نفح الأزهار في منتخبات الأشعار

شاكر شقير البتلوني

الباب الأول في الغزل

الباب الأول في الغزل للوزير أحمد بن زيدون كتب بها إلى ولادة بنت المستكفي بالله في قرطبة بعد مفارقته لها ويأسه من لقائها يتشوقها ويستديم عهدها أضحى التنائي بديلاً عن تدانينا ... وناب عن طيب لقيانا تجافينا بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا ... شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا يكاد حين تناجيكم ضمائرنا ... يقضي علينا الأسى لولا تأسينا حالت لبينكم أيامنا فغدت ... سوداً وكانت بكم بيضاً ليالينا إذ جانب العيش طلق من تألفنا ... ومورد اللهو صاف من تصافينا وإذ هصرنا غصون الأنس دانية ... قطوفها فجنينا منه ما شينا ليسق عهدكم عهد السرور فما ... كنتم لأرواحنا إلا رياحينا من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم ... حزناً مع الدهر لا يبلى ويبلينا إن الزمان الذي ما زال يضحكنا ... أنساً بقربهم قد عاد يبكينا غيظ العدى من تساقينا الهوى فدعوا ... بأن نغص فقال الدهر آمينا فانحل ما كان معقوداً بأنفسنا ... وانبت ما كان موصولاً بأيدينا وقد نكون وما يخشى تفرقنا ... فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا

لم تعتقد بعدكم إلا الوفاء لكم ... رأياً ولم نتقلد غيره دينا لا تحسبوا نأيكم عنا يغيرنا ... إن طال ما غير النأي المحبينا والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً ... منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا ولا استفدنا خليلاً عنك يشغلنا ... ولا اتخذنا بديلاً منك يسلينا يا ساري البرق غاد القصر فاسق به ... من كان صرف الهوى والود يسقينا ويا نسيم الصبا بلغ تحيتنا ... من لو على البعد حياً كان يحيينا يا روضة طال ما أجنت لواحظنا ... ورداً جلاه الصبا غضاً ونسرينا ويا حياة تملينا بزهرتها ... منى ضروباً ولذات أفانينا ويا نعيماً رفلنا من غضارته ... في وشي نعمى سحبنا ذيله حينا لسنا نسميك إجلالاً وتكرمة ... وقدرك المعتلي عن ذاك يغنينا إذا انفردت وما شوركت في صفة ... فحسبنا الوصف إيضاحاً وتبيينا يا جنة الخلد أبدلنا بسلسلها ... والكوثر العذب زقوماً وغسلينا كأننا لم نبت والوصل ثالثنا ... والسعد قد غض من أجفان واشينا سران في خاطر الظلماء يكتمنا ... حتى يكاد لسان الصبح يفشينا لا غرو أنا ذكرنا الحزن حين نهت ... عنه النهى وتركنا الصبر ناسينا إنا قرأنا الأسى يوم النوى سوراً ... مكتوبة وأخذنا الصبر تلقينا أما هواك فلم نعدل بمنهله ... شرباً وإن كان يروينا فيظمينا لم نجف جمال أنت كوكبه ... سالين عنه ولم نهجره قالينا ولا اختياراً تجنبناك عن كثب ... لكن عدتنا على كره عوادينا

نأسى عليك إذا حثت مشعشعة ... فينا الشمول وغنانا مغنينا لا أكؤس الراح وتبدي من شمائلنا ... سيما ارتياح ولا الأوتار تلهينا دومي على العهد ما دمنا محافظة ... فالحر من دان إنصافاً كما دينا فما ابتغينا خليلاً منك يحسبنا ... ولا استفدنا حبيباً عنك يغنينا ولو صبا نحونا من علو مطلعه ... بدر الدجى لم يكن حاشاك يصبينا أولى وفاء وإن لم تبذلي صلة ... فالذكر يقنعنا والطيف يكفينا وفي الجواب قناع لو شفعت به ... بيض الأيادي التي ما زلت تولينا عليك مني سلام الله ما بقيت ... صبابة منك نخفيها فتخفينا لأبي الحسن علي بن زريق البغدادي وكانت له ابنة عم قد كلف بها أشد الكلف ثم ارتحل عنها من بغداد لفاقة علته فقصد أبا الخيبر عبد الرحمن الأندلسي في الأندلس ومدحه بقصيدة بليغة فأعطاه عطاء قليلاً. فقال ابن زريق أنا لله وأنا إليه راجعون سلكت القفار والبحار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء. ثم تذكر فراق ابنة عمه وما بينهما من بعد المسافة وتحمل المشقة مع ضيق ذات يده فاعتل غماً ومات. قالوا وأراد عبد الرحمن بذلك أن يختبره فلما كان بعد أيام سأل عنه فتفقدوه في الخان الذي كان فيه فوجدوه ميتاً وعند رأسه رقعة مكتوب فيها هذه القصيدة لا تعذليه فإن العذل يولعه ... قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه جاوزت في نصحه حداً أضر به ... من حيث قدرت أن النصح ينفعه فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً ... من عنفه فهو مضني القلب موجعه قد كان مضطلعاً بالخطب يحمله ... فضلعت بخطوب البين أضلعه يكفيه من روعة التنفيذ أن له ... من النوى كل يوم ما يروعه

ما آب من سفر إلا وأزعجه ... عزم إلى سفر بالرغم يزمعه يأبى المطالب إلا أن تكلفه ... للرزق سعياً ولكن ليس يجمعه كأنما هو في حل ومرتحل ... مؤكل بفضاء الله يذرعه إذا الزمان أراه في الرحيل غنى ... ولو إلى السند أضحى وهو يقطعه وما مجاهدة الإنسان واصلة ... رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه قد قسم الله بين الناس رزقهم ... لا يخلق الله من خلق يضيعه لكنهم كلفوا حرصاً فلست ترى ... مسترزقاً وسوى الغايات يقنعه والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت ... بغي ألا إن بغي المرء يصرعه والدهر يعطي الفتى من حيث يمنعه ... عفواً ويمنعه من حيث يطمعه أستودع الله في بغداد لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه ودعته وبودي لو يودعني ... صفو الحياة وأني لا أودعه وكم تشفع بي أن لا أفارقه ... وللضرورات حال لا تشفعه وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى ... وأدمعي مستهلات وأدمعه لا أكذب الله ثوب العذر منخرق ... مني بفرقته لكن أرقعه إني أوسع عذري في جنايته ... بالبين عنه وقلبي لا يوسعه أعطيت ملكاً فلم أحسن سياسته ... وكل من لا يسوس الملك يخلعه ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا ... شكر عليه فعنه الله ينزعه إعتضت من وجه خلي بعد فرقته ... كأساً يجرع منها ما أجرعه كم قائل لي دقت البين قلت له ... ألذنب والله ذنبي لست أدفعه

لشهاب الدين السهروردي

هلا أقمت فكان الرشد أجمعه ... لو أنني حين بان الرشد أتبعه لو أنني لم تقع عيني على بلد ... في سفرتي هذه إلا وأقطعه يا من أقطع أيامي وأنفدها ... حزناً عليه وليلي لست أهجعه لا يطمئن بجنبي مضجع وكذا ... لا يطمئن به مذ بنت مضجعه ما كنت أحسب أن الدهر يفجعني ... به ولا أن بي الأيام تفجعه حتى جرى الدهر فيما بيننا ... عسراء تمنعني حقي وتمنعه وكنت من ريب دهري جازعاً فرقاً ... فلم أوق الذي قد كنت أجزعه بالله يا منزل القصر الذي درست ... آثاره وعفت مذ بنت أربعه هل الزمان معيد فيك لذتنا ... أم الليالي التي أمضته ترجعه في ذمة الله من أصبحت منزله ... وجاد غيث على مغناك يمرعه من عنده لي عهد لا يضيع كما ... عندي له عهد صدق لا أضيعه ومن يصدع قلبي ذكره وإذا ... جرى على قلبه ذكري يصدعه لأصبرن لدهر لا يمتعني ... بد ولا بي في حال يمتعه علماً بأن اصطباري معقب فرجاً ... فأضيق الأمر إن فكرت أوسعه عل الليالي التي أضنت بفرقتنا ... جسمي ستجمعني يوماً وتجمعه وإن تغل أحداً منا منيته ... لابد في غده الثاني سيتبعه وإن يدم أبداً هذا الفراق لنا ... فما الذي بقضاء الله نصنعه لشهاب الدين السهروردي أبداً تحن إليكم الأرواح ... ووصالكم ريحانها والراح

وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم ... وإلى لذيذ لقائكم ترتاح وارحمنا للعاشقين تكلفوا ... ستر المحبة والهوى فضاح بالسر إن باحوا تباح دماؤهم ... وكذا دماء البائحين تباح وإذا هم كتموا تحدث عنهم ... عند الوشاة المدمع السفاح وبدت شواهد للسقام عليهم ... فيها لمشكل أمرهم إيضاح خفض الجناح ولكم وليس عليكم ... للصب في خفض الجناح جناح فإلى لقاكم نفسه مرتاحة ... وإلى رضاكم طرفه طماح عودوا بنور الوصل من غسق الجفا ... فالهجر ليل والوصال صباح صافاهم فصفوا له فقلوبهم ... في نورها المشكاة والمصباح وتمتعوا فالوقت طاب لقربكم ... راق الشراب ورفت الأقداح يا صاح ليس على المحب ملامة ... إن لاح في أفق الوصال صباح لا ذنب للعشاق إن غلب الهوى ... كتمانهم فنمى الغرام فباحوا سمحوا بأنفسهم وما بخلوا بها ... لما دروا أن السماح رباح ودعاهم داعي الحقائق دعوة ... فغدوا بها مستأنسين وراحوا ركبوا على سنن الوفاء ودموعهم ... بحر وشدة شوقهم ملاح والله ما طلبوا الوقوف ببابه ... حتى دعوا وأناهم المفتاح لا يطربون لغير ذكر حبيبهم ... أبداً فكل زمانهم أفراح حضروا وقد غابت شواهد ذاتهم ... فتهتكوا لما رأوه وصاحوا أفناهم عنهم وقد كشفت لهم ... حجب البقا فتلاشت الأرواح

للقاضي عياض

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح للقاضي عياض رأت قمر السماء فذكرتني ... ليالي وصلها بالرقمتين كلانا ناظر قمراً ولكن ... رأيت بعينها ورأت بعيني لشهاب الدين الإعزازي وهي طويلة اقتصرنا على أجودها صاح في العاشقين بالكنانه ... رشأ في الجفون منه كنانه بدوي بدت طلائع لحظي ... هـ فكانت فتاكة فتانه رد منا القلوب منكسرات ... عندما راح كاسراً أجفانه وغزانا بقامة وبعين ... تلك سيافة وذي طعانه وأرانا وقد تبسم برقاً ... فأريناه ديمة هتانه فهو يقضي على النفوس ولم تق ... ض من الوصل في هواه لبانه سافر الوجه عن محاسن بدر ... مائس القد عن معاطف بانه لست أدري أراكة هز من أع ... طافه الهيف أم لوى خيزرانه خطرات النسيم تجرح خدي ... هـ ولمس الحرير يدمي بنانه قال لي والدلال يعطف منه ... قامة كالقصيب ذات ليانه هل عرفت الهوى فقلت وهل أن ... كر دعواه قال فاحمل هوانه وله فقن الظباء سوالفاً ونحورا ... والخيزران معاطفاً وخصورا ثم اتخذنا من المدام مراشفاً ... ونظمن من حبب المدام ثغورا

ونظرن غزلاناً وفحن خمائلاً ... وخطرن أغصاناً ولحن بدورا وسكن حبات القلوب كأنما ... غادرن حبات القلوب خدورا لو لم يزدن بنا فتوراً في الهوى ... ما مسن عجباً واكتحلن فتورا ولما كشفن عن الوجوه براقعاً ... ولما عطفن على الخصور شعورا غازلننا يوم الحمى فهتكن من ... حجب القلوب سريرة وضميرا وبرزن في وشي البرود كأنما ... أسبلن من فوق الحرير حريرا إني أغار من العيون ولا هوى ... إلا إذا كان المحب غيورا ولو استطعت حجبتهن بناظري ... وجعلت أهداب الجفون سفورا للحاحري حكاه من الغصن الرطيب وريقه ... وما الخمر إلا مقلتاه وريقه هلال ولكن أفق قلبي محله ... غزال ولكن سفح عيني عقيقه أقر له من كل حسن جليله ... ووافقه من كل معنى دقيقه بديع التثني راح قلبي أسيره ... على أن دمعي في الغرام طليقه على سالفيه للعذار جديده ... وفي شفتيه للسلاف عتيقه من الترك لا يصيبه شوق إلى الحمى ... ولا ذكر بانات العذيب يشوقه على خده جمر من الحسن مضرم ... يشب ولكن في فؤادي حريقه إذا خفق البرق اليماني موهناً ... تذكرته فاعتاد قلبي خفوقه حكى وجهه بدر السماء فلو بدا ... مع البدر قال الناس هذا شقيقه على مثله يستحسن الصب هتكه ... وفي مثله يجفو الصديق صديقه

لمجير الدين بن تميم

ولله قلبي ما أشد عفافه ... وإن كان طرفي مستمراً فسوقه فما فاز إلا من يبيت صبوحه ... شراب ثناياه ومنها غبوقه لسعد الدين بن العربي لام العذول على هواه وفندا ... فأعاد باللوم الغرام كما بدا رشأ قد اتخذ الضلوع كناسه ... والقلب مرعى والمدامع موردا سلب الفؤاد إذا بدا وإذا رنا ... فضح الغزالة والغزال الأغيدا كالورد خدا والهلال تباعدا ... والظبي جيداً والقضيب تأودا مترنح الأعطاف من خمر الصبا ... أو ما تراه باللحاظ معربدا أيقنت أن من المدامة ريقه ... لما بدا در الحباب منضدا وعلمت أن من الحديد فؤاده ... لما انتضى من مقلتيه مهندا سيف ترقرق في شباه فرنده ... يأبى بغير جوانحي أن يغمدا من منصفي من جوره فلقد غدا ... بدمي وسيف لحاظه متقلدا زرق الأسنة في الرماح فلم أرى ... في رمح قامته سناناً أسودا آنست من وجدي بجانب خده ... ناراً ولكن ما وجدت بها هدى متورد الوجنات ما حييته ... إلا ارتدى ثوب الحياء موردا ألقيت إكسير اللحاظ بخده ... فقلبت فضته النقية عسجدا لمجير الدين بن تميم يا محرقاً بالنار وجه محبه ... مهلاً فإن مدامعي تطفيه أحرق بها جسدي وكل جوارحي ... واحرص على قلبي فإنك فيه

لابن الخياط خذا من صبا نجد أماناً لقلبه ... فقد كاد رياها تطير بلبه وإياكما ذاك النسيم فإنه ... متى هب كان الوجد أيسر خطبه خليلي لو أحببتما لعلمتما ... محل الهوى من مغرم القلب صبه تذكروا والذكرى شوق وذو الهوى ... يتوق ومن يعلق به الحب بصبه غرام على يأس الهوى ورجائه ... وشوق على بعد المزار وقربه وفي الركب مطوي الضلوع على جوى ... متى يدعه داعي الغرام يلبه إذا خطرت من جانب الرمل نفحة ... تناول منها داءه دون صحبه ومحتجب بين الأسنة معرض ... وفي القلب من إعراضه مثل حجبه أغار إذا آنست في الحي أنه ... حذاراً عليه أن تكون لحبه لعون الدين الحلبي لهيب الخد حين بدا لعيني ... هوى قلبي عليه كالفراش فأحرقه فصار عليه خالاً ... وذا أثر الدخان على الحواشي لابن سهل سل في الظلام أخاك البدر عن سهري ... تدري النجوم كما تدري الورى خيري أبيت أهتف بالشكوى وأشرب من ... دمعي وأنشق ريا ذكرك العطر حتى يخيل أني شارب ثمل ... بين الرياض وبين الكأس والوتر من لي به اختلفت فيه الملاحة إذ ... أومت إلى غيره إيماء مختصر معطل فالحلى منه محلاة ... تغني الدراري عن التقليد بالدرر

بخده لفؤادي نسبة عجباً ... كلاهما أبداً يدمى من النظر وخاله نقطة من غنج مقلته ... أتى بها الحسن من آياته الكبر جاءت من العين نحو الخد زائرة ... وراقها الورد فاستغنت عن الصدر بعض المحاسن يهوى بعضها شغفاً ... تأملوا كيف هام الغنج بالحور لبعضهم لم أضع للسلام كفي بصدري ... حين حيا بالحاجب المقرون إنما قد وضعت كفي لأدري ... أين حلت سهام تلك العيون للمتنبي حاشى الرقيب فخانته ضمائره ... وغيض الدمع فانهلت بوادره وكاتم الحب يوم البين منهتك ... وصاحب الدمع لا تخفى سرائره لولا ظباء عدي ما شغفت بهم ... ولا بربربهم لولا جاذره من كل أحور في أنيابه شنب ... خمر يخامرها مسك تخامره نعج محاجره دعج نواظره ... حمر غفائره سود غدائره أعارني سقم جفنيه وحملني ... من الهوى ثقل ما تحوي مآزره وله نشرت ثلاث ذوائب من شعرها ... وفي ليلة مأرت ليالي أربعا واستقبلت قمر السماء بوجهها ... فأرتني القمرين في وقت معا لآخر قبلته فبكى وأعرض نافراً ... يذري المدامع من كحيل أدعج فكأن سقط الدمع من أجفانه ... لما بدا في خده المتضرج

وله

برد تساقط فوق ورد أحمر ... من نرجس فسقى رياض بنفسج للأمير محمد بن منجك قمر إذا فكرت فيه تعتبا ... وإذا رآني في المنام تحجبا صادفته فتناولت لحظاته ... عقلي وأعرض نافراً متجنبا متورد الوجنات خشية ناظر ... أضحى بريحان العذار منقبا أنا منه راض بالصدود لأنني ... أجد الهوان لدى الهوى مستعذبا وله فدى لك روحي من رشا متبرم ... ومن منجد بالمستهام ومنهم ومن عاتب إلا على غير مذنب ... ومن ظالم إلا على غير مجرم سقتني العيون النجل منك سلافة ... جرت قبل خلقي في عروقي وأعظمي وأسلمني فيك الغرام إلى الردى ... فإن كنت من يرضى بذلك فاسلم بعدت ولي في كل عضو حشاشة ... تذوب وطرف هامع الجفن بالدم ولست ملوماً إن من أيقظ النوى ... حظوظي التي لم تجن غير تندمي جلبت إلى نفسي المنية عندما ... رميت فلم تخطئ فؤادي أسهمي أبى الله أن أبكي لغير صبابة ... وأرتاع إلا من حبيب بمؤلم وله لما صفت مرآة وجهك أيقنت ... عيناي أني عدت فيه خيالا فظننت أهدابي بوجهك عارضاً ... وحسبت إنساني بخدك خالا وله ومقرطق يغني النديم بوجهه ... عن كأسه الملأى وعن إبريقه

فعل المدام ولونها ومذاقها ... من مقلتيه ووجنتيه وريقه لبعضهم يا ظبية البان ترعى في خمائله ... ليهنك اليوم أن القلب مرعاك الماء عندك مبذول لشاربه ... وليس يرويك إلا مدمع الباكي هبت لنا من رياح الغور رائحة ... عند الرقاد عرفناها برياك ثم انثنينا إذا ما هزنا طرب ... على الرحيل تعللنا بذكراك حكت لحاظك ما في الرئم من ملح ... يوم اللقاء وكان الفضل للحاكي سهم أصاب وراميه بذي سلم ... من بالعراق لقد أبعدت مرماك وعد لعينيك عندي ما وفيت به ... يا طالما كذبت عيني عيناك كأن طرفك يوم الجزع يخبرنا ... بما انطوى عنك من أسماء قتلاك أنت الجحيم لقلبي والنعيم له ... فما أمرك في قلبي وأحلاك ولآخر ألقى يديه على صدري فقلت له ... أبرأت مني فؤاداً أنت موجعه فقال لا تطمعن عيناي قد رمتا ... سهماً فأحببت أدري أين موقعه لأبي فراس أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر بلى أنا مشتاق وعندي لوعة ... ولكن مثلي لا يذاع له سر إذا الليل أضواني بسطت يد الهوى ... وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والفكر

معللتي بالوعد والموت دونه ... إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر تسائلني من أنت وهي عليمة ... وهل بفتى مثلي على حاله نكر فقلت كما شاءت وشاء الهوى لها ... قتيلك قالت أيهم فهم كثر وقالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا ... فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر لابن حامد الغزالي حلت عقارب صدغه في خده ... قمراً فجل بها عن التشبيه ولقد عهدناه يحل ببرجها ... فمن العجائب كيف حلت فيه لإبراهيم النقيب يا تاركاً جسدي بغير فؤادي ... أسرفت في الهجران والإبعاد إن كان يمنعك الزيارة أعين ... فادخل إلي بعلة العواد إن العيون على القلوب إذا جنت ... كانت بليتها على الأجساد لأبي تمام أنت في حل فزدني سقما ... أفن جسمي واجعل الدمعا دما وارض لي الموت بهجريك فإن ... ألمت نفسي فزدها ألما محنة العاشق في ذل الهوى ... فإذا استودع سراً كتما ليس منا من شكا علته ... من شكا ظلم حبيب ظلما وله يا لابساً ثوب الملاحة أبه ... فلأنت أولى لابسيه بلبسه لم يعطك الله الذي أعطاكه ... حتى أضر ببدره وبشمسه مولاك يا مولاي صاحب لوعة ... في يومه وصبابة في أمسه

دنف يجود بنفسه حتى لقد ... أمسى ضعيفاً أن يجود بنفسه للبحتري بات نديماً لي حتى الصباح ... أغيد مجدول مكان الوشاح كأنما يضحك عن لؤلؤ ... منضد أو برد أو أقاح بت أفديه ولا أرعوي ... لنهي ناه عنه أو لحي لاح أمزج كأسي بجنى ريقه ... وإنما أمزج راحاً براح وله روحي وروحك مضمومان في جسد ... يا من رأى جسداً قد ضم روحين يا باعث السحر من طرف يقلبه ... هاروت لا تسقني خمراً بكأسين ويا محرك عينيه ليقتلني ... إني أخاف عليك العين من عيني ليزيد بن معاوية نالت على يدها ما لم تنله يدي ... نقشاً على معصم أوهت به جلدي كأنه طرق نمل في أناملها ... أو روضة رصعتها السحب بالبرد خافت على يدها من نبل مقلتها ... فألبست زندها درعاً من الزرد إنسية لو رأتها الشمس ما طلعت ... من بعد رؤيتها يوماً على أحد سألتها الوصل قالت لا تغر بنا ... من رام منا وصالاً مات بالكمد فكم قتيل لنا في الحب مات جوى ... من الغرام فلم يبدئ ولم يعد فقلت أستغفر الرحمن من زلل ... إن المحب قليل الصبر والجلد قد خلفتني طريحاً وهي قائلة ... تأملوا كيف فعل الظبي بالأسد

لمحيي الدين بن قرناص

قالت لطيف خيال زارني ومضى ... بالله صفه ولا تنقص ولا تزد فقال خلفته لو مات من ظمإ ... وقلت قف عن ورود الماء لم يرد قالت صدقت الوفا في الحب شيمته ... يا برد ذاك الذي قالت على كبدي واسترجعت سألت عني فقيل لها ... ما فيه من رمق دقت يداً بيد واستمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت ... ورداً وعضت على العناب بالبرد هم يحسدوني على موتي فوا أسفي ... حتى على الموت لا أخلو من الحسد لمحيي الدين بن قرناص أراق دمي بسيف اللحظ ظلماً ... وها أثر الدماء بوجنتيه فلما خاف من طلبي لثأري ... أدار عذاره زرداً عليه لبعضهم ورأيته في الطرس يكتب مرة ... غلطاً ويمحو خطه برضابه فوددت لو أني أكون صحيفة ... ووددت أن لا يهتدي لصوابه لابن الشاه قالت أسود عارضاك بشعر ... وبه تقبح الوجوه الحسان قلت أشعلت في فؤادي ناراً ... فعلى وجنتي منه دخان لمروان بن أبي حفصة ولما التقينا للوداع ودمعها ... ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا بكت لؤلؤاً رطباً ففاضت مدامعي ... عقيقاً فصار الكل في نحرها عقدا لآخر أرمى بأسهم مقلتيه أم رنا ... وثنى القلوب إلى هواه أم انثنى

واستل من أجفانه بيض الظبي ... أم هز من أعطافه سمر القنا أمعذبي بصدوده لو قيل من ... قتل الغرام أسى لقلت لهم أنا كل تسلى واستراح فؤاده ... وهواك قد سكن الحشا واستوطنا أما عذابك فهو أعذب مورد ... وكذا الهوان أراه عندي هينا أهدى الحبيب مع الرسول تحية ... يا مهدي الحسنى فديتك محسنا أمبشري ممن أحب بزورة ... أهلاً وسهلاً بالبشارة والهنا ما كان أسمحني عليك بخلعةٍ ... لو أن عندي حلة غير الضنى لغيره لك منزل في القلب ليس يحله ... إلا هواك وعن سواك أجله يا من إذا جليت محاسن وجهه ... علم العذول بأن ظلماً عذله الوجه بدر دجى عذارك ليله ... والقد غصن نقا وشعرك ظله هذه جفونك أعربت عن سحرها ... وعذار خدك كاد ينطق نمله عار لمثلي أن يرى متسلياً ... وجمال وجهك ليس يوجد مثله هل في الورى حسن أهيم بحبه ... هيهات أضحى الحسن عندك كله لغيره شهدت لواحظه علي بريبة ... وأتت بخط عذاره تذكارا يا قاضي الحب اتئد في قتلتي ... فالخط زور والشهود سكارى للمعز لدين الله أطلع الحسن من جبينك شمساً ... فوق ورد في وجنتيك أطلا

وكأن الجمال خاف على الور ... د جفافاً فمد بالشعر وظلا لآخر له خال على صفحات خد ... كنقطة عنبر في صحن مرمر وألحاظ بأسياف تنادي ... على عاصي الهوى ألله أكبر لعاصم بن محمد البغدادي أسر الفؤاد ولم يرق لموثق ... ما ضره لو من بالإطلاق إن كان قد لسعت عقارب صدغه ... قلبي فإن رضابه ترياقي للمعلم بطرس كرامة أمن خدها الوردي أفتنك الخال ... فسح من الأجفان مدمعك الخال وأومض برق من محيا جمالها ... لعينيك أم من ثغرها أومض الخال رعى الله ذياك القوام وإن يكن ... تلاعب في أعطافه التيه والخال ولله هاتيك الجفون فإنها ... على الفتك بهواها أخو العشق والخال مهاة بأمي أفتديها ووالدي ... وإن لام عمي الطيب الأصل والخال أرتنا كثيباً فوقه خيزرانة ... بروحي تلك الخيزرانة والخال غلائلها والدر أضحى بجيدها ... نسيجان ديباج الملاحة والخال ولما تولى طرفها كل مهجة ... على قدها من فرعها عقد الخال إذا فتكت أهل الجمال فإنما ... لهن على الهوى الملك والخال

وليس الهوى إلا المروءة والوفا ... وليس له إلا امرؤ ماجد خال وكم يدعي بالحب من ليس أهله ... وهيهات أين الحب والأحمق الخال معذبتي لا تجحدي الحب بيننا ... لما أتهم الواشي فإني الفتى الخال ولي شيمة طابت ثناء وعفة ... تصاحبني حتى يصاحبني الخال سلي عن غرامي كل من يعرف الهوى ... تري أنني رب الصبابة والخال ولا تسمعي قول العذول فإنه ... لقد ساء فينا ظنه السوء والخال سعى بيننا سعي الحسود فليته ... أشل وفي رجليه أوثقه خال وظبية حسن مذ رأيت ابتسامها ... عشقت ولم تخط الفراسة والخال توسم طرفي في محاسن وجهها ... فلاح له في بدر سمائها خال إلى مثلها يرنو الحليم صبابة ... ويعشقها سامي النباهة والخال أيا راكباً يطوي الفلاة ببكرة ... يباع بها النهد المطهم والخال بعيشك إن جئت الشآم فعج إلى ... مهب الصبا الغربي يعن لك الخال وسلم بأشواقي على مربع عفا ... كان رباه بعدنا الأقفر الخال وإن ناشدتك الغيد عني فقل على ... عهود الهوى فهو المحافظ والخال

وله

وإن قلن هل سام التصبر بعدنا ... فقل صبره ولى وفرط الجوى خال لكل جماح إن تمادى شكيمة ... ولكن جماح الدهر ليس له خال وله وردية الخد بالوردي قد خطرت ... تميس تيهاً وتثني القد إعجابا لم يكف قامتها الهيفاء ما فعلت ... حتى اكتست من دم العشاق أثوابا وله أقبلت تنجلي وفي معطفيها ... نظر العاشقين مثل النطاق ما ترى بردها وقد صبغته ... من سواد القلوب والأحداق وله فتن القلوب وقد تمنطق خصره ... من أعين العشاق أي نطاق أمسى يداعبني بورد خدوده ... لما رآه يفيض من آماقي يفتر عن در فأبكي مثله ... لله در الطرف من سراق لآخر أشكو الغرام وأنت عني غافل ... ويجد بي وجدي وطرفك هازل يا بدر كم سهرت عليك نواظر ... يا غصن كم ناحت عليك بلابل البدر يكمل كل شهر مرة ... وهلال وجهك كل يوم كامل وحلوله في قلب برج واحد ... ولك القلوب جميعهن منازل قتل النفوس محرم لكنه ... حل إذا كان الحبيب الفاعل

أرضى فيغضب قاتلي فتعجبوا ... يرضى القتيل وليس يرضى القاتل لبعضهم يا من حوى ورد الرياض بخده ... وحكى قضيب الخيزران بقده دع عنك ذا السيف الذي جردته ... عيناك أمضى من مضارب حده كل السيوف قواطع إن جردت ... وحسام لحظك قاطع في غمده إن شئت تقتلني فأنت مخير ... من ذا يعارض سيدا في عبده للوأواء الدمشقي بالله ربكما عوجا على سكني ... وعاتباه لعل العتب يعطفه وعرضا بي وقولا في حديثكما ... ما بال عبدك بالهجران تتلفه فإن تسم قولا في ملاطفة ... ما ضر لو بوصال منك تسعفه وإن بدا لكما في وجهه غضب ... فغالطاه وقولا ليس تعرفه لفتح الله بن النحاس رأى اللوم من كل الجهات فراعه ... فلا تنكروا إعراضه وامتناعه ولا تسألوه عن فؤادي فإنني ... علمت يقيناً أنه قد أضاعه هو الظبي أدنى ما يكون نفاره ... وأبعد شيء ما يزيل ارتياعه فيا ليتي قد كنت من أول الهوى ... أطعت عذولي واكتفيت نزاعه لابن عبد ربه إذا الذي خط العذار بخده ... خطين هاجا لوعة وبلابلا ما كنت أقطع أن لحظك صارم ... حتى رأيت من العذار حمائلا

لابن معتوق

لتقي الدين السروجي في الجانب الأيمن من خدها ... نقطة مسك أشتهي شمها حسبته لما بدا خالها ... وجدته من حسنه عمها وله يا من شغلت بحبه عن غيره ... وسلوت كل الناس حين عشقته أنفقت عمري في هواك وليتني ... أعطى وصولاً بالذي أنفقته بالله إن سألوك عني قل لهم ... عبدي وملك يدي وما أعتقته أو قيل مشتاق إليك فقل لهم ... أدري بذا وأنا الذي شوقته يا حسن طيف من خيالك زارني ... من فرط وجدي فيه ما حققته فمضى وفي قلبي عليه حسرة ... لو كان يمكنني الرقاد لحقته لابن معتوق خفرت بسيف الغنج ذمة مغفري ... وفرت برمح القد درع تصبري وجلت لنا من تحت مسكة خالها ... كافور فجر شق ليل العنبر وغدت تذب عن الرضاب لحاظها ... فحمت علينا الحور ورد الكوثر ودنت إلى فمها أراقم فرعها ... فتكفلت بحفاظ كنز الجوهر يا حامل السيف الصحيح إذا رنت ... إياك ضربة جفنها المتكسر وتوق يا رب القناة الطعن إن ... حملت عليك من القوام بأسمر برزت فشمنا البرق لاح ملثماً ... والبدر بين تقرطق وتخمر وسعت فمر بنا الغزال مطوقاً ... والغصن بين موشح ومؤزر

بأبي مراشفها التي قد لثمت ... فوق الأقاحي بالشقيق الأحمر وبمهجتي الروض المقيم بمقلة ... ذهب النعاس بها ذهاب تحير تالله ما ذكر القيق وأهله ... إلا وأجراه الغرام بمحجري يا للعشيرة من لمقلة ضيغم ... كمنت منيته بمقلة جؤذر أمت وقد هز السماك قناته ... وسط الضياء على الظلام بخنجر والقوس معترض أراشت سهمه ... بقوادم النسرين أيدي المشتري فغدت تشنف مسمعي بلؤلؤة ... لولاه ناظم عبرتي لم ينثر حتى بدا كسر الصباح وأدبرت ... قوم النجاشي عن عساكر قيصر لما رأت روض البنفسج قد ذوى ... من ليلنا وزهت رياض العصفر والنجم غار على جواد أدهم ... والفجر أقبل فوق صهوة أشقر فزعت فضرست العقيق بلؤلؤ ... سكنت فرائده غدير السكر وتنهدت جزعاً فأثر كفها ... في صدرها فنظرت ما لم أنظر أقلام مرجان كتبن بعنبر ... بصحيفة البلور خمسة أسطر لبعضهم لولا شفاعة شعرها في صبها ... ما واصلت وأزالت الأسقاما لكن تنازل في الشفاعة عندها ... فغدا على أقدامها يترامى للسراج الوراق ومهفهف عني يميل ولم يمل ... يوماً إلي فقلت من ألم الجوى لم لا تميل إلي يا غصن النقا ... فأجاب كيف أستبين جهة الهوى

للحسن بن هاني يا قمراً أبصرت في مأتم ... يندب شجواً بين أتراب يبكي فيلقي الدر من نرجس ... ويلطم الورد بعناب لآخر حجبوك عن مقل العباد مخافة ... من أن تخدش خدك الأبصار فتوهموك ولم يروك فأصبحت ... من وهمهم في خدك الآثار لابن اللبانة بدا على خده خال فزينه ... وزادني شغفاً فيه على شغفي كأن حبة قلبي عند رؤيته ... طارت فقلت لها في الخد منه قفي للفارض غيري على السلوان قادر ... وسواي في العشاق غادر لي في الغرام سريرة ... والله أعلم بالسرائر ومشبه بالغصن قلبي ... لا يزال عليه طائر حلو الحديث وإنها ... لحلاوة شقت مرائر أشكو وأشكر فعله ... فاعجب لشاك منه شاكر لا تنكروا خفقان قلبي ... والحبيب لدي حاضر ما القلب إلا داره ... ضربت له فيها البشائر يا ليل ما لك آخر ... أبداً ولا للشوق آخر يا ليل طل يا شوق دم ... إني على الحالين صابر لي فيك أجر مجاهد ... إن صح أن الليل كافر

لمحمد بن هاني الأندلسي

طرفي وطرف النجم فيك ... كلاهما ساه وساهر يهنيك بدرك حاضر ... يا ليت بدري كان حاضر حتى يبين لناظري ... من منهما زاه وزاهر بدري أرق محاسناً ... والفرق مثل الصبح ظاهر لأبي العتاهية لم يبق مني حبها ما خلا ... حشاشة في بدن ناحل يا من رأى قبلي قتيلاً بكى ... من شدة الوجد على القاتل لآخر إني أغار من النسيم إذا سرى ... بأريج عرفك خشية من ناشق وأود لو سهرت جفوني دائماً ... حذراً عليك من الخيال الطارق لشمس الدين التلمساني لا تخف ما فعلت بك الأشواق ... واشرح هواك فكلنا عشاق فعسى يعينك من شكوت له الهوى ... في حمله فالعاشقون رفاق قد كان يخفى الحب لولا دمعك ال ... جاري ولولا قلبك الخفاق لا تجزعن فلست أول مغرم ... فتكت به الوجنات والأحداق واصبر على هجر الحبيب فربما ... عاد الوصال وللهوى أخلاق لمحمد بن هاني الأندلسي فتكات طرفك أم سيوف أبيك ... وكؤوس خمر أم مراشف فيك منعوك من سنة الكرى وسروا فلو ... عثروا بطيف طارق ظنوك ودعوك نشوى ما سقوك مدامة ... لما تمايل عطفك اتهموك

حسبوا التكحل في جفونك حلية ... تالله ما بأكفهم كحلوك ولوى مقبلك اللثام وما دروا ... أن قد لثمت به وقبل فوك وله قمن في مأتم على العشاق ... ولبسن الحداد في الأحداق وبكين الدماء بالعنم الرطب ... المقنا وبالخدود الرقاق ومنحن الفراق رقة شكوا ... هن حتى عشقت يوم الفراق ودنوا للوداع حتى ترى الأج ... ياد فوق الأجياد كالأطواق لغيره غدا خاله رب الجمال لأنه ... على عرش كرسي الخدود قد استوى وأرسل من لحظيه رسلاً أعزة ... على فترة تدعو القلوب إلى الهوى لابن النبيه خذ من حديث شجونه وشؤونه ... خبراً تسلسله رواة جفونه لولا فضيحة خده بدموعه ... ما زال ثهك رقيبه بيقينه وأغن توئسني قساوة قلبه ... منه ويطمعني تعطف لينه ما زال يسقي خده ماء الحيا ... حتى جنيت الورد من نسرينه وإذا وصلت بشعره قصر الدجى ... هجم الصباح بثغره وجبينه خفر الدلال أضمه وأهابه ... لوقاره وحيائه وسكونه قالت روادفه ولين قوامه ... إياك عن كثب الحمى وغصونه أجفانه شرك القلوب كأنما ... هاروت أودعها فنون فتونه

ياقوته متبسم عن لؤلؤ ... خجلت عقود الدر من مكنونه ساق صحيفة خده ما سودت ... عبثاً بلام عذاره وبنونه جمد الذي بيمينه في خده ... وجرى الذي في خده بيمينه وله من آل إسرائيل علقته ... عذبني بالصد والتيه أنزلت السلوى على قلبه ... وأنزل المن على فيه لبعضهم وقلت لها بعيشك ذقت راحاً ... فقالت لا وعيشك لم أذق را فقلت ولم حذفت الحاء قالت ... أخاف تشم أنفاسي فتبرا لعلي بن جريح لو كنت يوم الوداع شاهدنا ... وهن يطفئن غلة الوجد لم تر إلا دموع باكية ... تسفح من مقلة على خد كأن تلك الدموع قطر ندى ... يقطرن من نرجس على ورد لأبي العباس الناشي بكت للفراق وقد راعني ... بكاء الحبيب لفقد الديار كأن الدموع على خدها ... بقية طل على جلنار لغيره بروحي وجسمي ذلك العارض الذي ... غدا مسكه فوق السوالف سائلا درى خدها أني أجن من الهوى ... فأظهر لي قبل الجنون سلاسلا

لبعضهم ذكرت سليمى وحر الوغى ... كقلبي ساعة فارقتها فشبهت سمر القنا قدها ... وقد ملن نحوي فعانقتها لغيره ومن عجب أني أحن إليهم ... وأسأل عنهم من لقيت وهم معي وتطلبهم عيني وهم في سوادها ... ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي للشهاب محمود رأتني وقد نال مني النحول ... وفاضت دموعي على الخد فيضا فقالت بعيني هذا السقام ... فقلت صدقت وبالخصر أيضاً

لبعضهم لم أنسه إذ قال أين تحلني ... حذراً علي من الخيال الطارق فأجبته في القلب قال تعجباً ... أرأيت ويحك ساكناً في خافق للأرجاني لم يبكني إلا حديث فراقهم ... لما أسر به إلي مودعي هو ذلك الدر الذي أودعته ... في مسمعي أجريته من مدمعي لغيره ومهفهف ألحاظه وعذاره ... يتعاضدان على قتال الناس سفك الدماء بصارم من نرجس ... كانت حمائل غمده من آس للأرجاني شكوت إلى الحبيبة سوء حظي ... وما قاسيت من ألم البعاد فقالت إن حظك مثل عيني ... فقلت نعم ولكن في السواد وله غالطتني إذ كست جسمي ضنى ... كسوة أعرت من اللحم العظاما ثم قالت أنت عندي في الهوى ... مثل عيني صدقت لكن سقاما للشيخ ناصيف اليازجي خطرت وفي قلبي لذاك خفوق ... ورنت فكل الصاحبين رشيق هيفاء مال بصبها سكر الهوى ... لما تمايل عطفها الممشوق قامت تدير لنا الرحيق وليتها ... طلبت مجانسة فدار الريق

وله من قصيدة وهو مما نظمه في صباه

وشدت فأطربت الجماد وهيجت ... حتى علمنا كيف يحيي البوق ناظرتها فسكرت من لحظاتها ... وشربت خمرتها فكيف أفيق ورأيت رقة خصرها فوهبتها ... قلبي فإن كيهما لرقيق غيداء آنسة نفور عندها ... يحيا الرجاء ويقتل التوفيق كالآل يطمع لامعاً متقرباً ... ولمن أتاه زفرة وشهيق قالت وقد غازلتها متصبباً ... ليس الصبابة بالمشيب تليق والله ما كبراً مشيبي إنما ... هذا الدلال إلى المشيب يسوق إني امرؤ طرب على غزل المهى ... وعلى مناظرة الحسان مشوق حجت إلى قلبي العيون فإنه ... بيت ولكن لا أقول عتيق يا ربة الحسن العزيز لك الحشا ... مصر غلا فسطا عليه حريق أنت العزيزة في الجمال وإنما ... والله ما أنا يوسف الصديق نعمان خدك في الرياض ومدمعي ... هذا لها خال وذاك شقيق دمعي حديث لا يزال مسلسلاً ... أبداً وقلبي بالغرام خليق قلب كخالك في المحبة طيب ... لكن ذا مسك وذاك فتيق وله من قصيدة وهو مما نظمه في صباه ألوى علي فضمني وضممته ... وصدورنا بصدورنا لم تعلم أهوي عليه وفي عفة يوسف ... حتى يميل وفيه عفة مريم فيروح بين صبابتي وحنينه ... وأروح بين حديثه وتبسمي خضنا ملياً في الحديث كما جرى ... وكأننا للشوق لم نتكلم

عاتبتها فاستضحكت وعتابها ... ظلم وكيف عتاب من لم يأثم ما كنت أختار العتاب وإنما ... قد كان ذلك حيلة المتكلم حتى رنت وكأن هدب جفونها ... وسواد قلبي قطعة لم تقسم حوراء تدمي بالسيوف جفونها ... ولحاظها ترمي القلوب بأسهم قطرت دماً من فوق وجنتها فما ... كذبت علينا إنه لون الدم عين الغزالة عينها وجبينها ... لا ذاتها من رقة وتبسم ولطالما نفر الغزال وما درت ... كيف النفار وعرضها لم يكلم يا ليلة سمح الزمان ببعضها ... بعض السماح وليته لم يندم قد كنت أرجو مثلها فبلغته ... والحادثات تقول طرفك فاسلم حتى دخلت الدار ساعة غفلة ... وعرفت ربع الدار بعد توهم فكأن كل الدهر مدة لحظة ... وكأن كل الأرض دارة درهم ولقد جلست إلى الفتاة مسامراً ... ووشاتنا من غافلين ونوم ولطالما جلست إلينا قبلها ... طيفاً وكان الطيف غير مسلم حتى رجعت كما رجعت وأخمصي ... متأخر في نية المتقدم يا هل ترى علمت بنات عشيرتي ... أني لقيت الشمس بعد الأنجم إن كان بعدي ساءهن فسرني ... يا غربتي طولي ولا تتصرمي بالله يا ريح الصبا قبل الضحى ... إن جزت هاتيك الديار فسلمي قسماً بها إلا وقعت بصدرها ... بين النهود ولا أقول لك الثمي وضممت معطفها وقلت له ترى ... كم فيك غمزة حمرة من مغرم

هيهات أسلوها وقد ختمت على ... قلبي بخاتم ثغرها المتبسم لو لم يكن للشوق من سبب كفى ... ذاك الوداع ومد ذاك المعصم إن كان قتل النفس غير محلل ... قولوا لها فالوصل غير محرم ولولده الشيخ إبراهيم ما مر ذاك خاطراً في خاطري ... إلا استباح الشوق هتك سرائري وتصببت وجداً عليك نواظر ... باتت بليل من جفائك ساهر بلغ الهوى مني فإن أحببت صل ... أو لا فدتك حشاشتي ونواظري قسماً بحسنك لم أصادف زاجراً ... إلا وحسنك كان عنه زاجري أو ما كفاك من الذي لاقيته ... وله كساني الذل بين معاشري وضنى يكاد يشف عن طي الحشى ... حتى خشيت به افتضاح ضمائري أخذت عيونك من فؤادي موثقاً ... وعلي عهد هواك لست بغادر كن كيف شئت تجد محبك مثلما ... تهوى على الحالين غير مغاير صبري عليك بما أردت مطاوع ... أبداً ولكن عنك لست بصابر عذبت قلبي بالصدود وإن يكن ... لك فيه بعض رضى فدونك سائري وأضعت عمري بالدلال وحبذا ... إن صح عندك مطمع في الآخر كثر التقول بيننا وتحدثوا ... يا هاجري حاشاك أنك هاجري وأطال فيك معنفي فعذرته ... وعساك في كلفي فديتك عاذري حسبي رضاك إذا مننت بزورة=يدرى المزور بها رقيق الزائر

ولولده الشيخ خليل

ولولده الشيخ خليل بيض الصوارم تفدي الأعين السودا ... فتلك لا تبتغي للضرب تجريدا وأسمر الرمح يفدي العطف منثنياً ... فذاك لا يبتغي للطعن تسديدا هي المحاسن أحلاهن أفتكها ... بنا وأكثرها بطشاً وتبديدا نهوى العيون كما نهوى المنون على ... جهل ونحسب أنا نعشق الغيدا قتالة بالعيون النجل محيية ... بالوصل لو أن من أخلاقها الجودا غنية بجمال قد بخلن به ... وطالما كان هذا الأمر معهودا وكلما ازددن حسناً زدن في بخل ... كأنما كان ذا مع ذاك مولودا

لابن سناء الملك دنوت وقد أبدى الكرى منه ما أبدى ... فقبلته في الخد تسعين أو إحدى وأبصرت في خديه ماء وخضرة ... فما أملح المرعى وما أعذب الوردا تلهب ماء الخد أو سال جمره ... فيا ماء ما أذكى ويا جمر ما أندى لابن الدمينة ولي كبد مقروحة من يبيعني ... بها كبداً ليست بذات قروح أباها علي الناس لا يشترونها ... ومن يشتري ذا علة بصحيح أئن من الوجد الذي في جوانحي ... أنين غصيص بالشراب جريح لعبد الله الشبراوي ومهفهف الأعطاف سيف لحاظه ... جرح القلوب وما بدا من غمده بدر تكامل في سماء جماله ... وتهللت منه كواكب سعده ذو غرة تحكي نهار وصاله ... وذؤابة تحكي ليالي صده قمر حجازي العيون مقرطق ... أردافه لعبت بطرة بنده رقمت محاسنه شروط جماله ... بجبينه وبصدغه وبخده لبرهان الدين القيراملي قسماً بروضة خده ونباتها ... وبآسها المخضر في جنباتها وبسورة الحسن التي في وجهه ... كتب العذار بخطه آياتها وبقامة كالغصن إلا أنني ... لم أجن غير الصد من ثمراتها أمحرك الأوتار إن نفوسنا ... سكناتها وقف على حركاتها

دار العذار بحسن وجهك منشداً ... لا تخرج الأقمار عن هالاتها لأبي نواس صليت من حبها نارين واحدة ... في وجنتيها وأحرى بين أحشائي يا ويح أهلي يروني بين أعينهم ... على الفراش وما يدرون ما دائي لو كان زهدك في الدنيا كزهدك في ... وصلي مشيت بلا شك على الماء للحربري سألتها حين زارت نضو برقعها ال ... قاني وإيداع سمعي أطيب الخبر فزحزحت شفقاً غشى سني قمر ... وساقطت لؤلؤاً من خاتم عطر وأقبلت يوم جد البين في حلل ... سود بنان النادم الحصر فلاح ليل على صبح أقلهما ... غصن وضرست البلور بالدرر لبعضهم ولما برزنا لتوديعهم ... بكوا لؤلؤاً وبكينا عقيقا أداروا علينا كؤوس الفراق ... وهيهات من سكرها أن نفيقا تولوا فأتبعتهم أدمعي ... فصاحوا الغريق وصحت الحريقا لابن نباتة بروحي عاطر الأنفاس ألمى ... ملي الحسن خالي الوجنتين له خالان في دينار خد ... تباع له القلوب بحبتين لآخر سألتها عن فؤادي أين موضعه ... فإنه ضل عني عند مسراها قالت لدينا قلوب جمة جمعت ... فأيها أنت تعني قلت أشقاها

ولم يترك شيئا من دقة وجله

لغيره يا من سقامي من سقام جفونه ... وسواد حظي من سواد عيونه قد كنت لا أرضى الوصال وفوقه ... واليوم أقنع بالخيال ودونه لأبي حسن بن الحاج ومعذر رقت محاسن وجهه ... فقلوبنا وجداً عليه رقاق لم يكس عارضه السواد وإنما ... نفضت عليه صباغها الأحداق لابن خفاجة ومهفهف طاوي الحشى ... خنث المعاطف والنظر ملأ العيون بصورة ... تليت محاسنها سور فإذا رنا وإذا مشى ... وإذا شدا وإذا سفر فضح الغزالة والغما ... مة والحمامة والقمر ونختم هذا الباب بقول بعضهم وقد أحط بالحب كله ولم يترك شيئاً من دقة وجله رأى فحب فرام الوصل فامتنعوا ... فسام صبراً فأعيا نيله فقضى

الباب الثاني في المديح

الباب الثاني في المديح لأبي تمام في المعتضد بالله إلى قطب الدنيا الذي لو بفضله ... مدحت بني الدنيا كفتهم فضائله من البأس والمعرف والجود والتقى ... عيال عليه رقهن شمائله هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلحبه المعروف والجود ساحله تعود بسط الكف حتى لو أنه ... ثناها لقبض لم تطعه أنامله ولو لم يكن في كفه غير نفسه ... لجاد بها فليتق الله سائله وله في المعتصم بالله وأضحت عطاياه نوازع شرداً ... تسائل في الآفاق عن كل سائل مواهب جدن الأرض حتى كأنما ... أخذن بأهداب السحاب الهواطل وقد ظللت عقبان أعلامه ضحى ... بعقبان طير في الدماء نواهل أقامت مع الرايات حتى كأنها ... من الجيش إلا أنها لم تقاتل وله في المعتضد بالله السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والريب فتح تفتح أبواب السماء له ... وتبرز الأرض في أثوابها العشب

غادرت فيهم بهيم الليل وهو ضحى ... يقله وسطها صبح من اللهب حتى كأن جلابيب الدجى رغبت ... عن لونها وكأن الشمس لم تغب أجبته معلناً بالسيف منصلتاً ... ولو أجبت بغير السيف لم تجب وله كم من يد لك لولا ما أخففها ... به من الشكر لم تحمل ولم تطق بالله تدفع عني ثقل فادحها ... فإنني خائف منها على عنقي وله ما زلت ترغب في الندى حتى بدت ... للراغبين زهادة في العسجد فإذا ابتنين بجود يومك مفخراً ... عصفت به أرواح جودك في غد فلويت بالموعود أعناق المنى ... وحطمت بالإنجاز ظهر الموعد وطلعت في درج العلى حتى إذا ... جئت النجوم نزلت فوق الفرقد إن الخلافة لو جزتك بموقف ... جعلت مثالك قبلة للمسجد لمحمد بن هانئ في جعفر بن علي بن غلبون فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر ... وأمدكم فاق الصباح المسفر وجنيتم ثمر الوقائع يانعاً ... بالنصر من ورق الحديد الأخضر وضربتم هام الكماة ورعتم ... بيض الخدور بكل ليث مخدر أبني العوالي السمهرية والسيو ... ف المشرقية والعديد الأكثر من منكم الملك المطاع كأنه ... تحت السوابع تبع في حمير القائد الخيل العتاق شوازباً ... خزراً إلى لحظ السنان الأخزر شعث النواصي حشرة آذانها ... قب الأياطل داميات الأنسر

تنبو سنابكه عن عفر الثرى ... فيطأن في خد العزيز الأصعر في فتية صدأ الدروع عبيرهم ... وخلوقهم علق النجيع الأحمر لا يأكل السرحان شلو طعينهم ... مما عليه من القنا المتكسر أنسوا بهجران الأنيس كأنهم ... في عبقري البيد جنة عبقر ومشوا على قطع النفوس كأنما ... تمشي سنابك خيلهم في مرمر قوم يبيت على الحشايا غيرهم ... ومبيتهم فوق الجياد الضمر وتظل تسبح في الدماء قبابهم ... فكأنهن سفائن في أبحر فحياضهم من كل مهجة ضالع ... وخيامهم من كل لبدة قسور وكفاك من حب السماحة أنها ... منهم بموضع مقلة من محجر للمتنبي في بدر بن عمار أرج الطريق فما مررت بموضع ... إلا أقام به الشذا مستوطنا لو تعقل الشجر التي قابلتها ... مدت محيية إليك الأغصنا أقبلت تبسم والجياد عوابس ... يخببن بالحلق المضاعف والقنا عقدت سنابكها عليها عثيراً ... لو تبتغي عنقاً عليه لأمكنا والأمر أمرك والقلوب خوافق ... في موقف بين المنية والمنى فعجبت حتى ما عجبت من الظبي=ورأيت حتى ما رأيت من السنى وله دخلتها وشعاع الشمس متقد ... ونور وجهك بين الخلق باهره في فيلق من حديد لو قذفت به ... صرف الزمان لما دارت دوائره

وله في سيف الدولة

تمضي المواكب والأبصار شاخصة ... منها إلى الملك الميمون طائره قد حرن في بشر في تاجه قمر ... في درعه أسد تدمى أظافره حلو خلائقه شوس حقائقه ... تحصى الحصى قبل أن تحصى مآثره تضيق عن جيشه الدنيا ولو رحبت ... كصدره لم تبن فيها عساكره يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره ومن توهمت أن البحر راحته ... جوداً وأن عطاياه جواهره لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ... ولا يهيضون عظماً أنت جابره وله في سيف الدولة وقفت وما في الموت شك لواقف ... كأنك في جفن الردى وهو نائم تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ... ووجهك وضاح وثغرك باسم تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى ... إلى قول قوم أنت بالغيب عالم

ضممت جناحيهم على القلب ضمة ... تموت الخوافي تحتها والقوادم بضرب أتى الهامات والنصر غائب ... وصار إلى اللبات والنصر قادم ألا أيها السيف الذي لست مغمداً ... ولا فيك مرتاب ولا منك عاصم هنيئاً لضرب الهام والمجد والعلى ... وراجيك والإسلام أنك سالم لأبي بكر بن عمار في المعتضد بالله ملك إذا ازدحم الملوك بمورد ... ونحاه لا يردون حتى يصدرا أندى على الأكباد من قطر الندى ... وألذ في الأجفان من سنة الكرى يختار إذ يهب الخريدة كاعباً ... والطرف أجرد والحسام مجوهرا قداح زند المجد لا ينفك عن ... نار الوغى إلا إلى نار القرى لا خلق أقرأ من شفار حسامه ... إن كنت شبهت المواكب أسطرا أيقنت أني من نداه بجنة ... لما سقاني من نداه الكوثرا وعلمت حقاً أن ربعي مخصب ... لما سألت به الغمام الممطرا ملك يروقك خلقه أو خلفه ... كالروض يحسن منظراً أو مخبرا أقسمت باسم الفضل حتى شمته ... فرأيته في بردتيه مصورا وجهلت معنى الجود حتى زرته ... فقرأته في راحتيه مفسرا فاح الثرى متعطراً بثنائه ... حتى حسبنا كل ترب عنبرا وتتوجت بالزهر صلع هضابه ... حتى ظننا كل هضب قيصرا هصرت يدي غصن الندى من كفه ... وجنت به روض السرور منورا ومنها

ألسيف أفصح من وزياد خطبة ... في الحرب إن كانت يمينك منبرا أثمرت رمحك من رؤوس كماتهم ... لما رأيت الغصن يعشق مثمرا وصبغت درعك من دماء ملوكهم ... لما علمت الحسن يلبس أحمرا من ذا ينافحني وذكرك صندل ... أوردته من نار فكري مجمرا للبحتري في المتوكل على الله بالبر صمت وأنت أفضل صائم ... وبسنة الله الرضية تفطر فانعم بيوم الفطر عيناً إنه ... يوم أغر من الزمان مشهر أظهرت عز الملك فيه بجحفل ... لجب يحاط الدين فيه وينصر خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت ... عدداً يسير بها العديد الأكثر فالخيل تصهل والفوارس تدعي ... والبيض تلمع والأسنة تزهر والأرض خاشعة تميد بثقلها ... والجو معتكر الجوانب أغبر والشمس طالعة توقد في الضحى ... طوراً ويطنها العجاج الأكدر حتى طلعت بضوء وجهك فانجلى ... ذاك الدحى وانحاب ذاك العثير فافتن فيك الناظرون فإصبع ... يوما إليك بها وعين تنظر يجدون رؤيتك التي فازوا بها ... من أنعم الله التي لا تكفر دكروا بطلعتك النبي فهللوا ... لما طلعت من الصفوف وكبروا حتى انتهيت إلى المصلى لابساً ... نور الهدى يبدو عليك ويظهر ومشيت مشية خاشع متواضع ... لله لا يزهى ولا يتكبر فلو أن مشتاقاً تكلف فوق ما ... في وسعه لمشى إليك المنبر

لابن الرومي

أبديت من فصل الخطاب بحكمة ... تنبي عن الحق المبين وتخبر ووقفت في برد النبي مذكرا ... بالله تنذر تارة وتبشر للقاضي أبي محمد بن عطية من صدمة لك فيهم مشهورة ... غص العراق بذكرها والشام في مأزق فيه الأسنة والظبى ... برق ونفع العاديات غمام والضرب قد صبغ النصول كأنما ... يجري على ماء الحديد ضرام والطعن يبتعث النجيع كأنما ... تنشق عن زهر الشقيق كمام لابن نباتة قد جدت لي باللهى حتى ضجرت بها ... وكدت من ضجري أثني على البخل إن كنت ترغب في أخذ النوال لنا ... فاخلق لنا رغبة أو لا فلا تنل لم يبق جودك لي شيئاً أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل لابن الرومي آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم ... في الحادثات إذا دجون نجوم منها معالم للهدى ومصايج ... تجلو الدجى والأخريات رجوم لآخر نصبوا بقارعة الطريق خيامهم ... يتسابقون إلى قرى الضيفان ويكاد موقدهم يجود بنفسه ... حب القرى حطباً على النيران لأبي الشيص الخزاعي عشق المكارم فهو مشتغل بها ... والمكرمات قليلة العشاق وأقام سوقاً للثناء ولم تكن ... سوق الثناء تعد في الأسواق

بث الصنائع في البلاد فأصبحت ... تجبى إليه محامد الآفاق لأبي حوثة قوم إذا اقتحموا العجاج رأيتهم ... أسداً وخلت وجوههم أقمارا لا يعدلون برفدهم عن سائل ... عدل الزمان عليهم أو جارا وإذا الضريح دعاهم لملمة ... بذلوا النفوس وفارقوا الأعمارا وإذا زناد الحرب أخمد نارها ... قدحوا أطراف الأسنة نارا للنابغة الذبياني إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب يصاحبنهم حتى يفزن مفازهم ... من الضاريات بالدماء السواكب ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب لمروان بن أبي حفصة في معين بن زائدة تجنب لا في القول حتى كأنه ... حرام عليه قول لا حين يسأل تشابه يوماه علينا فأشكلا ... فلم نك ندري أي يوميه أفضل أيوم نداء الغمر أم يوم بأسه ... وما منهما إلا أغر محجل بها ليل في الإسلام سادوا ولم يكن ... كأولهم في الجاهلية أول هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا ... أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا وما يستطيع الفاعلون فعالهم ... وإن أحسنوا في النائبات وأجملوا

لمحمد بن هانئ في يحيى بن علي بن غلبون وكم جحفل مجر قرعت صفاته ... بصاعقة ترفض منها الجماجم أئتك بها الآساد تحت زئيرها ... فطارت به عن جانبيك القشاعم أتوك فما خروا إلى البيض سجداً ... ولكنما كانت تخر الجماجم ولو حاربتك الشمس دون لقائهم ... لأعجلها جند من الله هازم سبقت المنايا واقعاً بنفوسهم ... كما وقعت قبل الخوافي القوادم تقود الكماة المعلمين إلى الوغى ... لهم فوق أصوات الحديد هماهم غزوا في الدروع السابغات كأنما ... تدير عيوناً فوقهن الأراقم فليس لهم إلا الدماء مشارب ... وليس لهم إلا النفوس مطاعم يودون لو صيغت لهم من حفاظهم ... وإقدامهم تلك السيوف الصوارم ولو طعنت قبل الرماح قلوبهم ... ولو سبقت قبل الأكف المعاصم للمتنبي في سيف الدولة ضاق الزمان ووجه الأرض عن ملك ... ملء الزمان وملء السهل والجبل فنحن في جذل والروم في وجل ... والثر في شغل والبحر في خجل ليت المدائح تستوفي مناقبه ... فما كليب وأهل الأعصر الأول خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به ... في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل وقد وجدت مكان القول ذا سعة ... فإن وجدت لساناً قائلاً فقل إن الهمام الذي فخر الأنام به ... خير السيوف بكفي خيرة الدول تمسي الأماني صرعى دون مبلغه ... فما يقول لشيء ليت ذلك لي

للشيخ ناصيف اليازجي في أسعد باشا قائد جيش البلاد العربية شكته الظبي من كثرة الضرب فاشتكى ... تكسرها من ضربه في المفارق وملت ظهور الخيل منه فملها ... إذا لم تخضب من دم بشقائق إذا قام من تحت السرادق راكباً ... أقام عجاجاً فوقه كالسرادق ولما رأينا كيف تنفض خيله ... علمنا بها كيف انقضاض الصواعق إذا ما رمى يوماً بهن عواصماً ... ضحكن على أسوارها والخنادق تفارق أطراف البلاد خيوله ... وأصواتها في قلبها لم تفارق يطأن الحصى كالترب غير عواثر ... وملس الصفا كالرمل غير زواهق ويحسبن وحش الغاب آرام رامة ... ويحسبن غاب الوحش زهر الحدائق عليها أسود تتقي عار هارب ... ولا تتقي في الكر وقبة غاسق رماح بأيديها رماح طويلة ... تمزق شمل القوم في كل مأزق ينض دماً ما اندق منها فإنه ... قتيل بثارات الضلوع السواحق إذا ناب خطب الدهر فادع تيمناً ... بأسعد خلق الله دعوة واثق عزيز أذل الدهر وهو عدوه ... لأن الخنا في سوقه غير نافق كريم السجايا ملء قلب مؤمل ... وراحة مسنحد ومقلة رامق له في عيون الناس نظرة غافل ... وفي غامضات السر نظرة حاذق يسر بما يعطي مسرة آخذ ... فيشكر منا طارقاً شكر طارق صحيح بنان تضبط الملك دهره ... ولا نضبط الدينار بضع دقائق إلى داره الركبان تهوي فتنثني ... مشاة لوفر المال فوق الأيانق

ولولده الشيخ إبراهيم في صبحي باشا

له في رؤوس القوم تيجان نعمة ... وأطواق أمن في نحور العوائق وعين تراعي نفسه قبل غيره ... فلا يتولى عرضه سهم راشق ختمت على نظم القوافي ففضه ... كريم عليه هان فتح المغالق تضيق بحار الشعر عنه وتستحي ... ببحر لها في بحر كفيه غارق إليك حملنا طيب الكلم الذي ... إلى الله يهدى دون جرد السوابق لقد فقت أهل الفضل فالقوم فضلة ... ومن لي يوصف مثل فضلك فائق إذا كنت بدعاً في الكرام كما نرى ... فلبيك إني شاعر غير سارق ولولده الشيخ إبراهيم في صبحي باشا هذا وزير الملك ذو الشرف الذي ... أررى الثريا والسماك الأعزلا أمضى من السهم المذلق نظرة ... في كل معظمة وأفتك مقتلا وأسد من عرك الأمور تصرفاً ... في حين لا يجد اللبيب معولاً ولي البلاد فكان فيها عدله ... ظلاً وكان الأمن فيها منهلا أبداً يراعيها بطرف ساهر ... حلف الحفاظ عليه أن لا يغفلا فصل الخطاب إذا قضى وإذا انبرى ... يحكي بهمته القضاء المنزلا وإذا يفوه تناثرت من لفظه ... درر تقلدها المعاصم والطلى تهوي النفوس عليه من ألطافه ... فتردها عنه المهابة والعلى ومنها حاولت أن أثني عليك فخانني ... قلم أراه غدا بكفي مغزلا فرأيت مدحك لا تفيه عبارة ... ورأيت مدح الأكثرين تمحلا

وعذلت تقصيري بوصفك عاجزاً ... وعلمته فعذرتني متفضلا ولعل عجزي في مديحك ناطق ... عني بأفصح من ثناي وأطولا والصبح أوضح من مقالة قائل ... لاح الصباح إذا تألق وانجلى ولولده الشيخ خليل في الحضرة الخديوية التوفيقية من قصيدة قيدت نفسك بالثبات شجاعة ... إن المقيد نفسه لطليق وثبت فرداً في الخطوب كأنما ... لك من فريق النائبات رفيق فتهللت مصر لديك كأنها ... صفح المحيا منك وهو طليق والنيل بين يديك يلمع وجهه ... متبسماً ولكفه تصفيق في ضفتيه للاخضرار زبرجد ... من خصبها وله العقيق عقيق لو لم يكن منه التكدر نافعاً ... والنفع ما تبغي لكان يروق نيل يلاقي منك نيلاً آخراً ... للعدل ليس يشوبه ترنيق شربت به مصر بظلك أكؤساً ... طربت بها فكأنهن رحيق تجري لدى ورادها وكأنها ... ماء الحياة لديهم مدفوق وتشف عن أنوار عدلك دائماً ... فلهم صبوح لا يليه غبوق ولك الحسان من الخلائق دونها ... ما في العقود زبرجد وعقيق وذكاء فكر ثاقب متوقد ... تجلو ظلام الخطب منه بروق ويكاد عندك للبداهة والحجي ... قبل التصور يدرك التصديق

للحسن بن مطير رأى للفضل بن يحيى فضيلة ... ففضله والله بالناس أعلم له يوم بؤس فيه للناس أبؤس ... ويوم نعيم فيه للناس أنعم فيمطر يوم الجود من كفه الندى ... ويمطر يوم البؤس من كفه الدم ولو أن يوم الجود خلى يمينه ... على الناس لم يصبح على الأرض معدم ولو أن يوم البأس خلى شماله ... على الناس لم يصبح على الأرض مجرم لمسلم بن الوليد في يزيد بن مزيد موف على مهج في يوم ذي رهج ... كأنه أجل يسعى إلى أمل ينال بالرفق ما تعيا الرجال به ... كالموت مستعجلاً يأتي على مهل لا يرحل الناس إلا حول حجرته ... كالبيت أضحى إليه ملتقى السبل يقري المنية أرواح الكماة كما ... يقري الضيوف شحوم الكوم والبزل يكسو السيوف رؤوس الناكثين به ... ويجعل الهام تيجان القنا الذبل قد عود الطير عادات وثقن بها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل

الباب الثالث في الحكم

الباب الثالث في الحكم لابن الوردي اعتزل ذكر الأغاني والغزل ... وقل الفصل وجانب من هزل ودع الذكر لأيام الصبا ... فلأيام الصبا نجم أفل واترك الغادة لا تحفل بها ... تمس في عز رفيع وتجل وافتكر في منتهى حسن الذي ... أنت تهواه تجد أمراً جلل واهجر الخمرة إن كنت فتى ... كيف يسعى في جنون من عقل واتق الله فتقوى الله ما ... جاورت قلب امرئ إلا وصل ليس من يقطع طرفاً بطلاً ... إنما من يتقي الله البطل كتب الموت على الخلق فكم ... فل من جيش وأفنى من دول أين نمرود وكنعان ومن ... ملك الأرض وولى وعزل أين من سادوا وشادوا ... هلك الكل ولم تغن القلل أين أرباب الحجى أهل النهى ... أين أهل العلم والقوم الأول سيعيد الله كلاً منهم ... وسيجزي فاعلاً ما قد فعل

يا بني اسمع وصايا جمعت ... حكماً خصت بها خير الملل أطلب العلم ولا تكسل فما ... أبعد الخير على أهل الكسل واحتفل للفقه في الدين ولا ... تشتغل عنه بمال وخول واهجر النوم وحصله فمن ... يعرف المطلوب يحقر ما بذل لا تقل قد ذهبت أربابه ... كل من سار على الدرب وصل في ازدياد العلم إرغام العدى ... وجمال العلم إصلاح العمل جمل المنطق بالنحو فمن ... يحرم الإعراب بالنطق اختبل انظم الشعر ولازم مذهبي ... في اطراح الرفد لا تبغ النحل فهو عنوان على الفضل وما ... أحسن الشعر إذا لم يبتذل أنا لا أختار تقبيل يد ... قطعها أجمل من تلك القبل ملك كسرى عنه يغني كسرة ... وعن البحر اجتزاء بالوشل اطرح الدنيا فمن عاداتها ... تخفض العالي ونعلي من سفل عيشة الراغب في تحصيلها ... عيشة الجاهل فيها أو أقل كم جهول بات فيها مكثراً ... وعليم بات منها في علل كم شجاع لم ينل فيها المنى ... وجبان نال غايات الأمل فاترك الحيلة فيها واتكل ... إنما الحيلة في ترك الحيل لا تقل أصلي وفصلي أبداً ... إنما أصل الفتى ما قد حصل قد يسود المرء من دون أب ... وبحسن السبك قد ينقى الدغل إنما الورد من الشوك وما ... ينبت النرجس إلا من نصل

قيمة الإنسان ما يحسنه ... أكثر الإنسان منه أم أقل بين تبذير وبخل رتبة ... وكلا هذين إن زاد قتل ليس يخلو المرء من ضد ولو ... حاول العزلة في رأس الجبل دار جار السوء بالصبر وإن ... لم تجد صبراً فما أحلى النقل جانب السلطان واحذر بطشه ... لا تعاند من إذا قال فعل لا تل الأحكام إن هم سألوا ... رغبة فيك وخالف من عذل إن نصف الناس أعداء لمن ... ولي الأحكام هذا إن عدل قصر الآمال في الدنيا تفز ... فدليل العقل تقصير الأمل غب وزر غبا تزد حبا فمن ... أكثر الترداد أقصاه الملل لا يضر الفضل إقلال كما ... لا يضر الشمس إطباق الطفل خذ بنصل السيف واترك غمده ... واعتبر فضل الفتى دون الحلل حبك الأوطان عجز ظاهر ... فاغترب تلق عن الأهل بدل فبمكث الماء يبقى آسناً ... وسرى البدر به البدر اكتمل للمتنبي ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم والناس قد نبذوا الحفاظ فمطلق ... ينسى الذي يولى وعاف يندم لا يخدعنك من عدو دمعه ... وارحم شبابك من عدو ترحم لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم يؤذي القليل من اللئام بطبعه ... من لا يقل كما يقل ويلؤم

وله

والظلم من شيم النفوس فإن تجد ... ذا عفة فلعلة لا يظلم ومن البلية عذل من لا يرعوي ... عن جهله وخطاب من لا يفهم ومن العداوة ما ينالك نفعه ... ومن الصداقة ما يضر ويؤلم والذل يظهر في الدليل مودة ... وأود منه لمن يود الأرقم وله ومن يجعل الضرغام للصيد بازه ... تصيده الضرغام فيما تصيدا وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ... ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا ووضع الندى في موضع السيف بالعلى ... مضر كوضع السيف في موضع الندى وله ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدواً له ما من صداقته بد فيا نكد الدنيا متى أنت مقصر ... عن الحر حتى لا يكون له ضد لمؤيد الدين الطغراوي وهي المعروفة بلامية العجم أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل مجدي أخيراً ومجدي أولاً شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل فيم الإقامة بالزوراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي ناء عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالنصل عري مناه عن الخلل فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا حبيب إليه منتهى جدلي طال اغترابي حتى حن راحلتي ... ورجلها وقا العسالة الذبل

وضج من لغب نضوي وعج لما ... يلقاه قلبي ولج الركب في عذلي أريد بسطة كف أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلى قبلي والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الكد بالقفل وذي شطاط كصدر الرمح معتقل ... بمثله غير هياب ولا وكل حلو الفكاهة مر الجد قد مزجت ... بقسوة البأس منه رقة الغزل طردت سرح الكرى عن ورد مقلته ... والليل أغرى سوام النوم بالمقل والركب ميل على الأكوار من طرب ... صاح وآخر من خمر الكرى ثمل فقلت أدعوك للجلى لتنصرني ... وأنت تخذلني في الحادث الجلل تنام عيني وعين النجم ساهرة ... وتستحيل وصبغ الليل لم يحل فهل تعين على غي هممت به ... والغي يزجر أحياناً عن الفشل إني أريد طروق الحي عن إضم ... وقد حمته رماة من بني نعل يحمون بالبيض والسمر اللدان به ... سود الغدائر حمر الحلي والحلل فسر بنا في ذمام الليل مهتدياً ... بنفحة الطيب تهدينا إلى الحلل فالحب حيث العدى والأسد رابضة ... حول الكناس لها غاب من الأسل نؤم ناشئة بالجزع قد سقيت ... نصالها بمياه الغنج والكسل قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ... ما بالكرائم من جبن ومن بخل تبيت نار الهوى منهن في كبد ... حرى ونار القرى منهم على القلل يقتلن أنضاء حب لا حراك بهم ... وينحرون كرام الخيل الإبل يشفى لديغ العوالي في بيوتهم ... بنهلة من غدير الخمر والعسل

لعل إلمامة بالجزع ثانية ... يدب منها نسيم البرء في عللي لا أكره الطعنة النجلاء قد شفعت ... برشفة من زلال الأعين النجل ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني ... باللمح من خلل الأستار في الكلل ولا أخل بغزلان أغازلها ... ولو دهتني أسود الغاب بالغيل حب السلامة يثني هم صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل ودع غمار العلى للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهن بالبلل يرضى الذليل بخفض العيش يخفضه ... والعز بين رسيم الأينق الذلل فادرأ بها في نحور البيد جافلة ... معارضات مثالي اللجم بالجدل إن العلى حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث أن العز في النقل لو أن في شرف المأوى بلوغ منى ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل لعله إن بدا فضلي ونقصهم ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل لم أرض بالعيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى وقد ولت على عجل غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل وعادة النصل أن يزهو بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل تقدمتني رجال كان شوطهم ... وراء خطوي إذ أمشي على مهل

لأبي تمام

هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل أعدى عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس وأصحبهم على دخل فإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل وحسن ظنك بالأيام معجزة ... فظن شراً وكن منها على وجل غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل وشان صدقك بين الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل إن كان ينجع شيء في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل يا وارداً سور عيش كله كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأول فيم اعتراضك لج البحر تركبه ... وأنت تكفيك منه مصة الوشل ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... فهل سمعت بظل غير متنقل ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... أصمت ففي الصمت منجاة من الزلل قد رشحوك لأمر إن فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل لأبي تمام وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود لولا اشتعال النار فيما جاورت ... ما كان يعرف طيب عرف العود

لإبراهيم الشبراوي سألت الناس عن خل وفي ... فقالوا ما إلى هذا سبيل تمسك إن ظفرت بذيل حر ... فإن الحر في الدنيا قليل لابن الشبل يفني البخيل بجمع المال مدته ... وللحوادث والأيام ما يدع كدودة القز ما تبنيه يهدمها ... وغيرها بالذي تبنيه ينتفع لبعضهم إحذر عدوك مرة ... واحذر صديقك ألف مرة فلربما انقلب الصدي ... ق فكان أعلم بالمضرة لآخر لما تؤدن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطفل ساعة يولد وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأوسع مما كان فيه وأرغد إذا أبصر الدنيا استهل كأنه ... بما سوف يلقى من أذاما يهدد لغيره العقل زين والسكوت سلامة ... فإذا نطقت فلا تكن مكثارا ما إن ندمت على سكوتي مرة ... ولقد ندمت على الكلام مرارا لبعضهم إذا أنت لم تشرب شراباً على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه ومن ذا الذي نرضي سجاياه كلها ... كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه لآخر إذا هبت رياحك فاغتنمها ... فإن الخافقات لها سكون

وإن ولدت عشارك فاحتلبها ... فما تدري الفصيل لمن يكون لغيره قبيح من الإنسان ينسى عيوبه ... ويذكر عيباً في أخيه قد اختفى فلو كان ذا عقل لما عاب غيره ... وفيه عيوب لو رآها بها اكتفى لبعضهم وهل ينفع الفتيان حسن وجوههم ... إذا كانت الأخلاق غير حسان فلا تجعل الحسن الدليل على الفتى ... فما كل مصقول الحديد بمان لآخر إذا المرء لم يعتق من المال نفسه ... تملكه المال الذي هو مالكه ألا إنما مالي الذي أنا منفق ... وليس لي المال الذي أنا تاركه لغيره إزرع جميلاً ولو في غير موضعه ... فلا يضيع جميل أينما وضعا إن الجميل وإن طال الزمان به ... فليس يحصده إلا الذي زرعا للشيخ ناصيف اليازجي لعمرك ليس فوق الأرض باق ... ولا مما قضاه الله واق وما المرء حظ غير قوت ... وثوب فوقه عقد النطاق وما للميت إلا قيد باع ... ولو كانت له أرض العراق وكم يمضي الفراق بلا لقاء ... ولكن لا لقاء بلا فراق أضل الناس في الدنيا سبيلاً ... محب بات منها في وثاق وأحسر ما يضيع العمر فيه ... فضول المال تجمع للرفاق

وأفضل ما اشتغلت به كتاب ... جليل نفعه حلو المذاق وعشرة حاذق فطن لبيب ... يفيدك من معانيه الدفاق مضى ذكر الملوك بكل عصر ... وذكر السوقة العلماء باق وكم علم جنى مالاً وجاهاً ... وكم مال جنى حرب السباق وما نفع الدراهم مع جهول ... يباع بدرهم وقت النفاق إذا حمل النضار على نياق ... فأي الفخر يحسب للنياق وأقبح ما يكون غنى بخيل ... يغص وماؤه ملء الزقاق إذا ملكت يداه الفلس أمسى ... رقيقاً ليس يطمع في العتاق ألا يا جامع الأموال هلا ... جمعت لها زماناً لافتراق رأيتك تطلب الإبحار جهلاً ... وأنت تكاد تغرق في السواقي إذا أحرزت مال الأرض طراً ... فما لك فوق عيشك من تراق أتأكل كل يوم ألف كبش ... وتلبس ألف طاق فوق طاق فضول المال ذاهبة جزافاً ... كماء صب في كأس دهاق يفيض سدى وقد يسطو عليها ... فينقص ملأها عند اندفاق مضت دول العلوم الزهر قدماً ... وقامت دولة الصفر الرفاق وأبرزت الخلاعة معصميها ... وبات الجهل ممدود الرواق فأصبح يدعي بالسبق جهلاً ... زعانف يعجزون عن اللحاق إذا هلكت رجال الحي أضحى ... صبي القوم يحلف بالطلاق أسر الناس في الدنيا جهول ... يفكر في اصطباح واغتياق

وله

وأتعبهم رئيس كل يوم ... يكون لكل ملسوع كراق وأيسر كل موت موت عبد ... فقير زاهد حسن السياق فليس له على ما فات حزن ... وليس بخائف مما يلاقي وله دع يوم أمس وخذ في شأن يوم غد ... واعدد لنفسك فيه أفضل العدد واقنع بما قسم الله الكريم ولا ... تبسط يدك لنيل الرزق من أحد والبس لكل زمان بردة حضرت ... حتى تحاك لك الأخرى من البرد ودر مع الدهر وانظر في عواقبه ... حذار أن تبتلى عيناك بالرمد متى تر الكلب في أيام دولته ... فاجعل لرجليك أطواقاً من الزرد واعلم بأن عليك العار تلبسه ... من عضة الكلب لا من عضة الأسد لا تأمل الخير من ذي نعمة حدثت ... فهو الحريص على أثوابه الجدد واحرص على الدر أن تعطي قلائده ... من لا يميز بين الدر والبرد أعدى العداة صديق في الرخاء فإن ... طلبته في أوان الضيق لم تجد وأوثق العهد ما بين الصحاب لمن ... عاقدت قلباً بقلب لا يداً بيد عليك بالشكر للمعطي على هبة ... ودع حسودك يشوي فلذة الكبد لو كان يفعل في ذي نعمة حسد ... لم ينج ذو نعمة من غائل الحسد لعبد الله بن طاهر ألم تر أن الدهر يهدم ما بنى ... ويأخذ ما أعطى ويفسد ما أسدى فمن سره أن لا يرى ما يسوءه ... فلا يتخذ شيئاً ينال به فقدا

لآخر وفي قبص كف الطفل عند ولاده ... دليل على الحرص المركب في الحي وفي بسطها عند الممات إشارة ... ألا فانظروا إني خرجت بلا شي لأبي طاهر إسماعيل بن محمد القرشي الإسكندري وإذا السعادة راقبتك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن أمان واصطد بها العنقاء فهي حبالة ... واقتد بها الجوزاء فهي عنان لبعضهم فكم أنت تنهى ولا تنتهي ... ونسمع وعظاً ولا تسمع فيا حجر الشحد حتى متى ... نسن الحديد ولا تقطع لآخر ومن يحمد الدنيا لشيء يسره ... فسوف لعمري عن قليل يلومها إذا أدبرت كانت على المرء حسرة ... وإن أقبلت كانت كثيراً همومها لغيره كم من فتى أفقره جوده ... وعاش بعد العز عيش الذليل فاحرص على مالك واستبقه ... فالبخل خير من سؤال البخيل لبعضهم لا تكن طالباً لما في يد النا ... س فيزور عن لقاك الصديق إنما الذل في سؤالك للنا ... س ولو في السؤال أين الطريق لصالح بن عبد القدوس إذا فل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه

لناصح الدين الأرجاني

حياءك فاحفظه عليك فإنما ... يدل على طبع الكريم حياؤه لناصح الدين الأرجاني شاور سواك إذا نابتك نائبة ... يوماً وإن كنت من أهل المشورات فالعين تنظر منها ما دنا ونأى ... ولا ترى نفسها إلا بمرآة لمجد الملك هي شدة يأتي الرخاء عقيبها ... وأسى يبشر بالسرور العاجل وإذا نظرت فإن بؤساً زائلاً ... للمرء خير من نعيم زائل للسيرامي النحو أسكن إلى سكن نسر به ... ذهب الزمان وأنت منفرد ترجو غداً وغدا كحامله ... في الحي لا يدرون ما تلد لأبي نواس ألا كل حي هالك وابن هالك ... وذو نسب في الهالكين عريق إذا اختبرت الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق لأبي بكر الأرجاني إني بلوت الناس أطلب منهم ... أخا ثقة عند اعتراض الشدائد فلم أر فيما ساءنيغير شامت ... ولم أر فيما سرني غير حاسد لأبي الفتح اليسني شر السباع العوادي دونه وزر ... والناس شرهم ما دونه وزر كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع ... وما ترى بشراً لم يؤذه بشر

للخليفة هرون الرشيد ألا إن أخواني الذين عهدتهم ... أفاعي رمال لا تقصر عن لسعي ظننت بهم خيراً فلما بلوتهم ... نزلت بواد منهم غير ذي زرع وله تأن وشاور فإن الأمو ... ر منها جلي ومستغمض فرأيان أفضل من واحد ... ورأي الثلاثة لا ينقض لآخر لا تلطفن بذي لؤم فتطغيه ... واغلظ له يأت مطواعاً ومذعانا إن الحديد تلين النار قسوته ... ولو صببت عليه البحر ما لانا للأمير نصر بن أحمد يعزي المعزي ثم يمضي لشأنه ... ويبقى المعزي في أحر من الجمر ويسلو المعزى بعد حين كغيره ... ويبقى المعزى فيه في وحشة القبر لبعضهم لا تلم المرء على بخله ... ولمه إن جاد على بذله لا لوم في البخل على عاقل ... يكرم ما يكرم من أجله لابن رشيق في الناس من لا يرتجي نفعه ... إلا إذا مس بإضرار كالعود لا يطمع في ربحه ... إلا إذا أحرق بالنار للمتنبي وكم من عائب قولاً صحيحاً ... وآفته من الفم السقيم ولكن تأخذ الأفهامنه ... على قدر القرائح والعلوم

الباب الرابع في الحماسة

الباب الرابع في الحماسة لعنترة العبسي خلقت للحرب أحميها إذا بردت ... وأصطلي بلظاها حيث أخترق لو سابقتني المنايا وهي طالبة ... قبض النفوس أتاني قبلها السبق وله سلوا صرف هذا الدهر كم شن غارة ... ففرجتها والموت فيها مشمر بصارم عزم لو ضربت بحده ... دجى الليل ولى وهو بالنجم يعثر وله ورميت مهري في العجاج فخاضه ... والنار تقدح من شفار الأنصل خاض العجاج محجلاً حتى إذا ... شهد الوقيعة عاد غير محجل وله ولقد ذكرتك والرماح نواهل ... مني وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المتبسم وله أحبك يا ظلوم فأنت عندي ... مكان الروح من جسد الجبان

ولو أني أقول مكان روحي ... خشيت عليك بادرة الطعان وله أقمنا بالذوابل سوق حرب ... وصيرنا النفوس لها متاعا حصاني كان دلال المنايا ... فخاض غبارها وشرى وباعا وسيفي كان في الهيجا طبيباً ... يداوي رأس من يشكو الصداعا ولو أرسلت روحي مع جبان ... لكان بهيبتي يلقى السباعا وله إن المنية لو تمثل شخصها ... لي في العجاج طعنتها في الأول وإذا حملت على الكريهة لم أقل ... بعد الكريهة ليتني لم أفعل للمتنبي أطاعن خيلاً من فوارسها الدهر ... وحيداً وما قولي كذا ومعي الصبر وأشجع مني كل يوم سلامتي ... وما ثبتت إلا وفي نفسها أمر تمرست بالآفات حتى تركتها ... تقول أمات الموت أم ذعر الذعر وأقدمت إقدام الآتي كأن لي ... سوى مهجتي أو كان لي عنها وتر ذر النفس تأخذ وسعها قبل بينها ... فمفترق جاران دارهما العمر ولا تحسبن المجد زقا وقينة ... فما المجد إلا السيف والفتكة البكر وتضريب أعناق الملوك وأن ترى ... لك الهبوات السود والعسكر المجر وتركك في الدنيا دوياً كأنما ... تداول سمع المرء أنمله العشر علي لأهل الجور كل طمرة ... عليها غلام ملء حيزومه غمر

وله

يدير بأطراف الرماح عليهم ... كؤوس المنايا حيث لا تشتهي الخمر وله ضروب الناس عشاق ضروبا ... فاعذرهم أشفهم حبيبا وما سكني سوى قتل الأعادي ... فهل من زورة تشفي القلوبا نظل الطير منها في حديث ... ترد به الصراصر والنعيبا وقد لبست دماءهم عليهم ... حداداً لم تشق له جيوبا أدمنا طعنهم والقتل حتى ... خلطنا في عظامهم الكعوبا كأن خيولنا كانت قديماً ... تسقى في قحوفهم الحليبا فمرت غير نافرة عليهم ... تدوس بنا الجماجم والتريبا وله فلو برز الزمان إلى شخصاً ... لخضب شعر مفرقه حسامي إذا امتلأت عيون الخيل مني ... فويل في التيقظ والمنام لمرة بن ذهل وإني حين تشتجر العوالي ... أعيد الرمح في أثر الجراح شديد البأس ليس بذي عياء ... ولكني أبوء إلى الفلاح سألبس ثوبها وأذب عنها ... بأطراف العوالي والصفاح فما يبقى لعترته ذليل ... فتمنعه من القدر المتاح وأجمل من حياة الذل موت ... وبعض العار لا يمحوه ماح للمهلهل إنا بنو تغلب شم معاطسنا ... بيض الوجوه إذا ما أفزع البلد

قوم إذا عاهدوا وفوا وإن عقدوا ... شدوا وإن شهدوا يوم الوغى اجتهدوا وإن دعوتهم يوماً لمكرمة ... جاءوا سراعاً وإن قام الخنى قعدوا لا يرقدون على وتر يكون لهم ... وإن يكن عندهم وتر العدى رقدوا لقطري بن الفجاءة أقول لها وقد طارت شعاعاً ... من الأبطال ويحك لا تراعي فإنك لو سألت بقاء يوم ... على الأجل الذي لك لم تطاعي فصبراً في مجال الموت صبراً ... فما نيل الخلود بمستطاع وما للمرء خير في حياة ... إذا ما عد من سقط المتاع أبي مسلم الخراساني أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا ما زلت أسعى بجهدي في دمارهم ... والقوم في غفلة بالشأم قد رقدوا حتى ضربتهم بالسيف فانتبهوا ... من نومة لم ينمها قبلهم أحد ومن رعى غنماً في أرض مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الأسد لصفي الدين الحلي سلي الرماح العوالي عن معالينا ... واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا وسائلي العرب والأتراك ما فعلت ... في أرض قبر عبيد الله أيدينا لما سعينا فما رقت عزائمنا ... عما تروم ولا خابت مساعينا يا يوم وقعة زوراء العراق وقد ... دنا الأعادي كما كانوا يدينونا بضمر ما ربطناهامسومة ... إلا لنغزو بها من بات يغزونا

وفتية إن نقل أصغوا مسامعهم ... لقولنا أو دعوناهم أجابونا قوم إذا استخصموا كانوا فراعنة ... يوماً وإن حكموا كانوا موازينا تدرعوا العقل جلباباً فإن حميت ... نار الوغى خلتهم فيها مجانينا إذا ادعوا جاءت الدنيا مصدقة ... وإن دعوا قالت الأيام آمينا إن الزرازير لما قام قائمها ... توهمت أنها صارت شواهينا ظنت تأني البزاة الشهب عن جزع ... وما درت أنه قد كان تهوينا ذلوا بأسيافنا طول الزمان فمذ ... تحكموا أظهروا أحقادهم فينا لم يغنهم مالنا عن نهب أنفسنا ... كأنهم في أمان من تقاضينا أخلوا مساجد من أشياخنا وبغوا ... حتى حملنا فأخلينا الدواوينا ثم انثنينا وقد ظلت صوارمنا ... تميس عجبا وتهتز القنا لينا وللدماء على أثوابنا علق ... بنشره عن عبير المسك يغنينا إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا بيض صنائعنا سود وقائعنا ... خضر مرابعنا حمر مواضينا لا يظهر العجز منا دون نيل منى ... ولو رأينا المنايا في أمانينا

الباب الخامس في الفخر

الباب الخامس في الفخر للسموأل وتخميسها لصفي الدين الحلي قبيح بمن ضاقت عن الرزق أرضه ... وطول الفلا رحب عليه وعرضه ولم يبل سربال الدجى منه ركضه ... إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل إذا المرء لم يحجب عن العين نومها ... ويغل من النفس النفيسة سومها أضيع ولم تأمن معاليه لومها ... وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها فليس إلى حسن الثناء سبيل وعصبة غدر أرغمتها جدودنا ... فباتت ومنها ضدنا وحسودنا إذا عجزت عن فعل كيد بكيدنا ... تعيرنا أنا قليل عديدنا فقلت لها إن الكرام قليل رفعنا على هام السماك محلنا ... فلا ملك إلا تفيأ ظلنا فقد خاف جيش الأكثرين أقلنا ... وما قل من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامى للعلى وكهول

يؤازي الجبال الراسيات وقارنا ... وتبنى على هام المجرة دارنا ويؤمن من صرف الزمان جوارنا ... وما ضرنا أنا قليل وجارنا عزيز وجار الأكثرين ذليل ولما حللنا الشأم تمت أموره ... لنا وحبانا ملكه وأميره وبالنيزب الأعلى الذي عز طوره ... لنا جبل يحتله من نجيره منيع يرد الطرف وهو كليل يريك الثريا من خلال شعابه ... وتحدق شهب الأفق حول هضابه ويعثر خطو السحب دون ارتكابه ... رسا أصله تحت الثرى وسما به إلى النجم فرع لا ينال طويل وقصر على الشقراء قد فاض نهره ... وفاق على فخر الكواكب فخره وقد شاع ما بين البرية شكره ... هو الأبلق الفرد الذي شاع ذكره يعز على من رامه ويطول إذا ما غضبنا في رضى المجد غضبة ... لندرك ثأراً أو لنبلغ رتبة نزيد غداة الكر في الموت رغبة ... وإنا لقوم لا نرى القتل سبة إذا ما رأته عامر وسلول أبادت ملاقاة الحروب رجالنا ... وعاش الأعادي حين ملوا قتالنا لأنا إذا رام العداة نزالنا ... يقرب حب الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطول فمنا معيد الليث في قبض كفه ... ومورده في أسره كأس حتفه

ومنا مبيد الألف في يوم زجفه ... وما مات منا سيد حتف أنفه ولا طل يوماً حيث كان قتيل إذا خاف ضيماً جارنا أو جليسنا ... فمن دونه أموالنا ورؤوسنا وإن أحجت نار الوقائع شوسنا ... تسيل على حد الظبات نفوسنا وليست على غير الظبات تسيل حنى نفعنا الأعداء طوراً وضرنا ... فما كان أحلانا لهم وأمرنا ومذ خطبوا قدماً صفانا وبرنا ... صفونا ولم نكدر وأخلص سرنا إناث أطابت حملنا وفحول لقد وفت العلياء في المجد قسطنا ... وما خالفت في منشإ الأصل شرطنا فمذ حاولت في ساحة العز هبطنا ... علونا إلى خير الظهور وحطنا لوقت إلى خير البطون نزول تقر لنا الأعداء عند انتسابنا ... وتخشى خطوب الدهر فصل خطابنا لقد بالغت أيدي العلى في انتخابنا ... فنحن كماء المزن ما في نصابنا كهام ولا فينا يعد بخيل نغيث بني الدنيا ونحمل هولهم ... كما يومنا في العز يعدل حولهم نطول أناساً تحسد السحب طولهم ... وننكر إن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرون القول حين نقول لأشياخنا سعي به الملك أيدوا ... ومن سعينا بيت العلاء مشيد فما زال منا في الدسوت مؤيد ... إذا سيد منا خلا قام سيد

قوول لما قال الكرام فعول سبقنا إلى شأو العلى كل سابق ... وعم عطانا كل راج ووامق فكم قد خبت في المحل نار منافق ... وما أخمدت نار لنا دون طارق ولا ذمنا في النازلين نزيل علونا فكان النجم دون علونا ... وسام العداة الخسف فرط سمونا فماذا يسر الضد في يوم سونا ... وأيامنا مشهورة في عدونا لها غرر معلومة وحجول لنا يوم حرب الخارجي وتغلب ... وقائع فلت للظبي كل مضرب وأحسابنا من بعد فهر ويعرب ... وأسيافنا في كل شرق ومغرب بها من قراع الدارعين فلول أبدنا الأعادي حين ساءت فعالها ... فعاد عليها كيدها ونكالها ببيض جلا ليل العجاج صقالها ... معودة أن لا تسل نصالها فتغمد حتى يستباح قتيل هم هونوا قدر الذي لم يهنهم ... وخانوا غداة السلم من لم يخنهم فإن شئت خبر الحال منا ومنهم ... سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم فليس سواء عالم وجهول لئن ثلم الأعداء عرضي بلومهم ... فكم حلموا بي في الكرى عند نومهم فإن أصبحوا قطباً لأبناء قومهم ... فإن بني الريان قطب لقومهم تدور رحاهم حولهم وتجول

للمتنبي

للمتنبي إذا شد زندي حسن رأيك فيهم ... ضربت بسيف يقطع الهام مغمدا وما أنا إلا سمهري حملته ... فزين معروضاً وراع مسددا وما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا فسار به من لا يسير مشمرا ... وغنى به من لا يغني مغردا أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما ... بشعري أتاك المادحون مرددا ودع كل صوت غير صوتي فإنني ... أنا الطائر المحكي والآخر الصدى وله سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا ... بأنني خير من تسعى به قدم أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم لأبي العلاء المعري ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل ... عفاف وإقدام وحزم ونائل أعندي وقد مارست كل خفية ... يصدق واش أو يخيب سائل تعد ذنوبي عند قوم كثيرة ... ولا ذنب لي إلا العلى والفضائل كأني إذا طلت الزمان وأهله ... رجعت وعندي للأنام طوائل وقد سار ذكري في البلاد فمن لهم ... بإخفاء شمس ضوءها متكامل يهم الليالي بعض ما أنا مضمر ... ويثقل رضوى دون ما أنا حامل وإني وإن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل

وأغدو ولو أن الصباح صوارم ... وأسري ولو أن الظلام جحافل وإني جواد لم يحل لجامه ... ونصل يمان أغفلته الصياقل فإن كان في لبس الفتى شرف له ... فما السيف إلا غمده والحمائل ولي منطق لم يرض لي كنه منزلي ... على أنني بين السماكين نازل لدى موطن يشتاقه كل سيد ... ويقصر عن إدراكه المتناول ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً ... تجاهلت حتى ظن أني جاهل فواعجباكم يدعي الفضل ناقص ... وواأسفاكم كم يظهر النقص فاضل وكيف تنام الطير في وكناتها ... وقد نصبت للفرقدين الحبائل ينافس يومي في أمسي تشرفاً ... وتحسد أسحاري علي الأصائل وطال اعترافي بالزمان وصرفه ... فلست أبالي من تغول الغوائل فلو بان عنقي ما تأسف منكبي ... ولو مات زندي ما بكته الأنامل إذا وصف الطائي بالبخل مادر ... وعير قساً بالفهاهة باقل وقال السهى للشمس أنت ضئيلة ... وقال الدجى للصبح لونك حائل وطاولت الأرض السماء سفاهة ... وفاخرت الشهب الحصى والجنادل فيا موت زر إن الحياة ذميمة ... ويا نفس جدي إن سبقك هازل لجعفر بن شمس الخلافة أنا الذهب الإبريز ما لي آفة ... سوى نقص تمييز المعاند في نقدي ورب جهول عابني بمحاسني ... ويقبح ضوء الشمس في الأعين الرمد

لأبي الطحان القيني

لابن سناء الملك سواي يهاب الموت أو يرهب الردى ... وغيري يهوى أن يعيش مخلدا ولكنني لا أرهب الدهر إن سطا ... ولا أحذر الموت الزؤام إذا عدا ولو مد نحوي حادث الدهر كفه ... لحدثت نفسي أن أمد له يدا توقد عزمي يترك الماء جمرة ... وحيلة حلمي تترك السيف مبردا وفرط احتقاري للأنام لأنني ... أرى كل عار من حلى سؤددي سدى ويأبى إبائي أن يراني قاعداً ... وإني أرى كل البرية مقعدا وأظمأ إن أبدى لي الماء منه ... ولو كان لي نهر المجرة موردا ولو كان إدراك الهدى بتذلل ... رأيت الهدى أن لا أميل إلى الهدى وقدماً بغيري أصبح الدهر أشيبا ... وبي وبفضلي أصبح الدهر أمردا وإنك عبدي يا زمان وإنني ... على الرغم مني أن أرى لك سيدا وما أنا راض أنني واطئ الثري ... ولي همة لا ترتضي الأفق مقعدا ولو علمت زهر النجوم مكانتي ... لخرت جميعاً نحو وجهي سجدا أرى الخلق دوني إذا أراني فوقهم ... ذكاء وعلماً واعتلاء وسؤددا وبذل نوالي زاد حتى لقد غدا ... من الغيظ منه ساكن البحر مزبدا ولي قلم في أنملي إن هززته ... فما ضرني أن لا أهز المهندا إذا صال فوق الطرس وقع صريره ... فإن صليل المشرفي له صدى لأبي الطحان القيني وإني من القوم الذين هم هم ... إذا مات منهم سيد قام صاحبه

نجوم سماء كلما غاب كوكب ... بدا كوكب تأتي إليه كواكبه أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه وما زال منهم حيث كانوا مسود ... تسير المنايا حيث سارت كتائبه لأبي فراس الحمداني إنا إذا اشتد الزما ... ن وناب خطب وادلهم ألفيت حول بيوتنا ... عدد الشجاعة والكرم للقا العدى بيض السيو ... ف وللندى حمر النعم هذا وهذا دأبنا ... يودى دم ويراق دم لحسان بن ثابت الأنصاري ولقد تقلدنا العشيرة أمرها ... ونسود يوم النائبات ونعتلي وتزور أبواب الملوك ركابنا ... ومتى نحكم في البرية تعدل ونحاول الأمر المهم خطابه ... فيهم ونفصل كل أمر معضل لأبي الجراح البكري إنا لنبني على ما شيدته لنا ... آباؤنا الغر من مجد ومن كرم لا يرفع الضيف عيناً في منازلنا ... إلا إلى ضاحك منا ومبتسم إني إذا كان قومي في الورى علماً ... فإنني علم في ذلك العلم لغيره ونحن أناس يعرف الناس فضلنا ... بألسننا زينت صدور المحافل تنير وجوه الحق عند جوابنا ... إذا أظلمت يوماً وجوه المسائل صمتنا فلم نترك مقالاً لصامت ... وقلنا فلم نترك مقالاً لقائل

الباب السادس في العتاب

الباب السادس في العتاب للمتنبي يخاطب سيف الدولة وا حر قلباه ممن قلبه شبم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم ما لي أكتم حباً قد برى جسدي ... وتدعي حب سيف الدولة الأمم إن كان يجمعنا حب لغرته ... فليت أنا بقدر الحب نقتسم يا أعدل الناس إلا في معاملتي ... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ... إذا استوت عنده الأنوار والظلم يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم ما كان أخلقنا منكم بتكرمة ... لو أن أمركم من أمرنا أمم إن كان سركم ما قال حاسدنا ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم وبيننا لو رعيتم ذاك معرفة ... إن المعارف في أهل النهى ذمم كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم ... ويكره الله ما تأتون والكرم ما أبعد العيب والنقصان من شرفي ... أنا الثريا وذان الشيب والهرم ليت الغمام الذي عندي صواعقه ... يزيلهن إلى من عنده الديم

لابن زيدون

أرى النوى تقتضيني كل مرحلة ... لا تستقل بها الوخادة الرسم لئن تركن ضميراً عن ميامنها ... ليحدثن لمن ودعتهم ندم إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ... أن لا تفارقهم فالراحلون هم وله يعاتبه أيضاً أرى ذلك القرب صار ازورارا ... وصار طويل السلام اختصارا تركتني اليوم في خجلة ... أموت مراراً وأحيا مرارا أسارقك اللحظ مستحيياً ... وأزجر في الخيل مهري سرارا وأعلم أني إذا ما اعتذرت ... إليك أراد اعتذاري اعتذارا وله أبعين مفتقر إليه نظرتني ... فأهنتني وقذفتني من حالق لست الملوم أنا الملوم لأنني ... أنزلت آمالي بغير الخالق لمنصور الفقيه سررت بهجرك لما علمت ... أن لقلبك فيه سرورا ولولا سرورك ما سرني ... ولا كنت يوماً عليه صبورا لأني أرى كل ما ساءني ... إذا كان يرضيك سهلاً يسيرا لابن زيدون بني جهور أحرقتم بجفائكم ... جناني فما بال المدائح تعبق تعدونني كالعنبر الورد إنما ... تطيب لكم أنفاسه حين يحرق لابن الضحاك البصري إذا خنتم بالغيب عهدي فما لكم ... تدلون إدلال المقيم على العهد

صلوا وافعلوا فعل المدل بوصله ... وإلا فصدوا وافعلوا فعل ذي صد للعباس بن الأحنف إذا أنت لم يعطفك إلا شفاعة ... فلا خير في ود يكون بشامع فأقسم ما تركي عتابك عن قلى ... ولكن لعلمي أنه غير نافع وأني إذا لم ألزم الصبر طائعاً ... فلا بد منه مكرهاً غير طائع لأبي فراس يخاطب سيف الدولة قد كنت عدتي التي أسطو بها ... ويدي إذا اشتد الزمان وساعدي فرميت منك بغير ما أملته ... والمرء يشرق بالزلال البارد لبعضهم عرضنا أنفساً عزت علينا ... عليكم فاستخف بها الهوان ولو أنا منعناها لعزت ... ولكن كل معروض مهان لناصح الدين الأرجاني ومن الدليل على ملالك أنني ... قد غبت أياماً وما لي طالب وإذا رأيت العيد يهرب ثم لم ... يطلب فمولى العبد منه هارب للشيخ صلاح الدين الصفدي كتب بها إلى الشيخ جمال الدين بن نباتة وهي من الإبداع أفي كل يوم منك عتب يسوءني ... كجلمود صخر حطه السيل من عل وترمي على طول المدى منحنياً ... بسهميك في أعشار قلب مقتل فأمسي بليل طال جنح ظلامه ... علي بأنواع الهموم ليبتلي وأغدو كأن القلب من وفدة الجوى ... إذا جاش فيه حمية غلي مرجل

تطير شظاياه بصدري كأنها ... بأرجائه القصوى أنابيش عنصل وسالت دموعي من همومي ولوعتي ... على النحر حتى بل دمعي محمل إذا عاين الإخوان ما بي من الأسى ... يقولون لا تهلك أسى وتجمل ترفق ولا تجزع على فائت الوفا ... فما عند رسم دارس من معول ولي فيك ود طال ما قد شددته ... بأمراس كتان إلى صم جندل ولي خطرات فيك منها جوانحي ... صبحن سلافاً من رحيق مفلفل كأن أمانيها كؤوس مدامة ... غذاها نمير الماء غير محلل سلوت غوايات الشبيبة والصبى ... وليس فؤادي عن هواها بمنسل وأجلو محيا الود فيك لأهله ... متى ما ترق العين فيه تسهل فكر على جيش الجناية عائداً ... بمنجرد قيد الأوابد هيكل تجد خفرات الأنس منها كواعباً ... ترائبها مصقولة كالسجنجل وخل الجفا وارجع إلى معهد الوفا ... وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجمل حلا ودك الماضي وإن لم تعد أعد ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل وجواب الشيخ جمال الدين منه أيضاً فطمت ولائي ثم أقبلت عاتباً ... أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل بروحي ألفاظ تعرض عتبها ... تعرض أثناء الوشاح المفصل فأحيين وداً كان الرسم عافياً ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل تعفي رياح العذر منك رقومه ... لما نسجتها من جنوب وشمأل نعم قوضت منك المودة وانقضت ... فيا عجبا من رحلها المتحمل

للمتنبي

أمولاي لا تسلك من الظلم والجفا ... بنا بطن خبث ذي قفاف عقنقل ولا تنس مني صحبة تصدع الدجى ... بصبح وما الإصباح منها بأمثل صحبتك لا ألوي على صاحب عطا ... بجيد معم في العشيرة مخول وحاولت من إدناء ودك ما نأى ... فأنزلت منه العصم من كل منزل يقلب لي وجدي به سوط سائق ... وإرخاء سرحان وتقريب تتفل وكم خدمة عجلتها ومحبة ... تمتعت من لهو بها غير معجل وكم أسطر مني ومنك كأنها ... عذارى دوار في ملاء مذبل وكم ناصح كذبت دعواه إذ غدت ... علي وآلت حلفة لم تحلل إلى أن تبدى عذره متمطياً ... وأردف أعجازاً وناء بكلكل فلاطفته في حالتيه ولم أقل ... فسلي ثيابي من ثيابك تنسل وضن بأسطار كأن يراعها ... أساريع ظبي أو مساويك إسحل ويقرع سمعي من معاريض لفظه ... مداك عروس أو صلاية حنظل وعدنا لود يملأ القلب عوده ... بشحم كهداب الدمقس المفتل أعدت صلاح الدين عهد مودة ... بكل مغار الفتل شدت بيذبل فدونك عتبي اللفظ ليس بفاحش ... إذا هي نصته ولا بمعطل وعادات حب هن أشهر فيك من ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل للمتنبي يا من نعيت على بعد بمجلسه ... كل بما زعم الناعون مرتهن كم قد قتلت وكم قدمت عندكم ... ثم انتفضت فزال القبر والكفن

قد كان شاهد دفني قبل قولهم ... جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن رأيتكم لا يصون العرض جاركم ... ولا يدر على مرعاكم اللبن جزاء كل قريب منكم ملل ... وحظ كل محب منكم ضغن وتغضبون على من نال رفدكم ... حتى يعاقبه التنغيص والمنن فغادر الهجر ما بيني وبينكم ... يهماء تكذب فيها العين والأذن سهرت بعد رحيلي وحشة لكم ... ثم استمر مريري وارعوى الوسن وإن بليت بود مثل ودكم ... فإنني بفراق مثله قمن وله يريد سيف الدولة بعد ما فارقه فارقتكم فإذا ما كان عندكم ... قبل الفراق أذى بعد الفراق يد إذا تذكرت ما بيني وبينكم ... أعان قلبي على الشوق الذي أجد لابن الخياط رأيتك لما شمت برقك خلبا ... وما أربي في عارض ليس يمطر فأخطأني منك الذي كنت أرتجي ... وأدركني منك الذي كنت أحذر لغيره دعوت الله أن تسمو وتعلو ... علو النجم في أفق السماء فلما أن سموت بعدت عني ... فكان إذاً على نفسي دعائي

الباب السابع في الزهر

الباب السابع في الزهر للشيخ ناصيف اليازجي هذه عروس الزهر نقطها الندى ... بالدر فابتسمت ونادت معبدا لما تفتق سترها عن رأسها ... عبث الحياء بخدها فتوردا فتح البنفسج مقلة مكحولة ... غمز الهزار بها فقام وغردا وتبرجت ورق الحمام بطوقها ... لما رأين التاج يعلو الهدهدا بلغ الأزاهر أن ورد جنانها ... ملك الزهور فقابلته سجدا فرنا الشقيق بأعين محمرة ... غضباً وأبدى منه قلباً أسودا بسط الغدير الماء حتى مسه ... برد النسائم قارصاً فتجعدا ورأى النبات على جوانب أرضه ... مهداً رطيباً ليناً فتوسدا يا صاحبي تعجبا لملابس ... قد حاكها من لم يمد لها يدا كل الثياب يحول لمن صباغها ... وصباغ هذه حين طال تجددا وله مر النسيم على الرياض مسلماً ... سحراً فرد هزارها مترنما وحنى إليه الزهر مفرق رأسه ... أدباً ولو ملك الكلام تكلما

يا حبذا ماء الغدير وشمسه ... تعطيه ديناراً فيقلب درهما محت الرياح به كتابة بعضها ... فتخاصمت من فوقه فتهشما لابن النبيه أنظر إلى الأغصان كيف تعانقت ... وتفارقت بعد التعانق رجعا كالصب حاول قبلة من إلفه ... ورأى المراقب فانثنى مسترجعا وله وروضة وجنات الورد قد خجلت ... فيها ضحى وعيون النرجس انفتحت تشاجر الطير في أفنانها سحراً ... ومالت القضب للتعنيق واصطلحت والقطر قد رش ثوب الدوح حين رأى ... مجامر الزهر في أذياله نفحت لمجير الدين بن تميم كيف السبيل لأن أقبل خد من ... أهوى وقد نامت عيون الحرس وأصابع المنثور تومئ نحونا ... حسداً وتغمزها عيون النرجس وله مذ قيل للأغصان إن الورد قد ... وافى إلى الأزهار وهو أمير بسمت ثغور الأقحوان مسرة ... لقدومه وتلون المنثور وله سبقت إليك من الحدائق وردة ... وأتتك قبل أوانها تطفيلا طمعت بلثمك إذ رأتك فجمعت ... فمها إليك كطالب تقبيلا لصفي الدين الحلي ورد الربيع فمرحباً بوروده ... وبنور بهجته ونور وروده

وله

وبحسن منظره وطيب نسيمه ... وأنيق ملبسه ووشي بروده فصل إذا افتخر الزمان فإنه ... إنسان مقلته وبيت قصيده يغني المزاج عن العلاج نسيمه ... باللطف عند هبوبه وركوده يا حبذا أزهاره وثماره ... ونبات ناجمه وحب حصيده وتجاوب الأطيار في أشجاره ... كنبات معبد في مواجب عوده والغصن قد كسي الغلائل بعد ما ... أخذت يدا كانون في تجريده نال الصبا بعد المشيب وقد جرى ... ماء الشبيبة في منابت عوده والورد في أعلى الغصون كأنه ... ملك تحف به سراة جنوده وكأنما القداح سمط لآلئ ... هو للقضيب قلادة في جيده والياسمين كعاشق قد شفه ... جور الحبيب بهجره وصدوده وانظر لنرجسه الجني كأنه ... طرف تنبه بعد طول هجوده واعجب لآذريونه وبهاره ... كالتبر يزهو باختلاف نقوده وانظر إلى المنظوم من منثوره ... متنوعاً بفص وله وعقوده أو ما ترى الغيم الرقيق وما بدا ... للعين من أشكاله وطروده والسحب تعقد في السماء مآتماً ... والأرض في عرس الزمان وعيده ندبت فشق لها الشقيق جيوبه ... وازرق سوسنها للطم خدوده والماء في تيار دجلة مطلق ... والجسر في أصفاده وقيوده والغيم يحكي الماء في جريانه ... والماء يحكي الغيم في تجعيده فابكر إلى روض الصراة وظلها ... فالعيش بين بسيطه ومديده

وله زنبق بين قضب آس وبان ... وأقاح ونرجس وورود كجبين وعارض وقوام ... وثغور وأعين وخدود لعلي بن سعيد الأندلسي كأنما النهر صفحة كتبت ... أسطرها والنسيم منشئها لما أبانت عن حسن منظرها ... مالت إليه الغصون تقرأها لآخر وتحدث الماء الزلال مع الحصى ... فجرى النسيم عليه يسمع ما جرى فكأن فوق الماء وشياً ظاهراً ... وكأن تحت الماء دراً مضمرا لغيره مذ لاحظ المنثور طرف النرجس ال ... مزور قال وقوله لا يدفع فتح عيونك في سوادي إنني ... عندي قبالة كل عين إصبع لبعضهم سألت الغصن لم تعرى شتاء ... وتبدو في المصيف وأنت كاسي فقال لي الربيع على قدوم ... خلعت على البشير به لباسي لمحي الدين بن قرناص ورب نهر له عيون ... تحار في حسنه العيون لما غدا الريق منه عذباً ... مالت إلى رشفه الغصون وله سقيا له روضاً قدود غصونه ... تختال في الأبراد من أوراقها

جنت به ورق الحمام صبابة ... أو ما ترى الأغلال في أعناقها لابن المعتز قضيب من الريحان شابه لونه ... إذا ما بدا للعين لون الزمرد وشبهته لما تأملت حسنه ... عذاراً تدلى في عوارض أمرد لعلي بن رستم المعروف بابن الساعاتي والطل في سلك الغصون كلؤلؤ ... رطب يصافحه النسيم فيسقط والطير تقرأ والغدير صحيفة ... والريح تكتب والغمام ينقط لفتح الله بن النحاس جادت عليك يد الربيع بزنبق ... يدعو الندامى لارتشاف عقار أو ما تراه كأكؤس من فضة ... قد موهت أطرافها بنضار لآخر ووردة جمعت لونين قد حكيا ... خدي حبيب وخدي هائم عشقا تعانقا فبدا واش فراعهما ... فاحمر ذا خجلاً واصفر ذا فرقا للأمير أبي الفضل الميكالي سل الربيع على الشتاء صوارماً ... تركته مجروحاً بلا أغماد وبكت له عين السماء بأدمع ... ضحكت لساجمها ربى الأنجاد وبدت شقائقها خلال رياضها ... تزهو بثوبي حمرة وسواد فكأنها بنت الشتاء توجعت ... لمصابها كشقيقة الأولاد فقنوء حمرتها خضاب نجيعه ... وسواد كسوتها لباس حداد

لابن سهل

وله تصوغ لنا كف الربيع حدائقاً ... كعقد عقيق بين سمط لآلي وفيهن أنوار الشقائق قد حكت ... خدود عذارى نقطت بغوال للبحتري حيتك عنا شمال طاف طائفها ... بجنة فجرت راحاً وريحانا هبت سحيراً فناجى الغصن صاحبه ... سراً بها وتداعى الطير إعلانا ورق تغني على خضر مهدلة ... تسمو بها وتمس الأرض أحيانا تخال طائرها نسوان من طرب ... والغصن من هزه عطفيه نشوانا لأبي فراس الحمداني ويوم جلا فيه الربيع رياضه ... بأنواع حلي فوق أثوابه الخضر كأن ذيول الجلنار مطلة ... فضول ذيول الغانيات من الأزر لابن سهل جاء الربيع ببيضه وبسوده ... صنفان من ساداته وعبيده جيش ذوابله الغصون وفوقها ... أوراقها منشورة كبنوده

الباب الثامن في الخمر

الباب الثامن في الخمر للفارض شربنا على ذكر الحبيب مدامة ... سكرنا بها من قبل أن يخلق الكرم لها البدر كأس وهي شمس يديرها ... هلال وكم يبدو إذا مزجت نجم فلولا شذاها ما اهتديت لحانها ... ولولا سناها ما تصورها الوهم ولم يبق منها الدهر غير حشاشة ... كأن خفاها في صدور النهى كتم فإن ذكرت في الحي أصبح أهله ... نشاوى ولا عار عليهم ولا إثم ومن بين أحشاء الدنان تصاعدت ... ولم منها في الحقيقة إلا اسم وإن خطرت يوماً على خاطر امرئ ... أقامت به الأفراح وارتحل الهم ولو نظر الندمان ختم إنائها ... لأسكرهم من دونها ذلك الختم ولو نضحوا منها ثرى قبر ميت ... لعادت إليه الروح وانتعش الجسم ولو طرحوا في فيء حائط كرمها ... عليلاً وقد أشفى لفارقه السقم ولو قربوا من حانها مقعداً مشى ... وتنطق من ذكرى مذاقتها البكم ولو عبقت في الشرق أنفاس طيبها ... وفي الغرب مركزم لعادله الشم ولو خضبت من كأسها كف لامس ... لما ضل في ليل وفي يده النجم

يهذب أخلاق الندامى فيهتدي ... بها لطريق العزم من لا له عزم يقولون لي صفها فأنت بوصفها ... خبير أجل عندي بأوصافها علم صفاء ولا ماء ولطف ولا هواً ... ونور ولا نار وروح ولا جسم محاسن تهدي المادحين لوصفها ... فيحسن فيها منهم النثر والنظم على نفسه فليبك من ضاع عمره ... وليس له فيها نصيب ولا سهم لعبد الصمد بن بابك يا صاحبي امزجا كأس المدام لنا ... كيما يضيء لنا من نورها الغسق خمر إذا ما نديمي بات يشربها ... أخشى عليه من اللألاء يحترق لو رام يحلف أن الشمس ما غربت ... في فيه كذبه في وجهه الشفق وله عقار عليها من دم الصب نقطة ... ومن عبرات المستهام فواقع معودة غصب النفوس كأنما ... لها عند الباب الرجال ودائع تحير دمع المزن في كأسها كما ... تحير في ورد الخدود المدامع لديك الجن فقام تكاد الكأس تحرق كفه ... فتحسبه من وجنتيه استعارها مشعشعة من كف ظبي كأنما ... تناولها من خده فأدارها لابن القليوبي وصافية بات الغلام يديرها ... على الشرب في جنح من الليل أدعج كأن حباب الماء في وجناتها ... فرائد در في عقيق مضرج للزاهي البغدادي

ومدامة لضيائها في كأسها ... نور على فلك الأنامل بازغ رقت فغابت في الزجاج للطفها ... فكأنما الإبريق منها فارغ لعلي بن عطية وخضبت كف ساقيها مشعشعة ... كأنها بالذي في ضمنها نضحت كفاه قد أشربت من ماء وجنتيه ... ووجنتاه بما في كفه رشحت لأبي نواس وندمان سقيت الراح صرفاً ... وستر الليل منسدل السجوف صفت وصفت زجاجتها عليها ... كمعنى دق في ذهن لطيف وله معتقة صاغ المزاج لرأسها ... أكاليل در ما لناظمها سلك جرت حركات الدهر فوق سكونها ... فذابت كذوب التبر أخلصه السبك وقد خفيت من لطفها فكأنها ... بقايا يقين كاد يذهبه الشك وله مدام تبدت من مقام مشرف ... تلوح لنا أنوارها ثم تختفي ولما شربناها ودب دبيبها ... إلى موضع الأسرار قلت لها قفي مخافة أن يسطو علي شعاعها ... فيطلع جلاسي على سري الخفي لابن ناجية الدمشقي وحمراء قبل المزج صفراء بعده ... أتت بين ثوبي نرجس وشقائق حكت وجنة المعشوق صرفاً فسلطوا ... عليها مزاجاً فاكتست لون عاشق لصفي الدين الحلي

وله

بدت لنا الراح في تاج من الحبب ... فمزقت حلة الظلماء باللهب بكر إذا زوجت بالماء أولدها ... أطفال در على مهد من الذهب بقية من بقايا قوم نوح إذا ... لاحت جلت ظلمة الأحزان والكرب بعيدة العهد بالمعصار لو نطقت ... لحدثتنا بما في سالف الحقب بذلت عقلي صداقاً حين بت بها ... أزوج ابن سحاب بابنة العنب وله خذ فرصة اللذات قبل فواتها ... وإذا دعتك إلى المدام فواتها وإذا ذكرت التائبين عن الطلا ... لا تنس حسرتهم على أوقاتها يرنون بالألحاظ شزراً كلما ... صبغت أشعتها أكف سقاتها كأس كساها النور لما أن بدا ... مصباح جرم الراح في مشكاتها صفها إذا جليت بأحسن وصفها ... كي نشرك الأسماع في لذاتها لولا التذاذ السامعين بذكرها ... لغنيت عن أسمائها بسماتها راح حكت ثغر الحبيب وخده ... بحبابها وصفائها وصفاتها فكأنما في الكأس قابل صفوها ... ثغر الحبيب فلاح في مرآتها لآخر وصفراء من ماء الكروم كأنها ... لقاء عدو أو فراق صديق كأن الحباب المستدير برأسها ... كواكب در في سماء عقيق للكاتب أبي الفضل كأنما الراح والراحات تحملها ... بدور تم وأيدي الشرب هالات حشاشة ما تركنا الماء يقتلها ... إلا لتحيا بها منا حشاشات

الباب التاسع في الرثاء

الباب التاسع في الرثاء للمتنبي يرثي أبا شجاع فاتكاً ألحزن يقلق والتجمل يردع ... والدمع بينهما عصي طيع يتنازعان دموع عين مسهد ... هذا يجيء بها وهذا يرجع ألنوم بعد أبي شجاع نافر ... والليل معي والكواكب ظلع إني لأجبن من فراق أحبتي ... وتحس نفسي بالحمام فأشجع ويزيدني غضب الأعادي قسوة ... ويلم بي عتب الصديق فاجزع تصفو الحياة لجاهل أو غافل ... عما مضى منها وما يتوقع ولمن يغالط في الحقائق نفسه ... ويسومها طلب المحال فتطمع أين الذي الهرمان من بنيانه ... ما قومه ما يومه ما المصرع تتخلف الآثار عن أصحابها ... حيناً ويدركها الفناء فتتبع لم يرض قلب أبي شجاع مبلغ ... قبل الممات ولم يسعه موضع كنا نظن دياره مملوءة ... ذهباً فمات وكل دار بلقع وإذا المكارم والصوارم والقنا ... وبنات أعوج كل شيء يجمع

ألمجد أخسر والمكارم صفقة ... من أن يعيش لها الهمام الأروع والناس أنزل في زمانك منزلاً ... من أن تعايشهم وقدرك أرفع برد حشاي إن استطعت بلفظة ... فلقد تضر إذا تشاء وتنفع ما كان قبلك إلى خليل قبلها ... ما يستراب به ولا ما يوجع ولقد أراك وما تلم ملمة ... إلا نفاها عنك قلب أصمع ويد كأن نوالها وقتالها ... فرض يحق عليك وهو تبرع يا من يبدل كل يوم حلة ... أنى رضيت بحلة لا تنزع ما زلت تخلعها على من شاءها ... حتى لبست اليوم ما لا تخلع ما زلت تدفع كل أمر فادح ... حتى أتى الأمر الذي لا يدفع فظللت تنظر لا رماحك شرع ... فيما عراك ولا سيوفك قطع بأبي الوحيد وجيشه متكاثر ... يبكي ومن شر السلاح الأدمع وإذا حصلت من السلاح على البكا ... فحشاك رعت به وخدك تقرع وصلت إليك يد سواء عندها ال ... بازي الأشيهب والغراب الأبقع من للمحافل والجحافل والسرى ... فقدت بفقدك نيراً لا يطلع ومن اتخذت على الضيوف خليفة ... ضاعوا ومثلك لا يكاد يضيع فاليوم قر لكل وحش نافر ... دمه وكان كأنه يتطلع وتصالحت ثمر السياط وخيله ... وأوت إليها سوقها والأذرع وعفا الطراد فلا سنان راعف ... فوق القناة ولا حسام يلمع ولى وكل مخالم ومنادم ... بعد اللزوم مشيع ومودع

لمروان بن أبي حفصة في معن بن زائدة

من كان فيه لكل قوم ملجأ ... ولسيفه في كل قوم مرتع إن حل في روم ففيها قيصر ... أو حل في عرب ففيها تبع أو حل في فرس ففيها ربها ... كسرى تذل له الرقاب وتخضع قد كان أسرع فارس في طعنة ... فرساً ولكن المنية أسرع لا قلبت أيدي الفوارس بعده ... رمحاً ولا حملت جواراً أربع لمروان بن أبي حفصة في معن بن زائدة مضى لسبيله معن وأبقى ... مكارم لن تبيد ولن تنالا كأن الشمس يوم أصيب معن ... من الإظلام ملبسة ظلال هو الجبل الذي كانت مزار ... تهد من العدو به الجبالا وعطلت الثغور لفقد معن ... وقد يروي بها الأسل النهالا وأظلمت العراق وأورثتها ... مصيبته المجللة اعتلالا وظل الشأم يرجف جانباه ... لركن العز حين وهى فمالا وكادت من تهامة كل أرض ... ومن نجد تزول غداة زالا فإن يعل البلاد له خشوع ... فقد كانت تطول به اختيالا أصاب الموت يوم أصاب معناً ... من الأحياء أكرمهم فعالا وكان الناس كلهم لمعن ... إلى أن زار حفرته عيالا ولم يك طالب للعرف ينوي ... إلى غير ابن زائدة ارتحالا مضى من كان يحمل كل عبء ... ويسبق فضل نائله السؤالا وما عمد الوفود لمثل معن ... ولا حطوا بساحته الرحالا

ولا بلغت أكف ذوي العطايا ... يميناً من يديه ولا شمالا وما كانت تجف له حياض ... من المعروف مترعة سجالا مضى لسبيله من كنت ترجو ... به عثرات دهرك أن تقالا فلست بمالك عبرات عين ... أبت بدموعها إلا انهمالا كأن الليل واصل بعد معن ... ليالي قد قرن به فطالا وقلنا أين نرحل بعد معن ... وقد ذهب النوال فلا نوالا سيذكرك الخليفة غير قال ... إذا هو في الأمور بلا الرجالا ولا ننسى وقائعك اللواتي ... على أعدائه جعلت وبالا حباك أخو أمية بالمراثي ... مع المدح الذي قد كان قالا وألقى رحله أسفاًن وآلى ... يميناً لا يشد له حبالا لأبي تمام في محمد وقحطبة وأبي نصر بني حميد الطوسي كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعين لم يفض ماؤها عذر توفيت الآمال بعد محمد ... وأصبح في شغل عن السفر السفر وما كان إلا مال من قل ماله ... وذخراً لمن أمسى وليس له ذخر وكان يدري مجتدي جود كفه ... إذا ما استهلت أنه خلق العسر ألا في سبيل الله من عطلت له ... فجاج سبيل الله وانثغر الثغر فتى كلما فاضت عيون قبيلة ... دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر فتى دهره شطران فيما ينوبه ... ففي بأسه شطر وفي جوده شطر فتى مات بين الطعن والضرب موتة ... تقوم مقام النصر إن فاته النصر

وما مات حتى مات مضرب سيفه ... من الضرب واعتلت عليه القنا السمر وقد كان فوت الموت سهلاً فرده ... إليه الحفاظ المر والخلق الوعر ونفس تعاف العار حتى كأنما ... هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر فأثبت في مستنقع الموت رجله ... وقال لها من تحت أخمصك الحشر غدا غدوة والحمد نسج ردائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر تردى ثياب الموت حمراً فما دجا ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر كأن بني نبهان يوم وفاته ... نجوم سماء خر من بينها البدر يعزون عن تاو تعزى به العلى ... ويبكي عليه البأس والجود والشعر وأنى لهم صبر عليه وقد مضى ... إلى الموت حتى استشهدا هو والصبر فتى كان عذب الروح لا من غضاضة ... ولكن كبراً أن يقال به كبر فتى سلبته الخيل وهو حمى لها ... وبزته نار الحرب وهو لها جمر وقد كانت البيض الماثير في الوغى ... بواتر فهي الآن من بعده بتر أمن بعد طي الحادثات محمداً ... يكون لأثواب الندى أبداً نشر إذا شجرات العرف جذت أصولها ... ففي أي فرع يوجد الورق النضر لئن أبغض الدهر الخؤون لفقده ... لعهدي به ممن يحب له الدهر لئن غدرت في الروع أيامه به ... فما زالت الأيام شيمتها الغدر لئن ألبست فيه المصيبة طيئ ... فما عريت منها تميم ولا بكر سقى الغيث غيثاً وارت الأرض شخصه ... وإن لم يكن فيه سحاب ولا قطر وكيف احتمالي للغيوث صنيعة ... بإسقائها قبراً وفي لحده البحر

مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة ... غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر ثوى في الثرى من كان يحيا به الثرى ... ويغمر صرف الدهر نائله الغمر عليك سلام الله وقفاً فإنني ... رأيت الكريم الحر ليس له عمر لأبي الحسن الأنباري يرثي أبا طاهر محمد بن بقية وزير عز الدولة ابن بويه وكانت قد وقعت حرب بين عز الدولة وابن عمه عضد الدولة ظفر فيها عضد الدولة فقبض على الوزير وقتله بين أرجل الفيلة ثم صلبه في خبر ليس هذا موضعه. وهي من القصائد الطنانة بلغت من الشهرة والاستحسان أعظم مبلغ حتى يروى أن عضد الدولة لما وقف عليها قال لقد تمنيت أن أكون أنا المصلوب وتكون هذه القصيدة في. وهي قوله علو في الحياة وفي الممات ... لحق تلك إحدى المعجزات كأن الناس حولك حين قاموا ... وفود نداك أيام الصلات كأنك قائم فيهم خطيباً ... وكلهم قيام للصلاة مددت يديك نحوهم احتفاء ... كمدهما إليهم بالهبات ولما ضاق بطن الأرض عن أن ... يضم علاك من بعد الوفاة أصاروا الجو قبرك واستعاضوا ... عن الأكفان ثوب الساقيات لعظمك في النفوس بقيت ترعى ... بحراس وحفاظ ثقات وتوقد حولك النيران ليلاً ... كذلك كنت أيام الحياة ركبت مطية من قبل زيد ... علاها في السنين الماضيات وتلك قضية فيها تأس ... تباعد عنك تعيير العداة ولم أر قبل جذعك قط جذعاً ... تمكن من عناق المكرمات

للقاضي حمزة بن أبي حصين في مخلص الدولة الكناني

أسأت إلى النوائب فاستثارت ... فأنت قتيل ثأر النائبات وكنت تجير من صرف الليالي ... فصار مطالباً لك بالترات وصير دهرك الإحسان فيه ... إلينا من عظيم السيئات وكنت لمعشر سعداً فلما ... مضيت تفرقوا بالمنحسات غليل باطن لك في فؤادي ... يخفف بالدموع الجاريات ولو أني قدرت على قيام ... بفرضك والحقوق الواجبات ملأت الأرض من مظم القوافي ... ونحت بها خلاف النائحات ولكني أصبر عنك نفسي ... مخافة أن أعد من الجناة وما لك تربة فأقول تسقى ... لأنك نصب هطل الهاطلات عليك تحية الرحمن تترى ... برحمات غواد رائحات للقاضي حمزة بن أبي حصين في مخلص الدولة الكناني ألا كل حي مقصدات مقاتله ... وآجل ما يخشى من الدهر عاجله وهل يفرح الناجي السليم وهذه ... حبول الردى قدامه وحبائله لعمر الفتى إن السلامة سلم ... إلى الحين والمغرور بالعيش آمله فيسلب أثواب الحياة معارها ... ويقضي غريم الدين من هو ماطله مضى قيصر لم تغن عنه قصوره ... وجدل كسرى ما حمته مجادله وما صد هلكاً عن سليمان ملكه ... ولا منعت منه أباه سرابله ولم يبق إلا من يروح ويغتدي ... على سفر ينأى عن الأهل قافله وما نفس الإنسان إلا خزامة ... بأيدي المنايا والليالي مراحله

فهل غال بدءاً مخلص الدولة الردى ... وهل تنزوي عمن سواه غوائله ولكنه حوض الحمام ففارط ... إليه وتال مسرعات رواحله لقد دفن الأقوام أروع لم تكن ... بمدفونة طول الزمان فضائله سقى جدثاً هالت عليه ترابه ... أكفهم طل الغمام ووابله ففيه سحاب يرفع الميل هدبه ... وبحر ندى يستغرق البر ساحله كأن ابن نصر سائراً في سريره ... حبي من الوسمي أقشع هاطله تمر على الوادي فتثني رماله ... عليه وبالنادي فتبكي أرامله سرى نعشه فوق الرقاب وطالما ... سرى وجوده فوق الركاب ونائله أناعيه إن النفوس منوطة ... بقولك فانظر ما الذي أنت قائله بفيك الثرى لم تدر من حل بالثرى ... جهلت وقد يستصغر الأمر جاهله هو السيد المهتز للتم بدره ... وللجود عطفاه وللطعن عامله أفاض عيون الناس حتى كأنما ... عيونهم مما تفيض أنامله فيا عين سحي لا تشحي بسائل ... على ماجد لم يعرف الشح سائله متى يسألوه المال يند بنانه ... وإن يسألوه الغوث تند عوامله مجالسه في روضة طلها الندى ... ولكنه في المجد مات مساجله جرت تحته العلياء ملء فروجها ... إلى غابة طالت على من يطاوله فما مات حتى نال أقصى مراده ... كما يستسر البدر تمت منازله فتى طالما يعتاده الجيش عافياً ... فينزله أو عادياً فينازله صفوح عن الجاني وصفحة سيفه ... إذا هي لم تقتله فالصفح قاتله

لابن الحسن التهامي يرثي ولده

إذا ظن لا يخطي كأن ظنونه ... على ما يظن الناس عنه دلائله قضى الله أن يردى الأمير وهذه ... صوافنه موفورة ومناصله فلا رحلت عنه نوازل رحمة ... ضحاه بها موصولة وأصائله وروى ثراه منهل العفو في غد ... فقد روت العافين أمس مناهله لابن الحسن التهامي يرثي ولده حكم المنية في البرية جار ... ما هذه الدنيا بدار قرار بينا يرى الإنسان فيها مخبرا ... حتى يرى خبراً من الأخبار بنيت على كدر وأنت تريدها ... صفواً من الأكدار والأقذار ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة نار وإذا رجوت المستحيل فإنما ... تبني الرجاء على شفير هار فالعيش نوم والمنية يقظة ... والمرء بينهما خيال سار فاقضوا مآربكم عجالاً إنما ... أعماركم سفر من الأسفار وتراكضوا خيل الشباب وحاذروا ... أن تسترد فإنهن عوار فالدهر يخدع بالمنى ويغص إن ... هنا ويهدم ما بنى ببوار ليس الزمان وإن حرصت مسالماً ... خلق الزمان عداوة الأحرار إني وترت بصارم ذي رونق ... أعددته لطلابة الأوتار والنفس إن رضيت بذلك أو أبت ... منقادة بازمة المقدار يا كوكباً ما كان أقصر عمره ... وكذا تكون كواكب الأسحار وهلال أيام مضى لم يستدر ... بدراً ولم يمهل لوقت سرار

عجل الخسوف إليه قبل أوانه ... فغطاه قبل مظنة الإبدار وكأن قلبي قبره وكأنه ... في طيه سر من الأسرار ولد المعزى بعضه فإذا انقضى ... بعض الفتى فالكل في الآنار أبكيه ثم أقول معتذراً له ... وفقت حين تركت ألأم دار جاورت أعدائي وجاور ربه ... شتان بين جواره وجواري لثابت بن هرون الرقي النصراني من قصيدة يرثي أبا الطيب المتنبي ألدهر أخبث والليالي أنكد ... من أن تعيش لأهلها يا أحمد قصدتك لما أن رأتك نفيسها ... بخلاً بمثلك والنفائس تقصد ذقت الكريهة بغتة وفقدتها ... وكريه فقدك في الورى لا يفقد قل لي إن استطعت الخطاب فإنني ... صب الفؤاد إلى خطابك مكمد أتركت بعدك شاعراً والله لا ... لم يبق بعدك في الورى من ينشد أما العلوم فإنها يا ربها ... تبكي عليك بأدمع لا تجمد لأبي عثمان ابن جني فيه أيضاً من قصيدة سلبت ثوب بهاء كنت تلبسه ... كما تخطفت بالخطية والسلب ما زلت تصحب في الجلى إذا نزلت ... قلباً جميعاً وعزماً غير منشعب وقد حلبت لعمري الدهر أشطره ... تمطو بهمة لا وان ولا نصب من للهواجل يحيي ميت أرسمها ... بكل جائلة التصدير والحقب أم من لبيض الظبي يوماً وهن دم ... أم من لسمر القنا والزغف واليلب

أم للمعارك تدمي جمر جاحمها ... حتى تعريها عن ساطع اللهب أم للمحافل إذ تبدو لتعمرها ... بالنظم والنثر والأمثال والخطب أم للمناهل والظلماء عاكفة ... مواصل الكرتين الورد والقرب أم للملوك تحليها وتلبسها ... حتى تمايس في أبرادها القشب باتت وسادي أطراب تؤرقني ... لما غدوت لقى في قبضة النوب عمرت خدن المساعي غير مضطرب ... ومت كالنصل لم يدنس ولم يعب فاذهب عليك سلام الله ما قلقت ... خوص الركائب بالأكوار والشعب لابن النبيه في ولد الناصر أحمد أمير المؤمنين ألناس للموت كخيل الطراد ... فالسابق السابق منها الجواد والله لا يدعو إلى داره ... إلا من استصلح من ذي العباد والموت نقاد على كفه ... جواهر يختار منها الجياد والمرء كالظل ولابد أن ... يزول ذاك الظل بعد امتداد لا تصلح الأرواح إلا إذا ... سرى إلى الأجساد هذا الفساد أرغمت يا موت أنوف القنا ... ودست أعناق السيوف الحداد كيف تخرمت علياً وما ... أنجده كل طويل النجاد نجل أمير المؤمنين الذي ... من خوفه يرعد قلب الجماد مصيبة أذكت قلوب الورى ... كأنما في كل قلب زناد نازلة جلت فمن أجلها ... سن بنو العباس لبس السواد مأتمة في الأرض لكنها ... عرس على السبع الطباق الشداد

للشريف الرضي من قصيدة يرثي أبا إسحق الصابئ

فالخود في المسح لها رنة ... والحور تجلى في مروط الحداد طرقت يا موت كريماً فلم ... يقنع بغير النفس للضيف زاد قصفته من سدرة المنتهى ... غصناً فشلت يد أهل الفساد يا ثالث السبطين خلفتني ... أهيم من همي في كل واد يا نائماً في غمرات الردى ... كحلت أجفاني بوبيل السهاد يا ضجيع الترب أقلقتني ... كأنما فرشي شوك القتاد دفنت في التراب ولو أنصفوا ... ما كنت إلا في صميم الفؤاد لو لم تكن أسخنت عيني سقت ... مثواك عيناي كصوب العهاد للشريف الرضي من قصيدة يرثي أبا إسحق الصابئ أعلمت من حملوا على الأعواد ... أرأيت كيف خبا ضياء النادي جبل هوى لو خر بالبحر اغتدى ... من وقعه متتابع الإزباد ما كنت أعلم قبل وضعك في الثرى ... أن الثرى يعلو على الأطواد بعداً ليومك في الزمان فإنه ... أقذى العيون وفت في الأعضاد لا ينفد الدمع الذي يبكي به ... إن القلوب له من الإمداد

سودت ما بين الفضاء وناظري ... وغسلت من عيني كل سواد ما كنت أحسب أن تضن بلفظة ... لتقوم بعدك لي مقام الزاد يا ليت أني ما قنيتك صاحباً ... كم قنية جلبت أسى لفؤاد برد القلوب بمن تحب لقاءه ... مما يجر حرارة الأكباد للزمخشري في رثاء شيخه أبي مضر وقائلة ما هذه الدرر التي ... تساقط من عينيك سمطين سمطين فقلت لها الدر الذي كان قد حشا ... أبو مضر اذني تساقط من عيني

للشيخ ناصيف اليازجي في الأمير حيدر أبي اللمع الذي كان والياً في جبل لبنان ألمرء في الدنيا خيال قد سرى ... والعيش مثل الحلم في سنة الكرى والناس ركب قد أناخ بمنزل ... فبنى على الطرق المدائن والقرى لا مرحباً إن جاءت الدنيا ولا ... أسفاً إذا ولت وما الدنيا ترى هي كالسراب يزيد مهجة وارد ... ظمأ ويملأ مقلتيه منظرا غرارة يسبي الحكيم خداعها ... مكراً ويطغي الفيلسوف الأكبرا لاحت لنا نار الحباحب في الدجى ... منها فخلنا أنها نار القرى عشنا كأنا لم نعش ونموت عن ... كثب كأنا لم نكن بين الورى ذهب الزمان ومن طواه مقدماً ... وكذاك يذهب من يليه مؤخرا نبكي ونضحك للمنية والمنى ... وكلاهما عبث يدور مكررا بتنا ننادي حيدراً ويحي وما ... يجدي إذا بتنا ننادي حيدرا هذا الأمير قضى فسالت أكبد ... ومدامع وجرى القضاء بما جرى لم تحمه البيض الصوارم والقنا ... والشوس والجرد السلاهب والذرى هذا الذي ضبط البلاد بكفه ... قد بات مغلول اليدين معفرا يا طالما أغنى الفقير بجوده ... واليوم صار أضر منه وأفقرا أمسى وحيداً في جوانب حفرة ... من كان يجمع في حماه عسكرا منا السلام بكل تكرمة على ... من لم يمد إلى وداع خنصرا قامت تشيعه الرجال مشخصاً ... ومضت تشيعه القلوب مصورا أولى العباد برحمة من لم يكن ... عرف المظالم في العباد ولا درى

وأحق بالإحسان من لم يهمل ال ... معروف قط ولم يباشر منكرا بكت الأرامل واليتامى حسرة ... لما رأت قلب السماح تحسرا وتنهد المجد الذي رباه من ... صغر فكان له أباً ومدبرا سلب الزمان من الأفاضل درة ... لو كلفوه بمثلها لتعذرا ولربما نفد الزمان وذكره ... نملي به جملاً ونكتب أسطرا قد كان عفواً في الوفاء ولم يزل ... في الحلم معناً والسماحة جعفرا وإذا تفقدت المحامد كلها ... ألفيت كل الصيد في جوف الفرا كل يبالغ في المديح بشعره ... ويظل مادحه الأمين مقصرا ومتى طلبنا ريبة في نفسه ... كانت لنا عنقاء مغرب أيسرا ذاك الذي لم يتخذ لكنوزه ... عرضاً من الدنيا فصادف جوهرا حق على الخطباء ذكر صفاته ... مثلاً شروداً حين تعلو المنبرا بحر حواه النعش فوق مناكب ... تسعى ولم نعهد كذاك الأبحرا وفريدة في الرمس قد دفنت وكم ... من معدن تحت التراب تسترا ويلاه من هذي الحياة فإنها ... كالظل تحت الشمس يمشي القهقرى إن الحياة هي الشباب وإن تزد ... نقصت كلفظ بالزيادة صغرا نرجو من الدنيا الدوام ونفسها ... كحطامها مما يباع ويشترى دول وأجيال تمر وتنقضي ... فيها وتبقى الكائنات كما ترى فسقت غوادي الفضل تربة فاضل ... ممن يؤرخ كأن غوثاً للورى كنا نؤرخ فضل منحة كفه ... صرنا نؤرخ رمسه تحت الثرى

ولولده الشيخ إبراهيم يرثي الأمير محمد رسلان وقد توفي بالقسطنطينية

ولولده الشيخ إبراهيم يرثي الأمير محمد رسلان وقد توفي بالقسطنطينية حياة أسر العيش فيها مذمم ... وناس بها قلب الخلي متيم سقت كل قلب كل يوم مشارباً ... توهم فيها لذة وهي علقم تشاغلت الألباب فيها من الصبى ... ولم تك أدنى صبوة حين تحلم تبطل كل بالأماني ولم يزل ... يروح ويغدو وهو للموت مغنم وما الأرض إلا قفرة زأرت بها ... أسود المنايا حولنا وهي حوم لها كل يوم بيننا كل منذر ... ينادي علينا مسمعاً وهو أبكم تنبهنا بعضاً ببعض فننثني ... وأجفاننا في غفلة اللهو نوم خلت دونها شم الحصون فلم تكن ... لساكنها من غارة البين تعصم وأصبح من قد كان يرهب بأسه ... يناح عليه بعد حين ويرحم وتراب من الأرض استوى تحت صورة ... تلوح عليها مدة ثم تهدم سلام على قبر توسد تربه ... حبيب عليه من بعيد أسلم وما كان يغني لو تدانى ودونه ... من الرمس قد أمسى حجاب مخيم لئن لم تصب عيني ثراه فإن لي ... هنالك قلباً منه قد قطر الدم وما جف دمعي بعده غير أنه ... يدبج خضراء الربى حين يسجم بعاه لنا الناعي ففي كل مسمع ... كلام ولكن في الأضالع أسهم تنوح على فقد الأمير محمد ... رجال عليه بالدما تتلثم عزيز له في كل عين مدامع ... وفي كل قلب جمرة تتضرم وكم من جيوب بل قلوب تشققت ... عليه وكم من أوجه فيه تلطم

ولما نعي في أرض لبنان أوشكت ... جنادله من حسرة تتألم كريم له من آل رسلان محتد ... ومن نفسه مجد سني معظم ومن ذكره ما يعجز الدهر سلبه ... ومن شكره في كل ذي منطق فم أيا من قضى في غربة الدار نازحاً ... فكل فؤاد نازح متصرم رويدك ما للصبر بعدك من يد ... إذا ما اقتضى المصاب العرمرم ترحلت في شرخ الشباب مغادراً ... من الحزن ما يوهي الشباب ويهرم ومثلك من حق التأسف بعده ... وغيرك مخلوف ومثلك يعدم تنوح القوافي بعد يومك حسرة ... فنوشك نخشى نثرها حين تنظم وتندبك الأقلام من حيث رددت ... حنيناً وأجرت عبرة حين ترقم وبين المذاكي والسيوف مناحة ... وبين الحجى والعلم والمجد مأتم ألا يا بني رسلان صبراً لفقده ... فذلك مما يقتضيه التكرم إذا ما دفعنا للبلية مرة ... ولم ننتفع بالحزن فالصبر أحزم جرى قدر المولى بما شاء واستوى ... لديه جزوع في الأسى ومسلم وليس لنا من مطمع فات نيله ... إذا كان ما نبغيه ما ليس يغنم وما كان لابد منه مؤخراً ... يهون لديه الرزء وهو مقدم وما الفرق في الحالين إلا هنيهة ... تمر سريعاً والقضا متحتم ولولده الشيخ خليل يرثي المعلم بطرس البستاني أجرى اليراع عليك دمع مداده ... فكسا به القرطاس ثوب حداده وبه نخط لك الرثاء من الأسى ... فهم المقيم على عهود وداده

فلكم بميدان الطروس هززنه ... حتى جعلت الرمح من حساده ولكم أسلت به غيوث محابر ... تنهل بين بروق قدح زناده إن كان يبكيك الجماد بدمعه ... فلقد بكاك حزيننا بفؤاده يا صاحب الفضل الذي لو أننا ... نبكي به لم نخش وشك نفاده يا قطر دائرة المعارف والحجى ... ومحيط فضل فاض في إمداده تبكي العلوم عليك واللغة التي ... بقريضها ترثيك في إنشاده فإذا المحيط بكاك لم يك دمعه ... دون المحيط يزيد في إزباده يبكي الحساب عليك متخذاً له ... دمعاً يسيل عليك من أعداده وصلت إليك يد الزمان وقبلها ... وصلت إلى الذروات من أطواده ولقد أغار عليك غارة باسل ... كالليث حين رآك من آساده وسطا مفاجأة عليك بنفسه ... فرداً لأنك كنت من أفراده هذا عماد الفضل مال به القضا ... فأمال صرح العلم ميل عماده لم يبتليه بما يعاد لأجله ... ولو ابتلاه لكان من عواده خدم البلاد وليس أشرف عنده ... من أن يسمى خادماً لبلاده وله الأيادي البيض والغرر التي ... حاكت لفاقدها سواده

الباب العاشر

الباب العاشر في التاريخ قصيدة السيد محمد شاكر النحلاوي التي نظمها في مدح الشيخ عبد الغني النابلسي وقد ضمن كل بيت منها تاريخين لسنة 1126 هجرية وافتتح صدورها بحروف إذا جمعت على ترتيبها تألف منها بيتان في كل منها أربعة تواريخ للسنة المذكورة وهو أول من ابتكر هذه الطريقة. أما البيتان فهما هذا أهديك مدحاً بليغاً. يا سني غدا ... بحر الفتوحات. باهي الفضل والمنن ألفاظه كنجوم. فهي تشرق ما ... بدا سنا بدرها أرخه. عبد غني وأما القصيدة فهي قوله آيات حق بهيج الحسن تاليها ... تزهو ونجم الهنا بالحمد تاليها هي البدور بنور العلم لائحة ... أم جنة الأنس مصداح قماريها داعي السعود دنا حيث الهناء فقم ... لحانه الراح نعطى كأس صافيها يديرها شادن صرفاً يقدسها ... ذوو العلى والملا بالعز حاميها كم راق لي طعمها الأهنى بمائسة ... تسمو بأزكى جمال في تهاديها من لي بها وردة قد زانها عنق ... حكا اللجين تعالى الله منشيها در وراح مباح حيث مبسمها ... يفتر مع حبب بالنفس أفديها

حسناء طلقاً محياها برهرهة ... كالشمس فالبدر جزء من مرائيها أردانها بعبير فاج نامية ... مجامر المسك عطراً من حواشيها بوجنتيها نعيم الحسن راق حلا ... والخال من عله بالند يسقيها لا بل بخديك نار والقليب به ... من حرها لهب يذكو ويزكيها يا ربة الحسن عطفاً فالفؤاد وها ... وعبرة العين قدماً طاف هاميها غليل وجدي واه زائداً أبداً ... لم يشف إلا بكأس من تدانيها أستودع الله في حبي الملاح حشاً ... فرط الجوى والأسى والتوق يصليها يا حسن أوقات أيام جلوت بها ... حزني وطبت سروراً في لياليها أبهج بها والحسان العين ترفل في ... ربى حبور زهت معنى أقاحيها سقا الحيا عهد ريعان الصبا فرعى ال ... باري ربوعاً نمت يمناً أهاليها نعم المنازل هاتيك الربوع بمل ... تقى الأحبة يزهو جاهنا فيها يهيم وجداً فؤادي في الذين لهم ... في السر عندي أيادي لست أحصيها غدوا بأبهى حمى زهى وطاب به ... فدا النفوس وذا أجدا أمانيها دعني وسهدي هدير الورق أرقني ... وجد بي طربي تسجاع قمريها ألا ترى الدوح ينمو نده عطراً ... بروح أمن نما عرفاً شماليها بديع حسن ينامي النور مبتسم ... أزهاره حيث ري الودق يبكيها حدائق أحدقت سمر القيان بها ... يحمي شجوني بألحان مثانيها ربى بمصيافها طير السعود شدا ... فصفق النهر دفقاً من روابيها أفنان أشجارها والورد نمقها ... مادت بزاهي نسيم لدنها تيها

لله جنات عدن بالبها مدحت ... أزهت بها الحور في وشي يحليها فحي قومي على دار بها قطنت ... بيض ملاح فإن الحي حاميها تسل أسيف طرف دونها ولقد ... نمت بهيجا الفنا فرسان أهليها وبي مهاة حوت لب الجمال فما ... أزكى حلاها وما أحلى تثنيها حديثها حسن كالمهوراق فوا ... توقي إلى سمر في حسن ناديها إلى م حتى م أشجى بالحسان قلاً ... ولات حين لقاً يا سوء تاويها تبارك الله من بالأمر أبدعها ... من لطف ورد فبات الجفن يدميها بحرمة الود مع أنس المنا بمنى ... وسر عيش لنا مع عرب واديها إلا عطفت على روح المحب فكم ... يميت روع الهوى روحي فيحييها هوى كعوب رخيم الدل طال أساً ... علي وازددت وجداً من تجافيها يزيدني ذكرها وداً وإني ما ... حييت لست بناس عهد حبيها أرواح نجد لها أرواحنا نعمت ... حبا أهاليها حياً غواليها لي معهد ولقاً حيث النقا سكني ... بصحبة أكؤس الأفراح نسقيها فيا بروحي راح الطيب نشربها ... من راح من فيهم يسمو تعاطيها ضياؤها لاح يعلو من جوانبها ... وندها ضاع زاك من نواحيها لم ينحها من فتى إلا نما فرحاً ... طوبا لمن بالتقا والود آتيها وفي الصبا طيب عطر من لطافتها ... فبالملا برق أنس من تجليها أحبب بها قرقفاً من قد زكت حبباً ... والدر يشرق من أسنى أوانيها لطف لها الكأس فادخل حانها بوفا ... ء عهدها وانح وداً خمر معطيها

مدامة وبها لاح السرور علا ... لنا ودانت بإحسان تهانيها نعم جلت بالصفا نعم كؤوس وفاً ... على اللإ بالحما اضحوا محبيها نديمي ارنع وبهم فاجل البلابل في ... تسجاعها فاجلها واشطح هناً فيها أدر طلا الود لا تجزع فنحن عن ال ... قطب الزكي فريد العصر نرويها لله ندب به ازدان الفخار بلا ... شك زكا رتباً يزهو معاليها فمن يحاكي زكياً راق مشربه ال ... محمدي وعلاه من يضاهيها اكرم بشهم وجيه طاب محمدة ... حاوي علوم هداً بالفيض يبديها ظبا كواكب إملاه لحسده ... أوست وأهدت سنا هدي لواعيها هلم نلتقط الدر العجيب من ال ... كنز الزكي كذا والنفس زكيها كيما نشاهد نوراً صافياً ونرى ... أسراره بالسري القدر حاويها نه حسيب جواد لوذع أفق ... علامة عطر الأوصاف ناميها جل الذي زاده نوراً وأبدعه ... من روح أسنى معان عز تنزيها وكيف وهو سما للعلم النفيس سمت ... عن عالم السر أعلا الوحي يأتيها من لي به سامياً أمست شمائله ... رتع النسائم لطفاً ليس يحكيها فؤاده طاب زاه بالصفا فلذا ... ك النفس قد أسلمت حباً لباريها هلت لديه بدور السعد حارسها ... أزكى كواكب فضل عز مبديها يجبى إليه ثمار الحمد من أنق ... أضحى الزمان بأهنى ما يجليها تنمو به طرق أهل الحق كيف وبال ... تقوى به ازدان يزهو نقش بنديها شأواً علا بالمنى قد بات يحسده ... ذوو العلا وبه يسمو نواصيها

راقي معارج عرفان بطيب وفاً ... إنعم بأزكى علاً عزت مراقيها قد أيد الله بالعز العزيز ذوي ... جاه أثيل فأعطى القوس باريها متى يفه يبد دراً زاكياً فنرا ... بحار نطق صفت حسناً لآليها أنى وشمس الهدا فيه سناً زهيت ... فبهجة الحق صدقاً هل ساريها به الزمان نمى والوقت راق هنا ... كذاك عين الدنا فيه نحييها دلت على حلمه آدابه ونمت ... علاؤه رفعة فالله يبقيها أحيا فأوعا تصانيف المحقق محي ... الدين إذ بعلاء اليمن يمليها سبحان من بالعلا والنصر توجه ... جوداً وأعداؤه بالذل يرميها نما فخاراً وهدياً وازدها بسنا ... معارف بمقام الحق أوتيها أكعبة القرب من باليمن أودعها ... مبدي الورى كنز إرشاد لراجيها بمجدها من يلذ نال الأماني وال ... على فلا زال رب العرش يحميها دم فاهن أنساً أبيت اللعن في نعم ... أدام باري الورى صفواً تواليها رفقاً وعفواً بهي الجود إن عجزت ... مدح الورى بصفات ليس نحصيها هيهات لم يعقل الأفهام أيسرها ... فامنن بلطف وصفح عن تعديها أكوكب العفو بل يا ذا المحامد بل ... يا شمس حسن أولوا العليا دراريها إليك بكراً بريا الند قد مزجت ... بل موهت بجلاء اللطف تمويها راقت بمجدكم معناً محاسنها ... بطيب وصفكم رقت معانيها خير المديح وأسناه وأصوبه ... أبيات ود لكم تهدى قوافيها هنتك يمناً بأعياد بكم بهجت ... بل فيك يا ذا العلا عزاً أهنيها

1126

عليك جاه من العرش العلي قد اس ... توا كما جاءنا في الوحي تنبيها بكم شدا فرقي بهج العلى فنمى ... حسبي بأوصافكم إن دمت شاديها دم زاهياً ما جنا فصح الثنا زهرا ... بدوحة المدح من تزكو مجانيها غدا الوجود بهيجاً باهياً بحلاً ... حلت ودمتم بأوفى المجد حاويها نادى بشير سروراً بالهناء زها ... من حسن أبها معالي أنت راقيها يا أوحداً سد ودم بالعز ما تليت ... آيات حق بهيج الحسن تاليها 1126 وللشيخ ناصيف اليازجي وقد اقترح عليه إبراهيم باشا أن يعارض بها قصيدة السيد شاكر المقدم إيرادها وذلك حين فتح عكاء سنة 1248 للهجرة فقال يمدحه ويهنئه بالفتح المذكور. والبيتان قوله أنت الخليل وفي. الأطلال برد لظى ... أطلال عكا ورفض. الرعب والحذر كن بالغاً أوج سعد. ما به ضرر ... أو غالباً لم يزل في. أول الظفر وأما القصيدة فهي هذه ألزهر تبسم نوراً عن أقاحيها ... إذا بكى من سحاب الفجر باكيها نور الأقاحي الذي ما بالحياء به ... من صحة وصفاء عز منشيها تلك الربوع لليلى أين مربعها ... عن قصده وسيوف العرب تحميها أدماء تجني على الأكباد مصلية ... تبارك الله ما أحلى تجنيها ليلى ولي شوق قيس في محبتها ... فشعره فجنون شابه فيها خال له عمه ورد بدا حرماً ... في وجنة حميت عمن يدانيها

لله مقلتها السوداء صائدة ... قلوب عشاقها والقرط راعيها يقول قومي رويدا قد سقمت هوى ... فقلت مهلاً شفائي من نواحيها لعل صافي نسيم من خمائلها ... أتى يهب على روحي فيشفيها وبي رقاق ليال في النقاء وفت ... بيض اللقاء فما أهنى لياليها في جنة حورها تزهو بنا وبها ... لو كان يصفو خلود في روابيها يهزني ذكرها وجداً فأعلمه ... جرحاً وروحي تراه من مجانيها أسأت كتم الهوى والصب كيف له ... ستر وأدمعه قد هل واشيها ليس الهوى بخفي عند رادعه ... فكيف ناشره يطويه تمويها أستودع الله صبراً ما أمارسه ... ومهجة عن حسان لست أحميها طاب الهوى والضنى واللوم لي فدمي ... أسر في بذله في حي أهليها لبيك يا لحظها الجاني على كبد ... سالت أسى في الهوى لولا تأسيها إن تعف طوعاً فإن العفو لي أرب ... أو لا فريحان روحي في تفانيها ليت الصبا عاد لي بعد المشيب على ... شرط الوفا وهو أدنى من تجليها بكر محجبة لا تنجلي لحياً ... حتى من النجم حتى ما يلاقيها راق الدلال لها والذل لي أبداً ... ولم يرق كأس وردي من تدانيها دمعي ومبسمها الدر الثمين صدى ... لمهجتي فبصبر القلب أرويها لما رأت جد وجدي في محبتها ... قامت بسيماء هزل عينها تيها ظن الجهول الهوى سهلاً لوالجه ... مهلاً فقد تاه جهلاً أو عمي تيها يهيجه غزل عين جاء حائكه ... يحوك برد الضنى حلياً لهاويها

إن العيون التي بانت لطائفها ... لها خفاء معان ليس ندريها طلاسم سحرها المرموز طالعة ... أشكاله في سطور حار قاريها لواحظ لحن في زي الحداد لكي ... يبرزن حزناً على قتلى رواميها ألناهبات البواكي المبكيات فقد ... كفت عقول البرايا عن معانيها لولا سواد لها ما ابيض فودي عن ... شيبي ولا احمر دمعي من تهاديها عزيزة الحسن من أحكام دولته ... أن يجني الذل دهراً من يواليها كل الجراحات مشفيها الدوار سوى ... جراحها أين حلت فهي مشفيها إلى العيون التي في طرفها حور ... عهد الرعاية رقاً من محبيها ويلاه من زيغها داء نطيب به ... فلا شفينا بعتق من دياجيها روحي وعيني فدى عين مطهرة ... ومهجة للتي بالنفس أفديها فهي الجميلة لكن بين عاشقها ... والصبر جور قبيح من تجافيها ضاع الزمان وطال الوجد وا أسفي ... ولم يقصر سباقي في تصابيها أشابني عتبها قرباً فأزهدها ... وعيرتني بشيء جاء من فيها للشيب أنفع طب في الفتى نبأ ... بما يوافي وترهيباً وتنبيها رأس يصفده نامي الصبا عبثاً ... بأدهم الشعرة النداب ناميها عيش قصير طويل الرعب أعدله ... ما يقصر النفس قرباً نحو باريها برق المنى خلب إلا أقل حبى ... تقر عين به رصداً يسليها والناس من يشتهي ما المطل حاصله ... ومن تفيه عدات نام داعيها أعوذ بالله من علم بلا عمل ... ومن تدارك نفس كل راعيها

لوامة أوقفتني لا أطاوعها ... ولا يحبب ضعفي أن أعاصيها حلت لها النار دون العار في دول ... من حاسديها بأرض سال واديها ذرني وما بي هل لوم علي بها ... وقد ملئت وملت من أعاديها رماحكم يا كرام الحي لا تقفوا ... ولا ترعكم بلى جدت دواهيها كل البلايا من الدنيا متى نزلت ... بنا فنيران إبراهيم تفنيها نار ونور متر قال النزال له ... والجود هات يداً لم يلق ثانيها بنى من العز بيتاً دون أعمدة ... سوى قناة له عزت مبانيها اللوذعي العزيز الباسل الملك ال ... غازي الملا بيد حسبي أياديها للسيف والرمح والأقلام قد ولدت ... راحاته ولسؤال تفاجيها غاز مهيب حسيب ماجد نجب ... صافي الصفات نفيس النفس زاكيها أقواله خطب أفعاله شهب ... آراؤه قضب بالله حاميها أحيى المحامد مفداة مسلمة ... أليس أمواله تفنى وتبقيها ورد ما مر من عدل الصحابة لا ... يلهو بزهر ولا خمر يعاطيها جرار خيل يحل البأس جانبها ... والفتح والحتف عدلاً بين أيديها سل قوم عكاء حين اربد مشرقها ... والشأم والترك لما اسود ناديها عبد الخليل لعبد الله صار بها ... اسماً وشبه اسمه راحت أساميها داس البلاد بإذن الله يكسرها ... وتكسر السيف نزعاً من نواصيها ماجت سراياه أبطالاً بسطوتها ... تبقي وفياً وتبلي من يعاديها أحبب بأصيد تحكي الدهر همته ... لكن متى ناب شر من يحاكيها

بعيد قدر عن الأمثال ليس له ... شبه فما مدحه ما جاء تشبيها هو الذي حج آل البيت جاء به ... بعد الذهاب جلي الطرق جاليها ضل السعودي وهاب السواد فما ... أهداه إلا ببرق البيض واليها رسول حق نزال الحرب سنته ... وفرضه الجد بالجدوى يواليها رام الحجاز وسود الزنج ثم رمى ... فيها القتال وأم الروم يرميها ألله أكبر هذا حال من جلس ال ... أيام فوق سروج الخيل يدميها والحمد لله لم تقصر بواكره ... في ما يقوم ولم تحصر مساعيها غلاب ناد وأجناد يعاهده ... نصر قريب على لطف يماشيها أحصى المنى والثنا والحزم والكرم ال ... أسنى وآيات عدل لست أحصيها لا أعقب الويل مصراً وهو تاركها ... هماً فجود يديه جاء يغنيها بحر وبدر وليث لا يرد له ... أمر وصمصامة سبحان باريها أبو الفتوحات أم الحرب طاهيها ... سلطان ساحات بر العرب واقيها له البلاد بأشخاص العباد بما ... أبقى التلاد بما حاطت أقاصيها محمدي علي شأنه كسرت ... طوارق الروع باسم منه يأتيها يا يوم عثمان لم يقفل بباكره ... إلا حفايا ظعون وهو حاديها زلت به قدم جاءت به مرحاً ... فردها عن يد والنصر تاليها لسيف سلطان مصر هيبة لقي ال ... بلاد حي بها يا سيف غازيها فاق الثنا أنك الدنيا وقاهرها ... سعداً وحاكمها حقاً وقاضيها يا فاتح المنصب الطاري ندى وردى ... على الصدى والعدى يخلي طواريها

1248

آتيت نحوك أحيي الليل عن عجل ... وأقتل الخيل جواباً أزجيها والله يشهد كم ليل سهرت بكم ... أجلو رقيمة در رد جاليها لم يأتها قبل إلا شاكر عجباً ... وجئت بعد فأهدتني قوافيها أبقت صداعاً برأس راح يسلبه ... وحبذا سلب أدواء تداويها لم ألق كفؤاً لها ممن رفعت يدي ... قبلاً إليه فلم أهتم تنزيها ظل البديع لها عبداً يلم بها ... وكل خطب سليم عند راقيها فانعم بها وهي فلتنعم بمكرمها ... جوداً ومعظمها جاهاً ومعليها راقت كأدنى معانيك الحسان فما ... آيات حق كشطر من مبانيها 1248 ونظم بعد ذلك عدة قصائد على هذا الأسلوب أكثرها مشهور بالطبع ولذلك نقتصر من كل منها على قد ما يسعنا إيراده في هذا الموضع مرتباً بحسب تاريخها. فمنها قصيدة أخرى للشيخ ناصيف اليازجي مدح بها السلطان عبد العزيز سنة 1283 مطلعها قف بالمطايا على أنجاد ذي سلم ... وقل سلام على من دام في الخيم لمياء محجوبة عن مرسل بصراً ... دامت على حجبها حتى على النسم بارحتها ونزيل الشوق في كبدي ... أقام يهرق دمعاً رش كالعنم أشكو إلى الله ما حاربت في زمني ... في حبها من جيوش الفتك والسقم ومنها دار الحبيب التزمنا الهم منك قرى ... كما شربنا الصدى من مائك الشبم هيهات عود انتجاع كان يؤنسني ... صفواً وعصر اجتماع دار لم يقم ما كان أصفى أويقاتاً جنيت بها ... أثمار سعد أراه كان كالحلم

مع كاعب من نساء العرب مقلتها ... سوداء تسبي جماراً من بني جشم أهديتها الدمع راج أن يتم به ... صفح فما قنعت من دون سفك دمي ومن مديحها فرع لعثمان من محمود جاز بما ... أبداه للآل جود الله من عظم يمينه للجدا واليسر قد فطرت ... ونصله للردى من حق منتقم أعطاه رب العلى من أنس رحمته ... لطفاً تحلى بأندى البشر والحلم روح الوجود وجود الروح رفعته ... نادى به طيب صيت فاتح الصمم ضم المحاسن والإحسان نائله ... من كف بدر منير الوجه مبتسم ومنها في المديح أيضاً رفيع شأن جميل الجود دولته ... بالعدل تقرن حد السيف بالقلم زهر وطالع زهر خلقه أدباً ... وخلقه بسناه الراهن الوسم غنم لوافده زهو لواجده ... ريف لقاصده فوز لمعتصم إذا سطا بجنود من عساكره ... يوماً أعاد العدى لحماً على وضم ولولده الشيخ إبراهيم وقد مدح بها السلطان عبد العزيز سنة 1284 وأولها يا أربع الخيف يسقي الماء واديها ... بسفحه ودما العشاق تسقيها إن كان ذلك لم يبرد معاهدها ... من نار شوقي فدمعي سال يرويها معاهد لي قلب ظل جانبها ... بالوجد مضطرماً يحمى ويحميها أفدي الدمى من بني قحطان قد كسرت ... ألحاظها كل قلب من محبيها لي عندهن هو يذكي وطيس جوى ... في أضلع جد فيها الوجد يصليها

كواعب طلعت حوراً بجنتها ... تفدى بنفسي فما أبهى تجليها ومنها بالله يا نسمات البان قد حملت ... في النفح طيب الخزامى من روابيها هبي على وهن مضنى بالهوى نصب ... أفنى جوارحه شوق فتحييها يهيم قلبي بذكراها وأوسعه ... بمدمعي طول وجد عند ذكر إني على عهدي الماضي أليف هوى ... وإن مضى عهد أنسي في لياليها ومنها في المديح تبارك الله أسنى الحلم يقرنه ... شمائل بهرت حسناً معانيها للرفد والوفد والإنعام راحته ... والبذل والعدل من أوفى مساعيها لاقى الصوارم والأقلام فانبلجت ... نار ونور على رشد يلاقيها هو الكريم الذي فيه الزمان بدا ... زاهي المحاسن عذب الكأس صافيها ظل الإله على الدنيا وحاكمها ... ومن إليه انتهت عزاً أقاصيها ليث أشم جسور باسل بطل ... عالي السنى طاهر الأخلاق زاكيها ومنها حفت بمنصبه الآساد طالعة ... بظل بدر بحمد الله هاديها فتح قريب ونصر عز جانبه ... لدولة في العلا عزت مناحيها ظل المهيمن بالآلاء واسمها ... وفضل أنعمه بالعز موليها والحزم عاقدها والفوز عاضدها ... والسعد راصدها والفتح راعيها جلت لنا فلكاً في المجد محتبكاً ... بكل بدر حوته في تساميها وراث مجد كبيراً نيط كابره ... عن سالفيه بعز فاق تشبيها

ومنها

دوح له الله ما زالت خمائله ... ظلال أمن وألطاف لناحيها وكيف ولا وسى عثمان ممرعها ... بسحب عدل له هام غواديها ولشاكر أفندي شقير يمدح إسماعيل باشا عزيز مصر وقد ضمن كل واحد من صدورها تاريخاً هجرياً لسنة 1287 وكل واحد من إعجازها تاريخاً مسيحياً لسنة 1870 ومطلعها أزكى سلامي على قومي بذي سلم ... أفاض دمعي لوصفي الشوق كالعنم دار بها لي رداح قد دهشت بها ... فغيرها من نساء الآل لم أرم راق الشقا في هواها لي فكم سهراً ... أقضي الليالي صاد شاكر السقم ومنها جارت غلي بحكم ما تدان به ... فليس عند علاها حرمة الذمم رمى الهوى الصب في موج الشقا فرأى ... فيه الشفا عند ما يرويه وهو ظمي إلى متى نحن فيه تائهون فما ... نلقى به غير رق دائم اللزم ومن مديحها فاحسن خلاصك من أيدي الدلال وقل ... دام الثناء لإسماعيل ذي الكرم مستعبد الدهر في جد الأمور وفي ... إبلاغ قصد يفوق الدهر في الهمم رب الثناء مؤاس من مكارمه ... غيث من الجود حاكى صيب الديم راقي العلى حسباً تاج الورى نسباً ... رمى العدى رهباً في الحصر والأضم كريم إسم كريم النبعتين بلا ... مثل ونلقى السنا من خلقه الوسم صان الملا بأياديه لذاك ترى ... يمينه المجدا عوناً لمغتنم وللشيخ خليل اليازجي يمدح السلطان عبد العزيز سنة 1291 ومطلعها يا صارخاً في ربى نجد بواديها ... ماذا نداؤك فارحل عن بواديها

أوطان مي تمر السحب باكية ... ربوعهن أحتى السحب تبكيها مأهولة من قلوب العاشقين جوى ... لكنها خاليات من أهاليها ومنها قد كنت أطمع نفسي في اللقا قدماً ... تمادياً وأماني النفس تمنيها طال النوى بضنى صال الهوى حسناً ... عال الجوى بدناً أعناه حبيها ومنها يا طول ليل تصب بت أسهره ... وأنشد الشمس شجواً ما ألاقيها راقبت أوج نجوم بت أحسبها ... ثوابتاً عند ملي من لياليها إن الدمى بدمانا حليت وجرت ... جري العدى بالمدى تشقي محبيها سود العيون بها بيض السيوف وما ... سمر الوشيج بهيجاء تجاريها عليلة الجفن وسنى العين من سقمي ... سقامها وضنائي من هوى فيها ومن مديحها لله عبد العزيز الندب ذو القلم ال ... مقرون بالسيف سيف البأس تبيها حلت مدائحه تجري بكل فم ... يثني عليه فيروى حين يرويها ألا نفس النفس والأنفاس حيث سما ... لذا جاوز الجوزاء تنزيها ولليمن والسعد يمناه التي وهبت ... واليسر في السعي يسراه لآتيها ولسليم بك تقلا يمد إسماعيل باشا عزيز مصر سنة 1292 ومطلعها بانت تبسم نما عن أقاحيها ... مليحة جاوزت عقلي معانيها مهاة أنس لها بالقوم معجزة ... تسبي العقول ولن يحكى تجليها صبراً أعاشقها مما تحبيك به ... من الدهاء علاجاً في تثنيها

ومنها لما بدا خالها يسمو بجنتها ... دعوت حبة قلبي كي يجاريها يا ربة الحسن لم يقبل هداة شج ... بتركه إنما يوفيه تمويها في باسم العز جئت اليوم مالكة ... في عرشت حسن بهي يزهو بنا تيها ومن مديحها لله من ذكره الباهي يقوم به ... إنعاش خلق بإجمال يواليها كفاه ما نال من فخر يعز به ... وقد غدا حكم الأيام هاديها للناس من كفه فضل أجاد به ... بدون وعد ودين جاء يغنيها ومنها لما رأيتك فرد الناس نجم ملاً ... شريف حلم هتون السحب هاميها أقبلت من بر شام موجداً أملاً ... بمصر أرشفت كأساً عم صافيها وللشيخ خليل اليازجي أيضاً يمدح الحضرة الخديوية التوفيقية سنة 1299 ومطلعها ريح الصبا هجت أشواقاً إلى الحلل ... وزدت جمر الفؤاد الدائم الشعل أنى أملت لسقمي البرء منك فقد ... رجوت منك شفاء الداء بالعلل قد ناب قلبي جوى حتى طمعت لدى ... هياج وجدي من الرمضاء بالبلل تالله ما هز دوحاً رود ناسمة ... هز الهوى والنوى للعاشق الثمل به ضرام هوى لو هل مدمعه ... فيه لجف وبعض منه لم يحل تشبه صبوة بالوجد طال بها ... شجو لها لأليف عنه مرتحل ورب طير شدا في لحنه فشجا ... قلبي المشوق بصوت في الهوى زجل

ومنها

فهاج مني اذكار البعد حين حدا ... عند افتراقي بقومي سائق الإبل يحدو بهم والهوى بالقلب ظل أسى ... يحدو ملياً وراء الأينق الذلل قلت اتئد لوداع قبل طول نوى ... قال الهوى خلق الإنسان من عجل ومنها هي الصبابة نيطت بالعيون لمن ... يهوى جمالاً ومن يهواه بالغزل إذا عيون الدمى لاقين أجفننا ... صارعن أرواحنا في معرك المقل بهن أسياف أجفان قد امتزجت ... مياهها بمياه الغنج والكحل أنى يعنف فيها العاذلون لدى ... هواي والسيف منها سابق العذل ومن مديحها ريان من مورد الإنصاف دولته ... به كروض نما بالزهور والنزل يرعى الورى منه ليث لا نزال بها ... نراه يجمع بين الذئب والحمل دالت له دولة فيها الصفاء نما ... لمثله شبهها في القوم لم يدل خديو مصر العزيز السيد النبه ال ... فرد الزكي الصفات الطاهر الحلل له وقد أيدت في حكمه وصفت ... قسط يثقف ما في الحق من ميل أضاء للعدل أنوار زهون به ... فيها ومد بهج الأمن كالظلل لم يبد غيم بها كي لا يكون بها ... باك يفيض بدمع منه منهمل مقامها فوق أطباق السحائب إذ ... تجاوزت فيه مجداً موقع السبل أمست لدى عزها الأزمان قائلة ... أعلى الممالك ما نبني على الذبل لبيك يا من به في العز ما فتئت ... تجل مجداً عن الأنداد والمثل هذا زمانك فه فيه ومره لدى ... حكم أو انه تطع قدست من جبل

للشيخ ناصيف اليازجي مؤرخاً فتح عكاء وقد ضمن هذين البيتين ثمانية وعشرين تاريخاً لسنة 1248 تؤخذ من كل من أشطرهما الأربعة ومن ضم مهمل كل شطر إلى مثله من غيره وكذا من المعجم وبالخلاف على الطريقة المشهورة وهما قوله في فتح عكا برد نار معاطب ... دار الخليل وللديار به البكا رأس الثمان وأربعين بطيه ... مئتان مع ألف فبارك ربكا وله مؤرخاً جلوس السلطان عبد العزيز وفيهما ثمانية وعشرون تاريخاً أيضاً لسنة 1278 على الطريقة المذكورة عبد العزيز روى جاهاً مؤرخه ... يهدي حساب جميل البشر للبشر فرعاً لعثمان ملك الآل عز به ... لا زال بالخير يهدى كامل الوطر وله في بعض الأمراء وقد اقترح عليه أغر له. خلق تهلل بالبها ... وخلق سمت. أوضاعه فكر مادح فكاهة خلق. مذ تبدى جمالها ... أضاءت بآلاء. غواد روائح وله في مثل ذلك أمير أهام الفضل. في ما بذاته ... من الفضل حر. اسمه الفضل في الملا له در نظمي. قد أتاه قريحتي ... أغر حكى. نظم القلائد بالطلا وله مؤرخاً وفاة يوسف العسيلي وقد توفي سنة 1847 هذا العسيلي الذي نزل الثرى ... كالغصن من حمر المنايا يقصف ومسطر التاريخ أنشد حوله ... هذا قميصك شاهد يا يوسف

وله مؤرخاً وفاة الخوري بطرس داغر سنة 1848 مضى كاهن الله العلي ابن داغر ... إلى العرش مسروراً بغايته القصوى يناديه شعب الله يا بطرس الصفا ... ويدعو به التاريخ يا صخرة التقوى وله مؤرخاً وفاة المعلم بطرس كرامة سنة 1851 مضى من كان أذكى من إياس ... بحكمته وأشعر من زهير فقل يا ابن الكرامة قر عيناً ... لبطرس أرخوه ختام خير وله مؤرخاً بناء حمام في دار سليم بسترس سنة 1853 يا حسن حمام سما بنقائه ... وهوائه وبطيبه وطيوبه فيه سليم القلب يدعو ربه ... ويروم بالتأريخ غسل ذنوبه وله مؤرخاً جلوس سعيد باشا على سرير القاهرة سنة 1270 لما تولى تخت مصر سعيدها ... قرت به مقل وطابت أنفس فالخير من أيدي سعيد يجتنى ... والحمد في قلب المؤرخ يغرس وله مؤرخاً وفاة نخلة بن متى فرح وقد توفي بالريح الأصفر سنة 1865 يا من أغار عليه ريح أصفر ... كم من غصون بالرياح تقصفت حولت وا أسفا بي فرح إلى ... حزن له كل القلوب تلهفت يا نخلة ذهبت بلا ثمر ترى ... كل العباد على صباك تأسفت وتراك في اللحد المؤرخ شمعة ... ورد الهوى يوماً عليها فانطفت ولولده الشيخ إبراهيم مؤرخاً وفاة يوحنا مسرة سنة 1871 اليوم طابت ليوحنا مسرته ... في جنة أشرقت فيها أسرته شهم صفت بتقى الباري طويته ... وزينت بكمال الفضل فطرته قد كان للخير باباً فاز قاصده ... ولم تفت نائياً عنه مبرته

وله مؤرخا إنشاء الجمعية العلمية الطرابلسية سنة 1876

ذخيرة تلفت في الأرض ذاهبة ... فما وفتها من المحزون عبرته وناحها المجد حزناً فالقضاء كما ... أرخت أبكاه إذ ولت مسرته سنة 1288 ... 1871 وله مؤرخاً إنشاء الجمعية العلمية الطرابلسية سنة 1876 أنشأ الطرابلسيون الكرام لنا ... جمعية للنهى أذكت منارتها قوم تبارت أياديهم وهمتهم ... حتى ثنوا من جيوس الجهل غارتها قد جددوا من رفات العلم بهجته ... وألبسوا غانيات المجد شارتها سحب من الفضل أرخ في رياض هدى ... بالعلم أرختها أحيت نضارتها 1293 ... 1876

وله مؤرخاً بناء مدرسة في دير المخلص سنة 1876 هذا مقام للمعارف قد غدا ... ببهاء أنوار المخلص مشرقا وافى مؤرخه فخط ببابه ... قد لاح صبح العلم في فلك التقى وله تاريخاً لضريح يوسف الذكار بالإسكندرية سنة 1879 رمس ليوسف من بني الذكار قد ... أودى كغصن في الشبيبة يقصف ولى بلا ثمر وغادر بعده ... مهجاً تذوب وأدمعاً تستنزف أأنت به الأقدار ضمن قرارة ... هي مثل ذاك الجب فيما يعرف ولذا مؤرخه بكاه قائلاً ... لهفي لو أنك تشترى يا يوسف انتهى

§1/1