه أصولي محدث. ولد ونشأ ببيت المقدس وسمع من عيسى المطعم وأخذ عن المزي والذهبي وتقي الدين السبكي وغيرهم: ودرس وأفتى وناظر وحدث، وناب في الحكم عن قاضي القضاة جمال الدين المردواي. وتوفي بسكنه بصالحية دمشق في اثنين من رجب ودفن بالروضة بالقرب من موفق الدين، من تصانيفه: "الآداب الشرعية والمنح المرعية" و "كتاب الفروع" في أربع مجلدات و"شرح كتاب المقنع" في نحو ثلاثين مجلدة و"شرح المنتقى في مجلدين" و"كتاب في أصول الفقه على المذهب الحنبلي" أهـ. انتهى من معجم المؤلفين الجزء الثاني عشر ص (44) تقدم. 142- أبو بكر النقاش. أبو بكر النقاش: هو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر بن سند أبو بكر الموصلي النقاش نزيل بغداد، الإمام العلم مؤلف كتاب شفاء الصدور في التفسير. ولد سنة ست وستين ومائتين، وعني بالقراءات من صغره أخذ القراءة عرضاً عن أناس كثيرين منهم: أبو علي الحسين بن محمد الحداد المكي ومحمد بن عمران الدينوري ومدين بن شعيب البصري وأبو أيوب الضبي وإدريس بن عبد الكريم والحسين بن علي بن حماد وغيرهم ... وطاف الأمصار وتجول في البلدان وكتب الحديث وقيد السنن وصنف المصنفات في القراءات والتفسير وغير ذلك وطالت أيامه فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه وورعه وصدق

143- الشيخ مكي نصر صاحب نهاية القول المفيد.

لهجته وبراعة فهمه وحسن اطلاعه واتساع معرفته. وقال الخطيب: كان عالماً بالحروف حافظاً للتفسير سافر الكثير شرقاً وغرباً وكتب بمصر والشام والجزيرة والجبال وخراسان وما وراء النهر. أخذ القراءة عنه عرضاً خلق كثيرون منهم: محمد بن عبد الله بن أشتة ومحمد بن أحمد الشنبوذي والحسن بن محمد الفحام والحافظ أبو الحسن الدارقطني وأبو بكر بن مهران وأبو الفرج النهرواني وغيرهم. وكان أبو الحسن الدارقطني يستملي له وينتقي للناس من حديثه. وقال أبو الحسن بن الفضل القطان: حضرت النقاش وهو يجود بنفسه في ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلثمائة فجعل يحرك شفتيه ثم نادى بعلو صوته: {لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العاملون} [الصافات: 61] يرددها ثلاثاً ثم خرجت نفسه أهـ ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (119 - 121) تقدم. 143- الشيخ مكي نصر صاحب نهاية القول المفيد. الشيخ مكي نصر صاحب نهاية القول المفيد: هو محمد مكي نصر الجريسي عالم كبير في التجويد والقراءات وغيرها. مصري وله مؤلفات يرجع إليها العول عليها منها: "نهاية القول المفيد في علم التجويد" فرغ من تأليفه يوم الثلاثاء الرابع من شهر جمادى الأولى سنة خمس وثلثمائة بعد الألف من هجرة من خلقه الله على أكمل وصف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وهو كتاب مشهور أجاد فيه وأفاد وانتفع به طلاب العلم قاطبة في أنحاء البلاد الإسلامية وطبع كثيراً ويؤخذ من هذا الكلام أن المترجم له كان حيًّا في سنة خمس وثلثمائة وألف للهجرة فيعد من علماء القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين رحمه الله تعالى. أفدناه من كتابه "نهاية القول المفيد" وسبقت الإشارة إليه غير مرة. 144- الميهي الأحمدي شارح تحفة الأطفال. الميهي الأحمدي شارح تحفة الأطفال: هو محمد الميهي الشافعي الأحمدي. هذا ما جاء في كتاب المترجم له المسمى: "فتح الملك المتعال بشرح تحفة الأطفال" في التجويد ولم يذكر المترجم له في كتابه هذا تاريخ الانتهاء من التأليف كعادة المؤلفين حتى

نتعرف على العصر الذي عاش فيه ولكن توصلنا إلى معرفة عصره من خلال شرح تحفة الأطفال لناظمها الشيخ سليمان الجمزوري فقد قال في مقدمة شرحه: "وجعلت أصله شرح. ولد شيخنا الشيخ محمد الميهي نظر الله إلينا وإليه واعتمدت فيما تركته من هذا الشرح عليه" إلخ وشيخ الجمزوري الذي عناه في شرحه هو كما قال عنه عند قوله في التحفة: "عن شيخنا الميهي ذي الكمال" أي عن شيخنا الإمام العالم العلامة الحبر الفهامة سيدي وأستاذي الشيخ نور الدين علي بن عمر بن حمد بن عمر بن ناجي بن فنيش الميهي. قال العلامة الضباع في حاشيته على شرح التحفة للجمزوري قوله: "الميهي" نسبة لبلدة يقال لها: "الميه" بجوار شبين الكوم بإقليم المنوفية ومما تقدم يتضح لنا أن المترجم له هو نجل الشيخ نور الدين علي بن عمر المذكور والشيخ نور الدين هذا قد ترجم له العلامة الضباع في حاشيته المذكورة آنفاً فقال بعد أن ذكر اسمه المتقدم ما نصه: "ولد رضي الله عنه - بها - أي ببلدة الميه المتقدم ذكرها سنة 1139هـ ألف ومائة وتسع وثلاثين وقرأ بها القرآن الكريم ثم رحل منها إلى الأزهر واشتغل فيه بالعلم مدة ثم رحل منه إلى طندتا فأقام بجامعها الأحمدي مشتغلاً بالعلوم والقراءات تدريساً وسماعاً حتى انتقل إلى دار الكرامة صبيحة يوم الأربعاء لأربع عشر ليلة من ربيع الأول سنة 1204هـ أربع ومائتين وألف من الهجرة النبوية" أهـ منه بلفظه. ومن جملة ما أوردناه من هذه النقول يتبين لنا أن الشيخ محمد الميهي الشافعي الأحمدي المترجم له كان عصره عصر والده الشيخ نور الدين المذكور وأنه في القرن الحادي عشر وأوائل الثاني عشر الهجريين ومن وقف على شرحه لتحفة الأطفال عرف مقدار الرجل فهو عالم جليل مقدم في فني التجويد

145- الإمام أبو حيان.

والقراءات وغيرها من العلوم الشرعية والعربية رحمه الله وأورده موارد عفوه آمين. هذا: ومما تجدر الإشارة إليه والتنبيه عليه أننا ترجمنا في ملحق الأعلام في كتيبنا هذا لعالمين كبيرين آخرين ميهيين أيضاً وهما العلامة المحقق الشيخ علي بن عمر بن أحمد العوفي الميهي وولده العلامة الشيخ مصطفى الميهي وعليه فيكون الميهيون المترجم لهم هنا أربعة بجال من كبار علماء القرآن وهم: العلامة الشيخ محمد الميهي الشافعي الأحمدي، ووالده العلامة الشيخ نور الدين علي بن عمر الميهي. والعلامة الشيخ علي بن عمر بن أحمد العوفي الميهي، وولده العلامة الشيخ مصطفى الميهي وهم من رجال مشيخة طنطا رحم الله الجميع برحمته الواسعة ورحمنا معهم بفضله إنه سبحانه جواد كريم. 145- الإمام أبو حيان. الإمام أبو حيان: هو محمد بن يوسف بن علي بن حيان أثير الدين أبو حيان الأندلسي الغرناطي الإمام الحافظ الأستاذ شيخ العربية والأدب والقراءات مع العدالة والثقة. ولد في العشر الأخير من شوال سنة 654هـ أربع وخمسين وستمائة بغرناطة. وأول قراءته سنة سبعين وستمائة قرأ السبع ببلده على عبد الحق بن علي بن عبد الله الأنصاري وأحمد بن علي بن محمد بن الطباع والأستاذ أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير وخلق غير هؤلاء. وروى القراءات بالإجازة عن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي عن الكندي وأقام بالديار المصرية يؤلف ويقرئ وقرأ عليه خلق كثيرون منهم: أحمد بن محمد بن نحلة الدمشقي وأبو الفتح محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن علي السبكي ومحمد بن علي بن اللبان وإبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد الشامي وابنه حيان بن محمد بن يوسف بن علي وعبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل المكي وغيرهم. قال الذهبي: ومع براعته الكاملة في العربية له يد طولى في الفقه والآثار والقراءات واللغات. وله مصنفات في القراءات والنحو وهو مفخر أهل مصر في وقتنا في العلم تخرج به عدة أئمة. قال الحافظ ابن الجزري: ونظم القراءات السبع في قصيدة لامية سماها عقد

146- الشيخ بسة.

اللآلئ خالية من الرموز وجعل عليها نكتاً مفيدة ونظم قراءة يعقوب وشرح التسهيل شرحاً جليلاً. وله التفسير الذي لم يسبق إلى مثله سماه البحر المحيط في عشر مجلدات وغير ذلك من المؤلفات ونظمة في غاية الحسن مع الدين والخير والثقة والأمانة. توفي سنة خمس وأربعين وسبعمائة بالقاهرة ودفن بتربته بالبرقية. أهـ مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (285 - 286) تقدم وذكر الحافظ السيوطي في بغية الوعاة أنه مات في الثامن والعشرين من صفر سنة 745هـ خمس وأربعين وسبعمائة وانظر ترجمته كاملة في بغية الوعاة: في طبقات اللغويين والنحاة الجزء الأول ص (280 - 285) مسلسل رقم (516) بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم الطبعة الأولى بمطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر عام 1384هـ - 1964م. 146- الشيخ بسة. الشيخ بسة: هو محمود بن علي بسة "مصري" من علماء الأزهر الشريف والمدرسين بقسم القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر سابقاً. وله تصانيف كثيرة منها: "روضة الجنات فيما انفرد به ثلاثة الدرة من القراءات" و"العميد في فن التجويد" و"مواكب النصر في توجيه القراءات العشر" و "القواعد النحوية في ملخص التحفة السنية شرح الأجورمية في النحو" و "الفجر الجديد في علم التوحيد" وغير ذلك. وقد أديت على هذا العالم الجليل مع آخرين الامتحان الشفوي في الشهادة العالية للقراءات في عام 1367هـ الموافق لعام 1957م وكان ذلك في القرآن الكريم والقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة والنحو والصرف والمتون والحمد لله كنت موفقاً رغم صعوبة الامتحان. وقد توفي المترجم له في أواخر الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي وكنت إذا ذاك طالباً بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر سابقاً رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

147- الزمخشري.

147- الزمخشري. الزمخشري: هو محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الزمخشري أبو القاسم جار الله كان واسع العلم كثير الفضل غاية في الذكاء وجودة القريحة متقناً في كل علم معتزليًّا قويًّا في مذهبه مجاهراً به حنفيًّا. ولد في رجب سنة سبع وتسعين وأربعمائة وورد بغداد غير مرة وأخذ الأدب عن أبي الحسن علي بن مظفر النيسابوري وأبي مضر الأصبهاني. وسمع من أبي سعد الشافتي وشيخ الإسلام أبي منصور الحارثي وجماعة وجاور بمكة المشرفة وتلقب بجارالله وفخر خوارزم أيضاً. وأصابه خراج في رجله فقطعها وصنع عوضها رجلاً من خشب وكان إذا مشى ألقى عليها ثيابه الطوال فيظن من يراه أنه أعرج. مات يوم عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة للهجرة أهـ مختصراً من بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة الجزء الثاني ص (279 - 280) تقدم. 148- الإمام مسلم رضي الله تعالى عنه. الإمام مسلم رضي الله تعالى عنه: هو أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري الإمام الحافظ حجة الإسلام صاحب التصانيف والصحيح تتلمذ على سعيد بن منصور وأحمد بن حنبل والبخاري. وروى عنه الترمذي وابن خزيمة وأبو عوانة وخلق كثيرون. وصحيحه يلي صحيح البخاري في الصحة بالإجماع. ولد سنة أربع ومائتين للهجرة، وتوفي سنة إحدى وستين ومائتين للهجرة رحمه الله رحمة واسعة. انتهى مختصراً من تذكرة الحفاظ للذهبي الجزء الثاني ص (588 - 589) تقدم. 149- الإمام الأزميري. الإمام الأزميري سنة 1156هـ - 1743م: هو مصطفى بن عبد الرحمن بن محمد الأزميري عالم بالقراءات من كتبه: "عمدة العرفان في وجوه القرآن" - خ - وشرحه "بدائع البرهان" - خ - و"تقريب

150- العلامة مصطفى الميهي.

حصول المقاصد في تخريج ما في النشر من الفوائد" - خ - و"تحرير النشر في طريق العشر" - خ - وغيرها، انتهى من الأعلام للزركلي الجزء الثامن ص (138) تقدم. قلت: أما كتابه "عمدة العرفان في وجوه القرآن فقد طبع أخيراً وأشرنا إليه غير مرة في كتيبنا هذا. 150- العلامة مصطفى الميهي. العلامة مصطفى الميهي: هو مصطفى بن علي بن عمر بن أحمد العوفي الميهي نسبة إلى الميه من أعمال المنوفية بمصر عالم جليل وفاضل مقدم من العلماء الورعين والفضلاء المشهورين في القراءات وغيرها من العلوم العربية والشرعية وكانت حياته في القرن الثالث عشر الهجري كما نص على ذلك في كتابه تحرير الطيبة المسمى "فتح الكريم الرحمن في تحرير أوجه القرآن" أنه انتهى منه ضحوة يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة بقين من ذي الحجة الحرام اختتام سنة 1229هـ ألف ومائتين وتسع وعشرين من الهجرة النبوية. وهذا العلم ابن العلامة المحقق الشيخ علي بن عمر بن أحمد الميهي وحيد عصره في القراءات وغيرها وقد ترجمنا له في كتيبنا هذا وهذا الشيخ الجليل وولده العلامة الشيخ مصطفى من رجال إسنادنا في بعض إجازاتنا للقراءات كما هو مثبت في مقدمة هذا الكتيب رحمهما الله تعالى ورحم المسلمين عامة آمين. 151- أبو عبيدة. أبو عبيدة: هو أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي بالولاء البصري النحوي من أئمة أهل العلم بالأدب واللغة، له مصنفات كثيرة منها: "مجاز القرآن" و "معاني القرآن" و "إعراب القرآن" وغيرها. ولد سنة عشرة ومائة للهجرة وتوفي سنة تسع ومائتين رحمه الله تعالى. انتهى مختصراً من الأعلام للزركلي الجزء الثامن ص (191) تقدم. 152- مكي بن أب طالب القيسي. مكي بن أبي طالب القيسي: هو مكي بن أبي طالب بن حيوس بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي

إمام علامة محقق عارف أستاذ القراء والمجودين. ولد سنة خمسين وثلثمائة بالقيروان. وحج فسمع بمكة من أحمد بن فراس وأبي القاسم عبد الله السقطي وبالقيروان من أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القادمي وقرأ القراءات بمصر على أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون وابنه طاهر وقراءة ورش على أبي عدي عبد العزيز وسمع من أبي بكر محمد بن علي الأدفوي. وقرأ عليه جماعة منهم: موسى بن سليمان اللخمي وأبو بكر محمد بن المفرج ومحمد بن أحمد بن مطرف الكناني. قال صاحبه أحمد بن مهدي المقري كان من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية حسن الفهم والخلق جيد الدين والعقل كثير التأليف في علوم القرآن محسناً مجوداً عالماً بمعاني القرآن. أخبرني أنه سافر إلى مصر وهو ابن ثلاث عشرة سنة وتردد على المؤدبين وأكمل القرآن ورجع إلى القيروان. ثم رحل فقرأ القراءات على ابن غلبون سنة ست وسبعين. وقرأ بالقيروان أيضاً بعد ذلك ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة ثم حج سنة سبع وثمانين وجاور ثلاثة أعوام ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين وجلس للإقراء بجامع قرطبة وعظم اسمه وجل قدره. وقال ابن بشكوال: قلده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة بعد وفاة يونس بن عبد الله القاضي وكان قبل ذلك ينوب عنه وله ثمانون تأليفاً وكان خيراً متديناً مشهوراً بالصلاح وإجابة الدعوة. دعا على رجل كان يسخر به وقت الخطبة فأقعد ذلك الرجل. قال الحافظ ابن الجزري: ومن تأليفه التبصرة والكشف عليها وتفسيره الجليل ومشكل إعراب القرآن والرعاية في التجويد والموجز في القراءات وتواليفه تنيف عن ثمانين تأليفاً. مات في ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وقال رحمه الله: ألفت كتابي الموجز في القراءات بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلثمائة وألفت كتاب التبصرة بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلثمائة وألفت مشكل الغريب بمكة المشرفة سنة تسع وثمانين وثلثمائة وألفت مشكل الإعراب في الشام ببيت المقدس سنة إحدى

153- موسى بن يزيد الكندي.

وتسعين وثلثمائة وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلثمائة. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (309 - 310) تقدم. 153- موسى بن يزيد الكندي. موسى بن يزيد الكندي: لم نعثر له على ترجمة ونحن بصدد البحث عنها إن شاءالله تعالى. 154- محمد علي الحداد. محمد علي الحداد سنة 1282 - 1357هـ - 1865 - 1939م: هو محمد بن علي بن خلف الحسيني المعروف بالحداد مقرئ من فقهاء المالكية بمصر، ولد في بلدة "بني حسين" بالصعيد وتعلم بالأزهر، ثم عين شيخاً للقراء بالديار المصرية سنة 1323هـ له كتب منها: "الكواكب الدرية فيما يتعلق بالمصاحف العثمانية" و "إرشاد الإخوان شرح هداية الصبيان" في التجويد "القول السديد في بيان حكم التجويد" و "سعادة الدارين في عد آي معجز الثقلين". انتهى من الأعلام للزركلي الجزء السابع ص (196 - 197) تقدم. قلت: وله تآليف غير المذكورة مفيدة وفريدة ومن وقف على التآليف المترجم له عرف قدره وكفاءته العلمية. فهو عالم مقدم في التجويد والقراءات والعلوم العربية والشرعية ومن أعيان المالكية في وقته أخذ القراءات على عمه الأستاذ الكبير والعلم الشهير الشيخ حسن بن خلف الحسيني الذي هو من أبرز تلامذة العلامة المحقق الشيخ محمد بن أحمد الشهير بالمتولي شيخ القراء وعموم المقارئ بالديار المصرية في وقته. هذا: وقد قرأ على المترجم له خلق كثيرون من أبرزهم سماحة العلامة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف رحم الله المترجم له وأسكنه فسيح جناته آمين. 155- نافع بن جبير بن مطعم. نافع بن جبير بن مطعم: هو أبو محمد أو أبو عبد الله نافع بن جبير بن مطعم النوفلي المدني ثقة فاضل مات سنة تسع وتسعين للهجرة رحمه الله تعالى. انظر الحافظ ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب

156- الإمام نافع المدني أحد الأئمة السبعة.

ص (355) طبعة دار نشر الكتب الإسلامية كوجرا نواله باكستان، الطبعة الأولى (1393هـ - 1973م) . 156- الإمام نافع المدني أحد الأئمة السبعة. الإمام نافع المدني أحد الأئمة السبعة: هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم أبو رويم ويقال أبو نعيم ويقال: أبو الحسن وقيل: أبو عبد الله وقيل: أبو عبد الرحمن الليثي مولاهم وهو مولى جعونة بن شعوب الليثي حليفة حمزة بن عبد المطلب المدني أحد القراء السبعة والأعلام ثقة صالح أصله من أصبهان وكان أسود اللون حالكاً صبيح الوجه حسن الخلق فيه دعابة أخذ القراءة عرضاً عن جماعة من تابعي أهل المدينة عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وأبي جعفر القارئ وشيبة بن نصاح ويزيد بن رومان ومسلم بن جندب وصالح بن خوات والأصبغ عبد العزيز النحوي وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم جميعاً - والزهري. قال أبو قرة موسى بن طارق: سمعته يقول: قرأت على سبعين من التابعين. قال الحافظ ابن الجزري: وقد تواتر عندنا عنه أنه قرأ على الخمسة الأول. روى القراءة عنه عرضاً وسماعاً خلق كثيرون منهم: إسماعيل بن جعفر وعيسى بن وردان وسليمان بن مسلم بن جماز ومالك بن أنس وهم من أقرانه وإسحاق بن محمد وأبو بكر وإسماعيل ابنا أبي أويس ويعقوب بن جعفر أخو إسماعيل وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعيسى بن مينا قالون ... وعبد الملك بن قريب الأصمعي وأبو عمرو بن العلاء وعثمان بن سعيد ورش والليث بن سعد وأشهب بن عبد العزيز والغازي بن قيس الأندلسي وخلق غير هؤلاء. وأقرأ الناس دهراً طويلاً نيفاً عن سبعين سنة وانتهت إليه رئاسة القراءة بالمدينة المنورة وصار الناس إليها. وقال أبو عبيد: وإلى نافع صارت قراءة أهل المدينة وبها تمسكوا إلى اليوم. وقال ابن مجاهد: وكان الإمام الذي قام بالقراءة بعد التابعين بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم نافع قال: وكان عالماً بوجوه القراءات متبعاً لآثار الأئمة الماضين ببلده ... قال رجل ممن قرأ على نافع: إن نافعاً كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك فقلت له: يا أبا عبد الله تتطيب كلما قعدت تقرئ الناس قال: ما أمس طيباً ولا أقرب طيباً ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي صلى

157- الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه.

الله عليه وسلم وهو يقرأ في في فمن ذلك الوقت أشم هذه الرائحة أهـ. ولما حضرت نافعاً الوفاة قال له أبناؤه أوصنا، قال: "اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين". مات سنة تسع وستين ومائة وقيل سنة سبعين وقيل سبع وستين وقيل خمسين وقيل سبع وخمسين رحمه الله تعالى. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (330 - 334) تقدم. 157- الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه. الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: هو النعمان بن ثابت بن زوطا الإمام أبو حنيفة الكوفي فقيه العراق والمعظم في الآفاق مولى بني تيم الله بن ثعلبة روى القراءة عرضاً عن الأعمش وعاصم وعبد الرحمن بن أبي ليلى. ورأى أنس بن مالك وحدث عن عطاء والأعرج ونافع مولى ابن عمر وعكرمة. روى القراءة عنه الحسن بن زياد. توفي في شهر رجب سنة خمسين ومائة عن سبعين سنة. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (342) تقدم. 158- الأخفش الدمشقي. الأخفش الدمشقي: هو هارون بن موسى بن شريك أبو عبد الله التغلبي الأخفش الدمشقي مقرئ مصدر ثقة نحوي شيخ القراء بدمشق يعرف بأخفش باب الجابية. أخذ القراءة عرضاً وسماعاً عن ابن ذكوان وأخذ الحروف عن هشام ... وروى القراءة عنه خلق كثيرون منهم: إبراهيم بن عبد الرزاق وإسماعيل بن عبد الله الفارسي وجعفر بن حمدان بن أبي داود ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ومحمد بن الأخرم ومحمد بن نصير بن جعفر بن أبي حمزة وهو أكبر أصحابه ومحمد بن الحسن النقاش ومحمد بن موسى الصوري وغيرهم. وروى عن أبي مسهر وسلامة بن سليمان المدايني. وروى عنه أبو القاسم الطبراني ... وقال أبو علي الأصبهاني: كان من أهل الفضل صنف كتباً كثيرة في القراءات والعربية وإليه رجعت الإمامة في قراءة ابن ذكوان.

159- أبو الوليد بن عمار: أحد رواة الإمام ابن عامر الشامي.

توفي سنة ثنتين وتسعين ومائتين عن اثنتين وتسعين سنة. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (347 - 348) تقدم. 159- أبو الوليد بن عمار: أحد رواة الإمام ابن عامر الشامي. أبو الوليد هشام بن عمار: أحد رواة الإمام ابن عامر الشامي: هو هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة أبو الوليد السلمي وقيل الظفري الدمشقي إمام أهل دمشق وخطيبهم ومقرئهم ومحدثهم ومفتيهم. ولد سنة ثلاث وخمسين ومائة. أخذ القراءة عرضاً عن أيوب بن تميم وعراك بن خالد وسويد بن عبد العزيز والوليد بن مسلم وصدقة بن خالد ومدرك بن أبي سعد وعمر بن عبد الواحد. وروى الحروف عن عتبة بن حماد وعن أبي دحية معلى بن دحية عن نافع. وروى عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينة والدراوردي ومسلم بن خالد الزنجي وخلق. وروى عن أبي لهيعة بالإجازة، روى القراءة عنه خلق كثيرون منهم: أبو عبيد القاسم بن سلام قبل وفاته بنحو أربعين سنة وأحمد بن يزيد الحلواني وأحمد بن أنس وإبراهيم بن دحيم وموسى بن جمهور والعباس بن الفضل وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمر وهارون بن موسى الأخفش وغيرهم. وروى عنه الوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب وهما من شيوخه والبخاري في صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجة في سننهم. وحدث الترمذي عن رجل عنه وبقي بن مخلد وجعفر الغرياني وأبو زرعة الدمشقي وخلق. قال يحيى بن معين: ثقة وقال النسائي: لا بأس به، وقال الدارقطني: صدوق كبير المحل. وكان فصيحاً علامة واسع الرواية، قال عبدان الأهوازي: سمعته يقول: ما أعددت خطبة منذ عشرين سنة، وقال محمد بن حريم: سمعته يقول في خطبته: "قولوا الحق يريكم الحق منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق" وقال أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني المقري: لما توفي أيوب بن تميم رجعت الإمامة في القراءة إلى رجلين ابن ذكوان وهشام - وهما راويا ابن عامر أحد القراء السبعة - قال - أي الأصبهاني المقري - وكان هشام مشهوراً بالنقل والفصاحة والعلم والرواية والدراية رزق كبر السن وصحة العقل والرأي فارتحل الناس إليه في القراءات والحديث. وقال أبو زرعة: من فاته هشام بن عمار يحتاج أن ينزل في عشرة آلاف حديث.

160- أم المؤمنين سيدنا أم سلمة رضي الله تعالى عنها.

قال الحافظ ابن الجزري بإسناده إلى هشام إلى أن قال: قال أخبرني بعض أهل الحديث ببغداد أن هشام بن عمار قال: سألت الله عز وجل سبع حوائج فقضى ستًّا والواحدة ما أدرى ما صنع فيها سألته أن يغفر لي ولوالدي وهي التي لا أدري وسألته أن يرزقني الحج ففعل وسألته أن يعمرني مائة سنة ففعل وسألته أن يجعلني مصدقاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل وسألته أن يجعل الناس يغدون إلي في طلب العلم ففعل. وسألت أن أخطب على منبر دمشق ففعل وسألته أن يزرقني ألف دينار حلالاً ففعل. مات سنة خمس وأربعين ومائتين وقيل سنة أربع وأربعين. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (354 - 356) تقدم. 160- أم المؤمنين سيدنا أم سلمة رضي الله تعالى عنها. أم المؤمنين سيدتنا أم سلمة رضي الله تعالى عنها: هي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم، السيدة أم سلمة هند بنت سهيل بن المغيرة القرشية المخزومية. من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها في السنة الرابعة للهجرة، وكانت من أكمل النساء عقلاً وخلقاً وهي قديمة الإسلام. وكان لها "يوم الحديبية" رأي سديد أشارت به على النبي صلى الله عليه وسلم دل على وفور عقلها. ويفهم ممن خبر عنها أنها كانت تكتب وعمرت طويلاً. وبلغ ما روته من الحديث الشريف ثمانية وسبعين وثلثمائة حديث. وكانت وفاتها بالمدينة سنة اثنتين وستين للهجرة عن نحو من تسعين عاماً في أحد الأقوال رضي الله تعالى عنها وعنا معها بفضله وكرمه آمين. 161- الشيخ سرور المحلي. الشيخ سرور المحلي: هو وهبة بن سرور المحلي المصري معروف من علماء التجويد والقراءات من تصانيفه كتابه المشهور "انشراح الصدور في تجويد كلام الغفور" وقد فرغ من تأليفه أواخر رمضان المبارك سنة إحدى عشرة وثلثمائة وألف من هجرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام فيعد المترجم له من أعلام القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين. وقد ألقى الله على كتابه هذا القبول وقد قرظه جمع من أكابر العلماء

162- الفراء: شيخ النحاة.

في وقته. ومنهم: شيخ شيوخ شيخنا في إحدى إجازاتنا العلامة الثبت الشيخ ضيف الله سالم عامر الشبلنجي نسبة إلى مدينة شبلنجة من أعمال محافظة القليوبية بمصر رحم الله تعالى الجميع وأوردهم موارد عفوه آمين. أفدناه من كتاب المترجم له المذكور آنفاً. 162- الفراء: شيخ النحاة. الفراء: شيخ النحاة: هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور أبو زكريا الأسلمي النحوي الكوفي المعروف بالفراء شيخ النحاة. روى الحروف عن أبي بكر بن عياش وعلي بن حمزة الكسائي ومحمد بن حفص الحنفي. روى القراءة عنه سلمة بن عاصم ومحمد بن الجهم ومحمد بن عبد الله بن مالك وهارون بن عبد الله. قال العباس ثعلب: لولا الفراء لما كانت عربية لأنه خلصها وضبطها توفي سنة سبع ومائتين في رجوعه من طريق مكة. وجاء في الأعلام أنه ولد عام أربعة وأربعين ومائة من الهجرة وتوفي عام سبعة ومائتين كما جاء فيه أنه صنف كثيراً وأملى "معاني القرآن" في مجالس عامة كان في جملة من يحضرها نحو ثمانين قاضياً. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (371 - 372) تقدم، وانظر الأعلام للزركلي الجزء التاسع ص (178) تقدم. 163- الإمام النووي رضي الله تعالى عنه. الإمام النووي رضي الله تعالى عنه: هو أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحراني النووي الشافعي. علامة بالفقه والحديث مولده ووفاته في نوا من قرى حوران بسورية وله تصانيف كثيرة وجليلة منها: "المنهاج والمجموع شرح المهذب" كلاهما في فقه الشافعية و "التبيان: في آداب حملة القرآن" و "شرح صحيح مسلم" وغيرها كثير. ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة للهجرة. وتوفي سنة ست وسبعين وستمائة رحمه الله تعالى.

164- الإمام أبو جعفر المدني أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه.

انظر الأعلام للزركلي الجزء التاسع ص (184 - 185) تقدم. 164- الإمام أبو جعفر المدني أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه. الإمام أبو جعفر المدني أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه: هو يزيد بن القعقاع الإمام أبو جعفر المخزومي المدني القاري أحد القراء العشرة تابعي مشهور كبير القدر يقال اسمه جندب بن فيروز وقيل فيروز، عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنهم. ويقال إنه قرأ على زيد بن ثابت قال الذهبي ولم يصح. قال الحافظ ابن الجزري: روينا عنه أنه أتى به إلى أم سلمة - رضي الله عنها - وهو صغير فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة وصلى بابن عمر - رضي الله عنهما - وأقرأ الناس قبل الحرة، والحرة سنة ثلاث وستين، روى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم - أحد الأئمة السبعة - وسليمان بن مسلم بن جماز وعيسى بن وردان وأبو عمرو - وهو ابن العلاء البصري أحد الأئمة السبعة - وعبد الرحمن بن زيد وإسماعيل ويعقوب ابناه وميمونة بنته ... وأثنى عليه أهل العلم فقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: صالح الحديث. وقال يعقوب بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري: كان إمام الناس أبو جعفر. وقال ابن مجاهد حدثوني عن الأصمعي عن أبي الزناد قال: لم يكن أحد أقرأ للسنة من أبي جعفر وكان يقدم في زمانه على عبد الرحمن بن هرمز الأعرج. وقال مالك: كان أبو جعفر رجلاً صالحاً يقرئ الناس بالمدينة. وروى ابن جماز عنه أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وهو صوم داود عليه السلام، واستمر على ذلك مدة من الزمان فقال له بعض أصحابه في ذلك فقال: إنما فعلت ذلك أروض به نفسي لعبادة الله تعالى. قال الحافظ ابن الجزري: وقرأ بخط الأستاذ أبي عبد الله القصاع أنه كان يصلي في جوف الليل أربع تسليمات يقرأ في كل ركعة بالفاتحة وسورة من طوال المفصل ويدعو عقبيها لنفسه والمسلمين ولكل من قرأ عليه وقرأ بقراءته بعده وقبله. وقال سليمان بن مسلم شهدت أبا جعفر وقد حضرته الوفاة جاءه أبو حازم الأعرج في مشيخة من جلسائه فأكبوا عليه يصرخون به فلم يجبهم فقال شيبة:

165- الإمام يعقوب الحضرمي أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه.

وكان ختنه على ابنة أبي جعفر ألا أريكم عجباً؟ قالو: بلى، فكشف عن صدره فإذا دوارة بيضاء مثل اللبن فقال أبو حازم وأصحابه: هذا والله نور القرآن. قال نافع لما غسل أبو جعفر بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف، قال فما شك أحد ممن حضر أنه نور القرآن، مات أبو جعفر بالمدينة المنورة سنة ثلاثين ومائة وقيل سنة اثنتين وثلاثين وقيل سنة تسع وعشرين وقيل سنة سبع وعشرين وقيل سنة ثمان وعشرين وأبعد الهذلي في كامله حيث قال: سنة عشر. هذا: وذكر الحافظ ابن الجزري بإسناده إلى سليمان بن أبي سليمان العمري قال: رأيت أبا جعفر على الكعبة يعني في المنام فقلت: أبا جعفر فقال: نعم، اقرئ إخواني السلام وأخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين وأقرئ أبا حازم السلام وقل له يقول لك أبو جعفر الكيس الكيس فإن الله وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيات ووجدت بخط أبي عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع أنه يعني أبا جعفر رؤي في المنام بعد وفاته على صورة حسنة فقال للذي رآه بشر أصحابي وكل من قرأ قراءتي أن الله قد غفر لهم، وأجاب فيهم دعوتي ومرهم أن يصلوا هذه الركعات في جوف الليل كيف استطاعوا. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني (ص 382 - 384) تقدم. 165- الإمام يعقوب الحضرمي أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه. الإمام يعقوب الحضرمي أحد الأئمة العشرة رضي الله عنه: هو يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق أبو محمد الحضرمي مولاهم البصري أحد القراء العشرة وإمام أهل البصرة ومقريها. أخذ القراءة عرضاً عن سلام الطويل ومهدي بن ميمون وأبي الأشهب العطاردي وشهاب بن شرنفة ومسلمة بن محارب وعصمة بن عروة الفقيمي ويونس بن عبيد. وروى عن سلام حرف أبي عمرو بالإدغام. وسمع الحروف من الكسائي ومحمد بن زريق الكوفي عن عاصم. وسمع من حمزة حروفاً. وروى ابن المنادى أنه قرأ على أبي عمرو قال أبو عبد الله القصاع: وما ذلك ببعيد لأن أبا عمرو توفي وليعقوب سبع وثلاثون سنة. قال يعقوب: قرأت على سلام في سنة ونصف وقرأت على شهاب بن شرنفة

المجاشعي في خمسة أيام وقرأ شهاب على مسلمة بن محارب المحاربي في تسعة أيام، وقرأ مسلمة على أبي الأسود الدؤلي على علي رضي الله عنه. قال الحافظ ابن الجزري: وقراءته على أبي الأشهب عن أبي رجاء عن أبي موسى في غاية العلو. روى القراءة عنه خلق كثيرون منهم. زيد ابن أخيه أحمد وكعب بن إبراهيم وعمر السراج، وأبو بشر القطان، ومسلم بن سفيان المفسر وروح بن عبد المؤمن ومحمد بن المتوكل رويس ومحمد بن وهب الفزاوي وأبو حاتم السجستاني، وروح بن قرة، وأبو الفتح النحوي وأبو هاشم الرفاعي، وأبو عمر الدوري وغير هؤلاء كثير. قال أبو حاتم السجستاني - عن يعقوب - هو أعلم من رأيت بالحروف والاختلاف في القرآن وعلله ومذاهبه ومذاهب النحو أروى الناس لحروف القرآن ولحديث الفقهاء. وقال الداني: وائتم بيعقوب في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو فهم أو أكثرهم على مذهبه قال: وقد سمعت طاهر بن غلبون يقول: إمام الجامع بالبصرة لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب. قال ابن أبي حاتم سئل أحمد بن حنبل عنه فقال: صدوق وسئل عنه أبي فقال: صدوق. قال الحافظ ابن الجزري: وكان يعقوب من أعلم أهل زمانه بالقرآن والنحو وغيره وأبوه وجده. قال الأهوازي: أنشدني فيه أبو عبدون اللالكائي لنفسه: أبوه من القراء كان وجدّه ... ويعقوب في القراء كالكوكب الدُّرِّي تفرُّده محض الصواب ووجههُ ... فمن مثله في وقته وإلى الحشر قال أبو القاسم الهذلي لم ير في زمن يعقوب مثله كان عالماً بالعربية ووجوهها والقرآن واختلافه فاضلاً تقيًّا ورعاً زاهداً، بلغ من زهده أنه سرق رداؤه عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر ورد إليه ولم يشعر لشغله بالصلاة. قال البخاري وغيره مات في ذي الحجة سنة خمس ومائتين وله ثمان وثمانون سنة ومات أبوه عن ثمان وثمانين سنة وكذلك جده وجد أبيه رحمهم الله تعالى. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (386 - 389) تقدم.

166- الحافظ ابن عبد البر.

166- الحافظ ابن عبد البر. الحافظ ابن عبد البر سنة 368 - 463هـ - 978 - 1071م: هو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي - أبو عمر - من كبار حفاظ الحديث مؤرخ أديب بحاثة. يقال له حافظ المغرب. ولد بقرطبة ورحل رحلات طويلة وولي قضاء لشبونة وشنترين وتوفي بشاطبة، من كتبه: "الدرر في اختصار المغازي والسير" و "العقل والعقلاء" و "الاستيعاب" مجلدان في تراجم الصحابة و"جامع بيان العلم وفضله" و "المدخل في القراءات" و "بهجة المجالس وأنس المجالس" في المحاضرات أربعة أجزاء طبعت منه قطعة و "الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء" ترجم به مالكاً وأبا حنيفة والشافعي و"التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" كبير جدًّا طبع منه جانباً و "الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار" طبع قسم منه وهو اختصار التمهيد وغير ذلك. انتهى مختصراً من الأعلام للزركلي الجزء التاسع ص (316 - 317) تقدم. 167- الإمام الهذلي: صاحب الكامل. الإمام الهذلي: صاحب الكامل: هو يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سواده أبو القاسم الهذلي اليشكري الأستاذ الكبير والعلم الشهير الجوال. ولد في حدود التسعين وثلثمائة تخميناً وطاف البلاد في طلب القراءات فلا أعلم أحداً في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته ولا لقي من لقي من الشيوخ قال في كتابه "الكامل" فجملة من لقيت في هذا العالم ثلثمائة وخمسة وستون شيخاً من آخر المغرب إلى باب فرغانة يميناً وشمالاً وجبلاً وبحراً ولو علمت أحداً تقدم علي في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته قال: وألفت هذا الكتاب فجعلته جامعاً للطرق المتلوة والقراءات المعروفة ونسخت به مصنفاتي كالوجيز والهادي قلت: كذا ترى همم السادات في الطلب وكانت رحلته في سنة خمس وعشرين وبعدها. قال الأمير ابن ماكولا: كان يدرس علم النحو ويفهم الكلام وذكره عبد الغافر ونعته بأنه ضرير فيحتمل أنه عمي في آخر عمره وكان قد قرره الوزير نظام الدين في مدرسته بنيسابور فقعد سنين وأفاد وكان مقدماً في النحو والصرف

168- الأزرق صاحب ورش.

وعلل القراءات وكان يحضر مجلس أبي القاسم القشيري ويأخذ منه الأصول وكان القشيري يراجعه في مسائل في النحو والقراءات ويستفيد منه وكان حضوره سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وقد ذكر شيوخه الذين أخذ عنهم القراءات في كتابه وعدتهم مائة واثنان وعشرون شيخاً في كامله منهم: إبراهيم بن أحمد الإربلي وإبراهيم بن الخطيب ببغداد وأحمد بن رجاء بعسقلان وأحمد بن الصقر ببغداد وأحمد بن محمد بن علان بواسط وأحمد بن علي بن هاشم بمصر وأحمد بن علي بالإسكندرية إلى آخر المائة والعشرين شيخاً الذين ذكرهم المترجم له في كتابه "الكامل" وروى عنه الكثير منهم: إسماعيل بن الإخشيد وسمع منه الكامل وكذلك عبد الواحد بن حمد بن شيدة السكرى وأبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني النجار وقرأ عليه بمضمن كامله وسمعه منه أبو العز القلانسي وغير هؤلاء. مات الهذلي سنة خمس وستين وأربعمائة. انتهى مختصراً من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الثاني ص (397 - 401) تقدم. 168- الأزرق صاحب ورش. الأزرق صاحب ورش: هو يوسف بن عمر بن يسار ويقال سيار. قال الداني: والصواب يسار وأخطأ من قال بشار بالموحدة والمعجمة أبو يعقوب المدني ثم المصري المعروف بالأزرق ثقة محقق ضابط. أخذ القراءة عرضاً وسماعاً عن ورش وهو الذي خلفه في القراءة والإقراء بمصر وعرض على سقلاب ومعلى بن دحية. روى القراءة عنه عرضاً إسماعيل بن عبد الله النحاس ومحمد بن سعيد الأنماطي وأبو بكر عبد الله بن مالك بن سيف وهو آخرهم موتاً ومواس بن سهل. توفي في حدود الأربعين ومائتين. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (402) تقدم.

وهنا تمت تراجم الأعلام الذين ورد ذكرهم في كتابنا "هداية القاري إلى تجويد كلام الباري" والله نسأل أن ينفعنا بعلمهم والسير على منوالهم. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. المؤلف عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي

ملحق تراجم الأعلام المذكورين في كتاب هداية القاري

ملحق تراجم الأعلام المذكورين في كتاب هداية القاري 1- الأشناني. الأشناني: هو أحمد بن سهل بين الفيروزان الشيخ أبو العباس الأشناني المقري ثقة ضابط خير مجود بقية المسندين في القراءة، قرأ على عبيد بن الصباح صاحب حفص ثم قرأ بعده على جماعة من أصحاب أخيه عمرو بن الصباح حتى برع في القراءة. منهم الحسين بن المبارك وإبراهيم السمسار وعلي بن محصن وغيرهم. ووقع في كتاب الكافي لابن شريح أن الأشناني قرأ على عمرو وغلّط هذا الحافظ ابن الجزري في الغاية وطال عمره وطار ذكره رحمه الله تعالى. وقرأ عليه عرضاً خلق كثير منهم ابن مجاهد وعمر بن أحمد والد الحافظ الدارقطني المحدِّث وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي وأبو بكر النقَّاش وعبد الواحد بن عمر أبو طاهر والحسن بن سعيد المطوعي وعلي بن الحسين الغضايري وأحمد بن محمد بن سويد المؤدب، وعبد القدوس بن محمد وهؤلاء الثلاثة شيوخ الأهوازي ومحمد بن بشر الصايغ وغيرهم، وحدَّث عنه عبد العزيز الخرقي ومحمد بن علي بن سويد المؤدب وثقه الدارقطني. وتوفي رحمه الله على ما صححه الحافظ ابن الجزري لأربع عشرة خلت من المحرم سنة 307هـ سبع وثلاثمائة من الهجرة ببغداد. انتهى ملخصاً من غاية النهاية للحافظ ابن الجزري الجزء الأول ص 59 - 60 تحت رقم 257 وانظر معرفة القراء الكبار للذهبي الطبعة الحديثة عام سنة 1404هـ الجزء الأول ص 248 تحت رقم 154. 2- عبيد بن الصباح. عبيد بن الصباح: هو عبيد بن الصباح بن أبي شريح بن صبيح أبو محمد النهشلي الكوفي ثم البغدادي مقرئ ضابط صالح أخذ القراءة عرضاً عن حفص عن عاصم قال

3- أبو حفص بن الصباح الضرير.

الحافظ أبو عمرو الداني وهو من أجل أصحابه وأضبطهم روى القراءة عرضاً على أحمد بن سهل الأشناني وعبد الصمد بن العينوني والحسن بن المبارك الأنماطي وغيرهم. وعبيد بن الصباح هو أخو عمرو بن الصباح راويا حفص عن عاصم كما قال الداني وتبعه على ذلك الذهبي. قال الحافظ ابن الجزري في غاية النهاية قال أبو علي الأهوازي وليس عمرو بن الصباح وعبيد بن الصباح بأخوين. وأبعد بعضهم وأغرب فقال هما واحد. توفي عبيد رحمه الله تعالى على ما صححه الحافظ ابن الجزري في غاية النهاية سنة 219هـ تسع عشرة ومائتين من الهجرة أهـ. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص 495 - 496 تحت رقم 2061، وانظر معرفة القراء الكبار الجزء الأول ص 204 تحت رقم 97. 3- أبو حفص بن الصباح الضرير. أبو حفص بن الصباح الضرير: هو عمرو بن الصباح بن صبيح أبو حفص البغدادي الضرير مقريء حاذق ضابط. روى القراءة عرضاً وسماعاً عن حفص بن سليمان وهو من جلة أصحابه وقد روى أيضاً عن أبي عمرو سهل عنه حروفاً وروى أيضاً عن أبي يوسف الأعشى عن أبي بكر. قرأ عليه عرضاً جماعة منهم إبراهيم بن عبد الله السمسار والحسن بن المبارك وزرعان بن أحمد وعبد الصمد بن محمد العينوني وعلي بن سعيد البزار وعلي بن محصن وأبو جعفر أحمد بن محمد بن حميد الملقب بالفيل ومحمد بن عبيد القاضي وغيرهم. توفي رحمه الله سنة 221هـ إحدى وعشرين ومائتين من الهجرة. وقد أبعد من قال إنه وعبيد بن الصباح واحد، وقال الحافظ الداني إنهما أخوان، والله أعلم. انتهى ملخصاً من غاية النهاية، الجزء الأول ص 601 تحت رقم 2454، وانظر معرفة القراء الكبار الجزء الأول ص (203) تحت رقم 96.

4- أبو الحسن الحمامي.

4- أبو الحسن الحمامي. أبو الحسن الحمامي: هو علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي شيخ العراق ومسند الآفاق ثقة بارع مقدر ولد سنة 328هـ، ثمان وعشرين وثلثمائة من الهجرة، أخذ القراءات عرضاً عن جماعة منهم أبو بكر النقاش وأبو عيسى بكار وهبة الله بن جعفر وعبد الواحد بن عمرو وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي وأبو بكر بن مقسم والحسين بن أحمد الصفار وغيرهم. وقرأ عليه جماعة منهم: أحمد بن الحسن بن اللحياني وأحمد بن مسرور وعبد الواحد بن شيطا وعبد الملك بن شابور وعلي بن محمد بن فارس ومحمد بن موسى الخياط ونصر بن عبد العزيز الفارسي وأبو علي غلام الهراس وغيرهم. وروى عنه أبو بكر الخطيب وأبو بكر البيهقي وأبو الحسن علي بن العلاف وغيرهم. قال الخطيب - يعني البغدادي - كان صدوقاً ديِّناً فاضلاً تفرد بأسانيد القرآن وعلوها أهـ. توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد الرابع من شعبان بين الظهر والعصر سنة 417هـ سبع عشرة وأربعمائة من الهجرة ودفن بمقبرة الإمام أحمد في اليوم الثاني. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص 521 - 522 تحت رقم 2157. 5- الشريف أبو إسماعيل المعدل صاحب كتاب الروضة. الشريف أبو إسماعيل المعدل صاحب كتاب الروضة. هو موسى بن الحسين بن إسماعيل بن موسى الشريف أبو إسماعيل الحسيني المصري المعروف بالمعدل أستاذ عارف ألف كتاب الروضة في القراءات السبع قرأ على جماعة منهم: أحمد بن نفيس والحسين بن إبراهيم البزاز وعبد الملك بن سابور والحسين بن أحمد الصفار والحسين بن سليمان الأنطاكي وغيرهم. وقرأ عليه منصور بن الخير بن يعقوب بن يملا أبو علي الأحدب ولم يذكر الحافظ ابن الجزري تاريخ وفاة هذا الإمام في غاية النهاية، وقال العلامة

6- الفيل.

الضباع في كتاب صريح النص أنه توفي سنة 480 هـ ثمانين وأربعمائة من الهجرة أو بعدها رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص 318 - 319 تحت رقم 3679، وانظر كتاب صريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص ص 36 تقدم. 6- الفيل. الفيل: هو أحمد بن محمد بن حميد أبو جعفر البغدادي الملقب "بالفيل" ويعرف بالفامي نسبة إلى قرية فامية من عمل دمشق ولقب بالفيل لعظم خلقه مشهور حاذق قرأ على يحيى بن هاشم السمسار عن حمزة الزيات الإمام وعلى عمرو بن الصباح سنة ثماني عشرة وسنة تسعة عشرة وسنة عشرين ومائتين، واشتهرت رواية حفص عن عاصم من طريقه. وممن قرأ عليه أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل الولي وأحمد بن محمد شيخ الرهاوي وغيرهما. وسمع منه الحروف أبو بكر بن مجاهد ومحمد بن خلف وكيع. توفي سنة تسع وثمانين ومائتين قاله الأهوازي والنقاش وقيل سنة سبع وقيل سنة ست والله أعلم. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص 112 تحت رقم 514، وانظر معرفة القراء الكبار الجزء الأول ص 259 تحت رقم 171. 7- الولي. الولي: هو أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل أبو بكر العجلي المروزي ثم البغدادي الدقاق المعروف بالولي مقرئ ضابط ثقة مسند من كبار المقرئين وثقاتهم. قرأ على جماعة منهم أبوه وعلي محمد بن يونس الزينبي وابن مجاهد، وأحمد بن الحسن السمسار، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن حُميد الفيل، وأحمد بن سهل الحلواني وغيرهم، وسمع الوقف والابتداء من أبي بكر بن الأنباري وسمع الحديث من أحمد بن يحيى الحلواني وعبد الله بن ناجية ومحمد بن

8- أبو طاهر بن أبي هاشم.

الليث الجوهري، قرأ عليه علي بن عبيد الله بن جناح وإبراهيم بن أحمد الطبري وأبو الحسن بن الحمامي وسمع منه أحمد بن محمد بن أوس وحدَّث عنه علي بن داود الرَّزَّاز. توفي يوم السبت لثمان بقين من رجب سنة 355هـ خمس وخمسين وثلثمائة من الهجرة ببغداد رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص 66 - 67 تحت رقم 288، وانظر معرفة القراء الكبار، الجزء الأول ص 310 - 311 تحت رقم 227. 8- أبو طاهر بن أبي هاشم. أبو طاهر بن أبي هاشم: هو عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم أبو طاهر البغدادي البزاز الأستاذ الكبير الإمام النحوي العلم الثقة وقد انتهى إليه الحذق بأداء القرآن مؤلف كتاب البيان والفصل. قال الحافظ أبو عمر الداني في وصفه ولم يكن بعد ابن مجاهد مثل أبي طاهر في علمه وفهمه مع صدق لهجته واستقامة طريقته وكان ينتحل في النحو مذهب الكوفيين وكان حسن الهيئة طيب الخلق. قال القفطي في تاريخ النحاة: قرأ كتاب سيبويه على أبي محمد بن درستويه الفارسي ولم يُر بعد ابن مجاهد في القراءات مثله. أخذ أبو طاهر القراءة عرضاً وسماعاً عن واحد وخمسين شيخاً منهم: أحمد بن سهل الأشناني وأبو عثمان سعيد بن عبد الرحيم وأبو بكر بن مجاهد، وإسماعيل بن عبد الله الفارسي والحسن بن الحباب، وعلي بن الحسن القطيعي وغيرهم. وقرأ عليه عدد كثير منهم عبد العزيز بن خواستي الفارسي وأبو الحسن الحمامي وعلي بن محمد الجوهري، وأبو الحسن علي بن العلاف، وأبو الفرج عبيد الله المصاحفي، وأبو الحسن أحمد بن عبد الله السُّوسنجرْدي وغيرهم. قال الخطيب البغدادي كان ثقة أميناً مات في شوال سنة 349هـ تسع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة، وقد جاوز السبعين رحمه الله. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص 475 - 477 تحت رقم

9- أبو الحسن الهاشمي.

1983، وانظر معرفة القراء الكبار، الجزء الأول ص (312 - 313) تحت رقم 229. 9- أبو الحسن الهاشمي. أبو الحسن الهاشمي: هو علي بن محمد بن صالح بن أبي داود أبو الحسن الهاشمي ويقال الأنصاري البصري شيخها الضرير ويعرف بالجوخاتي ثقة عارف مشهور، أخذ القراءة عرضاً وسماعاً عن أحمد بن سهل الأشناني وغيره وروى عنه القراءة جماعة. منهم طاهر بن غلبون رحل إليه ومنصور بن محمد السندي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الفضل الخزاعي، وعبد السلام بن الحسين البصري وعلي بن محمد الخبازي وغيرهم. قال الحافظ ابن الجزري في غاية النهاية: "وسندنا إلى حفص من طريقه عال جدًّا وذكره ثم قال: وهذه طريق أساوي فيها الشاطبي من أعلى طرقه فكأننا جميعاً أخذناها عن ابن هُذَيْل" اهـ. توفي رحمه الله تعالى فيما ذكره الحافظ الذهبي في المعرفة سنة 368هـ ثمان وستين وثلاثمائة. انتهى ملخصاً من غاية النهاية، الجزء الأول ص (568) تحت رقم 2316، وانظر معرفة القراء الكبار، الجزء الأول ص (321 - 322) تحت رقم 241. 10- ابن محيصن. ابن محيصن: هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي مولاهم المكي مقري أهل مكة مع ابن كثير، ثقة روى له مسلم. عرض على مجاهد بن جبير ودرباس مولى ابن عباس وسعيد بن جُبير. وعرض عليه شبل بن عباد وأبو عمرو بن العلاء من الأئمة السبعة، وسمع منه حروفاً إسماعيل بن مسلم المكي وعيسى بن عمر البصري وغيرهما. قال ابن مجاهد: وكان ممن تجرد للقراءة وقام بها في عصر ابن كثير محمد بن عبد الرحمن بن محيصن. قال الحافظ ابن الجرزي وقراءته في كتاب المبهج والروضة، وقد قرأت بها

11- أبو العز القلانسي.

القرآن ولولا ما فيها من مخالفة المصحف لألحقت بالقراءات المشهورة اهـ. وقال ابن مجاهد: كان لابن محيصن اختيار في القراءة على مذهب العربية فخرج به عن إجماع أهل بلده فرغب الناس عن قراءته وأجمعوا على قراءة ابن كثير لاتباعه أهـ. قال أبو القاسم الهذلي: مات سنة 123هـ ثلاث وعشرين ومائة بمكة، وقال القصَّاع وسبط الخياط سنة اثنتين وعشرين رحمه الله. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (167) تحت رقم 3118. 11- أبو العز القلانسي. أبو العز القلانسي: هو محمد بن الحسين بن بندار أبو العز الواسطي القلانسي شيخ العراق ومقرئ القراء بواسط صاحب التصانيف أستاذ قرأ بما قرأ به أبو علي غلام الهرَّاس من الروايات عليه ورحل إلى أبي القاسم الهذلي فقرأ عليه بالكامل ودخل بغداد فقرأ بها لعاصم على محمد بن العباس الأواني بقربة "أوانا عكبرا"، وسمع من أبي جعفر بن المسلمة وابن المأمون وتصدَّر للإقراء بواسط ورُحل إليه من الأقطار، قرأ عليه جماعة منهم: أبو الفتح بن زريق الحداد، وأبو محمد سبط الخياط، والحافظ أبو العلاء الهمذاني، وهبة الله بن قسام، وهلال بن أبي الهيجاء، وعبد الله بن منصور الباقلاني، ومسعود بن الحسين الشيباني وخلق غير هؤلاء. وكان بصيراً بالقراءات وعللها وغوامضها عارفاً بطرقها، عالي الإسناد، وحصلت له سعادة بشيخه أبي علي غلام الهراس وذلك أنه طاف البلاد وحصل الروايات والمشايخ وجاء إلى واسط فقرأ عليه أبو العز بما قرأ به على شيوخه، وألف كتاب الإرشاد في القراءات العشر وهو مختصر كان عند العراقيين كالتيسير وكتاب الكفاية أكبر من كتاب الإرشاد، قال الحافظ الذهبي في المعرفة. قال أبو سعد السمعاني: سمعت عبد الوهاب الأنماطي ينسب أبا العز القلانسي إلى الرفض وأساء الثناء عليه. قال أبو سعد: ثم وجدت لأبي العز أبياتاً في فضيلة الجماعة فأنشدنا سعدالله بن محمد المقري، أنشدني أبو العز القلانسي لنفسه: أن من لم يقدِّم الصدِّيقا ... لم يكن لي حتى الممات صديقا

12- ابن شريح صاحب الكافي.

والذي لا يقول قولي في الفاروق ... أنوي لشخصه تفريقا ولنار الجحيم باغض عثمان ... ويهوى منها مكاناً سحيقا من يوالي عندي عليًّا وعادا ... هم طرًّا أعددته زنديقا اهـ قال الحافظ ابن الجزري في الغاية، وقال السلفي سألت خميساً الجوزي عن أبي العز فقال: هو أحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن برع في القراءات وهو جيد النقل ذو فهم فيما يقوله. قال ابن الجوزي: ولد أبو العز سنة 435هـ خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط وتوفي في شوال سنة 521هـ إحدى وعشرين وخمسمائة بواسط رحمه الله تعالى ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص 128 - 129 تحت رقم 2958، وانظر معرفة القراء الكبار الجزء الأول ص 473 - 475 تحت رقم 417. 12- ابن شُريح صاحب الكافي. ابن شُريح صاحب الكافي: هو محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف بن عبد الله بن شريح أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي الأستاذ المحقق مؤلف كتاب الكافي في القراءات السبع وغيره ولد سنة 388هـ ثمان وثمانين وثلثمائة، ورحل سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة فقرأ على أبي العباس بن نفيس بمصر وأحمد بن محمد القنطري بمكة المشرفة وتاج الأئمة أحمد بن علي والحسن بن محمد البغدادي ولقي مكيّ بن أبي طالب القيسي وأجازه وأخذ عن أبي ذر عبد بن أحمد وعثمان بن أحمد القسطالي ورجع بعلم كثير فولي خطابة إشبيلية بلده. تلا بالقراءات الثمان ابنه أبو الحسن شريح وعيسى بن حزم، مات في شوال سنة 476هـ ست وسبعين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله، انتهى بتصرف من غاية النهاية الجزء الثاني ص 153 تحت رقم 3062. 13- النشَّار شيخ القسطلاني شارح البخاري. النشَّار شيخ القسطلاني شارح البخاري: هو أبو حفص عمر بن قاسم بن محمد المصري الأنصاري المشهور بالنشَّار حرفة له كانت، تلا بالسبع على علي الخباز الضرير ثم الشمس الحمصاني والسيد الطباطبي وعلي الديروطي وابن عمران وابن أسد

14- السمنودي المعاصر.

ولكنه لم يكمل على الثلاثة الآخرين وأجازوا له وتصدَّى لإقراء الأطفال بمصر مدة وانتفع به جماعة. وممن قرأ عليه الشهاب القسطلاني شارح البخاري والنور الجارحي بل وأخذ عنه القراءات وهو إنسان خير بارع فيها. قد حج وجاور غير مرة وكذا زار بيت المقدس والخليل مراراً. اهـ من الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، الجزء السادس ص 113 لشمس الدين السخاوي طبع منشورات دار مكتبة الحياة بيروت لبنان بدون تاريخ. قلت: وقد ألفَّ كتاب المكرَّر فيما تواتر من القراءات السبع وتحرر، مطبوع وكذلك كتاب البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة مخطوط نفيس بخط يده بمكتبتنا وهو من علماء القرن التاسع الهجري كما هو مثبت بكتابه المكرر، رحمه الله رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. 14- السَّمنُّودي المعاصر. السَّمنُّودي المعاصر: هو إبراهيم بن علي بن علي بن شحاته السمنودي المولود في مدينة سمنود من أعمال محافظة الغربية بجمهورية مصر العربية في اليوم الخامس من شهر يوليو سنة 1915م خمس عشرة وتسعمائة وألف ميلادية مصر عالم نحرير وفاضل كبير يشار إليه بالبنان في علم التجويد والقراءات في هذا العصر ومن بقية أفذاذ مدرسيها في مصر ومن أكابر الأساتذة بقسم تخصص القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر الشريف آنذاك. حفظ القرآن الكريم ببلده على الشيخ علي قانون وأخذ علم التجويد وطبَّقه على الشيخ محمد أبي حلاوة ثم أخذ عليه بعد ذلك القراءات السبع من طريق الشاطبية، ثم أخذ القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة على الأستاذ الجليل الشيخ سيد عبد العزيز عبد الجواد ثم أخذ بعد ذلك على هذا الشيخ أيضاً القراءات العشر من طريق طيبة النشر، ثم رحل إلى القاهرة والتقى بالأستاذ الكبير صاحب الفضيلة الشيخ حنفي السقَّا الأستاذ بقسم تخصص القراءات بكلية اللغة العربية بالأزهر آنذاك وأخذ عنه القراءات العشر من طريق طيبة النشر ثم القراءات الأربع

الزائدة على العشر المتواترة وحصل كثيراً من العلوم العربية والشرعية على علماء وقته ثم عين مدرساً في قسم القراءات المذكور آنفاً في عام سنة 1944م وله تآليف نفيسة فريدة وتصانيف عجيبة مفيدة منها: 1- حل العسير من أوجه التكبير. 2- تتمة في تحرير طرق ابن كثير وشعبة. 3- لآلئ البيان في تجويد القرآن الذي فاق به كثيراً من الأعيان والأقران. 4- تلخيص لآلئ البيان المذكور آنفا. 5- تنقيح فتح الكريم في تحرر أوجه القرآن العظيم بالاشتراك مع شيخنا فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات والشيخ عامر السيد عثمان وهو من أحسن المؤلفات التي وضعت لتحرير أوجه طيبة النشر في القراءات العشر. وهذه الكتب مطبوعة. وأما المؤلفات المخطوطة الخاصة به فكثيرة جدًّا منها: 6- موازين الأداء في التجويد والوقف والابتداء. 7- الموجز المفيد في تجويد القرآن المجيد. 8- النظم المختص في قصر حفص. 9- أنشودة العصر فيما لحفص على القصر. 10- بهجة اللحاظ بما لحفص من روضة الحفاظ يعني روضة المعدل. 11- أمنية الولهان في سكت حفص بن سليمان. 12- تحقيق المقام فيما لحمزة على السكت العام. 13- رسالة فيما لحمزة على السكت العام من الطيبة من طريق الكامل. 14- مرشد الإخوان إلى طرق حفص بن سليمان. 15- الحصر الشامل في خواتيم الفواصل. 16- فواصل آيات سور القرآن الكريم. 17- المُحصي لعدِّ آي الحمصي. 18- دواعي المسرة في الأوجه العشرية المحررة من طريقي الشاطبية والدرة. 19- كشف الغوامض في تحرير العوارض.

15- الشيخ عامر عثمان شيخ عموم المقارئ المصرية الحالي.

20- النبأ العظيم في تحرير أوجه القرآن العظيم. 21- المعتمد في مراتب المد. 22- هداية الأخيار إلى قراءة الإمام خلف البزار من طريق الطيبة. 23- إتحاف الصحبة برواية شعبة من طريق الطيبة. 24- الوجوه النضرة في القراءات الأربع عشرة. 25- النجوم الزاهرة في قراءة ابن عامر من طريق الطيبة. وكل هذه الكتب من المنظوم ولا يزال هناك كتب أخرى لم نذكرها هنا رغبة في الاختصار. وقد بورك للمترجم له في عمره وعمله إذ لا يزال يدرِّس في الأزهر الشريف إلى الآن، ولا يزال الناس يرحلون إليه من البلاد المصرية وخارجها ليقرءوا عليه القراءات سبعية كانت أو عشرية بارك الله في عمره وأحسن حساته في الأولى ومنقلبه في الأخرى وأجزل له الثواب آمين. هذا وقد كنا كتبنا لهذا الشيخ الجليل ترجمة مقتضبة في كتابنا هداية القاري في طبعته الأولى وكانت على عجل ثم عند طبعته الثانية أرسلنا له رسالة طلبنا منه فيها أن يكتب لنا نبذة عن تاريخ ميلاده وعن شيوخه في القراءات وغيرهم وعن مؤلفاته فتفضل مشكوراً بإرسال هذه الرسالة مؤرخة في يوم الخميس 12 من ربيع الثاني سنة 1405هـ وقد لخصنا منها هذه الترجمة وفقنا الله وإياه إلى ما يحب ويرضى، وأصلح الله لنا وله الحال والمآل إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير. 15- الشيخ عامر عثمان شيخ عموم المقارئ المصرية الحالي. الشيخ عامر عثمان شيخ عموم المقاريء المصرية الحالي: هو عامر بن السيد بن عثمان ولد بقرية ملامس مركز منيا القمح من أعمال محافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية في 16 مايو سنة 1900م عالم مصري مبرز في علم التجويد والقراءات والرسم والضبط والفواصل حفظ القرآن الكريم على معلم القرية الشيخ عطية سلامة ثم في سنة 1911م ذهب إلى بلدة التَّلين مركز منيا القمح بالقرب من قرية ملامس فأخذ علم التجويد وطبقه برواية حفص عن عاصم على الأستاذ الجليل الشيخ إبراهيم موسى بكر البناسي كبير المقرئين في وقته ثم عرض عليه بعد ذلك القرآن الكريم بالقراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة وأجازه بها وبرواية حفص من الشاطبية من قبل.

ثم رحل إلى القاهرة بعد ذلك وقرأ على العلامة المحقق الشيخ علي بن عبد الرحمن سبيع المقرئ الكبير بالقاهرة المحروسة فقرأ عليه القراءات العشر من طريق طيبة النشر إلى قوله تعالى: {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مجراها وَمُرْسَاهَا} [هود: 41] ثم انتقل الشيخ سُبيع إلى رحمة الله تعالى. فاستأنف من جديد القراءة على تلميذ شيخه المذكور الأستاذ الجليل صاحب الفضيلة الشيخ همَّام قطب عبد الهادي فقرأ عليه القرآن كله بالقراءات العشر من طريق طيبة النشر وأجازه بها وذلك في عام 1927م. ثم التحق بالأزهر الشريف طالباً فحصَّل كثيراً من العلوم العربية والشرعية وجلس للإقراء في منزله بالقاهرة ليقريء الناس التجويد والقراءات إلى أن اختير مدرساً في قسم تخصص القراءات بكلية اللغة العربية بالأزهر سنة 1945م وظل هكذا إلى أن أحيل إلى التقاعد سنة 1968م. ثم عُين مفتشاً بمشيخة عموم المقاريء المصرية. ثم وكيلاً لتلك المشيخة، ثم عين شيخاً لعموم المقاريء بالديار المصرية سنة 1980م ولا يزال للآن شيخاً لعموم المقارئ أمدَّ الله في عمره نفعاً للمسلمين وذخراً لكتاب رب العالمين. نشاط المترجم له العلمي في غير ما تقدم: 1- أشرف على تسجيل المصاحف القرآنية المرتلة لمشاهير القراء في مصر مع آخرين في إذاعة جمهورية مصر العربية. 2- عين عضواً لاختيار القراء الذين يقرؤون القرآن الكريم في الإذاعتين المرئية والمسموعة بجمهورية مصر العربية. اشتغل بإلقاء المحاضرات في علم التجويد والقراءات في مختلف المدن المصرية مما كان له الأثر الطيب في نشر القراءات والتجويد وحسن الأداء. تلامذة المترجم: أما تلامذته فكثيرون يخطئهم العد ولا يأتي عليهم الحصر منهم: 1- الأستاذ إبراهيم سالم مُحمَّدين وزير الصناعة بمصر. 2- المهندس سليمان عبد الحي وزير النقل والمواصلات بمصر.

3- الأستاذ حسن حسان مدير شركة الأهرامات بقطاع الجمعيات الاستهلاكية بمصر. 4- فضيلة الشيخ سليمان إمام الصغير من خيرة علماء الأزهر ومدرسيه قرأ عليه القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر من طريق الدرة، وهذا الشيخ الجليل حضرت عليه في قسم القراءات مادة النحو والصرف وكذلك فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه، وعمل أستاذاً مساعداً بجامعة أم القرى بمكة المشرفة إلى عهد قريب جدًّا. 5- الشيخ محمود خليل الحصري القاريء المشهور بالقاهرة. 6- الشيخ مصطفى إسماعيل القاريء المشهور بالقاهرة. 7- الشيخ كامل يوسف البهتيمي القاريء المشهور بالقاهرة. 8- الشيخ عبد الباسط عبد الصمد القاريء المشهور بالقاهرة. 9- الشيخ محمد تميم الزعبي قرأ عليه القراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة. 10- الشيخ أيمن سويد من دمشق قرأ عليه طيبة النشر. 11- الشيخ محمد صلاح الدين كبَّارة المقرئ المشهور بطرابلس لبنان قرأ عليه القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة. 12- الشيخ كرامة الله البخاري من المدينة المنورة قرأ عليه القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة. 13- الدكتور عوض عبد المطلب أستاذ الجراحة بجامعة الأزهر كلية الطب قرأ القراءات السبع من الشاطبية. 14- الدكتور محمد يوسف طبيب الأمراض النفسية بكلية الطب بطنطا. وهذا ما دار بخلد الشيخ وأملاه علينا وفي الحقيقة قرأ عليه خلق كثير لا يحصون. "ذِكر من قرأ على المترجم له في قسم تخصص القراءات بالأزهر". قرأ عليه في هذا القسم طلاب كثيرون نقتصر منهم على ما يلي: 1- الشيخ عبد الرؤوف محمد مرعي. 2- الشيخ عبد الرؤوف محمد سالم.

16- شيخ شيوخنا الشيخ علي الغرياني التاجوري.

3- الشيخ صادق قمحاوي رحمه الله تعالى. 4- الشيخ رزق حبَّة. 5- الشيخ محمود عمر سكَّر وغيرهم. مؤلفات المترجم له: من مؤلفاته في علم القراءات: 1- فتح القدير شرح تنقيح التحرير مطبوع. 2- نظم تنقيح فتح الكريم في أوجه القرآن العظيم من طريق الطيبة بالاشتراك مع شيخنا فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات، والأستاذ الجليل الشيخ إبراهيم علي شحاته السمنُّودي. 3- رسالة في رواية رويس عن يعقوب البصري من غاية ابن مهران. 4- تحقيق لطائف الإشارات للعلامة القسطلاني شارح البخاري الجزء الأول والثاني. ولا يزال المترجم له يُقريء القرآن الكريم بالقراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة والطيبة ولا يزال الناس يرحلون إليه لينهلوا من علمه الفياض بارك الله فيه وألبسه رداء الصحة والعافية وأحسن له الحال والمآل. أفدناه من المترجم له في يوم الاثنين 12 من شهر ربيع الأنور سنة 1403هـ بالمدينة المنورة حيث كان الشيخ في زيارة للمسجد النبوي الشريف وللسلام على سيد المرسلين سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وآلهم والحمد لله رب العالمين. 16- شيخ شيوخنا الشيخ علي الغرياني التاجوري. شيخ شيوخنا الشيخ علي الغرياني التاجوري: هو علي بن علي بن بوكر الغرياني ولد بمدينة تاجوراء من ضاحية طرابلس الغرب بليبيا في بيت علم محافظ عام 1306هـ ألف وثلاثمائة وستة من الهجرة عالم مقدم وأستاذ مشارك في العلوم الشرعية والعربية مالكي المذهب من أجلة علماء طرابلس الغرب بقية السلف في الخلف عِلماً وتقى وورعاً ومهابة لم يره أحد إلا ذكر المخبتين وما رآه أحد على البديهة إلا هابه كان يطبِّق العلم بالعمل

وكان كثير التلاوة للقرآن الكريم في الصلاة وخارجها وكان يديم التهجد ويحيي ما بين صلاة المغرب والعشاء وما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس يحرص على صلاة الضحى وعلى تطبيق السنة في عبادته وفي أكله وشربه ونومه وكل تصرفاته، وكان دائم الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال في خلواته وجلواته إلى جانب تواضعه الجم لجلسائه ومحبيه لا يذكر أحداً إلا بخير. وجَّهه والده أستاذ الأساتذة وشيخ الشيوخ في وقته إلى حفظ القرآن الكريم فحفظه على يد مقرئ الوقت الشيخ عبد السلام طريش بمدرسة زاوية أبي راوي بمدينة تاجوراء وبعد أن حفظ القرآن الكريم توجه مع أبيه وابن أخيه العلامة الشيخ الطاهر الغرياني إلى الحج وبعد الفراغ من أعمال الحج انتقل والده إلى رحمه الله بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع. وقد رجع المترجم له من الحج مع ابن أخيه إلى مدينة تاجوراء. تلقي المترجم له العلم: تلقى العلم أولاً على أخيه الأكبر العلامة الشيخ محمد علي الغرياني بتاجوراء فدرس عليه النحو والصرف والفقه والحديث الشريف وعلوم الآلة وفي هذه الأيام دارت رحا الحرب في ليبيا مع إيطاليا فاشترك المترجم له في الجهاد ضد الإيطاليين في معركة الهاني وهي معركة مشهورة انتصر فيها الليبيون. ثم بعد ذلك التحق المترجم له بمدرسة ميزران مدرسة العلوم العربية والشرعية بطرابلس الغرب آنذاك فنهل من مناهلها وانتفع من علومها ورأى شيوخه فيه الطالب المجد والمؤمن الصالح فأحاطوه بعنايتهم وتوجيههم. شيوخ المترجم له: حضر العلم على شيوخ كثيرين منهم أخوه الأكبر الأستاذ الجليل الشيخ محمد علي الغرياني الكبير والعارف بالله تعالى الشيخ الضاوي "بالضاد

المعجمة" الذي كان على درجة كبيرة من الصلاح والتقوى والولاية والأستاذ المفسر والمحدث الشيخ عبد الرحمن البوصيري المعروف لدى الخاصة والعامة في ليبيا وغيرها من البلاد الإسلامية فلازمه المترجم له وأعجب به وكان كثيراً ما يشيد بمكانته العلمية والعلامة الفاضل الشيخ مختار الشكشوكي وغيرهم من أكابر علماء الوقت بطرابلس الغرب. جلوس المترجَم له للتدريس: جلس للتدريس في مدرسة "ميزران" بطرابلس المشار إليها آنفاً وفي معهد أحمد باشا الديني بطرابلس مدة تقرب من السبعين عاماً درَّس فيها لطلابه مراجع الفقه المالكي كشرح الحطاب وغيره على مختصر الشيخ خليل المعروف، وكذلك درس التوحيد وجمع الجوامع في الأصول والنحو والصرف والبلاغة والأدب وغير ذلك من العلوم وكان مع طلابه الأب الحنون والمرشد الصادق والمعلم الناجح، وكان يتفقد طلابه ويرعى شئونهم وكان من حرصه عليهم أن زوج الكثير منهم من ماله الخاص وتعهَّد لبعضهم بالمؤنة والنفقة. جزاه الله عن العلم وطلابه خيراً. تلامذة المترجَم له: أما تلامذته فكثيرون جدًّا يخطئهم العد ولا يأتي عليهم الحصر لأنهم حصيلة التدريس زهاء السبعين عاماً للمترجَم له منهم الشيخ محمد الأمين الطرابلسي ثم المدني نزيل المدينة المنورة والمتوفَى بها عالم القراءات والتجويد وغيرهما من العلوم الشرعية والعربية مما هو مذكور في ترجمته في كتابنا هذا والشيخ الجليل علي حسن المسلاتي والعالم الفاضل الشيخ عمر الجنزوري بالنون. والشيخ خليل المزروغي وصاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن القلهود مفتي ليبيا الأسبق والأديب الفاضل والعالم الجليل الشيخ عبد اللطيف الشويرف وزير الثقافة في عهد الملك إدريس السنوسي ملك لبيبا آنذاك، والدكتور إبراهيم رفيدة الأستاذ بجامعة طرابلس، وقد التقيت ببعض هؤلاء الأفاضل في مجالس علمية بطرابلس.

وفاة المترجَم له: حج المترجم له بيت الله الحرام عدة مرات بعد المرة الأولى وفي المرة الأخيرة مرض وهو في طريق العودة إلى تاجوراء ومكث مريضاً مدة انتقل بعدها إلى رحمة الله تعالى في اليوم الخامس من شهر ربيع الأنور عام 1395هـ الموافق للسابع عشر من شهر مارس سنة 1975م ودفن بمدينة تاجوراء وكان يوم وفاته يوماً مشهوداً حيث حضر تشييع جنازته الخلق الكثير من العلماء والوجهاء من مدينة طرابلس الغرب وغيرها من المدن والقرى الليبية وكنت ممن شيع هذه الجنازة وهكذا يعرف أهل العلم والصلاح بجنائزهم رحمه الله رحمة واسعة وأورده موارد عفوه آمين. أفدناه من أحفاد المترجم له من رسالة بعثوا بها إلينا بالمدينة المنورة وهم فضيلة الشيخ سلامة محمد علي الغرياني المدرس بمعهد مالك بن أنس الديني بطرابلس ليبيا. وفضيلة الشيخ أحمد محمد علي الغرياني المدرس بالمعهد الديني المسمى باسم المترجم له بمدينة تاجوراء، وفضيلة الدكتور الصادق عبد الرحمن علي الغرياني الأستاذ بجامعة طرابلس وأفدناه أيضاً من فضيلة الدكتور عزالدين محمد الغرياني بدار الإفتاء بطرابلس والأستاذ بالجامعة بطرابلس أيضاً، نفع الله بعلمهم المسلمين آمين. التعقيب على هذه الترجمة: أقول بعد ذكر ترجمة هذا العالم الكبير إنه مما هو جدير بالذكر أني قد عاصرت هذا الشيخ والتقيت به مرات كثيرة وكنت من الذين يحضرون مجالسه العلمية التي كان فيها قمة حيث كان يستفيد منه كل الجلوس وكانت له مجالس وعظية كان فيها آية فكان إذا اقتحم هذا المجال اهتزت قلوب الجلوس واقشعرَّت أبدانهم من قوة تذكيره ونصحه لهم وما كان يمتلكه من أسلوب رفيع وعبارات فصيحة وفوق ذلك كله الإخلاص الذي يلبس كلامه فرحمه الله رحمة واسعة ولا نزكيه على الله. وكانت هذه المعاصرة أيام وجودي في ليبيا حيث كنت أعمل مدرساً بمدينة تاجوراء لمدة تقرب من ستة عشر عاماً وكنت أقطن بجواره وزرته في بيته مرات وشملني بعطفه ورعايته وكان أولاده معي على نفس الدرب يسيرون

17- أبو شرع المرصفي "الإبن" خال المؤلف.

فكان منهم أستاذنا صاحب الفضيلة الشيخ محمد علي الغرياني رحمه الله تعالى كانت له اليد الطولى عليَّ في النواحي العلمية فدرست عليه بمدرسة أبي راوي بتاجوراء وبمنزله أيضاً الذي كان مفتوحاً لطلاب العلم وللعلماء من ليبيا وغيرها من البلدان الإسلامية - الكثير من العلوم العربية والشرعية منها الحديث الشريف ومصطلحه والفقه المقارن من كتاب بداية المجتهد لابن رشد ومذكرة أصول الفقه للأستاذ الكبير الشيخ أبي النجا العالم المصري الأزهري المعروف وشرح كل من الأسنوي والبدخشي على منهاج الوصول في علم الأصول للإمام البيضاوي ورسالة التوحيد للشيخ محمد عبده وكتاب الاقتصاد في الاعتقاد لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي وشرح الدمنهوري وغيره من شراح السُّلَّم في المنطق والقوانين الفقهية للإمام الكبير ابن جزي الكلبي وغير ذلك من العلوم رحمه الله رحمة واسعة وبارك في أولاده وفي أسرة الغرياني عموماً ونفع بعلمهم المسلمين آمين. كتبه عبد الفتاح السيد عجمي المرصفي، بالمدينة المنورة في مساء الجمعة 24 من شوال سنة 1405هـ. 17- أبو شَّرع المرصفي "الإبن" خال المؤلف. أبو شرَّع المرصفي "الإبن" خال المؤلف: هو محمد السعيد ابن العلامة المحقق والمقريء المدقق شيخ القراء والإقراء ببلدنا مرصفا الجد الشيخ محمد بن أحمد بن سليمان المرصفي المكني بأبي شرَّع المترجم له في هذا الملحق حفظ القرآن الكريم وطبق التجويد وأخذ القراءات السبع من طريق الشاطبية على والده المذكور، جلس للإقراء ولتحفيظ القرآن الكريم قبل وبعد وفاة والده زهاء نصف قرن من الزمان، وبعد هذه المدة العامرة بخدمة كتاب الله توفي رحمه الله يوم الخميس 22 من شهر صفر سنة 1405هـ الموافق 15 من نوفمبر سنة 1985م عن عمر يفوق السبعين عاماً ودفن بمرصفا وشيعه خلق كثير من العلماء والوجهاء من مرصفا وغيرها من البلدان رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأورده موارد عفوه آمين. أفدناه من ولدي المترجم له الأستاذ رفعت وصلاح ومن غيرهما من أفراد أسرة أبي شرع بمرصفا.

18- شيخ شيوخنا الشيخ رضوان المخللاتي.

18- شيخ شيوخنا الشيخ رضوان المخللاتي. شيخ شيوخنا الشيخ رضوان المخللاتي: 1311هـ - 1893م: هو رضوان بن محمد بن سليمان المخللاتي وكنتيه أبو عيد عالم مصري مقدَّم مشهور ومقريء ضابط محقق أقرأ بالقاهرة المحروسة، من تصانيفه: 1- فتح المقفلات لما تضمنه نظم الحرز والدرة من القراءات وهو كتاب جيد. 2- شفاء الصدور بذكر قراءات الأئمة السبعة البدور وهو كتاب جيد في بابه لا يستغنى عنه ولا عن سابقه قاريء ولا مقريء. 3- القول الوجيز في فواصل الكتاب العزيز وهو شرح على ناظمة الزهر لإمامنا الشاطبي رضي الله عنه، وهذا الشرح جيد جدًّا لم أر مثله من بين شروح الناظمة لما فيه من الفوائد التي لم تكن في مثله. 4- إرشاد القراء والكاتبين إلى معرفة رسم الكتاب المبين ذكر فيه قوانين كتابة المصاحف بالرسم العثماني على اختلاف ألوانها. وهذه الكتب الأربعة مخطوطة وفي مكتبتنا وقد انتفعت بها كثيراً ونقلت منها نقولاً هامة ذكرتها في مواطنها في مؤلفاتنا، ومن وقف عليها عرف مقدار الرجل وسعة اطلاعه وكفاءته العلمية في فن القراءات والرسم والفواصل - عدّ الآي - وقد رأيت كلمة رقيقة على كتابه شفاء الصدور لشيخ شيوخنا الإمام محمد بن أحمد المعروف بالمتولي شيخ القراء والإقراء وعموم المقارئ بالديار المصرية في وقته، كما رأيت كلمة بليغة على كتابه فتح المقفلات لا تقل بلاغة عن كلمة المتولي على شفاء الصدور لشيخنا الأستاذ الجليل الشيخ علي محمد الضباع شيخ القراء والإقراء وعموم المقاريء بالديار المصرية في وقته. هذا ولم تذكر كتب التراجم فيما وقفت عليه لشيخنا المخللاتي المترجم له كتابين آخرين مخطوطين رأيتهما ووقفت عليهما وهما: 1- شرح الدرة في القراءات الثلاثة المتممة للقراءات العشر من نظم سيدنا ومولانا الإمام الحافظ ابن الجزري وهو شرح نفيس مختصر اختصاراً غير مخل، كبير الفائدة وقد نقلت منه نقولاً وضعتها في شرحنا على الدرة مع عزوها لصاحبها. 2- شرح طيبة النشر في القراءات العشر لسيدنا ومولانا الحافظ ابن الجزري

19- أبو عبد الله الفاسي المقريء شارح الشاطبية وغيرها.

أيضاً وهو شرح مختصر إلا أنه لم يكمله رحمه الله تعالى، وقد وصل فيه إلى باب الهمز المفرد من الأصول أو بعده بقليل فيما أحسب وسمعت ممن أثق به ممن قرءوا علينا أن العلامة المخللاتي له حاشية على مورد الظمآن في رسم القرآن للإمام الخراز وله حاشية أخرى على متن الذيل المعروف بضبط الخراز وهما في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض. وبعد هذا المجهود الضخم الذي قدمه لعلماء القرآن الكريم توفي رحمه الله تعالى في 15 من جمادى الأولى سنة 1311هـ إحدى عشرة وثلثمائة وألف من الهجرة تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته وأورده موارد عفوه آمين. انظر معجم المؤلفين لكحالة الجزء الرابع ص 165 - 166 تقدم، وانظر الأعلام للزركلي الجزء الثالث ص 27 تقدم، هذا ولم تذكر كتب التراجم تاريخ ولادة المترجم له. 19- أبو عبد الله الفاسي المقريء شارح الشاطبية وغيرها. أبو عبد الله الفاسي المقريء شارح الشاطبية وغيرها: هو محمد بن حسن بن محمد بن يوسف "أبو عبد الله" نزيل حلب إمام كبير أستاذ فاضل كامل علامة. ولد بفاس بعد الثمانين وخمسمائة ثم قدم مصر بعد أبي الجود فقرأ على أبي القاسم عبد الرحمن بن سعيد الشافعي وأبي موسى عيسى بن يوسف المقدسي عن قراءتهما على الشاطبي وعرض عليهما حرز الأماني وذلك مع وجود الصفراوي وجعفر الهمذاني فلو قرأ عليهما لنال إسناداً عالياً وعرض الرائية على الجمال علي بن أبي بكر الشاطبي بسماعه من الناظم ثم أخذ القراءة بحلب عن القاضي يوسف بن رافع بن شداد وتفقه على مذهب أبي حنيفة. ولما اجتاز بالإسكندرية قرأ على أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى وكان قد أخذ العربية عن عبد العزيز بن عبد العزيز بن زيدان وغيره، وتقدم في علم الكلام وحفظ أكثر صحيح مسلم. قال الذهبي: "كان إماماً متقناً ذكيًّا واسع العلم كثير

20- ابن الباذش.

المحفوظ بصيراً بالقراءات وعللها مشهورها وشاذها خبيراً باللغة مليح الكتابة وافر الفضائل موطأ الأكناف متبين الديانة ثقة حجة، انتهت إليه رئاسة الإقراء بمدينة حلب. وأخذ عنه خلق كثير منهم الشيخ بهاء الدين محمد بن النحاس والشيخ يحيى المنبجي والشيخ بدرالدين محمد التادفي والناصح أبو بكر بن يوسف الحرَّاني والشريف حسين بن قتادة المدني، وعبد الله بن إبراهيم الجزري، وجمال الدين أحمد ابن الظاهري الحافظ. وشرحه للشاطبية في غاية الحسن". قال الحافظ ابن الجزري: وتوفي في أحد الربيعين سنة 656هـ ست وخمسين وستمائة بحلب وكانت جنازته مشهورة، انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الثاني ص 122 - 123 تحت رقم 2942 تقدم. وانظر معرفة القراء الكبار للحافظ الذهبي الطبعة الأولى الجديدة، الجزء الثاني ص 668 - 669 تحت رقم 636 اهـ مؤلفه. 20- ابن الباذِش. ابن الباذِش: هو أحمد بن علي بن أحمد بن خلف أبو جعفر بن الباذش الأنصاري الغرناطي خطيبها أستاذ كبير وإمام محقق محدث ثقة، ألف كتاب الإقناع في السبع، من أحسن الكتب ولكنه ما يخلو من أوهام نبهت عليها في كتاب الإعلام وألف كتاب الطرق المتداولة في القراءات، حرَّر أسانيده وطرقه ولم يكمله لمفاجأة الموت. ولد سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. شيوخه: قرأ على أبيه وعبد الله بن أحمد الهمذاني الجياني وشريح بن محمد وأبي القاسم خلف بن إبراهيم بن خلف وعياش بن خلف وفضل الله بن محمد بن وهب

21- شعلة شارح الشاطبية وغيرها.

وأحمد بن خلف بن عيسون وعبد الله بن علي وأبي الحسن بن كرز وهابيل بن محمد وأجازه أبو داود وابن الدوش وأبو علي الغساني وذكر أنه قرأ بثلثمائة طريق في كتابه. وقد سمع الحروف من أبي علي بن سكَّرة الصدفي عن أبي طاهر بن سُوار. قرأ عليه أحمد بن علي بن حكيم الغرناطي وأبو محمد بن عبيد الله الحجري. توفي في جمادى الآخرة سنة أربعين وخمسمائة وقيل سنة اثنتين وأربعين وهو كهل لم يبلغ الخمسين، انتهى ملخصاً من غاية النهاية، الجزء الأول ص 83 تحت رقم 396 تقدم. 21- شُعلة شارح الشاطبية وغيرها. شُعلة شارح الشاطبية وغيرها: هو محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين "أبو عبد الله" الموصلي الحنبلي إمام ناقل وأستاذ عارف كامل وصالح زاهد، ولد سنة ثلاث وعشرين وستمائة وقرأ القراءات صغيراً على علي بن عبد العزيز الأربلي ثم سمع منه شيخه المذكور تصانيفه. قال الذهبي: كان شابًّا فاضلاً ومقرئاً محققاً ذا ذكاء مفرط وفهم ثاقب ومعرفة تامة بالعربية واللغة، وشعره في غاية الجودة نظم في الفقه والتاريخ وغيره، وكان مع فرط ذكائه صالحاً زاهداً متواضعاً. قلت: ومن نظمه كتاب الشفعة في قراءات السبعة قصيدة رائية جمع فيها القراءات وهي نحو نصف الشاطبية. وله العنقود في النحو تلك المقامة اللامية المشهورة وله شرح الشاطبية سماه "كنز المعاني في شرح حرز الأماني" واعتذر الجعبري عن ذلك في آخر شرحه بأنه لم يكن سمع به. قرأت كثيراً من نظمه على شيخنا أحمد بن رجب البغدادي عن شيخه عن علي بن عبد العزيز لأربلي عنه. توفي بالموصل في صفر سنة ست وخمسين وستمائة من الهجرة عن ثلاث وثلاثين سنة. انتهى ملخصاً من غاية النهاية، الجزء الثاني ص 80، 81 تحت رقم 2780.

22- القباقبي.

22- القباقبي. القباقبي "777 - 849هـ" - "1375 - 1445م": هو محمد بن خليل بن أبي بكر بن محمد القباقبي الحلبي ثم المقدسي الشافعي "شمس الدين أبو عبد الله" محدث مقريء ناظم ناثر ولد وتعلم بحلب ورحل إلى القاهرة بعد القرن التاسع سنة ثلاث. فقرأ على غير واحد من شيوخ الإقراء منهم الفخر البلبيسي إمام الأزهر فقرأ عليه ختمة بالقراءات الأربعة عشر وقرأ ألفية العراقي عن ظهر قلب بل وسمعها عليه في السنة المذكورة ثم قدم غزة واستوطنها مدة ثم تحول منها إلى بيت المقدس فاستوطنه إلى أن مات في 20 من رجب سنة 849هـ تسع وأربعين وثمنمائة من الهجرة بعد أن كُفَّ بصره. من مصنفاته: شرح الشفاء للقاضي عياض وسماه زبدة المنتقى في تخريج ألفاظ الشفا، نظم في القراءات الأربعة عشرة نظماً وسماه "مجمع السرور ومطلع الشموس والبدور" قلت: وهذا النظم المعروف بين القراء "بالقباقبيَّة" ثم شرح هذا النظم وسماه "إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز" وهو شرح نفيس بمكتبتنا وقد انتفعت به كثيراً، وله شرح على البردة وسماه "الكواكب الدرية في مدح خير البرية" وغير ذلك من المصنفات، رحمه الله تعالى وأورده موارد عفوه آمين. 23- المالقي شارح التيسير. المالقي شارح التيسير: هو عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي الشداد أبو محمد الباهلي الأندلسي المالقي أستاذ كبير شرح كتاب التيسير شرحاً حسناً أفاد فيه وأجاد. قرأ على أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير، ومحمد بن علي بن الحسن السهلي. والحسين بن أبي الأحوص. وروى التيسير عن يوسف بن إبراهيم بن أبي ريحانة وقاسم بن أحمد بن حسن. قرأ عليه محمد بن يحيى بن بكر الصعيدي، وأبو بكر محمد بن أبي جعفر أحمد بن الحسن بن الزيات، وأبو بكر محمد بن عُبيدالله بن محمد بن منظور. انتهى ملخصا من غاية النهاية ج1 ص 477 تحت رقم 1985 تقدم.

24- أبو علي الأهوازي.

24- أبو علي الأهوازي. أبو علي الأهوازي: هو الحسن بن علي بن إبراهيم بن بزداد بن هرمز المقريء الأستاذ أبو علي الأهوازي صاحب المؤلفات شيخ القراء في عصره وأعلى من بقي في الدنيا إسناداً إمام كبير محدث. ولد سنة اثنتين وستين وثلثمائة، قدم دمشق سنة إحدى وتسعين فاستوطنها، عني من صغره بالروايات والأداء وذكر أنه قرأ لأبي عمرو على علي بن الحسين الغضائري عن القاسم بن زكريا المطرز تلميذ الدوري، وقرأ لعاصم على الغضائري المذكور عن أحمد بن سهل الأشناني، وقرأ لابن كثير على محمد بن محمد بن فيروز عن الحسن بن الحباب وقرأ لنافع على أبي بكر محمد بن عبيد الله بن القاسم الخرقي عن ابن سيف. وقرأ لقالون بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلثمائة على أحمد بن محمد بن عبيد الله التستري، وقرأ ببغداد على أبي حفص الكتاني وأبي الفرح الشنبوذي وبدمشق على محمد بن أحمد الجبني صاحب ابن الأخرم، وقرأ على جماعة يطول ذكرهم وفيهم أناس لا يعرفون إلا من قبله. وصنف عدة كتب في القراءات ككتاب الموجز والوجيز ورحل إليه القراء لتبحره في الفن وعلو إسناده. قرأ عليه أبو علي غلام الهراس وأبو القاسم الهذلي وأبو بكر أحمد بن أبي الأشعث السمرقندي وأبو نصر أحمد بن علي الزينبي وأبو الحسن علي بن أحمد الأبهري المصيني، وأبو بكر محمد بن المفرج البطليوسي وأبو الوحش سبيع بن قيراط وأبو القاسم عبد الوهاب بن محمد القرطبي مؤلف كتاب المفتاح. وكان عالي الرواية في الحديث أيضاً روى عن نصر بن أحمد المرجَّى صاحب أبي يعلى الموصلي والمعافى بن زكريا الجريري وعبد الوهاب الكلابي وهبة الله بن موسى الموصلي وأبي مسلم الكاتب وخلق سواهم. حدث عنه أبو بكر الخطيب وأبو سعد السمان وعبد الرحيم البخاري وعبد العزيز الكشاني والفقيه نصر المقدسي وأبو طاهر الحنائي وأبو القاسم النسيب، وروى عنه بالإجازة أبو سعد أحمد بن الطيوري وقد تلقى القراء رواياته

25- المسعدي - السعدي: ابن كاسوحة شارح الجزرية.

بالقبول وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة وذلك في حياة بعض شيوخه، توفي في رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة رحمه الله تعالى ورحمنا معه بفضله وكرمه إنه جواد كريم. انتهى ملخصاً من كتاب معرفة القراء الكبار الطبعة الأولى الجديدة الجزء الأول ص 402 - 405 تحت رقم 343 تقدم، وكذلك من غاية النهاية الجزء الأول ص 220 - 222 تحت رقم 1006 تقدم. 25- المسعدي - السعدي: ابن كاسوحة شارح الجزرية. المسعدي - السعدي: ابن كاسوحة شارح الجزرية: هو عمر بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن علي السعدي الحموي الأصل الدمشقي المولد المعروف بابن كاسوحة، كان والده شديد الاعتناء به حتى أشغله واجتهد على تعليمه ودخل به القاهرة غير مرة وأحضره عند الجلة من المشايخ، منهم الشمس الرملي والنور ابن غانم المقدسي وإبراهيم العلقمي والشهاب ابن قاسم، والشهاب أحمد بن أحمد بن عبد الحق، والشيخ صدرالدين الحنفي والزين عبد الرحمن بن الخطيب الشربيني وسمع منهم وأجازوه وأخد بدمشق عن الشمس الداودي ولازمه وحضر مع أبيه دروس الشهاب العيثاوي، ولازم البرهان بن كسباي في القراءات حتى صار أمثل جماعته، ثم تصدر للإقراء وكان حسن التلاوة متقناً مجوداً خالياً من التكليف والتعسف مع أنه لم يكن حسن الصوت وكان قليل الحظ من الدنيا ومعيشته أكثر ما كانت من كسب أبيه. قال النجم الغزي: قرأ بخطه أن مولده في أواخر رجب سنة أربع وسبعين وتسعمائة، وتوفي يوم الأحد العاشر من جمادى الأولى سنة سبع عشرة وألف بعلة الاستسقاء، ودفن عند أبيه بمقبرة باب الصغير بدمشق. انتهى ملخصاً من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، تصنيف محمد المحبي الجزء الثالث ص 207 - 208. وجاء في الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص 39 - 40 بعد ذكر الترجمة،

26- العلامة الشيخ نجيب خياطة فرضي حلب ومقرؤها.

وانظر علوم القرآن 53 وهو فيه المُسعدي بضم الميم وفتح العين وكتابه الفوائد المسعدية شرح المقدمة الجزرية ووفاته بعد تسعمائة وتسعة وتسعين اهـ رحمه الله تعالى. 26- العلامة الشيخ نجيب خيَّاطة فرضي حلب ومقرؤها. العلامة الشيخ نجيب خيَّاطة فرضي حلب ومقرؤها: هو محمد نجيب بن محمد بن محمد بن عمر خياطة فرضي حلب وشيخ القراء والإقراء بها، أستاذ مشارك في كثير من العلوم، ثقة ضابط محقق مسند عصره وفريد دهره. ولد في شهر رمضان المبارك عام 1321هـ واحد وعشرين وثلثمائة وألف من الهجرة الموافق لعام 1905م خمس وتسعمائة وألف من الميلاد وفي حي الجلوم الصغرى في مدينة حلب من بلاد الشام. لم يكن والده عالماً ولكن كان يحب العلماء ويحضر دروسهم ومجالسهم فورث المترجم له من أبيه هذه المحبة. شوخ المترجم له في العلوم العربية والشرعية: حضر على أساتذة كبار في مدينة حلب وغيرها، منهم: الأستاذ الكبير الشيخ إبراهيم السلقيني شيخ المدرسة الخسروية بحلب، والأستاذ الشيخ أحمد المكتبي شيخ المدرسة الدليواتية بحلب، والأستاذ الفقيه الحنفي المحقق الشيخ أحمد الزرقاء شيخ المدرسة الشعبانية بحلب، والشيخ سعيد الإدلبي والشيخ أحمد الشماع، والشيخ أحمد الكردي مفتي حلب، والأستاذ الجليل الشيخ نجيب سراج الدين، والشيخ أسعد العبجي مفتي الشافعية بحلب، كما أخذ علم الفرائض على غير واحد من الفرضيين كالشيخ عبد الله المعطي فريد عصره في هذا العلم. شيوخ المترجم له في علم القراءات: أخذ القراءات السبع من طريق الشاطبية، ثم القراءات الثلاث المتممة للعشر من طريق الدرة على الشيخ الفاضل المعرف لدى الخاصة والعامة الشيخ أحمد

حامد المصري التيجي مولداً المكي إقامة ووفاة، وأجازه بذلك ثم رحل إلى دمشق ومنها إلى "عربيل" قرية من قرى غوطة دمشق في عام 1356هـ ست وخمسين وثلثمائة وألف من الهجرة فأخذ القراءات العشر من طريق طيبة النشر عن العلامة الشيخ عبد القادر قويدر حمديَّة وأجازه بها. وقد صادق على هذه الإجازة شيخ مشايخ القراء والإقراء في وقته بدمشق الشيخ عبد الله المنجد أستاذ الشيخ عبد القادر المذكور. وظائفه: بعد أن تخرج من المدرسة الخسروية للعلوم العربية والشرعية وحصل على إجازتها العلمية في 17 من محرم الحرام عام 1341هـ، اشتغل بتعليم العلوم العربية والشرعية بجانب تعليم القرآن والتجويد والقراءات ثم تولى إدارة مدرسة الحفاظ بحلب وتعليم التجويد والقراءات فيها في عام 1348هـ بجانب تدريسه الفرائض والقرآن بالمدرسة الخسروية التي تخرج منها وكذلك بالمدرسة الشعبانية وظل هكذا إلى أن توفي رحمه الله تعالى. إجازاته العلمية: حصل المترجم له على إجازات علمية كثيرة غير ما مرَّ ذكره. فقد أجازه علامة حلب ومؤرخها الأستاذ الجليل الشيخ راغب الطباخ في كتابه مختصر الأثبات الجلية. وأجيز بالحديث المسلسل بيوم عاشوراء من الأستاذ الجليل العلامة الشيخ عيسى البيانوني في 10 محرم سنة 1348هـ كما أجيز من الأستاذ المجاهد الكبير الشيخ محمد زين العابدين ابن السيد أحمد البالساني إجازة عامة في 20 جمادى الثانية سنة 1367هـ كما أجيز من السيد الشيخ علوي المالكي برواية كتب الصحاح الستة وغيرها من كتب الحديث بتاريخ 4 جمادى الثانية سنة 1384هـ. مؤلفاته: كان الشيخ رحمه الله عالي الهمة دؤوباً على المطالعة والتعليقات العلمية

على جُلِّ كتبه التي تحويها مكتبته كما كان نتاجه كثيراً من المؤلفات منها ما هو مطبوع ومنها مازال مخطوطاً ومن تلك المؤلفات ما يلي: 1- كشف الحجاب شرح هداية المرتاب منظومة للسخاوي في متشابهات القرآن "طبع ونفذ". 2- الرياض الزاهية شرح السراجية "في الفرائض" مطبوع. 3- الروضة البهية شرح الرحبية "في الفرائض" مطبوع. 4- تنبيه ذوي الأحلام لما في يوم الجمعة من الفضائل والأحكام، مطبوع. 5- سفينة النجاة في مهمات من الصلاة "طبع غير مرة ونفد". 6- أقرب الوصول إلى هدي الرسول صلى الله عليه وسلم "مطبوع" 7- مرشد الإسلام إلى حج بيت الله الحرام "مطبوع". 8- المواعظ الجلية في الخطب المنبرية "مخطوط". 9- جمع الإرب في فكاهات العرب "مخطوط". 10- طلبة الأريب لغايات الأديب "مخطوط". 11- المنحة الإلهية في الفوائد الشرعية "مخطوط". 12- التذكرة العلمية في المواضيع المختلفة البهية "مخطوط". 13- الدرر الحسان في تجويد القرآن وهو كتاب غزير العلم جامع للمهم في علم التجويد "طبع غير مرة ونفد". 14- خلاصة الجهود في تحرير المدود "طبع ونفد". 15- كفاية المريد من علم التجويد "مطبوع". 16- غنية القراء البررة في قراءات القراء العشرة من طريقي الشاطبية والدرة "مخطوط". 17- التبيين والبيان على بدائع البرهان تحريرات الطيبة "مخطوط". 18- هداية القراء إلى الطيبة الغرَّاء في القراءات العشر من طريق طيبة النشر "

27- العوفي المقريء.

مخطوط" إلى غير ذلك من المؤلفات والتحقيقات. تلامذته: أما تلامذته فكثيرون جدًّا يضيق المقام بذكرهم هنا، منهم: علماء القراءات الموجودون الآن بحلب وغيرها من البلاد الشامية ومنهم علماء العلوم العربية والشرعية فنعتذر عن ذكرهم هنا طلباً للاختصار. وفاته: بعد حياة حافلة مليئة بتدريس العلوم العربية والشرعية وكذلك علوم القرآن من تجويد وقراءات في أكثر من مكان في مدينة حلب الشهباء توفي رحمه الله تعالى في يوم السبت الخامس من جمادى الثانية سنة 1387هـ سبع وثمانين وثلثمائة وألف من الهجرة الموافق لليوم التاسع من أيلول سبتمبر سنة 1967م فرحمه الله رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه وأوردنا جميعاً موارد عفوه. آمين. انتهى ملخصاً من ترجمته التي كتبها ولد الأستاذ محمد صلاح خياطة مدرس اللغة العربية في ثانويات حلب ص 5 - 13 من كتاب كفاية المريد من علوم التجويد للمترجم له. قلت: وقد وقفت على تعليقاته على بدائع البرهان وهي تعليقات نفيسة تدل على سعة اطلاع الرجل وطول باعه في القراءات مما جعلني أقابل نسختي على نسخته وتمت المقابلة كما هو مثبت في نسختي فرحمه الله تعالى. 27- العوفي المقريء. العوفي المقريء كان حيًّا سنة 1049هـ - 1482م: هو محمد بن أحمد العوفي مقريء، من آثاره: الجواهر المكلَّلة لمن رام الطرق المكملة في القراءات العشر فرغ من تأليفها في 22 من ذي القعدة سنة 1049هـ. درر الأفكار لمن كان في قراءة الأئمة العشرة سيَّار. الجواهر اليمانية في رسم المصاحف العثمانية مختصر المقالة في الفتح والإمالة. بحر المعاني وكنز السبع المثاني اهـ.

28- محمد ساجقلي.

انتهى من معجم المؤلفين لكحالة ج 8 ص 306. قلت: وكتاب الجواهر المكللة السالف الذكر من طريقي الشاطبية والدرة مخطوط نفيس للغاية بمكتبتنا وقد اختصره المترجم له من كتابه "بحر المعاني وكنز السبع المثاني في القراءات العشر المذكور آنفاً. هذا: ومؤلفات المترجم له المذكورة هنا كلها مخطوطة اهـ مؤلفه. رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأورده موارد عفوه آمين. 28- محمد ساجقلي. محمد ساجقلي: 1150هـ - 1737م: هو محمد المرعشي المعروف بساجقلي زادة عالم مشارك في أنواع من العلوم من آثاره رسالة في الضاد المعجمة، تسهيل الفرائض، تقرير القوانين من علم المناظرة، ترتيب العلوم، نهر النجاة في بيان مناسبات آيات أم الكتاب، هذا ما جاء في معجم المؤلفين لكحالة ج12 ص 14 ثم ذكر صاحب المعجم هذا في المستدرك على معجم المؤلفين ص (750) ما نصه: "محمد ساجقلي "12ر14" يضاف إلى آثاره: "جهد المقل في فن التجويد" اهـ. قلت: وهذا الكتاب طبع قديماً جدًّا مع شرحه المسمى ببيان جهد المقل وكلا الكتابين بمكتبتنا وهو كتاب نفيس للغاية لم أر مثله فيما رأيت من كتب التجويد ومن وقف عليه عرف مقدار الرجل رحمه الله رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين، اهـ مؤلفه. 29- الإمام التَّنسي. الإمام التَّنسي: هو محمد بن عبد الجليل التنسي، وبه عرف التلمساني الفقيه الجليل الحافظ الأديب المطلع من أكابر علمائها الجلة أخذ عن الأئمة أبي الفضل بن مرزوق وقاسم العقباني وابن الإمام والإمام الأصولي محمد النجار، والولي

30- الإمام الرجراجي.

إبراهيم التازي، والإمام ابن العباس وغيرهم واشتهر علمه، له تآليف منها: نظم الدرر والعقيان في دولة آل زيان، وتآليف في الضبط. قلت: ومنها كتابه المشهور: "الطراز شرح ضبط الخراز" وغير ذلك. أخذ عنه جماعة كالعلامة أبي عبد الله بن سعد والخطيب بن مرزوق السبط، وابن العباس الصغير. قال: لازمت مجلس الفقيه العلم الشهير سيدي التنسي عشرة أعوام وحضرت إقراءه تفسيراً وحديثاً وفقهاً وعربية وغيرها اهـ. والشيخ بلقاسم الزواوي وعبد الله بن جلال وغيرهم، وفي وفيات الونشريسي توفي الفقيه الحافظ التاريخي الأديب الشاعر أبو عبد الله التنسي في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وثمنمائة من الهجرة اهـ. ونقل عنه - أي الونشريسي - عدة فتاوى في معياره. انتهى ملخصاً من كتاب نيل الابتهاج بتطريز الديباج للشيخ الإمام أبي العباس أحمد بن أحمد بن أحمد المعروف بالتنبكتي، طبع دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، بدون تاريخ ص 329. وانظر البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان مصنفه أبو عبد الله محمد بن أحمد الملقب بابن مريم التلمساني، ديوان المطبوعات الجامعية بالجزائر ص 248 - 249 انتهى. 30- الإمام الرجراجي. الإمام الرجراجي: هو حسن بن علي الرجراجي الشوشاوي رفيق عبد الواحد حسين الرجراجي له شرح على مورد الظمآن في رسم القرآن ونوازل في الفقه المالكي وشرح تنقيح القرافي. توفي في أواخر المائة التاسعة بتاردنت من شوس، هذا ما جاء في نيل الابتهاج ص 110. وجاء في ذيل وفيات الأعيان المسمى درة الحجال في أسماء الرجال ص

31- هاشم السندي التتوي.

(244) الجزء الأول أن اسم المترجم له "الحسين بن علي الرجراجي" إلخ اهـ. قلت: وللمترجم له شرح مخطوط على عمدة البيان من نظم الخراز يسمى "حلة الأعيان على عمدة البيان" وهو شرح كبير ونفيس للغاية بمكتبتنا، وذكر المترجم له في شرحه هذا أن اسمه "حسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي" بزيادة اسم "طلحة" رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من نيل الابتهاج للتنبكتي ص (110) وانظر ذيل وفيات الأعيان المسمى درة الحجال في أسماء الرجال تأليف أبي العباس أحمد بن محمد المكناسي الشهير بابن القاضي (960 - 1025هـ) بتحقيق الدكتور الأحمدي أبو النور، الجزء الأول ص (244) الطبعة الأولى، الناشر دار التراث بالقاهرة والمكتبة العتيقة بتونس بدون تاريخ. 31- هاشم السندي التتوي. هاشم السندي التتوي: هو الشيخ الفاضل العلامة محمد هاشم بن عبد الغفور بن عبد الرحمن الحنفي التتوي السندي أحد العلماء المبرزين في الفقه والحديث والعربية ولد ونشأ في أرض السند وقرأ العلم على مولانا ضياء الدين السندي ثم سافر إلى الحجاز فحج وزار وأخذ عن الشيخ عبد القادر بن أبي بكر بن عبد القادر الصديقي المكي مفتي الأحناف بمكة المباركة وأقبل على الفقه والحديث إقبالاً كليًّا حتى برز فيهما وصار أبدع أبناء العصر فدرَّس وأفتى وصنَّف وصار شيخ بلده، وله مباحث بالشيخ محمد معين السندي صاحب الدراسات ومطارحات تفعم بها بطون الصفحات ومن مصنفاته: * بذل القوة في سني النبوة، وله: * جنة النعيم في فضائل القرآن الكريم، صنفها سنة أربع وثلاثين ومائة وألف، وله: * فاكهة البستان في تنقيح الحلال والحرام، صنفها سنة اثنتين وثلاثين ومائة وألف، وله:

32- شيخ شيوخنا ابن عبد الحق السنباطي.

* حياة القلوب في زيادة المحبوب صنفها سنة خمس وثلاثين ومائة وألف، وله: * كشف الزين في مسألة رفع اليدين، أثبت فيه أن الأحاديث الواردة في النهي ثابتة مقبولة صحيحة صنفه سنة تسع وأربعين ومائة وألف وله كتاب بسيط في فرائض الإسلام صنفه سنة إحدى وسبعين ومائة وألف جمع في ذلك الكتاب فرائض الإيمان مما يفترض علمه أو عمله على كل مسلم وله غير ذلك من المصنفات. توفي سنة أربع وسبعين ومائة وألف من الهجرة كما في (تحفة الكرام) انتهى بلفظه من كتاب نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر تأليف عبد الحي بن فخر الدين الحسني طبع مجلس إدارة المعارف العثمانية بحيدرأباد الدكن بالهند الطبعة الأولى عام 1376هـ - 1957م تحت رقم 687 الجزء السادس ص (363) . قلت: وللمترجم له رسالتان مخطوطتان غير ما تقدم ذكره في فن التجويد لم يذكرهما له كاتب الترجمة، والرسالتان بمكتبتنا. الرسالة الأولى: "اللؤلؤ المكنون في تحقيق مد السكون" وقد وفَّى الكلام فيها على المد الذي سببه السكون سواء كان السكون لازماً أو عارضاً مخففاً كان أو مثقلاً، وقد صنفها في اليوم الحادي والعشرين من رمضان المبارك سنة 1148هـ ألف ومائة وثمان وأربعين من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام والتحية. الرسالة الثانية: "الشفاء في مسألة الراء" من حيث التفخيم والترقيق، وقد أجاد الشيخ فيها وأفاد رحمه الله، وقد صنفها في ثاني شوال المبارك من سنة 1147هـ ألف ومائة وسبع وأربعين من هجرة خير البرية عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام وأطيب التحية. وأقول: ومن وقف على هاتين الرسالتين عرف مقدار الرجل وسعة اطلاعه وطول باعه فهو عالم مقدَّم في القراءات والتجويد ومقريء وقته بالإضافة إلى ما ذكره له كاتب الترجمة رحمه الله تعالى ورحمنا معه بفضله وكرمه إنه جواد كريم وبخلقه رؤوف رحيم. 32- شيخ شيوخنا ابن عبد الحق السنباطي. شيخ شيوخنا ابن عبد الحق السنباطي:

هو أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي الفقيه المؤلف الشافعي له نظم ونثر وله تآليف حسنة من ذلك نظمه الذي جمع فيه سبعة عشرة علماً. أخذ عن جماعة كالمرصفي وغيره لقيته بمصر سنة 986هـ ست وثمانين وتسعمائة من الهجرة وقرأت عليه شيئاً من منظومته المذكورة وأجاز لي كل ما يحمل، وتوفي سنة 999هـ تسع وتسعين وتسعمائة والله أعلم، اهـ بلفظه. هذا ما ذكره العلامة أحمد بن محمد المكناسي الشهير بابن القاضي في كتابه "ذيل وفيَّات الأعيان" المسمى "درة الحجال في أسماء الرجال" الجزء الأول ص 168 تحت رقم 201. وجاء في معجم المؤلفين لكحالة الجزء الأول ص 149 ما نصه: أحمد السنباطي 000 - 995هـ - 000 - 1586م هو أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي المصري الشافعي "شهاب الدين" عالم مشارك في أنواع من العلوم، من تصانيفه: "توضيح على رسالة المارديني في العمل بالربع المجيب، شرح البسملة للشيخ زكريا الأنصاري، وروضة الفهوم بنظم نقاية العلوم للسيوطي، ثم شرحه وسماه "فتح الحي القيوم بشرح روضة الفهوم"، إظهار الأسرار الخطية في حل الرسالة الجيبية، شرح القصيدة الهمزية في المدائح النبوية" اهـ. أقول: ولم يذكر المترجمون له ذكراً لشرحه على الشاطبية فيما وقفت عليه علماً بأنه شرح مشهور في عالم المخطوطات في جل الجهات وهو شرح نفيس أجاد فيه وأفاد وقد انتفعت به كثيراً وبمكتبتي منه ثلاث نسخ خطية ومن وقف على هذا الشرح عرف مقدار الرجل وسعة اطلاعه وطول باعه في علم القراءات والتجويد وهو من رجال إسنادي في جميع إجازاتي في القراءات وهي أكثر من تسع إجازات والحمد لله. هذا: والمترجم له معدود في رجال المشيختين مشيخة القاهرة ومشيخة الجامع الأحمدي بمدينة طنطا بمصر، والحمد لله قد ظفرت رجال هاتين

33- الشقانصي.

المشيختين في إجازتي المذكورة آنفاً، والله أسأل أن يرزقني الأدب مع هؤلاء الرجال وأن لا يحرمني من بركاتهم وبركات أمثالهم وأن يجعلنا جميعاً في مستقر رحمته، آمين. قلت: وقد ترجم الشيخ نجم الدين الغزي للمترجم له في كتابه "الكواكب السائر بأعيان المائة العاشرة" كما ترجم لوالده وجدّه أيضاً. فأما ترجمة المترجم له هنا ففي الجزء الثالث ص (117) ، وأما ترجمة والده الشيخ أحمد بن عبد الحق السنباطي ففي الجزء الثاني ص (111) وقد ترجم له ترجمة واسعة وأفاد أنه توفي في أواخر شهر صفر سنة 950هـ خمسين وتسعمائة من الهجرة. وأما ترجمة جده العلامة الكبير الشيخ عبد الحق بن محمد السنباطي ففي الجزء الأول ص (221) وهي ترجمة واسعة أفاد فيها أنه توفي بمكة المشرفة ليلة الجمعة غرة رمضان المبارك سنة 931هـ إحدى وثلاثين وتسعمائة من الهجرة، وقد جاوز التسعين وصلى عليه عقب صلاة الجمعة عند باب الكعبة بإمامة ولده العلامة الشيخ أحمد والد المترجم له رحم الله الجميع ورحمنا معهم بفضله وكرمه آمين. 33- الشَّقانصي. الشَّقانصي: ما بين 1228 - 1235هـ - 1813 - 1820م: هو أحمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر الشقانصي القرشي القيرواني كان من علماء القراءات. مؤلفاته: 1- الأجوبة المدققة عن الأسئلة المحققة جمع في تحريره من مسائل القراءات وعلوم القرآن جملة وافرة وأبرزه في صورة أسئلة وأجوبة ويقع هذا المؤلَّف في ثلاثة أجزاء يوجد منه جزءان في المكتبة الوطنية بتونس. 2- الشهب الثواقب. 3- نصرة أهل الإسلام والإيمان في تنزيه القرآن.

34- الإمام ابن عاشر الفاسي.

4- عمدة القاريء والمقريء. 5- الحجة الباهرة في القراءات. انتهى ملخصاً من كتاب "تراجم المؤلفين التونسيين للأستاذ محمد محفوظ، الجزء الثالث ص 201 203، وانظر ترجمته في إيضاح المكنون لإسماعيل باشا البغدادي، الجزء الأول ص 392. 34- الإمام ابن عاشر الفاسي. الإمام ابن عاشر الفاسي: هو عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر الأنصاري نسباً الأندلسي أصلاً الفاسي منشأ وداراً، كان إماماً عالماً ورعاً متفنناً في علوم شتى كالحديث والتفسير والنحو واللغة والفقه وعلم رسم القرآن وضبطه والقراءات وتوجيهها وعلم الكلام والأصول والتوقيت والحساب والفرائض والمنطق والبيان والعروض والطب وغير ذلك، وحج وجاهد واعتكف وكان يقوم من الليل ما شاء الله وله تآليف حسنة عديدة منها: شرحه على مورد الظمآن في رسم القرآن المسمى فتح المنان، وهو شرح مخطوط بمكتبتنا وقد أجاد فيه وأفاد، وانتفعت به كثيراً وله نظم يسمى الإعلان بتكملة مورد الظمآن في رسم الباقي من قراءات الأئمة السبعة الأعيان، مطبوع وشرح الإعلان بتكملة مورد الظمآن مخطوط بمكتبتنا وله نظم حسن يسمى "المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" مطبوع يحفظه ولدان المغرب وله حاشية على التتائي وله تقييدات على العقيدة الكبرى للإمام السنوسي، وله طرر عجيبة على شرح الإمام أبي عبد الله محمد التنسي لذيل مورد الظمآن في الضبط وغير ذلك من التآليف المفيدة. ومرض ضحى يوم الخميس ثالث ذي الحجة الحرام سنة 1040هـ أربعين وألف من الهجرة النبوية ومات عند الاصفرار من هذا اليوم فرحمه الله رحمة واسعة وأورده موارد عفوه آمين. انتهى ملخصاً من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للعالم الفاضل المولى محمد المحبي رحمه الله تعالى، الجزء الثالث ص 96 - 98 وكذلك من

35- شيخ شيوخنا أحمد الإسقاطي.

كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي، الجزء الثاني التقسيم الرابع ص (276) تحت رقم 683. 35- شيخ شيوخنا أحمد الإسقاطي. شيخ شيوخنا أحمد الإسقاطي: 000 - 1159هـ - 000 - 1746م: هو أحمد بن عمر الإسقاطي المصري الحنفي "أبو السعود" نحوي مقريء فقيه مشارك في بعض العلوم من تصانيفه تنوير الحالك على منهج السالك إلى ألفية ابن مالك في النحو، منهج السالكين إلى شرح منلا مسكين في الفروع، القول الجميل على شرح ابن عقيل، حل المشكلات في القراءات، حاشية على شرح العصام على السمرقندية في البلاغة. انتهى من معجم المؤلفين لكحالة الجزء الثاني ص (29) . قلت: وهذا العلم من رجال إسنادي في جل إجازتي كما هو مثبت في أول الكتاب. 36- شيخ شيوخنا "الزين طاهر النويري الفقيه المالكي". شيخ شيوخنا "الزين طاهر النويري الفقيه المالكي": هو طاهر بن محمد بن علي بن محمد النويري المقريء الشيخ زين الدين طاهر ولد بعد خمس وتسعين وسبعمائة وتلا على ابن الجزري وغيره وتفقه بالبساطي وغيره وأخذ النحو عن سبط بن هشام ولازم القياتي في المعقول وصار أحد الأئمة المالكية في جمعه الفنون جامعاً بين العلم والتواضع والعفة والانقطاع عن الناس ولي تدريس المالكية بالبرقوقية وبمدرسة حسن والإقراء بالجامع الطولوني وانتفع به الناس. مات في ربيع الأول سنة 856هـ ست وخمسين وثمنمائة هجرية اهـ من أعيان الأعيان للسيوطي. وقال السخاوي وتفقه بالجمال الأقفهسي والشهاب الصنهاجي، وأبي

37- شيخ شيوخنا "علي الرشيدي الشافعي".

عبد الله بن مرزوق شارح البردة، وعبيد البشكالي، والزين عبادة والبسطاطي، ولازمه حتى أذن له وتصدَّى لنشر العلم وصار من العلماء المعدودين المتقنين العارفين بالفقه وأصوله والعربية والقراءات وغيرها سالكاً طريق الصلاح، كثرت تلامذته، ولد بعد التسعين وسبعمائة وتوفي عام 856 ستة وخمسين وثمنمائة اهـ. وذكره القلصادي في رحلته من شيوخه، فقال: اشتغلت على الشيخ الفقيه الإمام المفيد زين الدين طاهر فقرأت عليه بعض الجلاب ومختصر خليل وشرحه للبساطي وشرح الشاطبية للفاسي اهـ. انتهى من نيل الابتهاج ص (130) . قلت: وهذا العلم من شيوخي في الإسناد في جميع إجازاتي ولإزالة اللبس بين النويريين أقول إن هذا النويري غير النويري شارح الطيبة وإن أخذ كل منهما عن الحافظ ابن الجزري وهما غير النويري شارح الدرة المتوفَّى سنة 897هـ سبع وتسعين وثمنمائة وقد أخذ القراءات على العلامة الشيخ محمود الأسفراييني وهو عن الحافظ ابن الجزري نبَّه على ذلك في شرحه فتفطَّن. ونقول إن هؤلاء النويريين الثلاثة من كبار المقرئين والفقهاء المالكيين في وقتهم نفعنا الله بعلمهم وجلعنا جميعاً في مستقر رحمته آمين. 37- شيخ شيوخنا "علي الرشيدي الشافعي". شيخ شيوخنا "علي الرشيدي الشافعي": هو علي بن إبراهيم الخياط الرشيدي الشافعي الشيخ الإمام الحجة الولي المفنن في العلوم والجامع لها والمقدم في المعارف كلها والمتكلم في أنواعها والناقد في جميعها والحريص على أدائها مع ذهن ثاقب وآداب أخلاق وحسن معاشرة ولين جانب وكثرة احتمال وكرم نفس وحسن عهد وثبات ود، وملازمة طاعة وكثرة ذكر. ولد في العشر الأول من هذه المائة - أي الحادية عشرة - برشيد وبها نشأ وحفظ القرآن الكريم وجوَّده وأخذ عن من بها من علماء عصره ثم قدم مصر وقرأ بالروايات على مقريء مصر الشيخ عبد الرحمن اليمني وأخذ الفقه والعلوم الشرعية والعقلية عن شيوخ كثيرين منهم النور علي الحلبي والبرهان اللقاني والشمس

38- شيخ شيوخنا "أبو الضياء الشبراملسي الشافعي".

الشوبري والشيخ سلطان المزَّاحي والنور الشبراملسي والشمس البابلي. وجد واجتهد إلى أن بلغ الغاية القصوى ورجع إلى بلده "يعني مدينة رشيد" وحمدت سيرته فيها وأقبل عليه جميع أهلها واعتمده عامة ذلك الإقليم وتصدى للتدريس وأخذ عنه خلق كثيرون. وتوفي في أوائل رجب سنة 1094هـ أربع وتسعين وألف من الهجرة برشيد ودفن بها رحمه الله رحمة واسعة. انتهى ملخصاً من خلاصة الأثر الجزء الثالث ص (128) . قلت: وهذا العلم من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في بعض إجازاتنا وهو من رجال مشيخة الجامع الأحمدي بطنطا بمصر كما هو مثبت في أول كتيبنا هذا، والله الموفق. 38- شيخ شيوخنا "أبو الضياء الشبراملسي الشافعي". شيخ شيوخنا "أبو الضياء الشبراملسي الشافعي": هو علي بن علي أبو الضياء نور الدين الشبراملسي الشافعي القاهري خاتمة المحققين وولي الله تعالى محرر العلوم النقلية وأعلم أهل زمانه لم يأت مثله في دقة النظر وجودة الفهم وسرعة استخراج الأحكام من عبارات العلماء وقوة التأني في البحث، وكان مجلسه مصوناً عن الغيبة وذكر الناس بسوء وجميع أوقاته مصروفة في المطالعة وقراءة القرآن والصلاة والعبادة وكان زاهداً في الدنيا لا يعرف أحوال أهلها ولا يتردد إلى أحد منهم إلا في شفاعة خير وكان إذا مر في السوق تتزاحم الناس مسلمها وكافرها على تقبيل يده ولم ينكر أحد من علماء عصره وأقرانه فضله بل جميع العلماء إذا أشكلت عليهم مسألة يراجعونه فيها فيبينها لهم على أحسن وجه وأتمه، ومن مقولاته: "قيراط من الأدب خير من أربعة وعشرين قيراطاً من العلم". ولد ببلدة شبراملس قرية من قرى مصر وحفظ بها القرآن الكريم وكان قد أصابه الجدري وهو ابن ثلاث سنين فكفَّ بصره ثم قدم مصر بصحبة والده في

سنة ثمان بعد الألف وحفظ الشاطبية والخلاصة والبهجة الوردية والمنهاج ونظم التحرير للعمريطي والغاية والجزرية والكفاية والرحبية وغير ذلك، وتلا جميع القرآن للسبعة من طريق التيسير والشاطبية وختمه في سنة 1016هـ ست عشرة وألف ثم قرأه كله للعشرة من الشاطبية وختمه في سنة 1025هـ خمس وعشرين وألف على شيخ القراء في زمانه الشيخ عبد الرحمن اليمني. وحضر العلوم الأخرى كالفقه والحديث والعربية والأصول والفرائض وغير ذلك على شيوخ كثيرين يضيق المقام بذكرهم هنا رغبة في الاختصار. وتصدر المترجم له للإقراء في الجامع الأزهر فانفرد في عصره بجميع العلوم وانتهت إليه الرياسة. وأما تلامذته فكثيرون ومنهم أقرانه الذين حضروا عليه. وكان يكتب على جميع ما يقرؤه من الكتب ولو جمع ما كتبه لجاوز الحد ولكنه تبدَّد بين يدي طلبته. ولم يشتهر من مؤلفاته إلا حاشيته على المواهب اللدنية في خمس مجلدات ضخام وحاشية على شرح الشمائل لابن حجر وحاشية على شرح الورقات الصغير لابن قاسم، وحاشية على شرح أبي شجاع لابن قاسم الغزي، وحاشية على شرح الجزرية للقاضي زكريا، وحاشية على شرح المنهاج ونهاية المحتاج للشمس الرملي في ست مجلدات ضخام. وكانت ولادته بشبراملس كما تقدم في سنة سبع أو ثمان وتسعين وتسعمائة، وتوفي في ليلة الخميس ثامن عشر شوال سنة 1087هـ سبع وثمانين وألف من الهجرة، وتولَّى غسله بيده تلميذه الفاضل الشيخ أحمد البنا الدمياطي فإنه أتاه في المنام قبل موته بأيام وأمره أن يتولى غسله فتوجه من دمياط إلى مصر فأصبح بها يوم وفاته وباشر غسله وتكفينه

39- سيدنا ومولانا وشيخ شيوخنا "ابن غانم المقدسي الحنفي" نفعنا الله بعلمه.

بيده، وحكى أنه لما وضَّأه ظهر منه نور ملأ البيت بحيث أنه لم يستطع بعد النظر إليه، وصلى عليه بالجامع الأزهر يوم الخميس إماماً بالناس الشيخ شرف الدين بن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري والشبراملسي بشين معجمة فموحدة فراء فألف مقصورة على وزن سكرى كما في القاموس مضافة إلى ملّس بفتح الميم وكسر اللام المشددة وبالسين المهملة أو مركبة تركيب مزج وهي قرية بمصر. انتهى مختصراً من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، الجزء الثالث ص (174 - 177) . قلت: والمترجم له من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في إجازاتنا كما هو مثبت في أول الكتاب، وبالله التوفيق. 39- سيدنا ومولانا وشيخ شيوخنا "ابن غانم المقدسي الحنفي" نفعنا الله بعلمه. سيدنا ومولانا وشيخ شيوخنا "ابن غانم المقدسي الحنفي" نفعنا الله بعلمه: هو علي بن محمد بن علي بن خليل بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن غانم بن علي بن حسن بن إبراهيم بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عبادة سيد الخزرج الخزرجي السعدي العبادي المقدسي الأصل القاهري المولد والسكن، الملقب نور الدين الحنفي العالم الكبير الحجة الرحلة القدوة رأس الحنفية في عصره وإمام أئمة الدهر على الإطلاق، وأحد أفراد العلم المجمع على جلالته وبراعته وتفوقه في كل فن من الفنون وبالجملة والتفصل هو أعلم علماء هذا التاريخ وأكثرهم تبحراً وأجمعهم للفنون مع الولاية والورع والزهد والشهرة الطنَّانة التي سلَّم لها أهل عصره وأذعنوا لها، قال صاحب خلاصة الأثر: إنه نشأ بمصر وحفظ القرآن الكريم وتلاه بالسبع على الشيخ الفقيه الورع الزاهد شهاب الدين أحمد بن الفقيه علي بن حسن المقدسي الحنبلي، وأخذ عن قاضي القضاة محب الدين أبي الجود محمد بن إبراهيم السمديسي الحنفي، قرأ عليه القراءات والفقه وسمع عليه كثيراً وعن قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن

علي الفتوحي الحنبلي الشهير بابن النجار قرأ عليه الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث وغيرها. ومن مشايخه المحققين شهاب الدين أحمد بن يونس الحلبي الشهير بابن الشلبي صاحب الفتاوى، قرأ عليه الفقه وسمع عليه الحديث وغيره. ومنهم خاتمة المحققين الشيخ ناصر الدين الطبلاوي والشيخ الإمام ناصر الدين اللقاني المالكي والأستاذ العارف الكبير أبو الحسن البكري والشيخ الشهاب الرملي. ومنهم المسند الشيخ شمس الدين محمد بن شرف الدين السكندري يروي عنه الحديث المسلسل بالأولية والكتب الستة والقراءات وغير هؤلاء من الشيوخ الأجلاء الذين يضيق المقام بذكرهم هنا. وأما من أخذ عنه فكثيرون. وولي المناصب الجليلة كإمامة الأشرفية ومشيختها وغيرها. وحج مرتين ورحل إلى القدس ثلاث مرات. وألف التآليف النافعة في الفقه وغيره، منها: شرح نظم الكنز سماه الرمز، وشرح الأشباه والنظائر، وله الشمعة في أحكام الجمعة وغير ذلك من التصانيف وقد ترجم له غير واحد من الثقات كما ذكر صاحب خلاصة الأثر منهم عبد الكريم بن سنان المنشي ومما قاله: وكان له من الزهد حظ وافر وقد رزق من العمر ما ألحق الأصاغر بالأكابر، ولم يزل بنان قلمه يحل عقد المسائل ومورد فضله لكل سائل سائل إلى أن ختمت صفحات حسناته وجف من منهل العمر ماء حياته ... إلخ. ومنهم الحافظ المناوي ذكره في طبقات الأولياء وعدد العلوم التي ينسب إليه معرفتها وإتقانها ثم قال: وصار في آخر أمره حفيظاً على المراقبة يقوم الليل في عبادة رب العالمين وينام النهار بعد التوقيع على أسئلة المسلمين ويبرُّ الفقراء ويتحيَّل على كتمان أمره ويفرق الذهب ويحافظ على ستره. وكان يجتمع بالفقراء ويحبهم ويحبونه ويعرفهم ويعرفونه ويكرمه الحاضر والبادي وكم له على أهل مصر من الأيادي إلخ. قال صاحب خلاصة الأثر: قال النجم الغزي: وقرأت بخطه أن مولده في

40- شيخ شيوخنا "ابن أسد الأميوطي الشافعي".

أوائل ذي القعدة الحرام عام عشرين وتسعمائة ثم رأيت بخط الشيخ عبد الغفار العجمي المقدسي أن ولادته كانت في سادس ذي القعدة الحرام من السنة المذكورة فهو بيان للأوائل وتوفي في ليلة السبت ثامن عشر من جمادى الآخر سنة 1004هـ أربع بعد الألف من الهجرة، وصلي عليه بالجامع الأزهر في محفل حافل ودفن بين القصرين من يوم السبت بتربة المجاورين قبلي مدفن السراج الهندي رحمه الله تعالى ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. انتهى مختصراً من خلاصة الأثر الجزء الثالث ص (180 - 185) وانظر ترجمته فيها كاملة. قلت: وهذا العلم من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في أكثر إجازاتنا وهو من رجال مشيخة الجامع الأحمدي بطنطا بمصر رضي الله عنه ونفعنا بعلمه وبرجال إسناده آمين. 40- شيخ شيوخنا "ابن أسد الأميوطي الشافعي". شيخ شيوخنا "ابن أسد الأميوطي الشافعي": هو أحمد بن أسد بن عبد الواحد بن أحمد الشهاب أبو العباس بن أسد الدين أبي القوة الأميوطي الأصل السكندري المولد القاهري الشافعي المقريء المعروف بابن أسد. ولد سنة 808هـ ثمان وثمنمائة بالإسكندرية، انتقل منها وهو مرضع صحبة أبويه إلى القاهرة فقطنها وحفظ القرآن والشاطبتين والدماثة في قراءات الأئمة الثلاثة للجعبري والطيبة لابن الجزري والألفيتين والمنهاجين والخزرجية في العروض والمقنع في الجبر والمقابلة لابن الهائم وغير ذلك. وأخذ على خلق كثيرين يضيق المقام بذكرهم هنا وكذلك من أخذ عليه. وأخذ القراءات على غير واحد من الثقات أجلهم الحافظ ابن الجزري وسافر معه سنة سبع وعشرين وثمنمائة إلى مكة المشرفة وكان يقرأ عليه في المناهل وغيرها حتى أكمل عليه يوم الصعود بالمسجد الحرام وأذن له وسمع عليه

ثلاثيات أحمد بعقبة أيلة وكثيراً من المسند الحنبلي وأحاديث من عشارياته وغيرها بغيرها وأخذ عن ولده الشهاب شرحه لطيبة والده وغيره، قال السخاوي في الضوء اللامع: ولازم شيخنا في الحديث ملازمة تامة حتى سمع عليه أكثر ما قريء عنده من مروياته وتآليفه وحضر مجالسه في التفسير وشبهه وكتب عنه قطعة من فتح الباري وأشياء من تصانيفه ووصفه بالشيخ الإمام العلامة البحر الفهامة إمام الإقراء وفخر الفقهاء وفارس العربية والقائم بالقواعد الأصولية شرف العلماء أوحد الفضلاء مفتي المسلمين أقضى القضاة. قال: وأذنت له أن يدرس في الفقه والعربية وغيرهما مما حصَّله بجد واجتهاد وساوى به كثيراً ممن أكثر التطواف في البلاد إلى أن قال: وقد أكثر حضور مجالسي في الإملاء ودروس الحديث والفقه وما زال يبدي في جميع ذلك الفوائد ويعيد فاستحق أن يدرج في سلك من يدرِّس ويفيد والله يمتع بحياته اهـ. أما وظائفه فكثيرة ذكرها السخاوي في الضوء اللامع منها: تدريسه القراءات بالبرقوقية وغيرها. وأما مؤلفاته فكثيرة منها: أرجوزة غنية الطالب في العمل بالكواكب. أرجوزة الذيل المترف من الأشرف إلى الأشرف في التاريخ، شرح حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع وغير ذلك، وحج مراراً وفي المرة الأخيرة حج ورجع متوعكاً في بلدة رابغ واستمر حتى مات يوم الاثنين لعشرين من ذي الحجة سنة 872هـ اثنتين وسبعين وثمنمائة من الهجرة بين الحرمين وهم سائرون في وادي الصفراء ودفن بالجديدة بالقرب من أحمد القروي المغربي رحمه الله تعالى، انتهى مقتضباً من كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، الجزء الأول ص (227 - 231) ، وانظر ترجمته في معجم المؤلفين

41- شيخ شيوخنا: "الشيخ عبد الرحمن اليمني الشافعي".

الجزء الأول ص (162) . قلت: وهذا العالم الفاضل ابن أسد الأميوطي من رجال إسنادي في بعض إجازاتي في القراءات كما هو مثبت في أول كتابنا هذا وهو من رجال مشيخة الجامع الأحمدي بمدينة طنطا بمصر نفعنا الله بعلمه وجعلنا جميعاً في مستقر رحمته آمين. 41- شيخ شيوخنا: "الشيخ عبد الرحمن اليمني الشافعي". شيخ شيوخنا: "الشيخ عبد الرحمن اليمني الشافعي": هو عبد الرحمن بن شحاذة المعروف باليمني الشافعي شيخ القراء وإمام المجودين في زمانه وفقيه عصره وشهرته تغني عن الإطناب في وصفه. ولد بمصر وبها نشأ وجمع بالقراءات السبع على والده من أول القرآن إلى قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً} [النساء: 41] ثم توفي والده فاستأنف القراءة جمعاً للسبعة ثم للعشرة على تلميذ والده الشهاب أحمد بن عبد الحق السنباطي وحضر دروس الشمس الرملي في الفقه مدة ولازم بعده النور الزيادي وبعد تخرج وأخذ علوم الأدب عن كثيرين حتى بلغ الغاية في العلم، وانتهت إليه رياسة علم القراءات وكان شيخاً مهاباً عظيم الهيئة حسن الوجه والحلية جليل المقدار عند عامة الناس وخاصتهم وكان يقرأ كل سنة كتاباً من كتب الفقه المعتبرة وكان النور الشبراملسي من ملازمي دروسه الفقهية وغيرها. وكان المترجم له يتعاطى التجارة وله أموال كثيرة زائدة الوصف وكان كثير البر لطلبة العلم والفقراء، وبالجملة فإنه كان من أهل الخير والدين وأكابر أولياء الله تعالى العارفين. وممن قرأ عليه بالروايات الشبراملسي المذكور والشيخ عبد السلام بن إبراهيم

42- شيخ شيوخنا ابن هذيل البلنسي".

اللقاني والشيخ عبد الباقي الحنبلي الدمشقي، والشيخ محمد البقي، وشاهين الأرمناوي، وغالب قراء جهات الحجاز والشام ومصر أخذوا عنه هذا العلم وانتفعوا به وعم نفعهم ببركته. وكانت ولادته في سنة 975هـ خمس وسبعين وتسعمائة وتوفي فجأة ليلة الاثنين خامس عشر من شوال سنة 1050هـ خمسين وألف من الهجرة رحمه الله تعالى ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. انتهى ملخصاً من خلاصة الأثر الجزء الثاني ص (358 - 359) . قلت: والمترجم له من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا في القراءات كما هو مثبت في أول الكتاب، والله الموفق اهـ مؤلفه. 42- شيخ شيوخنا ابن هذيل البلنسي". شيخ شيوخنا "ابن هذيل البلنسي": هو علي بن محمد بن علي بن هذيل الأستاذ أبو الحسن البلنسي إمام زاهد ثقة عالم قرأ الكثير على أبي داود ولازمه مدة سنين لأنه كان زوج أمه فنشأ في حجره وسمع منه كتباً كثيرة وهو أجل أصحابه وأثبتهم، صارت إليه أصول أبي داود العتيقة وأجاز له أبو الحسن بن البياز وحازم بن محمد، وانتهت إليه رئاسة الإقراء في زمانه. قرأ عليه أبو القاسم الشاطبي ومحمد بن خلف البلنسي ومحمد بن سعيد المرادي ومحمد بن أيوب الغافقي، وأحمد بن علي الحصَّار وابنه محمد بن علي بن هذيل وخلق غير هؤلاء. قال الأبَّار كان منقطع القرين في الفضل والدين والورع والزهد مع العدالة والتواضع والإعراض عن الدنيا والتقلل، صواماً كثير الصدقة كانت له ضيعة يخرج لتفقدها فيصحبه الطلبة فمن قارئ وسامع وهو منشرح لذلك طويل الاحتمال على

43- الشيخ العلامة أبو عبد الله الهبطي صاحب الوقوف المعروفة.

فرط ملازمتهم ليلاً ونهاراً، أسنَّ وعمَّر وهو آخر من حدث عن أبي داود، وانتهت إليه رئاسة الإقراء عامة عمره لعلو روايته وإمامته في التجويد والإتقان. حدَّث عن جلة لا يُحصون وروى العلم نحواً من ستين سنة. ولد سنة سبعين أو سنة إحدى وسبعين وأربعمائة وتوفي يوم الخميس سابع عشر من رجب سنة 564هـ أربع وستين وخمسمائة للهجرة، وصلى عليه من الغد وحضره السلطان أبو الحجاج يوسف بن سعد وتزاحم الناس على نعشه، وأمَّ الناس في الصلاة عليه أبو الحسن بن النعمة رحمه الله ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (573) تحت رقم 2339، وانظر ترجمته في نيل الابتهاج ص (199) وهي بنحو ما ذكر في غاية النهاية. 43- الشيخ العلامة أبو عبد الله الهبطي صاحب الوقوف المعروفة. الشيخ العلامة أبو عبد الله الهبطي صاحب الوقوف المعروفة: هو أبو عبد الله محمد بن أبي الهبطي الصماتي الفاسي الإمام الفقيه النحوي الفرضي الأستاذ المقري وهو الذي يقرأ أهل المغرب بالوقف الذي جعله في القرآن الكريم منذ زمنه إلى الآن مطبقين عليه وهو أخذ عن الإمام ابن غازي شيخه وإن كان في بعضه نظر وإن تلقَّاه قراء المغرب بالقبول، توفي سنة 930هـ ثلاثين وتسعمائة من الهجرة رحمه الله تعالى. انتهى ملخصاً من كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، الجزء الثاني: التقسيم الرابع ص (266 - 267) تحت رقم 653. 44- شيخ شيوخنا "ابن البغدادي الواسطي المصري الشافعي". شيخ شيوخنا "ابن البغدادي الواسطي المصري الشافعي": هو عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن المبارك بن معالي أبو محمد بن البغدادي،

45- شيخ شيوخنا: "الكامل الضرير المعروف بصهر الشاطبي".

ويقال له أيضاً الواسطي ثم المصري المولد والدار والوفاة، الشافعي شيخنا الإمام العالم العلامة. ولد فيما أخبرني سنة 702هـ اثنتين وسبعمائة وقرأ بالروايات الكثيرة على الأستاذ التقي محمد بن أحمد الصائغ وبرع في الفن وأخذ العربية عن أبي حيان والفقه عن ابن عدلان. وشرح الشاطبية شرحين واختصر البحر المحيط في التفسير لأبي حيان ونظم غاية الإحسان في النحو له وقرأه عليه وكتب له خطه عليه وانتهت إليه مشيخة الإقراء بالديار المصرية مع الصيانة والخير والانقطاع عن الناس. وجاور بمكة مراراً فقرأ عليه السبع الإمام الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي. وتوفي بالقاهرة يوم الخميس تاسع صفر سنة 781هـ إحدى وثمانين وسبعمائة رحمه الله تعالى، قاله الحافظ ابن الجزري فيما قال في ترجمته. انتهى مقتضباً من غاية النهاية، الجزء الأول ص (364) تحت رقم 1554. قلت: وهذا العلم من رجال إسنادنا في إجازاتنا في القراءات كما هو مثبت في أول الكتاب اهـ. 45- شيخ شيوخنا: "الكامل الضرير المعروف بصهر الشاطبي". شيخ شيوخنا: "الكامل الضرير المعروف بصهر الشاطبي": هو علي بن شجاع بن سالم بن علي بن موسى بن حسان بن طوق بن سند بن علي بن الفضل بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم كمال الدين أبو الحسن بن أبي الفوارس الهاشمي العباسي الضريري المصري الشافعي صهر الشاطبي الإمام الكبير النقال الكامل شيخ الإقراء بالديار المصرية ولد في شعبان سنة 572هـ اثنتين وسبعين وخمسمائة وقرأ القراءات السبع سوى رواية أبي الحارث في تسع عشرة ختمة على الشاطبي ثم قرأ عليه بالجمع للسبعة ورواتهم الأربعة عشر حتى إذا انتهى إلى سورة الأحقاف توفي الشاطبي رحمه الله. وسمع التيسير منه وقرأ عليه الشاطبية دروساً وسمعها عليه. وقرأ بالسبع وغيرها على أبي الجود بعدة كتب وعلى

46- شيخ شيوخنا "تقي الدين الصائغ المصري الشافعي".

غيره بكتب كثيرة وممن قرأ عليه التقي محمد بن أحمد بن عبد الخالق الصائغ وهو آخر من روى عنه في الدنيا القراءات والحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي والأستاذ محمد بن إسرائيل القصَّاع وخلق غير هؤلاء. قال الحافظ أبو عبد الله وكان أحد الأئمة المشاركين في فنون من العلم حسن الأخلاق تام المروءة كثير التواضع وافر المحاسن، انتهت إليه رئاسة الإقراء وازدحم عليه القراء. قلت: وكان من الأئمة الصالحين وعبادالله العاملين. وتزوَّج بابنة الشاطبي بعد وفاته وجاءه منها الأولاد. مات في سابع الحجة سنة 661هـ إحدى وستين وستمائة رحمه الله. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (544 - 546) تحت رقم 2331 أهـ. قلت: وهذا العالم الفاضل من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في إجازاتنا في القراءات كما هو مثبت في أول الكتاب، والله الموفق. 46- شيخ شيوخنا "تقي الدين الصائغ المصري الشافعي". شيخ شيوخنا "تقي الدين الصائغ المصري الشافعي": هو محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي الشيخ تقي الدين أبو عبد الله الصائغ المصري الشافعي مسند عصره ورحلة وقته وشيخ زمانه وإمام أوانه. ولد ثامن عشر من جمادى الأولى سنة 636هـ ست وثلاثين وستمائة وقرأ على غير واحد من الثقات. منهم: الشيخ كمال الدين إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن فارس، قرأ عليه جمعاً بالقراءات الاثنتي عشرة ختمتين الأولى في جماعة والأخرى بمفرده عندما حضر ابن فارس إلى مصر بطلب من السلطات يتعلق به وكل من الختمتين بمضمن المبهج وإرادة الطالب في العشر وتبصرة المبتدي في السبع والإيجاز والكفاية في

الست كل ذلك من تأليف سبط الخياط وبكتب كثيرة غير ما ذكر على هذا الشيخ الجليل. وقرأ على الشيخ كمال الدين أبي الحسن علي بن شجاع الضرير العباسي تسع ختمات ثمانية بإفراد الثمانية السبعة ويعقوب وتاسعة جمع فيها القراءات بمضمن العنوان والتيسير والشاطبية والتجريد والمستنير وتذكرة ابن غلبون والتمهيد للمالكي والتلخيص لأبي معشر. وقرأ على عبد الرحمن بن مرهف بن ناشرة بمضمن التيسير والعنوان وسمع من الرشيد القرشي الحافظ وغيره وصحب الإمام رضي الدين أبا عبد الله الشاطبي. وعمَّر حتى لم يبق معه من يشاركه في شيوخه. ورحل إليه الخلق من الأقطار وازدحم الناس عليه لعلو سنده وكثرة مروياته. وجلس للإقراء بمدرسته الطيبرسية بمصر والجامع العتيق ولازم الإقراء ليلاً ونهاراً فقرأ عليه خلق لا يُحصون يضيق المقام بذكرهم هنا. وكان إماماً أستاذاً نقالاً ثقة عدلاً محرراً صابراً على الإقراء. قال الحافظ ابن الجزري: أخبرني شيخنا أحمد بن رجب البغدادي قال: أخبرني شيخنا النجم بن مؤمن قال: قرأت القراءات على الصائغ بعدة كتب في سبعة عشر يوماً وكان مع ذلك حسن الصوت طيب القراءة، وحكايته في قراءته في صلاة الفجر في قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطير فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد} [النمل: 20] مشهورة أخبرني بها غير واحد من أصحابه منهم أبو بكر بن الجندي أنه كان حاضراً ذلك اليوم توفي في الثامن عشر من صفر سنة 725هـ خمس وعشرين

47- شيخ شيوخنا "السمديسي المصري الحنفي".

وسبعمائة من الهجرة بمصر رحمه الله تعالى. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص 65 - 67 تحت رقم 2738. قلت: وهذا العالم الجليل من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في إجازاتنا في القراءات كما هو مثبت في أول الكتاب والحمد لله. 47- شيخ شيوخنا "السمديسي المصري الحنفي". شيخ شيوخنا "السمديسي المصري الحنفي" 000 - 932هـ - 000 1526م: هو محمد بن إبراهيم بن أحمد شمس الدين الإمام السمديسي قاض من فقهاء الحنفية نسبة إلى سمديسة من أعمال البحيرة بمصر له كتب: منها: "فتح المدبر للعاجز المقصر" مخطوط في القضاء فرغ من تأليفه سنة 921هـ إحدى وعشرين وتسعمائة موجود في الأزهرية، و"فيض الغفار شرح المختار" في فروع الحنفية هذا ما جاء في الأعلام للزركلي. وجاء في شذرات الذهب وهو من مراجع الأعلام أن المترجم له أخذ عن رضوان العقبي وعبد الدايم الأزهري والشمس محمد بن أسد والقراءات عن جعفر السمنودي وأخذ عنه الشيخ بهاء الدين القليعي والشيخ علاء الدين المقدسي نزيل القاهرة الفقه والقراءات وسمعاً منه كثيراً وهو صاحب فيض الغفار شرح المختار، وتوفي في هذه السنة أي سنة 932هـ اثنتين وثلاثين وتسعمائة، انتهى ملخصاً من الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (302) تقدم، ومن شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد الحنبلي الجزء الثامن ص (191) ، وانظر ترجمته في الكواكب السائرة الجزء الأول ص (98) . قلت: والمترجم له من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في أكثر من إجازة من إجازاتنا في القراءات كما هو مثبت في أول كتيبنا هذا، وأقول قد أخذ المترجم له القراءات أيضاً على الشهاب أحمد بن أسد الأميوطي المترجم له في كتيبنا هذا وهو المعوَّل عليه في أسانيد القراءات كما في إجازاتنا، والله الموفق. 48- شيخ شيوخنا الشيخ سيد المرصفي. شيخ شيوخنا الشيخ سيد المرصفي: 000 - 1349هـ - 1931م:

هو سيد بن علي المرصفي عالم باللغة والأدب مصري كان من جماعة كبار العلماء في الأزهر، وتولى تدريس اللغة العربية فيه إلى أن نالت منه الشيخوخة وكسرت ساقه فاعتكف في منزله بالقاهرة، فأقبل عليه طلاب الأدب فكان يعقد لهم حلقات للدرس إلى أن توفي. هذا ما جاء في الأعلام للزركلي الجزء الثالث ص (147) . وجاء في معجم المؤلفين لكحالة الجزء الرابع ص (287) بنحو ما جاء في الأعلام. وجاء في كتاب تاريخ الشيخ الحسين بن أحمد المرصفي بقلم الأستاذ محمد عبد الجواد عند ذكره لتراجم العلماء المرصفة ص (138) تحت رقم 14 ما نصه: "الشيخ سيد بن علي المرصفي: ولد بدرب الركراكي بشارع باب البحر بالقاهرة ونشأ بها ولما نال الشهادة عين مدرساً بمدرسة والدة عباس ثم مصححاً بدار الكتب ومدرساً بالأزهر ومدرسة بولاق سنة 1310هـ ألف وثلثمائة وعشرة للهجرة، وهو رجل العلم والأدب وكان عضواً في هيئة كبار العلماء بالأزهر وكان إماماً في اللغة والأدب كان المظهر الكامل للأديب المسلم المتدين أو الصورة السليمة للعالم الأديب وهو الإمام الأوحد لسائر الأدباء في البلد الأمين. إلى أن قال له من المؤلفات والآثار: 1- أسرار الحماسة شرح على الماسة اختيار أبي تمام. 2- تحفة العصر الجديد في الفقه والتوحيد. 3- الدر الذي انسجم على لامية العجم. 4- رغبة الأمل من كتاب الكامل للمبرد شرح في ثمانية أجزاء وهو من آثاره الخالدة إلى غير ذلك من التآليف المفيدة النافعة الفريدة ... إلى أن قال: وكانت وفاته في 10 من فبراير سنة 1931م وقد كانت شهرته في القرن العشرين تكاد تطغى على شهرة "الحسين بن أحمد المرصفي" في القرن التاسع عشرة لكثرة الخلط بينهما، انتهى ملخصاً من كتاب "الشيخ الحسين بن أحمد المرصفي" بقلم

49- شيخ شيوخنا "الحسين المرصفي".

محمد عبد الجواد الأستاذ بكلية اللغة العربية ودار العلوم، طبع بدار المعارف بمصر سنة 1952م ص (138 - 139) ، وانظر ترجمته في الأعلام للزركلي الجزء الثالث ص (147) ، وانظر ترجمته كذلك في معجم المؤلفين لكحالة الجزء الرابع ص 287. 49- شيخ شيوخنا "الحسين المرصفي". شيخ شيوخنا "الحسين المرصفي" 1307هـ - 1890م: هو حسين بن أحمد بن حسين المرصفي عالم أديب درَّس في الأزهر وفي دار العلوم، وتوفي في الخامس من جمادى الثانية سنة 1307هـ من آثاره: 1- الوسيلة الأدبية إلى العلوم العربية. 2- الكلم الثمان، الوطن والحكومة. 3- زهرة الرسائل. 4- المسترشد في الإنشاء. انتهى من معجم المؤلفين لكحالة الجزء الثالث ص (310) ، وانظر ترجمته في عشرات المراجع، وانظر ترجمته كاملة من يوم ميلاده إلى يوم وفاته وكذلك ترجمة والده العالم الأزهري الجليل وكذلك تراجم من أخذوا عنه مع تراجم بعض العلماء المراصفة وذلك في كتاب خصص لهذا الغرض كتبه الأستاذ محمد عبد الجواد من أساتذة كليتي دار العلوم واللغة العربية، وقد سماه مؤلفه "الشيخ الحسين بن أحمد المرصفي" الأستاذ الأول للعلود الأدبية بدار العلوم، وقد صدَّره بقوله: "بسم الله وعلى بركة الله، إن الهدى هدى الله نحمده أن هدانا للعمل على بحث حياة من أبرك الحيوات ونشر سيرة من أعطر السير تلك هي سيرة العالم الجليل الشيخ الحسين بن أحمد المرصفي معجزة زمانه ونابغة عصره، وقد شعَّ نوره وانتشر شعاعه فأضاء الأفق العلمي لقرية من أعرق القرى، وكشف عن فضل مرصفا وأهلها إلخ ما ذكر في الكتاب رحمه الله رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين.

50- شيخ شيوخنا الشيخ الفضالي المقري الشافعي البصير بقلبه.

50- شيخ شيوخنا الشيخ الفضالي المقري الشافعي البصير بقلبه. شيخ شيوخنا الشيخ الفضالي المقري الشافعي البصير بقلبه: هو سيف الدين أبو الفتوح بن عطاء الوفائي الفضالي المقري الشافعي البصير شيخ القراء بمصر في عصره. قال بعض الفضلاء في حقه فاضل جنى فواكه جنيه من علوم القرآن، وتقدم في علومه على الأقران قرأ بالروايات على الشيخين الإمامين شحاذة اليمني وأحمد بن عبد الحق - يعني السنباطي - وبهما تخرج وأخذ عنه جمع من أكابر الشيوخ منهم الشيخ سلطان المزاحي ومحمد بن علاء الدين البابلي وله مؤلفات مفيدة نافعة. منها شرح بديع على الجزرية في التجويد ورسائل كثيرة في القراءات وكانت وفاته بمصر يوم الاثنين ثامن عشر من جمادى الأولى سنة عشرين وألف من الهجرة رحمه الله، انتهى من خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي الجزء الثاني ص (220 - 221) . قلت: وهذا العالم الجليل من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا كما هو مثبت في أول الكتاب وهو من رجال المشيختين مشيخة القاهرة ومشيخة الجامع الأحمدي بمدينة طنطا بمصر. 51- ميمون الفخَّار. ميمون الفخَّار: هو ميمون بن مساعد المصمودي مولى أبي عبد الله الفخار كان فقيهاً أستاذاً له تآلف في علوم القرآن رسماً وقراءة توفي بفاس سنة 816هـ ست عشرة وثمنمائة. انتهى ملخصاً من كتاب نيل الابتهاج ص (347 - 348) تقدم. 52- شيخ شيوخنا أبو الطيب ابن غلبون. شيخ شيوخنا أبو الطيب ابن غلبون: هو عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك أبو الطيب الحلبي نزيل مصر أستاذ ماهر كبير كامل محرر ضابط ثقة خير صالح دين. ولد ليلة الجمعة لاثنتي عشرة خلت من رجب سنة تسع وثلثمائة بحلب، وانتقل إلى مصر فسكنها وألفَّ كتابه الإرشاد في السبع. روى القراءة عرضاً وسماعاً على غير واحد من الثقات الجهابذة منهم:

إبراهيم بن عبد الرزاق وإبراهيم بن محمد بن مروان وأحمد بن محمد بن بلال ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي وأحمد بن الحسن النحوي، وأحمد بن موسى وجعفر بن سليمان والحسين بن خالويه، والحسن بن حبيب الحصايري وغيرهم. وعرض القراءات عليه ولده أبو الحسن طاهر بن غلبون شيخ الحافظ أبي عمرو الداني كما سيأتي في ترجمته وأحمد بن علي الربعي وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي وأحمد بن علي تاج الأئمة، وأحمد بن نفيس والحسن بن عبد الله الصقلي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأحمد بن أبي الربيع وغير هؤلاء من الأئمة المعتبرين. قال الذهبي في معرفة القراء الكبار وسمع الحديث من عبيد الله بن الحسين الأنطاكي وسليمان بن زويط وأحمد بن محمد بن عُمارة الدمشقي وعدي بن عبد الباقي ... إلى أن قال: وحدث عنه محمد بن جعفر الميماسي والحسن بن إسماعيل الضرَّاب وجماعة. قال: أبو علي الغسَّاني كان ثقة خياراً. وقال الحافظ أبو عمرو الداني كان حافظاً للقراءة ضابطاً ذا عفاف ونسك وفضل وحُسن تصنيف وكان الوزير جعفر بن الفضل معجباً به وكان يحضر عنده المجلس مع العلماء اهـ. وقال الحافظ ابن الجزري في غاية النهاية بعد أن ساق كلام الحافظ الداني السابق: ووجد بخطه على بعض مؤلفاته. صنفت ذا العلم أبغي الفوز مجتهداً ... لكي أكون مع الأبرار والسعدا في جنة في جوار الله خالقنا ... في ظل عيش مقيم دائم أبداً توفي رحمه الله بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلثمائة، انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الأول ص (470، 471) تحت رقم 1967، وانظر معرفة القراء الكبار للذهبي الجزء الأول ص (355، 356) تحت رقم 282. قلت: وهذا العلم من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا كما هو مثبت في أول كتيبنا هذا نفعنا الله بعلمه آمين.

53- شيخ شيوخنا أبو الحسن ابن غلبون.

53- شيخ شيوخنا أبو الحسن ابن غلبون. شيخ شيوخنا أبو الحسن ابن غلبون: هو طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك أبو الحسن الحلبي نزيل مصر أستاذ عارف وثقة ضابط وحجة محرر شيخ الحافظ أبي عمرو الداني ومؤلف كتاب التذكرة في القراءات الثمان، أخذ القراءات عرضاً عن أبيه - عبد المنعم بن غلبون - وعبد العزيز بن علي ثم رحل إلى العراق فقرأ بالبصرة على محمد بن يوسف بن نهار الحرتكي وعلي بن محمد الهاشمي وعلي بن محمد بن خُشنام المالكي. وسمع الحروف مع أبيه من إبراهيم بن محمد بن مروان وعتيق بن ما شاءالله وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن محمد بن المفسر وأبي الفتح بن بدهن. وسمع سبعة ابن مجاهد من أبي الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي المعدل عنه. روى القراءات عنه عرضاً وسماعاً الحافظ أبو عمرو بن سعيد - وهو الداني - وإبراهيم بن ثابت الإقليشي وأبو الفضل عبد الرحمن الرازي وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني وغيرهم. قال الداني: لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله وصدق لهجته كتبنا عنه كثيراً. وتوفي بمصر لعشر مضين من شوال سنة تسع وتسعين وثلثمائة. قال الذهبي بعد أن ذكر تاريخ وفاته هذا. قلت ومات في سن الكهولة. انتهى ملخصاً من غاية النهاية الجزء الأول ص (339) تحت رقم 1475، وانظر ترجمته في معرفة القراء الكبار للحافظ الذهبي الجزء الأول ص (369) تحت رقم 298. قلت: وهذا العلم من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا كما هو مثبت في أول كتيبنا هذا نفعنا الله بعلمه وعلم رجال إسناده آمين. 54- المنتجب الهمذاني شارح الشاطبية وغيرها. المنتجب الهمذاني شارح الشاطبية وغيرها: هو المنتجب بن أبي العز بن رشيد منتجب الدين أبو يوسف الهمذاني إمام كامل علامة. قال الذهبي: كان رأساً في القراءات والعربية صالحاً متواضعاً صوفيًّا قرأ

55- شيخ شيوخنا أبو داود بن نجاح.

على أبي الجود بمصر سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وسمع بدمشق أبا اليمن الكندي وقرأ عليه وشرح الشاطبية شرحاً لا بأس به وأعرب القرآن العظيم إعراباً متوسطاً وشرح المفصل للزمخشري وأجاد. قرأ عليه الصائن محمد بن الزين الضرير والنظام محمد بن عبد الكريم التبريزي وعبد الولي بن عبد الرحمن بن محمد المقدسي وغيرهم. توفي في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وستمائة بدمشق. انتهى مختصراً من غاية النهاية الجزء الثاني ص (310) برقم 3646، وانظر ترجمته في معرفة القراء الكبار الجزء الثاني ص 637 برقم 599. 55- شيخ شيوخنا أبو داود بن نجاح. شيخ شيوخنا أبو داود بن نجاح: هو سليمان بن نجاح أبو داود بن أبي القاسم الأموي مولى المؤيد بالله ابن المنتصر الأندلسي شيخ القراء وإمام الإقراء أخذ القراءات عن الحافظ أبي عمرو الداني ولازمه كثيراً وسمع منه غالب مصنفاته وأخذ عنه مؤلفاته في القراءات وهو أجل أصحابه. ولد سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. قرأ عليه إبراهيم بن جماعة البكري الداني وأحمد بن سحنون المرسي، وأبو عبد الله بن سعيد الداني وجعفر بن يحيى بن غتال، وأبو علي الصدفي وأبو الحسن علي بن هذيل شيخ سيدنا ومولانا الإمام الشاطبي رضي الله عنه، وفتح بن خلف البلنسي وسليمان بن يحيى القرطبي وعبد الرحمن بن محمد الخزرجي وخلق كثير غير هؤلاء. قال ابن بشكوال كان من جلة المقرئين وفضلائهم وأخيارهم عالماً بالقراءات وطرقها حسن الضبط ثقة ديناً (قلت) ومن مؤلفاته كتاب البيان الجامع لعلوم القرآن في ثلثمائة جزء وكتاب لتبيين لهجاء التنزيل. قال الذهبي يقع قي ست مجلدات وكتاب الاعتماد في أصول القراءة عارض به شيخه الداني أرجوزة

56- العلامة السمنودي شارح الدرة والطيبة وشيخ الأزهر في وقته.

في ثمانية عشرة ألف بيت وأربعمائة وأربعين بيتاً وغير ذلك. قال الحافظ الذهبي في المعرفة: "وكتب أي أبو داود عن أبي عمر بن عبد البر وابن دلهاث العذري وأبي عبد الله بن سعدون القروي وأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي وأبي شاكر الخطيب" اهـ. توفي رحمه الله تعالى في سادس عشر من شهر رمضان سنة ست وتسعين وأربعمائة وتزاحموا على نعشه اهـ مختصراً من غاية النهاية الجزء الأول ص (317) تحت رقم 1392، وانظر ترجمته في معرفة القراء الكبار الجزء الأول ص (450) تحت رقم 389 وفي كتاب شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي الجزء الثالث ص (403) ، وانظر الأعلام للزركلي الجزء الثالث ص (200) . قلت: وهذا العالم الجليل أبو داود بن نجاح من شيوخ شيوخنا ومن رجال إسنادنا في جميع إجازاتنا كما هو مثبت في مقدمة كتابنا هذا، نفعنا الله بعلمه وبعلم رجال إسناده آمين. 56- العلامة السمنودي شارح الدرة والطيبة وشيخ الأزهر في وقته. العلامة السمنودي شارح الدرة والطيبة وشيخ الأزهر في وقته: هو محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد المنير السمنودي المصري إمام فقيه محدث مقريء صوفي له مؤلفات نافعة كشرح الطيبة، وشرح الدرة، وله تآليف في القراءات والتصوف والفلك وغيرها، وله شعر في الحقائق وهو أول من انتزع مشيخة الأزهر من يد المالكية، توفي سنة 1199هـ تسع وتسعين ومائة وألف من الهجرة، انتهى ملخصاً من كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي تأليف محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الجزء الثاني القسم الرابع ص (355) تحت رقم 873، ثم ذكر المؤلف أنه استفى ترجمة المترجم له من كتاب الخطط التوفيقية 12/51، سلك الدرر 4/122.

57- شيخ شيوخنا العلامة الترمسي المحدث الفقيه الأصولي المقريء شارح الطيبة.

57- شيخ شيوخنا العلامة الترمسي المحدث الفقيه الأصولي المقريء شارح الطيبة. شيخ شيوخنا العلامة الترمسي المحدث الفقيه الأصولي المقريء شارح الطيبة: هو العلامة المحدث المسند الفقيه الأصولي المقريء الشيخ محمد محفوظ ابن العلامة الفقيه عبد الله بن العلامة الحاج عبد المنان الترمسي الجاوي ثم المكي الشافعي. مولده: ولد بقرية ترمس من قرى صولو بجاوى الوسطى في اثني عشر من جمادى الأولى سنة 1285هـ، ألف ومائتين وخمس وثمانين من الهجرة، وأبوه غائب عنه في مكة المشرفة وتربى في حجر والدته وأخواله. تلقي المترجم له العلم: تلقى مبادئ الفقه في حداثة سنه عن شيخ مكتب القرية من أفاضل علماء جاوى وحفظ القرآن الكريم ثم استقدمه أبوه العلامة الفقيه الشيخ عبد الله الترمسي إلى مكة المكرمة ورحل إليه سنة 1291هـ ألف ومائتين وإحدى وتسعين للهجرة فاستوطن معه فيها وقرأ عليه جملة من الكتب ثم رجع إلى جاوى صحبة أبيه وانتقل إلى سماران ولازم بها العلامة الشيخ صالح بن عمر السماراني ومكث عنده في الرباط وقرأ عليه جملة من الكتب. ثم رحل ثانياً منها مهاجراً إلى مكة المشرفة فأقام بها وتلقى العلوم والفنون على كبار علمائها وتفقه على العلامة السيد أبي بكر بن محمد شطا المكي وهو عمدته في الرواية والتحديث وسمع كثيراً من الكتب الحديثية. وفي مصطلح الحديث على العلامة المحدث السيد حسين بن محمد الحبشي المكي عرف بابن المفتي، وكذا قرأ كثيراً من كتب الحديث وعلومه على العلامة شيخ الشافعية بمكة المكرمة الشيخ محمد سعيد بابصيل وأخذ القراءات الأربع عشرة عن العلامة عمدة المقرئين بمكة الشيخ محمد الشربيني الدمياطي نزيل مكة. جد واجتهد في التحصيل وسهر الليالي حتى برز في الحديث وعلومه، وبرع واشتهر في الفقه وأصوله والقراءات وشارك في فنون كثيرة، وأجازه مشايخه بالتدريس وتصدى للإفادة بالمسجد الحرام عند باب الصفا وبمنزله وانتفع به الطلبة

وأقبل الناس لاجتناء ثماره اليانعة من كل حدب. هذا وتخرج على يده خلق كثيرون منهم أخواه الكياهي رادين دحلان السماراني الفلكي والكياهي محمد دمياطي الترمسي (ت 1354هـ) والكياهي خليل اللاسمي كاتبه الخاص. والكياهي دلهار المقلاني، والكياهي الحاج محمد هاشم أشعري الجومباني وغير هؤلاء من كبار الأئمة. وروى عنه عامة قاله جماعة منهم المحدث الشيخ حبيب الله الشنقيطي، ومحدث الحرمين الشريفين الشيخ عمر بن حمدان المحرسي، والمقريء الشيخ أحمد المخللاتي الشامي ثم المكي. والعلامة المتفنن الشيخ محمد الباقر بن نور الجوكجاوي. والمعمر كياهي معصوم بن أحمد اللاسمي، والمعمر الشيخ عمر بن أبي بكر باجنيد المكي. والشيخ محمد عبد الباقي الأيوبي اللكنوي ثم المدني وغير هؤلاء من كبار العلماء. مؤلفات المترجم له: ألَّف كتباً كثيرة من أجلها: 1- منهج ذي النظر في شرح ألفية الأثر طبع مرات. 2- موهبة ذي الفضل في حاشية شرح مقدمة بافضل في أربع مجلدات، مطبوع. 3- نيل المأمول حاشية غاية الوصول على لب الأصول في ثلاث مجلدات ضخام. 4- إسعاف المطالع بشرح البدر اللامع نظم جمع الجوامع في مجلدين مطبوع. 5- حاشية تكملة المنهج القويم في مجلد. 6- غنية الطلبة بشرح الطيبة في القراءات العشر مخطوط في مجلد ضخم.

58- الملا علي القاري الحنفي شارح الشاطبية والجزرية وغيرهما.

7- كفاية المستفيد لما علا من الأسانيد طبع مرات وغير ذلك من الكتب المفيدة النافعة. سيرة المترجم له: اشتهر فضله بين الناس وعامة الطبقات وكان إنساناً حسن الأخلاق لطيف المعاشرة لا يتدخل فيما لا يعنيه وكان منزله في غالب الأوقات لا يخلو من المترددين عليه للاستفادة من علمه الفياض. وفاة المترجم له: توفي رحمه الله بمكة المشرفة في أول رجب الفرد قبيل أذان المغرب من يوم الأحد ليلة الاثنين سنة 1338هـ ألف وثلثمائة وثمان وثلاثين من الهجرة وشيعت جنازته في محفل عظيم ودفن بحوطة آل شطا من مقبرة المعلى تغمده الله برحمته وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء آمين. انتهى ملخصاً من كتاب المترجم له المسمى "كفاية المستفيد لما علا من الأسانيد" ص (41 - 43) . 58- الملا علي القاري الحنفي شارح الشاطبية والجزرية وغيرهما. الملا علي القاري الحنفي شارح الشاطبية والجزرية وغيرهما: هو علي بن محمد سلطان الهروي المعروف بالقاري الحنفي نزيل مكة وأحد صدور العلم. ولد بهراه ورحل إلى مكة وتديَّرها وأخذ بها عن الأستاذ أبي الحسن البكري والسيد زكريا الحسيني والشهاب أحمد بن حجر الهيثمي والشيخ أحمد المصري تلميذ القاضي زكريا، والشيخ عبد الله السندي والعلامة قطب الدين المكي وغيرهم. واشتهر ذكره وطار صيته وألف التآليف الكثيرة المحتوية على الفوائد الجليلة منها: شرحه على المشكاة في مجلدات وهو أكبرها وأجلها، شرح الشفاء، شرح الشمائل، وشرح النخبة، وشرح الشاطبية، وشرح الجزرية، ولخص من القاموس مواد وسماها الناموس، وله الأثمار الجنية في أسماء الحنفية، وشرح ثلاثيات البخاري، ونزهة الخاطر الفاتر في ترجمة الشيخ عبد القادر، لكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة لاسيما الشافعي وأصحابه رحمهم الله تعالى، واعترض

59- الشيخ حسنين مخلوف.

على الإمام مالك في إرسال اليد في الصلاة، وألف في ذلك رسالة فانتدب لجوابه الشيخ محمد مكين وألف رسالة جواباً له في جميع ما قاله ورد عليه اعتراضاته، وأعجب من ذلك ما نقله عنه السيد محمد بن البرزنجي الحسيني في كتابه سواد الدين وسداد الدين في إثبات النجاة في الدرجات للوالدين أنه شرح الفقه الأكبر المنسوب إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى وتعدى فيه طوره في الإساءة في حق الوالدين ثم إنه ما كفاه ذلك حتى ألف فيه رسالة وقال في شرحه للشفاء متبجحاً ومفتخراً بذلك إني ألفت في كفرهما رسالة فليته إذا لم يراع حق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث آذاه بذلك كان استحيا من ذكر ذلك في شرح الشفاء الموضوع لبيان شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد عاب الناس على صاحب الشفاء ذكره فيه عدم مفروضية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة وادعى تفرد الشافعي بذلك بأن هذه المسألة ليست من موضوع كتابه وقد قيض الله تعالى الإمام عبد القادر الطبري للرد على القاري فألف رسالة أغلظ فيها في الرد عليه وبالجملة فقد صدر منه أمثال لما ذكر كان غنيًّا عن أن تصدر منه ولولاها لاشتهرت مؤلفاته بحيث ملأت الدنيا لكثرة فائدتها وحسن انسجامها. وكانت وفاته بمكة المكرمة في شوال سنة 1014هـ ألف وأربع عشرة ودفن بالمعلاة رحمه الله تعالى وتجاوز عنه. انتهى مختصراً من كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي الجزء الثالث ص (185 - 186) تقدم. 59- الشيخ حسنين مخلوف. الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر والمقدم لكتابنا هداية القاريء إلى تجويد الباري: هو العالم العلامة والحبر البحر الفهامة صاحب الفضيلة الشيخ حسنين محمد حسنين مخلوف العدوي. ولد حفظه الله في يوم السبت السادس من مايو سنة 1890م ألف وثمنمائة وتسعين من الميلاد بباب الفتوح بالقاهرة وحفظ القرآن الكريم كله بالأزهر الشريف وجوَّده على صاحب الفضيلة الشيخ محمد علي خلف

الحسيني المالكي من خيرة علماء الأزهر وشيخ القراء والإقراء وعموم المقاريء بالديار المصرية في وقته. التحاق المترجم له بالأزهر الشريف: التحق بالأزهر طالباً في الحادية عشرة من عمره وتلقى فيه دروسه في مختلف العلوم على علمائه الأجلاء. شيوخ المترجم له: حضر المترجم له على شيوخ كثيرين من أجلة علماء الأزهر الشريف منهم والده العالم الأزهري الجليل الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي المالكي الأزهري، والشيخ عبد الله دراز، والشيخ عبد الهادي مخلوف والشيخ علي إدريس القدوي، والشيخ عبد الفتاح المكاوي، والشيخ محمد الطوخي، والشيخ يوسف الدجوي، والشيخ عبد الحكم عطا شيخ القسم العالي "جامعة الأزهر حاليًّا"، والشيخ محمد راضي البحراوي، والشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ أحمد نصر العدوي، والشيخ محمد البجيرمي، والشيخ عبد المعطي الشرشيمي وغيرهم من مشاهير علماء الأزهر. ولما أتم دراسة العلوم الأزهرية التحق بالقسم العالي بمدرسة القضاء الشرعي وكانت إذ ذاك تابعة للأزهر ودرس فيها العلوم الشرعية ومختلف العلوم الحديثة كالحساب والجبر والهندسة والطبيعة، وبعد أن أتم مدة الدراسة فيها وهي أربع سنوات تقدم للامتحان لنيل "شهادة العالمية" وقد أدى هذا الامتحان أمام اللجنة العلمية الكبرى وهي لجنة أزهرية عظيمة مؤلفة برئاسة الإمام الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر وعضوية كل من السيد بكري الصدفي مفتي الديار المصرية سابقاً والشيخ عبد الكريم سلمان عضو المحكمة العليا الشرعية والشيخ عبد الرحمن قرَّاعة مفتي الديار المصرية حاليًّا والشيخ أحمد الحنبلي شيخ السادة الحنابلة بالأزهر، والشيخ أحمد هارون عبد الرزاق عضو المحكمة العليا الشرعية فنال الشهادة العالمية بنجاح عظيم وتفوق كبير في صيف سنة 1914م ألف وتسعمائة وأربع عشرة للميلاد ولم يتجاوز الرابعة والعشرون من عمره.

ما وليه المترجم له من الوظائف بعد حصوله على الشهادة العالمية: بعد حصول المترجَم له على شهادة العالمية أخذ يُلقي دروسه العلمية في الأزهر متبرعاً فقرأ شرح السلم للملَّوي في المنطق وكتاب الوليدية في آداب البحث وكتاب المقولات الحكمية في علم الفلسفة بحاشية والده عليها وكتاب ابن مسكويه في الأخلاق وغيرها، واستمر في الدراسة متبرعاً إلى أن عين قاضياً بالمحاكم الشرعية في شهر يونية سنة 1916م ألف وتسعمائة وست عشر للميلاد. ومازال يرقى في القضاء من درجة إلى درجة حتى عين رئيساً لمحكمة الإسكندرية الشرعية في أواخر عام 1941م ألف وتسعمائة وواحد وأربعين للميلاد. ثم عين رئيساً للتفتيش الشرعي بوزارة العدل، ثم انتدب هذه المدة لتدريس الشريعة الإسلامية في قسم التخصص بمدرسة القضاء الشرعي في مدة ثلاث سنوات. ثم صدر مرسوم ملكي آنذاك بتعيينه نائباً للمحكمة الشرعية العليا ولما خلا منصب الإفتاء للديار المصرية بانتهاء مدة فضيلة الأستاذ العلامة الشيخ عبد المجيد سليم عين مفتياً للديار المصرية في عام 1950م ألف وتسعمائة وخمسين للميلاد إلى أن أحيل إلى التقاعد وبعد ذلك أسندت إليه رياسة لجنة الفتوى بالأزهر ولبث فيها مدة طويلة ألف فيها "كتاب المواريث في الشريعة الإسلامية" وهو كتاب جليل قارن فيه بين المذاهب الفقهية وقانون التوريث بأسلوب عصري جميل وشرح فيه قانون المواريث المعمول به في المحاكم الشرعية بمصر وأصدر في هذه المدة تفسيره للقرآن الكريم المسمى "صفوة البيان لمعاني القرآن الذي أتمه في شهر ربيع الأول سنة1375هـ ألف وثلثمائة وخمس وسبعين للميلاد وغير ذلك من المؤلفات المفيدة. هذا والمترجم له عضو في جماعة هيئة كبار العلماء بالأزهر من عام 1948م ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين للميلاد بأمر ملكي صدر بذلك وقد منح كسوة التشريف العلمية من الدرجة الثانية وهو رئيس لمحكمة طنطا الشرعية ثم من الدرجة الأولى وهو مفتي الديار المصرية. ترجمة موجزة لوالد المترجم عنه: أما والده فهو العلامة المحقق الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي

60- الشيخ قويدر الدمشقي العربيلي المقريء.

المالكي أستاذ الأساتذة وشيخ الشيوخ صاحب المؤلفات العديدة والباع الطويل في علوم المعقول والمنقول وكان عضواً بمجلس إدارة الأزهر في عهد مشيختي الشيخ حسونة النواوي والشيخ سليم البشري رحمهما الله تعالى. وهو الذي أنشأ المكتبة الأزهرية أتم إنشاء وأكمله ولم يكن لها قبل وجود كما كان المفتش الأول للأزهر والمعاهد الدينية ثم شيخ الجامع الأحمدي بطنطا والمشرف على معهدي دسوق ودمياط الدينيين ثم المدير العام للأزهر والمعاهد الدينية كلها ثم ضمت إليه وكالة مشيخة الجامع الأزهر واستمر فيها إلى سنة 1915م ثم استمر يلقي دروسه بالأزهر للعلماء والطلاب في علم التوحيد والتفسير وأصول الفقه والفلسفة إلى أن توفي رحمه الله تعالى في إبريل سنة 1936م. وله تاريخ حافل مجيد في إصلاح الأزهر والمعاهد الدينية والنهضة بالتعليم الديني في الديار المصرية وغيرها رحمه الله وأجزل مثوبته. 60- الشيخ قويدر الدمشقي العربيلي المقريء. الشيخ قويدر الدمشقي العربيلي المقريء: هو أبو الحسن عبد القادر أحمد بن سليم قويدر الدمشقي العربيلي المعروف في بلده باسم عبده صمادية عالم جليل في العلوم العربية والشرعية ومقريء متقن وخطيب مفوَّه من أسرة عريقة معروفة بالعلم والفضل. مولد المترجم له: ولد في "عربيل" من غوطة دمشق الشرقية عام 1318هـ ألف وثلثمائة وثمانية عشر من الهجرة النبوية. شيوخ المترجم له: حفظ القرآن الكريم واستظهره وهو صغير السن على أمه وأخته الكبرى حيث كانتا تعلمان القرآن الكريم لأهل بلدة عربيل ثم ذهب إلى شيخ القراء بالشام في وقته الشيخ أبو الحسن عبد الله بن سليم المنجد فأخذ عنه القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر وأتم ذلك عام 1347هـ ثم قرأ بعد ذلك عليه القراءات الصغرى من الشاطبية والدرة وأتم ذلك عام 1348هـ.

ومن آثاره العلمية رسالة اسمها المختصر في علم التجويد مطبوعة. طلاب المترجم له: أقرأ أناساً كثيرين منهم: الشيخ يس الجويجاتي، والشيخ فوزي بن علي المنير، والشيخ محمد بشير الشلاح الخوصي، وهؤلاء الثلاثة أخذوا عن المترجم له القراءات العشر من طريقة طيبة النشر وهم من دمشق الشام. ومن حلب أخذ عنه القراءات العشر من طريق طيبة النشر العلامة المحقق الشيخ نجيب خياطه مقريء حلب وفرضيها والمترجم له في كتابنا هذا. ومن بيروت أخذ عنه القراءات العشر من طريق طيبة النشر العلامة الشيخ حسن دمشقية. ومن حمص أخذ عنه القراءات العشر من طريق الطيبة الشيخ عبد العزيز عيون السود شيخ القراء بحمص والمترجم له في كتابنا هذا. كما قرأ عليه كل من الشيخ حسين خطاب الميداني شيخ القراء بدمشق والشيخ محمد كريم راجح الميداني وقد أخذا عنه القراءات العشر من الطيبة، أما الذين قرأوا عليه رواية حفص عن عاصم فجمع غفير جدًّا لم نذكرهم هنا طلباً للاختصار. وفاة المترجم له: توفي رحمه الله تعالى مساء الخميس الخامس عشر من شهر رمضان المبارك سنة 1369هـ وتمت الصلاة عليه في اليوم التالي بعد صلاة الجمعة السادس عشر من رمضان المبارك سنة 1369هـ وحضر تشييع جنازته جمع من العلماء والوجهاء من دمشق وغيرها من المدن السورية تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته آمين. أفدناه من الأستاذ أبي الخير صلاح بن محمد كرنبه الدمشقي العربيلي ثم المدني برسالة بعث بها إلينا مؤرخة بتاريخ 8 من شعبان سنة 1408هـ أقول وقد تعرفت على بعض تلامذة المترجم له منهم الأستاذ الجليل الشيخ بشير الشلاح جلست معه في الحرم النبوي الشريف وبحثت معه في مسائل في القراءات فكان على قدم راسخة في هذا الفن كما تعرفت على الأستاذ الكبير الشيخ حسين خطاب شيخ القراء بدمشق وبحثت معه كثيراً في مسائل هامة في التجويد والقراءات كما هو مذكور في تقديمه لكتابنا هداية القاري وكان ذلك في المسجد النبوي الشريف

61- أبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير المعروف وغيره.

رحم الله هذين الشيخين رحمة واسعة وأوردهما موارد عفوه آمين. 61- أبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير المعروف وغيره. أبو عبد الله القرطبي صاحب التفسير المعروف وغيره: هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح بإسكان الراء والحاء المهملة الشيخ الإمام أبو عبد الله الأنصاري الأندلسي القرطبي المفسر كان من عباد الله الصالحين والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا المشغولين بما يعنيهم من أمور الآخرة أوقاته معمورة ما بين توجه وعبادة وتصنيف، جمع في تفسيره القرآن كتاباً كبيراً في اثني عشر مجلداً سماه كتاب جامع أحكام القرآن والمبين لما تضمن من السنة وآي القرآن وهو من أجل التفاسير وأعظمها نفعاً أسقط منه القصص والتواريخ وأثبت عوضها أحكام القرآن واستنباط الأدلة وذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ وله شرح أسماء الله الحسنى وكتاب التذكار في أفضل الأذكار وضعه على طريقة التبيان للنووي لكن هذا أتم منه وأكثر علماً وكتاب التذكرة بأمور الآخرة في مجلدين، وكتاب شرح التقصي وكتاب قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكسب والشفاعة لم أقف على تأليف أحسن منه في بابه وله أرجوزة جمع فيها أسماء النبي صلى الله عليه وسلم. وله تآليف وتعاليق مفيدة غير هذه. وكان قد اطرح التكلف يمشي بثوب واحد وعلى رأسه طاقية سمع من الشيخ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي مؤلف المفهم في شرح مسلم بعض هذا الشرح عن أبي علي الحسن بن محمد بن محمد البكري وغيرهما. وكان مستقراً بمنية بني خصيب وتوفي بها ودفن بها في شوال من سنة إحدى وسبعين وستمائة من الهجرة. انتهى بلفظه من كتاب الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب "مالك رضي الله عنه" لابن فرحون ص (317 - 318) .

§1/1