نوادر الفقهاء

محمد بن الحسن الجوهري

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين حدثنا الشيخ القاضي أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد المازري البغدادي رضي الله عنه قال: حدثنا القاضي أبو بكر الفقيه المالكي محمد بن الحسن قال: قال محمد بن الحسن التميمي الجوهري نسأل الله عصمته وتوفقيه فإنه لا توفيق إلا به- أما بعد: فإن الإجماع من الأمة، والاتفاق من أهل القبلة حجة من حجج الله عز وجل على خلقه، ومنار يدل على حقه، يقوم مقام الكتاب والسنة وما أخذناهما عنهما في الجملة , فيجب إذا قام هذا المقام الذي ذكرنا, ولا رَدّوه مَنْ خَبَرْنَا, أن يكون وجود الإجماع في مسألة, والاتفاق / في نازلة يمنع الاعتداد بقول يخرج عنه, ويجب إسقاطه من حكم من أخذ عنه, إذ لو جاز الاعتداد بذكره, والحكم به على أهل عصره (وإلا به) والإجماع فقد تقدمه بالخلاف, والاتفاق ثابت بالائتلاف, لما ثبتت حجة الإجماع في مسألة إلا بعد انقراض الدنيا وذهاب أهل الفتيا, حتى لا يوجد مخالف يحدث, ولا يتوهم منازع يبحث, وفي ذلك سقوط حجة الإجماع, وبطلان وجوبه عند الانتزاع, وفي فضوح فساد ذلك من القول, ودحوض عليه في العقل, ثبوت

ما أصلناه ووجوب ما قدمناه, في (منع) ذوي الفتيا من الاعتداد بقول يخرج عن الإجماع المتقدم من أقوال العباد, وإن كان/ عن اجتهاد قاله, وبعد الفحص تقلده, لأن الاجتهاد إنما يجب على العلماء, وليلزم حُذَّاق الفقهاء إذا لم يكن في النازلة اتفاق على حكم ولا حقيقة من علم, وإذ قد ثبت مذهبنا فيها بعد إقامة الدليل على مرادنا منها فلنصف الآن من مسائل الفقه ما وصل إلينا وقدرنا عليه من الأقوال النادرة عن الإجماع على خلافها, ليكون مَن عَلِمَه على حقيقة من أمره وهداية في حكمه, وليهلك من هلك عن بينة, ويحيى من حَيَّ عن بينة, فأول ما أذكر من ذلك مسائل الطهارة على النحو الذي ذكرت من هذه الرسالة, ثم أتبعها بما يشاكلها من الفقه إلا كمال فنونه. وبالله توفيقي وعليه أتوكل.

باب الطهارة

((باب الطهارة)) / [1/ 1]- أجمع الفقهاء بجملتهم, والعلماء بكليتهم, أن موت الذباب في

الماء الطاهر لا ينجسه, إلّا محمد بن ادريس الشافعي فإنه قال في إحدى روايتين عنه: إن ذلك قد نجسه إذا كان الماء قليلًا. [2/ 2]- وأجمعوا أن من احتجم فعليه غسل موضع خروج الدم عن الشرط وما جاوزه مما تلطخ بالدم, فإنه لا يجزئ مسحه منه, وإن مسحه

وصلى أمر بغسله وإعادة صلاته, إلا الليث بن سعد المصري, فإنه أجاز له مسحه وصلاته. [3/ 3]- وأجمعوا أن النوم حال الاضطجاع يوجب الوضوء, إلّا الأوزاعي فإنه أمره به استحبابًا لا إيجابًا.

[4/ 4]- وأجمعوا أن من خرج من جرح بجسده دود ولا بلة لها لم تنتقض طهارته لذلك, إلّا الأوزاعي فإنه قال: _في إحدى الروايتين عنه_ إن ذلك ينقضها.

[5/ 5]- وأجمع / الصحابة أن أكثر مدة الإنفاس إذا لم ينقطع الدم أربعون يومًا, وإنما جاء الخلاف من بعدهم.

[6/ 6]- وأجمعوا أن وطء المستحاضة مباح غير محظور, إلا إبراهيم بن عُلَيَّة فإنه منع منه وحظره.

[7/ 7]- وأجمعوا أن من تيمم على بعض وجهه أو بعض يديه لم يجزه إن صلى به, إلا أن أبا حنيفة رضي الله عنه فإنه قال: _ في إحدى روايتين عنه_ يجزئه ذلك. [8/ 8]- وأجمعوا أن المتيمم يبدأ بوجهه في تيممه (فيمسحه, ثم بيديه فيمسحهما, ولا يمسح في تيممه) على العضدين, إلا الزهري فإنه

قال: تيمم إلى الآباط من أسفل وإلى المناكب من فواق. [9/ 9]- وأجمعوا أن من تيمم بغير نية أن يصلي به أن ذلك (لا) يجزئه, إلّا الحسن بن صالح فإنه قال: ذلك يجزئه أن يصلي به.

[10/ 10]- وأجمعوا أن من أخذ ترابًا من الأرض فجعله على لوح أو على ثوب فتيمم به للصلاة/ أنه يجزئه, إلّا الحسن بن زياد قال: لا يجزئه إلا إن تيمم على الأرض, ولا يجوز إن تيمم بتراب أخذ من الأرض وجعل على غيرها. [11/ 11]- وأجمعوا سواه أن من تيمم على ثوب أجزأه إذا استثار غباره على اليد, إلا أبا حنيفة رضي الله عنه فإنه قال: يجزئه وإن لم يستثر الغبار.

باب الصلاة

2 - ((باب الصلاة)) [12/ 1]- وأجمع الفقهاء (أن المأموم) يقول_ بعد قول الإمام عند القيام

من الركوع سمع الله لمن حمده_: ربنا ولك الحمد, أو: ربنا لك الحمد بلا واو, وأنه لا يقول كما قال الإمام: ((سمع الله لمن حمده)) , إلا الشافعي فإنه أمره أن يقول كذلك قبل قوله: ((ربنا ولك الحمد)). [13/ 2]- وأجمعوا أن الإمام إذا خطب للجمعة خطبة لا جلوس فيها أجزأته صلاة الجمعة على ذلك, إلا الشافعي رضي الله عنه/, فإنه قال: لا تجزئه صلاة الجمعة إلا أن يخطب فيها خطبتين فيها جلسة وإن قلَّت.

[14/ 3]- وأجمعوا أن من أدرك ركعة من ركعتي صلاة الجمعة ولم يدرك الأولى, أنه لم يأت والإمام فيها, أو لأنه كان حاضرًا فمنعه من التكبير مع الإمام قبل فراغه من الركعة الأولى مانع, أنه يضيف إلى تلك الركعة (التي) أدرك مع الإمام أخرى ويجزئ من الجمعة, إلا عطاء بن أبي رباح فإنه قال: لا تجزئ أحدًا أدرك مع الإمام بعد فراغه من الخطبة صلاته من الجمعة ولكن يصلي وحده ظهرًا أربعًا. [15/ 4]- وأجمعوا أن من خاف على عسكر من العدو أن يصلي صلاة

الخوف, وإن اختلفوا في كيفية صلاته ذلك, إلّا أن أبا يوسف رضي الله عنه/, فإنه قال في إحدى روايتين عنه: لا يجوز لأحد أن يصلي صلاة الخوف بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [16/ 5]- وأجمعوا أن من صلى ركعتي الفجر, ثم دخل مسجدًا ليصلي مع أهله, لا يركع قبل أن يجلس, إلا مالكًا فإنه أباحه ذلك. [17/ 6]- وأجمعوا أن من سها في صلاته فسلم (بعد) اثنتين في الصلاة ثلاث ركعات أو أربع أنه يجزئ بعد فراغه من الصلاة ساجدًا لسهوه,

ويجزئه من ذلك سجدتان, إلا الشافعي رضي الله عنه, فإنه قال: لا سجود عليه لشيء من الذكر على حال, وإنما يجوز السجود في الفعل خاصة. [18/ 7]- وأجمعوا أن من فاته تكبيرة أو أكثر منها من تكبير الصلاة على الجنازة فقضاها بعد فراغ الإمام من صلاته قبل رفع الجنازة أن ذلك يجزئه,/ إلا الأوزاعي وربيعة بن (أبي) عبد الرحمن قالا: يسلم ولا يأت به.

[19/ 8]- وأجمعوا أنه لا يقال في الأذان لصلاة العشاء الآخرة ((الصلاة خير من النوم)) , إلّا الحسن بن صالح فإنه أمر بذلك. [20/ 9]- وأجمعوا أنه لا سهو على المأموم فيما سها به خلف الإمام, إلّا الليث فإنه أمره بسجدتي السهو لذلك.

[21/ 10]- وأجمعوا أنه من ذكر صلاة حضر في سفر صلاها صلاة حضر, إلا عبيد الله بن الحسن العنبري, فإنه قال: يأتي بها صلاة سفر. [22/ 11]- وأجمعوا أن المصلي إن ترك الصلاة على محمد - صلى الله عليه وسلم - في صلاته, ناسيا أو عامدًا, أنه في النسيان معذور, وفي العمد مذموم, والصلاة تجزئ عنه فيهما جميعًا, إلا الشافعي رضي الله عنه فإنه قال: / إذا ترك

الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته, أو صلى عليه قبل التشهد الآخر منها لم يجزه. [23/ 12]- وأجمعوا أنه إذا رفع رأسه من آخر سجدة من الركعة الأولى أو الثالثة من صلاة هي أربع ركعات من صلاة هي أربع ركعات, نهض قائمًا ولم يجلس إلّا الشافعي رضي الله عنه, فإنه استحب كجلوسه في التشهد ثم ينهض إلى القيام.

باب الزكاة

3 - ((باب الزكاة)) [24/ 1]- وأجمع الفقهاء أن ما زاد على الثلاث المائة من الغنم وإن كثر إذا قصر عن تمام مائة رابعة فلا شيء فيه غير الثلاث الشياه الواجبة للثلاث المائة حتى يتمم أربعمائة, فإذا تمت كان فيها أربع شياه, وكذلك فيما هو أكثر من ذلك, لا يجب زيادة شاة في الصدقة إلا بزيادة/ مائة على العدة, إلّا الحسن بن صالح بن حي الكوفي رضي الله عنه, فإنه (قال): إذا زادت الغنم على ثلاثمائة شاة كان فيها أربع شياه, وكذلك فيما هو أكثر (من) ذلك, كلما زادت على مائة شاة واحدة زد في الزكاة شاة أخرى والله أعلم.

باب زكاة الفضة

4 - ((باب زكاة الفضة)) [25/ 1]- وأجمعوا أن الدراهم إذا زادت على المائتين أربعين درهمًا ففيها كلها ربع عشرها إذا حال حولها, إلّا ابراهيم بن إسماعيل بن علية, فإنه قال: لا شيء في تلك الدراهم غير خمسة دراهم حتى يكون الزيادة على المائتين مائتين فيكون فيها كلها ربع العشر جميعًا, وقد قيل: إن ذلك يروى عن طاوس رضي الله عنه.

[26/ 2]- وأجمعوا أن الذمي لا يعطى / من زكاة الأموال ولا من عشور الأرضين وإن لم يوجد مسلم, إلّا عبيد الله بن الحسن العنبري رضي الله عنه فإنه أجاز إعطاءه منها إذا لم يكن في البلد المعطي مسلم. [37/ 3]- وأجمعوا أن أخذ الصدقة التطوع حلال لبني هاشم جد محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - , إلا أحمد بن محمد الأزدي رضي الله عنه فإنه منع من ذلك.

[28 - 4]- وأجمعوا أن الزكاة حلال أخذها لبني المطلب بن عبد مناف إذا كانوا من أهل الزكاة, إلّا الشافعي رضي الله عنه -وهو منهم- فإنه منع من ذلك. [29/ 5]- وأجمعوا أن من ابتاع فاكهة للتجارة ومرّ بها على العاشر أنه يأخذ زكاتها, إلّا أبا حنيفة رضي الله عنه فإنه قال: لا يأخذ/ منها زكاة.

[30/ 6]- وأجمعوا أنه لا زكاة في شيء من البقر حتى تبلغ ثلاثين, فإذا تمت ثلاثين ففيها تبيع, إلا قتادة ومن وافقه فإنه قال: في خمس من البقر شاة. والله أعلم.

باب الصيام والاعتكاف

5 - ((باب الصيام والاعتكاف)) [31/ 1]- وأجمع الفقهاء في الصدر الأول, أن من جامع في نهار رمضان

وهو صحيح ولا علة به ولا حجة له تبيح الإفطار, عامدًا بِجِماعِهِ فيه, أن عليه مع القضاء لذلك اليوم عتق رقبة إن كان لها واجدًا, إلا إبراهيم النخعي رضي الله عنه وسعيد بن جبير فإنهما قالا: لا كفارة عليه. [32/ 2]- وأجمعوا سواهما أن ذلك المجامع إذا لم يجد رقبة أطعم ستين مسكينًا, إلا الحسن البصري/ رضي الله عنه, فإنه قال: إذا لم يجد رقبة أهدى هديًا إلى مكة.

[33/ 3]- وأجمعوا سواهما أن ذلك المجامع إذا لم يجد إطعام ستين

مسكينًا - أو لم يجد الهدي على قول الحسن رضي الله عنه - صام شهرين متتابعين لا يجزه به مفترقين, إلا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه, فإنه قال: إن صامهما مفترقين أجزناه. [34/ 4]- وأجمعوا سواهما أن المرأة إذا جومعت وهي صائمة في رمضان

بلا عذر, ولا علة بها مع ذلك, وهي مطاوعة, فعليها من الكفارة ما على الأول الذي ذكرنا, إلا الأوزاعي ثم الشافعي رضي الله عنهما فإنهما قالا: كفارة واحدة تجزئ عنهما. [35/ 5]- وأجمعوا سواهما/ أنه إذا لم يجد رقبة وعجز عن الصوم ولم

يجد الإطعام, فإنه دَين عليه إلى ميسرته, إلا الأوزاعي رضي الله عنه, فإنه قال: قد سقطت عنه بفقره. [36/ 6]- وأجمعوا أن أيام التشريق لا ينبغي أن تصام عن نذر, إلّا الليث بن سعد رضي الله عنه, فإنه أباح ذلك فيها. [37/ 7]- وأجمعوا أن أكل أو شرب في نهار رمضان عامدًا وهو على الصفة التي ذكرناها قبل هذه المسألة فعليه مع القضاء الكفارة, إلّا الشافعي

رضي الله عنه, فإنه قال: لا كفارة عليه. [38/ 8]- وأجمعوا أن للزوج أن يمنع زوجته من الاعتكاف, وإن دخلت فيه كان له أيضًا إخراجها منه, إلّا الأوزاعي رضي الله عنه فإنه قال: ليس له إخراجها منه بعد دخولها فيه.

[39/ 9]- / وأجمعوا أن الحامل إذا خافت من الصوم على حملها أفطرت وقضت ولا كفارة عليها في ذلك, وإن اختلفوا في المستحب منه, إلّا الشافعي رضي الله عنه فإنه قال: _ في إحدى روايتين عنه_ عليها الكفارة.

باب المناسك

6 - ((باب المناسك)) [40/ 1]- وأجمع الفقهاء أن التطوع بالحج عن الموتى جائز بل يستحسن, إلا مالك بن أنس رضي الله عنه فإنه كرهه, وكذلك كرهه عن الحج للكبير وأن يحج بالصبي.

[41/ 2]- وأجمعوا أنه لا ينبغي لأحد أحرم بحجة أن يضيف إليها عمرة قبل

فراغه من الحجة, إلّا الأوزاعي رضي الله عنه فإنه أباحه ذلك. [42/ 3]- وأجمعوا أن من جاوز الميقات يريد الحج قبل أن يحرم / فَأُمِرَ بالرجوع إلى الميقات, فرجع إليه فلبى منه وأحرم, لم يكن عليه غيره إلّا زفر بن الهذيل رضي الله عنه فإنه قال: عليه دم وإن رجع وَلَبَّى.

[43/ 4]- وأجمع الصحابة رضي الله عنهم أن الإحرام قبل بلوغ الميقات مباح, لا, بل يستحسن. [44/ 5]- وأجمع الفقهاء أن من أراد (الحرم) ومنزله قبل المواقيت إلى الآفاق, أو بعدها إلى مكة, (فلا) ينبغي له أن يدخل مكة إلّا محرمًا, إلّا محمد بن شهاب الزهري رضي الله عنه فإنه أباحها ذلك غير محرمين.

[45/ 6]- وأجمعوا أن الكوفي وغيره من المقيمين بمكة من غير أهلها ألا يحرموا بالعمرة من مكة, وإنما الإحرام بها من الجِلّ إلى موضع من الحِلّ

شيئاً، إلا الحسن بن صالح رضي الله عنه/ فإنه قال: لا ينبغي له أن يحرم بها إلا من ميقات أهل بلده الذي عنه خرج إلى مكة. [46/ 7]-وأجمعوا أن من سب رجلا وهما محرمان استغفر الله عز وجل من ذلك، ولا كفارة عليه، ولا دم عليه، إلا الأوزاعي رضي الله عنه فإنه أوجب عليه دما يهريقه. [47/ 7]-وأجمعوا على استحباب رفع الصوت بالتلبية للمحرم بالليل والنهار، على الأكمام، وفي الصحراء، وعلى كل شرف، وفي كل واد وعند الركوب إذا استوى به البعير قائماً، إلا مالك بن أنس رضي الله عنه فإنه كره له ذلك في المسجد الحرام وفي منى.

[48/ 9]-وأجمعوا أنه لا ينبغي أن يرمي الحجار بأكبر من حصى الخذف إلا مالك بن أنس رضي الله عنه وعبدالله العزيز بن أبي سلمة الماجشون/ قالا: يستحب أكبر من ذلك.

[49/ 10]-وأجمعوا أنه من رمى جماراً من الحاج في اليوم الأول من أيام منى وفي الثاني منها قبل الزوال لم يجزه، إلا أحمد بن محمد الأزدي الطحاوي رضي الله عنه فإنه قال: يجزئه.

[50/ 11]-وأجمعوا سواء أن من رماها يوم الثالث من تلك الأيام قبل الزوال أيضا لم يُجزِه، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: له ذلك مباح. [51/ 12]-وأجمعوا أنه من أوصى أن يحج عنه بثلث ماله فكان الحكم فيه أن يحج به عنه من بلد الذي مات فيه إذا الثلث لا يبلغ من يحج به عنه أن يحج به عنه من بلد يبلغ من حج به منه إلى حجه، إلا سوار بن عبدالله العنبري رضي الله عنه، فإنه قال: يعان بثلث ماله في حج.

[52/ 14]-وأجمعوا/ أن دم المتعة واجب بدخول المتعة في الجمعة بعد قضاء العمرة، إلا عطاء بن أبي رباح فإنه قال: لا يجب عليه الدم للمتعة حتى يقف بعرفة مع الناس. [53/ 14]-وأجمعوا أن إشعار البُدن حَسَن، لا، بل جعله بعضهم

من النسك، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه فإنه كرهه. [54/ 15]-وأجمعوا أن الجذع من الإبل والبقر والمعز لا يجزئ في الهدايا ولا في الضحايا، إلا الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه قال: هو يجزئ فيهما.

[55/ 16]-وأجمع الصحابة رضي الله عنهم أن على الدال والمشير إلى الصيد من المحرمين الجزاء إذا قتله المدلُّون أو المشار إليه وهو محرم أو في الحرم.

باب الصيد والذبائح والضحايا

7 - (باب الصيد والذبائح والضحايا) [56/ 1]-وأجمع الفقهاء أن من أرسل جارحه إلى صيد ولم يسم الله/ عز

وجل ناسياً، وأخذ الجارح فقتله بجراحه منها، أخذه مرسله وسمى الله عز وجل عند أكله، إلا مكحولا الدمشقي رضي الله عنه، فإنه منع من أكله. [57/ 2]-وأجمعوا أن من أرسل بازياً أو صقراً على صيد فأخذه فجرحه

فقتله وأكل منه، أكل مرسله بقيته، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه منع من أكله لعلة أكل الطير منه. [58/ 3]-وأجمعوا أن صيد الكتابي حلال للمسلم، مالم يسمّ عند إرسال

الجارح المسيح أو العزير، إلا مالك بن أنس رضي الله عنه، فإنه منع من أكل صيد الكتابي، وخالف بينه وبين ذبيحته. [49/ 4]-وأجمعوا أن ذبيحة الكتابي حلال المسلم، وسواء دان بدينه ذلك واحد من آبائه قبل نزول القرآن أو بعده/ إلا الشافعي رضي الله عنه فإنه لم يجز من ذبائحهم إلا ذبائح من دان منهم أو أحد من آبائهم (قبل نزول القران، وأما من دان منهم أو أحد من آبائهم) بعد نزول القرآن، فإنه لا يبيح للمسلم ذبيحته. [60/ 5]-وأجمعوا أن ذبيحة الغلام الكتابي إذا عقل الذبيحة مباح إذا كان

أبوه كتابيا ً- وإن كانت أمه مجوسية-إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه منع من أكل ذبيحته لِتمجّس أمه. [61/ 6]-وأجمعوا أن ذبيحة المرتدين حرام على المسلم، إلا الأوزاعي رضي الله عنه فإنه أحلها، واعتل بقول عز وجل: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}، فدلنا هذا أنه من أراد من المرتدين من ارتد إلى مكة يحل ذبائح أهلها فعادت استدللت به ذبائح المرتدين إلا المجوسية حرام باتفاق وذبائح من ارتد إلى غيرها/ من النصرانية واليهود شذوذ من الأوزاعي رضي الله عنه في تحليلها.

[62/ 7]- وأجمعوا أن من نحر مما حكمه الذبح أُكِل، إلا مالك بن أنس رضي الله عنه، فإنه قال: إذا نحرت الغنم والطير لم يجز أكلها. [63/ 8]-وأجمعوا أن حكم البقر الذبح لا النحر، إلا مجاهد بن جبر المكي والحسن بن صالح الكوفي رضي الله عنهما، فإنهما قالا: حكمها أن تنحر ولا تذبح، وهذا خلاف نص القرآن. [64/ 9]- وأجمعوا أن الضحية في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة غير جائز إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه أباحها كما في الأيام قبله.

[65/ 1]- وأجمعوا أن البقرة والناقة تجزئ عن سبعة مضحين، وسواء كانوا من أهل بيت واحد أو بيوت كثيرة، إلا مالك/ بن أنس رضي الله عنه، فإنه قال: إن كانوا أهل بيت واحد أجزتهم وإلا لم تجزهم.

[66/ 11]- وأجمعوا أن الوحشي من الظِّباء إذا ألف وأنِس لم يجز في الضحية، إلا الحسن بن صالح رضي الله عنه أجاز أن يضحَّى به.

باب النكاح

(باب النكاح) [67/ 1]- وأجمع الفقهاء في العصر الأول أن من زنا المرأة لا يبطل نكاح

زوجها عنها، إلا الحسن بن أبي الحسن البصري رضي الله عنه، وإبراهيم النخعي رضي الله عنه، فإنهما قالا: إذا زنت المرأة قبل دخول زوجها عليها بطل نكاحها عنها. [68/ 2]- وأجمعوا أن الصبي إذا وجد لبن امرأة فشربه حرمت تلك المرأة على ذلك الصبي أن يتزوجها، إلا الليث بن سعد رضي الله عنه، فإنه قال: لا يُحَرّم من اللبن إلا ما أخذه الصبي بمصّه/ من ثدي.

[39/ 3]-وأجمعوا أنه من أقر في امرأته أنه أخته من الرضاعة، أرضعته وإياها امرأة، ففرق بينهما، ثم قال: وهمت وأخطأت وكذبت فيما ذكرت، لم يقبل قوله، ولا يتزوجها أبدا، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه صدقه استحسانا. [70/ 4]- وأجمعوا أن ولي المرأة إذا غاب غيبة متصلة كان للذي هو ولي لها لو كان ميتا أن يتولاه لها، إلا زفر بن الهذيل رضي الله عنه فإنه قال: لا يليه والغائب حي أبداً.

[71/ 5]-وأجمعوا أن تزويج الصغيرة جائز عليها إلا عبدالله بن شبرمة رضي الله عنه، فإنه قال: لا يجوز نكاح صغيرة على حال.

[72/ 6]-وأجمعوا أن الوكالة بالنكاح مبيحة للموكّل بالنكاح أن يعقده، وأن الأحسن والأحوط له الإشهاد على المرأة/ بالوكالة، إلا الحسن بن صالح رضي الله عنه، فإنه قال: لا يجوز له عقدة لها إلا أن تكون المرأة أشهدت له على ذلك شاهدين. [73/ 7]- وأجمعوا أن من قال لرجل: قد زوجتك ابنتي أو وليتي فلانة بألف درهم إن جئتني بعبدي الآبق إلى شهرين، وأشهد على ذلك شهوداً،

ثم جاءه فيا ذكر قبل مضي الشهرين، أن تلك عدة إن وفَى بها فحسن وإلا لم يجبر عليها، إلا الليث بن سعد رضي الله عنه، فإنه قال: ذلك نكاح صحيح ثابت بالإشهاد الأول إذا أتاه بالآبق قبل مضي الأجل. [74/ 8]-وأجمعوا أن من تزوج من المسلين امرأة حربية، ثم سبيت لم يكن له عليها سبيل، إلا الليث بن سعد رضي الله عنه، فإنه قال: هو أحق بها بقيمتها. [75/ 8]- وأجمعوا أن من تزوج من المريض من الصحيحة أو المريضة، أو تزويج المريضة/ من المريض أو الصحيح جائز، إلا مالكا رضي الله عنه أبطله.

[76/ 10]- وأجمعوا أن الذمي لا يلي نكاح ابنته المسلمة، ولا يلي المسلم نكاح ابنته الذمية إلا عبدالله بن وهب رضي الله عنه، فإنه وافق في الأول وخالف في الثاني، فجعل المسلم ولي ابنته الذمية. [77/ 11]- وأجممعوا أن من تزوج امرأة إلى أجل بدراهم ذكرها-وتلك

المتعة المنهي عنها- أن ذلك لا يلزمه بعد مضي الأجل، إلا زفر بن الهذيل رضي الله عنه، فإنه جعله نكاحاً صحيحا إذا حضره شاهدان ذوا عدل. [78/ 12]- وأجمعوا أن من تزوج امرأة من غير صداق ذكره أن النكاح

ثابت عليه، دخل بها عليه أو لم يدخل، إلا مالك بن أنس رضي الله عنه، فإنه قال: يفسخ قبل الدخول بها. [79/ 13]- وأجمعوا أن الزوجة إذا أباحث للزوج/ الدخول عليها قبل

قبضها عاجل الصداق، ثم أرادت منعه من الدخول بعد ذلك حتى تقبضه، لم يكن لها ذلك وأجبرت على المقام بعده، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه جعله من حقها. [80/ 14]- وأجمع الصحابة رضي الله عنهم أن الرجل إذا خلا بزوجته،

وأغلق باباً، وأرخى سترا، ولا حائل بين جماعه لها من عبادة ولا غيرها، وأمكنته من ذلك فلم يفعل، فقد وجب عليها جميع صداقها. [82/ 16]- وأجمعوا أن الأب/ إذا زوج ابنه الصغير على صداق ولا شطط

فيه جاز على الابن، والمهر على الابن دون الأب، إلا الحسن بن صالح رضي الله عنه، فإنه جعله على الأب دون الابن. [83/ 17]- وأجمعوا أن المولى إذا خلى بين أمته وزوجها حتى بوّأهما بيتا فانقطعت عن خدمة مولاها، كانت نفقتها وكسوتها على الزوج دون المولى، إلا الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه قال: الكسوة على الزوج والنفقة على المولى.

باب الطلاق

(باب الطلاق) [84/ 1]- وأجمع الفقهاء أن من طلق امرأته وهي حائض أمر بالرجعة ولم يجبر عليها، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه أجبره عليها لها.

[85/ 2]- وأجمعوا أن المطلق طلاقا رجعيا إذا جامع زوجته في عدتها منه، وأراد بذلك رجعتها كان بذلك مراجعاً، وأمر ألا يجامعها/ بعد ذلك حتى يشهد على المراجعة، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: ليست تلك مراجعة. [86/ 3]- وأجمع أهل العصر الأول أن المرأة المطلقة ثلاثاً لا تحل للزوج

المطلق لها ذلك الطلاق إلا بعد خروجها من عدتها منه، وبعد زوج يجامعها، ثم يطلقها وتنقضي عدتها منه، ثم يراجعها الأول، إلا سعيد بن المسيب رضي الله عنه، فإنه قال: تحل للأول وإن لم يجامعها الثاني على نكاحه. [87/ 4]- وأجمعوا أن من خير امرأته فاختارت فراقه طلقت، ولا يرجع

إلى نية الزوج إن كان لم يرد به طلاقا، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه رجع إلى نيته في ذلك، ولم يلزمه بع الطلاق إذا لم ينوه. [88/ 5]-وأجمعوا أن من قال لزوجته أنت طالق ثلاثاً إن دخلت هذه الدار، أو غير ذلك/ مما يجوز الحلف عليه بالطلاق، أو حلف على نفسه في

ذلك بالطلاق الذي ذكرنا، أو حلف بذلك لتفعلن شيئاً أو ليفعله هو، فطلقها واحدة يملك الرجعة أو ثانية، ثم لم يفعل ذلك الذي ذكره، ثم راجعها، ثم فعل هو أو فعلته إن حلف ألا تفعله هي، أو لم تفعل إن كان حلف لتفعله أو ليفعلنه هو، حتى مضَى الوقت الذي وقته، طلقت عليه باليمين الأول، إلا الشافعي رضي الله عنه فإنه قال: لا تطلق أبداً، لأن النكاح الجديد لا تعمل فيه إلا يمين جديدة فيه. [89/ 6]- وأجمعوا أن ذلك الرجل لو كان طلق امرأته تلك ثلاثا، ثم فعل ما حلف ألا يفعله، أو فعلت هي ما حلف/ عليها ألا تفعله، ثم راجعها بعد زوج لم يعد عليه اليمين أبداً، لأن طلاق الملك الأول قد ذهب كله، إلا

حماد بن أبي سليمان، ثم زفر بن الهذيل رضي الله عنهما، فإنهما قالا: يعود اليمين عليه أيضا. [90/ 7]-وأجمعوا أنه من قال: إحدى نسائي طالق، فقد لزمه الإيقاع أو اليمين على ما تختلف الفقهاء فيما يقال من ذلك، إلا داود بن علي الأصبهاني رضي الله عنه، فإنه قال: لا يلزمه شيء من الطلاق لأن المرأة بغير عينها. [91/ 8]-وأجمعوا سواء أن ذلك الرجل وإن لم ينو واحدة منهن بعينها أنهن لا يطلقن عليه جميعاً، إلا مالك بن أنس رضي الله عنه، فإنه قال: هن طوالق جميعاً.

[92/ 9]-وأجمعوا/ أن المطلقة إذا خرجت من الحيضة الثالثة، واغتسلت منها حلت للزواج، إلا الزهري رضي الله عنه، فإنه قال في امرأة طلقت في بعض طهر أنها تعتد ثلاثة أطهار سوى ذلك الطهر، وقد يوجب ألا تحل حتى تدخل الحيضة الرابعة. [93/ 10]-وأجمعوا أن حمل النساء قد يكون أكثر من تسعة أشهر، إلا

محمد بن عبد الله بن عبد الحكم رضي الله عنه، فإنه قال: لا تحمل المرأة حملا أكثر من تسعة أشهر أبداً. [94/ 11]-وأجمعوا أن من طلق امرأته في بعض النهار وهي ممن لا تحيض، أو مات عنها في ذلك الوقت، أعتدت بقية اليوم من عدتها، وأبقته بمثل ما مضى منه قبل الطلاق أو قبل الوفاة من يوم آخر في آخر عدتها الذي/طلقت فيه أو مات زوجها عنها فيه، وحلت للأزواج، إلا مالكاً رضي الله

عنه، فإنه لم يعتد بقية ذلك اليوم الذي طلقت فيه، أو مات زوجها عنها فيه. [95/ 12]-وأجمعوا أن من طلق امرأته وهي ممن تحيض، فاعتدت حيضة ثم أيست من المحيض، ابتدأت ثلاثة أشهر، كما لو طلقت وهي ممن لا يحيض من صغر، فاعتدت شهرا، ثم رأت الحيض، أنها تبتدئ بثلاثة قروء بإجماع، إلا الحسن بن صالح رضي الله عنه، فإنه قال: تعتد بتلك الحيضة شهراً، ثم تعتد بشهرين آخرين وقد حلت. [96/ 13]-وأجمعوا أن من طلق زوجته طلاقا رجعيا، ثم راجعها بشهود

في العدة، ولم يعلمها ذلك حتى انقضت العدة، أنها زوجته/ بتلك الرجعة، إلا الحسن بن أبي الحسن البصري رضي الله عنه، فإنه قال: لا تكون تلك رجعة إلا أن يعلمها بها قبل انقضاء عدتها. [97/ 14]-وأجمعوا أن المسبية من أهل الحرب لا عدة عليها، وعليها حيضة استبراء، إلا الحسن بن صالح رضي الله عنه، فإنه قال: عليها عدة الأمة حيضتان.

[98/ 15]-وأجمعوا أن من طلق زوجته طلاقا بجُعل، ثم راجعها قبل

انقضاء العدة، ثم طلقها قبل الدخول، أنها تبقى على عدتها الأولى، أو تبتدئ عدة على ما يختلفون فيه من ذلك، إلا الحسن البصري رضي الله عنه، فإنه قال: -في إحدى روايتين عنه-لا عدة عليها أصلاً. [99/ 16]-وأجمعوا أن رجلا لو أصدق زوجته أباها فعتق عليها، ثم طلقها قبل الدخول، رجع عليها بنصف/قيمته، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال: -في إحدى روايتين عنه- لا يرجع عليها بشيء.

[100/ 17]- وأجمعوا أن المستحقة للحضانة بالرحم الذي بينها وبين المحتاج إليها منها لا تستحق بذلك على المحضون أجرة المسكن الذي فيه تحضينه، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه أوجبها لها عليه.

[101/ 18]- وأجمعوا أن الأمة إذا اختلعت من زوجها على مال، ودفعته بغير أمر سيدها، فاسترجعه مولاها منه، كان للزوج أن يرجع بمثله عليها إن عتقت يومًا من الدهر، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: لا يرجع به عليها وإن عتقت. [102/ 19]- وأجمعوا أن المطلق طلاقًا رجعيًا إذا آلى من امرأته التي

طلقها هذا الطلاق وهي في عدته، إلا الليث بن سعد رضي الله عنه، فإنه قال: لا يكون به موليًا. [103/ 20]- وأجمعوا أن المظاهر إذا لم يجد الرقبة، ولم يطق الصيام،

ولم يجد الإطعام، لم يطأ زوجته تلك حتى يجد واحدًا من تلك الأصناف، إلا الثوري وابن صالح رضي الله عنهما، فإنهما قالا: يطؤها بغير كفارة. [104/ 21]- وأجمعوا أن المظاهر إذ أخر الكفارة من غير إضرار أكثر من

أربعة أشهر لم يكن بذلك كالمولي، إلا الثوري رضي الله عنه، فإنه قال - في إحدى روايتين عنه - يكون بمضي الأربعة الأشهر قبل أن يكفر موليًا. [105/ 22]- وأجمعوا أن الظهار يكون بقوله: أنت علي كظهر خالتي

أو عمتي كما يكون بالأم، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: لا يكون ظهارًا إلا بالأم خاصة. [106/ 23]- وأجمعوا أنه من قال: أنت علي كظهر أبي لم يكن مظاهرًا، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه جعله مظاهرًا. [107/ 24]- وأجمعوا أن تظاهر أهل الذمة من نسائهم باطل، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه أجازه وألزمه حكم الظهار به.

[108/ 25]- وأجمعوا أن المتلاعنين لا يقيمان زوجين، ولكن يقع الطلاق إما باللعان وإما بتفريق القاضي بعده، على ما تختلف الفقهاء في ذلك، إلا عثمان بن مسلم رضي الله عنه، فإنه قال: هما على النكاح، ولا يعمل فيه اللعان فرقة ولا تفريق القاضي. [109/ 26]- وأجمعوا سواء أن الزوج إذا التعن لم تقع الفرقة، إلا

الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: تقع الفرقة بفراغ الزوج من اللعان، وتلتعن المرأة بعد ذلك ولا نكاح بينهما.

[110/ 27]- وأجمعوا أن أحد الزوجين إذا أبى اللعان حد الآخر، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: تحبس حتى تلتعن ولا تحد.

باب العتاق والتدبير والمكاتبة وأمهات الأولاد

10 - (باب العتاق والتدبير والمكاتبة وأمهات الأولاد)

[111/ 1]- وأجمع الفقهاء أن من أعتق شقصًا له من عبد بينه وبين أشراكه

وهو مما يساوي أنصباءهم - ملئ أن عتقه جائز وعليه قيمة أنصبائهم في ماله إذا طلبوا ذلك إلا ربيعة بن أبي عبدالرحمن رضي الله عنه، فإنه قال: عتاقه باطل، كان المعتق له معسرًا أو موسرًا. [112/ 2]- وأجمعوا سواه أن من أعتق شقصًا له من عبد بعينه عتقًا بتْلًا بغير وصية عتق عليه كله، والولاء له، ولا سعاية على العبد في شيء من قيمته له، وسواء كان المعتق يملك غيره أو لا، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: يعتق ويسعى في بقيته بقدر ما أعتق منه، والولاء كله له.

[113/ 3]- وأجمعوا أن من أعتق عبد ابنه الصغير وهو موسر لم يجز عتاقه، لأنه غير ملكه، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه أجاز عتقه، وضمنه قيمته لابنه الصغير. [114/ 4]- وأجمعوا أن من أعتق أمة فاستثنى ما في بطنها مملوكًا، أن

الاستثناء باطل، والعتق فيه مع أمه نافذ، إلا الأوزاعي رضي الله عنه والحسن بن صالح فإنهما أجازا الاستثناء، وجعلا الولد - إن وضعته - مملوكًا لمولاها. [115/ 5]- وأجمعوا أن النصراني إذا أبى الإسلام، وقد أسلمت أم ولده،

لم تعتق عليه لذلك، إلا الليث بن سعد رضي الله عنه، فإنه قال: تعتق عليه ولا شيء عليها. [116/ 6]- وأجمعوا أن من أعتق عبدًا له عن غيره بغير أمره كابنه أو غيره فالولاء للمُعْتِق، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: ولاؤه للمُعْتَق عليه. [117/ 7]- وأجمعوا أنه من اتباع من زكاة ماله رقبة فأعتقها عن نفسه

لم يجزه، إلا أشهب بن عبدالعزيز رضي الله عنه فإنه أجازه له، واحتسب به من زكاته. [118/ 8]- وأجمعوا أن من قال لعبد: "أنت حر على ألف درهم" فلم يقبل ذلك العبد وأباه أنه لا يعتق ولا يجبر على المال، إلا مالكًا رضي الله عنه فإنه جعل المال عليه وإن أباه، وأداه عتق. [119/ 9]- وأجمعوا أن من قال لعبده: "أنت حر على أن تخدمني سنة"

فقبل العبد ذلك، عتق ووجبت عليه الخدمة، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: إن كان أراد تعجيل العتق عتق ولا خدمة عليه. [120/ 10]- وأجمعوا أنه لو قال لعبده: "اخدمني سنة وأنت حر"، أو "اخدم ابني فلانًا"، أو "فلانًا الأجنبي سنة ثم أنت حر"، فقبل العبد ذلك، ثم مات المشترط خدمته إياه قبل الأجل، أن ذلك القول قد بطل، لأن صفة العتاق لم تتم، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: إن كان قال: "أخدمني سنة وأنت حر"، فمات قبل السنة خدم ورثته تمام السنة وعتق، وإن كان قال: "أخدمني ابني فلانًا، أو فلانًا الأجنبي سنة وأنت حر"، فمات المشترط خدمته فبل السنة نظر: فإن كان على وجه الخدمة كالأول خدم ورثته تمام السنة وعتق، وإن كان على وجه الحضانة والكفالة عتق بموت ذلك المشترط خدمته إياه، ولم يخدم أحدًا بعده. [121/ 11]- وأجمع الصحابة رضي الله عنهم أن ما ولدت المدبرة في

خلال تدبيرها، يعتقون بعتقها ويرقون برقها، وإنما جاء الاختلاف بعدهم. [122/ 12]- وأجمعوا أن من أحبل زوجته الأمة، ثم ابتاعها، لم تكن له أم

ولد بتلك، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه جعلها أم ولد له. [123/ 13]- وأجمعوا أن الرجل إذا أقر أن بائعه هذه الأمة كان أولدها ولدًا صارت به أم ولد، وأنكره البائع، كانت في يد المقر إلى موت البائع، ثم تعتق على المقر بإقراره، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال - في إحدى روايتين عنه - لا تعتق عليه بذلك. [124/ 14]- وأجمعوا أن المكاتب لا يعتق بعقد الكتابة قبل أن يؤدي

شيئًا من المال إلا رواية شذ بها أيوب الفرائضي رضي الله عنه عن ابن عباس بغير إسناد ذكره لها إليه أنه يعتق، ويكون جميع المال عليه دينًا.

[125/ 15]- وأجمعوا سوى ذلك أن المكاتبة لو عقدت على مال حال، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: لا يعتق بها على ذلك حتى يقول في العقد: على أنك إن أديت ذلك عتقت، أو يقول بعد العقد، إنها كانت كذلك في نيته حينئذ. [126/ 16]- وأجمعوا أن من كاتب عبده وكاتب آخر - عبدًا له- فعقدا جميعًا الكتابتين عقدًا واحدًا بمال واحد، لم يذكرا ما على كل واحد منهما منه، جازت الكتابتان، وكان المال مقسومًا على قيمتي العبدين، فيسعى كل واحد منهما فيما أصاب قيمته منه، إلا ابن القاسم فإنه قال: - على معاني مالك - إن الكتابتين باطلتان.

[127/ 17]- وأجمعوا أن المكاتب إذا أعتق عبدًا له على مال يكتسبه على غير سبيل الكتابة لم يجز، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه أجازه، إذا كان على حسن النظر ووجه التجارة. [128/ 18]- وأجمعوا أن رجلًا لو كفل للمولى عن المكاتب بمال الكتابة،

ولا مال للمكاتب على الكفيل، لم تجز الكفالة، إلا ابن أبي ليلى رضي الله عنه فإنه أجازها. [129/ 19]- وأجمعوا سواه أن ذلك لا يجوز أيضًا وإن كان للمكاتب على الكفيل مال مثل مال الكتابة، إلا محمد بن الحسن فإنه أجازها.

باب الأيمان والكفارة

11 - (باب الأيمان والكفارة) [130/ 1]- وأجمع الفقهاء أن من حلف لا يركب دابة وهو راكبها/ وقت

حلفه، أو لا يسكن دارًا هو ساكنها في ذلك الوقت، أو أن لا يلبس ثوبًا وهو لابسه حينئذ، وأخذ في نزع الثوب عنه، أو النزول عن الدابة، أو التحول عن الدار، يعقب اليمين بلا فاصل بينه، فحول متاعه وأهله وتحول ببدنه، إلا زفر بن الهذيل رضي الله عنه، فإنه حنثه وإن فعل ذلك على ما ذكرناه. [131/ 2]- وأجمعوا سواه أنه إن انتقل من الدار التي حلف ألا يسكنها

ببدنه، ونوى ألا يرجع إليها ساكنًا لها، وخلف أهله ومتاعه، حنث إلا الشافعي رضي الله عنه، قال: لا يحنث. [132/ 3]- وأجمعوا أن رجلًا لو قال: "عبدي فلان حر إن دخلت هذه الدار"، أو غير ذلك من الأفعال أو لا يكون شيئًا ذكره، أو ما سواه من الأقوال، فباع ذلك، ثم قال ما حلف ألا يقول، أو ما حلف ألا يفعل، فقد حنث والعبد في غير ملكه، فلم يزل العتق، إلا ابن أبي ليلى رضي الله عنه، فإنه قال: يبطل البيع، ويعتق العبد ويرجع المبتاع عليه بالثمن. [133/ 4]- وأجمعوا سواه أنه إذا لم يقل ما ذكرنا، أو لم يفعل

ما وصفنا حتى استرجع العبد، ثم فعله أو قاله، عتق عليه باليمين الأولى، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه لم يحنثه فيه ولم يعتقه عليه وهذا على الأصل الذي قدمناه في الطلاق. [134/ 5]- وأجمعوا أن من قال: "لا يحل لي أن أصنع كذا وكذا"، ثم

فعله لم يكن عليه كفارة يمين، إلا حماد بن أبي سليمان والثوري رضي عنهما فإنهما قالا: لذلك كفارة يمين. [135/ 6]- وأجمعوا أن من قال: "علم الله لا صنعت كذا وكذا"، ثم صنعه لم يكن عليه كفارة، ولا استحباب في إخراجها إلا إن شاء، إلا الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه استحب له إخراجها من أجل ما ذكرنا. [136/ 7]- وأجمعوا أن رجلا لو قال: "علي يمين" أو حلفت ألا

أفعل كذا وكذا، ولم يكن عليه يمين في ذلك، لم تكن عليه مع الاستغفار لذلك كفارة، إلا الثوري رضي الله عنه، فإنه قال: يكفر عن ذلك بكفارة يمين. [137/ 8]- وأجمعوا أن من حلف لا يأكل أُدْمًا فأكل لحمًا حنث، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه لم يحنثه.

[138/ 9]- ومن حلف ألا يكلم رجلًا - يعني بالمشافهة - فكتب إليه كتابًا لم يحنث، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه حنثه ولم يلتفت إلى نيته.

[139/ 10]- وأجمعوا أن من حلف ليقضين فلانًا حقه اليوم، فأتى به فلم يجده، فدفع حقه إلى وكيله، وأشهد على مجيئه بالحق، أو أتى السلطان فأخبره وخاف الفوات فدفعه إليه، ثم مضى اليوم قبل أن يجده حنث، إلا مالكًا رضي الله عنه والليث، فإنهما قالا: لا يحنث، وذلك مخرج له يمينه تلك فيه. [140/ 11]- وأجمعوا أن من حلف لا يشرب من لبن شاة زيد التي وجه بها

إليه، أو التي أهداها إليه، أو ألّا يأكل من لحمها، فباعها أو ابتاع بثمنها أخرى، فأكل من لحمها، أو شرب من لبنها، لم يحنث وكذلك إن ابتاع بذلك الثمن ثوبًا فلبسه، أو طعامًا فأكله، لم يحنث أيضًا، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: إن كان زيد منَّ عليه بهبته إياها له فحلف من أجل ذلك مما ذكرنا حنث فيما وصفنا، وبكل شيء ينتفع به من قِبَلِ تلك الهدية، وكذلك يحنث عنده إن قَبِل من زيد ذلك عارية.

[141/ 12]- وأجمعوا أن من حلف أن لا يكفل بمال عن أحد أبدًا، فكفل بنفسه رجلًا فاشترط أنه غير ضمني بالمال أو لم يشترط ذلك لم يحنث في يمينه. [142/ 13]- وأجمعوا أن من حلف لا يلبس قميصًا أبدًا، فاتَّزر بثوب، أو دَوَّرَه على وسطه أو ارتداه حنث، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه لم يحنثه في يمينه.

باب الفرائض

12 - (باب الفرائض) [143/ 1]- وأجمع الفقهاء أن الكفن من رأس مال الميت، إلا ابن المسيب رضي الله عنه، فإنه قال: هو والحنوط من الثلث.

[144/ 2]- وأجمعوا أن الأم إذا حجبها الأخوة للأم أو للأب عن الثلث إلى السدس، رجع السدس الذي حجبت عنه إلى الأب، إلا رواية شذت عن ابن عباس رضي الله عنه أنه للأخوة للأم، ولا يمنعهم من ذلك كون الأب وارثًا. [145/ 3]- وأجمعوا أن الأخوات للأب لا يرثن مع الأخوات للأب والأم

إذا استكملن الثلثين، إلا الحسن البصري رضي الله عنه فإنه ورثهن ما بعد الثلثين، فحمله الناس عنه على أنهن كن أعتقن أباهن فأخذنه بحق الولاء. [146/ 4]- وأجمعوا أن بني الأخوة لا يرثون مع الجد للأب شيئًا، إلا رواية شذت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنهم معه كآبائهم معه. [147/ 5]- وأجمعوا أن أم أبي الأب إذا لم يكن من يحجبها عن الميراث، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: لا ترث على حال.

[148/ 6]- وأجمعوا أنه لا يرد على زوج شيء إن فضل من المال عن

الورثة، إلا رواية شذت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه جعله له، فحمله الناس على أنه ابنُ عمِّ ورَّثه ذلك بالتعصيب. [149/ 7]- وأجمعوا أن رجلًا لو مات وترك ابن مولاه وابن ابن مولاه، كان

ميراثه لابن مولاه دون ابن ابنه، إلا شريحًا القاضي وإبراهيم النخعي فإنهما قالا: هو بينهما نصفين. [150/ 8]- وأجمع الصحابة رضي الله عنهم أن القاتل خطأ أو عمدًا

لا يرث من مال من قتل ولا من ديته، وإنما جاء الاختلاف بعدهم في ميراثه من ديته. [151/ 9]- وأجمعوا أن إقرار بعض الورثة بوارث معه ينكر عليهم

بقيتهم، يوجب للمُقَرِّ له الدخول في الم‍‍ُقِرِّ فيما في يده من تركه، وإن لم يثبت بذلك له النسب من الميت، إلا الليث بن سعد والشافعي رضي الله عنهما فإنهما قالا: لا يستحق بذلك أن يأخذ مما في يد المقر من تركه الميت شيئًا إذ لم يثبت له النسب الذي يرث به.

باب في الوصايا

13 - ((باب في الوصايا)) ] 152/ 1 [- وأجمع الفقهاء أن وصية الرجل البالغ-وإن كان مفسداً لماله

محجوراً عليه لفساده- جائزة إذا أوصى بما يجوز من غيره، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه فإنه قال: القياس أنه لا يجوز على حال. ] 153/ 2 [- وأجمعوا أن من أوصى بوصية، ثم أوصى بها لآخر، ولا دليل

فيها عن رجوعه عن الأول، أنه بينهما/ نصفان، إلا سوار بن عبد الله العنبري رضي الله عنه، فإنه جعل الثانية رجوعاً عن الأولى على كل حال. ] 154/ 3 [- وأجمعوا أن من قال: إن مت من مرضي هذا، أو في سفري

هذا، أو في سنتي هذه، فعبدي حر، أو أوصى بوصايا سوى ذلك، وكتب بذلك كتاباً أو لم يكتبه، ثم مات من غير رجوع عن وصيته تلك، (أنها غير جائزة) إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال: هي جائزة، إلا أن يكون أودع الكتاب ثم أخذه بعد خروجه من العلة أو قدومه من السفر أو مضي تلك السنة. ] 155/ 4 [- وأجمعوا أن الوصية للميت باطلة، عَلِمَ الموصي بموت

الموصى له أو لم يعلم، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه جعلها لورثة الميت إذا كان الموصي عالماً موته/ قبل الوصية منه له. ] 156/ 5 [- وأجمعوا أن من أوصى لرجل بأمة، فولدت في يد الموصي قبل

موته ولداً، ثم مات الموصي، أنه لا سبيل للموصى له على ولدها، إلا الليث بن سعد رضي الله عنه، فإنه جعله له مع أمه. ] 157/ 6 [- وأجمعوا أن من أوصى لوارثه، فأجازه الورثة سواه، أو أوصى

لأجنبي بأكثر من ثلث ماله فأجازه له الورثة، جازت الوصيتان جميعاً، إلا (أبا) عبد الرحمن بن كيسان رضي الله عنه، ثم إسماعيل بن يحيى المزني، فإنهما أبطلاهما على كل حال.

] 158/ 7 [- وأجمعوا أن الوصية لبعض الورثة باطلة، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال: إن كان أوصى له بشيء تافه جاز، وإن كان كثيراً لم يجز. ] 159/ 8 [- وأجمعوا أن من أوصى لرجل بعَرَض بعينه يخرج من ثلثه/ ولا يجاوزه فأبى الورثة دفعه جبروا عليه، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال: إن أبوا ذلك كان للموصى له (من) جميع مال الميت.

] 160/ 9 [- وأجمعوا أن الوصية بتحبيس المصاحف جائزة نافذة، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه فإنه أبطلها. ] 161/ 10 [- وأجمعوا أن رجلاً لو أوصى أن يشترى من ثلث ماله نسمة بألف درهم فيعتق عنه، فكان الثلث أقل من ألف درهم، وهو مما يوجد به

نسمة، ولم يجز الورثة ما جازوه من الألف، أنه يشتري بالثلث رقبة فيعتق عن الميت، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: الوصية باطلة، ويرجع المال كله للورثة كلهم. ] 162/ 11 [- وأجمعوا أن المريض إذا باع عرضاً وحابى فيه مبتاعه في

ثمنه، ثم مات من/ ذلك المرض، كان للمبتاع من محاباة الميت إياه ما حمل ثلث ماله، ويبطل سواه، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: - في إحدى روايتين عنه- البيع باطل لا يجوز على حال. ] 163/ 12 [- وأجمعوا أن رجلاً لو قال: قد أوصيت لزيد بسهم من مالي، جازت الوصية وإن اختلفوا في مقدارها، إلا عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه، فإنه أبطلها على كل حال.

] 164/ 13 [- وأجمعوا أن من أوصى إلى رجل بشيء من ماله لم يكن وصياً

في غيره من أمواله، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه جعله بذلك وصياً في كل ماله. ] 165/ 14 [- وأجمعوا أن مِنْ وَصِيِّ الصبي يبتاع له العقار كما يبتاعه أبوه له لو كان حياً، لأن الصحابة عليه، وإنما الاختلاف بعدهم فيه.

باب الجهاد

14 - ((باب الجهاد)) ] 166/ 1 [- وأجمع الفقهاء أن الجهاد فرض على الناس إلا من كفى مؤنة

العدو منهم أباح لمن سواه التخلف ما كان على كفايته، إلا عبيد الله بن الحسن رضي الله عنه، فإنه قال: هو متطوع. ] 167/ 2 [- وأجمعوا أنه لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله

العدو، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه أباح ذلك، وزعم أهل المعرفة بقوله أنه أراد بإباحة ذلك في العساكر العظام التي لا خوف عليها، فأما السرايا وما أشبهها فلا يبيح لهم حمله فيها مخافة أن يناله العدو منهم. ] 168/ 3 [- وأجمعوا أنه لا يجوز قتل شيخ فَانٍ من العدو، ولا امرأة، ولا

راهب ولا مقعد، ولا أعمى، ولا معتوه إذا/ كان لا يقاتل ولا يدل على عورات المسلمين، ولا يدل الكفار على ما يحتاجون إليه للحرب بينهم وبين المسلمين، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال-في إحدى روايتين عنه-: لا بأس بقتلهم جميعاً على كل أحوالهم. ] 169/ 4 [- وأجمعوا أن ما أفاء الله على الإمام من أموال العدو بلا خيل

ولا ركاب لمن جعله الله له بقوله عزّ وجلّ: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين}، بِحَسَبِ إخرَاجِهِ منه، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: تخمس كما تخمس الغنائم.

[170/ 5]- وأجمعوا على إباحة قسم الغنائم في دار الحرب، بل استحبوا

ذلك، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: لا ينبغي أن تقسم إلا بعد إخراجها/ إلى دار من دور الإسلام. ] 171/ 6 [- وأجمعوا أن العبد إذا كان في العسكر ولم يقاتل لم يسهم له، إلا الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه قال: يسهم له كسهم الحرسواء. ] 172/ 7 [- وأجمعوا أنه لا يسهم لامرأة، ولكنه يرضخ لها إذا كانت في العسكر تداوي الجرحى، وتقوم على المرضى، إلا الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه قال: يسه ملها كسهم الرجل. ] 173/ 8 [- وأجمعوا سوى الأوزاعي أن العبد يرضخ له، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال: لا يرضخ له. ] 174/ 9 [- وأجمعوا أنه لا يسهم لصبي إذا كان في العسكر، ولكن يرضخ

له إذا كان مراهقاً وإن لم يبلغ، إلا الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه قال: يسهم له كسهم البالغ سواء. ] 175/ 10 [- وأجمعوا أنه يسهم للفارس سهم ولفرسه/ سهمان، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: سهم له وآخر لفرسه.

] 176/ 11 [- وأجمع الصحابة أن الإمام إذا ظفر بالحربيين لم يقتلوا واسترقوا، وإنما جاء الاختلاف بعدهم.

] 177/ 12 [- وأجمعوا أن العدو إذا أسروا عبداً لرجل منا، ثم ظفرنا به،

ولم يأت صاحبه حتى قسم، أن ذلك لا يمنعه من أخذه - وإن اختلفوا عليه غرم مع ذلك أم لا؟ - إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال -في إحدى روايتين عنه-: لا سبيل له عليه بعد القسمة. ] 178/ 13 [- وأجمعوا أن الإمام إذا فتح مدينة من مدائن العدو فأصاب أرضاً لرجل منا قد كان ابتاعها من بعض أهل الحرب، سلمها لربها، ولم تدخل في الغنائم، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه فإنه قال: تكون فيئاً.

] 179/ 14 [- وأجمعوا/ أن المرتد إذا تاب لم يقتل، إلا الحسن البصري رضي الله عنه، فإنه قال: يقتل وإن تاب.

] 180/ 15 [- وأجمعوا أن من لحق بدار الحرب لا لتجارة ولا لعبد لم يكن بذلك مرتداً، -وإن كان مسيئاً في لحاقه بهم- إلا الحسن بن صالح رضي الله عنه، فإنه قال: هو به مرتد. ] 181/ 16 [- وأجمع الصحابة أن من ظفر به من أهل الردة في حال القتال حِلٌّ لنا وغنيمة، وإنما جاء الاختلاف بعدهم.

] 182/ 17 [- وأجمع الصحابة أيضاً أن كراع أهل البغي وسلاحهم

على ملكهم، لا نَغْنَمُهُ عليهم - وإن ظفرنا به في الحرب- وإنما جاء الاختلاف بعدهم. ] 183/ 18 [- وأجمعوا أن الجزية واجبة على الفقير من أهل الذمة إذا

كان حراً، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه أسقطها عنه. ] 184/ 19 [- وأجمعوا أن من مات من أهل الجزية/ لم تؤخذ منه جزية لما

مضى قبل موته، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه أخذها من ماله. ] 185/ 20 [- وأجمعوا أن (من) لم يؤد الجزية من أهل الذمة حتى

مضت السنة ودخلت أخرى، أُخِذَ بها للسنة الماضية، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه أسقطها عنه بدخول الثانية. ] 186/ 21 [- وأجمعوا أن المسلم إذا أعتق عبداً له كتابياً وجبت عليه الجزية، ولم يمنع من ذلك إسلام مولاه، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال: لا جزية عليه. ] 187/ 22 [- وأجمعوا أن الجزية على كل كتابي-وإن كان إنما دان بدينه

بعد نزول الفرقان - إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: لا جزية إلا أن يكون قد دان أو واحد من آبائه بذلك الدين قبل نزول الفرقان.

باب الحدود

15 - ((باب الحدود)) ] 188/ 1 [- وأجمع الفقهاء أن المرأة تضرب في الزنا جالسة، إلا ابن أبي ليلى رضي الله عنه، فإنه قال: تضرب قائمة. ] 189/ 2 [- وأجمع الصحابة أن الرجل يضرب في الزنا قائماً.

] 190/ 3 [- وأجمع الفقهاء أنه لا ينبغي للحاكم أن يضرب أحداً في المسجد، إلا ابن أبي ليلى رضي الله عنه فإنه أباحه وفعله.

] 191/ 4 [- وأجمعوا أن إقرار العبد على نفسه بالزنا يوجب الحد - وإن

كذبه فيه مولاه-، إلا عمرو بن دينار وزفر بن الهذيل رضي الله عنهما، فإنهما قالا: إن كذبه فيه مولاه لم يُحَدّ إلا ببينة. ] 192/ 5 [- وأجمعوا أن من وطئ جارية لامرأته وقال: ظننتها تحل، لما

بيني وبين سيدتها من النكاح، لم يحد بذلك، إلا زفر بن الهذيل رضي الله عنه، فإنه قال: يحد بذلك. ] 193/ 6 [- وأجمعوا أن من قال لرجل: يا مُخَنَّث، وحلف ما أراد

قذفاً، لم يُحَدّ وعُزِّر/، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، قال: يحد له بذلك.

] 194/ 7 [- وأجمعوا عن سُنةٍ أن ذا الهيئة في حسبه ودينه، إذا أتى

ما يوجب عليه التغرير، ولا يبلغ حدًا واجبًا، ولم يكن له خلقًا، أنه يقال ويعفى عنه، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: يُعزَّر ولا يقال.

[195/ 8]- وأجمعوا أن العبد إذا قذف حرًا، ثم ارتد ولحق بدار الحرب، فسبي فصار عبدًا حرًا جميعًا، (أنه لا يحد في) ذلك القذف، إلا مالكًا رضي الله عنه. [196/ 9]- وأجمعوا أن المقذوف إذا علم بصدق القاذف، لم يسعه - فيما

بينه وبين الله- مطالبة القاذف بالحد في ذلك، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: ذلك واسع له. [197/ 10]- وأجمعوا أن من قذف ميتًا، فجاء غريب لا قرابة بينه وبينه، يطلب أن يحده لذلك الميت، لم يحد له، إلا ابن صالح رضي الله عنه/، فإنه قال: يحد، وللناس جميعًا أن يطالبوا بذلك للميت.

[198/ 11]- وأجمعوا أن من قال لامرأة: يا زاني أنه يحد لها، وإنما الاختلاف في قوله للرجل: يا زانية، إلا أحمد بن محمد الأزدي، فإنه قال: لا حد على واحد منهما.

[199/ 12]- وأجمعوا أن الرجل إذا وجد في الطريق ليلًا ومعه متاع، فقال: بعثني فلان فأخذته له من منزله، وأنكر ذلك فلان، وليس بمعروف بالانقطاع إلى فلان بذلك، أو كان معروفًا بذلك، أنه لا يحد له لذلك، إلا ما لكًا رضي الله عنه، فإنه قال: إن لم يكن معروفًا بالانقطاع إليه يحد له حد السرقة. [200/ 13]- وأجمعوا أن الجماعة إذا سرقوا ما يقطع فيه الواحد لو سرقه

وحده، لا أكثر منه، لم يقطع واحد منهم، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: يقطعون جميًعا/ فيه. [201/ 14]- وأجمعوا أن من سرق ولا يمين له- لأنها ذهبت في قصاص،

أو من السماء - قطعت رجله اليسرى، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإن قال: تقطع يده اليسرى. [203/ 15]- وأجمعوا أن الرجل إذا كان يجن أحيانًا، ويفيق أحيانًا إذا سرق في حال جنونه لم يقطع، وإذا سرق في حال إفاقته قطع، إلا الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه قال: لا يقطع في واحدة من حاليه جميعًا.

[203/ 16]- وأجمعوا أن العبد إذا سرق من مال زوجة مولاه، أو زوج

مولاته، من بيت أذن له في دخوله، أو لم يأذنا له فيه لم يقطع، إلا مالكًا رضي الله عنه، وقد روي مثله عن الشافعي، أنه إن أذنا له في دخوله لم يقطع، وإن كانا لم يأذنا له فيه قطع. [204/ 17]- وأجمعوا أن سارق المصحف/ إذا ساوى ما يجب به القطع يقطع، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: لا يقطع فيه. [205/ 18]- وأجمعوا أن من صَرّ دراهمه من داخل كمه، فَطَرَّهَا رجل،

قُطِعَ، كما يقطع فيه لو صَرَّها من خارج كمه، ويجعل في ذلك كأنها في كمه بلا صَرِّ منه لها، وذلك مما يقطع فيه بالإجماع، إلا الحسن بن زياد اللؤلؤي رضي الله عنه، فإنه قال: لا يقطع إذا كان الصَّرُّ من داخل الكم. إ [206/ 19]- وأجمعوا أن من سرق متاعًا قد قطع فيه مرة قبل ذلك قطع فيه أيضًا، إلا أبا حنيفة فإنه قال: لا يقطع فيه ثانيًا استحسانًا.

[207/ 20]- وأجمعوا أن الرجل إذا ادعى على رجل أنه سرق متاعه، وهو

منكر، لم يحبس لذلك، ولم يتهدد بالضرب، وإن كان متهمًا بالسرقات، إلا الليث رضي الله عنه/، فإنه قال: يحبس، ويتهدد، ولا يبسط عليه العذاب جدًا.

[208/ 21]- وأجمع التابعون ورجل قبلهم من الصحابة لا مخالف له قبله، أن النباش يقطع.

[209/ 22]- وأجمع الصحابة أن المرتدين وغيرهم في آية المحاربة سواء في وجوب الحكم بها عليهم.

[210/ 23]- وأجمعوا أنه لا تقبل شهادة المقطوع عليهم الطريق على من ادعوا عليه القطع، إلا مالكًا فإنه قَبِلها، إذ لا تتهيأ معرفة ذلك من غيرهم. [211/ 24]- وأجمعوا أن ما وجدناه في أيدي أولئك لا يدفع للمدعي إلا

ببينة عليه، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: ما يتلوم الإمام، فإن جاءه طالب وإلا دفعه إلى المدعي وضَمَّنَه إياه، لئلا يجيء له مستحق غيره. [212/ 25]- وأجمعوا أن شارب الخمر إذا حُدَّ في شربه ثم تاب وأصلح قبلت شهادته، إلا الأوزاعي / وابن صالح فإنهما قالا: لا تقبل شهادته أبدًا وإن تاب. * * *

باب الجنايات والديات

16 - ((باب الجنايات والديات)) [213/ 1]- وأجمع الفقهاء أن الرجل إذا ضرب الرجل مرارًا بِعصَاً، حتى

أتى على نفسه، قتل به إذا عَمَد لذلك منه، إلا أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال: لا قود في ذلك عليه. [214/ 2]- وأجمعوا أنه لا يقتل مؤمن بحربي مستأمن، إلا أبا يوسف، فإنه قال: يقتل به.

[215/ 3]- وأجمعوا أن لا قود في اللبلبائي إذا قَطَع، إلا الليث فإنه قال:

يقاد فيه. [216/ 4]- وأجمعوا أن من (نظر من) باب رجل ففقأ عينه في حال نظره

على التعمد، لم يقتص منه لذلك ولا دية، إلا مالكًا رضي الله عنه فإنه جعل منه القصاص عليه. [217/ 5]- وأجمع الصحابة أن في اللطمة القود بمثلها في مثل مكانها/ من اللاطم.

[218/ 6]- وأجمعوا أن من نتف شعرًا من رأس رجل أو لحيته أو حاجبه

أو شعر عينه، لم يقتص منه، إلا الليث رضي الله عنه، فإنه قال: يقاد به. [219/ 7]- وأجمعوا أن من قطع من رجل عضوًا، وليس العضو في بدن القاطع، فلا قصاص في ذلك، إلا ابن شبرمة رضي الله عنه، فإنه قال: تفقأ العين اليمنى باليسرى إذا لم توجد اليسرى، واليسرى باليمنى إذا لم توجد اليمنى، وكذلك الأسنان والأضراس، وقال ابن صالح رضي الله عنه: يقطع ما يلي ذلك. [220/ 8]- وأجمعوا أن ولي المقتول إذا قام (للقصاص وضرب) فقطع

عضوًا، لم يكن عليه قصاص في ذلك، إلا مالكًا رضي الله عنه فإنه أوجب فيه القصاص على الولي، وأوجب للولي القتل كما كان. [221/ 9]- / وأجمعوا أن ليس في السمحاق شيء معروف، وإنما ذلك على قدر الحكومة، إلا قاتلًا قال في قضاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيها من رجل دفع إليه بأربع من الإبل دليل على (أن) ذلك أرش لها من غيره.

[222/ 10]- وأجمعوا أن الموضحة لا يكون إلا في الوجه والرأس، إلا الليث رضي الله عنه، فإنه قال: وقد تكون في الفخذ أيضًا.

[223/ 11]- وأجمعوا أن من كسر عظمًا من بدن رجل، أو قطع له عضوًا، أو شَجَّه مُنَقِّلة، أو آمَّةً أو أجأفه، أو غير ذلك مما لا قصاص فيه،

(أن دية) ذلك عليه في ماله، وإن كان معسرًا فهو دين عليه، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: ذلك على العاقلة، وقال الأوزاعي: إن قصر ماله

عن حمل ذلك حملت العاقلة عنه. [224/ 12]- / وأجمعوا أن من أقر على نفسه بقتل خطأ كان العقل فيها

عليه دون عاقلته، إلا قاتلًا قال: لا شيء عليه، وإلا مالكًا فإنه قال: إن كان الذي أَقَرَّ به لا يتهم عليه فالدية على عاقلة المقر. [225/ 13]- وأجمعوا أن العاقلة لا تحمل من الدية أقل من أرش الموضحة، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: تحمل القليل من الدية والكثير منها.

[226/ 14]- وأجمعوا أنه من قتل نفسه فلا دية له، إلا الأوزاعي فإنه قال: ديته على عاقلته لورثته. [227/ 15]- وأجمعوا أن من ضرب بطن بهيمة فألقت جنينًا ميتًا، كان عليه

ما نقص أُمَّه، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: عليه عشر قيمة أمه. [228/ 16]- وأجمعوا أن الحائط إذا سقط من دار رجل إلى طريق المسلمين، ولم يُتَقَدَّم إليه في إنزاله/ لم يضمن، إلا ابن أبي ليلى رضي الله عنه، فإنه قال: إذا كان الحائط في نفسه مخوفًا (منه) قبل سقوطه، وأمكن صاحبه إنزاله، فلم يفعل، فهو ضامن لما يتلف به- وإن لم يكن تقدم إليه في إنزاله أحد -. [229/ 17]- وأجمعوا سواه أن رجلًا لو شهد على صاحب الحائط في إنزاله، ولم يكن ذلك مخوفًا، ثم سقط لم يضمن ما عطب به، إلا الشافعي فإنه ضمنه ذلك. * * *

باب الصرف

17 - ((باب الصرف)) [230/ 1]- وأجمع الفقهاء أن رجلًا لو باع من رجل دراهم بدنانير، ثم قاما من موطن الصرف إلى موطن آخر، فتقابضا فيه، ولم يفترقا بالأبدان،

أن الصرف جائز، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: الصرف باطل بقيامهما عن ذلك الموطن. [231/ 2]- / وأجمعوا أن الرجل إذا باع من رجلين (دراهم) بدنانير، ودفعا الدنانير، ووكل أحدهما رجلًا بقبض الدراهم، فقبضها الوكيل قبل أن يقوم موكله عن الموطن، أن ذلك جائز، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: لا يجوز إلا أن يقبضها بنفسه قبل أن يتفرقوا.

[232/ 3]- وأجمعوا أن بيع الدراهم المضروبة السَّكِّيَّة بالدنانير المضروبة السكية، أو بالنقار الذهب، أو نقار فضة بدنانير سكية، جائز - وإن لم يتوازنا-، إلا مالكًا رضي الله عنه، فإنه قال: لا يجوز ذلك حتى يعرف الفاضل من المفضول. [233/ 4]- وأجمعوا أن رجلًا (لو باع) من رجل دراهم بدنانير، وقبض الدينار، ثم باعه بالدراهم عرضًا لم يجز، إلا مالكًا رضي الله عنه فإنه أجازه.

[234/ 5]- وأجمعوا / أن بيع نصف الدينار ممن له بقيته ومن غيره جائز، إلا مالكًا فإنه أبطل بيعه من الأجنبي، وأجازه ممن ملك بقيته منه. [235/ 6]- وأجمعوا أن لا ربا بين العبد وسيده، إلا أن يكون على العبد

دين، إلا مالكًا فإنه لم يجز له أن يبيعه درهمًا بدرهمين، ولا غير ذلك مما هو ربا من غيرهما. [236/ 7]- وأجمعوا أن البائع إذا قبض الدراهم ونقد الدينار، ثم وجد في الدراهم بعد التفرق درهماًا رصاصًا أنه لا يبدله، وأنه قد انتقض فيه

الصرف، وإن اختلفوا في بقية الصرف، إلا ابن صالح فإنه قال: عليه أن يبدله، ولا ينتقض الصرف في شيء من الدينار. [237/ 8]- وأجمعوا أنه لا يجوز بيع لحم بلحم من جنسه على التحري، حتى يعلم/ تساويهما في الوزن، إلا مالكًا فإنه أجازه.

[238/ 9]- وأجمعوا في جواز بيع اللحم بالشحم يدًا بيد، إلا الأوزاعي فإنه أبطله.

[239\ 10]- وأجمعوا على جواز بيع المأكولات والمشمومات والمشروبات والمبيعات-لا في الإسلام-بالفضة والذهب، نقداً أو إلى أجل، إلا محمد بن شجاع الثلجي رضي الله عنه، فإنه أبطله إذا كان أجلاً.

باب السلم

18 - ((باب السلم)) [240\ 1]-وأجمع الفقهاء على إبطال السلم إذا وقع بلا تأجيل بقبض المسلم فيه، إلا الشافعي فإنه أجازه.

[241\ 2]- وأجمعوا أنه لا يجوز بيع الطعام المسلم فيه قبل قبضه، إلاّ عثمان البتي فإنه أجازه.

[242\ 3]- وأجمعوا أن المسلِم والمسلَم إليه إن افترقا قبل قبض رأس مال السلم، على شرط كان في عقدة السلم\ أو على غير شرط، بطل السلم بينهما، إلا مالكاً رضي الله عنه فإنه قال: لا بأس به اليوم واليومين.

[243\ 4]- وأجمعوا أن المسلم إليه لو جاء بالطعام المسلَم فيه، فقال فيه: كذا وكذا مكيله، لم يجز لربه قبضه على ذلك، إلا مالكاً، فإنه أجاز له تصديقه عليه. [244\ 5]-وأجمعوا أنه إن قبضه على ذلك واستهلكه، وفيه أقل من حقه،

كان على المسلَم إليه أن يوفيه حقه، إلا ابن صالح، فإنه ضَمَّنه مثل ماأخذ، ويرجع على المسلَم إليه بكيله كله. [245\ 6]-وأجمعوا أنهما إن أضافا المسلَم فيه إلى حصاد عام بعينه بطل السلم، إلا الشافعي رضي الله عنه، فإنه أبطله إذا لم يضفه إلى حصاد عام بعينه. [40\أ] [246\ 7]-وأجمعوا أن المسلم إليه لو أتى بالطعام أجود مما أسلم \ إليه

فيه جاز للمسلم قبضه، وسواء جرت فيه عادته بذلك أو لم تجر به، إلاّ مالكاً، فإنه قال: إن كانت العادة منه له به جارية كرهت له أخذه.

باب البيوع

19 - ((باب البيوع)) [247\ 1]-وأجمهع الفقهاء أن لرب الدين أن يبتاع ممن هو له عليه من

قرض ماشاء من العروض والطعام، وسواء اتزن ذلك أو اكتاله عند عقدة البيع أو بعده، إلا مالكاً فإنه قال: "إن تباعد القبض ل ميجز، لأنه يدخل في معنى بيع الدين بالدين. [248\ 2]-وأجمعوا عن سنة أن من اشترى نخلاً وفيها ثمر قائم قد أُبّر

أو قد بلغ الإبار ولم يؤبر بعد فهو للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع، وكذا الثمر في الشجر [40\ب] التي لا تحتاج إلى إبار، إذا بلغ وحل بيعه، إلا ابن أبي ليلى، فإنه قال: \ هو للمبتاع وإن لم يشترطه على البائع. [249\ 3]- وأجمعوا أن من اشترى عبداً (شراءً) فاسداُ فقد ملكه ملكاً فاسداً، فإن اعتقه جاز وغرم قيمته، إلا الشافعي فإنه قال: لا يجوز عتقه، (لأنه) لا يملكه.

[250\ 4]- وأجمعوا أنه من كانت له أمة، ولها ولد في ملك غيره،

لم يجبرا على الجمع بينهما في مكان واحد، إلا مالكاً فإنه أجبرهما على ذلك. [251\ 5]-وأجمعوا أنه لا ينبغي أن يسوم الرجل على سوم الرجل ولا

الكتابي الذمي، إلا الأوزاعي فإنه أباحه له على سوم الذمي. [252\ 6]-وأجمع الصحابة على إجازة بيع الغائب المقدور على تسليمه، وأن لمشتريه خيار الرؤية إذا رآه.

[253\ 7]- وأجمعوا أن من ابتاع أمة إلا ما في بطنها من الولد، فالبيع باطل، إلا الأوزاعي وابن صالح\ فإنهما أجازا البيع والشرط. [254\ 8]- وأجمعوا أن من باع أو ابتاع شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة،

فمضت قبل أن يكون منه نقض أو أجازه، أن البيع يعود كأنه لا خيار فيه، فإن كان البائع هو الذي له الخيار فقد مضى البيع، وإن كان هو المشتري فقد لزمه البيع، إلا مالكاً رضي الله عنه، فإنه قال: إن نقض البيع بقرب مضي الثلاث جاز نقضه قبل أن ينفضّ عشية فرده، وعدوّه اليوم الذي يتلوه. [255\ 9]-وأجمعوا أن من ابتاع سلعة ثم باعها مرابحة، ثم ابتاعها

بزيادة، فأراد ان يبيعها مرابحة، باعها على ثمنها الثاني لا الأول، إلا أبا حنيفة فإنه قال: يطرح منه ما ربحه فيها أول مرة ويبيعها مرابحة على ما بقي من الثمن الثاني إن أحب. [256\ 10]- وأجمعوا أن من باع\ سلعة، وتبرأ من عيوب ذكرها وسمّاها،

ولم يرها المشتري، فالبراءة جائزة، إلا رواية شذت عن الشافعي رضي الله عنه أن البراءة من العيوب الموجودة في المبيعات لا تجوز على حال. [257\ 11]- وأجمعوا أن من ابتاع سلعة ثم وجد بها عيباً، كان له ردها به، نقد الثمن قبل ذلك أو لم ينقده، إلا ابن أبي ليلى فإنه قال: إن كان لم يدفع الثمن لم يجز له ردُّها به.

[258\ 12]- وأجمعوا سواه أنه لو أعتقها بعد أن نقد الثمن، ثم رأى به عيباً، رجع على البائع بنقصان ذلك العيب من الثمن، إلاّ (ما روي) عن ابن أبي رباح، فإنه قال: لا يرجع عليه به لأنه لا يستطيع (ردّه به). [259\ 13]- وأجمع الصحابة أن بيع الزيت وما أشبهه مما هو نجس بموت شيء فيه جائز إذا\ بين ذلك بائعه منه.

[260\ 14]- وأجمعوا -سوى رواية عن الشافعي-أنه إن وجد العبد زانياً لم يكن له ردّه، إلا ابن القاسم فإنه قال-على معاني مالك- له أن يرده بذلك.

[261\ 15]- وأجمعوا أن من ابتاع عبداً فاستغله، ثم (وجد) به عيباً فرده، لم يرد أجرته، إلا عثمان المالكي والعنبري فإنهما قالا: يرد معه أجرته.

[262\ 16]- وأجمعوا أن من ابتاع أمة رفيعة أو وضيعة لم يكن لها أن يضعاها على يدي عدل للاستبراء بحيضة، إلا مالكاً فإنه أجبرهما على ذلك في الرفيعة القيمة.

باب الشفعة

20 - ((باب الشفعة)) [263\ 1]-وأجمع الفقهاء أن لولي الصغير أن يأخذ له بالشفعة إذا كان في

أخذه حظ، إلاّ ابن أبي ليلى، فإن هقال: لا شفعة\ له في صغره، ولا له بعد بلوغه، إلا أن يأخذ ما بيع وهو صغير. [264\ 2]- وأجمعوا أن أحد الشركاء إذا ابتاع شقصاً من أشقاص

شركائه، فأراد بقيتهم أن يأخذ ذلك بالشفعة، كان لهم ذلك وكان له حظه معهم، ولم يكن بابتياعه خارجاً عن ذلك، إلا الشافعي فإنه قال: -في إحدى روايتين عنه- لا حق له في ذلك، وهو كله بين شركائه الباقين سواه وسوى البائع منه. [265\ 3]- وأجمعوا أن لا شفعة في جزء بيع من ثمر في رؤوس النخل والشجر لم يبع معه النخل والشجر، إلا مالكاً فإنه جعل فيه الشفعة.

باب الإجارات

21 - ((باب الإجارات)) [266\ 1]-وأجمع الفقهاء أن من دفع شيئاً إلى صانع ليصنعه له\ (باطلاً [43\أ]

ومعروفاً) فضاع عنده، أو أصابه عيب، لم يضمنه الصانع، إلا مالكاً فإنه ضمنه إياه. [267\ 2]- وأجمعوا أن الأجرة إذا اشترط تعجيلها في عقده لم تكره وجازت، إلا ابن صالح، فإنه كره ذلك.

[268\ 3]- وأجمعوا أن الإجارة في ضراب الفحل لا تجوز، إلا مالكاً،

فإنه قال: إن استأجره مدة ينزو ناقته، أو بدرهم ينزوها كذا وكذا مرة جازت الأجارة. [269\ 4]-وأجمعوا أن من استؤجر على حمل فحمله، وأنكر قبض أجرته

فيه، كان القول فيه قوله، إلا مالكاً، فإنه قال: إن لم يسلم إليه ماحمل، أو سلمه وأتى بالقرب من ذلك، فالقول قوله، وإن تطاول ذلك فالقول قول صاحب المتاع مع يمينه عليه. [270\ 5]- وأجمعوا أن المرأة إذا أجرت نفسها ضئراً إجارة صحيحة، ثم

أرادت\ إبطالها قبل أجلها، لم يكن لها ذلك، وسواء ذلك شريفة أو وضيعة، إلا أبا حنيفة، فإنه قال: إن كانت شريفة لم تعرف بالإجارة لذلك فلها فسخها. [271\ 6]- وأجمعوا أن من استأجر من رجل منزلاً إلى مدة ذكرها، أن

الإجارة باطلة، إلا عثمان بن الليثي، فإنه أجازها، وأمره أن ينزله منزلاً-أي منزل شاء-يسعه، كمنزل الغرباء في الحانات وأشباهها. [272\ 7]- وأجمعوا أن غاصباً لو غصب المستأجر الدار المستأجرة،

أو الدابة المؤاجرة حتى ذهبت طائفة من مادة الإجارة ثم ردّها، أن عليه الأجرة فيما بقي من المدة، وليس له إبطال الإجارة فيها، إلا الثوري، فإنه جعل له فسخها فيما بقي من مدتها. [273\ 8]- وأجمعوا أنه ليس على ذلك المستأجر أجرة\ تلك الدار،

أو تلك الدابة، ولا العبد، طول ما أقامت في يد الغاصب، إلا ابن القاسم، فإنه قال-على معاني قول مالك-: إذا كان الغاصب غير سلطان، وهو يقدر على ان يقدمه إلى الحاكم فيأخذها منه، فتركه، فالأجرة لتلك المدة ولما بعدها من مدة الإجارة له لازمة. [274\ 9]-وأجمعوا على استئجار الرجل جزءاً معروفاً من دار بعينها له جائزة، إلا أحمد بن محمد الأزدي، فإنه قال: لا يجوز. [275\ 10]- وأجمعوا سواه أنه لو أجر ذلك ممن ليس له في الدار جزء جاز أيضاً، إلا أبا حنيفة، فإنه قال: لا يجوز.

[276\ 11]-وأجمعوا أن من استأجر بأكثر من الذي دفع، في الموضع

الذي يجوز له إجارتها من غيره، أن الفضل له طيب، إلا إبراهيم النخعي، فإنه قال: الفضل للمؤاجر الأول. [277\ 12]- وأجمعوا\ أن إجارة الأرض البيضاء بالدراهم والدنانير

والعروض التي ليست مما يخرج من الأرض، مدة معلومة، للزرع (جائز)، إلا طاووساً، فإنه قال: ذلك غير جائز.

باب المضارب

22 - ((باب المضارب)) [278\ 1]-وأجمع الفقهاء أن المضارب إذا باع في مصره، ولم يسافر بالمال إلى بلد آخر، فليس له أن يأكل منه على المضاربة، إلا الليث بن سعد رضي الله عنه، فإنه قال: له أن يتغدى منه إذا اشتغل به عن الانقلاب إلى أهله للغداء. [279\ 2\]-وأجمعوا أن له أن ينفق منه على نفسه نفقة بالمعروف تكون

محسوبة على المضاربة إذا سافر به قاصدًا، إلاَّ الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: _في إحدى روايتين عنه_ ليس له ذلك إلاَّ بإذن ربه له فيه. [280/ 3]- وأجمعوا أن المضارب/ لا يدفع المال إلى غيره مضاربة إلاَّ

بإذن ربه، أو يطلق له في العقد أن يضع فيه رأيه، إلاَّ الشافعي فإنه أباحه ذلك. [281/ 4]- وأجمعوا أن رب المال إذا مات والمال عروض في يدي المضارب، فله أن يبيعها على المضاربة حتى تجعل له شيئًا عينًا، إلاَّ

الثوري فإنه قال: لا يبيعها إلاَّ بأمر الحاكم أو الورثة. [282/ 5]- وأجمعوا أن المضارب إذا ادعى رّدَّ المال إلى ربه، وأنكر ربه ذلك، قبل قوله مع يمينه عليه، إلاَّ الأوزاعي فإنه قال: لا يقبل قوله إلاَّ ببينة. وسواء دفع إليه المال ببينة أو بغير بينة، إلاَّ مالكاً فإنه قال: إن كان دفع إليه بينة، فلا يقبل قوله إلاَّ ببينة، وإن كان دفع إليه بغير بينة، قبل قوله (بغير) بينة مع يمينه عليه، والوديعة في ذلك كذلك.

[283/ 6]- وأجمعوا/ أن رب المال لو ادعى أن رأس المال أكثر مما أَقرَّ به المضارب كان القول قول المضارب مع يمينه، إلاَّ أبا حنيفة رضي الله عنه، فإنه قال-في إحدى روايتين عنه-: القول قول رب المال. والرواية الأخرى: أنه رجع عن ذلك إلى قول الجماعة.

باب الشركة

23 - ((باب الشركة)) [284/ 1]- وأجمعوا أن الشركة العنان جائزة وإن تفاضلت رؤوس

الأموال، إلاَّ مالكاً فإنه منع من ذلك وكرهه.

باب الوكالات

24 - ((باب الوكالات)) [285/ 1]- وأجمع الفقهاء أن من وكل رجلاً يبيع عبداً له، فباعه بثمن

لا يتغابن الناس فيه، كَأَنْ يسوى ألفاً فباعه بمائة، أن البيع غير لازم للموكل إلاَّ أن يشاء، إلاَّ أبا حنيفة رضي الله عنه/ فإنه ألزمه إياه. [286/ 2]- وأجمعوا أن من وكل رجلاً يبتاع له أمة، ولم يقل أطؤها، ولا تخدمني، فاشترى له أمة، أو اشترى له عبداً على ما ذكره أو اشترى له أباه، أو ابنه -والوكيل بينهما- من النسب، أن الشراء لازم وقد عتق بالرحم، إلاَّ الليث فإنه قال: يبتاع، فإن نقص ثمنه على ما دفع لم يرجع به الموكِّلُ أبداً.

[287/ 3]- وأجمعوا أن من وكل رجلاً يقبض دينه على فلان، فقال: قد قبضته وضاع مني، أن القول قولهـ إلاَّ مالكاً فإنه قال: لا يصدق إلاَّ بالبينة على ذلك.

باب الرهون

25 - ((باب الرهون)) [288/ 1]- وأجمع الفقهاء أن الرجل إذا رهن دينه على زيد من عمرو لم يجز، إلاَّ مالكاً فإنه أجازه.

[289/ 2]- وأجمعوا على جواز ارتهان الدنانير/ والدراهم بالدين، وأنه سواء ختم عليها الراهن في كيس أو لم يختم عليها، إلاَّ مالكاً فإنه قال: إن لم يختم عليها لم يجز. [290/ 3]- وأجمعوا أن من رهن غرمائه رهناً وهو صحيح، ثم إنه

مات، أن ذلك الغريم أحق بثمن ذلك الرهن من غرمائه سواهـ إلاَّ مالكاً فإنه قال: هم فيه أسوة، ثم رجع إلى قول الجماعة. [391/ 4]- وأجمعوا أن القول في الدين-في مقداره- قول الراهن مع يمينه، إلاَّ أن يدعي المرتهن فيه على أكثر من ذلك، إلاَّ مالك فإنه قال: القول قول المرتهن إلاَّ أن يأتي بأكثر من قيمة المرتَهَن فلا يقبل إلاَّ ببينة.

باب الكفالة

26 - ((باب الكفالة)) [292/ 1]- وأجمع الصحابة ومن بعدهم على إجازة الكفالة بالنفس - وإن

لم يكن معه مال- وإنما الاختلاف/ بعدهم، وقال الشافعي: لا تجوز الكفالة بالنفس.

[293/ 2]- وأجمع الفقهاء أن الكفالة على الموتى بالديون جائزة -وإن لم يخلفوا وفاءها-، إلاَّ أبا حنيفة فإنه لم يجزها إلاَّ بمقدار ما خلفوا ديونهم. [294/ 3]- وأجمعوا أن رب المال لو أخذ بالمال كفيلاً بعد كفيل أنه

لا يكون أخذه الثاني براءة للأول، إلاَّ ابن أبي ليلى، فإنه جعلها براءة للكفيل الأول.

باب الغصب

27 - ((باب الغصب)) [295/ 1]- وأجمع الفقهاء أن للمغصوب منه أن يطلب غاصبه بدراهم

مصر، إذا لقيه بالعراق، وسواء كان بين الصرفين كثيراً أو قليلاً، إلاَّ الليث فإنه قال: إن كان بين الصرفين كثيراً لم يكن له أن يطالبه إلاَّ بمصر. [296/ 2]- وأجمعوا أن من عدا (على) أم ولد رجل فغصبها وعيبها كان عليه قيمتها، إلاَّ أبا حنيفة فإنه قال: لا ضمان عليه. [297/ 3]- وأجمعوا أن الرجل (لو غصب من رجل غاصب عرضاً)

فاستهلكاه، ثم لقي أحدهما كان له أن يضمنه نصفه وليس عليه أن يضمنه كله، إلاَّ مالكاً وابن القاسم قال على معانيه: عليه أن يضمنه كله.

باب المأذون

28 - ((باب المأذون)) [298/ 1]- وجمع الفقهاء أن قول الرجل لجاريته أو لغلامه: ابتع لي بهذه الدراهم لحماً أو خبزاً، ليس بإذن له في التجارة، إلاَّ أبا حنيفة فإنه قال: القياس أن يكون مأذوناً له في التجارة كلها. [299/ 2]- وأجمعوا أن ما وُهِبَ للعبد المأذون له في التجارة أو تُصُدِّقَ به،

للغرماء لا للمولى، إلاَّ أن يفضل منه شيء عن ذَنُوبهم فيكون لمولاه، إلاَّ زفر بن الهذيل/ فإنه قال: (هو للمولى)، أحق به منهم.

باب الهبات

29 - ((باب الهبات)) [300/ 1]- وأجمع الفقهاء أن هبة الرجل والدنانير لابنه الصغير،

وقَبْضَه إياها له من نفسه جائزة، ويملكها الصغير بذلك، إلاَّ مالكاً فإنه قال: لا يملكها الابن دون ان يقبضها له قابض من الأب غير الأب. [301/ 2]- وأجمعوا أن المريض إذا وهب لرجل هبة وقبضها، وهي مما

لا تجوز فيها الهبات، ثم برئ المريض من مرضه ذلك، أنه لا سبيل له عليها، وقد عادت بصحته، كأنها استوثقت في الصحة، إلاَّ الليث بن سعد فإنه قال: إن لم يجدد له الهبة في ذلك الموهوب بطلت الهبة.

باب الصلح

30 - ((باب الصلح)) [302/ 1]- وأجمع الفقهاء أن صلح الورثة غرماءهم على بعض ديونهم-وقد كان خَلَّف وفاءً- جائز، إلاَّ الأوزاعي فإنه قال: لا يسع الورثة ذلك.

[303/ 2]- وأجمعوا أن من كانت له على رجل دنانير، فجاءه بدراهم تساويها لم يجبر على قبضها منه، إلاَّ مالكاً فإنه قال: يجبر على ذلك.

باب اللقطة

31 - ((باب اللقطة)) [304/ 1] وأجمع الصحابة أنه لا ينبغي للملتقط -بعد التعريف منة

باللقطة- أن يتصدق بها، ولا يأكلها، وإنما جاء الاختلاف في اكله إياها بعدهم. [305/ 2]- وأجمع الفقهاء أن الملتقط إذا أخذ اللقطة لتعريفها لم يضمن

إن هلكت عنده، إلاَّ أبا حنيفة قال: إن لم يشهد على ذلك وقت أخذها ضمن إن هلكت عنده.

باب اللباس وغيره

32 - ((باب اللباس وغيره)) [306/ 1]- وأجمع الفقهاء على إجازة لبس الحرير للرجال في الحروب،

لأن الحديد ينبو عنه، إلاَّ أبا حنيفة فإنه كرهه في الحروب أيضاً. [307/ 2]- وأجمعوا أن إحفاء الشارب من السنة، إلاَّ مالكاً فإنه كرهه.

[308/ 3]- وأجمعوا أنه ليس على المرأة وإن كانت وضيعة أن ترضع ولدها، وأن رضاعه على الأب دونها، إلاَّ مالكاً فإنه قال: تجبر على ذلك إذا كانت وضيعة، مثلها يُمْتَهَن وَيُسْتَرْضَع.

باب القضاء

33 - ((باب القضاء)) [309/ 1]- وأجمع الفقهاء أن من انكر دعوى رجل عند القاضي ثم أقام

المدعي عليه بينة أنه أَقَرَّ له بذلك بعد قيامه من المجلس، أن القاضي يسمع منها وينفذها، إلاَّ ابن أبي ليلى رضي الله عنه قال: لا أجيز إقراراً في/ حق أنكره الخصم عندي، الإقرار بحضرتي، وكذلك لا اقبل صلحاً من دعوى عندي، إلاَّ صلحاً كان في مجلسي. [310/ 2]- وأجمعوا أنه ليس على الرجل أن يحلف في الدعوى قائماً، إلاَّ مالكاً رضي الله عنه فإنه أوجب عليه أن يحلف قائماً. [311/ 3]- وأجمعوا أن من بلغ الحلم مفسداً لماله، عاقلاً في نفسه، ثم

باع أو ابتاع، لم يجز، لأن الصحابة على ذلك، وإنما جاء الاختلاف بعدهم فيه. [312/ 4]- وأجمعوا أن الشهادة عند القاضي أن هذا خط فلان بإقراره لفلان ابن فلان بدين ذكره لا يجوز، إلاَّ مالكاً رضي الله عنه فإنه أجازها بشهادة شاهدين فصاعداً. [313/ 5]- وأجمعوا أنه ليس على الشاهد أن يقول في الشهادة/ أشهد

شهادة الله على هذا لهذا بكذا، إلاَّ سوار بن عبد الله فإنه ألزم الشاهد أن يقول ذلك وقت شهادته عنده. [314/ 6]- وأجمعوا أن شهادة الأخ لأخيه، والعم لابن الأخ والأخت، إذا

لم يكن واحد منهما في عيال الآخر جائز، إلاَّ الأوزاعي رضي الله عنه فإنه أبطلها من جميعهم. [315/ 7]- وأجمع الصحابة على إجازة الشهادة وإن كان القاضي لا يحفظ ذلك.

[316/ 8]- وأجمعوا أن ولد الزنا إذا كان حراً عاقلاً بالغاً جائز الشهادة في

الزنا وغيره، إلاَّ مالكاً رضي الله عنه فإنه قال: لا يجوز في الزنا وما أشبهه، ويجوز فيما سوى ذلك. [317/ 9]- وأجمعوا أن شهادة النساء وحدهم/ لا تجوز في القتل، إلاَّ

الأوزاعي رضي الله عنه، فإنه قال في امرأة قتلت في الحمام، تشهد أربع نسوة على رجل أو امرأة أنه قتلها إن الشهادة توجب العقل ولا توجب القصاص. [318/ 10]- واجمعوا أن المرأة إذا قالت: أنا ولدت هذا الغلام، لتلزمه رجلاً هو زوجها، لم يقبل قولها إذا أنكره زوجها، أو أنكر ولادتها إياه، وأنها إن أقامت نساءً يشهدن لها بالولادة بعد ان تزوجها بأكثر من ستة أشهر جازت شهادتين ولزمه الولد، إلاَّ ابن صالح فإنه قال: لا تقبل شهادة النساء على ذلك، ولكن القول قول المرأة أنها ولدته.

[319/ 11]- وأجمع/ الصحابة أن المرأة الواحدة مقبولة على الولادة.

[320/ 12]- وأجمع الفقهاء أن رجلين لو شهدا على شهادة رجلين، يشهد كل واحد منهما على شهادة كل واحد منهما أنه يشهد بكذا، جازت الشهادة، وقاما مقام شاهدين بأنفسهما، إلاَّ الشافعي رضي الله عنه، فإنه قال: -في إحدى روايتين عنه- لا يجوز ذلك.

§1/1