نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد

الدارمي، أبو سعيد

المجلد الأول

المجلد الأول مُقَدمَات: مُقَدّمَة المشرف على التَّحْقِيق: إِن الْحَمد لله نحمده، ونستعينه، وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، سيد الْأَوَّلين والآخرين، قدوتنا وإمامنا صلى الله وَسلم وَبَارك عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه وَأَتْبَاعه وأعوانه. أما بعد: فَإِن الله تَعَالَى تولى حفظ كِتَابه بِنَفسِهِ الْكَرِيمَة، فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} وَلم يكل ذَلِك إِلَى غَيره، فَهُوَ مَحْفُوظ بحفط الله تَعَالَى. وَحفظ الله تَعَالَى لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم حفظ لهَذَا الدَّين، الَّذِي أَصله وأساسه الْإِيمَان بِاللَّه وبربوبيته وأسمائه وَصِفَاته وأفعاله، وتوحيد الله وإخلاص الدَّين لَهُ، وَصرف الْعباد بِجَمِيعِ أَنْوَاعهَا لله، وَالْإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخر والبعث بعد الْمَوْت، والحساب وَالْجَزَاء وَالْجنَّة وَالنَّار، والايمان بِقدر الله خَيره وشره. وَمن حفظ الله تَعَالَى لِلْقُرْآنِ الْكَرِيم حفظه للسّنة المطهرة، فَإِن السّنة

الْوَحْي الثَّانِي.. {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} حَيْثُ أَمر الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن الْكَرِيم بِالْأَخْذِ بِالسنةِ، فَقَالَ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواُ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِين} ، وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم} . فَالله تَعَالَى حفظ دينه بِحِفْظ كِتَابه وَسنة نبيه مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَهَيَّأَ الله الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم وقيضهم ووفقهم وهداهم لنصر دين الله، فحفظوا كتاب الله وَسنة نبيه، وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله لإعلاء كلمة الله، ففتحوا الْبلدَانِ، وكسروا ملك كسْرَى، وَقصرُوا ملك قَيْصر، ثمَّ نزحوا إِلَى الْبِلَاد الْمَفْتُوحَة، وانتقلوا إِلَيْهَا فَعَلمُوا النَّاس دين الله، ونشروا الْإِسْلَام فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا، ثمَّ تَبِعَهُمْ على ذَلِك التابعون وأتباعهم، وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء، يحيون مَا اندثر من الْإِسْلَام، ويجدون لهَذِهِ الْأمة دينهَا، وينصرون النَّاس بِالْحَقِّ، ويردون الْبدع والشبه والضلالات، ويكشفون للنَّاس زيفها وزيغها ولبسها الْحق بِالْبَاطِلِ. كَمَا قَالَ الإِمَام أَحْمد -رَحمَه الله- فِي خطْبَة كِتَابه الرَّد على الْجَهْمِية والزنادقة: "الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي كل زمَان فَتْرَة من الرُّسُل بقايا من أهل الْعلم، يدعونَ من ضل إِلَى الْهدى، ويصبرون مِنْهُم على الْأَذَى، يحيون بِكِتَاب الله الْمَوْتَى، ويبصرون بِنور الله أهل الْعَمى، فكم من قَتِيل لإبليس قد أحيوه، وَكم من ضال تائه قد هدوه، فَمَا أحسن أَثَرهم على

النَّاس، وأقبح النَّاس عَلَيْهِم، ينفون عَن كتاب الله تَحْرِيف الغالين، وانتحال المبطلين، وَتَأْويل الْجَاهِلين، الَّذين عقدوا ألوية الْبدع، وأطلقوا عقال الْفِتْنَة، فهم مُخْتَلفُونَ فِي الْكتاب، مخالفون للْكتاب، مجمعون على مُقَارنَة الْكتاب، يَقُول على الله وَفِي الله وَفِي كتاب الله بِغَيْر علم، يَتَكَلَّمُونَ بالمتشابه من الْكَلَام، ويخدعون جهال النَّاس بِمَا يشبهون عَلَيْهِم، فنعوذ بِاللَّه من فتن الضَّالّين" ا. هـ. وَمن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء الأفذاذ الَّذين حفظ الله بهم العقيدة السلفية المستمدة من الْكتاب وَالسّنة الإِمَام الْحَافِظ النَّاقِد، وَأحد الْأَعْلَام الثِّقَات الْأَثْبَات: أَبُو سعيد عُثْمَان بن سعيد التَّمِيمِي الدَّارمِيّ السجسْتانِي: من عُلَمَاء الْقرن الثَّالِث الهجري، قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ: "كَانَ لهجًا بِالسنةِ بَصيرًا بالمناظرة جذعًا فِي أعين المبتدعة" ا. هـ. وَكتابه هَذَا -الَّذِي بَين أَيْدِينَا- الْمُسَمّى: بِالرَّدِّ على بشر المريسي، أَو نَقْضُ الْإِمَامِ أَبِي سَعِيدٍ، عُثْمَانَ بن سعيد، على المريسي الجهمي العنيد، فِيمَا افترى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ التَّوْحِيد- يعْتَبر هَذَا الْكتاب بأجزائه الثَّلَاثَة من أهم الْكتب المصنفة فِي العقيدة على مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، فَهُوَ يسْتَدلّ بِالْآيَاتِ القرآنية، وبالأحاديث النَّبَوِيَّة، وبالآثار السلفية، وبالآدلة الْعَقْلِيَّة فِي بَيَان المعتقد الْحق، وَفِي رد شبه المبتدعة، ودحض أباطيلهم. وَيعْتَبر هَذ الْكتاب من الْكتب الحديثية، بِالْإِضَافَة إِلَى بَيَان العقيدة السلفية، حَيْثُ إِن الْمُؤلف يروي الاحاديث والْآثَار بِالْأَسَانِيدِ. وَهَذَا الْكتاب يرد فِيهِ الْمُؤلف على بشر المريسي، وعَلى ابْن الثَّلْجِي، وعَلى الْمعَارض الَّذِي ينْقل أَقْوَاله المبتدعة، وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة جهمية،

فالكتاب رد على الْجَهْمِية والمبتدعة، مثل كِتَابه الآخر: الرَّد على الْجَهْمِية، وَقد أثنى الْعلمَاء على هذَيْن الْكِتَابَيْنِ، ونقلوا عَنْهُمَا، واستشهدوا بِمَا فيهمَا، كَمَا قَالَ الْعَلامَة ابْن قيم الجوزية رَحمَه الله تَعَالَى: "كتابا الدَّارمِيّ: النَّقْض على بشر المريسي، وَالرَّدّ عَليّ الْجَهْمِية، من أجل الْكتب المصنفة فِي السّنة وعلومها، وَيَنْبَغِي لكل طَالب سنة مُرَاده الْوُقُوف على مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَة والتابعون وَالْأَئِمَّة أَن يقْرَأ الْكِتَابَيْنِ كِتَابيه، وَكَانَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية رَحمَه الله يُوصي بِهَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ أَشد الْوَصِيَّة، ويعظمهما جدًّا، وفيهَا من تَقْرِير التَّوْحِيد والأسماء وَالصِّفَات بِالْعقلِ وَالنَّقْل مَا لَيْسَ فِي غَيرهمَا" ا. هـ. وَكَانَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية رَحمَه الله ينْقل من هَذَا الْكتاب الصفحات فِي مؤلفات وردوده، كَمَا فِي كِتَابه الَّذِي لَا نَظِير لَهُ فِي بَاب: "اجْتِمَاع الْعقل وَالنَّقْل"، وكما نقل عَنهُ الْعَلامَة ابْن الْقيم فِي كِتَابه: "اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية على غَزْو المعطلة والجهمية"، وكما نقل غيرههما من أهل الْعلم. وَقد قَامَ الباحث: الشَّيْخ الدكتور/ رشيد بن حسن بن مُحَمَّد الألمعي/ بتحقيق هَذَا الْكتاب تَحْقِيقا علميًّا، نَالَ بِهِ دَرَجَة علمية من كُلية أصُول الدَّين بالرياض التابعة لجامعة الإِمَام مُحَمَّد بن سعود الإسلامية. وَقد بذل الباحث فِي هَذَا الْكتاب جهدًا يشْكر عَلَيْهِ، حَيْثُ حقق نَص الْكتاب، وَذَلِكَ بِمُقَابلَة مخطوطات الْكتاب ومطبوعاته، وعلق على من يحْتَاج إِلَى تَعْلِيق، وَترْجم للرواة والأعلام، ومعظمهم من رجال الْكتب السِّتَّة؛ لِأَن الْمُؤلف يروي الْأَحَادِيث بِالْأَسَانِيدِ- وَخرج الْأَحَادِيث،

وَعَزاهَا إِلَى مصادرها، وَنقل حكم الْعلمَاء عَلَيْهَا، وَإِذا لم يجد حكما للْعُلَمَاء، فَإِنَّهُ يدرس السَّنَد والمتن، ويتبعه بالشواهد والمتابعات، ثمَّ على الحَدِيث بِبَيَان دَرَجَته بِالنِّسْبَةِ إِلَى إِسْنَاده وَمَتنه، وَقَامَ بِوَضْع خَاتِمَة موجزة ضمنهَا بعض الاقتراحات والملحوظات، ثمَّ فِي النِّهَايَة ختم الْكتاب بفهارس عديدة. وَهَذَا الْكتاب كتاب عَظِيم، وطلاب الْعلم بحاجة ماسة إِلَيْهِ، وَقد نفد من الْأَسْوَاق، وَكثر السُّؤَال عَنهُ من كثير من طلبة الْعلم، وَهُوَ الْآن بطبع لأوّل مرّة محققًا تَحْقِيقا علميًّا، فأسال الله أَن ينفع بِهِ، وَأَن يُبَارك فِي الجهود، وَأَن يَجْعَل الْأَعْمَال خَالِصَة لوجهه الْكَرِيم، وَأَن يرزقنا الْعلم النافع وَالْعَمَل الصَّالح، وَالْإِخْلَاص فِي الْعَمَل، والصدق فِي القَوْل، وَأَن يخْتم لنا بِخَير، وَأَن يجعلنا هداة مهتدين، إِنَّه ولي ذَلِك والقادر عَلَيْهِ، وَصلى الله وَسلم على عَبده وَرَسُوله نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه وَأَتْبَاعه بِإِحْسَان. المشرف على تَحْقِيق الْكتاب عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الراجحي عُضْو هَيْئَة التدريس بجامعة الإِمَام مُحَمَّد بن سعود الإسلامية 19/ 6/ 1418هـ

مقدمة الكتاب

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُقَدّمَة الْكتاب: وَإِن الْحَمد لله، نحمده، ونستعينه، وَنَسْتَغْفِرهُ ونستهديه، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَبعد: لقد كَانَ من فضل الله وتوفيقه أَن حظيت بِالْقبُولِ لمواصلة الدراسات الْعليا بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة فِي كُلية أصُول الدَّين وأنهيت المرحلة التمهيدية بنجاح وَللَّه الْحَمد، وَكَانَ عَليّ بعد هَذَا أَن أتقدم بمخطط لرسالة أستكمل بهَا الْجُزْء المتبقي من هَذِه المرحلة. وجال فِي ذهني جملَة من الموضوعات الْمُخْتَلفَة الَّتِي تعالج جَوَانِب العقيدة والمذاهب المعاصرة لَعَلَّ من أبرزها "القبوريون عقيدتهم وَحكم الْإِسْلَام فيهم" فَلَقَد أردْت أَن أَقف من خلال هَذَا الْمَوْضُوع على ضلال هَذِه الطوائف وشبهاتهم وَمَا يتعلقون بِهِ من أَوْهَام، وَمَا يعتقدونه من خرافات ضَالَّة مَا زَالَت حَتَّى يَوْمنَا هَذَا فِي كثير من الْبلدَانِ الإسلامية. كَمَا بدا لي أَن أطرق مَوْضُوع "الحكم بِغَيْر مَا أنزل الله"؛ لأقف على مدى مَا يتْركهُ هَذَا الْمنْهَج السائد فِي كثير من الدول الإسلامية وَغير الإسلامية من أثر سيئ. كَمَا جال فِي ذهني غير هَذَا وَذَاكَ مِمَّا لَهُ صلَة بالعقيدة والمذاهب المعاصرة.

وتجولت فِي جنبات المكتبات الجامعية وَغير الجامعية، وتأملت كثيرا مَا المخطوطات الَّتِي تزخر بهَا جامعاتنا وَللَّه الْحَمد، ووقفت على عدد من الْمَشَايِخ الأفاضل فِي الجامعة وَدَار الْإِفْتَاء لاستشارتهم والإفادة من توجيهاتهم، وَكَانَ لرحابة الصَّدْر لَدَى كثير مِنْهُم أثر جلي أَجِدهُ فِي نَفسِي وَلَا أنساه. وَمن جملَة مَا حظيت بِهِ من توجيهات وآراء عقدت الْعَزْم على أَن يكون مَوْضُوع رسالتي تَحْقِيقا لمخطوط أعيش من خلاله على جهد علم من أَعْلَام الْمُسلمين الجهابذة، وَهُوَ ينافح عَن معتقده وَدينه فِي مُوَاجهَة المبتدعة. وَلَا شكّ أَن إحْيَاء التراث الإسلامي الَّذِي يتَضَمَّن الْفَهم الصَّحِيح للعقيدة الإسلامية ضَرُورَة ملحة وخاصة فِي وقتنا هَذَا الَّذِي نلمس فِيهِ -وَللَّه الْحَمد- معالم يقظة إسلامية فِي شَتَّى أنحاء الْبِلَاد الإسلامية. وَعَلِيهِ فَلَا بُد لهَذِهِ الْأمة من مفاهيم سليمَة ومعالم صَحِيحَة فِي طَرِيق عودتها إِلَى الله تبين لَهَا الْمنْهَج السَّلِيم فِي فهم الأَصْل الَّذِي تنبي عَلَيْهِ جَمِيع الْأَعْمَال وَالْقَاعِدَة الأساسية لبِنَاء الْمُجْتَمع الإسلامي السَّلِيم أَلا وَهِي العقيدة الصَّحِيحَة. وَنحن نعتقد اعتقادًا جَازِمًا أَن الْمنْهَج السَّلِيم والاعتقاد الصَّحِيح الَّذِي يجب أَن نقدمه للْأمة، هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة من الِاعْتِقَاد الصَّحِيح المستمد من الْفَهم الصَّحِيح لكتاب الله وَسنة رَسُوله. ونعتقد أَيْضا أَنه لم ينل هَذِه الْأمة مَا نالها إِلَّا نتيجة انحرافها وعدولها عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ سلف هَذِه الْأمة من طَهَارَة الْقلب ونقاء السريرة وَصفاء الِاعْتِقَاد.

فَلَقَد كَانَ للمخلفات الوثنية والمناهج الفلسفية، وانضواء عدد من المغرضين الَّذين اندسوا فِي صُفُوف الْمُسلمين وَالْإِسْلَام مِنْهُم برَاء، كَانَ لهَذَا وَلغيره الْأَثر الْبَالِغ على الآمة الإسلامية مُنْذُ فجر التَّارِيخ الإسلامي. وَقد قيض الله الْأمة على فترات من الزَّمن من أبنائها المخلصين من يذود عَن حمى الْإِسْلَام وحرماته جهادًا بِالسَّيْفِ والقلم وَاللِّسَان مُنْذُ فجر الْإِسْلَام إِلَى الْيَوْم وَإِلَى أَن تقوم السَّاعَة بِمَشِيئَة الله. وَقد كَانَ الإِمَام عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ -رَحِمَهُ الله- أحد هَؤُلَاءِ الأفذاذ الَّذين حفظ الله بهم عقيدة هَذِه الْأمة، وَكتابه هَذَا يعد فِي أَوَائِل المصنفات الَّتِي صنفت فِي بَيَان حَقِيقَة مَا كَانَ عَلَيْهِ سلف هَذِه الْأمة من سَلامَة الِاعْتِقَاد، مَعَ مَا اشْتَمَل من الْآيَات القرآنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة الشَّرِيفَة وآثار السّلف مُضَافا إِلَيْهِ الا ستدالال الْعقلِيّ فِي رد شبه الْمُخَالفين لأهل السّنة وَالْجَمَاعَة ودحض أباطيلهم، وَلِهَذَا كَانَ على قدر كَبِير من الأهمية والنفع اللَّذين شهد بهما لَهُ المنصفون. وَقد وَقع اخْتِيَاري على هَذَا الْكتاب لأَقوم بتحقيقه وَالتَّعْلِيق عَلَيْهِ بأجزائه الثَّلَاثَة ليَكُون مَوْضُوعا لرسالتي لنيل دَرَجَة التخصص فِي العقيدة" الماجستير" فِي كُلية أصُول الدَّين بالرياض. وَقد قسمت الْعَمَل فِي تَحْقِيق هَذَا الْكتاب إِلَى قسمَيْنِ: الْقسم الأول: وَقد اشْتَمَل على بَابَيْنِ: الْبَاب الأول: عرفت فِيهِ بالمؤلف وخصميه المريسي وَابْن الثَّلْجِي: وَيَقَع فِي ثَلَاثَة فُصُول: الْفَصْل الأول: عرفت فِيهِ بالمؤلف فِي مبحثين:

المبحث الأول: عصره السياسي والعملي. المبحث الثَّانِي: حَيَاته: تناولت فِيهِ التَّعْرِيف باسم الْمُؤلف وكنيته، وَنسبه ومولده، وَطَلَبه للْعلم، وشيوخه، وتلاميذه، وَمَا نقل عَنهُ من الْفَوَائِد والغرائب، واعتزازه بمكانته فِي الْعلم، والعلوم الَّتِي برز فِيهَا، وثناء الْعلمَاء عَلَيْهِ، وموقفه من المبتدعة، ثمَّ وَفَاته، وآثاره. الْفَصْل الثَّانِي: عرفت فِيهِ بالمريسي فِي مبحثين: المبحث الأول: عصر المريسي السياسي والعلمي. المبحث الثَّانِي: حَيَاته: تناولت فِيهِ التَّعْرِيف باسمه، وَنسبه، وكنيته، ومولده، ونشأته، وَصفته، وَطَلَبه للْعلم، وشيوخه، ومناظراته، وعقيدته، وموقف الْعلمَاء مِنْهُ، ووفاته واستبشار النَّاس بِمَوْتِهِ، وآثاره, الْفَصْل الثَّالِث: عرفت فِيهِ بِابْن الثَّلْجِي فِي مبحثين: المبحث الأول: عصر ابْن الثَّلْجِي السياسي والعملي. المبحث الثَّانِي: حَيَاته: وتناولت فِيهِ التَّعْرِيف باسمه، وكنيته، وَنسبه، ومولده، وَطَلَبه للْعلم وشيوخه، وتلاميذه، وَبَعض مَا نسب إِلَيْهِ من الرِّوَايَات، وعقيدته، وموقفه من الْعلمَاء، ثمَّ فَاتَهُ وآثاره. الْبَاب الثَّانِي: عرفت فِيهِ بِالْكتاب المخطوطة فِي فصلين: الْفَصْل الأول: التَّعْرِيف بِالْكتاب:

وَقد تضمن: اسْم الْكتاب، ونسبته إِلَى الْمُؤلف، وموضوعه، وَسبب التَّأْلِيف، وتاريخ تأليفه، ومنهج الْمُؤلف فِي هَذَا الْكتاب، وَقِيمَته العلمية. الْفَصْل الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمخطوطة: ويتضمن: عدد نسخ المخطوطة، والتعريف بالنسخ، وتاريخ النّسخ وَالنُّسْخَة الأَصْل وَسبب اخْتِيَارهَا، والسماعات على النّسخ، ونماذج من المخطوطات. الْقسم الثَّانِي: "الْكتاب محققًا". والمنهج الَّذِي اتبعته فِي تَحْقِيقه وَالتَّعْلِيق عَلَيْهِ مَا يَلِي: 1- عزو الْآيَات إِلَى موَاضعهَا فِي كتاب الله الْكَرِيم. 2- تَخْرِيج الْأَحَادِيث والْآثَار: فقد أورد الْمُؤلف كثيرا مِنْهُ فِي كِتَابه هَذَا بأسانيدها، وَلم يذكر مخرجيها مِمَّا اضطرني إِلَى الْبَحْث عَنْهَا فِي مظان وجودهَا وَقد وقفت على أَكْثَرهَا وَللَّه الْحَمد وَاتَّبَعت فِي تخريخها وَالْحكم عَلَيْهَا مَا يَلِي: أ- إِذا كَانَ الحَدِيث مخرجا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَو أَحدهمَا اكتفيت بالعزو إِلَيْهِ فِي مَكَان وجوده مُبينًا اللَّفْظ الَّذِي ورد بِهِ إِن كَانَ فِيهِ اخْتِلَاف وَلَا أطيل بعد هَذَا فِي الْإِشَارَة إِلَى أَمَاكِن وجوده فِي غَيرهمَا. ب- إِذا كَانَ فِي غَيرهمَا فِي كتب الصِّحَاح وَالْمَسَانِيد والجوامع والمستدركات وَنَحْوهَا، فَإِنِّي أُشير إِلَى مَكَان وجوده فِيهَا مستفيدًا من ذكر الحكم عَلَيْهِ من بعض الْمُحدثين كالترمذي وَالْحَاكِم وَغَيرهمَا.

ج- إِذا لم أَقف لأحد من الْمُحدثين على حكم الحَدِيث أَو الْأَثر فَإِنِّي أبين دَرَجَته بِالنّظرِ إِلَى إِسْنَاده وَمَتنه، ثمَّ أتبعه بِمَا أَقف عَلَيْهِ من الشواهد والمتابعات الَّتِي تعضده وتقوي مَعْنَاهُ إِن وجدت. 3- شرح الْكَلِمَات الغريبة وَبَيَان مدلولاتها من خلال كتب اللُّغَة. 4- التَّعْرِيف بالأماكن والبلدان الْوَارِدَة فِي الْكتاب. 5- تَرْجَمَة الْأَعْلَام. فقد أورد الْمُؤلف فِي كِتَابه هَذَا مئات الْأَشْخَاص ترجمت للكثرة الكاثرة مِنْهُم، وَلم يفتني إِلَّا النزر الْيَسِير جدًّا، وَلَا أَدعِي أَنِّي قد أصبت فِي كل الَّذين ترجمت لَهُم وحسبي أَنِّي بذلت الْجهد فِي ذَلِك. وَلما كَانَ مُعظم المترجم لَهُم فِي هَذَا الْكتاب فِي تعريفهم عَمَدت إِلَى تقريب السِّتَّة، وَكنت بحاجة إِلَى الِاخْتِصَار فِي تعريفهم عَمَدت إِلَى تقريب التَّهْذِيب لِابْنِ حجر كمصدر أساسي للتَّرْجَمَة، إِذْ هُوَ من أَجود المختصرات النافعة فِي تراجم الرِّجَال خَاصَّة، وَهُوَ يُعْطي المراجع عصارة الْأَقْوَال فِي الشَّخْص المترجم لَهُ من حَيْثُ الْجرْح وَالتَّعْدِيل. وَقد سرت على الِاصْطِلَاح الَّذِي اتبعهُ ابْن حجر فِي كِتَابه التَّقْرِيب من اسْتِعْمَال الرموز الدَّالَّة على الْأَلْفَاظ، وَهِي: "خَ" للْبُخَارِيّ، فَإِن كَانَ الحَدِيث عِنْده مُعَلّقا"خت"، وللبخاري فِي الْأَدَب الْمُفْرد"بخ"، وَفِي خلق أَفعَال الْعباد"عخ" وَفِي جُزْء الْقِرَاءَة "ز"، فِي رفع الْيَدَيْنِ "ي"، وَلمُسلم "م"، وَلأبي دَاوُد "د"، وَفِي الْمَرَاسِيل "مد"، وَفِي فَضَائِل الْأَنْصَار "صد" وَفِي النَّاسِخ "خد"، وَفِي الْقدر

"قد"، وَفِي التفرد "ف"، وَفِي الْمسَائِل "ل"، وَفِي مُسْند مَالك "كد"، وللترمذي "ت"، وَفِي الشَّمَائِل لَهُ "تمّ"، وللنسائي "س"، وَفِي مُسْند عَليّ لَهُ "عس" وَفِي التَّفْسِير لَهُ "فق ". كَمَا أَنه اسْتعْمل الرَّمْز "ع"‘ إِذا أخرج لَهُ أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة، وَالرَّمْز "ع" إِذا أخرج لَهُ الْأَرْبَعَة، وَلما كَانَ هَذَا الرَّمْز كِتَابَته بالآلة الكاتبة فقد صرحت فِيهِ بِذكر لفظ "الْأَرْبَعَة". ثمَّ قَالَ: وَمن لَيست لَهُ عِنْدهم رِوَايَة مرقوم عَلَيْهِ "تَمْيِيز". كَمَا أَنه سَار فِي الطَّبَقَات على اعْتِبَار أَن من كَانَ من الأولى وَالثَّانيَِة فهم قبل الْمِائَة، وَإِن كَانَ من الثَّالِثَة إِلَى آخر الثَّامِنَة فهم بعد الْمِائَة، وَإِن كَانَ من التَّاسِعَة إِلَى آخر الطَّبَقَات فهم بعد الْمِائَتَيْنِ وَمن ندر عَن ذَلِك بَينه. وَقد سرت فِي تَحْدِيد الْوَفَاة لأغلب التراجم على اصْطِلَاح ابْن حجر هَذَا وَرُبمَا أثبت أَحْيَانًا سنة الْوَفَاة حسب مَدْلُول الِاصْطِلَاح. وَلم أقتصر على تقريب ابْن حجر، فكثيرًا مَا أستعين بالمطولات فِي بَابه وبغيرها من كتب التراجم الْمُخْتَلفَة. وَإِذا ترجمت لشخص أَو عرفت براو، وتكرر اسْمه مرّة أخري، أَشرت إِلَى مَوضِع تَقْدِيمه فِي الْكتاب. 6- تناولت بالتعريف الْملَل والنحل وَالْفرق والأديان الَّتِي وَردت فِي الْكتاب. 7- الْمُقَابلَة: وَاتَّبَعت فِيهَا مَا يَلِي: أ- اعتمدت إِحْدَى النّسخ أصلا وَذكرت الفروق الَّتِي فِي النّسخ

الْأُخْرَى فِي الْحَاشِيَة، وَإِذا كَانَ مَا فِي النّسخ الْأُخْرَى هُوَ الْأَقْرَب للصَّوَاب أَو بِهِ يَتَّضِح الْمَعْنى ذكرت ذَلِك. ب- إِذا كَانَ مَا فِي الأَصْل مِمَّا لَا يحْتَمل الصَّوَاب كَمَا لَو كَانَ خطأ فِي أَيَّة قرآنية أَو خطأ نحويًّا أَو نَحْو ذَلِك، فَإِنِّي أثبت الصَّوَاب وأشير إِلَى خطأ نُسْخَة الأَصْل فِي الْحَاشِيَة، وَإِن كَانَ مِمَّا يحْتَمل التَّوْجِيه أثْبته فِي الأَصْل وَذكرت تَوْجِيه ذَلِك فِي الْحَاشِيَة، وَقد أترك التَّوْجِيه فِي بعض الفروق لفظته الْقَارئ. ج- عمد نَاسخ الأَصْل إِلَى اصْطِلَاحَات الْخط الْقَدِيم فِي كِتَابَته فَهُوَ يغْفل الْهمزَة فِي نَحْو لفظ الرُّؤْيَة وَقَائِل وَشَيْء وَنَحْو ذَلِك، وَيتْرك ألف الْمَدّ فِي نَحْو مُعَاوِيَة وَإِسْحَاق، وَيتْرك الإعجام لبَعض الْحُرُوف الْمُعْجَمَة إِلَى غير ذَلِك مِمَّا يعرف مُرَاده بِهِ خلال السِّيَاق وَتَأمل النّسخ الْأُخْرَى، وَكتب التراجم، وَقد طوعت الْخط الْقَدِيم الَّذِي كتبه نَاسخ الأَصْل إِلَى اصْطِلَاحَات الْإِمْلَاء الحديثة من غير أَن أذكر فروق الأَصْل لِئَلَّا تطول بذلك الْحَوَاشِي. 8- قُمْت بِوَضْع خَاتِمَة موجزة ضمنتها بعض الاقتراحات والملاحظات. 9- قُمْت بِعَمَل فهارس اشْتَمَلت على مَا يَلِي: أ- فهرس الْآيَات القرآنية. ب- فهرس الْأَحَادِيث والْآثَار. ج- فهرس الْفرق والأديان. د- فهرس الْكَلِمَات الغريبة.

هـ- فهرس المصطلحات. وفهرس الْأَشْعَار والأمثال، والقبائل، والبلدان واللغات وَنَحْوهَا. ز- فهرس أَسمَاء الْكتب. ح- فهرس الْأَعْلَام. ط- فهرس المراجع. ي- فهرس الموضوعات. وَبعد: فَالْحق أَن مثلي يقصر بَاعه دون الْوُصُول إِلَى مَا يتطلع إِلَيْهِ ذَوُو النهم العلمي وَأَصْحَاب الهمم الْعَالِيَة، وحسبي أَنِّي قد بذلت الْجهد فَإِن أصبت فَمن الله، وَإِن أَخْطَأت فَمن نَفسِي وَمن الشَّيْطَان، وَالله وَرَسُوله بريئان مِنْهُ. وَلَعَلَّ من أبرز مَا واجهته من صعوبات حصولي على النُّسْخَة المخطوطة الَّتِي اعْتمد عَلَيْهَا الشَّيْخ مُحَمَّد حَامِد الفقي فِي طبعه لهَذَا الْكتاب، وأحسب أَنَّهَا ضمن ممتلكات أحفاده فِي مصر، وَكنت قد بذلت مَا أمكنني للحصول عَلَيْهَا من بعض أحفاده واستعنت بِبَعْض من لَهُم بهم وجاهة وصلَة، إِلَّا أَن ذَلِك لم يجد بِشَيْء، وَقد أغناني عَن الْمَزِيد من الاستجداء أَن المطبوعة الَّتِي قَامَ بطبعها حَامِد الفقي مُقَابلَة عَلَيْهَا فاكتفيت بهَا مستعينًا بطبعة أُخْرَى قَامَ بطبعها ضمن مَجْمُوع عقائد السّلف كل من الأستاذين عَليّ سامي النشار وعمار الطَّالِبِيُّ. كَمَا أَن من الصعوبات الَّتِي واجهتها هُوَ ذَلِك الْجهد الَّذِي كنت أبذله.

للحصول على تَرْجَمَة علم الْتبس عليّ، أَو أثر لم أَقف على من ذكره. وَهَذَانِ الْأَمر من أظهر العقبات الَّتِي كَانَت تواجهني، وَكم كنت أسر عِنْدَمَا أظفر بِحَدِيث أَو أثر طَال بحثي عَنهُ، أَو تميز لي علم عَن غَيره مِمَّا يلتبس كثيرا على من بَاعه قصير مثلي فِي علم الرِّجَال. وَلَقَد كَانَ لشيخي الْفَاضِل عبد الْعَزِيز الراجحي -بعد الله- أكبر الْأَثر فِي تذليل مَا واجهني من صعوبات، أفدت كثيرا من ثاقب رَأْيه، وَحسن درايته، وسديد توجيهات، مَعَ حرصه على الْوَقْت أَن يذهب سدى، فجزاه الله عني خير الْجَزَاء، وأجزل لَهُ المثوبة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِنَّه تَعَالَى سميع مُجيب. كَمَا أتقدم بالشكر الجزيل لجامعة الإِمَام مُحَمَّد بن سعود الإسلامية ممثلة فِي كُلية أصُول الدَّين، على إتاحة هَذِه الفرصة لي، سَائِلًا الله تَعَالَى أَن يَجْعَل عَمَلي هَذَا خَالِصا لوجهه الْكَرِيم، إِنَّه تَعَالَى سميع قريب مُجيب، وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله وَسلم على نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أجميعن.

القسم الأول

الْقسم الأول: الْبَاب الأول: التَّعْرِيف بالمؤلف والمريسي وَابْن الثَّلْجِي الْفَصْل الأول: التَّعْرِيف بالدارمي المبحث الأول: عصره السياسي والعلمي أَولا: عصره السياسي: عَاشَ الدَّارمِيّ -رَحمَه الله- فِي الفترة مَا بَين بداية خلَافَة الْمَأْمُون إِلَى بداية خلَافَة المعتضد بِاللَّه، وسأتناول على سَبِيل الإيجاز جملَة من الْحَوَادِث السياسية، الَّتِى حدثت فِي هَذِه الفترة مبتدئًا بخلافة الْمَأْمُون. 1- الْمَأْمُون "198-218": وَفِي عَهده واجه بعض الصعوبات، كَانَ من أبرزها اسْتِقْلَال الدولة الزيادية عَن الْخلَافَة العباسية، كَمَا قَامَ الزط بمناوأة السلطة مستفيدين من الْفِتْنَة الَّتِي قَامَت بَين الْأمين والمأمون، وَقَامَ أَبُو السَّرَايَا فِي الْكُوفَة سنة 199 بالدعوة لأحد العلويين، وقاد مؤيديه ضد وَالِي الْعرَاق الْحسن بن سهل، وأوقع بِهِ الْهَزِيمَة. وَقَامَت فِي عَهده فتْنَة القَوْل بِخلق الْقُرْآن وَأَرَادَ حمل النَّاس على القَوْل بذلك متأثرًا بخلصائه وأصفيائه من الْمُعْتَزلَة، إِلَى أَن توفّي بِبِلَاد بيزنطة فِي آخر غَزَوَاته سنة 218 موصيًا بالخلافة من بعده للمعتصم1. 2- المعتصم "218-227": ولي الْخلَافَة بعد أَخِيه الْمَأْمُون، وَكَانَ من أبرز المشكلات الَّتِي واجهت

_ 1 انْظُر: الطَّبَرِيّ: تَارِيخ الْأُمَم والمملوك "8/ 527-666"، د. أَحْمد رَمَضَان فِي حضارة الدولة العباسية ص"29-32".

المعتصم فتْنَة الزط سبق ذكرهم، حَيْثُ استولوا على الْبَصْرَة وفرضوا المكوس الجائرة على السفن مِمَّا تسبب فِي منع وُصُول الأقوات والمؤن إِلَيّ بَغْدَاد، كَمَا تمّ فِي عهد محاربة ثورات بابك الخرمي وَمَا زيار والأفشين وَأسسَ مَدِينَة سامر. وَلَعَلَّ من أبرز الْأَحْدَاث فِي عصره فتح عمورية الْمَشْهُورَة، إِلَّا أَن من أظهر السلبيات الَّتِي وَقعت فِي عَهده هِيَ أَنه كَانَ يدني الْمُعْتَزلَة وينتصر لآرائهم1. 3- الواثق "227-232": ولي الْخلَافَة بعد وَالِده، وَلم تدم أَكثر من سِتّ سنوات فِيهَا سيرة وَالِده من الِانْتِصَار للمعتزلة، وتشدد فِي فرض آرائه مِمَّا أثار أهل بَغْدَاد عَلَيْهِ، كَمَا لَا حَظّ المؤرخون فِي عَهده الضعْف الَّذِي شَاب السياسة الإدارية إِلَى أَن توفّي سنة 232 2. 4- المتَوَكل على الله "232-247": وَهُوَ أَخُو الواثق، تولى الْخلَافَة بعده ولقب بالمتوكل على الله، وَكَانَت خِلَافَته بداية لما يُسمى بعصر نُفُوذ الأتراك، وَكَانَ فِي أول أمره يدني مِنْهُ أَحْمد بن أبي دؤاد المعتزلي حَتَّى جعله كَبِير الْقُضَاة، وَفِي سنة 237 غضب عَلَيْهِ وَقبض ضيَاعه وأمواله وحبسه، وَفِي عَهده أَمر بترك الجدل الَّذِي أثير فِي عهد الْمَأْمُون والمعتصم، وَكتب بذلك إِلَى الْأَمْصَار الإسلامية مِمَّا كَانَ لَهُ أكبر الْأَثر فِي نفوس الْمُسلمين، وَحدث فِي عَهده

_ 1 انْظُر: تَارِيخ الطَّبَرِيّ "8/ 667-9/ 123"، حضارة الدولة العباسبة "32-33". 2 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "9/ 123-154"، حضارة العباسية "34".

مجاعات شَدِيدَة إِثْر عواصف شملت بَغْدَاد وَالْبَصْرَة والكوفة وَغَيرهَا، وأغار الرّوم على دمياط ثمَّ آسيا فغزوا قيلقيا، واغتيل سنة 247 وَيُقَال: إِن ذَلِك كَانَ بتدبير من ابْنه والأتراك1. 5- الْمُنْتَصر بِاللَّه "247-248": تولى الْخلَافَة بعد أَبِيه فبادر بخلع أَخَوَيْهِ المعتز والمؤيد من ولَايَة الْعَهْد، وَمَال إِلَى العلويين وسمح لَهُم بزيارة قبر الْحُسَيْن، وَأدنى مِنْهُ الأتراك ثمَّ مَا لبث أَن قلب لَهُم ظهر الْمِجَن، فأرادو قَتله فتآمروا مَعَ طبيبه على قَتله بالسم وَكَانَ ذَلِك، فَمَاتَ سنة 248 وعمره 26 عَاما2. 6- المستعين بِاللَّه "248-252": اجْتمع رَأْي التّرْك على تَوْلِيَة الْخلَافَة لِأَحْمَد بن مُحَمَّد بن المعتصم، وَكَانَ يبلغ من الْعُمر 28 عَاما، ولقبوه بالمستعين بِاللَّه، وَلَعَلَّ ذَلِك رَاجع إِلَى اطمئنانهم إِلَيْهِ ففضلوه على أَبنَاء المتَوَكل إِلَّا أَنه أَرَادَ أَن يتَخَلَّص مِنْهُم، فَلَمَّا شعروا بذلك انقسموا إِلَى حزبين: حزب اتجه إِلَى بَغْدَاد وَأما الآخر فَأَرَادَ العودة إِلَى سامرا إِلَّا أَنه رفض فَقَامَ الَّذين عارضوه بخلعه وتولية ابْن عَمه المعتز بن المتَوَكل. وَقَامَت الْحَرْب بَين الْفَرِيقَيْنِ واستمرت عدَّة أشهر وانتهت بانتصار المعارضين للمستعين الْمَعْزُول، فَأخْرج إِلَى وَاسِط ثمَّ مَا لبث أَن قتل سنة

_ 1 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "9/ 154-234"، الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير "7/ 59"، حضارة الدولة العباسية "63-64". 2 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "9/ 234-239"، حضارة الدولة العباسية "64".

252 1. 7- المعتز بِاللَّه "252-255": وَكَانَت فَتْرَة حكمه محكمَة الْقَبْض بأيدي الأتراك، يعزلون من يُرِيدُونَ ويصنعون مَا شَاءُوا، وَكَانَ متخوفًا مِنْهُم لَا يَأْمَن جانبهم، وَيذكر أَن جمَاعَة مِنْهُم دخلُوا عَلَيْهِ فِي حجرته، فضربوه بالدبابيس وعلقوه فِي الشَّمْس وَأشْهدُوا على خلعه وَأَعْطوهُ الْعَهْد والأمان، ثمَّ مَا لَبِثُوا أَن قَتَلُوهُ صبرا سنة 255 2. 8- الْمُهْتَدي بن الواثق "255-256": تولى بعد مقتل أَخِيه وأبى أهل بَغْدَاد مبايعته وَقَامُوا ضِدّه إِلَّا أَنه اسْتَطَاعَ أَن يهدئ ثائرتهم إِلَى أَن بَايعُوهُ. كَمَا ثار فِي عَهده الْجند لتأخر عطائهم، وثار العلويون فِي أنحاء مُخْتَلفَة من الْخلَافَة، إِلَّا أَن أخطر الثورات فِي عَهده كَانَت ثورة الزنج، وَالَّتِي بدأت فِي عَهده واستمرت زهاء أَرْبَعَة عشر عَاما، ثمَّ مَا لبث أَن أسر ثمَّ خلع، ثمَّ عذب حتي مَاتَ سنة 256 3.

_ 1 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "9/ 256-354"، حضارة الدولة العباسية "64-65". 2 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "9/ 348-390"، حضارة الدولة العباسية "65"، الْكَامِل فِي التَّارِيخ "7/ 68-69". 3 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "9/ 392-469"، السُّيُوطِيّ فِي تَارِيخ الْخُلَفَاء "361-362"، حضارة الدولة العباسية "65-66".

9- الْمُعْتَمد على الله "256-279": تولى الْخلَافَة بعد أَن أخرج فِي القلعة وَذَلِكَ سنة 256، وَفِي عَهده شهِدت الدولة أحداثًا هَامة من أبرزها: أ- ثورة الزنج. ب- قيام طَائِفَة شِيعِيَّة جَدِيدَة هِيَ الشِّيعَة الاثنا عشرِيَّة. كَمَا ظَهرت شخصية مُوسَى بن بغا على مسرح الْأَحْدَاث فِي التَّارِيخ العباسي، وَكَذَلِكَ كَانَ لشخصية أَحْمد بن طولون وَالِي مصر أَثَرهَا الْبَالِغ أَيْضا فِي هَذَا الْعَصْر1. 10- المعتضد بِاللَّه "279-289": تولى الْخلَافَة بعد الْمُعْتَمد على الله حكمه بالميل إِلَى العلويين، وَكثر فِي عَهده الخارجون على الْخلَافَة، فَقَامَ عَمْرو بن اللَّيْث الصفار أحد زعماء الصفارية وَاسْتولى على كثير من بِلَاد الْفرس، كَمَا ظهر القرامطة بقيادة حمدَان قرمط فِي الْكُوفَة، وَفِي الْبَحْرين على يَد أبي سعيد الجنابي، كَمَا نشر ابْن حَوْشَب فِي الْيمن الدعْوَة للمهدي، وَأَبُو عبد الله الشيعي صَاحب الدعْوَة الفاطمية فِي الْمغرب، كَمَا منع فِي عَهده بيع كتب الفلسفة، وَمنع الْقصاص والمنجمين من الْجُلُوس فِي الطرقات اتقاء الْفِتْنَة والبلبلة فِي أوساط الْعَامَّة2.

_ 1 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "9/ 474-10/ 29"، حضارة الدولة العباسية "66-68". 2 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "10/ 30-86"، حضارة الدولة العباسية "68".

ثَانِيًا: عصره العلمي: عني الْإِسْلَام بِالْعلمِ ودعا إِلَيْهِ وحث على طلبه وَفِي ذَلِك أنزلت آيَات صَرِيحَة، تَدْعُو إِلَى التَّعَلُّم والتفكر والتدبر فِي ملكوت الله وآياته، وَفِي الْعَصْر العباسي حدث ازدهار ملموس فِي حَيَاة الْمُجْتَمع الإسلامي فِي النواحي العلمية والفكرية، وبرزت الْعِنَايَة باللغة الْعَرَبيَّة وفروعها الْمُخْتَلفَة واتجهت الْعِنَايَة بِصفة خَاصَّة إِلَى السّنة النَّبَوِيَّة دراسة وتدوينًا، وبرز فِي عُلُوم الحَدِيث رجال أَمْثَال: البُخَارِيّ، وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، كَمَا ظهر أَصْحَاب الْمذَاهب الْأَرْبَعَة: أَبُو حنيفَة وَمَالك، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وحظت السِّيرَة النَّبَوِيَّة بعناية المؤرخين الْمُسلمين واشتهر فِي مجَال التَّارِيخ كثير من الْمُسلمين من: ابْن سعد وَعبد الْملك بن هِشَام والطبري وَغَيرهم. وَلم تقف عناية الْمُسلمين على حد الْعُلُوم الدِّينِيَّة واللغوية بل امتدت إِلَى أفرع الْعلم من فلك وطب وهندسة ورياضيات وَغَيرهَا. وانتشرت دور الْعلم وخزائن الْحِكْمَة فِي عواصم الأقاليم الإسلامية، وَلَعَلَّ أول بَيت للحمكة عرفه الْمُسلمُونَ هُوَ بَيت الحكمه الَّذِي أسسه العباسيون فِي بَغْدَاد وازدهر بِصفة خَاصَّة فِي زمن الْمَأْمُون. وَفِي عهد المتَوَكل أنشئت خزانَة الْحِكْمَة، وَكَانَ الَّذِي انشأها الْفَتْح بن خاقَان وَزِير الْخَلِيفَة المتَوَكل. وانتشرت دور الْكتب الْعَامَّة مِنْهَا والخاصة، وَكَانَت عامرة بالكتب فِي فروع الْعلم الْمُخْتَلفَة، وَبلغ عدد الْكتب فِي بَعْضهَا أَكثر من "مليون" كتاب، وَإِلَى جَانب هَذَا انتشرت محَال الوراقة وتجويد الْخط كمراكز

للْعلم والثقافة، وَقد أحصى اليعقوبي فِي بَغْدَاد 278هـ أَكثر من مائَة من محَال الوراقة1. وَلَقَد كَانَ من أبرز السلبيات اتساع دَائِرَة التَّرْجَمَة فِي هَذَا الْعَصْر وخاصة فِي عصر الْمَأْمُون، فقد كَانَ مُولَعا بالعلوم والفلسفة وَترْجم فِي عَهده كثير من الْعُلُوم الفارسية واليونانية وَغَيرهَا، وطالعها النَّاس فتأثر بهَا من تأثر، وَفِي ذَلِك يَقُول الشهرستاني: "ثمَّ طالع بعد ذَلِك شُيُوخ الْمُعْتَزلَة كتب الفلاسفة حِين نشرت أَيَّام الْمَأْمُون، فخلطت مناهجها بمناهج الْكَلَام وأفردتها فنًّا من فنون الْعلم وسمتها باسم الْكَلَام"2. كَمَا ظهر من بعض الْخُلَفَاء العباسيين التأثر الشَّديد بآراء الْمُعْتَزلَة، فاستعانوا بهم وناصروهم، وَحَتَّى إِن ابْن أبي دؤاد المعتزلي كَانَ من كبار قُضَاة المعتصم والواثق، كَمَا أَن من أبرز السلبيات الَّتِي مني بهَا هَذَا الْعَصْر هُوَ مَا حدث من فتْنَة القَوْل بِخلق الْقُرْآن، حَيْثُ أَرَادَ الْمَأْمُون حمل النَّاس على القَوْل بِهَذِهِ الْمقَالة كَمَا يَقُول أَصْحَابه الْمُعْتَزلَة الَّذين اخْتَار مِنْهُم وزراءه وقضاته وخلصاءه وَأكْرمهمْ أبلغ الْإِكْرَام. وَفِي سنة 218 بدا لَهُ أَن يَدْعُو النَّاس بِقُوَّة السُّلْطَان إِلَى اعتناق القَوْل بِخلق الْقُرْآن قهرا، وابتدأ ذَلِك بإرسال كتبه وَهُوَ بالرقة إِلَى إِسْحَاق ين إِبْرَاهِيم نَائِبه فِي بَغْدَاد بامتحان الْفُقَهَاء والمحدثين وليحملهم على أَن

_ 1 بِتَصَرُّف من دراسات فِي الحضارة الإسلامية/ د. حسن الباشا/ الصفحات "83، 85، 87، 99، 100" وَانْظُر: اليعقوبي فِي الْبلدَانِ "ص13". 2 الْملَل والنحل/ تَحْقِيق مُحَمَّد كيلاني/ 1/ 30.

يَقُولُوا: إِن الْقُرْآن مَخْلُوق، وَكَانَ فِي مُقَدّمَة من ابْتُلِيَ بذلك الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله وَمُحَمّد بن نوح، حَيْثُ سيقا مكبلين بالحديد إِلَى طرطوس للقاء الْمَأْمُون، فَتوفي ابْن نوح فِي الطَّرِيق، ووافت الْمَأْمُون الْمنية قبل أَن يصل إِلَيْهِ الإِمَام أَحْمد، إِلَّا أَنه لم يودع الدُّنْيَا من غير أَن يُوصي أَخَاهُ المعتصم بالاستمساك بمذهبه فِي الْقُرْآن ودعوة النَّاس إِلَيْهِ بِقُوَّة السُّلْطَان. وَبلغ الْبلَاء أشده والمحنة أقصاها فِي عهد المعتصم ثمَّ الواثق، وتحاوزت الْفِتْنَة الإِمَام أَحْمد إِلَى غَيره من الْفُقَهَاء أَمْثَال يُوسُف الْبُوَيْطِيّ الْفَقِيه الْمصْرِيّ صَاحب الإِمَام الشَّافِعِي الَّذِي مَاتَ فِي أصفاده لما امْتنع عَن القَوْل بِخلق الْقُرْآن، وأمثال نعيم بن حَمَّاد الَّذِي مَاتَ فِي سجن الواثق مُقَيّدا لذَلِك1. إِلَى أَن جَاءَ عهد المتَوَكل وَفِي ذَلِك يَقُول المَسْعُودِيّ: "وَلما أفضت الْخلَافَة إِلَى المتَوَكل أَمر بترك النّظر والمباحثة فِي الْجِدَال، وَالتّرْك لما كَانَ عَلَيْهِ النَّاس فِي أَيَّام المعتصم والواثق والمأمون، وَأمر النَّاس بِالتَّسْلِيمِ والتقليد، وَأمر شُيُوخ الْمُحدثين بِالتَّحْدِيثِ وَإِظْهَار السّنة وَالْجَمَاعَة" 2.

_ 1 نقلت خبر المحنة بِتَصَرُّف من كتاب: ابْن حَنْبَل: حَيَاته وعصره- آراؤه الْفِقْهِيَّة تأليف: مُحَمَّد أَبُو زهرَة الصفحات من "43-48"، وَانْظُر: تَارِيخ الْأُمَم والملوك للطبري تَحْقِيق: مُحَمَّد أَبُو الْفضل إِبْرَاهِيم "ج/ 631-646". 2 مروج الذَّهَب "ج4/ 3".

المبحث الثاني: حياته

المبحث الثَّانِي: حَيَاته اسْمه، وكنيته، وَنسبه: هُوَ الإِمَام الْعَلامَة، الْحَافِظ النَّاقِد، شيخ تِلْكَ الديار1. وَأحد الْأَعْلَام الثِّقَات2 أَبُو سعيد عُثْمَان بن سعيد بن خَالِد بن سعيد التَّمِيمِي الدَّارمِيّ3 السجسْتانِي4 مُحدث هراة وَتلك الْبِلَاد5. وِلَادَته: قَالَ الذَّهَبِيّ: ولد قبل الْمِائَتَيْنِ بِيَسِير6، وعاش فِي جرجان وهراة7

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 319". 2 طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكبري "2/ 302". 3 نِسْبَة إِلَى دارم بن مَالك بن حَنْظَلَة بن زيد بن مَنَاة بن تَمِيم بطن كَبِير من تَمِيم ينْسب إِلَيْهِ خلق كثير من الْعلمَاء وَالشعرَاء والفرسان. اللّبَاب "1/ 484". 4 نِسْبَة إِلَى سجستان الْبِلَاد الْمَعْرُوفَة، وَيُقَال فِي النِّسْبَة إِلَيْهَا: السجْزِي على غير قِيَاس اللّبَاب "2/ 104-105". 5 تذكرة الْحفاظ/ للذهبي/ 2/ 621. 6 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 319"، وَفِي تذكرة الْحفاظ "2/ 622": "مولده سنة مِائَتَيْنِ ظنًّا". 7 تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ "2/ 307".

رحلته فِي طلب الْعلم وشيوخه: كَانَ الدَّارمِيّ وَاسع الرحلة طوف وَلَقي الْكِبَار1 وَسمع خلقا كثيرا بالحرمين، وَالشَّام ومصر وَالْعراق، والجزيزة وبلاد الْعَجم2، أَخذ الْأَدَب عَن ابْن الْأَعرَابِي وَالْفِقْه عَن الْبُوَيْطِيّ3، وَأخذ علم الحَدِيث وَعلله عَن عَليّ وَيحيى وَأحمد، وفَاق أهل زَمَانه4. ويتبين لنا من أَسَانِيد الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذَا الْكتاب أَن الْمُؤلف قد رُوِيَ عَن عشرات من الْعلمَاء، وَقد أَشَارَ الْعلمَاء الَّذين ترجموا لحياة الْمُؤلف رَحمَه الله إِلَى أَنه قد تتلمذ وروى عَن عدد كَبِير من الجهابذة الْأَعْلَام وبرز فِي كثير من الْعُلُوم الْمُخْتَلفَة، وَكَانَ على رَأس من تلقى عَنْهُم: الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل5 وَعلي بن الْمَدِينِيّ6 ويحي بن معِين، وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه7 وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ8 وَغَيرهم. ولشهرة هَؤُلَاءِ الْأَعْلَام وَكَثْرَة ورودهم فِي ثنايا الْكتاب، فقد عَمَدت إِلَى الْعزو إِلَى مَوَاضِع تَرْجَمَة جملَة مِنْهُم فِي حَوَاشِي هَذَا الْمُحَقق مكتفيًا بذلك عَن إِفْرَاد تَرْجَمَة لكل مِنْهُم فِي هَذَا الْمَوْضُوع.

_ 1 طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكبري "2/ 302". 2 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 320". 3 شذرات الذَّهَب "2/ 176"، طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الْكُبْرَى "2/ 302". 4 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 320". 5 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص538". 6 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص151". 7 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص504". 8 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص154".

فقد سمع بالعراق سُلَيْمَان بن حَرْب1، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي2 وَمُحَمّد بن كثير وَسُهيْل بن بكار3 بِالْبَصْرَةِ وَكتب الحَدِيث بهَا مَعَ يحي بن معِين. وَسمع أَبَا الرّبيع الزهْرَانِي4 والهيثم بن خَارِجَة5 نزيلًا بَغْدَاد، وَسمع بِالشَّام هِشَام بن عمار6، وَسليمَان بن عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي، وَهِشَام بن خَالِد، وَحَمَّاد بن الحرستاني بِدِمَشْق. وَسمع أَبَا توبه، وَالربيع بن نَافِع7 بحلب. وَأَبا الْيَمَان الْحِمصِي، وَيحيى بن صَالح الوحاظي، وحيوة بن شُرَيْح8 وَإِبْرَاهِيم بن الْعَلَاء بن زبر، وَالربيع بن روح، وَيزِيد بن عبد ربه بحمص، وَأَبا جَعْفَر مُوسَى بن إِسْمَاعِيل النُّفَيْلِي بحران. وَمُحَمّد بن عبد الله بن بكر الْخُزَاعِيّ الْمَقْدِسِي، ومحبوب بن مُوسَى الْأَنْطَاكِي9. وَكتب مَعَه بِالشَّام الْحسن بن عَليّ، أَبُو عَليّ الْخلال الْحلْوانِي،

_ 1 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص590". 2 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص168". 3 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص336". 4 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص317". 5 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص281". 6 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص180". 7 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص151". 8 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص376". 9 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص150".

وَمُحَمّد بن صَالح كيلجة الْبَغْدَادِيّ. وَسمع بخراسان إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه. وروى أَيْضا فِي رحلاته هَذِه عَن خلائق، مِنْهُم: عبد الله بن رَجَاء الغداني الْبَصْرِيّ1 وفروة بن أبي المغراء، وَمُحَمّد بن الْمنْهَال الْحزَامِي، وَعمر بن عون الوَاسِطِيّ الْبَصْرِيّ2، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ. ومسدد بن مسرهد3 وَغَيرهم4. تلاميذه: روى عَنهُ ابْن خُزَيْمَة وَهُوَ من شُيُوخه، وروى عَنهُ أَبُو عَمْرو: أَحْمد بن الْحِيرِي، وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم الصرام، ومؤمل بن الْحُسَيْن، وَأحمد بن مُحَمَّد بن الْأَزْهَر، وَمُحَمّد بن يُوسُف الْهَرَوِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق بن ياسين، وَمُحَمّد بن إِسْحَاق الْهَرَوِيّ، وَأحمد بن مُحَمَّد بن عَبدُوس الطرائفي، وَأَبُو النَّضر مُحَمَّد بن مُحَمَّد الطوسي الْفَقِيه، وحامد الرفاء وَأحمد بن مُحَمَّد الْعَنْبَري وَأَبُو الْفضل يَعْقُوب القراب، وَخلق كثير من أهل هراة ونيسابور5 وسأتناول جملَة مِنْهُم بالتعريف.

_ 1 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص425". 2 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص157". 3 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي "ص175". 4 انْظُر شُيُوخه وسماعه عَنْهُم فِي: تذكرة الْحفاظ "2/ 621-622"، سير أَعْلَام النبلاء "13/ 319، 320، 321. 326"، طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الكبري "2/ 302-303"، وَانْظُر تَرْجَمَة الدَّارمِيّ فِي مُقَدّمَة تَارِيخ عُثْمَان الدَّارمِيّ عَن يحيى بن معِين/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد نور يُوسُف "ص8-10". 5 تذكرة الْحفاظ "2/ 622"، طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 303"، سير أَعْلَام النبلاء "13/ 320-321"، تَارِيخ الدَّارمِيّ عَن أبي زَكَرِيَّا يحيي بن معِين "ص16-17".

1- ابْن خُزَيْمَة: هُوَ الْحَافِظ الْكَبِير، إِمَام الْأَئِمَّة شيخ الْإِسْلَام، أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق ابْن حزيمة بن الْمُغيرَة النَّيْسَابُورِي. ولد سنة 223 وعني فِي حداثته بِالْحَدِيثِ وَالْفِقْه حَتَّى صَار يضْرب بِهِ الْمثل فِي سَعَة الْعلم والإتقان، وانتهت إِلَيْهِ الْإِمَامَة وَالْحِفْظ فِي عصره بخراسان، سمع من إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَمُحَمّد بن حميد، وَلم يحدث عَنْهُمَا لصغره، وَسمع من مَحْمُود بن غيلَان وَأحمد بن منيع وَغَيرهم، وَحدث عَنهُ الشَّيْخَانِ خَارج صَحِيحَيْهِمَا، وَمُحَمّد بن عبد الله بن عبد الحكم أحد شُيُوخه وَغَيرهم. قَالَ الْحَاكِم/ ومصنفاته تزيد على مائَة وَأَرْبَعين كتاب سوى الْمسَائِل، والمسائل المصنفة مائَة جُزْء. توفّي فِي ثَانِي ذِي الْقعدَة سنة311 وَهُوَ فِي تسع وَثَمَانِينَ سنة1. 2- أَبُو الْعَبَّاس السجْزِي: الإِمَام الْحَافِظ، أَبُو الْعَبَّاس، أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْأَزْهَر بن حريق السجْزِي. روى عَن سعيد بن يَعْقُوب الطَّالقَانِي، وَعلي بن حجر وَأبي حَفْص الفلاس وَغَيرهم وَعنهُ أَبُو بكر بن عَليّ الْحَافِظ وَعبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن مُسلم، وَطَائِفَة لكنه رَوَاهُ كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ. توفّي سنة 312 2. 3- أَبُو عَمْرو الْحِيرِي: الْحَافِظ الإِمَام الرّحال أَحْمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَفْص بن مُسلم

_ 1 تذكرة الْحفاظ "2/ 720-731"، سير أَعْلَام النبلاء "14/ 365-382"، تَارِيخ جرجان ص"526". 2 سير أَعْلَام النبلاء "14/ 296"، ميزَان الِاعْتِدَال "1/ 130-132".

النَّيْسَابُورِي الْحِيرِي كَانَ شيخ نيسابور فِي الحشمة والثروة والتزكية سمع مُحَمَّد بن رَافع، وَمُحَمّد بن سعيد الهطار، وطبقتهم بالعراق والحجاز وَالْجِبَال وخراسان، وارتحل الكهولة بالطلبة إِلَى عُثْمَان الدَّارمِيّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمسند، مَاتَ فِي ذِي الْقعدَة سنة 317 وَهُوَ فِي عشر التسعين1. 4- الطرائفي: الشَّيْخ الْمسند الْأمين، أَبُو الْحسن أَحْمد بن مُحَمَّد عَبدُوس بن سَلمَة الْعَنزي النَّيْسَابُورِي الطرائفي، سمع مُحَمَّد بن أشرش وَالسري ايْنَ خُزَيْمَة، وارتحل إِلَى عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فَأكْثر عَنهُ. حدث عَنهُ: أَبُو عَليّ الْحَافِظ، وَالْحَاكِم، وَابْن محمش، والسلمي وَغَيرهم. قَالَ الْحَاكِم: كَانَ صَدُوقًا، قَالَ لي: أَقمت بِبَغْدَاد سنة284 على التِّجَارَة فَلم أسمع بهَا شَيْئا قَالَ: وَتُوفِّي فِي رَمَضَان سنة346 2. تلطفه بتلاميذه: لقد قيض الله لهَذَا الْأمة من سلفنا الصَّالح عُلَمَاء أجلاء ملؤوا الدُّنْيَا بعلمهم، وَمَعَ مَا يمتازون بِهِ من جد ونشاط وحيوية وحرص على الْوَقْت وَجهد فِي سَبِيل تعلم الْعلم وتعليمه، إِلَّا أَنهم كانو على قدر كَبِير من اللطف بتلاميذهم ومراعاة أَحْوَالهم، كَيفَ لَا وهم وَصِيَّة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم،

_ 1 تذكرة الْحَافِظ "3/ 798-799"، سير أَعْلَام النبلاء "14/ 492-493"، شذرات الذَّهَب "2/ 275". 2 سير أَعْلَام النبلاء "15/ 519-520"، شذرات الذَّهَب "2/ 372".

فَفِي سنَن ابْن مَاجَه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَيَأْتِيكُمْ أَقوام يطْلبُونَ الْعلم، فَإِذا رأيتموهم فَقولُوا لَهُم: مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وأقنوهم". قلت للْحكم: مَا "أقنوهم؟ " قَالَ: علموهم1. وَعَن أبي هَارُون الْعَبْدي قَالَ: كُنَّا إِذا أَتَيْنَا أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: قُلْنَا: وَمَا وَصِيَّة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: قَالَ لنا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "إِنَّه سَيَأْتِي من بعدِي قوم يسألونكم الحَدِيث عني، فَإِذا جاءوكم فالطفوا بهم وحدثوهم" 2. وَلَا شكّ أَن لهَذَا الاستئلاف والملاطفة أثر كَبِير فِي نفوس طلاب الْعلم، وحافز لَهُم على الإقبال عَلَيْهِ. وللدارمي -رَحمَه الله- مَوَاقِف تكشف عَن مدى وداعته ولطفه ومراعاته لأحوال تلاميذه. فَمن ذَلِك مَا أوردهُ الذَّهَبِيّ من طَرِيق ابْن عَبدُوس الطرائفي قَالَ: لما أردْت الْخُرُوج إِلَى عُثْمَان بن سعيد -يَعْنِي إِلَى هراة- أتيت بن خُزَيْمَة، فَسَأَلته أَن يكْتب إِلَيْهِ، فَدخلت هراة فِي ربيع الأول، سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، فأوصلته الْكتاب، فقرأه ورحب بِي وَسَأَلَ عَن ابْن خُزَيْمَة، ثمَّ قَالَ: يَا فَتى! متي قدمت؟ قلت: غَدا، قَالَ:

_ 1 سنَن ابْن مَاجَه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة/ بَاب الوصاة بطلبة بِالْعلمِ حَدِيث "247، 1/ 90-91". 2 الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي شرف أَصْحَاب الحَدِيث/ تَحْقِيق مُحَمَّد سعيد أَو غلي "ص21".

يَا بني! فَارْجِع الْيَوْم، فَإنَّك لم تقدم بعد حَتَّى تقدم غَدا1. قلت: وَفِي تَارِيخ دمشق -وَإِن لم أكن وقفت عَلَيْهِ- قَالَ: فتسودت، فَقَالَ لي: لَا تخجل يابني فَإِنِّي أَقمت ببلدكم سِنِين فَكَانَ مشايخكم إِذْ ذَلِك يحْتَملُونَ عني ذَلِك2. بعض مَا نقل عَنهُ من الْأَقْوَال والفوائد والغرائب: قَالَ عُثْمَان بن سعيد: من لم يجمع حَدِيث شُعْبَة وسُفْيَان، وَمَالك، وَحَمَّاد بن زيد، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، فَهُوَ مُفلس فِي الحَدِيث3. قَالَ الذَّهَبِيّ: يُرِيد أَنه مَا بلغ دَرَجَة الْحفاظ، وَلَا ريب أَن من جمع علم هَؤُلَاءِ الْخَمْسَة، وأحاط بِسَائِر حَدِيثهمْ، وَكتبه عَالِيا ونازلًا، وَفهم علله، فقد أحَاط بِشَطْر السّنة النَّبَوِيَّة بل بِأَكْثَرَ من ذَلِك4. وَقَالَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْأَزْهَر: سَمِعت عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ، يَقُول: أَتَانِي مُحَمَّد بن الْحُسَيْن السجْزِي، وَكَانَ قد كتب عَن يزِيد بن هَارُون، وجعفر بن عون، فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد، إِنَّهُم يجيئوني فيسألوني أَن أحدثهم، وَأَنا أخْشَى أَلا يسعني ردهم. قلت: وَلم؟ قَالَ: لقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سُئِلَ عَن علم فكتمه، ألْجم بلجان من نَار"، فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن علم

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 321-323". 2 نقلته من آخر المخطوطات لنقض الدَّارمِيّ، وَقد عزتها إِلَى ابْن عَسَاكِر. 3 عُلُوم الحَدِيث/ لِابْنِ الصّلاح/ "ص329"، سير أَعْلَام النبلاء "13/ 323" طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 303". 4 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 323".

تعلمه، وَأَنت لَا تعلمه1. وَقَالَ الإِمَام تَاج الدَّين السُّبْكِيّ: وَمن غرائب أبي سعيد الدَّارمِيّ وفوائده: قَالَ أَبُو عَاصِم: أَن أَبَا سعيد ذهب إِلَى أَن الثَّعْلَب حرَام أكله وروى فِيهِ خَبرا. قَالَ: وروى بُرَيْدَة بن سُفْيَان أَن أهل الْمَدِينَة يسمون النَّبِيذ خمرًا, وَهَكَذَا رَوَاهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ. قَالَ السُّبْكِيّ: قَوْله بِتَحْرِيم الثَّعْلَب غَرِيب2. اعتزازه بمكانته فِي الْعلم: لم يكن الدَّارمِيّ -رَحمَه الله- وَقد كرمه الله بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من المكانة العلمية مِمَّن يَبْتَغِي الجاه والمكانة فِي الدُّنْيَا، فقد كَانَ مِثَالا لاعتدال الْعَالم الْعَامِل بِعَمَلِهِ مترفعًا بِتِلْكَ المكانة عَن الابتذال ومواطن الذلة وَالصغَار، أَو أَن يكون علمه سلما لمطمع دُنْيَوِيّ أَو مغنم زائل. قَالَ أَبُو الْفضل القراب: كُنَّا فِي مجْلِس الدَّارمِيّ غير مرّة، وَمر بِهِ الْأَمِير عَمْرو بن اللَّيْث، فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكُم، حَدثنَا مُسَدّد....

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 322". 2 طَبَقَات الشَّافِعِيَّة للسبكي "2/ 306". قلت: وَلَعَلَّ وَجه الغرابة هُوَ مُخَالفَته لمَذْهَب الشَّافِعِي، وَقد سبق وَأَن نقل السُّبْكِيّ وَغَيره أَن الدَّارمِيّ أَخذ الْفِقْه عَن الْبُوَيْطِيّ الشَّافِعِي وَالْمَنْقُول عَن الشَّافِعِي أَنه رخص فِي أكل الثَّعْلَب، قَالَ ابْن قدامَة: وَرخّص فِيهِ عَطاء وَطَاوُس وَقَتَادَة وَاللَّيْث وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالشَّافِعِيّ؛ لِأَنَّهُ يفدى فِي الْإِحْرَام وَالْحرم "الْمُغنِي بالشرح الْكَبِير11/ 67".

وَلم يزدْ على رد السَّلَام1. وَعَن عُثْمَان بن سعيد: وَقَالَ لَهُ رجل كَانَ يحسده: مَاذَا كنت لَوْلَا الْعلم؟ فَقَالَ لَهُ: أردْت شَيْئا فَصَارَ زينًا2. الْعُلُوم الَّتِي برز فِيهَا: كَانَ لنباهة هَذَا الْعلم وفطنته الَّتِي من الله بهَا عَلَيْهِ أثرهما الْجَلِيّ فِي تَحْصِيله ونبوغه فقد كَانَ مِثَالا فِي الْحِرْص على طلب الْعلم وملازمة الْعلمَاء، وَكَانَ لرحلاته فِي الأقاليم الْمُخْتَلفَة والتقائه بالجهابذة الْأَعْلَام، الَّذين كَانَ لَهُم الْأَثر الْوَاضِح فِي إثراء المكتبة الإسلامية، ببديع المصنفات وَأُمَّهَات الْكتب على اخْتِلَاف موضوعاتها -كَانَ لهَذَا كُله أَثَره الْبَالِغ فِي ثقافة الدَّارمِيّ وتحصيله. فقد جَالس يحيى بن معِين وَدون عَنهُ سؤالاته فِي الرِّجَال3 وَأخذ عَن الإِمَام أَحْمد وَعلي بن الْمَدِينِيّ، وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَغَيرهم. قَالَ الذَّهَبِيّ: قَالَ الْحَاكِم: أَخذ الْأَدَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَالْفِقْه عَن أبي يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ، والْحَدِيث عَن ابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ، وَتقدم فِي هَذِه الْعُلُوم رَحمَه الله4.

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 321". 2 تذكرة الْحفاظ "2/ 622"، سير أَعْلَام النبلاء "13/ 324". 3 قلت: وَله فِي ذَلِك كِتَابه الْمَعْرُوف بتاريخ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ عَن أبي زَكَرِيَّا يحيى بن معِين فِي تَخْرِيج الروَاة وتعديلهم "مطبوع". 4 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 321"، وَانْظُر: شذرات الذَّهَب "2/ 176".

كَمَا برز هَذَا الْعَالم فِي علم الحَدِيث وَعلله وَرِجَاله وَفِي الْفِقْه والعربية، فَإنَّا لَا ننسى مَاله من دور بارز فِي المنافحة والدفاع بِلِسَانِهِ وبنانه فِي جَانب النُّصْرَة لعقيدة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فِي الله وأسمائه وَصِفَاته، وَلَعَلَّ فِيمَا بَين أَيْدِينَا من مؤلفاته فِي هَذَا الْجَانِب مَا يُغني عَن الحَدِيث عَن مدى مَا كَانَ لَدَى هَذَا الرجل من الحماس والغيرة، وَالْجهَاد فِي سَبِيل الْحفاظ على صفاء هَذِه العقيدة وسلامتها والذود عَن حماها فرحمه الله رَحْمَة الْأَبْرَار. ثَنَاء الْعلمَاء عَلَيْهِ: قَالَ الْحَاكِم: سَمِعت مُحَمَّد بن الْعَبَّاس الضَّبِّيّ، سَمِعت أَبَا الْفضل يَعْقُوب بن إِسْحَاق القراب يَقُول: مَا رَأينَا مثل عُثْمَان بن سعيد وَلَا رأى عُثْمَان مثل نَفسه1. وَقَالَ أَبُو حَامِد الأعمشي: مَا رَأَيْت فِي الْمُحدثين مثل مُحَمَّد بن يحيي وَعُثْمَان بن سعيد، وَيَعْقُوب الْفَسَوِي. وَقَالَ آخر: هُوَ نَظِير إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ2. وَقَالَ الْمُحدث يحيى بن أَحْمد بن زِيَاد الْهَرَوِيّ صَاحب ابْن معِين: رَأَيْت فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول، إِن عُثْمَان -يَعْنِي الدَّارمِيّ- لذُو حَظّ عَظِيم3.

_ 1 تذكرة الْحفاظ "2/ 621"، سير أَعْلَام النبلاء "13/ 321"، طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 303". 2 التَّذْكِرَة "2/ 622"، سير أَعْلَام النبلاء "13/ 321". 3 سير أَعْلَام النبلاء "12/ 324".

وَقَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْذر شكر: سَمِعت أَبَا زرْعَة الرَّازِيّ، وَسَأَلته عَن عُثْمَان بن سعيد فَقَالَ: ذَاك رزق حسن التصنيف1. وَقَالَ أَبُو الْفضل الجارودي: كَانَ عُثْمَان بن سعيد إِمَامًا يقْتَدى بِهِ فِي حَيَاته وَبعد مماته2. وَقَالَ الْحسن بن صَاحب الشاسي: سَأَلت أَبَا دَاوُد السجسْتانِي عَن عُثْمَان بن سعيد: فَقَالَ مِنْهُ تعلمنا الحَدِيث3. وَقَالَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق: مَا رَأينَا أجمع مِنْهُ4. وَقَالَ الْعَبَّادِيّ: وَأَبُو سعيد كَانَ فِي الْعلم بِمحل لَو كَانَ فِي زمن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم لقدموه على أنفسهم، هَكَذَا حُكيَ5. موقفه من المبتدعة: عَاشَ الدَّارمِيّ -رَحمَه الله- فِي الْقرن الثَّالِث الهجري، وَذَلِكَ بعد أَن ظَهرت آراء المتبدعة وبدت ماثلة للعيان، وَكَانَ لَهُم فِي أثْنَاء هَذ الْقرن دولة وسلطان، جرت على عُلَمَاء الْمُسلمين من الويلات والأذى الشَّيْء الْكثير {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُون} . وانبرى لهَذِهِ المحنة الجهابذة الْأَعْلَام من عُلَمَاء الْإِسْلَام وعَلى رَأْسهمْ

_ "1، 2" سير أَعْلَام النبلاء "12/ 324". 3 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 325". 4 شذرات الْمَذْهَب "2/ 176". 5 طَبَقَات الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة للعبادي "ص46".

الإِمَام الْعلم أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله، وَمُحَمّد بن نوح، وعشرات غَيرهم يذودون عَن حمى الْإِسْلَام وعرينه وَعَن حرماته أَن تنتهك. وَكَانَ لهَذَا الْبَصِير النَّاقِد رَحمَه الله دوره الفعال فِي مُوَاجهَة المبتدعة بِلِسَانِهِ وَبَيَانه فِي ثبات وَقُوَّة وغيرة عَليّ دين الله. وَمن تَأمل كِتَابيه: الرَّد على الْجَهْمِية، وَالرَّدّ على بشر المريسي، فسيقف على مدى مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا الرجل من مناصرة للسّنة ومحاربة للبدعة، مَعَ مَا تميز بِهِ من قُوَّة الرَّد وَشدَّة الْحِرْص على إِثْبَات صِفَات الله وأسمائه الَّتِي كَانَ بشر المريسي وَأَضْرَابه يبالغون فِي نَفيهَا. قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ: كَانَ لهجًا بِالسنةِ بَصيرًا بالمناظرة1 جذعًا فِي أعين المبتدعة2. وَهُوَ الَّذِي قَامَ على مُحَمَّد بن كرام الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الكرامية وطرده عَن هراة فِيمَا قيل3. وَقَالَ يَعْقُوب القراب: سَمِعت عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ يَقُول: قد نَوَيْت أَلا أحدث عَن أحد أجَاب إِلَى خلق الْقُرْآن إِلَّا أَن الْمنية عاجلته4.

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 320". 2 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 322". 3 تذكرة الْحفاظ "2/ 622"، سير أَعْلَام النبلاء "13/ 323"، طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 304". 4 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 322".

قَالَ الذَّهَبِيّ: من أجَاب تقية فَلَا بَأْس وَترك حَدِيثه لَا يَنْبَغِي1. وَيَقُول الدكتور مُحَمَّد نور يُوسُف مُعَلّقا على مَا ذكره القراب: "وتعليل القراب بِأَن الْمنية عاجلته، غير مستساغ؛ لِأَن وَفَاته تَأَخَّرت كثيرا عَن هَذِه الْفِتْنَة بِمَا يقرب خمسين عَاما. إِلَّا أَن يكون ذَلِك قد بدا لَهُ فِي آخر عمره، وَهَذَا بعيد، وَالَّذِي يَبْدُو أَن الَّذِي عدل بِهِ عَن ذَلِك، أَن الْكِبَار قد أجَاب مِنْهُم تقية كعلي بن الْمَدِينِيّ وَيحيى بن معِين وَأَبُو مسْهر عبد الْأَعْلَى بن مسْهر وَغَيرهم. فَلَو رد حَدِيث هَؤُلَاءِ وأمثالهم، لرد حَدِيثا كثيرا من حَدِيث شُيُوخه. ثمَّ لَا يصلح ذَلِك مبررًا للرَّدّ كَمَا ذكر الذَّهَبِيّ"2. وَفَاته: توفّي -رَحمَه الله- فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقد ناهز الثَّمَانِينَ من عمره3. وَكَانَت وَفَاته بهراة4. قَالَ الذَّهَبِيّ: وَمَا رَوَاهُ أَبُو عبد الله الضَّبِّيّ عَن شُيُوخه، أَنه مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، فَوَهم ظَاهر5.

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 322". 2 تَارِيخ عُثْمَان الدَّارمِيّ عَن أبي زَكَرِيَّا يحيى بن معِين "ص16". 3 شذرات الذَّهَب "2/ 176"، تذكرة الْحفاظ "2/ 622"، طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 303". 4 الْأَعْلَام "4/ 366". 5 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 325-326".

آثاره: قَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْذر شكر: سَمِعت أَبَا زرْعَة الرَّازِيّ، وَسَأَلته عَن عُثْمَان بن سعيد فَقَالَ: ذَلِك رزق حسن التصنيف1. وتشير المصادر الَّتِي بَين أَيْدِينَا عَنهُ إِلَى أَن لَهُ أَرْبَعَة مصنفات، هِيَ: 1- الْمسند الْكَبِير2. 2- النَّقْض على بشر المريسي3 وَهُوَ كِتَابه هَذَا. 3- الرَّد على الْجَهْمِية4 وَقد طبع غير مرّة5 وَلَدي صُورَة لَهُ مخطوطًا حصلت عَلَيْهَا مَعَ كتاب الرَّد على بشر المريسي. 4 سؤالالت فِي الرِّجَال ليحيى بن معِين6 وَهُوَ الْمَعْرُوف الْآن بـ" تَارِيخ

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "13/ 325". 2 شذرات الذَّهَب "2/ 176"، تذكرة الْحفاظ "2/ 622"، طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 304"، إِيضَاح الْمكنون فِي الذيل على الْكَشْف عَن الظنون "2/ 481"، هِدَايَة العارفين "2/ 651"، مُعْجم المؤلفين "6/ 254"، الْأَعْلَام "4/ 366". 3 طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 304"، تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ "2/ 371"، مُعْجم المؤلفين "6/ 245"، الْأَعْلَام "4/ 366". 4 طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 304"، تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ "2/ 371"، مُعْجم المؤلفين "6/ 245"، الْأَعْلَام "4/ 366". 5 مِنْهَا طبعة ليون سنة 1960م نشره فيتسنام، وطبع ضمن مَجْمُوعَة عقائد السّلف، جمعه د. عَليّ سامي النشار وعمار الطَّالِبِيُّ، ونشرته منشأة المعارف بالأسكندرية. وطبع أَيْضا بتحقيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني، ونشره الْمكتب الإسلامي. 6 تذكرة الْحفاظ "2/ 622".

عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ، عَن أبي زَكَرِيَّا يحيى بن معِين فِي تَخْرِيج الروَاة وتعديلهم" وَقد قَامَ بتحقيقه مُؤَخرا الدكتور: أَحْمد مُحَمَّد نور يُوسُف الْأُسْتَاذ المساعد فِي كُلية الشَّرِيعَة بِمَكَّة، وطبع ضمن مطبوعات مَرْكَز الْبَحْث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة الْملك عبد الْعَزِيز آنذاك. وَيذكر إِسْمَاعِيل باشا الْبَغْدَادِيّ فِي هِدَايَة العارفين أَن من مصنفاته "الرَّد على الكرامية"1 وَلَعَلَّه يُرِيد كِتَابه الْمَعْرُوف بِالرَّدِّ على الْجَهْمِية فَوَهم. وَالله أعلم.

_ 1 هِدَايَة العارفين "2/ 651".

الفصل الثاني: التعريف بالمريسي

الْفَصْل الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمريسي المبحث الأول: عصره السياسي والعلمي 1- عصره السياسي: يتَّفق جُمْهُور المؤرخين على تَقْسِيم الدولة العباسية إِلَى عصرين متميزين: الْعَصْر الأول: ويعبرون عَنهُ بالعصر الزاهي ويمتد من نشأة الدولة سنة132هـ إِلَى آخر أَيَّام الْخَلِيفَة الواثق سنة232هـ. وَالْعصر الثَّانِي: ويعبرون عَنهُ بعصر التدهور والانحطاط، وَالَّذِي ابْتَدَأَ بخلافة المتَوَكل سنة232، وانْتهى بِسُقُوط الدولة العباسية تَمامًا على أَيدي التتار سنة 656هـ. وَلما كُنَّا بصدد الحَدِيث عَن عصر المريسي فَإِنَّهُ يُمكن القَوْل بِأَنَّهُ عايش بدايات الْعَصْر الأول العباسي، حَيْثُ كَانَت وِلَادَته أبان خلَافَة أبي جَعْفَر الْمَنْصُور تَقْرِيبًا، وَهُوَ الْخَلِيفَة العباسي الثَّانِي، وامتدت خِلَافَته من سنة "136هـ-158" وعاصر خلَافَة كل من الْمهْدي "158-169"، وَالْهَادِي "169-170" ثمَّ خلَافَة الرشيد "170-193"، والأمين "193-198هـ"، والمأمون "198-218هـ" حَيْثُ هلك فِي آخر خلَافَة الْمَأْمُون

أَو أول خلَافَة المعتصم. وَلست هُنَا بصدد تَفْصِيلًا عَن الْأَحْدَاث السياسية فِي عصر كل من ذكرت من خلفاء الدولة العباسية، وسأكتفي بِذكر عدد من الْأَحْدَاث السياسية على سَبِيل التَّمْثِيل لَا الْحصْر، إِذْ لَا يَتَّسِع المجال للْحَدِيث عَن كل الْحَوَادِث تَفْصِيلًا. فقد تمّ فِي عصر أبي جَعْفَر الْمَنْصُور الْقَضَاء على عدد من المناوئين لَهُ وعَلى رَأْسهمْ عَمه عبد الله بن عَليّ، كَمَا قضى على أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي، وَقتل أَيْضا مُحَمَّدًا ذَا النَّفس الزكية فِي الْحجاز وأخاه فِي الْعرَاق، وَبنى بَغْدَاد واستوزر خَالِد بن برمك وَمن ثمَّ بدا دور البرامكة. كَمَا تمّ فِي عهد الْمهْدي إخماد الثورات والفتن الَّتِي قَامَت فِي بِلَاد الشَّام سنة161هـ بزعامة عبد الله بن مَرْوَان الْأمَوِي، والفتنة الَّتِي قَامَت فِي الجزيرة سنة162هـ بقيادة عبد السَّلَام الْيَشْكُرِي، وَلَعَلَّ من أبرز الْفِتَن جَمِيعًا فِي عَهده فتْنَة الزَّنَادِقَة دعاة الانحلال وَالشَّر وَالْفساد، وَلم يتَمَكَّن من الْقَضَاء عَلَيْهِم. وَفِي عهد الْهَادِي اشْتَدَّ فِي طلب الزَّنَادِقَة وقتلهم، كَمَا اشْتَدَّ فِي محاربة الشِّيعَة خَاصَّة عِنْدَمَا ظهر الْحُسَيْن بن على بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب سنة169هـ. وَلم تطل خِلَافَته، حَيْثُ توفّي فِي بَغْدَاد سنة 170هـ بعد أَن ظلّ فِي الْخلَافَة سنة وشهرًا واثنين وَعشْرين يَوْمًا.

وَجَاء عهد الْخَلِيفَة هَارُون الرشيد، فاستمرت خِلَافَته زهاء ثَلَاث وَعشْرين سنة، اهتم خلالها بِأَمْر الحروب مَعَ البيزنطيين اهتمامًا كَبِيرا فنظم الْحُدُود مَعَهم وحصنها وَعين على جيوشه خيرة القادة، وانتصر على البيزنطيين، وَفتحت كثير من الْحُصُون والقلاع واضطرات ملكة الرّوم "إيريني" إِلَى دفع الْجِزْيَة. ويقفنا التَّارِيخ على مدى مَا كَانَ للدولة الإسلامية فِي عَهده من قُوَّة، وَفِي شخصيته من عزة وأنفة، فقد حدث أَن عزلت الملكة "إيريني" وَتَوَلَّى عرش الإمبراطورية "نقفور" الَّذِي نقض الْعَهْد ورفض دفع الْجِزْيَة وَكتب إِلَى الرشيد رِسَالَة استطال فِيهَا عَلَيْهِ فَكَانَ رد الرشيد بالآتي: "بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من هَارُون الرشيد أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى نقفور كلب الرّوم، فقد قَرَأت كتابك وَالْجَوَاب مَا ترَاهُ دون أَن تسمعه وَالسَّلَام"1. وبالفعل جهز جَيْشًا قَادَهُ بِنَفسِهِ وغزا دولة الرّوم وانتصر بِنَفسِهِ على "نقفور" وَأَعَادَهُ للهدنه وَدفع الْجِزْيَة. وَلم يكن للمريسي فِي عهد الرشيد قبُول وَلَا لنحلته نُفُوذ وسلطان فقد تواعده وهم بقتْله شَرّ قَتله، وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يختفي طيلة عهد الرشيد وظل كَذَلِك فِي عهد الْأمين إِلَى أَن جَاءَ عهد الْمَأْمُون فَوجدَ الْمُعْتَزلَة مِنْهُ انتصارًا لمذهبهم. وَلم تكن الْحَال بعد هَارُون الرشيد كَمَا كَانَت عَلَيْهِ فِي عَهده، فقد تولى

_ 1 تَارِيخ الطَّبَرِيّ "8/ 308".

ابْنه عبد الله الْأمين الْخلَافَة من بعده، وَفِي عصره فسد حَال الرّعية وَخرجت بعض معالم الدولة العباسية، ونشبت الْحَرْب بَينه وَبَين أَخِيه حَتَّى أَنه أرسل جَيْشًا يَأْتِيهِ بالمأمون فَهزمَ عِنْد الرّيّ، فأعلن الْمَأْمُون نَفسه خَليفَة وقبلته فَارس بأجمعها، وحاصر بَغْدَاد إِلَى أَن وَافق الْأمين على تسلم نَفسه إِلَّا إِنَّه قتل قبل وُصُوله ذَلِك سنة 198، وَبِذَلِك آلت الْخلَافَة من بعده إِلَى الْمَأْمُون وَقد أَشرت إِلَى تِلْكَ الفترة بِشَيْء من الإيجاز فِي الحَدِيث عَن عصر الدَّارمِيّ السياسي1. 2- عصره العلمي: لقد عايش المريسي فَتْرَة من الازدهار العلمي قل أَن تتسنى لمثله وعاصره من الْعلمَاء الْأَعْلَام من يعدهم المنصفون جبال الدُّنْيَا وأئمة الْحِفْظ ومشاعل النُّور، ملؤوا الدُّنْيَا بعلمهم واستنارت البشرية بِنور آثَارهم حَتَّى يَوْمنَا هَذَا، فَمن منا لَا يعرف الإِمَام أَحْمد أوالشافعي وَمَالك بن أنس وَالْبُخَارِيّ وَمُسلمًا وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَابْن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَأَبا يُوسُف، وَغَيرهم من الْعلمَاء الَّذين أثروا المكتبات الإسلامية ببديع المصنفات. يَقُول أَحْمد أَمِين فِي كِتَابه ضحى الْإِسْلَام: "نشط الْعلم فِي أحضان العباسيين نشاطًا كَبِيرا، وَإِن كَانَت بذرة النشاط بدأت فِي آخر الْعَصْر الْأمَوِي، فالتأليف فِي الْعَهْد العباسي شَمل كل فرع من فروع الْعُلُوم، وعد المؤلفون والمؤلفات بالمئات، واستعراض

_ 1 وَانْظُر بسط الْكَلَام فِي تَارِيخ كل من هَؤُلَاءِ الْخُلَفَاء فِي: تَارِيخ الطَّبَرِيّ "7/ 471-8/ 478"، وَانْظُر الإيجاز فِي ذَلِك فِي: حضارة الدولة العباسية د. أَحْمد رَمَضَان "21-29".

لفهرست ابْن النديم فِيمَا ألف فِي ذَلِك الْعَصْر يقفنا موقف الدهشة والاستغراب"1. وَلست هُنَا بصدد الحَدِيث التفصيلي عَن منجزات هَذَا الْعَصْر العلمية، فَلَيْسَ هَذَا بَابه، إِلَّا أَنِّي أود الْإِشَارَة إِلَى أَن المريسي لم يكن مِمَّن يألف هَذَا الْوسط العلمي الزَّاهِر، فَلَقَد كَانَ يعِيش فِي جو آخر يألفه هُوَ وَأَضْرَابه من الْجَهْمِية الأشقياء، فوهب حَيَاته لعلم الْكَلَام حَتَّى أتقنه وبرع فِيهِ، وسلك مناهجه فِي الْحجَّة وَالِاسْتِدْلَال، مؤثرًا ذَلِك عَليّ النهج القرآني والمسلك النَّبَوِيّ فِي الْحجَّة وَالْبَيَان فضل وأضل، وَكَانَ خليق بِهِ إِن لم يرق إِلَى مَرَّات الْعلمَاء الأفذاذ مِمَّن ذكرنَا، أَن يَأْتِي على غير علم الْكَلَام والفلسفة، فيبدع فِي علم من عُلُوم الْعَرَبيَّة والآداب، أَو التَّارِيخ أَو غَيرهَا من الْعُلُوم، على أَنه إِن لم يكن أغفل جَانب الْفِقْه فتعلمه إِلَّا أَنه أوغل فِي اعتزاله وجهميته. وَلَعَلَّ من أبرز السلبيات فِي مجَال الْحَيَاة العليمة فِي هَذَا الْعَصْر هُوَ اتساع دَائِرَة التَّرْجَمَة، حَيْثُ عرضت الْكتب اليوناينة والفارسية وَغَيرهَا، اخْتَلَط الغث بالسمين وَحصل بذلك أَنْوَاع من الْفساد وَالِاضْطِرَاب، وَفِي ذَلِك يَقُول شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "ثمَّ إِنَّه لما عربت الْكتب اليونانية فِي حُدُود الْمِائَة الثَّانِيَة وَقبل ذَلِك وَبعد ذَلِك، وَأَخذهَا أهل الْكَلَام وتصرفوا فِيهَا من أَنْوَاع الْبَاطِل فِي الْأُمُور الإلهية مَا ضل بِهِ كثير مِنْهُم.... وَصَارَ النَّاس فِيهَا أشتاتًا: قوم

_ 1 ضحي الْإِسْلَام "2/ 363".

يقبلونها، وَقوم يجلون مَا فِيهَا، وَقوم يعرضون مَا فِيهَا على أصولهم وقواعدهم، فيقبلون مَا وَافق ذَلِك دون مَا خَالفه، وَقوم يعرضونها على مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل من الْكتاب وَالْحكمَة. وَحصل بِسَبَب تعريبها أَنْوَاع من الْفساد وَالِاضْطِرَاب، مَضْمُونا إِلَى مَا حصل من التَّقْصِير والتفريط فِي معرفَة مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل من الْكتاب وَالْحكمَة، حَتَّى صَار مَا مدح من الْكتاب وَالْحكمَة من مُسَمّى الْحِكْمَة، يظنّ كثير من النَّاس أَنه حِكْمَة هَذِه الْأمة أَو نَحْوهَا من الْأُمَم كالهند وَغَيرهم"1.

_ 1 بَيَان تلبيس الْجَهْمِية "1/ 323".

المبحث الثاني: حياة المريسي

المبحث الثَّانِي: حَيَاة المريسي اسْمه وَنسبه وكنيته: بشر بن غياث بن أبي كَرِيمَة المريسي1، ويكنى بِأبي عبد الرَّحْمَن2، وَهُوَ من موَالِي زيد بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3. نسبته: قَالَ فِي اللّبَاب: المريسي بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء، وَبعدهَا الْيَاء المنقوطة بِاثْنَتَيْنِ من تحتهما، وَفِي آخرهَا السِّين الْمُهْملَة، هَذِه النِّسْبَة إِلَى مريس وَهِي قَرْيَة بِمصْر، هَكَذَا ذكره أَبُو سعد الآبي الْوَزير فِي كتاب النتف والطرف، ثمَّ قَالَ: وإليها ينْسب بشر المريسي4. قَالَ ابْن خلكان: وَسمعت أهل مصر يَقُولُونَ: إِن المريسي جنس من السودَان بَين بِلَاد النّوبَة وأسوان من ديار مصر. وَكَأَنَّهُم جنس من النّوبَة وبلادهم متاخمة لبلاد أسوان، وتأتيهم فِي الشتَاء ريح بَارِدَة من نَاحيَة الْجنُوب يسمونها المريسي، ويزعمون أَنَّهَا تَأتي من تِلْكَ الْجِهَة، وَالله

_ 1 لَا تخْتَلف المصادر الَّتِي وقفت عَلَيْهَا على تَسْمِيَته بِهَذَا الِاسْم. 2 تَارِيخ الميعاد بَغْدَاد "7/ 56"، الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة "10/ 281". 3 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 56"، وفيات الْأَعْيَان "1/ 251". 4 اللّبَاب "3/ 200".

أعلم1. ثمَّ قَالَ: "ثمَّ إِنِّي رَأَيْت بِخَط من يعتني بِهَذَا الْفَنّ أَنه كَانَ يسكن فِي بَغْدَاد بدرب المريس فنسب إِلَيْهِ، قَالَ: وَهُوَ بَين نهر الدَّجَاج ونهر البزازين، قلت: والمريسي فِي بَغْدَاد هُوَ الْخبز الرقَاق يمرس بالسمن وَالتَّمْر، كَمَا يصنعه أهل مصر بالعسل بدل التَّمْر، وَهُوَ الَّذين يسمونه البسيسة"2. وَقَالَ ابْن حجر: والمريسي نِسْبَة إِلَى باريس بِفَتْح الْمِيم وَكسر الرَّاء، بعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنة، ثمَّ مُهْملَة، نِسْبَة إِلَى مريسة بالصعيد، وَالْمَشْهُور بالخفة، وضبطها الصغاني بتثقيل الرَّاء3. قلت: ولعلها الْمَعْرُوفَة الْيَوْم بالمريس وَهِي قَرْيَة تقع فِي مُحَافظَة قِنَا جنوبي مصر. مولده ونشأته: ولد فِي الثلاثينات من الْقرن الثَّانِي الهجري وَيُشِير الْبَعْض إِلَى أَن وِلَادَته كَانَت سنة138هـ4. قلت: وَلَعَلَّ هَذَا عَليّ سَبِيل التَّقْرِيب بِالنّظرِ إِلَى مَا ذكر من أَنه توفّي، وَقد قَارب الثَّمَانِينَ من عمره5، وَمن الْمَعْلُوم أَن وَفَاته كَانَت سنة 218هـ

_ 1 وفيات الْأَعْيَان "1/ 251". 2 وفيات الْأَعْيَان "1/ 251-252". 3 لِسَان الْمِيزَان "2/ 31". 4 مُعْجم المؤلفين "3/ 46". 5 سير أَعْلَام النبلاء "10/ 302".

أَو 219هـ، فعلى هَذَا تكون وِلَادَته فِي أخريات العقد الثَّالِث من الْقرن الثَّانِي الهجري، وبالنظر إِلَى مَا نَقله ابْن حجر من أَنه كَانَ من أَبنَاء السّبْعين، فَعَلَيهِ تكون وِلَادَته فِي أخريات العقد الرَّابِع من الْقرن الثَّانِي. قَالَ الْخَطِيب: كَانَ يسكن الدَّرْب الْمَعْرُوف بِهِ وَيُسمى درب المريسي، وَهُوَ بَين نهر الدَّجَاج ونهر البزازين1. قلت: والمتأمل للنقول الَّتِي ذكرهَا المؤرخون فِي تَرْجَمَة بشر المريسي، والمناظرات الَّتِي كَانَت بَينه وَبَين الْعلمَاء، وَمَال إِلَى ذَلِك من المواقف الَّتِي كَانَت بَينه وَبَين عُلَمَاء بَغْدَاد وعامتها، يجد أَن جلّ حَيَاته إِن لم تكن كلهَا كَانَت بِبَغْدَاد. وَيُقَال: إِن أَبَاهُ كَانَ يهوديًّا صباغًا بِالْكُوفَةِ، قَالَ أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم: كَانَ وَالِد بشر المريسي يهوديًّا قصابًا صباغًا فِي سويقة نصر بن مَالك2. وَقَالَ الْمروزِي: سَمِعت أَبَا عبد الله ذكر بشرا فَقَالَ: كَانَ أَبوهُ يهوديًّا3. وَأخرج الْخَطِيب بِسَنَدِهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم لُؤْلُؤ قَالَ: مَرَرْت فِي الطَّرِيق فَإِذا بشر المريسي وَالنَّاس عَلَيْهِ مجتمعون، فَمر يَهُودِيّ فَأَنا سمعته يَقُول: لَا يفْسد عَلَيْكُم كتابكُمْ كَمَا أفسد أَبوهُ علينا التَّوْرَاة! يَعْنِي أَن أَبَاهُ

_ 1 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 56". 2 ميزَان الِاعْتِدَال "1/ 322"، وَفِي سير أَعْلَام النبلاء "10/ 200"، "قصارًا". 3 ميزَان الِاعْتِدَال "1/ 323".

كَانَ يهوديًّا1. قلت: وَلَا ريب أَن لهَذَا الْوسط الأسري الَّذِي نَشأ فِيهِ المريسي مَعَ مَا رافق هَذَا من ولعه واشتغاله بمناهج الْمُتَكَلِّمين المستمدة من أصُول جدلية فلسفية واعتناقه مَذْهَب الْجَهْمِية حَتَّى كَانَ رَأْسا فِي ذَلِك، كل هَذَا وَلَا ريب كَانَ لَهُ الْأَثر الْبَالِغ فِي تكوين فكر هَذَا الضال وزيغه وانحرافه. صفته: أخرج الْخَطِيب بِسَنَدِهِ إِلَى أبي مُسلم صَالح بن أَحْمد بن عبد الله بن صَالح الْعجلِيّ، حَدثنِي أبي قَالَ: رَأَيْت بشر المريسي -عَلَيْهِ لعنة الله- مرّة وَاحِدَة شَيخا قَصِيرا دميم المنظر، وسخ الثيات، وافر الشّعْر، أشبه شَيْء باليهود، وَكَانَ أَبوهُ يهوديًّا صباغًا بِالْكُوفَةِ فِي سوق المراضع، ثمَّ قَالَ: لَا يرحمه الله لقد كَانَ فَاسِقًا2. وَعَن الْقَاسِم بن بنْدَار، قَالَ: سَمِعت إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن يَقُول: ركب عُثْمَان بن مُسلم يَوْمًا وَأَنا قَابض على عنان البغلة، فَاسْتقْبلنَا شيخ قصير، كَبِير الرَّأْس، كَبِير الْأُذُنَيْنِ، فَقَالَ: نح البغلة، نح البغلة، أما ترى الْكَافِر؟ فَقلت من هَذَا يَا أَبَا عُثْمَان؟ قَالَ: هَذَا بشر بن غياث، بشر المريسي3. طلبه للْعلم: سبق وَأَن أَشَرنَا إِلَى مَا حظي بِهِ المريسي من معاصرة الْعَهْد العباسي

_ 1 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 61". 2 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 61". 3 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 63".

فِي أوج قوته وَفِي فَتْرَة ظَهرت آثَار النشاط العلمي، ماثلة للعيان فِي مُخْتَلف الْعُلُوم الدِّينِيَّة مِنْهَا والدنيوية، كَمَا ظهر للْعُلَمَاء دور بارز فِي التَّعْلِيم والتدوين عَاشَ الْمُسلمُونَ آثاره حَتَّى عصرنا هَذَا، وتزاحم الطلاب على أَبْوَاب الْعلم وَالْعُلَمَاء ينهلون من هَذَا الْمعِين الثر فأفادوا من ذَلِك غَايَة الإفادة. إِلَّا أَن المريسي كَانَ صفر الْيَدَيْنِ من صُحْبَة هَؤُلَاءِ، إِذْ لم يكن بِالَّذِي يألفهم ويعيش وَسطهمْ ويتأدب بأدبهم ويتعلم علمهمْ، فَلَقَد جعل غَايَته الإبداع فِي الابتداع فَكَانَ رَأْسا فِي المرجئة، وَإِلَيْهِ تنْسب الطَّائِفَة المريسية مِنْهُم وَصرف اهتمامه إِلَى علم الْكَلَام حَتَّى أتقنه، وجرد القَوْل بِخلق الْقُرْآن ودعا إِلَيْهِ، وجاهد فِي سَبِيل بدعته جِهَاد المستميت. وَلَئِن حظي بِالسَّمَاعِ والتعلم على أَيدي طَائِفَة من الْعلمَاء إِلَّا أَنه كَانَ على قدر من الشغب والمناظرة وَفَسَاد الِاعْتِقَاد الَّذِي أفسد بِهِ على نَفسه فَسَاءَتْ صُحْبَة الْعلمَاء لَهُ، فقد أخرج الْخَطِيب بِسَنَدِهِ إِلَى أَحْمد بن سلمَان حَدثنَا عبد الله بن أَحْمد، قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول "كُنَّا نحضر مجْلِس أبي يُوسُف، فَكَانَ بشر المريسي يَجِيء فيحضر فِي آخر النَّاس فيشغب، فَيَقُول أيش تَقول وأيش قلت يَا أَبَا يُوسُف؟ فَلَا يزَال يَصِيح ويضج، فَكنت أسمع أَبَا يُوسُف يَقُول: اصعدوا بِهِ إِلَيّ، قَالَ أبي: وَكنت فِي الْقرب مِنْهُ، فَجعل يناظر فِي مَسْأَلَة فخفي بعض قَوْله، فَقلت للَّذي كَانَ أقرب مني: أيش قَالَ لَهُ؟ قَالَ: قَالَ لَهُ أَبُو يُوسُف: لَا تَنْتَهِي حَتَّى تصعد خَشَبَة"1 يَعْنِي تصلب.

_ 1 عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السِّتَّة "ص32-23"، تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 63".

وَقَالَ أَبُو عبد الله: مَا كَانَ صَاحب حجج بل كَانَ صَاحب خطب1. وَقَالَ الذَّهَبِيّ عَنهُ: هُوَ "الْمُتَكَلّم المناظر البارع، من كبار الْفُقَهَاء، أَخذ عَن القَاضِي أبي يُوسُف، وروى عَن حَمَّاد بن سَلمَة، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَنظر فِي علم الْكَلَام فغلب عَلَيْهِ وانسلخ من الْوَرع وَالتَّقوى، وجرد القَوْل بِخلق الْقُرْآن ودعا إِلَيْهِ حَتَّى كَانَ عين الْجَهْمِية فِي عصره وعالمهم، فمقته أهل الْعلم وكفره عدَّة"2. وَقَالَ عَنهُ فِي مَوضِع آخر: "هُوَ بشر الشَّرّ، وَبشر الحافي بشر الْخَيْر، كَمَا أَن أَحْمد بن حَنْبَل هُوَ أَحْمد السّنة، وَأحمد بن أبي دؤاد أَحْمد الْبِدْعَة"3. قلت: ونظرة إِلَيّ مَا يقفنا التَّارِيخ عَلَيْهِ من جملَة المصنفات المنسوبة إِلَيْهِ، يَبْدُو لنا من عناوينها أَنَّهَا فِي مجَال الِانْتِصَار لنحلته الْمُخَالفَة لما عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وَلَئِن أبدع فِي بَعْضهَا وَأثْنى عَلَيْهِ من أثنى إِلَّا أَن ذَلِك لَا يشفع لَهُ عِنْد الْمُسلمين، لما هُوَ عَلَيْهِ من فَسَاد الأَصْل الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ الْعَمَل ويعقد عَلَيْهِ الْقلب الْمُؤمن أَلا وَهُوَ التَّوْحِيد. عقيدته: قَالَ الذَّهَبِيّ: مُبْتَدع ضال لَا يَنْبَغِي أَن يرْوى عَنهُ وَلَا كَرَامَة، أتقن علم الْكَلَام، ثمَّ جرد القَوْل بِخلق الْقُرْآن وناظر عَلَيْهِ، وَلم يدْرك الجهم بن صَفْوَان وَإِنَّمَا أَخذ مقَالَته وَاحْتج بهَا ودعا إِلَيْهَا4.

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "10/ 201". 2 سير أَعْلَام النبلاء "10/ 199-200". 3 سير أَعْلَام النبلاء "10/ 202". 4 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 322".

وَقَالَ أَيْضا: "كَانَ عين الْجَهْمِية فِي عصره وعالمهم"1. وَقَالَ عَنهُ ابْن كثير: شيخ الْمُعْتَزلَة، وَأحد من أضلّ الْمَأْمُون2. وَقَالَ ابْن خلكان: اشْتغل بِعلم الْكَلَام وجرد القَوْل بِخلق الْقُرْآن، وَحكى عَنهُ أَقْوَال شنيعة، وَكَانَ مرجئًا وَإِلَيْهِ تنْسب الطَّائِفَة المريسية من المرجئة3. قَالَ الْأَشْعَرِيّ: "الْفرْقَة الْحَادِيَة عشرَة من المرجئة: أَصْحَاب "بشر المريسي"، يَقُولُونَ: إِن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق؛ لِأَن الْإِيمَان فِي اللُّغَة هُوَ التَّصْدِيق، وَمَا لَيْسَ بِتَصْدِيق فَلَيْسَ بِإِيمَان. وَيَزْعُم أَن التَّصْدِيق يكون بِالْقَلْبِ وباللسان جَمِيعًا، وَإِلَى هَذَا القَوْل كَانَ يذهب "ابْن الراوندي"، وَكَانَ ابْن الراوندي يزْعم أَن الْكفْر هُوَ الْجحْد وَالْإِنْكَار والستر والتغطية، وَلَيْسَ يجوز أَن يكون إِلَّا مَا كَانَ فِي اللُّغَة كفرا، وَلَا يجوز أَن يكون إِيمَانًا إِلَّا مَا كَانَ فِي اللُّغَة إِيمَانًا. وَكَانَ يزْعم أَن السُّجُود للشمس لَيْسَ بِكفْر، وَلكنه علم على الْكفْر؛ لِأَن الله عز وَجل بَين أَنه لَا يسْجد للشمس إِلَّا كَافِر4. قلت: وَذكر الْبَغْدَادِيّ فرق المرجئة فعد مِنْهُم المريسية، فَقَالَ:

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "10/ 200". 2 الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة "10/ 281". 3 وفيات الْأَعْيَان "1/ 251". 4 مقالات الإسلاميين "1/ 222-223"، وَانْظُر: الشهرستاني فِي الْملَل والنحل "1/ 144".

"هَؤُلَاءِ مرجئة بَغْدَاد من أَتبَاع المريسي..... وَكَانَ فِي الْفِقْه على رَأْي أبي يُوسُف القَاضِي غير أَنه لما أظهر قَوْله بِخلق الْقُرْآن هجره أَبُو يُوسُف وضللته الصفاتية1 فِي ذَلِك، وَلما وافقوا الصفاتية فِي القَوْل بِأَن الله تَعَالَى خَالق أكساب الْعباد، وَفِي أَن الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل، أكفرته المعتولة فِي ذَلِك، فَصَارَ مهجور الصفاتية والمعتزلة مَعًا"2. وَيَقُول الشَّهْر ستاني: إِن بشر بن غياث المريسي وَمُحَمّد بن عِيسَى الملقب ببرغوث، وَالْحُسَيْن النجار متقاربون فِي الْمَذْهَب، وَكلهمْ أثبتوا كَونه تَعَالَى مرِيدا لم يزل، لكل مَا علم أَنه سيحدث من خير وَشر وإيمان، وَكفر وَطَاعَة ومعصية، وَعَامة الْمُعْتَزلَة يأبون ذَلِك3. وَقَالَ أَيْضا: نقل عَنْ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ أَنه قَالَ: إِذا دخل أَصْحَاب الْكَبَائِر النَّار فَإِنَّهُم سيخوجون عَنْهَا بعد أَن يعذبوا بِذُنُوبِهِمْ، وَأما التخليد فمحال، وَلَيْسَ بِعدْل4. وَأخرج الْخَطِيب، بِسَنَدِهِ عَن عمر بن عُثْمَان قَالَ: كنت عِنْد أبي فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ بشر المريسي. فَقلت: يَا أَبَت يدْخل عَلَيْك مثل هَذَا؟ فَقَالَ: يَا بني وَمَاله؟ قَالَ: قلت: إِنَّه يَقُول: الْقُرْآن مَخْلُوق، وَأَن الله مَعَه فِي الأَرْض، وَأَن الْجنَّة وَالنَّار لم يخلقا، وَأَن مُنْكرا ونكيرًا بَاطِل، وَأَن

_ 1 مُرَاده بالصفاتية: الَّذين يثبتون لله الصِّفَات بِخِلَاف الْمُعْتَزلَة الَّذين ينفونها "انْظُر: الْملَل والنحلل للشهرستاني/ بتحقيق، مُحَمَّد سيد كيلاني 1/ 92". 2 الْفرق بَين الْفرق/ الطبعة الثَّالِثَة/ ص192-193. 3 الْملَل والنحل "1/ 90". 4 الْملَل والنحل "1/ 143-144".

الصِّرَاط بَاطِل، وَأَن السَّاعَة بَاطِل، وَأَن الْمِيزَان بَاطِل، مَعَ كَلَام كثير. قَالَ: فَقَالَ: أدخلهُ عَليّ، فأدخلته عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا بشر ادنه، وَيلك يَا بشر ادنه -مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا- فَلم يزل يُدْنِيه حَتَّى قرب مِنْهُ، فَقَالَ: وَيلك يَا بشر من تعبد؟ وَأَيْنَ رَبك؟ قَالَ: فَقَالَ: وَمَا ذَاك يَا أَبَا الْحسن؟ قَالَ: "أخْبرت عَنْك أَنَّك تَقول: الْقُرْآن مَخْلُوق، وَأَن الله مَعَك فِي الأَرْض، مَعَ كَلَام كثير. وَلم أر شَيْئا أَشد على أبي من قَوْله: إِن الْقُرْآن مَخْلُوق، وَإِن الله مَعَه على الأَرْض. فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا الْحسن لم أجئ لهَذَا، وَإِنَّمَا جِئْت فِي كتاب خَالِد تقرؤه عَليّ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: لَا وَلَا كَرَامَة، حَتَّى أعلم مَا أَنْت عَلَيْهِ، أَيْن رَبك، وَيلك؟ فَقَالَ لَهُ: أَو تعفيني؟ قَالَ: مَا كنت لأعفيك، قَالَ: أَنا إِذا أَبيت فَإِن رَبِّي نور فِي نور. قَالَ فَجعل يزحف إِلَيْهِ وَيَقُول: وَيحكم اقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ وَالله زنديق، وَقد كلمت هَذَا الصِّنْف بخراسان1. وَأخرج الْخَطِيب بِسَنَدِهِ أَيْضا عَن قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ: "دخل الشَّافِعِي على أَمِير الْمُؤمنِينَ وَعِنْده بشر المريسي! فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي: أدْخلك الله فِي أَسْفَل سافلين مَعَ فِرْعَوْن وهامان وَقَارُون، فَقَالَ المريسي: أدْخلك الله فِي أَعلَى عليين مَعَ مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم وموسي. قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: فَذكرت هَذِه الْحِكَايَة لبَعض أَصْحَابنَا فَقَالَ لي: أَلا تَدْرِي أَي شَيْء أَرَادَ المريسي بقوله؟ كَانَ مِنْهُ طنزًا؛ لِأَنَّهُ يَقُول: لَيْسَ ثمَّ جنَّة وَلَا نَار"2. وَبِسَنَدِهِ أَيْضا عَن إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ يَقُولُ: "دخل حميد الطوسي على أَمِير الْمُؤمنِينَ -وَعِنْده بشر المريسي- فَقَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ

_ 1 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 58". 2 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 60".

لحميد: أَتَدْرِي من هَذَا يَا أَبَا غَانِم؟ قَالَ: لَا قَالَ هَذَا بشر المريسي! فَقَالَ حميد: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! هَذَا سيد الْفُقَهَاء، هَذَا قد رفع عَذَاب الْقَبْر، وَمَسْأَلَة مُنكر وَنَكِير، وَالْمِيزَان، والصراط، انْظُر هَل يقدر أَن يرفع الْمَوْت؟ ثمَّ نظر إِلَى بشر، فَقَالَ: لَو رفعت الْمَوْت كنت سيد الْفُقَهَاء حقًّا". وَعَن زِيَاد بن أَيُّوب قَالَ: سَمِعت يحيى بن إِسْمَاعِيل الوَاسِطِيّ، يَقُول: سَمِعت عباد بن الْعَوام يَقُول: كلمت بشر المريسي وَأَصْحَاب بشر فَرَأَيْت آخر كَلَامهم يَنْتَهِي إِلَى أَن يَقُولُوا: لَيْسَ فِي السَّمَاء شَيْء1. قلت: ويغني عَن بسط الْكَلَام فِي معرفَة مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا الجهمي من الضلال والزيغ والتأويل تَأمل كتاب الدَّارمِيّ عُثْمَان بن سعيد -رَحمَه الله- فِي رده عَلَيْهِ، فقد بسط القَوْل فِي بَيَان مُعْتَقد هَذَا المريسي، وفند أَقْوَاله وفضحه على مَلأ من النَّاس، وَنقل هُوَ وَغَيره من الجهابذة الْأَعْلَام من أَئِمَّة الْعلم وَالدّين القَوْل بتكفيره وَقَتله، والتحذير من الْوُقُوع فِيمَا وَقع فِيهِ هُوَ وَأَتْبَاعه من الْإِلْحَاد فِي الله وَفِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته، وجنته وناره مدعومًا بالأدلة والبراهين النقلية والعقلية بِمَا يروي غلَّة الظمآن. فرحم الله الدَّارمِيّ رَحْمَة الْأَبْرَار. مناظراته: ذكر ابْن أبي حَاتِم فِي آدَاب الشَّافِعِي ومناقبه عَن أبي ثَوْر قَالَ: سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول: ناظرت بشرا المريسي فِي الْقرعَة فَقَالَ: "الْقرعَة قمار" فَذكرت مَا بيني وَبَينه لأبي البخْترِي -وَكَانَ قَاضِيا- فَقَالَ: ايتني بآخر

_ 1 عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة "ص32"، تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 58".

يشْهد مَعَك حَتَّى أضْرب عُنُقه1. وَفِي تَارِيخ بَغْدَاد من طَرِيق الْبُوَيْطِيّ عَن الشَّافِعِي، وَفِيه: فَذكرت لَهُ حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم- فِي الْقرعَة. فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الله هَذَا قمار2. وَعَن أبي ثَوْر أَيْضا قَالَ: سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول: قلت لبشر المريسي: مَا تَقول فِي رجل قتل: وَله أَوْلِيَاء صغَار وكبار، هَل للأكابر أَن يقتلُوا دون الأصاغر فَقَالَ: لَا، فَقلت لَهُ: فقد قتل الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب -ابْن ملجم- ولعلي أَوْلَاد صغَار، فَقَالَ: أَخطَأ الْحسن بن عَليّ، فَقلت: أما كَانَ جَوَاب أحسن من هَذَا اللَّفْظ؟! فَقَالَ: وهجرته من يَوْمئِذٍ3. ونقف أَيْضا على تِلْكَ المناظرة العجيبة الَّتِي دارت فِي حَضْرَة الْمَأْمُون، حول خلق الْقُرْآن بَين بشر المريسي الضال، وَعبد الْعَزِيز بن يحيى الْكِنَانِي الشَّافِعِي المتوفي سنة235 وَقيل: سنة 240، دحض فِيهَا الْكِنَانِي شبه المريسي وأفحمه بالحجج القاطعة، مُسْتَندا فِي ذَلِك إِلَى النَّص القرآني الْوَاضِح الْجَلِيّ فِي إِثْبَات كَلَام الله صفة من صِفَاته، وَأَن الْقُرْآن كَلَام الله منزل غير مَخْلُوق. وَهَذَا الْكتاب هُوَ الْمَعْرُوف بِكِتَاب "الحيدة" وحري بطالب الْعلم أَن يطلع على هَذَا الْكتب النافع، ليقف على مدى مَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف الصَّالح من قُوَّة ودحض الْبِدْعَة والانتصار للسّنة، فَهُوَ مَعَ صغر

_ 1 ابْن أبي حَاتِم فِي آدَاب الشَّافِعِي ومناقبه/ تَحْقِيق عبد الْغَنِيّ عبد الْخَالِق "ص175". 2 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 60". 3 آدَاب الشَّافِعِي: الْمصدر السَّابِق "ص175-176"، تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 60".

حجمه كَبِير بِمَا احتواه، وَقد طبع غير مرّة وَللَّه الْحَمد. موقف الْعلمَاء والحكام وَغَيرهم مِنْهُ: لم يأل الْعلمَاء جهدًا فِي بذل النَّصِيحَة لهَذَا المريسي الضال، عله يرعوي عَن ضلال وَيَنْتَهِي بِنَفسِهِ إِلَى مَا انْتهى إِلَيْهِ سلف الْأمة الصَّالح من قبله، من الْإِيمَان بِاللَّه وبأسمائه وَصِفَاته وجنته وناره ووعده ووعيده وَسَائِر أمره وَنَهْيه، إِلَّا أَن نَفسه الأمارة بالسوء غلبت عَلَيْهِ فآثر هَوَاهُ على الانصياع إِلَى الْحق، وخلا قلبه إِلَّا من حبائل الشَّيْطَان ونزغاته، فأمكنت الشُّبْهَة من نَفسه واستقرت فِي شغَاف قلبه الْخَالِي من قُوَّة الْإِيمَان، فَلم يأبه لناصح {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} 1. وَلَقَد حاولت أمه المسكينة معالجة أمره بِالْحُسْنَى واستعانت فِي ذَلِك بِالْإِمَامِ الشَّافِعِي -رَحمَه الله- إِلَّا أَن ذَلِك لم يجد بِشَيْء، فقد أخرج الْخَطِيب الشَّافِعِي فَقَالَت: يَا أَبَا عبد الله، أرى ابْني يهابك ويحبك، وَإِذا ذكرت عِنْده أَجلك، فَلَو نهيته عَن هَذَا الرَّأْي الَّذِي هُوَ فِيهِ، فقد عَادَاهُ النَّاس عَلَيْهِ، وَيتَكَلَّم فِي شَيْء يواليه النَّاس عَلَيْهِ وَيُحِبُّونَهُ؟. فَقَالَ لَهَا الشَّافِعِي: أفعل، فَشَهِدت الشَّافِعِي -وَقد دخل عَلَيْهِ بشر- فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِي: أَخْبرنِي عَمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ أكتاب نَاطِق، أم فرض مفترض، أم سنة قَائِمَة، أم وجوب عَن السّلف الْبَحْث فِيهِ وَالسُّؤَال عَنهُ؟ فَقَالَ بشر: لَيْسَ فِيهِ كتاب نَاطِق وَلَا فرض مفترض، وَلَا سنة قَائِمَة، وَلَا وجوب عَن السّلف الْبَحْث فِيهِ,

_ 1 سُورَة الْأَنْعَام، الْآيَة "125".

إِلَّا أَنه لَا يسعني خِلَافه، فَقَالَ الشَّافِعِي: أَقرَرت على نَفسك بالْخَطَأ، فَأَيْنَ أَنْت عَن الْكَلَام فِي الْفِقْه وَالْأَخْبَار، يواليك النَّاس عَلَيْهِ وتترك هَذَا؟ قَالَ: لنا نهمة فِيهِ فَلَمَّا خرج بشر قَالَ الشَّافِعِي: لَا يفلح1. كَمَا أَن الْعلمَاء أَيْضا وقفُوا مِنْهُ موقف الناصح المحذر لَهُ من مغبة مَا هُوَ عَلَيْهِ من فَسَاد الِاعْتِقَاد، مستندين فِي نصيحتهم لَهُ على الْحجَج الناصعة والبراهين القاطعة، والأدلة لكل من كَانَ لَهُ أدنى نظر أَو تَأمل. فَعَن بشر بن مُوسَى قَالَ: سَمِعت أَبَا يُوسُف القَاضِي يَقُول لبشر المريسي: طلب الْعلم بالْكلَام هُوَ الْجَهْل، الْجَهْل بالْكلَام هُوَ الْعلم، وَإِذا صَار رَأْسا فِي الْكَلَام قيل، زنديق، أَو رمي بالزندقة، يَا بشر، بَلغنِي أَنَّك تَتَكَلَّم فِي الْقُرْآن، إِن أَقرَرت لله علما خصمت وَإِن جحدت الْعلم كفرت2. وَعَن سليم بن مَنْصُور بن عمار قَالَ: كتب بشر المريسي إِلَى أَبِيه مَنْصُور بن عمار: أَخْبرنِي الْقُرْآنُ خَالِقٌ أَوْ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: فَكتب إِلَيْهِ عَافَانَا الله وَإِيَّاك من كل فتْنَة، وَجَعَلنَا وَإِيَّاك من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، فَإِنَّهُ إِن يفعل فأعظم بهَا من نعْمَة، وَإِلَّا فَهِيَ الهلكة، وَلَيْسَت لأحد على الله بعد الْمُرْسلين حجَّة: نَحن نرى أَن الْكَلَام فِي الْقُرْآن بِدعَة، تشارك فِيهَا السَّائِل والمجيب، وتعاطى السَّائِل مَا لَيْسَ لَهُ، وتكلف الْمُجيب مَا لَيْسَ عَلَيْهِ، وَمَا أعرف خَالِقًا إِلَّا الله، وَمَا دون الله مَخْلُوق، وَالْقُرْآن كَلَام الله، فانته

_ 1 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 59". 2 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 61-62" الْأَنْسَاب للسمعاني "ورقة 524".

بِنَفْسِك وبالمختلفين مَعَك، إِلَى أَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّاهُ الله بهَا تكن من المهتدين، وَلَا تسم الْقُرْآن باسم من عنْدك فَتكون من الضَّالّين، جعلنَا الله وَإِيَّاك من الَّذين يخشونه بِالْغَيْبِ وهم من السَّاعَة مشفقون1. وَعَن حَامِد بن يحيى الْبَلْخِي قَالَ: لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة: إِن بشرا يَقُول: إِن الله لَا يرى يَوْم الْقيمَة، فَقَالَ: قَاتله الله، دويبة، ألم يسمع الله يَقُول: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] ، فَجعل احتجابه عَنْهُم عُقُوبَة لَهُم فَإِذا احتجب عَن الْأَوْلِيَاء والأعداء، فَأَي فضل للأولياء على الْأَعْدَاء2. وَعَن عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: أخْبرت عَن بشر بن الْوَلِيد، قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد أبي يُوسُف القَاضِي فَدخل عَلَيْهِ بشر المريسي، فَقَالَ أَبُو يُوسُف حَدثنَا إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن جرير، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر حَدِيث الرُّؤْيَا، ثمَّ قَالَ أَبُو يُوسُف: إِنِّي وَالله أُؤْمِن بِهَذَا الحَدِيث وَأَصْحَابك يكفرون بِهِ وَكَأَنِّي بك قد شغلتك عَن النَّاس خَشَبَة بَاب الجسر3. وَلَكِن هَيْهَات هَيْهَات فقد أمكنت الشُّبْهَة من نَفسه، وَاسْتولى الْهوى على قلبه فَلم يعد للنصيحة أثر فِي رده وَلَا للموعظة دور فِي إقناعه. وَلما شاع أمره واشتهر خَبره أَسَاءَ الْعلمَاء قَوْلهم فِيهِ، وكفره أَكْثَرهم من أجل مقَالَته وحرضوا على قَتله. وَلست هُنَا بصدد الحَدِيث عَن كل مَا

_ 1 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 62". 2 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 65". 3 السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد ص"32"، تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 61-62".

نقل عَن الْعلمَاء فِي تكفيره وذمه لِئَلَّا يطول الْمقَام، وسأكتفي بِذكر جملَة مِمَّا أثر عَن الْعلمَاء أَنهم قَالُوهُ عَنهُ. فَعَن الْفضل بن إِسْحَاق الدوري قَالَ: سَمِعت المعيطي يَقُول: كُنَّا عِنْد يزِيد بن هَارُون فَذكرُوا المريسي فَقَالَ: مَا يَقُول؟ قَالُوا: الْقُرْآن مَخْلُوق، فَقَالَ: هَذَا كَافِر1. وَعَن حَامِد بن يحيى، عَن يزِيد بن هَارُون. قَالَ: المريسي حَلَال الدَّم يقتل2. وَعَن مُحَمَّد بن يزِيد قَالَ: قَالَ يزِيد بن هَارُون: حرضت أهل بَغْدَاد على قتل بشر المريسي غير مرّة3. وَعَن يحيى بن يُوسُف الزمي، قَالَ: سَمِعت شَبابَة بن سوار، يَقُول: اجْتمع رَأْيِي ورأي النّظر هَاشم بن الْقَاسِم، وَجَمَاعَة من الْفُقَهَاء على أَن بشر المريسي كَافِر جَاحد، أرى أَن يُسْتَتَاب، فَإِن تَابَ وَإِلَّا ضربت عُنُقه4. وَقَالَ الأ زدي: زائغ صَاحب رَأْي لَا يقبل وَلَا يخرج حَدِيثه، وَلَا كَرَامَة إِذْ كَانَ عندنَا على طَريقَة الْإِسْلَام5.

_ 1 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 62". 2، 3 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 63". 4 السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد ص"31"، تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 63". 5 لِسَان الْمِيزَان "2/ 30".

وَعَن عبد الله بن الإِمَام أَحْمد قَالَ: سَمِعت سوار بن عبد الله القَاضِي سَمِعت أخي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن سوار يَقُول: كنت عِنْد سُفْيَان بن عُيَيْنَة، فَوَثَبَ النَّاس على بشر حَتَّى ضربوه وَقَالُوا: جهمي، فَقَالَ لَهُ. سُفْيَان: يَا دويبة ألم تسمع الله يَقُول: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الْأَعْرَاف: 54] فَأخْبر أَن الْخلق غير الْأَمر. قيل لسوار: فأيش قَالَ بشر، قَالَ: سكت لم يكن عِنْده حجَّة1. وَلما ترامى إِلَى سمع الرشيد خَبره توعد بقتْله شَرّ قتلة، فَعَن المَسْعُودِيّ القَاضِي، سَمِعت هَارُون أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول: بَلغنِي أَن بشر المريسي يزْعم أَن الْقُرْآن مَخْلُوق لله، عَليّ إِن أَظْفرنِي الله بِهِ لأقتله قتلة مَا قتلتها أحدا قطّ2. وَنقل ابْن حجر عَن صَاحب الحافل قَوْله: وَكَانَ إِبْرَاهِيم بن الْمهْدي لما غلب على الْخَلِيفَة بِبَغْدَاد3 حبس بشرا وَجمع الْفُقَهَاء على مناظرته فِي بدعته فَقَالُوا: استتبه فَإِن تَابَ وَإِلَّا فَاضْرب عُنُقه، ذكر ابْن أبي حَاتِم فِي الرَّد على الْجَهْمِية. وَذكر من وَجه آخر أَن هرثمة كَانَ قد قبض عَلَيْهِ سنة198هـ هُوَ وَإِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن علية فاختفى هُوَ وهرب إِبْرَاهِيم بِمصْر4.

_ "1، 2" السّنة، الْمصدر السَّابِق ص"31". 3 كَانَت بيعَته بِبَغْدَاد سنة 202 وَذَلِكَ فِي عهد خلَافَة الْمَأْمُون. "انْظُر: تَارِيخ الطَّبَرِيّ 8/ 557" والكامل لِابْنِ الْأَثِير "6/ 342". 4 لِسَان الْمِيزَان "2/ 30".

وَفَاته واستبشار النَّاس بِمَوْتِهِ: تُشِير المصادر الَّتِي وقفت عَلَيْهَا فِي تَرْجَمَة المريسي إِلَى أَن وَفَاته كَانَت سنة 218، ويضيف الْبَعْض بِصِيغَة التمريض إِلَى أَن وَفَاته كَانَت سنة 219 1 وَقد قَارب الثَّمَانِينَ2 وَنقل ابْن حجر أَنه كَانَ من أَبنَاء سبعين سنة3. وَذكر ابْن خلكان أَن وَفَاته كَانَت بِبَغْدَاد4. واستبشر بِمَوْتِهِ الْعلمَاء وَالْفُقَهَاء وَعَامة النَّاس وشكروا الله تَعَالَى على ذَلِك، وَجعل الصّبيان يتعادون بَين يَدي الْجِنَازَة وَيَقُولُونَ: من يكْتب إِلَى مَالك من يكْتب إِلَى مَالك5. وَعَن بشر بن الْحَارِث، قَالَ: جَاءَ موت هَذَا الَّذِي يُقَال لَهُ: المريسي وَأَنا فِي السُّوق، فلولا أَنه كَانَ مَوْضُوع شهرة لَكَانَ مَوضِع شكر وَسُجُود وَالْحَمْد لله الَّذِي أَمَاتَهُ، هَكَذَا قُولُوا6. وَعند ابْن حجر أَنه قَالَ: فلولا أَنه لَيْسَ مَوضِع سُجُود سجدت

_ 1 الْأَنْسَاب "3/ 200" وفيات الْأَعْيَان "1/ 251"، لِسَان الْمِيزَان "2/ 30"، تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 67". 2 سير أَعْلَام النبلاء "10/ 202". 3 لِسَان الْمِيزَان "2/ 30". 4 وفيات الْأَعْيَان "1/ 251". 5 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 64". 6 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 67".

وَعَن عُثْمَان بن سعيد الرَّازِيّ قَالَ: حَدثنَا الثِّقَة من أَصْحَابنَا، قَالَ: لما مَاتَ بشر بن غياث المريسي لم يشْهد جنَازَته من أهل الْعلم وَالسّنة إِلَّا عبيد الشونيزي، فَلَمَّا رَجَعَ من جَنَازَة المريسي أقبل عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، قَالُوا: يَا عَدو الله، تنتحل السّنة وَالْجَمَاعَة وَتشهد جَنَازَة المريسي؟ قَالَ: أنظروني حَتَّى أخْبركُم، مَا شهِدت جَنَازَة رَجَوْت فِيهَا من الْأجر مَا رَجَوْت فِي جنَازَته. لما وضع مَوضِع الْجَنَائِز قُمْت فِي الصَّفّ فَقلت: اللَّهُمَّ عَبدك هَذَا كَانَ لَا يُؤمن برؤيتك فِي الأخرة، اللَّهُمَّ فاحجبه عَن النّظر إِلَى وَجهك يَوْم ينظر إِلَيْك الْمُؤْمِنُونَ، اللَّهُمَّ عَبدك هَذَا كَانَ لَا يُؤمن بِعَذَاب الْقَبْر، اللَّهُمَّ فَعَذَّبَهُ الْيَوْم فِي قَبره عذَابا لَا تعذبه أحدا من الْعَالمين، اللَّهُمَّ عَبدك هَذَا كَانَ يُنكر الْمِيزَان، اللَّهُمَّ فَخفف مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة، اللَّهُمَّ عَبدك هَذَا كَانَ يُنكر الشَّفَاعَة، اللَّهُمَّ فَلَا تشفع فِيهِ أحدا من خلقك يَوْم الْقِيَامَة، قَالَ فَسَكَتُوا وَضَحِكُوا2. آثاره: قَالَ الذَّهَبِيّ: وللمريسي تصانيف جمة3, صنف كتابا فِي التَّوْحِيد، وَكتاب "الإرجاء"، وَكتاب "الرَّد على الْخَوَارِج"، وَكتاب "الِاسْتِطَاعَة"، و"الرَّد على الرافضة فِي الْإِمَامَة"،

_ 1 لِسَان الْمِيزَان "2/ 31". 2 تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 66". 3 سير أَعْلَام النبلاء "10/ 220-201"، مُعْجم المؤلفين "3/ 46".

وَكتاب "كفر المشبهة"، وَكتاب "الْوَعيد" وَأَشْيَاء غير ذَلِك فِي نحلته. وَيذكر حاجي خَليفَة أَن لَهُ كتاب الْحجَج قَالَ: وَهُوَ أحسن من كتاب الْمُزنِيّ، وحجج عِيسَى بن أبان أدق علما وَأحسن ترتيبًا من كتاب الْمُزنِيّ1. وَهل مصنفات المريسي مَا زَالَت مَوْجُودَة حَتَّى الْيَوْم أَو أَنَّهَا فقدت؟ يَقُول فؤاد سزكين: لقد ضَاعَت كل كتب المريسي إِلَّا إجاباته فِي مناقشة حول خلق الْقُرْآن دارت فِي حَضْرَة الْمَأْمُون، وَقد بقيت هَذِه الإجابات فِي كتاب الْحَيَوَان للجاحظ 7/ 116، وَفِي كتاب أدب الشَّافِعِي لِابْنِ أبي حَاتِم 175-176، وَوصل إِلَيْنَا كَذَلِك ردان على إجاباته هما: 1- النَّقْض على المريسي لعُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ المتوفي "282هـ/ 895م". 2- كتاب الحيدة لعبد الْعَزِيز بن يحيى بن مُسلم الْكِنَانِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي المتوفي "235هـ/ 849م، وَقيل: 240هـ" وَصِحَّة نِسْبَة هَذَا الْكتاب مَوضِع نظر2. قلت: وَقد حقق الدكتور عَليّ بن مُحَمَّد الفقيهي الْأُسْتَاذ بالجامعة الإسلامية بِالْمَدِينَةِ المنورة صِحَة نِسْبَة هَذَا الْكتاب للكناني فَلْيتَأَمَّل3.

_ 1 كشف الظنون ص"632". 2 تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ تَرْجَمَة د. مَحْمُود حجازي د. مَحْمُود أَبُو الْفضل "2/ 398". 3 الحيدة والاعتذار فِي الرَّد من قَالَ بِخلق الْقُرْآن ص"6-19".

الفصل الثالث: التعريف بابن الثلجي

الْفَصْل الثَّالِث: التَّعْرِيف بِابْن الثَّلْجِي تَنْبِيه: جدير بِالذكر أَن ابْن الثَّلْجِي لَيْسَ هُوَ الْمعَارض فِي ثنايا الْكتاب كَمَا يتَوَهَّم الْبَعْض، إِذْ إِن من تَأمل الْكتاب، فيسقف على أَن الْمَقْصُود بالمعارض غير المريسي وَابْن الثَّلْجِي، وَقد أَشرت إِلَى ذَلِك فِي مَوْضِعه فِي بداية الْقسم الثَّانِي. وقيامي بترجمة ابْن الثَّلْجِي بِهَذِهِ التَّرْجَمَة الواسعة يرجع إِلَى المريسي، وَكَثِيرًا مَا تَجِد فِي ثنايا الْكتاب ذكر ابْن الثَّلْجِي مُنْفَردا بِشُبْهَة أَو مَقْرُونا ببشر المريسي. كَمَا أَن المخطوطات الَّتِي وقفت عَلَيْهَا فِيهَا تَرْجَمَة لِابْنِ الثَّلْجِي مُسندَة إِلَى الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي تَارِيخه. وَكَانَ لَا بُد من إِعْطَاء الْقَارئ صُورَة وَاضِحَة عَنهُ فَوضعت لَهُ هَذِه التَّرْجَمَة.

المبحث الأول: عصره السياسي والعلمي

المبحث الأول: عصره السياسي والعلمي أَولا: عصره السياسي: عَاشَ ابْن الثَّلْجِي فِي الفترة مَا بَين عَام 181هـ إِلَى سنة 266هـ، وتكاد تِلْكَ الفترة الَّتِى عاشها تتفق فِي كثير من الملامح الساسية مَعَ الفترة الَّتِي عاشها الدَّارمِيّ، فقد عاشا فِي عصر وَاحِد، إِلَّا أَن ابْن الثَّلْجِي كَانَ أسبق فِي وِلَادَته عَن الدَّارمِيّ بِنَحْوِ من ستعة عشر عَاما كَانَ فِيهَا فِي بداية نشأته وتعلمه. وَيُمكن القَوْل بِأَن من أهم ملامح الْحَيَاة السياسية الَّتِي عاشها ابْن الثَّلْجِي فِي بداية نشأته أَنَّهَا فَتْرَة بلغت فِيهَا الدولة العباسية أوج قوتها، وتجلى عصرها الذَّهَبِيّ فِي أسمى مظاهره، وَلم يكن ثمَّة دولة تضاهيها فِي الدولة وَالسُّلْطَان وَالْقُوَّة والثروة. تِلْكَ هِيَ الفترة الَّتِي كَانَ الْقَائِم فِيهَا بِأَمْر الْخلَافَة هُوَ الْخَلِيفَة هَارُون الرشيد الَّذِي يعد من أبرز الْخُلَفَاء الَّذين عرفهم التَّارِيخ، فقد كَانَ تقيًّا محسنًا متمسكًا بِدِينِهِ ماهرًا فِي قيادة الجيوش، كثير التجوال فِي أملاكه بِقصد الْقَضَاء على الفوضى، موضعا لثقة أَبِيه مُنْذُ حداثته. وَرَغمَ ماحدث من بعض الْفِتَن الداخلية والمنازعات الَّتِي كَانَ من أبرزها قيام دولة الأغالبة واستقلالها بالقيروان إِلَّا أَن هَذَا يتضاءل مَعَ مِقْدَار مَا تمّ فِي عهد الرشيد من فتوح ومنجزات فِي مُخْتَلف الميادين، إِلَى أَن توفّي سنة 193 عَن عمر يناهز 44 عَاما.

وَقد سبق وَأَن أَشرت إِلَى جملَة من الْأَحْدَاث الَّتِي وَقعت فِي عَهده فِي عصر المريسي السياسي. ثَانِيًا: عصره العلمي: لَا يخْتَلف الحَدِيث عَن الْحَالة العلمية فِي عصر ابْن الثَّلْجِي عَن الحَدِيث عَنْهَا فِي عصر الدَّارمِيّ، إِلَّا أَنه يجدر التَّنْبِيه إِلَى أَن ابْن الثَّلْجِي عاصر الفترة الذهبية الَّتِي حكم فِيهَا هَارُون الرشيد، ذَلِك الْعَهْد الَّذِي كَانَ لَهُ أكبر الْأَثر فِي قيام النهضة الدِّينِيَّة والعلمية والأدبية فِي جوانبها الْمُخْتَلفَة، حَيْثُ سَاد الرخَاء واستتب الْأَمْن وَعظم سُلْطَان الدولة وانتشرت الْمَسَاجِد والكتاتيب ودور الْعلم وأغدق الْعَطاء على الْعلمَاء وَالْكتاب، وَظَهَرت الْعِنَايَة بِالْقُرْآنِ وَالسّنة وعلوم اللُّغَة وآدابها، كَمَا ظهر للْعُلَمَاء دور بارز فِي مناهضة الْبدع والانتصار لمَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، والعناية بالتصنيف فِي مُخْتَلف الْعُلُوم، الدِّينِيَّة مِنْهَا والدنيوية.

المبحث الثاني: حياة ابن الثلجي

المبحث الثَّانِي: حَيَاة ابْن الثَّلْجِي اسْمه وكنيته وَنسبه: هُوَ الْفَقِيه الْبَغْدَادِيّ، الْحَنَفِيّ1 مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي2 وَيُقَال: الْبَلْخِي3 ويذكره الْبَعْض: مُحَمَّد بن شُجَاع بن الثَّلْجِي4 ويكنى بِأبي عبد الله5 وَيعرف أَيْضا بِابْن الثَّلْجِي6 وبأبي بكر7. نسبته: قَالَ ابْن الْأَثِير: "الثَّلْجِي" بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون اللَّام فِي آخرهَا الْجِيم قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: بَنو الثَّلج بن عَمْرو بن مَالك بن مَنَاة بن هُبل بن عبد الله بن بكر بن عَوْف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثوب بن كلب بن وبرة،

_ 1 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 577". 2 تجمع أَكثر المصادر الَّتِي اعتمدت عَلَيْهَا هَذِه التَّسْمِيَة. 3 الْجَوَاهِر المضية "2/ 60". 4 الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان "3/ 577" وَتَذْكِرَة الْحفاظ "2/ 184"، شذرات الذَّهَب "2/ 151". 5 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 577"، الْفَوَائِد البهية فِي تراجم الْحَنَفِيَّة ص"171"، الفهرست لِابْنِ النديم ص"260". 6 اللّبَاب "1/ 241"، سير أَعْلَام البنلاء "12/ 379". 7 الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير "7/ 337".

بطن من كلب ثمَّ من قضاعة، وَلَهُم عدد وَفِيهِمْ كَثْرَة نسبوا إِلَى الْجد أبي الثَّلج أَو إِلَى الثَّلج، وَمِنْهُم أَبُو عبد الله بن أبي شُجَاع يعرف بِابْن الثَّلْجِي1. وِلَادَته: حكى أَبُو عبد الله الْهَرَوِيّ صَاحب الثَّلْجِي قَالَ: سَمِعت الثَّلْجِي يَقُول: ولدت فِي رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَة2. طلبه للْعلم وشيوخه: قَالَ الذَّهَبِيّ: كَانَ من بحور الْعلم، وَكَانَ صَاحب تعبد وتهجد وتلاوة. سمع من ابْن علية ووكيع وَأُسَامَة وطبقتهم، وَأخذ الْحُرُوف عَن يحيى بن آدم وَالْفِقْه عَن الْحسن بن زِيَادَة3. وَقَالَ أَيْضا: وَكَانَ مَعَ هناته ذَا تِلَاوَة وَتعبد4. وَقَالَ: الْقرشِي: كَانَ فَقِيه الْعرَاق فِي وقته والمقدم فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَقِرَاءَة الْقُرْآن مَعَ ورع وَعبادَة5. وَقَالَ ابْن النديم: مبرز على نظرائه من أهل زَمَانه، وَكَانَ فَقِيها ورعًا وثباتًا على آرائه، وَهُوَ الَّذِي فتق فقه أبي حنفية وَاحْتج لَهُ وَأظْهر علله وَقواهُ بِالْحَدِيثِ وحلاه فِي الصُّدُور6.

_ 1 اللّبَاب "1/ 241". 2 الْفَوَائِد البهية ص"171". 3 سير أَعْلَام النبلاء "12/ 379". 4 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 578". 5 الْجَوَاهِر المضية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة "2/ 60". 6 الفهرست لِابْنِ النديم ص"260".

قَرَأَ على اليزيدي وروى عَن ابْن علية ووكيع، وتفقه على الْحسن بن زِيَادَة اللؤْلُؤِي وَغَيره، وَآخر من حَدِيث عَنهُ مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة1. وَقَالَ اللكنوي: أَخذ عَن الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي وَحدث عَن يحيى بن آدم وَإِسْمَاعِيل بن علية ووكيع، وَأبي أُسَامَة وَعبيد الله بن مُوسَى، وَمُحَمّد بن عمر الْوَاقِدِيّ2. وسأتناول بالتعريف ثَلَاثَة من شُيُوخه: 1- الْحسن بن زِيَاد: الْعَلامَة فَقِيه الْعرَاق، أَبُو عَليّ الْأنْصَارِيّ، مَوْلَاهُم، الْكُوفِي اللؤْلُؤِي صَاحب أبي حنيفَة، نزل بَغْدَاد وصنف وتصدر للفقه. أَخذ عَنهُ: مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي وَشُعَيْب بن أَيُّوب الصيريفيني. وَكَانَ أحد الأذكياء البارعين فِي الرَّأْي، ولي الْقَضَاء بعد حَفْص بن غياث ثمَّ عزل نَفسه. قَالَ الذَّهَبِيّ: لينه ابْن الْمَدِينِيّ وَطول تَرْجَمته الْخَطِيب. مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ رَحمَه الله3.

_ 1 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 57". 2 الْفَوَائِد البهية ص"171". 3 سير أَعْلَام النبلاء "9/ 543-545"، تَارِيخ بَغْدَاد "7/ 314"، شذرات الذَّهَب "2/ 12".

2- يحيى بن آدم: هُوَ يحيى بن آدم بن سُلَيْمَان، الْعَلامَة، الْحَافِظ، المجود، أَبُو زكريَّا الْأمَوِي، مَوْلَاهُم الْكُوفِي، صَاحب التصانيف، من موَالِي خَالِد بن عقبَة بن أبي معيط. ولد بعد الثَّلَاثِينَ وَمِائَة، وَلم يدْرك وَالِده، كَأَنَّهُ توفّي وَهَذَا حمل. روى عَن عِيسَى بن طهْمَان، وسيفان الثَّوْريّ وَحَمَّاد بن سَلمَة وَغَيرهم، وَعنهُ أَحْمد وَإِسْحَاق وَيحيى وَعلي وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيرهم. وَثَّقَهُ يحيى بن معِين وَالنَّسَائِيّ، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: كَانَ يحيى بن آدم من كبار أَئِمَّة الِاجْتِهَاد: توفّي غَرِيبا بِبَلَد فَم الصُّلْح فِي سنة 203هـ1. 3- اليزيدي: شيخ الْقُرَّاء، أَبُو مُحَمَّد يحيى بن الْمُبَارك بن الْمُغيرَة الْعَدوي الْبَصْرِيّ النَّحْوِيّ، وَعرف باليزيدي لاتصاله بالأمير يزِيد بن مَنْصُور خَال الْمهْدي يُؤَدب وَلَده، جود الْقُرْآن على أبي عَمْرو الْمَازِني، وَحدث عَنهُ وَعَن ابْن جريج، وتلا عَلَيْهِ خلق مِنْهُم أَو عمر الدوري، وَأَبُو شُعَيْب السُّوسِي. قَالَ الذَّهَبِيّ: "وَقد أدب الْمَأْمُون وَعظم حَاله وَكَانَ ثِقَة عَالما حجَّة فِي الْقِرَاءَة لَا يدْرِي مَا الحَدِيث لكنه إخباري نحوي، عَلامَة، بَصِير بِلِسَان الْعَرَب".

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "9/ 522-529"، تَهْذِيب التَّهْذِيب "11/ 175"، شذرات الذَّهَب "2/ 8".

عَاشَ 74 سنة وَتُوفِّي بِبَغْدَاد سنة 202، وَقيل: بل كَانَت وَفَاته بمرو فِي صحابة الْمَأْمُون1. تلاميذه: قَالَ اللكنوي: روى عَنهُ يَعْقُوب بن شيبَة وَابْن ابْنه مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب، وَعبد الْوَهَّاب بن أبي حَيَّة وَعبد الله بن أَحْمد ثَابت الْبَزَّار فِي آخَرين2. وسأتناول بالتعريف ثَلَاثَة مِنْهُم: 1- يَعْقُوب بن شيبَة: هُوَ يَعْقُوب بن شيبَة، أَو الصَّلْت بن عُصْفُور الْحَافِظ الْكَبِير الْعَلامَة الثِّقَة، أَبُو يُوسُف السدُوسِي الْبَصْرِيّ ثمَّ الْبَغْدَادِيّ، صَاحب الْمسند الْكَبِير ولد فِي حُدُود سنة 180 وَتُوفِّي فِي شهر ربيع الأول سنة 262هـ3. 2- مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب: هُوَ المعمر الصدوق، أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب بن شيبَة السدُوسِي الْبَغْدَادِيّ، سمع كثيرا من جده الْحَافِظ وَعلي بن حَرْب، وَمُحَمّد بن شُجَاع بن الثَّلْجِي، وَثَّقَهُ أَبُو بكر الْخَطِيب، ولد فِي أول سنة

_ 1 سير أَعْلَام النبلاء "9/ 562-563"، تَارِيخ بَغْدَاد "14/ 146"، شذرات الذَّهَب "2/ 4". 2 الْفَوَائِد البهية ص"171". 3 تَارِيخ بَغْدَاد "14/ 281-283"، تذكرة الْحَافِظ "2/ 577-578"، سير أَعْلَام النبلاء "2/ 476-479".

254، وَتُوفِّي فِي ربيع الآخر سنة 331 وَله 78 سنة1. 3- الْبَزَّار: هُوَ عبد الله بن أَحْمد بن ثَابت بن سَلام، أَبُو الْقَاسِم الْبَزَّار، حدث عَن حَفْص بن عَمْرو وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، وَعنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن شاهين، ويوسف القواس وَغَيرهم، وَكَانَ ثِقَة، ولد سنة 238 وَتُوفِّي سنة 329 2. عقيدته: قَالَ اللكنوي: سُئِلَ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل عَنهُ فَقَالَ: مُبْتَدع صَاحب هوى3، وَبعث المتَوَكل إِلَى أَحْمد يسْأَله عَن ابْن الثَّلْجِي وَيحيى بن أَكْثَم فِي ولَايَة الْقَضَاء، فَقَالَ: أما ابْن الثَّلْجِي فَلَا، وَلَا حارس4. وَكَانَ من الواقفة على الْقُرْآن إِلَّا أَنه يرى رَأْي أهل الْعدْل والتوحيد5 وَله ميل إِلَى مَذْهَب الْمُعْتَزلَة6. وَقَالَ ابْن عدي: كَانَ يضع الحَدِيث فِي التَّشْبِيه ينسبها إِلَى أَصْحَاب

_ 1 تَارِيخ بَغْدَاد "1/ 373-375"، سير أَعْلَام النبلاء "15/ 312-313"، شذرات الذَّهَب "2/ 329". 2 تَارِيخ بَغْدَاد "9/ 387-388". 3 اللكنوي فِي الْفَوَائِد البهية ص"171". 4 اللكنوي فِي الْفَوَائِد البهية ص"171". 5 ابْن النديم فِي الفهرست ص"260". 6 تَاج التراجم "55"، الْجَوَاهِر المضية "2/ 61"، الْفَوَائِد البهية ص"171".

الحَدِيث يثلبهم بذلك1. وروى الْمروزِي: حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق الْهَاشِمِي، سَمِعت الزيَادي، يَقُول: أشهدنا ابْن الثلاج وَصيته، وَكَانَ فِيهَا: لَا يعْطى من ثُلثي إِلَّا من قَالَ: الْقُرْآن مَخْلُوق2. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: جَاءَ من غير وَجه أَنه كَانَ ينَال من أَحْمد وَأَصْحَابه وَيَقُول: أيش قَامَ بِهِ أَحْمد؟! قَالَ الْمروزِي: أَتَيْته ولمته، فَقَالَ: إِنَّمَا أَقُول، الْقَضَاء، فَقيل لَهُ: هُوَ من أَصْحَاب بشر المريسي، فَقَالَ: نَحن بعد فِي بشر! فَقطع الْكتاب جزازات، فَسمِعت عَليّ بن الجهم يَقُول لأبي عبد الله، وَنحن بالعسكر: أَمر ابْن الثلاج أَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم -يَعْنِي مُتَوَلِّي بَغْدَاد- كلم المتَوَكل أَن يوليه الْقَضَاء، فَدخلت وَبَين يَدَيْهِ كتب يُرِيد أَن يختمها، وَبَين يَدَيْهِ بطيخ كثير، فجَاء رَسُول إِسْحَاق ينجز الْكتب، فَقَالَ لي المتَوَكل: يَا عَليّ، من مُحَمَّد بن شُجَاع هَذَا؟ فقد ألح على إِسْحَاق فِي سَببه! فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هَذَا من أَصْحَاب بشر المريسي، فَقَالَ: ذَلِك! وَقطع الْكتاب. فَانْصَرف الرَّسُول فجَاء إِسْحَاق فَقُمْت إِلَيْهِ فَرَأَيْت الْكَرَاهِيَة فِي وَجهه، فَكَانَ ذَلِك سَبَب تسييري إِلَى أسبيجاب3. قلت: وَمَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا الرجل من عبَادَة وتهجد وتلاوة وَفقه فِي

_ 1 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 577"، شذرات الذَّهَب "2/ 151". 2 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 578". 3 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 577-578".

الدَّين، يكْشف عَنهُ ثَنَاء الْعلمَاء عَلَيْهِ وَالشَّهَادَة لَهُ بذلك، إِلَّا أَنه كَانَ مَعَ هَذَا متأثر بعقائد الْجَهْمِية متأولًا فِي الصِّفَات مُتَّفقا مَعَ المريسي الضال فِي كثير مِمَّا ذهب إِلَيْهِ من الزيغ والضلال فِي ذَات الله وأسمائه وَصِفَاته بِمَا يُفْضِي إِلَى تَعْطِيل الله عَن صِفَات الْكَمَال، ونعوت الْجلَال الَّتِي تلِيق بجلاله وعظمته، وَوَصفه بِصِفَات يتنزه عَنْهَا أدنى الْخلق فَمَا بالك بِرَبّ الْعَالمين. وَقد قَالَ: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1. وَقَالَ: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 2. بعض مَا نسب إِلَيْهِ من الرِّوَايَات: قَالَ ابْن عدي: كَانَ يضع الحَدِيث فِي التَّشْبِيه ينسبها إِلَى أَصْحَاب الحَدِيث يسابهم بذلك3. وَقَالَ ابْن عدي أَيْضا: روى ابْن الثَّلْجِي عَن حبَان بن هِلَال -وحبان ثِقَة- عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم،

_ 1 سُورَة الْأَعْرَاف، الْآيَة "180". 2 سُورَة الْحَشْر، الأيات "22، 23، 24". 3 ميزَان الِاعْتِدَال 3/ 577، قلت: وَفِي شذرات الذَّهَب "2/ 151"، "يثلبهم بذلك".

قَالَ: "إِن الله خلق الْفرس فأجراها فعرقت، ثمَّ خلق نَفسه مِنْهَا" 1. قَالَ الذَّهَبِيّ: هَذَا مَعَ كَونه من أبين الْكَذِب هُوَ من وضع الْجَهْمِية ليذكروه فِي معرض الِاحْتِجَاج على أَن نَفسه شَيْء من مخلوقاته، فَكَذَلِك إِضَافَة كَلَامه إِلَيْهِ من هَذَا الْقَبِيل إِضَافَة ملك وتشريف، كبيت الله، وناقة الله، ثمَّ يَقُولُونَ: إِذا كَانَ نَفسه تَعَالَى إِضَافَة ملك فَكَلَامه بِالْأولَى. وَبِكُل حَال فَمَا عد مُسلم هَذَا فِي أَحَادِيث الصِّفَات، تَعَالَى الله عَن ذَلِك، وَإِنَّمَا أثبتوا النَّفس بقوله: {وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [الْمَائِدَة: 116] 2. قلت: قَالَ ابْن عراق الْكِنَانِي فِي تَنْزِيه الشَّرِيعَة المرفوعة عَن الْأَخْبَار الشبيعة الْمَوْضُوعَة: "ذكره ابْن عدي من طَرِيق مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي، وَأبي المهزم وَالْمُتَّهَم بِهِ الثَّلْجِي، فلعنة الله على وَضعه، إِذْ لَا يضع مثل هَذَا مُسلم بسيط وَلَا عَاقل"3. موقفه من الْعلمَاء: قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ: "كَانَ يقف فِي مَسْأَلَة الْقُرْآن وينال من الْكِبَار"4. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: "جَاءَ من غير وَجه أَنه كَانَ ينَال من أَحْمد وَأَصْحَابه وَيَقُول: أيش قَامَ بِهِ أَحْمد!؟ "5.

_ 1 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 578-579". 2 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 579". 3 تَنْزِيه الشَّرِيعَة "1/ 134". 4 سير أَعْلَام النبلاء "12/ 380". 5 ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 577".

وَقَالَ الذَّهَبِيّ: وَجعل ابْن الثلاج يَقُول: أَصْحَاب أَحْمد بن حَنْبَل يَحْتَاجُونَ أَن يذبحوا. وَقَالَ لي أَحْمد مرّة: قَالَ لي حسن بن الْبَزَّاز: قَالَ لي عبد السَّلَام القَاضِي: سَمِعت ابْن الثلاج، يَقُول: عِنْد أَحْمد بن حَنْبَل كتب الزندقة1. وروى ابْن عدي، مُوسَى بن الْقَاسِم بن الأشيب، قَالَ: كَانَ ابْن الثَّلْجِي يَقُول: وَمن كَانَ الشَّافِعِي؟ إِنَّمَا كَانَ يصحب بربرًا الْمُغنِي. فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة، قَالَ: رحم الله الشَّافِعِي، وَذكر علمه وَقَالَ: قد رجعت عَمَّا كنت أَقُول فِيهِ2. وَفَاته: قَالَ الذَّهَبِيّ: مَاتَ سَاجِدا فِي صَلَاة الْعَصْر، وَيرْحَم إِن شَاءَ الله، مَاتَ سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ3. وَذكر اللكنوي أَن وَفَاته كَانَت سنة سبع وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ إِلَّا أَنه عزا إِلَى أبي عبد الله الْهَرَوِيّ صَاحب الثَّلْجِي قَوْله: إِن وَفَاته كَانَت سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ لأَرْبَع خلون من شهر ذِي الْحجَّة4. وَيذكر ابْن النديم أَن وَفَاته كَانَت سنة سبع، وَقيل: سِتّ وَخمسين

_ "1، 2، 3" ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 578". 4 الْفَوَائِد البهية ص"171".

وَمِائَتَيْنِ، يَوْم الثُّلَاثَاء لعشر خلون من ذِي الْحجَّة1. قلت: وَالَّذِي يظْهر أَنه وهم مِنْهُ أَو أَنه خطأ من النَّاسِخ. قَالَ الذَّهَبِيّ: وَكَانَ عمره 85 سنة2، وَقَالَ الْحَاكِم: 86 سنة3، وَقيل: 90 سنة4. قلت: إِن صَحَّ مَا حَكَاهُ أَبُو عبد الله الْهَرَوِيّ من أَن وِلَادَته كَانَت سنة 181هـ5 فعمره 85 أَو 86 سنة. وَدفن فِي بَيته. قَالَ أَبُو الْحسن، عَليّ بن صَالح: حكى لي جدي أَنه سمع الثَّلْجِي، يَقُول: ادفنوني فِي هَذَا الْبَيْت فَإِنَّهُ لم يبْق فِيهِ طابق إِلَّا ختمت فِيهِ الْقُرْآن6. آثاره: تُشِير أَكثر المصادر الَّتِي وَقعت عَلَيْهَا إِلَى أَن لَهُ من المصنفات: 1- تَصْحِيح الْآثَار.

_ 1 الفهرست ص"260". 2 سير أَعْلَام النبلاء "12/ 380". 3 ذكره الذَّهَبِيّ عَنهُ فِي الْمِيزَان "3/ 578". 4 شذرات الذَّهَبِيّ "2/ 151"، مرْآة الْجنان "2/ 180". 5 انْظُر الْفَوَائِد البهية ص"171". 6 تَاج التراجم "56"، الْجَوَاهِر المضية "2/ 61".

2- النَّوَادِر. 3- الْمَنَاسِك فِي نَيف وَسِتِّينَ جُزْءا. 4- الْمُضَاربَة. 5- الرَّد على المشبهة. ويضيف صَاحِبي هِدَايَة العارفين، ومعجم المؤلفين إِلَى أَن لَهُ أَيْضا كتاب الْكَفَّارَات، كَمَا يذكر أَيْضا صَاحب هِدَايَة العارفين أَن لَهُ كتاب "التَّجْرِيد فِي الْفِقْه". وَيَقُول صَاحب كشف الظنون أَن لَهُ أَيضًا "كتاب تَجْرِيد الْكَلَام" وَكتاب "النَّوَازِل" ذكر الإِمَام أبي اللَّيْث، نصر بن مُحَمَّد السَّمرقَنْدِي المتوفي سنة 376هـ أَنه جمع من كَلَام مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي، وَمُحَمّد بن مقَاتل الرَّازِيّ وَغَيرهمَا1.

_ 1 انْظُر: المصادر الَّتِي أشارت إِلَيّ آثاره، وَهِي: هِدَايَة العارفين ص"17"، مُعْجم المؤلفين "10/ 64"، تَاج التراجم "55"، الفهرست ص"260"، الْفَوَائِد البهية ص"171"، ميزَان الِاعْتِدَال "3/ 578"، الْجَوَاهِر المضية "2/ 61"، كشف الظنون "1/ 346، 410، 2/ 1453، 1459، 1981".

الباب الثاني: التعريف بالكتاب والمخطوطة

الْبَاب الثَّانِي: التَّعْرِيف بِالْكتاب والمخطوطة الْفَصْل الأول: التَّعْرِيف بِالْكتاب أَولا: اسْم الْكتاب تُشِير المصادر الَّتِي وقفت عَلَيْهَا إِلَى تَسْمِيَة هَذَا الْكتاب باسمين لَا ثَالِث لَهما، فَتَارَة يُسمى بِالرَّدِّ على بشر المريسي، وَتارَة بِالنَّقْضِ على بشر المريسي. وَقد وقفت فِي نُسْخَة الأَصْل على تَسْمِيَته: "نَقْضُ الْإِمَامِ أَبِي سَعِيدٍ عُثْمَانَ بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فِيمَا افترى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ التَّوْحِيد"، وهما متقاربان. وَقد وَقع اخْتِيَاري على هَذَا الِاسْم لموافقته الأَصْل، ولموافقته لُغَة لما تضمنه الْكتاب من النَّقْض لما أبرمه المريسي، وَأَضْرَابه من الْفِرْيَة فِي التَّوْحِيد. والمريسي يَدعِي تَوْحِيد الله بِمَا أورد من شبه كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك الدَّارمِيّ رَحمَه الله انْظُر ص"551". وَقد ذكره شيخ الْإِسْلَام، ابْن تَيْمِية بِهَذِهِ التَّسْمِيَة فِي كِتَابه الْمَشْهُور "دَرْء تعَارض الْعقل وَالنَّقْل" "2/ 49، 66". كَمَا سَمَّاهُ بِالنَّقْضِ على بشر المريسي أَيْضا ابْن الْقيم فِي اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية ص"89"، والذهبي فِي الْعُلُوّ ص"144"، وَابْن حجر الْفَتْح "11/ 215"، وَهِي التَّسْمِيَة الْغَالِبَة عَلَيْهِ فِي المراجع، وَلذَا أثبتها كَمَا فِي نُسْخَة الأَصْل.

ثَانِيًا: نسبته إِلَى الْمُؤلف: تجمع المصادر الَّتِي عنيت بترجمة الدَّارمِيّ وَذكر آثاره على نِسْبَة هَذَا الْكتاب إِلَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ -رَحِمَهُ الله-، وشهرته واستفاضة النَّقْل عَنهُ فِي كتب الْعلمَاء تغني عَن الْإِفَاضَة فِي تَحْقِيق هَذَا1. ثَالِثا: مَوْضُوع الْكتاب: يتجلى من عنوان الْكتاب أَنه فِي الرَّد على المريسي الضال، الَّذِي ابتدع فِي التَّوْحِيد مَا لم ينزل بِهِ الله سُلْطَانا، وَهُوَ من الْجَهْمِية الَّذين عطلو الرب عَن صِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال فوصفوه بِالنَّقْصِ والتعطيل. وَلم يقْتَصر الْكتاب على مُوَاجهَة المريسي فَحسب بل عرض لمَذْهَب الْجَهْمِية بِوَجْه عَام فِيمَا يتَعَلَّق بتوحيد الله وأسمائه وَصِفَاته، كَمَا عرض لجملة من الْمسَائِل الحديثية، وَمَا يَدُور حول بعض الْمُحدثين من الصَّحَابَة من ذمّ أَو تَعْرِيض. وَقد جعل الْمُؤلف كِتَابه فِي ثَلَاثَة أَجزَاء: الْجُزْء الأول تنَاول فِيهِ: 1- الحَدِيث عَن الْمعَارض الجهمي والمنشئ لكَلَام المريسي المدلس على الْعَامَّة والأغمار. 2- الْإِيمَانِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مخلوقة.

_ 1 انْظُر على سَبِيل الْمِثَال: تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ "2/ 371"، طَبَقَات السُّبْكِيّ "2/ 304"، مُعْجم المؤلفين "6/ 254"، دَرْء تعَارض الْعقل وَالنَّقْل "2/ 490"، اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية ص"89"، الاسْتقَامَة "1/ 70"، الْعُلُوّ للذهبي ص"144"، الْأَعْلَام "4/ 366".

3- دَعْوَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْء من الْحَواس. 4- بَاب النُّزُول. 5- بَاب الْحَد وَالْعرش. 6- السّمع وَالْبَصَر. 7- الرُّؤْيَة. 8- أَصَابِع الرَّحْمَن. الْجُزْء الثَّانِي وَتَنَاول فِيهِ: 1- الحَدِيث عَن قدم الرب جلّ جَلَاله. 2- بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ. 3- كَلَام الله، وَأطَال الْكَلَام فِي ذَلِك. الْجُزْء الثَّالِث: وَتَنَاول فِيهِ: 1- الْحَثُّ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يكْتب عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم- وَأَصْحَابه. 2- الذَّبُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ. 3- الذَّبُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَان رضى الله عَنهُ. 4- الذَّبُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ. 5- مازعمه الْمعَارض من كَلَام السّلف فِي التَّرْغِيب عَن الحَدِيث وَرِوَايَته. 6- تَكْفِير من يَقُول: كَلَام الله مَخْلُوق. 7- رد مَا قَالَ المعرض فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا

صَفًّا} [الْفجْر: 22] . 8- دَعْوَى الْمعَارض أَن الزَّنَادِقَة وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ. 9- نقض كَلَام ابْن الثَّلْجِي فِي السّمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام وَغَيرهَا. 10- النَّقْضُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُعَارِضُ فِي الْوَجْه. 11- الْحُجُبُ الَّتِي احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَا. 12- بَاب اثبات الضحك. 13- قِيَاس الْمعَارض صِفَات الله بِالرَّأْيِ. 14- الْحبّ والبغض وَالْغَضَب وَالرِّضَا والفرح وَنَحْوهَا. على أَن الْكتاب جمع مسَائِل أُخْرَى مُتَفَرِّقَة لَا غنية عَنْهَا لمن أَرَادَ الْفَائِدَة، وَقد وضعت لَهَا عناوين جانبية زِيَادَة فِي الْإِيضَاح. رَابِعا: سَبَب التَّأْلِيف: ذكر الْمُؤلف الدَّافِع لَهُ إِلَى تأليف هَذَا الْكتاب فِي أَوله، حَيْثُ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ قَبْلَ كُلِّ كَلَامٍ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي كُلِّ مَقَامٍ، وَعَلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ رَبِّنَا وَعَلِيهِ أفضل السَّلَامُ، أَمَّا بَعْدُ. فَقَدْ عَارَضَ مَذَاهِبَنَا فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ من بَيْنَ ظَهْرَيْكُمْ مُعَارِضٌ، وَانْتَدَبَ لَنَا مِنْهُمْ مُنَاقِضٌ، يَنْقُضُ مَا رَوَيْنَا فِيهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ، بِتَفَاسِيرِ الْمُضِلِّ الْمَرِيسِيِّ بِشْرِ بْنِ غياث الجهمي". ثمَّ ذكر مَا أنشأه الْمعَارض من أَقْوَال وَمَا أذاعه من ضلالات المريسي ثمَّ قَالَ: "حَتَّى إِذا أَذَاعَهَا الْمُعَارِضُ فِيكُمْ وَبَثَّهَا بَيْنَ أظْهركُم،

فَخَشِينَا أَن لَا يَسَعَنَا إِلَّا الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ بَثَّهَا وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا، مُنَافَحَةً عَن الله، وتثبيتًا لصفاته الْعليا، وَلِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى. وَدَعَا إِلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى. وَمُحَامَاةً عَنْ ضُعَفَاءِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْغَفْلَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ أَن يضلوا بهَا، أَو أَن يفتنوا، إِذْ بَثَّهَا فِيهِمْ رَجُلٌ كَانَ يُشِيرُ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ فِقْهٍ وَبَصَرٍ وَلَا يَفْطنُون لعثراته إِن هُوَ غش، فَيَكُونُوا مِنْ أَخَوَاتِهَا مِنْهُ عَلَى حذر". وَمن هَذَا يتَبَيَّن أَن غَرَضه كَانَ الرَّد على هَذَا الْمعَارض الجهمي المدلس، والدفاع عَن سَلامَة العقيدة من خلال فَضَح شُبُهَات هَذَا الجهمي الَّذِي اعْتمد على بشر المريسي، وَابْن الثَّلْجِي، وَتَقْرِير مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فِي تَوْحِيد الله وأسمائه وَصِفَاته من خلال هَذَا النَّقْض خشيَة أَن يضل بهؤلاء الْجَهْمِية ضعفاء النَّاس وذوو الْغَفْلَة مِنْهُم. على أَن الدَّارمِيّ لم يكْشف النقاب عَن اسْم هَذَا الْمعَارض، وَلم أتمكن من الْوُقُوف على اسْمه -كَمَا أَشرت إِلَى ذَلِك فِي أول التَّحْقِيق لهَذَا الْكتاب-. خَامِسًا: تَارِيخ التَّأْلِيف: لم يشر الدَّارمِيّ -رَحمَه الله- إِلَى تَارِيخ تأليفه لهَذَا الْكتاب، وَلم أَقف على من ذكر ذَلِك، إِلَّا أَنه يَبْدُو من صفحاته الأولى أَنه أَلفه بعد كِتَابه الْمَعْرُوف بِالرَّدِّ على الْجَهْمِية.

سادسًا: مَنْهَج الْمُؤلف لم يشر الْمُؤلف فِي استهلال حَدِيثه فِي هَذَا الْكتاب إِلَى الْمنْهَج الَّذِي سيسيرعليه فِي مناقضة الْخصم ودحض أباطيله، إِلَّا أَنه مَعَ التَّأَمُّل يتَبَيَّن لنا أهم المعالم الَّتِي سَار عَلَيْهَا الدَّارمِيّ -رَحمَه الله- فِي كِتَابه هَذَا: 1- يتَنَاوَل الْمُؤلف شبه الْمعَارض بِالْعرضِ مُبينًا مَا اعْتمد عَلَيْهِ فِي دَعْوَاهُ من أَدِلَّة وحجج. وسنقف كثيرا على قَول الْمُؤلف: وَادعَة الْمعَارض كَذَا وَكَذَا. 2- يبين الْمُؤلف طَريقَة الِاسْتِدْلَال الَّتِي ينهجها الْمعَارض فِي استناده إِلَى الْأَدِلَّة، ويعرض بِالشُّبْهَةِ أَحْيَانًا قبل الشُّرُوع فِي عرضهَا. 3- بعد عرض الشُّبْهَة يقوم الْمُؤلف بِالرَّدِّ عَلَيْهَا مفندًا المزاعم الْبَاطِلَة وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة. 4- عمد الْمُؤلف بشكل وَاضح إِلَى الِاسْتِدْلَال بِالْآيَاتِ القرآنية وَالْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة. 5- اسْتندَ الْمُؤلف أَيْضا إِلَى الْآثَار الْوَارِدَة عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأقوال الْأَئِمَّة. 6- نهج الْمُؤلف أَيْضا فِي رده شبه الْخُصُوم مَنْهَج الِاسْتِدْلَال الْعقلِيّ. 7- كَمَا اعْتمد أَيْضا على دلالات اللَّفْظ اللُّغَوِيَّة وَبَيَان مَا يحْتَملهُ اللَّفْظ من الْمعَانِي وَمَا لَا يحْتَملهُ. 8- كثيرا مَا يسْلك الْمُؤلف مَسْلَك التهكم والسخرية اللاذعة بالخصم. 9- لَا يُشِير الْمُؤلف إِلَى الْفرق والطوائف الَّتِي توَافق المريسي أَو ابْن

الثَّلْجِي فِي مَسْأَلَة مَا من الْمسَائِل إِلَّا فِي نطاق ضيق. 10- يشْتَد الْمُؤلف أَحْيَانًا فِي الرَّد على الْخصم، وَرُبمَا حَملته الْغيرَة على إِطْلَاق بعض الْعبارَات والألفاظ النابية. 11- لم يقتصرالمؤلف فِي رده على الْمعَارض فَحسب، بل إِن رده ينصب كثيرا على المريسي إِذْ هُوَ رَأس الْفِتْنَة وعَلى ابْن الثَّلْجِي الَّذِي اعْتمد عَلَيْهِ الْمعَارض أَيْضا فِي دعاواه. سابعًا: قِيمَته العلمية: يعْتَبر هَذَا الْكتاب من أهم الْكتب المصنفة فِي العقيدة عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وَكَثِيرًا مَا نقف على النقول الَّتِي أفادها الْعلمَاء من هَذَا المُصَنّف الْعَظِيم. ونجد مثلا أَن شيخ الْإِسْلَام، ابْن تَيْمِية كَانَ ينْقل عَنهُ الصفحات لغَرَض تَقْرِير عقيدة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، ونظرة إِلَى كتاب "دَرْء تعَارض الْعقل وَالنَّقْل" بتحقيق مُحَمَّد رشاد سَالم نجد أَن نقل عَنهُ فِي الْجُزْء الثَّانِي من ص"49-60"، وَمن ص"66-74"، وتليمذه الْحَافِظ الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ ص"144". وَكَذَلِكَ تِلْمِيذه ابْن الْقيم فِي "اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية"، انْظُر الصفحات "89-90"، وأئمة الدعْوَة الْمُبَارَكَة. انْظُر: الدُّرَر السّنيَّة فِي الْأَجْوِبَة النجدية "3/ 109-111". كَمَا أَن من أبرز المميزات الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا هَذَا الْكتاب مَا يَلِي:

1- اشتماله على مَا يزِيد على مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ مَا بَين حَدِيث وَأثر. 2- يعْتَبر هَذَا الْكتاب من الْكتب الحديثة، إِذْ يُورد الحَدِيث، أَو الْأَثر بِسَنَدِهِ إِلَى قَائِله. وَلَا شكّ أَن سلوك هَذَا المسلك سيؤدي إِلَى زِيَادَة أَو مُوَافقَة لَهَا فائدتها الحديثة. 3- أَن هَذَا المُصَنّف نقل لنا عقائد جمَاعَة من السّلف ذكر فِي أَكْثَرهَا مواقفهم فِي الْمسَائِل العقائدية الْمُخْتَلفَة. 4- امتاز هَذَا الْكتاب بعمقه وَقُوَّة أسلوبه فِي مُوَاجهَة الْخصم. 5- اعْتمد الْمُؤلف فِيهِ غَايَة الِاعْتِمَاد على الِاسْتِدْلَال بِالنَّصِّ القرآني أَو السّنة النَّبَوِيَّة المطهرة وعلوم اللُّغَة الْعَرَبيَّة. 6- نكتفي عَن الْإِضَافَة بِشَهَادَة الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام ابْن الْقيم -رَحمَه الله- فِي كِتَابه "اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية"، حَيْثُ يَقُول عَن الدَّارمِيّ: "وكتاباه من أجل الْكتب المصنفة فِي السّنة وأنفعها، وَيَنْبَغِي لكل طَالب علم مُرَاده الْوُقُوف على مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَة والتابعون وَالْأَئِمَّة أَن يقْرَأ كِتَابيه، وَكَانَ شيخ الْإِسْلَام، ابْن تيمة رَحمَه الله يُوصي بِهَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ أَشد الْوَصِيَّة ويعظمهما جدًّا، وَفِيهِمَا من تَقْرِير التَّوْحِيد والأسماء وَالصِّفَات بِالْعقلِ وَالنَّقْل مَا لَيْسَ فِي غَيرهمَا"1.

_ 1 اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية ص"90".

الفصل الثاني: التعريف بالمخطوطة

الْفَصْل الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمخطوطة أَولا: عدد النّسخ يُوجد لهَذَا الْكتاب ثَلَاث نسخ مخطوطة كَامِلَة، كَمَا أَنه يُوجد أَيْضا مطبوعًا، وَقد اعتمدت من مطبوعاته على مطبوعتين. وسأتناول التَّعْرِيف بالمخطوط مِنْهَا والمطبوع فِي الْفَقْرَة التالية: ثَانِيًا: التَّعْرِيف بالنسخ الأولى: نُسْخَة مخطوطة كَامِلَة لهَذَا الْكتاب بأجزائه الثَّلَاثَة وتوجد بدار الْكتب الفطرية، وَهِي مصورة على ميكروفيلم عَن النُّسْخَة المخطوطة المحفوظة بمكتبة كوبر يَلِي باستانبول وَتحمل رقم "850" فِي "68" ورقة أَي "136" صفحة، وَفِي كل صفحة "25" سطرًا تَقْرِيبًا، فِي كل سطر مَا يقرب من "15" كلمة، وَفِي آخرهَا سماعات النُّسْخَة وترجمة للمؤلف عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ منقولة عَن ابْن عَسَاكِر، وترجمة لكل من المريسي وَابْن الثَّلْجِي عَن الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي تَارِيخه، وَتَقَع هَذِه السماعات والتراجم فِي "7" وَرَقَات أَي "14" صفحة وخطها جيد، وَعَلَيْهَا مَكْتُوب: ملك فضل بن يُوسُف بن عيد الْهَادِي. وَهِي الَّتِي اعتمدتها أصلا. الثَّانِيَة: نُسْخَة مخطوطة لأجزاء الْكتاب الثَّلَاثَة مَوْجُودَة بالمكتبة السعودية بالرياض والتابعة لرئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة وَالْإِشَارَة وَتحمل رقم "732/ 86" وَتَقَع فِي "214" صفحة

وتختلف مسطراتها، فَفِي بعض الصفحات لَا تتجاوز "15" سطرًا وَفِي بَعْضهَا "25" وَفِي بَعْضهَا "30" سطرًا وكلماتها مَا بَين "9-12" كلمة فِي السطر. وَفِي آخرهَا تَرْجَمَة للدارمي منقولة عَن ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق، وترجمة لكل من: المريسي وَابْن الثَّلْجِي من تَارِيخ بَغْدَاد، وسماعات للنسخة، وَتَقَع هَذِه كلهَا فِي حوالي "22" صفحة، وخطها جيد وَاضح، وَقد رمزت لَهَا بالرمز "س". الثَّالِثَة: نُسْخَة مخطوطة لأجزاء الْكتاب الثَّلَاثَة مَوْجُودَة أَيْضا بمكتبة الرياض السعودية، وَتحمل الرقم "487/ 86" وَتَقَع فِي "204" صفحات، صفحاتها مُخْتَلفَة المساطر كسابقتها وَفِي آخرهَا تَرْجَمَة لعُثْمَان الدَّارمِيّ والمريسي وَابْن الثَّلْجِي، وسماعات الْكتاب، وَتَقَع هَذِه كلهَا فِي نَحْو "20" صفحة، وخطها جيد. وَلم أعْتَمد على هَذِه النُّسْخَة مكتفيًا بسابقتها لما سأذكره قَرِيبا. الرَّابِعَة: مطبوعة بتحقيق حَامِد الفقي عَن نُسْخَة قديمَة مَكْتُوبَة سنة 711هـ وطبعت بمطبعة أنصار النسة المحمدية بِمصْر، عابدين، 10 حارة الدمالشة، وَذَلِكَ سنة 1358هـ وَتَقَع فِي "208" صفحات متوسطة المقاس، وَفِي كل صفحة نَحْو من "22" سطرًا، وَفِي أَولهَا تَرْجَمَة لكل من: عُثْمَان الدَّارمِيّ عَن تَارِيخ دمشق، وبشرًا المريسي، وَابْن الثَّلْجِي عَن تَارِيخ بَغْدَاد، وَتَقَع فِي نَحْو "15" صفحة، وَفِي آخرهَا سماعات النُّسْخَة وَتَقَع فِي "4" صفحات. وَقد رمزت لَهَا بالرمز "ط". الْخَامِسَة: مطبوعة أَيْضا ضمن مَجْمُوعَة عقائد السّلف، جمع د. عَليّ سامي النشار وعمار الطَّالِبِيُّ، ونشرته منشأة المعارف بالإسكندرية

سنة 1971م، وَتَقَع فِي "205" صفحات متوسطة المقاس وَفِي كل صفحة نَحْو من "22" سطرًا، وَلَيْسَ عَلَيْهَا سماعات وَلَا تراجم للدارمي والمريسي وَابْن الثَّلْجِي. وَقد رمزت لَهَا بالرمز "ش". ثَالِثا: النَّاسِخ وتاريخ النّسخ: 1- النُّسْخَة الأولى: فِي آخر النُّسْخَة قبل السماعات نجد قَوْله: "فرغ من نسخه يَوْم السبت سلخ جُمَادَى الآخر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِالْمَدْرَسَةِ الضيائية رحم الله واقفها بسفح قاسيون ظَاهر دمشق المحروسة" وَلم يذكر اسْم النَّاسِخ. 2- النُّسْخَة الثَّانِيَة: جَاءَ فِي آخرهَا قَوْله: "نقلت هَذِه من نُسْخَة مَحْفُوظَة بكتبخانة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة وَعَلَيْهَا مَا صورته: وَافق الْفَرَاغ من تَعْلِيق جَمِيع الْكتاب والطبقة الْمَذْكُورَة يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشر شهر ذِي الْقعدَة من شهور 721. كتب هَذ النُّسْخَة برسم الْفَاضِل جناب الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن عبد الرَّحْمَن بن حسن بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب سنة 1347هـ". وَذكر قبل هَذَا أَن كتاب النُّسْخَة، هُوَ أَيُّوب بن صَخْر العامري فِي ثَالِث عشر ذِي الْقعدَة سنة721، فَلَعَلَّهُ قد نقلهَا من نسخته. قلت: والناسخ هُوَ فَضِيلَة الشَّيْخ الْفَاضِل مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن عبد الرَّحْمَن بن حسن بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب، ولد فِي الرياض

سنة 1273هـ. وَنَشَأ بهَا وَقَرَأَ الْقرَان فِي حَيَاة وَالِده الْعَلامَة الشَّيْخ عبد اللَّطِيف، طلب الْعلم على يَد عدد من الْمَشَايِخ فَصَارَ لَهُ الْيَد الطُّولى فِي التَّوْحِيد وَالتَّفْسِير، والْحَدِيث، وَالْفِقْه، وعلوم الْعَرَبيَّة، حَتَّى عدد من كبار الْعلمَاء فِي وقته، وعينه الْملك عبد الْعَزِيز قَاضِيا فِي الوشم، ثمَّ سيره دَاعيا ومرشدًا إِلَى عسير وبلاد الْحجاز، وتصدى للإفتاء والتدريس، وَتُوفِّي يَوْم الْأَحَد ثَانِي جُمَادَى الثَّانِيَة عَام 1367هـ "انْظُر: عُلَمَاء نجد 3/ 849". 3- النُّسْخَة الثَّالِثَة: منقولة عَن نُسْخَة الشخ مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف -رَحمَه الله- فِي 8 صفر سنة 1349هـ برسم الشَّيْخ الْمَذْكُور نَفسه، وَقد اسْتَغْنَيْت عَن هَذِه النُّسْخَة بِالَّتِي قبلهَا؛ لتقدمها ولاتفاق النَّاسِخ لَهما. 4- النُّسْخَة الرَّابِعَة: مطبوعة فِي غَزَّة أول الربيعين سنة 1358هـ وَذَلِكَ عَن نُسْخَة منقولة بِخَط الشَّيْخ السلَفِي مَحْمُود شويل، خَادِم الْعلم بِمَسْجِد رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم- فِي صَبِيحَة الْأَرْبَعَاء14 ربيع الأول سنة1350هـ، وَهُوَ نقلهَا عَن نُسْخَة مَكْتُوبَة بِخَط أَيُّوب بن صَخْر العامري فرغ من كتَابَتهَا فِي 13 ذِي الْقعدَة سنة 711 مَحْفُوظَة بمكتبة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة. 5- النُّسْخَة الْخَامِسَة: مطبوعة كسابقتها، وَلم يبين هَل كَانَ فِي طبعها مُعْتَمدًا على نُسْخَة الشَّيْخ مَحْمُود شويل أَو أَنه اعْتمد على المطبوعة الآنفة الذّكر؟، كَمَا أَنه لم يبين تَارِيخ الطَّبْع.

رَابِعا: النُّسْخَة الأَصْل وَسبب اخْتِيَارهَا يتَبَيَّن مِمَّا سبق أَن النّسخ الْمَذْكُورَة -مَا عدا الأَصْل- منقولة عَن نُسْخَة بِخَط أَيُّوب صَخْر العامري، وتذكر النّسخ أَنَّهَا مَحْفُوظَة بمكتبة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة، غير أَنِّي لم أعثر عَلَيْهَا فِي مكتبة شيخ الْإِسْلَام عَارِف حكمت وَلَا فِي مكتبة المحمودية وَلَا مكتبة الْأَوْقَاف. كَمَا تعذر عَليّ الْحُصُول على النُّسْخَة الَّتِي اعْتمد عَلَيْهَا الشَّيْخ حَامِد الفقي فِي طبعه للْكتاب لما سبق وَأَن ذكرته فِي الْمُقدمَة. وَقد وَقع اخْتِيَاري على النُّسْخَة الْمَوْجُودَة بدار الْكتب القطرية لتَكون أصلا، وَذَلِكَ للعوامل التالية: أَولا: أَن تَارِيخ نسخهَا كَانَ قَدِيما. ثَانِيًا: أَنَّهَا حظيت بِكَثْرَة السماعات من الْعلمَاء فَهِيَ لَا تقل عَن بَقِيَّة النّسخ فِي السماعات. ثَالِثا: أَنَّهَا قَليلَة الأخطاء وَهَذَا من أبرز مَا يميزها، إِذْ إِن بَقِيَّة النّسخ اتّفقت على خطأ يقدر بصفحات، حَيْثُ تقدّمت صفحات فِي مَوضِع لَا يناسيها, ويستقيم السِّيَاق على مَا جَاءَت بِهِ هَذِه النُّسْخَة "انْظُر: الْقسم الثَّانِي من هَذَا الْمُحَقق ص468، 727، وَانْظُر فِي مزايا الأَصْل أَيْضا الصفحات: 449، 456، 570، 536، 546، 555، 589، 590، 676، 732، 830، 832، 866". رَابِعا: أَن خطها أَيْضا وَاضح. خَامِسًا: سماعات الْكتاب: وجدت فِي أول الأَصْل مَا يَلِي:

/ الْحَمد لله1. كتاب النَّقْض لِلْحَافِظِ أَبِي سَعِيدٍ، عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ بن خَالِد الدَّارمِيّ على بشر بن غياث الجهمي العنيد. سَمعه كُله على الشَّيْخ الإِمَام أبي الْعَبَّاس، أَحْمد بن أبي بكر بن الْعِزّ، أَحْمد بن عبد الحميد بن عبد الْهَادِي بإجازته من شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية2 بِسَنَدِهِ فِيهِ، وبإجازته من الْحَافِظ أبي الْحجَّاج الْمزي بعد3 ابْن لَهُ على أبي حَفْص بن القواس4 بِسَنَدِهِ مِنْهُ، وعَلى عَليّ بن أَحْمد البُخَارِيّ بإجازته من أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار. ح وبإجازة من الْعِزّ أَيْضا فِي مُحَمَّد بن عبد المحسن بن أبي الْحسن الْخَرَّاط بن رعدوة الدواليبي، سَمَاعه من أم أُمِّيّه ضوء الصَّباح عَجِيبَة بنت

_ 1 بِهَذَا كَانَت بداية الأَصْل، وَهَذِه السماعات إِلَى قواله: "وَأَجَازَ المستمع لكل منا" ص"116" لَيست فِي ط، س. 2 شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدَّين، أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن تَيْمِية الْحَرَّانِي، ثمَّ الدِّمَشْقِي الإِمَام الْفَقِيه الْمُحدث الْحَافِظ الْمُفَسّر الأصولي الزَّاهِد، علم الْأَعْلَام، شهرته تغني عَن الإطناب فِي ذكره والإسهاب فِي أمره، ولد يَوْم الْإِثْنَيْنِ عَاشر ربيع الأول سنة 661هـ، بحران، وَتُوفِّي سحر لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ عَاشر ذِي الْقعدَة سنة 728هـ، سجينًا بالقلعة "بِتَصَرُّف من ذيل طَبَقَات الْحَنَابِلَة لِابْنِ رَجَب "3/ 387، 405". وَانْظُر: شذرات الذَّهَب لِابْنِ الْعِمَاد "6/ 80-86". 3 كَذَا. 4 أَبُو حَفْص، عمر بن عبد الْمُنعم بن عمر الطَّائِي الدِّمَشْقِي، سمع حضورًا من ابْن الحرستاني وَغَيره، وَكَانَ خيِّرًا دينا متواضعًا محبًّا للرواية، وَتُوفِّي فِي ثَانِي ذِي الْقعدَة سنة 698هـ وَله 93 سنة "شذرات الذَّهَب 5/ 442".

أبي بكر الباقدارية1 بإجازتها من عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ2 قَالَ هُوَ والصفار: إِلَى أبي نصر الْغَازِي، قَالَ أَبُو الْخَيْر: سَمَاعا وَقَالَ الصفار: إجَازَة، وبإجازة الصَّفَا أَيْضا من أبي نصر عبد الرَّحْمَن بن أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمد بن جَعْفَر الناصحي، سَمَّاعَة من ابْن الْأَحْنَف، بِسَنَدِهِ فِيهِ بِقِرَاءَة الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ شمس الدَّين مُحَمَّد بن خَلِيل بن مُحَمَّد المنصفي، وَمن خطه لحصة عَائِشَة بنت المستمع، وَوَلدهَا يُوسُف بن خَلِيل بن يُوسُف بن صَالح، حَاضر فِي الأولى وَغَيرهمَا ... 3 فِي مجَالِس آخرهَا يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشر رَمَضَان سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بمنزل المسمع بالصالحية4 ظَاهر دمشق، وَأَجَازَ لَهُم وَللَّه الْحَمد لصِحَّة مُحَمَّد بن الحنصري -عَفا الله عَنْهُم- ملزمة. هـ.

_ 1 عَجِيبَة بنت الْحَافِظ، مُحَمَّد بن أبي غَالب الباقداري البغدادية، سَمِعت من عبد الْحق وَعبد الله بن مَنْصُور الْموصِلِي، وَهِي آخر من روى بِإِجَازَة عَن مَسْعُود والرستمي وَجَمَاعَة، توفيت فِي صفر سنة 647هـ عَن 93 سنة "شذرات 5/ 238"، أَعْلَام النِّسَاء لعمر رضَا كحالة "3/ 257". 2 عبد الرَّحِيم بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حموية الْأَصْبَهَانِيّ، الرجل الصَّالح نزيل همذان، روى بالحضور مُعْجم الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الصَّمد الْعَنْبَري عَن ابْن ريذة توفّي سنة 601هـ "الشذرات 5/ 3". 3 كلمة لم تتضح. 4 قَرْيَة كَبِيرَة ذَات أسواق، وجامع فِي سفح جبل قاسيون من غوطة دمشق يسكنهَا جمَاعَة من الصَّالِحين لَا تكَاد تَخْلُو مِنْهُم "مُعْجم الْبلدَانِ 3/ 390". قلت: وَعَن الشَّيْخ عبد الفتاح أبي غُدَّة أَنَّهَا مَا زَالَت مَعْرُوفَة حتي الْيَوْم، وَقد دخلت فِي دمشق.

"ألْحقُوا بِأَن جمَاعَة من شيوخها أجَازه..................................1. وَكتب يُوسُف بن حسن بن عبد الْهَادِي: سمع بعضه من بعض أَوْلَادِي عبد الْهَادِي وَعبد الله وَحسن، وأجزت لَهُم ولبعض أَوْلَادِي....2 رِوَايَته. وَكتب يُوسُف بن عبد الْهَادِي3: الْحَمد لله. قَرَأَهُ كُله عَليّ بروايتي لَهُ عَن عدَّة من الشُّيُوخ مِنْهُم: المسندة أم عبد الرازق خَدِيجَة ابْنة عبد الْكَرِيم الأرموية، عَن أم عبد الله عَائِشَة ابْنة الْمُحْتَسب الصالحية عَن الْحَافِظ أبي الْحجَّاج يُوسُف بن الزكي عبد الرَّحْمَن الْمزي4 بِسَنَدِهِ ترَاهُ أَعْلَاهُ وَعَن......5 الشَّيْخ شرف الدَّين مُوسَى بن مُوسَى بن عِيسَى بن....6 الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ، فَسمع غالبه الشَّيْخ ابْن جميلَة بن أَحْمد....7 وَبَعضه جماعات مِنْهُم الشَّيْخ....8 الدَّين بن مُحَمَّد بن عبد الله الْكِنَانِي الجماعيلي

_ 1 قَرِيبا من أَربع كَلِمَات لم تتضح ولعلها "عَن طلب الْمُحب وَغَيره". 2 كلمة لم تتضح. 3 الْعبارَة من قَوْله "ألْحقُوا بِأَن جمَاعَة" إِلَى قَوْله: "عبد الْهَادِي" رسمت بِخَط متميز أكبر مِمَّا قبله وَمَا بعده. 4 أَو أَنَّهَا الْمُزنِيّ. 5 كلمة لم تتضح. 6 كَلِمَات لم تتضح لَعَلَّهَا "ابْن أَحْمد الْبَيْت لبدي". 7 كلمة لَعَلَّهَا "الصورتاني". 8 كلمة لم تتضح.

الشَّافِعِي وَصَحَّ ذَلِك وَثَبت فِي مجَالِس مُتعَدِّدَة آخرهَا يَوْم الْأَرْبَعَاء خَامِس ذِي الْقعدَة من شهور سنة عشر وَتِسْعمِائَة بمدرسة شيخ الْإِسْلَام أبي عمر بصالحية دمشق المحروسة، وأجزت لَهُم رِوَايَته عني وَمَا يجوز لي وعني رِوَايَته بِشَرْطِهِ. وَكتبه مُحَمَّد بن طولون الْحَنَفِيّ...................................1. وَبعد هَذَا قَالَ: كتاب فِيهِ نَقْضُ الْإِمَامِ أَبِي سَعِيدٍ عُثْمَانَ بن سعيد، على المريسي الجهمي العنيد فِيمَا افترى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ التَّوْحِيد. رِوَايَة أبي عبد الله بن أبي الْفضل مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْمُزَكي رَحمَه الله3 عَنهُ. رِوَايَة أبي يَعْقُوب إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ الْحَافِظ رَحمَه الله4 عَنهُ. رِوَايَة أبي سيعد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمد الْأَحْنَف رَحمَه الله5 عَنهُ.

_ 1 خمس كَلِمَات لم تتضح ولعلها بَقِيَّة نسبه. قلت: هُوَ شمس الدَّين أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَليّ بن مُحَمَّد الشهير بِابْن طولون الْحَنَفِيّ الصَّالِحِي، ولد بصالحية دمشق سنة 880 تَقْرِيبًا، وَكَانَ ماهرًا فِي النَّحْو عَلامَة فِي الْفِقْه مَشْهُورا فِي الحَدِيث، توفّي سنة 953، "انْظُر: "2، 3، 4" لم أَقف لَهُم على تَرْجَمَة. 5 أوردت لَهُ تَرْجَمَة فِي الْقسم الثَّانِي ص"137".

رِوَايَة الْحَافِظ أبي نصر أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ، الْغَازِي رَحمَه الله1 عَنهُ. رِوَايَة أبي الْقَاسِم، عبد الصَّمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الحرستاني القَاضِي2 إجَازَة عَنهُ. رِوَايَة أبي حَفْص، عمر بن عبد الْمُنعم بن عمر القواس3 إجَازَة عَنهُ. رِوَايَة شيخ الْإِسْلَام، تفي الدَّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن تَيْمِية رَحمَه الله4 عَنهُ. الْحَمد لله وَسَلام على عباده الَّذين اصطفي. سمع جَمِيع ذَا الْكتاب على الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم زين الدَّين عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن أَحْمد الطَّحَّان الصَّالِحِي الْحَنْبَلِيّ. بِسَمَاعِهِ لَهُ على الإِمَام الْحَافِظ، أبي بكر مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمد بن الْمُحب بِإِجَازَة من مُحَمَّد بن عبد المحسن بن أبي الْحسن الْخَرَّاط إجازه فِي بَغْدَاد بِسَمَاعِهِ من عَجِيبَة

_ 1 هُوَ الْحَافِظ، أَبُو نصر الْغَازِي أَحْمد بن عمر بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ، قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: ثِقَة حَافظ مَا رَأَيْت فِي شيوخي أَكثر رحْلَة مِنْهُ، سمع أَبَا الْقَاسِم بن مَنْدَه وَالْفضل بن الْمُحب وطبقتهم، وَتُوفِّي فِي رَمَضَان، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: عَاشَ 83 سنة، وَتُوفِّي سنة 532هـ "شذرات الذَّهَب 4/ 98". 2 هُوَ ابْن الحرستاني القَاضِي جمال الدَّين أَبُو الْقَاسِم عبد الصَّمد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْأنْصَارِيّ الخزرجي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي، ولد سنة 520هـ، وَكَانَ صَالحا عابدًا من قُضَاة الْعدْل، ولي قَضَاء الشَّام آخر عمره، وَتُوفِّي فِي رَابِع ذِي الْحجَّة سنة 614 وَهُوَ ابْن 95 سنة "شذرات الذَّهَب 5/ 60". 3 ابْن القواس تقدّمت تَرْجَمته ص"110". 4 تقدم ص"110".

ابْنة الباقداري1 أَنبأَنَا عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْأَصْبَهَانِيّ ح قَالَا: إِن......و.....2 شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، وَأَخُوهُ عبد الله وَسيد الْحفاظ أَبُو الْحجَّاج الْمزي قَالُوا: نَا ابْن غَدِير بِسَنَدِهِ. ترَاهُ و....3 وَأخْبر بِأَن ... 4 صَلَاح الدَّين بن أبي عمر وَأبي حَفْص بن أميلة وَزَيْنَب ابْنة قَاسم ابْن ... 5 إجازه إِن لم يكن سَمَاعا بإجازتهم، وَسَمَاع الْمزي من أبي الْحسن البُخَارِيّ إِلَى أبي سعد الصفار، قَالَ: هُوَ والحرستاني وَعبد الرَّحِيم الْأَصْبَهَانِيّ6: إِلَى أبي نصر أَحْمد بن عمر الْأَصْبَهَانِيّ7 قَالَ الحرستاني8 إجَازَة والآخران سَمَاعا بِسَنَدِهِ ترَاهُ. هـ. بِقِرَاءَة العَبْد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الله الحنصري، الشَّافِعِي، الْمَقْدِسِي، صَاحب هَذِه النُّسْخَة الإِمَام الْفَاضِل شمس الدَّين مُحَمَّد بن الشَّيْخ، شهَاب الدَّين أَحْمد بن حسن بن عبد الْهَادِي ... 9 الْمَقْدِسِي، وَسمع وَلَده عبد الله من أَوله إِلَى آخر الْمجْلس الثَّانِي وَهُوَ إِلَى قَوْله: "ادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ فِي قَوْله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الْأَعْرَاف: 54] : قَالَ: استولى10" وَسمع وَلَده

_ 1 تقدّمت ص"111". 2 كلمتان لم تتضحا وَلَعَلَّهُمَا "أَن الْمُحب وإمامه". 3 كلمة مطموسة. 4 كلمة لم تتضح. 5 كلمة لم تتضح أَيْضا. 6 تقدم ص"111". 7 تقدم ص"114". 8 تقدم ص"114". 9 كلمة لم تتضح. 10 انْظُر: ص"454" من الْقسم الثَّانِي.

أَيْضا عبد الرَّحْمَن الْمجْلس الثَّانِي، وَهُوَ من قَوْله: "وَادَّعَى الْمَرِيسِيُّ أَيْضًا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الْحَج: 75] 1. وَسمع الْفَقِيه القَاضِي شرف الدَّين مُوسَى بن عِيسَى بن أَحْمد......2. من أول الْمجْلس الثَّانِي آخر الْكتاب، وَصَحَّ فِي خَمْسَة مجَالِس آخرهَا يَوْم الْجُمُعَة سادس شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ....3 بمنزل المستمع بصالحية دمشق4 وَأَجَازَ المستمع لكل مِنْهَا.........................5. وَفِي أخر الْكتاب قَالَ: الْحَمد لله. سمع النَّقْض للْإِمَام أَبِي سَعِيدٍ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارمِيّ على بشر المريسي الجهمي6 كُله على الشَّيْخ أبي سَعِيدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بن أَحْمد ابْن مُحَمَّد الْأَحْنَف عَن القراب7 بِقِرَاءَة الْحَافِظ أبي نصر بن عمر بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ 8،...................................................

_ 1 انْظُر: ص"300" من الْقسم الثَّانِي. 2 كلمة لم تتضح وَيظْهر أَنَّهَا "نِسْبَة". 3 كلمة لم تتضح لَعَلَّهَا "ثَمَانمِائَة". 4 تقدم التَّعْرِيف بهَا ص"111". 5 ثَلَاث كَلِمَات لم تتضح. 6 فِي ط، س "سمع الْكتاب كُله على الشَّيْخ أبي سعيد...." إِلَخ. 7 انْظُر تَرْجَمته فِي الْقسم الثَّانِي ص"137". 8 فِي الأَصْل "أَحْمد بن مُحَمَّد بن عمر" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، وَبِه جَاءَ أَيْضا عِنْد ابْن الْعِمَاد فِي شذرات الذَّهَب، وَقد تقدّمت تَرْجَمته س "114" وَفِي ط "الْأَصْفَهَانِي" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي الأَصْل وس وشذرات الذَّهَب.

الْمَعْرُوف بالغازي1: أَبُو نصر، عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الناصحي، وَآخَرُونَ فِي صفر سنة أَربع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة هـ. وَسمع الْكتاب كُله على الْحَافِظ أبي طَاهِر حَمْزَة بن أَحْمد بن الْحُسَيْن الروذراوري3 الصُّوفِي عِنْد أبي سعد4 بن الْأَحْنَف بِقِرَاءَة أبي بكر مُحَمَّد ابْن أبي بكر اللفتواني5: ابْنه أَبُو نصر6، وَأَخُوهُ عَبَّاس7، والحافظ أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل، وَأَبُو رَجَاء بن أبي الْفرج بن أبي طَاهِر الثَّقَفِيّ فِي شهور سنة سِتّ وَخَمْسمِائة هـ.

_ 1 فِي ط، س "بالقاري" وَالَّذِي يظْهر صَوَاب مَا فِي الأَصْل، وَبِه جَاءَ عِنْد ابْن الْعِمَاد فِي شذرات الذَّهَب، انْظُر تَرْجَمته: ص"114". 2 فِي حرف "هـ" الدَّال على الِانْتِهَاء لَيْسَ فِي ط، س. 3 فِي ط "الروذراوردي" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي اللّبَاب 2/ 41-42: الراذراوري: بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو والذال الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَالْوَاو وَبَينهمَا ألف وَفِي آخرهَا رَاء أُخْرَى: هَذِه النِّسْبَة إِلَى بلد بنواحي همذان يُقَال لَهَا: روذاراور خرج مِنْهَا جمَاعَة من أهل الْعلم مِنْهُم أَبُو طَاهِر حَمْزَة بن أَحْمد بن الْحُسَيْن بن سعيد بن عَليّ بن الْفضل الروذراوري الصُّوفِي، سمع الْكثير وسافر فِي طلب الحَدِيث، وَسمع من أَحْمد بن خلف الشيرزاي وَخلق كثير، وَحدث وَكتب عَنهُ النَّاس، وَتُوفِّي سنة بضع عشرَة وَخَمْسمِائة. 4 فِي ط، س "عَن أبي سعيد". 5 فِي ط، س "مُحَمَّد بن أبي نصر بن أبي بكر"، وَفِي ط "اللقتواني" بدل اللفتواني وَصَوَابه بِالْفَاءِ الْمُوَحدَة بعْدهَا التَّاء المثناه، قَالَ فِي اللّبَاب "3/ 132": "بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْفَاء وَضم التَّاء فَوْقهَا نقطتان وَفِي آخرهَا النُّون هَذِه النِّسْبَة لفتوان إِحْدَى قرى أَصْبَهَان". 6 تكَرر لفظ "عمر" فِي س. 7 فِي ط، س "وَأَخُوهُ أَبُو الْفضل عَبَّاس".

وَسمع الْكتاب كُله على الشَّيْخ الإِمَام سيد1 الْأَئِمَّة أبي نصر، عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر2 الناصحي عَن أبي سعيد3 بن الْأَحْنَف بِقِرَاءَة أبي الْفَتْح عبد الرازق بن مُحَمَّد بن سهل الْأَصْبَهَانِيّ الشرابي: ابْن أَخِيه أَبُو الْفضل4 هبة الله وَآخَرُونَ فِي سنة سِتّ عشرَة وَخَمْسمِائة هـ، وَمرَّة أُخْرَى فِي سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَالسَّمَاع بِخَط الْغَازِي5هـ. وَسمع الْكتاب كُله على الشَّيْخ أبي نصر عمر بن مُحَمَّد بن أبي نصر اللفتواني6 عَن الروذراوري7: أَوْلَاده أَبُو بكر عبد الله وَأَبُو البركات عبد الرَّحِيم وَأم الرِّضَا عفيفة، وَالْإِمَام أَبُو الْكَرم مُحَمَّد بن مَحْمُود بن مُحَمَّد8 بن عبديل9 بقرَاءَته، وَأَبُو الصخر10 سعيد بن عباد بن عَليّ، وَكَاتب السماع أَبُو بكر عربشاه بن عَليّ بن الْحسن بن عبد الله بن عبد الرازق الهمذانيون11 وَأحمد بن عمر بن عَليّ، فِي الثَّانِي عشر من شَوَّال سنة سِتّ وَخمسين وَخَمْسمِائة بدار الشَّيْخ المسمع بأصبهان12هـ.

_ 1 فِي الأَصْل "سديد الْأَئِمَّة". 2 فِي ط، س "أبي نصر". 3 فِي ط، س "عَن أبي سعيد". 4 فِي ط، س "أَبُو الْفَضَائِل". 5 الْعبارَة من قَوْله: "وَمرَّة أُخْرَى" إِلَى قَوْله: "بِخَط الْغَازِي" لَيست فِي ط، س. 6 فِي ط، س "اللقنواني". 7 فِي ط "الروذراوردي" وَفِي س "الروذراودي". 8 "ابْن مُحَمَّد" لَيست فِي ط، س. 9 فِي ط، س "ابْن قنديل". 10 فِي ط، س "وَأَبُو الْفَخر". 11 فِي ط "المهذبون" وَفِي س "الهذانيون". 12 فِي ط، س زِيَادَة "نقل من الأَصْل مُخْتَصرا"، قلت: وَمَا بعده إِلَى قَوْله: "الْمَكِّيّ الشَّافِعِي" لَيست فِي ط، س، والسطور من قَوْله: "الْحَمد لله بلغ السماع" إِلَى قَوْله: "الْمَكِّيّ الشَّافِعِي" نقلتها من هَامِش الأَصْل.

نَقله كُله من خطّ الْحَافِظ شمس الدَّين مُحَمَّد بن خَلِيل المصنع الحديدي، العَبْد مُحَمَّد بن الحنصري الْمَقْدِسِي، وَهَذَا خطه، وَذكر أَنه نَقله من خطّ الْحَافِظ مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد.....1. الْحَمد لله. بلغ السماع فِي الْخَامِس على الشَّيْخ زين الدَّين عبد الرَّحْمَن بن الطَّحَّان الْحَنْبَلِيّ بداره فِي يَوْم الْجُمُعَة سادس شعْبَان سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِقِرَاءَة الحنصري هـ. بلغت: وَالْجَمَاعَة سَمَاعا فِي الرَّابِع يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر شعْبَان سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بمدرسة شيخ الْإِسْلَام، أبي عمر بسفح قاسيون ظَاهر دمشق على الْمسند زين الدَّين أبي هُرَيْرَة عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف بن أَحْمد بن الطَّحَّان بِقِرَاءَة الإِمَام الْعَالم شهَاب الدَّين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد اللَّطِيف الْمَقْدِسِي المَخْزُومِي البنغاوي الْمَكِّيّ. وَكتب مُحَمَّد الْمَدْعُو عمر بن مُحَمَّد بن.... الْهَاشِمِي الْعلوِي الْمَكِّيّ الشَّافِعِي. وفِي ط، س مُضَافا إِلَى مَا سبق مَعَ مُلَاحظَة الفروق نجد قَوْله: سمع هَذَا الْكتاب2 كُله وَهُوَ ثَلَاثَة أَجزَاء، من الأَصْل على الشَّيْخ الْجَلِيل الْمسند المعمر، نَاصِر الدَّين أبي حَفْص عمر بن عبد الْمُنعم بن عمر بن غَدِير3 بن القواس الْأنْصَارِيّ بإجازته من القَاضِي جمال الدَّين أبي

_ 1 كلمة لم تتضح لي ولعلها "البرزالي". 2 هَذِه السماعات إِلَى أَخّرهَا من ط، س. 3 فِي ط "عَزِيز".

الْقَاسِم عبد الصَّمد بن مُحَمَّد بن الحرستاني1 عَن الْحَافِظ أبي نصر الْغَازِي الْأَصْبَهَانِيّ إجَازَة، بِقِرَاءَة كَاتب السماع يُوسُف بن الزكي عبد الرَّحْمَن بن يُوسُف الْمُزنِيّ: ابْنه عبد الرَّحْمَن فِي الرَّابِعَة وَالْجَمَاعَة السَّادة صَاحب النُّسْخَة تَقِيّ الدَّين أَبُو حَفْص عمر بن عبد الله بن عبد الْأَحَد بن شقير، وفتاه صبيح، وَابْن عَمه الْقَاسِم بن أَحْمد بن عبد الْأَحَد، وَالشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة تَقِيّ الدَّين أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد الْحَلِيم بن عبد السَّلَام بن تَيْمِية، وَأَخُوهُ شرف الدَّين عبد الله الحرانيون، وجمال الدَّين أَبُو اسحاق إِبْرَاهِيم بن غالي بن شاور الحيمري، وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن دَاوُد الخرزي، وشهاب الدَّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هبة الله الرقي الْمُؤَدب، وَأَبُو بكر بن الْقَاسِم بن أبي بكر الرَّحبِي، وصفي الدَّين مهنا بن الْمفضل بن الْفضل الدِّمَشْقِي، وتقي الدَّين عبد الله بن أَيُّوب بن يُوسُف الْمَقْدِسِي، وَأَبُو بكر بن أَيُّوب بن سعد الزرعي، وَمُحَمّد بن مُوسَى بن عِيسَى بن دَاوُد التدمري المرحل، وَأَبُو الْحسن على بن مُحَمَّد عبد الله الختني، وَمُحَمّد بن عَليّ بن الرِّضَا الْحلَبِي، وظهير الدَّين أَبُو بكر بن عُثْمَان بن أبي بكر، وَعبد الْحَلِيم بن أبي سعد بن أبي الْعِزّ الْحَرَّانِي، وَأَخُوهُ أَحْمد، وتقي الدَّين عمر بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الْحَرَّانِي، وَأَبُو الْحسن عَليّ بن سُلْطَان بن عَسْكَر الْهِلَالِي، وَابْنه مُحَمَّد، وَأَبُو الْقَاسِم

_ 1 فِي ط "الخرستاني" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَفِي مَوضِع آخر يُورِدهُ بِالْحَاء الْمُهْملَة. انْظُر: ص"14"، وَالَّذِي يظْهر أَنَّهَا بِالْحَاء الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَيّ حرستا وَهِي قَرْيَة على بَاب دمشق، وَقد ينْسب إِلَيْهَا الحرستي "اللّبَاب 1/ 356".

مُحَمَّد، وَأَبُو الطّيب مُحَمَّد ابْنا عَليّ بن أسعد بن عُثْمَان التنوخي. "فصل"1. وَسمع الْمجْلس الأول وَالثَّانِي أَحْمد بن عُثْمَان بن قَاسم النجار، وَأحمد بن مُوسَى بن يُوسُف الخوخي، وَمُحَمّد بن أبي الْفضل بن شما، وَإِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن عَليّ المارديني، وَعلي بن حُسَيْن بن يُوسُف الخباز، وَمُحَمّد بن الزين عمر بن إِبْرَاهِيم الْجريرِي2 وبكمش فَتى شمس الدَّين طقسان3، وَعبد الرَّزَّاق بن أَحْمد بن صَالح الدنيسري4. وَسمع الْمجْلس الثَّانِي وَالثَّالِث عَليّ بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ الرَّسْعَنِي. وَسمع الْمجْلس الأول وَالثَّالِث عبد الرَّحْمَن بن عِيسَى بن حميه5 الصحراوي، وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عمر البعفوني6 الدِّمَشْقِي. وَسمع الْمجْلس الأول، أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد7 بن أبي بكر الْبَيَانِي، ويوسف بن سليم بن نصر الزرعي، وَأحمد بن إِبْرَاهِيم بن اللَّيْث الأغري8، وَأحمد بن مُحَمَّد صديق الْحَرَّانِي، وَأَخُوهُ أَحْمد، وَمُحَمّد

_ 1 كلمة "فصل" أثبتها من س. 2 فِي ط "الحريري" بِالْحَاء الْمُهْملَة. 3 فِي ط "طقصان". 4 فِي ط "الدنبسري" بالنُّون ثمَّ التَّاء الْمُوَحدَة. 5 لم تعجم ولعلها "حميه"، وَفِي ط "جمعه". 6 فِي ط "البيعفوني". 7 "ابْن مُحَمَّد" لَيست فِي ط ولعلها سَقَطت. 8 فِي ط "الأغيري".

ابْن إِسْمَاعِيل بن دَاوُد المنيحي1، وَمُحَمّد بن يُوسُف بن صَدَقَة الْمصْرِيّ، والزين عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ الأربلي، وفتاه بلبان. وَأحمد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان البالسي، وَمُحَمّد بن عَليّ بن عبد الله الميورقي، وَبدر بن عبد الله فَتى بيبرس الْمَجْنُون، وشمس الدَّين مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الشماع الْقرشِي، وابناه إِبْرَاهِيم وَأحمد حاضران، وَعبد الْعَزِيز بن عَليّ بن بشر الْحَرَّانِي، وَمُحَمّد بن عمر بن نصر الله بن القواس. وَأَبُو بكر بن عبد الله بن يحيى الصَّواف، وابناه مُحَمَّد وَعلي فِي الْخَامِسَة، وكيلكدي فَتى عمر التَّاجِر، وَأحمد بن أبي الْفضل بن شمسا فِي الْخَامِسَة. وَسمع الْمجْلس الثَّانِي يُوسُف بن مُحَمَّد بن طقسان2. وَأحمد بن مُسلم بن حَامِد البالسي، وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان، وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحلَبِي، وَأحمد الْمُقدم الْمصْرِيّ، وَسَالم بن أبي الْقَاسِم البالسي، وَمُحَمّد بن يَعْقُوب البالسي، وَعلي بن عُثْمَان بن عبد الْوَالِي وَأَخُوهُ مُحَمَّد وَعلي بن أياس النَّوْفَلِي، وَمُحَمّد بن عَليّ بن غَالب الْأنْصَارِيّ، وَعبد الحميد بن إِسْمَاعِيل بن نصر البعلبكي. وَسمع الْمجْلس الثَّالِث علم الدَّين أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن البرزالي، وشهاب الدَّين أَبُو الْفرج مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحسن الأربلي،

_ 1 فِي ط "المنبجي" قلت: وَبِمَا أثبت نِسْبَة إِلَى المنيحة وَهِي من قرى دمشق "اللّبَاب 3/ 265" وَبِمَا فِي ط نِسْبَة إِلَى "منبج" وَهِي إِحْدَى قرى الشَّام بناها كسْرَى لما غلب على الشَّام وسماها "مُنَبّه" فعربت، وَقيل "منبح" وَنسب إِلَيْهَا كثير من الْعلمَاء "اللّبَاب 3/ 259". 2 فِي ط "طقصان".

وفتاه بيليك، وعلاء الدَّين عَليّ بن عبد الْغفار بن عَليّ الْخَطِيب، وَمُحَمّد بن أَحْمد بن عَليّ بن غَدِير1 الوَاسِطِيّ، وناصر بن مُحَمَّد بن نَاصِر القرضي2 وَعلي بن حمايل بن يُوسُف الأزروي3، وَمُحَمّد بن عمر بن عُثْمَان الباوردي، وَمُحَمّد بن يحيى بن عَزِيمَة الكركي، وَعبد الْأَعْلَى بن نَاصِر بن مكي العرضي4، وَعبد الله بن عبد الْكَرِيم بن الكبريت، وَمُحَمّد بن مُحَمَّد بن أخي المسمع مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم بن القواس، وَعلي بن عُثْمَان المنيحي5 وَأَخُوهُ أَحْمد. وَصَحَّ ذَلِك فِي ثَلَاث مجَالِس، آخرهَا يَوْم الْجُمُعَة مستهل شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة بِدِمَشْق المحروسة بدرب مُحرز. وَسمع الْجَمَاعَة الَّذين كمل لَهُم الْكتاب -سوى قَاسم بن شقير، وصبيح وَعلي الْهِلَالِي، وَمن ذكر بعده- على ربح بِالْقِرَاءَةِ والتاريخ تَرْجَمَة عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ المُصَنّف من تَارِيخ دمشق، لِلْحَافِظِ أبي الْقَاسِم، ابْن عَسَاكِر باجازته من أبي الْوَحْش عبد الرَّحْمَن بن أبي مَنْصُور ابْن نسيم بِسَمَاعِهِ مِنْهُ، وترجمة بشر بن غياث المريسي من تَارِيخ بَغْدَاد لِلْحَافِظِ أبي بكر الْخَطِيب باجازته من أبي الْيمن الْكِنْدِيّ عَن أبي مَنْصُور الْقَزاز عَنهُ. وَسمع الَّذين كمل لَهُم الْكتاب وَالَّذين سمعُوا الْمجْلس الثَّالِث -مَا

_ 1 فِي ط "عَزِيز". 2 فِي ط "الفرضي". 3 فِي ط "الأرنردي". 4 فِي ط "الفرضي". 5 فِي ط "المنبجي".

خلا الْهِلَالِي وَابْنه، وَابْني المنجا وَعلي بن عُثْمَان المنيحي1 عَليّ- إِلَيّ آخر تَرْجَمَة مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي من تَارِيخ الْخَطِيب، باجازته من الْكِنْدِيّ عَن الْقَزاز عَنهُ، وباجازته أَيْضا من أبي الْقَاسِم الحرستاني2 عَن أبي الْحسن بن قيس عَنهُ. وَأَجَازَ المسمع للْجَمَاعَة الْمَذْكُورين كلهم رِوَايَة جَمِيع مَا يجوز لَهُ رِوَايَته. ونقلب الطَّبَقَة بخطي. وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وصلواته على مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ، وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدَّين. نقلت هَذِه من نُسْخَة مَحْفُوظَة بكتبخانة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة وَعَلَيْهَا مَا صورته3. وَافق الْفَرَاغ من تَعْلِيق جَمِيع الْكتاب والطبقة الْمَذْكُورَة يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس شهر ذِي الْقعدَة من شهور سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة. كتب هَذِه النُّسْخَة برسم الْفَاضِل جناب الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن عبد الرَّحْمَن بن حسن بن الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب سنة 1347هـ 4.

_ 1 فِي ط "وَأبي المنجاد عَليّ بن عُثْمَان المنبجي". 2 فِي س "الخرستاني" وَمرَّة يذكرهُ بِالْحَاء الْمُهْملَة كَمَا فِي الأَصْل، وَهُوَ الصَّوَاب فِيمَا يظْهر لي، وَانْظُر ص"114". 3 الْعبارَة من قَوْله: "نقلت هَذِه النُّسْخَة" إِلَى قَوْله: "ماصورته" لَيست فِي ط. 4 الْعبارَة من قَوْله: "كتب هَذِه النُّسْخَة" إِلَى قَوْله: "سنة 1347هـ" لَيست فِي ط، حَيْثُ قَالَ فِي ط: "كِتَابَة الْفَقِير إِلَى الله تَعَالَى أَيُّوب بن أَيُّوب بن صَخْر العامري بِمَدِينَة حمص المحروسة فِي تَارِيخه".

القسم الثاني: الكتاب محققا

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْقسم الثَّانِي: الْكتاب محققا الْجُزْء الأول: "رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ بِرَحْمَتِكَ"1. أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَحْنَفِ2 قَالَ: أبنا3 إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ الْحَافِظ3 قَالَ: أبنا5 أَبُو بكر بن

_ 1 فِي ط، س، ش، "رب يسر وأعن يَا كريم". 2 فِي ش "بن الأحف" وَلم أجد لَهُ تَرْجَمَة. 3 كَذَا فِي الأَصْل وَلم تعجم، وَالَّذِي أرجحه أَنَّهَا "أبنا" بِالْهَمْزَةِ، ثمَّ الْبَاء الْمُوَحدَة وَالضَّمِير وَقد استعملها النَّاسِخ مرَارًا مِمَّا سنشير إِلَيْهِ إِن شَاءَ الله فِي مَوْضِعه، وَفِي ط، س، ش "أخبرنَا" وَكِلَاهُمَا بِمعين وَاحِد، إِذْ أَن مَا فِي الأَصْل هُوَ مِمَّا ورد فِي الرموز الَّتِي اصْطلحَ عَلَيْهَا بعض الْمُحدثين كالبيهقي وَغَيره للدلالة على لفظ "أخبرنَا" إِلَّا أَنه اصْطِلَاح ضَعِيف، قَالَ فِي تدريب الرَّاوِي: "وَلَا تحسن زِيَادَة الْبَاء قبل النُّون -وَإِن فعله الْبَيْهَقِيّ وَغَيره- لِئَلَّا تَلْتَبِس برمز حَدثنَا"، انْظُر: تقريب النواوي وَشَرحه تجريب الرَّاوِي، تَحْقِيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف ط. الأولى ص"3، 2" وألفية السُّيُوطِيّ فِي عُلُوم الحَدِيث، شرح وَتَصْحِيح أَحْمد شَاكر ص"157" والمصباح فِي أصُول الحَدِيث تأليف السَّيِّد قَاسم أندجاني ص"173". 4 هُوَ الْحَافِظ الإِمَام، مُحدث خُرَاسَان، أَبُو يَعْقُوب، إِسْحَاق بن أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السَّرخسِيّ، ثمَّ الْهَرَوِيّ، لَهُ المصنفات الْكَثِيرَة الدَّالَّة على حفظه وسعة علمه، ولد سنة 352هـ، وَقَالَ أَبُو النَّصْر الفامي: زَاد الْحفاظ للذهبي طبعة دَار إحْيَاء التراث الْعَرَبِيّ "3/ 1100-1103" انْظُر: الْأَعْلَام للزركلي "1/ 293". 5 فِي ط، ش "أخبرنَا" وَفِي س "أَنا".

مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمُزَكِّي1 قَالَ: أبنا2 أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّرَّامُ3 قَالَ: ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ4 رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَبْلَ كُلِّ كَلَامٍ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي كُلِّ مَقَامٍ5 وَعَلَى مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ رَبِّنَا وَعَلِيهِ السَّلَام6.

_ 1 لم أجد لَهُ تَرْجَمَة. 2 فِي ط، ش "أخبرنَا" وَفِي س "أَنا". 3 لم أجد لَهُ تَرْجَمَة. 4 عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ تقدّمت تَرْجَمته ص"21-44". 5 قَوْله: "وَلَهُ الْحَمْدُ فِي كُلِّ مَقَامٍ "لَيست فِي س. 6 فِي ط، س، ش "وَعَلِيهِ أفضل السَّلَام".

سبب تأليف الكتاب

سَبَب تأليف الْكتاب: أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ عَارَضَ مَذَاهِبَنَا فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ1 مِمَّنْ بَين سَبَب تأليف الْكتاب

_ 1 الْجَهْمِية: أَصْحَاب جهم بن صَفْوَان تلميذ الْجَعْد بن دِرْهَم الَّذِي قَتله خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ سنة 124هـ على الزندقة والإلحاد، وَهُوَ أول من ابتدع القَوْل بِخلق الْقُرْآن وتعطيل الله عَن صِفَاته، وَمن الجبرية الْخَالِصَة، ظَهرت بدعته بترمذ وَقَتله سلم بن أحوز الْمَازِني بمرو فِي آخر ملك بني أُميَّة، وَوَافَقَ الْمُعْتَزلَة فِي نفي الصِّفَات الأزلية وَزَاد عَلَيْهِم بأَشْيَاء. مِنْهَا قَوْله: لَا يجوز أَن يُوصف الْبَارِي تَعَالَى بِصفة يُوصف بهَا خلقه؛ لِأَن ذَلِك يَقْتَضِي تَشْبِيها، فنفى كَونه حيًّا عَالما، وَأثبت كَونه: قَادِرًا فَاعِلا خَالِقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوصف شَيْء من خلقه بِالْقُدْرَةِ وَالْفِعْل والخلق. وَمِنْهَا إثْبَاته علومًا حَادِثَة للباري تَعَالَى لَا فِي مَحل قَالَ: لَا يجوز أَن يعلم الشَّيْء قبل خلقه. وَمِنْهَا قَوْله فِي الْقُدْرَة الْحَادِثَة: إِن الْإِنْسَان لَا يقدر على شَيْء وَلَا يُوصف بالاستطاعة، وَإِنَّمَا هُوَ مجبور فِي أَفعاله لَا قدرَة لَهُ، وَلَا إرداة، وَلَا اخْتِيَار، وَنسبَة الْأَفْعَال إِلَى الْمَخْلُوق على سَبِيل الْمجَاز كَمَا يُقَال: أثمرت الشَّجَرَة =

ظَهْرَيْكُمْ مُعَارِضٌ1 وَانْتَدَبَ لَنَا مِنْهُمْ مُنَاقض ينقص مَا رَوَيْنَا فِيهِمْ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَصْحَابِهِ2 بِتَفَاسِيرِ الْمُضِلِّ الْمَرِيسِيِّ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ3 الْجَهْمِيِّ. فَكَانَ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ لَنَا فِي ذَلِكَ اعْتِمَادُ4 هَذَا الْمُعَارِضِ عَلَى كَلَام

_ = وَجرى المَاء وتغيبت الشَّمْس. وَمِنْهَا قَوْله: إِن حركات أهل الخلدين تَنْقَطِع، وَالْجنَّة وَالنَّار تفنيان بعد دُخُول وَمِنْهَا قَوْله: وتلذذ أهل الْجنَّة بنعيمها وتألم أهل النَّار بجحيمها، إِذْ تتَصَوَّر حركات لَا تتناهى آخرا، كَمَا لَا تتَصَوَّر حركات لَا تتناهى أَولا، وحملت الْآيَات الدَّالَّة على الْمُبَالغَة والتأكيد دون الْحَقِيقَة وَالتَّخْلِيد. وَمِنْهَا قَوْله: من أَتَى بالمعرفة ثمَّ جحد بِلِسَانِهِ لم يكفر بجحده؛ لِأَن الْعلم والمعرفة لَا يزولان بالجحد فَهُوَ مُؤمن. قَالَ: وَالْإِيمَان لَا يَتَبَعَّض أَي لَا يَنْقَسِم إِلَى عقد وَقَول وَعمل. وَقَالَ: وَلَا يتفاضل أَهله فِيهِ، فإيمان الْأَنْبِيَاء وإيمان الْأمة على نمط وَاحِد، إِنَّمَا المعارف تتفاضل. قيل: وَكَانَ جهم يخرج بِأَصْحَابِهِ فيقفهم على المجذومين، وَيَقُول: انْظُرُوا، ارْحَمْ الرَّاحِمِينَ يفعل مثل هَذَا؟ "إنكارًا لِرَحْمَتِهِ كَمَا أنكر حكمته" انْتهى بِتَصَرُّف ص"86-88" جـ1 من الْملَل والنحل للشهرستاني، قَالَ الْبَغْدَادِيّ فِي الْفرق بَين الْفرق ص"200": "وَكَانَ مَعَ ضلالاته يحمل السِّلَاح وَيُقَاتل السُّلْطَان، وَخرج مَعَ شُرَيْح بن الْحَرْث على نصر بن سيار، وَقَتله سلم بن أجون "كَذَا" الْمَازِني فِي آخر زمَان بني مَرْوَان، وَأَتْبَاعه الْيَوْم بنهوند" انْتهى بِتَصَرُّف ص"200". 1 قلت: وَمَعَ التَّأَمُّل والبحث فِيمَا بَين يَدي من المصادر لم يتَبَيَّن لي من يكون هَذَا الْمعَارض الْمُنْتَصر لآراء الْجَهْمِية: والناقل لآراء المريسي وَمُحَمّد بن شُجَاع الثَّلْجِي، وَلَيْسَ الْمعَارض هُوَ الثَّلْجِي كَمَا يظنّ الْبَعْض، فَإِن فِي سِيَاق الدَّارمِيّ فِي كِتَابه هَذَا مَا يدل صَرَاحَة على أَنه لَيْسَ هُوَ ابْن الثَّلْجِي، انْظُر مثلا: ص"432". 2 فِي ط، س، ش "وعَلى آله وَأَصْحَابه". 3 بشر المريسي تقدّمت لَهُ تَرْجَمَة ص"47-71". 4 لفظ "اعْتِمَاد" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

بشر إِذْ كَانَ مَشْهُور عِنْدَ الْعَامَّةِ بِأَقْبَحِ الذِّكْرِ مُفْتَضَحًا بِضَلَالَاتِهِ فِي كُلِّ مِصْرٍ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَعْوَنَ لَنَا عَلَى الْمُعَارِضِ عِنْدَ الْخَلْقِ، وَأَنْجَعَ1 فِي قُلُوبِهِمْ لِقَبُولِ الْحَقِّ وَمَوَاضِعِ الصِّدْقِ. وَلَوْ قَدْ كَنَّى فِيهَا عَنْ بِشْرٍ كَانَ جَدِيرًا أَنْ يَنْفُذَ2 عَلَيْهِمْ بَعْضهَا فِي خَفَاءٍ3 وَسِتْرٍ، وَلَمْ يَفْطُنْ لَهُ مِنَ النَّاسِ إِلَّا كُلُّ مَنْ تَبَصَّرَ، غَيْرَ أَنَّهُ أَفْصَحَ بِاسْمِ الْمَرِيسِيِّ وَصَرَّحَ، وَحَقَّقَ عَلَى نَفسه بن الظَّنِّ وَصَحَّحَ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِنَفْسِهِ وَلَا لأهل بِلَاده وَلم تنصح، فَحَسْبُ امْرِئٍ مِنَ الْخَيْبَةِ وَالْحِرْمَانِ، وَفَضْحِهِ4 فِي الْكُوَرِ5 وَالْبُلْدَانِ، أَنْ يَكُونَ إِمَامَهُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى6 بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيُّ، الْمُلْحِدُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ الْمُفْتَرِي7 الْمُعَطل8 لصفات ربه الجهمي.

_ 1 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح "2/ 43" مَادَّة "نَجَعَ" "نجع الطَّعَام يَنْجَع ويَنْجِع نُجُوعًا أَي هَنأ آكِلُه" وَقَالَ: "وَقد نجع فِيهِ الْخطاب، والوعظ والدواء، أَي دخل فِيهِ وأثَّر". 2 فِي س "ينْقد" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 فِي ط، ش "فِي خَفَاء وَفِي ستر: 4 فِي ط، س، ش "وفضيحة". 5 فِي ط، س، ش "الْكَوْن"، قلت: والكور جمع كورة وَهِي الْمَدِينَة والصقع، انْظُر: الصِّحَاح للجوهري "2/ 417". 6 لَفْظَة: "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. "7، 8" فِي ط، س، ش "الْمُعَطل المفتري"، قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح "2/ 240-241" مَادَّة "فرا": "وفرى فلَان كذبا، إِذا خلقه وافتراه واختلقه وَالِاسْم الْفِرْيَة" وَفِي الصِّحَاح أَيْضا "2/ 129" مَادَّة "عطل": "العطل مصدر عطلت الْمَرْأَة وتعطلت إِذا خلا جيدها من القلائد فَهِيَ عُطُل بِالضَّمِّ وعاطل ومعَطَال، ويستمعل العطل فِي الْخُلُو من الشَّيْء وَإِن كَانَ أَصله فِي الْحلِيّ، وَيُقَال: عطل الرجل من المَال وَالْأَدب فَهُوَ عُطُلٌ ... والتعطيل التفريغ وبئر معطلة لِبُيُود أَهلهَا" انْتهى بِتَصَرُّف.

أَنْشَأَ هَذَا الْمُعَارِضُ يَحْكِي فِي كِتَابٍ لَهُ عَنِ الْمَرِيسِيِّ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّلَالِ وَشَنِيعِ1 الْمَقَالِ وَالْحُجَجِ الْمِحَالِ، مَا لَمْ يَكُنْ بِكُلِّ ذَلِكَ نَعْرِفُهُ، وَنَصِفُهُ فِيهِ بِرَثَاثَةِ مُنَاقَضَةِ الْحُجَجِ، مَا لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ2 أَنْ يَصِفَهُ، فَتَجَافَيْنَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ مُنَاقَضَةِ الْمُعَارِضِ وَقَصَدْنَا قَصْدَ الْمَرِيسِيِّ الْعَاثِرِ3 فِي قَوْلِهِ الدَّاحِضِ4، لَمَّا أَنَّهُ أَمْكَنُ فِي الْحِجَاجِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَفْطِنْ لِغَوْرِ5 مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِهِ من الْكَلَام،.........................................

_ 1 التعطيل اصْطِلَاحا يُطلق وَيُرَاد بِهِ إِنْكَار مايجب لله تَعَالَى من الْأَسْمَاء وَالصِّفَات أَو إِنْكَار بَعْضهَا، فَهُوَ نَوْعَانِ: 1- تَعْطِيل كلي، كتعطيل الْجَهْمِية الَّذين أَنْكَرُوا الصِّفَات وغلاتهم يُنكرُونَ الْأَسْمَاء أَيْضا. 2- تَعْطِيل جزئي، كتعطيل الأشعرية الَّذين يُنكرُونَ بعض الصِّفَات دون بعض، انْظُر: الْملَل والنحل للشهرستاني، تَحْقِيق مُحَمَّد سيد كيلاني ط. الثَّانِيَة1/ 86، 94، وتلخيص الحموية لِابْنِ عثيمين ص"10". 1 فِي س "تشنيع" وَفِي لِسَان الْعَرَب "الشناعة الفظاعة شنع الْأَمر أَو الشَّيْء شناعة وشنعًا وشنوعًا: قبح فَهُوَ شنيع وَالِاسْم الشنعة..... وشنع عَلَيْهِ الْأَمر تشنيعًا قبحه" بِتَصَرُّف من لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 2/ 368. 2 فِي س "يقدرُونَ". 3 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح "2/ 79" مَادَّة "عثر": "العثرة الزلة وَقد عثر فِي ثَوْبه يعثر عثارًا، يُقَال: عثر بِهِ فرسه فَسقط....." وَقَالَ: "وتعثر لِسَانه: تلعثم" بِتَصَرُّف. 4 فِي لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 1/ 952 مَادَّة "دحض": "ودحضت حجَّته دحوضًا: كَذَلِك على الْمثل إِذا بطلت وأدحضها الله، قَالَ تَعَالَى: {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ} [الشورى: 16] وأدحض حجَّته إِذا أبطلها". 5 الَّذِي يظْهر من رسم الأَصْل وس أَنَّهَا بالغين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الَّذِي أثْبته، وَفِي ط، ش "لفور" بِالْفَاءِ وكل مِنْهُمَا يحْتَملهُ السِّيَاق، قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح "2/ 212" مَادَّة "غور": "غور كل شَيْء: قَعْره، يُقَال: فَلَا بعيد الْغَوْر" بِتَصَرُّف. وَقَالَ فِي مُجَلد 2/ 264 مَادَّة "فَور": "فارت الْقدر تَفُور فَوْرًا وفورانًا: جَاشَتْ، وَمِنْه قَوْلهم: ذهب فِي حاجه ثمَّ أتيت فلَانا فوري، أَي قبل أَن أسكن، وفار فائره، لُغَة فِي ثار ثائره، إِذا جاش غَضَبه، وفوره الْحر: شدته "انْتهى بِتَصَرُّف، وعَلى هَذَا فَهُنَا تَشْبِيه.

الْمُدَلَّسِ1 الْمَنْقُوضِ، وَالْكُفْرِ الْوَاضِحِ الْمَرْفُوضِ. وَكَيْفَ يَهْتَدِي بِشْرٌ لِلتَّوْحِيدِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَكَانَ وَاحِدِهِ2 وَلَا هُوَ بِزَعْمِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِوَاجِدِهِ، فَهُوَ إِلَى التَّعْطِيلِ3 أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى التَّوْحِيدِ وَوَاحِدُهُ بِالْمَعْدُومِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمَوْجُودِ. وَسَنُعَبِّرُ لَكُمْ عَنْهُ مِنْ نَفْسِ كَلَامِهِ مَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْجُحُودِ4 بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْمَجِيدِ الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ. وَلَوْلَا مَا بَدَأَكُمْ هَذَا الْمُعَارِضُ بِإِذَاعَةِ ضَلَالَاتِ الْمَرِيسِيِّ وَبَثِّهَا فِيكُمْ، مَا اشْتَغَلْنَا بِذِكْرِ كَلَامِهِ، مَخَافَةَ أَنْ يَعْلَقَ بَعْضُ كَلَامِهِ بِقُلُوبِ بَعْضِ5 الْجُهَّالِ، فَيُلْقِيهِمْ فِي شَكٍّ مِنْ خَالِقِهِمْ وَفِي ضَلَالٍ، أَوْ أَنْ يَدعُوهُم إِلَى تَأْوِيله6

_ 1 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح مُجَلد 1/ 411 مَادَّة "دلّس": "التَّدْلِيس فِي البيع، كتمان عيب السّلْعَة عَن المُشْتَرِي، والمدالسة كالمخادعة، يُقَال: فلَان لَا يدالسك أَي لَا يخادعك، وَلَا يخفي عَلَيْك الشَّيْء، فَكَأَنَّهُ يَأْتِيك بِهِ فِي الظلام، والدلس بِالتَّحْرِيكِ الظلمَة" بِتَصَرُّف. 2 فِي س "واجده" بِالْجِيم. 3 التعطيل تقدم ص"140". 4 فِي س "بالجمود" وَمَا فِي الأَصْل أنسب للسياق. 5 كلمة "بعض" لَيست فِي ط، ش. 6 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 1/ 59 مَادَّة "أول": "التَّأْوِيل: تَفْسِير مَا يؤول إِلَيْهِ الشَّيْء، وَقد أولته وتأولته بِمَعْنى". وَحَقِيقَة التَّأْوِيل الَّذِي عَلَيْهِ أهل الْبدع هُوَ أَنهم يتأولون النُّصُوص على غير تَأْوِيلهَا، وَيدعونَ صرف اللَّفْظ عَن مَدْلُوله بِغَيْر دَلِيل يُوجب ذَلِك، ويزعمون أَن مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من نُصُوص الصِّفَات لم يقْصد بِهِ الظَّاهِر، وَإِنَّمَا الْمَقْصُود بِهِ معَان تخَالفه لَا يعلمهَا إِلَّا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقد تَركهَا للنَّاس يستنبطونها بعقولهم. انْظُر: التدمرية لَا بن تَيْمِية ط. كُلية الشَّرِيعَة ص"71".

الْمُحَالِ؛ لِأَنَّ جُلَّ1 كَلَامِهِ تَنَقُّصٌ وَوَقِيعَةٌ فِي الرَّبِّ، وَاسْتِخْفَافٌ بِجَلَالِهِ وَسَبٌّ، وَفِي التَّنَازُعِ فِيهِ يُتَخَوَّفُ الْكُفْرُ وَيُرْهَبُ. وَلِذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3: "لَأَنْ أَحْكِيَ كَلَامَ الْيَهُودِ4،...........................

_ 1 فِي ط، س، ش "كل". قلت "جلّ الشَّيْء معظمه. انْظُر: الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 1/ 201 مَادَّة "جلل". 2 عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي، مولى بني حَنْظَلَة، ثِقَة ثَبت، فَقِيه عَالم جواد، مُجَاهِد، جمعت فِيهِ خِصَال الْخَيْر، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 81 وَله 63/ ع. انْظُر: تقريب التَّهْذِيب "1/ 445". 3 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش، قلت: ذهب بعض الْعلمَاء إِلَى أَن قَول: "رَضِي الله عَنهُ" مَخْصُوص بالصحابة، وَيُقَال فِي غَيرهم: "رَحمَه الله" وَاخْتَارَ الإِمَام النَّوَوِيّ وَعَزاهُ إِلَى جُمْهُور الْعلمَاء أَن قَول: "رَضِي الله عَنهُ" غير مُخْتَصّ بالصحابة بل هُوَ عَام للصحابة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ من الْعلمَاء والعباد وَسَائِر الأخيار، وَقَالَ: "وَأما مَا قَالَه بعض الْعلمَاء" أَن قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" مَخْصُوص بالصحابة، وَيُقَال فِي غَيرهم: "رَحمَه الله": فَقَط فَلَيْسَ كَمَا قَالَ، وَلَا يُوَافق عَلَيْهِ، بل الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور اسْتِحْبَابه، ودلائله أَكثر من أَن تحصر، فَإِن كَانَ الْمَذْكُور صحابيًّا ابْن صَحَابِيّ قَالَ: قَالَ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَكَذَا ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَابْن جَعْفَر وَأُسَامَة بن زيد وَنَحْوهم لتشمله وأباه جَمِيعًا". انْظُر الْأَذْكَار للنووي، تَحْقِيق عبد الْقَادِر الأرناؤوط ص"100". 4 يُقَال: هاد الرجل أَي رَجَعَ وَتَابَ، اخْتلف فِي اشتقاق اسْم الْيَهُود، فَقيل من الهود أَي التَّوْبَة، وَقيل: لأَنهم نسبو إِلَى يهود أكبر ولد يَعْقُوب وقلبت الذَّال دَالا، وَقيل: لأَنهم هادوا أَي مالوا عَن الْإِسْلَام وَعَن دين مُوسَى، وَقيل غير ذَلِك، =

وَالنَّصَارَى1 أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أحكي كَلَام الْجَهْمِية"2.

_ = وهم أمة مُوسَى، وكتابهم التَّوْرَاة، ويحدثنا الْقُرْآن عَنْهُم أَنهم لم يتبعوا النُّور الَّذِي أنزل لَهُم، وَأَنَّهُمْ حرفوا التورة وآذوا مُوسَى وغلوا فِي عداوتهم، واغتالوا عديد من أنبياهم، وصدوا عَن دين الله حَتَّى كتب الله عَلَيْهِم التيه والتشريد {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [الْبَقَرَة: 61] ، وَقد ورد ذكرهم فِي الْقُرْآن كثيرا، وَاخْتلفُوا نيفًا وَسبعين فرقة من أشهرها العنانية، العيسوية، المقاربة، اليوذعانية، الموشكانية، السامرة، انْظُر: الْملَل والنحل للشهرستاني 2/ 9-32، والفصل لِابْنِ حزم بهامشه الْملَل والنحل 1/ 98-105، والأديان فِي الْقُرْآن، تأليف د. مَحْمُود بن الشريف ط. الرَّابِعَة ص"95-150". 1 النَّصَارَى لُغَة: نصران كالندامى، جمع ندمان، أَو جمع نصرى. والنصرانية والنصرانة وَاحِدَة النَّصَارَى، وهم أمة الْمَسِيح بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام الْمَبْعُوث حقًّا بعد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، ورد ذكرهم فِي الْقُرْآن كثيرا وأغلب ذكرهم بالْعَطْف على الْيَهُود أَو عطف الْيَهُود عَلَيْهِم، وافترقوا إِلَى اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرفة، قَالَ الشهرستاني: وكبار فرقهم ثَلَاث: الملكائية، والنسطورية، واليعقوبية، وَذكر ابْن حزم أَن النَّصَارَى لَا يدعونَ أَن الأناجيل منزلَة من عِنْد الله على الْمَسِيح وَلَا أَن الْمَسِيح أَتَاهُم بهَا، بل كلهم أَوَّلهمْ عَن أخرهم لَا يَخْتَلِفُونَ من أَنَّهَا أَرْبَعَة تواريخ ألفها رجال معروفون فِي أزمان مُخْتَلفَة، وهم: مَتى اللاواني ومارقس الهاوروني ولوقا الطَّبِيب ويوحنا بن سيذاي، انْظُر: الْملَل والنحل للشهرستاني 2/ 32-52، والفصل لهامشه الْملَل 2/ 2-3 والقاموس الْمُحِيط للفيروزآبادي 3/ 143، وإغاثة اللهفان لِابْنِ الْقيم 2/ 269-298. 2 أخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"7" قَالَ: "حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، حَدثنِي عَليّ بن الْحُسَيْن "كَذَا" بن شَقِيق، سَمِعت عبد الله بن الْمُبَارك يَقُول: إِنَّا نستجيز أَن نحكي كَلَام الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلَا نستجيز أَن نحكي كَلَام الْجَهْمِية". وَفِي الْمصدر نَفسه أَيْضا ص"35" من طَرِيق آخر عَن عَليّ بن الْحسن عَن ابْن الْمُبَارك بِنَحْوِهِ، وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، تَحْقِيق حَامِد الفقي، ص"255" من طَرِيق عَليّ بن الْحسن، عَن ابْن الْمُبَارك بِنَحْوِهِ وَأوردهُ ابْن الْقيم فِي اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية ص"54" عَن ابْن الْمُبَارك وَصَححهُ.

حَدثنَا1 الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ2 قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ3 بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ4. فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَرِهْنَا الْخَوْضَ فِيهِ، وَإِذَاعَةَ نَقَائِصِهِ5 حَتَّى أَذَاعَهَا الْمُعَارِضُ فِيكُمْ، وَبَثَّهَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَخَشِينَا أَلَّا يَسَعَنَا إِلَّا الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ بَثَّهَا، وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا، مُنَافَحَةً6 عَنِ اللَّهِ، وَتَثْبِيتًا لِصِفَاتِهِ الْعُلَى7 وَلِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَدَعَا إِلَى الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى، وَمُحَامَاةً عَنْ ضُعَفَاءِ النَّاسِ وَأَهْلِ الْغَفْلَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَالصبيان أَن يضلوا بهَا، ويفتنوا8 إِذْ بَثَّهَا فِيهِمْ رَجُلٌ كَانَ يُشِيرُ9 بَعْضُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ فِقْهٍ وَبَصَرٍ، وَلَا يَفْطنُون لعثراته إِذْ هُوَ عَثَرَ10، فَيَكُونُوا مِنْ أَخَوَاتِهَا مِنْهُ على حذر.

_ 1 فِي ط، س "حدّثنَاهُ". 2 فِي ط، س، ش "الْبَزَّاز" آخِره مُعْجمَة وَالصَّوَاب بِالْمُهْمَلَةِ، كَمَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 167: الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار، آخِره رَاء، أَبُو عَليّ الوَاسِطِيّ نزيل بَغْدَاد، صَدُوق يهم، وَكَانَ عابدًا فَاضلا من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 49/ ح م د ت س، وَانْظُر: الْخُلَاصَة للخزرجي ص"78". 3 فِي ط، س، ش "عَليّ بن الْحُسَيْن" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 34: عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمروزِي، ثِقَة حَافظ من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 15 وَقيل: بعد ذَلِك/ ع، وَانْظُر الكاشف 2/ 281، وَالْخُلَاصَة ص"272". 4 عبد الله بن الْمُبَارك تقدم ص"143". 5 فِي ش "نقائضه". 6 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 1/ 592 مَادَّة "نفح": "ونافحت عَن فلَان: خَاصَمت عَنهُ ... ونافحوهم مثل خاصموهم" بِتَصَرُّف. 7 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "الْعليا". 8 فِي ط، س، ش "أَو أَن يفتنوا". 9 فِي ط، س، ش "يُشِير إِلَيْهِ بَعضهم" وَهُوَ أوضح. 10 فِي ط، س، ش "غش" وَمَا فِي الأَصْل أنسب.

بيان ما أفتتح به المعارض كتابه ومناقشته في ذلك

بَيَان مَا افْتتح بِهِ الْمعَارض كِتَابه ومناقشته فِي ذَلِك: قد كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ1 أَنَّهُ سَمِعَ عِيسَى بْنَ يُونُسَ2 يَقُولُ: "لَا تُجَالِسُوا الْجَهْمِيَّةَ3 وَبَيِّنُوا لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ كَيْ يَعْرِفُوهُمْ فَيَحْذَرُوهُمْ"4. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: افْتَتَحَ هَذَا الْمُعَارِضُ كِتَابَهُ بِكَلَامِ نَفْسِهِ مُثَنِّيًا5 بِكَلَام إِن مَا افْتتح بِهِ مؤلف كِتَابه مناقشته فِي

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 36: عَليّ بن خشرم بمعجمتين، وزن جَعْفَر، الْمروزِي ثِقَة من صغَار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 57هـ أَو بعْدهَا، وَقد قَارب الْمِائَة، م ت س. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 103: عِيسَى بن يُونُس ين أبي إِسْحَاق، السبيعِي، بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر الْمُوَحدَة، أَخُو إِسْرَائِيل، كُوفِي نزل الشَّام مرابطًا، ثِقَة مَأْمُون، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة سبع وَثَمَانِينَ، وَقيل: سنة إِحْدَى وَتِسْعين، ع، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 2/ 1086 أَن عَليّ بن خشرم روى عَنهُ. 3 الْجَهْمِية تقدّمت ص"138". 4 قلت: وَنقل أَيْضا عَن ابْن عُيَيْنَة أَنه قَالَ: "لَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تسمعوا كَلَامهم"، انْظُر: خلق أَفعَال الْعباد، للْبُخَارِيّ ضمن مَجْمُوعَة عقائد السّلف، لعَلي النشار ص"123"، وَعَن ابْن عيينه: أَيْضا قَالَ: "فَمَا نَعْرِف الْقُرْآن إِلَّا كَلَام الله عز وَجل. وَمن قَالَ غير هَذَا فَعَلَيهِ لعنة الله، لَا تُجَالِسُوهُمْ وَلَا تسمعوا كَلَامهم"، انْظُر الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي ص"253" وَقَالَ إِسْحَاق: وَسَأَلت أَبَا بكر بن عُثْمَان، عَن شَهَادَة من قَالَ: الْقُرْآن مَخْلُوق، فَقَالَ: "مَالِي وَلَك قد أدرت فِي صماخي شَيْئا لم أسمع بِهِ قطّ، لَا تجَالس هَؤُلَاءِ وَلَا تكلمهم وَلَا تناكحهم" قلت: وَعَن بشر بن الْحَارِث نَحوه وَزِيَادَة "وَإِن مرضوا فَلَا تعودوهم وَإِن مَاتُوا فَلَا تشهدوهم"، انْظُر: السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد ص"12" والأسماء وَالصِّفَات للبيهقي ص"250". 5 فِي ط، س، ش "منشئًا".

الْمَرِيسِيِّ، مُدَلِّسًا عَلَى النَّاسِ بِمَا يَهِمُّ1 أَنْ يَحْكِيَ2 وَيَرَى3 مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْجُهَّالِ وَمَنْ حَوَالَيْهِ مِنَ الْأَغْمَارِ4: أَنَّ مَذَاهِبَ جَهْمٍ5 وَالْمَرِيسِيِّ فِي التَّوْحِيدِ كَبَعْضِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْإِيمَانِ6 فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَكَاخْتِلَافِهِمْ7 فِي التَّشَيُّعِ وَالْقَدَرِ، وَنَحْوِهَا كَيْ لَا تنفرُوا مِنْ مَذَاهِبِ جَهْمٍ وَالْمَرِيسِيِّ أَكْثَرَ مِنْ نُفُورِهِمْ مِنْ كَلَامِ الشِّيعَةِ8،................

_ 1 فِي س "يُوهم". 2 فِي ط "نحكي" وَفِي ش "تحكي". 3 فِي س "ويروى". 4 الأغمار جمع غمر. قَالَ الفيروزأبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط "2/ 104" مَادَّة "الْغمر": "الْغمر من النَّاس جَمَاعَتهمْ ولفيفهم كغمرهم محركة، وغمرتهم وغمارتهم بِالضَّمِّ وَيفتح، وَمن لم يجرب الْأُمُور ويثلث ويحرك". 5 جهم بن صوفان تلميذ الْجَعْد بن دِرْهَم، وَهُوَ الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ مَذْهَب الْجَهْمِية المعطلة؛ لِأَنَّهُ نشره، وَقَتله سلم بن أحوز الْمَازِني صَاحب شرطة نصر بن سيار وَذَلِكَ فِي مرو سنة 128هـ، وَقَالَ عَنهُ الشهرستاني: "وَهُوَ من الجبرية الْخَالِصَة ظَهرت بدعته بترمذ، قَتله سلم بن أحوز الْمَازِني بمرو فِي آخر ملك بني أُميَّة، وَافق الْمُعْتَزلَة فِي نفي الصِّفَات الأزلية وَزَاد عَلَيْهِم بأَشْيَاء"، وَذكر الطَّبَرِيّ فِي تَارِيخه: "أَنه كَانَ كَاتبا لِلْحَارِثِ بن سريح الَّذِي خرج فِي خُرَاسَان فِي آخر دولة بني أُميَّة"، انْظُر: الْملَل والنحل للشهرستاني 1/ 86، وتاريخ الطَّبَرِيّ حوادث سنة 128هـ، ولسان الْمِيزَان 2/ 142". 6 فِي س "بِالْإِيمَان". 7 فِي ط، س، ش "كاختلافهم" بِدُونِ وَاو. 8 الشِّيعَة هم الَّذين شايعوا عليًّا رَضِي الله عَنهُ على الْخُصُوص، ,قَالُوا بإمامته وخلافته نصًّا وَوَصِيَّة، إِمَّا جليًّا، وَإِمَّا خفيًّا، واعتقدوا أَن الْإِمَامَة لَا تخرج عَن أَوْلَاده وَإِن خرجت فبظلم يكون من غَيره، وبتقية من عِنْده، وَقَالُوا: لَيست الْإِمَامَة قَضِيَّة مصلحية تناط بِاخْتِيَار الْعَامَّة وينتصب الإِمَام بنصبهم بل هِيَ قَضِيَّة أصولية، وَهِي ركن الدَّين لَا يجوز للرسل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام إغفاله وإهماله وَلَا تفويضه إِلَى الْعَامَّة وإرساله. يجمعهُمْ القَوْل بِوُجُوب التَّعْيِين والتنصيص، وَثُبُوت عصمَة الْأَنْبِيَاء وَالْأَئِمَّة وجوبا عَن الْكَبَائِر والصغائر، وَالْقَوْل بالتولي والتبري قولا وفعلًا وعقدًا إِلَّا فِي حَالَة التقية، ويخالفهم بعض الزيدية فِي ذَلِك، وَلَهُم فِي تَعديَة الإِمَام كَلَام وَخلاف كثير، وَعند كل تَعديَة وَتوقف مقَالَة، وَمذهب وخبط. "انْظُر الْملَل والنحل للشهرستاني، بتحقيق مُحَمَّد سيد، ط. الثَّانِيَة 1/ 146-147 وَانْظُر أَيْضا: فجر الْإِسْلَام، أَحْمد أَمِين، ط. الْعَاشِرَة، 1/ 266-278".

والمرجئة1 والقدرية2.

_ 1 الإرجاء على مَعْنيين: أَحدهمَا: بِمَعْنى التَّأْخِير كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {أَرْجِهِ وَأَخَاهُ} [الْأَعْرَاف أَيَّة: 111"- أَي أمهله وأخره] . وَالثَّانِي: إعطاه الرَّجَاء. أما الطَّلَاق اسْم المرجئة على الْجَمَاعَة بِالْمَعْنَى الأول فَصَحِيح؛ لأَنهم كَانُوا يؤخرون الْعَمَل عَن النِّيَّة وَالْعقد. وَأما بِالْمَعْنَى الثَّانِي، فَظَاهر، فَإِنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ: لَا تضر مَعَ الْإِيمَان مَعْصِيّة كَمَا لَا تَنْفَع مَعَ الْكفْر طَاعَة. وَهَذَانِ المعنيان هما أشهر مَا قيل فِي المرجئة، وَهُنَاكَ معَان وتقسيمات أُخْرَى لَا أطيل بذكرها، انْظُر الْملَل والنحل للشهرستاني، تَحْقِيق مُحَمَّد سيد كيلاني، ط. الثَّانِيَة 1/ 139. 2 الْقَدَرِيَّة هم نفاة الْقدر، وَفِي الحَدِيث: "لكل أمة مجوس ومجوس أمتِي الَّذين يَقُولُونَ لَا قدر"، وَقد ظَهرت بِدعَة وَالْقدر بشكل وَاضح فِي أَوَاخِر زمن الصَّحَابَة، وَيُقَال: إِن أول من تكلم بِالْقدرِ نَصْرَانِيّ من أهل الْعرَاق أسلم ثمَّ تنصر، وَأخذ عَنهُ معبد الْجُهَنِيّ، وروى مُسلم عَن يحيى بن يعمر قَالَ: "كَانَ أول من تكلم فِي الْقدر بِالْبَصْرَةِ معبد الْجُهَنِيّ"، وَحَاصِل قَوْلهم فِي الْقدر هُوَ إِنْكَار علم الله السَّابِق بالحوادث، وَأَن العَبْد هُوَ الَّذِي يخلق فعل نَفسه، فأثبتوا بذلك مَعَ الله خَالِقًا آخر، وهم ضد الجبرية، وَيرى الشهرستاني أَن الْقَدَرِيَّة من ألقاب الْمُعْتَزلَة, وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح: "وَقد حكى المصنفون فِي المقالات =

وَقَدْ أَخْطَأَ الْمُعَارِضُ مَحَجَّةَ1 السَّبِيلِ وَغلط كَثِيرًا فِي التَّأْوِيلِ لَمَّا أَنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ لَمْ يُكَفِّرْهُمُ الْعُلَمَاءُ بِشَيْءٍ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ، وَالْمَرِيسِيُّ وَجَهْمٌ وأصحابهم2،.......................

_ = عَن طوائف من الْقَدَرِيَّة إِنْكَار كَون البارئ عَالما بِشَيْء من أَعمال الْعباد قبل وُقُوعهَا مِنْهُم، وَإِنَّمَا يعلمهَا بعد كَونهَا، قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَغَيره: قد انقرض هَذَا الْمَذْهَب، وَلَا نَعْرِف أحدا ينْسب إِلَيْهِ من الْمُتَأَخِّرين. قَالَ -أَي الْقُرْطُبِيّ: والقدرية الْيَوْم مطبقون على أَن الله عَالم بِأَفْعَال الْعباد قبل وُقُوعهَا، وَإِنَّمَا خالفوا السّلف فِي زعمهم بِأَن أَفعَال الْعباد مَقْدُور لَهُم مواقع وواقعة مِنْهُم على جِهَة الِاسْتِقْلَال, وَهُوَ مَعَ كَونه مذهبا بَاطِلا إِلَّا أَنه أخف من الْمَذْهَب الأول، وَأما الْمُتَأَخّرُونَ مِنْهُم فأنكروا تعلق الْإِرَادَة بِأَفْعَال الْعباد قرارًا من تعلق الْقَدِيم بالمحدث، وهم مخصومون بِمَا قَالَ الشَّافِعِي: إِن سلم القدري الْعَلِيم خصم يَعْنِي: يُقَال لَهُ: أَيجوزُ أَن يَقع فِي الْوُجُود خلاف مَا تضمنه الْعلم؟ فَإِن منع وافقًا قَول أهل السّنة وَإِن جَازَ لزمَه نِسْبَة الْجَهْل: تَعَالَى الله عَن ذَلِك "انْتهى، انْظُر: فتح الْبَارِي "1/ 19". قلت: وَعَن معبد الْجُهَنِيّ أَخذ غيلَان الدِّمَشْقِي فَكَانَ معبد بالعراق وغيلان بِدِمَشْق، وَفِي عهد هِشَام بن عبد الْملك انتدب الْأَوْزَاعِيّ لمناقشة غيلَان فأفحمه وَأفْتى بقتْله، فصلب على بَاب كيسَان بِدِمَشْق، وَأما معبد فَذكر أَنه خرج مَعَ مَرْوَان بِدِمَشْق على القَوْل بِالْقدرِ ثمَّ قَتله. انْظُر: مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه الْمُنْتَخب 2/ 86، 5/ 407، وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ 1/ 150، 154، والملل والنحل للشهرستاني، تَحْقِيق مُحَمَّد سيد 1/ 43، وفجر الْإِسْلَام، لِأَحْمَد أَمِين، ط. الْعَاشِرَة 1/ 283-288، وأهم الْفرق الإسلامية، تأليف مُحَمَّد الطَّاهِر النيفر ص"48-50" والأعلام للزركلي ط. الرَّابِعَة 5/ 124، 7/ 264. 1 فِي ط، ش "وَفِي محجة". 2 فِي ط، ش "والمريسي وجهم وأصحابهما يكفرهم أهل الْفرق "وَفِي س" يكفرونهم" بدل "يكفرهم". قلت: وَظُهُور عَلامَة على الْجمع على الْفِعْل كَمَا فِي "س" هِيَ لُغَة "أكلوني البراغيث" وَالْجُمْهُور على تَجْرِيد الْفِعْل مِنْهَا.

لَمْ يَشُكَّ1 أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي إِكْفَارِهِمْ. سَمِعْتُ مَحْبُوبَ بْنَ مُوسَى الْأَنْطَاكِيَّ2 أَنَّهُ سَمِعَ وَكِيعًا3 يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ4. وَكَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ5 أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ6 كَانَ يُخْرِجُ الْجَهْمِيَّةَ مِنْ عِدَادِ الْمُسْلِمِينَ7.

_ 1 فِي س "وَلم يشك". 2 مَحْبُوب بن مُوسَى، أَبُو صَالح الْأَنْطَاكِي الْفراء، صَدُوق، من الْعَاشِرَة، لم يَصح أَن البُخَارِيّ أخرج لَهُ، مَاتَ سنة 31هـ وَله 80 سنة، دس، "التَّقْرِيب 2/ 231". 3 وَكِيع بن الْجراح بن مليح الرُّؤَاسِي، بِضَم الرَّاء وهمزة ثمَّ مُهْملَة، أَبُو سُفْيَان الْكُوفِي، ثِقَة حَافظ عَابِد، من كبار التَّاسِعَة، مَاتَ فِي آخر سنة 196هـ أَو أول 97هـ وَله 70 سنة، ع "التَّقْرِيب 2/ 331". 4 انْظُر: كتاب السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد 1/ 9 حَيْثُ أخرج بأسنيد إِلَى وَكِيع مَا يدل على تَكْفِير من قَالَ بِأَن الْقُرْآن مَخْلُوق، سُئِلَ عَن ذَبَائِح الْجَهْمِية فَقَالَ: لَا تُؤْكَل. هم مرتدون. 5- وَنقل البُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد عَن وَكِيع أَنه قَالَ "أَحْدَثُوا -كَذَا- هَؤُلَاءِ المرجئة، الْجَهْمِية، والجهمية كفار، والمريسي جهمي، وعلمتم كَيفَ كفرُوا، قَالُوا: يَكْفِيك المفرفة، وَهَذَا كفر. والمرجئية يَقُولُونَ: الْإِيمَان قَول بِلَا فعل وَهَذَا بِدعَة، فَمن قَالَ: إِن الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر بِمَا أنزل عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم- يُسْتَتَاب وَإِلَّا ضربت عُنُقه "انْظُر" خلق أَفعَال الْعباد ضمن مَجْمُوع عقائد السّلف لعَلي النشار ص"124". 6 عبد الله بن الْمُبَارك تقدم ص"146". 7 أخرج عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"6-7" من طَرِيق الْحسن بن عِيسَى مولى عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: كَانَ ابْن الْمُبَارك يَقُول: الْجَهْمِية كفار. وَمن طَرِيق آخر عَن ابْن الْمُبَارك، قَالَ: لَيْسَ تعبد الْجَهْمِية شَيْئا، قَالَ: وَذكر أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي عتاب الْأَعْين، حَدثنَا حَمْزَة شيخ من أهل مرو، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآن مَخْلُوق فَهُوَ زنديق.

وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى1 وَأَبَا تَوْبَة2 وَعلي بن الْمَدِينِيِّ3 يُكَفِّرُونَ الْجَهْمِيَّةَ وَمَنْ يَدَّعِي أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ4. فَلَا يَقِيسُ الْكُفْرَ بِبَعْضِ اخْتِلَافِ هَذِهِ الْفِرَقِ إِلَّا امْرُؤٌ جَهِلَ الْعِلْمَ وَلَمْ

_ 1 يحيى بن يحيى بن كثير اللَّيْثِيّ مَوْلَاهُم، الْقُرْطُبِيّ، أَبُو مُحَمَّد، صَدُوق، فَقِيه قَلِيل الحَدِيث، وَله أهام، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 234هـ على الصَّحِيح، تَمْيِيز "التَّقْرِيب 2/ 360". 2 الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ الْحلَبِي، نزيل طرسوس، ثِقَة، حجَّة، عَابِد، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة241هـ/ خَ م د س ق. "التَّقْرِيب 1/ 246". 3 عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر بن نجيح، السَّعْدِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو الْحسن بن الْمَدِينِيّ الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت إِمَام، أعلم أهل عصره بِالْحَدِيثِ وَعلله، حَتَّى قَالَ البُخَارِيّ: مَا استصغرت نَفسِي إِلَّا عِنْده، وَقَالَ فِيهِ شَيْخه ابْن عُيَيْنَة: كنت أتعلم مِنْهُ أَكثر مِمَّا يتعلمه مني وَقَالَ النَّسَائِيّ: كَأَن الله خلقه للْحَدِيث، عابوا عَلَيْهِ إجَابَته فِي المحنة، لكنه تنصل وَتَابَ، وَاعْتذر بِأَنَّهُ كَانَ خَافَ على نَفسه، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة34 على الصَّحِيح، خَ د ت س فق، "التَّقْرِيب 2/ 40". 4 وَنَقله أَيْضا البُخَارِيّ عَنْهُم، وَعَن غَيرهم فِي خلق أَفعَال الْعباد، قَالَ: قَالَ عَليّ بن عبد الله: "الْقُرْآن كَلَام الله، مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِر لَا يُصَلِّي خَلفه"، انْظُر: الْمصدر نَفسه ضمن مَجْمُوعَة عقائد السّلف لعَلي سامي النشار ص: 122" وَقَالَ أَيْضا فِي ص"127-128: "وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة ومعاذ بن معَاذ وَالْحجاج بن مُحَمَّد وَيزِيد بن هَارُون، وهَاشِم بن الْقَاسِم وَالربيع بن نَافِع الْحلَبِي، وَمُحَمّد بن يُوسُف وَعَاصِم بن عَاصِم وَيحيى بن يحيى، وَأهل الْعلم: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِر" قلت: وَبسط الْكَلَام فِيمَا نقل عَن أَئِمَّة السّلف فِي إكفار الْجَهْمِية يضيق عَنهُ هَذَا الْمُخْتَصر وَانْظُر: إِن شِئْت الْمَزِيد: السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد، وَخلق أَفعَال الْعباد للْبُخَارِيّ، والشريعة للآجري، وَشرح السّنة لللالكائي، والأسماء وَالصِّفَات للبيهقي وَغَيرهَا.

يُوَفَّقْ فِيهِ لِفَهْمٍ1. فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ النَّاسَ2 تَكَلَّمُوا فِي الْإِيمَانِ، وَفِي التَّشَيُّعِ، وَالْقَدَرِ وَنَحْوِهُ، وَلَا يجوز لأحد أَن يتَنَاوَل فِي التَّوْحِيدِ غَيْرَ الصَّوَابِ إِذْ3 جَمِيعُ خَلْقِ اللَّهِ يُدْرِكُ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسِ: اللَّمْسِ، وَالشَّمِّ، وَالذَّوْقِ، وَالْبَصَرِ بِالْعَيْنِ، وَالسَّمْعِ، وَاللَّهُ بِزَعْمِ4 الْمُعَارِضِ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ. فَقُلْنَا لِهَذَا الْمُعَارِضِ، الَّذِي لَا يَدْرِي كَيْفَ يُنَاقِضُ5: أَمَّا قَوْلُكَ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِي التَّوْحِيدِ غَيْرَ الصَّوَابِ، فَقَدْ صَدَقْتَ، وَتَفْسِيرُ التَّوْحِيدِ عِنْدَ الْأمة وَصَوَابه قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ" 6 وَ7 "أُمِرْتُ أَن

_ 1 فِي ط، ش "وَلَا يُوقف على كفرهم" وَفِي س "وَلم يُوقف فِيهِ على كفرهم". 2 فِي ط، ش، س "أَن النَّاس قد تكلمُوا". 3 فِي ط، ش "أَن" وَفِي س "إِن". 4 فِي س "يزْعم". 5 فِي ط، س "يتناقض". 6 رَوَاهُ الْبَزَّار، انْظُر: زَوَائِد الْبَزَّار على الْكتب السِّتَّة، تَحْقِيق حبيب الأعظمي1/ 11-12، وَذكره بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي سعيد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله مخلصًا دخل الْجنَّة"، وَأوردهُ الألباني فِي صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير 2/ 542 وَعَزاهُ إِلَى الْبَزَّار عَن أبي سعيد، وَقَالَ عَنهُ: صَحِيح، وَذكر الألباني فِي صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير أَنه أخرجه أَحْمد وَابْن حبَان، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر وَأَبُو نعيم أَيْضا عَن أنس، وَذكر أَيْضا أَنه خرجه فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة برقم 2355، انْظُر: صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير 5/ 332. قلت: وَلم أَقف من سلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة على الْأَجْزَاء الْأَخِيرَة. 7 حرف الْوَاو لَيْسَ فِي "ط، ش".

أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" 1 مَنْ قَالَهَا فَقَدْ وَحَّدَ اللَّهَ2. وَكَذَلِكَ رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ فِي حَجَّتِهِ4 فَقَالَ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ 5..................

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا: فقد أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح، كتاب الِاعْتِصَام، بَاب الِاقْتِدَاء بسنن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث رقم 7284 وَحَدِيث 7285، 13/ 250 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْإِيمَان، بَاب الْأَمر بِقِتَال النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله، الْأَحَادِيث: 32، 33، 35، جـ1/ 51-53 مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره. 2 فِي ش "من قَالَهَا فقد رَحمَه الله". 3 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش، قلت: وَجَابِر هُوَ ابْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حرَام بِمُهْملَة وارء، الْأنْصَارِيّ ثمَّ السّلمِيّ بِفتْحَتَيْنِ، صَحَابِيّ ابْن صَحَابِيّ، غزا تسع عشرَة غَزْوَة، وَمَات بِالْمَدِينَةِ بعد السّبْعين، وَهُوَ ابْن أَربع وَتِسْعين ع. التَّقْرِيب 1/ 122. 4 فِي ط، س، ش "فِي حجَّة الْوَدَاع" قلت: وَلم أَجِدهُ عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَابْن مَاجَه بِأَيِّهِمَا إِلَّا أَن الْمَعْنى وَاضح، إِذْ إِن حجَّة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ حجَّة الْوَدَاع. 5 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْحَج، بَاب حجَّة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيث رقم 147 جـ2 ص"886-892" قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر ابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم جَمِيعًا عَن حَاتِم، قَالَ أَبُو بكر: حَدثنَا حَاتِم ابْن إِسْمَاعِيل الْمدنِي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيه قَالَ: دَخَلنَا على جَابر بن عبد الله وَذكر الْقِصَّة -إِلَى أَن قَالَ: أَخْبرنِي عَن حجَّة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم؟، فَذكر جَابر الْقِصَّة وفيهَا" فَأهل بِالتَّوْحِيدِ لبيلك اللَّهُمَّ لبيْك، لبيْك لاشريك لَك لبيلك إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شريك لَك.... الحَدِيث". وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، كتاب الْمَنَاسِك، بَاب صفة النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدِيث 1905، 2/ 455-464 من طَرِيق آخر عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل بِهَذَا السَّنَد فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ مقارب، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه، تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْمَنَاسِك، بَاب حجَّة النَّبِي، حَدِيث 3074، 2/ 1022، من طَرِيق هِشَام بن عمار، ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل بِهَذَا السَّنَد فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ مقارب.

حَدَّثَنَا1 أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ2 عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ3 عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ4 عَنْ أَبِيهِ5 عَنْ6 جَابِرٍ7. فَهَذَا تَأْوِيلُ التَّوْحِيدِ وَصَوَابُهُ عِنْدَ الْأُمَّةِ، فَمَنْ أَدْخَلَ الْحَوَاسَّ الْخَمْسَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي صَوَابِ التَّأْوِيلِ مِنْ أُمَّةِ

_ 1 فِي س "حدّثنَاهُ". 2 هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة، إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الوَاسِطِيّ الأَصْل، أَبُو بكر بن شيبَة الْكُوفِي، ثِقَة حَافظ، صَاحب تصانيف، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 35هـ/ خَ م د س ق. التَّقْرِيب 1/ 445. 3 خَاتم إِسْمَاعِيل الْمدنِي، أَبُو إِسْمَاعِيل الْحَارِثِيّ مَوْلَاهُم، أَصله من الْكُوفَة، صَحِيح الْكتاب، صدق يهم، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 86هـ أَو 87هـ/ ع. التَّقْرِيب 1/ 137. 4 فال فِي التَّقْرِيب 1/ 132: جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الْهَاشِمِي، أَبُو عبد الله، الْمَعْرُوف بالصادق، صَدُوق فَقِيه، إِمَام، من السَّادِسَة مَاتَ سنة 48هـ/ بخ م وَالْأَرْبَعَة، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 2/ 103 أَنه روى عَن أَبِيه وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر. 5 هُوَ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، أَبُو جَعْفَر الباقر، ثِقَة فَاضل، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة بضع عشرَة/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 192. وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/ 350 أَنه روى عَن جَابر وَأنس وَمِمَّنْ روى عَنهُ ابْنه جَعْفَر. 6 لَيْسَ فِي س، ش، لَفْظَة "عَنْ". 7 جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السّلمِيّ تقدم ص"153".

مُحَمَّدٍ وَمَنْ عَدَّهَا1 فَأَشِرْ إِلَيْهِ! غير مَا ادعيتم فِي مِنَ الْكَذِبِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ، وَنُظَرَائِهِ، وَلِمَنْ تَأَوَّلَ فِي التَّوْحِيدِ الصَّوَابَ لَقَدْ تَأَوَّلْتَ أَنْتَ فِيهِ غَيْرَ الصَّوَابِ، إِذِ2 ادَّعَيْتَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ وَلَمْ3 يُدْرَكْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ، إِذْ هُوَ فِي دَعْوَاكَ لَا شَيْءٌ. وَاللَّهُ مُكَذِّبٌ مَنِ ادَّعَى هَذِهِ الدَّعْوَى فِي كِتَابِهِ، إِذْ يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 4، {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ} 5، و {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 6، فَأَخْبَرَ اللَّهُ 7 فِي كِتَابِهِ أَنَّ مُوسَى8 أدْرك مِنْهُ.

_ 1 فِي ط، ش "وَمن عَداهَا". 2 فِي س، "إِذا". 3 فِي ط، ش، "وَلنْ". 4 سُورَة النِّسَاء، آيَة "164". 5 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "174". 6 سُورَة الْقِيَامَة، آيَة "22-23". 7 فِي ط، س، "فَأخْبر الله تَعَالَى". 8 هُوَ مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام من رسل الله الْكِرَام أولي الْعَزْم، ولد من نسل لاوي سبط يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَانَت وِلَادَته بِمصْر وتربى فِي قصر فِرْعَوْن حَتَّى شب وَكبر واضطر إِلَى ترك مصر فِرَارًا من وَجه فِرْعَوْن لما اشتدت إساءته لبني إِسْرَائِيل، وَذهب إِلَى أَرض مَدين وَكَانَ لَهُ مَا كَانَ مَعَ نَبِي الله شُعَيْب، وَأوحى إِلَيْهِ فِي طور سيناء، وَكَانَ ذَلِك بَدْء نبوته وفاتحة رسَالَته، وَأمره ربه أَن يذهب إِلَى فِرْعَوْن فَطلب مُوسَى من ربه أَن يُؤَيّدهُ بأَخيه هَارُون فَاسْتَجَاب لَهُ، وآتاه الله من المعجزات مَا يدل على صدق نبوته، وَقد جَاهد فِي سَبِيل دَعوته وتبليغ رسَالَته، وَكَانَ لَهُ مَا كَانَ مَعَ فِرْعَوْن والسحرة وَبني إِسْرَائِيل، مَعَ الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام وقصة السامري وعجله وقصة دُخُوله الأَرْض المقدسة مِمَّا هُوَ مشار إِلَيْهِ فِي موَاضعه من الْقُرْآن، وَقد ورد ذكره فِي الْقُرْآن أَكثر من مائَة مرّة فِي أَربع وَثَلَاثِينَ سُورَة، وَذكر أَن عمره كَانَ 120 سنة، "انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح كتاب الْأَنْبِيَاء، الْأَبْوَاب 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 6/ 442-446 والطبري فِي تَارِيخ الْأُمَم والملوك، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل 1/ 365-434، والكامل فِي التَّارِيخ لِابْنِ الْأَثِير 1/ 169-200، ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية، لمُحَمد إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم 2/ 215".

الْكَلَامَ بِسَمْعِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْحَوَاسِّ عِنْدَكَ وَعِنْدَنَا، وَيُدْرَكُ فِي الْآخِرَةِ بِالنّظرِ إِلَيْهِ بالأعين، هِيَ الْحَاسَّةُ الثَّانِيَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى1 {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 2، وَكَمَا 3 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ جَهْرًا، لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ" 4. وَرَوَى عَنْهُ5 عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله

_ 1 فِي ط، ش "كَمَا قَالَ تَعَالَى". 2 فِي ط، س، ش بِدُونِ "كَمَا". 4 هَذَا الحَدِيث هُوَ فِي معنى مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّاس قَالُوا: يَا رَسُول الله، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟.... الحَدِيث، وَفِي البُخَارِيّ عَن جرير مَرْفُوعا: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم عيَانًا انطر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب التَّوْحِيد، بَاب {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} حَدِيث رقم 7435، 7437، 13/ 419، وصحيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْإِيمَان، بَاب معرفَة طَرِيق الرُّؤْيَة حَدِيث 299، 1/ 163. 5 لَفْظَة "عَنهُ" لَيست فِي ط، ش، س. 6 عدي بن حَاتِم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج: بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة آخِره جِيم، الطَّائِي أَبُو طريف، بِفَتْح الْمُهْملَة، وَآخره فَاء، صَحَابِيّ شهير، وَكَانَ مِمَّن ثَبت على الْإِسْلَام فِي الرِّدَّة، وَحضر فتوح الْعرَاق وحروب عَليّ وَمَات سنة 68هـ وَقيل: ابْن 120 سنة، وَقيل 80 سنة/ ع، التَّقْرِيب 2/ 16، وَانْظُر: تَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة للذهبي ج1 ص"376"، والإصابة لَا بن حجر بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 460-461، وتهذيب التَّهْذِيب 7/ 166-167.

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ" 1. حَدَّثَنَاهُ عَمْرُو2 بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ3 عَنِ الْأَعْمَشِ4 عَنْ خَيْثَمَةَ5 عَنْ عَدِيٍّ6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَاكَ النَّاطِقُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ--رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَيُّ حَوَاسٍّ7 أَبْيَنُ8 مِنْ هَذَا؟ فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ الْمُعَارِضَ مَنْ تَأَوَّلَ فِيهِ غَيْرَ الصَّوَابِ.

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، انْظُر "صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد بَاب كَلَام الرب -عز وَجل- يَوْم الْقِيَامَة مَعَ الْأَنْبِيَاء وَغَيرهم، حَدِيث رقم 7512، 13/ 474 من طَرِيق عَليّ بن حجر، أخبرنَا عِيسَى بن يُونُس عَن الْأَعْمَش بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ إِلَّا أَنه قَالَ: "سيكلمه ربه" وَفِي آخِره زِيَادَة. وَانْظُر: صَحِيح مُسلم، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الزَّكَاة، بَاب الْحَث على الصَّدَقَة وَلَو بشق تَمْرَة، حَدِيث رقم67، 2/ 703 من طَرِيق عَليّ بن حجر وَغَيره حَدثنَا الْأَعْمَش بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة آخِره. 2 عَمْرو بن عون بن أَوْس الوَاسِطِيّ، أَبُو عُثْمَان الْبَزَّار، الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 25هـ/ ع التَّقْرِيب 2/ 76. 3 مُحَمَّد بن خازم، أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير الْكُوفِي، عمي وَهُوَ صَغِير، أحفظ النَّاس وَله 82 سنة، وَقد رمي بالإرجاء ع/. التَّقْرِيب 2/ 157. 4 سُلَيْمَان بن مهْرَان الْأَسدي الْكَاهِلِي، أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي الْأَعْمَش، ثِقَة، حَافظ، عَارِف بِالْقِرَاءَةِ، ورع وَلكنه يُدَلس، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 47أو48هـ وَكَانَ مولده أول 61ع/ التَّقْرِيب 1/ 331. 5 خَيْثَمَة بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سُبْرَة: بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُوَحدَة الْجعْفِيّ الْكُوفِي، ثِقَة، وَكَانَ يُرْسل، من الثَّالِثَة، مَاتَ بعد سنة 80هـ/ ع. التَّقْرِيب 1/ 230، وَانْظُر: فتح الْبَارِي 11/ 404. 6 عدي بن حَاتِم تقدم ص"156". 7 فِي ط، ش "فَأَي صَوَاب". 8 فِي ط، س، ش "هُوَ أبين".

باب الإيمان بأسماء الله وأنها غير مخلوقة

بَابُ الْإِيمَانِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ: ثُمَّ اعْتَرَضَ الْمُعَارِضُ1 أَسْمَاءَ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةَ فَذَهَبَ فِي تَأْوِيلِهَا مَذْهَبَ إِمَامِهِ الْمَرِيسِيِّ. فَادَّعَى أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ، وَأَنَّهَا مستعارة مخلوقة كَمَا أَن قَدْ يَكُونُ شَخْصٌ بِلَا اسْمٍ. فَتَسْمِيَتُهُ لَا تَزِيدُ فِي الشَّخْصِ، وَلَا تَنْقُصُ، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ كَانَ مَجْهُولًا كَشَخْصٍ مَجْهُولٍ. لَا يَهْتَدِي لِاسْمِهِ. وَلَا يُدْرَى مَا هُوَ، حَتَّى خَلَقَ الْخَلْقَ فَابْتَدَعُوا لَهُ أَسْمَاءً مِنْ مَخْلُوقِ كَلَامِهِمْ. فَأَعَارُوهَا إِيَّاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْرَفَ لَهُ اسْمٌ قَبْلَ الْخَلْقِ. وَمَنِ ادَّعَى هَذَا التَّأْوِيلَ2 فَقَدْ نَسَبَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَى الْعَجْزِ وَالْوَهَنِ3 وَالضَّرُورَةِ4 وَالْحَاجَةِ إِلَى الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مُحْتَاجٌ مُضْطَرٌّ، وَالْمُعِيرُ أَبَدًا أَعْلَى مِنْهُ وَأَغْنَى. فَفِي هَذِهِ الدَّعْوَى اسْتِجْهَالُ الْخَالِقِ. إِذْ كَانَ بِزَعْمِهِ هَمْلًا لَا يُدْرَى مَا اسْمُهُ وَمَا هُوَ وَمَا صِفَتُهُ5 وَاللَّهُ الْمُتَعَالِي عَنْ هَذَا الْوَصْف

_ 1 فِي ط، ش، س "الْمُعْتَرض". 2 فِي ط، ش، س زِيَادَة "فِي أَسمَاء الله" بعد قَوْله: "وَمن ادّعى هَذَا التَّأْوِيل". 3 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 2/ 717 مَادَّة "وَهن": "الوهن: الضعْف، وَقد وَهن الْإِنْسَان ووهنه غَيره، يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى ووهن وَهنا أَي ضعف، وأوهنته أَيْضا ووهنته توهينًا ... ". 4 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 2/ 10 مَادَّة "ضَرَر": "وَرجل ذُو ضارورة وضرورة أَي ذُو حَاجَة، وَقد اضْطر إِلَى الشَّيْء أَي ألجئ إِلَيْهِ. قَالَ الشَّاعِر: أثيبى أَخا ضارورة أًصفق العدا ... عَلَيْهِ وَقلت فِي الصّديق أواصره 5 فِي ط، ش، س "لَا يدْرِي مَا اسْمه وَهُوَ مَا وَصفته" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

الْمُنَزَّهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ هِيَ تَحْقِيقُ صِفَاتِهِ. سَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ: عَبَدْتُ اللَّهَ أَوْ عَبَدْتُ الرَّحْمَنَ، أَوِ الرَّحِيمَ1، أَوِ الْمَلِكَ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ، وَسَوَاءٌ عَلَى الرَّجُلِ قَالَ: كَفَرْتُ بِاللَّهِ، أَوْ قَالَ: كفرت بالرحمن الرَّحِيم، أَو بالخالق الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ. وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ: عَبْدُ اللَّهِ، أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَوْ عَبْدُ الْعَزِيزِ، أَوْ عَبْدُ الْمَجِيدِ، وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ: يَا الله2 يارحمن، أَو يارحيم، أَو يام مَلِكُ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ بِأَيِّ اسْمٍ دَعَوْتَهُ مِنْ هَذِهِ3 الْأَسْمَاءِ، أَوْ أَضَفْتَهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّمَا تَدْعُو اللَّهَ نَفْسَهُ، مَنْ شَكَّ فِيهِ فَقَدْ كَفَرَ. وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ: رَبِّيَ اللَّهُ أَوْ رَبِّيَ الرَّحْمَنُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى4 {وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} 5 وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى6: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} 7 وَقَالَ: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} 8 كَذَلِكَ قَالَ فِي الِاسْمِ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} 9. كَمَا 10 يُسَبِّحُ اللَّهَ وَلَوْ كَانَ112 مَخْلُوقًا مُسْتَعَارًا غَيْرَ اللَّهِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ أَنْ يُسَبِّحَ

_ 1 فِي س "الرَّحْمَن الرَّحِيم" بِدُونِ "أَو". 2 فِي ط، ش، س زِيَادَة "أَو" بعد لفظ الْجَلالَة. 3 فِي ش "هذد" وَهُوَ خطأ مطبعي. 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 سُورَة الْأَنْبِيَاء، آيَة "112". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 سُورَة الْحَشْر، آيَة "1". وَسورَة الصَّفّ، آيَة "1". 8 الْآيَة {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} الْأَحْزَاب آيَة "42" وَسَقَطت الْوَاو فِي الأَصْل. 9 سُورَة الْأَعْلَى، آيَة "1". 10 فِي ط، ش "كَمَا قَالَ: يسبح لله" قلت: وَهِي من الْآيَة رقم "1" فِي سُورَة الْجُمُعَة. 11 فِي ط، ش "وَلَو كَانَ الِاسْم مخلوقًا".

مَخْلُوقٌ1 غَيْرَهُ. وَقَالَ: {لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} 2. ثُمَّ ذَكَرَ الْآلِهَةَ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ بِأَسْمَائِهَا الْمُسْتَعَارَةِ الْمَخْلُوقَةِ3. فَقَالَ {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} 4 وَكَذَلِكَ قَالَ هُودٌ لِقَوْمِهِ حِينَ قَالُوا: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} 5 فَقَالَ لَهُمْ يَنْهَاهُمْ6: {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ} 7 يَعْنِي أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ تَزَلْ، كَمَا لَمْ يَزَلِ اللَّهُ، وَأَنَّهَا بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْمَخْلُوقَةِ الَّتِي أَعَارُوهَا لِلْأَصْنَامِ8 وَالْآلِهَةِ9 الَّتِي عَبَدُوهَا مِنْ دُونِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ10 أَسْمَاءُ اللَّهِ بِخِلَافِهَا، فَأَيُّ تَوْبِيخٍ11 لِأَسْمَاءِ الْآلِهَةِ الْمَخْلُوقَةِ إِذْ كَانَت أسماءها وَأَسْمَاءُ اللَّهِ مَخْلُوقَةً مُسْتَعَارَةً عِنْدَكُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّهَا مِنْ تَسْمِيَةِ الْعِبَادِ وَمِنْ تَسْمِيَةِ آبَائِهِمْ بِزَعْمِكُمْ12؟.

_ 1 فِي ط، ش، س "مخلوقًا" بِالنّصب ويتضح الْمَعْنى بِنَا فِي الأَصْل على أَنه نَائِب فَاعل. 2 سُورَة الْحَشْر، آيَة "24"، وَفِي ط، ش، فصل بَين قَوْله: " {لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} وَبَقِيَّة الْآيَة بمعكوفتين وأكمل نَص الْآيَة بقوله: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} . 3 فِي ط، س، ش "المخلوقة المستعارة". 4 سُورَة النَّجْم، آيَة "23". 5 سُورَة الْأَعْرَاف، آيَة "70". 6 فِي ط، ش، س "فَقَالَ لَهُم نَبِيّهم". 7 سُورَة الْأَعْرَاف آيَة "71". 8 فِي ط، ش، س "أعاروها الْأَصْنَام". 9 فِي س "فالآلهة" ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل. 10 فِي س "فَإِن لم يكن". 11 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 2/ 661 مَادَّة "وبخ": "التوبيخ: التهديد والتأنيب". 12 فِي ط، ش "بزعمهم".

فَفِي دَعْوَى هَذَا الْمُعَارِضِ أَنَّ الْخَلْقَ عَرَّفُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ بِأَسْمَاءٍ ابْتَدَعُوهَا، لَا أَنَّ اللَّهَ عَرَّفَهُمْ بِهَا نَفْسَهُ، فَأَيُّ تَأْوِيلٍ أَوْحَشَ1 فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَتَأَوَّلَ رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ كَشَخْصٍ مَجْهُولٍ، أَوْ بَيْتٍ، أَوْ شَجَرَة، أَو بهمية، لَمْ يُشْتَقَّ2 لِشَيْءٍ مِنْهَا اسْمٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَا هُوَ، حَتَّى عَرَّفَهُ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟! وَلَا تُقَاسُ أَسْمَاءُ اللَّهِ بِأَسْمَاءِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْخَلْقِ مَخْلُوقَةٌ مُسْتَعَارَةٌ. وَلَيْسَت أَسْمَاءَهُم نَفْسَ صِفَاتِهِمْ بَلْ هِيَ3 مُخَالِفَةٌ لِصِفَاتِهِمْ. وَأَسْمَاءُ اللَّهِ صِفَاتُهُ، لَيْسَ شَيْءٌ مُخَالِفًا4 لِصِفَاتِهِ وَلَا شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مُخَالِفًا5 لِلْأَسْمَاءِ6. فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ، أَوْ مُسْتَعَارَةٌ فَقَدْ كَفَرَ وَفَجَرَ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: "اللَّهُ" فَهُوَ "اللَّهُ" وَإِذَا قُلْتَ: "الرَّحْمَنُ" فَهُوَ "الرَّحْمَنُ" وَهُوَ "اللَّهُ" وَإِذَا7 قُلْتَ: الرَّحِيمُ فَهُوَ كَذَلِك، وَإِذا قلت:

_ 1 أَي غير مألوف وَلَا يأنس لَهُ أحد، من الْوَحْش، قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب 3/ 890 مَادَّة "وَحش": "الْوَحْش كل شَيْء من دَوَاب الْبر مِمَّا لَا يسْتَأْنس، مؤنث، وَهُوَ وَحشِي وَالْجمع وحوش ... " وَقَالَ: "الوحشة: الْخلْوَة والهم، وأوحش الْمَكَان إِذا صَار وحشًا، وَكَذَلِكَ توحش" بِتَصَرُّف. 2 ف ط، ش، س "يسْبق". 3 لَفْظَة "هِيَ" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي الأَصْل "مُخَالف" غير مَنْصُوبَة وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش، وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر لَيْسَ. 5 فِي الأَصْل "مُخَالف" كسابقها وَفِي ط، س، ش "مُخَالفا" وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر لَيْسَ. 6 فِي ط، ش، س "لأسمائه". 7 فِي ط، ش "فَإِذا".

"حَكِيمٌ، حَمِيدٌ، مَجِيدٌ، جَبَّارٌ، مُتَكَبِّرٌ، قاهر، قَادر" فَهُوَ كَذَلِك وَهُوَ1 "اللَّهُ" سَوَاءٌ. لَا يُخَالِفُ اسْمٌ لَهُ صِفَتَهُ وَلَا صِفَتُهُ اسْمًا. وَقَدْ يُسَمَّى الرَّجُلُ حَكِيمًا وَهُوَ جَاهِلٌ، وَحَكَمًا وَهُوَ ظَالِمٌ، وَعَزِيزًا وَهُوَ حَقِيرٌ، وَكَرِيمًا وَهُوَ لَئِيمٌ، وصالحًا وَهُوَ طالح، وَسَعِيد وَهُوَ شَقِيٌّ، وَمَحْمُودًا وَهُوَ مَذْمُومٌ، وَحَبِيبًا وَهُوَ بَغِيضٌ، وَأَسَدًا، وَحِمَارًا، وَكَلْبًا، وَجِدْيًا2 وَكُلَيْبًا، وَهِرًّا، وَحَنْظَلَةَ3، وَعَلْقَمَةَ4 وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى5 اسْمُهُ كَأَسْمَائِهِ6 سَوَاءٌ، لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ وَلَا يَزَالُ، لَمْ تحدث لَهُ صفته، وَلَا اسْمٌ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ قَبْلَ الْخَلْقِ7. كَانَ خَالِقًا قَبْلَ الْمَخْلُوقِينَ، وَرَازِقًا قَبْلَ الْمَرْزُوقِينَ، وَعَالِمًا قبل المعلومين، وسمعيًا قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ أَصْوَاتَ الْمَخْلُوقِينَ، وَبَصِيرًا قَبْلَ أَنْ يَرَى أَعْيَانَهُمْ مَخْلُوقَةً. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 8 وَقَالَ الله تَعَالَى:

_ 1 فِي ش "هُوَ" دون أَن يسبقها وَاو، ولعلها سَقَطت سَهوا. 2 فِي س "وجريًا" بالراء وَهُوَ غير وَاضح. 3 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 1/ 308 مَادَّة "حظل": الحنظل: الشري، وَالْوَاحد حَنْظَلَة، وَنقل عَن الْأَمِير الشهابي فِي "المصطلحات الزراعية" أَن الحنظل ثَمَرَته فِي حجم البرتقالة ولونها، فِيهَا لب شَدِيد المرارة كَانَ يسْتَعْمل فِي الطِّبّ للإسهال". 4 فِي تَجْدِيد الصِّحَاح للجوهري 2/ 150 مَادَّة "علقم" نقل عَن "مجمع اللُّغَة الْعَرَبيَّة فِي الْقَاهِرَة" علم النَّبَات: "العلقم هُوَ الحنظل وَمر الصحارى وقثا النعام، وقثاء الْحمار وشري...." بِتَصَرُّف. 5 فِي ط، س، ش "وَالله تَعَالَى وتقدس" بدل "تبَارك وَتَعَالَى". 6 فِي ط، ش "كل أَسْمَائِهِ". 7 قَوْله: "قبل الْخلق" لم ترد فِي ط، ش. 8 سُورَة طه، آيَة "5".

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} 2، وَقَالَ مَرَّةً: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 3، وَقَالَ مَرَّةً: "اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى"4؛ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد. ولوكان كَمَا ادَّعَى الْمُعَارِضُ وَإِمَامُهُ الْمَرِيسِيُّ، لَكَانَ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ اسْتَوَيَا جَمِيعًا على الْعَرْش، وَإِذ كَانَت أسماؤه مخلوقة عِنْدهم؛ لِأَنَّ لِحُدُوثِ الْخَلْقِ حَدًّا وَوَقْتًا، وَلَيْسَ لِأَزَلِيَّةِ اللَّهِ حَدٌّ وَلَا وَقْتٌ. لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ. ثُمَّ احْتَجَّ الْمُعَارِضُ لِتَرْوِيجِ5 مَذْهَبِهِ بِأَقْبَحِ قِيَاسٍ: فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَتَبْتَ اسْمًا فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، أَلَيْسَ إِنَّمَا تَحْتَرِقُ الرُّقْعَةُ وَلَا تَضُرُّ النَّارُ6 الاسْمَ شَيْئًا؟ فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ من رَأسه:

_ 1 سَقَطت "ثمَّ" فِي الأَصْل. 2 سُورَة السَّجْدَة آيَة "4"، وَفِي ط، ش زِيَادَة "الرَّحْمَن" بعد قَوْله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وَهُوَ خطأ؛ لِأَن الَّتِي فِيهَا ذَلِك هِيَ سُورَة الْفرْقَان آيَة "59" ومطلعها {الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} ......" الْآيَة. 3 سُورَة طه، آيَة "5". 4 لم يقْصد أَنَّهَا آيَة وَإِنَّمَا قصد أَن وصف الرب بالاستواء على الْعَرْش، مرّة يرجع الضَّمِير إِلَى الله كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ... } الْآيَة انْظُر: سُورَة السَّجْدَة آيَة "4"، وَمرَّة يعود الضَّمِير على الرَّحْمَن كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} انْظُر: سُورَة طه آيَة "5". 5 قَالَ فِي تَجْدِيد الصِّحَاح 1/ 517 مَادَّة "روج": "راج الشَّيْء يروج رواجًا: نفق. وروجت السّلْعَة وَالدَّرَاهِم. وَفُلَان مروج" انْتهى. 6 لَفْظَة "النَّار" لَيست فِي ط، ش.

إِنَّ الرُّقْعَةَ وَكِتَابَةَ الِاسْمِ لَيْسَ كَنَفْسِ الِاسْمِ. إِذَا احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ احْتَرَقَ الْخَطُّ وَبَقِيَ اسْمُ اللَّهِ لَهُ وَعَلَى لِسَانِ الْكَاتِبِ كَمَا1 لَمْ يَزَلْ قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنَ الِاسْمِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الِاسْمُ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَسْمَاءَ الْمَخْلُوقِينَ، لَمْ تُنْقِصِ النَّارُ مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَلَا مِنْ أَجْسَامِهِمْ شَيْئًا. وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبْتَ اللَّهَ بِهِجَائِهِ فِي رُقْعَةٍ2 لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ وَكَانَ اللَّهُ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ صُوِّرَ رَجُلٌ فِي رُقْعَةٍ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ فِي النَّارِ لَاحْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، وَلَمْ يَضُرَّ الصُّورَةَ3 شَيْئًا. وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ لَوِ احْتَرَقَتِ الْمَصَاحِفُ كُلُّهَا لَمْ يَنْقُصْ مِنْ نَفْسِ الْقُرْآنِ حَرْفٌ وَاحِدٌ, وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَرَقَتِ الْقَرَأَةُ4 كُلُّهُمْ أَوْ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَبَقِيَ الْقُرْآنُ بِكَمَالِهِ كَمَا كَانَ لَمْ يُنْتَقَصْ5 مِنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ عِنْدَ فَنَاءِ الْخَلْقِ بِكَمَالِهِ غَيْرَ مَنْقُوصٍ. وَقَدْ كَانَ لِإِمَامِهِ6 الْمَرِيسِيِّ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ مَذْهَبٌ كَمَذْهَبِهِ فِي الْقُرْآنِ. كَانَ الْقُرْآنُ عِنْدَهُ مَخْلُوقًا مِنْ قَوْلِ الْبَشَرِ لَمْ يَتَكَلَّمِ اللَّهُ بِحَرْفٍ مِنْهُ فِي دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ أَسْمَاءُ اللَّهِ عِنْدَهُ مِنَ ابْتِدَاعِ الْبَشَرِ مِنْ غير أَن يَقُول الله7:

_ 1 لفقة "كَمَا" لَيست فِي ط، ش. 2 فِي ط "ثمَّ أحرقت الرقعة لَا حترقت الرقعة" وَفِي ش "ثمَّ احترقت الرقعة" وفيهَا زِيَادَة وضوح. 3 فِي ط، س، ش "وَلم تضر المصور شَيْئا" وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى. 4 فِي ط، س، ش "لَو احْتَرَقَ الْقُرَّاء" وَكِلَاهُمَا جَائِز فِي اللُّغَة فهما جمعا كَثْرَة لقارئ. 5 فِي ط، س، ش "لم ينقص". 6 فِي ط، س، ش "لإِمَام المريسي" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 7 لفظ الْجَلالَة لم يرد فِي ط، س، ش.

{إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 1 بِزَعْمِهِ قَطُّ. وَزَعَمَ أَنِّي مَتَى اعْتَرَفْتُ بِأَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ "بِأَنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"2 لَزِمَنِي أَنْ أَقُولَ: تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْقُرْآنِ. وَلَوِ اعْتَرَفْنَا بِذَلِكَ لَانْكَسَرَ عَلَيْنَا مَذْهَبُنَا فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ كَسَرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَلَى رَغْمِ أُنُوفِهِمْ فَقَالَ: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 3 لَا يَسْتَحِقُّ مَخْلُوقٌ4 أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا. فَإِن ذَلِكَ كَانَ كَافِرًا، كَفِرْعَوْنَ5 الَّذِي قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} 6. فَهَذَا الَّذِي ادَّعَوْا فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ أَصْلٌ كَبِيرٌ مِنْ أُصُولِ الْجَهْمِية7 الَّتِي

_ 1 سُورَة الْقَصَص، آيَة "30". 2 قصد بذلك الْآيَة السَّابِقَة. 3 سُورَة الْقَصَص، آيَة "30" وَفِي ط، س، ش "إِنَّنِي أَنا الله رب الْعَالمين" وَالصَّوَاب مَا فِي الأَصْل. 4 فِي ط، ش "لَاسْتَحَقَّ كل مَخْلُوق" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 5 فِرْعَوْن لقب ملك مصر فِي التَّارِيخ الْقَدِيم وَأَصله باللغة المصرية الْقَدِيمَة "برعو" وَمَعْنَاهُ: الْبَيْت الْعَظِيم، وَذكر ابْن الْأَثِير أَن اسْمه الْوَلِيد بن مُصعب، وَأَنه أَخ لفرعون الْمُسَمّى قَابُوس بن مُصعب، وَفرْعَوْن لقب كل عَاد ومتجبر، واشتهر فِرْعَوْن مُوسَى بتماديه فِي طغيان وإنزاله الْخَسْف والهوان ببني إِسْرَائِيل حكى الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} ، وَقَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} ، وَأرْسل الله إِلَيْهِ مُوسَى وَهَارُون وَكَانَ مَعَهُمَا وَمَعَ بني إِسْرَائِيل مَا يطول ذكره, وأهلكه الله بِالْغَرَقِ، وَقد ورد ذكره فِي الْقُرْآن نَحوا من سِتّ وَسِتِّينَ مرّة، انْظُر: الْكَامِل فِي التَّارِيخ لِابْنِ الْأَثِير 1/ 169، ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرأنية لمُحَمد إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم 2/ 109. 6 سُورَة النازعات، أَيَّة "24". 7 الْجَهْمِية تقدّمت ص"138".

بنوا عَلَيْهَا محنهم1 وأسسو بِهَا ضَلَالَتَهُمْ. غَالَطُوا بِهَا الْأَغْمَارَ2 وَالسُّفَهَاءَ، وَهَمْ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُغَالِطُونَ بِهَا الْفُقَهَاءَ، وَلَئِنْ كَانَ السُّفَهَاءُ فِي، غَلَطٍ مِنْ3 مَذَاهِبِهِمْ، إِنَّ4 الْفُقَهَاء مِنْهُم لعلى يَقِين. ل 4 أ. أَرَأَيْتُمْ قَوْلَكُمْ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَمَنْ خَلَقَهَا؟ أَوْ كَيْفَ خَلَقَهَا؟ أَجَعَلَهَا أَجْسَامًا وَصُوَرًا تَشْغَلُ أَعْيَانُهَا أَمْكِنَةً دُونَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ؟ أَمْ مَوْضِعًا دُونَهُ فِي الْهَوَاءِ؟. فَإِنْ قُلْتُمْ: لَهَا أَجْسَامٌ دُونَهُ، فَهَذَا مَا تَنْفِيهِ5 عُقُولُ الْعُقَلَاءِ. وَإِنْ قُلْتُمْ: خَلَقَهَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْعِبَادِ، فَدَعَوْهُ بِهَا، وَأَعَارُوهَا إِيَّاهُ، فَهُوَ مَا ادَّعَيْنَا عَلَيْكُمْ: إِنَّ اللَّهَ بِزَعْمِكُمْ كَانَ6 مَجْهُولًا لَا اسْمَ لَهُ حَتَّى حَدَثَ7 الْخَلْقُ فَأَحْدَثُوا أَسْمَاءً 8 مِنْ مَخْلُوقِ كَلَامِهِمْ. وَهَذَا9 هُوَ الْإِلْحَادُ بِاللَّهِ وَفِي أَسْمَائِهِ10 وَالتَّكْذِيبِ بِهَا. قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ

_ 1 فِي ط، ش "محنتهم". 2 الأغمار جمع غمر تقدم مَعْنَاهَا ص"147". 3 ف ط، ش "وَلَئِن كَانَ السُّفَهَاء وَقَعُوا فِي غلط مذاهبهم". 4 فِي ط، ش "فَإِن". 5 فِي ط، ش "تنقمه". 6 لَفْظَة "كَانَ" لَيست فِي ط، ش. 7 فِي ط، ش، س "حَتَّى أحدث". 8 فِي ط، ش "وأحدثوا لَهُ اسْما من مَخْلُوق كَلَامهم"، وَفِي س "أَحْدَثُوا اسْما من مَخْلُوق كَلَامهم". 9 فِي ط، س، ش "فَهَذَا". 10 فِي ط، س، ش "وبأسمائه".

يَوْمِ الدِّينِ} 1 كَمَا نُضِيفُهُ2 إِلَى اللَّهِ3 رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَيْتُمْ لَقِيلَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْمُسَمَّى الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ" وَكَمَا قَالَ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} 4 وَكَمَا قَالَ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ} 5، كَذَلِكَ قَالَ: {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} 6، {تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} 7، {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} 8، كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَكُلُّهَا هِيَ اللَّهُ، وَاللَّهُ هُوَ أَحَدُ أَسْمَائِهِ. كالعزيز، الْحَكِيم، الْجَبَّارِ، الْمُتَكَبِّرِ، كَذَلِكَ رَوَى زَعِيمُكُمُ الْأَوْسَطُ يَعْقُوبُ أَبُو9 يُوسُفَ عَنِ

_ 1 سُورَة الْفَاتِحَة، آيَة "2-3-4". 2 فِي ط، س، ش "كَمَا يضيفه". 3 لَفْظَة الْجَلالَة لَيْسَ فِي ط، ش، س. 4 سُورَة آل عمرَان، آيَة "1". 5 سُورَة الزمر، آيَة "1". 6 سُورَة فصلت، آيَة "2". 7 سُورَة فصلت، آيَة "42". 8 سُورَة النَّمْل، آيَة "6". 9 فِي ط، س، ش "يَعْقُوب بن يُوسُف" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، وَقد اتّفقت النّسخ فِي الْإِسْنَاد الَّذِي بعده على أَنه "أَبُو يُوسُف" وَالرَّاجِح أَن المُرَاد بِهِ أَبُو يُوسُف القَاضِي صَاحب أبي حنيفَة. ومراج الدَّارمِيّ بقوله: "زعيمكم الْأَوْسَط" أَي فِي الْفِقْه، قَالَ الْبَغْدَادِيّ فِي الْفرق بَين الْفرق ط. الثَّانِيَة ص"192": "وَكَانَ -أَي بشر المريسي- فِي الْفِقْه على رَأْي أبي يُوسُف القَاضِي غير أَنه لما أظهر قَوْله بِخلق الْقُرْآن هجره أَبُو يُوسُف" انْتهى، قلت: وَهُوَ يَعْقُوب ابْن إِبْرَاهِيم الْكُوفِي، تفقه على الإِمَام أبي حنيفه وَسمع من عَطاء بن السَّائِب وطبقته، وَقَالَ يحيى بن معِين: كَانَ القَاضِي أَبُو يُوسُف يحب أَصْحَاب الحَدِيث ويميل إِلَيْهِم، وَقَالَ مُحَمَّد بن سَمَّاعَة: كَانَ أَبُو يُوسُف يصلى بَعْدَمَا ولي الْقَضَاء كل يَوْم مِائَتي رَكْعَة، توفّي سنة 182، انْظُر: شذرات الذَّهَب لِابْنِ الْعِمَاد الْحَنْبَلِيّ 1/ 301-303، وَتَذْكِرَة الْحفاظ للذهبي 1/ 292.

الشَّعْبِيِّ1، إِنْ قَنَعْتُمْ بِرِوَايَتِهِ، حَدَّثَنَاهُ2 مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ3 ثَنَا أَبُو يُوسُفَ4 عَنْ مُجَالِدٍ5 عَنِ الشَّعْبِيِّ6 قَالَ: "اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ هُوَ الله"7

_ 1 عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ بِفَتْح الْمُعْجَمَة، أَبُو عَمْرو، ثِقَة، مَشْهُور، فَقِيه، فَاضل من الثَّالِثَة، قَالَ محكول: مَا رَأَيْت أفقه مِنْهُ، مَاتَ بعد الْمِائَة وَله نَحْو من ثَمَانِينَ سنة/ ع. انْظُر "التَّقْرِيب 1/ 387. 2 فِي ط، س، ش "حَدثنَا". 3- مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون، وَفتح الْقَاف، أَبُو سَلمَة التَّبُوذَكِي، بِفَتْح الْمُثَنَّاة وَضم الْمُوَحدَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الْمُعْجَمَة، مَشْهُور بكنيته وباسمه، ثِقَة ثَبت، من صغَار التَّاسِعَة، وَلَا الْتِفَات إِلَى قَول ابْن خرَاش: تكلم النَّاس فِيهِ، مَاتَ سنة 23/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 280، وَفِي اللّبَاب لِابْنِ الْأَثِير 1/ 207 أَن التَّبُوذَكِي نِسْبَة إِلَى بيع السماد وَالْمَشْهُور بهَا أَبُو سَلمَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي. 4 أَبُو يُوسُف تقدم قَرِيبا. 5 مجَالد بِضَم أَوله وَتَخْفِيف الْجِيم، ابْن سعيد بن عمر الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم أَبُو عَمْرو الْكُوفِي، لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقد تغير فِي آخر عمره، من صغَار السَّادِسَة، مَاتَ سنة أَربع وَأَرْبَعين، م وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 229، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف والخزرجي فِي الْخُلَاصَة أَنه روى عَن الشّعبِيّ ونقلا عَن ابْن معِين تَضْعِيفه، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقَالَ مرّة: ثِقَة، وَقَالَ الخزرجي أَيْضا: قَالَ ابْن عدي: عَامَّة مَا يرويهِ غير مخفوظ، انْظُر: الكاشف للذهبي 3/ 120، وَالْخُلَاصَة للخزرجي ص"369". 6 الشّعبِيّ عَامر بن شرَاحِيل تقدم ص"168". 7 هَذَا الْأَثر مَوْقُوف على الشّعبِيّ، وَفِي إِسْنَاده مجَالد بن سعيد، روى عَن الشّعبِيّ إِلَّا أَنه لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقد تغير آخر عمره، انْظُر تَرْجَمته، وَلم أَجِدهُ عَن الشّعبِيّ فِيهَا بَين يَدي من المصادر. وَقد أثر عَن جَابر بن زيد مثله، انْظُر: الْأَثر الَّذِي بعده، وَهَذَا الْمَأْثُور هُوَ مِمَّا ورد من الْأَقْوَال فِي تعْيين اسْم الله الْأَعْظَم، وَسَيَأْتِي ذكر بعض الْأَقْوَال الْوَارِدَة فِي اسْم الله الْأَعْظَم فِي تعليقنا على الْمَأْثُور عَن جَابر بن زيد بعده.

حَدثنَا هدبة بن حالد1 أَخْبَرَنَا2 أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ3 عَنْ حَيَّانَ الْأَعْرَجِ4 عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ5 قَالَ: "اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ. أَلَمْ تَرَوْا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْأَسْمَاءِ كُلِّهَا"6.

_ 1 هدبة، بِضَم أَوله وَسُكُون الدَّال، بعْدهَا مُوَحدَة، ابْن خَالِد بن الْأسود الْقَيْسِي، أَبُو خَالِد الْبَصْرِيّ، وَيُقَال لَهُ: هداب، بالتثقيل وَفتح أَوله، ثِقَة، عَابِد، تفرد النَّسَائِيّ بتليينه، من صغَار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة بضع وَثَلَاثِينَ خَ م د/ التَّقْرِيب 2/ 315. 2 فِي س "أَنا". 3 مُحَمَّد بن سليم، أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي، بمهلمة ثمَّ مُوَحدَة، الْبَصْرِيّ، قيل: كَانَ مكفوفًا، وَهُوَ صَدُوق، فِيهِ لين، من السَّادِسَة، مَاتَ آخر سنة 67هـ، وَقيل قبل ذَلِك، خت وَالْأَرْبَعَة. التَّقْرِيب 2/ 166. 4 حَيَّان الْأَعْرَج، وثق وروى عَن جَابر بن زيد، انطر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 3/ 68. 5 جَابر بن زيد، أَبُو الشعْثَاء الْأَزْدِيّ، ثمَّ الجوفي: بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا فَاء، والبصري، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة فَقِيه من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 93، وَيُقَال: وَمِائَة/ ع. التَّقْرِيب 1/ 122. 6 الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد مَوْقُوف على جَابر بن زيد، وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع، الطبعة الثَّالِثَة 28/ 37 قَالَ: حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَ: ثَنَا ابْن علية، قَالَ: أخبرنَا أَبُو رَجَاء قَالَ: ثني رجل عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: إِن اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ، ألم تسمع بقوله: {هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ... } الْآيَتَانِ. وَذكره النَّوَوِيّ فِي شَرحه لمُسلم بِصِيغَة التمريض فَقَالَ: "وَقد رُوِيَ أَن الله هُوَ اسْمه الْأَعْظَم، قَالَ أَبُو الْقَاسِم الطَّبَرِيّ: وَإِلَيْهِ =

.......................................................

_ = ينْسب كل اسْم فَيُقَال: الرؤوف والكريم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَلَا يُقَال: من أَسمَاء الرؤوف الرَّحِيم أَو الْكَرِيم الله "انْظُر شرح النَّوَوِيّ على مُسلم 17/ 5. وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور بهامشه تنوير المقباس 6/ 202 وَعَزاهُ إِلَى ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: قَالَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ هُوَ الله. وَذكره الألباني فِي ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير وزيادنه بِلَفْظ: "اسْم الله الْأَعْظَم فِي سِتّ أيات من آخر سُورَة الْحَشْر"، وَقَالَ: رَوَاهُ الديلمي فِي مُسْند الفردوس، عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ الألباني: ضَعِيف، وَذكر أَنه خرجه فِي سلسة الْأَحَادِيث الضعيفة برقم 2773، قلت: وَقد ذكر ابْن حجر والمباركفوري وَغَيرهمَا الْخلاف فِي اسْم الله الْأَعْظَم وَأَن من الْعلمَاء من أنكرهُ كَأبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ وَأبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَجَمَاعَة بعدهمَا كَابْن حبَان وَالْقَاضِي أَبُو بكر الباقلاني، وَقَالُوا: لَا يجوز تَفْضِيل بعض الْأَسْمَاء على بعض، وحملوا مَا ورد من ذَلِك على أَن المُرَاد بالأعظم الْعَظِيم، وَأَن أَسمَاء الله كلهَا عَظِيمَة قَالَ: وَعبارَة أبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ "اخْتلفت الْآثَار فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم. وَالَّذِي عِنْدِي أَن الْأَقْوَال كلهَا صَحِيحَة، إِذْ لم يرد فِي خبر مِنْهَا أَنه الِاسْم الْأَعْظَم وَلَا شَيْء أعظم مِنْهُ"، وَقَالَ ابْن حبَان: "المُرَاد بالأعظمية الْوَارِدَة فِي الْأَخْبَار إِنَّمَا يُرَاد بهَا مزِيد ثَوَاب الدَّاعِي بذلك" وَقَالَ آخَرُونَ: اسْتَأْثر الله بِعلم الِاسْم الْأَعْظَم وَلم يطلع عَلَيْهِ أحدا من خقله وَذهب المباكفوري إِلَى تَرْجِيح القَوْل بِثُبُوتِهِ فَقَالَ: "وَالْقَوْل الرَّاجِح قَول من أثْبته، وَأَحَادِيث الْبَاب حجَّة على المنكرين". وَقَالَ: ابْن ججر: "وأثبته آخَرُونَ معينا واضطربوا فِي ذَلِك. وَجُمْلَة مَا وقفت عَلَيْهَا أَرْبَعَة عشر قولا...." وَذكرهَا مِنْهَا أَنه "الله"؛ لِأَنَّهُ اسْم لم يُطلق على غَيره؛ وَلِأَنَّهُ الأَصْل فِي الْأَسْمَاء الْحسنى وَمن ثمَّ أضفيت إِلَيْهِ وَمِنْهَا أَنه "الله الرَّحْمَن الرَّحِيم" وَمِنْهَا أَنه "الحنان المنان بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام الْحَيّ القيوم" وَمِنْهَا أَنه "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كفوا أحد".

أَفَلَا يَسْتَحِي عَبْدٌ مِنْ خَالِقِهِ وَمِنْ خَلْقِ رَبِّهِ فَيَدَّعِي أَنَّ اللَّهَ اسْمٌ مَخْلُوقٌ مُسْتَعَارٌ1! حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ2 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ3 عَنْ عَلِيِّ بن أبي طَلْحَة4................................

_ = أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن مَاجَه وَابْن حبَان وَالْحَاكِم من حَدِيث بُرَيْدَة، وَقَالَ ابْن حجر عَن هَذَا الْأَخير: وَهُوَ أرجح من حَيْثُ السَّنَد من جَمِيع مَا ورد. وَقَالَ الشَّوْكَانِيّ: اخْتلف فِي تعْيين الِاسْم الْأَعْظَم على نَحْو أَرْبَعِينَ قولا، وَقد أفردها السُّيُوطِيّ، بالتصنيف، وَعزا الى ابْن الْقيم أَنه "الْحَيّ القيوم". انْظُر، فتح الْبَارِي 11/ 224-225، والشوكاني فِي تحفة الذَّاكِرِينَ ط، الثَّانِيَة ص"62"، والمباركفوري فِي تحفة الأحوذي شرح جَامع الترميذي 9/ 447-448. 1 فِي س "فيدعي أَن الله اسْما مخلوقًا مستعارًا" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل. 2 عبد الله بن صَالح بن مُحَمَّد بن مُسلم الجهمي، أَبُو صَالح الْمصْرِيّ، كَاتب اللَّيْث، صَدُوق كثير الْغَلَط، ثَبت فِي كِتَابَته وَكَانَت فِيهِ غَفلَة، من الْعَاشِرَة مَاتَ سنة 22هـ وَله 85 سنة/ خت د ت ق. التَّقْرِيب 1/ 423، قَالَ فِي الكاشف: عَن مُعَاوِيَة بن صَالح ومُوسَى بن على........... إِلَخ 2/ 96. 3 مُعَاوِيَة بن صَالح بن حدير، بِالْمُهْمَلَةِ، مُصَغرًا الْحَضْرَمِيّ، أَبُو عَمْرو، أَو أَبُو عبد الرَّحْمَن، الْحِمصِي، قَاضِي الاندلس، صَدُوق لَهُ أَوْهَام من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 58هـ وَقيل: بعد السّبْعين، د م وَالْأَرْبَعَة, التَّقْرِيب 2/ 259، قَالَ فِي الكاشف 3/ 157: وَعنهُ ابْن وهب وَابْن مهْدي وَأَبُو صَالح. 4 عَليّ بن أبي طَلْحَة سَالم، مولى بني الْعَبَّاس، سكن حمص، أرسل عَن ابْن عَبَّاس وَلم يره، من السَّادِسَة، صَدُوق قد يُخطئ، مَاتَ سنة 43/ م د س ق, التَّقْرِيب 2/ 39.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ1 قَالَ: "كهيعص اسْم من اسماء الله"2.

_ 1 عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف، ابْن عَم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ولد قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين، ودعا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بالفهم فِي الْقُرْآن، فَكَانَ يُسمى الْبَحْر والحبر لسعة علمه، وَقَالَ عمر: لَو أدْرك ابْن عَبَّاس أسنانًا ماعشره منا أحد، مَاتَ سنة 68هـ بِالطَّائِف، وَهُوَ أحد المكثرين من الصَّحَابَة وَاحِد العبادلة من فُقَهَاء الصَّحَابَة، ع. التَّقْرِيب 1/ 425. وَانْظُر: أَسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 3/ 192-195، والإصابة لِابْنِ حجر، بتحقيق عَليّ البجاوي 4/ 141-152، وتهذيب التَّهْذِيب 5/ 276-279. 2 فِي إِسْنَاد هَذَا الْأَثر ضَعِيف وَانْقِطَاع، وَقد أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 16/ 35 قَالَ: "حَدثنِي عَليّ قَالَ: ثَنَا عبد الله قَالَ: ثَنَا مُعَاوِيَة عَن عَليّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {كهيعص} قَالَ: فَإِنَّهُ قسم أقسم الله بِهِ وَهُوَ من أَسمَاء الله" انْتهى. قلت: وَعلي الَّذِي يروي عَن ابْن عَبَّاس فِي إِسْنَاد الطَّبَرِيّ هُوَ ابْن طَلْحَة كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد ابْن حجر فِي الْفَتْح 8/ 427 حَيْثُ قَالَ: "وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ: كهيعص قسم، أقسم الله بِهِ وَهُوَ اسْم من أَسْمَائِهِ" وَسكت عَنهُ. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب ماجاء فِي حُرُوف المقطعات، ص"94" من طَرِيق عُثْمَان بن سعيد، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "كهيعص، وطه، وطس، وطسم، وَيس، وص، وحم، عسق، وق، وَنَحْو ذَلِك قسم أقسم الله بِهِ، وَهِي من أَسمَاء الله عز وَجل" قلت وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي الْحُرُوف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور على قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَن هَذَا علم مَسْتُور وسر مَحْجُوب اسْتَأْثر الله بِهِ، نؤمن بطاهرها وَنكل الْعلم فِيهَا إِلَى الله عز وَجل. الثَّانِي: أَن المُرَاد مِنْهَا مَعْلُوم، وَذكروا فِيهَا أقوالًا كَثِيرَة فَمِنْهَا الْقَرِيب وَمِنْهَا الْبعيد، وَانْظُر بسط الْكَلَام فِيمَا ورد فِي ذَلِك من الْأَقْوَال فِي مَوْضُوع الْمُتَشَابه من الْقُرْآن فِي كتب عُلُوم الْقُرْآن.

وَقَدْ رُوِيَ لَنَا فِي تَفْسِيرِهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، حَدَّثَنَا2 أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ3، ثَنَا4 هُشَيْمٌ5، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ6 عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ7 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَافٌ مِنْ كَرِيمٍ وَعَيْنٌ مِنْ عَلِيمٍ وياء من

_ = وَكَذَا مَا ذكره الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِير أول سُورَة الْبَقَرَة كتفسير الطَّبَرِيّ، والقرطبي والزمخشري والشوكاني وَغَيرهَا، وَجُمْلَة القَوْل فِي ذَلِك أَن مَا صَحَّ فِي تَفْسِير هَذِه الْحُرُوف نقلا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَخذنَا بِهِ، وَمَا لم يثبت فللعلماء فِيهِ قَولَانِ مشهوران: أَحدهمَا: أَن الأسلم هُوَ السُّكُوت عَن التَّعَرُّض لمعناها مَعَ الْجَزْم بِأَن الله لم ينزلها عَبَثا بل لحكمة لَا نعلمها. الثَّانِي: أَن هَذِه الْحُرُوف هِيَ نوع من التحدي وَالدّلَالَة على عجز المخاطبين، عَن الْإِتْيَان بمثلة مَعَ نُزُوله بالحروف المتعالمة بَينهم. 1 تقدّمت تَرْجَمته ص"172". 2 فِي ط، ش "مَا حدّثنَاهُ" وَفِي س "حدّثنَاهُ". 3 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس بن عبد الله بن قيس الْكُوفِي التَّمِيمِي، الْيَرْبُوعي ثِقَة، حَافظ من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 27 وَهُوَ ابْن 94 سنة/ ع. التَّقْرِيب 1/ 19. 4 فِي ط، ش "أَنبأَنَا". 5 فِي ط، س، ش "هِشَام" وَصَوَابه "هشيم" وَانْظُر ص"628". 6 عَطاء بن السَّائِب، أَبُو مُحَمَّد، وَيُقَال: أَبُو السَّائِب، الثَّقَفِيّ الْكُوفِي، صَدُوق اخْتَلَط من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 36هـ/ خَ وَالْأَرْبَعَة. التَّقْرِيب 2/ 2. 7 سعيد بن جُبَير الْأَسدي مَوْلَاهُم، الْكُوفِي، ثِقَة ثَبت فَقِيه، من الثَّالِثَة، وَرِوَايَته عَن عَائِشَة وَأبي مُوسَى وَنَحْوهمَا، قتل بَين يَدي الْحجَّاج 95هـ وَلم يكمل الْخمسين. ع التَّقْرِيب 1/ 292.

حَكِيمٍ وَهَا مِنْ هَادٍ وَصَادٌ من صدق"1 وَحَتَّى إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُجْمِلُهَا فَيَقُولُ: "يَا كهيعص اغْفِرْ لِي"2 كَمَا يَقُولُ: "يَا اللَّهُ اغْفِرْ لِي". حَدَّثَنَا روح بن عبد الْمُؤمن الْمقري3 ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ4، ثَنَا نَافِعُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ5، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ عَلِيٍّ6 أَنَّهَا سَمِعَتْ عليًّا يَقُول: "يَا كهيعص

_ 1- أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بهامشه التَّلْخِيص للذهبي، كتاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة مَرْيَم، ج2 صـ"371" عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس بِلَفْظِهِ مَعَ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَآخره "صَادِق" بَدَلا من "صَدُوق" وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "صَحِيح". 2 سَيَأْتِي تَخْرِيجه قَرِيبا. 3 روح بن عبد الْمُؤمن، الْهُذلِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ، الْمُقْرِئ، صَدُوق من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 33هـ غير ذَلِك، خَ التَّقْرِيب 1/ 253. 4 مُحَمَّد بن مُسلم الْمدنِي، قدم الْبَصْرَة، صَدُوق، من الْعَاشِرَة، فق. التَّقْرِيب 2/ 208. قَالَ فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/ 454: "روى عَن نَافِع بن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعيم الْقَارِي.... وروى عَنهُ بن عبَادَة وروح بن الْمُؤمن..". 5 نَافِع بن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعيم الْقَارئ، الْمدنِي، مولى بني لَيْث، أَصله من أَصْبَهَان وَقد ينْسب لجده، صَدُوق ثَبت فِي الْقِرَاءَة، من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 69هـ/ فق. التَّقْرِيب 2/ 296. 6 فِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" قلت: وَفَاطِمَة هِيَ ابْنة عَليّ بن أبي طَالب، ثِقَة من الرَّابِعَة، مَاتَت سنة 17هـ وَقد جَاوَزت الثَّمَانِينَ، س فق. التَّقْرِيب 2/ 609 فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 12/ 443 أَنَّهَا رَوَت عَن أَبِيهَا وَقيل: لم تسمعه، وعنها نَافِع بن أبي نعيم الْقَارئ.

اعفرلي"1 فَمَنْ خَلَقَ "كهيعص" فِي دَعْوَاكُمْ؟ وَمَنْ تَكَلَّمَ بِهَا قَبْلَ اللَّهِ؟ وَمَنِ اهْتَدَى لَهَا غَيْرَ اللَّهِ؟ وَكَمَا قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 2 كَذَلِكَ قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَا الرَّحْمَنُ" 3 حَدَّثَنَاهُ مُسَدَّدٌ4، ثَنَا5 سُفْيَانُ6، عَن الزُّهْرِيّ7،.........................

_ 1 فِي ط، س، ش "يَقُول: كهيعص اغفرلي" دون يَاء النداء، قلت: والْحَدِيث أخرجه الطَّبَرِيّ، فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 16/ 34 قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن خَالِد بن خِدَاش قَالَ: ثَنَا سَالم بن قُتَيْبَة، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ عَنْ عَاتِكَة، عَن فَاطِمَة ابْنة عَليّ قَالَت: كَانَ عَليّ يَقُول: "يَا كهيعص اغفرلي" وَنَقله ابْن حجر فِي الْفَتْح 8/ 427 عَن الطَّبَرِيّ بِلَفْظِهِ وَسكت عَنهُ. 2 سُورَة الْقَصَص، آيَة "30". 3 كَمَا فِي الحَدِيث الْقُدسِي بعده. 4 مُسَدّد بن مسرهد بن مسربل بن مُسْتَوْرِد الْأَسدي، الْبَصْرِيّ، أَبُو الْحسن، ثِقَة، حَافظ يُقَال أَنه أول من صنف الْمسند بِالْبَصْرَةِ، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 28هـ وَيُقَال: اسْمه عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز، مُسَدّد لقبه/ خَ د ت س. التَّقْرِيب 2/ 242. 5 فِي ط، س، ش، "عَن" بدل "ثَنَا". 6 سُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي إِسْنَاد التِّرْمِذِيّ "انْظُر: تَخْرِيج الْهِلَالِي، أَبُو مُحَمَّد، الْكُوفِي، ثمَّ الْمَكِّيّ، ثِقَة، حَافظ، فَقِيه، إِمَام حجية، إِلَّا أَنه تغير حفظه بِآخِرهِ، وَكَانَ ربمان دلّس، لَكِن عَن الثِّقَات، من رُؤُوس الطَّبَقَة الثَّامِنَة، وَكَانَ من أثبت النَّاس فِي عَمْرو بن دِينَار، مَاتَ فِي رَجَب سنة 98 وَله 91 سنة، ع. وَفِي الكاشف للذهبي 1/ 379 أَنه روى عَن الزُّهْرِيّ وَعَمْرو بن دِينَار، وَعنهُ أَحْمد وَعلي والزعفراني. 7 مُحَمَّد بن مُسلم بن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن شهَاب بن عبد الله بن الْحَارِث بن زهرَة بن كلاب الْقرشِي الزُّهْرِيّ، وكنيته أَبُو بكر، الْفَقِيه، الْحَافِظ، مُتَّفق على جلالته، وإتقانه، وَهُوَ من رُؤُوس الطَّبَقَة الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 25 وَقيل: بعد ذَلِك بِسنة أَو سنتَيْن، ع انْظُر التَّقْرِيب 2/ 207.

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ1 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ": أَنَا الرَّحْمَنُ، وَهِيَ الرَّحِمُ شَقَقْتُ لَهَا مِنَ اسْمِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بتته" 3

_ 1 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَوْف الزُّهْرِيّ، الْمدنِي، قيل: اسْمه عبد الله وَقيل: إِسْمَاعِيل، ثِقَة مكثر، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 94، وَكَانَ مولده سنة بضع وَعشْرين ع انْظُر التَّقْرِيب 2/ 430. 2 عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بن عبد الْحَارِث بن زهرَة الْقرشِي الزُّهْرِيّ أحد الْعشْرَة، أسلم قَدِيما، ومناقبه شهيرة، مَاتَ سنة 32 وَقيل: غير ذَلِك، ع انْظُر التَّقْرِيب 1/ 494، انْظُر الِاسْتِيعَاب ذيل الأصابة 2/ 385-390، وَأسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 3/ 313-317 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 408-410 وتهذيب التَّهْذِيب 6/ 244-246. 3 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، كتاب الزَّكَاة، بَاب فِي صلَة الرَّحِم، حَدِيث رقم 1694، 2/ 322 قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد وَأَبُو بكر ابْن أبي شيبَة قَالَا: حَدثنَا سيفان بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "قَالَ اللَّهُ: أَنَا الرَّحْمَنُ، وَهِيَ الرَّحِم شققت لَهَا اسْما من اسْمِي، من وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَهَا بَتَتُّهُ" وَفِي الحَدِيث بعده من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ، حَدثنِي أَبُو سَلمَة، أَنا الرداد اللَّيْثِيّ أخبرهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنه سمع رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنَاهُ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، أبوب الْبر والصلة، بَاب مَا جَاءَ فِي قطيعة الرَّحِم، حَدِيث رقم 1972، 6/ 33 من طَرِيق سيفان بن عُيَيْنَة بِسَنَدِهِ إِلَى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَرْفُوعا قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث سيفان عَن الزُّهْرِيّ حَدِيث صَحِيح. وَنقل المباركفوري عَن الْمُنْذِرِيّ قَوْله: وَفِي =

فَيَقُولُ اللَّهُ: أَنَا شَقَقْتُ لَهَا من اسْمِي وَادعت الْجَهْمِية المكذبين1 لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَنَّهُمْ أَعَارُوهُ الِاسْمَ الَّذِي شقها مِنْهُ!! من أَيْنَ عَلِمَ الْخَلْقُ أَسْمَاءَ الْخَالِقِ قَبْلَ تَعْلِيمِهِ إِيَّاهُمْ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ آدَمُ2 وَلَا الْمَلَائِكَةُ أَسْمَاءَ الْمَخْلُوقِينَ، حَتَّى عَلَّمَهُمُ اللَّهُ مِنْ عِنْده، وَكَانَ

_ = تَصْحِيح التِّرْمِذِيّ لَهُ نظر، فَإِن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن لم يسمع من أَبِيه شَيْئا قَالَ يحيى بن معِين وَغَيره، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان فِي صَحِيحه من حَدِيث معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَن رداد اللَّيْثِيّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَقد أَشَارَ التِّرْمِذِيّ إِلَى هَذَا: ثمَّ حكى عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: وَحَدِيث معمر خطأ وَالله أعلم. قلت: انْظُر تحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 6/ 34، وَالْمُنْذِرِي فِي التَّرْغِيب والترهيب، تَعْلِيق مصطفى عمَارَة 3/ 338. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند تَحْقِيق شَاكر حَدِيث رقم 1680، 3/ 138-139 وحقق أَنه صَحِيح، انْظُر الْأَحَادِيث: 1659، 1681، 1686، وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد الطبعة الثَّانِيَة ص"33": وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك 4/ 157. 1 فِي ط، س، ش "مكذبين". 2 آدم أَبُو الْبشر عَلَيْهِ السَّلَام، وَهُوَ أول بشر خلقه الله مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ، وَفِي الصَّحِيح أَن الله خلق آدم وَطوله سِتُّونَ ذِرَاعا، وَفِي الذّكر أَن الله نفخ فِيهِ من روحه وَعلمه الْأَسْمَاء كلهَا، اسْتَخْلَفَهُ فِي الأَرْض وَأمر الْمَلَائِكَة بِالسُّجُود لَهُ فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس أَبى فطرده الله من رَحمته وأبعده من جنته، أسكن الله آدم وزوجه الْجنَّة ونهاهما عَن الاقتراب من الشَّجَرَة فوسوس لَهما الشَّيْطَان فغوي آدم وأخطا فأكلا مِنْهَا، فَغَضب الله عَلَيْهِمَا وأنزلهما من الْجنَّة، وَبعد ذَلِك تلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ وحذرهما ابليس وَجُنُوده، ورد ذكره فِي الْقُرْآن نَحوا من خمس وَعشْرين مرّة فِي تسع سور مِنْهُ، توفّي يَوْم الْجُمُعَة وَيُقَال أَن عمره كَانَ ألف سنة. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ كتاب الْأَنْبِيَاء بَاب خلق أَدَم وَذريته، ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية 1/ 33، والكامل فِي التَّارِيخ 1/ 14-53، والبداية وَالنِّهَايَة لِابْنِ كثير 1/ 68-99.

بَدْءُ1 عِلْمِهَا مِنْهُ2 فَقَالَ: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 3 وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا وَحَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ" 4 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ5 ثَنَا 6 سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ7...................................................

_ 1 فِي س "وَكَانَ بَدو". 2 فِي ط، س، ش "من عِنْده" بدل "مِنْهُ". 3 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "31، 32، 33". 4 صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب إِن لله مائَة اسْم إِلَّا وَاحِدَة، حَدِيث رقم جـ13 ص"377" بِزِيَادَة "مائَة إِلَّا وَاحِدَة" فِي أَثْنَائِهِ وَدون لفظ "وحفظها" وَأخرجه أَيْضا فِي كتاب الشُّرُوط جـ1 صـ"354" وَكتاب الدَّعْوَات جـ1 صـ"214" بِأَلْفَاظ مقاربة. 5 عَليّ بن الْمَدِينِيّ تقدم صـ"151". 6 فِي ط، ش "حَدثنَا". 7 سُفْيَان بن عُيَيْنَة بن أبي عمرَان مَيْمُون الْهِلَالِي، أَبُو مُحَمَّد، الْكُوفِي، ثمَّ الْمَكِّيّ، ثِقَة، حَافظ فَقِيه إِمَام حجَّة، إِلَّا أَنه تغير حفظه بِآخِرهِ وَكَانَ رُبمَا دلّس، لَكِن عَن الثِّقَات من رُؤُوس الطَّبَقَة الثَّامِنَة، وَكَانَ أثبت النَّاس فِي عَمْرو بن دِينَار مَا فِي رَجَب سنة 98 هُوَ لَهُ 91 سنة، ع التَّقْرِيب 1/ 312 قَالَ فِي الكاشف 1/ 379: عَن الزُّهْرِيّ وَعَمْرو بن دِينَار، وَعنهُ أَحْمد وَعلي والزعفراني.

عَنْ أَبِي الزِّنَادِ1 عَنِ الْأَعْرَجِ2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعين اسْمًا مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدًا4 لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَهُوَ وتر يحب الْوتر" 5.

_ 1 عبد الله بن ذكْوَان الْقرشِي، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمدنِي، الْمَعْرُوف بِأبي الزِّنَاد، ثِقَة، فَقِيه من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 30هـ، وَقيل بعْدهَا، ع التَّقْرِيب 1/ 413، قَالَ فِي الكاشف 2/ 84: عَن أنس وَعمر بن أبي سَلمَة وَلم يرَاهُ فِيمَا قيل، وَسَعِيد بن الْمسيب، والأعرج وعدة وَعنهُ مَالك وَاللَّيْث والسفيانان. 2 عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج أَبُو دَاوُد الْمدنِي مولى ربيعَة بن الْحَارِث، ثِقَة ثَبت، عَالم من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 17/ ع. التَّقْرِيب 1/ 501 وَذكر فِي الكاشف 2/ 189 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة، وَعبد الله بن بُحَيْنَة وَعنهُ الزُّهْرِيّ وَابْن لَهِيعَة. 3 هُوَ الصَّحَابِيّ الْجَلِيل أَبُو هُرَيْرَة الدوسي حَافظ الصاحبة، اخْتلف فِي اسْمه وَاسم أَبِيه، قيل: ابْن عُمَيْر: وَقيل: عبد نهم، وَقيل: عبد شمس وَقيل: غير ذَلِك، وَقَالَ ابْن حجر: وَيقطع بِأَن عبد شمس وَعبد نهم غير بعد أَن أسلم، وَاخْتلف فِي أَيهَا أرجح فَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنه عبد الرَّحْمَن بن صَخْر، وَذهب جمع من النسابين إِلَى عَمْرو بن عَامر، مَاتَ سنة سبع، وَقيل، ثَمَان, وَقيل، تسع وَخمسين وَهُوَ ابْن ثَمَان وَسبعين سنة، ع. بِتَصَرُّف من تقريب التَّهْذِيب 2/ 284، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 4/ 200-207 وَأسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 5/ 315-317 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 4/ 200-208 وتهذيب التَّهْذِيب 12/ 262-267. 4 فِي الأَصْل "إِلَّا وَاحِد" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم، وَغَيرهمَا وَجَاء أَيْضا بِلَفْظ" وَاحِدَة". 5 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحَة بشرحه الْفَتْح، كتاب الدَّعْوَات، بَاب لله مائَة اسْم إِلَّا وَاحِدَة، حَدِيث، رقم 6410، 11/ 214 قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الله بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: "لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا -مائَة إِلَّا واحده- لَا يَحْفَظُهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ" انْظُر: الْأَحَادِيث 2736، 7392. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء، بَاب فِي أَسمَاء الله تَعَالَى، حَدِيث رقم 5، 4/ 2062 من طَرِيق آخر، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِهَذَا السَّنَد بِنَحْوِهِ قَالَ: وَفِي رِوَايَة ابْن أبي عمر "من أحصاها".

حَدَّثَنَا هَاشِمُ1 بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، ثَنَا2 الْوَلِيد ين مُسلم3 ثَنَا4، خُلَيْد5 ابْن دعْلج، عَن قَتَادَة6،..........................................

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "هِشَام بن عمار" وَبِه جَاءَ نقل ابْن حجر لهَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ فِي الْفَتْح 11/ 215. قلت: وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 320 هِشَام بن عمار بن نصير، بنُون مُصَغرًا، السّلمِيّ الدِّمَشْقِي الْخَطِيب صَدُوق، وَقد سمع من مَعْرُوف الْخياط، لَكِن مَعْرُوف لَيْسَ بِثِقَة، مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين على الصَّحِيح وَله 92 سنة/ خَ وَالْأَرْبَعَة. 2 فِي ط، س، ش "حَدثنَا". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 336: الْوَلِيد بن مُسلم الْقرشِي مَوْلَاهُم، أَبُو الْعَبَّاس الدِّمَشْقِي، ثِقَة، لكنه كثير التَّدْلِيس والتسوية من الثَّامِنَة مَا آخر سنة أَربع أَو أول سنة 95هـ/ ع قَالَ فِي التَّهْذِيب 11/ 152: وَعنهُ هِشَام ابْن عمار ... إِلَخ. 4 فِي ش، ط "حَدثنَا". 5 فِي ط، ش "خَلِيل: وَالصَّوَاب "خُلَيْد" وَهُوَ خُلَيْد بن دعْلج السدُوسِي الْبَصْرِيّ، نزل الْموصل، ثمَّ بَيت الْمُقَدّس، ضَعِيف، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 66هـ، تَمْيِيز التَّقْرِيب 1/ 227. 6 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي أَبُو الْخطاب الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت يُقَال: ولد أكمه، وَهُوَ رَأس الطَّبَقَة الرَّابِعَة، مَاتَ سنة بضع عشرَة، ع. التَّقْرِيب 2/ 123.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ2 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أحصاها كلهَا دخل الْجنَّة" 3.................................................

_ 1 مُحَمَّد بن سِيرِين الْأنْصَارِيّ، أَبُو بكر بن أبي عمْرَة الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت، عَابِد كَبِير الْقدر، كَانَ لَا يرى الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 110، ع التَّقْرِيب 2/ 169. 2 أَبُو هُرَيْرَة، صَحَابِيّ تقدم صـ"179". 3 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد ضَعِيف، وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح، وَقد اخْتلف فِي سَنَده على الْوَلِيد فَأخْرجهُ عُثْمَان الدَّارمِيّ فِي "النَّقْض على المريسي" عَن هِشَام بن عمار، عَن الْوَلِيد، فَقَالَ: عَن خُلَيْد بن دعيج، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة فَذكره بِدُونِ التَّعْيِين، قَالَ الْوَلِيد: وَحدثنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ: كُلُّهَا فِي الْقُرْآنِ {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ... الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} وسرد الْأَسْمَاء انْظُر: الْفَتْح لِابْنِ حجر 11/ 215. قلت: وَأخرجه مُسلم من طَرِيق آخر، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن همام ابْن مُنَبّه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مائَة إِلَّا وَاحِد. من أحصاها دخل الْجنَّة"، انْظُر: صَحِيح مُسلم، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء، بَاب فِي أَسمَاء الله تَعَالَى، حَدِيث رقم 6-4/ 2063، وَانْظُر الْمسند للْإِمَام أَحْمد 2/ 267، 427، 499. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه لمُسلم 17/ 5: "وَاتفقَ الْعلمَاء على أَن هَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِي حصر لأسمائه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ لَهُ أَسمَاء غَيره التِّسْعَة وَالتسْعين وَإِنَّمَا مَقْصُود الحَدِيث أَن هَذِه التِّسْعَة وَالتسْعين من أحصاها دخل الْجنَّة، فَالْمُرَاد الْإِخْبَار عَن دُخُول الْجنَّة بإحصائها لَا الْإِخْبَار بحصر الْأَسْمَاء، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الحَدِيث الآخر: "أَسأَلك بِكُل اسْم سميت بِهِ نَفسك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك"، وَقد ذكر الْحَافِظ أَبُو بكر الْعَرَبِيّ الْمَالِكِي عَن بَعضهم أَنه قَالَ: لله تعالة ألف اسْم, قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: وَهَذَا قَلِيل فِيهَا.. وَالله أعلم.

قَالَ هِشَامٌ1: وَحَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ2، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ3 مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ: كُلُّهَا فِي الْقُرْآن هُوَ الله لَا إِلَه هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ4 الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ، السَّلَامُ، الْمُؤْمِنُ، الْمُهَيْمِنُ، الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، الْخَالِقُ، الْبَارِئُ، الْمُصَوِّرُ، الْغَفَّارُ، الْقَهَّارُ، الْوَهَّابُ، الرَّزَّاقُ، الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الْخَافِضُ، الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ، الْمُذِلُّ، السَّمِيعُ، الْبَصِيرُ5، الْحَكَمُ، الْعَدْلُ، اللَّطِيفُ، الْخَبِيرُ، الْحَلِيمُ، الْعَظِيمُ، الْغَفُورُ، الشَّكُورُ، الْعَلِيُّ، الْكَبِيرُ، الْحَفِيظُ، الْحَسِيبُ، الْجَلِيلُ، الْكَرِيمُ، الْمُحْصِي، الرَّقِيبُ، الْمُجِيبُ، الْوَاسِعُ، الْحَكِيمُ، الْوَدُودُ، الْمَجِيدُ، الْبَاعِثُ، الشَّهِيدُ، الْحَقُّ، الْوَكِيلُ، الْقَوِيُّ، الْمَتِينُ، الْوَلِيّ، الحميد، المحصي، 6 المبدئ، الْمُعِيدُ، الْمُحْيِي، الْمُمِيتُ، الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، الْمَاجِدُ، الْوَاحِدُ، 7 الْأَحَدُ 8 الصَّمَدُ، الْقَادِرُ، الْمُقْتَدِرُ، الْمُقَدِّمُ، الْمُؤَخِّرُ، الْأَوَّلُ، الْآخِرُ، الظَّاهِر، الْبَاطِن

_ 1 هِشَام، هُوَ ابْن عمار تقدّمت تَرْجَمته صـ"180". 2 الْوَلِيد بن مُسلم الْقرشِي مَوْلَاهُم، تقدم صـ"180" قَالَ فِي التَّهْذِيب 151-152: روى عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز وَذكر مِمَّن روى عَنهُ هِشَام بن عمار. 3 سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ، الدِّمَشْقِي، ثِقَة إِمَام، سواهُ أَحْمد بالأوزاعي وَقدمه أَبُو مسْهر، وَلكنه اخْتَلَط فِي آخر عمره، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 67هـ وَقيل بعْدهَا، وَله بضع وَسَبْعُونَ سنة، بخ م وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 1/ 301. 4 "الرَّحْمَن الرَّحِيم" لَيست فِي ط، ش، س. 5 قَوْله "السَّمِيع الْبَصِير" لَيست فِي ط، س، ش. 6 "المحصي" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ط، ش، س "الْوَاجِد" بِالْمُعْجَمَةِ. 8 فِي ط، ش، س "الْأَحَد الْفَرد".

الْوَالِي1 الْمُتَعَالِي2، الْبَرُّ، التَّوَّابُ، الْمُنْتَقِمُ، الْعَفو، الرؤوف، مَالِكُ الْمُلْكِ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، الْمُقْسِطُ، الْجَامِعُ4 الْمُعْطِي، الْمَانِعُ الضَّارُّ، النَّافِعُ، النُّورُ، الْهَادِي، الْبَدِيعُ، الْغَنِيُّ، 5 الْبَاقِي، الْوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ6 فَهَذِهِ كُلُّهَا، أَسْمَاءُ اللَّهِ لَمْ تَزَلْ لَهُ كَمَا لم

_ 1 فِي س "الوال". 2 فِي ط، س، ش "المتعال". 3 فِي ط، ش، س "الغفور". 4 فِي ط، ش، س زِيَادَة "الْغَنِيّ الْمُغنِي" بعد "الْجَامِع". 5 لفظ "الْغَنِيّ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 قَالَ ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي 11/ 215: "وَاخْتلفت الْعلمَاء فِي سرد الْأَسْمَاء هَل هُوَ مَرْفُوع أَو مدروج فِي الْخَبَر من بعض الروَاة؟ فَمشى كثير مِنْهُم على الأول واستدلو بِهِ على جَوَاز تَسْمِيَة الله تَعَالَى لما لم يرد فِي الْقُرْآن بِصِيغَة الِاسْم؛ لِأَن كثيرا من هَذِه الْأَسْمَاء كَذَلِك، وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَن التَّعْيِين مدرج لحمول أَكثر الرِّوَايَات عَنهُ، وَنَقله عبد الْعَزِيز النخشبي عَن كثير من الْعلمَاء "وَنقل ذَلِك عَنهُ المباركفوري فِي تحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 9/ 489. قلت: وَمِمَّنْ أخرج الحَدِيث بسرد الْأَسْمَاء التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة، أَبْوَاب الدَّعْوَات، بَاب رقم 87، حَدِيث رقم 3574، 9/ 482-490، وَابْن مَاجَه فِي سنَنه تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الدُّعَاء، بَاب أَسمَاء الله عز وَجل، حَدِيث 3861، 2/ 1269-1270 وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك 1/ 16-17 وَقَالَ: "هَذَا حَدِيث قد أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بأسانيد صَحِيحَة دون ذكر الْأَسَامِي، وَالْعلَّة فِيهِ عِنْدهمَا أَن الْوَلِيد تفرد بسياقته بِطُولِهِ وَذكر الْأَسَامِي فِيهِ وَلم يذكرهَا غَيره وَلَيْسَ هَذَا بعلة" وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ فِي التَّلْخِيص. وَأخرجه أَيْضا بسرد الْأَسْمَاء ابْن حبَان فِي صَحِيحه، تَحْقِيق عبد الرَّحْمَن عُثْمَان، كتاب الرَّقَائِق، ذكر تَفْضِيل الْأَسَامِي الَّتِي يدْخل الله محصيها الْجنَّة، حَدِيث ربم 796، 2/ 124، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات صـ"4-5"، وَالْبَيْهَقِيّ الشَّافِعِي فِي الِاعْتِقَاد، تَحْقِيق أَحْمد عِصَام الْكَاتِب صـ"50-51". وَانْظُر: الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي 1/ 93. وَضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير وزيادته للألباني 2/ 177-180.

تَزَلْ1 بِأَيِّهَا دَعْوَتَ فَإِنَّمَا تَدْعُو اللَّهَ نَفْسَهُ. وَفِي أَسْمَاءِ اللَّهِ حُجَجٌ وَآثَارٌ مِمَّا ذَكَرْنَا تَرَكْنَاهَا مَخَافَة الطَّوِيل، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ بَيَانٌ بَيِّنٌ وَدِلَالَةٌ2 ظَاهِرَةٌ عَلَى إِلْحَادِ هَؤُلَاءِ الْمُلْحِدِينَ فِي أَسْمَائِهِ، الْمُبْتَدِعِينَ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ، قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يَخْرُصُونَ، وَعَزَّ رَبُّنَا وَجَلَّ عَمَّا غَمَصُوهُ3 وَتَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّا تَنَقَّصُوهُ4، وَهُوَ الْمُنْتَقِمُ مِنْهُمْ فِيمَا افْتَرَضُوهُ. وَأَيُّ تَأْوِيلٍ أَوْحَشَ 5 مِنْ أَنْ6 يَدَّعِيَ رَجُلٌ أَنَّ اللَّهَ كَانَ وَلَا اسْمَ لَهُ؟! مَا مدعي

_ 1 فِي ط، ش، س "كَمَا لم يزل" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 2 فِي ط، ش، س "وَدلَالَة قَاطِعَة ظَاهِرَة". 3 فِي ط، ش "غمطوه" والغمص والغمط متقاربات فِي اللَّفْظ وَفِي الْمَعْنى، قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط 2/ 1017 مَادَّة "غمص": "غَمَصَه وغَمِصَه يغمصه غمصًا واغتمصه حقره واستصغره وَلم يره شَيْئا" وَقَالَ فِي 2/ 1018 مَادَّة "غمط" غمط النَّاس: احتقارهم والإزراء بهم وَمَا أشبه ذَلِك وغمط النَّاس احترقهم واستصغرهم وَكَذَلِكَ غمصهم وَفِي الحَدِيث "إِنَّمَا ذَلِك من سفه الْحق وغمط النَّاس"، يَعْنِي أَن يرى الْحق سفهًا وجهلًا ويحتقر النَّاس، أَي إِنَّمَا الْبَغي فعل من سفه وغمط". 4 فِي ط، ش، س "نقصوه". 5 فِي س "بأوحش" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 6 فِي ط، س، ش "مِمَّا" بَدَلا من قَوْله: "من أَن".

هَذَا بِمُؤْمِنٍ1 وَلَنْ يَدْخُلَ الْإِيمَانُ قَلْبَ رَجُلٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ إِلَهًا وَاحِدًا، بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ، لَمْ يَحْدُثْ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا لَمْ تَزَلْ وَحْدَانِيَّتُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى2.

_ 1 فِي س "مَا يَدعِي هَذَا بِمُؤْمِن"، وَفِي ط، ش "مَا يَدعِي هَذَا مُؤمن". 2 لفظ "تبَارك وَتَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

باب وادعى المعارض أن الله لا يدرك بشيء من الحواس الخمس

بَابٌ: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَهِيَ فِي دَعْوَاهُ: اللَّمْسُ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْبَصَرِ بِالْعَيْنِ وَالسَّمْعِ، وَاحْتَجَّ لِدَعْوَاهُ بِحَدِيثٍ مُفْتَعَلٍ مَكْذُوبٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ1 مَعَهُ شَوَاهِدُ وَدَلَائِلُ كَثِيرَةٌ أَنَّهُ مَكْذُوبٌ مُفْتَعَلٌ2؛ فَأَوَّلُ شَوَاهِدِهِ: أَنَّهُ رَوَاهُ الْمُعَارِضُ عَنْ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ الْمُتَّهَمِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ، الْمُكَذِّبِ بِصِفَاتِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَوَاهُ بِشْرٌ عَنْ قَوْمٍ لَا يُوثَقُ بِهِمْ، وَلَا يُعْرَفُونَ، رَوَاهُ الْمَرِيسِيُّ3 عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْخَوْلَانِيِّ4 عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ5 عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن مَيْمُون6،....................................

_ 1 عبد الله بن عَبَّاس تقدم صـ"172". 2 فِي ط, ش، س "مفتعل مَكْذُوب". 3 فِي س "رَوَاهُ عَن المريسي". "4، 5" قلت: أَبُو شهَاب الْخَولَانِيّ ونعيم بن أبي نعيم لم أعثر لَهما على تَرْجَمَة فِيمَا بَين يَدي من المصادر وَيَكْفِي فِي الحكم عَلَيْهِمَا مَا ذكره الدَّارمِيّ عُثْمَان ابْن سعيد من الِاسْتِفْهَام عَنْهُمَا بِصِيغَة تفِيد أَنَّهُمَا مَجْهُولَانِ. 6 قَالَ فِي ميزَان الِاعْتِدَال للذهبي 1/ 69: "إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون الْمروزِي الصَّائِغ روى عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَطَائِفَة وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقَالَ أَبُو زرْعَة وَالنَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ، قَتله أَبُو مُسلم الْخُرَاسَانِي ظلما سنة 131هـ/ بِتَصَرُّف: وَقَالَ فِي ديوَان الضُّعَفَاء والمتروكين لشمس الدَّين الذَّهَبِيّ صـ"31" إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون الصَّائِغ عَن عَطاء قَالَ أبوحاتم لَا يحْتَج بِهِ.

عَنْ عَطَاءٍ1 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2. فَمن أبي شِهَابٍ الْخَوْلَانِيُّ3 وَمَنْ4 نُعَيْمُ بْنُ أَبِي نُعَيْمٍ فَيُحْكَمُ بِرِوَايَتِهِمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ5 عَلَى رِوَايَةِ قَوْمٍ أَجِلَّةٍ مَشْهُورِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، قَدْ رَوَوْا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَهُ؟! فَمِنْ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ6 عَنْ حَمَّادِ بن سَلمَة7 عَن

_ 1 عَطاء بن أبي رَبَاح بِفَتْح الرَّاء وَالْمُوَحَّدَة، وَاسم أبي رَبَاح أسلم الْقرشِي، مَوْلَاهُم، الْمَكِّيّ، ثِقَة، فَقِيه، فَاضل، لكنه كثير الْإِرْسَال من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 14هـ، على الْمَشْهُور وَقيل: إِنَّه تغير بِآخِرهِ وَلم يكن ذَلِك مِنْهُ، ع التَّقْرِيب 2/ 22. 2 ابْن عَبَّاس الصَّحَابِيّ، تقدم صـ"172". 3 هَكَذَا فِي الأَصْل وَلم يَتَّضِح وَجه جر "أبي" فِي قَوْله "أبي شهَاب" وَفِي ط، ش، س "فَيُقَال، لهَذَا الْمعَارض: من بشر وَأَبُو شهَاب الْخَولَانِيّ؟ " وَهُوَ الصَّوَاب إعرابًا. 4 فِي ط، ش، س، "ونعيم بن أبي نعيم "دون ذكر "من" الاستفهامية. 5 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا" قلت: تقدّمت تَرْجَمته صـ"172". 6 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، تقدم صـ"168". 7 حَمَّاد بن سَلمَة بن دِينَار الْبَصْرِيّ، أَبُو سَلمَة، ثِقَة، عَابِد، أثبت النَّاس فِي ثَابت، وَتغَير حفظه بِآخِرهِ من كبار الثَّامِنَة مَاتَ سنة 67هـ، خت م وَالْأَرْبَعَة التَّقْرِيب 1/ 197.

عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ1 عَنْ أَبِي نَضْرَةَ2 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ3 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "آتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَابَ الْجَنَّةِ فَيُفْتَحُ لِي فَأَرَى رَبِّي وَهُوَ عَلَى كُرْسِيِّهِ -أَوْ سَرِيرِهِ- فَيَتَجَلَّى لِي، فَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا" 4 فَهَذَا أَحَدُ الْحَوَاسِّ وَهُوَ النَّظَرُ بِالْعَيْنِ وَالتَّجَلِّي، رَوَاهُ5 هَؤُلَاءِ المشهورن عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى رَغْمِ بشر. ون ذَلِك مَا حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شيبَة6..................................

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 37: عَليّ بن زيد بن عبد الله بن زُهَيْر بن عبد الله بن جدعَان التَّيْمِيّ الْبَصْرِيّ، أَصله حجازي، وَهُوَ الْمَعْرُوف بعلي بن زيد بن جدعَان": ينْسب أَبوهُ إِلَيّ جد جده، ضَعِيف من الرَّابِعَة مَاتَ سنة 131هـ وَقيل قبلهَا، بخ م وَالْأَرْبَعَة. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 275: الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة، بِضَم الْقَاف وَفتح الْمُهْملَة الْعَبْدي، العوقي بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْوَاو ثمَّ قَاف، الْبَصْرِيّ، أَبُو نَضرة، بنُون ومعجمة سَاكِنة، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 108هـ أَو 109هـ/ خت م وَالْأَرْبَعَة. 3 ابْن عَبَّاس الصَّحَابِيّ تقدم صـ"172". 4 ورد فِي صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} حَدِيث رقم 7440، 3/ 422 من طَرِيق آخر عَن أنس فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فَأَسْتَأْذِن على رَبِّي فِي دَاره فَيُؤذن لي، فَإِذا وَقعت سَاجِدا". 5 فِي س "رووا". 6 فِي ط، ش "عمر بن شبة" وَفِي س "عمر بن أبي شيبَة" وَصَوَابه فِيمَا ظهر لي هُوَ مَا فِي الأَصْل، إِذْ لم أجد فِي تَهْذِيب الْكَمَال أَن عمر بن شبة روى عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَلَا أَن عُثْمَان الدَّارمِيّ روى عَنهُ، وَأما الَّذِي فِي س فَلم أَجِدهُ، وَالَّذِي أَثْبَتْنَاهُ هُوَ عُثْمَان بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان الْعَبْسِي، أَبُو الْحسن ابْن أبي شيبَة الْكُوفِي، ثِقَة، حَافظ، شهير، وَله أَوْهَام وَقيل، كَانَ لَا يحفظ الْقُرْآن من الْعَاشِرَة مَاتَ سنة 39 وَله 83 سنة، خَ م د س ق, انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 13-14 وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 2/ 919 أَنه روى عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ.

عَن جرير بن عبد الحيمد1 عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ3 عَن ابْن عَبَّاس 4 قَالَ: "إِذْ تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ سَمِعُوا لَهُ مِثْلَ سِلْسِلَةِ الْحَدِيدِ عَلَى الصَّفْوَانِ"5.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 127: جرير عَن عبد الحميد بن قرط، بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا طاء مُهْملَة الضَّبِّيّ الْكُوفِي، نزيل الرّيّ وقاضيها، ثِقَة، صَحِيح الْكتاب قيل: كَانَ آخر عمره يهم من حفظه مَاتَ سنة 88هـ وَله 71 سنة، ع وَقَالَ فِي الكاشف 1/ 182: مَاتَ سنة 188. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 365: يزِيد بن أبي زِيَاد الْهَاشِمِي، مَوْلَاهُم، الْكُوفِي، ضَعِيف، كبر فَتغير، صَار يَتَلَقَّن، وَكَانَ شيعيًّا، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 36هـ، خت م وَالْأَرْبَعَة, وَذكر فِي الكاشف 3/ 278 أَنه روى عَن مَوْلَاهُ عبد الله بن الْحَارِث وَأبي جُحَيْفَة وَابْن أبي ليلى. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 408: عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب الْهَاشِمِي، أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي أَمِير الْبَصْرَة لَهُ رُؤْيَة، ولأبيه وجده صُحْبَة قَالَ ابْن عبد الْبر: أَجمعُوا على توثيقه مَاتَ سنة 99هـ وَيُقَال: سنة 84هـ/ ع. 4 ابْن عَبَّاس الصَّحَابِيّ، تقدم صـ"172". 5 فِي ط، ش "صلصلة" بدل "سلسة"، والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ، انْظُر صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ... } الْآيَة حَدِيث رقم 7481 جـ13 صـ"453" من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِذا قضى الله الْأَمر فِي السَّمَاء ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعانًا لقَوْله كَأَنَّهُ سلسة على صَفْوَان". وَفِي سنَن أبي دَاوُد، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب السّنة، بَاب فِي الْقُرْآن، حَدِيث رقم 4738 جـ5 صـ"105-106" من طَرِيق آخر عَن ابْن مَسْعُود بِنَحْوِ لفظ البُخَارِيّ مَعَ زِيَادَة فِي آخِره إِلَّا أَنه قَالَ: "صلصلة كجر السلسلة....".

وَهَذَا الْحَوَاسُّ الثَّانِي، بِأَسْمَاعِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى رَغْمِ بِشْرٍ وَرِوَايَةِ بِشْرٍ, فَمَا تُغْنِي عَنْ بِشْرٍ رِوَايَتُهُ عَن هَؤُلَاءِ المغمورين إِ1 ذَا مَا كَذَّبَ بِرِوَايَةِ هَؤُلَاءِ الْمَشْهُورِينَ مَعَ تَكْذِيبِ اللَّهِ إِيَّاهُ قَبْلُ، وَفِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} 1 وَ {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} 2، وَقَالَ: {وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 3، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مُوسَى نَفْسَ كَلَامِهِ، وَسَيُكَلِّمُ مَنْ يَشَاءُ4 يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَيَانًا بِأَعْيُنِهِمْ، قَالَ الله5 وَرَسُوله، وَيحسن6 الْمَلَائِكَةُ بِكَلَامِهِ7 عِنْدَ نُزُولِ وَحْيِهِ يُصْعَقُوا مِنْ شِدَّةِ حَوَاسِّهِ8 كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ9 وَابْنُ مَسْعُودٍ10.......................

_ "صلصلة كجر السلسلة....". 1 سُورَة النِّسَاء، آيَة "164". 2 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "253". 3 سُورَة الْبَقَرَة، أَيَّة "174". 4 فِي ط، ش "شَاءَ". 5 فِي ط، ش، س "كَمَال قَالَ الله تَعَالَى" وَهُوَ أوضح. 6 فِي س "وتحس". 7 قَوْله: "بِكَلَامِهِ" لَيْسَ فِي س. 8 فِي ط، س، ش "صَوته" وَهِي أوضح. 9 تقدم صـ"172". 10 هُوَ عبد الله، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 450: عبد الله بن مَسْعُود بن غافل بمعمجة وَفَاء حبيب الْهُذلِيّ، أَبُو عبد الرَّحْمَن، من السَّابِقين الْأَوَّلين، وَمن كبار الْعلمَاء من الصَّحَابَة، مناقبه جمة، وَأمره عَليّ على الْكُوفَة، وَمَات سنة32 أَو فِي الَّتِي بعْدهَا.

وَتَأَوَّلَا فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى1 {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} 2 فَهَلْ مِنْ حَوَاسٍّ أَقْوَى مِنَ السَّمْعِ وَالنَّظَرِ؟. فَمَنْ يَلْتَفِتُ إِلَى بِشْرٍ وَتَفْسِيرِ بِشْرٍ، وَيَتْرُكُ النَّاطِقَ مِنْ، كِتَابِ اللَّهِ وَالْمَأْثُورِ مِنْ قَول رَسُول الله2 إِلَّا كل مخبول مخذول؟. ك5 ب

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 الْآيَة رقم "23" من سُورَة "سبأ"، قلت: وَمِمَّا أثر عَن ابْن مَسْعُود فِي ذَلِك، مَا ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَول الله تَعَالَى {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [الْبَقَرَة: من الْآيَة 255] الأية 13/ 452-453 قَالَ: "وَقَالَ جلّ ذكره: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} وَقَالَ مَسْرُوق عَن ابْن مَسْعُود: إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَوَات شَيْئا فَإِذا فرغ عَن قُلُوبهم وَسكن الصوات عرفُوا أَنه الْحق، وَنَادَوْا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ: قَالُوا: الْحَقَّ"، وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح 8/ 538 فِي شَرحه على حَدِيث البُخَارِيّ رقم 4800 فِي بَاب {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} الْآيَة: "وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير عَنهُ: فَلَا ينزل على أهل سَمَاء إِلَّا صعقوا". وَانْظُر مَا أسْندهُ الطَّبَرِيّ إِلَيّ ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب للنيسابوري22/ 62-63. 3 فِي ط، س، ش "مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم".

ثُمَّ طَعَنَ الْمُعَارِضُ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَرُدَّهُ1 بِتَأْوِيلِ ضَلَالٍ وَبِقِيَاسِ مُحَالٍ، فَقَالَ: لَمْ تَرَهُ عَيْنٌ فَتَسْتَوْصِفَهُ. فَنَظَرْنَا إِلَى مَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ2: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} 3 و {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 4 وَرُوِيَ فِيهِ أَقَاوِيلُ مُسْنَدَةٌ، وَغَيْرُ مُسندَة، فلابد5 مِنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ. فَيَزْعُمُ الْمُعَارِضُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ6 رَوَى عَنْ أَبِيهِ7 عَن أبي حنيفَة8،. ..............................

_ 1 فِي ط، ش "ليردها" وَفِي س "ليرد". 2 فِي ط، س، ش "قَوْله تَعَالَى". 3 سُورَة الْأَنْعَام، أَيَّة "103". 4 سُورَة الْقِيَامَة، آيَة "22-23". 5 فِي ط، س، ش "ولابد". 6 عُمَرَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حنيفَة، روى عَن أَخِيه إِسْمَاعِيل، تفقه على أَبِيه حَمَّاد رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا، "بِتَصَرُّف من الْجَوَاهِر المضيئة فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة لِابْنِ أبي الوفا 1/ 390. 7 قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 1/ 590: حَمَّاد بن أبي حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت، ضعفه ابْن عدي وَغَيرهم من قبل حفظه، وَفِي الْجَوَاهِر المضيئة فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة 1/ 226 ذكر أَنه تفقه على أَبِيه فَأفْتى فِي زَمَنه قَالَ: وَهُوَ فِي طبقَة أبي يُوسُف وَمُحَمّد وَزفر وَالْحسن بن زِيَاد، توفّي سنة 170هـ. 8 فِي س "روى عَن أَبِيه حنيفَة" وَصَوَابه مَا أثبتاه كَمَا فِي الأَصْل وط، ش، قلت: وَأَبُو حنيفَة هُوَ النُّعْمَان بن ثَابت الْكُوفِي، وَأَبُو حنيفَة، الإِمَام يُقَال، أَصله من فَارس، وَيُقَال: مولى بن تيم، فَقِيه مَشْهُور، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 50هـ على الصَّحِيح، وَله سَبْعُونَ سنة/ ت. س. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 303، وَانْظُر الكاشف 3/ 205.

"أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ كَمَا يَشَاءُ أَنْ يَرَوْهُ"1. فَبَيَّنَ فِي ذَلِكَ2 صِفَاتِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ: "لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ"، يَعْنِي الْمَرِيسِيَّ ونظرائه الَّذِينَ قَالُوا: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَنَّ3 تَفْسِيرَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرَى يَوْمَئِذٍ آيَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: رَآهُ يَعْنِي4 أَفْعَالَهُ، وَأُمُورَهُ وَآيَاتِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} 5 فَالْمَوْتُ لَا يُرَى وَهُوَ مَحْسُوسٌ إِنَّمَا يُدْرَكُ عَمَلُ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ6 أَرَادَ هَذَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِمَا أَرَادَ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي وَوَكَّلْنَا تَفْسِيرَهَا وَصِفَتَهَا إِلَى الله7.

_ 1 هَذَا الْأَثر مَوْقُوف على أبي حنيفَة، وَفِي إِسْنَاده ضعف كَمَا أَنِّي لم أَجِدهُ بِمَا بَين يَدي من المصادر الَّتِي هِيَ مظان وجوده، وَلَعَلَّه مِمَّا احتلقه الْمعَارض وأسنده إِلَى أبي حنيفَة رَحمَه الله، يُؤَيّدهُ أَن الْمُؤلف يشكك فِي نِسْبَة هَذَا القَوْل إِلَى أبي حنيفَة كَمَا يَتَّضِح من سِيَاق كَلَامه. 2 فِي ط، ش "فَبين فِي ذَلِك أَن صِفَات هَذِه الْأَحَادِيث". 3 فِي الأَصْل وس "إِن" بِكَسْر الْهمزَة، وَفِي ط، ش بِفَتْحِهَا. 4 فِي س "بِعَين". 5 سُورَة آل عمرَان، آيَة "143". 6 هُوَ النُّعْمَان بن ثَابت، تقدم ص"192". 7 فِي ط، ش، ش "إِلَى الله تَعَالَى".

فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ، الَّذِي لَا يدْرِي مايخرج مِنْ رَأْسِهِ وَيَنْقُضُ آخِرُ كَلَامِهِ أَوَّلَهُ: أَلَيْسَ قَدِ ادَّعَيْتَ فِي أَوَّلِ كَلَامِكَ أَنَّهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَنَّهُ يَرَى آيَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: رَآهُ. ثُمَّ قُلْتَ فِي آخِرِ كَلَامِكَ: فَقَدْ وَكَّلْنَا تَفْسِيرَهَا إِلَى اللَّهِ، أَفَلَا وَكَّلْتَ التَّفْسِيرَ إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تُفَسِّرَهُ؟. وَزَعَمْتَ أَيْضًا فِي أَوَّلِ كلامك أَنه لابد مِنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعْتَ عَنْ قَوْلِكَ فَقُلْتَ: لَا، بَلْ1 نَكِلُهُ إِلَى اللَّهِ، فَلَوْ كَانَ لَكَ نَاصِحٌ يَحْجُرُ2 عَلَيْكَ الْكَلَامَ!. وَالْعَجَبُ مِنْ جَاهِلٍ فَسَّرَ لَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفْسِيرَ الرُّؤْيَةِ مَشْرُوحًا مُخْلَصًا3 ثُمَّ يَقُولُ: إِنْ كَانَ كَمَا فَسَّرَ4 أَبُو حَنِيفَةَ فَقَدْ آمَنَّا بِاللَّهِ. وَلَوْ قُلْتَ: أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: آمَنَّا بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَسَّرَهُ، كَانَ أَوْلَى بِكَ5 مِنْ أَنْ تَقُولَ: آمَنَّا بِمَا فَسَّرَ أَبُو حَنِيفَةَ6، وَلَا تَدْرِي قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ؟.

_ 1 فِي س "لابد" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 2 فِي ط، س، ش "لحجر عَلَيْك الْكَلَام". 3 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط 1/ 877 مَادَّة" خلص": "التخليص: التنجية من كل منشب، تَقول: خلصته من كَذَا تخليصًا أَي نجيته تنجية فتخلص، وتخلصه تخلصًا كَمَا يتَخَلَّص الْغَزل إِذا الْتبس". 4 فِي س "كَمَا فسره". 5 لَفْظَة "بك" لَيست فِي س. 6 تقدّمت تَرْجَمته، ص"192".

وَهَلْ تَرَكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم- الرُّؤْيَةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ1 وَالْمَرِيسِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُتَأَوِّلِينَ مَوْضِعَ تَأَوُّلٍ، إِلَّا وَقَدْ فَسَّرَهُ وَأَوْضَحَهُ بِأَسَانِيدَ أَجْوَدَ مِنْ عُمَرَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ. رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ2 عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ3 عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُمَا سَحَابٌ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ" 5

_ 1 تقدم صـ"192". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 68: إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد الأحمسي مَوْلَاهُم البَجلِيّ، ثِقَة من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 46ع/. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 1/ 291 أَنه روى عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَأكْثر عَنهُ. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 127 -قيس بن أبي حَازِم البَجلِيّ، أَبُو عبد الله الْكُوفِي، ثِقَة، من الثَّانِيَة، مخضرم، وَيُقَال: لَهُ رُؤْيَة، وَهُوَ الَّذِي يُقَال إِنَّه اجْتمع لَهُ أَن يروي عَن الْعشْرَة، مَاتَ بعد التسعين، أَو قبلهَا، وَقد جَاوز الْمِائَة، وَتغَير، ع. 4 جرير بن عبد الله بن جَابر البَجلِيّ، صَحَابِيّ مَشْهُور، مَاتَ سنة 51هـ، وَقيل بعْدهَا، ع. انْظُر التَّقْرِيب 1/ 127، انْظُر، الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 1/ 234-237، وَأسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 1/ 279-280، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 1/ 233-234، وتهذيب التَّهْذِيب 2/ 73-75. 5 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرح الْفَتْح، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} حَدِيث رقم 7434، 13/ 419 من طَرِيق إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَن جرير قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نظر إِلَى الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر قَالَ: "إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ هَذَا الْقَمَر لَا تضَامون فِي رُؤْيَته.. الحَدِيث " وَانْظُر "الحَدِيث بعده رقم 7436 جـ13 صـ"419". قلت: وسرد ابْن الْقيم رَحمَه الله أَسمَاء من رووا هَذَا الحَدِيث عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ فِي كِتَابه حادي الْأَرْوَاح صـ"224-225" فَوجدت أَنهم زادوا على =

وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. فَكَيْفَ تَسْتَحِلُّ أَنْ تَقُولَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حنيفَة2 وَلَا يحْتَمل أَنْ يَكُونَ3 كَمَا فَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَرَاهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ كَمَا يَشَاءُ، كَمَا رَوَيْتَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -إِنْ كَانَ قَالَهُ- وَلَكِنْ قَالَ: "كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ صَحْوًا لَيْسَ دُونَهُمَا سَحَابٌ" 4 فَالتَّفْسِيرُ مَقْرُونٌ بِالْحَدِيثِ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ. فَمَنِ اضْطَرَّ النَّاسَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ إِلَى الْأَخْذِ بِالْمُبْهَمِ مِنْ كَلَامِ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ -إِنْ كَانَ قَالَهُ- مَعَ تَرْكِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَنْصُوصِ الْمُفَسَّرِ؟

_ = الْمِائَة ثمَّ قَالَ: "كَأَنَّكَ تَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ يَقُول ويبلغه لأمته وَلَا شَيْء أقرّ لأعينهم مِنْهُ، وَشهِدت الْجَهْمِية، والفرعونية والرافضة والقرامطة والباطنية وفروخ الصائبة وَالْمَجُوس، واليونان بِكفْر من اعْتقد ذَلِك وَأَنه من أهل التَّشْبِيه والتجسيم وتابعهم على ذَلِك كل عَدو للسّنة وَأَهْلهَا. وَالله تَعَالَى نَاصِر كِتَابه وَسنة رَسُوله وَلَو كره الْكَافِرُونَ". وَأوردهُ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي فَتَاوَاهُ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ البَجلِيّ رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: "وَهَذَا الحَدِيث من أصح الْأَحَادِيث على وَجه الأَرْض المتلقاة بِالْقبُولِ، الْمجمع عَلَيْهَا عِنْد الْعلمَاء بِالْحَدِيثِ وَسَائِر أهل السّنة" انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 6/ 421. 1 فِي س، ش "مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 2 تقدّمت تَرْجَمته، ص"192". 3 فِي ط، س، ش "وَلَا يحْتَمل أَن يكون عنْدك". 4 انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث قبله.

هَذَا إِذًا ظُلْمٌ عَظِيمٌ وَجَوْرٌ جَسِيمٌ. وَأما قلولك: وَلَمْ تَرَهُ عَيْنٌ فَتَسْتَوْصِفَهُ. فَلَوِ احْتَجَّ بِهَذَا صَبِيٌّ صَغِيرٌ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا قُلْتَ: جَهَالَةً. أَفَرَأَى أَهْلَ1 الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَمَا فِيهِمَا بِعَيْنِهِ2 فَتَسْتَوْصِفَهُ؟! وَهَلْ يَصِفُهُمَا وَيَصِفُ3 مَا فِيهِمَا إِلَّا بِمَا وَصَفَهُمَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: أَنَّ فِي الْجَنَّةِ حُورًا عِينًا وَطَعَامًا وَشَرَابًا وَنَخْلًا4 ورمانًا وشجرًا قصورًا مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ، وَلِبَاسًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ، وَحِريرًا5 وَمَا أَشْبَهَهَا. وَكَذَلِكَ النَّارُ فِيهَا أَنْكَالٌ وَقُيُودٌ وَمَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَغْلَالٌ وَسَلَاسِلُ وَحَمِيمٌ6 وَزَقُّومٌ. أَفَتَصِفُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ عَمَّنْ7 رَآهَا8 بِعَيْنِهِ9 أَوْ عَمَّا10 أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَأَخْبَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ11؟ وَكَذَلِكَ تَصِفُ رُؤْيَةَ اللَّهِ وَتُفَسِّرُهَا عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ وَإِنْ لَمْ ترَاهُ

_ 1 فَفِي ط، ش، س "أفرأى أحد الْجنَّة" وَهُوَ أوضح. 2 فِي ط، ش، س "بِعَيْنيهِ". 3 فِي ط، ش، س "وَهل نصفهما وَنصف مَا فيهمَا". 4 فِي ط، ش، س "ونخيلا". 5 فِي ط، ش، س "وحرير" بِالْجَرِّ، وَلكُل مِنْهُمَا وَجه، فبالجر عطفا على "سندس واستبرق"وَبِالنَّصبِ عطفا على "لباسًا" وَمَا قبلهَا. 6 لَفْظَة "حميم" لَيست فِي ط، ش، س. 7 فِي الأَصْل "عَن من". 8 فِي ط، ش، س "رآهما". 9 فِي ط، ش، س "بِعَيْنيهِ". 10 فِي ط، ش، س "أَو بِمَا". 11 لَيْسَ فِي ط، ش، س لفظ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

عَيْنٌ تَسْتَوْصِفُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى1: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 2 وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمُ اللَّهَ جَهْرًا 3 يَوْمَ الْقِيَامَةِ 4 كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" 5 فَأَخَذْنَا هَذَا الْوَصْفَ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ كَمَا أَخَذْنَا صِفَةَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ عَنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ نَرَ شَيْئًا مِنْهُمَا بِأَعْيُنِنَا، وَلَا أَخْبَرَنَا عَنْهُمَا من رآهما بعينية. فَتَدَبَّرْ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ كَلَامَكَ ثُمَّ تكلم، فلوا احْتَجَّ بِمَا احْتَجَجْتَ بِهِ صَبِيٌّ لم يبلغ الْحِنْث6 مازاد. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا رَوَيْتَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ7 -إِنْ صَدَقَتْ عَنْهُ رِوَايَتُكَ أَنَّهُ ذَهَبَ فِي الرُّؤْيَةِ إِلَى أَنْ 8 يَرَوْا9 لِآيَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأُمُورِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: رَآهُ, وَهَذَا أَيْضًا مِنْ حُجَجِ الصِّبْيَانِ لَمَّا أَنَّ آيَاتِهِ وَأُمُورَهُ وأفعاله10 مرئية

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، ش، س. 2 سُورَة الْقِيَامَة, آيَة "22-23". 3 فِي ط، ش "جهرة". 4 لفظ: "يَوْم الْقِيَامَة" لَيْسَ فِي س. 5 تقدم تَخْرِيجه، صـ"195". 6 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط 1/ 734 مَادَّة "حنث"، قَالَ: "وَبلغ الْغُلَام الْحِنْث أَي الْإِدْرَاك وَالْبُلُوغ، وَقيل: إِذا بلغ مبلغا جرى عَلَيْهِ الْقَلَم بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَة" بِتَصَرُّف. 7 تقدّمت تَرْجَمته، صـ"192". 8 فِي ط، ش، "إِلَى أَنهم". 9 فِي ش "يرَوْنَ "وَصَوَابه حذف النُّون. 10 من قَوْله: "فَيجوز أَن يُقَال: رَآهُ" إِلَى قَوْله: "وأموره وأفعاله" لَيست فِي س، ش وَلَعَلَّه سقط سَهوا وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.

مَنْظُورٌ إِلَيْهَا فِي الدُّنْيَا كُلَّ يَوْمٍ وَسَاعَةٍ فَمَا مَعْنَى تَوْقِيتِهَا وَتَحْدِيدِهَا وَتَفْسِيرِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا فَقَدْ جَهِلَ، وَإِنْ1 كَانَ كَمَا ادَّعَيْتَ وَرَوَيْتَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ2 مَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ دُونَ الْأَيَّامِ. فَفِي دَعْوَاكَ: يَجُوزُ لِلْخَلْقِ كُلِّهِمْ، مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَرَى رَبَّنَا فِي الدُّنْيَا كُلَّ يَوْمٍ وَسَاعَةٍ، لما أَنَّهُمْ يَرَوْنَ كُلَّ سَاعَةٍ وَكُلَّ لَيْلَةٍ وَكُلَّ يَوْمٍ3 أُمُورَهُ وَآيَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ، فَقَدْ بَطُلَ فِي دَعْوَاكَ قَوْله4: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} 5؛ لِأَنَّ الْأَبْصَارَ كُلَّ يَوْمٍ وَسَاعَةٍ تُدْرِكُ أُمُورَهُ وَآيَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَأَنْكَرْتُمْ عَلَيْنَا رُؤْيَتَهُ فِي الْآخِرَةِ وَأَقْرَرْتُمْ بِرُؤْيَةِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ، لَمَّا أَنَّهُمْ جَمِيعًا لَا يَزَالُونَ يَرَوْنَ آيَاتِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فخالقهم بِسُلُوكِ هَذِهِ الْمحُجَّةِ جَمِيعَ الْعَالَمِينَ، وَرَدَدْتُمْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى6: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} إِذا ادَّعَيْتُمْ أَنَّ رُؤْيَتَهُ يَعْنِي إِدْرَاكَ آيَاتِهِ وَأُمُورِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَأَمَّا دَعْوَاكَ: أَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى7: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ

_ 1 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، والأوضح فِي هَذَا الْمقَام أَن يُقَال: "وَلَو" بدل: "وَإِن". 2 أَبُو حنيفَة -رَحمَه الله- تقدم ص"192". 3 فِي ط، س، ش "وكل يَوْم وكل لَيْلَة". 4 لفظ: "قَوْله" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} 1 فَلَوْ قَدْ عَقَلْتَ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ وَفِيمَ2 أُنْزِلَتْ، لَكَانَ احْتِجَاجُكَ إِقْرَارًا3 بِرُؤْيَةِ اللَّهِ عَيَانًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الرُّؤْيَةَ كَانَتْ رُؤْيَةَ عَيَانٍ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ رُؤْيَةُ الْقَتْلِ وَالْقِتَالِ، فَقَدْ رَأَوْهُ بِأَعْيُنِهِمْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ، فَلَمْ يَصْبِرُوا لَهُ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَوْمٍ غَابُوا عَنْ مَشْهَدِ بَدْرٍ فَقَالُوا: "لَئِنْ أَرَانَا اللَّهُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ مَا نَصْنَعُ، وَلَنُقَاتِلَنَّ" فَأَرَاهُمُ اللَّهُ الْقِتَالَ عَيَانًا، وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ بِأَعْيُنِهِمْ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ كَمَا قَالَ اللَّهُ وَلَمْ يَصْبِرُوا لِلْقِتَالِ، فَعَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ4 فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى5: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} 6 فَكَانَ هَذَا

_ 1 سُورَة آل عمرَان آيَة "143". 2 فِي ط، ش "وَفِيمَا". 3 فِي الأَصْل "إِقْرَار" بِالرَّفْع وَصَوَابه النصب؛ لِأَنَّهَا خبر كَانَ. 4 فِي ط، س، ش "فَعَفَا عَنْهُم". 5 لفظ "الله تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 سُورَة آل عمرَان، أَيَّة "143"، وَفِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة ذكر ابْن جرير الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره أَن قوما مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّن لم يشهدو بَدْرًا. كَانُوا يتمنون قبل أحد يَوْمًا مثل يَوْم بدر فيبلوا الله من أنفسهم خيرا، وينالوا من الْأجر مثل مَا نَالَ أهل بدر، فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد فر بَعضهم وصبر بَعضهم حَتَّى أوفى بِمَا كَانَ عَاهَدَ الله قبل ذَلِك، فعاتب الله من فر مِنْهُم فَقَالَ، {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} الْآيَة، وَأثْنى على الصابرين مِنْهُم والموفين بعهدهم، ثمَّ ذكر الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي ذَلِك بأسنايد إِلَى مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالربيع وَالْحسن وَابْن إِسْحَاق وَغَيرهم، وَانْظُر "جَامع الْبَيَان للطبري تَحْقِيق وَتَخْرِيج مَحْمُود شَاكر وَأحمد شَاكر 7/ 248-250، قلت: وَكَانَ مِمَّن ثَبت فِي المعركة أنس بن النَّضر رَضِي الله عَنهُ كَمَا يدل لذَلِك الْخَبَر الْمَذْكُور بعده.

رُؤْيَةَ عَيَانٍ لَا رُؤْيَةَ خَفَاءٍ. حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ2، عَنْ ثَابِتٍ3، عَنْ أَنَسٍ4 قَالَ: "تَغَيَّبَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ5 عَنْ بَدْرٍ فَقَالَ: تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، لإن أَرَانِي الله قتالًا

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم صـ"168". 2 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم صـ"187". 3 ثَابت بن أسلم الْبنانِيّ: تضم الْمُوَحدَة ونونين مخففين، أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ، ثِقَة، عَابِد، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة بضع وَعشْرين وَله سِتّ وَثَمَانُونَ، ع، انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 115، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 2/ 2 أَنه روى عَن أنس وَعنهُ الحمادان. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 84: أنس بن مَالك بن النَّضر الْأنْصَارِيّ الخزرجي، خَادِم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، خدمه عشر سِنِين، صَحَابِيّ مَشْهُور، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ، وَقيل ثَلَاث وَتِسْعين وَقد جَاوز الْمِائَة، ع، انْظُر الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر، ذيل الْإِصَابَة 1/ 44-45، وَأسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 1/ 127-129، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 1/ 84-85 وتهذيب التَّهْذِيب 1/ 376-379. 5 فِي ط، ش، "أنيس" بِالتَّصْغِيرِ وصوابهما أَثْبَتْنَاهُ. وَهُوَ الَّذِي سمي بِهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ فقد قَالَ: "عمي الَّذِي سميت بِهِ لم يشْهد مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا" انْظُر: صَحِيح مُسلم 3/ 1512، قلت: وَهُوَ أنس بن النَّضر بن ضَمْضَم الْأنْصَارِيّ الخزرجي عَم أنس بن مَالك قتل يَوْم أحد شَهِيدا، قَالَ أنس فَوَجَدنَا بِهِ بضعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَة بِسيف أَو طعنة بِرُمْح أَو رمية بِسَهْم، ووجدناه قد قتل وَمثل بِهِ الْمُشْركُونَ فَمَا عَرفته أُخْته الرّبيع بنت النَّضر إِلَّا ببنانه. "بِتَصَرُّف من أَسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 1/ 131-132، والإصابة لِابْنِ حجر بهامشه الِاسْتِيعَاب 1/ 74".

لَيَرَيَنَّ مَا أَصْنَعُ"1. حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ2، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ3، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ5 {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} 6 قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ لَمْ يَشْهَدُوا

_ 1 فِي ط، ش "لأرين الله مَا أصنع" وَفِي س" ليرين الله مَا أصنع" قلت: والْحَدِيث أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 3/ 253 قَالَ: حَدثنَا عبد الله، حَدثنِي أبي، ثَنَا عَفَّان، ثَنَا حَمَّاد قَالَ: أَنا ثَابت عَن أنس بن النَّضر تغيب عَن قتال بدر فَقَالَ: "تغيب عَن أول مشْهد شهده النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِن رَأَيْت قتالًا ليرين الله مَا أصنع ... " الحَدِيث وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الأمارة بَاب ثُبُوت الْجنَّة للشهيد، حَدِيث رقم 148، 3/ 1512 عَن أنس بِنَحْوِهِ. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 400: الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن نصر النَّرْسِي: بِفَتْح النُّون وَسُكُون الرَّاء بعْدهَا مُهْملَة، ثِقَة من الْعَاشِرَة مَاتَ سنة 38/ خَ م س، وَفِي حَاشِيَة الكاشف 2/ 92 قَالَ: النَّرْسِي بِفَتْح النُّون وَسُكُون الرَّاء نِسْبَة إِلَى نرس نهر بِالْكُوفَةِ عَلَيْهِ عدَّة قرى. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 364 يزِيد بن زُرَيْع بِتَقْدِيم الزَّاي مُصَغرًا، الْبَصْرِيّ أَبُو مُعَاوِيَة ثِقَة، ثَبت، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 82/ ع. 4 هُوَ سعيد بن أبي عرُوبَة، مهْرَان: الْيَشْكُرِي، مَوْلَاهُم، أَبُو النَّضر الْبَصْرِيّ ثِقَة، حَافظ، لَهُ تصانيف، لكنه كثير التَّدْلِيس، وَاخْتَلَطَ، وَكَانَ من أثبت النَّاس فِي قَتَادَة، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 56 وَقيل: 75/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 302، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/ 63: روى عَن قَتَادَة.... وَعنهُ يزِيد بن زُرَيْع. 5 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180" وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 353 أَن سعيد بن أبي عرُوبَة روى عَنهُ. 6 فِي ط، س، ش "زِيَادَة {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} وَالْآيَة من سُورَة آل عمرَان أَيَّة "143".

بَدْرًا، وَكَانُوا يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يَرَوْا قِتَالًا فَيُقَاتِلُوا1 فَهَذِهِ رُؤْيَةُ عَيَانٍ لَا رُؤْيَةُ خَفَاءٍ. فَإِنْ أَنْكَرْتَ مَا قُلْنَا فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْمَوْتَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ، قَالَ: "يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ، فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. فَيُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ وَلَا مَوْتٌ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ وَلَا مَوْتٌ" 2.

_ 1 سبق وَأَن أَشَرنَا إِلَى سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة صـ"200" إِجْمَالا والمروي عَن قَتَادَة أخرجه ابْن جرير فِي تفسييره الْجَامِع 4/ 71 قَالَ: حَدثنَا بشر قَالَ: ثَنَا يزِيد قَالَ: ثَنَا سعيد عَن قَتَادَة قَوْله: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} أنَاس من الْمُؤمنِينَ لم يشْهدُوا يَوْم بدر وَالَّذِي أعْطى الله أهل بدر من الْفضل والشرف وَالْأَجْر فَكَانُوا يتمنون أَن يرزقوا قتالًا فيقاتلوا فسيق إِلَيْهِم الْقِتَال حَتَّى كَانَ فِي نَاحيَة الْمَدِينَة يَوْم أحد. فَقَالَ الله كَمَا تَسْمَعُونَ: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ -حَتَّى بلغ- الشَّاكِرِينَ} . 2 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحَة بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّفْسِير، بَاب الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظ "يُؤْتى بِالْمَوْتِ كَهَيئَةِ كَبْش أَمْلَح فينادي مُنَاد: يَا أهل الْجنَّة، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُول هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُول: نعم هَذَا الْمَوْت وَكلهمْ قدرآه ثمَّ يُنَادي: يَا أهل النَّار، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُول: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نعم هَذَا الْمَوْت، وَكلهمْ قد رَآهُ فَيذْبَح ثمَّ يَقُول، يَا أهل الْجنَّة، خُلُود فَلَا موت، يَا أهل النَّار خُلُود فَلَا موت...." إِلَخ وَانْظُر: الْمسند بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 2/ 377، 3/ 9.

وَلَوْلَا كَثْرَة مَا يستنكر الْحَقَّ وَيَرُدُّهُ1 بِالْجَهَالَةِ لَمْ نَشْتَغِلْ بِكُلِّ هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ فِي الرُّؤْيَةِ لَمَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَّرَها تَفْسِيرًا لَمْ يَدَعْ فِيهِ لِمُتَأَوِّلٍ2 فِيهَا مَقَالًا، إِلَّا أَنْ يُكَابِرَ رَجُلٌ غَيْرَ3 الْحَقِّ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: " هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: هَلْ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ صَحْوًا؟ فَكَذَلِكَ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَته " 4 حدّثنَاهُ5 نعيم6

_ 1 فِي ط، س، ش، "وَلَولَا كَثْرَة مَا تستنكر الْحق وترده بالجهالة" وَهُوَ الأولى. 2 فِي ط، ش "لأحد فِيهَا مقَالا". 3 فِي ط، س، ش "عين الْحق". 4 أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا: انْظُر صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} . حَدِيث رقم 7437، 13/ 419 من طَرِيق آخر عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أَن النَّاس قَالُوا: يَا رَسُول الله هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "هَل تضَارونَ فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: فَهَل تضَارونَ فِي الشَّمْس لَيْسَ دونهَا سَحَاب؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله، قَالَ: فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك ... " الحَدِيث، وَفِي الحَدِيث بعده رقم 7438 قَالَ عَطاء بن يزِيد وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ مَعَ أبي هُرَيْرَة: لَا يرد من حَدِيثه شَيْئا.... إِلَخ. وَانْظُر: صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْإِيمَان بَاب معرفَة طَرِيق الرُّؤْيَة، حَدِيث رقم 299، 1/ 163-166. 5 فِي س "حَدثنَا". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب بحاشية تعقيب التَّقْرِيب 2/ 525: نعيم بن حَمَّاد بن مُعَاوِيَة بن الْحَارِث الْخُزَاعِيّ، أَبُو عبد الله الْمروزِي، نزيل مصر، صَدُوق يُخطئ كثيرا، فَقِيه عَارِف بالفرائض، من الْعَاشِرَة مَاتَ سنة 28 على الصَّحِيح وَقد تتبع ابْن عدي مَا أَخطَأ فِيهِ وَقَالَ: بَاقِي حَدِيثه مُسْتَقِيم، خَ فق د ق، وَانْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 10/ 458.

عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ1، عَنْ مَعْمَرٍ2، عَنِ الزُّهْرِيِّ3، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ4، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5 وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. وحدثناه نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ7، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن سعيد8.................................

_ 1 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم صـ"143". 2 معمر بن رَاشد الْأَزْدِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو عُرْوَة الْبَصْرِيّ، نزيل الْيمن، ثِقَة، ثَبت فَاضل، إِلَّا أَن فِي رِوَايَته عَن ثَابت وَالْأَعْمَش وَهِشَام بن عُرْوَة شَيْئا وَكَذَلِكَ فِيمَا حدث بِهِ بِالْبَصْرَةِ من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 54هـ وَهُوَ ابْن 58 سنة، ع، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 266، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف: عَن الزُّهْرِيّ وَهَمَّام وَعنهُ غنْدر وَابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق، انْظُر: الكاشف 3/ 164. 3 الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن شهَاب، تقدم صـ"175". 4 عَطاء بن زيد اللَّيْثِيّ، الْمدنِي، نزيل الشَّام، ثِقَة من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة خمس أَو سبع وَمِائَة وَقد جَاوز الثَّمَانِينَ، ع. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 23، وَقَالَ فِي الكاشف 2/ 267: وَعنهُ الزُّهْرِيّ وَسُهيْل وَأَبُو عبيد الْحَاجِب. 5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 289: سعد بن مَالك بن سِنَان بن عبيد الْأنْصَارِيّ أَو سعيد الْخُدْرِيّ، لَهُ ولأبيه صُحْبَة واستصغر بِأحد ثمَّ شهد مَا بعْدهَا وروى الْكثير وَمَات بِالْمَدِينَةِ سنة ثَلَاث أَو أَربع أَو خمس وَسِتِّينَ، وَقيل: سنة أَربع وَسبعين، ع. وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 2/ 44، وَأسد الغابة 2/ 289-290، والإصابة 2/ 32-33 وتهذيب التَّهْذِيب 3/ 479-480. 7 نعيم بن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ، تقدم ص”204" وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1419 أَنه روى عَن إِبْرَاهِيم بن سعد. 8 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَصَوَابه ابْن سعد، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 35: إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيّ أَبُو إِسْحَاق الْمدنِي، نزيل بَغْدَاد، ثِقَة، حجَّة، تكلم فِيهِ بِلَا قَادِح، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 85/ ع، وَفِي ميزَان الِاعْتِدَال 1/ 35 أَنه سمع من الزُّهْرِيّ، ثمَّ أَكثر عَن صَالح عَنهُ.

عَنِ الزُّهْرِيِّ1، عَنْ عَطَاءِ بْنِ زيد اللَّيْثِيِّ2، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدَّثَنَا4 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ 5، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ6، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ7، عَنْ عَطَاءِ بن يسَار8......................

_ 1 الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن شهَاب، تقدم ص"175" وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1269 أَن إِبْرَاهِيم بن سعد روى عَنهُ. 2 عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، تقدم فِي الصفحة السَّابِقَة. 3 فِي ط، س، ش "زِيَادَة" رَضِي الله عَنهُ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"179" والْحَدِيث تقدم تَخْرِيجه من طَرِيق أبي هُرَيْرَة قَرِيبا. 4 فِي ط، س، ش "وحدثناه". 5 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171". 6 اللَّيْث بن سعد بن عبد الرَّحْمَن الفهمي، أَبُو حَارِث، الْمصْرِيّ، ثِقَة، ثَبت فَقِيه، إِمَام مَشْهُور من السَّابِعَة، مَاتَ فِي شعْبَان سنة 75/ ع انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 138. 7 هِشَام بن سعد الْمدنِي، أَبُو عباد أَو أَبُو سعد، صَدُوق، لَهُ أَوْهَام وَرمي بالتشيع، من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 60 أَو قبلهَا خت م وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 318، وَفِي الْخُلَاصَة اللخزرجي ص"406" أَنه روى عَن زيد بن أسلم فَأكْثر عَنهُ وَعنهُ اللَّيْث وَابْن مهْدي، قَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ أثبت النَّاس فِي زيد بن أسلم. 8 عَطاء بن يسَار الْهِلَالِي، أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي، مولى مَيْمُونَة، ثِقَة فَاضل، صَاحب مواعظ وَعبادَة، من صغَار الثَّالِثَة، مَاتَ سنة94 وَقيل: بعد ذَلِك/ ع. انْظُر التَّقْرِيب 2/ 267.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ1، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَحَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ3 عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ 4 عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنُ أَبِي خَالِدٍ5 عَنْ قَيْسِ بن أبي حَازِم6................................

_ 1 أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”205". 2 كَذَا ورد هَذَا الْإِسْنَاد فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَالَّذِي يظْهر أَن هُنَاكَ انْقِطَاعًا فِي السَّنَد بَين هِشَام بن سعد وَعَطَاء، إِذْ لم أجد هشامًا فِي تلاميذ عَطاء وَلَا أَن عَطاء من شُيُوخ هِشَام، وَقد جَاءَ عِنْد ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يسَار، عَن أبي سعيد مَرْفُوعا "انْظُر: ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد بتحقيق هراس ص”156"، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الِاعْتِقَاد تَخْرِيج وَتَعْلِيق أَحْمد عِصَام ص”129"، قلت: وَأخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من طَرِيق يحيى بن بكر حَدثنَا اللَّيْث بن أسعد عَن خَالِد ين يزِيد عَن سعيد بن أبي هِلَال عَن زيد عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أبي سعيد مَرْفُوعا، وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه من طَرِيق سُوَيْد بن سعيد قَالَ: حَدثنِي حَفْص بن ميسرَة عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سعيد مَرْفُوعا "انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه، الْفَتْح كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} حَدِيث رقم 7439، 13/ 420، وَمُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْإِيمَان، بَاب معرفَة طَرِيق الرُّؤْيَة حَدِيث رقم 302، 1/ 167. 3 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، تقدم ص"173". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 471: عبد ربه بن نَافِع الْكِنَانِي، الحناط: بِمُهْملَة وَنون نزيل الْمَدَائِن، أَبُو شهَاب الْأَصْغَر، صَدُوق يهم، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 71 أَو 72، خَ م س ق. وَقَالَ فِي الكاشف 2/ 154: وَعنهُ مُسَدّد وَأحمد بن يُونُس توفّي سنة 172هـ. 5 فِي ط، ش "إِسْمَاعِيل بن خَالِد" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، تقدم ص”195". 6 قيس بن أبي حَازِم، تقدم ص"195".

عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ1، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. وَحدثنَا2 عَليّ بن الْمَدِينِيِّ3، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ4، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ5. قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ6: لَا يَكُونُ مِنَ الْإِسْنَادِ شَيْءٌ أَجْوَدَ مِنْ هَذَا7. وَقَدْ رَوَيْنَا فِيهِ بَابًا كَبِيرًا فِي الْكتاب الأول8 بأسنيدها، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَا وَلَمْ يَرْجُهَا كَانَ مِنَ الْمَحْجُوبِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الَّذِينَ قَالَ تَعَالَى9.

_ 1 فِي ط، ش، س "رضى الله عَنهُ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"195". والْحَدِيث من طَرِيق إِسْمَاعِيل، عَن قيس، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، تقدم تَخْرِيجه ص"195". 2 فِي ط، ش، "وحدثناه". 3 عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص"151". 4 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 5 إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، تقدم "195". 6 عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص"151". 7 وَفِي الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ص"54" عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ: حَدثنَا بِهِ سِتَّة، عَن إِسْمَاعِيل: سُفْيَان، وهشيم، ووكيع، والمعتمر وَغَيرهم، قَالَ عَليّ: لَا يكون الْإِسْنَاد أَجود من هَذَا. 8 هُوَ كِتَابه "الرَّد على الْجَهْمِية" وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك الْمُؤلف فِي مَوضِع آخر من هَذَا الْكتاب، حَيْثُ قَالَ: "وَقَدْ فَسَّرْنَا أَمْرَ الرُّؤْيَةِ وَرَوَيْنَا مَا جَاءَ فِيهَا مِنَ الْآثَارِ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، الَّذِي أَمْلَيْنَاهُ فِي الْجَهْمِية" انْظُر، ص"368"، وَانْظُر: الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف، بتحقيق زُهَيْر الشاويش ص"53-68". 9 فِي ط، ش "قَالَ الله تَعَالَى فيهم".

{كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 1؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: "مَنْ كَذَّبَ بِفَضِيلَةٍ لَمْ يَنَلْهَا"2 وَقَدْ كَذَّبَتِ الْجَهْمِيَّةُ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ أَشَدَّ التَّكْذِيبِ. وَكَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ3 قَالَ: "من نَازع فِي الحَدِيث الرُّؤْيَة ظهر أَنه جهمي"4.

_ 1 سُورَة المطففين، آيَة "15". 2 أوردهُ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الصَّغِير/ تَحْقِيق مُحَمَّد محيى الدَّين 2/ 506 بِلَفْظ "من بلغه عَن الله فَضِيلَة فَلم يصدق بهَا لم ينلها" وَعَزاهُ إِلَى الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس، وَقَالَ عَنهُ: ضَعِيف. وَذكره أَيْضا السخاوي فِي الْمَقَاصِد الْحَسَنَة فِي تَعْلِيقه على حَدِيث رقم 1091 ص"405" بِلَفْظ السُّيُوطِيّ، وَعَزاهُ إِلَى أبي يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُحَمَّد بن هِشَام الْمُسْتَمْلِي فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط. وَنَقله أَيْضا العجلوني فِي كشف الخفاء عَن السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الصَّغِير، بِمثل مَا ذكرنَا "انْظُر: كشف الخفاء ومزيل الألباس للعجلوني، تَصْحِيح وَتَعْلِيق أَحْمد القلاش 2/ 328. وَأوردهُ الألباني بِلَفْظ السُّيُوطِيّ وَقَالَ عَنهُ: مَوْضُوع النّظر: ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير وزيادته/ حَدِيث رقم 5513، 5/ 181 وسلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة حَدِيث رقم 453 المجلد الأول ص"458". 3 عَليّ بن خشرم، تقدم ص"146". 4 قلت: وَقد نقل أَيْضا عَن الإِمَام أَحْمد وَغَيره القَوْل بِأَن من أنكر الرُّؤْيَة فَهُوَ جهمي، وَنقل أَيْضا عَنْهُم القَوْل بتكفيرهم هم "انْظُر: البُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد ضمن مَجْمُوعَة عقائد السّلف للنشار ص"129"، وَانْظُر من نَقله ابْن الْقيم أَيْضا فِي حادي الأوراح ص"235-240".

باب النزول

بَابُ النُّزُولِ: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ من دَاع. حدّثنَاهُ1 الْقَعْنَبِيُّ2 وَابْنُ بُكَيْرٍ3 عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ4 عَنِ ابْنِ شِهَابٍ5 عَن الْأَغَر6..........................................

_ 1 فِي ط، ش، س "حَدثنَا". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 451: عبد الله بن مسلمة بن قعنب، القعْنبِي الْحَارِثِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن الْبَصْرِيّ، أَصله من الْمَدِينَة، وسكنها مُدَّة، ثِقَة، عَابِد، كَانَ ابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ لَا يقدمان عَلَيْهِ فِي الْمُوَطَّأ أحدا، من صغَار التَّاسِعَة، مَاتَ فِي أول سنة 21 بِمَكَّة، خَ م د ت س. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 351: يحيى بن عبد الله بن بكير، المَخْزُومِي مَوْلَاهُم الْمصْرِيّ، وَقد ينْسب إِلَى جده، ثِقَة فِي اللَّيْث، وَتَكَلَّمُوا فِي سَمَاعه من مَالك، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 31هـ وَله 77 خَ م ق. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب: مَالك بن أنس بن أبي عَمْرو والأصبحي، أَبُو عبد الله، الْمدنِي، الْفَقِيه، إِمَام دَار الْهِجْرَة، رَأس الْمُتَّقِينَ وكبير المثبتين، حَتَّى قَالَ البُخَارِيّ: أصح الْأَسَانِيد كلهَا: مَالك عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، من السَّابِعَة مَاتَ سنة 79هـ وَكَانَ مولده سنة 93هـ وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: بلغ 90 سنة، ع. 5 ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175". 6 الْأَغَر هُوَ سلمَان الْأَغَر أَبُو عبد الله الْمدنِي مولى جُهَيْنَة، أَصله من أَصْبَهَان، ثِقَة، من كبار الثَّالِثَة، ع، انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 315، قَالَ فِي الكاشف 1/ 383: عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي أَيُّوب وَعنهُ الزُّهْرِيّ وَبُكَيْر بن الْأَشَج.

وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَنْزِلُ رَبنَا كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا حِينَ 3 يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخر فَيَقُول: من يدعني 4 أستجيب 5 لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ ". حَدَّثَنَا أَبُو عمر الحوضي7....................................

_ 1 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تقدم ص"176". 2 "رَضِي الله عَنهُ" لم ترد فِي ط، ش، س، وَأَبُو هُرَيْرَة صَحَابِيّ تقدم ص"179". 3 فِي ط، ش "حَتَّى". 4 فِي ط، ش، س "يدعوني". 5 فِي ط، ش، س "أستجيب" دون ذكر "لَهُ". 6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّهَجُّد، بَاب الدُّعَاء وَالصَّلَاة من آخر اللَّيْل، حَدِيث رقم 1145، 3/ 29 قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة، عَن مَالك بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "ينزل رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى كل لَيْلَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخر يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ". وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب السّنة، بَاب الرَّد على الْجَهْمِية، حَدِيث رقم 4733، 5/ 100-103 قَالَ: حَدثنَا القعْنبِي عَن مَالك بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره. 7 جَاءَ فِي التَّقْرِيب تَحْقِيق وَتَعْلِيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف 1/ 187: "أَبُو عَمْرو" آخِره وَاو، وَفِي الطبعة الْهِنْدِيَّة "أَبُو عمر" وَهُوَ الصَّوَاب وَبِه جَاءَ عِنْد الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 241 والخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"87" وَفِي س، صحف "الحوضي" فَقَالَ: "الخرصي" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا رَاء ثمَّ الصَّاد الْمُهْملَة وَفِي الكاشف "الجوصي" بِالْجِيم ثمَّ الْوَاو وَالصَّاد الْمُهْملَة، وَصَوَابه "الحوضي" بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة كم أثبتنا وَبِه جَاءَ عِنْد ابْن الْأَثِير فِي اللّبَاب والخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص”118": حَفْص بن عمر بن الْحَارِث بن سَخْبَرَة بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْخَاء وَفتح الْمُوَحدَة الْأَزْدِيّ النمري، بِفَتْح النُّون وَالْمِيم أَبُو عمر الحوضي وَهُوَ بهَا أشهر، عيب بِأخذ الْأُجْرَة على الحَدِيث، من كبار الْعَاشِرَة مَاتَ سنة 25/ خَ د س انْتهى, فِي اللّبَاب 1/ 402 أَن الحوضي نِسْبَة إِلَى الْحَوْض وَالْمَشْهُور بهَا أَبُو عمر حَفْص بن عمر بن الْحَارِث النمري الْمَعْرُوف بالحوضي.

عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ1، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ2 عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ3 عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ4 عَنْ رِفَاعَةَ الْجُهَنِي5 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم

_ 1 هِشَام بن أبي عبد الله سنبر، بِمُهْملَة ثمَّ نون مُوَحدَة، وزن جَعْفَر، أَبُو بكر الدستوَائي، بِفَتْح الدَّال وَسُكُون السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَفتح الْمُثَنَّاة ثمَّ مد، ثِقَة ثَبت وَقد رمي بِالْقدرِ، من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 54 وَله 78 سنة، ع، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 319. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 356: يحيى بن أبي كثير الطَّائِي، مَوْلَاهُم أَبُو نصر اليمامي، ثِقَة، ثَبت، لكنه يُدَلس وَيُرْسل، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 32، وَقيل قبل ذَلِك/ ع. 3 هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 324: هُوَ ابْن عَليّ، وَقَالَ فِي نفس الْمصدر والصفحة: هِلَال بن عَليّ بن أُسَامَة العامري، الْمدنِي، وينسب إِلَى جده، ثِقَة من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة بضع عشرَة وَمِائَة/ ع. 4 عَطاء بن يسَار، تقدم ص”206". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 251: رِفَاعَة بن عرابة: بِفَتْح الْمُهْملَة وَالرَّاء الْمُوَحدَة، الْجُهَنِيّ الْمدنِي، صَحَابِيّ لَهُ حَدِيث، س ق.

قَالَ: "إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ -أَوْ شَطْرُ اللَّيْلِ- يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَيّ السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُولُ: لَا أَسْأَلُ عَنْ عِبَادِي غَيْرِي، فَمَنْ 1 يَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرْ لَهُ؟ مَنْ يَدْعُنِي 2 أَسْتَجِبْ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي أُعْطِهِ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفجْر" 3،

_ 1 فِي ط، ش، س "من". 2 فِي ط، ش، س "يدعوني". 3 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 4/ 16 قَالَ: حَدثنَا عبد الله حَدثنِي أبي، ثَنَا يحيى بن سعيد قَالَ حَدثنَا هِشَام -يَعْنِي الدستوَائي- بِهَذَا السَّنَد فِي آخِره بِلَفْظ: "إِذا مضى نصف اللَّيْل ينزل الله عز وَجل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُولُ: لَا أَسْأَلُ عَنْ عبَادي أحدا غَيْرِي، من ذَا الَّذِي يستغفرني فَأغْفِر لَهُ؟ من ذَا الَّذِي يدعوني فأستجب لَهُ؟ من ذَا الَّذِي يسألني فَأعْطِيه؟ حتي ينفجر الصُّبْح". وَأخرجه ابْن مَاجَه من طَرِيق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا مُحَمَّد بن مُصعب، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَد الدَّارمِيّ وَذكره، وَقَالَ، مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي: "فِي الزَّوَائِد مُحَمَّد بن مُصعب ضَعِيف، قَالَ صَالح بن مُحَمَّد: عَامَّة أَحَادِيث، عَن الْأَوْزَاعِيّ مَقْلُوبَة"، انْظُر: سنَن ابْن مَاجَه، بترتيب مُحَمَّد فؤاد، كتاب إِقَامَة الصَّلَاة، بَاب ماجاء فِي أَي سَاعَات اللَّيْل أفضل، حَدِيث رقم 1367، 1/ 435. قلت: وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، بتحقيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص "132-133" من طَرِيق هِشَام وَمن طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا. وَأخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة، بتحقيق د. أَحْمد سعد 3/ 441 من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ أَيْضا. وَأوردهُ ابْن الْقيم فِي مُخْتَصر الصَّوَاعِق 2/ 336 من طَرِيق ابْن الْمُبَارك قَالَ: حَدثنَا هِشَام -بِسَنَد عُثْمَان الدَّارمِيّ- قَالَ: "هَذَا حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده" وَفِيه رد على من زعم أَن الَّذِي ينزل من الْمَلَائِكَة فَإِن الْملك لَا يَقُول: "لَا أَسْأَلُ عَنْ عِبَادِي غَيْرِي" وَلَا يَقُول: "من يسألني أعْطه".

وَهَذا بَابٌ طَوِيلٌ قَدْ جَمَعْنَاهُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ1. فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِلُ بِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ، وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ بِكُلِّ2 مَكَانٍ، مِنْ غَيْرِ زَوَالٍ؛ لِأَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، وَالْقَيُّومُ بِزَعْمِهِ مَنْ لَا يَزُولُ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ حُجَجِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ بَيَانٌ، وَلَا لِمَذْهَبِهِ بُرْهَانٌ؛ لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ يَنْزِلُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَوَقْتٍ وَأَوَانٍ، فَمَا بَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُدُّ لِنُزُولِهِ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ؟ وَيُوَقِّتُ مِنَ اللَّيْلِ شَطْرَهُ أَوِ الْأَسْحَارَ؟ أَفَبِأَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ3 يَدْعُو الْعِبَادَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ؟ أَوْ يُقَدِّرُ الْأَمْرَ وَالرَّحْمَةَ أَنْ يَتَكَلَّمَا دُونَهُ فَيَقُولَا: "هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فأعفر لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَ؟ "4 فَإِنْ قَرَّرْتَ مَذْهَبَكَ لَزِمَكَ أَنْ تَدعِي أَن5 الرَّحْمَة وَالْأَمْرَ اللَّذَيْنِ يَدْعُوَانِ إِلَى الْإِجَابَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِكَلَامِهِمَا دُونَ اللَّهِ. هَذَا مُحَالٌ عِنْدَ السُّفَهَاءِ، فَكَيْفَ عَنْدَ الْفُقَهَاءِ؟ وَقَدْ6 عَلِمْتُمْ ذَلِكَ وَلَكِنْ تُكَابِرُونَ. وَمَا بَالُ رَحْمَتِهِ وَأَمْرِهِ يَنْزِلَانِ مِنْ عِنْدِهِ شَطْرَ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَا يَمْكُثَانِ إِلَّا إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ يُرْفَعَانِ؛ لِأَنَّ رِفَاعَةَ7 يَرْوِيهِ يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ: "حَتَّى

_ 1 يقْصد بذلك كتاب "الرَّد على الْجَهْمِية" وَقد أَشرت إِلَى ذَلِك ص”208". 2 فِي ط، ش، س "وَبِكُل مَكَان". 3 فِي س "أفبرحمته وَأمره" وَفِي ط، ش "فبرحمته وَأمره". 4 تقدم تَخْرِيجه فِي الصفحة السَّابِقَة. 5 فِي ط، ش "أَن تدعوا الرَّحْمَة وَالْأَمر"، وَفِي س "أَن تَدعِي الرَّحْمَة وَالْأَمر". 7 رِفَاعَة، تقدم ص”212".

يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ" 1. وَقَدْ2 عَلِمْتُمْ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَبْطَلُ بَاطِلٍ، لَا يَقْبَلُهُ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ. وَأَمَّا دَعْوَاكَ: أَنَّ تَفْسِيرَ "الْقَيُّومِ" الَّذِي لَا يَزُولُ مِنْ مَكَانِهِ وَلَا يَتَحَرَّكُ3، فَلَا يُقْبَلُ مِنْكَ4 هَذَا التَّفْسِيرُ إِلَّا بِأَثَرٍ صَحِيحٍ، مَأْثُورٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ5 أَوِ التَّابِعِينَ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ الْقَيُّومَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَتَحَرَّكُ إِذَا شَاءَ، ويهبط6 ويرتفع إِذا شَاءَ، وينقبض وَيَبْسُطُ وَيَقُومُ وَيَجْلِسُ إِذَا شَاءَ؛ لِأَنَّ أَمَارَةُ مَا بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ التَّحَرُّكَ. كُلُّ حَيٍّ مُتَحَرِّكٌ لَا مَحَالَةَ. وَكُلُّ مَيِّتٍ غَيْرُ مُتَحَرِّكٍ لَا مَحَالَةَ7. وَمَنْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَفْسِيرِكَ وَتَفْسِيرِ صَاحِبِكَ مَعَ تَفْسِير نَبِي الرَّحْمَة

_ 1 تقدم تَخْرِيجه ص"213". 2 فِي ط، ش، س "قد علمْتُم". 3 فِي ط، ش، س "فَلَا يَتَحَرَّك". 4 فِي ط، ش "مثل هَذَا التَّفْسِير". 5 قَوْله: "أَو عَن بعض أَصْحَابه" تَكَرَّرت فِي الأَصْل. 6 فِي ط، ش "وَينزل" بدل "ويهبط" وَهُوَ أولى. 7 ذكر حَامِد الفقي فِي تَعْلِيقه على المطبوعة "أَن هَذِه الْأَلْفَاظ لم ترد فِي الْقُرْآن وَلَا فِي السّنة فتوقف عَن وصف الله تَعَالَى بهَا" وَمرَاده بالألفاظ الَّتِي لم ترد هِيَ قَوْله: "يهْبط، وَيقوم وَيجْلس ويتحرك" قلت: وَقد ورد فِي بَعْضهَا نَص إِلَّا أَن فِي ثُبُوته نظر: ويغني عَنْهَا مَا ورد فِي النُّصُوص كَقَوْلِه تَعَالَى {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَار} [الْقَصَص: 68] وَقَوله: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الْحَج: 18] وَقَوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الْبَقَرَة: 20] .

وَرَسُول رب الْعِزَّة إِذا1 فَسَّرَ نُزُولَهُ مَشْرُوحًا مَنْصُوصًا، وَوَقَّتَ لنزوله وقتا مَخْصُوصًا، لم يَدَعْ لَكَ وَلَا لِأَصْحَابِكَ فِيهِ لَبْسًا وَلَا عَوِيصًا2؟. ثُمَّ أَجْمَلَ الْمُعَارِضُ3 مَا يُنْكِرُ الْجَهْمِيَّةُ4 مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَذَاتِهِ5 الْمُسَمَّاةِ فِي كِتَابِهِ وَفِي آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَعَدَّ مِنْهَا بَعْضًا وَثَلَاثِينَ صفة نسقًا6 وَاحِدًا، وَيحكم عَلَيْهَا وَيُفَسِّرُهَا بِمَا حَكَمَ الْمَرِيسِيُّ وَفَسَّرَهَا وَتَأَوَّلَهَا حَرْفًا حَرْفًا، خِلَافَ مَا عَنَى اللَّهُ، وَخِلَافَ مَا تَأَوَّلَهَا الْفُقَهَاءُ الصَّالِحُونَ، لَا يُعْتَمَدُ فِي أَكْثَرِهَا إِلَّا عَلَى الْمَرِيسِيِّ، فَبَدَأَ مِنْهَا بِالْوَجْهِ، ثُمَّ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، وَالْغَضَبِ، وَالرِّضَا، وَالْحُبِّ، وَالْبُغْضِ، وَالْفَرَحِ، وَالْكُرْهِ، وَالضَّحِكِ، وَالْعَجَبِ، وَالسَّخَطِ، وَالْإِرَادَةِ، وَالْمَشِيئَةِ، وَالْأَصَابِعِ، وَالْكَفِّ، وَالْقَدَمَيْنِ وَقَوْلُهُ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} 7، {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ

_ 1 فِي ط، س، ش "إِذْ فسر". 2 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 2/ 309 مَادَّة "عوص": "عوص الْكَلَام كفرح، وعاص يعاص عياصًا وعوصًا: صَعب، وَالشَّيْء اشْتَدَّ، وشَاة عائص لم تحمل أعومًا، جمعه عوص والعويص من الشّعْر مَا يصعب اسْتِخْرَاج مَعْنَاهُ كالأعوص، وَمن الْكَلم الغريبة". 3 فِي ط، ش، س زِيَادَة "ثمَّ أجمل الْمعَارض جَمِيع مَا يُنكر الْجَهْمِية". 4 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 5 فِي الأَصْل وس "وذاوته" وَفِي ط، ش، "وذاته" وَهُوَ الَّذِي أثبتنا لصوابه. 6 قَالَ الفيرووآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 3/ 285 مَادَّة "نسق": "نسق الْكَلَام عطف بعضه على بعض، والنسق محركة مَا جَاءَ من الْكَلَام على نظام وَاحِد، وَمن الثغور المستوية وَمن الخرز المنظم، وكواكب الجوزاء وَهِي بِضَمَّتَيْنِ، وَمن كل شَيْء مَا كَانَ على طَريقَة نظام عَام". 7 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88".

وَجْهُ اللَّهِ} 1، و {وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2، و {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 3 وَ {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} 4 وَ {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} 5 و {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ} 6 وَقَوله {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 7 وَ {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} 8 وَ {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 9 وَ {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} 10 وَ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 11 وَ {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ} 12 وَقَوله 13 {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} 14 و {لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ

_ 1 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115". 2 سُورَة الشورى آيَة "111". 3 فِي ط، ش، س "خلقت آدم بيَدي" وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ لفظ الْآيَة رقم "75" من سُورَة ص. 4 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "64". 5 سُورَة الْفَتْح، آيَة "10". 6 سُورَة الزمر، أَيَّة "67". 7 سُورَة الطّور، آيَة "48". 8 سور الْبَقَرَة، آيَة "210". 9 سُورَة الْفجْر، آيَة "22". 10 سُورَة الحاقة، آيَة "17". 11 سُورَة طه، آيَة "5". 12 سُورَة غَافِر، آيَة "7". 13 لَفْظَة: "قَوْله" لَيست فِي ط، س، ش. 14 سُورَة آل عمرَان، أَيَّة "28".

وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} 1 وَ {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} 2 وَ {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} 3 وَ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} 4. عَمِدَ الْمُعَارِضُ إِلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْآيَاتِ فَنَسَّقَهَا وَنَظَّمَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ، كَمَا نَظَّمَهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، ثُمَّ فَرَّقَهَا أَبْوَابًا فِي كِتَابِهِ، وَتَلَطَّفَ بِرَدِّهَا بِالتَّأْوِيلِ، كَتَلَطُّفِ الْجَهْمِيَّةِ5، مُعْتَمِدًا، فِيهَا عَلَى تَفَاسِيرِ الزَّائِغِ الْجَهْمِيِّ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ6 دُونَ مَنْ سِوَاهُ، مُسْتَتِرًا عِنْدَ الْجُهَّالِ بِالتَّشْنِيعِ7 بِهَا عَلَى قَوْمٍ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَيُصَدِّقُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِيهَا بِغَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا بِمِثَالٍ8. فَزَعَمَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا9 يُكَيِّفُونَهَا وَيُشَبِّهُونَهَا بِذَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ بِزَعْمِهِ قَالُوا: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا اجْتِهَادُ رَأْيٍ لِنُدْرِكَ10 كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ، أَوْ يُشَبَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا11 بِشَيْءٍ مِمَّا هُوَ فِي الْخلق مَوْجُود.

_ 1 سُورَة آل عمرَان، آيَة "77". 2 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "12". 3 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "116". 4 فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْبَقَرَة آيَة "222". 5 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 6 فِي ط، ش، س زِيَادَة "المريسي" تقدّمت تَرْجَمته ص47-71. 7 تقدم مَعْنَاهَا، ص"141". 8 فِي ط، ش "وَلَا مِثَال". 9 لَفْظَة "بهَا" لَيست فِي ط، س، ش. 10 فِي ط، س، ش "ليدرك". 11 لفظ "مِنْهَا" لَيْسَ فِي س.

قَالَ: وَهَذَا خَطَأٌ لَمَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى1 لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَكَذَلِكَ لَيْسَ، كَكَيْفِيَّتِهِ شَيْءٌ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَقُلْنَا لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُدَلِّسِ بِالتَّشْنِيعِ2. أَمَّا قَوْلُكَ: "إِنَّ كَيْفِيَّةَ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَتَشْبِيهَهَا بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَلْقِ خَطَأٌ فَإِنَّا لَا نَقُولُ: إِنَّهُ خَطَأٌ كَمَا قُلْتَ3 بَلْ هُوَ عِنْدَنَا كُفْرٌ4 وَنَحْنُ لِكَيْفِيَّتِهَا5، وَتَشْبِيهِهَا بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَلْقِ أَشَّدُ أَنَفًا6 مِنْكُمْ، غَيْرَ أَنَّا كَمَا لَا نُشَبِّهُهَا، وَلَا نُكَيِّفُهَا، لَا نَكْفُرُ بِهَا، وَلَا نُكَذِّبُ، وَلَا نُبْطِلُهَا بِتَأْوِيلِ الضَّلَالِ، كَمَا أَبْطَلَهَا إِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ فِي أَمَاكِنَ مِنْ كِتَابِكَ، سَنُبَيِّنُهَا لِمَنْ غَفَلَ عَنْهَا7..................................

_ 1 لفظ "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 التشنيع، تقدم مَعْنَاهَا ص"141". 3 قَوْله: "كَمَا قلت" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 وَهُوَ قَول الْأَئِمَّة، قَالَ نعيم بن حَمَّاد شيخ البُخَارِيّ: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، وَمن أنكر مَا وصف بِهِ نَفسه فقد كفر، وَلَيْسَ مَا وصف الله بِهِ نَفسه وَلَا رَسُوله تَشْبِيها"، انْظُر: الْعُلُوّ للذهبي بتحقيق عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان ص"126" واجتماع الجيوش الإسلامية لِابْنِ الْقيم نشر المكتبة السلفية ص"86". 5 فِي ط، ش "لتكييفها" وَهُوَ أوضح. 6 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي جـ1 ص"116" مَادَّة "أنف" قَالَ: "وأنف من الشَّيْء يأنف أنفًا وأنفةً حمي، وَقيل، استنكف. يُقَال: مَا رَأَيْت أحمى أنفًا وَلَا آنف من فلَان. وأنف الطَّعَام وَغَيره أنفًا كرهه, وَقَالَ أَبُو زيد: أنف من قَوْلك لي أَشد الْأنف أَي كرهت مَا قلت لي: انْتهى بِتَصَرُّف. 7 فِي ط، ش "لمن غفل عَنْك".

مِمَّنْ حَوَالَيْكَ مِنَ الْأَغْمَارِ1 إِنْ شَاءَ اللَّهُ2. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي تَكْيِيفِ صِفَاتِ الرَّبِّ3، فَإِنَّا لَا نُجِيزُ اجْتِهَادَ الرَّأْيِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ، الَّتِي نَرَاهَا بِأَعْيُنِنَا، وَتُسْمَعُ فِي آذَانِنَا. فَكَيْفَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ الَّتِي لَمْ تَرَهَا الْعُيُونُ، وَقَصُرَتْ عَنْهَا الظُّنُونُ؟ غَيْرَ أَنَّا لَا نَقُولُ فِيهَا كَمَا قَالَ إِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ: إِنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلُّهَا لِلَّهِ كَشَيْءٍ4 وَاحِدٍ، وَلَيْسَ السَّمْعُ مِنْهُ غَيْرَ الْبَصَرِ، وَلَا الْوَجْهُ مِنْهُ غَيْرَ الْيَدِ، وَلَا الْيَدُ مِنْهُ غَيْرَ النَّفْسِ، وَأَنَّ الرَّحْمَنَ لَيْسَ يَعْرِفُ لِنَفْسِهِ، سَمْعًا مِنْ بَصَرٍ، وَبَصَرًا مِنْ سَمْعٍ، وَلَا وَجْهًا مِنْ يَدَيْنِ، وَلَا يَدَيْنِ مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ بِزَعْمِكُمْ سَمْعٌ وَبَصَرٌ وَوَجْهٌ5 وَأَعْلَى وَأَسْفَلُ وَيَدٌ وَنَفْسٌ، وَعِلْمٌ وَمَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ مِثْلُ خَلْقِ الْأَرَضِينَ وَالسَّمَاءِ الْجبَال6 وَالتِّلَالِ وَالْهَوَاءِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ لِشَيْءٍ مِنْهَا شَيْءٌ7 مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالذَّوَاتِ، وَلَا يُوقَفُ لَهَا مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ8 فَاللَّهُ الْمُتَعَالِي عندنَا أَن يكون كَذَلِك.

_ 1 تقدم مَعْنَاهَا، ص”147". 2 فِي ط، س، ش "تَعَالَى". 3 فِي ط، س، ش "فِي تكييف صِفَات الله". 4 فِي ط، س، ش "كلهَا لله غير شَيْء وَاحِد". 5 فِي ط، س، ش، "هُوَ بزعمكم بصر وَسمع وَوجه". 6 لَفْظَة "الْجبَال" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ط، ش "شَيْئا" بِالنّصب، وَصَوَابه الرّفْع؛ لِأَنَّهَا نَائِب فَاعل. 8 من قَوْله: "من هَذِه الصِّفَات" إِلَى قَوْله: "على شَيْء" لَيْسَ فِي ط، س، ش ولعلها سَقَطت.

فَقَدْ مَيَّزَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ السَّمْعَ مِنَ الْبَصَرِ فَقَالَ: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} 1 و {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ} 2 وَقَالَ {وَلا يُكَلِّمُهُمُ 3 اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 4 فَفَرَّقَ بَيْنَ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ دُونَ السَّمْعِ، فَقَالَ عِنْدَ السَّمْعِ وَالصَّوْتِ: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} 5 وَ {لَقَدْ 6 سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} 7، وَلَمْ يَقُلْ: قَدْ رَأَى اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعِ الرُّؤْيَةِ: {الَّذِي يَرَاكَ8 حِينَ تَقُومُ، وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} 9 وَقَالَ: وَقَالَ {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} 10 وَلَمْ يَقُلْ: يَسْمَعُ اللَّهُ تَقَلُّبَكَ وَيَسْمَعُ عَمَلَكَ11، فَلَمْ يَذْكُرِ الرُّؤْيَةَ فِيمَا يسمع، وَلَا

_ 1 سُورَة ص، آيَة "46". 2 سُورَة الشُّعَرَاء، آيَة "15". 3 فِي الأَصْل، ط، س، ش "لَا يكلمهم" بِدُونِ وَاو، وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا. 4 سُورَة آل عمرَان، آيَة "77". 5 سُورَة المجادلة، آيَة "1". 6 فِي الأَصْل "قد سمع ... الْآيَة" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ. 7 فِي ط، س، ش، زِيَادَة قَوْله تَعَالَى: {وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} وَالْآيَة من سُورَة آل عمرَان آيَة "181". 8 فِي الأَصْل ط، س، ش "إِنَّه يراك" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ. 9 سُورَة الشُّعَرَاء، آيَة "218-219". 10 سُورَة التَّوْبَة، آيَة "105". 11 فِي ط، س، ش "وَيسمع الله عَمَلكُمْ".

السَّمَاعَ فِيمَا يُرَى. لَمَّا أَنَّهُمَا عِنْدَهُ خِلَافُ مَا عِنْدَكُمْ. وَكَذَلِكَ قَالَ: {وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} 1، و {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 2 {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} 3 وَلَمْ يَقُلْ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ: عَلَى سَمْعِي. فَكَمَا نَحْنُ لَا نُكَيِّفُ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَا نُكَذِّبُ بِهَا كَتَكْذِيبِكُمْ، وَلَا نُفَسِّرُهَا كَبَاطِلِ تفسيركم4.

_ 1 سُورَة الْقَمَر، آيَة "13-14". 2 هَذِه الأية لم ترد فِي ط، س، ش، وَهِي فِي سُورَة الطّور، آيَة "48". 3 سُورَة طه، آيَة "39". 4 فِي ط، س، ش "وَلَا نفسرها كتفسيركم".

باب الحد والعرش

بَابُ الْحَدِّ وَالْعَرْشِ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا نِهَايَةٌ. وَهَذَا هُوَ1 الْأَصْلُ الَّذِي بنى عَلَيْهِ جهم2 ضَلَالَاتِهِ وَاشْتَقَّ مِنْهَا3 أُغْلُوطَاتِهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ سَبَقَ جَهْمًا إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ. فَقَالَ/ لَهُ قَائِلٌ مِمَّنْ يُحَاوِرُهُ4 قَدْ عَلِمْتُ مُرَادَكَ بِهَا5 أَيُّهَا الأعجمي، وتعني أَن لله لَا شَيْءٌ، يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ إِلَّا وَلَهُ حَدٌّ وَغَايَةٌ6 وَصِفَةٌ، وَأَنَّ لَا شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا صِفَةٌ, فَالشَّيْءُ أَبَدًا مَوْصُوفٌ لَا مَحَالَةَ وَلَا شَيْءٌ يُوصَفُ بِلَا حَدٍّ وَلَا غَايَةٍ وَقَوْلُكَ: لَا حَدَّ لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا شَيْءٌ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ حَدٌّ7 لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيره، وَلَا يجوز

_ 1 لَفْظَة "هُوَ" لَيست فِي ط، س، ش. 2 هُوَ جهم بن صَفْوَان، تقدّمت تَرْجَمته ص”147". 3 فِي ط، ش "مِنْهُ". 4 فِي ط، ش، "مِمَّن حاوره". 5 قَوْله: "بهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 فِي س "حد أَو غَايَة". 7 لفظ الْحَد من جنس لفظ الْجِهَة والجسم والحيز وَنَحْوهَا لم ترد فِي الْكتاب وَالسّنة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا بل هِيَ من الْأَلْفَاظ الاصطلاحية الْحَادِثَة، فَمن أطلق لفظ الْحَد نفيا أَو إِثْبَاتًا سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِهِ فَإِن أُرِيد بالْقَوْل بِأَن لله حد أَنه مُنْفَصِل عَن الْخلق بَائِن مِنْهُم فَهَذَا حق كَمَا قَالَ ابْن الْمُبَارك لما قيل لَهُ: بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: بِأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، قيل: بِحَدّ أَي أَنه مُنْفَصِل عَن الْخلق بَائِن مِنْهُم. وَإِذا أُرِيد بِنَفْي أَن الْعباد لَا يعلمُونَ لله حدًّا وَلَا يحدون صِفَاته وَلَا يكيفونها فَهَذَا أَيْضا حق، وَالْخُلَاصَة أَن لفظ الْحَد لم يرد فِي الْكتاب وَالسّنة بِنَفْي، وَلَا إِثْبَات، فَمن أطلقهُ سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِهِ، فَإِن قصد معنى حقًّا قبل، وَإِن قصد معنى بَاطِلا رد. انْظُر: مَجْمُوع الفتاوي لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية 3/ 41-43، 5/ 298-309، 6/ 38-40، وَشرح الطحاوية تَخْرِيج الألباني ص"238-240".

لأحد أَن يتَوَهَّم لحده فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنْ يُؤْمِنُ1 بِالْحَدِّ ويكل2 علم ذَلِك إِلَى الله3 أَيْضًا حَدٌّ4 وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ فَهَذَانِ حَدَّانِ اثْنَانِ. وَسُئِلَ5 ابْنُ الْمُبَارَكِ: "بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: بِأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ. قِيلَ: بِحَدٍّ؟ قَالَ: بِحَدّ"6.

_ 1 فِي ط، س، ش "نؤمن". 2 فِي ط، س، ش "وَنكل". 3 فِي ط، س "والمكانة" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 4 فِي الأَصْل "أحد" وَفِي ط، س، ش "حد" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 5 فِي ط، س، ش "وَسُئِلَ عبد الله بن الْمُبَارك" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"143". 6 أخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"7، 35، 72" من طرق عَن ابْن شَقِيق. وَأخرجه الدَّارمِيّ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ص"50" من طَرِيق عَليّ بن الْحسن، عَن ابْن الْمُبَارك. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"426-427" من طَرِيقين عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيق، عَن ابْن الْمُبَارك. وَصَححهُ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي الْفَتْوَى الحموية، انْظُر: مَجْمُوع الفتاوي 5/ 51-52. وَصَححهُ أَيْضا ابْن الْقيم فِي اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية ص"54". وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي كِتَابه الْعُلُوّ وَصَححهُ، وَوَافَقَهُ الألباني، انْظُر، الْعُلُوّ للذهبي، تَصْحِيح ومراجعة عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان ص"110"، ومختصر الْعُلُوّ للألباني ص"152".

حدّثنَاهُ الْحَسَنُ بْنُ الصَّالِحِ الْبَزَّارُ1، عَنْ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ2 بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ3 فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ فَقَدْ رَدَّ الْقُرْآنَ، وَادَّعَى أَنَّهُ لَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ4 حَدَّ مَكَانَهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 5 {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} 6، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} ، 7، 8 {إنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} 9 {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 10 فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ شَوَاهِدُ وَدَلَائِل على الْحَد.

_ 1 الْحسن بن الصَّباح، تقدم ص"145". 2 عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، تقدم، ص"145". 3 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 4 فِي ط، س، ش "لِأَن الله وصف حد مَكَانَهُ". 5 سُورَة طه أَيَّة "5". 6 سُورَة الْملك، آيَة "116". 7 سُورَة النَّحْل آيَة "50". 8 وَاو الْعَطف لَيست فِي ط، س، ش. 9 سُورَة آل عمرَان، آيَة "55". 10 فِي ط، س، ش "زِيَادَة قَوْله تَعَالَى: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} وَالْآيَة فِي سُورَة فاطر، آيَة "10".

وَمَنْ لَا1 يَعْتَرِفُ بِهِ فَقَدْ كَفَرَ بِتَنْزِيلِ اللَّهِ وَجَحَدَ آيَاتِ اللَّهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ" 2، وَقَالَ لِلْأَمَةِ السَّوْدَاءِ: "أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: "فِي السَّمَاءِ فَقَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 3. فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" دَلِيلٌ4 عَلَى أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُؤْمِنْ بِأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ لم تكن مُؤمنَة، وَأَنه لايجوز فِي الرَّقَبَة إِلَّا مَنْ يُحِدُّ اللَّهَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُوله.

_ 1 فِي ط، س، ش "وَمن لم يعْتَرف". 2 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، وعادل السَّيِّد، كتاب السّنة، بَاب الْجَهْمِية، حَدِيث 4726، 5/ 94-95 من رِوَايَة ابْن بشار بِسَنَدِهِ إِلَى جُبَير بن مطعم مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله فَوق عَرْشه، وعرشه فَوق سمواته" وسَاق الحَدِيث. وَأخرجه البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير من رِوَايَة جُبَير بن مُحَمَّد بن جُبَير، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِن الله عز وَجل على عَرْشه وعرشه فَوق سمواته.." إِلَخ، انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير قسم 2، 1/ 224. 3 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْمَسَاجِد ومواضع الصَّلَاة، بَاب تَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة وَنسخ مَا كَانَ من إِبَاحَته، حَدِيث 33، 1/ 382 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فَقَالَ لَهَا": أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: فَمن أَنا؟ قَالَت: أَنْت رَسُول الله، قَالَ: أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة". وَأخرجه أَبُو دَاوُد، كتاب الصَّلَاة، بَاب تشميت الْعَاطِس فِي الصَّلَاة، حَدِيث 930، 1/ 570-573 فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ مُسلم. 47 قَوْله: "دَلِيل على" لَيست فِي ط، س، ش وَالَّذِي فِيهَا" وَأَنَّهَا لَو لم تؤمن ... " إِلَخ ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

فَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ الْبَغْدَادِيُّ الْأَصَمُّ1، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ2، عَنْ شبيب ابْن شيبَة3، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ5 أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَبِيهِ: "يَا حُصَيْنُ، كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟ قَالَ سَبْعَةً، سِتَّة فِي الأَرْض وَوَاحِد فِي السَّمَاءِ، قَالَ فَأَيُّهُمْ تَعُدُّهُ لِرَغْبَتِكَ وَلِرَهْبَتِكَ؟ قَالَ: الَّذِي فِي

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 27: أَحْمد بن منيع بن عبد الرَّحْمَن، أَبُو جَعْفَر الْبَغَوِيّ، نزيل بَغْدَاد، الْأَصَم، ثِقَة، حَافظ، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 44هـ وَله 84 سنة8/ ع. 2 أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير تقدم ص”157"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/ 137 أَن أَحْمد بن منيع روى عَنهُ. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 346: شبيب بن شيبَة بن عبد الله التَّمِيمِي، الْمقري، أَبُو معمر الْبَصْرِيّ، الْخَطِيب البليغ، إخباري، صَدُوق، يهم فِي الحَدِيث، من السَّابِعَة، مَاتَ فِي حُدُود السّبْعين ت، قَالَ فِي التَّهْذِيب "4/ 307" روى عَن الْحسن وَابْن سِيرِين وَعَطَاء.... إِلَخ. 4 هُوَ الْحسن الْبَصْرِيّ كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد التِّرْمِذِيّ، انْظُر "الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة 9/ 454 وَقَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 1/ 165: الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ، وَاسم أَبِيه يسَار، بالتحتانية والمهملة، الْأنْصَارِيّ مَوْلَاهُم، ثِقَة، فَقِيه، فَاضل، مَشْهُور، وَكَانَ يُرْسل كثيرا وَيُدَلس، قَالَ الْبَزَّار: كَانَ يروي عَن جمَاعَة لم يسمع مِنْهُم فيتجوز وَيَقُول: حَدثنَا وخطبنا، يَعْنِي قومه الَّذين حدثوا وخطبوا بِالْبَصْرَةِ، هُوَ رَأس أهل الطَّبَقَة الثَّالِثَة، مَاتَ سنة عشر وَمِائَة وَقد قَارب التسعين/ ع. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 82: عمرَان بن حُصَيْن بن عبيد بن خلف الْخُزَاعِيّ، أَبُو نجيد بنُون وجيم، مُصَغرًا، أسلم عَام خَيْبَر، وَصَحب، وَكَانَ فَاضلا وَقضى بِالْكُوفَةِ، مَاتَ سنة52هـ بِالْبَصْرَةِ/ ع.

السَّمَاءِ"1 فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْكَافِرِ إِذْ2 عَرَفَ أَنَّ إِلَهَ الْعَالَمِينَ فِي السَّمَاءِ. كَمَا قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَحُصَيْنٌ الْخُزَاعِيّ فِي كفره يؤمئذ كَانَ أَعْلَمَ بِاللَّهِ الْجَلِيلِ الْأَجَلِّ مِنَ الْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِ مَعَ مَا3 يَنْتَحِلُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ، إِذْ مَيَّزَ بَيْنَ الْإِلَهِ الْخَالِقِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ وَبَيْنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ الْمَخْلُوقَةِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ4. وَقَدِ اتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ، وَحَدُّوهُ بِذَلِكَ إِلَّا الْمَرِيسِيَّ الضَّالَّ وَأَصْحَابَهُ، حَتَّى الصِّبْيَانُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ5 قَدْ عَرَفُوهُ بِذَلِكَ، إِذَا حَزَبَ الصَّبِي شَيْء6 يرفع يَدَيْهِ7

_ 1 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب الدَّعْوَات/ بَاب "70" حَدِيث 3550، 9/ 454-455 بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "يَا حُصَيْنُ، كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟ قَالَ أبي: سَبْعَة سِتَّة فِي الأَرْض وَوَاحِد فِي السَّمَاء، قَالَ: فَأَيهمْ تعد لرغبتك ورهبتك؟ قَالَ الَّذِي فِي السَّمَاء، قَالَ: يَا حُصَيْن، أما أَنَّك لَو أسلمت علمتك كَلِمَتَيْنِ تنفعانك، فَلَمَّا أسلم حُصَيْن قَالَ: يَا رَسُول الله، عَلمنِي الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدتنِي، فَقَالَ: قل: اللَّهُمَّ ألهمني رشدي، وأعذني من شَرّ نَفسِي" هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن عمرَان بن حُصَيْن من غير هَذَا الْوَجْه، قلت وَسكت عَنهُ المباركفوري. 2 فِي ط، ش "أَن عرف". 3 فِي الأَصْل "معما" وَفِي ش "ممع". 4 فِي ط، س، ش "والأصنام الَّتِي فِي الأَرْض المخلوقة". 5 تقدم مَعْنَاهَا ص”198". 6 فِي س "إِذا جذب الصَّبِي شَيْء" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 7 فِي س "يَده".

إِلَى رَبِّهِ يَدْعُوهُ فِي السَّمَاءِ دُونَ مَا سِوَاهَا1، فَكُلُّ أَحَدٍ بِاللَّهِ وَبِمَكَانِهِ أَعْلَمُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ2. ثُمَّ انْتَدَبَ الْمُعَارِضُ لِتِلْكَ3 الصِّفَاتِ الَّتِي أَلَّفَهَا وَعَدَّدَهَا فِي كِتَابِهِ: مِنَ الْوَجْهِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، يَتَأَوَّلُهَا، وَيَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ4 وَرَسُولِهِ فِيهَا حَرْفًا بَعْدَ حَرْفٍ، وَشَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، تَحَكُّمُ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ، لَا يَعْتَمِدُ فِيهَا على إِمَام أقدمه، مِنْهُ5، وَلَا أَرْشَدَ مِنْهُ عِنْدَهُ فَاغْتَنَمْنَا ذَلِكَ مِنْهَا، إِذْ صَرَّحَ بِاسْمِهِ، وَسَلَّمَ فِيهَا بِحُكْمِهِ6. لَمَّا أَنَّ الْكَلِمَةَ قَدِ اجْتَمَعَتْ مِنْ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ فِي كُفْرِهِ، وَهُتُوكِ7 سِتْرِهِ وَافْتِضَاحِهِ فِي مِصْرِهِ8 وَفِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذِكْرِهِ.

_ 1 حتي البهمية العجماء ترفع رَأسهَا إِلَى السَّمَاء إِذا أَصَابَهَا ضيم من أحد لما فطرها الله عَلَيْهِ من معرفَة رَبهَا وَأَنه فِي الْعُلُوّ. 2 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 3 فِي س "الْملك" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 4 فِي ط، س، ش "وعَلى رَسُوله". 5 فِي س "أقدر مِنْهُ". 6 فِي ط، س، ش "لحكمه". 7 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط 3/ 678 مَادَّة "هتك": "الهتك": خرق السّتْر عَمَّا وَرَاءه، وَالِاسْم الهتكة، بِالضَّمِّ والهتيكة: الفضيحة. والهتك أَن تجذب ستر فتقطعه من مَوْضِعه أَو تشق مِنْهُ طَائِفَة يرى مَا وَرَاءه، وَلذَلِك يُقَال: هتك الله ستر الْفَاجِر. وَرجل مهتوك السّتْر: مُتَهَتِّكَة. وتهتك: افتضح" انْتهى بِتَصَرُّف. 8 قَالَ بن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط، 3/ 493 مَادَّة "مصر": "عَن ابْن السراج، والمصر، وَاحِد الْأَمْصَار. والمصر الكورة، وَالْجمع أَمْصَار، ومصَّروا الْمَوْضُوع: جَعَلُوهُ مصرا. وتمصر الْمَكَان: صَار مصرا. ومصر مَدِينَة بِعَينهَا، سمت بذلك لتمصرها" انْتهى بِتَصَرُّف.

نقل المعارض عن المريسي تأويل اليدين والرد عليه

نقل الْمعَارض عَن المريسي تَأْوِيل الْيَدَيْنِ وَالرَّدّ عَلَيْهِ: فَرَوَى الْمُعَارِضُ عَنْ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ قِرَاءَةً مِنْهُ بِزَعْمِهِ -وَزَعَمَ أَنَّ بشر قَالَ لَهُ: ارْوِهِ عَنِّي- أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْله اللَّهِ لِإِبْلِيسَ: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 1 فَادَّعَى أَنَّ بِشْرًا قَالَ: يَعْنِي اللَّهَ بِذَلِكَ: أَنِّي وَلِيتُ خَلْقَهُ وَقَوله: {بِيَدَيَّ} تَأْكِيدٌ لِلْخَلْقِ، لَا أَنَّهُ خَلَقَهُ بِيَدٍ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمَرِيسِيِّ الْجَاهِلِ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ: فَهَلْ عَلِمْتَ شَيْئًا مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ وَلِيَ خَلْقَ ذَلِكَ غَيْرَهُ، حَتَّى خَصَّ آدَمَ مِنْ بَيْنِهِمْ أَنَّهُ وَلِيَ خَلْقَهُ من غير مَسِيس بِيَدِهِ فسمه2؟ وَإِلَّا فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَلِ خَلْقَ شَيْءٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ3 فَقَدْ كَفَرَ غَيْرَ أَنَّهُ وَلِيَ خَلْقَ الْأَشْيَاءِ بِأَمْرِهِ، وَقَوْلِهِ، وَإِرَادَتِهِ، وَوَلِيَ خَلْقَ آدَمَ بيد مَسِيسًا4 لَمْ يَخْلُقْ ذَا رُوحٍ بِيَدَيْهِ5 غَيْرَهُ، فَلِذَلِكَ6 خَصَّهُ7 وَفَضَّلَهُ، وَشَرَّفَ بِذَلِكَ ذِكْرَهُ، لَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَتْ لَهُ فَضِيلَةٌ مِنْ ذَلِك على

_ 1 سُورَة ص، آيَة "75". 2 فِي ط، س، ش "فمسه". 3 فِي س، ش، "صغر أَو كثر". 4 قَالَ حَامِد الفقي فِي تَعْلِيقه على المطبوعة ص”25": "لَفْظَة الْمَسِيس والمس لَا نعرفها وَردت فِي الْقُرْآن وَلَا فِي الحَدِيث بل نقُول: خلقه بيدَيْهِ، على مَا يعلم الله ويليق بِذَاتِهِ الْعلية. وَلَا نعلم الْكَيْفِيَّة وَلَا نزيد على مَا ورد" قلت: وَمَا ذكره الشَّيْخ حَامِد هُوَ الْحق الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُول عَنهُ حَتَّى يثبت مَا يدل على ذَلِك. 5 فِي ط، س، ش "بِيَدِهِ". 6 فِي س "فَذَلِك". 7 فِي ط، س، ش "خصّه بِهِ".

شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، إِذْ خَلَقَهُمْ1 بِغَيْرِ مَسِيسٍ2 فِي دَعْوَاكَ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: "تَأْكِيدٌ لِلْخَلْقِ" فَلَعَمْرِي إِنَّهُ لَتَأْكِيدٌ جَهِلْتَ مَعْنَاهُ فَقَلَبْتَهُ، إِنَّمَا هُوَ تَأْكِيد الْيَدَيْنِ وتحقيقها3 وَتَفْسِيرُهُمَا، حَتَّى يَعْلَمَ الْعِبَادُ4 أَنَّهَا تَأْكِيدُ مَسِيسٍ5 بِيَدٍ، لَمَّا أَنَّ اللَّهَ6 قَدْ خَلَقَ خَلْقًا كَثِيرًا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرَ مِنْ آدَمَ وَأَصْغَرَ. وَخَلَقَ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ. وَكَيْفَ لَمْ يُؤَكِّدْ فِي خَلْقِ شَيْءٍ مِنْهَا مَا أَكَّدَ فِي آدَمَ7 إِذْ8 كَانَ أَمْرُ الْمَخْلُوقِينَ فِي مَعْنَى يَدَيِ9 اللَّهِ كَمَعْنَى آدَمَ عِنْدَ الْمَرِيسِيِّ. فَإِنْ يَكُ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ فَلْيُسَمِّ شَيْئًا نَعْرِفُهُ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ الْجَاحِدُ بِآيَاتِ اللَّهِ الْمُعَطِّلُ لِيَدَيِ اللَّهِ10. وَادَّعَى الْجَاهِلُ الْمَرِيسِيُّ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ التَّأْكِيدِ مِنَ الْمُحَالِ مَا لَا نعلم

_ 1 فِي ط، س، ش "إِذْ كلهم خلقهمْ". 2 انْظُر: الصفحة السَّابِقَة. 3 فِي ط، س، ش "تحققهما". 4 فِي ط، ش "أَنه" وَهُوَ أوضح وَسبق أَن أَشَرنَا إِلَى مَا يتَعَلَّق بالمسيس. 5 انْظُر: الصفحة السَّابِقَة. 6 فِي ط، س، ش زِيَادَة "تَعَالَى". 7 تقدّمت تَرْجَمته ص”177". 8 فِي ط، ش "إِذا". 9 فِي ط، س، ش "يَد الله". 10 المُرَاد الْمُعَطل لصفة الْيَدَيْنِ لله عز وَجل.

أَحَدًا ادَّعَاهُ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالَةِ. فَقَالَ: هَذَا تَأْكِيدٌ لِلْخَلْقِ، لَا لِلْيَدِ كَقَوْلِ اللَّهِ21: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ} 2. فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الَّذِي سَلَبَ الله عقله وَأكْثر جَهله: هُوَ تَأْكِيدٌ لِلْيَدَيْنِ3 كَمَا قُلْنَا، لَا تَأْكِيدُ الْخَلْقِ4 كَمَا أَنَّ قَوْله: {تِلْكَ عَشَرَةٌكاملة} تَأْكِيدُ الْعَدَدِ5 لَا تَأْكِيدُ الصِّيَامِ6؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ غَيْرُ الصِّيَامِ، وَيَدَ اللَّهِ غَيْرُ آدَمَ فَأَكَّدَ اللَّهُ لِآدَمَ الْفَضِيلَةَ الَّتِي كَرَّمَهُ وَشَرَّفَهُ بِهَا، وَآثَرَهُ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ إِذْ كُلُّ عِبَادِهِ، خَلَقَهُمْ بِغَيْرِ مَسِيسٍ7 بِيَدٍ، وَخَلَقَ آدَمَ بِمَسِيسٍ، فَهَذِهِ عَلَيْكَ لَا لَكَ وَقَدْ أَخَذْنَا فَالَكَ مِنْ فِيكَ مُحْتَجِّينَ بِهَا عَلَيْكَ كَالشَّاةِ الَّتِي تَحْمِلُ حَتْفَهَا بِأَظْلَافِهَا. فَإِنْ أَجَابَ الْمَرِيسِيُّ أَعْلَمْنَاهُ8 بِتَأْكِيدِ الْخَلْقِ -إِذْ كَانَ بِهِ جَاهِلا9- وَهُوَ10

_ 1 فِي ط، س، ش "كَقَوْل الله تَعَالَى". 2 سُورَة الْبَقَرَة آيَة "196". 3 فِي س "هُوَ تَأْكِيد الْيَدَيْنِ". 4 فِي ط، س، ش "لِلْخلقِ". 5 فِي ط، ش "للعدد". 6 فِي ط، س "للصيام". 7 سبق الْكَلَام فِي الْمس والمسيس ص”230". 8 فِي ط، ش "أعلمناه أَن تَأْكِيد". 9 فِي ط، ش "إِن كَانَ جَاهِلا بِهِ". 10 فِي ط، ش "هُوَ قَوْله" دون أَن يسبقها وَاو.

قَوْلُهُ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} 1 وَ {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْأِنْسَانِ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ} 2 الآيَةَ وَقَوْلُهُ {خَلَقَكُمْ3 مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ} 4 الْآيَة {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} 5 {لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} 6 {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} 8، فَهَذَا تَأْكِيدُ الْخَلْقِ وتَفْسِيرُهُ لَا مَا ادَّعَى الْجَاهِلُ. وَقَوْلُهُ لِإِبْلِيسَ9 {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 10 تَأْكِيدُ يَدَيْهِ لَا تَأْكِيدُ خَلْقِ

_ 1 سُورَة النَّمْل آيَة "88". 2 سُورَة السَّجْدَة آيَة "7-9". 3 فِي ط، ش "خَلَقْنَاكُمْ" وَصَوَابه كَمَا فِي الأَصْل. 4 سُورَة غَافِر آيَة "67". 5 سُورَة غَافِر آيَة "64". 6 سُورَة التِّين آيَة "4". 7 فِي الأَصْل "من مطين" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَفِي س "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ من مَاء مهين" وَهُوَ خطأ. 8 سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَات "12-14". 9 "لإبليس" لَيست فِي ط، س، ش. 10 سُورَة ص، آيَة "75".

آدَمَ، وَمَا كَانَ حَاجَةُ إِبْلِيسَ إِلَى أَنْ يُؤَكِّدَ اللَّهُ لَهُ خَلْقَ آدَمَ، وَقَدْ1 كَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْخَلْقِ بِآدَمَ؟ رَآهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ طِينًا مُصَوَّرًا مَطْرُوحًا بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَآهُ بَعْدَمَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، ثُمَّ كَانَ مَعَه فِي الْجنَّة حيت وَسْوَسَ إِلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا، ثُمَّ كَانَ يَرَاهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، فَإِنَّمَا أَكَّدَ اللَّهُ لَهُ مِنْ أَمْرِ آدَمَ مَا لَمْ يَرَ، لَا مَا رَأَى2؛ لِأَنَّهُ لَمْ ير يَدي الله وهما تخلقناه3 "كَذَا" فَلْيَعْلَمِ الْجَاهِلُ الْمَرِيسِيُّ، بِأَنَّا مَا ظَنَنَّا4 عِنْدَهُ مِنْ رَثَاثَةِ الْحجَج وَالْبَيَانِ وَقِلَّةِ الْإِصَابَةِ وَالْبُرْهَانِ، قَدْرَ مَا كَشَفَ عَنْهُ هَذَا الْإِنْسَانُ، وَالْحَمْد لله الَّذِي نطق5 لِسَانَهُ، وَعَرَّفَ النَّاسَ شَأَنَهُ، لِيَعْرِفُوهُ فيجاوز مَكَانَهُ6. ثُمَّ "لَمْ" يَرْضَ7 الْجَاهِلُ المريسي مَعَ سخاقة هَذِهِ الْحُجَجِ، حَتَّى قَاسَ اللَّهَ فِي يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ، خَلَقَ بِهِمَا آدَمَ أَقْبَحَ الْقِيَاسِ، وَأَسْمَجَهُ، بَعْدَمَا زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُقَاسَ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا بُشَيْءٍ هُوَ مَوْجُودٌ فِي خلقه، وَلَا

_ 1 لَفْظَة "قد" لَيست فِي س. 2 فِي الأَصْل "أما رآى" وَلَعَلَّه خطأ من النَّاسِخ. 3 فِي ط، ش "وهما تخلقانه" وَهُوَ أوضح. 4 فِي ط، س، ش "أَن عِنْده" وَلَعَلَّ "أَن" سَقَطت فِي الأَصْل. 5 فِي ط، س، ش "أنطق" وَهُوَ أوضح. 6 لم تعجم فِي الأَصْل وَالْأَقْرَب أَنَّهَا "فيجاوزوا مَكَانَهُ"، وَلذَا أثبتناها، وَفِي س، "فيخافه إِمْكَانه" وَهُوَ غير وَاضح وَفِي ط، ش "فيجافوا مَكَانَهُ". 7 فِي الأَصْل "ثمَّ يرض"، وَلَعَلَّ "لم" سَقَطت سَهوا، فِي ط، س "ش" ثمَّ لم يرض" وَهُوَ أوضح.

يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ, ثُمَّ قَالَ، أَلَيْسَ يُقَالُ لِرَجُلٍ مُقَطَّعِ1 الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِنْكَبَيْنِ إِذْ هُوَ كَفَرَ بِلِسَانِهِ إِنَّ كُفْرَهُ ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُفْرُهُ بِيَدَيْهِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الضَّالِ الْمُضِلِّ: أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُشَبَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَا يَتَوَهَّمُ الرَّجُلُ فِي صِفَاتِهِ مَا يَعْقِلُ مِثْلَهُ فِي نَفْسِهِ؟ فَكَيْفَ تُشَبِّهُ اللَّهَ فِي يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ خَلَقَ بِهِمَا آدَمَ بِأَقْطَعَ مَجْذُومِ2 الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِنْكَبَيْنِ؟ وَتَتَوَهَّمُ فِي قِيَاسِ يَدَيِ3 اللَّهِ مَا تعلقه4 فِي ذَلِكَ الْمَجْذُومِ الْمَقْطُوعِ، وَيَتَوَهَّمُ ذَلِكَ5؟ فَقَدْ تَوَهَّمْتَ أَقْبَحَ مَا عِبْتَ عَلَى غَيْرِكَ، إِذِ6 ادَّعَيْتَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَدَانِ لَهُ كَالْأَقْطَعِ الْمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِنْكَبَيْنِ، وَيْلَكَ! إِنَّمَا يُقَالُ7 لِمَنْ كَفَرَ بِلِسَانِهِ وَلَيْسَتْ لَهُ يَدَانِ: ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ مَثَلًا مَعْقُولًا, يُقَالُ ذَلِكَ لِلْأَقْطَعِ وَغَيْرِ الْأَقْطَعِ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ هَذَا الْمَثَلُ وَلَا يُقَال ذَلِك

_ 1 فِي ط، س، ش "الْمَقْطُوع الْيَدَيْنِ". 2 مجذوم الْيَدَيْنِ أَي مقطوعهما، قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط 1/ 246 مَادَّة "جذم": "الجذم: الْقطع جذمه يجذمه جذمًا: قطعه فَهُوَ جذيم، قَالَ والجذم سرعَة الْقطع، وَقَالَ: والأجذم الْمَقْطُوع الْيَد، وَقيل، هُوَ الَّذِي ذهبت أنامله" انْتهى بِتَصَرُّف. 3 فِي ط، س، ش "يَد الله". 4 فِي ط، س، ش، "تعلقته". 5 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "وتتوهم ذَلِك" وَهُوَ أضح. 6 فِي ش، س "إِذا ادعيت". 7 فِي ط، ش "وَتلك إِنَّمَا تقال" وَفِي س "وَتلك إِنَّمَا يُقَال" وَهُوَ بعيد وَمَا فِي الأَصْل أوضح.

إِلَّا لمن هُوَ ذَوِي الْأَيْدِي، أَوْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي قَبْلَ أَنْ تُقْطَعَا1 وَاللَّهُ بِزَعْمِكَ لَمْ يَكُنْ2 قَطُّ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي. فَيَسْتَحِيلُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَيْسَ بِذِي يَدَيْنِ، أَوْ لَمْ يَكُ3 قَطُّ ذَا يَدَيْنِ: إِنَّ كُفْرَهُ وَعَمَلَهُ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِيَدِ فُلَانٍ أَمْرِي وَمَالِي، وَبِيَدِهِ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ وَالْأَمْرُ، وَمَا أَشْبَهَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَوْضُوعَةً فِي كَفِّهِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمُضَافُ إِلَى يَدِهِ4 مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي، فَإِنْ لَمْ5 يَكُنِ الْمُضَافُ إِلَى يَدِهِ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ. وَقَدْ يُقَالُ: بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كَذَا وَكَذَا، وَكَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} 7 وَكَقَوْلِهِ: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} 8، وَكَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى9 {مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} 10 فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بَيْنَ يَدَيْ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا11 لِمَا هُوَ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي وَمن لَيْسَ من ذَوي الْأَيْدِي.

_ 1 فِي ط، ش "يقطعهَا" وَفِي س "يقطعهَا". 2 فِي ط، س، ش "لم يَك". 3 فِي ط، س، ش "أَو لم يكن". 4 فِي ط، ش "بعد أَن يكون الْمُضَافُ إِلَيْهِ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي". 5 فِي ط، س، ش "فَإِذا لم". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط, ش. 7 سُورَة سبأ آيَة "46". 8 سُورَة الْبَقَرَة، أَيَّة "66". 9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 10 سُورَة الْبَقَرَة آيَة "97" وَكَذَلِكَ سُورَة آل عمرَان آيَة "3". 11 فِي ط، س، ش "كذ وَكَذَا وَكَذَا" ثَلَاثًا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِيَدِهِ إِلَّا لِمَنْ هُوَ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ بِيَدِ1 السَّاعَةِ كَذَا وَكَذَا كَمَا قُلْتَ: بَيْنَ يَدَيْهَا، اسْتَحَالَ، وَبِيَدِ2 الْعَذَابِ كذ وَكَذَا، وَبِيَدِ3 الْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ كَذَا وَكَذَا، أَوْ بِيَدِ4 الْقَرْيَةِ الَّتِي جَعَلَهَا نَكَالًا كَذَا وَكَذَا اسْتَحَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَلَا يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: بَيْنَ يَدَيْكَ؛ لِأَنَّكَ تَعْنِي أَمَامه وقدامه وَبَيْنَ يَدَيْهِ. فَلِذَلِكَ5 يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْأَقْطَعِ إِذَا كَفَرَ بِلِسَانِهِ: إِنَّهُ بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي قُطِعَتَا6 أَوْ كَانَتَا مَعَهُ. وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: بِمَا كَسَبَتْ يَدُ السَّاعَةِ7 وَيَدُ الْعَذَابِ، وَيَدُ الْقُرْآنِ8؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَال: بيد شَيْءٌ9 إِلَّا وَذَلِكَ الشَّيْءُ مَعْقُولٌ فِي الْقُلُوبِ أَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَا نَفَيْتَ10 عَنِ اللَّهِ يَدَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِذِي يَدَيْنِ. وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ لَهُ يَدَانِ، ثُمَّ قُلْتَ: بِيَدِ اللَّهِ11 كَذَا وَكَذَا، وَخَلَقْتُ آدَمَ12

_ 1 فِي ط، س، ش "بيَدي السَّاعَة". 2 فِي ط، ش "وَبِيَدِي الْعَذَاب". 3 فِي ط، ش "وَبِيَدِي". 4 فِي ط، س، ش "وَبِيَدِي الْقرْيَة". 5 فِي ط، س، ش "فَذَلِك" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 6 فِي ط، س، ش "فقطعنا". 7 فِي ط، س، ش "يَدي السَّاعَة". 8 فِي ط، ش "ويدي الْعَذَاب ويدي الْقُرْآن". 9 فِي ط، ش "بيَدي شَيْء شَيْء". 10 فِي ط، س، ش "أول مَا نفيت". 11 فِي ط، ش "بيَدي الله". 12 آدم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص”177".

بِيَدَيَّ وَلَا يَدَانِ لَهُ عِنْدَكَ، فَهَذَا مُحَالٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. لَا شَكَّ فِيهِ أَو سَمِّ شَيْئًا يُخَالِفُ دَعْوَانَا. وَكَذَلِكَ الْحُجَّةُ عَلَيْكَ فِيمَا احْتَجَجْتَ بِهِ أَيْضًا فِي نَفْيِ يَدَيِ اللَّهِ عَنْهُ1 أَنَّهُ عِنْدَكَ كَقَوْلِ النَّاسِ فِي الْأَمْثَالِ: "يَدَاكَ أَوْكَتَا وَفُوكَ نَفَخَ"2 وَكَقَوْلِ اللَّهِ {بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} 3 فادعيت أَن العقيده بِعَينهَا لَيست موضوعية فِي كَفِّهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ فَقُلْتُ لَكَ" أَجَلْ أَيُّهَا الْجَاهِلُ هَذَا يَجُوزُ لِمَا أَنَّ الْمَوْصُوفَ بِهِمَا مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي. فَلِذَلِكَ جَازَ وَلَوْلَا ذَاك4 لم يجز. لَو لَمْ يَكُنِ5 الَّذِي6 بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَلَا لِلْمُوكِي وَلَا لِلنَّافِخِ يَدَانِ، أَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ ذَوِي الْأَيْدِي كَمَعْبُودِكَ فِي نَفْسِكَ لم يجز

_ 1 لَفْظَة "عَنهُ" لَيست فِي ط، ش. 2 الوكاء: كل سير أَو خيط يشد بِهِ السقاء، أَو الْوِعَاء، وَقد أوكيته بالوكاء إيكاء إِذا شددته، وَفِي حَدِيث اللّقطَة "اعرف وكاءها وعفاصها" وَانْظُر "لِسَان الْعَرَب": إعداد وتصنيف خياط، ونديم مرعشلي3/ 978 مَادَّة "وكى". وَيضْرب هَذَا الْمثل لم يجني على نَفسه فيوقعها بِعَمَلِهِ فِي التَّهْلُكَة، قَالَ الميداني فِي مجمع الْأَمْثَال، الطبعة الثَّالِثَة، 2/ 414 "قَالَ الْمفضل: أَصله أَن رجلا كَانَ فِي جزيزة من جزائر الْبَحْر فَأَرَادَ أَن يعبر على زق فِيهِ فَلم يحسن إحكامه، حَتَّى إِذا توَسط الْبَحْر خرجت مِنْهُ الرّيح فغرق، فَلَمَّا غشيه الْمَوْت اسْتَغَاثَ بِرَجُل، فَقَالَ لَهُ، يداك أوكتا وفوك نفخ". 3 سُورَة الْبَقَرَة أَيَّة "227". 4 فِي ط، س، ش "لَوْلَا ذَلِك لم يجز". 5 فِي ش "وَلم يكن" وَلَا يَسْتَقِيم بِهِ الْمَعْنى. 6 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "للَّذي" وَهُوَ أوضح.

أَنْ يُقَالَ: بِيَدِهِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ تَعَالَى يَدَانِ بِهِمَا خَلَقَ آدَمَ وَمَسَّهُ بِهِمَا مَسِيسًا1 كَمَا ادَّعَيْتَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَال: {بيَدِكَ الْخَيْرُ} 2 {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} 3 وَ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} 4 لِلْمَذْهَبِ الَّذِي فَسَّرْنَا. فَإِنْ كُنْتَ لَا تُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ فَسَلْ مَنْ يُحْسِنُهَا ثُمَّ تَكَلَّمْ. وَقَدْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ: بَنَيْتُ دَارًا، أَبُو قَتَلْتُ رَجُلًا وَضَرَبْتُ5 غُلَامًا، وَوَزَنْتُ6 لِفُلَانٍ مَالًا، وَكَتَبْتُ7 لَهُ كِتَابًا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِك بِيَدِهِ بل أَمر بِبِنَائِهِ وَالْكَاتِبَ بِكِتَابِهِ8 وَالْقَاتِلَ بِقَتْلِهِ، وَالضَّارِبَ بِضَرْبِهِ، وَالْوَازِنَ بِوَزْنِهِ فَمِثْلُ هَذَا يَجُوزُ عَلَى الْمَجَازِ الَّذِي يَعْقِلُهُ النَّاسُ بِقُلُوبِهِمْ عَلَى مَجَازِ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَإِذَا قَالَ: كَتَبْتُ بِيَدَيَّ كِتَابًا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى9 {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 10

_ 1 تقدم الْكَلَام فِي الْمَسِيس ص”230". 2 فِي الأَصْل وس "بِيَدِهِ الْخَيْر" وَبِمَا أَثْبَتْنَاهُ جَاءَ فِي ط، ش، قلت: وَهُوَ الوافق لما فِي آل عمرَان، أَيَّة "26". 3 سُورَة الْحَدِيد، آيَة "29". 4 سُورَة الْملك آيَة "1". 5 فِي ط، ش "أَو ضربت". 6 فِي ط، ش "أَو وزنت". 7 فِي ط، ش "أَو كتبت". 8 فِي ط، س، ش "بكتابته". 9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 10 فِي ط، س، ش "خلقت آدم بيَدي" وصواب الْآيَة مَا أَثْبَتْنَاهُ فِي الأَصْل، انْظُر: سُورَة ص آيَة "75".

أَوْ قَالَ: وَزَنْتُ بِيَدَيَّ، وَقَتَلْتُ بِيَدَيَّ، وَبَنَيْتُ بِيَدَيَّ، وَضَرَبْتُ بِيَدَيَّ، كَانَ ذَلِكَ تَأْكِيدًا لِيَدَيْهِ، دُونَ يَدَيْ غَيْرِهِ، وَمَعْقُولٌ الْمَعْنَى عِنْدَ الْعُقَلَاءِ، كَمَا أَخْبَرَنَا اللَّهُ أَنَّهُ خَلَقَ الْخَلَائِقَ بِأَمْرِهِ، فَقَالَ {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 1 فَعَلِمْنَا أَنَّهُ خَلَقَ الْخَلَائِقَ بِأَمْرِهِ وإراته، وَكَلَامه وَقَوله {كُن} وَبِذَلِكَ كَانَتْ، وَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ. فَلَمَّا قَالَ: خَلَقْتُ آدَمَ بِيَدَيَّ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ تَأْكِيدٌ2 ليديه وَأَنَّهُ خَلَقَهُ بِهِمَا مَعَ أَمْرِهِ وَإِرَادَتِهِ. فَاجْتَمَعَ فِي آدَمَ تَخْلِيقُ الْيَدَيْنِ3 نَصًّا وَالْأَمْرُ وَالْإِرَادَةُ وَلَمْ يجتمعا فِي غَيره من الروحانين؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مَسَّ خَلْقًا ذَا رُوحٍ بيدَيْهِ4 غَيْرَ آدَمَ، إِذْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي أَحَدٍ مِمَّنْ سِوَاهُ وَلم يخص بِهِ بشرا غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ. وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا تَأَوَّلْتَ أَنَّهُ أَرَادَ بِيَدَيْهِ5 أَنَّهُ وَلِيَ خَلْقَهُ فَأَكَّدَهُ لَمَا كَانَ6 عَلَى إِبْلِيسَ إِذا فِيمَا احْتَجَّ اللَّهُ بِهِ7........

_ 1 فِي س {إِنَّمَا أَمْرُنَا لِشَيْءٍ} وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر سُورَة النَّحْل آيَة "40"، والتصحيح فِي سُورَة يس {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} آيَة "82" وَفِيه التَّصْرِيح بِلَفْظ الْأَمر. 2 فِي الأَصْل "تَأْكِيدًا" بِالنّصب, وَفِي ط، س، ش "تَأْكِيد" بِالرَّفْع وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهُ خبر "أَن". 3 فِي ط، س "تخليق الْيَد". 4 فِي ط، ش "بِيَدِهِ" وَتقدم الْكَلَام فِي الْمَسِيس ص”230". 6 فِي ط، ش "لَكَانَ لإبليس". 7 فِي ط، ش "فِيمَا احْتج بِهِ الله عَلَيْهِ" وَفِي س "فِيمَا احْتج بِهِ عَلَيْهِ".

عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْيَدَيْنِ لِآدَمَ1 فِي ذَلِكَ2 فَضْلٌ وَلَا فَخْرٌ، إِذْ وَلِيَ خَلْقَ إِبْلِيسَ فِي دَعْوَاكَ كَمَا وَلِيَ خَلْقَ آدَمَ سَوَاء، وأكده كَمَا أكده, وَلم كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَأَوَّلْتَ لَحَاجَّ إِبْلِيسُ رَبَّهُ فِي ذَلِكَ3 كَمَا حَاجَّهُ فِي أَنْ قَالَ4 {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} 5 وَكَمَا قَالَ: {لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ} 6 فَيَقُول: خلقتني أَيْضا يارب بِيَدَيْكَ، عَلَى مَعْنَى مَا خَلَقْتَ بِهِ آدَمَ أَيْ: وُلِّيتَ خَلْقِي، وَأَكَّدْتَهُ فِي دَعْوَاكَ7 وَلَكِنْ كَانَ8 الْكَافِرُ الرَّجِيمُ أَجْوَدَ مَعْرِفَةً بِيَدَيِ اللَّهِ مِنْكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ، بَلْ عَلِمَ عَدُوُّ اللَّهِ تَعَالَى9 إِبْلِيسُ أَنْ لَوِ احْتَجَّ بِهَا عَلَى اللَّهِ كَذبهُ10. وَأَمَّا دَعْوَاكَ أَيُهَّا الْمَرِيسِيُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى11: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} 12.............................

_ 1 فِي ش "لَا آدم" وَهُوَ خطأ. 2 فِي ط، س، ش "بذلك". 3 قَوْله "فِي ذَلِك: لَيْسَ فِي ط، ش. 4 فِي ط، س "حِين قَالَ". 5 سُورَة ص آيَة "76". 6 فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ "أأسجد لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حمأ مسنون" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ انْظُر: سُورَة الْحجر آيَة "33". 7 فِي ط، ش "فأكذبه فِي دَعْوَاهُ" وَفِي س" فأكذبه فِي دعواك". 8 لَفْظَة "كَانَ" لَيست فِي س ولعلها سَقَطت. 9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 10 فِي ط، ش "لأكذبه". 11 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 12 سُورَة الْمَائِدَة آيَة "64".

فَزَعَمْتَ تَفْسِيرَهُمَا1 رِزْقَاهُ، رِزْقٌ مُوَسَّعٌ وَرِزْقٌ مَقْتُورٌ2، وَرِزْقٌ حَلَالٌ وَرِزْقٌ حرَام. فَقَوله3 {يَدَاهُ} عِنْدَكَ رِزْقَاهُ. فَقَدْ خَرَجْتَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ حَدِّ الْعَرَبِيَّةِ كُلِّهَا، أومن حَدِّ مَا يَفْقَهُهُ الْفُقَهَاءُ وَمِنْ جَمِيعِ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَمِمَّنْ تَلَقَّفْتَهُ4؟ وَعَمَّنْ رَوَيْتَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ؟ فَإِنَّكَ 5 جِئْتَ بمحال لَا يعقله عجمي6 وَلَا عَرَبِيٌّ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ سَبَقَكَ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ. فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي تَفْسِيرِكَ هَذَا فَأَثَرُهُ مِنْ صَاحِبِ عِلْمٍ أَوْ صَاحِبِ عَرَبِيَّةٍ، وَإِلَّا فَإِنَّكَ مَعَ كُفْرِكَ بِهِمَا7 مِنَ الْمُدَلِّسِينَ. وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرُهُمَا عِنْدَكَ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ كَذِبٌ مُحَالٌ، فَضْلًا عَلَى8 أَنْ يَكُونَ كُفْرًا؛ لِأَنَّكَ ادَّعَيْتَ أَنَّ لِلَّهِ رِزْقًا مُوَسَّعًا، وَرِزْقًا مُقَتَّرًا، ثُمَّ قُلْتَ: إِنَّ رِزْقَيْهِ جَمِيعًا مَبْسُوطَانِ، فَكَيْفَ يَكُونَانِ مَبْسُوطَيْنِ، وَالْمَقْتُورُ أَبَدًا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ غَيْرُ مَبْسُوطٍ؟ وَكَيْفَ قَالَ اللَّهُ: إِن كلتيهما مبسوطتان

_ 1 فِي ط، س، ش "فَزَعَمت أَن تَفْسِيرهَا عنْدك". 2 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 3/ 16 مَادَّة "قتر": "القتر والتقتير الرمقة من الْعَيْش وقتر وأقتر كِلَاهُمَا كقتر وَفِي التَّنْزِيل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} [الْفرْقَان: 67] وَقَالَ اللَّيْث: القتر الرمقة فِي النَّفَقَة. وأقتر الرجل إِذا أقل فَهُوَ مقتر، وقتر فَهُوَ مقتور عَلَيْهِ". بِتَصَرُّف. 3 فِي س "قبقوله". 4 فِي ط، س، ش "تلقيته". 5 فِي ط، س، ش "وَإنَّك" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 6 فِي س، ط، ش "أعجمي". 7 فِي ط، س، ش "بهَا". 8 فِي ط، ش "عَن أَن يكون".

وَأَنت تزْعم إِحْدَاهُمَا1 مَقْتُورَةٌ؟ فَهَذَا أَوَّلُ كَذِبِكَ وجهالتك بالتفسير وَقد كفرنا الله مُؤْنَةَ تَفْسِيرِكَ هَذَا بِالنَّاطِقِ مِنْ كِتَابِهِ وَبِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. فَأَمَّا3 النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِهِ فَقَوْلُهُ {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 4 وَقَوْلُهُ {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} 5 وَقَوْلُهُ {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} 6 وَقَوله {بِيَدِك الْخَيْر} 7 وَقَوْلُهُ {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} 8 وَقَوْلُهُ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} 9 وَقَوْلُهُ {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} 10 فَهَلْ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَتَأَوَّلَ، فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِهِ أَنَّهُ11 رِزْقَاهُ، فَتَقُولَ بِرِزْقِهِ الْخَيْر وبرزقة الْفضل، وبرزفة الْمُلْكُ، وَلَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ رِزْقِ الله وَرَسُوله؟.

_ 1 فِي س "أَن إحديهما" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ؛ لِأَن "إِحْدَى" اسْم مَقْصُور تقدر عَلَيْهَا جيمع الحركات وَلَا تظهر. 2 عبارَة "النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" لم ترد فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "أما ". 4 سُورَة ص آيَة "75". 5 سرة الْمَائِدَة آيَة "64". 6 سُورَة الْفَتْح آيَة "10". 7 سُورَة آل عمرَان آيَة "26". 8 فِي الأَصْل "إِن الْفضل بيد الله" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ انْظُر: سُورَة الْحَدِيد، آيَة "29". 9 سُورَة الْملك آيَة "1". 10 فِي ش، "لَا تضربوا بَين يَدي الله وَرَسُوله" وَهُوَ خطأ وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ انْظُر: سُورَة الحجرات آيَة "1". 11 فِي س "أَن رزقاه" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

وَأَمَّا الْمَأْثُورُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهَ يَمِينٌ" 1. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمَدِينِيِّ2 وَنُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ3 وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ4، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ 5، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ6، عَنِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ7، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو8، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

_ 1 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْإِمَارَة، بَاب فَضِيلَة الإِمَام الْعَادِل، حَدِيث 1827، 3/ 1458 عَن عبد الله ابْن عَمْرو مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن المقسطين عِنْد الله عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِين الرَّحْمَن -عز وَجل- وكلتا يَدَيْهِ يَمِين الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليتهم وَمَا ولوا" قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه لمُسلم 12/ 211: "وَلَو: بِفَتْح الْوَاو وَضم اللَّام المخففة" وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي، كتاب آدَاب الْقُضَاة بَاب فضل الْحَاكِم الْعَادِل فِي حكمه، جـ8 ص"221" من طَرِيق المقسطين عِنْد الله بِهَذَا السَّنَد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن الْعَاصِ بِلَفْظ: "إِن المقسطين عِنْد الله تَعَالَى على مَنَابِر من نور من على يَمِين الرَّحْمَن الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليتهم وَمَا ولوا" قَالَ مُحَمَّد فِي حَدِيثه: "وكلتا يَدَيْهِ يَمِين". 2 هُوَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص"151". 3 نعيم بن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ، تقدم ص"204". 4 ابْن أبي شيبَة، تقدم ص"154". 5 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 6 قَالَ فِي الْقَرِيب 2/ 69: عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ، أَبُو مُحَمَّد الْأَثْرَم، الجُمَحِي مَوْلَاهُم، ثِقَة ثَبت من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 26/ ع. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 66: عَمْرو بن أَوْس بن أبي أَوْس، الثَّقَفِيّ الطَّائِفِي، تَابِعِيّ كَبِير، من الثَّانِيَة وهم من ذكره، فِي الصَّحَابَة، مَاتَ بعد التسعين من الْهِجْرَة، ع. 8 فِي ط، س، ش "عبد الله بن عمر" وَالَّذِي يتَرَجَّح أَنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ المعاص لما ذَكرْنَاهُ فِي تَخْرِيجه قَرِيبا، وَانْظُر: تَرْجَمته ص"256".

فَتَفْسِيرُ قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَأْوِيلِكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ: أَنَّهُمْ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ رِزْقَيِ الرَّحْمَنِ، وَكِلَا1 رِزْقَيْهِ يَمِينٌ!!. حَدَّثَنَا2 مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّمْلِيُّ3، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ4، عَنْ أَبِيهِ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ6، عَن ابْن عمر7: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ -وَقَبَضَ كَفَّيْهِ أَو قَالَ: يَدَيْهِ -

_ 1 فِي ط، س، ش "وكلتا". 2 فِي ط، ش "وَحدثنَا". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 279: مهْدي بن جَعْفَر بن حَيَّان: بتَشْديد التَّحْتَانِيَّة، الرَّمْلِيّ الزَّاهِد، صَدُوق، لَهُ أَوْهَام من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 30/ تَمْيِيز. 4 عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، سَلمَة بن دِينَار، الْمدنِي، صَدُوق، فَقِيه من الثَّامِنَة مَاتَ سنة 84 وَقيل: قبل ذَلِك، ع انظز التَّقْرِيب 1/ 508. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 316: سَلمَة بن دِينَار: أَبُو حَازِم الْأَعْرَج، الأثور، التمار الْمدنِي، القَاضِي، مولى الْأسود بن سُفْيَان، ثِقَة، عَابِد من الْخَامِسَة، مَاتَ فِي خلَافَة الْمَنْصُور، ع. 6 فِي ط، س، ش "عبد الله بن مقسم" بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ الصَّوَاب وَبِه جَاءَ عِنْد مُسلم جـ4 ص2148. وَقَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 539: عبيد الله بن مقسم الْمدنِي، ثِقَة، مَشْهُور، من الرَّابِعَة خَ م د س ق. 7 هُوَ عبد الله بن عمر كَمَا ورد فِي مُسلم انْظُر: تَخْرِيج الحَدِيث بعده قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 435: عبد الله بن الْخطاب الْعَدوي، أَبُو عبد الرَّحْمَن، ولد بِهِ المبعث بِيَسِير، واستصغر يَوْم أحد، وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة سنة، وَهُوَ أحد المكثرين من الصَّحَابَة، والعبادلة، وَكَانَ من أَشد النَّاس اتبَاعا للأثر مَاتَ سنة 73هـ فِي آخرهَا أَو أول الَّتِي تَلِيهَا ع.

فَجعل يقبضهَا ويبسطها 1 ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَنَا الْمَلِكُ 2 أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟ وَيَمِيلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"؟ 3. فَيَجُوزُ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ يَأْخُذُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ بِرِزْقَيْهِ بِمُوَسَّعِهِ، وَبِمَقْتُورِهِ4 وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ؟ مَا أَرَاكَ إِلَّا وَسَتَعْلَمُ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ بِالْمُحَالِ، لِتُغَاطَ5 "كَذَا" بِهَا الْجُهَّالَ، وَتُرَوِّجَ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَنَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ، لَا تدْخلُوا

_ 1 فِي ط، س، ش "يقبضهَا ويبسطها" كَمَا فِي مُسلم. 2 فِي ط، س، ش "أَنا الْملك أَنا الْجَبَّار". 3 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب صِفَات المافقين حَدِيث 2788، 4/ 2148 قَالَ: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور حَدثنَا "يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن" حَدثنِي أَبُو حَازِم، عَن عبيد الله بن مقسم، أَنه نظر الى عبد الله بن عمر كَيفَ يَحْكِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "يَأْخُذ الله عز وَجل سمواته وأرضيه بيدَيْهِ، فَيَقُول: أَنا الله "وَيقبض أَصَابِعه ويبسطها" أَنا الْملك، حَتَّى نظرت إِلَى الْمِنْبَر يَتَحَرَّك مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". 4 فِي ط، س، ش "موسوعة ومقتوره". 5 فِي ط، س، ش "لتغالط" قلت: وغاط من غطا الشَّيْء غطوًا وغطاه تَغْطِيَة وأغطاه أَي: واراه وستره، انْظُر: لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط 2/ "999". مَادَّة "غطى".

الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا 1....." 2 الْحَدِيثُ. حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ3، ثَنَا5 ابْن الْمُبَارك5 أبنا6، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمسيب9................

_ 1 فِي ط، ش "وَلَا تؤمنوا حَتَّى تحَابوا". 2 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْإِيمَان، بَاب بَيَان أَنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، حَدِيث 193/ 74 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "لَا تدخلون الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تحَابوا، أَولا أدلكم على شَيْء إِذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشو السَّلَام بَيْنكُم". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، أَبْوَاب صفة الْقِيَامَة، بَاب 20 حَدِيث 2628، 7/ 212-213 عَن الزبير بن الْعَوام مَرْفُوعا. 3 تقدم ص"204". 4 "ثَنَا" لَيست فِي ط، ولعلها سَقَطت، وَفِي ش "عَن" بدل "ثَنَا" وَفِي س "نَا" بدل "ثَنَا". 5 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"43". 6 فِي ط، س، ش: "أخبرنَا". 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 386: يُونُس بن يزِيد بن أبي النجاد الْأَيْلِي -بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة بعْدهَا لَام. أَبُو يزِيد مولى آل أبي سُفْيَان، ثِقَة إِلَّا أَن فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ وهما قَلِيلا وَفِي غير الزُّهْرِيّ خطأ, من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 59 على الصَّحِيح وَقيل: سنة60/ ع، , وَقَالَ فِي التَّهْذِيب 11/ 451: روى عَن الزُّهْرِيّ وَعنهُ ابْن الْمُبَارك..... إِلَخ. 8 تقدم، ص"175". 9 سعيد بن الْمسيب بن حزن بن أبي وهب بن عَمْرو بن عَابِد بن عمرَان بن مَخْزُوم الْقرشِي المَخْزُومِي، أحد الْعلمَاء الْأَثْبَات، الْفُقَهَاء الْكِبَار، من كبار الثَّانِيَة اتَّفقُوا على أَن مرسلاته أصح الْمَرَاسِيل، وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: لَا أعلم فِي التَّابِعين أوسع علما مِنْهُ، مَاتَ بعد التسعين، وَقد ناهز الثَّمَانِينَ، ع. انْظُر "التَّقْرِيب 1/ 305-306.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَقْبِضُ الْأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْمُلُوكُ؟ " 2. أَفَيَجُوزُ أَنْ يَطْوِيَ3 اللَّهُ السَّمَاءَ4 بِأَحَدِ رِزْقَيْهِ؟ فَأَيُّهُمَا الْمُوَسَّعُ عِنْدَكَ مِنَ الْمَقْتُورِ؟ وَأَيُّهُمَا الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ؟ لِأَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ" 5 وَادَّعَيْتَ أَنْتَ أَنَّ إِحْدَاهُمَا مُوَسَّعٌ وَالْآخَرُ مَقْتُورٌ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ6.............................

_ 1 أَبُو هُرَيْرَة، تقدم ص"179". 2 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب تَفْسِير الْقُرْآن، تَفْسِير سُورَة الزمر، بَاب {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} الْآيَة حَدِيث 4812، 8/ 551 من طَرِيق آخر، عَن ابْن شهَاب، عَن أبي سَلمَة أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "يقبض الله الأَرْض، ويطوي السَّمَوَات بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْن مُلُوك الأَرْض". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد كتاب صِفَات الْمُنَافِقين صفة الْقِيَامَة وَالْجنَّة وَالنَّار حَدِيث 23، 4/ 2148 من طَرِيق يُونُس، عَن ابْن شهَاب حَدثنِي ابْن الْمسيب، أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "يقبض الله تبَارك وَتَعَالَى الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة، ويطوي السَّمَاء بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْن مُلُوك الأَرْض". 3 فِي س "أَن يَقُول: يطوي". 4 فِي ط، س "السَّمَوَات". 5 انْظُر تَخْرِيجه ص"244". 6 تقدم ص"168".

ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة1 أبنا2 مُحَمَّد بن عَمْرو3 عَنْ أَبِي سَلَمَةَ4 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَقِيَ آدَمَ" 6 مُوسَى 7 فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ" 8....................................

_ 1 حَمَّاد بن سملة، تقدم ص"187"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1/ 326 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ. 2 فِي ط، ش "أَنا" وَفِي س "ثَنَا". 3 مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة بن وَقاص، اللَّيْثِيّ الْمدنِي، صَدُوق لَهُ أَوْهَام، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين على الصَّحِيح ع، انْظُر" التَّقْرِيب 2/ 196. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/ 375 أَنه روى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن وَعنهُ حَمَّاد بن سَلمَة. 4 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تقدم ص"176". 5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 6 آدم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"137". 7 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"155". 8 أخرجه مُسلم من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "احْتج آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام عِنْد ربهما فحج آدم مُوسَى قَالَ: مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وأسجد لَك مَلَائكَته، وأسكنك جنته...." الحَدِيث انْظُر: صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد كتاب الْقدر بَاب حجاج آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام حَدِيث 15، 4/ 2043. وَانْظُر/ التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة أَبْوَاب الْقدر بَاب رقم 2 حَدِيث 2217، 6/ 336-338 عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعا. وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص"53-54" من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، حَدثنِي عمر بن الْخطاب مَرْفُوعا بِلَفْظ: "التقى آدم ومُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ...." الحَدِيث.

أَفَيَجُوزُ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنْ تَتَأَوَّلَ قَوْلَ مُوسَى خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ1 بِأَحَدِ رِزْقَيْهِ بِحَلَالِهِ أَمْ حَرَامِهِ؟ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ2 وَأَبُو عَمْرو بْنُ الْحَوْضِيِّ3 وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ 4 قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ5 عَنْ عَمْرِو بن مرّة6........................................

_ 1 قَوْله: "بِيَدِهِ" لَيست فِي ط، س، ش. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 244: مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ الفراهيدي، أَبُو عَمْرو الْبَصْرِيّ، ثِقَة مَأْمُون، مكثر عمي بِآخِرهِ، من صغَار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 22، وَهُوَ أكبر شيخ لأبي دَاوُد ع. 3 أَبُو عَمْرو الحوضي، تقدم ص"211". 4 فِي ش "عمر بن مَرْزُوق"، وَفِي الأَصْل، ط، س "عَمْرو بن مَرْزُوق" وَهُوَ الصَّوَاب، وَالرَّاجِح أَنه عَمْرو بن مَرْزُوق الْبَاهِلِيّ، أَبُو عُثْمَان، الْبَصْرِيّ، ثِقَة لَهُ أَوْهَام، من صغَار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 24/ خَ د انْظُر التَّقْرِيب 2/ 78، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي2/ 1049 أَنه روى عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج. 5 قَالَ فِي الْقَرِيب 1/ 351: شُعْبَة بن الْحجَّاج بن الْورْد الْعَتكِي مَوْلَاهُم أَبُو بسطَام، الوَاسِطِيّ، ثمَّ الْبَصْرِيّ، ثِقَة حَافظ متقن، كَانَ الثَّوْريّ يَقُول: هُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث، وَهُوَ أول من فتش بالعراق عَن الرِّجَال، وذب عَن السّنة، وَكَانَ عابدًا، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 60/ ع. وَذكر فِي التَّهْذِيب 4/ 338-346 أَنه روى عَن عَمْرو بن مرّة وَذكر مِمَّن روى عَنهُ أَبُو عَمْرو الحوضي، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم وَعَمْرو بن مَرْزُوق. 6 فِي ط، س، ش "عمر بن مرّة" وَصَوَابه "عَمْرو بن مرّة" قَالَ فِي التَّهْذِيب 2/ 78: عمْرَة بن مرّة بن عبد الله بن طَارق، الْجملِي بِفَتْح الْجِيم وَالْمِيم، الْمرَادِي أَبُو عبد الله، الْكُوفِي، الْأَعْمَى، ثِقَة، عَابِد، وَكَانَ لَا يُدَلس، رمي بالإرجاء من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 18 وَقيل قبلهَا ع. وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 102 أَنه روى عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود وروى عَنهُ شُعْبَة.

عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ1، عَنْ أَبِي مُوسَى2، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَار، وبيسط يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تطلع الشمسس مِنْ مَغْرِبِهَا" 3 أَفَيَجُوزُ أَنْ4 يَبْسُطَ حَلَالَهُ بِاللَّيْلِ وَحَرَامَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ الْمُسِيئَانِ؟. حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ5، ثَنَا6 ابْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا7 عَنْبَسَةُ بن سعيد8

_ 1 قَالَ فِي التقرييب 2/ 48: أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود بكنيته، وَالْأَشْهر أَن لَا اسْم لَهُ غَيرهَا، وَيُقَال: اسْمه عَامر، كُوفِي، ثِقَة، من كبار الثَّالِثَة، وَالرَّاجِح أَنه لَا يَصح سَمَاعه من أَبِيه مَاتَ بعد سنة ثَمَانِينَ/ الْأَرْبَعَة وَذكر فِي التَّهْذِيب 5/ 75 أَنه روى عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وروى عَنهُ عَمْرو بن مرّة. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 441: عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار، بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَشْديد الضَّاد الْمُعْجَمَة، أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، صَحَابِيّ مَشْهُور، أمره عمر ثمَّ عُثْمَان، وَهُوَ أحد الْحكمَيْنِ بصفين، مَاتَ سنة 50هـ وَقيل بعْدهَا/ ع. 3 انْظُر: صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب التَّوْبَة، بَاب قبُول التَّوْبَة من الذُّنُوب وَإِن تَكَرَّرت التَّوْبَة، حَدِيث 2759/ جـ4 ص"2113" بِسَنَد آخر فِيهِ شُعْبَة وَمن بعده إِلَى أبي مُوسَى مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ. 4 فِي ط، س، ش "أَن يُقَال: يبسط". 5 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 6 فِي ط، س، ش "عَن ابْن الْمُبَارك" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"143". 7 فِي ط، ش "أَنا" وَفِي س "أبنا". 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 88: عنسبة بن سعيد بن الضريسي، بضاد مُعْجمَة مُصَغرًا الْأَسدي، أَبُو بكر الْكُوفِي، قَاضِي الرّيّ، ثِقَة، من الثَّامِنَة ت خت س، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 55 أَنه روى عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ وَعنهُ ابْن الْمُبَارك.

عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ1 عَنْ مُجَاهِدٍ2 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ3 عَنْ عَائِشَةَ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَة} 5 فَأَيْنَ6 النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ" 7، أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْأَرْضَ جَمِيعًا رِزْقُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 229: مُجَاهِد بن جبر، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمُوَحدَة، أَبُو الْحجَّاج، المَخْزُومِي مَوْلَاهُم الْمَكِّيّ، ثِقَة إِمَام فِي التَّفْسِير وَفِي الْعلم، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة إِحْدَى أَو اثْنَيْنِ أَو ثَلَاث أَو أَربع وَمِائَة، وَله 83 سنة ع. 3 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 606: عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق، أم الْمُؤمنِينَ، أفقه النِّسَاء مُطلقًا، وَأفضل أَزوَاج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا خَدِيجَة فَفِيهَا خلاف شهير، مَاتَ سنة 57 على الصَّحِيح ع وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة4/ 345-351 وَأسد الغابة5/ 501-504 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب4/ 348-350 وتهذيب التَّهْذِيب12/ 433-436. 5 سُورَة الزمر، آيَة "67". 6 فِي ط، س، ش "فَأَيْنَ يكون النَّاس؟ ". 7 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، أَبْوَاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة الزمر، حَدِيث3298/ جـ9 ص"120-121" قَالَ: حَدثنَا سُوَيْد بن نصر أخبرنَا عبد الله بن الْمُبَارك بِهَذَا السَّنَد، عَن مُجَاهِد قَالَ: ابْن عَبَّاس: "أَتَدْرِي مَا سَعَة جَهَنَّم؟ قلت: لَا، قَالَ: أجل وَالله مَا تَدْرِي "حَدَّثتنِي عَائِشَة: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْلُهُ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} قَالَت: قلت: فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: على =

وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِرِزْقِهِ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ وَمُوَسَّعِهِ1 وَمُقَتَّرِهِ؟ لَقَدْ عَلِمَ الْخَلْقُ2 إِلَّا مَنْ جَهِلَ اسْتِحَالَةَ هَذَا التَّأْوِيلِ. فَلَوْ أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ مُعَانَدَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمُخَالَفَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ احْتَجَجْتَ بِكَلَامٍ أَسْتَرَ عَوْرَةً، وَأَقَلَّ اسْتِحَالَةً مِنْ هَذَا، كَانَ أَنْجَعَ3 لَكَ فِي قُلُوبِ الْجُهَّالِ مِنْ أَنْ تَأْتِيَ بِشَيْءٍ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ وَلَا جَاهِلٌ فِي بُطُولِهِ4 وَاسْتِحَالَتِهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن صَالح5 حَدثنِي لَيْث6،.................

_ = جسر جَهَنَّم". قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَفِي الحَدِيث قصَّة، وَهَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد وَابْن جرير. قلت: انْظُر: الْمسند، بهامشه الْمُنْتَخب6/ 116-117 وَانْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير الغرائب24/ 19. وَأخرجه الْحَاكِم فِي آخر حَدِيث لَهُ فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص كتاب التَّفْسِير2/ 436 من طَرِيق الْحسن بن حَلِيم الْمروزِي، ثَنَا أَبُو الموجه أنبأ عَبْدَانِ أنبأ عبد الله بن عَنْبَسَة بِهَذَا السِّيَاقَة، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "صَحِيح". 1 فِي ط، س، ش "وموسوعة". 2 فِي ط، س، ش: "الْخلق" وَمَا فِي الأَصْل هُوَ الصَّوَاب. 3 "أنجع" تقدم مَعْنَاهَا ص”140". 4 قلت: وَهِي صَحِيحَة: قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس3/ 335 مَادَّة "بَطل": "بَطل بُطْلًا وبُطُولًا وبطلانًا بضمهن" ذهب ضيَاعًا وخسرًا وأبطله وَفِي حَدِيثه بطالة هزل كأبطل". 5 عبد الله بن صَالح، كَاتب اللَّيْث تقدم ص”171". 6 فِي ط، س، ش "اللَّيْث" قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 138- اللَّيْث بن سعيد بن عبد الرَّحْمَن الفهمي، أَبُو الْحَارِث الْمصْرِيّ، ثِقَة ثَبت فَقِيه، إِمَام مَشْهُور، من السَّابِعَة مَاتَ فِي شعْبَان سنة75/ ع.

حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ1، عَنْ أَبِيهِ2، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي" 4 فَهَلْ مِنْ بَيَانٍ أَشْفَى مِنْ هَذَا أَنَّهُ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي5؟ أَفَيَجُوزُ لِهَذَا الْمَرِيسِيِّ أَنْ يَقُولَ: كَتَبَ بِرِزْقِهِ حَلَالِهِ وَحَرَامِهِ على نَفسه؟

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 190: مُحَمَّد بن عجلَان الْمدنِي، صَدُوق، إِلَّا أَنه اخْتَلَط عَلَيْهِ أَحَادِيث أبي هُرَيْرَة من الْخَامِسَة مَاتَ سنة48/ خت م وَالْأَرْبَعَة. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 16: عجلَان، مولي فَاطِمَة بنت عتبَة، الْمدنِي، لَا بَأْس بِهِ، من الرَّابِعَة خت م وَالْأَرْبَعَة وَذكر فِي التَّهْذِيب7/ 162 أَنه روى عَن مولاته وَأبي هُرَيْرَة وَعنهُ ابْنه مُحَمَّد، وَفِي تحفة الأحوذي9/ 528 قَالَ المباركفوري فِي شرحة على حَدِيث3611: هُوَ عجلَان الْمدنِي مولى فَاطِمَة بنت عتبَة، لَا بَأْس بِهِ من الرَّابِعَة. 3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 4 أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَول الله تَعَالَى {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ، فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} {وَالطُّورِ، وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} حَدِيث 7554، 13/ 522 من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله كتب كتابا قبل أَن يخلق الْخلق: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي فَهُوَ مَكْتُوب عِنْده فَوق الْعَرْش". أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، كتاب الدَّعْوَات بَاب "109" حَدِيث 3611 جـ9 ص"528" قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة، حَدثنِي اللَّيْث بِهَذَا السَّنَد، عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظِهِ وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. 5 قَوْله: "فَهَل من بَيَان أشفى" إِلَى قَوْله: "أَن رَحْمَتي تغلب غَضَبي" لَيْسَ فِي ط، س، ش وَفِيه زِيَادَة وضوح.

وَفِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، تَرَكْنَاهَا مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ بَيَانٌ بَيِّنٌ وَدِلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي تَثْبِيتِ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ1 أَنَّهُمَا عَلَى خِلَافِ مَا تَأَوَّلَهُ هَذَا الْمَرِيسِيُّ الضَّالُّ، الَّذِي خَرَجَ بِتَأْوِيلِهِ هَذَا مِنْ جَمِيع لُغَات الْعَرَب والعجم، فليعرض هَذِه الأثار رجل على عقله: فَهَل يجوز لعربي أَو عجمي أَنْ يَتَأَوَّلَ أَنَّهَا أَرْزَاقُهُ، وَحَلَالُهُ، وَحَرَامُهُ؟ وَمَا أَحْسَبُ هَذَا الْمَرِيسِيَّ إِلَّا وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهَا تَأْوِيلُ ضَلَالٍ2 وَدَعْوَى مُحَالٍ، غَيْرَ أَنَّهُ مُكَذِّبٌ الْأَصْلَ متطلف لِتَكْذِيبِهِ بِمُحَالِ التَّأْوِيلِ كَيْلَا يَفْطِنَ لِتَكْذِيبِهِ أَهْلُ الْجَهْلِ. وَلَئِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَهْلِ فِي غَلَطٍ مِنْ أَمْرِهِ، إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْهُ لَعَلَى يَقِينٍ. فَلَا يَظُنَّ الْمُنْسَلِخُ مِنْ دِينِ اللَّهِ أَنَّهُ يُغَالِطُ بِتَأْوِيلِهِ هَذَا إِلَّا مَنْ قَدْ أَضَلَّهُ اللَّهُ3 وَجَعَلَ عَلَى قَلْبِهِ وَبَصَرِهِ وَسَمْعِهِ4 غِشَاوَةً. ثُمَّ إِنَّا من عَرَفْنَا لِآدَمَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ابْنًا أَعَقَّ وَلَا أَحْسَدَ مِنْهُ، إِذْ يَنْفِي عَنْهُ أَفْضَلَ فَضَائِلِهِ وَأَشْرَفَ مَنَاقِبِهِ، فَيُسَوِّيهِ فِي ذَلِكَ بِأَخَسِّ5 خلق الله؛ لِأَنَّهُ

_ 1 لَفْظَة "عز وَجل" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي س "تَأْوِيل وضلال". 3 لفظ الْجَلالَة لَيْسَ فِي ش. 4 فِي ط، س، ش "وَجعل على قلبه وسَمعه وبصره غشاوة". 5 أَي أَدْنَاهُم قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس2/ 210 مَادَّة "الخس": "وخس نصِيبه جعله خسيسًا دنيئًا حَقِيرًا وخسست بِالْكَسْرِ خسة وخساسة إِذا كَانَ فِي نَفسه خسيسًا.. وَفُلَانًا وجدته خسيسًا واستخسه عده كَذَلِك، والمستخس وَيفتح الْخَاء الدون والقبيح الْوَجْه" بِتَصَرُّف.

لَيْسَ لآدَم أفضل من أَن الله بِيَدِهِ وَمن بَيْنِ خَلَائِقِهِ، فَفَضَّلَهُ بِهَا عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ1 أَلَا تَرَوْنَ مُوسَى2 حِينَ الْتَقَى مَعَ آدَمَ3 فِي الْمُحَاوَرَةِ احْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَشْرَفِ مَنَاقِبِهِ فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ4؟ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ مَخْصُوصَةً لِآدَمَ دُونَ من سوه مَا كَانَ يَخُصُّهُ بِهَا فَضِيلَةً دُونَ نَفْسِهِ، إِذْ هُوَ وَآدَمُ فِي خَلْقِ يَدَيِ اللَّهِ سَوَاءٌ فِي دَعْوَى الْمَرِيسِيِّ وَلِذَلِكَ5 قُلْنَا إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِآدَمَ ابْنٌ أَعَقُّ مِنْهُ، إِذْ يَنْفِي عَنْهُ مَا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرو بن الْعَاصِ6 حَدَّثَنَا7 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ8 حَدثنِي اللَّيْث9...................

_ 1 مَقْصُودَة الْفَضِيلَة الَّتِي اختصه بِهِ وَهُوَ أَن الله خلقه بِيَدِهِ، وَلَا يلزمك من ذَلِك تَفْضِيل آدم على غَيره من الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ؛ لِأَن هَذِه الْفَضِيلَة تَشْمَل ذُريَّته فَإِن آدم أصل الْبشر فَهَذِهِ الْفَضِيلَة لجنس الْبشر، حَيْثُ إِن الله خلق أباهم بِيَدِهِ. 2 تقدّمت تَرْجَمته ص"155". 3 تقدم، ص"177". 4 تقدم ص"249". 5 فِي ط، س، ش "فَلذَلِك". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 436: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بن وَائِل بن هَاشم بن سعيد بِالتَّصْغِيرِ، ابْن سعد بن سهم السَّهْمِي، أَبُو مُحَمَّد وَقيل: أَبُو عبد الرَّحْمَن أحد السَّابِقين المكثرين من الصَّحَابَة، وَاحِد العبادلة الْفُقَهَاء، مَاتَ فِي ذِي الْحجَّة ليَالِي الْحرَّة على الْأَصَح بِالطَّائِف على الرَّاجِح/ ع. 7 فِي ط، س، ش "حَدَّثَنَا". 8 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتب اللَّيْث: تقدم ص"171". 9 اللَّيْث بن سعيد تقدم ص"206".

حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْيدٍ1، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ2 عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ3 أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ4 قَالَ: "لَقَدْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبَّنَا، مِنَّا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ، وَمِنَّا حَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَمِنَّا الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ اللَّهَ5 اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا نسأم6 وَلَا نفتر، خلقت بَين آدَمَ فَجَعَلْتَ لَهُمُ الدُّنْيَا، وَجَعَلْتَهُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ7 فَكَمَا جَعَلْتَ لَهُمُ الدُّنْيَا فَاجْعَلْ لَنَا الْآخِرَةَ فَقَالَ: لن أفعل، ثمَّ عادو فاجتهدوا الْمَسْأَلَة فَقَالُوا مثل ذَلِك 8 فَقَالَ: لن أفعل، ثمَّ عادو فاجتهدو الْمَسْأَلَة بِمثل ذَلِكَ، فَقَالَ: لَنْ أَجْعَلَ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدَيَّ كَمَنْ قلت لَهُ: كن فَكَانَ "9؟،

_ 1 فِي س "هِشَام بن سعد" وَهُوَ الصَّوَاب، تقدّمت تَرْجَمته ص”206"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب11/ 39 أَنه روى عَن زيد بن أسلم وَعنهُ اللَّيْث وَالثَّوْري. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 272: "زيد بن أسلم الْعَدوي مولى عمر، أَبُو عبد الله أَو أَبُو أُسَامَة الْمَدِين ثِقَة، عَالم، وَكَانَ يُرْسل، من الثَّالِثَة مَاتَ سنة36/ ع. 3 عَطاء بن يسَار، تقدم ص”206". 4 فِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنْهُمَا "وَقد تقدّمت تَرْجَمته قَرِيبا. 5 فِي ط، س، ش "وَنحن نُسَبِّح اللَّيْل وَالنَّهَار". 6 فِي ط، ش "وَلَا نسأم". 7 فِي ط، ش "وَلَا تستريحون" وَفِي س: ويتبرجون". 8 قَوْله: "فَقَالُوا مثل ذَلِك لَيْسَ فِي ط، وَفِي س: وَفِي ش، "فَقَالَ مثل ذَلِك" وَلَا يَسْتَقِيم الْمَعْنى بِمَا فِي س. 9 فِي الأَصْل "كن فَكَانَ" وَلَعَلَّه سقط بعضه سَهوا وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش، وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. تَخْرِيجه: جَاءَ هَذَا الْخَبَر من طَرِيق أُخْرَى ضَعِيفَة أَن بَعْضهَا غَايَة فِي =

.......................................................

_ = الضعْف وَمن ذَلِك مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط ونلقه الهيثمي فِي الْمجمع1/ 82 وَقَالَ: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط وَفِيه إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن خَالِد المصِّيصِي وَهُوَ كَذَّاب مَتْرُوك، وَفِي إِسْنَاد الْأَوْسَط طَلْحَة بن زيد وَهُوَ كَذَّاب أَيْضا". وَذكره ابْن كثير فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} وَالْآيَة من سُورَة الْإِسْرَاء5/ 206 من طَرِيق عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر مُخْتَصرا عَمَّا هُنَا. وَذكره شَارِح الطحاوية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَقَالَ: أخرجه الطَّبَرَانِيّ وآخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل عَن عُرْوَة بن رُوَيْم إِلَّا أَن الشَّارِح أعلهما سندًا ومتنًا. انْظُر شرح الطحاوية بتخريج الألباني ص”342-343" وَتعقبه أَحْمد شَاكر فِي إعلاله طَرِيق عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فَقَالَ بعد أَن ذكره بِإِسْنَادِهِ عَن عُرْوَة بن رُوَيْم يَقُول: أَخْبرنِي الْأنْصَارِيّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "فَهَذَا إِسْنَاد ظَاهر الصِّحَّة أَيْضا وَإِن لم أستطع أَن أَجْزم بذلك؛ لِأَن عُرْوَة بن رُوَيْم لم يُصَرح فِيهِ بِأَن الْأنْصَارِيّ الَّذِي حَدثهُ بِهِ صَحَابِيّ، فجهالة الصَّحَابِيّ لَا تضر وَهُوَ يروي عَن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ فَإِن يكنه يكن الْإِسْنَاد صَحِيحا وَهَذَا مُحْتَمل جدًّا وَإِن كنت لَا أقطع بِهِ" انْظُر شرح الطحاوية بتخريج شَاكر ص”241-242". وَقَالَ الألباني: حَدِيث عبد الله بن أَحْمد بِسَنَدِهِ إِلَى الْأنْصَارِيّ فَلَا شكّ فِي عَدَالَة رُوَاته باستثناء الْأنْصَارِيّ وَإِنَّمَا الْبَحْث فِي كَون الْأنْصَارِيّ إِنَّمَا هُوَ أنس ابْن مَالك رَضِي الله عَنهُ؛ لِأَنَّهُ إِن كَانَ هُوَ فَالْحَدِيث بتخريج الألباني ص”344" وَالسّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد ص”148". قلت: وَالَّذِي يظْهر لي أَن الْأنْصَارِيّ الَّذِي اخْتلف فِيهِ هُنَا هُوَ جَابر بن عبد الله =

............................................................................................

_ = الْأنْصَارِيّ، وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"316-317"، حَيْثُ أوردهُ من طَرِيق عبد ربه بن صَالح الْقرشِي قَالَ: سَمِعت عُرْوَة بن رُوَيْم يحدث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِي الله عَنهُ، وَذكره مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ، إِلَّا أَن عُرْوَة بن رُوَيْم يروي عَن جَابر مُرْسلا كَمَا قَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"265"، ويشكك فِي الألباني فِي أَن يكون الْأنْصَارِيّ، هُوَ جَابر مشير إِلَيّ مَا أخرجه ابْن عَسَاكِر "9/ 407/ 2" انْظُر: شرح الطحاوية بتخريج الألباني ص"345". قلت: وَاخْتلف فِي طَرِيق عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ -رَحِمَهُ الله- فَمنهمْ من قواه وَمِنْهُم من ضعفه فقد ذكره ابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة1/ 54-55 فَقَالَ: "فصل وَقد اخْتلف النَّاس فِي تَفْصِيل الْمَلَائِكَة على الْبشر على أَقْوَال -وَذكر الْخلاف- إِلَى أَن قَالَ وَأحسن مَا يسْتَدلّ بِهِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة من رَوَاهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا وَهُوَ أصح، قَالَ: "لما خلق الله الْجنَّة قَالَت الْمَلَائِكَة يَا رَبنَا اجْعَل لنا هَذِه نَأْكُل مِنْهَا وَنَشْرَب فَإنَّك خلقت الدُّنْيَا لبني آدم فَقَالَ الله: لَنْ أَجْعَلَ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدَيَّ كَمَنْ قُلْتُ لَهُ: كن فَكَانَ". ذكره أَحْمد شَاكر فِي تَخْرِيجه على شرح الطحاوية ص"241" معقبًا على الشَّارِح فِي إعلاله فَقَالَ: وَلَكِن الحَدِيث رَوَاهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد على بشر المريسي ص"34" بِإِسْنَاد صَحِيح مطولا -وَذكر إِسْنَاد الدَّارمِيّ ثمَّ قَالَ: وَهَذَا إِسْنَاد لَا مغمز فِيهِ، وَقد أَشَارَ إِلَيْهِ الْحَافِظ ابْن كثير فِي التَّارِيخ1/ 55 مُخْتَصرا من رِوَايَة عُثْمَان بن سعيد وَأَشَارَ إِلَى صِحَّته". وَتعقبه الألباني فِي تَخْرِيجه على شرح الطحاوية ص"342" فضعفه. وَيُمكن القَوْل بِأَن أجمع مَا قيل فِي إِسْنَاد عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ هُوَ مَا ذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"47"؛ حَيْثُ قَالَ: "وَصَحَّ إِلَى عبد الْوَارِث قَالَ: قَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب النَّقْض على بشر المريسي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثمَّ ذكره بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ: إِسْنَاد صَالح".

أَوَلَا تَرَى أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ، كَيْفَ ميز بَين آدم فِي خلقته1 بِيَدَيِ اللَّهِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْخَلْقِ؟ وَلَوْ كَانَ تَفْسِيرُهُ عَلَى مَا ادَّعَيْتَ لَاحْتَجَّتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى رَبهَا إِذا احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِيَدَيْهِ فِي آدَمَ، أَنْ يَقُولُوا: يَا رَبَّنَا، نَحْنُ وَآدَمُ فِي مَعْنَى خَلْقِهِ بِيَدَيْكَ2 سَوَاءٌ وَلَكِنْ عَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ تَفْسِيرِ ذَلِكَ مَا عَمِيَ عَنْهُ الضَّالُّ الْمَرِيسِيُّ، وَاللَّهِ مَا رَضِيَ اللَّهُ لِذُرِّيَّةِ آدَمَ حَتَّى أَثْبَتَ لَهُمْ بِذَلِكَ عِنْدَهُ مَنْقَبَةَ آدَمَ، إِذْ خَلَقَ أَبَاهُمْ بِيَدِهِ خُصُوصًا مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ حَتَّى احْتَجَّ بِهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَفَضَّلَ وَلَدَهُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَكَيْفَ آدَمُ نَفْسُهُ؟ لَقَدْ حَسَدْتَ أَبَاكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ كَمَا حَسَدَهُ إِبْلِيسُ، حَيْثُ قَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} 3 وَأَيُّ عُقُوقٍ لِآدَمَ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ: خَلَقْتُ أَبَاكَ آدَمَ بِيَدَيَّ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْخَلَائِقِ فَيَقُولُ4: لَا، وَلَكِنْ5 خَلَقْتَهُ بِإِرَادَتِكَ، كَمَا خَلَقْتَ الْقِرَدَةَ والخنازير، وَالْكلاب الخنافس العقارب، سَوَاء6.

_ 1 فِي ط، س، ش، "فِي خلقه". 2 فِي الأَصْل "خلقَة يَديك" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش: وَبِه نستقيم الْمَعْنى. 3 سُورَة الْأَعْرَاف آيَة "12". 4 فِي ط، س، ش "فَتَقول". 5 لَفْظَة "لَكِن" لَيست فِي ط، س، ش. 6 خلق الله القردة الْخَنَازِير والعقارب، والخنافس لحكم وأسرار، خلقهَا خير وَعدل وَحكمه وَرَحْمَة، إِن قد يحصل من هَذِه الْأَشْيَاء أضرار فَذَلِك لَا ينْسب إِلَى الله، بل الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ الْخلق وَهُوَ مَبْنِيّ على الْحِكْمَة وَالرَّحْمَة وَالْعدْل كَغَيْرِهَا من الْمَخْلُوقَات.

وَمِمَّا يَزِيدُكَ بَيَانًا لِاسْتِحَالَةِ دَعْوَاكَ: قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ1: "خَلَقَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ: كُنْ فَكَان"2. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ3، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ4، ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ -وَهُوَ الْمُكْتِبُ5- ثَنَا مُجَاهِدٌ6 قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ7: "خَلَقَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ:- الْعَرْشُ، وَالْقَلَمُ، وَعَدْنٌ، وَآدَمُ ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ8: كن فَكَانَ"9.

_ 1 فِي ط، س، ش "زِيَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا". 2 انْظُر: الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ بعده. 3 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 526: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، الْعَبْدي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ ثِقَة، فِي حَدِيثه، عَن الْأَعْمَش وَحده مقَال، من الثَّامِنَة مَاتَ سنة 76 وَقيل بعْدهَا/ ع. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 545" عبيد بن مهْرَان الْكُوفِي، الْمكتب ثِقَة من الْخَامِسَة، م خد س، وَذكر فِي التَّهْذِيب4/ 74 أَنه روى عَن مُجَاهِد وَعنهُ عبد الْوَاحِد بن زِيَاد. 6 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252" وَذكر فِي التَّهْذِيب10/ 42 أَنه روى عَن العبادلة الْأَرْبَعَة. 7 تقدم ص"245". 8 فِي س "الْخَلَائق". 9 أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 23/ 119 من طَرِيق آخر عَن عبد الْمكتب قَالَ: سَمِعت مُجَاهدًا يحدث عَن ابْن عمر قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ: الْعَرْش وعدن والقلم وآدَم ثمَّ قَالَ لكل شَيْء: كن فَكَانَ". وَأخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة تَحْقِيق أَحْمد سعد حمدَان =

أَفَلَا تَرَى أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ كَيْفَ مَيَّزَ ابْنُ عُمَرَ وَفَرَّقَ بَيْنَ آدَمَ وَسَائِرِ الْخَلْقِ فِي خَلْقِهِ الْيَد1؟! أَفَأَنْتَ أَعْلَمُ مِنِ ابْنِ عُمَرَ تبأويل الْقُرْآنِ وَقَدْ شَهِدَ التَّنْزِيلَ وَعَايَنَ التَّأْوِيلَ2 وَكَانَ بِلُغَاتِ الْعَرَبِ غَيْرَ جهول.

_ = 3/ 429 من طَرِيق: نَا عبد الْوَاحِد -يَعْنِي ابْن زِيَاد- قَالَ: ثَنَا عبيد ابْن مهْرَان قَالَ: ثَنَا مُجَاهِد قَالَ: عبد الله, وَذكره. أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا جَاءَ فِي إِثْبَات صفة الْيَدَيْنِ من318-319 قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَافِظ، ثَنَا أَبُو بكر بن إِسْحَاق، أَنا مُحَمَّد بن ربح السماك، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا سُفْيَان بن سعيد، عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "خلق الله تبَارك وَتَعَالَى أَرْبَعَة أَشْيَاء بِيَدِهِ: الْعَرْش، وجنات عدن وآدَم، والقلم واحتجت من الْخلق بأَرْبعَة: بِنَار وظلمة وَنور وظلمة" وَقَالَ: هَذَا مَوْقُوف والحجاب يرجع الى الْخلق لَا إِلَى الْخَالِق. وَأخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة مخطوط لوحة "36" عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص”48" من طَرِيق عبد الْوَاحِد بن زِيَاد بِهَذَا السَّنَد مَوْقُوفا على ابْن عمر بِلَفْظ: "خَلَقَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ: الْعَرْش والقلم وآدَم وجنة عدن ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ: "كُنْ فَكَانَ". وَقَالَ: إِسْنَاده جيد. وَقَالَ الألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ ص”105": أخرجه الدَّارمِيّ "35، 90" وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة35/ 2 209/ 2 واللالكائي "1/ 97/ 1" بِسَنَد صَحِيح على شرح مُسلم" قلت: قَول الألباني: أخرجه الدَّارمِيّ يَعْنِي من كتاب الرَّد على بشر المريسي" بتحقيق مُحَمَّد الفقي ط الأولى. 1 فِي ط، ش، "فِي حَلقَة الْيَد" وَهُوَ أوضح وَفِي س "خلقه الْيَد" وعلق بقوله "لَعَلَّه بِالْيَدِ". 2 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "وعاين التَّنْزِيل".

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ2، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ3، عَنْ مَيْسَرَةَ4 قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَمَسَّ5 شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ غَيْرَ ثَلَاثٍ: خَلَقَ آدَمَ6 بِيَدِهِ، وَكتب التوارة7 بِيَدِهِ، وغرس جنَّة بِيَدِهِ8.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 331: وضاح، بتَشْديد الْمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة، ابْن عبد الله الْيَشْكُرِي، بِالْمُعْجَمَةِ، الوَاسِطِيّ، الْبَزَّاز، أَبُو عوَانَة، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة ثَبت، من السَّابِعَة مَاتَ سنة خمس أَو سِتّ وَسبعين، ع. 3 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 291: ميسرَة، أَبُو صَالح الْكِنْدِيّ الْكُوفِي، مَقْبُول من، الثَّالِثَة د/ س, وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف3/ 192: عَن عَليّ وَعَن سُوَيْد بن غَفلَة وَعنهُ بن خباب وَعَطَاء بن السَّائِب، وثق. 5 سبق الْكَلَام عَن الْمَسِيس ص"230". 6 آدم عَلَيْهِ السَّلَام تقدّمت، تَرْجَمته ص"177". 7 التوارة كتاب الله الْمنزل على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، فِيهَا حكم الله، وفيهَا هدى وَنور وفيهَا الْبشَارَة بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي قَالَ تَعَالَى {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ} [الْأَعْرَاف: آيَة: 157] وَورد أَن الله تَعَالَى كتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ وَهِي مُشْتَمِلَة على أسفار فيذكر مُبْتَدأ الْخلق فِي السّفر الأول، ثمَّ الْأَحْكَام وَالْحُدُود وَالْأَحْوَال والقصص.......... إِلَخ ونالت فَمن تَحْرِيف الْيَهُود وعبثهم وافترائهم مَا نالته، وَقد ورد ذكرهَا صَرِيحًا وضمنًا فِي آي كَثِيرَة من الْقُرْآن الْكَرِيم يَتَّضِح ذَلِك لمن تَأمله انْظُر: الْفَصْل لِابْنِ حزم ط، الأولى1/ 186-217 والملل والنحل للشهرستاني بتحقيق مُحَمَّد سيد كيلاني1/ 210-211. 8 ورد فِي كتاب السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد صـ68 من طَرِيق آخر عَن عِكْرِمَة قَالَ "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَمَسَّ بِيَدِهِ شَيْئا إِلَّا ثَلَاثًا: خلق آدم بِيَدِهِ وغرس الْجنَّة بِيَدِهِ، وَكتب =

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ1، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ2، ثَنَا سَعِيدُ بن أبي

_ = التَّوْرَاة بِيَدِهِ، وَمن طَرِيق حَكِيم بن جَابر وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الْمس وغرس الْجنَّة. وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، بتحقيق مُحَمَّد حَامِد الفقي، ص"303" قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر الصندلي قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ: حَدثنَا يعلى بن عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَكِيم بن جَابر قَالَ: "أخْبرت أَن ربكُم عز وَجل لم يمس إِلَّا ثَلَاثَة أَشْيَاء: غرس الْجنَّة بِيَدِهِ وَجعل ترابها الورس والزعفران، وجبالها الْمسك وَخلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَكتب التَّوْرَاة لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام" قلت: وَحَكِيم بن جَابر تَابِعِيّ وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، أرسل عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم ورور عَن أَبِيه وَعمر وَعُثْمَان وَابْن مَسْعُود وَغَيرهم وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد وَغَيره "انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب2/ 444-445"، وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ، مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان ص"95" عَن حَكِيم بن جَابر قَالَ: أخْبرت أَن ربكُم عز وَجل لم يمس بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاث أَشْيَاء: غرس الْجنَّة بِيَدِهِ وَخلق آدَمَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ"، وَسكت عَنهُ قَالَ الألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ ص"130"، "وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة ص"303" وَإِسْنَاده صَحِيح" وَقَالَ أَيْضا "وَقد أخرجه عبد الله فِي السّنة ص"68" بِنَحْوِهِ، لَكِن لَيْسَ فِيهِ ذكر الْمس وغرس الْجنَّة، وَصَححهُ الْمُؤلف أَيْضا فِي الْأَرْبَعين "ق179-2"، وَرَوَاهُ بِتَمَامِهِ عَن عِكْرِمَة وَسَنَده ضَعِيف، وَعَن خَالِد بن معدان نَحوه، وَأخرج الدَّارمِيّ ص"35" عَن ميسرَة قَالَ، فَذكره وَرِجَاله ثِقَات، وَعَن أنس، عَن كَعْب قَالَ، فَذكره وَسَنَده صَحِيح وَأخرجه الْآجُرِيّ أَيْضا". 1 مُحَمَّد بن الْمنْهَال الضَّرِير، أَبُو عبد الله، أَبُو جَعْفَر الْبَصْرِيّ، والتميمي ثِقَة 475 أَنه روى عَن يزِيد بن زُرَيْع، وَعنهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ. 2 يزِيد بن زُرَيْع، تقدم ص"202".

عَرُوبَةَ1، عَنْ قَتَادَةَ2، عَنْ أَنَسٍ3، عَنْ كَعْبٍ4 قَالَ: "لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ غَيْرَ ثَلَاثٍ/ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وَغَرَسَ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، قَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ5".

_ 1 سعيد بن أبي عرُوبَة تقدم ص"202". 2 قَتَادَة، تقدم ص"180". 3 أنس هُوَ أنس بن مَالك تقدم ص"201" قلت: وَلم أجد فِي تَهْذِيب الْكَمَال أَنه روى عَن كَعْب الْأَحْبَار. 4 هُوَ كَعْب الْأَحْبَار كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، انْظُر: تَخْرِيج الحَدِيث، بعده، وَقَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب2/ 135 كَعْب بن ماتع الْحِمْيَرِي أَبُو إِسْحَاق، الْمَعْرُوف بكعب الْأَحْبَار ثِقَة من الثَّانِيَة مخضرم، كَانَ من أهل الْيمن فسكن الشَّام، مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان وَقد زَاد على الْمِائَة، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ رِوَايَة، وَفِي مُسلم رِوَايَة لأبي هُرَيْرَة عَنهُ، من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي صَالح، خَ م د ت س فق. قلت: وَذكر ابْن الْأَثِير الْجَزرِي أَن كَعْبًا أدْرك عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يره وَكَانَ إِسْلَامه فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب، انْظُر: أَسد الغابة4/ 247، فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب8/ 438 أَن إِسْلَامه فِي عهد أبي بكر، وَقيل: فِي عهد عمر وَذكر أَنه رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عيله وَسلم مُرْسلا وَعَن عمر صُهَيْب وَعَائِشَة، وَلم أجد فِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي3/ 1147 أَن أنسا روى عَنهُ. 5 تقدم أول هَذَا الْخَبَر فِي الحَدِيث قبله، وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة بِيَدِهِ أَرْبَعَة: خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وغرس الْجنَّة عدن بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ: "قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ" وَقَالَ: الرَّابِعَة أغفلها". وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، تَحْقِيق مُحَمَّد الفقي ص، "303-304" قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الصندلي قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمنْهَال الضَّرِير بِهَذَا السَّنَد، عَن أنس أَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: "إِن الله =

وَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَى الْمَرِيسِيُّ لَكَانَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَلِ خَلْقَ شَيْءٍ غير هَذِه الثَّلَاث، هَذَا كُفْرٌ1 بِاللَّهِ. وَمَنْ يُحْصِي مَا فِي تَثْبِيتِ يَدِ اللَّهِ مِنَ الْآثَارِ وَالْأَخْبَارِ؟ غَيْرَ أَنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ نَأْتِيَ مِنْهَا بِأَلْفَاظٍ إِذَا فَكَّرَ فِيهَا الْعَاقِلُ اسْتَدَلَّ عَلَى ضَلَالِ هَذَا الْجَاهِلِ. حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ2، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ3 أبنا4 حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ5، عَنْ عَلِيِّ بن زيد6،.............................

_ = عز وَجل لم يمس بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَة: خلق آدم وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ وغرس الْجنَّة بِيَدِهِ، ثمَّ قَالَ: تكلمي: فَقَالَت: قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ". وَأخرج آخِره الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص، كتاب التَّفْسِير3/ 392 فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو عَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، ثَنَا الْعَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري، ثَنَا عَليّ بن عَاصِم أنبأ حميد الطَّوِيل، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خلق الله جنَّة عدن وغرس أشجارها بِيَدِهِ فَقَالَ لَهَا: تكلمي فَقَالَت: قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ" قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، وَتعقبه الذَّهَبِيّ فَقَالَ: "قلت: بل ضَعِيف". وَنَقله الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا جَاءَ فِي إِثْبَات الْيَدَيْنِ ص"318" عَن الْحَاكِم بِمثل مَا ذكرنَا. وَانْظُر: الْبُرْهَان فوري فِي كتاب كنز الْعمَّال1/ 55. 1 فِي ط، س، ش "هَذَا الْكفْر بِاللَّه". 2 نعيم بن حَمَّاد تقدم ص"204". 3 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 4 فِي ط، ش "أخبرنَا". 5 حَمَّاد بن سَلمَة تقدم ص"187". 6 عَليّ بن زيد بن جدعَان، تقدم ص"188".

عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ1 حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 فِي قَوْلِ اللَّهِ {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} 3 قَالَ: "كُلهنَّ بِيَمِينِهِ"4. وَحدثنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ5، ثَنَا إِسْرَائِيلُ6، عَن أبي يحيى7، عَن

_ 1 قَالَ فِي التَّهْذِيب1/ 380 طلق: بِسُكُون اللَّام، ابْن حبيب الْعَنزي: بِفَتْح الْمُهْملَة وَالنُّون، بَصرِي، صَدُوق عَابِد، رمي بالإرجاء، من الثَّالِثَة، مَاتَ بعد التسعين، بخ م وَالْأَرْبَعَة، وَذكر فِي التَّهْذِيب5/ 31 أَنه روى عَن ابْن عَبَّاس. 2 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172". 3 سُورَة الزمر، أَيَّة "67". 4 انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ23/ 17 الطبعة الثَّالِثَة من طَرِيق آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: "قَوْلُهُ {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يَقُول قد قبض الْأَرْضين وَالسَّمَوَات جَمِيعًا بيمنيه، ألم تسمع أَنه قَالَ: {مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} يَعْنِي الأَرْض وَالسَّمَوَات بِيَمِينِهِ جَمِيعًا". وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور5/ 336: "وَأخرج عبد الله بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} قَالَ: كُلهنَّ فِي يَمِينه". 5 أَحْمد بن يُونُس، تقدم ص"173" وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال1/ 28 أَنه روى عَن إِسْرَائِيل ابْن يُونُس. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 64: إِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي الْهَمدَانِي، أَبُو يُوسُف الْكُوفِي، ثِقَة، تكلم فِيهِ بِلَا حجَّة، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة سِتِّينَ وَقيل: بعْدهَا، ع، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال1/ 92 أَنه روى عَن أبي يحيى القَتَّات وَعنهُ أَحْمد بن عبد الله يُونُس. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 489: أَبُو يحيى القَتَّات، بقاف ومثناة مثقلة، وَآخره مثناة أَيْضا، الْكُوفِي، اسْمه زَاذَان وَقيل: دِينَار، وقيا: مُسلم، وَقيل: يزِيد، وَقيل: زيان، وَقيل: عبد الرَّحْمَن، لين الحَدِيث من السَّادِسَة، بخ د ت ق. وَقَالَ فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب12/ 277: أَنه روى عَن مُجَاهِد بن جبر.. وَعنهُ إِسْرَائِيل

مُجَاهِد1 {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} 2 وَكِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ قَالَ: فَأَيْنَ النَّاس يؤمئذ؟ قَالَ: عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ3. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ4، أَخْبَرَنَا5 سُفْيَانُ6، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ7، عَنْ عبد الرَّحْمَن بن سابط8................

_ 1 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 2 سُورَة الزمر آيَة "67". 3 تقدم تَخْرِيجه من طَرِيق آخر عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَن عَائِشَة وَلَيْسَ فِيهِ قَوْله: "وكلتا يَدي الرَّحْمَن يَمِين" انْظُر ص"252". 4 مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، الْبَصْرِيّ، ثِقَة لم يصب من ضعفه، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَله تسعون سنة، ع. انْظُر: التَّقْرِيب2/ 302، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي3/ 1262 أَنه روى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ. 5 فِي س "أبنا" وَهِي بِمَعْنى "أخبرنَا" انْظُر تعلقنا ص"137". 6 سُفْيَان بن سعيد بن مَسْرُوق الثَّوْريّ، أَبُو عبد الله الْكُوفِي، ثِقَة، حَافظ، فَقِيه، عَابِد إِمَام حجَّة، من رُؤُوس الطَّبَقَة السَّابِعَة، وَكَانَ رُبمَا دلّس، مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَله أَربع وَسِتُّونَ. انْظُر: التَّقْرِيب1/ 311، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب4/ 111 أَنه روى عَن قطر ابْن خَليفَة. 7 فِي س "مطر بن خَليفَة" وَصَوَابه "فطر" قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 114: فطر بن خَليفَة المَخْزُومِي مَوْلَاهُم، أَبُو بكر الحناط، بِالْمُهْمَلَةِ وَالنُّون، صَدُوق رمي بالتشيع، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة خمسين وَمِائَة، خَ وَالْأَرْبَعَة. 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 480: عبد الرَّحْمَن بن سابط، وَيُقَال: ابْن عبد الله بن سابط، وَهُوَ الصَّحِيح وَيُقَال "ابْن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحِي، الْمَكِّيّ، ثِقَة كثير الْإِرْسَال، من الثَّالِثَة مَاتَ سنة18/ م د ت س ق قلت لم أجد فِي تَرْجَمته فِي تَهْذِيب الْكَمَال أَنه روى عَن أبي بكر الصّديق.

عَن أبي بكرالصديق1 رَضِي الله عَنهُ قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَكَانُوا فِي قَبْضَتِهِ، فَقَالَ لِمَنْ فِي يَمِينِهِ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ، وَقَالَ لِمَنْ فِي الْأُخْرَى: ادخلو النَّار وَلَا أُبَالِي، فَذهب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة"2.

_ 1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامر بن عَمْرو بن كَعْب سعد بن تيم بن مرّة التَّيْمِيّ أَبُو بكر بن قُحَافَة، الصّديق الْأَكْبَر، خَليفَة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث عشرَة وَله ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب1/ 432، انْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الإصاببة4/ 18، وَأسد الغابة فِي معرفَة الصَّحَابَة3/ 205-224، وتهذيب الْكَمَال للمزي 2/ 709 والإصابة لِابْنِ حجر بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 333-336. 2 الَّذِي يظْهر أَن فِي سَنَد هَذَا الْخَبَر انْقِطَاعًا بَين عبد الرَّحْمَن بن سابط وَأبي بكر رَضِي الله عَنهُ، إِذْ لم أجد أَنه روى عَن أبي بكر وَلَا أَن أَبَا بكر من شُيُوخه، يُؤَيّدهُ أَن بَين وفاتهما قرَابَة الْخمس سِنِين وَمِائَة. وَأخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة، تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان، 4/ 662-663 من طَرِيق آخر عَن فطر، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَن أبي بكر بِهِ. وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي مُسْند أبي بكر الصّديق، تَحْقِيق عَزِيز بك، ط. الأول، حَدِيث 549 ص"152" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَن أبي بكر بِهِ، وَقَالَ خرجه حُسَيْن بن أَصْرَم فِي الاسْتقَامَة واللالكائي فِي السّنة. ا. هـ. قلت: وَله شَوَاهِد كَثِيرَة مِنْهَا مَا أخرجه أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب عَن أبي نَضرة، عَن رجل يُقَال لَهُ أبي عبد الله، وَفِيه: "أَن الله عز وَجل قبض بِيَمِينِهِ قَبْضَة وَأُخْرَى بِالْيَدِ الْأُخْرَى وَقَالَ: هَذِه لهَذِهِ وَهَذِه لهَذِهِ وَلَا أُبَالِي" انْظُر: الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب4/ 176-177، وَفِي الْمسند أَيْضا عَن عبد الرَّحْمَن بن قَتَادَة السّلمِيّ مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ، انْظُر: الْفَتْح الرباني لِأَحْمَد الْبَنَّا1/ 139، وَقَالَ عَنهُ الْحَاكِم: صَحِيح قد اتفقَا الِاحْتِجَاج برواته عَن آخرهَا إِلَى الصَّحَابِيّ، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "على شَرطهمَا إِلَى الصَّحَابِيّ"، انْظُر: الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص1/ 31، وَانْظُر: شَوَاهِد أَيْضا فِي الْمُجْتَمع للهيثمي7/ 185-188، وَانْظُر: مشكاة المصابيح، بتحقيق الألباني1/ 43 وسلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة للألباني1/ 76.

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ1 أبنا2 خَالِدٌ3، عَنْ سُهَيْلٍ4، عَنْ أَبِيهِ5، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ العَبْد إِذْ 1 تَصَدَّقَ بِالتَّمْرَةِ مِنَ الْكَسْبِ الطَّيِّبِ فَيَضَعُهَا فِي حَقِّهَا، فَيَقْبَلُهَا اللَّهُ

_ 1 عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ، تقدم ص"157". 2 فِي ط، ش "أخبرنَا". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 215: خَالِد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد الطَّحَّان الوَاسِطِيّ، الْمُزنِيّ، مَوْلَاهُم، ثِقَة ثَبت، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ، وَكَانَ مولده سنة عشر وَمِائَة، ع. وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب3/ 100: أَنه روى عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَعنهُ عَمْرو بن عون. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 328: سُهَيْل بن أبي صَالح، ذكْوَان السمان، أَبُو يزِيد الْمدنِي، صَدُوق تغير حفظَة بِآخِرهِ، روى لَهُ البُخَارِيّ، مَقْرُونا وتعليقًا، من السَّادِسَة، مَاتَ فِي خلَافَة الْمَنْصُور، ع، وَقَالَ فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب4/ 262 أَنه روى عَن أَبِيه. 5 فِي ط، ش، عَن أَبِيه صَالح، وَقَالَ فِي التَّقْرِيب1/ 238: ذكْوَان، أَبُو صَالح السمان، الزيات، الْمدنِي ثِقَة، ثَبت وَكَانَ يجلب الزَّيْت إِلَى الْكُوفَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 101/ ع. وَذكر فِي الكاشف للذهبي1/ 297 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة عَنهُ أبناؤه وَمِنْهُم سُهَيْل. 6 أَبُو هُرَيْرَة، تقدم ص"179".

بِيَمِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ يُرْبِيهَا كَمَا يُربي أحد فِلُوَّهُ1 حَتَّى يَكُونَ أَعْظَمَ مِنْ جَبَلٍ" 2. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ3، حَدَّثَنَا يَحْيَى-يَعْنِي4.........................................

_ 1 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 4/ 375 مَادَّة "فَلَا": "الفلو بِالْكَسْرِ وكعدو وسمو: الجحش وَالْمهْر فطما أَو بلغا السّنة، جمعه أفلاء وفلاوي" وَذكر ابْن الْأَثِير الْجَزرِي فِي النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر، تَحْقِيق مَحْمُود الطناحي 3/ 474 مَادَّة "فَلَا" قَالَ: وَمِنْه حَدِيث الصَّدَقَة: "كَمَا يرى أحدكُم فلوه" الفلو: الْمهْر الصَّغِير قيل: هُوَ الفطيم من أَوْلَاد ذَوَات الْحَافِر". 2 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح، كتاب الزَّكَاة، بَاب الصَّدَقَة من كسب طيب، حَدِيث 1410، 3/ 278 من طَرِيق آخر عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "من تصدق بِعدْل تَمْرَة من كسب طيب -وَلَا يقبل الله إِلَّا الطّيب- فَإِن الله يتقبلها بِيَمِينِهِ، ثمَّ يُرَبِّيهَا لصالحه كَمَا يُربي أحدكُم فلوه مَتى تكون مثل الْجَبَل". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الزَّكَاة، بَاب قبُول الصَّدَقَة من الْكسْب الطّيب وتربيتها، حَدِيث 64، 2/ 702 من طَرِيق أخر عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "لَا يتَصَدَّق أحد بتمرة من كسب طيب إِلَّا أَخذهَا الله بِيَمِينِهِ، فيربيها كَمَا يُربي أحدكُم فلوه أَو قلوصه حَتَّى تكون مثل الْجَبَل أَو أعظم". وَانْظُر: الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 2/ 431، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد تَحْقِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص"62-63"، والآجري فِي الشَّرِيعَة ص"320"، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب الصِّفَات ص"39". 3 مُسَدّد، تقدم ص"175". 4 لَفْظَة "يَعْنِي" لَيست فِي س.

الْقَطَّانَ1 -عَنْ شُعْبَةَ2 قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ3 قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ -رَجُلًا مِنْ مُحَارِبٍ4- قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ5............................................

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 348: يحيى بن سعيد بن فروخ، بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الرَّاء المضمومة وَسُكُون الْوَاو ثمَّ مُعْجمَة، التَّمِيمِي أَبُو سعيد الْقطَّان الْبَصْرِيّ، ثِقَة، متقن حَافظ، إِمَام قدوة من كبار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 98 وَله 78/ ع. 2 شُعْبَة بن الْحجَّاج، تقدم ص"250". 3 عبد الله بن السَّائِب الْكِنْدِيّ، أَو الشَّيْبَانِيّ، الْكُوفِي، ثِقَة من السَّادِسَة و/ م س انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 418، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 5/ 230: أَنه روى عَن عبد الله بن قَتَادَة الْمحَاربي. 4 جَاءَ عِنْد الطَّبَرِيّ فِي إِسْنَاده مشكوكًا فِيهِ حَيْثُ جَاءَ بِلَفْظ: "قَتَادَة أَو ابْن قَتَادَة": وَمرَّة بِلَفْظ: "عبد الله بن أبي قَتَادَة" وَبِه جَاءَ عِنْد البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم، وَابْن حبَان، والهيثمي وَابْن حجر، قَالَ البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير قسم 1، 3/ 175: "عبد الله بن قَتَادَة الْمحَاربي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَوْله فِي الصَّدَقَة، قَالَه الثَّوْريّ عَن عبد الله بن السَّائِب". وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل جـ2 قسم 2/ 141: "روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، روى عَنهُ عبد الله بن السَّائِب سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك"، وَانْظُر: الثِّقَات لِابْنِ حبَان 5/ 43 وتعجيل الْمَنْفَعَة لِابْنِ حجر ط. الأولى ص"233". 5 عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"190".

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1 يَقُولُ: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ إِلَّا وَقَعَتْ فِي يَدَيِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدَيِ السَّائِلِ، وَقَرَأَ {أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} 2، 3. حَدثنَا4 مُحَمَّد بن كثير5...................................................

_ 1 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 2 سَقَطت لَفْظَة "هُوَ" من الأَصْل، وَالْآيَة من سُورَة التَّوْبَة، آيَة "104" قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} . 3 أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن يحيى قَالَ: أخبرنَا عبد الرَّزَّاق قَالَ: أخبرنَا الثَّوْريّ، عَن عبد الله بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي قَتَادَة الْمحَاربي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "مَا تصدق رجل بِصَدقَة إِلَّا وَقعت فِي يَد اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَد السَّائِل، وَهُوَ يَضَعهَا فِي يَد السَّائِل، ثمَّ قَرَأَ {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ، بتحقيق وَتَخْرِيج مَحْمُود شَاكر، الْأَثر رقم 17164، 14/ 460، 1/ 111 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "وَرَاه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِيه عبد الله بن قَتَادَة الْمحَاربي وَلم يُضعفهُ أحد، بَقِيَّة رِجَاله ثِقَات". وأوره أَيْضا السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور بهامشة تنوير المقباس 3/ 275 عَن ابْن مَسْعُود وَعَزاهُ إِلَى عبد الرَّزَّاق والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي توادر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ. 4 فِي ط، س "وَحدثنَا الرّبيع حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير" وَلَعَلَّ قَوْله "حَدثنَا الرّبيع" سقط سَهوا من الأَصْل، وَفِي س "حَدثنَا الرّبيع مُحَمَّد بن كثير" وَلَا يَسْتَقِيم، وَالظَّاهِر أَن الرّبيع هَذَا هُوَ ابْن نَافِع، تقدّمت تَرْجَمته ص"151". 5 مُحَمَّد بن كثير، تقدم ص"268".

ثَنَا1 سُفْيَان2، عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ3، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ4، عَنْ سَلْمَانَ5 أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا7 قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ خَمَّرَ طِينَةَ آدَمَ أَرْبَعِينَ

_ 1 فِي س "أَنا" بدل "ثَنَا". 2 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 326: سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ، أَبُو الْمُعْتَمِر الْبَصْرِيّ، نزل فِي التيم، فنسب إِلَيْهِم، ثِقَة عَابِد، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة ثلان وَأَرْبَعين وَهُوَ ابْن سبع وَتِسْعين، ع. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 540 أَنه روى عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ وَعنهُ السُّفْيانَانِ. 4 هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مَال، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 499: عبد الرَّحْمَن بن مل بلام ثَقيلَة وَالْمِيم مُثَلّثَة، أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء مَشْهُور بكنيته، مخضرم من كبار الثَّانِيَة، ثِقَة ثَبت عَابِد، مَاتَ سنة 95، وَقيل بعْدهَا وعاش "30" سنة، وَقيل: أَكثر/ ع. وَفِي اللبان 3/ 336: النَّهْدِيّ ينْسب إِلَى نهد بن زيد من قضاعة. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 2/ 819 أَنه روى عَن سلمَان الْفَارِسِي وَعنهُ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ. 5 قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 1/ 315: سلماان الْفَارِسِي، أَبُو عبد الله، وَيُقَال لَهُ: سلمَان الْخَيْر، أَصله من أَصْبَهَان، وَقيل "من رامهرمز، من أول مشاهده الخَنْدَق، مَاتَ سنة 34، يُقَال: بلغ ثَلَاثمِائَة سنة، ع. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 520 أَن أَبَا عُثْمَان النَّهْدِيّ روى عَنهُ، وَانْظُر فِي تَرْجَمته: الاستيعات ذيل الْإِصَابَة 2/ 53-59 وَأسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 2/ 328-332، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 60-61، وتهذيب التَّهْذِيب 4/ 137-139. 6 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 7 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا1 فَخَرَجَ فِي يَمِينِهِ كُلُّ طَيِّبٍ وَخَرَجَ فِي الْأُخْرَى كُلُّ خَبِيثٍ، ثُمَّ قَالَ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} . قَالَ: يُخْرِجُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَيخرج الْكَافِر من الْمُؤمن"2.

_ 1 لفظ" ثمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 أخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة، مخطوط، جـ11/ ورقة "8" من طَرِيق سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان، عَن ابْن مَسْعُود أَو عَن سلمَان قَالَ أَبُو مُحَمَّد: وأكبر ظَنِّي عَن سلمَان قَالَ: "خمر الله طِينَة آدم أَرْبَعِينَ لَيْلَة أَو أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ ضرب بيدَيْهِ فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ بَيَمِينِهِ وَكُلُّ خَبِيث بِيَدِهِ الْأُخْرَى ثمَّ خلطها بَينهمَا فَمن ثمَّ خرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَالْمَيِّت من الْحَيّ". وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا ذكر فِي الْيَمين والكف ص"327" "قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْحُسَيْن بن بَشرَان، أَنا إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد الصفار، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي عُثْمَان، عَن ابْن مَسْعُود أَو سلمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنَّ الله تبَارك وَتَعَالَى خمر طِينَة آدم عَلَيْهِ السَّلَام أَرْبَعِينَ يَوْمًا -أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً- شكّ يزِيد، ثمَّ ضرب يُبْدِهِ فَمَا كَانَ من طيب خرج بِيَمِينِهِ، وَمَا كَانَ من خَبِيث خرج بِيَدِهِ الْأُخْرَى، ثمَّ خلطه فَمن ثمَّ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّت من الْحَيّ". وَأخرجه أَيْضا من طَرِيق آخر عَن عُثْمَان النَّهْدِيّ، عَن ابْن مَسْعُود أَو سلمَان رَضِي الله عَنْهُمَا بِلَفْظ مقارب وَقَالَ: هَذَا مَوْقُوف، وَرَوَاهُ غَيرهمَا عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فَقَالَ: عَن سلمَان من غير شكّ، وَمَعْلُوم أَن سلمَان كَانَ قد أَخذ أَمْثَال هَذِه من أهل الْكتاب حَتَّى أسلم بعد، وَرُوِيَ ذَلِك من وَجه آخر ضَعِيف عَن التَّيْمِيّ مَرْفُوعا عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم أَن الله -عز وَجل- أَمر ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام بذلك فَأخذ من وَجه الأَرْض وخلط" انْتهى بِتَصَرُّف وَفِي الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة، للشوكاني، ط الثَّانِيَة ص"451" قَالَ: حَدِيث: "إِنَّ اللَّهَ خَمَّرَ طِينَةَ آدَمَ أَرْبَعِينَ صباحًا" قَالَ فِي الْمُخْتَصر ضَعِيف.

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ1، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ2 أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ3 قَالَ: ثَنَا4 عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبَكَّالِيُّ5 أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السّلمِيّ6.

_ 1 الرّبيع بن نَافِع، تقدم ص"151". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 259: مُعَاوِيَة بن سَلام، بِالتَّشْدِيدِ، ابْن أبي سَلام أَبُو سَلام الدِّمَشْقِي، وَكَانَ يسكن حمص، ثِقَة، من السَّابِعَة، مَاتَ فِي حُدُود سنة 70/ ع. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 273: مَمْطُور الْأسود الحبشي، أَبُو سَلام، ثِقَة، يُرْسل من الثَّالِثَة، بخ وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: الْخُلَاصَة للخزرجي ص"398". 4 فِي ط، س، ش "حَدثنِي". 5 فِي ط، س، ش "البكائي" بِالْهَمْزَةِ وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، وَبِه جَاءَ صَرِيحًا عِنْد ابْن حَاتِم، وَقَالَ البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير 6/ 452: "عَامر بن زيد سمع عتبَة بن عبد، روى عَنهُ أَبُو سَلام فِي الشاميين" وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل 6/ 320: "عمر بن زيد الْبكالِي سمع عتبَة بن عبد، روى عَنهُ أَبُو سَلام سَمِعت أبي يَقُول ذَلِك"، وَعند ابْن حجر فِي تَعْجِيل الْمَنْفَعَة ص"204" بِلَفْظ: "عَاصِم بن زيد الْبكالِي" وَظَاهر أَنه خطأ بِدَلِيل أَنه نقل فِيهِ مَال قَالَه البُخَارِيّ فِي "عَامر" بنصه. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 5: عتبَة بن عبد، السّلمِيّ، أَبُو الْوَلِيد، صَحَابِيّ شهير، أول مُشَاهدَة قُرَيْظَة، مَاتَ سنة 87، وَيُقَال: بعد التسعين، وَقد قَارب الْمِائَة/ د ق. انْظُر: أَسد الغابة 3/ 362-363 وَتَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة للذهبي 1/ 371، والإصابة لِابْنِ حجر 2/ 447.

يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ رَبِّيَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ/ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَيَشْفَعُ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ 1 أَلْفًا، يُحْثِي بِكَفِّهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، فَكَبَّرَ عمر" 2.

_ 1 فِي ط، س، ش "بسبعين" وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد ابْن كثير. انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 54: عمر بن الْخطاب بن نفَيْل، بنُون وَفَاء مُصَغرًا، ابْن عبد الْعُزَّى بن ريَاح بتحتانية، ابْن عبد الله بن قرط، بِضَم الْقَاف، ابْن رزاح، برَاء ثمَّ زَاي خَفِيفَة، ابْن عدي بن كَعْب الْقرشِي، الْعَدوي أَمِير الْمُؤمنِينَ، مَشْهُور جم المناقب، اسْتشْهد فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَولي الْخلَافَة عشر سِنِين وَنصفا، ع. انْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة ذيل الْإِصَابَة 2/ 450-467 وَأسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 3/ 52-78 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 3/ 511-512. والْحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه، بتحقيق مُحَمَّد فؤاد، كتاب الزّهْد، بَاب صفة أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، حَدِيث 4286، 2/ 1433، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن عمار، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، ثَنَا مُحَمَّد بن زِيَادَة الْأَلْهَانِي قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة الْبَاهِلِيّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "وَعَدَني رَبِّي سُبْحَانَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب، مَعَ كل ألف سَبْعُونَ ألفا وَثَلَاث حثيات من حثيات رَبِّي عز وَجل". قلت: وَلم ينْقل الْمُحَقق عَن البوصيري فِيهِ شَيْئا. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بشرحه الْفَتْح الرباني، حَدِيث 490، 24/ 197 عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله عز وَجل وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ فَقَالَ يزِيد بن الْأَخْنَس: وَالله مَا أُولَئِكَ فِي أمتك إِلَّا كالذباب الأصهب فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ رَبِّي قد وَعَدَني، سبعين ألفا =

وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ1، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ2، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ3 أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ4 قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ5 أَنَّ قيسا

_ = مَعَ كل ألف سبعين ألفا وَزَادَنِي ثَلَاث حثيات": "زَاد فِي رِوَايَة "من حثيات رَبِّي"" وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا ذكر فِي الْيَمين والكف، ص"329" من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أبي أُمَامَة مَرْفُوعا فِيهِ ذكر الحثيات، قَالَ: "تَابعه بَقِيَّة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ رجل مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالشَّكِّ، وروى غَيرهمَا عَنهُ بِلَا شكّ وَفِيه ضعف". وَذكره ابْن كثير فِي النِّهَايَة، تَحْقِيق د. طه الزينى، ط، الأولى 2/ 157 قَالَ: قَالَ الطَّبَرَانِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن خُلَيْد، حَدثنَا أَبُو تَوْبَة، حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُول: حَدثنِي عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ الْبَكَّالِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدٍ السُّلَمِيَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ رَبِّيَ وَعَدَني ... " إِلَخ وَفِيه "ثمَّ يشفع كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ يحثي رَبِّي تَعَالَى بكفيه ثَلَاث حثيات فَكبر عمر " قَالَ الْحَافِظ فِي الضياء: لَا أعلم لهَذَا الْإِسْنَاد عِلّة وَالله أعلم. وَذكره الهيثمي فِي الْمجمع 10/ 409 عَن عتبَة بن عبد مَرْفُوعا وَقَالَ: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير من طَرِيق عَامر بن زيد الْبكالِي وَقد ذكره ابْن أبي حَاتِم وَلم يجرحه وَلم يوثقه". 1 الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ تقدم، ص"151". 2 مُعَاوِيَة بن سَلام، تقدم ص"276". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 275: زيد بن سَلام بن أبي مَمْطُور، الحبشي، بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَة والمعجمة، ثِقَة، من السَّادِسَة، بخ م وَالْأَرْبَعَة. 4 أَبُو سَلام مَمْطُور الحبشي، تقدم ص"276". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 425: عبد الله بن عَامر بن يزِيد بن تَمِيم الْيحصبِي بِفَتْح الْيَاء التَّحْتَانِيَّة وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح الْمُهْملَة بعْدهَا مُوَحدَة، الدِّمَشْقِي الْمُقْرِئ، أَبُو عمرَان، وَقيل غير ذَلِك فِي كنيته، ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 18، وَله 97 سنة على الصَّحِيح، م ت.

الْكِنْدِيّ1 حدث الْوَلِيد2...................................................

_ 1 احتلف فِي قيس هَذَا، فقد ترْجم لَهُ البُخَارِيّ فِي قيس بن حجر الْكِنْدِيّ وَقَالَ: روى عَنهُ عبد الله بن عَامر، نَا عَن الْوَلِيد أَن الْأَنمَارِي حَدثهُ، قَالَ: مُحَمَّد بن يحيى: وَهُوَ عِنْدِي أَبُو سعيد الْخَيْر، وَلَعَلَّه أَن يكون ابْن الْحَارِث، انْظُر "التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 7/ 153، وَجَاء فِي إِسْنَاد هَذَا الْخَبَر عِنْد ابْن الْأَثِير بِلَفْظ: "قيس بن حجر" وَعند ابْن حجر فِي الْإِصَابَة مثله أَيْضا إِلَّا أَن ابْن حجر نقل أَنه قيل فِي اسْمه: اسْمه "قيس بن الْحَارِث" انْظُر: أَسد الغابة 5/ 209، والإصابة بذيله الاستيعابت 4/ 89. وَالَّذِي يتَرَجَّح لَدَى أَن قيس المُرَاد هُنَا هُوَ ابْن الْحَارِث الْكِنْدِيّ كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد الدَّارمِيّ عُثْمَان بن سعيد قي آخر هَذَا الْخَبَر، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ أَنه روى عَن أبي سعيد الْخَيْر وَعنهُ عبد الله بن عَامر الْيحصبِي قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 2/ 127: قيس بن الْحَارِث، أَو حَارِثَة الْكِنْدِيّ الْحِمصِي، ثِقَة من الثَّالِثَة، د س، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 403": وَعنهُ عبد الله بن عَامر سعيد الْخَيْر، وَعنهُ عبد الله بن عَامر الْيحصبِي الْمقري. 2 هُوَ الْوَلِيد بن عبد الْملك كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد الْأَثِير عِنْدَمَا أورد هَذَا الْخَبَر فِي أَسد الغابة 5/ 209، قلت وَهُوَ الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان أَبُو الْعَبَّاس من خلفاء دولة بني أُميَّة فِي الشَّام، ولد سنة 48هـ وَولي الْخلَافَة بعد وَفَاة أَبِيه سنة 86هـ، وَتمّ فِي عَهده كثير من الفتوحات الإسلامية والعمران، بنى مَسْجِد الْمَدِينَة بِنَاء جَدِيدا وَبنى الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَمَسْجِد دمشق الْكَبِير، واستمرت خِلَافَته تسع سِنِين وثماني أشهر، وَتُوفِّي سنة 96هـ، وَدفن بِدِمَشْق. انْظُر: الطَّبَرِيّ فِي تَارِيخ الْأُمَم والملوك، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل 6/ 495، والكامل لِابْنِ الْأَثِير 5/ 8، والأعلام للزركلي 9/ 140.

أَن أَبَا سعيد الْخَيْر الْأَنْمَارِيَّ1 حدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ رَبِّيَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا، وَيَشْفَعُ كُلُّ أَلْفٍ لِسَبْعِينَ 2 أَلْفًا، ثُمَّ يُحْثِي لِي ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ بِكَفِّهِ، قَالَ قَيْسٌ: فَأَخَذْتُ بِتَلَابِيبِ3 أبي سعيد فجذبته4 فَقلت هَذِه مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ بِأُذُنِي ووعاه قلبِي"5.....................

_ 1 فِي ط، ش "أَبَا سعيد الْخَيْر الأيادي"، وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 428: أَبُو سعيد الْخَيْر، بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة، الْأَنمَارِي صَحَابِيّ لَهُ حَدِيث وَقد وهم من خلطه بِالَّذِي قبله، وَوهم أَيْضا من صحف الَّذِي قبله بِهِ/ تَمْيِيز. قلت: وَمرَاده بِالَّذِي قبله "أَبُو سعيد الحبراني" وَانْظُر أَيْضا: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 4/ 92-93، وَأسد الغابة 5/ 209 الْإِصَابَة بذيله الِاسْتِيعَاب 4/ 89. 2 فِي ط، س، ش "بسبعين ألفا". 3 فِي ط، س، ش "فَأخذت بمنكب أبي سعيد". 4 فِي ط، س، ش "فجبذته". 5 ذكره ابْن الْأَثِير فِي أَسد الغابة طبعة طهران 5/ 209 من طَرِيق ابْن أبي عَاصِم أخبرنَا مُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر، حَدثنَا الرّبيع بن نَافِع بِسَنَد الدَّارمِيّ مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره إِلَّا أَن فِي إِسْنَاده "قيس بن حجر" بدل "قيس بن الْحَارِث" =

وَهُوَ1 قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ الْكِنْدِيُّ. حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ2، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ3، عَنْ حُمَيْدِ بن أبي

_ = وَذكره ابْن كثير فِي النِّهَايَة تَحْقِيق د. طه الزيني 2/ 158 عَن الطَّبَرَانِيّ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن خُلَيْد، حَدثنَا أَبُو تَوْبَة بِسَنَد الدَّارمِيّ مَرْفُوعا بِزِيَادَة فِي آخِره وَقَالَ: "قَالَ الطَّبَرَانِيّ: لم يرو عَن أبي سعيد الْأَنمَارِي إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، تفرد بِهِ مُعَاوِيَة بن سَلام" وَقَالَ أَيْضا قَالَ الْحَافِظ الضياء: "وَقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن سهل بن عَسْكَر عَن أبي تَوْبَة الرّبيع بن نَافِع بِإِسْنَادِهِ" وَذكره الهيثمي فِي الْمجمع 10/ 409 عَن أبي سعد الْأنْصَارِيّ مَرْفُوعا وَقَالَ: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير إِلَّا أَنه قَالَ فِي الْأَوْسَط: أَبُو سعيد الْأَنمَارِي وَرِجَاله ثِقَات". وَذكره ابْن حجر فِي الْإِصَابَة بذيله الِاسْتِيعَاب 4/ 89 من طَرِيق مَرْوَان بن مُحَمَّد، عَن مُعَاوِيَة بن سَلام أخي زيد بن سلان أَنه سمع جده أَبَا سَلام الْخُشَنِي "كَذَا" قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامر الْيحصبِي سَمِعت قيس بن حجر يحدث، عَن عبد الْملك بن مَرْوَان قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد الْأَنمَارِي أَنه سمع رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول، ثمَّ ذكره قَالَ ابْن حجر" "سَنَده صَحِيح وَكلهمْ من رجال الصَّحِيح إِلَّا قيس بن حجر وَهُوَ شَامي ثِقَة، وَلَكِن أخرجه الْحَاكِم وَأَبُو أَحْمد أَيْضا من طَرِيق أبي تَوْبَة عَن مُعَاوِيَة بن سَلام فَقَالَ: إِن قيس بن حجر الْكِنْدِيّ حدث الْوَلِيد بن عبد الْملك أَن أَبَا سعيد الْخَيْر حَدثهُ، وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي تَوْبَة عَن مُعَاوِيَة فَقَالَ أَن أَبَا سعيد الْأَنمَارِي وَقيل: قيس بن الْحَارِث، وَأخرجه أَيْضا من وَجه آخر، عَن الزبيدِيّ، عَن عبد الله بن عَامر فَقَالَ: عَن قيس بن الْحَارِث أَن أَبَا سعيد الْخَيْر الْأنْصَارِيّ حَدثهُ، فَذكر طرفا مِنْهُ، فَمن هَذَا الِاخْتِلَاف يتَوَقَّف فِي الْجَزْم بِصِحَّة هَذَا السَّنَد" انْتهى. 1 فِي ط، س، ش "هُوَ". 2 قَالَ فِي التَّهْذِيب 2/ 326: الْهَيْثَم بن خَارِجَة الْمروزِي، أَبُو أَحْمد أَو أَبُو يحيى نزيل بَغْدَاد، صَدُوق من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 27 فِي آخر مِنْهَا، خَ س ق. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 73: إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش بن سليم الْعَنسِي، بالنُّون، أَبُو عتبَة الْحِمصِي، صَدُوق فِي رِوَايَته عَن أهل بَلَده، مخلط فِي غَيرهم، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة إِحْدَى أَو اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ، وَله بضع وَتسْعُونَ سنة، ش وَالْأَرْبَعَة.

سُوَيْدٍ1، عَنْ عَطَاءٍ2، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ5: "مَنْ فَاوَضَ الْحَجَرَ فَإِنَّمَا يُفَاوِضُ كَفَّ الرَّحْمَنِ" 6 يَعْنِي استلام الْحجر الْأسود.

_ 1 قَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"94": "حميد بن أبي سُوَيْد الْمَكِّيّ، عَن عَطاء وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش مُنكر الحَدِيث"، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 1/ 613: عَن عَطاء وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش أَحَادِيث مُنكرَة، لَعَلَّ النكارة من إِسْمَاعِيل وسَاق لَهُ ابْن عدي مَنَاكِير. 2 هُوَ عَطاء بن أبي رَبَاح، تقدم ص"187" وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 2/ 933 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَعنهُ حميد بن أبي سُوَيْد الْمَكِّيّ. 3 أَبُو هُرَيْرَة الصَّحَابِيّ، تقدم ص"179". 4 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ: لَيست فِي س. 5 فِي ط، س، ش "فِي تَأْكِيد الْكَفّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول". 6 الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ضَعِيف جدًّا وَلم أجد من خرجه، وعلته نَكَارَة حميد بن أبي سُوَيْد وتخليط إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَقد روى عَن غَيرهَا أهل الْبَلَد قَالَ عَنهُ عُثْمَان بن أبي شيبَة: "ثِقَة فِيمَا يروي عَن الشاميين، وَأما رِوَايَته عَن أهل الْحجاز فَإِن كِتَابه ضَاعَ فخلط فِي حفظه عَنْهُم، وَقَالَ مُضر بن مُحَمَّد الْأَسدي، وَإِذا حدث عَن الْحِجَازِيِّينَ الْعِرَاقِيّين خلط.... وَقَالَ ابْن عدي: إِذا روى عَن الْحِجَازِيِّينَ فَلَا يَخْلُو من غلط". انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 1/ 323-324 قلت: وَقد ورد بِمَعْنَاهُ عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا بِلَفْظ: "الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض، فَمن صافحه وَقَبله فَكَأَنَّمَا صَافح الله وَقبل يَمِينه" انْظُر تَخْرِيجه وَكَلَام شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية عَلَيْهِ ص"694-695".

حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ1، ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ2 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ3 قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ4 قَالَ: سَمِعت أَن إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ5 يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّوَاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ6 يَقُولُ: سَمِعْتُ

_ 1 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 2 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 3 قَالَ فِي ط، ش "عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَة" وَصَوَابه "بن جَابر" قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 502: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابر الْأَزْدِيّ، أَبُو عتبَة، الشَّامي الدَّارَانِي، ثِقَة من، السَّابِعَة، مَاتَ سنة بضع وَخمسين/ ع. قَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة، ص"234": وَعنهُ ابْن الْمُبَارك. 4 كَذَا فِي الأَصْل وط، وس وش بالشين الْمُعْجَمَة بن عبيد الله مُصَغرًا، وَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد 4/ 182 بسر بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ، وَفِي تقريب التَّهْذِيب 1/ 97 بسر بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ الشَّامي ثِقَة حَافظ من الرَّابِعَة/ ع. قلت: وَصَوَابه بسر بِالسِّين الْمُهْملَة ابْن عبيد الله مُصَغرًا، الْحَضْرَمِيّ الشَّامي، كَمَا فِي التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 2/ 124، وَالْجمع بَين رجال الصححين للكلاباذي 1/ 56 والكاشف للذهبي 1/ 153، وتهذيب التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 1/ 438. وَبِه جَاءَ فِي سَنَد ابْن مَاجَه كَمَا سيتبين من تَخْرِيجه، وَذكر البُخَارِيّ والكلاباذي وَابْن حجر أَنه روى عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَعنهُ عبد الرَّحْمَن ابْن يزِيد بن جَابر. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 390: عَائِذ الله: بتحتانية ومعجمة، ابْن عبد الله الْخَولَانِيّ، ولد فِي حَيَاة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم حنين، وَسمع من كبار الصَّحَابَة، وَمَات سنة 80 قَالَ سعيد بن عبد الْعَزِيز، كَانَ عَالم الشَّام بعد أبي الدَّرْدَاء، ع. 6 فِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنهُ" قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 308: النواس- بيشديد الْوَاو ثمَّ مُهْملَة -ابْن سمْعَان بن خَالِد الْكلابِي أَو الْأنْصَارِيّ، صَحَابِيّ مَشْهُور سكن الشَّام، بخ م وَالْأَرْبَعَة.

رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "الْمِيزَانُ بِيَدَيِ الرَّحْمَنِ يرفع أقوامه وَيُخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 1. وَإِنَّمَا جِئْتُ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ الْقَوْمَ مُخَالِفُونَ لما قَالَ الله وسوله وَمَا مَضَى عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَرَضي الله عَنْهُم أجميعن2، وَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَحَجَّةِ الصَّادِقِينَ. وَقَدِ ادَّعَى الْمَرِيسِيُّ أَيْضًا وَأَصْحَابُهُ أَنَّ يَدَ اللَّهِ نِعْمَتُهُ، قُلْتُ لِبَعْضِهِمْ إِذًا يَسْتَحِيلُ فِي دَعْوَاكُمْ أَنْ يُقَالَ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ بِنِعْمَتِهِ, أم قَوْله3 {بَلْ

_ 1 سنَن ابْن مَاجَه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، الْمُقدمَة، بَاب أنْكرت الْجَهْمِية حَدِيث 199، 1/ 72 قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن عمار، ثَنَا صَدَقَة بن خَالِد، ثَنَا جَابر قَالَ: سَمِعت بسر بن عبيد الله بِهَذَا السَّنَد فِي آخِره بِلَفْظ: "وَالْمِيزَان بيد الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيُخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة" قَالَ مُحَمَّد فؤاد: "فِي الزَّوَائِد إِسْنَاده صَحِيح". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 4/ 182 من طَرِيق بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عيله وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَين أصبعين من أَصَابِع رب الْعَالمين.... إِلَى أَن قَالَ: وَالْمِيزَان بيد الرَّحْمَن عز وَجل يخفضه وَيَرْفَعهُ". قلت: وَقد صوبت أَن بسر هُوَ ابْن عبيد الله مُصَغرًا. 2 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، ش "أقوله".

يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} 1. أنعمتاتن مِنْ أَنْعُمِهِ قَطُّ مَبْسُوطَتَانِ؟ فَإِنَّ أَنْعُمَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، أَفَلَمْ يَبْسُطْ مِنْهَا عَلَى عِبَادِهِ إِلَّا ثِنْتَيْنِ2 وَقبض عَنْهُم من مَا سِوَاهُمَا فِي دَعْوَاكُمْ؟ فَحِينَ رَأَيْنَا كَثْرَةَ نِعَمِ اللَّهِ الْمَبْسُوطَاتِ عَلَى عِبَادِهِ ثُمَّ قَالَ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} 3 عَلِمْنَا أَنَّهَا4 بِخِلَافِ مَا ادَّعَيْتُمْ، وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى يَتَأَوَّلُونَهَا خِلَافَ مَا تَأَوَّلْتُمْ، وَمَحَجَّتُهُمْ أَرْضَى، وَقَوْلُهُمْ أَشْفَى. حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ5، ثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى6، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ7، عَن يزِيد النَّحْوِيّ8.................................

_ 1 الْمَائِدَة آيَة "64". 2 فِي ط، س، ش "إِلَّا اثْنَتَيْنِ". 3 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "64". 4 فِي ط، س، ش "أَنَّهُمَا". 5 نعيم بن حَمَّاد، تَقْدِيم ص"204". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 111-112" الْفضل بن مُوسَى السينَانِي، بِمُهْملَة مَكْسُورَة ونونين، أبوعبد الله الْمروزِي، ثِقَة ثَبت، وَرُبمَا أغرب من كبار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 92 فِي ربيع الأول، ع. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 180: الْحُسَيْن بن وَاقد الْمروزِي، أَبُو عبد الله القَاضِي، ثِقَة، لَهُ أَوْهَام، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 59، وَيُقَال: 75/ خت م وَالْأَرْبَعَة وَقَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"85" وَعنهُ الْفضل بن مُوسَى. 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 365: يزِيد بن أبي سعيد النَّحْوِيّ، أَبُو الْحسن، الْقرشِي مَوْلَاهُم، الْمروزِي، ثِقَة، عَابِد، من السَّادِسَة قتل ظلما 31/ بخ وَالْأَرْبَعَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 3/ 278: وَعنهُ الْحُسَيْن بن وَاقد.

عَنْ عِكْرِمَةَ1 قَالَ: قَوْلُهُ {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} 2 قَالَ: يَعْنِي الْيَدَيْنِ3. حَدثنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ4، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ5 قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ6، عَنْ يَدِ اللَّهِ7 أَوَاحِدَةٌ8 أَوِ اثْنَتَانِ قَالَ: بل اثْنَتَانِ9.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 30: عِكْرِمَة بن عبد الله مولى ابْن عَبَّاس أَصله بربري، ثِقَة ثَبت عَالم التَّفْسِير، لم يثبت تَكْذِيبه عَن ابْن عَمْرو وَلَا يثبت عَنهُ بِدعَة من الثَّالِثَة مَاتَ سنة 107، وَقيل بعد ذَلِك، ع. 2 سُورَة المائد، أَيَّة "64". 3 مَعْنَاهُ صَحِيح وَهُوَ مَوْقُوف على عِكْرِمَة وَفِي إِسْنَاده ضعف، وَلم أجد من خرجه. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 293: سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد بن سَالم بن أبي مَرْيَم الجُمَحِي بِالْوَلَاءِ أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ، ثِقَة ثَبت فَقِيه، من كبار الْعَاشِرَة مَاتَ سِتَّة 24 وَله 80 سنة، ع. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 359: عَن مَالك وَنَافِع بن عمر. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 296: نَافِع بن عمر بن عبد الله بن جميل الجُمَحِي الْمَكِّيّ، ثِقَة ثَبت من كبار السَّابِعَة مَاتَ سنة 69/ ع. وَقَالَ فِي الكاشف 3/ 197: روى عَن ابْن أبي مليكَة وَعنهُ سعيد بن أبي مَرْيَم. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 431: عبد الله بن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي مليكَة بِالتَّصْغِيرِ، ابْن عبد جدعَان، يُقَال، اسْم أبي مليكَة زُهَيْر التَّيْمِيّ، الْمَدِين، أدْرك ثَلَاثِينَ مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 17/ ع. 7 فِي ط، س، ش "عَن يَد الله تَعَالَى". 8 فِي ط، س، ش "وَاحِدَة أَو اثْنَتَانِ". 9 مَوْقُوف على ابْن أبي مليكَة وَإِسْنَاده صَحِيح.

وَحدثنَا هدبة بن خَالِد1، ثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ2، عَنْ عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ3 فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 4 قَالَ: بِيَدَيْهِ5. فَمَنْ يَلْتَفِتُ بَعْدَ هَذَا إِلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْمَرِيسِيِّ، وَيَدَعُ تَأْوِيلَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ6؟. أَرَأَيْتُمْ إِذَا7 تَأَوَّلْتُمْ أَنَّ يَدَ اللَّهِ نِعْمَتُهُ أَفَيَحْسُنُ أَنْ تَقُولُوا8 فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "يطوي الله السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 9 أَنَّهُ يطويها

_ 1 هدبة بن خَالِد، تقدم ص"169". 2 قَالَ الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال 2/ 181: "سَلام بن مِسْكين، أحد ثِقَات الْبَصرِيين، لكنه يَرْمِي بِالْقدرِ فِيمَا قيل وَثَّقَهُ أَحْمد، وَابْن معِين، وَقَالَ أَو حَاتِم: صَالح الحَدِيث قلت، روى عَن الْحسن وَعنهُ شَيبَان بن فروخ وهدبة وَخلق كثير، قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ يذهب إِلَى الْقدر" انْتهى بِتَصَرُّف. 3 قَالَ الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال 2/ 354: عَاصِم بن العجاج الجحدري الْبَصْرِيّ أَبُو المجشر الْمُقْرِئ، وَهُوَ عَاصِم بن أبي الصَّباح، قَرَأَ على يحيى بن يعمر، وَنصر بن عَاصِم، أَخذ عَنهُ سَلام أَبُو الْمُنْذر، وَجَمَاعَة قِرَاءَة شَاذَّة، فِيهَا مَا يُنكر. 4 سُورَة ص آيَة "75". 5 مَوْقُوف على عَاصِم الجحدري وَإِسْنَاده ضَعِيف وَلم أجد من خرجه. 6 فِي ط، س، ش "هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الْعلمَاء الصَّالِحين". 7 فِي ط، س، ش "إِذْ تأولتم". 8 فِي ط، س، ش "أَن يَقُولُوا". 9 رراه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب صفة الْمُنَافِقين، بَاب صفة الْقِيَامَة حَدِيث 24، 4/ 2148 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَطْوِي اللَّهُ -عز وَجل- السَّمَوَات يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يأخذهن بِيَدِهِ الْيُمْنَى ثمَّ يَقُول: أَنَا الْمَلِكُ أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ المتكبرون؟ ... " الحَدِيث.

بنعمنته؟ أَمْ قَوْلُهُ: "الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ" وَكِلْتَا نِعْمَتَيِ الرَّحْمَنِ نِعْمَةٌ وَاحِدَةٌ1؟ هَذَا أَقْبَحُ مُحَالٍ وَأَسْمَجُ ضَلَالٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ضَحِكَةٌ وَسُخْرِيَةٌ مَا سَبَقَكُمْ إِلَى مِثْلِهَا أَعْجَمِيٌّ أوعربي، أَمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدَيِ 2 اللَّهِ قَبْلَ يَدَيِ السَّائِلِ" 3 أَنَّهَا تَقَعُ فِي نِعْمَتَيِ اللَّهِ؟ أَمْ قَوْلُ أَبِي بكر الصّديق4 وَرَضي اللَّهُ عَنْهُ: خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَكَانُوا فِي، قَبْضَتِهِ أَيْ نِعْمَتِهِ5 قَالَ لِمَنْ فِي نِعْمَتِهِ الْيُمْنَى" "ادْخُلُوا الْجَنَّةَ وَقَالَ لِمَنْ فِي نِعْمَتِهِ6 الْأُخْرَى: ادْخُلُوا النَّارَ7?! أَمْ قَول ابْن عمر8:

_ 1 فِي ط، ش "أَمْ قَوْلُهُ: "الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وكلتا يَدَيْهِ يَمِين" عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ نعْمَة الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا نِعْمَتَيِ الرَّحْمَنِ نِعْمَةٌ وَاحِدَة؟! قلت: تقدم تَخْرِيجه ص"244". 2 فِي ط، س، ش "تقع فِي يَد الله". 3 تقدم تَخْرِيجه، ص"273". 4 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ تقدم ص"269". 5 فِي س "أَي نعمتيه". 6 فِي الأَصْل: "وَقَالَ فِي نعمتيه الْأُخْرَى" ويتضح الْمَعْنى بِمَا أَثْبَتْنَاهُ. 7 تقدم الحَدِيث ص"269". 8 فِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنْهُمَا"، وانطر تَرْجَمته ص"245".

خَلَقَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْأَشْيَاءِ: كُنْ فَكَانَ1 أَفَيَجُوزُ أَنْ تَقُولُوا2 خَلَقَ الله أَرْبَعَة أَشْيَاء بنعمته ورزفه ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ: كُونُوا بِلَا نِعْمَةٍ وَلَا رِزْقٍ فَكَانُوا؟! قَدْ عَلِمْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّ هَذِهِ تَفَاسِيرُ مَقْلُوبَةٌ، خَارِجَةٌ مِنْ كل مَعْقُول لَا يقبله إِلَى كُلُّ جَهُولٍ، فَإِذَا3 ادَّعَيْتَ أَنَّ الْيَدَ عُرِفَتْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّهَا نِعْمَةٌ قُلْنَا لَكَ: أَجَلْ، وَلَسْنَا بِتَفْسِيرِهَا مِنْكَ أَجْهَلَ غَيْرَ أَن تسفير ذَلِكَ يَسْتَبِينُ فِي سِيَاقِ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لَهُ مِثْلِكَ إِلَى تَفْسِيرٍ، إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: لِفُلَانٍ عِنْدِي يَدٌ أُكَافِئُهُ4 عَلَيْهَا، عَلِمَ كُلُّ عَالِمٍ بِالْكَلَامِ أَنَّ يَدَ فُلَانٍ لَيْسَتْ بِبَائِنَةٍ مِنْهُ مَوْضُوعَةً عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا النِّعْمَةُ الَّتِي يُشْكَرُ عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ إِذْ قَالَ: فُلَانٌ لِي يَدٌ وَعَضُدٌ وَنَاصِرٌ، عَلِمْنَا أَنَّ فُلَانًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ نَفْسَ يَدِهِ عُضْوَهُ، وَلَا عَضُدَهُ، فَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ5 النُّصْرَة والمعونة وَالتَّقوى، فَإِذَا قَالَ: ضَرَبَنِي فُلَانٌ بِيَدِهِ وَأَعْطَانِيَ الشَّيْءَ بِيَدِهِ وَكَتَبَ لِي بِيَدِهِ اسْتَحَالَ أَنْ يُقَالَ: ضَرَبَنِي بنعمته علم كُلُّ عَالِمٍ بِالْكَلَامِ أَنَّهَا الْيَدُ الَّتِي بِهَا يَضْرِبُ وَبِهَا يَكْتُبُ وَبهَا يُعْطي لَا النِّعْمَة.

_ 1 تقدم ص"261". 2 فِي ط، س، ش "أَن يَقُولُوا". 3 فِي س "فَإِن ادعيت". 4 فِي س "يدا كافيه". 5 قولة: "بِهِ" لَيست فِي س.

كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} 1 "أَيْ أُولِي الْبَصَرِ وَالْعُقُولِ بِدِينِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ النَّاسِ أُولِي أَيْدِي وَأَبْصَارٍ فَمَا خَصَّ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءَ بِهَا؟ "2 عَلِمَ كُلُّ عَالِمٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالْأَيْدِي3 الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا وَيُكْتَبُ4 لَمَّا أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أُولُو5 أَيْدِي وَأَبْصَارٍ، الَّتِي هِيَ الْجَوَارِح6 و7 لَا يَجُوزُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنْ تَنْفِيَ الْيَدَ الَّتِي هَيِ الْيَدُ لَمَّا أَنَّهُ وَجَدَ فِي فَرْطِ8 كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ الْيَدَ قَدْ تَكُونُ نِعْمَةً وَقُوَّةً، وَلَكِنَّ هَذَا فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ مَعْقُولٌ9 "وَذَلِكَ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ مَعْقُولٌ"10 فَلَمَّا قَالَ الله عز

_ 1 فِي س: "أولي الأيد والأبصار" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، انْظُر سُورَة صـ آيَة "45". 2 مَا بَين القوسين من قَوْله: "أَي أولي الْبَصَر" إِلَى قَوْله: هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء بهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 3 فِي ط، س، ش "بِالْيَدِ". 4 فِي ط، س، ش "وَيكْتب بهَا". 5 فِي الأَصْل ط، س، ش: "أولي" بِالنّصب وَفِي س "أولو" بِالرَّفْع، هُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر "أنّ". 6 فِي ط، ش "وَالْأَيْدِي والأبصار الَّتِي هِيَ الْجَوَارِح". 7 فِي ط، س، ش زِيَادَة "لَا يجوز الْكَلَام فِي آيَات الصِّفَات وَأَحَادِيث الْإِثْبَات لَهَا وَنفي المثلية عَنْهَا وَالْإِيمَان بهَا بِمَا يعرف من اللُّغَة الْعَرَبيَّة على سِيَاق الْكَلَام وملازمته، وَالله أعلم، وَلَا يَجُوزُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَن تَنْفِي الْيَد ... " إِلَخ. 8 لَفْظَة "فرط" لَيست فِي ط، ش وحذفها أولى، إِذْ لَا معني لَهَا هُنَا. 9 فِي ط، س، ش "زِيَادَة" وَلَا يَنْفِي المثلية إِلَّا من بَين موجودين بالإنصافات إِمَّا بمدح وَكَمَال وَإِمَّا بذم ونقصان". 10 مَا بَين القوسين لَيْسَ فِي ط، س، ش.

وَجل1: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 2 اسْتَحَالَ فِيهِمَا3 كُلُّ مَعْنًى إِلَّا الْيَدَيْنِ. كَمَا قَالَ الْعُلَمَاءُ الَّذِينَ حَكَيْنَا عَنْهُمْ. فَلَيْسَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَيْدِي شَيْءٌ إِلَّا وَالشَّاهِدُ بِتَفْسِيرِهَا يَنْطِقُ فِي نَفْسِ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ4 فَإِنْ صَرَفْتَ مِنْهُ مَعْنًى مَفْهُومًا إِلَى غَيْرِ مَفْهُومٍ، اسْتَحَالَ وَإِنْ صَرَفْتَ عَامًّا إِلَى خَاصٍّ اسْتَحَالَ، وَإِنْ صَرَفْتَ خَاصًّا مِنْهُ إِلَى عَامٍّ اسْتَحَالَ أَوْ بَطُلَ مَعْنَاهُ وَأَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَ مِنَ الْجَهْلِ بِمَعَانِي الْكَلَامِ كُلُّ مَا لَا يُعْقَلُ5 مَا قُلْنَا وَلَكِنَّكَ فِيهِ كَالْغَرِقِ6 تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ عُودٍ، وَقَدْ قُلْنَا: يَكْفِينَا فِي مَسِّ اللَّهِ آدَمَ7 بِيَدِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا ذَكَرْنَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنَّا لَا نَسْمَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ كِتَابٍ8 وَلَا عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَن الله خلق نوحًا9

_ 1 قَوْله: "عز وَجل" لَيست فِي ط، س، ش. 2 سُورَة ص، آيَة "75". 3 فِي ط، س، ش "فِيهَا" 4 فِي ط، س، ش "فَلَيْسَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَيْدِي إِلَّا ذَلِك فِي سِيَاق الْكَلَام مَعْقُول وَالشَّاهِدُ بِتَفْسِيرِهَا يَنْطِقُ فِي نَفْسِ كَلَام الْمُتَكَلّم". 5 فِي ط، س، ش: "تقبل". 6 فِي ك، س "كالغريق". 7 تقدم الْكَلَام عَن الْمَسِيس ص”230"، وترجمة آدم عَلَيْهِ السَّلَام تقدّمت ص”177". 8 فِي ط، س، ش "كتاب الله". 9 هُوَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام بن لامك بن متوشالح بن أَخْنُوخ من ذُرِّيَّة شِيث بن آدم أبي الْبشر، وَهُوَ أول الرُّسُل كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الشَّفَاعَة عَن أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ: "يَا نوح، أَنْت أول الرُّسُل إِلَى الأَرْض" أرْسلهُ الله إِلَى قوم =

بِيَدِهِ وهودا1......................................................................

_ = كَانُوا يعْبدُونَ الْأَصْنَام: ودًّا وسواعًا، ويغوث ويعوق، ونسرًا، وَغَيرهَا، فَحَذَّرَهُمْ وَأَنْذرهُمْ عَاقِبَة كفرهم فَكَذبُوهُ، وَلما يئس مِنْهُم دَعَا ربه أَن يُهْلِكهُمْ، فَاسْتَجَاب وَكَانَ مَا كَانَ من قصَّة السَّفِينَة والطوفان مِمَّا هُوَ مَعْرُوف مشتهر، وَخرج نوح وَمن مَعَه من السَّفِينَة وَبَارك الله فيهم فكثروا وملأوا الأَرْض، ورد ذكره فِي الْقُرْآن ثَلَاثًا وَأَرْبَعين مرّة فِي إِحْدَى وَثَلَاثِينَ سُورَة من الْقُرْآن، وَانْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب الْأَنْبِيَاء، بَاب قَول الله عز وَجل {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ} 6/ 370-373 وصحيح مُسلم، كتاب الْإِيمَان، بَاب أدنى أهل الْجنَّة منزلَة فِيهَا، حَدِيث، 327، 1/ 184 والطبري فِي تَارِيخ الْأُمَم والملوك، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل 1/ 179-193، والكامل فِي التَّارِيخ لِابْنِ الْأَثِير 1/ 63-73، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 1/ 100-120 ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية لمُحَمد إِسْمَاعِيل 2/ 248. 1 هُوَ نَبِي الله وَرَسُوله هود بن شالح بن أرفخشد بن سَام بن نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَقيل: هُوَ ابْن عبد الله بن رَبَاح بن الْجُلُود بن عَاد بن عوض، أرْسلهُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى قوم عَاد فِي أَرض الْأَحْقَاف شمَالي حَضرمَوْت وَكَانَ هُوَ من أوسطهم نسبا وأصبحهم وَجها فَدَعَاهُمْ إِلَى عبَادَة الله وَحده وَأَن لَا يظلم بَعضهم بَعْضًا وَلَكنهُمْ أَبُو وعتوا وكذبوه ووضربوه، وقالو: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ} ، وخفة عقل فَخرج من بَينهم ودعا عَلَيْهِم بِالْقَحْطِ والجدب ثمَّ عَاد يذكرهم ويعظهم لَعَلَّ الله يرفع الْبلَاء عَنْهُم وَلَكِن قُلُوبهم كَانَت كالحجارة أَو أَشد قسوة، واستعجلوا الْعَذَاب فَأرْسل الله عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم فأهلكتهم وأبادتهم، وَهَؤُلَاء هم عَاد الأولى ورد ذكره فِي الْقُرْآن نَحْو من سبع مَرَّات "انْظُر: سُورَة هود وَالشعرَاء والأعراف وانطر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، بَاب قَول الله تعالي {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً} 6/ 376-378 والكامل فِي التَّارِيخ جـ1 ص"85-89"، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 1/ 120-130 ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية لمُحَمد إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم 2/ 260.

وصالحا1 أَو إِبْرَاهِيم2..................................................

_ 1 هُوَ نَبِي الله وَرَسُوله صَالح عَلَيْهِ السَّلَام قيل: هُوَ ابْن عبيد بن آسَف بن مَا شج بن عبيد بن جادر بن ثَمُود، بَعثه الله تَعَالَى إِلَى ثَمُود وَهِي قَبيلَة مَشْهُورَة باسم جدهم ثَمُود أخي جديس، وَهُوَ من الْعَرَب العاربة يسكنون الْحجر بَين الْحجاز وتبوك، وَكَانُوا يعْبدُونَ الْأَصْنَام فَدَعَاهُمْ نَبِيّهم صَالح إِلَى عبَادَة الله وَحده فآمنت طَائِفَة وكفرت طَائِفَة وَمَا زَالَ ينصح لَهُم فآذوه بالمقال وَالْفِعْل وهموا بقتْله، ثمَّ إِنَّهُم طلبُوا مِنْهُ أَن يخرج لَهُم من قلب الْجَبَل نَاقَة كي يصدقوه فَسَأَلَ الله ذَلِك فَاسْتَجَاب وَلَكنهُمْ عقروا النَّاقة فَأنْزل الله عَلَيْهِم الصَّيْحَة فأهلكتهم ونجى صَالحا وَمن مَعَه، وَذكر أَن صَالحا عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الشَّام فَنزل فلسطين، ثمَّ انْتقل الى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا يعبد الله حَتَّى مَاتَ وَهُوَ ابْن 58 سنة، ورد فَذكر فِي الْقُرْآن نَحْو من تسع مَرَّات فِي سور: الْأَعْرَاف وَهود وَالشعرَاء والنمل، وَانْظُر: البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، بَاب قَول الله تَعَالَى {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} 6/ 378-381، والكامل فِي التَّارِيخ 1/ 89-93، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 1/ 130-138، ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية لمُحَمد إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم 2/ 14. 2 هُوَ نَبِي الله وَرَسُوله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْمَعْرُوف بخليل الله وبأبي الْأَنْبِيَاء؛ لِأَن من ذُريَّته الْأَنْبِيَاء بعده، ولد بِأَرْض بابل وَقيل: بغَيْرهَا وَكَانَ أهل بابل يعْبدُونَ الْكَوَاكِب والأصنام ويؤلهون النمرود، وَكَانَ آزر أَبُو إِبْرَاهِيم ينحت الْأَوْثَان لِقَوْمِهِ، فَدَعَاهُمْ إِبْرَاهِيم لعبادة الله وَحده وَترك عبَادَة مَا دونه وَكَانَ مَا كَانَ لَهُ مَعَ أَبِيه آزر وَمَعَ أصنام الْقَوْم، حَتَّى أَمر الْملك بحرقه، فَكَانَت عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا، وَهَاجَر إِلَى أَرض الشَّام إِلَى مصر ورحل إِلَى مَكَّة بهاجر وَوَلدهَا =

أَو إِسْمَاعِيل1...................................................................................

_ = فأسكن زوجه وَولده فِي ذَلِك الْوَادي ودعا لَهما، وزار مَكَّة مرَّتَيْنِ وَفِي الْمرة الثَّانِيَة أمره الله بِبِنَاء الْبَيْت وساعده ابْنه إِسْمَاعِيل وَأمره الله بِأَن يُؤذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ، وابتلاه بِذبح ابْنه، وابتلاه الله بِكَلِمَات فأتمهن، وأوتي الصُّحُف الْمَذْكُورَة فِي سورتي النَّجْم والأعلى ورد ذكره فِي الْقُرْآن نَحوا من ثَلَاث وَسِتِّينَ مرّة فِي أَربع مرّة فِي أَربع وَعشْرين سُورَة انْظُر صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب الْأَنْبِيَاء جـ6 الْأَبْوَاب من ص"386-413" والطبري فِي تَارِيخ الْأُمَم والملوك، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل 1/ 233-313 والكامل لِابْنِ الْأَثِير 1/ 94-124 وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 1/ 139-175 ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية لمُحَمد إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم 1/ 25-26. 1 هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأمه هَاجر، جَاءَ بهما أَبوهُ وَهِي ترْضِعه حَتَّى وَضعهَا عِنْد الْبَيْت، عِنْد دوحة قوق زَمْزَم بِأَمْر الله، وَلَيْسَ بِمَكَّة يَوْمئِذٍ أحد، وَلَيْسَ بِهِ مَاء ثمَّ قفى ودعا لَهُم حَتَّى إِذا نفد مَا فِي السقاء وَجعلت تنظر إِلَى ابْنهَا وَهُوَ يتلوى سعت بن الصَّفَا والمروة سَبْعَة أَشْوَاط إِلَى أَن أغاثهم الله بِمَاء زَمْزَم وَنَشَأ إِسْمَاعِيل بِمَكَّة وَكبر وَتزَوج من جرهم، وَهُوَ الَّذِي هم أَبوهُ بذَبْحه امتثالًا لأمر الله ثمَّ افتداه الله بكبش وساعد إِسْمَاعِيل أَبَاهُ فِي بِنَاء الْبَيْت، وَقيل أَن مِفْتَاح الْبَيْت وسدانتها فِي ولد إِسْمَاعِيل وَكَانَ من ذُريَّته عَلَيْهِ السَّلَام مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قيل أَنه عَاشَ 137 سنة وَدفن عِنْد قبر أمه هَاجر بِالْحجرِ، وَقد ورد ذكره فِي الْقُرْآن نَحوا من اثْنَتَيْ عشرَة مرّة فِي: الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والأنعام، وَإِبْرَاهِيم وَمَرْيَم، والأنبياء، وص، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب الأنيياء، بَاب {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} 6/ 413-414 وَبَاب "يزفون النسلان فِي المشى" 6/ 395-399 والطبري فِي تَارِيخ الْأُمَم والملوك، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل، 1/ 314، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 1/ 153-157 وصـ "191-193" ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية 1/ 38-39.

أَوْ إِسْحَاقَ1 وَمُوسَى2 وَعِيسَى3 وَمُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَكَانَ كَافِيًا.

_ 1 هُوَ نَبِي الله إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام رزق بِهِ إِبْرَاهِيم، وَهُوَ فِي شيخوخته قَالَ تَعَالَى {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصِّفَات، آيَة "112" وَمن أبنائه يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام ذكر ابْن الْأَثِير أَن إِسْحَاق مَاتَ بِالشَّام وعمره 160 سنة، وَدفن عِنْد أَبِيه إِبْرَاهِيم بِمَدِينَة الْخَلِيل, ورد ذكره فِي الْقُرْآن نَحْو من سبع عشرَة مرّة فِي الْقُرْآن وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والأنعام وَهود ويوسف وَإِبْرَاهِيم وَمَرْيَم والأنبياء وَالْعَنْكَبُوت وَالصَّافَّات، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب الْأَنْبِيَاء، بَاب إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم 6/ 414، والطبري فِي تَارِيخ الْأُمَم والملوك، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل 1/ 316-321 وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 1/ 193-220. 2 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ص"155". 3 هُوَ نَبِي الله وَرَسُوله عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام، عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ، آخر أَنْبيَاء الله وَرُسُله من بني إِسْرَائِيل، وَلدته أمه مَرْيَم بنت عمرَان فِي بَيت لحم بفلسطين وعاش مُعظم أَيَّام حَيَاته فِي بَلْدَة الناصرة، علمه الله الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة وَالْإِنْجِيل وأيده بالمعجزات الباهرة من إِبْرَاء الأكمه والأبرص وإحياء الْمَوْتَى بِإِذن الله وَأنزل عَلَيْهِ الْإِنْجِيل عَادَاهُ الْيَهُود ووشوا بِهِ وَسعوا إِلَى التَّخَلُّص مِنْهُ، وأقدموا على قَتله وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شبه لَهُم، وَرَفعه الله إِلَيْهِ وَكَانَ فِي سنّ الثَّالِثَة وَالثَّلَاثِينَ، ينزل آخر الزَّمَان حكما عدلا فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَيَضَع الْحَرْب وَيقتل الدَّجَّال، ورد ذكره فِي الْقُرْآن نَحْو من خمس وَعشْرين مرّة. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ، كتاب الْأَنْبِيَاء 6 الْأَبْوَاب من ص"469-494" وَابْن جرير فِي تَارِيخ الْأُمَم والملوك، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل، 585-605 وَابْن الْأَثِير فِي الْكَامِل 1/ 307-320 وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 2/ 56-101 ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية 2/ 82-83.

وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ عَلَى مَا ادَّعَيْتَ1: أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِالْيَدَيْنِ تَأْكِيدَ الْخَلْقِ لَا تَأْكِيدَ الْيَدِ، لَأَكَّدَ أَيْضًا فِي خَلْقِ نَبِيٍّ أَوْ رَسُولٍ، كَمَا أَكَّدَ فِي خَلْقِ آدَمَ فِي دَعْوَاكَ حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْآخِرَةِ يَعْرِفُونَ لِآدَمَ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ فِي الْمَوْقِفِ يَوْمَ/ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ: "اذْهَبُوا بِنَا إِلَى آدَمَ، فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو النَّاسِ 2 خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ اشْفَعْ لَنَا إِلَيّ رَبك" 3.

_ 1 فِي ط، س، ش "كل مَا ادعيت" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 2 فِي ط، س، ش "أَبُو الْبشر" وَبِهِمَا ورد لفظ الحَدِيث كَمَا سَيَأْتِي. 3 صَحِيح مُسلم بترتب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْإِيمَان، بَاب أدنى أهل الْجنَّة منزلَة فِيهَا، حَدِيث327، 1/ 184 عَن أبي هُرَيْرَة فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "ائْتُوا آدم فَيَأْتُونَ أَدَم فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبشر خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدو لَك، اشفع لنا إِلَى رَبك أَلا ترى إِلَى مَا نَحن فِيهِ...." إِلَخ مطولا. وَفِي سنَن ابْن مَاجَه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الزّهْد، بَاب ذكر الشَّفَاعَة حَدِيث 4312، 2/ 1442 عَن أنس بن مَالك فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "يجْتَمع الْمُؤْمِنُونَ يَوْم الْقِيَامَة يلهموا أَو يهمون -شكّ سعيد- فَيَقُولُونَ: لَو تشفعنا إِلَى رَبنَا فأراحنا من مَكَاننَا فيأتوتن آدم فَيَقُولُونَ: أَنْت آدم أَبُو النَّاسِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وأسجد لَهُ مَلَائكَته فاشفع لنا عِنْد رَبك يرحنا من مَكَاننَا هَذَا فَيَقُول: لَيست هُنَاكُم ... " إِلَخ مطولا.

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ1، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ2، عَنْ قَتَادَةَ3، عَنِ أنس4، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ثُمَّ يَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ 5 وَمُوسَى 6 وَعِيسَى 7 " وَلَا يَقُولُونَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، كَمَا قَالُوا لِآدَمَ8 بَلْ يَقُولُونَ لِإِبْرَاهِيمَ9: اتَّخَذَكَ اللَّهُ خَلِيلًا، وَلِمُوسَى10 كَلَّمَكَ اللَّهُ تَكْلِيمًا، وَلِعِيسَى: كُنْتَ تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيَقُولُونَ لِآدَمَ مِنْ بَيْنِهِمْ: خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ11 لَمَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِهِمْ، كَمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ

_ 1 مُسلم بن إيراهيم، تقدم ص"250". 2 هِشَام الدستوَائي، تقدم ص"212"، وَقَالَ الكاشف 3/ 223: عَن قَتَادَة وَيحيى بن أبي كثير وَعنهُ أَبُو نعيم وَمُسلم. 3 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180". 4 أنس بن مَالك، تقدم ص"201". 5 إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"293". 6 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام تقدم ص"155". 7 فِي ط، س، ش، "يأْتونَ آدم ثُمَّ يَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى" وَهُوَ أوضح، وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام تقدّمت تَرْجَمته ص"295". 8 آدم عَلَيْهِ السَّلَام تقدم ص"177". 9 إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام تقدم ص"293". 10 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام تقدم ص"155". 11 فِي ط، س، ش "خلقك الله تَعَالَى بِيَدِهِ". قلت: وَهَذَا ثَابت يدل لَهُ حَدِيث الشَّفَاعَة الْمَشْهُور الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا فَفِي البُخَارِيّ "فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ: يَا آدم أما ترى النَّاس؟ خلقك الله بِيَدِهِ، وأسجد لَك مَلَائكَته ... " إِلَخ، وَعند مُسلم "فَيَأْتُونَ آدم فَيَقُولُونَ: أَنْت آدم أَبُو الْخلق، خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وَأمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك ... " إِلَخ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَول لله تَعَالَى {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} حَدِيث 7410، 13/ 392 عَن أنس مَرْفُوعا. وَانْظُر: صَحِيح مُسلم، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْإِيمَان بَاب أدنى أهل الْجنَّة منزلَة فِيهَا، حَدِيث 223، 1/ 180 عَن أنس مَرْفُوعا.

الْأَنْبِيَاءِ مَخْصُوصٌ بِمَنْقَبَتِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، فَأَيُّ ضَلَالٍ أَبْيَنُ مِنْ ضَلَالِ رَجُلٍ خَالَفَهُ فِي دَعْوَاهُ أَهْلُ الدُّنْيَا وَأَهْلُ الْآخِرَةِ1؟، وَلَكِنْ {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ، وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} 2 فَاحْتَجَّ مُحْتَجٌّ3 عَنِ الْمَرِيسِيِّ فِي ابطاب مَسِّ اللَّهِ4 آدَمَ بِيَدِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى5 {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 6 فَقَالَ: جَعَلَهُ مِثْلَ عِيسَى، وَعِيسَى لَمْ يَخْلُقْهُ بِيَدِهِ، فَقُلْنَا7 لِهَذَا الْمُحْتَجِّ غَلِطْتَ فِي التَّأْوِيلِ وَضَلَلْتَ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِيسَى مِثْلَ آدَمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَهَذَا أَنَّهُ كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَكَلِمَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَبٍ، كَمَا أَنَّ آدَمَ

_ 1 فِي ط، س، ش "أهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة". 2 فِي سُورَة الزمر، أَيَّة "36-37". 3 فِي ط، س، ش "فَإِن احْتج مُحْتَج". 4 فِي ط، س، ش "فِي إبِْطَال أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ" وَهُوَ أولى. 5 لَفْظَة: "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 6 لَفْظَة: فَيكون: لم ترد فِي ط، س، ش وَالْآيَة من سُورَة آل عمرَان، آيَة "59". 7 فِي ط، ش "لقلنا" وَفِي س "فَقُلْنَا".

لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، ثُمَّ هُوَ فِي سَائِرِ أَمْرِهِ مُخَالِفٌ1 لِآدَمَ أَوَّلُهُ: خَلَقَ اللَّهُ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِتَمَامِهِ مِنْ طِينٍ، لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا فَيَكْبُرَ2 وَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ 3 بَطْنٌ وَلَا رَحِمٌ، وَلَمْ يَرْضَعْ بِلَبَنٍ صَغِيرًا فِي الْمَهْدِ، فَكَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُخَالِفٌ لِآدَمَ فَهُوَ لَهُ مُخَالِفٌ فِي خَلْقِ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى4 وَكَمَا5 أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَلَيْسَ كَيَدِهِ يَدٌ. فَافْهَمْ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّكَ تَأَوَّلْتَ فِي يَدَيِ اللَّهِ، أَفْحَشَ مِمَّا تَأَوَّلَتِ الْيَهُودُ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ6 قَالُوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ7 وَادَّعَيْتَ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ وَلَمَّا 8 أَنَّكَ تَأَوَّلْتَهَا النِّعَمَ وَالْأَرْزَاقَ وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ، فَمَاذَا لَقِيَ اللَّهُ مِنْ عَمَايَتِكُمْ هَذِهِ؟ تَدَّعُونَ أَنَّ يَدَيِ الله مخلوقتان، إِنَّهُمَا عِنْدَكُمْ رِزْقَاهُ حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ، وَمَوْسُوعُهُ9 وَمَقْتُورُهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ.

_ 1 فِي ط، ش "مُخَالفا" بِالنّصب وَصَوَابه الرّفْع. 2 فِي ط، ش: "فَكبر" وَهُوَ أولى. 3 فِي س "على بطن"، ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، س، ش "كَمَا" دون وَاو الْعَطف. 6 قَوْله: "لِأَن الْيَهُود": لَيست فِي ط، س، ش، وَبهَا يَتَّضِح الْمَعْنى. 7 ورد مَا يدل على ذَلِك فِي سُورَة الْمَائِدَة آيَة "64" {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} الْآيَة. 8 فِي ط، س "لما" دون الْوَاو. 9 فِي س: "وموسعة".

السمع والبصر

السَّمْعُ وَالْبَصَرُ 1: وَادَّعَى الْمَرِيسِيُّ أَيْضًا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى2 {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} 3 {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} 4 أَنَّهُ يَسْمَعُ الْأَصْوَاتَ، وَيَعْرِفُ الْأَلْوَانَ، بِلَا سَمْعٍ وَلَا بَصَرٍ، وَأَنَّ قَوْله {بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} 5 يَعْنِي6: عَالِمٌ بِهِمْ، لَا أَنَّهُ يُبْصِرُهُمْ بِبَصَرٍ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِعَيْنٍ، فَقَدْ يُقَالُ لِأَعْمَى7: مَا أَبْصَرَهُ أَيْ: مَا أَعْلَمَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبْصِرُ بِعَيْنٍ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمَرِيسِيِّ الضَّالِّ: الْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ إِلَهٍ8 عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ يَسْمَعُ الْأَصْوَاتَ بِسَمْعٍ، وَيَرَى الْأَلْوَانَ بِعَيْنٍ, وَإِلَهُكَ بِزَعْمِكَ: أَعْمَى أَصَمُّ، لَا يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَلَا يُبْصِرُ بِبَصَرٍ. وَلَكِنْ يُدْرِكُ الصَّوْتَ كَمَا يُدْرِكُ9 الْحِيطَانُ وَالْجِبَالُ الَّتِي لَيْسَ10 لَهَا

_ 1 العنوان من المطبوعتين ط، ش. 2 لَفْظَة: "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 انْظُر سُورَة الْحَج، آيَة "75"، وَسورَة لُقْمَان آيَة "28"، وَسورَة المجادلة آيَة "1". 4 سُورَة آل عمرَان، آيَة "15" وَآيَة "20". 5 تقدم. 6 فِي ط، س، ش "بِمَعْنى". 7 فِي ط، س، ش "للأعمى". 8 قَالَ مُحَمَّد حَامِد الفقي فِي تَعْلِيقه على المطبوعة: "فِي هَذِه الْجُمْلَة جفَاء كَانَ أولى غَيرهَا، فَإِن فِيهَا نبوًا". 9 فِي ط، س، ش "كَمَا تدْرك". 10 فِي ط، س، ش "لَيست".

أَسْمَاعٌ، وَيَرَى الْأَلْوَانَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَلَا يُبْصِرُ فِي دَعْوَاكَ. فَقَدْ جَمَعْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ فِي دَعْوَاكَ هَذِهِ جهلا وَكفرا، أم الْكُفْرُ فَتَشْبِيهُكَ اللَّهَ تَعَالَى1 بِالْأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ وَلَا يَرَى. وَأَمَّا الْجَهْلُ فَمَعْرِفَةُ النَّاسِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن يُقَال لشَيْء: سَمِيعٌ بَصِيرٌ، إِلَّا وَذَلِكَ الشَّيْءُ مَوْصُوفٌ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ، وَالْأَعْمَى مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ حُجِبَ2. فَإِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ مَا قُلْنَا فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟ وَنَحْنُ نَقُولُ اللَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ نَفَيْتَ عَنْهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ اللَّذَيْنِ هُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَر، ونفيت عَنهُ الْعين، كَمَا يَسْتَحِيلُ هَذَا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ فَهُوَ فِي الله السيمع الْبَصِيرِ أَشَدُّ اسْتِحَالَةً. وَكَيْفَ اسْتَجَزْتَ أَنْ تُسَمِّيَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَأَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِصِفَاتِ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةِ: مُشَبِّهَةً، إِذْ وَصَفُوا اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ3 بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي أَسْمَاؤُهَا مَوْجُودَةٌ فِي صِفَاتِ بني آدم تَكْيِيفٍ، وَأَنْتَ قَدْ شَبَّهْتَ إِلَهَكَ فِي يَدَيْهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ بِأَعْمَى وَأَقْطَعَ، وَتَوَهَّمْتَ فِي مَعْبُودِكَ مَا تَوَهَّمْتَ فِي الْأَعْمَى وَالْأَقْطَعِ فَمَعْبُودُكَ مجدع4 مَنْقُوص،

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، ش "قد حجب بَصَره". 3 فِي ط، ش "كَلَامه". 4 فِي ط، س، ش "مُخْدج" والجدع: الْقطع قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب/ =

أَعْمَى لَا بَصَرَ لَهُ، وَأَبْكَمُ لَا كَلَامَ لَهُ، وَأَصَمُّ لَا سَمْعَ لَهُ، وَأَجْذَمُ1 لَا يَدَانِ لَهُ، وَمُقْعَدٌ لَا حِرَاكَ بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِصِفَةِ إِلَهِ الْمُصَلِّينَ؟ فَأَنْتَ2 أَوْحَشُ مَذْهَبًا فِي تَشْبِيهِكَ إِلَهَكَ بِهَؤُلَاءِ الْعِمْيَانِ وَالْمَقْطُوعِينَ، أَمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّيْتَهُمْ3 مُشَبِّهَةً أَنْ وَصَفُوهُ4 بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ بِلَا تَشْبِيهٍ؟ فلولا

_ = إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 1/ 417 مَادَّة "جدع" "الجدع: "الْقطع وَقيل: هُوَ الْقطع الْبَائِن فِي الْأنف وَالْأُذن والشفة وَنَحْوهَا، جدعه يجدعه جدعًا، فَهُوَ جادع..... إِلَخ" بِتَصَرُّف. والمخدج أَي النَّاقِص -تَعَالَى الله عَن ذَلِك- قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 1/ 795 مَادَّة "خدج": "وَفِي الحَدِيث: "كل صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهِ بِفَاتِحَة الْكتاب فهى خداج" أَي نُقْصَان وَيُقَال: أخدج الرجل صلَاته فَهُوَ مُخْدج وَهِي مخدجة وَيُقَال: أخدج فَلَا أمره إِذا لم يحكمه وأنضج أمره إِذا أحكمه, وَالْأَصْل فِي ذَلِك إخداج النَّاقة وَلَدهَا وانضاجها إِيَّاه" بِتَصَرُّف. 1 فِي ط، ش "أَجْزم" بالزاي، والجزم بِمَعْنى الْقطع كالجذم إِلَّا أَن الْجَزْم إِنَّمَا يرد كثيرا فِي الْأُمُور والجذم فِي الْأَشْيَاء المحسوسة، وَانْظُر التَّعْلِيق رقم1 ص"235". وَقَالَ فِي مَادَّة جزم 1/ 456، الْمرجع نَفسه: "الْجَزْم الْقطع" جزمت الشَّيْء أجزمه جزما قطعته وجزمت الْيَمين جزما أمضيتها، وكل أَمر قطعته قطعا لَا عودة فِيهِ فقد جزمته" بِتَصَرُّف. 2 فِي ط، س، ش "أفأنت". 3 فِي ط، س، ش "تسميهم". 4 فِي س "إِذْ وصفوه" وَفِي ط، ش "إِذْ وصفوا الله".

أَنَّهَا كَلِمَةٌ هِيَ مِحْنَةُ الْجَهْمِيَّةِ الَّتِي بِهَا يَنْبِزُونَ الْمُؤْمِنِينَ مَا سَمَّيْنَا1 مُشَبِّهًا غَيْرَكَ لِسَمَاجَةِ مَا شَبَّهْتَ وَمَثَّلْتَ. وَيْلَكَ! إِنَّمَا نَصِفُهُ بالأسماء لَا بالتكيف وَلَا بِالتَّشْبِيهِ، كَمَا يُقَالُ: إِنَّهُ مَلِكٌ كَرِيمٌ، عَلِيمٌ، حَكِيمٌ، حَلِيمٌ، رَحِيمٌ لَطِيفٌ، مُؤْمِنٌ، عَزِيزٌ، جَبَّارٌ، مُتَكَبِّرٌ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُدْعَى الْبَشَرُ بِبَعْضِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مُخَالِفَةً لِصِفَاتِهِمْ، فَالْأَسْمَاءُ فِيهَا مُتَّفِقَةٌ، وَالتَّشْبِيهُ وَالْكَيْفِيَّةُ مُفْتَرِقَةٌ: كَمَا يُقَالُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاءَ، يَعْنِي فِي الشَّبَهِ وَالطَّعْمِ وَالذَّوْقِ، وَالْمَنْظَرِ، وَاللَّوْنِ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَاللَّهُ أَبْعَدُ مِنَ الشَّبَهِ2 وَأَبْعَدُ. فَإِنْ كُنَّا مُشَبِّهَةً عِنْدَكَ أَنْ3 وَحَّدْنَا اللَّهَ إِلَهًا وَاحِدًا بِصِفَاتٍ أَخَذْنَاهَا عَنْهُ وَعَنْ كِتَابِهِ4 فَوَصَفْنَاهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، فَاللَّهُ فِي دَعْوَاكُمْ أَوَّلُ الْمُشَبِّهِينَ بِنَفسِهِ5 ثمَّ رَسُول الله الَّذِي أَنْبَأَنَا ذَلِكَ عَنْهُ. فَلَا تَظْلِمُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تُكَابِرُوا6 الْعِلْمَ، إِذْ جَهِلْتُمُوهُ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ مِنَ التَّشْبِيه بعيدَة7.

_ 1 فِي ط، س، ش "مَا سميت". 2 فِي ط، س، ش "التَّشْبِيه". 3 فِي ط، س، ش "إِذا وجدنَا". 4 فِي ط، س، ش "أخذناها عَنهُ من كِتَابه" وَهُوَ أولى. 5 فِي ط، ش "أول المشبهين نَفسه". 6 فِي س "وَلَا تكاثروا" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 7 فِي ط، س، ش "فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ مِنَ التَّشْبِيهِ بَعِيدَةٌ إِذا لزم الِاشْتِرَاك فِي الْأَسْمَاء مَا يلْزم الِاتِّحَاد فِي الذوات المحدثة والذات الْقَدِيمَة فِيمَا تقدم انْتَفَى الْقيَاس" وَفِي س "فِي الذوات الْقَدِيمَة والذات المحدثة" والعبارة غير وَاضِحَة.

وَأَمَّا مَا ادَّعَيْتَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} 1 أَنَّهُ إِنَّمَا عَنَى: عَالِمًا بِالْأَصْوَاتِ عَالما بالألوان، لَا يسمع، وَلَا يُبْصِرُ بِبَصَرٍ، ثُمَّ قُلْتَ: وَلم يجِئ خير عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ: "أَنَّهُ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، ويبصر بصر، ولكنكمن قَضَيْتُمْ عَلَى اللَّهِ2 بِالْمَعْنَى الَّذِي وَجَدْتُمُوهُ فِي أَنْفُسِكُمْ. فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ: أَمَّا3 دَعْوَاكَ عَلَيْنَا أَنَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَجَدْنَاهُ فِي أَنْفُسِنَا فَهَذَا لَا يَقْضِي بِهِ إِلَّا مَنْ هُوَ ضال مصلك. غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ4 أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ، يَسْمَعُ بِسَمْعٍ وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ، وَاتَّصَلَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ أَخْبَارٌ مُتَّصِلَةٌ5 فَإِنْ حَرَمَكَ اللَّهَ مَعْرِفَتَهَا فَمَا ذَنْبُنَا؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى6 لِمُوسَى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} 7، وَقَالَ: {وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} 8 {واصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} 9 ثمَّ ذكر رَسُول الله

_ 1 فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ "إِنَّه كَانَ سميعًا بَصيرًا" وَهُوَ خطأ، وَلَعَلَّه أَرَادَ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء آيَة "58" {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} أَو قَوْله فِي نفس آيَة "134" {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} . 2 فِي ط، س، ش "زِيَادَة تَعَالَى". 3 فِي ط، س، ش "إِنَّمَا دعواك". 4 فِي ط، س، ش "تبَارك وَتَعَالَى اسْمه". 5 فِي ط، س، ش "واتصلت بذلك عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَخْبَار مُتَّصِلَة". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 سُورَة طه، آيَة "39". 8 سُورَة الْقَمَر، الْآيَتَانِ "13-14". 9 سُورَة هود، آيَة "37".

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: "إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ" 1 وَالْعَوَرُ عِنْدَ النَّاسِ ضِدُّ الْبَصَرِ، وَالْأَعْوَرُ عِنْدَهُمْ ضِدُّ الْبَصِيرِ بِالْعَيْنَيْنِ. وَرَوَيْتَ أَنْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى2، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَجًّا لِمَذْهَبِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ أَصْحَابَهُ يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ فَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا" 3 فَالصَّمَمُ ضِدُّ السَّمْعِ الَّذِي هُوَ السَّمْعُ عِنْدَ النَّاسِ. وَهَذَا مِمَّا رَوَيْتَهُ وَثَبَتَّهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحًا فِي بَعْضِ4 دَعْوَاكَ بِهِ، فَفِيمَا ذَكَرْنَا عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ بَيَانٌ أَنَّ السَّمْعَ غَيْرُ الْبَصَرِ، وَأَنَّ الْبَصَرَ غَيْرُ السَّمْعِ5 وَأَنَّهُ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ، غَيْرَ مكيف وَلَا ممثل.

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَول الله تَعَالَى: {اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} "تغذى"، وَقَوله جلّ ذكره: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} حَدِيث 7407، 13/ 379 عَن أنس مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظِهِ. 2 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، تقدم ص"251". 3 رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب الدَّعْوَات، بَاب الدُّعَاء إِذا علا عقبَة، حَدِيث 6384، 11/ 187 عَن أبي مُوسَى فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبا". وَرَوَاهُ مُسلم: انْظُر: صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء وَالتَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار، بَاب اسْتِحْبَاب خفض الصَّوْت بِالذكر، حَدِيث 2704، 4/ 2076 عَن أبي مُوسَى فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظِهِ. 4 فِي ط، س، ش "فِي نقض دعواك بِهِ" وَمَا فِي الأَصْل أولى. 5 فِي س "وَأَن الْبَصِير غير السَّمِيع".

وَمِمَّا يَزِيدُكَ بَيَانًا: قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، خَلِيلِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ قَالَ لِأَبِيهِ {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} 1 يَعْنِي إِبْرَاهِيمُ أَنَّ إِلَهَهُ بِخِلَافِ الصَّنَمِ، يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا أَوَّلْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ لَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ لِإِبْرَاهِيمَ: فَإِلَهُكَ أَيْضًا لَا يَسْمَعُ بِسَمْعٍ وَلَا يُبْصِرُ بِبَصَرٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ فِي أَصْنَامِ الْعَرَبِ: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} 2 يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ بِخِلَافِهِمْ، لَهُ يَد يبطش بهَا، وَعين3 بيصر بِهَا، وَسَمْعٌ يَسْمَعُ بِهِ. وَادَّعَيْتَ أَيْضًا أَنَّا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ، فَقَدِ ادَّعَيْنَا أَنَّ بَعْضَهُ عَاجِزٌ وَبَعضه قوي، وَبَعضه تَامّ، وبضعه نَاقِصٌ، وَبَعْضَهُ مُضْطَرٌّ، فَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ أَيُّهَا4 الْمَرِيسِيُّ لَا يَجُوزُ هَذَا الْقِيَاسُ فِي صِفَةِ كَلْبٍ مِنَ الْكِلَابِ؟ فَكَيْفَ فِي صِفَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ بَلْ حَرَامٌ عَلَى السَّائِلِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَحَرَامٌ عَلَى الْمُجِيبِ أَنْ يُجِيبَ فِيهِ5 وَالْعَجَبُ مِنْ قَائِلِهِ، كَيْفَ لَمْ يَخْسِفِ اللَّهُ بِهِ؟ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ حَلِيمٌ ذُو أَنَاةٍ وحلم6 عَمَّن قَالَ:

_ 1 سُورَة مَرْيَم آيَة "42". 2 سُورَة الْأَعْرَاف آيَة "195". 3 فِي ط، س، ش "وَله أعين يبصر بهَا". 4 فِي ط، س "فَإِن قُلْتُمْ أَيهَا المريسي". 5 فِي ش "وَحرَام على الْمُجيب فِيهِ". 6 فِي س "ذُو أناءة وحليم".

{اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} 1، وَعَمَّنْ قَالَ: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} 2، وَعَمَّنْ قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} 3 وَمَنْ4 قَالَ: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} 5 وَكَذِلَكَ حَلِمَ عَنْ6 هَذَا الْمَرِيسِيِّ، إِذْ لَمْ يَخْسِفْ بِهِ وَلَمْ يُعْجِزْهُ هَرَبًا. وَيْلَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ! إِنَّا لَا نَدَّعِي فِيهِ هَذِهِ الْخُرَافَاتِ الَّتِي احْتَجَجْتَ بِهَا مِمَّا لَيْسَ لِمِثْلِهَا جَوَابٌ، وَنُجِلُّهُ أَنْ نَلْفِظَ فِي صِفَاتِهِ بِهَذِهِ الْخُرَافَاتِ غَيْرَ أَنَّا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: "إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ"7 وَ {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ

_ 1 أَرَادَ بذلك النَّصَارَى قَالَ تَعَالَى عَنْهُم فِي سُورَة الْمَائِدَة آيه "73" {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} الْآيَة. 2 قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْبَقَرَة، أَيَّة "116" {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ ... } الْآيَة، وَقَالَ فِي سُورَة يُونُس آيَة "68": {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} وَقَالَ فِي سُورَة الْكَهْف آيَة "4": {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} وَقَالَ فِي سُورَة مَرْيَم آيَة "88": {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً} ، وَقَالَ فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء أَيَّة "26": {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} . 3 سُورَة النازعات آيَة "24": وَالْمرَاد بِهِ فِرْعَوْن. 4 فِي ط، س، ش "وَعَمن قَالَ". 5 قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة الْمَائِدَة آيَة "64": {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} . 6 فِي ط، س، ش "على هَذَا المريسي". 7 أَرَادَ بذلك مَا ورد من مثل قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْإِسْرَاء آيَة "1": {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وَقَوله فِي سُورَة الْحَج آيَة "75": {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} وَقَوله تَعَالَى فِي سُورَة الشورى آيَة "11": {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} .

وَأَرَى} 1 فَفَرَّقَ بَيْنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، فَأَخَذْنَا مِنَ اللَّهِ وَرَدَدْنَا عَلَيْكَ جَهْلَكَ وَخُرَافَاتِكَ. أَوَ لَمْ تَقُلْ أَيُهَّا الْمَرِيسِيُّ: إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَوَهَّمَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ2 بِمَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ فِي نَفْسِهِ، فَكَيْفَ نَسَبْتَ اللَّهَ إِلَى الْعَجْزِ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي تَعْرِفُهُ مِنْ3 نَفْسِكَ؟ ثُمَّ قُلْتَ: فَكَمَا أَنَّكَ بِأَحَدِهِمَا مُضْطَرٌّ إِلَى الْآخَرِ كَذَلِكَ اللَّهُ -فِيمَا، ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا- مُضْطَرٌّ إِلَى الْآخَرِ فَشَبَّهْتَ اللَّهَ فِي مَذْهَبِكَ بِالْإِنْسَانِ المجدع4 المنقوص. أَو لم تَسْمَعْ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى5 {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 6 وَكَمَا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَيْسَ كَسَمْعِهِ سَمْعٌ، وَلَا كَبَصَرِهِ بَصَرٌ وَلَا لَهُمَا عِنْدَ الْخَلْقِ قِيَاسٌ وَلَا مِثَالٌ، وَلَا شَبِيهٌ، فَكَيْفَ تَقِيسُهُمَا أَنْتَ بِشَبَهِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ، وَقَدْ عِبْتَ عَلَى غَيْرك؟.

_ 1 سُورَة طه، آيَة "46". 2 فِي ط، س، ش "فِي صِفَات الله تَعَالَى". 3 فِي س، ش "تعرفه فِي نَفسك". 4 فِي ط، ش "المخدج"، ومعناهما مُتَقَارب انْظُر ص”302". 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 6 سُورَة الشورى، آيَة "11".

وَأَمَّا دَعْوَاكَ أَنَّ قَوْلَهُ: {سَمِيعٌ بَصِيرٌ} 1 أَنَّهُ يُدْرِكُ الْأَصْوَاتَ وَيَعْلَمُ الْأَلْوَانَ فَقَدْ فَهِمْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ مَعْنَى كُفْرِ مَا تَقْصِدُهُ2 بِهِ إِلَيْهِ. فَلَا يَجُوزُ لَكَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ أُغْلُوطَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ3: يَعْنِي4 أَنَّ5 إِلَهَكَ مُهْمِلٌ شَبَحٌ6 هَوَاءٌ قَائِمٌ فِي كُلِّ مَكَانٍ7 لَا يُوصَفُ بِسَمْعٍ، وَلَا بَصَرٍ، وَلَا عِلْمٍ, وَلَا كَلَامٍ، وَلَا وَجْهٍ، وَلَا يَدٍ وَلَا نَفْسٍ، وَلَا حَدٍّ8 فَالسَّمْعُ عِنْدَكَ مِنْهُ بَصَرٌ،

_ 1 سُورَة الْحَج، آيَة "61" وَآيَة "75" وَسورَة لُقْمَان، آيَة "28" والمجادلة آيَة "1". 2 فِي ش "مَا تقصد بِهِ إِلَيْهِ". 3 فِي س زِيَادَة "تَعَالَى". 4 لَفْظَة "يَعْنِي" لَيست فِي ط، ش. 5 فِي ط، ش "إِن إلهك". 6 فِي ط، س، ش "مهمل همج" قلت: وَمن مَعَاني الهمج، الهمل الَّذِي لانظام لَهُ: قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلى 3/ 826: 827 مَادَّة "همج": "والهمج: الرعاع من النَّاس، وَقيل: الأخلاط وَقيل: هم الهمل الَّذين لَا نظام لَهُم، وكل شَيْء ترك بعضه يموج فِي بعض فَهُوَ هامج". وَقَالَ فِي مَادَّة "شبح" 262: "الشبح: مَا بدا لَك شخصه من النَّاس غَيرهم من الْخلق يُقَال: شبح لنا أَي مثل: وَأنْشد: رمقت بِعَين كل شبح وَحَائِل"، بِتَصَرُّف. 7 فِي ط، س، ش "هُوَ قَائِم دَاخل فِي كل مَكَان". 8 سبق الْكَلَام عَن الْحَد ص"223".

وَالْبَصَرُ مِنْهُ سَمْعٌ، وَالْوَجْهُ ظَهْرٌ، وَالْأَعْلَى مِنْهُ أَسْفَلُ، وَالْأَسْفَلُ مِنْهُ أَعْلَى، يَسْمَعُ الْأَصْوَاتَ بِزَعْمِكَ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ الصَّوْتُ وَلَا يَفْهَمُهُ، كَمَا يَبْلُغُ الْجِبَالَ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَلَا تَفْقَهُهُ1 وَيَعْرِفُ الْأَلْوَانَ بِالتَّرَائِي وَالْمُشَاهَدَةِ لَا أَنَّ لَهُ سَمْعًا يَسْمَعُ بِهِ فَيَفْقَهُهُ2 وَلَا لَهُ بَصَرٌ يُبْصِرُ بِهِ فَيَرَاهُ وَيَعْرِفُهُ، كَمَا يُقَالُ لِلدُّورِ وَالْقُصُورِ: يَرَى بَعْضُهَا بَعْضًا، أَيْ تَتَرَاءَى وَلَيْسَتْ لَهَا أَبْصَارٌ، وَالْجِبَالُ: يَنْظُرُ بَعْضهَا إِلَى بَعْضًا بِلَا بصر، فَكَمَا يُقَال: ذهبت فُلَانٌ بَيْنَ سَمْعِ الْأَرْضِ وَبَصَرِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْأَرْضِ سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ هُوَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ، فَوَصَفْتَ رَبَّكَ بِمَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَصْنَامَ، مَا تَقُولُ3 {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} 4 كَمَا قَالَ لِلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} 5 وَلَوْ كَانَ مَعْنَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ: إِدْرَاكَ الْأَصْوَاتِ وَتَرَائِيَ الْأَجْسَامِ لَكَانَ ذَلِكَ6 تُدْرِكُ الْأَصْنَامُ كَمَا يُدْرِكُ الله فِي

_ 1 فِي ط، س، ش "وَلَا نفقه". 2 فِي س "فيفهمه". 3 فِي س "مَاذَا تَقول" وَفِي ط، ش "كَمَا قَالَ". 4 فِي ش "وَلَا سمعُوا مَا اسْتَجَابُوا لكم"، وَهُوَ خطأ وصواب الْآيَة مَا أَثْبَتْنَاهُ انْظُر: سُورَة الْأَعْرَاف آيَة "198". 5 سُورَة فاطر آيَة "14". 6 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لَكَانَ كَذَلِك" وَهُوَ أوضح.

دَعْوَاكُمْ، وَلَكِنَّ مَا وَصَفْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ صِفَةُ الْأَصْنَامِ لَا صِفَةُ اللَّهِ, فَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى تَقْصِدُ فِي سَمْعِ اللَّهِ وَبَصَرِهِ، وَقَدْ سَمِعْنَاهُ1 مِنْ بَعْضِ خُطَبَائِكُمْ2 يُغَالِطُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْحُجَجِ أَنْبَاطَ32 كُوثَى4 أَوْ أَبْطَاطَا5 أَوْ يَهُودَ الْحِيرَةِ6 أهل مِلَّة أَبِيك وجيرانه.

_ 1 فِي ش "وَقد سمعنَا". 2 فِي ط، س، ش "من خطبائكم". 3 الأنباط قوم من الْعَجم وينسب إِلَيْهِم مقَاتل بن حَيَّان النبطي وَغَيره، والنبطي بِفَتْح النُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة فِي آخرهَا طاء مُهْملَة نِسْبَة إِلَى "النبط" بِتَصَرُّف من اللّبَاب لِابْنِ الْأَثِير 3/ 295. 4 قَالَ ياقوت الْحَمَوِيّ فِي مُعْجم اللبلدان 4/ 487: "كوثى. بِالضَّمِّ ثمَّ سُكُون والثاء مُثَلّثَة، وَألف مَقْصُور تكْتب بِالْيَاءِ؛ لِأَنَّهَا رَابِعَة الِاسْم ... وكوثى فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع بسواد الْعرَاق فِي أَرض بابل وبمكة وَهُوَ منزل بنى عبد الدَّار خَاصَّة ثمَّ غلب على الْجَمِيع وكوثى الْعرَاق، كوثيان: أَحدهمَا كوثى الطَّرِيق وَالْآخر كوثى رَبِّي، وَبهَا مشْهد إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وَبهَا مولده، وهما من أَرض بابل، وَبهَا طرح إِبْرَاهِيم فِي النَّار، إِلَخ "بِتَصَرُّف قلت: وَمرَاده هُنَا كوثى الْعرَاق. 5 فِي ط، س، ش "أَو بطاطا" قلت: وَلَو أجد فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من معاجم الْبلدَانِ بَلْدَة بِهَذَا الِاسْم، وَلَعَلَّ صوابها "بطاطيا"، وَهِي نهر يحمل من دجيل ودجيل كزبير شعب من نهر دجلة الْمَعْرُوف، بِتَصَرُّف من الْقَامُوس للفيروزآبادي 2/ 351، 3/ 374. 6 قَالَ ياقوت الْحَمَوِيّ فِي مُعْجم الْبلدَانِ 2/ 328: "الْحيرَة بالكسرة ثمَّ السّكُون وَرَاء مَدِينَة كَانَت على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْكُوفَة" على مَوضِع يُقَال لَهُ: "النجف زَعَمُوا أَن بَحر فَارس كَانَ يتَّصل بِهِ، وبالحيرة الخورنق بِقرب مِنْهَا مِمَّا يَلِي الشرق، على نَحْو ميل، والسدير فِي وسط الْبَريَّة بَينهَا وَبَين الشَّام، وَكَانَت مسكن مُلُوك الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة من زمن نصر، ثمَّ لخم النُّعْمَان وآبائه...." قلت: وَيُقَال: إِنَّهَا اندثرت وَلم يبْق لَهَا وجود الْيَوْم.

فَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا هِشَامٍ الرِّفَاعِيَّ1 يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا نُعَيْمٍ2 يَقُولُ: إِنَّهُ رَأَى أَبَاكَ يَهُودِيًّا صَابِغًا3 بِالْحِيرَةِ4. وَأَمَّا دَعْوَاكَ: أَنَّ مَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِالسَّمْعِ الَّذِي هُوَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ الَّذِي هُوَ الْبَصَر، ومير بَيْنَهُمَا، فَقَدْ نَسَبَهُ إِلَى الْعَجْزِ، فَمَا ظَنَنَّا أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّهُ بشك أَحَدٌ5 مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَنَّ الْعَاجِز الضَّعِيف الْمُضْطَر الْمُحْتَاج

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 219: مُحَمَّد بن يزِيد بن مُحَمَّد بن كثير الْعجلِيّ، أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي الْكُوفِي قَاضِي الْمَدَائِن، لَيْسَ بِالْقَوِيّ، من صغَار الْعَاشِرَة وَذكره ابْن عدي فِي شُيُوخ البُخَارِيّ، وَجزم الْخَطِيب بِأَن البُخَارِيّ روى عَنهُ، لَكِن قد قَالَ البُخَارِيّ: رَأَيْتهمْ مُجْمِعِينَ على ضعفه، مَاتَ سنة 48/ م د ق. 2 لم يَتَّضِح لي على التَّحْدِيد من هُوَ أَبُو نعيم هَذَا، وَالَّذِي اسْتَظْهرهُ أَنه الْفضل ابْن دُكَيْن الْكُوفِي، وَاسم دُكَيْن: عَمْرو بن حَمَّاد بن زُهَيْر التَّيْمِيّ مَوْلَاهُم الأخول أَبُو نعيم الْملَائي، بِضَم الْمِيم، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة ثَبت، من التَّاسِعَة مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة، وَقيل: تسع عشرَة، وَكَانَ مولده سنة ثَلَاثِينَ، هُوَ من كبار شُيُوخ البُخَارِيّ، ع انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 110. 3 فِي ط، س، ش "صباغًا". 4 الْحيرَة، تقدّمت قَرِيبا، انْظُر مَا تقدم فِي تَرْجَمَة المريسي ص"55". 5 فِي س "يشكل أحدا" وَسِيَاق الأَصْل أنسب.

الَّذِي لَا سَمْعَ لَهُ وَلَا بَصَرَ حَتَّى ادَّعَيْتَ أَنْتَ عَلَى جَهْلٍ مِنْكَ، وَمَا يَدْعُوكَ إِلَى ذِكْرِ الْعَاجْزِ1 وَالْقُوَّةِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ خُرَافَاتِكَ؟ صِفْهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ إِنَّهُ الْقَوِيُّ الْمَتِينُ الْغَنِيُّ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَجَمِيعِ الذَّوَاتِ2 وَعَلَى كُلِّ الْحَالَاتِ3 وَهُوَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمُتَعَالِي عَمَّا نَسَبْتَهُ إِلَيْهِ، قَاتَلَكَ اللَّهُ مَا أَكْفَرَكَ4 وَلَقَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ بِكُفْرِكَ قَدِيمًا، وَحُكِيَ لِي بَعْضُهُ عَنْكَ وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّكَ5 تَعْتَقِدُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ كُلَّ مَا رَوَى عَنْكَ الْمُعَارِضُ قُلْنَا6 وَمَا إخَاله يعقل معَان كَلَامِكَ، وَمَا يُؤَدِّيكَ إِلَى صَرِيحِ الْكُفْرِ فَإِنْ هُوَ عَقِلَهُ وَأعْتَقَدَهُ فَهُوَ مِثْلُكَ، إِذْ يَعْتَقِدُهُ7 ثُمَّ يَبُثُّهُ وَيَنْشُرُهُ لِلْعَوَامِّ، إِذْ لَمْ تَكُنْ أَنْتَ تَجْتَرِئُ8 أَنْ تَنْشُرَهُ فِي بَلَدِكَ لِلْأَنَامِ إِلَّا مُنَاجَاةً بَيْنك وَبَين جهلة طغام9.

_ 1 فِي ط، ش "الْعَجز". 2 قَوْله: "وجيمع الذوات" لم يظْهر لي مَعْنَاهَا فِي هَذَا السِّيَاق، وَلَيْسَت فِي ط، ش. 3 فِي ط، ش "وعَلى كل حَال" وَفِي س "وعَلى كل حَالَة". 4 فِي ط، س، ش "مَا أكفرك بِهِ". 5 فِي ط، س، ش "وَمَا كنت أَظن". 6 لَفْظَة "قُلْنَا" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي س "إِذْ تعتقده". 8 فِي س، ط، ش "إِذْ لم تكن تجترئ أَنْت". 9 الطغام من النَّاس: أراذلهم وأوغادهم، قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب إعداد ووتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلى 2/ 596 مَادَّة "طغم": "الطغام أزدال الطير وَالسِّبَاع، الْوَاحِدَة طغامة للذّكر الْأُنْثَى مثل نعَامَة ونعام وَلَا ينْطق مِنْهُ بِفعل وَلَا يعرف لَهُ اشتقاق، وهما أَيْضا أرذال النَّاس وأوغادهم، أنْشد أَبُو الْعَبَّاس: إِذا كَانَ اللبيب كَذَا جهولًا ... فَمَا فضل اللبيب على الطغام بِتَصَرُّف.

وَأَمَّا مَا ادَّعَيْتَ أَنَّهُ لَمْ يَجِئْ خَبَرٌ عَنِ النَّبِيِّ1 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ. فَسَنَرْوِي لَكَ فِيهِ مَا قَدْ غَضِبْتَ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ2. حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ3، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ4، عَنِ الْأَعْمَشِ5، عَنْ تَمِيمِ بن سَلمَة6، عَن عُرْوَة7.........................

_ 1 فِي س، ط، ش "عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 2 فِي ط، س، ش زِيَادَة "تَعَالَى". 3 عُثْمَان بن أبي شية، تقدم ص"188". 4 جرير هُوَ ابْن عبد الحميد بن قرط، تقدم ص"189"، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 2/ 75: أَنه روى عَن الْأَعْمَش، وَمِمَّنْ روى عَنهُ ابْنا أبي شيبَة. 5 الْأَعْمَش سُلَيْمَان بن مهْرَان، تقدم ص"157". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 113: تَمِيم بن سَلمَة السّلمِيّ الْكُوفِي، ثِقَة، من الثَّالِثَة مَاتَ سنة مائَة، م د س ق، قَالَ فِي الكاشف 1/ 128 روى عَن عُرْوَة وَجَمَاعَة وَعنهُ مَنْصُور وَالْأَعْمَش. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 19: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام بن خويلد الْأَسدي أَبُو عبد الله الْمدنِي ثِقَة، فَقِيه مَشْهُور، من الثَّانِيَة، مَاتَ سنة94 على الصَّحِيح، ومولده فِي أَوَائِل خلَافَة عمر الْفَارُوق، ع وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 7/ 181: أَنه روى عَن عَائِشَة، وَمِمَّنْ روى عَن تَمِيم بن سَلمَة السّلمِيّ.

قَالَ: قَالَتْ: عَائِشَةُ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ كُلَّهَا، إِنَّ خَوْلَةَ2 جَاءَتْ تَشْتَكِي زَوْجَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَخْفَى عَلَيَّ أَحْيَانًا بَعْضُ مَا تَقُولُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ} 3

_ 1 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 596: خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة بن أَصْرَم الْأَنْصَارِيَّة الخزرجية صحابية، هِيَ الَّتِي ظَاهر مِنْهَا زَوجهَا، فَنزلت سُورَة {قَدْ سَمِعَ اللهُ} ، وَيُقَال لَهَا: خُوَيْلَة، بِالتَّصْغِيرِ وَزوجهَا هُوَ أَوْس بن الصَّامِت، د. 3 الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ تَعْلِيقا فِي كتاب التَّوْحِيد، بَاب: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} 13/ 372 قَالَ: قَالَ الْأَعْمَش: عَن تَمِيم عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّنَن بشرح السُّيُوطِيّ، وحاشية السندي، كتاب الطَّلَاق، بَاب الظِّهَار 6/ 168 قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَالَ: أَنبأَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بن سَلمَة، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَات لقد جَاءَت خَوْلَة إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم تَشْكُو زَوجهَا، فَكَانَ يخفى عَليّ كَلَامهَا، فَأنْزل الله عز وَجل {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ... } الْآيَة. وَأخرجه أَيْضا ابْن مَاجَه وَأحمد وَالْحَاكِم، وَصَححهُ هُوَ والذهبي وَابْن جرير =

وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 أَنَّ جَرِيرَ بْنَ حَازِمٍ2 حَدَّثَهُمْ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ الْمُزَنِيَّ3 قَالَ: لَقِيَتِ امْرَأَةٌ عُمَرَ4 يُقَالُ لَهَا خَوْلَة5 بنت ثَعْلَبَة

_ = وَالْبَيْهَقِيّ، كلهم من طَرِيق الْأَعْمَشِ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، عَن عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنَحْوِهِ، انْظُر: سنَن ابْن مَاجَه بتحقيق مُحَمَّد فؤاد، الْمُقدمَة، بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية حَدِيث 188، 1/ 67، وَكتاب الطَّلَاق، بَاب الظِّهَار، حَدِيث 20، 63، 1/ 666 وَانْظُر: الْمسند بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 6/ 46، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص، كتاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة المجادلة 2/ 481، وَابْن جرير الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 28/ 5، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الِاعْتِقَاد، تَحْقِيق أَحْمد عِصَام الْكَاتِب ص"28" وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة "مخطوط" لوحة. 32، وَأوردهُ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 4/ 318. 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 127: جرير بن حَازِم بن زيد بن عبد الله الْأَزْدِيّ، أَبُو النَّضر، الْبَصْرِيّ، وَالِد وهب، ثِقَة لَكِن فِي حَدِيثه عَن قَتَادَة ضعف وَله أَوْهَام إِذا حدث من حفظه، وَهُوَ من السَّادِسَة، مَاتَ سنة سبعين بَعْدَمَا اخْتَلَط، وَلَكِن لم يحدث فِي حَال اخْتِلَاطه، ع. 3 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَالرَّاجِح أَنه أَبُو يزِيد الْمدنِي، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 490: أَبُو يزِيد الْمدنِي، نزيل الْبَصْرَة مَقْبُول، من الرَّابِعَة، خَ س. وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 12/ 280: أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَعنهُ جرير بن حَازِم. 4 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"277". 5 خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة، تقدّمت ترجمتها ص"315".

فَقَالَ عُمَرُ: هَذِهِ امْرَأَةٌ سَمِعَ اللَّهُ شَكْوَاهَا مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ1. حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ2، ثَنَا أبوعبد الرَّحْمَن المقرى3، ثَنَا حَرْمَلَة بن

_ 1 أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب قَول اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} وَقَول: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} ص"420" قَالَ: أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، أَنا جرير بن حَازِم، عَن أبي يزِيد الْمَدِينِيّ -كَذَا- قَالَ: "إِن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ مر فِي نَاس من أَصْحَابه فَلَقِيته عَجُوز فاستوقفته فَوقف عَلَيْهَا فَوضع يَده على منكبيها، حَتَّى قَضَت حَاجَتهَا، فَلَمَّا فرغت قَالَ رجل: حبست رجالات قُرَيْش على هَذِه الْعَجُوز، قَالَ: وَيحك، تَدْرِي من هَذِه؟ هَذِه عَجُوز سمع الله عز وَجل شكواها من فَوق سبعه سموات، وَالله، لَو استوقفتني إِلَى اللَّيْل لوقفت عَلَيْهَا إِلَّا آتِي الصَّلَاة، ثمَّ أَعُود حَتَّى تقضي حَاجَتهَا". وَذكره الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ ص"44" وَقَالَ: هَذَا إِسْنَاد صَالح فِيهِ انْقِطَاع، أَبُو يزِيد لم يلْحق عمر. وَذكره ابْن أبي الْعِزّ الْحَنَفِيّ فِي شرح الطحاوية، بتخريج الألباني ص"318" وَقَالَ: أخرجه الدَّارمِيّ، وَقَالَ عَنهُ الألباني: ضَعِيف. أخرجه أَبُو سعيد الدَّارمِيّ فِي "الرَّد على الْجَهْمِية" ص"26" طبع الْمكتب الإسلامي، من طَرِيق أبي يزِيد الْمدنِي عَن عمر بِهِ. 2 قَالَ: فِي التَّقْرِيب 1/ 314: سُلَيْمَان بن دَاوُد الْعَتكِي، أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي الْبَصْرِيّ، نزيل بَغْدَاد، ثِقَة، لم يتَكَلَّم فِيهِ أحد بِحجَّة، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 34/ خَ م د س. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 462: عبد الله بن يزِيد المَخْزُومِي، الْمدنِي، الْمُقْرِئ الْأَعْوَر، مولى الْأسود بن سُفْيَان، من شُيُوخ مَالك، ثِقَة، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 48/ ع.

عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ1 قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ2 مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ3، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} 4 فَوضع أُصْبُعه الدعا5 على عَيْنَيْهِ وإبهامه على

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 158: "حَرْمَلَة بن عمرَان بن قراد التجِيبِي: بِضَم الْمُثَنَّاة وَكسر الْجِيم بعْدهَا يَاء سَاكِنة ثمَّ مُوَحدَة، أَبُو حَفْص الْمصْرِيّ، يعرف بالحاجب، ثِقَة، من السَّابِعَة هُوَ جد الَّذِي بعده "يَعْنِي: حَرْمَلَة بن يحيى بن حَرْمَلَة بن عمرَان" مَاتَ سنة 60 وَله 80 سنة، بخ م د س ق، وَفِي اللّبَاب لِابْنِ الْأَثِير 1/ 207 أَن التجِيبِي بِضَم التَّاء الْمُعْجَمَة نِسْبَة إِلَى تجيب وَهُوَ اسْم عدي وَسعد ابْني أَشْرَس بن شيب بن السّكُون وَإِلَى محلّة بِمصْر فَمن الْقَبِيلَة حَرْمَلَة بن عَمْرو" انْتهى بِتَصَرُّف. وَفِي الكاشف للذهبي 1/ 213 أَنه روى عَن أبي يُونُس مولى أبي هُرَيْرَة وَعنهُ ابْن وهب الْمقري. 2 فِي ط، س، ش "سُلَيْمَان بن جُبَير" وَصَوَابه "سليم" كَمَا فِي الأَصْل. قَالَ فِي الْقَرِيب 1/ 320: سليم بن جُبَير الدوسي، أَبُو يُونُس الْمصْرِيّ، ثِقَة من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 23: بخ م د ت، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/ 16 أَنه مولى أبي هُرَيْرَة، روى عَنهُ وَعَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ. 3 تقدم ص"179". 4 فِي الأَصْل ط، س، ش "أَنه كَانَ سميعًا بَصيرًا" وصواب الْآيَة مَا أَثْبَتْنَاهُ انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "58". 5 فِي س "الْوُسْطَى".

أُذُنَيْهِ1.

_ 1 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب السّنة، بَاب فِي الْجَهْمِية، حَدِيث 4728، 5/ 95-97 قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن نصر، وَمُحَمّد بن يُونُس النَّسَائِيّ الْمَعْنى، قَالَا: حَدثنَا عبد الله بن يزِيد الْمُقْرِئ، حَدثنَا حَرْمَلَة -يَعْنِي ابْن عمرَان-، حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ سُلَيْمُ بْنُ جُبَير مولى أبي هُرَيْرَة وَقَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يقْرَأ هَذِه الْآيَة {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} إِلَى قَول: {سَمِيعاً بَصِيراً} - قَالَ: رَأَيْت رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يضع إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا على عينه، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَأَيْت رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يقْرؤهَا وَيَضَع أصبعيه. قَالَ أَبُو يُونُس: قَالَ الْمُقْرِئ: يَعْنِي "أَن الله سميع بَصِير" يَعْنِي أَن لَهُ سمعا وبصرًا قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا رد على الْجَهْمِية. قلت: وَذكر ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي 13/ 373 أَن سَنَد أبي دَاوُد سَنَد قوي على شَرط مُسلم. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب ماجاء فِي إِثْبَات صفة الْبَصَر والرؤية ص"179" بِسَنَدِهِ إِلَى أبي دَاوُد وَذكره ثمَّ قَالَ: "وَالْمرَاد بِالْإِشَارَةِ المروية فِي هَذَا الْخَبَر، تَحْقِيق الْوَصْف لله عز وَجل بِالسَّمْعِ وَالْبَصَر فأِشار إِلَى محلي السّمع وَالْبَصَر منا لإِثْبَات السّمع وَالْبَصَر لله تَعَالَى، كَمَا يُقَال: قبض فلَان على مَال فلَان، ويشار بِالْيَدِ على معنى أَنه حَاز مَاله، وَأفَاد هَذَا الْخَيْر أَنه سميع بَصِير، لَهُ سمع وبصر لَا على معنى أَنه عليم، إِذْ لَو كَانَ بِمَعْنى الْعلم لأشار فِي تَحْقِيقه إِلَى قلبه؛ لِأَنَّهُ مَحل الْعُلُوم منا، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَر إِثْبَات الْجَارِحَة تَعَالَى الله عَن شبه المخلوقين علوًّا كَبِيرا". قلت: وَلَفظ الْجَارِحَة لم يرد فِي الْكتاب وَالسّنة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا، ويطلقها أهل الْبدع فَيَقُولُونَ: الله منزه عَن الْجَوَارِح، ويقصدون نفي الصِّفَات من الْيَد والسمع وَالْبَصَر وَغَيرهَا.

حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ1، ثَنَا الْمُبَارك2، أبنا3 خَالِدٌ الْحَذَّاءُ4، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ5، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6 قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَجَعَلْنَا لَا نَصْعَدُ شُرُفًا7 وَلَا نَهْبِطُ فِي وَاد8 إِلَّا

_ 1 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 2 عبد الله بن الْمُبَارك تقدم ص"143". 3 فِي ط، ش "أخبرنَا" وهما بِمَعْنى وَاحِد: انْظُر تعليقنا ص"137". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 219: خَالِد بن مهْرَان أَبُو الْمنَازل: بِفَتْح الْمِيم، وَقيل بضَمهَا وَكسر الزَّاي، الْحذاء: بِفَتْح الْمُهْملَة وَتَشْديد الذَّال الْمُعْجَمَة، قيل لَهُ ذَلِك؛ لِأَنَّهُ كَانَ يجلس عِنْدهم، وَقيل: لِأَنَّهُ يَقُول: احذ على هَذَا النَّحْو، وَهُوَ ثِقَة يُرْسل، من الْخَامِسَة، وَقد أَشَارَ حَمَّاد بن زيد إِلَى أَن حفظه تغير لما قدم من الشَّام، وَعَابَ عَلَيْهِ بَعضهم دُخُوله عَن عمل السُّلْطَان، ع. 5 هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل تقدم ص"274". 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَأَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ تقدم ص"251". 7 فِي ط، ش زِيَادَة "أَو لَا نعلو شرفًا"، وَفِي س الزِّيَادَة بِلَفْظ "وَلَا نعلو شرفًا". 8 فِي الأَصْل "فِي وَادي".

رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ، فَدَنَا مِنَّا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا، إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا" 1. أَفَلَا تَرَى أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الْأَصَمَّ وَالسَّمِيعَ وَهُمَا مُتَضَادَّانِ2 فَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بِخِلَافِ الْأَصَمِّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن كثير3.....................................................................

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح، كتاب الْغَازِي، بَاب غَزْوَة خَيْبَر، حَدِيث 4205، 7/ 470 قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا عبد الْوَاحِد، عَن عَاصِم، عَن أبي عُثْمَان، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ: "لما غزا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر -أَو قَالَ: لما توجه رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم- أشرف النَّاس على وَاد فَرفعُوا أَصْوَاتهم بِالتَّكْبِيرِ: الله أكبر، الله أكبر. لَا إِلَه إِلَّا الله. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أربعوا على أَنفسكُم، إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبا، إِنَّكُم تدعون سميعًا بَصيرًا قَرِيبا وَهُوَ مَعكُمْ ... " الحَدِيث. وَأخرجه أَيْضا فِي كتاب الدَّعْوَات، بَاب الدُّعَاء إِذا علا عقبَة، حَدِيث6384، 11/ 187، وَفِي كتاب التَّوْحِيد، بَاب {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} ، حَدِيث 7386، 13/ 372، وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء، بَاب اسْتِحْبَاب خفض الصَّوْت بِالذكر، حَدِيث 44، 4/ 2076 عَن أبي مُوسَى بِنَحْوِ لفظ البُخَارِيّ. 2 فِي س "وهما متضادين"، وَالصَّوَاب وَمَا أَثْبَتْنَاهُ، إِذْ لَا مُوجب لنصبها. 3 مُحَمَّد بن كثير، تقدم ص"268".

أبنا1 سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ2، عَنِ الْأَعْمَشِ3، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عُمَيْرِ4، عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ7 قَالَ: إِنِّي لَمُسْتَتِرٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ إِذْ جَاءَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: ثَقَفِيٌّ وَخَتَنَاهُ8 قُرَشِيَّانِ كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ قَلِيل

_ 1 فِي ط، س، ش "أخبرنَا" وهما بِمَعْنى وَاحِد، وَانْظُر: تعلقنا ص"137". 2 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 3 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 50: عمَارَة بن عُمَيْر التَّيْمِيّ، كُوفِي ثِقَة، من الرَّابِعَة مَاتَ بعد الْمِائَة، وَقيل: قبلهَا بِسنتَيْنِ، ع، وَقَالَ فِي الكاشف 2/ 303: وَعنهُ الحكم وَالْأَعْمَش. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 338: وهب بن ربيعَة الْكُوفِي، مَقْبُول، من الثَّالِثَة، م ت. وَقَالَ فِي الكاشف 3/ 44: عَن ابْن مَسْعُود وَعنهُ عمَارَة بن عُمَيْر. 6 ابْن مَسْعُود، تقدم ص"190". 7 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، ش. 8 قَوْله: "وختناه" لَيست فِي ط، ش. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِق فِي غَرِيب الْأَثر، تَصْحِيح وَتَعْلِيق على البُخَارِيّ وَمُحَمّد أَبُو الْفضل ط. الأولي 1/ 329: "الختن أَبُو امْرَأَة الرجل، والختنة: أمهَا. قَالَ الْأَصْمَعِي: الْأخْتَان من قبل الْمَرْأَة والأحماء من قبل الرجل والصهر يجمعهما، وخاتن الرجل إِذا تزوج إِلَيْهِ. وَعَن النَّضر بن شُمَيْل: سميت الْمُصَاهَرَة مخاتنة لَا لتقاء الختانين". انْظُر أَيْضا: النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر لِابْنِ الْأَثِير تَحْقِيق مُحَمَّد الطناحي وطاهر الزاوي ط. الأولى 2/ 10.

فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَتَحَدَّثُوا الْحَدِيثَ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَى اللَّهَ يَسْمَعُ مَا قُلْنَاهُ1؟ فَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا رَفَعْنَا إِنَّهُ يَسْمَعُ2 إِذَا خَفَضْنَا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 3.

_ 1 فِي ط، س، ش "لما قُلْنَا". 2 فِي س "فَإِنَّهُ يسمع"، وَفِي ط، ش "فَإِنَّهُ لَا يسمع" قلت: وَفِي البُخَارِيّ "فَقَالَ أحدهم: أَتَرَوْنَ أَن الله يسمع مَا نقُول؟ قَالَ الآخر: يسمع إِن جهرنا، وَلَا يسمع إِن أخفينا، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جهرنا فَإِنَّهُ يسمع إِذا أخفينا. 3 سُورَة فصلت، آيَة "22، 23". والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح، كتاب التَّفْسِير، بَاب {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ، حَدِيث 4817، 8/ 562 قَالَ: حَدثنَا الْحميدِي، حَدثنَا سُفْيَان، حَدثنَا مَنْصُور، عَن مُجَاهِد، عَن أبي معمر، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: اجْتمع عِنْد الْبَيْت قرشيان وثقفي -أَو ثقفيان وقرشي- كَثِيرَة شَحم بطونهم قيلة قفه قُلُوبهم: فَقَالَ أحدهم: أَتَرَوْنَ أَن الله يسمع مَا نقُول؟ قَالَ الآخر: يسمع إِن جهرنا وَلَا يسمع إِن أخفينا، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جهرنا فَإِنَّهُ يسمع إِذا أخفينا، فَأنْزل الله عز وَجل {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} الْآيَة وَانْظُر أَيْضا: الْمصدر نَفسه، كتاب التَّفْسِير، بَاب {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} حَدِيث 4816، 8/ 561، وَكتاب التَّوْحِيد بَاب {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} ، حَدِيث 7521، 13/ 495. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب صِفَات الْمُنَافِقين، حَدِيث 45/ 2114 عَن ابْن مَسْعُود مثله.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ الْمِصْرِيَّ2، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ3، عَنْ دَرَّاجٍ4، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ5، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ6، وَعَنِ ابْنِ حُجَيْرَةَ الْأَكْبَر7، عَنْ أبي هُرَيْرَة8................................

_ 1 هُوَ عبد الله بن صَالح الْجُهَنِيّ، تقدم ص"171". وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 5/ 256: أَنه روى عَن يحيى بن أيواب وَغَيره. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 343: يحيى بن أَيُّوب الغافقي، بِمُعْجَمَة وَفَاء، وقاف، أَبُو الْعَبَّاس، الْمصْرِيّ، صَدُوق رُبمَا أَخطَأ، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 68/ ع. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 421: عبد الله بن سُلَيْمَان بن زرْعَة الْحِمْيَرِي، أَبُو حَمْزَة الْبَصْرِيّ، الطَّوِيل، صَدُوق يُخطئ، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 36/ د س، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 5/ 245: أَنه روى عَن دراج وَعنهُ يحيى بن أَيُّوب. 4 درّاج بتثقيل الرَّاء وَآخره جِيم، ابْن سمْعَان، أَبُو السَّمْح، بمهملتين، الأولى مَفْتُوحَة وَالْمِيم سَاكِنة، قيل اسْمه عبد الرَّحْمَن، ,ودرّاج لقب، السَّهْمِي مَوْلَاهُم، الْمصْرِيّ، الْقَاص، صَدُوق فِي حَدِيثه عَن أبي الْهَيْثَم، ضَعِيف، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 26/ بخ وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 2/ 235. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 329: سُلَيْمَان بن عَمْرو بن عبد أَو عبيد، اللَّيْثِيّ، أَبُو الْهَيْثَم الْمصْرِيّ ثِقَة من الرَّابِعَة، بخ وَالْأَرْبَعَة، ذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/ 213: أَنه روى عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة، وَمِمَّنْ روى عَنهُ دراج أَبُو السَّمْح. 6 أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، تقدم ص"205". 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 477: عبد الرَّحْمَن بن حجيرة: بِمُهْملَة وجيم، مُصَغرًا، الْبَصْرِيّ، القَاضِي وَهُوَ ابْن حجيرة الْأَكْبَر، ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 83 وَقيل: بعْدهَا/ م وَالْأَرْبَعَة. 8 أَبُو هُرَيْرَة، تقدم ص"179".

أَو أَحدهمَا1، عَن رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِذْ كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ أَلْقَى اللَّهُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِيَ اسْتَجَارَنِي مِنْ حَرِّكِ فَإِنِّي أُشْهِدُكِ فَقَدْ أَجَرْتُهُ مِنْكِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ أَلْقَى اللَّهُ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ بَرْدَ هَذَا الْيَوْمِ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِيَ اسْتَجَارَنِي مِنْ زَمْهَرِيرِكِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ، قَالُوا: وَمَا زَمْهَرِيرُ جَهَنَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَيْتٌ يُلْقَى فِيهِ الْكُفَّارُ يَتَمَيَّزُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهِ بَعْضُهُ مِنْ بعض" 2.

_ 1 فِي ط، س، ش "وَأَحَدهمَا" قلت: وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد ابْن رَجَب فِي التخويف من النَّار، وَعند الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات بقوله: "إِن أَحدهمَا حَدثهُ عَن رَسُول الله" انْظُر: تَخْرِيج الحَدِيث. 2 أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا جَاءَ فِي إِثْبَات صفة السّمع، ص"177-187" من طَرِيق سُلَيْمَان عَن دراج أَنه قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَو عَن أبي حُجَيْرَةَ الْأَكْبَر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ أَحدهمَا حَدثهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ ... " وَذكره بِنَحْوِهِ. وَأوردهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِقَاد، تَحْقِيق أَحْمد عِصَام الْكَاتِب، بَاب ذكر آيَات وأخبار وَردت فِي صِفَات زائدات على الذَّات وقائمات بِهِ، ص"28". وَذكره ابْن رَجَب فِي التخويف من النَّار، قدم لَهُ وعلق عَلَيْهِ د. مُحَمَّد جميل غَازِي، ط. الأولى ص"43" قَالَ: وروى أَبُو صَالح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يحيى بن أَيُّوب بِسَنَد الدَّارمِيّ، عَن أبي الْهَيْثَم، عَن أبي سعيد أوعن أبي حُجَيْرَةَ الْأَكْبَر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَو أَحدهمَا حَدثهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَار ... " وَذكره بِنَحْوِهِ. وَذكره السخاوى فِي الْمَقَاصِد الْحَسَنَة حَدِيث 1283 ص"458-459"، وَقَالَ: "سَنَده ضَعِيف" وَذكره ابْن الديبغ فِي تَمْيِيز الطّيب من الْخَبيث ط. الأولى ص232-233 وَقَالَ: سَنَده ضَعِيف. وَذكره العجلوني فِي كشف الخفاء 2/ 347-348، وَقَالَ: "رَوَاهُ ابْن السّني وَأَبُو نعيم فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَلَهُمَا بِسَنَد ضَعِيف، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة رَفَعَاهُ بِلَفْظ: "إِذا كَانَ يَوْم حاء ... " وَذكره. وَانْظُر: مُخْتَصر الْمَقَاصِد للزرقاني، تَحْقِيق مُحَمَّد الصّباغ ص"213".

قُلْتُ لِأَبِي الْيَمَانِ1: أَخْبَرَكَ شُعَيْبٌ2، عَنِ الزُّهْرِيِّ3؟ قَالَ: قَالَ سَالِمٌ4: قَالَ..................................

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 193: الحكم بن نَافِع البهراني: بِفَتْح الْمُوَحدَة، أَبُو الْيَمَان الْحِمصِي، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة ثَبت، يُقَال بِأَن أَكثر حَدِيثه عَن شُعَيْب مناولة، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 22/ ع. ذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 2/ 441 أَنه روى عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَغَيره. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 352: شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْأمَوِي، مَوْلَاهُم، وَاسم أَبِيه دِينَار، أَبُو بشر الْحِمصِي، ثِقَة عَابِد، قَالَ ابْن معِين: من أثبت النَّاس فِي الزُّهْرِيّ، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 62 أَو بعْدهَا/ ع. ذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/ 351 أَنه روى عَن الزُّهْرِيّ وَعنهُ أَبُو الْيَمَان. 3 الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 280: سَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب الْقرشِي الْعَدوي، أَبُو عمر، أوبو عبد الله الْمدنِي، أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة، وَكَانَ ثبتًا عابدًا فَاضلا، كَانَ يشبه بِأَبِيهِ فِي الْهَدْي والسمت، من كبار الثَّالِثَة، مَاتَ فِي آخر سنة سِتّ على الصَّحِيح/ ع.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ1 رَضِيَ اللَّهُ2 عَنْهُمَا: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاس، فَأثْنى على اله بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ3: "إِنِّي سَأَقُولُ لَكُمْ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تَعْلَمُنَّ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ" 4 فَأَخْبَرَنِي أَبُو الْيَمَانِ5 أَنَّ شُعَيْبًا6 أَخْبَرَهُ بِهِ. فَفِي تَأْوِيل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ" بَيَانٌ أَنَّهُ بَصِيرٌ ذُو عَيْنَيْنِ خلاف الْأَعْوَر.

_ 1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"245". 2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، ش "ثمَّ قَالَ". 4 صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْفِتَن وأشراط الشاعة بَاب ذكر ابْن صياد، حَدِيث 95، 4/ 2244-2245، وَفِي بعض أَلْفَاظه: "قَالَ سَالِمٌ: قَال عَبْدُ اللَّهِ بن عمر: فَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذكر الدَّجَّال فَقَالَ: "إِنِّي لأنذركموه. مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أنذر قومه. لقد أنذره نوح قومه. وَلَكِن أَقُول لكم فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِهِ: تعلمُوا أَنه أَعور، وَأَن الله تبَارك وَتَعَالَى لَيْسَ بأعور" قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه لهَذَا الحَدِيث 16/ 55: "اتّفق الروَاة على ضبط تعملوا بِفَتْح الْعين وَاللَّام الْمُشَدّدَة وَكَذَا نَقله القَاضِي وَغَيره عَنْهُم قَالُوا: وَمَعْنَاهُ اعلموا وتحققوا". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، كتاب الْفِتَن، بَاب مَا جَاءَ فِي الدَّجَّال، حَدِيث 2336، 6/ 492 من طَرِيق آخر عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب، وَفِي أَثْنَائِهِ زِيَادَة: "فَقَالَ: "إِنِّي لأنذركموه. مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أنذر قومه". 5 تقدم ص"326". 6 شُعَيْب، تقدم ص"326".

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، ثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ2، عَنْ نَافِعٍ3، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ4 أَنَّ الدَّجَّالَ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ5 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ6: "أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عينه عنبة طافية" 7.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 فِي س "جويرة" وَفِي ط، ش: "جَارِيَة"وَصَوَابه "جوَيْرِية"، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 136: جوَيْرِية: تَصْغِير جَارِيَة، ابْن أَسمَاء بن عبيد، الضبعِي بِضَم الْمُعْجَمَة وَفتح الْمُوَحدَة، الْبَصْرِيّ، صَدُوق من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 73/ خَ م د س ق. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 190 أَنه روى عَن نَافِع وَالزهْرِيّ. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 296: نَافِع، أَبُو عبد الله الْمدنِي، مولى ابْن عمر، ثِقَة ثَبت فَقِيه، مَشْهُور، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 17 أَو بعد ذَلِك/ ع. وَذكر فِي الكاشف 3/ 197، أَنه روى عَن مَوْلَاهُ ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة وَعنهُ أَيُّوب، وَمَالك وَاللَّيْث. 4 عبد الله بن عمر، تقدم ص"245". 5 فِي س "قَالَ". 6 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش. 7 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَول الله تَعَالَى {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} ، وَقَوله جلّ ذكره {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} حَدِيث 7407، 13/ 389. من هَذَا الطَّرِيق بِلَفْظ: ذكر الدَّجَّال عِنْد النَّبِي صلى الله عيله وَسلم فَقَالَ: "إِن الله لَا يخفى عَلَيْكُم، إِن الله لَيْسَ بأعور -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عينه- وَإِن الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَن عينه عنبة طافية". =

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ1، ثَنَا شُعْبَةُ2، عَنْ سِمَاكٍ3، عَنْ عِكْرِمَةَ4، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا6 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: "أَعور

_ = وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح فِي شَرحه لهَذَا الحَدِيث 13/ 389: "وَقد أخرجه عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد على بشر المريسي عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل مثله". انْتهى. وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة، بَاب الدَّجَّال وَصفه مَا مَعَه، حَدِيث100، 4/ 2247 عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعا وَفِيه: "إِن الله تَعَالَى لَيْسَ بأعور، أَلا وَإِن الْمَسِيح الدَّجَّال أَعور الْعين الْيُمْنَى كَأَن عينه عنبة طافئة". 1 فِي ط، س، ش "مُسلم بن الْهَيْثَم" وَالرَّاجِح أَنه مُسلم بن إِبْرَاهِيم كَمَا فِي الأَصْل، وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"250"، وَذكر الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"374" أَنه ورى عَن شُعْبَة وَخلق. 2 شُعْبَة بن الْحجَّاج، تقدم ص"250". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 3321: سماك: بِكَسْر أَوله وَتَخْفِيف الْمِيم، ابْن حَرْب بن أَوْس بن خَالِد الذهلي الْبكْرِيّ الْكُوفِي، أَبُو الْمُغيرَة، صَدُوق، وَرِوَايَته عَن عِكْرِمَة خَاصَّة مضطربة، وَقد تغير بِآخِرهِ، فَكَانَ رُبمَا يلقن، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 23/ خت م وَالْأَرْبَعَة. 4 عِكْرِمَة بن عبد الله مولى ابْن عَبَّاس، تقدم ص"286". 5 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تقدم ص"172". 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش.

جَعْدٌ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ" 1. حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد2، أبنا شريك3...........................................................

_ 1 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب الْمَلَاحِم، بَاب خُرُوج الدَّجَّال، حَدِيث 4320 عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "إِنِّي حدثتكم، عَن الدَّجَّال حَتَّى خشيت أَن لَا تعقلوا إِن مسيح الدَّجَّال رجل قصير أفحج جعد أَعور مطموس الْعين لَيْسَ بناتئة وَلَا حجراء فَإِن ألبس عَلَيْكُم فاعلموا أَن ربكُم لَيْسَ بأعور". وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند، عَن عبارَة بِمثل حَدِيث أبي دَاوُد، انْظُر: الْفَتْح الرباني 24/ 79 وَفِي الْمسند أَيْضا عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة الْأَزْدِيّ قَالَ: ذهبت أَنا وَرجل من الْأَنْصَار إِلَى رجل مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا: حَدثنَا مَا سَمِعت مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يذكر فِي الدَّجَّال.... فَذكره مَرْفُوعا وَفِيه: "وَإنَّهُ جعد آدم مَمْسُوح الْعين الْيُسْرَى مَعَه جنَّة وناء ... " إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: "وَمَا يشبه عَلَيْكُم فَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور". انطر: الْفَتْح الرباني 24/ 76، والمسند بهامشه الْمُنْتَخب 5/ 434-435، وَذكره الهيثمي فِي الْمجمع 7/ 343 وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 33: عَليّ بن الْجَعْد بن عبيد الْجَوْهَرِي الْبَغْدَادِيّ، ثِقَة، ثَبت، رمي بالتشيع، من صغَار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 30/ خَ د. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للموي 2/ 957 أَنه روى عَن شريك بن عبد الله. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 351: شريك بن عبد الله النَّخعِيّ الْكُوفِي، القَاضِي بواسط، ثمَّ الْكُوفَة، أبوعبد الله، صَدُوق، يُخطئ كثيرا، تغير حفظه مُنْذُ ولي الْقَضَاء بِالْكُوفَةِ وَكَانَ عادلًا عابدًا، شَدِيد على أهل الْبدع، من الثَّامِنَة مَاتَ سنة سبع أَو ثَمَان وَسبعين، خت م وَالْأَرْبَعَة. وَفِي التَّهْذِيب الْكَمَال 2/ 580 أَنه روى عَن عَطاء بن السَّائِب وَعنهُ عَليّ بن الْجَعْد الْجَوْهَرِي.

عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ1، عَنْ أَبِي الضُّحَى2، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ3 فِي قَول الله {آلمر} 4 قَالَ: "أَنا الله أرى"5.

_ 1 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 245: مُسلم بن صبيح، بِالتَّصْغِيرِ، الْهَمدَانِي أَبُو الضُّحَى، الْكُوفِي، الْعَطَّار، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة فَاضل، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة مائَة/ ع. وَقَالَ فِي الكاشف 3/ 141: عَن عَبَّاس وعلقمة وَعنهُ مَنْصُور وَالْأَعْمَش. 3 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تقدم ص"172". 4 سُورَة الرَّعْد، آيَة "1". 5 سبق وَأَن أَشرت إِجْمَالا إِلَى مَا رَود فِي مَعَاني الْحُرُوف الْمُقطعَة، انْظُر ص: "172"، وَهَذَا الْأَثر الَّذِي ورد هُنَا أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير الغرائب 13/ 61 تَفْسِير سُورَة الرَّعْد، من طَرِيق أَحْمد بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ: حَدثنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَوْله {آلمر} قَالَ: "إِنَّا الله أرى". وَأوردهُ السُّيُوطِيّ أَيْضا فِي سُورَة المنثور بهامشه تنوير المقباس 3/ 43 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِلَفْظِهِ، وَعَزاهُ إِلَى ابْن جرير وَأبي الشَّيْخ.

حَدَّثَنَا الزَّهْرَانِيُّ أَبُو الرَّبِيعِ1، ثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ2، عَنْ سَعِيدٍ -وَهُوَ الْمَقْبُرِيُّ3- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ: رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ حَذَّرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ، حَتَّى نُوحٍ. وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْهُ بِشَيْءٍ مَا أَخْبَرَ بِهِ نَبِيٌّ كَانَ قَبْلِي: إِنَّه كَانَ أَعور 5 وَإِن اللَّهَ لَيْسَ كَذَلِكَ 6 مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ. يَقْرَأُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ" 7.

_ 1 أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي، تقدم ص"317". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 298: تجيح بن عبد الرَّحْمَن السندي، بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون، الْمدنِي أَبُو معشر وَهُوَ مولى بني هَاشم، مَشْهُور بكنيته ضَعِيف، من السَّادِسَة، أسن وَاخْتَلَطَ، مَاتَ سنة 70، وَيُقَال: كَانَ اسْمه عبد الرَّحْمَن بن الْوَلِيد بن هِلَال/ الْأَرْبَعَة. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 297: سعيد بن أبي سعيد كيسَان، المَقْبُري، أَبُو سعيد الْمدنِي، ثِقَة، من الثَّالِثَة، تغير قبل مَوته بِأَرْبَع سِنِين، وَرِوَايَته عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة مُرْسلَة، مَاتَ فِي حُدُود الْعشْرين، وَقيل: قبلهَا، وَقيل بعْدهَا/ ع. 4 أَبُو هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ، تقدم ص"179". 5 فِي ط، س، ش "إِنَّه أَعور". 6 فِي ط، س، ش "وَإِن الله لَيْسَ بأعور، كَذَلِكَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يقرأه كل مُؤمن". 7 فِي ط، س، ش، تقدم حَدِيث أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي على الَّذِي قبله، وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب الْفِتَن، بَاب ذكر الدَّجَّال، حَدِيث 7131، 13/ 91- قَالَ: =

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ1 -فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ2- عَنْ نَافِعٍ3 وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ4 وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ5 كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ6 أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إزَاره خُيَلَاء" 7.

_ = حَدثنَا سُلَيْمَان بن حَرْب، حَدثنَا شُعْبَة عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "مَا بعث نَبِي إِلَّا أنذر أمته الْأَعْوَر الْكذَّاب أَلا إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأعور، وَإِن بَين عَيْنِيَّة مَكْتُوب: كَافِر". انْظُر: الْمرجع نَفسه حَدِيث 7408، 13/ 389. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة، بَاب ذكر صفة الدَّجَّال وَذكر مَا مَعَه، حَدِيث 2933، 4/ 2248 بِلَفْظ: "مَا من نَبِي" وَآخره: "ومكتوب بَين عَيْنَيْهِ ك. ف. ر". 1 القعْنبِي، تقدم ص"210". 2 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 3 نَافِع مولى ابْن عمر، تقدم ص"328". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 413: عبد الله بن دِينَار، الْعَدوي مَوْلَاهُم، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمدنِي، مولى ابْن عمر، ثِقَة، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 27/ ع. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 272: زيج بن أسلم الْعَدوي، مولى عمر، أبوعبد الله أَو أَبُو أُسَامَة، الْمدنِي، ثِقَة، عَالم، وَكَانَ يُرْسل، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 36/ ع. 6 عبد الله بن عمر، تقدم ص"245". 7 انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب اللبَاس، بَاب: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} ، حَدِيث 5783، 10/ 255 من طَرِيق إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنِي مَالك بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "لَا ينظر الله إِلَى من جر ثَوْبه خُيَلَاء". وَانْظُر: صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب اللبَاس، بَاب تَحْرِيم جر الثَّوْب خُيَلَاء، حَدِيث 2085، 3/ 1651 قَالَ: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك، بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ البُخَارِيّ.

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ1 فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ -عَنْ مَالِكٍ2، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ3، عَنِ الْأَعْرَجِ4، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "جَرَّ، إِزَارَهُ بطرًا" 6.

_ 1 القعْنبِي، تقدم ص"210". 2 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 3 أَبُو الزِّنَاد، تقدم ص"179". 4 تقدم ص"179". 5 أَبُو هُرَيْرَة، تقدم ص"179". 6 انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب اللبَاس، بَاب من جر ثَوْبه من الْخُيَلَاء، حَدِيث 5788، 10/ 257 من طَرِيق عبد الله بن يُونُس أخبرنَا مَالك بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب اللبَاس والزينة، حَدِيث 48، 3/ 1653 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله لَا ينظر إِلَى من يجر إزَاره بطرًا".

حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ1، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ2، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ3، عَنْ أَبِيهِ4، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مثله7.

_ 1 القعْنبِي، تقدم ص"210". 2 مَالك بن أنس، تقدم ص"210" 3قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 92-93: الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب الحرقي بِضَم المهلمة، وَفتح الرَّاء بعْدهَا قَاف، أَبُو شبْل، بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُوَحدَة، الْمدنِي، صَدُوق رُبمَا وهم، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة بضع وَثَلَاثِينَ، زم وَالْأَرْبَعَة، وَفِي الكاشف 2/ 362 أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ مَالك. 4قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 503: عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب الْجُهَنِيّ، الْمدنِي، مولى الحرقة، بِضَم الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء بعْدهَا قَاف، ثِقَة، من الثَّالِثَة، زم وَالْأَرْبَعَة، وَذكر فِي الكاشف 2/ 192 أَنه روى عَنهُ ابْنه الْعَلَاء. 5 أبي سعيد الْخُدْرِيّ، تقدم ص"205". 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 7 أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ، تَصْحِيح وترقيم مُحَمَّد فؤاد، كتاب اللبَاس، بَاب مَا جَاءَ فِي إسبال الرجل ثَوْبه، حَدِيث 12، 2/ 914-915 عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَن أَبِيه أَنه قَالَ: سَأَلت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ عَن الْإِزَار فَقَالَ: أَنا أخْبرك بِعَمَل: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "إزرة الْمُؤمن إِلَى أَنْصَاف سَاقيه ... " وَذكره إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى من جر إزَاره بطرًا". وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب اللبَاس، بَاب فِي قدر مَوضِع الْإِزَار، حَدِيث 4093، 4/ 353 عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مثله. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه، تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد، كتاب اللبَاس، بَاب الْإِزَار أَيْن هُوَ، حَدِيث 3573، 2/ 1183 عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ مثله.

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ1، ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ أَبُو الْجَلِيلِ2 قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَةَ الْهَجِيمِيَّ3 يُحِدِّثُ عَنْ أبي جري4 قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 335: سهل بن بكار بن بشر الدَّارمِيّ، الْبَصْرِيّ، أَبُو بشر، المكفوف، ثِقَة، رُبمَا وهم، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة سبع أَو ثَمَان وَعشْرين، خَ د س. 2 فِي س "أَبُو الْخَلِيل" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَفِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ بِالْجِيم وَبِهِمَا وَردت، كنيته. قَالَ الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال، الطبعة الأولي 2/ 618: عبد السَّلَام بن عجلَان، كناه مُسلم أَبَا الْخَلِيل، وكناه غَيره أَبَا الْجَلِيل بِالْجِيم، حدث عَنهُ بدل فِي المحبر وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه، وَتوقف غَيره فِي الِاحْتِجَاج بِهِ. 3 فِي ط، ش "سَمِعت الهُجَيْمِي أَبَا تَمِيمَة"، وَفِي س "سَمِعت الهُجَيْمِي" الهُجَيْمِي، الْبَصْرِيّ، مَجْهُول من السَّادِسَة، د س. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 7/ 86 أَنه روى عَن أبي جري، وَعنهُ عبد السَّلَام أَبُو الْخَلِيل. 4 فِي س "عَن أبي جَابر" وَصَوَابه أَبُو جري قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 405: أَبُو جري، بِالتَّصْغِيرِ، العجيمي، بِالتَّصْغِيرِ أَيْضا، اسْمه جَابر بن سليم بن جَابر، صَحَابِيّ مَعْرُوف، بخ د ت س، انْظُر: الاستعياب ذيل الْإِصَابَة 1/ 213، 2/ 72، وَأسد الغابة 2/ 227-229، 2/ 72، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 1/ 231، 1/ 72، تَهْذِيب التَّهْذِيب 12/ 54.

فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: "وَعَلَيْكَ" ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ 1 قَبْلَكُمْ لَبِسَ بُرْدَيْنِ لَهُ فَتَبَخْتَرَ فِيهِمَا فَنَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ فَمَقَتَهُ، فَأَمَرَ الْأَرْضَ فَأَخَذَتْهُ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ بَيْنَ الْأَرْضين، فاحذروا وقائع ال لَهُ2 ". فَهَاكَ خُذْهَا أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ قَدْ جِئْنَاكَ بِهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَأْثُورَةً صَحِيحَةً بَعْدَمَا ادَّعَيْتَ بِجَهْلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِيهِ أَثَرٌ عَنْ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ. وَمَا تَصْنَعُ فِيهِ بِأَثَرٍ بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "إِنَّهُ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا"3؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ: إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ إِلَّا لِمَنْ هُوَ مِنْ ذَوِي

_ 1 فِي ط، س، ش "كَانَ مِمَّن كَانَ قبلكُمْ". 2 رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن طَرِيق آخر، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشر حه فتح الْبَارِي، كتاب اللبَاس، بَاب من جر ثَوْبه من الْخُيَلَاء، حَدِيث 5790، 10/ 258 عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: "بَيْنَمَا رجل يمشي فِي حلَّة تعجبه نَفسه مرجل جمته إِذْ خسف الله بِهِ الأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة". وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب اللبَاس، والزينة، بَاب تَحْرِيم التَّبَخْتُر فِي الْمَشْي مَعَ إعجابه بثيابه، حَدِيث 2088، 3/ 1653، عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: "بَيْنَمَا رجل يمشي قد أَعْجَبته جمته وبرداه إِذْ خسف بِهِ الأَرْض فَهُوَ يتجلجل فِي الأَرْض حَتَّى تقوم السَّاعَة". وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ، وحاشية السندي، كتاب الزِّينَة التَّغْلِيظ فِي جر الْإِزَار 8/ 206 عَن ابْن عمر بِلَفْظ: "بَيْنَمَا رجل يجر إزَاره من الْخُيَلَاء خسف بِهِ فَهُوَ يتجلجل فِي الأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة". 3 لَيْسَ فِي الْقُرْآن آيَة بِهَذَا اللَّفْظ، وَلَعَلَّه أَرَادَ قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيرًا} النِّسَاء، آيَة "58"، أَو قَوْله {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً} النِّسَاء آيَة "134".

الْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ، وَقَدْ يُقَالُ فِي مَجَازِ الْكَلَامِ: الْجِبَالُ وَالْقُصُورُ تَتَرَاءَى وَتَسْمَعُ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا يُقَابِلُ1 بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَبْلُغُهَا الْأَصْوَاتُ وَلَا تفقه، وَلَا يُقَال: رجل سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَقَصْرٌ بَصِيرٌ؛ لِأَنَّ2 سَمِيعٌ مُسْتَحِيلٌ ذَلِكَ إِلَّا لِمَنْ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ، فَإِنْ أَنْكَرَ أَصْحَابُ الْمَرِيسِيِّ مَا قُلْنَا فَلْيُسَمُّوا شَيْئًا لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ أَجَازَتِ الْعَرَبُ أَنْ يَقُولُوا: هُوَ سيمع بَصِيرٌ فَإِنَّهُمْ لَا يَأْتُونَ بِشَيْءٍ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ ذَلِكَ3.

_ 1 فِي ط، س، ش "تقَابل" بِالتَّاءِ. 2 فِي س "لِأَنَّهُ"، ولايستقيم بِهِ الْمَعْنى. 3 لَفْظَة "لَهُ" لَيست فِي س، ولعلها سَقَطت سَهوا.

تأويل المريسي إتيان الله ومجيئه والرد عليه

تَأْوِيل المريسي إتْيَان الله ومجيئه وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وَادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّك} 1، وَفِي قَوْلِهِ: {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 2 فَادَّعَيْتَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْهُ بِإِتْيَانٍ لَمَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَرِكٍّ3 عنْدك،

_ 1 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "158". 2 فِي ط، س، ش {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} الْآيَة من سُورَة الْبَقَرَة آيَة "210". 3 تحدث ابْن تَيْمِية عَن لفظ الْحَرَكَة هَل يُوصف الله بِهِ أَو يجب نَفْيه؟ وَبَين أَقْوَال النَّاس فِي ذَلِك ثمَّ قَالَ: "وَذكر عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ إِثْبَات لفظ الْحَرَكَة فِي كتاب نقضه على بشر المريسي وَنَصره على أَنه قَول أهل السّنة والْحَدِيث، وَذكره =

وَلَكِنْ يَأْتِي يَوْمُ الْقِيَامَةِ1 بِزَعْمِكَ، وَقَوْلُهُ {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 2 وَلَا يَأْتِي هُوَ بِنَفْسِهِ3، ثُمَّ زَعَمْتَ أَنَّ مَعْنَاهُ كَمَعْنَى قَوْلِهِ:

_ = حَرْب إِسْمَاعِيل الْكرْمَانِي: لما ذكر مَذْهَب أهل السّنة والأثر عَن أهل السّنة والْحَدِيث قاطبة، وَذكر مِمَّن لَقِي مِنْهُم على ذَلِك: أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَعبد الله بن الزبير الْحميدِي، وَسَعِيد بن مَنْصُور، وَهُوَ قَول أبي عبد الله بن حَامِد وَغَيره. وَكثير من أهل الحَدِيث وَالسّنة يَقُول: الْمَعْنى صَحِيح، لَكِن لَا يُطلق هَذَا اللَّفْظ لعدم مَجِيء الْأَثر بِهِ، كَمَا ذكر ذَلِك أبوعمر بن عبد الْبر وَغَيره فِي كَلَامهم على حَدِيث النُّزُول". وَقَالَ أَيْضا: "وَالَّذِي يجب الْقطع بِهِ أَن الله لَيْسَ كمثله شَيْء فِي جَمِيع مَا يصف بِهِ نَفسه، فَمن وَصفه بِمثل صِفَات المخلوقين فِي شَيْء من الْأَشْيَاء فَهُوَ مُخطئ قطعا كمن قَالَ: إِنَّه ينزل فيتحرك وينتقل، كَمَا ينزل الْإِنْسَان من السَّطْح إِلَى أَسْفَل الدَّار، كَقَوْل من يَقُول: إِنَّه يَخْلُو من الْعَرْش فَيكون نُزُوله تفريغًا لمَكَان وشغلًا لآخر فَهَذَا بَاطِل يجب تَنْزِيه الرب عَنهُ، كَمَا تقدم "انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 5/ 565-578 وَقَالَ الْموصِلِي فِي مُخْتَصر الصَّوَاعِق الْمُرْسلَة 2/ 275: "وَأما الَّذين أَمْسكُوا عَن الْأَمريْنِ وَقَالُوا: لَا نقُول: يَتَحَرَّك، وينتقل وَلَا ننفي ذَلِك عَنهُ فهم أسعد بِالصَّوَابِ والاتباع، فَإِنَّهُم نطقوا بِمَا نطق بِهِ النَّص وسكتوا عَمَّا سكت عَنهُ" وَانْظُر: الْمَزِيد فِي: الاسْتقَامَة لِابْنِ تَيْمِية تَحْقِيق رشاد سَالم 2/ 70-78. 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "يَأْتِي بالقيامة بزعمك". 2 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210". 3 فِي ط، س، ش "يَأْتِي الله بأَمْره فِي ظلل من الْغَمَام وَلَا يَأْتِي هُوَ بِنَفسِهِ" ولعلها سَقَطت من الأَصْل.

{فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} 1 وَ {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} 2 يُقَالُ لِهَذَا الْمَرِيسِيُّ: قَاتَلَكَ اللَّهُ مَا أَجْرَأَكَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى كِتَابِهِ بِلَا عِلْمٍ وَلَا بَصَرٍ: أَنْبَأَكَ اللَّهُ أَنَّهُ إِتْيَانٌ، وَتَقُولُ لَيْسَ إيتيانًا3 إِنَّمَا هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} 4 لقد مَيَّزْتَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ، وَجَمَعْتَ بَيْنَ مَا مَيَّزَ اللَّهُ، وَلَا يجمع بَين هذَيْن التَّأْوِيلِ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْرُونٌ بِهِ5 فِي سِيَاقِ الْقِرَاءَةِ لَا يَجْهَلُهُ6 إِلَّا مِثْلُكَ. وَقَدِ اتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى7 فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِعُقُوبَةِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَمْ يَشُكُّوا أَنَّهُ يَنْزِلُ يَوْم الْقِيَامَة بَيْنَ عِبَادِهِ، وَيُحَاسِبَهُمْ وَيُثِيبَهُمْ، وَتَشَّقَقُ

_ 1 سُورَة النَّحْل، آيَة "26". 2 فِي الأَصْل، س "وأتاهم"، وَفِي ط، ش {فَأَتَاهُمُ} وَهُوَ الصَّوَاب، انْظُر: سُورَة الْحَشْر، آيَة "2". 3 فِي ط، ش "إتْيَان" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ. 4 تقدّمت قَرِيبا. 5 لَفْظَة "بِهِ" لَيست فِي ط، س، ش. 6 فِي ط، ش "بِمَا لَا يجهله إِلَّا مثلك". 7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

السَّمَوَاتُ يَوْمَئِذٍ لِنُزُولِهِ، وَتُنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ ثَمَانِيَةٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَلَمَّا لَمْ يَشُكَّ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِشَيْءٍ مِنْ، أُمُور الدُّنْيَا، علمُوا يَقِينا، مَا يَأْتِي النَّاسَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ إِنَّمَا هُوَ أَمْرُهُ وَعَذَابُهُ1 فَقَوْلُهُ: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} 2 يَعْنِي مَكْرَهُ مِنْ قِبَلِ قَوَاعِدِ بُنْيَانِهِمْ3 {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} 4 فَتَفْسِيرُ هَذَا الْإِتْيَانِ خُرُورُ السَّقْفِ مِنْ فَوْقِهِمْ. وَقَوْلُهُ {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} 5، مَكَرَ بِهِمْ فَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤمنِينَ وهم بَنو قُرَيْظَة6.

_ 1 فِي ط، س، ش "إِنَّمَا هُوَ من أمره وعذابه". 2 سُورَة النَّحْل آيَة "26". 3 فِي الأَصْل "من قبلت الْقَوَاعِد بنيانهم" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش، وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق. 4 سُورَة النَّحْل، آيَة "26". 5 سُورَة الْحَشْر آيَة "2". 6 الَّذِي ورد فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَات من سُورَة الْحَشْر أَنَّهَا نزلت فِي يهود بني النَّضِير، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة الْحَشْر، حَدِيث 488-، 8/ 629- قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن مدرك حَدثنَا يحيى بن حَمَّاد أخبرنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَن سعيد، قلت لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: سُورَة الْحَشْر قَالَ: قل: سُورَة بني النَّضِير. انْظُر أَيْضا: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفه الأحوذي، الطبعة الثَّانِيَة، أَبْوَاب التَّفْسِير. تَفْسِير سُورَة الْحَشْر 9/ 195. =

فَتَفْسِيرُ الْإِتْيَانِ1 مَقْرُونٌ بِهِمَا خُرُورُ السَّقْفِ وَالرُّعْبُ، وَتَفْسِيرُ إِتْيَانِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْصُوصٌ فِي الْكِتَابِ مُفَسَّرٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَتْ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ، وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ، وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، -إِلَى قَوْلِهِ: هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} 2 فَقَدْ فَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَعْنَيَيْنِ تَفْسِيرا

_ = وَذكر الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره، الطبعة الثَّانِيَة 28/ 19 قَالَ: "وَقَوْلُهُ: {فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} يَقُول تَعَالَى ذكره: فَأَتَاهُم أَمر اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا أَنه يَأْتِيهم، وَذَلِكَ الْأَمر الَّذِي أَتَاهُم اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا قذف فِي قُلُوبهم الرعب بنزول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بهم فِي أَصْحَابه يَقُول: جلّ ثَنَاؤُهُ: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدي الْمُؤْمِنِينَ} ، يَعْنِي جلّ ثَنَاؤُهُ بقوله: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ} بني النَّضِير من الْيَهُود، وَأَنَّهُمْ يخربون مساكنهم، وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا ينظرُونَ إِلَى الْخَشَبَة فِيمَا ذكر فِي مناولهم مِمَّا يستحسنونه أَو العمود أَو الْبَاب فينزعون ذَلِك مِنْهَا بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ، وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِك قَالَ أهل التَّأْوِيل". قلت: وَلَعَلَّ مَا ورد هُنَا من قَوْله" وهم بَنو قُرَيْظَة" وهم من النساخ، فَإِن قُرَيْظَة كَانَ قد حكم فيهم سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وَأَن تسبي ذَرَارِيهمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "قضيت بِحكم الله" وَرُبمَا قَالَ: "بِحكم الْملك" انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب الْمَغَازِي، بَاب مرجع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْأَحْزَاب ومخرجه إِلَى بني قُرَيْظَة، الحَدِيث 4121، 4122، 7/ 411. 1 فِي ط، ش "الإتيانين". 2 سُورَة الحاقة، من آيَة "13-29".

لَا لَبْسَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَبَهُ عَلَى ذِي عَقْلٍ، فَقَالَ فِيمَا يُصِيبُ1 بِهِ مِنَ الْعُقُوبَاتِ فِي الدُّنْيَا: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ} 2 فحين قَالَ: {أَتَاهَا أَمْرُنَا} عَلِمَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ أَمْرَهُ يَنْزِلُ مِنْ عِنْدِهِ مِنَ السَّمَاءِ، وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ، فَلَمَّا قَالَ: {فَإِذَا نُفِخَ 3 فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} الْآيَاتِ4 الَّتِي ذَكَرْنَا، وَقَالَ أَيْضًا {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً} 5 {يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ 6 وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} 7 وَ {دُكَّتْ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً، وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 5 عَلِمَ بِمَا قَصَّ اللَّهُ مِنَ الدَّلِيلِ، وَبِمَا حَدَّ لِنُزُولِ الْمَلَائِكَةِ يَوْمَئِذٍ أَنَّ هَذَا إِتْيَانُ اللَّهِ بِنَفْسِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَلِيَ مُحَاسَبَةَ حلقه بِنَفْسِهِ، لَا يَلِي ذَلِكَ9 أَحَدٌ غَيره، أَن مَعْنَاهُ مُخَالِفٌ لِمَعْنَى إِتْيَانِ الْقَوَاعِدِ، لاخْتِلَاف القضيتين

_ 1 فِي س "فِيمَا يصبهُ من الْعُقُوبَات". 2 سُورَة يُونُس، آيَة "24". 3 فِي الأَصْل "وَنفخ فِي الصُّور" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ انْظُر: سُورَة الحاقة آيَة "13". 4 فِي ط، س "الْآيَة الَّتِي ذكرنَا". 5 سُورَة الْفرْقَان، آيَة "25". 6 قَوْلَهُ: {يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} لم ترد فِي س. 7 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210". 8 سُورَة الْفجْر، آيَة "21-22". 9 لَفْظَة "ذَلِك" لَيست فِي ط، س، ش.

أَلَا تَرَى أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّهُ قَالَ1: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} 2 وَلَمْ3 يَذْكُرْ عِنْدَهَا نَفْخَ الصُّورِ، وَلَا تَشَقُّقَ السَّمَاءِ، وَلَا تَنَزُّلَ الْمَلَائِكَةِ وَلَا حَمْلَ الْعَرْشِ، وَلَا يَوْمَ الْعَرْضِ4 وَلَكِنْ قَالَ: {فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} 5 فِي دُنْيَاهُمْ {وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} 6 فَرَدَّ الْإِتْيَانَ إِلَى الْعَذَابِ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ مَا فَرَّقَ بِهِمَا مِنَ الدَّلَائِلِ وَالتَّفْسِيرِ. وَإِنَّمَا يَصْرِفُ كل معنى الْمَعْنَى الَّذِي يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ. وَيَحْتَمِلُهُ فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ، إِلَّا أَنْ7 يَجِدَ8 الشَّيْءَ الْيَسِيرَ فِي الْفَرْطِ يَجُوزُ فِي الْمَجَازِ بِأَقَلِّ الْمَعَانِي9 وَأَبْعَدِهَا عَنِ الْعُقُولِ، فَيَعْمِدُ إِلَى أَكثر مَعَاني الْأَشْيَاء

_ 1 فِي ط، س، ش "أَنه حِين قَالَ". 2 سُورَة النَّحْل، آيَة "26". 3 فِي ط، س، ش "لم يذكر". 4 فِي ط، س، ش "وَلَا حمل الْعَرْش وَلَا إتْيَان الْملك صفًّا صفًّا وَلَا يَوْم الْعرض". 5 سُورَة النَّحْل، آيَة "26". 6 سُورَة النَّحْل، آيَة "26". 7 كَذَا فِي الأَصْل، ط، ش، وَفِي س "إِلَى أَن". 8 فِي ط، س، ش "يحد" بِالْحَاء الْمُهْملَة. 9 كَذَا فِي الأَصْل، س، ش، وَفِي س "إِلَى أَن يحد الشَّيْء الْيَسِير فِي الفرط جوز فِي الْفَرْطِ يَجُوزُ فِي الْمَجَازِ بِأَقَلّ الْمعَانِي"، وَلم تظهر لى مُنَاسبَة "الفرط" للسياق هُنَا حَتَّى فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من المعاجم اللُّغَوِيَّة، وَكَأن الْمُؤلف يُرِيد أَن اللَّفْظ إِذا كَانَ لَهُ معنى مَشْهُور وَله معنى مغمور فَإِن المريسي يُرِيد أَن يحمل اللَّفْظ على الْمَعْنى المغمور، الَّذِي قد يحْتَملهُ اللَّفْظ وَلَو من بعيد.

وَأَغْلَبِهَا فَيَصْرِفُ الْمَشْهُورَاتِ مِنْهَا إِلَى الْمَغْمُورَاتِ الْمُسْتَحَالَاتِ1 يُغَالِطُ بِهَا الْجُهَّالَ، وَيُرَوِّجُ عَلَيْهِمْ بِهِ2 الضَّلَالَ. فَيَكُونُ ذَلِكَ دَلِيلًا مِنْهُ عَلَى الظَّنَّةِ وَالرِّيبَةِ، وَمُخَالَفَةِ الْعَامَّةِ. وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ، تُصْرَفُ مَعَانِيهِ إِلَى أَشْهَرِ مَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ فِي لُغَاتِهَا، وَأَعَمِّهَا عِنْدَهُمْ. فَإِنْ تَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ مِثْلُكَ جَاهِلٌ فِي شَيْءٍ مِنْهُ خُصُوصًا، أَوْ صَرَفَهُ إِلَى مَعْنًى، بَعِيدٍ عَنِ الْعُمُومِ بِلَا أَثَرٍ، فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى دَعْوَاهُ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ أَبَدًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى3 وَقَدْ كَفَانَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ4 تَفْسِيرَ هَذَا الْإِتْيَانِ، حَتَّى لَا تحْتَاج لَهُ مِنْكَ إِلَى تَفْسِيرٍ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ5 فِيهِ أَثَرٌ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ يَعْتَمِدُ عَلَى تَفْسِيرِكَ لَمَّا أَنَّكَ فِيهِ ظَنِينٌ6 غَيْرُ أَمِينٍ.

_ 1 فِي ط، ش "المستحيلات". 2 لَفْظَة "بِهِ" لَيست فِي ط، س، ش. 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "وَأَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم". 5 فِي ط، س، ش "رَضِي الله عَنْهُم". 6 قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلى، 2/ 654-655 مَادَّة "ظن": "وَرجل ظنين مُتَّهم من قوم أظناء بيني الظنة والظنانة وَقَول الله عز وَجل: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} : أَي بمتهم" بِتَصَرُّف.

حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ1، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ2، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ3، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ4 اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يعَبْدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ قَالَ: فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا. فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبنَا فيتبعونه" 6.

_ 1 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 2 إِبْرَاهِيم بن سعد، تقدم ص"205"، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال 1/ 35 أَنه سمع من الزُّهْرِيّ ثمَّ أَكثر عَن صَالح عَنهُ. 3 ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175". 4 فِي ط، س، ش "عَطاء بن زيد" وَصَوَابه "ابْن يزِيد" وَبِه جَاءَ سَنَد البُخَارِيّ وَمُسلم. انْظُر: تَخْرِيج الحَدِيث، وَانْظُر: تَرْجَمته ص"205". 5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 6 انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، حَدِيث 7437، 13/ 419 من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن عبد الله، حَدثنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيّ، عَن أبي هُرَيْرَة فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: مَنْ كَانَ يعَبْدُ شَيْئًا فليتبعه فَيتبع من كَانَ يعبد الشَّمْس الشَّمْس، وَيتبع من كَانَ يعبد الْقَمَر الْقَمَر، وَيتبع من كَانَ يعبد الطواغيت الطواغيت، وَتبقى هَذِه الْأمة فِيهَا شافعوها، أَو منافقوها - شكّ =

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، ثَنَا حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ2، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ3، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ4، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ:

_ = إِبْرَاهِيم- فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ: هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ الله فِي صورته الَّتِى يعْرفُونَ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبنَا فيتبعونه ... " إِلَخ. وَرَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا، انْظُر: الْمرجع السَّابِق، كتاب الرقَاق، بَاب الصِّرَاط جسر جَهَنَّم، حَدِيث 6573، 13/ 444 من طَرِيق أبي الْيَمَان، أخبرنَا شُعَيْب بِهَذَا السَّنَد وَزِيَادَة سعيد مَعَ عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة. وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْإِيمَان بَاب معرفَة طَريقَة الرُّؤْيَة حَدِيث 182، 1/ 164 من طَرِيق زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا أبي عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي أَثْنَائِهِ بِنَحْوِ لفظ البُخَارِيّ. 1 مُوسَى، بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 3 عَليّ بن زيد بن جدعَان، تقدم ص"188". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 382: يُوسُف بن مهْرَان الْبَصْرِيّ، وَلَيْسَ هُوَ يُوسُف بن مَاهك، ذَاك ثِقَة، وَهَذَا لم يرو عَنهُ إِلَّا ابْن جدعَان، هُوَ لين الحَدِيث، من الرَّابِعَة/ بخ ت. وَقَالَ فِي الكاشف 3/ 301: عَن ابْن عَبَّاس وَجَابِر وَعنهُ عَليّ بن زيد. 5 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، تقدم ص"172".

{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً} قَالَ: "يَنْزِلُ1 أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَمِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، فَيَقُولُ أَهْلُ الْأَرْضِ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، وَسَيَأْتِي. ثُمَّ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ الثَّانِيَةُ -وَسَاقه إِلَى السَّمَاء السَّابِعَةِ قَالَ:- فَيَقُولُونَ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا وَسَيَأْتِي، ثُمَّ يَأْتِي الرُّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْكُرُوبِيِّينَ، وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض"2.

_ 1 فِي ط، ش "وتنزل" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْفرْقَان، آيَة "25". 2 أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص، كتاب الْأَهْوَال، 4/ 569-570 من طَرِيق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بن زيد، عَن يُوسُف مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلاً} - قَالَ: تشقق سَمَاء الدُّنْيَا وتنزل الْمَلَائِكَة على كل سَمَاء وهم أَكثر مِمَّن فِي الأَرْض من الْجِنّ وَالْإِنْس فَيَقُولُونَ: أفيكم رَبنَا ... ، وَذكره بأطول من هَذَا، وَقَالَ: رُوَاة هَذَا الحَدِيث عَن آخِرهم مُحْتَج بهم غير عَليّ بن زيد بن جدعَان الْقرشِي وَهُوَ إِن كَانَ مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ عَجِيب بِمرَّة، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: إِسْنَاده قوي. وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع 19/ 5-6 من طَرِيق عَليّ بن زيد بِهَذَا السَّنَد مطولا، وَذكره الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن 13/ 24 عَن ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ. وَذكره السُّيُوطِيّ أَيْضا فِي الدّرّ المنثور بهامشه تنوير المقباس 5/ 67، وَعَزاهُ إِلَى عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَهْوَال، وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس.

حَدَّثَنَا1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ2، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ3، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ4، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَعْدٍ5، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

_ 1 فِي ط، س، ش "وَحَدَّثَنَا". 2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمصْرِيّ، تقدم ص"171". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 444: عبد الله بن لَهِيعَة: بِفَتْح اللَّام وَكسر الْهَاء، ابْن عقبَة الْحَضْرَمِيّ، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمصْرِيّ القَاضِي، صَدُوق، من السَّابِعَة خلط بعد احتراق كتبه، وَرِوَايَة ابْن الْمُبَارك وَابْن وهب عَنهُ أعدل من غَيرهمَا، وَله فِي مُسلم بعض شَيْء مقرون، مَاتَ سنة 74، وَقد ناف على الثَّمَانِينَ، م د ت ق. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 363: يزِيد بن أبي حبيب الْمصْرِيّ، أَبُو رَجَاء، وَاسم أَبِيه سُوَيْد، وَاخْتلف فِي ولائه، ثِقَة فَقِيه، وَكَانَ يُرْسل، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 28 وَقد قَارب الثَّمَانِينَ/ ع. وَذكر فِي الكاشف 3/ 275 أَنه روى عَنهُ اللَّيْث وَابْن لَهِيعَة. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 287: سعد بن سِنَان، وَيُقَال: سِنَان بن سعد الْكِنْدِيّ، الْمصْرِيّ، وَصوب الثَّانِي البُخَارِيّ وَابْن يُونُس، صَدُوق لَهُ أَفْرَاد من الْخَامِسَة بخ د ت ق، وَذكر فِي الكاشف 1/ 352 أَنه روى عَن أنس وَعنهُ يزِيد بن أبي حبيب. 6 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"201".

أَنَّهُ قَالَ:- وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ} 1- قَالَ: يُبَدِّلُهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْضٍ مِنْ فِضَّةٍ لَمْ تُعْمَلْ عَلَيْهَا الْخَطَايَا، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الْجَبَّارُ"2. حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس3.......................................................

_ 1 سُورَة إِبْرَاهِيم آيَة "48". 2 أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن، الطبعة الثَّالِثَة 13/ 164، قَالَ: حَدثنَا أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالح بِهَذَا السَّنَد، عَن أنس بن مَالك أَنه تَلا هَذِهِ الْآيَةَ {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} قَالَ: "يُبَدِّلُهَا اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَرْض من فضَّة لم يعْمل عَلَيْهَا الْخَطَايَا يتزلها الْجَبَّار تبَارك وَتَعَالَى". وَذكره السُّيُوطِيّ فِي تَفْسِيره وَعَزاهُ إِلَى ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس، انْظُر: الدّرّ المنثور بهامشه تنوير المقباس 4/ 90-91. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ: عَن سهل بن سعد قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على أَرض بَيْضَاء عفراء كقرصة النقي" قَالَ سهل-أَو غَيره: لَيْسَ فِيهَا معلم لأحد. قَالَ ابْن حجر: قَوْله "كقرصة النَّقِي" بِفَتْح النُّون وَكسر الْقَاف أَي الدَّقِيق النقي من الْغِشّ والنخال. قَالَه الْخطابِيّ"، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب الرقَاق، بَاب "يقبض الله الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة" حَدِيث 6521، 11/ 372، وصحيح مُسلم بترتيب وتبويب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد، كتاب صِفَات الْمُنَافِقين، بَاب فِي الْبَعْث والنشور، حَدِيث 28، 4/ 2150. 3 فِي ط، س، ش "أَحْمد بن أبي شهَاب عَن عَوْف" وَالَّذِي يظْهر صَوَاب مَا فِي الأَصْل، وَتَقَدَّمت تَرْجَمَة أَحْمد بن يُونُس ص"173".

ثَنَا أَبُو شِهَابٍ1، عَنْ عَوْفٍ2، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ3، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ4، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الْأَرْضُ مَدَّ الْأَدِيمِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ قُبِضَتْ هَذِهِ السَّمَاءُ الدُّنْيَا عَلَى أَهْلِهَا فَنُثِرُوا6 عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِذَا أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ, فَإِذَا رَآهُمْ أَهْلُ الْأَرْضِ فَزِعُوا، وَقَالُوا: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَقُولُونَ: "لَيْسَ فِينَا وَهُوَ آتٍ.

_ 1 أَبُو شهَاب هُوَ عبد ربه بن نَافِع، تقدّمت تَرْجَمته ص"207"، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 60/ 129 أَنه روى عَن عَوْف الْأَعرَابِي أَحْمد بن يُونُس. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 89: "عَوْف بن أبي جميلَة، بِفَتْح الْجِيم، الْأَعرَابِي، الْعَبْدي الْبَصْرِيّ، ثِقَة رمي بِالْقدرِ وبالتشيع، من السَّادِسَة 8/ 166 أَنه روى عَن أبي الْمنْهَال سيار بن سَلامَة. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 343: سيار بن سَلامَة الريَاحي: بالتحتانية، أَبُو الْمنْهَال الْبَصْرِيّ ثِقَة، من الرَّابِعَة وَله 86/ ع. وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/ 291- أَن مِمَّن روى عَنهُ عَوْف الْأَعرَابِي. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 355: شهر بن حَوْشَب الْأَشْعَرِيّ، الشَّامي، مولى أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، صَدُوق كثير الْإِرْسَال والأوهام، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 12/ بخ م وَالْأَرْبَعَة. 5 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تقدم ص"172". 6 فِي ط، ش "فنشروا".

قَالَ: ثُمَّ يُقْبَضُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ -وَسَاقَ إِلَى1 السَّمَاءِ السَّابِعَةِ قَالَ:- فَلَأَهْلُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَحْدَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ سِتِّ سَمَوَاتٍ وَمِنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِالضِّعْفِ قَالَ: وَيَجِيءُ اللَّهُ تَعَالَى2 فِيهِمْ، وَالْأُمَمُ جِثِيًّا صُفُوفٌ قَالَ: فَيُنَادِي مُنَادٍ: سَتَعْلَمُونَ الْيَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الْكَرَمِ"3. وَمَنْ يَلْتَفِتُ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ إِلَى تَفْسِيرِكَ4 الْمُحَالِ فِي إِتْيَانِ اللَّهِ5 يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَدَعُ تَفْسِيرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهُ6 إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ مَجْنُونٍ، خَاسِرٍ مَفْتُونٍ7 لَمَّا أَنَّكَ مَغْبُونٌ فِي الدِّينِ مَأْبُونٌ8 وَعَلَى تَفْسِيرِ كِتَابِ اللَّهِ غَيْرُ مَأْمُونٍ، وَيْلَكَ؟ أَيَأْتِي اللَّهُ بِالْقِيَامَةِ وَيَتَغَيَّبُ هُوَ نَفْسُهُ؟ فَمَنْ يُحَاسِبُ النَّاسَ يَوْمَئِذٍ؟ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَكَ هَذَا، وَأَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ لَا يُؤمن بِيَوْم الْحساب.

_ 1 فِي ط، س، ش "وسَاق الحَدِيث إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 أخرجه نعيم بن حَمَّاد فِي زَوَائِد الزّهْد برقم 353 ص"101" من طَرِيق شهر ابْن حَوْشَب قَالَ: حَدثنِي ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مدت الأَرْض مد الْأَدِيم وَزيد فِي سعتها ... وَذكره بِمَعْنَاهُ مطولا. وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 6/ 62 من طَرِيق أبي بكر بن خَلاد، ثَنَا الْحَارِث بن أبي أُسَامَة، ثَنَا هودة بن خَليفَة، ثَنَا عَوْف الْمِنْهَالِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَن ابْن عَبَّاس ... وَذكره بِمَعْنَاهُ. وَذكره ابْن حجر فِي المطالب الْعَالِيَة بزوائد المسانيد الثَّمَانِية، تَحْقِيق الأعظمي برقم 4629، 4/ 374-375، عَن ابْن عَبَّاس مطولا, وَقَالَ فِي آخِره: "لِلْحَارِثِ" مَوْقُوف إِسْنَاده حسن. 4 فِي ط، ش "إِلَى تَفْسِير الْمحَال". 5 فِي ط، س، ش زِيَادَة لفظ "تَعَالَى". 6 فِي ط، س، ش "وَأَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم". 7 فِي ط، س "خاسر مغبون". 8 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط، ونديم مرعشلي، 1/ 9 "أبن": "أبن الرجل يأبنه أبنًا: اتهمه وعابه، وَقَالَ اللحياني" أبنته بِخَير وَبشر آبُنُه وآبِنُه أبنًا وَهُوَ مأبون بِخَير أَو بشر فَإِذا أضربت عَن الْخَيْر وَالشَّر قلت: هُوَ مأبون لم يكن إِلَّا بشر........" إِلَخ.

تأويل المريسي لمعنى "الحي القيوم" والرد عليه

تَأْوِيل المريسي لِمَعْنى "الْحَيّ القيوم" وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وَادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} 1 وَادَّعَيْتَ2 أَنَّ تَفْسِيرَ الْقَيُّومِ عِنْدَكَ: الَّذِي لَا يَزُولُ، يَعْنِي الَّذِي لَا يَنْزِلُ وَلَا يَتَحَرَّكُ، وَلَا يَقْبِضُ وَلَا يَبْسُطُ وَأَسْنَدْتَ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِكَ، غَيْرَ مُسَمًّى عَن الْكَلْبِيّ3............................................................

_ 1 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "255". 2 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "ادعيت" بِدُونِ الْوَاو وَهُوَ أوضح. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 163: مُحَمَّد بن السَّائِب بن بشر، الْكَلْبِيّ، أَبُو النَّضر الْكُوفِي النسابة الْمُفَسّر، مُتَّهم بِالْكَذِبِ، وَرمي بالرفض، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 46/ ت فق. وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/ 178 أَنه روى عَن أبي صَالح باذام مولى أم هَانِئ.

عَنْ أَبِي صَالِحٍ1، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 أَنَّهُ قَالَ: "الْقَيُّومُ: الَّذِي لَا يَزُولُ"3 وَعِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ4 وَمَعَ رِوَايَتِكَ هَذِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دَلَائِلُ وَشَوَاهِدُ أَيْضًا بَاطِلٌ: إِحْدَاهَا: أَنَّك أَنْت رَوَيْتَهَا وَأَنْتَ الْمُتَّهَمُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّكَ رَوَيْتَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِكَ غَيْرَ مُسَمًّى، وَأَصْحَابُكَ مثلك فِي الظنة والتهمة.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 93: باذام -بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة- وَيُقَال: آخِره نون أَبُو صَالح مولى أم هَانِئ، ضَعِيف مُدَلّس، من الثَّالِثَة، الْأَرْبَعَة، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 1/ 416 أَنه روى عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة ومولاته أم هَانِئ وَمِمَّنْ روى عَنهُ الْكَلْبِيّ. 2 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172". 2 ذكر ابْن جرير فِي تَفْسِيره، تَحْقِيق مَحْمُود شَاكر وَأحمد شَاكر 5/ 388 معنى "القيوم فَقَالَ: "القيوم الْقَائِم برزق مَا خلق وَحفظ، وَعَن مُجَاهِد قَالَ": الْقَائِم عَليّ كل شَيْء وَعَن الرّبيع "القيوم" قيم كل شَيْء، يكلؤه، وَيَرْزقهُ ويحفظه، وَعَن السّديّ "القيوم" وَهُوَ الْقَائِم، وَعَن الضَّحَّاك {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قَالَ: الْقَائِم الدَّائِم" بِتَصَرُّف. وَذكر الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِير الْجَامِع 3/ 271 عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: أَي الْقَائِم بتدبير مَا خلق، وَقَالَ الْحسن: مَعْنَاهُ الْقَائِم على كل نفس بِمَا كسبت حَتَّى يجازيها بعملها من حَيْثُ هُوَ عَالم بهَا لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهَا. وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 1/ 308 {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} ، أَي الْحَيّ فِي نَفسه الَّذِي لَا يَمُوت أبدا الْقيم لغيره". 4 قَوْله: "وَعند أهل الْبَصَر" لَيست فِي ط، س، ش.

وَالثَّالِثُ1: أَنَّهُ عَنِ الْكَلْبِيِّ2 وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَثَرِ عَلَى أَنْ لَا يَحْتَجُّوا بِالْكَلْبِيِّ فِي أَدْنَى حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ. فَكَيْفَ فِي تَفْسِيرِ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَفْسِيرِ كِتَابِهِ؟ وَكَذَلِكَ أَبُو صَالِحٍ3. وَلَوْ قَدْ4 صَحَّتْ رِوَايَتُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "الْقَيُّومُ: الَّذِي لَا يَزُول" نستنكره5 وَكَانَ مَعْنَاهُ مَفْهُوم وَاضِحًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْبَصَر بِالْعَرَبِيَّةِ أَنه مَعْنَى "لَا يَزُولُ" لَا يَفْنَى وَلَا يَبِيدُ، لَا أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّكُ6 وَلَا يَزُولُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، إِذَا شَاءَ، كَمَا كَانَ يُقَالُ لِلشَّيْءِ الْفَانِي: هُوَ زَائِلٌ، كَمَا قَالَ لَبِيدُ بْنُ ربيعَة7:

_ 1 فِي ط، ش "وَالثَّالِثَة". 2 الْكَلْبِيّ مُحَمَّد بن السَّائِب، تقدم ص"353". 3 أَبُو صَالح، تقدم ص"171". 4 فِي ط، س، ش "وَلَو صحت". 5 فِي س "لَو يسنكره"، وَفِي ط، ش "لم يستنكر". 6 تقدم الْكَلَام عَن الْحَرَكَة ص"338". 7 قَوْله: "ابْن ربيعَة" لَيْسَ فِي ط، س، ش، قلت: وَهُوَ لبيد بن ربيعَة بن صعصعة الْكلابِي الْجَعْفَرِي، أَبُو عقيل الشَّاعِر الْمَشْهُور، قَالَ المرزباني فِي مُعْجَمه: كَانَ فَارِسًا شجاعًا شَاعِرًا سخيًّا، قَالَ الشّعْر فِي الْجَاهِلِيَّة دهرًا ثمَّ أسلم، عمر طَويلا، وَاخْتلف فِي سني عمره، وَهُوَ الْقَائِل القصيدة الْمَشْهُورَة الَّتِي أَولهَا: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الله بَاطِل، وَذكر أَنه عَاشَ160 سنة. بِتَصَرُّف من كتاب الْإِصَابَة لِابْنِ حجر بذيله الِاسْتِيعَاب 3/ 307-309، وَانْظُر الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 3/ 306-310، وَأسد الغابة 4/ 260-263.

أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ ... وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا محَالة زائل1 يَعْنِي فان، لَا أَنَّهُ مُتَحَرِّكٌ، فَإِنَّ أَمَارَةَ مَا بَيْنَ الْحَيِّ، وَالْمَيِّتِ التَّحَرُّكُ، وَمَا لَا يَتَحَرَّكُ فَهُوَ مَيِّتٌ، لَا يُوصَفُ بِحَيَاةٍ، كَمَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَصْنَامَ الْمَيِّتَةَ فَقَالَ: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ، أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} 2، فَالله الْحَيّ

_ 1 الشّطْر الأول من هَذَا الْبَيْت ذكره البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحَيْهِمَا انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب مَنَاقِب الْأَنْصَار، بَاب أَيَّام الْجَاهِلِيَّة حَدِيث 3841، 7/ 149 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أصدق كلمة قَالَهَا شَاعِر كلمة لبيد: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الله بَاطِل، وَكَاد أُميَّة بن الصَّلْت أَن يسلم"، انْظُر: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ، كتاب الشّعْر المجلد الثَّامِن جـ5 ص"12-13". عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا وَذكر الْبَغْدَادِيّ فِي خزانَة الْأَدَب، الطبعة الأولى 1/ 377-339 أَن هَذَا الْبَيْت من مطلع قصيدة رثى بهَا النُّعْمَان بن الْمُنْذر ملك الْحيرَة أَولهَا: أَلا تَسْأَلَانِ الْمَرْء مَاذَا يحاول ... أنحب فَيقْضى أم ضلال وباطل وَمِنْهَا: أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ ... وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا محَالة زائل وكل أنَاس سَوف تدخل بَينهم ... دويهية تصفر مِنْهَا الأنامل وكل امْرِئ يَوْمًا سَيعْلَمُ سَعْيه ... إِذا كشفت عِنْد الْإِلَه الحصائل وَذكر الْبَغْدَادِيّ فِي الْمصدر نَفسه أَنه قَالَ شطره الأول لعُثْمَان، فَقَالَ: صدقت، فَلَمَّا قَالَ الشّطْر الثَّانِي قَالَ: كذبت، نعيم الْجنَّة لَا يزلول وَقيل: أَن الَّذِي قَالَ ذَلِك عمر، وَقيل: الرَّسُول انْظُر: الخزانة ص"341"، وَذكر ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي 7/ 153 أَن الَّذِي قَالَ لَهُ ذَلِك هُوَ عُثْمَان بن مَظْعُون. 2 سُورَة النَّحْل، آيَة "20".

الْقَيُّومُ الْقَابِضُ1 الْبَاسِطُ، يَتَحَرَّكُ إِذَا شَاءَ2 وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، بِخِلَافِ الْأَصْنَامِ الْمَيِّتَةِ الَّتِي لَا تَزُولُ حَتَّى تُزَالَ. وَاحْتَجَجْتَ أَيْضًا أَيُّهَا المريسي فِي نفي التحريك3، عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ4 وَالزَّوَالِ بِحُجَجِ الصِّبْيَانِ، فَزَعَمْتَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"5 حِينَ رَأَى كَوْكَبًا وَشَمْسًا وَقَمَرًا {قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الآفِلِينَ} 6 ثُمَّ قُلْتَ: فَنَفَى إِبْرَاهِيمُ الْمَحَبَّةَ من كل إِلَه زائل، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ إِذَا نَزَلَ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ أَوْ نَزَلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمُحَاسَبَةِ الْعِبَادِ فَقَدْ أفل زَوَال كَمَا أَفَلَ7 الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَتَنَصَّلَ مِنْ رُبُوبِيَّتِهِمَا إِبْرَاهِيمُ، فَلَوْ قَاسَ هَذِا الْقِيَاسَ تُرْكِيٌّ طُمْطُمَانِيٌّ8 أَوْ رُومِيٌّ أَعْجَمِيٌّ9 مَا زَادَ عَلَى مَا قست قبحًا

_ 1 لَفْظَة "الْقَابِض" لَيست فِي ط، ش, 2 فِي ط، س، ش "يَتَحَرَّك إِذا شَاءَ وَينزل إِذَا شَاءَ وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ". 3 فِي ط، ش "التحرك" وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ ص”338". 4 لَفْظَة "عز وَجل" لَيست فِي ط، س، ش. 5 مَا بَين القوسين فِي ط، س، ش، وَقد تقدّمت تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ص”293". 6 سُورَة الْأَنْعَام آيَة "76". 7 فِي ط، ش "كَمَا أفلت". 8 قَالَ الفيروزأبادي فِي الْقَامُوس، بَاب الْمِيم، فصل الطَّاء والظاء، مَادَّة "طم" 4/ 145: "وَرجل طمطم طمطمي -بكسرهما- وطمطماني -بِالضَّمِّ- فِي لِسَانه عجمة". 9 فِي س "أوري أعجمي" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "أَو ذِي أَعْجَمِيَّة".

وسماحة1، وَيْلَكَ! وَمَنْ قَالَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى2 إِذَا نَزَلَ أَوْ تَحَرَّكَ، أَوْ نَزَلَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ أَفَلَ فِي شَيْءٍ، كَمَا تَأْفُلُ الشَّمْسُ فِي عين حمئة؟. إِن الله يَأْفُلُ فِي خَلْقٍ سِوَاهُ3 إِذَا نَزَلَ أَوِ ارْتَفَعَ كَمَا تَأْفُلُ4 الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ، بَلْ هُوَ الْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْمُحِيطُ بِكُل شَيْء فِي جيمع أَحْوَالِهِ مِنْ نُزُولِهِ وَارْتِفَاعِهِ. وَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ5 لَا يَأْفُلُ فِي شَيْءٍ، بَلِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا تَخْشَعُ لَهُ وَالْمَوَاضِعُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ خَلَائِقُ مَخْلُوقَةٌ، إِذَا أَفَلَتْ أَفَلَتْ فِي مَخْلُوقٍ، فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ، كَمَا قَالَ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ6 لَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ، وَلَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ شَيْءٌ.

_ 1 فِي س "أَو سماجة". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "لايأفل فِي شَيْء خلق سواهُ" وَفِي س، "لَا يأفل فِي شَيْء خلق سواءًا إِذا نزل أَو ارْتَفع". 4 فِي ط، س، ش "كَمَا يأفل". 5 وَهُوَ سُبْحَانَهُ كَمَا وصف نَفسه بقوله {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الْحَدِيد اية 3 وَقَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ أَنْت الأول فَلَيْسَ قبلك شَيْء، وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء، وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء، وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء ... " الحَدِيث، أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء، بَاب مَا يَقُول عِنْد النّوم وَأخذ المضجع، حَدِيث 61، 4/ 2084. 6 قَالَ تَعَالَى {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} سُورَة الْكَهْف آيَة "86".

الرؤية

الرُّؤْيَةُ 1: ثُمَّ انْتَدَبَ الْمَرِيسِيُّ، الضَّالُّ لِرَدِّ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّؤْيَةِ فِي قَوْلِهِ: "سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" 2، فَأَقَرَّ الْجَاهِلُ بِالْحَدِيثِ وَصَحَّحَهُ، وَثَبَتَ رِوَايَتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَلَطَّفَ لِرَدِّهِ وَإِبْطَالِهِ بِأَقْبَحِ تَأْوِيلٍ، وَأَسْمَجِ تَفْسِيرٍ. وَلَوْ قَدْ رَدَّ الْحَدِيثَ أَصْلًا كَانَ أَعْذَرَ لَهُ مِنْ تَفَاسِيرِهِ هَذِهِ3 الْمَقْلُوبَةِ الَّتِي لَا يُوَافِقُهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، فَادَّعَى الْجَاهِلُ أَنَّ تَفْسَيرَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ" 4 تَعْلَمُونَ أَنَّ لَكُمْ رَبًّا لَا تَشُكُّونَ فِيهِ كَمَا أَنَّكُمْ لَا تَشُكُّونَ فِي الْقَمَرِ أَنَّهُ قَمَرٌ، لَا عَلَى أَنَّ أَبْصَارَ الْمُؤْمِنِينَ تُدْرِكُهُ جَهْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ نَفَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 5 قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِ الْمُشَبِّهَةِ 6 فَقَوْلُهُ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ" تَعْلَمُونَ أَنَّ لَكُمْ رَبًّا لَا يَعْتَرِيكُمْ فِيهِ الشكوك، الريب، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ الْأَعْمَى يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَا أَبْصَرَهُ، أَيْ مَا أَعْلَمَهُ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُ شَيْئًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: قد

_ 1 العنوان من ط، ش. 2 تقدم تَخْرِيجه ص"195". 3 لفظ "هَذِه" لَيْسَ فِي س. 4 تقدم قَرِيبا. 5 الْأَنْعَام آيَة "103". 6 أَرَادَ بالمشبهة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة الَّذين يثبتون رُؤْيَة الله فِي الْآخِرَة.

نَظَرْتُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَسْأَلَةِ جِسْمٌ يُنْظَرُ إِلَيْهِ، فَقَوْلُهُ: نَظَرْتُ فِيهَا، رَأَيْتُ فِيهَا، فَتَوَهَّمَتِ الْمُشَبِّهَةُ الرُّؤْيَةَ جَهْرَةً، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْعَيَانِ. فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ: أَقْرَرْتَ بِالْحَدِيثِ وَثَبْتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ الْحَدِيثُ، بِحَلْقِكَ، لَمَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ قَرَنَ التَّفْسِيرَ بِالْحَدِيثِ فَأَوْضَحَهُ وَلَخَّصَهُ يَجْمَعُهَا جَمِيعًا إِسْنَادٌ وَاحِدٌ1 حَتَّى لَمْ يَدَعْ لِمُتَأَوِّلٍ فِيهِ مَقَالًا. فَأَخْبَرَ2 أَنَّهُ رُؤْيَةُ الْعَيَانِ نَصًّا، كَمَا تَوَهَّمَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تُسَمِّيهِمْ بِجَهْلِكَ مُشَبِّهَةً، فَالتَّفْسِيرُ فِيهِ مَأْثُورٌ مَعَ الْحَدِيثِ، وَأَنْتَ تُفَسِّرُهُ بِخِلَافِ مَا فَسَّرَ الرَّسُولُ، مِنْ غَيْرِ أَثَرٍ تَأْثِرُهُ عَمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، فَأَيُّ شَقِيٍّ مِنَ الْأَشْقِيَاءِ، وَأَيُّ غَوِيٍّ مِنَ الْأَغْوِيَاءِ يَتْرُكُ تَفْسِيرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَقْرُونَ بِحَدِيثِهِ، الْمَعْقُولَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، الَّذِي يُصَدِّقُهُ نَاطِقُ الْكِتَابِ، ثُمَّ يَقْبَلُ تَفْسِيرَكَ الْمُحَالَ الَّذِي لَا تَأْثِرُهُ إِلَّا عَمَّنْ هُوَ أَجْهَلُ مِنْكَ وَأَضَلُّ؟ أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَرْتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ لَا تُضَامُونَ فِيهِ كَمَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ" 3، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَشُكُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ4 وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَعَ مَا فِيهِ

_ 1 فِي ط، ش "لجمعها جَمِيعًا فِي إِسْنَاد وَاحِد". 2 فِي ط، س، ش "وَأخْبر". 3 انْظُر تَخْرِيجه ص”195". 4 فِي ط، س، ش "فِي رُؤْيَته".

مِنْ مُعَانَدَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 مُحَالٌ2 خَارِجٌ عَنِ الْمَعْقُولِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي رُبُوبِيَّةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ زَائِلٌ عَنِ الْمُؤمن وَالْكفَّار يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ يَوْمئِذٍ يعلم أَنه ربه3 لايعتريهم فِي ذَلِكَ شَكٌّ، فَيَقْبَلُ اللَّهُ ذَلِكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَقْبَلُهُ من الْكَافرين، ولايعذرهم يَوْمَئِذٍ4 بِمَعْرِفَتِهِمْ وَيَقِينِهِمْ بِهِ5، فَمَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْكَافِرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَكَ فِي مَعْرِفَةِ الرَّبِّ تَعَالَى6؟ إِذْ مُؤْمِنُهُمْ، وَكَافِرُهُمْ لَا يَعْتَرِيهِ فِي رُبُوبِيَّتِهِ شَكٌّ. أَوَمَا عَلِمْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّهُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ فِي حَيَاتِهِ، حَتَّى يَعْرِفَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ كَافِرًا وَمَصِيرُهُ النَّارُ أَبَدًا؟ وَلَنْ يَنْفَعَهُ الْإِيمَانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا يَرَى مِنْ آيَاتِهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ آمَنَ بِهِ مِنْ قَبْلُ، فَمَا مَوْضِعُ بُشْرَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنِينَ بِرُؤْيَةِ رَبِّهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ إِذْ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ فِي الرُّؤْيَةِ يَوْمَئِذٍ سَوَاءٌ عِنْدَكَ، إِذْ كُلٌّ لَا يَعْتَرِيهِ فِيهِ شَكٌّ وَلَا رِيبَةٌ. أوَلَمْ تَسْمَعْ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى7: {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا}

_ 1 عبارَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيست فِي س. 2 فِي ط، ش "فَهُوَ محَال". 3 فِي ط، س، ش "أَنه رَبهم". 4 لَفْظَة "يَوْمئِذٍ" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، ش "ويقينهم بِهِ فِي ذَلِك الْيَوْم". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ط، س، ش "قَوْله تَعَالَى".

فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} 1، {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا} 2؟ فقد أخبرنَا الله عزوجل3، عَنِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ بِهِ يَوْمَئِذٍ مُوقِنُونَ، فَكَيْفَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ سَأَلُوهُ: هَلْ نَرَى رَبَّنَا؟ وَقَدْ عَلِمُوا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلُوهُ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ لَا يَعْتَرِيهِمْ فِي ذَلِكَ شَكٌّ وَلَا رَيْبٌ4. أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى5: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} 6؟ يُقَالُ فِي تَفْسِيرِهِ: إِنَّهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهِا7 فَإِذَا لَمْ ينفع الرجل إيمَانه عِنْد

_ 1 سُورَة السَّجْدَة آيَة "12". 2 سُورَة الْأَنْعَام آيَة "30". 3 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "وَلَا رِيبَة". 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 6 سُورَة الْأَنْعَام آيَة "158". 7 أخرج البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام بَاب {لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا} حَدِيث 4636، 8/ 297 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذا طلعت وَرَآهَا النَّاس آمنو أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِين لَا ينفع نفسا إيمَانهَا" ثمَّ قَرَأَ الْآيَة، انْظُر شَرحه مفصلا فِي الْمصدر السَّابِق، كتاب الرقَاق، بَاب لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، على حَدِيث 6506، 11/ 352، فَدلَّ هَذَا الحَدِيث على أَن الْآيَة نَص فِي طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، لَا كَمَا توهم عبارَة الْمُؤلف الَّتِي هِيَ بِصِيغَة التمريض.

الْآيَاتِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا، فَكَيْفَ يَنْفَعُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَسْتَحِقُّ بِهَا1 النَّظَرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى2؟ فَاعْقِلْ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ مَا يَجْلِبُ عَلَيْكَ كَلَامُكَ مِنَ الْحُجَجِ الْآخِذَةِ بِحَلْقِكَ. وَأَمَّا إِدْخَالُكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا حَقَّقَ مِنْ رُؤْيَةِ الرَّبِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَوْلَهُ3 {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} 4 فَإِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَزَلَ، وَقَدْ عَرَفَ مَا أَرَادَ اللَّهُ5 بِهِ وَعَقِلَ فَأْوَضَحَهُ تَفْسِيرًا، وَعَبَّرَهُ تَعْبِيرًا فَفَسَّرَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا تَفْسِيرًا شَافِيًا كَافِيًا، سَأَلَهُ أَبُو ذَرٍّ6: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ -يَعْنِي فِي الدُّنْيَا-؟ فَقَالَ: "نُورٌ أَنَّى أرَاهُ؟ " 7.

_ 1 فِي ط، س، "فَيسْتَحق بِهِ". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش، "قَوْله تَعَالَى". 4 سُورَة الْأَنْعَام آيَة "103". 5 فِي ط، س، ش "مَا أَرَادَ الله تَعَالَى". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 420: أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ، الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، اسْمه: جُنْدُب بن جُنَادَة على الْأَصَح، وَقيل: بريد -بموحدة- مُصَغرًا ومكبرًا وَاخْتلف فِي أَبِيه فَقيل: جُنْدُب، أَو عشرقه، أَو عبد الله، أَو السكن، تقدم إِسْلَامه وتأخرت هجرته، فَلم يشْهد بَدْرًا، ومناقبه كَثِيرَة جدًّا، مَاتَ سنة 32 فِي خلَافَة عُثْمَان، ع. وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 4/ 62-65، وَأسد الغابة لِابْنِ الْأَثِير 5/ 186-188 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 4/ 63-65، وتهذيب التَّهْذِيب 12/ 90-91. 7 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب =

حَدَّثَنَا الْحَوْضِيُّ1 وَغَيْرُهُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ2، عَنْ قَتَادَةَ3، عَنْ عبد الله بن شَقِيق4........................

_ = الْإِيمَان بَاب قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: "نور أَنى أرَاهُ"؟ حَدِيث 178، 1/ 161 قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة، حَدثنَا وَكِيع، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيق، عَن أبي ذَر قَالَ: سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ "نور أَنى أرَاهُ؟ ". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ، انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الاحوذي، أَبْوَاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة النَّجْم، حَدِيث 3336، 9/ 170 قَالَ: حَدثنَا مَحْمُود بن غيلَان، أخبرنَا وَكِيع، عَن يزِيد بن إِبْرَاهِيم التسترِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن شَقِيق قَالَ: قلت لأبي ذَر: لَو أدْركْت النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسألته، فَقَالَ: عَمَّا كنت تسأله؟ قلت: أسأله هَل رأى مُحَمَّد ربه؟ فَقَالَ: قد سَأَلته فَقَالَ "نور أَنى أرَاهُ" هَذَا حَدِيث حسن. وَانْظُر: مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 5/ 171 عَن أبي ذَر بِنَحْوِهِ، و5/ 175 عَن أبي ذَر مَرْفُوعا. 1 تقدم ص"211". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 361: يزِيد بن إِبْرَاهِيم التسترِي، بِضَم المثناه وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح المثناه ثمَّ رَاء، نزيل الْبَصْرَة، أَبُو سعيد ثِقَة ثَبت إِلَّا فِي رِوَايَته عَن قَتَادَة، فَفِيهَا لين، من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 63 عَليّ الصَّحِيح، ع. 3 هُوَ قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180"، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 352 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ العقيل، وَمِمَّنْ روى عَنهُ يزِيد بن إِبْرَاهِيم التسترِي. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 422: عبد الله بن شَقِيق العقيلى، بِالضَّمِّ، بَصرِي ثِقَة فِيهِ نصب، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 108/ بخ م وَالْأَرْبَعَة، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 96: عَن عمر وَأبي ذَر والكبار وَعنهُ قَتَادَة وَأَيوب.

عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 2 فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَحِينَ سُئِلَ عَنْ رُؤْيَتِهِ فِي الْمَعَادِ قَالَ: "نَعَمْ، جَهْرَةً كَمَا تَرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" 3، فَفَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى خِلَافِ مَا ادَّعَيْتَ. وَالْعَجِيبُ مِنْ جَهْلِكَ بِظَاهِرِ لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ تَتَوَهَّمُ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ جَهْرَةً كَرُؤْيَةِ4 الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، ثُمَّ تَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ تَوَهُّمِ مَنْ سَمَّيْتَهُمْ بِجَهْلِكَ5 مُشَبِّهَةً، فَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دعواك أَو الْمُشَبِّهِينَ6 إِذْ شَبَّهَ رُؤْيَتَهُ7 بِرُؤْيَةِ الشَّمْس وَالْقَمَر كَمَا شبهه هَؤُلَاءِ الْمُشَبِّهُونَ فِي دَعْوَاكَ. وَأَمَّا أُغْلُوطَتُكَ الَّتِي غَالَطْتَ بِهَا جُهَّالَ أَصْحَابك فِي رُؤْيَة الله

_ 1 تقدّمت تَرْجَمته ص"363". 2 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103". 3 قلت: هُوَ معنى مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحهمَا عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّاس قَالُوا: يَا رَسُول الله، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "هَل تضَارونَ فِي الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر؟ قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله، قَالَ: فَهَل تضَارونَ فِي الشَّمْس لَيْسَ دونهَا سَحَاب؟. قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله، قَالَ: فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ كَذَلِك......." الحَدِيث وَانْظُر: تَخْرِيجه ص"204". 4 فِي ط، ش "أَنَّهَا كرؤية" وَهُوَ أوضح. 5 لَفْظَة "بجهلك" لَيست فِي ط، ش، وَفِي س "سميتهم بجهلك أَنهم مشبهة". 6 فِي س "أول الْمُشبه" وَلَا يَسْتَقِيم بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "أول المشبهة". 7 فِي ط، ش "رُؤْيَته تَعَالَى".

تَعَالَى1 يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقُلْتَ: أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْمَ مُوسَى حِينَ قَالُوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} 2 أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ، وَقَالُوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} 3 فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ، وَقَالُوا: {أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً} 4 فَادَّعَيْتَ أَنَّ اللَّهَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَعَابَهُمْ بِسُؤَالِهِمُ الرُّؤْيَةَ. فَيُقَالَ لِهَذَا، الْمَرِيسِيِّ: تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ وَقَلْبُكَ غَافِلٌ عَمَّا يُتْلَى عَلَيْكَ؟ 5 أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَ مُوسَى6 سَأَلُوا مُوسَى رُؤْيَةَ اللَّهِ7 فِي الدُّنْيَا إِلْحَافًا، فَقَالُوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} 8؟ وَلَو يَقُولُوا: حَتَّى نَرَى اللَّهَ فِي الْآخِرَةِ وَلَكِنْ فِي الدُّنْيَا. وَقَدْ سبق من الْقَوْلُ بِأَنَّهُ: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 9 أَبْصَارُ أَهْلِ الدُّنْيَا10 فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ وَسُؤَالِهِمْ عَمَّا حَظَرَهُ اللَّهُ على أهل

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 سُورَة النِّسَاء، آيَة "153". 3 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "55". 4 فِي ش "فقد استكبروا" وَهُوَ خطأ وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل انْظُر: سُورَة الْفرْقَان آيَة "21". 5 فِي ط، س، ش "عَمَّا يُتْلَى عَلَيْك فِيهِ". 6 تقدّمت تَرْجَمته ص”155". 7 فِي ط، س، ش "رُؤْيَة الله تَعَالَى". 8 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "55". 9 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103". 10 عبارَة "وَقد سبق -إِلَى قَوْله- أهل الدُّنْيَا" لَيست فِي ط، س، ش.

الدُّنْيَا، وَلَوْ قَدْ سَأَلُوهُ رُؤْيَتَهُ فِي الْآخِرَةِ كَما سَأَلَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ تُصِبْهُمْ تِلْكَ الصَّاعِقَةُ، وَلَمْ يقل لَهُم إِلَّا مَا قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ إِذْ سَأَلُوهُ1: هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ، لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ" 2 فَلَمْ يَعِبْهُمُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ بِسُؤَالِهِمْ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ حَسَّنَهُ لَهُمْ وَبَشَّرَهُمْ بِهَا3 بُشْرَى جَمِيلَةً، كَمَا رَوَيْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ عَنْهُ. وَقَدْ بَشَّرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى4 بِهَا قَبْلَهُ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ تَعَالَى5 {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 5 وَقَالَ لِلْكُفَّارِ {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 6 فقوم مُوسَى سألو نَبِيَّهُمْ مَا قَدْ حَظَرَهُ7 اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا بِقَوْلِهِ {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 8، وَسَأَلَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم

_ 1 فِي س "أَن سَأَلُوهُ". 2 فِي الأَصْل "لَا تضَامون"، وَفِي ط، س، ش "لَا تضَارونَ"، وَبِهِمَا جَاءَت الرِّوَايَة، إِلَّا أَن الَّذِي جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رَضِي الله عَنْهُمَا "لَا تضَارونَ" بعد قَوْله "هَل نرى رَبنَا؟ " وَلِهَذَا أَثْبَتْنَاهُ. انْظُر تَخْرِيجه ص"204"، وَأما رِوَايَة "لاتضامون" فقد جَاءَت فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث قيس، عَن جرير بِلَفْظ "إِنَّكُم سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَته" انْظُر تَخْرِيجه ص"195". 3 قَوْله "بهَا" لَيْسَ فِي ط، ش. 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 سُورَة الْقِيَامَة آيَة "22-23". 6 سُورَة المطففين، آيَة "15". 7 فِي ط، س، ش "مَا قد حظر الله". 8 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103".

نَبِيَّهُمْ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّهُ سَيُعْطِيهِمْ وَيُثِيبُهُمْ بِهِ1 فَصُعِقَ قَوْمُ مُوسَى2 بِسُؤَالِهِمْ مَا لَا يَكُونُ، وَسَلِمَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُؤَالِهِمْ مَا يَكُونُ، وَمَتَى عَابَ اللَّهُ عَلَى قَوْمِ مُوسَى سُؤَالَ الرُّؤْيَةِ فِي الْآخِرَةِ, فَتَفْتَرِيَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ؟ تَكْذِبُ3 عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَاذِبِينَ. وَقَدْ فَسَّرْنَا أَمْرَ الرُّؤْيَةِ، وَرَوَيْنَا مَا جَاءَ فِيهَا مِنَ الْآثَارِ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، الَّذِي أَمْلَيْنَاهُ فِي الْجَهْمِيَّةِ4، وَرَوَيْنَا مِنْهَا صَدْرًا فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا، فَالْتَمِسُوهَا هُنَالِكَ5 وَاعْرِضُوا أَلْفَاظَهَا عَلَى قُلُوبِكُمْ وَعُقُولِكُمْ، تَتَكَشَّفْ لَكُمْ عَوْرَةَ كَلَامِ هَذَا الْمَرِيسِيِّ، وَضَلَالِ تَأْوِيلِهِ وَدُحُوضِ حُجَّتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى6، وَلَوْلَا أَنْ يَطُولَ بِهِ الْكِتَابُ لَأَعَدْتُ الْبَابَ7 بِطُولِهِ وَأَسَانِيده.

_ 1 فِي ط، س، ش "ويثيبهم بِهِ يَوْم الْقِيَامَة". 2 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"155". 3 فِي س "بكذب على الله وَرَسُوله". 4 نقدك التَّعْرِيف بالجهمية ص"137"، وَمرَاده بِالْكتاب الأول هُوَ كِتَابه الْمَشْهُور"الرَّد على الْجَهْمِية" وَانْظُر مَا رَوَاهُ فِيهِ من الْآثَار فِي مَبْحَث: الرُّؤْيَة من ص"53-68"، طبعة الْمكتب الإسلامي. 5 فِي ط، س، ش "هُنَالك" قلت: انْظُر مَا أوردهُ الْمُؤلف فِي الرُّؤْيَة من ص"192-209". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ط، س، ش "لأعدت الْبَاب بِطُولِهِ هَاهُنَا وَأَسَانِيده".

أصابع الرحمن

أَصَابِعُ الرَّحْمَنِ 1: وَرَوَيْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ" 2 فَأَقْرَرْتَ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ، ثُمَّ رَدَدْتَهُ بِأَقْبَحِ مُحَالٍ، وَأَوْحَشِ ضَلَالٍ. وَلَوْ قَدْ دَفَعْتَ الْحَدِيثَ أَصْلًا لَكَانَ أَعْذَرَ لَكَ مِنْ أَنْ تُقِرَّ بِهِ، ثُمَّ تَرُدَّهُ بِمُحَالٍ مِنَ الْحُجَجِ، وَبِالَّتِي هِيَ أَعْوَجُ، فَزَعَمْتَ أَنَّ أُصْبُعِي الله قدرتيه، وَكَذَلِكَ3 قَوْلُهُ {وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 4 أَيْ فِي مُلْكِهِ. فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا الْمُعْجَبُ بِجَهَالَتِهِ: فِي أَيِّ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَجَدْتَ أَنَّ أُصْبُعَيْهِ قدرتيه؟ فَأَنْبِئْنَا بِهَا، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَاهَا خَارِجَة من جَمِيع لغاتهم5

_ 1 العنوان من المطبوعتين. 2 فِي ط، س، ش "كَيفَ شَاءَ" والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْقدر، بَاب تصريف الله تَعَالَى الْقُلُوب كَيفَ يَشَاء، حَدِيث 3654، 4/ 2045 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن الْعَاصِ يَقُول: إِنَّه سمع رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "إِن قُلُوبُ بَنِي آدَمَ كُلُّهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِد، يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء" ثمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صرف قُلُوبنَا على طَاعَتك". فِي سنَن ابْن مَاجَه، بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الدُّعَاء، بَاب دُعَاء رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، حَدِيث 3834، 2/ 1260 عَن أنس فِي آخِره بِلَفْظ "إِن الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَن عز وَجل يقلبها". 3 فِي ط، س، ش "قلت: وَكَذَلِكَ". 4 سُورَة الزمر آيَة "67". 5 فِي ط، س، ش "خَارِجَة من جَمِيع اللُّغَات" وَفِي ش "فِي جَمِيع اللُّغَات".

إِنَّمَا هِيَ قُدْرَةٌ وَاحِدَةٌ قَدْ كَفَتِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا وَمَلَأَتْهَا وَاسْتَنْطَقَتْهَا، فَكَيْفَ صَارَتْ لِلْقُلُوبِ مِنْ بَيْنِ الْأَشْيَاءِ قُدْرَتَانِ1؟ وَكَمْ تَعُدُّهَا قُدْرَةً؟ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ" 2، وَفِي دَعْوَاكَ: هِيَ أَكْثَرُ مِنْ قُدْرَتَيْنِ وَثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ. وَحَكَمْتَ فِيهَا لِلْقُلُوبِ قدرتين3 وَسَائِرُهَا لِمَا سِوَاهَا، فَفِي دَعْوَاكَ هَذَا أَقْبَحُ مُحَالٍ، وَأَبْيَنُ ضَلَالٍ، فَكَيْفَ ادَّعَيْتَ أَنَّ الْأَرْضَ قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ: أَنَّهَا صَارَتْ4 يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ملكه؟ كَأَنَّهُمَا كَانَت قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي مُلْكِ غَيره، خَارِجَة5 عَن مكله، فَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهَا فِي دَعْوَاكَ، حَتَّى صَارَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مُلْكِهِ!! وَمَا بَالُهَا6 تَصِيرُ فِي مُلْكِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَطْوِيَّاتٍ وَلَا تكون فِي مكله7 منشورات؟ وَمَا أرك إِلَّا سَتَدْرِي أَنَّ قَوْلَهُ: {مَطْوِيَّاتٌ} نَاقِضٌ لِتَأْوِيلِكَ. وَمِمَّا يَزِيدُهُ نَقْضًا: قَوْلُهُ الْآخَرُ: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} 8 وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَطْوِي اللَّهُ السَّمَاءَ يَوْم الْقِيَامَة

_ 1 فِي س "فَكيف صَارَت الْقُلُوب من بَين الْأَشْيَاء قدرتين؟ " وَلَا تتضح بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "فَكيف صَارَت الْقُلُوب من بَين الْأَشْيَاء بَين قدرتين". 2 فِي ط، س، ش "بَين أصبعين من الْأَصَابِع". 3 فِي ط، ش "بقدرتين". 4 فِي ط، ش "أَنَّهُمَا صارتا". 5 فِي ط، ش "خارجتان". 6 فِي ط، ش "وَمَا بالهما". 7 فِي ط، ش "وَلَا تَكُونَانِ فِي يَده منشورات". 8 الْآيَة من سُورَة الْأَنْبِيَاء "104" وَفِي ط، ش، س "للْكتاب" قلت: وهما =

بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ1 فَفِي قَوْلِ اللَّهِ: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ} ، وَحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 بَيَانٌ وَمَعْنًى مُخَالِفٌ قِيلَكَ3 لَا شَكَّ فِيهِ4 وَكَيْفَ أَقرَرت بِالْحَدِيثِ فِي الأصبيعن مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ وَفَسَّرْتَهُمَا قُدْرَتَيْنِ؟ وَكَذَّبْتَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ5 فِي خَمْسِ أَصَابِعَ، وَهُوَ أَجْوَدُ إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ الْأُصْبُعَيْنِ؟ أَفَلَا أَقْرَرْتَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ تَأَوَّلْتَهُ: الْقُدْرَةُ خَمْسُ قُدْرَاتٍ كَمَا تَأَوَّلْتَ فِي الْأُصْبُعَيْنِ6 بِقُدْرَتَيْنِ؟. فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَين أصبعين من الْأَصَابِع" 7.

_ = قراءتان، فعلى الْجمع بِضَم الْكَاف وَالتَّاء من غير ألف قَرَأَ حَفْص وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ، وعَلى الْإِفْرَاد بِكَسْر الْكَاف وَفتح التَّاء بعْدهَا ألف قَرَأَ الْبَاقُونَ انْظُر: شرح الشاطبية للعلامة ابْن القاصح وبهامشه غيث النَّقْع فِي الْقرَاءَات السَّبع، ص"344-345" وَانْظُر: البدور الزاهرة فِي الْقرَاءَات الْعشْر المتواترة تأليف عبد الفتاح القَاضِي ص"209" قَالَ الشَّوْكَانِيّ: "وعَلى قِرَاءَة الْجمع يكون مُتَعَلقا بِمَحْذُوف حَال من السّجل، أَي كطي السّجل كَائِنا مصدر وَاللَّام للتَّعْلِيل أَي: كَمَا يطوي الطومار للكتابة، أَي ليكتب فِيهِ". 1 تقدم ص"287". 2 لفظ "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "مُخَالف لِقَوْلِك". 4 قَوْله "لَا شكّ فِيهِ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنهُ" وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"190". 6 فِي ش "من الأصبعين" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 7 تقدم ص"369".

فَأَمَّا تَكْذِيبُكَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ1، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حَبْرًا مِنَ الْيَهُودِ قَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَبَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ السَّمَوَاتِ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْجِبَالَ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْخَلَائِقَ عَلَى أُصْبُعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ وَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ؟، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا لِمَا قَالَ الْحَبْرُ، وَتَصْدِيقًا لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} 2 فَادَّعَيْتَ أَنَّ هَذِهِ نَزَلَتْ تَكْذِيبًا لِمَا قَالَ الْحَبْرُ، ثُمَّ قُلْتَ: أفتحتجون بقول الْيَهُود؟

_ 1 تقدّمت تَرْجَمته ص"190". 2 الْآيَة من سُورَة الزمر، آيَة "67"، والْحَدِيث مَرْوِيّ فِي البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة الزمر، بَاب: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} حَدِيث 4811ـ8/ 550 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قَالَ: "جَاءَ حبر من الْأَحْبَار إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يامحمد، إِنَّا نجد أَن الله يَجْعَل السَّمَوَات على أصْبع وَالْأَرضين عَلَى أُصْبُعٍ وَالشَّجَرَ عَلَى أُصْبُعٍ، وَالْمَاء وَالثَّرَى على أصْبع وَسَائِر الْخَلَائق على أصْبع، فَيَقُول: أَنا الْملك، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه تَصْدِيقًا لقَوْل الحبر، ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وبلفظ مقارب ورد فِي الْمرجع السَّابِق 13، حَدِيث "7414، 7415" و13/ 438 حَدِيث 7451، و13/ 474 حَدِيث 7513، وَفِي صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْمُنَافِقين، كتاب صفة الْقِيَامَة وَالْجنَّة وَالنَّار، حَدِيث 2786، 4/ 2147 قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس حَدثنَا فُضَيْل "يَعْنِي ابْن عِيَاضٍ" عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ حبر إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد -أَو يَا أَبَا الْقَاسِم: إِن الله يمسك السَّمَوَات يَوْم الْقِيَامَة على أصْبع والأَرضين على أصْبع وَالْجِبَال وَالشَّجَرَ عَلَى أُصْبُعٍ وَالْمَاءَ وَالثَّرَى على أصْبع، وَسَائِر الْخلق على أصْبع، ثمَّ يَهُزهُنَّ فَيَقُول: أَنا الْملك، أَنَا الْمَلِكُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ الحبر تَصْدِيقًا لَهُ ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .

فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ: قَلَّمَا رَأينَا مُفَسرًا ومتكلمًا أَشد مناقضًا1 لِكَلَامِهِ مِنْكَ مَرَّةً تَقُولُ: الْحَدِيثُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُفَسِّرُهُ قُدْرَتَيْنِ، وَمَرَّةً تَقُولُ: هُوَ كَذِبٌ. وَقَوْلُ الْيَهُودِ تقر بِهِ2 مرّة تنكر أُخْرَى، وَلَوْ قَدْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَرُوَاتِهِ لَعَلِمْتَ أَنَّ الْأَثَرَ قَدْ جَاءَ بِهِ تَصْدِيقًا لِلْيَهُودِيِّ، لَا تَكْذِيبًا لَهُ كَمَا ادَّعَيْتَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ3، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ4، عَنْ مَنْصُور5،

_ 1 فِي ط، ش "مناقضة" وَهُوَ أوضح. 2 فِي ط، س، ش "وتقربه" 3 هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، تقدم ص"173". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 113: فُضَيْل بن عِيَاض بن مَسْعُود التَّيْمِيّ، أَبُو عَليّ الزَّاهِد الْمَشْهُور، أَصله من خُرَاسَان، وَسكن مَكَّة ثِقَة، عَابِد إِمَام، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 87 وَقيل: قبلهَا، خَ م د ت س، وَفِي تهذي الْكَمَال 2/ 1103 أَنه روى عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَعنهُ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 276-277: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر بن عبد الله السّلمِيّ أَبُو عثاب بمثلثة ثَقيلَة، ثمَّ مُوَحدَة، الْكُوفِي، ثِقَة ثَبت، وَكَانَ لَا يُدَلس، من طبقَة الْأَعْمَش، مَاتَ سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، ع، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1376 أَنه روى عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعنهُ فُضَيْل بن عِيَاض.

عَنْ إِبْرَاهِيمَ1، عَنْ عُبَيْدَةَ2، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ5: "ضَحِكَ مِنْ قَوْلِ الْحَبْرِ تَعَجُّبًا لِمَا قَالَ وَتَصْدِيقًا لَهُ"6. فَعَمَّنْ رَوَيْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ قَالَ تَكْذِيبًا لَهُ، فَأَنْبِئْنَا بِهِ وَإِلَّا فَإِنَّكَ فِيهَا من الْكَاذِبين. وَأَمَّا تَشْنِيعُكَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُقِرِّينَ بِصِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ7 الْمُؤْمِنِينَ بِمَا قَالَ اللَّهُ: أَنَّهُمْ يَتَوَهَّمُونَ فِيهَا جَوَارِحَ وَأَعْضَاءً، فَقَدِ ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ زُورًا، بَاطِلًا، وَأَنت من أعلم النَّاس بِمَ يُرِيدُونَ بِهَا، إِنَّمَا يُثْبِتُونَ مِنْهَا

_ 1قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 46: إِبْرَاهِيم بن يزِيد بن قيس بن الْأسود النَّخعِيّ، أَبُو عمرَان الْكُوفِي الْفَقِيه، ثِقَة، إِلَى أَن يُرْسل كثيرا من الْخَامِسَة "كَذَا" مَاتَ سنة سِتّ وَتِسْعين، وَهُوَ ابْن خمسين أَو نَحْوهَا/ ع. وَتعقبه الْمُحَقق بِأَن صِحَة الْعبارَة أَنه من الثَّانِيَة وفقًا لاصطلاح ابْن حجر، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 67 أَنه روى عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي وَعنهُ مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر. 2 عُبَيْدَة هُوَ السلمانية كَمَا فِي مُسلم، انْظُر: الحَدِيث السَّابِق، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 1/ 547: عُبَيْدَة بن عمْرَة السَّلمَانِي، بِسُكُون اللَّام، وَيُقَال: بِفَتْحِهَا الْمرَادِي، أَبُو عَمْرو الْكُوفِي، تَابِعِيّ كَبِير، مخضرم، ثِقَة ثَبت، كَانَ شُرَيْح إِذا أشكل عَلَيْهِ شَيْء سَأَلَهُ، مَاتَ سنة 72 أَو بعْدهَا، وَالصَّحِيح أَنه مَاتَ قبل 70 سنة/ ع. 3 عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"190". 4 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، س، ش "أَنه قَالَ". 6 ورد بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي صَحِيح مُسلم، انظرالحديث السَّابِق ص"372". 7 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

مَا أَنْتَ لَهُ مُعَطِّلٌ1 وَبِهِ مُكَذِّبٌ، وَلَا يَتَوَهَّمُونَ فِيهَا إِلَّا مَا عَنَى اللَّهُ تَعَالَى2 وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3، وَلَا يدعونَ جوارح، وَلَا أعطاء كَمَا تَقَوَّلْتَ عَلَيْهِمْ، غَيْرَ أَنَّكَ لَا تَأْلُو فِي التَّشْنِيعِ عَلَيْهِمْ بِالْكَذِبِ، لَيَكُونن أَرْوَجَ لِضَلَالَتِكَ عِنْدَ الْجُهَّالِ، وَلَئِنْ جَزِعْتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْحَبْرِ، مَالَكَ5 رَاحَةٌ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ6 وَأُمِّ سَلَمَةَ7 وَغَيْرِهِمْ8 مِمَّا يُحَقِّقُ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَيُثْبِتُ رِوَايَتَهُ. حَدَّثَنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل9..........................

_ 1 فِي ط، ش: "مَا أَنْت معطل". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش. 4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 5 فِي ط، ش "فمالك". 6 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ترجمتها ص"252": 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 617: هِنْد بنت أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن الْمُغيرَة بن مَخْزُوم المخزومية، أم سَلمَة، أم الْمُؤمنِينَ، تزَوجهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أبي سَلمَة، سنة أَربع، وَقيل: ثَلَاث، وَعَاشَتْ بعد ذَلِك سِتِّينَ سنة، مَاتَت سنة 62، وَقيل: 61، وَقيل ذَلِك، وَالْأول أصح، ع. وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 4/ 405-408، وَأسد الغابة 5/ 560 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 4/ 407-408 وتهذيب التَّهْذِيب 12/ 455-457. 8 فِي ط، ش "غَيرهمَا" فَهِيَ على اعْتِبَار الْعَطف على عَائِشَة وَأم سَلمَة وبصيغة الْجمع بالْعَطْف عَلَيْهِمَا، وعَلى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. 9 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، تقدم ص"168".

أَبُو سَلَمَةَ1، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ2، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ3، عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ4، عَنْ عَائِشَةَ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَبَهُ" 6. وَحَدَّثَنَا7 نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ8، ثَنَا ابْن الْمُبَارك9 أخبرناه10 حَيْوَة بن شُرَيْح11، أَخْبرنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ12 أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عبد الرَّحْمَن

_ 1 لفظ "أبي سَلمَة" لَيْسَ فِي ط، ش وَهُوَ كنية مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. 2 عَليّ بن زيد بن جدعَان، تقدم ص"187". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 590: أُميَّة بنت عبد الله، وَيُقَال: أمينة، وَهِي أم مُحَمَّد امْرَأَة وَالِد عَليّ بن زيد بن جدعَان وَلَيْسَت بِأُمِّهِ، من الثَّالِثَة/ ت، قَالَ فِي الكاشف 3/ 465: عَن عَائِشَة وعنها عَليّ بن جدعَان. 5 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ترجمتها ص"252". 6 انْظُر: مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب الْكَنْز 6/ 251، عَن عَائِشَة فِي آخِره بِلَفْظ "وَإِنَّمَا قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِع الرَّحْمَن، إِنَّه إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عبد قلبه. قَالَ عَفَّان: بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ عز وَجل. 7 فِي ط، س، ش "حَدثنَا" دون وَاو الْعَطف. 8 تقدم ص"204". 9 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 10 فِي ط، س، ش "أخبرنَا". 11 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 208: حَيْوَة: بِفَتْح أَوله وَسُكُون التَّحْتَانِيَّة وَفتح الْوَاو، ابْن شُرَيْح بن صَفْوَان التجِيبِي، أَبُو زرْعَة الْمصْرِيّ، ثِقَة ثَبت فَقِيه زاهد، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة ثَمَان، وَقيل: تسع وخسمين/ ع. 12 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 204: حميد بن هَانِئ، أَبُو هَانِئ الْخَولَانِيّ الْمصْرِيّ، لَا بَأْس بِهِ، من الْخَامِسَة، وَهُوَ أكبر شيخ لِابْنِ وهب، مَاتَ سنة 42/ بخ م وَالْأَرْبَعَة. وَقَالَ فِي الكاشف: عَن على بن رَبَاح والحبلي وَعنهُ حَيْوَة بن شُرَيْح.... إِلَخ نظر الكاشف 1/ 258.

الْحُبُلِّيَّ1 يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ2 يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "قُلُوبُ 3 بَنِي آدَمَ كُلُّهَا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِع الرَّحْمَن كقلب وَاحِد يصرف 4 كَيفَ شَاءَ 5 ثُمَّ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ" 6.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 462: عبد الله بن زيد الْمعَافِرِي، أَبُو عبد الرَّحْمَن الحبلي، بِضَم الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة، ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة "100" بأفريقية، بخ م وَالْأَرْبَعَة. انْتهى. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 144 أَنه روى عَن أبي ذَر وَأبي أَيُّوب وَعنهُ حميد بن هَانِئ وَابْن أنعم، وَفِي حَاشِيَة الكاشف قَالَ: "الحبلى بِضَم الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة نِسْبَة إِلَى بني الحبلى حَيّ من الْيمن". 2 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"256". 3 فِي ط، س، ش "أَن قُلُوب بني آدم". 4 فِي ط، ش "يصرفهَا" وَالَّذِي فِي مُسلم "يصرفهُ" انْظُر ص"369". 5 فِي ط، س، ش "كَيفَ يَشَاء" وَالَّذِي فِي مُسلم "حَيْثُ يَشَاء" وَانْظُر ص"369". 6 أخرجه مُسلم من طَرِيق عبد الله بن يزِيد الْمقري قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة، بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَانْظُر لفظ الحَدِيث ص"369". وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد من طَرِيق أبي عبد الرَّحْمَن، حَدثنَا حَيْوَة بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ مقارب جدًّا انْظُر: الْمسند بتخريج أَحْمد شَاكر حَدِيث 6569، 10/ 102-103.

حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ1، ثَنَا ابْن الْمُبَارك2 أبنا3 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ4 قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ5 قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ6 يَقُولُ: سَمِعْتُ النُّوَاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ7 يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَين أصبيعن مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ" وَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبت قُلُوبنَا على دينك" 8.

_ 1 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 2 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 3 لم تعجم فِي الأَصْل، وَالرَّاجِح أَنَّهَا "أبنا"، وَفِي ط، س، ش "أخبرنَا". وهما بِمَعْنى وَاحِد انْظُر تعليقنا على ص"137" هَامِش رقم "3". 4 عبد الرَّحْمَن بن يزِيد، تقدم ص"283". 5 كَذَا فِي الأَصْل، ط، س، ش، وَقد سبق أَن صوبت أَن اسْمه بسر -بِالسِّين الْمُهْملَة- بن عبيد الله مُصَغرًا، انْظُر ص"283" وَيُؤَيِّدهُ أَنه جَاءَ عِنْد ابْن مَاجَه وَأحمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم فِي مَوضِع بِلَفْظ "بسر بن عبيد الله" انْظُر، المصارد فِي تَخْرِيجه. 6 أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، تقدم ص"283". 7 النواس بن سمْعَان الْكلابِي، تقدم ص"283". 8 أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، الْمُقدمَة، بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية حَدِيث 199، 1/ 72 من طَرِيق بسر بن عبيد الله يَقُول: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ يَقُولُ: حَدثنِي النواس بن سمْعَان الْكلابِي قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ" وَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "يَا مُثبت الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ"، وَنقل مُحَمَّد فؤاد عَن الزَّوَائِد أَن إِسْنَاده صَحِيح. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 4/ 182، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك 4/ 321، وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم، وَأقرهُ الذَّهَبِيّ وَالْحَاكِم أَيْضا 2/ 289 وَصَححهُ، وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة بتخريج الألباني ط. الأولى 1/ 89، وَابْن حبَان فِي الزَّوَائِد حَدِيث 2419 ص"600"، والآجري فِي الشَّرِيعَة ص"317".

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1، عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ2، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ3، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ4، عَنْ أَبِي عَيَّاش5 بن أبي مهْرَان،

_ 1 عبد الله بن صَالح تقدم ص"171". 2 لَيْث بن سعد، تقدم ص"206"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1153 أَنه روى عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَعنهُ كَاتبه أَبُو صَالح بن صَالح. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب، النُّسْخَة الْهِنْدِيَّة ص"549": "يحيى "ع"" بن سعيد بن قيس الْأنْصَارِيّ، الْمدنِي أَبُو سعيد القَاضِي، ثِقَة، ثَبت من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 44 أَو بعْدهَا. ا. هـ، قلت: وَقد سقط فِي نُسْخَة التَّقْرِيب بتحقيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف عبارَة "أَبُو سعيد القَاضِي ثِقَة ثَبت" وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1501 أَنه روى عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ وَعنهُ اللَّيْث بن سعد. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 217 خَالِد بن أبي عمرَان التجِيبِي، أَبُو عَمْرو، قَاضِي أفريقية، فَقِيه صَدُوق، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة خمس، وَيُقَال: تسع وَعشْرين، م د ت س، وَفِي التَّهْذِيب الْكَمَال 1/ 361 أَنه روى عَن أبي عَيَّاش الْمصْرِيّ. 5 لم يعجم فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "عَن أبي عَبَّاس" وَالَّذِي أرجحه أَنه "أَبُو عَيَّاش" بالمثناه بعْدهَا ألف، وَبِه جَاءَ عِنْد أبي عَاصِم فِي السّنة، كَمَا سيتبين من تَخْرِيجه، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 458: أَبُو عَيَّاش بن النُّعْمَان الْمعَافِرِي الْمصْرِيّ، مَقْبُول، من الثَّالِثَة/ د ق. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 12/ 194 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَعنهُ خَالِد بن أبي عمرَان.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1 قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا قَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ" 2. حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْحِمْصِيُّ3، ثَنَا4 بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ5، عَن عتبَة

_ 1 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 2 أخرجه ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة بتخريج الألباني ط, الأولى 1/ 103 قَالَ: ثَنَا عمر بن الْخطاب، ثَنَا أَبُو صَالح، ثَنَا اللَّيْث، ثَنَا يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ خَالِدِ بن عمرَان، حَدثنِي أَبُو عَيَّاش، عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظِهِ، وَذكره الهيثمي فِي الْمجمع 7/ 211 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ، وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط، وَفِيه عبد الله بن صَالح، وَثَّقَهُ عبد الْملك بن شُعَيْب وَضَعفه غَيره. وَقَالَ الألباني فِي تَخْرِيجه للسّنة -الْمصدر السَّابِق: "حَدِيث صَحِيح بِمَا تقدم لَهُ فِي الْبَاب من شَوَاهِد، وَرِجَاله ثِقَات على ضعف فِي أبي صَالح -واسْمه عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث- غير أبي عَيَّاش، وَهُوَ ابْن النُّعْمَان الْمعَافِرِي الْمصْرِيّ روى عَنهُ جمع، وَلَكِن لم يوثقه أحد". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 367: يزِيد بن عبد ربه الزبيدِيّ، بِالضَّمِّ، أَبُو الْفضل الْحِمصِي، الْمُؤَذّن، يُقَال لَهُ: الجرجسي، بجيمين مضمومتين بَينهمَا رَاء سَاكِنة، ثمَّ مُهْملَة، ثِقَة، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 24، لَهُ 56 سنة/ م د س ق، وَذكر فِي الكاشف 3/ 382 أَنه ورى عَن بَقِيَّة بن الْوَلِيد. 4 فِي ط، س "أخبرنَا". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 105: بَقِيَّة بن الْوَلِيد بن صائد بن كَعْب الْكلابِي، أَبُو يحمد بِضَم التَّحْتَانِيَّة وَسُكُون الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم، صَدُوق، كثير التَّدْلِيس عَن الضُّعَفَاء، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 97، وَله 87 سنة، خت م وَالْأَرْبَعَة، وَقَالَ فِي الْحَاشِيَة: الكلَاعِي، ينْسب إِلَى الكلاع بِفَتْح الْكَاف وَاللَّام المخففة قَبيلَة كَبِيرَة لنزلت حمص من الشَّام.

ابْن أَبِي حَكِيمٍ1، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ2، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ3 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِذَا شَاءَ قَالَ بِهِ هَكَذَا -وَأَمَالَ يَدَهُ- وَإِذَا شَاءَ قَالَ بِهِ هَكَذَا -وَأَمَالَ يَدَهُ- وَإِذَا شَاءَ ثبته" 4.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 4: عتبَة بن أبي حَكِيم، الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم، أَبُو الْعَبَّاس الأردني، بِضَم الْهمزَة وَالدَّال، بينهمان رَاء سَاكِنة، وَتَشْديد النُّون، صَدُوق يُخطئ كثيرا، من السَّادِسَة، مَاتَ بصور بعد الْأَرْبَعين، عخ وَالْأَرْبَعَة. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 361: يزِيد بن أبان الرقاشِي، بتَخْفِيف الْقَاف ثمَّ مُعْجمَة، أَبُو عَمْرو الْبَصْرِيّ، الْقَاص، بتَشْديد الْمُهْملَة، زاهد، ضَعِيف، من الْخَامِسَة مَاتَ قبل الْعشْرين، بخ ت ق، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 3/ 274 أَنه روى عَن الْحسن وَأنس. 3 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"201". 4 أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ بترتيب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الدُّعَاء بَاب دُعَاء رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم/ حَدِيث 3834، 2/ 1260 من طَرِيق الْأَعْمَش، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ أَنَسِ مَرْفُوعا، وَفِي آخِره: "إِن الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَن عز وَجل يقلبها" وَأَشَارَ الْأَعْمَش بِأُصْبُعَيْهِ، وَنقل مُحَمَّد فؤاد عَن الزَّوَائِد أَنه قَالَ: "مدَار الحَدِيث على يزِيد الرقاشِي وَهُوَ ضَعِيف". قلت: وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 3/ 112 من طَرِيق آخر عَن أنس مَرْفُوعا، فِي آخِره بِلَفْظ "إِن الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الله عز وَجل يقلبها".

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ1، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنِ بِهْرَامٍ2، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ3 قَالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا5 تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ بَنِي آدَمَ بَشَرٌ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، فَإِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أزاغه" 6.

_ 1 عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ، تقدم ص"157". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 467: عبد الحميد بن بهْرَام الْفَزارِيّ، الْمَدَائِنِي، صَاحب شهر بن حَوْشَب، صَدُوق، من السَّادِسَة/ بخ د ق. 3 شهر بن حَوْشَب، تقدم ص"351". 4 أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تقدّمت ص"375". 5 عبارَة "رَضِي الله عَنْهَا" لَيست فِي ط، س، ش. 6 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 6/ 302 من طَرِيق آخر عَن عبد الحميد قَالَ: حَدثنِي شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أم سَلمَة تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكثر فِي دُعَائِهِ أَن يَقُولُ: "اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينك"، قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، أَو إِن الْقُلُوب لتقلب؟ قَالَ: "نعم، مَا من خلق الله من بني آدم من بشر إِلَّا أَن قلبه بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ، فَإِن شَاءَ الله عز وَجل أَقَامَهُ وَإِن شَاءَ الله أزاغه...." إِلَخ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه، بتعليق عزت الدعاس، أَبْوَاب الدَّعْوَات، بَاب "مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي" حَدِيث 3517، 9/ 182 من طَرِيق آخر عَن أبي كَعْب صَاحب الْحَرِير قَالَ: حَدثنِي شهر بن حَوْشَب قَالَ: قلت لأم سَلمَة يَا أم الْمُؤمنِينَ، مَا كَانَ دُعَاء رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ عنْدك؟ ... ثمَّ ذكره فِي آخر الحَدِيث بِنَحْوِهِ، وَقَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد، انْظُر: تحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 9/ 505.

فَهَذِهِ أَلْفَاظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْتُهُ وَثَبَتُّهُ1 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، فَفِي أَيِّ لُغَاتٍ وَجَدْتَ أَنَّهَا قُدْرَتَانِ2 مِنَ الْقُدَرِ؟ وَهَلْ من شَيْء لَيْسَ قُدْرَةِ اللَّهِ3 الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى يَخُصَّ4 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُلُوبَ مِنْ بَيْنِهَا5 بِقُدْرَتَيْنِ؟ فَلَمْ تَدَّعِ6 مَا إِذَا رَجَعْتَ فِيهِ إِلَى نَفْسِكَ عَلِمْتَ أَنَّهُ ضَلَالٌ وَبَاطِلٌ وضحكة وسخرية، مَعَ أَنَّ الْمُعَارِضَ7 لَمْ يَقْنَعْ بِتَفْسِيرِ إِمَامِهِ الْمَرِيسِيِّ حَتَّى اخْتَرَقَ لِنَفْسِهِ/ فِيهِ مَذْهَبًا خِلَافَ مَا قَالَ8 إِمَامه، وخلا مَا يُوجد فِي لُغَات وَالْعَجَمِ، فَقَالَ: أُصْبُعَاهُ: نِعْمَتَاهُ قَالَ: وَهَذَا جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. فَيُقَالُ: لِهَذَا الْمُعَارِضِ: فِي أَيِّ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَجَدْتَ إِجَازَتَهُ؟ وَعَنْ أَيِّ فَقِيهٍ أَخَذْتَهُ.؟ فَاسْتَنِدْ إِلَيْهِ10 وَإِلَّا فَإِنَّكَ مِنَ الْمُفْتَرِينَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَوْ كُنْتَ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ11 ... ، أَوِ الْأَصْمَعِيَّ12 مَا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْكَ إِلَّا بِحُجَّةٍ13.

_ 1 فِي ط، س، ش "فِي الحَدِيث الَّذِي بَينته ورويته". 2 فِي الأَصْل، ط، ش "أَنَّهَا قدرتين" وَبِمَا أَثْبَتْنَاهُ جَاءَ فِي س، وَهُوَ الصَّوَاب. 3 كَذَا فِي الأَصْل س، وَفِي ط، ش "لَيْسَ تَحت قدرَة الله" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 4 فِي ط، س، ش "خص". 5 فِي س "من بَينهمَا": ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 7 لم يتَبَيَّن لي اسْم هَذَا الْمعَارض كَمَا سبق وَأَن أَشرت إِلَى ذَلِك. 8 فِي ط، س، ش "خلاف مَا قَالَه". 9 فِي ط، ش "فَفِي لِسَان الْعَرَب والعجم". 10 فِي ط، س، ش "فأسنده إِلَيْهِ". 11 هُوَ الْخَلِيل، بن أَحْمد بن عَمْرو بن تَمِيم الفراهيدي الْأَزْدِيّ اليحمدي، من أَئِمَّة اللُّغَة وَالْأَدب وَوَاضِع علم الْعرُوض، وَهُوَ أستاذ سِيبَوَيْهٍ النَّحْوِيّ، ولد بِالْبَصْرَةِ سنة 100هـ، وَتُوفِّي بهَا سنة 170هـ وعاش فَقِيرا صَابِرًا. بِتَصَرُّف من كتاب الْأَعْلَام للزركلي، الطبعة الثَّانِيَة 2/ 363، وَانْظُر: وفيات الْأَعْيَان 1/ 172، وإنباه الر واة 1/ 341. 12 فِي س "والأصمعي". قلت: واسْمه عبد الْملك بن قريب بن عَليّ بن أصمع الْبَاهِلِيّ، أَبُو سعيد الْأَصْمَعِي، راوية الْعَرَب، وَأحد أَئِمَّة الْعلم باللغة وَالشعر والبلدان، كَانَ كثير التطواف فِي الْبَوَادِي، ولد بِالْبَصْرَةِ سنة 122 وَتُوفِّي بهَا سنة 216هـ، وَكَانَ يَقُول: احفظ عشرَة آلَاف أرجوزة وَله تصانيف. بِتَصَرُّف من كتاب الْأَعْلَام للزركلي، الطبعة الثَّانِيَة 4/ 307، وَانْظُر: جمهرة الْأَنْسَاب ص"234"، ووفيات الْأَعْيَان 1/ 288، وتاريخ بَغْدَاد 10/ 410. 13 ورد بعد هَذَا فِي ط، س، ش مَا يَلِي: "وَمعنى الْأَصَابِع مَفْهُوم وَمعنى النِّعْمَة مَفْهُوم، وَكَذَا وَافقه أَبُو حَامِد فِي نفي الْأَصَابِع فسماها نعْمَة، فَكفى خيبة وخسارة بِرَجُل يضاد قَوْله فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، يكذب دَعْوَاهُ ويرجح تنزيهه على رَسُوله" وَفِي س "ويرجح بتنزيهه على تَنْزِيه رَسُوله" انْتهى.

إنكار المريسي حديث الصورة والرد عليه

إِنْكَار المريسي حَدِيث الصُّورَة وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وَأَمَّا إِنْكَارُكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَتَرَاءَى 1 لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي غَيْرِ صُورَتِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، ثُمَّ يَتَرَاءَى فِي صورته الَّتِي يعرفونها فيعرفونه، إِنْكَار المريسي حَدِيث الصُّورَة وَالرَّدّ عَلَيْهِ،

_ 1 كَذَا بِلَفْظ "يتَرَاءَى" وَلم أَجِدهُ فِي البُخَارِيّ وَمُسلم وَأحمد وَغَيرهم بِهَذَا اللَّفْظ.

فَيَتَّبِعُونَهُ" 1. فَزَعَمْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِهَذَا فَهُوَ مُشْرِكٌ. يُقَالُ لَهُمْ: أَلَيْسَ قَدْ عَرَفْتُمْ رَبَّكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَكَيْفَ جَهِلْتُمُوهُ عِنْدَ الْعَيَانِ وَشَكَكْتُمْ فِيهِ؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ 1 رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب الرقَاق، بَاب الصِّرَاط على جسر جَهَنَّم حَدِيث 6573، 11/ 445 قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، أخبرنَا شُعَيْب، عَن الزُّهْرِيّ أَخْبرنِي سعيد وَعَطَاء بن يزِيد أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهما، عَن النَّبِي صلى الله عيله وَسلم، وحَدثني مَحْمُود، حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، أخبرنَا مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "وَتبقى هَذِه الْأمة فِيهَا منافقوها، فيأتيهم الله فِي غير الصُّورَة الَّتِي يعْرفُونَ، فَيَقُول: أَنا ربكُم، فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذا أَتَانَا رَبنَا، عَرفْنَاهُ، فيأتيهم الله فِي الصُّورَة الَّتِي يعْرفُونَ فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبنَا، فيتبعونه"، وَلأبي سعيد الْخُدْرِيّ أَيْضا مثله، انْظُر: حَدِيث 6574، 11/ 446. وَرَاه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان بَاب معرفَة طَرِيق الرُّؤْيَة حَدِيث 182، 1/ 164 قَالَ: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا أبي عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بن يزِيد اللَّيْثِيّ أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهُ أَن أُنَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟........ وَفِيه: "وَتبقى هَذِه الْأمة فِيهَا منافقوها" وَذكر بَاقِيه بِلَفْظ قريب جدًّا من لفظ البُخَارِيّ. وَأخرجه أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 3/ 534.

مِنْ1 رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ2، حَدَّثَنَا3 نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ4، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ5، عَنْ مَعْمَرٍ6، عَنِ الزُّهْرِيِّ7، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ8، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ9 وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ10 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنَّكَ تَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم11 من جوده يَقُولُهُ12، فَاحْذَرْ أَنْ لَا يَكُونَ قَذْفُكَ بِالشِّرْكِ أَنْ يَقَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ13، وَمَا ذَنْبُنَا إِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ سَلَبَ عَقْلَكَ حَتَّى جَهِلْتَ مَعْنَاهُ؟ وَيْلَكَ! إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَكٍّ وَارْتِيَابٍ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَنَّ اللَّهَ تَجَلَّى لَهُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي صُورَتِهِ الَّتِي عَرَّفَهُمْ صفاتهم فِي الدُّنْيَا لَاعْتَرَفُوا بِمَا عَرَفُوا، وَلم

_ 1 فِي ش "عَن رِوَايَة الزُّهْرِيّ". 2 الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن شهَاب، تقدم ص"175". 3 فِي ط، س، ش "حَدثنَا". 4 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 5 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 6 معمر بن رَاشد الْأَزْدِيّ، تقدم ص"205". 7 الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن شهَاب، تقدم ص"175". 8 عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، تقدم ص"205". 9 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"79". 10 أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"205"، وَانْظُر تَخْرِيج الحَدِيث من طَرِيق أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد ص"204". 11 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش. 12 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "يَقُوله من جودة إِسْنَاده". 13 لِأَنَّهُ يَقُول: إِن من أقرّ بِمَا فِي الحَدِيث الْمَذْكُور فَهُوَ مُشْرك.

يَنْفِرُوا، وَلَكِنَّهُ يُرِي نَفْسَهُ فِي أَعْيُنِهِمْ، لِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِ رُبُوبِيَّتِهِ فِي صُورَة غير من عرفهم الله صفاتهم فِي الدُّنْيَا، لِيَمْتَحِنَ بِذَلِكَ إِيمَانَهُمْ ثَانِيَةً فِي الْآخِرَةِ، كَمَا امْتَحَنَ فِي الدُّنْيَا1 لِيُثْبِتَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَرِفُونَ بِالْعُبُودِيَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا لِلْمَعْبُودِ الَّذِي عَرَفُوهُ فِي الدُّنْيَا بِصِفَاتِهِ، الَّتِي أَخْبَرَهُمْ بِهَا فِي كِتَابِهِ، وَاسْتَشْعَرَتْهَا قُلُوبُهُمْ حَتَّى مَاتُوا عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا مُثِّلَ فِي أَعْيُنِهِمْ غَيْرُ مَا عَرَفُوا مِنَ الصِّفَةِ نَفَرُوا وَأَنْكَرُوا، إِيمَانًا مِنْهُمْ2 بِصَفَةِ رُبُوبِيَّتِهِ الَّتِي امْتَحَنَ قُلُوبَهُمْ فِي الدُّنْيَا، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ إِلَّا الَّتِي3 امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ4 تَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي عَرَّفَهُمْ فِي الدُّنْيَا فَآمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوا، وَمَاتُوا، وَبُشِرُوا عَلَيْهِ5، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَحَوَّلَ اللَّهُ مِنْ صُورَةٍ إِلَى صُورَةٍ، وَلَكِنْ يُمَثَّلُ ذَلِكَ فِي أَعْيُنِهِمْ بِقُدْرَتِهِ. فَلَيْسَ هَذَا أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ بِشَكٍّ مِنْهُمْ فِي مَعْبُودِهِمْ، بَلْ هُوَ زِيَادَةُ يَقِينٍ وَإِيمَانٌ6 بِهِ مَرَّتَيْنِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ7 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّهُ قَالَ لَهُم

_ 1 فِي ط، ش "كَمَا امتحن إِيمَانهم فِي الدُّنْيَا". 2 فِي ط، س، ش "أَنْكَرُوا إِيمَانهم بِصفة ربوبيته.." إِلَخ ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 كَذَا فِي الأَصْل، وَيعود هُنَا إِلَى صفة الرب، وَفِي ط، س، ش "الَّذِي" وَيعود بِهَذَا إِلَى الرب جلّ جَلَاله، الْمَفْهُوم من السِّيَاق. 4 أَي بهَا، وَفِي ط، س، ش "امتحن الله قُلُوبهم". 5 فِي ط، س، ش "ونشروا عَلَيْهِ" وَهُوَ أوضح. 6 فِي ط، س، ش "بِإِيمَان". 7 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".

يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَتَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ إِذَا اعْتَرَفَ1 لَنَا عَرَفْنَاهُ"2 يَقُولُونَ: لَا نُقِرُّ بِالرُّبُوبِيَّةِ إِلَّا لِمَنِ اسْتَشْعَرَتْهُ قُلُوبُنَا، بِصِفَاتِهِ الَّتِي أَنْبَأَنَا بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَحِينَئِذٍ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي صُورَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ، فَيَزْدَادُونَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَبِرُبُوبِيَّتِهِ، اغْتِبَاطًا وَطُمَأَنِينَةً، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الشَّكِّ عَلَى مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، بَلْ هُوَ يَقِينٌ بَعْدَ يَقِينٍ، وَإِيمَانٌ3 بَعْدَ إِيمَان وَلَكِن الشَّك والربوبية كُلَّهَا مَا4 ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ فِي تَفْسِيرِ الرُّؤْيَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ" 5، فَادَّعَيْتَ أَنَّ رُؤْيَتَهُمْ تِلْكَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنَّ لَهُمْ رَبًّا لَا يَعْتَرِيهِمْ فِي ذَلِكَ شَكٌّ، كَأَنَّهُمْ فِي دَعْوَاكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ لَمْ يَعْلَمُوا فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ رَبُّهُمْ، حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا بِهِ فِي الْآخِرَةِ. فَهَذَا التَّفْسِيرُ إِلَى الشَّكِّ أَقْرَبُ مِمَّا ادَّعَيْتَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّكِّ وَالشِّرْكِ، لَا بَلْ هُوَ الْكُفْرُ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ مؤمنهم وكافرهم

_ 1 فِي ط، ش "تعرف" وَهُوَ الْمُوَافق لما فِي سنَن الدَّارمِيّ. 2 ورد فِي سنَن الدَّارمِيّ، كتاب الرَّقَائِق، بَاب فِي سجو، د عَن الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة حَدِيث 2806، 2/ 234 عَن أبي هُرَيْرَة فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "هَل تعرفونه؟ فَيَقُولُونَ: إِذا تعرف إِلَيْنَا عَرفْنَاهُ، فَيكْشف لَهُم عَن سَاقه فيقعون سجودًا ... " إِلَخ. 3 فِي ش "وإيمانًا بعد إِيمَان" وَالصَّوَاب ماأثبتناه؛ لِأَن الْمَعْطُوف على الْمَرْفُوع مَرْفُوع. 4 فِي ش "فِيمَا ادعيت". 5 تقدم تخرجه ص"195".

يَعْلَمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُمْ، لَا يَعْتَرِيهِمْ فِي ذَلِكَ شَكٌّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ1 يَقُولُ: {أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ} 2؛ فَالشَّكُّ فِي اللَّهِ الَّذِي3 تَأَوَّلْتَهُ أَنْتَ فِي الرُّؤْيَةِ لَا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيْلَكَ! إِنَّ اللَّهَ لَا تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ وَلَا تَتَبَدَّلُ، وَلَكِنْ يُمَثَّلُ فِي أَعْيُنِهِمْ يَوْمَئِذٍ، أَوَلَمْ تَقْرَأْ كِتَابَ اللَّهِ: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} 4؟ وَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يَشَاءُ، كَمَا مُثِّلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ5 مَعَ مُعظم صُورَتِهِ وَجَلَالَةِ خَلْقِهِ فِي عَيْنِ

_ 1 فِي ط، ش "أَنه تَعَالَى يَقُول". 2 سُورَة السَّجْدَة، آيَة "12". 3 فِي ط، ش "هَذَا الَّذِي تأولته"، وَفِي س "هوالذي تأولته". 4 سُورَة الْأَنْفَال، آيَة "44". 5 قَوْله: "عَلَيْهِ السَّلَام" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: جِبْرِيل أَو جِبْرَائِيل اسْم ملك الْوَحْي، وَهُوَ أقرب مَلَائِكَة الله المقربين إِلَيْهِ، وَهُوَ روح الْقُدس الَّذِي يُرْسِلهُ إِلَى رسله لتبليغ رسالاتهم، وَيُسمى بِالروحِ الْأمين، وبروح الْقُدس، لطهارته، وتنزهه عَن مُخَالفَة أَمر ربه وَهُوَ أحد رُؤَسَاء الْأَمْلَاك، أثنى الله عَلَيْهِ وَوَصفه بأجمل الصِّفَات مِنْهَا: أَنه رَسُوله، وَأَن كريم عِنْده وَأَنه ذُو قُوَّة ومكانة عِنْده، وَأَنه مُطَاع فِي السَّمَوَات، أَنه أَمِين الْوَحْي، وَقَالَ بعض السّلف: مَنْزِلَته من ربه منزلَة الْحَاجِب من الْملك، وَقَالَت الْيَهُود: ذَاك ينزل بِالْحَرْبِ والقتال عدونا، فَأنْزل الله: {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} الْآيَة، وَفِي الصَّحِيح أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم رَآهُ على صورته لَهُ سِتّمائَة جنَاح سادًّا مَا بَين الْأُفق، ورد فِي ذكره فِي الْقُرْآن كثيرا، وَانْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، كتاب الْخلق، بَاب إِذا قَالَ أحدكُم آمين، حَدِيث 3232، 3234، 6/ 316، وَانْظُر: إغاثة اللهفان لِابْنِ الْقيم 2/ 127-129، انْظُر: أول سُورَة النَّجْم والمزمل والمدثر واقرأ وَمَا قَالَه الْمُفَسِّرُونَ فِي ذَلِك.

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُورَةَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ1 وَكَمَا مثله لِمَرْيَم2 بشرا

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 235: دحْيَة بن خَليفَة بن فَرْوَة بن فضَالة الْكَلْبِيّ، صَحَابِيّ جليل، نزل المزة، وَمَات فِي خلَافَة مُعَاوِيَة، د، وَفِي الْإِصَابَة قَالَ ابْن حجر: أَو مشاهده الخَنْدَق، وَقيل: أحد، وَلم يشْهد بَدْرًا، وَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل فِي حسن الصُّورَة، وَكَانَ جِبْرَائِيل ينزل على صورته، جَاءَ ذَلِك من حَدِيث أم سَلمَة وَمن حَدِيث عَائِشَة، وروى النَّسَائِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح، عَن يحيى بن يعمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "كَانَ جِبْرَائِيل يَأْتِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ" وَانْظُر: الْإِصَابَة بذيلة الِاسْتِيعَاب 1/ 463-464، والاستيعاب ذيل الْإِصَابَة 1/ 463-465 وَأسد الغابة 2/ 130. قلت: وَلم أجد مَا ذكره ابْن حجر فِي سنَن النَّسَائِيّ، وَوَجَدته فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه الْمُنْتَخب 2/ 107 من طَرِيق يحيى بن يعمر، عَن ابْن عمر بِلَفْظ: "وَكَانَ جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَة دحْيَة" وَبِمَعْنَاهُ عَن جَابر مَرْفُوعا انْظُر: الْمسند 3/ 334، وَعَن عَائِشَة أَيْضا فِي الْمسند 6/ 143، 146. 2 مَرْيَم بنت عمرَان أحد عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل، أم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، حملت بهَا أمهَا ونذرت أَن تهب مَا فِي بَطنهَا محررًا لخدمة الهيكل، فَلَمَّا وَضَعتهَا أُنْثَى اعتذرت إِلَى الله، ودعت لَهَا، فَأجَاب دعاءها وأنبتها نباتًا حسنا، وَمَات والدها وَهِي صَغِيرَة فكفلها زكريًّا، وَكَانَ كلما دخل عَلَيْهَا الْمِحْرَاب وجد عِنْدهَا رزقا لَا يجده عِنْد النَّاس، ونشأت طَاهِرَة عفيفة مَحْفُوظَة بعناية الله، ثمَّ أرسل الله إِلَيْهَا جِبْرِيل فأعلمها أَنه رَسُول من الله ليهب لَهَا غُلَاما زكيًّا، وحملت بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ لَهَا مَعَ قَومهَا مَا هُوَ مَعْرُوف لمن تَأمله فِي الْقُرْآن ذكر أَن عمرها كَانَ إِحْدَى وَخمسين سنة، ورد ذكرهَا فِي الْقُرْآن نَحْو من إِحْدَى وَثَلَاثِينَ مرّة انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ، كتاب الْأَنْبِيَاء الْأَبْوَاب من ص"4693-490" جـ6 والكامل فِي التَّارِيخ 1/ 307-320، وتاريخ الْأُمَم والملوك لِابْنِ جرير الطَّبَرِيّ 1/ 585-605، ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية 2/ 202.

سَوِيًّا1، وَهُوَ مَلَكٌ كَرِيمٌ فِي صُورَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَكَمَا شَبَّهَ فِي أَعْيُنِ الْيَهُودِ أَنْ قَالُوا2: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} 3 فَقَالَ: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} 3 وَمَا علملك4 أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ بِهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ وَرَدَتْ عَلَيْكَ آثَارٌ لِرَسُولِ5 اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أخذت بخلقك، وَنَقَضْتَ عَلَيْكَ مَذْهَبَكَ فَالْتَمَسْتَ الرَّاحَةَ مِنْهَا بِهَذَا الْمَغَالِيطِ وَالَأَضَالِيلِ، الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ6 الْعِلْمِ وَالْبَصَرِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَأَنْتَ مِنْهَا فِي شُغُلٍ، كَمَا غَالَطْتَ بِشَيْءٍ أَخَذَ بِحَلْقِكَ شَيْءٌ7 فَخَنَقَكَ حَتَّى تَلْتَمِسَ لَهُ أُغْلُوطَةً أُخْرَى، وَلِئِنْ جَزِعْتَ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ فَدَفَعْتَهَا بِالْمَغَالِيطِ مَالَكَ رَاحَةٌ فِيمَا يُصَدِّقُهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ8 الَّذِي لَا تَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ، وَكَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى دفع

_ 1 يدل لذَلِك قَوْله تَعَالَى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} سُورَة مَرْيَم آيَة "17". 2 فِي ط، س، ش "إِذْ قَالُوا". 3 سُورَة النِّسَاء آيَة "175". 4 فِي، "وَمَا علمك". 5 فِي ط، ش "آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 6 لفظ "أهل" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى. 7 فِي ط، س، ش "أَخذ بحلقك" شَيْء آخر". 8 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

هَذِهِ الْآثَارِ وَقَدْ صَحَّتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْفَاظُهَا بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ، ناقضة1 لمذاهبك وتفاسيرك، وَقد تَدَاوَلَتْهَا أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ وَتَنَاسَخُوهَا، يُؤَدِّيهَا الْأَوَّلُ إِلَى الْآخِرِ وَالشَّاهِدُ إِلَى الْغَائِبِ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، ليقرعوا بهَا رُؤُوس الْجَهْمِيَّةِ2 وَيُهَشِّمُوا بِهَا أُنُوفَهُمْ، وَيَنْبُذُ3 تَأْوِيلَكَ فِي حَشِّ أَبِيكِ، وَيُكْسَرُ فِي حلقك كمن كُسِرَ فِي حُلُوقِ مَنْ كَانَ فَوْقَكَ مِنَ الْوُلَاةِ وَالْقُضَاةِ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ فَوْقِكَ، مِثْلَ ابْنِ أبي دؤاد4 وَعبد الرَّحْمَن5

_ 1 فِي ط، س، ش "مناقضة لمذاهبك". 2 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 3 فِي ط، س، ش "وينبذوا". 4 هُوَ أَحْمد بن أبي دؤاد القَاضِي، جهمي بغيض، قل مَا روى، قَالَ الْخَطِيب: ولي الْقَضَاء للمعتصم والواثق، وَكَانَ مَوْصُوفا بالجود وَحسن الْخلق ووفور الْأَدَب، غير أَنه أعلن بِمذهب الْجَهْمِية وَحمل النَّاس على امتحان النَّاس بِخلق الْقُرْآن، وَقَالَ النديم: كَانَ من كبار الْمُعْتَزلَة مِمَّن جرد فِي إِظْهَار الْمَذْهَب والذب عَن أَهله بِهِ، وَهُوَ من صنائع يحيى بن أَكْثَم، وَهُوَ الَّذِي وَصله بالمأمون، ثمَّ اتَّصل بالمعتصم، فَكَانَ لَا يقطع أمرا دونه، توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ من فالج أَصَابَهُ بِتَصَرُّف من لِسَان الْمِيزَان 1/ 171، وَانْظُر: تَارِيخ بَغْدَاد بترقيم مُحَمَّد أَمِين الخانجي 4/ 141-156 ووفيات الْأَعْيَان بتحقي د. إِحْسَان عَبَّاس 1/ 81-91 والأعلام للزركلي 1/ 124. 5 عبد الرَّحْمَن بن كيسَان أَبُو بكر الْأَصَم فَقِيه معتزلي، مُفَسّر قَالَ ابْن المرتضى: كَانَ من أفْصح النَّاس وأفقههم وأورعهم، خلا أَنه كَانَ يُخطئ عليًّا رَضِي الله عَنهُ فِي كثير من أَفعاله ويصوب مُعَاوِيَة فِي بعض أَفعاله، وَله تَفْسِير الْأُصُول، ومناظرات مَعَ ابْن الْهُذيْل العلاف، وَقَالَ ابْن حجر: هُوَ من طبقَة ابْن الْهُذيْل، وأقدم مِنْهُ، قَالَ القَاضِي عبد الْجَبَّار: كَانَ جليل الْقدر يكاتبه السُّلْطَان، توفّي سنة 126، انْظُر: فرق وطبقات الْمُعْتَزلَة لعبد الْجَبَّار الْهَمدَانِي، تَحْقِيق على النشار وعصام الدَّين مُحَمَّد ص"65"، ولسان الْمِيزَان 3/ 427، والأعلام للزركلي 3/ 323.

وَشُعَيْبٍ1 بَعْدَهُ، وَغَسَّانَ2 وَابْنِ رَبَاحٍ الْمُفْتَرِي3 عَلَى الْقُرْآنِ. فَإِنْ كُنْتَ تَدْفَعُ هَذِهِ الْآثَارَ بِجَهْلِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِي الْقُرْآنِ، وَكَيْفَ تَحْتَالُ لَهُ؟ وَهُوَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، نَاقِضٌ لِمَذْهَبِكَ، وَمُكَذِّبٌ لِدَعْوَاكَ حَتَّى بَلَغَنِي عَنْكَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْمُعَارِضِ أَنَّكَ قُلْتَ: مَا شَيْءٌ أَنْقَضُ لِدَعْوَانَا مِنَ الْقُرْآنِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِدَفْعِهِ إِلَّا مُكَابَرَة بالتأويل.

_ 1 شُعَيْب بن سهل بن كثير الرَّازِيّ، أَبُو صَالح الملقب شعبويه، قَاض من الْجَهْمِية يَقُول بِخلق الْقُرْآن وَنفي الصِّفَات والرؤية وينتقص أهل السّنة، ولي قَضَاء الرصافة فِي أَيَّام المعتصم، وَكتب على بَاب مَسْجده: "الْقُرْآن مَخْلُوق" فأحرقت الْعَامَّة بَابه سنة 227 وَنهب بَيته، وَقَالَ الْبَغْدَادِيّ: هُوَ أول قَاض أحرق بَابه، وانتهب منزله فِيمَا بلغنَا، وعزل من الْقَضَاء سنة 228هـ، وَذكر أَنه توفّي سنة 246هـ، انْظُر: تَارِيخ بَغْدَاد 9/ 243، ولسان الْمِيزَان 3/ 147، والأعلام للزركلي 3/ 166-167. 2 الرَّاجِح أَنه غَسَّان الْكُوفِي المرجئ، زعم أَن الْإِيمَان هُوَ الْمعرفَة بِاللَّه تَعَالَى وبرسوله والأقرار بِمَا أنزل الله، مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول دون التَّفْصِيل، وَالْإِيمَان يزِيد ولاينقص قَالَ الشهرستاني: "وَمن العجيب أَن غَسَّان كَانَ يَحْكِي عَن أبي حنيفَة -رَحمَه الله- مذْهبه ويعده من المرجئة وَلَعَلَّه كذب" وَإِلَيْهِ ينْسب الغسانية من المرجئة انْظُر: الْملَل والنحل للشهرستاني تَصْحِيح وَتَعْلِيق الشَّيْخ أَحْمد فهمي ط، الأولى 1/ 255، وَالْفرق بَين الْفرق للبغدادي ط. الثَّالِثَة ص"191". 3 أَحْمد بن رَبَاح من الْجَهْمِية، ذكر ابْن الْجَوْزِيّ أَن المتَوَكل أَمر بِمَسْأَلَة الإِمَام أَحْمد عَمَّن يتقلد الْقَضَاء، فَسئلَ عَن أَحْمد بن رَبَاح فَقَالَ فِيهِ: إِنَّه جهمي مَعْرُوف بذلك، وَإنَّهُ إِن قلد شَيْئا من أُمُور الْمُسلمين كَانَ ضَرَرا على الْمُسلمين تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. عبد الله التركي، ومقابلة وَتَصْحِيح د. على مُحَمَّد عمر, ط الأولى، الْبَاب الثَّالِث وَالْعشْرُونَ ص"327".

تأويل المعارض لصفة القدم والرد عليه

تَأْوِيل الْمعَارض لصفة الْقدَم وَالرَّدّ عَلَيْهِ: ثُمَّ أَنْشَأْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ تَطْعَنُ فِي حَدِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَمَا صَدَّقْتَ بِهِ، وَعَرَفْتَ أَنَّهُ قَدْ قَالَهُ، ثُمَّ فَسَّرْتَهُ تَفْسِيرًا مُخَالِفًا لِتَفَاسِيرِ أَهْلِ الضَّلَالَة1، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَزَالُ جَهَنَّمَ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ فتزوى 2 قتقول 3: قطّ قطّ" 4.

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "أهل الصَّلَاة" وَلَعَلَّ الصَّوَاب الصّلاح. 2 فِي س "فتنزوي" وَبِمَا فِي الأَصْل وَردت رِوَايَة الإِمَام أَحْمد. 3 فِي ط، س، ش "وَتقول" وَبِمَا فِي الأَصْل وَردت رِوَايَة الإِمَام أَحْمد. 4 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَول الله تَعَالَى {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} - {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} - {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ} حَدِيث 7384، 13/ 369 عَن أنس، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِلَفْظ: "لَا يزَال يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مزِيد؟ حَتَّى يضع فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ فَيَنْزَوِي بَعْضهَا إِلَى بعض ثمَّ تَقول: قد قد، بعزتك وكرمك وَلَا تزَال الْجنَّة تفضل حَتَّى ينشئ الله لَهَا خلقا فيسكنهم فضل الْجنَّة". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْجنَّة وَصفَة نعيمها وَأَهْلهَا، بَاب النَّار يدخلهَا الجباورن وَالْجنَّة يدخلهَا الضُّعَفَاء، أَحَادِيث 35، 36، 37، 38 جـ4 ص"2186-2188" عَن أبي هُرَيْرَة وَأنس، وَفِي بَعْضهَا قَالَ: "لَا تَزَالُ جَهَنَّمَ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يضع رب الْعِزَّة فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتقول: قطّ قطّ، بعزتك وكرمك، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى ينشئ الله لَهَا خلقا فيسكنهم فضل الْجنَّة". وَانْظُر: مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 3/ 13، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فَيلقى فِي النَّار أَهلهَا، فَتَقول: هَل من مزِيد؟ قَالَ: ويلقى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ ويلقى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَأْتِيهَا تبَارك وَتَعَالَى فَيَضَع قدمه عَلَيْهَا فتزوي فَتَقول: قدي قدي ... " إِلَخ.

وَادَّعَيْتَ1 أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّ الْحَدِيثَ حَقٌّ، وَمَعْنَاهُ عِنْدَكَ: أَنَّهَا لَا تَمْتَلِئُ2 حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ قَدَمَهُ فِيهَا، فَقُلْتَ: مَعْنَى "قَدَمَهُ" أَهْلُ الشِّقْوَةِ الَّذِينَ سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهَا، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ3 بِبَاطِلِ زَعْمِكَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى4: {وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} 5 قَالَ: "مَا قَدَّمُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ"6.

_ 1 فِي ط، س، ش "فادعيت". 2 فِي ش "أَنَّهَا تمتلئ" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"172". 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 سُورَة يُونُس، آيَة "2". 6 قَالَ الطبريي فِي تَفْسِيره: وَاخْتلف أهل التَّأْوِيل فِي معنى قَوْله {قََدَمَ صِدْقٍ} ، فَقَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ أَن لَهُم أجرا حسنا بِمَ قدمُوا من الْأَعْمَال، وَقَالَ آخَرُونَ معنى ذَلِك أَن مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفِيع لَهُم قدم صدق، وَمِمَّنْ ذهب إِلَى القَوْل الأول عبد الله بن عَبَّاس، قَالَ ابْن جرير الطَّبَرِيّ: حَدثنِي مُحَمَّد بن سعيد قَالَ: ثني أبي قَالَ: ثني عمي، قَالَ، ثني أبي، عَن أَبِيه، عَن ابْن عَبَّاس قَوْله: {وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} يَقُول: أجرا =

فَقَدْ رَوَيْنَا أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ عَنِ الثِّقَاتِ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيرِ الْقَدَمِ خِلَافَ مَا ادَّعَيْتَ من تأويلك هَذَا2.

_ = حسنا بِمَا قدمُوا من أَعْمَالهم، وَمن طَرِيق آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: "سبقت لَهُم السَّعَادَة فِي الذّكر الأول". قَالَ ابْن جرير: "وَأولى هَذِه الْأَقْوَال عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَول من قَالَ: مَعْنَاهُ: أَن لَهُم أعمالًا صَالِحَة يستوجبون بهَا من الثَّوَاب" انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ، الطبعة الثَّانِيَة 11/ 58-59. وَفِي تَفْسِير ابْن كثير 2/ 406 قَالَ: وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} يُقَال: أجرا حسنا بِمَا قدمُوا، وَكَذَا الضَّحَّاك وَالربيع بن أنس، وَعبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم. وَفِي تنوير المقباس من تَفْسِير ابْن عَبَّاس للفيروآبادي ص"13" قَالَ: {وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} ثَوَاب خير، يُقَال: إِيمَانهم فِي قدم صدق فِي الْآخِرَة عِنْد رَبهم، وَيُقَال: أَن لَهُم نَبِي صدق، وَيُقَال: شَفِيع صدق". 1 تقدّمت تَرْجَمته ص"172". 2 سَيَأْتِي مَا يدل على ذَلِك فِي بداية الْجُزْء الثَّانِي.

الجزء الثاني

الْجُزْء الثَّانِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ1 وَيَحْيَى الْحِمَّانِيُّ2، عَنْ وَكِيعٍ3، عَنْ سُفْيَانَ4، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ5، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ6، عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير7، عَن

_ 1 كَذَا كَانَت بداية الْجُزْء الثَّانِي فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش بدأوا الْجُزْء الثَّانِي بقَوْلهمْ: "الْجُزْء الثَّانِي من نقض أَبِي سَعِيدٍ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارمِيّ على الضال المضل بشر المريسي الْجَبَّار العنيد. "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" رَبِّ يسر وأعن بِرَحْمَتك". ثمَّ أورد السَّنَد الَّذِي بَدَأَ بِهِ فِي الْجُزْء الأول فَقَالَ: أخبرنَا الشَّيْخ أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَحْنَفِ، أخبرنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ الْحَافِظ، أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي الْفضل ابْن مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمُزَكِّي قَالَ: أخبرنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيم الصوام، وَفِي س "الصرام" قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شيبَة تقدم ص"154". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 352: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن بشمين بِفَتْح الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة، الْحمانِي بِكَسْر الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم، الْكُوفِي، حَافظ، إِلَّا أَنهم اتَّهَمُوهُ بِسَرِقَة الحَدِيث، من صغَار التَّاسِعَة مَاتَ سنة 28/ م. 3 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 4 سُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد ابْن كثير فِي تَفْسِيره لآيَة الْكُرْسِيّ انْظُر: 1/ 39 وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"268". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 48: عمار بن مُعَاوِيَة الدهني، بِضَم أَوله وَسُكُون الْهَاء بعْدهَا نون، أَبُو مُعَاوِيَة البَجلِيّ الْكُوفِي، صَدُوق يتشيع من الْخَامِسَة، م ع، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 301 أَنه روى عَن أبي الطُّفَيْل وَمُجاهد وعدة وَعنهُ شُعْبَة والسفيانان. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 246: مسم بن عمرَان البطين، وَيُقَال: ابْن أبي عمرَان أَبُو عبد الله الْكُوفِي، ثِقَة من السَّادِسَة/ ع. 7 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173".

ابْنِ عَبَّاسٍ1 قَالَ: الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَالْعَرْشُ لَا يُقَدِّرُهُ إِلَّا الله "عز وَجل"2.

_ 1 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"172". 2 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَهَذَا الْأَثر أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص"107-108" من طَرِيق، عَن سيفان، عَن عمار بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ "الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَالْعَرْشُ لَا يقدر قدره"، وَفِي إِحْدَى طرقه بِلَفْظ "الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ". وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص للذهبي، كتاب التَّفْسِير جـ2 ص"282" قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن أَحْمد المحبوبي، ثَنَا مُحَمَّد بن معَاذ، ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا سُفْيَان، عَن عمارالدهني، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "الْكُرْسِيُّ مَوضِع قَدَمَيْهِ وَالْعرش لَا يقدر قدره" هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي التَّلْخِيص "خَ م". وَقَالَ فِي فتح الْبَارِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ جـ8 ص"199": "وَقد روى ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر، عَن ابْن عَبَّاس أَن الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ، وروى ابْن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي موسي مثله". وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره جَامع الْبَيَان، الطبعة الثَّانِيَة 3/ 9 بأسانيد عَن أبي مُوسَى وَعَن السّديّ، وَعَن الضَّحَّاك أَن الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ. وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ فِي كتاب الصِّفَات حَدِيث 36 ص"30" من طَرِيق مُحَمَّد بن مخلد، حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور الرَّمَادِي، حَدثنَا أَبُو عَاصِم، الضَّحَّاك بن مخلد، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَفعه شُجَاع إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يرفعهُ الرَّمَادِي {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} قَالَ: الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ، ولايقدر قدر الْعَرْش شَيْء ". وَأخرجه ابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس، وَأخرجه مَرْفُوعا من طَرِيق شُجَاع بن مخلد، وَذكره أَيْضا من طَرِيق شُجَاع بن مخلد بن كثير فِي تَفْسِيره إِلَّا أَنه قَالَ: "سجاع" بِالسِّين المهلمة، وَصَوَابه بالشين الْمُعْجَمَة، "انْظُر: الرَّد على الْجَهْمِية لِابْنِ مَنْدَه بتحقيق د. مُحَمَّد على فقيهي ص”44-45" ، وَابْن كثير فِي التَّفْسِير 1/ 309، وَذكره الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد 6/ 323، عَن ابْن عَبَّاس وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح.

فَهَذَا الَّذِي عَرَفْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحًا مَشْهُورًا. فَمَا بَالُكَ تَحِيدُ عَنِ الْمَشْهُورِ الْمَنْصُوصِ مِنْ قَوْله وتتعلق بالمغمور1 مِنْهُ، المتلبس2 الَّذِي يتَحَمَّل الْمعَانِي. وَكَيف تَدعِي أَنَّهَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يُلْقِيَ اللَّهُ فِيهَا الْأَشْقِيَاءَ الَّذِينَ هُمْ قَدَمُ الْجَبَّارِ عِنْدَكَ، فَتَمْتَلِئَ بِهِمْ فِي دَعْوَاكَ؟ وَهل استزادت بَعْدَ ذَلِكَ. أَفَيُلْقِيهُمْ فِيهَا ثَانِيَةً، وَقَدْ أَلْقَاهُمْ فِيهَا قَبْلُ، فَلَمْ تَمْتَلِئْ؟ كَأَنَّهُ فِي دَعْوَاكَ حَبَسَ عَنْهَا الْأَشْقِيَاءَ، وَأَلْقَى فِيهَا السُّعَدَاءَ، فَلَمَّا اسْتَزَادَتْ أَلْقَى فِيهَا الْأَشْقِيَاءَ بَعْدُ، حَتَّى مَلَأَهَا. لَوِ ادَّعَى هَذَا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ مَا زَادَ. ثُمَّ رَدَدْتَ الْحَدِيثَ بَعْدَمَا أَقْرَرْتَ بِهِ أَنَّهُ حَقٌّ فَقُلْتَ: يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشَبِّهَةِ: أَلَيْسَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الله يخلف وعده كَافِر. فَإِن قَالُوا: نعم، فَقيل لَهُمْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ جَهَنَّمَ تَمْتَلِئُ مِنْ غَيْرِ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ3 فَقَدْ كَفَرَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى4....................................

_ 1 فِي ط، ش "المغمور". 2 فِي ط، س، ش "المتلبس" وَمَا فِي الأَصْل أولى. 3 فِي ط، س، ش "من غير الْجِنّ وَالْإِنْس". 4 لَفْظَة "تَعَالَى لَيست فِي ط، س، ش.

قَالَ: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} 1. وَيْلَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ! إِنَّمَا أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ2 مَنْ أَنْزَلَ الَّتِي فِي "ق" {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} 3 وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ لِمُمْتَلِئٍ: اسْتَزَادَ، كَمَا يَمْتَلِئُ الرَّجُلُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَيَقُولُ: قَدِ امْتَلَأْتُ وَشَبِعْتُ وَهُوَ يَقْدِرُ أَنْ يَزْدَادَ، كَمَا يُقَالُ: امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ مِنَ النَّاسِ، وَفِيهِ فَضْلٌ وَسَعَةٌ لِلرِّجَالِ بَعْدُ، وَامْتَلَأَ الْوَادِي مَاءً وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَكَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا" 4 وَفِي الْأَرْضِ سَعَةٌ بَعْدُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الظُّلْمِ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْقِسْطِ فَتَمْتَلِئُ جَهَنَّمُ بِمَا5 يلقى

_ 1 سُورَة هود، آيَة "119". 2 لفظ "الْآيَة" لَيْسَ فِي ط، ش. 3 سُورَة ق آيَة "30". 4 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب الْمهْدي، الْبَاب الأول، حَدِيث 4285 عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "الْمهْدي مني، أجلى الْجَبْهَة أقنى الْأنف يمْلَأ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جورًا وظلمًا وَيملك سبع سِنِين". وَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 3/ 37 عَن أبي سعيد، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِلَفْظ "أبشركم بالمهدي يبْعَث فِي أمتِي على اخْتِلَاف من النَّاس وزلازل فيلملأ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جورًا وظلمًا ... " إِلَخ. وبنحوه فِي الْمسند أَيْضا 3/ 17، 36، 52، 70 بأسانيد إِلَى أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ. 5 فِي ط، ش، س "مِمَّا".

فِيهَا مِمَّا وَعَدَهَا مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ. فَتَقُولُ1: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ لِفَضْلٍ فِيهَا غَضَبًا لِلَّهِ2 عَلَى الْكفَّار، حَتَّى يفعل بِهَا مَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا شَاءَ3 وَكَمَا عَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ4 عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5، فَحِينَئِذٍ تَقُولُ: "حَسْبِي، حَسْبِي" 6. وَكَيْفَ يَسْتَحِيلُ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ مَا وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَضْعِ الْقَدَمِ فِي جَهَنَّمَ؟ وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ بِكَمَالِهِ فِي جَهَنَّمَ قَبْلَ أَنْ يَمْلَأَهَا، وَبَعْدَمَا مَلَأَهَا؛ لِأَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، فَجَهَنَّمُ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمْكِنَةِ، فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ كَذَّبَ بِالْآيَةِ إِذْ تَدَّعِي أَنَّ جَهَنَّمَ مُمْتَلِئَةٌ مِنَ الْجَبَّارِ، تَبَارَكَ وَتَعالَى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ وَصْفِكَ7. ثُمَّ ادَّعَيْتَ أَنَّ مَنْ تَأَوَّلَ فِي هَذَا قَدَمَ الْجَبَّارِ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهَ مِنَ الْجِنَّةِ

_ 1 فِي ط، س، ش "وَتقول". 2 فِي ش "غَضبا لله" وَلَا يَسْتَقِيم بِهِ الْمَعْنى. 3 فِي ط، س، ش "كَمَا يَشَاء". 4 لفظ "صلى الله" تكَرر فِي س. 5 وَوضع قدمه عز وَجل كَمَا يَلِيق بجلاله وعظمته كَسَائِر صِفَاته، لاشبيه لَهُ وَلَا مثيل فِي ذَلِك، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مُنْفَصِل عَن خلقه لَيْسَ مختلطًا بهم وَلَا مخالطًا لَهُم، وَلَا ممازجًا، وَصِفَاته ثابته لَهُ كَمَا يَلِيق بجلاله وعظمته من غير تَشْبِيه وَلَا تَمْثِيل ولاتحريف وَلَا تكييف وَلَا تَعْطِيل. 6 ورد فِي البُخَارِيّ أَنَّهَا تَقول: "قد قد"، وَفِي مُسلم أَنَّهَا تَقول: "قطّ قطّ". انْظُر: الْأَحَادِيث الْمُتَقَدّمَة ص"394". 7 فِي س عَن "وصفك بِهِ" وَلَا يسقيم بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "عَن وصفك بِمَا وَصفته بِهِ".

وَالنَّاسِ وَمَنْ تَبِعَ1 إِبْلِيسَ. إِذْ رعم أَنَّ شَيْئًا مِنْهُ يَدْخُلُ جَهَنَّمَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} 2. فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ: فَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ جَعَلْتَهُ3 مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ وَمَنْ تَبِعَ4 إِبْلِيسَ، إِذْ تزْعم أَنَّهُ لَا تَخْلُو مِنْهُ جَهَنَّمُ5 وَلا شَيْءٌ مِنَ الأَمْكِنَةِ، أَفَبَعْضٌ أوحش أَمْ كُلٌّ؟. وَيْلَكَ! إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} 6 الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ. وَلَهَا خَزَنَةٌ يَدْخُلُونَهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ، غَيْرُ مُعَذَّبِينَ بِهَا، وَفِيهَا كِلَابٌ وَحَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ وَقَالَ: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ، وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} فَلَا يدْفع هَذِه الْآيَة قَوْلُهُ: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} 8 كَمَا لَا يَدْفَعُ هَذِهِ الْآيَةَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَضَعُ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ" 9 فَإِذَا كَانَتْ جَهَنَّمُ لَا تَضُرُّ الْخَزَنَةَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا وَيَقُومُونَ عَلَيْهَا، فَكيف تضر الَّذِي10 سخرها

_ 1 فِي ط، س، ش "وَمن يتبع إِبْلِيس". 2 سُورَة ص، آيَة "85". 3 فِي ط، س، ش "أول من جعله". 4 فِي ط، ش "يتبع إِبْلِيس". 5 فِي ط، ش "أَنه لَا يَخْلُو من جَهَنَّم"، وَفِي س "لَا يَخْلُو مِنْهُ جَهَنَّم". 6 سُورَة هود، آيَة "119". 7 سُورَة المدثر آيَة "30-31". 8 سُورَة هود، آيَة "119". 9 تقدم تَخْرِيجه ص"394". 10 فِي س "الَّذين سخرها لَهُم" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

لَهُمْ1 فَإِنْ أَنْتَ أَقْرَرْتَ بِالْخَزَنَةِ وَمَلَائِكَةِ الْعَذَابِ وَمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ كَفَرْتَ فِي دَعْوَاكَ؛ لِأَنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّ مَنِ ادَّعَى أَنَّ جَهَنَّمَ تَمْتَلِئُ مِنْ غَيْرِ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ فَقَدْ كَفَرَ. وَهَذِهِ الْآثَارُ الَّتِي رُوِيَتْ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي ذِكْرِ الْقَدَمِ مِمَّا أَنْتَ مُصَدِّقٌ مُحَقِّقٌ2. حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَصْرِيُّ3، ثَنَا أَبَانُ4، عَنْ قَتَادَةَ5، عَنْ أَنَسٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ7 قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، فَيُدْلِي فِيهَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَدَمَهُ 8 فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بعض.

_ 1 هَذَا الْكَلَام يُوهم تَشْبِيه وضع قدم الرب بالمخلوق. وَالَّذِي عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَن صِفَات الرب لَا تشبه صِفَات المخلوقين بل تلِيق بجلاله وعظمته فَوضع الْقدَم كَسَائِر الصِّفَات نؤمن بِهِ، وَنثْبت مَعْنَاهُ وَلَا نعلم كيفيته. 2 فِي ط، ش "مُصدق بِهِ مُحَقّق". 3 فِي ط وس وش "سُهَيْل" وَفِي التَّقْرِيب لِابْنِ حجر وَفِي غَيره: سهل بن بكار، وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"336" وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب أَنه روى عَنْ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارِ ووهيب وَغَيرهم، وَانْظُر: التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 4/ 427. 4 الرَّاجِح أَنه ابان بن يزِيد الْعَطَّار الْبَصْرِيّ، أَبُو يزِيد، ثِقَة لَهُ أَفْرَاد، من السَّابِعَة، مَاتَ فِي حُدُود السِّتين، خَ م د ت س انطر: التَّقْرِيب 1/ 31، وَذكر الْحَافِظ الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 48 أَنه روى عَن قَتَادَة بن دعامة وَعنهُ سهل بن بكار. 5 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180" وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 351 أَنه روى أَن أنس، مِمَّن روى عَنهُ أبان بن يزِيد الْعَطَّار. 6 أنس "رَضِي الله عَنهُ" تقدم ص"201". 7 قَوْله "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 8 قَوْله "يُدْلِي فِيهَا رب الْعَالمين قدمه" وَهَذَا كَمَا يَلِيق بجلاله وعظمته كَسَائِر صِفَاته مَعَ قَطعنَا أَنه لَا يشبه الْمَخْلُوق فِي ذَلِك.

فَتَقول: قطّ بعزتك، وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فِيهَا" 1. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2، ثَنَا حَمَّادُ -وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ3- عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ4، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ5، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "افْتَخَرَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: يارب يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ وَالْمُلُوكُ وَالْأَشْرَافُ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: يَدْخُلُنِي الْفُقَرَاءُ وَالضُّعَفَاءُ وَالْمَسَاكِينُ. فَقَالَ اللَّهُ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَقَالَ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي وَسِعْتِ كُلَّ شَيْءٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا 7 فَأَمَّا النَّارُ فَيُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حَتَّى يأيتها فَيَضَعَ قَدَمَهُ عَلَيْهَا. وَتَقُولُ: قَدِي قدي 8...........................

_ 1 تقدم تحريجه ص"394". 2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 4 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173". 5 فِي ط، ش "عبيد الله بن عتبَة" وَصَوَابه مَا أثبت، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 535: عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة بن مَسْعُود الْهُذلِيّ، أَبُو عبد الله، الْمدنِي، ثِقَة فَقِيه، ثَبت، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 94، وَقيل سنة 98 وَقيل غير ذَلِك/ ع. 6 أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"205". 7 فِي الأَصْل "ملأها" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش هُوَ الصَّوَاب وَبِه جَاءَ عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم وَأحمد انْظُر تَخْرِيج هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث الَّذِي بعده، وَهُوَ الْمُوَافق أَيْضا لقواعد اللُّغَة الْعَرَبيَّة فَهُوَ مُبْتَدأ مُؤخر. 8 كَذَا فِي الأَصْل بِالْيَاءِ، فِي ط، ش قد بِكَسْر الدَّال دون يَاء، وَبِمَا فِي الأَصْل ورد لفظ أَحْمد.

ثَلَاثًا" 1. وَقَرَأْتُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ الْمُؤَذِّنِ2 أَنَّ عَوْفَ بْنَ أَبِي جَمِيلَةَ الْأَعْرَابِيَّ3، حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ4، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اخْتَصَمَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، وَقَالَت النَّارُ 6: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجنَّة: مَالِي لَا يدخلني إِلَّا سفلَة

_ 1 ورد فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال حـ 3/ 13 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي، حَدثنَا حسن وروح قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِي سعيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "افْتَخَرَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّار فَقَالَت النَّار: يارب، يدخلني الْجَبَابِرَة والمتكبرين والملوك والأشراف، وَقَالَت الْجنَّة: أَي رب يدخلني الضُّعَفَاء والفقراء وَالْمَسَاكِين، فَيَقُول تبَارك وَتَعَالَى لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَقَالَ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي وَسِعْتِ كُلَّ شَيْءٍ وَلِكُلِّ وَاحِدَة منكمنا ملؤُهَا فَيلقى فِي النَّار أَهلهَا، فَيَقُول: هَل من مزِيد؟ قَالَ: "ويلقى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى يَأْتِيهَا تبَارك وَتَعَالَى فَيَضَع قدمه عَلَيْهَا فتنزوي فَتَقول: قدي قدي وَأما الْجنَّة فَيبقى فِيهَا أَهلهَا مَا شَاءَ الله أَن يبْقى فينشئ الله لَهَا خلقا مَا يَشَاء". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 15 عُثْمَان بن الْهَيْثَم بن جهم بن عِيسَى الْعَبْدي، أَبُو عَمْرو الْبَصْرِيّ الْمُؤَذّن ثِقَة، تغير فَصَارَ يَتَلَقَّن، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ فِي رَجَب سنة 20/ خَ س، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 257: عَن عَوْف وَابْن جريج وَعنهُ البُخَارِيّ، والكجى وَأَبُو خَليفَة. 3 عَوْف بن أبي جميلَة، تقدم ص”351". 4 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص: "181". 5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179". 6 فِي ط، ش "فَقَالَت" وَهُوَ الْمُوَافق لما فِي البُخَارِيّ وَمُسلم.

النَّاسِ وَسِقَاطُهُمْ1؟ -أَوْ كَمَا قَالَتْ- فَقَالَ لَهُمَا: قَالَ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أُسْكِنُكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ خَلْقِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا 2. وَأَمَّا جَهَنَّمُ فَإِنَّهَا لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ قَدَمَهُ فِيهَا فَيَنْزَوِيَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ قَدِ قَدِ قَدِ 3 وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ الله ينشئ لَهَا مَا من خلقه" 4.

_ 1 فِي س "وسقاطتهم" وَفِي ط، ش "وسقطتهم" وَالَّذِي ورد فِي البُخَارِيّ وَمُسلم "وَسَقَطهمْ". 2 فِي الأَصْل "ملأها" وَبِمَا أُثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب إعرابًا؛ لِأَنَّهَا مُبْتَدأ مُؤخر، وَبِه جَاءَ لفظ البُخَارِيّ وَمُسلم انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث. 3 قَوْله: "قد قد قد" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَلَيْسَ فِي الْجَمِيع لفظ "فَتَقول" كَمَا فِي مُسلم ولعلها سَقَطت. 4 فِي ط، س، ش "من شَاءَ من خلقه" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. والْحَدِيث ورد فِي البُخَارِيّ وَمُسلم انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّفْسِير تَفْسِير سوة "ق"، بَاب "وَتقول هَل من مزِيد" حَدِيث 4850، 8/ 595 من طَرِيق آخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَحَاجَّتْ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ وَقَالَت الْجنَّة: مَالِي لَا يدخلني إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ؟ قَالَ الله تبَارك وتعالي للجنة: أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من أَشَاء من عبَادي، وَقَالَ للنار: إِنَّمَا أَنْت عَذَابي أعذب بك من أَشَاء من عبَادي وَلكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا ملؤُهَا، فَأَما النَّار لَا تمتلئ حت يضع رجله فَتَقول: قطّ قطّ قطّ فنهالك تمتلئ ويزوى بَعْضهَا إِلَى بعض، وَلَا يظلم الله عز وَجل من خلقه أحدا وَأما الْجنَّة فَإِن الله عزوجل ينشئ لَهَا خلقا". وَقَرِيب من هَذَا فِي الْمصدر نَفسه، كتاب التَّوْحِيد، بَاب ماجاء فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ} حَدِيث 7449، 13/ 434 عَن أبي هُرَيْرَة. وبلفظ مقارب للفظ البُخَارِيّ ورد فِي صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْجنَّة، بَاب النَّار يدخلهَا الجبارون وَالْجنَّة يدخلهَا الضُّعَفَاء، حَدِيث 35، 36 جـ4 ص"2186-2187" من طَرِيق أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة.

فَأخْبرنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ1، أَنَّ عَوْفًا2 حَدَّثَهُ بِذَلِكَ كَمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ3، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ4، حَدَّثَهُ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ5 أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَطْوِي الْمَظَالِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَجْعَلُهَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَجْرِ الْأَجِيرِ، وَعَقْرِ الْبَهِيمَةِ وَفَضِّ خَاتَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ" 6 يُرِيدُ افْتِضَاضَ الْأَبْكَارَ. فَانْظُرْ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ فِي أَلْفَاظِ مَا رَوَيْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَقْرَرْتَ بِأَنَّهُ قَالَهُ هَلْ تَحْتَمِلُ7 أَلْفَاظُهُ التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ8؟.

_ 1 عُثْمَان بن الْهَيْثَم، تقدم ص"407". 2 عَوْف الْأَعرَابِي، تقدم ص"351". 3 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، تقدم ص"171". 4 مُعَاوِيَة بن صَالح بن حدير، تقدم ص"171". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب "1/ 240 ": رَاشد بن سعد المقرائي -بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَفتح الرَّاء وَبعدهَا همزَة ثمَّ يَاء النّسَب- الْحِمصِي، ثِقَة كثير الْإِرْسَال من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة ثَمَان وَقيل: "ثَلَاث عشرَة/ بخ وَالْأَرْبَعَة، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 3/ 226-227 أَنه روى عَن ثَوْبَان وَغَيره وَعنهُ مُعَاوِيَة بن صَالح. 6 الحَدِيث ظَاهر الْإِرْسَال فراشد بن سعد لم يدْرك النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 3/ 226. وَأخرجه ابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية، تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. مُحَمَّد على الفقيهي ص"44" قَالَ: "أخبرنَا أَحْمد بن سُلَيْمَان بن حذلم، ثَنَا أَبُو زرْعَة، ثَنَا أَبُو صَالح، ثَنَا مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن رَاشد بن سعد، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِن الله عز وَجل يطوي الْمَظَالِم يَوْم الْجُمُعَة، فيجعلها تَحت قدمه، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أَجْرِ الْأَجِير وعقر الْبَهِيمَة وفض الْخَتْم -يَعْنِي الْأَبْكَار- " وَانْظُر مُشكل الْآثَار لِابْنِ فورك، الطبعة الثَّانِيَة ص"97". 7 فِي س "هَل يحْتَمل". 8 فِي ط، س، ش "الَّذِي ذهبت إِلَيْهِ أَنْت".

باب ما جاء في العرش

بَابُ: مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ ثُمَّ انْتَدَبْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ مُكَذِّبًا بِعَرْشِ اللَّهِ وَكُرْسِيِّهِ، مُطْنِبًا فِي التَّكْذِيبِ بِجَهْلِكَ، مُتَأَوِّلًا فِي تَكْذِيبِهِ بِخِلَافِ مَا تَعْقِلُهُ الْعُلَمَاءُ1 فَرَوَيْتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَعلمه"3.

_ 1 فِي س "بِخِلَاف مَا يعقله الْعُقَلَاء وَالْعُلَمَاء" وَفِي ط، س، ش. بِخِلَاف مَا تَفْعَلهُ الْعُقَلَاء وَالْعُلَمَاء". 2 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، تقدم ص"172". 3 فِي ط، س، ش "وسع كرسيه السَّمَوَات وَالْأَرْض: علمه" قلت: والمروي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كرسيه: علمه أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْن عَبَّاس {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ} قَالَ: كرسيه: علمه انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ، تَحْقِيق وَتَخْرِيج مَحْمُود شَاكر وَأحمد شَاكر 5/ 397. وَذكره ابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية بتحقيق وَتَخْرِيج على الفقيهي، ص"45-46" من طَرِيق جَعْفَر بن أبي الْمُغيرَة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ: كرسيه: علمه قَالَ ابْن مَنْدَه: وَلم يُتَابع عَلَيْهِ جَعْفَر وَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيّ فِي سعيد بن جُبَير، وَذكر الْمَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن أبي مُوسَى أَن الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ والكرسي ص"392": وَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وروينا عَن سيعد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: "علمه" =

قُلْتَ: فَمَعْنَى الْكُرْسِيِّ الْعِلْمُ، فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى غَيْرِ الْعِلْمِ أَكْذَبَهُ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى1. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمَرِيسِيِّ: أَمَّا مَا رَوَيْتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ3 وَلَيْسَ جَعْفَرٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ، إِذْ قَدْ خَالَفَتْهُ4 الرُّوَاةُ الثِّقَاتُ الْمُتْقِنُونَ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ الْبَطِينُ5، عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير6، عَن

_ = وَسَائِر الرِّوَايَات عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره تدل على أَن المُرَاد بِهِ الْكُرْسِيّ الْمَشْهُور الْمَذْكُور مَعَ الْعَرْش. وَضعف أَيْضا مَا نقل عَن بَعضهم أَن كرسيه علمه شيخ الْإِسْلَام ابْن تيميه 6/ 584 من مَجْمُوع الفتاوي، وَنقل الذَّهَبِيّ مَا نسب إِلَى ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: "كرسيه علمه" وَقَالَ: "فَهَذَا جَاءَ من طَرِيق الْأَحْمَر، لين، وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: إِنَّمَا يرْوى هَذَا بِإِسْنَاد مطعون فِيهِ"، انْظُر: "الْعُلُوّ الذَّهَبِيّ، مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن عُثْمَان ص"91". وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الْأَزْهَرِي فِي تَهْذِيب اللُّغَة، تَحْقِيق عَليّ حسن الْهِلَالِي، ومراجعة مُحَمَّد عَليّ النجار 10/ 54: "وَالصَّحِيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكُرْسِيِّ مَا رَوَاهُ الثَّوْريّ وَغَيره من عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ -وَذكره- ثمَّ قَالَ: وَهَذِه الرِّوَايَة اتّفق أهل الْعلم على صِحَّتهَا، وَالَّذِي رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْكُرْسِيِّ أَنه الْعلم فَلَيْسَ مِمَّا يُثبتهُ أهل الْمعرفَة بالأخبار". 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا تقدم ص"172". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 130: جَعْفَر بن زِيَاد الْأَحْمَر الْكُوفِي، صَدُوق يتشبع من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 67هـ/ د ت س. 4 فِي ك، ش "خَالفه" وَكِلَاهُمَا جَائِز لإسناد الْفِعْل إِلَى جمع التكسير. 5 مُسلم البطين تقدم ص"399". 6 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173".

ابْنِ عَبَّاسٍ1 فِي الْكُرْسِيِّ خِلَافَ مَا ادَّعَيْتَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. حَدثنَا يَحْيَى2 وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ3، عَنْ وَكِيعٍ4، عَنْ سُفْيَانَ5، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ6، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ7، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ8، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا9 قَالَ: "الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ، الْعَرْش لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ إِلَّا اللَّهُ"10. فَأَقَرَّ الْمَرِيسِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَصَحَّحَهُ، وَزَعَمَ أَنَّ وَكِيعًا11 رَوَاهُ إِلَّا أَنَّ تَفْسِيرَ الْقَدَمَيْنِ هَاهُنَا فِي دَعْوَاهُ: الثَّقَلَيْنِ قَالَ: يَضَعُ اللَّهُ عِلْمَهُ وَقَضَاءَهُ لِلثَّقَلَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَحْكُمُ بِهِ فِيهِمْ فَهَلْ سَمِعَ سَامِعٌ مِنَ الْعَالَمِينَ بِمِثْلِ مَا ادّعى هَذَا المريسي؟

_ 1 فِي س "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا" وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"172". 2 هُوَ يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 3 أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"399". 4 وَكِيع، تقدم ص"150". 5 سُفْيَان، هُوَ الثَّوْريّ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك ابْن كثير فِي تفسره لآيَة الْكُرْسِيّ انْظُر: 1/ 309 وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"175". 6 عمار الدهني، تقدم ص"399". 7 مُسلم البطين، تقدم ص"399". 8 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173". 9 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. 10 تقدم هَذَا الْأَثر سندًا ومتنًا ص"399-400". 11 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".

وَيْلَكَ! عَمَّنْ أَخَذْتَهُ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْطَانٍ تَلَقَّيْتَهُ؟ فَإِنَّهُ مَا سَبَقَكَ إِلَيْهَا آدَمِيٌّ نَعْلَمُهُ1. أَيَحْتَاجُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ2 أَنْ يَضَعَ مُحَاسَبَةَ الْعِبَادِ عَلَى كِتَابِ عِلْمِهِ، وَأَقْضِيَتِهِ يَحْكُمُ بِمَا فِيهِ بَيْنَهُمْ؟ وَلَا أَرَاكَ مَعَ كَثْرَةِ جَهْلِكَ إِلَّا وَسَتَعْلَمُ3 أَنَّكَ احْتَجَجْتَ بِبَاطِلٍ، جَعَلْتَهُ أُغْلُوطَةً تُغَالِطُ بِهَا أَغْمَارَ 4 النَّاسِ وَجُهَّالَهُمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ5 أَيْضًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَقْرَعُهُ فَيُفْتَحُ لِي، فَأَرَى رَبِّي وَهُوَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، فَيَتَجَلَّى لِي فَأَخِرُّ سَاجِدًا"6 فَهَلْ يَجُوزُ لَكَ فِي تَأْوِيلِكَ أَنَّهُ يَأْتِي رَبَّهُ وَهُوَ عَلَى عِلْمِهِ؟ إِذْ

_ 1 فِي س "بِعِلْمِهِ"، وَمَا أَثْبَتْنَاهُ أوضح. 2 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ش "وسنعلم" بالنُّون. 4 الأغمار جمع غمر، تقدم مَعْنَاهَا ص"147". 5 فِي ط، س، ش "رَضِي الله عَنْهُمَا" وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"172". 6 ورد الحَدِيث فِي ط، س، ش بِلَفْظ: "آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَيُفْتَحُ لِي، فَأَرَى رَبِّي وَهُوَ على كرسيه، تَارَة يكون بِذَاتِهِ على الْعَرْش وَتارَة يكون على الْكُرْسِيّ فيتجلى لي فَأخر سَاجِدا" وَفِي س "فيتجلى لي". وَهَذَا الحَدِيث ورد فِي مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 1/ 281-282 عَن ابْن عَبَّاس فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فنأتي بَاب الْجنَّة فآخذ بِحَلقَة الْبَاب فأقرع الْبَاب فَيُقَال: من أَنْت فَأَقُول: أَنا مُحَمَّد فَيفتح لي، فَآتي رَبِّي عز وَجل على كرسيه أَو سَرِيره -شكّ حَمَّاد- فَأخر لَهُ سَاجِدا". وَأخرجه أَيْضا البُخَارِيّ وَمُسلم انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَوْله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} حَدِيث 7440 جـ13 ص "422" عَن أنس فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فَيَأْتُوني فَأَسْتَأْذِن على رَبِّي فِي دَاره فَيُؤذن لي عَلَيْهِ، فَإِذا رَأَيْته وَقعت سَاجِدا". وَفِي مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْإِيمَان، بَاب أدني أهل الْجنَّة منزلَة فِيهَا، حَدِيث 193-1/ 180 عَن أنس أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فَيَأْتُوني فَأَسْتَأْذِن على رَبِّي فَيُؤذن لي فَإِذا أَنا رَأَيْته وَقعت سَاجِدا".

ادَّعَيْتَ أَنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكُرْسِيَّ غَيْرُ الْعِلْمِ أَكْذَبَهُ الْقُرْآنُ بِمَا رَوَيْتَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ1، فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ نَفْسِهِ خِلَافَ مَا رَوَيْتَ فِيهِ: فَكَيْفَ تَحِيدُ عَنْ هَذَا الْمَشْهُورِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى الْمَغْمُورِ2 عَنْهُ إِلَّا مِنْ ظَنَّةٍ وَرِيبَةٍ؟. وَأَمَّا قَوْلُكَ: مَنْ ذَهَبَ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَى غَيْرِ الْعِلْمِ أَكْذَبَهُ كِتَابُ اللَّهِ وَيْلَكَ! وَأَيُّ آيَةٍ3 مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تُكَذِّبُهُ؟ أَأَنْزَلَ عَلَى غِيَاثٍ الْيَهُودِيِّ فِي تَكْذِيبِهِ آيَةً4 لَمْ تَنْزِلْ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَيْلَكَ! وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ إِلَّا وَقَدْ عَقِلَ أَمْرَ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ، وَآمَنَ بِهِمَا إِلَّا أَنْتَ وَرَهَطُكَ؟ وَلَيْسَ الْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُسْنَدَ فِي تَثْبِيتِهِمَا الْآثَارُ وَيُؤَلَّفُ5 فِيهِمَا الْأَخْبَارُ لَوْلَا أغلوطاتك6 هَذِه. لما أَن7...............................

_ 1 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، تقدم ص”172". 2 فِي ط، ش "المغموز" بالزاي. 3 فِي ط، س، ش "وَآيَة آيَة". 4 الْعبارَة من قَوْله "من كتاب الله إِلَى قَوْله: "فِي تَكْذِيبه آيَة" لَيست فِي ط، ش. 5 فِي ط، ش "وتكيف"، وَفِي س "وتكف" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 6 فِي ط، س، ش "لَوْلَا أغلوطتك". 7 فِي ط، س، ش "لما كَانَ".

عِلْمَهُمَا1 وَالْإِيمَانَ بِهِمَا2 خَلُصَ إِلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، إِلَّا إِلَيْكَ وَإِلَى أَصْحَابِكَ، طَهَّرَ اللَّهُ مِنْكُمْ بِلَادَهُ، وأراح مِنْكُم عباده. والعجيب مِنِ اسْتِطَالَتِكَ بِجَهَالَتِكَ3 هَذِهِ وَأُغْلُوطَاتِكَ4، إِذْ تَقول لمن هُوَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ مِنْكَ: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا تَفْسِيرَ مَا قُلْنَا وَإِلَّا فَسَلُوا5 الْعلمَاء ولاتعجلوا بِالْقَضَاءِ. وَيْلَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ، قَدْ سَأَلْنَا الْعُلَمَاءَ، وَجَالَسْنَا الْفُقَهَاءَ، فَوَجَدْنَاهُمْ كُلَّهُمْ6 عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِكَ، فَسَمِّ عَالِمًا مِمَّنْ مَضَى وَمِمَّنْ غَبَرَ7 يحْتَج بِمثل هَذِه العمايات يتَكَلَّم بهاحتى نَعْرِفَهُ فَنَسْأَلَهُ8 فَإِنَّا مَا رَأَيْنَا مُتَكَلِّمًا يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ أَظْهَرَ كُفْرًا وَأَسْمَجَ كَلَامًا وَأَقَلَّ إِصَابَةً فِي التَّأْوِيلِ مِنْكَ. وَقَدْ عَرَضْنَا كَلَامَكَ عَلَى كَلَامِ مَنْ مَضَى وَمَنْ غبر من الْعلمَاء فَمَا فَوَجَدنَا أَحَدًا عَلَى مَذْهَبِكَ وَعَرَضْنَاهُ عَلَى لُغَات الْعَرَب والعجم فَلم

_ 1 فِي س "علمهَا". 2 فِي ط، س، ش "بهَا". 3 فِي ط، س، ش "وجهالتك". 4 فِي ط، ش "وأغلوطتك". 5 فِي س "وَإِلَّا فاسألوا". 6 فِي ط، ش، "فَوَجَدنَا كلهم" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 7 "غبر" تطلق وَيُرَاد بهَا الْمكْث أَو الذّهاب وهما ضدان، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط الطبعة الرَّابِعَة 2/ 99 فصل الْغَيْن بَاب الرَّاء مَادَّة "غبر": "غبر غبورًا مكث وَذهب، ضد، وَهُوَ غابر من غبر كركع، وغبر الشَّيْء بِالضَّمِّ بَقِيَّته كغبره". 8 فِي ط، ش "ونسأله".

يَحْتَمِلْ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ كَلَامِكَ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَكَ مَنْ يَنْصَحُكَ لَحَجَرَ عَلَيْكَ الْكَلَامَ فَضْلًا أَنْ يَفْتَخِرَ بِحُسْنِ الْكَلَامِ، وَسَنَذْكُرُ لَكَ آثَارًا مِمَّا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي الْكُرْسِيِّ لِتَنْظُرَ فِي أَلْفَاظِهَا: هَلْ تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أُغْلُوطَاتِكَ هَذِهِ؟ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ1، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ2، عَنْ زَكَرِيَّا3، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ4، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَعْبَدٍ5 قَالَ: حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ بنت

_ 1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"154". 2 هُوَ حَمَّاد بن أُسَامَة الْقرشِي مَوْلَاهُم، الْكُوفِي، أَبُو أُسَامَة، مَشْهُور بكنيته ثِقَة ثَبت، رُبمَا دلّس، وَكَانَ بِآخِرهِ يحدث من كتب غَيره، وَكَانَ من كبار التَّاسِعَة مَاتَ سنة احدى وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة، ع. انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 195، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 322 أَنه روى عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَعنهُ أَبُو بكر عبد الرَّحْمَن بن أبي شيبَة. 3 الرَّاجِح أَنه زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، خَالِد وَيُقَال: هبيره بن مَيْمُون بن فَيْرُوز الْهَمدَانِي، الوادعي، أَبُو يحيى الْكُوفِي، ثِقَة، وَكَانَ رُبمَا يُدَلس، وسماعه من أبي إِسْحَاق بِآخِرهِ من السَّادِسَة، مَاتَ سنة سبع أَو ثَمَان أَو تسع وَأَرْبَعين، ع انْظُر التَّقْرِيب 1/ 261، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 3/ 329 انه روى عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي وَعنهُ روى وَكِيع وَأَبُو أُسَامَة وَأَبُو نعيم. 4 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، تقدم ص"146". 5 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي، ط، س، ش "سعد بن معبد" وَلَعَلَّ مَا فِي الأَصْل خطأ وَلم يَتَّضِح لي من يكون إِلَّا أنني أستظهر أَنه سعد بن معبد التغلبي، قَالَ "البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير 4/ 65": سعد بن معبد التغلبي، قَالَ إِسْحَاق بن مَنْصُور، نَا أَبُو أُسَامَة، نَا زَكَرِيَّا، عَن أبي إِسْحَاق انْتهى انْظُر: الْجرْح وَالتَّعْدِيل لِابْنِ أبي حَاتِم جـ2 قسم 1/ 95.

عُمَيْسٍ1 "أَنَّ جَعْفَرًا2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3 جَاءَهَا إِذْ هُمْ بِالْحَبَشَةِ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَتْ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ فَتًى مُتْرَفًا مِنَ الْحَبَشَةِ شَابًّا جَسِيمًا مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ، فَطَرَحَ دَقِيقًا كَانَ مَعَهَا، فَنَسَفَتْهُ4 الرِّيحُ، فَقَالَتْ: أَكِلُكَ إِلَى يَوْمٍ يَجْلِسُ الْمَلِكُ عَلَى الْكُرْسِيِّ فَيَأْخُذ للمظلوم من الظَّالِم"5

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 589: أَسمَاء بنت عُمَيْس الخثعمية، صحابية، تزَوجهَا جَعْفَر بن أبي طَالب، ثمَّ أَبُو بكر، ثمَّ عَليّ وَولدت لَهُم، وَهِي أُخْت ميمونه بنت الْحَارِث، أم الْمُؤمنِينَ لأمها، مَاتَت بعد عَليّ، خَ وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة جـ4 ص"230-232" وَأسد الغابة 5/ 395-396 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 4/ 255-230 وتهذيب التَّهْذِيب 12/ 398-399. 2 هُوَ جَعْفَر بن أبي طَالب الْهَاشِمِي، ذُو الجناحين، الصَّحَابِيّ الْجَلِيل، ابْن عَم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، اسْتشْهد فِي غَزْوَة مُؤْتَة سنة ثَمَان من الْهِجْرَة/ س، النّظر: التَّقْرِيب 1/ 131، وَقَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"53": أحد السَّابِقين الْأَوَّلين هَاجر الهجرتين، لَهُ أَحَادِيث وَعنهُ ابْنه عبد الله وَابْن مَسْعُود أم سَلمَة قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "دخلت الْجنَّة البارحة فَإِذا جَعْفَر يطير مَعَ الْمَلَائِكَة" وَاسْتشْهدَ فِي غَزْوَة مُؤْتَة سنة ثَمَان وَوجد فِيمَا أقبل من جسده بضع وَتسْعُونَ مَا بَين رمية وطعنة رَضِي الله عَنهُ عَن إِحْدَى وَأَرْبَعين أَو ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة. وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 1/ 211-214 وَأسد الغابة 1/ 286-289 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 1/ 239-240، وتهذيب التَّهْذِيب 2/ 98-99. 3 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، ش "فسفته". 5 أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص"106-107" من طَرِيق أبي أُسَامَة قَالَ: ثَنَا زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن سعد بن معبد، عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس بِنَحْوِهِ. وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ بتعليق عبد الرازق عفيف ص"48" عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس، وَقَالَ: روى نَحوه خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان، عَن عَطاء بن السَّائِب فَقَالَ: عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة وَعَن أَبِيه. قلت: وبنحوه مَا أخرجه ابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ وَالْحَاكِم وَغَيرهم، وَانْظُر تَخْرِيج الحَدِيث بعده.

حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ1، ثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ3، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ4، عَنْ أَبِيهِ5 قَالَ: لما قدم جَعْفَر6 من

_ 1 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399" وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1507 أَنه روى عَن خَالِد بن عبد الله الوَاسِطِيّ. 2 خَالِد بن عبد الله تقدم ص"270". 3 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 403-404: عبد الله بن بُرَيْدَة -مُصَغرًا بن الْحصيب- بِضَم فَفتح فَسُكُون -الْأَسْلَمِيّ أَبُو سهل الْمروزِي، قاضيها، ثِقَة من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة خمس وَمِائَة وَقيل: بل خمس عشرَة لَهُ 100 سنة/ ع وَذكر فِي الكاشف 2/ 74 أَنه روى، عَن أَبِيه وَعمْرَان بن حُصَيْن وَعَائِشَة. 5 هُوَ بُرَيْدَة بن الْحصيب: قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 96: بُرَيْدَة بن الْحصيب، بمهملتين مُصَغرًا، أَبُو سهل الْأَسْلَمِيّ، صَحَابِيّ أسلم قبل بدر، مَاتَ سنة 63. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 152: وَعنهُ أبناه وَالشعْبِيّ وعدة. انْظُر: أَسد الغابة 1/ 175-176 والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 1/ 150، وتهذيب التَّهْذِيب 1/ 432-435. 6 جَعْفَر بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"417".

الْحَبَشَةِ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ بِالْحَبَشَةِ؟ " قَالَ: رَأَيْتُ امْرَأَةً عَلَى رَأْسِهَا مِكْتَلٌ فِيهِ طَعَام، فجَاء فَارس فأذراه، فجسلت تَجْمَعُهُ ثُمَّ الْتَفَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: وَيحك! كَيفَ لَوْ قَدْ وَضَعَ الْمَلِكُ كُرْسِيَّهُ فَأَخَذَ1 لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ؟ فَضَحِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: "مَا قَدَّسَ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهَا مِنْ شَدِيدِهَا غَيْرَ مُتَعْتَعٍ" 2.

_ 1 فِي ط، س، ش "فَيَأْخُذ". 2 أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه، تَرْتِيب وترقيم مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْفِتَن بَاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، حَدِيث 4010، 2/ 1329 من طَرِيق سعيد بن سُوَيْد، ثَنَا يحيى بن سليم، عَن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خثيم، عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: لما رجعت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مهاجرة الْبَحْر قَالَ: "أَلا تحدثوني بأعاجيب مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْض الْحَبَشَة"، وَذكره بِنَحْوِهِ إِلَّا أَنه ذكر أَن الَّذِي كَانَت تحمله قلَّة مَاء، وَقَالَ مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي فِي الزَّوَائِد: "إِسْنَاده حسن، وَسَعِيد بن سُوَيْد مُخْتَلف فِيهِ". وَأخرجه أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات "404" من طَرِيق آخر عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: لما قدم جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ من الْحَبَشَة.. وَذكره بِنَحْوِهِ فِيهِ أَن الَّذِي كَانَ على رَأسهَا من طَعَام. وَأخرجه آخِره الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 3/ 256 عَن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ بلفط: "وَإِن الله لَا يترحم على أمة لَا يَأْخُذ الضَّعِيف مِنْهُم حَقه من الْقوي غير متعتع" وأعل إِسْنَاده الْحَاكِم وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ. وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ، بتحقيق عبد الرَّزَّاق عفيفي ص"49-50" عَن أبي الزبير عَن جَابر، وَذكره بِنَحْوِهِ وَقَالَ: إِسْنَاده صَالح. وخرجه الألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ من طَرِيق مِنْهَا طَرِيق عَطاء بن السَّائِب، عَن محَارب بن دثار، عَن ابْن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه، وَقَالَ: إِسْنَاده صَحِيح لَوْلَا أَن عَطاء ابْن السَّائِب كَانَ اخْتَلَط وَلكنه يستشهد بِهِ فَالْحَدِيث صَالح إِن شَاءَ الله تَعَالَى، انْظُر: مُخْتَصر الْعُلُوّ للألباني ص"106-107". وَذكره آخر السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الصَّغِير حـ 2/ 179 عَن بُرَيْدَة وَقَالَ: صَحِيح رَوَاهُ أَبُو يعلى فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن. وَأورد آخِره أَيْضا الألباني فِي صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير وزيادته جـ2/ 179 وَقَالَ عَنهُ صَحِيح.

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ1، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُور2 أبنا3 عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غفرة4 قَالَ: سعمت أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ5: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"6 يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عيله وَسَلَّمَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ اتَّخَذَ فِي الْجَنَّةِ وَادِيًا أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فَإِذَا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة من

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 318: هِشَام بن خَالِد بن يزِيد بن مَرْوَان الْأَزْرَق، أَبُو مَرْوَان الدِّمَشْقِي، صَدُوق، من الْعَاشِرَة مَاتَ سنة 49. 2 فِي ط، ش "ابْن سَابق"، وَفِي س "بن سَابُور" بِالْمُهْمَلَةِ وَصَوَابه من فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 170: مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَة، الْأمَوِي مَوْلَاهُم، الدِّمَشْقِي، نزيل بيروت، صَدُوق صَحِيح الْكتاب من كبار التَّاسِعَة مَاتَ سنة 200 وَله 84 سنة، الْأَرْبَعَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 53: قَرَأَ على يحيى الذمارِي وَسمع عمر مولى غفرة وَعنهُ ابْن الْمُبَارك. 3 لم تعجم فِي الأَصْل وَالرَّاجِح أَنَّهَا "أبنا" وَفِي س "أخبرنَا" وهما بِمَعْنى وَاحِد، انْظُر: تعليقنا على ص"137" هَامِش "3" وَفِي ط، س، "وَأخْبرنَا" بِزِيَادَة الْوَاو فِي أَوله. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 59: عمر بن عبد الله الْمدنِي، مولى غفرة، بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْفَاء، ضَعِيف، وَكَانَ كثير الْإِرْسَال، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 45 أَو 46/ د ت, قَالَ فِي الكاشف: يُقَال أدْرك ابْن عَبَّاس، سمع أنسا وَابْن الْمسيب وَعنهُ عِيسَى بن يُونُس وَبشر الْمفضل وعدة، عَامَّة حَدِيثه مُرْسل، ضعفه النَّسَائِيّ وَوَثَّقَهُ ابْن سعد. 5 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"201". 6 مَا بَين المعكوفتين لَيْسَ فِي ط، س، ش.

أَيَّامِ الْآخِرَةِ هَبَطَ الرَّبُّ مِنْ عَرْشِهِ 1 إِلَى كُرْسِيِّهِ، وَحَفَّ الْكُرْسِيَّ بِمَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا النَّبِيُّونَ، حف 2 الْمَنَابِرَ بِكَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ فَيَجْلِسُ عَلَيْهَا الصديقون وَالشُّهَدَاء" 3.

_ 1 فِي ط، س، ش "عَن عَرْشه". 2 فِي ط، س، ش "وحفت المنابر". 3 أخرجه الشَّافِعِي فِي مُسْنده من طَرِيق آخر عَن أنس بن مَالك يَقُول: "أَي جِبْرِيل بِمِرْآة بَيْضَاء فِيهَا وكتة إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم -وَذكره إِلَى النَّبِي أَن قَالَ: "إِن رَبك اتخذ فِي الفرودس وَاديا أفيح.." إِلَخ بأطول، من هَذَا، انْظُر بَدَائِع المنن فِي جمع وترتيب مُسْند الشَّافِعِي وَالسّنَن لِأَحْمَد الْبَنَّا الطبعة الأولى 1/ 150. وَأخرجه أَيْضا عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"48-49" عَن أنس مطولا، وَأخرجه الْآجُرِيّ، فِي الشَّرِيعَة، بتحقيق حَامِد الفقي ص"265" عَن أنس بن مَالك مطولا. وَذكر لَهُ طرقًا. وَأخرجه ابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية تَحْقِيق وَتَخْرِيج، عَليّ مُحَمَّد الفقيهي ص"101" عَن أنس مَرْفُوعا مُخْتَصرا. وَقَالَ ابْن مَنْدَه، هَذَا حَدِيث مَشْهُور، عَن عُثْمَان بن عُمَيْر. وَأوردهُ ابْن كثير فِي النِّهَايَة، تَحْقِيق د. طه مُحَمَّد الزيني 2/ 481-482 وَعَزاهُ إِلَى ابْن عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي وَالْبَزَّار والحافظ أبي يعلى فِي مُسْنده وَغَيرهم قَالَ: وَقد اعتنى بِهَذَا الحَدِيث أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فَأوردهُ من طَرِيق. وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"31" عَن أنس مطولا وَقَالَ: هَذَا حَدِيث مَشْهُور وافر، أخرجه الإِمَام عبد الله بن أَحْمد فِي كتاب السّنة لَهُ عَن عبد الْأَعْلَى بن حَمَّاد النَّرْسِي، عَن عمر بن يُونُس، ثمَّ ذكر الذَّهَبِيّ لَهُ طرقًا عدَّة وَقَالَ: وَهَذِه طرق يعضد بَعْضهَا بَعْضًا رزقنا الله لَذَّة النّظر إِلَى وَجهه الْكَرِيم. وَذكره الهيثمي فِي الْمجمع 10/ 421 عَن أنس مطولا قَالَ: رَوَاهُ الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِنَحْوِهِ، وَأَبُو يعلى بِاخْتِصَار، وَرِجَال أبي يعلى رجال الصَّحِيح وَأحد اسنادي الطَّبَرَانِيّ وَرِجَال الصَّحِيح غير عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان، وَقد وَثَّقَهُ غير وَاحِد وَضَعفه غَيرهم وَإسْنَاد الْبَزَّار فِيهِ خلاف. وَأوردهُ الْموصِلِي فِي مُخْتَصر الصَّوَاعِق الْمُرْسلَة 2/ 237 عَن عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ بِسَنَدِهِ عَن أنس مطولا وَذكر لَهُ بِنَحْوِهِ من عشر طرق ثمَّ قَالَ: وَقد جمع ابْن أبي دواد طرق هَذَا الحَدِيث. قلت: هُوَ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي الشَّرِيعَة للآجري الْمصدر السَّابِق ص"266".

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، ثَنَا حَمَّادُ -وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ2- عَنْ عَاصِمٍ3، عَنْ زِرٍّ4، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسمِائَة عَامٍ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ إِلَى الْمَاءِ خَمْسمِائَة عَامٍ، وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ، وَاللَّهُ، فَوْقَ الْعَرْشِ وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُم عَلَيْهِ"6.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 383: عَاصِم بن بَهْدَلَة، وَهُوَ ابْن أبي النجُود -بنُون وجيم- الْأَسدي، مَوْلَاهُم الْكُوفِي، أَبُو بكر الْمُقْرِئ، صَدُوق، لَهُ أَوْهَام، حجَّة فِي الْقِرَاءَة، وَحَدِيثه فِي الصَّحِيحَيْنِ مقرون، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 48/ ع. قَالَ فِي الكاشف 2/ 49: قَرَأَ على السّلمِيّ وزر وَحدث عَنْهُمَا وَعنهُ شُعْبَة والحمادان والسفيانان. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 259: زر: بِكَسْر أَوله وَتَشْديد الرَّاء، ابْن حُبَيْش بِمُهْملَة وموحدة ومعجمة، مُصَغرًا، ابْن حُبَاشَة: بِضَم الْمُهْملَة بعْدهَا مُوَحدَة ثمَّ مُعْجمَة الْأَسدي، الْكُوفِي، أَبُو مَرْيَم، ثِقَة جليل، مخضرم مَاتَ سنة إِحْدَى، أَو اثْنَيْنِ، أَو ثَلَاث وَثَمَانِينَ، وَهُوَ بَان 127 سنة/ ع. 5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 6 رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص"105-106" من طَرِيقين عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ الله بن مَسْعُود =

حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "الْكُرْسِيُّ مَوْضِعُ الْقَدَمَيْنِ وَالْعَرْشُ لَا يُقَدِّرُ قَدْرَهُ إِلَّا اللَّهُ"1. حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ2، ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ3، عَنْ عَاصِمٍ4، عَنْ زر5، عَن عبد الله6.............................

_ = بِهِ، قَالَ الْمُعَلق فِي الْحَبَشَة: هَذَا أثر صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود وافر الطّرق. وَأخرجه اللاكلائي فِي شرح السّنة، تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان 3/ 369، وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"401" من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة بِسَنَد الدَّارمِيّ بأطول من هَذَا، وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"23-24" نقلا عَن الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ: رَوَاهُ بِنَحْوِهِ المَسْعُودِيّ وَله طرق. وَذكره الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد 1/ 86 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِهِ، وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرِجَاله رجال الصَّحِيح. وَفِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية لعُثْمَان الدَّارمِيّ، تَخْرِيج الألباني ص"27" جَاءَ من هَذ الطَّرِيق، وَقَالَ عَنهُ الألباني: إِسْنَاده حسن لكنه مَوْقُوف. قلت: وَلابْن حجر رَحمَه الله بحث جيد فِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي معنى هَذَا الحَدِيث فِي الْفَتْح 13/ 413-414 بَين فِيهِ اخْتِلَاف الرِّوَايَات وَكَيْفِيَّة الْجمع بَينهَا. 1 تقدم هَذَا الاثر سندًا ومتنًا ص"399-400". 2 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب "1/ 191" الحكم بن ظهير: بِالْمُعْجَمَةِ مُصَغرًا، الْفَزارِيّ أَبُو مُحَمَّد، وكنية أَبِيه أَبُو ليلى، وَيُقَال أَبُو خَالِد، مَتْرُوك، رمي بالرفض واتهمه ابْن معِين، من الثَّامِنَة مَاتَ قَرِيبا من سنة ثَمَانِينَ/ ت. 4 عَاصِم بن أبي النجُود، تقدم ص"422". 5 زر بن حُبَيْش، تقدم ص"422". 6 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190".

"رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"1 قَالَ: "مَا السَّمَاوَات وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ حَلقَة بِأَرْض فلاة"2.

_ 1 مَا بَين المعكوفتين فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، س، ش "فِي أَرض فلاة". تَخْرِيجه: الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ضَعِيف؛ لِأَن فِي سَنَده الحكم بن ظهير، نقل الذَّهَبِيّ فِي الكاشف والخزرجي فِي الْخُلَاصَة عَن البُخَارِيّ أَنه قَالَ: تَرَكُوهُ وَقَالَ عَنهُ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب: "مَتْرُوك" انْظُر: الكاشف 1/ 245، وَالْخُلَاصَة ص"89"، وتقريب التَّهْذِيب 1/ 191". قلت: وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"71" من طَرِيق آخر عَن مُجَاهِد قَالَ: "مَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيّ إِلَّا كحلقة فِي أَرض فلاة". وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره، تَحْقِيق وَتَخْرِيج مُحَمَّد شَاكر وَأحمد شَاكر، الْأَثر رقم 5794، 5/ 399 من طَرِيق ابْن زيد حَدثنِي أبي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَا السَّمَاوَات السَّبع فِي الْكُرْسِيّ إِلَّا كدراهم سَبْعَة ألقيت فِي ترس" وَقَالَ أَبُو ذَر: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "مَا الْكُرْسِيّ فِي الْعَرْش إِلَّا كحلقة من حَدِيد ألقيت بَين ظهراني فلاة من الأَرْض". وَعَن أبي ذَر أخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة، مخطوط. لوحة رقم 35 بِمثل مَا ذكرنَا. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"404-405" من طَرِيق يحيى بن سعيد السَّعْدِيّ بِسَنَدِهِ، عَن أبي ذَر مَرْفُوعا، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: تفرد بِهِ يحيى بن سعيد السَّعْدِيّ وَله شَاهد بِإِسْنَاد أصح، ذكره عَن أبي ذَر مَرْفُوعا بِلَفْظ مقارب. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من طَرِيق آخر عَن مُجَاهِد مَوْقُوفا عَلَيْهِ. وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور 1/ 328 عَن مُجَاهِد مَوْقُوفا وَنسبه إِلَى سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأبي الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ. وَأوردهُ الألباني فِي سلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المجلد الأول حَدِيث 109 2/ 13-16 وَعَزاهُ إِلَى مُحَمَّد بن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ضَعِيف ثمَّ قَالَ: "وَأخرجه ابْن جرير فِي تَفْسِيره 5/ 399 حَدثنِي يُونُس قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب قَالَ: قَالَ ابْن زيد ثمَّ قَالَ: وَهَذَا إِسْنَاد رِجَاله كلهم ثِقَات لكني أَظن أَنه مُنْقَطع ... إِلَى أَن قَالَ: وَجُمْلَة القَوْل: أَن الحَدِيث بِهَذِهِ الطّرق صَحِيح وَخَيرهَا الطَّرِيق الْأَخير وَالله أعلم" يُرِيد طَرِيق ابْن جرير.

حَدَّثَنَا1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ2 أبنا3 إِسْرَائِيلُ4، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ5، عَنْ

_ 1 فِي ط، س، ش ذكر قبل هَذَا الحَدِيث حَدِيثا آخر قَالَ: حَدثنَا يحيى الْحمانِي، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد قَالَ: "مَا السَّمَاوَات وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ حَلقَة فِي أَرض فلاة" وَلَعَلَّه سقط فِي الأَصْل. وَقد سبق تَخْرِيجه. انْظُر الحَدِيث قبله. وَأما رِجَاله فهم: أيحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". ب أَبُو مُعَاوِيَة, لَعَلَّه مُحَمَّد بن خازم أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدّمت تَرْجَمته ص"157". وَذكر الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1192 أَنه روى عَن الْأَعْمَش. ج الْأَعْمَش: تقدم: ص"157". د مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 414: عبد الله رَجَاء بن عمر الغداني بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالتَّخْفِيف، بَصرِي، صَدُوق يهم قَلِيلا، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 20، وَقيل قبلهَا، وَقَالَ فِي الْحَاشِيَة: الغداني ينْسب إِلَى غُدَانَة بن يَرْبُوع، من تَمِيم، كَمَا فِي اللّبَاب، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 5/ 209 أَنه روى عَن عِكْرِمَة بن عمار وَإِسْرَائِيل وَمِمَّنْ روى عَنهُ البُخَارِيّ. 3 لم تعجم فِي الأَصْل وَالرَّاجِح أَنَّهَا "أبنا" وَفِي ط، س، ش "أخبرنَا" وهما بِمَعْنى وَاحِد، وَانْظُر تعليقنا ص"137". 4 إِسْرَائِيل بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، تقدم ص"267"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 1/ 261 أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي أَنه قَالَ: "احفظ حَدِيث أبي إِسْحَاق كَمَا أحفظ السُّورَة". 5 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، تقدم ص"146".

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ1 قَالَ: "أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُدْخِلَنِي الْجَنَّةَ، فَعَظَّمَ الرَّبَ. فَقَالَ: إِنَّ كُرْسِيَّهُ وَسِعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَإِنَّهُ لَيَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَمَا يَفْضَلُ مِنْهُ إِلَّا قَدْرُ 2 أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَمَدَّ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَ 3، وَإِن لَهُ أطيطًا الرحل الْجَدِيد إِذْ رَكبه من يثقله" 4.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 412: عبد الله بن خَليفَة الْهَمدَانِي، مَقْبُول، من الثَّانِيَة، فق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال 2/ 414: تَابِعِيّ مخضرم لَهُ عَن عمر وَعنهُ أَبُو إِسْحَاق وَيُونُس بن أبي إِسْحَاق. 2 كَذَا بِالِاسْتِثْنَاءِ. 3 فِي س "وَمد أَصَابِعه الْأَرْبَعَة". 4 الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ضَعِيف، فِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ. قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 2/ 414: "لَا يكَاد يعرف"، وَقَالَ عَنهُ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 1/ 412: "مَقْبُول" وَقَالَ الألباني فِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة 2/ 257: "لم يوثقه غير ابْن حبَان وتوثيقه لَا يعْتد بِهِ كَمَا بيّنت ذَلِك مرَارًا"، وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 1/ 310: "لَيْسَ بذلك الْمَشْهُور، وَفِي سَمَاعه من عمر نظر، ثمَّ مِنْهُم من يرويهِ عَن عمر، مَوْقُوفا، وَمِنْهُم من يرويهِ مُرْسلا، وَمِنْهُم من يزِيد فِي مَتنه زِيَادَة غَرِيبَة، وَمِنْهُم من يحذفها، وَأغْرب مِنْهُ حَدِيث جُبَير بن مطعم فِي صفة الْعَرْش كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كِتَابه السّنة من سنَنه وَالله أعلم" وَأوردهُ ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد هراس ص"106"، بِصِيغَة التمريض من طَرِيق عبد الله بن خَليفَة وَقَالَ: "وَقد رَوَاهُ وَكِيع بن الْجراح، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق عبد الله بن خَليفَة وَقَالَ: "قد رَوَاهُ وَكِيع بن الْجراح، عَن إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عبد الله بن خَليفَة مُرْسلا لَيْسَ فِيهِ ذكر عمر بِيَقِين وَلَا ظن، وَلَيْسَ هَذَا الْخَبَر من شرطنا؛ لِأَنَّهُ غير مُتَّصِل الْإِسْنَاد، لسنا نحتج فِي هَذَا الْجِنْس من الْعلم بالمراسيل المنقطعات". وَأوردهُ الهيثمي فِي الْمجمع 1/ 83 عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظ. الأطيط وَلَيْسَ فِيهِ الْعُقُود وَمِقْدَار الْأَصَابِع وَقَالَ: رَوَاهُ الْبَزَّار وَرِجَاله رجال الصَّحِيح. وَتعقب فِي الْهَامِش بِأَن فِيهِ عبد الله بن خَليفَة وَهُوَ مَجْهُول. وَأوردهُ الألباني فِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة برقم 866، 2/ 256 بِلَفْظ =

دعوى المريسي تنزيه الله عن المشابهة ومناقشته في ذلك

دَعْوَى المريسي تَنْزِيه الله عَن المشابهة ومناقشته فِي ذَلِك: فَهَاكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ خُذْهَا مَشْهُورَةً مَأْثُورَةً فَصُرَّهَا1، وَضَعْهَا بِجَنْبِ تَأْوِيلِكَ الَّذِي خلقت فِيهِ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. ثُمَّ أَنْشَأْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ, وَاعِظًا لِمَنِ اتَّعَظَ قَبْلَكَ بِمَوَاعِظِ اللَّهِ وَقَبِلَهَا عَنِ اللَّهِ3 وَصَدَّقَ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَانْتَهَى فِيهَا إِلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ. فَانْزَجَرَ عَمَّا نَهَى اللَّهُ4 فَقُلْتُ لَهُمْ: لَا تَعْتَقِدُوا فِي أَنْفُسِكُمْ5 أَنَّ لِلَّهَ6 شَبَهًا أَوْ مِثْلًا، أَوْ عدلا، أويدرك

_ 1 من الصر الَّذِي هُوَ الْجمع والشد، قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 2/ 429 قَالَ: "الصرة شرج الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير.... وصررت الصرة شددتها وأصل الصر الْجمع والشد، وكل شَيْء جمعته فقد صررته: بِتَصَرُّف. 2 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، ش "بمواعظ وَقبلهَا عَن الله". 4 وهم أهل السّنة وَالْجَمَاعَة. 5 فِي ط، ش "فِي نفوسكم". 6 لفظ "أَن الله" لَيْسَ فِي س وَلَعَلَّه سقط سَهوا.

بِحَاسَّةٍ، وَانْفُوا عَنِ اللَّهِ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَصِفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، فَإِنَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلَّهِ شَبَهًا وَعَدْلًا فَهُوَ كَافِرٌ. فَيُقَالُ لَكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ الْمُدَّعِي فِي الظَّاهِرِ: لَمَّا أَنْتَ لَهُ مُنْتَفٍ1 فِي الْبَاطِنِ: قَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ كَمَا قَرَأْتَ2 وَعَقِلْنَا عَنِ اللَّهِ أَن لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَقَدْ نَفَيْنَا عَنِ اللَّهِ مَا نَفَى3 عَنْ نَفْسِهِ، وَوَصَفْنَاهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ نَعْدُهُ، وَأَبَيْتَ أَنْ تَصِفَهُ بِمَا، وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ4 وَوَصَفْتَهُ بِخِلَافِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ. أَخْبَرَنَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ ذُو سَمْعٍ وَبَصَرٍ، وَيَدَيْنِ، وَوَجْهٍ، وَنَفْسٍ5، وَعِلْمٍ، وَكَلَامٍ، وَأَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، فَآمَنَّا بِجَمِيعِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ كَمَا وَصفه بِلَا كَيفَ6، وَنَفَيْتَهَا أَنْتَ عَنْهُ كُلَّهَا أَجْمَعَ بِعَمَايَاتٍ مِنَ الْحُجَجِ، وَتَكْيِيفٍ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ وَجْهَهُ: كُلُّهُ، وَأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِنَفْسٍ، وَأَنَّ سَمْعَهُ: إِدْرَاكُ الصَّوْتِ إِيَّاهُ، وَأَنَّ بَصَرَهُ: مُشَاهَدَةُ الْأَلْوَانِ كَالْجِبَالِ وَالْحِجَارَةِ وَالْأَصْنَامِ الَّتِي تَنْظُرُ إِلَيْكِ بِعُيُونٍ لَا تُبْصِرُ، وَأَنَّ يَدَيْهِ: رِزْقَاهُ: مُوَسَّعُهُ7 وَمَقْتُورُهُ8، وَأَنَّ عِلْمَهُ وَكَلَامَهُ مَخْلُوقَانِ مُحْدَثَانِ. وَأَن أسماءه

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "ناف" وَهُوَ أولى. 2 فِي ط، ش "كَمَا قرأته". 3 فِي ط، ش "مَا نَفَاهُ". 4 فِي ط، س، ش زِيَادَة "فنفيت عَنهُ مَا وصف بِهِ نَفسه". 5 وَمن أَدِلَّة ثُبُوت النَّفس قَوْله تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "116". 6 فِي ط، س، ش "بِلَا تكييف". 7 فِي ط، س، ش "موسوعه". 8 تقدم مَعْنَاهَا ص"242".

مُسْتَعَارَةٌ مَخْلُوقَةٌ مُحْدَثَةٌ، وَأَنَّ فَوْقَ1 عَرْشِهِ مِنْهُ مِثْلَ مَا هُوَ أَسْفَلِ سَافِلِينَ2 وَأَنَّهُ فِي صِفَاتِهِ كَقَوْل النَّاس فِي كَذَا كَقَوْل وَالْعرب فِي كَذَا تَضْرِبُ لَهُ الْأَمْثَالَ تَشْبِيهًا بِغَيْرِ شَكْلِهَا، وَتَمْثِيلًا بِغَيْرِ مثله، فَأَيُّ تَكْيِيفٍ أَوْحَشَ3 مِنْ هَذَا إِذْ نَفَيْتَ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَغَيْرَهَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى4 بِهَذِهِ الْأَمْثَالِ وَالضَّلَالَاتِ الْمُضِلَّاتِ؟. وَادَّعَيْتَ5 فِي تَأْوِيلِكَ أَنَّ مَعْبُودَكَ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ، أَبْكَمُ لَا يَتَكَلَّمُ، أَعْمَى لَا يُبْصِرُ، أَجْذَمُ لَا يَدَ لَهُ، مُقْعَدٌ لَا يَقُومُ وَلَا يَتَحَرَّكُ، جَاهِلٌ لَا يَعْلَمُ، مُضْمَحِلٌّ ذَاهِبٌ لَا يُوصَفُ بِحَدٍّ وَلَا بِنَفْسٍ6 وَلَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةٍ فِي دَعْوَاكَ. وَهَذَا خِلَافُ صِفَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ7 الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمَعْرِفَتِهِ، وطبع على قَلْبك بجهالته، لَو قَرَأْتَ الْقُرْآنَ وَعَقِلْتَ عَنِ اللَّهِ مَعْنَاهُ لَعَلِمْتَ يَقِينًا أَنَّهُ يُدْرَكُ بِحَاسَّةٍ بَيِّنَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ مِنْهَ مُوسَى فِي الدُّنْيَا الصَّوْتَ8 وَالْكَلَامَ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحَوَاسِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} 9.........................

_ 1 فِي ط، ش "وَأَن مَا فَوق". 2 فِي ش "مثل مَا هُوَ أَسْفَل سافلين". 3 فِي الأَصْل وس "بأوحش" وَبِمَا أثبت فِي ط، ش وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق. 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي ش "وداعيت" وَلَعَلَّه خطأ مطبعي. 6 قَوْله "وَلَا بِنَفس" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ط، ش، س "وَالْحَمْد لله". 8 الْعبارَة فِي ط، ش "فقد أدْرك مُوسَى مِنْهُ الصَّوْت فِي الدُّنْيَا"، وَفِي س "فقد أدْرك مِنْهُ مُوسَى الصَّوْت فِي الدُّنْيَا". 9 سُورَة النِّسَاء، آيَة "164".

وَتُدْرَكُ مِنْهُ فِي الْمَعَادِ1 الرُّؤْيَةُ وَالْكَلَامُ وَالنَّظَرُ عَيَانًا، كَمَا قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَغْمِكَ، وَإِنْ كَرِهْتَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى2 {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 3، {وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} فَهَلْ مِنْ حَوَاسٍّ أَعْظَمَ مِنَ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ؟ غَيْرَ أَنَّكُمْ جَعَلْتُمُ الْحَوَاسَّ4 كَلِمَةً أُغْلُوطَةً تُغَالِطُونَ بِهَا الصِّبْيَانَ وَالْعُمْيَانَ؛ لِأَنَّ قَوْلَكُمْ: لَا تُدْرِكُهُ5 الْحَوَاسُّ مَعْنَاهُ عِنْدَكُمْ أَنَّهُ لَا شَيْءٌ لِمَا قَدْ عَلِمْتُمْ وَجَمِيعُ الْعَالَمِينَ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَقع عَلَيْهِ اسْم لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُدْرَكَ كل الْحَوَاسِّ أَوْ بِبَعْضِهَا، وَأَنَّ لَا شَيْءَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، فَجَعَلْتُمُوهُ لَا شَيْءَ. وَقَدْ كذبكم6 الله تَعَالَى7: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ} 11 فَجَعَلَ نَفْسَهُ أَعْظَمَ الْأَشْيَاءِ وَأَكْبَرَ12 الْأَشْيَاءِ وَخَالِقَ الْأَشْيَاءِ. فَإِنْ أَنْكَرْتَ مَا قُلْنَا، وَلم تعقله

_ 1 فِي ط، ش "فِي الميعاد". 2 فِي ط، ض "وكما قَالَ الله" وَفِي س "قَالَ الله". 3 سُورَة الْقِيَامَة آيَة "22-23". 4 سُورَة آل عمرَان آيَة "77". 5 فِي س "لَا يدْرك بالحواس". 6 فِي ط، س، ش "كَذبْتُمْ". 7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 8 فِي ط، ش "إِذْ قَالَ". 9 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88". 10 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 11 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "19". 12 فِي ش "أَو أكبر" وَمَا فِي الأَصْل أولى.

بِقَلْبِكَ فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ -شَيْئًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا- يَقَعُ عيله اسْمُ الشَّيْءِ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ، غَيْرَ مَا ادَّعَيْتُمْ عَلَى الْأَكْبَرِ الْأَكْبَرِ، وَالْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ، وَالْأَوْجَدِ الْأَوْحَدِ1 الَّذِي لَمْ يزل وَلَا يزل. فَجَعَلْتُمُ الْخَلْقَ الْفَانِيَ مَوْجُودًا وَالْقَيِّمَ الدَّائِمَ الْبَاقِيَ غَيْرَ مَوْجُودٍ، وَلَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَادَّعَيْتُمْ عَلَى غَيْرِكُمْ مِمَّنْ لَا يكف التَّكْيِيفَ، وَعَلى مَنْ لَا يُشَبِّهُ التَّشْبِيه، وَأَنْتُم دَائِبُونَ تُكَيِّفُونَ، وَتُشَبِّهُونَ بِأَقْبَحِ الْأَشْيَاءِ. وَأَبْطَلِ الْأَمْثَالِ، فَمَرَّةً تُكَيِّفُهُ فَتُشَبِّهُهُ بِأَعْمَى، وَمَرَّةً بِأَقْطَعَ فَكَانَ وَعْظُكَ هَذَا لِهَؤُلَاءِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: كَلِمَةُ جق يُبْتَغَى بِهَا بَاطِلٌ2. وَالْعَجَبُ مِنْ إعجابك بِهَذِهِ المقلوبات من تفاسيرك، وَالْمُحَالَاتِ مِنْ شَرْحِكَ وَتَعْبِيرِكَ حَتَّى رَوَيْتَ عَنْ مُجَاهِدٍ3 أَنَّهُ قَالَ: لِلْحَدِيثِ جَهَابِذَةُ كَجَهَابِذَةِ الْوَرِقِ"4 وَصَدَقْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ، وَمَا أَنْتَ وَاللَّهِ مِنْهُمْ، لَا مِنْ رِجَالِهِمْ5 وَلَا مِنْ رُوَاتِهِ وَلَا مِنْ جَهَابِذَتِهِ، فَقَدْ وَجَدْنَا الزُّيُوفَ6 عِنْدَكَ7 جَائِزَةً نَقَّادَةً8، وَالنَّقَادَةَ نَفَايَةً9، فَكَيْفَ تَسْتَطِيلُ بمعرفتها، وَأَنت المنسلخ عَنْهَا؟

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "الأوجد الأوجد" وَفِي س "الأوحد الأوجد". 2 هَذِه الْكَلِمَة تنْسب إِلَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ، وَسَيَأْتِي ذكر الْمُنَاسبَة الَّتِي قيلت فِيهَا ص"526". 3 مُجَاهِد، تقدم ص"252". 4 هَذَا الْمَأْثُور من قَول الْمُجَاهِد مَعنا صَحِيح إِلَّا أَنِّي لم أجد فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من ذكره، قلت: والجهابذة جمع جهبذ، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 1/ 352: الجهبذ بِالْكَسْرِ النقاد الْخَبِير. 5 فِي س، ش "وَلَا من رِجَاله". 6 الزُّيُوف: الْمَغْشُوش من الدَّرَاهِم، قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 2/ 71 مَادَّة"زيف": "الزيف من وصف الدَّرَاهِم، يُقَال: زافت عَلَيْهِ دَرَاهِمه أَي صَارَت مَرْدُودَة لغش فِيهِ وَقد زيفت إِذا ردَّتْ". 7 فِي ط، س، ش "عنْدكُمْ". 8 نقادة من النَّقْد ضد الزيف، قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب الْمرجع السَّابِق 3/ 701 مَادَّة "نقد": "النَّقْد خلاف النَّسِيئَة، والنقد تَمْيِيز الدِّرْهَم وإخرج الزيف مِنْهَا، أنْشد سِيبَوَيْهٍ: تَنْفِي يداها الْحَصَى فِي كل هاجرة ... نفي الدَّنَانِير تنقاد الصياريف وَنقل عَن اللَّيْث: ونقدت الدَّرَاهِم وانتقدتها إِذا أخرجت مِنْهَا الزيف" انْتهى بِتَصَرُّف. 9 النفاية رَدِيء الشَّيْء وبقيته، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط الطبعة الرَّابِعَة 4/ 397: "ونفاية الشَّيْء وَيضم ونفاته ونفيه ونفاؤه بفتحهن ونفاوته بِالضَّمِّ رديه وبقيته".

ابتداء المعارض في نقل حكايات ابن الثلجي

ابْتِدَاء الْمعَارض فِي نقل حكايات ابْن الثَّلْجِي: ثُمَّ ادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى هَاهُنَا السَّمَاعُ مِنْ بِشْرٍ. قَالَ ثُمَّ ابْتَدَأْنَا1 بِعَوْنِ اللَّهِ فِي حِكَايَاتِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ2 الْمُعْجَبِ بِضَلَالَاتِ هَذَيْنِ الضَّالَّيْنِ: فَرَغْتَ مِنْ كَلَامِ بِشْرٍ بِسَخَطِ الرَّحْمَنِ3، وَابْتَدَأْتَ فِي كَلَامِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ بِعَوْنِ الشَّيْطَانِ. وَمِثْلُ فَرَاغِكَ مِنْ كَلَامِ بِشْرٍ4 وَشُرُوعِكَ فِي كَلَام ابْن الثَّلْجِي

_ 1 فِي ط، س، ش "قَالَ: ثمَّ ابتدأنا نقُول فِي حكايات ابْن الثَّلْجِي". 2 لن يتَبَيَّن من هُوَ هَذَا الْمعَارض، وَقد سبق وَأَن أَشرت إِلَى هَذَا انْظُر ص”139". 3 فِي ط، ش "بسخط من الرَّحْمَن". 4 فِي ط، ش "وَمثل فراغك من بشر".

كَمِثْلِ الْمُسْتَجِيرِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ1 فَرَغْتَ2 مِنَ احْتِجَاجِ كَافِرٍ إِلَى احْتِجَاجِ جَهْمِيٍّ خَاسِرٍ، فَعَلَى أَيِّ جَنْبَيْكَ وَقَعْتَ مِنْهُمَا لَمْ تَنْجَبِرْ، وَبِأَيِّهِمَا اسْتَعَنْتَ لَمْ تَظْفَرْ، وَبِأَيِّهِمَا اسْتَنْصَرْتَ لَمْ تُنْصَرْ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ3 لِبَعْضِ أَهْلِ الْبِدَعِ إِذَا انْتَقَلُوا مِنْ رَأْيٍ إِلَى رَأْيٍ: إِنَّكُمْ لَا تَرْجِعُونَ عَنْ بِدْعَةٍ إِلَّا تَعَلَّقْتُمْ بِأُخْرَى هِيَ أَضَرُّ عَلَيْكُمْ مِنْهَا"4. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ5، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ6، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ7 وَسَنَنْقُضُ عَلَى الثَّلْجِيِّ مِنْ8 ضَلَالَاتِهِ، كَمَا نَقَضْنَا مِنْ ضَلَالَاتِ الْمَرِيسِيِّ9 إِنْ شَاءَ الله، بعون الله وتوفيقه.

_ 1 قَالَ الْبكْرِيّ فِي فصل الْمقَال تَحْقِيق الدكتور إِحْسَان عَبَّاس، والدكتور عبد الْمجِيد عابدين ص"377": "أصل هَذَا الْمثل وَأول من تكلم بِهِ التكلام الضبعِي، وَذَلِكَ أَن جساس بن مرّة لمن طعن كليبًا، وَهُوَ كُلَيْب وَائِل، استسقى عَمْرو بن الْحَارِث مَاء فَلم يسقه وأجهز عَلَيْهِ، فَقَالَ التكلام فِي ذَلِك: المستغيث بِعَمْرو عِنْد كربته ... كالمستغيث من الرمضاء بالنَّار انْظُر: جمهورة الْأَمْثَال للعسكري 2/ 160، والميداني فِي مجمع الْأَمْثَال 2/ 149. 2 فِي ط، ش، "فزعت". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 493: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أبي عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ، أَبُو عَمْرو الْفَقِيه، ثِقَة جليل، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 57/ ع. وَقَالَ فِي الكاشف 2/ 179: الْحَافِظ الْفَقِيه الزَّاهِد، عَن عَطاء وَمَكْحُول وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، وَرَأى مُحَمَّد بن سِيرِين، وَعنهُ قَتَادَة وَيحيى بن أبي كثير كثير شيخاه وَأَبُو عَاصِم وَالْفِرْيَابِي، وَكَانَ رَأْسا فِي الْعلم وَالْعِبَادَة، مَاتَ فِي الْحمام فِي صفر سنة 157. 4 لم أَقف عَلَيْهِ عَن الْأَوْزَاعِيّ بنصه، وبنحوه جَاءَ أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ يسمعهُ فوافقه وَأثْنى عَلَيْهِ "انْظُر: شرح حَدِيث النُّزُول لِابْنِ تَيْمِية، طبع الْمكتب الإسلامي، ص77". وَعَزاهُ إِلَى الْخلال فِي كتاب السّنة. وَانْظُر: السّنة للخلال، تَحْقِيق, عَطِيَّة الزهْرَانِي برقم 869 ص531 ورقم 931 ص554. 5 هُوَ عبد الله بن صَالح الْجُهَنِيّ، كَاتب اللَّيْث تقدم ص"171" وَذكر الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ 1/ 285 أَنه روى عَن الهقل بن زِيَاد. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 321: هِقْل بِكَسْر أَوله وَسُكُون الْقَاف ثمَّ لَام، ابْن زِيَاد السكْسكِي بمهملتين مفتوحتين بَينهمَا كَاف سَاكِنة الدِّمَشْقِي، نزيل بيروت قيل: هُوَ لقب واسْمه مُحَمَّد أَو عبد الله، وَكَانَ كَاتب الْأَوْزَاعِيّ، ثِقَة، من التَّاسِعَة مَاتَ سنة 79 أَو بعْدهَا/ م ع. 7 الْأَوْزَاعِيّ، تقدم قَرِيبا فِي الصفحة السَّابِقَة. 8 حرف "من" لَيْسَ فِي ط، ش. 9 فِي ط، ش "كَمَا نقضنا من قبل ضلالات المريسي"، وَلَعَلَّ "قبل" سَقَطت.

حكايات المعارض قول ابن الثلجي في الفوقية والعرض والرد عليه

حكايات الْمعَارض قَول ابْن الثَّلْجِي فِي الْفَوْقِيَّة وَالْعرض وَالرَّدّ عَلَيْهِ: حكيت أَيهَا المريسي عَنِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ أَنَّهُ قَالَ: نَاظَرْتُ بِشْرًا1 الْمَرِيسِيَّ فِي الْعَرْشِ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَهُ، فَقَالَ لِي بِشْرٌ: لَا أَقُولُ إِنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ، كَمَخْلُوقٍ عَلَى مَخْلُوقٍ. فَيُقَالُ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الْغَوِيِّ: أَوَّلُ غِوَايَتِكَ سُؤَالُكَ الْمَرِيسِيَّ عَنْ تَفْسِيرِ الْعَرْشِ، إِذْ عَقِلَ أَمْرَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. وَيْلَكَ! أَمَا وَجَدْتَ شَيْخًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ أَدْرَكْتَ أَجْوَدَ إِيمَانًا بِالْعَرْشِ مِنْ بِشْرٍ وَأَحْسَنَ مَعْرِفَةً لَهُ حَتَّى تُنَاظِرَهُ فِيهِ مِنْ بَيْنِهِمْ؟ تَسْتَحْسِنُ2 تَفْسِيرَهُ وَتَرْوِيهِ لِأَهْلِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ، فِيمَا يَعْتَقِدُونَهُ دِينًا، وَكَانَ أَكْفَرَ أَهْلِ زِمَانِهِ بِالْعَرْشِ، وَأَشَدَهُّمْ لَهُ إِنْكَارًا مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ فَيَكْفِي بِهَذَا مِنْكَ3 دَلِيلًا وَظَنَّةً عَلَى الرِّيبَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَارُ عِنْدَكَ من جَمِيع

_ 1 فِي الأَصْل، س "بشر" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب، إِذْ لَا مَانع لَهُ من الصّرْف. 2 فِي ط، س، ش "ثمَّ تستحسن تَفْسِيره". 3 لفظ "مِنْك" لَيْسَ فِي ط، ش.

الْعُلَمَاءِ فِي تَفْسِيرِ الْعَرْشِ بِشْرَ بن غياث المريسي. أَو مَا سَمِعْتَ بِشْرًا1 وَسُوءَ مَذْهَبِهِ، وَافْتِضَاحَهُ فِي بَلَدِهِ، وَأَهْلِ مِصْرِهِ، وَأَنْتَ لَهُ جَارٌ قَرِيبٌ؟ وَلَكِنْ يَعْتَبِرُ2 بِالْإِمَامِ الْمَأْمُوم، والصاحب بالصاحب. أَو لم يَكْفِكَ أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ ذِكْرِ الْعَرْشِ وَتَفْسِيرِهِ، وَمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عيله وَسَلَّمَ3 فَلَمْ تَقْنَعْ بِهِمَا حَتَّى اضْطُرِرْتَ إِلَى مُنَاظَرَةِ الْمَرِيسِيِّ؟ وَالْمُنَاظَرَةُ فِي الْعَرْشِ رِيبَةٌ لَا شَكَّ فِيهِ4؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِهِ قَدْ خَلُصَ إِلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا فِقْهَ لَهُمْ وَلَا عِلْمَ5، وَكَيْفَ6 إِلَى مَنْ يَدَّعِي مَعْرِفَةَ الْعِلْمِ؟ فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتَ إِلَّا مُنَاظَرَتَهُ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ7: أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ، لَا يُقَالُ: إِنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ8 كَمَخْلُوقٍ عَلَى مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ مَلِكٌ كَرِيمٌ خَالِقٌ غَيْرُ مَخْلُوق

_ 1 فِي الأَصْل وس "بشر"، وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، ش، وَهُوَ الصَّوَاب، إِذْ لَا دَاعِي لمَنعه من الصّرْف. 2 فِي ط، ش "وَلَكِن نعتبر" وَفِي س "تعتبره"، ولعلها "يعْتَبر" بِضَم أَوله. 3 فِي ط، س، ش "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 4 كَذَا فِي الأَصْل، س وَفِي ط، ش "وَالْعرش لَا شكّ فِيهِ" وَهُوَ أوضح. 5 وَلَكنهُمْ على الْفطْرَة: فطروا على الْإِيمَان وعَلى الْإِقْرَار بعلو الله، وَأَنه تَعَالَى فَوق عَرْشه. 6 فِي ط، س، ش "فَكيف" وَهُوَ أوضح. 7 لفظ "لَهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 8 فِي ط، ش "لَا يُقَال: الله أَنه على الْعَرْش كمخلوق على مَخْلُوق" وَفِي س "لَا يُقَال لله بِأَنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ كَمَخْلُوقٍ عَلَى مَخْلُوقٍ".

وَعَلَى1 عَرْشٍ عَظِيمٍ مَخْلُوقٍ جَسِيمٍ2 عَلَى رَغْمِكَ وَأَنْتَ مَلُومٌ3 فَمَنْ لمن يُؤْمِنْ4 أَنَّهُ كَذَلِكَ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَجَحَدَ آيَاتِ اللَّهِ، وَرَدَّ أَخْبَارَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَوْلُكَ: كَكَذَا عَلَى كَذَا، وَكَمَخْلُوقٍ عَلَى مَخْلُوقٍ" تَشْبِيهٌ5 وَدِلْسَةٌ، وَكُلْفَةٌ لَمْ نُكَلَّفْ ذَلِكَ فِي دِينِنَا، وَلَكِنْ نَقُولُ كَمَا قَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 6. وَكَمَا قَالَ الرَّسُولُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْأَعْلَى فَوْقَ سَمَوَاتِهِ الْعُلَى" 7 وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، مَنِ انْتَهَى إِلَيْهَا اكْتَفَى، وَمَنْ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ اعْتَدَى. ثُمَّ انْتَدَبَ الْمُعَارِضُ مُتَكَلِّمًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فِي الْعَرْشِ، مُتَأَوِّلًا فِي تَفْسِيرِهِ وَمَعْنَاهُ خِلَافَ مَا تَأَوَّلَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللَّه وَكتابه وآياته، فَقَالَ

_ 1 فِي ط، س، ش "على" بِدُونِ وَاو. 2 لفظ "جسيم" لَيْسَ فِي ط، ش، وَفِي س "جسم". 3 وَهُوَ تَعَالَى مستو عَلَيْهِ اسْتِوَاء يَلِيق بجلاله وعظمته لَا يشبه الْمَخْلُوق فِي ذَلِك كَسَائِر صِفَاته. 4 فِي ط، س، ش "فَمن لم يُؤمن بِهِ". 5 فِي س "تشبه" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 6 سُورَة طه آيَة "5". 7 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب السّنة، بَاب الْجَهْمِية، حَدِيث 4726، 5/ 95 فِي آخِره بِلَفْظ: "إِن الله فَوق عَرْشه وعرشه فَوق سمواته" قلت: وَلَكِن ننفي مشابهته للمخلوقات كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} .

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 1، لَيْسَ لَهُ تَأْوِيلٌ إِلَّا عَلَى أَوْجُهٍ نَصِفُهَا، وَنَكِلُ عِلْمَهَا إِلَى اللَّهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَرْشُ أَعْلَى مَخْلُوق2 وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَبِكُلِّ مَكَانٍ غَيْرَ مَحْوِيٍّ وَلَا مُلَازِقٍ، وَلَا مُمَازِجٍ، وَلَا بَائِنٍ بِاعْتِزَالٍ وَبِفُرْجَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، لَا يُتَوَهَّمُ3 أَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ كَجِسْمٍ عَلَى جِسْمٍ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَا تَرَكْتَ أَنْتَ وَلَا4 إِمَامُكَ هَذَا مِنَ التَّكْذِيبِ بِالْعَرْشِ غَايَةً، وَلَا مِنَ الِافْتِرَاءِ عَلَى الله فِيهِ5 نِهَايَة. أَوله يَقُول6 وَحَكَيْتَ أَنَّ الْعَرْشَ أَعْلَى الْخَلْقِ. وَاللَّهُ مُكَذِّبُكَ فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} 7 فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنَّ الْعَرْشَ8 أَعْلَى الْخَلْقِ وَكَانَ الْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ الْخَلْقِ، إِذْ لَا أَرْضَ وَلَا سَمَاءَ، وَلَا خَلْقَ غَيْرُ الْعَرْش

_ 1 سُورَة طه، آيَة "5". 2 مُرَاد الْمعَارض بقوله: "أَعلَى الْخلق" إِنْكَار أَن الْعَرْش مَخْلُوق مُسْتَقل اسْتَوَى عَلَيْهِ الرب، وَإِنَّمَا الْعَرْش جُزْء الْخلق إِلَّا أَنه أَعْلَاهُ. 3 فِي ط، س، ش، "وَلَا يتَوَهَّم". 4 فِي ط، س، ش "أَنْت وإمامك". 5 فِي س "وَلَا من الافتراء على نِهَايَة"، ش "وَلَا مِنَ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ نِهَايَة". 6 فِي ط، س، ش "بقوله إِذْ يَقُول". 7 سُورَة هود، آيَة "7"، فقد أثبت الله أَن الْعَرْش مَخْلُوق مُسْتَقل. الْمعَارض يُنكر أَن يكون مخلوقًا مستقلًّا، وَسَيَأْتِي توضيح ذَلِك صَرِيحًا فِيمَا نَقَلْنَاهُ عِنْد آخر السِّيَاق، انْظُر: ص”439-441". 8 فِي ط، س، ش "أَن يكون الْعَرْش أَعلَى الْخلق".

وَالْمَاءِ1؟ وَمِمَّا يَزِيدُكَ تَكْذِيبًا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى2: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} 3 وَقَالَ: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} 4 أَفَتَحْمِلُ الْمَلَائِكَةُ فِي دَعْوَاكَ أَعْلَى الْخَلْقِ، أَوْ أَسْفَلَهُ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْخَلْقِ؟ وَقَالَ: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} 5 أَيَحْمِلُونَ يَوْمَئِذٍ أَعْلَى الْخَلْقِ وَيَتْرُكُونَ أَسْفَلَهُ؟ أَمِ الْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُ النَّاسَ يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات؛ لِأَنَّهَا أعلا الْخَلْقِ؟ فَهَلْ سَمِعَ سَامِعٌ بِمُحَالٍ مِنَ الْحُجَجِ أَبْيَنَ مِنْ هَذَا؟ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّكْذِيبِ بِالْعَرْشِ نَصًّا وَدَفْعِهُ رَأْسًا؛ لِأَنَّهُ إِنْ يَكُنِ الْعَرْشُ فِي دَعْوَاهُ أَعْلَى الْخَلْقِ فَقَدْ بَطُلَ الْعَرْشُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى6؛ لِأَنَّ الْعَرْشَ غَيْرُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْخَلْقِ، إِذْ كَانَ مَخْلُوقًا عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ الْخَلْقِ، فَفِي أَيِّ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَجَدْتَ هَذَا أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: أَنَّ الْعَرْشَ أَعْلَى الْخَلْقِ فَبَيِّنْهُ لَنَا وَإِلَّا فَإِنَّكَ مِنَ الْمُبْطِلِينَ. وَاللَّهُ مُكَذِّبُكَ فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} 7 فَمَيَّزَ اللَّهُ بَيْنَ أَعْلَى الْخَلْقِ وَبَيْنَ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ وَجَعَلَهُ غَيْرَ السَّمَوَات السَّبع فَمَا دونهَا8.

_ 1 وَهَذَا يدل أَيْضا على أَن الْعَرْش مَخْلُوق مُسْتَقل وَالْمَاء مَخْلُوق مُسْتَقل. 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 سُورَة الزمر، آيَة "75". 4 سُورَة غَافِر، آيَة "7". 5 سُورَة الحاقة آيَة "17". 6 فِي ط، س، ش "أَعلَى الْخلق". 7 سُورَة الْمُؤْمِنُونَ آيَة "86". 8 فِي س "فَمَا دونهمَا".

وَمِمَّا يَزِيدُكَ تَكْذِيبًا قَوْلُهُ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} 1، وَ2 {لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} 3، وَأَيُّ مَجْدٍ وَكَرَمٍ لِأَعْلَى الْخَلْقِ مَا لَيْسَ لِأَوْسَطِهِ وَأَسْفَلِهِ؟ فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ تَأْوِيلَكَ هَذَا تَكْذِيبٌ بالعرش صراحًا وإنكاره نصًّا4.

_ 1 سُورَة البروج، آيَة "15". 2 فِي ط، ش "وَقَوله". 3 سُورَة الْمُؤْمِنُونَ, آيَة "116". 4 فِي ط، ش "وإنكار لَهُ نصًّا". قلت: هَذَا الْكَلَام غير وَاضح فِي الرَّد على الْمعَارض فِي إِنْكَاره الْعَرْش وأوضح مِنْهُ مَا ذكر الْمُؤلف فِي كِتَابه الأول "الرَّد على الْجَهْمِية" وأنقله بنصه ليتضح المُرَاد، حَيْثُ قَالَ: "بَاب الْإِيمَان بالعرش". وَهُوَ أحد من أنكرته المعطلة. قَالَ أَبُو سعيد: وَمَا ظننا أَنا نضطر إِلَى الِاحْتِجَاج على أحد من يَدعِي الْإِسْلَام فِي إِثْبَات الْعَرْش وَالْإِيمَان بِهِ، حَتَّى ابتلينا بِهَذِهِ الْعِصَابَة الملحدة فِي آيَات الله، فشغلونا بالاحتجاج لما لم تخْتَلف فِيهِ الْأُمَم قبلنَا، وَإِلَى الله نشكو مَا أوهت هَذِه الْعِصَابَة من عرى الْإِسْلَام، وَإِلَيْهِ نلجأ وَبِه نستعين. وَقد حقق الله الْعَرْش فِي آي كَثِيرَة من الْقُرْآن. فَقَالَ تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} هود آيَة "7"، وَقَالَ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} طه آيَة "5"، وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} الْفرْقَان آيَة ص"59"، {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} الزمر آيَة "75" فِي آي كَثِيرَة سواهَا. فادعت هَذِه الْعِصَابَة أَنهم يُؤمنُونَ بالعرش ويقرون بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُور فِي الْقُرْآن فَقلت لبَعْضهِم: مَا إيمَانكُمْ بِهِ إِلَّا كَإِيمَانِ {الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} الْمَائِدَة آيَة "41"، وكالذين {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} الْبَقَرَة آيَة "41"، أتقرون أَن لله عرشًا مَعْلُوما مَوْصُوفا فَوق السَّمَاء السَّابِعَة تحمله الْمَلَائِكَة، وَالله فَوق، كَمَا وصف نَفسه من خلقه؟ فَأبى أَن يقر بِهِ كَذَلِك، وتررد فِي =

وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ اللَّهَ غَيْرُ مَحْوِيٍّ وَلَا مُلَازِقٍ وَلَا مُمَازِجٍ، فَهُوَ كَمَا ادعيت.

_ = الْجَواب، وخلط وَلم يُصَرح. قَالَ أَبُو سعيد: فَقَالَ لي زعيم كَبِير: لَا، وَلَكِن لما خلق الله، يَعْنِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ سمى ذَلِك كُله عرشًا لَهُ، واستوى على جَمِيع ذَلِك كُله. قلت: لم تدعوا من إِنْكَار الْعَرْش والتكذيب بِهِ غَايَة، قد أحاطت بكم الْحجَج من حَيْثُ لَا تَدْرُونَ، وَهُوَ تَصْدِيق مَا قُلْنَا: إِن إيمَانكُمْ بِهِ كَإِيمَانِ {الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} الْمَائِدَة آيَة "41"، فقد كذبكم الله تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابه، وكذبكم بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرَأَيْتُم قَوْلكُم: إِن عَرْشه سماواته وأرضه وَجَمِيع خلقه، فَمَا تَفْسِير قَوْله9 عنْدكُمْ: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} غَافِر آيَة "7"؟ أحملة عرش الله أم حَملَة خلقه؟ وَقَوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} الحاقة آيَة "17"، أيحملون السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، أم عرش الرَّحْمَن، فَإِنَّكُم إِن قُلْتُمْ قَوْلكُم هَذَا، يلزمكم أَن تَقولُوا: عرش رَبك خلق رَبك أجمع، وتبطلون الْعَرْش الَّذِي هُوَ الْعَرْش، وَهَذَا تَفْسِير لَا يشك أحد فِي بِطُولِهِ واستحالته، وَتَكْذيب بعرش الرَّحْمَن تبَارك وَتَعَالَى، فَقَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} هود آيَة "7". وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ، وَكَانَ عَرْشه على المَاء" فَفِي قَول الله تَعَالَى، وَحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم دلَالَة ظَاهِرَة، أَن الْعَرْش كَانَ مخلوقًا على المَاء، إِذْ لَا أَرْضَ وَلَا سَمَاءَ فَلم تغالطون النَّاس بِمَا أَنْتُم لَهُ منكرون؟ وَلَكِنَّكُمْ تقرون بالعرش بألسنتكم تَحَرُّزًا من إكفار النَّاس إيَّاكُمْ بِنَصّ التَّنْزِيل فَتضْرب عَلَيْهِ رِقَابكُمْ، وَعند أَنفسكُم أَنْتُم بِهِ جاحدون، ولعمري لَئِن كَانَ أهل الْجَهْل فِي شكّ من أَمركُم، إِن أهل الْعلم لعلى يَقِين، أَو كَمَا قلت لَهُم، زَاد أَو نقص. ثمَّ أورد الدَّارمِيّ من طَرِيق حَدِيث النَّفر من بني تَمِيم الَّذين جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانِ بْنِ مِحْرِزٍ، عَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْن وَفِيه: ثمَّ دخل عَلَيْهِ نَاس من أهل الْيمن فَقَالَ: "اقلبوا البشري يَا أهل الْيمن إِذْ لم يقبلهَا إخْوَانكُمْ بَنو تَمِيم، قَالُوا: قبلنَا يارسول الله، أَتَيْنَاك لنتفقه فِي الدَّين، ونسألك عَن أول هَذَا الْأَمر، حَيْثُ كَانَ، قَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض" قَالَ: ثمَّ أَتَانِي رجل فَقَالَ: أدْرك نَاقَتك فقد ذهبت، فَخرجت فَوَجَدتهَا قد يقطع دونهَا السراب، وأيم الله لَوَدِدْت أَنِّي تركتهَا. قَالَ أَبُو سعيد: "فَفِي هَذَا بَيَان أَن الله تَعَالَى خلق الْعَرْش قبل السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِنَّ، وَتَكْذيب لما ادعوا من الْبَاطِل"، انْظُر: كتاب الرَّد على الْجَهْمِية لعُثْمَان بن سعيد، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش، تَخْرِيج الألباني، ط. الرَّابِعَة ص"12-14".

قول المعارض في البينونة والموضع ومناقشته

قَول الْمعَارض فِي الْبَيْنُونَة والموضع ومناقشته وَأَمَّا قَوْلُكَ: غَيْرُ بَائِنٍ بِاعْتِزَالٍ، وَلَا بِفُرْجَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، فَقَدْ كَذَبْتَ فِيهِ وَضَلَلْتَ1، عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، بَلْ هُوَ بِائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ فَوْقَ عَرْشِهِ بِفُرْجَةٍ بَيِّنَةٍ. وَالسَّمَوَاتُ السَّبْعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ مَا هُمْ عَامِلُونَ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ2 كَمَا أَنْبَأَنَا اللَّهُ تَعَالَى3 وَرَسُوله وَأَصْحَاب رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4. وَأَمَّا قَوْلُكَ: كَجِسْمٍ عَلَى جِسْمٍ، فَإِنَّا لَا نَقُولُ: إِنَّهُ كَجِسْمٍ عَلَى جِسْمٍ. لَكِنَّا نَقُولُ: رَبٌّ عَظِيمٌ، وَمَلِكٌ كَبِيرٌ5 نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَلَى عَرْشٍ مَخْلُوقٍ عَظِيمٍ6 فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَة

_ 1 فِي ط، س، ش "فضللت". 2 فِي ط، س، ش "خافية فِي الأَرْض". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فلي ط، س، ش "وَملك كريم عَظِيم". 6 اسْتَوَى عَلَيْهِ اسْتِوَاء يَلِيق بجلاله وعظمته كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} .

دون مَا سواهَا مِنَ الْأَمَاكِنِ. مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِذَلِكَ كَانَ كَافِرًا بِهِ وَبِعَرْشِهِ. وَالْأَنْوَارُ الْمَخْلُوقَةُ لَيْسَ مِنْهَا نُورٌ إِلَّا وَلَهُ ضَوْءٌ سَاطِعٌ، وَمَنْظَرٌ رائع فيكف النَّورُ الْأَعْظَمُ خَالِقُ الْأَنْوَارِ1 الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ؟!. وَزَعَمْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَصِفْ نَفْسَهُ أَنَّهُ بِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ، وَلَكِنَّهُ بِكُلِّ مَكَانٍ. وَتَأَوَّلْتَ فِي ذَلِكَ بِمَا تَأَوَّلَ2 بِهِ جَهْمٌ3 قَبْلَكَ، فَقُلْتَ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ} 4 الآيَةَ ثُمَّ رَوَيْتَ عَنْ أَبِي مُوسَى5، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَقَدْ رَفَعُوا الصَّوْتَ بِالتَّكْبِيرِ: "إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّه أقرب إِلَيْكُم من رُؤْس رَوَاحِلِكُمْ" 6. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضُ: هُوَ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ الرَّسُولُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم7

_ 1 قَوْله: "الْأَعْظَم خَالق الْأَنْوَار" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 فِي ش "بِمَا تأولت" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 فِي ط، س، ش "جهم بن صَفْوَان" وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"147". 4 سُورَة المجادلة آيَة "7". 5 تقدم ص"251". 6 رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء، بَاب اسْتِحْبَاب خفض الصَّوْت بِالذكر حَدِيث 2704 جـ4 ص"2076-2077" عَن أبي مُوسَى بِلَفْظ "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سفر، فَجعل النَّاس يجهرون بِالتَّكْبِيرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أَيُّهَا النَّاسُ، أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ. إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبا. إِنَّكُم تدعون سمعيًا قَرِيبا وَهُوَ مَعكُمْ ... " إِلَخ وَفِي لفظ: "وَالَّذِي تَدعُونَهُ أقرب إِلَى أحدكُم من عنق رَاحِلَة أحدكُم". 7 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش.

مَعَ كُلِّ ذِي نَجْوَى، وَأَقْرَبُ1 إِلَى أَحَدِهِمْ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، وَأَقْرَبُ مِنْهَا، بِعِلْمٍ وَمَنْظَرٍ وَمَسْمَعٍ2 مِنْ فَوْقِ الْعَرْشِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ، وَلَا يَحْجُبُهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ، عِلْمُهُ بِهِمْ مِنْ فَوْقِ الْعَرْشِ3 مُحِيطٌ. وَبَصَرُهُ فِيهِمْ نَافِذ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ فَوق عَرْشِهِ. وَالسَّمَوَاتُ وَمَسَافَةُ مَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ فِي الْأَرْضِ، فَهُوَ كَذَلِكَ مَعَهُمْ رَابِعُهُمْ وَخَامِسُهُمْ وَسَادِسُهُمْ، يَعْلَمُ مَا عَمِلُوا مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ يُثِيبُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا عَمِلُوا. كَذَلِكَ هُوَ مَعَ كُلِّ ذِي نَجْوَى لَا كَمَا ادعيتم أَنه مَعَ كل نائل وَمُحْدِثٍ وَمُجَامِعٍ فِي كَنَفِهِمْ4 وَحُشُوشِهِمْ5 وَمَضَاجِعِهِمْ. وَإِنَّمَا يُعْرَفُ فَضْلُ الرُّبُوبِيَّةِ وَعِظَمُ الْقُدْرَةِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ6 فَوْقِ عَرْشِهِ وَبَعْدَ مَسَافَةِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْضِ وَمَا تَحْتَ الثَّرَى7 وَهُوَ مَعَ كُلِّ ذِي نَجْوَى، وَلِذَلِكَ قَالَ: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} 8 وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ كَمَا ادَّعَيْتُمْ بِجَنْبِ كُلِّ ذِي نَجْوَى مَا كَانَ بِعَجَبٍ9 أَنْ يُنَبِّئَهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَلَوْ كُنَّا نَحن بِتِلْكَ

_ 1 فِي ط، ش، س "وَهُوَ أقرب". 2 فِي ط، ش "يعلم وَينظر وَيسمع". 3 فِي ط، ش "وَمن فَوق عَرْشه". 4 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 3/ 192 مَادَّة "كنف": "الكنيف كأمير وَهُوَ الستْرَة والساتر والترس والمرحاض وحظيرة من شَجَرَة لِلْإِبِلِ...." إِلَخ. 5 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 2/ 268 مَادَّة "حش": "والحش مُثَلّثَة الْمخْرج؛ لأَنهم كَانُوا يقضون حوائجهم فِي الْبَسَاتِين وَجمعه حشوش.....". 6 حرف "من" لَيْسَ فِي ط، ش. 7 فِي ط، س، ش "يعلم مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا وَمَا تَحت الثرى". 8 انْظُر: سُورَة [الْأَنْعَام آيَة 13] و [التَّوْبَة آيَة 94، 105] ، [الرَّعْد آيَة 9] ، [الْمُؤْمِنُونَ آيَة 92] ، [السَّجْدَة آيَة 6] ، [الزمر آيَة 46] ، [الْحَشْر آيَة 22] ، [الْجُمُعَة آيَة 8] ، [التغابن آيَة 18] . 9 فِي س "يعجب".

الْمَنْزِلَةِ مِنْهُمْ لَنَبَّأْنَا كُلَّ عَامِلٍ مِنْهُمْ بِمَا عَمِلَ وَقَالَ، وَنَاجَى بِهِ أَصْحَابَهُ، فَمَا فَضْلُ عَلَّامِ الْغُيُوبِ عَلَى الْمَخْلُوقِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ فِي دَعْوَاكَ1؟. وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَصِفْ نَفْسَهُ أَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ. فَإِنْ كُنْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِمَّنْ يَقْرَأُ2 كِتَابَ اللَّهِ وَيَفْهَمُ3 شَيْئًا مِنَ الْعَرَبِيَّةِ عَلِمْتَ أَنَّكَ كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ فِي دَعْوَاكَ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ4 أَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ وَمَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ. ذَكَرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ السَّمَوَاتِ54 وَقَدْ عَرَفَ6 ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ, فَكَيْفَ مِنَ الرِّجَالِ؟! قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 7، {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} 8، {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} 9، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} 10، {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} 11، {ذِي الْمَعَارِجِ،

_ 1 وَأَيْضًا فَالله منزه عَن الامتزاج بالخلق والاختلاط بهم، بل هُوَ سُبْحَانَهُ فَوق خلقه مستو على عَرْشه بَائِن من خلقه كَمَا دلّت على ذَلِك النُّصُوص وَقَررهُ عُلَمَاء السّلف. 2 فِي ط، س، ش "مِمَّن تقْرَأ" وَلَو يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَالْأَظْهَر أَنَّهَا بالمثناه التَّحْتَانِيَّة. 3 فِي س "وتفهم" وَفِي ط، ش "أَو تفهم". 4 فِي ط، ش "وصف نَفسه". 5 فِي ش "فَوق سمواته". 6 فِي ط، س، ش "قد عرف". 7 سُورَة طه آيَة [5] . 8 سُورَة الْملك، آيَة [16] . 9 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة [18] . 10 سُورَة النَّحْل، آيَة [50] . 11 سُورَة آل عمرَان، آيَة [55] .

تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} 1 مِنَ الْأَرْضِ السَّافِلَةِ. وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} 2 وَلَمْ يَقُلْ: يَنْزِلُ3 إِلَيْهِ تَحْتَ الْأَرْضِ. فَهَذِهِ الْآيُ كُلُّهَا تُنَبِّئُكَ عَنِ اللَّهِ أَنَّهُ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ، وَأَنَّهُ عَلَى السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ4 قَدْ عَرَفَ ذَلِكَ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَآمَنَ بِهِ، وَصَدَّقَ اللَّهَ بِمَا فِيهِ. فَلِمَ تَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى5 أَيُّهَا الْعَبْدُ الضَّعِيفُ بِمَا6 هُوَ مُكَذِّبُكَ فِي كِتَابِهِ؟ وَيُكَذِّبُكَ7 الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. أَو لم يَبْلُغْكَ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عيله وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلْأَمَةِ السَّوْدَاءِ: "أَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ8: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 9 فَهَذَا ينبئك أَنه

_ 1 سُورَة المعارج، آيَة [3، 4] . 2 سُورَة فاطر، آيَة [10] . 3 فِي ط، س، ش "ينزل بِهِ إِلَيْهِ". 4 وَهُوَ سُبْحَانَهُ مستو عَلَيْهِ اسْتِوَاء يَلِيق بجلاله وعظمته. 5 لفظ "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 فِي ط، ش "إِلَّا بِمَا هُوَ مكذبه فِي كِتَابه" ويستقيم الْمَعْنى بِهِ على اعْتِبَار أَن "لم" أَدَاة جزم وَنفي، وتستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل على اعْتِبَار أَن "لم" أَدَاة اسْتِفْهَام. 7 فِي ط، س، ش "ويكذبك بِهِ". 8 فِي س "قَالَت". 9 رَوَاهُ مُسلم، انْظُر: صَحِيح مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْمَسَاجِد بَاب تَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة، حَدِيث 1537/ 382 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ فِي آخِره بِلَفْظ "فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ من أَنا؟ قَالَت: رَسُول الله، قَالَ: اعتقها فَإِنَّهَا مُؤمنَة ". وَانْظُر موطأ مَالك بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْعتْق وَالْوَلَاء، بَاب مَا يجوز من الْعتْق من الرّقاب الْوَاجِبَة، حَدِيث 8 عَن عمر بن الحكم فِي آخِره بِلَفْظ: "فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ فَقَالَ: من أَنا؟ فَقَالَت: أَنْت رَسُول الله، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: أعْتقهَا ". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 2/ 291 بِمَعْنَاهُ وَفِي 3/ 452 بِمَعْنَاهُ وَفِي 4/ 388 قَرِيبا مِنْهُ.

فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ، فَكَيْفَ تَتْرُكُ1 مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى2 وَرَسُوله، وتختار3 عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ قَوْلَ بِشْرٍ وَالثَّلْجِيِّ ونظرائمها4 مِنَ الْجَهْمِيَّةِ5؟. وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَحْوِيٍّ وَلَا مُحَاطٍ بِهِ، فَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَنَا وَفِي مَذْهَبِنَا، لَمَّا أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ فِي هَوَاءِ الْآخِرَةِ، حَيْثُ لَا خَلْقَ مَعَهُ هُنَاكَ غَيْرَهُ6 وَلَا فَوْقَهُ سَمَاءٌ. وَفِي قِيَاسِ مَذْهَبِكَ وَمَذَاهِبِ أَصْحَابِكَ مَحْوِيٌّ7 مُحَاطٌ بِهِ، مُلَازِقٌ، مَاس، قَدِ اعْتَرَفْتَ بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ لَا تَشْعُرُ؛ لِأَنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالسَّمَوَاتُ فَوْقَ بَعْضِهِ، وَأَنَّهُ فِي كُلِّ بَيْتٍ مُغْلَقٍ، وَفِي كُلِّ صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ، فَهُوَ فِي دَعْوَاكُمْ مُحَاطٌ بِهِ مُمَاسٌّ. وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ فِي كُلِّ8 مَكَانٍ إِلَّا وَذَلِكَ

_ 1 فِي ط، ش "نَتْرُك". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، ش "ونختار". 4 فِي ش "ونظرائهم". 5 انْظُر ص"138". 6 الْعبارَة من قَوْله: "لما أَنه فَوق الْعَرْش" إِلَى قَوْله: "غَيره" غير وَاضِحَة، وَلَعَلَّ فِي الْكَلَام تحريفًا أَو سقطا من بعض النساخ وَالله أعلم. 7 فِي ط، ش "وَهُوَ محوي". 8 لفظ "كل" لَيست فِي ط، س، ش.

الشَّيْءُ مِمَّا بَيْنَ الْأَمْكِنَةِ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الْأَرْضُ فِي دَعْوَاكُمْ وَالسَّمَاءُ وَحِيطَانُ الْبُيُوتِ، وَالْأَغْلَاقُ وَالْأَقْفَالُ1. وَنَحْنُ نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ أَنْ نَصِفَهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، بَلْ هُوَ عَلَى عَرْشِهِ، فَوْقَ جَمِيعِ الْخَلَائِقِ فِي أَعْلَى مَكَانٍ وَأَطْهَرِ مَكَانٍ، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {هُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} 2، يَعْلَمُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، يُدَبِّرُ مِنْهُ الْأَمر يعرج3 إِلَيْهِ فِي كل يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، كَمَا قَالَ4، لَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ وَلَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ حَائِطٌ وَلَا سَقْفُ بَيْتٍ، وَلَا تُقِلُّهُ أَرْضٌ، وَلَا تُظِلُّهُ سَمَاءٌ كَمَا ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُبْتَلَى أَنَّهُ فِي كُلِّ حَجَرٍ وَزَاوِيَةٍ، وَفِي كُلِّ حُشٍّ5 وَكَنِيفٍ6 وَمِرْحَاضٍ، حَيْثُ مقيل الشَّيْطَان ومبيتهم7 تَعَالَى الله عَن وصفك

_ 1 فِي ط، س، ش سطور لم ترد فِي الأَصْل ولعلها سَقَطت من النَّاسِخ، حَيْثُ ورد بعد قَوْله: "والأقفال" مَا يَلِي: "فَإِذا كَانَ فِي كل مَكَان "وَلَفْظَة مَكَان لَيست فِي س" يلْزم هَذَا الْجَاهِل على مَا ادَّعَاهُ أَن تكون ذَاته ملْء الْخَلَاء بأسره، "وَفِي س "أَن يكون"" فَيلْزمهُ أَن يكون ظرفا لحوادثه، وَتَعَالَى الله عَن ذَلِك علوًّا كَبِيرا أَن يكون ظرفا لَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى مُحِيط بالأشياء لَا محاط بِهِ فَبَطل ماقاله" وَفِي سي مَا قَالَ" وَظهر فَسَاد مَا ادَّعَاهُ" وَفِي س "فَظهر"". وَنحن نبرأ إِلَى الله ... " إِلَخ. 2 سُورَة الْأَنْعَام آيَة [18] . 3 فِي ط، س، ش "ويعرج". 4 وَذَلِكَ فِي الْآيَة الرَّابِعَة من سُورَة المعارج حَيّ يَقُول: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} . "5، 6" تقدم مناهما ص"443". 7 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س، ش "ومبيته" وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى.

وَادَّعَى الْمُعَارِضُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ1: أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى2 مِنْ ذَاتِهِ. وَهُوَ فِي الْأَرْضِ بَائِنٌ مِنْهُ. فَإِنَّا لَا نَقُولُ كَمَا ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ وَلَا نَقُولُ: إِنَّ بَعْضَ ذَاتِهِ فِي الْأَرْضِ مَنْزُوعٌ مُجَسَّمٌ بَائِنا3 مِنْهُ. وَلَكنَّا نقُول: علمه وَكَلَامه مَعَهُ كَمَا لَمْ يَزَلْ، غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ. فَهُوَ بِعِلْمِهِ الَّذِي كَانَ فِي نَفْسِهِ4 عَالِمٌ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ بِكُلِّ ذِي نَجْوَى5، أَيْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْهُ بِمَنْظَرٍ وَمَسْمَعٍ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِمْ مِنْ حَبْلِ الوريد. لَا يخفي عيله مِنْ جَسَدٍ6 ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قِيسَ7 خردلة من مخ أوعظم أَوْ عِرْقٍ8 دَاخِلٍ أَوْ خَارِجٍ9 لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} 10 أَيْ نَحْنُ نَعْلَمُ مِنْهُ مَا ظهر وَمَا بطن، مَا غِيبَ11 مِنْهُ الْجُلُودُ، وَوَارَاهُ الْجَوْفُ، وأخفته

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَلَعَلَّه أَرَادَ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة. 2 مَا بَين القوسين لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "بَائِن" بِالرَّفْع، وَمَا فِي الأَصْل جَائِزا أَيْضا على أَنه حَال من كلمة "بعض" المضافة إِلَى الْمعرفَة. 4 المُرَاد بِعِلْمِهِ الَّذِي هُوَ متصف بِهِ. 5 فِي ط، س "بِكُل ذِي نجوى وَمَعَ كل ذِي نجوى". 6 فِي ط، س، ش "من جسدهم" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 7 أَي قدر خردلة، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 2/ 244 مَادَّة "قاسة": "وَقيس رمح بِالْكَسْرِ وقاسه قدره". 8 فِي ط، س، ش "أوعظم أَو لحم أَو عرق". 9 فِي ط، ش "دَاخل وخارج" قلت: بل يعلم مَا هُوَ أقل من ذَلِك بل إِنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلم مَا كَانَ وَمَا يكون وَمَا لم يكن لَو كَانَ كَيفَ يكون. 10 سُورَة الْوَاقِعَة، آيَة [85] . 11 فِي ط، ش "وَمَا غيبت" وَهُوَ أوضح.

الصُّدُور1 وَأَنْتُم لاتبصرون، فَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ، لَا بِأَنَّ عِلْمَهُ مَنْزُوعٌ مِنْهُ بَائِنٌ مُجَسَّمٌ فِي الْأَرْضِ، كَمَا ادَّعَيْتَ بِجَهْلِكَ, فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ نَدَّعِي2 أَنَّ عِلْمَهُ فِي الْأَرْضِ, لَا مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا مِنَ الْبَاطِلِ، وَكَيْفَ يَتَوَجَّهُ لِحُجَّةِ غَيْرِهِ مِمَّنْ3 لَا يَتَوَجَّهُ لِحُجَّةِ نَفْسِهِ وَلَا يَدْرِي مَا يَنْطِقُ بِهِ "لِسَانُهُ؟، وَقَلَّ مَا رَأَيْتُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مُتَكَلِّمًا فِي الْعَرْشِ أَكْثَرَ لَجَاجَةً فِي إِبْطَالِهِ"4 وَإِدْخَالِ الْحَشْوِ مِنَ الْكَلَامِ وَالْحُجَجِ الدَّاحِضَةِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْمُعَارِضِ. وَكُلَّمَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ أَدْحَضَ لِحُجَّتِهِ وَأَكْشَفَ لِعَوْرَتِهِ. فَأَقْصِرْ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ، فَإِنَّ الْعَرْشَ لَا يُعَطَّلُ بِإِكْثَارِ حَشْوِكَ وَخُرَافَاتِ كَلَامِكَ، وَكَلَامِ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ5، إِذْ عَقِلَ أَمْرَهُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَكَيْفَ الرِّجَالُ6؟. وَيحك! هَذَا الْمَذْهَب أَنْزَهُ لِلَّهِ مِنَ السُّوءِ أَمْ مَذْهَبُ مَنْ يَقُولُ: فَهُوَ بِكَمَالِهِ7 وَجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ وَبَهَائِهِ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوق سمواته، وَفَوق جَمِيع

_ 1 بل إِنَّه سُبْحَانَهُ لَا يخفى عَلَيْهِ خافية فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الانعام آيَة 59] . 2 كلمة "تَقول" فِي هَذَا الْموضع أولى من "ندعي"، وَلَعَلَّ الْمُؤلف أَرَادَ الْمُقَابلَة لقَوْله: كَمَا ادعيتم". 3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي بَقِيَّة النّسخ "من" وَهُوَ أوضح. 4 من بَين القوسين لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 فِي ش "فَكيف الدَّجَّال" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 7 فِي ط، ش "هُوَ بِكَمَالِهِ".

الْخَلَائِقِ1 فِي أَعْلَى مَكَانٍ، وَأَطْهَرِ مَكَانٍ، حَيْثُ لَا خَلْقَ هُنَاكَ مِنْ إِنْسٍ وَلَا جَانٍّ، فَتَكْفُرُ2؟ أَي الحزبين3 أعلم بِاللَّه وبمكانه4 وَأَشد لَهُ تَعْظِيمًا وإجلالًا؟.

_ 1 فِي ط، س، ش "وَفَوق جَمِيع خلقه". 2 فِي ط، س، ش "فيكفر" وَالْأَقْرَب أَنَّهَا "فتفكر". 3 فِي ط، س، ش "فَأَي الحزبين أعلم بِاللَّه.... إِلَخ". 4 قَوْله: "وبمكانه" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

نقول الثلجي في تفسير الاستواء والرد عليه

نقُول الثلجي فِي تَفْسِير الاسْتوَاء وَالرَّدّ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا رَوَيْتَ عَنِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنْهُ من حَيْثُ السُّدِّيِّ1، عَنْ أَبِي مَالِكٍ2، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا4 فِي قَوْلِهِ تَعَالَى5 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 6 قَالَ: "ارْتَفَعَ ذِكْرُهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَى خَلْقِهِ" وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "اسْتَوَى لَهُ أَمْرُهُ وَقُدْرَتُهُ فَوق بريته".

_ 1 قَالَ فِي الْقَرِيب 1/ 71-72: إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن أبي كَرِيمَة السّديّ بِضَم الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال، أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي، صَدُوق يهم، وَرمي بالتشيع من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 27/ م وَالْأَرْبَعَة. 2 الرَّاجِح أَنه غَزوَان الْغِفَارِيّ، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 105 غَزوَان الْغِفَارِيّ أَبُو مَالك، الْكُوفِي، مَشْهُور بكنيته ثِقَة من الثَّالِثَة، خت د س ت. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 245 أَنه روى عَن ابْن عَبَّاس وَعنهُ إِسْمَاعِيل السّديّ. 3 ابْن عَبَّاس، تقدم ص"172". 4 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. 5 لفظ "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 [سُورَة طه آيَة 5] .

عَنِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جُوَيْبِرٍ1، عَنِ الْكَلْبِيِّ2، عَنْ أَبِي صَالِحٍ3، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ4 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 5 قُلْتُ: ثُمَّ قَطَعَ الْكَلَامَ فَقَالَ: "اسْتَوَى6 لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض"، يَنْفِي عَنِ اللَّهِ الِاسْتِوَاءَ وَيَجْعَلُهُ لِمَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ. فَيُقَالُ لَك أَيهَا الْمعَارض: لَو سَمِعْتَ هَذَا مِنَ ابْنِ الثَّلْجِيِّ مَا قَامَتْ7 لَكَ بِهِ حُجَّةٌ فِي قِيسِ8 تَمْرَةٍ. وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا لَا تُسَاوِي بَعْرَةً، وَمَا يَحْتَجُّ بِهَا فِي تَكْذِيبِ الْعَرْشِ إِلَّا الْفَجَرَةُ. وَأَوَّلُ مَا فِيهِ مِنَ الرِّيبَةِ أَنَّكَ تَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ الْمَأْبُونِ9 الْمُتَّهَمِ فِي دِينِ اللَّهِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ10 عَنِ الْكَلْبِيّ هُوَ بزعم11 الثَّلْجِي12....................

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 136: جُوَيْبِر تَصْغِير جَابر، يُقَال اسْمه وجويبر لقب، ابْن سعيد الْأَزْدِيّ، أَبُو الْقَاسِم الْبَلْخِي، نزيل الْكُوفَة، رَاوِي التَّفْسِير ضَعِيف جدًّا من الْخَامِسَة، مَاتَ بعد الْأَرْبَعين، خد ق. 2 الْكَلْبِيّ مُحَمَّد بن السَّائِب، تقدم ص"353". 3 أَبُو صَالح باذام، تقدم ص"354". 4 ابْن عَبَّاس، تقدم ص"172". 5 سُورَة طه [آيَة 5] . 6 فِي ش "اسْتَوَى بِهِ". 7 فِي ط، س، ش "لما قَامَت". 8 قيس، تقدم مَعْنَاهَا ص"448". 9 تقدم مَعْنَاهَا ص"353". 10 لفظ "أَنه لَيْسَ فِي ط، س، ش. 11 فِي ط، ش "هُوَ ابْن عَم ابْن الثَّلْجِي": وَلَعَلَّ جملَة "هُوَ بزعم الثَّلْجِي" مُعْتَرضَة فَيكون المُرَاد عَن الْكَلْبِيّ وَعَن جُوَيْبِر بزعم ابْن الثَّلْجِي، وَأما مَا فِي ط، ش فَلَا يَتَّضِح مَعْنَاهُ، وَلَعَلَّ قَوْله: "ابْن عَم" تَصْحِيف من قَوْله: "بزعم". 12 فِي ط، س، ش "ابْن الثَّلْجِي".

وَعَنْ جُوَيْبِرٍ1 وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنِ الْكَلْبِيِّ2 وَجُوَيْبِرٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَان3 وَشعْبَة4 وَحَمَّاد ابْن زَيْدٍ5 لَمْ يُكْتَرَثْ6 بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا مَغْمُوزَانِ فِي الرِّوَايَةِ لَا تَقُومُ7 بِهِمَا الْحُجَّةُ فِي أَدْنَى فَرِيضَةٍ، فَكَيْفَ فِي إِبْطَالِ الْعَرْشِ وَالتَّوْحِيدِ؟. وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَرَاهُ8 إِلَّا مَكْذُوبًا عَلَى جُوَيْبِرٍ9 وَالْكَلْبِيِّ10 وَلَكِنْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَعْدِلَ عَنِ الْمَحَجَّةِ11 يَحْتَجُّ لِمَذْهَبِهِ بِمَا لَا تقوم12 بِهِ الْحجَّة.

_ 1 تقدم ص"451". 2 تقدم ص"354". 3 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 4 شُعْبَة بن الْحجَّاج، تقدم ص"250". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 197: حَمَّاد بن زيد بن دِرْهَم الْأَزْدِيّ، الْجَهْضَمِي، أَبُو إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت فَقِيه، قيل: إِنَّه كَانَ ضريرًا وَلَعَلَّه طَرَأَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ أَنه كَانَ يكْتب، من كبار الثَّامِنَة، مَاتَ سنة تسع وَسبعين وَله 81 سنة/ ع. قَالَ فِي الكاشف 1/ 251: وَكَانَ يحفظ حَدِيثه كَالْمَاءِ، وَعَن أبي عمرَان الْجونِي وثابت وَأبي جَمْرَة، وَعنهُ مُسَدّد وَعلي، قَالَ ابْن مهْدي: مَا رَأَيْت أحد لم يكن يكْتب أحفظ مِنْهُ، وَمَا رَأَيْت بِالْبَصْرَةِ أفقه مِنْهُ، وَلم أر أعلم بِالسنةِ مِنْهُ. 6 فِي ط، س، ش "لم نكترث". 7 فِي س "لَا يقوم". 8 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لَا نرَاهُ" وَهُوَ أولى. 9 جُوَيْبِر، تقدم ص"451". 10 الْكَلْبِيّ تقدم ص"345". 11 فِي ط، س، ش "الْحجَّة" وَمَا فِي الأَصْل أولى. 12 فِي س "بِمَا لَا يقوم".

وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَدْفَعُ مَا رَوَى الزُّهْرِيِّ1، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ2، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 وَأَبِي سَعِيدٍ4، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ مُسْلِمٍ5، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ6، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ7 وَسَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ8 وَثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ9، مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ10 وَسُفْيَانَ11 وَشُعْبَةَ12 وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ 13 وَحَمَّاد بن

_ 1 الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب، تقدم ص"175". 2 عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ، تقدم ص"205". 3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 4 أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"205". 5 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "زيد بن أسلم" وَهُوَ الصَّوَاب فِيمَا يظْهر لي انْظُر: تَرْجَمته ص"257". 6 عَطاء بن يسَار الْهِلَالِي، تقدم ص: "206" وَذكر صَاحب الكاشف 2/ 267 أَن زيد بن أسلم روى عَنهُ، وَانْظُر تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 2/ 938. 7 أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، تقدم ص"205". قلت: يُرِيد الدَّارمِيّ إِلْزَام الْمعَارض بِالْأَخْذِ بِمَا ثَبت من طَرِيق هَؤُلَاءِ الْأَثْبَات من الْأَحَادِيث الدَّالَّة على صِفَات الله كَحَدِيث الرُّؤْيَة الثَّابِت فِي الصَّحِيحَيْنِ من طَرِيق زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَقد تقدم تَخْرِيجه ذَلِك ص"204-208". 8 سعيد المَقْبُري، تقدم ص"332". 9 ثَابت الْبنانِيّ، تقدم ص"201". 10 معمر بن رَاشد، تقدم ص"205". 11 سُفْيَان، تقدم ص"268". 12 شُعْبَة بن الْحجَّاج، تقدم ص"250". 13 مَالك بن أنس، تقدم ص"210".

زَيْدٍ1 وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَعْلَامِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَتَعَلَّقُ، بِرِوَايَةِ الثَّلْجِيِّ2 وَالْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الظَّنَّةِ فِي دِينِ اللَّهِ. إِذَا وَجَدَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا3 أَدْنَى مُتَعَلِّقٍ يَدْخُلُ بِهَا دِلْسَةً4 عَلَى الْجُهَّالِ. وَسَنُبَيِّنُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا دُلِّسَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى5. ادَّعَى الْمُعَارِضُ أَن بضع النَّاسِ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قَالَ: استولى، قَالَ بَعْضُهُمْ: اسْتَوْلَى عَلَيْهِ، أَيْ هُوَ عَالٍ عَلَيْهِ، يُقَالُ لِلرَّجُلِ: عَلَا الشَّيْءَ أَيْ مَلَكَهُ، وَصَارَ فِي سُلْطَانِهِ، كَمَا يُقَالُ: غَلَبَ فُلَانٌ عَلَى مَدِينَةِ كَذَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى أَمْرِهَا، يُرِيدُ اسْتَوْلَى وَلَا يُرِيدُ الْجُلُوسَ. وَهَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ مُحْتَمَلَةٌ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْعَامِهِ6 التَّائِهِ الْمَأْبُونِ7، الَّذِي يَهْذِي وَلَا يَدْرِي: هَذِهِ تَأْوِيلَاتٌ مُحْتَمَلَةٌ لِمَعَانٍ8 هِيَ أقبح الضلال وأفحش الْمحَال،

_ 1 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452". قلت: وَهَؤُلَاء الْأَئِمَّة الْأَعْلَام وَغَيرهم قد جَاءَ من طريقهم أَحَادِيث كَثِيرَة دَالَّة على صِفَات الله، وَكَانَ مَا دلّت عَلَيْهِ من الصِّفَات إِثْبَاتًا حقيقيًّا يَلِيق بِجلَال الله وعظمته. 2 فِي ط، س، ش "ابْن الثَّلْجِي". 3 فِي ط، ش "فِيهَا". 4 من التَّدْلِيس، تقدم مَعْنَاهُ ص"142". 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي س. 6 قَالَ الفيرزوآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 4/ 288 مَادَّة "العمه": "متحركة التَّرَدُّد فِي الضلال والتحرير فِي مُنَازعَة أَو طَرِيق أَو أَن يعرف الْحجَّة..... إِلَخ. 7 المأبون، تقدم مَعْنَاهَا "353". 8 فِي ط، س، ش "لمعاني".

وَلَا يَتَأَوَّلُهَا مِنَ النَّاسِ إِلَّا الْجُهَّالُ، وَكُلُّ رَاسِخٍ فِي الضَّلَالِ. وَيحك! وَهل1 مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَسْتَوْلِ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَاكَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ حَتَّى خَصَّ الْعَرْشَ بِهِ مِنْ بَيْنِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ؟ وَهَلْ نَعْرِفُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْض لَيْسَ الله مَالِكه ولاهو فِي سلطاته، حَتَّى خَصَّ الْعَرْشَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ من بَين الْأَشْيَاء3 عَلَى مَا غَالَبَهُ عَلَيْهِ مُغَالَبَةً ومنازعة، وَمَعَ أَنَّكَ قَدْ صَرَّحْتَ بِمَا قُلْنَا، إِذْ قِسْتَهُ فِي عَرْشِهِ بِمُتَغَلِّبٍ عَلَى مَدِينَةٍ فَاسْتَوَى عَلَيْهَا بِغَلَبَةٍ4؟. فَفِي دَعْوَاكَ لَمْ يَأْمَنِ اللَّهُ أَنْ يُغْلَبَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ5 الْمُسْتَوْلِيَ رُبَّمَا غَلَبَ وَرُبَّمَا غُلب. فَهَلْ سَمِعَ سَامِعٌ بِجَاهِلٍ أَجْهَلَ بِاللَّهِ مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّ اللَّهَ اسْتَوْلَى عَلَى عَرْشِهِ مُغَالَبَةً، ثُمَّ يَقِيسُهُ فِي ذَلِكَ بِمُتَغَلِّبٍ6 فَيَقُولُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: غَلَبَ عَلَى مَدِينَةٍ وَاسْتَوْلَى عَلَى أَهْلِهَا؟ وَأَيْنَ مَا انْتَحَلْتَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُشَبِّهَ اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، أَوْ يَتَوَهَّمَ فِيهِ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخلق وَقد شبهته بمتغلب غلب عَلَى مَدِينَةٍ بِغَلَبَةٍ7 فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا؟ لَو

_ 1 فِي ط، ش "هَل من شَيْء". 2 فِي ط، س، ش "فغلبه الله". 3 فِي ط، ش "ثمَّ اسْتَوَى". 4 فِي ط، ش "بغلبته". 5 فِي ط، س، ش "لِأَن الْغَالِب". 6 فِي س "بتغلب". 7 فِي ط، ش "بغلبته".

وَلَدَتْكَ أُمُّكَ أَصَمَّ أَخْرَسَ كَانَ خَيْرًا1 لَكَ مِنْ أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَفِي عَرْشِهِ2. فَأَقْصِرْ أَيُّهَا الْمَرْءُ الضَّعِيفُ. فَإِنَّكَ لَنْ تَدْفَعَ الْعَرْشَ وَالْكُرْسِيَّ بِمِثْلِ هَذَا الْحَشْوِ وَالْخُرَافَاتِ وَالْعَمَايَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِهِمَا قَدْ خَلُصَ إِلَى كُلِّ مَنْ عَرَفَ اللَّهَ: مِنْ عَالِمٍ أَوْ جَاهِلٍ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: قِيَاسُكَ اللَّهَ بِمِقْيَاسِ الْعَرْشِ وَمِقْدَارِهِ وَزنه من أَصْغَر أَوْ كِبَرٍ3 وَزَعَمْتَ كَالصِّبْيَانِ الْعِمْيَانِ إِنْ كَانَ اللَّهُ4 أَكْبَرَ مِنَ الْعَرْشِ أَوْ أَصْغَرَ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ فَإِنْ كَانَ اللَّهُ أَصْغَرَ فَقَدْ صَيَّرْتُمُ الْعَرْشَ أَعْظَمَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْعَرْشِ5 فَقَدِ ادَّعَيْتُمْ فِيهِ فَضْلًا عَلَى الْعَرْشِ. وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فَإِنَّهُ إِذَا ضَمَّ إِلَى الْعَرْشِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتْ أَكْبَرَ مَعَ خُرَافَاتٍ تكلم بهَا وترهات6 تعلب7 بهَا

_ 1فِي الأَصْل "كَانَ خير" وَبِمَا أثبتنها جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر كَانَ وَاسْمهَا مَحْذُوف وَتَقْدِيره ذَلِك. 2 فِي س "مِنْ أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا وَمَا أشبهه وَفِي عَرْشه" وَهُوَ غير وَاضح وَلَعَلَّه سقط بعضه سَهوا وَفِي ط، ش: "مِنْ أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا وَمَا أشبهه فِي عَرْشه تَعَالَى". 3 فِي ط، س، ش "من صَغِير أَو كَبِير" مَا فِي الأَصْل أولى. 4 فِي ط، س، ش "إِن كَانَ الله تَعَالَى". 5 الْعبارَة من قَوْله: "أَو أَصْغَر مِنْهُ" إِلَى قَوْله: "أكبر من الْعَرْش" لَيست فِي ط، س، ش وَبهَا يزِيد الْمَعْنى وضوحًا. 6 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 4/ 282 مَادَّة "الترهة": "كقبرة الْبَاطِل كالترة وَالطَّرِيق الصَّغِيرَة المتشعبة من الجادة ... قَالَ: وَتجمع على ترهات وترارية ... " بِتَصَرُّف". 7 فِي ط، س، ش "يلْعَب".

ضلالات تَضِلُّ1 بِهَا. لَوْ كَانَ مَنْ يعْمل عَلَيْهِ لِلَّهِ2 لَقَطَعَ ثَمَرَةَ لِسَانِهِ3 وَالْخَيْبَةُ لِقَوْمٍ هَذَا فَقِيهُهُمْ، وَالْمَنْظُورُ إِلَيْهِ مَعَ هَذَا التَّمْيِيزِ كُلِّهِ، وَهَذَا الْبَصَرِ 4 وَكُلِّ هَذِهِ الْجَهَالَاتِ وَالضَّلَالَاتِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْبَقْبَاقِ5 النَّفَّاجِ6: إِنَّ اللَّهَ أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَكْبَرُ مِنْ كُلِّ خَلْقٍ، وَلَمْ يَحْتَمِلْهُ7 الْعَرْشُ عِظَمًا/ وَلَا قُوَّةً، وَلَا حَمَلَةُ الْعَرْشِ احْتَمَلُوهُ8 بِقُوَّتِهِمْ، وَلَا اسْتَقَلُّوا بِعَرْشِهِ بِشِدَّةِ أَسْرِهِمْ9، وَلَكِنَّهُمْ حَمَلُوهُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وتأييده لَوْلَا ذَلِك مَا أطاقوا حمله.

_ 1 فِي ط، س، ش "يضل بهَا". 2 فِي ش "الله" وَهُوَ بعيد، والأوضح أَن يُقَال: "لَوْ كَانَ مَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهِ مخلصًا لله". 3 أَي طرف لِسَانه، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 1/ 383: مَادَّة "الثَّمر": "وَالثَّمَرَة الشَّجَرَة وجلدة الرَّأْس وَمن اللِّسَان طرفه......." بِتَصَرُّف. 4 فِي ط، س، ش "وَهَذَا النّظر". 5 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 1/ 245: مَادَّة "بقق": "وَقَالَ بَعضهم: "رجل مبق وبقاق وبقباق كثير الْكَلَام أَخطَأ أَو أصَاب، وَقيل: كثير الْكَلَام مخلط، وَيُقَال بقبق علينا الْكَلَام أَي فرقة" بِتَصَرُّف. 6 فِي س "النفاخ" ويتقاربان فِي الْمَعْنى، وَالْأَظْهَر أَنَّهَا النفاج بِالْجِيم، قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 3/ 675 مَادَّة "نفخ": "وَرجل ذُو نفخ وَذُو نفج بِالْجِيم أَي صَاحب فَخر وَكبر...." وَقَالَ أَيْضا فِي 3/ 683 مَادَّة "نفج": "وَرجل نفاج إِذا كَانَ صَاحب فَخر وَكبر وَقيل: نفاج يفخر بِمَا لَيْسَ عِنْده" إِلَخ. 7 فِي ط، س، ش "وَلم يحْتَمل الْعَرْش". 8 كلمة "احتملوه" لَيست فِي ط، س، ش تزيد الْمَعْنى وضوحًا. 9 عبارَة "وَلَا استقلوا بِعَرْشِهِ بشد ة أسرهم" لَيست فِي ط، س، ش.

وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ حِينَ حَمَلُوا الْعَرْشَ وَفَوْقَهُ الْجَبَّارُ فِي عِزَّتِهِ، وَبَهَائِهِ ضَعُفُوا عَنْ حَمْلِهِ وَاسْتَكَانُوا، وَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ، حَتَّى لُقِّنُوا "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ"1 فَاسْتَقَلُّوا بِهِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ. لَوْلَا ذَلِكَ مَا اسْتَقَلَّ بِهِ الْعَرْشُ، وَلَا الْحَمَلَةُ، وَلَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ2 وَلَا مَنْ فِيهِنَّ. وَلَوْ قَدْ شَاءَ لَاسْتَقَرَّ عَلَى ظَهْرِ بَعُوضَةٍ فَاسْتَقَلَّتْ بِهِ بِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِ رُبُوبِيَّتِهِ، فَكَيْفَ عَلَى عَرْشٍ عَظِيمٍ أَكْبَرَ مِنَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ3؟ وَكَيْفَ يُنْكَرُ أَيُّهَا النفاج أَن عَرْشه يقلهُ4 اوالعرش أَكْبَرَ مِنَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ؟ وَلَوْ كَانَ الْعَرْشُ فِي السَّمَوَات وَالْأَرضين مَا وسعته وكلنه فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. فَكَيْفَ تُنْكِرُ هَذَا وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَفِي جَمِيعِ أَمْكِنَتِهَا، وَالْأَرْضُ دُونَ الْعَرْشِ فِي الْعَظَمَةِ وَالسَّعَةِ؟ فَكَيْفَ تُقِلُّهُ الْأَرْضُ فِي دَعْوَاكَ وَلَا يُقِلُّهُ الْعَرْشُ الَّذِي أَعْظَمُ5 مِنْهَا وَأَوْسَعُ؟ وَأَدْخِلْ هَذَا الْقيَاس الَّذِي

_ 1 سَيذكرُ مَا يدل على ذَلِك بعد سطور. 2 فِي ط، ش "وَلَا السَّمَوَات وَلَا الأَرْض". 3 قَوْله: "وَالْأَرضين السَّبع" لَيست فِي ط، س ولعلها سَقَطت من النَّاسِخ. 4 هَذَا غير صَحِيح، فَلَيْسَ الْعَرْش حَامِلا للرب وَلَا يقلهُ، بل الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مستغن عَن الْعَرْش وَغَيره من الْمَخْلُوقَات وَهُوَ الْحَامِل للعرش ولحملة الْعَرْش بقوته وَقدرته، وَهُوَ الَّذِي "يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده إِنَّه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا" وَمن الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ من دين الْمُرْسلين أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى غَنِي عَن جَمِيع الْمَخْلُوقَات عين فَمَا دونهَا إِلَّا بِهِ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْغَنِيّ الحميد. 5 فِي ط، س "الَّذِي هُوَ أعظم مِنْهَا".

أَدْخَلْتَ عَلَيْنَا فِي عِظَمِ الْعَرْشِ وَصِغَرِهِ وَكِبَرِهِ عَلَى نَفْسِكَ، وَعَلَى أَصْحَابِكَ فِي الْأَرْضِ وَصِغَرِهِا، حَتَّى تَسْتَدِلَّ عَلَى جَهْلِكَ وَتَفْطِنَ لِمَا تُورِدُ عَلَيْكَ حَصَائِدُ لِسَانِكَ، فَإِنَّكَ لَا تَحْتَجُّ بِشَيْءٍ إِلَّا وَهُوَ1 رَاجِعٌ عَلَيْكَ وَآخِذٌ بِحَلْقِكَ. وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ2، قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ3 أَنَّهُ 4 قَالَ: "أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ حِينَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاء حَملَة عَرْشه5 فَقَالُوا: رَبنَا لما خَلَقْتَنَا؟ فَقَالَ: خَلَقْتُكُمْ لِحَمْلِ عَرْشِي, قَالُوا: رَبَّنَا، وَمَنْ يَقْوَى عَلَى حمل عرشك، وعيله عَظَمَتُكَ وَجَلَالُكَ وَوَقَارُكَ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ:6 إِنِّي خَلَقْتُكُمْ لِذَلِكَ، قَالُوا: رَبَّنَا7 وَمَنْ يَقْوَى عَلَى حَمْلِ عَرْشِكَ وَعَلِيهِ عظمتك وَوَقَارُكَ؟ قَالَ: فَيَقُولُ8: خَلَقْتُكُمْ لِحَمْلِ عَرْشِي9 قَالَ: فَيَقُولُونَ ذَلِكَ مِرَارًا، قَالَ: فَقَالَ10 قُولُوا: لَا حَوْلَ وَلَا

_ 1 فِي ط، ش "إِلَّا هُوَ" بِدُونِ وَاو. 2 عبد الله بن صَالح، تقدم ص”171". 3 مُعَاوِيَة بن صَالح، تقدم ص”171". 4 لفظ "أَنه" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 فِي ش "حَملَة الْعَرْش". 6 فِي ط، ش "فَقَالَ لَهُم" وَفِي س "فَقَالَ". 7 فِي س "قَالَ: فَقَالُوا: رَبنَا". 8 فِي س "قَالَ: فَقَالَ". 9 الْعبارَة الثَّانِيَة من قَوْله "قَالُوا: رَبنَا" إِلَى قَوْله: "لحمل عَرْشِي" لَيست فِي ط، ش. 10 فِي ط، س، ش "قَالَ: فَقَالَ لَهُم".

قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَيَحْمِلَكُمْ وَالْعَرْشَ قُوَّةُ اللَّهِ"1. أَفَلَا تَدْرِي أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لَمْ يَحْمِلُوا الْعَرْشَ وَمَنْ عَلَيْهِ بِقُوَّتِهِمْ وَشِدَّةِ أَسْرِهِمْ2 إِلَّا بِقُوَّةِ اللَّهِ وَتَأْيِيدِهِ؟. وَقَدْ بَيَّنَّا لَكَ مَا جَهِلْتَ مِنْ أَمْرِ الْعَرْشِ بِشَوَاهِدِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى3، وَشَوَاهِدِهِ مِنْ مَعْقُولِ4 الْكَلَامِ، وَمِمَّا مَضَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَسَنَقُصُّ عَلَيْكَ فِيهِ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عيله وَسَلَّمَ، الْمَأْثُورَةَ وَأَخْبَارَهُ الْمَشْهُورَةَ مَا لَوْ عَرَضْتَهَا عَلَى قَلْبِكَ وَتَدَبَّرْتَ أَلْفَاظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا عَلِمْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى5 أَنَّ مَا تَأَوَّلْتَهُ فِي تَفْسِيرِ الْعَرْشِ بَاطِلٌ.

_ 1 الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ضَعِيف؛ لِأَنَّهُ مُنْقَطع من كَلَام مُعَاوِيَة بن صَالح، وَذكره الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 29/ 37-38 عَن ابْن زيد بنسبه لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأطول من هَذَا. وَذكره شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي التُّحْفَة العراقية بِصِيغَة التمريض مُخْتَصرا عَمَّا هُنَا "انْظُر: مَجْمُوع الفتاوي10/ 33". وَأوردهُ ابْن الْقيم فِي اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية، طبعة السلفية ص"90" نقلا عَن عُثْمَان الدَّارمِيّ، وَفِي الوابل الصيب أَيْضا، بتحقيق إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ ص"165-166" وَذكر أَنه سَمعه من شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية، ثمَّ قَالَ: حَتَّى رَأَيْت ابْن أبي الدُّنْيَا قد ذكر هَذَا الْأَثر بِعَيْنِه عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَة بن صَالح قَالَ: حَدثنَا مشيختنا أَنه بَلغهُمْ: أَن أول مَا خلق عز وَجل حِينَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ حلمة عَرْشه قَالُوا: رَبنَا لم خلقتنا؟ قَالَ: خلقتكم لحمل عَرْشِي ... وَذكره بِلَفْظ مقارب. وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ، بتحقيق عبد الرازق عفيفي، ص"76" من طَرِيق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن بعض المشيخة مُخْتَصرا عَمَّا هُنَا وَسكت عَنهُ. 2 فِي ط، س، ش "وبشدة أسرهم". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي س "من معول الْكَلَام". 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

نقل المؤلف الآثار الواردة في العرش وحملته

نقل الْمُؤلف الْآثَار الْوَارِدَة فِي الْعَرْش وَحَمَلته: حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ1، أبنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ2. عَنِ الْأَعْمَشِ3، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ4، عَنْ صَفْوَان مِحْرِزٍ5، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ6 رَضِي الله عَنْهُمَا7: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالُوا: أَتَيْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الْأَمْرِ، كَيْفَ كَانَ؟ قَالَ: كَانَ الله لم يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ. وَكَانَ عَرْشُهُ

_ 1 مَحْبُوب بن مُوسَى الْأَنْطَاكِي، تقدم ص"150". 2 فِي ط، ش "الغزاوي" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 41: إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْحَارِث بن أَسمَاء بن خَارِجَة بن حَفْص بن حُذَيْفَة الْفَزارِيّ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق، ثِقَة حَافظ، لَهُ تصانيف من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة خمس وَثَمَانِينَ، وَقيل: بعْدهَا/ ع. 3 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 24: جَامع بن شَدَّاد الْمحَاربي، أَبُو صَخْرَة الْكُوفِي، ثِقَة من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة سبع وَيُقَال: سنة ثَمَان وَعشْرين، ع وَذكر فِي الكاشف 1/ 178 أَنه روى عَن صَفْوَان بن مُحرز وَجَمَاعَة ... " إِلَخ. 5 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "صَفْوَان بن مُحرز" وَهُوَ الصَّوَاب، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 368: صَفْوَان بن مُحرز بن زِيَاد الْمَازِني والباهلي ثِقَة، عَابِد من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 74/ خَ م ت س ق وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 30: ثِقَة بكاء خاشع واعظ، مَاتَ سنة 74. 6 عمرَان بن حُصَيْن، تقدم ص"227". 7 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش.

عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ كَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ "1. فَهَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ عَرْشَهُ كَانَ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْخَلْقِ2 فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْذِيبٌ لِدَعْوَاكَ وَإِبْطَالٌ لِتَأْوِيلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ3، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ4، ثَنَا بِشْرُ بْنُ نمير5.......................

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب بَدْء الْخلق، بَاب جَاءَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} حَدِيث 3191 جـ6 ص286 من طَرِيق عمر بن حَفْص بن غياث، حَدثنَا أبي، حَدثنَا الْأَعْمَش، حَدثنَا جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ صَفْوَانِ بن مُحرز أَنه حَدثهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: "دخلت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وعقلت نَاقَتي بِالْبَابِ فَأَتَاهُ نَاس من بني تَمِيم فَقَالَ: "اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بني تَمِيم، قَالُوا: قد بشرتنا فَأَعْطِنَا "مرَّتَيْنِ" ثمَّ دخل عَلَيْهِ نَاس من أهل الْيمن فَقَالَ: اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أهل الْيمن إِن لم يقبلهَا بَنو تَمِيم، قَالُوا: قد قبلنَا يَا رَسُول الله قَالُوا: جِئْنَا نَسْأَلك عَن هَذَا الْأَمر, قَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاء وَكتب فِي الذّكر كل شَيْء وَخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَنَادَى مُنَاد ذهبت نَاقَتك يَا ابْن الْحصين. فَانْطَلَقت فَإِذا هِيَ يقطع دونهَا السراب، فوَاللَّه لَوَدِدْت أَنِّي كنت تركتهَا". 2 يَعْنِي أَعلَى الْخلق الْمشَاهد. 3 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"154". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 404: عبد الله بن بكر بن حبيب السَّهْمِي الْبَاهِلِيّ أَبُو وهب الْبَصْرِيّ نزيل بَغْدَاد، امْتنع من الْقَضَاء، ثِقَة حَافظ، من التَّاسِعَة، مَاتَ فِي الْمحرم سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ، ع. 5 فِي الأَصْل "بسر" بِالسِّين الْمُهْملَة، وَفِي ط، س، ش بالشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الصَّوَاب وَبِه جَاءَ فِي كتاب: الرَّد على الْجَهْمِية" للمؤلف، مخطوط ص"8" وَانْظُر: المطبوع ص"15" قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 102: بشر بن نمير الْقشيرِي بَصرِي مَتْرُوك مُتَّهم، من السَّابِعَة، مَاتَ بعد الْأَرْبَعين وَمِائَة، ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 158: روى عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن وَمَكْحُول، وَعنهُ يزِيد بن زُرَيْع وَابْن وهب وَخلق تَرَكُوهُ، وَفِي الْخُلَاصَة للخزرجي ص"49" قَالَ: وَعنهُ أَبُو عوَانَة تَركه.

عَنِ الْقَاسِمِ1، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَقَضَى الْقَضِيَّةَ وَأَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ وَعَرْشُهُ على المَاء 4 ".

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 118: الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي، أَبُو عبد الرَّحْمَن صَاحب أبي أُمَامَة، صَدُوق يُرْسل كثيرا من الثَّالِثَة مَاتَ سنة اثْنَتَيْ عشرَة، بخ وَالْأَرْبَعَة. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 391: وَقيل لم يسمع من صَحَابِيّ سوى أبي أُمَامَة. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 366: صدي، بِالتَّصْغِيرِ، ابْن عجلَان أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ، صَحَابِيّ مَشْهُور، سكن الشَّام وَمَات بهَا سنة 86/ ع. 3 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 4 الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ضَعِيف جدًّا، فَإِن فِي سَنَده بشر بن نمير وَهُوَ مَتْرُوك، ذكر ذَلِك الذَّهَبِيّ وَابْن حجر والخزرجي "انْظُر تَرْجَمته" إِلَّا أَن لَهُ طرقًا، فقد أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير، تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي، حَدِيث 8940 8/ 287، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن صَالح الشِّيرَازِيّ، ثَنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم، ثَنَا جَعْفَر بن الزبير، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره وَأخرجه وَانْظُر: الحَدِيث بعده 8943-8/ 289 بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور آنِفا. وَأخرجه الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني ص"15" بِهَذَا السَّنَد عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا بأطول من هَذَا. وَأخرجه الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنده ط. الأولى ص"154" قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر بن الزبير الْحَنَفِيّ عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله =

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ1، أبنا2 سُفْيَان الثَّوْريّ3، ثَنَا أَبُو هَاشم4، عَنْ مُجَاهِدٍ5، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "إِنَّ الله كَانَ على

_ = عز وَجل خلق الْخلق وَأَخَذَ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ وَعَرْشُهُ عَلَى المَاء، فَأهل الْجنَّة أَهلهَا وَأهل النَّار أَهلهَا" وَأخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة مخطوط لوحة 38 عَن أبي أُمَامَة. وَذكره الهيثمي فِي الْمجمع 7/ 189 عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْكَبِير بِاخْتِصَار وَفِيه سَالم بن سَالم وَهُوَ ضَعِيف، وَفِي إِسْنَاد الْكَبِير جَعْفَر بن الزبير وَهُوَ ضَعِيف. وَذكره أَيْضا ابْن حجر فِي المطالب الْعَالِيَة بزوائد المسانيد الثَّمَانِية، تَحْقِيق حبيب الرَّحْمَن الأعظمي، حَدِيث 2941، 3/ 83-84: عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا بأطول من هَذَا وَعَزاهُ إِلَى أبي بكر، وَانْظُر: حَدِيث 2942 عَن أبي أُمَامَة وَعَزاهُ إِلَى الطَّيَالِسِيّ. 1 فِي التَّقْرِيب 2/ 203: مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي الْبَصْرِيّ، ثِقَة لم يصب من ضعفه، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَله 90 سنة/ ع. 2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا" وهما بِمَعْنى وَاحِد، وَانْظُر تعلقنا ص"137". 3 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 4 قلت: هُوَ الرماني بالراء وَالتَّشْدِيد، وَبِه قَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح، حَيْثُ أورد هَذَا الحَدِيث من طَرِيق سُفْيَان بِهَذَا السَّنَد، عَن ابْن عَبَّاس إِلَّا أَنه أَخطَأ فَقَالَ: "أَبُو هِشَام" وَلَعَلَّه خطأ مطبعي، انْظُر: فتح الْبَارِي 13/ 405. وَقَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 483: أَبُو هَاشم الرماني بِضَم الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم الوَاسِطِيّ، اسْمه يحيى بن دِينَار، وَقيل: ابْن الْأسود، وَقيل: ابْن نَافِع، ثِقَة، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين، وَقيل: خمس وَأَرْبَعين، ع. 5 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 6 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"172".

عَرْشِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا"1، فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يُخْبِرُ2 أَنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى عَرْشِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا مِنْ خَلْقِهِ مِنْ سَمَاءٍ وَأَرْضٍ. وَادَّعَيْتَ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ أَنَّ الْعَرْشَ أَعْلَى الْخَلْقِ3 تَكْذِيبًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَصْحَابِهِ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ4 أَنَّهُ قَالَ: "بَدْءُ الْخَلْقِ الْعَرْش"5

_ 1 أوردهُ الْمُؤلف أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني ص"14"، وَذكره ابْن حجر فِي الْفَتْح 13/ 405 فِي معرض رده على من زعم أَن الْعَرْش لم يزل مَعَ الله، وَكَذَا من زعم أَن الْعَرْش هُوَ الْخَالِق الصَّانِع فَقَالَ: "وَرُبمَا تمسك بعشهم وَهُوَ أَبُو إِسْحَاق الْهَرَوِيّ بِمَا أخرجه من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ، حَدثنَا أَبُو هِشَام، "كَذَا" هُوَ الرماني بالراء وَالتَّشْدِيد، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى عَرْشِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا فَأول مَا خلق الله الْقَلَم" وَهَذِه الأولية مَحْمُولَة على خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فيهمَا، فقد أخرج عبد الرازق فِي تَفْسِيره عَن معمر، عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قَالَ: هَذَا بَدْء خلقه قبل أَن يخلق السَّمَاء وعرشه من ياقوته حَمْرَاء" وَانْظُر: مَا ذكره الْعَيْنِيّ أَيْضا فِي عُمْدَة الْقَارئ شرح صَحِيح البُخَارِيّ 25/ 111. 2 فِي ط، ش "ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس" بدل "فَهَذَا ابْن عَبَّاس". 3 مُرَاد الْمعَارض إِنْكَار أَن يكون الْعَرْش مخلوقًا مستقلًّا، وَانْظُر مَا نَقَلْنَاهُ فِي بَيَان شُبْهَة الْمعَارض ص"439-441". 4 فِي ط، س، ش "وروى مُجَاهِد" بِدُونِ "عَن" وَانْظُر تَرْجَمته ص"252". 5 قَالَ ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي فِي شَرحه على حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن فِي بَدْء الْخلق رقم 3191، 6/ 290: "وَأخرج سعيد بن مَنْصُور، عَن أبي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: بَدْءُ الْخَلْقِ الْعَرْشُ وَالْمَاء والهواء، وخلقت الأَرْض من المَاء". وروى ابْن جرير فِي تَفْسِيره الطبعة الثَّانِيَة جـ12 ص"4" تَفْسِير سُورَة هود قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عَمْرو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِم، ثَنَا عِيسَى، عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَول الله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئا. وَمن طَرِيق آخر عَن مُجَاهِد مثله، وَذكر عَن قَتَادَة أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} قَالَ: هَذَا بَدْء خلقه قبل أَن يخلق شَيْئا، وَمن طَرِيق آخر عَن قَتَادَة بِمَعْنَاهُ.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ2، عَنْ أَبِي بِشْرٍ3، عَنْ مُجَاهِدٍ4 قَالَ: "بَدْءُ الْخَلْقِ الْعَرْشُ وَالْمَاءُ"5. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ6، ثَنَا وَكِيعٌ7، عَنْ سُفْيَانَ8، عَنِ الْأَعْمَشِ9، عَنِ الْمنْهَال10.....................

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 أَبُو عوَانَة تقدم ص"263". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 129: جَعْفَر بن إِيَاس، أَبُو بشر بن أبي وحشية بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْمُهْملَة وَكسر الْمُعْجَمَة وتثقيل التَّحْتَانِيَّة، ثِقَة من أثبت النَّاس فِي سعيد بن جُبَير وَضَعفه شُعْبَة فِي حبيب بن سَالم وَفِي مُجَاهِد، من الْخَامِسَة مَاتَ سنة خمس، وَقيل: سنة سِتّ وَعشْرين، ع. 4 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 5 تقدم ص"465". 6 أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ تقدم ص"154". 7 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 8 سُفْيَان، لَعَلَّه ابْن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 379: وَمن شُيُوخه الْأَعْمَش وَابْن جرير. 9 الْأَعْمَش سُلَيْمَان بن مهْرَان، تقدم ص175. 10 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 278: الْمنْهَال بن عَمْرو الْأَسدي، مَوْلَاهُم، الْكُوفِي، صَدُوق رُبمَا وهم من الْخَامِسَة/ خَ وَالْأَرْبَعَة وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 3/ 177: عَن ابْن الْحَنَفِيَّة وزر وَعنهُ الْأَعْمَش وَشعْبَة وَرِوَايَته عَنهُ فِي النَّسَائِيّ، ثمَّ تَركه بِآخِرهِ، وَثَّقَهُ ابْن معِين.

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ1، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} 3 قَالَ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ4؟ قَالَ: على متن الرّيح5.

_ 1 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173". 2 عبد الله، بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، تقدم ص"172". 3 سُورَة، هود [آيَة 7] . 4 فِي ط، ش "قَالَ: وَالْمَاء على أَي شَيْء؟ ". 5 أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص من طَرِيق الْأَعْمَش، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن قَوْله عز وَجل: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} على أَي شَيْء كَانَ المَاء؟ قَالَ: على متن الرّيح، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح فِي شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ وَأخرجه ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة، بتخريج الألباني، حَدِيث 584 1/ 258 من طَرِيق سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ، وَقَالَ الألباني"إِسْنَاده جيد مَوْقُوف، وَلَيْسَ لَهُ حكم الْمَرْفُوع لاحْتِمَال أَن يكون ابْن عَبَّاس تَلقاهُ عَن أهل الْكتاب". وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 12/ 5 من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْن عَبَّاس بِمثلِهِ. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"377-378" من طَرِيق الْحَاكِم وبلفظه. وَذكره ابْن كثير فِي تَفْسِيره 2/ 437 عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظِهِ. وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور بهامشه تنوير المقباس 3/ 322 عَن ابْن عَبَّاس وَرَضي الله عَنْهُمَا، وَعَزاهُ إِلَى عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْفِرْيَابِي، وَابْن جرير، وَابْن الْمُنْذر، وَابْن أبي حَاتِم، وَأبي الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ1 ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ2 ثَنَا أَبِي3 قَالَ:4 سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ5 يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عتبَة6 وَجبير بن

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب2/ 147: مُحَمَّد بن بشار بن عُثْمَان، الْعَبْدي، الْبَصْرِيّ أَبُو بكر بنْدَار، ثِقَة من الْعَاشِرَة مَاتَ سنة 52 وَله بضع وَثَمَانُونَ سنة، ع. وَفِي الْحَاشِيَة قَالَ: بنْدَار بِضَم الْبَاء وَفتحهَا وَسُكُون النُّون كَمَا فِي الْمُغنِي. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 338: وهب بن جرير بن حَازِم بن زيد، أَبُو عبد الله الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، ثِقَة من التَّاسِعَة مَاتَ سنة 86/ ع وَفِي الكاشف 3/ 244 أَنه توفّي سنة 206 وَهُوَ الْأَقْرَب للصَّوَاب، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 4/ 350 أَنه روى عَن أَبِيه. 3 جرير بن حَازِم، تقدم ص316. 4 فِي ط، س، ش، "قَالَ: سَمِعت فِي حَدِيثك من الْحِلْية والسكون والمعاينة" ثمَّ أورد كلَاما لَا يلتئم مَعَ مَا سبق وَيَقَع فِي حوالي صفحتين، ثمَّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يحدث عَن يقعوب.. إِلَخ كَمَا فِي الأَصْل، وَبعد النّظر والمراجعة وجدت أَن مَا ذكر إِنَّمَا يُنَاسِبه مَوضِع آخر فِي الْجُزْء الثَّالِث فِي الحَدِيث على "النَّقْضُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُعَارِضُ فِي الْوَجْه" وسنشير إِلَى ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى هُنَاكَ انْظُر ص"727". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 144: مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار، أَبُو بكر المطلبي مَوْلَاهُم الْمدنِي نزيل الْعرَاق إِمَام الْمَغَازِي، صَدُوق يلدلس، وَرمي بالتشيع وَالْقدر، من صغَار الْخَامِسَة، مَاتَ سنة خمسين وَمِائَة وَيُقَال: بعْدهَا، خت م وَالْأَرْبَعَة، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/ 39 أَنه روى عَن يَعْقُوب بن عتبَة الثَّقَفِيّ وَعنهُ جرير بن حَازِم. 6 فِي ط، ش يَعْقُوب بن شيبَة وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ يُؤَيّدهُ أَن هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ ورد مرّة أُخْرَى بِلَفْظ يَعْقُوب بن عتبَة، انْظُر: ص"518"، وَبِه أَيْضا فِي سنَن أبي دَاوُد 5/ 94، وَيَعْقُوب هَذَا هُوَ: يَعْقُوب بن عتبَة بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس الثَّقَفِيّ، ثِقَة، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 28/ د س ق. انْظُر التَّقْرِيب 2/ 376. وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 11/ 392 أَنه روى عَن جُبَير بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مطعم وَعنهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق.

مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ1، عَنْ أَبِيهِ2، عَنْ جَدِّهِ3 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4: "إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ فَوْقَ أَرْضِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ -وَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ الْقُبَّةِ- وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بالراكب" 5.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 126: جُبَير بن مُحَمَّد بن مطعم. مَقْبُول من السَّادِسَة، د. قَالَ فِي الكاشف 1/ 80: عَن أَبِيه وَعنهُ يَعْقُوب بن عتبَة وحصين فِي الأطيط. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 150: مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ بن عدي بن نَوْفَل النَّوْفَلِي ثِقَة عَارِف بِالنّسَبِ، من الثَّالِثَة، مَاتَ على رَأس الْمِائَة، ع. قَالَ فِي الكاشف 3/ 27: عَن أَبِيه وَعَمه وَعنهُ الزُّهْرِيّ وعدة. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 126: جُبَير بن مطعم بن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف الْقرشِي النَّوْفَلِي، صَحَابِيّ عَارِف بالأنساب مَاتَ سنة ثَمَان أَو تسع وَخمسين، ع، قَالَ فِي الكاشف 1/ 180 عَنهُ: ابناه مُحَمَّد وَنَافِع وَابْن الْمسيب. 4 فِي ط، س، ش "قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 5 الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد كتاب السّنة، بَاب فِي الْجَهْمِية، حَدِيث 4726، 5/ 94-95 من طَرِيق مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوب بن عتبَة، عَن جُبَير بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعا. قلت: وَاخْتلف فِي صِحَة هَذَا الحَدِيث سندًا ومتنًا، وَعلة إِسْنَاده عِنْد من ضعفه عنعنة مُحَمَّد بن إِسْحَاق، وَهُوَ مُدَلّس وَمثله لَا يحْتَج بِهِ إِلَّا صرح بِالتَّحْدِيثِ، وَتفرد يَعْقُوب بن عتبَة بِهِ عَن جُبَير بن مُحَمَّد، وَفِيه أَيْضا جُبَير بن مُحَمَّد وَفِيه ضعف، وَعلة مَتنه عِنْد من أعله لفظ "الأطيط" وَقد أعله الْمُنْذِرِيّ وَنقل إعلاله سندًا ومتنًا فِي مُخْتَصر السّنَن 7/ 94، وَأعله ابْن كثير فِي تَفْسِيره الْآيَة الْكُرْسِيّ 1/ 310 فِي كَلَامه على حَدِيث عبد الله بن خَليفَة الْمُتَقَدّم، وَأعله أَيْضا الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ، تَصْحِيح ومراجعة عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان، ص"39" فَقَالَ: "هَذَا حَدِيث غَرِيب جدًّا وَابْن إِسْحَاق حجَّة فِي الْمَغَازِي وَله =

..................................................

_ = مَنَاكِير وعجائب، فَالله أعلم أقَال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أم لَا؟، وَأما الله عز وَجل فَلَيْسَ كمثله شَيْء جلّ جَلَاله وتقدست أسماؤه وَلَا إِلَه غَيره، والأطيط الْوَاقِع بِذَات الْعَرْش، من جنس الأطيط الْحَاصِل فِي الرحل، فَذَاك صفة للرحل وللعرش، وَمعَاذًا الله أَن نعده صفة الله عز وَجل. ثمَّ لفظ الأطيط لم يرد بِهِ نَص ثَابت" وَضَعفه الألباني أَيْضا فِي تَخْرِيجه على السّنة لِابْنِ أبي عَاصِم 1/ 252 وَفِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة 2/ 257، وَعلمت أَن لِابْنِ عَسَاكِر رِسَالَة سَمَّاهَا "بَيَان وُجُوه التغليط فِي حَدِيث الأطيط" ضعف فِيهَا هَذَا الحَدِيث وَلم أعثر عَلَيْهَا. وانتصر ابْن الْقيم رَحمَه الله لِلْقَوْلِ بِثُبُوتِهِ سندًا ومتنًا وَبسط القَوْل فِي مناقشة من أعل إِسْنَاده ثمَّ قَالَ: "وَأما قَوْلكُم أَنه اخْتلف فِي لَفظه فبعضهم قَالَ: "ليئط بِهِ" وَبَعْضهمْ لم يذكر لَفْظَة "بِهِ" فَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَاف يُوجب رد الحَدِيث، فَإِذا زَاد بعض الْحَافِظ لَفْظَة لم ينفها غَيره، وَلم يرو مَا يُخَالِفهَا، فَإِنَّهَا لَا تكون مُوجبَة لرد الحَدِيث، فَهَذَا جَوَاب المنتصرين لهَذَا الحَدِيث". انْظُر: تَهْذِيب ابْن الْقيم على مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد 7/ 94-98. والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد كَمَا تقدم، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، مُرَاجعَة وَتَصْحِيح مُحَمَّد هراس ص"103-104"، وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة بتخريج الألباني 1/ 252 وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الصِّفَات بتحقيق الغنيمان ص31، والآجري فِي الشَّرِيعَة تَحْقِيق حَامِد الفقي ص"293"، واللالكائي فِي شرح السّنة بتحقيق د. أَحْمد سعد حمدَان جـ3 394-395، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"417"، وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة، مخطوط، لوحة 34 وَالْبَغوِيّ فِي شرح السّنة تَحْقِيق شُعَيْب الأرناؤوط وَزُهَيْر الشاويش 1/ 175. قلت: وَجُمْلَة القَوْل الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الحَدِيث، وَمَا شاكله هُوَ مَا قَالَه الذَّهَبِيّ رَحمَه الله فِي كِتَابه الْعُلُوّ، الْمصدر السَّابِق، ص"39" حَيْثُ قَالَ: "وَقَوْلنَا فِي هَذِه الْأَحَادِيث: أننا نؤمن بِمَا صَحَّ مِنْهَا وَبِمَا اتّفق السّلف على إمراره وَإِقْرَاره، فَأَما مَا فِي إِسْنَاده مقَال واخلتف الْعلمَاء فِي قبُوله وتأويله فَإنَّا لَا نتعرض لَهُ بتقرير، بل نرويه فِي الْجُمْلَة ونبين حَاله، وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا سقناه لما فِيهِ مِمَّا تَوَاتر من علو الله تَعَالَى فَوق عَرْشه بِمَا يُوَافق آيَات الْكتاب".

وَهَذَا أَيُّهَا الْمُعَارِضُ نَاقِضٌ لِتَأْوِيلِكَ: أَنَّ الْعَرْشَ1 إِنَّمَا هُوَ أَعْلَى الْخَلْقِ، يَعْنِي السَّمَوَاتِ فَمَا دُونَهَا مِنَ السُّقُوفِ وَالْعُرُشِ وَأَعَالِي الْخَلَائِقِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَن فَوْقَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى، فَكَفَى خَيْبَةً وخسارة بِرَجُل أَن يضاد قَوْله قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُكِذِّبَ دَعْوَاهُ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ3، عَنْ عَاصِمٍ4، عَنْ زِرٍّ5، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6 قَالَ: "مَا بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةُ خَمْسمِائَة عَام، وَبَين كل سمائين مسيرَة7 خَمْسمِائَة عَامٍ وَبَيْنَ السَّمَاءِ8 السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيّ خَمْسمِائَة عَامٍ وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ"9. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَفَلَا تَرَى أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ ابْن مَسْعُود10 كَيفَ ميز

_ 1 فِي ط، ش "أَن الْعَرْش". 2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 3 فِي ط، س، ش "وَهُوَ بن سَلمَة" تقدم ص"187". 4 عَاصِم بن أبي النجُود، تقدم ص"422". 5 زر بن حُبَيْش، تقدم ص"422". 6 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 7 فِي ط، س، ش "وَبَين كل سَمَاء مسيرَة" إِلَخ. 8 فِي س "وَبَين السَّابِعَة"، وَلَعَلَّ لفظ "السَّمَاء" سقط سَهوا. 9 تقدم تَخْرِيجه ص"422". 10 ابْن مَسْعُود، تقدم ص"190".

بَيْنَ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ، وَبَيْنَ السَّمَوَاتِ فَمَا دُونَهَا الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْخَلَائِقِ فِي دَعْوَاكَ وَسَمَّيْتَهَا عَرْشًا دون عرش الرَّحْمَن1 هُوَ الْعَرْشُ عَلَى أَلْسُنِ الْعَالَمِينَ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2، ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ3، ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مِهْرَانَ وَهُوَ الْمُكْتِبُ4، ثَنَا مُجَاهِدٌ5 قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله، بن عمر6 "خلق أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ: الْعَرْشُ، وَالْقَلَمُ، وَعَدْنٌ، وَآدَمُ. ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ كُنْ فَكَانَ"7 تَكْذِيبًا لِمَا ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ إِذْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ خُصُوصًا ثُمَّ قَالَ لِمَا هُوَ أَعْلَى الْخَلَائِقِ عِنْدَكَ: {اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} 8 وَإِذَا كَانَ الْعَرْشُ فِي دَعْوَاكَ إِمَامِكَ: السَّمَوَاتِ، فَمَا بَالُ حَمَلَةِ الْعَرْشِ وَمَا يُصْنَعُ بِهِمْ فِي رَفْعِ السَّمَوَاتِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى9 {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} 10..............................

_ 1 فِي ط، س، ش "وسميتها عرشًا وعرش الرَّحْمَن......." إِلَخ. 2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 3 عبد الْوَاحِد بن زِيَاد، تقدم ص"261". 4 عبيد بن مهْرَان، تقدم ص"261". 5 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 6 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا، تقدم ص"245". 7 تقدم سندًا ومتنًا ص"261-262" وَفِي ط، س، ش زِيَادَة "وَفِي قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: خَلَقَ اللَّهُ الْعَرْش بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ: كن فَكَانَ، تَكْذِيب لما ادعيت أَيهَا الْمعَارض". 8 سُورَة فصلت، "آيَة: 11". 9 فِي ط، س، ش "وَقد قَالَ تَعَالَى". 10 الْآيَة من سُورَة الرَّعْد "2" وَفِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ خطأ فِي الْآيَة، حَيْثُ وَردت بِلَفْظ {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} وصوابها مَا أَثْبَتْنَاهُ وَالْآيَة الَّتِي فِيهَا ذكر "خلق" إِنَّمَا هِيَ فِي سُورَة لُقْمَان آيَة "10" حَيْثُ قَالَ: تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} الْآيَة.

فَفِي مَعْرِفَةِ النَّاسِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ واستفاضته فيهم1 وعَلى ألستنهم تَكْذِيبُ دَعْوَاكَ وَدَعْوَى صَاحِبِكَ، ثُمَّ مَا ورى فِيهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ سَنَذْكُرُ مِنْهَا بَعْضَ مَا حَضَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ2، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ3، عَنْ سِمَاكٍ4، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ5، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ6، عَنِ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب7.......................................

_ 1 فِي ط، س، ش "مِنْهُم". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 171: مُحَمَّد بن الصَّباح الدولابي، أَبُو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ ثِقَة حَافظ من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين، ع. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 333: الْوَلِيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْر الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَقَالَ الْكُوفِي وَقد ينْسب لجده، ضَعِيف، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 72/ بخ د ت ق. قَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"416": عَن زِيَاد بن علاقَة وَسماك وَعنهُ مُحَمَّد بن الصَّباح الدولابي. 4 سماك بن حَرْب، تقدم ص"329". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 438: عبد الله بن عميرَة بِفَتْح أَوله، كُوفِي مَقْبُول من الثَّانِيَة، د ت ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 115 -عَن الْأَحْنَف وَعنهُ سماك، قَالَ: وَله حَدِيث الأوعال. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 49: الْأَحْنَف بن قيس بن مُعَاوِيَة بن حُصَيْن التَّمِيمِي السَّعْدِيّ، أَبُو بَحر، اسْمه الضَّحَّاك، وَقيل: صَخْر، مخضرم، ثِقَة، قيل: مَاتَ سنة 67، وَقيل 72/ ع. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 398: الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب بن هَاشم، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، مَشْهُور، مَاتَ سنة 32 أَو بعْدهَا وَهُوَ ابْن 88/ ع ق. وَانْظُر: أَسد الغابة 3/ 109-112، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 263.

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1 قَالَ: كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ2 فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّمَوَاتِ3 حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ قَالَ: وَفَوْقَ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ 4 مِثْلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ مَا بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، وَعَلَى ظُهُورهمْ الْعَرْش، أَسْفَله 5 وَأَعلاهُ مابين السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ اللَّهُ فَوق ذَلِك" 6.

_ 1 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 2 هَذَا الحَدِيث ورد فِي س باخْتلَاف يسير سنبينه، وَأما فِي ط، ش فقد ورد بِلَفْظ "عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ: كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فمرت سَحَابَة، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرُونَ مَا هَذِه؟ قُلْنَا: السَّحَاب فَقَالَ: والمزن، قُلْنَا: والمزن قَالَ: والعنان قُلْنَا: والعنان، فسكتنا فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ كم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض؟ قُلْنَا الله وَرَسُوله أعلم، قَالَ: بَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة سنة، وَكَذَلِكَ غلظ كل سَمَاء، ثمَّ ذكر السَّمَوَاتِ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ قَالَ: وَفَوْقَ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلَاهُ مِثْلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ مَا بَيْنَ أَظْلَافِهِنَّ وَرُكَبِهِنَّ مِثْلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاء، وعَلى ظهورهن الْعَرْش مَا بَين أَسْفَله وَأَعْلَاهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ اللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ". 3 فِي س "كنت بالبطحاء حَتَّى عد سبع سموات" وَسقط مَا بَينهمَا. 4 لفظ "وَأَعلاهُ" لَيْسَ فِي س. 5 فِي س "مَا بَين أَسْفَله". 6 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، الطبعة الأولى، كتاب السّنة، بَاب الْجَهْمِية، حَدِيث 7423، 5/ 93: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح بالسند الْمَذْكُور، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فمرت سَحَابَة ... وَذكره بِنَحْوِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، كتاب التَّفْسِير، تَفْسِير سُورَة الحاقة حَدِيث 3376، 9/ 233 وَقَالَ: هَذَا الحَدِيث حسن غَرِيب وَقَالَ المباركفوري: "وَأخرجه أَبُو دَاوُد من ثَلَاث طرق اثْنَتَانِ مِنْهَا قويتان". وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، الْمُقدمَة، حَدِيث 193، 1/ 69.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، ثَنَا حَمَّادُ -وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ2- عَنْ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ3، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ4 أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ5 قَالَ: "إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ. نُورُ السَّمَوَاتِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ وَإِن

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 حَمَّاد بن سملة، تقدم ص"187". 3 فِي ط، ش "الزبير أَي عبد السَّلَام"، وَظَاهر أَنه خطأ مطبعي وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل وَبِه جَاءَ عِنْد البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حجر، قَالَ ابْن حجر فِي تَعْجِيل الْمَنْفَعَة 135: الزبير بن جواتشير أبوعبد السَّلَام الْبَصْرِيّ، روى عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن مكرز، عَن وابصة حَدِيثا فِي الْبر وَالْإِثْم، عَنهُ حَمَّاد بن سَلمَة، ذكره الْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي الكنى وسمى أَبَاهُ وَلم أره لغيره وَهُوَ اسْم فَارسي أَوله جِيم مَضْمُومَة وَبعد الْألف مثناة فوقانية مَفْتُوحَة ومعجمة مَكْسُورَة وَانْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 3/ 413، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل لِابْنِ أبي حَاتِم 3/ 584، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات 6/ 333. 4 هُوَ أَيُّوب بن عبد الله بن مكرز العامري، الْقرشِي الْخَطِيب، مَسْتُور، من الثَّالِثَة وَلم يثبت أَن أَبَا دَاوُد روى لَهُ، د، وَانْظُر: التَّقْرِيب 1/ 90، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 1/ 290: "تَابِعِيّ كَبِير، قَالَ ابْن عدي: لَهُ حَدِيث لَا يُتَابع عَلَيْهِ، قلت: يرْوى عَن ابْن مَسْعُود ووابصة بن معبد، وَعنهُ شُرَيْح بن عبيد وَالزُّبَيْر أَبُو عبد السَّلَام وَلَعَلَّه، ابْن مكرز الرَّاوِي عَن أبي هُرَيْرَة". 5 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ"، وَفِي س، "أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" وَلَعَلَّ "أَن" سَقَطت مِنْهُ، وَابْن مَسْعُود تقدّمت تَرْجَمته ص"190".

مِقْدَارَ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِكُمْ عِنْدَهُ ثِنْتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُكُمْ بِالْأَمْسِ أَوَّلَ النَّهَارِ، الْيَوْمَ1 فَيَنْظُرُ فِيهَا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ فَيَطَّلِعُ فِيهَا عَلَى مَا يَكْرَهُ، فَيَغِيظُهُ ذَلِكَ، فَأَوَّلُ مَنْ يَعْلَمُ بِغَضَبِهِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يَجِدُونَهُ يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ، فَيُسَبِّحُهُ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَسُرَادِقَاتُ الْعَرْشِ وَالْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَسَائِرُ الْمَلَائِكَةِ"2 حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ3، ثَنَا حَمَّادٌ4، عَنْ عَلِيِّ بن زيد5، عَن

_ 1 لفظ "الْيَوْم" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد ضَعِيف وَفِي مَتنه غرابة وَهُوَ الثّقل الْمشعر باحتجاج الله إِلَى الْعَرْش، وَقد أخرج لَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"311" من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا الزبير أَبُو عبد السَّلَام بِسَنَد الدَّارمِيّ بِلَفْظ "إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَار، نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجهه" وَقَالَ: هَذَا مَوْقُوف وَرَاوِيه غير مَعْرُوف. وَذكر أَوله أَيْضا ابْن كثير فِي تَفْسِيره 3/ 290 فِي تَفْسِير سُورَة النُّور، عَن ابْن مَسْعُود إِلَّا أَنه قَالَ: "نور الْعَرْش من نور وَجهه". وَأخرجه بِطُولِهِ أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة، مخطوط، لوحة 37 من طَرِيق حَمَّاد ابْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ أَبِي عبد السَّلَام، عَن أَيُّوب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَلَيْسَ فِيهِ: يجدونه يثقل عَلَيْهِم". وَأخرجه بِطُولِهِ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير، تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي، حَدِيث 8886، 9/ 200 من طَرِيق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي السَّلَام عَن عبد الله بن مكرز أَو عبيد الله بن مكرز قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُود، وَذكره، قَالَ الهيثمي فِي الْمجمع 1/ 85: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَفِيه أَبُو عبد السَّلَام قَالَ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات، وَعبد الله بن مكرز أَو عبيد الله على الشَّك لم أجد من ذكره". 3 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 4 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 5 عَليّ بن زيد بن جدعَان، تقدم ص"188".

يُوسُفَ بْنِ مِهْرَانَ1، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3 قَالَ: "لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ قُرُونٌ لَهَا كُعُوبٌ ككعوب القنا، مابين أَخْمَصِ4 أَحَدِهِمْ إِلَى كَعْبِهِ مَسِيرَةُ خَمْسمِائَة عَامٍ. وَمِنْ كَعْبِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ5 مسيرَة خَمْسمِائَة عَامٍ، وَمِنْ رُكْبَتِهِ إِلَى أَرْنَبَتِهِ مسيرَة خَمْسمِائَة عَامٍ، وَمِنْ أَرْنَبَتِهِ إِلَى تُرْقُوَتِهِ6 مسيرَة خَمْسمِائَة عَامٍ، وَمِنْ تُرْقُوَتِهِ إِلَى مَوْضِعِ القرط7 خَمْسمِائَة عَام"8.

_ 1 يُوسُف بن مهْرَان الْبَصْرِيّ، تقدم ص"347". 2 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172". 3 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، ش "إخمص" بِكَسْر الْهمزَة، ذكره الفيروزآبادي فِي قاموسه بِالْفَتْح، انْظُر 2/ 302 مَادَّة "خمص" قَالَ: "والأخمص من بَاطِن الْقدَم مَا لم يصب الأَرْض، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمصان الأخمصين". 5 فِي ط، ش "إِلَى رُكْبَتَيْهِ". 6 فِي ط، ش "وَمن رُكْبَتَيْهِ إِلَى ترقوته مسيرَة خَمْسمِائَة عَام" وَمَا بَينهمَا سَاقِط، وَكَذَلِكَ فِي س، إِلَّا أَنه قَالَ: "وَمن ركبته" بِالْإِفْرَادِ. 7 فِي ط، ش "الْقرن". 8 فِي ط، س، ش "مسيرَة خَمْسمِائَة عَام". قلت: والْحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ضَعِيف، فَإِن فِيهِ عَليّ بن زيد بن جدعَان وَهُوَ ضَعِيف: ويوسف، بن مهْرَان الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 4/ 474 عَن الإِمَام أَحْمد قَالَ: "لَا يعرف، وَلَا أعرف أحدا روى عَنهُ إِلَّا جدعَان". وَفِي الكاشف 3/ 301: "وَثَّقَهُ أَبُو زرْعَة" وَفِي التَّقْرِيب 2/ 383: "لم يرو عَنهُ إِلَّا ابْن جدعَان وَهُوَ لين الحَدِيث". وَقد أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة مخطوط, لوحة 32 نَحوه وَعَزاهُ إِلَى وهب ابْن مُنَبّه عَن كَعْب.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، ثَنَا حَمَّادٌ2، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ3، عَنْ عُرْوَةَ4 قَالَ: "حَمَلَةُ الْعَرْشِ مِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ عَلَى صُورَةِ الْإِنْسَانِ5 وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ عَلَى صُورَةِ النِّسْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ عَلَى صُورَةِ الثَّوْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ عَلَى صُورَةِ الْأَسَدِ"6 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ7، ثَنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور السَّلُولي8،

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، تقدم ص"168". 2 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 319: هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام الْأَسدي، ثِقَة، فَقِيه، رُبمَا دلّس، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة خمس أَو سِتّ وَأَرْبَعين وَله 87/ ع. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 3/ 223: سمع عَمه ابْن الزبير وأباه وَعنهُ شُعْبَة وَمَالك وَالْقطَّان. 4 عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، تقدم ص"314". 5 قَوْله: "مِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ عَلَى صُورَةِ إِنْسَان" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ والكرسي ص"399" مَوْقُوفا على عُرْوَة بِلَفْظ: "حَمَلَةُ الْعَرْشِ مِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ صُورَةِ الْإِنْسَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ صُورَةِ النِّسْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ صُورَةِ الثَّوْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ صُورَة الْأسد". وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور 6/ 261، وَعَزاهُ إِلَى عبد الرَّزَّاق وَعبد ابْن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 78: عَمْرو بن مُحَمَّد بن بكير، النَّاقِد، أَبُو عُثْمَان الْبَغْدَادِيّ، نزل الرقة، ثِقَة حَافظ وهم فِي حَدِيث، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة اثْنَيْنِ وثلاثنين، خَ م د س. 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 61: إِسْحَاق بن مَنْصُور السَّلُولي -بِفَتْح الْمُهْملَة واللامين مَوْلَاهُم، أَبُو عبد الرَّحْمَن، صَدُوق تكلم فِيهِ للتشيع، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ، وَقيل: بعْدهَا، ع.

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ1، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ2، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ عَنْ مَلَكٍ قَدْ مَرَقَتْ رِجْلَاهُ الْأَرْضَ السَّابِعَةَ وَالْعَرْشُ عَلَى مِنْكَبِهِ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ أَيْنَ أَنْتَ أَوْ حَيْثُ تَكُونُ" 4. حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقِّيُّ أَبُو الْحسن السكرِي5..........................

_ 1 لَعَلَّه مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق بن طَلْحَة بن عبيد الله التَّيْمِيّ، أَبُو الْأَزْهَر، صَدُوق رُبمَا وهم، من السَّادِسَة، خَ قد س ق، انْظُر: تقريب التَّهْذِيب 2/ 258، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1342 أَنه روى عَن سعيد المَقْبُري. 2 سعيد المَقْبُري، تقدم ص332. 3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص179. 4 فِي ط، ش "سُبْحَانَكَ أَنْت وَحَيْثُ تكون". قلت: أخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 4/ 297 من طَرِيق مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق، عَن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله أذن لي أَن أحدث عَن ديك رِجْلَاهُ فِي الأَرْض وعنقه مثنية تَحت الْعَرْش وَهُوَ يَقُول: سُبْحَانَكَ مَا أعظم رَبنَا، قَالَ: فَيرد عَلَيْهِ: مَا يعلم ذَلِك من حلف كَاذِبًا" قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح الْإِسْنَاد وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ. وَذكره الهيثمي فِي مجمع الزاوئد 1/ 80 عَن ابي هُرَيْرَة بِلَفْظ "ملك" وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله رجال الصَّحِيح، وَذكره أَيْضا فِي 4/ 180 عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ "ديك"، وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَرِجَاله رجال الصَّحِيح. وَأوردهُ ابْن حجر فِي المطالب الْعَالِيَة بزوائد المسانيد الثَّمَانِية حَدِيث 3449، 3/ 267 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَقَالَ: لأبي يعلى صَحِيح. وَأوردهُ الألباني فِي صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير حَدِيث 1710، 2/ 94، وَفِي سلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة حَدِيث 150، 2/ 71-72. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 71: إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن خَالِد بن يزِيد الْعَبدَرِي أَبُو عبد الله أَو أَبُو الْحسن الرقي السكرِي، قَاضِي دمشق، صَدُوق نسب بِرَأْي جهم من الْعَاشِرَة، مَاتَ بعد الْأَرْبَعين، ق، وَقَالَ الْمُحَقق فِي الْحَاشِيَة "الْعَبدَرِي ينْسب إِلَى عبد الدَّار بن قصي والرقي بِفَتْح الرَّاء وَالْقَاف الْمُشَدّدَة ينْسب إِلَى الرقة: مَدِينَة على طرف الْفُرَات" انْتهى، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 1/ 308 أَنه روى عَن شريك.

ثَنَا شَرِيكٌ1، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ2، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ3، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ4، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6 فِي قَوْلِهِ تَعَالَى7 {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} 8 قَالَ: ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى صُورَةِ الأوعال9.

_ 1 الرَّاجِح أَنه شريك بن عبد الله النَّخعِيّ، تقدم ص"330" وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/ 333 أَنه روى عَن سماك بن حَرْب. 2 سماك بن حَرْب، تقدم ص"329"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 549 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمِيرَةَ صَاحب الْأَحْنَف بن قيس وَعنهُ شريك بن عبد الله القَاضِي. 3 عبد الله بن عميرَة، تقدم ص"473". 4 الْأَحْنَف بن قيس، تقدم ص"473". 5 الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"473". 6 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 8 سُورَة الحاقة آيَة 71. 9 تقدم حَدِيث الأوعال بأطول من هَذَا عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي سنَن أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، انْظُر تَخْرِيجه ص"474". وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 2/ 500 من طَرِيق شريك عَن سماك بِسَنَد عُثْمَان الدَّارمِيّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِي الله عَنهُ فِي قَول الله عز وَجل {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قَالَ: ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى صُورَةِ الأوعال مَا بَين أظلافهم إِلَى ركبهمْ مسيرَة ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة". وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ. =

حَدَّثَنَا1 الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى الْبَغْدَادِيُّ2، ثَنَا الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ3، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ4 عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ5 قَالَ: "حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ، أَقْدَامُهُمْ فِي الأَرْض ورؤوسهم قَدْ جَاوَزَتِ السَّمَاءَ، وَقُرُونُهُمْ مِثْلُ طولهم عَلَيْهَا الْعَرْش"6.

_ = وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 29/ 37 عَن الضَّحَّاك وَعَن ابْن زيد بِنَحْوِهِ. وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور بهامشه تنوير المقباس 6/ 260-261 وَعَزاهُ إِلَى عبد بن حميد وَعُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية، وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن خُزَيْمَة وَابْن مردوية وَالْحَاكِم، وَصَححهُ والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي قَوْله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قَالَ: "ثَمَانِيَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى صُورَةِ الأوعال". 1 فِي ط، ش "وَحدثنَا". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 193: الحكم بن مُوسَى بن أبي هُرَيْرَة الْبَغْدَادِيّ، أَبُو صَالح الْقَنْطَرِي، صَدُوق من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، حت م مد س ق. وَذكر فِي الْحَاشِيَة التَّقْرِيب نفس الصفحة أَنه ينْسب إِلَى قنطرة بَغْدَاد، وَذكر الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"90" أَنه روى عَن الهقل بن زِيَاد وَعنهُ البُخَارِيّ تَعْلِيقا، وَمُسلم وَأَبُو دواد فِي الْمَرَاسِيل. 3 الهقل بن زِيَاد، تقدم ص"433". 4 الْأَوْزَاعِيّ، تقدم ص"433". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 162: حسان بن عَطِيَّة الْمحَاربي، مَوْلَاهُم، أَبُو بكر الدِّمَشْقِي، ثِقَة فَقِيه، عَابِد من الرَّابِعَة، مَاتَ بعد الْعشْرين وَمِائَة، ع. وَذكر فِي الكاشف 1/ 217: أَنه روى عَن أبي أُمَامَة وَابْن الْمسيب وَعنهُ الْأَوْزَاعِيّ.... إِلَخ. 6 الحَدِيث مَقْطُوع، وَعَن حسان أخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة برقم 481 ص219. وَأَبُو نعيم فِي الْحِيلَة 4/ 75 من طَرِيق آخر وأروده الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ ص98، وقوى إِسْنَاده الألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ ص101، وَذكره الثعالبي فِي تَفْسِيره طبعة بيروت 4/ 433 عَن جمَاعَة من الْمُفَسّرين فِي تَفْسِير =

حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ1، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ2، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ3، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ4، عَنْ رَجُلٍ5 سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ6 يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ رَفَعَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَعلَى غرفَة من

_ = قَوْله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قَالُوا: هم على هَيْئَة النَّاس، أَرجُلهم تَحت الأَرْض السَّابِعَة ورؤوسهم وكواهلهم فَوق السَّمَاء السَّابِعَة. وَذكره السُّيُوطِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تنوير المقباس 6/ 261 وَعَزاهُ إِلَى عبد بن حميد، عَن الضَّحَّاك {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} يُقَال: ثَمَانِيَة صُفُوف لَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله، وَيُقَال: ثَمَانِيَة أَمْلَاك رؤوسهم عِنْد الْعَرْش فِي السَّمَاء السَّابِعَة وأقدامهم فِي الأَرْض السُّفْلى، وَلَهُم قُرُون كقرون الوعلة. إِلَخ وَعَزاهُ أَيْضا إِلَى عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر، عَن ميسرَة قَالَ: أرجهلم فِي التخوم ورؤوسهم عِنْد الْعَرْش. 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 514: عبد الْغفار بن دَاوُد مهْرَان، أَبُو صَالح، الْحَرَّانِي نزيل مصر، ثِقَة، فَقِيه، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 24 على الصَّحِيح وَله 84 سنة، خَ د س ق. 2 عبد الله بن لَهِيعَة، تقدم ص"349". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 145: الْحَارِث بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ، أَبُو عبد الْكَرِيم الْمصْرِيّ، ثِقَة ثَبت عَابِد، من الرَّابِعَة مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ، م د س ق، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 2/ 163 أَنه روى عَن عَليّ بن رَبَاح وَعنهُ ابْن لَهِيعَة. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 36-37: عَليّ بن رَبَاح بن قصير، ضد الطَّوِيل، اللَّخْمِيّ أَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ، ثِقَة، وَالْمَشْهُور فِيهِ عُليّ بِالتَّصْغِيرِ وَكَانَ يغْضب مِنْهَا، من صغَار الثَّالِثَة، مَاتَ سنة بضع عشرَة وَمِائَة، بخ وَالْأَرْبَعَة. 5 لم يظْهر لي من يكون من مبهمات الْمَتْن والإسناد للعراقي والإشارات إِلَى بَيَان أَسمَاء المبهمات للنووي وَغَيرهَا فَلم أَجِدهُ، وَأورد هَذَا الْخَبَر الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ من طَرِيق عَليّ بن رَبَاح وَلم يُصَرح فِيهِ باسم الرجل. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 395: عبَادَة بن الصَّامِت بن قيس الْأنْصَارِيّ الخزرجي أَبُو الْوَلِيد الْمدنِي، أحد النُّقَبَاء، بَدْرِي مَشْهُور، مَاتَ بالرملة سنة 34 وَله 72 سنة، وَقيل: عَاشَ إِلَى خلَافَة مُعَاوِيَة، قَالَ سعيد بن عفير: كَانَ طوله عشرَة أشبار. ع، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 2/ 441-443، وَأسد الغابة 3/ 106-107، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 260-261، وتهذيب التَّهْذِيب 5/ 111-112.

جَنَّاتِ النَّعِيمِ لَيْسَ فَوْقِي إِلَّا حَمَلَةُ الْعَرْشِ" 1. وَفِي الْعَرْشِ وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ اخْتَصَرْنَا مِنْهَا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ، لِيَعْلَمَ مَنْ نَظَرَ فِيهَا مخالفتكم رَسُول الله وَأَصْحَابَهُ وَالتَّابِعِينَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُؤْمِنْ بِهَا أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ، فَقَدْ آمَنَ بِهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكُمْ وَأَطْيَبُ، وَاعْلَمُوا2 يَقِينًا3 أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ أَلْهَمُ لَهُمْ وَأَصَحُّ4 عِنْدَ اللَّهِ مِمَّا يَرْوِي الْمَرِيسِيُّ5 وَابْنُ الثَّلْجِيِّ، مِنْ خُرَافَاتِهِمْ6 وَتُرَّهَاتِهِمُ7 الَّتِي لَا تَنْقَاسُ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا فِي شَيْءٍ من لُغَات الْعَرَب والعجم.

_ 1 الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد ضَعِيف، فَإِن فِيهِ ابْن لَهِيعَة قَالَ عَنهُ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 1/ 444: "صَدُوق خلط بعد احتراق كتبه، وَرِوَايَة ابْن الْمُبَارك وَابْن وهب عَنهُ أعدل من غَيرهمَا" وَفِي إِسْنَاده أَيْضا مَجْهُول، روى عَنهُ بن رَبَاح، وَقد أورد هَذَا الحَدِيث الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ، بتحقيق عبد الرَّزَّاق عفيفي، ص"36" قَالَ: حَدِيث أَبُو صَالح الْحَرْبِيّ -كَذَا- ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاح، عَن رجل، عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "إِن الله تَعَالَى رَفَعَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي أَعْلَى غرفَة فِي الْجنَّة لَيْسَ فَوْقِي إِلَّا حَمَلَةُ الْعَرْشِ" قَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف. 2 فِي ط، ش "وَعَلمُوا". 3 لفظ "يَقِينا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، ش "أَن قَول هَؤُلَاءِ الْقَوْم أصح عِنْد الله" وَفِي س "أَن قَول هَؤُلَاءِ الْقَوْم قَوْلهم أصح عِنْد الله" وَلَا يَسْتَقِيم بِهِ الْمَعْنى. 5 فِي ط، س، ش "مِمَّا يرْوى عَن المريسي". 6 فِي ط، س، ش "وَمن خرافاتهم". 7 تقدم مَعْنَاهَا ص"456".

دعوى المعارض في المراد بصفتي الكلام والعلم والرد عليه

دَعْوَى الْمعَارض فِي المُرَاد بصفتي الْكَلَام وَالْعلم وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وَادَّعَيْتَ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَعْلَمَ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 مِنْكَ وَمِنْ أَصْحَابِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: عِلْمُ اللَّهِ غَيْرُهُ، وَالْعِلْمُ بِمَعْزِلٍ مِنْهُ، الْعَالِمُ2 فِي السَّمَاء وَالْعلم فِي الأربض مِنْهُ بِمَعْزِلٍ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْبَاهِتِ: مِثْلُ هَذَا لَا يَتَفَوَّهُ بِهِ إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُكَ، وَلَكِنَّهُمْ يَقُولُونَهُ عَلَى مَعْنًى لَا يَتَوَجَّهُ لَهُ أَمْثَالُكَ, يَقُولُونَ: الْعَالِمُ بِكَمَالِهِ وبجميع علمه فَوق عَرْشه، وَعَمله غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ، يَعْلَمُ بِعِلْمِهِ الَّذِي فِي نَفْسِهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ3 وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، عَلَى بُعْدِ مَسَافَةِ مَا بَيْنَهُنَّ, فَمَعْنَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ عِلْمَهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، لَا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الزُّورِ4 أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَنْزُوعٌ مِنْهُ مُجَسَّمٌ فِي الْأَرْضِ، إِذا هُمْ فِي الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ مِثْلُكَ وَمِثْلُ أَئِمَّتِكَ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ. وَادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَذَاتِهِ وَالْكَلَامُ هُوَ الْفِعْلُ بِزَعْمِكَ، وَزَعْمِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ مِنَ الذَّاتِ.

_ 1 عبارَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، ش "وَالْعلم فِي السَّمَاء" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 فِي ط، س، ش "مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض". 4 فِي س "عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا عَلَى هَذَا التَّأْوِيل إِلَّا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ الزُّور" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا مَا يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَلِكَ فَسَنُبَيِّنُهُ لَكَ، وَإِنْ جَهِلْتَ، غَيْرَ أَنَّكَ تَرَدَّدْتَ وَرَاوَغْتَ1 وَوَالَسْتَ2 وَدَالَسْتَ3، تُقَدِّمُ رِجْلًا وَتُؤَخِّرُ أُخْرَى، كَيْفَ تُصَرِّحُ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؟ فَلَمْ تَزَلْ عَنْكَ وَدُونَكَ تَلَجْلَجُ بِهَا فِي صَدْرِكَ، حَتَّى صَرَّحْتَ، بِهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِعْلٌ. وَالْفِعْلُ عِنْدَكَ مَخْلُوقٌ وَلَا شَكَّ فِيهِ. وَأَمَّا دَعْوَاكَ عَلَيْنَا أَنَّا نَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ، فَإِنَّا نَقُولُ عَلَانِيَةً غَيْرَ سِرٍّ، وَهُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مَخْلُوقًا4 وَكُلُّ كَلَامٍ صِفَةُ كُلِّ مُتَكَلِّمٍ بِهِ، خَالِقٍ أَوْ مَخْلُوقٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ بِهِ مِنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ سَائِرُ الصِّفَاتِ5: مِنَ الْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالنَّفْسِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي إِذَا بَانَتْ مِنَ الْمَوْصُوفِ وَاسْتَبَانَ مَكَانُهَا مِنْهُ6

_ 1 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط بَاب الْغبن فصل الرء 3/ 107 مَادَّة "راغ": "راغ الرجل والثعلب روغًا وروغانًا مَال وحاد عَن الشَّيْء". 2 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط بَاب السِّين فصل الْوَاو 2/ 258، مَادَّة "الوَلُوس": "ولس الحَدِيث وأولس بِهِ ووالس بِهِ عرض بِهِ وَلم يُصَرح والموالسة الخداع والمداهنة، وتوالسوا تناصروا فِي خب وخديعة". 3 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس بَاب السِّين فصل الدَّال 2/ 216 مَادَّة "الدَّلَس": "الدلس بِالتَّحْرِيكِ الظلمَة كالدسة بِالضَّمِّ واختلاط الظلام، والتدليس كتمان عيب السّلْعَة عَن المُشْتَرِي، وَمِنْه التَّدْلِيس فِي الْإِسْنَاد، وَلَا يدالس وَلَا يوالس لَا يظلم وَلَا يخون" بِتَصَرُّف. 4 فِي الأَصْل، ط، ش "مَخْلُوق" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي س وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر لَيْسَ. 5 فِي ط، س، ش "بِسَائِر الصِّفَات" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 6 فِي ط، س، ش "فِيهِ".

قَامَ1 الْبَائِنُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ فِي مَكَانٍ آخَرَ؛ لِأَنَّكَ تَرَى الْمُتَكَلِّمَ مِنَ النَّاسِ يَتَكَلَّمُ نَهَارَهُ أَجْمَعَ، وَكَلَامُهُ يَخْرُجُ مِنْهُ وَصْفًا لَا يَنْقُصُ مِنْ كَلَامِهِ شَيْءٌ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ2، مَتَى شَاءَ عَادَ3 فِي مِثْلِهِ مِنَ الْكَلَامِ. وَلَا الْكَلَامُ يَقُومُ بِعَيْنِهِ جِسْمًا يُرَى وَيُنْظَرُ إِلَيْهِ دُونَهُ وَيَنْشُرُ كَلامَهُ فِي الآفَاقِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ، فَيُنْسَبُ إِلَيْهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، كَمَا يَنْسِبُ الْيَوْمَ أَشْعَارَ الشُّعَرَاءِ فَيُقَالُ: شعر لبيد4 والأعشى5 وَلَوْ قَطَعْتَ يَدَهُ لَاسْتَبَانَ مَوْضِعُ قطعه مِنْهُ6 واستبان المقطعوع فِي مَكَانٍ آخَرَ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ الْكَلَامَ لَهُ حَالٌ خِلَافُ حَالِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْأُخَرِ، لَا يُقَاسُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا يُشَكُّ فِيهَا أَنَّهَا صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ خَرَجَ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: كَلَامُ اللَّهِ: فِعْلُهُ، فَقَدْ صَرَّحْتَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَادَّعَيْتَ أَنَّ أَفَاعِيلَ اللَّهِ زَائِلَةٌ عَنْهُ مَخْلُوقَةٌ، وَالْكَلَامُ أَحَدُ أفاعليه عِنْدَكَ، فَقُلْتَ فِيهِ قَوْلًا أَفْحَشَ مِمَّا قَالَ7 إِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ. زَعَمَ المريسي أَنه مجعول، وكل

_ 1 فِي ط، س، ش "وَقَامَ". 2 فِي ط، س، ش "للَّذي يخرج مِنْهُ". 3 فِي س "كَأَنَّهُ مَتى شَاءَ عَاد" وَفِي ط، ش "فَإِنَّهُ مَتى شَاءَ عَاد". 4 تقدّمت تَرْجَمته ص"355". 5 هُوَ مَيْمُون بن قيس بن جندل، كنيته أَبُو بَصِير، الْمَعْرُوف بأعشى قيس، من شعراء الطَّبَقَة الأولى فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأحد أَصْحَاب المعلقات، عَاشَ عمرا طَويلا وَأدْركَ الْإِسْلَام وَلم يسلم، مولده ووفاته فِي قَرْيَة: "منفوحة" بِالْيَمَامَةِ قرب الرياض. انْظُر: خزانَة الْأَدَب للبغدادي. ط. الأولى 1/ 84-86، وَانْظُر: الْأَعْلَام للزركلي 8/ 300-301. 6 كَذَا فِي الأَصْل، وس، وَفِي ط، ش "قطعه مِنْهَا". 7 فِي ط، ش "مِمَّا قَالَه".

مَجْعُولٍ مَخْلُوقٌ، وَزَعَمْتَ أَنْتَ أَنَّهُ مَفْعُولٌ، وَكُلُّ مَخْلُوقٍ مَفْعُولٌ1 وَأَنْتُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ2 مِنْكُمَا الْأَلْفَاظُ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ مِنْكُمَا مُتَّفِقٌ، كَمَا اتَّفَقَ الْقَوْلُ مِنْ إِمَامِكَ الْمَرِيسِيِّ مَعَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمُشْرِكِ الْمَخْزُومِيِّ3 أَنْ قَالَ4: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} 5 وَكَذَا الَّذِي قَالَ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ} 6 فَزَعَمَ إِمَامُكَ أَنَّهُ مَجْعُولٌ، وَزَعَمْتَ أَنَّهُ مَفْعُولٌ فَاتَّفَقَتِ الْمَعَانِي، وَاخْتَلَفَتِ الْأَلْفَاظُ مِنْكُمَا جَمِيعًا7 وَلَئِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَهْلِ مِنْ مُرَادِكُمْ فِي شكّ إِن أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْكُمْ لَعَلَى يَقِينٍ. فَكَانَ مِنْ صُنْعِ اللَّهِ لِمَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْكَ أَنْ صَرَّحْتَ بِالْمَخْلُوقِ بَعْدَ تَسَتُّرٍ8 وَانْقِبَاضٍ مِنْهُ، مَخَافَةَ

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "وكل مفعول مَخْلُوق". 2 فِي ش "وأنتما إِن اخْتلفت". 3 فِي ط، ش "المَخْزُومِي الْمُشرك"، قلت: هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن مَخْزُوم أَبُو عبد شمس، من قُضَاة الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة وَمن زعماء قُرَيْش وَمن زنادقتها، وَهُوَ الَّذِي جمع قُريْشًا وَقَالَ: إِن النَّاس يأتونكم أَيَّام الْحَج فيسألونكم عَن مُحَمَّد فتختلف أقوالكم فِيهِ، إِلَى أَن قَالَ: وَلَكِن أصلح مَا قيل فِيهِ" أَنه سَاحر، مَاتَ بعد الْهِجْرَة بِثَلَاثَة أشهر وَهُوَ ابْن 95 سنة، وَهُوَ وَالِد سيف الله خَالِد بن الْوَلِيد "انْظُر: الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير 2/ 71-72 والأعلام 9/ 144". 4 فِي ط، ش "إِذْ قَالَ". 5 سُورَة المدثر آيَة 25. 6سُورَة ص آيَة 7: وَقَائِل ذَلِك هم أَشْرَاف قُرَيْش وَذكر أَن قَائِل ذَلِك عقبَة بن أبي معيط، انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن للنيسابوري الطبعة الأولى 23/ 80. 7 وَبِهَذَا يتَبَيَّن أَن قَول الْمعَارض كَقَوْل أَمَامه المريسي وَلَيْسَ أفحش؛ لِأَن كلمتي مجعول ومفعول مَعْنَاهَا وَاحِد. 8 فِي س "صرحت بالمخلوق بعد بشر" وَفِي ط، ش "صرحت بالمخلوق بشر" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

الْفَضِيحَةِ، حَتَّى صَرَّحْتَ بِهَا، فَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَذْهَبِكَ لِيَحْذَرُوا مِثْلَهَا مِنْ زلاتك ويجتنوا أَخَوَاتِهَا مِنْ سَقَطَاتِكَ، ثُمَّ صَرَّحْتَ بِهَا ثَانِيَةً فِي آخِرِ كِتَابِكَ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَدْ جَاءَ بِالْكُفْرِ عيَانًا. أَو لم تَزْعُمْ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ هَذَا1 أَنَّ مَنْ قَالَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ كَافِرٌ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَافِرًا2 عِنْدَكَ، إِنَّ الَّذِي يَقُولُ: مَخْلُوق مُؤمن مرفق، مُصِيبٌ؟ وَلَكِنَّكَ مَوَّهْتَ بِالْأَوَّلِ لِئَلَّا يَفْطِنَ الْجُهَّالُ مِنْكَ الْأُخْرَى3 وَقَدْ صَرَّحْتَ وَأَوْضَحْتَ وَأَفْصَحْتَ بِهِ حَتَّى لَمْ تَدَعْ لِمُتَأَوِّلٍ عَلَيْكَ مَوْضِعَ شُبْهَة.

_ 1 فِي ط، س، ش "أَوَلَمْ تَزْعُمْ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي صدرك كِتَابِكَ هَذَا، أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآن مَخْلُوق فقد ابتدع، ثمَّ ادعيت أَنَّ مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ كَافِر" وَلَعَلَّه سقط بعضه من الأَصْل، وَيدل عَلَيْهِ قَوْله، فِيمَا بعد: "إِن الَّذِي يَقُول.." إِلَخ. 3 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، ولعلها "لِلْأُخْرَى".

قول المعارض في السؤال عن الله بأين والرد عليه

قَول الْمعَارض فِي السُّؤَال عَن الله بأين وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وَصَرَّحْتَ1 أَيْضًا بِمَذْهَبٍ كَبِيرٍ فَاحِشٍ مِنْ قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ2 فَقُلْتَ: إِذَا قَالُوا لَنَا: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَإِنَّا لَا نَقُولُ بِالْأَيْنِيَّةِ بِحُلُولِ الْمَكَانِ، إِذْ قِيلَ: أَيْنَ هُوَ؟ قِيلَ: عَلَى الْعَرْشِ وَفِي السَّمَاءِ. فَيُقَالُ لَكَ، أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: مَا أَبْقَيْتَ غَايَةً فِي نفي استوء الله على

_ 1 فِي ط، س، ش "ثمَّ صرحت". 2 تقدم الْكَلَام عَنْهَا فِي ص"138".

الْعَرْشِ وَاسْتِوَائِهِ إِلَى السَّمَاءِ، إِذْ قُلْتَ1: لَا نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ وَفِي السَّمَاءِ بِالْأَيْنِيَّةِ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ إِلَهَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، فَإِنَّمَا يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ، وَيَقْصِدُ بِعِبَادَتِهِ إِلَى إِلَهٍ فِي الْأَرْضِ2 وَمَنْ قَصَدَ بِعِبَادَتِهِ إِلَى إِلَهٍ3 فِي الْأَرْضِ كَانَ كَعَابِدِ وَثَنٍ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَنَ عَلَى الْعَرْشِ وَالْأَوْثَانُ فِي الْأَرْضِ، كَمَا قَالَ لِجِبْرِيلَ4 {عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} 5 فَفِي قَوْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَالْحَدِّ بِقَوْلِهِ:6 "ثَمَّ" لَا هَاهُنَا فِي الْكَنفِ7 وَالْمَرَاحِيضِ كَمَا ادَّعَيْتُمْ. وَإِنْ أَبَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنْ تُؤَيِّنَ اللَّهَ تَعَالَى8 وَتُقِرَّ بِهِ أَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، دُونَ مَا سِوَاهُ، فَلَا ضَيْرَ عَلَى مَنْ أَيَّنَهُ، إِذْ رَسُولُهُ وَنَبِيُّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ قَدْ أَيَّنَهُ9 فَقَالَ لِلْأَمَةِ السَّوْدَاءِ: "أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 10 وَكَذَلِكَ أَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلِيلُهُ إِبْرَاهِيمُ11 أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ.

_ 1 فِي س "إِذا قلت". 2 فِي ط، س "إِلَى إلهه فِي الأَرْض" وَفِي ش "إِلَى إلهه وَفِي الأَرْض". 3 فِي ط، س، ش "إِلَى إلهه". 4 فِي ط، ش "كَمَا قَالَ جِبْرِيل" قلت: تقدم الحَدِيث عَنهُ ص"389". 5 سُورَة التكوير آيَة 20-21. 6 لَفْظَة "بقوله" لَيست فِي ط، س، ش، وَبهَا يَتَّضِح الْمَعْنى. 7 الكنيف: تقدم مَعْنَاهَا ص"443". 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 9 فِي ط، س، ش "إِذْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قد أينه". 10 تقدم تَخْرِيجه ص"445". 11 فِي ط، س، ش "إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"293".

حَدَّثَنَا 1 أَبُو هَاشِمٍ الرِّفَاعِيُّ2، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ3، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ4، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ5، عَنْ أَبِي صَالِحٍ6، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ7 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ8 فِي النَّارِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ فِي السَّمَاءِ وَاحِدٌ، وَأَنَا فِي الأَرْض وَاحِد أعبد"9.

_ 1 فِي ط، س "حدّثنَاهُ". 2 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَالرَّاجِح أَنه أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي يدل لذَلِك مَا ذكره الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال 4/ 68، كَذَا ابْن كثير فِي تَفْسِيره، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 3/ 1290 أَنه روى عَن إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ انْظُر تَرْجَمته ص"318". 3 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "إِسْحَاق بن سليم" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 58: إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ، أَبُو يحيى، كُوفِي الأَصْل، ثِقَة فَاضل، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 200 وَقيل: ع. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 1/ 234 أَنه روى عَن جَعْفَر الرَّازِيّ. 4 فِي ط، س، ش "عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ" وَبِمَا فِي الأَصْل ورد عِنْد الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان وَبِمَا فِي بَقِيَّة النّسخ ورد عِنْد ابْن كثير كَمَا سَيَأْتِي، وَهُوَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ التَّمِيمِي مَوْلَاهُم، مَشْهُور بكنيته واسْمه عِيسَى بن أبي عِيسَى عبد الله بن ماهان وَأَصله من مرو، وَكَانَ يتجر إِلَى الرّيّ، صَدُوق سيئ الْحِفْظ خُصُوصا عَن مُغيرَة، من السَّابِعَة، مَاتَ فِي حُدُود السِّتين، بخ وَالْأَرْبَعَة انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 406. 5 عَاصِم بن بَهْدَلَة، تقدم ص"422". 6 الرَّاجِح أَنه أَبُو صَالح السمان، ذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 5/ 38 أَن عَاصِم بن بَهْدَلَة روى عَنهُ، وَانْظُر تَرْجَمته ص"270". 7 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش، تَرْجَمته تقدّمت ص"179". 8 إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص293. 9 فِي ط، ش "وَاحِد عَبدك". قلت: ذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"7" من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن =

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ1، عَنْ أَبَانَ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارِ2، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ3، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ4، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ5، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ6 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للْأمة السَّوْدَاء: "أَيْن الله؟

_ عَاصِم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا ألقِي إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي النَّارِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ وَاحِد فِي السَّمَاء وَأَنَا فِي الْأَرْضِ وَاحِدٌ أَعْبُدُكَ" وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن الْإِسْنَاد، رَوَاهُ جمَاعَة عَن إِسْحَاق. وَذكره الذَّهَبِيّ أَيْضا فِي ميزَان الِاعْتِدَال 4/ 68 فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن يزِيد الرِّفَاعِي. وَذكره أَيْضا ابْن كثير فِي تَفْسِيره 3/ 184، وَعَزاهُ إِلَى الْحَافِظ أبي يعلى، حَدثنَا أَبُو هِشَام، حَدثنَا إِسْحَاق بن سُلَيْمَان، عَن أبي جَعْفَر، عَن عَاصِم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِهِ. وَذكره الهيثمي فِي الْمجمع 8/ 201 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَقَالَ: رَوَاهُ الْبَزَّار وَفِيه عَاصِم بن عمر بن حَفْص وَثَّقَهُ ابْن حبَان وَقَالَ: يُخطئ وَيُخَالف، وَضَعفه الْجُمْهُور. وَذكره السُّيُوطِيّ فِي الدّرّ المنثور بهامشه تنوير المقباس 4/ 322 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَعَزاهُ إِلَى أبي يعلى وَأبي نعيم وَابْن مرْدَوَيْه الْخَطِيب. 1 مُسلم بن إِبْرَاهِيم، تقدم ص"250". 2 فِي ش "عَن أبان عَن يزِيد الْعَطَّار" وَصَوَابه مافي الأَصْل وترجمته تقدّمت ص"405". 3 يحيى بن أبي كثير، تقدم ص"212". 4 هِلَال بن أبي مَيْمُونَة تقدم ص"212". 5 عَطاء بن يسَار، تقدم ص"206". 6 مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ، صَحَابِيّ نزل الْمَدِينَة، ت م د س. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 258، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 3/ 383-384 وَأسد الغابة 4/ 384-385، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 3/ 411-412، وتهذيب التَّهْذِيب 10/ 205.

قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ" 1. فَمَا نَصْنَعُ2 بِقَوْلِكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ وَقَوْلِ إِمَامِكَ الْمَرِيسِيِّ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ 2وَإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ4 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ، إِلَّا أَنْ يُنْبَذَ فِي الْحُشِّ. وَالْقُرْآنُ يُصَدِّقُ مَا قَالَا وَيُحَقِّقُهُ، مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، إِذْ يَقُولُ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} 6 وَ {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 7، {ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} 8، وَ {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} 9 وَ {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} 10 وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْقُرْآنِ. وَزَعَمْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّكَ لَا تَصِفُ اللَّهَ بِحُلُولٍ فِي الْأَمَاكِنِ، فَلَوْ

_ 1 تقدم تحريج الحَدِيث ص"445". 2 فِي س "فَمَا تصنع" بِالتَّاءِ، وَفِي ط، ش، "فَمَا نصْنَع" بالنُّون، وَلم تعجم فِي الأَصْل وَالظَّاهِر أَنَّهَا بالنُّون. 3 فِي ط، س، ش زِيَادَة "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم". 4 تقدم لَهُ تَرْجَمته ص293. 5 تقدم مَعْنَاهُ ص443. 6 سُورَة الْملك آيَة 16. 7 سُورَة فاطر 10. 8 قَوْله تَعَالَى: {خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} لم تذكر فِي النُّسْخَة س، والآيتان من سُورَة المعارج "3-4". 9 سُورَة الْأَنْعَام آيَة 18، وَأَيْضًا آيَة 61. 10 سُورَة آل عمرَان آيَة 55.

شَعُرْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّكَ وَصَفْتَهُ بأقبح حُلُول فِي الْأَمَاكِن أفحش1 مِمَّا عِبْتَ عَلَى غَيْرِكَ؛ لِأَنَّا قد أَيّنَا لَهُ مَكَانا وَاحِدًا، أَعْلَى مَكَانٍ، وَأْطَهَرَ مَكَانٍ2 وَأَشْرَفَ مَكَانٍ: عَلَى عَرْشِهِ الْعَظِيمِ الْمُقَدَّسِ الْمَجِيدِ، فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، حَيْثُ لَيْسَ مَعَهُ هُنَاكَ إِنْسٌ وَلَا جَان3 وَلَا بجنبيه حُشٌّ4 وَلَا مِرْحَاضٌ وَلَا شَيْطَانٌ. وَزَعَمْتَ أَنْتَ وَالْمُضِلُّونَ مِنْ زُعَمَائِكَ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَفِي كُلِّ حُشٍّ وَمِرْحَاضٍ، وَبِجَنْبِ كُلِّ إِنْسِيٍّ5 وَجَانٍّ، أَفَأَنْتُمْ تُشَبِّهُونَهُ بِالْحُلُولِ6 فِي الْأَمَاكِنِ، أَمْ نَحْنُ؟ هَذَا وَاضِحٌ بَيْنَ مَذْهَبِكُمْ وَدَعْوَاكُمْ، صَرَّحْتَ بِهَا أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِكَ، وَلَكِنَّكَ تَقُولُ الشَّيْءَ فَتَنْسَاهُ، ثُمَّ تَنْقُضُهُ7 عَلَى نَفسك وَأَنت تَشْعُرُ بِهِ حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقِكَ. الْحَمد لِلَّهِ الَّذِي أَعَانَنَا عَلَيْكَ بِالنِّسْيَانِ، وكثيرة الهذيان.

_ 1 فِي ط، ش "وأفحش". 2 كَذَا فِي الأَصْل ولعلها "وَأظْهر" بِالْمُعْجَمَةِ. 3 ترك هَذَا النَّفْي أولى وأليق بتنزيه الرب. 4 تقدم معنى الحش ص”443". 5 فِي ط، "كل إنس" وَفِي ش "كل إِنْسَان". 6 فِي ط، ش"أفأنتم تشبهونه، إِذْ قُلْتُمْ بالحلول" وَهُوَ أوضح. 7 فِي ط، ش "ثمَّ تنقص".

دفع المعارض لصفة النزول والرد عليه

دفع الْمعَارض لصفة النُّزُول وَالرَّدّ عَلَيْهِ: ثمَّ ذهبت تنكرالنزول وَتَدْفَعُهُ بِضُرُوبٍ مِنَ الْأَبَاطِيلِ، وَالْأَضَالِيلِ مِنْ كَلَامِ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ1 وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ خَبَرٍ، كَأَنَّكَ تَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ، وَقَلَّ2

_ 1 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 2 كَذَا بِلَفْظ "قل" وَالْمعْنَى يَقْتَضِي أَن يَقُول: "وَأقوى".

حَدِيثٌ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لدعواكم من اللَّهَ1 فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ حَدِيثِ النُّزُولِ، لَمَّا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: لَا يَخْلُو مِنْهُ فَكَيْفَ يَنْزِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ مَنْ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ2؟! فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ الْمُعَارِضِ لِدَفْعِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النُّزُولِ حِكَايَةٌ حَكَاهَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ3 لَعَلَّهَا مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: نُزُولُهُ: أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ وَمَلَائِكَتُهُ وَرَحْمَتُهُ، وَمَا أَشْبَهَهَا. فَقُلْنَا لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَارِضُ، أَمَّا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْقُضُ مَا حَكَيْتَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ4 فَإِنْ قَالَهُ فَالْحَدِيثُ يُكَذِّبُهُ وَيُبْطِلُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ: "إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ شَطْرُ اللَّيْلِ نَزَلَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ، فَأُجِيب؟ 5 هَل من مُسْتَغْفِر أعفر لَهُ؟ 6 هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ 7 حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ" 8 وَقَدْ جِئْنَا بِالْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ. فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا حَكَيْتَ9 عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَادَّعَيْتَهُ أَنْتَ أَيْضًا أَنَّهُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ وَسُلْطَانُهُ، مَا كَانَ أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ يَتَكَلَّمُ بِمِثْلِ هَذَا وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى اسْتِغْفَارِهِ وَسُؤَالِهِ دُونَ اللَّهِ، وَلَا الْمَلَائِكَة يدعونَ10

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "فِي أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَان" وَهُوَ أوضح. 2 النُّزُول وصف يَلِيق بجلاله وعظمته لَا نَعْرِف كنهه وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ مَعْلُوما وَسِيَاق الْكَلَام هُنَا يُوهم تكييف النُّزُول. 3، 4 أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدم ص"157". 6 فِي ط، س، ش "فَأُجِيب لَهُ". 7 فِي س "فَأغْفِر لَهُ". 8 تقدم تَخْرِيجه ص"213". 9 فِي ط، س، ش "فَلَو كَانَ ذَلِك على مَا حكيت". 10 فِي الأَصْل، س "يدعوا" بِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، ش، وَهُوَ الصَّوَاب.

النَّاسَ إِلَى إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَإِلَى الْمَغْفِرَةِ مِنْهَا لَهُمْ، وَإِلَى إِعْطَاءِ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى1 وَلِيَ ذَلِكَ، دُونَ سِوَاهُ2. وَأُخْرَى أَنَّ أَمْرَهُ وَمَلَائِكَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَسُلْطَانَهُ3 دَائِبًا4 يُنَزَّلُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ5 وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ لَا يَفْتُرُ وَلَا يَنْقَطِعُ6 فَمَا بَالُ ثُلُثِ اللَّيْلِ خُصَّ بِنُزُولِهِ وَرَحْمَتِهِ7 وَأَمْرِهِ مِنْ بَيْنِ أَوْقَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؟ حَتَّى وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ8 وَقْتًا آخَرَ. فَقَالَ: "إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ" 9 فَفِي دَعْوَاكَ: تَنْزِلُ رَحْمَتُهُ عَلَى النَّاسِ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ، فَإِذَا انْفَجَرَ الْفَجْرُ رُفِعَتْ فِي دَعْوَاكَ، هَذَا وَاللَّهِ تَفْسِيرٌ مُحَالٌ، وَتَأْوِيلُ ضَلَالٍ، يَشْهَدُ عَلَيْهِ ظَاهِرُ لَفْظِ الْحَدِيثِ بِالْإِبْطَالِ. وَأَمَّا مَا رَوَيْتَ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ عَنِ الْمَرِيسِيِّ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ مَكَانٍ عَن ابْن عُيَيْنَة10........................

_ 1 لفظ "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، س، ش "دون من سواهُ". 3 فِي س "سُلْطَانه وَأمره" فتكرر لفظ "أمره" مرَّتَيْنِ. 4 فِي ط، ش "دَائِما". 5 فِي ط، س، ش "آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار". 6 فِي ط، س، ش "لَا يفتر فِي كل سَاعَة وَلَا يَنْقَطِع" قلت: والفتور هُوَ السّكُون بعد الحدة واللين بعد الشدَّة وفتره تفتيرًا وفتر المَاء سكن حره فَهُوَ فاتر، انْظُر الْقَامُوس للفيروزآبادي 2/ 107 مَادَّة "فتر" بِتَصَرُّف. 7 فِي ط، ش "بنزول رَحمته وَأمره" فِي ط، ش. 8 قَوْله: "لذَلِك" لَيْسَ فِي ط، ش. 9 تقدم تَخْرِيجه ص"213". 10 هُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، انْظُر تَرْجَمته ص"175".

عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ1، عَنِ ابْنِ عُمَرَ2 أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: "لَا تَقُلْ: اللَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَإِنَّهُ بِكُلِّ مَكَانٍ"3. وَعَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ4، عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ5، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ6 مِثْلَهُ. فَتَأْوِيلُ هَذَا أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَلَى مَا فَسَّرْنَا: أَنَّهُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ7

_ 1 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص244. 2 ابْن عمر عبد الله عَنهُ، تقدم ص"245". 3 هَذَا من دَعْوَى الْمعَارض، وَلم أَجِدهُ فِيمَا بَين يَدي من المصادر، عَن ابْن عمر وعَلى فرض ثُبُوته فَهُوَ مَحْمُول على مَا ذكره الْمُؤلف من أَنه بِكُل مَكَان بِالْعلمِ بِهِ وَهُوَ تَعَالَى مستو على عَرْشه اسْتِوَاء يَلِيق بجلاله وعظمته. 4 الَّذِي اسْتَظْهرهُ أَن المُرَاد بِهِ سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ، مَوْلَاهُم، أَبُو الْأَحْوَص الْكُوفِي ثِقَة متقن، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة تسع وَسبعين، ع، انْظُر: تقريب التَّهْذِيب 1/ 343، وَانْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 4/ 135. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 273: زيد بن جُبَير بن حرمل بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء الطَّائِي، ثِقَة من الرَّابِعَة، ع، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 377: ثِقَة لَهُ سِتَّة أَحَادِيث، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 450، أَنه روى عَن أبي البخْترِي الطَّائِي. 6 أَبُو البخْترِي بِفَتْح الْمُوَحدَة والمثناه بَينهمَا مُعْجمَة سَاكِنة، سعيد بن فَيْرُوز بن أبي عمرَان الطَّائِي مَوْلَاهُم، الْكُوفِي، ثِقَة ثَبت فِيهِ بتشيع قيل، كثير الْإِرْسَال من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 83/ ع انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 33. قلت: وَهَذَا الْخَبَر أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 4/ 380 فِي تَرْجَمَة سعيد بن فَيْرُوز قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس السراج، حَدثنَا هناد السّري، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ لي أَبُو البخْترِي الطَّائِي: "لَا تَقُلْ: اللَّهُ حَيْثُ كَانَ فَإِنَّهُ بِكُل مَكَان". 7 فِي ط، س، ش "أَنه فَوق عَرْشه".

بِكُلِّ مَكَانٍ بِالْعِلْمِ بِهِ، وَمَعَ كُلِّ صَاحِبِ نَجْوَى، وَأَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى. لَا عَلَى أَنَّ نَفْسَهُ1 فِي كُلِّ مَكَانٍ، مِمَّا بَيْنَ الْخَلْقِ فِي الْأَرْضِ وَالْأَمْكِنَةِ، وَبِجَنْبِ كُلِّ مُصَلٍّ وَقَائِمٍ وَقَاعِدٍ. فَهُوَ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ مَعَ مَنْ بِالْمَشْرِقِ، كَمَا هُوَ مَعَ مَنْ بِالْمَغْرِبِ، وَمَعَ مَنْ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، كَمَا هُوَ مَعَ مَنْ هُوَ2 فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ3 وَلَا يَبْعُدُ4 عَنْهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ خَلْقِهِ. وَالْعَجَبُ مِنْكَ وَمِنْ إِمَامِكَ الْمَرِيسِيِّ إِذْ يَحْتَجُّ5 فِي ضَلَالِهِ بِالتَّمْوِيهِ6 عَنِ ابْنِ عُمَرَ7 وَعَنِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ8 وَيَدَعُ الْمَنْصُوصَ الْمُفَسَّرَ9/ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الرُّؤْيَةِ وَالْعَرْشِ خِلَافَ مَا مَوَّهَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَرِوَايَةِ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ10 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النُّزُولِ، وَفِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى11 فِي السَّمَاءِ دون الأَرْض12

_ 1 فِي ط، س، ش "لَا على أَنه بِنَفسِهِ". 2 الضَّمِير "هُوَ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 لَفْظَة "السَّابِعَة" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "لَا يبعد". 5 فِي ط، س، ش "أَن يحْتَج". 6 فِي ش "بِالتَّوْبَةِ" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 7 فِي ط، ش "على ابْن عمر" انْظُر تَرْجَمته ص”245". 8 أَبُو البخْترِي، تقدم ص”496". 9 فِي س "من الْمُفَسّر". 10 لفظ "رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 11 لفظ "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 12 قلت: وَانْظُر مصداق ذَلِك بأسانيد إِلَى صحابة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي: السّنة =

الِابْتِدَاعِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الِاتِّبَاعِ، وَإِلَى الْجَهْلِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الْعَدْلِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُصِيبَ يَتَعَلَّقُ من الْآثَار وَاضِحٍ مَشْهُورٍ، وَالْمُرِيبَ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ مُتَشَابِهٍ مَغْمُورٍ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ فِيمَا ادَّعَيْتَ عَلَى أَبِي مُعَاوِيَةَ1 فِي تَفْسِيرِ هَذَا النُّزُولِ، ثُمَّ قُلْتَ: وَيُحْتَمَلُ مَا قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: إِنَّ نُزُولَهُ أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ2 كَمَا تَرَوْنَ الْقُرْآنَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعًا مُشَفَّعًا وَمَاحِلًا3 مُصَدِّقًا، فَقَالُوا: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ ثَوَابُهُ فَإِنْ جَازَ لَهُمْ هَذَا التَّأْوِيلُ فِي الْقُرْآنِ جَازَ لَنَا أَنْ نَقُولَ: إِنَّ نُزُولَهُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَقَدْ قِسْتَ بِغَيْرِ أَصْلٍ وَلَا مِثَالٍ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامٌ. وَالْكَلَامُ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ شَيْئًا قَائِمًا حَتَّى تُقِيمَهُ الْأَلْسُنُ وَيَسْتَلِينَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهُ بِنَفْسِهِ لَا يقدر عَلَى الْمَجِيءِ وَالتَّحَرُّكِ وَالنُّزُولِ بِغَيْرِ منزل وَلَا يَتَحَرَّك، إِلَّا أَن تُؤْتى بِهِ وَيُنْزَلَ. وَاللَّهُ تَعَالَى4 حَيٌّ قَيُّومٌ، مَلِكٌ عَظِيمٌ، قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، فِي عزه وبهائه يفعل مايشاء كَمَا يَشَاءُ وَيَنْزِلُ بِلَا مُنْزِلٍ ويرتفع بِلَا رَافع، وَيفْعل مايشاء بِغَيْر استعانة بِأحد، وَلَا

_ 1 تقدم ص157. 2 عبارَة "أَن نُزُوله أمره وسلطانه" لَيست فِي ط، س، ش. 3 أَي مجادلًا، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 4/ 49 مَادَّة "الْمحل": "والمحال ككتاب الكيد وروم الْأَمر بالحيل وَالتَّدْبِير وَالْمَكْر وَالْقُدْرَة والجدال". 4 لفظ "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

حَاجَةَ فِيمَا يَفْعَلُ إِلَى أَحَدٍ، وَلَا يُقَاس الْحَيّ القيوم والفعال لِمَا يَشَاءُ بِالْكَلَامِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمٌ1 حَتَّى تُقِيمَهُ الْأَلْسُنُ، وَلَا لَهُ أَمْرٌ وَلَا قُدْرَةٌ وَلَا إِرَادَةٌ وَلَا يَسْتَبِينُ إِلَّا بِقِرَاءَةِ الْقُرَّاءِ. أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ نُزُولُهُ: أَمْرَهُ وَرَحْمَتَهُ فَمَا بَالُ أَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ لَا يَنْزِلُ2 إِلَّا فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ ثُمَّ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟ وَمَا بَالُ أَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ فِي دَعْوَاكَ لَا يَنْزِلُ3 إِلَى الْأَرْضِ حَيْثُ4 مُسْتَقَرُّ الْعِبَادِ، مِمَّنْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ، وَيُجِيبَ وَيُعْطِيَ، فَمَا بَالُهَا تَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ لَا تَجُوزُهَا؟ وَمَا بَالُ رَحْمَتِهِ تَبْقَى عَلَى عِبَادِهِ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْلِ إِلَى انْفِجَارِ الْفَجْرِ، ثُمَّ تَرْجِعُ مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ بِزَعْمِكَ؟ وَمَا باله إِذْ اللَّهُ بِزَعْمِكَ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا استرحمه5 عباده واستغفروه وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ بَعَّدَ عَنْهُمْ رَحْمَتَهُ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا خَمْسمِائَة عَامٍ، وَلَا يُغَشِّيهِمْ إِيَّاهَا وَهُوَ مَعَهُمْ فِي الْأَرْضِ بِزَعْمِكَ؟ إِذْ زَعَمْتَ أَنَّ نُزُولَهُ تَقْرِيبُ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ كَقَوْلِهِ الْآخَرِ: "مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهَا باعًا" 6 فَقلت: هَذَا التَّقْرِيب بِالرَّحْمَةِ.

_ 1 فِي ط، ش "قَائِمَة". 2، 3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لَا تنزل". 4 فِي ط، س، ش "من حَيْثُ". 5 فِي س "استرحموه". 6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب التَّوْحِيد، بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} وَقَوله جلّ ذكره {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} ، حَدِيث 7405، 13/ 384 عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: "وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعا، وَإِن تقرب مني ذِرَاعا تقربت إِلَيْهِ باعًا وَإِن أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة". وَفِي مُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الذّكر وَالدُّعَاء، بَاب فضل الذّكر والتقريب إِلَى الله تَعَالَى، حَدِيث 2687، 4/ 2068 عَن أبي ذَر فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ "وَمن تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تقربت مِنْهُ باعًا".

فَفِي دَعْوَاكَ فِي تَفْسِيرِ النُّزُولِ: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ شِبْرًا تَبَاعَدَ هُوَ عَنْهُ مَسِيرَةَ مَا بَيْنَ الْأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، وَكُلَّمَا1 ازْدَادَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ اقْتِرَابًا2 تَبَاعَدَ هُوَ بِرَحْمَتِهِ عَنْهُمْ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِزَعْمِكَ. لَقَدْ علمت أَيهَا الْمعَارض أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ مُحَالٌ يَدْعُو إِلَى ضَلَالٍ3 وَالْحَدِيثُ نَفْسُهُ يُبْطِلُ هَذَا التَّفْسِيرَ وَيُكَذِّبُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ أَغْيَظُ حَدِيثٍ لِلْجَهْمِيَّةِ4 وَأَنْقَضُ5 شَيْءٍ لِدَعْوَاهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقِرُّونَ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ6 فِي الْأَرْضِ، كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ. فَكَيْفَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَنْ هُوَ تَحْتَهَا فِي الْأَرْضِ؟ وَجَمِيعُ الْأَمَاكِنِ مِنْهَا، وَنَفْسُ7، الْحَدِيثِ نَاقِضٌ لِدَعْوَاهُمْ وَقَاطِعٌ لحججهم. ل 32 ب. وَأُخْرَى: أَنَّهُ قَدْ عَقِلَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ وَرَأْيٍ8 أَنَّ الْقَوْلَ لَا يتَحَوَّل صُورَة

_ 1 فِي س "أَو كلما". 2 فِي ط، س، ش "تَقْرِيبًا". 3 فِي ط، س، ش "إِلَى الضلال". 4 فِي س "على الْجَهْمِية"، وَتقدم لَهُم نوع بَيَان ص"138". 5 فِي س "وَأبْغض". 6 فِي ط، س، ش "لكنه". 7 فِي ط، س، ش "وَلَفظ". 8 فِي ط، ش "وَرَأى".

لَهَا1 لِسَانٌ وَفَمٌ، يَنْطِقُ وَيَشْفَعُ، فَحِينَ اتَّفَقَتِ الْمَعْرِفَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ ثَوَابٌ فَيُصَوِّرُهُ2 اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ صُورَةَ رَجُلٍ يُبَشِّرُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقُرْآنُ3 صُورَةً كَصُورَةِ الْإِنْسَانِ لَمْ يَتَشَعَّبْ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ أَلْفِ صُورَةٍ، فَيَأْتِيَ أَكثر من ألف ألف شافعًا4، وماحلًا؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ الْوَاحِدَةَ إِذَا هِيَ أَتَت وَاحِد زَالَتْ عَنْ غَيْرِهِ، فَهَذَا مَعْقُولٌ لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا كُلُّ جَهُولٍ. وَهَذَا كَحَدِيثِ الْأَعْمَشِ5، عَنِ الْمِنْهَالِ6، عَن زَاذَان7

_ 1 فِي س "لَهُ لِسَان" فَالضَّمِير هُنَا عَائِد لِلْقَوْلِ. 2 فِي ط، س، ش "يصوره". 3 فِي ط، س، ش "لِلْقُرْآنِ". 4 فِي ط، ش "شَافِع وَمَا حل" بِالْجَرِّ وَكِلَاهُمَا مُحْتَمل، فبالجر على أَنه مُضَاف إِلَيْهِ، وَبِالنَّصبِ على أَنه حَال من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي "يَأْتِي" الْعَائِد على الْقُرْآن. قلت: والماحل تقدم مَعْنَاهَا ص"498". قلت: ثَبت من حَدِيث بُرَيْدَة: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَة كَالرّجلِ الشاحب فَيَقُول: أَن الَّذِي أَسهرت ليلك وَأَظْمَأت نهارك" أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه بترتيب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْأَدَب، بَاب ثَوَاب الْقُرْآن، حَدِيث 3781، 2/ 1242، قَالَ مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي فِي الزاوئد: إِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله ثِقَات. وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 5/ 348، 352 عَن بُرَيْدَة مَرْفُوعا، وَأخرجه الدَّارمِيّ فِي سنَنه تَحْقِيق وتخربج السَّيِّد عبد الله هَاشم يماني، كتاب فَضَائِل الْقُرْآن، بَاب فضل سُورَة الْبَقَرَة عمرَان، حَدِيث 3394، 2/ 324 عَن بُرَيْدَة مَرْفُوعا. 5 الْأَعْمَش سُلَيْمَان بن مهْرَان، تقدم ص"157". 6 الْمنْهَال بن عَمْرو، تقدم ص"466". 7 زَاذَان، أَبُو عمر الْكِنْدِيّ الْبَزَّاز، ويكنى أَبُو عبد الله أَيْضا، صَدُوق يُرْسل وَفِيه شِيعِيَّة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 82/ بخ م وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 256 وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 316: وَعنهُ بن عَمْرو بن مرّة، والمنهال بن عَمْرو ثِقَة.

عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا2، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ تَأْتِيهِ أَعْمَالُهُ الصَّالِحَةُ فِي صُورَة رجل فِي أَحْسَنَ هَيْئَةٍ وَأَحْسَنَ لِبَاسٍ وَأَطْيَبَ رِيحٍ3 فَيَقُولُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ4؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ، كَانَ "حَسَنًا"5 وَكَذَلِكَ تَرَانِي حَسَنًا6 وَكَانَ طَيِّبًا فَكَذَلِكَ تَرَانِي طَيِّبًا7 وَكَذَلِكَ الْعَمَل السيء يَأْتِي صَاحِبَهُ فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِك8 ويبشره بِعَذَاب الله"9.

_ 1 الْبَراء بن عَازِب بن الْحَارِث بن عدي الْأنْصَارِيّ، الأوسي، صَحَابِيّ ابْن صَحَابِيّ نزل الْكُوفَة، استصغر يَوْم بدر وَكَانَ هُوَ وَابْن عمر لِدَة، مَاتَ سنة 72/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 94، وَانْظُر: الاستعياب ذيل الْإِصَابَة 1/ 143-145، وَأسد الغابة 1/ 171-172، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 1/ 146-147، وتهذيب التَّهْذِيب 1/ 425-426. 2 عبارَة: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "وَأطيب رَائِحَة"، وَعند الإِمَام أَحْمد "طيب الرّيح". 4 عبارَة "فَيَقُول لَهُ من أَنْت" لَيست فِي ط، س، ش. 5 لَفْظَة "حسنا" لَيست فِي الأَصْل ولعلها سَقَطت. 6 فِي ط، س، ش "فَكَذَلِك تراني طيبا". 7 عبارَة "وَكَانَ طَيِّبًا فَكَذَلِكَ تَرَانِي طَيِّبًا" لَيست فِي ط، س، ش. 8 قَوْله: "مثل ذَلِك" لَيست فِي ط، ش، وَفِي س "فَيَقُول لَهُ كَمثل". 9 هَذَا هُوَ معنى مَا أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 4/ 287-288 من طَرِيق الْأَعْمَش عَن منهال بن عَمْرو زَاذَانَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مَرْفُوعا مطولا، وَفِيه أَن الْمُؤمن يَأْتِيهِ رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يَسُرك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد، فَيَقُول: لَهُ من أَنْت؟ فوجهك الْوَجْه الَّذِي يَجِيء بِالْخَيرِ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح.." وَفِيه =

وَإِنَّمَا عملهما الصَّلَاة وَالصِّيَامُ وَمَا أَشْبَهَهَا1 مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَعَمَلُ الْآخَرِ الزِّنَا وَالرِّبَا وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَمَا أَشْبَهَهَا2 مِنَ الْمَعَاصِي قَدِ اضْمَحَلَّتْ وَذَهَبَتْ فِي الدُّنْيَا، فَيُصَوِّرُ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ لِلْمُؤْمِنِ وَالْفَاجِرِ ثَوَابَهَا وَعِقَابَهَا يُبَشِّرُ بِهِمَا3 إِكْرَامًا لِلْمُؤْمِنِ4 وَحَسْرَةً عَلَى الْكَافِرِ5. وَهَذَا الْمَعْنَى أَوْضَحُ مِنَ الشَّمْسِ قَدْ6 عَلِمْتُمُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَكِنْ7 تُغَالِطُونَ وَتُدَلِّسُونَ، وَعَلَيْكُمْ أَوْزَارُكُمْ وَأَوْزَارُ مَنْ تضلون.

_ = أَيْضا أَن "الْكَافِر" يَأْتِيهِ رجل قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يسوءك هَذَا يَوْمك الَّذِي توعد، فَيَقُول، من أَنْت؟ فوجهك الْوَجْه الَّذِي يَجِيء بِالشَّرِّ، فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث فَيَقُول: رب لَا تقم السَّاعَة. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه 4/ 295-296 من طَرِيق يُونُس بن خباب، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زَاذَان، عَن الْبَراء مَرْفُوعا مطولا. ابْن خباب وَهُوَ ضَعِيف، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد "4753" نَحْو الرِّوَايَة الأولى"، انْظُر: مشكاة المصابيح بتخريج الألباني حَدِيث 1630، 1/ 517. قلت: رِوَايَة أبي دَاوُد لم أجد فِيهَا تمثل الْعَمَل بِصُورَة رجل، انْظُر: سنَن أبي دَاوُد، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب السّنة، بَاب فِي الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر، حَدِيث 4753، 5/ 114-116. 1 فِي ط، س، ش "وَمَا أشبههَا" وَالصَّوَاب مَا فِي الأَصْل. 2 فِي ط، س، ش "وَمَا أشبههَا" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ. 3 فِي ط، س، ش "يبشرهما بِهِ". 4 فِي ط، س، ش "للْمُؤْمِنين". 5 فِي ط، س، ش "على الْكَافرين". 6 فِي ط، س، ش "وَقد". 7 فِي ط، س، ش "وَلَكِن".

ثُمَّ أَكَّدَ الْمُعَارِضُ دَعْوَاهُ فِي أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِقِيَاسٍ ضَلَّ بِهِ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل. فَقَالَ: أَلا ترى أَن مَنْ صَعَدَ الْجَبَلَ لَا يُقَالُ لَهُ:1 إِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ؟ فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُدَّعِي مَا لَا عِلْمَ لَهُ2: مَنْ أَنْبَأَكَ أَنَّ رَأْسَ الْجَبَلِ لَيْسَ بِأَقْرَبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى3 مِنْ أَسْفَلِهِ؟؛ لِأَنَّهُ مَنْ آمَنَ بِأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ رَأْسَ الْجَبَلِ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ4 مِنْ أَسْفَلِهِ، وَأَنَّ السَّمَاءَ السَّابِعَةَ أَقْرَبُ إِلَى عَرْشِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّادِسَةِ، وَالسَّادِسَةَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَامِسَةِ، ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى الْأَرْضِ. كَذَلِكَ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ5، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ6 أَنَّهُ قَالَ: "رَأْسُ الْمَنَارَةِ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَسْفَلِهِ7 وَصَدَقَ ابْنُ الْمُبَارَكِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ إِلَى السَّمَاءِ أَقْرَبُ كَانَ إِلَى اللَّهِ أَقْرَبَ. وَقُرْبُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ أَقْصَاهُم وأدناهم وَاحِد لَا

_ 1 لَفْظَة "لَهُ" لَيست فِي ط، ش. 2 فِي ط، ش "مَا لَا علم لَهُ بِهِ" وَفِي س "مَا لَا علم بِهِ". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "أقرب إِلَى السَّمَاء". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 54: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن مخلد الْحَنْظَلِي، أَبُو مُحَمَّد بن رَاهَوَيْه الْمروزِي، ثِقَة حَافظ مُجْتَهد، قرين أَحْمد بن حَنْبَل، ذكر أَبُو دَاوُد أَنه تغير قبل مَوته بِيَسِير، مَاتَ سنة 38 وَله 72 سنة/ خَ م د ت س. 6 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 7 فِي ط، س، ش "من أَسْفَلهَا" وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى قلت: وَمعنى الْعبارَة صَحِيح إِلَّا أَنِّي لم أَقف على من نَسَبهَا إِلَى عبد الله بن الْمُبَارك أَو إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه.

يَبْعُدُ عَنْهُ شَيْءٌ1 مِنْ خَلْقِهِ. وَبَعْضُ الْخَلْقِ أَقْرَبُ مِنْ بَعْضٍ2 عَلَى نَحْوِ مَا فَسَّرْنَا مِنْ أَمْرِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ قُرْبُ الْمَلَائِكَةِ مِنَ اللَّهِ، فَحَمَلَةُ الْعَرْشِ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَوَاتِ3، وَالْعَرْشُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَقُرْبُ اللَّهِ إِلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَاحِدٌ هَذَا4 مَعْقُولٌ مَفْهُومٌ إِلَّا عِنْدَ مَنْ لَا يُؤْمِنُ أَنَّ فَوْقَ الْعَرْشِ إِلَهًا وَلِذَلِكَ سَمَّى الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} 5، فَلَوْ كَانَ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ كَمَا ادعيت الْجَهْمِيَّةُ6 مَا كَانَ لِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} مَعْنًى، إِذْ كُلُّ الْخَلْقِ عِنْدَهُ وَمَعَهُ فِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، وَمُطِيعُهُمْ وَعَاصِيهِمْ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْأَرْضِ مَنْ لَا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَا يَسْجُدُ لَهُ. وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَمَعَ كل أحد لَمْ يَكُنْ لِهَذِهِ الْآيَةِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَلَا يَسْجُدُ لَهُ وَيَسْتَكْبِرُ عَنْ عِبَادَتِهِ7 فَأَيُّ منقبة إِذا فِيهِ

_ 1 فِي ط، ش "لَا يبعد عَن شَيْء من خلقه". 2 فِي ط، س، ش "أقرب إِلَيْهِ من بعض". 3 فِي ط، س، ش "فِي السَّمَوَات كلهَا". 4 لَفْظَة "هَذَا" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي الأَصْل "ويسبحون وَله يَسْجُدُونَ" وَالصَّوَاب مَا فِي الأَصْل، انْظُر: سُورَة الْأَعْرَاف آيَة 206. 6 فِي ش "كَمَا ادعيت الْجَهْمِية" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل، وَسبق بَيَان للجهمية انْظُر ص”138". 7 فِي ط، س، ش "لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ لَا يُؤمنُونَ بِهِ وَلَا يَسْجُدُونَ لَهُ ويستكبرون عَن عِبَادَته".

لِلْمَلَائِكَةِ إِذْ كُلُّ الْخَلْقِ عِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ1 فِي مَعْنَاهُمْ فِي2 تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ. ثُمَّ فَسَّرَ الْمُعَارِضُ هَذَا الْمَذْهَب تَفْسِيرا من هَذ1، دَفْعًا بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاء. فَيُقَال: يُحْتَمَلُ التَّأْوِيلُ أَنْ يَكُونَ فِي السَّمَاء، على أَنَّهُنَّ مُدَبِّرُهَا وَمُتْقِنُهَا، كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ: هُوَ فِي صَلَاتِهِ وَعَمَلِهِ، وَتَدْبِيرِ معيشته، ولبيس هُوَ فِي نَفْسِهَا وَفِي جَوْفِهَا، وَفِي نَفْسِ الْمَعِيشَةِ بِالْحَقِيقَةِ وَلَكِنْ بِالْمَجَازِ عَلَى دَعْوَاهُ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدْ قُلْنَا لَكَ: إِنَّكَ تَهْذِي وَلَا تَدْرِي، تَتَكَلَّمُ بِالشَّيْءِ ثُمَّ تَنْقُضُهُ3 عَلَى نَفْسِكَ، أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى4 فِي السَّمَاءِ، وَفِي الْأَرْضِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ بِنَفْسِهِ، فَكَيْفَ تَدَّعِي هَاهُنَا5 أَنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَوَاتِ مِنْهُ إِلَّا تَدْبِيرُهُ وَإِتْقَانُهُ كَتَدْبِيرِ الرَّجُلِ فِي6 مَعِيشَتِهِ، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِيهَا؟. وَمَا أَوْلَاكَ7 أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنْ تَعُضَّ عَلَى لِسَانِكَ، وَلَا تَحْتَجَّ بِشَيْءٍ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَقُودَهُ. أَوْ تَتَخَلَّصَ8 مِنْهُ بِحُجَّةٍ حَتَّى تَنْقُضَهُ عَلَى نَفْسِكَ بِنَفْسِ كَلَامِكَ، وَلَوْ كَانَ لَكَ نَاصِحٌ لَحَجَرَ عَلَيْكَ الْكَلَامَ، وَلَوْلَا أَنَّهُ يُشِيرُ إِلَيْكَ بَعْضُ النَّاسِ بِبَعْضِ النَّضْرَةِ فِي الْعِلْمِ مَا اشْتَغَلْنَا بِالرَّدِّ عَلَى مثلك.

_ 1 الْجَهْمِية تقدّمت ص"138". 2 "فِي" لَيست فِي س، وَفِي ط، ش "على بَدَلا من "فِي". 3 فِي ط، ش "ثمَّ تنقض على نَفسك". 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، س، ش "فَكيف تَدعِي فِيهِ هَاهُنَا". 6 لَفْظَة "فِي" لَيست فِي ط، س، ش. 7 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "مَا أولى بك". 8 فِي ط، س، ش "وتتخلص مِنْهُ".

لِسَخَافَةِ كَلَامِكَ، وَرَثَاثَةِ حُجَجِكَ. وَلَكِنَّا تَخَوَّفْنَا مِنْ جَهَالَتِكَ ضَرَرًا عَلَى الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ بَيْنَ ظَهْرَيْكَ، فَأَحْبَبْنَا أَنْ نُبَيِّنَ1 لَهُمْ عَوْرَةَ كَلَامِكَ وَضَعْفَ احْتِجَاجِكَ كَيْ يَحْذَرُوا مِثْلَهَا مِنْ رَأْيِكَ، وَقَدْ فَضَحْنَاكَ فِي ذَلِكَ وَلَوِ اسْتَقْصَيْنَا عَلَيْكَ فِي2 الِاحْتِجَاج لطال لَهُ الْكِتَابُ، غَيْرَ أَنَّا أَحْبَبْنَا أَنْ نُفَسِّرَ مِنْهَا قَلِيلًا يَدُلُّ عَلَى كثير. وَلَو أَنَّكَ بَدَأْتَنَا3 بِالْخَوْضِ فِيهِ وَفِي إِذَاعَةِ كَلَامِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ، الْمُلْحِدِ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى4، الْمُعَطِّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ بَيَانٍ أَوْ بُرْهَانٍ يكون ببلدة ينتشر فِيهَا كَلَامُ الْمَرِيسِيِّ فِي التَّوْحِيدِ ثمَّ لَا ينْقضه.

_ 1 لفظ "أَن نبين" تكَرر فِي ش. 2 لَفْظَة "فِي" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "ابتدأتنا". 4 لَفْظَة "الْمعَارض" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت.

عود لمناقشة المعارض في السؤال عن الله بأين وما ورد في ذلك

عود لمناقشة الْمعَارض فِي السُّؤَال عَن الله بأين وَمَا ورد فِي ذَلِك: ثُمَّ عَادَ الْمُعَارِضُ1 إِلَى مَذْهَبِهِ الْأَوَّلِ نَاقِضًا عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا تَأَوَّلَ2 فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَاحْتَجَّ بِبَعْضِ كَلَامِ جَهْمٍ3 وَالْمَرِيسِيِّ، فَقَالَ: إِنْ قَالُوا لَكَ: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَالْجَوَابُ لَهُمْ: إِنْ أَرَدْتُمْ حُلُولًا فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، وَفِي مَكَانٍ يَعْقِلُهُ الْمَخْلُوقُونَ4 فَهُوَ الْمُتَعَالِي عَن ذَلِك؛ لِأَنَّهُ على عود لمناقشة الْمُؤلف للمعارض فِي السُّؤَال عَن الله بأين وَمَا ورد فِي ذَلِك

_ 1 لَفْظَة "الْمعَارض" لَيست فِي ش ولعلها سَقَطت. 2 فِي س "فِيمَا تأولت". 3 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص”147". 4 فِي ط، س، ش "الْمَخْلُوق".

الْعَرْش، وَبِكُل مَكَانٍ لَا يُوصَفُ بِأَيْنَ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا قَوْلُكَ: كَالْمَخْلُوقِ. فَهَذِهِ كُلْفَةٌ1 مِنْكَ وَتَلْبِيسٌ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ. وَلَكِنَّهُ بِمَكَانٍ يَعْقِلُهُ الْمَخْلُوقُونَ الْمُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، دُونَ مَا سِوَاهَا مِنَ الْأَمْكِنَةِ، وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ مَكَانٍ، وَبِمَنْ هُوَ فِي، كُلِّ مَكَانٍ. مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ بِذَلِكَ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ، وَلَمْ يَدْرِ مَنْ يَعْبُدُ، وَمَنْ يُوَحِّدُ. مَعَ أَنَّكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَقْرَرْتَ بِأَنَّكَ تَعْقِلُ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّكَ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ سَمَاءٍ وَمن أَرض. وَمَا اشْتِرَاطُكَ عَلَى مَنْ سَأَلَكَ: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَتَقُولُ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ كذ وَكَذَا، فَهَذَا شَرْطٌ بَاطِلٌ. لَمْ تشْتَرط ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْأُمَّةِ2 عَلَى أَحَدٍ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ اللَّهَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حِين سَأَلَ الْأمة السوادء "أَيْنَ اللَّهُ؟ " لَمْ تَشْتَرِطْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3 كَمَا اشْتَرَطْتَ أَنْتَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ حلولًا كحلول كذ وَكَذَا، وَلَكِنْ قَالَتْ: "فِي السَّمَاءِ: "4 فَاكَتْفَى مِنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ لَهَا: كَيْفَ كَيْنُونَتُهُ فِي السَّمَاءِ، وَكَيْفَ حُلُولُهُ فِيهَا؟ وَأَمَّا قَوْلُكَ: لَا يُوصَفُ بِأَيْنَ. فَهَذَا أَصْلُ الْكَلَام جَهْمٍ5 وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ؛ لِأَنَّ الله تَعَالَى قَالَ: {أَأَمِنْتُمْ

_ 1 فِي ط، س، ش "كذبة". 2 فِي ط، س، ش "الْأَئِمَّة". 3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لم يشْتَرط عَلَيْهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". 4 انْظُر تخرج الحَدِيث ص"445". 5 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"147".

مَنْ فِي السَّمَاءِ} 1، وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} 2، وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 3، فقد أخبرنَا اللَّهُ الْعِبَادَ أَيْنَ اللَّهُ4 وَأَيْنَ مَكَانُهُ، وَأَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ فَقَالَ: "مَنْ لَمْ يَرْحَمْ مَنْ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَرْحَمْهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ" 5. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ6، ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ7، عَنْ أَبِي إِسْحَاق8، عَن أبي

_ 1 سُورَة الْملك آيَة 16. 2 سُورَة النَّحْل آيَة 50. 3 سُورَة طه آيَة 5. 4 فِي ط، س، ش "أَيْن هُوَ". 5 الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ أوردهُ الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ، تَصْحِيح ومراجعة عبد الرَّحْمَن عُثْمَان، ص"20" من طَرِيق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ جرير مَرْفُوعا وَقَالَ: رُوَاته ثِقَات. قلت: وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة، أَبْوَاب الْبر والصلة، بَاب مَا جَاءَ فِي رَحْمَة النَّاس، حَدِيث 1987، 6/ 49 عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعا بِلَفْظ: "من لم يرحم النَّاس لَا يرحمه الله" وَقَالَ: هَذَا الحَدِيث حسن صَحِيح. وبمثل لفظ التِّرْمِذِيّ أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب عَن جرير مَرْفُوعا "انْظُر 4/ 358-366". 6 فِي س "حدّثنَاهُ مُسَدّد" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص"175"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 10/ 107 أَنه روى عَن أبي الْأَحْوَص. 7 أَبُو الْأَحْوَص هُوَ سَلام بن سليم، قَالَ الدولابي فِي كتاب الكنى والأسماء الطبعة الأولى الْهِنْدِيَّة 1/ 111: "وَأَبُو الْأَحْوَص الَّذِي يروي عَن أبي إِسْحَاق، سَلام بن سليم" وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 4/ 282-383 أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي وَعنهُ مُسَدّد، انْظُر تَرْجَمته ص"496". 8 أَبُو إِسْحَاق هُوَ السبيعِي، تقدم ص"146"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 64 أَنه روى عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود.

عُبَيْدَةَ1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ2، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ" 3 فَلَوْ لَمْ يُوصَفْ بِأَيْنَ كَمَا ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ، لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِلْجَارِيَةِ "أَيْنَ اللَّهُ" فَيُغَالِطُهَا فِي شَيْءٍ لَا يُؤَيَّنُ، وَحِينَ قَالَتْ "هُوَ فِي السَّمَاءِ" لَوْ قَدْ أَخْطَأَتْ فِيهِ لَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عيله وَسَلَّمَ عَلَيْهَا وَعَلَّمَهَا، وَلَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى إِيمَانِهَا بِمَعْرِفَتِهَا أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ وَكَذَلِكَ رُوِيَ لَنَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ4. حَدَّثَنَا5 الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ6، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الشَّقِيقِيُّ7 قَالَ: "قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ بِأَيِّ شَيْءٍ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ قَالَ: بِأَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى

_ 1 أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"251". 2 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 3 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد، كتاب الْأَدَب، بَاب الرَّحْمَة، حَدِيث، من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن الْعَاصِ يبلغ بِهِ النَّبِي بِلَفْظ: "الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن. ارحموا من فِي الأَرْض يَرْحَمكُمْ من فِي السَّمَاء". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، أبوب الْبر والصلة، بَاب مَا جَاءَ فِي رَحْمَة النَّاس، حَدِيث 1989، 6/ 51 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظ أبي دَاوُد وَزِيَادَة فِي آخِره، قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. 4 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 5 فِي ش "حَدثنَا". 6 الْحسن بن الصَّباح، تقدم ص"145". 7 عَليّ بن الْحسن، تقدم ص"145".

الْعَرْشِ1 بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ. قُلْتُ: بِحَدٍّ؟ قَالَ: بِحَدٍّ"2 فَهَذَا الْقُرْآنُ يَنْطِقُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى3 يُوصَفُ بِأَيْنَ، وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ وَصَفَهُ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. فَمَنْ أَنْبَأَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ -غَيْرَ الْمَرِيسِيِّ4- أَنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ5 بِأَيْنَ؟ فَأَخْبِرْنَا بِهِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ، الْجَاهِل بِهِ وبمكانه. ثمَّ نفضت عَلَى نَفْسِكَ دَعْوَاكَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبِّرُهَا، كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ فِي عِمَارَةِ دَارِهِ خَارِجًا مِنْهَا، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِيهَا، فَتَرَكْتَ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ ادَّعَيْتَ أَخِيرًا فَقُلْتَ: هُوَ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ، تَحْتَجُّ بِالشَّيْءِ ثُمَّ تَنْسَاهُ حَتَّى تَنْقُضُهُ عَلَى نَفْسِكَ وَأَنْتَ لَا تَشْعُرُ؟!. وَسَنَذْكُرُ فِي إِبْطَالِ حُجَجِكَ6 فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَخْبَارًا صَحِيحَةً يَسْتَدِلُّ بِهَا مَنْ وَقَفَهُ7 اللَّهُ تَعَالَى8 عَلَى إِلْحَادِكَ فِيهَا إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى.

_ 1 فِي ط، س، ش "على عَرْشه". 2 تقدم ص”224". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش: "غير المريسي وَأَصْحَابه". 5 فِي ط، ش "أَنه لَا يُوصف"، وَفِي س "أَن لَا يُوصف". 6 فِي ط، س، ش "حجتك". 7 فِي ط، س، ش "وَفقه". 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ1، ثَنَا سُفْيَانُ2، عَنْ عَمْرٍو -وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ3- عَنْ أَبِي قَابُوسَ4، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ" 6. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَم الْمصْرِيّ7، أبنا8 اللَّيْثُ9، عَنْ زِيَادَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ

_ 1 مُسَدّد بن مسرهد، تقدم ص"175". 2 سُفْيَان، تقدم ص"268". 3 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244". 4 أَبُو قَابُوس مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، مَقْبُول، من الرَّابِعَة، د ت انْظُر: تحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 6/ 51، والتقريب 2/ 463، وَذكر فِي الكاشف للذهبي 3/ 368 أَنه روى عَن مَوْلَاهُ عبد الله بن عَمْرو وَعنهُ عَمْرو بن دِينَار. 5 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش وَعبد الله بن عَمْرو تقدم ص"256". 6 ورد هَذَا الحَدِيث فِي التِّرْمِذِيّ بِلَفْظ "الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن، ارحموا من فِي الأَرْض يَرْحَمكُمْ من فِي السَّمَاء" وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي، أَبْوَاب الْبر والصلة، بَاب ماجاء فِي رَحْمَة النَّاس، حَدِيث 1989، 6/ 51 قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عمر، حَدثنَا سُفْيَان، عَنْ أَبِي قَابُوسَ، عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو مَرْفُوعا. وبلفظ التِّرْمِذِيّ ورد أَيْضا فِي سنَن أبي دَاوُد، كتاب الْأَدَب، بَاب الرَّحْمَة حَدِيث 4941، 5/ 231 من طَرِيق أبي بكر بن أبي شيبَة ومسدد، الْمَعْنى قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان. عَن عَمْرو، عَن أبي قَابُوس مولى لعبد الله بن عَمْرو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا. 7 سعيد بن أبي مَرْيَم، تقدم ص"286". 8 فِي ط، س، ش "أخبرنَا" وهما بِمَعْنى وَاحِد وَانْظُر تعليقنا ص"137". 9 اللَّيْث بن سعد، تقدم ص"206".

الْأَنْصَارِيِّ1، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ2، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ3، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "الراحموان يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمكُمْ أهل السَّمَاء" 5

_ 1 زِيَادَة: بِكَسْر أَوله وهاء فِي آخِره، ابْن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ، مُنكر الحَدِيث، من السَّادِسَة، د س، انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 271، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 335 مِمَّن روى عَنهُ اللَّيْث وَابْن لَهِيعَة. 2 هُوَ مُحَمَّد بن كَعْب بن سليم بن أَسد، أَبُو حَمْزَة القرضي، الْمدنِي وَكَانَ قد نزل الْكُوفَة مُدَّة، ثِقَة عَالم، من الثَّالِثَة، ولد سنة 40 على الصَّحِيح، وَوهم من قَالَ ولد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فقد قَالَ البُخَارِيّ بِأَن أَبَاهُ كَانَ مِمَّن لم ينْبت من بني قُرَيْظَة، مَاتَ سنة عشْرين، وَقيل: قبل ذَلِك. ع، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 203، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/ 421 أَنه روى عَن فضَالة بن عبيد، وَقَالَ البُخَارِيّ: أَن أَبَاهُ كَانَ مِمَّن لم ينْبت يَوْم قُرَيْظَة فَترك. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 109: فضَالة بن عبيد بن نَافِذ بن قيس الْأنْصَارِيّ، أول مَا شهد أحد، ثمَّ نزل دمشق، ولي قضاءها وَمَات سنة 58، وَقيل: قبلهَا، بخ م الْأَرْبَعَة، وَانْظُر: الاستعياب ذيل الْإِصَابَة 3/ 192-193 أَسد الغابة 4/ 182، والإصابة بذيلة الِاسْتِيعَاب 3/ 201. 4 عُوَيْمِر بن زيد بن قيس الْأنْصَارِيّ، أَبُو الدَّرْدَاء، مُخْتَلف فِي اسْم أَبِيه وَإِنَّمَا هُوَ مَشْهُور بكنيته، وَقيل: اسْمه عَامر وعويمر لقب، صَاحِبي جليل، أول مشاهده أحد وَكَانَ عابدًا مَاتَ آخر خلَافَة عُثْمَان، وَقيل: عَاشَ بعد ذَلِك، ع، انْظُر التَّقْرِيب 2/ 91، وَانْظُر: أَسد الغابة 5/ 185-186، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 3/ 46 وتهذيب التَّهْذِيب 8/ 175-177. 5 هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ لم يرد فِي ط، س، ش وَلم أَجِدهُ فِي الْكتب السِّتَّة ومسند الإِمَام أَحْمد والتوحيد لِابْنِ خُزَيْمَة عَن أبي الدَّرْدَاء، وَالَّذِي يظْهر لي أَن نَاسخ الأَصْل نسي فَذكر متن الحَدِيث الَّذِي قبله مرّة أُخْرَى وَهُوَ يُرِيد حَدِيث "إِذا اشْتَكَى أحدكُم شَيْئا" الَّذِي سَيَأْتِي بعده، يُؤَيّدهُ تطابق الإسنادين تَمامًا. وَالله أعلم.

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمصْرِيّ1، أبنا اللَّيْثُ2، عَنْ زِيَادَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ3، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ4، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ5، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوِ اشْتَكَى أَخٌ لَهُ فَلْيَقُلْ: رَبُّنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، تَقَدَّسَ اسْمُكَ أَمْرُكَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، كَمَا رَحْمَتُكَ فِي السَّمَاءِ. فَاجْعَلْ رَحْمَتَكَ فِي الْأَرْضِ، وَاغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا 7 وَخَطَايَانَا أَنْتَ رَبُّ الطَّيِّبِينَ، أَنْزِلْ شِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ، وَرَحْمَةً مِنْ رَحْمَتِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ، فَيَبْرَأَ" 8.

_ 1 سعيد بن أبي مَرْيَم، تقدم ص"286". 2 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "أخبرنَا اللَّيْث" قلت: و"أنبا" و"أخبرنَا" بِمَعْنى وَاحِد كَمَا أَشَرنَا ص"137" وَانْظُر تَرْجَمَة اللَّيْث ص"206". 3، 4، 5 انْظُر ترجمتهم فِي التَّعْلِيق على إِسْنَاد الحَدِيث قبله. 6 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمَة أبي الدَّرْدَاء ص"513". 7 الْحُوب المُرَاد بِهِ هُنَا الْإِثْم قَالَ ابْن الْأَثِير فِي مَادَّة "حوب": "وَمِنْه الحَدِيث "اغْفِر لنا حوبنا" أَي إثمنا، وتفتح الْحَاء وتضم، وَقيل: الْفَتْح لُغَة الْحجاز وَالضَّم لُغَة تَمِيم" انْظُر: النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر لِابْنِ الْأَثِير تَحْقِيق طَاهِر الزاوي ومحمود الطناحي 1/ 455. 8 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس عَادل السَّيِّد، كتاب الطِّبّ، بَاب كَيفَ الرقى، حَدِيث 3892 4/ 218 من طَرِيق يزِيد بن خَالِد بن موهب الرَّمْلِيّ، حَدثنَا اللَّيْث بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "من اشْتَكَى مِنْكُم شَيْئا أَو اشتكاه أَخ لَهُ فَلْيقل: رَبنَا الَّذِي فِي السَّمَاء تقدم اسْمك-" ثمَّ ذكره بِلَفْظِهِ- إِلَّا أَن آخِره: "أنزل رَحْمَة من رحمتك وشفاء من شفائك على هَذَا الوجع فَيبرأ". قَالَ الْخطابِيّ فِي معالم السّنَن على مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد 5/ 366: "فِي إِسْنَاده زِيَادَة بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ، قَالَ أَبُو الحاتم الرَّازِيّ، هُوَ مُنكر الحَدِيث، =

أَفَلَا تَرَى أَيُّهَا الْمُعَارِضُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ حَدَّهُ فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ بِقَوْلِهِ: "رَبُّنَا الَّذِي فِي السَّمَاء" 1 وَكَذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ3، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ4، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ5، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ6، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

_ = وَقَالَ البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ: مُنكر الحَدِيث، وَقَالَ ابْن حبَان: مُنكر الحَدِيث جدًّا يروي الْمَنَاكِير عَن الْمَشَاهِير فَاسْتحقَّ التّرْك"، انْظُر: الضُّعَفَاء الصَّغِير للْبُخَارِيّ ص"48" وَمَعَهُ الضُّعَفَاء والمتروكين للنسائي ص"44"، وَانْظُر أَيْضا: ميزَان الِاعْتِدَال للذهبي 2/ 89، وَقَالَ: قد انْفَرد بِحَدِيث الرّقية -"رَبنَا الَّذِي فِي السَّمَاء"- بِالْإِسْنَادِ، وَانْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 3/ 392. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 6/ 21 من طَرِيق آخر عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم، عَن الْأَشْيَاخ، عَن فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ مَرْفُوعا بِلَفْظ مقارب مَعَ زِيَادَة فِي آخِره. قلت: وَهِي ضَعِيفَة بِسَبَب رِوَايَة أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن مَجَاهِيل، وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"12" من طَرِيق اللَّيْثُ عَنْ زِيَادَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ بِسَنَد الدَّارمِيّ وَقَالَ: أخرجه أَبُو دَاوُد، وَزِيَادَة فِيهِ لين. 1 كَذَا فِي الأَصْل وَهُوَ الْمُوَافق لما فِي سنَن أبي دَاوُد، وَفِي ط، س، ش "رَبُّنَا اللَّهُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ" وَهُوَ الْمُوَافق لما عِنْد أَحْمد، انْظُر: الْجُزْء 6/ 21. 2 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"277" وَانْظُر مَا أثر عَنهُ بِإِسْنَادِهِ بعده. 3 تقدم ص"154". 4 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 5 سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ، تقدم ص"182". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 72: "إِسْمَاعِيل بن عبيد الله بن المُهَاجر المَخْزُومِي مَوْلَاهُم، الدِّمَشْقِي، أَبُو عبد الحميد، ثِقَة من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَله 70 سنة، خَ م د س ق. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 126 أَن =

غَنْمٍ1 قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2: "وَيْلٌ لِدَيَّانِ الْأَرْضِ مِنْ دَيَّانِ السَّمَاءِ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ"3. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ4، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ5، حَدَّثَنِي عقيل6، عَن ابْن

_ 1 عبد الرَّحْمَن بن غنم بِفَتْح الْمُعْجَمَة، وَسُكُون النُّون، الْأَشْعَرِيّ مُخْتَلف فِي صحبته، وَذكره الْعجلِيّ فِي كبار ثِقَات التَّابِعين، مَاتَ سنة 78/ خت وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب لِابْنِ حجر 1/ 494، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 2/ 416-417، وَأسد الغابة 3/ 318-319 وَتَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة للذهبي 1/ 381، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 410. 2 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش، وَعمر تقدم ص"277". 3 ذكره الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ ص"45" نقلا عَن سمويه فِي فَوَائِد من طَرِيق أبي مسْهر، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِسَنَد الدَّارمِيّ بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَقَالَ: رَوَاهُ بِنَحْوِهِ عقبَة بن عَلْقَمَة الْبَيْرُوتِي عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَالم أهل دمشق فِي عصر مَالك وَاللَّيْث والحمادين. وَقَالَ الألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ ص"103": "رَوَاهُ المُصَنّف بِإِسْنَادِهِ عَنهُ -أَي عَن سمويه فِي فَوَائده- وَأخرجه الدَّارمِيّ ص"104" مُخْتَصرا وإسنادهما صَحِيح، وَرِجَاله ثِقَات، إِن كَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ حَدِيث بِهِ قبل اخْتِلَاطه، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِح عِنْدِي؛ لِأَن الرَّاوِي لَهُ عَنهُ أَبُو مسْهر، مَعَ أَنه هُوَ الَّذِي أخبرنَا باختلاطه. فغالب الظَّن أَنه لَا يروي عَنهُ فِي حَالَته هَذِه لَا سِيمَا وَهُوَ مُعظم لَهُ جدًّا". 4 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171". 5 اللَّيْث بن سعد، تقدم ص"206". 6 عُقيل بِالضَّمِّ ابْن خَالِد بن عقيل بِالْفَتْح، الْأَيْلِي، بِفَتْح الْهمزَة بعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنة ثمَّ لَام، أَبُو خَالِد الْأمَوِي مَوْلَاهُم، ثِقَة ثَبت، سكن الْمَدِينَة ثمَّ الشَّام ثمَّ مصر، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 44 على الصَّحِيح، ع. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 29، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف أَنه روى عَنهُ الذهري وَعنهُ اللَّيْث وضمام بن إِسْمَاعِيل وَخلق.

شِهَابٍ1، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ2 أَنَّ كَعْبًا3 قَالَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4: "وَيْلٌ لسطان الْأَرْضِ مِنْ سُلْطَانِ السَّمَاءِ" قَالَ عُمَرُ: "إِلَّا مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ"، قَالَ كَعْبٌ: "إِلَّا مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ". فَكَبَّرَ عُمَرُ وَخَرَّ سَاجِدًا5. فَفِي هَذَا بَيَانٌ بَيِّنٌ لِلْحَدِّ وَأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ دُونَ الأَرْض؛ لِأَن هُنَاكَ عَلَى الْعَرْشِ دُونَ مَا سواهُ من الْأَمْكِنَة6.

_ 1 ابْن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175". 2 سَالم بن عبد الله، تقدم ص"326". 3 هُوَ كَعْب الْأَحْبَار كَمَا صرح الدَّارمِيّ فِي كِتَابه الرَّد على الْجَهْمِية، حَيْثُ ذكر هَذَا الْأَثر بِهَذَا السَّنَد انْظُر ص"29" طبعة الْمكتب الإسلامي، وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"265". 4 عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدّمت تَرْجَمته ص"277". 5 فِي ط، س، ش "ثمَّ خر سَاجِدا". تجريجه: أخرجه الدَّارمِيّ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ص"29" بِهَذَا السَّنَد وبلفظه. وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"44" من طَرِيق عقيل، عَن الزُّهْرِيّ بِهَذَا السَّنَد وبلفظه وَسكت عَنهُ. 6 الْعبارَة فِي ط، س، ش كَمَا يَلِي "فَفِي هَذَا بَيَان بَين الْحَد، وَأَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ دُونَ الأَرْض؛ لِأَن الله ديان السَّمَوَات وَالْأَرْض جَمِيعًا وسلطانهما، وَلكنه حد مَكَانَهُ فِي السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ عَلَى الْعَرْشِ دُونَ مَا سواهُ من الْأَمْكِنَة" وَفِي س "دون مَا سواهَا".

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ فَوْقَ عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَوَاتِهِ فَوْقَ أَرْضِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ" 1. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ2، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ3، عَنْ أَبِيهِ4، عَنْ نَافِعٍ5، عَنِ ابْنِ عُمَرَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم

_ 1 فِي ط، ش ورد بِلَفْظ: "إِن الله فَوق عَرْشه، وعرشه فَوْقَ سَمَوَاتِهِ فَوْقَ أَرْضِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرحل بالراكب" وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث سندًا ومتنًا ص"469-470" انْظُر تَخْرِيجه وترجمة رُوَاته هُنَاكَ. 2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ تقدم ص"154"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 2/ 733 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان. 3 فِي ط، س، ش "مُحَمَّد بن الْفضل" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، وَهُوَ مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان، بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَسُكُون الزَّاي، الضَّبِّيّ مَوْلَاهُم، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي، صَدُوق عَارِف، رمي بالتشيع، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة خمس وَتِسْعين، ع انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 100-201، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1259 أَنه روى عَن أَبِيه فُضَيْل بن غَزوَان وَعنهُ أَبُو بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 113: فُضَيْل بن غَزوَان بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَسُكُون الزَّاي، ابْن جرير الضَّبِّيّ مَوْلَاهُم، أَبُو الْفضل الْكُوفِي، ثِقَة من كبار السَّابِعَة، مَاتَ بعد سنة أَرْبَعِينَ، ع, وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/ 297 أَنه روى عَن نَافِع مولى ابْن عمر وَعنهُ ابْنه مُحَمَّد. 5 نَافِع ابْن عمر، تقدم ص"328". 6 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ إِلَهَكُمُ الَّذِي تَعْبُدُونَ فَإِنَّهُ قَدْ مَاتَ، وَإِنْ كَانَ إِلَهُكُمُ اللَّهَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، فَإِنَّ إِلَهَكُمْ لَمْ يَمُتْ". ثُمَّ تَلَا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} 2 حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ 3. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 قَالَ: "مَا بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام، وَبَين كل سمائين5 مسيرَة خَمْسمِائَة عَام، وَبَين السَّمَاء

_ 1 أَبُو بكر، تقدّمت تَرْجَمته ص”269". 2 الْآيَة من سُورَة آل عمرَان، رقم 144. 3 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي، كتاب الْمَغَازِي، بَاب مرض النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووفاته، حَدِيث 4454، 8/ 145 من طَرِيق آخر عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن أَبَا بكر خرج وَعمر يكلم النَّاس فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عمر، فَأبى عمر أَن يجلس، فَأقبل النَّاس إِلَيْهِ وَتركُوا عمر، فَقَالَ أَبُو بكر: أما بعد، من كَانَ مِنْكُم يعبد مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ، وَمن كَانَ مِنْكُم يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت، قَالَ الله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ -إِلَى قَوْله:- الشَّاكِرِينَ} ...... الحَدِيث. وَأخرجه ابْن مَاجَه بِنَحْوِ لفظ البُخَارِيّ، انْظُر: سنَن ابْن مَاجَه تَحْقِيق وترتيب مُحَمَّد فؤاد، كتاب الْجَنَائِز، بَاب ذكر وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث 1627، 1/ 520 عَن عَائِشَة. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 6/ 219-220 من طَرِيق يزِيد بن بَابا نوس عَن عَائِشَة مطولا. 4 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، س، ش "وَبَين كل سَمَاء إِلَى سَمَاء".

السَّابِعَة وَبَين الْكُرْسِيّ مسيرَة خَمْسمِائَة عَامٍ، وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ إِلَى الْمَاءِ مسيرَة خَمْسمِائَة عَامٍ، وَالْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ"1. حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ2، ثَنَا زُهَيْرٌ -وَهُوَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ3- ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ4، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ5 بْنِ أَبِي مَلِيكَةَ أَنه حَدثهُ.

_ 1 فِي ط، س، ش "وَيعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ" وَقد سبق هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ ص"422-423" انْظُر تَخْرِيجه وترجمة رِجَاله هُنَاكَ. 2 هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد، بن عَليّ بن نفَيْل، بنُون وَفَاء، مُصَغرًا، أَبُو جَعْفَر النُّفَيْلِي الْحَرَّانِي، ثِقَة حَافظ، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 34/ خَ وَالْأَرْبَعَة انْظُر: الْحَرَّانِي، ثِقَة حَافظ، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 34/ خَ والأبعة انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 448، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 2/ 127 أَنه روى عَن زُهَيْر "وَهُوَ ابْن مُعَاوِيَة". 3 زُهَيْر بن مُعَاوِيَة بن خديج، أَبُو خَيْثَمَة الْجعْفِيّ، الْكُوفِي، نزيل الجزيرة، ثِقَة ثَبت، إِلَّا أَن سَمَّاعَة عَن أبي إِسْحَاق بِآخِرهِ، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، أَو ثَلَاث، أَو أَربع وَسبعين، وَكَانَ مولده سنة مائَة/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 265، والكاشف1/ 328. 4 فِي ط، ش "ابْن خَيْثَم" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 432: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خثيم، بِالْمُعْجَمَةِ والمثلثة، مُصَغرًا الْقَارِي الْمَكِّيّ، أَبُو عُثْمَان، صَدُوق من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 32/ خت م وَالْأَرْبَعَة، وَانْظُر الكاشف للذهبي 2/ 108، وَالْخُلَاصَة للخزرجي ص"206". 5 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش، "عبد الله بن عبيد الله" بِالتَّصْغِيرِ وَهُوَ الصَّوَاب، تقدم تَرْجَمته ص"286"، وَانْظُر: الكاشف للذهبي 2/ 106، وَالْخُلَاصَة للخزرجي ص"205".

ذَكْوَانُ1 حَاجِبُ عَائِشَةَ2 "أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ3 دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا4 وَهِيَ تَمُوتُ، فَقَالَ لَهَا: كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ إِلَّا طَيِّبًا. وَأَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ، جَاءَ بِهَا الرُّوحُ الْأَمِينُ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ إِلَّا وَهِي تتلى فِيهِ5 آناءالليل وَآنَاءَ النَّهَارِ"6. حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّاد7، ثَنَا ابْن الْمُبَارك8....................................

_ 1 ذكْوَان: أَبُو عَمْرو مولى عَائِشَة، مدنِي ثِقَة، من الثَّالِثَة، خَ م د س، انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 238 وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 297 أَنه روى عَن مولاته عَائِشَة وَعنهُ ابْن أبي مليكَة، توفّي ليَالِي الْحرَّة. 2 فِي ط، س، ش "عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا"، وَتَقَدَّمت ترجمتها ص"252". 3 ابْن عَبَّاس، تقدم ص"172". 4 فِي ط، س، ش "رَضِي الله عَنْهَا". 5 لَفْظَة "فِيهِ" لَيست فِي ط، س، ش. 6 ذكره أَبُو نعيم فِي الْحِلْية الطبعة الأولى 2/ 45 من طَرِيق آخر عَن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خثيم، عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: اسْتَأْذن ابْن عَبَّاس على عَائِشَة..... فَذكره بأطول من هَذَا. وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"74" بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَقَالَ: أخرجه عُثْمَان الدَّارمِيّ فِي الرَّد على بشر المريسي. وَقَالَ الألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ ص"130": أخرجه عُثْمَان الدَّارمِيّ فِي الرَّد على بشر بن غياث المريسي ص"105" طبع أنصار السّنة المحمدية فِي مصر، وَأخرجه فِي الرَّد على الْجَهْمِية ص"27-28" طبع الْمكتب الإسلامي وَسَنَده صَحِيح على شَرط مُسلم. 7 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 8 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143".

أبنا1 سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ2، عَنْ ثَابِتٍ البنابي3 قَالَ: ثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ4 وَكَانَ يَتْبَعُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ5 وَيَسْمَعُ مِنْهُ قَالَ: "كُنْتُ مَعَهُ، فَلَقِيَ نَوْفًا6، فَقَالَ نَوْفٌ: ذُكِرَ لَنَا أَن الله قَالَ للْمَلَائكَة" ادعوا لي عبَادي. قَالُوا: يارب فَكَيْفَ7 وَالسَّمَوَاتُ السَّبْعُ دُونَهُمْ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فقد اسْتَجَابُوا"8.

_ 1 لم تعجم فِي الأَصْل وَسبق وَأَن رجحت أَنَّهَا "أبنا" وَهِي من رموز "أخبرنَا" عِنْد الْبَيْهَقِيّ وَغَيره، انْظُر تعليقنا على ص"137" هَامِش رقم "3"، وَفِي ط، س، ش "حَدثنَا". 2 هُوَ سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة الْقَيْسِي، مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ، أَبُو سعيد، ثِقَة، قَالَ يحيى بن معِين، من السَّابِعَة، أخرج لَهُ البُخَارِيّ مَقْرُونا وتعليقًا، مَاتَ سنة 65/ ع انْظُر: التَّقْرِيب لِابْنِ حجر 1/ 330، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 400 أَنه روى عَن الْحسن وثابت، وَقَالَ شُعْبَة: هُوَ سيد أهل الْبَصْرَة. 3 ثَابت بن أسلم، تقدم ص"201". 4 لم يظْهر لي فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من كتب المبهمات من هُوَ هَذَا الرجل. 5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، تقدم ص"256". 6 فِي ط، ش "نَوْفًا الْبكالِي"، قلت: هُوَ نوف بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْوَاو ابْن فضَالة بِفَتْح الْفَاء والمعجمة الْبكالِي بِكَسْر الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْكَاف، ابْن امْرَأَة كَعْب، شَامي مَسْتُور، وَإِنَّمَا كذب ابْن عَبَّاس مَا رَوَاهُ عَن أهل الْكتاب، من الثَّانِيَة، مَاتَ بعد التسعين، خَ م، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 309. 7 فِي ط، س، ش "كَيفَ ندعوهم". 8 أخرجه الدَّارمِيّ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ص"28" بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب جدًّا وَفِي آخِره زِيَادَة. وَذكره ابْن الْقيم فِي اجمتاع الجيوش الإسلامية، طبعة السلفية، ص"102" عَن نوف الْبكالِي مُخْتَصرا وَعَزاهُ إِلَى الدَّارمِيّ. وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ، تَصْحِيح مُرَاجعَة عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان، ص"52" بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب وَزِيَادَة فِي آخِره وَسكت عَنهُ.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ -أَبُو سَلَمَةَ1- ثَنَا أَبُو هِلَالٍ2، ثَنَا قَتَادَةُ3 قَالَ: "قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: يارب، أَنْتَ فِي السَّمَاءِ، وَنَحْنُ فِي الْأَرْضِ. فَكَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْرِفَ رِضَاكَ وَغَضَبَكَ؟ قَالَ: إِذَا رَضِيتُ عَنْكُمُ اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ خِيَارَكُمْ. وَإِذَا غَضِبْتُ عَلَيْكُمُ اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ"4. فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ أَبُو بَكْرٍ5 وَعُمَرُ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا7 وَخِيَارُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ حَتَّى بَنُو إِسْرَائِيلَ8 كُلُّهُمْ قَدْ قَالُوا بِخِلَافِ مذهبك9 فِي أَن لله فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَهَذَا بَابٌ طَوِيلٌ وَالْآثَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ وَلَكِنْ10 يَكْفِي الْعَاقِل من ذكرنَا من ذَلِك.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي، تقدم ص"169". 3 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180". 4 أخرجه الدَّارمِيّ عُثْمَان بن سعيد فِي الرَّد على الْجَهْمِية تَحْقِيق الشاويش ص"28" بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ، وَذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب الْعُلُوّ ص"74" من هَذَا الطَّرِيق بِلَفْظِهِ إِلَّا أَنه قَالَ: "وَإِذا غضِبت اسْتعْملت عَلَيْكُم شِرَاركُمْ" -قَالَ: هَذَا ثَابت عَن قَتَادَة أحد الْحفاظ الْكِبَار. وَقَالَ الألباني فِي اختصاره لكتاب الْعُلُوّ ص"130": "أخرجه الدَّارمِيّ فِي الْكِتَابَيْنِ الْمشَار إِلَيْهِمَا وَسَنَده حسن" يَعْنِي بذلك كتاب الرَّد على الْجَهْمِية وَالرَّدّ على بشر المريسي. 5 أَبُو بكر الصّديق، تقدم ص"269". 6 عمر بن الْخطاب، تقدم ص"277". 7 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 8 فِي الأَصْل، س "حَتَّى بني إِسْرَائِيل" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَن حَتَّى هُنَا ابتدائية وَلَيْسَت غائية؟. 9 فِي ط، س، ش "مذهبكم". 10 قَوْله "لَكِن" لَيْسَ فِي ط، ش.

القول في كلام الله

الْقَوْلُ فِي كَلَامِ اللَّهِ 1: ثُمَّ رَأَيْنَاكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ بَعْدَمَا2 فَرَغْتَ مِنْ إِظْهَارِ حُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ3 مِنْ كَلَامِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِ، تَقَلَّدْتَ كَلَامَ ابْنِ الثَّلْجِيِّ الَّذِي كَانَ يَسْتَتِرُ بِهِ مِنَ التَّجَهُّمِ بَعْدَمَا لَمْ تَدَعْ لِلْجَهْمِيَّةِ مِنْ كَبِيرِ حُجَّةٍ إِلَّا قُمْتَ بِهَا، وَأَظْهَرْتَهَا، وَزَيَّنْتَهَا فِي أَعْيُنِ الْجُهَّالِ وَدَعَوْتَهُمْ إِلَيْهَا، وَبَعْدَمَا صَرَّحْتَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِكَ هَذَا، وَمَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَهُوَ عِنْدَكَ كَافِرٌ، وَأَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِزَعْمِكَ. ثُمَّ أَنْشَأْتَ طَاعِنًا عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَسَطَّرْتَ فِيهِ الْأَسَاطِيرَ، وَأَكْثَرْتَ مِنَ الْمَنَاكِيرِ، وغلظت فِي كَثِيرٍ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ قَوْلَ النَّاسِ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ مَخْلُوقٌ غير مَخْلُوقٍ4 بِدْعَةٌ، إِذْ لَمْ يَكُنْ يُخَاضُ فِيهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ5 كَانُوا يَكْرَهُونَ الْخَوْضَ فِي الْقُرْآنِ، فَحَكَمْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَلَى نَفْسِكَ بِالْبِدْعَةِ، وَشَهِدْتَ بِهَا على

_ 1 العنوان من ط، ش. 2 فِي ط، ش "من بَعْدَمَا". 3 الْجَهْمِية، تقدم الْكَلَام عَنْهُم ص”138". 4 فِي ط، ش "وَغير مَخْلُوق". 5 فِي ط، س، ش "وَأَنَّهُمْ".

نَفْسِكَ لَمَّا1 أَنَّكَ صَرَّحْتَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَهُوَ قَوْلُكَ: كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ أَفَاعِيلِهِ. وَالْأَفَاعِيلُ بِزَعْمِكَ زَائِلَةٌ عَنْهُ مَخْلُوقَةٌ2 فحكمت على نَفسك بِمَا تخولت عَلَى غَيْرِكَ. فَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْخَوْضَ فِي الْقُرْآنِ فَقَدْ صَدَقْتَ. وَأَنْتَ، الْمُخَالِفُ لَهُمْ لَمَّا أَنَّكَ قَدْ أَكْثَرْتَ فِيهِ الْخَوْضَ، وَجَمَعْتَ عَلَى نَفْسِكَ كثير مِنَ النَّقْضِ. فَمِثْلُكَ فِيمَا ادَّعَيْتَ مِنْ كَرَاهِيَةِ الْخَوْضِ فِيهِ كَمَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3 لِلْخَوَارِجِ4 حِينَ قَالُوا:

_ 1 فِي ط، ش "كَمَا". 2 فِي ط، س، ش "ومخلوقة". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 39: عَليّ بن أبي طَالب بن عبد الْمطلب بن هَاشم الْهَاشِمِي ابْن عَم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَزوج ابْنَته، من السَّابِقين الْأَوَّلين، الْمُرَجح أَنه أول من أسلم، وَهُوَ أحد الْعشْرَة، مَاتَ فِي رَمَضَان سنة 40، وَهُوَ يؤمئذ أفضل الْأَحْيَاء من بني آدم بِالْأَرْضِ، بِإِجْمَاع أهل السّنة، وَله 63 سنة على الْأَرْجَح، ع. وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 3/ 26-67، وَأسد الغابة 4/ 16-40، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 501-503، وتهذيب 7/ 334-339. 4 الْخَوَارِج هم الَّذين خَرجُوا على عَليّ رَضِي الله عَنهُ مِمَّن كَانَ مَعَه فِي حَرْب صفّين، وكبار الْفرق مِنْهُم: المحكمة، والأزارقة، والنجدات والبهيسية، والعجاردة، والثعالبة، والإباضية، والصفرية، وَالْبَاقُونَ فروعهم. ويجمعهم القَوْل بالتبري من عُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا، ويكفرون أَصْحَاب الْكَبَائِر، ويرون الْخُرُوج على الإِمَام إِذا خَالف السّنة حقًّا وَاجِبا، إِلَى غير ذَلِك. بِتَصَرُّف من الْملَل والنحل للشهرستانتي 1/ 114، وَانْظُر: الْفرق بَين الْفرق للبغدادي ص"54-92"، وَالْفرق الإسلامية للكرمانية تَحْقِيق سليمَة عبد رب الرَّسُول ص"62-81"، واعتقادات فرق الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين لفخر الدَّين الرَّازِيّ ص"46-51".

"لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ" فَقَالَ: "كَلِمَةُ حَقٍّ يُبْتَغَى بِهَا بَاطِلٌ"1 فَقَدْ خُضْتَ فِيهَا أَيُّهَا الْمُعَارِضُ بِأَقْبَحِ خَوْضٍ2 وَضَرَبْتَ لَهُ أَمْثَالَ السُّوءِ، وَصَرَّحْتَ بِأَنَّهُ مَفْعُولٌ، كَمَا قَالَ إِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ: مَجْعُولٌ3 وَكُلُّ مَجْعُولٍ4 عِنْدَكَ مَخْلُوقٌ لَا شَكَّ فِيهِ. وَيْحَكَ! إِنَّمَا كَرِهَ السَّلَفُ الْخَوْضَ فِيهِ مَخَافَةَ أَنْ يَتَأَوَّلَ أَهْلُ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَأَغْمَارُ5 الْجُهَّالِ مَا تَأَوَّلْتَ فِيهِ أَنْتَ وَإِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ، فَحِينَ تَأَوَّلْتُمْ فِيهِ خِلَافَ مَا أَرَادَ اللَّهُ، وَعَطَّلْتُمْ صِفَاتِ اللَّهِ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عِنْدَهُ بَيَانٌ أَنْ يَنْقُضَ عَلَيْكُمْ دَعْوَاكُمْ فِيهِ وَلَمْ يَكْرَهِ السَّلَفُ الْخَوْضَ فِي الْقُرْآنِ جَهَالَةً بِأَنَّ كَلَامَ الْخَالِقِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَا جَهَالَةً أَنَّهُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، حَتَّى لَوْ قَدِ ادَّعَى مُدَّعٍ فِي زَمَانِهِمْ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مَا كَانَ سَبيله

_ 1 ذكر ابْن خلدون أَن الَّذِي قَالَ: "لَا حكم إِلَّا لله" هما زرْعَة بن البرح الطَّائِي وحرقوص بن زُهَيْر السَّعْدِيّ من الْخَوَارِج، وَذَلِكَ لما امْتنع عَليّ عَن موافقتهما على نقض الْعَهْد، فَقَالَ زرْعَة: لَئِن لم تدع تحكيم الرِّجَال لأقاتلنك أطلب وَجه الله فَقَالَ عَليّ: بؤسًا لَك، كَأَنِّي بك قَتِيلا تسفى عَلَيْك الرِّيَاح قَالَ: لَوَدِدْت لَو كَانَ ذَلِك، وخرجا من عِنْده يناديان: لَا حكم إِلَّا لله. وخطب عَليّ يَوْمًا كَامِلا فَتَنَادَوْا من جَوَانِب الْمَسْجِد بِهَذِهِ الْكَلِمَة، فَقَالَ على: "الله أكبر، كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل" انْتهى بِتَصَرُّف، انْظُر: تَارِيخ ابْن خلدون المجلد الثَّانِي، الْقسم الْخَامِس ص"1118"، وَانْظُر: تَارِيخ الْأُمَم والملوك، لأبي جَعْفَر الطَّبَرِيّ 6/ 40-41. 2 فِي ط، س، ش "الْخَوْض". 3 فِي ط، ش "أَنه مجعول". 4 فِي ط، س، ش "وكل مفعول". 5 الأغمار، تقدم مَعْنَاهَا ص"147".

عِنْدَهُمْ إِلَّا الْقَتْلَ، كَمَا هَمَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِصُبَيْغٍ2 أَنْ يَقْتُلَهُ، إِذْ تَعَمَّقَ فِي السُّؤَالِ عَنِ الْقُرْآنِ، فِيمَا كَانَ أَيْسَرَ مِنْ كَلَامِكُمْ هَذَا، فَلَمَّا لَمْ يَجْتَرِئْ كَافِرٌ أَوْ مُتَعَوِّذٌ بِالْإِسْلَامِ أَنْ يُظْهِرَ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي عَصْرِهِمْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ3 أَنْ يَتَكَلَّفُوا لِنَقْضِ4 كُفْرٍ لَمْ يحدث بَين أظهرهم فَيكون سَبَبًا لِإِظْهَارِهِ وَإِنَّمَا5 كَانَتْ هَذِهِ كَلِمَةَ كُفْرٍ تَكَلَّمَ بِهَا بَدْءًا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، مِنْهُمُ الْوَحِيدُ: الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ6 فَقَالَ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَر} 7.........................

_ 1 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"277". 2 فِي الأَصْل "ضبيع" بالضاد الْمُعْجَمَة وَآخره عين مُهْملَة وَلَعَلَّه خطأ من النَّاسِخ، وَفِي ط، س، ش "صبيغ" بالصَّاد الْمُهْملَة والغين الْمُعْجَمَة وَهُوَ الصَّوَاب، وَهُوَ صبيغ بن عسل الْحَنْظَلِي التَّيْمِيّ، ورد أَنه كَانَ يسْأَل عَن الْمُتَشَابه فِي الْقُرْآن وَيكثر السُّؤَال فَضَربهُ عمر رَضِي الله عَنهُ وَكتب إِلَى أبي مُوسَى أَن ينْهَى النَّاس عَن مُجَالَسَته، فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى أَتَى أَبَا مُوسَى فَحلف لَهُ بالأيمان الْمُغَلَّظَة مَا يجد فِي نَفسه مِمَّا كَانَ شَيْئا فَكتب بذلك إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ فَكتب إِلَيْهِ: مَا أخاله إِلَّا قد صدق فَخَل بَينه وَبَين مجالسة النَّاس، انْظُر: الشَّرِيعَة للآجري، تَحْقِيق حَامِد الفقي، ص"73-74" وَانْظُر تَارِيخ عمر بن الْخطاب، لِابْنِ الْجَوْزِيّ تَقْدِيم وَتَعْلِيق د. أُسَامَة الرِّفَاعِي، ص"146-148" والطرق الْحكمِيَّة فِي السياسة الشَّرْعِيَّة، لِابْنِ الْقيم، تَحْقِيق د. مُحَمَّد جميل غَازِي ص"24". 3 لفظ "عَلَيْهِم" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "النَّقْض لكفر" وَلكُل مِنْهُمَا يحْتَملهُ السِّيَاق. 5 فِي ط، س، ش "إِنَّمَا" بِدُونِ وَاو. 6 الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي، تقدم ص"487". 7 الْآيَة 25 من سُورَة المدثر، قلت: وَيُؤَيّد مَا ذهب إِلَيْهِ الدَّارمِيّ من أَن الوحيد =

وَمِنْهُمُ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ1 فَقَالَ2: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} 3 كَمَا قَالَ جَهْمٌ4 وَالْمَرِيسِيُّ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَشَرِ مَخْلُوقٌ لَا شكّ فِيهِ

_ = قَائِل هَذَا القَوْل هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة مَا ذكره ابْن جرير الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بأسانيد إِلَى ابْن عَبَّاس وَمُجاهد، وَقَتَادَة وَابْن زيد وَالضَّحَّاك أَن المُرَاد بالوحيد هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، وَعَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ عَن الْقُرْآن: هَذ سحر يأثره عَن غَيره فَنزلت: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} قَالَ قَتَادَة: "خرج من بطن أمه وحيدًا فَنزلت هَذِه الْآيَة حَتَّى بلغ تِسْعَة عشر" انْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن، الطبعة الثَّالِثَة 29/ 96-98 بِتَصَرُّف. 1 النَّضر بن الْحَارِث بن عَلْقَمَة بن كلدة بن علدة بن عبد منَاف، من بني عبد الدَّار، من قُرَيْش، صَاحب لِوَاء الْمُشْركين ببدر، كَانَ من شجعان قُرَيْش ووجوهها، وَمن شياطينها، لَهُ اطلَاع على كتب الْفرس، آذَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيرا وَهُوَ ابْن خَالَته، أسر ببدر وَذكر ابْن الْأَثِير أَن الَّذِي أسره الْمِقْدَاد وَأَن عليًّا قَتله صبرا بالأثيل قرب الْمَدِينَة، انْظُر: الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير، طبعة بيروت 2/ 73، والأعلام للزركلي 8/ 357. 2 فِي ط، ش "قَالَ" وَفِي س "قَالُوا". 3 فِي ط، س، ش زِيَادَة {إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} وَالْآيَة من سُورَة الْأَنْفَال آيَة "31"، وَفِي سَبَب نُزُولهَا ذكر ابْن جرير الطَّبَرِيّ بأسانيد إِلَى ابْن جريج وَالسُّديّ وَسعد بن جُبَير أَنَّهَا نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث، من ذَلِك مَا رواهن بقوله: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ: ثَنَا شُعْبَة، عَن أبي بشر، عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قتل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم بدر صبرا عقبَة بن أبي معيط وَطعيمَة بن عدي وَالنضْر بن الْحَارِث، وَكَانَ الْمِقْدَاد أسر النَّضر فَلَمَّا أَمر بقتْله قَالَ الْمِقْدَاد: يَا رَسُول الله أسيري فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عيله وَسلم: "إِنَّه كَانَ يَقُول فِي كتاب الله مَا يَقُول" فَأمر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتْله، فَقَالَ الْمِقْدَاد: أسيري فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "اللَّهُمَّ أغن الْمِقْدَاد من فضلك" فَقَالَ الْمِقْدَاد: هَذَا الَّذِي أردْت، وَفِيه أنزلنت هَذِه الْآيَة {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا} الْآيَة انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن الطبعة الثَّالِثَة 9/ 152. 4 جهم، تقدم ص"147".

وَكَذَلِكَ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} 1 كَمَا قَالَ جَهْمٌ2 وَالْمَرِيسِيُّ سَوَاءً3 لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى: إِنْ هَذَا إِلَّا مَخْلُوقٌ، فَأنْكر عَلَيْهِمْ4 قَوْلَهُمْ: فَقَالَ لِلْوَحِيدِ: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} 5 لَمَّا قَالَ6: {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} 7 وَقَالَ لِلَّذِي قَالَ: {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ} 8: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 9 وَلنْ يَفْعَلُوا10.

_ 1 الْآيَة من سُورَة الْأَنْفَال رقم "31" وَمثله من حَكَاهُ الله تَعَالَى عَن مُشْركي الْعَرَب، حَيْثُ قَالَ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ، لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} النَّحْل 24-25، وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} الْفرْقَان "5-6"، وَمثل مَا حكى الله تَعَالَى عَن الْكَافِر الجاحد، حَيْثُ قَالَ: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} الْقَلَم "15". 2 جهم، تقدم ص"147". 3 فِي الأَصْل "سَوَاء" وَبِمَا أَثْبَتْنَاهُ جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب إملائيًّا. 4 فِي ط، ش "فَأنْكر عَلَيْهِم". 5 سُورَة المدثر آيَة 26. 6 قَوْله: "لما قَالَ" لَيْسَ فِي الأَصْل، وأثبته من بَقِيَّة النّسخ. 7 سُورَة المدثر، آيَة 25. 8 سُورَة الْأَنْفَال آيَة 31. 9 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة 23. 10 فِي ط، س، ش {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} وهوأول الْآيَة رقم "24" من سُورَة الْبَقَرَة.

ثُمَّ لَمْ يَزَلْ هَذَا الْكُفْرُ بَعْدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ دَارِسًا طَامِسًا1، لَمَّا قَدْ طَمَسَهُ اللَّهُ بِتَنْزِيلِهِ، حَتَّى مَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ2 الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ3 بِالْبَصْرَةِ4، وَجَهْمٌ5 بِخُرَاسَانَ6 فَقَتَلَهُمَا اللَّهُ بِشَرِّ قِتْلَةٍ، وَفَطِنَ النَّاسُ لِكُفْرِهِمَا، حَتَّى كَانَ سَبِيل من أظهر

_ 1 فِي ط، س، ش "ثُمَّ لَمْ يَزَلْ هَذَا الْكُفْرُ دارسًا طامسًا بعد كفار قُرَيْش" قلت: والدارس والطامس متقاربان لفظا وَمعنى وَالْمعْنَى أَنه عَفا وانمحى، قَالَ والفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 2/ 215 مَادَّة "درس": "درس الرَّسْم دروسًا عَفا" وَقَالَ فِي الْجُزْء نَفسه ص"227" مَادَّة "الطُّموس": "الطموس: الدُّرُوس والامحاء يطمس، ويطمس وطمسته طمسًا محوته، وَالشَّيْء استأصلت أَثَره". 2 فِي ط، س، ش "فِي آخر الزَّمَان فِي الْإِسْلَام". 3 قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 1/ 399: الْجَعْد بن دِرْهَم عداده فِي التَّابِعين مُبْتَدع ضال. زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى فَقتل على ذَلِك بالعراق يَوْم النَّحْر، والقصة مَشْهُورَة، وَانْظُر: لِسَان الْمِيزَان 2/ 105 والأعلام للزركلي طبعة بيروت 2/ 120. 4 الْبَصْرَة هِيَ الْمَدِينَة الْمَعْرُوفَة من أَعمال الْعرَاق، وَتَقَع فِي الْجنُوب مِنْهُ أنشئت فِي عهد عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ وينسب إِلَيْهَا عدد من الْعلمَاء الأجلاء مِنْهُم أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ للحموي 1/ 430-442 وآثار الْبِلَاد وأخبار الْعباد للقزويني ص"147". 5 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"309-313". 6 خُرَاسَان أَو بِلَاد الشَّمْس المشرقة مركبة من "خور" بِمَعْنى الشَّمْس و"آسان" بِمَعْنى مشرقة، وَيذكر ياقوت الْحَمَوِيّ أَن أول حدودهما مِمَّا يَلِي الْعرَاق وَآخر حدودهما مِمَّا يَلِي الْهِنْد وتشمل على أُمَّهَات من الْبِلَاد مِنْهَا نيسابور وهراة ومرو وطالقان وأبيورد وسرخس وَمَا يَتَخَلَّل من ذَلِك من المدن الَّتِي دون نهر جيجون. "هراة وبلخ" ومقاطعة تركمانيستان السوفياتية "مرو": "انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ للحموي 2/ 350-354، ودائرة معارف الْقرن الْعشْرين لمُحَمد فريد وجدي 3/ 690، والمنجد فِي الْأَعْلَام ص"267".

ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ الْقَتْلَ صَبْرًا1، حَتَّى كَانُوا يُسَمُّونَهُمْ بِذَلِكَ الزَّنَادِقَةَ2

_ 1 أَي يحبس حَتَّى يَمُوت، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 2/ 66 مَادَّة "صبره": "صبره عَنهُ يصبره حَبسه، وصبر الْإِنْسَان وَغَيره على الْقَتْل أَن يحبس ويرمى حَتَّى يَمُوت، وَقد قَتله صبرا وَصَبره عَلَيْهِ وَرجل صبورة مصبور للْقَتْل.........". 2 وَهَذَا من جملَة مَا أطلقهُ عُلَمَاء السّلف على الْجَهْمِية والمعتزلة الَّذين يَقُولُونَ بِأَن الْقُرْآن مَخْلُوق. قلت: وبالرجوع إِلَى المعاجم اللُّغَوِيَّة نجد أَن الزَّنَادِقَة جمع زنديق والمصدر مِنْهُ "زندقة" قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح: "الزنديق من الثنوية وَهُوَ مُعرب وَالْجمع بِبَقَاء الدَّهْر. فَارسي مُعرب وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ "زند كراي" يَقُول بدوام بَقَاء الدَّهْر زندق وزندقي‘ إِذا كَانَ شَدِيد الْبُخْل، فَإِذا أَرَادَت الْعَرَب معنى مَا تَقوله الْعَامَّة قَالُوا: ملحد ودهري". ويحدد المَسْعُودِيّ ظُهُور هَذِه الْكَلِمَة بِعَهْد "ماني" وَإِلَيْهِ أضيف الزَّنَادِقَة وَذَلِكَ أَن الْفرس أَتَاهُم "زرادشت" بِكِتَاب يُسمى "البستاه" وَعمل لَهُ تَفْسِيرا أسماه "الزند" وَعمل لهَذَا التَّفْسِير شرحًا سَمَّاهُ "البازند" فَكل من عدل عَن "البستاه" إِلَى "الزند" وَشَرحه "البازند" قَالُوا عَنهُ: "زندي"؛ لِأَنَّهُ مؤل ومنحرف عَن الظَّاهِر من الْمنزل، فَلَمَّا أَن جَاءَت الْعَرَب أخذت هَذَا الْمَعْنى عَن الْفرس وَقَالُوا: زنديق، والثنوية هم الزَّنَادِقَة. وَعند التَّأَمُّل لمن أطلق عَلَيْهِم وصف "الزندقة" نجد اخْتِلَافا ظَاهرا، فَمنهمْ من يُطلقهُ على ماني ومعتنقي مذْهبه، وَمِنْهُم من يُطلقهُ على فرقة خَاصَّة قرينَة للْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَمِنْهُم من يُطلقهُ على أهل المجون والخلاعة، وَمِنْهُم من يُطلقهُ على الْجَهْمِية والمعتزلة وَمن يَقُول بِأَن الْقُرْآن مَخْلُوق، وَمِنْهُم من يُطلقهُ على غَيرهم، وَقد أجمل أَحْمد أَمِين فِي كِتَابه "ضحى الْإِسْلَام" القَوْل فِي ذَلِك، فَهُوَ يرى أَن "الزندقة" لم يكن مَعْنَاهَا وَاحِدًا عِنْد النَّاس على السوَاء فمعناها فِي أذهان الْخَاصَّة وَالْعُلَمَاء غير مَعْنَاهَا فِي أذهان الْعَامَّة، ويستخلص بعد بسط القَوْل فِي توضيح ذَلِك أَن "الزندقة" على معَان أَرْبَعَة: =

ثُمَّ لَمْ يَزَلْ طَامِسًا دَارِسًا حَتَّى دَرَجَ1 الْعُلَمَاءُ، وَقَلَّتِ الْفُقَهَاءُ، وَنَشَأَ نَشْءٌ مِنْ أَبْنَاءِ الْيَهُودِ2 وَالنَّصَارَى3 مِثْلُ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِ فَخَاضُوا فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَأَظْهَرُوا طَرَفًا مِنْهُ4، وَجَانَبَهُمْ أَهْلُ الدِّينِ وَالْوَرَعِ وَشَهِدُوا عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ حَتَّى هَمَّ بِهِمْ وَبِعُقُوبَتِهِمْ قَاضِي الْقُضَاة5

_ = 1- التهتك والاستهتار والفجور من تبجح فِي القَوْل يصل أَحْيَانًا إِلَى مَا يمس الدَّين، وَلَكِن قَائِله لم يقلهُ عَن نظر وَإِنَّمَا قَالَه عَن خلاعة ومجون. 2- اتِّبَاع دين الْمَجُوس، وخاصة دين "ماني" مَعَ التظاهر بِالْإِسْلَامِ كَالَّذي اتهمَ بِهِ الأفشين وَالَّذِي اتهمَ بِهِ بشار وَحَمَّاد بن المقفع. 3 اتِّبَاع دين الْمَجُوس وخاصة "ماني" من غير تظاهر بِالْإِسْلَامِ كَالَّذي يرويهِ الجاحظ عَن كتب الزَّنَادِقَة. 4 ملحدون لَا دين لَهُم، كَالَّذي يحكيه المعري. قَالَ: وَلَكِن يظْهر أَن الْكَلِمَة أَكثر مَا كَانَت تطلق على من اعتنق المانوية بَاطِنا وَالْإِسْلَام ظَاهرا، ثمَّ توسعوا فِي مَعْنَاهَا فأطلقوها على الإباحي والملحد الَّذِي لَا دين لَهُ. "انْظُر: الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح بتحقيق أَحْمد عبد الغفور عطار 4/ 1489، وَابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 2/ 51، والمسعودي فِي مروج الذَّهَب، تَحْقِيق مُحَمَّد محيى الدَّين 1/ 250-251، وَابْن حجر فِي الْفَتْح 12/ 270-271، وَأحمد أَمِين فِي ضحى الْإِسْلَام ط، الثَّانِيَة 1/ 146. 1 درج الْعلمَاء أَي انقرضوا قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 1/ 187 مَادَّة "درج": "درج دروجًا مَشى، وَالْقَوْل انقرضوا كاندرجوا". 2 الْيَهُود، انْظُر ص"143". 3 النَّصَارَى، انْظُر ص"144". 4 قَوْله: "وأظهروا طرفا مِنْهُ" لَيْسَ فِي ش. 5 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَنقل ابْن حجر فِي الْفَتْح عَن أبي مُحَمَّد بن أبي جَمْرَة أَنه اشْتهر فِي بِلَاد الشرق من قديم الزَّمَان إِطْلَاق قَاضِي الْقُضَاة على كَبِير الْقُضَاة، وَقد أسلم أهل الغرب من ذَلِك فاسم كَبِير الْقُضَاة عِنْدهم قَاضِي الْجَمَاعَة. انْتهى. =

يَوْمَئِذٍ أَبُو يُوسُفَ1، حَتَّى فَرَّ، مِنْهُ الْمَرِيسِيُّ إِمَامُكَ وَلَحِقَ بِالْبَصْرَةِ2، بزعمك، وبروايتك عَنهُ، فَلم يزالو أَذِلَّةً مَقْمُوعِينَ، لَا يُقْبَلُ لَهُمْ قَوْلٌ وَلَا يُلْتَفَتُ لَهُمْ إِلَى رَأْيٍ، حَتَّى رَكَنُوا إِلَى بَعْضِ السَّلَاطِينِ الَّذِينَ لَمْ يُجَالِسُوا الْعُلَمَاءَ، وَلَمْ يُزَاحِمُوا الْفُقَهَاءَ فَاخْتَدَعُوهُمْ3 بِهَذِهِ المحنة الملعونة حَتَّى

_ = قلت: وَهُوَ الأولى فَيُقَال: رَئِيس الْقُضَاة وكبير الْقُضَاة وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يَقْتَضِي التَّعْظِيم وَالتَّقْدِيس الَّذِي لَا يكون إِلَّا لله، فَإِن ملك الْأَمْلَاك وحاكم الْحُكَّام وقاضي الْقُضَاة وَمَا فِي حكمهَا لَا يَنْبَغِي أَن تطلق على الْمَخْلُوق، لما وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: "أخنع اسْم عِنْد الله -وَقَالَ سُفْيَان غير مرّة: أخنع الْأَسْمَاء عِنْد الله- رجل تسمي بِملك الْأَمْلَاك"، انْظُر صَحِيح البُخَارِيّ وَشَرحه الْفَتْح، كتاب الْأَدَب، بَاب أبْغض الْأَسْمَاء إِلَى الله 10/ 588-591، وَانْظُر: كتاب التَّوْحِيد لِابْنِ عبد الْوَهَّاب وشروحه، بَاب التسمي بقاضي الْقُضَاة، وَزَاد الْمعَاد 2/ 340-341. 1 أَبُو يُوسُف القَاضِي تقدم ص"167". 2 الْبَصْرَة تقدّمت ص"530" قلت: وَمِمَّا يُؤَيّد كَرَاهِيَة أبي يُوسُف رَحمَه الله لبشر المريسي وفروخه مَا أوردهُ الذَّهَبِيّ قَالَ: "قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ بن مهْرَان، حَدثنَا بشار بن مُوسَى الْخفاف قَالَ: جَاءَ بشر بن الْوَلِيد الْكِنْدِيّ إِلَى القَاضِي أبي يُوسُف فَقَالَ لَهُ: تنهاني عَن الْكَلَام وَبشر المريسي وَعلي الْأَحول وَفُلَان يَتَكَلَّمُونَ؟ قَالَ: وَمَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ: الله فِي كل مَكَان، فَقَالَ أَبُو يُوسُف: عَليّ بهم، فَانْتَهوا إِلَيْهِم وَقد قَامَ بشر فجيء بعلي الْأَحول وبالآخر شيخ، فَقَالَ أَبُو يُوسُف -وَنظر إِلَى الشَّيْخ: لَوْلَا أَن فِيك مَوضِع أدب لأوقعتك، فَأمر بِهِ إِلَى الْحَبْس، وَضرب الْأَحول وطوف بِهِ. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم الْحَافِظ: حَدثنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُسلم، حَدثنَا عَليّ بن الْحسن الكراعي: قَالَ: قَالَ أَبُو يُوسُف، ناظرت أَبَا حنيفَة سِتَّة أشهر فاتفق رَأينَا على أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِر. وَقَالَ بشار الْخفاف: سَمِعت أَبَا يُوسُف يَقُول: من قَالَ: الْقُرْآن مَخْلُوق فَفرض منابذته". انْظُر: كتاب الْعُلُوّ للذهبي، مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن عُثْمَان، ص"112". 3 فِي ط، س، ش "فاخترعوهم".

أَكْرَهُوا النَّاسَ عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ وَالسِّيَاطِ، فَلَمْ تَزَلِ الْجَهْمِيَّةُ1 سَنَوَاتٍ يَرْكَبُونَ فِيهَا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِقُوَّةِ ابْنِ أَبِي دُؤَادٍ2 الْمُحَادِّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ حَتَّى اسْتُخْلِفَ الْمُتَوَكِّلُ3 رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ4 فَطَمَسَ اللَّهُ بِهِ آثَارَهُمْ وَقَمَعَ بِهِ أنْصَارَهُمْ حَتَّى اسْتَقَامَ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى السُّنَّةِ الْأُولَى، وَالْمِنْهَاجِ الْأَوَّلِ، وَاحْتَالَ5 رِجَالٌ مِمَّنْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاعْتِقَادِ التَّجَهُّمِ حِيلَةً لِتَرْوِيجِ ضَلَالَتِهِمْ فِي النَّاسِ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْإِفْصَاحُ بِهِ مَخَافَةَ الْقَتْلِ وَالْفَضِيحَةِ وَالْعُقُوبَةِ مِنَ الْخَلِيفَةِ الْمُنكر لذَلِك، استتروا بِالْوَقْفِ مِنْ مَحْضِ التَّجَهُّمِ، إِذْ لم يكن

_ 1 فِي ط، س، ش "فَلم تزل للجهمية"، وَتقدم الْكَلَام عَن الْجَهْمِية ص"138". 2 أَحْمد بن أبي دؤاد، تقدم ص"392". 3 هُوَ جَعْفَر "المتَوَكل على الله" بن مُحَمَّد "المعتصم بِاللَّه" بن هَارُون الرشيد خَليفَة عباسي ولد ببغدادسنة 206 وبويع بالخلافة بعد وَفَاة أَخِيه الواثق سنة 232هـ، وَنقل أَنه لما اسْتخْلف كتب إِلَى أهل بَغْدَاد كتابا قرئَ على الْمِنْبَر بترك الجدل فِي الْقُرْآن وَأَن الذِّمَّة بريئة مِمَّن يَقُول بخلقه أَو غير خلقه، توفّي بسامراء غيلَة سنة 246هـ، انْظُر: الْكَامِل لِابْنِ الْأَثِير طبعة بيروت 7/ 33، وتاريخ بَغْدَاد 7/ 165، ومروج الذَّهَب للمسعودي بتحقيق مُحَمَّد محيي الدَّين 4/ 85-128، والأعلام للزركلي طبعة بيروت 2/ 127. 4 فِي ط، س، ش "رَحمَه الله". 5 فِي ط، س، ش "فاحتال".

يَجُوزُ1 مِنْ إِظْهَارِهِ مَعَ الْمُتَوَكِّلِ2 ماكان يَجُوزُ لَهُمْ مَعَ3 مَنْ قَبْلَهُ. فَانْتَدَبُوا طَاعِنِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ التجهم بِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَانْتَدَبَ هَؤُلَاءِ الْوَاقِفَةُ4 مُنَافِحِينَ عَنِ الْجَهْمِيَّةِ5 مُحْتَجِّينَ لِمَذَاهِبِهِمْ بِالتَّمْوِيهِ6 وَالتَّدْلِيسِ7 مُنْتَفِينَ فِي الظَّاهِرِ مِنْ بَعْضِ كَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ، مُتَابِعِينَ لَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبَاطِنِ مُمَوِّهِينَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالسُّفَهَاءِ بِمَا حَكَيْتَ عَنْهُمْ أَيهَا

_ 1 فِي ط، س، ش "إِذْ لم يكن يجوز لَهُم من إِظْهَاره". 2 تقدم ص"534". 3 لَفْظَة "مَعَ" لَيست فِي ط، س، ش. 4 الواقفة هم الَّذين يتوقفون فِي الْقُرْآن فَلَا يَقُولُونَ مَخْلُوق ولاغير مَخْلُوق وَقد ذمهم من لَا يُحْصى عَددهمْ من الْأَئِمَّة، كَالْإِمَامِ أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ وَغَيرهم، "انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى لِابْنِ تَيْمِية 12/ 420"، وَقَالَ عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"36": "سَمِعت أبي سُئِلَ عَن الواقفة فَقَالَ أبي: من كَانَ مِنْهُم يُخَاصم وَيعرف بالْكلَام فَهُوَ جهمي، وَمن لم يكن يعرف بالْكلَام يجانب حَتَّى يرجع، وَمن لم يكن لَهُ علم يسْأَل يتَعَلَّم. وَسمعت أبي مرّة أُخْرَى سُئِلَ عَن اللفظية والواقفة فَقَالَ: من كَانَ مِنْهُم يحسن الْكَلَام فَهُوَ جهمي. وَقَالَ مرّة أُخْرَى: هم شَرّ من الْجَهْمِية"، وَانْظُر: مَا نَقله الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة تَحْقِيق حَامِد الفقي ص"87-88" من أَقْوَال الْعلمَاء فيهم. 5 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 6 قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 3/ 551-552: "موه الشَّيْء طلاه بِذَهَب أَو بِفِضَّة وَمَا تَحت ذَلِك مموه وَقد موه فلَان باطله إِذا زينه وَأرَاهُ فِي صُورَة الْحق". 7 التَّدْلِيس، تقدم مَعْنَاهَا ص"142".

الْمُعَارِضُ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ1 وَأَبَا مُعَاوِيَةَ2 وَبَعْضَ نُظَرَائِهِمْ كَرِهُوا الْخَوْضَ فِي الْمَخْلُوقِ وَغَيْرِ الْمَخْلُوقِ3. فَقُلْنَا لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الْخَوْضَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ -إِنْ صَحَّتْ رِوَايَتُكَ4- لمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخُوضُ فِيهِ إِلَّا شِرْذِمَةٌ5 أَذِلَّةٌ سِرًّا بِمُنَاجَاةٍ بَيْنَهُمْ وَإِذَا6 الْعَامَّةُ مُتَمَسِّكُونَ مِنْهُمْ بالسنن الأولى ولأمر الْأَوَّلِ. فَكَرِهَ الْقَوْمُ الْخَوْضَ فِيهِ، إِذْ لم يكن يخاض فِيهَا عَلَانِيَةً7، وَقَدْ أَصَابُوا فِي تَرْكِ الْخَوْضِ فِيهِ، إِذْ لَمْ يُعْلَنْ. فَلَمَّا أَعْلَنُوهُ بِقُوَّةِ السُّلْطَانِ، وَدَعَوُا الْعَامَّةَ إِلَيْهِ بِالسُّيُوفِ وَالسِّيَاطِ8 وَادَّعَوْا أَن كَلَام الله مَخْلُوق، وَأنكر ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مَنْ غَبَرَ9 مِنَ الْعُلَمَاءِ وَبَقِيَ مِنَ الْفُقَهَاءِ10 فَكَذَّبُوهُمْ وَكَفَّرُوهُمْ وَحَذَّرُوا النَّاسَ أَمْرَهُمْ، وَفَسَّرُوا مُرَادَهُمْ مِنْ ذَلِكَ. فَكَانَ هَذَا مِنَ الْجَهْمِيَّةِ11 خَوْضًا فِيمَا نَهَوْا عَنهُ، وَمن أَصْحَابنَا إِنْكَار للكفر الْبَين12،

_ 1 أَبُو أُسَامَة حَمَّاد، تقدم ص"416". 2 أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدم ص"157". 3 فِي س "وَغير الْخَالِق" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 4 فِي ط، س، ش "فَقُلْنَا: روايتك" وَسقط قرَابَة السطر بَين اللَّفْظَيْنِ، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 5 الشرذمة بِالْكَسْرِ: الْقَلِيل من النَّاس. كَذَا قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 4/ 136 مَادَّة "الشرذمة". 6 فِي ط، ش "وَأَن الْعَامَّة". 7 فِي س "إِذا لم يكن يخاض عَلَانيَة". 8 فِي ط، ش "بالسياط وَالسُّيُوف". 9 غبر: أَي مضى، تقدم مَعْنَاهَا ص"415". 10 فِي ط، س، ش "وَمن بَقِي من الْفُقَهَاء". 11 تقدّمت الْإِشَارَة إِلَيْهِم ص"138". 12 فِي ط، ش "للكفر الْمُبين".

وَمُنَافَحَةً1 عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ2 كَيْلَا يُسَبَّ وَتُعَطَّلَ صِفَاتُهُ3 وَذَبًّا عَنْ ضُعَفَاءِ النَّاسِ كَيْلَا يَضِلُّوا بِمِحْنَتِهِمْ4 هَذِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفُوا ضِدَّهَا مِنَ الْحُجَجِ الَّتِي تَنْقُضُ دَعْوَاهُمْ وَتُبْطِلُ حُجَجَهُمْ. فَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ5 أَنَّهُ سَمِعَ عِيسَى بْنَ يُونُسَ6 يَقُول: "لَا تجالسوا الجهيمة7، وَبَيِّنُوا لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ، كَيْ يَعْرِفُوهُمْ فَيَحْذَرُوهُمْ"8. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ9: "لَأَنْ أَحْكِيَ كَلَامَ الْيَهُودِ10 وَالنَّصَارَى11 أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّةِ"12. فَحِينَ خَاضَتِ الْجَهْمِيَّةُ13 فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَأَظْهَرُوهُ وَادَّعَوْا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، أَنْكَرَ ذَلِكَ14 ابْنُ الْمُبَارَكِ15 وَزَعَمَ16 أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوق،

_ 1 تقدم مَعْنَاهَا ص"145". 2 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "وَلَا تعطل". 4 فِي س "بمحنته". 5 عَليّ بن خشرم، تقدم ص"146". 6 عِيسَى بن يُونُس، تقدم ص"146". 7 الْجَهْمِية، انْظُر ص"137". 8 تقدم تَخْرِيجه ص"146". 9 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 10 الْيَهُود، انْظُر ص"143". 11 النَّصَارَى، انْظُر ص"143". 12 تقدم تَخْرِيجه ص"144". 13 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 14 فِي ط، س، ش "أنكر ذَلِك". 15 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 16 زعم هُنَا بِمَعْنى قَالَ. قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 4/ 124: "الزَّعْم مُثَلّثَة القَوْل الْحق وَالْبَاطِل، وَالْكذب ضد، وَأكْثر مَا يُقَال فِيمَا يشك فِيهِ".

فَإِنَّ1 مَنْ قَالَ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا} 2، مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ3. حَدَّثَنِيهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ4، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ5، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ6، فَكَرِهَ ابْنُ الْمُبَارَكِ حِكَايَةَ كَلَامِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُعْلِنُوهُ. فَلَمَّا أَعْلَنُوهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ وَعَابَهُمْ ذَلِكَ7. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ8: "كُنَّا نَرَى السُّكُوتَ عَنْ هَذَا قبل أَن يَخُوض فِيهِ هَؤُلَاءِ، فَلَمَّا أظهروه وَلم نَجِدْ بُدًّا مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ وَالرَّدِّ عَلَيْهِم"9.

_ 1 فِي ط، س، ش "وَأَن من قَالَ". 2 فِي ط، س، ش "أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنا" وَفِي الأَصْل: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا} وَلم أجد أَنَّهَا قِرَاءَة فَالصَّوَاب ماأثبتناه، انْظُر سُورَة، طه آيَة 14. 3 ذكر ذَلِك البُخَارِيّ فِي أَفعَال الْعباد، انْظُر: عقائد السّلف لعَلي سامي النشار، وعمار الطَّالِبِيُّ، كتاب أَفعَال الْعباد ص"119". وَانْظُر: سنَن الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"248-249"، قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد الْمقري بِسَنَدِهِ إِلَى أبي الْوَزير مُحَمَّد بن أعين وَصِيّ ابْن الْمُبَارك قَالَ: قلت لِابْنِ الْمُبَارك: قَالَ النَّضر بن مُحَمَّد الْمروزِي: يَقُول: من قَالَ: إِن هَذَا مَخْلُوق {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي} فَهُوَ كَافِر، قَالَ ابْن الْمُبَارك: صَدُوق النَّضر عافاه الله، مَا كَانَ الله ليأمر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِعبَادة مَخْلُوق. 4 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 5 الْحسن بن الرّبيع البَجلِيّ أَبُو عَليّ الْكُوفِي البوراني، بِضَم الْمُوَحدَة، ثِقَة من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 20 أَو 21/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب1/ 166. 6 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 7 فِي ط، س، ش "وعابهم على ذَلِك" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 8 أَحْمد بن حَنْبَل بن هِلَال بن أَسد الشَّيْبَانِيّ الْمروزِي، نزيل بَغْدَاد، أَبُو عبد الله أحد الْأَئِمَّة، ثِقَة حَافظ، فَقِيه حجَّة، وَهُوَ رَأس الطَّبَقَة الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 41 وَله 70 سنة، ع. انْظُر: التَّقْرِيب1/ 24، انْظُر: طَبَقَات الْحفاظ للذهبي 2/ 431-432، تَهْذِيب التَّهْذِيب 1/ 72-76. 9 قلت: وعَلى هَذَا كَانَ نهج الإِمَام أَحْمد شَأْنه فِي ذَلِك شَأْن السّلف الصَّالح =

لَمْ يَقُلْ أَبُو أُسَامَةَ1 وَأَبُو مُعَاوِيَةَ2: أَنَّهُ مَتَى مَا أَظْهَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ3 مِحْنَتَهُمْ وَأَذَاعُوا4 كُفْرَهُمْ وَدَعَوُا النَّاسَ إِلَيْهَا، فَأَمْسِكُوا عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَسْتَمِرَّ فِي النَّاسِ كُفْرُهُمْ وَتَدْرُسَ5 سُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَلَكِنْ قَالُوا: أَمْسِكُوا عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ مَا لَمْ يُنَصِّبِ الْقَوْمُ الْكُفْرَ إِمَامًا، فَإِذَا نَصَّبُوهُ إِمَامًا فَمَنْ يَعْقِلُ تَدْلِيسَهُمْ6 وَتَمْوِيهَهُمْ7 لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِبَعْضِ مَنْ نَاقَضَهُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُفْرَهُمْ وَضَلَالَهُمْ. فَالْمُبْتَدِعُ8 الضَّالُّ مِنَ الْحِزْبَيْنِ مَنْ نَصَّبَ9 رَأْيَ جهم10 إِمَامًا وأذاعه فِي

_ = رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ كَانُوا يجانبون أهل الْبدع ويحذرونهم شَاكر ص"33-34" من طَرِيق حَنْبَل قَالَ: "سَمِعت أَبَا عبد الله يَقُول: من أحب الْكَلَام لم يفلح وَلَا يؤول أَمرهم إِلَى خير، وسمعته يَقُول: عَلَيْكُم بِالسنةِ والْحَدِيث وَإِيَّاكُم والخوض والجدال والمراء فَإِنَّهُ لَا يفلح من أحب الْكَلَام، وَقَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ من يحب الْكَلَام فَاحْذَرُوهُ"، إِلَّا أَنه لما انتشرت مَذَاهِب المتكلمة وخشي على النَّاس الافتتان لم يجد عُلَمَاء السّلف بدًّا من الرَّد عَلَيْهِم ومقارعتهم بالحجج الدامغة حَتَّى دحرهم الله ورد كيدهم فِي نحورهم. 1 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416". 2 أَبُو مُعَاوِيَة، تقدم ص"157". 3 الْجَهْمِية انْظُر ص"138". 4 فِي س "وَادعوا". 5 درس الشَّيْء عَفا وانمحى انْظُر ص"530". 6 التَّدْلِيس، تقدم مَعْنَاهُ ص"142". 7 التمويه، تقدم مَعْنَاهَا ص"535". 8 فِي ط، ش "فَمن المبتدع". 9 فِي ط، س، ش "الَّذِي نصب". 10 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"147".

النَّاسِ بَدْءًا. وَالْمُتَّبِعُ1 مَنْ أَنْكَرَ2 عَلَيْهِ وَنَاقَضَهُ، فَمَنْ أَجْرَى النَّاقِضَ للبدعة وَالرَّدّ لِلْكُفْرِ مَجْرَى مَنْ شَرَعَهَا فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللَّهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ. وَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ وَيقبل. أوطمعتم مَعْشَرَ الْجَهْمِيَّةِ3 وَالْوَاقِفَةِ4 أَنْ تُنَصِّبُوا الْكفْر للنَّاس إِمَام تَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ. وَيَسْكُتُوا5 أَهْلُ السُّنَّةِ عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَيْكُمْ، حَتَّى يَتَرَوَّجَ6 عَلَى النَّاسِ ضَلَالُكُمْ بِمَا حَكَيْتُمْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ7

_ 1 فِي ط، ش "أَو المتبع للسّنة". 2 فِي ط، ش "الَّذِي أنكر عَلَيْهِ". 3 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 4 الواقفة، انْظُر ص"535". 5 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "تسكتوا" والأنسب أَن يُقَال: "وَسكت"، وَمَا فِي الأَصْل من الْجمع بَين الضَّمِير وَالظَّاهِر لُغَة بني الْحَارِث بن كَعْب، وَحكي ذَلِك عَن طَيء وَعَن أَزْد شنُوءَة وَهِي لُغَة "أكلوني البراغيث" وَمذهب جُمْهُور الْعَرَب أَن الْفِعْل إِذا أسْند إِلَى ظَاهر مثنى أَو مَجْمُوع وَجب تجريده من عَلامَة تدل على التَّثْنِيَة أَو الْجمع، فَيكون كحاله إِذا أسْند إِلَى مُفْرد، "انْظُر: أوضح المسالك إِلَى ألفية ابْن مَالك، طبعة دَار الْفِكر ص"236"، شرح ابْن عقيل، شرح وَتَعْلِيق مُحَمَّد محيي الدَّين، الطبعة الْخَامِسَة 1/ 413. 6 فِي ط، ش "حَتَّى يروج". 7 أَبُو بكر بن عَيَّاش، بتحتانية ومعجمة، ابْن سَالم الْأَسدي الْكُوفِي الْمُقْرِئ الحناط بِمُهْملَة وَنون، مَشْهُور بكنيته، وَالأَصَح أَنَّهَا اسْمه، وَقيل: اسْمه مُحَمَّد وَقيل غير ذَلِك، ثِقَة عَابِد إِلَّا أَنه لما كبر سَاءَ حفظه، وَكتابه صَحِيح من السَّابِعَة، مَاتَ سنة أَربع وَتِسْعين، وَقيل: قبل ذَلِك بِسنة أَو سنتَيْن وَقد قَارب الْمِائَة، وَرِوَايَته فِي مُقَدّمَة مُسلم، مق وَالْأَرْبَعَة، بِتَصَرُّف من تقريب التَّهْذِيب 2/ 399.

وَأَبِي أُسَامَةَ1 وَأَبِي مُعَاوِيَةَ2 -إِنْ صَدَقَتْ دَعْوَاكُمْ- حَتَّى تَضْمَحِلَّ مَذَاهِبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَتَسْتَفِيضَ مَذَاهِبُ الْجَهْمِيَّةِ3 فِي الْعَامَّةِ؟ لَقَدْ أَسَأْتُمْ بِأَهْلِ السُّنَّةِ الظَّنَّ، وَنَسَبْتُمُوهُمْ إِلَى الْعَجْزِ وَالْوَهَنِ4. وَإِنْ يَكُ أَبُو أُسَامَةَ5 وَأَبُو بَكْرٍ6 وَأَبُو مُعَاوِيَةَ جَبُنُوا عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ يُخَاضُ فِيهِ فِي عَصْرِهِمْ7، فَقَدْ جَسَرَ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ مِثْلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ8 وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ9 وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا مَا ادَّعَيْتَ عَلَى أَبِي يُوسُفَ10 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ، لَمْ11 يَقُمْ لَكَ بِهِ حُجَّةٌ فَكَيْفَ إِذَا لَمْ نَسْمَعْهُ12؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوف فِي دينه13،

_ 1 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416". 2 أَبُو مُعَاوِيَة، تقدم ص"157". 3 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 4 الوهن، تقدم مَعْنَاهُ ص"158". 5 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416". 6 أَبُو بكر بن عَيَّاش، تقدم الصفحة السَّابِقَة. 7 الَّذِي يظْهر أَن سكوتهم لم يكن جبنا مِنْهُم بل لعدم الْحَاجة إِلَى الْخَوْض فِيهِ وَالله أعلم. 8 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم "143". 9 عِيسَى بن يُونُس، تقدم ص"146". 10 أَبُو يُوسُف، تقدم ص"167". 11 فِي ط، ش "فَلم". 12 فِي ط، س، ش "إِذا لم تسمعه". 13 فِي س "المقرون" وَهُوَ غير وَاضح، وَفِي ط، ش "المطعون".

الْمَأْبُونُ1 فِي رِوَايَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ2 بِذَلِكَ فَسَمِّ رَجُلًا صَالِحًا رَضِيَ بِالثَّلْجِيِّ3 فِي الْفُتْيَا وَالرِّوَايَةِ إِمَامًا، أَوْ رَضِيَ4 بِهِ فِي السُّنَّةِ نِظَامًا، أَوْ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا، أَوْ حَمِدَ لَهُ مَذْهَبًا. فَإِنْ كُنْتَ مُحْتَجًّا بِحَقٍّ فَعَلَيْكَ بِغَيْرِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِ كَمَنْ5 رَوَيْنَا عَنْهُمْ مِنْ أَعْلَامِ النَّاسِ وَأَئِمَّتِهِمْ. وَلَكِنَّ الْغَرِقَ6 يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ عُودٍ. وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ7 فَإِنْ صَحَّ فِيهِ8 مَا رَوَى ابْنُ الثَّلْجِيِّ9 فَمَرْدُودٌ عَلَيْهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ. فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ التَّابِعِينَ. وَلَا مِنْ أَجِلَّةِ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ فَيُنَصَّبُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يُنَاقِضُ الْجَهْمِيَّةَ10. وَيَرُدُّ الْمُحْدَثَاتِ مِنْ كُفْرِهِمْ، وَيَزْعُمُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غير مَخْلُوق،

_ 1 المأبون، تقدم ص"353". 2 فِي ط، س، ش "فَإِن لم تعرف". 3 فِي ط، ش "رَضِي بِابْن الثَّلْجِي". 4 قَوْله: "أَو رَضِي" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 5 فِي ط، ش "مِمَّن". 6 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَلَكِن الغريق" وَكِلَاهُمَا جَائِز، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 3/ 271: "غرق كفرح فَهُوَ غرق وغارق وغريق". 7 أَبُو يُوسُف هُوَ القَاضِي، تقدم ص"167" 8 فِي ط، ش "صَحَّ عَنهُ" وَهُوَ أوضح. 9 فِي س "مَا روى عَنهُ ابْن الثَّلْجِي". 10 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138".

فَبِجَهْدِ1 أَبِي يُوسُفَ أَنْ يُقِيمَ حَدِيثَهُ فِي الْعُلَمَاءِ حَتَّى يَتَفَرَّعَ لِلنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْعُلَمَاءِ2 الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَكَيْفَ تَحْتَجُّ3 بِأَبِي يُوسُفَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ4، وَلَا تَحْتَجُّ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ فِيمَا رَوَيْتَ عَنِ المريسي من

_ 1 فِي ط، س، ش "فبجهل". 2 قَوْله: "حَتَّى يَتَفَرَّعَ لِلنَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ خلف الْعلمَاء" لَيْسَ فِي ط، س، ش قلت: هَذَا الْكَلَام فِيهِ نظر فقد نقل السُّيُوطِيّ عَن ابْن معِين قَوْله: "لَيْسَ فِي أَصْحَاب الرَّأْي أحد أَكثر حَدِيثا وَلَا أثبت مِنْهُ، وَعنهُ أَيْضا: أَبُو يُوسُف مُحَمَّد بن عمر ط، الأولى ص"122". 3 لم تعجم هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل ولعلها "تحتج" لمناسبة السِّيَاق لذَلِك، وَفِي ط، س، ش "تحتج" أَوله بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة. 4 لَا أَدْرِي على أَي شَيْء اسْتندَ الْمعَارض فِيمَا ادَّعَاهُ على أبي يُوسُف من أَنه يَقُول بترك الصَّلَاة خلف من يَقُول بِأَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق، فَإِن الْمَنْقُول عَن أبي يُوسُف هُوَ ذمّ من قَالَ بِخلق الْقُرْآن وتكفيره "انْظُر مَا نَقَلْنَاهُ عَنهُ ص"533"، وَلَقَد تَأَمَّلت بعض أُمَّهَات كتب الأحناف فِي مَبْحَث الْإِمَامَة وإمامة المبتدع وإمامة الْمُخَالف فِي الْمَذْهَب فَلم أجد من نقل عَن أبي يُوسُف مَا نسبه إِلَيْهِ الْمعَارض، إِلَّا إِذا كَانَ اعْتِمَادًا الْمعَارض على بعض مَا نقل من الِاخْتِلَاف فِي الْفُرُوع. فَذَلِك مِمَّا لَا ينْهض حجَّة للمعارض فِي زَعمه هَذَا. وَأظْهر مَا لدي أَن دَعْوَى الْمعَارض هُنَا فِرْيَة اختلقها على أبي يُوسُف رَحمَه الله لما رأى من عدائه للجهمية وَبشر المريسي وفروخه. "انْظُر: بَدَائِع الصَّنَائِع للكاساني ط، الثَّانِيَة 1/ 156-158، وحاشية ابْن عابدين ط، الثَّانِيَة 1/ 560-564، وَالْبَحْر الرَّائِق لِابْنِ نجيم بهامشه منحة الْخَالِق على الْبَحْر الرَّائِق ط، الثَّانِيَة 1/ 370-372، وَالْفِقْه على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة للجزيري ط، الثَّالِثَة، 414".

ضَلَالَاتِهِ، وَقَدْ رَوَيْتَ، عَنْ أَبِي يُوسُف1 أَنه هُوَ بِعُقُوبَتِهِ وَأَخْذِهِ فِيهَا حَتَّى فَرَّ مِنْ مَجْلِسِهِ إِلَى الْبَصْرَةِ2، فَإِنْ كُنْتَ مُحْتَجًّا عَلَيْنَا بِأَبِي يُوسُفَ فَهُوَ عَلَيْكَ أَحَجُّ، لَمَّا أَنَّكَ بِهِ أعجب وبإمامته أرْضى من يَزْعُمُ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، لَمْ يُؤْمِنْ بَعْدُ بِأَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ آمَنَ بِأَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِ الله لعلم يَقِينا أَن كَلَام صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، وَاللَّهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَإِنْ طَلَبْتُمْ مِنَّا فِيهِ آثَارًا مَأْثُورَةً مُسْنَدَةً مَنْصُوصَةً فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ3، وَالتَّابِعِينَ فقد أخبرناكمن أَنَّهُ كُفْرٌ لَمْ يَحْدُثْ فِي عَصْرِهِمْ، فَيُرْوَى عَنْهُمْ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ كُفْرٌ مَعْقُولٌ، تَكَلَّمَ بِهِ مُشْرِكُوا قُرَيْشٍ عِنْدَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} 4 فَأَنْكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ طُمِسَ حَتَّى ظَهَرَ فِي الْعَصْرِ الَّذِي أَنْبَأْنَاكُمْ بِهِ، فِي عَصْرِ جَهْمٍ5 وَالْجَعْدِ6 ثُمَّ الْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ، فَرَوَيْنَا لَكُمْ عَمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَخَالَفَهُمْ فِيهِ مِنْ فُقَهَاءِ7 أَهْلِ زَمَانِهِمْ، مِثْلِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ8. وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ9 وَابْنِ

_ 1 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167". 2 الْبَصْرَة، تقدّمت، انْظُر ص"530". 3 فِي ط، س، ش "منصوصة عَن الصَّحَابَة". 4 الْآيَة من سُورَة المدثر آيَة 25 انْظُر الْكَلَام على هَذِه الْآيَة ص"527-528". 5 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"147". 6 الْجَعْد بن دِرْهَم، تقدم ص"530". 7 لفظ "فُقَهَاء" لَيْسَ فِي ط، ش. 8 الرَّاجِح أَنه جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن، تقدم ص"154". 9 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244".

الْمُبَارَكِ1 وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ2 وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ3 وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ4 وَالْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ5، وَبَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ6 وَغَيْرِهِمْ. وَهَذَا كُفْرٌ مَعْقُولٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى أَثَرٍ وَلَا خَبَرٍ، كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى أَنَّ مُلْكَ اللَّهِ وَسُلْطَانَهُ وَقُدْرَتَهُ7 وَعِلْمَهُ، وَمَشِيئَتَهُ، وَإِرَادَتَهُ، وَوَجْهَهُ، وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَيَدَيْهِ، أَنَّ شَيْئًا مِنْهَا مَخْلُوقٌ. قِيلَ لَهُ: كَفَرْتَ وَكَذَبْتَ، بَلْ كُلُّهَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ. فَإِنْ طَلَبْتَ مِنَّا فِي شَيْء8 مِنْهُ أَثَرًا مَنْصُوصًا بِتَسْمِيَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ، قُلْنَا لَهُ: أَنْتَ مُرِيبٌ كَافِرٌ. وَمَنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ هَذَا9 وَمَا أَشْبَهَهُ حَتَّى يَطْلُبَ فِيهَا الْآثَارَ؟! وَكَذَلِكَ كَلَامُ اللَّهِ مِثْلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سَوَاءً، غَيْرُ مَخْلُوقٍ لَا يشْتَبه إِلَّا على

_ 1 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 2 عِيسَى بن يُونُس، تقدم ص"146". 3 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 4 يزِيد بن هَارُون بن زَاذَان السّلمِيّ، أَبُو خَالِد الوَاسِطِيّ، ثِقَة، متقن عَابِد من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 206 وَقد قَارب التسعين، ع. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 372. 5 الْمعَافى بن عمرَان الْأَزْدِيّ الفهمي أَبُو مَسْعُود الموصلى، ثِقَة عَابِد فَقِيه، من كبار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 85هـ وَقيل: 86/ خَ د س، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 258 والكاشف 3/ 155، وَقَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"380" قَالَ ابْن قَانِع: مَاتَ سنة 204". 6 بَقِيَّة بن الْوَلِيد، تقدم ص"380". 7 فِي ش "أَن ملك الله قدرته وسلطانه ... " إِلَخ وَفِي ط، س "أَن ملك الله وَقدرته وسلطانه......." إِلَخ. 8 فِي ط، س، ش "فَإِن طلبت منا فِي كل شَيْء". 9 فِي ش "وَمن أشبهه عَلَيْهِ هَذَا" وَهُوَ غير وَاضح.

مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ وَلَا عَقْلَ1. وَأُخْرَى أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ مُحْدَثٍ لَا شَكَّ فِيهِ. فَاللَّهُ بِزَعْمِكُمْ كَانَ بِلَا كَلَامٍ، حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ كَلَامًا2، ثُمَّ انْتَحَلَهُ اضْطِرَارًا إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ، فَتَمَّتْ بِهِ رُبُوبِيَّتُهُ، وَوَحْدَانِيَّتُهُ، وَأَمْرُهُ وَنَهْيُهُ بِزَعْمِكُمْ3. فَمَنْ يَحْتَاجُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْقُول إِلَى أَثَرٍ؟! وَأُخْرَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ شَيْئًا يُرَى ويحس إِلَّا بِلِسَانِ مُتَكَّلِمٍ بِهِ4 فَالْكَلَامُ مِنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ صِفَتُهُمَا، فَالْخَالِقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَالْمَخْلُوقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ مَخْلُوقٌ. وَلَا شَكَّ فِيهِ5. فَلْينْظر هَذَا الشَّاكُّ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنْ كَلَام اللَّهُ الْمُتَكَلِّمَ بِهِ عِنْدَهُ6 فَلَا يَشُكَّنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَخْلُوقٍ مِنَ الْكَلَامِ. وَلَمْ يُضْطَرَّ إِلَى شَيْء مَخْلُوق يَشُكَّنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَخْلُوقٍ مِنَ الْكَلَامِ, وَلَمْ يُضْطَرَّ إِلَى شَيْءٍ مَخْلُوقٍ قَطُّ مِنَ الْكَلَامِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ7 حَاجَة. وَإِن ابتدعه8 مَخْلُوق

_ 1 فِي س "إِلَّا على من لَا لَهُ فهم وَلَا عقل". 2 عبارَة الأَصْل وس وَاضِحَة، وَفِي ط، ش سقط ظَاهر وَاخْتِلَاف، حَيْثُ جَاءَ النَّص فيهمَا هَكَذَا "غير مَخْلُوق مُحدث لَا يشك فِيهِ، فَالله بزعمك كَانَ بِلَا كَلَامٍ حَتَّى خَلَقَ لنَفسِهِ كلَاما". 3 فِي ط، س "بزعمك". 4 هَذَا بِالنِّسْبَةِ للآدمي الْمُتَكَلّم فَإِن الْكَلَام يَقُول بِلِسَانِهِ، أما الرب سُبْحَانَهُ فَإِنَّهُ يتَكَلَّم بِكَلَام يَلِيق بجلاله وعظمته لَا يشبه كَلَام المخلوقين. 5 فِي ش "لَا شكّ فِيهِ". 6 فِي ط، س، ش "الْمُتَكَلّم بِالْقُرْآنِ عِنْده". 7 لَفْظَة "بِهِ" لَيست فِي ط، س، ش. 8 فِي ط، س، ش "وَإِن كَانَ ابتدعه" وَهِي أوضح فِي الْمَعْنى.

وَأَضَافَهُ1 إِلَى اللَّهَ تَعَالَى2. فَلَا يَشُكَّنَّ هَذَا الشَّاكُّ فِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ وَكَلَامِهِمْ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ كُلَّهَا، وَأَنَّ مُبْتَدِعَهَا وَالْمُتَكَلِّمَ بِهَا مِنَ الْمَخْلُوقِينَ كَافِرٌ3 إِذْ يَقُولُ: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 4، {لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} 5، و {إِنِّي أَنَا رَبُّك} 6 قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ غَيْرَ اللَّهِ كَافِرٌ، مِثْلُ فِرْعَوْنَ7 الَّذِي قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} 8، و {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} 9. وَادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ هُوَ اللَّهُ. فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ قَالَ: هُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَقَدْ أَصَابَ. وَمَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَقَدْ جَهِلَ وَكَفَرَ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَمْ تَدَعْ مِنْ صَرِيحِ الْمَخْلُوقِ شَيْئًا، إِذْ10 زَعَمْتَ أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ غَيْرُ اللَّهِ فَقَدْ أَصَابَ. وَمَنْ قَالَ: غير مَخْلُوق فقد

_ 1 فِي ط، ش "أَضَافَهُ إِلَى الله". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ش "من المخلوقين الْكَافرين كَافِر". 4 سوةر الْقَصَص، آيَة 30. 5 فِي ط، س، ش {فَاعْبُدْنِي} وَبِهِمَا ورد الْقُرْآن، فبمَا فِي الأَصْل قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء آيَة 25: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} ، وَبِمَا فِي بَقِيَّة النّسخ قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة طه آيَة 14: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمُ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} . 6 سُورَة طه آيَة 12. 7 فِرْعَوْن، تقدم ص"165". 8 سُورَة النازعات، آيَة 24. 9 سُورَة الْقَصَص، آيَة 38. 10 فِي ط، ش "إِذا".

جَهِلَ. لَمَّا أَنَّ كُلَّ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ اللَّهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَهُّ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ فَهُوَ1 مَخْلُوقٌ لَا شَكَّ فِيهِ. وَلَا يُقَالُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ اللَّهُ فَيَسْتَحِيلَ. وَلَا هُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَيُلْزِمَ الْقَائِلَ أَنَّهُ مَخْلُوق. وَلَكِن يُقَال: كلَاما لله عِلْمٌ مِنْ عِلْمِهِ2، وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاته، وَأَن الله3 بجيمع صِفَاتِهِ إِلَهٌ وَاحِدٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، لَا شَكَّ فِيهِ. فَافْهَمْ وَمَا أَرَاكَ تَفْهَمُهُ4؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ اللَّهُ، أَوْ غَيْرُ اللَّهِ. فَإِنْ قَالَ: رَجُلٌ: هُوَ اللَّهُ، أَكْفَرْتَهُ. وَإِنْ قَالَ: غَيْرُ اللَّهِ قُلْتَ لَهُ: أَقْرَرْتَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَصَوَّبْتَ مَذْهَبِي؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ. فَيُقَالُ لَكَ: أَخْطَأْتَ الطَّرِيقَ، وَغَلِطْتَ فِي التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: الْقُرْآنُ هُوَ اللَّهُ أَوْ غَيْرُ اللَّهِ، كَمَا لَا يُقَالُ: عِلْمُ اللَّهِ هُوَ اللَّهُ، وَقُدْرَةُ اللَّهِ هِيَ اللَّهُ5 وَكَذَلِكَ عِزَّتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ وَقُدْرَتُهُ، لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْهَا: هُوَ اللَّهُ بِعَيْنِهِ وَكَمَالِهِ، وَلَا غَيْرُ اللَّهِ، وَلَكِنَّهَا صِفَاتٌ مِنْ صِفَاتِهِ، غَيْرُ مَخْلُوق6 وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ، فَافْهَمْ. وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّ بَعْضَ عُلَمَائِهِ وَزُعَمَائِهِ قَالَ: إِن كَلَام الله

_ 1 لفظ "فَهُوَ" لَيْسَ فِي س. 2 قَوْله "علم من علمه" غير وَاضِحَة وَالْأولَى إِسْقَاطهَا؛ لِأَن الْعلم صفة غير صفة الْكَلَام. 3 فِي ط، س، ش "وَالله بِجَمِيعِ صِفَاته" وَهُوَ أوضح. 4 فِي ط، س، ش "تفهمه وتعقله". 5 فِي الأَصْل، س "وقدرة الله هُوَ الله" وَمَا أَثْبَتْنَاهُ أولى. 6 فِي ط، ش "غير مخلوقه" وَهُوَ أضح.

مُضَافٌ إِلَيْهِ كَمَا أُضِيفَ1 إِلَيْهِ رُوحُ اللَّهِ، وَبَيْتُ اللَّهِ2، وَهَذَا مِنْ قَدِيمِ حُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ3، وَلَيْسَ فِي حُجَجِ الْوَاقِفِيَّةِ4. فَلْيَكْشِفِ الْمُعَارِضُ عَنِ اسْمِ هَذَا الْعَالِمِ الَّذِي قَالَ، فَإِنَّهُ لَا يَكْشِفُهُ5 إِلَّا عَنْ جَهْمِيٍّ خَبِيثٍ. وَإِنَّهُ لَا يُقَاسُ رُوحُ اللَّهِ، وَبَيْتُ اللَّهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ الْمُجَسَّمَاتُ الْمَخْلُوقَاتُ الْقَائِمَاتُ الْمُسْتَقِلَّاتُ بِأَنْفُسِهِنَّ اللَّاتِي كُنَّ بِكَلَامِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ6 لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهَا مِنَ اللَّهِ. كَكَلَامِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَخْلُوقَ قَائِمٌ بِنَفسِهِ وعينه، وحليته وجسمه. لايشك أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّهُ غير الله. وَأَنه لَيْسَ مِنْهُ لِلَّهِ صِفَةً. وَالْقُرْآنُ كَلَامُهُ الَّذِي مِنْهُ خَرَجَ7 وَبِهِ تَكَلَّمَ، لَمْ يَقُمْ بِنَفْسِهِ جِسْمًا غَيْرَ اللَّهِ، قَائِمًا يُحِسُّ أَوْ يُحَسُّ8 حِينَ9 تُقِيمُهُ الْقِرَاءَةُ وَالْأَلْسُنُ فَإِذَا زَالَتْ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ خَفِيَ فَلَمْ يُحَسَّ مِنْهُ بِشَيْءٍ. فَلَمْ يَقُمْ لَهُ عَيْنٌ إِلَّا أَنْ يُبَيِّنَ بِكِتَابٍ يُكْتَبُ، فَبَيْنَ10 رُوحِ اللَّهِ وَبَيْتِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ، وَالْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ نفس

_ 1 فِي ط، س، ش "كَمَا أضيفت". 2 فِي ط، س، ش "وَبَيت الله وَخلق الله". 3 الْجَهْمِية، تقدّمت، انْظُر ص"138". 4 فِي ط، س، ش "الواقفة"، وَتقدم الْكَلَام عَنْهُم ص"535". 5 فِي ش "فَإِنَّهُ لَا يكْشف". 6 لفظ "وَأمره" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 7 فِي ش "وَالْقُرْآن كَلَام الله الَّذِي خرج مِنْهُ" وَفِي ط "وَالْقُرْآن كَلَام الَّذِي خرج مِنْهُ". 8 فِي ط، س، ش "يحس أَو لم يحس". 9 فِي ط، س، ش "حَتَّى" وَهُوَ أوضح. 10 فِي ط، س، ش "وَبَين".

كَلَامِ اللَّهِ الْخَارِجِ مِنْ ذَاتِهِ بَوْنٌ بَعِيدٌ. فَكَيْفَ تَقَلَّدْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ كَلَامَ الْوَاقِفَةِ1 بَدْءًا ثُمَّ فَرَعْتَ2 مِنْهُ إِلَى أَفْحَشِ كَلَامِ الْجَهْمِيَّةِ3: أَنَّهُ كَعَبْدِ اللَّهِ، وَبَيْتِ اللَّهِ، ثُمَّ إِدْخَالِ الْحُجَجِ عَلَى تَعْطِيل ماسواها مِنَ الصِّفَاتِ؟ إِنَّمَا تَقُولُ الْوَاقِفَةُ: إِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ. وَلَا تَقُولُ: مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، ثُمَّ تُعْرِضُونَ4 لِهَذِهِ الْحُجَجِ الَّتِي عَرَضْتَ لَهَا وَاحْتَجَجْتَ بِهَا. فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّكَ تُشِيرُ5 بِالْوَقْفِ، مُنَافِحٌ عَنِ التَّجَهُّمِ، حَتَّى صَرَّحْتَ بِهِ فِي غَيْرِ مَكَانٍ مِنْ كِتَابِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَشْبِيهُكَ إِيَّاهُ بِبَيْتِ اللَّهِ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ، وَبِقَوْلِكَ: إِنَّهُ غَيْرُ اللَّهِ، وَإِنَّهُ مَفْعُولٌ، وَإِنَّ مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ كَافِرٌ عِنْدَكَ، لاكتفينا لهَذَا دُونَ مَا سِوَاهُ. ثُمَّ تَعَلَّقْتَ بعده بِالْوُقُوفِ مُسْتَتِرًا بِهِ عَنِ التَجَّهُّمِ، تَتَقَدَّمُ إِلَى، هَؤُلَاءِ بِرِجْلٍ وَتَتَأَخَّرُ عَنْهُمْ بِأُخْرَى، فَمَرَّةً تَحْتَجُّ بِحُجَجِ الْوَاقِفَةِ6 وَمَرَّةً بِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ، كَأَنَّكَ تُلَاعِبُ الصِّبْيَانَ7 وَتُخَاطِبُهُمْ8. وَكَذَلِكَ تَأَوَّلْتَ فِي

_ 1 الواقفة، تقدّمت انْظُر ص"535". 2 كَذَا فِي الأَصْل بالراء وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَفِي ط، س، ش "ثمَّ فزعت" بالزاي الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة. 3 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 4 فِي ط، س، ش "ثمَّ لَا يعرضون" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 5 فِي ط، س، ش "مستتر" وَهُوَ أوضح. 6 الواقفة، تقدمُوا، انْظُر ص"535". 7 فِي ط، س، ش "فَمرَّة تحتج بِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ كَأَنَّكَ تُلَاعِبُ الصِّبْيَانَ وَمرَّة تحتج بحجج الواقفة". 8 لَفْظَة: وتخاطبهم" لَيست فِي ط، س، ش.

الْعَرْشِ كَمَا تَأَوَّلَ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ1، وَكَنَيْتَ2 عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِكَ وَزُعَمَائِكَ وَلَمْ تُصَرِّحْ بِاسْمِهِ: أَنَّ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} 3، اسْتَوْلَى عَلَيْهِ، تُرِي مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْكَ أَنَّ4 هَذَا الَّذِي رَوَيْتَ عَنْهُ هَذَا التَّفْسِيرَ أَحَدُ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يَدْرِي مَنْ حَوْلَكَ أَنَّهُ أَحَدُ السُّفَهَاءِ، وَقَدْ فَسَّرْنَا لَكَ تَفْسِيرَهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَبَيَّنَّا لَكَ فِيهِ اسْتِحَالَةَ هَذَا الْمَذْهَبِ وَبُعْدَهُ مِنَ الْحَقِّ وَالْمَعْقُولِ. فَاكْشِفْ عَنْ رَأْسِ هَذَا الْمُفَسِّرِ حَتَّى نَعْرِفَهُ، أَمِنَ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَمْ مِنَ السُّفَهَاءِ؟ فَإِنَّكَ لَا تأثره5 إِلَّا عَنِ الْمَرِيسِيِّ أَوْ عَنْ مَنْ هُوَ أَخْبَثُ مِنْهُ. وَالْعَجَبُ مِنَ الْمَرِيسِيِّ صَاحِبِ هَذَا الْمَذْهَبِ، أَنَّهُ يَدَّعِي6 تَوْحِيدَ اللَّهِ بِمِثْلِ هَذَا الْمَذْهَبِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَقَدْ عطل جَمِيع صِفَات الْوَاحِدِ الْأَحَدِ، فَادَّعَى فِي قِيَاسِ مَذْهَبِهِ أَنَّ وَاجِدَهُ7 الَّذِي يُوَحِّدُهُ إِلَهٌ مُجَدَّعٌ8 مَنْقُوصٌ مُشَوَّهٌ مَشِيجٌ9...........................................................

_ 1 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"147". 2 فِي ط، س، ش "وكتبت". 3 فِي ط، س، ش {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، وَبِهِمَا ورد الْقُرْآن، فبمَا فِي الأَصْل ورد فِي سُورَة الْأَعْرَاف آيَة 54، وَسورَة يُونُس آيَة 3 وَغَيرهمَا، وَبِمَا فِي بَقِيَّة النّسخ ورد فِي سُورَة طه آيَة 5. 4 حرف "أَن" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، ش "فَإنَّك لَا تؤثره". 6 فِي ط، س، ش "إِذْ يَدعِي". 7 فِي ط، س، ش "وَاحِدَة" بِالْحَاء الْمُهْملَة. 8 فِي ط، س، ش "مُخْدج" وَقد تقدم معنى المخدج والمجدع ص"302". 9 لم تعجم فِي الأَصْل ولعلها "مشيج" بِمَعْنى: مختلط، وَفِي س "بشج" وَلم ترد فِي ط، ش.

مقصوص1 لَا تتمّ وحدانية إِلَّا بِمَخْلُوقٍ، وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْ مَخْلُوقٍ: مِنَ الْكَلَامِ وَالْعِلْمِ وَالِاسْمِ. وَيْلَكَ! إِنَّمَا الْمُوَحِّدُ الصَّادِقُ فِي تَوْحِيدِهِ الَّذِي يُوَحِّدُ اللَّهَ بِكَمَالِهِ وَبِجَمِيعِ صِفَاتِهِ فِي عِلْمِهِ2 وَكَلَامِهِ وَقَبْضِهِ وَبَسْطِهِ وَهُبُوطِهِ وَارْتِفَاعِهِ، الْغَنِيَّ عَن جيمع خلقه صِفَاتِهِ: مِنَ النَّفْسِ وَالْوَجْهِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْيَدَيْنِ وَالْعِلْمِ وَالْكَلَامِ، وَالْقُدْرَةِ وَالْمَشِيئَةِ وَالسُّلْطَانِ الْقَابِضَ الْبَاسِطَ، الْمُعِزَّ الْمُذِلَّ، الْحَيَّ الْقَيُّومَ، الْفَعَّالَ لِمَا يَشَاءُ. هَذَا إِلَى التَّوْحِيدِ أَقْرَبُ مِنْ هَذَا3 الَّذِي يُوَحِّدُ إِلَهًا مُجَدَّعًا4 مَنْقُوصًا مَقْصُوصًا، لَوْ كَانَ عَبْدًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يكن يُسَاوِي تمرين؟ فَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلُهُ إِلَهًا لِلْعَالَمِينَ؟ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ5. وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا لِمَذْهَبِهِ بِبَعْضِ حُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ6 وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ حجج الواقفة7 فَقَالُوا8: أتقولون9: يارب الْقُرْآنِ افْعَلْ بِنَا كَذَا وَكَذَا. أَمْ يُصَلِّي10 أَحَدٌ لِلْقُرْآنِ كَمَا يُصَلِّي لِلَّهِ؟ يَعْنِي أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوق

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "مَنْقُوص" وَلم ترد فِي ط، ش. 2 فِي ط، س، ش "فِي جَمِيع صِفَاته وَعلمه". 3 فِي ط، ش "أم هَذَا". 4 فِي ط، س ش "مخدجًا" وَتقدم معنى المخدج والمجدع ص"302". 5 فِي ط، ش "تَعَالَى اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ علوًّا كَبِيرا". 6 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 7 الواقفة، تقدمُوا ص"535". 8 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "فَقَالَ". 9 فِي ط، ش "تَقولُونَ". 10 فِي ط، ش "أيصلي".

مَرْبُوبٌ. فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الْحَائِرِ، الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَنْطِقُ بِهِ لِسَانُهُ: إِنَّهُ لَا يُصَلَّى لِلْقُرْآنِ وَلَكِنْ يُصَلَّى بِهِ لِلَّهِ الْوَاحِدِ، الَّذِي هَذَا الْقُرْآنُ كَلَامُهُ وَصفته، لَا يخص بِالصَّلَاةِ قُرْآن1 وَلَا غَيْرَهُ، كَمَا أَنَّ عِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ وَسُلْطَانَهُ وَعِزَّهُ وَجَلَالَهُ لَا يُصَلِّي لِشَيْءٍ مِنْهَا مَقْصُودًا بِالصَّلَاةِ إِلَيْهَا وَحْدَهَا وَلَكِنْ يُصَلِّي لِلْوَاحِدِ الْأَحَدِ الَّذِي هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ: مِنَ الْعِلْمِ، وَالْكَلَامِ، وَالْملك وَالْقُدْرَة وَغَيرهَا، فَاعْقِلْهُ، وَأَنَّى لَكَ الْعَقْلُ مَعَ هَذَا الِاحْتِجَاجِ وَالْخُرَافَاتِ؟! أَرَأَيْتَكَ إِنْ عَرَّضْتَ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مَرْبُوبٌ لَمَّا أَنَّهُ قَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يَا رَبَّ الْقُرْآنِ، فَجَعَلْتَهُ مَخْلُوقًا بِذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} 2 أَفَتَحْكُمُ عَلَى عِزَّةِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ: {رَبِّ الْعِزَّةِ} كَمَا حَكَمْتَ3 عَلَى الْقُرْآنِ؟ وَيْحَكَ! إِنَّمَا قَوْله: {رَبِّ الْعِزَّةِ} يَقُولُ: ذِي الْعِزَّةِ. وَكَذَلِكَ ذُو الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ: {ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} 4.

_ 1 فِي ط، ش "قُرْآنًا" بِالنّصب، وَيُمكن تَوْجِيهه إِذا اعْتبرنَا أَن الْفِعْل "يخص" مَبْنِيّ للمعلوم و"قُرْآنًا" مفعول بِهِ، وَبِمَا أثنبتنا على اعْتِبَار أَن الْفِعْل "يخص" مَبْنِيّ للْمَجْهُول و"قُرْآن" نَائِب فَاعل مَرْفُوع. 2 سُورَة الصافات، آيَة 180. 3 فِي ش "كَمَا حكيت". 4 سُورَة الرَّحْمَن، آيَة 27.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى اعْتِقَادِ هَذَا الْمُعَارِضِ رَأْيَ الْجَهْمِيَّةِ1 لَا رَأْيَ الْوَاقِفَةِ2 أَنَّ ذَبَّهُ وَمُنَافَحَتَهُ3 وَاحْتِجَاجَهُ عَنْ غَيْرِ الْوَاقِفَةِ4، وَأَنَّهُ أَظْهَرَ بِلِسَانِهِ الْإِنْكَارَ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا: عَلَى مَنْ يَقُولُ: مَخْلُوقٌ وَغَيْرُ مَخْلُوقٍ5 تَمْوِيهًا بِهِ وَدُنُوًّا بِهِ6 إِلَى الْعَامَّةِ، ثُمَّ لَمْ يُكْثِرِ الطَّعْنَ عَلَى مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ كَمَا أَطْنَبَ فِي الطَّعْنِ عَلَى مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ، حَتَّى جَاوَزَ فِيهِمُ الْحَدَّ وَالْمِقْدَارَ، فَنَسَبَهُمْ7 فِيهِ إِلَى الْكُفْرِ الْبَيِّنِ وَالْبِدْعَةِ الظَّاهِرَةِ، وَالضَّلَالَةِ8 وَالْجَهْلِ، وَقِلَّةِ الْعِلْمِ وَالتَّمَيُّز، وَسُوءِ الدِّيَانَةِ وَسُوءِ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ، وَأَنَّهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ مُطِيعُونَ لِلشَّيْطَانِ وَجُنُودِهِ، مُقَدِّمُونَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، نَشْهَدُ9 عَلَيْهِمْ بالْكفْر أَنْ قَالُوا10: الْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَمْ يَنْسِبْ مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ إِلَى جُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِمَّا نَسَبَ إِلَيْهِ الَّذِينَ خَالَفُوهُمْ11 حَتَّى بَلَغَ مِنْ شِدَّةِ طَعْنِهِ

_ 1 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 2 الواقفة، انْظُر ص"535". 3 منافحة، تقدم ص"145". 4 الواقفة، انْظُر ص"535". 5 فِي ط، س، ش "على من يَقُول: مَخْلُوق وعَلى من يَقُول: غير مَخْلُوق". 6 لَفْظَة "بِهِ" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ش "فنسبهم". 8 فِي ش "والضلال". 9 فِي ط، س، ش "ليشهد" وَهُوَ أوضح فِي سِيَاق الْكَلَام. 10 فِي ط، ش "إِذْ قَالُوا". 11 فِي ط، س، ش "وَلَمْ يَنْسِبْ مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ إِلَى جُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِمَّا نَسَبَ إِلَيْهِ الَّذِينَ خَالَفُوهُمْ مِمَّا شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنَّكُمْ تُغَالِطُونَ، وَالْعُلَمَاءُ بمغالطتكم عالمون...." ثمَّ أورد كلَاما وآثارًا تقع فِي ثَلَاث صفحات تَقْرِيبًا ثمَّ قَالَ: "فَاجْتِهَادُ هَذَا الْمُعَارِضِ فِي الطَّعْنِ، عَلَى مَنْ يَقُولُ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ...." إِلَخ. كَمَا فِي الأَصْل بعد سطور، قلت: وَمَكَان الَّذِي ورد فِي النّسخ الثَّلَاث إِنَّمَا يُنَاسِبه مَكَان آخر حسب مَا ورد فِي الأَصْل، انْظُر ص"571".

عَلَيْهِمْ أَنْ رَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ1 مِنْ رِوَايَاتِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ وَلَمْ يَسْمَعْهُ بِزَعْمِهِ مِنَ ابْنِ الثَّلْجِيِّ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ من يَقُول الْقُرْآن مَخْلُوقٍ. فَلَوْ سَمِعَ هَذَا الْمُعَارِضُ مِنْ أَبِي يُوسُفَ نَفْسِهِ لَمْ تَقُمْ لَهُ بِهِ حُجَّةٌ، وَجَرَّ إِلَى أَبِي يُوسُفَ بِهَا فَضِيحَةً2. فَاجْتِهَادُ هَذَا الْمُعَارِضِ فِي الطَّعْنِ عَلَى مَنْ يَقُولُ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَصَفْحِهِ عَمَّنْ يَقُولُ: مَخْلُوقٌ، فَهَذَا يَدُلُّ مِنْهُ عَلَى أَسْوَإِ الرِّيبَةِ، وَأَقْبَحِ الظَّنَّةِ3 وَأَنَّ أَلْبَهُ4 وَمَيْلَهُ إِلَى من يفصح عَنْهُ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ظَنَّتِهِ أَنَّ احْتِجَاجَهُ فِيهِ بِالْمَقْذُوفِينَ الْمُتَّهَمِينَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى5 مِثْلِ المريسي6 واللؤلؤي7.................................

_ 1 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167". 2 الْعبارَة من قَوْله: "حَتَّى بَلَغَ مِنْ شِدَّةِ طَعْنِهِ" إِلَى قَوْله: "وجر بهَا إِلَى أبي يُوسُف فضيحة" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، ش "وأقبح الظَّن". 4 فِي س "وَأَن إِلَيْهِ" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "وَأَن إلبه" وَلم تهمز فِي الأَصْل. ولعلها بِفَتْح الْهمزَة وَمَعْنَاهَا ميل النَّفس، قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس جـ1 ص"37" مَادَّة "ألب": "والألب بِالْفَتْح نشاط الساقي وميل النَّفس إِلَى الْهوى والعطش وَالتَّدْبِير على الْعَدو من حَيْثُ لَا يعلم...." إِلَخ بِتَصَرُّف. 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 6 المريسي بشر بن غياث تقدّمت لَهُ تَرْجَمَة أول الْبَحْث ص"47-71". 7 قَالَ اليافعي فِي مرْآة الْجنان ط، الثَّانِيَة 2/ 29 فِي حوادث سنة 204: "وفيهَا توفّي الإِمَام أَبُو عَليّ بن الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي قَاضِي الْكُوفَة صَاحب أبي حنيفَة وَكَانَ يَقُول: كتبت عَن ابْن جريج اثْنَي عشر ألف حَدِيث، وَكَانَ رَأْسا فِي الْفِقْه".

وَابْنِ الثَّلْجِيِّ1 وَنُظَرَائِهِمْ، فَأَيْنَ هُوَ عَنِ2 الزُّهْرِيِّ3 وَالثَّوْرِيِّ4 وَالْأَوْزَاعِيِّ5، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ6 وَشُعْبَةَ7 وَمَعْمَرٍ8 وَابْنِ الْمُبَارَكِ9 وَوَكِيعٍ10 وَنُظَرَائِهِمْ؟ وَأَيْنَ هُوَ عَمَّنْ11 كَانَ فِي عَصْرِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ زَمَانِهِ، مِثْلِ ابْنِ حَنْبَلٍ12 وَابْنِ نُمَيْرٍ13 وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ14 وَأَبِي عُبَيْدٍ15 وَنُظَرَائِهِمْ إِنْ كَانَ مُتَّبِعًا مُسْتَقِيمَ الطَّرِيقَةِ؟، وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ عَنْ

_ 1 ابْن الثَّلْجِي مُحَمَّد بن شُجَاع، تقدّمت لَهُ تَرْجَمَة أول الْبَحْث ص"73-90". 2 فِي ط، س، ش "من" بدل "عَن". 3 الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175". 4 "الثَّوْريّ" لَيْسَ فِي ش، وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"268". 5 الْأَوْزَاعِيّ، تقدم ص"433". 6 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 7 شُعْبَة، تقدم ص"250". 8 "معمر" لَيْسَ فِي ش، انْظُر تَرْجَمته ص"205". 9 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 10 وَكِيع بن الْجراح، انْظُر ص"150". 11 فِي ط، ش "مِمَّن". 12 فِي ط، س، ش "مثل أَحْمد بن حَنْبَل" وَانْظُر تَرْجَمته ص"538". 13 اشْتهر بِهَذِهِ الكنية عبد الله بن نمير وَابْنه مُحَمَّد وَالرَّاجِح أَن المُرَاد هُنَا الابْن فَهُوَ الَّذِي عاصر ابْن الثَّلْجِي بشكل ظَاهر، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم، الْكُوفِي أَبُو عبد الرَّحْمَن، ثِقَة، حَافظ فَاضل من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 34/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 180، وتهذيب التَّهْذِيب 9/ 282. 14 ابْن أبي شيبَة لَعَلَّه عبد الله، تقدم ص"154". 15 هُوَ الْقَاسِم بن سَلام بِالتَّشْدِيدِ، الْبَغْدَادِيّ، أَبُو عبيد، الإِمَام الْمَشْهُور، ثِقَة فَاضل، مُصَنف، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 24 وَلم أر لَهُ فِي الْكتب حَدِيثا مُسْندًا بل من أَقْوَاله فِي شرح الْغَرِيب، زد، كَذَا قَالَ صَاحب التَّقْرِيب. انْظُر: 2/ 117.

أَحَدٍ مِنْهُمْ فِي مَذْهَبِهِ حِكَايَةً وَلَا رِوَايَة، وَإِنَّمَا يتَعَلَّق بالمغمورين المغمورين1، إِذْ لم يُمكنهُ التَّعْلِيق بِهَؤُلَاءِ الْمَشْهُورِينَ، كَمَا يُرَوِّجُ ضَلَالَتَهُ عَلَى النَّاسِ بِأَهْلِ الرِّيَبِ الَّذِينَ لَا قَبُولَ لَهُمْ وَلَا عَدَالَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. ثُمَّ تَقَلَّدْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَفْحَشَ حُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ2 فِي نَفْيِ الْكَلَامِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لَمَّا ادَّعَيْتَ3 أَنَّ اللَّهَ قَدْ نَسَبَ الْكَلَامَ إِلَى الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى الْكَلَامِ وَلَا لَهَا أَسْمَاعٌ وَلَا أَبْصَارٌ. وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ يَجْعَلُونَ اللَّهَ الْحَيّ القيوم الْمُتَكَلّم بالْكلَام، الْبُكْمِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا كَلَامٌ وَلَا أَسْمَاعٌ وَلَا أَبْصَارٌ. فَقَالَ: كَمَا6 يَجَوزُ عِنْدَنَا فِي الْمَجَازِ أَنْ يُنْسَبَ الْكَلَامُ إِلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الصُّمِّ، يَجُوزُ7 فِي الْمَجَازِ أَنْ يُنْسَبَ الْكَلَامُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى8 من غير أَن

_ 1 لفظ "المغمورين" لَيْسَ فِي ش، وَتقدم معنى الأغمار ص"147". 2 الْجَهْمِية، تقدم ص"138". 3 لفظ "ادعيت" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، ش. 5 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 2/ 131 مَادَّة "الْمدر" قَالَ: "الْمدر محركة قطع الطين الْيَابِس أَو العلك الَّذِي لَا رمل فِيهِ". 6 فِي ط، س، ش "فَقَالَ: يجوز". 7 فِي ط، س، ش "فَكَذَلِك يجوز فِي الْمجَاز".. إِلَخ. 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

يَقْدِرَ اللَّهُ عَلَى الْكَلَامِ فِي دَعْوَاهُمْ1 إِلَّا كَقُدْرَةِ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَشْبَهَ بِالْكُفْرِ الْبَيِّنِ مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ؟، بَلْ هُوَ2 الْكُفْرُ صَرَاحًا: أَنْ يَكُونَ مَنْزِلَةُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى3، عِنْدهم ككلام الْجبَال والشجرة والْحَجَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ الْبَيِّنَةِ. هَذَا كَلَامٌ لَيْسَ لَهُ نِظَامٌ، وَلَا هُوَ عَنْ مَذَاهِبِ الْإِسْلَامِ4، وَلَا يَحْتَاجُ5، إِلَى نَقِيضِهِ مِنَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ مَعَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا نَقِيضُهَا مِنْ نَفْسِ كَلَامِ الْمُعَارِضِ، وَمَنِ ادَّعَى أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ وَالْقُرْآنَ مُضَافٌ إِلَى اللَّهِ كَبَيْتِ اللَّهِ وَكَرُوحِ6 اللَّهِ وكَعَبْدِ اللَّهِ، أَوْ شَبَّهَهُ بِكَلَامِ الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مَخْلُوق اختلفه فِي دَعْوَاهُ بَشَرٌ كَذَّابٌ، كَمَا قَالَ الْوَحِيدُ7: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَر} 8 لما أَن لَمْ يَخْلُقْ لِنَفْسِهِ كَلَامَهُ9 يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَإِلَى تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ اللَّهُ عِنْدَكُمْ فَهُوَ كَلَامُ نَفْسِهِ بِحَقِيقَة10 مِنْهُ

_ 1 فِي ط، س، ش "فِي دعواكم". 2 فِي ط، ش "بل هَذَا". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي س "مَذْهَب أهل الْإِسْلَام". 5 فِي ط، س "وَلَا يحْتَاج لَهُ". 6 فِي ش "وروح الله". 7 هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ 29/ 96، وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"487". 8 سُورَة المدثر، آيَة 25. 9 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "كَلَام" وَلَا يَصح إعرابًا، وَفِي ط، ش "كلَاما" وَهُوَ الْأَنْسَب للسياق. 10 فِي ط، س، ش "حَقِيقَة".

وَمِنْهُ خَرَجَ1، وَلَا يَجْهَلُ ذُو عَقْلٍ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنَ اللَّهِ كَلَامٌ مَخْلُوقٌ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ عِنْدَكُمْ غَيْرَ اللَّهِ، ثُمَّ أَضَافَهُ كَذِبًا وَزُورًا وَبُهْتَانًا إِلَى اللَّهِ، فَهَذَا الْمُتَكَلِّمُ بِهِ الْمُضِيفُ2 إِلَى اللَّهِ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ كَافِرٌ، بِاللَّهِ إِذْ يَقُولُ: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 3، أويقول4: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي} 5، أَوْ يَقُولُ لِمُوسَى6 {أَنَا رَبُّك} 7 فَمَنِ8 ادَّعَى شَيْئًا9 مِنْ هَذَا أَوْ قَالَهُ غَيْرُ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ كَفِرْعَوْنَ10 الَّذِي قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} 11 لَا يَسْتَحِقُّ قَائِلُ هَذَا أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ قُرْآنًا يُضَافُ إِلَى اللَّهِ وَيُقَامُ بِهِ دِينُ اللَّهِ12 أَوْضَحُ مِنَ الشَّمْسِ وَأَضْوَأُ مِنْهَا إِلَّا عِنْدَ كُلِّ مُدَلِّسٍ. وَلَوْ لَمْ يُذِعْ13 هَذَا الْمُعَارِضُ هَذَا الْكَلَامَ، وَلَمْ يَنْشُرْهُ14 فِي النَّاسِ لَمْ نَتَعَرَّضْ لِمُنَاقَضَتِهِ وَإِدْخَالٍ عَلَيْهِ15، مَعَ أَنَّا لَمْ نَقْصِدْ بِالنَّقْضِ إِلَيْهِ، وَلَكِن

_ 1 فِي ط، س، ش "بِحَقِيقَة وَمِنْه خرج". 2 فِي ط، ش "المضيفة". 3 سُورَة الْقَصَص، آيَة 30. 4 فِي ط، ش "وَيَقُول". 5 فِي الأَصْل "أَنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنا فاعبدون" وَهُوَ خطأ وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر سُورَة طه، آيَة "14". 6 فِي ط، ش "وَيَقُول لمُوسَى"، انْظُر تَرْجَمته ص"155". 7 سُورَة طه، آيَة 12. 8 فِي ط، ش "من ادّعى". 9 فِي ش "شَيْء" وَصَوَابه النصب. 10 فِرْعَوْن، تقدّمت تَرْجَمته ص"165". 11 سُورَة النازعات، آيَة 24. 12 فِي ط، س، ش "فَهَذَا". 13 فِي س "وَلَو لم يدع". 14 فِي ش "وينشره". 15 فِي ط، س، ش "وَالرَّدّ عَلَيْهِ" بَدَلا من "وَإِدْخَال عَلَيْهِ".

إِلَى ضُعَفَاءِ مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهَذَا الْمَذْهَبِ سَمِعُوا1 بِهِ مِنْهُ، وَلَمْ يَسْمَعُوا ضِدَّ كَلَامِهِ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَاحْتِجَاجِهِمْ، فَيَضِلُّونَ بِهِ، إِذْ لَا يَهْتَدُونَ بِضِدِّهِ وَمَا يَنْقُضُهُ عَلَيْهِ. فَلَوْ أَنَّهُ أَلَّفَ لَهُمْ كُتُبًا2 فِي مَعَالِمِ دِينِهِمْ مِنْ نَحْوِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ3 وَنَحْوِهَا كَانَ أَوْلَى بِهِ وَأَسْلَمَ لِدِينِهِ وَأَنْفَعَ لِمَنْ حَوَالَيْهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّهُ اصْطَمَرَ4 هَذَا الرَّأْيَ قَدِيمًا، وَكَانَ يَجِيشُ فِي صَدْرِهِ، لَا يُمْكِنُهُ كَظْمُهُ5 حَتَّى هَمَّ بِإِظْهَارِهِ فِيمَا بَلَغَنِي مرّة، فأنكرها6 عَلَيْهِ علماؤها وفقاؤها7 وَاسْتَتَابُوهُ مِنْهَا فَتَابَ وَعَاهَدَهُمْ أَنْ لَا يَعُودَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ عِيلَ8 صَبْرُهُ بَعْدَ وَفَاةِ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى عَرَفَ بِمَا

_ 1 فِي ط، س، ش "وسمعوا بِهِ مِنْهُ". 2 فِي ط، ش "كتابا". 3 فِي ط، س، ش "من نَحْو الصَّلَاة وَالْوُضُوء وَالزَّكَاة". 4 كَذَا فِي الأَصْل بالصَّاد الْمُهْملَة بعْدهَا طاء, وَمن مَعَانِيهَا الْجمع وَالْمَنْع كَمَا فِي لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 3/ 474، وَفِي ط، ش "اصطلم" وَهُوَ بعيد، إِذْ لم أجد لَهَا فِي لِسَان الْعَرَب إِلَّا مَا يدل على الْقطع والاستئصال، وَفِي س "اضطم" وَمَعْنَاهَا وَاضح، وَالْأَقْرَب أَنَّهَا "اضطمر" بالضاد الْمُعْجَمَة بعْدهَا طاء. صِيغَة افتعل من الْفِعْل "أضمر" أبدلت تَاء افتعل فِيهَا طاء؛ لِأَن فَاء الْفِعْل "صَاد" وَهَذَا مَعْرُوف فِي قَوَاعِد الصّرْف. 5 فِي ط، ش "كتمه". 6 فِي ط، ش "فَأنْكر" 7 فِي ط، ش "علماؤهم وفقهاؤهم". 8 قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 4/ 22 مَادَّة "عَال"، قَالَ: "وَعيلَ عوله ثكلته أمه وصبري غُلِبَ".

صَدرَهُ1 فَافْتُضِحَ وَفَضَحَ أَئِمَّتَهُ، وَضَلَّ وَأَضَلَّ وَجَهِلَ فَلَمْ يَعْقِلْ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ مُعْجَبٌ بِالْإِصَابَةِ2 غَافِلٌ عَمَّا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِثْمِ وَالْعَارِ وَالنَّقْصِ3 مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَذَاهِبِ الصَّالِحِينَ، وَلَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ لَكَانَ أَنْ يَكُونَ أَخْرَسَ أَحَبَّ إِلَيْهِ4 مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ5 فَكَانَ يَسْتَتِرُ مِنَ الِافْتِضَاحِ بِهِ حَتَّى أَنْطَقَ اللَّهُ بِهِ لِسَانَهُ6 وَصَرَّحَ بِالْمَخْلُوقِ أَيْضًا فِي كَلَامٍ مُمَوَّهٍ عِنْدَ السُّفَهَاءِ، مَكْشُوفٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، فَادَّعَى أَيْضًا أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَفَاعِيلِهِ، وَأَنَّ أَفَاعِيلَهُ زَائِلَةٌ عَنْهُ. وَكُلُّ زَائِلٍ عَنِ اللَّهِ مَخْلُوقٌ فِي دَعْوَاهُ7. فَلَمْ يَزَلْ يَعِيبُ عَنْ8 هَذَا الْقَوْلِ، وَيُلَجْلِجُ بِهِ9 فِي صَدره حَتَّى صرح

_ 1 فِي ط، س، ش "حَتَّى عرف بِمَا فِي صَدره" وَهُوَ أوضح. 2 فِي س "وَهُوَ معجب بِالْإِضَافَة"، وَفِي ط، ش "معجب بِنَفسِهِ". 3 فِي ط، س، ش "والنقض". 4 فِي س "لَكَانَ أحب إِلَيْهِ" وَمَا فِي الأَصْل أولى. 5 فِي ط، ش "أَو مَا أشبهه". 6 فِي س "حَتَّى أنطق بِلِسَانِهِ"، وَفِي ش "حَتَّى نطق بِلِسَانِهِ". 7 فِي ط، س ش زِيَادَة لم ترد فِي الأَصْل ولعلها سَقَطت مِنْهُ وَهِي: "قيل لَهُ: لَا نسلم، مُطلق المفعولات مخلوقة. وَقد أجمعنا على أَن الْحَرَكَة وَالنُّزُول وَالْمَشْي والهرولة والاستواء على الْعَرْش، وَإِلَى السَّمَاء قديم، والرضى، والفرح وَالْغَضَب وَالْحب، والمقت كلهَا أَفعَال فِي الذَّات للذات، وَهِي قديمَة، فَكل مَا خرج من قَول: "كن" فَهُوَ حَادث. وكل مَا كَانَ من فعل الذَّات فَهُوَ قديم وَالله أعلم. فَلم يزل يعيب ... " إِلَخ. 8 كَذَا فِي الأَصْل وَهُوَ غير وَاضح، وَفِي ط، ش "يعيب هَذَا القَوْل" وَالْأولَى أَن تكون "يغيب" بالغين الْمُعْجَمَة. 9 لَفْظَة "بِهِ" لَيست فِي ط، س، ش.

بِهِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ بِالْبِلَادِ مَنْ يَفْطِنُ لِمَذْهَبِهِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ فِعْلُ اللَّهِ1 الزَّائِلُ مِنْهَ فَقَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ: كَلَامُ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ غَيْرُ الْفِعْلِ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ، وَالْمَفْعُولَاتُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ لَا شَكَّ فِيهِ2 فَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَخْلُوقِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَمَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ3 بَعْدَمَا عَابَ مَنْ قَالَهُ، وَرَجَعَ4 عَيْبُهُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ. أرأيتك أَيهَا الْمعَارض إِذا ادَّعَيْتَ5 فِي بَعْضِ كَلَامِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ6: مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَا يُزَادُ على أَن يَقُول: كَلَامُ اللَّهِ ثُمَّ يَسْكُتُ عَمَّا وَرَاءَ ذَلِكَ لَمَّا أَنَّهُ لَمْ يُخَضْ فِيهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَمَنْ خَاضَ فِيهِ كَانَ بِزَعْمِكَ مُقَدِّمًا7 بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَكَيْفَ تَرَكْتَ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى8 وَمِنْهَاجَ السَّلَفِ، وَرَجَعْتَ عَنْ كَلَامِ اللَّهِ فَجَعَلْتَهُ فِعْلًا لَهُ مَخْلُوقًا؟. أوَمَا تَخْشَى عَلَى نَفْسِكَ مَا تَخَوَّفْتَ عَلَى غَيْرِكَ؟ لقد9 ارتطمت10

_ 1 مَقْصُوده الْمَفْعُول الْمُنْفَصِل عَنهُ. 2 فِي ش "وَلَا شكّ فِيهَا"، وَفِي ط، س "لَا شكّ فِيهَا". 3 قَوْله: "وَمرَّة بعد مرّة" الثَّانِيَة لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "فَرجع". 5 فِي ط، ش "إِذا ادعيت". 6 فِي ط، ش "تَقول"، وَفِي س "يَقُول" وَلم تعجم فِي الأَصْل، ولعلها بِالتَّاءِ. 7 فِي ط، ش، "فَمن خَاضَ فِيهِ بزعمك كَانَ مقدما". 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 9 فِي ط، س، ش "فقد". 10 فِي س "ارتمطت" وَقَالَ النَّاسِخ: كَذَا بِالْأَصْلِ وَالظَّاهِر أَنَّهَا "ارتطمت" قلت: وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. قَالَ الفيروزآبادي فِي الْقَامُوس 4/ 120-121: "رطمه أوحله فِي أَمر لَا يخرج مِنْهُ فارتطم، وارتطم عَلَيْهِ الْأَمر لم يقدر على الْخُرُوج مِنْهُ" بِتَصَرُّف.

فِيمَا تَخَوَّفْتَ1 عَلَى غَيْرِكَ وَأَنْتَ لَا تَشْعُرُ وَصَرَّحْتَ بِالْمَخْلُوقِ بَعْدَمَا نَسَبْتَ إِلَى الْبِدْعَةِ مَنْ قَالَهَا، وَبُؤْتَ بِمَا عِبْتَ عَلَى غَيْرِكَ2 مِنَ التَّقَدُّمِ3 بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَبَايَعْتَ4 جَهْمًا5 وَالْمَرِيسِيَّ فِي دَعْوَاهُمَا، زَعَمَ هَذَانِ أَنَّهُ مَجْعُولٌ6 وَزَعَمْتَ أَنْتَ أَنَّهُ مَفْعُولٌ، وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ سَوَاءٌ. وَقَدْ كَانَ رَأْسُ حُجَجِ الْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ7 وَأَوْثَقُهَا فِي أَنْفُسِهِمْ، حَتَّى تَأَوَّلُوا فِيهَا عَلَى اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ خِلَافَ مَا أَرَادَ. فَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى8: {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} 9 وَ {جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} 10 فَادَّعَوْا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ: {جَعَلْنَاه} إِلَّا وَذَلِكَ الشَّيْءُ مَخْلُوقٌ، فَضَلُّوا بِهَذَا التَّأْوِيل عَن سَوَاء

_ 1 فِي ط، ش "تخوفته". 2 فِي ط، س، ش "بِمَا عبت بِهِ على غَيْرك". 3 قَوْله: "من التَّقَدُّم" لَيست فِي س، وَفِي ط، ش "وقدمت". 4 فِي ط، س، ش "وشايعت" وَهُوَ أوضح. 5 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"147". 6 فِي الأَصْل "مجعول" بلامين وَلَعَلَّه خطأ من النَّاسِخ. 7 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 9 فِي ط، س، ش {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} انْظُر: سُورَة الزخرف آيَة "1، 2، 3". 10 سُورَة الشورى، آيَة "52".

السَّبِيلِ وَجَهِلُوا فِيهِ مَذَاهِبَ1 أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْبَصَرِ بِالْعَرَبِيَّةِ. فَقُلْنَا لَهُمْ: مَا ذَنْبُنَا إِنْ كَانَ اللَّهُ سَلَبَ مِنْكُمْ مَعْرِفَةَ الْكِتَابِ وَالْعِلْمِ بِهِ وَبِمَعَانِيهِ، وَبِمَعْرِفَةِ لُغَاتِ الْعَرَبِ، حَتَّى ادَّعَيْتُمْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُقَالُ2: "جَعَلْناهُ" فَهُوَ خَلَقْنَاهُ. أَرَأَيْتُمْ أَيُّهَا الْجَهَلَةُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} 3 أَهُوَ خَلَقْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ؟ وَكَذَلِكَ: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} 4 -لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- أَهُوَ خَلَقَهَا؟، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} 5، وَ {يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} 6 أَهُوَ يَجْعَلُ لَهُ مَخْرَجًا7؟ أَمْ قَوْلُهُ: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَة} 8 أَهُوَ خَلَقْنَا؟ أَمْ قَوْلُهُ: {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَة} 9 أم قَوْله: {وَلَا

_ 1 فِي ط، س، ش "وجهلوا فِيهِ بِغَيْر مَذَاهِب أهل الْفِقْه". 2 فِي ط، ش "يُقَال لَهُ". 3 سُورَة العنكبوت، آيَة 27. 4 سُورَة الزخرف، آيَة 28. 5 فِي ط، س، ش، وَقَوله تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} انْظُر: سُورَة الطَّلَاق، آيَة "2". 6 سُورَة الطَّلَاق، آيَة 4. 7 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "أهوَ خلق لَهُ مخرجا؟ " ويناسب الْمَعْنى أَن يُقَال: "أهوَ يخلق". 8 سُورَة الْحَدِيد، آيَة 27. 9 فِي الأَصْل "وعملناكم"، وَفِي ط، س، ش "حَمَلْنَاكُمْ" وَهُوَ الصَّوَاب، انْظُر: سُورَة الحاقة، آيَة11، 12.

تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا} 1، وَأم قَوْلُهُ: {لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} 2 أَهُوَ فِي دَعْوَاكُمْ لَا تَخْلُقْنَا3، بِعَدَمِا خَلْقِهِمْ مَرَّةً؟، أَمْ قَوْلُهُ: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} 6 أَيِ اخْلُقْنَا؟! أَمْ قَوْلُهُ: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِين} 7، بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ؟! أَمْ قَوْلُهُ: {اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} 8، أَمْ قَوْلُهُ: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} 9، أَمْ قَوْلُهُ10: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} 11 أَمْ قَوْلُهُ: {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} 12 أَهُوَ اخْلُقْنِي13 وَقَدْ فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ؟، أَمْ قَوْلُ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ:

_ 1 فِي الأَصْل، ط، س "لَا تجْعَل"، وَفِي ش "وَلَا تجْعَل" وَهُوَ الصَّوَاب، انْظُر: سُورَة الْحَشْر، آيَة "10". 2 سُورَة الممتحنة، آيَة "5". 3 فِي س "لَا تجعلنا". 4 سُورَة الشُّعَرَاء آيَة "84". 5 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "أَتَقول". 6 فِي الأَصْل "اجْعَلْنَا" وَبِمَا أثبتنا فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب، انْظُر: سُورَة الْفرْقَان، آيَة 74. 7 سُورَة الْقَصَص، آيَة 35. 8 سُورَة إِبْرَاهِيم، آيَة 35. 9 سُورَة النَّحْل، آيَة 91. 10 لَفْظَة "قَوْله" لَيست فِي ط، س، ش. 11 سُورَة الزخرف، آيَة 19. 12 سُورَة الشُّعَرَاء، آيَة 85. 13 فِي ط، س، ش "أهوَ واخلقني".

جَعَلَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ؟. وَكُلُّ مَا عَدَدْنَا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَمَا شبهها1 مِمَّا2 لَمْ يُعَدَّدْ3، يَسْتَحِيلُ4 أَنْ يَصْرِفَ جَعَلْنَا مِنْهَا إِلَى خَلَقْنَا5. وأشدها اسْتِحَالَة: مَا ادعيتم بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى6 فِي قَوْله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} 7 أَنَّهُ خَلَقْنَاهُ8 فَلَمْ تَفْقَهُوا9 مَعْنَاهُ مِنْ قِلَّةِ عِلْمِكُمْ بِالْعَرَبِيَّةِ. وَيْلَكُمْ! إِنَّمَا الْكَلَامُ لِلَّهِ بَدْءًا وَأَخِيرًا10، وَهُوَ يَعْلَمُ الْأَلْسِنَةَ كُلَّهَا وَيَتَكَلَّمُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا: إِنْ شَاءَ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ شَاءَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ11 وَإِن شَاءَ

_ 1 فِي ط، س "وَمَا أشبههَا". 2 فِي س "فَمَا". 3 فِي ط، س، ش "يَتَعَدَّد". 4 فِي ط، س، ش "بمستحيل". 5 عبارَة "مِنْهَا إِلَى خلقنَا" لَيست فِي ط، س، ش. 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي الأَصْل "جَعَلْنَاهُ" وَفِي ط، س، ش "إِنَّا جَعَلْنَاهُ" وَهُوَ الصَّوَاب انْظُر: "سُورَة الزخرف، آيَة 3". 8 فِي ط، ش "إِنَّا خلقناه". 9 فِي ط، س، ش "فَلم تفهموا". 10 فِي ط، س، ش "بدءًا وآخرًا". 11 فِي ط، ش "بالعبرية" قلت: وَهِي لُغَة الْيَهُود. جَاءَ فِي المعجم الْوَسِيط 2/ 586 "العبراني لِسَان الْيَهُود وأحدهم، والعبرانية لُغَة الْيَهُود والواحدة مِنْهُم" وَانْظُر: دَائِرَة معارف الْقرن الْعشْرين لمُحَمد فريد وجدي طبعة بيروت 6/ 89.

بالسُّرْيَانيَّة1، فَقَالَ: جعلت هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ كَلَامِي عَرَبِيًّا2، وَجَعَلْتُ التواره3 وَالْإِنْجِيل4...............................

_ 1 قلت: جَاءَ فِي الحَدِيث عَن زيد بن ثَابت قَالَ: "أَمرنِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَن أتعلم السريانية" أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع، أَبْوَاب الاسْتِئْذَان والآداب، بَاب فِي تعلم السريانية، حَدِيث 2858، 7/ 498، وَقَالَ المباركفوري فِي شَرحه: "السريانية: بِضَم السِّين وَسُكُون الرَّاء وَهِي لُغَة الْإِنْجِيل"، وَجَاء فِي المنجد فِي الْأَعْلَام ص"354": السريان الْيَوْم هم المسيحيون أَبنَاء اللُّغَة السريانية"..... وَفِي الْهِنْد طَائِفَة من السريان هم المالنكاريون. وطقوس السريان مَأْخُوذَة من الطقس الْأَنْطَاكِي يستعملون، فِيهَا اللُّغَة السريانية". 2 فِي ط، ش "يَقُول: فقد جعلت هَذَا الْقُرْآن عربيًّا من كَلَامي"، وَفِي س "فقد جعلت هَذَا الْقُرْآن عربيًّا من كَلَامي". 3 التوارة، تقدم التَّعْرِيف بهَا ص263. 4 قَالَ فِي اللِّسَان: "إنجيل هُوَ اسْم عبراني أَو سرياني، وَقيل: هُوَ عَرَبِيّ، وَالْإِنْجِيل مثل الإكليل والإخريط وَقيل: اشتقاقه من النجل الَّذِي هُوَ الأَصْل يُقَال: هُوَ كريم النجل أَي الأَصْل والطبع، وَهُوَ من الْفِعْل فعيل، وَقَرَأَ الْحسن: "ليحكم أهل الْإِنْجِيل" بِفَتْح الْهمزَة وَلَيْسَ هَذَا الْمِثَال من كَلَام الْعَرَب قَالَ الزّجاج: وللقائل أَن يَقُول: هُوَ اسْم أعجمي فَلَا يُنكر أَن يَقع بِفَتْح الْهمزَة" ا. هـ "انْظُر: لِسَان الْعَرَب إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلى 3/ 589". قلت: وَهُوَ كتاب الله الْمنزل على عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَفِيه الْبشَارَة بنبينا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّصْرِيح بِذكر اسْمه كَمَا فِي سُورَة الْأَعْرَاف آيَة 157، وَسورَة الصَّفّ آيَة 6، وَقد نَالَ من الْإِسَاءَة والتغيير والخبط والتحريف من بني إِسْرَائِيل مَا ناله، وَأشهر الْأَسْفَار المتداولة والمسماة أناجيل أَرْبَعَة، وَهِي: إنجيل مَتى، وإنجيل مارقس، وإنجيل لوقا، وإنجيل يوحنا، ولمعرفة تَارِيخ الْأَسْفَار الْمُسَمَّاة بالأناجيل وَمِقْدَار مَا فِيهَا من التناقص وَالِاخْتِلَاف وَمِقْدَار الوثوق بهَا تاريخيًّا، اقْرَأ كتاب الْفَصْل فِي الْملَل والأهواء والنحل لِابْنِ حزم ط، الأولى 2/ 2-38، وَالْجَوَاب الصَّحِيح لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية وهداية الحيارى لِابْنِ الْقيم، والأجوبة الفاخرة للقرافي وَغَيرهَا.

مِنْ كَلَامِي عِبْرَانِيًّا1، لَمَّا أَنَّهُ أَرْسَلَ كُلَّ رَسُولٍ بِلِسَانِ قَوْمِهِ، كَمَا قَالَ: فَجَعَلَ كَلَامَهُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ لَهُ كَلَامًا لِكُلِّ قَوْمٍ بِلُغَاتِهِمْ فِي أَلْسِنَتِهِمْ2. فَقَوْلُهُ: "جَعَلْنَاهُ" صَرَفْنَاهُ مِنْ لُغَةٍ إِلَى لُغَة أُخْرَى3 لَيْسَ أَنا

_ 1 فِي الأَصْل "غبرانيًّا" بالغين الْمُعْجَمَة، قلت: والعبارة من قَوْله فِي السطر الَّذِي قلبه "فَقَالَ: "جعلت هَذَا الْقُرْآن من كَلَامي" إِلَى قَوْله: "من كلامى عبرانيًّا" الأولى إِسْقَاطه؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ من كَلَام الله. بل كَلَام الله كَمَا قَالَ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون} [الزخرف آيَة 3] ، وَقَوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} . [إِبْرَاهِيم آيَة 4] . 2 كَلَام الله عِنْد أهل الْحق من صِفَاته الذاتية؛ لاتصافه بِهِ أزلًا وأبدًا، وَمن صِفَاته الفعلية الواقعية بمشيئته وَقدرته فَهُوَ قديم النَّوْع حَادث الْآحَاد. 3 قَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ} : أَي، أَنزَلْنَاهُ، انْظُر "تَفْسِير ابْن كثير طبعة الْحلَبِي 4/ 122. قلت: وَلَيْسَ معنى: {جَعَلْنَاهُ} صرفناه، بل هُوَ كَمَا قَالَ ابْن كثير: "أَنزَلْنَاهُ"، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى سُورَة يُوسُف: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يُوسُف: 2] ، وَكَلَام الله يُفَسر بعضه بَعْضًا. وَالْقَوْل بِأَن معنى قَائِم بِالنَّفسِ وَهُوَ إِلَى لُغَة يُوَافق مَذْهَب الأشاعرة الْقَائِلين بِأَن الْكَلَام معنى قَائِم بِالنَّفسِ وَهُوَ وَاحِد بِالْعينِ وَالِاخْتِلَاف فِي الدلالات لَا الْمَدْلُول فَإِن عبر عَنهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ الْقُرْآن أَو بالعبرانية فَهُوَ التوارة أَو بالسُّرْيَانيَّة فَهُوَ الْإِنْجِيل. وَالْحق أَن كَلَام الله أَلْفَاظ وَمَعَان، كَمَا قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "وَالْقُرْآن كَلَام الله حُرُوفه ومعانيه، لَيْسَ كَلَام الله الْحُرُوف دون الْمعَانِي وَلَا الْمعَانِي دون الْحُرُوف" وَانْظُر بسط القَوْل، فِي مَبْحَث الْكَلَام فِي الْجُزْء الثَّانِي عشر من مَجْمُوع الْفَتَاوَى.

خَلَقْنَاهُ1 خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ فِي دَعْوَاكُمْ، فَهُوَ مَعَ تَصَرُّفِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} 2 يَقُولُ: تَسْتَنِيرُ بِهِ الْقُلُوبُ وَتَنْشَرِحُ لَهُ. لَا أَنَّهُ نُورٌ مَخْلُوقٌ، لَهُ ضَوْءٌ قَائِمٌ، يُرَى بِالْأَعْيُنِ مِثْلُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ. فَافْهَمْهُ، وَلَا أَرَاكَ تَفْهَمُهُ. وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا لِتَحْقِيقِ قَوْلِهِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عيله وَسَلَّمَ: "يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 3 شَفِيعًا لِصَاحِبِهِ" 4. فَقَالَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ: إِنْ قُلْتُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَ نقضا لِمَا ادَّعَيْتُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَاءَى شَيْءٌ فِي صُورَةٍ إِلَّا وَذَلِكَ الْمُتَرَائِي وَالْمُتَكَلِّمُ فِي قِيَاسِ مَذْهَبِهِ مَخْلُوقٌ5.

_ 1 فِي ط، س، ش "لَيْسَ إِنَّا جَعَلْنَاهُ: خلقناه". 2 [سُورَة الشورى، آيَة 52] . 3 عبارَة "يَوْم الْقِيَامَة" لَيست فِي ط، ش وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ لفظ مُسلم. 4 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد، بَاب الْمُسَافِرين، بَاب فضل قِرَاءَة الْقُرْآن وَسورَة الْبَقَرَة، حَدِيث 804 جـ1 ص553 عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "اقرأوا الْقُرْآن، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا لأَصْحَابه...." إِلَخ. 5 هَذَا من توضيح الدَّارمِيّ رَحمَه الله لشُبْهَة الْمعَارض.

فَقَدْ فَسَّرْنَا هَذَا لِهَذَا الْمُعْجَبِ1 بِجَهَالَتِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ2 لَيْسَ لَهُ صُورَةٌ، وَلَا جِسْمٌ، وَلَا يَتَحَوَّلُ صُورَةً أَبَدًا، لَهُ فَمٌ وَلِسَانٌ3 ينْطق بِهِ ويشفع. فقد عَقِلَ ذَلِكَ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ. فَلَمَّا كَانَ الْمَعْقُولُ4 ذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ ثَوَابٌ يُصَوِّرُهُ اللَّهُ فِي أَعْيُنِ5 الْمُؤْمِنِينَ، جَزَاءً لَهُمْ عَن الْقُرْآن الَّذِي قرأوه. وَاتَّبَعُوا مَا فِيهِ، لِيُبَشِّرَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَنَفْسُ الْقُرْآنِ كَلَامٌ غَيْرُ مجسم فِي كل أَحْوَاله، إِنَّمَا يحسن بِهِ إِذا قرئَ. فَإِذا زَالَت عَنهُ الْقِرَاءَة لم يُوقف لَهُ على جسم وَلَا صُورَةٍ، إِلَّا أَنْ يُرْسَمَ بِكِتَابٍ. هَذَا مَعْقُولٌ6 لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا كُلُّ جَهُولٍ. قَدْ عَلِمْتُمْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّكُمْ تُغَالِطُونَ، وَالْعُلَمَاءُ بِمُغَالَطَتِكُمْ7 عَالِمُونَ وَلِضَلَالَتِكُمْ مُبْطِلُونَ8. وَيَكْفِي الْعَاقِلَ9 أَقَلُّ مِمَّا بَينا وشرحنا عَن مذاهبكم غَيْرَ أَنَّ فِي تَكْرِيرِ الْبَيَانِ شِفَاء لم فِي الصُّدُور.

_ 1 فِي س "وَالْعجب" ويتضح الْمَعْنى بِمَا أثبتنا. 2 لفظ الْجَلالَة لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "لَهُ لِسَان وفم". 4 فِي س "الْمَفْعُول" وَهُوَ بعيد. 5 فِي ط، ش "فِي عين الْمُؤمنِينَ" ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل. قلت: وَيُؤَيّد مَا ذكره الدَّارمِيّ هُنَا مَا أخرجه أَحْمد وَغَيره من حَدِيث بُرَيْدَة مَرْفُوعا: "يَجِيء الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة كَالرّجلِ الشاحب فَيَقُول: أَنا الَّذِي أَسهرت ليلك وَأَظْمَأت نهارك". انْظُر تَخْرِيجه ص"501". 6 فِي س "هَذَا مفعول" وَالصَّوَاب مَا فِي الأَصْل. 7 فِي س "لمغالطتكم". 8 فِي ط، س، قَالَ بعد هَذَا: "حَدَّثَنَا مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ وَكِيعًا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ وَكَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ أَن ابْن الْمُبَارك لَا يَعُدُّ الْجَهْمِيَّةَ فِي عِدَادِ الْمُسْلِمِينَ". وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، مَنْ شَكَّ فِيهِ، أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر". قلت: ورد هَذَا الْكَلَام فِي الأَصْل فِي مَكَان مُتَأَخّر عَن هَذَا الْموضع، انْظُر ص"589" وَلَعَلَّه الْمُنَاسب إِذْ إِن فِي النّسخ الْأُخْرَى تَقْدِيمًا وتأخيرًا. 9 هَذَا الْكَلَام وَمَا بعده إِلَى قَوْله: "سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ مَنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِر" ذكر مُتَقَدما وَسِيَاق الأَصْل أوضح.

نقل المؤلف أقوال السلف في أن القرآن غير مخلوق

نقل الْمُؤلف أَقْوَال السّلف فِي أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق: وَأما دعواك أَيهَا الْمعَارض أَن لَمْ يَسْبِقْ مِنَ السَّلَفِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلٌ وَلَا خَوْضٌ، أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٌ, فَسَنَقُصُّ عَلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا يُكَذِّبُ دَعْوَاكَ، وَسَنَحْكِيهِ لَكَ عَنْ قَوْمٍ مِنْهُمْ أَعْلَى وَأَعْلَمَ مِمَّنْ حَكَيْتَ عَنْهُمْ مَذْهَبَكَ نَحْوَ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِي ونظرائهم. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ1، ثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ2، ثَنَا مَعْبَدٌ3 قَالَ: ثَنَا عَليّ

_ 1 عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص"151". 2 مُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيّ، أَبُو عبد الله الطرسوسي، نزيل بَغْدَاد، ولي قَضَاء طرسوس، الخلقاني، بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام بعْدهَا قَاف، صَدُوق فَقِيه، زاهد، لَهُ أَوْهَام من صغَار التَّاسِعَة، مَاتَ سنة سبع عشرَة، م د س ق. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 282، والكاشف للذهبي 3/ 183. 3 هومعبد بن رَاشد أَبُو عبد الرَّحْمَن، كُوفِي أَو واسطي، نزل بَغْدَاد، مَقْبُول فَقِيه من الْعَاشِرَة، عخ ل. وَفِي بعض نسخ التَّقْرِيب بخ ل، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 262 وحاشيته.

-وَهُوَ ابْنُ رَاشِدٍ1- عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ2 قَالَ: قِيلَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ3: "الْقُرْآنُ خَالِقٌ أَوْ مَخْلُوقٌ4؟ قَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوق، وَلكنه كَلَام الله"5.

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ وَبِه جَاءَ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف بتحقيق زُهَيْر الشاويش، ص"101"، وَلم يظْهر من هُوَ "عَليّ" هَذَا، إِذْ لم أَجِدهُ فِي تلاميذ مُعَاوِيَة بن عمار، وَلَا فِي شُيُوخ معبد فِي تَهْذِيب الْكَمَال وَغَيره، وَفِي السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد، والأسماء وَالصِّفَات للبيهقي لم يرد هَذَا الِاسْم فِي سَنَد هَذَا الْخَبَر وَإِنَّمَا جَاءَ عِنْدهمَا من طَرِيق معبد عَن مُعَاوِيَة، وَالَّذِي يظْهر أَن صَوَاب الْعبارَة: "ثَنَا معبد هُوَ ابْن رَاشد" وَقَوله: "قَالَ: ثَنَا عَليّ" وهم. وَالله أعلم. 2 مُعَاوِيَة بن أبي مُعَاوِيَة الدهني، بِضَم الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء ثمَّ نون، صَدُوق، من الثَّامِنَة، عخ م ت س، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 260، قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 3/ 158: عَن أبي الزبير وجعفر بن مُحَمَّد وَعنهُ معبد بن رَاشد وقتيبه، ثِقَة. 3 جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق، تقدم ص"154". 4 فِي ط، س "خَالق هُوَ أَو مَخْلُوق؟ ". 5 انْظُر: كتاب السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل، طبع المطبعة السلفية، 1 ص"23" من طَرِيق رُوَيْم بن زيد الْمقري، حَدثنَا معبد بن رَاشد الْكُوفِي، عَن مُعَاوِيَة بن عمار الدهني قَالَ: سُئِلَ جَعْفَر بن مُحَمَّد، عَن الْقُرْآن فَقَالَ: لَيْسَ بخالق وَلَا مَخْلُوق وَهُوَ كَلَام الله. وَذكره أَيْضا فِي الْمصدر السَّابِق فِي نفس الصفحة من طَرِيق مُوسَى بن دَاوُد، حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن معبد، عَن مُعَاوِيَة بن عمار الدهني قَالَ: قلت لجَعْفَر -يَعْنِي ابْن مُحَمَّد: إِنَّهُم يسألوننا عَن الْقُرْآن، مَخْلُوق هُوَ؟ قَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ وَلكنه كَلَام الله تَعَالَى، وَقَالَ أبي: قَالَ رَأَيْت معبدًا هَذَا وَلم يكن بِهِ =

وَسَمِعْتُ1 إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ2 يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ3: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ4: "أَدْرَكْتُ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ دُونَهُمْ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: اللَّهُ الْخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ5 مِنْهُ خرج وَإِلَيْهِ يعود"6. ل 40 أ

_ = بَأْس وَأثْنى عَلَيْهِ وَكَانَ يُفْتِي بِرَأْي ابْن أبي ليلى. وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، بتحقيق مُحَمَّد الفقي ص"77" من طَرِيق آخر عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَر بن مُحَمَّد، وَذكره بِمثلِهِ. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا رُوِيَ عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأئمة الْمُسلمين رَضِي الله عَنْهُم فِي أَن الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ص"246-247" من طَرِيق آخر عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق عَن الْقُرْآنُ خَالِقٌ أَوْ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَام الله تَعَالَى، وبلفظ مقارب من طَرِيق معبد، عَن مُعَاوِيَة، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد. 1 فِي ط، س، ش "سَمِعت". 2 إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، تقدم ص"504". 3 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 4 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244". 5 فِي الأَصْل "وَالْقُرْآن وَالْكَلَام الله" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى". 6 أخرجه البُخَارِيّ فِي أَفعَال الْعباد، قَالَ: حَدثنِي الحكم بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ كتبت عَنهُ بِمَكَّة، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: أدْركْت الحكم بن مُحَمَّد الطَّبَرِيّ كتبت عَنهُ بِمَكَّة، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: أدْركْت مَشَايِخنَا مُنْذُ سبعين سنة مِنْهُم عَمْرو بن دِينَار يَقُولُونَ: الْقُرْآن كَلَام الله وَلَيْسَ بمخلوق انْظُر: خلق الْعباد ضمن مَجْمُوعَة عقائد السّلف لعَلي النشار ص"117". وَأخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة، تَحْقِيق أَحْمد سعد حمدَان 2/ 241 عَن ابْن عُيَيْنَة نَحوه. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا رُوِيَ عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ =

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ1 -مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ- قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مَضَّاءٍ2 مَوْلَى خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ3 قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُبَارك4

_ = وأئمة الْمُسلمين رَضِي الله عَنْهُم فِي أَن الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ص"245" بِسَنَدِهِ إِلَى ابْن عُيَيْنَة قَالَ: أدْركْت مشيختنا مُنْذُ سبعين، مِنْهُم عَمْرو بن دِينَار يَقُولُونَ: الْقُرْآن كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمصدر نَفسه ص"245": قَالَ أَبُو وَاقد اللَّيْثِيّ، أدْرك عَمْرو بن دِينَار أجلة أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم من الْبَدْرِيِّينَ والمهاجرين وَالْأَنْصَار مثل جَابر بن عبد الله وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَعبد الله بن عَمْرو وَعبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُم، وأجلة التَّابِعين رَحْمَة الله عَلَيْهِم، وعَلى هَذَا مضى صدر هَذِه الْأمة لم يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِك. 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 210: مُحَمَّد بن مَنْصُور بن دَاوُد الطوسي، نزيل بَغْدَاد أَبُو جَعْفَر العابد، ثِقَة من صغَار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة أَربع أَو سِتّ وَخمسين وَله 88 سنة، د س. 2 فِي ط، ش "عَليّ بن مُحَمَّد بن مضاء المصِّيصِي"، قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 44: عَليّ بن مُحَمَّد بن أبي المضاء المصِّيصِي، القَاضِي، ثِقَة، من الْحَادِيَة عشرَة، ص. 3 خَالِد بن عبد الله بن يزِيد بن أَسد الْقَسرِي، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْمُهْملَة أَمِير الْحجاز ثمَّ الْكُوفَة، لَيست لَهُ رِوَايَة عِنْدهمَا، قتل سنة 26/ عخ د، انْظُر: التَّقْرِيب لِابْنِ حجر 1/ 215، وَفِي لِسَان الْمِيزَان 2/ 391-392 قَالَ: ابْن عدي وَهُوَ عِنْدِي ضَعِيف، وَقَالَ الْعقيلِيّ: لَا يُتَابع على حَدِيثه. 4 لَعَلَّه: مُحَمَّد بن الْمُبَارك الصُّورِي، نزيل دمشق، القلانسي، الْقرشِي، ثِقَة، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة خمس عشرَة وَله 62 سنة، ع. انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 204، والكاشف للذهبي 3/ 92، وَالْخُلَاصَة ص"357".

بِالْمِصِّيصَةِ1 وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْقُرْآنِ قَالَ2: "وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ"3. حَدَّثَنِي4...........................

_ 1 قَالَ الْحَمَوِيّ فِي مُعْجم الْبلدَانِ 5/ 144: "المصيصة بِالْفَتْح ثمَّ الْكسر وَالتَّشْدِيد وياء سَاكِنة وصاد أُخْرَى، كَذَا ضَبطه الْأَزْهَرِي من اللغويين وتقرد غَيره بتَخْفِيف الصادين، وَالْأولَى أصح، مَدِينَة على شاطئ جيحان من ثغور الشَّام بَين أنطاكية وبلاد الرّوم تقَارب طرطوس، وَهِي مُسَمَّاة فِيمَا زعم أهل السّير باسم الَّذِي عمرها وَهُوَ مصيصة بن الرّوم بن الْيمن بن سَام بن نوح عَلَيْهِ السَّلَام، والمصيصة أَيْضا قَرْيَة من دمشق، وينسب إِلَى المصيصة كثير من كتاب النّسَب للسمعاني" بِتَصَرُّف. وَانْظُر: اللّبَاب لِابْنِ الْأَثِير 3/ 221. 2 فِي ط، س، ش "فَقَالَ". 3 وَجَاء أَيْضا بِإِسْنَادِهِ وَلَفظه فِي الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ص"101". قلت: وَقد أسهب الشَّيْخ الإِمَام الْحَافِظ، أَبُو الْقَاسِم اللالكائي رَحمَه الله فِي ذكر من نقل عَنْهُم من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّة المرضيين القَوْل بِأَن الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَقد كفاني جمال الدَّين القاسمي مُؤنَة عدهم فَذكر فِي كِتَابه تَارِيخ الْجَهْمِية أَنهم نَحْو من خَمْسمِائَة وَخمسين رجلا. انْظُر: شرح السّنة لأبي الْقَاسِم اللالكائي، تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان 2/ 277-330، وَانْظُر تَارِيخ الْجَهْمِية والمعتزلة لجمال الدَّين القاسمي ط. الأولى ص"32". 4 فِي ط، س، ش قَالَ قبل هَذَا الْأَثر: "حَدثنِي مُحَمَّد بن مَنْصُور، عَن عَلِيُّ بْنُ مَضَّاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بَقِيَّة بن الْوَلِيد يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوق" قلت: مُحَمَّد بن مَنْصُور وَعلي بن مضاء تقدمًا قَرِيبا، وَبَقِيَّة بن الْوَلِيد تقدم ص"380". وَهَذَا الْمَأْثُور عَن بَقِيَّة أوردهُ الْمُؤلف أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية الْمصدر السَّابِق بِسَنَدِهِ وَلَفظه ص"101"، وَلم أَقف عَلَيْهِ عِنْد غَيره.

مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ1، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَضَّاءٍ2 قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ3 يَقُولُ: "الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ"4. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ مَنْصُورٍ5، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَضَّاءٍ6 قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ الْجَزَرِيَّ7 يَقُولُ: "الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ"8. حَدثنِي مُحَمَّد بن مَنْصُور9.......................................

_ 1 مُحَمَّد بن مَنْصُور، تقدم ص"574". 2 فِي ط، ش "عَليّ بن مُحَمَّد بن مضاء"، وَانْظُر تَرْجَمته ص"574". 3 عِيسَى بن يُونُس، تقدم ص"146". 4 أوردهُ الْمُؤلف فِي الرَّد على الْجَهْمِية، الْمصدر السَّابِق، ص"101" بِسَنَدِهِ وَمَتنه. وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"14" من طَرِيق آخر عَن عِيسَى بن يُونُس "أَن رجلا سَأَلَهُ عَمَّن يَقُول: الْقُرْآن مَخْلُوق، فَقَالَ: كَافِر أَو كفر فَقيل لَهُ: تكفرهم بِهَذِهِ الْكَلِمَة؟ قَالَ: إِن هَذَا من أيسر أَو أحسن مَا يظهرون". 5 مُحَمَّد بن مَنْصُور، تقدم ص"574". 6 فِي ط، ش "عَليّ بن مُحَمَّد بن مضاء" وَانْظُر تَرْجَمته ص"574". 7 فِي ط، س، ش "الْجُورِي" وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية ص"101"، وَلم أَقف لَهُ على تَرْجَمته إِلَّا أَنِّي أستظهر أَنه الْقَاسِم الْجرْمِي كَمَا ظن ذَلِك الشَّيْخ حَامِد الفقي فِي تَعْلِيقه على المطبوعة ص"117"، وَهُوَ الْقَاسِم بن يزِيد الْجرْمِي بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء، أَبُو يزِيد الْموصِلِي ثِقَة عَابِد من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 194/ س "انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 121". 8 جَاءَ أَيْضا بِسَنَدِهِ وَمَتنه فِي الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف، الْمصدر السَّابِق، ص"101"، وَفِي التَّهْذِيب الْكَمَال للمزي 2/ 1118 قَالَ: "وَعَن هِشَامُ بْنُ بِهْرَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ قاسمًا الْجرْمِي يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوق". 9 مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي، تقدم ص"574".

ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَضَّاءٍ1 قَالَ: ثَنَا هِشَامُ بْنُ بِهْرَامٍ2 قَالَ: سَمِعْتُ الْمُعَافَى بْنَ عِمْرَانَ3 يَقُولُ: "الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ". قَالَ هِشَامٌ4: "وَأَنَا أَقُولُ كَمَا قَالَ الْمُعَافَى"5 قَالَ عَلِيٌّ6: "وَأَنَا أَقُولُ كَمَا قَالَ هِشَامٌ"7، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ8: "وَأَنَا أَقُولُ كَمَا قَالَ خَمْسِينَ مَرَّةً"، قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ9: "وَأَنَا أَقُولُ كَمَا قَالُوا"، قَالَ الصَّرَّامُ10: "وَأَنَا أَقُول كَمَا قَالُوا" قَالَ رُوَاةُ الصَّرَّامِ: "وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالُوا"، وَقَالَ لَنَا إِسْحَاقُ11: "وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالُوا"12. فَكُلُّ هَؤُلَاءِ قَالُوا: "إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ"، وَلَيْسُوا13 بِدُونِ مَنْ رَوَيْتَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَرهُوا الْخَوْض فِيهِ فَيَقُولُونَ14: "هوغير مَخْلُوق" مثل أبي

_ "1، 6" فِي ط، ش "عَليّ بن مُحَمَّد بن مضاء" انْظُر تَرْجَمته ص"574". "2، 4، 7" قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 317: هِشَام بن بهْرَام الْمَدَائِنِي، أَبُو مُحَمَّد ثِقَة من كبار الْعَاشِرَة، د س، قَالَ فِي حَاشِيَة الكاشف للذهبي 3/ 221: كَانَ حيًّا سنة 219. "3، 5" الْمعَافى بن عمرَان، تقدم ص"545". 8 مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي، تقدم ص"574". 9 فِي ط، س، ش "قَالَ أَبُو سعيد" وَهُوَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ صَاحب هَذَا الْكتاب. 10 الصرام مُحَمَّد بن إبراهم، تقدم ص"137". 11 لَعَلَّه أَرَادَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ، تقدم ص"137". 12 انْظُر كتاب السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد ص"58" قَالَ: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ قَالَ: قدم عَليّ بن مضاء مولى لخَالِد الْقَسرِي، حَدثنَا هِشَام بن نهرام، سَمِعت معافى بْنَ عِمْرَانَ يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، قَالَ هِشَامٌ: وَأَنَا أَقُولُ كَمَا قَالَ الْمُعَافَى، قَالَ عَلِيٌّ: وَأَنَا أَقُولُ كَمَا قَالَ -يَعْنِي هشامًا- قَالَ أَبُو جَعْفَر الطوسي: أَنا أَقُول: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ". 13 فِي ط، ش "وَلَيْسَ" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 14 فِي الأَصْل وس "فيقولوا" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب.

أُسَامَةَ1 وَأَبِي مُعَاوِيَةَ2 وَمَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ3 إِنْ صَدَقْتَ عَلَيْهِمْ فِي دَعْوَاكَ وَأَخَسُّهُمْ عِنْدَ النَّاسِ مَنْزِلَةً أَعْلَى مِنَ الْمَرِيسِيِّ وَاللُّؤْلُؤِيِّ4 وَابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمُ الَّذِينَ ادَّعَوْا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ، حَتَّى لَقَدْ أَكْفَرَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِقَوْلِهِمْ. وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ بِهِ الْقَتْلَ، وَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ بِذَلِكَ إِلَّا وَأَنَّ قَوْلَهُمْ كَانَ5 عِنْدَهُمْ كُفْرًا.

_ 1 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416". 2 أَبُو مُعَاوِيَة، تقدم ص"517"، قلت: وَمِمَّا أثر عَنهُ فِي ذَلِك مَا أخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"33" بِسَنَدِهِ إِلَى أبي مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم قَالَ: "الْكَلَام فِيهِ بِدعَة وضلالة، مَا تكلم فِيهِ النَّبِي وَلَا الصاحبة وَلَا التابعون وَلَا الصالحون -يَعْنِي الْقُرْآن مَخْلُوق-". 3 مَنْصُور بن عمار الْوَاعِظ أَبُو السّري، خراساني، وَيُقَال: بَصرِي زاهد شهير وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي بلاغة الْوَعْظ، وترقيق الْقُلُوب، وتحريك الهمم، قَالَ أَبُو حَاتِم: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقَالَ ابْن عدي: مُنكر الحَدِيث، وَقَالَ الْعقيلِيّ: فِيهِ تجهم، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يروي عَن ضعفاء أَحَادِيث لَا يُتَابع عَلَيْهَا. "تبصرف من ميزَان الِاعْتِدَال 4/ 187"، وَانْظُر لِسَان الْمِيزَان 6/ 98-100، وتاريخ بَغْدَاد 13/ 7. قلت: وَمِمَّا أثر عَنهُ فِي ذَلِك مَا أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 9/ 326 بِسَنَدِهِ إِلَى مَنْصُور بن عمار قَالَ: كتب إِلَى بشر المريسي: أعلمني مَا قَوْلكُم فِي الْقُرْآن مَخْلُوق هُوَ أَو غير مَخْلُوق؟ فَكتبت إِلَيْهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم. أما بعد بِدعَة يشْتَرك فِيهَا السَّائِل والمجيب، فتعاطى السَّائِل مَا لَيْسَ لَهُ بتكليف والمجيب مَا لَيْسَ عَلَيْهِ "كَذَا" وَالله تَعَالَى الْخَالِق وَمَا دون الله مَخْلُوق وَالْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق، فانته بِنَفْسِك وبالمختلفين فِي الْقُرْآن إِلَى أَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّاهُ الله بهَا تكن من المهتدين، وَلَا تبتدع فِي الْقُرْآن من قَلْبك اسْما فَتكون من الضَّالّين.. إِلَخ. 4 اللؤْلُؤِي، تقدم ص"555". 5 فِي ط، س، ش "قَوْلهم فِي ذَلِك".

حَدَّثَنِي يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ1 أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ2، حَدَّثَهُمْ عَنْ حُصَيْنٍ3، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ4 أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5 قَتَلَ زَنَادِقَةً6، ثُمَّ أَحْرَقَهُمْ7 ثُمَّ قَالَ: صدق الله وَرَسُوله نقل الْمُؤلف أَقْوَال السّلف فِي الحكم على الْجَهْمِية والزنادقة

_ 1 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 2 أَبُو بكر بن عَيَّاش، تقدم ص"540". 3 فِي ط، س، ش "عَن أبي حُصَيْن"، وَلَعَلَّ لَفْظَة "أبي" سَقَطت من الأَصْل، قلت: الرَّاجِح أَنه عُثْمَان بن عَاصِم بن حُصَيْن الْأَسدي الْكُوفِي أَبُو حُصَيْن بِفَتْح الْمُهْملَة ثِقَة، ثَبت سني، وَرُبمَا دلّس، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين، وَيُقَال: بعْدهَا، وَكَانَ يَقُول أَن عَاصِم بن بَهْدَلَة أكبر مِنْهُ بِسنة وَاحِدَة، ع، انْظُر: التَّقْرِيب 2/ 10، وذكرالذهبي فِي الْخُلَاصَة ص"260" أَنه روى عَن سُوَيْد بن غَفلَة. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 341: سُوَيْد بن غَفلَة، بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالْفَاء، أَبُو أُميَّة الْجعْفِيّ، مخضرم، من كبار التَّابِعين، تقدم يَوْم دفن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مُسلما فِي حَيَاته ثمَّ نزل الْكُوفَة، وَمَات سنة 80، وَله 130 سنة، ع. 5 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش وَعلي رَضِي الله عَنهُ تقدم ص"525". 6 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 7 ذكره ابْن حجر فِي الْفَتْح 12/ 270 وَعَزاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ "أَنَّ عَلِيًّا بلغه أَن قوما ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَبعث إِلَيْهِم فأطعمهم، ثمَّ دعاهم إِلَى الْإِسْلَام فَأَبَوا، فحفر حفيرة، ثمَّ أَتَى بهم فَضرب أَعْنَاقهم وَرَمَاهُمْ فِيهَا، ثمَّ ألْقى عَلَيْهِم الْحَطب فأحرقهم، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ". وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"188" من طَرِيق آخر، عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: لما أحرق عَليّ الزط قَالَ: صدق الله وَرَسُوله، فَلَمَّا انْصَرف قلت لَهُ: فَهَل عهد إِلَيْك فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عهدا؟ فَقَالَ: إِذا قلت: صدق الله وَرَسُوله عرف مثلك وَمن يعقل أَنه كَذَلِك، فَإِذا قلت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فهنالك فسلني.

فَالْجَهْمِيَّةُ1 عِنْدَنَا أَخْبَثُ الزَّنَادِقَةِ2؛ لِأَنَّ مَرْجِعَ قَوْلِهِمْ3 إِلَى التَّعْطِيلِ كَمَذْهَبِ الزَّنَادِقَةِ4 سَوَاءٌ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَعْمَرِيُّ الْبَغْدَادِيُّ5، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبِ أبي6، عَن أَبِيه 7......................

_ 1 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 2 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531"، وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: "الْجَهْمِية أَعدَاء الله وهم الَّذين يَزْعمُونَ أَن الْقُرْآن مَخْلُوق، وَأَن الله عز وَجل لم يكلم مُوسَى وَأَن الله لَيْسَ بمتكلم وَلَا يتَكَلَّم ولاينطق وكلامًا كثيرا أكره حكايته. وهم كفار زنادقة أَعدَاء الله". السّنة للْإِمَام أَحْمد ذيل الرَّد على الْجَهْمِية والزنادقة بتحقيق إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ ص"81-82". 3 فِي س "أَقْوَالهم". 4 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 120: الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن حميد، أَبُو مُحَمَّد بن أبي سُفْيَان المعمري صَدُوق، من الْعَاشِرَة، نقل الدَّارمِيّ أَن ابْن معِين كذبه وَلم يثبت ذَلِك، مَاتَ سنة 28/ عخ. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 497: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حبيب بن أبي حبيب الْجرْمِي صَاحب الأنماط، مَقْبُول، من التَّاسِعَة، عخ. ذكر فِي الْخُلَاصَة ص"234" أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ الْقَاسِم بن مُحَمَّد المعمري. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 153: مُحَمَّد بن حبيب الْجرْمِي، مَجْهُول من السَّادِسَة، عخ.

عَنْ جَدِّهِ1 حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ2 قَالَ: خَطَبَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ3 بِوَاسِطَ4 يَوْمَ أَضْحَى5 فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، ارْجِعُوا فَضَحُّوا، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ. فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ6 إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ7 خَلِيلًا، وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى8 تَكْلِيمًا. سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ9 الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ عُلُوًّا كَبِيرًا. ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِ فَذَبَحَهُ10.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 148: حبيب بن أبي حبيب الْجرْمِي الْبَصْرِيّ، الْأنمَاطِي اسْم أَبِيه: يزِيد، صَدُوق يُخطئ، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 62/ بخ م س ق. 2 عبارَة "عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَبِيبِ بن أبي حبيب" لَيست فِي ط، س، ش وَبهَا ورد سَنَد البُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد كَمَا سَنذكرُهُ فِي تَخْرِيجه إِلَّا أَنه لم يُصَرح باسم الْجد. 3 خَالِد الْقَسرِي، تقدم ص"574". 4 وَاسِط فِي عدَّة مَوَاضِع، وَالْمرَاد هُنَا الْمَدِينَة الْمَشْهُورَة من مدن الْعرَاق، وَسميت بذلك لتوسطها بَين الْبَصْرَة والكوفة؛ لِأَن مِنْهَا إِلَى كل وَاحِد خمسين فرسخًا، انْظُر: مُعْجم الْبلدَانِ للحموي 5/ 347. 5 فِي ط، س، ش "يَوْم الْأَضْحَى". 6 الْجَعْد بن دِرْهَم، انْظُر ص"530". 7 إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"293". 8 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"155". 9 فِي ط، ش "يَقُوله". 10 أخرجه البُخَارِيّ فِي أَفعَال الْعباد قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة، حَدثنِي الْقَاسِم بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن حَبِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، ثمَّ ذكره، انْظُر: عقائد السّلف، كتاب خلق أَفعَال الْعباد ص"118"، والدارمي فِي الرَّد على الْجَهْمِية ص"7، 113-114". وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"254" بِسَنَدِهِ إِلَى عبد الرَّحْمَن بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَن أَبِيه عَن جده، ثمَّ ذكره. وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ: مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن عُثْمَان، ص"100"، وَعز الْقِصَّة أَيْضا إِلَى ابْن أبي حَاتِم فِي الرَّد على الْجَهْمِية، انْظُر: مُخْتَصر الْعُلُوّ للألباني ص"133-134".

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 قَالَ: قلت لإِبْرَاهِيم بن سعد2: ماتقول فِي الزَّنَادِقَةِ3 تَرَى أَنْ نَسْتَتِيبَهُمْ4 قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَبِمَ تَقُولُ ذَاك5؟ قَالَ: كَانَ علينا وَال6 بِالْمَدِينَةِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا وَلَمْ يَسْتَتِبْهُ، فَسَقَطَ فِي يَدِهِ فَبَعَثَ إِلَى أبي، فَقَالَ لَهُ أَبِي: لَا يَهْتَدِيكَ7 فَإِنَّهُ قَوْلُ الله: {فَلَمَّا 8 رَأَوْا بَأْسَنَا} قَالَ: السَّيْفُ {قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} 9 قَالَ: السَّيْف سنة الْقَتْل10.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 إِبْرَاهِيم بن سعد، تقدم ص"205". 3 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 4 فِي ط، س، ش "ترى أَن تستتيبهم"، وَفِي كِتَابه الرَّد على الْجَهْمِية "نستتيبهم" بالنُّون. 5 فِي ط، س، ش "ذَلِك". 6 فِي س "وَالِي" وَحذف الْيَاء هُوَ الصَّوَاب. 7 وَفِي الرَّد على الْجَهْمِية "لَا يهدينك". 8 فِي الأَصْل "لما" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ. 9 [سُورَة غَافِر، الْآيَتَانِ 84، 85] . 10 وَأخرجه الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية بتحقيق زُهَيْر الشاويش ص"114" بِسَنَدِهِ وَمَتنه إِلَّا أَنه قَالَ فِي آخِره: "قَالَ: السَّيْف، فَقَالَ: سنته الْقَتْل". قلت: وَقد ذكر شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية الْخلاف إِجْمَالا فِي الزنديق إِذا أظهر التَّوْبَة هَل تقبل تَوْبَته فَلَا يقتل أم يقتل؛ لِأَنَّهُ لَا يعلم صدقه؟. فَأفْتى طَائِفَة بِأَنَّهُ يُسْتَتَاب فَلَا يقتل، وَأفْتى الْأَكْثَرُونَ بِأَنَّهُ يقتل وَإِن أظهر التَّوْبَة، فَإِن كَانَ صَادِقا فِي تَوْبَته نَفعه ذَلِك عِنْد الله وَقتل فِي الدُّنْيَا، وَكَانَ الْحَد تَطْهِيرا لَهُ، كَمَا لَو تَابَ الزَّانِي وَالسَّارِق وَنَحْوهم بعد أَن يرفعوا للْإِمَام فَإِنَّهُ لَا بُد من إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِم، فَإِنَّهُم إِن كَانُوا صَادِقين كَانَ قَتلهمْ كَفَّارَة لَهُم، وَمن كَانَ كَاذِبًا فِي التَّوْبَة كَانَ قَتله عُقُوبَة لَهُ. "انْظُر مَجْمُوع الْفَتَاوَى 35/ 110 وَانْظُر: عُمْدَة الْقَارِي شرح صَحِيح البُخَارِيّ 24/ 79، وَفتح الْبَارِي 12/ 272".

وَسَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ أَبَا تَوْبَةَ1 يَقُولُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ2: مَا تَرَى فِي قَتْلِ هَؤُلَاءِ3 الْجَهْمِيَّةِ4؟ قَالَ5 يُسْتَتَابُونَ، فَقُلْتُ6: لَا، أَمَّا خُطَبَاؤُهُمْ فَلَا يُسْتَتَابُونَ وَتُضْرَبُ أَعْنَاقُهُمْ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بكير الْمصْرِيّ7،....................................

_ 1 الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، تقدم ص"151". 2 أَحْمد بن حَنْبَل، تقدم ص"538". 3 لَفْظَة "هَؤُلَاءِ" لَيست فِي ط، س، ش. 4 الحهمية انْظُر ص "138". 5 لَفْظَة "هَؤُلَاءِ" لَيست فِي ط، ش وَالْأَظْهَر أَنَّهَا سَقَطت. 6 فِي ط، ش "فَقَالَ" وَالَّذِي يظْهر لي أَن الصَّوَاب مَا ورد بِهِ الأَصْل، يُؤَيّدهُ أَن الرِّوَايَة وَردت فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف نَفسه، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني، الطبعة الرَّابِعَة ص"114" قَالَ: "وَسَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ أَبَا تَوْبَة الْحلَبِي يَقُول: ناظرت أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله فِي قتل هَؤُلَاءِ الْجَهْمِية5 فَقَالَ: يستتابون6، فَقلت لَهُ: أَمَّا خُطَبَاؤُهُمْ فَلَا يُسْتَتَابُونَ وَتُضْرَبُ أَعْنَاقهم"، وَفِي مسَائِل الإِمَام أَحْمد رِوَايَة ابْنه عبد الله تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ص"340" أَن الزنديق يُسْتَتَاب ثَلَاثًا. قلت: وَهُوَ الْمَشْهُور من مَذْهَب الإِمَام أَحْمد أَن الزنديق يُسْتَتَاب فَإِن لم يتب فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا الْقَتْل. ودراسة د. عبد الْإِلَه الأحمدي جـ2/ 68-70. 7 يحيى بن بكير، تقدم ص"210".

ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ1، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ2 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ" 3، قَالَ مَالِكٌ4: وَمَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ5 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا -فِيمَا نَرَى6 وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى غَيْرِهِ مِثْلُ الزَّنَادِقَةِ7، وَأَشْبَاهِهِمْ8، فَإِنَّ أُولَئِكَ يُقْتَلُونَ، وَلَا يُسْتَتَابُونَ؛ لِأَنَّهُ لَا تعرف9

_ 1 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 2 زيد بن أسلم، تقدم ص"257". 3 أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ تَصْحِيح وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الْأَقْضِيَة بَاب الْقَضَاء فِيمَن ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام، حَدِيث 15، 2/ 736، قَالَ: حَدثنَا يحيى، عَن مَالك، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فاضربوا عُنُقه". قَالَ مُحَمَّد فؤاد: مُرْسل عِنْد جَمِيع الروَاة وَهُوَ مَوْصُول فِي البُخَارِيّ من طَرِيق أَيُّوب بِعَذَاب عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي "56" كتاب الْجِهَاد "149" بَاب لَا يعذب بِعَذَاب الله وَلَفظه: "من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ". قلت: انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح، حَدِيث 3017، 6/ 149. 4 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 5 فِي ط، ش "وَمعنى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 6 لَفْظَة "نرى" لَيست فِي س وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا كَمَا فِي الْمُوَطَّأ، انْظُر: تَخْرِيج كَلَام الإِمَام مَالك. 7 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 8 فِي الأَصْل، ط، ش "وأشباهها"، وَفِي س "وأشباههما" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي الْمُوَطَّأ. 9 فِي ط، س، ش، "لم يعرف".

تَوْبَتُهُمْ1، وَأَنَّهُمْ2 قَدْ كَانُوا يُسِرُّونَ الْكُفْرَ وَيُعْلِنُونَ بِالْإِسْلَامِ، فَلَا أَرَى3 أَنْ يُسْتَتَابَ هَؤُلَاءِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ4. حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْبُوَيْطِيُّ5، عَنِ الشَّافِعِيِّ6، فِي الزِّنْدِيقِ7:

_ 1 فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ "رويتهم" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي الْمُوَطَّأ. 2 فِي الأَصْل "وَأَنه" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش وَبِه جَاءَ أَيْضا فِي الْمُوَطَّأ. 3 فِي ط، س، ش "وَلَا أرى" وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ فِي الْمُوَطَّأ. 4 جَاءَ فِي الْمُوَطَّأ تَخْرِيج وترقيم مُحَمَّد فؤاد، طبعة البابي الْحلَبِي 2/ 736: "معنى قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا نرى وَالله أعلم: "مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ". أَنه من خرج عَن الْإِسْلَامِ إِلَى غَيْرِهِ، مِثْلُ الزَّنَادِقَةِ وأشباههم، فَإِن أُولَئِكَ إِذْ ظهر عَلَيْهِم، قتلوا وَلم يستتابوا؛ لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يسرون الْكفْر ويعلنون الْإِسْلَام. فَلَا أَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ هَؤُلَاءِ وَلَا يقبل مِنْهُم قَوْلهم، وَأما مَنْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى غَيره وَأظْهر ذَلِك فَإِنَّهُ يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل"، وَانْظُر: الْمصدر نَفسه بشرح وَتَعْلِيق أَحْمد راتب ط. الأولى ص"522". 5 قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 2/ 383: يُوسُف بن يحيى الْقرشِي مَوْلَاهُم، أَبُو يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ صَاحب الشَّافِعِي، ثِقَة فَقِيه، من أهل السّنة، مَاتَ فِي المحنة بِبَغْدَاد سنة 31، 32/ ل ت. 6 مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن الْعَبَّاس بن شَافِع بن السَّائِب بن عبد يزِيد بن هَاشم بن عبد الْمطلب المطلبي أَبُو عبد الله الشَّافِعِي، الْمَكِّيّ، نزيل مصر، رَأس الطَّبَقَة التَّاسِعَة، وَهُوَ المجدد لأمر الدَّين على رَأس الْمِائَتَيْنِ، مَاتَ سنة 204 وَله 54 سنة، خَ م وَالْأَرْبَعَة، انْظُر التَّقْرِيب 2/ 143. وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 3/ 17: نَاصِر الحَدِيث، عَن مَالك والزنجي وَعنهُ أَحْمد وَأَبُو يَعْقُوب الْبُوَيْطِيّ وَالربيع "وَانْظُر: تَارِيخ بَغْدَاد 2/ 56، وشذرات الذَّهَب 2/ 9، وَتَذْكِرَة الْحفاظ 1/ 361، وتهذيب التَّهْذِيب 9/ 35". 7 الزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، وَقد تقدم التَّعْرِيف بهم ص"531".

"يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِذَا رَجَعَ وَلَا يُقْتَلُ"1. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ السِّجِسْتَانِيُّ2 -وَكَانَ مِنْ أَوْثَقِ3 أَهْلِ سِجِسْتَانَ وَأَصْدَقِهِمْ- عَنْ زُهَيْرِ بْنِ نُعَيْمٍ الْبَابِيِّ4 أَنَّهُ سَمِعَ سَلَّامَ بن

_ 1 أخرجه الدَّارمِيّ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية، بتحقيق زُهَيْر الشاويش ص"116" قَالَ: "حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْبُوَيْطِيُّ، عَن مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي الزنديق قَالَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِذَا رَجَعَ، وَلَا يقبل. وَاحْتج فيهم بـ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} فَأمره الله أَن يدع قَتلهمْ لما يظهرون من الْإِسْلَام وَكَذَلِكَ الزنديق إِذا أظهر الْإِسْلَام فِي هَذَا الْوَقْت مُسلما وَالْمُسلم غير مبدل". وَفِي مُخْتَصر الْمُزنِيّ ذيل الْأُم، بَاب حكم الْمُرْتَد ص"259" قَالَ الشَّافِعِي: "وَأي كفر ارْتَدَّ إِلَيْهِ مِمَّا يظْهر أَو يسر من الزندقة وَغَيرهَا، ثمَّ تَابَ لم يقتل". وَنَقله عَنهُ ابْن حجر فِي الْفَتْح 12/ 271، وَانْظُر: الْمُهَذّب فِي فقه الشَّافِعِي للفيروزآبادي 2/ 222-223. قلت: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ رَحِمَهُ الله فِي الرَّد على الْجَهْمِية ص"116": "وَأَنا أَقُول كَمَا قَالَ الشَّافِعِي، أَن تقبل علانيتهم إِذا اتَّخَذُوهَا جنَّة لَهُم من الْقَتْل، أَسرُّوا فِي أنفسهم مَا أَسرُّوا، فَلَا يقتلُوا كَمَا أَن الْمُنَافِقين: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} لفم يُؤمر بِقَتْلِهِم". 2 فِي ط، س، ش "مُحَمَّد بن المعمر" وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ فِي الرَّد على الْجَهْمِية ص"111" وَزَاد أَن كنيته "أَبُو سهل" وَلم أَقف لَهُ على تَرْجَمَة. 3 فِي ش "وَهل من أثر" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط "وَكَانَ من آثر" وَفِي س "وَكَانَ من أوثر". 4 فِي ط، س، ش "ألباني" بالنُّون وَصَوَابه بِالْبَاء الْمُوَحدَة قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 1/ 265: زُهَيْر بن نعيم الْبَانِي: بموحدتين السَّلُولي، أَبُو عبد الرَّحْمَن السجسْتانِي، نزيل الْبَصْرَة، عَابِد من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ بعد الْمِائَتَيْنِ، ل. وَانْظُر الْخُلَاصَة للخزرجي ص"123".

أبي مُطِيع1 يَقُول: "الجمهية كُفَّارٌ"2. قَالَ: وَسَمِعْتُ زُهَيْرَ بْنَ نُعَيْمٍ3 يَقُولُ: سُئِلَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ4 -وَذُكِرَ لَهُ شَيْءٌ عَنْ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ5- فَقَالَ: ذَاكَ كَافِرٌ6.

_ 1 فِي ط، س، ش "سَلام بن مُطِيع" وَصَوَابه مافي الأَصْل. قَالَ الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال 2/ 181: سَلام بن أبي مُطِيع "خَ، م" الْبَصْرِيّ عَن قَتَادَة وَأبي حُصَيْن وَعنهُ أَبُو الْوَلِيد ومسدد وَخلق، ثِقَة أَحْمد وَغَيره، وَقَالَ ابْن عدي: لَا بَأْس بِهِ وَلَيْسَ هُوَ بِمُسْتَقِيم الحَدِيث فِي قَتَادَة خَاصَّة، وَله غرائب، ويعد من خطباء الْبَصْرَة. 2 أوردهُ البُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد: قَالَ: وَقَالَ زُهَيْر السّخْتِيَانِيّ "كَذَا" سَمِعت سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ يَقُولُ: الْجَهْمِية كفار. انْظُر: خلق أَفعَال الْعباد ضمن مَجْمُوعَة عقائد السّلف للنشار ص"124". وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"183" من طَرِيق زُهَيْر بن نعيم السجسْتانِي، سَمِعت سَلَّامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ يَقُولُ: الْجَهْمِية كفار لَا يصلى خَلفهم. وَأخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة، تَحْقِيق وَتَخْرِيج د. أَحْمد سعد حمدَان 2/ 321 عَن سَلام بن أبي مُطِيع مثله. 3 زُهَيْر بن نعيم، تقدم ص"586". 4 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452". 5 فِي ط، س، ش "وَقيل لَهُ عَن بشر المريسي". 6 فِي ط، س، ش "ذَلِك كَافِر". قلت: وَفِي الرَّد على الْجَهْمِية، بتحقيق الشاويش، ص"111" قَالَ: وَسمعت مُحَمَّد بن الْمُعْتَمِر يَقُول: سَمِعت زُهَيْرَ بْنَ نُعَيْمٍ يَقُولُ: سُئِلَ حَمَّاد بن زيد وَأَنا مَعَه فِي سوق الْبَصْرَة عَنْ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ فَقَالَ: ذَاكَ كَافِر". قلت: وَبِمَعْنَاهُ مَا أخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"10" من طَرِيق فطر قَالَ: سَأَلت حَمَّاد بن زيد فَقلت. يَا أَبَا إِسْمَاعِيل، إِمَام لنا يَقُول: الْقُرْآن مَخْلُوق أُصَلِّي خَلفه؟ فَقَالَ: صل خلف مُسلم أحب إِلَيّ. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1/ 325 أَن حَمَّاد بن زيد قيل لَهُ؟ إِمَام لنا يَقُول: الْقُرْآن مَخْلُوق أُصَلِّي خَلفه؟ قَالَ: لَا، وَلَا كَرَامَة" وَانْظُر الْمَنْقُول أَيْضا فِي تَكْفِير بشر عَن جمَاعَة من الْعلمَاء فِي السّنة لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد ص"12".

حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ1، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ2 قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ3 يَقُولُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ4: {إِنَّنِي 5 أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا} 6 مَخْلُوقٌ7 فَهُوَ كَافِرٌ8. وَسَمِعْتُ مَحْبُوبَ بْنَ مُوسَى الْأَنْطَاكِيَّ9 أَنَّهُ10 سَمِعَ وكيعًا11 يكفر

_ 1 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 2 الْحسن بن الرّبيع، تقدم ص"538". 3 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 4 فِي ط، س، ش "أَن قَول الله". 5 فِي الأَصْل، س "إِنِّي"، وَفِي ط، ش "إِنَّنِي" وَهُوَ الصَّوَاب 6 فِي ط، ش "فاعبدون" وَصَوَابه "فاعبدني"، انْظُر: سُورَة طه آيَة 14. 7 فِي ط، ش "أَنه مَخْلُوق". 8 تقدم تَخْرِيجه ص"538". 9 مَحْبُوب بن مُوسَى الْأَنْطَاكِي، تقدم ص"150". 10 فِي ط، ش "يَقُول أَنه سمع". 11 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150".

الْجَهْمِيَّةَ1. وَكَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ خَشْرَمٍ2 أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ3 كَانَ لَا يَعُدُّ الْجَهْمِيَّةَ4 فِي عِدَادِ الْمُسْلِمِينَ5. وَسَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى6 يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ7 مَنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ"8. فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَكْفَرُوهُمْ9 فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ10 وَابْنُ عَبَّاسٍ11 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا12 فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ وَأَنْزَلَاهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ بَدَّلَ دينه فَاسْتحقَّ بتبديله الْقَتْل.

_ "1، 4" الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". انْظُر تَخْرِيج ذَلِك ص"150". 2 عَليّ بن خشرم، تقدم ص"146". 3 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 5 انْظُر تَخْرِيجه ص"150". 6 لَعَلَّه يحيى بن يحيى بن كثير اللَّيْثِيّ, تقدم ص"151". 7 فِي ش "من كَلَام الله". 8 أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا روى عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وأئمة الْمُسلمين رَضِي الله عَنْهُم فِي أَن الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ص"253" بِسَنَدِهِ إِلَى مَحْمُود بن غيلَان يَقُول: سعمت يحيى بن يحيى يَقُول: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِر بِاللَّه الْعَظِيم وَعصى ربه وَبَانَتْ مِنْهُ امْرَأَته. 9 فِي س "أكفرهم". 10 عَليّ بن أبي طَالب، تقدم ص"525". 11 ابْن عَبَّاس، تقدم ص"172". 12 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش.

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ1، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ2 وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ3 عَنْ أَيُّوبَ4، عَنْ عِكْرِمَةَ5 إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِقَوْمٍ الزَّنَادِقَةِ7 فَحَرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ8 فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَوْ كُنْتُ لَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمَا حَرَقْتُهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ9: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ"، وَقَالَ10: "لَا تعذبوا بِعَذَاب".

_ 1 سُلَيْمَان بن حَرْب الْأَزْدِيّ الواشحي، بِمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة الْبَصْرِيّ القَاضِي بِمَكَّة، ثِقَة إِمَام حَافظ، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 24/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 1/ 322 وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 1/ 392: ولد سنة 113. 2 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452". 3 حَمَّاد بن حَازِم، تقدم ص"316"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 87 أَنه روى عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. 4 أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة، كيسَان السّخْتِيَانِيّ: بِفَتْح الْمُهْملَة بعْدهَا مُعْجمَة ثمَّ مثناه ثمَّ تَحْتَانِيَّة وَبعد الْألف نون، أَبُو بكر الْبَصْرِيّ، ثِقَة، ثَبت حجَّة، من كبار الْفُقَهَاء الْعباد، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة وَله خمس وَسِتُّونَ، ع. 5 عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس تقدم ص"286" وَفِي التَّهْذِيب الْكَمَال 2/ 950 أَنه روى عَن عَليّ وَعنهُ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. 6 عَليّ بن أبي طَالب، تقدم ص"525". 7 الزَّنَادِقَة، تقدمُوا ص"531" وَالْمرَاد بهم هُنَا فِيمَا ظهر لي السبئية كَمَا سيتبين من قصتهم. 8 ابْن عَبَّاس، تقدم ص"172". 9 الْعبارَة من قَوْله: "وَلما حرقتهم" إِلَى بداية الحَدِيث لَيست فِي ط، س، ش وبإثباتها جَاءَ لفظ الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية، بتحقيق الشاويش ص"113". 10 فِي ش "وَقيل".

اللَّهِ"1. فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ مَنْ رَوَيْنَا عَنْهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ فِي إِكْفَارِ الْجَهْمِيَّةِ2 وَقَتْلِهِمْ عَلَيْهِ، وَقَوْلِهِمْ: الْقُرْآنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. أَن هَذِه

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح، كتاب الْجِهَاد، بَاب لَا يعذب بِعَذَاب الله حَدِيث 3017، 6/ 149 عَن عِكْرِمَة أَن عليًّا حرق قوما فَبلغ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: لَو كنت أَنا لم أحرقهم؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "لَا تعذبو بِعَذَاب الله" ولقتلتهم كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "من بدل دينه قاقتلوه" وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه، كتاب اسْتِتَابَة الْمُرْتَدين، بَاب حكم الْمُرْتَد والمرتدة واستتابتهم، حَدِيث 6922، 12/ 267 عَن عِكْرِمَة عَن عَليّ وَفِيه: "أُتِي عَليّ رَضِي الله عَنهُ بزنادقة فأحرقهم....." إِلَخ، قلت: وَذكر شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية أَن الَّذين أحرقهم عَليّ هم من الغالية الَّذين قَالُوا: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَو غَيره من أهل الْبَيْت هُوَ الله، قَالَ: وَهَؤُلَاء هم الزَّنَادِقَة وَذكر الْقِصَّة. "انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 3/ 394". وَذكر ابْن حجر خبر حرق الزَّنَادِقَة من طَرِيق عبد الله بن شريك العامري، عَن أَبِيه وَفِيه أَنهم قَالُوا لعَلي: أَنْت رَبنَا وخالقنا ورازقنا. وَإسْنَاد الْخَبَر حسن كَمَا قَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح 12/ 270، وَيُمكن القَوْل بِأَن لفظ الزندقة الْوَارِد هُنَا لَيْسَ غَرِيبا على عبد الله بن سبأ والسبئية، يَقُول الذَّهَبِيّ: "عبد الله بن سبأ من غلاة الزَّنَادِقَة، ضال مضل، أَحسب أَن عليًّا حرقه بالنَّار" انْظُر: ميزَان الِاعْتِدَال 2/ 426، وَظن الذَّهَبِيّ فِي إحراق عَليّ لِابْنِ سبأ غير صَحِيح لثُبُوت وجوده بعد موت عَليّ، وَقَالَ ابْن حجر: "عبد الله بن سبأ من غلاة الزَّنَادِقَة" لِسَان الْمِيزَان 3/ 389: وَقَالَ أَيْضا: وَله أَتبَاع يُقَال: لَهُم السبئية معتقدون الإلهية فِي عَليّ بن أبي طَالب وَقد أحرقهم عَليّ بالنَّار خِلَافَته. لِسَان الْمِيزَان 3/ 290. رِسَالَة ماجستير، إعداد سُلَيْمَان حمد العودة، ص"265". 2 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138".

الرِّوَايَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا لَيْسَ أَثَرًا1 عِنْدَهُ. لَمَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ2 قَالَ: "الْأَثَرُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ. وَمَا بَعْدَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ بِأَثَرٍ"3. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: فَكَيْفَ جَعَلْتَ أَنْتَ أَثَرًا مَا رَوَيْتَ4 فِي رَدِّ مَذْهَبِنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ5 وَأَبِي يُوسُفَ6 وَأَبِي أُسَامَةَ7 وَأَبِي مُعَاوِيَةَ8، وَالْمَرِيسِيِّ، وَاللُّؤْلُؤِيِّ9، وَالثَّلْجِيِّ10؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا رَوَيْنَا مِنْ ذَلِكَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ11 وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ12، وَبَقِيَّةَ بن الْوَلِيد13 وَابْن

_ 1 فِي الأَصْل، س "أثر" بِالرَّفْع. 2 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167". 3 هَذَا من دَعْوَى الْمعَارض، وَلم أَقف فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من كتب عُلُوم الحَدِيث على من نسب هَذَا القَوْل إِلَى أبي يُوسُف وَكَذَا فِي مصنفات أبي يُوسُف نَفسه ككتاب الْآثَار، وَكتاب الْخراج وَغَيرهمَا، بل إِن من تَأمل كِتَابه "لآثار" يجد أَنه أورد فِيهِ أَخْبَارًا، ونقولًا كَثِيرَة عَن التَّابِعين، مِمَّا ينْقض دَعْوَى الْمعَارض عَلَيْهِ. وعَلى فرض ثُبُوته فاستدلال الْمعَارض بِهِ اسْتِدْلَال فِي غير مَحَله، ثمَّ هُوَ أَيْضا محجوج بتناقض الْمعَارض فِي أَقْوَاله كَمَا هُوَ وَاضح من رد الدَّارمِيّ عَلَيْهِ. 4 فِي ط، ش "مَا رويت أثرا"، وَفِي س "مَا رويت أثر". 5 أَبُو حنيفَة النُّعْمَان بن ثَابت، تقدم ص"192". 6 أَبُو يُوسُف، تقدم ص"167". 7 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416". 8 أَبُو مُعَاوِيَة، تقدم ص"157". 9 اللؤْلُؤِي، تقدم ص"556". 10 فِي ط، ش "وَابْن الثَّلْجِي". 11 جَعْفَر بن مُحَمَّد، تقدم ص"154". 12 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244". 13 بَقِيَّة بن الْوَلِيد، تقدم ص"380".

الْمُبَارَكِ1، وَوَكِيعٍ2 وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ3 ونظرائهم أثرا عنْدك4، فأبعد من الْأَثَرِ مَا احْتَجَجْتَ فِي رَدِّهِ عَنِ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ وَاللُّؤْلُؤِيِّ5 وَنُظَرَائِهِمْ. فَكَيْفَ أَقَمْتَ أَقَاوِيلَ هَؤُلَاءِ الْمُتَّهَمِينَ لِنَفْسِكَ أَثَرًا، وَلَا تُقِيمُ، أَقَاوِيلَ هَؤُلَاءِ الْمُتَمَيِّزِينَ لَنَا أَثَرًا؟ مَعَ أَن يُوسُفَ6 إِنْ قَالَ لَيْسَتْ أَقَاوِيلُ التَّابِعِينَ بِأَثَرٍ فَقَدْ أَخْطَأَ. إِنَّمَا يُقَالُ: لَيْسَ اخْتِلَافُ التَّابِعِينَ سُنَّةً لَازِمَةً كَسُنَنِ7 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ. فَأَمَّا أَنْ لَا يَكُونَ أَثَرًا8 فَإِنَّهُ أَثَرٌ لَا شَكَّ فِيهِ. وَأَقَاوِيلُهُمْ أَلْزَمُ لِلنَّاسِ مِنْ أَقَاوِيلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى9 أَثْنَى عَلَى التَّابِعِينَ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} 10 فَشهد11 بِاتِّبَاع

_ 1 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 2 وَكِيع، تقدم ص"150". 3 عِيسَى بن يُونُس، تقدم ص"146". 4 فِي ط، س، ش "عنْدك بأثر". 5 فِي ط ش "واللؤلؤي وَابْن الثَّلْجِي"، فِي س "واللؤلؤي والثلجي"، وَانْظُر تَرْجَمَة اللؤْلُؤِي ص"556" والثلجي ص"73-90". 6 أَبُو يُوسُف، تقدم ص"167". 7 فِي ط، ش "كسنن". 8 فِي س "أثر" وَصَوَابه بِالنّصب. 9 لفظ "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 10 [سُورَة التَّوْبَة، آيَة 100] . 11 فِي ط، س، ش "فَشهد لَهُم".

الصَّحَابَةِ1، وَاسْتِيجَابِ الرُّضْوَانِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ سَمَّوْهُمُ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يَزَالُوا يَأْثِرُونَ2 عَنْهُمْ3 بِالْأَسَانِيدِ كَمَا يَأْثِرُونَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَيَحْتَجُّونَ بِهِمْ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ وَيَرَوْنَ آرَاءَهُمْ أَلْزَمَ مِنْ آرَاءِ من بعدهمْ، للاسم تَابِعِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى لَقَدْ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ5 لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ6: "وَلَا تُفْتِ النَّاسَ بِرَأْيِكَ" فَقَالَ: "رَأْيُنَا لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ آرَائِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ"7، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ8 مَا رُوِيَ عَن التَّابِعين

_ 1 فِي ط، س، ش "الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم". 2 فِي ط، ش "يؤثرون". 3 فِي س "عَنهُ" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى. 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تقدم ص"176". 6 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227". 7 أخرجه ابْن سعد فِي الطَّبَقَات، طبعة دَار بيروت 7/ 165 قَالَ: أخبرنَا روح ابْن عبَادَة قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن الْجريرِي أَن أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ لِلْحسنِ بن أبي الْحسن: أَرَأَيْت مَا تُفْتِي النَّاس أَشْيَاء سمعته أم بِرَأْيِك؟ فَقَالَ الْحسن: "لَا وَالله مَا كل مَا نفتي بِهِ سمعناه، وَلَكِن رَأينَا لَهُم خير من رَأْيهمْ لأَنْفُسِهِمْ" وَأخرجه ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 2/ 75 عَن الْحسن وَذكره ابْن الْقيم فِي إِعْلَام الموقعين طبعة درا الجيل 1/ 74 عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَيْضا. 8 أَبُو يُوسُف، تقدم ص"167".

أَثَرًا1 فَبِئْسَ2 مَا أَثْنَى عَلَى زَعِيمِهِ3 وَإِمَامِهِ أَبِي حَنِيفَةَ4، إِذْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ عَامَّةَ فُتْيَاهُ بِغَيْرِ أَثَرٍ؛ لِأَنَّ عِظَمَ5 مَا أَفْتَى وَأَخَذَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِمَّا رَوَاهُ عَن حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ6، وَكَانَ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ فَقَدْ شَهِدَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِغَيْرِ أَثَرٍ، وَعَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَبِعَهُ فِي فُتْيَاهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ7، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا روى عَن التَّابِعين آثارعند أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَكُمْ8 فَكَيْفَ سَمَّيْتَ رَأْيَ إِبْرَاهِيمَ: آثَارَ أَبِي حَنِيفَةَ؟ وَإِنَّمَا

_ 1 فِي الأَصْل "أثر" بِالرَّفْع وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ خبر "يكن". 2 فِي ط، س، ش "فَلَيْسَ" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 فِي س "زَعمه" ويتضح الْمَعْنى بِمَا أُثبتناه. 4 أَبُو حنيفَة، تقدم ص"192". قلت: وَعُثْمَان بن سعيد يحسن الظَّن بِأبي يُوسُف وَأبي حنيفَة رحمهمَا الله وَلَكِن الَّذِي حمله على هَذَا هُوَ قُوَّة اندفاعه فِي الرَّد على الْخصم كَمَا هُوَ وَاضح لمن تَأمل هَذَا الْكتاب. 5 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ ولعلها "أعظم 6 فِي ط، س، ش "عَن حَمَّاد بن إِبْرَاهِيم" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل. تَأمل السطور الَّتِي بعده، وَحَمَّاد هَذَا هُوَ ابْن أبي سُلَيْمَان مُسلم الْأَشْعَرِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو إِسْمَاعِيل الْكُوفِي، فَقِيه صَدُوق، وَله أَوْهَام، من الْخَامِسَة، رمي بالإرجاء، مَاتَ سنة عشْرين أَو قبلهَا، خت بخ م وَالْأَرْبَعَة، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 3/ 16 أَنه روى عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَعنهُ أَبُو حنيفَة. وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، تقدم ص"374"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1/ 67 أَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان روى عَنهُ. 7 فِي ط، س، ش "بصر". 8 فِي ط "عِنْد أبي يُوسُف وعندكم أثر"، وَفِي س "عِنْد أبي يُوسُف وعندكم" وَلم يذكر لَفْظَة "أثر"، وَفِي ش "عِنْد أبي يُوسُف وعندكم أثرا". قلت: أَبُو يُوسُف صَاحب أبي حنيفَة، تقدم ص"167".

نقل المؤلف أقوال السلف في الحكم على الجهمية والزنادقة

نقل الْمُؤلف أَقْوَال السّلف فِي الحكم على الْجَهْمِية والزنادقة إِبْرَاهِيمُ1 مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ. كَذَبْتُمْ إِذًا فِيمَا ادَّعَيْتُمْ مِنْ ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ2 أَنَّهُ أَثَرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَكُمْ. فَتَفَهَّمْ3 أَيُّهَا الْمُعَارِضُ ثُمَّ تَكَلَّمْ، وَلَا تَنْطِقَنَّ4 بِمَا5 لَا تَعْلَمُ، فَإِنْ كُنْتَ لَا تُحْسِنُ فَتَعَلَّمْ، وَلَا تُرْسِلْ مِنْ رَأسك من يَأْخُذُ مِنْكَ بِالْكَظْمِ، فَيَنْقُضَ عَلَيْكَ وَتُطَلَّمَ6 وَتُعَدَّ فِي عِدَادِ مَنْ لَا يفهم7.

_ 1 إِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، تقدم ص"374". 2 أَبُو حنيفَة، تقدم ص"192". 3 فِي ط، ش "فَافْهَم"، وَفِي س "فيهم" وَهُوَ بعيد. 4 فِي ط، س، ش "وَلَا تنطق". 5 فِي ط، س، ش "فِيمَا". 6 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وتلطم" انْتهى، قَالَ ابْن مَنْظُور: "وأصل الطلم الضَّرْب ببسط الْكَفّ، وطلم الْعرق عَن جَبينه مَسحه، قَالَ حسان: تظل جيادنا متمطرات ... يطلمهمن بِالْخمرِ النِّسَاء قَالَ ابْن الْأَثِير: وَالْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة تلطمهن وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. بِتَصَرُّف. انْظُر: لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور، إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 2/ 610 مَادَّة "طلم". 7 قَالَ فِي الأَصْل: آخر الْجُزْء الثَّانِي وَأول الْجُزْء الثَّالِث.

المجلد الثاني

المجلد الثَّانِي تَابع الْقسم الثَّانِي: الْكتاب محققا الْجُزْء الثَّالِث بَابٌ الْحَثُّ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ والذب عَن أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَفَضْلُهُمْ على غَيرهم مدْخل بَابٌ 1: الحثِّ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 2 الْحَدِيثُ والذبِّ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَفَضْلُهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ 3 وادَّعى الْمُعَارِضُ4 عَنْ أَبِي يُوسُفَ5 قَوْلَهُ: إِنَّ الْأَثَرَ6 مَا رُوي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ7. ثُمَّ أَنْشَأَ طاعنًا على الْآثَار.

_ 1 فِي ط، ش بَدَأَ العنوان بقوله: "الْجُزْء الثَّالِث من كتاب نقض الدَّارمِيّ على المريسي/ بَاب فِي الْحَث على طلب الحَدِيث.... الخ" وَفِي س بَدَأَ العنوان بقوله: "بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، بَاب فِي الْحَث على طلب الحَدِيث ... إِلَخ". 2 فِي ط، س، ش "عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه الحَدِيث". 3 فِي ط، س، ش قَالَ بعد هَذَا "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، رَبِّ يسِّر وأعن بِرَحْمَتك يَا كريم، أخبرنَا الشَّيْخ أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَحْنَفِ قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ الْحَافِظ قَالَ: أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمُزَكِّي قَالَ: أخبرنَا أَبُو عبد الله بن إِبْرَاهِيم الصرام رَحمَه الله قَالَ: أخبرنَا أَبُو سعيد الدَّارمِيّ فِيمَا أذن لي أَن أرويه عَنهُ قَالَ: ادَّعى هَذَا الْمعَارض ... إِلَخ". 4 فِي ط، س، ش "ادّعى هَذَا الْمعَارض". 5 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167". 6 فِي ط "أَن الْأَثر" بِفَتْح همزَة "أَن" وَصَوَابه الْكسر، لِأَنَّهَا وَقعت مقول القَوْل. 7 لفظ: "أَجْمَعِينَ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: وَقد تقدَّم الْكَلَام فِيمَا نسبه الْمعَارض إِلَى أبي يُوسُف ص"592".

ورُوي1 عَنْ أَبِي يُوسُفَ2 الْآثَارَ تَصُدُّ النَّاسَ عَنْ طَلَبِهَا3 وَتُزَهِّدُهُمْ4 فِيهَا بِتَأْوِيلِ ضَلَالٍ5 يُرَى مِنْ بَيْنِ ظَهْرَيْهِ أَنَّهُ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ ذَلِكَ مُصِيبٌ. فَكَانَ مِمَّا تَأَوَّلَ فِي رَدِّهَا أَنْ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "سَيَفْشُو الْحَدِيثُ عَنِّي، فَمَا وَافَقَ مِنْهَا الْقُرْآنَ فَهُوَ عَنِّي، وَمَا خَالَفَهُ فَلَيْسَ عني"6.

_ 1 فِي ط، ش "فروى" وَفِي س "روى". 2 فِي طن س، ش "عَن أبي يُوسُف أَنه قَالَ" وَانْظُر تَرْجَمَة أبي يُوسُف ص"167". 3 الْعبارَة غير وَاضِحَة فَلم يظْهر لي مَعَ التَّأَمُّل هَل الْعبارَة من قَول أبي يُوسُف أَو أَنَّهَا من تَفْسِير الدَّارمِيّ لغَرَض الْمعَارض؟ كَمَا أَنِّي لم أَقف لأبي يُوسُف على مَا يدل على هَذَا القَوْل. 4 فِي س "ويزهدهم". 5 فِي ط، ش "بِتَأْوِيل ضال". 6 الحَدِيث ظَاهر الْبطلَان والوضع وَقد ذكره الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد جـ1 ص"170" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي آخِره بِلَفْظ: "وَأَنه ستفشو عني أَحَادِيث، فَمَا أَتَاكُم من حَدِيثي فاقرأوا كتاب الله فاعتبروه، فَمَا وَافق كتاب الله فَأَنا قلته، وَمَا لم يُوَافق كتاب الله فَلم أَقَله"، وَقَالَ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير، وَفِيه أَبُو حَاضر عبد الْملك بن عبد ربه وَهُوَ مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ فِي عون المعبود حَاشِيَة سنَن أبي دَاوُد 4/ 239: "فَأَما مَا رَوَاهُ بَعضهم أَنه قَالَ: إِذا جَاءَكُم الحَدِيث فاعرضوه على كتاب الله، فَإِن وَافقه فَخُذُوهُ" فَإِنَّهُ حَدِيث بَاطِل لَا أصل لَهُ، وَقد حكى زَكَرِيَّا السَّاجِي عَن يحيى بن معِين أَنه قَالَ: هَذَا حَدِيث وَضعته الزَّنَادِقَة". قلت: وَقد ذكر الْعَلامَة مُحَمَّد حَامِد الفقي فِي تَعْلِيقه على المطبوعة المرموز =

فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَقَدْ تَأَوَّلْتَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا أَرَادَ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَيَفْشُو الْحَدِيثُ عَنِّي" عَلَى مَعْنَى1 أَنَّهُ يَتَدَاوَلُهُ الْحُفَّاظُ مِنَ النَّاسِ وَالصَّادِقُ، وَالْكَاذِبُ، وَالْمُتْقِنُ، وَالْمُغَفَّلُ، وَصَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَدْ تَبَيَّنَ مَا قَالَ فِي الرِّوَايَاتِ، وَلِذَلِكَ ينتقدها2.

_ = لَا بالرمز ط. ص"129" كلَاما طيبا على هَذَا الحَدِيث أَحْبَبْت أَن أنقله بنصه مَعَ شَيْء من الزِّيَادَة والإيضاح فِي المصادر قَالَ: "فِي الرسَالَة للشَّافِعِيّ قَالَ: أفتجد حجَّة على من روى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "فِي الرسال للشَّافِعِيّ قَالَ: أفتجد حجَّة على من روى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا جَاءَكُم عني فاعرضوه على كتاب الله، فَمَا وَافقه فَأَنا قلته، وَمَا خَالفه فَلم أَقَله. فَقلت لَهُ: مَا روى هَذَا أحد يثبت حَدِيثه فِي صغر وَلَا كبر فَيُقَال لنا: قد ثبتمْ حَدِيث من روى هَذَا فِي شَيْء. وَهَذِه أَيْضا رِوَايَة مُنْقَطِعَة عَن رجل مَجْهُول لَا تقبل مثل هَذِه الرِّوَايَة فِي شَيْء". انْظُر الرسَالَة للشَّافِعِيّ/ تَحْقِيق أَحْمد شَاكر ص"224-225" وَنقل الفتني فِي تذكرة الموضوعات بذيلها قانون الموضوعات ص"28" عَن الْخطابِيّ أَنه قَالَ: وَضعته الزَّنَادِقَة. وَنقل هُوَ والعجلوني عَن الصغاني أَنه مَوْضُوع. انْظُر: كشف الخفاء للعجلوني 1/ 86. ورد ابْن حزم فِي الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام ط. الأولى 2/ 76-82: هَذَا الحَدِيث ردا لَا يدع مجالًا للشَّكّ فِي أَنه من وضع الزَّنَادِقَة. قلت: وَكَانَ مِمَّا قَالَه فِي ذَلِك: "وَلَو أَن امْرَءًا قَالَ: لَا نَأْخُذ إِلَّا مَا وجدنَا فِي الْقُرْآن لَكَانَ كَافِرًا بِإِجْمَاع الْأمة، ولكان لَا يلْزمه إِلَّا رَكْعَة مَا بَين دلوك الشَّمْس إِلَى غسق اللَّيْل، وأُخرى عِنْد الْفجْر، لِأَن ذَلِك أقل مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم الصَّلَاة، وَلَا حد للْأَكْثَر من ذَلِك". وَقَالَ العجلوني فِي خَاتِمَة كِتَابه كشف الخفاء 2/ 423: "وَبَاب إِذا سَمِعْتُمْ عني حَدِيثا فاعرضوه على كتاب الله، فَإِن وَافقه فاقبلوه وَإِلَّا فَردُّوهُ" لم يثبت فِيهِ شَيْء، وَهَذَا الحَدِيث من أوضع الموضوعات؛ بل صَحَّ خِلَافه: "أَلا وَإِنِّي أُوتيت الْقُرْآن وَمثله مَعَه" وَجَاء فِي حَدِيث آخر صَحِيح: "لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على متكأ يصل إِلَيْهِ عني حَدِيث فَيَقُول: لَا نجد هَذَا الحكم فِي الْقُرْآن، أَلا وَإِنِّي أُوتيت الْقُرْآن وَمثله مَعَه". 1 عبارَة "على معنى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ ينقدها".

أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهَا، فَيَسْتَعْمِلُونَ فِيهَا رِوَايَةَ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ، وَيَدْفَعُونَ رِوَايَةَ الْغُفَلَاءِ النَّاسِينَ1، وَيُزِيِّفُونَ2 مِنْهَا مَا رَوَى الكذَّابون. وَلَيْسَ إِلَى كُلِّ أَحَدٍ الِاخْتِيَارُ مِنْهَا، وَلَا كُلُّ النَّاسِ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَى الْقُرْآنِ، فَيَعْرِفَ مَا وَافَقَهُ مِنْهَا مِمَّا خَالَفَهُ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى الْفُقَهَاءِ، الْعُلَمَاءِ الْجَهَابِذَةِ3 النُّقَّادِ لَهَا الْعَارِفِينَ بِطُرُقِهَا وَمَخَارِجِهَا، خِلَافَ الْمَرِيسِيِّ وَاللُّؤْلُؤِيِّ4 وَالثَّلْجِيِّ5 وَنُظَرَائِهِمُ الْمُنْسَلِخِينَ مِنْهَا، وَمِنْ مَعْرِفَتِهَا، وَمِمَّا يُصَدِّقُهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى6 فَقَدْ أَخَذْنَا بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نَقْبَلْ مِنْهَا إِلَّا مَا رَوَى الْفُقَهَاءُ الحفَّاظ الْمُتْقِنُونَ، مِثْلُ: مَعْمَرٍ7، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ8، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ9، وَابْنِ عُيَيْنَةَ10، وَزُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ11، وَزَائِدَةَ12،

_ 1 فِي الأَصْل: "الناسيين" بيائين. 2 أَي يردوا مَا رَوَاهُ الكذابون، والزيف من وصف الدَّرَاهِم يُقَال: زافَت عَلَيْهِ دارهمه أَي صَارَت مَرْدُودَة لغش فِيهَا، وَقد زُيِّفت إِذا ردَّتْ، انْظُر: لِسَان الْعَرَب 3/ 71 مَادَّة زيف. 3 الجهابذة جمع جهبذ، تقدم مَعْنَاهَا ص"431". 4 اللؤْلُؤِي، تقدم ص"556". 5 فِي ط، ش "وَابْن الثَّلْجِي". 6 لَفْظَة: "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش 7 معمر بن رَاشد، تقدم ص"205". 8 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 9 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 10 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 11 زُهَيْر بن مُعَاوِيَة، تقدم ص"520". 12 قَالَ فِي التَّقْرِيب 1/ 256: زَائِدَة بن قدامَة الثَّقَفِيّ، أَبُو الصَّلْت الْكُوفِي، ثِقَة ثَبت، صَاحب سنة، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 60، وَقيل: بعْدهَا/ ع.

وَشَرِيكٍ1، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ2، وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ3، وَابْنِ الْمُبَارَكِ4، وَوَكِيعٍ5، وَنُظَرَائِهِمُ الَّذِينَ اشْتَهَرُوا بِرِوَايَتِهَا وَمَعْرِفَتِهَا وَالتَّفَقُّهِ فِيهَا خِلَافَ6 تَفَقُّهِ الْمَرِيسِيِّ، وَأَصْحَابِهِ، فَما تَدَاوَلَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ وَنُظَرَاؤُهُمْ7 عَلَى الْقَبُولِ قَبِلْنَا، وَمَا رَدُّوهُ رَدَدْنَاهُ، وَمَا لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ تَرَكْنَاهُ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَمَعَانِيهِ، وَأَبْصَرَ بِمَا وَافَقَهُ مِنْهَا مِمَّا خَالَفَهُ مِنَ الْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِ، فَاعْتَمَدْنَا عَلَى رِوَايَاتِهِمْ، وَقَبِلْنَا مَا قَبِلُوا، وَزَيَّفْنَا8 مِنْهَا مَا رَوَى الْجَاهِلُونَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الْمُعَارِضِ، مِثْلِ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ، فَأَخَذْنَا نَحْنُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِكَ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَن، وَتَرَكْتَهُ أَنْتَ لِأَنَّكَ احْتَجَجْتَ فِي رَدِّ مَا رَوَى هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامُ الْمَشْهُورُونَ، الْعَالِمُونَ مَا وَافَقَ مِنْهَا كِتَابَ اللَّهِ مِمَّا خَالَفَهُ، بِأَقَاوِيلِ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ الْمَغْمُورِينَ9 وَالشَّاهِدُ عَلَيْكَ10 بِمَا أَقُولُ كِتَابُكَ هَذَا الَّذِي ألَّفته عَلَى نَفْسِكَ لَا عَلَى غَيْرك.

_ 1 شريك، تقدم ص"330". 2 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452". 3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 4 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 5 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 6 فِي ط، س، ش "بِخِلَاف". 7 فِي س "ونظرائهم" وَصَوَابه الرّفْع. 8 تقدم مَعْنَاهَا ص"602". 9 فِي ط، ش "المغموزين" بالزاي وَمَعْنَاهَا ظَاهر، والمغمور تقدم مَعْنَاهَا ص"147". 10 فِي ط، س، ش "وَالشَّاهِد عَلَيْهِم".

وَاحْتَجَجْتَ أَيْضًا فِي رَدِّ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ1 أَنَّهَا رَأْسُ الْآثَارِ وَأَلْزَمُهَا للنَّاس بكذ ادَّعَيْتَهُ، زَعَمْتَ أَنَّهُ صَحَّ عِنْدَكَ أَنَّهُ لَمْ تُكْتَبِ الْآثَارُ، وَأَحَادِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ عُثْمَانُ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ وَكَثُرَ الطَّعْنُ عَلَى مَنْ رَوَاهَا. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: دَعْوَاكَ هَذِهِ كَذِبٌ، لَا يَشُوبُهُ شَيْءٌ مِنَ الصِّدْقِ، فَمِنْ أَيْنَ صَحَّ عِنْدَكَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ لم تكن تكْتب عَنْ3 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ عُثْمَانُ؟ وَمَنْ أَنْبَأَكَ بِهَذَا؟ فَهَلُمَّ إِسْنَادَهُ4، وَإِلَّا فَإِنَّكَ5 مِنَ الْمُسْرِفِينَ عَلَى نَفْسِكَ، الْقَائِلِينَ فِيمَا لَا يَعْلَمُ6، فَقَدْ صحَّ عِنْدَنَا أَنَّهَا كُتِبَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَالْخُلَفَاء

_ 1 أَبُو يُوسُف، تقدم ص"167". 2 عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس، الْأمَوِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، ذُو النورين، أحد السَّابِقين الْأَوَّلين، وَالْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة، وَالْعشرَة المبشرة، اسْتشْهد فِي ذِي الْحجَّة، بعد عيد الْأَضْحَى سنة 35، وَكَانَت خِلَافَته اثْنَتَيْ عشرَة سنة، وعمره ثَمَانُون، وَقيل: أَكثر، وَقيل: أقل/ ع، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 3/ 69-85، وَأسد الغابة 3/ 376-384، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 2/ 455-456، وتهذيب التَّهْذِيب 7/ 139-142. 3 فِي ط، س، ش "على عهد". 4 فِي ط، س، ش "فَهَلُمَّ أسْندهُ". 5 فِي ط، س، ش "فَأَنت". 6 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، ش "بِمَا لَا يعلمُونَ" وَهُوَ أنسب للسياق.

بَعْدَهُ، كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْهَا صحيفَة، وَهُوَ أحد الْخُلَفَاء من2 رَسُول الله فَقَرَنَهَا بِسَيْفِهِ، فِيهَا أَمْرُ الْجِرَاحَاتِ وَأَسْنَانِ الْإِبِلِ، وَفِيهَا "الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَو آوى مُحدثا عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" وَإِذَا فِيهَا3 "الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ" وَإِذَا فِيهَا4 "لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ" رَوَاهُ الْأَعْمَشُ5 عَنْ6 إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ7 عَنْ أَبِيه8 عَن عَليّ9.

_ 1 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"525". 2 فِي ط، ش "عَن". 3 فِي ط، ش "وفيهَا". 4 فِي ط، ش "وفيهَا". 5 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 6 فِي ش "الْأَعْمَش بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل. 7 إِبْرَاهِيم بن سَالم بن أبي أُميَّة التَّمِيمِي الْمدنِي أَبُو إِسْحَاق، الْمَعْرُوف ببردان بِفَتْح الْمُوَحدَة وَالرَّاء، صَدُوق من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 53/د، انْظُر: وَذكر الذَّهَبِيّ أَنه روى عَن أَبِيه سَالم أبي النَّضر وَسَعِيد بن الْمسيب وَغَيرهم "انْظُر: الكاشف 1/ 80، وَالْخُلَاصَة ص17". 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 279/1: سَالم بن أبي أُميَّة، أَبُو النَّضر، مولى عمر بن عبيد الله التَّيْمِيّ، الْمدنِي ثِقَة، ثَبت وَكَانَ يُرْسل، ن الْخَامِسَة مَاتَ سنة 29/ع. 9 فِي ط، س، ش عَليّ بن أبي طَالب، قلت: انْظُر تَرْجَمته ص"525". قلت: الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، فتح الْبَارِي/ كتاب الْعلم، بَاب كِتَابَة الْعلم، حَدِيث 111، 204/1، وَكتاب فَضَائِل الْمَدِينَة، بَاب حرم الْمَدِينَة، حَدِيث 1870، 81/4، وَانْظُر: الْمصدر نَفسه الْأَحَادِيث 3047، 3172، 3179، 6903، 6915، 7300.

فَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَدْ جِئْنَاكَ بِهِ فِي خِلَافِ دَعْوَاكَ، فَعَمَّنْ1 رَوَيْتَ الْحَدِيثَ الَّذِي ادَّعَيْتَ أَنَّهُ صَحَّ عِنْدَكَ؟ فَأَظْهِرْهُ حَتَّى نَعْرِفَهُ كَمَا عَرَفْنَا هَذَا. حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ2 ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ3 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقه4، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْريّ5 عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة6 قَالَ: جَاءَت سعاة

_ = وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه، إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، كتاب الزَّكَاة، بَاب زَكَاة السَّائِمَة، حَدِيث 1568، 224/1-226، من طرق الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه مطولا. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي، أَبْوَاب الزَّكَاة، بَاب مَا جَاءَ فِي زَكَاة الْإِبِل وَالْغنم، حَدِيث 617، 252/3، عَن سَالم عَن أَبِيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم كتب كتاب الصَّدَقَة فَلم يُخرجهُ إِلَى عماله حَتَّى قُبض فقرنه بِسَيْفِهِ، فَلَمَّا قبض عمل بِهِ أَبُو بكر حَتَّى قبض، وَعمر حَتَّى قبض، وَكَانَ فِيهِ "وَفِي خمس من الْإِبِل شَاة ... الحَدِيث". قَالَ المباركفوري فِي شَرحه: "قَوْله: فقرنه بِسَيْفِهِ أَي كتب كتاب الصَّدَقَة فقرنه بِسَيْفِهِ لإِرَادَة أَن يُخرجهُ إِلَى عماله فَلم يُخرجهُ حَتَّى قبض، فَفِي الْعبارَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، قَالَ أَبُو الطّيب السندي: وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن من منع مَا فِي هَذَا يُقَاتل بِالسَّيْفِ". 1 فِي س "فَعَن من". 2 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 3 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 168/2: مُحَمَّد بن سوقة بِضَم الْمُهْملَة الغنوي بِفَتْح الْمُعْجَمَة، وَالنُّون الْخفية، أَبُو بكر الْكُوفِي العابد، ثِقَة، مرضِي عَابِد من الْخَامِسَة/ع. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 275/2: الْمُنْذر بن يعلى الثَّوْريّ بِالْمُثَلثَةِ، أَبُو يعلى الْكُوفِي، ثِقَة من السَّادِسَة/ ع، وَذكر فِي الكاشف 175/3 أَنه رُوِيَ عَن ابْن الْحَنَفِيَّة وَعنهُ ابْن سوقة. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 192/2: مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب الْهَاشِمِي أَبُو الْقَاسِم ابْن الْحَنَفِيَّة، الْمدنِي، ثِقَة عَالم من الثَّانِيَة، مَاتَ بعد الثَّمَانِينَ/ع.

عُثْمَانَ1 إِلَى عَلِيٍّ 2 يَشْكُونَهُ، فَقَالَ لِي: خُذْ هَذِهِ الصَّحِيفَةَ فَإِنَّ فِيهَا سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاذْهَبْ بِهَا إِلَى عُثْمَانَ، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهَا إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهَا، وَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيًّا وَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: "ضَعْهَا مَكَانَهَا" 3. فَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 وَهُوَ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ كَتَبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5 قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ عُثْمَانُ. فَمِنْ أَيْنَ صَحَّ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّهُ لَمْ يكْتب

_ 1 عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"604". 2 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"525". 3 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشركه، الْفَتْح، كتاب فرض الْخمس، بَاب مَا ذكر من درع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَصَاهُ وسيفه، حَدِيث 31111، 213/6، قَالَ: "حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، حَدثنَا سُفْيَان عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ مُنْذر عَن ابْن الْحَنَفِيَّة، قَالَ: لَو كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ ذَاكِرًا عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ذكره يَوْم جَاءَهُ نَاس فشكوا سعاة عُثْمَان، فَقَالَ عَليّ: اذْهَبْ إِلَى عُثْمَان فَأخْبرهُ أَنَّهَا صَدَقَة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فمُرّسعاتك يعملوا بهَا، فَأَتَيْته بهَا فَقَالَ: أغنها عنَّا. فَأتيت بهَا عليا فَأَخْبَرته فَقَالَ: ضعها حَيْثُ أَخَذتهَا" وَانْظُر الْمصدر نَفسه الحَدِيث بعده مُخْتَصرا. قَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح جـ215/6: "ونرى أَن عُثْمَان إِنَّمَا رده لِأَن عِنْده علما من ذَلِك فاستغنى عَنهُ". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 141/1 قَالَ: حَدثنِي عبد الله، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أَنبأَنَا ابْن عُيَيْنَة بِهَذَا السَّنَد بِنَحْوِهِ. 4 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"525". 5 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمَة عُثْمَان ص"604".

الْحَدِيثُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ1 فَأَسْنِدْهُ2 كَمَا أَسْنَدْنَا3 لَكَ وَإِلَّا فَلِمَ تَدَّعِي مَا لَا تَعْقِلُهُ وَلَا تَفْهَمُهُ؟ فَيَسْمَعُ بِهِ مِنْكَ سَامِعٌ مِنِ الْجُهَّالِ يَحْسَبُ أَنَّكَ4 مُصِيبٌ فِي دَعْوَاكَ. وَأَنْتَ فِيهَا مُبْطِلٌ وَإِنَّمَا قَالَ عُثْمَانُ: "لَا حَاجَةَ لَنَا فِي الصَّحِيفَةِ" عَلَى مَعْنَى أَنَّا نُحْسِنُهَا وَنَعْرِفُ مِنْهَا مَا فِي الصَّحِيفَةِ5. ثُمَّ كَتَبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو6، فَأكْثر، واستأذنه فِي الْكتاب7 عَنهُ فَأذن لَهُ8.

_ 1 فِي ط، س، ش "عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ" انْظُر تَرْجَمته ص"604". 2 فِي ط، ش "أسْندهُ". 3 فِي ط، ش، س "كَمَا أسندناه". 4 فِي ط، س، ش "يحسبك أَنَّك". 5 فِي ط، س، ش "على معنى أننا نعرفها ونحسن مَا فِي الصَّحِيفَة" وَهُوَ أوضح. 6 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"256". 7 فِي ط، س، ش "فِي الْكِتَابَة". 8 فِي ش "تَأذن" وَظَاهر أَنه تَصْحِيف. قلت: أما اسْتِئْذَان عبد الله بن عَمْرو النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَن يكْتب عَنهُ، فقد ذكر الدَّارمِيّ مَا يدل عله كَمَا سيتبين قَرِيبا، وَأما الْإِكْثَار من ذَلِك فَيدل لَهُ تِلْكَ الصَّحِيفَة الْمَشْهُورَة الَّتِي كَانَ يسميها عبد الله ابْن عَمْرو "الصَّحِيفَة الصادقة"، وَقد رَآهَا مُجَاهِد بن جبر عِنْد عبد الله بن عَمْرو، فَذهب ليتناولها، فَقَالَ لَهُ: "مَه يَا غُلَام بني مَخْزُوم" قَالَ مُجَاهِد: قلت: مَا كنت تمنعني شَيْئا قَالَ: "هَذِه الصادقة فِيهَا مَا سمعته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ بيني وَبَينه أحد" انْظُر: طَبَقَات ابْن سعد، طبعة ليدن جـ7 قسم 2 ص"189"، وَانْظُر: الْمُحدث الْفَاصِل للرامهرمزي تَحْقِيق د. مُحَمَّد عجاج الْخَطِيب ص"367"، وبنحوه فِي تَقْيِيد الْعلم للخطيب الْبَغْدَادِيّ تَحْقِيق يُوسُف العش ص"84". وَالظَّاهِر أَن حفيده عَمْرو بن شُعَيْب كَانَ يحدث مِنْهَا، "انْظُر تَهْذِيب التَّهْذِيب 48/8-49، وَانْظُر أَيْضا السّنة قبل التدوين لمُحَمد عجاج الْخَطِيب ص"348-352".

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ1 ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ2 عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ3 عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ4 عَنْ أَخِيهِ5 قَالَ: سمعتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6 يَقُولُ: "مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ7 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَأَنَا كُنْتُ لَا أَكْتُبُ"8.

_ 1 فِي ط، س، ش "حَدثنَا ابْن الْمَدِينِيّ" وَانْظُر تَرْجَمته ص 2 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"151". 3 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 339/2: وهب بن مُنَبّه بن كَامِل الْيَمَانِيّ، أَبُو عبد الله الأبناوي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة بعْدهَا نون، ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة بضع عشرَة/ خَ م د ت س فق. 5 همام بن مُنَبّه بن كَامِل الصنعان، أَبُو عتبَة أَخُو وهب، ثِقَة من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 32 على الصَّحِيح/ ع، انْظُر التَّقْرِيب 321/2، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 225/3 أَنه رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَمُعَاوِيَة. 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، وَانْظُر تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة ص"179". 7 فِي ط، س، ش "مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم". 8 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب الْعلم/ بَاب كِتَابَة الْعلم، الحَدِيث رقم 113، 206/1 بِهَذَا السَّنَد عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: "مَا مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أحد أَكثر حَدِيثا عَنهُ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب وَلَا أكتب" تَابعه معمر عَن همام عَن أبي هُرَيْرَة، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب الْعلم/ بَاب الرُّخْصَة فِي كِتَابَة الْعلم/ حَدِيث 2805، 429/7، قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند طبعة شَاكر 119/13. وَأخرجه أَيْضا عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه، تَحْقِيق وَتَخْرِيج حبيب الأعظمي 258/11.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ1 ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ2 حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمَانَ3 عَنْ عُقَيْلٍ4 عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْحَكَمِ5 قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَة.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 16/1: أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ، أَبُو جَعْفَر بن الطَّبَرِيّ، ثِقَة حَافظ، من الْعَاشِرَة، تكلم فِيهِ النَّسَائِيّ بِسَبَب أَوْهَام لَهُ قَليلَة، وَنقل عَن ابْن معِين تَكْذِيبه، وَجزم بن حبَان بِأَنَّهُ إِنَّمَا تكلم فِي أحم بن صَالح الشموني، فَظن النَّسَائِيّ أَنه عني ابْن الطَّبَرِيّ، مَاتَ سنة 48 وَله 78 سنة/ خَ دتم، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 60/1 أَنه سمع ابْن عُيَيْنَة وَابْن وهب وَكتب عَن ابْن وهب خمسين ألف حَدِيث. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 460/1: عبد الله بن وهب بن مُسلم، الْقرشِي، مَوْلَاهُم أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ الْفَقِيه، ثِقَة حَافظ عَابِد، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 97 وَله 72 سنة/ ع، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 141/2 أَن مِمَّن روى عَنهُ أَحْمد بن صَالح، وَقَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص218: قَالَ أَحْمد بن صَالح: حدث بِمِائَة ألف حَدِيث. 3 فِي ط، ش "عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان" وَصَوَابه: ابْن سلمَان، قَالَ فِي التَّقْرِيب 482/1: عبد الرَّحْمَن بن سلمَان الحجري بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم الرعيني الْمصْرِيّ، لَا بَأْس بِهِ، من السَّابِعَة/ م مدرس وَانْظُر: الكاشف للذهبي 166/2 وَقَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"228" عَن عقيل بن خَالِد غرائب، وَعنهُ ابْن وهب فَقَط. قلت: قَالَ الذَّهَبِيّ فِي ميزَان الِاعْتِدَال 576/2: "ابْن وهب أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن ابْن سلمَان الحجري عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيم أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: مَا أحد أعلم بِحَدِيث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مني إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يكْتب بِيَدِهِ الحَدِيث". 4 عقيل بن خَالِد الْأَيْلِي، تقدم ص"516". كَذَا فِي الأَصْل وط، س، ش، وَصَوَابه: "ابْن حَكِيم"، وَبِه جَاءَ عِنْد أَحْمد فِي الْمسند وَابْن حجر فِي الْفَتْح كَمَا سيتضح فِي ترخيجه. قَالَ فِي التَّقْرِيب 2/ 268 الْمُغيرَة بن حَكِيم الصَّنْعَانِيّ، ثِقَة، من الرَّابِعَة/ خت م ت ق وَفِي الكاشف للذهبي 3/ 167 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر.

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1 يَقُولُ: "لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ2 اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْفَظَ لِحَدِيثِهِ3 إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو4، فَإِنَّهُ5 يَكْتُبُ، وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ، فَكَانَ يَكْتُبُ بِيَدِهِ، وَيَعِي بِقَلْبِهِ، وَكُنْتُ أَنَا أَعِي بِقَلْبِي"6. وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ7 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِتَابَ الصَّدَقَاتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.

_ 1 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، ش، وَانْظُر تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة ص"179". 2 فِي ط، س، ش "مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 3 فِي ط، س، ش "أحفظ للْحَدِيث مني". 4 فِي ط، س، ش "إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص"256". 5 فِي ط، س، ش "فَإِنَّهُ كَانَ". 6 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده، انْظُر: الْفَتْح الرباني تَرْتِيب أَحْمد الْبَنَّا بشرحه بُلُوغ الْأَمَانِي/كتاب الْعلم/ بَاب النَّهْي عَن كِتَابَة الحَدِيث عَن رَسُول الله والرخصة فِيهِ، حَدِيث 59، 173/1 عَن مُجَاهِد عَن الْمُغيرَة بن حَكِيم عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ. وَذكره ابْن حجر فِي الْفَتْح 207/1 قَالَ: وروى أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن مُجَاهِد والمغيرة بن حَكِيم قَالَا: سمعنَا أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: "مَا كَانَ أحد أعلم بِحَدِيث رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ بِيَدِهِ وَيَعِي بِقَلْبِهِ، وَكُنْتُ أعي وَلَا أكتب؛ اسْتَأْذن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي الْكتاب عَنهُ فأذنه لَهُ" إِسْنَاده حسن. قَالَ: وَله طرق أُخْرَى أخرجهَا الْعقيلِيّ وَذكرهَا بِنَحْوِ مَا ذكرنَا هُنَا. 7 أَبُو بكر الصّديق، تقدم ص"269".

حَدَّثَنَا1 مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ3 قَالَ: "أَخَذْتُ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ4 كِتَابًا، زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ5 كَتَبَهُ لِأَنَسٍ6 وَعَلَيْهِ خَاتَمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، وَكَتَبَ لَهُ7: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ.. وَسَاقَ أَبُو سَلمَة8 الحَدِيث بطولة"9.

_ 1 فِي ط، س، ش "حدّثنَاهُ". 2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 120/1: ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس بن مَالك، الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ، قاضيها، صَدُوق من الرَّابِعَة، عُزل سنة عشر، وَمَات بعد ذَلِك بِمدَّة/ ع. 5 فِي ط، س، ش "أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ"، وَانْظُر تَرْجَمته ص 6 أنس بن مَالك، تقدم ص"201". 7 فِي ط، س "وَكتبه لَهُ". 8 هُوَ حَمَّاد بن سَلمَة، انْظُر تَرْجَمته ص"187". 9 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْغنم حَدِيث 1454، 317/3، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن المثني الْأنْصَارِيّ قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ: حَدثنِي ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس أَن أنسا حَدثهُ أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ كتب لَهُ هَذَا الْكتاب لما وَجه إِلَى الْبَحْرين: "بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم على الْمُسلمين وَالَّتِي أَمر بهَا رَسُوله ... ثمَّ ذكره بطولة". وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب فِي زَكَاة السَّائِمَة/ حَدِيث 1567، 214/1-224 بِهَذَا السَّنَد مطولا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْإِبِل 18/5-2، وَبَاب زَكَاة الْغنم 27/5-28. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب إِذا أَخذ الْمُصدق سنا دون سنّ أَو فَوق سنّ/ حَدِيث 1800، 575/1، وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك 390/1-391.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ 2 عَنْ يُونُسَ3 عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الصَّدَقَاتِ نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ6 فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا ... وَسَاقَهُ أَبُو صَالِحٍ7 بِطُولِهِ8.

_ 1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171". 2 لَيْث بن سعد، تقدم ص"206". 3 فِي الأَصْل "يُوسُف" وَفِي ط، س، ش "يُونُس" وَهُوَ الصَّوَاب. قلت: وَهُوَ يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ عِنْد أبي دَاوُد فِي سنَنه، وَأبي عبيد فِي الْأَمْوَال كَمَا سيتبين من تَخْرِيجه، انْظُر تَرْجَمته ص"247". 4 ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175". 5 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"277" 6 سَالم بن عبد الله بن عمر، تقدم ص"326". 7 أَبُو صَالح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، تقدم ص"171". 8 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة السَّائِمَة/ حَدِيث 1570، 226/1-227 من طَرِيق مُحَمَّد بن الْعَلَاء، أخبرنَا ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب قَالَ: هَذِه نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّدَقَة، وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخطاب، قَالَ ابْن شهَاب: أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر فوعيتها على وَجههَا ... ثمَّ ذكره بطولة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْإِبِل/ حَدِيث 1798، 573/1. وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْغنم حَدِيث 1805، 577/1. وَأخرجه أَبُو عبيد فِي الْأَمْوَال/ تَحْقِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ حَدِيث 935 ص"449" من طَرِيق يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن ابْن شهَاب قَالَ: هَذِه نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَليّ وَسلم فِي الصَّدقَات ... ثمَّ ذكره بطولة. وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بهامشه، التَّلْخِيص 393/1-394، وَسكت عَنهُ الْحَاكِم والذهبي.

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى1، ثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ2، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ3، عَنِ الزُّهْرِيِّ4، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ5 عَنْ أَبِيهِ6 عَنْ جَدِّهِ7: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ

_ 1 الحكم بن مُوسَى الْبَغْدَادِيّ، تقدم ص"481". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 346/2: يحيى بن حَمْزَة بن وَاقد الْحَضْرَمِيّ، أَبُو عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي، القَاضِي، ثِقَة، رمي بِالْقدرِ، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 83 على الصَّحِيح وَله 80 سنة/ع. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 324: سُلَيْمَان بن دَاوُد الْخَولَانِيّ، أَبُو دَاوُد الدِّمَشْقِي، سكن داريا، صَدُوق، من السَّابِعَة/ مد، س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 393/1 أَنه روى عَن الزُّهْرِيّ، وَعنهُ يحيى بن حَمْزَة. 4 الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب، تقدم ص"175". 5 فِي الأَصْل "أبي بكر مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ"، وَصَوَابه ابْن مُحَمَّد، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 399/2: أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ النجاري، بالنُّون وَالْجِيم، الْمدنِي القَاضِي، اسْمه وكنيته وَاحِد، وَقيل: إِنَّه يُكنى أَبَا مُحَمَّد، ثِقَة عَابِد، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة، وَقيل غير ذَلِك/ع. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 195/2: مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، الْأنْصَارِيّ، أَبُو عبد الله الْمدنِي، لَهُ رُؤْيَة وَلَيْسَ لَهُ سَماع إِلَّا من الصَّحَابَة، قتل يَوْم الْحرَّة سنة 63/مد س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 83/3: أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ ابْنه أَبُو بكر. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 68/2: عَمْرو بن حزم بن زيد بن لوذان الْأنْصَارِيّ، صَحَابِيّ مَشْهُور، شهد الخَنْدَق فَمَا بعْدهَا، وَكَانَ عَامل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نَجْرَان، مَاتَ بعد الْخمسين، وَقيل فِي خلَافَة عمر، وَهُوَ وهم. مد س ق وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 510/2-511، وَأسد الغابة 98/4-99، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 525/2، وتهذيب التَّهْذِيب 20/8-21.

الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ والديَّات، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ"1. حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ2 عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ3 عَنْ مَعْمَرٍ4، عَنْ عَبْدِ الله ابْن أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ5، عَنْ أَبِيه6، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ8: فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ ... وسَاق نعيم الحَدِيث بِطُولِهِ9.

_ 1 عَمْرو بن حزم، تقدم قَرِيبا. قلت: والْحَدِيث مَشْهُور، أخرجه أَبُو دَاوُد، والداري وَالْحَاكِم وَغَيرهم كَمَا سيتبين فِي الحَدِيث الَّذِي بعده، وَأخرجه أَيْضا النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الْقسَامَة/ ذكر حَدِيث عَمْرو بن حزم فِي الْعُقُول 57/8-60 من طَرِيق الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّد بن عَمْرو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ كتابا فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ... الحَدِيث، وَذكره أَيْضا من طرق عَن أبي بكر عبد الله بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده بِنَحْوِهِ وَانْظُر: الْإِصَابَة بذيله الِاسْتِيعَاب، ط. الأولى 525/2 تَرْجَمَة "عَمْرو بن حزم" وَقَالَ: أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان والدارمي وَغير وَاحِد. 2 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 3 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 4 معمر بن رَاشد، تقدم ص"205". 5 فِي ط، ش "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن عَمْرو بن حزم" وَقَالَ فِي التَّقْرِيب 405/1: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن حمد بن عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ، الْمدنِي، القَاضِي، ثِقَة، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 35 وَهُوَ ابْن سبعين سنة/ع. 6 أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو بن حزم، تقدم ص"614". 7 جده هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو بن حز، تقدم ص"614". 8 عَمْرو بن حزم، تقدم ص"614". 9 انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث قبله، وَأخرجه أَيْضا الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وتخريجه السَّيِّد عبد الله هَاشم/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب زَكَاة الْغنم/ حَدِيث 1628، 320/1 =

فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ: أَبُو بَكْرٍ1 وَعُمَرُ2، وَعُثْمَانُ3، وَعَلِيٌّ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، قَدْ صَحَّ أَنَّهُ كُتبت5 الْأَحَادِيثُ وَالْآثَارُ فِي عَصْرِهِمْ وَزَمَانِهِمْ، قَدْ أَسْنَدْنَا لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ إِلَيْهِمْ، فَمِنْ أَيْنَ صَحَّ عِنْدَكَ مَا ادَّعَيْتَ: أَنَّهَا لَمْ تُكْتَبْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ6 فَكَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ بَعْدَهُ7 وَكَثُرَ الطَّعْنُ عَلَى رُوَاتِهَا، وَمَنْ طَعَنَ عَلَى الثِّقَاتِ مِنْ رُوَاةِ الْأَحَادِيثِ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَان؟.

_ من طَرِيق آخر عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ، وَانْظُر الْمصدر نَفسه الْأَحَادِيث 1629، 1635، 1642، وَأخرجه أَبُو عبيد فِي الْأَمْوَال/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ كتاب الصَّدَقَة وأحكامها وسننها/ بَاب فرض صَدَقَة الْإِبِل/ حَدِيث 934 ص”447-448" من طَرِيق آخر إِلَى مُحَمَّد بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ، وَسَاقه مطولا. وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بهامشه التَّلْخِيص/ كتاب الزَّكَاة جـ1/ 395-397 من طَرِيقين إِحْدَاهمَا على شَرط مُسلم. وَانْظُر: الهيثمي فِي زَوَائِد ابْن حبَان/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَمْزَة/ كتاب الزَّكَاة/ بَاب فرض الزَّكَاة وَمَا تجب فِيهِ/ حَدِيث 793 ص”202" من طَرِيق آخر عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيه عَن جده. 1 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص”269". 2 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص”277". 3 عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”604". 4 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”525". 5 فِي س "أَنهم كتبتوا" وَظَاهر أَنه من خطأ النَّاسِخ، وَفِي ط، ش "أَنه كتب". 6 عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”604". 7 فِي ط، ش "بعد".

وَأَمَّا أَهْلُ الظِّنة1 وَالْغَفْلَةِ فِيهَا فَلَمْ يَزَالُوا مَطْعُونًا2 عَلَيْهِمْ، لَيْسَ مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ3، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو4، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ5 وَنُظَرَائُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَضِيَ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ6 أَنَّهُمْ هُمُ الْمَطْعُونُونَ7 عَلَيْهِم فِيهَا.

_ 1 قلت: الظنة بِالْكَسْرِ: التُّهْمَة، انْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط جـ245/4 مَادَّة "الظَّن". 2 فِي الأَصْل وس "مطعونين عَلَيْهِم"، وَفِي ط "مطعونون" وَبِمَا أثبتنا فِي ش وَهُوَ الصَّوَاب. 3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179". 4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”256". 5 هُوَ الصَّحَابِيّ الْجَلِيل مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة الْأمَوِي، أَبُو عبد الرَّحْمَن، الْخَلِيفَة، صَحَابِيّ أسلم قبل الْفَتْح، وَكتب الْوَحْي، مَاتَ فِي رَجَب سنة 60 وَقد قَارب الثامنين، انْظُر: التَّقْرِيب 259/2 وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 375/3-383، وَأسد الغابة 385/4-388، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 412/3-414، وتهذيب التَّهْذِيب 207/10. 6 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ" لَيست ف ط، س، ش. 7 فِي ط، ش "أَنهم المطعونون" وَفِي "أَيهمْ المطعونون".

الذب عن أبي هريرة رضي الله عنه

الذَّبُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 8: حَتَّى ادَّعَيْتَ فِي ذَلِكَ كَذِبًا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ9 أَنَّهُ قَالَ: "أَكْذَبُ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو هُرَيْرَةَ"10 وَهَذَا مَكْذُوبٌ عَلَى......................

_ 8 العنوان من المطبوعتين ط، ش. 9 فِي ط، س، ش "عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ". قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”277". 10 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179".

عُمَرَ1. فَإِنْ تَكُ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ فَاكْشِفْ عَنْ رَأْسِ مَنْ رَوَاهُ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ عَنْ ثِقَةٍ، فَكَيْفَ يَسْتَحِلُّ مُسْلِمٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَرْمِيَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 بِالْكَذِبِ من غير صِحَة ولاثبت؟ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "لَا تسبُّو أَصْحَابِي" 3 وَ "احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي" 4.

_ = قلت: وَيَكْفِي فِي رد هَذَا الادِّعاء مَا ذكره الدَّارمِيّ فِي السطور بعده، وَقد وجدت فِي كتاب "أَبُو هُرَيْرَة راوية الْإِسْلَام" لمُحَمد عجاج الْخَطِيب ص276 قَالَ: "وَأما ادِّعَاء بشر المريسي تَكْذِيب الْفَارُوق لأبي هُرَيْرَة؛ فَهُوَ بَاطِل لَا أصل لَهُ، وَمَا رَوَاهُ عَن عمر أَنَّهُ قَالَ: "أَكْذَبُ الْمُحَدِّثِينَ أَبُو هُرَيْرَة" لم يذكر سَنَده وَقد تصدى لَهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فَرد عَلَيْهِ ردا قَوِيا أخمده وكشف عَن جَمِيع اتهاماته"اهـ. وَانْظُر: الدفاع عَن أبي هُرَيْرَة، تأليف عبد الْمُنعم صَالح الْعلي ط. الأولى ص"122". 1 فِي ط، س، ش "عمر رَضِي الله عَنهُ" وَانْظُر تَرْجَمته ص”277". 2 فِي ط، س، ش "مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 3 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب فَضَائِل الصَّحَابَة/ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ، وَزِيَادَة: "فَلَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أُحدٍ ذَهَبا مَا بلغ عَن الْأَعْمَش. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب فَضَائِل الصَّحَابَة/ بَاب تَحْرِيم سبِّ الصَّحَابَة، حَدِيث 221 جـ4/ 1967 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "لَا تسبوا أَصْحَابِي، لَا تسبوا أَصْحَابِي ... " الحَدِيث، وَفِي الْمصدر نَفسه حَدِيث 222 جـ1967/4 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "لَا تسبوا أَصْحَابِي، لَا تسبوا أَصْحَابِي ... " الحَدِيث، وَفِي الْمصدر نَفسه حَدِيث 222 جـ4 ص”1976-1968" بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَرَوَاهُ أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَأَبُو دَاوُد وَغَيرهمَا. 4 أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْأَحْكَام/ بَاب كَرَاهَة الشَّهَادَة لمن لم يستشهد/ حَدِيث 2363، 791/2 عَن عمر مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره. قلت: وبلفظ ابْن مَاجَه عَن عمر ذكره الألباني فِي صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير الطبعة الأولى، حَدِيث 204 ج1/ 118 وَقَالَ عَنهُ: صَحِيح.

وَ "اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي" 1، وَ "مَنْ سبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ" 2، فَأَيُّ سَبٍّ لِصَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ مِنْ تَكْذِيبِهِ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَإِنَّهُ لَمِنْ أَصْدَقِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْفَظِهِمْ عَنْهُ وَأَرْوَاهُمْ لِنَوَاسِخِ أَحَادِيثِهِ، وَالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِهِ: لِأَنَّهُ أَسْلَمَ3 قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِنَحْوِ من

_ 1 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ كتاب المناقب/ فِي من سبَّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حَدِيث 3954، 365/10 عَن عبد الله بن مُغفل مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد. قلت: وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 54/5-55 عَن عبد الله ابْن مُغفل بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَفِي الْمصدر نَفسه أَيْضًا 57/5 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغفل بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَانْظُر: الْجَامِع الصَّغِير للسيوطي بهامشه كنوز الْحَقَائِق 54/1 وَعَزاهُ إِلَى التِّرْمِذِيّ وَحسنه، وَتعقبه الألباني فَأوردهُ فِي ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير وزيادته 352/1 وَذكر أَنه خرجه أَيْضا فِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة برقم 2901. 2 أخرجه ابْن عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني 483/2، قَالَ: ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن مُحَمَّد بن خَالِد عَن عَطاء قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَنْ سبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله". قَالَ الألباني فِي تَخْرِيجه: حَدِيث حسن وَإِسْنَاده مُرْسل صَحِيح، وَرِجَاله كلهم ثِقَات رجال الشَّيْخَيْنِ غير مُحَمَّد بن خَالِد، وَهُوَ الغبي الملقب بسور الْأسد وَهُوَ صَدُوق. قَالَ: وَلِلْحَدِيثِ بعض الشواد الموصولة المسندة، وَمن أجلهَا أوردت الحَدِيث فِي "الصَّحِيحَة" 2340. 3 فِي ط، س، ش "لِأَنَّهُ أسلم رَضِي الله عَنهُ" قلت: وَكَانَ قد أسلم على يَد الطُّفَيْل بن عَمْرو فِي الْيمن وَقدم إِلَى الْمَدِينَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر سنة سبع من الْهِجْرَة، وَلما وصل الْمَدِينَة صلى الصُّبْح خلَّف سِبَاع بن عرفطة الَّذِي كَانَ قد اسْتَخْلَفَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة أثْنَاء غَزْوَة خَيْبَر. بِتَصَرُّف من سير أَعْلَام النبلاء 589/2، والطبقات لِابْنِ سعد/ تَحْقِيق شُعَيْب الأرناؤوط جـ325/4.

ثَلَاثِ سِنِينَ بَعْدَمَا أَحْكَمَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرالحدود وَالْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ. وَكَيْفَ يَتَّهِمُهُ عُمَرُ1 بِالْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْأَعْمَالِ النَّفِيسَةِ، وَيُوَلِّيهِ الْوِلَايَاتِ؟ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ2 كَمَا ادَّعى3 الْمُعَارِضُ لَمْ يَكُنْ بِالَّذِي يَأْتَمِنُهُ عَلَى أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُوَلِّيهِ أَعْمَالَهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى دَعَاهُ آخِرَ ذَلِكَ إِلَى الْعَمَلِ فَأبى عَلَيْهِ4.

_ 1 عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”277". 2 فِي ط، س، ش "عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ". 3 فِي ط، س، ش "كَمَا ادَّعَاهُ". 4 قلت: وَمِمَّا يدل على تَوْلِيَة عمر لأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا مَا ذكره أَبُو يُوسُف فِي كتاب الْخراج ص”114" قَالَ: "حَدثنِي المجالد بن سعيد عَن عَامر عَن الْمُحَرر ابْن أبي هُرَيْرَة عَن أَبِيه أَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ دَعَا أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِذا لم تُعِينُونِي فَمن يُعِيننِي؟ قَالُوا: نَحن نعينك. قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة ائْتِ الْبَحْرين وهجر أَنْت الْعَام، قَالَ: فَذَهَبت وجئته آخر السّنة بغرارتين فيهمَا خَمْسمِائَة ألف". وَفِي فتوح الْبلدَانِ للبلاذري/ تَحْقِيق ومراجعة رضوَان مُحَمَّد رضوَان/ ص”92" قَالَ: "ثمَّ إنَّ عمر ولَّى قدامَة بن مَظْعُون الجُمَحِي جباية الْبَحْرين، وَولى أَبَا هُرَيْرَة الْأَحْدَاث وَالصَّلَاة" وَفِيه عَن الْهَيْثَم ص”93" قَالَ: "كَانَ قدامَة على الجباية والأحداث وَأَبُو هُرَيْرَة على الصَّلَاة وَالْقَضَاء". وَانْظُر: الْأَنْوَار الكاشفة/ تأليف عبد الرَّحْمَن المعلمي ص”225". وَفِي طَبَقَات ابْن سعد/ طبعة دَار صادر/ 4/ 336 بِسَنَد جيد: "فَلَا رَجَعَ =

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 عَنْ أَبِي هِلَالٍ الرَّاسِبِيِّ2 عَنْ مُحَمَّدِ ابْن سِيرِينَ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5. ثُمَّ عَرَفَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَاتِ6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَثَبَّتُوهُ فِي ذَلِكَ، مِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ7 وَابْنُ عُمَرَ8، وَغَيْرُهُمَا. وَرَوَى عَنهُ غير

_ = أَبُو هُرَيْرَة إِلَى عمر -أَي من الْبَحْرين- أَتَاهُ بأربعمائة ألف من الْبَحْرين، فَقَالَ: أظلمت أحدا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أخذت شَيْئا بغيرحقه؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا جِئْت بِهِ لنَفسك؟ قَالَ: عشْرين ألفا، قَالَ: من أَيْن أصبتها؟ قَالَ: كنت أتجر، قَالَ: انْظُر رَأس مَالك ورزقك فَخذه، وَاجعَل الآخر فِي بَيت المَال". وَفِي الْأَمْوَال لأبي عبيد/ تَحْقِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص343 من طَرِيق يزِيد ابْن إِبْرَاهِيم التسترِي عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: "ثمَّ قَالَ عمر بعد ذَلِك: أَلا تعْمل؟ قلت: لَا، قَالَ: قد عمل من هُوَ خير مِنْك: يُوسُف، فَقلت: إنَّ يُوسُف نَبِي ابْن نَبِي ابْن نَبِي، وَأَنا ابْن أُمَيْمَة وأخشى ثَلَاثًا واثنين، قَالَ: فَهَلا قلت خمْسا؟ قَالَ: أخْشَى أَن أَقُول بغي علم وَأحكم بِغَيْر حلم، أَو قَالَ: أَقُول بِغَيْر حلم وَأحكم بِغَيْر علم -قَالَ: الشَّك من ابْن سِيرِين- وأخشى أَن يضْرب ظَهْري ويشتم عرضي وينتزع مَالِي". والقصة نَفسهَا فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 347/2-348 وَفِي عُيُون الْأَخْبَار لِابْنِ قُتَيْبَة 53/1-54. 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص”168". 2 أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي، تقدم ص”169". 3 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص”181". 4 انْظُر تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة ص”179" 5 انْظُر تَرْجَمَة عمر ص”277". 6 فِي ط، ش "الرِّوَايَة". 7، 8 هُوَ طَلْحَة بن عبيد الله بن عُثْمَان بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد بن تَمِيم بن مرّة التَّيْمِيّ، أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي، أحدالعشرة، مَشْهُور، اسْتشْهد يَوْم الْجمل =

وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ آثَارًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاس2

_ = سنة 36 وَهُوَ ابْن 63/ع، التَّقْرِيب 379/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 210/0-216، وَأسد الغابة 95/3-62، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 220/2-222، وتهذيب التَّهْذِيب 20/5-22. قلت: وَمِمَّا ورد عَن طَلْحَة فِي ذَلِك مَا روى الْبَيْهَقِيّ فِي مدخله من طَرِيق أَشْعَث عَن مولى لطلْحَة قَالَ: "كَانَ أبوهريرة جَالِسا فَمر رجل بطلحة فَقَالَ لَهُ: لقد أَكثر أَبُو هُرَيْرَة، فَقَالَ طَلْحَة: قد سمعنَا كَمَا سمع، وَلكنه حفظ ونسينا" انْظُر: فتح الْبَارِي 76/7، وَفِي الْإِصَابَة لِابْنِ حجر/ تَحْقِيق على البجاوي 438/7- "وَقَالَ طَلْحَة بن عبيد الله: لَا أَشُكُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ". ابْن عمر، تقدم ص”245"، قلت: وَمِمَّا ورد عَن ابْن عمر فِي ذَلِك أَنه قَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَة أَنْت كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحفظنا لحديثه" انْظُر: الْمُسْتَدْرك بهامشه التَّلْخِيص 510/3-511 بِسَنَد صَحِيح أقره الذَّهَبِيّ، وَفِي الْإِصَابَة لِابْنِ حجر/ تَحْقِيق عَليّ البجاوي 438/7 "وَقَالَ ابْن عمر: أَبُو هُرَيْرَة خير مني وَأعلم بِمَا يحدث". 1 فِي ط، ش "وَمِنْهُم". 2 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص”172"، قلت: انْظُر رِوَايَة ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة فِي صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه، الْفَتْح/ كتاب المناقب/ بَاب عَلَامَات النُّبُوَّة فِي الْإِسْلَام/ الْحَدِيثين 3620، 3621، 626/6-627، وَانْظُر الْمصدر نَفسه، كتاب الْمَغَازِي/ بَاب وَفد بني حنيفَة/ حَدِيث 4374، 89/8 وَانْظُر: سنَن أبي دَاوُد/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الصَّلَاة/ بَاب فِي وَقت صَلَاة الْعَصْر حَدِيث 412، 288/1. وَانْظُر: سنَن النَّسَائِيّ بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الْمَوَاقِيت/ بَاب من أدْرك رَكْعَتَيْنِ من الْعَصْر 275/1. وَانْظُر: سنَن ابْن مَاجَه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب تَعْبِير الرُّؤْيَا/ بَاب من لعب بِهِ الشَّيْطَان فِي مَنَامه/ حَدِيث 3918، 1290/2.

وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1، وَابْنُ عُمَرَ2، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ عِدَادِ الكذَّابين4 -كَمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِ- لَمْ يَكُونُوا يَسْتَحِلُّونَ5 الرِّوَايَةَ عَنْهُ، ثُمَّ قَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَعْلَامِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَبَصْرَةَ6 وَالْكُوفَةِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ، عَدَدٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصَوْنَ؛ مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ7، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ8 وَعُرْوَةُ بن

_ 1 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"153"، تقدم ص”153"، قلت: انْظُر أَمْثِلَة لروايته عَن أبي هُرَيْرَة فِي صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الطَّهَارَة/ بَاب جَوَاز الصَّلَوَات كلهَا بِوضُوء وَاحِد/ حَدِيث 88، 233/1. وَانْظُر: الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 403/2. 2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”245"، قلت: وَمن أَمْثِلَة رِوَايَة عبد الله بن عمر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْمُسَاقَاة/ بَاب الْأَمر بقتل الْكلاب وَبَيَان نُسْخَة/ حَدِيث 53، 1202/3. 3 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص”201" وَمن أَمْثِلَة رِوَايَته عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه، الْفَتْح/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب ذكر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِوَايَته عَن ربه/ حَدِيث 7537، 512/13. وَانْظُر: صَحِيح مُسلم تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب فضل الذّكر وَالدُّعَاء، حَدِيث 88، 2067/4. 4 فِي ط، س، ش "الْكَاذِبين". 5 فِي ط، س، ش "يستحبون". 6 فِي ط، ش "وَالْبَصْرَة". 7 سعيد بن الْمسيب، تقدم ص”247". 8 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تقدم ص”176".

الزبير1 وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة2، وَعَطَاء3 وطاووس4، وَمُجَاهِدٌ5، وَعَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ6، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ7، وَالشَّعْبِيُّ8، وَإِبْرَاهِيمُ9، وَأَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ10 مِنْ أَهْلِ الشَّام، وَمن لَا يُحصونَ

_ 1 عُرْوَة بن الزبير، تقدم ص"314". 2 عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة، تقدم ص"406". 3 الرَّاجِح أَنه عَطاء بن يسَار، تقدم ص"206". /4 طَاوُوس بن كيسَان الْيَمَانِيّ، أَبُو عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي مَوْلَاهُم الْفَارِسِي، يُقَال: اسْمه ذكْوَان وَطَاوُس لقب، ثِقَة فَقِيه، فَاضل من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة، وَقيل: بعد ذَلِك/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 377/1. 5 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 6 قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 31/2: عَلْقَمَة بن قيس بن عبد الله النَّخعِيّ الْكُوفِي ثِقَة فَقِيه عَابِد، من الثَّانِيَة، مَاتَ بعد السِّتين، وَقيل: بعد السّبْعين/ ع. 7 قيس بن أبي حَازِم، تقدم ص"195". 8 الشّعبِيّ، عَامر بن شراحبيل، تقدم ص"168". 9 قلت: وَمِمَّنْ روى عَنهُ مِمَّن يُسمى إِبْرَاهِيم: إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل الْحِجَازِي وَإِبْرَاهِيم الجني، وَإِبْرَاهِيم بن سعيد، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الله بن قارظ، وَإِبْرَاهِيم بن عبد بن حنين. انْظُر: تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1655/3، ودفاع عَن أبي هُرَيْرَة/ تأليف عبد الْمُنعم الْعزي ص"273". 10 أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ، تقدم ص"283". قلت: ذكر ابْن حجر وَغَيره أَن هَؤُلَاءِ رووا عَن أبي هُرَيْرَة، انْظُر: تَهْذِيب التَّهْذِيب 263/12-264 تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة، وَانْظُر: تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1655/3-1656، وَفِي الِاسْتِيعَاب لِابْنِ عبد الْبر/ تَحْقِيق البجاوي 1771/4 قَالَ: "قَالَ البُخَارِيّ: رُوِيَ عَنهُ أَكثر من ثَمَانمِائَة رجل" وَانْظُر: الْإِصَابَة 431/7، وسِير أَعْلَام النبلاء/ تَحْقِيق شُعَيْب الأرناؤوط 582/2.

مِنْ هَذِهِ1 الْكُورِ2. وَقَدْ رَوَوُا الْكَثِيرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 وَاحْتَجُّوا بِهِ، وَاسْتَعْمَلُوا4 رِوَايَتَهُ. وَلَوْ عَرَفُوا مِنْهُ مَا ادَّعَى الْمُعَارِضُ مَا حَدَّثُوا الْمُسْلِمِينَ5 عَنْ أَكْذَبِ الْمُحَدِّثِينَ. فاتقِ اللَّهَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ وَاسْتَغْفِرْهُ مِمَّا ادَّعَيْتَ عَلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَعْرُوفِ بِخَلَافِ مَا رَمَيْتَهُ6، وَلَو كَانَ لَكَ سُلْطَانٌ صَارِمٌ يَغْضَبُ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَوْجَعَ بَطْنَكَ وَظَهْرَكَ، وأثَّر فِي شَعْرِكَ وبَشَرِكَ حَتَّى لَا تَعُودَ تَسُبُّ7. أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولاترميهم بِالْكَذِبِ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ. حَدَّثَنَا8 أَبُو الْأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِيُّ9، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلمَة10.

_ 1 فِي س "من هَذَا". 2 "الكور" تقدم مَعْنَاهَا ص"140". 3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179". 4 فِي ط، س، ش "وَاسْتَمعُوا". 5 فِي ط، س، ش "الْمُحدثين". 6 فِي ط، س، ش "مارميته بِهِ". 7 فِي ط، س، ش "السب". 8 فِي ط، سنّ ش "وَحدثنَا". 9 فِي ط، ش "الموَالِي" وَفِي س "الحواني" وَصَححهُ فِي هامشه "الْحمانِي". قلت: وَصَوَابه الْحَرَّانِي كَمَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 513/1: عبد الْعَزِيز ابْن يحيى بن يُوسُف البكائي "قَالَ فِي الْحَاشِيَة: بِفَتْح الْبَاء وَالْكَاف الْمُشَدّدَة". أَبُو الْأَصْبَغ الْحَرَّانِي، صَدُوق رُبمَا وهم، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 235/د س. وَانْظُر: الكاشف للذهبي 302/2. 10 الرَّاجِح أَنه مُحَمَّد بن سَلمَة بن عبد الله الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم الْحَرَّانِي، ثِقَة، من الْحَادِيَة عشرَة، مَاتَ سنة 191 على الصَّحِيح/ ز م ع. انْظُر: التَّقْرِيب 166/2 وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 48/3 أَنه سمع ابْن عجلَان وَابْن إِسْحَاق وَعنهُ أَحْمد والنفيلي وسرج بن يُونُس.

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ2 عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ3 عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ4 قَالَ: "وَاللَّهِ مَا أَشُكُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ5 سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ. كُنَّا نَحْنُ قَوْمٌ لَنَا عَنَاءٌ6 وَبُيُوتَاتٌ، وَكُنَّا إِنَّمَا نأتي سَوَّلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِينًا لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا مَالَ، وَإِنَّمَا يَدُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْكُلُ مَعَهُ حَيْثُ كَانَ، فَوَاللَّهِ مَا نَشُكُّ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ7 مَا لَمْ نَسْمَعْ، وَلَا نَجِدُ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لم يقل"8.

_ 1 الرَّاجِح أَنه مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار المطلبي، تقدم ص"468". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 140/2: مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ بن خَالِد التَّيْمِيّ، أَبُو عبد الله، الْمدنِي، ثِقَة لَهُ أَفْرَاد، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 120 على الصَّحِيح/ ع. وَذكر الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"324" أَن ابْن إِسْحَاق روى عَنهُ. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 225/2: مَالك بن أبي عَامر الأصبحي، سمع من عمر، ثِقَة من الثَّانِيَة، مَاتَ سنة 74 على الصَّحِيح/ ع. 4 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. قلت: وَتَقَدَّمت تَرْجَمته ص"621". 5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 6 فِي ط، ش "غناء" وَفِي س "عِيَال". 7 فِي ط، س، ش "مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 8 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ كتاب المناقب/ مَنَاقِب أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ/ حَدِيث 926، 335/10-337، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، أخبرنَا أَحْمد بن سعيد، أخبرنَا مُحَمَّد بن سَلمَة بِهَذَا السَّنَد بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق، =

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ1، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِيِّ2 عَنْ أَبِيهِ3 عَنِ ابْنِ عُمَرَ4، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَة5: "وَاللَّهِ إِنَّا لَنِعْرِفُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَلَكِنْ نَجْبُنُ وَيَجْتَرِئُ"6.

_ = وَقد رَوَاهُ يُونُس بن بكير وَغَيره عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق. وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ، وَأَبُو يعلى وَذكره بِنَحْوِهِ ثمَّ قَالَ: قَالَ الْحَافِظ فِي الْفَتْح: إِسْنَاده حسن. قلت: انْظُر التَّارِيخ الْكَبِير جـ3 قسم 20 ص"133". وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص للذهبي 512/3-513 من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق بِهَذَا السَّنَد بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ، وَسكت عَنهُ الذَّهَبِيّ. 1 أَحْمد بن يونسن تقدم ص"173". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 385/1: عَاصِم بن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب الْعمريّ الْمدنِي، ثِقَة، من السَّابِعَة/ ع. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 53/2 أَنه رُوِيَ عَن أَبِيه، وَعنهُ ابْن عُيَيْنَة وَقبيصَة وَأَبُو الْوَلِيد. 3 هُوَ مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر الْمدنِي، ثِقَة، من الثَّالِثَة/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 162/2. 4 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"245". 5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 6 أخرجه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه بذيله التَّلْخِيص/ كتاب معرفَة الصَّحَابَة/ 510/ 3 من طَرِيق آخر عَن حُذَيْفَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رجل لِابْنِ عمر: إِن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث فَعَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ابْن عمر: أُعِيذك بِاللَّه أَن تكون فِي شكّ مِمَّا يَجِيء بِهِ، وَلكنه اجترأ وجبنا" وَسكت عَنهُ هُوَ والذهبي. وَفِي الْإِصَابَة لِابْنِ حجر/ تَحْقِيق على البحاوي 440/7 قَالَ: وَأخرج مُسَدّد من طَرِيق عَاصِم بن مُحَمَّد بن يزِيد بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ: ابْن عمر إِذا سمع أَبَا هُرَيْرَة يتَكَلَّم قَالَ: إِنَّا نَعْرِف مَا يَقُول وَلَكنَّا نجبن ويجترئ".

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ1، ثَنَا هُشَيْمٌ2 عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ3، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ4 عَنِ ابْنِ عُمَرَ5 أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ6 وَهُوَ يُحَدِّثُ فَقَالَ: "لَمْ7 يَشْغَلْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرْسُ الْوَدِيِّ8، وَلَا سفق9

_ 1 مُسَدّد بن مسرهد، تقدم ص"175". 2 فِي ط، س، ش "عَن هشيم" قلت: هُوَ هشيم بِالتَّصْغِيرِ، ابْن بشير بِوَزْن عَظِيم، ابْن الْقَاسِم بن دِينَار السّلمِيّ، أَبُو مُعَاوِيَة بن أبي خازم، بمعجمتين، الوَاسِطِيّ، ثِقَة، ثَبت، كثير التَّدْلِيس والإرسال الْخَفي، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 183 وَقد قَارب الثَّمَانِينَ/ ع. انْظُر: التَّقْرِيب 320/2. 3 فِي س "يعلى بن عَطاء عَن عَطاء" قلت وَزِيَادَة "عَن عَطاء" لَيست فِي إِسْنَاد هَذَا الْأَثر عِنْد الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه، وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات. وَالَّذِي يظْهر أَنَّهَا وهم من النَّاسِخ تفرد بِهِ، ويعلى هَذَا هُوَ ابْن عَطاء العامري، وَيُقَال: اللَّيْثِيّ الطَّائِفِي، ثِقَة، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة 120هـ، أَو بعْدهَا، زم وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب 378/2، والكاشف 296/3. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 324/2: الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الجرشِي -بِضَم الْجِيم وبالشين الْمُعْجَمَة- الحمصين الزّجاج، ثِقَة من الرَّابِعَة، عخ م وَالْأَرْبَعَة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 239/3 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر. 5 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245". 6 فِي ط، ش "أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"179". 7 فِي ط س، ش "لم يكن". 8 قَالَ ابْن الْأَثِير فِي النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر/ تَحْقِيق طَاهِر الزاوي ومحمود الطناحي 170/5: "الوديّ: بتَشْديد الْيَاء: صغَار النّخل، الْوَاحِدَة: ودية. وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة: "لم يشغلني عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم غرس الودي" وَانْظُر: الْفَائِق فِي غَرِيب الحَدِيث/ للزمخشري/ تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل وَعلي البجاوي 51/4. 9 فِي ط، س، ش "صفق" قلت: ويتقاربان فِي الْمَعْنى، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 254/3 مَادَّة "سفق": "وَأَعْطَاهُ سفقة يَمِينه بَايعه، واشتراهما فِي =

بِالْأَسْوَاقِ، إِنَّمَا كُنْتُ أَطْلُبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَكلَة يطعمنيها أوكلمة يُعَلِّمُنِيهَا. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ1: صَدَقْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ2 كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَعْلَمنَا بحَديثه"3.

_ = سفقة وَاحِدَة ببيعة". وَقَالَ فِي 254/3 مَادَّة "صفق": "وصفق لَهُ بِالْبيعِ يصفقه، وصفق يَده بالبيعة وعَلى يَده صفقًا وصفقةً: ضرب يَده على يَده، وَذَلِكَ عِنْد وجوب البيع وَالِاسْم الصَّفق والصفقَّي ... الخ". قلت: وَذكر الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِق فِي غَرِيب الحَدِيث قَول أبي هُرَيْرَة هَذَا وَقَالَ: "الصفق: الضَّرْب بِالْيَدِ عِنْد البيع، يُرِيد: لم يشغلني عَنهُ فلاحة وَلَا تِجَارَة" انْظُر الْمصدر الْمَذْكُور تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل وَعلي البجاوي 51/4، وَانْظُر: النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر لِابْنِ الْأَثِير تَحْقِيق طَاهِر الزاوي ومحمود الطناحي 38/3. 1 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245". 2 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 3 هَذَا الْخَبَر أخرجه بِطُولِهِ الإِمَام أَحْمد فِي المسندم طبعة شَاكر/ حَدِيث 4453، 213/6. قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ بِهَذَا السَّنَد بِهِ، وَقَالَ الْمُحَقق: إِسْنَاده صَحِيح. وَأخرجه أَيْضا الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 510/3-511 من طَرِيق هشيم بِهَذَا السَّنَد فِي آخِره بِلَفْظ مقارب، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ. وَأخرجه أَيْضا ابْن سعد فِي الطَّبَقَات/ طبعة ليدن جـ2 قسم 2 ص"58". وَأخرج قَول ابْن عمر فِي آخِره، التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ المناقب/ مَنَاقِب أبي هُرَيْرَة/ حَدِيث 3925، 335/10 من طَرِيق هشيم بِهَذَا السَّنَد بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد. وَانْظُر: فتح الْبَارِي فِي شَرحه على حَدِيث 118، 214/1.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، عَنْ إِسْمَاعِيل بن جعفرالمزكي2، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو3، عَن سيعد الْمَقْبُرِيُّ4، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ظَنَنْتُ 6 يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ 7، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ على الحَدِيث. أسعد النَّاس بشافعتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قبل نَفسه" 8.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 كَذَا فِي ط، س، ش بِلَفْظ: "الْمُزَكي" وَفِي الأَصْل قريب من رسم "الْمُزَكي" وَالَّذِي اسْتَظْهرهُ أَنه "الزرقي" وَهُوَ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي جَعْفَر بن أبي كثير الْأنْصَارِيّ الزرقي، أبوإسحاق الْقَارِي، ثِقَة، ثَبت، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة ثَمَانِينَ/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 68/1. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 98/1 أَنه رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو مولى الْمطلب بن عبد الله. 3 فِي الأَصْل "عَمْرو بن أبي عمر" وَصَوَابه مَا أثبتاه وَبِه جَاءَ فِي إِسْنَاد البُخَارِيّ فِي صَحِيحه كَمَا سيتبين من تَخْرِيجه، وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح 422/11 فِي شَرحه لهَذَا الحَدِيث أَن عَمْرو هَذَا هُوَ ابْن أبي عَمْرو مولى الْمطلب بن عبد الله ابْن حنْطَب، وَقَالَ: وَقد تقدم أَن اسْم أبي عَمْرو وَالِد عَمْرو ميسرَة، وَقَالَ فِي التَّقْرِيب 75/2: عَمْرو بن أبي عَمْرو ميسرَة مولى الْمطلب الْمدنِي، أَبُو عُثْمَان، ثِقَة، رُبمَا وهم، من الْخَامِسَة، مَاتَ بعد الْخمسين/ ع. وَفِي الْخُلَاصَة للخزرجي ص"292" أَنه رُوِيَ عَن سعيد المَقْبُري وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر وَسليمَان بن بِلَال. 4 سعيد المَقْبُري، تقدم ص"332". 5 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 6 فِي س "طلبت" وَفِي الْهَامِش قَالَ: "لَعَلَّهَا علمت". 7 فِي ط، س، ش "أول مِنْك". 8 فِي ط، س، ش "خَالِصا من قلبه" وَبِهِمَا جَاءَ لفظ البُخَارِيّ.

أَفَلَا يُراقب امْرُؤٌ رَبَّهُ، فَيَكُفَّ لِسَانَهُ وَلَا يُكَذِّبَ1 رَجُلًا أَحْفَظَ2 أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَرْمِيَهُ بَالْكَذِبِ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ وَلَا صِحَّةٍ، وَكَيْفَ يَصِحُّ عِنْدَ هَذَا الْمُعَارِضِ كَذِبُهُ، وَقَدْ ثَبَّتَهُ مِثْلُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ3 وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ4؟، لَو عَضَّ هَذَا الرَّجُلُ عَلَى حَجَرٍ، أَوْ عَلَى جَمْرَةٍ حَتَّى يَحْرِقَ لِسَانَهُ، كَانَ خَيْرًا لَهُ مِمَّا تَأَوَّلَ عَلَى صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم.

_ = قلت: والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب الْعلم/ بَاب الْحِرْص على الحَدِيث/ حَدِيث 99، 193/1 قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن عبد الله قَالَ: حَدثنِي سُلَيْمَان عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: من أسعد النَّاس بشفاعتك يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "لقد ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصا من قلبه، أَو من نَفسه". وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب الرقَاق/ بَاب صفة الْجنَّة وَالنَّار/ حَدِيث 6570، 418/11 من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن عَمْرو عَن سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ مقارب. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 373/2، وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 69/1-70 من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة، وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات/ طبعة دَار صادر 363/2-364، 330/4. 1 فِي ط، س، ش "وَلَا يقذف". 2 فِي ط، س، ض "من أحفظ". 3 طَلْحَة بن عبيد الله، تقدم ص”621". 4 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"245".

الذب عن معاوية بن أبي سفيان

الذَّبُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ 1: وادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الصَّلْتِ2 يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ3 بَيْتٌ يُسمى بَيْتَ الْحِكْمَةِ. فَمَنْ4 وَجَدَ حَدِيثًا أَلْقَاهُ فِيهِ5 ثُمَّ رُويت بَعْدَهُ. فَهَذِهِ حِكَايَةٌ لَمْ نَعْرِفْهَا6 وَلَمْ نَجِدْهَا7 فِي الرِّوَايَاتِ، فَلَا تَدْرِي8 عَمَّنْ رَوَاهَا أَبُو الصَّلْتِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ عَنْ ثِقَةٍ. فَقَدْ كَانَ مُعَاوِيَةُ مَعْرُوفًا بِقِلَّةِ الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. ولوشاء لَأَكْثَرَ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي ذَلِكَ وَيَتَقَدَّمُ إِلَى النَّاسِ يَنْهَاهُمْ عَنِ الْإِكْثَارِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِن كَانَ لَيَقُولُ: "اتَّقُوا مِنَ الرِّوَايَاتِ9 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا كَانَ يذكر مِنْهَا فِي

_ 1 العنوان من المطبوعتين ط، ش وَانْظُر تَرْجَمَة مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ ص"617". 2 الرَّاجِح أَنه عبد السَّلَام بن صَالح بن سُلَيْمَان، أَبُو الصَّلْت الْهَرَوِيّ، مولى قُرَيْش، نزيل نيسابور، صَدُوق لَهُ مَنَاكِير، كَانَ يتشيع، وأفرط الْعقيلِيّ، فَقَالَ: كَذَّاب/ ق. انْظُر: التَّقْرِيب 506/1، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 195/2 أَنه تُوفي سنة 235هـ، وَفِي ميزَان الِاعْتِدَال 616/2 قَالَ ابْن سيار: إِلَّا أَن ثمَّ أَحَادِيث يَرْوِيهَا فِي المثالب. 3 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، تقدم ص"617". 4 فِي ط، ش "فَكلما". 5 لَفْظَة "فِيهِ" تَكَرَّرت فِي س. 6 فِي ط، س، ش "لَا نعرفها". 7 فِي ط، ش "وَلَا نجدها". 8 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "فَلَا نَدْرِي" وَهُوَ أولى. 9 فِي ط، ش "أتقوا الرِّوَايَات" بِفَتْح الْهمزَة.

زَمَنِ عُمَرَ1، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2 كَانَ يُخوِّف النَّاسَ فِي اللَّهِ"3. حَدَّثَنَا4 ابْنُ صَالِحٍ5 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ6 ... وَسَاقَهُ بِإِسْنَادِهِ7. وَهَذَا طَعْنٌ كَثِيرٌ8 مِنَ الْمُعَارِضِ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ أَحَادِيثَ النَّاسِ عَنْ غَيْرِ ثَبْتٍ فَيَجْعَلُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَوِ استحلَّ مُعَاوِيَةُ9 هَذَا الْمَذْهَبَ لَافْتَعَلَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَنَحَلَهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَانَ يُقْبَلُ مِنْهُ لِمَا أَنَّهُ عُرِفَ10 بِصُحْبَةِ11 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَمْ يَكُنْ يُنْحِلُهُ قَوْلَ غَيره من عوام النَّاس.

_ 1 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"277". 2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "فِي الله تَعَالَى". 4 فِي ط، س، ش "حدّثنَاهُ". 5 فِي ط "ابْن أبي صَالح" وَفِي ش "عَن أبي صَالح". قلت: وَصَوَابه أَنه "ابْن صَالح" كَمَا فِي الأَصْل أَو "أَبُو صَالح" وهما كنيتان لعبد الله بن صَالح الْجُهَنِيّ أَبُو صَالح الْمصْرِيّ، تقدم ص"171". 6 مُعَاوِيَة بن صَالح، تقدم ص"617". 7 ذكره الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ الطبعة الْهِنْدِيَّة 7/1 من طَرِيق ابْن علية عَن رَجَاء بن أبي سَلمَة، قَالَ: بَلغنِي أَن مُعَاوِيَة كَانَ يَقُول: عَلَيْكُم من الحَدِيث بِمَا كَانَ فِي عهد عمر، فَإِنَّهُ كَانَ قد أَخَاف النَّاس فِي الحَدِيث عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. 8 لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "كثير". 9 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، تقدم ص"617" 10 فِي ط، س، ش "لما عرف". 11 فِي ط، ش "بِصُحْبَتِهِ" وَفِي س "من صُحْبَة".

وَيَدُلُّكَ1 قِلَّةُ رِوَايَةِ مُعَاوِيَةَ2 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -وَكَانَ كَاتِبَهُ- عَلَى تَكْذِيبِ مَا رَوَيْتَ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ3. فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَاكْشِفْ عَنْ إِسْنَادِهِ فَإِنَّكَ لَا تُسْنِدُهُ إِلَى ثِقَةٍ. الذَّبُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ4: وَكَذَلِكَ ادَّعَيْتَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ5، وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَةً عَنْهُ، مَعْرُوفًا6 بِذَلِكَ. فَزَعَمت أَنه أَصَابَت يَوْمَ الْيَرْمُوكِ7 زَامِلَتَيْنِ8 مِنْ كُتُبِ أهل الْكتاب، فَكَانَ يَرْوِيهَا.

_ 1 فِي س "وَبِذَلِك" 2 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، تقدم ص"617". 3 أَبُو الصَّلْت، انْظُر ص"632". 4 العنوان من المطوعتين ط، ش، قلت: وَقد تقدّمت تَرْجَمَة عبد الله بن عَمْرو ص"256". 5 انْظُر تَرْجَمته ص"256". 6 فِي س "معارفًا" وَمَا فِي الأَصْل أصح. 7 اليرموك: وَاد بِنَاحِيَة الشَّام فِي طرف الْغَوْر يصب فِي نهر الْأُرْدُن، ثمَّ يمْضِي إِلَى الْبحيرَة المنتنة، وَقعت فِيهِ الْحَرْب الْمَشْهُورَة بَين الْمُسلمين وَالروم أَيَّام أبي بكر الصّديق، وَكَانَ ذَلِك فِي السّنة الثَّالِثَة عشرَة من الْهِجْرَة، قاد الْمُسلمين فِيهَا خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، وانتصر الْمُسلمُونَ نصرا مؤزرًا. انْظُر: الْكَامِل فِي التَّارِيخ لِابْنِ الْأَثِير 410/2-414، والحموي فِي مُعْجم الْبلدَانِ 434/5. 8 الزاملتين مثنى زاملة. قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 390/3: "والزاملة الَّتِي يحمل علها من الْإِبِل وَغَيرهَا". قلت: وَفِي السّنة قبل التدوين لمُحَمد عجاج الْخَطِيب ص"351" أَنه كَانَ عِنْد =

لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ1 يُقال لَهُ: أَلا تحدثنا2 عَن الزاملتين.

_ = ابْن عَمْرو كتب كَثِيرَة عَن أهل الْكتاب أَصَابَهَا يَوْم اليرموك فِي زاملتين وَقد ادّعى بشر المريسي أَنَّ "عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو كَانَ يرويهما لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ يُقَال لَهُ: لَا تحدثنا عَن الزاملتين" قَالَ: "وَهَذِه الدَّعْوَى بَاطِلَة، فقد ثَبت أَن ابْن عَمْرو كَانَ أَمينا فِي نَقله وَرِوَايَته، لَا يحِيل مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم على أهل الْكتاب، كَمَا لَا يحِيل مَا رُوِيَ عَن أهل الْكتاب عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ويكف ابْن عَمْرو فخرًا أَنه كَانَ أول من دون الحَدِيث بَين يَدي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بإذنهن وَفِي مُخْتَلف أَحْوَاله فِي الْغَضَب وَالرِّضَا" انْتهى. وَقَالَ فِي حَاشِيَة الْمصدر نَفسه ص"351" هَامِش "4": "وَقد ذكر مَحْمُود أَبُو رية صَاحب كتاب أضواء على السّنة المحمدية أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو "كَانَ أصَاب زَامِلَتَيْنِ مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ يَرْوِيهَا لِلنَّاسِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فتجنب الْأَخْذ عَنهُ كثير من أَئِمَّة التَّابِعين، وَكَانَ يُقَال لَهُ: لَا تحدثنا عَن الزاملتين. ص166 جـ1 فتح الْبَارِي". انْتهى مَا نَقَلْنَاهُ عَن أضواء على السّنة المحمدية. قَالَ: "وَمن العجيب أَن يسمع إِنْسَان مثل هَذَا الْخَبَر ويصدقه لِأَن الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم، كَانُوا أدق النَّاس لِسَانا، وأنقى الْأمة قلوبًا، وأخلص الْبَريَّة للرسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَا يعقل أَن يكذب أَمْثَال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنْهُمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فيعزو إِلَيْهِ مَا سَمعه من أهل الْكتاب فهرعت إِلَى فتح الْبَارِي وَإِذا بِهِ -شهد الله- خَالِيا من عبارَة أبي رية، فَلَيْسَ فِي قَول ابْن حجر "عَن النَّبِي" إِنَّمَا زَادهَا الْكَاتِب من عِنْده. فَهَل تَكْذِيب الصَّحَابَة والافتراء عَلَيْهِم، والانتحال على الْعلمَاء أَمْثَال ابْن حجر وَغَيره من الْأَمَانَة العلمية؟؟ وَقد ثَبت لنا سوء نِيَّة أبي رية فِي مَوَاضِع كَثِيرَة يظْهر بَعْضهَا فِي بحثنا عَن أبي هُرَيْرَة" انْتهى. وَانْظُر: أضواء على السّنة المحمدية/ الطبعة الأولى ص"162" هَامِش "3" وَانْظُر: فتح الْبَارِي طبعة المكتبة السلفية 207/1، والأنوار الكاشفة ص"125". 1 فِي ط، س، ش "وَكَانَ". 2 فِي ط، س، ش "لَا تحدثنا".

وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! إِنْ كَانَ عبد الله بْنُ عَمْرٍو1 أَصَابَ الزَّامِلَتَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ2. فَقَدْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَمِينًا عِنْدَ الْأُمَّةِ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لَا يَجْعَلَ مَا وَجَدَ فِي الزَّامِلَتَيْنِ3 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ كَانَ يَحْكِي عَنِ الزَّامِلَتَيْنِ4 مَا وَجَدَ فِيهِمَا، وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا سَمِعَ مِنْهُ، لَا يُحِيلُ ذَاكَ5 عَلَى هَذَا وَلَا هَذَا عَلَى ذَاكَ. كَمَا تأوَّلت عَلَيْهِ بِجَهْلِكَ، وَاللَّهُ سَائِلُكَ عَنْهُ.

_ 1 ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا، تقدم ص"256". 2 تقدم قبل قَلِيل. 3، 4 تقدم قبل قَلِيل. 5 فِي س "ذَلِك".

دفاع المؤلف عن عامة الصحابة رضوان الله عليهم

دفاع الْمُؤلف عَن عَامَّة الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم: فَأَقْصِرْ أَيُّهَا الرَّجُلُ مِنْ1 طَعْنِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ فَإِنَّهُمْ لَوْ كَانُوا عِنْدَ الْأُمَّةِ فِي مَوْضِعِ الْجَرْحِ كَمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْهِمْ2 -وَلَيْسُوا كَذَلِكَ- مَا كَانَتْ لَكَ حُجَّةٌ عَلَى أَلْفٍ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَا تَجِدُ3 سَبِيلًا إِلَى الطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ رَوَوْا مِنْ ذَلِكَ مَا يَغِيظُكَ. وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ شَهَادَاتِ الْعُدُولِ إِذَا شَهِدَ مَعَهُمْ مَنْ لَيْسَ4 بِعَدْلٍ لَا يَسْقُطُ5. وَلَا يُجْعَلُ مَثَلُ السَّوْءِ بِأَصْحَابِ6 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلُّهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عُدُولٌ، يُؤتمنون عَلَى عهد

_ 1 فِي ط، ش "عَن طعنك". 2 لفظ "عَلَيْهِم" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي س "لَا يجد" 4 فِي س "مَا لَيْسَ" 5 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س, ش "لَا تسْقط" وَهُوَ أوضح فِي بَيَان المُرَاد. 6 فِي ط، س، ش "لأَصْحَاب".

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْمَجْرُوحُ مَنْ جَرَحَهُمْ، وَلَا يُزَيَّفُ مِائَةُ أَلْفِ حَدِيثٍ مَشْهُورَةً مَحْفُوظَةً مَأْثُورَةً عَنِ الثِّقَاتِ إِذْ1 وُجِدَ فِيهَا مِائَةُ حَدِيثٍ مُنْكَرَةً، وَيُجْرَحُ أَلْفُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْإِتْقَانِ وَالْحِفْظِ فِي الرِّوَايَةِ إِذْ2 وُجِدَ فِيهِمْ عِشْرُونَ رَجُلًا يُنْسَبُونَ إِلَى الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ وَقِلَّةِ الْإِتْقَانِ؛ فَارْبَحِ الْعَنَاءَ فِيمَا لَيْسَ لَكَ فِيهِ شِفَاءٌ. وَكَمَا لَا يُبَهْرَجُ3 مِائَةُ دِينَارٍ إِذَا4 وُجِدَ5 دِينَارَانِ زَائِفَانِ6 وَلَا نَحْكُمُ7 عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ8 بِالْجَرْحِ إِذْ وُجِدَ9 فِيهِمْ مجروحان، وَلَكِن نزيف10 الزائف مِنْهَا11 وَنُرَوِّجُ12 الْمُنْتَقَدَةَ13. فَمَا تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْعَمَايَاتِ وَالْأُغْلُوطَاتِ الَّتِي لَا تُجْدِي عَلَيْكَ شَيْئًا؟ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْآثَارِ بِخُرَافَاتِكَ هَذِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَذْهَبُ فِيهِ مَا

_ 1 فِي ط، ش "إِذا". 2 فِي ط، ش "أَن". 3 فِي ط، س، ش "لَا يتبهرج". 4 فِي س "إِذا". 5 فِي ط، ش "وجد فِيهَا". 6 من الزيف. انْظُر مَعْنَاهَا ص"431". 7 فِي ط، س، ش "وَلَا يحكم". 8 فِي ط، س، ش "من الْمُسلمين". 9 فِي ط، س، ش "إِذا وجد". 10 فِي ط، س، ش "يزيف". 11 لفظ "مِنْهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 12 فِي ط، س، ش "ويروج". 13 فِي ط، ش "المنقدة" من النَّقْد ضد الزيف، وَانْظُر مَا نَقَلْنَاهُ فِي مَعْنَاهَا ص"432".

تَأَوَّلْتَ لَحَرُمَ1 طَلَبُ الْعِلْمِ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَكَانَ يَدُلُّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" 2 أَنَّ تَرْكَهُ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ: "تَضَعُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يطْلب" 3

_ 1 فِي س "يحرم". 2 الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب فضل الْعلمَاء والحث على طلب الْعلم/ حَدِيث 224، 81/1 بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير/ تَصْحِيح عبد الرَّحْمَن عُثْمَان 16/1، وَابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم 8/1-11 من طرق، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية ط. الثَّانِيَة 223/8. قلت: وَمثل بِهِ ابْن الصّلاح للمشهور الَّذِي لَيْسَ بِصَحِيح. انْظُر: عُلُوم الحَدِيث لِابْنِ الصّلاح ص"239"، وَذكر السخاوي أَن الْمزي قَالَ: "إِن طرقه تبلغ دَرَجَة الْحسن". وَقَالَ السندي: "رَأَيْت لَهُ نَحْو خمسين طَرِيقا" انْظُر: حَاشِيَة السندي على ابْن مَاجَه 99/1، وَانْظُر بسط الْكَلَام فِي تَخْرِيجه فِي الْمَقَاصِد الْحَسَنَة ص"275-277"، والغماز على اللماز/ بتحقيق وَتَخْرِيج مُحَمَّد السلَفِي ص"84"، وكشف الخفاء للعجلوني 43/2-45. 3 الحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد كتاب الْعلم/ بَاب الْحَث على طلب الْعلم/ حَدِيث 3641، 57/4-58 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا بِلَفْظ "من سلك طَرِيقا يطْلب فِيهِ علما سلك الله بِهِ طَرِيقا من طرق الْجنَّة، وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع أَجْنِحَتهَا رضَا لطَالب الْعلم، وَإِن الْعَالم ليَسْتَغْفِر لَهُ من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْحِيتَان فِي جَوف المَاء ... إِلَخ"، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْعلم/ بَاب مَا جَاءَ فِي فضل الْفِقْه على الْعِبَادَة/ حَدِيث 2683، 324/7-325 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ الْمُقدمَة بَاب فضل الْعلمَاء والحث على طلب الْعلم/ حَدِيث 223، 81/1 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 239/4-241 مكررًا عَن صَفْوَان بن عَسَّال مَرْفُوعا، و196/5 عَن أبي الدَّرْدَاء مَرْفُوعا.

أَنَّهَا تَضَعُهُمَا سَخَطًا بِمَا طَلَبَ، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ: "يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ" 1 أَنَّهَا2 تَلْعَنُهُ وَتَدْعُو عَلَيْهِ، فَيَنْقَلِبُ فِي دَعْوَاكَ مَعَانِي الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ، وَالْمَعْرُوفِ إِلَى الْمُنْكَرِ، وَقَدْ عَلِمْنَا3 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يعنِ بِطَلَبِ الْعِلْمِ عَمَايَاتِ أَصْحَابِ الْكَلَامِ وَأَهْلِ الْمَقَايِيسِ، وَلَكِنْ عَنَى بِهِ مَا يُؤثر عَنهُ. أوَ لَيْسَ قَدِ ادَّعَيْتَ أَنَّ الزَّنَادِقَةَ4 قَدْ وضعو اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ دَلَّسُوهَا عَلَى الْمُحَدِّثِينَ5؟ فَدُونَكَ أَيُّهَا النَّاقِدُ الْبَصِير الْفَارِس التَّحْرِير6 فأوجدوها مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ حَدِيثًا، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهَا فَلِمَ تُهَجِّنُ7 الْعلم

_ 1 فِي ط، س، ش "حَتَّى الْحُوت فِي المَاء" وَبِهِمَا جَاءَ لَفظه، وَهُوَ قِطْعَة من الحَدِيث الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه قبله من طَرِيق أبي الدَّرْدَاء. 2 فِي ط، س، ش "إِنَّمَا". 3 فِي ط، ش "علمت". 4 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 5 قلت: أثر عَن حَمَّاد بن زيد أَنه قَالَ: "وضعت الزَّنَادِقَة عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم اثْنَي عشر ألف حَدِيث، بثوها فِي النَّاس" انْظُر: مُقَدّمَة التَّمْهِيد لِابْنِ عبد الْبر، تَحْقِيق مصطفى الْعلوِي وَمُحَمّد الْبكْرِيّ ص"44"، والكفاية للبغدادي، طبعة حيدر آباد ص"431". 6 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 139/2 مَادَّة "نحر": "النَّحْر والنحرير بكسرهما: الحاذق الماهر الْعَاقِل المجرب المتقن الفطن الْبَصِير بِكُل شَيْء؛ لِأَنَّهُ ينْحَر الْعلم نحرًا". 7 فِي ط، س، ش "تمتحن"، قلت: وتهجن أَي: تعيب، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 277/4 مَادَّة "الهُجنة": "بِالضَّمِّ من الْكَلَام مَا يعِيبهُ، وَفِي الْعلم إضاعته، والهجين: اللَّئِيم".

وَالدِّينَ فِي أَعْيُنِ الْجُهَّالِ بِخُرَافَاتِكَ هَذِهِ؟؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ دِينُ اللَّهِ بَعْدَ الْقُرْآنِ، وَأَصْلُ كُلِّ فِقْهٍ، فَمَنْ طَعَنَ فِيهِ فَإِنَّمَا يَطْعُنُ فِي دِينِ الله تَعَالَى1. أَو لم تَسْمَعْ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جَعَلَ حَدِيث أَصْلَ الْفَقْهِ2؛ فَقَالَ: "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، فرُبَّ حَال فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ" 3، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْلَ الْفَقْهِ كُله بعد الْقُرْآن حَدِيث الَّذِي تَدْفَعُهُ أَنْتَ وَإِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ4 ثَنَا زَائِدَةُ5 عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ6، عَن

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، س، ش "أصل الْفِقْه كُله". 3 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْعلم/ بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَث على تَبْلِيغ السماع/ حَدِيث 2658، 306/7 عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا بِلَفْظ: "نضر الله امْرَءًا سمع منا حَدِيثا فحفظه حَتَّى يبلغهُ غَيره، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فقه لَيْسَ بفقيه". قَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ومعاذ بن جبل وَجبير بن مطعم وَأبي الدَّرْدَاء وَأنس. قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث زيد بن ثَابت حَدِيث حسن. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، وعادل السَّيِّد/ كتاب الْعلم/ بَاب فضل نشر الْعلم/ حَدِيث 3660، 68/4-69 عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ عدا لَفْظَة: "غَيره"، وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا فِي سنَنه تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ الْمُقدمَة حَدِيث 231، 85/1، وَالْإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 69/6. 4 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، تقدم ص"173". 5 زَائِدَة بن قدامَة، تقدم ص"602". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 318/2: هِشَام بن حسان الْأَزْدِيّ القردُوسي بِالْقَافِ وَضم الدَّال أَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ، ثِقَة، من أثبت النَّاس فِي ابْن سِيرِين، وَفِي رِوَايَته عَن الْحسن وَعَطَاء مقَال، لِأَنَّهُ قيل: كَانَ يُرْسل عَنْهُمَا، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 147 أَو 148/ع.

ابْنِ سِيرِينَ1، قَالَ: "إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهُ"2. فَمَا ظَنُّكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ إِذَا لَقِيتَ اللَّهَ تَعَالَى3، وَقَدْ طَعَنْتَ فِي دِينِهِ، ثُمَّ لَمْ تَقْنَعْ بِجَرْحِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَاتِ، حَتَّى تَعَرَّضْتَ فِي التَّابِعِينَ4 فَقُلْتَ: أَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ5 قَالَ لِغُلَامِهِ: "انْظُرْ أَلَّا تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ6 عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ"7، تُوهِمُ مَنْ حَوَالَيْكَ

_ 1 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص"181". 2 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب بَيَان أَن الْإِسْنَاد من الدَّين، وَأَن الرِّوَايَة لَا تكون إِلَّا عَن الثِّقَات. جـ1 ص"14" عَن ابْن سِيرِين من قَوْله بِلَفْظ: "إِن هَذَا الْعلم دين، فانظروا عَمَّن تأخذون دينكُمْ". وَذكره العجلوني فِي كشف الخفاء، الطبعة الثَّالِثَة، حَدِيث 796، 258/1 بِلَفْظ مُسلم، وَقَالَ: رَوَاهُ مُسلم عَن ابْن سِيرِين من قَوْله، وَقَالَ النَّجْم: رَوَاهُ أَبُو نعيم بِلَفْظ عَمَّن يأخذونه. قلت: وَفِي الْحِلْية لأبي نعيم ط. الثَّانِيَة 278/2 عَن ابْن سِيرِين بِلَفْظ: "إِن هَذَا الْعلم دين فانظروا عَن تأخذونه" وَانْظُر: التَّمْيِيز ط. الأولى ص"58"، وكشف الخفاء ص"302" والمقاصد الْحَسَنَة ص"130". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "للتابعين". 5 عبد الله بن عمر، تقدم ص"245". 6 عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، تقدم ص"286". 7 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172". قلت: نِسْبَة هَذَا القَوْل إِلَى ابْن عمر غير ثَابِتَة، قَالَ ابْن حجر فِي تَرْجَمَة =

مِنَ الْجُهَّالِ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ هَذَا فِي مِثْلِ عِكْرِمَةَ1، فَقَدْ بَطُلَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا، وَيُظَنُّ بِرُوَاتِهَا كُلِّهَا مَا ظَنَّ ابْنُ عُمَرَ2 بِعِكْرِمَةَ3. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: إِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ4 يُجَوِّزُ الْوَهْمَ5 عَلَى عِكْرِمَةَ6 فِي دَعْوَاكَ، فَمَا لَكَ رَاحَةٌ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ7 وَغَيْرِهِ مِمَّا8 يغيظك مِمَّن لَا تد السَّبِيلَ إِلَى الطَّعْنِ عَلَيْهِمْ، مِثْلِ سعيد بن

_ = عِكْرِمَة: "لم يثبت تَكْذِيبه عَن ابْن عمر، وَلَا يثبت عَنهُ بِدعَة" التَّقْرِيب 30/2، وَقد ذكره الذَّهَبِيّ مَنْسُوبا إِلَى ابْن الْمسيب أَنه قَالَ لغلامه برد، قَالَ: "ويروى ذَلِك عَن عمر، قَالَه لنافع وَلم يَصح" انْظُر: الْمِيزَان 96/3-97. قلت: وَذكره الْبَيْهَقِيّ أَيْضا وَابْن عبد الْبر مَنْسُوبا إِلَى سعيد بن الْمسيب، فَفِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي ص"446" قَالَ: أخبرنَا أَبُو الْحسن بن بَشرَان أَنا أَبُو عَمْرو بن السماك، ثَنَا حَنْبَل بن إِسْحَاق، حَدثنِي أَبُو عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل، قَالَ: سَمِعت إِبْرَاهِيم بن سعد، يَقُول: أشهد أَكثر عَليّ على أبي أَنه سمع سعيد بن الْمسيب يَقُول لغلام لَهُ اسْمه بردك يَا برد، إياك أَن تكذب عَليّ كَمَا يكذب عِكْرِمَة على ابْن عَبَّاس. وَنقل ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 191/2 عَن الْمروزِي أَنه كَانَ بَين سعيد بن الْمسيب وَعِكْرِمَة مَا كَانَ، حَتَّى قَالَ فِيهِ مَا حكى عَنهُ أَنه قَالَ لغلامه برد: لَا تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا كَذَبَ عِكْرِمَةُ على ابْن عَبَّاس. 1، 3 تقدم ص"286". 2، 4 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245". 5 فِي الأَصْل وس "توهم" وَلَا يَسْتَقِيم بِهِ الْمَعْنى، قَالَ فِي س: ولعلها "التَّوَهُّم"، وَفِي ط، ش "الْوَهم" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 6 عِكْرِمَة تقدم ص"286". 7 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172" 8 فِي ط، ش "مِمَّن".

جُبَيْرٍ1 وَعَطَاءٍ2 وَطَاوُوسٍ3 وَمُجَاهِدٍ4، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ5، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ6 وَنُظَرَائِهِمْ7، وَالْعَجَبُ مِنْكَ إِذْ تَطْعَنُ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ8 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ9 فِيمَا يُبْطِلُ دَعْوَاكَ وَتَحْتَجُّ لِإِقَامَةِ10 دَعْوَاكَ بِرِوَايَةِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْخَوْلَانِيِّ11، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ12 الَّذِي لَا يُدْرَى مِنْهُمْ13 وَعَنِ الْكَلْبِيِّ14، عَن أبي صَالح15 عَن

_ 1 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173". 2 الرَّاجِح أَنه عَطاء بن أبي رَبَاح، تقدم ص"187". 3 طَاوُوس بن كيسَان تقدم ص"624". 4 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 5 عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عتبَة، تقدم ص"406". 6 جَابر بن زيد، تقدم ص"169". 7 قلت: ذكر الْحَافِظ الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 699/2 فِي تَرْجَمَة ابْن عَبَّاس أَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله، وَجَابِر بن زيد وَغَيرهم رووا عَن ابْن عَبَّاس. 8 لفظ "عِكْرِمَة" لم يرد فِي ط، ش وَلَعَلَّه سقط سَهوا، وترجمته تقدّمت ص"286". 9 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172". 10 فِي ط، ش بِإِقَامَة، وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 11 فِي ط، س، ش "شهَاب الْخَولَانِيّ" وَقد تقدم ص"186" كَمَا فِي الأَصْل، وَهُوَ مَجْهُول كَمَا يفهم من كَلَام الدَّارمِيّ، وَكَذَا نعيم بن أبي نعيم الْمَذْكُور بعده. 12 نعيم بن أبي نعيم، تقدم أَيْضا ص"186". 13 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "الَّذِي لَا تَدْرِي من هم" وَفِي ط، ش "الَّذين لَا تَدْرِي من هم" وَهُوَ أوضح. 14 الْكَلْبِيّ مُحَمَّد بن السَّائِب الْمُفَسّر، مُتَّهم بِالْكَذِبِ وَرمي بالرفض، انْظُر تَرْجَمته ص"353". 15 أَبُو صَالح باذام، ضَعِيف مُدَلّس، انْظُر تَرْجَمته ص"354".

ابْنِ عَبَّاسٍ1 وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْأَسَانِيدِ الَّتِي أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى تَرْكِهَا2. فَكلمَا3 وَافَقَ مِنْ ذَلِك رَأْيك وَإِن كن ضَعِيفًا صَارَ عِنْدَكَ فِي حَدِّ الْقَبُولِ؟ وَمَا خَالَفَ رَأْيَكَ مِنْهَا صَارَ مَتْرُوكًا عِنْدَكَ، وَإِنْ كَانَ4 عنْدك الْفُقَهَاء ف حَدِّ الْقَبُولِ؟ هَذَا ظُلْمٌ عَظِيمٌ وجور جسيم. مَا تقوم بِهِ الْحجَّة من الْآثَار عِنْد الْمعَارض

_ 1 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172". 2 قلت: ذكر الذَّهَبِيّ فِي ديوَان الضُّعَفَاء والمتروكين/ تَحْقِيق حَمَّاد الْأنْصَارِيّ/ ص"373-374" الطَّبَقَة الْخَامِسَة قَالَ: "وهم قوم مُتَّفق على تَركهم لكذبهم ورواياتهم مَوْضُوعَات ومجيئهم بالطامات" وعدَّ مِنْهُم الكلبيِّ، وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي تدريب الرَّاوِي/ تَحْقِيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف/ 181/1: "وَأما أوهوى أَسَانِيد ابْن عَبَّاس مُطلقًا، فالسدي الصَّغِير مُحَمَّد بن مَرْوَان عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنهُ، قَالَ شيخ الْإِسْلَام: هَذِه سلسلة الْكَذِب لَا سلسلة الذَّهَب". 3 فِي الأَصْل "فَكلما مَا وَافق" وَحذف "مَا" الثَّانِيَة أنسب لوضوح السِّيَاق، وَفِي ط، ش "أفكل مَا وَافق" وَفِي س "أفكلما وَافق". 4 فِي ط، س، ش "وَإِن كَانَت".

ما تقوم به الحجة من الأثار عند المعارض

مَا تقوم بِهِ الْحجَّة من الْآثَار عِنْد الْمعَارض: وَادَّعَيْتَ أَيْضًا فِي دَفْعِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُحْكَةً لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا عَاقِلٌ مِنَ الْأُمَّةِ، وَلَا جَاهِلٌ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لَا تَقُومُ الْحُجَّةُ مِنَ الْآثَارِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كُلَّ1 حَدِيثٍ لَوْ حَلَفَ رَجُلٌ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ تُطَلَّقِ امْرَأَتُهُ2. ثُمَّ قُلْتَ: وَلَوْ حلف رجل بِهَذِهِ

_ 1 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ وَقَالَ فِي: لَعَلَّه "إِلَّا بِكُل". 2 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ وَلَا يظْهر الْفرق بَين هَذِه الْعبارَة وَالَّتِي بعْدهَا، بل يظْهر التّكْرَار، وَقد وجدت لناسخ الأَصْل تَصْحِيحا قَالَ فِيهِ: "وَصَوَابه طلقت امْرَأَته" وَهَذَا هُوَ صَوَاب الْعبارَة عِنْدِي لأمرين: أَحدهمَا: ظُهُور التَّنَاقُض من الْمعَارض كَمَا وَصفه بِهِ الإِمَام عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارَمِيُّ رَحِمَهُ الله. الثَّانِي: مَا ذكره فِي سِيَاق الرَّد عَلَيْهِ من أَن القَاضِي يلْزمه أَن لَا يحكم بِشَهَادَة الْعُدُول إِلَّا فِيمَا يُمكن أَن يحلف عَلَيْهِ القَاضِي بِطَلَاق امْرَأَته أَن الشَّاهِد قد صدق ... إِلَى آخر مَا هُنَالك مِمَّا سيتبين من سِيَاق الْمُؤلف.

الْيَمِينِ1 عَلَى حَدِيثٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَحِيحٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَذِبٌ مَا طُلِّقَتِ امْرَأَتُهُ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ النَّاقِضِ عَلَى نَفْسِهِ: قَدْ أَبْطَلْتَ بِدَعْوَاكَ هَذِهِ جَمِيعَ الْآثَارِ الَّتِي تُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا احْتَجَجْتَ مِنْهَا لِضَلَالَتِكَ وَمَا تَحْتَجَّ، وَلَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يُلْتَفَتُ إِلَى تَأْوِيلِهِ، لَقَدْ سَنَنْتَ لِلنَّاسِ سُنَّةً وَحَدَدْتَ لَهُمْ فِي الْأَخْبَارِ حَدًّا لَمْ يَسْتَفِيدُوا مِثْلَهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ قَبْلَكَ، وَلَوَجَبَ2 عَلَى كُلِّ مُخْتَارٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي دَعْوَاكَ أَلَّا يَخْتَارَ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى يَبْدَأَ بِالْيَمِينِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَيَحْلِفَ أنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صِدْقٌ أَوْ كَذِبٌ الْبَتَّةَ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا طُلِّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ اسْتَعْمَلَهُ وَإِنْ لَمْ تُطَلَّقْ تَرَكَهُ. وَيْلَكَ! إِنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَزَالُوا يختارون هَذِه الْآثَار ويستعملونها وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَصَحِّهَا أَنَّ3 النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبَتَّةَ وَعَلَى أَضْعَفِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْهُ الْبَتَّةَ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَأْلُونَ الْجَهْدَ فِي الْأَخْبَارِ4 الْأَحْفَظِ5 نها والمثل فالأمثل من رواتها فِي

_ 1 لفظ "الْيَمين" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 فِي س "أوجب" وَفِي ط، ش "وأوجبت". 3 فِي الأَصْل "لِأَن" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ أوضح. 4 فِي ط، س، ش "فِي اخْتِيَار". 5 فِي س "إِلَّا الأحفظ".

أَنْفُسِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ الْأَيْمَانَ الَّتِي أَلْزَمْتَهُمْ1 فِيهَا بِطَلَاقِ نِسَائِهِمْ مَرْفُوعَةٌ عَنْهُمْ حَتَّى ابْتَدَعْتَهَا أَنْتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَكَ إِلَيْهَا مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ2. فَفِي دَعْوَاكَ يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ أَنْ لَا يَحْكُمُوا بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ عِنْدَهُمْ إِلَّا بِشَيْءٍ يُمَكِّنُ الْقَاضِيَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ بِهِ قَدْ صَدَقَ. أَوْ أَنَّهُ إِنْ حَلَفَ عَلَيْهَا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنَّهَا كَذِبٌ لَمْ تُطَلَّقِ امْرَأَتُهُ. وَيْحَكَ! مَنْ سَبَقَكَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اتِّباع الرِّوَايَاتِ وَاخْتِيَارِ مَا يَجِبُ مِنْهَا؟ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَفْحَصَ3 عَنِ الشُّهُودِ وَيَحْتَاطَ؛ فَمَنْ عَدَلَ عِنْدَهُ مِنْهُمْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فِي شَهَادَتِهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ بَعْدَمَا4 لَمْ يَطَّلِعِ الْقَاضِي مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ. وتُرَد شَهَادَةُ الْمَجْرُوحِ5 وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي شَهَادَتِهِ فِي عِلْمِ اللَّهِ بَعْدَمَا6 لَمْ يَطَّلِعِ الْقَاضِي عَلَى7 صِدْقِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَذْهَبُ فِي اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الْآثَارِ وَقَبُولِهَا مِنْ رُوَاتِهَا، لَا مَا تَأَوَّلْتَ أَنْتَ فِيهَا8 مِنْ هَذِهِ السُّخْرِيَةِ بِنَفْسِكَ وَالضَّحِكِ.

_ 1 فِي ط، ش "لزمتهم". 2 فِي ط، س، ش "أوكافر" 3 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 310/2 مَادَّة "فَحَصَ": "فحص عَنهُ كمنع: بحث كتفحَّص وافتحص، وَهُوَ فحيصي، ومفاحصي، وفاحصني كَأَن كلا مِنْهُمَا يفصح عَن عيب صَاحبه وسره" بِتَصَرُّف. 4 فِي ط "بعد، مَا لم يطلع القَاضِي" بفاصله. 5 فِي س "للمجروح" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 6 فِي ط"بعد، مالم يطلع عَلَيْهِ" بفاصلةكسابقتها. 7 لَفْظَة "على" لَيست فِي س. 8 فِي ط، س، ش "لَا مَا تأولت فِيهَا".

وادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ مِنَ الْأَحَاديِثِ الَّتِي تُروى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً مُسْتَشْنَعَةً جِدًّا، لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا، فألَّف مِنْهَا أَحَادِيثَ بَعْضُهَا مَوْضُوعَةٌ، وَبَعْضُهَا مَرْوِيَّةٌ تُرْوَى وَتَوَقَّفَ لَا يَتَقَدَّمُ1 عَلَى تَفْسِيرِهَا، يُوهِمُ مَنْ حَوَالَيْهِ مِنَ الْأَغْمَارِ2 أَنَّ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا مَا رُوِيَ مِنْهَا مِمَّا يَغِيظُ الْجَهْمِيَّةَ3 فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ، وَالصِّفَاتِ الَّتِي رَوَاهَا الْعُلَمَاءُ الْمُتْقِنُونَ وَرَأَوْهَا4 حَقًّا، سَبِيلُهَا سَبِيلُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا وَلَا الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا أقرَّ أَنَّهَا مُنْكَرَاتٌ مُسْتَشْنَعَةٌ5 يُفَسِّرُهَا وَيَطْلُبُ لَهَا مَخَارِجَ يَدْعُو6 إِلَى صَوَابِ التَّأْوِيلِ فِي دَعْوَاهُ. وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! وَمَا يَدْعُوكَ إِلَى تَفْسِيرِ أَحَادِيثَ زَعَمْتَ أَنَّهَا مُسْتَشْنَعَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا عِنْدَكَ، وَلَا يَجُوزُ التحدق بِهَا؟!، فَلَوْ دَفَعْتَهَا بِعِلَلِهَا وَشَنَعِهَا عِنْدَكَ كَانَ أَوْلَى بِكَ مِنْ أَنْ تَسْتَنْكِرَهَا وَتُكَذِّبَ بِهَا، ثُمَّ تُفَسِّرُهَا ثَانِيَةً كَالْمُثْبِتِ لَهَا عَلَى وُجُوهٍ وَمَعَانٍ مِنَ الْمُحَالِ وَالضَّلَالِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا7 أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ. فَادَّعَيْتَ أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْمُنْكَرَاتِ مَا رَوَى أَبُو أُسَامَةَ8، عَنْ هِشَامِ بْنِ

_ 1 فِي ط، ش "لَا يقدم". 2 الأغمار، انْظُر مَعْنَاهَا ص"147". 3 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 4 فِي ط، ش "رووها". 5 فِي ط، ش "مستشنعات". 6 فِي ط، ش "تَدْعُو" بِالتَّاءِ. 7 فِي ط، ش مثله. 8 أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"416".

عُرْوَةَ1 عَنْ أَبِيهِ2، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو3 قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْرِ، قُلْتَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مِنْ شعر الذراعين، والصدر"4.

_ 1 هِشَام بن عُرْوَة، تقدم ص"478". 2 عُرْوَة بن الزبير، تقدم ص"314". 3 فِي ط، س، ش "عبد الله بن عمر" وَصَوَابه مافي الأَصْل وَبِه جَاءَ عِنْد الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة، انْظُر: تَخْرِيج الحَدِيث. 4 أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، بَاب مَا ذكر فِي الساعد والذراع ص"343" من طَرِيق ابْن جريج حَدثهُ رجل عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه سَأَلَ عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَي الْخلق أعظم؟ قَالَ: الْمَلَائِكَة، قَالَ: من مَاذَا خلقت؟ قَالَ: من نور الذراعين والصدر ... إِلَخ" قَالَ: وَهَذَا مَوْقُوف عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو، روايه رجل غير مُسَمّى، فَهُوَ مُنْقَطع، وَقد بَلغنِي أَن ابْن عُيَيْنَة رَوَاهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، فَإِن صَحَّ ذَلِك، فعبد الله بن عَمْرو كَانَ ينظر فِي كتب الْأَوَائِل، فَمَا لَا يرفعهُ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يحْتَمل أَن يكون مِمَّا رَآهُ فِيمَا وَقع بِيَدِهِ من تِلْكَ الْكتب. وَأخرجه ابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج د. عَليّ مُحَمَّد الفقيهي ص”92" مَوْقُوفا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو. وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"151" مَوْقُوفا على عبد الله ابْن عَمْرو. وَقَالَ الألباني فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المجلد الأول 197/5: "وَأما مَا رَوَاهُ عبد الله بن أَحْمد فِي السّنة ص"151" عَن عِكْرِمَة قَالَ: "خلقت الْمَلَائِكَة من نور الْعِزَّة، وَخلق إِبْلِيس من نَار الْعِزَّة" وَعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذراعين والصدر". قلت -أَي الألباني-: فَهَذَا كُله من الْإسْرَائِيلِيات الَّتِي لَا يجز الْأَخْذ بهَا، لأنهالم ترد عَن الصَّادِق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: إِذَا كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي تَتْرُكُ مِنْ أَجْلِهِ جُلَّ1 الرِّوَايَاتِ، فلِم فَسَّرْتَهُ كَأَنَّكَ تُثْبِتُهُ؟ فَقُلْتَ: تَأْوِيلُهِ عِنْدَنَا مُحْتَمَلٌ عَلَى مَا يُقَالُ فِي أَسْمَاءِ النُّجُومِ الَّذِي يُسَمَّى مِنْهَا الذِّرَاعَ2 وَالْجَبْهَةَ3. وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! اسْتَنْكَرْتَ الْحَدِيثَ وَتَفْسِيرُكَ أَنْكَرُ مِنْهُ!! أَخَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ النُّجُومِ وَشُعُورِهَا الَّتِي يُسمى4 مِنْهَا الذِّرَاعَ5 وَالْجَبْهَةَ6، أَمْ لِلنُّجُومِ شُعُورٌ فَيُخْلَقُ مِنْهَا الْمَلَائِكَةُ؟ لَقَدْ أغربت بِهَذَا التَّفْسِير على جمع الْمُفَسِّرِينَ، وَأَنْدَرْتَ وَكِدْتَ أَنْ تَقْلِبَ الْعَرَبِيَّةَ ظَهْرَهَا لِبَطْنِهَا إِنْ جَازَتْ عَلَيْكَ7 هَذِهِ الْمُسْتَحِيلَاتُ: أَنَّ8 اللَّهَ خَلَقَ الْمَلَائِكَةَ مِنْ شُعُورِ النُّجُومِ الَّتِى تسمى ذِرَاعا9

_ 1 فِي ط، س، ش "كل". 2 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط، الطبعة الرَّابِعَة 22/3-23 مَادَّة "الذِّرَاع"، قَالَ: "وككتاب سمة فِي ذِرَاع الْبَعِير ومنزل للقمر وَهُوَ ذِرَاع الْأسد المبسوطة، وللأسد ذراعان: مبسوطة ومقبوضة، وَهِي الَّتِي تلِي الشَّام وَالْقَمَر ينزل بهَا، والمبسوط تلِي الْيمن وَهُوَ أرفع فِي السَّمَاء وأمدُّ من الْأُخْرَى، وَرُبمَا عدل الْقَمَر فَنزل بهَا لأَرْبَع يخلون من تموز، وَتسقط لأَرْبَع يخلون من كانون الأول" بِتَصَرُّف. 3 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 282/4 مَادَّة "الْجَبْهَة": الْجَبْهَة مَوضِع السُّجُود من الْوَجْه، أَو مستوى مَا بَين الحاجبين إِلَى الناصية، وَسيد الْقَوْم ومنزل للقمر ... الخ". 4 فِي ط، س، ش "الَّتِي تسمى". 5 تقدم قَرِيبا. 6 تقدم قَرِيبا. 7 فِي ط، ش "عنْدك" وَفِي س "عَنْك". 8 لم تهمز فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "إِن الله" بِالْكَسْرِ. 9 تقدم ص "649".

احتجاج المعارض في رد الآثار وكراهية طلبها

احتجاج الْمعَارض فِي رد الْآثَار وكراهية طلبَهَا: وَاحْتَجَجْتَ1 فِي رَدِّ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَرَاهِيَةِ طَلَبِهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِجَمْعِهَا، بِحِكَايَةٍ حَكَيْتَهَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ2 أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ عِدَدِ الْمَوْتِ"3. وَبِقَوْلِ شُعْبَةَ4 "إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَصُدُّكُمْ عَنْ ذِكْرِ الله وَعَن الصَّلَاة،

_ 1 فِي ط، س، ش "ثمَّ احتججت". 2 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص”268". 3 أخرجه ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله، 158/2 بِسَنَدِهِ إِلَى سُفْيَان بِلَفْظ: "لَيْسَ طلب الحَدِيث من عدَّة الْمَوْت وَلكنه عِلّة يتشاغل بِهِ الرجل". وأبونعيم فِي الْحِلْية، الطبعة الثَّانِيَة 364/6 عَن سُفْيَان بِلَفْظ: "لَيْسَ هَذَا الحَدِيث من عدَّة الْمَوْت" وَمن طَرِيق آخر عَن سُفْيَان أَيْضا بِلَفْظ ابْن عبد الْبر. وَذكره الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ 204/1-205 قَالَ: قَالَ أَبُو أُسَامَة: سَمِعت سُفْيَان يَقُول: "لَيْسَ طلب الحَدِيث من عدَّة الْمَوْت، لكنه عِلّة يتشاغل بهَا الرجل". قَالَ الذَّهَبِيّ: قلت: صدق وَالله، إِن طلب الحَدِيث شَيْء غير الحَدِيث، فَطلب الحَدِيث اسْم عرفي لأمور زَائِدَة على تَحْصِيل مَاهِيَّة الحَدِيث، وَكثير مِنْهَا مراق إِلَى الْعلم، وأكثرها أُمُور يشغف بهَا الْمُحدث من تَحْصِيل النّسخ المليحة وتطلب العالي وتكثير الشُّيُوخ والفرح بِالْأَلْقَابِ وَالثنَاء، وتمني الْعُمر الطَّوِيل ليروي، وَحب التفرد، إِلَى أُمُور عديدة لَازِمَة للأغراض النفسانية لَا الْأَعْمَال الربانية ... إِلَخ. وَانْظُر فِيمَا يلْزم من إخلاص النِّيَّة فِي طلب الحَدِيث: الإلماع ص"54-61". 4 شُعْبَة، تقدم ص"250".

فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ؟ "1 وَبِقَوْلِ2 ابْنِ الْمُبَارَكِ3: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رِحْلَتِي فِي الْحَدِيثِ"4. فَتَوَهَّمْتَ أَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا طَعْنٌ فِي الْآثَارِ وَكَرَاهِيَةٌ مِنْهُم لجمعها

_ 1 أخرجه ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 159/2، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان قَالَ: حَدثنَا قَاسم بن أصبغ قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عمر قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان، قَالَ: سَمِعت شُعْبَة يَقُول: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَصُدُّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، فَهَلْ أَنْتُم مُنْتَهُونَ؟، وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 156/7 من طَرِيق آخر عَن شُعْبَة بِلَفْظِهِ، وَأخرجه الْبَغْدَادِيّ فِي شرف أَصْحَاب الحَدِيث/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد سعيد أوغلي/ ص”114"، بِسَنَدِهِ عَن شُعْبَة بِلَفْظِهِ. قَالَ الْبَغْدَادِيّ: "قَالَ أَبُو خَليفَة -وَيُرِيد شُعْبَة- رَحمَه الله: أَن أَهله يضيعون الْعَمَل بِمَا يسمعُونَ مِنْهُ، ويتشاغلون بالمكاثرة بِهِ أَو نَحْو ذَلِك، والْحَدِيث لَا يصد عَن ذكر الله، بل يهدي إِلَى أَمر الله" ثمَّ ذكر بِسَنَدِهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل وَسُئِلَ عَن قَول شُعْبَة فَقَالَ: لَعَلَّ شُعْبَة كَانَ يَصُوم، فَإِذا طلب الحَدِيث وسعى فِيهِ يضعف فَلَا يَصُوم، أَو يُرِيد شَيْئا من أَعمال الْبر فَلَا يقدر أَن يَفْعَله للطلب، فَهَذَا مَعْنَاهُ". 2 فِي ش "وَيَقُول". 3، 4 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص”143" قلت: وَلم أَقف على هَذَا الْمَأْثُور عَن ابْن الْمُبَارك بنصه، وَفِي شرف أَصْحَاب الحَدِيث للبغدادي/ تَحْقِيق مُحَمَّد سعيد أوغلي ص”108-109" بِسَنَدِهِ إِلَى عَليّ بن أَحْمد السواق، قَالَ: حَدثنَا زَكَرِيَّا بن عدي قَالَ: رَأَيْت ابْن الْمُبَارك فِي النّوم، فَقلت: مَا صنع الله بك؟ قَالَ: غفر لي برحلتي. وَمن طَرِيق آخر إِلَى أَحْمد بن سعيد الدَّارمِيّ قَالَ: سَمِعت الْعَلَاء يَقُول: أَخْبرنِي رجل قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن الْمُبَارك فِي الْمَنَام، فَقلت: مَا فعل الله بك؟ قَالَ: غفر لي برحلتي فِي الحَدِيث. وَفِي تذكرة الْحفاظ/ بتحقيق شُعَيْب الأرناؤوط 8/ 370 عَن نَوْفَل بِمثلِهِ.

وَاسْتِعْمَالِهَا، وَقَدْ أَخْطَأْتَ الطَّرِيقَ وَغَلِطْتَ فِي التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ عَنْهُمْ1 أَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا2 هَذِهِ الْآثَارَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا طَلَبَهُ3 أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ وَلَكِنْ خَافُوا أَنْ يَكُونَ4 قَدْ خَالَطَ ذَلِكَ بَعْضُ الرِّيَاءِ وَالْعُجْبِ وَالِاسْتِطَالَةِ5 بِهِ عَلَى مَنْ دُونَهُمْ فِيهِ، أَوْ أَنَّهُمْ إِذَا جَمَعُوهَا وَكَتَبُوهَا لَمْ يَقُومُوا بِالْعَمَلِ بِهَا الَّذِي6 يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَيَصِيرُ7 حُجَّةً عَلَيْهِمْ، فَإِنَّمَا أَزْرَوْا8 فِيمَا حَكَيْتَ عَنْهُمْ9 بِأَنْفِسِهِمْ لَا بِالْعِلْمِ وَالْأَحَادِيثِ. كَمَا تَفْعُلُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ. وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَنْهُمْ مِنْ سَيِّئِ الْأَعْمَالِ -كَمَا ادَّعيت عَلَيْهِمْ- مَا صَنَّفُوهَا وَنَقَلُوهَا إِلَى الْأَنَامِ، وَلَا دَعَوْهُمْ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا وَالْأَخْذِ بِهَا، فَيُشْرِكُوهُمْ فِي إِثْم مَا وَقَعُوا

_ 1 لَفْظَة "عَنْهُم" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، ش "لَا يعدون"، وَفِي س "لَا يعدوا"، قلت: وَلَا مُوجب لحذف النُّون فِي س. 3 فِي ط، ش "طلبَهَا". 4 فِي ط، س، ش "أَن قد خالط" وَلَعَلَّ لَفْظَة "يكون" سَقَطت. 5 فِي طن ش "أَو الاستطالة" 6 فِي ط، ش "كَالَّذي". 7 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَيصير" 8 أزروا بِأَنْفسِهِم أَي: عابوها، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 338/4 مَادَّة "زرى": "زر عَلَيْهِ زريًا وزراية زريانًا: عابَه وعاتبه كأزرى لكنه قَلِيل، وتزرّى وأزرى بأَخيه: أَدخل عَلَيْهِ عَيْبا أَو أمرا يُرِيد أَن يلبس عَلَيْهِ بِهِ، وبالأمر: تَهاونَ" بِتَصَرُّف. 9 لَفْظَة "عَنْهُم" لَيْسَ فِي ط، س، ش وتزيد الْمَعْنى وضوحًا.

فِيهِ1، وَمَنْ يَظُنُّ بِهِمْ ذَلِكَ إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُكَ بَعْدَ الَّذِي رَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "حدِّثوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ"2، وَقَالَ: "نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَبَلَّغَهَا غَيْرَهُ" 3، وَقَوْلَهُ: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُم الْغَائِب" 4،

_ 1 فِي س "مَا وقفُوا فِيهِ" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 2 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق/ بَاب التثبت فِي الحَدِيث وَحكم كِتَابَة الْعلم/ حَدِيث 72، 2298/4 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "حدثوا عني وَلَا حرج، وَمن كذب عليَّ -قَالَ همام: أَحْسبهُ قَالَ: مُتَعَمدا- فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 12/3-13 عَن أبي هُرَيْرَة، وَفِي الْمسند أَيْضا 46/3، 56 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "حدثوا عني وَلَا تكذبوا عَليّ.. إِلَخ ". وَأخرجه القَاضِي عِيَاض فِي الإلماع/ تَحْقِيق أَحْمد صقر/ الطبعة الأولى ص"11-12" بِإِسْنَادِهِ إِلَى أنس مَرْفُوعا بِلَفْظ: "حدثوا عني كَمَا سَمِعْتُمْ وَلَا حرج.. الحَدِيث ". 3 تقدم تَخْرِيجه ص"640" 4 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب الْعلم/ بَاب ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب/ حَدِيث 104، 197/1-198 عَن أبي شُرَيْح مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "وليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب"، وَانْظُر أَيْضا: الْمصدر نفس الْأَحَادِيث "1832، 4295، 4406". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْقسَامَة/ بَاب تَغْلِيظ تَحْرِيم الدِّمَاء والأعراض وَالْأَمْوَال/ حَدِيث 29، 1305/3 عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "أَلا ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب".، وَفِي الحَدِيث بعده عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا فِي آخِره: "فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 37/5 عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا فِي آخِره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ الْمُقدمَة، حَدِيث 233، 85/1 عَن أبي بكرَة مَرْفُوعا، وَانْظُر الْمصدر نَفسه الْأَحَادِيث: "234، 235".

وَقَوْلَهُ: "طَلْبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" 1، وَقَوْلَهُ: "مَا سَلَكَ رجلٌ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهَا عِلْمًا إِلَّا سهَّل اللَّهُ بِهِ 2 طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ" 3، وَقَوْلَهُ: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ" 4. وَهِيَ هَذِهِ الْآثَارُ، وَهِيَ أُصُولُ الدِّينِ وَفُرُوعُهُ بَعْدَ الْقُرْآنِ، فَمَنْ سَمِعَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي حضَّ5 النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَلَبِهَا وَإِبْلَاغِهَا وَأَدَائِهَا6 إِلَى مَنْ يَسْمَعُهَا عَلِمَ يَقِينًا أَنَّ مَا حكيت عَن

_ 1 تقدم تَخْرِيجه ص"638". 2 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، ش "سهّل الله لَهُ بهَا" وَفِي س: "سهل الله لَهُ بِهِ"، وَفِي سنَن ابْن مَاجَه: "سهل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة". 3 قلت: هُوَ قِطْعَة من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه ص"638". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب فضل الِاجْتِمَاع على تِلَاوَة الْقُرْآن حَدِيث 2699، 2074/4 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "وَمن سلك طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ علما، سهل الله لَهُ بِهِ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْعلم/ بَاب فضل طلب الْعلم/ حَدِيث 2648، 300/7-301 عَن أبي هُرَيْرَة بِمثل لفظ مُسلم. وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب الْعلم/ بَاب الْحَث على الْعلم/ حَدِيث 3643، 59/4 عَن أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِهِ. 4 تقدم ص”638" من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء. 5 فِي س "خص" بالصَّاد الْمُهْملَة وَمَا أثْبته أوضح. 6 فِي س "أودّاها".

سُفْيَانَ1 وَشُعْبَةَ2 وَابْنِ الْمُبَارَكِ3 عَلَى خِلَافِ مَا تَأَوَّلْتَهُ. وَيْحَكَ! إِنَّمَا قَالَ الْقَوْمُ هَذَا تَخَوُّفًا عَلَى أَنْفِسِهِمْ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أُوتُوا مِنْهُ الْكَثِيرَ فَلَمْ يُوَفَّقُوا لِاتِّبَاعِهِ كَمَا يَجِبُ، وَلَمْ يَتَخَلَّقُوا بِأَخْلَاقِ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ؛ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَالْوَرَعِ وَالْعِبَادَةِ، وَلَمْ يَتَأَدَّبُوا بِأَحْسَنِ آدَابِهِمْ. فَقَدْ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى4 يَقُولُ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ5: "طَلَبْنَا الْعِلْمَ فَأَصَبْنَا مِنْهُ شَيْئًا، فَطَلَبْنَا الْأَدَبَ فَإِذَا أَهْلُهُ قَدْ مَاتُوا"6 وَكَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ7: "زَيَّنَ الْعِلْمَ حِلْمُ أَهْلِهِ"8، وَكَمَا قَالَ ابْن سِيرِين9: "ذهب

_ 1 فِي ط، ش "سُفْيَان الثَّوْريّ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”268". 2 شُعْبَة، تقدم ص"250". 3 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 4 يحيى بن يحيى بن كثير، تقدم ص"151". 5 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 6 أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 169/8 من طَرِيق الْوَلِيد بن عتبَة قَالَ: قَالَ عبد الله ابْن الْمُبَارك: "طلبنا الْأَدَب حِين فاتنا المؤدبون". 7 الشّعبِيّ، تقدم ص"168". 8 أخرجه الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم/ بَاب صِيَانة الْعلم/ الْأَثر رقم 853، 585، 116/1 من طَرِيقين عَن الشّعبِيّ بِلَفْظِهِ، وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 318/4 بِسَنَدِهِ عَن الشّعبِيّ بِلَفْظِهِ. 9 ابْن سِيرِين، تقدم ص"181".

الْعِلْمُ وَبَقِيَ مِنْهُ غُبْرَاتٌ1 فِي أَوْعِيَةِ سُوءٍ"2. وَكَانَ تَخَوُّفُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْحِكَايَاتِ الَّتِي حَكَيْتَهَا عَنْهُمْ، عَسَى أَنْ لَمْ يُرْزَقُوا هَذِهِ الْآدَابَ3 وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْعِلْمُ4، حَتَّى يَخْلُصَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى5، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ إِعْظَامًا لِلْعِلْمِ وَإِجْلَالًا لَهُ، لَا اسْتِخْفَافًا بِهِ وَتَعْرِيضًا لِإِبْطَالِهِ، كَمَا فَعَلْتَ أَنْتَ. وَسَمِعْتُ الطَّيَالِيسِيَّ أَبَا6 الْوَلِيدِ أَنَّهُ سمع ...

_ 1 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَقد أثبتها بالغين الْمُعْجَمَة كَمَا فِي ط، س، ش، وكما هُوَ عِنْد ابْن عب الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله، انْظُر تَخْرِيجه بعد سطو. قلت: والغبرات: البقايا، قَالَ الفيروز ىبادي فِي الْقَامُوس 99/2 مَادَّة "غبر": "وغبر الشَّيْء بِالضَّمِّ بَقِيَّته كغبره جمعه أغبار وَغلب على بَقِيَّة دم الْحيض وَبَقِيَّة اللَّبن فِي الضَّرع" بِتَصَرُّف. 2 فِي الأَصْل "سَوَاء" وَفِي س "سواهُ" وَلَا يَتَّضِح بهما الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "سَوْدَاء"، وَقد أثبتها "سوء" لموافقتها للفظ ابْن عبد الْبر، وَقد أخرجه فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 185/1 قَالَ: أخبرنَا عبد الْوَارِث قَالَ: حَدثنَا قَاسم قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن زُهَيْر قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن سجاع قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن أُسَامَة عَن إِسْمَاعِيل -يَعْنِي ابْن مُسلم- عَن ابْن سِيرِين قَالَ: "ذهب الْعلم، فَلم يبْق إِلَّا غبرات فِي أوعية سوء" انْتهى. 3 فِي ط، س، ش "هَذَا الْأَدَب" 4 ف ط، س، ش "إِلَيْهِ للْعلم". 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 6 فِي الأَصْل لم تتضح، وَهِي قريبَة من لفظ "أنبأ الْوَلِيد" وَقد أثبتها "أَبَا الْوَلِيد" كَمَا فِي ط، س، ش وكما هُوَ فِي إِسْنَاد ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 28/2، وَقد وجدت فِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1442/3 أَنه روى عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، قلت: وَهُوَ هِشَام بن عبد الْملك، الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَله أَربع وَتسْعُونَ/ ع "التَّقْرِيب 319/2".

ابْنَ عُيَيْنَةَ1 يَقُولُ: "طَلَبْتُ هَذَا الْعِلْمَ يَوْمَ طَلَبْتُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ، فَأَعْقَبَنِي مَا تَرَوْنَ"2. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ3: "لَمْ أَعْرِفْ4 لِنَفْسِي يَوْمَ طَلَبْتُهُ تِلْكَ النِّيَّةَ الْخَالِصَةَ، فَأَعْقَبَنِي مِنْهُ أَنِّي اشغلت بِتَحْدِيثِ النَّاسِ بِهِ لَا بِالْعَمَلِ بِهِ، وَالزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْعِبَادَةِ". وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ5 أَنَّهُ قَالَ: "وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْ عَنْ شَيْءٍ"6 أَيْ لَمَّا أَنَّ الَّذِي سَأَلْتُ عَنْهُ صَارَ عَلَيَّ حُجَّةً. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ7 أَيْضًا: "إِنَّا لسنا بفقهاء، وَلَكنَّا رُوَاة

_ 1 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 2 أخرجه ابْن عبد الْبر فِي جَامع بَيَان الْعلم وفضله 28/2 من طَرِيق عَبَّاس السندي قَالَ: سَمِعت أَبَا الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ يَقُول: سَمِعت ابْن عُيَيْنَة مُنْذُ أَكثر من سِتِّينَ سنة يَقُول: طلبنا هَذَا احديث لغير الله، فأعقبنا مَا ترَوْنَ". 3 قلت: هُوَ أبوسعيد الدَّارمِيّ. 4 فِي ط، ش، طيقول: لم أعرف" وَهُوَ أوضح. 5، 6 الشّعبِيّ، تقدم ص"168". 7 أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 313/4 عَن الشّعب بِمَعْنَاهُ، وَفِي شرف أَصْحَاب الحَدِيث للبغدادي/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد سعيد أوغلي ص"118" بِسَنَدِهِ عَن مَالك شَيْئا" قَالَ الْبَغْدَادِيّ: "إِنَّمَا قَالَ ذَلِك الشّعبِيّ مُخَالفَة أَن لَا يقوم بِحقِّهِ وَلَا بشكره". وَفِي طَبَقَات ابْن سعد/ طبعة بيروت/ 250/6 من طَرِيق سُفْيَان قَالَ: أَخْبرنِي من سمع الشّعبِيّ يَقُول: "لَيْتَني انفلت من علمي كفافًا لَا عَليّ وَلَا لي وبمثله فِي التَّذْكِرَة للذهبي 88/1.

الْحَدِيثِ"1 وَكَمَا قَالَ الْحَسَنُ2: "هَلْ رَأَيْت فقهيًا قَطُّ؟ إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ، لَا يُدَارِي وَلَا يُمَارِي، بِنَشْرِ3 حُكْمِ اللَّهِ فَإِنْ قُبِلَتْ مِنْهُ حَمِدَ اللَّهَ، وَإِنْ رُدَّتْ حَمِدَ اللَّهَ"4. فَتَخَوَّفَ الْقَوْمُ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ، وَقَدْ كَانُوا أَهْلَهُ، وَمَا زَادَهُمْ تَخَوُّفُهُمْ مِنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا حُبًّا وعِظمًا5، وَلِلْعِلْمِ تَوْقِيرًا وَإِجْلَالًا؛ إِذْ خَافُوا أَنْ لَا يَكُونُوا من صالحي أوعيته.

_ 1 أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 311/4 عَن الشّعبِيّ بِلَفْظ: "يَا معشر الْعلمَاء، يَا معشرالفقهاء، لسنا بفقهاء، وَلَا عُلَمَاء، وَلَكنَّا قوم قد سمعنَا حَدِيثا فَنحْن نحدثكم بِمَا سمعنَا ... إِلَخ". وَذكره الذَّهَبِيّ فِي تذكرة الْحفاظ: الطبعة الْهِنْدِيَّة 79/1 من طَرِيق أبي نعيم، حَدثنَا أَبُو الجابة الْفراء قَالَ: قَالَ الشّعبِيّ: "إنَّا لسنا بالفقهاء وَلَكنَّا سمعنَا الحَدِيث فَروينَاهُ، الْفُقَهَاء من إِذا علم عمل". 2 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص”227". 3 ف ط، س، ش "ينشر" بالمثناه التَّحْتَانِيَّة. 4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الزّهْد/ تَصْحِيح عبد الرَّحْمَن بن قَاسم ص”267" من طَرِيق سُفْيَان عَن عمرَان الْقصير قَالَ: سَمِعت الْحسن وَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي سَأَلت فَقِيها فَقَالَ: وَهل رَأَيْت فَقِيها لَا أَبَا لَك؟! إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا الْبَصِير بِذَنبِهِ المداوم على عبَادَة ربه، وبنحوه ص”279". وبمثل مَا ذكره الإِمَام أَحْمد أخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 147/2 من طَرِيق سُفْيَان عَن عمرَان عَن الْحسن، وَفِي الْحِلْية أَيْضا 280/7 عَن سُفْيَان بِنَحْوِهِ. 5 ف ط، ش "إِلَّا حبا وتعظيمًا فِي قُلُوب الْمُسلمين"، وَفِي س "إِلَّا حبا وتعظمًا فِي قُلُوب الْمُسلمين".

وَرَوَى الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ1 عَنِ الْحَسَنِ2 قَالَ: "مَا رَأَيْتُ فِيمَا مضى وفيا بَقِي مُؤمنا ازْدَادَ إحساناً إِلَّا ازْدَادَ شَفَقَةً، وَلَا مَضَى مُنَافِقٌ وَلَا بَقِيَ ازْدَادَ إِسَاءَةً إِلَّا ازْدَادَ بِاللَّهِ غِرَّةً"3. حَدَّثَنَا سَعْدَوَيْه4 عَن الْمُبَارك بن فاضلة5 عَنِ الْحَسَنِ6. وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا لِمَذْهَبِهِ الْأَوَّلِ بِحَدِيثٍ مُسْتَنْكَرٍ تَعَجَّبَ الْجُهَّالُ مِنْهُ، وَيُوهِمُهُمْ أَنَّ مَا رَوَى7 أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الرِّوَايَاتِ الصِّحَاحِ الْمَشْهُورَةِ وَمِمَّا يُنْقَضُ8 بِهَا عَلَى الْجَهْمِيَّةِ9 فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ وَسَائِرِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى10 مُسْتَنْكَرٌ مَجْهُولٌ مَهْجُورٌ مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ، فَزعم أَن حَمَّاد بن

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 227/2: الْمُبَارك بن فضَالة بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الْمُعْجَمَة أَبُو فضَالة الْبَصْرِيّ، صَدُوق وَيُسَوِّي، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 166 على الصَّحِيح/ خت د ت ق. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 118/3 أَنه روى عَن الْحسن وَبكر بن عبد الله وَعنهُ ابْن الْمُبَارك وَسلم وشيبان وهدية. 2، 6 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227". 3 لم أَقف عَلَيْهِ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ بنصه، وَفِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة لِابْنِ كثير/ طبعة مطبعة السَّعَادَة بِمصْر 273/9 عَن الْحسن الْبَصْرِيّ بِصِيغَة الْحلف بِنَحْوِهِ. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 298/1: سعيد بن سُلَيْمَان الضبين أَبُو عُثْمَان الوَاسِطِيّ، نزيل بَغْدَاد، الْبَزَّاز، لقبه: سعدوه، ثِقَة حَافظ، من كبار الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة 225، وَله 100 سنة، وَانْظُر: الكاشف 362/1، وَالْخُلَاصَة ص"139". 5 الْمُبَارك بن فضَالة، تقدم قَرِيبا. 7 فِي ط، ش "مِمَّا روى". 8 فِي ط، س، ش "مَا ينقص". 9 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 10 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

سَلَمَةَ1 رَوَى عَنْ أَبِي الْمُهَزِّمِ2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ3 قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّ رَبُّنَا؟ فَقَالَ: "مِنْ مَاءٍ مَرُورٍ لَا مِنْ أَرْضٍ وَلَا مِنْ سَمَاءٍ، خَلَقَ خَيْلًا فَأَجْرَاهَا فَعَرَقَتْ فَخَلَقَ نَفسه من ذَلِك الْعرَاق" 4. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَوْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ وَعَقْلٌ لَمْ تَكُنْ تُذِيعُ فِي النَّاسِ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ عِنْد الْعَلَاء، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْ حَمَّادٍ5 إِلَّا

_ 1، 5 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 478/2: أَبُو المهز -بتَشْديد الزَّاي الْمَكْسُورَة- التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ، اسه يزِيد، وَقيل: عبد الرَّحْمَن بن سُفْيَان، مَتْرُوك، من الثَّالِثَة، د. ت. ق، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 381/3 أَنه رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَعنهُ شُعْبَة، وَبعد الْوَارِث ضعفه أَبُو حَاتِم وَغَيره. 3 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 4 أوردهُ الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"372" وعنون لَهُ بقوله: "بَاب ذكر الحَدِيث الْمُنكر الْمَوْضُوع على حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَب الهزم فِي إِجْرَاء الْفرس". وَذكره من طَرِيق مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي، قَالَ: وَكَانَ يضع أَحَادِيث فِي التَّشْبِيه، نَسَبهَا إِلَى أَصْحَاب الحَدِيث ليثلبهم بهَا، وَرُوِيَ عَن حبَان بن هِلَال -وحبان ثِقَة- وَعَن حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي المهزم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِن الله تَعَالَى خلق الْفرس فاجراها فعرقت فخلق نَفسه مِنْهَا" مَعَ أَحَادِيث كَثِيرَة وَضعهَا ن هَذَا النَّحْو ليثلب أهل الْأَثر بهَا. انْتهى. وَقَالَ الْكِنَانِي بعد أَن أوردهُ: "رَوَاهُ ابْن عدي من طَرِيق مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي وَأبي المهزم، وَالْمُتَّهَم بِهِ الثَّلْجِي، فلعنة الله على وَاضعه، إِذْ لَا يضع هَذَا مُسلم وَلَا بسيط وَلَا عَاقل" انْظُر: تَنْزِيه الشَّرِيعَة/ بتحقيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف وَعبد الله مُحَمَّد الصّديق، الطبعة الأولى 134/1.

كُلُّ مَقْرُوفٍ1 فِي دِينِهِ، فَيَظُنُّ بَعْضُ مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْكَ أَنَّ لَهُ أَصْلًا، فَيُضَلُّ بِهِ أَوْ يَضِلُّ2، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَلَمَةَ3، وَلَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ إِلَى الْمُعَارِضِ؟ وَمِمَّا4 يَسْتَنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّهُ مُحَالُ الْمَعْنَى بَلْ هُوَ كُفْرٌ لَا يَنْقَادُ وَلَا ينقاسن فَكَيْفَ خَلَقَ الْخَيْلَ الَّتِي عَرَقَتْ قبل أنتكون نَفْسُهُ فِي دَعْوَاكَ؟. وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! إِنَّا نُكَفِّرُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ كَلَامَ5 اللَّهِ مَخْلُوقٌ، فَكَيْفَ ن قَالَ: نَفسه6؟ لَا جزال اللَّهُ خَيْرًا عَمَّا7 تُورِدُ عَلَى قُلُوبِ الْجُهَّالِ، مِمَّا لَا حَاجَةَ لَهُمْ8 إِلَيْهِ، فَعَمَّنْ رَوَيْتَهُ؟ عَنْ حَمَّاد9؟ وَمِمَّنْ سمعته؟ فسه لَنَا نَعْرِفْهُ، فَإِنَّا لَا نَعْرِفُ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ10 الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، فَكَيْفَ كَانَ هَذَا الْعَرَقُ قَبْلَهُ، حَتَّى خَلَقَ مِنْهُ نَفسه؟ 11 وَهَذَا

_ 1 المُرَاد هُنَا الْمَعِيب الْمُتَّهم فِي دينه. قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 184/3 مَادَّة "القرف": "وقرف عَلَيْهِم يقرف بغي والقنرفل قشرة بعد يبسه، وَفُلَانًا عابه أَو اتهمه ولعياله كسب وخلط وَكذب". 2 فِي ط، ش "فيضل بِهِ ويضل". 3 فِي ط، س، ش "حَمَّاد بن سَلمَة" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص"187". 4 فِي ط، س، ش "وَمهما" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 5 فِي ط، س، ش "يَقُول: كَلَام الله مَخْلُوق". 6 فِي ط، س، ش "فَكيف من قَالَ: نَفسه مخلوقه". 7 فِي س "عَن مَا". 8 لَفْظَة "لَهُم" لَيست فِي ش. 9 هُوَ حَمَّاد بن سَلمَة، وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"187". 10 فِي ط، س، ش "أَن الله تَعَالَى". 11 فِي ط، س، ش "حَتَّى خلق نَفسه مِنْهُ".

الْحَدِيثُ لَا يُحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرِهِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَاطِلٌ. ثُمَّ لَمْ تَرْضَ با قُلْتَ وَرَوَيْتَ1 مِمَّا تُشَنِّعُهُ2، حَتَّى ادَّعَيْتَ لَهُ تَفْسِيرًا عَنْ إِمَامِكَ الثَّلْجِيِّ3 أَنَّهُ قَالَ: يَحْتَمِلُ تَأْوِيلُ هَذَا الحَدِيث أنيكون الْكُفَّارُ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آلِهَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ4 عَزَّ وَجَلَّ5 وَذَلِكَ أَنَّ كُبَرَاءَهُمْ وَأَحْبَارَهُمْ6 كَانُوا عِنْدَهُمْ7 كَالْأَرْبَابِ، قَالَ تَعَالَى8: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} 9 فَيُقَالُ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الْجَاهِلِ: وَيْلَكَ! يَخْلُقُ اللَّهُ أُولَئِكَ الْأَحْبَارَ وَالرُّهْبَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ عَرَقِ الْخَيْلِ الَّذِي أَجْرَى10. وَفِي الْحَدِيثِ11 أَنه خَلَقَ آدَمَ مِنَ الْأَرْضِ، وَذُرِّيَّتَهُ من نَسْله؟.

_ 1 فِي ش "بِمَا قلت رويت". 2 فِي ط، س، ش "مِمَّا تستشنعه". 3 فِي ط "عَن إمامك ابْن الثَّلْجِي"، وَفِي ش "عَن إمامك عَن ابْن الثَّلْجِي". 4 فِي ط، س، ش "من دون الله تَعَالَى". 5 لَفْظَة "عز وَجل" لَيست فِي ط، س، ش 6 فِي ش، س، ش "أَن كبراءهم وَأَحْبَارهمْ وَرُهْبَانهمْ". 7 قَوْله: "كَانُوا عِنْدهم" لَيست فِي ط، ش، وَبهَا يَتَّضِح الْمَعْنى. 8 فِي ط، س، ش "قَالَ الله تَعَالَى". 9 سُورَة التَّوْبَة، آيَة "31". 10 فِي ط، ش "الَّتِي أجراها". 11 مُرَاده الحَدِيث الْمَوْضُوع الْمَذْكُورَة آنِفا.

أَو لم يَعْلَمْ أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 مِمَّا2 خَلَقَ اللَّهُ الْأَحْبَارَ3 وَالرُّهْبَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ أَو لم يَدْرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ آدَمَ، حَتَّى يَقُولَ: خَلَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ عَرَقِ الْخَيْلِ، وَلَمْ يَخْلُقْهُمْ مِنْ أَرْضٍ وَلَا سَمَاءٍ؟ لَقَدْ ضَلَّ هَذَا4 الثَّلْجِيُّ بِهَذَا التَّفْسِيرِ وَضَلَّ بِهِ مَنِ اتَّبَعَهُ. وَلَوْ فَسَّرَ هَذَا صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغِ الْحِنْثَ5 مَا زَادَ عَلَى هَذَا جَهْلًا وَاسْتِحَالَةً، هُوَ كُفْرٌ أَضَافَهُ هَذَا الثَّلْجِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيْلَكَ! نَحْنُ نَدْفَعُ الْحَدِيثَ وَنَسْتَنْكِرُهُ، وَأَنْتَ تَسْتَشْنِعُهُ ثُمَّ تُثْبِتُهُ وَتُفَسِّرُهُ وَتَلْتَمِسُ لَهُ الْمَخَارِجَ، كَيْ تَصُونَهُ6، وَلَئِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُنْكَرًا فَتَفْسِيرُكَ لَهُ أَنْكَرُ. وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا فِي دَفْعِ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْلِيدِ رُوَاتِهَا مِنَ الْعُلَمَاءِ بِحِكَايَةٍ حَكَاهَا عَنْ بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ كَانَ7 يَحْكِيهَا عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ8، فَقَالَ مُعْجَبًا بِسُؤَالِهِ: سَأَلْتُ بِشْرَ بْنَ غياث9 عَن التَّقْلِيد.

_ 1 فِي س "أَو لم تعلم أَيهَا الثَّلْجِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم" ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 2 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي س، وَفِي ش "مِمَّن"، وَفِي ط "مِم". 3 فِي ط، س، ش "خلق الْأَحْبَار". 4 لَفْظَة "هَذَا" لَيست فِي ط، س، ش. 5 الْحِنْث، تقدم عناها ص"198". 6 كَذَا فِي الأَصْل بالنُّون، وَفِي ط، س، ش "تصوبه" بِالْبَاء الْمُوَحدَة التَّحْتَانِيَّة. 7 فِي ط، س، ش "كَأَنَّهُ يحكيها" وَهُوَ الْأَظْهر عِنْدِي، وساقها الْمُؤلف على سَبِيل التهكم. 8 عَامر الشّعبِيّ، تقدم ص ش"168". 9 فِي ط، س، ش "بشر بن غياث المريسي".

فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ: حَرَامٌ مُحَرَّمٌ لِلْعُلَمَاءِ، حَتَّى يَعْرِفَ هَذَا الْعَالِمُ أَصْلَهُ وَمَعْرِفَتَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا التَّقْلِيدُ لِلْجُهَّالِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ1. وَافْتَخَرَ الْمُعَارِضُ بِسُؤَالِ بِشْرٍ عَنْ هَذَا كَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْهَا2 الْحَسَنَ3 وَابْنَ سِيرِينَ4، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَ عَنْهَا جهيمًا جَاهِلًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ، إِنْ أَخْطَأَ فَعَلَيْهِ خَطَؤُهُ5، وَإِنْ أَصَابَ لَمْ يُلْتَفَتْ لِإِصَابَتِهِ، لِأَنَّهُ الْمَأْبُونُ6 فِي دِينِ اللَّهِ الْمُتَّهَمُ على كتاب الله7، الطاعن فلي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ تَسْتَفْتِي8 الْمَرِيسِيَّ، وَقَدْ رَوَيْتَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ9، أَنَّهُ هَمَّ بِأَخْذِهِ وَتَنْكِيلِهِ فِي هَذِهِ الضَّلَالَاتِ، حَتَّى فَرَّ مِنْهُ إِلَى الْبَصْرَةِ10 فَإِنْ يَكُنْ مَا قَالَ11 بِشْرٌ حَقًّا فَبُؤْسًا لَكَ ولأصحابك الَّذين

_ 1 قلتك مَسْأَلَة التَّقْلِيد وَمن قَالَ بإنكاره مسالة مشتهرة عِنْد الْأُصُولِيِّينَ يقصر باعي، وَهَذَا التَّعْلِيق الْمُخْتَصر عَن بسطها، وَلابْن حز فِي ذَلِك رِسَالَة سَمَّاهَا: "إبِْطَال الْقيَاس والرأي وَالِاسْتِحْسَان" أظهر فِيهَا بعض مَا نقل فِي إِنْكَار التَّقْلِيد، مطبوعة بتحقيق سعيد الأفغاني وللشوكاني أَيْضا فِي ذَلِك رِسَالَة سَمَّاهَا: "القَوْل الْمُفِيد فِي أَدِلَّة الِاجْتِهَاد والتقليد" طبعت بمطبعة البابي الْحلَبِي بِمصْر، كَمَا أَن كتب الْأُصُول الْمُعْتَمدَة غنية بالتفصيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. 2 فِي ط، ش "عَنهُ". 3 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227". 4 ابْن سِيرِين، تقدم ص"181". 5 فِي الأَصْل وس "خطاؤه" وَفِي ط، ش "خطأه". 6 المأبون، تقدم مَعْنَاهَا ص"353". 7 فِي ط، س، ش "فِي كتاب الله". 8 فِي ط، س، ش "يستفتي" بالمثناه التَّحْتَانِيَّة. 9 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167". 10 الْبَصْرَة انْظُر: ص"530" وَانْظُر مَا نَقَلْنَاهُ عَن أبي يُوسُف ص"533". 11 فِي ط، س، شء "فَإِن يكن مَا قَالَه".

قَلَّدْتُمْ دِينَكُمْ أَبَا حَنِيفَةَ1 وَأَبَا يُوسُفَ2 وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ3 فِي أَكْثَرِ مَا4 تُفْتُونَ مِمَّا لَا تَقَعُونَ مِنْ أَكْثَرِهِ عَلَى كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ5. غَيْرَ أنَّا نَقُولُ: إِنَّ عَلَى الْعَالِمِ بِاخْتِلَافِ6 الْعُلَمَاءِ، أَنْ يَجْتَهِدَ وَيَفْحَصَ عَنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، حَتَّى يَعْقِلَهَا بِجَهْدِهِ7 مَا أَطَاقَ، فَإِذَا أَعْيَاهُ أَنْ يَعْقِلَهَا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَرَأْيُ مَنْ قَبْلَهَ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ رَأْيِ نَفْسِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ8: "أَلَا لَا يُقَلِّدَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ دِينَهُ رَجُلًا، إِنْ آمَنَ آمَنَ وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، فَإِنْ كُنْتُم لابد فَاعِلِينَ فَالْأَمْوَاتَ9، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا

_ 1 أَبُو حنيفَة، تقدم ص"192". 2 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"167". 3 مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ، أَبُو عبد الله، أحد الْفُقَهَاء، لينه النَّسَائِيّ وَغَيره من قبل حفظه، يروي عَن مَالك بن أنس وَغَيره، وَكَانَ من بحور الْعلم وَالْفِقْه، قَوِيا فِي مَالك. انْظُر: الْمِيزَان للذهبي 513/3. 4 فِي ش "مِمَّا". 5 الْكَلَام هُنَا يقْصد بِهِ الذَّم على من أَخذ عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه فِيمَا لَا يقعون فِيهِ على كتاب وَلَا سنة، وهذ حق وَلَيْسَ ذَلِك خَاصّا بِأبي حنيفَة وَأَصْحَابه، بل إِن هَذَا يَشْمَل أَبَا حنيفَة وَأَصْحَابه وَغَيرهم؛ لَا يجوز تقليدهم فِي شَيْء لَيْسَ لَهُ مُسْتَند من كتاب وَلَا سنة لمن كَانَ قَادِرًا على الاستنباط وَالْأَخْذ عَن كتاب الله وَسنة رَسُوله، أما الْعَاميّ فَإِنَّهُ يُقَلّد من يَثِق بِعِلْمِهِ وَدينه وورعه، لقَوْله: {فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} [سُورَة الْأَنْبِيَاء، آيَة: "7"] . 6 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، وَالْأَقْرَب أَن يُقَال: "عِنْد اخْتِلَاف". 7 فِي ط، ش "بجده". 8 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"190". 9 فِي ط، س، ش "فبالأموات".

يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ"1. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ2 أَيْضًا: "مَنْ عُرِضَ لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَفِيمَا3 قَضَى بِهِ الصالحون قبله"4.

_ 1 أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي/ رقم 8764، 166/9 بِسَنَدِهِ عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله قَالَ: لَا يقلدون أحدكُم دينه رجلا، فَإِن آمَنَ آمَنَ، وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، وَإِن كُنْتُم لابد مقتدين فاقتدوا بِالْمَيتِ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَة". وَأخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان جـ1 ص"93" عَن أبي الْأَحْوَص عِنْد عبد الله بِهِ. وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 130/1 عَن عبد الله بِهِ. وَقَالَ الهيثمي فِي الْمجمع 180/1: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَرِجَاله رجال الصَّحِيح". 2 عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"190". 3 فِي ط، ش "فبمَا". 4 أخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب آدَاب الْقُضَاة/ الحكم بِاتِّفَاق أهل الْعلم/ 230/8-231 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَفِيه: "فَمن عُرِضَ لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ جَاءَ أَمر لَيْسَ فِي كتاب الله، فليقض بِمَا قضى بِهِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِن جَاءَ أَمر لَيْسَ فِي كتاب الله وَلَا قضى بِهِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فليقض بِمَا قضى بِهِ الصالحون ... إِلَخ" قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا الحَدِيث جيد جيد "مرَّتَيْنِ". وَأخرجه الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم/ بَاب الْفتيا وَمَا فِيهَا من الشدَّة/ حَدِيث 167، 54/1 مَوْقُوفا على ابْن مَسْعُود بِنَحْوِهِ، وَزِيَادَة فِي آخِره. وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي الْكَبِير/تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي/ حَدِيث 8920، 210/9 عَن ابْن مَسْعُود مطولا. وَنَقله ابْن الْقيم فِي أَعْلَام الموقعين 62/1-63 عَن ابْن مَسْعُود أَيْضا.

فَأَبَاحَ ابْنُ مَسْعُودٍ1 التَّقْلِيدَ لِلْأَمْوَاتِ، وَقَضَاءِ الصَّالِحِينَ عَلَى التَّحَرِّي وَالِاحْتِيَاطِ. فمَنْ هَذَا الْمَرِيسِيُّ الضَّالُّ الَّذِي يحظره2 على الْأمة؟ وَمن حَتَّى يُسْتَحَلَّ بِقَوْلِهِ شَيْءٌ أَوْ يُحَرَّمَ؟ وَقَالَ شُرَيْحٌ3 وَابْنُ سِيرِينَ4: "لَنْ نَضِلَّ مَا تَمَسَّكْنَا بِالْأَثَرِ"5وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ6: "مَا الْأَمْرُ إِلَّا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ، لَوْ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ لم يغسلوا إِلَّا الظفر

_ 1 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”190". 2 فِي س "يخطوه" وَقَالَ ناسخها: "لَعَلَّه يحظره" وَقلت: وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 349/1: شُرَيْح بن الْحَارِث بن قيس الْكُوفِي النخعفي، القَاضِي، أَبُو أُميَّة، مخضرم، ثِقَة لَهُ صُحْبَة، مَاتَ قبل الثَّمَانِينَ أَو بعْدهَا، وَله 108 سِنِين أَو أَكثر، قَالَ بَعضهم: حكم سبعين سنة/ بخ س، قلت: قَالَ ابْن عبد الْبر فِي الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 147/2: "أدْرك شُرَيْح القَاضِي الْجَاهِلِيَّة ويعد فِي كبار التَّابِعين"، وَانْظُر: أَسد الغابة 394/3، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 144/2. 4 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص"181". 5 أخرجه اللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان 86/1 من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن الْعَلَاء بن الْمسيب عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: "إِنَّا نقتدي وَلَا نبتدي، وَنَتبع وَلَا نبتدع، وَلنْ نضل مَا تمسكنا بالأثر". وَأخرج الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم يماني/ بَاب من هاب الْفتيا/ الْأَثر رقم 142، 50/1 عَن ابْن سِيرِين قَالَ: "كَانُوا يرَوْنَ أَنه على الطَّرِيق مَا كَانَ على الْأَثر"، وَعنهُ: "مَا دَامَ على الْأَثر فَهُوَ على الطَّرِيق". وَفِي بَاب تغير الزَّمَان مَا يحدث فِيهِ/ الْأَثر 204، 59/1 عَن شُرَيْح فِي أَثْنَائِهِ: "فَإنَّك لن تضل مَا أخذت بالأثر". 6 إِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، تقدم ص"374"، وَعنهُ جَاءَ هَذَا الْأَثر عِنْد أبي نعيم فِي الْحِلْية 227/4.

مَا جَاوَزْنَاهُ، كَفَى إِزْرًا1 عَلَى قَوْمٍ أَنْ تَتَخَالَفَ أَعْمَالُهُمْ"2. وَالِاقْتِدَاءُ بِالْآثَارِ تَقْلِيدٌ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ فِي دَعْوَى الْمَرِيسِيِّ أَنْ يَقْتَدِيَ الرَّجُلُ بِمَنْ قَبْلَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ، فَمَا مَوْضِعُ الِاتِّبَاعِ الَّذِي قَالَه اللَّهُ تَعَالَى3: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ} 4؟ وَمَا يَصْنَعُ5 بِآثَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ، بَعْدَ أَنْ لَا يَسَعَ6 الرَّجُلُ اسْتِعْمَالَ شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا مَا اسْتَنْبَطَهُ بِعَقْلِهِ فِي خِلَافِ الْأَثَرِ؟ إِذَا بَطَلَتِ الْآثَارُ وَذَهَبَتِ الْأَخْبَارُ، وَحُرِّمَ طَلَبُ الْعِلْمِ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَزِمَ النَّاسُ الْمَعْقُولَ، مِنْ كُفْرِ الْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَالْمُسْتَحِيلَاتِ مِنْ تفاسيرهم، فقد عرضنَا كَلَامهم عل الْكتاب وَالسّنة فأخطأوا فِي أَكْثَرِهَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَلَمْ يُصِيبُوا السّنة7.

_ 1 فِي ط، ش "إزراء" بِالْهَمْز. 2 فِي ط، "أَن نخالف أَعْمَالهم" وَفِي ش "أَن تخَالف أَعْمَالهم" وَبِمَا فِي ش جَاءَ فِي سنَن الدَّارمِيّ. قلت: أخرجه الدَّارمِيّ فِي سنَنه/ تَخْرِيج وَتَحْقِيق عبد الله هَاشم يماني/ بَاب الِاقْتِدَاء بالعلماء/ الْأَثر 224، 63/1 بِسَنَدِهِ عَن شريك عَن أبي حَمْزَة، عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: "لقد أدْركْت أَقْوَامًا لَو لم يُجَاوز أحدهم ظفرًا لما جاوزته وَكفى إزراء على قوم أَن تخَالف أفعالهم". وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 227/4 عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ بِنَحْوِهِ. 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش 4 سُورَة التَّوْبَة، آيَة "100". 5 فِي ط، س، ش "وَمَا تصنع" بِالتَّاءِ. 6 فِي "أَن لَا يسمع" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 7 فِي ط، ش "فأخطأوا فِي أَكْثَرهَا الْكتاب وَلم يُصِيبُوا السّنة".

حَدثنَا1 عبد الله صَالِحٍ الْمَصْرِيُّ2 عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ3 عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ4 قَالَ: "مَا5 رَأْيُ6 امْرِئٍ فِي أَمْرٍ بَلَغَهُ7 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا اتِّبَاعه، ولولم يَكُنْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ فِيهِ8 أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا أَوْلَى فِيهِ بِالْحَقِّ مِنَّا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى9 أَثْنَى عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِاتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُمْ، فَقَالَ: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ} 10، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: بَلْ11 نَعْرِضُهَا عَلَى رَأْيِنَا فِي الْكِتَابِ، فَمَا وَافَقَهُ مِنْهَا صَدَّقْنَاهُ وَمَا خَالَفَهُ تَرَكْنَاهُ، وَتِلْكَ غَايَةُ كُلِّ مُحدِث فِي الْإِسْلَامِ: رَدُّ مَا خَالَفَ12 رَأْيَهُ من السّنة.

_ 1 فِي ط، س، ش "فقد حَدَّثَنَا". 2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمصْرِيّ، تقدم ص”171". 3 هِقْل بن زِيَاد، تقدم ص”433". 4 الْأَوْزَاعِيّ، تقدم ص”433". 5 فِي ط، س، ش "وَمَا". 6 فِي ط، ش "رأى" بِالْألف الْمَقْصُورَة. 7 فِي ط، س، ش، "بلغه فِيهِ". 8 لَفْظَة "فِيهِ" لَيست فِي ش. 9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 10 الْآيَة من سُورَة التَّوْبَة، آيَة "100". قلت: وَلم أَقف على هَذَا الْمَأْثُور نَصه عَن الْأَوْزَاعِيّ، وَفِي سنَن الدَّارمِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم/ الْأَثر 438، 95/1 عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كتب إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز ... وَذكر بِمَعْنَاهُ. 11 لَفْظَة "بل" لَيْسَ فِي س، وَفِي ط، ش "لَا بل". 12 فِي ش "ردّ مَا خَالف" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.

وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ2: "لَا تُفْتِ النَّاسَ بِرَأْيِكَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: "رَأْيُنَا لَهُمْ خَيْرٌ مِنْ آرَائِهِمْ3 لِأَنْفُسِهِمْ"4. وَكَيْفَ تَسْأَلُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ بِشْرًا عَنِ التَّقْلِيدِ، وَهُوَ لَا يُقَلِّدُ دِينَهُ قَائِلَ الْقُرْآنِ وَمُنْزِلَهُ، وَلَا الرَّسُولَ الَّذِي جَاءَ بِهِ، حَتَّى عَارَضَهُمَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ5 وَكَلَامِهِ بِخِلَافِ مَا عَنَيَا وَفَسَّرَ عَلَيْهِمَا6 بِرَأْيِهِ خِلَافَ مَا أَرَادَ7؟ وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ: إِنِّي8 سَأَلْتُ بِشْرًا9 الْمَرِيسِيَّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى10: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} 11 فَقَالَ بِشْرٌ: كَوْنُهُ كَمَا شَاءَ بِغَيْر "كن" أَو مَا وَجَدْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَنْ رَأَيْتَ مِنَ الْمَشَايِخِ شَيْخًا أَرْشَدَ مِنْ بِشْرٍ وَأَعْلَمَ بِتَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ بِشْرٍ الَّذِي كَفَرَ بِرَبٍّ قَالَ قَوْلًا لِشَيْءٍ قَطُّ: كُنْ فَكَانَ؟، وَهَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ الْمَعْرُوف

_ 1 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، تقدم ص"176". 2 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227". 3 فِي ط، س، ش "رَأْيهمْ". 4 تقدم تَخْرِيجه ص"594". 5 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 عطف الرَّسُول على الله وإعادة الضَّمِير مثنى عَلَيْهِمَا فِيهِ قَولَانِ؛ فقد ورد جَوَاز ذَلِك وَورد القَوْل بِعَدَمِ جَوَازه. 7 فِي ش "مَا أَرَادَ"، وَصَوَابه التَّثْنِيَة. 8 قَوْله: "إِنِّي" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 9 فِي س "بشر" بِلَا تَنْوِين. 10 لَفْظَة "تَعَالَى" فِي ط، س، ش. 11 سُورَة النَّحْل، آيَة "40".

فِي كُلِّ مِصْرٍ: أَنَّ اللَّهَ1 لَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ قَطُّ2 وَلَا يَتَكَلَّمُ بِهَا قَطُّ، فَسُؤَالُكَ بِشْرًا عَن هَذِه الْآيَة من بن الْمَشَايِخِ دَلِيلٌ مِنْكَ عَلَى الظِّنَّةِ3 وَالرَّيْبَةِ الْقَدِيمَةِ، وَأَنَّكَ لَمْ تَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ضَمِيرٍ مُتَقَدِّمٍ، أَفَلَا سَأَلْتَ عَنْهُ مَنْ أَدْرَكْتَ مِنَ الْمَشَايِخِ، مِثْلَ أَبِي عُبَيْدٍ4 وَأَبِي نُعَيْمٍ5 وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالسُّنَّةِ؟! ثُمَّ ادَّعَيْتَ أَنَّ بِشْرًا قَالَ: مَعْنَاهُ أَن يكون حَتَّى يَكُونَ، مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ يَقُولُ لَهُ: "كُنْ" وَلَكِنْ يُكَوِّنُهُ عَلَى مَا أَرَادَ. ثُمَّ فَسَّرْتَ قَوْلَ بِشْرٍ هَذَا، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً مِنْ "كُنْ" وَلَكِنِ اللَّهُ كَوَّنَهَا عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ غَيْرِ كَيْفِيَّةٍ، وَلِلْكَلَامِ وُجُوهٌ بِزَعْمِكَ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدِ افْتَرَيْتُمَا على اله جَمِيعًا فِيمَا تَأَوَّلْتُمَا مِنْ ذَلِكَ، وَجَحَدْتُمَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى6: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} 7 إِذِ ادَّعَيْتُمَا أَنَّ الْأَشْيَاءَ لَا تكون بقوله: "كن" وَلَكِن

_ 1 فِي ش "أَن لم الْمُتَكَلّم" وَلَعَلَّ السقط كَانَ سَهوا من النَّاسِخ. 2 لَفْظَة "قطّ" لَيست فِي ش. 3 فِي ش "الظَّن". 4 هُوَ الْقَاسِم بن سَلام، تقدم ص"556". 5 الرَّاجِح أَنه الْفضل بن دُكَيْن، تقدم ص"312". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 سُورَة النَّحْل، آيَة "40".

بِكَوْنِهِ1 بِإِرَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ قَوْلِ: "كُنْ"2، وَهَذَا هُوَ الْجُحُودُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى3 جَمَعَ فِيهِ الْقَوْلَ وَالْإِرَادَةَ، فَقَالَ: َ {ِذَا أَرَدْنَاهُ} فَسَبَقَتِ الْإِرَادَةُ قَبْلَ4 "كُنْ"، ثُمَّ قَالَ: "كُنْ" فَكَانَ بِقَوْلِهِ وَإِرَادَتِهِ جَمِيعًا: فَكَيْفِيَّةُ هَذَا كَمَا قَالَ أَصْدَقُ الصَّادِقِينَ إنَّهُ إِذَا قَالَ كُنْ فَكَانَ5، لَا مَا تَأَوَّلَهُ أَكْذَبُ الْكَاذِبِينَ6، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ النَّاسُ فِيهَا إِلَى تَفْسِير7، وَلَا هِيَ من العويض8 الَّذِي يَجْهَلُهَا الْعَوَامُّ9، فَكَيْفَ الْخَاصُّ مِنَ الْعُلَمَاءِ؟ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُشْكِلُ عَلَى رَجُلٍ رُزِقَ شَيْئًا مِنَ الْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ مِثْلَ الْمَرِيسِيِّ الَّذِي لَا يَعْرِفُ رَبَّهِ، فَكَيْفَ يَعْرِفُ قَوْلَهُ؟ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْمَرِيسِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَنْ يُقِرُّوا بِهَذَا أَنَّهُمْ قَالُوا: مَتى أقررنا أَنا اللَّهَ قَالَ لِشَيْءٍ: كُنْ كَلَامًا مِنْهُ لَزِمَنَا10 أَنْ نُقِرَّ بِالْقُرْآنِ والتوراة11.

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل بِالْيَاءِ الْمُوَحدَة، وَفِي س "وَلَكِن بِكَوْنِهِ"، وَفِي ط، ش "وَلَكِن يكونها". قلت: وَهُوَ بِالْمُثَنَّاةِ أوضح مِنْهُ بِالْمُوَحَّدَةِ. 2 فِي ط، س، ش "من غير قَول مِنْهُ: كن". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "قَول". 5 كَذَا فِي الأَصْل وس وَفِي ط، ش "إِذا قَالَ لشَيْء كن فَكَانَ". 6 فِي ط، ش "الْكَذَّابين". 7 فِي ط، س، ش "إِلَى تَأْوِيل". 8 العويص، تقدم مَعْنَاهَا ص"216". 9 فِي س "الَّذِي لَا يحلهَا". 10 فِي ش "لزامنا". 11 التَّوْرَاة، انْظُر الْكَلَام عَنْهَا ص"263".

وَالْإِنْجِيلِ1 أَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِهِ. فَامْتَنَعُوا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -فِي دَعْوَاهُمْ- لَمْ يَتَكَلَّمْ بِشَيْءٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْمُعَارِضِ بِسُؤَالِ بِشْرٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ قَدِيمًا فِي شَبَابِهِ، وَقَدْ عَرَفَ مَذْهَبَ بِشْرٍ أَنَّهُ اضْطَمَرَ2 هَذَا الرَّأْيَ فِي أَوَّلِ دَهْرِهِ وَلَيْسَ بِرَأْيٍ اسْتَحْدَثَهُ حَدِيثًا. وَرَوَى أَبُو ذَرٍّ3 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "قَالَ اللَّهُ: إِنَّ رَحْمَتِي كَلَامٌ، وَعَذَابِي كَلَامٌ، وَغَضَبِي كَلَامٌ، إِنَّمَا قَوْلِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُ 4 أَنْ أَقُول لَهُ: كن فَيكون" 5.

_ 1 الْإِنْجِيل، انْظُر الْكَلَام عَنهُ ص"567". 2 كَذَا فِي الأَصْل بالضاد الْمُعْجَمَة ثمَّ الطَّاء، وَفِي وضع آخر من هَذَا الْكتاب قَالَ: اصطمر، بالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ الطَّاء، كَمَا فِي ص"560"، وَفِي ط، ش: اصطلم، بالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ الطَّاء ثمَّ اللَّام وَالْمِيم، وَفِي س: اصطمر، بالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ طاء، وَقَالَ: وَلَعَلَّه أضمر. قلت: انْظُر مَعَانِيهَا ص"560". 3 أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363". 4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س "إِذا أردته"، وَفِي ش "إِذا أردته" بِدُونِ الدَّال، ولعلها سَقَطت. 5 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ أَبْوَاب صفة الْقِيَامَة/ بَاب 15/ حَدِيث 2613، 196/7-198 عَن أبي ذَر فِي آخِره بِلَفْظ: "ذَلِك بِأَنِّي جواد وَأَجد ماجد، أفعل مَا أُرِيد، عطائي كَلَام، وعذابي كَلَام، إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ لَهُ: كن فَيكون". قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن، وروى بَعضهم هَذَا الحَدِيث عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنِ معد يكرب عَن أبي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم نَحوه. قَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد وَابْن مَاجَه، وروى مُسلم نَحوه بِزِيَادَة وَنقص. قلت: مُرَاده بذلك حَدِيث أبي ذَر فِي مُسلم رقم 2577 جـ1994/4، وَلم أجد فِيهِ مَا أوردهُ التِّرْمِذِيّ فِي آخر حَدِيث. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 154/5 عَن أبي ذَر مَرْفُوعا فِي آخر بِلَفْظ: "ذَلِك بِأَنِّي جواد ماجد صَمد، عطائي كَلَام، وعذابي كَلَام، إِذا أردْت شَيْئا فَإِنَّمَا أَقُول لَهُ: كن فَيكون"، فِي الْجُزْء نَفسه أَيْضا ص”177" عَن أبي ذَر مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الزّهْد/ بَاب ذكر التَّوْبَة/ حَدِيث 4257، 1422/2، عَن أبي ذَر فِي آخِره.

ادَّعَى1 هَذَا الْمُعَارِضُ أَيْضًا2 فِي قَول الله تَعَالَى3 لعيسى بن مَرْيَمَ4: "رُوحُ اللَّهِ وَكلِمَتُهُ"5 فَقَالَ: يَقُولُ أَهْلُ الْجُرْأَةِ فِي مَعْنَى "كَلِمَتُهُ": أَيْ بِكَلِمَتِهِ، وَإِنْ سُئلوا عَنِ الْمَخْرَجِ مِنْهُ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَتَأَوَّلُوا عَلَى اللَّهِ بِرَأْيِهِمْ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أوَ يَحْتَاجُ فِي هَذَا إِلَى تَفْسِيرٍ وَمَخْرَجٍ؟ قد عقل

_ 1 فِي ط، ش "وادَّعى". 2 فِي ط، س، ش "أَيْضا مثله". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص”295". 5 قَالَ تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء آيَة "171": {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْه..} الْآيَة، وانظرحديث الشَّفَاعَة، وَفِيه: {فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بمُوسَى كليم الله، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُول: لست لَهَا، وَلَكِن عَلَيْكُم بِعِيسَى، فَإِنَّهُ روح الله وكلمته ... } الحَدِيث. أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، الْفَتْح/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب كَلَام الرب عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة/ حَدِيث 473/13510. قلت: وَمعنى "روح الله" أَي روح مخلوقه من عِنْد الله، و"كلمة الله" أَي أَن الله خلقه بِكَلِمَة "كن"، وَالْإِضَافَة للتشريف، لما امتاز بِهِ الْمُضَاف من الصِّفَات الَّتِي تميزه عَن غَيره، وَنَظِيره قَوْلنَا: رَسُول الله، وَبَيت الله، وناقة الله.

تَفْسِيرَهُ عَامَّةُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ: أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ1: "كُنْ فَيَكُونُ"2، وَمَتَى3 لَا يَقُولُ لَهُ: كُنْ، لَا يَكُونُ، فَإِذَا قَالَ: "كُنْ" كَانَ، فَهَذَا الْمَخْرَجُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ بِإِرَادَتِهِ وَبِكَلِمَتِهِ لَا أَنَّهُ نَفْسُ الْكَلِمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَلَكِنْ بِالْكَلِمَةِ كَانَ، فَالْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ "كُنْ" غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَالْكَائِنُ بِهَا مَخْلُوقٌ. وَقَوْلُ اللَّهِ فِي عِيسَى4 "رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ"5 فَبَيْنَ الرُّوحِ وَالْكَلِمَةِ فَرْقٌ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الرُّوحَ الَّذِي نَفَخَ فِيهَا6 مَخْلُوقٌ امْتَزَجَ بِخَلْقِهِ، وَالْكَلِمَةُ مِنَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لَمْ تَمْتَزِجْ بِعِيسَى، وَلَكِنْ كَانَ بِهَا، وَإِنْ كَرِهَ لِأَنَّهَا مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ قُلْنَا، لَا عَلَى مَا ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا مِنَ الْكَذِبِ وَالْأَبَاطِيلِ.

_ 1 فِي ط، ش "إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ". 2 يدل لذَلِك قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة آل عمرَان، آيَة "47": {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ، وَفِي سُورَة يس، آيَة "82": {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} . 3 وَفِي س "وَحَتَّى لَا يَقُول لَهُ" وَلَا يَتَّضِح بِهِ الْمَعْنى، وَفِي ط، ش "وَشَيْء لَا يَقُول لَهُ". 4 عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص”295". 5 انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "171". 6 فِي ط، ش "نفخ فِيهِ".

عود المعارض إلى إنكار المجيء

عود الْمعَارض إِلَى إِنْكَار الْمَجِيء: ثُمَّ عَادَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا إِلَى إِنْكَارِ مَا عَنَى اللَّهُ تَعَالَى1 بِقَوْلِهِ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 2 فَادَّعَى أَنَّ3 الْمَجِيءَ وَالِانْتِقَالَ مِنْ مَكَان إِلَى

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست ف ط، س، ش. 2 سُورَة الْفجْر، آيَة "22". 3 فِي س "فَادّعى الْمَجِيء والانتقال" بِدُونِ أَن.

مَكَانِ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ، وَاللَّهُ يَأْتِي فِي ظُلُلٍ مِنَ الْغَمِامِ فَتَثْبُتُ الظُّلَلُ وَمَجِيئُهَا؛ لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ. فَقَالَ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 1 يَعْنِي يَأْتِيهِمْ أَمْرُهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ2 عَلَى إِضْمَارِ "أَمْرِهِ" كَمَا قَالَ3: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} 4 يُرِيدُ: أَهْلَ الْعِيرِ5 بِإِضْمَارِ الْأَهْلِ6، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 7، بِإِضْمَارِ أَمْرِهِ، وَكَذَلِكَ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} 8 يُرِيدُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ9 الصُّفُوفُ دونه جاءون10 بأَمْره،

_ 1 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210". 2 من قَوْله: "فَتثبت الظلل ومجيئها ... إِلَى قَوْله: فِي ظلل من الْغَمَام" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي س "كَمَا قيل". 4 سُورَة يُوسُف، آيَة "82". 5 فِي ط، ش "يُرِيد أهل الْقرْيَة وَأهل العير". 6 فِي ط، ش "بإضمار أهل". 7 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210". 8 سُورَة الْفجْر، آيَة "22". 9 فِي ط، ش "وَهِي". 10 فِي الأَصْل "جايئون" بِالْيَاءِ ثمَّ الْهمزَة، وَلَا أرَاهُ سائغًا، وَفِي س "جائيون" بِالْهَمْزَةِ ثمَّ الْيَاء، وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب؛ وَذَلِكَ لِأَن الْمُفْرد مِنْهُ "جائي" اسْم مَنْقُوص، فتحذف الْيَاء عِنْد جمعه جمعا مذكرًا سالما، وَذَلِكَ لثقل الضمة على الْيَاء، فتحذف فَتُصْبِح الْيَاء سَاكِنة، فَالتقى ساكنان فحذفت الْيَاء لِإِمْكَان الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا فَأَصْبَحت "جاءون".

فَفَسَّرُوا1: جَاءَ الْمَلَائِكَةُ صَفًّا صَفًّا وَرَبُّكَ فِيهِمْ مُدَبِّرٌ مُحْكِمٌ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ: {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ} 2، وَقَالَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {أوْ يَأْتِيَ ربُكَ} 3، فبيَّن الْأَمْرَ هَا هُنَا4 وَأَضْمَرَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ: قَدْ5 فَسَّرْتَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى خِلَافِ مَا عَنَى6 وَفَسَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى خِلَافِ مَا فَسَّرَهَا أَصْحَابُهُ7. قَدْ8 رَوَيْنَا تَفْسِيرَهَا عَنْهُمْ فِي صَدْرِ ذَا الْكتاب بأسانديها الْمَعْرُوفَةِ الْمَشْهُورَةِ، عَلَى خِلَافِ مَا فَسَّرْتَ وادَّعيت عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ9، فَمَنْ مُفَسِّرُوكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَحْكِي عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيهَا كَذَا، وَقَالَ آخَرُونَ فِيهَا كَذَا؟. فَمَنْ هَؤُلَاءِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ؟ فَاكْشِفْ عَنْ رؤوسهم وسمِّهم

_ 1 فِي ط، ش "ففسروها". 2 سُورَة النَّحْل، آيَة "33". 3 فِي ط، ش "أَو يَأْتِي أَمر رَبك" وصواب آيَة الْأَنْعَام مَا فِي الأَصْل، انْظُر: سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "158". 4 لَعَلَّه أَرَادَ بقوله: "هَاهُنَا" أَي فِي سُورَة النَّحْل، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ..} [الْآيَة "33" من سُورَة النَّحْل} . 5 فِي س "وَقد". 6 فِي ط، س، ش "مَا عني الله". 7 فِي ش "على خلاف مَا فَسرهَا أَصْحَابه" وَلَعَلَّ الْوَاو سَقَطت سَهوا إِذْ لَا يَصح سِيَاقه بِدُونِهَا، وَفِي س "على خلاف مَا فَسرهَا أَصْحَابك". 8 فِي ط، ش "وَقد". 9 انْظُر صدر هَذَا الْكتاب ص"338" وَمَا بعْدهَا.

بِأَسْمَائِهِمْ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ إِلَّا عَنْ زِنْدِيقٍ1 أَوْ جَهْمِيٍّ2، لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ، وَلَا حكم لَكَ بِتَفْسِيرِ هَؤُلَاءِ الْمُعَنْعِنِينَ3 عَلَى تَفْسِيرِ هَؤُلَاءِ الْمَكْشُوفِينَ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ، أَصْحَابُ4 التَّفْسِيرِ مَعْرُوفُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ مِثْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ5 وَابْنِ عُمَرَ6 وَزَيْدِ بْنِ ثَابت7 وأُبي ابْن كَعْبٍ8 وَنُظَرَائِهِمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ9، وَمِنَ التَّابِعِينَ مِثْلُ سَعِيدِ بْنِ

_ 1 الزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، انْظُر الْكَلَام عَنْهُم ص"531". 2 من الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 3 يُرِيد بذلك من روى بعن من أُولَئِكَ الَّذين هم غير معروفين، ويوضحه قَوْله بعد ذَلِك "المكشوفين الَّذين سميناهم". 4 فِي ط، ش "وهم أَصْحَاب". 5 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172". 6 ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"245" 7 هُوَ زيد بن ثَابت بن الضَّحَّاك بن لوذان الْأنْصَارِيّ النجاري، أَبُو سعيد، وَأَبُو خَارِجَة، صَحَابِيّ مَشْهُور، كتب الْوَحْي، قَالَ مَسْرُوق: كَانَ من الراسخين فِي الْعلم، مَاتَ سنة خمس، أَو ثَمَان وَأَرْبَعين، وَقيل: بعد الْخمسين/ ع. التَّقْرِيب 272/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 532/1-535، وَأسد الغابة 221/2-223، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 543/1-544. 8 هُوَ أبي بن كَعْب بن قيس بن عبيد بن زيد بن مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن مَالك بن النجار الْأنْصَارِيّ، الخزرجي، أَبُو الْمُنْذر، سيد الْقُرَّاء، ويكنى: أَبَا الطُّفَيْل أَيْضا، من فضلاء الصَّحَابَة، اخْتلف فِي سنة مَوته اخْتِلَافا كثيرا، قيل سنة تسع عشرَة، وَقيل: سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَقيل غير ذَلِك/ ع، التَّقْرِيب 48/1. وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 27/1-30، وَأسد الغابة 49/1-51، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 31/1-32، وتهذيب التَّهْذِيب 187/1-188. 9 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُم" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

جُبَيْرٍ1، وَمُجَاهِدٍ2، وَأَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ3 وَالسُّدِّيِّ4 وَقَتَادَةَ5 وَغَيْرِهِمْ، فَعَنْ أَيِّهِمْ تَحْكِي6 هَذِهِ التَّفَاسِيرَ الَّتِي تَرُدُّ بِهَا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ فإنَّا لَمَّا وَجَدْنَاهُمْ7 مُخَالِفِينَ لِمَا ادَّعَيْتَ عَلَى اللَّهِ8 فِي كِتَابِهِ أَتَيْنَاكَ بِهَا عَنْهُمْ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ9، مَنْصُوصَةً مُفَسَّرَةً، فَعَمَّنْ تَرْوِي هَذِهِ الضَّلَالَاتِ وَإِلَى مَنْ تُسْنِدُهَا؟ فَصَرِّحْ بِهِمْ كَمَا صَرَّحْتَ بِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ. وَمَا نَرَاكَ صَرَّحْتَ بِبِشْرٍ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ10 وَكَنَيْتَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ إِلَّا وَأَنَّهُمْ أَسْوَأُ مَنْزِلَةً عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَأَشَدُّ ظِنَّةً فِي الدِّينِ مِنْهُمَا، لَوْلَا ذَلِكَ لَكَشَفْتَ عَنْهُمْ كَمَا كَشَفْتَ عَنْ بِشْرٍ، وَقَدْ فَسَّرْنَا لَكَ أَمْرَ إِتْيَانِ اللَّهِ وَمَجِيئِهِ وَالْمَلَكُ11 صَفًّا صَفًّا، فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ12 لَمْ نُحِبَّ أَنْ

_ 1 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173". 2 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 495/1: عبد الرَّحْمَن بن قيس، أَبُو صَالح الْحَنَفِيّ، الْكُوفِي، ثِقَة، من الثَّالِثَة، قيل: إِن رِوَايَته عَن حُذَيْفَة مُرْسلَة/ س م د. 4 السّديّ إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن، تقدم ص"450". 5 فِي س "قتادهم" قلت: وَهُوَ تَصْحِيف وترجمته تقدّمت ص"180". 6 لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي س "يَحْكِي" وَفِي ط، ش "تحكي" وَهُوَ أنسب. 7 فِي الأَصْل "فَإنَّا مَا وجدناهم" وَفِي بَقِيَّة النّسخ "فَإنَّا لما وجدناهم" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 8 قَوْله: "على الله" لَيست ف ط، س، ش. 9 انْظُر ص"338" فمابعدها. 10 فِي ط، س، ش "والثلجي". 11 فِي س "وَالْمَلَائِكَة". 12 انْظُر ص"338".

نعيده1 هَاهُنَا فَيَطُولُ الْكِتَابُ. وَأَمَّا مَا ادَّعيت من انْتِقَال مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ2 أَنَّ ذَلِكَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِينَ، فَإِنَّا لَا نُكَيِّفُ مَجِيئَهُ وَإِتْيَانَهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَصَفَ النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِهِ، ثُمَّ مَا وَصَفَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا4 فِي تَفْسِيرِهَا: أَنَّ السَّمَاءَ تَشَقَّقُ لِمَجِيئِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تَتَنَزَّلُ5 مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، وَهُوَ آتٍ، حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ دُونِهِمْ6، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكتاب7 وَهُوَ مكذب لِدَعْوَاكَ أَنَّهُ إِتْيَانُ الْمَلَائِكَةِ بِأَمْرِهِ، دُونَ مَجِيئِهِ، لَكِنَّهُ8 فِيهِمْ مدبِّر9، وَيْلَكَ! لَوْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ هِيَ الَّتِي تَجِيءُ وَتَأْتِي10 دُونَهُ11 مَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: "لَمْ يأتِ12 رَبُّنَا وَهُوَ آتٍ".

_ 1 فِي ط، ش "فَلَا نعيده" وَفِي س "لم يجب". 2 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "مِنَ انْتِقَالِ اللَّهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَان" وَهُوَ الْمُتَعَيّن. 3 ابْن عباسن تقدّمت تَرْجَمته ص"172". 4 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، س، ش "وتنزل" وَهُوَ أوضح. 6 فِي ط، ش "أَكثر مِمَّن دونهم" وَهُوَ أوضح. 7 انْظُر الحَدِيث وتخريجه ص"347". 8 فِي ش "وَلكنه". 9 فِي ط، س، ش "مُدبر بزعمك". 10 فِي ط، ش "تَأتي وتجيء". 11 فِي، س، ش "بزعمك دونه". 12 فِي الأَصْل وس "لم يَأْتِي" وَصَوَابه حذف الْيَاء للجزم.

وَالْمَلَائِكَةُ آتِيَةٌ نَازِلَةٌ، حِينَ يَقُولُونَ ذَلِكَ. أَرَأَيْتُمْ دَعْوَاكُمْ أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، أَوَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ الْمَاءِ؟ فَكَيْفَ صَارَ بَعْدُ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فِي دَعْوَاكُمْ، وَفِي دَعْوَانَا اسْتَوَى1 إِلَى السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ؟ فَكَمَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَجِيءَ وَيَأْتِيَ مَتَى شَاءَ2 وَكَيْفَمَا شَاءَ3. أَرَأَيْتَكَ4 إِذَا5 فَسَّرْتَ قَوْلَهُ: {يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} 6 فَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَضْمَرَ فِي ذَلِكَ "أَمْرَهُ" كَمَا أَضْمَرَ فِي الْقرْيَة وَالْعير أَهلهَا، أوَ لست قَدِ ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ أَنْ7 لَا يُوصَفَ بِالضَّمِيرِ؛ فإنَّ الضَّمِيرَ يُنْفَى8 عَنِ اللَّهِ تَعَالَى9 وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِشَيْء

_ 1 الاسْتوَاء على الْعَرْش من الصِّفَات الفعلية الَّتِي تتَعَلَّق بِالْمَشِيئَةِ وَالْقُدْرَة، وَكَانَ استواؤه جلّ جَلَاله عَلَيْهِ بعد خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، كَمَا قَالَ فِي سُورَة الْحَدِيد آيَة "4": {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش..} الْآيَة 2 فِي ش "مَتى تشَاء" بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة، وَظَاهر أَن ذَلِك خطأ من النَّاسِخ؛ إِذْ القَوْل بذلك لَا يجوز الْبَتَّةَ. 3 قَوْله: "كَيْفَمَا شَاءَ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س "أَرَأَيْت". 5 فِي ط، ش "إِن"، وَفِي س "إِذْ". 6 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "210". 7 فِي ط، ش "أَنه لَا يُوصف". 8 فِي ط، س، ش "منفي" وَهُوَ أوضح. 9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

وَهُوَ1 عَنْهُ مَنْفِيٌّ فَهُوَ الْكَافِرُ عِنْدَكَ، فَكَيْفَ نَفَيْتَ عَنْهُ هَذَا الضَّمِير هُنَاكَ، وثبته2 لَهُ هَهُنَا؟ أَوَلَمْ تَخْشَ عَلَى نَفْسِكَ مَا3 تَخَوَّفْتَ عَلَى غَيْرِكَ مِنَ الْكُفْرِ؟ وَلَكِنَّكَ تَدَّعِي الشَّيْءَ فَتَنْسَاهُ حَتَّى تَدَّعِيَ بعدُ خِلَافَهُ، فَيُأْخَذَ بِحَلْقِكَ غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّكَ تَكَلَّمْتَ4 بِهِ بِالْخِرَافِ5، وَأَنْتَ آمِنٌ مِنَ الْجَوَابِ.

_ 1 فِي ط، ش "هُوَ" وَفِي س "فَهُوَ". 2 فِي ط، س، ش "وأثبته". 3 فِي ط، س، ش "مِمَّا". 4 فِي ط، س، ش "تَكَلَّمت بِمَا تَكَلَّمت بِهِ". 5 من الخرَف وَهُوَ فَسَاد الْعقل، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 132/3، مَادَّة "خَرَف" قَالَ: "وخرف كنصر وَفَرح وكرم، فَهُوَ خرف ككَتف: فسد عقله، وكثُمامة رجل من عذرة استهوته الْجِنّ فَكَانَ يحدث بِمَا رأى فَكَذبُوهُ وَقَالُوا: حَدِيث خرافة" بِتَصَرُّف.

دعوى المعارض أن الزنادقة وضعوا اثنى عشر ألف حديث روجوها على أهل الحديث

دَعْوَى الْمعَارض أَن الزَّنَادِقَة وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ روجوها على أهل الحَدِيث: وَادَّعَيْتَ أَيْضًا أَنَّ الزَّنَادِقَةَ1 قَدْ وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْحَدِيثِ2 رَوَّجُوهَا عَلَى رُوَاةِ الْحَدِيثِ، وَأهل الْغَفْلَة مِنْهُم. دَعْوَى الْمعَارض أَن الزَّنَادِقَة وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ روجوها على أهل الحَدِيث فيُقال لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: مَا أَقَلَّ بَصَرَكَ بِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَجَهَابِذَتِهِ3، وَلَوْ وَضَعَتِ الزَّنَادِقَةُ4اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ5 مَا تَرُوجُ6 لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْبَصَرِ بِالْحَدِيثِ مِنْهَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، وَلَا تَقْدِيمُ كَلِمَةٍ، وَلَا تَأْخِيرُهَا، وَلَا تَبْدِيلُ إِسْنَادٍ مَكَانَ إِسْنَادٍ، وَلَوْ قَدْ صَحَّفُوا عَلَيْهِمْ فِي حَدِيثٍ لَاسْتَبَانَ ذَلِكَ عِنْدهم ورد فِي نحورهم.

_ 1، 4 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531". 2 سبق ذكر هَذِه الدَّعْوَى وَالرَّدّ عَلَيْهَا ص”639". 3 الجهابذة، تقدم مَعْنَاهَا ص”431". 5 فِي ط، ش "حَدِيث" وَهُوَ الصَّوَاب، وَفِي الأَصْل وس "حَدِيثا". 6 فِي ط، س، ش "مَا راج".

وَيْلَكَ! هَؤُلَاءِ يَنْتَقِدُونَ عَلَى الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ تَقْدِيمَ1 رَجُلٍ مِنْ تَأْخِيرِهِ، وَتَقْدِيمَ كَلِمَةٍ مِنْ تَأْخِيرِهَا، وَيُحْصُونَ عَلَيْهِمْ أَغَالِيطَهُمْ وَمُدَلَّسَاتِهِمْ، أَفَيَجُوزُ لِلزَّنَادِقَةِ2 عَلَيْهِمْ تَدْلِيسٌ؟ إِذْ هُمْ فِي الْغَفْلَةِ مِثْلُ زُعَمَائِكَ هَؤُلَاءِ ضَرْبُ الْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِ3، إِذْ هُمْ دَلَّسُوا عَلَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ4 "أَنَّ5 اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ" فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ6 فَهُوَ هَذَا؛ لِأَنَّ7 فِيهِ تَعْطِيلَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، لِأَنَّ شَيْئًا لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ فَهُوَ لَا شَيْءَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الزَّنَادِقَةِ8؛ فَقَدْ رَوَّجُوهُ، وَهَذَا تَكْذِيبٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى9، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى10: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 11 فَأَخْبَرَ أَنَّ مُوسَى12 أَدْرَكَهُ13 مِنْهُ الْكَلَامُ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحَوَاسِّ، وَأَخْبَرَ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ يُدْرِكُونَ مِنْهُ بالحواس14 النّظر

_ 1 فِي ط، س، ش "بِتَقْدِيم". 2، 6، 8 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531". 3 فِي ط، س، ش "ونظرائهم". 4 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”172". 5 فِي ش "إِن" بِكَسْر الْهمزَة. 7 فِي ط، ش "فَإِن". 9، 10 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 11 سُورَة النِّسَاء، آيَة "164". 12 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص”155". 13 فِي ط، س، ش "أدْرك" وَهُوَ أوضح. 14 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "يدركونه بالحواس"، وَفِي س "يدركون الْحَواس".

إِلَيْهِ1، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى2: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِهَا نَاظِرَةٌ} 3 وَالنَّظَر أحد الْحَواس، وَقَالَ: {لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} 4، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِينَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 5 رَوَاهُ عَنْهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ6، فَهَلْ مِنْ حَوَاسَّ أَبْيَنَ مِنَ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ؟ فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ هَذَا مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ رَوَّجُوهُ عَلَى الْمَرِيسِيِّ وَتُرَوِّجُهُ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَلَى7 مَنْ حَوَالَيْكَ مِنَ الْجُهَّالِ، وَمَا أَخَالُكَ إِلَّا وَسَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّنَادِقَةِ8 عَلَى أَهْلِ الْعَلْمِ بِالْحَدِيثِ تَدْلِيسٌ، غَيْرَ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَهْجُرَ9 الْعِلْمَ وَأَهْلَهُ، وَتُزْرِي بِهِمْ مِنْ أَعْيُنِ مَنْ حَوَالَيْكَ مِنَ السُّفَهَاءِ، بِمِثْلِ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ كَيْمَا يَرْتَابَ فِيهَا جَاهِلٌ فَيَرَاكَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ، فَدُونَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فَأَوْجِدْنَا10 عَشَرَةَ أَحَادِيثَ دَلَّسُوهَا على

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "بِالنّظرِ إِلَيْهِ" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 سُورَة الْقِيَامَة، آيَة "22-23". 4 الْآيَة من سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "147"، وَفِي ط، ش: {لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} ، وَهِي من سُورَة آل عمرَان، آيَة "77"، وَفِي س: {لايُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} وصواب الْآيَة مَا ذَكرْنَاهُ فِي سُورَة آل عمرَان. 5 تقدم تَخْرِيجه ص"157". 6 فِي ط، س، ش "رَوَاهُ عدي بن حَاتِم عَنهُ" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص156". 7 فِي ط، س، ش طقلنا: إِن هَذَا مِمَّن حواليك من الْجُهَّال" ويتضح الْمَعْنى بِزِيَادَة الأَصْل. 8 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 9 فِي ط، س، ش "تهجن" بالنُّون، انْظُر مَعْنَاهَا ص"639". 10 فِي ط، س، ش "فَمَا وجدنَا" وَمَا فِي الأَصْل أوضح.

أَهْلِ الْعِلْمِ، كَمَا أَوْجَدْنَاكَ1 مِمَّا دلسوا على إمامك المريسي، أوجرب أَنْتَ فَدَلِّسْ عَلَيْهِمْ مِنْهَا عَشَرَةً، حَتَّى تَرَاهُمْ كَيْفَ يَرُدُّونَهَا فِي نَحْرِكَ. وَكَيْفَ دَلَّسَ الزَّنَادِقَةُ2 عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَلَمْ يَبْلُغْ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ اثْنَيْ3 عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ، بِغَيْرِ تِكْرَارٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؟ إِذًا رِوَايَاتُهُمْ كُلُّهَا مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ4 فِي دَعْوَاكَ. وَرَوَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَنْ حَرِيز بْنِ عُثْمَانَ5 عَنْ شَبِيبٍ أَبِي رَوْحٍ6

_ 1 فِي ط، ش "كَمَا وجدنَا" وَفِي س "كَمَا وجدناك". 2، 4 الزَّنَادِقَة، تقدما ص”531". 3 فِي الأَصْل "اثْنَا عشر" بِالرَّفْع، وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا مفعول بِهِ ليبلغ، وَلَا يَسْتَقِيم تعلقهَا "بروي" وَفِي س "اثْنَي عشرحديث" وَظَاهر أَن لَفْظَة "ألف"سَقَطت. قلت: وَعبارَة الدَّارمِيّ رَحمَه الله لَا تفِيد الْجَزْم بِأَن الْأَحَادِيث المروية عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم محصورة بِهَذَا الْعدَد، وَلم أَقف فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من كتب عُلُوم الحَدِيث على من قَالَ بحصرها، غير أَنِّي سَأَلت الشَّيْخ الْفَاضِل عبد الرَّزَّاق عفيفي عَن هَذَا القَوْل فَأجَاب بِأَن هَذَا اجْتِهَاد مِنْهُ فِي الْحصْر، وَلَا يلْزم مِنْهُ الْقطع، وَيَقُول الشَّيْخ عبد الفتاح أَبُو غُدَّة: إِن هَذَا الْحصْر صَحِيح على جِهَة التَّقْرِيب بِالنّظرِ إِلَى عدم التّكْرَار، وَالله أعلم. 5 فِي ط، س، ش "جرير" بِالْجِيم ثمَّ رَاء وياء وَآخره رَاء، وَلم تعجم حُرُوفه فِي الأَصْل، وَالَّذِي أرجح أَن اسْمه "حريز" بِالْحَاء الْمُهْملَة ثمَّ رَاء وَآخره زَاي، قَالَ فِي التَّقْرِيب 159/1: حريز بِفَتْح أَوله وَكسر الرَّاء وَآخره زَاي: ابْن عُثْمَان الرَّحبِي بِفَتْح الرَّاء والحاء الْمُهْملَة بعْدهَا مُوَحدَة، الْحِمصِي، ثِقَة ثَبت، رمي بِالنّصب، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 63 وَله 83 سنة/ خَ وَالْأَرْبَعَة، وَانْظُر: الكاشف للذهبي 214/1، وَالْخُلَاصَة ص”75". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 346/1: شبيب بن نعيم، أَبُو روح، ثِقَة، من الثَّالِثَة، أَخطَأ مَنْ عدَّه من الصَّحَابَة/ د س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 4/2-5 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة والأغر وَعنهُ سِنَان بن قيس وحريز بن عُثْمَان.

تأويل المعارض لحديث "الإيمان يمان"

تَأْوِيل الْمعَارض لحَدِيث: "الْإِيمَان يمَان" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2 أَنَّ3 النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ، وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَل الْيَمَنِ" 4 فَقُلْتَ كَالْمُنْكِرِ لِهَذَا -تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا نَحَلَهُ الْمُبْطِلُونَ-: بِأَنَّ ذَلِكَ نَفَسٌ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفٍ5. فَمِمَّنْ سَمِعْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ هَذَا نَفَسٌ يَخْرُجُ من جَوف الله

_ 1 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”179". 2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 لَفْظَة "إِن" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت سَهوا. 4 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه، فتح الْبَارِي/ كتاب الْمَغَازِي/ بَاب قدوم الْأَشْعَرِيين وَأهل الْيمن، حَدِيث 4388، 98/8 من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: "أَتَاكُم أهل الْيمن هم أرق أَفْئِدَة وألين قلوبًا، الْإِيمَان، وَالْحكمَة يَمَانِية ... " الحَدِيث. وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/ كتاب المناقب/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى..} الْآيَة حَدِيث 3499، 526/6 عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب كَون النَّهْي عَن الْمُنكر من الْإِيمَان/ الحاديث 82، 88، 89، 90 من طرق أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة. قلت: وَلم أجد فِي البُخَارِيّ وَمُسلم لفظ: "وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيمن". وَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال 541/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي، ثَنَا عِصَام بن خَالِد، ثَنَا جرير عَن شبيب أبي روح أَن أَعْرَابِيًا أَتَى أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة، حَدثنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَذكر الحَدِيث، فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أَلا إِن الْإِيمَانُ يَمَانٌ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ، وَأَجِدُ نَفَسَ رَبِّكُمْ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ ... " الحَدِيث. وَانْظُر: الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا رُوِيَ فِي النَّفس ص”463". 5 فِي س "من جَوف الله تَعَالَى".

تَعَالَى1، وَهَذَا الْحَدِيثُ2 مَعْرُوفٌ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، جَهِلْتَ مَعْنَاهُ، فَصَرَفْتَهُ إِلَى غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ نَرَ3 أَحَدًا يَقُولُهُ، أَوْ يَذْهَبُ إِلَيْهِ، إِنَّمَا فَسَّرَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى الرَّوْحِ الَّذِي يَأْتِي بِهَا الرِّيحُ مِنْ نَحْوِ الْيَمَنِ، لِأَنَّ مَهَبَّ الرِّيحِ4 مِنْ هُنَاكَ5 مِنْ6 عِنْدِهِمْ، فأمَّا أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ: هُوَ نَفَسٌ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ الرَّحْمَنِ، فَمَا سَمِعْنَا أَحَدًا يَقُولُهُ قَبْلَكَ، وَأَدْنَى مَا عَلَيْك فِيهِ الْكَذِبِ أَنْ تَرْمِيَ7 قَوْمًا مُشَنِّعًا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَا تَقْدِرُ أَنْ تُثْبِتَهُ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ" 8 أَيْ أَنَّهُ جَاءَ من قبل مَكَّة9.

_ 1 الْعبارَة من قَوْله: "فَمِمَّنْ سَمِعت" إِلَى قَوْله: "جَوف الله تَعَالَى" لَيست فِي س. 2 فِي ط، س، ش "وَهَذَا حَدِيث". 3 فِي س "تَرَ" بِالتَّاءِ. 4 فِي ط، س، ش "لِأَن مهب الرّيح وَالروح". 5 فِي ش "مِمَّن هُنَاكَ". 6 لفظ "من" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: وَقيل المُرَاد بِهِ الفرَج الَّذِي يَأْتِي من قبل الْيمن، وَقيل: المُرَاد التنفس، كَأَنَّهُ قَالَ: أجد تَنْفِيس ربكُم من قبل الْيمن. انْظُر: الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”463". 7 فِي ط، س، ش "أَن ترمي بِهِ". 8 تقدم تَخْرِيجه قَرِيبا، انْظُر ص”686" 9 قلت: قَالَ ابْن حجر فِي شَرحه لهَذَا الحَدِيث: "وَقد ذكر ابْن الصّلاح قَول أبي عبيد وَغَيره: أَن معنى قَوْله: "الْإِيمَان يمَان" أَن مبدأ الْإِيمَان من مَكَّة، لِأَن مَكَّة من تهَامَة، وتهامة من الْيمن، وَقيل: المُرَاد مَكَّة وَالْمَدينَة، لِأَن هَذَا الْكَلَام صدر وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتبوك، وَالثَّالِث -وَاخْتَارَهُ أَبُو عبيد- أَن المُرَاد بذلك الْأَنْصَار؛ لأَنهم يمانيون فِي الأَصْل" بِتَصَرُّف، وللمزيد انْظُر: فتح الْبَارِي 99/8، وَانْظُر أَيْضا: مَجْمُوع الْفَتَاوَى لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية 389/6.

دعوى المعارض التشبيه من بعض المحدثين

دَعْوَى الْمعَارض التَّشْبِيه من بعض الْمُحدثين: وادَّعى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّ الْمُقْرِي1 حَدَّثَ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ2 عَن أبي مُوسَى يُونُسَ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّهُ قَرَأَ: {سمَِيعًا بَصِيرًا} 5 فَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عينِه"6. وَقَدْ عَرَفْنَا هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الْمُقْرِي7 وَغَيْرِهِ، كَمَا رَوَى الْمُعَارِضُ غَيْرَ أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ كَتَبَةِ الْحَدِيثِ ثَبَتُوا بِهِ بَصَرًا بِعَيْنٍ كَعَيْنٍ وَسَمْعًا كَسَمْعٍ جَارِحًا مُرَكَّبًا8. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا دَعْوَاكَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ ثَبَتُوا لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا فقد صدقت.

_ 1 الْمقري أَبُو عبد الرَّحْمَن، تقدم ص"317". 2 حَرْمَلَة بن عمرَان التجيببي، تقدم ص"318". 3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "عَن أبي يُونُس" قلت: وَهُوَ الصَّوَاب، يُؤَيّد ذَلِك وُرُود هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ ص"318" بِلَفْظ "سليم بن جُبَير" وَأوردهُ ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد، وَفِي إِسْنَاده "عَن أبي يُونُس سليم بن جُبَير" انْظُر تَخْرِيجه ص"319". 4 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمَة أبي هُرَيْرَة ص"179". 5 انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "58". 6 فِي ط، ش "وَالَّتِي تَلِيهَا على عَيْنَيْهِ"، وَالْأَقْرَب أَنَّهَا بِالْإِفْرَادِ، كَمَا أوردهُ ابْن خُزَيْمَة، انْظُر تَخْرِيجه ص"319"، وَلِأَن لفظ الْإِبْهَام وَردت مُفْردَة. 7 الْمقري أَبُو عبد الرَّحْمَن، تقدم ص"317". 8 فِي ط، ش "مركبة".

وَأَمَّا دَعْوَاكَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ كَعَيْنٍ وكسمع فَإِن كَذِبٌ ادَّعيت1 عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا كَصِفَاتِهِ صِفَةٌ. وَأَمَّا دَعْوَاكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: جَارِحٌ مُرَكَّبٌ2 فَهَذَا كُفْرٌ لَا يَقُولُهُ أحد من الْمُسلمين3 وَلَكنَّا نُثْبِتُ لَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْعَيْنَ بِلَا تَكْيِيفٍ، كَمَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ، وَأَثْبَتَهُ لَهُ الرَّسُول4، وَهَذَا الَّذِي تُكَرِّرُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ جَارِحٌ5 وَعُضْوٌ وَمَا أَشْبَهَهُ، حَشْوٌ وَخُرَافَاتٌ، وَتَشْنِيعٌ6 لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ: وَقَدْ رَوَيْنَا رِوَايَاتِ7 السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعَيْنِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ8 بِأَسَانِيدِهَا وَأَلْفَاظِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَقُولُ كَمَا قَالَ، وَنَعْنِي بِهَا كَمَا عَنَى9 وَالتَّكْيِيفُ عَنَّا مَرْفُوعٌ، وَذِكْرُ الْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ تكلّف مِنْك، وتشنيع.

_ 1 فِي ط، ش "أدعيته". 2 فِي ط، ش "جارحة مركبة". 3 فِي ط، س، ش "من المضلين" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 4 لفظ "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، ش "جارحة وعضو". 6 فِي س "وتشنع". 7 فِي الأَصْل "وَقد روينَا اياب" وَلَا يَتَّضِح المُرَاد بِهِ، وَفِي س "وَقد روينَا آيَات"، وَفِي السِّيَاق مَا ينْقضه، وَفِي ط، ش "وَقد روينَا رِوَايَات" وَهُوَ أقربها ملاءمة للسياق. 8 انْظُر من ص"300-338". 9 فِي الأَصْل "كَمَا عين"، وَفِي ط، س، ش "كماعنى" وَهُوَ الْأَظْهر، لوضوح الْمَعْنى.

تشنيع المعارض بذكر الجوف

تشنيع الْمعَارض بِذكر الْجوف: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ1 رَوَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالَحٍ2 عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ3 عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ4 عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ5 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تقرَّبوا6 إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 499/1: عبد الرَّحْمَن بن مهْدي بن حسان الْعَنْبَري، مَوْلَاهُم، أَبُو سعيد الْبَصْرِيّ، ثِقَة، ثَبت حَافظ عَارِف بِالرِّجَالِ والْحَدِيث، قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: مَا رَأَيْت أعلم مِنْهُ، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 98 وَهُوَ ابْن 73 سنة/ ع. وَفِي الكاشف للذهبي وَالْخُلَاصَة للخزرجي وَله 63 سنة، انْظُر: الكاشف 87/2، وَالْخُلَاصَة ص"235". 2 مُعَاوِيَة بن صَالح، تقدّمت تَرْجَمته ص"171"، وفيهَا أَن ابْن مهْدي روى عَنهُ. 3 كَذَا فِي ط، س، ش، وَفِي الأَصْل "ابْن الْحَرْث"، وَلَعَلَّه أَرَادَ الْحَارِث فَلم يتَمَيَّز فِي الْخط الْقَدِيم. قَالَ فِي التَّقْرِيب 91/2: الْعَلَاء بن الْحَارِث بن عبد الْوَارِث الْحَضْرَمِيّ، أَبُو وهب الدِّمَشْقِي، صَدُوق، فَقِيه، لكنه رمي بِالْقدرِ، وَقد اخْتَلَط، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة 36 وَهُوَ ابْن سبعين سنة/ م وَالْأَرْبَعَة، وَانْظُر: الكاشف للذهبي 359/2، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 177/8 أَنه روى عَن زيد بن أَرْطَأَة، وَعنهُ عاوية بن صَالح الْحَضْرَمِيّ. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 272/1: زيد بن أَرْطَأَة الْفَزارِيّ، الدِّمَشْقِي، أَخُو عدي، ثِقَة، عَابِد، من الْخَامِسَة/ د ت س، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 336/1 أَنه روى عَن أبي أُمَامَة وَجبير بن نفير وَعنهُ الْعَلَاء بن الْحَارِث وَعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 126/1: جُبَير بن نفير-بنُون وَفَاء مُصَغرًا- ابْن مَالك بن عَامر الْحَضْرَمِيّ، الْحِمصِي، ثِقَة جليل، من الثَّانِيَة، مخضرم ولأبية صُحْبَة، فَكَأَنَّهُ هُوَ مَا وَفد إِلَّا فِي عهد عمر، مَاتَ سنة 80 وَقيل بعْدهَا، بخ م وَالْأَرْبَعَة. 6 فِي ط، ش "لن تتقربوا".

خَرَجَ مِنْهُ" 1 يَعْنِي الْقُرْآنَ. فادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ الثَّلْجِيَّ قَالَ فِي هَذَا مِنْ كِتَابٍ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ الثَّلْجِيِّ2، قَالَ: ذَهَبَتِ الْمُشَبِّهَةُ فِي هَذَا إِلَى مَا يَعْقِلُونَ3 مِنَ الْكَلَامِ مِنَ الْجَوْفِ فَنَاقَضُوا إِذْ صَحَّحُوا أَنَّهُ الصَّمْدُ، وَالصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ، فَاحْتَمَلَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ أَيْ مِنْ عِنْدِهِ4 مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ مِنْهُ5، كَمَا يُقال:

_ 1 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد مُرْسل، وَقد وَصله التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أَحْمد بن منيع، أخبرنَا أَبُو النَّضر، أخبرنَا بكر بن خُنَيْس عَن لَيْسَ بن أبي سليم، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ أبي أُمَامَة مَرْفُوعا فِي آخِره بلفط: "وَمَا تقرَّب الْعباد إِلَى الله عز وَجل بِمثل مَا خرج مِنْهُ"، قَالَ أَبُو النَّضر: "يَعْنِي الْقُرْآن" قَالَ: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ جُبَير بن نفير عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا، وَأخرجه من طَرِيق إِسْحَاق بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مُعَاوِيَة بن الْعَلَاءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لن ترجعوا إِلَى الله بِأَفْضَل مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ" يَعْنِي الْقُرْآنَ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَبكر بن خُنَيْس قد تكلم فِيهِ ابْن الْمُبَارك وَتَركه فِي آخر أمره انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ الطبعة الثَّالِثَة/ أَبْوَاب فَضَائِل الْقُرْآن/ بَاب 17/ حَدِيث 3078، 3079، 229/8-230. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 268/5 من طَرِيق زيد بن أَرْطَأَة عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "وَمَا تقرب الْعباد إِلَى الله بِمثل مَا خرجه مِنْهُ" يَعْنِي الْقُرْآن". 2 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، وَلَعَلَّه يُرِيد أَن الْمعَارض يَعْزُو ذَلِك إِلَى كتاب لم يسمع بِهِ عُثْمَان بن سعيد عَن الثَّلْجِي. 3 فِي الأَصْل "إِلَى مَا لَا يعقلوا" وَفِي س "إِلَى مَا يعقلوا" وَلَا مُوجب لحذف النُّون فِي العبارتين، وَفِي ط، ش "إِلَى مَا يعْقلُونَ" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق. 4 فِي ط، س، ش "أَي أَتَى من عِنْده". 5 لفظ "مِنْهُ" لَيْسَ فِي س، وَبِه يَتَّضِح المُرَاد.

خَرَجَ لَنَا مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْخَيْرِ، وَخَرَجَ الْعَطَاءُ مِنْ قِبَلِهِ، لَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ. فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ وَلِإِمَامِهِ الثَّلْجِيِّ: قَدْ فَهِمْنَا مُرَادَكَ، إِنَّمَا تُرِيدُ نَفْيَ الْكَلَامِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى1، مُشَنِّعًا بِذِكْرِ الْجَوْفِ، فَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنَ اللَّهِ فَلَا يَشُكُّ فِيهِ إِلَّا مَنْ أَنْكَرَ كَلَامَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ لَا مَحَالَةَ، وَأَمَّا أَنْ نَصِفَهُ بِالْجَوْفِ كَمَا ادَّعَيْتَ عَلَيْنَا زُورًا فإنَّا نُجِلُّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُتَعَالِي عَنْهُ، لِأَنَّهُ الْأَحُدُ الصَّمَدُ، كَمَا قَالَ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إِلَّا كَخُرُوجِ عَطَاءِ الرَّجُلِ مِنْ قِبَلِهِ، فَقَدْ أقرَّ بِأَنَّهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَكَلَامه غَيْرِهِ مَخْلُوقٌ2. لَا يَجُوزُ أَنْ يُضاف إِلَيْهِ صِفَةٌ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يَقُولَ3: كُلُّ مَا تَكَلَّمَ4 بِهِ النَّاسُ مِنَ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالشِّعْرِ كُلُّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَهَذَا مُحَالٌ يَدْعُو إِلَى الضَّلَالِ. وَفِي هَذَا الْقِيَاسِ الَّذِي ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ يَجُوزُ أَنْ يُقال قَول الْيَهُود5: عُزَيْر6

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، س، ش "بِأَنَّهُ كَلَام غَيره مَخْلُوق" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 3 لَفْظَة "يَقُول" لَيست فِي ط، ش. 4 فِي الأَصْل "كلما" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا هُنَا لَا تفِيد التّكْرَار، وَفِي س "كَمَا تكلم" وَهُوَ غير وَاضح. 5 الْيَهُود، انْظُر ص"143". 6 عُزَيْر، قيل: ابْن جروة وَقيل: ابْن سروخا، وَقيل غير ذَلِك، حَبْر من أَحْبَار الْيَهُود وَتَسْمِيَة الْيَهُود "عزرا"، وَقَالَ ابْن كثير: "وَالْمَشْهُور أَن عُزَيْرًا نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل وَأَنه كَانَ فِيمَا بَين دَاوُد وَسليمَان، وزَكَرِيا وَيحيى"، وَقيل: هُوَ الَّذِي أَمَاتَهُ الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه، وَقَالَت عَنهُ الْيَهُود: هُوَ ابْن الله، وَورد =

ابْنُ اللَّهِ وَالنَّصَارَى1: الْمَسِيحُ2 ابْنُ اللَّهِ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَ كَلَامَ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ عِنْدَكُمْ كَلَامَ اللَّهِ فَمِنْهُ خَرَجَ بِلَا شَكٍّ، وَالْجَوْفُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فَلَيْسَ بِكَلَامِهِ، وَلَكِنْ3 كَلَامُ غَيْرِهِ فِي دَعْوَاكُمْ. فَقُلْ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ يَرُدُّ هَذَا التَّفْسِيرَ عَلَى شَيْطَانِهِ الَّذِي أَلْقَاهُ عَلَى لِسَانِهِ، وَمَا يُصْنَعُ4 فِي هَذَا بِقَوْلِ الثَّلْجِيِّ مَعَ5 مَا يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ6 عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ7 قَالَ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: اللَّهُ الْخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ، وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، مِنْهُ خَرَجَ وَإِلَيْهِ يعود"8.

_ = أَنه هُوَ الَّذِي كتب التَّوْرَاة لبني إِسْرَائِيل بعد أَن فقدت، وَقَالَ ابْن كثير: "أما مَا روى ابْن عَسَاكِر وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس ونوف الْبكالِي وسُفْيَان الثَّوْريّ وَغَيرهم من أَنه سَأَلَ عَن الْقدر فمحي اسْمه من ذكر الْأَنْبِيَاء فَهُوَ مُنكر، وَفِي صِحَّته نظر، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْإسْرَائِيلِيات". انْظُر: الْقُرْطُبِيّ فِي الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن 116/8-117، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة 43/2-47 وَتَفْسِير الْمنَار لرشيد رضَا 178/10-384، ومعجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية 89/2-90. 1 النَّصَارَى انْظُر ص"144". 2 الْمَسِيح عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"295". 3 فِي ش "ولتكن" وَلَعَلَّه خطأ مطبعي. 4 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي س "وَمَا نصْنَع"، وَفِي ط، ش "وَمَا يصنع" وهما متقاربان. 5 فِي س "معما". 6 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 7 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244". 8 تقدم تَخْرِيجه ص"573".

حَدَّثَنَاهُ1 إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ2 عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ3. وَأَمَّا أَنْ يُقَاسَ الْكَلَامُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ بِالْخَيْرِ الَّذِي يَأْتِي مِنْ قِبَلِهِ، وَالْعَطَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقِيسُ بِهِ4 إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُ الثَّلْجِيِّ5 لِأَنَّ الْخَلْقَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ بِلَا شَكٍّ وَأَنَّ إِعْطَاء الْعَطاء وبذل المَال6 لَا يَخْرُجُ مِنْ نَفْسِ الْمُعْطِي وَالْبَاذِلِ، وَلَكِنْ مِنْ شَيْءٍ مَوْضُوعٍ عِنْدَهُ بِعَيْنِهِ، وَالْكَلَامُ غَيْرُ بَائِنٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْمَالُ وَالْعَطَاءُ بَائِنٌ مِنْهُ، لِأَنَّهُ7 مَتَى شَاءَ عَادَ فِي مِثْلِ كَلَامِهِ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ قَبْلُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرُدَّ الْكَلَامَ الْخَارِجَ مِنْهُ إِلَى نَفْسِهِ ثَانِيَةً. وَلَعَلَّهُ لَا يَقْدِرُ على د الْمَالِ وَالْعَطَاءِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، إِلَّا أَنْ يَعُودَ فِيهِ بِعَيْنِهِ، فَمن قَاس هَذَا بِذَاكَ فَقَدْ تَرَكَ الْقِيَاسَ الَّذِي يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْقِيَاسِ، وَالْمَعْقُولَ الَّذِي يعرفهُ أهل الْعقل.

_ 1 فِي ش "حَدثنَا". 2 إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، تقدم ص"504". 3 سُفْيَان بن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 4 فِي ط، ش "لَا يقيسه بِهِ". 5 فِي ط، ش "مثل ابْن الثَّلْجِي". 6 فِي ط، س، ش "وبذل الْبَذْل من المَال". 7 فِي ط، س، ش "لِأَن الْمُتَكَلّم".

تأويل المعارض للآثار الواردة في اليدين

تَأْوِيل الْمعَارض للآثار الْوَارِدَة فِي الْيَدَيْنِ: وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ1: "الرُّكْنُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُصَافِحُ بِهِ خَلْقَهَ"2؛ فَرَوَى عَنْ هَذَا الثَّلْجِيِّ مِنْ غَيْرِ سَماع مِنْهُ أَنه قَالَ:

_ 1عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"172". 2 أخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه/ كتاب الْمَنَاسِك/ بَاب الرُّكْن من الْجنَّة/ حَدِيث 8919، 39/5 عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا: "الرُّكْن -يَعْنِي الْحجر- يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، يُصَافِحُ بهَا خلقه".... إِلَخ. وَانْظُر أَيْضا: حَدِيث 8920 مَوْقُوفا =

يَمِينُ اللَّهِ نِعْمَتُهُ وَبَرَكَتُهُ وَكَرَامَتُهُ لَا يَمِينُ الْأَيْدِي. فيُقال لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَنْفِيَ عَن الله بِهَذِهِ الضلالات يَدَيْهِ اللَّتَيْنِ خَلَقَ بِهِمَا آدَمَ وَيْلَكَ أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ! إِنَّ تَفْسِيرَهُ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمْنَا1 يَقِينًا أَنَّ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ لَيْسَ بِيَدِ اللَّهِ نَفْسِهِ، وَأَنَّ يَمِينَ اللَّهِ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ، وَلَكِنْ تَأْوِيلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَأَنَّ2 الَّذِي يُصَافِحُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَيَسْتَلِمُهُ كَأَنَّمَا يُصَافِحُ اللَّهَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى3: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} 4.

_ على ابْن عَبَّاس، وَفِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة/ تَحْقِيق مُحَمَّد الأعظمي/ كتاب الْمَنَاسِك/ بَاب ذكر الدَّلِيل على أَن الْحجر يشْهد لمن استلمه بِالنِّيَّةِ/ حَدِيث 27370، 221/4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا فِي آخر بِلَفْظ: "وَهُوَ يَمِين الله يُصَافح بهَا خلقه" قَالَ الْمُحَقق: "إِسْنَاده ضَعِيف، عبد الله بن المؤمل ضَعِيف"، وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا ذكر فِي الْيَمين والكف/ ص"333" وَقَالَ فِي إِسْنَاد الحَدِيث: ضَعِيف. وَأوردهُ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي مَجْمُوع الْفَتَاوَى 397/6 وَقد سُئِل عَن حَدِيث "الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض" فَذكر أَنه رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بِإِسْنَاد لَا يثبت، قَالَ: وَالْمَشْهُور إِنَّمَا هُوَ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: "الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض، فَمن صافحه وقبَّله فَكَأَنَّمَا صَافح الله وقبَّل يَمِينه". وَذكره الألباني فِي سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة والموضوعة حَدِيث 223، 275/1 بِلَفْظ: "الْحجر الْأسود يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يُصَافِحُ بهَا عباده" وَقَالَ عَنهُ: ضَعِيف. 1 فِي ط، ش "علمت". 2 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "أَن الَّذِي" وَهُوَ أوضح. 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 سُورَة سُورَة الْفَتْح، آيَة "10". قلت: تكلم شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية على هَذَا الحَدِيث بعد أَن أوردهُ مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس فَقَالَ: "وَمن تدَّبر اللَّفْظ الْمَنْقُول تبيَّن لَهُ أَنه لَا إِشْكَال فِيهِ إِلَّا على من لم يتدبره، فَإِنَّهُ قَالَ: "يَمِين الله فِي الأَرْض" فقيده بقوله: "فِي الأَرْض" وَلم =

فَثَبَتَ1 لَهُ الْيَدُ الَّتِي هِيَ الْيَدُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُبَايَعَةِ، إِذْ سَمَّى الْيَدَ مَعَ الْيَدِ، وَالْيَدُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ، وَكَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّحْمَنِ قَبْلَ يَدِ السَّائِلِ" 2 فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّهُ 3 الْيَدُ الَّتِي هِيَ الْيَدُ، وَإِنْ لَمْ يَضَعْهَا الْمُتَصَدِّقُ فِي نفس يَد الله: وَكَذَا تَأْوِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، إِنَّمَا هُوَ إِكْرَامٌ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَتَعْظِيمٌ4 لَهُ وتثبيت ليد الرَّحْمَن

_ = يُطلق فَيَقُول: يَمِين الله، وَحكم اللَّفْظ الْمُقَيد يُخَالف حكم اللَّفْظ الْمُطلق". ثمَّ قَالَ: "فَمن صافحه وقبَّله فَكَأَنَّمَا صَافح الله وَقبل يَمِينه" وَمَعْلُوم أَن الْمُشبه غير الْمُشبه بِهِ، وَهَذَا صَرِيح أَن المصافح لم يُصَافح يَمِين الله أصلا، وَلَكِن شبه بِمن يُصَافح الله، فَأول الحَدِيث وَآخره يبين أَن الْحجر لَيْسَ من صِفَات الله كَمَا هُوَ مَعْلُوم عِنْد كل عَاقل، وَلَكِن يبين أَن الله تَعَالَى كَمَا جعل للنَّاس بَيْتا يطوفون بِهِ جعل لَهُم مَا يستلمونه، ليَكُون ذَلِك بِمَنْزِلَة تَقْبِيل يَد العظماء فَإِن ذَلِك تقريب للمقبل وتكريم لَهُ، كَمَا جرت الْعَادة، وَالله وَرَسُوله لَا يَتَكَلَّمُونَ بِمَا فِيهِ إضلال النَّاس؛ بل لابد من أَن يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ، فقد بَين لَهُم فِي الحَدِيث مَا يَنْفِي من التَّمْثِيل" بنصه من مَجْمُوع الْفَتَاوَى 397/6-398. قلت: وَمن هُنَا يتَبَيَّن أَن الْيَمين فِي هَذَا الحَدِيث لَا يُراد بهَا حَقِيقَة الْيَمين الَّتِي هِيَ من صِفَات الله، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية حَيْثُ ذكر هَذَا الحَدِيث فِي مَوضِع آخر وَقَالَ: "لَو كَانَ هَذَا اللَّفْظ ثَابتا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم ابْن تَيْمِية حَيْثُ ذكر هَذَا الحَدِيث فِي مَوضِع آخر وَقَالَ: "لوكان هَذَا اللَّفْظ ثَابتا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَإِن هَذَا اللَّفْظ صَرِيح فِي أَن الْحجر لَيْسَ هُوَ من صِفَات الله، إِذْ قَالَ: "هُوَ يَمِين الله فِي الأَرْض" فتقيده بِالْأَرْضِ يدل على أَنه لَيْسَ هُوَ يَده على الْإِطْلَاق، فَلَا يكون الْيَد الْحَقِيقَة إِلَى أَن قَالَ: وَإِذا كَانَ اللَّفْظ صَرِيحًا فِي أَنه جعل بِمَنْزِلَة الْيَمين لَا أَنه نفس الْيَمين كَانَ من اعْتقد أَن ظَاهره أَنه حَقِيقَة الْيَمين قَائِلا للكذب الْمُبين" انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 580/6-581، وَانْظُر أَيْضا: تَأْوِيل الحَدِيث لِابْنِ قُتَيْبَة/ طبعة بيروت ص"145". 1 فِي ط، ش "فَتثبت". 2 تقدم بِنَحْوِهِ ص"288". 3 كَذَا فِي الأَصْل وَفِي ط، س، ش "فَثَبت بِهَذَا لله الْيَد". 4 فِي س "وتعظيمًا" بِالنّصب، وَلَا مُوجب لَهُ هُنَا.

وَيَمِينِهِ، لَا1 النِّعْمَةُ كَمَا ادَّعى الثَّلْجِيُّ2 الْجَاهِلُ فِي تَأْوِيلِهِ، وَكَمَا يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ مَعَ كُلِّ صَاحِبِ نَجْوَى مِنْ فَوْقِ3 عَرْشِهِ، كَذَلِكَ يَقْدِرُ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ. وَكَذَلِكَ ادَّعَى الْجَاهِلُ الثَّلْجِيُّ4 أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ، قَالَ: بِنِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْهِ، فَخَصَّهُ بِمَا خصَّ مِنْ كَرَامَاتِهِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الثَّلْجِيِّ الْبَقْبَاقِ5 النَّفَّاجِ6: لَوْ كُنْتَ مِمَّنْ يَعْقِلُ شَيْئًا مِنْ وُجُوهِ الْكَلَامِ لَعَلِمْتَ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلٌ مُحَالٌ مِنْ كَلَامٍ لَيْسَ لَهُ نِظَامٌ، وَيْلَكَ! وَأَيُّ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ قِرْدٍ أَوْ إِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ لَمْ يُنْعِمِ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي خَلْقِهِ إِذْ خَلَقَهُ حَتَّى خَصَّ بِنِعْمَتِهِ آدَمَ، وَمَنَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ الْخَلَائِقِ، وَأَيُّ مَنْقَبَةٍ لِآدَمَ فِيهَا إِذْ كُلُّ هَؤُلَاءِ خُلِقُوا بِنِعْمَتِهِ كَمَا خُلِقَ آدَمُ؟. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الثَّلْجِيِّ الْجَاهِلِ فِيمَا ادَّعَى فِي تَأْوِيلِ حَدِيث

_ 1 فِي س "وَيَمِينه النِّعْمَة" وَلَعَلَّ "لَا" سَقَطت سَهوا. 2 فِي ط، ش "ابْن الثَّلْجِي". 3 فِي ط، س، ش "وَفَوق" بدل "من فَوق". 4 فِي ط، ش "ابْن الثَّلْجِي". 5 تقدم مَعْنَاهَا ص”457". 6 لم يعجم آخرهَا فِي الأَصْل وَلَعَلَّه سَهْو، وَفِي ط، ش "النفاج" بِالْجِيم وَهُوَ الَّذِي أثْبته، وَفِي س "النفاخ" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَقد تقدم مَعْنَاهُمَا ص"457" وَكِلَاهُمَا مُحْتَمل، وَلَا يَسْتَقِيم الْمَعْنى بِكَوْنِهَا بِالْحَاء الْمُهْملَة؛ إِذْ النفّاح هُوَ النفاع الْمُنعم على الْخلق وَزوج الْمَرْأَة، كَمَا فِي الْقَامُوس للفيروز آبادي، انْظُر 253/1 مَادَّة "نفح".

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُقْسِطُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ1 وَكِلْتَا يَدَيْهَ يَمِينٌ" 2. فَادَّعَى الثَّلْجِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَوَّلَ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ تَأْوِيلِ الْغُلُولِيِّينَ أَنَّهَا يَمِينُ الْأَيْدِي، وَخَرَجَ مِنْ مَعْنَى الْيَدَيْنِ إِلَى النِّعَمِ يَعْنِي3 بِالْغُلُولِيِّينَ أَهْلَ السُّنَّةِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ يَمِينَانِ، وَلَا4 يُوصَفُ أَحَدٌ بِيَمِينَيْنِ، وَلَكِنْ يَمِينٌ وَشِمَالٌ بَزَعْمِهِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ5: وَيْلَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! إِنَّمَا عَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْيَدَيْنِ6 فَقَالَ: "كِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ" إِجْلَالًا لِلَّهِ وَتَعْظِيمًا أَنْ يُوصَفَ بِالشِّمَالِ7، ولولم يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: كِلْتَا يَدَيِ الرَّحْمَنِ يَمِينٌ، لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا قَدْ جَوَّزَهُ النَّاسُ فِي الْخلق، فَكيف لَا يجوزه8

_ 1 فِي ط، ش "عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِين الرَّحْمَن". 2 تقدم تَخْرِيجه ص”288". 3 فِي س "وَيَعْنِي". 4 فِي ط، س، ش "فَلَا". 5 هُوَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ. 6 فِي ط، س، ش زِيَادَة فِي النَّص على مَا فِي الأَصْل، حَيْثُ قَالُوا: "إِنَّمَا عَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قد أطلق"، وَفِي س "قد أطلق على الَّتِي فِي مُقَابلَة الْيَمين الشمَال، وَلَكِن تَأْوِيله: وكلتا يَدَيْهِ يَمِين، أَي منزه عَن النَّقْص والضعف" وَفِي س "عَن النَّقْص فِي الضعْف"، وَفِي ش "عَن النَّقْص والضعف" كَمَا فِي أَيْدِينَا الشمَال من النَّقْص وَعدم الْبَطْش قَالَ: "كلتا يَدي الرَّحْمَن يَمِين". 7 فِي ط، س، ش زِيَادَة "وَقد وصفت يَدَاهُ بالشمال واليسار، وَكَذَلِكَ لَو لم يجز إِطْلَاق الشمَال واليسار لما أطلق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 8 فِي ط، س، ش "لَا يجوز".

الثَّلْجِيُّ1 فِي يَدَيِ2 اللَّهِ أَنَّهُمَا3 جَمِيعًا يَمِينَانِ؟، وَقَدْ سُمِّيَ مِنَ النَّاسِ ذَا الشِّمَالَيْنِ4 فَجَازَ فِي دَعْوَى5 الثَّلْجِيِّ6 أَيْضًا خَرَجَ7 ذُو الشِّمَالَيْنِ مِنْ مَعْنَى أَصْحَابِ الْأَيْدِي. ثُمَّ ادَّعى الْجَاهِلُ8 أَنَّ هَذَا مِنَ النِّعَمِ وَالْأَفْضَالِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: سأبكيك للدنا وَلِلْعَيْنِ إِنَّنِي ... رَأَيْتُ يَدَ الْمَعْرُوفِ بَعْدَكَ شُلَّتِ9 وَيْلَكَ أَيُّهَا الثَّلْجِيُّ!، أتعلم بِوَجْه10 الْعَرَبيَّة ولغت الْعَرَبِ وَأَشْعَارِهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بهَا مِنْك؟ هَذَا هَاهُنَا فِي الْمَعْرُوفِ جَائِزٌ فِي الْمَجَازِ11، لَا

_ 1، 6 فِي ط، ش "ابْن الثَّلْجِي". 2 فِي س "يَد الله" ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل. 3 فِي س "أَنَّهَا". 4 ذُو الشمَال عُمَيْر بن عبد عَمْرو بن نَضْلَة الْخُزَاعِيّ حَلِيف بني زهرَة، يُقَال: اسْمَع عُمَيْر وَيُقَال: عَمْرو، وَيُقَال: عبد عَمْرو، ذكره مُوسَى بن عقبَة فِيمَن شهد بَدْرًا وَاسْتشْهدَ بهَا. انْظُر "الْإِصَابَة لِابْنِ حجر بتحقيق عَليّ البجاوي 414/2، وَأسد الغابة 174/2". 5 فِي ط، س، ش "فَجَاز نفي دَعْوَى". 67 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "وَخرج" والأنسب لوضوح الْمَعْنى أَن يُقَال: "خُرُوج ذِي الشِّمَالَيْنِ مِنْ مَعْنَى أَصْحَابِ الْأَيْدِي". 8 فِي ط، س، ش "ثمَّ ادّعى الْجَاهِل أَيْضا". 9 بعد هَذَا الْبَيْت زِيَادَة فِي ط، س، ش وَهِي: "نفس الْمَعْرُوف لَيْسَ لَهُ يَد وَإِنَّمَا الْمُعْطِي لَهُ يَد حَقِيقَة فَهِيَ الَّتِي تشل" وَبِه يزْدَاد الْمَعْنى وضوحًا، وَفِي ش "الْمَعَالِي" بدل "الْمُعْطِي" وَهُوَ غير وَاضح. قلت: وَالْبَيْت من قصيدة للكميت بن زيد الْأَسدي يرثى بهَا مُعَاوِيَة بن هَاشم ابْن عبد الْملك، ذكر ذَلِك أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه الأغاني/ تَصْحِيح أَحْمد الشنقيطي 111/15، وَانْظُر: شعر الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي/ جمع وَتَقْدِيم د. دَاوُد شلوم 147/1. 10 فِي ط، ش "بِوُجُوه". 11 فِي ط، س، ش "جَائِز على الْمجَاز".

يَسْتَحِيلُ، وَفِي يَدَيِ1 اللَّهِ تَعَالَى2 اللَّتَيْنِ يَقُولُ: "خَلَقْتُ بِهِمَا آدَمَ"3 يَسْتَحِيلُ أَنْ يُصْرَفَ4 إِلَى غَيْرِ الْيَدِ، لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ لَيْسَ لَهُ يَدَانِ، يَقْبِضُ بِهِمَا وَيَبْسُطُ، وَيَخْلُقُ وَيَبْطِشُ، فَيُقَالُ: يَدُ الْمَعْرُوفِ مَثْلًا، وَلَا يُقَالُ: فَعَلَ الْمَعْرُوفَ بِيَدَيْهِ5 كَذَا، وَخَلَقَ بِيَدَيْهِ6 كَذَا، وَكَتَبَ بِيَدَيْهِ7 كَذَا، كَمَا يُقَالُ: خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ8 بِيَدِهِ، وَكَتَبَ التَّوْرَاةَ9 بِيَدِهِ، ذَلِك فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ بَيِّنٌ مَعْقُولٌ، وَهَذَا فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ بَيِّنٌ مَعْقُولٌ، مَنْ صَرَفَ مِنْهُمَا شَيْئًا10 إِلَى غَيْرِ مَعْنَاهُ الْمَعْقُولِ جَهِلَ وَلم يعقل. أَو لم يَكْفِكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ11 كَثْرَةُ مَا نسب إِلَى اللَّهِ وَإِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ12 فِي نَفْيِ الْيَدَيْنِ عَنْهُ بِهَذِهِ الْأُغْلُوطَاتِ؟ وَمَا حسدتم أَبَاكُمَا13

_ 1 فِي ش "يَد" بِالْإِفْرَادِ، وَصَوَابه التَّثْنِيَة بِدَلِيل مَا بعده. 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 يدل لذَلِك قَوْله تَعَالَى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [سُورَة ص، آيَة "75"] . 4 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي س "يصرف" ولعلها كَذَلِك، وَفِي ط ش "تَصرفا". 5، 6، 7 فِي ط، س، ش "بِيَدِهِ". 8 تقدّمت تَرْجَمته ص"177"، وَانْظُر فِي خلق الله آدم بِيَدِهِ: سُورَة ص، آيَة "75". 9 تقدم الْكَلَام على التَّوْرَاة وكتابتها ص"263". 10 فِي س "شَيْء" وَصَوَابه النصب. 11 فِي ط، س، ش "أَيهَا الثَّلْجِي" بدل "أَيهَا الْمعَارض". 12 فِي س "مَا نسبت إِلَى الله تَعَالَى وإمامك المريسي"، وَفِي ط، ش "مَا نسبت وإمامك المريسي إِلَى الله". 13 فِي الأَصْل "أبوكما" وَفِي ط، ش "أَبَاكُمَا" وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهُ مفعول بِهِ.

آدم فِي خلقته1 بِيَدَيِ2 الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى3 فِي صدركتابك4 حَتَّى عُدْتَ لِأَقْبَحَ مِنْهَا فِي آخِرِ الْكِتَابِ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ يَدَيِ اللَّهِ اللَّتَيْنِ خَلَقَ بِهِمَا آدَمَ نِعْمَتُهُ وَقُدْرَتُهُ5، فَامْتَنَّ عَلَى آدَمَ بِمَا رَكَّبَ فِيهِ. وَيْحَكَ! وَهَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لم يخلقه بقدرته، حَتَّى تمتن6 عَلَى آدَمَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ؟ هَذَا مُحَالٌ لَا يَسْتَقِيمُ فِي تَأْوِيلٍ، بَلْ هُوَ أَبْطَلُ الْأَبَاطِيلِ. وَأَشَدُّ مِنْهُ اسْتِحَالَةً مَا ادَّعَيْتَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ7: "إِنَّ اللَّهَ خَمَّرَ طِينَةَ آدم ثمَّ خَلَقَهَا8 بِيَدِهِ فَخَرَجَ كُلُّ طَيِّبٍ بَيَمِينِهِ، وَكُلُّ خَبِيثٍ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ مَسَحَ إِحْدَى يَدَيْهِ بِالْأُخْرَى"9 فَادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ10 لَهُ تَفْسِيرًا مِنْ قِبَلِكَ: أَنَّهُ لَمَّا امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى آدَمَ بِنِعْمَتِهِ، كَانَتْ تِلْكَ النِّعْمَةُ مُخَالِطَةً لِقُدْرَتِهِ، وَقَالَ بيدَيْهِ: ينعمته وَقُدْرَتِهِ، هَكَذَا. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: إِذَا خَلَطَ قُدْرَتَهُ بِنِعْمَتِهِ فَسَمَّاهَا يَدَيْهِ فِي

_ 1 فِي ط، ش "خلقته". 2 فِي ط، س، ش "بيَدي الرَّحْمَن". 3 لفظ "تبَارك وَتَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 لم أَقف على اسْم كتاب الْمعَارض تبعا لعدم وُقُوفِي على اسْم الْمعَارض نَفسه. 5 فِي ط، س، ش "قدرته وَنعمته". 6 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "يمتن" وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى. 7 تقدّمت تَرْجَمته ص"274". 8 فِي ط، س، ش "خلطها". 9 تقدم تَخْرِيجه ص"274". 10 لفظ "أَن" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

دَعْوَاكَ، فَمَا بَالُ هَذِهِ الْمِنَّةِ وُضِعَتْ عَلَى آدَمَ1 مِنْ بَيْنِ الْخَلَائِقِ2 وَكُلُّ الْخَلْقِ فِي نِعْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ؛ إِذْ كُلُّ3 خَلْقٍ فِي دَعْوَاكَ4 بِنِعْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بِيَدَيْهِ؟، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَخْلِطَ الْقُدْرَةَ بِالنِّعْمَةِ، وَالْقُدْرَةُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَالنِّعْمَةُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ؟ هَذَا كَلَامٌ لَا يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ عَاقِلٍ، وَمَا يُوَفَّقُ لِمِثْلِهِ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ. ثُمَّ رَوَيْتَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ5 كَذِبًا أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى6: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} 7 قَالَ: "نِعَمُ اللَّهِ"8 فَعَمَّنْ9 رَوَيْتَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ؟ فَاكْشِفْ عَنْ رَأْسِهِ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ عَنْ ثِقَةٍ. وَقَدْ أَكْثَرْنَا النَّقْضَ عَلَيْكَ وَعَلَى إِمَامِكَ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ10 فِي تَفْسِيرِ الْيَدِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا11، غَيْرَ أَنَّكَ أَعَدْتَهَ فِي آخر الْكتاب فأعدناها12.

_ 1 تقدّمت تَرْجَمته ص"177". 2 فِي ط، س، ش "الْخلق" 3 فِي الأَصْل "إِذْ كلا" وَفِي س "ان كلا" وَلم تهمز "إِن" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، ش وَهُوَ الصَّوَاب، وَلَا حَاجَة لنصبها بعد "إِذْ" لِأَنَّهَا فِي مَحل رفع مُبْتَدأ. 4 فِي ش "هم فِي دعواك". 5 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 سُورَة الْفَتْح، آيَة "10". 8 هَذَا من دَعْوَى الْمعَارض على أبي الْحسن رَضِي الله عَنهُ، وَيَكْفِي فِي رده توهين الدَّارمِيّ رَحمَه الله لَهُ. 9 فِي س "معن من". 10 فِي ط، ش "وَابْن الثَّلْجِي". 11 انْظُر من ص"230-299". 12 فِي ط، ش "فأعدنا هُنَا"، وَفِي س "فأعدنا هَذَا".

النقض على ما ادعاه المعارض في الوجه

النَّقْضُ عَلَى مَا ادَّعاه الْمُعَارِضُ فِي الْوَجْهِ 1: ثُمَّ لَمَّا فَرَغْتَ مِنْ إِنْكَارِ الْيَدَيْنِ وَنَفْيِهَا عَنِ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ2 أَقْبَلْتَ قِبَل وَجْهِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى3 لِتَنْفِيَهُ عَنْهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ، كَمَا نَفَيْتَ عَنْهُ الْيَدَيْنِ، فَزَعَمْتَ أَنَّ وَكِيعًا4 رَوَى عَنِ الْأَعْمَشِ5 عَنْ أَبِي وَائِلٍ6 عَنْ حُذَيْفَةَ7 "أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أقبل الله

_ 1 العنوان من ط، ش. 2 فِي ط، س، ش "ونفيتهما عَن الله أَقبلت قبل وَجْهِ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ". 3 لفظ "تبَارك وَتَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 5 الْأَعْمَش، تقدم ص"157"، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 401/1 أَنه روى عَن أبي وَائِل وَعنهُ شُعْبَة ووكيع. 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 354/1: شَقِيق بن سَلمَة الْأَسدي، أَبُو وَائِل الْكُوفِي، ثِقَة مخضرم، مَاتَ فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز وَله مائَة سنة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 15/2 أَنه سمع عمر وَمعَاذًا وَعنهُ مَنْصُور وَالْأَعْمَش، توفّي سنة 82. 7 حُذَيْفَة بن الْيَمَان، وَاسم الْيَمَان: حسيل -مُصَغرًا- وَيُقَال: حسل -بِكَسْر ثمَّ سُكُون-الْعَبْسِي-بِالْمُوَحَّدَةِ-، حَلِيف الْأَنْصَار، صَحَابِيّ جليل من السَّابِقين، صَحَّ فِي مُسلم عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلمهُ بِمَا كَانَ وَمَا يكون إِلَى أَن تقوم السَّاعَة، وَأَبوهُ صَحَابِيّ أَيْضا، اسْتشْهد بِأحد، وَمَات حُذَيْفَة فِي أول خلَافَة عَليّ سنة 36/ع "التَّقْرِيب 156/1 وَانْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن وأشراط السَّاعَة/ بَاب إِخْبَار النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يكون إِلَى قيام السَّاعَة/ حَدِيث 22، 24، 35، 2216/4-2217، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 276/1-278، وَأسد الغابة 390/1-392، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 316/1-317، وتهذيب التَّهْذِيب 219/2-220".

عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ1 فَلَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ أَوْ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ حَدِيثَ2 سُوءٍ"3. ثُمَّ قُلْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّ اللَّهَ يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ وَأَفْعَالِهِ4، وَمَا أَوْجَبَ لِلْمُصَلِّي مِنَ الثَّوَابِ كَمَا قُلْتُمْ5: {فَثَمَّ وَجْهُ الله} 6، {كُلُّ شَيْءٍ هَالكٌ إلاَّ وّجْهَهُ} 7، وَكَقَوْلِه: {ابْتِغَاءَ

_ 1 فِي ط، س، ش "بِوَجْهِهِ الْكَرِيم". 2 فِي س "حدث". 3 أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ ص”15"، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار قَالَ: ثَنَا يحيى قَالَ: ثَنَا الْأَعْمَش قَالَ: ثَنَا شَقِيق قَالَ: كُنَّا عِنْد حُذَيْفَة فَقَامَ شبث بن ربعي فصلى فبصق بَين يَدَيْهِ وَذكره إِلَى أَن قَالَ: فَإِن العَبْد إِذا تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فيناجيه، فَلَا ينْصَرف عَنهُ حَتَّى ينْصَرف أَو يحدث حدث سوء. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”304" عَن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا، وَعَن حُذَيْفَة مَرْفُوعا أَيْضا بِمثلِهِ، وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِلَفْظ "إِن الله عز وَجل مقبل على عَبده بِوَجْهِهِ مَا أقبل عَلَيْهِ، فَإِذا الْتفت انْصَرف عَنهُ". وَفِي الْمسند للْإِمَام أَحْمد 65/3 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "إِذا كَانَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلَا يبصق أَمَامه، فَإِن ربه أَمَامه" ويمثله فِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة بتحقيق مُحَمَّد الأعظمي 46/2-47. 4 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "أفضاله". 5 فِي الأَصْل "كَمَا قُلْتُمْ" وَفِي ط، س، ش "كَمَا قَالَ"، وَمُقْتَضى السِّيَاق يستوجبه. 6 سوة الْبَقَرَة، آيَة "115". 7 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88"

وَجْهِ رَبِّهِ} 1، وَكَقَوْلِهِ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ} 2، أَيْ يَبْقَى اللَّهُ وَحْدَهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَلِلَّهِ وَجْهٌ؟ قِيلَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} 3، {كُلْ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ} ، {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 4 فَقَوْلُهُ الْحَقُّ، وَإِنْ أَرَدْتَ عُضْوًا كَمَا تَرَى مِنَ الْوَجْهِ فَهُوَ الْخَالِقُ هَذِهِ5 الْوُجُوهَ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا وَجْهُ الشَّيْءِ وَوَجْهُ الْأَمْرِ، وَيَقُولُ6: هَذَا وَجْهُ الثَّوْبِ وَوَجْهُ الْحَائِطِ، فَقَوْلُهُ: {وَجْهُ رَبِكَ} 7 مَا تَوَجَّهُ بِهِ8 إِلَى رَبِّكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَقَوْلُهُ: {َفأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} يَقُولُ: ثَمَّ قِبْلَةُ النَّاسِ يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: {فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} ثَمَّ قِبْلَةُ اللَّهِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَمْ تَدَعْ غَايَةً فِي إِنْكَارِ وَجْهِ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْجُحُودِ بِهِ وَبِآيَاتِهِ الَّتِي تَنْطِقُ بِالْوَجْهِ، حَتَّى10 ادَّعَيْتَ أَنَّ

_ 1 هَذِه الْآيَة لم ترد فِي ط، س، ش وَهِي من سُورَة اللَّيْل، آيَة "20". 2 سُورَة الرَّحْمَن، آيَة "27". 3 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88". 4 فِي ط، س، ش "وَ {فأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه} " وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، انْظُر: سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115". 5 فِي ط، ش "لهَذِهِ". 6 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَتقول". 7 سُورَة الرَّحْمَن، آيَة "27". 9 فِي ط، س، ش "أَيْنَمَا"، وَصَوَابه: "فأينما". انْظُر: سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115". 10 فِي ط، س، ش "قد ادعيت".

وَجْهَ اللَّهِ الَّذِي وَصَفَهُ بِالْجَلَالِ1 وَالْإِكْرَامِ مَخْلُوقٌ، لِأَنَّكَ ادَّعَيْتَ أَنَّهَا أَعْمَالٌ مَخْلُوقَةٌ، يُوَجَّهُ2 بِهَا إِلَيْهِ وَنِعَمٌ وَإِحْسَانٌ. وَالْأَعْمَالُ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا، فَوَجْهُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فِي دَعْوَاكَ مَخْلُوقٌ، فَزَعَمْتَ أَيْضًا أَنَّهَا قِبْلَةُ اللَّهِ، وَالْقِبْلَةُ3 أَيْضًا مَخْلُوقَةٌ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ كُلَّ مَا4 ذَكَرَ5 اللَّهُ تَعَالَى6 فِي كِتَابِهِ مِنْ ذِكْرِ وَجْهِهِ: وَجْهٌ مَخْلُوقٌ، لَيْسَ لِلَّهِ مِنْهَا وَجْهٌ مَعَهُ7 وَلَا هُوَ ذُو وَجْهٍ فِي دَعْوَاكَ. وَكِتَابُ اللَّهِ الْمُكَذِّبُ لَكَ فِي دَعْوَاكَ، وَهُوَ مَا تلوث أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي كُلُّهَا نَاقِضَةٌ لِمَذْهَبِكَ، وَآخِذَةٌ بِحَلْقِكَ، أَوَ تَأثر8 تَفْسِيرَكَ9 هَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَثَرٍ مَأْثُورٍ مَنْصُوصٍ مَشْهُورٍ؟ وَلَنْ تَفْعَلَهُ أَبَدًا، لِمَا قد رُوِيَ عَنهُ خِلَافه وهوقوله: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} 10 قَالَ: "النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ"

_ 1 فِي س "ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام"، وَفِي ط، ش "ذُو الْجلَال وَالْإِكْرَام"، وَمَا فِي الأَصْل أنسب للسياق. 2 فِي ط، ش "يتَوَجَّه"، وَفِي س "وَتوجه". 3 فِي ش "والقبلذ" بِالذَّالِ وَظَاهر أَنه خطأ مطبعي. 4 فِي الأَصْل وس "كلما". 5 فِي ط، س، ش "ذكره". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ط، س، ش "لَيْسَ لله مِنْهَا وَجه صفة". 8 فِي س "وتأثر"، وَسِيَاق النَّص يُنَاسِبه مَا أَثْبَتْنَاهُ. 9 فِي ط، س، ش "تَفْسِير". 10 سُورَة يُونُس، آيَة "26". 11 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب إِثْبَات رُؤْيَة الْمُؤمنِينَ/ حَدِيث 298، 63/1 قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر =

أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل هَذَا: أَنَّهُ قَالَ: الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى الْكَعْبَةِ، أَوْ إِلَى أَعْمَالِ الْمَخْلُوقِينَ؟ وَكَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ" 1 فَيَجُوزُ فِي تَأْوِيلِكَ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لذَّة النَّظَرِ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنْ أَعْمَالِ خَلْقِكَ، أَمْ إِلَى الْقبْلَة2؟

_ = ابْن أبي شيبَة حَدثنَا يزِيد بن هَارُون عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ مَرْفُوعا بِمَعْنَاهُ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ الطبعة الثَّالِثَة/ أَبْوَاب صفة الْجنَّة بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَة الرب تبَارك وَتَعَالَى/ حَدِيث 2676، 267/7 من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ مَرْفُوعا بِمَعْنَاهُ. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الِاعْتِقَاد/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق أَحْمد عَاصِم الْكَاتِب/ الطبعة الأولى ص”124" من طَرِيق أُبيِّ بن كَعْب وَكَعب بن عجْرَة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْلُهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} قَالَ: "النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن". وَانْظُر: تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه غرائب الْقُرْآن/ الطبعة الثَّانِيَة 74/11-75، وَذكره بِنَحْوِهِ من طرق كَثِيرَة عَن عدد من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ. 1 أخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه "الْمُجْتَبى" بحاشية تعليقات من حَاشِيَة السندي 47/3 عَن عمار بن يَاسر مَرْفُوعا وَفِيه: "وَأَسْأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء وَبرد الْعَيْش بعد الْمَوْت وَلَذَّة النّظر إِلَى وَجهك". وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ بَاب ذكر الْبَيَان من أَخْبَار الْمُصْطَفى فِي إِثْبَات الْوَجْه لله ص9 عَن عمار بن يَاسر مَرْفُوعا وَفِيه: "اللَّهُمَّ بعلمك الْغَيْب وقدرتك على الْخلق أحيني مَا علمت الْحَيَاة خيرا لي.. إِلَى أَن قَالَ: وَأَسْأَلك لذَّة النّظر إِلَى وَجهك". وَفِي الْمصدر نَفسه ص"10" من طَرِيق آخر عَن أبي الدَّرْدَاء عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا، وَفِيه: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء، وَبرد الْعَيْش بعد الْمَوْت، وَلَذَّة النّظر إِلَى وَجهك...." إِلَخ. 2 فِي س "أم الْقبْلَة".

وَيْلَكُمْ! مَا سَبَقَكُمْ إِلَى مِثْلِ1 هَذِهِ الْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ، وَلَا فِرْعَوْنُ2 مِنَ الْفَرَاعِنَةِ، وَلَا شَيْطَانٌ. وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ: دَعْوَاكَ أَنَّ وَجْهَ اللَّهِ كَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالْحَائِطِ وَالْمَيِّتِ الَّذِي لَا يُوقَفُ مِنْهَا عَلَى وَجْهٍ وَلَا ظَهْرٍ، مَا تَرَكْتُمْ مِنَ الْكُفْرِ بِوَجْهِ اللَّهِ غَايَةً، وَلَوْ قَدْ تَكَلَّمَ بِهَذَا رَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَوَجَبَ عَلَى أَهْلِ الشَّرْقِ3 أَنْ يَغْزُوهُ، حَتَّى يَقْتُلُوهُ غَضَبًا لِلَّهِ وَإِجْلَالًا لِوَجْهِهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ4. أَرَأَيْتَكَ أَيُّهَا الْجَاهِلُ، إِنْ كَانَ وَجْهُ اللَّهِ عِنْدَكَ قِبْلَتَهُ5 وَالْأَعْمَالَ الَّتِي ابْتُغِيَ بِهَا وَجْهُهُ، وَكَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالْحَائِطِ، أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْقِبْلَةِ وَالْأَعْمَالِ وَالْعِبَادِ6: ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ؟ فَقَدْ عَلِمَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يقدَّس وَجْهٌ بِذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ7. وَأَمَّا تَكْرِيرُكَ8 وَتَهْوِيلُكَ علينا بالأعضاء والجوارح، وَهَذَا9 مَا يَقُوله

_ 1 لفظ "مثل" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 فِرْعَوْن، تقدم الْكَلَام عَنهُ ص”165". 3 فِي ط، س، ش "الْمشرق". 4 فِي ط، س، ش "غَضبا وإجلالًا لوجه الله ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام". 5 فِي ط، س، ش "قبْلَة". 6 فِي ط، س، ش "وأعمال الْعباد". 7 فِي ط، س، ش "غير وَجه الله تَعَالَى". 8 يُقَال: "كَرَّرَه تكريرًا وتكرارًا وتَكِرةً كتحلة وكركَرَه: أَعَادَهُ مرّة بعد أُخْرَى". انْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط 125/2. 9 فِي ط، س، ش "فَهَذَا" وَهُوَ أوضح.

مُسلم، غير أنَّا نقُول كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى1: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإكْرَامِ} 2 أَنَّهُ عَنَى بِهِ الْوَجْهَ الَّذِي هُوَ الْوَجْهُ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ لَا الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ، وَلَا الْقِبْلَةَ، وَلَا مَا حَكَيْتَ3 مِنَ الْخُرَافَاتِ كَاللَّاعِبِ بِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ4، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} 5 نَفْسُهُ6 الَّذِي هُوَ أَحْسَنُ الْوُجُوهِ، وَأَجْمَلُ الْوُجُوهِ وَأَنْوَرُ الْوُجُوهِ، الْمَوْصُوفُ بِذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الصِّفَةَ غَيْرُ وَجْهِهِ، وَأَنَّ الْوَجْهَ مِنْهُ غَيْرُ الْيَدَيْنِ، وَالْيَدَيْنِ مِنْهُ غَيْرِ الْوَجْهِ عَلَى رَغْمِ الزَّنَادِقَةِ7 والجهمية8. وَسَنَذْكُرُ فِي ذِكْرِ الْوَجْهِ آيَاتٍ وَآثَارًا مُسْنَدَةً، لِيَعْرِضَهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ9 عَلَى تَفْسِيرِكَ10؛ هَلْ يَحْتَمِلُ شَيْئًا مِنْهَا شَيْءٌ مِنْهُ11؟ فَإِنْ كنت

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 سُورَة الرَّحْمَن، الْآيَتَيْنِ "26، 27". 3 فِي ط، س، ش "وَلَا مَا حكيته". 4 لفظ "عز وَجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88". 6 فِي ط، س، ش "يَقُول: كل وَجه هَالك إِلَّا وَجه نَفسه تَعَالَى الَّذِي هُوَ أحسن الْوُجُوه". 7 انْظُر ص"531". 8 انْظُر ص"138". 9 لفظ "بِاللَّه" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 10 فِي ط، س، ش "على تفسيرك هَذَا". 11 فِي س "هَل يحْتَملهُ شَيْء مِنْهَا شَيْء مِنْهُ" وَلَا يَسْتَقِيم إعرابًا، وَفِي ط، س "هَل يحْتَمل شَيْء مِنْهَا شَيْء مِنْهُ" وَلَا يَسْتَقِيم أَيْضا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقع فاعلان لفعل وَاحِد.

لَا تُؤْمِنُ بِهَا فَخَيْرٌ مِنْكَ وَأَطْيَبُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ قَدْ آمَنَ بِهَا وَأَيْقَنَ1. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} 2، و {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} 3، وَقَوْلُهُ: {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} 4، {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 5، {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} 6؛ فَالْخَيْبَةُ لِمَنْ كَفَرَ بِهَذِهِ الْآيَاتِ كُلِّهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَجْهِ7 اللَّهِ نَفْسِهِ، وَأَنَّهَا وُجُوهٌ مَخْلُوقَةٌ. وَمِمَّا يُوَافِقُهُ مِنْ صِحَاحِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا حَدَّثَنَا8 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ9 ثَنَا جَرِيرٌ10، عَنِ الْأَعْمَشِ11، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ12، عَنْ

_ 1 لفظ "وأيقن" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 سُورَة الرَّحْمَن، الْآيَتَيْنِ "26، 27". 3 سُورَة الْقَصَص، آيَة "88". 4 سُورَة اللَّيْل، آيَة "20". 5 فِي ط، س، ش "وأينما توَلّوا فثم وَجه الله"، وَلَفظ الْآيَة مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115". 6 سُورَة الْإِنْسَان، آيَة "9". 7 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَلَعَلَّ فِي الْكَلَام سقطا، والأنسب أَن يُقَال: "وتأولها أَنَّهَا لَيست بِوَجْه الله ... إِلَخ". 8 فِي ط، س، ش "مَا حَدَّثَنَاهُ". 9 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"188". 10 جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيّ، تقدم ص"179"، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 57/3 أَنه روى عَن الْأَعْمَش وَعنهُ ابْنا أبي شيبَة. 11 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 12 عَمْرو بن مرّة، تقدم ص"250".

أَبُو عُبَيْدَةَ1، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3 قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ4 الْقِسْطَ، وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، لَوْ كَشَفَهَا5 لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ" 6. أَفَيَسْتَقِيمُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: أَنْ يتأوَّل هَذَا أَنَّهُ أَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَوَجْهُ الْقِبْلَةِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ؟ مَا يَشُكُّ مُسْلِمٌ فِي بُطُولِهِ7 وَاسْتِحَالَتِهِ، أَمْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بن

_ 1 أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص”251"، ذكر ابْن حجر فِي التَّهْذِيب 75/5 أَنه روى عَن أَبِيه وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَعنهُ عَمْرو بن مرّة. 2 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”251". 3 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 4 فِي س "يخفط" وَصَوَابه مَا أثتناه. 5 كَذَا فِي الأَصْل وط، ش وَهِي عِنْد أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة، وَلَكِن فِي رِوَايَة "حجابه النَّار" وَفِي س "لَو كشفه" وَهُوَ وَاضح. 6 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: "إِن الله لَا ينَام" الْأَحَادِيث: 293، 294، 295، 161/1-162 بروايات مقاربة وَفِي بَعْضهَا: "حجابه النَّار". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 395/4، 401، 405، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس ص”19-20". 7 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ، وَهِي فصيحة، انْظُر: الْقَامُوس للفيروز آبادي 335/3.

حَرْبٍ1، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ2، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ3، عَنِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا5 قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} 6 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ" 7. أَفَيَجُوزُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنْ يتأوَّل هَذَا: أعوذ بثوابك والأعمال الَّتِي

_ 1 سُلَيْمَان بن حَرْب، تقدم ص"590". 2 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452". 3 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244". 4 جَابر بن عبد الله، تقدم ص"153". 5 لفظ "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "65". 7 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّفْسِير "سُورَة الْأَنْعَام" بَاب "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ"، حَدِيث 4628، 291/8 قَالَ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بن دِينَار عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قالك لما نزلت هَذِه الْآيَة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "أعوذ بِوَجْهِك"، قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} ، قَالَ: "أعوذ بِوَجْهِك"، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "هَذَا أَهْون -أَو- هَذَا أيسر". وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/كتاب الِاعْتِصَام بِالسنةِ/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} حَدِيث 7313، 295/13 بِفَظٍّ مقارب. وَانْظُر: الْمصدر نَفسه أَيْضا/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَول الله عز وَجل: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} حَدِيث 7406، 388/13 بِلَفْظ مقارب. وَانْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبَوا التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام، حَدِيث 5060، 438/8.

يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُكَ، وَبِوَجْهِ الْقِبْلَةِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُستعاذ بِوَجْهِ شَيْءٍ غَيْرَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى1، وَبِكَلِمَاتِهِ، لَا يُسْتَعَاذُ بِوَجْهِ مَخْلُوقٍ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا21 سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ3 عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ4، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ5 عَنْ أَبِيهِ6، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ7 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ" 8. أَفَيَجُوزُ لَكَ أَنْ تَقُولَ فِي هَذَا: لذَّة النَّظَرِ إِلَى قِبْلَتِكَ9 وَإِلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي ابْتُغِيَ بِهَا وُجْهُكَ؟ وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ10، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ11،

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست ف ط، س، ش. 2 فِي ط، ش "مَا حدّثنَاهُ". 3 سُلَيْمَان بن حَرْب، تقدم ص"590". 4 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452". 5 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173". 6 قَالَ فِي التَّقْرِيب 283/1: السَّائِب بن مَالك، أَو ابْن زيد، الْكُوفِي وَالِد عَطاء، ثِقَة، من الثَّانِيَة/ بخ وَالْأَرْبَعَة. "وَانْظُر: الكاشف للذهبي 347/1". 7 عمار بن يَاسر بن عَامر بن مَالك الْعَنسِي بالنُّون سَاكِنة بَين مهملتين أَبُو الْيَقظَان، مولى بني مَخْزُوم، صَحَابِيّ جليل مَشْهُور، من السَّابِقين الْأَوَّلين، بَدْرِي، قتل مَعَ عَليّ بصفين سنة 37/ع "انْظُر: التَّقْرِيب 48/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 469/2-474، وَأسد الغابة 43-47، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 505/2-506، وتهذيب التَّهْذِيب 408/7-410". 8 تقدم تَخْرِيجه ص"707". 9 فِي ط، س "لَذَّة النّظر"، وَفِي س "اللَّذَّة نظر إِلَى قبلتك". 10 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 11 فِي ط، س، ش "ابْن أبي شيبَة أَبُو بكر" انْظُر تَرْجَمته ص"154".

عَنْ شَرِيكٍ1 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ2 عَنْ سَعِيدِ بْنِ نِمْرَانَ3 عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ5 فِي قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} 6 قَالَ: الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى7. أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل هَذَا: أَنَّهُ النَّظَرُ إِلَى الْأَعْمَالِ الَّتِي ابْتُغِيَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ

_ 1 شريك هُوَ ابْن عبد الله النَّخعِيّ، تقدم ص"330"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 580/2 أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي وَعنهُ أَبُو بكر عبد الله ابْن أبي شيبَة. 2 فِي ط، س، ش "عَن إِسْحَاق"، وَالرَّاجِح أَنه "أَبُو إِسْحَاق" كَمَا فِي الأَصْل، يُؤَيّدهُ وُرُود هَذَا الْأَثر فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ "أبي إِسْحَاق"، وَكَذَا عِنْد الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع، انْظُر تَخْرِيجه، وَانْظُر الرَّد على الْجَهْمِية، طبع الْمكتب الإسلامي ص"60". قلت: واسْمه عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، تقدّمت تَرْجَمته ص"146"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 64/8 أَن شَرِيكا روى عَنهُ. 3 فِي ط، ش "سعيد بن نموان" وَصَوَابه فِيمَا ظهر لي بالراء كَمَا فِي الطَّبَرِيّ ولسان الْمِيزَان، قَالَ ابْن حجر فِي لِسَان الْمِيزَان 161/2: سَعِيدِ بْنِ نِمْرَانَ عَنْ أَبِي بكر الصّديق، وَشهد اليرموك، وَكتب لعَلي. 4 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"269". 5 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 سُورَة يُونُس، آيَة "26". 7 فِي ط، س، ش "النّظر إِلَى وَجهه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قلت: سبق تَخْرِيجه ص"706"، وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره من طَرِيق الْحمانِي قَالَ: ثَنَا شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ نِمْرَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} قَالَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تبَارك وَتَعَالَى". وَقَالَ أَيْضا: حَدثنَا شَرِيكٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَامر بن سعد مثله. انْظُر تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن/ ط. الثَّانِيَة 75/11.

وَإِلَى وَجْهِ الْقِبْلَةِ1؟ وَكَذَلِكَ قَالَهُ2 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَة} 3 قَالَ: "النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى" 4. حَدَّثَنَا5 مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ6 وَغَيْرُهُ7 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ8 عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ9 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى10 عَنْ صُهَيْب11 رَضِي الله

_ 1 فِي ط، س "أَو وَجه الْقبْلَة". 2 فِي ط، س "وَكَذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". 3 فِي الأَصْل وس "أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة" وصواب الْآيَة مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة يُونُس، آيَة "26". 4 تقدم تَخْرِيجه ص"706". 5 فِي ط، س، ش "حَدثنَا". 6 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 7 قلت: يدل لذَلِك وُرُوده من طَرِيق يزِيد بن هَارُون عَن حَمَّاد بن سَلمَة، وَمن طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن حَمَّاد بن سَلمَة، انْظُر تَخْرِيجه ص"706". 8 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 9 ثَابت الْبنانِيّ، تقدم ص"201". 10 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، ثمَّ الْكُوفِي، ثِقَة، من الثَّانِيَة، اخْتلف فِي سَمَاعه عَن عمر، مَاتَ بوقعة الجماجم سنة 86، وَقيل: غرق/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 496/1، والكاشف 183/2. 11 صُهَيْب بن سِنَان -أَبُو يحيى الرُّومِي- أَصله من النمر، وَيُقَال: كَانَ اسْمه عبد الْملك وصهيب لقب، صَحَابِيّ شهير، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة 38 فِي خلَافَة عَليّ، وَقيل غير ذَلِكُم ع، انْظُر: التَّقْرِيب 370/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 167/2-175، وَأسد الغابة 30/3-33، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 188/2-189.

عَنْهُ1 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ2 عَنْ أَبِي شِهَابٍ الْحَنَّاطِ3 عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ4 عَنْ حَمَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ5 عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا6 رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا بَلَغَ النَّعِيمُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ، وَظَنُّوا أَنْ لَا نَعِيمَ أَفْضَلَ مِنْهُ، تَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ، فَنَظَرُوا إِلَى وَجه الرَّحْمَن، فنسوا

_ 1 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 أَحْمد بن يُونُس، تقدم ص"173". 3 لَفْظَة "الحناط" لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي س "الْخياط" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثمَّ الْمُثَنَّاة التَّحْتَانِيَّة، وَفِي ط، ش "الحناط" بِالْمُهْمَلَةِ ثمَّ الْمُوَحدَة الْفَوْقِيَّة وَهُوَ الصَّوَاب فِيمَا يظْهر لي، يُؤَيّدهُ أَنه ورد بذلك فِي الرَّد على الْجَهْمِية لعُثْمَان بن سعيد/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتخرج نَاصِر الألباني ص"60"، قلت: وَالرَّاجِح أَنه عبد ربه بن نَافِع، انْظُر تَرْجَمته ص"207". 4 هُوَ النيلي كَمَا جَاءَ فِي الرَّد على الْجَهْمِية ص"60"، قَالَ فِي التَّقْرِيب 213/1: خَالِد بن دِينَار النيلي -بِكَسْر النُّون بعْدهَا تَحْتَانِيَّة- نِسْبَة إِلَى النّيل، بلد بَين وَاسِط، والكوفة، أَبُو الْوَلِيد الشَّيْبَانِيّ، صَدُوق، من الْخَامِسَة/ عخ ق، قَالَ فِي الْحَاشِيَة: رمزه فِي التَّهْذِيب: ق، وَفِي نُسْخَة التَّقْرِيب المولوية عخ ق، وَفِي المجتبائية ق، وَفِي الْخُلَاصَة مثل المولوية، وَهُوَ الْأَكْثَر فِي النّسخ. قلت: وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 353/1 أَنه روى عَن حَمَّاد بن جَعْفَر وَعنهُ أَبُو شهَاب الْخياط "كَذَا". 5 الرَّاجِح أَنه حَمَّاد بن جَعْفَر بن زيد الْعَبْدي الْبَصْرِيّ، لين الحَدِيث، من السَّابِعَة/ ق، "التَّقْرِيب 196/1"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 6/3 قَالَ: "وَفرق أبوحاتم بَينه وَبَين حَمَّاد بن جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَطاء السليمي، وَعنهُ مُسلم بن سعيد، فَالله أعلم" قلت: وَانْظُر: الْجرْح وَالتَّعْدِيل لِابْنِ أبي حَاتِم/ قسم 2 جلد 1 ص"134". 6 لفظ "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَابْن عمر تقدّمت تَرْجَمته ص"245".

كُلَّ نَعِيمٍ عَايَنُوهُ حِينَ نَظَرُوا إِلَى وَجْهِ الرَّحْمَنِ" 1. أَفَيَجُوزُ أَنْ تتأوَّل هَذَا أَنَّهُ يَتَجَلَّى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فَنَظَرُوا إِلَى وَجْهِ قِبْلَتِهِ2 وَإِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، كَأَنَّ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ الْقِبْلَةِ فِي دَعْوَاكَ آثَرُ عِنْدَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّةِ. وَمِنْ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاء الْبَصْرِيّ3 عَن

_ 1 إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث فِيهِ ضعف وَانْقِطَاع، فحماد بن جَعْفَر لين الحَدِيث، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 589/1: "وثقة ابْن معِين وَابْن حبَان، وَقَالَ ابْن عدي: مُنكر، لم أجد لَهُ غير حديثين عَن شهر، عَن أم شريك: أمرنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَن نَقْرَأ على الْجَنَائِز بِأم الْقُرْآن، وَآخر فِي التزاور وفضله" بِتَصَرُّف. قلت: وَلم أَقف فِي تَهْذِيب الْكَمَال على أَنه روى عَن ابْن عمر، وَالظَّاهِر أَنه لم يروِ عَنهُ، وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة ص"253" من طَرِيق آخر عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنِ الْحسن "يَعْنِي الْبَصْرِيّ" مُخْتَصرا، وَأوردهُ ابْن الْقيم فِي حادي الْأَرْوَاح/ الْبَاب الْخَامِس وَالسِّتُّونَ/ فصل مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر ص"227" نقلا عَن الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب بِسَنَد الدَّارمِيّ فِي أَثْنَائِهِ بِنَحْوِهِ، ثمَّ أورد بعده هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ وَلَفظه عَن الدَّارمِيّ. قلت: وَلم أَجِدهُ فِي سنَن الدَّارَقُطْنِيّ وَلَا فِي كتاب الصِّفَات لَهُ وَلَعَلَّه فِي كتاب لَهُ مخطوط فِيهِ مَا ورد من النُّصُوص الْوَارِدَة وَالْأَحَادِيث الْمُتَعَلّقَة بِرُؤْيَة الْبَارِي "انْظُر: تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ لفؤاد سزكين/ طبعة جَامِعَة الإِمَام/ المجلد الأول/ الْجُزْء الأول فِي عُلُوم الْقُرْآن والْحَدِيث ص"420". وَأوردهُ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب 506/4-507 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا مطولا وَفِيه: "ثمَّ إِذَا بَلَغَ النَّعِيمُ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ وَظَنُّوا أَنْ لَا نَعِيمَ أَفْضَلَ مِنْهُ تَجَلَّى لَهُمُ الرَّبُّ تبَارك اسْمه فَيَنْظُرُونَ إِلَى وَجه الرَّحْمَن" قَالَ الْمُنْذِرِيّ: رَوَاهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَفِي إِسْنَاده من لَا أعرفهُ الْآن. 2 فِي ط، س، ش "وَجه الْقبْلَة". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 414/1: عبد الله بن رَجَاء الْمَكِّيّ، أبوعمران الْبَصْرِيّ نزيل مَكَّة، ثِقَة تغير حفظه قَلِيلا، من صغَار الثَّامِنَة، مَاتَ فِي حُدُود 190هـ/ ز م د س ق. وَانْظُر: الكاشف 2/ 85.

الْمَسْعُودِيِّ1، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخَارِقِ2، عَنْ أَبِيهِ3 قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ4: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ5 وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ، حطَّ عَلَيْهِنَّ مَلَكٌ فَضَمَّهُنَّ تَحْتَ جَنَاحِهِ فَصَعَدَ بِهِنَّ، لَا يمرُّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفرُوا لِقَائِلِهِنَّ6 حَتَّى يحيا7 بِهِنَّ وَجْهُ الرَّحْمَنِ، وَقَرَأَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} 8.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 487/1: عبد الرَّحْمَن بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُود الْكُوفِي المَسْعُودِيّ، صَدُوق، اخْتَلَط قبل مَوته، وضابطه أَن من سمع مِنْهُ بِبَغْدَاد فَبعد الِاخْتِلَاط، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة 160، وَقيل: سنة 165/ خت وَالْأَرْبَعَة. 2 كَذَا بِالْألف وَاللَّام، وَبِه جَاءَ أَيْضا عِنْد الطَّبَرِيّ "انْظُر تَخْرِيجه" وَعند البُخَارِيّ: عبد الله بن مُخَارق بن سليم السّلمِيّ، عَن أَبِيه، وروى عَنهُ المَسْعُودِيّ وَعبد الْملك بن أبي غنية، يعد فِي الْكُوفِيّين "انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ/ الطبعة الأولى قسم 1 جـ4 ص"208". 3 مُخَارق بن سليق الشَّيْبَانِيّ، أَبُو قَابُوس، مُخْتَلف فِي صحبته، وَذكره ابْن حبَان فِي ثِقَات التَّابِعين/ س "التَّقْرِيب 234/2". وَفِي تهذيبه الْكَمَال 1311/3 أَنه رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَعبد الله بن مَسْعُود وَعنهُ ابناه عبد الله بن مُخَارق وقابوس بن مُخَارق، وَانْظُر: أَسد الغابة 335/4، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب/ 368/3، وَتَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة ط، الأولى 68/2. 4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 5 فِي ط، س، ش "وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله". 6 فِي ط، ش "لقائله". 7 فِي ط، س، ش "يحيى". 8 فاطر، آيَة: 10. وَهَذَا الْأَثر أخرجه الطَّبَرِيّ فلي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن ط. الثَّالِثَة 80/22 قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الأحمسي قَالَ: أَخْبرنِي جَعْفَر بن عون عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْمَسْعُودِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمخَارِق عَن أَبِيه الْمخَارِق بن سليم قَالَ: قَالَ لنا عبد الله: إِذا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيث =

أَفَيَجُوزُ لَكَ أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا1 الْملك يصعد بِهن حَتَّى يحيا2 وَجْهُ الْقِبْلَةِ فِي السَّمَاءِ وَالْقِبْلَةِ فِي الْأَرْضِ؟ قَدْ عَلِمْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ وَعَلِمَ كُلُّ ذِي فَهْمٍ أَنَّ هَذِهِ تَفَاسِيرُ مَقْلُوبَةٌ، وَمَغَالِيطُ لَا يَسْتَقِيمُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْقِيَاسِ، فَكَيْفَ فِي الْأَثَرِ؟ وَلَا يهدي شَيْء مِنْهَا غلى هُدًى، وَلَا يُرْشِدُ إِلَى تُقًى. وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ3، عَنْ وَكِيعٍ4، عَنْ سُفْيَانَ5 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ6 عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ7، عَن مُسلم بن يزِيد8

_ = أَتَيْنَاكُم بِتَصْدِيق ذَلِك من كتاب الله، إِن العَبْد الْمُسلم إِذا قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ، الْحَمد لله، لَا إِلَه إِلَّا الله، تبَارك الله، أخذهن ملك فَجعلْنَ تَحت جناحيه ثمَّ صعد بِهن إِلَى السَّمَاء، فَلَا يمر بِهن على جمع مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يُحَيَّى بِهِنَّ وَجْهُ الرَّحْمَنِ، ثمَّ قَرَأَ عبد الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} . وَانْظُر: مُخْتَصر الْعُلُوّ للذهبي/ اخْتَصَرَهُ وحققه وخرَّج آثاره الألباني ط. الأولى ص"104" حَيْثُ قَالَ مَا نَصه: "وَأخرج أَبُو أَحْمد الْعَسَّال بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: من قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر تلقاهن ملك فعرج بِهن إِلَى الله عز وَجل فَلَا يمر بملأ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يُحَيَّى بِهِنَّ وَجْهُ الرَّحْمَنِ عز وَجل". 1 فِي ط، س، ش "أَن هَذَا الْملك". 2 كَذَا فِي الأَصْل، وف س "يحيا بِهن"، وَفِي ط، ش "يحيى بِهن". 3 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"154". 4 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 5 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 6 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، تقدم ص"146". 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 387/1: عَامر بن سعد البَجلِيّ، مَقْبُول، من الثَّالِثَة/ م د ت س، وَفِي الكاشف 54/2: عَن جرير وَأبي هُرَيْرَة وَعنهُ الْعيزَار بن حُرَيْث وَأَبُو إِسْحَاق. 8 فِي ط، س، ش "مُسلم بن بدير" بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَآخر رَاء، وَصَوَابه مُسلم =

عَن حُذَيْفَة1 رَضِي الله عَنهُ2 {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} 3 قَالَ: "الْحُسْنَى الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجه الله"4.

_ = ابْن نَذِير بالمعجمتين الموحدتين مُصَغرًا، أَو ابْن يزِيد أَوله مثناة تَحْتَانِيَّة، وَآخره دَال كَمَا فِي الأَصْل. قَالَ فِي التَّقْرِيب 247/2: مُسلم بن نَذِير -بالنُّون مُصَغرًا- وَيُقَال: ابْن يزِيد، كُوفِي، يكني أَبَا عِيَاض، مَقْبُول من الثَّالِثَة/ بخ ت س ق، وَقَالَ فِي الكاشف 143/3: عَن عَليّ وَحُذَيْفَة وَعنهُ أَبُو إِسْحَاق وعايش العامري، وَانْظُر أَيْضا تَهْذِيب التَّهْذِيب 139/10، والتاريخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 273/1/4، وَالرَّدّ على الْجَهْمِية للدارمي ص"61". 1 حُذَيْفَة بن الْيَمَان، تقدم ص"703". 2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 سُورَة يُونُس، آيَة "26". 4 تقدم تَخْرِيجه ص"706"، وَمِمَّا ورد فِي ذَلِك عَن حُذَيْفَة مَا أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره تَحْقِيق وَتَخْرِيج مَحْمُود شَاكر 64/15، قَالَ: حَدثنَا ابْن بشار قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن قَالَ: حَدثنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسلم بن نَذِير عَن حُذَيْفَة: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قَالَ: "النّظر إِلَى وَجه رَبهم"، وَأخرجه الْآجُرِيّ أَيْضا فِي الشَّرِيعَة، تَحْقِيق مُحَمَّد حَامِد الفقي/ كتاب التَّصْدِيق بِالنّظرِ إِلَى وَجه الله عز وَجل ص"257" من طَرِيق أبي إِسْحَاق عَن مُسلم بن نَذِير عَن حُذَيْفَة بِلَفْظ مقارب، وَمن طرق أُخْرَى عَن أبي بكر الصّديق بِأَلْفَاظ مقاربة أَيْضا.

وَعَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ1 عَنْ جُوَيْبِرٍ2 عَنِ الضَّحَّاكِ3، وَعَنْ جَرِيرٍ4 عَنْ لَيْثٍ5 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ6، وَحَدَّثَنَاهُ الْحِمَّانِيُّ7 عَنْ وَكِيعٍ8 عَن

_ 1 فِي ط، س، ش "وَعَن أبي مُعَاوِيَة جُوَيْبِر"، وَصَوَابه فَمَا يظْهر لي مَا فِي الأَصْل، يُؤَيّدهُ أَنه ورد فِي كتاب عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ الآخر: "الرَّد على الْجَهْمِية" كَمَا فِي الأَصْل هُنَا، انْظُر: الرَّد على الْجَهْمِية/ لعُثْمَان بن سعيد، تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني ص"61" وَهُوَ أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدم تَرْجَمته ص"157". 2 جُوَيْبِر بن سعيد، تقدم ص"451"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 208/1 أَنه روى عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم، وَجل رِوَايَته عَنهُ، وَعنهُ أَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم الضَّرِير. 3 الضَّحَّاك بن مُزَاحم الْهِلَالِي، أَبُو الْقَاسِم، أَو أَبُو مُحَمَّد الْخُرَاسَانِي، صَدُوق، كثير الْإِرْسَال، من الْخَامِسَة، مَاتَ بعد الْمِائَة/ الْأَرْبَعَة "انْظُر: التَّقْرِيب 373/1". 4 الرَّاجِح أَنه جرير بن عبد الحميد، تقدم ص"189". 5 الرَّاجِح أَنه لَيْث بن أبي سليم بن زنيم، بالزاي وَالنُّون، مُصَغرًا، وَاسم أَبِيه أَيمن، وَقيل غير ذَلِك، صَدُوق، اخْتَلَط أخيرًا، وَلم يتَمَيَّز حَدِيثه فَترك، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 148/ خت م وَالْأَرْبَعَة، انْظُر: التَّقْرِيب 138/2، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 446/8 أَنه روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، وَعنهُ جرير بن عبد الحميد. 6 عبد الرَّحْمَن بن سابط، تقدم ص"268"، وَذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 180/6 أَنه روى عَن عمر وَسعد، وَعنهُ لَيْث بن أبي سليم. قلت: وَمن هَذَا الطَّرِيق عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ أخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير الغرائب 75/11، واللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان 462/3. 7 الْحمانِي يحيى، تقدم ص"399". 8 الرَّاجِح أَنه وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150"، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب أَن مِمَّن روى عَنهُ أَحْمد وَعلي وَيحيى وَإِسْحَاق وابنا أبي شيبَة.

أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ1 عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ2 عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ3 قَالَ أَبُو سَعِيدٍ4: كُلُّهُمْ قَالُوا: "الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى"5، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِلَى وَجْهِ الْكَعْبَةِ6، وَوُجُوهِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، كَمَا ادَّعَيْتَ. وَعَلَى تَصْدِيقِ هَذِهِ الْآثَارِ وَالْإِيمَانِ بِهَا أَدْرَكْنَا أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مَا رَوَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَنْ وَكِيعٍ7 عَنِ الْأَعْمَشِ8 عَنْ أَبِي وَائِلٍ9 عَنْ حُذَيْفَةَ10: "أنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أقبل الله

_ 1 أَبُو بكر الْهُذلِيّ، قيل: اسْمه سُلمى بِضَم الْمُهْملَة، ابْن عبد الله، وَقيل: روح أخباري، مَتْرُوك الحَدِيث، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة 167/ق. انْظُر: التَّقْرِيب 401/2، والكاشف 318/3. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 378/1: طريف بن مُجَاهِد الهُجَيْمِي، أَبُو تَمِيمَة: بِفَتْح أَوله الْبَصْرِيّ، ثِقَة، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة 97 أَو قبلهَا أَو بعْدهَا/ خَ وَالْأَرْبَعَة. 3 فِي الأَصْل أَبُو مُوسَى الْأَشْجَعِيّ، وَصَوَابه الْأَشْعَرِيّ كَمَا فِي بَقِيَّة النّسخ، يُؤَيّدهُ أَنه ورد فِي "الرَّد على الْجَهْمِية" للمؤلف بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي مُوسَى، وَكَذَا فِي تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن 74/11، وَأَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ تقدّمت تَرْجَمته ص"251". 4 أَبُو سعيد هُوَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ. 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش، قلت: تقدم تَخْرِيجه ص"706" من طرق، وَانْظُر أَيْضا ص"714". وَعَن أبي مُوسَى خرّجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد 456/1. 6 فِي ط، س، ش "إِلَى وَجه الْقبْلَة". 7 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 8 الْأَعْمَش سُلَيْمَان بن مهْرَان، تقدم ص"157". 9 أَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، تقدم ص"753". 10 حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"703".

عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ"1 فَادَّعَيْتَ أَنَّهُ يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِهِ وَثَوَابِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: وَجْهُ اللَّهِ فِي الْمَجَازِ، كَمَا يُقَالُ: وَجْهُ الْحَائِطِ، وَوَجْهُ الثَّوْبِ. وَيْلَكَ! فَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ مُحَالٌ فِي الْكَلَامِ فَإِنَّهُ لَا يُقال لِشَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْوُجُوهِ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى إِنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ إِلَّا وَالْمُقْبِلُ بِوَجْهِهِ مِنْ ذَوِي الْوُجُوهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لِلثَّوْبِ وَجْهٌ، وَالْحَائِطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَقْبَلَ الثَّوْبُ بِوَجْهِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي2، وَأَقْبَلَ الْحَائِطُ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ، لَا يُقَالُ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْإِقْبَالِ. وَكُلُّ قَادِرٍ عَلَى الْإِقْبَالِ ذُو وَجْهٍ، هَذَا مَعْقُولٌ مَفْهُومٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، فَإِنْ جَهِلْتَهُ فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ لَيْسَ مِنْ ذَوِي الْأَوْجُهِ يَجُوزُ3 أَنْ تَقُولَ: أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى فُلَانٍ؛ فَإِنَّكَ لَا تَأْتِي بِهِ، فَافْهَمْ، وَمَا أَرَاكَ وَلَا إِمَامَكَ تَفْهَمَانِ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ. وَلَوْلَا كَثْرَةُ مَنْ يَسْتَنْكِرُ الْحَقَّ وَيَسْتَحْسِنُ الْبَاطِلَ مَا اشْتَغَلْنَا كُلَّ هَذَا الِاشْتِغَالِ بِتَثْبِيتِ وَجْهِ الله ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام، ولولم يَكُنْ فِيهِ إِلَّا اجْتِمَاعُ الْكَلِمَةِ مِنَ الْعَالِمِينَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ يَا رَبِّ"4،

_ 1 تقدم تَخْرِيجه ص"704". 2 فِي ط، س، ش "على شَيْء أَو على المُشْتَرِي". 3 فِي ط، س، ش "يجوز لَك". 4 ثَبت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم استعاذ بِوَجْه الله، فَفِي البُخَارِيّ عَن جَابر قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِك"، قَالَ: {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: "أعوذ بِوَجْهِك ... ". الحَدِيث. انْظُر تَخْرِيجه ص"712".

وَجَاهَدْتُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ1 وَأَعْتَقْتُ لِوَجْهِ اللَّهِ، لَكَانَ كَافِيًا مِمَّا ذَكَرْنَا؛ إِذْ عَقِلَهُ2 النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْعَرَبِيُّ وَالْعَجَمِيُّ، غَيْرَ هَذِهِ الْعِصَابَةِ الزَّائِغَةِ الْمُلْحِدَةِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ، الْمُعَطِّلَةِ لِوَجْهِ اللَّهِ وَلِجَمِيعِ صِفَاتِهِ، عَزَّ وَجَلَّ وَجْهُهُ، وتقدَّست أَسْمَاؤُهُ. لَقَدْ سَبَبْتُمُ اللَّهَ بِأَقْبَحِ مَا سبَّه3 الْيَهُودُ4: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَة} 5، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: يَدُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ6 لَمَّا ادَّعيتم أَنَّهَا7 نِعْمَتُهُ وَرِزْقُهُ، لِأَنَّ النِّعْمَةَ وَالْأَرْزَاقَ مَخْلُوقَةٌ كُلُّهَا، ثُمَّ زِدْتُمْ عَلَى الْيَهُودِ، فَادَّعَيْتُمْ أَن وَجه الله مَخْلُوق؛ إِذا ادَّعَيْتُمْ أَنَّهُ وَجْهُ الْقِبْلَةِ8 وَوُجُوهُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَكَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالْحَائِطِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ، فَادَّعَيْتُمْ أَنَّ عِلْمَهُ وَكَلَامَهُ وَأَسْمَاءَهُ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ، كَمَا هِيَ لكم9، فَمَا بَقِي10 إِلَّا أَنْ تَقُولُوا: هُوَ بِكَمَالِهِ مَخْلُوقٌ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّكُمْ سَبَبْتُمُ اللَّهَ بِأَقْبَحِ مَا سبَّته11 الْيَهُودُ.

_ 1 لم يذكر لفظ الْجَلالَة فِي الأَصْل، ويستقيم السِّيَاق بِذكرِهِ. 2 فِي ط، ش "عقلته". 3 فِي ط، ش "مِمَّا سبته"، وَفِي س "مَا سبته". 4 لفظ "الْيَهُود" سقط فِي ش. 5 الْمَائِدَة، آيَة "64". 6 فِي ط، س، ش "مخلوقة كلهَا". 7 لفظ "أَنَّهَا" لَيْسَ فِي س، وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى. 8 فِي ط، ش "أَن وَجهه وَجه الْقبْلَة". 9 لفظ "كَمَا هِيَ لكم" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 10 فِي ط، ش "فَمَا بَقِي لكم". 11 فِي ط، ش "مِمَّا سبته".

إيراد المعارض حديث "دخلت على ربي" ومناقشته

إِيرَاد الْمعَارض حَدِيث "دخلت على رَبِّي" ومناقشته: وَرَوَى الْمُعَارِضُ عَنْ شَاذَانَ1 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ2 عَنْ قَتَادَةَ3 عَنْ عِكْرِمَةَ4 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عدن شَاب جعد فِي ثَوْبَيْنِ أخضرين" 7

_ 1 هُوَ الْأسود بن عَامر، كَمَا ورد مُصَرحًا باسمه فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي ص”445"، قَالَ فِي التَّقْرِيب 76/1: الْأسود بن عَامر الشَّامي، نزيل بَغْدَاد يكنى أَبَا عبد الرَّحْمَن ويلقب شَاذان، ثِقَة من التَّاسِعَة، مَاتَ فِي أول سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ/ ع. 2 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص”187". 3 قَتَادَة السدُوسِي، تقدم ص”180". 4 عِكْرِمَة، تقدم ص”286". 5 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تقدم ص”172". 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 7 الحَدِيث استنكره الْمُؤلف جدا لمعارضته لحَدِيث أبي ذَر: "هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: "نُورٌ أنّى أرَاهُ؟ " وَحَدِيث عَائِشَة: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَة"، وَقد أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق الْحسن بن سُفْيَان، ثَنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا أسود بن عَامر، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "رَأَيْت رَبِّي جَعْدًا أَمْرَدَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ خَضْرَاءُ"، وَمن طرق أُخْرَى بِنَحْوِهِ. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: "هَذَا الحَدِيث لَا يثبت، وطرقه كلهَا على حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ ابْن عدي: قد قيل: إِن ابْن أبي العوجاء كَانَ ربيب حَمَّاد فَكَانَ يدس فِي كتبه هَذِه الْأَحَادِيث"، وَأوردهُ الْكِنَانِي فِي تَنْزِيه الشَّرِيعَة وَقَالَ: "رَوَاهُ الْخَطِيب من حَدِيث أم الطُّفَيْل امْرَأَة أبيّ، وَفِيه نعيم بن حَمَّاد، وَقَالَ ابْن عدي: يضع الحَدِيث، ومروان وَعمارَة بن عَامر مَجْهُولَانِ". قلت: وَمِمَّا يعل بِهِ أَيْضا أَن فِيهِ عنعنة قَتَادَة، وَهُوَ مُدَلّس، وَهِي عِلّة مُؤثرَة فِي اتِّصَال السَّنَد.

وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ نَشْرُهُ1 وَإِذَاعَتُهُ2 فِي أَيْدِي الصِّبْيَانِ، فَإِنْ كَانَ مُنْكَرًا عِنْدَ الْمُعَارِضِ فَكَيْفَ يَسْتَنْكِرُهُ مَرَّةً ثُمَّ يُثْبِتُهُ أُخْرَى، فَيُفَسِّرُهُ تَفْسِيرًا أَنْكَرَ مِنَ الْحَدِيثِ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَبِعِلَّتِهِ، غَيْرَ أَنِّي اسْتَنْكَرْتُهُ3 جِدًّا؛ لِأَنَّهُ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ4 أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: نُورٌ أنَّى أَرَاهُ؟ "5 وَيُعَارِضُهُ قَوْلُ عَائِشَةَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَتَلَتْ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} 7.

_ = وَانْظُر الْمَزِيد فِي تَخْرِيجه فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات للبيهقي ص"444-446" والعلل المتناهية فِي الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة لِابْنِ الْجَوْزِيّ 22/1-23، وتنزيه الشَّرِيعَة 145/1، واللآلئ المصنوعة 28/1-31، والموضوعات الْكُبْرَى ص"204". 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "يحُب الْعلمَاء نشره وإذاعته"، وَفِي ط، ش "يجب على الْعلمَاء نشرها". 2 لفظ "إذاعته" لَيْسَ فِي ط، ش. 3 فِي ط، س، ش "استنكره". 4 أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363". 5 تقدم تَخْرِيجه ص"363". 6 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252". 7 قَوْله: {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَالْآيَة من سُورَة الْأَنْعَام رقم "103". قلت: ورد هَذَا الحَدِيث فِي صَحِيح مُسلم بترتيب وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الإيان/ بَاب قَول الله عز وَجل: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} حَدِيث 287، 159/1، قَالَ: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب، حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوق قَالَ: كنت مُتكئا عِنْد عَائِشَة =

فَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ عِنْدَنَا فِيهِ وَالتَّأْوِيلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لَا مَا ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عَدْنٍ، كَقَوْلِ النَّاسِ: أَتَيْنَاكَ رَبَّنَا شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِتَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا، وَهَذَا تَفْسِيرٌ مُحَالٌ لَا يُشْبِهُ1 مَا شَبَّهْتَ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَتِكَ أَنَّهُ قَالَ: " رَأَيْتُهُ شَابًّا جَعْدًا فِي ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ" 2، وَيَقُولُ3 أُولَئِكَ: أَتَيْنَاكَ شُعْثًا غُبْرًا، أَيْ قَصَدْنَا إِلَيْكَ نَرْجُو عَفْوَكَ وَمَغْفِرَتَكَ، وَلَمْ يَقُولُوا: أَتَيْنَاكَ فَرَأَيْنَاكَ شَابًّا جَعْدًا فِي ثَوْبَيْنِ أَخْضَرَيْنِ لِتَغْفِرَ لَنَا، هَؤُلَاءِ قَصَدُوا الثَّوَابَ وَالْمَغْفِرَةَ، وَلَمْ يَصِفُوا الَّذِي قَصَدُوا إِلَيْهِ بِمَا4 فِي حَدِيثِكَ مِنَ الْحِلْيَةِ وَالْكُسْوَةِ والمعاينة، فَلفظ

_ = فَقَالَت: يَا أَبَا عَائِشَة، ثَلَاث من تكلم بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قلت: وَمَا هن؟ قَالَتْ: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَة ... " الحَدِيث. وَانْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة الْأَنْعَام حَدِيث 5063، 441/8-445 عَن عَائِشَة.. وَفِيه: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ، وَالله يَقُول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} ... " الحَدِيث. قَالَ التِّرْمِذِيّ: "هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح". 1 فِي ط، س، ش "لَا يُشبههُ". 2 تقدم تَخْرِيجه ص"725". 3 فِي س "وَيُقَال" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 4 سِيَاق الأَصْل ظَاهر الوضوح، وَفِي ط، س، ش سقط ظَاهر؛ حَيْثُ ورد النَّص فِي ط، ش بِلَفْظ "بِمَا وَالرُّجُوع عَنهُ"، وَفِي س "بهَا وَالرُّجُوع عَنهُ"، ثمَّ قَالَ فِيهِنَّ بعد ذَلِك: "وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ.. إِلَخ" حَيْثُ سقط الْكَلَام الَّذِي فِي الأَصْل من قَوْله: "فِي حَدِيثِكَ مِنَ الْحِلْيَةِ وَالْكُسْوَةِ ... إِلَى قَوْله: لِأَنَّ أَحْسَنَ حُجَجِ الْبَاطِلِ تَرْكُهُ وَالرُّجُوع عَنهُ ص"732". وَقد ورد فِي النّسخ الْمَذْكُورَة فِي مَكَان آخر فِي الْجُزْء الثَّانِي أَشَرنَا إِلَيْهِ ص"468"، وَالْمُنَاسِب الَّذِي يَسْتَقِيم بِهِ السِّيَاق مَا أَثْبَتْنَاهُ هُنَا كَمَا الأَصْل. وَانْظُر: المطبوعة ش "ص445، 521"، والمطبوعة ط "ص88، 165" والمخطوطة س "جـ2 ص108، وَجـ3 ص30".

هَذَا الْحَدِيثِ بِخَلَافِ مَا فَسَّرْتَ، وَتَفْسِيرُكَ أَنْكَرُ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ، فَافْهَمْ وَأَقْصِرْ عَنْ شِبْهِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ الْخَطَأَ فِيهِ كُفْرٌ، وَرَأْيُ1 الصَّوَابِ مَرْفُوعًا عَنْكَ. وَمِنَ الْأَحَادِيثِ أَحَادِيثُ جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهَا الْعُلَمَاءُ وَرَوَوْهَا وَلَمْ يُفَسِّرهَا، وَمَنْ فَسَّرَهَا بِرَأْيِهِ اتَّهَمُوهُ2. فَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ3 أَنَّ وَكِيعًا4 سُئل عَنْ حَدِيثِ عبد الله ابْن عَمْرٍو5: "الْجَنَّةُ مَطْوِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْس" 6 فَقَالَ وَكِيع: هَذَا

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَأرى". 2 فِي ط، ش "وَمَتى فسّرها أحد بِرَأْيهِ اتَّهَمُوهُ"، وَفِي س "وَمَتى فسروها برأيهم اتهموهم". 3 عَليّ بن خشرم، تقدم ص"146". 4 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"256". 6 أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ بتحقيق مُخْتَار الندوي/ كتاب الْجنَّة/ الْأَثر 15825، 103/13. قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن ثَوْر عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عبد الله بن عمر "كَذَا" قَالَ: "الْجَنَّةُ مَطْوِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْسِ، تنشر فِي كل عَام مرّة، وأرواح الْمُؤمنِينَ فِي جَوف طير خضر كالزرازير يَتَعَارَفُونَ وَيُرْزَقُونَ من ثَمَر الْجنَّة".

حَدِيثٌ مَشْهُورٌ، قَدْ رُوِيَ فَهُوَ يُرْوَى1. فَإِنْ سَأَلُوا عَنْ تَفْسِيرِهِ2 لَمْ نُفَسِّرْ لَهُمْ3، وَنَتَّهِمُ4 مَنْ يُنكره5 وينازع

_ = وَأخرجه أَبُو نعيم فِي الْحِلْية 290/1 من طَرِيق ثَوْر بن يزِيد عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عبد الله بن عَمْرو بِهِ. وَفِي كتاب الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير/ للحسين بن إِبْرَاهِيم الجورقاني/ مخطوط/ لوحة رقم "70" قَالَ: حَدِيث "إِن الْجنَّة مطوية معلقَة فِي قُرُون الشَّمْس تنشر فِي كل عَام مرّة" من ريق إِسْحَاق بن يُوسُف الأورق عَن سُفْيَان عَن ثَوْر بن يزِيد عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: هَذَا حَدِيث بَاطِل. قلت: وَقد وقفت على كَلَام للعلامة ابْن الْقيم رَحمَه الله على هَذَا الْأَثر، حَيْثُ أوردهُ من طرق ابْن أبي شيبَة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَذكره ثمَّ قَالَ: "فَهَذَا قد يظْهر مِنْهُ التَّنَاقُض بَين أول كَلَامه وَآخره وَلَا تنَاقض فِيهِ؛ فَإِن الْجنَّة الْمُعَلقَة بقرون الشَّمْس مَا يحدثه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالشمس فِي كل سنة مرّة من أَنْوَاع الثِّمَار والنبات جعله الله تَعَالَى مذكرًا بِتِلْكَ الْجنَّة، وَآيَة دَالَّة عَلَيْهَا كَمَا جعل هَذِه النَّار مذكرة بِتِلْكَ، وَإِلَّا فالجنة الَّتِي عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض لَيست معلقَة بقرون الشَّمْس، وَهِي فَوق الشَّمْس وأكبر مِنْهَا، وَقد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض"، وَهَذَا يدل على أَنَّهَا فِي غَايَة الْعُلُوّ والارتفاع، وَالله أعلم" انْظُر: حادي الْأَرْوَاح لِابْنِ الْقيم/ الْبَاب الثَّالِث عشر "فِي مَكَان الْجنَّة وَأَيْنَ هِيَ "ص46-74". 1 فِي ط، ش "فَهُوَ يَرْوِيهَا". 2 فِي ط، س، ش "فَإِن حَدِيث الْجنَّة سَأَلُوا عَن تَفْسِيره". 3 فِي ط، ش "فَلم يُفَسر لَهُم"، وَفِي س "ل يُفَسر لَهُم". 4 كَذَا فِي الأَصْل بالنُّون، وَفِي، س، ش "ويتهم" بِالْيَاءِ. 5 فِي ط، ش "يذكرهُ".

فِيهِ، والْجَهْمِيَّةُ1 تُنْكِرُهُ. فَلَوِ اقْتَدَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الْمُشْكِلَةِ الْمَعَانِي بَوَكِيعٍ2 كَانَ أَسْلَمَ لَكَ مِنْ أَنْ تُنْكِرَهُ مَرَّةً، ثُمْ تُثْبِتَهُ أُخْرَى، ثُمَّ تُفَسِّرَهُ تَفْسِيرًا لَا يَنْقَاسُ فِي أَثَرٍ وَلَا قِيَاسٍ عَنْ ضَرْبِ الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ وَنُظُرَائِهِمْ، ثُمَّ لَا حَاجَةَ لِمَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْكَ مِنَ النَّاسِ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، ثُمَّ فَسَّرْتَهُ تَفْسِيرًا أَوْحَشَ من الأول، فقت: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عَدْنٍ شَابًّا جَعْدًا" 3 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى شَابًّا فِي الْجَنَّةِ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَافَاهُ رَسُولُهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ فَقَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي". فَقَدِ ادَّعَى الْمُعَارِضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفْرًا عَظِيمًا أَنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَرَأَى شَابًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَقَالَ: رَأَيْتُ رَبِّي. ثُمَّ بَعْدَمَا فسَّر هَذِهِ التَّفَاسِيرَ الْمَقْلُوبَةَ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَضَعَتْهَا الزَّنَادِقَةُ4 فَدَسُّوهَا فِي كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْأَحْمَقِ، الَّذِي تَتَلَّعَبُ5 بِهِ الشَّيَاطِينُ: وَأَيُّ زِنْدِيقٍ اسْتَمْكَنَ مِنْ كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ مِثْلُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ6 وَحَمَّادِ بْنِ

_ 1 الْجَهْمِية، تقدّمت ص"138". 2 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 3 تقدم تَخْرِيجه ص"725". 4 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 5 فِي ط، س، ش "تلعب". 6 حَمَّاد بن سَلمَة لم يرد ذكره فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمته ص"187".

زَيْدٍ1 وَسُفْيَانَ2 وَشُعْبَةَ3 وَمَالِكٍ4 وَوَكِيعٍ5 وَنُظَرَائِهِمْ فيدسُّوا مَنَاكِيرَ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ؟ وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ أَصْحَابَ حِفْظٍ وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ كَانُوا لَا يَكَادُونَ يطَّلعون عَلَى كُتُبِهِمْ أَهْلَ الثِّقَةِ عِنْدَهُمْ فَكَيْفَ الزَّنَادِقَةُ6؟ وَأَيُّ زِنْدِيقٍ كَانَ يَجْتَرِئُ عَلَى أَنْ يَتَرَاءَى لِأَمْثَالِهِمْ وَيُزَاحِمَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ؟، فَكَيْفَ يَفْتَعِلُونَ عَلَيْهِمُ الْأَحَادِيثَ وَيَدُسُّوهَا7 فِي كُتُبِهِمْ؟ أَرَأَيْتَكَ أَيُّهَا الْجَاهِلُ إِنْ كَانَ8 الْحَدِيثُ عِنْدَكَ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ؛ فلِمَ تَلْتَمِسُ لَهُ الْوَجْهَ وَالْمَخَارِجَ مِنَ التَّأْوِيلِ وَالتَّفْسِيرِ، كَأَنَّكَ تُصَوِّبُهُ وَتُثْبِتُهُ؟ أَفَلَا قُلْتَ أَوَّلًا: إِنَّ9 هَذَا مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَة فتستريح وتريح10 الْعَنَا وَالِاشْتِغَالَ بِتَفْسِيرِهِ، وَلَا تَدَّعِيَ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَرَأَى شَابًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ: هَذَا

_ 1 حَمَّاد بن زيد، تقدم ص"452". 2 لَعَلَّه أَرَادَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، انْظُر تَرْجَمته ص"175" أَو أَنه يُرِيد سُفْيَان الثَّوْريّ، وكل من السفيانين وَانْظُر تَرْجَمَة الثَّوْريّ ص"268". 3 شُعْبَة، تقدم ص"250". 4 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 5 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 6 الزَّنَادِقَة، انْظُر ص"531". 7 فِي ط، س، ش "ويدسونها". 8 فِي ط، س، ش "إِذا كَانَ". 9 حرف "أَن" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 10 لم يعجم ثَالِثهَا فِي الأَصْل، وَالْأَظْهَر أَنَّهَا "وتربح" بِالْبَاء، وَفِي ط، ش "وتريح من العناء"، وَفِي س "وتريح العنا".

رَبِّي، غَيْرَ أَنَّكَ خَلَطْتَ عَلَى نَفْسِكَ فَوَقَعْتَ1 فِي تَشْوِيشٍ2 وَتَخْلِيطٍ لَا تَجِدُ لِنَفْسِكَ مَفْزَعًا3 إِلَّا بِهَذِهِ التَّخَالِيطِ، وَلَنْ يُجْدِيَ4 عَنْكَ شَيْئًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَكُلَّمَا أَكْثَرْتَ5 مِنْ هَذَا وَشَبَهِهِ ازْدَدْتَ بِهِ فَضِيحَةً، لِأَنَّ أَحْسَنَ حُجَجِ الْبَاطِلِ تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ6.

_ 1 لفظ "فَوَقَعت" سَقَطت من ش. 2 قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح/ تَحْقِيق أَحْمد عبد الغفور عطار/ ط. الأولى 1009/3 مَادَّة "شيش": "والتشويش التَّخْلِيط، وَقد تشوش عَلَيْهِ الْأَمر" انْتهى. وَتعقبه الزبيدِيّ فِي تَاج الْعَرُوس بِأَنَّهَا لحن، فَقَالَ فِي 318/4 مَادَّة "شاش": "والتشويش والمشوش والتشوش كلهَا لحن، وَوهم الْجَوْهَرِي، وَالصَّوَاب: التهويش والمهوش والتهوش، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: أما التشويش فَإِنَّهُ لَا أصل لَهُ وَإنَّهُ من كَلَام الموليدين، وَأَصله التهويش وَهُوَ التَّخْلِيط. وَقَالَ الصَّاغَانِي: لَو كَانَ التشويش من كَلَام الْعَرَب لَكَانَ مَوْضِعه فِي تركيب ش وش" بِتَصَرُّف، وَانْظُر: لِسَان الْعَرَب 381/2، والقاموس الْمُحِيط 276/2. 3 فِي ط، ش "منا مفزعاً". 4 فِي ط، س، ش "وَلنْ تجزي". 5 فِي س "كثرت". 6 قَوْله: "وَالرُّجُوع عَنهُ" لم ترد فِي ط، س، ش. قلت: وَهَذِه الْعبارَة مَا قبلهَا إِلَى ص"727" ورد مُتَقَدما فِي ط، س، ش عَن هَذَا الْموضع وَقد أَشرت إِلَى ذَلِك، انْظُر ص"468"، وص"727".

إيراد المعارض لحديث اختصام الملأ الأعلى ومناقشته

إِيرَاد الْمعَارض لحَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى ومناقشته: وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ2 عَنْ أَبِي يَحْيَى3 عَنْ أَبِي يَزِيدَ4 عَنْ أَبِي سَلَّامٍ5 عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ6 أَن الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ فَقُلْتُ: لَا عِلْمَ لِي يَا رَبِّ 7 فَوَضَعَ كَفَّهُ 8 بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي، فَتَجَلَّى لِي مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض" 9.

_ 1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص "171". 2 مُعَاوِيَة بن صَالح، تقدم ص "171"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 3/ 1345 أَنه روى عَن سليم بن عَامر الخبائري وَعنهُ أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث. 3قَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد هراس/ ص”219": "هُوَ عِنْدِي سُلَيْمَان أَو سليم بن عَامر" قلت: قَالَ فِي التَّقْرِيب 320/1: سليم ابْن عَامر الكلَاعِي، وَيُقَال: الخبائري بخاء مُعْجمَة وموحدة -أَبُو يحيى الْحِمصِي، ثِقَة من الثَّالِثَة، غلط من قَالَ: إِنَّه أدْرك النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة/ بخ م وَالْأَرْبَعَة. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 529/1 أَن مُعَاوِيَة بن صَالح الْحَضْرَمِيّ روى عَنهُ. 4 قَالَ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة: "لست أعرف أَبَا يزِيد هَذَا بعدالة وَلَا جرح"، وَقَالَ الألباني: "اسْمه غيلَان بن أنس الْكَلْبِيّ" قلت: فَإِن يكنه فَهُوَ غيلَان بن أنس الْكَلْبِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو يزِيد الدِّمَشْقِي، مَقْبُول، من السَّادِس/ ي د ق. "التَّقْرِيب/ 106/2"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1091/2 أَنه روى عَن أبي سَلام الحبشي، وَانْظُر: ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد ص”220"، وَتَخْرِيج الألباني على السّنة لِابْنِ أبي عَاصِم 205/1. 5 فِي ش "عَن سَلام" وَصَوَابه اأَثْبَتْنَاهُ، وَانْظُر تَرْجَمته ص”276". 6 ثَوْبَان الهاشي، مولى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَحبه ولازمه، وَنزل بعده الشَّام، وَمَات بحمص سنة 54/ بخ م وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 120/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 210/1-211، وَأسد الغابة 249/1-250، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 205/1، وتهذيب التَّهْذِيب 31/2. 7 فِي ط، س، ش "يارب لَا علم لي". 8 فِي ط، س، ش "فَوضع يَده". 9 جَاءَ من هَذَا الطَّرِيق عِنْد ابْن عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني جـ1 =

......

_ = ص"204-205" قَالَ الألباني: "حَدِيث صَحِيح بِمَا تقدم لَهُ من الشواهد"، وَأخرجه أَيْضا من هَذَا الطَّرِيق ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد هراس ص"219". وَمن طرق أُخْرَى أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة "ص"/ حَدِيث 3286 عَن ابْن عَبَّاس، وَحَدِيث 3287 عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا، وَحَدِيث 3288 عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا، وَقَالَ عَن هَذَا الْأَخير: "هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هَذَا صَحِيح، وَقَالَ: هَذَا أصح من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم بِسَنَدِهِ عَن عبد الرَّحْمَن بن العائش الْحَضْرَمِيّ". وَقَالَ المباركفوري: "وَأخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة، وَابْن مَدُّوَيْهِ" انْظُر: الْمصدر السَّابِق 101/9-109. وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 66/4، و343/5، 387، والدارمي فِي السّنَن/ كتاب الرُّؤْيَا/ بَاب رُؤْيَة الرب تَعَالَى فِي النّوم/ حَدِيث 2155، 51/2، وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني 169/1، 203-205، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد ص"215-219"، والآجري فِي الشَّرِيعَة بتحقيق حَامِد الفقيهي ص"496-497"، وَابْن مَنْدَه فِي الرَّد على الْجَهْمِية/ بتحقيق عَليّ الفقيهي ص"89-91"، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص"298-300". فَتبين من هَذَا أَن لَهُ طرقًا تبلغ بِهِ دَرَجَة الصِّحَّة، قَالَ ابْن مَنْدَه فِي الْمصدر السَّابِق ص"91": "رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن عشرَة مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ونقلها عَنْهُم أَئِمَّة الْبِلَاد، من أهل الشرق والغرب". قلت: وَلَيْسَ فِي مَتنه غرابة؛ إِذْ الرُّؤْيَة الْمَقْصُود بهَا هُنَا رُؤْيا منامية كَمَا هُوَ مَفْهُوم من بعض طرقه، وَبِذَلِك فسره عُثْمَان بن سعيد رَحمَه الله، وَبِه قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية فِي مَجْمُوع الْفَتَاوَى 387/3، وَانْظُر بسط الْكَلَام فِي شرح هَذَا الحَدِيث وَمَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من فَوَائِد فِي كتاب: "اخْتِيَار الأولى فِي شرح حَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى"/ لِابْنِ رَجَب/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد مُنِير الدِّمَشْقِي. وَانْظُر بسط الْكَلَام أَيْضا عَلَيْهِ فِي الْقسم السَّابِع من بَيَان تلبيس الْجَهْمِية/ لِابْنِ تَيْمِية/ رِسَالَة دكتوراة/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد البريدي مُجَلد 244/1-301.

فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَقُولَ1: أَتَانِي رَبِّي مِنْ خَلْقِهِ بِأَحْسَنِ صُورَةٍ فَأَتَتْنِي2 تِلْكَ الصُّورَةُ، وَهِيَ غَيْرُ اللَّهِ، وَاللَّهُ فِيهَا مُدبر، وضع3 كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ فِي صَدْرِي، يَعْنِي تِلْكَ الصُّورَةَ الَّتِي هِيَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْأَنَامِلُ لِتِلْكَ الصُّورَةِ مَنْسُوبَةٌ إِلَى اللَّهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُ لِلَّهِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: كَمْ تَدْحَضُ فِي قَوْلِكَ وَتَرْتَطِمُ4 فِيمَا لَيْسَ لَكَ بِهِ علم، أرأتك إِذَا ادَّعيت أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ صُورَةً مِنْ خَلْقِ اللَّهِ سِوَى اللَّهِ أَتَتْهُ، فَيُقَالُ لَهُ5: هَلْ تَدْرِي يَا محمدُ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ أَفَتَتَأَوَّلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَجَابَ صُورَةَ غَيْرِ اللَّهِ: لَا يَا رَبِّ لَا أَدْرِي6 فَدَعَاهَا رَبًّا، دُونَ اللَّهِ، أَمْ أَتَتْهُ صُورَةٌ مَخْلُوقَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَانِي رَبِّي"؟ إِنَّ هَذَا لَكُفْرٌ7 عَظِيمٌ ادَّعَيْتَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَيَّةُ صُورَةٍ

_ 1 فِي ط، ش "أَن يُقال". 2 فِي ط، ش "فانتقى" بِالْقَافِ، وَفِي س "فَانْتفى" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 فِي ط، س، ش "فَوضع". 4 يُقَال: رَطَمَه أَي أوحلَه فِي الْأَمر لَا يخرج مِنْهُ فارتطم، وارتَطَم عَلَيْهِ الْأَمر لم يقدر على الْخُرُوج مِنْهُ، وَالشَّيْء ازْدحم عَلَيْهِ وتراكم "بِتَصَرُّف من الْقَامُوس الْمُحِيط 120/4-121". 5 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "فَقَالَت لَهُ". 6 فِي ط، س، ش "فَقَالَ لَهَا: يَا رب لَا أَدْرِي". 7 فِي ط، س، ش "إِن هَذَا كفر عَظِيم"

تَضَعُ أَنَامِلَهَا وَكَفَّهَا فِي كَتِفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَتَجَلَّى لَهُ بِذَلِكَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ غَيْرُ اللَّهِ؟ فَفِي دَعْوَاكَ ادَّعَيْتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِصُورَةٍ مَخْلُوقَةٍ غَيْرِ اللَّهِ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَتِكَ أَنَّ الصُّورَةَ قَالَتْ لَهُ: "هَلْ تَدْرِي يَا مُحَمَّدُ" فَقَالَ لَهَا1: يَا رَبِّ2، وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ صُورَةٌ مَخْلُوقَةٌ تَضَعُ أَنَامِلَهَا فِي كَتِفِ نَبِيٍّ مِثْلِ مُحَمَّدٍ، فَيَتَجَلَّى لَهُ بِذَلِكَ3 فِيمَا بَيْنَ4 السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أُمُورٌ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا قلَّ 5 أَنْ تَضَعَ تِلْكَ الصُّورَةُ كَفَّهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟ وَيْحَكَ! لَا يُمْكِنُ هَذَا جِبْرِيل6 وَلَا مِيكَائِيل7

_ 1 فِي ش "يُقَال لَهَا". 2 فِي ط، ش "لَا يَا رب". 3 فِي ط، س، ش "فِي ذَلِك". 4 فِي ط، ش "مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض"، وَفِي س "بَين السَّمَاء وَالْأَرْض". 5 فِي ط، س، ش "من قبل". 6 فِي ط، س "لجبريل". قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”389". 7، 8 مِيكَائِيل وإسرافيل ملكان من رُؤَسَاء الْأَمْلَاك الثَّلَاثَة، وَكَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوسل إِلَى الله بربوبيته الْخَاصَّة لهَؤُلَاء الْأَمْلَاك الثَّلَاثَة الموكلين بِالْحَيَاةِ، فَيَقُول: "اللَّهُمَّ رب جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل، فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض، عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة، أَنْت تحكم بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهدني لما اخْتلف فِيهِ من الْحق فإذنك، إِنَّك تهدي من تشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم"، وَمِيكَائِيل هُوَ الْمُوكل بالقطر الَّذِي بِهِ حَيَاة الأَرْض والنبات وَالْحَيَوَان، وإسرافيل هُوَ الْمُوكل بالنفخ فِي الصُّور الَّذِي بِهِ حَيَاة الْخلق بعد مماتهم، كَمَا أَن جِبْرِيل مُوكل بِالْوَحْي الَّذِي بِهِ حَيَاة الْقُلُوب والأرواح، وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [الْبَقَرَة، آيَة "98"] ، وَانْظُر: إغاثة اللهفان 128/2-129.

وَلَا إِسْرَافِيلُ8، وَلَا يُمْكِنُ هَذَا غَيْرُ اللَّهِ، فَكَمْ1 تَجْلِبُ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الْجَهْلِ وَالْخَطَإِ، وَتَتَقَلَّدُ مِنْ تَفَاسِيرِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ2، مَا لَمْ يَرْزُقْكَ اللَّهُ مَعْرِفَتَهَا، وَلَا تَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَجُرَّكَ ذَلِكَ إِلَى الْكُفْرِ كَالَّذِي تَأَوَّلْتَ3 عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ صُورَةً مَخْلُوقَةً كَلَّمَتْهُ فَأَجَابَهَا مُحَمَّدٌ: "يَا رَبِّ"، أَمِ اللَّهُ صُورَةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا، فَقَالَ: "أَتَانِي رَبِّي" لِمَا أَنَّ اللَّهَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مُدَبِّرٌ؟ فَفِي4 دَعْوَاكَ يَجُوزُ لَكَ كُلَّمَا رَأَيْتَ كَلْبًا أَوْ حِمَارًا أَوْ خِنْزِيرًا قُلْتَ: "هَذَا رَبِّي" لِمَا أَنَّ اللَّهَ مُدَبِّرٌ فِي صُوَرِهِمْ فِي دَعْوَاكَ5، وَجَازَ لِفِرْعَوْنَ6 فِي دَعْوَاكَ أَنْ يَقُولَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} 7 لِمَا أَنَّ اللَّهَ مُدَبِّرٌ فِي صُورَتِهِ بِزَعْمِكَ، وَهَذَا أَبْطَلُ بَاطِلٍ، لَا يَنْجَعُ8 إِلَّا فِي أَجْهَلِ جَاهِلٍ. وَيْلَكَ! إِنَّ تَأْوِيلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، لِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيث أبي ذرح "أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ"10، وَقَالَ

_ 1 فِي ط، ش "فَلم" 2 فِي ط، س، ش "الضعيفة". 3 فِي ط، س، ش "أَن يجرك الله بذلك إِلَى كفر بِالَّذِي تأولت". 4 فِي س "فِي دعواك" 5 قلت: هَذ من قُوَّة اندفاع الدَّارمِيّ فِي الرَّد على المبتدعة، وَالسُّكُوت عَنْهَا أشبه بمنهج السّلف كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ رَحمَه الله، انْظُر: مُخْتَصر الْعُلُوّ للذهبي، اخْتِصَار وَتَحْقِيق نَاصِر الألباني ص"213-214". 6 فِرْعَوْن، تقدم ص"165". 7 سُورَة النازعات، آيَة "24". 8 مُرَاده أَنه لَا يُؤثر إِلَّا على أَجْهَل جَاهِل، قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح 43/2 مَادَّة "نجع": "وَقد نجع فِيهِ الْخطاب، والوعظ، والدواء، أَي دخل فِيهِ وَأثر". 9 أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363". 10 لَعَلَّه أَرَادَ معنى حَدِيث أبي ذَر الْمُتَقَدّم ص"363"

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا" 1، وَقَالَتْ عَائِشَةُ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ"3، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى4: {لَا تُدْرِكَهُ الأَبْصَارُ} 5 يَعْنُونَ أَبْصَارَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هَذِهِ الرُّؤْيَةُ كَانَتْ فِي الْمَنَامِ، وَفِي الْمَنَام يُمكن رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى6 عَلَى كُلِّ حَال وَفِي كل صُورَة.

_ 1 جَاءَ فِي مُسلم عَن بعض أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مَرْفُوعا بِلَفْظ "تعلمُوا أَنه لن يرى أحد مِنْكُم ربه عز وَجل حَتَّى يَمُوت". انْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن/ بَاب ذكر ابْن صياد حَدِيث 169، 2245/4. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَرْتِيب وترقيم مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن/ بَاب فتْنَة الدَّجَّال وَخُرُوج عِيسَى/ حَدِيث 4077، 1359/2-1360 بِسَنَدِهِ إِلَى أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ مَرْفُوعا، وَفِيه: "وَلَا ترَوْنَ ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا ... " الحَدِيث. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 324/5 عَن عبَادَة بن الصَّامِت مَرْفُوعا، وَفِي آخِره: "وَإِنَّكُمْ لن ترَوْنَ ربكُم تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى تَمُوتُوا" قَالَ يزِيد: "تروا ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا". وَأخرجه ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ بتخريج الألباني/ بَاب ذكر قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا" / الْأَحَادِيث 428، 429، 430، 431 186/1-187 من طرق، والآجري فِي الشَّرِيعَة 375 عَن عبَادَة مَرْفُوعا. 2 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص”252". 3 الحَدِيث تقدم تَخْرِيجه ص”726". 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

رَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبِلٍ1 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ وَضَعْتُ جَنْبِي، فَأَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ" 2، فَحِينَ وُجِدَ هَذَا لِمُعَاذٍ3 كَذَلِكَ صُرِفَتِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي فِيهَا إِلَى مَا قَالَ مُعَاذٌ، فَهَذَا تَأْوِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، لَا مَا ذَهَبْتَ4 إِلَيْهِ مِنَ الْجُنُونِ وَالْخُرَافَاتِ، فَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صُورَةً فِي الْيَقَظَةِ كَلَّمَتْهُ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَبِّ، غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّكَ لَوْ دَرَيْتَ أَنَّهُ يُخْرِجُكَ تَأْوِيلُكَ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الضَّلَالَاتِ لَأَمْسَكْتَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّكَ تَكَلَّمْتَ عَلَى حَدِّ الْحِوَارِ5 آمِنًا مِنَ الْجَوَابِ غَارًّا أَنْ يُنْتَقَدَ عَلَيْكَ. وَقَدْ رَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ الْأَعْمَشِ6 عَنْ أَبِي وَائِلٍ7 قَالَ: "بَيْنَمَا

_ 1 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ روى معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ" قَالَ فِي التَّقْرِيب: "معَاذ بن جبل بن عَمْرو بن أَوْس الْأنْصَارِيّ، الخزرجي، أَبُو عبد الرَّحْمَن، من أَعْيَان الصَّحَابَة، شهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا، وَكَانَ إِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي الْعلم بِالْأَحْكَامِ وَالْقُرْآن، مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة، مَشْهُور/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 255/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 335/3-341، وَأسد الغابة 376/4-378، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 406/3-407، وتهذيب التَّهْذِيب 186/10-188. 2 تقدم تَخْرِيجه ص"733"، وَفِي بعض طرقه عَن معَاذ كَمَا أخرج ذَلِك التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع وَالْإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده، وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد، وَغَيرهم وَطَرِيق معَاذ هُنَا تفسر المُرَاد بالرؤيا وَأَنَّهَا منامية. 3 فِي ط، س، ش "لِمعَاذ بن جبل". قلت: تقدّمت تَرْجَمته قَرِيبا. 4 فِي س "إِلَّا مَا ذهبت"، وَسِيَاق الأَصْل أوضح. 5 لم تعجم فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "الْجَوَاز" بِالْجِيم وَآخره زَاي. 6 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 7 أَبُو وَائِل شَقِيق ابْن سَلمَة، تقدم ص"753".

عَبْدُ اللَّهِ1 يُمَجِّدُ رَبَّهُ إِذْ قَالَ مِعْضَدٌ2: نِعْمَ الْمَرْءُ رَبُّنَا3 فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنِّي أُجِلُّهُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ"4. فَادَّعَى الْمُعَارِضُ فِي تَفْسِيرِهِ تَخْلِيطًا مِنَ الْكَلَامِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: الشَّخْصُ فِي قَوْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهَ، فَأَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ يَعْنِي الشَّيْءَ5 لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ شَخْصًا، وَاللَّهُ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ شَيْءٌ. فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُعَارِضُ ذَهَبَ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَهَذَا مَحْض الزندقة6

_ 1 عبد الله هُوَ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"190". 2 فِي ط، ش "معضل"، وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، قلت: هُوَ معضد بن يزِيد الْعجلِيّ، ويكنى أَبَا زِيَاد، وَكَانَ من الْمُجْتَهدين الْعباد، وَكَانَ خرج هُوَ وعدة من أَصْحَاب عبد الله إِلَى الْجَبانَة يتعبدون فَأَتَاهُم عبد الله فنهاهم عَن ذَلِك، وغزا أذربيجان فِي خلَافَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ، وَعَلَيْهَا الْأَشْعَث بن قيس فَقتل بهَا شَهِيدا، وَقَالَ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ: "لَا أعرف لعضد مَعَ شهرته بِالْعبَادَة مُسْندًا مُتَّصِلا"، انْظُر: طَبَقَات ابْن سعد/ طبعة بيروت/ 160/6، والحلية لأبي نعيم 159/4-160. 3 فِي ط، ش "نعم المرئي". 4 أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا ذكر فِي النَّفس/ ص"288-289" قَالَ: أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ، نَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب نَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصَّاغَانِي، نَا جَعْفَر بن عون، أَنا الْأَعْمَش عَن أبي وائلة قَالَ: "بَيْنَمَا عبد الله يمدح رَبَّهُ إِذْ قَالَ مِعْضَدٌ: نِعْمَ الْمَرْء هُوَ، قَالَ: فَقَالَ عبد الله: إِنِّي لأَجله، لَيْسَ كمثله شَيْء". 5 فِي ط، ش "أَنه يَعْنِي بِهِ أَن الشَّيْء"، وَفِي س "أَنه يَعْنِي أَن بِهِ الشَّيْء". 6 الزندقة، انْظُر: الزَّنَادِقَة، انْظُر: الزَّنَادِقَة ص"531".

لِأَنَّ اللَّهَ أَكْبَرُ الْأَشْيَاءِ، وَأَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ1 وَخَالِقُ الْأَشْيَاءِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ} 2 نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ4 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ5 عَنِ الزُّبَيْرِ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ6 عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ7 عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ8: "وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نُورٍ مَخْلُوقٍ إِلَّا وَلَهُ مَرْأًى9 وَمَنْظَرٌ، فَكَيْفَ النُّور الْأَعْظَم خَالق الْأَنْوَار10".

_ 1 فِي ط، س، ش "لِأَن الله أعظم الْأَشْيَاء وأكبر الْأَشْيَاء". 2 سُورَة الشورى، آيَة "11". 3 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش، وَانْظُر تَرْجَمته ص"190". قلت: والمأثور عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أَنه قَالَ: "نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجهه" قِطْعَة من الحَدِيث الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه ص "475". 4 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 5 حَمَّاد بن سملة، تقدم ص"187". 6 فِي ش "عَن أبي عبد السَّلَام". قلت: واسْمه الزبير، انْظُر تَرْجَمته ص"475". 7 أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفِهْرِيِّ، تقدم ص"475". 8 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ"، انْظُر تَرْجَمته ص"190". 9 فِي ط، ش "منزل ومنظر". 10 لم أَقف فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من مظان وجوده على من خرج هَذَا القَوْل مَنْسُوبا إِلَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالَّذِي اسْتَظْهرهُ -وَالله أعلم- أَن هَذَا من كَلَام الدَّارمِيّ رَحمَه الله، والإسناد الْمَذْكُور مُتَعَلق بِاللَّفْظِ الْمُتَقَدّم قبله لِابْنِ مَسْعُود، وَهُوَ قَوْله: "نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجهه"، وَقد سبق وُرُوده، وتخريجه بِهَذَا السَّنَد عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ ص"475" فَلْيتَأَمَّل. وعَلى فرض نسبته إِلَى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِن فِي إِسْنَاده ضعفا تقدم بَيَانه ص"475".

تأويل المعارض لأحاديث القرب والرد عليه

تَأْوِيل الْمعَارض لأحاديث الْقرب وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وَذَكَرَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ1 عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ2 عَنْ مُجَاهِدٍ3 قَالَ: "يَقُولُ دَاوُدُ4 يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَدْنِنِي، فَيُقَالُ لَهُ: ادْنُهْ، فَيَدْنُوَ حَتَّى يَمَسَّ رُكْبَتَهُ"5 فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ تَأْوِيلَهُ: أَنَّهُ يُدْنِيهِ إِلَى خلق من

_ 1 ابْن عُيَيْنَة، تقدم ص"175". 2 حميد بن قيس الْمَكِّيّ الْأَعْرَج، أَبُو صَفْوَان الْقَارئ، لَيْسَ بِهِ بَأْس، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ، وَقيل: بعْدهَا/ ع، انْظُر: التَّقْرِيب 203/1، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 275/1 أَنه روى عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَعنهُ مَالك والسفيانان، وَانْظُر، الْمِيزَان للذهبي 615/1. 3 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 4 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام عبد الله وَنبيه، قيل: هُوَ ابْن إيشي بن عُوَيْد بن باعز، يتَّصل نسبه بإبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ شَدِيد الِاجْتِهَاد كثير الْعِبَادَة قوامًا بِاللَّيْلِ صوامًا بِالنَّهَارِ ثَبت عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: "لَا صَوْم فَوق صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام شطر الدَّهْر" أخرجه البُخَارِيّ، علَّمه الله صَنْعَة لبوس وألان لَهُ الْحَدِيد وسخر مَعَه الْجبَال يسبحْنَ بالْعَشي وَالْإِشْرَاق، قَالَ تَعَالَى: {إنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِشْرَاقِ، وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ، وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} سُورَة ص، الْآيَات: "18، 19، 20"، وَذكر أَن مُدَّة ملكه كَانَت أَرْبَعِينَ سنة، وَورثه ابْنه سُلَيْمَان وَتُوفِّي وعمره مائَة سنة، ولموته قصَّة أخرجهَا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 419/2 بِسَنَدِهِ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، ونقلها ابْن كثير عَن الإِمَام أَحْمد، وَقَالَ: "انْفَرد بِإِخْرَاجِهِ أَحْمد وَإِسْنَاده جيد قوي رِجَاله ثِقَات" وَانْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الصَّوْم/ بَاب صَوْم دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام/ حَدِيث 1980، 225/4، والكامل لِابْنِ الْأَثِير/ طبعة بيروت 223/1-228، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة ط. الثَّالِثَة 9/2-18، والزهد للْإِمَام أَحْمد تَصْحِيح عبد الرَّحْمَن بن قَاسم ص”69-57". 5 هَذَا الْمَأْثُور بِهَذَا الْإِسْنَاد مَوْقُوف على مُجَاهِد وخرجه الْخلال فِي السّنة بأسانيد عَن مُجَاهِد وَعَن سعيد بن جُبَير بِنَحْوِهِ "انْظُر: السّنة للخلال ص262-264".

خَلْقِهِ، ذِي رُكْبَةٍ حَتَّى يَمَسَّ رُكْبَةُ دَاوُدَ رُكْبَةَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ. فَلَوْ كَانَ لِهَذَا الْمُعَارِضِ مَنْ يَقْطَعُ لِسَانَهُ كَانَ قَدْ نَصَحَهُ، وَيْلَكَ! أَيُّ زِنْدِيقٍ تَرْوِي عَنْهُ هَذِهِ التَّفَاسِيرَ1 وَلَا تُسَمِّيهِ2؟ وَأَيُّ دَرَكٍ3 لِدَاوُدَ4 إِذَا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لِذَنْبِهِ، وَلَجَأَ إِلَيْهِ وَاسْتَعَاذَ بِهِ فِي أَنْ يُدْنِيَهُ إِلَى خَلْقٍ سِوَاهُ، فَيَمَسَّ رُكْبَتَهُ وَمَا يُجْزِئُ عَنْ دَاوُدَ رُكْبَةُ ذَلِكَ الْمَخْلُوقِ الَّذِي إِذَا مَسَّ دَاوُدُ النَّبِيُّ رُكْبَتَهُ غَفَرَ ذَنْبَهُ، وَآمَنَ رَوْعَتَهُ، إِنَّ ذَلِكَ خَلْقٌ كَرِيمٌ عَلَى رَبِّهِ أَكْرَمُ مِنْ دَاوُدَ وَمِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ فِي دَعْوَاكَ، إِذْ جَعَلَهُ مَفْزَعًا لِلْأَنْبِيَاءِ وَمُعَوَّلًا عَلَيْهِ فِي ذُنُوبِهِمْ، يَحْكُمُ عَلَى اللَّهِ فِي مَغْفِرَتِهِ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَة دون الله!! ولابد لِمِثْلِ هَذَا الْخَلْقِ أَنْ يَكُونَ سَبَقَ لَهُ مِنَ اللَّهِ اسْمٌ فِي الْمَلَائِكَةِ أَوْ فِي النَّبِيِّينَ، فَمَا اسْمُهُ أَيُّهَا الْجَاهِلُ؟ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَذَا شَيْطَانٌ5 أَوْ مُدْمِنُ خَمْرٍ سَكْرَانَ، مَا زَادَ عَلَيْكَ جهلا. فَكيف إِنْسَان؟

_ 1 فِي ط، س، ش "عَن أَي زنديق تروي هَذِه التفاسير" قلت: والزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، وَانْظُر ص"531". 2 فِي الأَصْل وس "وَلَا تسمه" بِحَذْف الْيَاء وَلَا مُوجب لذَلِك هُنَا. 3 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس/ بَاب الْكَاف فصل الدَّال مَادَّة "الدَّرك" 301/3: "والدرك محركة ويسكن: التبعة وأقصى قَعْر الشَّيْء جمعه أَدْرَاك وحبل يوثق فِي طرف الْحَبل الْكَبِير ليَكُون هُوَ الَّذِي يَلِي المَاء". 4 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"742". 5 ف ش "الشَّيْطَان".

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكَ: إِنَّهُ يتقرَّب إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ لَا بالدنو مِنْهُ، أوَ لم تَعْلَمْ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بِيَوْمِ عَمَلٍ، إِنَّمَا هُوَ يَوْمُ جَزَاءٍ لِلْأَعْمَالِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ فِي الدُّنْيَا؟ فَكَيْفَ رَفَعَ اللَّهُ الْعَمَلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْجَبَهُ عَلَى دَاوُدَ1؟ قُلْتَ: وَكَذَلِكَ مَا رَوَى الْمَسْعُودِيُّ2 عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو3 عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ5: "أَنَّ الرَّب يَبْدُو لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ6، فَيَكُونُونَ مِنْهُ فِي الْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي الدُّنْيَا"7 فَادَّعَيْتَ أَنَّ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ هَذَا مِنَ الْقُرْبِ: أَنَّهُ يَبْدُو لَهُمْ بِظُهُور الدلالات،

_ 1 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"742". 2 المَسْعُودِيّ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله، تقدم ص"718". 3 الْمنْهَال بن عَمْرو، تقدم ص"466"، قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 192/4: وَعنهُ شُعْبَة والمسعودي. 4 أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"251". 5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 6 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 128/2 مَادَّة "الْكفْر" قَالَ: "والكافور نبت طيب نوره كنور الأقحوان والطلع أَو وعاؤه، وَطيب مَعْرُوف يكون من شجر بجبال الْهِنْد والصين يظل خلقا كثيرا، تألفه النمورة، وخشبه أَبيض هش، يُوجد فِي أجوافه الكافور وَهُوَ أَنْوَاع ولونها أَحْمَر وَإِنَّمَا يبيض بالتصعيد وَمَعَ الْكَرم" أَي "عقدتكون فِي مخارج عناقد الْكَرم" كَمَا قَالَ الفيروز آبادي فِي الْمصدر نَفسه 34/3. قلت: وَهَذَا هُوَ معنى الكافور لُغَة، وَإِلَّا فَمن الثَّابِت أَنه لَيْسَ فِي الْجنَّة شَيْء مِمَّا فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْأَسْمَاء. 7 لفظ "فِي الدُّنْيَا" لَيْسَ فِي س. قلت: الحَدِيث نهم من ضعَّفه لِأَن فِي سَنَده رُوَاة مَجْهُولُونَ وَمِنْهُم من رأى =

وَبَذْلِ الْكَرَامَاتِ لِأَوْلِيَائِهِ، فَيَظْهَرُ بِمَا فَعَلَ دِلَالَاتُهُ1 وَعَلَامَاتُهُ لَا هُوَ بِنَفْسِهِ2، فَيُقَالُ لَكَ: أَيُّهَا الْمُعَارِضُ، بِئْسَمَا أَثْبَتَّ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا اللَّهَ بِدِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ وَبرِسَالَاتِ نَبِيِّهِ، وَمَا أَنْزَلَ فِي كُتُبِهِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ مَقَامِهِمْ حَتَّى يَعْرِفُوهُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ؛ إِذْ مَاتُوا كُفَّارًا فِي دَعْوَاكَ، جُهَّالًا بِاللَّهِ وَبِدِلَالَاتِهِ، فَإِنْ كَانُوا كَذَلِكَ فِي دَعْوَاكَ لَمْ يَكُونُوا إِذا أَوْلِيَاء الله؛ إِذا لَمْ يَمُوتُوا3 عَلَى حَقِيقَةِ مَعْرِفَةِ الله تَعَالَى4 وَلَا استحقوا

_ = ثُبُوته للمعاضد كشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية وَأَنه يحْتَج بِهِ، والْحَدِيث لَهُ شَوَاهِد تقويه وتدل على مَعْنَاهُ. وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حمدي السلَفِي/ حَدِيث 9169، 273/9 من طَرِيق الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: قَالَ عبد الله: "سارعوا إِلَى الجُمَع، فإنَّ الله يبرز لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي كثيب من كافور فَيَكُونُوا من الْقُرْبِ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إِلَى الْجُمُعَة ... " الحَدِيث، وَقَالَ الهيثمي فِي الْمجمع 178/2: "وَأَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه". وَأوردهُ الذَّهَبِيّ فِي الْعُلُوّ/ مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن عُثْمَان/ ص”60" من طَرِيق المَسْعُودِيّ بِسَنَد الدَّارمِيّ بِمثلِهِ قَالَ الذَّهَبِيّ: "مَوْقُوف حسن"، وَفِي ص”65" من طَرِيق آخر عَن ابْن مَسْعُود بِنَحْوِهِ، قَالَ الذَّهَبِيّ: "أخرجه ابْن بطة فِي الْإِبَانَة الْكُبْرَى بِسَنَد جيد". وَانْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى لِابْنِ تَيْمِية 401/6-405، 415-417، والسيوطي فِي اللآلئ المصنوعة 460/2، والكناني فِي تَنْزِيه الشَّرِيعَة 385/2، والألباني فِي مُخْتَصر الْعُلُوّ ص"104". 1 فِي الأَصْل "ودلالاته" وَمَا أَثْبَتْنَاهُ أوضح. 2 فِي ط، س، ش "لَا هُوَ نَفسه". 3 فِي الأَصْل "لم يمتوا" وَفِي بَقِيَّة النّسخ "يموتوا" وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

الْكَرَامَاتِ مِنَ اللَّهِ، وَلَمْ يَكُونُوا أَهْلًا فِي دَعْوَاكَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُمْ فِي كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ1، بل يحتجب عَنهُ؛ إِذْ لَمْ يَعْرِفُوهُ بِدِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ وَرِسَالَاتِ نَبِيِّهِ، إِلَّا يَوْمَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا2 إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ؛ إِذْ كُلُّ كَافِر ومنافق يَعْرِفُهُ يَوْمَئِذٍ بِدِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ3، فَمَا فَضْلُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَكَ فِي هَذَا عَلَى الْكَافِرِ؟ ثُمَّ فَسَّرْتَ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ4: "أَنَّهُمْ5 يَكُونُونَ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ تَسَارُعِهِمْ إِلَى الْجُمُعَةِ" أَنَّ6 ذَلِكَ تَقَرُّبٌ إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ7 الصَّالَحِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى8: "مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شبْرًا تقربت مِنْهُ ذِرَاعًا" 9. وَيْلَكَ أَيُّهَا الْحَيْرَانُ! إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: "مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا" فِي الدُّنْيَا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لَا فِي الْآخِرَةِ يَوْمَ تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ عَنِ الْعباد10.

_ 1 تقدم معنى الكافور فِي اللُّغَة ص"744". 2 فِي الأَصْل "نفس" وَصَوَابه النصب مَا فِي الْآيَة "158" من سُورَة الْأَنْعَام، وَلِأَنَّهَا مفعول بِهِ. 3 ورد لفظ "وعلاماته" مكررًا فِي الأَصْل. 4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 5 فِي ش "إِنَّهُم" بِكَسْر همزَة إنَّ. 6 فِي س "أَن" بِفَتْح همزَة إِن. 7 فِي ط، س، ش "يقرب إِلَيْهِ الْعَمَل الصَّالح" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 9 تقدم تَخْرِيجه ص"499". 10 فِي ط، س، ش "عَن الْعباد".

لَقَدْ تقلَّدت أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ تَفَاسِيرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَشْيَاءَ لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا فَصِيحٌ وَلَا أَعْجَمِيٌّ1، وَلَوْ قَدْ عِشْتَ سِنِينَ لَقَلَبْتَ الْعَرَبِيَّةَ عَلَى أَهْلِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى2. ثُمَّ قُلْتَ: هَذَا3 كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْوَى: "إِنَّهُ يَدْنُو الْمُؤْمِنُ مِنْ ربِّه حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ 5 عَلَيْهِ فَيُقَرِّرَهُ بِذُنُوبِهِ، فَيَقُولُ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَك الْيَوْم" 6 قلت: فتفسير

_ 1 فِي ط، س، ش "لم يسبقك إِلَيْهَا فصيح وَلَا عجمي". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. قلت: وَمُرَاد الْمُؤلف أَن ذَلِك بِسَبَب كَثْرَة جداله ولبسه الْحق بِالْبَاطِلِ، وَمَا يموه بِهِ على كثير من النَّاس مِمَّا يكون سَببا فِي قلب الْحَقَائِق عَلَيْهِم. 3 فِي، س، ش "وَهَذَا". 4 ابْن عمر، تقدم ص"245". 5 فِي ط، س "حَتَّى يضع عَلَيْهِ كنفه"، وَفِي ش "كتفه" بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة، وَهُوَ تَصْحِيف جزم بِهِ جمع من الْعلمَاء كَمَا ذكر ابْن حجر فِي الْفَتْح 477/13. 6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب كَلَام الرب عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة مَعَ الْأَنْبِيَاء وَغَيرهم/ حَدِيث 7514، 475/13 عَن صَفْوَان بن مُحرز: "أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر: كَيفَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: يدنو أحدكُم مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُول: أعملت كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُول: نعم، وَيَقُول: عمل كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُول: نعم، فيقرره ثمَّ يَقُول: "إِنِّي سترت عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَك الْيَوْم". وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترتيب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية حَدِيث 183، 65/1 عَن ابْن عمر. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 74/2، 105 عَن ابْن عمر أَيْضا =

"كَنَفِهِ"1: نِعْمَتُهُ وَسَتْرُهُ وَعَافِيَتُهُ، فَتَأْوِيلُ هَذَا أَنَّهُ عَلَى السَّتْرِ مَعَ الْقُرْبِ وَالدُّنُوِّ وَالْمُنَاجَاةِ الَّتِي قَالَهَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْتَ لِجَمِيعِهَا2 مُنْكِرٌ وَعَلَى مَنْ آمن بهَا مغتاظ.

_ = قلت: والكنف محركة فِي اللُّغَة: السّتْر والحرز، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 192/3 مَادَّة "كنف": "أَنْت فِي كنف الله تَعَالَى -محركة- فِي حرزه وستره؛ وَهُوَ الْجَانِب والظل والناحية كالكنفة محركة، وَمن الطَّائِر جنَاحه". وَقَالَ ابْن حجر فِي الْفَتْح 477/13 فِي شَرحه للْحَدِيث الْمَذْكُور: "وَقَوله: "فَيَضَع كنفه" بِفَتْح الْكَاف وَالنُّون بعْدهَا فَاء، المُرَاد بالكنف السّتْر، وَقد جَاءَ مُفَسرًا بذلك فِي رِوَايَة عبد الله بن الْمُبَارك عَن مُحَمَّد بن سَوَاء عَن قَتَادَة، فَقَالَ فِي آخر الحَدِيث: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: كنفه "ستره" وَالْمعْنَى أَن تحيط بن عنايته الْأمة، وَمن رَوَاهُ بِالْمُثَنَّاةِ المسكورة فقد صحف على مَا جزم بِهِ جمع من الْعلمَاء" بِتَصَرُّف. وَالصَّوَاب فِي هَذِه الْمَسْأَلَة -وَالله أعلم- أَن الكنف صفة من صِفَات الله كَسَائِر صِفَاته لَا يعلم كيفيته إِلَّا هُوَ، فَهُوَ على ظَاهره دون تَأْوِيل كَمَا نقل ذَلِك ابْن حَامِد عَن الإِمَام أَحْمد. انْظُر: "بَيَان تلبيس الْجَهْمِية لِابْنِ تَيْمِية/ مخطوط. نُسْخَة ليدن لوحة 15". 1 فِي ش "كتفه" بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة وَهُوَ تَصْحِيف كَمَا أَشَرنَا لذَلِك قَرِيبا. 2 فِي ط، س، ش "وَأَنت بجميعها".

الحجب التى احتجب الله بها عن خلقه

الْحُجُبُ الَّتِي احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَا عَنْ خَلْقِهِ 1: ثُمَّ طَعَنَ الْمُعَارِضُ فِي الْحُجُبِ الَّتِي احْتَجَبَ اللَّهُ تَعَالَى2 بِهَا عَنْ خَلْقِهِ، فَقَالَ: رَوَى وَكِيعٌ3، عَنْ سُفْيَانَ4 عَنْ عبيد الْمكتب5، عَن

_ 1 العنوان من المطبوعتين ط، ش. 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 وَكِيع بن الْجراح، تقدم ص"150". 4 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 5 عبيد الْمكتب، تقدم ص"261".

مُجَاهِدٍ1، عَنِ ابْنِ عُمَرَ2: "احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ3 بِأَرْبَعٍ: بِنَارٍ وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ وَنُورٍ"4، ففسَّره الْمُعَارِضُ تَفْسِيرًا يُضْحَكُ مِنْهُ، فَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْحُجُبُ آيَاتٍ يَعْرِفُونَهَا وَدَلَائِلَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ الْوَاحِدُ الْمَعْرُوفُ، إِذْ عرَّفهم بِدِلَالَاتِهِ، فَهِيَ آيَاتٌ لَوْ قَدْ ظَهَرَتْ لِلْخَلْقِ لَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُمْ كَالْعِيَانِ بِهَا. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: عَمَّنْ رَوَيْتَ هَذَا التَّفْسِيرَ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْطَانٍ

_ 1 مُجَاهِد، تقدم ص"252". 2 فِي ط، س، ش "عَن عمر"، وَصَوَابه -فِيمَا يظْهر لي- "عَن ابْن عمر" كَمَا ورد فِي كِتَابه الآخر "الرَّد على الْجَهْمِية" ص"37"، وَفِي اللآلئ المصنوعة 16/1. 3 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "عَن خلقه" وَهُوَ الْمُوفق لما ورد فِي اللآلئ المصنوعة ص"16"، وَبِمَا فِي الأَصْل ورد فِي الرَّد على الْجَهْمِية للمؤلف ص"37". 4 أوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة/ ط. الثَّالِثَة/ 16/1 عَن الْعقيلِيّ من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِنَحْوِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَعنهُ أَيْضا من طَرِيق عبد الْجَلِيل بن عَطِيَّة الْقَيْسِي، وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، وروى لَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا بنْدَار حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي حَدثنَا سُفْيَان عَن عبيد -يَعْنِي الْمُكْتِبِ- عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عمر قَالَ: "احتجب الله عَن خلقه بِنَار وظلمة وَنور وظلمة" قَالَ: فَهَذِهِ مُتَابعَة من ابْن عمر لِابْنِ عَمْرو، وَهَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح، رِجَاله أخرج لَهُم الشَّيْخَانِ سوى عبيد فَأخْرج لَهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ فَقَط. وَانْظُر: الرَّد على الْجَهْمِية للدارمي عُثْمَان بن سعيد/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش/ تَخْرِيج نَاصِر الدَّين الألباني/ ص"37" من طَرِيق مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ، أَنْبَأَ أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن سُفْيَان بِهَذَا السَّنَد عَن ابْن عمر بِلَفْظ: "احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بِأَرْبَعٍ: بِنَار وظلمة وَنور وظلمة" قَالَ الألباني: إِسْنَاده صَحِيح لكنه مَوْقُوف.

تَلَقَّفْتَهُ1؟ وَمَنِ ادَّعى قَبْلَكَ أَنَّ حُجُبَ اللَّهِ آيَاتُهُ الَّتِي احْتَجَبَ بِهَا؟ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى2: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} 3؟ أَمَعْنَاهُ عِنْدَكَ: مِنْ وَرَاءِ الدِّلَالَاتِ وَالْعَلَامَاتِ؟ أَمْ قَوْلِهِ: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 4؛ أَهُوَ عِنْدَكَ: أَنْ لَا يَرَوْا يَوْمَئِذٍ آيَاتِهِ وَدَلَائِلَهُ؟ وَلَا يَعْرِفُوا5 يَوْمَئِذٍ6 أَنَّهُ الْوَاحِدُ الْمَعْرُوفُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي دَعْوَاكَ عَنْهُ مَحْجُوبٌ، لِمَا أَنَّ كُلًّا يَرَى يَوْمَئِذٍ دِلَالَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ وَآيَاتِهِ، وَكُلٌّ يَعْرِفُ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ، فَمَا مَوْضِعُ الْحِجَابِ يَوْمَئِذٍ؟ وَكَيْفَ صَارَتْ تِلْكَ الدِّلَالَاتُ مِنْ نَارٍ، وَنُورٍ، وَظُلْمَةٍ؟ وَمَا يَصْنَعُ بِذِكْرِ النَّارِ وَالظُّلْمَةِ هَا هُنَا فِي الدِّلَالَاتِ وَالْعَلَامَاتِ؟ قُلْتَ: وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى7 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، حِجَابُهُ النَّارُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ" 8، ثُمَّ قُلْتَ: فَتَأْوِيلُ الْحِجَابِ فِي هَذَا الحَدِيث

_ 1 فِي ط، س، ش "تلقيته". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 سُورَة الشورى، آيَة "51". 4 سُورَة المطففين، آيَة "15". 5 فِي ط "ولايعرفون"، وَلَا يَصح، وَصَوَابه مَا أثْبته بِحَذْف النُّون؛ لِأَنَّهَا معطوفة على فعل مَنْصُوب بِأَن. 6 فِي ش "أَن لَا يرَوْنَ يَوْمئِذٍ أَنه الْوَاحِد" وَمَا بَينهمَا سَاقِط، وَلَعَلَّه كَانَ سَهوا. 7 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251". 8 تقدم تَخْرِيجه ص"711".

مِثْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الأوَّل هِيَ الدِّلَالَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَعَلَى أَنَّ الدِّلَالَاتِ كَشْفٌ عَنِ الشَّيْءِ لَا حِجَابٌ وَغِطَاءٌ1. ثُمَّ قُلْتَ: فَتَأْوِيلُ قَوْله: "لوكشفها لَأَحْرَقَتْ سُبُحات وَجْهِهِ" لَوْ كَشَفَ تِلْكَ النَّارَ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ ذَلِكَ الْعِلْمَ الدَّالَّ عَلَيْهِ. قُلْتَ: وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ "سُبُحَاتُ وَجْهِهِ" سُبُحَاتُ وَجْهِ2 ذَلِكَ الْعِلْمِ وَذَلِكَ الْعِلْمُ وَجْهٌ3 يُتَوَجَّهُ بِرُؤْيَتِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ: {فثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 4 قُلْتَ: قِبْلَةُ اللَّهِ. فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: نَرَاكَ قَدْ كَثُرَتْ5 لَجَاجَتُكَ فِي رَدِّ هَذَا الْحَدِيثِ، إِنْكَارًا مِنْكَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى6، إِذْ7 تَجْعَلُ مَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ مَعْقُولٍ فِي سِيَاقِ اللَّفْظِ أَنَّهُ وَجْهُ اللَّهِ نَفْسُهُ، فَجَعَلْتَهُ أَنْتَ وَجْهَ الْعِلْمِ، وَوَجْهَ الْقِبْلَةِ، وَإِذْ8 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "حِجَابُ الله النَّار، لوكشفها عَن وَجه لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أدْركهُ بَصَره" فَإِن

_ 1 فِي ط، س، ش "وَلَا غطاء". 2 فِي ط، ش "سبحات وَجهه ذَلِك الْعلم"، وَفِي س "سبحات وَجه ذَلِك الْعلم". 3 لَفْظَة "وَجه" لَيست فِي س. 4 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "115". 5 فِي ط، ش "أكثرت". 6 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي س "أَن تجْعَل". 8 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "وَإِلَّا قَالَ".

لَمْ تَتَحَوَّلِ الْعَرَبِيَّةُ عَنْ مَعْقُولِهَا إنَّه لَوَجْهٌ1 حَقًّا كَمَا أَخْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ولوكانت سُبُحَاتُ وُجُوهِ الْأَعْلَامِ لَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حِجَابُهُ النَّارُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتِ النَّارُ سُبُحَاتِ وُجُوهِ الْخَلْقِ2 كُلِّهَا، وَمَا بَالُ تِلْكَ النَّارِ تَحْرِقُ مِنَ الْعِلْمِ سُبُحَاتِهِ، وَتَتْرُكُ سَائِرَهُ؟ وَإِنَّمَا تَفْسِيرُ السُّبُحَاتِ الْجَلَالُ وَالنُّورُ3 فَأَيُّ نُورٍ لِوَجْهِ4 الْخَلْقِ حَتَّى تَحْرِقَهَا النَّارُ مِنْهُمْ؟ وَمَا لِلنَّارِ تَحْرِقُ مِنْهُمْ سُبُحَاتِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَكْشِفَهَا اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَلَا تَحْرِقُهَا قَبْلَ الْكَشْفِ؟ فَلَوْ قَدْ أَرْسَلَ مِنْهَا حِجَابًا وَاحِدًا لَأَحْرَقَتِ5 الدُّنْيَا كُلَّهَا، فَكَيْفَ سُبُحَاتُ وُجُوهِ الْخَلْقِ؟ وَيْحَكَ6! إِنَّ7 هَذَا بيِّن، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ، إِنَّمَا نَقُولُ: احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَذِهِ النَّارِ عَنْ خلقه بقدرته وسلطانه،

_ 1 فِي ط، س، ش "لوجه الله حَقًا". 2 فِي ط، ش "سبحات وُجُوه الْخلق والخلق كلهَا"، وَفِي س "سبحات وُجُوه الْخلق". 3 قلت: قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 266/1 مَادَّة "سبح": "وسبحات وَجه الله أنواره ... وسبحة الله جَلَاله". وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه للْحَدِيث الآنف الذّكر/ الطبعة الثَّانِيَة/ المجلد الثَّانِي 13/3-14 قَالَ: "وأمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حجابه النُّور لَو كشفه لأحرقت سبحات وَجهه مَا انْتهى إِلَيْهِ بَصَره من خلقه" فالسبحات بِضَم السِّين وَالْيَاء وَرفع التَّاء فِي آخِره وَهِي جمع سبْحَة، قَالَ صَاحب الْعين والهروي وَجَمِيع الشَّارِحين للْحَدِيث من اللغويين والمحدثين: معنى سبحات وَجهه نوره وجلاله وبهاؤه". 4 كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لوجوه الْخلق" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق. 5 فِي ط، ش "لاحترقت" بتاءين. 6 فِي ش "وَيلك" بِاللَّامِ ثمَّ الْكَاف، وَالْأَظْهَر أَنه خطأ مطبعي. 7 فِي ط، س، ش "إِن تَأْوِيل هَذَا".

لَوْ قَدْ1 كَشَفَهَا لَأَحْرَقَ نُورُ الرَّب2 وَجَلَاؤُهُ3 كُلَّ مَا4 أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ، وَبَصَرُهُ مُدْرِكٌ كُلَّ شَيْءٍ، غَيْرَ أَنَّهُ يُصِيبُ مَا يَشَاءُ، وَيَصْرِفُهُ عَمَّا يَشَاءُ. كَمَا أَنَّهُ حِينَ تَجَلَّى لِذَلِكَ الْجَبَلِ5 خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ الْجِبَالِ، وَلَوْ قَدْ تَجَلَّى لِجَمِيعِ جِبَالِ الْأَرْضِ؛ لَصَارَتْ كُلُّهَا6 دَكًّا، كَمَا صَارَ جَبَلُ موس، وَلَوْ قَدْ تَجَلَّى لِمُوسَى كَمَا تَجَلَّى لِلْجَبَلِ؛ جَعَلَهُ7 دَكًّا، وَإِنَّمَا خرَّ مُوسَى8 صَعِقًا مِمَّا هَالَهُ مِنَ الْجَبَلِ9 مِمَّا رَأَى مِنْ صَوْتِهِ حِينَ دُكَّ فَصَارَ فِي الْأَرْضِ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ10، عَن وهب11، عَن خَالِد

_ 1 فِي ط، ش "لوكشفها". 2 فِي ط، س، ش "نور وَجه الرب". 3 لم تتضح هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل، وَأقرب مَا يكون لرسمها هُوَ لفظ "جلاؤه" وَبِه ورد فِي س. وَفِي ط، ش "وجلاله". 4 فِي الأَصْل وس "كلما" مُتَّصِلَة، وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ. 5 فِي ط، س، ش "كَمَا أَنه حِين تجلى للجبل تجلى لذَلِك الْجَبَل خَاصَّة" وَهُوَ أوضح. 6 لَفْظَة "كلهَا" لَيست فِي س. 7 فِي ط، ش "لجعله". 8 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص”155". 9 انْظُر: سُورَة الْأَعْرَاف، آيَة "143"، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} 10 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1382/3 أَنه روى عَن وهيب بن خَالِد. 11 قلت: الْأَقْرَب أَنه صَوَابه "وهيب" بِالتَّصْغِيرِ، قَالَ فِي التَّقْرِيب 339/2: وهيب، بِالتَّصْغِيرِ، ابْن خَالِد بن عجلَان، الْبَاهِلِيّ مَوْلَاهُم، أَبُو بكر الْبَصْرِيّ ثِقَة ثَبت، لكنه تغيَّر قَلِيلا بِآخِرهِ، من السَّابِعَة مَاتَ سنة 65، وَقيل: بعْدهَا/ ع، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 169/11 أَنه روى عَن خَالِد الْحذاء وَعنهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.

الْحَذَّاءِ1، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ2، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: "إِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا حَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خشع لَهُ" 5.

_ 1 خَالِد الْحذاء، تقدم ص”320"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 365/1 أَنه روى عَن أبي قلَابَة الْجرْمِي، وَعنهُ وهيب بن خَالِد. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 417/1: عبد الله بن زيد بن عَمْرو أَو عَامر الْجرْمِي، أَبُو قلَابَة الْبَصْرِيّ، ثِقَة فَاضل، كثير الْإِرْسَال، قَالَ الْعجلِيّ: فِيهِ نصب يسير، من الثَّالِثَة، مَاتَ بِالشَّام هَارِبا من الْقَضَاء سنة 104، وَقيل: بعْدهَا/ ع. 3 النُّعْمَان بن بشير بن سعد بن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ، الخزرجي، لَهُ ولأبويه صُحْبَة، ثمَّ سكن الشَّام، ثمَّ ولي إمرة الْكُوفَة، ثمَّ قتل بحمص سنة 65 وَله 64 سنة. التَّقْرِيب 303/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 522/3-526، وَأسد الغابة 22/4-24، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 526/3-530، وتهذيب التَّهْذِيب 447/10-452. 4 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. 5 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد فِيهِ انْقِطَاع، قَالَ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة: "إِن أَبَا قلَابَة لَا نعلمهُ سمع من النُّعْمَان بن بشير شَيْئا وَلَا لقِيه". انْظُر: التَّوْحِيد لِابْنِ خُزَيْمَة ص"379". قلت: وَصدر الحَدِيث ثَابت عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهمَا، وَجَاء بِطُولِهِ مَوْصُولا عِنْد النَّسَائِيّ، ومنقطعًا عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة. فَفِي البُخَارِيّ من طَرِيق آخر عَن الْمُغيرَة مَرْفُوعا: "إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ فصلوا وادَّعوا الله" انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْكُسُوف/ بَاب الصَّلَاة فِي كسوف الشَّمْس حَدِيث 1043، 526/2 انْظُر أَيْضا الْأَحَادِيث: 1040، 1042 =

وَإِنَّمَا كَانْتَ تَحْرِقُ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ لوكشفها كُلَّ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا؛ لأنَّ الله

_ = نفس الصفحة. وَفِي مُسلم من طَرِيق آخر أَيْضا عَن عَائِشَة مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "إِن الشَّمْس وَالْقَمَر من آيَات الله، وإنهما لَا ينخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ ... " الْكُسُوف/ بَاب صَلَاة الْكُسُوف، حَدِيث 1، وَانْظُر أَيْضا حَدِيث رقم 3، 4 جـ2 ص”618-619"، وَفِي سنَن ابْن مَاجَه/ ترقيم وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب إِقَامَة الصَّلَاة/ بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاة الْكُسُوف/ حَدِيث 1262، 401/1، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَأحمد بن ثَابت، وَجَمِيل بن الْحسن قَالُوا: ثَنَا عبد الْوَهَّاب ثَنَا خَالِد الْحذاء بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا تجلى الله لشَيْء خشع لَهُ". وَبِنَحْوِ مَا ذكر ابْن مَاجَه أخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كسوف الشَّمْس/ بَاب كَيْفيَّة صَلَاة الْكُسُوف 144/3-145، من طَرِيق أبي قلَابَة عَن قبيصَة الْهِلَالِي مَرْفُوعا. قلت: ذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 396/2 أَن أَبَا قلَابَة روى عَن قبيصَة الْهِلَالِي. وَانْظُر: الْمسند للْإِمَام أَحْمد بهامشه الْمُنْتَخب 267/4 عَن أبي قلَابَة عَن رجل عَن النُّعْمَان مَرْفُوعا، وَفِي الْجُزْء نَفسه ص"269" عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ النُّعْمَانِ. وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد ص"379" عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنِ النُّعْمَانِ بن بشير مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِنَحْوِ، قَالَ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة: "معنى هَذَا الْخَبَر يشبه بقوله تَعَالَى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} الْآيَة، إِن أَبَا قلَابَة لَا نعلمهُ سمع من النُّعْمَان بن بشير شَيْئا وَلَا لقِيه". قلت: وَذهب ابْن الْقيم إِلَى احْتِمَال أَن يكون قَوْله: "وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ خشع لَهُ" مدرجًا؛ فَقَالَ: وَلَعَلَّ هَذِه اللَّفْظَة مدرجة فِي الحَدِيث من كَلَام بعض الروَاة، وَلِهَذَا لَا تُوجد فِي سَائِر أَحَادِيث الْكُسُوف، فقد رَوَاهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بضعَة عشر صحابيًا؛ عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، وَأَسْمَاء بنت أبي بكر، =

كَتَبَ الْفَنَاءَ عَلَيْهَا، وَرَكَّبَ مَا رَكَّبَ مِنْ جَوَارِحِ الْخَلْقِ لِلْفَنَاءِ، فَلَا يَحْتَمِلُ نُورَ الْبَقَاءِ فَتُحْرَقَ1 بِهِ أَوْ تُدَكَّ، كَمَا دكَّ الْجَبَلُ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رُكِّبَتِ الْأَبْصَارُ وَالْجَوَارِحُ لِلْبَقَاءِ، فَاحْتَمَلَتِ النّظر إِلَى وَجهه، وَإِلَى

_ = وَعلي بن أبي طَالب، وأبيّ بن كَعْب، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَعبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الله ابْن عمر، وَجَابِر بن عبد الله فِي حَدِيث، وَسمرَة بن جُنْدُب، وَقبيصَة الْهِلَالِي، وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، فَلم يذكر أحد مِنْهُم هَذِه اللَّفْظَة الَّتِي ذكرت فِي حَدِيث النُّعْمَان بن بشير، فَمن هَهُنَا نَخَاف أَن تكون أدرجت فِي الحَدِيث إدراجًا، وَلَيْسَت من لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم على أنَّ هَهُنَا مسلكًا بعيد المأخذ، لطيف المنزع، يتقبله الْعقل السَّلِيم والفطرة السليمة؛ وَهُوَ أَن كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر وَجب لَهما من الْخُشُوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عَن هَذَا الْعَالم مَا يكون فِيهِ سلطانهما وبهاؤهما، وَذَلِكَ يُوجب لَا محَالة لَهما من الْخُشُوع والخضوع لرب الْعَالمين وعظمته وجلاله، مَا يكون سَببا لتجلي الرب تبَارك وَتَعَالَى لَهما، وَلَا يستنكرون أَن يكون تجلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهما فِي وَقت معِين كَمَا يدنون أهل الْموقف عشِّية عَرَفَة، وكما ينزل كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا عِنْد مُضِيّ نصف اللَّيْل، فَيحدث لَهما ذَلِك التجلي خشوعًا آخر لَيْسَ هُوَ الْكُسُوف، وَلم يقل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ الله إِذا تجلى لَهما انكسفا، وَلَكِن اللَّفْظَة: "فَإِذا تجلى الله لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ". وَلَفظ الإِمَام أَحْمد فِي الحَدِيث: "إِذا بدا الله لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ" فَهُنَا خشوعان: خشوع أوجبه كسوفهما بذهاب ضوهما وانمحائه، فتجلى الله سُبْحَانَهُ لَهما، فَحدث عِنْد تجلية تَعَالَى خشوع آخر، سَبَب التجلي كَمَا حدث للجبل، إِذْ تجلى تبَارك وَتَعَالَى لَهُ صَار دكًا وساخ فِي الأَرْض، وَهَذَا غَايَة الْخُشُوع، لَكِن الرَّب تبَارك وَتَعَالَى ثبتهما لتجلية عناية بخلقه لانتظام مَصَالِحه بهما، وَلَو شَاءَ سُبْحَانَهُ لثبت الْجَبَل لتجليه كَمَا ثبتهما، وَلَكِن أرى كليمه مُوسَى أَن الْجَبَل الْعَظِيم لم يطق الثَّبَات لَهُ، فَكيف تطِيق أَنْت الثَّبَات للرؤية الَّتِي سَأَلتهَا؟ " انْظُر: مِفْتَاح دَار السَّعَادَة لِابْنِ الْقيم 213/2-214. 1 فِي ط، ش "فتحترق بِهِ".

سُبْحَانَهُ وَنُورِ وَجْهِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحْرِقَ1 أَحَدًا، كَمَا لَوْ أَنَّ أَجْسَمَ رَجُلٍ وَأَعْظَمَهُ وَأَكْمَلَهُ2 لَوْ أُلْقِيَ فِي الدُّنْيَا فِي تَنُّورٍ مَسْجُورٍ لَصَارَ رَمَادًا فِي سَاعَةٍ فَهُوَ يَحْتَرِقُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَلْفَ عَامٍ وَأَكْثَرَ، وَنَارُهَا أَشَدُّ حَرًّا مِنْ نَارِ الدُّنْيَا سَبْعِينَ ضِعفًا3، لَا يَصِيرُ مِنْهَا رَمَادًا، وَلَا يَمُوتُ: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} 4؛ لِأَنَّ أَجْسَامَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ تُرَكَّبُ5 يَوْمَئِذٍ لِلْبَقَاءِ، فَاحْتَمَلَتْ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَمِلُ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ6 جُزْءٍ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا. وَكَذَلِكَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ7 تَحْتَمِلُ أَبْصَارُهُمُ النَّظَرَ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ8، وَلَوْ قَدْ أَدْرَكَهُمْ شَيْءٌ مِنْ سُبُحَاتِ وَجْهِهِ فِي الدُّنْيَا لَاحْتَرَقُوا، كَمَا قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم9، وَلم

_ 1 فِي ط، س، ش "يحرق" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة. 2 فِي ط، س "وَكله" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 3 يدل لهَذَا مَا أخرجه الشَّيْخَانِ، وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: "نَاركُمْ جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم.." الحَدِيث. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب بَدْء الْخلق/ بَاب صفة النَّار، وَأَنَّهَا مخلوقة/ حَدِيث 3265، 330/6، وصحيح مُسلم/ تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْجنَّة وَصفَة نعيمها وَأَهْلهَا/ بَاب فِي شدَّة حر نَار جَهَنَّم/ حَدِيث 30، 2184/4. 4 انْظُر: سُورَة النِّسَاء، آيَة "56". 5 فِي ط، س، ش "تركبت". 6 فِي ط، س "من ألف ألف جُزْء". 7 فِي ط، س، ش "أَوْلِيَاء الله تَعَالَى". 8 لفظ "يَوْم الْقِيَامَة" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 9 أَي فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم تَخْرِيجه ص"711".

تَحْتَمِلْهَا أَبْصَارُهُمْ، فَهَذَا تَأْوِيلُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْفَاظُهُ، لَا مَا تأوَّلت لَهُ مِنَ التَّفْسِيرِ الْمَقْلُوبِ، الَّذِي لَا يَنْقَاسُ لِلَفْظِ الْحَدِيثِ إِلَّا أَنْ تَقْلِبَ1 لَفظه كَمَا قَلَبْتَ تَفْسِيرَهُ، فَارْبَحِ الْعَنَاءَ، فَإِنَّ2 ظَاهِرَ أَلْفَاظِهِ تَشْهَدُ عَلَيْكَ بِالتَّكْذِيبِ بِالتَّوْحِيدِ. وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ وَفِي الرِّوَايَاتِ مِنْ أَمْرِ الْحُجُبِ لِيَعْرِضَهَا عَاقِلٌ3 عَلَى قَلْبِهِ: هَلْ يَنْقَاسُ شَيْءٌ مِنْهَا4 عَلَى مَا تَأَوَّلْتَ؟ أَوَّلُ ذَلِكَ مَا رَوْيَتَهُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ عَنْ أَبِي مُوسَى5 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَاهُ6 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ7 ثَنَا جَرِيرٌ8، عَنِ الْأَعْمَشِ9 عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ10، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ11، عَنْ أَبِي مُوسَى12 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ13 قَالَ: "قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعٍ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ

_ 1 فِي ط، ش "يَنْقَلِب"، وَفِي س "يقلب". 2 فِي ط، س، ش "إِن ظَاهر". 3 فِي ط، س، ش "كل عَاقل". 4 فِي ط، ش "هَل ينقاس كل مِنْهَا". 5 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251". 6 فِي ط، س، ش "حَدَّثَنَا". 7 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، تقدم ص"188". 8 جرير بن عبد الحميد، تقدم ص"189"، وَانْظُر ص"710". 9 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 10 عَمْرو بن مرّة، تقدم ص"250". 11 أَبُو عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، تقدم ص"251"، وَانْظُر ص"711". 12 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251". 13 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، ش.

يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ 1، حجابه النُّور 2، لوكشفها لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ 3 وَجْهِهِ كُلَّ شَيْءٍ أدْركهُ بَصَره" 4. وَحَدَّثَنَا5 عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ6 ثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ بِشْرٍ الْأَنْصَارِيُّ7 قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ8 يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابر بن عبد الله9

_ كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قبل عمل اللَّيْل" قلت: وَبِهِمَا وَردت رِوَايَته، فبمَا فِي ط، ش ورد فِي مُسلم كَمَا سبق تَخْرِيجه ص"711"، وَبِمَا فِي الأَصْل رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر صُورَة رَبنَا جلَّ وَعلا ص"20". 2 فِي ط، س، ش "حجابه النَّار". قلت: وَهِي رِوَايَة أبي بكر بن أبي شيبَة فِي مُسلم. 3 انْظُر عَنى "سبحات وَجهه" ص"752". 4 الحَدِيث تقدم تَخْرِيجه ص"711". 5 فِي س "حَدثنَا" بِدُونِ وَاو. 6 عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص"151". 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 280/2: مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ الْأنْصَارِيّ الحرامي، بِفَتْح الْمُهْملَة وَالرَّاء، الْمدنِي، صَدُوق، يُخطئ، من الثَّامِنَة، ت س ق، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 180/3 أَنه روى عَن طَلْحَة بن خرَاش، وَكَذَا فِي الْمِيزَان 199/4. 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 378/1: طَلْحَة بن خرَاش -بمعجمتين- ابْن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، الْمدنِي، صَدُوق، من الرَّابِعَة/ ت س ق. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 43/2 أَنه روى عَن جَابر وَغَيره. 9 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"153".

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا1 يَقُولُ: قَالَ2 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ 3 أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ" 4. حَدَّثَنَا5 عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ6 أَخْبَرَنَا هشيم7، عَن دَاوُد8، عَن

_ 1 فِي س "جَابر رَضِي الله"، وَلَعَلَّ لَفْظَة "عَنهُ" سَقَطت. 2 فِي ط، ش "يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم". 3 فِي ط، س، ش "إِن الله لَا يكلم". 4 مَعْنَاهُ يُوَافق مَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الْآيَة، سُورَة الشورى آيَة "51"] . وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة آل عمرَان/ حَدِيث 4097، 360/8-361 قَالَ: حَدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، أخبرنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرِ الْأنْصَارِيّ بِهَذَا السَّنَد عَن جَابر مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "مَا كلم الله أحدا إِلَّا من وَرَاء حجابه وَأَحْيَا أَبَاك فَكَلمهُ كفاحًا.." الحَدِيث. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُوسَى بن إِبْرَاهِيم، وَرَوَاهُ عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وَغير وَاحِد من كبار أهل الحَدِيث، هَكَذَا عَن مُوسَى بن إِبْرَاهِيم. وَقد روى عبد الله بن حمد بن عقيل عَن جَابر شَيْئا من هَذَا. وَفِي سنَن ابْن مَاجَه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة/ بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية حَدِيث 190، 68/1 قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر وَيحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا، وَفِيه: "مَا كلم الله أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.." الحَدِيث. وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب فضل الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله/ حَدِيث 2800، 936/2 بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور عدا يحيى بن حبيب فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظِهِ. 5 فِي ط، س، ش "وَحَدَّثَنَا". 6 عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، تقدم ص"157". 7 هشيم بن بشير السّلمِيّ، تقدم ص"628". 8 الرَّاجِح أَنه دَاوُد بن أبي هِنْد، كَمَا ورد مُصَرحًا بِهِ عِنْد التِّرْمِذِيّ، انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي حَدِيث 5063، 441/8. قَالَ فِي التَّقْرِيب 235/1: دَاوُد بن أبي هِنْد، الْقشيرِي مَوْلَاهُم، أَبُو بكر أَو أَبُو مُحَمَّد، الْبَصْرِيّ، ثِقَة، متقن، كَانَ يهم بِآخِرهِ، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة أَرْبَعِينَ، وَقيل: قبلهَا/ خت م وَالْأَرْبَعَة.

الشَّعْبِيِّ1 عَنْ مَسْرُوقٍ2 عَنْ عَائِشَةَ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "مَنْ زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا رَأَى ربَّه فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، ثُمَّ تَلَتْ4: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} 5، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} . أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل هَذَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ بَشَرًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ الْآيَاتِ وَالْعَلَامَاتِ؟ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ7 أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ8، عَن عبيد الْمكتب9، عَن

_ 1 الشّعبِيّ، تقدم ص"168". 2 مَسْرُوق بن الأجدع بن مَالك الْهَمدَانِي الوادعي أَو عَائِشَة، الْكُوفِي، ثِقَة، فَقِيه عَابِد، مخضرم، من الثَّانِيَة، مَاتَ سنة 62 أَو 63/ع. انْظُر: التَّقْرِيب 242/2، والكاشف 136/3. 3 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252". 4 لفظ "ثمَّ تلت" لَيْسَ فِي شَيْء، ولعلها سَقَطت. 5 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103". 6 سُورَة الشورى، آيَة "51". قلت: والْحَدِيث تقدم تَخْرِيجه، انْظُر ص"726". 7 مُحَمَّد بن كثير أرجِّح أَنه الْبَصْرِيّ، تقدم ص"268". 8 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 9 فِي س "عبد الْمكتب" وَصَوَابه عبيد بِالتَّصْغِيرِ، تقدّمت تَرْجَمته ص"261".

مُجَاهِدٍ1 عَنِ ابْنِ عُمَرَ2 قَالَ: "احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْ3 خَلْقِهِ بِأَرْبَعٍ: بِنَارٍ وَظُلْمَةٍ وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ"4، أَفَيَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَلَى اللَّهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَرْبَعِ عَلَامَاتٍ وَأَرْبَعِ دَلَائِلَ وَنَارٍ وَظُلْمَةٍ وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ؟ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ5، عَنْ حمَّاد بْنِ سَلَمَةَ6، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ7، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى8 "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ9 جِبْرِيلَ10: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَانْتَفَضَ جِبْرِيلُ11 وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ

_ 1 مُجَاهِد بن جبر، تقدم ص"252". 2 فِي ط، س، ش "عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ" تقدَّمت تَرْجَمته ص"245". 3 فِي ط، س، ش "عَن خلقه" وَبِمَا فِي الأَصْل ذكره الدَّارمِيّ أَيْضا فِي الرَّد على الْجَهْمِية تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش وَتَخْرِيج الألباني ص"37"، وَبِمَا فِي بَقِيَّة النّسخ ذكره السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة، ط. الثَّالِثَة ص"16". 4 تقدم تَخْرِيجه، انْظُر ص"749". 5 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدَّم ص"168". 6 حمَّاد بن سملة، تقدم ص"187". 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 518/1: عبد الْملك بن حبيب الْأَزْدِيّ أَو الْكِنْدِيّ أَبُو عمرَان الْجونِي، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة من كبار الرَّابِعَة مَاتَ سنة 28 وَقيل بعْدهَا/ ع. 8 فِي ط، س، ش "زُرَارَة بن أوفى رَضِي الله عَنهُ" قَالَ فِي التَّقْرِيب 259/1 زُرَارَة: بِضَم أَوله، ابْن أوفى العامري الْحَرَشِي: بِمُهْملَة وَرَاء مفتوحيتين ثمَّ مُعْجمَة، أَبُو حَاجِب الْبَصْرِيّ قاضيها، ثِقَة، عَابِد، من الثَّالِثَة، مَاتَ فَجْأَة فِي الصَّلَاة سنة 93/ع، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 321/1: كَانَ يقص فِي دَاره وَقد أم فَقَرَأَ "فَإِذا نقر فِي الناقور" فشهق فَمَاتَ، وَانْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 439/3، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل لِابْنِ أبي حَاتِم 603/3. 9 لفظ "سَأَلَ" لَيْسَ فِي ش، وَلَعَلَّه سقط. 10 فِي ط ش "جِبْرَائِيل" تقدم ص"389". 11 انْظُر تَرْجَمته ص"389".

سَبْعِينَ حِجَابًا مِنْ نُورٍ، لَوْ دَنَوْتُ مِنْ أَدْنَاهَا حِجَابًا لَاحْتَرَقْتُ"1، أَفَيَجُوزُ أَنْ يتأوَّل عَلَى جِبْرِيلَ2 أَنْ يَقُولَ: بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّهِ سَبْعِينَ عَلَامَةً وَدِلَالَةً مِنْ نُورٍ، لَوْ دَنَوْتُ مِنْ أَدْنَاهَا لَاحْتَرَقْتُ؟ أَمْ يَجُوزُ أَنْ يتأوَّل عَلَى جِبْرِيلَ أَنَّهُ لَا يَسْتَدِلُّ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَاحِدِ3 لِمَا رَأَى وَشَاهَدَ من آيَاته

_ 1 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد مُرْسل، وَقد أوردهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ والكرسي ص”403" قَالَ: "قَالَ ابْن شَقِيق: بَلغنِي فِي حَدِيث أنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بَيْننَا وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا، لَو دَنَوْت من أحدهن لاحترقت" قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا الَّذِي ذكره ابْن شَقِيق يرْوى عَن زُرَارَة بن أبي أوفى "كَذَا" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرْسلا. قلت: وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سهل بن سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "دون الله تَعَالَى سَبْعُونَ ألف حجاب من نور وظلمة، مَا تسمع نفس حس شَيْء من تِلْكَ الْحجب إِلَّا زهقت نَفسهَا"، وبنحوه عَن مُجَاهِد وَابْن أبي نجيح، انْظُر: الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”402-403". وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ تَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر صُورَة رَبنَا عز وَجل ص”21" عَن هشيم عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: "بَين الْمَلَائِكَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا، حجاب من نور وحجاب من ظلمَة وحجاب من نور وحجاب من ظلمَة"، وَأخرجه أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة/ مخطوط لوحة 47 من طَرِيق آخر عَن أَيُّوب عَن أنس، إِلَّا أَنه قَالَ: "حِجَابا من نَار أَو نور"، وَمن طَرِيق مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بِسَنَد الدَّارمِيّ عَن زُرَارَة بن أوفى مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ "الْمصدر نَفسه لوحة 48". وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة/ ط. الثَّالِثَة 17/1 عَن الْعقيلِيّ قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا أَبُو حَاتِم حَدثنَا أَبُو سَلمَة مُوسَى بن إِسْمَاعِيل بِسَنَد الدَّارمِيّ عَن زُرَارَة بن أبي أوفى "كَذَا" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ جِبْرِيل وَذكره بِلَفْظِهِ وَقَالَ: هَذَا مُسْند صَحِيح الْإِسْنَاد. 2 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389". 3 فِي ط، ش "الْوَاحِد الْأَحَد".

وَعَلَامَاتِهِ إِلَّا بِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْحُجُبِ الَّتِي ادَّعَيْتَ أَنَّهَا دَلَائِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَاحِدِ الْمَعْرُوفِ؟ أَوَلَمْ يكتفِ جِبْرِيلُ1 بِمَا رَأَى وَعَايَنَ مِنَ الدِّلَالَاتِ وَالْعَلَامَاتِ عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَهُوَ السَّفِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُسُلِهِ، حَتَّى يَسْتَدِلَّ2 عَلَيْهِ بِالْحُجُبِ الَّتِي ادَّعَيْتَ أَنَّهَا آيَاتُهُ وَعَلَامَاتُهُ؟ وَلَوْ قَدْ3 رُزِقْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ شَيْئًا مِنَ الْعَقْلِ عَلِمْتَ أنَّ مَا تَدَّعِي زُورٌ وَبَاطِلٌ4، وَلَكِنْ قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ5 فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" 6.

_ 1 فِي س "أوَ لم يكتف من جِبْرِيل". 2 فِي ط، س، ش "حَتَّى اسْتدلَّ". 3 فِي ط، س، ش "لَو رزقت". 4 فِي ط، ش "زورًا وباطلًا"، وَلَا وَجه للنصب هُنَا إِلَّا إِذا اعْتبرنَا "أَنما" أَدَاة حصر فَتكون زورًا مَفْعُولا "لتدعي" وَلَيْسَت كَذَلِك هُنَا، وَفِي س "زورًا وباطل" وَلَا يَسْتَقِيم. 5 فِي ط، ش "تستح". 6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء/ بَاب 54 حَدِيث 3483، 51/6 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَام النُّبُوَّة: إِذا لم تَسْتَحي فافعل مَا شِئْت". وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنَن وَمَعَهُ معالم السّنَن للخطابي/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب الْأَدَب/ بَاب الْحيَاء/ حَدِيث 4797، 148/5-149 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تستحِ فافعل مَا شِئْت". وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الزّهْد/ بَاب الْحيَاء/ حَدِيث 4183، 1400/2 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ.

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ2 عَنِ الْمُثَنَّى3 عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ4 عَنْ أَبِيهِ5، عَنْ جَدِّهِ6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "احْتَجَبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ خَلْقِهِ بَأَرْبَعٍ: بِنَارٍ وَظُلْمَةٍ ثُمَّ بِنُورٍ وَظُلْمَةٍ، مِنْ فَوْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَالْبَحْرُ الْأَعْلَى فَوْقَ ذَلِك كلهَا تَحت الْعَرْش" 7.

_ 1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص”171". 2 الرَّاجِح أَنه يحيى بن أَيُّوب الغافقي، تقدم ص”234"، وَذكر الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 1490/3 أَنه روى عَن مثنى بن الصَّباح، وَعنهُ أَبُو صَالح عبد الله ابْن صَالح الْمصْرِيّ. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 228/2: الْمثنى بن الصَّباح، بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَة الثَّقِيلَة، الْيَمَانِيّ، الأبناوي: بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُوَحدَة بعْدهَا نون، أَبُو عبد الله أَو أَبُو يحيى، نزيل مَكَّة، ضَعِيف، اخْتَلَط بِآخِرهِ وَكَانَ عابدًا، من كبار السَّابِعَة، مَاتَ سنة 49/ د ت ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 119/3: عَن عَطاء وَمُجاهد وَعَمْرو بن شُعَيْب، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1303/3: وَعنهُ يحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 72/2: عَمْرو بن شُعَيْب بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بن الْعَاصِ، صَدُوق، من الْخَامِس، مَاتَ سنة 18/ ز وَالْأَرْبَعَة. 5 شُعَيْب بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو بن الْعَاصِ، صَدُوق، ثَبت، سَمَاعه من جده، من الثَّامِنَة/ بخ ز والأبعة، انْظُر: التَّقْرِيب 353/1. 6 المُرَاد بِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"265". قلت: وَأوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة 16/1 عَن الْعقيلِيّ بعد أَن ذكر بِنَحْوِهِ عَن عَمْرو بن الحكم بن ثَوْبَان عَن عَمْرو، قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا مُحَمَّد بن إِدْرِيس حَدثنَا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَن الْمثنى بن الصَّباح وَعَن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَن جده عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "احتجب رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى عَن جَمِيع خلقه بِأَرْبَع: نَار وظلمة، ثمَّ بِنور فظلمة مِنْ فَوْقِ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْبَحْرُ الْأَعْلَى فَوْقَ ذَلِكَ كُلِّهِ تَحْتَ الْعَرْش" فَهَذِهِ مُتَابعَة ابْن الحكم فِي حَدِيث ابْن عَمْرو، والمثنى بن الصَّباح أخرجه لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، وَقَالَ فِيهِ: أَبُو حَاتِم لين الحَدِيث.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1، عَنْ حُبَابَةَ بِنْتِ عَجْلَانَ الْخُزَاعِيَّةِ2 عَنْ أُمِّهَا أُمِّ حَفْصٍ3 عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ جَرِيرٍ4 عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَدَّاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ5 قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "دُعَاءُ الْوَالِدَةِ يُفْضِي إِلَى الْحجاب" 6.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص”168". 2 فِي الأَصْل "حبانة بن بنت عجلَان"، وَفِي ط، س، ش "حبابة بنت عجلَان" وَهُوَ الصَّوَاب، وَبِه جَاءَ إِسْنَاد ابْن مَاجَه، قَالَ ابْن حجر: حبابة بنت عجلَان لَا يعرف حَالهَا، بصرية، من السَّابِعَة/ ق، التَّقْرِيب 594/2، وَفِي الكاشف 467/3 أَنَّهَا رَوَت عَن أمِّها وعنها أَبُو سَلمَة التَّبُوذَكِي. 3 لَفْظَة "أمهَا" لَيست فِي ط، ش، ولعلها سَقَطت، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 620/2: أم حفصن وَالِدَة حبابة بنت عجلَان، يُقال: اسْمهَا حَفْصَة، لَا يعرف حَالهَا، من السَّابِعَة/ ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 487/3: عَن صَفِيَّة بنت جرير، وعنها حبابة بنت عجلَان. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 603/2: صَفِيَّة بنت جرير، لَا تعرف، من الثَّالِثَة/ ق، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 474/3: عَن أم حَكِيم الْخُزَاعِيَّة، وعنها أم حَفْص. 5 فِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنْهَا". قَالَ فِي التَّقْرِيب 621/2: أم حَكِيم بنت وداع، وَقيل: وادع الْخُزَاعِيَّة، لَهَا صُحْبَة، وَحَدِيث/ ق، وَفِي الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 426/4 أَنَّهَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وعنها صَفِيَّة بنت جرير، وَانْظُر: أَسد الغابة 578/5، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 427/4، وتهذيب التَّهْذِيب 465/12. 6 الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد فِيهِ مَجَاهِيل لَا يقوم بِهِ حجَّة، فيلتمس لَهُ طرق أُخْرَى غير =

وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! قَدْ عَلِمَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ1 أَنَّ أَلْفَاظَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا ادَّعيت مِنْ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ الْمَقْلُوبَةِ، وَأَنَّ لِلَّهِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ وَعَلَامَةٍ، فَكَيْفَ لَمْ يَحْتَجِبْ مِنْهَا إِلَّا بِأَرْبَعٍ، جَعَلَهَا دِلَالَةً وَعَلَامَةً عَلَى مَعْرِفَتِهِ؟ وَسَائِرُهَا لَا تدل2 فِي دعواك؟.

_ = هَذَا، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي، كتاب الدُّعَاء/ بَاب دَعْوَة الْوَالِد ودعوة الْمَظْلُوم، حَدِيث 3863، 1261/2 قَالَ: حدَّثنا مُحَمَّد بن يحيى، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، حَدَّثتنَا حبابة ابْنة عجلَان بِهَذَا السن مَرْفُوعا بِلَفْظ: "دُعَاء الْوَالِد يُفْضِي إِلَى الْحجاب". قَالَ مُحَمَّد فؤاد فِي تَعْلِيقه: "وَفِي الزَّوَائِد فِي إِسْنَاده مقَال، لِأَن جَمِيع من ذكر فِي إِسْنَاده مقَال، لِأَن جَمِيع من ذكر فِي إِسْنَاده من النِّسَاء لم أرَ من جرحهن وَلَا من وثقهن، وَأَبُو سَلمَة هُوَ التَّبُوذَكِي واسْمه مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، ثِقَة، وَكَذَا الرَّاوِي عَنهُ" انْتهى. 1 فِي ط، س، ش "كل ذِي عقل وَعلم". 3 فِي ط، ش "لَا يدل".

باب إثبات الضحك

بَابُ: إِثْبَاتِ الضَّحِكِ 1 / ثُمَّ أَنْشَأَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا مُنْكِرًا أنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى شَيْءٍ ضَحِكًا هُوَ الضَّحِكُ، طَاعِنًا عَلَى2 الرِّوَايَاتِ الَّتِي نُقِلَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَسِّرُهَا أَقْبَحَ التَّفْسِيرِ3 وَيَتَأَوَّلُهَا أَقْبَحَ التَّأْوِيلِ. فَذَكَرَ مِنْهَا حَدِيثَ أَبِي مُوسَى4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "يَتَجَلَّى رَبُّنَا ضَاحِكًا يَوْم الْقِيَامَة" 5.

_ 1 العنوان فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ. 2 فِي س "فِي" بدل "على". 3 فِي ط، ش "التفاسير"، وَفِي س "تَفْسِير". 4 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"251". 5 حَدِيث أبي مُوسَى أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد. أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب جـ407/4، قَالَ: حَدثنَا عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا حسن بن مُوسَى وَعَفَّان، قَالَا: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَليّ ابْن يزِيد عَن عمَارَة عَن أبي بردة عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "يجمع الله الْأُمَم فِي صَعِيد يَوْم الْقِيَامَة ... إِلَى أَن قَالَ-: كَيفَ تعرفونه وَلم تروه؟ فَيَقُولُونَ: نعم، إِنَّه لَا عدل لَهُ، فيتجلى لنا ضَاحِكا.." الحَدِيث. وَفِي الْمسند أَيْضا 383/3 عَن جَابر مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "فيتجلى لَهُم يضْحك" وَانْظُر أَيْضا: الْمسند 407/4 عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا. وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر إِثْبَات ضحك رَبنَا عز وَجل ص"236" عَن أبي مُوسَى، وَفِيه: "يتجلى رَبنَا عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة ضَاحِكا". وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق حَامِد الفقي/ ص"280" عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا.

وَأَيْضًا حَدِيثَ أَبِي رَزِينٍ الْعَقِيلِيِّ1 أَنَّهُ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ2، أَيَضْحَكُ الرَّبُّ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ" فَقَالَ: لَنْ3 نَعْدَمَ مِنْ ربِّ يَضْحَكُ خيرا"4.

_ 1 لَقِيط بن صبرَة، فتح الْمُهْملَة وَكسر الْمُوَحدَة، صَحَابِيّ مَشْهُور، وَيُقَال إِنَّه جده وَاسم أَبِيه عَامر، وَهُوَ أَبُو رزين الْعقيلِيّ، وَالْأَكْثَر على أَنَّهُمَا اثْنَان/ بخ وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 138/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 305/3-306، وَأسد الغابة 266/4، والإصابة ذيل الِاسْتِيعَاب 311/3. 2 لم يرد لفظ الْجَلالَة فِي ش، وَظَاهر أَنه سقط سَهوا. 3 فِي س "لَا نعدم" قلت: وَبِمَا فِي الأَصْل وَردت الرِّوَايَة عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه. 4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 11/4، قَالَ: حَدثنِي عبد الله حَدثنِي أبي قَالَ: ثَنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ: أَنا حمَّاد بن سَلمَة عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ وَكِيع بن حدس عَن عَمه أبي رزين قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقرب غَيره"، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَو يضْحك الرب عز وَجل؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ: لَنْ نَعْدَمَ من رب يضْحك خيرا". وَانْظُر الْمصدر نَفسه 12/4 بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، إِلَّا أَن فِيهِ "بهز وَحسن" بدل "يزِيد بن هَارُون". وَانْظُر الْمصدر نَفسه 13/4 عَن أبي رزين مَرْفُوعا فِي أثْنَاء حَدِيث طَوِيل وَذكره بِنَحْوِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية/ حَدِيث 181، 64/1 قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة ثَنَا يزِيد بن هَارُون أَنبأَنَا حَمَّاد بن سَلمَة بِإِسْنَاد الإِمَام أَحْمد وَلَفظه. وبنحوه أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي كتاب التَّوْحِيد/ بَاب إِثْبَات الضحك/ ص"235" عَن عَائِشَة مَرْفُوعا. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك ص"473" عَن أبي رزين مَرْفُوعا.

أَو حَدِيث1 جَابِرٍ2 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَحِكِ الرَّبِّ4. فادَّعى الْمُعَارِضُ فِي تَفْسِيرِ الضَّحِكِ5 أنَّ ضَحِكَ الرَّبِّ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ، وَصَفْحُهُ عَنِ الذُّنُوبِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ: رَأَيْتَ زَرْعًا يَضْحَكُ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدْ كَذَبْتَ فِيمَا6 رَوَيْتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ7 شَبَّهْتَ8 ضَحِكَهُ بِضَحِكِ الزَّرْعِ؛ لأنَّ ضحك الزَّرْع لَيْسَ

_ 1 فِي ط، س، ش "وَحَدِيث". 2 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”153". 3 لَفْظَة "أَيْضا" لَيست فِي ش. 4 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب أدنى أهل الْجنَّة منزلَة فِيهَا، حَدِيث 316، 177/1 بِسَنَدِهِ إِلَى أبي الزبير أَنه سمع جَابر بن عبد الله يسْأَل عَن الْوُرُود فَذكره إِلَى أَن قَالَ: "ثمَّ يأتينا رَبنَا بعد ذَلِك فَيَقُول: من تنْظرُون؟ فَيَقُولُونَ: نَنْظُر رَبنَا، فَيَقُول: أَنا ربكُم، فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُر إِلَيْك، فيتجلى لَهُم يضْحك ... " الحَدِيث. 5 فِي الأَصْل: "الرب" بدل "الضحك" وَقَالَ فِي الْهَامِش: لَعَلَّه الضحك، قلت: وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى. قلت: وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى. وَفِي ط، ش "فِي تَفْسِيره أَنَّ ضَحِكَ الرَّبِّ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ" وَكَذَلِكَ فِي س، إِلَّا أَنه كرَّر الْعبارَة. 6 فِي ط، س، ش "كذبت بِمَا". 7 لفظ "فِي الضحك" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 8 فِي ط، س، ش "إِذْ شبهت".

بِضَحِكٍ، إِنَّمَا هُوَ خُضْرَتُهُ وَنَضَارَتُهُ، فَجُعِلَ1 مَثَلًا لِلضَّحِكِ، فعمَّن رَوَيْتَ هَذَا التَّفْسِيرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، أنَّ ضَحِكَ الرَّبِّ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ؟ فسمِّه2 وَإِلَّا فَأَنْتَ المحرِّف قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَأْوِيلِ ضَلَالٍ، إِذْ شَبَّهْتَ ضَحِكَ اللَّهِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ الْفَعَّالِ لِمَا يَشَاءُ ذِي الْوَجْهِ الْكَرِيمِ، وَالسَّمْعِ السَّمِيع والبصرالبصير، بِضَحِكِ الزَّرْعِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا ضَحِكَ لَهُ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الضَّحِكِ وَإِنَّمَا ضَحِكُهُ يُمَثَّلُ، وَضَحِكُ اللَّهِ لَيْسَ يُمَثَّلُ3. وَيْحَكَ4! إِنَّ ضَحِكَ الزَّرْعِ نَضَارَتُهُ وَزَهْرَتُهُ وَخُضْرَتُهُ، فَهُوَ أَبَدًا مَا دَامَ أَخْضَرُ ضَاحِكٌ5 لِكُلِّ أَحَدٍ لِلْوَلِيِّ وَالْعَدُوِّ6 وَلِمَنْ يَسْقِيهِ، وَلِمَنْ يَحْصُدُهُ، لَا يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى شَيْءٍ. وَاللَّهُ يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِ عِنْدَمَا يُعْجِبُهُ فِعَالُهُمْ7، وَيَصْرِفُهُ عَنْ أَعْدَائِهِ فِيمَا يُسْخِطُهُ من أفعالهم.

_ 1 فِي ط، ش "فَجَعَلته". 2 فِي س "فَسَمِّيهِ"، وَقَالَ النَّاسِخ: "لَعَلَّه فسمه". قلت: وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهُ فعل أَمر مَبْنِيّ على حذف حرف الْعلَّة. 3 فِي س "يمثل". 4 فِي ط، س، ش "وَيحك أَيهَا الْمعَارض". 5 فِي ط، س، ش "ضَاحِكا" بِالنّصب، وَكِلَاهُمَا مُحْتَمل، فعلى النصب تكون صفة لقَوْله أَخْضَر الْوَاقِعَة خَبرا لـ "مَا دَامَ"، وبالرفع على أَنَّهَا خبر للضمير "هُوَ". 6 فِي ط، س، ش "وللعدو". 7 فِي ط، س، ش "يُعجبهُ من فعالهم".

فَالدَّلِيلُ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ أَنَّهُ يَضْحَكُ إِلَى قَوْمٍ وَيَصْرِفُهُ عَنْ قَوْمٍ، أنَّ1 ضَحِكَ الزَّرْعِ مَثَلٌ عَلَى الْمَجَازِ، وَضَحِكَ اللَّهِ أَصْلٌ وَحَقِيقَةٌ لِلضَّحِكِ، وَيَضْحَكُ كَمَا يَشَاءُ، وَالزَّرْعُ أَبَدًا نَضَارَتُهُ وَخُضْرَتُهُ الَّتِي سَمَّيْتَهُ2 ضَحِكًا قَائِمٌ أَبَدًا3 حَتَّى يُسْتَحْصَدَ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ ضَحِكَهُ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ، فَقَدْ صَدَقْتَ فِي بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْحَكُ إِلَى أحد4 إِلَّا عَن رضى5 فَيَجْتَمِعُ مِنْهُ الضَّحِكُ وَالرِّضَا. وَلَا يَصْرِفُهُ إِلَّا عَنْ عَدُوٍّ وَأَنْتَ تَنْفِي الضَّحِكَ عَنِ اللَّهِ، وَتُثْبِتُ لَهُ الرِّضَا وَحْدَهُ، وَلَئِنْ جَزَعْتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى6 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ حَتَّى نَفَيْتَهُ7 عَنِ الله بِمَعْنى ضحك الزَّرْع، مَالك مِنْ رَاحَةٍ فِيمَا رَوَى8 عَنْهُ ابْنَ مَسْعُودٍ9 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا يُكَذِّبُ دَعْوَاكَ وَيَسْتَحِيلُ بِهِ تفسيرك.

_ 1 فِي ط، س، ش "وَأَن ضحك الزَّرْع". 2 كَذَا فِي الأَصْل وَبَقِيَّة النّسخ. 3 فِي ط، س، ش "أبدا قَائِم". 4 فِي ط، س، ش "لَا يضْحك لأحد". 5 فِي س "رِضَاهُ". 6 أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"251"، قلت: تقدم حَدِيثه ص"769". 7 فِي ط، س، ش "حَتَّى تنفيه". 8 فِي ط، س، ش "فِيمَا يروي". 9 ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"190".

حَدَّثَنَا1 مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2 ثَنَا حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ3 عَنْ ثَابِتٍ4 عَنْ أَنَسٍ5 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ6 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آخر رجل يدْخل الْجنَّة ي مشي 7 يَكْبُو عَلَى الصِّرَاطِ وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فَإِذَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي أَنْجَانِي مِنْكِ، فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ 8/ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ ادْنُنِي مِنْهَا، فَيُدْنِيَهُ 9 حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ لَهُ 10: يَا ابْنَ آدَمَ، أَيُرْضِيكَ أَنْ أَعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ بِي وَأَنْتَ ربُّ الْعَالَمِينَ"؟ فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَسْأَلُنِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ضَحِكَ11 ثُمَّ قَالَ: "أَلا تَسْأَلُونِي

_ 1 فِي ط، س، ش "حَدثنَا". 2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص”168". 3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص”187". 4 ثَابت الْبنانِيّ، تقدم ص”201". 5 أنس رَضِي الله عَنهُ لم يرد فِي ط، س، ش، وَلَعَلَّه سقط سَهوا؛ فقد ورد فِي إِسْنَاد مُسلم وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة. 6 فِي ط، س، ش "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص”190". 7 فِي ط، س، ش "رجل يمشي" وَبِه ورد عِنْد أَحْمد وَكَذَا الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، وَفِي مُسلم وَرِوَايَة عِنْد أَحْمد "رجل فَهُوَ يمشي". 8 فِي ط، ش "فَترفع لَهُ الْجنَّة"، وَفِي مُسلم وَالْإِمَام أَحْمد والآجري فِي الشَّرِيعَة "شَجَرَة". 9 لَفْظَة "فيدنيه" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت، وَفِي ط، س "فيدنيه مِنْهَا" وَبِه ورد عِنْد مُسلم وَأحمد والآجري. 10 فِي ط، س، ش "ليقول: يَا ابْن آدم". 11 قَوْله: "ضحك" لَيست فِي ط، س، ش، قلت: ولعلها سَقَطت فقد وَردت عِنْد مُسلم وَأحمد والآجري.

مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ؟ فَقَالَ: مِنْ ضَحِكِ ربِّ الْعَالَمِينَ مِنْهُ حِينَ يَقُولُ: أَتَسْتَهْزِئُ بِي، فَيَقُولُ اللَّهُ 1: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ، فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ" 2. أَفَلَا3 تَسْمَعُ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْهُ"، أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ ضَحِكَ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ يُقَال4 للزَّرْع:

_ 1 فِي ط، س، ش "فَيَقُول الله تَعَالَى". 2 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِيمَان، بَاب آخر أهل النَّار خُرُوجًا مِنْهَا/ حَدِيث 310، 174/1، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، حَدثنَا ثَابت عَن أنس عَن ابْن مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "آخِرُ من يدْخل الْجنَّة رجل فَهُوَ يمشي مرّة ويكبو مرّة وتسفعه النَّار مرّة، فَإِذا مَا جَاوَزَهَا الْتَفَتَ إِلَيْهَا فَقَالَ: تَبَارَكَ الَّذِي نجاني مِنْك ... " ثمَّ ذكره بأطول من هَذَا، وَفِيه: "فَترفع لَهُ شَجَرَة -إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: فَضَحِك ابْن مَسْعُود فَقَالَ: أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِم تضحك؟ فَقَالَ: هَكَذَا ضحك رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالُوا: مِم تضحك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: "من ضحك رب الْعَالمين حِين قَالَ: أتستهزئ مني وَأَنت رب الْعَالمين؟ فَيَقُول: إِنِّي لَا أستهزئ مِنْك، ولكنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 391/1-392 من طَرِيق ثَابت الْبنانِيّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عبد الله بن مَسْعُود مَرْفُوعا بِنَحْوِ لفظ مُسلم، وَفِي الْمسند أَيْضا 410/1-411 عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عبد الله بن مَسْعُود بِنَحْوِ لفظ مُسلم. 3 فِي ط، س، ش "أَولا". 4 فِي ط، س، ش "لِأَنَّهُ لَا يُقَال" وَمَا فِي الأَصْل هُوَ الْمُتَّجه.

يَضْحَكُ وَلَا يُقال يَضْحَكُ1 مِنْ أَحَدٍ وَلَا مِنْ أَجْلِ أَحَدٍ، وإنِّا لَمْ نَجْهَلْ مَجَازَ2 هَذَا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَلَكِنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، فَقَدْ سَمِعْنَا قَوْلَ الْأَعْشَى3 وَفَهِمْنَا مَعْنَاهُ، وَهُوَ مِنْ مَعْنَى ضَحِكِ الرَّبِّ بَعِيدٌ4، إِذْ يَقُولُ: مَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْحَزْنِ5 مُعْشِبَةٌ ... خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْهَا مُسْبِلٌ6 هَطِلُ يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ7 ... مُؤْزِرٌ8 بِغَمِيمِ9 النبت مكتهل10

_ 1 فِي ط، س، ش "ضحك من أحد". 2 لَفْظَة "مجَاز" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت. 3 أعشى بكر مَيْمُون بن قيس، تقدم ص"486". 4 فِي ط، س، ش "بعد" وَسِيَاق الأَصْل أوضح. 5 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 213/4: "الحَزْنُ مَا غَلُظَ من الأَرْض وارتفع". 6 مُسبل: أَي مطر مُسبل: قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 392/3: وأسبَلَت السَّمَاء: أمْطرت. 7 أَي مشرق زاه من الْإِشْرَاق، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 248/3-249: "الشرق: الشَّمْس ويحرك، والشَّقُّ، والمشرق، والضوء يدْخل من شقّ الْبَاب، ويُكْسر" بِتَصَرُّف. 8 مؤزر أَي لابس إزارًا، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 363/1 مَادَّة "الأزر": "والإزار الملحَفَة، وَيُؤَنث كالمِئِزر". 9 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي بَقِيَّة النّسخ "بعميم" بِالْمُهْمَلَةِ. 10 فِي ط، س، ش "مكتمل"، وَبِمَا فِي الأَصْل ورد فِي ديوَان الْأَعْشَى وَالْعقد الفريد. قلت: المكتهل: التَّام المتناهي قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس مَادَّة =

فَالزَّرْعُ مَا دَامَ أَخْضَرَ فَهُوَ مُضَاحِكُ1 الشَّمْسِ أَبَدًا، لَا يخصُّ بِضَحِكِهِ أَحَدًا وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ. وَاللَّهُ يَضْحَكُ إِلَى قَوْمٍ وَيَصْرِفُهُ عَنْ آخَرِينَ. وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ2 ثَنَا حَمَّادُ3 أَخْبَرَنَا يعلى بن عَطاء4،

_ = "الكهل" 47/4: "ونَبتٌ كَهْلٌ ومُكتهِلٌ: متُناه". قلت: والبيتان يُنسبان إِلَى الْأَعْشَى مَيْمُون بن قيس، من قصيدته الَّتِي مطْلعهَا: ودع هُرَيْرَة إِن الركب مرتحلُ ... وَهل تطِيق وداعًا أَيهَا الرجلُ انْظُر: ديوَان الْأَعْشَى الْكَبِير/ شرح وَتَعْلِيق د. مُحَمَّد مُحَمَّد حُسَيْن ص"93". وَانْظُر أَيْضا: العقد الفريد لِابْنِ عبد ربه/ تَحْقِيق مُحَمَّد سعيد الْعُرْيَان/ طبعة دَار الْفِكر/ 280/3، 228/6. 1 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "ضَاحِك للشمس". 2 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 3 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". قلت: وَلم يرد ذكر حَمَّاد فِي ط، ش حَيْثُ ورد الْإِسْنَاد هُنَاكَ بقوله: "حَدثنَا أَبُو يعل -بدل حَمَّاد- أخبرنَا يعلى عَن عَطاء" وَلَعَلَّ هَذَا الْإِبْدَال وهمٌ من النَّاسِخ إِذْ لم أجد فِي شُيُوخ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو يعلى هَذَا وَلَا هُوَ فِي تلاميذ يعلى بن عَطاء، وَكَذَا فِي تَرْجَمَة أبي يعلى مُحَمَّد بن الصَّلْت وَأبي يعلى الْمُنْذر بن يعلى لم أجد أَنَّهُمَا رويا عَن يعلى بن عَطاء وَلَا أَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل روى عَنْهُمَا. انْظُر: تَهْذِيب الْكَمَال للمزي ص"1213-1374-1384-1556". 4 يعلى بن عَطاء العامري، تقدم ص"628".

عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ1 عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعَقِيلِيِّ2 عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ، قَالَ أَبُو رَزِينٍ3: أَيَضْحَكُ الرَّبُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَنْ نَعْدَمَ4 مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا " 5، فَهَذَا حَدِيثُكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ الَّذِي رَوَيْتَهُ وَثَبَتَّهُ وَفَسَّرْتَهُ، وَأَقْرَرْتَ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهُ، فَفِي نَفْسِ حَدِيثِكَ هَذَا مَا يَنْقُضُ دَعْوَاكَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي رَزِينٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ7 لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: أيضحك الرب؟ وَلَو

_ 1 كَذَا فِي الأَصْل، وَبَقِيَّة النّسخ بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ مِمَّا ورد فِي تَسْمِيَته، قَالَ فِي التَّقْرِيب 331/2: وَكِيع بن عدس بمهملات وَضم أَوله وثانيه، وَقد يفتح ثَانِيه، وَيُقَال: بِالْحَاء، بدل الْعين، أَبُو مُصعب الْعقيلِيّ بِفَتْح الْعين، الطَّائِفِي، مَقْبُول، من الرَّابِعَة/ الْأَرْبَعَة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 237/3 أَنه روى عَن أبي رزين وَعنهُ يعلى بن عَطاء. 2 فِي ط، ش "عَن أبي زيد الْعقيلِيّ" وَظَاهر خَطؤُهُ بِدَلِيل أَنه ذكر فِي السطور بعده "بِأبي رزين" وَأَيْضًا فَالْحَدِيث عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه عَن أبي رزين قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”770". 3 فِي ط، ش "أَبُو زيد" أَيْضا. 4 فِي س "لَا نعدم". 5 تقدم تَخْرِيجه ص"770"، وَقد جَاءَ عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنِ وَكِيع عَن عَمه أبي رزين مَرْفُوعا، وَمن طرق أُخْرَى لَيْسَ فِيهَا "أَبُو يعلى" الَّذِي ورد فِي ط، ش. 6 أَبُو رزين الْعقيلِيّ، تقدم ص"770". 7 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

كَانَ تَفْسِيرُ الضَّحِكِ الرِّضَى1 وَالرَّحْمَةُ وَالصَّفْحُ مِنَ الذُّنُوبِ فَقَطْ، كَانَ أَبُو رَزِينٍ2 فِي دَعْوَاكَ إِذًا3 جَاهِلًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ4 ربَّه يرحم ويرضى ويغفرالذنوب، حَتَّى يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَرْحَمُ رَبُّنَا وَيَغْفِرُ وَيَصْفَحُ عَنِ الذُّنُوبِ؟ بَلْ هُوَ كَافِر فِي دعواك، إِذا لم يعرف الله بالرضى وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَصَفْحِهِ عَنِ الذُّنُوبِ، مَا كَانَ لَهُ فِيهِ مَنْدُوحَةٌ5 عَنْ رَسُولِ6 اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَغْفِرُ رَبُّنَا وَيَرْحَمُ؟ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَمَّا لَا يَعْلَمُ لَا عَمَّا عَلِمَ7 وَآمَنَ بِهِ قَبْلُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَوَجَدَ فِيهِ ذِكْرَهُ، وَلَمْ يَجِدْ فِيهِ ذكرالضحك. فَلَمَّا أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَضْحَكُ قَالَ: "لَا نَعْدَمُ8 مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا"9، وَلَوْ كَانَ عَلَى تَأْوِيلِكَ لَاسْتَحَالَ أَنْ يَقُولَ أَبُو رَزِينٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

_ 1 فِي الأَصْل وس "الرِّضَا"، وَفِي ط، ش "الرضى" بِالْألف الْمَقْصُورَة. 2 أَبُو رزين الْعقيلِيّ، تقدم ص"770". 3 فِي ط، ش "إِذن". 4 فِي ش "أَنه ربه" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 5 "مندوحة" أَي سَعَة، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 252/1 مَادَّة "الندح" قَالَ: "وَيضم الْكَثْرَة وَالسعَة وَمَا اتَّسع من الأَرْض، كالنَّدحة والنُّدحة والمَندوحة والمنتدح وَسَنَد الْجَبَل". 6 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "عَن سُؤال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، وَهُوَ أليق وأوضح. 7 فِي ط، س، ش "لَا عَن علم مَا علم". 8 فِي ط "لن نعدم" وَلَعَلَّه خطأ من النَّاسِخ. 9 تقدم تَخْرِيجه ص"770".

لَا نَعْدَمُ1 مِنْ رَبٍّ يَرْحَمُ ويرضى ويغفرخيرًا، لِمَا أَنَّهُ قَدْ آمَنَ وَقَرَأَ قَبْلُ فِي كِتَابِهِ: {إنِّهُ غَفُورٌ رَّحيمٌ} ، فَاعْقِلْهُ، وَمَا أَرَاكَ تَعْقِلُهُ. ثُمَّ لم تأنف من هَذَا التَّأْوِيلَ حَتَّى ادَّعيت عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ يُفَسِّرُونَ ضَحِكَ اللَّهِ عَلَى مَا يَعْقِلُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَهَذَا كَذِبٌ تَدَّعِيهِ عَلَيْهِمْ؛ لأنَّا لَمْ نَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يُشَبِّهُ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى2 بِشَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْمَخْلُوقِينَ، ولكنَّا نَقُولُ: هُوَ نَفْسُ الضَّحِكِ، يَضْحَكُ كَمَا يَشَاءُ وَكَمَا يَلِيقُ بِهِ، وَتَفْسِيرُكَ هَذَا مَنْبُوذٌ فِي حَشِّكَ3. ثُمَّ فَسَّرْتَ الضَّحِكَ4 تَفْسِيرًا أَوْحَشَ مِنْ هَذَا أَيْضًا فَقُلْتَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَحِكُهُ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ ضَاحِكًا يَأْتِيهِمْ مُبَشِّرًا وَمُغِيثًا5 وَدَلِيلًا إِلَى الْجَنَّةِ.

_ 1 فِي ط، ش "لن نعدم". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 قلت: هَذَا من قُوَّة اندفاع الدَّارمِيّ رَحمَه الله فِي الرَّد، والحش المُرَاد بِهِ هُنَا المتوضأ وَمَكَان قَضَاء الْحَاجة، قَالَ ابْن مَنْظُور: "والحش المتوضأ، سُمي بذلك لأَنهم كَانُوا يذهبون عِنْد قَضَاء الْحَاجة للبساتين، وَقيل: إِلَى النّخل الْمُجْتَمع يَتَغَوَّطُونَ فِيهَا، على نَحْو تسميتهم الفناء عَذِرة، والحَش والحُش: الْمخْرج؛ لأَنهم كَانُوا يقضون حوائجهم فِي الْبَسَاتِين وَالْجمع حشوش" بِتَصَرُّف من لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 644/1. 4 لَفْظَة "الضحك" لَيست فِي ط، س، ش وإثباتها أولى. 5 فِي ط، س، ش "ومعينًا".

وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! أَلَا تَسْمَعُ مَا فِي حَدِيثِكَ الَّذِي رَوَيْتَهُ وَثَبَتَّهُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ1 قَالَ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَضْحَكُ رَبُّنَا؟ قَالَ: نَعَمْ"، وَلَمْ يَقُلْ: أَيَخْلُقُ اللَّهُ خَلْقًا يَضْحَكُ، ثُمَّ قَالَ: "لَا2 نَعْدَمُ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا"، وَلَمْ يَقُلْ: لَا نَعْدَمُ مِنْ رَبٍّ يَخْلُقُ الضَّاحِكَ، فَهَذَا فِي نَفْسِ حَدِيثِكَ لَوْ قَدْ عَقِلْتَهُ، وأنَّي لَكَ الْعَقْلُ مَعَ هَذَا التَّخْلِيطِ؟. وادَّعيت أَيْضًا تَفْسِيرًا لِلضَّحِكِ أَبْعَدَ مِنْ هَذَا مِنَ الْحَقِّ وَالْمَعْقُولِ؛ فَزَعَمْتَ أنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ شَيْءٍ تُفَسِّرُهُ أَنَّهُ يُضْحِكُهُ وَيَسَرُّهُ، فَذَلِكَ3 ضَحِكُ اللَّهِ تَعَالَى4 عَلَى النِّسْبَةِ5، يَعْنِي أَنَّ الْخَلْقَ وَضَحِكَهُمْ وَكَلَامَهُمْ لِلَّهِ. فيُقال لَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ: إِذَا تَحَوَّلَتِ الْعَرَبِيَّةُ إِلَى لُغَتِكَ وَلُغَاتِ6 أَصْحَابِكَ جَازَ فِيهَا أَنْكَرُ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ، وَأَفْحَشُ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَهَذَا أَيْضًا بيِّنٌ فِي نَفْسِ7 حَدِيثِكَ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أنَّه

_ 1 أَبُو رزين الْعقيلِيّ، تقدم ص"770". 2 فِي ط، ش، "لن نعدم" وَبِه ورد عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه، انْظُر تَخْرِيجه ص"770". 3 فِي ط، س، ش "وَذَلِكَ". 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 5 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "على السّنة" وَمَا فِي الأَصْل هُوَ الصَّوَاب. 6 فِي ط، س، ش "ولغة". 7 فِي ش "فِي النَّفس"، وَسِيَاق الأَصْل أوضح.

قَالَ لَهُ: "أيَضحَك رَبُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ "1، وَلَمْ يَقُلْ: أيُضحك2 رَبُّنَا، وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَكَانَ جَاهِلًا3؛ إِذْ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيُضحك الرَّبُّ الْخَلْقَ؟ وَقَدْ قَرَأَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى: {وأنَّهُ هَُو أَضْحَكَ وَأَبْكَى} 4، فَلَوِ اشْتَغَلْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَا تَتَقَلَّبُ5 فِيهِ مِنْ مَسَائِلِ أَبِي يُوسُفَ6 وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ7 وَنُظَرَائِهِمْ كَانَ أَعْذَرَ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ بِمِثْلِ8 هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصِّعَابِ الْمَعَانِي9 الَّتِي كَانَ يَسْتَعْفِي مِنْ تَفْسِيرِهَا الْعُلَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْعَرَبِيَّةِ الْبُصَرَاءُ فَتُفَسِّرُهَا بِجَهْلٍ وَضَلَالٍ. وَسَنَذْكُرُ لَكَ أَيْضًا بَعْضَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ضَحِكِ الرَّبِّ تَعَالَى10 مِمَّا يَنْقُضُ11 دَعْوَاكَ حَتَّى تَضُمَّهُ إِلَى حَدِيث أبي رزين12

_ 1 انْظُر الحَدِيث وتخريجه ص"770". 2 فِي ط، س، ش "يضْحك" دون همزَة الِاسْتِفْهَام. 3 فِي ط، س، ش "لَكَانَ جهلا". 4 سُورَة النَّجْم، آيَة "43"، وَفِي ط، س، ش زِيَادَة وَهُوَ قَوْله: "ومحال أَن يسْأَل: أيُضحك الله الْخلق؟، لما قد علم كل الْخلق أَن الله هُوَ أضْحك وأبكى" وَيزِيد بهَا الْمَعْنى وضوحًا. 5 فِي ط، ش "تنقلت"، وَفِي س "تنْقَلب". 6 أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص”167". 7 مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ، تقدم ص"665". 8 فِي ط، ش "لمثل". 9 فِي ط، ش "والمعاني". 10 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 11 فِي ط، ش "مَا ينْقض". 12 أَبُو رزين رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"770".

وَأَبِي مُوسَى1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا2 فَتَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوَفِّقْكَ فِيهَا لِصَوَابٍ مِنَ التَّأْوِيلِ. حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ3 وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ4 عَنْ هُشَيْمٍ5، عَنْ مُجَالِدٍ6 عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ7 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ8 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ

_ 1 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، تقدم ص"251". قلت: وَحَدِيثه تقدم، انْظُر ص"769". 2 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي س "يحيى الجماني" بِالْجِيم، وَلَعَلَّه وهمٌ من النَّاسِخ، وَفِي بَقِيَّة النّسخ "الْحمانِي" بِالْحَاء الْمُهْملَة، انْظُر تَرْجَمته ص"399". 4 عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة، تقدم ص"154". 5 الرَّاجِح أَنه هشيم بن بشير كَمَا صرح بِهِ الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، تقدّمت تَرْجَمته ص"628"، وَذكر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 59/11-60 أَنه روى عَن مجَالد وَعنهُ ابْنا أبي شيبَة. 6 فِي س "مخالد" وَصَوَابه مجَالد. قلت: وَهُوَ ابْن سعيد كَمَا فِي الشَّرِيعَة للآجري، قَالَ فِي التَّقْرِيب 229/2: مجَالد، بِضَم أَوله وَتَخْفِيف الْجِيم، ابْن سعيد بن عُمَيْر، الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم، أَبُو عمر الْكُوفِي، لَيْسَ بالقوى، وَقد تغير فِي آخر عمره، من صغَار السَّادِسَة، مَاتَ سنة 44/م وَالْأَرْبَعَة، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 36/10 ذك أَنه روى عَن أبي الودّاك وَعنهُ هشيم. 7 أَبُو الوداك، قَالَ فِي التَّقْرِيب 125/1: جبر بن نوف: بِفَتْح النُّون وَآخره فَاء، الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم، الْبكالِي، بكسرالموحدة وَتَخْفِيف الْكَاف، أَبُو الوداك، بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الدَّال وَآخره كَاف، كُوفِي، صَدُوق يهم، من الرَّابِعَة/ ك ج. ت س ق. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 179/1 أَنه روى عَن أبي سعيد وَشُرَيْح وَعنهُ يُونُس بن أبي إِسْحَاق ومجالد. 8 فِي س "عَن سعيد"، وَلَعَلَّ لَفْظَة "أبي" سَقَطت، وَفِي بَقِيَّة النّسخ ومصادر التَّخْرِيج "أبي سعيد". قلت: وَفِي ط، س، ش زِيَادَة "رَضِي الله عَنهُ" انْظُر تَرْجَمته ص"205".

ي ضحك اللَّهُ 1 إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، وَالْقَوْمُ إِذَا اصطَّفوا 2 لِلْقِتَالِ، وَالْقَوْم إِذا اصطفو ا 3 للصَّلَاة" 4 أَفلا ترى أَيهَا

_ 1 فِي ط، ش "الله تَعَالَى". 2 فِي ط، س، ش "إِذا صفوا"، وَبِه جَاءَ لفظ الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ لفظ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، انْظُر تَخْرِيجه. 3 فِي ط، س، ش "إِذا صفوا" أَيْضا، وَبِه جَاءَ عِنْد الْآجُرِيّ، وَبِمَا فِي الأَصْل الْبَيْهَقِيّ. 4 الحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ الْمُقدمَة/ بَاب فِيمَا أنْكرت الْجَهْمِية/ حَدِيث 200، 73/1 قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء ثَنَا عبد الله بن إِسْمَاعِيل، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله ليضحك إِلَى ثَلَاثَة: للصف فِي الصَّلَاة، وللرجل يُصَلِّي فِي جَوف اللَّيْل، وللرجل يُقَاتل "أرَاهُ قَالَ" خلف الكتيبة" قَالَ الْمُحَقق: وَفِي الزَّوَائِد فِي إِسْنَاده مقَال. وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق حَامِد الفقي/ بَاب الْإِيمَان أَن الله عز وَجل يضْحك/ ص”278-279" قَالَ: أخبرنَا الْفرْيَابِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبَة قَالَ: حَدثنَا هشيم بن بشير قَالَ: أخبرنَا مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -يرفع الحَدِيث- قَالَ: "ثَلَاثَة يضْحك الله تَعَالَى إِلَيْهِم: الرجل إِذا قَامَ من اللَّيْل يُصَلِّي، وَالْقَوْم إِذا صفوا فِي الصَّلَاة، وَالْقَوْم إِذا صفوا لِلْعَدو". وَمن طَرِيق أبي عبد الله مُحَمَّد بن مخلد الْعَطَّار قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَرَفَة =

الْمُعَارِضُ أَنَّ1 الضَّحِكَ لَا يُشْبِهُ ضَحِكَ الزَّرْعِ الَّذِي تأوَّلته؛ لِأَنَّ ضَحِكَ الزَّرْعِ لَا يَخُصُّ أَحَدًا وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ، وَاللَّهُ2 يَضْحَكُ إِلَى قَوْمٍ وَيَصْرِفُهُ عَنْ قوم. حدثناهشام بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ3 ثَنَا4 إِسْمَاعِيلُ بن عَيَّاش5 حَدثنِي

_ = قَالَ: حَدثنَا هشيم بن بشير بِسَنَدِهِ الْمَذْكُور مَرْفُوعا، وَفِيه تَقْدِيم وَتَأْخِير. وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك/ ص"472" قَالَ: أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، ثَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، ثَنَا سعيد بن سُلَيْمَان، ثَنَا هشيم بِسَنَد الدَّارمِيّ بِلَفْظ: "ثَلَاثَة يضْحك الله إِلَيْهِم: الْقَوْم إِذا اصطفوا للصَّلَاة، وَالْقَوْم إِذا اصطفوا لقِتَال الْمُشْركين، وَرجل يقوم إِلَى الصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل". 1 فِي ط، س، ش "أَن هَذَا الضحك" وَهُوَ أوضح. 2 فِي ط، س، ش "وَالله تَعَالَى". 3 فِي ط، ش "هِشَام بن عمار الدهني" وَالظَّاهِر أَنه سَهْو من النَّاسِخ؛ إِذْ لم أجد فِيمَا بَين يَدي من المصادر هشامًا الدهني هَذَا، وَوجدت الدِّمَشْقِي مُصَرحًا بِهِ فِي إِسْنَاد الحَدِيث عِنْد الْآجُرِيّ لفي الشَّرِيعَة ص"284" إِلَّا أَنه قَالَ: "هِشَام بن عمَارَة"، وَصَوَابه: ابْن عمار، وَذكر الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 1443/3 أَنه روى عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"180". 4 فِي ط، س، ش "عَن" بدل "ثَنَا". 5 فِي س "إِسْمَاعِيل بن عَبَّاس" وَصَوَابه "ابْن عَيَّاش" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة وَآخره مُعْجمَة، انْظُر تَرْجَمته ص"281"، ذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 322/1 أَنه روى عَن بحير بن سعد.

بَحِيرُ بْنُ سَعِيدٍ1، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ2، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مرّة3، عَن نعيم ابْن هَمَّارٍ4 قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَي الشُّهَدَاء أفضل؟

_ 1 فِي س "الحبر بن سعد" وَهُوَ بعيد، وَفِي ط، ش "بحير بن سعد". قلت: وَبِه ذكره الذَّهَبِيّ فِي الكاشف وَابْن الْأَثِير فِي اللّبَاب، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ فِي التَّقْرِيب وَالْخُلَاصَة، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 93/1: بحير -بِكَسْر الْمُهْملَة- ابْن سعيد السحولي، بمهملتين، أَبُو خَالِد الْحِمصِي، ثِقَة، ثَبت، من السَّادِسَة/ بخ وَالْأَرْبَعَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي اللّبَاب 106/2 على قَوْله "السحولي": "واشتهر بِهَذِهِ النِّسْبَة بحير بن سعد السحولي"، قلت: وَفِي حَاشِيَة التَّقْرِيب: "وَالصَّوَاب ابْن سعيد كَمَا أَثْبَتْنَاهُ"، وَذكر الخزرجي فِي الْخُلَاصَة أَنه روى عَن خَالِد بن معدان وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش. انْظُر: الْخُلَاصَة ص”93"، والكاشف 150/1. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 218: خَالِد بن معدان الكلَاعِي الْحِمصِي، أَبُو عبد الله، ثِقَة عَابِد، يُرْسل كثيرا، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة ثَلَاث وَمِائَة، وَقيل: بعد ذَلِك/ع، قَالَ ابْن الْأَثِير فِي اللّبَاب 123/3: "الكلَاعِي -بِفَتْح الْكَاف وَبعد اللَّام ألف مُهْملَة- هَذِه النِّسْبَة إِلَى الكلاع، وَهِي قَبيلَة كَبِيرَة نزلت حمص من الشَّام ينْسب إِلَيْهَا خلق عَظِيم مِنْهُم أَبُو عبد الله خَالِد بن معدان". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 133/2: كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ، الْحِمصِي، ثِقَة، من الثَّانِيَة، وَوهم من عدَّة من الصَّحَابَة/ د وَالْأَرْبَعَة، وَذكر الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 7/3 أَنه روى عَن معَاذ والكبار وَعنهُ خَالِد بن معدان وَمَكْحُول وَخلق. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 306/2: نعيم بن همار -بتَشْديد الْمِيم- أَو هَبَّار أَو هدار أَو خمار-بِالْمُعْجَمَةِ أَو الْمُهْملَة- الْغَطَفَانِي، صَحَابِيّ رجح الْأَكْثَر أَن اسْم أَبِيه همار/ د. س. قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الكاشف 208/3: عَنهُ كثير بن مرّة وَأَبُو إِدْرِيس، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 529/3-530، وَأسد الغابة 35/5، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 539/3، وتهذيب التَّهْذِيب 467/11-468.

قَالَ: الَّذِي يُلْقَوْنَ فِي الصَّفِّ وَلَا يَلْفِتُونَ وُجُوههم 1 حَتَّى يقتلُوا، أُولَئِكَ الَّذِي يتلبطون 2 فِي العلى فِي الْجَنَّةِ 3 يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ، وَإِذَا ضَحِكَ رَبُّكَ إِلَى عَبْدٍ فِي مَوْطِنٍ فَلَا حِسَابَ عَلَيْهِ" 4.

_ 1 فِي ش "وجوهم بِإِسْقَاط إِحْدَى الهائين، وَظَاهر أَنه خطأ. 2 فِي س "يبلطون" وَبِمَا فِي الأَصْل ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات ص”473"، وَعند الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة "سيطئون"، وَعند أَحْمد "ينطلقون"، قلت: وَمعنى "يتلبطون" أَي يضطجعون ويتمرغون، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 383/2 مَادَّة "لبط": "وتَلَبَّطَ تحيَّر وعَدَا واضطَجَع وتَمَرَّغ". 3 فِي س "فِي العلى الْجنَّة" وَلَعَلَّ حرف "فِي" سقط سَهوا، وَفِي ط، ش "فِي الغرف العلى من الْجنَّة" وَبِه جَاءَ عِنْد أَحْمد والآجري. 4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند "انْظُر: الْفَتْح الرباني 30/14" من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا الحكم بن نَافِع ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ بحير بن سعد عَن خَالِد ابْن مَعْدَانَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَن نعيم بن همار أَن رجلا سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الَّذِينَ إِن يلْقوا فِي الصَّفّ لَا يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ حَتَّى يُقْتَلُوا، أُولَئِكَ ينطلقون فِي الغرف العلى من الْجنَّة ويضحك إِلَيْهِم رَبهم، وَإِذَا ضَحِكَ رَبُّكَ إِلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ". وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَامِد الفقي/ بَاب الْإِيمَان بِأَن =

حَدَّثَنَا1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ2 عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمُعَافِرِيِّ3 عَنْ عبيد الله

_ = الله عز وَجل يضْحك/ ص"284" عَن نعيم بن همار مَرْفُوعا، قَالَ: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي دَاوُد قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مصطفى قَالَ: حَدثنَا الْمُغيرَة عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش ... وَذكر الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ مثله. وَأخرجه أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك/ ص"472-473" عَن نعيم بن همار مَرْفُوعا. وَأوردهُ الهيثمي فِي الْمجمع 292/5 عَن نعيم بن همار مَرْفُوعا. وَذكره ثمَّ قَالَ: "رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَقَالَ عَن نعيم بن همار أَنه سمع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاءه رجل فَقَالَ: أَيُّ الشُّهَدَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الَّذين يلقون فِي الصَّفّ الأول"، وَالْبَاقِي بِنَحْوِهِ، وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والأوسط بِنَحْوِهِ وَرِجَال أَحْمد وَأبي يعلى ثِقَات". وَأورد الهيثمي أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا مثله وَقَالَ: "رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق عَنْبَسَة بن سعيد بن أبان، وثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ كَمَا نقل الذَّهَبِيّ وَلم يضعِّفه أحد، وَبَقِيَّة رِجَاله رجال الصَّحِيح". 1 فِي ط، س، ش "وَحَدَّثَنَا". 2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، تقدم ص"171". 3 فِي الأَصْل "أبي سريح" بِالسِّين الْمُهْملَة، وَفِي س "أبي شُرَيْح الْغِفَارِيّ" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ وَبِه جَاءَ فِي ط، ش. قَالَ فِي التَّقْرِيب 484/1: عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح بن عبيد الله الْمعَافِرِي -بِفَتْح الْمِيم والمهملة- أَبُو شُرَيْح الإسْكَنْدراني ثِقَة فَاضل، لم يصب ابْن سعد فِي تَضْعِيفه، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ/ع.

ابْن الْمُغِيرَةِ1 عَنْ أَبِي فِرَاسٍ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: حِينَ يَرْكَبُهُ وَيُخَلَّى مِنْ أَهْلِهِ، وَحِينَ يَمِيدُ مُتَشَحِّطًا4، وَحين يرى الْبر ليشرف

_ 1 فِي الأَصْل "عبد الله" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، قَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب 539/1: عبيد الله بن الْمُغيرَة بن معيقيب، بِالْمُهْمَلَةِ، وَالْقَاف الْمُوَحدَة مُصَغرًا أَبُو الْمُغيرَة السبائي: بِفَتْح الْمُهْملَة وَالْمُوَحَّدَة، بعْدهَا همزَة مَقْصُورا، صَدُوق من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ/ ت، وَذكر الْمزي فِي تَهْذِيب الْكَمَال 889/2 أَنه روى عَن أبي فراس مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعنهُ أَبُو شُرَيْح عبد الرَّحْمَن بن شُرَيْح. 2 قَالَ فِي التَّقَرُّب 364/2: يزِيد بن رَبَاح، بموحدة السَّهْمِي أَبُو فراس بِكَسْر الْفَاء، الْمصْرِيّ، ثِقَة، من الثَّالِثَة لم يَصح أَنه شهد فتح مصر الأول/ م ق. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 324/11 أَنه روى عَن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعبد الله ابْن عَمْرو وَابْن عمر ... إِلَخ. 3 فِي س "العَاصِي" وَانْظُر تَرْجَمته ص”256". 4 أَي يَتَحَرَّك ويضطرب من أثر الغثيان والدوار الَّذِي يُصِيبهُ من ركُوب الْبَحْر وَفِي الْقَامُوس الْمُحِيط 339/1 مَادَّة "ماد" قَالَ: "يَمِيدُ مَيْدًا ومَيَدانًا تحرَّك وزاغَ وزكَا والسَّراب اضْطربَ وَالرجل تَبخْتر وزارَ وأصابه غَثَيَان ودُوار من سُكرٍ أَو رُكوب بَحر" بِتَصَرُّف. وَفِي 367/2 مَادَّة "شحط" قَالَ: "وتشحط الْوَلَد فِي السَّلَى: اضْطربَ". وَقَالَ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي فِي النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر/ تَحْقِيق مَحْمُود الطناحي 379/4 مَادَّة "ميد" قَالَ: "وَمِنْه حَدِيث أم حرَام: "المائد فِي الْبَحْر لَهُ أجر شَهِيد" هُوَ الَّذِي يُدَارُ برأسهِ من رِيح البحرِ واضْطراب السفينةِ بالأمواج"، وَفِي الْمصدر نَفسه 449/2 مَادَّة "شحط" ذكر من ذَلِك حَدِيث محيصة: "وَهُوَ يتشحَّطُ فِي دمِه" أَي يتخبَّط فِيهِ ويضطرب ويتمرَّغ.

لَهُ"1. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ2 أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ3 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ4 عَن أبي الْأَحْوَص5

_ 1 فِي ط، ش "ليسروله"، وَفِي س "ليسرف لَهُ" بِالسِّين الْمُهْملَة. قلت: والْحَدِيث أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ بَاب ذكر إِثْبَات ضحك رَبنَا عز وَجل ص”237-238"، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ: تنا ابْن وهب قَالَ: حَدثنِي ابْن لَهِيعَة وعبد الرحمن بن شُرَيْح وَيحيى بن أَيُّوب عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ السبائي عَنْ أَبِي فِرَاسٍ عَنْ عَبْدِ الله بن عَمْرو قَالَ: يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: حِينَ يَرْكَبُهُ ويتخلى من أَهله وَمَاله، وَحين يمر، وَحين يرى الْبر، إِمَّا شاكرًا وَإِمَّا كفورًا. 2 أَحْمد بن يُونُس، تقدم ص”173". 3 إِسْرَائِيل بن يُونُس السبيعِي، تقدم ص”267"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 92/1 أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي وَعنهُ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس. 4 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، تقدم ص”146". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 90/2: عَوْف بن مَالك بن نَضْلَة، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْمُعْجَمَة، الْجُشَمِي بِضَم الْجِيم وَفتح الْمُعْجَمَة، أَبُو الْأَحْوَص، الْكُوفِي، مَشْهُور بكنيته، ثِقَة من الثَّالِثَة، قتل فِي ولَايَة الْحجَّاج على الْعرَاق/ بخ وَالْأَرْبَعَة، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 169/8 أَنه روى عَن ابْن مَسْعُود وَعنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي.

وَأَبِي الْكَنُودِ1، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى اثْنَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَرَجُلٌ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فَلَقَوُا الْعَدُوَّ فَانْهَزَمُوا وَحَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَاللَّهُ يَضْحَكُ إِلَيْهِ"3. ورُوي4 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِنْ رَجُلَيْنِ قَتَلَ

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 466/2: أَبُو الكنود، الْأَزْدِيّ، الْكُوفِي، وَهُوَ عبد الله بن عَامر أَو ابْن عمرَان، أَو ابْن عُوَيْمِر، وَقيل: ابْن سعد، وَقيل: عمر بن حبشين مَقْبُول من الثَّانِيَة/ ق، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 213/12 أنَّ أَبَا إِسْحَاق السبيعِي رَوَى عَنْهُ. 2 ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 3 أخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق مُحَمَّد الفقي/ بَاب الْإِيمَان بأنَّ الله عز وَجل يضْحك، ص"279" قَالَ: أخبرنَا الْفرْيَابِيّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو كريب حمد بن الْعَلَاء قَالَ: حَدثنَا يحيى بن آدم قَالَ: حَدثنَا إِسْرَائِيل بِهَذَا السَّنَد إِلَّا أَن فِيهِ أَبُو عُبَيْدَة بَدَلا من أبي الْأَحْوَص، بِلَفْظ: "يضْحك الله إِلَى رجلَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَهله نيام فَتطهر، ثمَّ قَامَ يُصَلِّي، فيضحك الله عز وَجل إِلَيْهِ، وَرجل لَقِي الْعَدو فَانْهَزَمَ أَصْحَابه، وَثَبت حَتَّى رزقه الله تَعَالَى الشَّهَادَة". وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا جَاءَ فِي الضحك/ ص"472" من طَرِيق آخر عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الله بن مَسْعُود مَرْفُوعا بأطول مِنْهُ. 4 فِي ط، س، ش "رُوِيَ".

أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ كِلَاهُمَا 1 دَاخِلٌ الْجَنَّةَ: مُشْرِكٌ قَتَلَ مُسْلِمًا ثُمَّ يُسْلِمُ فَيُسْتَشْهَدُ بَعْدُ" 2. حَدَّثَنَاهُ3 مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى4 عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ5 عَن سُفْيَان

_ 1 فِي ط، س، ش "وَكِلَاهُمَا" وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد مُسلم. 2 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الْكَافِر يقتل الْمُسلم ثمَّ يسلم/ حَدِيث 2826، 39/6 قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف أخبرنَا مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يضْحك الله إِلَى رجلَيْنِ يقتل أَحدهمَا الآخر يدخلَانِ الْجنَّة: يُقَاتل هَذَا فِي سَبِيل الله فيُقتَل، ثمَّ يَتُوب الله على الْقَاتِل فيستشهد". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْإِمَارَة بَاب بَيَان الرجلَيْن يقتل أَحدهمَا الآخر يدخلَانِ الْجنَّة/ حَدِيث 128 جـ3 ص"1504" من طَرِيق أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِنَحْوِ لفظ البُخَارِيّ، وَمن طَرِيقين آخَرين مثله. وَأخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ بشرحه تنوير الحوالك 17/2 عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِ مَا ذكره البُخَارِيّ وَمُسلم. 3 فِي س، ش "حَدَّثَنَا". 4 مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى الْأَنْطَاكِيُّ، تقدم ص"150"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب أَنه روى عَن أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ وَعنهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ. 5 أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ، تقدم ص"461".

ابْن حُسَيْنٍ1، عَنِ الزُّهْرِيِّ2، عَنْ سَعِيدِ بْنُ الْمُسَيِّبِ3، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَحَدَّثَنَاهُ5 الْقَعْنَبِيُّ6 عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ7 عَنْ أَبِي الزِّنَادِ8، عَنِ الْأَعْرَجِ9 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ10. وَحَدَّثَنَاهُ11 مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ الْبَغْدَادِيُّ12، ثَنَا إِسْمَاعِيل بن

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 310/1: سُفْيَان بن حُسَيْن بن حسن، أَبُو مُحَمَّد، أَو أبوالحسن الوَاسِطِيّ، ثِقَة فِي غيرالزهري باتفاقهم، من السَّابِعَة، مَاتَ بِالريِّ مَعَ الْمهْدي، وَقيل فِي أول خلَافَة الرشيد/ خت م وَالْأَرْبَعَة. 2 الزُّهْرِيّ، تقدم ص"175". 3 سعيد بن الْمسيب، تقدم ص"247". 4 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 5 فِي س "حدّثنَاهُ" بِدُونِ وَاو. 6 القعْنبِي، تقدم ص"210". 7 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 8 أَبُو الزِّنَاد، تقدم ص"179". 9 الْأَعْرَج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، تقدم ص"179". 10 من طَرِيق مَالك بِهَذَا الْإِسْنَاد أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ، انْظُر التَّخْرِيج الْمُتَقَدّم ص"792". 11 فِي ط، ش "حَدثنَا". 12 قَالَ فِي التَّقْرِيب 147/2: مُحَمَّد بن بكار بن الريان، الْهَاشِمِي مَوْلَاهُم، أَبُو عبد الله الْبَغْدَادِيّ الرصافي، ثِقَة من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَله ثَلَاثَة وَتسْعُونَ/ م د، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 57/9 أَنه روى عَن إِسْمَاعِيل ابْن زَكَرِيَّا.

زَكَرِيَّا أَبُو زِيَادٍ1 عَنْ مُحَمَّدِ2 بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيِّ3، عَنْ عبد الله ابْن أَبِي الْهُذَيْلِ4، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ5 يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِمَّنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَسْوَاقِ"6. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ7 ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ8، ثَنَا

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 69/1: إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا بن مرّة الخُلقاني -بِضَم الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام بعْدهَا قَاف، أَبُو زِيَاد الْكُوفِي، لقبه شقوصا بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَضم الْقَاف الْخَفِيفَة وبالمهملة، صَدُوق يُخطئ قَلِيلا، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة 94، وَقيل: قبلهَا/ع. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 297/1 أَن مُحَمَّد بن بكار الريان روى عَنهُ. 2 لفظ "عَن مُحَمَّد" تكَرر فِي س. 3 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل السّلمِيّ، وَالَّذِي يظْهر أَن صَوَابه مَا فِي الأَصْل، قَالَ فِي التَّقْرِيب 146/2: مُحَمَّد بن أبي إِسْمَاعِيل بن رَاشد السّلمِيّ الْمدنِي، ثِقَة، من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين/ م د س. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 458/1: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، الْكُوفِي، أَبُو الْمُغيرَة، ثِقَة، من الثَّانِيَة، مَاتَ فِي ولَايَة خَالِد الْقَسرِي على الْعرَاق/ ت س ز م، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 62/6 أَنه روى عَن عمار بن يَاسر وَابْن مَسْعُود وَغَيره. 5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 6 ذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي الصِّفَات/ بتحقيق العنيمان/ ص"42" من غير إِسْنَاد بِلَفْظ: "إِن الله عز وَجل يعجب، ويضحك مِمَّن يذكرهُ فِي الْآفَاق". 7 فِي ط، س، ش "حمد بن عبيد الله" وَصَوَابه كَمَا فِي الأَصْل، انْظُر تَرْجَمته ص"556"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1227/3 أَنه روى عَن يزِيد بن هَارُون. 8 يزِيد بن هَارُون، تقدم ص"545".

إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا أَبُو زِيَادٍ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ2 السُّلَمِيِّ3 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ4 أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ5 يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ6 يَضْحَكُ". حَدَّثَنَا7 إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ8 عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ9

_ 1 إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا، تقدم ص"794". 2 فِي ط، س، ش "مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل" وَالظَّاهِر أَنه كَمَا فِي الأَصْل، انْظُر تَرْجَمته ص"794". 3 لَفْظَة "السّلمِيّ" لَيست فِي ش. 4 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، تقدم ص"794". 5 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ، تقدم ص"190". 6 فِي ط، ش "إِن الله تَعَالَى" والْحَدِيث تقدم تَخْرِيجه فِي الحَدِيث قبله. 7 لَفْظَة "حَدثنَا" لَيست فِي الأَصْل، ولعلها سَقَطت مِنْهُ. 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 57/1: إِسْحَاق بن رَاشد مَقْبُول من الثَّالِثَة/ تَمْيِيز، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 231/1: إِسْحَاق بن رَاشد شيخ يروي عَن أَسمَاء بنت يزِيد وَعنهُ إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد. 9 أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّة، تكنى أم سَلمَة، وَيُقَال: أم عَامر، صحابية لَهَا أَحَادِيث/ خَ وَالْأَرْبَعَة، التَّقْرِيب 589/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 233/4، وَأسد الغابة 398/5، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 229/4، وتهذيب التَّهْذِيب 399/12-400.

قَالَتْ: لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ2 صَاحَتْ أمُّه، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَّا يَرْقَأُ دَمْعُكِ، وَيَذْهَبُ حُزْنُكِ؟ فَإِنَّ ابْنَكِ أوَّل مَنْ ضَحِكَ 3 اللَّهُ إِلَيْهِ" 4.

_ 1 سعد بن معَاذ بن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ، الأشْهَلِي، أَبُو عَمْرو، سيد الْأَوْس، شهد بَدْرًا، وَاسْتشْهدَ من سهم أَصَابَهُ بالخندق، ومناقبه كَثِيرَة. خَ، انْظُر: التَّقْرِيب 289/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 25/2-30، وَأسد الغابة 296/2-299، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 35/2، وتهذيب التَّهْذِيب 481/3-482. 2 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 فِي ط، س، ش "يضْحك"، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة كَمَا سيتبين فِي تَخْرِيجه. 4 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 456/6 قَالَ: حَدثنَا عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا يزِيد بن هَارُون قَالَ: أَنا إِسْمَاعِيل -يَعْنِي ابْن أبي خَالِد- عَن إِسْحَاق بن رَاشد بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظَة إِلَّا أَنه قَالَ: "فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم" وَفِي آخِره زِيَادَة: "واهتزَّ لَهُ الْعَرْش". وَأخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد وَإِثْبَات صِفَات الرب/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ ط. الثَّانِيَة/ بَاب ذكر إِثْبَات ضحك رَبنَا عز وَجل ص”237" قَالَ: "وروى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ إِسْحَاق بن رَاشد بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ إِلَّا أَنه قَالَ فِي أَوله: "لما مَاتَ سعد بن معَاذ" وَفِي آخِره زِيَادَة: "واهتز مِنْهُ الْعَرْش" قَالَ ابْن خُزَيْمَة: "لست أعرف إِسْحَاق بن رَاشد هَذَا، وَلَا أَظُنهُ الْجَزرِي أَخُو النُّعْمَان بن رَاشد". =

وَلَوْ كَانَ1 تَأْوِيلُ ضَحِكِهِ مَا شَبَّهْتَ بِهِ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ ضَحِكِ الزَّرْعِ مَا كَانَ يَقُولُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ مَنْ ضَحِكَ اللَّهُ إِلَيْهِ"؛ لِأَنَّ خُضْرَةَ الزَّرْعِ وَنَضَارَتَهُ بَادِيَةٌ لِأَوَّلِ نَاظِرٍ إِلَيْهَا وَآخِرٍ2، لَا يَقْصِدُ بِضَحِكِهِ إِلَى تَقِيٍّ، وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْ شَقِيٍّ، فَكَمْ تَدْحَضُ فِي بَوْلِكَ3 وَتَعْثُرُ فِي قَوْلِكَ، وتغر من حولك؟.

_ = وَأخرجه ابْن سعد فِي الطَّبَقَات/ طبعة ليدن/ المجلد 3 جـ2 ص”12" عَن يزِيد بن هَارُون قَالَ: أَنا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد بِسَنَدِهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السكن بِهِ. وَأخرجه أبن أبي عَاصِم فِي السّنة/ تَخْرِيج الألباني 246/1 من طَرِيق إِسْحَاق بن رشد عَن أَسمَاء بنت يزِيد، بِهِ. قَالَ الألباني: "إِسْنَاده ضَعِيف، رِجَاله كلهم ثِقَات غير إِسْحَاق بن رَاشد، فَإِنَّهُ مَجْهُول لَا يعرف، وَهُوَ غير الْجَزرِي، فَإِنَّهُ أقدم طبقَة مِنْهُ". 1 فِي ش "وَلَو لم كَانَ" وَظَاهر أَنه خطأ. 2 فِي ط، ش "وَآخره". 3 قلت: وَمَعْنَاهُ تنزلق فِي مَاء بولك، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 330/2 مَادَّة "دحض": "بِرجلِهِ كمَنَع فحَصَ بهَا، وَعَن الْأَمر بَحَثَ، ورجلُه زَلَقَت ... وَمَكَان دحضٌ ويُحرَّك ودحوضٌ: زَلِق جمعه دِحاضٌ، والمَدْحَضَة المزلَّة" بِتَصَرُّف.

بيان المؤلف تناقض المعارض واضطرابه

بَيَان الْمُؤلف تنَاقض الْمعَارض واضطرابه: أوَ لم تَقُلْ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ1 هَذَا أَنَّ اللَّهَ لَا يُقاس بِالنَّاسِ، وَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَهَّمَ فِي صِفَاتِهِ مَا يَعْقِلُهُ مِنْ نَفْسِهِ؟ وَأَنْتَ تَقِيسُهُ فِي ضَحِكِهِ

_ 1 لم أَقف على اسْم كِتَابه هَذَا تبعا لعدم وُقُوفِي على اسْم الْمعَارض نَفسه، كَمَا سبق وَأَن أَشرت إِلَى هَذَا.

بِالزَّرْعِ1 وَتَتَوَهَّمُ فِيهِ مَا يُتَوَهَّمُ بِالزَّرْعِ. وادَّعيت أَيْضًا فِي صَدْرِ كِتَابِكَ هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى2 اجْتِهَادُ الرَّأْيِ، وَأَنْتَ تَجْتَهِدُ فِيهَا3 أَقْبَحَ الرَّأْيِ، حَتَّى مِنْ قَبَاحَةِ اجْتِهَادِكَ تَتَخَطَّى بِهِ الْحَقَّ إِلَى الْبَاطِلِ، وَالصَّوَاب إِلَى الْخَطَأ، أوَ لم تَذْكُرْ فِي كِتَابِكَ أَنَّهُ لَا يحْتَمل فِي التويحد إِلَّا الصَّوَابُ فَقَطْ؟ فَكَيْفَ تَخُوضُ فِيهِ بِمَا لَا تَدْرِي؟ أَمُصِيبٌ أَنْتَ أَمْ مُخْطِئٌ؟ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا نرَاك تفسرالتوحيد بِالظَّنِّ، وَالظَّنُّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَهُوَ قَوْلُكَ: يَحْتَمِلُ4 فِي تَفْسِيرِهِ كَذَا، وَيَحْتَمِلُ كَذَا تَفْسِيرًا5 وَيَحْتَمِلُ فِي صِفَاتِهِ كَذَا، وَيَحْتَمِلُ خِلَافَ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ فِي كَلَامِهِ كَذَا وَكَذَا. وَالِاحْتِمَالُ ظَنٌّ عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ يَقِينٍ، وَرَأْيٌ غَيْرُ مُبِينٍ، حَتَّى تَدَّعِيَ لِلَّهِ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَلْوَانًا كَثِيرَةً وَوُجُوهًا كَثِيرَةً6 أَنَّهُ يَحْتَمِلُهَا7 لَا تَقِفُ عَلَى الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ فَتَخْتَارَهُ، فَكَيْفَ تَنْدُبُ النَّاسَ إِلَى صَوَابِ التَّوْحِيدِ، وَأَنت دائب تجْهَل8 صِفَاته

_ 1 فِي ط، س، ش "بالزرع فَكيف بِالنَّاسِ؟ ". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 فِي ش "فِيهِ" وَعبارَة الأَصْل أوضح. 4 فِي ط، س، ش "لَا يحْتَمل". 5 فِي ط، س، ش "تَفْسِيرا آخر". 6 لفظ "ووجوهًا كَثِيرَة" لَيست فِي ط، س، ش. 7 فِي ط، ش "أَنَّهَا تحتملها". 8 فِي ط، س، ش "تحمل".

وَأَنْتَ1 تَقِيسُهَا بِمَا لَيْسَ عِنْدَكَ بِيَقِينٍ2؟ ولكنَّا نَظُنُّكَ تَقُولُ الشَّيْءَ فَتَنْسَاهُ، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيْكَ فِيهِ مَا يَأْخُذُ بِحَلْقِكَ أَوْ يَكْظِمُكَ3. وَالْعَجَبُ مِنْ رَجُلٍ يَدَّعِي عَلَى قَوْمٍ زُورًا وَكَذِبًا أَنَّهُمْ يُشَبِّهُونَ اللَّهَ بَآدَمَ4 فِي صُورَتِهِ، فَتَدَّعِي عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ كُفْرًا5 وَهُوَ يُشَبِّهُهُ فِي يَدِهِ بِأَقْطَعَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، وَفِي بَصَرِهِ بِأَعْمَى، وَفِي سَمْعِهِ بِأَصَمَّ، وَفِي وَجْهِهِ بِوَجْهِ الْقبْلَة وَوجه الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَفِي كَلَامِهِ بِأَبْكَمَ، حَتَّى تَتَوَهَّمَ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ كَكَلَامِ6 الْجِبَالِ وَالشَّجَرِ، وَفِي ضَحِكِهِ بِالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ. فَكَيْفَ تُجِيزُ لِنَفْسِكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ مِنْ ذَلِكَ مَا تَجْحَدُهُ عَلَى غَيْرِكَ؟ لَقَدِ احْتَظَرْتَ7 وَاسِعًا، وَكلما8 احْتَجَجْتَ لِمَذْهَبِكَ مِنْ بَاطِلٍ احْتُمِلَ، وَمَا

_ 1 قَوْله: "وَأَنت" لَيْسَ فِي ط، س، ش 2 فِي ط، س، ش "يَقِين". 3 فِي ط، ش "ويكظمك" وَفِي س "أَو يقظمك". 4 فِي س "يشبهون الله آدم". 5 فِي ط، س، ش "فيدعي بذلك عَلَيْهِم كفرا". 6 فِي ط، ش "أَنه مثل كَلَام". 7 من الْحَظْر وَهُوَ الْمَنْع وَالْحجر، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 11/2 مَادَّة "حظر" قَالَ: "حظر الشَّيْء وَعَلِيهِ مَنعه وَحجر وَاتخذ حَظِيرَة كاحتظر، وَالْمَال حَبسه فِيهَا، وَالشَّيْء حازَهُ ... " إِلَخ، وَفِي س "اختطرت" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 8 كَذَا، وَفِي ط، س، ش "أوَ كلما" وَهُوَ أوضح.

احتجَّ عَلَيْكَ1 غَيْرُكَ فِيهِ مِنْ حَقٍّ بَطُلَ2؟ رُوَيْدَكَ بِالْقَضَاءِ فَلَا تَعْجَلْ، فَتَزِلَّ قَدَمُكَ، وَتَسْتَجْهِلَ، وَتَفْتَضِحَ بِهَا عِنْدَ مَنْ عَقِلَ. وَلَئِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَهْمِيَّةِ3 مِنَ الْحُجَجِ إِلَّا مَا حَكَيْتَ عَنْهُمْ مِنْ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ الْمُسْتَشْنَعَةِ، وَالتَّفَاسِيرِ الْمَقْلُوبَةِ مَا أَسْدَيْتَ إِلَيْهِمْ بِذِكْرِهَا نَصِيحَةً، وَقَدْ زِدْتَهُمْ بِهَا فَضِيحَةً عَلَى فَضِيحَةٍ4، إِذْ تُضِيفُ5 إِلَيْهِمْ هَذِهِ الشنائع6 القبيحة، فكشف عَنْهُمُ الْغِطَاءَ فِيمَا كَانَ بَيْنَهُمْ هينمة7 فِي خَفَاء.

_ 1 لفظ "عَلَيْك" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ش "بَاطِل". 3 الْجَهْمِية، انْظُر ص”138". 4 قَوْله: "على فضيحة" لَيست فِي ط، ش. 5 فِي ط، س، ش "أَو تضيف". 6 فِي ط، س، ش "التشانيع". 7 قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط 192/4 مَادَّة "الهَيْنَمة" قَالَ: "الهينمة: الصَّوْت الخَفيِّ، والهَينُوم كَلَام لَا يُفهم" بِتَصَرُّف.

مناقشة المؤلف للمعارض في تفسيره حديث الأطيط

مناقشة الْمُؤلف للمعارض فِي تَفْسِيره حَدِيث الأطيط: وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ1: أَنَّهُ قَدْ مَلَأَ الْعَرْشَ حَتَّى إِنَّ لَهُ أَطِيطًا كَأَطِيطِ الرَّحْلِ، ثُمَّ فسَّر قَوْلَ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَدْ مَلَأَهُ آلَاءً وَنِعَمًا2 حَتَّى إِنَّ لَهُ أَطِيطًا، لَا عَلَى تَحْمِيلِ جِسْمٍ، فَقَدْ حَمَّلَ اللَّهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض

_ 1 الشّعبِيّ عَامر بن شراحبيل، تقدم ص”168" قلت: والمروي فِي أطيط الْعَرْش تقدم تَخْرِيجه ص”469-471". 2 فِي س "آلاءًا ونعماء".

وَالْجِبَالَ الْأَمَانَةَ، فأبيِّن أَنْ يَحْمِلْنَهَا؛ وَالْأَمَانَةُ لَيْسَتْ بِجِسْمٍ، فَكَذَلِكَ يَحْتَمِلُ مَا وَصَفَ عَلَى الْعَرْشِ. فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَجْلَجْتَ ولبَّست حَتَّى صَرَّحْتَ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ، إِنَّمَا عَلَيْهِ آلَاؤُهُ وَنَعْمَاؤُهُ، فَلَمْ يبقَ مِنْ إِنْكَارِ الْعَرْشِ غَايَةٌ بَعْدَ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَيْلَكَ! فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَرْشِ بِزَعْمِكَ إِلَّا آلَاؤُهُ وَنَعْمَاؤُهُ وَأَمْرُهُ1 فَمَا بَالُ الْعَرْشِ يَتَأَطَّطُ2 مِنَ الْآلَاءِ3 وَالنَّعْمَاءِ؟ لَكَأَنَّهَا عِنْدَكَ أَعْكَامُ4 الْحِجَارَةِ وَالصُّخُورِ وَالْحَدِيدِ فَيَتَأَطَّطُ5 مِنْهَا الْعَرْشُ ثِقلًا إِنَّمَا الْآلَاءُ طَبَائِعُ أَوْ صَنَائِعُ لَيْسَ لَهَا ثِقَلٌ، وَلَا أَجْسَامٌ يَتَأَطَّطُ مِنْهَا الْعَرْشُ6، مَعَ أَنَّكَ قَدْ جَحَدْتَ فِي تَأْوِيلِكَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ مِنَ اللَّهِ، وَلَا مِنْ تِلْكَ الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ، إِذْ شَبَّهْتَهَا بِمَا حَمَّلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ مِنَ الْأَمَانَةِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا، فَقَدْ أَقْرَرْتَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ7؛ لأنَّ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال إِذا

_ 1 لَفْظَة "وَأمره" لَيست فِي ش. 2 فِي ط، ش "يئط" 3 سِيَاق الأَصْل "من آلَاء والنعماء" ويستقيم السِّيَاق بِمَا أَثْبَتْنَاهُ. 4 العِكمُ: العِدْلُ مَا دَامَ فِيهِ الْمَتَاع، والعِكْمان: عِدلان يُشدَّان على جَانِبي الهَودَج بِثَوْب، وَجمع كل ذَلِك أعكام، لَا يكسر إِلَّا عَلَيْهِ ... وَقَالَ الْأَزْهَرِي: كل عدل عكم وَجمعه أعكام وعكوم" بِتَصَرُّف من لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي 855/2. 5 فِي ط، ش "فيئط". 6 الْعبارَة من قَوْله: "ثقلًا" إِلَى قَوْله: "يتأطط مِنْهَا الْعَرْش" لَيست فِي ط، س، ش. 7 لَفْظَة "شَيْء" لَيْسَ فِي س.

أبيّنَ أَنْ يحملَّن الْأَمَانَةَ لَمْ يُحَمِّلْهُنَّ اللَّهُ شَيْئًا؛ بَلْ تَرَكَهُنَّ خُلْوًا مِنْ تِلْكَ الْأَمَانَةِ وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ، إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا1. فَفِي دَعْوَاكَ لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ2 مِنْ تِلْكَ الْآلَاءِ وَالنَّعْمَاءِ الَّتِي ادَّعيت، كَمَا لَيْسَ عَلَى السَّمَوَاتِ3 وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالُ خُلْوٌ مِنَ الْأَمَانَةِ، كَذَلِكَ الْعَرْشُ عِنْدَكَ خُلْوٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عَلَيْهِ. فَانْظُرْ أَيُّهَا الْجَاهِلُ أَنْ تُورِدَكَ4 هَذِهِ التَّفَاسِيرُ مِنَ الْمَهَالِكِ، وَمَاذَا تَجُرُّ5 إِلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ، فَتَشْهَدُ6 عَلَيْكَ بِأَقْبَحِ الْمُحَالِ، وَلَمْ تَتَأَوَّلْ فِي الْعَرْشِ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ تَأْوِيلًا أَفْحَشَ وَلَا أَبْعَدَ مِنَ الْحق من هَذَا.

_ 1 سبق تَخْرِيج حَدِيث الأطيط ص"469"، وَذكر الْخلاف فِي ثُبُوته وَضَعفه، وَكَلَام الْمُؤلف رَحمَه الله مَحْمُول على فرض ثُبُوت الحَدِيث. 2 لَفْظَة "شَيْء" لَيست فِي س. 3 فِي ط، ش "فَكَمَا أنَّ السَّمَوَات" وَهُوَ أولى. 4 فِي ط، س، ش "إِلَى مَا توردك". 5 فِي ط، ش "وَمَا تجر"، وَفِي س "وَمَا يجر". 6 فِي س "فَيشْهد".

نقض المؤلف على المعارض روايته حديث الاستلقاء وتفسيره له

نقض الْمُؤلف على الْمعَارض رِوَايَته حَدِيث الاستلقاء وَتَفْسِيره لَهُ وَادَّعَيْتَ أَيْضًا أَنَّ قَتَادَةَ1 رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ

_ 1 فِي الأَصْل "أَن أَبَا قَتَادَة" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش، وَبِه جَاءَ إِسْنَاده عِنْد ابْن أبي عَاصِم والبيهق، انْظُر تَخْرِيجه. قلت: وَهُوَ قَتَادَة بن النُّعْمَان بن زيد ابْن عَامر الْأنْصَارِيّ، الظفري، بِمُعْجَمَة وَفَاء مفتوحتين، صَحَابِيّ، شهد بَدْرًا، وَهُوَ أَخُو أبي سعيد لأمِّه، مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين على الصَّحِيح/ ت س ق، التَّقْرِيب 132/2، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 238/3-241، وَأسد الغابة 195/4-196، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 217/3-218، وتهذيب التَّهْذِيب 357/8-358.

خَلْقَهُ اسْتَلْقَى وَوَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى" 1 ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي

_ 1 أخرجه ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ بتحقيق وَتَخْرِيج الألباني 248/1-249، قَالَ: "قَالَ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم الخزامي وقرأت من كِتَابه ثمَّ مزقه وَقَالَ لي وَاعْتذر إليَّ: حَلَفت أَلا أرَاهُ إِلَّا مزقته، فَانْقَطع من طرف الْكتاب، عَن مُحَمَّد بن فليح، عَن سعيد بن الْحَارِث عَن عبد الله بن منين قَالَ: بَيْنَمَا أَنا جَالس فِي الْمَسْجِد إِذْ جَاءَهُ قَتَادَة بن النُّعْمَان فَجَلَسَ فَتحدث، ثمَّ ثاب إِلَيْهِ نَاس فَقَالَ: انْطلق بِنَا يَا ابْن منين إِلَى أبي سعيد الْخُدْرِيّ، فَإِنِّي قد أخْبرت أَنه قد اشْتَكَى، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلنَا على أبي سعيد فوجدناه مُسْتَلْقِيا رَافعا إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى، فسلمنا وقعدنا، فَرفع قَتَادَة يَده فقرصه قرصة شَدِيدَة، قَالَ أبوسعيد: أوجعتني، قَالَ: ذَلِك أردْت، ألم تَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "لَمَّا قَضَى اللَّهُ خَلْقَهُ اسْتَلْقَى ثمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى" ثمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَن يفعل مثل هَذَا أحد، قَالَ أَبُو سعيد: نعم". قَالَ الألباني فِي تَخْرِيجه: "إِسْنَاده ضَعِيف، والمتن مُنكر، كَأَنَّهُ من وضع الْيَهُود، آفته سعيد بن الْحَارِث، ويُقال: الْحَارِث بن سعيد وَهُوَ الْأَصَح، وَهُوَ مَجْهُول الْحَال، وَشَيْخه عبد الله بن منين، وَإِن وَثَّقَهُ يَعْقُوب بن سُفْيَان فقد قَالَ الذَّهَبِيّ: "مَا رُوى عَنهُ سوى الْحَارِث بن سعيد" يُشِير إِلَى أَنه مَجْهُول الْعين، وَبَقِيَّة رجال الْإِسْنَاد ثِقَات رجال البُخَارِيّ، لَكِن فِي مُحَمَّد بن فليح كَلَام غير يسير، حَتَّى قَالَ فِيهِ ابْن معِين: لَيْسَ بِثِقَة، وَقَالَ الْحَافِظ فِي التَّقْرِيب: صَدُوق يهم" انْتهى.

لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُ1 ثُمَّ فسَّره الْمُعَارِضُ بِأَسْمَجِ التَّفْسِيرِ وَأَبْعَدِهِ مِنَ الْحَقِّ، وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَهُ. فَزَعَمَ أنَّه قِيلَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: "إنَّ اللَّهَ 2 لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ اسْتَلْقَى"، فَتَفْسِيرُهُ: أَنَّهُ أَلْقَاهُمْ وبثَّهم، وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: "وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى"، فَيَحْتَمِلُ أَنه أَرَادَ

_ = قلت: وَأوردهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ بَاب مَا ذكر فِي الْقدَم وَالرجل لص”355-356" من طَرِيق فليح بن سُلَيْمَان بِسَنَدِهِ إِلَى قَتَادَة بن النُّعْمَان، وَفِيه أَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الله عز وَجل لما قضى خلقه اسْتلْقى ثمَّ وَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ من خلقي أَن يفعل هَذَا". قَالَ أَبُو سعيد: لَا جَرَم لَا أَفعلهُ أبدا. قلت: أبوسعيد الْمَذْكُور المُرَاد بِهِ الْخُدْرِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور رَضِي الله عَنهُ كَمَا هُوَ مُصَرح بِهِ فِي قصَّة الحَدِيث، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: "فَهَذَا حَدِيث مُنكر وَلم أكتبه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وفليح بن سُلَيْمَان مَعَ كَونه من شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم فَلم يخرجَا حَدِيثه هَذَا فِي الصَّحِيح، وهوعند بعض الْحفاظ غيرمحتج بِهِ"، ثمَّ نقل عَن غير وَاحِد تَضْعِيفه، وَذكر بعض القوادح فِي إِسْنَاده، إِلَى أَن قَالَ: "ثمَّ إِن صحَّ يحْتَمل أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم حدَّث بِهِ عَن بعض أهل الْكتاب على طَرِيق الْإِنْكَار، فَلم يفهم عَنهُ قَتَادَة بن النُّعْمَان إِنْكَاره" بِتَصَرُّف. وَانْظُر: الألباني فِي السلسلة الضعيفة حَدِيث 755، 177/2، وَقَالَ عَنهُ: "مُنكر جدا"، وأفاض فِي الْكَلَام عَلَيْهِ، فَلْيتَأَمَّل. 1 فِي ط، ش "يعقله". 2 فِي ط، س، ش "أَن الله تَعَالَى".

بِالرِّجْلِ الْجَمَاعَةَ الْكَثِيرَةَ، كَقَوْلِ1 النَّاسِ: رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ، فَنَسَبْتَ2 تِلْكَ الرِّجْلَ إِلَى اللَّهِ كَمَا نُسِبَ رُوحُ عِيسَى إِلَى اللَّهِ بِالْإِضَافَةِ، فَأَلْقَى رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ أَيْ جَمَاعَةً عَلَى جَمَاعَةٍ -فِي دَعْوَاهُ-. فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَنْ يَتَوَجَّهُ لِنَقِيضَةِ3 هَذَا الْكَلَامِ مِنْ شِدَّةِ اسْتِحَالَتِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ جَمِيعِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْإِنْسِ؟ وَمَعَ كُلِّ كَلِمَةٍ مِنْهَا شَاهِدٌ مِنْ نَفْسِهَا يَنْطِقُ لَهَا حَتَّى لَا يَحْتَاجَ نَقِيضَةً4، وَيْلَكَ! عَمَّنْ5 أَخَذْتَ6 هَذَا التَّفْسِيرَ؟ وَمَنْ عَلَّمَكَ؟ وَعَمَّنْ رَوَيْتَ هَذَا؟ فسمِّه حَتَّى يَرْتَفِعَ عَنْكَ عَارُهُ وَيَلْزَمَ مَنْ قَالَهُ، فَأَغْرِبْ بِهَا مِنْ ضَحِكَةٍ! وَأَعْظِمْ بِهَا مِنْ سُخْرِيَةٍ! وَيْحَكَ! أَخَلَقَ7 اللَّهُ خَلْقًا8 فَسَمَّاهُمْ رِجْلًا لَهُ، ثمَّ ألْقى رجلا على

_ 1 فِي س "وكقول"، وَسِيَاق الأَصْل أوضح. 2 فِي ط، س، ش "فنسب". 3 فِي ط، ش "لنقض" قلت: ويتقاربان فِي لِمَعْنى قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس الْمُحِيط. الرَّابِعَة جـ347/2 -مَادَّة "النَّقْضُ" قَالَ: "فِي الْبناء والحَبل والعَهد وَغَيره ضد الإبرام كالانتقاض والتناقض ... والنَّقيضةُ الطَّرِيق فِي الجَبَل وَأَن يَقُول شَاعِر شعرًا فينقض عَلَيْهِ شَاعِر آخر حَتَّى يَجِيء بِغَيْر مَا قَالَ" بِتَصَرُّف. 4 كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لَا يحْتَاج لَهَا إِلَى نقيضة". 5 فِي ش "من" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 6 فِي ط، س، ش "أحدثت". 7 فِي س"خلق" دون أَدَاة اسْتِفْهَام. 8 فِي ط، س، ش "خلقه".

رِجْلٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ؟! أَحَطَبًا كَانُوا فَأَخَذَهُمْ1 فَأَلْقَى بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الشَّمْسِ؟ وَفِي أَيِّ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَجَدْتَ اسْتَلْقَى فِي مَعْنَى أَلْقَى؟ فَإِنَّكَ لَمْ تَجِدْهُ فِي شَيْءٍ مِنْ لُغَاتِهِمْ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ احْتِجَاجُكَ بِجَهْلِكَ لِمَقْلُوبِ تَفْسِيرِكَ2 هَذَا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ: فَمَرَّ بِنَا رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ وَانْزَوَى إِلَيْهِمْ مِنَ الرِّجْلِ الثَّمَانِينَ3 أَرْجُلُ4 وَيْلَكَ! إِنَّمَا قَالَ5: رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ، وَرِجْلٌ مِنَ الثَّمَانِينَ6، وَلَمْ يقلْ: رِجْلٌ مِنَ اللَّهِ، كَمَا ادَّعَيْتَ أَنَّ الْخَلْقَ رِجْلٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى7 أَلْقَى بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ انْتَحَلْتَ أَنْتَ فِيهِ قَوْلَ الشَّاعِرِ بِمَا بَهَتَّهُ بِهِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهَذَا مَجْنُونٌ مَا زَادَهُ8، فَبُؤْسًا9 لِقَرْيَةٍ10 مِثْلُكَ فقيهها والمنظور إِلَيْهِ فِيهَا11.

_ 1 فِي الأَصْل "فحدهم" بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَفِي س "فخذهم" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ويتضح الْمَعْنى بِمَا أَثْبَتْنَاهُ من ط، ش. 2 فِي ط، ش "المقلوب على تفسيرك هَذَا"، وَفِي س "المقلوب تَفْسِير هَذَا". 3 فِي ط، س، ش "اليمانين". 4 لم أَقف عَلَيْهِ فِيمَا اطَّلَعت عَلَيْهِ من مظان وجوده على من قَالَ هَذَا الْبَيْت، واستشهاد الْمعَارض بِهِ استشهاد الْمعَارض بِهِ استشهاد فِي غير مَحَله يُوضحهُ رد الدَّارمِيّ -كَمَا سيتبين-. 5 فِي ط، س، ش "إِنَّمَا قَالَ الشَّاعِر". 6 فِي ط، س، ش "من اليمانين". 7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 8 لفظ "مَا زَاده" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 9 فِي ط، س، ش "فابئس بؤسًا". 10 فِي ط، س، ش "لفرية" بِالْفَاءِ. 11 لفظ "فِيهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش.

دعوى المعارض في تفسير الجنب والرد عليه

دَعْوَى الْمعَارض فِي تَفْسِير الْجنب وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وادَّعى الْمُعَارِضُ أَيْضًا زُورًا عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ اللَّهِ: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّه} 1 قَالَ: يَعْنُونَ بِذَلِكَ الْجَنْبَ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ وَلَيْسَ عَلَى مَا يتوهَّمونه. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَا أَرْخَصَ الْكَذِبَ عِنْدَكَ، وأخفَّه عَلَى لِسَانِكَ. فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي دَعْوَاكَ فَأَشِرْ بِهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ قَالَهُ، وَإِلَّا فَلِمَ تشنَّع بِالْكَذِبِ عَلَى قَوْمٍ هـ أَعْلَمُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ مِنْكَ، وَأَبْصَرُ بِتَأْوِيلِ كِتَابِ اللَّهِ مِنْكَ، وَمِنْ إِمَامِكَ؟ إِنَّمَا تَفْسِيرُهَا عِنْدَهُمْ، تَحَسُّرُ الْكفَّار على مَا فرطو فِي الْإِيمَانِ وَالْفَضَائِلِ الَّتِي تَدْعُو إِلَى ذَاتِ اللَّهِ2 وَاخْتَارُوا عَلَيْهَا الْكُفْرَ وَالسُّخْرِيَةَ بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ، فَسَمَّاهُمُ السَّاخِرِينَ3 فَهَذَا تَفْسِيرُ الْجَنْبِ عِنْدَهُمْ. فَمَا4 أَنْبَأَكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: جَنْبٌ مِنَ الْجُنُوبِ؟ فَإِنَّهُ لَا يَجْهَلُ5 هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ6 مِنْ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ، فَضْلًا عَنْ عُلَمَائِهِمْ، وَقَدْ

_ 1 سُورَة الزمر، آيَة "56". 2 فِي ط، س، ش "ذَات الله تَعَالَى". 3 فِي الأَصْل وس "الساخرون" بِالرَّفْع، وَصَوَابه النصب لِأَنَّهَا مفعول بِهِ ثَان للْفِعْل سمَّى. 4 فِي ط، س، ش "فَمن". 5 فِي ط، س، ش "فَإِنَّهُ يجهل" بالإثبات، وَمَا فِي الأَصْل أنسب للسياق. 6 فِي الأَصْل "كثيرا" بِالنّصب، وَصَوَابه الرّفْع؛ لِأَنَّهُ فَاعل يجهل.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "الْكَذِبُ مُجَانِبُ الْإِيمَانِ"2 وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ3: "لَا يَجُوزُ مِنَ الْكَذِبِ جد وَلَا هزل"4،

_ 1 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"269". 2 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب جـ5/1 مَوْقُوفا على أبي بكر فِي آخِره بِلَفْظ: "يَا أَيهَا النَّاس، إيَّاكُمْ وَالْكذب، فَإِن الْكَذِب مُجَانب للْإيمَان"، وَأخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق مُخْتَار الندوي/ كتاب الْأَدَب/ مَا جَاءَ فِي الْكَذِب/ الْأَثر رقم 5654، 592/8 بِسَنَدِهِ عَن قيس قَالَ: قَالَ أَبُو بكر: "إيَّاكُمْ وَالْكذب فَإِنَّهُ مُجَانب للْإيمَان". وَأوردهُ ابْن أبي شيبَة فِي الْإِيمَان/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج الألباني/ ص"85" من غير إِسْنَاد مَوْقُوفا على أبي بكر، قَالَ الألباني: "أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده 5/1 مَوْقُوفا على أبي بكر بِسَنَد صَحِيح". وَقَالَ العجلوني فِي كشف الخفاء 108/2: "رَوَاهُ ابْن عدي عَن أبي بكر مَرْفُوعا وَهُوَ ضَعِيف، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل: رَفعه بَعضهم وَوَقفه آخَرُونَ وَهُوَ أصح". 3 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَقد تقدّمت تَرْجَمته ص"190". 4 فِي س "جدا وَلَا هزلا". قلت: وَهَذَا المأثورعن ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ ط. الثَّانِيَة/ بَاب لَا يصلح الْكَذِب/ برقم 387 ص"140" بِسَنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "لَا يصلح الْكَذِب فِي جد وَلَا هزل". وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 127/1 بِسَنَدِهِ عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله، رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "إِن الْكَذِب لَا يَصْلُحُ مِنْهُ جِدٌّ وَلَا هزل.." إِلَخ، قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد على =

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ1: "مَنْ كَانَ كَذَّابًا فَهُوَ مُنَافِقٌ"2 فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ3 مِنْهُم.

_ = شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَإِنَّمَا تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَات بتوقيف أَكثر هَذِه الْكَلِمَات، فَإِن صحَّ سَنَده فَإِنَّهُ صَحِيح على شَرطهمَا ... وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ. وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حبيب الرَّحْمَن الأعظمي/ برقم 20077، 116/11 عَن ابْن مَسْعُود فِي أَثْنَائِهِ. وَأخرجه أَيْضا ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق مُخْتَار الندوي/ كتاب الْأَدَب، مَا جَاءَ فِي الْكَذِب/ برقم 5653، 591/8 عَن أبي البخْترِي عَن عبد الله بِهِ. 1 الشّعبِيّ، تقدم ص”168". 2 أخرجه ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه/ تَحْقِيق وطبع مُخْتَار الندوي/ كتاب الْأَدَب/ بَاب مَا جَاءَ فِي الْكَذِب/ برقم 592/8 عَن مُحَمَّد بن بشر، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ: "ذكر عِنْد عَامر أَن الْمُنَافِق الَّذِي إِذا حدَّث كذب فَقَالَ عَامر: لَا أَدْرِي مَا تَقولُونَ؟ إِن كَانَ كذابا فَهُوَ مُنَافِق". 3 فِي س "أَن لَا تكون مِنْهُم".

نقض المؤلف على المعارض تفسيره للرؤية

نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَفْسِيره للرؤية: وَرَوَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا عَنْ إِسْرَائِيلَ1 عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ2 عَنِ ابْنِ عُمَرَ3 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ مِنْ 4 أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً، مَنْ يَنْظُرُ إِلَى نَعِيمِهِ وَجَنَّاتِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً"، ثُمَّ تَلَا: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 5.

_ 1 إِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس، تقدم ص"267"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 92/1 أَنه روى عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ. 2 فِي س "ثَوْر بن فَاخِتَة"، وَفِي ط، ش "ثُوَيْر بن فَاخِتَة" وَصَوَابه "ثويربن أبي فَاخِتَة". قَالَ فِي التَّقْرِيب 121/1: ثُوَيْر -مُصَغرًا- ابْن أبي فَاخِتَة بِمُعْجَمَة مَكْسُورَة ومثناة مَفْتُوحَة، سعيد بن علاقَة -بِكَسْر الْمُهْملَة- الْكُوفِي، أبوالجهم، ضَعِيف، رمي بالرفض، من الرَّابِعَة/ ت، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 187/1 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعنهُ إِسْرَائِيل بن يُونُس. 3 عبد الله بن عمر، تقدم ص”245". 4 حرف "من" لَيْسَ فِي، س، ش. 5 سُورَة الْقِيَامَة، الْآيَتَانِ "22-23"، والْحَدِيث أخرجه الإِمَام أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ. انْظُر: جَامع التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب صفة الْجنَّة/ بَاب رُؤْيَة الرب تبَارك وَتَعَالَى/ حَدِيث 2677، 268/7 قَالَ: حَدثنَا عبد بن حميد أَخْبرنِي شَبابَة بن سوار، عَن إِسْرَائِيل عَن ثُوَيْر قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: "إِن أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ ينظر إِلَى جناته وزوجاته ونعيمه وخدمه وسرره مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى الله مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ غُدْوَةً وَعَشِيَّة، ثمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ". قَالَ: "وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير وَجه عَن إِسْرَائِيل، عَن ثويرعن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَرَوَاهُ عبد الْملك بن أبجر عَن ثُوَيْر عَن ابْن عمر مَوْقُوفا وَرَوَاهُ عبيد الله الْأَشْجَعِيّ عَن سُفْيَان عَن ثُوَيْر عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَوْله وَلم يرفعهُ" انْتهى. وَانْظُر: الْمصدر نَفسه/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ سُورَة الْقِيَامَة/ حَدِيث 3386، 246/9-250 من طَرِيقه السَّابِق وَقَالَ هَذَا حَدِيث غَرِيب. وَانْظُر: الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 13/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ثناعبد الْملك بن أبجر عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ. وَانْظُر: الْمصدر نَفسه 64/2 من طَرِيق عبد الله ثَنَا أبي ثَنَا حُسَيْن بن مُحَمَّد ثَنَا إِسْرَائِيل بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب.

قَالَ الْمُعَارِضُ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ نَظَرًا إِلَى مَا أعدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى الْجِنَانِ1. فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدْ جِئْتَ بِتَفْسِيرٍ طَمَّ2 عَلَى جَمِيعِ تَفَاسِيرِكَ ضَحِكَةً وَجَهَالَةً، وَلَوْ قَدْ رَزَقَكَ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ مَعْرِفَةِ الْعَرَبِيَّةِ لَعَلِمْتَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي رَوَيْتَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ3 وَهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْوَاضِحَةِ لَا يَحْتَمِلُ تَفْسِيرًا غَيْرَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَلَا تَصْدِيقَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ4. وَإِنَّمَا قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَى وَجْهِ اللَّهِ"، وَلَمْ يَقُلْ: إِلَى وُجُوهِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَاتِ5 وَمَنْ سَمَّى مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَجْهًا لِلَّهِ قَبْلَكَ؟ وَفِي أَيِّ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَجَدْتَ أَنَّ وَجْهَ اللَّهِ أَعْلَى جَنَّتِهِ؟ مَا لَقِيَ وَجْهِ اللَّهِ ذِي6 الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ

_ 1 فِي س "إِلَى الْجنَّة هِيَ أَعلَى الْجنان" وَسِيَاق الأَصْل أوضح، وَفِي ط، ش، "إِلَى الْجنَّة هِيَ أَعلَى الجنات". 2 أَي زَاد وَغلب عَلَى جَمِيعِ تَفَاسِيرِكَ ضَحِكَةً وَجَهَالَةً، قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 145/4 مَادَّة "طَمَّ": "المَاء طمًا وطُمُومًا غَمَر، والإناءَ ملأهُ والرَّكية يطمُّها ويطُمُّها دفنَها وسوَّاها، وَالشَّيْء كثُر حَتَّى عَلا وغَلب ... " إِلَخ. 3 فِي ط، ش "بِهَذَا السِّيَاق". 4 فِي ط، س، ش "من كتاب الله تَعَالَى". 5 فِي الأَصْل "من الكرمات" وَلَعَلَّ الْألف سَقَطت، وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش. 6 فِي ط، س، ش "ذُو الْجلَال" بِالرَّفْع، وَيتَوَجَّهُ على أَنه نعت لوجه مَرْفُوع بِالْوَاو، وبالجر على أَنه نعت للفظ الْجَلالَة مجرور بِالْيَاءِ.

مِنْ تَفَاسِيرِكَ1؟! مَرَّةً تَجْعَلُهُ مَا أعدَّ اللَّهُ لِأَهْلِ الجنَّة، وَمَرَّةً تَجْعَلُهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ، وَمَرَّةً تَجْعَلُهُ وَجْهَ الْقِبْلَةِ، وَمَرَّةً تُشَبِّهُهُ بِوَجْهِ الثَّوْبِ وَوَجْهِ الْحَائِطِ، وَاللَّهُ سَائِلُكَ عمَّا تَتَلَاعَبُ بِوَجْهِهِ ذِي2 الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. فَإِنْ كَانَ كَمَا ادَّعَيْتَ أَنَّ أَكْرَمَهُمْ عَلَى اللَّهِ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ3 لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ الَّتِي يَتَوَقَّعُونَهَا4 مِنَ اللَّهِ، أَفَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِكَ أَيْضًا: "إِنَّ 5 أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً يَنْظُرُونَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ جَنَّاتِهِ وَنَعِيمِهِ وَكَرَامَاتِهِ مَسِيرَةَ أَلْفِ سَنَةٍ، وَإِنَّ الْأَدْنَيْنَ مِنْهُمْ يَتَوَقَّعُونَ مِنْ كَرَامَاتِ اللَّهِ مَا يَتَوَقَّعُ أَكْرَمُهُمْ، وَيَنْظُرُونَ إِلَى أَعْلَى الْجَنَّةِ كَمَا يَنْظُرُ أَكْرَمُهُمْ؟ " مَا مَوْضِعُ تَمْيِيزِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَدْنَى بِالنَّظَرِ إِلَى مُلْكِهِ وَنَعِيمِهِ، وَالْأَعْلَى6 إِلَى وَجْهِهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً؛ إِذْ كُلُّهُمْ عَنِ النَّظَرِ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ فِيهَا غَيْرُ مَحْجُوبِينَ، وَلَا عَنِ التَّوَقُّعِ مَمْنُوعِينَ حَتَّى تَلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَكْرَمِينَ مِنْهُمْ مَا لم يتل7 فِي الأدنيين مِنْهُم

_ 1 فِي ط، س، ش "من تفاسيرك هَذِه". 2 فِي س "ذُو" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ. 3 فِي ط، س، ش "مَا أعد لَهُم". 4 فِي س "يتوقعوها". 5 فِي س "أَن" بِفَتْح الْهمزَة، وَلم تهمز فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "إِن" بِهَمْزَة مَكْسُورَة، وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا وَقعت محكية بالْقَوْل. 6 فِي ط، س، ش "والأعلى بِالنّظرِ إِلَى وَجهه". 7 فِي ط "مَا لم يَتْلُو" وَالصَّوَاب حذف الْوَاو للجزم هُنَا، وَفِي ش "مَا يَتْلُو" بِدُونِ لم، ويتضح الْمَعْنى بإثباتها.

تَثْبِيتًا1 لِوَجْهِهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَتَكْذِيبًا لِدَعْوَاكَ، فَقَالَ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 2 وَلَمْ يَقُلْ3: إِلَى كَرَامَاتِهَا نَاظِرَةٌ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ! مَا أَوْحَشَهَا مِنْ تَأْوِيلٍ، وَأَقْبَحَهَا مِنْ تَفْسِيرٍ، وَأَشَدَّهَا اسْتِحَالَةً فِي جَمِيعِ لُغَاتِ الْعَالَمِينَ، فَسُبْحَانَ مَنْ لَمْ يَرْزُقْكَ مِنَ الْفَهْمِ إِلَّا مَا تَرَى، لَوْ تكلم بِهَذَا صبيان الْكتاب لَا ستضحك النَّاسُ مِنْهُمْ فَكَيْفَ رَجُلٌ يَعُدُّ نَفْسَهُ مِنْ4 عِدَادِ عُلَمَاءِ بِلَادِهِ5؟ وَرَوَى الْمُعَارِضُ6 أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ مُحَمَّدٍ7 رَوَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ8،

_ 1 فِي ط، س "تثبيتًا". 2 سُورَة الْقِيَامَة، الْآيَتَانِ "22-23". 3 فِي ط، س، ش "وَلم يقْرَأ". 4 فِي ط، ش "فِي" بدل "من". 5 فِي ط، ش "من عُلَمَاء أهل بِلَاده". 6 فِي ط، س، ش "وروى الْمعَارض أَيْضا". 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 154/1: حجاج بن مُحَمَّد المصِّيصِي الْأَعْوَر، أَبُو مُحَمَّد التِّرْمِذِيّ الأَصْل، نزل بَغْدَاد ثمَّ المصيصة، ثِقَة، ثَبت، لكنه اخْتَلَط فِي آخر عمره لما قدم بَغْدَاد قبل مَوته، من التَّاسِعَة، مَاتَ بِبَغْدَاد سنة 206/ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 205/2 أَنه روى عَن ابْن جريج. 8 قَالَ فِي التَّقْرِيب 520/1: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْأمَوِي مَوْلَاهُم الْمَكِّيّ، ثِقَة فَقِيه فَاضل، وَكَانَ يُدَلس، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة خمسين أَو بعْدهَا، وَقد جاوزالسبعين، وَقيل: جَاوز الْمِائَة، وَلم يثبت/ ع. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 405/6 أَن حجاج بن محد المصِّيصِي روى عَنهُ وَلم أجد فِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر وتهذيب الْكَمَال أَنه روى عَن الضَّحَّاك.

عَنِ الضَّحَّاكِ1، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ3. وَرَوَى حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ4، عَنْ قَتَادَةَ5، عَنْ عِكْرِمَةَ6، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ7 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "رَأَى ربَّه جَعْدًا أَمْرَدَ عَلَيْهِ حُلَّة خَضْرَاءُ"8. فادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ فسَّروا هَذَا أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ جِبْرِيلَ9، فَعَرَفَ رَبَّهُ بِرُؤْيَةِ جِبْرِيلَ عِلْمًا بِقَلْبِهِ بإدراكه جِبْرِيل عيَانًا، فَهَذَا

_ 1 لَعَلَّه أَرَادَ الضَّحَّاك بن مُزَاحم، تقدم ص"721"، وَفِي الكاشف للذهبي أَنه روى عَن ابْن عَبَّاس. 2 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172". 3 تقدم بِنَحْوِهِ، انْظُر تَخْرِيجه وَالْكَلَام عَلَيْهِ ص"725"، وَمن هَذَا الطَّرِيق أوردهُ السُّيُوطِيّ فِي اللآلئ المصنوعة 30/1، وَعَزاهُ إِلَى الطَّبَرَانِيّ قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن سعيد الرَّازِيّ حَدثنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الدروقي، حَدثنَا حجاج بن مُحَمَّد -بِهَذَا السَّنَد- عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَأْي مُحَمَّد ربه عز وَجل فِي صُورَة شَاب أَمْرَد، وَبِه قَالَ ابْن جريج عَن صَفْوَان بن سليم عَن عَائِشَة قَالَت: رَأْي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربَّه على صُورَة شَاب جَالس على كرْسِي رجله فِي خضرَة من نور يتلألأ. وَانْظُر الْمصدر نَفسه ص"28-31". 4 حَمَّاد بن سَلمَة، تقدم ص"187". 5 قَتَادَة، تقدم ص"180". 6 عِكْرِمَة، تقدم ص"286". 7 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172". 8 انْظُر تَخْرِيجه ص"721". 9 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389".

تَفْسِيرُ1 أَنَّهُ رَأَى مِنْ خَلْقِهِ، وَهُوَ الصُّورَةُ الَّتِي شَاهَدَ بِبَصَرِهِ، وَكَانَتْ صُورَةُ جِبْرِيلَ2. فَقُلْنَا لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُنَاقِضِ: أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ3؟ ثُمَّ تَدعِي هَاهُنَا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ فَسَّرُوهُ أَنَّهُ صُورَةُ جِبْرِيلَ4، وَأَيُّ صَاحِبِ عِلْمٍ يُفَسِّرُ أَحَادِيثَ الزَّنَادِقَةِ، يُوهِمُ5 النَّاسَ أَنَّهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَلَا إِنَّ يَكُونَ زُعَمَاؤُكَ هَؤُلَاءِ الْمُعَطِّلُونَ؟ وَكَيْفَ تُثْبِتُ الشَّهَادَةَ عَلَى حَدِيثِ الزَّنَادِقَةِ أَن هَذَا تَفْسِيره؟ أَو لَيْسَ قد أنبأناك فِي صدركتابنا6 هَذَا أَنَّ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أنَّى أَرَاهُ"8، وَبِقَوْلِ عَائِشَةَ9 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى ربَّه فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ"؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ: {لَا تُدرِكُهُ الأَبْصَارُ} 10

_ 1 فِي ط، س، ش "فَهَذَا تَفْسِيره"، وَهُوَ أوضح. 2 فِي س، ط "وَكَانَت الصُّورَة صُورَة جِبْرِيل". 3 تقدم هَذَا القَوْل ومناقشته ص"730"، وَانْظُر تعريفًا موجزًا عَن الزَّنَادِقَة ص"531". 4 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص"389". 5 فِي ط، ش "أَو يُوهم"، وَفِي س "ويوهم". 6 انْظُر ص"726" وَمَا بعْدهَا. 7 أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363". 8 تقدم تَخْرِيجه "363". 9 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252". 10 فِي ط، ش زِيَادَة: {وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} . قلت: الْآيَة من سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103"، والْحَدِيث تقدم تَخْرِيجه ص"726".

غَيْرَ أَنَّكَ فَسَّرْتَهُ تَفْسِيرًا شَهِدْتَ فِيهِ بِالْكُفْرِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ ادَّعَيْتَ أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ1 فِي صُورَتِهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ رَبُّهُ، وَأَنَّهُ قَالَ لِصُورَةٍ مَخْلُوقَةٍ شَاهَدَهَا بِبَصَرِهِ أَنه ربه، فتكفر2 أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَا يَجْلِبُ عَلَيْكَ تَأْوِيلُكَ هَذَا مِنَ الْفَضَائِحِ، حِينَ تَدَّعِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْرِفْ جِبْرِيلَ مِنَ اللَّهِ3 حَتَّى يَرَى صُورَةَ جِبْرِيلَ فِي صُورَةِ شَابٍّ جَعْدٍ، فَيَدَّعِيَ أَنَّهُ رَبُّهُ بِزَعْمِكَ. لَوْ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ أَبْكَمَ كَانَ خَيْرًا لَكَ مِنْ أَنْ تَتَعَرَّضَ لِهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ، أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ: إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا: إِنَّ هَذَا صُورَةُ جِبْرِيلَ، فَمِنْ أَيِّ أَهْلِ الْعِلْمِ سَمِعْتَ هَذَا التَّفْسِيرَ؟ فَأَسْنِدْهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّكَ لَا تَسْنِدُهُ إِلَّا إِلَى مَنْ هُوَ أَجْهَلُ مِنْكَ. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّكَ إِنَّمَا تُغَالِطُ4 بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لِتَدْفَعَ بِهَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 5 وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ 6 كَمَا تَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" 7، فَتوهم

_ 1 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389". 2 فِي ط، س، ش "فتفكر" وَلَعَلَّ مَا فِي الأَصْل تَصْحِيف من بعض النُسَّاخ. 3 فِي ط، س، ش "من الله تَعَالَى". 4 فِي ط، ش "تغالط الْجُهَّال". 5 سُورَة الْقِيَامَة، الْآيَتَانِ "22-23". 6 فِي ط، س، ش "إِنَّكُم ترَوْنَ ربكُم يَوْم الْقِيَامَة". 7 تقدم تَخْرِيجه ص"204".

النَّاسَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَسْتَنْكِرُهَا وَتَلْتَمِسُ لَهَا هَذِهِ الْعَمَايَاتِ كَالَّتِي يَرْوُونَ1 فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَنَّهُ لَا تُدْفَعُ2 تِلْكَ بِمِثْلِ هَذَا التَّفْسِيرِ الْمَقْلُوبِ، لِمَا أَنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسَانِيدَ كَالصُّخُورِ، فَلَا يُدْفَعُ إِلَّا بِأَثَرٍ مِثْلِهِ مَأْثُورٍ، فَارْبَحِ الْعَنَاءَ فَقَدْ عَلِمْنَا حَوْلَ مَاذَا تَدُورُ، وَلَنْ تَغُرَّ بِمِثْلِهَا إِلَّا كُلَّ مَغْرُورٍ. وَاحْتَجَّ الْمُعَارِضُ أَيْضًا فِي إِنْكَار الرُّؤْيَة بِحَدِيث رَوَاهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ3 ضَرَبَ الْعُزَّى بِالسَّيْفِ فَقَالَ لَهُ4: "كُفْرَانَكَ، لَا سُبْحَانَكَ، إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَك"5.

_ 1 فِي ط، س، ش "تروون". 2 لم يعجم أَولهَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لَا تدفع" بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة. 3 فِي ط، س، ش "أَن خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ" وَهُوَ أوضح. قلت: وَهُوَ خَالِد بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُوم، المَخْزُومِي، سيف الله، يكنى أَبَا سُلَيْمَان، من كبارالصحابة، وَكَانَ إِسْلَامه بَين الْحُدَيْبِيَة وَالْفَتْح، وَكَانَ أَمِيرا على قتال أهل الرِّدَّة وَغَيرهَا من الْفتُوح إِلَى أَن مَاتَ سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين/ خَ م د س ت. التَّقْرِيب 219/1، وَانْظُر: الِاسْتِيعَاب ذيل الْإِصَابَة 405/11-409، وَأسد الغابة 93/2-96، والإصابة بذيله الِاسْتِيعَاب 412/1-415، وتهذيب التَّهْذِيب 124/3-125. 4 فِي ط، ش "فَقَالَ لَهَا". 5 ذكر ذَلِك ابْن عبد الْبر فِي الِاسْتِيعَاب/ تَحْقِيق عل البجاوي قسم 428/2 فِي تَرْجَمَة خَالِد قَالَ: "وَبَعثه رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْعُزَّى وَكَانَ بَيْتا عَظِيما لقريش =

قَالَ الْمُعَارِضُ: فَهَذِهِ رَؤْيَةُ عِلْمٍ لَا رُؤْيَةُ بَصَرٍ. قَالَ: يَعْنِي أَنَّ1 الْمُؤْمِنِينَ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا كَنَحْوِ مَا رَأَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ2 فِي دُنْيَاهُ. قَالَ الْمُعَارِضُ: وفسَّر قَوْمٌ أَن الرية لِلشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعِلْمِ،

_ = وكنانة وَمُضر تبجله؛ فَهَدمهَا، وَجعل يَقُول: يَا عز كُفْرَانك الْيَوْم لَا سُبْحَانَكَ ... إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قد أَهَانَك وَانْظُر: تفسيرابن كثير 254/4، وَابْن حجر فِي الْفَتْح 612/8. قلت: وَفِي قَول ابْن عبد الْبر أَن الْعُزَّى كَانَت بيا نظر؛ فقد ذكرابن جريرالطبري اخْتِلَاف أهل التَّأْوِيل فِي الْعُزَّى فَقَالَ بَعضهم: كَانَت شجيرات يعبدونها، وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَت الْعُزَّى حجر أَبيض، وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَ بَيْتا بِالطَّائِف تعبده ثَقِيف، وَقَالَ آخَرُونَ: بل كَانَ بِبَطن نَخْلَة" انْتهى مُخْتَصرا من تَفْسِير الطَّبَرِيّ 35/27. وأظهرالأقوال فِي ذَلِك -وَالله أعلم- مَا نَقله ابْن كثير فِي تَفْسِيره 254/4 من أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لما فتح مَكَّة بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى نَخْلَة، وَكَانَت بهَا الْعُزَّى فَأَتَاهَا خَالِد وَكَانَت على ثَلَاث سمُرَات، فَقطع السَّمُرَات وَهدم الْبَيْت الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأخْبرهُ فَقَالَ: "ارْجع فَإنَّك لم تصنع شَيْئا"، فَرجع خَالِد، فَلَمَّا أبصرته السَّدَنَة وهم حَجَبتهَا أَمْعَنُوا فِي الْجَبَل وهم يَقُولُونَ: ياعزى ياعزى، فَأَتَاهَا خَالِد فَإِذا امْرَأَة عُرْيَانَة نَاشِرَة شعرهَا تحفن التُّرَاب على رَأسهَا، فغمسها بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتلهَا، ثمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: "تِلْكَ الْعُزَّى". 1 فِي ط، س، ش "يَعْنِي الْمُؤمنِينَ". 2 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدّمت تَرْجَمته قَرِيبا.

كَمَا يُقال: رَأَيْتُ الْخَلَّ شَدِيدَ الْحُمُوضَةِ، وَرَأَيْتُ الْعُودَ طَيِّبًا، يُرِيدُ رَائِحَتَهُ1 كَمَا قَالَ2: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} 3، وَلَمْ يَرَهُ إِلَّا بِالْمَعْرِفَةِ. وَكُلُّ شَيْءٍ يُدْرَكُ4 بِالرُّؤْيَةِ فَلَهُ5 قِلَّةٌ وَكَثْرَةٌ6. فَاللَّهُ الْمُتَعَالِي عَنْ ذَلِكَ إِنَّمَا يُرَى بِدَلَائِلِهِ وَآثَارِ صُنْعِهِ، فَهِيَ شَوَاهِد لَا الَّذِي يُعْرَفُ بِمُلَاقَاةٍ وَلَا بِمُشَاهَدَةِ حَاسَّةٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ذَهَبَتِ الشُّكُوكُ وَعَرَفُوهُ عَيَانًا، لَا بِإِدْرَاكِ بَصَرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِن كَانَ الرِّوَايَات7 فهاهنا رِوَايَاتٌ أَيْضًا مُعَارِضَةٌ، وَإِنْ كَانَ8 يحْتَمل التَّأْوِيل فهاهنا مَا يَحْتَمِلُ أَيْضًا. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا الرِّوَايَاتُ فَمَا نَرَاكَ تَحْتَجُّ فِي جَمِيعِ مَا تَدَّعِي إِلَّا بِكُلِّ أَعْرَجَ مَكْسُورٍ، بِالتَّجَهُّمِ مَشْهُورٌ، وَفِي أَهْلِ السُّنَّةِ مَغْمُورٌ9.

_ 1 الْعبارَة "كَمَا يُقَال" إِلَى قَوْله: "برائحته" لَيست فِي ط، س، ش، وإثباتها أوضح. 2 فِي سنّ ط "كَا قَالَ الله تَعَالَى"، وَفِي ش "كَمَا قَالَ تَعَالَى". 3 سُورَة الْفِيل، آيَة "1". 4 فِي ط، ش "تُدْرِكهُ". 5 لفظ "فَلهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 فِي ط، ش "قلَّة وَكَثْرَة" بِالْهَاءِ. 7 فِي ط، س، ش "بالروايات". 8 فِي ط، س، ش "وَإِن كَانَ مَا يحْتَمل". 9 "مغمورة" تقدم مَعْنَاهَا ص"147".

وَأَمَّا الْمَعْقُولُ الَّذِي تَدَّعِيهِ مِنْ كَلَامِكَ فَقَدْ أَنْبَأْنَاكَ أَنَّهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَجْهُولٌ، وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، لَا يَخْفَى تَنَاقُضُهُ إِلَّا عَلَى كُلِّ جَهُولٍ. وَأَمَّا مَا احْتَجَجْتَ بِهِ مِنْ قَوْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ1 فَمَعْقُولٌ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا قَالَ: {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 2 وروى أبوذر3 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: "نورأنَّى أَرَاهُ"4، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا 5 رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا" آمَنَّا بِمَا قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يُرَى فِي الدُّنْيَا، فَلَمَّا قَالَ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} 6 عَلِمْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُدْرِكْهُ وَلَمْ يَرَهُ لِمَا أَنَّهُ وُلِدَ عَامَ الْفِيلِ7 فَاسْتَيْقَنَّا عِلْمًا يَقِينًا أَنَّ هَذِهِ رُؤْيَةُ عِلْمٍ، لَا رُؤْيَة بصر،

_ 1 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”817". 2 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "103". 3 فِي ط، س، ش "أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص”363". 4 تقدم تَخْرِيجه ص”363". 5 فِي الأَصْل "لم تروا" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي رِوَايَة أَحْمد، وَعند ابْن مَاجَه "لَا تروا". انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث ص”738". 6 سُورَة الْفِيل، آيَة "1". 7 وَهُوَ الْعَام الَّذِي هاجم فِيهِ أَبْرَهَة الحبشي الْبَيْت، وَكَانَ ذَلِك عَام 570 من مِيلَاد الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام، والقصة مَشْهُور، وَقد أَشَارَ إِلَى ذَلِك الْقُرْآن فِي سُورَة الْفِيل.

وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} 1 فَاسْتَيْقَنَّا بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ لَمْ يرَ رَبَّهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ عَيَانًا، وَأَنَّهُ رُؤْيَةُ الْفِعْلِ -مَدُودِ2 الظِّلِّ الَّذِي يَرَاهُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا- وَكَذَلِكَ قَوْلُ خَالِدِ بْنِ الْوَلَد3: "إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ"4 لِاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمِنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَبْصَارَ أَهْلِ الدُّنْيَا لَا تُدْرِكُهُ فِي الدُّنْيَا. فَحِينَ حدَّ اللَّهُ لِرُؤْيَتِهِ حدا فِي الْآخِرَة بقول: {إلَى رَبِّها نَاظِرَةٌ} 5 عَلِمْنَا أَنَّهَا رُؤْيَةُ عَيَانٍ6 وَكَذَلِكَ7 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَأَلَهُ أَبُو ذَرٍّ8 هَلْ رَأْي رَبك؟ فَقَالَ: "نورأنى أَرَاهُ؟ " 9 فَلَمَّا سَأَلَهُ10 أَصْحَابُهُ: "أَنَرَاهُ فِي الْآخِرَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَرُؤْيَةِ الشَّمْس، وَالْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر" 11.

_ 1 فِي ط، س، ش. زِيَادَة: {وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} ، وَالْآيَة من سُورَة الْفرْقَان، آيَة "45". 2 فِي ط، ش "ومدَّ الظل". 3 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"817". 4 تقدم تَخْرِيج ص"817". 5 سُورَة الْقِيَامَة، آيَة "23". 6 فِي الأَصْل، س "روية عيَانًا" وَهُوَ بعيد، لاقْتِضَائه مَجِيء الْحَال من النكرَة، وَهُوَ بعيد، وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، ش وتوجيهه ظَاهر. 7 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم". 8 أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"363". 9 تقدم تَخْرِيج ص"363". 10 فِي ش "فَمَا سَأَلَ". 11 تقدم تَخْرِيجه ص"204".

وأمَّا تَفْسِيرُكَ أَنَّ رُؤْيَتَهُ1 يَوْمَ الْقِيَامَةِ رُؤْيَةُ آيَاتِهِ وَدَلَائِلِهِ2 فَإِذَا رَأَوْا آيَاته وَذَهَبت3 الشُّكُوكُ عَنْهُمْ، فَهَذِهِ4 أَفْحَشُ كَلِمَةٍ ادَّعَيْتَهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ مَاتُوا شُكَّاكًا لَمْ يَعْرِفُوا رَبَّهُمْ حَتَّى يَرَوْا آيَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَبِهَا تَذْهَبُ الشُّكُوكُ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ. وَيْحَكَ! أمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ أَحَدٌ وَفِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَكٌّ مِنْ خَالِقِهِ إِلَّا مَاتَ كَافِرًا؟ وَكَيْفَ تَعْتَرِي5 الْمُؤْمِنِينَ يومئذٍ6 الشُّكُوكُ، وَالْكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ بِرُبُوبِيَّتِهِ مُوقِنُونَ لَا تَعْتَرِيهِمْ7 شُكُوكٌ؟ فَإِنْ كَانَتِ الشُّكُوكُ يَوْمَئِذٍ تَنْزَاحُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا تَصِفُ8 مِنَ الدَّلَائِلِ9 وَالْعَلَامَاتِ، مِنْ غَيْرِ إِدْرَاكِ بَصَرٍ، فَكَذَلِك الْكفَّار كلهم قد رَأَوْا يَوْمئِذٍ آيَاته وعلاماته مِنْ غَيْرِ إِدْرَاكِ بَصَرٍ، فَانْزَاحَتْ عَنْهُمُ الشُّكُوكُ، فَصَارُوا كَالْمُؤْمِنِينَ فِي دَعْوَاكَ، فَمَا فَضْلُ بُشْرَى اللَّهِ وَرَسُوله الْمُؤمنِينَ10

_ 1 فِي ط "أَن رُؤْيَة الْقِيَامَة"، وَفِي ش "رُؤْيَة الْقِيَامَة". 2 فِي ط، س، ش زِيَادَة "لَا إِدْرَاك بصر". 3 فِي ط، س، ش "ذهبت" بِدُونِ وَاو، وَهُوَ الَّذِي يظْهر بِهِ الْمَعْنى. 4 فِي ط، س، ش "فَهَذَا"، وَسِيَاق الأَصْل أنسب. 5 فِي ط، س، ش "يعتري" 6 لفظ "يَوْمئِذٍ" لَيْسَ فِي ش. 7 فِي ط، س، ش "لَا يعتريهم". 8 فِي س "بِمَا يصف". 9 فِي ط، س، ش "من الدلالات". 10 فِي ط، س، ش "للْمُؤْمِنين".

عَلَى الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَالَ فِي كِتَابِهِ1: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 2. وَيْحَكَ! لَلْغناء وَالْعَزْفُ أَحْسَنُ مِمَّا تَدَّعِي عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ3، وَمَا تَقْذِفُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ؛ أَنَّ4 الشُّكُوكَ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَذْهَبُ عَنْهُمْ إِلَّا5 فِي الْآخِرَةِ، يَوْمَ يَرَوْنَ آيَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ. فَأَمَّا مَا احْتَجَجْتَ بِهِ مِنْ قَوْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ6 حِينَ قَالَ: "رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ"7 فَمِثْلُ هَذَا جَائِزٌ فِيمَا أَنْتَ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ لَمْ يَرَ وَلَمْ يُدْرِكْ، وَلَمْ يُمْكِنْ إِدْرَاكُهُ، فَأَمَّا مَا يُرْجَى8 إِدْرَاكُهُ بِبَصَرٍ فَلَا يَجُوزُ فِي هَذَا الْمَجَازِ9 إِلَّا بِحُجَّةٍ وَاضِحَةٍ مِنْ كِتَابٍ مَسْطُورٍ، أَوْ أَثَرٍ مَأْثُورٍ، أَوْ إِجْمَاعٍ مَشْهُورٍ. وَقَوْلُ خَالِدٍ عِنْدَنَا مَعْنَاهُ كَمَعْنَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لعمر10 رَضِي الله

_ 1 فِي س "قَالَ الله فِي كِتَابه"، وَفِي ط، ش "قَالَ الله عَنْهُم فِي كِتَابه". 2 سُورَة المطففين، آيَة "15". 3 فِي ط، ش "على الله وَرَسُوله". 4 فِي ط، س، ش "إِذْ الشكوك"، وَصَوَابه بِمَا فِي الأَصْل. 5 "إِلَّا" لَيست فِي س. 6 انْظُر تَرْجَمته ص"817". 7 تقدم تَخْرِيجه ص"817". 8 فِي ط، س، ش "فَأَما فِيمَا". 9 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط "المجال" وَفِي س، ش "الْمحَال". 10 أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدّمت تَرْجَمته ص"269"، وَعمر بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدّمت تَرْجَمته ص"277".

عَنْهُمَا يَوْمَ مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ1: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يمتْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ2: {إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهمْ مَيَّتُونَ} 3، {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ 4 أَفَإِن مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} 5 إِنَّمَا عَنَى أَبُو بَكْرٍ6: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ فِي كِتَابِهِ7 لِمَا أَنَّ الْعِلْمَ مِنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ قَدْ أَحَاطَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَ اللَّهِ بَشَرٌ مِنْ بَنِي آدم8 غيرموسى9، فحين أحَاط الْعلم

_ 1 قَوْله: "فَقَالَ عمر" لَيست فِي ش، وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى. 2 فِي ط، س، ش "ألم تسمع قَول الله تَعَالَى". 3 سُورَة الزمر، آيَة "30". 4 كلمة "الْخلد" لَيست فِي ط. 5 سُورَة الْأَنْبِيَاء، آيَة "34". 6 فِي ط، س، ش "أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"، قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"269". 7 فِي ط، س، ش "ألم تسمع الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه". 8 آدم عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"177". 9 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدت تَرْجَمته ص"155". قلت: وَهَذَا الْإِطْلَاق من الدَّارمِيّ رَحمَه الله فِيهِ نظر، وَلَعَلَّه أَرَادَ أَنه لم يسمع كَلَام الله أحد -على الأَرْض- غير مُوسَى؛ إِذْ من الثَّابِت أَن الله تَعَالَى كلَّم مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما عرج بِهِ، وَلَفظ البُخَارِيّ: "فراجعته فَقَالَ: هِيَ خمس وَهِي خَمْسُونَ، لَا يُبدل القَوْل لدي، فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: رَاجع رَبك، فَقلت: قد استحييت من رَبِّي"، وَفِي مُسلم: "فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى وَبَين مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّد، إنهنَّ خمس صلوَات كل يَوْم وَلَيْلَة لكل صَلَاة عشر، فَذَلِك خَمْسُونَ صَلَاة ... " الحَدِيث. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {مِنْهُم من كلَّم الله} من سُورَة الْبَقَرَة =

بذلك علمنَا أَن أَبَا بكرعنى قَوْلَهُ، لَا السَّمَاعَ مِنَ اللَّهِ، وَهَكَذَا قصَّة خَالِد

_ = آيَة "253": "المكلَّم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَقد سُئِل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم عَن آدم أنبيٌّ مُرْسل هُوَ؟ فَقَالَ: "نعم، نَبِي مُكَلم"، قَالَ ابْن عَطِيَّة: وَقد تأوَّل بعض النَّاس أَن تكليم آدم كَانَ فِي الْجنَّة، فعلى هَذَا تبقى خاصية مُوسَى". وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {مِنْهُم مَّنْ كَلَّمَ اللهَ} : "يَعْنِي مُوسَى ومحمدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ آدم كَمَا ورد بِهِ الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي صَحِيح ابْن حبَان عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ". قلت: وكلَّم الله تَعَالَى الْأَبَوَيْنِ آدم وحواء كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة الْأَعْرَاف، آيَة "22": {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} ، وَيسمع كَلَام الله من أذن لَهُ من الْمَلَائِكَة، وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن تكليم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ نَوْعَانِ: الأول: بِلَا وَاسِطَة، كَمَا كلم مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام، وكما نَادَى نَبينَا لَيْلَة الْإِسْرَاء، وكما كلم الْأَبَوَيْنِ آدم وحواء. الثَّانِي: تكليمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ بِوَاسِطَة، إِمَّا بِالْوَحْي الْخَاص بالأنبياء، أَو بإرساله رَسُولا يوحي بأَمْره مَا يَشَاء. انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الصَّلَاة/ بَاب كَيفَ فرضت الصَّلَوَات فِي الْإِسْرَاء/ حَدِيث 349، 458/1-459، وَكتاب الْأَنْبِيَاء/ بَاب ذكر إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام/ حَدِيث 3322، 374/6-376. وصحيح مُسلم/تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب الْإِسْرَاء بِرَسُولِهِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيث 259، 145/1-147. والقرطبي فِي تَفْسِيره الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن ط. الثَّالِثَة 264/3، وَابْن كثير فِي تَفْسِيره ط، الثَّانِيَة 304/1، والتنبيهات السّنيَّة على العقيدة الواسطية/ تأليف عبد الْعَزِيز ناصرالرشيد/ ص"145-146".

ابْن الْوَلِيدِ1، وَقَوْلُهُ: {أَلَمْ تَرَ إلَى رَبِّكَ} 2 لِإِحَالَةِ الْعِلْمِ أَنَّ3 ذَلِكَ لَمْ يكن، فلاتدفع4 مَا أَحَاطَ الْعِلْمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَا أَحَاطَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ كَائِنٌ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْكُمَيْتِ5: وَجَدْتُ اللَّهَ إِذَا سَمَّى نَزَارًا ... وَأَسْكَنَهُمْ بِمَكَّةَ قَاطِنِينَا لَنَا جَعَلَ الْمَكَارِمَ خالصاتٍ ... فَلِلنَّاسِ الْقَفَا وَلَنَا الْجَبِينَا6 فَحِينَ عَرَفْنَا يَقِينًا7 أَنَّ أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ يَجِدْهُ عَيَانًا فِي الدُّنْيَا عَلَمِنْا أَنَّ قَوْلَ الْكُمَيْتِ: "وَجَدْتُ اللَّهَ" يُرِيدُ بِهِ المكارم الَّتِي أَعْطَاهُم الله.

_ 1 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”817". 2 سُورَة الْفرْقَان، آيَة "45". 3 فِي ط، س، ش "بِأَن ذَلِك". 4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "فَلَا يدْفع" بِالْيَاءِ. 5 هُوَ الْكُمَيْت بن زيد بن خُنَيْس الْأَسدي، شَاعِر الهاشميين، ولد سنة "60" من الْهِجْرَة وَهُوَ من أهل الْكُوفَة، اشْتهر فِي الْعَصْر الْأمَوِي، وَكَانَ عَالما بآداب الْعَرَب ولغاتها وأخبارها وأنسابها منحازًا إِلَى بني هَاشم، من أشهر شعره "الهاشميات، مطبوع"، وَيُقَال أَن شعره أَكثر من خَمْسَة آلَاف بيتٍ، كَانَ خطيب بني أَسد، وفقيه الشِّيعَة، وَكَانَ فَارِسًا شجاعًا، سخيًا، راميًا، لم يكن فِي قومه أرمى مِنْهُ، توفّي سنة "126هـ". انْظُر: الْأَعْلَام للزركلي 92/6-93 بِتَصَرُّف. 6 البيتان من قصيدة طَوِيلَة للكميت/ انْظُر: شعر الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي/ جمع وَتَقْدِيم د. دَاوُد شلوم 115/2. 7 لَفْظَة "يَقِينا" لَيْسَ فِي ش.

نقض المؤلف على المعارض تأويله صفة العين

نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا: أَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عَيْنًا، يُرِيدُونَ جَارِحًا1/ كَجَارِحِ الْعَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَأَرَادُوا التَّرْكِيبَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ2: {وَلتُصنَعَ عَلَى عَيْنِي} 3، {وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} 4، {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 5. نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين قَالَ الْمُعَارِضُ: وَالْمَعْقُولُ بَيِّنٌ أَنَّ هَذَا يُرِيدُ عَيْنَ الْقَوْمِ، يَعْنِي رَئِيسَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ وَلَا يُرِيدُ جَارِحًا، وَلَكِنْ يُرِيدُ الَّذِي يَجُوزُ فِي الْكَلَامِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ6 فِي قَوْله: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} يَقُولُ: "فِي كَلَاءَتِنَا وَحِفْظِنَا"7 أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ: عَيْنُ اللَّهِ عَلَيْكَ، يَقُولُ: أَنْتَ فِي حفظ الله وكلاءته.

_ 1 لَفْظَة "جارحًا" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، ش "بقوله تَعَالَى". 3 سُورَة طه، آيَة "39". 4 سُورَة هود، آيَة "37". 5 سُورَة الطّور، آيَة "48". 6 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”178". 7 قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع 78/17: "قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَي بمرأى منا ومنظر منا نرى ونسمع مَا تَقول وَتفعل، وَقيل: بِحَيْثُ نرَاك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك". وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 245/4: "وَقَوله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَي: اصبر على أذاهم وَلَا تبالهم، فَإنَّك بمرأى منا وَتَحْت كلاءتنا وَالله يَعْصِمك من النَّاس".

فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: أَمَّا مَا ادَّعَيْتَ أَنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنَّ لِلَّهِ عَيْنًا فَإِنَّا نَقُولُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَهُ وَرَسُولَهُ1، وَأَمَّا جَارِحٌ كَجَارِحِ الْعَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ عَلَى التَّرْكِيبِ فَهَذَا كَذِبٌ ادَّعَيْتَهُ عَمْدًا، لِمَا أَنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَقُولُهُ، غَيْرَ أَنَّكَ لَا تَأْلُو مَا شَنَّعْتَ، لِيَكُونَ أَنْجَعَ لِضَلَالَتِكَ2 فِي قُلْوبِ الْجُهَّالِ، وَالْكَذِبُ لَا يَصْلُحُ مِنْهُ جِدٌّ وَلَا هَزْلٌ، فَمِنْ أَيِّ النَّاسِ سَمِعْتَ أَنَّهُ قَالَ: جَارِحٌ مُرَكَّبٌ؟ فأشِرْ إِلَيْهِ، فَإِنَّ قَائِلَهُ كَافِرٌ، فَكَمْ تكَرر3 قَوْلك: جسم مركب، وأعشاء وَجَوَارِحُ، وَأَجْزَاءٌ، كَأَنَّكَ تُهَوِّلُ4 بِهَذَا التَّشْنِيعِ عَلَيْنَا أَنْ نَكُفَّ عَنْ وَصْفِ اللَّهِ بِمَا وَصَفَ نَفْسَهُ5 فِي كِتَابِهِ، وَمَا وَصَفَهُ الرَّسُولُ. وَنَحْنُ وَإِنْ لَمْ نَصِفِ اللَّهَ بِجِسْمٍ كَأَجْسَامِ الْمَخْلُوقِينَ، وَلَا بِعُضْوٍ وَلَا بِجَارِحَةٍ؛ لَكِنَّا نَصِفُهُ بِمَا يَغِيظُكَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الَّتِي أَنْتَ ودُعَاتُك لَهَا مُنْكِرُونَ، فَنَقُولُ: إِنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ6 الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، ذُو الْوَجْه الْكَرِيم، والسمع السَّمِيع، والبصرالبصير، نورالسموات وَالْأَرْضِ، وَكَمَا وَصَفَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ حِين يَقُول:

_ 1 كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، ش "لِأَن الله تَعَالَى قَالَه وَرَسُوله قَالَه"، وَفِي س "لِأَن الله تَعَالَى قَالَه وَرَسُوله". 2 فِي س، ش "لضلالك". 3 فِي ش "فكم تقرر". 4 فِي ش "تهود" بِالدَّال الْمُهْملَة، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 5 فِي ط، ش "بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ". 6 فِي ط، ش "الْفَرد الصَّمد".

"اللَّهُمَّ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ" 1، وَكَمَا قَالَ أَيْضًا: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟ "2، وَكَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4: "نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ"5. وَالنُّورُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ إضاءة

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/كتاب الدَّعْوَات/ بَاب الدُّعَاء إِذا انتبه من اللَّيْل/ حَدِيث 6317 جـ116/11 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: " اللَّهُمَّ لَك الْحَمد، أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ". وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب التَّهَجُّد/ بَاب التَّهَجُّد بِاللَّيْلِ/ حَدِيث 1120، 3/3 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} حَدِيث 7442، 423/13 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. وَفِي كتاب التويحد أَيْضا/ بَاب قَول الله: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} حَدِيث 7499، 456/13 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب صَلَاة الْمُسَافِرين/ بَاب الدُّعَاء فِي صَلَاة اللَّيْل/ حَدِيث 199، 532/1 عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِلَفْظ: "اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض.." الحَدِيث. 2 تقدم تَخْرِيجه ص"363". 3 ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"190". 4 لفظ "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 قلت: هُوَ قِطْعَة من حَدِيث ابْن مَسْعُود الْمُتَقَدّم، وأوله: "إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَار، نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجهه.." إِلَخ، انْظُر تَخْرِيجه ص"475".

واستنارة ومرآى1 ومنظرًا2 وَأَنَّهُ يُدْرَكُ يَوْمَئِذٍ بِحَاسَّةِ النَّظَرِ، وَالْكَلَام3 إِذَا كُشِفَ عَنْهُ الْحِجَابُ كَمَا يُدْرَكُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فِي الدُّنْيَا. وَإِنَّمَا احْتَجَبَ اللَّهُ4 عَنْ أَعْيُنِ النَّاظِرِينَ فِي الدُّنْيَا رَحْمَةً لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لوتجلى فِي الدُّنْيَا لِهَذِهِ الْأَعْيُنِ الْمَخْلُوقَةِ الْفَانِيَةِ لَصَارَتْ كَجَبَلِ مُوسَى5 دَكًّا، وَمَا احْتَمَلَتِ النَّظَرَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهَا أَبْصَارٌ خُلِقَتْ لِلْفَنَاءِ، لَا تحْتَمل نورالبقاء، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ رُكِّبَتِ الأبصارللبقاء فَاحْتَمَلَتِ النَّظَرَ إِلَى نُورِ الْبَقَاءِ. وَأَمَّا تَفْسِيرُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ6 فِي قَوْله7: {فَإنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 8 أَنَّهُ قَالَ: بِحِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا، فَإِنْ صَحَّ قَوْلُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله: {فَإنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَنَّهُ قَالَ: بِحِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا، فَإِنْ صحَّ قَوْلُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

_ 1 فِي س "واستنارة ومنظرًا ومرءًا"، وَفِي ط "واستنارة وواء"، وَفِي ش "واستنارة ومنظر ورواء". 2 قَوْله: "ومنظرًا" لَيْسَ فِي ط. 3 قَوْله: "وَالْكَلَام" لَيْسَ فِي ط، ش، وَلَعَلَّ الصَّوَاب حذفهَا كَمَا فِي المطبوعتين. 4 فِي ط، س، ش "الله تَعَالَى". 5 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت تَرْجَمته ص"155". 6 فِي ط، س، ش "وَأَمَّا تَفْسِيرُكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَمَعْنَاه الَّذِي ادعيناه"، حَيْثُ سقط فِي غير الأَصْل قرَابَة السطرين أَو الثَّلَاثَة، قلت: وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ تقدّمت تَرْجَمته ص"172". 7 فِي الأَصْل "فِي قَوْلك". 8 سُورَة الطّور، آيَة "48".

فَمَعْنَاهُ الَّذِي ادَّعَيْنَاهُ1 لَا مَا ادَّعَيْتَ أَنْتَ، يَقُولُ2: بِحِفْظِنَا وَكَلَاءَتِنَا بِأَعْيُنِنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي كَلَام الْعَرَب أَن يُوصف بِكَلَايَةٍ3 إِلَّا وَذَلِكَ الْكَالِي4 مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ، فَإِنْ جَهِلْتَ فَسَمِّ5 شَيْئًا مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْأَعْيُنِ يُوصَفُ بِالْكَلَايَةِ6. وَإِنَّمَا أَصْلُ الْكَلَايَةِ7 مِنْ أَجْلِ النَّظَرِ، وَقَدْ يَكُونُ الرجل كاليًا8 من غيرنظر، وَلَكِنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِكَ9: عَيْنُ اللَّهِ، فَافْهَمْ، وَقَدْ فسَّرنا لَكَ بَعْضَ هَذَا الْكَلَامِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا10، غَيْرَ أَنَّكَ أَعَدْتَهُ لَجَاجَةً11 مِنْكَ، اغْتِيَاظًا12 عَلَى من يُؤمن

_ 1 فِي ط، س، ش "ادعينا". 2 فِي س "تَقول". 3 فِي س "بالكلابة"، وَفِي ط "بكلاءة"، وَفِي ش "بالكلاءة". 4 لفظ "الكالي" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، س، ش "فسم لنا". 6 فِي ط، ش "بالكلاءة". 7 فِي ط، ش "الكلاءة". 8 فِي ط، ش "كالئًا". 9 فِي، ش "وَكَذَلِكَ قَوْلك: عين الله عَلَيْك". 10 انْظُر بَابٌ "وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ" ص"186"، و"السّمع وَالْبَصَر" ص”300"، و"الرُّؤْيَة" ص"359". 11 فِي ش "الْحَاجة" 12 فِي ط، س، ش "واغتياظًا".

تغيظ المعارض وتهكمه بمن قال: إن كلام الله غير مخلوق

تغيظ الْمعَارض وتهكمه بِمن قَالَ: أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ: بِرُؤْيَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَاغْتِيَاظِكَ وَإِفْرَاطِكَ عَلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَانْتُدِبْتَ مختلطًا غضبانًا تَدَّعِي أَنَّهُمْ قَوْمٌ جَهَلَةٌ لَا تمييزعندهم وَلَا نَظَرَ لَدَيْهِمْ، يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَقُولَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ1، فَأَلْزَمَ بِجَهْلِهِ مَنْ لَا يَقُولُ ذَلِكَ الْكُفْرَ، وَهُوَ الْكَافِرُ عيَانًا فِيمَا يتَكَلَّف ممالم2 يُؤْمَرْ بِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ3 فِيهِ السَّلَفُ، فَجَاءَ الظَّالِمُ4 الْجَرِيءُ فَهُوَ آمِنٌ بِجَهْلِهِ5 عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَرْضَى حَتَّى يَنْسِبَ الْمُؤْمِنَ التَّقِيَّ الْكَافَّ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ إِلَى الْكُفْرِ. ثُمَّ وَصَفَ أَنَّ الْكَلَامَ مِنَ النَّاطِقِ6 لَا يُسَمَّى مُحْدَثًا مَتَّى مَا قَالَهُ، وَلَا يَتْرُكُونَ مَنْ عَرَفَ وَجْهَ الْكَلَامِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: لَا كل هَذَا الأخلاط غيرَة7، غير أَن الدَّلِيل

_ 1 الْعبارَة قرَابَة السطر وَنصف السطر من قَوْله: "فانتدبت" إِلَى قَوْله: "غيرمخلوق" لَيست فِي ط، س، ش وَبهَا يزْدَاد الْمَعْنى وضوحًا. 2 فِي س "فيمالم"، وَفِي ط، ش "مالم". 3 فِي ط، س، ش "وَلم يتَكَلَّف". 4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "الظُّلم الجريء"، وَفِي ط، ش "بالظلم الجريء"، وَهُوَ أوضح. 5 فِي ط، س، ش "فَهُوَ بجهله آمن". 6 فِي ط، س، ش "إِن الْكَلَام النَّاطِق". 7 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "لَا كُلُّ هَذَا الِاخْتِلَاطِ غَيْرَةٌ"، وَفِي ط، ش "الْكل هَذَا الِاخْتِلَاط غير أَن الدَّلِيل"، والأنسب أَن يُقَال: "مَا كل هَذَا الِاخْتِلَاط غيرَة".

عَلَيْكَ أَنَّكَ1 لَا تُبْدِي هَذَا2 إِلَّا عَنْ حُرْقَةٍ3، فَأَهْلٌ4 لَكَ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْكَلَامَ مِنَ النَّاطِقِ مُحْدَثًا قَدْ5 فَهِمْنَا مُرَادَكَ مِنْ هَذَا، يَعْنِي أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ مَخْلُوقًا مُحْدَثًا لِلَّهِ فَقَدْ صَدَقْتَ فِي دَعْوَاكَ عَلَيْهِمْ: لَا يَرَوْنَهُ مُحْدَثًا لِلَّهِ كَمَا ادَّعَيْتَ، وَمَنْ رَآهُ مُحْدَثًا لِلَّهِ عَدُّوُهُ كَافِرًا، لِأَنَّ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ كَانَ6 وَلَا كَلَامَ لَهُ. وَأَمَّا قَوْلُكَ7: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ السَّلَفُ، فَقَدْ أَنْبَأْنَاكَ فِي صدركتابنا هَذَا مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ مِنَ السَّلَفِ8 الَّذِينَ كَانُوا أَعَلْمَ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ مِنْ سَلَفِكَ الَّذِينَ احْتَجَجْتَ9 بِهِمْ مِثْلِ الْمَرِيسِيِّ وَابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ، وَأَمَّا مَا تَصِفُ عَنْ نَفْسِكَ مِنَ الْكَفِّ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ، فَقَلَّمَا رَأَيْنَا أَسْفَقَ10 عَيْنًا

_ 1 فِي ط، ش "لِأَنَّك" 2 فِي ط، س، ش "كل هَذَا". 3 فِي ط، س، ش "خرفة" بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة بعْدهَا رَاء ثمَّ فَاء. 4 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي س "فأمل لَك"، وَفِي ط، ش "فَأَيْنَ لَك". 7 فِي س "وَأما قَوْلكُم". 8 انْظُر مَبْحَث "القَوْل فِي كَلَام الله" ص"524". 9 فِي س "احججت". 10 كَذَا فِي الأَصْل وس، وَفِي ط، ش "أصفق" قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس مَادَّة "سَفَقَ": "وسَفيقُ الْوَجْه وقحٌ"، وَفِي مَادَّة "الصفق": "صَفَقَ عينه غمَّضها، ووجهٌ صفيق بيِّن الصفاقة وقحٌ" بِتَصَرُّف، انْظُر: الْقَامُوس 245/3-254.

مِنْكَ وَلَا أَقَلَّ حَيَاءً، أَوَلَيْسَ كُلُّ1 مَا ضَمَّنْتَ هَذَا الْكِتَابَ من هَذِه العمايات خوض كُلَّهُ؟ فَإِنَّا مَا رَأَيْنَا خَائِضًا فِيهِ أَقْبَحَ مِنْكَ خَوْضًا، وَأَوْحَشَ مِنْكَ تَأْوِيلًا وَأَقَلَّ مِنْكَ إِصَابَةً، فَمِثْلُكَ فِي وَعْظِكَ كَالَّذِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفَسَهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: لَا يَتْرُكُونَ مَنْ عَرَفَ وُجُوهَ الْكَلَامِ مَا ضَمَّنْتَ هَذَا الْكَلَامَ2 عَنْ نَفْسِكَ وَعِنْ إِمَامِكَ3 الْمَرِيسِيِّ وَالثَّلْجِيِّ4، فَقَدِ انْقَلَبَتْ لُغَاتُ الْعَرَب، فصارالمنكرمنها مَعْرُوفًا5 وَالْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا، وَالْعَرَبِيُّ عَجَمِيًّا، وَالْعَجَمِيُّ عَرَبِيًّا؛ لِأَنَّ تَفَاسِيرَكُمْ هَذِهِ كُلَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلُغَاتِهِمْ، وَلِلْكِتَابِ6 وَالسُّنَّةِ مِنْ أَئِمَّتِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَنْسِبُهُمْ إِلَى مَعْرِفَةِ وُجُوهِ الْكَلَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لِمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا لِأَهْلِ السُّنَّةِ حُجَّةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ7 وَالزَّنَادِقَةِ8 إِلَّا نَقَضُوهَا بِخُرَافَاتٍ وَعَمَايَاتٍ، وَلَا تَرَكُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا صَحِيحًا نَاقِضًا لِمَذْهَبِهِمْ9 إِلَّا ردُّوهُ بِتِلْكَ العمايات.

_ 1 فِي الأَصْل وس "كلما". 2 فِي ط، س، ش "هَذَا الْكتاب". 3 فِي س "وَعَن إماميك". 4 فِي ط، ش "وَابْن الثَّلْجِي". 5 فِي س "مُعَرفا". 6 فِي س "وَأما الْكتاب وَالسّنة"، وَفِي ط، ش "وَأما الْكتاب وَالسّنة فبعيدان". 7 انْظُر ص"138". 8 انْظُر ص"53"". 9 فِي ط، ش "لمذاهبم".

لَقَدْ تَرَكُوا مَعْرِفَةَ كِتَابِ اللَّهِ وَالسُّنَّةِ شَرْقًا وَمَغْرِبًا مِثْلَ1 انْتِحَالِكَ لِهَؤُلَاءِ بِحُسْنِ الْكَلَامِ مِمَّا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المتشيع بمالم يعطِ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زورٍ" 2؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْتَوْا فِيهَا مِنَ الْبَصَرِ إِلَّا خِلَافَ مَا مَضَى عَلَيْهِ أَسْلَافُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ، فَإِنْ جَحَدْتَهُ فَهَا هُنَا رِوَايَاتُهُمْ وَتَفَاسِيرُهُمْ إِذَا نَظَرَ فِيهَا النَّاظِرُ اسْتَيْقَنَ بِضَلَالِ تَفْسِيرِكُمْ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى قِلَّةِ عِلْمِكُمْ بِالْمُسْتَحَالَاتِ مِنْهَا، فَمَا تَدْرِي3 أَيُّ زُعَمَائِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُبْصِرُونَ وُجُوهَ الْكَلَامِ؟ فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَكَيْتَ عَنْهُمْ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ، فَقَدْ أَنْبَأْنَاكَ بِنَاقِضِهَا4 وَاسْتِحَالَتِهَا، مِمَّا يَجْلِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُمْ مِنْهَا، فَمَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُبْصِرُونَ وُجُوهَ الْكَلَامِ5 مِنْ زُعَمَائِكَ؟ أَهُوَ المريسي الْمَشْهُور

_ 1 فِي ط، س، ش "فَمثل". 2 أخرجه البخار فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح: كتاب النِّكَاح/ بَاب المتشبع بمالم ينل/ حَدِيث 5219، 317/9 عَن أَسمَاء مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب اللبَاس والزينة/ بَاب النَّهْي عَن التزوير فِي اللبَاس وَغَيره والتشبع بمالم يُعْط/ حَدِيث 126، 127، 1681/3 من طرق بِلَفْظِهِ. وَأخرجه أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 167/6 عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ، وَفِي الْجُزْء 345/6، 346، 353 عَن أَسمَاء فِي آخِره بِلَفْظِهِ. 3 فِي ط، س، ش "فَمَا نَدْرِي". 4 فِي ط، ش "بتناقضها". 5 فِي ط، س، ش "فَمن هَؤُلَاءِ الَّذين حكيت عَنْهُم وُجُوه الْكَلَام من زعمائك؟ ".

بالتجهم؟ فقد أنبأناك عورةكلامه، وَكَذَلِكَ الثَّلْجِيُّ1، وَكَذَلِكَ ضِرَارٌ، ذَلِكَ2 الزِّنْدِيقُ الَّذِي تَنْتَحِلُ3 بَعْضَ كَلَامِهِ، وَتُكَنِّي4 عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَهْلُ البصرهؤلاء، وَأَحْسَنُ الْكَلَامِ عِنْدَكَ مَا حَكَيْتَ عَنْ هَؤُلَاءِ، فَإِلَى اللَّهِ نَبْرَأُ مِمَّا حَكَيْتَ عَنْهُمْ. لَلْغناء وَالنَّوْحُ وَنُبَاحُ5 الْكِلَابِ أَحْسَنُ مِمَّا حَكَيْتَ عَنْهُمْ مِنْ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ الَّتِي لَا تنقاس فِي كتاب، ولاسنة، وَلَا إِجْمَاعٍ. أَحَسَدْتَهُمْ6 أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِيمَا أَصَابُوا بِهَذِهِ الْعَمَايَاتِ مِنْ وُجُوه الْحق أم

_ 1 فِي ط، ش "وَكَذَلِكَ ابْن الثَّلْجِي". 2 فِي ط، س، ش "ضرار ذَاك الزنديق". قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان 328/2: "ضرار بن عَمْرو القَاضِي، معتزلي جلد، لَهُ مقالات خبيثة، قَالَ: يُمكن أَن يكون جَمِيع من يظْهر الْإِسْلَام كفَّارًا من الْبَاطِن لجَوَاز ذَلِك على كل فَرد مِنْهُم فِي نَفسه. قَالَ الْمروزِي: قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: شهِدت على ضرار عِنْد سعيد بن عبد الرَّحْمَن القَاضِي فَأمر بِضَرْب عُنُقه فهرب، وَقيل: إِن يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي أخفاه، قَالَ ابْن حزم: كَانَ ضِرَارًا يُنكر عَذَاب الْقَبْر، قلت: هَذَا المدبرلم يرو شَيْئا" انْتهى. أَقْوَال: وَإِلَيْهِ تنْسب الضرارية، وَفِي تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ لفؤاد سزكين 394/2 قَالَ: "ويبدو أَنه كَانَ لَا يزَال حَيا حوالي 180هـ/ 796"، وللمزيد انْظُر: الْفرق بَين الْفرق للبغدادي تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين ص"213-214"، والملل والنحل للشهرستاني 90/1-91، والمقالات للأشعري 313/1، ولسان الْمِيزَان 203/3. 3 فِي ط، س، ش "ينتحل". 4 فِي ط، س، ش "ويكني". 5 فِي ط، س، ش "ونبيح". 6 فِي ط، س، ش "أحسدتهم أَيْضا".

فِيمَا نَالُوا1 مِنَ الْمَرَاتِبِ السَّنِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالثَّنَاءِ الْحَسَنِ عَلَى أَلْسُنِ الْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى انْتَحَلْتَ مَذْهَبَهُمْ وَاحْتَجَجْتَ بِكَلَامِهِمْ، حَتَّى تَنَالَ بِذِكْرِهِمْ2 مِنْ شَرَفِ الدُّنْيَا مِثْلَ3 مَا نالو؟ إِذْ يُدعى أَحَدُهُمْ زِنْدِيقٌ4 وَالْآخَرُ جَهْمِيٌّ5 وَالآخَرُ تِرْسُ. الْجَهْمِيَّةِ يَعْنُونَ6: ابْنَ الثَّلْجِيِّ وَهَنِيئًا لَكَ مِيرَاثُهُمْ غيرمحسون وَلَا مَغْبُوطٍ، فَبِأَيِّ مُتَكَلِّمٍ مِنْهُمْ تَسْتَطِيلُ؟ أَبِالَّذِي7 زَعَمَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ8 مُحْدَثٌ مَخْلُوقٌ؟ أَمْ بِالَّذِي قَالَ: أَسْمَاءُ اللَّهِ مُحْدَثَةٌ مُسْتَعَارَةٌ مَخْلُوقَةٌ؟ أَمْ بِالَّذِي زَعَمَ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ9 فِي صُورَتِهِ فَقَالَ لَهُ: يارب؟ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ فَضَائِحِ مَا حكيت عَنْهُم فِي كتابك هَذَا كثيرا10.

_ 1 فِي الأَصْل "فِي مَا نالوا" 2 فِي ط، س، ش "حَتَّى تنَال بهم وبذكرهم". 3 لَفْظَة "مثل" لَيست فِي ط، س، ش. 4 وَاحِد الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531". 5 وَاحِد الْجَهْمِية، انْظُر ص”138". 6 فِي س "بعنوان". 7 فِي ط، س، ش "بِالَّذِي". 8 فِي ط، س، ش "أَن كَلَام الله تَعَالَى". 9 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، انْظُر تَرْجَمته ص”389". 10 فِي ط، س، ش "كثير" بِالرَّفْع، وَيتَوَجَّهُ على أَنه خبر لما الموصولة، وَبِمَا فِي الأَصْل يكون لفظ "كثيرا" نَائِبا عَن الْمَفْعُول الْمُطلق، وَالتَّقْدِير: "مَا حكيته حكيًا كثيرا".

استدلال المعارض على التوحيد بالمعقول ومناقشته

اسْتِدْلَال الْمعَارض على التَّوْحِيد بالمعقول ومناقشته: هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ1 أَهْلُ الْبَصَرِ بِالْكَلَامِ2، وَأَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالتَّمْيِيزِ؟ فَقَدْ أَخْبَرْنَاكَ أَنَّ النَّوْحَ وَالْغِنَاءَ وَنُبَاحَ الْكِلَابِ أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَتَفَاسِيرِهِمْ. ثُمَّ زَعَمَ الْمُعَارِضُ أَنَّهُ فَرَغَ مِنَ الْأَحَادِيثِ3 الْمُشْتَبِهَةِ وَابْتَدَأَ فِي التَّوْحِيدِ بالمعقول4 ثمَّ حلى5 تَفْسِيرَ التَّوْحِيدِ كَلَامًا لَيْسَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، وَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا6 مِنْهَا فِي الرِّوَايَاتِ. فَقَالَ: يُسْأَلُ7 الرَّجُلُ: هَلْ عَرَفْتَ الْخلق بِاللَّه أوعرفت اللَّهَ بِالْخَلْقِ؟ فيُقال لَهُ: مَعْبُودُكَ هَذَا مَا هُوَ؟ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ وَمَا صِفَتُهُ؟ وَمَا مِثَاله؟ ثمَّ فسَّرها بتفاسير لَا يؤثرشيء8 مِنْهَا عَنْ أَحَدٍ مَوْسُومٍ بِالْعِلْمِ مِمَّنْ مَضَى وَمِمَّنْ غَبَرَ فَلَمْ أَجَدْ لِبَعْضِهَا نَقِيضَةً أَسْلَمَ مِنَ الْإِمْسَاكِ عَنْ جَهْلِ الْجَاهِلِينَ، وَكَثِيرًا مِنْهَا قَدْ فَسَّرْتُ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا؛ فَإِنْ لَمْ يوحِّد الله9 من أمة

_ 1 فِي ط، ش "أَهَؤُلَاءِ"، وَفِي س "لهَؤُلَاء". 2 فِي ط، س، ش "فِي الْكَلَام". 3 فِي س "فرغ من الحَدِيث من الْأَحَادِيث المشتبهة"، وَفِي ط، ش "من الحَدِيث عَن الْأَحَادِيث المشتبهة". 4 فِي ط، س، ش "الْمَعْقُول". 5 فِي ط، س، ش "ثمَّ حكى فِي تَفْسِير التَّوْحِيد". 6 لَفْظَة "شَيْئا" لَيست فِي ط، ولعلها سَقَطت. 7 فِي الأَصْل وس "يسئل" وَصَوَابه مَا اثبتناه. 8 فِي الأَصْل "لَا يأثر شَيْء مِنْهَا" وَكَانَ حَقه أَن ينصب "شَيْئا"، وَفِي ط، س، ش "لَا يُؤثر شَيْء مِنْهَا" وَهُوَ الَّذِي أثْبته. 9 فِي ط، س، ش "وَلم يوحد الله تَعَالَى".

مُحَمَّدٍ1 إِلَّا مَنْ قَامَ بِهَذِهِ2 الْخُرَافَاتِ، وَجَوَابِهَا3 مَا فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ هَذَا الْمُعَارِضِ مُوَحِّدٌ. وَقَدْ فسَّرنا لِلْمُعَارِضِ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْحِيدِ مَا كَانَ فِيهِ مَنْدُوحَةٌ4 من هَذِه التخالط: أَنَّهُ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ5، هَذَا تَفْسِيرُهُ الْمَعْقُولُ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا فَقَدْ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى6، وَإِن لم يجىء بِمَا فَسَّرَ الْمُعَارِضُ مِنْ هَذِهِ الْعَمَايَاتِ7 وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي رَضِيَ8 بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم من عَمه9 هُوَ الدَّلِيل على

_ 1 فِي ط، س، ش "مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". 2 فِي الأَصْل "بِهَذِهِ الخرافات". 3 فِي ط، س، ش "وجواباتها". 4 "مندوحة" تقدم مَعْنَاهَا ص"779". 5 انْظُر كَلَام الْمُؤلف الْمُتَقَدّم ص"152" وَمَا بعْدهَا. 6 فِي ط، ش زِيَادَة "وَمن لم يَجِيء بهَا مخلصًالم يوحد الله تَعَالَى". 7 قَوْله: "وَإِن لم يَجِيء بِمَا فسر الْمعَارض ن هَذِه العمايات" لَيْسَ فِي ط، ش، والعبارة فِي س بِلَفْظ "وَإِن لم يجء بهَا فسر الْمعَارض وَلم يحسن من هَذِه العمايات" ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 8 فِي ط، ش "طلبَهَا" بدل "رَضِي بهَا". 9 فِي ط، ش "من عَمه أبي طَالب ليحاجج لَهُ بهَا عِنْد الله" قلت: وَهُوَ أبوطالب عبد منَاف بن عبد الْمطلب "شيبَة" بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي، عَم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووالد عليِّ رَضِي الله عَنهُ، أوصاه عبد الْمطلب بحماية النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفعل وناصره وآزره حَتَّى مَاتَ، وَثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيه "أنَّ أَبَا طَالب لما حَضرته الْوَفَاة دخل عَلَيْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْده =

إِيمَانِ الرَّجُلِ وَإِسْلَامِهِ وَتَوْحِيدِهِ1. وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! أَوَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي التَّوْحِيدِ إِلَّا الصَّوَابُ2؟ أَفَتَأْمَنُ الْجَوَابَ3 فِي هَذِهِ الْعَمَايَاتِ أَنْ تَجُرَّكَ إِلَى الْخَطَإِ فِي التَّوْحِيدِ، وَالْخَطَأُ فِيهِ كُفْرٌ؟ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ نَفْسِكَ لَمَّا نَدَبْتَ إِلَيْهِ غَيْرَكَ مِنَ الْخَوْضِ فِيهِ وَمَا أشبهه؟

_ = أَبُو جهل- فَقَالَ: "أَي عَم، قل: لَا إِلَه إِلَّا الله كلمة أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله"، فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة: يَا أَبَا طَالب، ترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب؟ فَلم يَزَالَا يكلمانه حَتَّى قَالَ آخر شَيْء كَلمهمْ بِهِ: على مِلَّة عبد الْمطلب. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: "لأَسْتَغْفِرَن لَك، مَا لم أنِه عَنهُ"، فَنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التَّوْبَة: 113] ، وَنزلت: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت} [الْقَصَص: 56] . وَذكر ابْن الْأَثِير أَن وَفَاته كَانَت فِي شَوَّال أَو فِي ذِي الْقعدَة قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين وعمره بضع وَثَمَانُونَ سنة. "انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب مَنَاقِب الْأَنْصَار/ بَاب قصَّة أبي طَالب حَدِيث 3884، 193/7، وصحيح مُسلم تَرْتِيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب الدَّلِيل على صِحَة إِسْلَام من حَضَره الْمَوْت مالم يشرع فِي النزع/ حَدِيث 39، 54/1، وَانْظُر: الْكَامِل فِي التَّارِيخ لِابْنِ الْأَثِير 5/2، 90". 1 فِي ط، س، ش "وَهِي الدَّلِيل على إِسْلَام الرجل وإيمانه وتوحيده". 2 انْظُر ص"152". 3 فِي ط، س، ش "أفتأمن من الْجَواب".

دعوى المعارض ثانية أن أسماء الله محدثة

دَعْوَى الْمعَارض ثَانِيَة أَن أَسمَاء الله محدثة: ثُمَّ عَادَ الْمُعَارِضُ إِلَى أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى1 ثَانِيَةً فَادَّعَى أَنَّهَا محدثة

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

كُلَّهَا؛ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ هِيَ أَلْفَاظٌ، ولايكون لَفْظٌ إِلَّا مِنْ لَافِظٍ، إِلَّا أَنَّ مِنْ مَعَانِيهَا مَا هِيَ قَدِيمَةٌ وَمِنْهَا حَدِيثَةٌ. وَقَدْ فَسَّرْنَا لِلْمُعَارِضِ تَفْسِيرَ أَسْمَاءِ اللَّهِ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا1، وَاحْتَجَجْنَا عَلَيْهِ بِمَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَلَمْ نُحِبَّ2 إِعَادَتَهَا هَاهُنَا ليطول بِهِ3 الْكتاب، غيرأن قَوْلَهُ: هِيَ "لَفْظُ اللَّافِظِ"4 يَعْنِي أَنَّهُ مِنَ ابْتِدَاعِ الْمَخْلُوقِينَ بِأَلْفَاظِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ5 لَا يَلْفِظُ بِشَيْءٍ فِي دَعْوَاكَ6، وَلَكِنْ وَصْفَهُ بِهَا الْمَخْلُوقُونَ7، فَكُلَّمَا حَدَثَ لِلَّهِ فِعْلٌ فِي دَعْوَاهُ أَعَارَهُ الْعِبَادُ اسْمَ ذَلِكَ الْفِعْلِ، يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا خَلَقَ سَمَّوْهُ خَالِقًا، وَحِينَ رَزَقَ سَمَّوْهُ رَازِقًا، وَحِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَلَكَهُمْ سَمَّوْهُ مَالِكًا، وَحِينَ فَعَلَ الشَّيْءَ سَمَّوْهُ فَعَّالًا. وَلِذَلِكَ8 قَالُوا: مِنْهَا حَدِيثَةٌ وَمِنْهَا قَدِيمَةٌ، فَأَمَّا قَبْلَ الْخَلْقِ فَبِزَعْمِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ تَعَالَى9 اسْمٌ10، وَكَانَ كَالشَّيْءِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ وَلَا

_ 1 انْظُر: "بَابُ الْإِيمَانِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَأَنَّهَا غير مخلوقة "ص158". 2 فِي ط، ش "ليطول بهَا". 3 فِي ط، ش "ليطول بهَا". 4 فِي س "لَفْظَة اللافظ". 5 فِي ط، س، ش "لِأَن الله تَعَالَى". 6 فِي ط، س، ش "فِي دَعْوَاهُ". 7 فِي الأَصْل "المخلوقين" وَصَوَابه الرّفْع. 8 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ". 9 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 10 فِي س "اسْما" وَصَوَابه الرّفْع، وَفِي ط، ش "أَسمَاء".

يدْرِي ماهوحتى حَدَثَ الْخَلْقُ فَأَحْدَثُوا1 أَسْمَاءَهُ، وَلَمْ يَعْرِفِ اللَّهُ فِي دَعْوَاهُمْ لِنَفْسِهِ اسْمًا2 حَتَّى خَلَقَ الْخَلْقَ فَأَعَارُوهُ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَيَقُولُ: {أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 3، وَ"أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"4، و {أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم} 5، فَنَفَوْا كُلَّ ذَلِكَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ6 مَعَ نَفْيِ الْكَلَامِ عَنْهُ، حَتَّى ادَّعى جَهْمٌ7 أَنَّ رَأْسَ مِحْنَتِهِ نَفْيُ الْكَلَامِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى8 فَقَالَ: مَتَى نَفَيْنَا عَنْهُ الْكَلَامَ، فَقَدْ نَفَيْنَا عَنْهُ جَمِيعَ الصِّفَاتِ، مِنَ النَّفْسِ وَالْيَدَيْنِ، وَالْوَجْهِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا لِذِي نَفْسٍ وَوجه وَيَد وَسمع وَبَصَرٍ، وَلَا يَثْبُتُ كَلَامٌ لِمُتَكَلِّمٍ إِلَّا مَنْ9 اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ. وَكَذَبَ جَهْمٌ وَأَتْبَاعُهُ فِيمَا نَفَوْا عَنْهُ10 مِنَ الْكَلَامِ، وَصَدَقُوا فِيمَا ادَّعَوْا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْكَلَام إِلَّا لمن

_ 1 فِي ط، س، ش "فأحدثوا لَهُ". 2 فِي ش "أَسمَاء". 3 سُورَة الْقَصَص، آيَة "30". 4 لَيْسَ مَا ذكر آيَة من الْقُرْآن، وَلَعَلَّه أَرَادَ مَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . 5 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "160"، وَفِي ط، س، ش "أَنا الله التواب الرَّحِيم" وصواب الْآيَة مَا فِي الأَصْل. 6 لفظ "عزوجل" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 7 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"147". 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 9 فِي ط، س، ش "من قد اجْتمعت". 10 فِي ط، ش "عَنهُ تَعَالَى".

اجْتمعت فِي هَذِهِ الصِّفَاتُ، وَقَدِ اجْتَمَعَتْ فِي اللَّهِ1 عَلَى رَغْمِ أَعْدَاءِ اللَّهِ2 وَإِنْ جَزَعُوا مِنْهُ، بِلَا تَكْيِيفٍ، وَلَا تَمْثِيلٍ. وَهُوَ الَّذِي أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِأَسْمَائِهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُرْسَلِ، وَوَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ. وَقَوْلُهُ وَوَصْفُهُ3 غَيْرُ مَخْلُوقٍ، عَلَى رَغْمِ الْجَهْمِيَّةِ4 غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ مِنَ اللَّهِ5 عَلَى لَوْنَيْنِ: أَمَّا مَا وَصَفَ بِهِ نَفسه فالوصف والواصف6 غيرمخلوق، وَأَمَّا مَا وَصَفَ بِهِ خَلْقَهُ مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَالشَّجَرِ، وَالْجِنّ وَالْإِنْس والأنعام وسائرالخلائق، فَالْوَصْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَالْمَوْصُوفَاتُ مخلوقات7 كلهَا.

_ 1 فِي ط، س، ش "فِي الله تَعَالَى". 2 فِي ط، س، ش "أَعدَاء الله تَعَالَى". 3 فِي ط، ش "وَصفته". 4 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 5 فِي ط، ش "لوصف الله". 6 فِي الأَصْل "فالواصف والواصف" ويتضح الْمَعْنى بِمَا أثبتنا. 7 فِي ط، ش "مخلوقةكلها".

تشنيع المعارض بذكر "الضمير" لنفي صفة "النفس" والرد عليه

تشنيع الْمعَارض بِذكر "الضَّمِير" لنفي صفة "النَّفس" وَالرَّدّ عَلَيْهِ: وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا: أَنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ بِالضَّمِيرِ، وَالضَّمِيرُ مَنْفِيٌّ1 عَنِ اللَّهِ تَعَالَى2 وَلَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُعَارِضِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ خَبِيثَةٌ قَدِيمَةٌ مِنْ كَلَامِ جَهْمٍ3 عَارَضَ بِهَا جَهْمٌ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى4: {تَعْلَمُ مَا فِي

_ 1 فِي الأَصْل "منتفي". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 جهم بن صَفْوَان، تقدّمت تَرْجَمته ص”147". 4 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي س.

وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} 1 يَدْفَعُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سَبَقَ لَهُ عِلْمٌ فِي نَفْسِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، فَلَطَّفَ2 بِذِكْرِ الضَّمِيرِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهُ عِنْدَ الْجُهَّالِ. فَرد عَلَيْهِم جَهْمٍ3 بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَوْلَهُ هَذَا وَقَالُوا لَهُ4: كَفَرْتَ بِهَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَجْهِ: أَنَّكَ نَفَيْتَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى5 الْعِلْمَ السَّابِقَ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ حُدُوثِ الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ، وَالْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّكَ اسْتَجْهَلْتَ الْمَسِيحَ6 أَنَّهُ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى7 بِمَا لَا يُوصَفُ بِأَنَّ لَهُ خَفَايَا عِلْمٍ فِي نَفْسِهِ؛ إِذْ يَقُولُ لَهُ8: {وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} ، وَالْوَجْهِ الثَّالِثِ: أَنَّكَ طَعَنْتَ بِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ جَاءَ بِهِ مُصَدِّقًا لِعِيسَى، فَأَفْحَمَ جَهْمًا. وَقَوْلُ جَهْمٍ: لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالضَّمِيرِ، يَقُولُ: لَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْخَلْقِ قَبْلَ حُدُوثِهِمْ وَحُدُوثِ أَعْمَالِهِمْ، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي

_ 1 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "116" 2 فِي ط، س، ش "فتلطف" 3 جهم بن صَفْوَان، تقدم "147". 4 فِي ط، س، ش "وَقَالُوا: كفرت". 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 6 فِي ط، ش "الْمَسِيح ابْن مَرْيَم". قلت: انْظُر تَرْجَمَة لَهُ ص"295". 7 فِي ط، س، ش "أَنه وصف ربه بِمَا لَا يُوصف". 8 فِي الأَصْل "إِذْ يَقُول لَهُ أعلم". قلت: وَلَعَلَّ لفظ "أعلم" وهم من النَّاسِخ، لذالم أثبتها، وَلم ترد فِي ط، س، ش.

تَعْطِيلِ النَّفْسِ وَالْعِلْمِ السَّابِقِ، وَالنَّاقِضُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} 1 فَذكر الْمَسِيح2 أَن لله علمًاسابقًا فِي نَفسه، يُعلمهُ الله، ولايعلمه هُوَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} 3، وَ {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة} 4، و {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} 5. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ: أَن رَحْمَتي تغلب غَضَبي" 6.

_ 1 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "116". 2 الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام، تقدّمت لَهُ تَرْجَمَة ص”295". 3 سُورَة طه، آيَة "41". 4 سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "12". 5 سُورَة آل عمرَان، الْآيَتَانِ "28، 30". 6 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد بَاب قَول الله تَعَالَى: {ويُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} ، وَقَوله جلّ ذكره: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} حَدِيث 7404، 13/384 من طَرِيق عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابه -وَهُوَ يكْتب على نَفسه وَهُوَ وضع عِنْده على الْعَرْش- أَن رَحْمَتي تغلب غَضَبي". وَأخرجه أَيْضا فِي الْكتاب نَفسه/ بَاب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} حَدِيث7422، 404/13 من طَرِيق آخر عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَأخرجه أَيْضا فِي الْكتاب نَفسه/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِر} الْحَدِيثين 7553، 7554 عَن أبي رافعٍ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب فضل سَعَة رَحمَه الله وَأَنَّهَا سبقت غَضَبه/ حَدِيث 14-15، 2107/4 عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعا.

حَدَّثَنَا1 أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ2، عَنْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ3، عَنِ الْأَعْمَشِ4 عَنْ ذَكْوَانَ5، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ7 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَحَدَّثَنَا8 عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ9 ثَنَا جَرِيرٌ10 عَنِ الْأَعْمَشِ11، عَنْ أَبِي صَالِحٍ12، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ13 قَالَ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، إِذَا ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأ خير مِنْهُم" 14.

_ 1 فِي ط، س، ش "حدّثنَاهُ". 2 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، تقدم ص"173". 3 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 4 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 5 ذكْوَان السمان، تقدم ص"521". 6 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 7 فِي الأَصْل "أَن" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، س، ش وَبِه جَاءَ فِي البُخَارِيّ وَمُسلم. 8 فِي ط، ش "وحدثناه". 9 عُثْمَان بن أبي شيبَة، تقدم ص"188". 10 جرير بن عبد الحميد بن قرط، تقدم ص"189"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 57/2 أَنه روى عَن الْأَعْمَش وَعنهُ ابْنا أبي شيبَة. 11 الْأَعْمَش، تقدم ص"157". 12 أَبُو صَالح السمان ذكْوَان، تقدم ص"270". 13 فِي ط، س زِيَادَة "رَضِي الله عَنهُ" قلت: انْظُر تَرْجَمته ص"179". 14 أخرجه البخار فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَول =

فقد أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ يُخْفِي ذِكْرَ الْعَبْدِ فِي نَفْسِهِ إِذَا أَخْفَى ذِكْرَهُ، وَيُعْلِنُ ذِكْرَهُ إِذَا هُوَ أَعْلَنَ1 ذِكْرَهُ، فَفَرَّقَ بَيْنَ عِلْمِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَالْجَهْرِ وَالْخَفَى2 فَإِذَا اجْتَمَعَ قَوْلُ اللَّهِ وَقَوْلُ الرَّسُولَيْنِ عِيسَى3 وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ يَكْتَرِثُ لِقَوْلِ جَهْمٍ4 وَالْمَرِيسِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا؟ فَنَفْسُ اللَّهِ هُوَ الله5.

_ = الله تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} ، وَقَوله جلّ ذكره: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} حَدِيث 7405، 384/13 قَالَ: حَدثنَا عمر بن حَفْص حَدثنَا أبي حَدثنَا الْأَعْمَش سَمِعت أَبَا صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، إِلَّا أَنه قَالَ فِي أَثْنَائِهِ: "وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي، فَإِن ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفسِي". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب الْحَث على ذكر الله تَعَالَى/ حَدِيث 2، 2061/4. قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد وَزُهَيْر بن حَرْب "وَاللَّفْظ لقتيبة" قَالَا: حَدثنَا جرير بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ البُخَارِيّ إِلَّا أَنه قَالَ: "وَأَنا مَعَه حِين يذكرنِي، إِن ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفسِي". وَأخرجه مُسلم فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب فضل الذّكر وَالدُّعَاء حَدِيث رقم 21، 2067/4-2068. 1 فِي ط، س، ش "إِذا أعلن ذكره". 2 كَذَا، وَفِي ط، ش "والخفاء". 3 عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"295". 4 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"295". 5 قلت: نقل ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب قَوْله الله تَعَالَى: {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} 384/13 فِي شَرحه لأحاديث الْبَاب عَن ابْن بطال قَالَ: "وَفِي هَذِه الْآيَات وَالْأَحَادِيث إِثْبَات النَّفس لله، وللنفس معَان، وَالْمرَاد بِنَفس الله ذَاته وَلَيْسَ بِأَمْر مزِيد عَلَيْهِ، فَوَجَبَ أَن يكون هُوَ".

وَالنَّفْسُ تَجْمَعُ الصِّفَاتِ كُلَّهَا، فَإِذَا نَفَيْتَ النَّفْسَ نَفَيْتَ الصِّفَاتِ، وَإِذَا نفيت الصِّفَات كَانَ لاشيء. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ1 أَنْبَأَ2 سُفْيَانُ3 عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ4 قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ5 قَالَ: "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي مُسْتَقَرَّ رَحْمَتِكَ، فَإِنَّ مُسْتَقَرَّ رَحْمَتِهِ نَفسه"6

_ 1 الْغَالِب أَنه مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، تقدم ص"268". 2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا". 3 الْغَالِب أَنه الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 4 زيد بن جُبَير تقدم ص"496"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 400/3 أَنه روى عَن أبي البخْترِي وَعنهُ الثَّوْريّ. 5 أَبُو البخْترِي سعيد بن فَيْرُوز، تقدم ص"496". 6 أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ بَاب من كره أَن يُقَال: "اللَّهُمَّ اجْعَلنِي فِي مُسْتَقر رحمتك"/ الْأَثر 178 ص269: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدثنَا أبوالحارث الْكرْمَانِي قَالَ: سمعتُ رجلا قَالَ لأبي رَجَاء: أَقرَأ عَلَيْك السَّلَام وأسأل الله أَن يجمع بيني وَبَيْنك فِي مُسْتَقر رَحمته، قَالَ: وَهل يستيطع أحد ذَلِك؟ قَالَ: فَمَا مُسْتَقر رَحمته؟ قَالَ: الْجنَّة، قَالَ: لم تصب، قَالَ: فَمَا مُسْتَقر رَحمته؟ قَالَ: رب الْعَالمين".

فَقَدْ أَخْبَرَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ1 أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ2 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} 3. فَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ4 ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ5، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ6 عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيّ7: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} قَالَ: "من نَفسِي"8.

_ 1 فِي س "أَبُو البحتري" بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَصَوَابه بِالْمُعْجَمَةِ. 2 فِي ط، س، ش "وَكَذَلِكَ". 3 سُورَة طه، آيَة "15". 4 الرَّاجِح أَنه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير، تقدم ص"556"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1227/3 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن عبيد الطنافسي. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 188/2: مُحَمَّد بن عبيد، بِغَيْر إِضَافَة، ابْن أبي أُميَّة الطنافسي، الْكُوفِي، الأحدب، ثِقَة يحفظ، من الْحَادِيَة عشرَة، مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ/ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 327/9 أَنه روى عَن إِسْمَاعِيل ابْن أبي خَالِد وروى عَنهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نمير. 6 إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، تقدم ص"195". 7 أَبُو صَالح الْحَنَفِيّ، تقدم ص"679". 8 أخرجه ابْن جرير الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير الغرائب جـ113/16 قَالَ: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى بن وَاصل قَالَ: ثَنَا مُحَمَّد بن عبيد الطنافسي بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} قَالَ: يخفيها من نَفسه، وَذكر نَحوه بأسانيد إِلَى ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة. وَقَالَ ابْن جرير فِي تَفْسِيره لهَذِهِ الْآيَة فِي نفس الْجُزْء والصفحة: "يَقُول تَعَالَى كره إِن السَّاعَة الَّتِي يبْعَث الله فِيهَا الْخَلَائق من قُبُورهم لموقف يَوْم الْقِيَامَة جاثية أكاد أخفيها، فعلى ضم الْألف من أخفيها جَمِيع قراء أَمْصَار الْإِسْلَام =

فَأَيُّ مُسْلِمٍ سَمِعَ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ، وَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَى أَقَاوِيلِهِمْ إِلَّا كُلُّ شَقِيٍّ غَوِيٍّ؟ وَلَوْ قَدْ أَظْهَرَ الْمُعَارِضُ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ بِبَلَدٍ2 سِوَى بَلَدِهِ لَظَنَنَّا أَنَّهُ كَانَ يُنْفَى عَنْهَا، وَجَانَبَهُ3 مِنْ4 أَهْلِهَا أَهْلُ الدِّينِ وَالْوَرَعِ. وَيْحَكَ! إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَرْضَوْا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ5 إِذْ أَفْتَى بِخِلَافِ رِوَايَاتٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي البيعين بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا6،

_ = بِمَعْنى أكاد أخفيها من نَفسِي لِئَلَّا يطلع عَلَيْهَا أحد، وَبِذَلِك جَاءَ تَأْوِيل أَكثر أهل الْعلم". وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة: "وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَأكْثر الْمُفَسّرين فِيمَا ذكر الثَّعْلَبِيّ أَن الْمَعْنى أكاد أخفيها من نَفسِي، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مصحف أُبيّ، وَفِي مصحف ابْن مَسْعُود: أكاد أخفيها من نَفسِي، فَكيف يعلمهَا مَخْلُوق؟، وَفِي بعض الْقرَاءَات فَكيف أظهرها لكم". 1 لفظ "صلى الله عَلَيْهِ وَسلم" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، ش "فِي بلد". 3 فِي ط، ش "ولجانبه". 4 حرف "من" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وإثباته أوضح. 5 أَبُو حنيفَة، تقدم ص"192". 6 فِي ط، ش "فِي: البيعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا" ويتوج على اعْتِبَار أَنه أَرَادَ حِكَايَة لفظ الحَدِيث. قلت: والْحَدِيث مُخرّج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا عَن حَكِيم بن حزَام مَرْفُوعا وَعَن ابْن عمر مثله، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث ابْن عمرحديث حسن صَحِيح، =

وَفِي "الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ"1

_ = وَالْعَمَل على هَذَا عِنْد بعض أهل الْعلم مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم هُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق، وَقَالُوا: الْفرْقَة بالأبدان لَا بالْكلَام، وَقد قَالَ بعض أهل الْعلم: معنى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مالم يَتَفَرَّقَا" يَعْنِي الْفرْقَة بالْكلَام، وَالْقَوْل الأول أصح؛ لِأَن ابْن عمر هُوَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أعلم بِمَا روى، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يُوجب البيع مَشى ليجب لَهُ. قَالَ المباكفوري فِي شَرحه: "مالم يَتَفَرَّقَا: يَعْنِي بالْكلَام" وَهُوَ قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَبِه قَالَ الْمَالِكِيَّة، إِلَّا ابْن حبيب، وَالْحَنَفِيَّة كلهم، قَالَ ابْن حزم: "لَا نعلم لَهُم سلفا إِلَّا إِبْرَاهِيم وَحده، وَرِوَايَة مكذوبة عَن شُرَيْح، وَالصَّحِيح عَنهُ القَوْل بِهِ. "انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْبيُوع/ بَاب إِذا بيّن البيعان وَلم يكتما وَنصحا/ حَدِيث 2079، 309/4، وصحيح مُسلم بترتيب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْبيُوع/ بَاب ثُبُوت خِيَار الْمجْلس للمتبايعين/ حَدِيث 43، 1163/3. وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ أَبْوَاب الْبيُوع/ بَاب مَا جَاءَ فِي "البيعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا"، حَدِيث 1263، 448/4. وَانْظُر الْمَزِيد فِي تَحْرِير الْخلاف فِي فتح الْبَارِي 329/4-330، وتحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 449/4-453. 1 جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْحيض بَاب الْوضُوء من لُحُوم الْإِبِل/ حَدِيث 97، 275/1 عَن جَابر بن سَمُرَة أَن رجلا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: أتوضأ من لُحُوم الْغنم؟ قَالَ: "إِن شِئْت فَتَوَضَّأ وَإِن شِئْت فَلَا تَوَضَّأ، قَالَ: أتوضأ من لُحُوم الْإِبِل؟ قَالَ: نعم، فَتَوَضَّأ من لُحُوم الْإِبِل...." الحَدِيث.=

و "إِشْعَار البُدْن"1

_ قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه 48/4: اخْتلف الْعلمَاء فِي أكل لحم الْجَزُور، فَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنه لَا ينْقض، وَذكر مِنْهُم الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَجُمْلَة مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وجماهير التَّابِعين وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وأصحابهم، وَذهب إِلَى انْتِقَاض الْوضُوء بِهِ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ وَيحيى بن يحيى وَأَبُو بكربن الْمُنْذر، وَابْن خُزَيْمَة، وَاخْتَارَهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ، قَالَ النَّوَوِيّ: "وَهَذَا الْمَذْهَب أقوى دَلِيلا وَإِن كَانَ الْجُمْهُور على خِلَافه" بِتَصَرُّف. قلت: وَقد بسط القَوْل فِي تحريرالخلاف ومناقشة الْأَدِلَّة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة المباركفوري فِي شَرحه على جَامع التِّرْمِذِيّ 262/1-268 فَلْيتَأَمَّل. 1 فِي ط، س، ش "وَفِي إِشْعَار الْبدن". قلت: ثَبت فِي صَحِيح مُسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "صلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر بِذِي الحليفة، ثمَّ دَعَا بناقته فأشعرها فِي صفحة سنامها الْأَيْمن وسلت الدَّم وقلدها نَعْلَيْنِ، ثمَّ ركب رَاحِلَته فَلَا اسْتَوَت بِهِ على الْبَيْدَاء أهلّ بِالْحَجِّ". قَالَ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي: "إِشْعَار الْبدن هوأن يشق أحد جَنْبي سَنَام الْبَدنَة حَتَّى يسيل دَمهَا، وَيجْعَل ذَلِك عَلامَة تعرف بهَا أَنه هدي". وَقَالَ النَّوَوِيّ: "فِي هَذَا الحَدِيث اسْتِحْبَاب الْإِشْعَار والتقليد فِي الْهَدَايَا من الْإِبِل، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْإِشْعَار بِدعَة؛ لِأَنَّهُ مُثلة، وَهَذَا يُخَالف الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة فِي الْإِشْعَار". قلت: وَاعْتذر لَهُ المباركفوري بِأَن الظَّاهِر أَنه لم يبلغهُ الحَدِيث رَحمَه الله. "انْظُر: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ/ كتاب الْحَج/ بَاب إِشْعَار الْهَدْي وتقليده عِنْد الْإِحْرَام/ 227/8-228، وَالنِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر لِابْنِ الْأَثِير تَحْقِيق مَحْمُود الطناحي وطاهر الزاوي 479/2، وتحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ 3/ 651.

وَفِي "إِسْهَامِ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ"1، وَفِي "لبس الْمحرم الْخُفَّيْنِ إذالم يَجِدِ النَّعْلَيْنِ"2 وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ الْأَحَادِيث حَتَّى نسبوا

_ 1 فِي س "فِي إسهام الْفَارِس وللراجل"، وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ. قلت: ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا عَن ابْن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم "جعل للْفرس سَهْمَيْنِ ولصاحبه سَهْما". وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث ابْن عمر حَدِيث حسن صَحِيح، وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أَكثر أهل الْعلم مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَغَيرهم، وَهُوَ قَول سُفْيَان الثَّوْريّ، وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك بن أنس وَابْن الْمُبَارك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، قَالُوا: للفارس ثَلَاثَة أسْهم؛ سهم لَهُ وسهمان لفرسه، وللراجل سهم. قَالَ المباركفوري فِي شَرحه: وَقَالَ أبوحنيفة رَحمَه الله: للفارس سَهْمَان، وللراجل سهم، وَاسْتدلَّ بِمَا رَوَاهُ أَحْمد بن مَنْصُور بِسَنَدِهِ عَن ابْن عمر فِيمَا أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظ "أسْهم للفارس سَهْمَيْنِ" قلت: وَأجَاب الْحَافِظ بن حجر بِأَنَّهُ لَا حجَّة فِيهِ؛ لِأَن الْمَعْنى أسْهم للفارس بِسَبَب فرسه سَهْمَيْنِ غير سَهْمه الْمُخْتَص بِهِ، وَذكر مَا يُؤَيّد ذَلِك. "انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ وَشَرحه الْفَتْح/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب سِهَام الْفرس/ حَدِيث 2863/ جـ6 ص”67، 68" وَمُسلم بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْجِهَاد وَالسير/ بَاب كَيْفيَّة قسْمَة الْغَنِيمَة بَين الْحَاضِرين/ حَدِيث 57 1383/3، وَالتِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه التُّحْفَة/ أَبْوَاب السّير/ بَاب سهم الْخَيل/ حَدِيث 1595، 5/ 162، 164. 2 ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رجلا سَأَلَهُ: مَا يلبس الْمحرم؟ ... وَفِيه "فَإِن لم يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ وليقطعهما

أَبَا حَنِيفَةَ1 فِيهَا إِلَى رَدِّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَاقَضُوهُ فِيهَا، وَوَضَعُوا عَلَيْهِ2 فِيهَا الْكُتُبَ، فَكَيْفَ بِمَنْ نَاصَبَ اللَّهَ فِي صِفَاتِهِ الَّتِي يَنْطِقُ بنصِّها كِتَابُهُ، فَيَنْقُضُهَا عَلَى اللَّهِ صِفَةً بَعْدَ صِفَةٍ، وَشَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ بِعَمَايَاتٍ مِنَ الْحُجَجِ وَخُرَافَاتٍ3 مِنَ الْكَلَامِ خِلَافَ مَا عَنَى اللَّهُ، وَلَمْ يَأْتِ4 بِشَيْءٍ مِنْهَا الرِّوَايَاتُ، وَلَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا عَن الْعلمَاء الثِّقَات5

_ حَتَّى يَكُونَا تَحت الْكَعْبَيْنِ". قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم 75/8: "اخْتلف الْعلمَاء فِي لابس الْخُفَّيْنِ لعدم النَّعْلَيْنِ؛ هَل عَلَيْهِ فديَة أم لَا؟ فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمن وافقهما: لَا شَيْء عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَو وَجَبت فديَة لبيَّنها النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: عَلَيْهِ الْفِدْيَة كَمَا إِذا احْتَاجَ إِلَى حلق الرَّأْس يحلقه ويفدي، وَالله أعلم". "انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْعلم/ بَاب من أجَاب السَّائِل بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ/ حَدِيث 134، 231/1، وَمُسلم بشرح النَّوَوِيّ/ كتاب الْحَج/ بَاب مَا يُبَاح للْمحرمِ بِحَجّ أَو عمْرَة/ حَدِيث 1، 834/2. وَانْظُر الْمَزِيد فِي تَحْرِير الْخلاف فِي لبس الْخُفَّيْنِ وقطعهما، والفدية فِي ذَلِك فِي: فتح الْبَارِي 402/3-403، وتحفة الأحوذي 573/3-574، وتبيين الْحَقَائِق شرح كنز الدقائق للزيلعي الْحَنَفِيّ 12/2، وحاشية ابْن عابدين ط. الثَّانِيَة 490/2. 1 أَبُو حنيفَة، تقدم ص”192". 2 فِي ش "وَوَضَعُوا عَلَيْهَا فِيهَا الْكتب"، وَفِي س "وَوَضَعُوا فِيهَا الْكتب". 3 فِي س "وخرفات"، وخراف وخرافة تقدم مَعْنَاهَا ص"682". 4 فِي ط، ش "وَلم تأت". 5 فِي ش "الْعلمَاء والثقات".

بَلْ كُلُّهَا ضَحِكٌ وَخُرَافَاتٌ؟ فَإِنْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ1 اسْتَحَقَّ بِمَا أَفْتَى مِنْ خِلَافِ تِلْكَ الرِّوَايَاتِ أَنْ تُنْسَبَ2 إِلَى رَدِّ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْتَحْقَقْتُمْ أَنْتُمْ أَنْ تُنْسَبُوا إِلَى رَدِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، بَلْ أَنْتُمْ أَوْلَى بِالرَّدِّ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى بَعْضِ فُتْيَاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، وَلَمْ يُتَابِعْكُمْ عَلَى مَذَاهِبِكُمْ إِلَّا السُّفَهَاءُ وَأَهْلُ الْبِدَعِ والهواء، وَمَنْ لَا يَعْرِفُ لَهُ إِلَهًا فِي السَّمَاءِ، فَشَتَّانَ مَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا أَفْتَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْ كَفَرَ كَمَنْ أَخْطَأَ، وَلَا هُمَا فِي الْإِثْمِ والعار سَوَاء.

_ 1 أَبُو حنيفَة، تقدم ص”192". 2 قَوْله "أَن تنْسب" لَيست فِي ش، وَفِي ط، س "أَن ينْسب" بِالْيَاءِ وَهُوَ أوضح.

تحقيق المؤلف أن اللفظ يصرف إلى المعنى الأغلب لا الأغرب إلا بقرينة

تَحْقِيق الْمُؤلف أَن اللَّفْظ يصرف إِلَى الْمَعْنى الْأَغْلَب لَا الأغرب إِلَّا بقرينه: وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى1 مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ هَذِهِ الْمَجَازَاتِ الَّتِي اتَّخَذْتُمُوهَا دَلَسَةً وَأُغْلُوطَةً عَلَى الْجُهَّالِ، تَنْفُونَ بِهَا عَنِ اللَّهِ2 حَقَائِقَ الصِّفَاتِ بِعِلَلِ الْمَجَازَاتِ، غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ: لَا يُحْكَمُ لِلْأَغْرَبِ5 مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الْأَغْلَب، وَلَكِن نصرف مَعَانِيهَا إِلَى الْأَغْلَبِ حَتَّى تَأْتُوا3 بِبُرْهَانٍ أَنَّهُ عَنَى بِهَا الْأَغْرَبَ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي إِلَى الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ4 أقرب، لَا أَن6

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، س، ش "عَن الله تَعَالَى". 3 فِي س "لَا بِحكم للاعرب" بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْعين الْمُهْملَة، وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ. 4 فِي ط، س، ش "حَتَّى يَأْتُوا". 5 فِي ط، س، ش "إِلَى الْإِنْصَاف وَالْعدْل". 6 فِي س "وَلَا أَن".

تَعْتَرِضَ1 صِفَاتِ اللَّهِ الْمَعْرُوفَةَ الْمَقْبُولَةَ عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ فَنَصْرِفُ مَعَانِيَهَا بِعِلَّةِ الْمَجَازَاتِ إِلَى مَا هُوَ أَنْكَرُ، وَنَرُدُّ2 عَلَى اللَّهِ3 بِدَاحِضِ الْحجَج وبالتي هُوَ أَعْوَجُ، وَكَذَلِكَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَجَمِيعُ أَلْفَاظِ الرِّوَايَاتِ تُصْرَفُ مَعَانِيهَا إِلَى الْعُمُومِ، حَتَّى يَأْتِيَ مُتَأَوِّلٌ بِبُرْهَانٍ بَيِّنٍ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا الْخُصُوصُ4؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى5 قَالَ: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} فَأَثْبَتُهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ: أعمُه وأشدُه اسْتِفَاضَةً عِنْدَ الْعَرَبِ، فَمَنْ أَدْخَلَ مِنْهَا الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَّبِعَ فِيهَا غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، فَمُرَادُ جَهْمٍ6 بِقَوْلِهِ7 "لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِضَمِيرٍ" يَقُولُ: لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِسَابِقِ عِلْمٍ8 فِي نَفْسِهِ، وَاللَّهُ مُكَذِّبُهُ بِذَلِكَ ثُمَّ رَسُولُهُ؛ إِذْ يَقُولُ: "سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، فهم صائرون إِلَى ذَلِك" 9.

_ 1 فِي ط، ش "نعترض" أَوله نون وَهُوَ أولى لمشاكلة "فنصرف" بعْدهَا. 2 فِي ط، س، ش "وَترد" بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّة. 3 فِي ط، س، ش "على الله تَعَالَى". 4 فِي ط، س، ش "الْخَوْض" ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل. 5 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 6 جهم بن صَفْوَان، تقدم ص”147". 7 فِي ط، س، ش "من قَوْله" 8 فِي ط، س، ش "بسابق علمه". 9 لم أجد فِيمَا بَين يَدي من المراجع حَدِيثا بِهَذَا اللَّفْظ، وَالَّذِي يظْهر أَنه أَرَادَ بِهَذَا معنى الحَدِيث بعده بِدَلِيل عود الضَّمِير فِي قَوْله: "حدّثنَاهُ".

حَدَّثَنَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ1 ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ2 ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ3 عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا7 قَالَ: سمعتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "جفَّ الْقَلَمُ عَلَى علم الله" 8.

_ 1 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 2 عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي، تقدم ص"143". 3 الْأَوْزَاعِيّ، تقدم ص"433". 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 248/1: ربيعَة بن يزِيد الدِّمَشْقِي، أَبُو شُعَيْب الْإِيَادِي الْقصير، ثِقَة، عَابِد، من الرَّابِعَة، مَاتَ سنة إِحْدَى أَو ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة/ ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 264/3 ذكر أَنه روى عَن مُعَاوِيَة قَالَ: وَالصَّحِيح أَن بَينهمَا عبد الله بن عَامر الْيحصبِي وَعبد الله بن الديلمي، وَعنهُ الْأَوْزَاعِيّ. 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 440/1: عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي، أخوالضحاك، ثِقَة من كبار التَّابِعين، وَمِنْهُم من ذكره فِي الصَّحَابَة/ د س ق وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 358/5 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن الْعَاصِ وَعنهُ ربيعَة بن يزِيد على خلاف فِيهِ. 6 فِي س "ابْن العَاصِي" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"256". 7 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب الْقدر/ فِي تَرْجَمَة بَاب جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ 491/11 فَقَالَ: "وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ لي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جف الْقَلَم بِمَا أَنْت لَاق ... "، وَقَالَ ابْن حجر فِي شَرحه: "وَهَذَا لفظ حَدِيث أخرجه أَحْمد وَصَححهُ ابْن حبَان من طَرِيق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ =

.

_ = عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا -وَذكره إِلَى أَن قَالَ: فَلذَلِك أَقُول: جفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ، قَالَ: وَأخرجه أَحْمد وَابْن حبَان من طَرِيق أُخْرَى عَن ابْن الديلمي نَحوه". انْظُر: الْفَتْح 491/11-492 بِتَصَرُّف. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب الْإِيمَان/ بَاب افْتِرَاق الْأمة حَدِيث 2780، 401/7 من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "إِن الله تبَارك وَتَعَالَى خلق خلقه فِي ظلمَة فَألْقى عَلَيْهِم من نوره.." ثمَّ ذكره إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: "فَلذَلِك أَقُول: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ" هَذَا حَدِيث حسن، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ ابْن حبَان. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 176/2 من طَرِيق عبد الله: حَدثنِي أبي ثَنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو ثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ بِهَذَا السَّنَد مطولا، وَفِي أَثْنَائِهِ "فَلذَلِك أَقُول: جفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ". وَفِي الْمسند أَيْضا 197/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا أَبُو الْمُغيرَة ثَنَا مُحَمَّد بن مهَاجر أَخْبرنِي عُرْوَة بن رُوَيْم عَن ابْن الديلمي الَّذِي كَانَ يسكن بَيت الْمُقَدّس قَالَ: ثمَّ سَأَلته: هَل سَمِعت يَا عبد الله بن عَمْرو رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يذكر شَارِب الْخمر؟ قَالَ: نعم، ثمَّ ذكره إِلَى أَن قَالَ فِي آخِره: "فَلذَلِك قلت: جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ". وَأخرجه الهيثمي فِي موارد الظمآن إِلَى زَوَائِد بن حبَان/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَمْزَة كتاب الْقدر/ بَاب رقم "3" حَدِيث 1812 ص"429" من طَرِيق أَحْمد بن عَليّ بن الْمثنى حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، حَدثنَا ابْن الْمُبَارك بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظِهِ.

وَحَدَّثَنَا1 نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ2 ثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ3 أَنْبَأَ4 رَبَاحُ بْنُ يزِيد5 عَنْ عَمْرِو بْنِ حَبِيبٍ6، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بزَّة7، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ8 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ9 أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

_ 1 فِي س "حَدثنَا". 2 نعيم بن حَمَّاد، تقدم ص"204". 3 عبد الله بن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 4 فِي ط، س، ش "أخبرنَا" 5 كَذَا فِي جَمِيع النّسخ، وَصَوَابه فِيمَا يظْهر لي رَبَاح بن زيد، قَالَ فِي التَّقْرِيب 242/1: رَبَاح بن زيد، الْقرشِي مَوْلَاهُ، الصَّنْعَانِيّ، ثِقَة فَاضل، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة، وَهُوَ ابْن إِحْدَى وَثَمَانِينَ/ د س. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 233/3 أَنه روى عَن عمر بن حبيب الْمَكِّيّ، وَعنهُ ابْن الْمُبَارك. 6 فِي الأَصْل "عَمْرو بن حبيب"، وَصَوَابه "عمر" قَالَ فِي التَّقْرِيب 52/2: عمر بن حبيب الْمَكِّيّ، نزيل الْيمن، القاصّ، بِالْمُعْجَمَةِ وبالمهملة الشَّدِيدَة، ثِقَة حَافظ من السَّابِعَة/ بخ، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 115/2 أَنه روى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، وَعنهُ رَبَاح بن زيد. 7 قَالَ فِي التَّقْرِيب 115/2: الْقَاسِم بن أبي بزَّة، بِفَتْح الْمُوَحدَة وَتَشْديد الزَّاي، الْمَكِّيّ مولى بني مَخْزُوم، الْقَارئ، ثِقَة من الْخَامِسَة، مَاتَ سنة خمس عشرَة، وَقيل: قبلهَا/ ع. ذكر ابْن حجر فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 310/8 أَنه روى عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة. 8 فِي ش "سعيد عَن جُبَير"، وَلَعَلَّه خطأ من النَّاسِخ، وَالصَّوَاب سعيد بن جُبَير، وَانْظُر تَرْجَمته ص"173". 9 عبد الله بن عَبَّاس، تقدم ص"172".

"إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَمَ، فَأَمَرَهُ فَكَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ" 1 فَهَلْ جَرَى الْقَلَمُ إِلَّا بِسَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ حُدُوثِ الْخَلْقِ2 وَأَعْمَالِهِمْ؟ وَاللَّهِ

_ 1 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَامِع بشرحه تحفة الأحوذي/ أَبْوَاب الْقدر/ بَاب "16" حَدِيث 2244، 6/ 368-369 من طَرِيق آخر عَن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن أَبِيه مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: وَمَا أكتب؟ قَالَ: اكْتُبْ الْقدر وماهو كَائِن إِلَى الْأَبَد"، قَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، وَقَالَ المباركفوري فِي شَرحه: وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَسكت عَلَيْهِ هُوَ وَالْمُنْذِرِي. وَأخرجه أَيْضا فِي المصدرنفسه/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة "ن" حَدِيث 3375، 232/9-233، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وغريب وَفِيه عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ المباركفوري: فِي سَنَده عبد الْوَاحِد بن سليم، وَهُوَ ضَعِيف لَكِن أخرجه أَبُو دَاوُد من وَجه آخر وَسكت عَنهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِي، وَأخرجه أَحْمد من طرق عَن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن أَبِيه. قلت: وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب السّنة/ بَاب الْقدر/ حَدِيث 4700، 76/5 من طَرِيق الْوَلِيد ابْن عبَادَة عَن أَبِيه. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 317/5 مكررًا عَن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن أَبِيه. وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي المعجم الْكَبِير/ تَحْقِيق حمدي السلَفِي/ حَدِيث 12227 جـ11 ص”433" من طَرِيق آخر عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم والحوت". وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن/ 9/29 من طرق عَن ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ، وَأوردهُ ابْن كثير فِي تَفْسِيره 400/4. 2 فِي ط، س، ش "خلقه".

مَا جَرَى1 الْقَلَمُ بِمَا2 يَجْرِي حَتَّى أَجْرَاهُ اللَّهُ تَعَالَى3 بِعِلْمِهِ، وعلَّمه مَا يَكْتُبُ مِمَّا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" 4. فَهَلْ كَتَبَ ذَلِكَ5 إِلَّا بِمَا عَلِمَ؟ فَمَا مَوْضِعُ6 كِتَابِهِ هَذَا إِنْ لَمْ يَكُنْ

_ 1 فِي ط، س، ش "مادرى". 2 فِي ط، س، ش "بِمَاذَا يجْرِي". 3 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 4 أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْقدر بَاب حجاج آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام/ حَدِيث 16، 2044/4 قَالَ: "حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر أَحْمد بن عَمْرو بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سرج حَدثنَا ابْن وهب أَخْبرنِي أَبُو هَانِئ الْخَولَانِيّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا بِلَفْظ: "كتب الله مقادير الْخَلَائق قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ ألف سنة وعرشه على المَاء". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ بشرحه التُّحْفَة/ أبوب الْقدر/ بَاب 16 حَدِيث 2245، 370/6 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا بِلَفْظ: "قدر الله الْمَقَادِير قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرضين بِخَمْسِينَ ألف سنة" قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب، وَقَالَ المباركفوري: وَأخرجه مُسلم. وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه المتخب 169/2 عَن عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا. 5 لَفْظَة "ذَلِك" لَيست فِي س. 6 فِي ط، ش "فَمَا وضع".

عَلِمَهُ فِي دَعْوَاهُمْ؟ حَدَّثَنَاهُ1 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمَصْرِيُّ2 حَدَّثَنِي اللَّيْثُ3، عَنْ أَبِي هَانِئٍ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ4 عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِّيِّ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو6 قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: "كتب الله مقاديركل شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ" 7، وَالْأَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِيمَانِ بِسَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى8 كَثِيرٌ9، يَطُولُ إِن ذَكرنَاهَا10

_ 1 فِي ش "حَدَّثَنَا". 2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمصْرِيّ، تقدم ص"171". 3 اللَّيْث بن سعد، تقدم ص"206". 4 أبوهانئ حميد بن هَانِئ الْخَولَانِيّ، تقدم ص"376"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 340/1 أَنه روى عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِّيِّ وَعنهُ اللَّيْث بن سعد. 5 أَبُو عبد الرَّحْمَن الحبلي، تقدم ص"377". 6 فِي س "عبد الله بن عمر" وَصَوَابه "ابْن عَمْرو" كَمَا هُوَ فِي إِسْنَاد الحَدِيث عِنْد مُسلم وَأبي دَاوُد وَأحمد، تقدّمت تَرْجَمته ص"256"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 337/5 أَن أَبَا عبد الرَّحْمَن الحبلي روى عَنهُ. 7 الحَدِيث تقدم تَخْرِيجه قَرِيبا. 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 9 فِي ط، س، ش "كَثِيرَة". 10 فِي ط، ش "يطول الْكتاب إِن ذَكرنَاهَا". قلت: وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا، أدْرك ذَلِك لَا محَالة ... " الحَدِيث، أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه، تَحْقِيق وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْقدر/ بَاب قدر على ابْن آدم حَظه من الزِّنَى وَغَيره، =

وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى جَهْمٍ1 فِي أُغْلُوطَتِهِ2 الَّتِي تَوَهَّمَ3 عَلَى اللَّهِ فِي الضَّمِير.

_ = حَدِيث 20، 21، 2046-2047. وَمِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَن يَمُوت صَغِيرا وَفِي أَطْفَال الْمُشْركين: "الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين"، رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وَتَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْقدر/ بَاب معنى كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة/ الْأَحَادِيث 23، 24، 26، 27، 28، 2048/4-2049. وَانْظُر: البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْقدر/ بَاب الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين 493/11. وَانْظُر: الْمُوَطَّأ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْجَنَائِز/ بَاب جَامع الْجَنَائِز حَدِيث 52، 241/1. 1 جهم بن صَفْوَان، تقدّمت تَرْجَمته ص”147". 2 فِي ط، س، ش "أغلوطاته". 3 فِي ط، ش "توهم بهَا على الله فِي الضَّمِير"، وَفِي س "يُوهم على الله الضَّمِير".

تأويل المعارض للصفات الفعلية وأدلتها

تَأْوِيل الْمعَارض للصفات الفعلية وأدلتها: ثُمَّ عَارَضَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَشْيَاءَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى1 الَّتِي هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَنَازَعَ2 فِي الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا لِيُغَالِطَ النَّاسَ فِي تَفْسِيرِهَا؛ فذكرمنها: الْحُبَّ وَالْبُغْضَ، وَالْغَضَبَ، وَالرِّضَى3 وَالْفَرَحَ، وَالْكُرْهَ، وَالْعَجَبَ، وَالسَّخَطَ، وَالْإِرَادَةَ، وَالْمَشِيئَةَ، ليدْخل

_ 1 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 2 فِي ط، س، ش "وَينْزع بِتِلْكَ الْآيَات". 3 فِي الأَصْل وس "الرِّضَا".

عَلَيْهَا مِنَ الْأُغْلُوطَاتِ مَا أَدْخَلَ عَلَى غَيْرِهَا مِمَّا1 حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، غيرأنه قَدْ أَمْسَكَ عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا بَعْدَمَا خَلَطَهَا2 بِتِلْكَ، فَحِينَ أَمْسَكَ الْمُعَارِضُ عَنِ الْكَلَامِ فِيهَا أَمْسَكْنَا عَنْ جَوَابِهِ، وَرَوَيْنَا مَا رَوَى فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ أُغْلُوطَاتِهِ، فَإِلَى اللَّهِ نَشْكُو قَوْمًا هَذَا رَأْيُهُمْ فِي خَالِقِنَا وَمَذْهَبُهُمْ فِي إِلَهِنَا. مَعَ أَنَّهُ عز وَجه وَجَلَّ ذِكْرُهُ قَدْ حَقَّقَهَا فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ، قَبْلَ أَنْ يَنْفِيَهَا عَنْهُ الْمُبْطِلُونَ، وَكَذَّبَهُمْ فِي دَعْوَاهُمْ قَبْلَ أَنْ يَدَّعُوهُ3 وَعَابَهُمْ بِهِ4 قَبْلَ أَنْ يَحْكُوهُ. ثُمَّ رَسُولُهُ الْمُجْتَبَى وَصَفِيُّهُ الْمُصْطَفَى فَاسْتَغْنَيْنَا فِيهِ بِمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْهَا وَسَطَّرَ، وَسَنَّ رَسُولُهُ الْمُصْطَفَى5 وَأَخْبَرَ، وَرَدَّدَ6 مِنْ ذِكْرِهَا وَكَرَّرَ؛ فَمَنْ يَكْتَرِثُ لِضَلَالَتِهِمْ7 بَعْدَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى8: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} 9، أَمْ قَوْلِهِ10: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} 11،

_ 1 فِي س "بِمَا حكيناه". 2 فِي ط، س، ش "فِيمَا بعد مَا خالطها بِتِلْكَ"، ويتضح الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل. 3 فِي ط، ش "أَن يدعوا". 4 لفظ "بِهِ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 5 لفظ "الْمُصْطَفى" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 6 فِي ط، س، ش "ورد" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 7 فِي ط، س، ش "لضلالاتهم". 8 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 9 سُورَة الصَّفّ، آيَة "4". 10 سُورَة الْبَقَرَة، آيَة "222"، وَقد وَردت فِي ط، س، ش مُتَقَدّمَة على الَّتِي قبلهَا.

{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} 1 فَجَمَعَ بَيْنَ الْحُبَّيْنِ: حُبِّ الْخَالِقِ وَحُبِّ الْمَخْلُوقِ2، مُتَقَارِنَيْنِ3. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ مَا يُحِبُّ وَمَا لَا يُحِبُّ، لِيَعْلَمَ خَلْقُهُ أَنَّهُمَا مُتَضَادَّانِ4 غَيْرُ مُتَّفِقَيْنِ، فَقَالَ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْل} 5، وَ {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} 6، وَقَالَ تَعَالَى7: {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُم أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} 8. ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ سَخَطِهِ وَإِسْخَاطِ الْعِبَادِ إِيَّاهُ، فَقَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَه} 9، وَقَالَ: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ} . ثُمَّ ذَكَرَ إِغْضَابَ الْخَلْقِ إِيَّاهُ، فَقَالَ تَعَالَى11:

_ 1 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "54". 2 فِي ط، س، ش "وَحب الْخلق". 3 فِي ط، س، ش "متقاربين" بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَمَا فِي الأَصْل أصوب. 4 فِي ط، ش "متضادين"، وَمَا فِي الأَصْل هُوَ الصَّحِيح؛ لِأَنَّهَا خبر إِن. 5 سُورَة النِّسَاء، آيَة "148". 6 فِي الأَصْل "إِن الله لَا يحب المسرفين" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْأَنْعَام، آيَة "141"، والأعراف آيَة "31". 7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 8 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "80". 9 سُورَة مُحَمَّد، آيَة "28". 10 فِي الأَصْل وس "غضب" وَالصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ، انْظُر: سُورَة الْفَتْح، آيَة "6". 11 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.

{فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُم} 1 يَقُولُ: أَغْضَبُونَا، فَذَكَرَ أَنَّهُ يَغضب ويُغضب. وَقَالَ تَعَالَى2: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه} 3، {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُم} 4 فَهَذَا النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ يُسْتَغْنَى فِيهِ بِظَاهِرِ التَّنْزِيلِ عَنِ التَّفْسِيرِ، وَتَعْرِفُهُ5 الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الْمُلْحِدِينَ فِي آيَاتِ اللَّهِ الَّذِينَ غَالَطُوا فِيهَا الضُّعَفَاءَ، فَقَالُوا: نُقِرُّ بِهَا كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا، غَيْرَ أنَّا لَا نَقُولُ6: يُحِبُّ وَيَرْضَى وَيَغْضَبُ وَيَسْخَطُ وَيَكْرَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَا هَذِهِ الصِّفَاتُ مِنْ ذَاتِهِ عَلَى اخْتِلَافِ مَعَانِيهَا، وَلَكِنْ تَفْسِيرُ حُبِّهِ وَرِضَاهُ بِزَعْمِهِمْ مَا يُصِيبُ النَّاسَ مِنَ الْعَافِيَةِ وَالسَّلَامَةِ وَالْخِصْبِ وَالدَّعَةِ، وَغَضَبُهُ وَسَخَطُهُ بِزَعْمِهِمْ7 مَا يَقَعُونَ فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ8 وَالْهَلَكَةِ وَالضِّيقِ وَالشِّدَّةِ؛ فَإِنَّمَا آيَةُ غَضَبِهِ وَرِضَاهُ وَسَخَطِهِ عِنْدَهُمْ مَا يَتَقَلَّبُ فِيهِ النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الْحَالَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا، لَا أَنَّ الله9 يحب وَيبغض ويرضى

_ 1 سُورَة الزخرف، آيَة "55". 2 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 3 سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "119"، وَالتَّوْبَة، آيَة "100"، والمجادلة، آيَة "22"، وَالْبَيِّنَة، آيَة "8". 4 سُورَة التَّوْبَة، آيَة "46". 5 فِي ط، س، ش "ويعرفه". 6 فِي ط، س، ش "غير أَنا نقُول" بالإثبات وَهُوَ خطأ ظَاهر، وَلَعَلَّه خطأ مطبعي. 7 الْعبارَة من قَوْله: "مَا يُصِيب النَّاس" إِلَى قَوْله: "بزعمهم" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَبهَا يَتَّضِح الْمَعْنى. 8 فِي ط، س، ش "البلايا". 9 فِي الأَصْل وط، ش "لِأَن الله" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي س، وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَن الْكَلَام مَا زَالَ فِي تَقْرِير دَعوَاهُم.

وَيَسْخَطُ حَالًا بَعْدَ حَالٍ فِي نَفْسِهِ. فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُلْحِدِينَ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُكَذِّبِينَ بِصِفَاتِ اللَّهِ: مَا رَأَيْنَا دَعْوَى أَبْطَلَ وَلَا أَبْعَدَ مِنْ صَحِيحِ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مِنْ دَعْوَاكُمْ هَذِهِ، فَفِي دَعْوَاكُمْ: إِذَا كَانَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُؤْمِنُونَ1 مِنْ رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَسَائِرِ أَوْلِيَائِهِ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ وَعَوَزٍ مِنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ2، وَفِي خَوْفٍ وَبَلَاءٍ، كَانُوا فِي دَعْوَاكُمْ فِي سَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَغَضَبٍ وعقاب. وإذاكان الْكَافِرُ فِي خِصْبٍ وَدَعَةٍ وَأَمْنٍ وعافي، وَاتَّسَعَتْ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ مِنْ مَأْكَلِ الْحَرَام وَشرب الخموركانوا فِي رضى مِنَ اللَّهِ وَفِي مَحَبَّةٍ3 مَا رَأَيْنَا تَأْوِيلًا أَبْعَدَ مِنَ الْحَقِّ مِنْ تَأْوِيلِكُمْ هَذَا! وَبَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْمَرِيسِيِّ قَالَ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْأَسَانِيدِ الْجِيَادِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَيْنَا فِي رَدِّ مَذَاهِبِنَا، مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّكْذِيبُ بِهَا؟ مِثْلَ: سُفْيَانُ4 عَنْ مَنْصُور5 عَن الزُّهْرِيّ6، وَالزهْرِيّ

_ 1 فِي الأَصْل "الْمُؤمنِينَ" وَصَوَابه الرّفْع بِالْوَاو لكَونه نعتًا لأولياء. 2 فِي ط، س، ش "المآكل والمشارب". 3 فِي س "وَفِي محبته". 4 الرَّاجِح أَنه سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 5 مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، تقدم ص"373"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1376/3 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ وَعنهُ سُفْيَان الثَّوْريّ، وَهُوَ أثبت النَّاس فِيهِ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة. 6 الزُّهْرِيّ: تقدم ص"175".

عَنْ سَالِمٍ1، وَأَيُّوبَ2 وَابْنُ عَوْنٍ3 عَنِ ابْنِ سِيرِينَ4، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ5 عَنْ جَابِرٍ6، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَشْبَهَهَا؟ قَالَ: فَقَالَ الْمَرِيسِيُّ: لَا تَرُدُّوهُ فَتُفْتَضَحُوا7، وَلَكِنْ غَالِطُوهُمْ بِالتَّأْوِيلِ فتكونوا قد رددتموها بلطف؛ إذلم يُمْكِنُكُمْ رَدُّهَا بِعُنْفٍ، كَمَا فَعَلَ هَذَا الْمُعَارِضُ سَوَاءً. وَسَنَقُصُّ عَلَيْهِ8 بَعْضَ مَا رُوِيَ فِي بَعْضِ9 هَذِه الْأَبْوَاب من الْحبّ

_ 1 سَالم بن عبد الله بن عمر، تقدم ص"326". 2 فِي ط، ش "وَأَيوب بن عَوْف عَن ابْن سِيرِين"، وَفِي س "وَأَيوب بن عون عَن ابْن سِيرِين"، وَصَوَابه -فِيمَا يظْهر- كَمَا فِي الأَصْل. وَأَيوب هُوَ ابْن أبي تَمِيمَة، كيسَان السّخْتِيَانِيّ، تقدّمت تَرْجَمته ص"590". وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 133/1 أَنه روى عَن مُحَمَّد بن سِيرِين. 3 هُوَ عبد الله بن عون بن أرطبان: أبوعون الْبَصْرِيّ، ثِقَة ثَبت فَاضل، من أَقْرَان أَيُّوب فِي الْعلم وَالْعَمَل وَالسّن، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة خمسين على الصَّحِيح/ ع. 4 مُحَمَّد بن سِيرِين، تقدم ص"181". 5 عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"244". 6 جَابر رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"153". 7 فِي ط، س، ش "تفتضحوا". 8 لفظ "عَلَيْهِ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 9 كلمة بعض لَيست فِي ط، س، ش.

وَالْبُغْضِ وَالسَّخَطِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ1 أبنا2 همام3، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ5، عَنْ عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي اله عَنْهُمَا6 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ" 7 فَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الكراهيتين مَعًا من الْخَالِق والمخلوق.

_ 1 مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، تقدم ص"268". 2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 321/2: همام بن يحيى بن دينارالعوذي، بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَكسر الْمُعْجَمَة، أَبُو عبد الله، أَو أَبُو بكر الْبَصْرِيّ ثِقَة رُبمَا وهم، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة أَربع أَو خمس وَسِتِّينَ/ ع. وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 1449/3، أَنه روى عَن قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي وَعنهُ مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي. 4 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180". 5 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"201". 6 عبارَة "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش، وَعبادَة، تقدّمت تَرْجَمته ص"483". 7 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه فتح الْبَارِي/ كتاب الرقَاق/ بَاب مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ الله لقاءه/ حَدِيث 6507، 357/11 قَالَ: حَدثنَا حجاج حَدثنَا همام بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ وَزِيَادَة فِي آخِره، وَحَدِيث 6508 عَن عَائِشَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الذّكر وَالدُّعَاء/ بَاب مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ الله لقاءه/ حَدِيث 14، 2065/4 قَالَ: حَدثنَا هداب بن خَالِد، حَدثنَا همام بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظِهِ، وَانْظُر الْأَحَادِيث بعده 15، 16، 17، 18، وبلفظه أَيْضا جَاءَ عِنْد التِّرْمِذِيّ، وبلفظه وَزِيَادَة فِي آخِره عِنْد النَّسَائِيّ.

وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ1 ثَنَا يَحْيَى -وَهُوَ الْقَطَّانُ2- عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة3 حَدثنِي عامرالشعبي4 حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ هَانِئٍ5 قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا6 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَالْمَوْتُ قَبْلَ لِقَاءِ الله" 7.

_ 1 مُسَدّد بن مسرهد، تقدم ص"175". 2 يحيى الْقطَّان، تقدم ص"272". 3 زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، تقدم ص"416"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 239/3 أَنه روى عَن عَامر الشّعبِيّ، وَعنهُ الْقطَّان. 4 الشّعبِيّ، تقدم ص"168". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 350/1: شُرَيْح بن هَانِئ بن يزِيد الْحَارِثِيّ الْمذْحِجِي أَبُو الْمِقْدَام، الْكُوفِي، مخضرم، ثِقَة مَعَ ابْن أبي بكرَة بسجستان/ بخ م وَالْأَرْبَعَة. وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 330/4 أَنه روى عَن عَائِشَة وَسعد وَعنهُ الشّعبِيّ. 6 عبارَة "رَضِي الله عَنْهَا" لَيست فِي ط، س، ش، وَعَائِشَة تقدّمت ترجمتها ص"252". 7 تقدم تَخْرِيج أول الحَدِيث فِي الحَدِيث قبله، وَأخرجه مُسلم بِهَذَا اللَّفْظ فِي صَحِيحه، تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الذّكر/ بَاب من أحب لِقَاء الله حَدِيث 16، 2066/4 من طَرِيق أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَليّ بن مسْهر عَن زَكَرِيَّا عَن الشّعبِيّ بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده بهامشه الْمُنْتَخب 44/6، 55، 207، 236، عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَفِيه: "وَالْمَوْت قبل لِقَاء الله".

وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ1 أبنا2 خَالِد -وهوابن عَبْدِ اللَّهِ3- عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ4، عَنْ أَبِيهِ5، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ7 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا 8 فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ، وَإِذَا أَبْغَضَ 9 عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ 10 فَقَالَ: إِنِّي أُبْغِضُ فُلَانًا فَأَبْغِضُوهُ، فَيُبْغِضُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي

_ 1 عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ، تقدم ص" ". 2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا". 3 خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان، الوَاسِطِيّ، تقدم ص"270"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال1/ 357 أَنه روى عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ وَعنهُ عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ. 4 سُهَيْل بن أبي صَالح، تقدم ص"270"، وَفِي التَّهْذِيب 263/4 أَنه روى عَن أَبِيه وَسَعِيد بن الْمسيب. 5 أَبُو صَالح ذكْوَان السمان، تقدم ص"270". 6 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"179". 7 عبارَة "رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 8 فِي ط، س، ش "فَقَالَ: إِنِّي أحب فلَانا فَأَحبهُ فَيُحِبهُ جِبْرِيل ثمَّ يُنَادي فِي السَّمَاء: إِن الله يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ، فَيُحِبهُ الْمَلَائِكَة أهل السَّمَاء قَالَ: ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْض ... " إِلَخ قلت: وَهَذِه الزِّيَادَة جَاءَت فِي مُسلم. 9 فِي ط، ش "وَإِذا أبْغض الله". 10 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، تقدم ص"389".

الْأَرْضِ" 1. وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ2 أبنا3 سُفْيَانُ4 قَالَ: "مَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا فَأَبْغَضَهُ، وَمَا أَبْغَضَ عَبْدًا فَأَحَبَّهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْبُدُ الْأَوْثَانَ وَهُوَ عبد الله"5.

_ 1 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب بَدْء الْخلق/ بَاب ذكر الْمَلَائِكَة حَدِيث 3209، 303/6 من طَرِيق آخر عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَلَيْسَ فِيهِ ذكرالبغض، وَأخرجه أَيْضا فِي الْمصدر نَفسه/ كتاب التَّوْحِيد/ بَاب كَلَام الرب مَعَ جِبْرِيل، حَدِيث 7485، 461/13 وَلَيْسَ فِيهِ ذكر البغض. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْبر والصلة/ بَاب إِذا أحب الله عبدا/ حَدِيث 157، 2030/4 من طَرِيق آخر عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَفِيه: "وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُول: إِنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ، قَالَ: فَيبْغضهُ جِبْرِيل، ثمَّ يُنَادي فِي أهل السَّمَاء: إِن الله يبغض فلَانا فَأَبْغضُوهُ، قَالَ: فَيبْغضُونَهُ، ثمَّ تُوضَع لَهُ الْبغضَاء فِي الأَرْض". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة مَرْيَم/ حَدِيث 3160، 308/8 عَن سُهَيْل عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَفِيه ذكر البغض. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. 2 مُحَمَّد بن كثير الظَّاهِر أَنه الْعَبْدي، تقدم ص"268". 3 فِي ط، س، ش "أخبرنَا". 4 سُفْيَان، تقدم ص"268". 5 أخرجه أبونعيم فِي الْحِلْية 29/7 قَالَ: حَدثا سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا أَحْمد بن عَليّ الْخُزَاعِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن كثير، قَالَ: قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: "مَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا فَأَبْغَضَهُ، و/مَا أبغضه فَأَحَبَّهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْبُدُ الْأَوْثَانَ وَهُوَ عِنْد الله سعيد".

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ1 ثَنَا يَحْيَى2 عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ3 قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ4 يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا6 قَالَتْ: قَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى الله 7 الألد الْخصم" 8.

_ 1 مُسَدّد بن مسرهد، تقدم ص"175"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1320/3 أَنه روى عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان. 2 يحيى الْقطَّان، تقدم ص"272". 3 عبد الْملك بن جريج، تقدم ص"813"، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 403/6 أَنه روى عَن ابْن أبي مليكَة وَعنهُ الْقطَّان. 4 ابْن أبي مليكَة، تقدم ص"286". 5 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، تقدّمت ص"252". 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 7 قَوْله: "إِلَى الله" لَيْسَ فِي ط، ش، وَبِه جَاءَ لفظ البُخَارِيّ وَمُسلم. 8 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْمَظَالِم/ بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَام} حَدِيث 2457، 106/5 قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الألد الْخصم". وَبِهَذَا السَّنَد أخرجه أَيْضا فِي كتاب الْأَحْكَام/ بَاب الألد الْخصم، حَدِيث 7188، 180/13 بِلَفْظ: "أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخصم". وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه بترتيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب الْعلم/ بَاب الألد الْخصم/ حَدِيث 5، 2054/4 من طَرِيق أبي بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيع عَن ابْن جريج بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الألد الْخصم".

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ نَافِعٍ الرَّمْلِيُّ1 عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ2، عَن بشر ابْن عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ3 عَنْ أَبِيهِ4، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ5 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي 6 يَتَخَلَّلُ بِلِسَانِهِ تَخَلُّلَ الْبَاقِرِ 7 بألسنتها" 8.

_ 1 لم يظْهر لي بِمَا يجلو الشَّك من يكون زَكَرِيَّا هَذَا، وَلَعَلَّه أَبُو يحيى زَكَرِيَّا بن نافعي الأرسوفي -بِضَم الْألف وَسُكُون الرَّاء وَضم السِّين الْمُهْملَة فِي آخرهَا فَاء- انْظُر: لِسَان الْمِيزَان لِابْنِ حجر 483/2، والأنساب للسمعاني تَصْحِيح وَتَعْلِيق عبد الرَّحْمَن المعلمي 166/1، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات يروي عَن ابْن عُيَيْنَة وَعباد بن حَمَّاد، وروى عَنهُ يَعْقُوب بن سُفْيَان وَالنَّاس، يُغرب، انْظُر: الثِّقَات لِابْنِ حبَان، ط. الأولى 252/8. 2 نَافِع بن عمر الجُمَحِي، تقدم ص"286"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال أَنه روى عَنْ بِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ، وَلم يذكر أَن زَكَرِيَّا هَذَا روى عَنهُ. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 99/1: بشر بن عَاصِم بن سُفْيَان بن عبد الله بن ربيعَة بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ الطَّائِفِي، ثِقَة من السَّادِسَة/ د ت ق. وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 435/1 أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ الْجُمَحِيِّ. 4 قَالَ فِي التَّقْرِيب 383/1: عَاصِم بن سفان بن عبد الله الثَّقَفِيّ، صَدُوق من الثَّالِثَة/ الْأَرْبَعَة. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 41/5-42 أَنه روى عَن عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعنهُ ابْنه بشر. 5 فِي س "ابْن العَاصِي" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص”256". 6 فِي ش "إِن الله يبغض البليغ يَتَخَلَّل". 7 فِي ط، ش "كَمَا تتخلل الباقرة"، وَفِي س "كَمَا يَتَخَلَّل الباقر". 8 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، وعادل السَّيِّد/ =

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ1 ثَنَا معَاذ بن هِشَام2 حَدثنِي

_ = كتاب الْأَدَب/ بَاب مَا جَاءَ فِي المتشدق فِي الْكَلَام حَدِيث 505، 274/5 من طَرِيق آخر إِلَى نَافِع بن عمر بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِن الله عز وَجل يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَالِ الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ تخَلّل الباقرة بلسانها". وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى/ أَبْوَاب الْأَدَب/ بَاب مَا جَاءَ فِي الفصاحة وَالْبَيَان/ حَدِيث 2857، 67/8 من طَرِيق آخر إِلَى نَافِع بن عمر الجُمَحِي بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَال الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ كَمَا تتخلل الْبَقَرَة"، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَفِي الْبَاب عَن سعد. وَقَالَ المباركفوري فِي التُّحْفَة 146/8: "وَأخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد". قلت: وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 165/2، 187 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعا بِلَفْظ: "الباقرة". قَالَ فِي عون المعبود شرح سنَن أبي دَاوُد 459: "الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ" أَي يَأْكُل بِلِسَانِهِ أَو يُدِير لِسَانه حول أَسْنَانه مُبَالغَة فِي إِظْهَار بلاغته، و "تخَلّل الباقرة بلسانها" أَي الْبَقَرَة كَأَنَّهُ أَدخل التَّاء فِيهَا على أَنه وَاحِد من الْجِنْس كالبقرة من الْبَقر واستعمالها مَعَ التَّاء قَلِيل، قَالَه الْقَارِي، وَفِي الْقَامُوس: باقر وبقير وبيقور وباقورة أَسمَاء للْجمع، قَالَ فِي النِّهَايَة: أَي يتشدق فِي الْكَلَام بِلِسَانِهِ ويلفه كَمَا تلف الْبَقَرَة الْكلأ بلسانها لفًا. قلت: وَانْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط للفيروز آبادي 375/1، وَانْظُر: النِّهَايَة فِي غَرِيب الْأَثر لِابْنِ الْأَثِير بتحقيق مَحْمُود الطناحي وطاهر الزاوي 73/2. 1 عَليّ بن الْمَدِينِيّ، تقدم ص" ". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 257/2: معَاذ بن هِشَام أبي عبد الله الدستوَائي، الْبَصْرِيّ، وَقد سكن الْيمن، صَدُوق رُبمَا وهم، من التَّاسِعَة، مَاتَ سنة 200/ع، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 196/10 أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ ابْن الْمَدِينِيّ.

أَبِي1، عَنْ قَتَادَةَ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ3، عَنْ أَبِيهِ4 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدُنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سيدكم فقد أسخطتم ربكُم" 5.

_ 1 هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي، تقدم ص”212"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 43/11 أَنه روى عَن قَتَادَة وَعنهُ ابناه عبد الله ومعاذ. 2 قَتَادَة، تقدم ص”180". 3 عبد الله بن بُرَيْدَة، تقدم ص”418"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 157/5 أَنه روى عَن أَبِيه وَعنهُ قَتَادَة. 4 بُرَيْدَة بن الْحصيب رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص”418". 5 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس، وعادل السَّيِّد/ كتاب الْأَدَب/ بَاب لَا يَقُول الْمَمْلُوك: رَبِّي وربتي/ حَدِيث 4977، 257/5 من طَرِيق عبد الله بن عمر بن ميسرَة، حَدثنَا معَاذ بن هِشَام بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ سيد"، "وَفِي نُسْخَة الْمُنْذِرِيّ سيدنَا"، فَإِنَّهُ إِن يَك سيدا فَقَط أسخطتم ربكُم عز وَجل". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 346/5-347 قَالَ: حَدثنِي عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا عَفَّان حَدثنِي معَاذ بن هِشَام بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ، وَفِي آخر زِيَادَة "عز وَجل". وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ بَاب لَا يُقَال لِلْمُنَافِقِ: سيد/ حَدِيث =

حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير1 أبنا2 شُعْبَةُ3 عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ4 قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ5، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ6 عَنْ عبد الله بن

_ = 760 ص"267" بِهَذَا الْإِسْنَاد بِلَفْظ أَحْمد. وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 311/4 من طَرِيق عقبَة بن عبد الله الْأَصَم ثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيه مَرْفُوعا بِلَفْظ: "إِذا قَالَ الرجل لِلْمُنَافِقِ: يَا سيد فقد أغضب الله تبَارك وَتَعَالَى". هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ، قَالَ الذَّهَبِيّ: "صَحِيح، قلت: عقبَة ضَعِيف". وَأوردهُ الألباني فِي سلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة حَدِيث 371، 100/1، وَقَالَ: صَحِيح. 1 مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي، تقدم ص"268"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب؟ / 417 أَنه روى عَن شُعْبَة. 2 فِي ط، س، ش "أخبرنَا". 3 شُعْبَة بن الْحجَّاج الْعَتكِي، تقدم ص"250"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال للمزي 582/2 أَنه روى عَن عمر بن مرّة وَعنهُ مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي. 4 عَمْرو بن مرّة، تقدم ص"250". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 408/1: عبد الله بن الْحَارِث، الزبيدِيّ: بِضَم الزَّاي، النجراني، بنُون وجيم، الْكُوفِي، الْمَعْرُوف بالمكتب، ثِقَة من الثَّالِثَة/ بخ م وَالْأَرْبَعَة، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 182/5 أَنه روى عَن أبي كثير وَعنهُ عَمْرو بن مرّة. 6 قَوْله: "عَن أبي كثير" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت سَهوا، قلت: قَالَ فِي التَّقْرِيب 465/2: أَبُو كثير الزُّبْدِيُّ، بِالتَّصْغِيرِ، الْكُوفِي، اسْمه زُهَيْر بن الْأَقْمَر، وَقيل: عبد الله بن مَالك، وَقيل: جَمْهان، مَقْبُول من الثَّالِثَة، وَقيل: إِن زُهَيْر بن الْأَقْمَر غير عبد الله بن مَالك، فَالله أعلم/ عخ د ت س. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 210/12-211 أَنه روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعبد الله بن عمر وَعنهُ عبد الله بن الْحَارِث الزبيدِيّ الْمكتب.

عَمْرٍو1، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَهْجُرَ مَا كره رَبك" 2.

_ 1 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"256". 2 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى/ كتاب الصَّلَاة/ بَاب طول الْقيام/ حَدِيث 1449، 146/2 من طَرِيق آخر عَن عبد الله ابْن حبشِي الْخَثْعَمِي مَرْفُوعا، وَفِيه: قيل: فَأَي الْهِجْرَة أفضل؟ قَالَ: "من هجر مَا حرم الله عَلَيْهِ". وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي سنَنه بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ كتاب الزَّكَاة/ "جهد الْمقل" حَدِيث 2524، 58/5 من طرق آخر عَن عبد الله بن حبشِي الْخَثْعَمِي مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: قيل: فَأَي الْهِجْرَة أفضل؟ قَالَ: "من هجر مَا حرم الله عز وَجل". وَفِي النَّسَائِيّ أَيْضا/ كتاب الْبيعَة/ هِجْرَة البادي/ 144/7 من طَرِيق آخر إِلَى شُعْبَة بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "قَالَ رجل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَهْجُرَ مَا كره رَبك عز وَجل ... " الحَدِيث. وَأخرجه أَيْضا الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 160/2 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ، وَفِي الْمسند أَيْضًا 191/2، 193 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو. وَفِي الْجُزْء 412/3 عَن عبد الله بن حبشِي الْخَثْعَمِي مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ، وَفِي الْجُزْء 385/4 عَن عبد الله ابْن عَمْرو بن عبسة مَرْفُوعا فِي أَثْنَائِهِ.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ1 ثَنَا حَمَّاد -وَهُوَ ابْن سَلمَة2- أبنا3 عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ4 عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ5، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ عَنْ وِطَائِهِ 7 وَلِحَافِهِ 8 مِنْ بَيْنِ حَيِّهِ 9 وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ فِي الْفِرَارِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمه" 10.

_ 1 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، تقدم ص"168". 2 فِي ط، س، ش "حَمَّاد بن سَلمَة" تقدم ص”187". 3 فِي ط، س، ش "أخبرنَا". 4 عَطاء بن السَّائِب، تقدم ص"173". 5 قَالَ فِي التَّقْرِيب 238/2: مرّة بن شرَاحِيل الْهَمدَانِي بِسُكُون الْمِيم، أَبُو إِسْمَاعِيل الْكُوفِي، هُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: مرّة الطّيب، ثِقَة عَابِد من الثَّانِيَة، مَاتَ سنة سِتّ وَسبعين، وَقيل: بعد ذَلِك/ ع، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 88/10 أَنه روى عَن ابْن مَسْعُود وَعنهُ عَطاء بن السَّائِب. 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَابْن مَسْعُود تقدّمت تَرْجَمته ص"190". 7 لفظ "وطائه" غير وَاضح فِي س. 8 فِي ط، ش "وغطائه". 9 فِي س "حبه" بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَبِه جَاءَ لفظ الْمُنْذِرِيّ فِي التَّرْغِيب والترهيب. انْظُر: 435/1. 10 أخرج الْقسم الثَّانِي مِنْهُ أبوداود فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الرجل يشري نَفسه/ حَدِيث 2536، 42/3 بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ: "عجب رَبنَا من رجل غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ -يَعْنِي أَصْحَابه- فَعلم مَا عَلَيْهِ، فَرجع حَتَّى أهريق دَمه، فَيَقُول الله تَعَالَى لملائكته: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي رجل رَغْبَة فِيمَا عِنْدِي وشفقه مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أهريق دَمه". = ش

حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ1 ثَنَا شُعْبَةُ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَاد3

_ = وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند شرح أَحْمد شَاكر ط. الثَّانِيَة حَدِيث 3949، 22/6-23 قَالَ: حدثناروح وَعَفَّان، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ عَفَّان: أخبرنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ مُرَّةَ الْهَمدَانِي عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا بِلَفْظ: "عجب رَبنَا عزوجل من رجلَيْنِ: رجل ثار من وطائه ولحافه من بَين أَهله وحيه إِلَيّ صلَاته ... وَذكره إِلَى أَن قَالَ: وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عزوجل، فَانْهَزَمُوا فَعلم مَا عَلَيْهِ من الْفِرَارِ وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرجع حَتَّى أهريق دَمه.." الحَدِيث، قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح. وَذكره الْمُنْذِرِيّ مطولا فِي التَّرْغِيب والترهيب/ كتاب النَّوَافِل/ التَّرْغِيب فِي قيام اللَّيْل حَدِيث 33، 435/1 عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَوْقُوفا بِإِسْنَاد حسن. وَقَالَ الهيثمي فِي الْمجمع 255/2: رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير، وَإِسْنَاده حسن. 1 هَذَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ ورد مُتَأَخِّرًا فِي ط، س، ش عَن هَذَا الْموضع؛ حَيْثُ جَاءَ عقب حَدِيث مُسَدّد الَّذِي بعده، وَسَلام هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن سوار الثَّقَفِيّ الْمَدَائِنِي الضَّرِير ابْن أخي شَبابَة، وَيُقَال: ابْن عَمه، وَالْأول أصح، أَصله خراساني سكن دمشق بِآخِرهِ وَمَات بهَا، وَقد ينْسب إِلَى جده، روى عَنهُ شُعْبَة وَعنهُ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ، مَاتَ سنة عشر وَمِائَتَيْنِ/ بِتَصَرُّف من تَهْذِيب ابْن حجر 283/4، وَانْظُر: الكاشف للذهبي 413/1. 2 شُعْبَة بن الْحجَّاج، تقدم ص"250". 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 162/2: مُحَمَّد بن زِيَاد الجُمَحِي مَوْلَاهُم، أَبُو الْحَارِث الْمدنِي، نزيل الْبَصْرَة، ثِقَة ثَبت، رُبمَا أرسل، من الثَّالِثَة/ع. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 9/ 169 أَنه روى عَن أبي هُرَيْرَة وَعنهُ شُعْبَة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1 عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ جِيءَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ حَتَّى يُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ" 2. حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ3 ثَنَا يَحْيَى4، عَنْ سُفْيَانَ5 حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق6،

_ 1 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَأَبُو هُرَيْرَة تقدم ص"179". 2 أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الْأُسَارَى فِي السلَاسِل/ حَدِيث 3010، 145/1 قَالَ: حَدثنَا حمد بن بشار حَدثنَا غنْدر حَدثنَا شُعْبَة بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ: "عجب الله من قوم يدْخلُونَ الْجنَّة فِي السلَاسِل ". وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس وعادل السَّيِّد/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب الْأَسير يوثق/ حَدِيث 2677، 127/3 من طَرِيق مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد -يَعْنِي بن سَلمَة- أخبرنَا مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: "عجب رَبنَا عز وَجل من قوم يقادون إِلَى الْجنَّة فِي السلَاسِل". وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 457/2 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظِهِ: "عجب الله من أَقوام يُجاء بهم فِي السلَاسِل حَتَّى يدْخلُونَ الْجنَّة". وَأخرجه أَيْضا فِي الْمسند 302/2، 406، 448 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، وَفِي 249/5 عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا. 3 مُسَدّد، تقدم ص"175". 4 يحيى الْقطَّان، تقدم ص"272"، وَفِي تَهْذِيب ابْن حجر 216/11 أَنه روى عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، وَعنهُ مُسَدّد. 5 سُفْيَان الثَّوْريّ، تقدم ص"268". 6 عَمْرو بن عبد الله الْهَمدَانِي، أبوإسحاق السبيعِي، تقدم ص"146".

عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ1 أَنَّهُ كَانَ رِدْفَ2 عَلِيٍّ3، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ4: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ5 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَعْجَبُ الرَّبُّ -أَوْ رَبُّنَا- إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ" 6.

_ 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 37/2: عَليّ بن ربيعَة بن نَضْلَة، الْوَالِبِي، بلام مَكْسُورَة وموحدة، أَبُو الْمُغيرَة، الْكُوفِي، ثِقَة، من كبار الثَّالِثَة. يُقَال: وَهُوَ الَّذِي روى عَن الْعَلَاء بن صَالح، فَقَالَ: حَدثنَا عَليّ بن ربيعَة البَجلِيّ، وَفرق بَينهمَا البُخَارِيّ/ع، وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 320/7 أَنه روى عَن عَليّ بن أبي طَالب، وَعنهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي. 2 فِي ط، ش "رَدِيف"، وَبِمَا فِي الأَصْل جَاءَ عِنْد أَحْمد فِي الْمسند، انْظُر: طبعة شَاكر حَدِيث 1056، 234/2. 3 عَليّ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"525". 4 عبارَة "عَليّ رَضِي الله عَنهُ" لَيست فِي ط، س، ش. 5 فِي ط، ش "رَدِيف" وَعند أَحْمد فِي الْمسند "كنت ردفًا"، انْظُر: طبعة شَاكر، حَدِيث 1056، 234/2. 6 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ كتاب الْجِهَاد/ بَاب مَا يَقُول الرجل إِذا ركب/ حَدِيث 2602، 77/3 قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، حَدثنَا أَبُو إِسْحَاق الْهَمدَانِي، عَن عَليّ بن ربيعَة، قَالَ: "شهِدت عليا رَضِي الله عَنهُ وأتى بِدَابَّة يركبهَا ... " ثمَّ ذكره بِمَعْنَاهُ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى/ أَبْوَاب الدَّعْوَات، بَاب مَا جَاءَ مَا يَقُول إِذا ركب دَابَّة/ حَدِيث 3443، 139/9-140 قَالَ: حَدثنَا قُتَيْبَة، حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص بِسَنَد أبي دَاوُد بِمَعْنَاهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند شرح أَحْمد شَاكر/ حَدِيث 753، 109/2 -110 عَن عَليّ بن ربيعَة عَن عَليّ بأطول من هَذَا، وَقَالَ الشَّارِح: إِسْنَاده صَحِيح. وَأخرجه فِي الْمسند أَيْضا الْمصدر السَّابِق، حَدِيث 930، 183/2-184 وَحَدِيث 1056، 234/2 عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ.

وَحَدَّثَنَا الطَّيَالِسِيُّ أَبُو الْوَلِيدِ1 ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ2، حَدَّثَنِي إِيَادٌ3 عَنِ الْبَرَاءِ4 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ 5 انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَطَلَبَهَا حَتَّى شقَّ عَلَيْهِ، فَمَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ، فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا بِهِ فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ؟ قَالَ: قُلْنَا: شَدِيدٌ6 يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَاللَّهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا الرجل

_ 1 أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، تقدم ص"656". 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 531/1: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيط السدُوسِي، أَبُو السَّلِيل: بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر اللَّام وَآخره لَام أَيْضا، الْكُوفِي، كَانَ عريف قومه، صَدُوق لينه الْبَزَّار وَحده، من السَّابِعَة، مَاتَ سنة تسع وَسِتِّينَ/ بخ م د ت س. 3 قَالَ فِي التَّقْرِيب 86/1: إياد -بِكَسْر أَوله ثمَّ تَحْتَانِيَّة- ابْن لَقِيط السدُوسِي، ثِقَة من الرَّابِعَة/ بخ م د ت س. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 386/1 أَنه روى عَن الْبَراء وَعنهُ ابْنه. 4 فِي س "النبراء" وَصَوَابه "الْبَراء بن عَازِب" انْظُر تَرْجَمته ص"502". 5 فِي ط، س، ش "كَيفَ يفرح رجل" وَلَيْسَ فِيهَا "تَقولُونَ". 6 فِي ط، س، ش "قُلْنَا: شَدِيد الْفَرح يَا رَسُول الله".

بِرَاحِلَتِهِ" 1. حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ2 حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى3، ثَنَا قَتَادَةَ4، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ5 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَسْقُطُ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ 6 فِي أَرْضِ فلاة" 7.

_ 1 قَوْله: "من هَذَا الرجل براحلته" لم ترد فِي الأَصْل، وَجَاءَت فِي ط، ش وَهُوَ الْمُوَافق لما فِي صَحِيح مُسلم وَلذَا أثبتها، وَفِي س "من الرجل براحلته". قلت: والْحَدِيث خرجه مُسلم فِي صَحِيحه/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب الحض على التَّوْبَة والفرح بهَا/ حَدِيث6، 2104/4 من طَرِيق يحيى بن يحيى وجعفر بن حميد، قَالَ جَعْفَر: حَدثنَا وَقَالَ يحيى: أخبرنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيط بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا بِلَفْظ مقارب. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 283/4 من طَرِيق عبد الله حَدثنِي أبي ثَنَا أَبُو الْوَلَد وَعَفَّان قَالَا: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بِهَذَا السَّنَد بِلَفْظ مقارب. 2 هدبة بن خَالِد، وياقل: هداب، تقدم ص"169". 3 همام بن يحيى بن دِينَار، تقدم ص"869"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 68/11 أَنه روى عَن قَتَادَة وَعنهُ هدبة بن خَالِد. 4 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي، تقدم ص"180". 5 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، تقدم ص"201". 6 فِي الأَصْل "قد أطله" بِالطَّاءِ الْمُهْملَة، وَصَوَابه مَا أثْبته لموافقته لما فِي الصَّحِيحَيْنِ. 7 هَذَا الحَدِيث جَاءَ فِي الأَصْل تبعا للْحَدِيث السَّابِق من غير إِسْنَاد مُسْتَقل =

وَحَدَّثَنِي1 يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ2 ثَنَا شَرِيكٌ3، عَنْ سِمَاكٍ4، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا6 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَلَرب تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَمَعَهُ رَاحَلَتُهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَمَالُهُ، فَتَوَسَّدَ رَاحِلَتَهُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ، ثمَّ قَامَ

_ = وغالب ظَنِّي أَن نَاسخ الأَصْل وهم فأدرجه مَعَ الَّذِي قبله وَهُوَ ينْسَخ وَلم يتَنَبَّه لإسناده، وَهُوَ مُحْتَمل جدا لتقارب لفظ هَذَا الحَدِيث وَآخر الحَدِيث الَّذِي قبله وَقد أثْبته بِإِسْنَادِهِ من ط، س، ش وَهُوَ الْمُوَافق سندًا ومتنًا لما جَاءَ فِي البُخَارِيّ وَمُسلم، فقد أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه بشرحه الْفَتْح/ كتاب الدَّعْوَات/ بَاب التَّوْبَة/ حَدِيث 6309، 102/11 من طَرِيق هدبة حَدثنَا همام حَدثنَا قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "الله أفرح بتوبة عَبده من أحدكُم سقط على بعيره وَقد أضلّهُ فِي أَرض فلاة". وَأخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب فِي الحض على التَّوْبَة والفرح بهَا/ حَدِيث 8، 2105/4 بالسند الْمَذْكُور، وَلَفظه: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ من أحدكُم إِذا اسْتَيْقَظَ على بعيره، قد أضلّهُ بِأَرْض فلاة". 1 فِي ش "حَدثنَا". 2 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 3 شريك، تقدم ص"330"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 580/2 أَنه روى عَن سماك ابْن حَرْب وَعنهُ يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي. 4 سماك بن حَرْب، تقدم ص"399". 5 النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تقدم ص"754". 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: وعود ضمير التَّثْنِيَة هُنَا على النُّعْمَان وَأَبِيهِ فهما صحابيان.

وَالرَّاحِلَةُ قَدْ ذَهَبَتْ، فَصَعَدَ شَرَفًا فَلم يرَشيئا، ثمَّ هَبَط فَنظر 1 فَلم يرَشيئا، ثُمَّ 2 قَالَ: لَأَعُودَنَّ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي نِمْتُ فِيهِ حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَعَادَ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَنَامَ، فَاسْتَيْقَظَ وَالرَّاحِلَةُ قَائِمَةٌ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ صَاحِبِ الرَّاحِلَةِ بِهَا حِينَ وجدهَا" 3.

_ 1 قَوْله: "فَنظر" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 2 لفظ "ثمَّ" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 3 أخرجه البُخَارِيّ من طَرِيق آخر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مُخْتَصرا عَمَّا هُنَا، انْظُر: صَحِيح البُخَارِيّ بشرحه الْفَتْح/ كتاب الدَّعْوَات/ بَاب التَّوْبَة/ حَدِيث 6308، 102/11. وَأخرجه مُسلم فِي صَحِيحه من طَرِيق آخر عَن سماك مَوْقُوفا على النُّعْمَان بن بشير بِلَفْظ مقارب، قَالَ سماك: فَزعم الشّعبِيّ أَن النُّعْمَان رفع هَذَا الحَدِيث إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم. وَأما أَنا فَلم أسمعهُ. انْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب التَّوْبَة/ بَاب فِي الحض على التَّوْبَة والفرح بهَا/ حَدِيث 5، 2103/4-2104. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب صفة الْقِيَامَة/ بَاب الْمُؤمن يرى ذَنبه كالجبل/ حَدِيث 2500، 190/7 بِنَحْوِهِ، وَقَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 383/1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مكررًا بِنَحْوِهِ. وَانْظُر: الْمسند أَيْضا 83/3 عَن أبي سعيد مَرْفُوعا مُخْتَصرا، انْظُر أَيْضا: 275/4 من طَرِيق شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنِ النُّعْمَانِ بن بشير مَرْفُوعا.

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ2 حَدَّثَنِي سعيد ابْن أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ3، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ4، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ5 أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ6 قَالَ7: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يتَوَضَّأ

_ 1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171". 2 فِي ط، ش "اللَّيْث بن سعيد الْمصْرِيّ" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"206". 3 قَوْله: "حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُري" لَيْسَ فِي ط، س، ش، وَلَعَلَّه سقط سَهوا، فَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ من طَرِيق لَيْث حَدثنِي سعيد -يَعْنِي المَقْبُري- بِهَذَا السَّنَد كَمَا سيتبين فِي تَخْرِيج الحَدِيث. قلت: وَسَعِيد المَقْبُري تقدم ص"332". 4 أبوعبيدة هَذَا لم يظْهر لي من خلال مَا بَين يَدي من المراجع، وَقد الْتبس على غَيْرِي أَمْثَال أَحْمد شَاكر، حَيْثُ قَالَ عِنْد تَخْرِيجه لهَذَا الحَدِيث 204/15: "أَبُو عُبَيْدَة لم أستطع تعْيين من هُوَ، وَلكنه على كل حَال من التَّابِعين؛ فَهُوَ يروي عَن تَابِعِيّ كَبِير، وهوسعيد بن يسَار، ويروي عَنهُ تَابِعِيّ آخر وَهُوَ سعيد المَقْبُري". 5 فِي ط، س، ش "سعيد بن أبي يسَار" وَصَوَابه مَا فِي الأَصْل، وَبِه جَاءَ عِنْد أَحْمد وَابْن مَاجَه. انْظُر تَخْرِيج الحَدِيث بعده، قَالَ فِي التَّقْرِيب 309/1: سعيد بن يسَار أَبُو الْحباب، بِضَم الْمُهْملَة وموحدتين، الْمدنِي، اخْتلف فِي ولائه لمن هُوَ، وَقيل: سعيد بن مرْجَانَة وَلَا يَصح، ثِقَة متقن، من الثَّالِثَة، مَاتَ سنة سبع عشرَة، وَقيل: قبلهَا بِسنة/ ع. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 102/4 أَنه روى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ. 6 قَوْله: "رَضِي الله عَنهُ" لَيْسَ فِي ط، س، ش وأبوهريرة تقدّمت تَرْجَمته ص"179". 7 فِي ط، س، ش "يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم".

أَحَدٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ وَيُسْبِغُهُ 1 ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاة فِيهِ إِلَّا تبشيش اللَّهُ 2 كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بطلعته" 3.

_ 1 فِي س "وأسبغه". 2 فِي ط، س "إِلَّا تبشبش الله بِهِ". 3 أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند شرح وَتَخْرِيج أَحْمد شَاكر حَدِيث 8051 204/15 قَالَ: حَدثنَا هَاشم بن الْقَاسِم ثَنَا لَيْث حَدثنِي سعيد -يَعْنِي الْمَقْبُرِيُّ- عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكره بِلَفْظِهِ، قلت: قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح. وَانْظُر: الْمسند أَيْضا بهامشه الْمُنْتَخب 340/2 عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظِهِ إِلَّا أَنه قَالَ: "إِلَّا يتبشبش الله عز وَجل". وَانْظُر الْمسند أَيْضا: 453/2 عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ مقارب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْمَسَاجِد/ بَاب لُزُوم الْمَسَاجِد/ حَدِيث 800، 262/1 من طَرِيق آخر عَن سعيد بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ: "مَا توطن رجل مُسلم الْمَسَاجِد للصَّلَاة وَالذكر، إِلَّا تبشبش الله لَهُ كَمَا يتبشبش أهل الْغَائِب بغائبهم إِذا قدم عَلَيْهِم". وَبِنَحْوِ لفظ ابْن مَاجَه رَوَاهُ أَحْمد فِي الْمسند بهامشه الْمُنْتَخب 328/2 عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا. قلت: أورد ابْن الْأَثِير هَذَا الحَدِيث فِي النِّهَايَة بِنَحْوِ لفظ ابْن مَاجَه وَقَالَ: "البشُّ: فَرح الصّديق بِالصديقِ، واللطفُ فِي الْمَسْأَلَة والإقبال عَلَيْهِ، وَقد بششت بِهِ أبشُّ، وَهَذَا مثل ضربه لتلقيه إِيَّاه ببره وتقريبه وإكرامه". انْظُر: النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر لِابْنِ الْأَثِير/ بتحقيق مَحْمُود الطناحي وطاهر الزاوي 130/1. قلت: وَالصَّوَاب أَن البشبشة تلِيق بِجلَال الله وعظمته كَسَائِر صِفَاته، وَالْبر وَالْإِكْرَام من أثر البشبشة، وَلَا يلْزم فِيهَا مَا يلْزم صِفَات المخلوقين من النَّقْص، بل الْمَخْلُوق لَهُ صِفَاته الَّتِي تخصه وتليق بِهِ والخالق لَهُ صِفَاته الَّتِي تخصه وتليق بجلاله وعظمته.

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ1 حَدَّثَنِي اللَّيْثُ2 قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ3 عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ4 عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ5 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو6 أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ نُوحًا النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ7 وَالسَّلَامُ قَالَ لِابْنِهِ: اثْنَتَانِ 8 أُوصِيكَ بِهِمَا؛ فَإِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ يَسْتَبْشِرُ بِهِمَا وَصَالِحَ خَلْقِهِ، وَرَأَيْتُهُمَا يُكْثِرَانِ الْوُلُوجَ عَلَى اللَّهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ

_ 1 عبد الله بن صَالح، تقدم ص"171". 2 فِي ط، س، ش "اللَّيْث بن سعد" قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"206". 3 هِشَام بن سعد الْمدنِي، تقدم ص"206"، وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 39/11 أَنه روى عَن زيد بن أسلم، وَعنهُ اللَّيْث. 4 زيد بن أسلم، تقدم ص"257". 5 عَطاء بن يسَار، تقدم ص"206". 6 فِي ط، ش "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ"، وَفِي س "عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِي". قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"256". 7 فِي ط، س، ش "إِن نوحًا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"291". 8 فِي الأَصْل، ط، ش "اثْنَان" وَلم تتضح فِي س، وَعند أَحْمد فِي رِوَايَة والهيثمي فِي الزَّوَائِد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد، وَابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة "آمُرك بِاثْنَتَيْنِ" لذا أثبتنا "اثْنَتَانِ".

وَبِحَمْدِهِ، وَقَوْلُ: لَا إِلَهِ إِلَّا اللَّهُ. وَأَمَّا اللَّتَانِ أَنْهَاكَ عَنْهُمَا فَإِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ يَكْرَهُهُمَا 1 وَصَالِحَ خَلْقِهِ: الْكِبْرُ وَالشِّرْكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَمِنَ الْكِبْرِ أَنْ أَلْبَسَ الْحُلَّةَ الْحَسَنَةَ؟ قَالَ: لَا، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " 2.

_ 1 فِي ش "يكرههما" حَيْثُ سَقَطت الْهَاء الثَّانِيَة. 2 آخِره عِنْد مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا، انْظُر: صَحِيح مُسلم/ تَرْتِيب وتبويب مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْإِيمَان/ بَاب تَحْرِيم الْكبر/ حَدِيث 147، 93/1 من طَرِيق آخر عَن عَلْقَمَة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعا، وَانْظُر: التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْبر والصلة/ بَاب مَا جَاءَ فِي الْكبر/ حَدِيث 2000، 211/6 عَن علمة عَن عبد الله مَرْفُوعا. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح غَرِيب. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند تَعْلِيق وَتَخْرِيج أَحْمد شَاكر، حَدِيث 6583، 116/10 من طَرِيق آخر عَن زيد بن أسلم، قَالَ حَمَّاد: أَظُنهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فجَاء رجل من أهل الْبَادِيَة ... ثمَّ ذكره، إِلَى أَن قَالَ: "إِن نَبِي الله نوحًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضرته الْوَفَاة قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قاص عَلَيْك الْوَصِيَّة: آمُرك بِاثْنَتَيْنِ وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ، آمُرك بِلَا إِلَه إِلَّا الله ... " ثمَّ أوردهُ بأطول من هَذَا، وَلَيْسَ فِيهِ: "فَإِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ يَسْتَبْشِرُ بِهِمَا وَصَالِحَ خَلْقِهِ وَرَأَيْتُهُمَا يُكْثِرَانِ الْوُلُوجَ على الله" قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح على مَا فِي شكّ حَمَّاد بن زيد أَنه عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطاء بن يسَار، وَاسْتدلَّ لصِحَّته بِأُمُور. وَانْظُر: الْمصدر نَفسه أَيْضا حَدِيث 7101، 49/12. وَأخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد/ ط. الثَّانِيَة/ بَاب الْكبر/ حَدِيث 548 =

افتضاح المعارض بتصريحه بخلق القرآن

افْتِضَاحُ الْمُعَارِضِ بِتَصْرِيحِهِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ: وَفِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ أَكْثَرُ مِمَّا ذَكَرْنَا. لَمْ نَأْتِ بِهَا مَخَافَةَ التَّطْوِيلِ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْهَا1 دِلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى مَا دَلَّسَ هَذَا الْمُعَارِضُ عَنْ زُعَمَائِهِ الَّذِينَ كَنَى عَنْهُمْ مِنَ الْكَلَامِ الْمُمَوَّهِ2 الْمُغَطَّى3، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يَسْتَخْفِي عَلَى مَنْ لَا4 يَفْطَنُ لِمَعْنَاهُ وَلَا يَدْرِي5، وَنَحْنُ نَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَسِيرِ الْأَدْنَى؛ حَتَّى تَقَعَ6 عَلَى7 الْفَرْحَةِ الْكُبْرَى، فَلَمْ يَزَلْ هَذَا الْمُعَارِضُ يُلَجْلِجُ بِأَمْرِ الْقُرْآنِ فِي صَدْرِهِ حَتَّى كَشَفَ عَنْ رَأْسِهِ الْغِطَاءَ، وَطَرَحَ8 جِلْبَابَ الْحَيَاءِ، فَصَرَّحَ وَأَفْصَحَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَأَنَّ من قَالَ: غير

_ = ص"192-193" عَن سُلَيْمَان بن حَرْب بِهَذَا السَّنَد، قَالَ زيد بن أسلم: لَا أعلمهُ إِلَّا عَن عَطاء بن يسَار. وَأوردهُ الهيثمي فِي الْمجمع 219/4-220 وَقَالَ: رَوَاهُ كُله أَحْمد، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِنَحْوِهِ وَزَاد فِي رِوَايَة: "وأوصيك بالتسبيح فَإِنَّهَا عبَادَة الْخلق، وبالتكبير". وَرَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث ابْن عمر. وَأخرجه ابْن كثير فِي الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة/ ط. الولى 119/1 بِمثل مَا ذكره أَحْمد، وَقَالَ: وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَلم يخرجوه. 1 فِي س "فِيهَا". 2 من التمويه، تقدم مَعْنَاهُ ص"535". 3 فِي س "المغطا". 4 فِي ط، س، ش "حَتَّى لَا يفْطن لمعناه". 5 فِي ط، س، ش "وَلَا يدْرِي" بِالْألف الْمَقْصُورَة. 6 لم تعجم هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "حَتَّى تقع". 7 حرف "على" لَيْسَ فِي ط، س، ش. 8 فِي س "فَطرح".

مَخْلُوقٍ كَافِرٌ1 فِي دَعْوَاهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ لِمَتَأَوِّلٍ عَلَيْهِ مَوْضِعَ تَأْوِيلٍ، وَلَا لِمُسْتَنْبِطٍ عَلَيْهِ مَوْضِعَ اسْتِنْبَاطٍ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ كَافِرًا عِنْدَهُ2، فَالَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ مُؤْمِنٌ مُوَفَّقٌّ3 رَاشِدٌ، تَابِعٌ لِلْحَقِّ. فَحِينَ يَكْشِفُ4 عَنْهُ لِلنَّاسِ إِرَادَتَهُ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا عِبَارَتُهُ، سُقِطَ فِي يَدِهِ وَكُسِرَ فِي دِرْعِهِ، فَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ بِالْإِكْفَارِ إِلَى مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ ذَلِكَ بفهم وَلِسَانٍ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ5 يُسْأَلُونَ عَنِ الْكَلَامِ، فَإِنِ ادَّعوا فَمًا وَلِسَانًا فَهُوَ كفر لَا شَكَّ فِيهِ، وَإِنْ أَمْسَكُوا عَنِ الْجَوَابِ فِيهِ كَانُوا بِإِمْسَاكِهِمْ أَن يدعوا فَمَا وَلِسَانًا جهل لَا يُعْذَرُونَ بِهِ6. فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُحْتَجِّ بِالْمُحَالِ مِنَ الضَّلَالِ: تَفَلَّتَتْ7 مِنْكَ الْكَلِمَةُ بِلَا تَفْسِيرٍ وَلَا بِحَضْرَةِ مَنْ تَدَّعِي8 عَلَيْهِ فَمَا وَلِسَانًا،

_ 1 فِي ط، س، ش "فهوكافر". 2 فِي الأَصْل "كَافِر عِنْده"، وَفِي ط، ش "عِنْده كَافِر" وَبِمَا أثبت جَاءَ فِي س بِالنّصب على أَن "كَافِرًا" خبر كَانَ. 3 فِي ط، س، ش "موقن". 4 لم يعجم أول هَذِه الْكَلِمَة فِي الأَصْل، ولعلها بِالْيَاءِ كَمَا فِي س، وَفِي ط، ش "كشف للنَّاس إِرَادَته" وَهِي أوضح. 5 فِي ط، ش "وهم دون من سواهُم". 6 عود الضَّمِير فِي "بِهِ" على الْجَهْل أَو على الْإِمْسَاك. 7 فِي ط، س، ش "تقلبت" وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 8 فِي ط، س، ش "يَدعِي".

أوَ تَقْدِرُ1 أَنْ تُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنَّهُ يَتَوَهَّمُ ذَلِكَ2؟ فَتَعَلُّقُكَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ الْيَوْمَ مِنْكَ مُوَارَبَةٌ3 وَاعْتِذَارٌ4 مِنْكَ إِلَى الْجُهَّالِ كَيْلَا يَفْطَنُوا لِمُرَادِكَ مِنْهَا. وَلَئِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَهْلِ فِي غَلَطٍ مِنْ مُرَادِكَ إِنَّا مِنْهُ لَعَلَى يَقِينٍ، وَلَئِنْ جَازَ لَكَ هَذَا التَّأْوِيلُ، إِذًا يَجُوزُ لِكُلِّ زِنْدِيقٍ5 وَجَهْمِيٍّ6 أَنْ يَقُولَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ. فَإِذَا وُبِّخَ، وَوُقِفَ عَلَى دَعْوَاهُ قَالَ: إِنَّمَا قَصَدْتُ بِالْكُفْرِ قَصْدَ مَنْ يَدَّعِي بِهِ فَمًا وَلِسَانًا. وَهُوَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُشِيرَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِ آدَمَ أَنَّهُ قَالَهُ، فَلَمْ يَنَلِ7 الْمُعَارِضُ عِنْدَ النَّاسِ بِاعْتِذَارِهِ عُذْرًا، بَلْ حَقَّقَ بِمَا فسَّر، وَأَكَّدَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ كَلَامُ الْمَخْلُوقِ8؛ لِأَنَّهُ قَالَ9: يُسْأَلُ من

_ 1 فِي ط، س، ش "أَو تعذر" وَلَفظ الأَصْل أوضح. 2 فِي ط، س، ش "أَن يتَوَهَّم بذلك". 3 فِي س "موارية" بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّة، وَفِي الأَصْل، ط، ش "مواربة" بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وهوالصواب. قلت: المُواربَةُ المُداهاةُ والمُخاتَلَة. انْظُر: القاوس الْمُحِيط للفيروزآبادي 136/1 مَادَّة "الوَرْبُ". 4 فِي الأَصْل "واعتذارًا" وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش وَهُوَ الصَّوَاب. 5 الزنديق وَاحِد الزَّنَادِقَة، انْظُر ص”531". 6 الجهمي وَاحِد الْجَهْمِية، انْظُر ص”138". 7 فِي ط، س، ش "فَلم يبل"، وَمَا فِي الأَصْل أوضح. 8 فِي ط، س، ش "أَنه كَلَام الْمَخْلُوق دون الْخَالِق". 9 فِي الأَصْل "لَا قَالَ" وَلَعَلَّه سقط بعضه، وَفِي ط، س، ش "لِأَنَّهُ قَالَ" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق.

قَالَ: كَلَام الله غيرمخلوق. فَإِنِ ادَّعَوْا فَمًا وَلِسَانًا لَقَدْ كَفَرُوا، وَإِنْ1 أَمْسَكُوا عَنِ الْجَوَابِ فَقَدْ جَهِلُوا، وَلَمْ يُعْذَرُوا، لِمَا أَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِي دَعْوَاهُ لَا يَحْتَمِلُ مَعْنًى إِلَّا بِفَمٍ وَلِسَانٍ، وَخُرُوجٍ مِنْ جَوْفٍ، وَمَنْ لَمْ يَفْقَهْ ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدَ الْمُعَارِضِ جَاهِلٌ. فَإِنْ كَانَ كَمَا ادَّعَى فَقَدْ2 حَقَّقَ أَنَّهُ كَلَامُ الْبَشَرِ لَمْ يَخْرُجْ بِزَعْمِهِ إلَّا مِنَ الْأَجْوَافِ وَالْأَلْسُنِ وَالْأَفْوَاهِ الْمَخْلُوقَةِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ هَذَا الْوَصْفِ وَتَكَبَّرَ؛ لِأَنَّهُ3 كَلَامُ الْمَلِكِ الْأَكْبَرِ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى خَيْرِ الْبَشَرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا عَدَدَ مَنْ مَضَى وَغَبَرَ، وَعَدَدَ التُّرَابِ وَالرَّمْلِ وَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ. ثمَّ قفًَّى الْمعَارض بِكِتَاب آخركالمعتذر لِمَا سَلَفَ مِنْهُ، مُصَدِّقًا لِبَعْضِ مَا سَبَقَ مِنْ ضَلَالَاتِهِ، مُكَذِّبًا لِبَعْضٍ4، يُرِيدُ أَنْ يَنَالَ5 عِنْدَ الرِّعَاعِ لِنَفْسِهِ فِي زَلَّاتِهِ وَسَقَطَاتِهِ عُذْرًا. فَلَمْ ينلْ بِهِ عُذْرًا6؛ بَلْ أَقَامَ عَلَى نَفْسِهِ حُجَّةً بَعْدَ حُجَّةٍ، وَكَانَتْ حُجَّتُهُ الَّتِي احتجَّ بِهَا فِي كِتَابِهِ أَعْظَمَ من جُرمه. وَكَذَا

_ 1 فِي ط، س، ش "فَإِن أَمْسكُوا". 2 فِي ش "قد حقق". 3 فِي س "لَا كَلَام"، ويستقيم السِّيَاق بِمَا فِي الأَصْل، ط، ش. 4 فِي س "بِالْبَعْضِ". 5 فِي الأَصْل "أَن ينل" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ إِذْ لَا مُوجب لحذف الْألف، وَفِي ط، س، ش "أَن يبْلى" وَهُوَ غير وَاضح. 6 قَوْله: "فَلم ينل بِهِ عذرا" لَيْسَ فِي ط، س، ش وَبِه يَتَّضِح الْمَعْنى.

الْبَاطِل مَا ازْدَادَ الْمَرْء1 احْتِجَاجًا إِلَّا ازْدَادَ اعْوِجَاجًا، وَلِمَا خَفِيَ مِنْ ضَمَائِرِهِ إِخْرَاجًا. فَادَّعَى أَنَّ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ، وَمَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَهُوَ يَعْنِي أَنَّهُ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ قَالَ: هُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَهُوَ مُصِيبٌ، ثُمَّ إِنْ قَالَ بَعْدَ إِصَابَتِهِ إِنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ جَاهِلٌ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ2 غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ جِسْمٍ فَهُوَ كَافِرٌ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ3. قَالَ: وَالْكَلَامُ غَيْرُ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْقَوْلُ غَيْرُ الْقَائِلِ وَالْقُرْآنُ، وَالْمَقْرُوءُ وَالْقَارِئُ كُلُّ وَاحِد مِنْهَا لَهُ مَعْنًى. فيُقال لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَا أثبتَّ بِكَلَامِكَ هَذَا الْأَخِيرِ عُذْرًا، وَلَا أَحْدَثْتَ مِنْ ضَلَالَتِكَ4 بِهِ تَوْبَةً، بَلْ حَقَّقْتَ وَأَكَّدْتَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ بِتَمْوِيهٍ5 وَتَدْلِيسٍ6، وَتَخْلِيطٍ مِنْكَ وَتَلْبِيسٍ، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ مَوَّهْتَ عَلَى مَنْ لَا يَعْقِلُ بَعْضَ التَّمْوِيهِ فَسَنَرُدُّهُ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ إِلَى تَنْبِيهٍ7.

_ 1 فِي ط، ش "لَهُ الْمَرْء". 2 فِي ط، ش "أَنه" يفتح الْهمزَة وَصَوَابه الْكسر؛ لِأَنَّهَا وَقعت موقع القَوْل. 3 قَوْله: "وَإِنْ قَالَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ فَهُوَ كَافِر" لَيست فِي ط، س، ش، وَالظَّاهِر أَنه سقط مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ ورد فِي معرض الرَّد كَمَا سيتبين بعد سطور. 4 فِي س "عَن ضلالاتك". 5 تقدم معنى التمويه ص"535". 6 التَّدْلِيس، تقدم مَعْنَاهُ ص"142". 7 فِي ط، س، ش "إِلَى تَنْبِيه".

وَأَمَّا قَوْلُكَ: الْكَلَامُ غَيْرُ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْقَوْلُ غَيْرُ الْقَائِلِ، فَإِنَّهُ لَا يشك عَرَبِيّ ولاعجمي أَنَّ الْقَوْلَ وَالْكَلَامَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْقَائِل يخرج من ذواتهم1 سواهُ2. وَأَمَّا قَوْلُكَ: مَنْ زَعَمَ3 أَنَّ الْقُرْآنُ غَيْرُ اللَّهِ فَقَدْ أَصَابَ، فَهَذَا مِنْكَ تَأْكِيدٌ وَتَحْقِيقٌ بِأَنَّهُ4 مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ فِي دَعْوَاكَ وَدَعْوَانَا مَخْلُوقٌ. ثُمَّ أَكَّدْتَ أَيْضًا فَقُلْتَ: مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَقَدْ جَهِلَ. وَقُلْتَ مَرَّةً: فَقَدْ كَفَرَ، فَأَيُّ تَوْكِيدٍ أَوْكَدُ فِي الْمَخْلُوقِ مِنْ هَذَا؟ ثُمَّ رَاوَغْتَ5 فَقُلْتَ فِي بَعْضِ كَلَامِكَ: مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ6 فَهُوَ مُبْتَدِعٌ، تَمْوِيهًا7 مِنْكَ وَتَدْلِيسًا8 عَلَى الْجُهَّالِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ مَنْ قَالَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ عِنْدَكَ جَاهِلًا كَافِرًا، كَانَ مَنْ قَالَ: مَخْلُوقٌ عِنْدَكَ عَالِمًا مُؤْمِنًا. فَقَوْلُكَ مُبْتَدَعٌ لَا يَنْقَاسُ لَكَ فِي مَذْهَبِكَ، غَيْرَ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تُرْضِيَ

_ 1 فِي ط، ش "من ذاتهم". 2 كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "سَوَاء". 3 فِي ط، س، ش "إِن من زعم". 4 فِي ط، س، ش "أَنه مَخْلُوق". 5 يُقَال: راغ الرجل والثعلب روغًا وروغانًا: مَال وَاد عَن الشَّيْء، انْظُر: الْقَامُوس الْمُحِيط 107/3 مَادَّة "راغ". 6 كلمة "مَخْلُوق" لَيست فِي ش، ولعلها سَقَطت سَهوا. 7 تقدم معنى التمويه، ص"535". 8 التَّدْلِيس، تقدم مَعْنَاهُ ص"142".

بِهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنَ الْأَغْمَارِ1. وَأَمَّا قَوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جِسْمٍ فَهُوَ كَافِرٌ، فَلَيْسَ يُقَالُ كَذَلِكَ، وَلَا أَرَاكَ سَمِعْتَ أَحَدًا يَتَفَوَّهُ بِهِ كَمَا ادَّعَيْتَ، غَيْرَ أَنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دُونَ مَنْ سِوَاهُ2. وَذِكْرُ الْجِسْمِ3 وَالْفَمِ وَاللِّسَانِ خُرَافَاتٌ4 وَفُضُولٌ مَرْفُوعَةٌ عَنَّا، لَمْ نُكَلَّفْهُ فِي دِينِنَا، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، فَهَذَا أَيْضًا مِنْ تِلْكَ الْفُضُولِ، وَمَا رَأَيْنَا أَحَدًا يَصِفُهُ بِالْأَجْزَاءِ، وَالْأَعْضَاءِ، جلّ عَن هَذَا الْوَصْف

_ 1 الأغمار، انْظُر مَعْنَاهَا ص"147". 2 فِي ش "دون سواهُ". 3 لفظ الْجِسْم كَلَفْظِ الْجِهَة والحيز لم ترد فِي الْكتاب وَلَا السّنة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا، وَقد يُرَاد بهَا معَان متنوعة، قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "فالمعارضة بهَا لَيست مُعَارضَة بِدلَالَة شَرْعِيَّة، لَا من كتاب وَلَا من سنة وَلَا إِجْمَاع، بل وَلَا أثر عَن صَاحب أَو تَابع، وَلَا إِمَام من الْمُسلمين، بل الْأَئِمَّة الْكِبَار أَنْكَرُوا على الْمُتَكَلِّمين بهَا وجعلوهم من أهل الْكَلَام الْبَاطِل المبتدع، وَقَالُوا فِيهَا أقوالًا غَلِيظَة مَعْرُوفَة عَن الْأَئِمَّة؛ كَقَوْل الشَّافِعِي رَحمَه الله: حكمي فِي أهل الْكَلَام أَن يضْربُوا بالجرد وَالنعال وَيُطَاف بهم فِي الْقَبَائِل والعشائر، وَيُقَال: هَذَا جَزَاء من ترك الْكتاب وَالسّنة وَأَقْبل على الْكَلَام"، انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى 298/5، وَانْظُر: مَا ذَكرْنَاهُ تَعْلِيقا على هَذَا المُصَنّف ص"223". 4 الخراف والخرافة، تقدم مَعْنَاهُمَا ص"682".

وَتَعَالَى1، وَالْكَلَامُ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ لَا يشبه الصِّفَات: من الْوَجْه

_ 1 قلت: لفظ الْأَعْضَاء والأبعاض، والأجزاء والجوارح والأركان والأدوات لم يرد ذكرهَا فِي صِفَات الله تَعَالَى لَا نفيا وَلَا إِثْبَاتًا، وَهِي أَلْفَاظ مجملة تحْتَمل حَقًا وباطلًا، فَمن أطلقها نفيا وإثباتًا سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ؛ فَإِن أَرَادَ بهَا معنى بَاطِلا رُدَّ، وَإِن أَرَادَ بهَا معنى صَحِيحا قبل الْمَعْنى ورد اللَّفْظ؛ لِأَنَّهُ لم يرد، وَأمر أَن يعتصم بِأَلْفَاظ الْكتاب وَالسّنة. قَالَ شَارِح الطحاوية: "وَأما لفظ الْأَركان والأعضاء والأدوات فيستدل بهَا على نفي بعض الصِّفَات الثَّابِتَة بالأدلة القطعية، كَالْيَدِ وَالْوَجْه. قَالَ أَبُو حنيفَة فِي "الْفِقْه الْأَكْبَر": لَهُ يَد وَوجه وَنَفس، كَمَا ذكر تَعَالَى فِي الْقُرْآن من ذكر الْيَد وَالْوَجْه وَالنَّفس، فَهُوَ لَهُ صفة بِلَا كَيفَ، وَلَا يُقَال: إِن يَده قدرته وَنعمته؛ لِأَن فِيهِ إبِْطَال الصّفة، انْتهى. وَهَذَا الَّذِي قَالَه الإِمَام رَضِي الله عَنهُ ثَابت بالأدلة القاطعة. ثمَّ أورد الْأَدِلَّة إِلَى أَن قَالَ..: وَلَكِن لَا يُقَال لهَذِهِ الصِّفَات أَنَّهَا أَعْضَاء أَو جوارح أَو أدوات أَو أَرْكَان؛ لِأَن الرُّكْن جُزْء الْمَاهِيّة، وَالله تَعَالَى هُوَ الْأَحَد الصَّمد لَا يتَجَزَّأ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، والأعضاء فِيهَا معنى التَّفْرِيق والتعضية، تَعَالَى الله عَن ذَلِك، وَمن هَذَا الْمَعْنى قَوْله تَعَالَى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الْحجر: 91] . والجوارح فِيهَا معنى الِاكْتِسَاب وَالِانْتِفَاع، وَكَذَلِكَ الأدوات هِيَ الْآلَات الَّتِي ينْتَفع بهَا فِي جلب الْمَنْفَعَة وَدفع الْمضرَّة، وكل هَذِه الْمعَانِي منتفية عَن الله تَعَالَى، وَلِهَذَا لم يرد ذكرهَا فِي صِفَات الله تَعَالَى. فالألفاظ الشَّرْعِيَّة صَحِيحَة الْمعَانِي سَالِمَة من الِاحْتِمَالَات الْفَاسِدَة، فَكَذَلِك يجب أَن لَا يعدل عَن الْأَلْفَاظ الشَّرْعِيَّة نفيا وَلَا إِثْبَاتًا؛ لِئَلَّا يثبت معنى فَاسد، أَو يَنْفِي معنى صَحِيح. وكل هَذِه الْأَلْفَاظ المجملة عرضه للمحق والمبطل". انْظُر: شرح الطحاوية بتخريج الألباني ط. الْخَامِسَة ص"240-242".

وَالْيَدِ، وَالسَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَلَا يُشْبِهُ الْكَلَام من1 الْخَالِق والمخلوق سائرالصفات. وَقَدْ فَسَّرْنَا لَكَ2 فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ3 تَفْسِيرًا فِيهِ شِفَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ4. وَأَمَّا قَوْلُكَ: إِنْ قَالُوا: الْقُرْآنُ هُوَ اللَّهُ، فَهُوَ كُفْرٌ؛ فَإِنَّا لَا نَقُولُ: هُوَ اللَّهُ كَمَا ادَّعَيْتَ، فَيَسْتَحِيلُ5 وَلَا نَقُولُ: هُوَ غَيْرُ اللَّهِ، فَيَلْزَمُنَا أَنْ نَقُولَ: كُلُّ شَيْءٍ غَيْرَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، كَمَا لَزِمَكَ. وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَصِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، خَرَجَ مِنْهُ كَمَا شَاءَ6 أَنْ يَخْرُجَ، وَاللَّهُ بِكَلَامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَسُلْطَانِهِ وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَهُوَ بِكَمَالِهِ عَلَى عَرْشِهِ. وَأَمَّا قَوْلُكَ: فِي الْقِرَاءَةِ وَالْقَارِئِ وَالْمَقْرُوءِ: إِنَّ7 لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ مَعْنًى عَلَى حِدَةٍ فَهَذَا أَمْرُ مَذَاهِبِ اللَّفْظِيَّةِ8، لَا نَدْرِي مِنْ أَيْن وَقعت عَلَيْهِ،

_ 1 حرف "من" لَيْسَ فِي س، وَلَعَلَّه سقط سَهوا إِذْ لابد مِنْهُ. 2 فِي ط، س، ش "ذَلِك". 3 انْظُر: "القَوْل فِي كَلَام الله" ص"524". 4 فِي ط، س، ش "إِن شَاءَ الله تَعَالَى". 5 فِي س "مُسْتَحِيل". 6 فِي ط، س، ش "كَمَا يَشَاء". 7 فِي ط، ش "وَإِن لكل شَيْء مِنْهُ". 8 هم الَّذين يَقُولُونَ: ألفاظنا وتلاوتنا لِلْقُرْآنِ مخلوقة. وعددهم الإِمَام أَحْمد من الْجَهْمِية، فَقَالَ: "افْتَرَقت الْجَهْمِية على ثَلَاث فروق، فرقة تَقول: الْقُرْآن مَخْلُوق، وَفرْقَة تَقول: كَلَام الله وتسكت، وَفرْقَة تَقول: ألفاظنا وتلاوتنا لِلْقُرْآنِ مخلوقة". =

وَكَيْفَ تَقَلَّدْتَهُ؟ فَمَرَّةً أَنْتَ جَهْمِيٌّ، وَمَرَّةً وَاقِفِيٌّ، وَمَرَّةً لَفْظِيٌّ، وَلَوْلَا أَنْ يَطُولَ الْكِتَابُ لَبَيَّنَّا لَكَ وُجُوهَ الْقَارِئِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْمَقْرُوءِ، غَيْرَ أَنِّي قَدْ1 طَوَّلْتُ وَأَكْثَرْتُ، وَمَعَ ذَلِكَ اخْتَصَرْتُ وَتَخَطَّيْتُ2 خُرَافَاتٍ3 لَمْ يَسْتَقِمْ4 لِكَثِيرٍ مِنْهَا جَوَابٌ، غَيْرَ أَنَّا5 مَا فَسَّرْنَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى مَا لَمْ نُفَسِّرْ6، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِصَوَابِ7 مَا نَأْتِي8 وَمَا نذر.

_ = قلت: وَرُبمَا قَالُوا: إِن ألفاظنا بِالْقُرْآنِ غير مخلوقة، والتلاوة غير المتلو، وَالْقِرَاءَة هِيَ المقروء، وَهَؤُلَاء يسمون اللفظية المثتبة، أَو قَالُوا: إِن ألفاظنا بِالْقُرْآنِ مخلوقة والتلاوة غير المتلو، وَالْقِرَاءَة غير المقروء، وَهَؤُلَاء يسمون باللفظية الخلقية. وَسُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَن اللفظية فَقَالَ: "إِنَّمَا يدورون على كَلَام جهم يَزْعمُونَ أَن جِبْرِيل إِنَّمَا جَاءَ بِشَيْء مَخْلُوق"، وَقَالَ عَنْهُم أَيْضا: "هم شَرّ من الْجَهْمِية". انْظُر: مَجْمُوع الْفَتَاوَى لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية 373/12، 421، وَانْظُر: مُلْحق فِي الْجَهْمِية من كتاب مسَائِل الإِمَام أَحْمد/ ضمن مَجْمُوع عقائد السّلف/ لعَلي سامي النشار ص"112". 1 "قد" لَيست فِي ش. 2 فِي الأَصْل وس "وتخطات". 3 خرافات، تقدم مَعْنَاهَا ص"682". 4 فِي س "لم يَسْتَقِيم" وَالصَّوَاب حذف يائه الثَّانِيَة للجزم. 5 فِي س "غير أَنه". 6 فِي ط، س، ش "مالم يُفَسر". 7 فِي ط، س، ش "للصَّوَاب". 8 "مَا يَأْتِي وَمَا نذر".

تقرير المؤلف أنه لم ير كتابا أجمع لحجج الجهمية من كتاب المعارض

تَقْرِير الْمُؤلف أَنه لم ير كِتَابًا أَجْمَعَ لِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ كتاب الْمعَارض: وَاعْلَمُوا1 أَنِّي لَمْ أرَ كِتَابًا أَجْمَعَ لِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ2 مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي نُسِبَ إِلَى هَذَا الْمُعَارِضِ، وَلَا أَنْقَضَ لِعُرَى الْإِسْلَامِ مِنْهُ. وَلَوْ وَسِعَنِي لَافْتَدَيْتُ مِنَ الْجَوَابِ فِيهِ بِمُحَالٍ، وَلَكِنْ خِفْتُ أَلَّا3 يَسَعَ أَحَدًا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الْبَيَانِ يَكُونُ بِبَلَدٍ4 يُنْشَرُ فِيهِ5 هَذَا الْكَلَامُ، ثُمَّ لَا يَنْقُضُهُ6 عَلَى نَاشِرِهِ ذَبًّا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى7 وَمُحَامَاةً عَنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ مِنَ ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصبيان، وَأَن يَضِلُّوا بِهِ، وَيَفْتَتِنُوا8 أَوْ يَشُكُّوا فِي اللَّهِ وَفِي صِفَاتِهِ9. وَلَمْ نَأْلُكُمْ فِيهِ وَالْإِسْلَامَ نُصْحًا إِنْ قَبِلْتُمْ، وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْهُ فَلْيَنْصَحْ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَإِخْوَانَهُ10 مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَلْيَعْرِضْهُ11 عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَمَنْ غَبَرَ12 مِنْ عُلَمَاءِ خُرَاسَانَ13 حَتَّى

_ 1 فِي ط، ش "قَالَ أَبُو سعيد رَحمَه الله: وَاعْلَمُوا ... " إِلَخ. 2 الْجَهْمِية، انْظُر ص"138". 3 فِي ط، س، ش"أَنه" بدل "أَلا". 4 فِي ط، س، ش "ببلدة". 5 فِي ط، ش "فِيهَا". 6 فِي ط، س، ش "ثمَّ لَا ينْقض". 7 لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش. 8 فِي ط، س، ش "أَو يفتنوا". 9 فِي ط، ش "وَصِفَاته". 10 فِي ط، س، ش "وَأَهله وَولده وإخواته". 11 فِي ط، ش "ليعرض". 12 فِي ط، ش "عبر". 13 خُرَاسَان، تقدّمت ص"530".

يَسْتَقِرَّ عِنْدَهُ نُصْحُنَا، وَخِيَانَةُ هَذَا الْمُعَارِضِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، فَإِنَّهُ أَحْدَثَ أَشْنَعَ الْمُحْدَثَاتِ وَجَاءَ بِأَنْكَرِ الْمُنْكَرَاتِ، وَلَا آمَنُ عَلَى مَنْ أَحْدَثَ هَذَا بَيْنَ ظَهْرَيْهِمْ فَأَغَضُّوا1 لَهُ عَنْهُ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ بِجِدٍّ: أَنْ يُصِيبَهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مَسْخٍ، أَوْ خَسْفٍ2، أَوْ خَذْفٍ3؛ فَإِنَّ الْخَطْبَ فِيهِ أَعْظَمُ مِمَّا يَذْهَبُ إِلَيْهِ4 الْعَوَامُّ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عله وَسَلَّمَ قَالَ: "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ، وَذَلِكَ فِي قَدَرِيَّةٍ 5 وَزَنْدَقِيَّةٍ 6 ". حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ7 ثَنَا ابْنُ الْمُبَارك8، عَن حَيْوَة ابْن شُرَيْحٍ9 قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ صَخْرٍ حميد بن زِيَاد10 أَن

_ 1 فِي س "فأغظوا" وَصَوَابه مَا أَثْبَتْنَاهُ. 2 فِي الأَصْل "أخسف"ن وَلَعَلَّ الْوَاو سَقَطت. 3 قَوْله: "أَو خذف" لَيست فِي ط، س، ش. قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس 131/33 مَادَّة "الخَذْفُ": "كالضرب: رميك بحصاة أَو نواة أَو نَحْوهمَا تَأْخُذ بَين سبابتيك تخذف بِهِ أَو بمخذَفَة من خشب". 4 فِي س "مِمَّا يذهب الله الْعَوام" وَهُوَ خطأ ظَاهر. 5 الْقَدَرِيَّة، انْظُر ص"148". 6 الزندقة والزنادقة، انْظُر ص"531". 7 يحيى الْحمانِي، تقدم ص"399". 8 ابْن الْمُبَارك، تقدم ص"143". 9 حَيْوَة بن شُرَيْح، تقدم ص"376". 10 قَالَ فِي التَّقْرِيب 202/1: حميد بن زِيَاد، أَبُو صَخْر، ابْن أبي الْمخَارِق، الْخَرَّاط، صَاحب العباء، مدنِي سكن مصر، وَيُقَال: هُوَ حميد بن صَخْر أَبُو مودود الْخَرَّاط، وَقيل: إنَّهُمَا اثْنَان، صَدُوق يهم، من السَّادِسَة، مَاتَ سنة تسع وَثَمَانِينَ/ بخ د ت عس ق. وَفِي التَّهْذِيب لِابْنِ حجر 41/3 أَنه روى عَن نَافِع مولى ابْن عمر وَعنهُ حَيْوَة بن شُرَيْح.

نَافِعًا1 أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3 قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ4 "سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ وَذَلِكَ فِي قَدَرِيَّةٍ وَزَنْدَقِيَّةٍ" 5.

_ 1 نَافِع ولى ابْن عمر، تقدم ص"328". 2 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْهُمَا، تقدم ص”245". 3 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيست فِي ط، س، ش. 4 فِي ط، س، ش "يَقُول". 5 الْقَدَرِيَّة، تقدّمت ص"148"، والزنادقة انْظُر ص"531"، قلت: والْحَدِيث أخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند من طَرِيقين: من طَرِيق رشدين عَن أبي صَخْر حميد بن زِيَاد، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "سَيكون فِي هَذِه الْأمة مسخ، أَلا وَذَاكَ فِي المكذبين بِالْقدرِ والزندقية". قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده ضَعِيف لضعف رشدين بن سعد، وَقَالَ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد: رَوَاهُ أَحْمد، وَفِيه رشدين بن سعد وَالْغَالِب عَلَيْهِ الضعْف. انْظُر: الْمسند طبعة شَاكر، حَدِيث 5867، 171/8، والزوائد للهيثمي 203/7، وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمصدر نَفسه حَدِيث 6208، 96/9-97، قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف أخبرنَا عبد الله بن وهب، أَخْبرنِي أَبُو صَخْر بِهَذَا السَّنَد مَرْفُوعا فِي آخِره بِلَفْظ: "إِنَّه سَيكون فِي أمتِي مسخ وَقذف وَهُوَ فِي الْقَدَرِيَّة والزندقية". قَالَ أَحْمد شَاكر: إِسْنَاده صَحِيح، أَبُو صَخْر هُوَ حميد بن زِيَاد الْخَرَّاط. وَفِي مجمع الزَّوَائِد للهيثمي 203/7 عَن هَذَا الْموضع قَالَ: رَوَاهُ أَحْمد وَرِجَاله رجال الصَّحِيح، لَكِن آخِره فِيهِ: "وَهُوَ فِي أهل الزندقة"، وَقَالَ أَحْمد شَاكر: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ من الزَّوَائِد فقد رَوَاهُ بِنَحْوِهِ التِّرْمِذِيّ مُخْتَصرا. قلت: رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب الْقدر/ بَاب 16 حَدِيث 2153، 216/2، عَن ابْن عمر مَرْفُوعا وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الزندقة. وَبِنَحْوِ لفظ التِّرْمِذِيّ رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه/ تَحْقِيق مُحَمَّد فؤاد/ كتاب الْفِتَن/ بَاب الخسوف/ حَدِيث 4061، 1350/2.

تقرير المؤلف أن التجهم زندقة ونقله أقوال العلماء فيهم

تَقْرِير الْمُؤلف أَن التجهم زندقة وَنَقله أَقْوَال الْعلمَاء فيهم: وَالتَّجَهُّمُ1 عِنْدَنَا بَابٌ كَبِيرٌ مِنَ الزَّنْدَقَةِ2 يُسْتَتَابُ أَهْلُهُ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا، وَقَدْ رَوَيْنَا بَابَ قَتْلِهِمْ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ3، حَتَّى لَقَدْ رَأَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ4 اسْتِتَابَةَ الْقَدَرِيَّةِ5 فَكَيْفَ الْجَهْمِيَّةُ وَالزَّنَادِقَةُ. حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ6، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ7، عَنْ عَمِّهِ أبي سُهَيْل8

_ 1 انْظُر: الْجَهْمِية ص"138". 2 الزندقة، انْظُر ص"531". 3 انْظُر ص"578" إِلَى "590". 4 عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ الْأمَوِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ أمه أم عَاصِم بنت عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، ولي إمرة الْمَدِينَة للوليد، وَكَانَ مَعَ سُلَيْمَان كالوزير، وَولي الْخلَافَة بعده، فعد من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، من الرَّابِعَة، مَاتَ فِي رَجَب سنة إِحْدَى وَمِائَة، وَله أَرْبَعُونَ سنة، وَمُدَّة خِلَافَته سنتَانِ وَنصف/ع. التَّقْرِيب 60/2، انْظُر الْمَزِيد فِي سيرة هَذَا الْعلم فِي: طَبَقَات ابْن سعد 330/5-408، والحلية لأبي نعيم 253/5-353، وسير أَعْلَام النبلاء 114/5-148. 5 الْقَدَرِيَّة، تقدّمت ص"148". 6 القعْنبِي عبد الله بن مسلمة، تقدم ص"210". 7 مَالك بن أنس، تقدم ص"210". 8 فِي ط، س، ش "أَبُو سهل" وَبِه جَاءَ عِنْد ابْن حجر فِي التَّقْرِيب وتهذيب التَّهْذِيب، وَفِي بعض طرق هَذَا الْخَبَر عِنْد ابْن أبي عَاصِم.

قَالَ: "كُنْتُ أُسَايِرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ1 فَقَالَ لِي: مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ2؟ فَقُلْتُ: أَرَى أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، فَقَالَ عُمَرُ: ذَلِكَ رَأْيِي"3 قَالَ الْقَعْنَبِيُّ4: قَالَ مَالك: "ذَلِك رَأْيِي"5.

_ = وَالَّذِي أرجحه أَنه "أَبُو سُهَيْل" بِالتَّصْغِيرِ كَمَا فِي الأَصْل، وكما جَاءَ فِي تَرْجَمَة البُخَارِيّ لَهُ وَابْن حبَان، والدولابي، والحافظ الْمزي، وَابْن أبي حَاتِم والخزرجي، وَبِه جَاءَ إِسْنَاد هَذَا الْخَبَر عِنْد الإِمَام مَالك وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد، وَابْن أبي عَاصِم، والآجري، وَفِي بعض طرقه عِنْد اللالكائي. قلت: وَلم يخْتَلف فِي أَن اسْمه نَافِع بن مَالك، قَالَ الخزرجي فِي الْخُلَاصَة ص"399": نَافِع بن مَالك بن أبي عَامر الأصبحي، أبوسهيل الْمدنِي، عَن ابْن عمر وَأنس وَعنهُ ابْن أَخِيه مَالك بن أنس وَالزهْرِيّ، وثقة أبوحاتم وَغَيره، قَالَ الْوَاقِدِيّ: هلك فِي إِمَارَة الْعَبَّاس. "انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير للْبُخَارِيّ 86/8، والقات لِابْنِ حبَان 471/5، والكنى والأسماء للدولابي 201/1، وتهذيب الْكَمَال للمزي 1404/3، والتقريب لِابْنِ حجر 296/2، وتهذيب التَّهْذِيب 409/10"، وَانْظُر بَقِيَّة المصادر فِي تَخْرِيج الْخَبَر. 1 عمر بن عبد الْعَزِيز، تقدم ص"904". 2 الْقَدَرِيَّة، تقدّمت ص"148". 3 فِي س "ذَاك رَأْي". 4 القعني عبد الله بن مسلمة، تقدم ص"210". 5 أخرجه الإِمَام مَالك فِي الْمُوَطَّأ/ تَصْحِيح وَتَخْرِيج مُحَمَّد فؤاد كتاب الْقدر بَاب النَّهْي عَن القَوْل بِالْقدرِ/ حَدِيث 6، 900/2 من طَرِيق مَالك عَن عَمه أبي سُهَيْل بن مَالك، أَنه قَالَ: كنت أَسِير مَعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: مَا =

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ1 عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ2 عَنْ قَتَادَةَ3، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ4 أَنَّ الْيَهُودَ5 قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا نِسْبَةُ

_ = رَأْيك فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّة؟ فَقلت: رَأْيِي أَنْ تَسْتَتِيبَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا عَرَضْتَهُمْ عَلَى السَّيْفِ، فَقَالَ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيز: ذَلِك رَأْيِي. قَالَ مَالك: ذَلِك رَأْيِي وَأخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص"129"، وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة/ تَخْرِيج الألباني 88/1. وَقَالَ الألباني: إِسْنَاده صَحِيح وَهُوَ مَقْطُوع. وَأخرجه الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة/ تَحْقِيق حَامِد الفقي/ ص”427-428" واللالكائي فِي شرح السّنة/ تَحْقِيق أَحْمد سعد حمدَان 709/4. 1 قَالَ فِي التَّقْرِيب 190/2: حمد بن عُثْمَان التنوخي، أَبُو الْجمَاهِر، أَو أَبُو عبد الرَّحْمَن الكفرتوني، ثِقَة، من الْعَاشِرَة، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَله أَربع وَثَمَانُونَ/ د ق. وَفِي حَاشِيَة التَّقْرِيب "ينْسب إِلَى كفر توتا بِفَتْح فَسُكُون: قَرْيَة بِالشَّام أَو الجزيرة". وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 339/3 أَنه روى عَن سعيد بن بشير وَعنهُ عُثْمَان الدِّرَامِي. 2 قَالَ فِي التَّقْرِيب 292/1: سعيد بن بشير الْأَزْدِيّ، مَوْلَاهُم، أَبُو عبد الرَّحْمَن -أَبُو سَلمَة- الشَّامي، أَصله من الْبَصْرَة، أَو وَاسِط، ضَعِيف، من الثَّامِنَة، مَاتَ سنة ثَمَان أَو تسع وَسِتِّينَ/ الْأَرْبَعَة وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 8/4 أَنه روى عَن قَتَادَة وَعنهُ أَبُو الْجمَاهِر مُحَمَّد بن عُثْمَان التنوخي. 3 قَتَادَة السدُوسِي، تقدم ص"180". 4 سعيد بن جُبَير، تقدم ص"173". 5 الْيَهُود، انْظُر ص"143".

رَبِّكَ1؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} كُلَّهَا"2. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ3 ثَنَا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ4 أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ

_ 1 فِي ش "رأبك" وَهُوَ خطأ. 2 أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي سنَنه/ تَعْلِيق عزت الدعاس/ أَبْوَاب التَّفْسِير/ تَفْسِير سُورَة الْإِخْلَاص/ حَدِيث 3361، 86/9 من طَرِيق آخر فِيهِ أَبُو سعد الصغاني بِسَنَدِهِ إِلَى أبي بن كَعْب أَن الْمُشْركين قَالُوا لرَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنسب لنا رَبك، فَأنْزل الله تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} .. الحَدِيث. وَفِي الحَدِيث بعده عَن أبي الْعَالِيَة مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ، قَالَ أَبُو عِيسَى: وَهَذَا أصح من حَدِيث أبي سعد، قَالَ المباركفوري فِي شَرحه 301/9: قَوْله: "وَهَذَا أصح من حَدِيث أبي سعد مُتَّصِلا؛ لِأَن عبيد الله بن مُوسَى ثِقَة وَأَبا سعد ضَعِيف. وَأخرجه الإِمَام أَحْمد فِي الْمسند 33/5-134 عَن أبي بن كَعْب بِنَحْوِ مَا ذكره التِّرْمِذِيّ. وَأخرجه الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك بذيله التَّلْخِيص 135/2 تَفْسِير سُورَة الْإِخْلَاص بِنَحْوِ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: صَحِيح. وَأخرجه الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره بهامشه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن 221/30 من طرق عَن أبي بن كَعْب وَعِكْرِمَة وَأبي الْعَالِيَة وَجَابِر وَغَيرهم. 3 مُوسَى بن إساعيل، تقدم ص"168". 4 أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي، تقدم ص"169"، وَفِي تَهْذِيب الْكَمَال 1204/3 أَنه روى عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَعنهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.

رَوَاحَةَ1 قَالَ لِلْحَسَنِ2: "هَلْ تَصِفُ رَبَّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، بِغَيْرِ مِثَالٍ"3. حَدثنَا سَلام بن سُلَيْمَان المدائيني4 ثَنَا شُعْبَةُ5، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ6 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا7 قَالَ: "لَيْسَ لِلَّهِ مَثَلٌ"8.

_ 1 فِي ط، ش "عبد الله بن رَوَاحَة" وَلم يَتَّضِح لي على التَّحْدِيد من يكون ابْن رَوَاحَة هَذَا إِلَّا أَنه لَيْسَ هُوَ الصَّحَابِيّ الْمَعْرُوف؛ إِذْ أَن الْحسن الْبَصْرِيّ إِنَّمَا ولد بعد وَفَاة عبد الله بن رَوَاحَة الصَّحَابِيّ. وَالَّذِي اسْتَظْهرهُ أَن ابْن رَوَاحَة هَذَا هُوَ عبيد الله بن سُفْيَان بن عبد الله بن رَوَاحَة، قَالَ ابْن حجر: "رُبمَا نسب إِلَى جده وَيعرف بِابْن رَوَاحَة، ذكره السَّاجِي فِي الضُّعَفَاء وَقَالَ: لم ألق أحدا يحدث عَنهُ ثمَّ حكى عَن ابْن معِين تَكْذِيبه، وَقَالَ ابْن عدي: يُقَال لَهُ: الصَّواف، وَفِي أَحَادِيثه بعض النكرَة" انْظُر: لِسَان الْمِيزَان ط. الثَّانِيَة 104/4-105، التَّرْجَمَة رقم "200" و"203" مُكَرر. 2 الْحسن الْبَصْرِيّ، تقدم ص"227". 3 أخرجه عبد الله بن الإِمَام أَحْمد فِي السّنة ص”56" قَالَ: حَدثنِي أبي حَدثنَا حسن بن مُوسَى الأشيب حَدثنَا أَبُو هِلَال مُحَمَّد بن سليم، حَدثنَا رجل أنَّ ابْن رَوَاحَةَ قَالَ لِلْحَسَنِ: هَلْ تَصِفُ رَبك؟ قَالَ: نعم، أصفه بِغَيْر مِثَال. 4 فِي ط، ش "الْمَدِينِيّ" وَصَوَابه "الْمَدَائِنِي" كَمَا فِي الأَصْل، انْظُر تَرْجَمته ص"880". 5 شُعْبَة، تقدم ص"250". 6 الرَّاجِح أَنه عمرن بن أبي عَطاء الْأَسدي، مَوْلَاهُم، أَبُو حَمْزَة، بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّاي، القصاب، الوَاسِطِيّ، صَدُوق لَهُ أَوْهَام، من الرَّابِعَة/ ي م، انْظُر: التَّقْرِيب 84/2. وَفِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 135/8 أَنه روى عَن ابْن عَبَّاس وَعنهُ شُعْبَة. 7 قَوْله: "رَضِي الله عَنْهُمَا" لَيْسَ فِي ط، س، ش. قلت: تقدّمت تَرْجَمته ص"172". 8 لم أَقف على من خرجه بنصه، وَمَعْنَاهُ صَحِيح، وَأخرج ابْن جرير نَحوه فِي تَفْسِيره الْجَامِع بهامشه تَفْسِير الغرائب 25/21 من طَرِيق أبي صَالح قَالَ: ثني مُعَاوِيَة بن صَالح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ: {وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَات} يَقُول: "لَيْسَ كمثله شَيْء". وَأورد السُّيُوطِيّ مثله فِي الدّرّ المنثور 155/5 وَعَزاهُ إِلَى ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ1: لَيْسَ لِلَّهِ مَثَلٌ وَلَا شَبَهٌ، وَلَا كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَلَا كَصِفَاتِهِ صِفَةٌ، فَقَوْلُنَا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ أَنَّهُ شَيْءٌ أَعْظَمُ الْأَشْيَاءِ، وخالق الْأَشْيَاء، وَأحسن الْأَشْيَاء، نورالسموات وَالْأَرْض. يُثْبِتُونَ فِي الْأَصْلِ شَيْئًا، فَكَيْفَ الْمِثْلُ؟ وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ4. وَالدِّلَالَةُ عَلَى دَعْوَاهُمْ هَذِهِ الْخُرَافَاتُ وَالْمُسْتَحَالَاتُ الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا فِي إِبْطَالِهَا، وَاتَّخَذُوا قَوْلَهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 5 دَلَسَةً عَلَى الْجُهَّالِ لِيُرَوِّجُوا عَلَيْهِمْ بهَا الضلال. كلة حق يبتغى بهَا بَاطِل6،

_ 1 ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص"172". 2 عبارَة "قَول الْجَهْمِية" لَيست فِي الأَصْل، س، وأثبتها من ط، ش لضرورتها، وَانْظُر: التَّعْرِيف بالجهمية ص"138". 3 لفظ "شَيْء" لَيْسَ فِي س. 4 فِي ط، ش "لَيست عِنْده بِشَيْء". 5 سُورَة الشورى، آيَة "11". 6 سبق وَأَن أَشَرنَا إِلَى أَن هَذَا القَوْل هُوَ مِمَّا أثر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، انْظُر ص"526".

وَلَئِنْ كَانَ1 السُّفَهَاءُ فِي غَلَطٍ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ، إِنَّ الْفُقَهَاءَ مِنْهُمْ على يَقِين2. آخر الْكتاب وَالْحَمْد لله الْملك الْوَهَّاب الْكَرِيم التواب، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وصلواته وَسَلَامه على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تسليمصا كثيرا. فرغ من نسخه يَوْم السبت سلخ جُمَادَى الآخر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة بِالْمَدْرَسَةِ الضيائية3، رحم الله واقفها بسفح قاسيون4 ظَاهر دمشق المحروسة5.

_ 1 فِي ط، س، ش "وَلَئِن كَانُوا السُّفَهَاء" قلت: وَهِي لُغَة، والمشهورتجريده من عَلامَة الْجمع كَمَا فِي الأَصْل، وَانْظُر مَا نقلته فِي ذَلِك ص”540". 2 فِي ط، س، ش "لعلى يَقِين". 3 وتعرف أَيْضا بدار الحَدِيث الضيائية وَيُقَال لَهَا: دارالسنة بسفح قاسيون، بناها الْفَقِيه الْحَافِظ ضِيَاء الدَّين الْمَقْدِسِي المتوفي سنة 642هـ، ووقف بهَا كتبا كَثِيرَة بِخَطِّهِ، واشتهرت شهرة وَاسِعَة، وَتخرج فِيهَا عدد وافر من الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء. انْظُر بسط الحَدِيث عَنْهَا فِي: "القلائد الجوهرية فِي تَارِيخ الصالحية"/ لِابْنِ طولون الْحَنَفِيّ ص”76-83". 4 قاسيون بِالْفَتْح وسين مُهْملَة وَالْيَاء تحتهَا نقطتان مَضْمُومَة وَآخره نون، وَهُوَ الْجَبَل المشرف على مَدِينَة دمشق، وَفِيه عدَّة مغاور وكهوف. "بِتَصَرُّف من مُعْجم الْبلدَانِ 295/4" قلت: مَا زَالَ مَعْرُوفا حَتَّى الْيَوْم وَقد اتَّصل بِهِ بُنيان دمشق. 5 فِي ط، س، ش "آخركتاب النَّقْض على بشر المريسي، عَلَيْهِ أدوم لعنة، وأقبح خزي إِلَى يَوْم التناد، وعَلى من اتبعهُ وَصدقه فِي بدعته، كلهَا أَو =

......................

_ = بَعْضهَا، وروى عَن اسْمه فِيهَا. وَالْحَمْد لله وَحده، وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا". قَالَ فِي س: "كتبه العَبْد الْفَقِير إِلَى عَفْو الله وَرَحمته أَيُّوب بن أَيُّوب بن صَخْر بن أَيُّوب بن صَخْر أبي الْحسن بن بقا بن مساور العامري. غفر الله لَهُ ولوالديه ولمشايخه ولسائر أهل السّنة أَجْمَعِينَ، وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين. وَوَافَقَ الْفَرَاغ من تَعْلِيقه يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشر ذِي الْقعدَة من شهور سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة". وَفِي ط: "وَكَانَ الْفَرَاغ من طبعه فِي غرَّة أول الربيعين من سنة 1358 من هِجْرَة أشرف الْمُرْسلين سيدنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ عَن نُسْخَة منقولة بِخَط السلَفِي الشَّيْخ مَحْمُود شويل خَادِم الْعلم بِمَسْجِد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي صَبِيحَة الْأَرْبَعَاء 14 ربيع الأول سنة 1350هـ، وَهُوَ نقلهَا عَن نُسْخَة مَكْتُوبَة بِخَط أَيُّوب بن صَخْر العامري، فرغ من كتَابَتهَا فِي 13 ذِي الْقعدَة سنة 711 مَحْفُوظَة بمكتبة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة". وَفِي ش: "طبعت عَن نُسْخَة منقولة بِخَط الْأَخ السلَفِي مَحْمُود شويل، خَادِم الْعلم بِمَسْجِد الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَبِيحَة الْأَرْبَعَاء 14 ربيع الأول سنة 1350هـ، وَهُوَ نقلهَا عَن نُسْخَة مَكْتُوبَة بِخَط أَيُّوب بن صَخْر العامري، فرغ من كتَابَتهَا فِي 13 ذِي الْقعدَة سنة 711 مَحْفُوظَة بمكتبة شيخ الْإِسْلَام بِالْمَدِينَةِ المنورة".

خاتمة

خَاتِمَة: الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات، وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على خير خلقه نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه وَسلم.. وَبعد، فقد جرى الْعرف العلمي أَن تكون فِي نِهَايَة البحوث والكتب خَاتِمَة يعرض فيهاخلاصة الْبَحْث وثمرته، وَقد تبين من خلال بحثي هَذَا أَن الدَّارمِيّ رَحمَه الله كَانَ أحد الْأَعْلَام المبرزين فِي علم الحَدِيث وَرِجَاله، كَمَا كَانَ قذى فِي أعين المبتدعة، قَوِيا فِي مواجهتهم، منتصرًا لمنهج أهل الْحق من سلف هَذِه الْأمة المقرَّين بِاللَّه رَبًّا ومعبودًا، مَوْصُوفا بِصِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال، مثبتين لَهُ ذَلِك على مَا يَلِيق بجلاله وعظمته من غير أَن يتَعَرَّضُوا لَهُ بِشَيْء من التعطيل والتشبيه والتكييف والتمثيل. وعرفنا مَا لكتابه هَذَا من الأهمية والمكانة فِي تَقْرِير حَقِيقَة مَا كَانَ عَلَيْهِ السّلف الصَّالح رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم، وَأَن مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ يمثل آراء الْمُتَقَدِّمين من سلف هَذِه الْأمة. وَتبين لنا أَن الْعلمَاء قد نقلوا عَنهُ فِي مؤلفاتهم وأثنوا عَلَيْهِ وعَلى كِتَابه هَذَا غَايَة الثَّنَاء. كَمَا تبين لنا حَقِيقَة مَا كَانَ عَلَيْهِ المريسي وَابْن الثَّلْجِي من إلحاد فِي أَسمَاء الله وَصِفَاته وَتَأَول للنصوص الثَّابِتَة بِمَا يُخَالف مُقْتَضى النَّقْل وَالْعقل والفطرة وَإِجْمَاع الْأمة. وَلَقَد بذلت وسعي فِي سَبِيل التَّعْرِيف بِهَذَا الإِمَام وخصميه، وَتَحْقِيق

كِتَابه "النَّقْض على بشر المريسي" وَأَرْجُو أَن أكون بِهَذَا قد أسهمت بِإِضَافَة جَدِيد نَافِع إِلَى المكتبة الإسلامية يمثل حَقِيقَة مَا كَانَ عَلَيْهِ الرعيل الأول من الِاعْتِصَام بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله قولا وفعلًا واعتقادًا، وَمن صفاء الْقلب ونقاء السِّيرَة والذود عَن حِيَاض الْإِسْلَام وحرماته والمحافظة على سَلامَة الْعُقُول من مؤثرات النَّفس والهوى والشبهة والشهوات. وَلنْ يصلح آخر هَذِه الْأمة إِلَّا مَا أصلح أَولهَا. وَيبقى أَن أُشير بِشَيْء من الإيجاز إِلَى جملَة من الاقتراحات أهديها إِلَى من يهمه الْأَمر فِي هَذِه الجامعة الحبيبة وَغَيرهَا من المؤسسات العلمية الَّتِي تَعْنِي بتراث هَذِه الْأمة: 1- حظيت أمتنَا مُنْذُ فجر تاريخها بِعَدَد من الجهابذة الْأَعْلَام الَّذين حفظ الله بهم على هَذِه الْأمة دينهَا، وَقد ورثوا من المصنفات الضخمة مَا يعجز عَن استيعابه الْوَصْف، إِلَّا أَن جلّ هَذِه المصنفات -مِمَّا يؤسف لَهُ- يكن فِي جنبات المكتبات الأوربية والأمريكية وَغَيرهَا من الدول غير الإسلامية، وحري بجامعاتنا وَقد أناطت بعاتقها عبء الْعِنَايَة بالتراث الإسلامي أَن تضَاعف الجهود لجلب هَذِه المخطوطات الثمينة بمختلف الْوَسَائِل الممكنة إِلَى مكتباتنا. 2- توسيع دَائِرَة الاهتمام بتحقيق مَا هُوَ مَوْجُود وَفِي متناول الْأَيْدِي من المخطوطات الَّتِي تعد بالآلاف فِي جامعاتنا، وتهيئة الجو الْمُنَاسب للاستفادة مِنْهَا بأيسر السبل. 3- توفير المصنفات الْأُم الَّتِي تكشف النقاب عَن شُبُهَات الْمُخَالفين لما عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فِي جَانب الِاعْتِقَاد؛ ليَكُون الباحث على

بَصِيرَة ودراية بآراء الْخُصُوم وحججهم من مصنفاته. على أَن تكون محدودة الإطلاع مَا أمكن ذَلِك. وختامًا: أسأَل الله الْعلي الْقَدِير أَن يَجْعَل عَمَلي هَذَا خَالِصا لوجهه الْكَرِيم وَأَن يرجح بِهِ ميزَان حسناتي يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم، وَأَن يغْفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي فِي أَمْرِي وَمَا هُوَ أعلم بِهِ مني. كَمَا أساله جلّ وَعلا أَن يَجْزِي شَيْخي الْفَاضِل على مَا بذله الْأجر وَالْغنيمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، إِنَّه سميع قريب مُجيب. وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين، وَصلى الله وَسلم على نَبينَا مُحَمَّد، وعَلى آله وَصَحبه وَسلم.

الفهارس

الفهارس: فهرس الْآيَات القرآنية: الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} 1 الْفَاتِحَة 166 {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} 14 الْبَقَرَة 439 {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِه} 23 الْبَقَرَة 529 {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} 24 الْبَقَرَة 529 {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} 33 الْبَقَرَة 178 {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَة} 55 الْبَقَرَة 366 {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا} 66 الْبَقَرَة 236 {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْه} 97 الْبَقَرَة 236 {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيل} 98 الْبَقَرَة 736 {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} 115 الْبَقَرَة 217، 704، 705، 751 {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} 116 الْبَقَرَة 307 {وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيم} 160 الْبَقَرَة 842 {لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة} 174 الْبَقَرَة 155، 190، 684 {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَج} 196 الْبَقَرَة 232 {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَام} 210 الْبَقَرَة 217، 329، 347، 676، 681

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} 222 الْبَقَرَة 218، 864 {بِيَدِهِ عُقْدَةَ النِّكَاح} 237 الْبَقَرَة 238 {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْض} 253 الْبَقَرَة 190، 824 {الْحَيُّ الْقَيُّوم} 255 الْبَقَرَة 353 {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض} 255 الْبَقَرَة 410 {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، نَزَّلَ 2، 3 آل عمرَان 167 عَلَيْكَ الْكِتَابَ} {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد} 15 آل عمرَان 300 {بِيَدِكَ الْخَيْر} 26 آل عمرَان 239، 243 {وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَه} 28، 30 آل عمرَان 217، 845، 847، 848 {كُنْ فَيَكُون} 47 آل عمرَان 675 {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَي} 55 آل عمرَان 225، 444، 492 {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّه} 59 آل عمرَان 298 {أُوْلَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَة} 77 آل عمرَان 430 {وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِم} 77 آل عمرَان 218، 221 {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ} 143 آل عمرَان 193، 199، 202 {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُل} 144 آل عمرَان 519 {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ}

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {فَقِيرٌ} 181 آل عمرَان 221 {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} 56 النِّسَاء 757 {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} 58 النِّسَاء 304، 318 {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِم} 148 النِّسَاء 865 {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَة} 153 النِّسَاء 366 {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّه} 157 النِّسَاء 391 {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيما} 164 النِّسَاء 155، 190، 429، 683 {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} 171 النِّسَاء 674 {الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِم} 41 الْمَائِدَة 439، 440 {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} 54 الْمَائِدَة 865 {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَة} 64 الْمَائِدَة 217، 307، 724 {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} 64 الْمَائِدَة 241، 243، 285، 286 {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَة} 73 الْمَائِدَة 307 {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُم} 80 الْمَائِدَة 865 {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} 116 الْمَائِدَة 87، 218، 428، 844، 847

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه} 119 الْمَائِدَة 866 {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة} 12 الْأَنْعَام 218، 845 {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِه} 18 الْأَنْعَام 44، 447، 492 {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّه} 19 الْأَنْعَام 430 {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِم} 30 الْأَنْعَام 362 {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْب} 59 الْأَنْعَام 449 {عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُم} 65 الْأَنْعَام 712، 723 {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة} 73 الْأَنْعَام 443 {قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَل} 76 الْأَنْعَام 357 {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَار} 103 الْأَنْعَام 192، 199، 359، 363، 365، 366، 367، 726، 727، 738، 761، 815، 820 {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين} 141 الْأَنْعَام 865 {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَة} 158 الْأَنْعَام 328، 677 {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّك} 158 الانعام 362 {أَنَا خَيْرٌ مِنْه} 12 الْأَعْرَاف 260 {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا} 22 الْأَعْرَاف 825

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} 54 الْأَعْرَاف 551 {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ} 70 الْأَعْرَاف 160 {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا} 71 الْأَعْرَاف 160 {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} 143 الْأَعْرَاف 753، 755 {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} 180 الْأَعْرَاف 86 {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا} 195 الْأَعْرَاف 306 {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْك} 198 الْأَعْرَاف 310 {لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين} 31 الْأَنْفَال 528، 529 {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا} 44 الْأَنْفَال 389 {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّه} 31 التَّوْبَة 662 {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُم} 46 التَّوْبَة 866 {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَار} 100 التَّوْبَة 593 {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} 100 التَّوْبَة 668، 669 {أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِه} 104 التَّوْبَة 273 {وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم} 105 التَّوْبَة 221 {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} 113 التَّوْبَة 840 {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق} 2 يُونُس 395 {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} 24 يُونُس 343

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} 26 يُونُس 706، 714، 715، 720 {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء} 7 هود 437، 439، 440، 467 {وَاصْنَع الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} 37 هود 304، 827 {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين} 119 هود {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيّا} 2 يُوسُف 568 {وَاسْأَل الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} 82 يُوسُف 676 {المر} 1 الرَّعْد {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} 2 الرَّعْد 472 {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِه} 4 إراهيم 568 {اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} 35 إِبْرَاهِيم 565 {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَات} 48 إِبْرَاهِيم 350 {لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ} 33 الْحجر 241 {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين} 91 الْحجر 898 {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا} 20-21 النَّحْل 356 {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُم} 24-25 النَّحْل 529 {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} 26 النَّحْلِ 340، 341، 344 {إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَة} 33 النَّحْل 677 {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاه} 40 النَّحْل 240، 670، 671

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم} 50 النَّحْل 225، 244، 509 {وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلا} 91 النَّحْل 565 {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْس} 86 الْكَهْف 358 {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِر} 42 مَرْيَم 306 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 5 طه 162، 163، 217، 225، 436، 437، 439، 442، 444، 450، 451، 509، {إِنِّي أَنَا رَبُّك} 12 طه 547، 559 {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا} 14 طه 221، 308، 538، 559، 588 {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} 15 طه 849 {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} 39 طه 304، 827 {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} 41 طه 845 {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} 46 طه {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُون} 7 الْأَنْبِيَاء 665 {لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون} 25 الْأَنْبِيَاء 547 {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْد} 34 الْأَنْبِيَاء 824

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} 104 الْأَنْبِيَاء 370 {وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَان} 112 الْأَنْبِيَاء 159 {أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير} 75 الْحَج 300 {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ 12، 13، 14 الْمُؤْمِنُونَ 233 ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم} 86 الْمُؤْمِنُونَ 438 {لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيم} 116 الْمُؤْمِنُونَ 439 {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} 5-6 الْفرْقَان 529 {أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدْ اسْتَكْبَرُوا} 21 الْفرْقَان 366 {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَام} 25 الْفرْقَان 343-348 {أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} 45 الْفرْقَان 821، 826 {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَن} 59 الْفرْقَان 439 {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} 74 الْفرْقَان 565 {إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُون} 15 الشُّعَرَاء 221 {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِين} 84 الشُّعَرَاء 565 {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيم} 85 الشُّعَرَاء 565 {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُوم} 218 الشُّعَرَاء 221 {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآن} 6 النَّمْل 167 {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء} 88 النَّمْل 233 {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِين} 7 الْقَصَص 565

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين} 30 الْقَصَص 165، 547، 599، 842 {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} 38 الْقَصَص 547 {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت} 56 الْقَصَص 840 {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَه} 88 الْقَصَص 216، 430، 704، 705، 709، 710 {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَاب} 27 العنكبوت 564 {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض} 4 السَّجْدَة 163 {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَه} 7، 8، 9 السَّجْدَة 233 {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا} 12 السَّجْدَة 362، 389 {سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} 42 الْأَحْزَاب 159 {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِم} 23 سبأ 191 {بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيد} 46 سبأ 236 {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب} 10 فاطر 225، 445، 492، 418، 719 {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُم} 14 فاطر 310 {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُول} 82 يس 675 {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون} 180 الصافات 553 {إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاق} 7 ص 487 {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْن} 18-20 ص 742

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَار} 45 ص 290 {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَي} 75 ص 217، 230، 233، 239، 243، 287، 291، 700 {خَلَقْتَنِي مِنْ نَار} 76 ص 241 {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَك} 85 ص 402، 404 {تَنْزِيلُ الْكِتَاب} 1 الزمر 167 {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} 30 الزمر 824 {وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ، وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍٍّ} 36، 37 الزمر 298 {يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} 56 الزمر 807 {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه} 67 الزمر 372 {وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِه} 67 الزمر 217، 267، 268، 369 {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْش} 75 الزمر 438، 439 {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَه} 7 غَافِر 217، 438، 440 {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُم} 64 غَافِر 233 {خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَة} 67 غَافِر 233 {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَه} 2 فصلت 167

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} 11 فصلت 472 {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُم} 22 فصلت 323 {تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد} 42 فصلت 167 {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} 11 الشورى 308، 741، 909 {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير} 11 الشورى 217 {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا} 51 الشورى 727، 750، 760، 761 {جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} 52 الشورى 563، 569 {حم، وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ، إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} 1، 2، 3 الزخرف 563 {جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} 3 الزخرف 566، 568 {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} 19 الزخف 565 {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِه} 28 الزخرف 564 {فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُم} 55 الزخرف 865 {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّه} 28 مُحَمَّد 865 {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُم} 6 الْفَتْح 865 {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَك ... } 10 الْفَتْح 695 {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِم} 10 الْفَتْح 217، 243، 702

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْت} 30 ق 402 {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِه} 1 الحجرات 243 {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} 48 الطّور 217، 222، 827، 830 {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} 23 النَّجْم 160 {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} 43 النَّجْم 782 {وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} 13، 14 الْقَمَر 222، 304 {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} 26، 27 الرَّحْمَن 553، 705، 709، 710 {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُون} 85 الْوَاقِعَة 448 {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِن} 3 الْحَدِيد 358 {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام} 4 الْحَدِيد 681 {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَة} 27 الْحَدِيد 564 {وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّه} 29 الْحَدِيد 239 {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} 1 المجادلة 221، 315 {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُم} 7 المجادلة 442 {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْض} 1 الْحَشْر 159 {فَأَتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} 2 الْحَشْر 340، 341 {وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً} 10 الْحَشْر 565 {لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 24 الْحَشْر 86، 160 {لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} 5 الممتحنة 565

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} 4 الصَّفّ 864 {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّه} 8 الصَّفّ 40 {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} 2 الطَّلَاق 564 {يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} 4 الطَّلَاق 564 {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْك} 1 الْملك 243 {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء} 16 الْملك 225، 444، 492، 509 {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَال} 15 الْقَلَم 529 {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} 11، 12 الحاقة 564 {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَة} 13، 29 الحاقة 342 {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} 17 الحاقة 217، 438، 440، 480 {ذِي الْمَعَارِجِ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} 3-4 المعارج 444، 447، 492 {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَر} 25 المدثر 487، 527، 529، 544، 558 {سَأُصْلِيهِ سَقَر} 26 المدثر 529 {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر} 30، 31 المدثر 404

الْآيَة رقمها السُّورَة الصفحة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 22، 23 الْقِيَامَة 155، 156، 192، 198، 367، 430، 684، 810، 813، 816، 821 {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّه} 9 الْإِنْسَان 710 {أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى} 24 النازعات 165، 307، 547، 559، 737 {عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} 20، 21 التكوير 489 {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُون} 15 المطففين 66، 209، 167، 750، 823 {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد} 15 البروج 439 {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} 1 الْأَعْلَى 159 {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} 22 الْفجْر 95، 217، 343، 675، 676 {ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّه} 20 اللَّيْل 705، 710 {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} 4 التِّين 233 {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} 1 الْفِيل 819، 820

فهرس الأحاديث والآثار

فهرس الْأَحَادِيث والْآثَار: مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 1 آتِي بَابَ الْجَنَّةِ فَأَقْرَعُهُ فَيُفْتَحُ لي 413 2 آتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَابَ الْجَنَّةِ 188 3 آخِرُ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَمْشِي يكبو على الصِّرَاط 774 4 أَبَلَغَكَ أَنَّ اللَّهَ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَة السَّمَوَات 372 5 أَبُو هُرَيْرَة خير مني 622 6 أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ اتخذ فِي الْجنَّة وَاديا أقبح 420 7 أَتَانِي رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد 733 8 أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: ادعُ الله أَن يدخلني الْجنَّة 426 9 اتقو الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا كَانَ يُذْكَرُ مِنْهَا فِي زَمَنِ عمر 632 10 أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ نَفَرٌ مِنْ أهل الْيمن 440، 461 11 أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: السَّلَام عَلَيْك 336 12 احتجب الله عَن خلقه بِأَرْبَع 749، 762، 765 13 احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي 618 14 اختصمت الْجنَّة وَالنَّار 407 15 أَخَذْتُ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ كِتَابًا زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَهُ لِأَنَسٍ 612 16 أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ دُونَهُمْ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَقُولُونَ: اللَّهُ الْخَالِقُ 573، 693 17 إذاأحب الله عبدا دَعَا جِبْرِيل 871

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 18 إِذا اشتكرى أَحَدُكُمْ شَيْئًا أَوِ اشْتَكَى أَخٌ لَهُ فَلْيقل 514 19 إِذا تكلم الله بِالْوَحْي 189 20 إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ أَلْقَى الله سَمعه وبصره 325 21 إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مُدَّتِ الأَرْض مد الْأَدِيم 351 22 إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ شطر اللَّيْل 213، 494 23 اذْهَبُوا بِنَا إِلَى آدَمَ، فَيَأْتُونَهُ 296 24 ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاء 510 25 اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ هُوَ اللَّهُ 168، 169 26 اعتقها فَإِنَّهَا مُؤمنَة 445 27 أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ 330 28 افتخرت الْجنَّة وَالنَّار 406 29 اقرؤوا الْقُرْآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا 569 30 أكاد أخفيها قَالَ: من نَفسِي 849 31 أكذب الْمُحدثين أَبُو هُرَيْرَة "دَعْوَى كَاذِبَة" 617 32 الْأَثَرُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 592 33 الْجنَّة مائَة دَرَجَة 729 34 الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَات كلهَا 315 35 إِلَى أَن ينفجر الْفجْر؟ 36 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ارْتَفع ذكره 450 37 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} استولى 454 38 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} اسْتَوَى لَهُ أمره 450 39 {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض 451 40 الله الله فِي أَصْحَابِي 619

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 41 {المر} قَالَ: أَنا الله أرى 321 42 الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين 863 43 اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي رِحْلَتِي فِي الحَدِيث 651 44 اللَّهُمَّ أَنْت الأول 358 45 اللَّهُمَّ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ 829 46 اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجهك 707، 713 47 اللَّهُمَّ رب جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل 736 48 اللَّهُمَّ مُقَلِّب الْقُلُوب 378 49 أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ 50 أَمرنِي رَسُول الله أَن أتعلم السريانية 567 51 أَنا الرَّحْمَن وَهِي الرَّحِم؟ 52 إِنَّا لَسْنَا بِفُقَهَاءَ وَلَكِنَّا رُوَاةُ 657 53 إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الألد الْخصم 873 54 أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَة وَهِي تَمُوت 521 55 أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ إِذَا بَلَغَ مِنْهُم النَّعيم كل مبلغ 716 56 أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ 193 57 إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلَقَهُ اللَّهُ الْقَلَم 860 58 إِن جعفرًا جاءها إِذْ هم بِالْحَبَشَةِ 417 59 إِن حبرًا من أَحْبَار الْيَهُود قَامَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم 60 أَنَّ الرَّبَّ يَبْدُو لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي كل جُمُعَة 744 61 إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عِنْدَهُ لَيْلٌ وَلَا نَهَار 475، 741، 829 62 إِنَّ رَبِّيَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا 277، 280 63 إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ تَأْتِيهِ أَعماله 502 64 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيمن بِكِتَاب فِيهِ

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة الْفَرَائِض 614 65 إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدَيِ الله قبل يَدي السَّائِل 288، 696 66 إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَصَدَّقَ بِالتَّمْرَةِ من الْكسْب الطّيب 270 67 إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: الْحَمْدُ لله وَسُبْحَان الله 718 68 أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ 704، 723 69 إِن عبد اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ قَالَ لِلْحَسَنِ: هَل تصف رَبك؟ 908 70 إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أُتِيَ بِقَوْمٍ مِنَ الزَّنَادِقَةِ فَحَرَقَهُمْ 590 71 أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قتل زنادقة ثمَّ أحرقهم 579 72 انْظُرْ أَلَّا تَكْذِبَ عَلَيَّ كَمَا كذب عِكْرِمَة 641 73 إِن الله تبَارك وَتَعَالَى خلقه الْخلق فِي ظلمَة 858 74 إِنَّ اللَّهَ حِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ 254 75 إِنَّ الله خلق الْفرس فأجراها 87 76 إِنَّ اللَّهَ خَمَّرَ طِينَةَ آدَمَ 274 77 إِنَّ اللَّهَ رَفَعَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ 482 78 إِن الله فَوق عَرْشه 226 79 إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سمواته فَوق أرضه 469، 518 80 إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي أَن أحدثكُم عَن ملك 479 81 إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى عَرْشِهِ قبل أَن يخلق شَيْئا 464 82 إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا 862 83 إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا إِلَّا من وَرَاء حجاب 760 84 إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَمَسَّ شَيْئًا خلقه غير ثَلَاث 263 85 إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام 711، 750، 758 86 إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ ليتوب مسيء النَّهَار 251

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 87 إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْبَلِيغَ مِنَ الرِّجَال الَّذِي يَتَخَلَّل 874 88 إِنَّ اللَّهَ يَتَرَاءَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ 384 89 إِن الله يضْحك 795 90 إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ إِلَى اثْنَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ 791 91 إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِنْ رَجُلَيْنِ قتل أَحدهمَا صَاحبه 791 92 إِنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ مِمَّنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَسْوَاق 794 93 إِنَّ اللَّهَ يَطْوِي الْمَظَالِمَ يَوْمَ الْقِيَامَة 409 94 إِن رَسُول الله جعل للْفرس سَهْمَيْنِ 853 95 أَنَتَوَضَّأُ من لُحُوم الْغنم؟ 851 96 إِن عمر بن الْخطاب دَعَا أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ 620 97 إِنَّكُمْ لَنْ تَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ 690 98 إِنَّكُم لَا تدعون أصمًا وَلَا غَائِبا 305، 442 99 إِنَّكُمْ لَا تَرْجِعُونَ عَنْ بِدْعَةٍ إِلَّا تعلقتم بِأُخْرَى 433 100 إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا 178، 181 101 إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نور 244، 698 102 إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعلم 654 103 إِنَّمَا قَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أصبعين 380 104 إِن مَا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأولى 764 105 أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى ربَّه مَرَّتَيْنِ 814 106 إِنَّ مِنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ منزلَة 810 107 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أهلَّ بِالتَّوْحِيدِ فِي حجَّة الْوَدَاع 153 108 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: أَعْوَرُ جعد 305 109 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ جِبْرِيلَ: هَلْ رَأَيْتَ رَبك رَبك؟ 762

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 110 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ 615 111 إِنَّ نُوحًا النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام قَالَ لِابْنِهِ 889 112 إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ دِينٌ فَانْظُرُوا 641 113 إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَصُدُّكُمْ عَنْ ذكر الله 650 114 أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عله وَسلم: أنسب لنا رَبك 907 115 إِنَّمَا قَلْبُ ابْنِ آدَمَ بَيْنَ أصبعين 380 116 أَنَّهُ سَمِعَ وَكِيعًا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ 588 117 إِنَّه عَلَى الْعَرْشِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ 224، 510 118 إِنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ الْأَعْلَى فَوْقَ سمواته العلى 436 119 إِنَّه قَالَ يَوْم الْقِيَامَة: أتعرفون ربكُم؟ 388 120 إِنَّه قَرَأَ {سَمِيعًا بَصِيرًا} فَوضع إبهامه 688 121 إِنَّهُ يَدْنُو الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يضع كنفه عَلَيْهِ 747 122 إِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ 754 123 إِنِّي لمستتر بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة 322 124 أول مَا خل اللَّهُ حِينَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاء حَملَة عَرْشه 459 125 أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ عين اليمني 305، 328 126 أَلا وَإِنِّي أُوتيت الْقُرْآن مثله مَعَه 601 127 أَلَا لَا يُقَلِّدَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ دينه رجلا 665 128 الْإِيمَانُ يَمَانٌ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ 686، 687 129 أَيْ عَم قل: لَا إِلَه إِلَّا الله 840 130 أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ 445، 489، 491 131 أَيُّهَا النَّاسُ، أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ 321

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 132 أَيهَا النَّاس، إِن كَانَ مُحَمَّدًا إِلَهكُم الَّذِي تَعْبدُونَ 519 133 بَدْء الْخلق الْعَرْش 465 134 بَدْء الْخلق الْعَرْش وَالْمَاء 466 135 بَلغنِي فِي حَدِيث أَن جِبْرِيل قَالَ: بَيْننَا وَبَين الْعَرْش 763 136 بِمَ نَعْرِف رَبنَا؟ 224 137 البيعان بِالْخِيَارِ 850 138 بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسمِائَة عَام 422 139 بَين الْمَلَائِكَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا 763 140 بَيْنَمَا عَبْدُ اللَّهِ يُمَجِّدُ رَبَّهُ إِذْ قَالَ مِعْضَدٌ: نِعْمَ الْمَرْءُ رَبنَا 740 141 ترَوْنَ ربكُم جَهرا 388 142 ترَوْنَ ربكُم يَوْم الْقِيَامَة 156، 198 143 تَضَعُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ 638 144 تَغَيَّبَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ بدر 201 145 ثُمَّ يَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى 297 146 ثمَّ يأتينا رَبنَا بعد ذَلِك فَيَقُول: 771 147 ثَلَاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَة 784 148 جَاءَتْ سُعَاةُ عُثْمَانَ إِلَى عَلِيٍّ يشكونه 607 149 جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيُّ الشُّهَدَاء أفضل؟ 786 150 جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ 857 151 الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ 729 152 الْجَنَّةُ مَطْوِيَّةٌ مُعَلَّقَةٌ بِقُرُونِ الشَّمْسِ 728 153 الْجَهْمِية كفار 587 154 حدثوا عني وَلَا حرج 653 155 حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثَمَانِيَةٌ أَقْدَامُهُمْ فِي الأَرْض 481

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 156 حَمَلَةُ الْعَرْشِ مِنْهُمْ مَنْ صُورَتُهُ على صُورَة الْإِنْسَان 478 157 خَطَبَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسرِي بواسط يَوْم أضحى 581 158 خَلَقَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ 261، 289، 472 159 خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَكَانُوا فِي قَبضته 269 160 خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ وَقَضَى الْقَضِيَّةَ 463 161 خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذراعين 648 162 دَخَلْتُ عَلَى رَبِّي فِي جَنَّةِ عدن 725، 727، 730 163 دُعَاءُ الْوَالِدَةِ يُفْضِي إِلَى الْحِجَابِ 766 164 دون الله تَعَالَى سَبْعُونَ ألف حجاب 766 165 ذُكِرَ لَنَا أَنَّ اللَّهَ قَالَ لملائكته: ادعوا لي عبَادي 522 166 ذَهَبَ الْعِلْمُ وَبَقِيَ مِنْهُ غُبْرَاتٌ 655 167 الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن 512، 513 168 رأى ربه جَعدًا أَمْرَد 814 169 رَأْسُ الْمَنَارَةِ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ من أَسْفَلهَا 504 170 رَأَيْت رَبِّي جَعدًا 725 171 الرُّكْنُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ 694 172 الزِّنْدِيقِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِذَا رَجَعَ وَلَا يقتل 586 173 زين الْعلم حلم أَهله 655 174 سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ يَد الله 286 175 سَأَلْتُ بِشْرَ بْنَ غِيَاثٍ عَنِ التَّقْلِيد 664 176 سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ 363 177 سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ 224، 510 178 سُئِلَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَذُكِرَ لَهُ شَيْءٌ عَنْ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ 587 179 سُئِلَ رَسُول الله عَن آدم أَنَبِي مُرْسل؟ 825

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 180 سُئل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} 252 181 سُئِلَ مُحَمَّد بن الْمُبَارك 575 182 سَتَرَوْنَ ربكُم 359، 360 183 سَمِعت مَحْبُوب بن مُوسَى أَنَّهُ سَمِعَ وَكِيعًا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ 150، 588 184 سَيَأْتِيكُمْ أَقوام يطْلبُونَ الْعلم 35 185 سيفشو الحَدِيث عني 600 186 سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ وَذَلِكَ فِي قدرية وزندقية 902، 903 187 شهِدت عليا رَضِي الله عَنهُ وَأتي بِدَابَّة 882 188 صلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر بِذِي الحليفة 852 189 صَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنَ اللَّيْل ثمَّ وضعت جَنْبي 739 190 ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ 770، 778 191 ضحك النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قَول الحبر 374 192 ضرب خَالِد بن الْوَلَد الْعُزَّى فَقَالَ: 817 193 طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسلم 638، 654 194 طلبت الْعِلْمَ يَوْمَ طَلَبْتُهُ لِغَيْرِ اللَّهِ 657 195 طَلَبْنَا الْعِلْمَ فَأَصَبْنَا مِنْهُ شَيْئًا 655 196 عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ قَامَ من وطائه ولحافه 879 197 عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ جِيءَ بهم فِي السلَاسِل 881 198 فَإِن لم يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ 853 199 فراجعته فَقَالَ: هِيَ خمسٌ وَهِي خَمْسُونَ 824 200 فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى وَبَين مُوسَى 824 201 فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: لست لَهَا 674 202 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّكَ بأعيننا 827، 830

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 203 قَالَ اللَّهُ: إِنَّ رَحْمَتِي كَلَامٌ وعذابي كَلَام 673 204 قَالَ الله: أناعند ظن عَبدِي بِي 846 205 قَالَت بَنو إِسْرَائِيل: يَا ب، أَنْتَ فِي السَّمَاءِ وَنَحْنُ فِي الأَرْض 523 206 قَالَ رجل لِابْنِ عمر: إِن أَبَا هُرَيْرَة يكثر الحَدِيث 627 207 قَالَ عمر لأبي هُرَيْرَة: أَلا تعْمل 621 208 قَالَ فِي قَوْله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ} 348 209 قَالَ فِي قَوْله: {يَدُ اللهِ فوْقَ أَيْدِيهِمْ} قَالَ: نعم الله 702 210 قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثمَّ ذكر الدَّجَّال 327 211 قدر الله مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَوَات 861 212 قَرَأَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} فَوضع أُصْبُعه الدعا 318 213 الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ 576 214 الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ مَنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ زَعَمَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ 589 215 قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: مَا تَقول فِي قتل الزَّنَادِقَة؟ 582 216 قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَا ترى فِي قتل هَؤُلَاءِ الزَّنَادِقَة؟ 583 217 قُلُوبُ بَنِي آدَمَ كُلُّهَا بَيْنَ أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن 369 218 الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَن 369 219 قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِع الله 376، 377 220 قِيلَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: الْقُرْآنُ مَخْلُوق 572 221 القيوم الَّذِي لَا يَزُول 354 222 كَاف من كريم 173 223 كَانَ أَبُو هُرَيْرَة جَالِسا فَمر رجل بطلحة 622

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 224 كَانَ إِذَا سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنِعْرِفُ مَا يَقُول 627 225 كَانَ يُخْرِجُ الْجَهْمِيَّةَ مِنْ عِدَادِ الْمُسلمين 150 226 كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ كَانَ لَا يَعُدُّ الْجَهْمِيَّةَ فِي عِدَادِ الْمُسْلِمِينَ 150، 589 227 كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْض 861 228 كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ 862 229 الْكَذِب مُجَانب الْإِيمَان 808 230 الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ 400، 412، 423 231 كُفْرَانك لَا سُبْحَانَكَ 817، 821، 823 232 كلمة حق أُرِيد بهَا بَاطِل 526، 909 233 كُنَّا إِذا أَتَيْنَا أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم 35 234 كُنَّا مَعَ رَسُول الله فِي غزَاة فَجعلنَا 320 235 كُنَّا نَرَى السُّكُوتَ عَنْ هَذَا قبل أَن يَخُوض فِيهِ هَؤُلَاءِ 538 236 كُنْتُ أُسَايِرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيز فَقَالَ: مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ 905 237 كُنْتُ بِالْبَطْحَاءِ فِي عِصَابَةٍ فِيهِمْ رَسُول الله 172 238 كهيعص اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ 172 239 كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَته 883 240 لَأَنْ أَحْكِيَ كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى 144، 537 241 لَئِن أرانا الله قتالًا 200 242 لحملة الْعَرْش قُرُون ككعوب القنا 477

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 243 لَقَدْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَا رَبَّنَا، منا الْمَلَائِكَة المقربون 257 244 لَقِيَ آدَمَ مُوسَى فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ 249 245 لَقِيَتِ امْرَأَةٌ عُمَرَ يُقَالُ لَهَا: خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة 317 246 للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة قَالَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ 706، 714، 715، 720، 722 247 لَلرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أحدكُم 855 248 لله أَشد فَرحا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ صَاحِبِ الرَّاحِلَةِ 886 249 لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ 884 250 لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ صَاحب الرَّاحِلَة 886 251 لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما 179، 181 252 لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ فِي السَّمَاءِ وَاحِد 490 253 لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ صاحت أمه 796 254 لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ على نَفسه 845 255 لما رَجَعَ أَبُو هُرَيْرَة إِلَى عمر أَتَاهُ بأربعمائة ألف 621 256 لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَعْجَبُ مَا رَأَيْتَ 419 257 لَمَّا قَضَى اللَّهُ خَلْقَهُ اسْتَلْقَى 802 258 لَمَّا نَزَلَتْ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا} 712، 723 259 لَمْ أَعْرِفْ لِنَفْسِي يَوْمَ طَلَبْتُهُ تِلْكَ النِّيَّة 657 260 لم يخلق الله بِيَدِهِ غير ثَلَاث 265 261 لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول الله أحفظ لحديثه مني 611 262 لم يكن يَشْغَلْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَرْسُ الْوَدِيِّ 628

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 263 لَنْ تَرَوْا رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا 738، 820 264 لَنْ نَضِلَّ مَا تَمَسَّكْنَا بِالْأَثَرِ 415 265 ليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم الْغَائِب 653 266 لَيْتَني أنفلت من علمي كفافًا 658 267 لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ عِدَدِ الْمَوْت 650 268 لَيْسَ لله مثل 908 269 المائد فِي الْبَحْر لَهُ أجر شَهِيد 789 270 مَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا فَأَبْغَضَهُ 872 271 مَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم مني 609 272 مَا الْأَمْرُ إِلَّا الْأَمْرُ الْأَوَّلُ 667 273 مَا بَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام 471، 520 274 مَا توطن رجل مُسلم الْمَسَاجِد للصَّلَاة 888 275 مَا جَاءَ عني فاعرضوه على كتاب الله 601 276 مَا رَأْيُ امْرِئٍ فِي أَمْرٍ بَلَغَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا اتِّبَاعُهُ 669 277 مَا رَأَيْتُ فِيمَا مَضَى وَفِيمَا بَقِي مُؤمنا ازْدَادَ إحسانًا إِلَّا ازْدَادَ شَفَقَة 659 278 مَا سَلَكَ رَجُلٌ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهَا علما 654 279 مَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا بِمَنْزِلَة حَلقَة 424 280 مَا كلم الله أَحَدًا إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ 760 281 مَا من بني آدم من بشر إِلَّا وَقَلبه 382 282 مَا مِنْ رَجُلٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ 273 283 مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن 378، 382

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 284 مَا مِنْكُم أحد إِلَّا سيكلمه ربه 157، 684 285 مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ حذر أمته الدَّجَّال 332 286 مَا نِسْبَة رَبك 907 287 الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثوبي زور 835 288 الْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْر 605 289 الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ 288، 698 290 مِم رَبنَا؟ فَقَالَ: منا مَاء مُرُور 660 291 مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ الله لقاءه 869، 870 292 من أسعد النَّاس بشفاعتك؟ 630 293 من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ 591 294 مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعا 499، 746 295 مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا دَخَلَ الْجنَّة 652 296 مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَة 725، 726، 738، 761، 815 297 من سُئِلَ عَن علم فكتمه 36 298 مَنْ سَبَّ أَصْحَابِي فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله 619 299 من شبه الله بخلقه فقد كفر 219 300 مَنْ عُرِضَ لَهُ مِنْكُمْ قَضَاءٌ فَلْيَقْضِ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ 666 301 مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ 584 302 مَنْ فَاوَضَ الْحَجَرَ فَإِنَّمَا يُفَاوِضُ كف الرَّحْمَن 282 303 مَنْ قَالَ: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} مَخْلُوق فَهُوَ كَافِر 538، 588 304 مَنْ كَانَ كَذَّابًا فَهُوَ مُنَافِقٌ 809 305 مَنْ كذَّب بِفَضِيلَةٍ لَمْ يَنَلْهَا 209

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 306 مَنْ لَمْ يَرْحَمْ مَنْ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَرْحَمْهُ مَنْ فِي السَّمَاء 509 307 مَنْ نَازَعَ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ ظهر أَنه جهمي 209 308 الْمِيزَان بيَدي الرَّحْمَن 284 309 نَاركُمْ جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم 757 310 "نُزُوله" أمره وسلطانه 494 311 نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عِنْدَ آل عمر بن الْخطاب 613 312 نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فوعاها 640، 653 313 هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: نُورٌ أَنى أرَاهُ! 363، 725، 726، 815، 820، 821، 829 314 هَل رَأَيْت فَقِيها قطّ 658 315 هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ 204، 816، 821 316 وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَنَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تؤمنوا 246 317 وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَنَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تؤمنوا 246 318 وَاللَّهِ إِنَّا لَنِعْرِفُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَة وَلَكِن 627 319 وَاللَّهِ مَا أَشُكُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة سمع مَا لم نسْمع 626 320 وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَسْأَلْ عَنْ شَيْء 657 321 {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} قَالَ: على أَي شَيْء 467 323 وكلتا يَدَيْهِ يَمِين؟ 324 {يحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} قَالَ:

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة ثَمَانِيَة أَمْلَاك 480 325 وَيْلٌ لِدَيَّانِ الْأَرْضِ مِنْ دَيَّانِ السَّمَاء 516 326 وَيْلٌ لِسُلْطَانِ الْأَرْضِ مِنْ سُلْطَانِ السَّمَاء 517 327 لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على متكأ 601 328 لَا تجالسوا الْجَهْمِية 146، 537 329 لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ من مزِيد 394 330 لَا تَزَالُ جَهَنَّمَ يُلْقَى فِيهَا 405 331 لَا تسبوا أَصْحَابِي 618 332 لَا تعذبوا بِعَذَاب الله 591 333 لَا تفت النَّاس بِرَأْيِك 594، 670 334 لَا تَقُلْ: اللَّهُ حَيْثُ كَانَ 496 335 لَا تَقولُوا لِلْمُنَافِقِ: سيدنَا 876 336 لَا صَوْم فَوق صَوْم دَاوُد 742 337 لَا يَتَوَضَّأُ أَحَدٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ 888 338 لَا يَجُوزُ مِنَ الْكَذِبِ جِدٌّ وَلَا هزل 808 339 لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي مُسْتَقر رَحمته 848 340 لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ 333، 334 341 يَا أَبَا هُرَيْرَة أَنْت كنت ألزمنا لرَسُول الله 622 342 يَأْخُذ الْجَبَّار سمواته 245 343 يُؤْتى بِالْمَوْتِ يَوْم الْقِيَامَة 203 344 يَا حُصَيْنُ، كَمْ تَعْبُدُ الْيَوْمَ إِلَهًا؟ 227 345 يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَضْحَكُ الرَّبُّ 770، 781، 782 346 يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْهِجْرَةِ أفضل؟ 878 347 يَا كهيعص اغْفِر لي 174

مسلسل الحَدِيث أَو الْأَثر الصفحة 348 يبدلها الله يَوْم الْقِيَامَة 350 349 يَتَجَلَّى رَبُّنَا ضَاحِكًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ 769 350 يجمع الله الْأُمَم فِي صَعِيد يَوْم الْقِيَامَة 769 351 يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 346 352 يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لصَاحبه 569 353 يَجِيء الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة كَالرّجلِ الشاحب 501، 570 354 يَخْرُجُ الْمَهْدِيُّ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وعدلًا 402 355 يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُوت 639 356 يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ ثَلَاث مَرَّات 789 357 يطوي الله السَّمَوَات بِيَمِينِهِ 287، 370 358 يَعْجَبُ الرَّبُّ -أَوْ رَبُّنَا- إِذَا قَالَ العَبْد 882 359 يقبض الله الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة 248 360 يَقُولُ دَاوُدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَدْنِنِي فَيَقُول لَهُ: ادنه 742 361 يكفر الْجَهْمِية كل من وَكِيع وَابْن الْمُبَارك وَيحيى بن يحيى وَأَبُو تَوْبَة وَابْن الْمَدِينِيّ 150، 151 362 يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا 211

فهرس الكلمات الغريبة

فهرس الْكَلِمَات الغريبة: تسلسل الْكَلِمَة الصفحة 1 احتظرت وَاسِعًا 799 2 أخس 255 3 أَخْمص 477 4 ارتطمت 653 5 أزروا بِأَنْفسِهِم 652 6 أسفق وأصفق 833 7 إِشْعَار الْبدن 852 8 اصطمر 560 9 أعكام 801 10 أغمار 147 11 الألب 555 12 أنفًا 219 13 أوحش 161 14 البشبشة 888 15 بطول 253 16 البقباق 457 17 تخَلّل الباقرة 875 18 التخليص 194 19 تدحض فِي بولك 797 20 ترتطم 735 21 الترهات 456 22 الترويج 163 23 التشويش 732 24 تَكْرِير 732 25 التمويه 535 26 توبيخ 160 27 ثَمَرَة اللِّسَان 457 28 الْجَبْهَة 649 29 الجدع 301 30 الجذم 235 31 الْجَزْم 302 32 جلّ 143 33 الجهابذة 431 34 الْحزن 776 35 الحش 443 36 الْحِنْث 198 37 الحنظل 162 38 الختن 322 39 الْخذف 902 40 الخراف 682 41 الداحض 141 42 الدارس 530

43 دالست 485 44 درج 532 45 الدَّرك 743 46 الذِّرَاع 649 47 راوغت 485 48 الزاملة 634 49 زعم 537 50 الزُّيُوف 431 51 سبحات 752 52 السفق 628 53 الشبح 309 54 الشرذمة 536 55 شَرق 776 56 شنيع 141 57 صرهًا إِلَيْك 427 58 الصفق 628 59 ضَرُورَة 158 60 الطامس 530 61 الطغام 313 62 الطلم 596 63 طم 811 64 ططماني 357 65 الظنة 617 66 ظنين 345 67 العاثر 141 68 الْعَامَّة 454 69 العلقم 162 70 العويص 216 71 عيل صبره 560 72 غاط 246 73 غبر 415 74 الغبرات 656 75 الْغَرق 542 76 غمص 184 77 غمط 141 78 غور 141 79 فحص 646 80 الغلو 271 81 فَور 142 82 القتر 242 83 الْقَتْل صبرا 531 84 قبيس 448 85 الكافور 744 86 الكنف 748 87 الكنيف 443 88 الكور 140 89 ماحل 498 90 مأبون 353 91 مؤرز 776 92 متشحطا 789 93 مجدع 302 94 مخدع 302

95 مخلص 194 96 الْمدر 557 97 المدلس 142 98 المسبل 776 99 الْمصر 229 100 المفترى 140 101 مقتور 242 102 المقروف 661 103 مكتهل 776 104 منافحة 145 105 مندوحة 779 106 الموارية 893 107 موّه 535 108 نجع 140 109 التَّحْرِير 639 110 النسق 216 111 النفاج 457 112 نفاح 697 113 نفاخ 457 114 النفاية 432 115 نفح 145 116 نقادة 432 117 النقيضة 805 118 الهتوك 229 119 الهجنة 639 120 الهمج 309 121 الهينمة 800 122 والست 485 123 الودي 628 124 الوكاء 238 125 الوهن 158 126 يتلبطون 787 127 يفتر 495 128 يميد 789

فهرس المصطلحات

فهرس المصطلحات: تسلسل المصطلح الصفحة 1- الْأَجْزَاء والأبعاض والجوارح 898 2- التَّأْوِيل 142 3- التعطيل 140 4- الْجِسْم والجهة والحيز 897 5- الْحَد 223 6- الْحَرَكَة 338 7- قَاضِي الْقُضَاة 532 8- المسّ 230

فهرس الفرق والأديان

فهرس الْفرق والأديان: الْفرْقَة/ الدَّين الصفحة 1- الْجَهْمِية 138 2- الْخَوَارِج 525 3- الزَّنَادِقَة 531 4- الصفاتية 60 5- الشِّيعَة 147 6- الْقَدَرِيَّة 148 7- اللفظية 899 8- المؤولة 142 9- المرجئة 148 10- المعطلة 140 11- النَّصَارَى 144 12- الواقفة 535 13- الْيَهُود 143

فهرس الأشعار والأمثال

فهرس الْأَشْعَار والأمثال: الصفحة تظل جيادنا متمطرات يطلمهن بِالْخمرِ النِّسَاء 596 سَأَبْكِيكَ لِلدُّنْيَا وَلِلْعَيْنِ إِنَّنِي رَأَيْتُ يَد الْمَعْرُوف بعْدك شلت 699 المستغيث بِعَمْرو عِنْد كربته كالمستجير من الرمضاء بالنَّار 433 تَنْفِي يداها الْحَصَا فِي كل هاجرة نفي الدَّنَانِير تنقاد الصياريف 432 يَا عز كُفْرَانك الْيَوْم مَاذَا يحاول إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ 818 أَلا تَسْأَلَانِ الْمَرْء مَاذَا يحاول أنحب فَيَقْضِي أم ضلال وباطل 356 أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ باطلٌ وَكُلُّ نَعِيمٍ لَا محَالة زائلُ 356 وكل أنَاس سَوف تدخل بَينهم دويهية تصفر مِنْهَا الأنامل 356 وكل امْرِئ يَوْمًا سَيعْلَمُ سَعْيه إِذا كشفت عِنْد الْإِلَه الحصائل 356 ودع هُرَيْرَة إِن الركب مرتحل وَهل تطبق وداعًا أَيهَا الرجل 777 مَا رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْحَزْنِ مُعْشِبَةٌ خَضْرَاءُ جَادَ عَلَيْهَا مُسْبِلٌ هَطِلُ 776 يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ مُؤْزِرٌ بِغَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ 776 فَمَرَّ بِنَا رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ وَانْزَوَى إِلَيْهِمْ مِنَ الرِّجْلِ الثَّمَانِينَ أرجل 806 إِذا كَانَ اللبيب كَذَا جهولًا فَمَا فضل اللبيب على الطغام 314 وَجَدْتُ اللَّهَ إِذَا سَمَّى نَزَارًا وَأَسْكَنَهُمْ بِمَكَّةَ قَاطِنِينَا 826 لَنَا جَعَلَ الْمَكَارِمَ خَالِصَاتٍ فَلِلنَّاسِ الْقَفَا وَلَنَا الجبينا 826 أثيبي أَخا ضارورة أصفق العدا عَلَيْهِ وَقلت فِي الصّديق أواصره 158 فهرس الْأَمْثَال: 1- حَدِيث خرافة 682 2- كالمستجير من الرمضاء بالنَّار 433 3- يداك أوكنا وفوك نفخ 238

فهرس أسماء الكتب

فهرس أَسمَاء الْكتب: 1- الْإِنْجِيل 567 2- التَّوْرَاة 263 3- الرَّد على الْجَهْمِية 208

فهرس اللغات والقبائل والبلدان والمدارس

فهرس اللُّغَات والقبائل والبلدان والمدارس: اللُّغَات: الصفحة السريانية 567 العبرانية 566 الْقَبَائِل: الأنباط 311 دارم 29 الْبلدَانِ: الْبَصْرَة 530 بطاطيا 311 حرستا 120 الْحيرَة 311 خُرَاسَان 530 روذراور 117 سجستان 29 الصالحية 111 قاسيون 910 كوثي 311 لفتوان 117 المصيصة 575 منبج 122 المنيحة 222 وَاسِط 581 اليرموك 634 الْمدَارِس: الْمدرسَة الضيائية 910

فهرس الأعلام والمترجم لهم

فهرس الْأَعْلَام والمترجم لَهُم مسلسل الصفحة 1 آدم عَلَيْهِ السَّلَام 177 2 أبان بن يزِيد الْعَطَّار 405 3 إِبْرَاهِيم بن سليم التَّمِيمِي 605 4 إِبْرَاهِيم بن سعد الزُّهْرِيّ 205 5 إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام 293 6 إِبْرَاهِيم بن مَيْمُون الصَّائِغ 186 7 إِبْرَاهِيم بن يزِيد النَّخعِيّ 374 8 ابْن تَيْمِية "شيخ الْإِسْلَام" 110 9 ابْن حجيرة الْأَكْبَر 324 10 ابْن خُزَيْمَة "مُحَمَّد بن إِسْحَاق" 33 11 ابْن طولون الْحَنَفِيّ 113 12 ابْن لَهِيعَة "عبد الله" 349 13 ابْن نمير "مُحَمَّد بن عبد الله" 556 14 أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ 678 15 أَبُو الْأَحْوَص"سَلام بن سليم" 496 16 أَبُو الْأَحْوَص"عَوْف بن مَالك" 790 17 أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ 283 18 أَبُو أُسَامَة "حَمَّاد بن أُسَامَة" 416 19 أَبُو إِسْحَاق السبيعِي 146 20 إبو إِسْحَاق الْفَزارِيّ 461 21 أَبُو الْأَصْبَغ الْحَرَّانِي 625 22 أَبُو البخْترِي "سعيد بن فَيْرُوز" 496 23 أَبُو بشر "جَعْفَر بن إِيَاس" 466 24 أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ" 269 25 أَبُو بكر بن عَيَّاش 540 26 أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن يَعْقُوب 83 27 أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرو ابْن حزم 614 28 أَبُو بكر الْهُذلِيّ 722 29 أَبُو تَمِيمَة الهُجَيْمِي 722 30 أَبُو جري "جَابر بن سليم" 336 31 أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ "عِيسَى" 490 32 أَبُو الْجَلِيل "عبد السَّلَام بن عجلَان" 336 33 أَبُو الْحسن السكرِي 479 34 أَبُو الْحسن الطرائفي 34 35 أَبُو حَفْص بن القواس 110 36 أَبُو حنيفَة "النُّعْمَان بن ثَابت" 192

مسلسل الصفحة 37 أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ 513 38 أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ 363 39 أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي "سُلَيْمَان" 317 40 أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 205 41 أَبُو سعيد الْخَيْر الْأَنمَارِي 280 42 أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن عبد الرحمن 167 43 أَبُو سُهَيْل "عَم الإِمَام مَالك" 905 44 أَبُو سَلام "مطور الحبشي" 276 45 أَبُو شُرَيْح "عبد الرَّحْمَن الْمعَافِرِي" 788 46 أَبُو شهَاب الحناط "عبد ربه" 207 47 أَبُو شهَاب الْخَولَانِيّ 186 48 أَبُو صَالح "باذام" 354 49 أَبُو صَالح الْحَرَّانِي 482 50 أَبُو صَالح الْحَنَفِيّ 679 51 أَبُو صَالح السمان "ذكْوَان" 270 52 أَبُو الصَّلْت الْهَرَوِيّ 632 53 أَبُو الصَّلْت يَعْقُوب بن شيبَة 83 54 أَبُو الضُّحَى "مُسلم بن صبيح" 331 55 أَبُو طَالب عَم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 839 56 أَبُو طَاهِر حَمْزَة الروذراوري 57 أَبُو عبد الرَّحْمَن الحبلي 377 58 أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمقري 317 59 أَبُو عبيد "الْقَاسِم بن سَلام" 556 60 أَبُو عَبدة بن عبد الله بن مَسْعُود 251 61 أَبُو عُبَيْدَة "يروي عَن سعيد ابْن سيار" 887 62 أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ "عبد الرَّحْمَن بن مل" 274 63 أَبُو عمر الحوضي 211 64 أَبُو عمرَان الْجونِي 762 65 أَبُو عَمْرو الْحِيرِي 33 66 أَبُو عوَانَة "وضاح" 263 67 أَبُو عَيَّاش بن النُّعْمَان الْمعَافِرِي 379 68 أَبُو فراس "يزِيد بن رَبَاح" 789 69 أَبُو الْقَاسِم الحرستاني 114 70 أَبُو قَابُوس مولى عبد الله بن عَمْرو 512 71 أَبُو قَتَادَة "رجل من محَارب" 72 أَبُو قلَابَة الْجرْمِي 754 73 أَبُو كثير الزبيدِيّ 877 74 أَبُو الكنود "عبد الله" 791

مسلسل الصفحة 75 أَبُو معشر الْمدنِي 332 76 أَبُو الْمنْهَال "سيار بن سَلامَة" 351 77 أَبُو المهزم التَّمِيمِي 660 78 أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 251 79 أَبُو نصر الْغَازِي 114 80 أَبُو نعيم "الْفضل بن دُكَيْن" 312 81 أَبُو هَاشم الرماني 464 82 أَبُو هَانِئ الْخَولَانِيّ 376 83 أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ 179 84 أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي 318 85 أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي 169 86 أَبُو الْهَيْثَم "سُلَيْمَان بن عَمْرو" 324 87 أَبُو الوداك "جبر بن نوف" 783 88 أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ 656 89 أَبُو يحيى القَتَّات 567 90 أَبُو يحيى "سليم الكلَاعِي" 733 91 أَبُو يزِيد "لَعَلَّه غيلَان بن أنس" 733 92 أَبُو يزِيد الْمدنِي 316 93 أَبُو الْيَمَان "الحكم بن نَافِع" 326 94 أَبُو يُوسُف "يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم" 167 95 أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ 678 96 أَحْمد بن أبي دؤاد 392 97 أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله 538 98 أَحْمد بن رَبَاح "من الْجَهْمِية" 393 99 أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ 610 100 أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس 173 101 أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْأَزْهَر 33 102 أَحْمد بن منيع الْبَغْدَادِيّ 227 103 الْأَحْنَف بن قيس 473 104 إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام 295 105 إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْقَرَّابُ 137 106 إِسْحَاق بن رَاشد 795 107 إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ 504 108 إِسْحَاق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ 490 109 إِسْحَاق بن مَنْصُور السَّلُولي 478 110 إِسْرَائِيل بن يُونُس السبيعِي 267 111 إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام 736 112 أَسمَاء بنت عُمَيْس الخثعمية 417 113 أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ 795 114 إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام 294 115 إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد 195

مسلسل الصفحة 116 إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر الزرقي 630 117 إِسْمَاعِيل بن زَكَرِيَّا الخلقاني 794 118 إِسْمَاعِيل بن عبيد الله المَخْزُومِي 515 119 إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش 281 120 الْأَصْمَعِي "عبد الْملك بن قريب" 384 121 الْأَعْرَج "عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز" 179 122 الْأَعْشَى "مَيْمُون بن قيس" 486 123 الْأَعْمَش "سُلَيْمَان بن مهْرَان" 157 124 الْأَغَر "سلمَان الْأَغَر" 210 125 أم حَفْص”وَالِدَة حبابة" 766 126 أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَدَّاعٍ الْخُزَاعِيَّةِ 766 127 أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا 375 128 أُميَّة بنت عبد الله 376 129 أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 201 130 أنس بن النَّضر الْأنْصَارِيّ 201 131 الْأَوْزَاعِيّ 433 132 إياد بن لَقِيط السدُوسِي 883 133 أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ 590 134 أَيُّوب بن عبد الله مكرز 475 135 بحير بن سعد "أَو ابْن سعيد" 786 136 الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 502 137 بُرَيْدَة بن الْحصيب رَضِي الله عَنهُ 418 138 الْبَزَّار أَبُو الْقَاسِم 84 139 بسر بن عبيد الله الْحَضْرَمِيّ 283 140 بشر بن أبي كَرِيمَة المريسي 47-71 141 بشر بن عَاصِم الثَّقَفِيّ 874 142 بشر بن نمير 463 143 بَقِيَّة بن الْوَلِيد 380 144 تَمِيم بن سَلمَة السّلمِيّ 314 145 ثَابت بن أسلم الْبنانِيّ 201 146 ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس 612 147 ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ 733 148 ثُوَيْر بن أبي فَاخِتَة 809 149 جَابر بن زيد أَبُو الشعْثَاء 169 150 جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ 153 151 جَامع بن شَدَّاد الْمحَاربي 461 152 جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام 389 153 جُبَير بن مُحَمَّد بن جُبَير 469 154 جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ 469 155 جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ 690

مسلسل الصفحة 156 جرير بن حَازِم 316 157 جرير بن عبد الحميد بن قرط 189 158 جرير بن عبد الله البَجلِيّ 195 159 الْجَعْد بن دِرْهَم 530 160 جَعْفَر بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 417 161 جَعْفَر بن زِيَاد الْأَحْمَر 411 162 جَعْفَر بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن 154 163 جهم بن صَفْوَان 147 164 جُوَيْبِر بن سعيد الْأَزْدِيّ 451 165 جوَيْرِية بن أَسمَاء 328 166 حَاتِم بن إِسْمَاعِيل الْمدنِي 154 167 الْحَارِث بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ 482 168 حبابة بنت عجلَان 766 169 حبيب بن أبي حبيب الْجرْمِي 581 170 حبيب بن أبي عمْرَة القصاب 252 171 حجاج بن مُحَمَّد المصِّيصِي 813 172 حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ 703 173 حَرْمَلَة بن عمرَان التجِيبِي 318 174 حريز بن عُثْمَان 685 175 حسان بن عَطِيَّة الْمحَاربي 481 176 الْحسن بن أبي الْحسن الْبَصْرِيّ 227 177 الْحسن بن الرّبيع البَجلِيّ 538 178 الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي 81 179 الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار 145 180 الْحُسَيْن بن وَاقد الْمروزِي 285 181 الحكم بن ظهير 423 182 الحكم بن مُوسَى الْبَغْدَادِيّ 481 183 حَمَّاد بن أبي حنيفَة 192 184 حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان 595 185 حَمَّاد بن جَعْفَر الْعَبْدي 516 186 حَمَّاد بن زيد 452 187 حَمَّاد بن سَلمَة 187 188 حميد بن أبي سُوَيْد الْمَكِّيّ 282 189 حميد الْأَعْرَج 742 190 حميد بن زِيَاد 902 191 حَيَّان الْأَعْرَج 169 192 حَيْوَة بن شُرَيْح 376 193 خَالِد بن أبي عمرَان التجِيبِي 379 194 خَالِد الْحذاء 320 195 خَالِد بن دِينَار النيلي 716 196 خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان 270 197 خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ 574 198 خَالِد بن معدان الكلَاعِي 786 199 خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ 817

مسلسل الصفحة 200 خُلَيْد بن دعْلج 180 201 الْخَلِيل بن أَحْمد الفراهيدي 383 202 خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة 315 203 خَيْثَمَة بن عبد الرَّحْمَن الجفعي 157 204 دَاوُد بن أبي هِنْد 760 205 دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام 742 206 دحْيَة الْكَلْبِيّ 390 207 دراج بن سمْعَان 324 208 ذكْوَان مولى عَائِشَة 521 209 ذُو الشمالين عُمَيْر بن عبد عَمْرو 699 210 رَاشد بن سعد المقرائي 409 211 رَبَاح بن زيد 859 212 الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ "أَبُو تَوْبَةَ" 151 213 ربيعَة بن يزِيد الدِّمَشْقِي 857 214 رِفَاعَة بن عرابة الْجُهَنِيّ 212 215 رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمُقْرِئُ 174 216 زَائِدَة بن قدامَة الثَّقَفِيّ 602 217 زَاذَان "أَبُو عمر الْكِنْدِيّ" 501 218 الزبير "أَبُو عبد السَّلَام" 475 219 زُرَارَة بن أوفى العامري 762 220 زر بن حُبَيْش 422 221 زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة 416 222 زَكَرِيَّا بن نَافِع الرَّمْلِيّ 874 223 الزُّهْرِيّ "مُحَمَّد بن شهَاب" 175 224 زُهَيْر بن مُعَاوِيَة بن خديج 520 225 زُهَيْر بن نعيم البابي 586 226 زِيَادَة بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ 513 227 زيد بن أَرْطَأَة 690 228 زيد بن أسلم مولى ابْن عمر 257 229 زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ 678 230 زيد بن جُبَير بن حرمل 496 231 زيد بن سَلام الحبشي 278 232 السَّائِب بن مَالك أَو ابْن زيد 713 233 سَالم بن أبي أُميَّة 605 234 سَالم بن عبد الله بن عمر 326 235 السّديّ "إِسْمَاعِيل بن أبي كَرِيمَة" 450 236 سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 796 237 سعد بن معبد التغلبي 416 238 سَعْدَوَيْه "سعيد الضَّبِّيّ" 659 239 سعيد بن أبي عرُوبَة 202 240 سعيد بن أبي مَرْيَم 286 241 سعيد بن بشير الْأَزْدِيّ 906 242 سعيد بن جُبَير 173 243 سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيُّ 182

مسلسل الصفحة 244 سعيد بن الْمسيب 247 245 سعيد المَقْبُري 332 246 سعيد بن نمران 247 سعيد بن يسَار 887 248 سُفْيَان الثَّوْريّ 268 249 سفين بن حُسَيْن الوَاسِطِيّ 793 250 سُفْيَان بن عُيَيْنَة 175 251 سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ 274 252 سَلمَة بن دِينَار 245 253 سليم بن جُبَير 318 254 سُلَيْمَان بن حَرْب الواشحي 590 255 سُلَيْمَان بن دَاوُد الْخَولَانِيّ 614 256 سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ 274 257 سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة الْقَيْسِي 522 258 سماك بن حَرْب 329 259 سِنَان بن سعد "أَو سعد بن سِنَان" 349 260 سهل بن بكار 336 261 سُهَيْل بن أبي صَالح السمان 270 262 سُوَيْد بن غَفلَة 579 263 سَلام بن أبي مُطِيع 587 264 سَلام بن سُلَيْمَان الْمَدَائِنِي 880 265 سَلام بن مِسْكين 287 266 شَاذان الْأسود بن عَامر 725 267 الشَّافِعِي مُحَمَّد بن إِدْرِيس 585 268 شبيب بن شيبَة 227 269 شبيب ن نعيم أبوروح 685 270 شُرَيْح النَّخعِيّ القَاضِي 667 271 شُرَيْح بن هَانِيء الْمذْحِجِي 870 272 شريك بن عبد الله النَّخعِيّ 330 273 شُعْبَة بن الْحجَّاج 250 274 الشّعبِيّ عَامر بن شراحبيل 168 275 شُعَيْب بن أبي جَمْرَة 326 276 شُعَيْب بن سهل من الْجَهْمِية 393 277 شُعَيْب بن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ765 278 شَقِيق بن سَلمَة الْأَسدي 753 279 شهر بن حَوْشَب 351 280 صَالح عَلَيْهِ السَّلَام 293 281 صبيغ بن عسل التَّيْمِيّ 527 282 صدي بن عجلَان "أَبُو أُمَامَة" 463 283 صَفْوَان بن مُحرز الْمَازِني 461 284 صَفِيَّة بنت حَرِير 766

مسلسل الصفحة 285 صُهَيْب الرُّومِي رَضِي الله عَنهُ 715 286 الضَّحَّاك بن مُزَاحم 721 287 ضرار بن عَمْرو المعتزلي 836 288 طَاوُوس بن كيسَان الْيَمَانِيّ 624 289 طَلْحَة بن خرَاش 759 290 طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنهُ 621 291 طلق بن حبيب الْعَنزي 267 292 عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا 252 293 عَاصِم بن أبي النجُود 422 294 عَاصِم بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ 874 295 عَاصِم بن العجاج الجحدري 287 296 عَاصِم بن مُحَمَّد الْعمريّ 627 297 عَامر بن زيد الْبكالِي 276 298 عَامر بن سعد البَجلِيّ 719 299 عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 483 300 الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ الله عَنهُ 473 301 الْعَبَّاس بن الْوَلِيد النَّرْسِي 202 302 عبد الحميد بن بهْرَام 382 303 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى 715 304 عبد الرَّحْمَن بن سابط 268 305 عبد الرَّحْمَن بن سلمَان الحجري 610 306 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ الله عَنهُ 176 307 عبد الرَّحْمَن بن غنم رَضِي الله عَنهُ 516 308 عبد الرَّحْمَن بن كيسَان المعتزلي 392 309 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حبيب 580 310 عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الْعَنْبَري 690 311 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابر 283 312 عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب الْجُهَنِيّ 335 313 عبد الرَّحِيم بن مُحَمَّد الْأَصْبَهَانِيّ 111 314 عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ 245 315 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بن حزم 615 316 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ 154 317 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَلِيكَةَ 286 318 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ 794

مسلسل الصفحة 319 عبد الله بن بُرَيْدَة بن الْحصيب 418 320 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ 462 321 عبد الله بن الْحَارِث الزبيدِيّ 877 322 عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل 189 323 عبد الله بن خَليفَة 426 324 عبد الله بن دِينَار 333 325 عبد الله بن ذكْوَان "أَبُو الزِّنَاد" 179 326 عبد الله بن رَجَاء الْمَكِّيّ الْبَصْرِيّ 717 327 عبد الله بن رَجَاء الغداني 425 328 عبد الله بن رَوَاحَة [غير الصَّحَابِيّ] 908 329 عبد الله بن السَّائِب الْكِنْدِيّ 272 330 عبد الله بن سُلَيْمَان بن زرْعَة 324 331 عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ 364 332 عبد الله بن صَالح "أَبُو صَالح" 171 333 عبد الله بن عَامر الْيحصبِي 278 334 عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ 172 335 عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خثيم 520 336 عبد الله بن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 245 337 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ 256 338 عبد الله بن عميرَة 473 339 عبد الله بن عون "أَبُو عون" 868 340 عبد الله بن فَيْرُوز الديلمي 857 341 عبد الله بن الْمُبَارك 143 342 عبد الله بن الْمخَارِق 718 343 عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنهُ 190 344 عبد الله بن وهب بن مُسلم 610 345 عبد الْملك بن جريج 813 346 عبد الْوَاحِد بن زِيَاد 261 347 عبيد بن مهْرَان الْمكتب 261 348 عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبَة 406 350 عبيد الله بن الْمُغيرَة 789 351 عبيد الله بن مقسم 245 352 عُبَيْدَة السَّلمَانِي 374 353 عُبَيْدَة الهُجَيْمِي 336 354 عتبَة بن أبي حَكِيم 381 355 عتبَة بن عبد السلمى 276 356 عُثْمَان بن أبي شيبَة 188 357 عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ 21-44

مسلسل الصفحة 358 عُثْمَان بن عَاصِم "أَبُو حُصَيْن" 579 359 عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ 604 360 عُثْمَان بن الْهَيْثَم الْمُؤَذّن 407 361 عجلَان الْمدنِي 254 362 عَجِيبَة بنت الْحَافِظ الباقداري 111 363 عدي بن حَاتِم 156 364 عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام 314 365 عُزَيْر 692 366 عَطاء بن أبي رَبَاح 187 367 عَطاء بن السَّائِب 173 368 عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ 205 369 عَطاء بن يسَار 206 370 عقيل بن خَالِد الْأَيْلِي 516 372 عَلْقَمَة بن قبيس النَّخعِيّ 624 373 عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عَنهُ 525 374 عَليّ بن أبي طَلْحَة 171 375 عَليّ بن الْجَعْد الْجَوْهَرِي 330 376 عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ 145 377 عَليّ بن خشرم 146 378 عَليّ بن رَبَاح بن قصير 482 379 عَليّ بن ربيعَة بن نَضْلَة 882 380 عَليّ بن زيد بن جدعَان 188 381 عَليّ بن حمد بن أبي المضاء 574 382 عَليّ بن الْمَدِينِيّ 151 383 عمار بن مُعَاوِيَة الدهني 399 384 عمار بن يَاسر رَضِي الله عَنهُ 713 385 عمَارَة بن عُمَيْر التَّيْمِيّ 322 386 عمرَان بن أبي عَطاء "أَبُو حَمْزَة" 908 387 عمر بن حبيب الْمَكِّيّ 859 388 عُمَرَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حنيفَة 192 389 عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 277 390 عمر بن عبد الْعَزِيز الْأمَوِي 904 391 عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى غفرة 420 392 عَمْرو بن أبي عَمْرو مولى الْمطلب 630 393 عَمْرو بن أَوْس الثَّقَفِيّ 394 عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ 614 395 عَمْرو بن دِينَار 244 396 عَمْرو بن شُعَيْب 765 397 عَمْرو بن عون الوَاسِطِيّ 157 398 عَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد 478 399 عَمْرو بن مَرْزُوق الْبَاهِلِيّ 250 400 عَمْرو بن مرّة الْجملِي 250

مسلسل الصفحة 401 عمرَان بن أبي عَطاء "أَبُو حَمْزَة الْقصاص" 402 عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 227 403 عَنْبَسَة بن سعيد 251 404 عَوْف بن أبي حميلة 351 405 الْعَلَاء بن الْحَارِث الْحَضْرَمِيّ 690 406 الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن 335 407 عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام 295 408 عِيسَى بن يُونُس السبيعِي 146 409 غَزوَان الْغِفَارِيّ 450 410 غَسَّان الْكُوفِي المرجئي 393 411 فَاطِمَة بنت عَليّ رَضِي الله عَنْهَا 174 412 فِرْعَوْن 165 413 فضَالة بن عبيد 513 414 الْفضل بن مُوسَى السناني 285 415 فُضَيْل بن عِيَاض 373 416 فُضَيْل بن غَزوَان 519 417 فطر بن خَليفَة 268 418 الْقَاسِم بن أبي بزَّة 859 419 الْقَاسِم الْجرْمِي 576 520 الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن الدِّمَشْقِي 463 421 الْقَاسِم بن مُحَمَّد المعمري 580 422 قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي 180 423 قَتَادَة بن النُّعْمَان رَضِي الله عَنهُ 802 424 القعْنبِي "عبد الله بن مسلمة" 210 425 قيس بن أبي حَازِم 195 426 قيس الْكِنْدِيّ 279 427 كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ 786 428 كَعْب الْأَحْبَار 265 429 الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي 826 430 اللؤْلُؤِي "أَبُو عَليّ بن الْحسن" 556 431 لبيد بن ربيعَة 355 432 لَقِيط بن صبيرة "أَبُو رزين" 770 433 لَيْث بن أبي سليم 721 434 اللَّيْث بن سعد 206 435 مَالك بن أبي عَامر الأصبحي 626 436 مَالك بن أنس 210 437 الْمُبَارك بن فضَالة الْبَصْرِيّ 659 438 المتَوَكل "جَعْفَر بن مُحَمَّد" 22، 534 439 الْمثنى بن الصَّباح 765 440 مجَالد بن سعيد 168 441 مُجَاهِد بن جُبَير 252

مسلسل الصفحة 442 مَحْبُوب بن مُوسَى الْأَنْطَاكِي 150 443 مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ 626 444 مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السُّلَمِيِّ 794 445 مُحَمَّد بن إِسْحَاق المطلبي 468 446 مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي "بنْدَار" 468 447 مُحَمَّد بن بكار الريان 793 448 مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ 469 449 مُحَمَّد بن حبيب الْجرْمِي 580 450 مُحَمَّد بن الْحسن الشَّيْبَانِيّ 665 451 مُحَمَّد بن خازم "أَبُو مُعَاوِيَة" 157 452 مُحَمَّد بن زِيَاد الجُمَحِي 880 453 مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله ابْن عمر 627 454 مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ 353 455 مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي 625 456 مُحَمَّد بن سوقة الغنوي 606 457 مُحَمَّد بن سِيرِين 181 458 مُحَمَّد بن شُجَاع الثَّلْجِي 73-90 459 مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ 420 460 مُحَمَّد بن الصَّباح الدولابي 473 461 مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف آل الشَّيْخ 107 462 مُحَمَّد بن عبيد بن أبي أُميَّة 849 463 مُحَمَّد بن عُثْمَان التنوخي 906 464 مُحَمَّد بن عجلَان الْمدنِي 254 465 مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب 606 466 مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن 154 467 مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ 614 468 مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة 249 469 مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان 518 470 مُحَمَّد بن كثير الْعَبْدي الْبَصْرِيّ 268 471 مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ 513 472 مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ 574 473 مُحَمَّد بن مُسلم الْمدنِي 174 474 مُحَمَّد بن الْمُعْتَمِر السجسْتانِي 586 475 مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي 574 476 محد بن الْمنْهَال الضَّرِير 264 477 مُخَارق بن سليم 718 478 مرّة بن شرَاحِيل الْهَمدَانِي 879 479 مَرْيَم بنت عمرَان 390 480 المستعين بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 23 481 مُسَدّد بن مسرهد 175 482 مَسْرُوق الأجدع 761

مسلسل الصفحة 483 المَسْعُودِيّ "عبد الرَّحْمَن بن عبد الله" 718 484 مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ 250 485 مُسلم البطين 399 486 مُسلم بن يزِيد أَو ابْن نَذِير 718 487 معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ 739 488 معَاذ بن هِشَام الدستوَائي 875 489 الْمعَافى بن عمرَان 545 490 مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان 617 491 مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق 479 492 مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ 491 493 مُعَاوِيَة بن سَلام الدِّمَشْقِي 276 494 مُعَاوِيَة بن صَالح 171 495 مُعَاوِيَة بن عمار الدهني 572 496 معبد بن رَاشد 571 497 المعتز بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 24 498 المعتضد بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 25 499 الْمُعْتَمد على الله "الْخَلِيفَة" 25 500 معضد بن يزِيد الْعجلِيّ 740 501 معمر بن رَاشد الْأَزْدِيّ 205 502 الْمُغيرَة بن حَكِيم الصفاتي 611 503 الْمُنْتَصر بِاللَّه "الْخَلِيفَة" 23 504 الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة 188 505 الْمُنْذر بن يعلى الثَّوْريّ 606 506 مَنْصُور بن عمار الْوَاعِظ 578 507 مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر 373 508 الْمنْهَال بن عَمْرو الْأَسدي 466 509 الْمُهْتَدي بن الواثق 24 510 مهْدي بن جَعْفَر الرَّمْلِيّ 245 511 مُوسَى بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ 759 512 مُوسَى بن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي 168 513 مُوسَى بن دَاوُد الضَّبِّيّ 571 514 مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام 155 515 ميسرَة أَبُو صَالح الْكِنْدِيّ 263 516 مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام 763 517 نَافِع بن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعيم 174 518 نَافِع بن عمر الجُمَحِي 286 519 نَافِع مولى ابْن عمر 328 520 النَّضر بن الْحَارِث 528 521 النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 754 522 نعيم بن أبي نعيم 186 523 نعيم بن حَمَّاد الْخُزَاعِيّ 204 524 نعيم بن همار 786

مسلسل الصفحة 525 النُّفَيْلِي "عبد الله بن مُحَمَّد" 520 526 النواس بن سمْعَان الْكلابِي رَضِي الله عَنهُ 283 527 نوح عَلَيْهِ السَّلَام 291 528 نوف الْبكالِي 522 529 هدبة بن خَالِد 169 530 هِشَام بن بهْرَام الْمَدَائِنِي 577 531 هِشَام بن حسان الْأَزْدِيّ 640 532 هِشَام بن خَالِد الدِّمَشْقِي 420 533 هِشَام الدستوَائي 212 534 هِشَام بن سعد الْمدنِي 206 535 هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير 478 536 هِشَام بن عمار الدِّمَشْقِي 180 537 هشيم بن بشير 628 538 هِقْل بن زِيَاد 433 539 همام بن مُنَبّه الصَّنْعَانِيّ 609 540 همام بن يحيى بن دِينَار 869 541 هود عَلَيْهِ السَّلَام 292 542 هِلَال بن أبي أُميَّة 212 543 الْهَيْثَم بن خَارِجَة 281 544 الواثق "الْخَلِيفَة" 22 545 وَكِيع بن الْجراح 150 546 وَكِيع بن عدس أَو حدس 778 547 الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن الْحَرَشِي 628 548 الْوَلِيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْر 473 549 الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان 279 550 الْوَلِيد بن مُسلم الْقرشِي 180 551 الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي 487 552 وهب بن جرير 468 553 وهب بن ربيعَة الْكُوفِي 322 554 وهب بن مُنَبّه 609 555 وهيب بن خَالِد بن عجلَان 753 556 يحيى بن آدم 82 557 يحيى بن أبي كثير الطَّائِي 212 558 يحيى بن أَيُّوب الغافقي 324 559 يحيى بن حَمْزَة الْحَضْرَمِيّ 614 560 يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ 379 561 يحيى بن سعيد الْقطَّان 272 562 يحيى بن عبد الحميد الْحمانِي 399 563 يحيى بن عبد الله بن بكير 210 564 يحيى بن يحيى بن كثير اللَّيْثِيّ 151 565 يزِيد بن أبان الرقاشِي 381 566 يزِيد بن إِبْرَاهِيم التسترِي 364 567 يزِيد بن أبي حبيب 349 568 يزِيد بن أبي زِيَاد الْهَاشِمِي 189 569 يزِيد بن زُرَيْع الْبَصْرِيّ 202 570 يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الْحِمْصِيُّ 380

مسلسل الصفحة 571 يزِيد النَّحْوِيّ 285 572 يزِيد بن هَارُون السّلمِيّ 545 573 اليزيدي "يحيى بن الْمُبَارك" 82 574 يَعْقُوب بن عتبَة بن الْمُغيرَة 468 575 يعلى بن عَطاء العامري 628 576 يُوسُف بن مهْرَان الْبَصْرِيّ 347 577 يُوسُف بن يحيى الْبُوَيْطِيّ 585 578 يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي 247

فهرس المصادر

فهرس المصادر: 1- الْقُرْآن الْكَرِيم 2- آثَار الْبِلَاد وأخبار الْعباد/ الْقزْوِينِي/ دَار صادر -دَار بيروت 1380هـ 1960م- بيروت. 3- آدَاب الشَّافِعِي ومناقبه/ ابْن أبي حَاتِم/ تَحْقِيق عبد الْغَنِيّ عبد الْخَالِق/ دَار الْكتب العلمية- لبنان. 4- الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير/ الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الجورقاني مخطوط/ جَامِعَة الْملك سعود. 5- إبِْطَال الْقيَاس والرأي وَالِاسْتِحْسَان/ ابْن حزم الظَّاهِرِيّ/ تَحْقِيق سعيد الأفغاني/ مطبعة جَامِعَة دمشق 1379هـ. 6- أَبُو هُرَيْرَة راوية الْإِسْلَام/ مُحَمَّد عجاج الْخَطِيب/ المؤسسة المصرية الْعَامَّة للطباعة والنشر. 7- اجْتِمَاع الجيوش الإسلامية على غَزْو المعطلة والجهمية/ ابْن الْقيم/ نشر المكتبة السلفية- الْمَدِينَة المنورة. 8- الْأَجْوِبَة الفاخرة/ الْقَرَافِيّ/ هَامِش الْفَارُوق بَين الْمَخْلُوق والخالق/ عبد الرَّحْمَن بك/ مطبعة الموسوعات- مصر. 9- الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام/ ابْن حزم الظَّاهِرِيّ/ تَحْقِيق وَتَقْدِيم وَتَصْحِيح: مُحَمَّد أَحْمد عبد الْعَزِيز/ ط. الأولى 1398هـ-1978م- الْقَاهِرَة. 10- اخْتِيَار الأولى فِي شرح حَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى/ ابْن رَجَب/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُنِير الدِّمَشْقِي. 11- الْأَدَب الْمُفْرد/ الإِمَام البُخَارِيّ/ ط. الثَّانِيَة. الثَّانِيَة -الْقَاهِرَة 1379هـ.

12- الْأَدْيَان فِي الْقُرْآن/ د. مَحْمُود بن الشريف/ ط. الرَّابِعَة 1979م/ دَار عكاظ للطباعة والنشر. 13- الْأَذْكَار/ النَّوَوِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الْقَادِر الأرناؤط -مطبعة الملاح- دمشق 1391هـ-1971م. 14- الاسْتقَامَة/ ابْن تَيْمِية/ تَحْقِيق مُحَمَّد رشاد سَالم/ ط. الأولى/ جَامِعَة الإِمَام 1403هـ-1983 م. 15- الِاسْتِيعَاب هَامِش الْإِصَابَة/ ابْن عبد الْبر/ مطبعة مصطفى مُحَمَّد -مصر 1358هـ-1939م. 16- أَسد الغابة/ ابْن الْأَثِير/ المكتبة الإسلامية- طهران. 17- الْأَسْمَاء وَالصِّفَات/ الْبَيْهَقِيّ/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد زاهد الكوثري. بذيله فرقان الْقُرْآن بَين صِفَات الْخَالِق وصفات الأكوان/ سَلامَة العزامي. 18- الإشارات إِلَى بَيَان أَسمَاء المبهمات/ النَّوَوِيّ/ المطبعة الدخانية- لاهور. 19- الْإِصَابَة فِي تَمْيِيز الصَّحَابَة/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي بهامشه الِاسْتِيعَاب/ مطبعة مصطفى مُحَمَّد- مصر 1358هـ-1939م. 20- أضواء على السّنة المحمدية/ مُحَمَّد أَبُو رية/ ط. الأولى 1377هـ-1958م. 21- اعتقادات فرق الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين/ فَخر الدَّين الرَّازِيّ، وَمَعَهُ مَبْحَث فِي الصُّوفِيَّة وَالْفرق الإسلامية/ مصطفى بك/ مُرَاجعَة عَليّ سامي النشار/ مكتبة النهضة المصرية -الْقَاهِرَة 1356هـ-1938م. 22- الاعتقادات وَالْهِدَايَة إِلَى سَبِيل الرشاد/ الْبَيْهَقِيّ/ تَعْلِيق وَتَخْرِيج أَحْمد عِصَام الْكَاتِب/ دَار الْآفَاق الجديدة- بيروت. 23- الْأَعْلَام/ خير الدَّين الزركلي/ ط. الثَّالِثَة.

24- إِعْلَام الموقعين عَن رب/ ابْن الْقيم/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق طه عبد الرؤوف سعد/ دَار الجيل- بيروت 1973م. 25- أَعْلَام النِّسَاء فِي عالمي الْعَرَب وَالْإِسْلَام/ عَمْرو رضاكحالة/ ط. الثَّانِيَة 1378هـ-1959م-دمشق. 26- إغاثة اللهفان من مصايد الشَّيْطَان/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق وَتَصْحِيح مُحَمَّد حَامِد الفقي/ دَار الْمعرفَة -بيروت. 27- الأغاني/ أَبُو الْفرج الْأَصْفَهَانِي/ تَصْحِيح الشَّيْخ أَحْمد الشنقيطي/ مطبعة التَّقَدُّم- الْقَاهِرَة. 28- ألفية السُّيُوطِيّ فِي عُلُوم الحَدِيث/ شرح وَتَصْحِيح أَحْمد شَاكر. 29- الْأَمْوَال/ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ ط. الثَّانِيَة 1395هـ-1975م -دَار الْفِكر- الْقَاهِرَة. 30- الْأَنْسَاب/ السَّمْعَانِيّ/ نشره المستشرق د. س مرجليوث/ طبع بالأوفست -مكتبة الْمثنى- بَغْدَاد 1970م. 31- الْأَنْوَار الكاشفة لما فِي كتاب أضواء السّنة من الزلل والتضليل والمجازفة/ عبد الرَّحْمَن بن يحيى المعلمي/ المطبعة السلفية- الْقَاهِرَة 1378هـ. 32- أوضح المسالك إِلَى ألفية ابْن مَالك/ ابْن هِشَام الْأنْصَارِيّ/ وَمَعَهُ كتاب إرشاد السالك إِلَى تَحْقِيق أوضح المسالك/ مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد -مطبعة السَّعَادَة- مصر 1376هـ-1957م. 33- إِيضَاح الْمكنون فِي الذيل عَليّ كشف الظنون/ إِسْمَاعِيل باشا الْبَغْدَادِيّ/ تَصْحِيح مُحَمَّد شرف الدَّين/ ط. الثَّالِثَة 1378هـ-1957م طهران. 34- الْإِيمَان/ ابْن أبي شيبَة/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ المطبعة العمومية- دمشق.

35- الْبَحْر الرَّائِق شرح كنز الدقائق/ ابْن نجيم الْحَنَفِيّ/ ط. الثَّانِيَة -دَار الْمعرفَة- بيروت. 36- بَدَائِع الصَّنَائِع فِي تَرْتِيب الشَّرَائِع/ الكاساني/ ط. الثَّانِيَة 1394هـ. 1974م- دَار الْفِكر الْعَرَبِيّ. 37- بَدَائِع المنن فِي جمع وترتيب مُسْند الشَّافِعِي وَالسّنَن/ أَحْمد الْبَنَّا الساعاتي/ ط. الأولى 1369هـ-1950م -دَار الْأَنْوَار- مصر. 38- الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة/ ابْن كثير/ ط. الأولى 1351هـ-1932م -مطبعة السَّعَادَة- مصر. 39- البدور الزاهرة فِي الْقرَاءَات الْعشْر المتواترة/ عبد الفتاح القَاضِي/ ط. الأولى 1375هـ/ مطبعة البابي الْحلَبِي- مصر. 40- الْبلدَانِ/ اليعقوبي/ النجف 1337هـ-1918م. 41- بَيَان تلبس الْجَهْمِية فِي تأسيس بدعهم الكلامية، أَو: نقض تأسيس الْجَهْمِية/ ابْن تَيْمِية/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن قَاسم/ ط. الأولى 1392هـ مطبعة الْحُكُومَة - مَكَّة المكرمة. 42- تَاج التراجم فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة/ ابْن قطلوبغا/ مكتبة الْمثنى- بَغْدَاد. 43- تَارِيخ ابْن خلدون/ عبد الرَّحْمَن بن خلدون/ دَار الْكتاب اللبناني 1966م. 44- تَارِيخ الْأُمَم والملوك/ الطَّبَرِيّ/ تَحْقِيق: مُحَمَّد أَبُو الْفضل إِبْرَاهِيم/ دَار سويدان -بيروت- لبنان. 45- تَارِيخ بَغْدَاد/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ -بيروت- لبنان. 46- تَارِيخ التراث الْعَرَبِيّ/ فؤاد سزكين. نَقله إِلَى الْعَرَبيَّة د. مَحْمُود حجازي، د. فهمي أَبُو الْفضل - الْهَيْئَة المصرية الْعَامَّة 1978م.

47- تَارِيخ الْجَهْمِية والمعتزلة/ جمال الدَّين القاسمي/ ط. الأولى 1331هـ-1292م/ مطبعة الْمنَار- مصر. 48- تَارِيخ الْخُلَفَاء/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ ط. الثَّالِثَة 1383هـ-1964م/ مطبعة الْمدنِي. 49- التَّارِيخ الصَّغِير/ الإِمَام البُخَارِيّ وَمَعَهُ كتابي الضُّعَفَاء الصَّغِير، والضعفاء والمتروكين/ المكتبة الأثرية- باكستان. 50- تَارِيخ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ عَن يحيى بن معِين فِي تجريح الروَاة وتعديلهم/ تَحْقِيق د. أَحْمد مُحَمَّد نور يُوسُف/ دَار الْمَأْمُون للتراث - دمشق بيروت. 51- تَارِيخ عمر بن الْخطاب/ ابْن الْجَوْزِيّ/ تَقْدِيم وَتَعْلِيق أُسَامَة الرِّفَاعِي 1394هـ. 52- التَّارِيخ الْكَبِير/ الإِمَام البُخَارِيّ/ ط. الأولى 1360هـ/ دَائِرَة المعارف العثمانية/ حيدر آباد الدكن - الْهِنْد. 53- تَأْوِيل مُخْتَلف الحَدِيث/ ابْن قُتَيْبَة الدينَوَرِي/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ - بيروت. 54- تَجْرِيد أَسمَاء الصَّحَابَة/ الذَّهَبِيّ/ ط. الأولى 1315هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية/ حيدر آباد -الدكن- الْهِنْد. 55- تحفة الأحوذي بشرح جَامع التِّرْمِذِيّ/ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن المباركفوري/ أشرف على مُرَاجعَة أُصُوله وتصحيحه عبد الْوَهَّاب عبد الطيف/ ط. الثَّالِثَة 1399هـ-1979م/ دَار الْفِكر. 56- تحفة الأحوذي "الْمرجع السَّابِق" مُرَاجعَة وَتَصْحِيح عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان/ ط. الثَّانِيَة 1384هـ-1964م- مطبعة الْمدنِي- الْقَاهِرَة. 57- تحفة الذَّاكِرِينَ/ الشَّوْكَانِيّ/ دَار الْكتب العلمية/ دون تَارِيخ.

58- التخويف من النَّار والتعريف بدار الْبَوَار/ ابْن رَجَب الْحَنْبَلِيّ/ ط. الأولى 1399هـ-1779م- مكتبة دَار الْبَيَان- دمشق. 59- تدريب الرَّاوِي فِي شرح تقريب النواوي/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق ومراجعة عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف/ ط. الأولى 1379هـ-1959/ المكتبة العلمية- الْمَدِينَة المنورة. 60- تذكرة الْحفاظ/ الإِمَام الذَّهَبِيّ/ دَار إحْيَاء التراث الْعَرَبِيّ- بيروت. 61- تذكرة الموضوعات/ مُحَمَّد بن طَاهِر الفتني بذيله قانون الموضوعات/ للمؤلف/ نشر أَمِين دمج- بيروت. 62- تَرْجَمَة الإِمَام أَحْمد من تَارِيخ الْإِسْلَام/ الذَّهَبِيّ/ تَحْقِيق أَحْمد شَاكر/ دَار المعارف 1365هـ-1946م. 63- التَّرْغِيب والترهيب من الحَدِيث الشريف/ عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ/ ضبط وَتَعْلِيق مصطفى مُحَمَّد عمَارَة/ ط. الثَّانِيَة 1373هـ-1954/ البابي الْحلَبِي. 64- تَعْجِيل الْمَنْفَعَة بزوائد رجال الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ- بيروت. 65- تَفْسِير الثعالبي الموسوم بجواهر الحسان فِي تَفْسِير الْقُرْآن/ مؤسسة الأعلمي بيروت "دون تَارِيخ". 66- تَفْسِير الطَّبَرِيّ "جَامع الْبَيَان فِي تَفْسِير الْقُرْآن"/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مَحْمُود شَاكر تَخْرِيج أَحْمد شَاكر/ دَار المعارف - مصر. 67- تَفْسِير الطَّبَرِيّ بهاشمه تَفْسِير غرائب الْقُرْآن ورغائب الْفرْقَان/ للنيسابوري ط. الثَّانِيَة/ دَار الْمعرفَة - بيروت. 68- تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم/ ابْن كثير/ طبع دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة/ عِيسَى

البابلي الْحلَبِي وشركاه. 69- تَفْسِير الْمنَار/ مُحَمَّد رشيد رضَا/ ط. الرَّابِعَة 1373هـ-1954م/ دَار الْمنَار- مصر. 70- تقريب التَّهْذِيب/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ حَقَّقَهُ وعلق حَوَاشِيه عبد الْوَهَّاب عبد اللطيف/ نشر مُحَمَّد سُلْطَان النمنكاني- الْمَدِينَة المنورة. 71- تَقْيِيد الْعلم/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق يُوسُف العش/ ط. الثَّانِيَة 1974 دَار إحْيَاء السّنة النَّبَوِيَّة. 72- التَّمْهِيد لما فِي الْمُوَطَّأ من الْمعَانِي والأسانيد/ ابْن عبد الْبر النمري/ تَحْقِيق وَتعلق مصطفى الْعلوِي وَمُحَمّد الْبكْرِيّ/ المطبعة الملكية- الرِّبَاط. 73- تَمْيِيز الطّيب من الْخَبيث فِيمَا يَدُور على أَلْسِنَة النَّاس من الحَدِيث/ ابْن الديبغ الشَّيْبَانِيّ/ ط. الأولى 1324- مصر. 74- التَّنْبِيهَات السّنيَّة على العقيدة الواسطية/ عبد الْعَزِيز نَاصِر الرشيد/ ط. 75- تَنْزِيه الشَّرِيعَة المرفوعة عَن الْأَخْبَار الشنيعة الْمَوْضُوعَة/ أَبُو الْحسن الْكِنَانِي/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف، وَعبد الله مُحَمَّد الصّديق/ ط. الأولى- مكتبة الْقَاهِرَة. 76- تنوير المقباس من تَفْسِير ابْن عَبَّاس/ الفيروز آبادي/ بهامشه كتابي النقول وَمَعْرِفَة النَّاسِخ والمنسوخ/ مطبعة الاسْتقَامَة -الْقَاهِرَة 1380هـ-1960م. 77- تَهْذِيب الإِمَام ابْن قيم الجوزية على مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُد/ لِلْمُنْذِرِيِّ/ تَحْقِيق أَحْمد شَاكر وَمُحَمّد حَامِد الفقي/ مطبعة أنصار السّنة المحمدية 1367هـ-1948م. 78- تَهْذِيب التَّهْذِيب/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ مُصَور عَن ط. الأولى/ دَائِرَة.

المعارف النظامية/ حيدر آباد الدكن- الْهِنْد 1326هـ. 79- تَهْذِيب الْكَمَال فِي أَسمَاء الرِّجَال/ الْحَافِظ الْمزي/ قدم لَهُ عبد الْعَزِيز رَبَاح وَأحمد الدقاق/ دَار الْمَأْمُون للتراث - دمشق- بيروت. 80- تَهْذِيب اللُّغَة/ الْأَزْهَرِي/ الدَّار المصرية للتأليف والترجمة. 81- التَّوْحِيد وَإِثْبَات صِفَات الرب عز وَجل/ ابْن خُزَيْمَة/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق مُحَمَّد خَلِيل هراس/ دَار الْكتب العلمية - بيروت 1398هـ-1978م. 82- الثِّقَات/ ابْن حبَان/ ط. الأولى 1393هـ-1973م دَائِرَة المعارف العثمانية الْهِنْد. 83- جَامع بَيَان الْعلم وفضله وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَته وَحمله/ ابْن عبد الْبر النمر/ دَار الْفِكر- بيروت لبنان. 84- الْجَامِع الصَّغِير فِي أَحَادِيث البشير النذير/ السُّيُوطِيّ/ بهامشه كنوز الْحَقَائِق للْإِمَام عبد الرؤوف الْمَنَاوِيّ/ ط. الْأَرْبَعَة/ مصطفى البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده - مصر. 85- الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن/ الْقُرْطُبِيّ/ ط. الثَّالِثَة 1386هـ-1966/ دَار الْقَلَم. 86- الْجرْح وَالتَّعْدِيل/ ابْن أبي حَاتِم/ ط. الولى 1371هـ-1952م/ دَائِرَة المعارف العثمانية/ حيدر آباد الدكن - الْهِنْد. 87- الْجمع بَين رجال الصَّحِيحَيْنِ/ أَبُو الْفضل القيسراني/ ط. الولى/ دَائِرَة المعارف النظامية- الْهِنْد. 88- جمهرة الْأَمْثَال/ أَبُو هِلَال العسكري/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل إِبْرَاهِيم وَعبد الْمجِيد قطامش/ ط. الأولى 1348هـ-1964م/ المؤسسة الْعَرَبيَّة الحديثة- الْقَاهِرَة.

89- جمهرة أَنْسَاب الْعَرَب/ ابْن حزم الأندلسي/ تَحْقِيق عبد السَّلَام هَارُون -دَار المعارف- مصر 1382هـ-1962م. 90- الْجَواب الصَّحِيح لمن بدل دين الْمَسِيح/ ابْن تَيْمِية/ مطبعة الْمدنِي -الْقَاهِرَة 1379هـ-1959م. 91- الْجَوَاهِر المضية فِي طَبَقَات الْحَنَفِيَّة/ محيي الدَّين الْقرشِي/ ط. الأول 1332هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية/ حيدر آباد- الْهِنْد. 92- حادي الْأَرْوَاح إِلَى بِلَاد الأفراح/ ابْن الْقيم/ دَار الْكتب العلمية/ بيروت -لبنان. 93- حَاشِيَة رد الْمُخْتَار/ ابْن عابدين على الدّرّ الْمُخْتَار شرح تنوير الْأَبْصَار/ أَبُو حنيفَة/ ط. الثَّانِيَة 1386هـ-1966م/ البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده - مصر. 94- حضارة الدولة العباسية/ د. أَحْمد رَمَضَان أَحْمد/ الجهاز المركزي لكتب الجامعية والمدرسية 1398هـ-1978م. 95- حلية الْأَوْلِيَاء وطبقات الأصفياء/ أَبُو نعيم الْأَصْبَهَانِيّ/ ط. الثَّانِيَة 1387هـ 1967 دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ - بيروت. 96- خزانَة الْأَدَب/ الْبَغْدَادِيّ/ ط. الأولى/ المطبعة الأميرية- بولاق. 97- خلق أَفعَال الْعباد/ الإِمَام البُخَارِيّ ضمن مَجْمُوع عقائد السّلف/ جمع: عَليّ النشار وعمار الطَّالِبِيُّ/ منشأة المعارف- الْإسْكَنْدَريَّة 1971م. 98- خُلَاصَة تذهيب تَهْذِيب الْكَمَال فِي أَسمَاء الرِّجَال/ الخزرجي/ ط. الثَّانِيَة 1391هـ-1971م مكتب المطبوعات الإسلامية- حلب. 99- دَائِرَة المعارف الإسلامية/ نقلهَا إِلَى الْعَرَبيَّة مُحَمَّد ثَابت الأفندي وَجَمَاعَة ط. 1352هـ-1623م. 100- دَائِرَة معارف الْقرن الْعشْرين/ مُحَمَّد فريد وجدي/ ط. الثَّالِثَة دَار الْمعرفَة -

بيروت. 101- دراسات فِي الحضارة الإسلامية/ د. حسن الباشا/ دَار النهضة الْعَرَبيَّة- الْقَاهِرَة 1975م. 102- دَرْء تعَارض الْعقل وَالنَّقْل/ ابْن تَيْمِية/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد رشاد سَالم/ ط. الولى 1400هـ-1980م/ جَامِعَة الإِمَام مُحَمَّد بن سعود الإسلامية- الرياض. 103- الدّرّ المنثور فِي التَّفْسِير بالمأثور/ السُّيُوطِيّ بهامشه تنوير المقباس نشر مُحَمَّد أَمِين دمج- بيروت. 104- دفاع عَن أبي هُرَيْرَة/ عبد الْمُنعم صَالح الْعزي/ ط. الولى 1393هـ-1973م/ دَار الشرق- بيروت. 105- ديوَان الْأَعْشَى الْكَبِير/ شرح وَتَعْلِيق د. مُحَمَّد مُحَمَّد حُسَيْن/ الْمكتب الشَّرْقِي- بيروت. 106- ديوَان الضُّعَفَاء والمتروكين/ الذَّهَبِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق حَمَّاد الْأنْصَارِيّ نسخ مُحَمَّد الديوي/ مكتبة النهضة- مَكَّة المكرمة 1387هـ-1967م. 107- الرَّد على الْجَهْمِية/ ابْن مَنْدَه/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق وَتَخْرِيج د. عَليّ مُحَمَّد الفقيهي/ ط. الثَّانِيَة 1402هـ-1982م. 108- الرَّد على الْجَهْمِية/ عُثْمَان الدَّارمِيّ/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش/ تَخْرِيج مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الرَّابِعَة 1402هـ-1982م/ الْمكتب الإسلامي. 109- الرَّد على الْجَهْمِية والزنادقة/ الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل/ تَحْقِيق وتعلييق د. عبد الرَّحْمَن عميرَة/ دَار اللِّوَاء- الرياض 1397-1977م. 110- الرسَالَة/ الإِمَام الشَّافِعِي/ تَحْقِيق وَشرح أَحْمد شَاكر/ ط. الأولى 1358هـ-1940/ مصطفى البابي الْحلَبِي - مصر.

111- الرسَالَة التدميرية/ ابْن تَيْمِية/ طبعة كُلية الشَّرِيعَة- الرياض. 112- زَوَائِد الزّهْد/ نعيم بن حَمَّاد ذيل كتاب الزّهْد وَالرَّقَائِق/ ابْن الْمُبَارك/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق حبيب الرَّحْمَن الأعظمي/ مجْلِس إحْيَاء المعارف- الْهِنْد 1385هـ-1966م. 113- الزّهْد/ الإِمَام أَحْمد/ طبعة أم الْقرى/ دون تَارِيخ. 114- سلسلة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة/ مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ-1979م/ الْمكتب الإسلامي. 115- سلسلة الْأَحَادِيث الضعيفة/ مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الثَّالِثَة الْمكتب الإسلامي. 116- سنَن ابْن مَاجَه/ الْحَافِظ أبي عبد الله مُحَمَّد بن يزِيد الْقزْوِينِي/ تَحْقِيق وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه. 117- سنَن أبي دَاوُد/ الإِمَام الْحَافِظ أَبُو دَاوُد السجسْتانِي/ إعداد وَتَعْلِيق عزت الدعاس/ ط. الأولى 1388هـ-1969م/ دَار الحَدِيث -حمص- سورية. 118- سنَن أبي دَاوُد مَعَ حَاشِيَة عون المعبود/ عني بنشره الْحَاج حسن إيراني/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ -بيروت- لبنان. 119- سنَن التِّرْمِذِيّ/ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ/ أشرف على التَّعْلِيق والطبع عزت الدعاس/ المطبعة الوطنية - حمص. 120- سنَن الدَّارمِيّ/ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج عبد الله هَاشم يماني- الْمَدِينَة 1386هـ-1966م. 121- سنَن النَّسَائِيّ بشرح السُّيُوطِيّ وحاشية السندي/ صحّح بِمَعْرِِفَة بعض أفاضل الْعلمَاء/ دَار إيحاء التراث الْعَرَبِيّ - بيروت. 122- السّنة/ ابْن أبي عَاصِم/ تَخْرِيج الألباني/ ط. الأولى 1400هـ-1980م.

الْمكتب الإسلامي. 123- السّنة/ عبد الله بن الإِمَام أَحْمد/ عني بِتَصْحِيحِهِ والإشراف على طبعه جمَاعَة من الْعلمَاء/ المطبعة السلفية - مَكَّة المكرمة 1349هـ. 124- السّنة قبل التدوين/ مُحَمَّد عجاج الْخَطِيب/ ط. الثَّانِيَة 1391هـ-1971م دَار الْفِكر. 125- سير أَعْلَام النبلاء/ الإِمَام الذَّهَبِيّ/ أشرف على تَحْقِيقه وَخرج أَحَادِيثه شُعَيْب الأرناؤوط/ ط. الأولى 1401هـ-1981م مؤسسة الرسَالَة. 126- شذرات الذَّهَب فِي أَخْبَار من ذهب/ ابْن الْعِمَاد الْحَنْبَلِيّ/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ-1979م/ دَار المسيرة - بيروت. 127- شرح ابْن عقيل على ألفية ابْن مَالك/ بهاء الدَّين بن عقيل/ تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ ط. الْخَامِسَة 1367هـ-1947م. 128- شرح أصُول اعْتِقَاد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة/ أَبُو الْقَاسِم اللالكائي/ تَحْقِيق د. أَحْمد سعد حمدَان/ دَار طيبَة- الرياض. 129- شرح العقيدة الطحاوية/ ابْن أبي الْعِزّ الْحَنَفِيّ/ تَحْقِيق ومراجعة جمَاعَة من الْعلمَاء/ ط. الرَّابِعَة 1391هـ/ الْمكتب الإسلامي. 130- شرح الْعَلامَة ابْن القاصح على الشاطبية بهامشه غيث النَّفْع فِي الْقرَاءَات السَّبع- 1293هـ. 131- شرف أَصْحَاب الحَدِيث/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد سعيد أوغلي/ نشر دَار إحْيَاء السّنة النَّبَوِيَّة. 132- شعر الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي/ جمع وَتَقْدِيم دَاوُد شلوم/ مطبعة النُّعْمَان -النجف. 133- الشَّرِيعَة/ الْآجُرِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد حَامِد الفقي/ ط. الأولى 1369هـ.

1950م/ مطبعة السّنة المحمدية. 134- الصِّحَاح فِي اللُّغَة والعلوم الْجَوْهَرِي/ إعداد وتصنيف: أُسَامَة مرعشلي ونديم مرعشلي/ دَار الحضارة الْعَرَبِيّ- بيروت. 135- صَحِيح ابْن حبَان/ ضبط وَتَحْقِيق عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان/ ط. الأولى/ نشر مُحَمَّد عبد المحسن الكتبي- الْمكتب الإسلامي. 136- صَحِيح ابْن خُزَيْمَة/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج د. مُحَمَّد مصطفى الأعظمي/ ط. الأولى 1391هـ-1971/ الْمكتب الإسلامي. 137- صَحِيح الْجَامِع الصَّغِير وزيادته "الْفَتْح الْكَبِير"/ تَحْقِيق مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الأولى 1388هـ-1969م/ الْمكتب الإسلامي. 138- صَحِيح مُسلم/ الإِمَام مُسلم بن الْحجَّاج الْقشيرِي/ تَحْقِيق وَتَصْحِيح وترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ ط. الأولى 1374هـ-1955م/ دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه. 139- صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ/ ط. الأولى 1347هـ-1929م/ المطبعة المصرية بالأزهر. 140- الصِّفَات/ الدَّارَقُطْنِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق عبد الله الغنيمان/ ط. الأولى 1402هـ/ مكتبة الدَّار- الْمَدِينَة المنورة. 141- ضحى الْإِسْلَام/ أَحْمد أَمِين/ ط. الْعَاشِرَة/ دَار إحْيَاء الْكتاب الْعَرَبِيّ -بيروت- لبنان. 142- الضُّعَفَاء الصَّغِير/ الإِمَام البُخَارِيّ، وَمَعَهُ التَّارِيخ الصَّغِير والضعفاء والمتروكين/ المطبعة الأثرية. 143- ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير وزيادته "الْفَتْح الْكَبِير"/ مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ-1979م/ الْمكتب الإسلامي- بيروت.

144- طَبَقَات الْحفاظ/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق عَليّ مُحَمَّد عمر/ ط. الولى 1393هـ-1973م/ نشر مكتبة وَهبة- مصر. 145- طَبَقَات الْحَنَابِلَة/ القَاضِي أَبُو يعلى/ دَار الْمعرفَة- بيروت. 146- طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الْكُبْرَى/ السُّبْكِيّ/ تَحْقِيق عبد الفتاح الحلو، ومحمود الطناحي/ ط. الأولى/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه. 147- طَبَقَات الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة/ الْعَبَّادِيّ/ دون ذكر الطبعة وَدَار النشر. 148- الطَّبَقَات الْكُبْرَى/ ابْن سعد/ دَار صادر- بيروت. 149- الطَّبَقَات الْكُبْرَى/ ابْن سعد/ طبعة ليدن 1322هـ. 150- الطّرق الْحكمِيَّة فِي السياسة الشَّرْعِيَّة/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق مُحَمَّد جميل أَحْمد/ مطبعة الْمدنِي- مصر1381هـ-1961م. 151- عبد الله بن سبأ وأثره فِي إِحْدَاث الْفِتْنَة فِي صدر الْإِسْلَام/ رِسَالَة ماجستير/ إعداد: سُلَيْمَان أَحْمد العودة/ 1402هـ. 152- العظمة/ أَبُو الشَّيْخ الْأَصْبَهَانِيّ/ مخطوط/ جَامِعَة الْملك سعود- الرياض. 153- عقائد السّلف جمع د. عَليّ النشار وعمار الطَّالِبِيُّ/ منشأة المعارف بالإسكندرية 1971م. 154- العقد الفريد/ ابْن عبد ربه الأندلسي/ تَحْقِيق مُحَمَّد سعيد الْعُرْيَان/ دَار الْفِكر. 155- الْعِلَل المتناهية فِي الْأَحَادِيث الْوَاهِيَة/ ابْن الْجَوْزِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق إرشاد الْحق الكوثري/ دَار الْعُلُوم الأثرية/ فيصل آباد- باكستان. 156- عَلَاء نجد خلال سِتَّة قُرُون/ عبد الله البسام/ ط. الأولى 1398هـ/ مكتبة ومطبعة النهضة الحَدِيث- مكتبة المكرمة. 157- الْعُلُوّ للعلي الْغفار/ شمس الدَّين الذَّهَبِيّ/ تَصْحِيح ومراجعة عبد الرَّحْمَن

عُثْمَان/ ط. الثَّانِيَة 1388هـ-1968م. 158- الْمصدر نَفسه/ تَعْلِيق عبد الرَّزَّاق عفيفي وَتَصْحِيح زَكَرِيَّا عَليّ يُوسُف/ مطبعة أنصار السّنة 1357هـ-1938م. 159- عُلُوم الحَدِيث/ ابْن الصّلاح/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج نور الدَّين عتر/ ط. الثَّانِيَة 1972م/ نشر المكتبة العلمية- الْمَدِينَة المنورة. 160- عُمْدَة الْقَارئ/ شرح صَحِيح البُخَارِيّ/ بدر الدَّين الْعَيْنِيّ/ عني بنشره وتصحيحه وَالتَّعْلِيق عَلَيْهِ شركَة من الْعلمَاء/ نشر مُحَمَّد أَحْمد دمج - بيروت. 161- عُيُون الْأَخْبَار/ ابْن قُتَيْبَة الدينَوَرِي/ مطبعة دَار الْكتب المصرية- الْقَاهِرَة 1343هـ-1925. 162- الغماز على اللماز فِي الْأَحَادِيث المشتهرة/ أَبُو الْحسن السمهودي/ تَحْقِيق مُحَمَّد إِسْمَاعِيل السلَفِي/ ط. الولى 1401هـ-1981/ دَار اللِّوَاء الرياض. 163- الْفَائِق فِي غَرِيب الحَدِيث/ الزَّمَخْشَرِيّ/ تَحْقِيق عَليّ مُحَمَّد البجاوي وَمُحَمّد أبوالفضل إِبْرَاهِيم/ ط. الثَّانِيَة/ عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه. 164- فتح الْبَارِي/ شرح صَحِيح البُخَارِيّ/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ ترقيم مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي/ تَصْحِيح محب الدَّين الْخَطِيب/ المطبعة السلفية الْقَاهِرَة 1380هـ. 165- الْفَتْح الرباني مَعَ شَرحه بُلُوغ الْأَمَانِي/ أَحْمد الْبَنَّا/ دَار الشهَاب- الْقَاهِرَة. 166- فتح الْقَدِير الْجَامِع بَين الرِّوَايَة والدراية من علم التَّفْسِير/ الشَّوْكَانِيّ/ دَار الْفِكر. 167- فتح الْمجِيد شرح كتاب التَّوْحِيد/ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن حسن/ تَحْقِيق

مُحَمَّد حَامِد الفقي/ ط. السَّابِعَة 1377هـ-1957م/ مطبعة أنصار السّنة المحمدية- الْقَاهِرَة. 168- فتوح الْبلدَانِ/ أَبُو الْحسن البلاذري/ مُرَاجعَة وَتَعْلِيق رضوَان مُحَمَّد رضوَان/ مطبعة السَّعَادَة- مصر 1959م. 169- الْفرق الإسلامية ذيل كتاب شرح المواقف/ الْكرْمَانِي/ تَحْقِيق سليمَة عبد رب الرَّسُول/ مطبعة الْإِرْشَاد -بَغْدَاد 1973م. 170- الْفرق بَين الْفرق وَبَيَان الْفرْقَة النَّاجِية مِنْهُم/ عبد القاهر الْبَغْدَادِيّ ط. الثَّالِثَة 1978/ دَار الْآفَاق الجديدة - بيروت. 171- فرق وطبقات الْمُعْتَزلَة/ عبد الْجَبَّار الْهَمدَانِي/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. عَليّ النشار وعصام الدَّين مُحَمَّد عَليّ/ المطبوعات الجامعية 1972م. 172- الْفَصْل فِي الْملَل والأهواء والنحل/ ابْن حزم الظَّاهِرِيّ/ وَمَعَهُ الْملَل والنحل للشهرستاني/ مكتبة ومطبعة مُحَمَّد عَليّ صبيح وَأَوْلَاده- الْقَاهِرَة. 173- فصل الْمقَال فِي شرح كتاب الْأَمْثَال/ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ/ تَحْقِيق وَتَقْدِيم د. إِحْسَان عَبَّاس، ود. عبد الْمجِيد عابدين/ دَار الْأَمَانَة/ مؤسسة الرسَالَة 1391هـ-1971م. 174- الْفِقْه على الْمذَاهب الْأَرْبَعَة/ عبد الرَّحْمَن الجزيري/ ط. الثَّالِثَة/ طبعة الاسْتقَامَة - الْقَاهِرَة. 175- الفهرست/ ابْن النديم/ تَحْقِيق رضَا تجدّد ط. 1391هـ. 176- الْفَوَائِد البهية/ اللكنوي/ عني بِتَصْحِيحِهِ وَتَعْلِيق بعض الزَّوَائِد عَليّ مُحَمَّد بدر الدَّين النعساني/ ط. الأولى 1324هـ/ مطبعة السَّعَادَة مصر. 177- الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة/ الشَّوْكَانِيّ/ تَحْقِيق عبد الرَّحْمَن المعلمي/ ط. الثَّانِيَة 1392هـ - بيروت.

178- فيض الْقَدِير لترتيب الْجَامِع الصَّغِير/ مُحَمَّد حسن ضيف الله/ ط. الأولى 1383هـ-1964م مصطفى البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده. 179- الْقَامُوس الْمُحِيط/ الفيروز آبادي/ ط. الرَّابِعَة/ مطبعة دَار الْمَأْمُون 1357هـ-1938م. 180- القَوْل الْمُفِيد فِي أَدِلَّة الِاجْتِهَاد والتقليد/ الشَّوْكَانِيّ/ مطبعة البابي الْحلَبِي وَأَوْلَاده- مصر 1347هـ. 181- القلائد الجوهرية فِي تَارِيخ الصالحية/ مُحَمَّد بن طولون الْحَنَفِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد أَحْمد دهمان 1368هـ-1949م. 182- الكاشف فِي معرفَة من لَهُ رِوَايَة فِي الْكتب السِّتَّة/ الإِمَام الذَّهَب/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق عزت عَطِيَّة- مُوسَى الْمُوشى: ط. الأولى 1392هـ-1972م/ دَار الْكتب الحديثة- الْقَاهِرَة. 183- الْكَامِل فِي التَّارِيخ/ ابْن الْأَثِير/ دَار صادر- دَار بيروت. 184- كشف الأستار عَن زَوَائِد الْبَزَّار على الْكتب السِّتَّة/ عَليّ بن أبي بكر الهيثمي/ تَحْقِيق الشَّيْخ حبيب الرَّحْمَن الأعظي/ ط. الأولى 1399هـ-1979م. 185- كشف الخفاء ومزيل الألباس عَمَّا اشْتهر من الْأَحَادِيث على أَلْسِنَة النَّاس/ العجلوني/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق أَحْمد القلاش/ مكتبة التراث الإسلامي- حلب. 186- كشف الظنون عَن أسامي الْفُنُون/ حاجي خَليفَة/ تَصْحِيح وَتَعْلِيق مُحَمَّد شرف الدَّين بالتقايا وَرفعت بيلكة/ طبع وكَالَة المعارف 1362هـ-1943م. 187- الْكِفَايَة فِي علم الرِّوَايَة/ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ/ دَائِرَة المعارف العثمانية- حيدر آباد الدكن - الْهِنْد 1357هـ.

188- الْكَمَال فِي أَسمَاء الرِّجَال/ الْحَافِظ الْمزي/ قدم لَهُ عبد الْعَزِيز رَبَاح وَأحمد الدقاق/ دَار الْمَأْمُون للتراث -دمشق- بيروت. 189- الكنى والأسماء/ الدولابي/ ط. الأولى 1322هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية/ حيدر آباد الدكن- الْهِنْد. 190- كنز الْعمَّال فِي سنَن الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال/ عَلَاء الدَّين الْبُرْهَان فوري/ نشر وتوزيع مكتبة التراث الإسلامي- حلب. 191- الكواشف الجلية عَن مَعَاني الواسطية/ عبد الْعَزِيز السلمان/ ط. السَّادِسَة 1398هـ-1978م/ مكتبة الرياض الحديثة- الرياض. 192- اللآلئ المصنوعة فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة/ السُّيُوطِيّ/ ط. السُّيُوطِيّ/ ط. الثَّالِثَة 1401هـ. 1981م/دَار الْمعرفَة- بيروت. 193- اللّبَاب فِي تَهْذِيب الْأَنْسَاب/ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي/ دَار صادر- بيروت. 194- لِسَان الْعَرَب/ ابْن مَنْظُور/ إعداد وتصنيف يُوسُف خياط ونديم مرعشلي/ دَار بيروت. 195- لِسَان الْمِيزَان/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ ط. الثَّانِيَة 1391هـ-1971م/ مؤسسة الأعلمي- بيروت. 196- المؤتلف والمختلف فِي أَسمَاء نقلة الحَدِيث/ أَبُو مُحَمَّد عبد الْغَنِيّ بن سعيد الْحَافِظ/ طبع وَتَصْحِيح مُحَمَّد محيي الدَّين الْجَعْفَرِي/ ط. الأولى 1332هـ الْهِنْد. 197- مجمع الْأَمْثَال/ الميداني/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ مطبعة السّنة المحمدية 1374هـ-1955م. 198- مجمع الزَّوَائِد ومنبع الْفَوَائِد/ نور الدَّين عَليّ بن أبي بكر الهيثمي/ ط. الثَّانِيَة 1967/ دَار الْكتاب- بيروت.

199- مَجْمُوع الْفَتَاوَى/ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية/ جمع وترتيب عبد الرَّحْمَن بن قَاسم وَابْنه مُحَمَّد/ مُصَور عَن الطبعة الأولى 1381هـ. 200- الْمُحدث الْفَاصِل بَين الرَّاوِي والواعي/ الْحسن بن عبد الرَّحْمَن الرامَهُرْمُزِي تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. مُحَمَّد عجاج الْخَطِيب/ ط. الأولى 1391هـ-1971م/ دَار الْفِكر- بيروت. 201- مُخْتَصر الصَّوَاعِق الْمُرْسلَة على الْجَهْمِية والمعطلة/ ابْن الْقيم/ اخْتِصَار مُحَمَّد بن الْفضل الْموصِلِي/ مكتبة الرياض الحديثة- الرياض. 202- مُخْتَصر الْعُلُوّ للعلي الْغفار/ اخْتِصَار وَتَحْقِيق مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني/ ط. الأولى 1401هـ-1981م/ الْمكتب الإسلامي. 203- مُخْتَصر الْمُزنِيّ/ هَامِش الْأَمَام للشَّافِعِيّ/ ط. الأولى 1322هـ. 204- مُخْتَصر الْمَقَاصِد الْحَسَنَة/ الزّرْقَانِيّ/ تَحْقِيق د. مُحَمَّد لطفي الصّباغ/ ط. الأولى 1401هـ/ نشر مكتب التربية لدول الخليج الْعَرَبِيّ- الرياض. 205- مرْآة الْجنان وعبرة الْيَقظَان فِي معرفَة مَا يعْتَبر من حوادث الزَّمَان/ اليافعي ط. الثَّانِيَة 1390هـ-1970م مؤسسة الأعلي- بيروت. 206- مروج الذَّهَب/ المَسْعُودِيّ/ دَار الأندلس- بيروت. 207- مسَائِل الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رِوَايَة ابْنه عبد الله/ تَحْقِيق زُهَيْر الشاويش ط. الأولى 1401هـ-1981م الْمكتب الإسلامي. 208- الْمُسْتَدْرك على الصَّحِيحَيْنِ/ الْحَاكِم النَّيْسَابُورِي/ بذيلة التَّلْخِيص لِلْحَافِظِ الذَّهَبِيّ/ مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب. 209- مُسْند أبي بكر الصّديق/ السُّيُوطِيّ/ تَحْقِيق الْحَافِظ عَزِيز بك/ ط. الأولى 1400هـ-1980م/ نشر مُخْتَار الندوي/ بومبائي- الْهِنْد. 210- مُسْند أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ/ ط. الأولى 1321هـ/ دَائِرَة المعارف النظامية -

حيدر آباد الدكن- الْهِنْد. 211- مُسْند الإِمَام أَحْمد/ شرح وفهرست أَحْمد شَاكر/ دَار المعارف للطباعة والنشر- مصر. 212- مُسْند الإِمَام أَحْمد بهامشه منتخب كنز الْعمَّال/ الْمكتب الإسلامي/ دَار صادر- بيروت. 213- مشكاة المصابيح/الْخَطِيب التبريزي/ تَحْقِيق مُحَمَّد نَاصِر الدَّين الألباني- ط. الولى 1380هـ-1961م الْمكتب الإسلامي. 214- الْمِصْبَاح فِي أصُول الحَدِيث/ السَّيِّد قَاسم اندجاني/ مطبعة الْمدنِي- الْقَاهِرَة 1379هـ-1960م. 215- المُصَنّف/ ابْن أبي شيبَة/ تَحْقِيق وطبع مُخْتَار الندوي/ ط. الأولى 1403هـ 1983م- الْهِنْد. 216- المُصَنّف/ عبد الرَّزَّاق بن همام الصَّنْعَانِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حبيب الرَّحْمَن الأعظمي/ ط. الأولى 1390هـ-1970م. 217- المطالب الْعَالِيَة بزوائد المسانيد الثَّمَانِية/ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي/ تَحْقِيق: حبيب الرَّحْمَن الأعظمي. 218- مُعْجم الْأَلْفَاظ والأعلام القرآنية/ مُحَمَّد إِسْمَاعِيل إِبْرَاهِيم/ ط. الثَّانِيَة دَار الْفِكر الْعَرَبِيّ. 219- مُعْجم الْبلدَانِ/ ياقوت الْحَمَوِيّ/ دَار صادر- دَار بيروت 1374هـ-1955م. 220- مُعْجم تراجم مصنفي الْكتب الْعَرَبيَّة/ عمر رضَا كحالة/ مطبعة الترقي- دمشق 1377هـ-1958م. 221- المعجم الْكَبِير/ الْحَافِظ الطَّبَرَانِيّ/ تَحْقِيق وَتَخْرِيج حبيب الرَّحْمَن الأعظمي ط. الأولى 1390هـ-1970م.

222- الْمُغنِي/ ابْن قدامَة/ وَمَعَهُ الشَّرْح الْكَبِير لأبي الْفرج الْمَقْدِسِي/ دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ- بيروت 1392هـ-1972م. 223- الْمُغنِي/ مُحَمَّد بن طَاهِر الْهِنْدِيّ/ دَار نشر الْكتب الإسلامية- باكستان. 224- مِفْتَاح دَار السَّعَادَة/ ابْن الْقيم/ توزيع دَار الْإِفْتَاء- الرياض. 225- الْمَقَاصِد الْحَسَنَة فِي بَيَان كثير من الْأَحَادِيث المشتهرة على الْأَلْسِنَة/ السخاوي تَصْحِيح وَتَعْلِيق عبد الله مُحَمَّد الصّديق- تَقْدِيم عبد الْوَهَّاب عبد اللَّطِيف/ مكتبةالخانجي/ مكتبة بَغْدَاد 1375هـ-1956م. 226- مقالات الإسلاميين وَاخْتِلَاف الْمُصَلِّين/ أبوالحسن الْأَشْعَرِيّ/ تَحْقِيق مُحَمَّد محيي الدَّين عبد الحميد/ ط. الثَّانِيَة 1389هـ-1969م/ مكتبة النهضة المصرية- الْقَاهِرَة. 227- مُقَدّمَة ابْن الصّلاح ومحاسن الِاصْطِلَاح/ تَوْثِيق وَتَحْقِيق د. عَائِشَة بنت الشاطئ- مطبعة دَار الْكتب 1974م. 228- مُلْحق فِي الْجَهْمِية من كتاب مسَائِل الإِمَام أَحْمد/ تأليف أبي دَاوُد السجسْتانِي ضمن جموع عقائد السّلف/ جمع عَليّ النشار وعمار الطَّالِبِيُّ/ منشأة المعارف بالإسكندرية 1971م. 229- الْملَل والنحل/ الشَّهْر ستاني/ تَحْقِيق مُحَمَّد سيد كيلاني/ ط. الثَّانِيَة 1395هـ-1975م- دَار الْمعرفَة - بيروت. 230- مَنَاقِب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل/ ابْن الْجَوْزِيّ/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. عبد الله التركي- مُقَابلَة د. عَليّ مُحَمَّد عمر/ ط. الأولى 1399هـ-1979م/ مكتبة الخانجي- مصر. 231- المنجد فِي اللُّغَة والأعلام/ ط. الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ/ دَار الْمشرق- بيروت. 232- موارد الظمآن إِلَى زَوَائِد ابْن حبَان/ عَليّ بن أبي بكر الهيثمي/ تَحْقِيق مُحَمَّد

عبد الرَّزَّاق حَمْزَة/ المطبعة السلفية. 233- الْمُوَطَّأ/ الإِمَام مَالك بن أنس/ تَصْحِيح وترقيم وَتَعْلِيق مُحَمَّد فؤاد عبد الْبَاقِي دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة/عِيسَى البابي الْحلَبِي 1370هـ-1951م. 234- الْمُوَطَّأ "أَيْضا"/ رِوَايَة يحيى بن يحيى اللَّيْثِيّ/ شرح وَتَعْلِيق أَحْمد عرموش/ ط. الأولى 1390هـ-1971م دَار النفائس. 235- الموضوعات/ أَبُو الْفرج الْقرشِي/ تَقْدِيم وَتَحْقِيق عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد عُثْمَان/ ط. الأولى 1386هـ-1966م/ نشر مُحَمَّد عبد المحسن الكتبي- الْمَدِينَة المنورة. 236- ميزَان الِاعْتِدَال فِي نقد الرِّجَال/ الْحَافِظ الذَّهَبِيّ/ تَحْقِيق عَليّ مُحَمَّد البجاوي/ ط. الولى 1382هـ-1963م/ دَار إحْيَاء الْكتب الْعَرَبيَّة عِيسَى البابي الْحلَبِي وشركاه. 237- النِّهَايَة أَو الْفِتَن والملاحم/ ابْن كثير/ تَحْقِيق طه الزيني/ ط. الأولى دَار الْكتب الحديثة. 238- النِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر/ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي/ تَحْقِيق: طَاهِر الزاوي ومحمود الطناحي/ نشر المكتبة الإسلامية. 239- هِدَايَة الحيارى فِي أجوبة الْيَهُود وَالنَّصَارَى/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق د. أَحْمد السقا/ ط. الثَّانِيَة 1399هـ المكتبة الْقيمَة- مصر. 240- هِدَايَة العارفين: أَسمَاء المؤلفين وآثار المصنفين/ إِسْمَاعِيل مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ/ طبع وكَالَة المعارف - استانبول 1955م. 241- الوابل الصيب وَرَافِع الْكَلم الطّيب/ ابْن الْقيم/ تَحْقِيق وَتَعْلِيق إِسْمَاعِيل الْأنْصَارِيّ/ نشر دَار الْإِفْتَاء - الرياض. 242- وفيات الْأَعْيَان وأنباء الزَّمَان/ ابْن خلكان/ تَحْقِيق مُحَمَّد مُحي الدَّين عبد الحميد/ ط. الأولى 1367هـ-1948م/ مكتبة النهضة - الْقَاهِرَة.

فهرس الموضوعات

فهرس الموضوعات: الصفحة الْمَوْضُوع 7-16 الْمُقدمَة 17-136 الْقسم الأول 17 90 الْبَاب الأول: التَّعْرِيف بالمؤلف وخصميه المريسي وَابْن الثَّلْجِي 20-44 الْفَصْل الأول: التَّعْرِيف بالدارمي: المبحث الأول: 21 أَولا: عصره السياسي 26 ثَانِيًا: عصره العلمي 29 المبحث الثَّانِي: 29 حَيَاته 29 اسْمه وكنيته وَنسبه 29 وِلَادَته 30 رحلته فِي طلب الْعلم وشيوخه 32 تلاميذه 34 تلطفه بتلاميذه 36 بعض مَا نقل عَنهُ من الْأَقْوَال والفوائد والغرائب 37 اعتزازه بمكانته فِي الْعلم 38 الْعُلُوم الَّتِي برز فِيهَا 39 ثَنَاء الْعلمَاء عَلَيْهِ 40 موقفه من المبتدعة 42 وَفَاته

43 آثاره ا45-71 لفصل الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمريسي: 47 المبحث الأول: 47 أَولا: عصره السياسي 50 ثَانِيًا: عصره العلمي 53 المبحث الثَّانِي: 53 حَيَاة المريسي 53 اسْمه وَنسبه وكنيته 53 نسبته 54 مولده ونشأته 56 صفته 56 طلبه للْعلم 58 عقيدته 62 مناظراته 64 موقف الْعلمَاء والحكام وَغَيرهم مِنْهُ 69 وَفَاته واستبشار النَّاس بِمَوْتِهِ 70 آثاره 72-90 الْفَصْل الثَّالِث: التَّعْرِيف بِابْن الثَّلْجِي: 75 تَنْبِيه 77 المبحث الأول: 77 أَولا: عصره السياسي 78 ثَانِيًا: عصره العلمي 79 المبحث الثَّانِي: 79 حَيَاته 79 اسْمه وكنيته وَنسبه

80 وِلَادَته 80 طلبه للْعلم وشيوخه 83 تلاميذه 84 عقيدته 86 بعض مَا نسب إِلَيْهِ من الرِّوَايَات 87 موقفه من الْعلمَاء 88 وَفَاته 89 آثاره 91- 131 الْبَاب الثَّانِي: التَّعْرِيف بِالْكتاب والمخطوطة: 63-100 الْفَصْل الأول: التَّعْرِيف بِالْكتاب 93 أَولا: اسْم الْكتاب 93 ثَانِيًا: نسبته إِلَى الْمُؤلف 94 ثَالِثا: مَوْضُوع الْكتاب 97 رَابِعا: سَبَب التَّأْلِيف 97 خَامِسًا: تَارِيخ التَّأْلِيف 97 سادسا: مَنْهَج الْمُؤلف 99 سابعا: قِيمَته العلمية 101-131 الْفَصْل الثَّانِي: التَّعْرِيف بالمخطوطة: 105 أَولا: عدد النّسخ 105 ثَانِيًا: التَّعْرِيف بالنسخ 107 ثَالِثا: النَّاسِخ وتاريخ النّسخ رَابِعا: النُّسْخَة الأَصْل وَسبب اخْتِيَارهَا 109 خَامِسًا: سماعات الْكتاب 110 سادسا: نماذج من المخطوطات 125

الْقسم الثَّانِي: "الْكتاب محققًا" 136- 396 الْجُزْء الأول: 138 سَبَب تأليف الْكتاب 146 بَيَان مَا افْتتح بِهِ الْمعَارض كِتَابه ومناقشته فِي ذَلِك 158 بَاب الْإِيمَان بأسماء اله وَأَنَّهَا غير مخلوقة 186 بَابٌ "وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَوَاسِّ الْخمس" 210 بَاب النُّزُول 223 بَاب الْحَد وَالْعرش 230 نقل الْمعَارض عَن المريسي تَأْوِيل الْيَدَيْنِ وَالرَّدّ عَلَيْهِ 300 السّمع وَالْبَصَر 338 تَأْوِيل المريسي إتْيَان الله ومجيئه وَالرَّدّ عَلَيْهِ 353 تَأْوِيل المريسي لِمَعْنى "الْحَيّ القيوم" وَالرَّدّ عَلَيْهِ 359 الرُّؤْيَة 369 أَصَابِع الرَّحْمَن 384 إِنْكَار المريسي حَدِيث الصُّورَة وَالرَّدّ عَلَيْهِ 394 تَأْوِيل الْمعَارض لصفة الْقدَم وَالرَّدّ عَلَيْهِ 397-596 الْجُزْء الثَّانِي: 410 بَابُ مَا جَاءَ فِي الْعَرْشِ 427 دَعْوَى المريسي تَنْزِيه الله عَن المشابهة ومناقشته فِي ذَلِك

432 ابْتِدَاء الْمعَارض فِي نقل حكايات ابْن الثَّلْجِي 434 حِكَايَة الْمعَارض قَول ابْن الثَّلْجِي فِي الْفَوْقِيَّة وَالْعرش وَالرَّدّ عَلَيْهِ 441 قَول الْمعَارض فِي الْبَيْنُونَة والموضع ومناقشته 450 نقُول الثَّلْجِي فِي تَفْسِير الاسْتوَاء وَالرَّدّ عَلَيْهِ 461 نقل الْمُؤلف الْآثَار الْوَارِدَة فِي الْعَرْش وَحَمَلته 484 دَعْوَى الْمعَارض فِي المُرَاد بصفتي الْكَلَام وَالْعلم وَالرَّدّ عَلَيْهِ 488 قَول الْمعَارض فِي السُّؤَال عَن الله بأين وَالرَّدّ عَلَيْهِ 493 دفع الْمعَارض لصفقة النُّزُول وَالرَّدّ عَلَيْهِ 507 عود لمناقشة الْمعَارض فِي السُّؤَال عَن الله بأين وَمَا ورد فِي ذَلِكَ 524 الْقَوْلُ فِي كَلَامِ اللَّهِ 571 نقل الْمُؤلف أَقْوَال السّلف فِي أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق 579 نقل الْمُؤلف أَقْوَال السّلف فِي الحكم على الْجَهْمِية والزنادقة 597-911 الْجُزْء الثَّالِث: بَابٌ الْحَثُّ عَلَى طَلَبِ الْحَدِيثِ والردعلى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه والذب عَن أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ 599 وَأَهْلِ السُّنَّةِ وَفَضْلُهُمْ على غَيرهم

617 الذَّبُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنهُ 632 الذَّبُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ 634 الذَّبُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ 636 دفاع الْمُؤلف عَن عَامَّة الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم 644 مَا تقوم بِهِ الْحجَّة من الْآثَار عِنْد الْمعَارض 650 احتجاج الْمعَارض فِي رد الْآثَار وكراهية طلبَهَا 675 عود الْمعَارض إِلَى إِنْكَار الْمَجِيء 682 دَعْوَى الْمعَارض أَن الزَّنَادِقَة وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ روجوها على أهل الحَدِيث 686 تَأْوِيل الْمعَارض لحَدِيث "الْإِيمَان يمَان" 688دَعْوَى الْمعَارض على بعض الْمُحدثين التَّشْبِيه 690 تشنيع الْمعَارض بِذكر الْجوف 694 تَأْوِيل الْمعَارض للآثار الْوَارِدَة فِي الْيَدَيْنِ 703 النَّقْضُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُعَارِضُ فِي الْوَجْه 733 إِيرَاد الْمعَارض لحَدِيث اختصام الْمَلأ الْأَعْلَى ومناقشته 742 تَأْوِيل الْمعَارض لأحاديث الْقرب وَالرَّدّ عَلَيْهِ 748 الْحُجُبُ الَّتِي احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَا عَن خلقه 769 بَاب إِثْبَات الضحك 797 بَيَان الْمُؤلف لتناقض الْمعَارض واضطرابه مناقشة الْمُؤلف للمعارض فِي تَفْسِيره حَدِيث

800 الأطيط 802 نقض الدَّارمِيّ على الْمعَارض رِوَايَته حَدِيث الاستلقاء وَتَفْسِيره 807 دَعْوَى الْمعَارض فِي تَفْسِير الْجنب وَالرَّدّ عَلَيْهِ 810 نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَفْسِيره للرؤية 827 نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين 832 تغيظ الْمعَارض وتهكمه بِمن قَالَ: أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ 838 اسْتِدْلَال الْمعَارض على التَّوْحِيد بالمعقول ومناقشته 840 دَعْوَى الْمعَارض ثَانِيَة أَن أَسمَاء الله محدثة 843 تشنيع الْمعَارض بِذكر "الضَّمِير" لنفي صفة "النَّفس" وَالرَّدّ عَلَيْهِ 855 تَحْقِيق الْمُؤلف أَن اللَّفْظ يصرف إِلَى الْمَعْنى الْأَغْلَب لَا الأغرب إِلَّا بِقَرِينَة 863 تَأْوِيل الْمعَارض للصفات الفعلية وأدلتها 891 افْتِضَاحُ الْمُعَارِضِ بِتَصْرِيحِهِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ 901 تَقْرِير الْمُؤلف أَنه لم ير كِتَابًا أَجْمَعَ لِحُجَجِ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ كتاب الْمعَارض 904 تَقْرِير الْمُؤلف أَن التجهم زندقة وَنَقله أَقْوَال الْعلمَاء فيهم 913 الخاتمة 917 الفهارس 919 1- فهرس الْآيَات القرآنية 933 2- فهرس الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة والْآثَار

951 3- فهرس الْكَلِمَات الغربية 955 4- فهرس المصطلحات 957 5- فهرس الْفرق والأديان 959 6- فهرس الْأَشْعَار والأمثال 959 7- فهرس أَسمَاء الْكتب 961 8- فهرس اللُّغَات والقبائل والبلدان والمدارس 963 9- فهرس الْأَعْلَام المترجم لَهُم 979 10- فهرس المصادر 1001 11- فهرس الموضوعات

§1/1