هؤلاء هم خصماؤك غدا

عبد الملك بن قاسم

المقدمة

المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فمع طول الأمل وتتابع الغفلة، وقلة الخوف من الله عز وجل، انتشرت ظاهرة الظلم التي قل أن يسلم منها أحد. ولأهمية تنزيه النفس عن هذا الداء الخبيث الذي يذهب بالحسنات ويجلب السيئات أقدم الجزء الرابع، من سلسلة رسائل التوبة. يختص بالظلم وأنواعه وسبل السلامة منه. أدعو الله عز وجل أن يجعلنا من أهل الجنة ووالدينا، وجميع المسلمين.

مدخل

مدخل الظلم خصلة ذميمة، وعادة قبيحة، ذمها الله عز وجل في كتابه الكريم وعلى لسان سيد المرسلين، وقد حرم الله عز وجل الظلم على نفسه فقال تعالى: {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40] وقال في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" [رواه مسلم]. وقد حرم عز وجل الظلم بين العباد تحريما شديدا، وتوعد الظالمين بعذاب أليم قال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] وقال جلا وعلا: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [البقرة: 270]. وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوقوع في آفة الظلم فقال - صلى الله عليه وسلم - "اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" [رواه مسلم]. والتعبير بالظلمات يدل على التكاثر عند الجزاء والحساب. وقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن الحقوق باقية إذا لم تستوف إلى يوم القيامة حيث موقف القصاص وإعطاء كل ذي حق حقه. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" [رواه مسلم]. قال ابن الجوزي: الظلم يشتمل على معصيتين؛ أخذ مال الغير بغير حق؛ ومبارزة الرب بالمخالفة، والمعصية فيه أشد من

غيرها، لأنه لا يقع غالبا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر. والظلم داع إلى نزول العذاب قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [الزخرف: 65]. ومن شؤم معصية الظلم أن أمده قريب وإن طال، وحسابه عسير وإن تأخر إلى حين. عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود 102] ". ولعظم أمر الحقوق، واستنجاد المظلوم بملك الملوك ومغيث المظلومين، فإن الله عز وجل يسمعها ويجيب دعوة المظلوم قال - صلى الله عليه وسلم -: "اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" [رواه البخاري]. والظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه، وأصله الجور، ومجاوزة الحد، وأشكاله متعددة، وصنوفه متنوعة؛ منها: ظلم الإنسان نفسه، وظلم الإنسان إنسانا آخر، سواء كان مؤمنا أم كافرا ويمتد الظلم ليصل إلى الحيوانات وغيرها.

هؤلاء هم خصماؤك

هؤلاء هم خصماؤك أخي المسلم: وأنت تسير في هذه الدنيا وتسعد بالصحة والعافية ونعمة الأمن ورغد العيش، تأمل في حال أنت تؤمن به وسوف تلاقيه، ألا وهو البعث والجزاء، والحساب والعقاب. والأمر كذلك، فإن ذلك اليوم يوم عظيم، تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. وفي هذا اليوم يبلغ العرق من العباد مبلغا عظيما على حسب أعمالهم قال - صلى الله عليه وسلم - "تدني الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما" (وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى فيه) [رواه مسلم]. اليوم أنت في صحة وعافية، والماء بجوارك ولا يزال عرق الحياة فيك ينبض تصور غدا موقف الحساب. فمن يتقدم إليك ليحاجك عند الله عز وجل؟ من هم خصماؤك غدا؟ وأين أهل الحقوق في تلك الوقفة الحاسمة، سأقدم لك بعضا منهم على عجل وبدون تفاصيل أو ذكر لكثرة الحقوق أو قلتها؛ إنما هو استشراف سريع لأمر ستراه غدا، وإن غدا لناظره لقريب.

قال ابن تيمية رحمه الله: الحسنات كلها عدل، والسيئات كلها ظلم، وأن الله إنما أنزل الكتب وأرسل الرسل ليقوم الناس بالقسط، والقسط والظلم نوعان: نوع في حق الله تعالى كالتوحيد، فإنه رأس العدل، والشرك رأس الظلم، ونوع في حق العباد، إما مع حق الله كقتل النفس أو مفردا كالدين الذي ثبت برضا صاحبه، ثم إن الظلم في حق العباد نوعان: وهو ظلم كمعاملة الربا والميسر [مجموع الفتاوى (20/ 79)]. أخي المسلم: إن موقف القيامة موقف عصيب ومشهد رهيب. قال الحسن: إن الرجل ليتعلق بالرجل يوم القيامة فيقول: بيني وبينك الله، فيقولك والله ما أعرفك. فيقولك أنت أخذت طينة من حائطي، وآخر يقول: أنت أخذت خيطا من ثوبي. وسوف يكون لأصحاب التفريط يوم ندامة وساعة تأوه {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 14] لكن بعد فوات الأوان، وحلول العذاب. قال بلال بن مسعود: ربَّ مسرور مغبون، يأكل ويشرب ويضحك، وقد حق في كتاب الله عز وجل أنه من وقود النار. وقال الحسن رضي الله عنه: ما ظنك بيوم قاموا فيه على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة، لا يأكلون فيها أكلة، ولا يشربون فيها شربة، حتى إذا انقطعت أعناقهم عطشا، واحترقت

أجوافهم جوعًا، انصرف يقصد العصاة والمجرمون إلى النار فسقوا من عين آنية قد آن حرها واشتد لفحها. ولهذا الخوف ومن هذه الساعة العظيمة يراجع المسلم حسابه، ويدقق في ذمته، ويسارع إلى إعادة الحقوق أو استحلال أصحابها، فإن لم تكن في الدنيا فهي في الآخرة. ورحم الله الحسن حيث يقول: المؤمن قوام على نفسه، يحاسبها لله، وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما يشق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة. ورحم الله مالك بن دينار حيث قال: رحم الله عبدا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان قائدا لها.

من أنواع الظلم

من أنواع الظلم أنواع الظلم كثيرة لكن بعضها دون بعض وكلها شر وندامة ومنها: أولا: ظلم الإنسان نفسه، بترك الطاعة واقتراف المعصية قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} [فاطر: 32]. وأعظم أنواع ظلم الإنسان لنفسه، الوقوع في الشرك بالله قال تعالى محذرا من ذلك: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. ثانيا: قتل النفس التي حرم الله وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" [رواه البخاري]. ثالثا: أكل مال اليتامى قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا السبع الموبقات" وذكر منها: ... وأكل مال اليتيم [متفق عليه]. رابعا: أكل أموال الناس بالباطل، وقد كانت الزوجة من السلف الصالح تقول لزوجها إذا خرج إلى عمله، اتق الله، وإياك والكسب الحرام، فإننا نصبر على الجوع والضر، ولا نصبر على النار.

وأكل أموال الناس بالباطل له صور شتى منها: 1 - عدم الوفاء بسداد الدين: فالبعض يقترض الأموال ويحسن المسلمون الظن به، فيدفعون إليه أموالهم التي تعبوا في جمعها، ثم ها هو يسوف في التسديد ويتهرب عن إرجاع المال إلى من أحسن إليه، ولهؤلاء المفرطين أذكرهم بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: عن قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله، تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف قلت؟ " قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك" [رواه مسلم]. ومن أنواع الظلم أيضا عدم تسديد حقوق الناس التي تتم بها المعاملات، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "مطلُ الغني ظلم" [رواه البخاري]. 2 - اغتصاب الأراضي والتعدي على حقوق المسلمين: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال "من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين" [متفق عليه]. 3 - الحلف كذبا لاغتصاب الحقوق: عن أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له

النار، وحرم عليه الجنة" فقال رجل: وإن كان شويئًا يسيرا يا رسول الله؟ فقال: "وإن قضيبا من أراك" [رواه مسلم]. 4 - الرشوة: وقد لعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي، وبعض الموظفين يعطل حاجات المسلمين ويهولها عليهم، ويصعب أمورها حتى يدفع له مبلغا من المال عمولة أو هدية وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا: عن عدي بن عميرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه، كان غلولا يأتي به يوم القيامة" فقام إليه رجل أسود من الأنصار، كأني أنظر إليه، فقال: يا رسول الله أقبل عني عملك، قال: "وما لك؟ " قال: سمعتك تقول كذا وكذا، قال: "وأنا أقوله الآن: من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره، فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهى" رواه مسلم. وعن خولة بنت عامر الأنصارية، وهي امرأة حمزة رضي الله عنه وعنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" [رواه البخاري]. خامسًا: الأخذ من بيت مال المسلمين وأموالهم العامة: وتأمل في حال من خرج للجهاد وأين حاله وكيف مصيره. عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد،

حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلا إن رأيته في النار، في بردة غلها أو عباءة" رواه مسلم. وعن أبي حميد عبد الرحمن بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي فيقول هذا لكم، وهذا هدية أهديت إلي، أفلا جلس في بيت أبيه أو أمه حتى تأتيه إن كان صادقا، والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى، يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر" ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه فقال: "اللهم هل بلغت"؟ ثلاثًا متفق عليه. وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يسر أمور المسلمين ودعا على من شق عليهم فقال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا، فشق عليهم فأشقق عليه، من ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به" رواه مسلم. سادسًا: من أنواع الظلم: إفساد المرأة على زوجها عن طريق العلاقات المحرمة وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من خبب خادما على أهله فليس منا، ومن أفسد امرأة على زوجها فليس منا" رواه أحمد. وكذلك كما ورد في الحديث إفساد الخادم على سيده، وهذا منتشر بين التجار، فما أن يرى أحدهم موظفًا ناجحًا لدى شركة

حتى يسارع إلى الاتصال به وإغراءه بالمال حتى يترك مكانه ويذهب إلى بلاده، ثم يعود لهذا الذي أفسده سابعا: الحلف الكاذب لبيع السلعة والغش فيها: كما نرى في بعض المحلات أو معارض السيارات. ثامنا: عدم الدقة والأمانة في العمل: فتجد الموظف أو الأجير يأخذ حقه كاملا ويؤدي حقه منقوصا وذلك ظلم، قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. تاسعا: ظلم الطلبة والطالبات: وذلك بالتعدي عليهم، شتمًا وتجريحًا أو ضربًا في غير محله، أو إنقاصا لدرجاتهم، وزيادة من لا يستحقه، والكثير يقع في هذا الظلم حين ارتفاع حالة الغضب عنده، والنبي - صلى الله عليه وسلم - حذر من ذلك مرارا، فقد قال له رجل أوصني فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تغضب" رددها مرارا. عاشرًا: نقص المكاييل والموازين: وقد حذر الله عز وجل من ذلك فقال تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] الحادي عشر: عدم تعليم الجاهل ونصحه: فمن حق الجاهل عليك وقد رزقك الله العلم الشرعي أن تعلمه وتدله وتهديه إلى طريق الرشاد. الثاني عشر: عدم أمر من تحت يدك كالزوج والأبناء والخدم بالصلاة واجتناب المحرمات: فإنهم أمانة عنده ومسئول

عنهم لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". الثالث عشر: التأخر في إنجاز معاملات المسلمين: والمماطلة فيها وتضييع وقت الدوام، وترى المراجع يأتي من مسافات بعيدة منفقا ماله ووقته، ثم يجد لا مبالاة من الموظف، وكأنه لم يوضع لخدمة المراجعين والقيام بمصالح المسلمين. الرابع عشر: عدم إعطاء العمال حقوقهم: وهذا من أعظم الظلم فإنهم ما أتوا إلا لأخذ هذا الراتب الزهيد فتركوا الأهل والأوطان، ثم هذا الظالم يستغل ضعفهم وحاجتهم فيؤخر رواتبهم أو يقتص منها دون وجه حق. قال - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة" وذكر منهم ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه، رواه البخاري. وفي الحديث الآخر الشامل قال - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه ... " [رواه الترمذي]. الخامس عشر: عدم العدل بين الزوجات، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة، وشقه مائل" [رواه أبو داود]. السادس عشر: القذف والحديث في أعراض المسلمين قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4].

السابع عشر: البهتان والكذب والغيبة والنميمة: قال - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ... وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم [رواه الترمذي]. الثامن عشر: ظلم الجار: وذلك إما بظلمه وأذيته وقد نهى عن ذلك، الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره" [رواه البخاري] ومن أنواع الأذى تتبع عورته، واقتطاع جزء من ملكه، أو فتح النوافذ على بيته أو إلقاء القمامة أو غيرها. والنوع الثاني من الظلم: عدم أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وترك دلالته على الخير وإهداءه الكتب والأشرطة النافعة. التاسع عشر: ظلم الزوجة بأخذ مالها أو بعضه: من إرث أو مرتب تحت التهديد والوعيد، ودون طيب خاطر، وقد يرى أن سكوتها موافقة، وهي إنما فعلت خوفا من حدوث المشاكل ووقوع الخلافات، وكذلك تحميلها ما لا تطيق، ورميها بفاحش القول، أو الاستهزاء بها ومن هذا أيضًا ظلم الزوجة لزوجها بعدم طاعته أو الخروج بدون أذنه أو رفع الصوت وسبه أو تكليفه ما لا يطيق أو غير ذلك. العشرون: إيذاء المسلمين في الشوارع والطرقات: إما بأذية خلقية كالتعدي على المحارم والنظر إليهم، وإما بأذية أخرى كالسرعة والتجاوز الممنوع وغيره وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والجلوس على الطرقات" فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: "فإذا أبيتم إلا المجالس فاعطوا الطريق حقها" قالوا: وما حق

الطريق؟ قال: "غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر" [رواه البخاري]. الحادي والعشرون: عدم العدل بين الأولاد: خاصة في الوصية، وقد كان السلف يعدلون حتى في القبلة بين أولادهم، وقد طلبت أم النعمان بن بشير من والده رضي الله عنهم أن يهبهم شيئا وأن يشهد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول النعمان، فأخذ أبي بيدي وأنا يومئذ غلام فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا بشير ألك ولد سوى هذا" قال: نعم، قال: "أكلهم وهبت له مثل هذا" قال: لا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تشهدني فإني لا أشهد على جور " (أي ظلم) [رواه مسلم]. ومن ذلك أيضا ظلم الورثة ولهذا حددت الوصية بالثلث فأقل قال - صلى الله عليه وسلم - "الثلث، والثلث كبير أو كثير". الثاني والعشرون: سباب المسلمين وشتمهم قال - صلى الله عليه وسلم - "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" [رواه مسلم]. الثالث والعشرون: الغش للرعية: سواء أكانوا رعية خاصة أم عامة قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" [رواه مسلم]. الرابع والعشرون: ظلم الوالدين فعقوق الوالدين أو التقصير في حقها ظلم من الولد لوالديه والآيات والأحاديث في هذا كثيرة معروفة.

أخي المسلم: قد عرفت هول الميزان وخطره، وأن الأعين شاخصة إلى لسان الميزان: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 6 - 11]. واعلم أنه لا ينجو من خطر الميزان إلا من حاسب في الدنيا نفسه، ووزن فيها بميزان الشرع أعماله وأقواله وخطراته ولحظاته، كما قال عمر رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وإنما حسابه لنفسه أن يتوب عن كل معصية قبل الموت توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصيره من فرائض الله تعالى، ويرد المظالم حبة بعد حبة، ويستحل كل من تعرض له بلسانه ويده وسوء ظنه بقلبه، ويطيب قلوبهم حتى يموت ولم يبق عليه مظلمة ولا فريضة فهذا يدخل الجنة بغير حساب، وإن مات قبل رد المظالم أحاط به خصماؤه فهذا يأخذ بيده، وهذا يقبض على ناصيته. وهذا يتعلق بلببه، هذا يقول ظلمتني، وهذا يقول شتمتني، وهذا يقول استهزأت بي، وهذا يقول ذكرتني في الغيبة بما يسوءني، وهذا يقول جاورتني فأسأت جواري، وهذا يقول عاملتني فغششتني وهذا يقول، بايعتني فغبنتني وأخفيت عني عيب سلعتك، وهذا يقول كذبت في سعر متاعك، وهذا يقول رأيتني محتاجا وكنت غنيا فما أطعمتني، وهذا يقول وجدتني مظلومًا، وكنت قادرا على دفع الظلم عني فداهنت الظالم وما راعيتني.

فبينا أنت كذلك وقد انشب الخصماء فيك مخالبهم وأحكموا في تلابيبك أيديهم وأنت مبهوت متحير من كثرتهم، حتى لم يبق في عمرك أحد عاملته على درهم أو جالسته في مجلس إلا وقد استحق عليك مظلمة بغيبة أو خيانة أو نظر بعين استحقار، وقد ضعفت عن مقاومتهم ومددت عنق الرجاء إلى سيدك ومولاك لعله يخلصك من أيديهم إذ قرع سمعك نداء الجبار جل جلاله {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17] فعند ذلك ينخلع قلبك من الهيبة وتوقن نفسك بالبوار، وتتذكر ما أنذرك الله تعالى على لسان رسول حيث قال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ وَأَنْذِرِ النَّاسَ} [إبراهيم: 42 - 44]. فما أشد فرحك اليوم يتمضمضك الناس ومناولك أموالهم وما أشد حسراتك في ذلك اليوم إذا وقف ربك على بساط العدل وشوفهت بخطاب السياسة وأنت مفلس فقير عاجز مهين لا تقدر على أن ترد حقا أو تظهر عذرا؟ فعند لك تؤخذ حسناتك التي تعبت فيها عمرك وتنقل إلى خصماؤك عوضا عن حقوقهم، قال أبو هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تدرون من المفلس" قلنا المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له، ولا دينار ولا متاع قال: "المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد

شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" فانظر إلى مصيبتك في مثل هذا اليوم إذ ليس يسلم لك حسنة من آفات الرياء ومكايد الشيطان، فإن سلمت حسنة واحدة من مدة طويلة ابتدرها خصماؤك وأخذوها، ولعلك لو حاسبت نفسك وأنت مواظب على صيام النهار، وقيام الليل، لعلمت أنه لا ينقضي عنك يوم إلا ويجري على لسانك من غيبة المسلمين ما يستوفي جميع حسناتك! فكيف ببقية السيئات من أكل الحرام والشبهات والتقصير في الطاعات؟ وكيف ترجو الخلاص من المظالم في يوم يقتص فيه الجماء من القرناء؟ فقد روي أبو ذر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى شاتين ينتطحان فقال: "يا أبا ذر أتدري فيم ينتطحان؟ " قلت: لا، قال: "ولكن الله يدري وسيقضي بينهما يوم القيامة". وقال أبو هريرة في قوله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] أنه يحشر الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء فيبلغ من عدل الله تعالى أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول كوني ترابا، فذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا، فكنت أنت يا مسكين في يوم ترى صحيفتك خالية من حسنات طال فيها تعبك

فتقول: أين حسناتي؟ فيقال: نقلت إلى صحيفة خصمائك. وترى صحيفتك مشحونة بسيئات طال في الصبر عنها نصبك واشتد بسبب الكف عنها عناؤك فتقول: يا رب هذه سيئات ما قارفتها قط؛ فيقال هذه سيئات القوم الذين اغتبتهم وقصدتهم بالسوء وظلمتهم في المبايعة والمجاورة والمخاطبة، والمناظرة والمذاكرة والمدارسة وسائر أصناف المعاملة. قال ابن مسعود: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب ولكن سيرضى منكم بما هو دون ذلك بالمحقرات، وهي الموبقات، فاتقوا الظلم ما استطعتم فإن العبد لجيء يوم القيامة بأمثال الجبال من الطاعات، فيرى أنهن سينجينه، فما يزال عبد يجيء فيقول: رب إن فلانا ظلمني بمظلمة فيقول امح من حسناته فما يزال كذلك حتى لا يبقى له من حسناته شيء، وإن مثل ذلك مثل سفر نزلوا بغلاة من الأرض ليس معهم حطب فتفرق القوم فخطبوا فلم يلبثوا أن أعظموا نارهم وصنعوا ما أرادوا" وكذلك الذنوب، ولما نزل قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30، 31]. قال الزبير: يا رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب، قال: "نعم ليكررن عليكم حتى تؤدوا إلى كل ذي حق حقه" قال الزبير: والله إن الأمر لشديد، فأعظم بشدة يوم

لا يسامح فيه بخطوة ولا يتجاوز فيه عن لطمة ولا عن كلمة حتى ينتقم للمظلوم من الظالم قال أنس: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يحشر الله العباد عراة غبرا بهما" قال: قلنا: ما بهما؟ قال: "ليس معهم شيء، ثم يناديهم ربهم تعالى بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عليه مظلمة حتى أقتصه منه، ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة عنده مظلمة حتى أقتصه منه حتى اللطمة" قلنا: وكيف وإنما نأتي الله عز وجل عراة غبرا بهما فقال: "بالحسنات والسيئات" فاتقوا الله عباد الله الصالحين، واحذروا مظالم العباد بأخذ أموالهم، والتعرض لأعراضهم، وتضييق قلوبهم، وإساءة الخلق في معاشرتهم، فإن ما بين العبد وبين الله خاصة فالمغفرة إليه أسرع ومن اجتمعت عليه مظالم وقد تاب عنها وعسر عليه استحلال أرباب المظالم فليكثر فعساه يقربه ذلك إلى الله تعالى فينال به لطفه الذي ادخره لأحبابه المؤمنين في دفع مظالم العباد عنهم. فتفكر الآن في نفسك إن خلت صحيفتك عن المظالم أو تلطف لك حتى عفا عنك وأيقنت بسعادة الأبد: كيف يكون سرورك في منصرفك من مفصل الفضاء، وقد خلع عليك خلعة الرضا، وعدت بسعادة ليس بعدها شقاء، وبنعيم لا يدور بحواشيها الفناء؟ وعند ذلك طار قلبك سرورا وفرحا، وابيض وجهك، واستنار وأشرق كما يشرق القمر.

كيف هو المخرج

كيف هو المخرج؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتدرون ما المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام ولا زكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار" [رواه مسلم]. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" [متفق عليه]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه، من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" [رواه البخاري]. قال الحسن: يا ابن آدم ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة. وقال أحمد بن عاصم: هذه غنيمة باردة أصلح ما بقي من عمرك يغفر لك ما مضى. وقال رجل لوهيب بن الورد: عظني؟ فقال: اتقي أن يكون الله أهون الناظرين إليك.

وقالت عائشة رضي الله عنها أقلوا من الذنوب، فإنكم لن تلقوا الله عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب. قال: إبراهيم بن أدهم: من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة الناس، وإلا لم ينل ما يريد: أخي المسلم: أما والله إن الظلم شؤم ... ولا زال المسيء هو الظلوم إلى الديان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم ستعلم في الحساب إذا التقينا ... غدا عند المليك من الملوم ستنقطع اللذة عن أناس ... من الدنيا وتنقطع الهموم لأمر ما تصرمت الليالي ... لأمر ما تحركت النجوم سل الأيام عن أمم تقضت ... ستنبيك المعالم والرسوم تروم الخلد في دار الدنايا ... فكم قد رام غيرك ما تروم تنام ولم تنم عنك المنايا ... تنبه للمنبه يا نؤوم لهوت عن الفناء وأنت تفنى ... فما شيء من الدنيا يدوم تموت غدًا وأنت قرير عين ... من الشهوات في لجج تعوم

الخاتمة

الخاتمة أخي الحبيب: قال - صلى الله عليه وسلم - "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء، فليتحلله من اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" [رواه البخاري]. وتأمل في حال أهل العدل، وأين منزلتهم قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الؤين يقولون في حكمهم واهلم وما ولوا" [رواه مسلم]. وأثر العدل واضح على الفرد والمجتمع والدول، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28/ 146). إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة.

§1/1