نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة

التنوخي، المحسن بن علي

[المقدمة] مقدمة المحقق القاضي أبو عليّ، المحسّن بن عليّ التنوخيّ «1» ، ووالده القاضي أبو القاسم، عليّ بن محمد «2» ، وولده القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن «3» ، أسماء لامعة في عالم الأدب والشعر والقضاء. وكتاب نشوار المحاضرة، تأليف القاضي أبي عليّ، المحسّن التنوخيّ، من الكتب النادرة المثال، في عالم الكتاب العربي. قضى التنوخيّ، في تصنيف كتابه هذا، عشرين عاما «4» ، وأخرجه في أحد عشر مجلدا «5» ، واشترط فيه على نفسه، أن لا يضمّنه شيئا نقله من كتاب «6» . وقدّم المؤلف، كتابه النشوار، للقرّاء، بأنّه «كتاب يشتمل على ما تناثر من أفواه الرجال، وما دار بينهم في المجالس» «7» . وقال: إنّه سمّاه «نشوار المحاضرة «8» ، لأنّ النشوار ما يظهر من كلام

حسن. يقال: إنّ لفلان نشوارا حسنا، أي كلاما حسنا» . وذكر عن سبب تأليفه الكتاب «إنّه اجتمع قديما مع مشايخ، قد عرفوا أخبار الدول، وشاهدوا كل غريب عجيب، وكانوا يوردون كلّ فنّ من تلك الفنون، فيحفظ ذلك، ويتمثل به. فلما تطاولت السنون، ومات أكثرهم، خشي أن يضيع هذا الجنس، فأثبته في هذا الكتاب» . وقال: إنّه ألّف هذا الكتاب «ليستفيد منه العاقل اللبيب، والفطن الأريب، ويجد فيه ما يحثّه على العلم بالمعاش والمعاد، والمعرفة بعواقب الصلاح والفساد، وما تفضي إليه أواخر الأمور، وتساس به كافة الجمهور» . وقال المؤلف مزهوّا بكتابه: «إنّه ما سبق إلى كتب مثل هذا الكتاب، ولم تخلّد بطون الصحف، بشيء من جنسه وشكله» . وإنّ كثيرا مما ورد في الكتاب «لا نظير له، ولا شكل، وهو وحده جنس وأصل» . ثم تراجع عن زهوه، فختم المقدمة متواضعا، وقال: «إنّه يرجو أن لا يبور ما قد جمعه، ولا يضيع ما قد تعب فيه وكتبه، فلو لم يكن فيه إلّا أنّه خير من أن يكون موضعه بياضا، لكانت فائدة» . بدأ تعلّقي بكتاب النشوار، عند مطالعتي ما أصدرته المطابع من أجزائه «1»

وكنت كلما أعدت مطالعة جزء من تلك الأجزاء، زاد تعلّقي به، وحاولت مرّات ومرّات، أن أبحث عن الأجزاء الضائعة، فأضمّها إلى المطبوعة، في طبعة جديدة، أبذل الجهد في تحقيقها، والعناية في إخراجها، ولكنّ انصرافي إلى عملي في المحاماة، كان يحول بيني وبين ذلك، ثم انفسح لي من بعد ذلك، وقت قصرته على تحقيق رغبتي السالفة، في البحث عن الأجزاء الضائعة من النشوار، وتحقيق ما طبع من تلك الأجزاء. وبدأت، فجمعت أفلاما للنسخ المخطوطة من كتاب النشوار، فاجتمع عندي، فلم مخطوطة الجزء الأول، من المكتبة الوطنية بباريس «1» ، وفلم مخطوطة مجلّد يشتمل على الجزئين الأول والثاني، من مكتبة مراد ملا باصطنبول «2» ، وفلم مخطوطة تشتمل على أحد أجزاء النشوار، كانت من جملة كتب مكتبة العلامة أحمد تيمور رحمه الله في القاهرة «3» ، وفلم مخطوطة تشتمل على الجزء الثامن من النشوار، من مكتبة المتحف البريطاني في لندن «4» ، وفلم مخطوطة بعنوان «نشوان المحاضرة» بعث به إليّ أحد إخواني من مصر، حسبه أحد أجزاء النشوار، وتبيّن لي أنّه من تأليف سبط بن الجوزي المتوفى سنة 654، وتشتمل هذا المخطوطة على أقاصيص وحكايات، على غرار النشوار، ولم يخل اطّلاعي عليها من فائدة، فقد وقعت فيها على بعض حكايات النشوار الضائعة.

وقد أدرجت، بعد هذه المقدمة، وصفا مختصرا، لكل واحدة من هذه المخطوطات. وتبيّن لي من المقارنة، بين مخطوطة باريس (ب) ، ومخطوطة اصطنبول (ط) ، أن مخطوطة باريس، وإن كان قد وصفت بأنّها الجزء الأول، إلا أنها قد اشتملت على أكثر ما ورد في مخطوطة اصطنبول التي ضمّت الجزئين الأول والثاني، وحيث أن المؤلف، رحمه الله، عيّن لنا، في مقدمة الجزء الأول، حجم كل جزء من أجزاء مؤلفه، بأنّه مائة ورقة، فقد رأيت أن هذا الوصف، ينطبق على ما ورد في مخطوطة اصطنبول، فاتخذت تلك المخطوطة أساسا للتفريق بين الجزئين، وأثبتّ ما انفردت به كلّ مخطوطة، مضافا إلى ما اتّفقتا في استيعابه، لئلا تضيع الفائدة من إيراد ما اشتملت عليه المخطوطتان، بصورة كاملة. ولمّا كان الجزء الثاني من النشوار، قد تعيّن، بظهوره في مخطوطة اصطنبول، فقد اعتبرت جزءا ثالثا من النشوار، المخطوطة التي اشتملت عليها المكتبة التيمورية، وهي المخطوطة التي سبق أن طبعت بدمشق، باعتبارها جزءا ثانيا، ونشرت في أجزاء مجلة المجمع العلمي العربي. ثم حاولت، من بعد ذلك، أن أتتبّع الفقرات الضائعة من النشوار، في ثنايا الكتب، فأعيد جمعها، وكان ذلك بدء عمل مضن، بذلت فيه وقتا، وجهدا، وصبرا، وراجعت مؤلّفات ابن الجوزي: المنتظم، والأذكياء، وأخبار الحمقى والمغفلين، وذم الهوى، وتلبيس إبليس، كما راجعت تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وتاريخ الوزراء للصابي، ومؤلّفي ياقوت الحموي: معجم الأدباء، ومعجم البلدان، ووفيات الأعيان، وغيرها من الكتب، فوجدت فيها ينبوعا ثرّا، من القصص التي تروى عن

مؤلف النشوار، غير أنّها وردت بأسماء مختلفة «1» ، ووجدت أن قسما من تلك القصص، قد أثبتت في الأجزاء المنشورة من النشوار «2» فتأيّد لي من ذلك،

أن القصص التي وردت مرويّة عن أصحاب تلك الأسماء، إنّما هي مرويّة عن صاحب النشوار، وإنّها قد اقتطعت من ذلك الكتاب، فاستللتها من مواضعها، وضممتها إلى بعضها، واعتبرتها من الفقرات الضائعة من النشوار، وسأعنى بتحقيقها، ونشرها، إن شاء الله، في أجزاء متتابعة.

وتبيّن لي من دراسة قصص النشوار، ما طبع منها، وما لم يطبع، أن المؤلف بدأ بجمع كتابه هذا في السنة 360 «1» ، ثم بدأ في السنة 373 أو بعدها، فاقتطع منه مجموعة من القصص التي تشتمل على أحاديث تتعلق بمن ابتلي، ثم سرّي عنه، وضمّها إلى قصص أخرى نقلها من الكتب، فأخرجها كتابا سمّاه «كتاب الفرج بعد الشدّة» «2» . قال القاضي التنوخيّ: إنّه لم يسبقه أحد إلى كتب مثل هذا الكتاب، وأقول أنا: إنّه لم يسبقني أحد، إلى ما قمت به من استخلاص الفقرات الضائعة من النشوار، والبحث عنها في مظانّها، حتى تمكّنت، بعد الكد والتعب، أن أستخلص فقرات، قد تتّسع لها مجلدات أربعة، وإن مد الله في عمري، فسوف أخرج هذه المجلدات المشتملة على الفقرات الضائعة. ولعلّ بعض القصص التي نقلتها، كانت من رواية أبي القاسم التنوخي، ابن المؤلف، ولعلّ بعض القصص، وإن كانت من رواية المؤلف، إلّا أنّه ليس ثمّة دليل قاطع، على أنّها مما اشتمل عليه كتاب النشوار، وردّي على من اعترض على إيرادها، عين ما كتبه المؤلف في خاتمة مقدمة الجزء

الأول من الكتاب، حيث قال: «لو كان في إيراد هذه القصص، وتسجيلها، خير من موضعها بياضا، لكانت فائدة» . ولا بد لي، في موقفي هذا، من توجيه الشكر الوافر، والثناء العاطر، إلى كل من أعانني في عملي هذا، وفي مقدمتهم الأساتذة قاسم محمد الرجب، صاحب مكتبة المثنى، والدكتور إحسان عباس الأستاذ في الجامعة الأمريكية ببيروت، والسيد ميخائيل عواد، الباحث المحقق، والدكتور صالح أحمد العلي الأستاذ في جامعة بغداد، والذوات الكرام القائمين بإدارة مكتبة الجامعة الأمريكية ببيروت، والذوات الكرام القائمين بإدارة المعهد الألماني للأبحاث الشرقية ببيروت، فقد كان لمعونتهم، الأثر البيّن في إخراج هذا السفر. والله أسأل، أن يكلل مهمتي بالنجاح، وأن يعينني على إخراج الأجزاء الباقية من هذا الكتاب القيّم، وأن ينفع به طلاب العلم والمعرفة. إنّه سميع مجيب. بحمدون في 2/3/1971 عبود الشالجي المحامي

وصف محطوطة باريس (ب) تشتمل هذه المخطوطة على الجزء الأول من كتاب نشوار المحاضرة، ورقمها في المكتبة الوطنية بباريس 3482 عربي، وقد رمز إليها في هذا الكتاب بحرف (ب) . تشتمل على 193 ورقة كل ورقة في صفحتين، في كل صفحة 17 سطرا. الخط جيّد قديم. في صدر الكتاب: «كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة تأليف القاضي أبي عليّ المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي غفر الله له ولوالديه ولنا ولوالدينا ولجميع المسلمين» . وقد أضاف ناسخ آخر، إلى ما تقدّم، بخطّ حديث، هذه الجملة: «كتاب جامع التواريخ المسمى» ، وهذه الإضافة هي التي أدّت إلى الوهم الذي وقع فيه ناشر والأجزاء المطبوعة من النشوار، فسمّوه «جامع التواريخ» . وفي آخر الكتاب، ورد ما يلي: «وكان الفراغ من كتابته في يوم الجمعة مستهل رجب الفرد سنة ثلاثين وسبعمائة الحمد لله وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم» .

وصف مخطوطة اصطنبول (ط) تشتمل هذه المخطوطة على الجزئين، الأول والثاني من النشوار، وهي محفوظة في مكتبة مراد ملا في اصطنبول، وقد رمزت إليها في هذا الكتاب بحرف (ط) . الخط حسن قديم، وفيه تصحيف كثير. تشتمل المخطوطة على 213 ورقة، كل ورقة، في صفحتين. في كل صفحة 17 سطرا. الجزء الأول من 1 إلى 105، وصدر النسخة مدوّن فيه: «الجزء الأول من نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، للتنوخيّ. وعلى النسخة أسماء أشخاص ملكوها، أحدهم: أبو بكر بن رستم بن أحمد الشيرواني. وفي آخر النسخة: «تمّ الجزء الأول، ويتلوه في الجزء الثاني بمشيئة الله، قد قدمت في الجزء الأول الحمد لله والثناء عليه، وذكرت من الأخبار ما لم تدر، مما لم تجر العادة بكتب مثلها، ولا ما يكاد أن يتجاوز به الحفظ» . الجزء الثاني من 106 إلى 213. وصدر النسخة مدوّن فيه: «الجزء الثاني من نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة» . وفي آخر النسخة: «الحمد لله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليما» . وبعد هذا مطالعة ورد فيها: أنهيته مطالعة. أبو بكر بن رستم الشيرواني سنة 1097

وصف المخطوطة التيمورية تشتمل هذه المخطوطة على 129 ورقة، في كلّ ورقة صفحتان، في كلّ صفحة 15 سطرا. خطّها قديم، وسط، وفيه تصحيف كثير. مخرومة الآخر. وصف مخطوطة المتحف البريطاني تشتمل هذه المخطوطة على الجزء الثامن من كتاب نشوار المحاضرة ورقمها في مكتبة المتحف البريطاني 9586 شرقي. تشتمل على 110 ورقة، في كل ورقة صفحتان، في كل صفحة 15 سطرا. الخط جيد وقديم، والتصحيف قليل. جزء من المقدمة مخروم. في آخر الكتاب، ورد: «تمّ الجزء الثامن ويتلوه التاسع، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين» .

وصف مخطوطة كتاب نشوان «1» المحاضرة تأليف سبط بن الجوزي تشتمل هذه المخطوطة، على 180 ورقة، الورقة في صفحتين، الصفحة 19 سطرا. وجه الكتاب: نشوان «2» المحاضرة للعلامة سبط بن الجوزي عفي عنه آمين وأول الكتاب: «الحمد لله الذي صرف أفكار قلوبنا إلى السراط المستقيم ونورها بنور الهداية إلى الدين القويم، وتوحد بالعزة والجبروت، وتفرّد بالملك والملكوت» . وآخر الكتاب: «تم الكتاب بحمد الله وعونه، والحمد لله وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله» .

ترجمة المؤلف القاضي أبي عليّ المحسّن بن عليّ التنوخيّ القاضي أبو عليّ، المحسّن بن عليّ التنوخيّ، وقد ساق ياقوت الحمويّ، نسبه إلى قضاعة «1» هو ابن القاضي أبي القاسم، عليّ بن محمد التنوخي «2» ، ولد الأب سنة 278 في أنطاكية، ونشأ بها، ولمّا زار الخليفة المعتضد أنطاكية في السنة 287 «3» ، كان التنوخيّ الأب، صبيّا في المكتب «4» ، وكان لأبيه- جدّ المحسّن- موقف محمود، مع المعتضد، إذ أقنعه بالرجوع عمّا صمّم عليه، من هدم سور المدينة. قدم التنوخيّ الأب، بغداد، في حداثته «5» ، فأتمّ دروسه فيها، وتفقّه، وكان من الذكاء، والفطنة، وقوّة الحافظة، على جانب عظيم «6» . وكان قاضي القضاة- إذ ذاك- أبو جعفر، أحمد بن إسحاق بن البهلول، وهو تنوخيّ، وأبو القاسم تنوخيّ، فصادفت لياقة أبي القاسم، وذكاؤه، وفهمه، هذه الصلة بينه وبين قاضي القضاة «7» ، فقلّده القضاء بعسكر مكرم، وتستر، وجنديسابور، والسوس، وأعمال ذلك، وكان ذلك في السنة 311، وكانت سنّ أبي القاسم إذ ذاك 33 سنة «8» . ولمّا سلّم قاضي القضاة، إلى أبي القاسم التنوخيّ، عهده بالقضاء، أوصاه بتقوى الله، وبأشياء من أمور العمل، وسياسته في الدين والدنيا،

وبأمر جاريه، أي راتبه، فقد كان مسبّبا، أي مقرّرا، على خزينة الأهواز «1» . ولم ينس قاضي القضاة، أن يشدّد على أبي القاسم التنوخيّ، في النصيحة، بأن يكتم عن الناس، حقيقة سنّه، كيلا ينسب إلى الحداثة، وقلّة الحنكة. ويقول أبو القاسم التنوخيّ، إنّ الصدفة الحسنة، أطلعت له، خلال سفره إلى محلّ عمله، شعرة بيضاء في لحيته، فأخذ يتعمّل لإخراجها، ليراها الناس، متجّملا بها «2» . وكان تقليد أبي القاسم التنوخيّ، القضاء في جنوبي العراق، مبدأ صلة ربطت هذه العائلة بتلك المنطقة. تقلّد أبو القاسم التنوخيّ، القضاء بهذه المنطقة، سنين، ثم صرف، فقصد الأمير سيف الدولة الحمدانيّ، زائرا ومادحا، فأكرم سيف الدولة مثواه «3» ، وأحسن قراه، وكتب في معناه إلى الحضرة «4» ببغداد، فاعيد إلى عمله، وزيد في رزقه، وولي القضاء رئاسة، بعهد كتبه له الوزير أبو عليّ ابن مقلة، وشهد الشهود عنده، فيما حكم بين أهل عمله بالحضرة، والظاهر أنّه تقلّد القضاء بالكرخ من الحضرة «5» . إنّ ذكاء أبي القاسم التنوخيّ، وألمعيّته، أيّام تقلّده القضاء في جنوب العراق، نبّهت إليه أبا عبد الله البريديّ، شيخ البريديّين، وكان إذ ذاك، عاملا من عمّال السلطان في تلك المنطقة، فلمّا علت منزلته، وقويت سطوته، اجتذب إليه أبا القاسم التنوخيّ، فألحقه بخدمته، ونصبه مستشارا له، وأناط به الترسّل في أموره البالغة الأهميّة، التي لا يمكن أن يعوّل فيها، إلّا على شخص مثل أبي القاسم التنوخيّ، وافر الذكاء، عظيم الحرمة. فقد كان في السنة 324 رسول البريديّ إلى القائد ياقوت، حيث عقد

معه صلحا، وزوّج ابنة البريديّ من ابن ياقوت «1» . وفي السنة 325 كان رسول البريدي إلى الأمير أبي بكر بن رائق «2» . كما إنّه في السنة 326 كان رسول البريديّ إلى أمير الأمراء بجكم، حيث عقد بينهما مصالحة، توّجت بزواج بجكم من سارة ابنة أبي عبد الله البريديّ «3» . وفي هذا الوقت، ولد للقاضي أبي القاسم التنوخيّ، في السنة 327، بالبصرة، غلام سمّاه المحسّن، وهو صاحب النشوار «4» . ولد المحسّن، في بيت فقه وعلم، فنشأ منذ طفولته محبّا للدرس، وهو يحدّثنا عن ذكرياته في الكتّاب «5» ، كما إنّه سمع من أبي بكر الصولي، وهو حدث «6» ، وكان أوّل سماعه الحديث، وهو في السابعة من عمره «7» . والمحسّن، يعتبر البصرة بلده، ويتحدّث عن نفسه، باعتباره بصريّا، فيقول في إحدى قصصه: ولي الجهنيّ «عندنا بالبصرة» الحسبة «8» ، كما إنّه يروي في نشواره كثيرا من القصص، عن حوادث وقعت بالبصرة، وعن أشخاص بصريّين، لا يتسنّى لغير البصريّ، أن يتحدّث عنهم. وتوفّي أبو عبد الله البريدي، في السنة 332، فأقام أبو القاسم التنوخيّ بالبصرة، وانضاف إلى المهلّبيّ، صديقه القديم «9» ، الذي بدأ نجمه يلمع في سماء العراق، منذ أن ترك خدمة أبي زكريا، يحيى بن سعيد السوسيّ «10» ، واتّصل بالأمير أبي الحسين أحمد بن بويه، الذي أصبح بعد أن استولى على العراق، الأمير معزّ الدولة.

ولقي أبو القاسم التنوخيّ، من الوزير المهلّبيّ، كل رعاية وعناية، وكان يميل إليه جدا، ويتعصّب له، ويعدّه ريحانة الندماء «1» ، وكان من جملة القضاة الذين يجتمعون، مع الوزير المهلّبي، مرّتين في كل أسبوع، على اطّراح الحشمة، والتبسّط في القصف واللهو «2» . وبلغ من وفاء المهلبيّ، لأبي القاسم التنوخيّ، انّه لما توفيّ التنوخيّ في السنة 342، صلى عليه المهلبيّ، وقضى ما عليه من الديون، وكان مقدارها خمسون ألف درهم «3» . نشأ المحسّن التنوخيّ، بالبصرة، وسمع من أبي بكر الصولي، وأبي العبّاس الأثرم، والحسين بن محمد النسويّ، وطبقتهم «4» ، وشبّ، وتفقّه، وشهد عند القاضي أحمد بن سيّار، قاضي الأهواز» ، ولمّا نزل الوزير المهلبيّ بالسوس، قصده المحسّن التنوخيّ، للسلام عليه، وتجديد العهد بخدمته، فرحّب الوزير به، وطالبه بأن يلحق به في بغداد، ليقلّده القضاء «6» ، فأطاع، ولحق بالمهلبيّ الذي كلّم في أمره قاضي القضاة، فقلّده في السنة 349 قضاء القصر، وبابل، بسقي الفرات «7» ، ثم ولاه المطيع لله القضاء بعسكر مكرم وايذج ورامهرمز «8» . واستقر المحسّن التنوخيّ ببغداد، وشملته عناية الوزير المهلبيّ، فأصبح من ملازمي مجلسه، وقد أثبت في نشواره، قصصا عدّة، عن مكارم أخلاق المهلبيّ، وشريف طباعه «9» . إنّ استعراض القصص التي أدرجها التنوخيّ في النشوار، ينير لنا الطريق

من آجل معرفة المدّة التي قضاها ببغداد، وما صادفه فيها من حوادث. فهو يروي، في إحدى قصصه، حديثا سمعه من الأمير جعفر بن ورقاء الشيباني، في السنة 349 «1» . كما يروي لنا، في قصّة أخرى، حديثا سمعه في السنة نفسها من أبي أحمد بن أبي الورد، شيخ من أبناء القضاة «2» . وهو في إحدى قصصه، يروي لنا، أنّه اجتمع في السنة 350 بأبي عليّ بن أبي عبد الله ابن الجصّاص، وسأله عن أخبار والده، وأثبت أجوبته التي أجاب بها «3» . كما يروي لنا، في قصّة أخرى، حديثا بلغه في نفس السنة، وهو ببغداد عن صوفيّ، سمع، فطرب، فتواجد، فمات «4» . وقد اشتملت بعض قصصه عن مجالس الوزير المهلبيّ، على حوادث نصّ التنوخيّ على وقوعها في السنة 350 «5» والسنة 351 «6» . وأورد، في موضع آخر من كتابه، أنّه حضر مجلس أبي العبّاس بن أبي الشوارب «7» ، قاضي القضاة- إذ ذاك-، وأنّه، أي التنوخيّ، كان يكتب له، على الحكم والوقوف بمدينة السلام «8» ، مضافا إلى ما كان

يخلفه عليه، بتكريت «1» ودقوقا «2» ، وخانيجار «3» ، وقصر بن هبيرة «4» ، والجامعين «5» ، وسوراء «6» ، وبابل «7» ، والإيغارين «8» ، وخطرنية «9» . وقد تقلّد أبو العبّاس هذا، قضاء القضاة، في النصف الثاني من السنة 350 «10» ، وعزل في النصف الأول من السنة 352 «11» . وهو في إحدى القصص «12» يخبرنا بأنّه كان في السنة 352 ببغداد، وأنّه زار أبا الغنائم ابن الوزير المهلبيّ وهنّأه بحلول شهر رمضان. قصّ التنوخيّ علينا، في إحدى قصصه، أنّه سأل أبا الطيّب المتنبي، عن نسبه، وأنّ المتنبي اعتذر عن الإفصاح من حقيقة نسبه «13» ، وكان المتنبّي. قد مرّ ببغداد، في السنة 353. وكان وجود التنوخيّ في بغداد، قد سهّل له الاتّصال بمجموعة من العلماء، والأدباء، والشعراء، فهو في قصصه يروي لنا، ما أملاه عليه أبو

إسحاق الصابي «1» ، وما سمعه من ابن سكّرة الهاشميّ «2» ، ومن ابن الحجّاج «3» ، وإليه بعث أبو العلاء المعريّ، قصيدته الشهيرة، «هات الحديث عن الزوراء أو هيتا» «4» . وأورد التنوخيّ، في إحدى قصصه، أنّه شاهد بيع ضياع شخص من أهالي عمان، اغتاله نقيب ديلميّ، اسمه كردك، واستولى على أمواله ظلما «5» ، ويلوح لي أنّ ذلك وقع في السنة 354. والظاهر، أنّ المحسّن التنوخيّ، قد بارح بغداد، ما بين السنة 355 والسنة 360، ويتّضح هذا من فقرة وردت، في مقدّمة الجزء الأول من النشوار، حيث قال: واتّفق أنّني حضرت بمدينة السلام، في السنة 360، بعد غيبتي عنها سنين، فوجدتها محيلة ممّن كانت به عامرة ... الخ، وأنّ ذلك هو الذي دفعه إلى تأليف كتابه النشوار، حيث بدأ به في السنة 360، وأنهاه في السنة 380، على ما رواه غرس النعمة «6» ، وأثبته ياقوت في ترجمته» . واستقرّ التنوخيّ، ببغداد، منذ السنة 360، وكانت حرمته باقية، فهو في إحدى قصصه، يحدّثنا عن شعر سمعه من الشاعر ابن الحجّاج في السنة 360 وهو ينشده في مجلس الوزير أبي الفضل الشيرازيّ «8» .

وهو يروي لنا، في إحدى قصصه، أنّ أبا الحسن ابن الأزرق التنوخيّ، أخبره في السنة 361، بأنّ خاطف المغنّية التي تغنّي بالقضيب، قد توفيت بمنزلها في جواره، في تلك السنة «1» . أمّا في السنة 363، فقد روى لنا التنوخيّ، أنّه كان متولّيا القضاء بواسط «2» ، وهو في إحدى قصصه، يحدّثنا عن شيخ لقيه بواسط، في ربيع الأول من السنة 363 «3» . وفيما بعد السنة 363، لجأ التنوخيّ، إلى البطيحة «4» ، هاربا من ابن بقيّة «5» ، وزير عزّ الدولة، بختيار «6» ، بن معزّ الدولة، حيث ألفى هناك جماعة من معارفه، كانوا يجتمعون في الجامع هناك، ويتشاكون أحوالهم. ولعلّ فساد الصلة بين التنوخيّ، وبين الوزير ابن بقيّة، كان من أهمّ الأسباب التي قوّت علاقته بعضد الدولة، فإنّ التنوخيّ، تقدّم في عهد عضد الدولة، تقدّما عظيما، وتقلّد القضاء في أماكن عدّة، وأثبته عضد الدولة نديما له، وخصّص له كرسيا يجلس عليه في مجلس شرابه، وكثير من الندماء قيام «7» .

ويقصّ التنوخيّ علينا في إحدى قصصه «1» ، أنّه كان، ذات يوم، يماشي عضد الدولة، في دار المملكة بالمخرّم، وأنّ الملك حدّثه عن مقدار ما صرف على البستان والمسنّاة. وفي السنة 367، كان التنوخيّ، في صحبة عضد الدولة «2» ، في حملته التي قام بها لاستئصال أبي تغلب بن حمدان، وقد قلّد التنوخيّ، جميع ما فتحه ممّا كان في يد أبي تغلب، مضافا إلى ما كان قد تقلّده من قبل، وهو: حلوان وقطعة من طريق خراسان. وهو في إحدى قصصه «3» يروي لنا، كيف ورد محمد بن ناصر الدولة، يحجل في قيوده، حتى دخل على عضد الدولة في الموصل، فأمر بقيوده ففكّت، وبالخلع فأفيضت عليه، وبالجنائب فقيدت معه. وقيام التنوخيّ في السنة 369 بالخطبة في الاحتفال الذي جرى عند عقد زواج الخليفة الطائع، على ابنة الملك عضد الدولة «4» ، يدلّنا، على قوّة صلته، في ذلك الحين، ببلاطي الخليفة والملك. وهو في إحدى قصصه «5» يروي لنا حديثا، حدّثه به، في السنة 370 الملك عضد الدولة، عن شقيق له اعتبط، وعن حلم حلمت به أمّه، ممّا

لا يتحدّث به أحد، إلّا لأخصّ الأصدقاء. وبلغت الصلة بين التنوخيّ وعضد الدولة، من القوّة، بحيث أصبح يرافقه في أسفاره، وكانت هذه المرافقة، من أهمّ الأسباب التي جرّت عليه المصائب، فقد كان في همذان في السنة 371 «1» ، في معسكر الملك، وزار صديقه أبا بكر بن شاهويه، فحدّثه أبو بكر، حديثا، أخطأ التنوخيّ في الإفضاء به إلى أبي الفضل بن أبي أحمد الشيرازيّ، الذي نقله بنصّه وفصّه إلى عضد الدولة، فغضب عضد الدولة على التنوخيّ «2» ، غير أنّ غضبه ما برح أن انفثأ، وعاد معه إلى بغداد. وكان عضد الدولة، قد زوّج ابنته من الخليفة الطائع لله، مؤمّلا أن تلد له حفيدا، يكون وليّ عهد الخلافة، وتصبح الخلافة في بيت بني بويه، ويصير الملك والخلافة، مشتملين على الدولة الديلميّة «3» . ولكنّ الخليفة الطائع لله «4» الذي أحسّ بما أضمره عضد الدولة، أبعد هذه الابنة عن فراشه، فاهتمّ والدها بالأمر، ولم يجد خيرا من القاضي التنوخيّ، يتوسّط في القضية، بالنظر لعلاقته الطيّبة بالبلاطين، ولأنّه هو الذي خطب خطبة عقد النكاح «5» .

فطلب من التنوخيّ «أن يمضي إلى الخليفة، وأن يقول له عن والدة الصبيّة، إنّها مستزيدة لإقبال مولانا عليها» «1» . وكأنّ التنوخي خشي مغبّة الدخول في هذا الحديث، أو كأنّه استشعر أن لا فائدة من التحدّث فيه، فقد أحسّ بأنّه أصبح بين نارين، إن كلّم الخليفة أغضبه، وإن اعتذر أغضب عضد الدولة، وهما أمران أحلاهما مرّ، فاختار لنفسه أن يتمارض، وحبس نفسه في داره، متعلّلا بالتواء ساقه، وأنّه لا يطيق مبارحة فراشه. ولكنّ عضد الدولة، أحسّ بأنّ التنوخيّ متمارض، فبعث إليه من كشف أمره، وعندئذ صبّ جام غضبه عليه، فعزله من جميع أعماله، ونصب بدلا منه، قضاة ستّة، يقومون بالعمل الذي كان منوطا به وحده، كما أنّه أصدر إليه أمره، بأن يظلّ في داره حبيسا، لا يبارحها «2» ، وظلّ التنوخيّ على حاله هذه، حتى توفّي عضد الدولة في السنة 372. وليس فيما بين أيدينا من قصص النشوار، ما نستطيع أن نتبيّن منه، كيفيّة حياة القاضي المحسّن التنوخي، بعد وفاة عضد الدولة، والذي يلوح لنا، أنّه لم يتقلّد عملا من أعمال السلطان. وأنّه قصر وقته، على إتمام كتابه «النشوار» ، الذي بدأ به في السنة 360، وعلى تأليف كتاب «الفرج بعد الشدة» ، الذي بدأ به في السنة 373 «3» ، وقد استخلص أكثر أخباره من النشوار، وعلى تربية ولده أبي القاسم عليّ، الذي ولد في السنة 370. وكما أنّ المحسّن التنوخيّ، كان وحيد والديه، على ما يظهر، وقد ولد،

وأبوه كهل في الخمسين، فكذلك أبو القاسم عليّ بن المحسّن، كان وحيد والديه، وقد ولد، وأبوه كهل عبر الأربعين، والعجيب أنّ أبا القاسم، عليّ بن المحسن، قد ولد له ولد، سمّاه محمدا، وهو وحيده أيضا، وقد ولد له، والأب شيخ قد تجاوز السبعين «1» . وهؤلاء الثلاثة، الجدّ، والأب، والابن، يشبه أحدهم الآخر، في الفضل، وفي الذكاء، وفي كرم النفس، وفي انخراطهم في سلك القضاء، وفي تمذهبهم بمذهب أبي حنيفة، وفي تمسّكهم بالاعتزال، والدفاع عنه. ويتضح تعصّب المحسّن للمعتزلة، من القصص التي أوردها في النشوار، فهو يثني عليهم، كلّما ورد ذكرهم «2» . وقد أضاف المحسّن التنوخيّ، إلى تعلّقه بالاعتزال، تعرّضه للتصوّف والصوفيّة «3» . كما أنّ القصص التي أوردها عن الحنابلة، وعن رئيسهم البر بهاري «4» ، تدلّ على مقدار ضيقه بهم، وانزعاجه من تصرّفاتهم، وعلى عنف رئيسهم البر بهاري، واستهانته بالأنفس والأرواح «5» . اتّهم ابن الأثير، في كتابه الكامل في التاريخ «6» ، المحسّن التنوخيّ،

بأنّه كان شديد التعصّب على الشافعيّ، يطلق لسانه فيه. وهذه تهمة لم يقم عليها دليل، وهذه مؤلّفات التنوخيّ، ما تيسّر لنا منها، تنفي عنه هذه التهمة، والمحسّن التنوخي، اتقى لله، من أن يعرض للشافعيّ بسوء. ويلاحظ، أنّ التنوخي، قد أدرج في نشواره، قصصا عدة، دلّت على اعتقاده بالتنجيم «1» ، ولعلّ عدم الاستقرار الذي رافق القرن الرابع الهجريّ، كان من الأسباب التي دفعت التنوخيّ، وأباه، إلى الاعتقاد بالتنجيم، والعيافة، والزجر، وغيرها، مما يتمسّك به الإنسان، رغبة منه في الفرار من الحقيقة المرّة، إلى خيال يبشّر بمستقبل أطيب من حاضر لا خير فيه. وفي النشوار، قصص لا تحصر، عن القضاة، وأخبارهم، وعمّا قام به بعضهم من أفعال كريمة في رفع المظالم، وردع المعتدي الظالم، بل إنّ هذا الموضوع، هو الموضوع الرئيسي الذي اشتمل عليه هذا الكتاب، بالنظر لاختصاص المؤلف واطّلاعه على خباياه «2» ، اطّلاعا تاما. ولما كانت المنافسة، بين أبناء الصناعة. الواحدة، أمر مترقّب منتظر، فالذي لا شكّ فيه، أنّ التنوخي المؤلّف، ووالده، وبعض أقربائه من التنوخيّين، من قضاة وشهود، قد حصلت بين بعضهم، وبين بعض القضاة، منافرة، ولذلك، فإنّ التنوخيّ، لم يتأخّر عن إثبات القدح في أولئك القضاة، ولكنّه لكمال عقله، لم يشتم أحدا من هؤلاء القضاة بلسانه، وإنّما شتمهم بلسان غيره، فهو يورد شعرا للشاعر الفلاني، هجا به القاضي الفلاني، أو يثبت قولا قاله الفقيه الفلاني، في القاضي الفلاني «3» .

إنّ كثيرا من القصص الواردة في النشوار، تؤيّد علاقة التنوخيّين أبي القاسم، وولده أبي عليّ المحسّن، بالأهواز، هذه المنطقة، التي سمّاها هارون الرشيد «سرة الدنيا» «1» ، وسماها عبد الله المأمون «سلّة الخبز» » ، فقد كان لهما أقارب في الأهواز «3» ، وكان لكلّ منهما فيها ضيعة «4» ، وقد تقلّد أبو القاسم الأب القضاء في الأهواز «5» ، كما تقلّده أبو عليّ المحسّن أيضا «6» . بقيت ملاحظة، يجدر بي أن أثبتها هنا، وهي أنّ التنوخيّ، اختار في نشواره، شعرا لشعراء مفلقين، كأبي فراس الحمداني مثلا، ثم قرن بشعرهم شعرا لا يتعدى درجة النظم، وليس التنوخيّ، بالذي يصعب عليه التمييز بين الشعر الجيّد والشعر الرديء، ولكنّه أثبت بعض الرديء، لأنّه قيل في مدحه، أو مدح أبيه، ولعمري، إنّ حبّ الإنسان نفسه، يدفعه إلى إثبات ما قيل في مدحه، حتى ولو لم يكن من جيّد الشعر «7» . وللمحسّن التنوخيّ شعر، مجموع في ديوان، قال عنه أبو نصر، سهل ابن المرزبان «8» إنّه رآه في بغداد، وإنّ حجمه كان أكبر من حجم ديوان

أبي القاسم والده، وإنّ بعض العوائق حالت بينه وبين تحصيله، فاشتدّ أسفه عليه «1» . ونحن نشارك أبا نصر، في أسفه، فإن ديوان التنوخيّ، معتبر الآن، في جملة الدواوين الضائعة. وقد أورد الثعالبي «2» ، في اليتيمة، شعرا في مدح المحسّن التنوخيّ من نظم أبي عبد الله بن الحجّاج «3» . كما روى في ترجمة المحسّن، أبياتا من شعره، قال إنّه مرتاب في نسبتها إليه، لفرط جودتها «4» . والثعالبيّ على حقّ في ارتيابه، فإنّ الباقي المتوفّر لدينا من شعر التنوخيّ، لا يرتفع إلى مستوى تلك الأبيات. أمّا مؤلفات المحسّن التنوخيّ، فإنّ أشهرها نشوار المحاضرة، الذي أسلفنا إنّه ألّفه في عشرين سنة، في أحد عشر مجلدا. وله: كتاب الفرج بعد الشدّة، في ثلاث مجلدات، ألّفه بعد كتاب النشوار «5» . وله أيضا: كتاب المستجاد من فعلات الأجواد، وقد طبع بدمشق، حقّقه الأستاذ محمد كرد علي، وفي المطبوع مآخذ كنت أتمنّى لو أشار إليها المحقّق رحمه الله، منها: أنّ بعض القصص الواردة في الكتاب «6» جاءت على لسان «القاضي أبي القاسم عليّ بن المحسّن مؤلف كتاب الفرج بعد الشدة» .

مع أنّ مؤلّف الكتاب هو والده المحسّن. ومنها: أنّ بعض القصص «1» ، جاء فيها: «قال القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، حدثني أبو الفرج الأصبهاني من حفظه ... الخ» ، مع أنّ أبا الفرج الأصبهاني توفيّ في السنة 356 والقاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن ولد سنة 370. وللمحسّن التنوخي أيضا: مجموعة أقوال في الحكمة، سمّاها «عنوان الحكمة والبيان» ؛ ذكر ذلك المستشرق مرجليوث، في مقدمة الترجمة الإنكليزية للجزء الأول من النشوار «2» . توفّي أبو عليّ، المحسّن التنوخيّ، في السنة 384، عن 57 عاما، وخلّف ولده أبا القاسم عليّ بن المحسّن، صبيّا في الرابعة عشرة، وقد صاحب التوفيق هذا الصبيّ، فجرى على سنن والده، ودرس الفقه، وقبلت شهادته عند الحكّام في حداثته «3» ، وتقلّد القضاء والإشراف على دار الضرب «4» . ولأبي القاسم هذا، ترجمة في معجم الأدباء جديرة بالمطالعة «5» . هذا ما أمكنني استخلاصه، عن حياة القاضي التنوخيّ، ممّا تيسّر لديّ من القصص التي قصّها علينا، ولو تيسّر لديّ عدد من القصص أكثر لكان ما استخلصته أوفر. ولعلّ الحظ الحسن، يقود أحدا في مستقبل الأيّام، إلى العثور على بعض الأجزاء الضائعة من النشوار، فيضيف بنشرها، إلى الكتاب العربيّ، ثروة عظيمة. بحمدون في 2/3/1971 عبود الشالجي المحامي

الجزء الأول بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللهم يسّر وأعن الحمد لله الواحد العدل، وصلى الله على محمد نبيه خاتم الرسل، وعلى آله الطيّبين ذوي الطهارة والفضل. هذه ألفاظ تلقّطتها من أفواه الرجال، وما دار بينهم في المجالس، وأكثرها ممّا لا يكاد يتجاوز به الحفظ في الضمائر، إلى التخليد في الدفاتر، وأظنّها ما سبقت إلى كتب مثله، ولا تخليد بطون الصحف بشيء من جنسه وشكله، والعادة جارية في مثله، أن يحفظ إذا سمع ليذاكر به إذا جرى ما يشبهه ويقتضيه، وعرض ما يوجبه ويستدعيه. ولعلّ قارئها والناظر فيها أن يستضعفها إذا وجدها خارجة عن السّنن «1» المعروفة في الأخبار، والطريق المألوف في الحكايات والآثار، الراتبة «2» في الكتب، المتداولة بين أهل الأدب، ولا سيّما ما لم يعلم السبب الذي رغّبني في كتبها، وهو أنّي اجتمعت قديما مع مشايخ فضلا، علماء أدباء «3» ، قد عرفوا أحاديث الملل، وأخبار الممالك والدول، وحفظوا مناقب الأمم ومعايبهم، وفضائلهم ومثالبهم، وشاهدوا كل فنّ غريب، ولون «4» طريف

عجيب، من أخبار الملوك والخلفاء، والكتّاب والوزراء، والسادة والأمراء، والرؤساء والفضلاء، والمحصّلين والعقلاء، والأجواد والبخلاء، وذوي الكبر والخيلاء «1» ، والأشراف والظرفاء «2» ، والمخرّفين والجلساء «3» ، والمحادثين والندماء، والأذكياء والفهماء، والأسخياء والكرماء، والسفهاء والحلماء، والفلاسفة والحكماء «4» ، والمتكلّمين والعلماء «5» ، والمحدّثين والفقهاء «6» ، وأهل الآراء والأهواء «7» ، والمتأدبين والأدباء، والمترسّلين والفصحاء، والرّجّاز والخطباء، والعروضيّين والشعراء، والنسّابين والرواة، والحفّاظ والدراة «8» ، واللّغويين والنحاة، والشهود والقضاة «9» ، والأمناء والولاة «10» ، والمتصرّفين والكفاة، والفرسان والأمجاد، والشجعان والأنجاد، والجند والقوّاد،

وأصحاب القنص والاصطياد، والجواسيس والمتخبّرين» ، والسعاة والغمّازين «2» ، والورّاقين «3» والمعلّمين، والحسّاب والمحرّرين «4» ، والعمّال وأصحاب الدواوين «5» ، والتنّاء «6» والمزارعين، وأرباب الخراج والأرضين، والأكرة «7» والفلّاحين، والمتكلمين على الطرق «8» ، [وأصحاب الحادور والحلق] «9» ، والواعظين والقصّاص «10» ، وذوي التّنمّس والإخلاص «11» ، وأهل الصوامع والخلوات، والسيّاح في الجبال والفلوات، والنسّاك والصالحين، والأبدال والمتفرّدين، «12»

والمريدين والمخبتين «1» ، والعبّاد والمتبتّلين «2» ، والزهّاد والمتوحّشين «3» ، والصوفيّة «4» والمتواجدين «5» ، والأئمّة والمؤذّنين، والقرّاء والملحّنين، [2 ب] والرّجحاء والمبرّزين، وأهل النقص والمقصّرين، [والأغنياء والمملقين] «6» والأغبياء والمتخلّفين، والفطناء والمتقدّمين، والشطّار والمتّقين «7» ، وأصحاب العصبيّة والسكاكين «8» ، وقطّاع الطّريق والمتلصّصين، والجيران والمتغرّبين، وأهل الخسارة والعيّارين «9» ، ولعّاب النرد والشطرنجيّين «10» ، والملاح والمتطايبين «11» ،

[والمسامرين والمضاحكين] «1» وأصحاب النادرة والمضحكين، والمورثين والمبذّرين «2» ، والطفيليّة والمتطرّحين «3» ، والأكلة والمواكلين، والشرّاب [2 ط] والمعاقرين، والمغنّيات والمغنّين، والرقّاصين والمخنّثين «4» ، وأصحاب الستائر «5» والمقيّنين «6» ، والمتقاينين «7» والمستمعين «8» ، وأهل الهزل والمتخالعين، والمجّان والمجانين «9» ، والبله والمغفّلين، والمفكّرين والموسوسين «10» ، وأهل المذهب والسوداويّين «11» ، والمشعبذين والمحتالين «12» ،

والملحدة والمتنبّين «1» ، والأطبّاء والمنجّمين «2» ، والكحّالين والفصّادين «3» ، والأساة والمجبّرين «4» ، ومعالجي الجرائح والقمائحيّين «5» ، وأصحاب الزجر «6» ، والزّراقين «7» ، وأهل القرعة «8» والمقالين «9» ، والطوّاف بالسهام «10» والمفسّرين «11» ، والشحّاذين والمجتدين «12» ، والمجدودين والمحدودين «13» ، والسعاة

والمسافرين «1» والمشاة والمتغرّبين، والسبّاح والغوّاصين، [والبانانية والملّاحين] «2» ، وسلّاك البحار والمفازات «3» ، وأهل المهن والصناعات، والمياسير والفقراء، والتجّار والأغنياء، والفواضل من النساء، وحرايرهنّ والإماء، وخواصّ الأحجار والحيوانات، وغريب الأدوية والعلاجات، والرقى «4» والنيرنجيّات «5» ، والأحاديث المفردات، وشاذّ الاتفاقات، وطريف المنامات، وشريف الحكايات، وغير ذلك من ضروب أحاديث أهل الخير والشرّ، والنفع والضرّ، وسكّان المدر والوبر «6» ، والبدو والحضر، شرقا وغربا، وبعدا وقربا، وكان القوم الذين استكثرت منهم، وأخذت ذلك عنهم، يحكونه في أثناء «7» مذاكراتهم، وفي عرض مجاراتهم، وبعد انقضاء ملحهم «8» وآدابهم،

والخوف من ملل يلحق السامعين لعلومهم وحكمهم، نفيا للمساكنة، واجترارا للمثافنة «1» ، وصلة للمجالسة، وفتحا للمؤانسة، وسبرا «2» لأحاديث الدنيا ماضيها وباقيها، وتواصفا لسير أهلها وما جرى فيها، وتمثيلا بين ما شاهدوه منها، وسمعوه عنها، [وعابوه من فعلها] «3» وعانوه من تقلّبها، وقاسوه من تصرّفها، وأخبروا به من عجائبها، ويوردون كل فنّ من تلك الفنون على حسب ما تقتضيه المحادثة، وتبتغيه المفاوضة، فأحفظ عنهم ذلك في الحال وأتمثّل به وأستفيده في أحوال. فلمّا تطاولت السنون، ومات [أكثر أولئك] «4» المشيخة الذين كانوا مادّة هذا الفنّ، ولم يبق من نظرائهم إلّا اليسير الذي إن مات ولم يحفظ عنه ما يحكيه، مات بموته ما يرويه، ووجدت أخلاق ملوكنا [3 ب] ورؤسائنا لا تأتي من الفضل، بمثل ما تحتوي عليه تلك الأخبار من النّبل، فيستغنى بما يشاهد من نظيره، عن حفظ ما سلف وتحبيره، بل هي مضادّة لما تدلّ عليه تلك الحكايات من أخلاق المتقدّمين وضرائبهم، وطبائعهم ومذاهبهم، حتى إنّ من بقي من هؤلاء الشيوخ إذا ذكر ما يحفظه من هذا الجنس بحضرة أرباب الدولة، ورؤساء الوقت، خاصّة ما كان منه متعلّقا بالكرم، ودالا على حسن الشيم، ومتضمّنا ذكر وفور النعم، وكبر الهمم، وسعة الأنفس، وغضارة الزمان «5» ، ومكارم الأخلاق، كذّبوا به ودفعوه، وحصّلوه في أقسام الباطل واستبعدوه، ضعفا عن إتيان مثله، واستعظاما منهم لصغير ما وصلوا إليه، بالإضافة إلى كبير

ما احتوى أولئك عليه، وقصورا عن [3 ط] أن تنتج خواطرهم أمثال تلك الفضائل والخصال، وأن تتسع صدورهم لفعل ما يقارب تلك المكارم والأفعال هذا مع أن في زمانهم هذا من العلماء المحتسبين «1» في التعليم، [والحكماء] «2» والأدباء المنتصبين للتأديب والتفهيم، وأهل الفضل والبراعة، في كلّ علم وأدب، وجدّ وهزل وصناعة، من يتقدّم بجودة الخاطر، وحسن الباطن والظاهر، وشدّة الحذق فيما يتعاطاه، والتبريز فيما يعانيه ويتولّاه، كثيرا ممن تقدّمه في الزمان، وسبقه بالمولد في ذلك الأوان، ويقتصر منهم على الأكرام دون الأموال، وقضاء الحاجات دون المغارم والأثقال، فما يرفعون به رأسا، ولا ينظرون إليه الّا اختلاسا، لفساد هذا العصر، وتباعد حكمه من ذلك الدهر، وإنّ موجبات الطبائع فيه متغيّرة متنقّلة، والسنن دارسة متبدّلة، والرغبة في التعلّم معدومة، والهمم باطلة مفقودة، والاشتغال من العامّة بالمعاش قاطع، ومن الرؤساء بلذّاتهم البهيميّة مانع «3» ، فنحن حاصلون فيما روي من الخبر إنّ الزمان لا يزداد إلّا صعوبة، ولا الناس إلّا شدّة، ولا تقوم الساعة إلّا على شرار الخلق، وما أحسن ما أنشدني أبو الطيّب المتنبّي لنفسه من قصيدة، في وصف صورتنا: أتى الزّمان بنوه في شبيبته ... فسرّهم وأتيناه على الهرم «4»

واتّفق أيضا، أنّني حضرت المجالس بمدينة السلام، في سنة ستين وثلاثمائة، بعد غيبتي عنها [4 ب] سنين، فوجدتها مختلّة ممّن كانت به عامرة، وبمذاكرة آهلة ناظرة، ولقيت بقايا من نظراء أولئك الأشياخ، وجرت المذاكرة، فوجدت ما كان في حفظي من تلك الحكايات قديما قد قلّ، وما يجري من الأفواه في معناها قد اختلّ، حتى صار من يحكي كثيرا ممّا سمعناه يخلطه بما يحيله ويفسده، ورأيت كلّ حكاية ممّا أنسيته لو كان باقيا في حفظي لصلح لفنّ من المذاكرة، ونوع من نشوار المحاضرة «1» فأثبتّ ما بقي على ما كنت أحفظه قديما، واعتقدت إثبات كلّ ما أسمعه من هذا الجنس، وتلميعه بما يحثّ على قراءته من شعر لمتأخّر من المحدثين، أو مجيد من الكتّاب والمتأدّبين، أو كلام منثور لرجل من أهل العصر، أو رسالة أو كتاب بديع المعنى أو حسن النظم والنثر «2» ، ممّن لم يكن في الأيدي شعره ولا نثره، ولا تكرّر نسخ ديوانه، ولا تردّدت معاني إحسانه، وما فيه من مثل طريّ، أو حكمة جديدة، أو نادرة حديثة، أو فائدة قريبة المولد، ليعلم أنّ الزمان قد بقّى من القرائح والألباب، في ضروب العلوم

والآداب، أكثر ممّا كان قديما أو مثله، ولكن تقبّل أرباب تلك الدول [4 ط] للأدب أظهره ونشره «1» ، وزهد هؤلاء الآن في هذا الأدب غمره وستره، ولهذه الحال ما انطمست المحاسن في هذه الدول، وردّت أخبار هؤلاء الملوك، وخلت التواريخ من عجائب ما يجري في هذا الوقت، لأنّ ذوي الفضل لا يفنون أعمارهم بتشييد مفاخر غيرهم، وإنفاق نتائج خواطرهم، مع بعدهم عن الفائدة، وخلوّهم من العائدة، وأكثر الملوك وذوي الأحوال، والرؤساء وأرباب الأموال، لا يجودون عليهم فيجيد هؤلاء لهم نسج الأشعار والخطب، وحوك الرسائل والكتب التي تبقى فيها المآثر، ما أقام الدهر الغابر، فقد بخل هؤلاء، وغفل هؤلاء، ورضي كلّ واحد من الفريقين بالتقصير فيما يجده، والنقص فيما يعتمده، وإلّا فقد خرج في أعمارنا وما قاربها من السنين، من مكنون أسرار العلم، وظهر من دقيق الخواطر والفهم، ما لعلّه كان معتاصا «2» على الماضين، وممتنعا على كثير من المتقدمين، وجرت في هذه المدّة من الحوادث الكبار، والوقائع العظام [والانقلابات العجيبة] «3» ، والاتّفاقات الغريبة، والحيل الدقيقة، والأمور المحكمة الوثيقة، التي لا يوجد مثلها سالفا. في أضعاف هذه السنين مضاعفا، ما لو قيّد بتأليف الكتب، وحفظ بتصنيف الأشعار فيه والخطب، أو خلّد على شرحه في تواريخ السنين والحقب، لأوفى على ما سلف، وتقدّم في علوّ الرتب. وقد أثبتّ من هذا أيضا طرفا طفيفا، ونبذا موجزا [5 ب] خفيفا، لئلّا تخرج هذه الأخبار عن سبيلها، ولا تخلو مع ذلك من فنون لا توجد

إلّا فيها، وليستفيد منها العاقل اللبيب، والفطن الأريب، إذا طرقت سمعه، وخالطت فهمه، من آداب النفس، ولطافة الذهن والحسّ، ما يغنيه عن مباشرة الأحوال، وتلقّي مثله من أفواه الرجال، ويحثّه على العلم «1» بالمعاش والمعاد، والمعرفة بعواقب الصلاح والفساد، وما تفضي إليه أواخر الأمور، ويساس به كافة الجمهور، ويجنّبه من المكاره حتى لا يتوغل في أمثالها، ولا يتورّط بنظائرها وأشكالها، ولا يحتاج معها إلى إنفاد «2» عمره في التجارب، وانتظار ما تكشفه له السنون من العواقب. فأوردت ما كتبته ممّا كان في حفظي سالفا، مختلطا بما سمعته آنفا، من غير أن أجعله أبوابا مبوّبة، ولا أصنّفه أنواعا مرتّبة، لأن فيها أخبارا تصلح أن يذاكر بكلّ واحد منها في عدّة معاني «3» وأكثرها ما لو شغلت نفسي فيه، بالنظم والتأليف، والتصنيف والترتيب، لبرد واستثقل، وكان إذا وقف قارئه على خبر من أوّل كلّ باب فيه، علم أن مثله باقيه، فقلّ لقراءة جميعه ارتياحه ونشاطه، وضاق فيه توسّعه وانبساطه، ولكان ذلك أيضا يفسد ما في أثنائه من الفصول والأشعار، والرسائل والأمثال، والفصول التي إن رتّبت على الأبواب وجب أن توصل بما تقدّم من أشباهها، وتردّد في الكتب من أمثالها، فينتقض ما شرطناه، ويبطل [5 ط] ما ذكرناه، من أنّ هذه الأخبار جنس لم يسبق إلى كتبه «4» ، وأنا إنّما تلقّطتها من الأفواه دون الأوراق، ويخرج بذلك عن القصد والمراد، والغرض

المطلوب في الاستقامة والسداد، إذ ليست الفائدة فيها التنويع، ولا المغزى التأليف، بل لعلّ كثيرا ممّا فيها لا نظير له ولا شكل، وهو وحده جنس وأصل، واختلاطها أطيب في الآذان وأدخل، وأخفّ على القلوب والأذهان وأوصل. وعلى أنّي وإن كنت أتجنّب بجهدي أن أثبت فيها شيئا قد كتب قبلي، أو تنبّه على الفائدة في إثباته سواي، إلّا الشعر فإنّه غير داخل في هذا الأمر، فإنّي في الأوّل ربما كتبت شيئا أعلم أنّه موجود في الدفاتر عقيب شيء يوجبه ويدعو إليه، ولأجل فائدة تحبّبه وتحضّ عليه «1» ، واعتمادا لترصيع هذه الأخبار، بما يحبّبها إلى أكثر طلّاب الآثار، وقد جعلت كلّ واحد من أجزائها، وهو مائة ورقة، واحدة «2» قائما بنفسه، مستغنيا عن الباقي من جنسه، لا يخلّ بفائدة لقارئه دون غيره [6 ب] ، ولا يضطرّه إلى سواه مع حضوره، وإن كان في غيره ضروب أخر من الفوائد لا تعلم إلّا منه، وصدّرت كلّ جزء برسالة تدلّ على جنس الأخبار الموردة في جميع الأجزاء، والغرض منها، والسبب الباعث على جمعها، مختصرة لهذا الشرح الطويل، وموجزة في جملة هذا الكلام الكثير، وأوردت في كلّ خبر ما اتّفق إيراده مختلطا بما ربّما كان في الأجزاء الأخر ما هو في معناه داخل، ومن نوعه وفنّه حاصل، وممّا ليس فيها أخ له على حسب ما سنح وتيسّر، واتّفق ولم يتعذّر. وأرجو أن لا يبور ما جمعته، ولا يضيع ما تعبت فيه وكتبته، وأثبتّه

من ذلك وصنعته، فلو لم يكن فيه، إلّا أنّه خير من أن يكون موضعه بياضا، لكانت فائدة إن شاء الله تعالى. وإيّاه أسأل التوفيق في المقال، والتسديد في جميع الأفعال، والعصمة من الزلل، والحفظ من الخطإ والوهل «1» ، إنّه بذلك وليّ، وبالمرجوّ فيه منه مليّ، وهو حسبي، وإليه في كلّ أمر مرجعي، وعليه توكّلي، ولا حول لي ولا قوّة إلّا به، إنّه نعم المولى والوكيل.

الجزء الأول

1 لماذا لا يكذبون على الوزير أعزّه الله حدّثني أبو العبّاس هبة الله بن محمد بن يوسف، المعروف بابن المنجّم النديم، وهو أحد بني يحيى بن أبي منصور المنجّم «1» ، صاحب المأمون، ومحلّ أهله وسلفه وبيته في منادمة الخلفاء والوزراء والأمراء مشهور، وموضعهم من الكلام والنجوم والعلم والأدب وقول الشعر وتصنيف الكتب في أنواع ذلك معروف، ومكانهم من المنزلة في خدمة السلطان وعظم النعمة والحال متعالم، ومحلّ أبي العبّاس في نفسه أشهر من أن يجهل في العلم والأدب وقول الشعر والمعرفة بالجدل والفقه، وغير ذلك مما يقوم به، وقد نادم أبا محمد المهلّبي «2» رحمه الله، واختصّ به ونفق عليه [6 ط] سنين كثيرة، ومن بعده من الوزراء، وغيرهم من الرؤساء، وهو أحد بقايا [رجال] «3» أهل بيته، قال:

كنت بحضرة أبي مخلد عبد الله بن يحيى الطبريّ صاحب معز الدولة «1» فجرى ذكر الكرم والكرام، والجود والأجواد، وما كانت البرامكة وغيرها تأتيه من الأفضال على الناس، فأخذ أبو مخلد يدفع هذا ويبطله، حتى قال: هذه حيل نصبها الشحّاذون على دراهم الناس، لا أصل لها. فقلت له: أيها الشيخ إن قلت ذلك، فقد قال صاعد «2» مثله، فأجيب. فقال: ما قال؟ فقلت له: حكي له جود البرامكة، فقال: هذا من موضوعات الورّاقين وكذبهم، وكان أبو العيناء «3» حاضرا، فقال له: فلم لا يكذب على الوزير أعزّه الله [مثل هذا] «4» وهو [حيّ] «5» يرجى ويخاف، وأولئك موتى مأيوس من خيرهم وشرّهم مثل هذا الكذب؟ قال: فخجل أبو مخلد.

2 الوزير ابن الزيات يذكر البرامكة وهو في التنور

2 الوزير ابن الزيات يذكر البرامكة وهو في التنور وفي معنى هذا [7 ب] ما أذكره، وإن كان موجودا في الكتب، ولكنّه على سبيل الاستعادة، وهو حسن. حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد الأزديّ، قال: بلغني أنّ ابن الزيّات «1» لمّا حصل «2» في التنّور قال له بعض خدمه: لهذا وشبهه كنّا نشير عليك بفعل الإحسان، وتقليد رقاب الرجال بالامتنان، واتّخاذ الصنائع في حال القدرة لتجازى بها الآن عند الحاجة. فقال: لو كنت فعلت هذا، ما حصلت منه على طائل، لما في نفوس الناس من ضعف الإخاء، وكثرة الغدر، وقلّة الوفاء، وتراني كنت أفعل أكثر من أفعال البرامكة؟ ما نفعهم لمّا حصلوا في مثل حالي من إسلام الزمان وجور السلطان؟ فقال له الخادم: لو لم ينفعهم إلّا ذكرك لهم في مثل هذه الحال التي أنت فيها لكان ذلك أكبر نفع.

3 أبو الشبل يقارن في الكرم بين البرامكة وبين عبيد الله بن يحيى بن خاقان

3 أبو الشبل يقارن في الكرم بين البرامكة وبين عبيد الله بن يحيى بن خاقان وحدّثني أبو الفرج عليّ بن الحسين [بن محمد المعروف] «1» بالأصبهانيّ الكاتب «2» ، قال: حدّثني الحسن بن عليّ، قال: حدّثنا ابن مهرويه، قال: حدّثني أبو الشبل عاصم بن وهب البرجميّ، قال: حضرت مجلس عبيد الله بن يحيى بن خاقان «3» ، وكان إليّ محسنا، وعليّ مفضلا، فجرى ذكر البرامكة «4» ، ووصف الناس لهم بالجود، وما قالوا

في كرمهم وجوائزهم، فأكثروا. فقمت في وسط المجلس، وقلت: أيّها الوزير، قد حكمت في هذا الخطب حكما نظمته في بيتي شعر، لا يقدر أحد أن يردّه عليّ، وإنّما جعلته شعرا ليبقى ويدور، أفيأذن الوزير في إنشادهما؟ فقال: قل، فربّ صواب قلت «1» ، فقلت: رأيت عبيد الله أندى أناملا ... وأكرم من فضل ويحيى وخالد «2» ورواه لنا مرّة أخرى فقال فيه: [رأيت عبيد الله] «3» أفضل سؤددا ... وأكرم من فضل ويحيى وخالد «4» أولئك جادوا والزمان مساعد ... وقد جاد ذا والدهر غير مساعد «5»

4 الحسن المنجم عامل معز الدولة على الأهواز وحبه للعمارة

4 الحسن المنجم عامل معزّ الدولة على الأهواز وحبّه للعمارة حضرت مجلس الحسن بن عليّ بن زيد المنجّم، غلام أبي نافع، وهو إذ ذاك عامل معزّ الدولة رحمه الله على الأهواز وقطعة من كورها، ومحلّه عنده كمحلّ [7 ط] وزرائه، وكان قد خدم أبي رحمه الله قديما، بعد مفارقته خدمة القاسم بن دينار عامل الأهواز «1» ، وتوكّل له في داره وضيعته، وخلفه على العيار في دار الضرب بسوق الأهواز، ثمّ خلطه بخدمة أبي عبد الله البريديّ «2» ، فعلت منزلته «3» ، ثم بلغت به الحال ما ذكرته، فكنت

إذا جئته، وهو إذ ذاك على غاية الجلالة، وأنا في حد الأحداث، اختصّني. وكان يعجبه أن يقرّظ في وجههه، فأفاض قوم في مدحه، وذكر عمارته للوقوف، والسقايات، وإدراره الماء في ذنابة المسرقان «1» وتفريقه مال الصدقات على أهلها، وذنّبت معهم في ذلك. فقال لي هو: يا بنيّ، أرباب هذه الدولة إذا حدّثوا عنّي بهذا وشبهه، قالوا: المنجّم إنّما يفعل هذا رياء، وما أفعله إلّا لله تعالى، وإن كان رياء فهو حسن أيضا، فلم لا يراؤون هم [8 ب] بمثل هذا الرياء؟ ولكنّ الطباع خسّت «2» ، حتى في الحسد أيضا، كان الناس قديما إذا حسدوا رجلا على يساره، حرصوا على كسب المال حتى يصيروا مثله، وإذا حسدوه على علمه، تعلّموا حتى يضاهوه، وإذا حسدوه على جوده، بذلوا حتى يقال إنّهم أكرم منه، وإذا ... وعدّد أشياء كثيرة، فالآن لما ضعفت الطبائع، وصغرت النفوس، وعجزوا أن يجعلوا أنفسهم مثل من حسدوه، في المعنى الذي حسدوه عليه، عدلوا إلى تنقّص المبرّز، فإن كان فقيرا شنّعوا «3» على فقره، وإن كان عالما خطّأوه، وإن كان جوادا قالوا هذا متاجر بجوده وبخّلوه، وإن كان فعّالا للخير، قالوا هذا مراء.

5 الوزير حامد بن العباس يرى قشر باقلاء في دهليز داره

5 الوزير حامد بن العباس يرى قشر باقلاء في دهليز داره حدّثني القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشميّ [رحمه الله] «1» ، قال: كان حامد بن العبّاس «2» من أوسع من رأيناه نفسا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، وأشدّهم سخاء، وتفقّدا لمروءته. وكان ينصب في داره كلّ يوم عدّة موائد، ولا يخرج من الدار أحد من الجلّة والعامّة والحاشية وغيرهم إذا حضر الطعام، أو يأكل، حتى غلمان الناس، فربما نصب في داره في يوم واحد أربعين مائدة. وكان يجري على كل من يجرى عليه الخبز لحما، وكانت جراياته كلّها الحوّارى «3» . فدخل يوما إلى دهليز داره «4» ، فرأى فيها قشر باقلاة، فأحضر وكيله، وقال: ويلك يؤكل في داري الباقلا «5» ؟

قال: هذا من فعل البوّابين. قال: أو ليست لهم جرايات لحم؟ قال: بلى. قال: فسلهم عن السبب، فسألهم، فقالوا: لا نتهنّأ بأكل اللحم دون عيالنا، فنحن ننفذه إليهم لنأكله معهم ليلا، ونجوع بالغدوات فنأكل الباقلّا، فأمر حامد أن يجرى عليهم جراية لعيالاتهم، تحمل إلى منازلهم، وأن يأكلوا جراياتهم في الدهليز، ففعل ذلك. فلمّا كان بعد أيّام، رأى قشر باقلّاة في الدهليز أيضا، فاستشاط، وكان حديدا، سفيه اللسان، فشتم وكيله، وقال: ألم أضعف الجرايات، فلم في دهليزي قشور الباقلّا؟ فقال: إنّ الجرايات لمّا تضاعفت [8 ط] ، جعلوا الأوّلة «1» لعيالاتهم في كلّ يوم، وصاروا يجمعون الثانية عند القصّاب، فإذا خرجوا من النوبة ومضوا نهارا إلى منازلهم، في نوبة «2» استراجاتهم فيها، أخذوا ذلك مجتمعا من القصّاب فتوسّعوا به. فقال: فلتكن الجرايات بحالها، ولتتّخذ «3» مائدة في كلّ يوم، تنصب غدوة قبل نصب موائدنا، يطعم عليها هؤلاء، ووالله، لئن وجدت بعدها في دهليزي قشر باقلّاة، لأضربنّك وجميعهم بالمقارع. ففعل ذلك، وكان ما زاد من نفقة الأموال، أمرا عظيما.

6 الوزير حامد بن العباس يخبىء أربعمائة ألف دينار في بئر مستراح

6 الوزير حامد بن العباس يخبىء أربعمائة ألف دينار في بئر مستراح حدّثني القاضي أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث «1» [9 ب] ابن عيّاش «2» الجوهريّ البغداديّ، وأبو الحسن بن المأمون الهاشميّ: أنّه وجد لحامد في نكبته التي قتل فيها، في بئر لمستراح له، أربعمائة ألف دينار عينا، دلّ عليها لمّا اشتدّت به المطالبة. وأخبرني غيرهما: أنّ حامدا كان عمل حجرة، وجعل فيها مستراحا، وكان يتقدّم إلى وكيله أن يبتاع له الدنانير، ويجيء بها، فكلّما حصل له كيس، أخذه تحت ثيابه، وقام كأنّه يبول، فدخل ذلك المستراح، فألقى الكيس في البئر، وخرج من غير أن يصبّ فيها ماء ولا يبول، ويوهم الفرّاش أنّه فعل ذلك، فإذا خرج أقفل المستراح، ولم يدخله غيره، على رسم مستراحات السراة التي يختصّونها، وإذا أراد الدخول، فتحه له الخادم الموسوم بالوضوء، وذلك الخادم أيضا لا يعلم السرّ في ذلك، فلمّا تكامل ذلك المال، قال: هذا المستراح ضيّق البناء، قبيح، فسدّوه لأغيّره، فسدّ البئر، وعطّل المستراح، فحصل «3» ذلك المال مصونا في الموضع، لا يعرف خبره غيره. فلما اشتدّت به المطالبة، دلّ عليه، فأخرج وما ذهب منه شيء، ولا عرف خبره إلّا من جهته.

7 مصادرة التاجر ابن الجصاص في زمن المقتدر زادت على ستة ملايين دينار

7 مصادرة التاجر ابن الجصاص في زمن المقتدر زادت على ستّة ملايين دينار وحدّثني أبو الحسين بن عيّاش: أنّه سمع جماعة من ثقات الكتّاب يقولون: إنّهم حصّلوا ما ارتفعت به مصادرة أبي عبد الله بن الجصّاص «1» في أيّام المقتدر، فكانت ستّة آلاف ألف دينار، سوى ما قبض من داره، وبعد الذي بقي له من ظاهره.

8 ابن الجصاص التاجر يبقى له من بعد المصادرة مليون دينار

8 ابن الجصاص التاجر يبقى له من بعد المصادرة مليون دينار سمعت الأمير أبا محمد، جعفر بن ورقاء، بن محمد بن ورقاء الشيبانيّ «1» ، يحدّث في سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، قال: اجتزت بابن الجصّاص، بعد إطلاقه إلى داره من المصادرة بأيّام، وكانت بيننا مودّة ومصاهرة، فرأيته على روشن داره، على دجلة، في وقت حار، من يوم شديد الحرّ، وهو حاف حاسر، يعدو من أوّل الروسن إلى آخره، [كالمجنون] «2» . فطرحت طيّاري «3» إليه، وصعدت بغير إذن، فلما رآني استحيا، وعدا إلى مجلس له. فقلت له: ويحك ما لك، ما الذي قد أصابك؟.

فدعا بطست وماء، فغسل وجهه ورجليه، ووقع ساعة كالمغشيّ عليه، ثم قال: أولا يحقّ لي أن يذهب عقلي، وقد خرج من يدي كذا، وأخذ منّي كذا، وجعل يعدّد أمرا عظيما ممّا خرج منه، فمتى أطمع في خلفه، ولم لا يذهب عقلي أسفا عليه؟ [9 ط] فقلت له: يا هذا إنّ نهايات الأموال غير مدركة، وإنّما يجب أن تعلم أنّ النفوس لا عوض لها، والعقول والأديان، فما سلم لك ذلك، فالفضل معك، وإنّما يقلق هذا القلق، من يخاف الفقر، والحاجة إلى الناس، أو فقد العادة في مأكول ومشروب وملبوس، وما جرى مجرى ذلك، أو النقصان في جاه، فاصبر، حتى أواقفك «1» أنّه ليس ببغداد اليوم، بعد ما خرج منك، أيسر منك من أصحاب [10 ب] الطيالس. فقال: هات. فقلت: أليس دارك هذه، هي التي كانت قبل مصادرتك، ولك فيها من الفرش والأثاث ما فيه جمال لك، وإن لم تكن في ذلك الكبر المفرط؟ فقال: بلى فقلت: وقد بقي لك عقارك بالكرخ، وقيمته خمسون ألف دينار. فقال: بلى. [فقلت: ودار الحرير وقيمتها عشرة آلاف دينار. قال: بلى] «2» . فقلت: وعقارك بباب الطاق، وقيمته ثلاثون ألف دينار.

فقال: بلى. فقلت: وبستانك الفلانيّ، وضيعتك الفلانيّة، وقيمتهما كذا وكذا. فقال: بلى. فقلت: وما لك بالبصرة وقيمته مائة ألف دينار. فقال: بلى. فجعلت أعدّد عليه، من عقاراته، وضياعه، إلى أن بلغت القيمة سبعمائة ألف دينار. فقلت: وأصدقني عمّا سلم لك من الجوهر والأثاث والقماش والطيب والجواري والعبيد والدوابّ، وعن قيمة ذلك، وقيمة دارك؟ فأخذ يصدقني، ويقوّم، وأحصي، إلى أن بلغت القيمة لذلك، ثلاثمائة ألف دينار. فقلت له: يا هذا، من ببغداد اليوم من يحتوي ملكه على ألف ألف دينار؟ وجاهك عند الناس الجاه الأوّل، وهم يظنون أنّ الذي بقي لك ضعف هذا «1» ، فلم تغتمّ؟ قال: فسجد لله، وحمده، وبكى، ثم قال: والله، لقد غلب الفكر عليّ حتى نسيت جميع هذا أنّه لي، وقلّ في عيني، لإضافتي إياه إلى ما أخذ منّي، ولو لم تجئني الساعة، لزاد الفكر عليّ حتى يبطل عقلي، ولكنّ الله تعالى أنقذني بك، وما عزّاني أحد، بأنفع من تعزيتك، وما أكلت منذ ثلاث شيئا، فأحبّ أن تقيم عندي، لنأكل ونتحدّث ونتفرّج. فقلت: أفعل، فأقمت يومي عنده وأكلنا، وتحدّثنا بقيّة يومنا.

9 حكاية تدل على دهاء التاجر أبي عبد الله بن الجصاص

9 حكاية تدل على دهاء التاجر أبي عبد الله بن الجصّاص وكنت أنا، اجتمعت ببغداد، في سنة [نيّف و] «1» خمسين وثلاثمائة، مع أبي عليّ بن أبي عبد الله بن الجصّاص «2» ، فرأيت شيخا طيّبا، حسن المحاضرة، فسألته عن الحكايات التي تنسب إلى أبيه، مثل قوله خلف إمام قد قرأ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ، فقال: إي لعمري، بدلا من آمين «3» . ومثل قوله للخاقانيّ الوزير: أسهرني البارحة صوت كلاب في الحارة «4» على بابي، كلّ كلب مثلي ومثل الوزير. وقوله له، وأراد تقبيل رأسه، فقال: إنّ فيه دهنا فلا تفعل، فقال: لو كان في رأس الوزير خرا لقبّلته «5» . ومثل قوله: قمت البارحة في الظلمة إلى الخلاء فما زلت اتلحّظ المقعدة حتى وقعت [10 ط] عليها «6» .

ومثل قوله وقد وصف مصحفا بالعتق، فقال: هو كسرويّ «1» ، وأمثال هذا على كثرته عنه، وتواتر الرواية له. فقال لي: أمّا أمر المقعدة، وإي لعمري، وما كان من هذا الجنس، فكذب، وما كانت فيه سلامة «2» تخرجه [11 ب] إلى هذا، وما كان إلّا من أدهى الناس وأخبثهم «3» ، ولكنّه كان يطلق بحضرة الوزراء قريبا ممّا حكي عنه، بسلاسة طبع «4» كانت فيه، ولأنّه كان يحبّ أن يصوّر نفسه عندهم بصورة الأبله، ليأمنه الوزراء، لكثرة خلواته بالخلفاء، فيسلم عليهم، وأنا أحدّثك عنه بحديث حدّثنا به، لتعلم معه إنّه كان في غاية الحزم، وإنّ فاعله لا يجوز عليه مثل ما حكي عنه. فقلت: أحبّ أن تفعل. قال: حدّثنا أبي قال: إنّ أبا الحسن بن الفرات «5» ، لما ولي بعض

وزاراته قصدني قصدا قبيحا، لشيء كان في نفسه عليّ، فأنفذ العمّال إلى ضياعي، وأمر بنقض معاملاتي، وبسط لسانه بثلبي وتنقّصي في مجالسه، وأدام الغضّ منّي إذا دخلت إليه. فوسّطت بيني وبينه جماعة، وبذلت له أشياء توجب صلاح ما بيننا، فما نجعت، وأقام على قصدي، وأنا محتمل، طامع في رجوعه «1» . فدخلت يوما داره، فسمعت حاجبه يقول وقد وليّت عنه: أيّ بيت مال يمشي على وجه الأرض؟ ألفا ألف دينار تمشي وليس لها من يأخذها؟ فعلمت أنّ هذا من كلام صاحبه، وأنّي منكوب، وكان عندي في ذلك الوقت سبعة آلاف ألف دينار، عينا وجوهرا، سوى غيرهما ممّا يحتوي عليه ملكي. فضاقت عليّ الدنيا، وسهرت ليلتي بأسرها أفكّر في أمري معه، فوقع لي الرأي في الثلث الأخير، فركبت في الحال إلى داره، فوجدت الأبواب مغلقة، فطرقتها. فقال البوّابون: من هذا؟ فقلت: ابن الجصّاص. فقالوا: ليس هذا وقت وصول، والوزير نائم. فقلت: عرّفوا الحجّاب أنّي حضرت لمهمّ، فعرّفوهم، فخرج إليّ أحدهم، فقال: إنّه إلى ساعة ينتبه، فتجلس وتنتظر. فقلت: الأمر أهمّ من ذلك، فأنبهه وعرّفه عنّي هذا.

فدخل، فأبطأ ساعة، ثم خرج، فأدخلني من دار إلى أخرى، حتى انتهيت إلى مرقده، وهو على سرير وحواليه نحو خمسين فراشا لغلمان له، كأنّهم حفظة، وقد قاموا، وبعض الفرش تنقل، وهو جالس في فراشه، مرتاعا، قد ظنّ أنّ حادثة حدثت، أو أنّي جئته برسالة الخليفة، وهو متوقّع لما أورده. فرفعني، وقال: ما الذي جاء بك في هذا الوقت؟ فقلت: خير، ما حدثت حادثة، ولا معي رسالة، وما جئت إلّا في أمر يخصّ الوزير ويخصّني، لم تصلح مفاوضته فيه إلّا على خلوة شديدة. فسكن، ثم قال لمن حوله: انصرفوا، فمضوا. وقال: هات. فقلت: أيّها الوزير إنّك قد قصدتني أقبح قصد، وشرعت في هلاكي، وإزالة نعمتي، وفي إزالتها خروج نفسي، وليس من النعمة والنفس عوض، ولعمري انّي قد أسأت في خدمتك، وقد كان في بعض هذا التقويم بلاغ [12 ب] عندي، وقد جهدت في استصلاحك بكلّ ما قدرت عليه، ووسّطت [11 ط] بيني وبينك فلانا، وبذلت كذا، وقلت «1» كذا، فأبيت إلّا الإقامة على أذاي، وليس شيء أضعف من السنّور، وإذا عاثت في دكّان بقّال، فظفر بها، ولزّها إلى الزاوية ليخنقها، وثبت عليه، فخدشت وجهه وبدنه، ومزّقت ثيابه، وطلبت الحياة بكلّ ما يمكنها، وقد وجدت نفسي معك في مثل هذه الصورة، ولست أضعف بطشا من السنّور، وقد جعلت هذا الكلام عذرا بيننا، فإن نزلت تحت حكمي في الصلح، وإلّا فعليّ وعليّ، وحلفت له بأيمان غليظة، لأقصدنّ الخليفة الساعة،

ولأحوّلنّ إليه من خزانتي ألفي ألف دينار عينا وورقا «1» ، ولا أصبح إلّا وهي عنده، وأنت تعلم قدرتي عليها، وأقول له: خذ هذا المال، وسلّم ابن الفرات إلى فلان، واستوزره، وأذكر له أقرب من يقع في نفسي أنّه يجيب إلى تقليده، ممّن له وجه مقبول، ولسان عذب، وخطّ حسن، [ومخرقة حادّة] «2» ، ولا أعتمد إلّا بعض كتّابك، فإنّه لا يفرّق بينك وبينهم إذا رأى المال حاضرا، فيسلمك في الحال لهم، ويراني المتقلّد بعين من أخذه وهو صغير، فجعله وزيرا، وغرم عنه هذا المال الكثير، ويعتقد أنّي ربّه، ووليّ نعمته، فيخدمني، ويتدبّر بتدبيري، في جميع أمره، فأسلمك إليه، فيفرغ عليك العذاب، حتى يأخذ منك الألفي ألف دينار بأسرها، وأنت تعلم أنّ حالك تفي بها، ولكنّك تفتقر بعدها، ويرجع إليّ المال، ولا يذهب عليّ منه دانق، وأكون قد أهلكت عدوّي، وشفيت غيظي، واسترجعت مالي، وصنت نعمتي، وازداد محلّي عظما بصرف وزير، وتقليد وزير. فلمّا سمع هذا أسقط في يده «3» ، وقال: يا عدوّ الله أو تستحلّ هذا؟ فقلت: لست عدوّ الله، بل عدوّ الله من استحلّ منّي ما أحوجني إلى الفكر في مثل هذا، ولم لا أستحلّ مكروه من يريد هلاكي وزوال نعمتي؟ فقال: أو أيش؟. قلت: أو أن تحلف الساعة بما أستحلفك به من الأيمان المغلظة، أنّك تكون لي لا عليّ، في صغير أمري وكبيره، ولا تنقض لي رسما، ولا تغيّر

معاملة، ولا تضع منّي، وتزيد في رفعتي، وذكري بالجميل، ولا تبغي لي الغوائل، ولا تدسّس عليّ المكاره، ولا تشرع لي في سوء ولا نكبة أبدا، ظاهرا ولا باطنا، وتفعل ... وتفعل ... ، فاشترطت عليه الأمن من كلّ ما كنت أخافه منه. فقال: وتحلف أنت أيضا بمثل هذه اليمين على جميل النيّة، وحسن الطاعة، والمؤازرة. فقلت: أفعل. فقال: لعنك الله فما أنت إلّا إبليس، سحرتني والله. واستدعى دواة، وعملنا [13 ب] نسخة اليمين، فأحلفته بها أوّلا، ثم حلفت له. فلما أردت القيام، قال: يا أبا عبد الله لقد عظمت في نفسي وخففّت ثقلا عنّي، فو الله ما كان المقتدر «1» يفرّق بيني مع كفايتي وغنائي وموقعي، وبين أخسّ كتّابي- كما ذكرت- مع المال الحاضر، فليكن ما جرى مطويّا. فقلت: سبحان الله.

فقال: وإذا كان غدا، فصر إلى المجلس [العامّيّ] «1» لترى ما أعاملك به. فنهضت، فقال: يا غلمان، بأسركم بين يدي أبي عبد الله، فخرج بين يديّ مائتا غلام، فعدت إلى داري وما طلع الفجر، فاسترحت [12 ط] . وجئته في وقت المجلس، فرفعني فوق جميع من كان بحضرته، وقرّظني التقريظ التام، وعاملني بما علم منه الحاضرون، رجوعه لي، وأمر بإنشاء الكتب إلى عمّال النواحي، بإعزاز وكلائي، وصيانة أسبابي وضياعي وتقدّم إلى كتّاب الدواوين بإخراج كل ما كانوا أدخلوه إليها من تغيير رسومي، والزيادة عليّ، وأن أجرى على الرسوم القديمة. فشكرته، وقمت، فقال: يا غلمان بين يديه، فخرج الحجّاب يجرّون سيوفهم بين يديّ، والناس يشاهدون ذلك، ويعجبون منه، وقد رجع جاهي، ولم يعلم أحد سبب صلاح ما بيننا، فما حدّثت بذلك إلّا بعد القبض عليه. ثم قال لي أبو عليّ ابنه: فهل كان هذا فعل ورأي من يليق به ما حكي من تلك الحكايات عنه؟ فقلت لا.

10 حكاية تدل على ذكاء التاجر أبي عبد الله بن الجصاص

10 حكاية تدل على ذكاء التاجر أبي عبد الله بن الجصّاص حدّثني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن بكر بن داسة، قال: حدّثني بعض شيوخنا قال: كنّا بحضرة أبي عمر القاضي «1» ، فجرى ذكر ابن الجصّاص وغفلته، فقال أبو عمر: معاذ الله ما هو كذلك، ولقد كنت عنده منذ أيّام مسلّما، وفي صحنه سرادق «2» مضروب، فجلسنا بالقرب منه نتحدّث، فإذا بصرير نعل من خلف السرادق فصاح: يا غلام جئني بمن مشت خلف السرادق الساعة، فأخرجت إليه جارية سوداء. فقال: ما كنت تعملين هاهنا؟ قالت: جئت إلى الخادم أعرّفه أنّي قد فرغت من الطبيخ، وأستأذن في تقديمه. فقال: انصرفي لشأنك. فعلمت أنّه أراد أن يعرّفني أنّ ذلك الوطء وطء سوداء مبتذلة، وأنّها ليست من حرمه ولا ممّن يصونه، فيزيل عنّي أن أظنّ به مثل ذلك في حرمه، فكيف يكون هذا مغفّلا؟

11 مروءة التاجر ابن الجصاص واتساع حاله

11 مروءة التاجر ابن الجصاص واتّساع حاله حدّثني أبو العبّاس هبة الله بن المنجّم، أنّ جدّه حدّثه: أنّه لما قبض المقتدر على ابن الجصّاص، أنفذ إلى داره من يحصي ما فيها ويحمله. فقال لي الذي كتب الإحصاء: إنّا وجدنا له في جملة قماشه سبعمائة مزمّلة «1» خيازر «2» ، فما ظنّك بمروءة وقماش يكون هذا في جملته؟

12 ثلاثون جاما في تركة يأنس الموفقي ثمنها ثلاثة ملايين دينار

12 ثلاثون جاما في تركة يأنس الموفقي ثمنها ثلاثة ملايين دينار كنت بحضرة الوزير أبي محمّد الحسن بن محمّد بن هارون المهلّبي «1» رحمه الله ببغداد وقد دخل إليه أبو إسحق القراريطي «2» بعد وروده [14 ب] من مصر، وأبو القاسم الجهنيّ «3» حاضر.

فقال له: يا سيّدي تسل أبا إسحق عن الحكاية التي كنت حكيتها لك في أمر الجامات البجاذيّ «1» ؟ فإنّي كنت ذكرت لك أنّه كان حاضرا لأمرها [وما علمت أنّه قدم من مصر فأواطئه] «2» . فقال له أبو محمد: ما بك إلى هذا حاجة. فقال: بلى يا سيّدي، ثم التفت إلى القراريطيّ، فقال: إنّي حكيت لسيّدنا الوزير أنّ المقتدر أنفذني أيّام تقلّدي له المواريث لقبض تركة فلان، فذكر أميرا جليلا، قد أنسيت اسمه على الحقيقة، وأظنّه قال: يأنس «3» الموفّقي، وأنفذك مستظهرا بك لتحصي التركة، وإنّها كانت هائلة عظيمة، وإنّا وجدنا فيها ثلاثين جامة بجاذيّ، كلّ جامة فتحها شبر وكسر، في غلف من لبّ الخيازر، مبطّنة بالحرير والديباج، مضرّبة بالنبات، محلّاة بالذهب، فأثبتناها، وحملناها إلى المقتدر، فهاله حسنها، وأحضر ابن الجصّاص، وأمره بتقويمها، فقال: ما أعرف لها قيمة، ولا رأيت مثلها قط، ولولا أنّي شاهدتها [13 ط] ، لكذّبت بوجود مثلها، ولو قلت إنّ قيمة كل واحدة مائة «4» ألف دينار، ما خشيت البعد. وإنّي لمّا حدّثت سيّدنا الوزير أيّده الله، بهذا الحديث، كذّبني

جماعة من ندمائه، وكنت أنت يا سيّدي بمصر، فإن رأيت أن تقيم الآن لي الشهادة. فقال القراريطيّ: قد صدق- أيّد الله الوزير- أبو القاسم، أنا رأيت هذه الجامات، وقبضتها للمقتدر من هذه التركة وسمعت ابن الجصّاص يقول هذا، وقد نسي أبو القاسم شيئا جرى «1» لم يذكره. فقال أبو محمد: ما هو؟ فقال: سألنا خازن الرجل عن هذه الجامات وسببها، فقال: لا أعلم من أين وصلت إليه، ولكن كان عنده منها، ثمانون جامة، فأهدى إلى جماعة من الملوك منها وبقي هذه البقيّة. فاستطرف أبو محمّد المهلّبي الحكاية واستحسنها.

13 مروءة الوزير حامد بن العباس ومكارم أخلاقه

13 مروءة الوزير حامد بن العباس ومكارم أخلاقه حدّثني أبو العبّاس هبة الله بن محمد بن يوسف بن يحيى بن عليّ بن يحيى ابن أبي منصور المنجّم، قال: حدّثني جدّي، قال: وقفت امرأة لحامد بن العبّاس على الطريق، فشكت إليه الفقر، وطلبت منه البرّ، ورفعت إليه قصّة «1» كانت معها، فلمّا جلس، وقّع لها بمائتي دينار. فأنكر الجهبذ «2» دفع هذا القدر إلى مثلها، فراجعه. فقال حامد: والله ما كان في نفسي أن أهب لها إلّا مائتي درهم، ولكنّ الله أجرى لها على يدي مائتي دينار، فلا أرجع في ذلك، أعطها، فدفع إليها. فلما كان بعد أيّام رفع إليه رجل قصّة يذكر فيها: إنّ امرأتي وإيّاي كنّا فقيرين، فرفعت امرأتي قصّة إلى الوزير، فوهب لها مائتي دينار، فاستطالت بها عليّ، وتريد الآن إعناتي لأطلّقها، فإن رأى الوزير أن يوقّع لي إلى من يكفّها عنّي، فعل. قال: فضحك حامد، ووقّع له بمائتي دينار، وقال: أعطوه [15 ب] إيّاها، وقولوا له: قد صار الآن مالك مثل مالها، فهي لا تطالبك بالطلاق. فقبضها الرجل وانصرف غنيّا.

14 الوزير علي بن عيسى وصاحب ديوان السواد

14 الوزير علي بن عيسى وصاحب ديوان السواد حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «1» الأنباريّ التنوخيّ المعروف والده بأبي بكر الأزرق، قال: كان أبو عيسى أخو أبي صخرة «2» جارنا ببغداد، وكان عظيم الحال، كثير المال، تامّ الجاه، شيخا من شيوخ الكتّاب، قد تقلّد كبار الأعمال، وخلف إسماعيل بن بلبل «3» قديما على الوزارة، فلما ولي محمد بن عبيد الله الخاقاني «4» [الوزارة] «5» قلّده ديوان السواد، فلما صرف بأبي الحسن عليّ

ابن عيسى» وورد أبو الحسن من اليمن والشام، لمّا كان نفي إليه عقيب قصّة ابن المعتز، وتقلّد الوزارة، لم يره أهلا لديوان السواد، ولأنّ صنعته لم تكن بالتامّة التي تفي بهذا الديوان، ولم يمكنه صرفه لمكانة كانت له في الدار «2» ، فكان يقصده بالغضّ في المجالس، ولا يرفعه الرفعة التي يستحقّها صاحب ديوان السواد، [وإذا أراد عملا من الديوان أو خراجا أو حسابا وقّع إلى كتّاب الديوان، واستدعاهم، وخاطبهم وهو حاضر، لا يكلّمه في ذلك، فيغضّ منه بهذا، الغضّ الشديد] «3» ، فإذا أراد عملا يعلم أنّ صناعة أبي عيسى لا تفي به وأنّه لا يمكنه الكلام عليه، خاطبه فيه على رؤوس الأشهاد، ليبين نقصه ويفتضح،، وإذا أراد مهمّا أحضر كتّاب الديوان فخاطبهم فيه، ليكون ذلك نهاية الغضّ منه. فلمّا طال ذلك على أبي عيسى، جلس عنده يوما حتى لم يبق في مجلسه غيره [14 ط] ، وغير إبراهيم بن عيسى أخي الوزير «4» . فقال له عليّ بن عيسى: هل من خاجة؟ فقال: نعم، إذا خلا مجلس الوزير.

قال: فأخبرت عن إبراهيم إنّه قال: لما سمعت هذا قمت وانصرفت. فلما كان من الغد جئت إلى أخي، فوجدت أبا عيسى في صدر المجلس، حيث يستحقّ صاحب الديوان أن يكون وهو يأمر، وينهى، وينبسط، ويتكلّم، والخطاب معه في الأعمال دون الكتّاب، وقد صار في السماء. فدعتني نفسي إلى مسألة الوزير عن ذلك، فجلست إلى أن لم يبق في مجلسه غيري، فقال: شيء تقوله يا بنيّ؟ [فقلت: شيء من الفضول أريد أن أسأل الوزير عنه] «1» . فقال: إن كان فضولا فلا تسل عنه. قال: قلت لا بدّ. فقال: هات. قلت: استخلاك أمس أبو عيسى فأخليته، ثم رأيتك اليوم تعامله بضدّ ما كنت تعمله قبل هذا، فما سبب ذلك؟ فقال: نعم، إنّه خاطبني بخطاب عظم به في عيني، وكبر به في نفسي، وعلمت صدقه فيه، فرجعت له، قال لي، وقد خلا بي: أيّها الوزير، أنا رجل شيخ من شيوخ الكتّاب، عارف بمقدار ما أحسنه من صناعة [16 ب] الكتابة، وتقصيري فيها عن الغاية، وليس يخفى عليّ ما يعاملني به الوزير من الغضّ والهتك والتعريض للفضيحة في الصناعة، ومخاطبة الكتّاب في الديوان إذا أراد مهمّا، ومخاطبتي إذا نزل معضل، ويجب أن يعلم الوزير أيّده الله، أنّ حالي، ومالي، وباطني، أكثر ممّا يقع له، ويعرفه من ظاهري على كثرته، وأنّي ما أتصرّف طلبا للفائدة، ولا خوفا

من الفقر، وإنّما أريد الزيادة في الجاه، واتّصال نفوذ الأمر والنهي، وقد عشت طول هذه السنين، آمرا، ناهيا، مستورا في صناعتي، ما تعرّض لي أحد من الوزراء، ولا تعرّضت لهم، وسلمت عليهم، وسلموا عليّ، ومهما عمله الوزير فيّ من الغضّ فليس يمكنه أن يزيل من نفوس الخاصّة والعامّة، أنّي خلفت إسماعيل بن بلبل على الوزارة، وتقلّدت كذا وكذا، وأخذ يعدّد كبار الأعمال التي وليها، وأنّ مثل هذا لا يناط بعاجز، ولا أن يستخرج من النفوس عظم محلّي فيها، مع سعة الحال، وكثرة الضياع والمال، ولا يمكنه في طمس محلّي أكثر مما قد عمله، وأنا بين أمور، إمّا توصّلت إلى إزالة ذلك عنّي بما لعلّه يثقل على الوزير، أو آثرت صفاء نيته فاستعفيت من العمل، ولزمت بيتي، فلم أكن فيه خاملا ولا ساقطا، ثم حصلت حيث أختار، من الكون في جملة أولياء الوزير أو أعدائه، فإمّا أعفاني ممّا يستعمله معي، وردّني إلى العادة التي يستحقّها من نصب في مثل منصبي، أو أعفاني من العمل لألزم بيتي. فقلت له: يا أبا عيسى، لن ترى بعد هذا شيئا تنكره، ولن أكون لك إلّا على أفضل محبّتك، فبكّر إليّ ليبين لك مصداق ذلك. فلمّا جاءني اليوم، عاملته بما رأيته.

15 حكايات عن وقار الوزير علي بن عيسى وزماتته

15 حكايات عن وقار الوزير علي بن عيسى وزماتته ويشبه قول عليّ بن عيسى لأخيه: إن كان فضولا فلا تسل عنه، ما كان يبلغنا عنه من الزماتة الشديدة، والوقار العظيم، ومطالبة نفسه باحتشام الخلق، واستعمال ذلك مع أهله وولده. حدّثني أبو الحسن بن الأزرق، قال: بلغني عن بعض أكابر ولده [15 ط] أنّه دخل إليه في آخر عمره، وهو مستلق، فلمّا رأى ابنه جلس منتصبا. وأخبرني أبي رحمه الله، وأبو الحسين بن عيّاش: أنّهما كانا يشاهدان أبا الحسن في آخر الأوقات في المجالس الحافلة، يجلس عند باب مفتوح، وبين البابين مسورة «1» يستند إليها، وعلى الباب ستر قد أرخي حتى بلغ الأرض وغطّى المسورة، وصار حجابا بين الناس وبينها، وهو ملتزق بالسّتر احتشاما للناس أن يستند بحضرتهم، وما زال الناس على هذا. «2»

16 حكاية عن تزمت القاضي أبي جعفر بن البهلول

16 حكاية عن تزمت القاضي أبي جعفر بن البهلول حدّثني أبو الحسن بن أبي طالب بن أبي جعفر بن البهلول «1» ، قال: كنت وأنا صبيّ، أجيء، وألعب، بحضرة جدّي «2» ، فيصيح [17 ب] عليّ. قال: ما دخلت إليه قط، وهو مكشوف الرأس، إلّا أخذ القلنسوة من خلف مسورته، ولبسها، وجلس متزمّتا «3» عليّ [وسنّي إذ ذاك عشر سنين، أو حواليها] «4» ، إلى أن أنصرف، فأراه إذا بعدت، وقد وضعها [عن رأسه] «5» .

17 بين الوزير علي بن عيسى والوزير أبي علي بن مقلة

17 بين الوزير علي بن عيسى والوزير أبي عليّ بن مقلة ويشبه فعل أبي الحسن عليّ بن عيسى بأبي عيسى أخي أبي صخرة، ما أخبرني به الثقة، قال: أخبرني جماعة من الكتّاب، أنّه بلغه «1» أنّ المقتدر قد عمد «2» على صرفه بأبي عليّ بن مقلة «3» ، وكان يخلفه إذ ذاك على عدّة دواوين، فاستدعاه، وطالبه بأعمال يعملها له من الدواوين، فوعده بإحضارها. فلما كان بعد أيّام، خاطبه بحضرة الناس يريد الغضّ منه، فقال له: طلبت منك أعمالا فما أحضرتها، وأنا أعلم تعذّرها عليك، فإن كان الأمر كذلك، فأفصح عن نفسك. فقال ابن مقلة: قد أحضرتها، ووضعها بين يديه. فأخذ يقرؤها، ويعجّب مشايخ الكتاب الحضور من خطائه فيها، ويواقفه على ضعف صناعته، ويفضحه في موضع موضع يخرّجه، ويقول له في عرض الخطاب؛ هذه حياكة: ليست كتابة، ويضرب

على عمل عمل، ويرسم في أضعافه، كيف يجب أن يعمل، والكتّاب الحاضرون يعجبون من حسن ما يورده أبو الحسن، وضعف ما أورده أبو عليّ، إلى أن ضرب على جميع الأعمال، ثم قال له: قم فاعملها على هذا، وحرّرها، وجئني بها، فقام أبو عليّ [يجرّ رجله] «1» . فلمّا ولّى عن حضرة أبي الحسن، قال: إنّ أمرا عجز عنه عليّ بن محمد بن الفرات، ونحن فيه مرتبكون، تقوم به أنت؟ لشيء عجيب «2» . قال: فلما كان في اليوم الرابع أو الخامس من هذا الحديث، قبض على عليّ بن عيسى، وسلّم إلى أبي عليّ، وقلّد الوزارة، فاعتمد الغضّ من أبي الحسن، فما قدر على ذلك بأكثر من المكاره، والمخاطبة له في وجهه بما يرتفع عنه أرباب المروءات. فمن ذلك، انّ هذا المخبر أخبرني، قال: حدّثني أبو أحمد الشيرازيّ الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر «3» قال: كنت بحضرة أبي عليّ بن مقلة يوما في وزارته وقد دخل عليه عليّ بن عيسى فجلس بين يديه، وكان أبو عبد الله العلويّ الموسويّ حاضرا «4» ، وأبو

عليّ الحسن بن هارون «1» . فقال أبو عليّ بن مقلة للحسن بن هارون: اكتب رقعة عن أبي عبد الله يصف فيها اختلال ضيعته، ويسأل فيها الاحتساب له بمظلمة، وإطلاق معونة له. ففعل الحسن بن هارون ذلك في الحال، وعرض الرّقعة، فوقّع بإخراج الحال، وأنفذ إلى الكاتب بأن أخرج الحال [16 ط] مصدقا [18 ب] لما في الرقعة. ففعل ذلك. فوقّع تحت إخراج الحال بإطلاق عشرين كرّا حنطة وعشرين كرّا شعيرا معونة له، والاحتساب بما ذكر مبلغه في المظلمة، وقال لأبي عليّ الحسن ابن هارون: سلّمه إلى أبي عبد الله. قال، فاستحسن الحاضرون كرمه في ذلك على رجل علويّ، وأخذ أبو الحسن عليّ بن عيسى يشكر له ذلك ويصوّبه له. فقال له مجيبا: فلم لم تفعل مثل هذا يا أبا الحسن في وزارتك؟ قال، فنهض أبو الحسن، وقال: استودع الله الوزير، ولم يجب بحرف واحد.

18 تزمت الوزير علي بن عيسى وتخشنه

18 تزمت الوزير علي بن عيسى وتخشنه ومن زماتة أبي الحسن عليّ بن عيسى وتخشّنه «1» ، انّه كان يحبّ أن يبين فضله في هذا على كلّ أحد، أخبرني به غير واحد: إن أبا عمر القاضي «2» دخل إليه يوما في بعض وزاراته، وعلى أبي عمر قميص دبيقيّ ششتريّ فاخر «3» ، فأراد أبو الحسن أن يخجله فقال له: يا أبا عمر بكم اشتريت شقّة هذا القميص؟ فقال: بمائتي دينار «4» . فقال أبو الحسن: ولكنّي اشتريت لي هذه الشقّة التي قطعت منها هذه الدرّاعة وهذا القميص الذي تحتها بعشرين دينارا. فقال له أبو عمر مسرعا كأنّه قد أعدّ له الجواب: الوزير أعزّه الله يجمّل الثياب، ولا يحتاج إلى المبالغة فيها، [ونحن نتجمّل بالثياب، فنحتاج إلى المبالغة فيها] «5» لأنّا نلابس العوام، ومن نحتاج إلى التفخيم عليه، وإقامة الهيبة في نفسه بها، والوزير أيّده الله يخدمه الخواصّ، أكثر من خدمة العوام، ونعلم أنّه يدع هذا عن قدرة. قال: فكأنّما ألقم أبا الحسن حجرا، وسكت عنه.

19 الوزير علي بن عيسى يفرض على ملك الروم أن يحسن معاملة الأسارى المسلمين

19 الوزير علي بن عيسى يفرض على ملك الروم أن يحسن معاملة الأسارى المسلمين حدّثني القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن «1» ، قال حدّثني مكرّم ابن بكران، عن «2» أبي يحيى بن مكرّم القاضي «3» ، قال: كنت خصيصا بأبي الحسن عليّ بن عيسى، وربما شاورني في شيء من أمره، قال: دخلت عليه يوما وهو مغموم جدّا، فقدّرت أنّه بلغه عن المقتدر أمر كرهه، فقلت هل حدث شيء؟ وأومأت إلى الخليفة. فقال: ليس غمّي من هذا الجنس، ولكن ممّا هو أشدّ منه. فقلت: إن جاز أن أقف عليه فلعلّي أقول فيه شيئا. فقال: نعم، كتب إليّ عاملنا بالثّغر، أنّ أسارى المسلمين في بلد الروم، كانوا على رفق وصيانة إلى أن ولي آنفا، ملك الروم، حدثان،

فعسفا الأسارى، وأجاعاهم، وأعرياهم، وعاقباهم، وطالباهم بالتنصّر، وأنّهم في جهد جهيد، وبلاء شديد، وليس هذا ممّا لي فيه حيلة، لأنّه أمر لا يبلغه سلطاننا، والخليفة لا يطاوعني، فكنت أنفق الأموال، وأجتهد، وأجهّز الجيوش حتى تطرق القسطنطينية. فقلت [19 ب] أيّها الوزير، هاهنا رأي أسهل ممّا وقع لك، يزول به هذا. فقال: قل يا مبارك. فقلت: إنّ بانطاكية عظيما للنصارى يقال له البطرك «1» ، وببيت المقدس آخر يقال له القاثليق «2» ، وأمرهما ينفذ على ملك الروم، [حتى انّهما ربّما حرما الملك فيحرم عندهم، ويحلّانه فيحلّ] «3» . وعند الروم انّه من خالف منهم هذين فقد كفر، وانّه لا يتمّ جلوس الملك ببلد الروم إلّا برأي هذين، وان يكون الملك قد دخل إلى بيعتهما، وتقرّب بهما، والبلدان في سلطاننا [17 ط] ، والرجلان في ذمّتنا، فيأمر الوزير بأن يكتب إلى عاملي البلدين بإحضارهما، وتعريفهما ما يجري على الأسارى، وانّ هذا خارج عن الملك، وانّهما إن لم يزيلا هذا، لم يطالب بجريرته غيرهما، وينظر ما يكون من الجواب. قال: فاستدعى كاتبا، وأملى عليه كتابين في ذلك «4» ، وأنفذهما في الحال، وقال: سرّيت عنّي قليلا، وافترقنا. فلما كان بعد شهرين وأيّام، وقد أنسيت الحديث، جاءني

فرانق «1» من جهته يطلبني، فركبت وأنا مشغول القلب بمعرفة السبب في ذلك، حتى وصلت إليه، فوجدته مسرورا، فحين رآني قال: يا هذا، أحسن الله جزاءك عن نفسك ودينك وعنّي. فقلت: ما الخبر؟ قال: كان رأيك في أمر الأسارى أبرك رأي وأصحّه، وهذا رسول العامل قد ورد بالخبر، وأومأ إلى رجل كان بحضرته، وقال له: خبّرنا بما جرى. فقال الرجل: أنفذني العامل مع رسول البطرك والقاثليق، برسالتهما إلى قسطنطينية «2» وكتبا إلى ملكيها: إنّكما قد خرجتما عن ملّة المسيح بما فعلتماه بالأسارى وليس لكما ذلك، فإنّه حرام عليكما، ومخالف لما أمرنا به المسيح من كذا وكذا، وعدّدا أشياء في دينهما، فإمّا زلتما عن هذا، واستأنفتما الإحسان إلى الأسارى، وتركتما مطالبتهم بالتنصّر، وإلّا لعنّا كما على هذين الكرسيّين وحرمنا كما. قال: فمضيت مع الرسول، فلما صرنا بقسطنطينية، حجبت عن الملكين أيّاما، وخليا بالرسول «3» ، ثمّ استدعياني إليهما، فسلّمت عليهما، فقال لي ترجمانهما: يقول لك الملكان، إنّ الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى، كذب وتشنيع، وقد أذنّا في إدخالك دار البلاط لتشاهد أساراكم، فترى أحوالهم بخلاف ما بلغكم، وتسمع من شكرهم لنا، ضدّ ما اتّصل بكم.

قال: ثم حملت إلى دار البلاط، فرأيت الأسارى، وكأنّ وجوههم قد أخرجت من القبور، تشهد بالضرّ [الشديد والجهد الجهيد] «1» وما كانوا فيه من العذاب [إلى حين قدومنا] «2» إلّا أنّهم مرفّهون في ذلك الوقت، وتأمّلت ثيابهم، فإذا جميعها [20 ب] جدد، فعلمت أنّي منعت من الوصول تلك الأيّام حتى غيّر زيّ الأسارى [وأصلح أمرهم] «3» . وقال لي الأسرى: نحن للملكين شاكرون، فعل الله بهما وصنع، وأو مأوا إليّ: إنّ الأمر كان كما بلغكم، ولكنّه خفّف عنّا، وأحسن إلينا، بعد حصولك هاهنا. وقالوا لي كيف عرفت حالنا؟ ومن تنبّه علينا، وأنفذك بسببنا؟ فقلت لهم: ولي الوزارة عليّ بن عيسى فبلغه ذلك، فأنفذ من بغداد، وفعل كذا وكذا. قال: فضجّوا بالدعاء إلى الله تعالى للوزير، وسمعت امرأة منهم تقول: مرّ يا عليّ بن عيسى لا نسي الله لك هذا الفعل «4» . قال: فلما سمع ذلك عليّ بن عيسى أجهش بالبكاء، وسجد حمدا لله سبحانه وتعالى، وبرّ الرسول، وصرفه. فقلت له: أيّها الوزير، أسمعك دائما تتبرّم بالوزارة، وتتمنى الانصراف عنها في خلواتك خوفا من [18 ط] آثامها، فلو كنت في بيتك، هل كنت تقدر أن تحصّل هذا الثواب ولو أنفقت فيه أكثر مالك؟ فلا تفعل، ولا تتبرّم بهذا الأمر فلعلّ الله يمكّنك ويجري على يديك أمثال هذا الفعل، فتفوز بثوابه في الآخرة، كما تفرّدت بشرف الوزارة في الدنيا.

20 ابن رزق الله، التاجر البغدادي يوقف في بلاد الروم أكسية لتدفئة أسارى المسلمين

20 ابن رزق الله، التاجر البغدادي يوقف في بلاد الروم أكسية لتدفئة أسارى المسلمين حدّثني أبو محمد، عبد الله بن أحمد بن داسه البصريّ، قال: حدّثني عليّ بن إبراهيم بن حمّاد القاضي: إنّ بعض مشايخ العرب «1» أخبره عن رجل من المسلمين، أسر، ثم رجع إلى دار الإسلام، قال: لما حملنا إلى بلد الروم مرّت بنا شدائد، فحصلنا عدّة ليال لا ننام من البرد، وكدنا نتلف، ثم دخلنا قرية، فجاءنا راهب فيها بأكسية وقطف «2» ثقيلة دفيّة، فغطّى جميع الأسارى، كلّ واحد بواحدة، فعشنا تلك الليلة، فأقامونا في تلك القرية أيّاما، فكانت سبيلنا هذه، ثم نقلونا إلى أخرى، فعادت حالنا في العري والبرد إلى الأولى. فسألنا عن السبب في ذلك، فقالوا: إنّ رجلا ببغداد من التجّار يقال له ابن رزق الله، صهر ابن أبي عوف «3» ، توصّل إلى أن حصلت له هذه الأكسية والقطف عند الراهب، بغرامات مال جليل، وسأله أن يغطّي بها من يحصل في قريته من أسارى المسلمين، وضمن له أن ينفق على بيعة في بلد الإسلام بإزاء هذا في كل سنة شيئا ما دامت الأكسية محفوظة للأسارى، فالراهب يفعل ذلك في هذه القرية، وما قبلها وما بعدها ليس فيها شيء من هذا. فأقبلنا ندعو لابن رزق الله كلما نفحنا البرد، ولحقتنا الشدّة، ونحن لا نعرفه.

21 شخص متعطل زور كتابا عن لسان الوزير ابن الفرات، إلى عامل مصر

21 شخص متعطل زوّر كتابا عن لسان الوزير ابن الفرات، إلى عامل مصر حدّثني أبو الحسين، عبد الله بن أحمد بن عيّاش القاضي: إنّ رجلا دامت عطلته، فزوّر كتبا عن عليّ بن محمد بن الفرات «1» ، وهو وزير، إلى أبي زنبور «2» [21 ب] عامل مصر، وخرج إليه، ولقيه بها فأنكرها أبو زنبور، لإفراط التأكيد فيها، وكثرة الدعاء للرجل، وأنّ محلّه عنده لم يكن يقتضي ذلك الترتيب، واستراب بالخطاب أيضا. فوصل الرجل بصلة يسيرة، وأمر له بجراية، وقال: تأخذها إلى أن أنظر في أمرك. وأنفذ الكتب في خاصّ كتبه إلى ابن الفرات، وشرح له الصورة، وكان فيها: إنّ للرجل حرمة وكيدة بالوزير، وخدمة قديمة. قال: فوصلت الكتب إلى أبي الحسن بن الفرات، وأصحابه بين يديه فعرّفهم الصورة، وعجّبهم منها، وقال: ما الرأي في أمر الرجل؟ فقال بعضهم: تقطع يده لتزويره على الوزير.

وقال بعضهم: يقطع إبهامه. وقال بعضهم: يضرب ويحبس. وقال بعضهم: يكشف لأبي زنبور أمره، ويتقدم إليه بطرده، ويقتصر به على الحرمان مع بعد الشقّة «1» . فقال ابن الفرات: ما أبعد طباعكم عن الجميل، وأنفرها من الحرّية «2» ، رجل توسّل بنا، وتحمّل المشقّة إلى مصر، وأمّل بجاهنا الغنى، ولعلّه كان لا يصل [19 ط] إلينا، ولا حرمة له بنا فيأخذ كتبنا، فخفّف عنّا بأن كتب لنفسه ما قدّر أنّ به صلاحه، ورحل ملتمسا للرزق، وجعلنا سببه، يكون أحسن أحواله عند أجملكم محضرا الخيبة؟ ثم ضرب بيده إلى الدواة، وقلب الكتاب المزوّر، ووقّع عليه «3» بخطه: هذا كتابي، ولا أعلم لأيّ سبب أنكرته. ولا كيف استربت به، كأنّك عارف بجميع من خدمنا في النكبة، وأوقات الاستتار، وقديم الأيّام، وقد أحطت علما بجميعهم، فأنكرت أبا فلان هذا- أعزّه الله- من بينهم، وحرمته بي أوكد ممّا في هذا الكتاب، وسببه عندي أقوى ممّا تظنّ، فأجزل عطيّته، وتابع برّه «4» ووفّر حظّه من التصرّف فيما يصلح له، وافعل به واصنع، وأصدر الكتاب في الحال. فلما كان بعد مدّة طويلة، دخل عليه رجل جميل الهيئة، حسن الزيّ والغلمان، فأقبل يدعو له، ويبكي، ويقبّل الأرض بين يديه،

وابن الفرات لا يعرفه، ويقول: يا بارك الله عليك- وكانت هذه كلمته- ما لك؟ فقال له: أنا صاحب الكتاب المزوّر إلى أبي زنبور، الذي حقّقه تفضّل الوزير، فعل الله به وصنع. قال: فضحك ابن الفرات، وقال: فبكم وصلك؟ قال: وصل إليّ من ماله، وبتقسيط قسّطه لي، وبتصرّف صرّفني فيه، عشرون ألف دينار. قال ابن الفرات: الحمد لله، الزمنا، فإنّنا ننفعك بأضعافها. قال: فلزمه وفاتشه، فوجده كاتبا، فاستخدمه، وأكسبه مالا عظيما، وصار ذلك سببا لحرمة الرجل به.

22 أبو عمر القاضي يعامل بالجميل رجلا زور عنه رقعة بطلب التصرف

22 أبو عمر القاضي يعامل بالجميل رجلا زوّر عنه رقعة بطلب التصرّف حدّثني أبو أحمد بن أبي الورد [شيخ من أبناء القضاة لقيته سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ببغداد] «1» ، قال حدّثني أبي [22 ب] وكان خصيصا بأبي عمر القاضي «2» . إنّ رجلا زوّر عنه رقعة إلى أبي القاسم ابن الحواريّ «3» ، يسأله تصريفه وكانت بينهما مودّة. وصار الرجل بالرقعة إلى أبي القاسم، فأخذت منه وحجب، فجلس يتوقّع الجواب. فاتّفق أن جاء القاضي أبو عمر وأنا معه ليسلّم على ابن الحواريّ، ودخلنا، فوجد القاضي الرقعة بحضرته مشبهة بخطه، فوجم لذلك، وتشوّف «4» لمعرفة الخبر، وكان فيه من الوقار والرصانة والفضل المشهور الذي ضرب به المثل، [ما لم يتبين لابن الحواريّ معه ذلك عليه، وفطنت أنا لدربتي بأخلاقه] «5» . وحانت لابن الحواريّ التفاتة، فرأى الرقعة في يده، فقال: أيّها القاضي الساعة وصلت، وأنا أفعل ما التمسته في معنى الرجل.

فشكره أبو عمر، وخاطبه بما أو همه فيه انّها رقعته، من غير أن يطلق ذلك، وكان أفعل الناس لهذا، وأقدرهم على أن يتكلّم دائما في الأمور بما يحتمل معنيين، ويحتاج إلى تفسير للمقصد، توقّيا منه، ودهاء. وقال أبو عمر: فليطلب الرجل، إن كان حاضرا ويدخل، فطلبوه وأدخلوه، وقد امتقع لونه. فقال له ابن الحواريّ: أنت الموصل لرقعة القاضي أعزّه الله؟ فقال: نعم. فقال له أبو عمر: إنّه أعزّه الله قد وعد بتصريفك والإحسان إليك، فالزمه. قال: وتحدّثا ساعة، ونهض أبو عمر، وقال لي سرّا: [20 ط] جئني به. فتأخّرت وونّسته «1» ، وحملته إليه، فدخلت عليه به وهو خال ينتظرنا وحده. فقال له: ويلك، أتزوّر على خطّي، وأنا حاكم، وخطّي ينفذ في الأموال والفروج والدماء؟ ما كان يؤمنك أن أعرّف أبا القاسم أمرك فتصير نكالا. فبكى الرجل وقال: والله، أيّها القاضي، ما حملني على ذلك إلّا عدم القوت، وشدة الفقر، وأنّي وثقت بكرمك ففعلت ذلك، إذ كان غير متّصل بحكم ولا شهادة، وقدّرت أيضا أنّ ذلك ينستر عنك، وأنتفع أنا من حيث لا يضرّك. فقال له أبو عمر: الله إنّ الفقر حملك على هذا؟ فقال: إي والله، فبكى أبو عمر، وسارّ خادما له، فغاب الخادم قليلا،

ثم جاء بصرّة فيها مائة دينار، ومنديل فيه دست ثياب، فسلّمه إلى الرجل. فقال له أبو عمر: اتّسع بهذا، والبس هذا، والزم أبا القاسم فإنّي أؤكّد عليه أمرك، واحلف لي أن لا تزوّر على خطّي أبدا. فحلف له الرجل على ذلك وانصرف. فلما كان بعد شهور جاءنا مسلّما على أبي عمر بمركوب حسن وثياب فاخرة، فأخذ يشكر أبا عمر ويدعو له، وهو لا يعرفه، وقد ذكرته أنا. فقال له أبو عمر: يا هذا على أيّ شيء تشكرني؟ فقال: أنا صاحب الرقعة إلى أبي القاسم ابن الحواريّ، الذي [23 ب] وصلني القاضي بماله، وأحياني بجاهه، وقد صرّفني أبو القاسم طول هذه المدة، فبلغت حالي إلى هذا، وأنا أدعو الله للقاضي أبدا. فقال أبو عمر: الحمد لله على حسن التوفيق.

23 أراد أن يزور على رجل مرتعش اليد

23 أراد أن يزوّر على رجل مرتعش اليد حدّثني أبو الحسين بن عيّاش القاضي، قال: رأيت صديقا لي على بعض زواريق الجسر ببغداد، جالسا في يوم ريح شديد، وهو يكتب. فقلت ويحك في مثل هذا الموضع، ومثل هذا الوقت؟ فقال: أريد أن أزوّر على رجل مرتعش، ويدي لا تساعدني، فتعمدت الجلوس هاهنا لتحرّك الزورق بالموج في هذه الريح، فيجيء خطّي مرتعشا، فيشبه خطّه.

24 الوزير ابن مقلة يزور عليه أخوه

24 الوزير ابن مقلة يزوّر عليه أخوه حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حضرت أبا عليّ بن مقلة، وقد عرضت عليه، وهو وزير، عدّة تسبيبات، وتوقيعات، قد زوّرها عليه أخوه أبو عبد الله «2» ، وارتفق عليها «3» ، وكان أبو عبد الله حاضرا، فاستقبح أن يفضحه فيها. فلمّا كثرت عليه، التفت إليه، فقال: يا أبا عبد الله، قد خفّفت عنّا، حتى ثقّلت، وخشينا أن نثقّل عليك، فأحبّ أن تخفّف عن نفسك هذا التعب. قال: فضحك أبو عبد الله، وقال السمع والطاعة للوزير.

25 عمران المملكة أساس صلاح الرعية

25 عمران المملكة أساس صلاح الرعية حدّثني القاضي أبو الحسن عليّ بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ قال: استتر في دورنا عند أبي، أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات، المعروف بابن حنزابة «1» ، وكنت حدثا، فكان يستدعيني دائما، ونتحدّث، وألعب معه الشطرنج. فقال لي يوما، وقد جرى حديث نقصان [21 ط] دخل المقتدر عن خرجه: نظرت، فإذا دخل المملكة كذا وكذا، وخرجها كذا وكذا، وإذا دخل ضياع عمّي أبي الحسن، وما قبض معها من ضياعنا، كان في وقت قبضها، كذا وكذا، وهو اليوم ثلث ذلك، ولو مكّنت من ضياعنا وحدها، لعمّرتها، فعاد ارتفاعها إلى ما كان عليه، فوفر ما بين الارتفاعين يعمّر الدنيا كلها، وإنّما أملاكنا شقص «2» يسير من الأرض، فكيف لو كان للدنيا من يهتمّ بعمارة جميعها؟ قال القاضي أبو الحسن: وما سمعت أعظم من هذا، وذلك قبل تقلّد أبي الفتح الوزارة. وكان أبو الحسن، يحفظ مبلغ المال، وأخبرني به، فذهب عنّي.

26 الوزير ابن الفرات يحسن إلى خياط

26 الوزير ابن الفرات يحسن إلى خياط حدّثني أبي رضي الله عنه، قال: بلغني أنّ أبا الحسن بن الفرات، اجتاز وهو متوسّط الحال، في بعض الدروب الضيّقة «1» راكبا، وبين يديه غلامان، فسال عليه ميزاب من دار فصيّره آية ونكالا. فقال لأحد غلمانه: اطلب لي موضعا أدخله. فدقّ على قوم بابهم، وكان صاحب الدار خيّاطا، فلما رأى شارة أبي الحسن، وهيأته، أعظمه وخدمه، وأدخله وأجلسه، وأخذ ثيابه فدفعها إلى زوجته لتغسلها [24 ب] ، وجلس يحادثه، وبادر الغلام الآخر إلى دار أبي الحسن فجاءه بخلعة ثياب قبل أن يفرغ من غسل ذلك القماش، فلبسها، وأمر بترك تلك الثياب على القوم، وانصرف. وضرب الدهر ضربه، وولي الوزارة الأوّلة «2» . فاجتاز يوما راكبا في موكب عظيم، فقام الناس ينظرونه، وقام الخيّاط، فلما رآه عرفه، فقال لأهل سوقه: إنّ لي مع هذا الرجل قصّة طريفة، وأخبرهم بها. فقالوا له: إنّه كريم، ولو قصدته لانتفعت. فلمّا كان من غد قصده الخيّاط، فصادف مصيره إلى بابه ركوب ابن الفرات، فدعا له، وقال: لي بالوزير حرمة.

فتأمّله ابن الفرات، فعرفه، وتذكّر قصّته، فأمر بإجلاسه. فلما عاد استحضره وسأله عن خبره، وخبر زوجته، وأولاده. فأخبره [ووصف خلّة] «1» . فقال له: أيّما أحب إليك الجائزة أو الخدمة لنا؟ فقال: بل خدمة الوزير. فأمر له بألف دينار، وأن يجعل رئيسا على الخيّاطين في داره، ففعل به ذلك. فما مضت عليه مديدة حتى صار صاحب عشرات ألوف «2» .

27 الوزير المهلبي يحسن إلى كواز

27 الوزير المهلبي يحسن إلى كوّاز وقد شاهدت أنا، قريبا من هذا، من الوزير أبي محمد، الحسن بن محمد المهلّبي رحمه الله، وذلك: إنّ أبا محمد عبد الرحمن بن نصر السكّريّ البصريّ، صاحب البريديّين، وتقلّد شرطة البصرة دفعات، دعاه في وزارته، فجاء إليه إلى داره في شارع المربد. فلمّا أراد الرجوع من داره إلى مسماران «1» - وكان أبو محمد المهلّبي رحمه الله، قد نزلها- استقبح الاجتياز بالجامع مع أنّه شارب، فعدل في الأزقّة إلى سيحان «2» ، ليركب منها طيّاره. فلما بلغ حيث تعمل الكيزان، حقنه بوله، فدخل دار قوم ضعفاء، فبال، فدعا له صاحب الدار. فقال له: هذه الدار لك؟ قال: لا، هي بأجرة معي. قال: كم أجرتها؟ قال: خمسة دراهم في الشهر. قال: وكم تساوي؟ قال: خمسمائة درهم. قال: وكم رأس مالك في عمل الكيزان؟ قال: مائة درهم. فدفع إليه في الحال ألف درهم، وقال: اشتر منها الدار، وردّ [22 ط] الباقي في رأس مالك، وركب.

28 من مكارم أخلاق الوزير أبي محمد المهلبي

28 من مكارم أخلاق الوزير أبي محمد المهلبي وكان رحمه الله «1» ، من بقايا الكرام، ولقد شاهدت له مجلسا في شهر رمضان، سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، كأنّه من مجالس البرامكة، ما شهدت مثله قط قبله ولا بعده، وذلك: إنّ كاتبه على ديوان السواد، أبو الحسين عبد العزيز بن إبراهيم، المعروف بابن حاجب «2» النعمان، سقط من روشن «3» في دار أبي محمّد على دجلة، فمات في اليوم الثامن من السقطة. فجزع عليه أبو محمد، وجاء من غد إلى أولاده، لأنّهم كانوا دفنوه «4» عشيّا، وكنت معه [وحضر، وقد أعدّوا له دستا يجلس فيه، فلما دخل عدل عنه ولم يجلس فيه] «5» ، فعزّاهم بأعذب لسان، وأحسن بيان [25 ب] ، ووعدهم الإحسان، وقال: أنا أبوكم، وما فقدتم من ماضيكم غير شخصه. ثم قال لابنه الأكبر أبي عبد الله: قد ولّيتك موضع أبيك، ورددت

إليك عمله، ووليّت أخاك أبا الحسين، وكان هذا صبيّا سنّه إذ ذاك عشر سنين أو نحوها [كتبة حضرة ابني أبي الغنائم] «1» ، وأجريت عليه كذا وكذا- رزقا كثيرا، وقد ذهب عنّي- فليلزمه، فإن سنيهما متقاربة، ليتعلّم بتعلّمه، وينشأ بنشأته، فيجب حقّه عليه. ثم قال لأبي العلاء صاعد بن ثابت، خليفته على الوزارة «2» : اكتب عهدا لأبي عبد الله، واستدع كلّ من كان أبو الحسين رحمه الله، مستأجرا منه شيئا، فخاطبه في تجديد الإجارة للورثة، فإن أكثر نعمته، إنّما كانت دخالات وإجارات ومزارعات، وقد انحلّت الآن بموته، ومن امتنع فزده من مالي، واسأله، ولا تقنع إلّا بتجديد العقد كيفما جرت الحال. ثم قال لأبي المكارم بن ورقاء، وكان سلف «3» الميت: إنّ ذيل أبي الحسن طويل، وقد كنت أعلم إنّه يجري على أخواته وأولادهنّ وأقاربه شيئا كثيرا في كلّ شهر، وهؤلاء الآن يهلكون بموته، ولا حصّة لهم في إرثه، فقم إلى ابنة أبي محمد المادرائي- يعني زوجة المتوفّى-، فعزّها عنّي، واكتب عنها جريدة «4» بأسماء جميع النساء اللواتي كان أبو الحسن يجري عليهنّ، وعلى غيرهنّ، من الرجال وضعفاء حاشيته. وقال لأبي العلاء: إذا جاءك بالجريدة، فأطلقها عاجلا لشهر، وتقدّم

بإطلاقها على الإدرار، فبلغت الجريدة ثلاثة آلاف وكسرا في الشهر، وعملت في المجلس وأطلق مالها وامتثل جميع ما رسم به أبو محمد. فلم يبق أحد إلّا بكى رقّة واستحسانا لذلك. ولقد رأيت أبا عبد الله محمد بن الحسن الداعي العلويّ «1» رحمه الله، ذلك اليوم، وكان حاضرا المجلس، وقد أجهش بالبكاء، وأسرف في شكر أبي محمّد، وتقريظه، على قلّة كلامه إلّا فيما يعنيه، وعلى سوء رأيه- كان- في أبي محمد، ولكنّ الفضل بهره، فلم يمنعه ما بينهما، أن نطق بالحق. وقلت أنا، لأبي محمد في ذلك اليوم: لو كان الموت يستطاب في وقت من الأوقات، لطاب لكل ذي ذيل طويل، في أيّام سيّدنا الوزير [أطال الله بقاءه] «2» ، فإنّ هذا الفعل، تاريخ الكرم، [وغاية تسامي الهمم] «3» [23 ط] وبه يتحقّق ما يروى عن الأسلاف من الأجواد، والماضين من الكرماء الأفراد، وغير ذلك، ممّا حضرني في الحال. ثم نهض أبو محمّد رحمه الله، فارتفعت الضجّة من النساء، والرجال، وأهل الدار، والشارع، بالدعاء له، والشكر.

29 الوزير المهلبي وأبو عبد الله الأزدي الموصلي

29 الوزير المهلبي وأبو عبد الله الأزدي الموصلي حدّثني أبو محمد، يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد الأزديّ الموصليّ: إنّ أبا [26 ب] عبد الله، والده، رحمه الله «1» ، توسّط بين أبي محمد المهلّبي، وناصر الدولة، في مال يحمله إلى معزّ الدولة، من صلح الموصل، فأنفق من المال أربعين ألف درهم، لإضافة لحقته. وسبّب عليه المهلّبيّ بالمال كاملا، وهو لا يعرف الخبر، وكانت بينهما مودّة وأنس، فصحّح أبو عبد الله الموجود، ودافع بما أنفق. وجلس يوما في داره ليحتال العوض ويردّه، فجاءته رقعة أبي محمد يدعوه للشرب، فدافع، فعاوده، فركب، فأكلا، وجلسا للشراب. فقال له أبو عليّ الأنباري «2» : أرى فيك يا سيّدي أبا عبد الله فتورا، وكانت بينهما مودّة، [وأبو عليّ- إذ ذاك- يخلف الوزير أبا محمد على الوزارة] «3» وعنده ابنته «4» ، فحدّثه أبو عبد الله بالحديث، وإن قلبه مشغول، إلى أن يتمّ له العوض ويردّه، وسأله كتمان ذلك. وتبيّن المهلّبيّ في أبي عبد الله ذلك الفتور، فسأله عنه فورّى عن الصدق وكبرت نفسه عن إخباره بذلك، فأمسك عنه، وقام أبو عبد الله إلى البول،

فقال أبو محمد لأبي عليّ الأنباريّ: أما ترى فتور أبي عبد الله وهو صديقك، وقد رأيته يسارّك، وأظنه قد خرج إليك بسبب كسله، فما هو؟ فحدّثه أبو عليّ بالحديث. فلما عاد، قال له أبو محمد: يا أبا عبد الله، أيّدك الله، ما أنصفتني في المودّة، ولا أنصفت نفسك في السياسة، تهتم بسبب أربعين ألف درهم، أملك إسقاطها عنك، فتكاتمني ذلك، حتى كأنّها عليك لغريب، أو بحقّ واجب. وأخذ أبو عبد الله يجحد، ويقطّب في وجه أبي عليّ، ثم أخرج سرّه. فقال المهلّبيّ، لأبي عليّ، يجب الساعة أن ينفذ إلى الجهبذ، أن يكتب له- أيّده الله- روزا بها «1» ، وأن تجعل أنت لها وجوها في الخرج، وتولّد بها نفقات واجبات- كما تعلم- على الأمير معزّ الدولة «2» ، لتسقط عن أبي عبد الله- أيّده الله- ولا نغرمها نحن. قال: فاستدعى الجهبذ وأخذ روزه، وسلّمه إليه. ثم قال له المهلّبيّ: أيّ شيء ضرّك أو ضرّني من هذا، سقط عنك همّ وثقل، وعنّي بقضائي بعض حقك، وخرج المال من مال الأمير، عد الآن إلى شربنا. فما برح ليلته تلك من عنده، وسقط المال عنه.

30 عطايا الوزير المهلبي متواصلة

30 عطايا الوزير المهلبي متواصلة وقد أخبرني جماعة من ندماء أبي محمد: إنّه فرّق في ليلة من اللّيالي عليهم، وعلى جماعة كانوا حضورا معهم، من مغنّين وملهين وغير ذلك، من الدراهم والثياب، ما يبلغ قيمة الجميع خمسة آلاف دينار. ورأيته أنا، غير مرّة، قد وهب للجهنيّ «1» ولأبي الفرج الأصبهانيّ «2» خمسة آلاف درهم [وأربعة آلاف درهم] «3» ، ولغيرهما [27 ب] دائما.

31 الوزير القاسم بن عبيد الله يأمر أستاذه بالارتفاق

31 الوزير القاسم بن عبيد الله يأمر أستاذه بالارتفاق حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: حدّثني أبو إسحق إبراهيم بن السريّ الزجّاج «1» ، قال: كنت أؤدّب القاسم بن عبيد الله «2» ، وأقول له: إن بلّغك الله مبلغ أبيك، ووليت الوزارة، ماذا تصنع بي؟ فيقول: ما أحببت. فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار «3» ، وكانت غاية أمنيتي، فيقول: نعم [24 ط] . فما مضت إلّا سنون، حتى ولي القاسم الوزارة، وأنا على ملازمتي له، وقد صرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد، ثم هبته. فلما كان في اليوم الثالث من وزارته، قال لي: يا أبا إسحق، لم أرك أذكرتني بالنذر؟. فقلت: عوّلت على رعاية الوزير أيّده الله، وأنّه لا يحتاج إلى إذكار لنذر عليه، في أمر خادم واجب الحقّ. فقال لي: إنّه المعتضد، ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان

واحد، ولكنّي أخاف أن يصير لي معه حديث، فاسمح لي بأخذه متفرّقا. فقلت: يا سيّدي، أفعل. فقال: اجلس للناس، وخذ رقاعهم، للحوائج الكبار، واستجعل عليها «1» ، ولا تمتنع عن مسألتي شيئا تخاطب فيه، صحيحا كان أو محالا، إلى أن يحصل لك مال النذر. قال: ففعلت ذلك، وكنت أعرض عليه، كلّ يوم، رقاعا، فيوقّع فيها لي، وربّما قال: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا، فيقول: غبنت «2» ، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستزد، فأراجع القوم، ولا أزال أماكسهم، ويزيدوني حتى أبلغ الحدّ الذي رسمه لي. قال: وعرضت عليه شيئا عظيما، فحصلت عندي عشرون ألف دينار [وأكثر منها] «3» ، في مديدة. فقال لي بعد شهور: يا أبا إسحق، حصل مال النذر؟ فقلت:. لا، فسكت. وظللت أعرض، فيسألني في كل شهر أو نحوه، هل حصل المال؟ فأقول: لا، خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن حصل عندي ضعف ذلك المال. وسألني يوما، فاستحييت من الكذب المتّصل، فقلت: قد حصل ذلك ببركة الوزير. فقال: فرّجت والله عني، فقد كنت مشغول القلب، إلى أن يحصل لك.

قال: ثمّ أخذ الدواة، فوقّع لي إلى خازنه بثلاثة آلاف دينار صلة فأخذتها، وامتنعت أن أعرض عليه شيئا، ولم أدر كيف يقع منه. فلما كان من غد جئته، وجلست على رسمي، فأومأ إليّ، أن هات ما معك، يستدعي منّي الرقاع على الرسم. فقلت: ما أخذت رقعة من أحد، لأنّ النذر قد وقع الوفاء به، ولم أدر كيف أقع من الوزير. فقال: سبحان الله، أتراني كنت أقطع شيئا قد صار لك عادة [28 ب] ، وعلم به الناس، وصارت لك به منزلة عندهم وجاه، وغدوّ ورواح إلى بابك، ولا يعلم سبب انقطاعه، فيظن ذلك لضعف جاهك عندي، أو تغيّر رتبتك؟ أعرض عليّ على رسمك، وخذ بلا حساب. فقبّلت يده، وباكرته من غد بالرقاع، وكنت أعرض عليه كل يوم شيئا إلى أن مات، [وقد تأثّلت حالي وكبرت] «1» .

32 الوزير عبيد الله بن سليمان يبيح جزءا من مال الدولة لأحد صنائعه

32 الوزير عبيد الله بن سليمان يبيح جزءا من مال الدولة لأحد صنائعه حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: حدّثني شيخ من شيوخنا، ذكره هو، وقد غاب «1» عنّي اسمه «2» ، قال: حدّثني أبو عبد الله بن أبي عوف «3» ، قال: استتر عندي، عبيد الله بن سليمان «4» ، فدخلت إليه يوما، في حجرة كنت أفردتها له من داري، فقام إليّ، فقلت له ممازحا كما جرى على لساني: يا سيّدي اخبأ لي هذا، إلى وقت انتفع به فيه. قال: فلمّا كان بعد مدّة، انتقل من عندي، فما مضت الأيّام حتى ولي الوزارة. فقال لي أهلي: لو قصدته، وكانت حالي إذ ذاك صغيرة. فقلت لهم: لا أفعل، أنا في ستر، وقصدي له الآن كأنّه اقتضاء

لثمن معروف أسديته إليه، وما أرضى لنفسي بهذا، ولو كان لي عنده [25 ط] خير لابتدأني به، فبتّ ليلتي تلك مفكرا، وكان هذا يوم الخلع. فلما كان في السّحر جاءني فرانقه «1» برقعة بخطّه، يعاتبني على تأخّري عنه، ويستدعيني. فصرت إليه، فإذا هو جالس، والخلق عنده، فلما صرت مع دسته، قام إليّ قياما تاما، وعانقني، وقال لي في أذني: هذا وقت تنتفع فيه بقيامي لك، وجلس، وأجلسني معه على طرف الدست، فقبّلت يده، وهنّأته ودعوت له. ومضت ساعة، فإذا قد استدعاه المعتضد «2» ، فقام، وأمرني أن لا أبرح. فجلست، وامتدّت العيون إليّ، وخوطبت في الوقت، بأجلّ خطاب، وعظّمت. ثم عاد عبيد الله ضاحكا، وأخذ بيدي إلى دار الخلوة، فقال: ويحك إنّ الخليفة [الساعة] «3» استدعاني بسببك، وذلك انّه كوتب بخبر قيامي لك في مجلس الوزارة، فلمّا استدعاني الآن بدأ لينكر عليّ وقال: تبتذل مجلس الوزارة بالقيام لتاجر؟ ولو كان هذا لصاحب طرف كان محظورا «4» ، أو وليّ عهد كان كثيرا، وأخذ يتحاور في ذلك «5» . فقلت: يا أمير المؤمنين، لم يذهب عنّي حقّ المجلس، وتوفية الرتبة

حقّها، ولكنّ لي عذرا، فإن رأى أمير المؤمنين أن يسمعه، ثم ينفذ حكمه فيّ، وأخبرته بخبري معك وقت استتاري عندك، فقال: أمّا الآن، فقد عذرتك، فلا تعاود، فانصرفت. ثم قال لي عبيد الله: يا أبا عبد الله إنّي قد شهرتك شهرة، إن لم تكن معك مائة ألف دينار [29 ب] معدّة للنكبة، هلكت، فيجب أن نحصّلها لك لهذه الحال فقط، ثم نحصّل لك نعمة بعدها، تسعك وعقبك. فقلت: أنا عبد الوزير، وخادمه، ومؤمّله. فقال: هاتم «1» فلانا الكاتب، فجاء. فقال: أحضر التجّار الساعة، وتقصّ «2» عليهم في تسعير مائة ألف كرّ «3» من غلّات السلطان بالسواد بما يساوي، وعرّفني. فخرج، وعاد بعد ساعة، وقال: قد قرّرت ذلك معهم. فقال له: بع على أبي عبد الله، هذه المائة ألف كر، بنقصان دينار واحد ممّا قرّرت به السعر مع التجّار، وبعه له عليهم بالسعر المقرّر معهم، وطالبهم بأن يعجّلوا له «4» فضل ما بين السعرين اليوم، وأخّرهم بالثمن إلى أن يتسلّموا الغلّات، واكتب إلى النواحي بتقبيضهم إيّاها. قال: ففعل ذلك، فقمت عن المجلس، وقد وصل إليّ مائة ألف

دينار في بعض يوم، وما عملت شيئا. ثم قال: اجعل هذه أصلا لنعمتك، ومعدّة للنكبة، ولا يسألنّك أحد من الخلق شيئا إلّا أخذت رقعته، وواقفته على أجرة لك عليها، وخاطبتني. قال: فكنت أعرض عليه في كل يوم ما يصل إليّ فيه ألوف دنانير، وأتوسّط الأمور الكبار، وأداخل في المكاسب الجليلة، حتى بلغت النعمة إلى هذا الحد. وكنت ربما عرضت عليه رقعة، فيقول لي: كم ضمن لك على هذه؟ فأقول: كذا وكذا. فيقول: هذا غلط، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستزد. فأقول له: إنّي أستحي. فيقول: عرّفهم أنّي لا أقضي لك ذلك إلّا بهذا القدر، وأنّي رسمت لك هذا. قال: فأرجع، فأستزيد ما يقوله، فأزاد.

33 الوزير عبيد الله بن سليمان ورقاع إسماعيل القاضي

33 الوزير عبيد الله بن سليمان ورقاع إسماعيل القاضي حدّثني أبي رضي الله عنه، قال: سمعت القاضي أبا عمر، يقول: عرض إسماعيل القاضي «1» ، وأنا معه، على [26 ط] عبيد الله بن سليمان، رقاعا في حوائج الناس، فوقّع فيها. فعرض أخرى، وخشي أن يكون قد ثقّل عليه، فقال له: إن جاز أن يتطوّل الوزير أعزّه الله بهذا، فوقّع له. فعرض أخرى، [وقال: إن أمكن الوزير أن يجيب إلى هذا، فوقّع، ثم عرض أخرى] «2» ، وقال: إن سهل على الوزير أن يفعل ذلك، فوقّع له، فعرض أخرى، وقال شيئا من هذا الجنس. فقال له عبيد الله: يا أبا اسحق، كم تقول إن أمكن؟ وإن جاز؟ وإن سهل؟ من قال لك إنّه يجلس هذا المجلس، ثم يتعذّر عليه فعل شيء على وجه الأرض من الأمور، فقد كذبك، هات رقاعك كلّها، في موضع واحد. قال: فأخرجها إسماعيل من كمّه، وطرحها بحضرته، فوقّع فيها، وكانت مع ما وقّع فيه قبل الكلام نحو ثمانين «3» رقعة.

34 الوزير ابن مقلة يتبرم برقاع ذوي الحاجات

34 الوزير ابن مقلة يتبرّم برقاع ذوي الحاجات حدّثني الحسين [30 ب] بن الحسن الواثقيّ، قال: كنت أرى دائما، أبا محمد جعفر بن ورقاء «1» ، يعرض على أبي عليّ ابن مقلة «2» ، في وزارته، الرقاع الكثيرة، في حوائج الناس، في مجالس حفله وخلوته، فربّما تجاوز ما يعرضه في يوم، مائة رقعة. فعرض عليه يوما، في مجلس خال، شيئا كثيرا، فضجر أبو عليّ، وقال له: إلى كم يا أبا محمد؟ فغضب جعفر، وقال: أيّد الله الوزير، إن كان فيها شيء لي فخرّقه، إنّما أنت الدنيا ونحن طرق إليك، وعلى بابك الأرملة، والضعيف، وابن السبيل، والفقير، ومن لا يصل إليك، فإذا سألونا سألناك، فإن صعب هذا عليك، أمرنا الوزير- أيّده الله- أن لا نعرض عليه شيئا، ونعرّف الناس ثقل حوائجهم عليه، وضعف جاهنا عنده، ليعذرونا. فقال له أبو عليّ: لم أذهب حيث ذهبت يا أبا محمد، وإنّما أردت أن تكون هذه الرقاع الكثيرة في مجلسين، أو مجلس يحضر فيه الكتّاب فيخفّفون عنّي بالتوقيعات فيها، ولو كانت كلّها حوائج تخصّك لقضيتها، وكان سروري بذلك أعظم، هاتها. قال: فأخذها جميعها، ووقّع له فيها بما التمس أرباب الرقاع. فشكره جعفر، وقبّل يده، وانصرف.

35 الوزير علي بن عيسى ورقاع أبي بكر الشافعي

35 الوزير علي بن عيسى ورقاع أبي بكر الشافعيّ حدّثني الفضل بن أحمد الحيّاني «1» ، قال: قال لي أبو بكر الشافعيّ «2» صاحب عليّ بن عيسى: لما أفلتنا من مصادرة المحسّن بن الفرات، بعد ما جرى عليّ من مكروهه، ومصادرته، وإيقاعه بي بسبب صحبتي لعليّ بن عيسى، وأفضى الأمر إلى أبي الحسن عليّ بن عيسى، أردت الانتفاع بأمور أتكلّم فيها، أخلف بما آخذه منها، بعض ما صودرت عليه، فأخذت رقاعا كثيرة للناس، وكنت أعرضها على أبي الحسن فيوقّع فيها. فعرضت عليه يوما شيئا كثيرا، فضجر مني، فقلت: أيها الوزير، إذا كان حظّنا من أعدائك، في أيّام نكبتك الصفع، ومنك، في أيّام ولايتك، المنع، فمتى- ليت شعري- وقت النفع؟ قال: فضحك، ووقّع لي في جميعها، وما تضجّر من شيء أعرضه عليه بعد ذلك.

36 الوزير علي بن عيسى ومحمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي

36 الوزير علي بن عيسى ومحمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشميّ حدّثني أبو السريّ، عمر بن محمد القارىء «1» ، قال: حدّثني أبو القاسم عيسى بن عليّ بن عيسى «2» ، قال: قال لي أبي: عرض عليّ أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشميّ [27 ط] ، في بعض وزاراتي، رقعة التمس فيها محالا، وقبّل يدي، فعملت على إجابته إليه، وتركت الرقعة بحضرتي، أتفكّر كيف أعمل ذلك من غير عتب. وعرض لي رأي في الركوب، فنهضت. فقبض محمد بن الحسن على يدي، وقال: أنا نفيّ من العبّاس إن تركت الوزير يركب، إلا بعد أن يوقّع لي في رقعتي، أو يقبّل يدي كما قبّلت يده. قال: فوقّعت له قائما [31 ب] ، وعجبت من سوء أدبه، وعظم وقاحته.

37 الوزير أبو محمد المهلبي ومحمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي

37 الوزير أبو محمد المهلبيّ ومحمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشميّ ولقد شاهدت «1» أبا بكر محمد بن الحسن، هذا، في سنة خمسين وثلاثمائة، وقد تقلّبت الأيّام به، وبأهل بيته، بحضرة أبي محمّد المهلّبيّ، وقد كان العيّارون ثاروا ببغداد، وأوقعوا فتنا عظيمة، كان أصلها بنو هاشم، وغلقوا الجامع بالمدينة «2» فلم تصلّ فيه تلك الجمعة. وكان سبب ذلك، عربدة وقعت بين رجل عباسيّ وبين رجل علويّ، على نبيذ، في خندق طاهر «3» ، فقتل العلويّ، وثار أهله به، وثارت الفتنة ودخلت العامّة فيها، وعظم الأمر، حتى أجلس الديلم في الأرباع، وكان شيئا هائلا. ولم تسكن الفتنة، فقبض أبو محمد، على أكثر بني العبّاس، الوجوه والمستورين، والعيّارين منهم والذعّار «4» ، حتى قبض في جملتهم على عدّة قضاة وشهود هاشميّين وصلحاء، وكان ممّن قبض عليه محمد بن الحسن ابن عبد العزيز. وجلس لهم الوزير أبو محمد، يوما، ليناظرهم، وسامهم «5» أن يسمّوا

له العيّارين منهم، والأحداث، وحملة السكاكين، ليقبض عليهم، ويفرج عن الباقين، وأن يكفّل منه أهل الصلاح، لأهل الطلاح، ويأخذون على أيديهم، لتطفأ نائرة «1» الفتنة. وكان القاضي أبو الحسن، محمد بن صالح الهاشميّ، حاضرا، فأخذ يتكلّم بكلام سديد، في دفع هذا، وترقيق المهلّبيّ، ويرفق به. فاعترض ابن عبد العزيز الخطاب، وتكلّم بكلام فيه حراشة «2» وجفاء وخشونة. فسمعت أبا محمد يقول له: يا ماصّ كذا وكذا، ما تدع جهلك، والخيوط «3» التي في رأسك، كأنّي لا أعرفك قديما وحديثا، وأعرف حمقك، وحمق أبيك، وتشنيعك لمجالس الوزراء، وشهوتك أن تقول: قال الوزير، فقلت له، وما تظن إلا أنّ المقتدر على السرير، وأنا أحد وزرائه، ولا تعلم أنّ صاحب السرير اليوم، هو الأمير معزّ الدولة الديلميّ، يرى أنّ في سفك دمك قربة إلى الله تعالى، وأنّ وزنك عنده كوزن الكلب، يا غلمان جرّوا برجله. فجرّت رجله ونحن حاضرون، فرأيت قلنسوة كانت على رأسه، وقد سقطت. ثم قال: طبّقوا عليه زورقا، وانفوه إلى عمان، فأجلس في الزورق، وحدر. فقبّلت الجماعة يده، وراسله الخليفة المطيع لله في أمره، ولم تزل

المراسلات، إلى أن عفا عنه، وألزمه بيته، وأخذ خطّ أهله بجميع ما كانوا امتنعوا منه، ممّا سامهم إيّاه، وتلقّط خلقا من أحداث الهاشميّين، وغيرهم من العامّة، وأهل الذعارة والعصبيّة، فجعلهم في زواريق، وطبّقها عليهم، وسمّرها، وأنفذها إلى بصنّى «1» وبيروذ «2» ، فحبسهم في حبوس ضيّقة هناك، ودور تجري مجرى القلاع، فكانوا فيها [32 ب] إلى أن مات أبو محمّد، ومات منهم خلق في الحبس، ثم أطلق [28 ط] بقيّتهم، على قلّتها، بعد موته بسنين، وزالت الفتنة إلى الآن.

38 لو سلم من العشق أحد لسلم منه أبو خازم القاضي

38 لو سلم من العشق أحد لسلم منه أبو خازم القاضي حدّثني أبو القاسم الحسن بن بشر الآمديّ «1» ، كاتب القضاة من بني عبد الواحد بالبصرة، وله شعر جيّد حسن، واتّساع تام في الأدب، رواية «2» له وحفظ، وكتب مصنّفة فيه، قال: حدّثني أبو إسحاق الزجّاج، قال: كنّا ليلة بحضرة القاسم بن عبيد الله «3» [يشرب] «4» ، وهو وزير، فغنّت [بدعة] «5» جارية [عريب] «6» . أدلّ فأكرم به من مدلّ ... ومن ظالم لدمي مستحلّ إذا ما تعزّز قابلته ... بذلّ وذلك جهد المقلّ فأدّت فيه صنعة حسنة، فطرب القاسم عليه طربا شديدا، واستحسن الصنعة والشعر، وأفرط في وصف الشعر. فقالت بدعة: يا مولاي، إنّ لهذا الشعر خبرا أحسن منه.

قال: ما هو؟ قالت: هو لأبي خازم القاضي «1» . قال: فعجبنا من ذلك، مع شدّة تقشّف أبي خازم، وبغضه «2» ، وورعه، وتقبّضه. فقال لي الوزير: بالله يا أبا إسحاق، بكّر إلى أبي خازم، وسله عن هذا الشعر وسببه. فباكرته، وجلست حتى خلا وجهه، ولم يبق إلّا رجل بزيّ القضاة عليه قلنسوة، فقلت له: شيء أقوله على خلوة. فقال: قل، فليس هذا ممّن أكتم. فقصصت عليه الخبر، وسألته عن الشعر والسبب. فتبسّم، وقال: هذا شيء كان في الحداثة، قلته في والدة هذا- وأومأ إلى القاضي الجالس، فإذا هو ابنه- وكنت إليها مائلا، وكانت لي مملوكة، ولقلبي مالكة، أمّا الآن فلا عهد لي بمثله منذ سنين، وما عملت شعرا منذ دهر طويل، وأنا أستغفر الله مما مضى. قام: فوجم الفتى، وخجل، حتى ارفضّ عرقا. وعدت إلى القاسم فأخبرته، فضحك من خجل الابن، [وقال: لو سلم من العشق أحد، لكان أبو خازم مع بغضه] «3» . وكنّا نتعاود ذلك زمانا.

39 علوي يفتخر بنفسه

39 علويّ يفتخر بنفسه أنشدني أبو إسحاق «1» ، إبراهيم بن عليّ النصيبينيّ المتكلّم، وأبو الفرج عبد الواحد بن نصر الببغاء «2» وغيرهما، قالوا: أنشدنا أبو عبد الله ابن الأبيض العلويّ بالشام، لنفسه: وأنا ابن معتلج البطاح تضمّني ... كالدرّ في أصداف بحر زاخر ينشقّ عنّي ركنها وحطيمها ... كالجفن يفتح عن سواد الناظر كجبالها شرفي ومثل سهولها ... خلقي ومثل ظبائهن مجاوري «3» [وذكر أبو الحسن السلامي «4» : إنّ أبا الحسن الرامي مرّ على عليّ بن خلف القطّان البغداديّ، وأنشده هذه الأبيات لنفسه] «5» .

40 ابن قناش الجوهري يصف دجلة

40 ابن قناش الجوهري يصف دجلة أنشدني أبو جعفر طلحة بن عبيد الله الطائيّ البغداديّ، المعروف بابن قناش الجوهريّ لنفسه: أنا ظام فاسقنيها ... إنّني حلف اختيال ما ترى دجلة كالس ... احب أذيال الدلال وهي تزهى بقصور ... عن يمين وشمال [29 ط] وبماء قد حكى المدّ ... به ظهر غزال [33 ب] 41 في هجاء مغن طنبوري [ص 34] أنشدني أبو الحسن، محمد بن عبد الواحد، في ابن طرخان «1» المغنّي الطنبوريّ، لنفسه، وله اتّساع في الأدب تام: قل لابن طرخان «2» أما تستحي ... تقرن تطفيلك بالباس يا أخرج الناس من إيقاعه ... وأدخل الناس إلى الناس وقال: يا من يصيح بحلق ما له طبقه ... ولا يوافق زيرا لان أو خرقه فارقت بينك والإيقاع في قرن ... فأنت أطفل من كلب على مرقه فإن دعيت ففي الأحيان عن غلط ... وإن حظيت بشيء فهو من صدقه

42 للكاتب بشر بن هارون في هجاء أحد خلفاء القضاة ببغداد

42 للكاتب بشر بن هارون في هجاء أحد خلفاء القضاة ببغداد أنشدني أبو نصر بشر بن هارون، الكاتب النصرانيّ البغداديّ «1» ، لنفسه، في أبي رفاعة بن كامل، أحد خلفاء القضاة ببغداد، على بعض سوادها: قضى شعري على القاضي بحكم ... أجاب إليه مصفوعا مذالا ولو لم يستجب لنتفت منه ... سبالا إن وجدت له سبالا ونتف سباله شيء محال ... لأنّ الحلق صيّره محالا

43 بشر بن هارون الكاتب يشكو من رئيسين صرف أحدهما بالآخر

43 بشر بن هارون الكاتب يشكو من رئيسين صرف أحدهما بالآخر وأنشدني «1» لنفسه في شعبان سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، في رئيسين صرف أحدهما بالآخر، [وإنّما كتبتهما إذ ذاك، لأنهما كانا حينئذ قدّروهما في أبي الفضل الشيرازيّ «2» لمّا صرف عن الوزارة بأبي الفرج بن فسانجس] «3» : مضى من كان يعطينا قليلا ... ووافى من يشحّ على القليل وأحسب أن سيملكنا مكدّ «4» ... متى اطّرد القياس على الدليل فقل للفاطميّ «5» لقد تمادت ... أناتك في الحلول وفي الرحيل فحثّ السير علّ الله يهدي ... شفاء منك للبلد العليل

44 أبو نصر البنص في مجلس سيف الدولة، يعلل سبب تسميته بالبنص

44 أبو نصر البنص في مجلس سيف الدولة، يعلّل سبب تسميته بالبنص أخبرني أبو جعفر طلحة بن عبيد الله بن قناش، إنّه كان بحضرة سيف الدولة «1» ، وقد كان من ندمائه، قال: كان يحضر معنا أبو نصر البنص، وكان هذا رجلا من أهل نيسابور، أقام ببغداد قطعة من أيّام المقتدر، وبعدها إلى أيّام الراضي، وكان من أصحابنا في المذهبين، يعني في الفقه مذهب أبي حنيفة، وفي الكلام مذهب أهل العدل والتوحيد «2» ، وكان مشهورا بالطيبة، والخلاعة، وخفّة الروح، وحسن المحاضرة، مع عفّة وستر، وتقلّد الحكم في عدّة نواح بالشام. فقيل له يوما بحضرة سيف الدولة، لم لقّبت بالبنص؟ قال: ما هذا لقب، إنّما هو اشتقاق من كنيتي، كما انّنا لو أردنا أن نشتقّ من أبي عليّ مثل هذا، وأومأ إلى ابن البازيار، لقلنا ألبعل، ولو اشتققنا من أبي الحسن مثل هذا، وأومأ إلى سيف الدولة، لقلنا ألبحس. فضحك منه، ولم ينكر عليه.

45 أبو نصر البنص في مجلس أبي بكر بن دريد

45 أبو نصر البنص في مجلس أبي بكر بن دريد وخبّرني أبو جعفر، قال: حضرت ببغداد مجلس أبي بكر بن دريد «1» ، وأبو نصر هذا يقرأ عليه قصيدته التي أوّلها [30 ط] : أماطت لثاما عن أقاحي الدمائث ... بمثل أساريع الحقوف العثاعث إلى أن بلغ إلى قوله: إذا أنسوا ضبّا بجانب كدية «2» ... أحاطوا على حافاتها بالربائث «3» [34 ب] فقطع القراءة، وقال: يا أبا بكر، أعزّك الله، ما الربائث «4» ؟ قال ابن دريد: العرب تسمي الحراب العراض الحدائد، ربائث «5» . فقال له البنص: أخطأت يا أبا بكر أعزّك الله. فعجبنا من جرأته على تخطئة أبي بكر في العلم، وتشوّفنا إلى ما يجري. فقال له أبو بكر، وكان وطيء الخلق: فما هي يا أبا نصر، أعزّك الله؟ قال: جمع ربيثاء «6» ، هذه [التي تقدّم] «7» في السكرجات «8» . وعاد يقرئنا في القصيد، محتدّا، فضحكنا منه.

46 أبو نصر البنص وصاحب الشرطة

46 أبو نصر البنص وصاحب الشرطة حدّثني أبو حامد أحمد بن بشر بن عامر الخراسانيّ، القاضي الفقيه، قال: قال لي أبو نصر البنص هذا: كنت في بعض المدن، وأنا غريب، فنزلت في خان، فكان يختلف إليّ أحداث ورجال، أقرئهم الفقه في غرفتي، وإذا انقضى الدرس، لعبنا ومزحنا. فظنّ أهل الخان، أنّ اجتماعهم عندي، مع ما يسمعونه من المزح، لفساد، فاستعدوا عليّ إلى صاحب الشرطة، وقالوا إنّني قوّاد. فأحضرت، فلما وقفت بين يديه، رأيت على رأسه غلاما أمرد حسن الوجه قائما، فأنعظت من شهوته، فقال لي الوالي: أنت قوّاد؟ قال: وكنت بلا سراويل، فكشفت عن أيري، وقلت: هذا، أصلحك الله، أير قوّاد؟ فضحك، وقال: لا، وفرّق القوم عني، وأخذني لعشرته، فكنت أختلف إليه، مدّة كوني في البلد، وأعاشره.

47 بين الأمير معز الدولة ووزيره أبي جعفر الصيمري

47 بين الأمير معزّ الدولة ووزيره أبي جعفر الصيمريّ حدّثني أبو حامد القاضي، قال: كنت قائما بين يدي معزّ الدولة «1» ، فقال لأبي جعفر الصيمريّ «2» وزيره، بالفارسيّة: يا أبا جعفر، أريد الساعة خمسمائة ألف دينار «3» ، لمهمّ لا يجوز تأخيره. فقال له الصيمريّ: أيّها الأمير، رد ذلك، فإنّي أيضا أريد مثله. فقال له: فإذا كنت أنت وزيري، فممّن أريد هذا إلّا منك؟ فقال له الصيمريّ: فإذا لم يكن في الدّخل فضل لذلك عن الخرج، فمن أين أجيئك به؟ قال: فحرد عليه معزّ الدولة وقال: الساعة والله أحبسك في الكنيف، حتى تجيء بذلك. فقال: إذا حبستني في الكنيف، خريت لك نقرة «4» بهذا المال؟ فضحك منه، وأمسك عنه «5» .

48 المدائني يتماجن على شيخ صوفي

48 المدائني يتماجن على شيخ صوفيّ حدّثني أحمد بن محمد المدائنيّ، قال: وقفت في جامع المدينة ببغداد على حلقة صوفيّة، يتحاورون على الخطرات والهواجس «1» ، ومسائل تشبه الوسواس، لم أفهمها. وخطر لي أن أمجن بهم، فقلت: أيّها الشيخ المصدّر، مسألة. فقال: هات. فقلت: أخبرني إذا كنت شيخا في معناك، حلسا في ذات نفسك، فأصاب يافوخك تقطيع [بعضب خزري] «2» على سبيل العلم، وكنت تحت الإرادة، هل يضرّ أوصافك شيء، مع تعلّقك بحبل القدرة [35 ب] ، يا بطّال؟ قال: فوقع لمن حوله إنّها مسألة، وأخذوا يتعاطون الجواب. وفطن الشيخ، فخفت أن يأمرهم بي، فانسللت.

49 أبو أحمد الحارثي وصوفي يترنم بالرباعيات

49 أبو أحمد الحارثيّ وصوفيّ يترنّم بالرباعيّات حضرني أبو أحمد عبد الله بن عمر الحارثيّ، وعندي صوفيّ يترنّم بشيء من [31 ط] الرباعيّات، فلم يستطبه أبو أحمد. فقال له على البديهة: يا أخي لا أقطع حديثك إلّا بخير. 50 الشافعي وغلام الهرّاس حدثني الفضل بن أحمد الحيّاني «1» ، قال: قال لي الشافعيّ، صاحب عليّ ابن عيسى «2» : علق مرّة بلجام مركوبي، غلام هرّاس، بيده غضارة هريسة «3» ينادي عليها، وشالها «4» إلى أنفي، وقال: جمع اللوز والغنم، ثم نادى يمينه «5» . فقلت أعزّك الله، هذا وجهي إلى الوزير، أخبره بهذا الخبر، فإن رأيت أن تطلقني، فعلت.

51 أبو محمد الواسطي والمغنية التي يهواها

51 أبو محمد الواسطيّ والمغنّية التي يهواها حدّثني أبو أحمد الحارثيّ، قال: كان عندنا بواسط، رجل متخلّف موسر، يقال له: أبو محمد بن أبي أيّوب، وكان يعاشرنا بمغنّية يهواها، وكان من غنائها، صوت أوّله: إنّ الخليط أجدّ منتقله ... ولوشك بين حمّلت إبله وكانت تغني فيه لحنا صعبا حسنا، لا يفهمه أبو محمّد لتخلّفه، فاقترحه يوما عليها، فقال: بالله يا ستي غنّي لي: إنّي خريت فجئت أنتقله فقالت: ويل لي، أنا أغنّي شيء من هذا؟ ففطنت لما يزيد، فقلت لها: إنّه يريد أن تغنّي له: إنّ الخليط أجدّ منتقله فقالت له: قطع [الله] «1» ظهرك، أين ذا من هذا؟ وغنّت الصوت. وكان من غنائها: خليليّ هيّا نصطبح بسواد «2»

فقال لها يوما: بالله يا ستّي، غنّي: خليليّ هيّا نصطبح بسماد فقالت له: إذا عزمت على هذا، فوحدك «1» . قال: ودخلت إلينا يوما على غفلة، ونحن نصافعه ويصافعنا بالمخادّ، فاستحيا، وسألنا أن ندعه، فتركناه. فلما، جلسنا على الشرب، طلب منها صوتا له عليها «2» ، وهو: أبيني «3» سلاحي لا أبا لك إنّني ... أرى الحرب لا تزداد إلّا تماديا فأعطته مخدّة «4» .

52 أبو الفرج الببغاء يمدح سيف الدولة

52 أبو الفرج الببغاء يمدح سيف الدولة أنشدني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزوميّ النصيبينيّ الكاتب المعروف بالببغاء «1» ، قصيدة له في سيف الدولة، يذكر وقعة كانت له مع بني كلاب، وعفوه عنهم: إذا استلّك الجانون أغمدك الحلم ... وإن كفّك الإبقاء أنهضك العزم وهي حقيقة بأن تورد كلّها، ولكنّي اخترت من شعره، ما يصلح للمكاتبة في الحوادث، أو الأمثال، أو معنى لم يسبق إليه، فتركت أكثر محاسن شعره، وحسن نظمه، وبلاغته، وعذوبة كلامه، وأكثر إحسانه، موكولا إلى من ينظر في ديوانه. ومن هذه القصيدة، مثل: ومن لم يؤدّ به لفرط عتوّه ... إذا ما جنى الإنصاف أدّبه الظلم [36 ب] ومنها: إذا العرب لم تجز اصطناع ملوكها ... بشكر تعاوت في سياستها العجم أعدها إلى عادات عفوك محسنا ... كما عوّدتها قبل آباؤك الشمّ فإن ضاق عنها العذر عندك في الذي ... جنته فما ضاق التفضّل والحلم [32 ط]

53 القاضي أبو بكر بن سيار وحساب الأصابع

53 القاضي أبو بكر بن سيار وحساب الأصابع حدّثني القاضي أبو بكر أحمد بن سيّار، قال «1» : ضربوا مثلا للإنسان فقالوا: ابن عشر سنين، قد دار في أهله، كما دارت هذه على هذه، وأومأ إلى ابهامه وسبّابته، وعقد عشرا.

وابن عشرين، قد التصب بين أمري الكسب والعيال، كما انتصبت هذه بين هاتين، وعقد بأصابعه عشرين. وابن ثلاثين، قد استوى، كما استوت هذه على هذه، وعقد ثلاثين بأصابعه. وابن أربعين، قد قام كما قامت هذه، وعقد بأصابعه.

وابن خمسين قد انحنى، كما انحنت هذه، وعقد خمسين بأصابعه. وابن ستين، وعقدها بأصابعه، قد انحطّ في عمره وقوّته، كما انحطّت هذه على هذه. وابن سبعين، قد اضطجع، كما اضطجعت هذه على هذه.

وابن ثمانين، وعقدها، قد احتاج إلى ما يتوكّأ عليه، كما توكّأت هذه على هذه. وابن تسعين، قد ضاق عمره وأمعاؤه، كما ضاقت هذه. وابن مائة، قد انتقل عن الدنيا إلى الأخرى، كما انتقل العقد من اليمين إلى الشمال.

54 هندي يقتل فيلا بحيلته من غير سلاح

54 هنديّ يقتل فيلا بحيلته من غير سلاح وحدّثني القاضي أبو بكر أحمد بن سيّار «1» ، قال: حدّثني شيخ من أهل اليمن، وذكر أنّ اسمه نعمان، وجدتهم يذكرون ثقته، ومعرفته بأمر البحر، وأنّه دخل الهند والصين، قال: كنت ببعض بلدان الهند، وقد خرج على ملكها خارجيّ، فأنفذ إليه الجيوش، فطلب الأمان، فأمّنه، فسار ليدخل، من موضعه، إلى بلد الملك، فلما قرب، أخرج الملك الجيش ليلتقيه، والآلات، وخرجت العامّة، تنتظر دخوله، فخرجت معهم. فلما بعدنا في الصحراء، وقف الناس ينتظرون طلوع الرجل، وهو راجل، في عدّة الرجال، وعليه ثوب ديباج، ومئزر في وسطه، جريا على زيّ القوم، فتلقّوه بالإكرام، ومشوا به، حتى انتهى إلى أفيلة عظيمة، قد أخرجت للزينة، وعليها الفيّالون، وفيها فيل عظيم يختصّه الملك لنفسه، ويركبه في بعض الأوقات. فقال له الفيّال، لمّا قرب منه: تنحّ عن طريق الفيل، فسكت، فأعاد عليه، فسكت. فقال له: يا هذا، احذر على نفسك، وتنحّ عن طريق فيل الملك. فقال له الخارجي: قل لفيل الملك يتنحّى عن طريقي.

فغضب الفيّال، وأغرى الفيل به، بكلام كلّمه، فغضب الفيل وعدا إلى الخارجيّ، ولفّ خرطومه، وشاله الفيل شيلا عظيما، والناس يرونه، وأنا فيهم، ثم خبط به الأرض، فإذا هو قد انتصب على قدميه فوق الأرض، ولم ينحّ يده عن الخرطوم. فزاد غضب الفيل، وشاله أعظم من ذلك، وعدا، ثم رمى به الأرض، فإذا هو قد حصل عليها مستويا على قدميه، منتصبا، قابضا على الخرطوم. قال: فشاله الفيل الثالثة، وفعل به مثل ذلك، فحصل على الأرض منتصبا، قابضا على الخرطوم، وسقط الفيل ميتا، لأنّ قبضه على الخرطوم تلك المدة، منعه من النفس، فقتله. قال: فوكّل به، وحمل [33 ط] إلى الملك، وحدّث بالصورة، فأمر بقتله. فاجتمع القحاب- بهذا اللفظ- وهم النساء الفواجر، يفعلن ذلك بالهند ظاهرا، عند البدّ، تقربا إليه عندهم، بلا اجتعال «1» ، وهم العدول هناك، يشهدون في الحقوق، ويقمن الشهادة، فيقطع بها حاكمهم. ويشاورن في الأمور، وفي الآراء، وعندهن، إنهن ببذلهنّ نفوسهنّ عند البدّ، بغير اجتعال، قد صرن في حكم الزهّاد، والعبّاد. قال: فقالت القحاب للملك، يجب أن تستبقي مثل هذا، ولا تقتله، فإنّ فيه جمالا للمملكة، ويقال: إنّ للملك خادما، قتل فيلا بقوّته وحيلته، من غير سلاح. فعفا عنه الملك واستبقاه «2» .

55 ملك الهند يحاور الحكماء من رعيته

55 ملك الهند يحاور الحكماء من رعيته [حدّثني القاضي أبو بكر أحمد بن سيّار، قال: حدثني شيخ من أهل التيز ومكران «1» ، لقيته بعمان، ووجدتهم يذكرون ثقته، ومعرفته بأمر البحر] «2» ، وحدّثني القاضي، قال: حدّثني هذا الشيخ: إنّ رجلا بالهند من أهلها حدّثه: أنّ خارجيّا، خرج في بعض السنين، على ملك من ملوكهم، فأحسن التدبير، وكان الملك معجبا برأيه، مستبدّا به، فأنفذ إليه جيشا، فكسره الخارجيّ، فزحف إليه بنفسه. فقال له وزراؤه: لا تفعل، فإن الخوارج تضعف بتكرير الجيوش عليها، والملك لا يجب أن يغرّر بنفسه، بل يطاول الخارجيّ، فإنّه لا مادة له يقاوم بها جيشا بعد جيش، إذا توالت عليه جيوش الملك. فلم يقبل «3» ، وخرج بنفسه، فواقعه، فقتله الخارجيّ، وملك داره ومملكته، فأحسن السيرة، وسلك سبيل الملوك. فلما طال أمره، وعزّ ذكره، وقوي سلطانه، جمع حكماء الهند، من سائر أعماله، وأطراف بلدانه، وكتب إلى عمّاله أن يختار أهل كل بلد، مائة منهم، من عقلائهم وحكمائهم، فينفذونهم إليه، ففعلوا. فلما حصلوا ببابه، أمرهم باختيار عشرة منهم، فاختاروا، فأوصل

العشرة، وأوصل من أهل دار المملكة عشرة، وقال لهم: يجب على العاقل، أن ينظر عيوب نفسه فيزيلها، فهل ترون فيّ عيبا، أو في سلطاني نقصا؟ [37 ب] فقالوا: لا، إلّا شيئا واحدا، إن أمنتنا قلناه. قال: أنتم آمنون. قالوا: نرى كل شيء لك جديدا، يعرّضون إنّه لا عرق له في الملك. فقال: فما حال ملككم الذي كان قبلي؟ قالوا: كان ابن ملك. قال: فأبوه؟ قالوا: ابن ملك. قال: فأبوه؟ إلى أن عدّد عشرة أو أكثر، وهم يقولون، ابن ملك، فانتهى إلى الأخير. فقالوا: كان متغلّبا. قال: فأنا ذلك الملك الأخير، وإن طالت أيامي، مع إحساني السيرة، بقي هذا الملك بعدي، في ولدي [وولد ولدي] «1» ، فصار لأولاد أولادهم من العرق في الملك، مثل ما كان لملككم الذي كان من قبلي. فسجدوا له، وكذا عادتهم إذا استحسنوا شيئا، ولزمتهم حجّة، وانصرفوا، فازداد بذلك الملك توطّدا له. قلت أنا للقاضي: هذا شيء قد سبقت العرب إليه في كلمتين، استغني بهما عن هذا المثل الطويل العجميّ. فقال: ما هما؟ فقلت [34 ط] : روت العرب أنّ رجلين تفاخرا، فقال أحدهما لصاحبه: نسبي منّي ابتدأ، ونسبك إليك انتهى.

56 الصيمري وزير معز الدولة يرفق بأحد المصادرين

56 الصيمريّ وزير معزّ الدولة يرفق بأحد المصادرين حدّثني أبو القاسم سعيد بن عبد الرحمن الكاتب الأصبهانيّ، قال: حضرت الصيمريّ «1» ، في وزارته لمعزّ الدولة، وقد أحضر رجلا مصادرا، وقد قرّر أمره على مال. فقال له: أعطني كفيلا، واخرج فصحّح المال. فقال: لا كفيل لي أوثق من إحسانك إليّ أيها الأستاذ. فرقّ له، وخفّف مصادرته، وأحسن إليه.

57 مهاترة بين بصري وسيرافي

57 مهاترة بين بصريّ وسيرافيّ حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن بكر، قال: حدّثني أبو بكر سعيد بن هارون الطبيب، وكان أبوه سيرافيّا «1» وجيها في بلده وغيرها، موسرا، قال: خاصم أبي رجل من أهل البصرة، فقال له الرجل: تكلّمني وأنت قطعة سيرافيّ؟ فقال له سعيد: أنا نجار «2» في بلدي، وأنت عار في بلدك «3» .

58 الوزير أبو محمد المهلبي وحد الإقبال والإدبار

58 الوزير أبو محمد المهلبيّ وحدّ الإقبال والإدبار حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف «1» ، قال: حدّثني قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله بن أحمد» ، قال: تجارينا بحضرة أبي محمد المهلّبيّ، ذكر الإقبال والإدبار، فقال: ليس الإقبال أكثر من الحركة والتواضع، ولا الإدبار أكثر من الكسل والتكبّر.

59 من شعر أبي الفرج الببغاء

59 من شعر أبي الفرج الببغاء أنشدني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد النصيبينيّ المخزومي الكاتب، المعروف بالببغاء «1» لنفسه قصيدة منها: جاورت بالحبّ قلبا لم تذر فكري ... للحبّ مستمتعا فيه ولم تدع يصبو ولكن يكفّ الحلم صبوته ... وأشرف الحبّ أدناه من الورع وبي أمسّ غرام لو أنست إلى الشكوى ... ولكن أعدّ الصبر للجزع ما بال أهل زماني من تجاهلهم ... بموضعي بين مغبون ومختدع من لم تزد قومه أفعاله شرفا ... بالفضل فهو لمعنى غير مخترع «2» [38 ب] عفت الموارد لمّا «3» لم أجد ظمأ ... في كثرة الماء ما يغني عن الجرع

60 لأبي الفرج الببغاء في الأمير سيف الدولة

60 لأبي الفرج الببغاء في الأمير سيف الدولة وأنشدني لنفسه قصيدة في سيف الدولة «1» رحمه الله أوّلها: أفادت بك الأيّام فرط تجارب ... كأنّك في فرق الزمان مشيب وكلّ بعيد قرّب «2» الحين نحوه ... سلاهبك الجرد الجياد قريب تباشر أقطار البلاد كأنّها ... رياح لها في الخافقين هبوب وتملأ ما بين الفضائين عثيرا ... مثارا بوجه الشمس منه شحوب وما يدرك العلياء إلّا مهذب ... يصاب على مقداره ويصيب فلا تصطف الإخوان قبل اختبارهم ... فما كلّ خلّ تصطفيه نجيب

61 من مكارم أخلاق أبي المنذر النعمان بن عبد الله

61 من مكارم أخلاق أبي المنذر النعمان بن عبد الله حدّثني القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن «1» ، قال: حدّثني وكيل كان لأبي المنذر النعمان بن عبد الله «2» ، قال: كان من عادة النعمان، إذا كان في انسلاخ كلّ شتوة، أن يعمد إلى جميع ما استعمله من خزّ وصوف وفرش وكوانين وآلة الشتاء، فيبيعه في النداء «3» . ثم ينفذ إلى حبس القاضي، فينظر من حبس بإقراره، دون قيام البيّنة عليه، ولا حال له، فيؤدّي ما عليه من ثمن تلك الآلات، أو يصالح عنه [35 ط] ويخرجه، إن كان المال ثقيلا. ثم يعمد إلى من يبيع بيعا يسيرا، مثل بقليّ «4» ورهداريّ «5» ، ومن رأس

ماله دينار، وديناران، وثلاثة، فيعطيه من عشرة دنانير إلى مائة درهم، وأقلّ وأكثر، ليزيد في رأس ماله. ويعمد إلى من يبيع في الأسواق مثل طنجير، وقدر، وقميص خلق، وما يغلب على الظنّ أنّ مثله لا يباع إلّا من ضرّ شديد، وإلى امرأة تبيع غزلها عجوز، فيعطيهم أضعاف ثمنه، ويدعه عليهم. ويعمل ألوانا من هذا الجنس كثيرة، يأمرني بفعلها، وصرف ثمن تلك الآلات إليها. فإذا انقضى «1» الصيف عمد إلى ما عنده من دبيقيّ، وقصب، وحصر، ومزمّلات، وآلة الصيف، فيفعل به مثل ذلك. فإذا جاء الشتاء والصيف ثانية، استجدّ جميع ما يحتاج إليه. فلما كثر ذلك عليّ من فعله، قلت له: يا سيّدي، إنّك، هوذا، تفقر نفسك، من حيث لا تنفع غيرك، لأنّك تشتري هذه الثياب، والآلات، والفرش، في وقت الحاجة إليها بضعف قيمتها، وتبيعها وقت استغناء كافّة الناس عنها، فتشترى منك بنصف قيمتها، فيخرج منك في ذلك، مال عظيم، فإن أذنت لي، ناديت على كلّ ما يباع، فإذا استقرت العطيّة، وأخذت الدراهم «2» ، أخذته لك بزيادة، وعزلته إلى الصيف أو الشتاء، ودفعت مثل ثمنه، من مالك، إلى هذه الوجوه. فقال لي: ما أحبّ هذا، تلك الآلات قد متّعني الله بها طول شتائي أو صيفي، وبلّغني وقت الغناء «3» [39 ب] عنها، وما أنا على ثقة من أنّي

أعيش إلى وقت الحاجة إليها ثانيا، ولعلّي قد عصيت الله عليها، وفيها، فأنا أحبّ بيع أعيانها؛ وصرف الثمن بعينه، في هذه الوجوه، شكرا لله على تبليغي وقت الاستغناء عنها، وكفّارة لما عصيته فيها، ثم إن أحياني الله إلى وقت الحاجة إليها، فليس ذلك بغال، ولا يتعذّر شراء مثله، واستجداد خلفه، والتمتّع بالجديد. وفي بيعي إيّاه رخيصا، وشراي له غاليا، فائدة أخرى، وهي أن ينتفع الضعفاء من التجّار الذين أبتاع ذلك منهم، وأبيعه عليهم، بما فيه من الأرباح عليّ، ولا يؤثّر ذلك في حالي.

62 من مكارم أخلاق أبي المنذر النعمان بن عبد الله

62 من مكارم أخلاق أبي المنذر النعمان بن عبد الله أخبرني القاضي «1» ، وقال: أخبرني هذا الوكيل «2» : إنّ النعمان كان يعجبه، إذا قدّم إليه لون من طعام طيّب، أو حلو عجيب، أن لا يمعن في أكله، ويأمر بدفعه بعينه إلى السؤّال «3» . وكان رسمه، أن يفرّق في كلّ يوم، جميع ما يشال من مائدته، ويفضل في مطبخه، عن وظائف غلمانه، فكان يجتمع على بابه، كلّ يوم، منهم جمع عظيم. قال: فأكل يوما عنده صديق له هاشميّ، فقدّم إليه لون طيّب، فما استتمّ أكله حتى أمر به للسؤّال، فشيل. وقدّم جدي سمين، فما تهنّأوا بأكله حتى أمر به فرفع إلى السؤّال، وقدم جام لوزينج معمول بالفستق، وكان يعجب النعمان، ويلزمه على كلّ [36 ط] جام خمسون درهما، وخمسة دنانير، وأقلّ، وأكثر، على قدر كبر الجام، فما أكلوا منه إلّا يسيرا، حتى قال: ارفعوه إلى السؤّال. فقبض الهاشميّ على الجام، وقال: يا هذا، أحسب أنّنا نحن السؤّال، ودعنا نتهنّا بأكله، لم تدفع كل ما تشتهيه للسؤّال؟ وما للسؤّال وهذا؟

لهم في لحم البقر، وعصيدة التمر كفاية، والله لا شلته. فقال: يا سيّدي، إنّ عادتي ما تراه. قال: بئست العادة، لا نصبر لك عليها، تقدّم أن يعمل للسؤّال إذا كان لا بدّ لك من ذلك، مثل هذا، ودعنا نحن نتمتّع بأكله، أو ادفع إليهم مثل ثمنه. فقال: أفعل مستأنفا، وأتقدّم بأن يصنع لهم مثله، فأمّا ثمنه، فإنّ السائل لا تسمو نفسه، ولا يتّسع صدره لعمل مثل هذا، ولو دفع إليه أضعاف ثمنه مرارا، لأنه إذا حصلت عنده الدراهم، صرفها إلى غير هذا، في أمره المختلّ الذي هو إلى إصلاحه أحوج، ولا يحسن أيضا، عمل مثل هذا، وأنا أحبّ أن يشاركوني في الالتذاذ بما آكل، يا غلام، تقدّم الساعة بعمل جامة «1» مثل هذه، وتفريقها على السؤّال، ففعل ذلك. وكان بعدها إذا حضر من يحتشمه، أمر بعمل مثل ما يقدّم إليه، والصدقة به، ولم يأمر برفع ذلك من [40 ب] حضرته، إلّا إذا بشمه الحاضرون.

63 أبو القاسم بن الحواري وعظيم بره بأمه

63 أبو القاسم بن الحواريّ وعظيم برّه بأمّه حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: كان يألف أبا القاسم بن الحواريّ «1» ، رجل من أهل عكبرا «2» يخطب بأهلها، وكان ماجنا، خفيف الروح، مليح الحديث والكلام، طيّب النشوار والأدب، يكنى بأبي عصمة، وكان يؤاكله دائما، ويختصّ به «3» ، وينفق عليه. وكان أبو القاسم، شديد البرّ بأمّه، فكان يتنغّص لها بالماء فضلا عمّا سواه، ولا يتهنّأ بأكل شيء، إلّا إذا أكلت منه، وكان من عادته إذا استطاب لونا، أن ينفذه من مائدته إليها. فأكل عنده أبو عصمة هذا، أوّل يوم، وهو لا يعرف رسمه، فقدّم

لوزينج طيّب، فما شبع منه أبو عصمة حتى أمر به أبو القاسم فرفع إلى والدته. وقدمت مضيرة جيّدة، بفراخ مسمّنة، ودجاج هنديّ، ودهن الجوز والخردل، فما أكلوا منها حسبا «1» حتى أمر ابن الحواريّ، برفعها إلى والدته، فأخذ أبو عصمة رغيفا، وقام يمشي مع الغضارة. فقال له ابن الحواريّ: إلى أين يا أبا عصمة؟ قال: إلى الوالدة يا سيّدي، آكل معها هذه المضيرة، فإنّ هذه المائدة خراب، والخصب عندها. فضحك ابن الحواريّ، وتقدم بردّ اللون إليه.

64 أبو عصمة الخطيب وأهل عكبرا

64 أبو عصمة الخطيب وأهل عكبرا قال «1» ، وكان أبو عصمة هذا لي صديقا، وبي آنسا، فقال لي يوما: إنّ أهل عكبرا سفّل، وأنا مبتلى بالخطبة «2» بهم، فإذا صعدت المنبر، أو مأت إليهم بيدي، إيماء السلام، فيؤذّن المؤذّن، ويحسبون أنّي قد سلّمت عليهم، وإنّما أقول: لحاكم كلّكم في استي.

65 أصل نعمة سليمان الثلاج في بغداد

65 أصل نعمة سليمان الثلاج في بغداد حدّثنا أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازيّ الكاتب «1» ، قال: حدّثني ابن سليمان الثلّاج «2» قال: قال لي أبي: كان أصل نعمتي من ثمن خمسة أرطال ثلجا، وذلك أنّه عزّ الثلج في بعض السنين ببغداد، وقلّ، وكان عندي منه شيء بعته، وبقي منه خمسة أرطال. فاعتلّت شاجي «3» جارية عبيد الله بن عبد الله [37 ط] بن طاهر «4» ، وهو إذ ذاك أمير بغداد، فطلبت منه ثلجا، فلم يوجد إلّا عندي. فجاؤوني، فقلت: ما عندي إلّا رطل واحد، ولا أبيعه إلّا بخمسة آلاف درهم، وكنت قد عرفت الصورة. فلم يجسر الوكيل على شراء ذلك، ورجع يستأذن عبيد الله، وكانت شاجي بمنزلة روحه، وهي تتضوّر على الثلج، وتلحّ في طلبه. فشتمه عبيد الله، وقال: امض واشتره بأيّ ثمن كان ولا تراجعني. فجاءني، فقال: خذ خمسة آلاف درهم، وهات الرطل.

فقلت: لا أبيعك إيّاه إلّا بعشرة آلاف درهم، فلم يجسر على الرجوع للاستئذان، فأعطاني عشرة آلاف درهم، وأخذ الرطل. وسقيت العليلة منه، فقويت نفسها، وقالت: أريد رطلا [41 ب] آخر. فجاءني الوكيل بعشرة آلاف درهم، وقال: هات رطلا آخر، إن كان عندك، فبعت ذلك عليه. فلما شربته العليلة، تماثلت، وجلست، وطلبت زيادة، فجاؤوني يلتمسون ذلك. فقلت: ما بقي عندي إلّا رطل واحد، ولا أبيعه إلا بزيادة، فداراني، وأعطاني عشرة آلاف درهم، وأخذ رطلا. وداخلتني رغبة في أن أشرب أنا شيئا من الثلج، لأقول إنّي شربت ثلجا سعر الرطل منه عشرة آلاف درهم. قال: فشربت منه رطلا. وجاءني الوكيل قرب السحر، وقال: الله، ألله، قد والله صلحت العليلة، وإن شربت شربة أخرى برأت، فإن كان عندك منه شيء، فاحتكم في سعره. فقلت له: والله، ما عندي إلّا رطل واحد، ولا أبيعه إلّا بثلثين ألفا. فقال: خذ. فاستحييت من الله أن أبيع رطل ثلج بثلثين ألفا، فقلت: هات عشرين ألفا، واعلم أنّك إن جئتني بعدها بملء الأرض ذهبا، لم تجد عندي شيئا، فقد فني. فأعطاني العشرين ألف، وأخذ الرطل.

فلما شربته شاجي، أفاقت، واستدعت الطعام، فأكلت، وتصدّق عبيد الله بمال. ودعاني من غد، فقال: أنت- بعد الله- رددت حياتي بحياة جاريتي، فاحتكم. فقلت: أنا خادم الأمير وعبده. قال: فاستخدمني في ثلجه وشرابه، وكثير من أمر داره. فكانت تلك الدراهم التي جاءتني جملة، أصل نعمتي، وقويت بما انضاف إليها من الكسب مع عبيد الله، طول أيّامي معه «1» .

66 بغداد في أيام المقتدر

66 بغداد في أيام المقتدر تجارينا عند القاضي أبي الحسن محمد بن صالح بن عليّ الهاشميّ ابن أمّ شيبان «1» في سنة ستّين وثلاثمائة، عظم بغداد، وكثرة أهلها، في أيّام المقتدر، وما كان فيها من الأبنية، والشوارع، والدروب، وكبر البلد، وكثرة أهله، في سائر أنواع الناس. وذكرت أنا كتابا رأيته، لرجل يعرف بيزدجرد بن مهبندان الكسرويّ «2» ، كان على عهد المقتدر، بحضرة أبي محمد المهلّبيّ، كان سلّم إليّ وإلى جماعة ممّن حضر، كراريس منه، لننسخه، وننفذه إلى الأمير ركن الدولة، لأنّه التمس كتابا في وصف بغداد، وإحصاء ما فيها من الحمّامات، وإنّها كانت عشرة آلاف «3» ، ذكر في الكتاب مبلغها وعدد من يحتوي عليه البلد من الناس، والسّفن، والملّاحين، وما يحتاج إليه في كلّ يوم من الحنطة [38 ط] ، والشعير، والأقوات، وإنّه حصّل «4» ما يصل إلى أصحاب المعابر فيه من الملّاحين «5» فكان في كلّ يوم، أربعين

ألفا، أو ثلاثين ألفا. وذكر غيري كتابا ألّفه أحمد ابن الطيّب «1» ، في مثل هذا. فقال لي القاضي أبو الحسن: أمّا ذاك، فعظيم لا نعلمه، وقد شاهدنا [42 ب] منه ما لا يستبعد معه أن يكون كما أخبر يزدجرد، وأحمد بن الطيّب، إلّا إنّا لم نحصه فنقطع العلم به، ولكن بالأمس، في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، لمّا ضمن محمد بن أحمد المعروف بترة، بادوريا «2» ، عمّرها، وتناهى في ذلك، فأحصينا وحصّلنا ما زرع فيها من جربان الخسّ، في هذه السنة، وقدّرنا بكلواذى وقطربّل وقرب بغداد، ما يحمل إليها من الخسّ على تقريب، فكان الجميع ألفي جريب «3» ، ووجدنا كلّ جريب خسّ يزرع فيه ستّة أبواب «4» ، يقلع من كلّ باب من الأصول، كذا وكذا، ولم أحفظه، يكون للجريب كذا وكذا أصلا، وسعر الخسّ إذ ذاك، على أوسط الأسعار كلّ عشرين خسّة بدرهم واحد «5» ، فحصل لنا أنّ ارتفاع الجريب، على أوسط الريع والسعر، ثلاثمائة وخمسون درهما،

قيمتها خمسة وعشرون دينارا، يكون لألفي جريب، خمسون ألف دينار، وكلّ ذلك يؤكل ببغداد، فما ظنّك ببلد يؤكل فيه في فصل من فصول السنة، صنف واحد من صنوف البقل، بخمسين ألف دينار. ثم قال لنا القاضي، ولقد أخبرني رجل يبيع سويق الحمّص «1» ، دون غيره من الأسوقة، أسماه وأنسيته، إنّه أحصى ما يتّخذ في سوقه من سويق الحمّص في كلّ سنة، فكان مبلغه مائة وأربعون كرّا «2» ، وأنّه يخرج في كلّ سنة منه، حتى لا يبقى منه شيء، فإذا حال الحول، طحنوا مثل ذلك. هذا وسويق الحمّص، غير طيّب، وإنّما يأكله الضعفاء والمتجمّلون، شهرين أو ثلاثة من السنة، عند عدم الفواكه، وأضعافهم مرارا من الناس، من لا يأكل ذلك أصلا. ثم قال: قال لي بعض مشايخ الحضرة: عمارة بغداد، في سنة خمس وأربعين «3» ، عشر ما كانت عليه في أيّام المقتدر «4» ، على تحصيل وضبط، يعني في الأبنية والناس.

67 أحاديث في احتباس الحمل

67 أحاديث في احتباس الحمل جرى بحضرة القاضي أبي الحسن محمد بن صالح الهاشميّ «1» احتباس «2» الحمل، وقول الشافعيّ ومالك فيه ما قالاه. فحكيت أنا فيه، ما روي من أنّ محمد بن عجلان، ولد لأربع سنين، وأنّ أسنانه كانت تطحن «3» . فقال لي القاضي أبو الحسن: كان لأبي، زوجة من ولد الأشعث بن قيس، كوفيّة، فحملت منه أحد عشر شهرا بحساب صحيح ضبطناه وأعلمناه، مع شدّة الاستظهار والتحصيل، فيما يجب تحصيله والاستظهار به في مثل ذلك، فولدت بعد أحد عشر شهرا بنتا، فعاشت البنت سنين، ولها أولاد. قال: وحدّثني أبي عن جدّي: إنّه شاهد بالكوفة، أربعة إخوة [43 ب] ولدوا في بطن واحد، وعاشوا كلّهم، وأسنّوا، ومنهم من أعقب. قال لنا القاضي: إنّ إسماعيل بن أبي خالد المحدّث، له ثلاثة إخوة ولدوا في بطن واحد، وكلهم عاشوا وأسنّوا «4» .

68 قد ينال الإنسان باللين ما لا ينال بالشدة

68 قد ينال الإنسان باللين ما لا ينال بالشدّة حدّثني أبو العبّاس هبة الله بن محمد بن المنجّم [39 ط] ، عن أسلافه: إنّ المأمون «1» نكب عاملا له، يقال له: عمرو بن نهيوي، صهر موسى بن أبي الفرج بن الضحّاك، من أهل السواد، موسرا، فأمر محمد ابن يزداد «2» أن يتسلّمه إليه، ويعذّبه، ويعاقبه، حتى يأخذ خطّه بعشرة آلاف ألف درهم، ويستخرجها منه. فسلّم عمرو إلى محمد، فأكرمه، وألطفه، وأمر بخدمته وترفيهه، وأفرده في حجرة سريّة من داره، وأخدمه فيها من الفرش والغلمان بما يليق به، ولم يكلّمه ثلاثة أيّام، والمأمون يسأل عن الخبر، فيبلغه ترفيهه له، فيغتاظ، ويسأله، فيقول: هو مطالب. فلما كان في اليوم الرابع، استدعى عمرو محمدا، فدخل إليه.

قال محمد بن يزداد: فقال لي: يا هذا، قد عرفت ما تقدّم به إليك الخليفة في أمري، ووالله ما رأيت هذا المال، ولا نصفه، ولا ثلثه قط، ولا يحتوي عليه ملكي، ولعلّ الخليفة يريد دمي، وقد جعل هذا إليه طريقا، وقد تفضّلت عليّ بما لا يسعني معه أن أدّخر جهدا في تجميلك عند صاحبك، وقد كتبت تذكرة بجميع ما يحتويه ملكي، ظاهرا وباطنا، وهي هذه، وسلّمها إليّ، وإذا هي تشتمل على ثلاثة آلاف ألف درهم، وعليّ، وعليّ، وحلف بالطلاق والعتاق، والأيمان المغلّظة، ما تركت لنفسي بعد ذلك، إلّا ما عليّ من كسوة تستر عورتي، وهذا وسعي، وجهدي، فإن رأيت أن تأخذه، وتسأل الخليفة الرضا به منّي، فإن فعل فقد خلّصني الله بك، ونجّاني من القتل على يدك، وإن أبى، فإنّه يسلمني إلى عدوّي الفضل بن مروان «1» ، وهو القتل، ووالله، لا أعطيت على هذا الوجه، درهما واحدا، ولا كنت ممن يجيء على الهوان، دون الإكرام، وسأتلف، ولا يصل الخليفة إلى حبّة من مالي، ولكنّ المنّة لك عليّ حاصلة «2» ، فإن عشت شكرتها، وإن متّ فالله مجازيك عنّي. قال: فأخذت التذكرة، ورحت إلى المأمون. فقال: ما عملت في أمر عمرو بن نهيوي؟ فقلت: إنّه قد بذل ألفي ألف درهم، وليس عنده أكثر من ذلك.

فاستشاط، وقال: لا، ولا كرامة له، ولا أربعة آلاف ألف، ولا ثمانية آلاف ألف. وقال لي الفضل: ما دمت ترفّهه، وتكرمه، وتجلسه على الدسوت، وتخدمه بنفسك وغلمانك، كيف لا يتقاعد؟ فقلت له: فتسلّمه أنت إن شئت. فقال الخليفة [44 ب] : خذه إليك. فأخذه، وأرهقه، وطالبه بعشرة آلاف ألف، ودهقه «1» ، وضربه، وهو لا ينحلّ بشيء. فنزل معه إلى خمسة آلاف ألف، فلم يستجب. فقنع منه بثلاثة آلاف ألف، فلم يجب. فلما زاد عليه المكروه، وخاف الفضل أن يتلف في العذاب، فيجب المال عليه في نفسه بإتلافه إيّاه، رفق به، وداراه، وخلع عليه، ورفّهه أيّاما. وقال له: كان محمد بن يزداد بذل عنك ألفي ألف درهم، وقد قنعت بها منك، فهاتها. فقال: ما ملكتها قط، ولا بذلتها لمحمّد. فجاء الفضل إلى المأمون، فاقتصّ عليه خبره معه، في معاقبته، ومطالبته أولا، بالكلّ، واقتصاره ثانيا، وترفيهه له، وإكرامه، وقناعته منه بألفي ألف درهم، وإقامته على أنّه لا مال له، وإنكاره [40 ط] أن يكون بذل ذلك، وكنت حاضرا. فانقطع الحبل في يد المأمون، وكاد يهمّ بالفضل.

فقلت: يا أمير المؤمنين الرجال لا يكالون، وليس كلّ أحد يجيء على الهوان، وإنّ الفضل استخطأ رأيي فيما عاملت عمروا به، فصار إليه، وعامله بمثله حيث لم ينفع ذلك، ولو تركني معه في الأوّل، لاستخرجت منه ثلاثة آلاف ألف عفوا، وهذه تذكرة بخطّ عمرو تحتوي على ثلاثة آلاف ألف، فأخرجتها، وطرحتها بين يديه. وقلت: لو كنت علمت أنّ أمير المؤمنين يجيبني في ذلك الوقت، إلى ثلاثة آلاف ألف، عنه، لبذلتها، فبذلت ألفي ألف، حتى إن لم يقنع، زدت ألف ألف، والآن فقد فسد هذا، ووالله، لا أعطي عمرو، مع ما جرى عليه، حبّة، فإن استحلّ أمير المؤمنين دمه، فذاك إليه، وإلّا فليس إلى استخراج شيء منه سبيل. قال: فاستحيا المأمون، وأطرق مفكّرا مليّا، ثم رفع رأسه، وقال: والله لا كان كاتب من كتّابي، ولا نبطيّ من عمّالي، أكرم، وأوفى، وأصحّ تدبيرا منّي، قد وهبت لك يا محمد، عمروا وما عليه، فخذه، واصنع به ما شئت. فتسلّمته من الفضل بن مروان، وأطلقته مكرّما إلى بيته.

69 الحجاج بن يوسف الثقفي يأمر بتعذيب آزادمرد

69 الحجاج بن يوسف الثقفي يأمر بتعذيب آزادمرد ويشبه هذا الحديث، حديثا، وجدته بخطّ القاضي أبي جعفر بن البهلول «1» ، ذكر أن محمّد بن أحمد الحشميّ «2» ، أخبره، قال: قال الحجّاج بن يوسف «3» ، لمحمّد بن المنتشر: خذ إليك آزادمرد ابن الفرند، فدقّ يده على رجله، حتى تستخرج منه المال الذي عليه. قال محمّد: فاستخرجت منه بالرفق، ثلاثمائة ألف درهم، في جمعة، فلم يرض ذلك الحجّاج، فأخذه منّي، ودفعه إلى معدّ، صاحب عذابه، فدقّ يده، ودهقه، ودقّ ساقه. فمرّ به عليّ، وأنا في السوق، معترضا على بغل، فقال: يا محمد ادن، فدنوت منه.

فقال: إنّك وليت مني مثل هذا، فأحسنت إليّ، فأدّيت ما أدّيت عفوا، ووالله [45 ب] لا يؤخذ مني درهم واحد كرها، ولي عند فلان ثلاثون ألفا، فخذها جزاء لما صنعت. فقلت: والله، لا أخذت منك، وأنت على هذه الحال، شيئا. قال: أتدري ما سمعت من أهل دينكم، يحكون عن نبيّكم؟ قلت: لا. قال: سمعتهم يقولون ويحكون عنه، إنّه قال: إذا أراد الله بقوم خيرا ولّى عليهم خيارهم، وأمطرهم المطر في أوانه، وإذا أراد بقوم سوءا «1» ، ولّى عليهم شرارهم، وأمطرهم المطر في غير أوانه، ثم أمر قائد البغل، أن يقوده. فلم أرم من مكاني «2» ، حتى جاءني رسول الحجّاج، وقال: أجب، فمضيت إليه، فوجدته متنمّرا، والسيف منتضى في حجره. فقال: ادن. فقلت: لا والله، لا أدنو وهذا في حجرك. فأضحكه الله، وأغمد السيف، وقال: ما خاطبك به المجوسيّ؟ قلت: والله، ما غششتك منذ ائتمنتني، ولا كذبتك منذ صدقتني، فقصصت عليه القصّة. فلما أردت أن أذكر الرجل الذي عنده الثلاثون ألف، أعرض، وقال: لا تذكره، أما إنّ الكافر عالم «3» بآثار رسول الله [41 ط] صلّى الله عليه وسلّم.

70 الأمير معز الدولة البويهي ووزيره أبو محمد المهلبي

70 الأمير معزّ الدولة البويهي ووزيره أبو محمد المهلّبيّ كان معزّ الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه «1» ، لمّا ابتنى قصره بباب الشّماسية «2» ، والإصطبلات المتّصلة بآخره من أحد جوانبه، التي لم يسبق إلى حسنها، وعمل الميدان على دجلة متّصلا بين القصر والبستان الشارع على دجلة، الذي يلازق «3» دار صاعد بن مخلد «4» ، الذي كان منزلا لأبي جعفر

محمّد بن يحيى بن شيرزاد «1» ثم صيّره أبو جعفر الصيمريّ «2» بستانا، والجميع الآن داخل في جملة قصر معزّ الدولة. أوّل ما بدأ بأن بنى السور المحيط بالقصر والميدان، والمسنّاة العظيمة التي من حدّ رقّة «3» الشّماسية إلى بعض الميدان، وطول ما بناه منها ألف وخمسمائة ذراع، وعرضها نيّف وسبعون آجرّة كبارا، سوى الدّستاهيجات «4» التي تخرج منها إلى داخلها لضبطها. وكان العمل في ذلك متصلا، والصنّاع فيه متفرّقين. وهذا بعد أن كان عمل على بناء مدينة لنفسه، وخرج إلى كلواذى «5» ليتّخذها هناك، ثم أراد اتخاذها حيال كلواذى، ثم رحل إلى قطربّل «6» ، فأراد أن يبنيها عندها، ثم تقرّر رأيه على بناء دار بباب الشمّاسية، حصينة، يستغني بها عن المدينة، وتخفّ عليه نفقتها. وقدّر لذلك ألوف ألوف دراهم، وزادت النفقة على التقدير أضعافا. وكان يطالب وزيره أبا محمّد المهلّبي بتوجيه وجوه الأموال لذلك،

مع قصور الدّخل «1» عن الخرج، فيلقى منه عنتا «2» . ثم كلّفه تولّي [46 ب] البناء بنفسه وكتّابه، فكان، وهم، يتولّون ذلك. فسعى بعض أصحاب معزّ الدولة إليه، أنّهم يسنفون «3» البناء في السور، ليتعجّل بنفقة خفيفة، ويسرقون الباقي. وأوقفه على موضع منه، كان فيه ساف لبن لم يحكمه الصنّاع، ومشى عليه بحضرة معزّ الدولة- لأنّه ركب إليه- فانقلعت منه لبنة. فحمي طبعه، وكان حديدا جدّا، سليم الباطن مع ذلك، وإذا أخرج حدّته، وانقضت سورة غضبه، يندم على فعله، ولكن من يقوم على تلك الحدّة. فأحضر المهلّبيّ، وواقفه على ما رآه، فأخذ يحتجّ عليه. فحمي، وأمر به، فبطح، وضرب مقارع كثيرة. ثم قال: اخنقوه، فجعل في عنقه حبل، وأمسكه ركابيّون فوق السور، ليشيلوه، فيخنق. وبلغ خبره القوّاد، والأتراك، وخواصّه، فبادروا إلى تقبيل الأرض بين يديه، ومسألته الصفح عنه، فأنزله، وأطلقه. فمضى إلى داره كالميت، وأظهر قلّة حفل بذلك، لئلّا يشمت أعداؤه، ويطمعوا في صرفه، ويتقوّلون «4» عليه بانكسار إن بان منه، ولئلّا يبلغ صاحبه أنّه مستوحش من ذلك، فيستوحش منه.

وكانت عادته أن يشرب في تلك الليلة النبيذ، ويدعو الغناء، فجمع النّدماء، ليري قلّة الاكتراث بما جرى عليه. وعاد إلى داره وقد قرب المساء، فدعا بما يأكله، فأكل، وندماؤه معه، وليس فيه فضل لشدّة الألم، وهو يتجلّد، ويتحدّث. ثم دعا بنبيذ، فقالوا له: أيّها الوزير، لو استرحت، وطرحت نفسك، كان أولى من النبيذ، فليس هذا وقته، وذنّبوا له في هذا. فأخذ هو يعزّيهم عمّا جرى [42 ط] عليه، ويسلّيهم، وتمثّل في كلامه بهذا البيت: فإنّ أمير المؤمنين وفعله ... لكالدهر لا عار بما صنع الدهر ثم شرب أقداحا، وقام. أخبرني بذلك، من حدّثه به «1» ، من ندماء أبي محمد، عن مشاهدة.

71 الأمير معز الدولة وحدة طبعه

71 الأمير معز الدولة وحدّة طبعه وكانت عادة الأمير معزّ الدولة، إذا حمي جدا، أن يأمر بالقتل، ويكره أن يتمّ ذلك، ويعجبه أن يسأل العفو. وقد فعل هذا، كثيرا جدّا، بخلق من جملة أصحابه. وأوّل ما عرف ذلك منه، وأقدم لأجله على مساءلته العفو، إذا أمر بقتل صاحب له، أنّه أنكر على رجل بالأهواز، وهو إذ ذاك مقيم بها، وكان الرجل ضرّابا «1» يعرف «2» بابن كردم، أهوازيّ، ضمن منه عمالة دار الضرب بسوق الأهواز، فضرب دنانير رديئة، ولم يعلم الأمير بها، فأنفذها إلى البصرة ليشتري بها الدوابّ، والبريديّون إذ ذاك بها، فلم تؤخذ لشدّة فسادها، فردّت، وعاد الراضة الذين كان أنفذهم لذلك، فعرّفوه الخبر، فحمي [47 ب] ، وأحضر ابن كردم هذا، وخاطبه، وازداد طبعه حميا، إلى أن أمر بأن يخنق على قنطرة الهندوان «3» ، بالأهواز. فأخرج من بين يديه، وخنق، ومات، وعاد من كان أمره بذلك، فوقف بحضرته. فقال له: ما فعل الرجل؟ قال: خنقناه ومات. فكاد أن يطير غضبا، وشتمه، وشتم الحاضرين، وقال: ما كان فيكم من يسألني أن لا أقتله؟ وأخذ يبكي، وكان فيه تحرّج من القتل. فقالوا: ما علمنا، وخفناك. فكان بعد ذلك إذا أمر بقتل إنسان، سئل، وروجع، فيعفو.

72 من مكارم أخلاق الأمير سيف الدولة

72 من مكارم أخلاق الأمير سيف الدولة أخبرني طلحة بن عبيد الله بن قناش، قال: كنت يوما في مجلس حديث وأنس، بحضرة سيف الدولة، أنا وجماعة من ندمائه، فأدخل إليه رجل، وخاطبه، ثم أمر بقتله، فقتل في الحال. فالتفت إلينا، وقال: ما هذا الأدب السيّء، وما هذه المعاشرة القبيحة التي نعاشر ونجالس بها؟ كأنّكم ما رأيتم الناس، ولا سمعتم أخبار الملوك، ولا عشتم في الدنيا، ولا تأدّبتم بأدب دين ولا مروءة. قال: فتوهّمنا أنّه قد شاهد من بعضنا حالا يوجب هذا، فقلنا: كلّ الأدب إنّما يستفاد من مولانا أطال الله بقاءه- وهكذا كان يخاطب في وجهه- وما علمنا أنّا عملنا ما يوجب هذا، فإن رأى أن ينعم بتنبيهنا، فعل. فقال: أما رأيتموني، وقد أمرت بقتل رجل مسلم لا يجب عليه القتل، وإنّما حملتني السطوة والسياسة لهذه الدنيا النكدة، على الأمر به، طمعا في أن يكون فيكم [رجل] «1» رشيد فيسألني العفو عنه، فأعفو، وتقوم الهيبة عنده وعند غيره، فأمسكتم حتى أريق دم الرجل، وذهب هدرا. قال: فأخذنا نعتذر إليه، وقلنا: لم نتجاسر على ذلك. فقال: ولا في الدماء؟ ليس هذا بعذر. فقلنا: لا نعاود. واعتذرنا حتى أمسك.

73 الخليفة المعتضد يعذب شخصا حاول الخروج عليه

73 الخليفة المعتضد يعذب شخصا حاول الخروج عليه حدّثني أبو الحسن، أحمد بن يوسف الأزرق، قال: حدّثني أبي قال: كنت أكتب لبدر اللاني «1» [43 ط] في أيام الموفّق «2» ، والمعتضد «3» ، وأدخل الدار معه، وأليه، فرأيت محمد بن الحسن بن سهل المعروف بشيلمة «4» ، وقد جعله كردناكا «5» .

قال: فقلت له: كيف فعل ذلك؟ وما كان سببه؟ فقال: إنّ رجلا من أولاد الواثق، كان يسكن مدينة المنصور، سعى في طلب الخلافة، واستوزر شيلمة، فأخذ له البيعة على أكثر أهل الحضرة، من الهاشميّين، والقضاة، والقوّاد، والجيش، وأهل بغداد الأحداث، وأهل العصبيّة، وقوي أمره، وانتشر خبره، وهمّ بالظهور في المدينة، والاعتصام بها، والتحصّن، حتى إذا أخذ المعتضد، صار إلى دار الخلافة. فبلغ المعتضد الخبر على شرحه، إلّا اسم المستخلف. فكبس شيلمة [48 ب] وأخذه، فوجد في داره جرائد «1» بأسماء من بايع، وبلغ الهاشميّ الخبر، فهرب. وأمر المعتضد بالجرائد، فأحرقت ظاهرا، لئلّا يعلم الجيش بوقوفه عليها فتفسد نيّاتهم له، بما يعتقدون من فساد نيّته عليهم. وأخذ يسائل شيلمة عن الخبر، فصدقه عن جميع ما جرى، إلّا اسم الرجل الذي يستخلف، فرفق به ليصدقه عنه، فلم يفعل. وطال الكلام بينهما [فتوعّده] «2» ، فقال له: والله، لو جعلتني كردناكا، ما أخبرتك باسمه. فقال المعتضد للفرّاشين: هاتم أعمدة الخيم الكبار الثقال، [فجاءوه بها] «3» وأمر أن يشدّ عليها شدّا وثيقا [فشدّ] «4» ، وأحضروا فحما عظيما، وفرش على الطوابيق «5» بحضرته، وأجّجوا نارا، وجعل الفرّاشون يقلّبون

شيلمة على تلك النار، وهو مشدود على الأعمدة «1» ، إلى أن مات وانشوى «2» . [وأخرج من بين يديه ليدفن، فرأيته على هذه الصورة] «3» . قال: وأمر المعتضد بهدم السور المحيط بالمدينة، فهدم منه شيء يسير، فاجتمع إليه الهاشميّون، فقالوا: يا أمير المؤمنين، فخرنا، وذكرنا، ومأثرتنا «4» فأمر بقطع الهدم، وصرف حفظة كانوا عليه متوكّلين برعيه، ورخّص فيه، وتركه وأهمله، وخلّى بينه وبين الناس. فما مضت إلّا سنيّات، حتى هدم الناس أكثره، أوّلا فأوّلا، ووسّعوا به ما يجاوره من دورهم، واستضافوا مكانه إليها، حتى إنّ ذلك اتّسع، فجعل وزير «5» المقتدر، على كل دار هذا حكمها، أجرة العرصة بحسب ذلك، وكان لها ارتفاع «6» كثير. ثم تبع ذلك بسنين، خراب المدينة، أوّلا فأوّلا، حتى بلغت إلى ما هي عليه.

74 بابك الخرمي وجلده وصبره على العذاب

74 بابك الخرّمي وجلده وصبره على العذاب ومن عجيب أخبار قوّة النفس: إنّ أخا بابك الخرّمي «1» ، المازيار «2» ، قال له لما أدخلا على المعتصم: يا بابك إنّك قد عملت ما لم يعمله أحد، فاصبر الآن صبرا لم يصبره أحد. فقال له: سترى صبري. فلما صار بحضرة المعتصم، أمر بقطع أيديهما وأرجلهما بحضرته. فبدىء ببابك، فقطعت يمناه، فلما جرى دمها، مسح به وجهه كلّه، حتى لم يبق من حلية وجهه، وصورة سحنته، شيء. فقال المعتصم: سلوه لم فعل هذا؟ فسئل، فقال: قولوا للخليفة، إنّك أمرت بقطع أربعتي، وفي نفسك قتلي، فلا شك أنّك لا تكويها، [44 ط] وتدع دمي ينزف إلى أن تضرب عنقي، فخشيت أن يخرج الدم منّي، فتبين «3» في وجهي صفرة يقدّر لأجلها

من حضر، أنّي قد فزعت من الموت، وانّها لذلك، لا من خروج الدم، فغطيّت وجهي بما مسحته عليه من الدم حتى لا تبين الصفرة. فقال المعتصم: لولا أنّ أفعاله لا توجب العفو عنه، لكان حقيقا بالاستبقاء لهذا الفضل، وأمر بإمضاء أمره فيه. فقطعت أربعته، ثم ضرب عنقه، وجعل الجميع على بطنه «1» ، وصبّ عليه النفط، وضرب [49 ب] بالنار. وفعل مثل ذلك بأخيه «2» ، فما كان فيهما من صاح وتأوّه.

75 عافية الباقلاني وخالد الحذاء يسيران حافيين على باب حديد محمي

75 عافية الباقلّاني وخالد الحذّاء يسيران حافيين على باب حديد محميّ وقد حكي: أنّ عافية الباقلّاني، وخالد الحذّاء «1» ، رئيسي أصحاب العصبيّة في زمانهما، بايعا «2» على أن يحمى لهما باب حديد، ويمشيان عليه، ففعلا ذلك. فلما حصلا فوقه، حلّ أحدهما مئزره، ثم ضرب يده إلى الآخر، وضبطه، وقال: انطرني أتوزّرهما عطفيّين «3» ، أي انتظر حتى أتّزر. قال: فما فارقه، حتى شدّ مئزره، وهما فوق الباب المحميّ، ثم تمّم مشيه، حتى خرج منه، وقد غلب بتلك الساعة «4» ، وإن لم يكن في الباب الحديد حيلة، أو عادة، مثلما يكون أسفل القدر، كالنار إذا دام الوقود عليها، فيأخذها الإنسان [لساعته] «5» على راحته، لأنّ البخار يتصاعد، ثم يدعها قبل أن ينعكس البخار إلى أسفلها. وقد شاهدت أنا، أبا الأغرّ بن [أبي] «6» شهاب التيميّ «7» بالبصرة، فعل ذلك، وإلّا، فلا أدري ما هو.

وقد أخبرني غير واحد، أنّ القطعة الحديد، إذا أدخلت الكور، وأحميت حتى تبيضّ بياضا شديدا، فأخذها الإنسان، فلطعها مرتين، أو ثلاثة، قبل أن يرجع فيها الحمي، لم تضرّ لسانه. وقد شاهدت أنا، أبا الحسن عليّ بن محمد بن أحمد التنوخيّ، وقد أدخل إلى فيه، غير مرّة، شمعة [مشعلة] «1» فيها رطل، وعضّ عليها، وكشّر شفتيه لي، حتى تبيّنت اتّقاد الشمعة في فيه، ساعة، ثم أخرجها غير منطفئة. وسألته عن علّة ذلك، فقال: يحتاج إلى حذق في سرعة الإدخال، حتى لا تحرق الشفتين، فإذا حصلت في داخل الفم، لم تضرّ، لأنّ ما يتصاعد من حمي الجوف، يغلب على حماها «2» ، فلا تضرّ.

76 كيف قتل الخليفة المعتضد وزيره إسماعيل بن بلبل

76 كيف قتل الخليفة المعتضد وزيره إسماعيل بن بلبل ومن طريف عقوبات المعتضد، قتلته إسماعيل بن بلبل «1» ، حدّثني أبي، قال: أخبرني جماعة من أهل الحضرة، يعرفون ويحصّلون: إنّ المعتضد أمر بإسماعيل بن بلبل، فاتّخذ له تغار «2» كبير، وملىء إسفيداجا حيّا «3» ، وبلّه، ثم جعل بالعجل رأس إسماعيل فيه، إلى آخر عنقه، وشيء من صدره، وأمسك حتى جمد الإسفيداج، فلم تزل روحه تخرج بالضراط، إلى أن مات «4» .

77 الخليفة المعتضد يقتل آخر بسد جميع منافذه

77 الخليفة المعتضد يقتل آخر بسدّ جميع منافذه وأخبرني أيضا «1» رحمه الله: إنّ المعتضد، أمر برجل «2» فسدّ بالقطن أنفه، سدّا شديدا، وفمه، وعيناه، وأذناه، [ومنخراه] «3» ، وذكره، وسوءته «4» ثم كتّف وترك، فلم يزل ينتفخ، ويزيد، إلى أن طار قحف رأسه ومات «5» .

78 قرطاس الرومي وكيف عاقبه المعتضد

78 قرطاس الرومي وكيف عاقبه المعتضد حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب التنوخيّ، قال: قال أبي: كنت مع [45 ط] صاحبي الذي كنت أكتب له، بدر اللّاني، في عسكر الموفّق، وهو يقاتل صاحب الزنج «1» . فرمى زنجيّ «2» من أصحاب الخائن «3» ، يقال له: قرطاس، الموفّق، بسهم، فأصاب ثندوءته «4» ، وصاح [50 ب] : خذها مني وأنا قرطاس، فصارت مثلا للرماة إلى الآن «5» . فحمل الموفّق صريعا في حد التلف، ونزع السهم وكان مقطّنا «6» ، فبقي الزجّ «7» مكانه، وجمّع «8» ، وانتفخ، وأمدّ «9» ، وأشرف على الموت.

واستخبر بذلك أهل عسكر الخائن، وكانوا يصيحون بنا في كلّ يوم: ملّحوه، أي: قد مات الموفّق، فاجعلوه مكسودا «1» . فأجمع رأي الطبّ على بطّه، فلم يمكّنهم الموفّق من ذلك. فقالوا للمعتضد: إنّه إن لم يبطّ، عمل إلى داخل، فأتلفه. فقال: احتالوا عليه وبطّوه، وأنا أمنعكم منه «2» . فطوّل أحد الطب، ظفر إبهامه اليمين، وجعل تحته حديدة مبضع، وجاء إلى الموفّق، فقال: أيّها الأمير، دعني أجسّه، وأنظر كيف هو. فقال: لعلّك تبطّه؟ فأراه يده، وقال: كيف أبطّه، وليس في يدي حديد، فمكّنه منه، فجسّه وخرقه بالمبضع من أوّله إلى آخره مستعجلا، فندر الزجّ وخرج، وتبعته مدّة عظيمة وقيح. ففزع الموفّق في حال البطّ، لمجيئه على غفلة، فلكم» الطبيب، فقلبه عن مكانه، فلمّا استراح بما خرج من الموضع، ووجد خفّة، خلع على الطبيب، وأجازه، وعولج إلى أن برئ. وجعل أبو العباس وكده «4» طلب قرطاس، وكان إذا رآه في الحرب، طرح نفسه لأخذه، فيحاربه قرطاس أشدّ حرب، ويقول له بعجمته: «يا بلئباس، يريد يا أبا العبّاس، إن وقعت في يدك، قدّ مني أوتارا» . قال: فلم يزل المعتضد يجهد نفسه في أمره، حتى أخذه أسيرا، وقد

وقعت به جراحات، فجاء به إلى الموفّق، فأمر بضرب عنقه. فقال له المعتضد: تهب لي قتله، حتى أعمل به ما أريد. فقال: أنت أحقّ به، فخذه، فأخذه، فقدّ من أصابعه الخمس «1» أوتارا. قال: فقلت لأبي: كيف فعل ذلك؟ فقال: قلع أظفاره، وسلخ جلد أصابع كفّه من رؤوسها، إلى أكتافه، وعبر بها صلبه وكتفيه إلى آخر أصابعه الأخرى، وجلد بني آدم غليظ، فخرج له ذلك، فأمر أن تفتل له أوتار، ففعل، وصلب بها قرطاس «2» .

79 من طريف حيل اللصوص - 1

79 من طريف حيل اللصوص- 1 ومن طريف حيل اللصوص، الواقعة في عهدنا «1» ، انّ أبا القاسم، عبيد الله بن محمد الخفّاف، حدّثني: إنّه شاهد لصّا قد أخذ، وتشاهدوا عليه، إنّه يفشّ «2» الأقفال في الدور اللطاف التي يخمّن على أنّها لعزب. فإذا دخل، حفر في الدار حفرة لطيفة، كأنّها بئر النرد، وطرح فيها جوزات، كأنّ إنسانا كان يلاعبه، وأخرج منديلا فيه مقدار مائتي جوزة، فتركه إلى جانبها، ثم دار فكوّر كلّ ما في الدار، ممّا يطيق حمله. فإن لم يفطن به أحد، خرج من الدار، وحمل ذلك كلّه. وإن جاء [51 ب] صاحب الدار، ترك عليه قماشه، وطلب المفالتة والخروج. فإن كان صاحب الدار جلدا، فواثبه ومنعه، وهمّ [46 ط] بأخذه وصاح: اللصوص، واجتمع الجيران، أقبل عليه، وقال: ما أبردك، أنا أقامرك بالجوز منذ شهور وقد أفقرتني، وأخذت منّي كلّ ما أملكه، [وأهلكتني] «3» ما صحت، ولا فضحتك بين جيرانك، أنت لمّا قمرتك الآن قماشك، أخذت تدّعي عليّ اللصوصية؟ يا غث، يا بارد، بيني وبينك دار القمار، الموضع الذي تعارفنا فيه، قل بحذائهم، وبحذاء هؤلاء الحاضرين،

80 من طريف حيل اللصوص - 2

قد ضغيت «1» حتى أدع عليك قماشك. فكلمّا قال الرجل: هذا لصّ، فيقول الجيران: إنّما يريد أن لا يفضح [نفسه] «2» بالقمار، فقد ادّعى عليه اللصوصيّة، ولا يشكّون أنّه مقامر، وأن الرجل صادق، ويخلّصون بينهما، ثم يأخذ الجوز وينصرف، [ويفتضح الرجل بين جيرانه] «3» . 80 من طريف حيل اللصوص- 2 وأخبرني أيضا «4» : إنّه شاهد آخر، كان يدخل الدار الآهلة [نهارا] «5» ، ويعتمد التي فيها النساء، ورجالهم خارجون. فإن تمّت له الحيلة، وأخذ منها شيئا، انصرف. وإن فطن له، وجاء صاحب الدار، أو همه أنّه صديق زوجته، وأنّه من بعض غلمان القوّاد، ويقول له: استر عليّ هذا عند صاحبي، وعلى نفسك، ويتزيّا بالأقبية «6» ، يوهم الرجل أنّه لا يمكنه رفعه إلى السلطان

في الزنا، إن اختار فضيحة نفسه. وكلّما ادّعى عليه اللصوصيّة، صاح بهذا الحديث، فيجتمع الجيران، فيشيرون على الرجل بالستر على نفسه. وكلّما أنكر ذلك، قالوا: هذا محبة بزوجته، ويخلّصون اللصّ من يده، حتى ربما أجبروه على صرفه. وكلّما جحدت المرأة، وحلفت، وبكت، وأقسمت «1» إنّه لصّ، كان ذلك أدعى لهم إلى تخليته. فيتخلّص، ويعود الرجل، ويطلّق زوجته، ويفارق أمّ ولده، فأخرب غير منزل، وأفقر آخرين، بهذا. إلى أن دخل دارا فيها عجوز، لها أكثر من تسعين سنة، ولم يعلم، وأدركه ربّ البيت، فأخذ يوهمه ذلك، فقال: يا كشخان «2» ليس في الدار إلّا أمّي، ولها تسعون سنة، وهي منذ أكثر من خمسين سنة، قائمة الليل، صائمة النهار، طول الدهر، أفتراها هي عشقتك، أم أنت عشقتها؟ وضرب فكيّه. واجتمع الجيران، فقال اللصّ ذلك، فكذّبوه، لما يعرفون به المرأة من الدين «3» والصلاح، فضرب، وأقرّ بالصورة «4» فحمل إلى السلطان.

81 القصري غلام الحلاج كان يصبر على الجوع خمسة عشر يوما

81 القصريّ غلام الحلاج كان يصبر على الجوع خمسة عشر يوما حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: بلغني أنّ الحسين بن منصور الحلّاج «1» [كان] «2» لا يأكل شيئا [52 ط] شهرا أو نحو ذلك، على تحصيل ورصد، قال: فهالني هذا، وكانت بيني وبين أبي الفرج بن روحان الصوفيّ مودّة، وكان صالحا من أصحاب الحديث، ديّنا، وكان القصريّ، غلام الحلّاج، زوج أخته، فسألته عن ذلك. فقال: أمّا ما كان الحلّاج يفعله، فلا أعلم كيف كان يتمّ له، ولكنّ صهري القصريّ غلامه، قد أخذ نفسه سنين، بقلّة الزاد، ودرّجها على ذلك، حتى تمكّن بعد مدّة، أن يصبر عن الأكل خمسة عشر يوما، ونحو ذلك [47 ط] ، أقلّ أو أكثر. وكان يتمّ له ذلك بحيلة كانت تخفى عليّ، فلما حبس في جملة الحلّاجية، كشفها لي، وقال: إنّ الرصد، إذا وقع بالإنسان شديدا، وطال فلم

تنكشف معه حيلة، ضعف عنه الرصد [ثم لا يزال يضعف، كلّما لم تنكشف حيلته، حتى يبطل أصلا، فيتمكّن حينئذ، من فعل ما يريد] «1» . وقد رصدني هؤلاء منذ خمسة عشر يوما، فما رأوني آكل شيئا [بتّة] «2» ، وهذا نهاية صبري عن فقد الغذاء، وإن لم آكل بعده بيوم، تلفت، فخذ رطلا من الزبيب الخراسانيّ، ورطلا من اللوز [السمين] «3» . ودقّهما، واجعلهما مثل الكسب «4» وأصلحهما صفيحة رقيقة، فإذا جئتني غدا، فاجعلها بين ورقتين من دفتر، وخذ الدفتر في يدك مكشوفا، مطويّا في كفّك طيّا مدوّرا من غير انتشار، ليخفى ما فيه، فإذا خلوت بي، ولم تر من يلاحظني، فاجعل ذلك تحت ذيلي، وانصرف، فإنّني آكله سرّا، وأشرب الماء إذا تمضمضت للطهور «5» ، فيكفيني خمسة عشر يوما أخرى، إلى أن تجيئني «6» ثانيا، على هذا السبيل. ومتى رصدني هؤلاء في هذه الخمسة عشر يوما الثانية، لم يجدوني آكل شيئا على الحقيقة، إلى أن تعود أنت بعد هذه المدّة بالقوت، فأغتفلهم في أكله أيضا، فيقوم بي. قال: فكنت أعمل ذلك معه، طول حبسه.

82 ما اشترطه أبو سهل بن نوبخت لكي يؤمن بدعوة الحلاج

82 ما اشترطه أبو سهل بن نوبخت لكي يؤمن بدعوة الحلّاج حدّثني أبو الحسن بن الأزرق، قال: لما قدم الحلّاج بغداد يدعو، استغوى كثيرا من الناس، والرؤساء، وكان طمعه في الرافضة أقوى، لدخوله من طريقهم. فراسل أبا سهل بن نوبخت «1» ، ليستغويه، وكان أبو سهل من بينهم، مثقّفا، فهما، فطنا. فقال أبو سهل لرسوله: هذه المعجزات التي يظهرها، قد تأتي فيها الحيل، ولكن أنا رجل غزل، ولا لذّة لي أكثر من النساء وخلوتي بهنّ، وأنا مبتلى بالصلع، حتى إنّي أطوّل شعر قحفي، وأجذبه إلى جبيني، وأشدّه بالعمامة، وأحتال فيه بحيل، ومبتلى بالخضاب، لستر المشيب. فإن جعل لي شعرا، وردّ لحيتي سوداء بلا خضاب، آمنت بما [53 ب] يدعوني إليه، كائنا ما كان، إن شاء قلت إنّه باب «2» الإمام، وإن شاء الإمام، وإن شاء قلت إنّه النبيّ، وإن شاء قلت إنّه الله تعالى. قال: فلما سمع الحلّاج جوابه أيس منه، وكفّ عنه «3» . وقال لي أبو الحسن: وكان الحلّاج، يدعو كلّ قوم إلى شيء من هذه الأشياء التي ذكرها أبو سهل، على حسب ما يستبله طائفة طائفة.

83 الحلاج في مجلس الوزير حامد بن العباس

83 الحلاج في مجلس الوزير حامد بن العباس أخبرني أبو الحسين بن عيّاش القاضي، عمّن أخبره: إنّه كان بحضرة حامد بن العبّاس، لما قبض على الحلّاج، وقد جيء بكتب وجدت في داره، من قوم تدلّ مخاطبتهم، إنّهم دعاته في الأطراف، يقولون فيها: وقد بذرنا لك في كلّ أرض ما يزكو فيها، وأجاب قوم إلى أنّك الباب- يعنون الإمام- وآخرون أنّك صاحب الزمان- يعنون الإمام الذي تنتظره الأماميّة- وقوم إلى أنّك [48 ط] صاحب الناموس الأكبر- يعنون النبيّ صلى الله عليه وسلم- وقوم إلى أنّك أنت هو هو- يعنون الله عزّ وجل-[تعالى الله عمّا يقول الظّالمون علوّا كبيرا] «1» . قال: فسئل الحلاج عن تفسير هذا الرمز، فأخذ يدفعه، ويقول: لا أعرف هذه الكتب، هذه مدسوسة عليّ، لا أعلم ما فيها، ولا معنى لهذا الكلام. وحدّثني أبو الحسين بن عيّاش، عمن حضر مجلس حامد ابن العباس الوزير «2» ، وقد جاءوا بدفاتر وجدت للحلّاج، فيها: إنّ الإنسان إذا أراد الحجّ فإنّه يستغني عنه، بأن يعمد إلى بيت من داره، فيعمل فيه محرابا ذكره، ويغتسل، ويحرم، ويقول كذا، ويفعل كذا، ويصلّي كذا، ويقرأ كذا، ويطوف بهذا البيت كذا، ويسبّح كذا، ويصنع كذا، أشياء قد رتّبها وذكرها من كلام نفسه، قال: فإذا فرغ

من ذلك، فقد سقط عنه الحجّ إلى بيت الله الحرام. وهذا شيء معروف عند الحلّاجيّة، وقد اعترف لي رجل منهم، يقال إنّه عالم لهم، ولكن ذكر أنّ هذا رواه الحلّاج عن أهل البيت صلوات الله عليهم، وقال ليس عندنا إنّه يستغنى به عن الحجّ، ولكنّه يقوم مقامه، إن لم يقدر على الخروج، بإضاقة، أو منع، أو علّة، فأعطاني المعنى، وخالف في العبارة. قال لي أبو الحسين: فسئل الحلّاج عن هذا، وكان عنده إنّه لا يوجب عليه شيئا، فأقرّ به، وقال: هذا شيء رويته كما سمعته، فتعلّق بذلك عليه. واستفتى حامد، القاضيين أبا جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ الأنباري «1» ، وأبا عمر محمد بن يوسف «2» ، وهما إذ ذاك، قاضيا بغداد. فقال أبو عمر: هذه زندقة، يجب عليه القتل بها، لأنّ الزنديق لا يستتاب. وقال أبو جعفر: لا يجب عليه القتل، إلّا أن يقرّ بأنّه يعتقد هذا، لأنّ الناس قد يروون الكفر ولا يعتقدونه، فإن أخبر أنّ هذا شيء رواه وهو [54 ب] يكذّب به، فلا شيء عليه، وإن أخبر إنّه يعتقده، استتيب منه، فإن تاب، فلا شيء عليه، وإن لم يتب، وجب عليه القتل. قال: فعمل في أمره على فتوى أبي عمر، وعلى ما شاع وذاع من أمره، وظهر من إلحاده وكفره، واستغوائه الناس، وإفساده أديانهم،

فاستؤذن المقتدر في قتله، وكان قد استغوى نصرا القشوري» ، من طريق الصلاح والدين، لا ممّا كان يدعو إليه، فخوّف نصر السيّدة أمّ المقتدر «2» . من قتله، وقال: لا آمن أن يلحق ابنك- يعني المقتدر- عقوبة هذا الشيخ الصالح، فمنعت المقتدر من قتله، فلم يقبل، وأمر حامدا بأن يقتله، فحمّ المقتدر يومه ذاك، فازداد نصر والسيّدة افتتانا، وتشكّك المقتدر فيه، فأنفذ إلى حامد من بادره بمنعه من قتله، فتأخّر ذلك أياما، إلى أن زال عن المقتدر ما كان يجد من العلّة، فاستأذنه حامد في قتله، فضعّف الكلام فيه «3» ، فقال له حامد: يا أمير المؤمنين، إن بقي، قلب الشريعة، وارتدّ خلق على يده، وأدّى ذلك إلى زوال سلطانك، فدعني أقتله، وإن أصابك شيء، فاقتلني، فأذن [49 ط] له في قتله، فعاد، فقتله من يومه، لئلّا يتلوّن المقتدر. فلما قتل، قال أصحابه، ما قتل هو، وإنّما قتل برذون كان لفلان الكاتب، اتّفق إنّه نفق «4» ذلك اليوم. وهو يعود إلينا بعد مدّة، فصارت هذه الجهالة، مقالا لطائفة منهم.

84 طرائف من مخاريق الحلاج

84 طرائف من مخاريق الحلاج وكانت أكثر مخاريق الحسين بن منصور الحلّاج، هذا، التي يظهرها كالمعجزات، ويستغوي بها جهلة «1» الناس، إظهار المآكل في غير أوانها، بحيل يقيمها، فمن لا تنكشف له، يتهوّس بها، ومن كان فطنا، لم تخف عليه. فمن طريف ذلك، ما أخبرني بها أبو بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم الشاهد الأهوازيّ، قال: أخبرني فلان المنجّم، وأسماه، ووصفه بالحذق والفراهة، قال: بلغني خبر الحلّاج، وما كان يفعله من إظهار تلك العجائب [والمخرقات] «2» التي يدّعي أنّها معجزات، فقلت أمضي وانظر من أيّ جنس هي من المخاريق. فجئته، كأنّي مسترشد في الدين، فخاطبني وخاطبته، ثم قال: تشهّ «3» الساعة ما شئت، حتى أجيئك به. وكنّا في بعض بلدان الجبل التي لا تكون فيها الأنهار. فقلت له: أريد سمكا طريا [في الحياة] «4» الساعة. فقال: أفعل، اجلس مكانك. فجلست، وقام، وقال: أدخل البيت، وأدعو الله تعالى أن يبعث لك [به] «5» .

قال: فدخل بيتا حيالي وأغلق بابه، وأبطأ ساعة طويلة، ثم جاءني وقد خاض وحلا إلى ركبته، وماء، ومعه سمكة تضطرب كبيرة. فقلت له: ما هذا؟ فقال: دعوت الله تعالى، فأمرني أن [55 ب] أقصد البطائح «1» فأجيئك بهذه، فمضيت إلى البطائح فخضت الأهوار «2» ، وهذا الطين منها، حتى أخذت هذه. فعلمت أنّ هذه حيلة، فقلت له: تدعني أدخل البيت، فإن لم تنكشف لي حيلة فيه آمنت بك. فقال: شأنك. ودخلت البيت، وأغلقته على نفسي، فلم أجد فيه طريقا ولا حيلة. فندمت، وقلت: إن أنا وجدت فيه حيلة وكشفتها له، لم آمن أن يقتلني في الدار، وإن لم أجد، طالبني بتصديقه، فكيف أعمل؟ قال: وفكّرت في البيت، فدققت «3» تأزيرة «4» ، وكان مؤزّرا بإزار ساج،

فإذا بعض التأزير فارغ، فحرّكت منه جسريّة «1» خمّنت «2» عليها، فإذا هي قد انقلعت، فدخلت فيها، فإذا ثمّ باب مسمّر، فولجت منه إلى دار كبيرة، فيها بستان عظيم، فيه صنوف الأشجار، والثمار، والنوّار، والريحان، التي هي في وقتها، وما ليس هو في وقته، مما قد عتّق، وغطّي، واحتيل في بقائه، وإذا بخزائن مليحة، فيها أنواع الأطعمة المفروغ منها، والحوائج لما يعمل في الحال، إذا طلب، وإذا بركة كبيرة في الدار، فخضتها، فإذا هي مملوءة سمكا، كبارا وصغارا، فاصطدت واحدة كبيرة، وخرجت، فإذا رجلي قد صارت بالوحل والماء إلى حدّ ما رأيت رجله. فقلت: الآن إن خرجت، ورأى هذا معي، قتلني، فقلت: أحتال عليه في الخروج. فلمّا رجعت إلى البيت، أقبلت أقول: آمنت، وصدّقت. فقال لي: ما لك؟ قلت: ما هاهنا حيلة، وليس إلا [50 ط] التصديق بك. قال: فاخرج. فخرجت، وقد بعد عن الباب، وتموّه عليه قولي، فحين خرجت، أقبلت أعدو إلى باب الدار، ورأى السمكة معي، فقصدني، وعلم أنّي قد عرفت حيلته، فأقبل يعدو خلفي، فلحقني، فضربت بالسمكة صدره ووجهه، وقلت له: أتعبتني، حتى مضيت إلى اليمّ «3» ، فاستخرجت لك هذه منه.

قال: فاشتغل [عني] «1» بصدره وبعينيه، وما أصابه «2» من السمكة، وخرجت. فلمّا صرت خارج الدار، طرحت نفسي مستلقيا، لما لحقني من الجزع والفزع. فخرج إليّ، وصاح بي، وقال: ادخل. فقلت: هيهات، والله لئن دخلت، لا تركتني أخرج أبدا. فقال: اسمع، والله لئن شئت قتلك على فراشك، لأفعلنّ، ولئن سمعت بهذه الحكاية لأقتلنّك، ولو كنت في تخوم الأرض، وما دام خبرها مستورا، فأنت آمن على نفسك، امض الآن حيث شئت، وتركني، ودخل. فعلمت أنّه يقدر على ذلك، بأن يدسّ أحد من يطيعه «3» ويعتقد فيه ما يعتقد، فيقتلني. فما حكيت الحكاية [56 ب] ، إلى أن قتل.

85 من أقوال الحلاج وتواقيعه

85 من أقوال الحلاج وتواقيعه وكان الحلّاج، له الكتب المصنّفة في مذاهبه، يسلك في كلامه فيها، مذاهب الصوفيّة، في الهوس، ويكثر من ذكر النور الشعشعانيّ، وإذا أفصح بكلام مفهوم، كان ترسّله حسنا، وتلفّظه به مليحا. أخبرني بعض أصحابه من الكتّاب، قال: خرج له توقيع إلى بعض دعاته، تلاه عليّ، فحفظت منه قوله فيه: وقد آن الآن أوانك، للدولة الغرّاء، الفاطميّة الزهراء، المحفوفة بأهل الأرض والسماء، وأذن للفئة الظاهرة، مع قوة ضعفها في الخروج إلى خراسان، ليكشف الحقّ قناعه، ويبسط العدل باعه «1» . وأخبرني هذا الرجل، عمّن حدّثه من أصحابه، قال: كنّا معه في بعض طرقات بغداد، فسمعنا زمرا طيّبا شجيّا. فقال بعضنا: ما هذا؟ فقال لنا هو «2» : هذا نوح إبليس على الدنيا.

86 ضرب العود يماثل صوت الهيب في أصول النخل

86 ضرب العود يماثل صوت الهيب في أصول النخل حدّثني أبو محمد، الحسن بن محمد البومنيّ «1» البصريّ، وكان علّامة لهم حسن النّشوار، رواية للأخبار، ثقة، قال: اجتاز بعض البصريّين، ومعه ابن له حدث، في طريق، فسمعا صوت ضرب عود، فاستطابه الفتى. فقال لأبيه: يا أبت ما هذا؟ قال: يا بنيّ، هذا صوت الهيب في أصول النخل. والهيب: حديدة عظيمة كالبيرم «2» يقلع بها أصول النخل، لا تنقلع إلّا بها. [وهي تسمى ببغداد العتلة «3» فمنها منبسط كالأسطام «4» محدّد، وتكون ثقيلة، لعل فيها نحو العشرة أمناء] «5» .

87 أبو جعفر الصيمري وزير معز الدولة يسخف في مجلس العمل

87 أبو جعفر الصيمريّ وزير معزّ الدولة يسخف في مجلس العمل وكان هذا البومنيّ «1» حسن البلاغة، طويل اللسان، يتكلّم في أمور الكافّة بالبصرة، إذا عرضت المهمّات العظام «2» ، ويناظر السلطان. فلما جاء أبو جعفر الصيمريّ «3» إلى هناك، وطالب الناس بالمعطّل «4» - ولهذه المطالبة شرح طويل- ناظره البومنيّ في أنّها غير واجبة، فلم ينزل تحت الحجّة، وأخلد إلى القدرة. فوعظه البومنيّ، وقال: أيّها الأستاذ، إنّ بلدنا، بلد كثير الصالحين، ضعيف الأهل، ما خير قط «5» لمن ظلمهم، وإنّ أهله يكلونك إلى الله تعالى، [51 ط] ويرمونك بسهام الأسحار، يعني الدعاء. فقلب الصيمريّ الكلام إلى السّخف، وكان شديد «6» الاستعمال له ظاهرا في مجلس الحفل والعمل، فقال: يا شيخ، سهام الأسحار في لحيتك، يعني الضراط» .

88 أبو علي الجبائي والحلاج

88 أبو علي الجبائي والحلاج حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخيّ، قال: أخبرني جماعة من أصحابنا: إنّه لمّا افتتن الناس بالأهواز وكورها بالحلّاج، وما يخرجه لهم من الأطعمة والأشربة، في غير حينه، والدراهم التي سمّاها دراهم القدرة، حدّث أبو عليّ الجبائي «1» بذلك، فقال: إنّ هذه الأشياء محفوظة في منازل يمكن الحيل فيها، ولكن أدخلوه بيتا من بيوتكم، لا منزله هو «2» ، وكلّفوه أن يخرج منه خرزتين سوداء وحمراء «3» ، فإن فعل فصدّقوه. فبلغ الحلّاج [57 ب] قوله، وإنّ قوما قد عملوا على ذلك، فخرج عن الأهواز.

89 بعض اعتقادات أصحاب الحلاج

89 بعض اعتقادات أصحاب الحلاج وأهل مقالته «1» الآن، يعتقدون أنّ اللاهوت الذي كان حالّا فيه، حلّ في ابن له بتستر «2» . وأنّ رجلا بها هاشميّا ربعيا، يقال له: محمد بن عبد الله، ويكني بأبي عمارة، قد حلّت فيه روح محمّد بن عبد الله [النبي] «3» صلوات الله عليه، وهو يخاطب فيهم بسيّدنا، وهي من أعلى المنازل عندهم. وأخبرني، من استدعاه بعض الحلاجيّة، إلى أبي عمارة هذا، بالبصرة، وله مجلس يتكلّم فيه على مذاهب الحلّاج، ويدعو إليه. قال: فدخلته، وظنّوا أنّي مسترشد، فتكلّم بحضرتي، والرجل أحول، فكان يقلّب عينيه «4» في سقف البيت، فيجيش خاطره بذلك الهوس. فلما خرجنا، قال لي الرجل: آمنت؟ فقلت: أشدّ ما كنت تكذيبا بقولكم الآن، هذا عندكم الآن بمنزلة النبيّ، لم لا يجعل نفسه غير أحول؟ فقال: يا أبله، كأنّه أحول؟ إنّما هو يقلّب عينيه في الملكوت «5» .

90 خال المؤمنين عند الحلاجية - 1

90 خال المؤمنين عند الحلاجية- 1 وأبو عمارة هذا، متزوّج بامرأة من الأهوازيّين، يقال لها بنت ابن جان بخش «1» ، ولها أخ فاجر يغنّي «2» بالطنبور، وكان أبوه شاهدا «3» جليلا تانئا موسرا، والحلاجيّة تعتقد أنّه بمنزلة محمد بن أبي بكر، خال المؤمنين. فحدّثني عبيد الله بن محمد، قال: كنا نسير بالأهواز يوما، ومعنا كاتب ظريف من أهل سيراف «4» يقال له المبارك بن أحمد، فاجتزنا بالرجل، فقام، وسلّم علينا. فقال لي الكاتب: من هذا؟ فقصصت عليه قصّته بأشرح من هذا، فقلب رأس بغله ورجع. فقلت له: إلى أين يا أبا سعيد؟ قال: ألحقه، فأسأله عمّا سارّته به أخته عائشة أمّ المؤمنين، يوم الجمل، لمّا أفضى إليها بيده ليخرجها من الهودج. فضحكت من ذلك، ورددته.

91 خال المؤمنين عند الحلاجية - 2

91 خال المؤمنين عند الحلاجية- 2 وكان هذا الفتي، ابن جان بخش «1» ، قد ورث مالا جليلا، ودخل الديلم الأهواز عقيب ذلك، فتقاين «2» بالمال، وعاشر الديلم، فأنفق أكثره عليهم، فتعلّم الكلام بالديلميّة، حتى صار إذا تكلّم بها، كأنّه من بلد الديلم «3» ، وعرف أسماء قراهم، وعلامات بلدانهم. فلما خفّ ماله، اشترى بغلين، ودابتين، وزوبينات «4» ، وسلاحا [52 ط] وآلة الجند، وجعل لرأسه شعرا مثل شعور الجيل «5» والديلم، وسمّى نفسه حلوز بن با علي، وكان أبوه في الأصل يكنى بأبي عليّ، وهذا الاسم من أسماء الجيل. وجاء إلى أبي القاسم البريديّ، وهو بالبصرة يحارب الأمير أحمد ابن بويه، فاستأمن إليه ومن الديلم والجيل خمسمائة، وقصّته مشهورة. قال: فأخبرني هو، قال: كنت، أداخل وأدعوهم، ولا يشكّون أنّي ديلميّ، وأعطيهم علامات بلدانهم، فإذا وقع من يفطن بي، أعطيته شطر الرزق.

قال: وكنت [58 ب] آكل الثوم، ولا أتعالج للصنان، وأصير جيفة «1» على مذاهب الديلم، وأجيء، فأرتفع في القيام، حتى ألزق بأبي القاسم، ممّا يلي رأسه، فيموت من بغض رائحتي. قال: وعلت حالي عنده، فكان يطرح لي كرسيّا برسم الخاصة، فإذا جلست، اصطدت الذباب، وقتلته بحضرته، كأنّي ديلميّ فجّ، فكان يضجّ منّي، ويقول: يا قوم، أعفوني من هذا الديلميّ الفجّ، البغيض، المنتن، وخذوا منّي أضعاف رزقه. فأقمت عنده سنين «2» ، إلى أن انكشف خبري، فهربت من يده. وهذا من طيّب أخبار المورثين «3» المتخلّفين، فأفردته.

92 من أخبار متخلفي المورثين - 1

92 من أخبار متخلفي المورثين- 1 ومن طيّب أخبار متخلّفي المورثين، ما أخبرت به: من أنّ أحدهم ورث مالا جليلا جسيما، فتقاين «1» ، وعمل كلّ ما اشتهى، فبلغني إنّه قال: أريد أن تفتحوا لي صناعة لا تعود عليّ بشيء، أتلف بها هذا المال. فقال له أحد جلسائه: اشتر التمر من الموصل واحمله إلى البصرة، فإنّك تهلك المال. فقال: هذا إذا فعل، عاد منه، ولو اثنان في العشرة، تبقى من أصل المال. فقال له آخر: اشتر هذه الإبر الخياطيّة، التي تكون ثلاثا بدرهم، وأربعا، وتتبّعها، فإذا اجتمع لك عشرة آلاف إبرة بجملة الدراهم، فاسبكها نقرة، وبعها بدرهمين. فقال: أليس يرجع من ثمنها درهمان؟ فقال له أحدهم: كأنّك تريد ما لا يرجع شيء منه البتّة؟ فقال: نعم. فقال: تشتري ما شئت من الأمتعة، وتخرج به إلى الأعراب، فتبيعه عليهم، وتأخذ سفاتجهم إلى الأكراد، وتبيع على الأكراد، وتأخذ سفاتجهم إلى الأعراب. قال: وكان يعمل هذا، حتى فني ماله «2» .

93 من أخبار متخلفي المورثين - 2

93 من أخبار متخلفي المورثين- 2 وبلغني أنّ آخر، أسرع في ماله، فبقيت منه نحو خمسة آلاف دينار «1» ، فقال: أريد «2» أن تفنى بسرعة، حتى أنظر أيّ شيء أعمل بعدها. فعرضت عليه أشياء من هذا الجنس، فلم يردها. فقال له بعض أصحابه: تبتاع زجاجا مخروطا بالمال كلّه، إلّا خمسمائة دينار، وتعبّيه بحذائك، ويكون في نهاية الحسن، وتنفق الخمسمائة دينار في يوم واحد، في جذور «3» المغنيّات، والفاكهة، والطيب، والشراب، والثلج، والطعام، فإذا قارب الشراب أن يفنى، أطلقت فارتين في الزجاج، وأطلقت خلفهما سنّورا، فيتعادى الفار والسنّور في الزجاج، فيتكسّر جميعه، وتنهب الباقي. فقال: هذا طيّب. فعمل ذلك، وجلس يشرب، فحين سكر، قال: هي، وأطلق الرجل الفارتين والسنّور، وتكسّر [53 ط] الزجاج، وهو يضحك، ونام. وقام الرجل ورفقاؤه، فجمعوا ذلك [59 ب] الزجاج، وعملوا من قنّينة قد تشعّثت قدحا، ومن قدح قد تكسّر برنيّة غالية «4» ، ولزقوا ما تصدّع،

وباعوه بينهم، فرجع عليهم منه دراهم صالحة اقتسموها، وانصرفوا عن الرجل، فلم يعرفوا خبره. فلما كان بعد سنة، قال صاحب المشورة، بالزجاج والفار والسنّور، لو مضيت إلى ذلك المدبر، فعرفت خبره. فجاء، فإذا هو قد باع قماش بيته، وأنفقه، ونقض داره، وباعها، وسقوفها، حتى لم يبق إلّا الدهليز، وهو نائم فيه، على قطن، متغطّ بقطن قد فتق من لحف وفرش، بيعت وبقي القطن، فهو يتوطّاه، ويتغطّى به من البرد. قال: فرأيته، وكأنّه سفرجل بين القطنين. فقلت: يا ميشوم، ما هذا؟ قال: ما تراه. فقلت: في نفسك حسرة؟ قال: نعم. قلت: ما هي؟ قال: أشتهي أن أرى فلانة، مغنيّة كان يعشقها، وأتلف أكثر المال عليها. قال: وبكى، فرققت له، وأعطيته من منزلي ثيابا، فلبسها، وجئنا إلى بيت المغنّية، فقدّرت أنّ حاله قد ثابت «1» ، فدخلنا إليها «2» ، فحين رأته، أكرمته، وبشّت به، وسألته عن خبره، فصدقها عن الصورة. فقالت له في الحال: قم، قم. قال: لم؟ قالت: لئلا تجيء ستّي وتراك وليس معك شيء فتحرد عليّ لم

أدخلتك، فاخرج إلى برّا «1» حتى أصعد أكلّمك من فوق. فخرج، وجلس ينتظر أن تخاطبه من روزنة «2» في الدار إلى الشارع، وهو جالس. فقلبت عليه مرقة من قدر سكباج «3» ، وصيّرته آية ونكالا، وضحكت. فبكى، وقال: يا أبا فلان، بلغ أمري إلى هذا» ؟ أشهد الله، وأشهدك أنّي تائب. قال: فأخذت أطنز به «5» ، وقلت: أيش تنفعك التوبة الآن؟ قال: ورددته إلى بيته، ونزعت ثيابي عنه، وتركته بين القطن، كما كان أوّلا، وحملت ثيابي، فغسلتها، وأيست منه، فما عرفت له خبرا، نحو ثلاث سنين. فأنا ذات يوم، في باب الطاق «6» فإذا بغلام يطرّق «7» لرجل راكب، فرفعت رأسي إليه، فإذا به على برذون فاره، بمركب خفيف مليح فضّة،

وثياب حسنة، ودراريع فاخرة، وطيب طيّب، وكان من أولاد الكتّاب، وكان قديما [أيام يساره] «1» يركب من الدواب أفرهها، ومن المراكب أفخرها، وآلته وثيابه، [وقماشه] «2» أفخر شيء ممّا كان يقدر عليه، أو ورثه عن والديه. فحين رآني، قال: فلان، فعلمت أنّ حاله قد صلحت، فقبّلت فخذه، وقلت: سيّدي أبو فلان. فقال: نعم. قلت، إيش هذا؟ قال: صنع الله، والحمد له، البيت، البيت، فتبعته، حتى انتهى إلى بابه، فإذا بالدار [60 ب] الأوّلة، قد رمّها «3» ، وجعلها صحنا واحدا، فيه بستان، وجصّصها من غير بياض، وطبّقها «4» ، وترك فيها مجلسا واحدا، حسنا، عامرا، وجعل باقي المجالس صحنا، وقد صارت طيّبة، إلّا أنّها ليست بذلك السرو الأول. وأدخلني إلى حجرة كانت له قديما، يخلو فيها، وقد أعادها إلى أحسن ما كانت عليه، وفيها فرش حسن [54 ط] ليس من ذلك الجنس، وفي داره أربعة غلمان، قد جعل كلّ خدمتين إلى واحد منهم، وخادم شيخ، كنت أعرفه له، قد ردّه، وجعله بوّابا، وشاكريّ «5» ، وهو سائسه. وجلس، فجاؤوه بآلة مقتصدة نظيفة، فخدم بها، وبفاكهة مختصرة

متوسّطة، وطعام نظيف كاف، إلّا أنّه قليل، فأكلنا، وبنبيذ تمر جيّد، فجعلوه بين يديّ، وبمطبوخ جيّد بين يديه. ومدّت ستارة، فإذا بغناء طيّب، وبخّر بعود طريّ «1» وندّ جميعا، وأنا متشوّف إلى علم السبب. فلما طابت نفسه، قال: يا فلان، تذكر أيّامنا الأوّلة؟ قلت: نعم. قال: أنا الآن في نعمة متوسّطة، وما قد أفدته «2» من العقل، والعلم بالزمان، أحبّ إليّ من تلك النعمة، هو ذا ترى فرشي؟ قلت: نعم. قال: إن لم يكن بذلك العظم، فهو مما يتجمّل به أوساط الناس. قلت: نعم. قال: وكذلك آلتي، وثيابي، ومركوبي، وطعامي، وفاكهتي، وشرابي، فأخذ يعدّد ويقول في كل فصل: إن لم يكن ذلك المفرط، ففيه جمال، وبلاغ، وكفاية. إلى أن ذكر كلّ ما عنده «3» ، ويضيف ذلك إلى أمره الأوّل، ويقول: هذا يغني عن ذلك، وقد تخلّصت من تلك الشدّة الشديدة، تذكر يوم عاملتني المغنّية لعنها الله بما عاملتني به؟ وما عاملتني به أنت ذلك اليوم، وقلته في كلّ يوم، وفي يوم الزجاج؟ فقلت: هذا قد مضى، والحمد لله الذي أخلف عليك، وخلّصك مما كنت فيه، فمن أين لك هذه النعمة، والجارية التي تغنّينا الآن؟

فقال: اشتريتها بألف دينار «1» ، وربحت جذور القيان «2» ، وأمري الآن على غاية الانتظام والاستقامة. فقلت: من أين هذا؟ قال: مات خادم لأبي، وابن عمّ لنا بمصر، في يوم واحد، فخلّفا ثلاثين ألف دينار، فحملت إليّ بأسرها، فوصلت في وقت واحد، وأنا بين القطن، كما رأيت، فحمدت الله، واعتقدت أن لا أبذّر، وأن أدبّر، وأعيش بها إلى أن أموت، وأنفقها على اقتصاد. فعمّرت هذه الدار، واشتريت جميع ما فيها من فرش وآلة وثياب ومركوب وجواري وغلمان، بخمسة آلاف دينار، وجعلت تحت الأرض خمسة آلاف دينار [61 ب] ، عدّة للحوادث، وابتعت ضياعا ومستغلات بعشرة آلاف دينار، تغلّ لي في كلّ سنة، مقدار نفقتي، على هذا المقدار الذي تراه من النفقة، ويفضل لي في كلّ سنة إلى وقت ورود الغلّات، شيء آخر، حتى لا أحتاج أن أقترض ولا أن أستدين، وأمري يمشي على هذا. وأنا في طلبك منذ سنة، ما عرفت لك خبرا، فإنّي أحببت أن ترى رجوع حالي، ومن دوام صلاحها، واستقامتها، أن لا أعاشرك، يا عاضّ بظر أمّه، أبدا، خذوا يا غلمان برجله. فجرّوا والله برجلي، وأخرجوني، ولم يدعوني أتمّم شربي عنده ذلك اليوم. وكنت ألقاه بعد ذلك على الطريق راكبا. فيضحك إذا رآني، ولا يعاشرني، ولا أحدا من تلك الطبقة «3» . ويبعد في نفسي، ما حكي من أمر سفاتج الأعراب والأكراد، والزجاج، [55 ط] فإن هذا عندي، لا تسمح به نفس مجنون.

94 ابن الدكيني يرث عن والده خمسمائة ألف دينار

94 ابن الدكيني يرث عن والده خمسمائة ألف دينار ولكن قد حكي: أنّ رجلا من أولاد التجّار ببغداد، يقال له: ابن الدكينيّ، وخبره مشهور ببغداد، مات أبوه، فخلّف عليه «1» خمسمائة ألف دينار، فلعب بها لعبا لم يسمع قط بأعظم منه. وكان يضاهي المقتدر، وإذا بلغه أنّه عمل شيئا من ألوان اللذة والطيب واللعب، عمل ما يقاربه من جنسه. وإنّه كان يجذر دائما بمائتي دينار في يوم، وينثر على المغنّيات خمسة آلاف درهم «2» ، وعشرة آلاف درهم «3» ، غير دفعة، ويهب لهم الخلع، كلّ خلعة بثلاثة آلاف درهم، وألفي درهم، ومائة دينار. ويهب منها في مجلس، عشر خلع، وخمس عشرة خلعة «4» ، يخرجها من دكّان أبيه من التخوت، فيهبها. وإنّه كان إذا أصبح مخمورا، أحضر الثياب الدبيقيّ، فتخرّق بحضرته باليد، عصائب للفصد، ويقول «5» : لا يزيل خماري غير سماع أصواتها. وإنّه أنفق في فصاد «6» فصدته عشيقته، ثلاثة آلاف دينار. وأشياء من هذا السّرف.

95 وآخر بالبصرة ورث عن والده مائة ألف دينار

وإنّه لما لم يبق له إلّا نحو خمسين ألف دينار من ماله، تاب من هذا كلّه، ولزم يده «1» ، وتجهز للحجّ. فأنفق فيه، وفي أبواب الثواب «2» عشرة آلاف دينار. فلما قضى حجّه، وعاد يريد بغداد، مات في طريقه وهو شاب، فورث ورثته باقي ذلك المال. 95 وآخر بالبصرة ورث عن والده مائة ألف دينار وسمعت بعض الطيّاب «3» ، يقول، وقد جرى ذكر رجل عندنا بالبصرة، ورث مقدار مائة ألف دينار «4» ، فتقاين بها في سنين قريبة، وعاد فقيرا. فقال له ذلك الرجل: يا أخي فرسخ قراضة في هذا العمل بضاعة «5» .

96 تاجر من العسكر يحاسب ولده على ما أتلف من المال

96 تاجر من العسكر يحاسب ولده على ما أتلف من المال حدّثني أبو الحسن، أحمد بن يوسف الأزرق، قال: كان بالعسكر «1» رجل تاجر، موسر من التجّار، يقال له أحمد بن عمر بن حفص، فخرج إلى أصفهان، فأنفق ابن له من ماله في القيان، ثلاثة آلاف دينار، وكوتب بذلك، فعاد. فلما اجتمعا، طالبه بالحساب، فدافع. فقال له أبوه يوما: إلى كم تدافع بالحساب، وقد بلغني خبر ما أتلفت فيه المال؟ فإن كنت استفدت بذلك عقلا، وعلما بالزمان، وحنّكتك الشدائد والأمور، وأدّبتك، فليس هذا بغال، بهذا القدر من مالي، فإنّه مالك، وإن لم تكن أفدت ذلك، فإن المصيبة فيك عندي، أعظم من المصيبة بذهاب المال.

97 أحمد الخراساني صاحب ابن ياقوت

97 أحمد الخراساني صاحب ابن ياقوت وحدّثني أبو الحسن بن الأزرق، قال: كان أحمد بن محمّد الخراسانيّ، الذي صار بعد ذلك، صاحبا لابن ياقوت «1» ، جاءني وقد ورث خمسين ألف درهم، في أوّل عمره، فدخل دار الزكوريّة المغنّية، وتعشّق جارية لها، كانت [62 ب] مشهورة ببغداد، بالحسن والظرف، وطيب الغناء، يقال لها زهرة «2» ، كان الأحداث ببغداد قد استهتروا بها. فقالت الزكوريّة: أراك قد عشقت جاريتي هذه، فكم معك؟ قال: خمسين ألف درهم، قالت: هذه دور بلا نحبة «3» . فما مضت إلّا أيّام، حتى أتلفها، فرأيته بجبّة لا قميص تحتها ولا فوقها، يمشي حافيا، ثم صنع الله له بعد ذلك، [وخدم ابن ياقوت، فأثرى وعقل] «4» .

98 ابن وسنا الخزاعي والكلام الذي يطير الآجر

98 ابن وسنا الخزاعيّ والكلام الذي يطيّر الآجرّ وحدّثني «1» قال: كان رجل من الرجّالة، يقال له ابن وسنا الخزاعيّ، يتعشّق حدثا ببغداد، يقال له الحسين بن غريب البقّال» ، حسن الوجه، رائعا، خفيف الروح [56 ط] حسن الالتقاء، فأنفق عليه مالا، وباع عقارا كان له، ثم خفّ ماله، فأمسك يده عنه، وقطعه. [فقيل له بعد ذلك: لم تركت ابن غريب، وحلفت أن لا تكلّمه؟ فقال: كلام حسين بن غريب يطيّر الآجرّ] «3» .

99 درة الرقاص الصوفي وأبو غالب بن الآجري

99 درة الرقاص الصوفيّ وأبو غالب بن الآجري سمعت درّة، الرقّاص الصوفيّ، يقول: استترت مع أبي غالب بن الآجريّ، كاتب صافي، أحد الساجيّة «1» ، شهرا، فضاق صدري، فتركته وهربت منه، وغبت أيّاما عند إخواني، ثم جئته، فعاتبني. فقلت: يا هذا ضاق صدري. فقال لي: استتر معي أيام استتاري، فإذا خلّصني الله، دعوتك أيّاما متتابعة، بعدد أيّام استتارك عندي، أجذر لك في كلّ يوم غناء بمائة دينار. فاستترت معه بعد هذا نحو شهر، ثم فرّج الله عنه، وظهر، وعادت حاله. فلما التقينا، قلت: النذر. قال: نعم، إجلس، لنجعل اليوم أوّله، فجذر ذلك اليوم، وتلك الليلة، قيانا بمائة دينار، وأنفق قريبا منها، ثم لم يدع القيان يخرجن، إلّا أن يملهنّ، فيحضر بدلهنّ. وجلسنا على تلك الحال، يجذر في كل يوم وليلة بمائة دينار قيانا، وينفق في طعام وشراب وفاكهة وطيب، مثلها. وكان ربّما احتاج إلى لقاء صاحبه، والتصرّف في شغله، فيخرج، ويركب، ويتصرّف [63 ب] ، ويعود ليلا، أو عشيّا، وكما يستوي له، والغناء جالس، والمطبخ قائم، ونحن نأكل ونسمع، وهو غائب عن داره، حتى وفّى لي أيّاما بعدد أيّام استتاري معه، وكانت أكثر من ثلاثين يوما.

100 آخرة أبي غالب بن الآجري

100 آخرة أبي غالب بن الآجريّ ولقد رأيت أنا، أبا غالب الآجريّ هذا، وقد ورد البصرة في أيّام أبي القاسم البريديّ «1» ، فاستشفع على أبي بغلامه مبشّر، لأنّه كان قد ملكه في أيّام نعمته. وكنت أرى مبشّرا غلامنا، يبرّه في الأوقات، من ماله، بعشرين درهما، وثلاثين درهما، ويأخذ له من أبي سبعين درهما، ومائة درهم، في أوقات، وهو يجيء إلى مبشّر، فيواكله، ويشاربه، ويعاشره، وكأنّه نديم له، بدالّة ملكه إيّاه، وأرى عليه قميصا مخرّقا، ودرّاعة «2» مرقوعة، ونعلين كنباتي «3» في رجله يمشي بهما في الطرق، وغلامه خلفه، ومعه خفّ منعّل، فإذا حصل في دهليزنا لبسه، ودخل إلى أبي. ولزمنا مدّة، إلى أن خاطب أبي بعض العمّال في تصريفه «4» بعشرة دنانير في الشهر، فصرّف فيما هذا مقداره.

101 درة الصوفي يتحدث عن المورثين

101 درة الصوفي يتحدث عن المورثين وقال لي درّة الصوفيّ: كان المورث، إذا اجتذبنا إلى اللعب معه، ومعه عشرة آلاف دينار، أو مائتا ألف درهم، سمّيناه: المعجّل. فقلت له: ما معنى هذا؟ فقال: النساء، إذا مات لهن ابن له شهور دون السنة، أو سنة إلى حدّ الفطام، سمّينه المعجّل. وكنّا نحن نسمي هذا بالمعجّل، بمعنى أنّ ماله، لا يبلغ به في هذا العمل، إلّا إلى حدّ الطفل الذي يموت في شهور، أو سنة [وأشهر للنساء] «1» ، فيسمّونه المعجّل. ونعوذ بالله من الإدبار، وتغيّر النعم، وإيحاشها بقلّة الشكر.

102 فصل من كتاب كتبه القاضي التنوخي إلى رئيس

102 فصل من كتاب كتبه القاضي التنوخيّ إلى رئيس ولقد كتبت، في محنة لحقتني، إلى رئيس، كتابا فيه فصل يتعلق بما ذكرته، من منادمة أبي غالب الكاتب، لمبشّر مولانا، بدالّة ملكه له، وقبوله برّه بتلك الحجّة، استحسنته، فأوردته هاهنا وهو: «لا أحوجك الله إلى اقتضاء ثمن معروف أسديته، [ولا ألجأك إلى قبض عوض عن جميل أوليته] «1» ، ولا جعل يدك السفلى لمن كانت عليه هي العليا، وأعاذك من عزّ مفقود، وعيش مجهود [57 ط] ، وأحياك ما كانت الحياة أجمل بك، وتوفّاك إذا كانت الوفاة أصلح لك، بعد عمر مديد، وسموّ بعيد، وختم بالحسنى عملك، وبلّغك في الأولى أملك، وسدّد فيها مضطر بك، وأحسن في الأخرى منقلبك، إنّه سميع مجيب، جواد قريب» .

103 أبو الحسن الموصلي كاتب أبي تغلب والسيدة جميلة ابنة ناصر الدولة

103 أبو الحسن الموصلي كاتب أبي تغلب والسيّدة جميلة ابنة ناصر الدولة حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد، قال: رأيت أبا الحسن عليّ بن عمرو الموصليّ «1» يكتب إلى أبي تغلب بن ناصر الدولة «2» ، وكتب في موضع من الكتاب «أمور حميدة» . فقلت له: هذا الموضع يصلح أن يكون فيه «أمور [64 ب] جميلة» فأمّا حميدة، فهي لفظة مستكرهة «3» . فقال: صدقت، ولكنّي كتبت، وأنا بالموصل، رقعة إلى أبي تغلب، فيها «أمور جميلة» فوصلت إليه، وهو عند أخته جميلة «4» ، وهي غالبة

عليه، محتوية على أمره، لا يقطع شيئا دونها، ولا يفصل رأيا إلّا عن مشورتها، وكانت الرقعة مما احتاج إلى مطالعتها بما فيها [فقرأها عليها] «1» فأنكرت عليّ قولي «جميلة» ، لأنّه اسمها، إنكارا شديدا، احتجت معه إلى الاعتذار مما كتبت، فما كتبت بعدها إلى الآن، «جميلة» في شيء من مكاتباتي إلى أحد، وصار تركها لي طبعا «2» .

104 علية بنت المهدي تتحامى اسم طل

104 علية بنت المهدي تتحامى اسم طلّ ويشبه هذا، قول عليّة بنت المهدي «1» ، لمّا قرأت القرآن فبلغت إلى قوله عزّ وجلّ: فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌ «2» ، فقالت: «فإن لم يصبها وابل فما نهى أمير المؤمنين عن ذكره» ، ولم تقل طلّ، لأنّه كان اسم خادم تعشّقته، فبلغ الرشيد أخاها خبرها معه، فجرى عليها منه مكروه غليظ، وأحلفها على أشياء منها أنّها لا تذكره. 105 امرأة بغدادية تتظرّف فتحرّف القرآن وقد حكي: أنّ بعض النساء الظراف، قرأت: «تعلم ما في روحي، ولا أعلم ما في روحك» «3» ، ولم تقل «نفسي» لأنّ الظراف، لا يقولون ذلك «4» . فقال لها بعض من سمعها: ويحك، فأنت أظرف من الله؟ قولي كما قال.

106 بجكم أمير الأمراء وفتوة جارية الهاشمية

106 بجكم أمير الأمراء وفتوّة جارية الهاشميّة أخبرني غير واحد: إنّ بجكم الماكاني «1» أمير الأمراء ببغداد، عشق جارية من القيان بها، يقال لها فتوّة جارية الهاشمية، وكان يتكبّر عن شرائها، ويرفع نفسه أن يبوح بمحبّتها، ويحضرها، فيعطيها كلّ شيء. وكان قد استعمل لها عودا، من عود هندي، قام عليه بمال، وكانت تغنّي به. فسكر يوما، فخسف وجه العود، وقلعه، وملأه لها دراهم، فوسع نيّفا وعشرين ألف درهم.

107 أبو العباس البغدادي وإنفاقه ماله في الفساد

107 أبو العباس البغداديّ وإنفاقه ماله في الفساد وكان عندنا بالبصرة، دلّال من أهلها يعرف بأبي العبّاس البغداديّ «1» ورث في حداثته مالا جليلا، فتقاين «2» بجميعه، فلمّا افتقر، صار دلّالا، فكسب أيضا كسبا ثانيا كبيرا، فما كان يبقي منه شيئا، بل ينفقه كله في الفساد. فأخبرني بعض شيوخ البصرة، قال: رأيته، وهو حدث، في ليلة من شهر رمضان، مملوء الكمّ، يريد دار بدعة الدرونيّة، وكانت إذ ذاك مغنّية البلد، المشهورة فيه، بالنبل، والحذاقة، والطيب، والحسن، ولها أخبار كثيرة طريفة. فقلت: أيش في كمّك يا أبا العبّاس. فقال: مخلّط خراسان «3» أتصدّق به على بدعة، صدقة شهر رمضان.

فلم أشكّ في أنّه كذلك. فقلت: فأطعمني منه، فطرح في كمّي منه شيئا ثقّل به كمّي، وافترقنا. فلما بلغت بيتي أردت أن أطعم عيالي منه، فنظرت فإذا هو لوز ذهب، وسكّر فضّة، وفستق وبندق عنبر، وزبيب ندّ، فخبّيته «1» . فلما كان من غد، نظرت فإذا قيمته [58 ط] مال، فجئت إليه، ورددته عليه. فقال [65 ب] : يا بارد، أيش هذا حتى تردّه؟ جميع ما كان في كمّي البارحة، كذا، فرّقته على بدعة وجواريها. فقلت: لو علمت هذا ما طلبته منك. قال: فظننت أنّي على الحقيقة أحمل إليها لوزا وسكرا وزبيبا وفستقا؟

108 كل نفس آتيناها هداها

108 كل نفس آتيناها هداها حدّثني أحمد بن عبد الله بن بكر البصريّ، قال: حدّثني عروة الزبيريّ «1» : إنّه حجّ في سنة الهبير «2» ، فاشترى من مكّة قردا، وكان مع عديله «3» كلب، فألف القرد الكلب، فكانا يأكلان في موضع واحد. قال: فقطع علينا القرمطيّ، وأخذنا السيف، وتفرّق الناس، وحيل بينهم، وبين أمتعتهم ورحالاتهم، ومشيت أنا، فأفلتّ فيمن أفلت، وجئت إلى الكوفة، وما أملك درهما واحدا. فبينا أنا جالس يوما أفكّر، لمن أسأل، وكيف أعمل، إذ سمعت جلبة وضوضاء. فخرجت أبصر ما هي؟ فإذا القرد قد ركب الكلب، وجاء كذلك، فدخلا الكوفة، والناس يضحكون منهما.

وإذا القرد كان يطعم الكلب، ويريد منه الركوب، واحتال لنفسه بذلك، طول الطريق. فلما رأيت القرد والكلب استدعيتهما فجاءا إليّ. فقال الناس: ما هذا؟ فقلت: هما لي، فأخذتهما. وبلغ أمير الكوفة الخبر، فراسلني في بيعهما عليه. فبعتهما عليه بثلاثمائة درهم، فكانت سبب صلاح حالي في الوقت، وخرجت عن البلد.

109 ما للماء للماء وما للخمر للخمر

109 ما للماء للماء وما للخمر للخمر وروي عن وهب بن منبّه «1» : أنّه كان في عهد بني إسرائيل، خمّار، فسافر بخمر له ومعه قرد، وكان يمزج الخمر بالماء نصفين، ويبيعه بسعر الخمر، والقرد يشير إليه أن لا تفعل، فيضربه. فلما فرغ من بيع الخمر، وأراد الرجوع إلى بلده، ركب البحر، وقرده معه، وخرج فيه ثيابه، والكيس الذي جمعه من ثمن الخمر. فلما سار في البحر، استخرج القرد الكيس من موضعه، ورقى الدقل وهو معه، حتى صار في أعلاه، ورمى إلى المركب بدرهم، وإلى البحر بدرهم. فلم يزل ذلك دأبه، حتى قسم الدراهم نصفين، فما كان بحصّة الخمر، رمى به إلى المركب، فجمعه صاحبه، وما كان بحصّة الماء رمى به إلى البحر فهلك، ثم نزل عن الدقل [حتى حصل في المركب] «2» .

110 قرود اليمن ترجم الزاني والزانية

110 قرود اليمن ترجم الزاني والزانية حدّثني أبو عمر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن بكر البصريّ، قال: حدّثني النعمان الواسطيّ المحدّث «1» إنّه كان باليمن، فحدّثه بعض من يثق به من الرعاة هناك، قال: كنت أرعى غنما لي في بعض الأودية، فرأيت قردين، ذكرا وأنثى، وهما نائمان في مكان من الجبل. فجاء قرد ذكر، يخفي مشيه، حتى حرّك الأنثى، وهي إلى جنب الذكر، فانتبهت، ومضت معه، وافترشها، وأنا أراهما. فانتبه ذكرها، فرآها، فزعق زعقة عظيمة، فاجتمع إليه من القرود عدد كثير، هالني. فصاح بين أيديهم، فأقبلوا يتشمّمون الأنثى، حتى فرغوا كلهم من تشمّمها. ثم نزلوا بها، وبالذكر الذي وطئها، تخفيّا من ذكرها، إلى وهدة بعيدة، فدحرجوهما فيها قهرا، ثم رجموهما بالحجارة، حتى ماتا «2» .

111 دب في شيراز ينفخ في زق حداد

111 دب في شيراز ينفخ في زق حداد قال: حدّثني أبو الحسن الزجّاج، صديق- كان لي- ثقة: إنّه شاهد بشيراز، دبّا، ينفخ في زقّ حدّاد، كأنّه أقامه مقام [59 ط] الأجير «1» . 112 دبّ يضرب بمطرقة حدّاد قال: وشاهدت «2» أيضا دبّا يضرب بالمطرقة، على حدّاد، فغلط يوما، فضرب دماغ الحدّاد، فقتله «3» .

113 خاقان المفلحي يستطيب لحم الدب والضبع

113 خاقان المفلحي يستطيب لحم الدبّ والضبع حدّثني أبو محمد الصّلحيّ «1» الكاتب، قال: حدّثني أبي، وكان يكتب لخاقان المفلحيّ «2» ، قال: شربت معه يوما، فنقّلني «3» بقديد «4» ، فلمّا حصل في فمي، لم أستطبه. فقلت: أيّها الأمير، ما هذا؟ فقال: هذا قديد الدبّ. فرميت به، وقذفت، وثارت بي أخلاط، وصارت علّة، فأقمت أربعة أشهر عليلا في بيتي. قال: وكان خاقان، يأكل لحم السباع، والضباع، ويستطيبها، ولحم كلّ شيء له لحم «5» .

114 وصف له الطبيب فروجا، فأكل مهرا

114 وصف له الطبيب فرّوجا، فأكل مهرا وأخبرني وهب بن يوسف، اليهودي، الطبيب، عن داود اليهوديّ، الشاميّ، قال: كنت أخدم خاقان، فاعتلّ، فحميته، فاحتمى، وصلح، وأقبلت العافية. فقال لي: لا أقدر أحتمي أكثر من هذا. فقلت له: كل فرّوجا. فلما كان من غد، جئته، فوجدت الحمّى، قد عادت أعظم ممّا كانت، وهي في طريق البرسام «1» . فقلت له: ما عمل الأمير أمس؟ فقال: أكلت فرّوجا. فقلت: ليس هذا من فعل الفرّوج، أي فرّوج هذا، حتى فعل هذا؟ فقال لي بعض غلمانه: إنّه ذبح مهرا، وأكل منه أطايبه. فقلت: أيّها الأمير، أصف لك فرّوجا، فتأكل لحم دابة؟ فقال: بابا، إنّما أكلت فرّوج الدابّة. فقلت في نفسي: خذ الآن فرّوج الموت. وما زلت أعالجه شهورا كثيرة، حتى برئ «2» .

115 وظيفة خاقان المفلحي في كل يوم من اللحم ألف ومائتا رطل

115 وظيفة خاقان المفلحي في كل يوم من اللحم ألف ومائتا رطل قال أبو محمد الصلحيّ، عن أبيه: كانت وظيفة خاقان المفلحيّ، في كلّ يوم، ألف رطل ومائتي رطل لحما، له، ولغلمانه، وخدمه، وكلّ ما يتّخذ في داره، إذا كان في أعماله. فإذا كان ببغداد، اقتصر على النصف من ذلك، وهو ستمائة رطل لحما، سوى الحيوان الذي يذبح في المطبخ «1» .

116 وظيفة الوزير أبي الفرج بن فسانجس من اللحم في كل يوم

116 وظيفة الوزير أبي الفرج بن فسانجس من اللّحم في كلّ يوم وأخبرني بعض وكلاء وزراء هذا الزمان، وهو أبو الفرج بن فسانجس «1» : إنّ وظيفته كانت، في أيّام وزارته، في كلّ يوم، نيّف وستّين رطلا لحما، له، ولنسائه، وغلمانه، وجميع ما يتّخذ في دوره، وثلاثة جدي، وعشر دجاجات، وأربعة أو خمسة أفرخ، وثلاث جامات حلوى من السوق، وليست من فاخره، وإنّما هي زلابية دقيقة، أو فالوذج، أو ما يجري مجرى ذلك «2» .

117 كفى بالأجل حارسا

117 كفى بالأجل حارسا سمعت قاضي القضاة، أبا السائب «1» ، يحكي: إنّ رجلا كان له على رجل دين، فهرب منه، فلقيه صاحب الدين في صحراء، فقبض عليه، وأخرج قيدا كان معه، فقيّده ونفسه به، وجعل إحدى الحلقتين في رجل غريمه، والأخرى في رجل نفسه، ومشيا إلى قرية تقرب من الموضع، فجاءاها، وقد أدركهما المساء، وأغلق أهل القرية باب سورها، فاجتهدا في فتحها لهما، فأبى أهل القرية، فباتا في مسجد خراب على باب القرية، فجاء السبع وهما نائمان، فقبض على صاحب [66 ب] الدين فافترسه، وجرّه، فانجرّ الغريم معه. فلم تزل تلك حاله إلى أن فرغ السبع من أكل صاحب الدين، وشبع، وانصرف، وترك المديون وقد تجرّح من جرّه وسحبه عليه، وبقيت ركبة الغريم في القيد، فحملها الرجل مع قيده، وجاء إلى القرية، فأخبرهم الخبر، حتى حلّوا قيده، وسار لوجهه ذلك «2» .

118 عريان أعزل يصيد الأسد

118 عريان أعزل يصيد الأسد حدّثني القاضي أبو بكر أحمد بن سيّار: إنّ رجلا أجنّه الليل في بعض أسفاره، فبات في خان خراب، بقرب أجمة، وماء مستنقع، وكانت ليلة قمراء، وكان الموضع مسبعا، والرجل عارف بذلك، فرقي سطح الخان، وطلب لبنا «1» فشرّجه على باب الدرجة، وجلس يترقّب، فإذا رجل عريان، قد جاء حتى جلس على الماء. قال: فقلت له: ما تصنع؟ قال: جئت لأصطاد السباع. فقلت: يا هذا اتّق الله في نفسك «2» . فقال: الساعة ترى. فلم يلبث هنيهة، أن طلع سبع، فتراءى له الرجل، فصاح به، فقصده: فلما قرب منه، طرح الرجل نفسه في الماء، فرمى السبع بنفسه خلفه في الماء، فغاصا، فإذا بالرجل قد خرج من وراء [60 ط] السبع، وعلّق خصييه بيده، ثم أخرج من منديل على رأسه، قصبة مقدار ذراع، مجوّفة، فارسيّة، وثيقة، نافذة، فدسّها «3» في جاعرة «4» السبع، وأقبل يدخل فيها

الماء بإحدى يديه، وكلّما دخل جوف الأسد الماء ثقل، وضعف بطشه، وهو يمرس مع ذلك خصاه، إلى أن غرّقه، وقتله. ثم جرّه في الماء فأخرجه إلى الشطّ، وسلخ جلده، وأخذ جبهته، وكفّه، وشحمه، ومواضع يعرفها منه لها ثمن. ثم صاح بي: يا شيخ، كذا أصطاد السباع. وتركني ومضى.

119 لئيم يفخر بلؤمه

119 لئيم يفخر بلؤمه حدّثني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن مهرويه، بن أبي علّان الأهوازيّ الكاتب، خال والدي، قال: كانت بيني وبين أبي جعفر بن قديدة، عداوة، وكنت قد تبت من التصرّف مع السلطان. فتقلّد ضياع السيدة أمّ المقتدر، وفيها ما يجاور ضيعتي، فآذاني أذى شديدا، في الشرب، والأكرة، وقصد إخراب ضيعتي، وإبطال جاهي، فصبرت عليه. فقبض يوما على أكّار لي، فصفعه صفعا عظيما، فأنفذت إليه كاتبا كان يكتب لي على ضيعتي، يعرف بأبي القاسم علي بن محمد بن خربان، ليعاتبه، ويستكفّه، ويأخذ الأكّار، فتلقّى الرجل بكلام غليظ. فعاد إليّ، فقال: إنّ هذا قد جدّ بك، [فخذ حذرك] «1» ، ودبّر أمرك بغير ما أنت فيه. فقلت: ما الخبر؟ فعرّفني ما جرى عليه. ففكّرت، فلم أر لحسم مادّته عني، وأذيّته في نفسه، غير ضمان ضياع السيّدة «2» ، وتسلّمه، ومطالبته بالحساب [67 ب] ، وإيقاعه في المكاره. فكتبت إلى كاتب السيّدة، وخطبت ضمان النواحي، بزيادة ثلاثين ألف دينار في ثلاث سنين، عمّا رفعها ابن قديدة، على أن يسلّم إليّ، لأحاسبه

وأطالبه، بما يخرجه الحساب عليه، وأوفّره، مضافا إلى هذه الزيادة. وأنفذت الكتاب مع فيج «1» قاصد. فحين نفذ، اغتممت، وقلت: ضياع لا أعرف حاصلها على الحقيقة، لم حملت نفسي على هذا؟ وكان احتمال عداوة الرجل، أيسر من هذا. وطرحت نفسي مفكّرا، وأنا بين النائم واليقظان، حتى رأيت، كأنّ رجلا شيخا، أبيض الرأس واللحية، بزيّ القضاة، قد دخل إليّ، وعليه طيلسان أزرق، وقلنسوة، وخفّ أحمر. فقال: ما الذي يغمّك من هذا الأمر؟ ستربح في أوّل سنة من هذا الضمان، على ما زدته، عشرة آلاف دينار، وتخسر في الثانية، عشرة، وتخرج في الثالثة بغير ربح ولا خسران، ويكون تعبك بإزاء اشتفائك من عدوّك. فانتبهت متعجّبا، وسألت: هل دخل إليّ أحد؟ فقالوا: لا، فقويت نفسي قليلا. فلما كان في اليوم الثاني والعشرين، ورد رسول من بغداد، بكتب إليّ قد أجبت فيها إلى ملتمسي، وكوتب في طيّها، عامل كان لهم بالطيّب «2» مقيما، يشرف على جميع عمّالهم بكور الأهواز «3» يؤمر بقدومها وتسليم ابن قديدة إليّ، وعقد الضمان عليّ.

فأنفذت إلى العامل سفتجة بألف دينار مرفقا «1» ، وكتبت إليه، وسألته الحضور، وأنفذت إليه الكتب الواردة. فلما كان بعد أيّام، كنت جالسا مع عامل الأهواز، على داره بشاطىء دجيل «2» فإذا بعسكر عظيم [61 ط] قد طلع من جانب المأمونيّة. فارتاع، وظن أنّ صارفا «3» قد ورد، وأنفذ من سأل عن الخبر، فعاد، وقال: فلان، عامل السيّدة، فعبر في طيّاره، وأنا معه، لتلقّيه. فحين اجتمعا، قال له: يا سيّدي، أريد ابن أبي علان. فقلت: أنا هو يا سيّدي. قال: ولم يكن يعرفني، ولا أعرفه إلّا بالوجوه «4» فأقامني من موضعي، ورفعني فوق الجماعة، وتحيّر العامل، ومن حضر. وقال له: أريد ابن قديدة، فأنفذ إليه، فاستدعاه. فحين حضر قيّده، وقال لي: يا أبا القاسم تسلّمه. فقال العامل: أيش هذا التعب؟ وأقبلت الجماعة تمازحني. فقلت: هو أحوجني إلى هذا. قال: فتسلّمته، وقمت إلى داري. وعبر عامل السيّدة، فحملت إليه من الألطاف، والأنزال، والهدايا،

ما صلح، وعقد عليّ الضمان من غد، وانصرف في اليوم الثالث. وحملت إليه [68 ب] ألف دينار أخرى مرفقا. وحصّلت ابن قديدة معي في المكاره متردّدا، ووفّرت من جهته مالا على السيّدة، وكاتبها، وكذا العامل، وارتجعت ما لزمني على مؤونة العامل ومرفقه. وأطلقته بعد شهور إلى داره، وقد ركبه دين ثقيل، وباع شيئا من ضيعته، وانكسر جاهه، وانخزلت نفسه. ونظرت في الضمان، وتصرّمت السنة، فربحت عشرة آلاف دينار. فقلت: قد جاء ما قال الشيخ في المنام، فأثبتّها عند الصارف «1» ، ولم أدخلها في دخلي، ولا في خرجي. فلما كانت السنة الثانية، قعدت بي الأسعار، فخسرت ذلك القدر، فأدّيته بعينه في الخسران. فلما كانت السنة الثالثة، خرجت رأسا برأس، ما خسرت ولا ربحت شيئا. فصحّحت مال الضمان، وكتبت أستعفي، وقد علمت أنّ النكبة قد بلغت بابن قديدة إلى حدّ لا يجسر أن يتقلّد معها، ولا أن يقلّد أيضا. فلم يعفني كاتب السيّدة، وطالبني بتجديد الضمان على الزيادة، وعمل على التأوّل عليها من ابن قديدة. وأنفذ في إشخاصي، خادما من كبار خدم السيّدة، فجاء في طيّار، وأمر هائل، فتخوّفت من الشخوص معه، فأحصل في الحبس، وتستمر عليّ المكاره، وأنقطع عن الشروع في الخلاص.

فأنزلت الخادم، وهاديته، ولا طفته، وحملت إليه خمسة آلاف درهم فاستعظمها، وعبدني «1» . فقلت له: إنّ ذيلي طويل «2» ، وأريد أن أصلح أمري، ثم أخرج، فتمهلني أسبوعا، وتدعني أخلو في منزلي، وأصلح ما أحتاج إليه، ثم أخرج معك، فمكّنني من ذلك. فقلت لإخوتي، وأصهاري، وكتّابي: ليدعه كلّ واحد منكم يوما، له، ولغلمانه، وأسبابه، وامنعوهم من معرفة خبري، وشاغلوهم بالنبيذ، والشطرنج، والمغنّيات، ففعلوا ذلك. وخرجت أنا تحت الليل بمرقّعة «3» ، راكبا حمارا، ومعي غلامان من غلماني، ودليل، وليس معي شيء من الدنيا، إلّا سفاتج بخمسة آلاف دينار. وسرت واشتغل الخادم بالدعوات، فما عرف خبري إلّا وأنا بواسط «4» ، فقامت قيامته، وانحدر في طريق الماء، فوصل إلى الأبلّة «5» ، وقد قاربت أنا [62 ط] بغداد، ثم دخلتها متخفّيا، وطرحت نفسي على أبي المنذر النعمان ابن عبد الله «6» ، وكانت لي به حرمة وصحبة، أيّام تقلّده الأهواز، وتصرّفي

معه، فلقي بي أبا الحسن، عليّ بن عيسى، وهو إذ ذاك الوزير «1» ، وعرّفه محلّي. فقال لي: قد كنت أحبّ أن أراك، لما يبلغني من حسن صناعتك، وطرح إليّ أعمالا، فعملتها بحضرته، وأعجبته [69 ب] صناعتي، وقرّظني. ولزمته أيّاما، وخبري منستر عن كاتب السيّدة، ثم خاطب الوزير [في أمريّ] «2» ، وخوطبت السيّدة. فقالت: لا أقرّر أمره، أو يصير إلى ديواني. فقال لي: امض وأنا من ورائك، ولا تخف. فمضيت، فاعتقلوني، فراسلتهم في أمري. وحضر أبو المنذر، ديوان السيّدة، فتوسّط ما بيني وبينهم، وقرّر الأمر على صلح ثلاثة آلاف دينار، أو نحوها- الشك منّي- وضمنها عنّي، وأخذني إلى داره، فأدّيتها إليه من جملة السفاتج. وطالبني عليّ بن عيسى، بالتصرّف معه، فعرّفته توبتي منه، وإنّي إنّما ضمنت هذا الضمان، لضرورة، وشرحت له الخبر، فأعفاني. فرجعت إلى الأهواز، وقد مضت السنون على العداوة بيني وبين ابن قديدة، إلّا أنّه منهزم. وكتب السلطان ببيع ضياعه بالأهواز «3» ، وكان الناس يشترون ما يغلّ في سنة وأكثر، بنصف ثمنه، فاشتريت ما كان فيه غناي، وخرقت فيه الحكم.

واشترى أبو عبد الله البريديّ «1» لنفسه، بأسماء قوم، أمرا عظيما، برأيي واختياري له، وكان سرّه «2» عندي، وكان في ذلك الوقت لا يتقصّى عليّ. واشترى ابن قديدة، فيمن اشترى، وتصرّفنا في الضياع. فكتب السلطان بإلزامنا زيادة عظيمة، أظنه قال: مائة ألف دينار. فقال لي البريديّ: كيف أعمل في الزيادة؟ قلت: لا يلزمها الناس لك، وواضعت أهل البلد على الامتناع، فجمعهم، وخاطبهم، فامتنعوا، واحتاج إلى أن خبطهم. فخلا بي، فقال: ما أعرف في هذا غيرك، فدبّره لي، وألزمني ذلك. فقلت: مكّنّي من العمل بما أريد، وعليّ المال. فقال: أنت ممكّن. فجلست أنا وغلام جوذاب «3» ، فقسّطنا المال على أهل البلد، وأخرجنا أنفسنا، فما ألزمناها شيئا، ونقّصنا من عنينا به، وزدنا بإزاء ذلك على غيره. قال: واعتمدت أن قسّطت على ابن قديدة ضعف ما يلزمه، وعملنا بذلك جرائد. وناظرنا الناس على الالتزام بما قسّطناه، فامتنعوا، وقالوا: على أيّ حساب هذا؟ وحاسبونا، وناظرونا. فقلت للجماعة: من صلح له أن يلتزم هذا التقسيط، وإلّا فليحاسبنا على ما قبضه من غلّات الضياع التي اشتراها، وأنا أرد عليه ما يبقى له من الثمن بعد ذلك، وآخذ ما اشتراه، وألتزم هذه الزيادة.

وكان كلّ إنسان قد اشترى ما في شركته، وما في جواره، ممّا كان يتأذّى به هو وأسلافه، منذ مائة سنة، وما كان يتمنّاه ويشتهيه منذ ذلك العهد، وما قد ارتحصه، واستصلحه. فقامت قيامة أهل البلد، والتزموا عن آخرهم [70 ب] التقسيط، على ما فصّلته عليهم، من غير محاسبة. وورّكت «1» على ابن قديدة مالا عظيما، فلم يكن له فيه وجه. فأنا جالس في بيتي ليلة، إذ جاءني [63 ط] ، فدخل إليّ. فقلت: ما هذا يا أبا جعفر؟ وقمت إليه، وسلّمت عليه، فعاتبني، وخضع لي. فقلت: ما تريد؟ فقال: تخفّف عنّي من التقسيط، وتعاونني بمالك، فو الله، ما معي ما أؤدّيه. فخفّفت عنه منه شيئا يسيرا، وأقرضته ثلاثين ألف درهم، وكتبت بها عليه قبالة «2» ، وأشهدت فيها جماعة عدول البلد، وتركتها في بيتي، فلم أفكّر في المال سنين، ورجعت أدسّ المكاره، والمغارم، والمحن عليه، وهو يذوب، وينقص في كل يوم. فلما علمت أنّه قد بلغ آخر أمره، طالبته بالدين، فاستتر عنّي في منزله. فاستعديت عليه إلى القاضي أبي القاسم عليّ بن محمد التنوخيّ «3» ، فكتب

لي عدوى «1» إلى صاحب المعونة. فهرب من داره، فنادى القاضي على بابه بالحضور، فلم ينجع ذلك. فسألت البريديّ إخراجه، فكبس عليه وأخرجه، وأحضره معي إلى القاضي، فقامت البيّنة عليه بالمال. فسألت القاضي حبسه. فقال لي القاضي عليّ بن محمد: الحبس في الأصل غير واجب، وذوو المروءات لا يحبسون مع أصاغر الناس في حبس واحد، ولكن أمكّنك من أن تلازمه بنفسك أو أصحابك، كيف شئت. فلازمته في مسجد على باب القاضي [بأصحابي] «2» ومضيت إلى البريديّ، فقلت: قد لحقت خصمي عناية القاضي، فالله الله فيّ، فإنّي لا آمن أن يدسّ ابن قديدة إلى أكرته، أو إلى قوم من الجيش، فيؤخذ من يدي، ويخرج إلى بغداد، فيبطل المال عليّ، ويحصل هناك يسعى بي، ويعرّض نعمتي للزوال. قال: فخاطب البريديّ القاضي في ذلك، فتقرّر الأمر بينهما على أنّي اكتريت دارا قريبة من حبس القاضي، أؤدّي أنا أجرتها، وأجلس ابن قديدة فيها، وألازمه بأصحابي، وأوكّل بها رجّالة أعطيهم من مالي أجرتهم يحفظونه. فنقلته إليها، فأقام فيها سنة وكسرا، وهو لا يؤدّي المال، ويكايدني عند نفسه «3» ، وأنا قد رضيت أن يتأخّر المال، ويبقى هو محبوسا.

واعتلّ علّة صعبة، فجاءتني أمّه، وكانت بيني وبينها قرابة، فسألتني إطلاقه، وبكت، فلم أفعل. إلى أن بلغني أنّه في النزع، وجاءتني تبكي، فرحمتها، فأطلقته لها، بعد أن كفلته منها. فمات بعد ثلاثة أيام، وابتعت بالمال ضياعا من ضياعه «1» .

120 كيف تاب بن أبي علان من التصرف

120 كيف تاب بن أبي علان من التصرف قلت لأبي القاسم ابن أبي علان: كيف كانت توبتك من التصرّف؟ وما سببها؟ قال: كان سبب ذلك، أنّ أبا [71 ب] عليّ محمد بن عبد الوهاب الجبائيّ رحمه الله «1» ، كان يجيء إلى الأهواز فينزل عليّ، لأنّي كنت كاتب ديوان الأهواز، وخليفة أبي أحمد بن الحسين بن يوسف على العمالة، والأمر كلّه إليّ أدبّره. وكان أبو عليّ يقدم الأهواز في كل سنة دفعة، وقت افتتاح الخراج، ويستضيف إلى خراج ضيعته بجبّى «2» ، خراج قوم كان رسمهم أن يكونوا في أثره على مرور السنين. فإذا قدم البلد، أعظمه الناس وأكرموه، ولا ينزل إلّا عليّ في أكثر الأوقات، فأقرّر «3» أمره مع العامل. وربما كان العامل غير صاحبي، أو من لا يعرف محل أبي عليّ، فيكون ما يقرّر عليه أمره أقلّ من ذلك [64 ط] ، إلّا أنّه كان لا يخلو من أن يسقط عنه نصف الخراج أو ثلثه. فإذا عاد إلى جبّى، لم يلزم نفسه من خراج ضيعته شيئا البتة، ونظر إلى ما بقي، بعد إسقاط خراجه من النظر، ففضّه على القوه الذين في أثره، وألزمهم بإزاء ذلك، أن يضيف كلّ واحد منهم، رجلا من الفقراء

الذين يتعلّمون منه العلم طول السنة، فيكون ما يلزم الواحد، على الواحد منهم، شيئا يسيرا لا يبلغ خمس ما أسقطه عنه من الخراج بجاهه. ويعود هو فيخرج من ضيعته العشر الصحيح، فيتصدّق به على الفقراء من أهل الحوز «1» ، قريته التي هو مقيم فيها، وعلى أهل محلّته، وكان هذا دأبه في كلّ سنة. فنزل عليّ في بعض قدماته، فبلغت له مراده في أمر الخراج، وجلسنا ليلة نتحدّث. فقلت له: يا أبا عليّ أتخاف عليّ مما أنا فيه شيئا؟ فقال: يا أبا القاسم، وكيف لا أخاف عليك، والله، لئن متّ على هذه الحال، لا رحت «2» رائحة الجنّة. فقلت: ولم؟ ولأيّ شيء؟ وإنّما أنا أعمل الحساب، وأجري مجرى ناسخ، وآخذ أجري من بيت المال، أو يجيئني رجل مظلوم، قد لزمته زيادة باطلة في خراجه، فأسقطها عنه، وأصلحها له في الحساب، فيهدي إليّ بطيب قلبه، أو أرتفق من مال السلطان بشيء، ولي في فيء المسلمين قسط يكون هذا بإزائه. فقال: يا أبا القاسم، إنّ الله لا يخادع، أخبرني، ألست أنت تختار المسّاح، وتنفذهم إلى المساحة، وتوصيهم بالتقصّي، فيخرجون، فيزيدون بالقلم واحدا أو اثنين في العشرة، ويجونك «3» بالتزاوير، فتسقطها أنت، وتعمل الجرائد، وتسلّمها إلى المستخرج، وتقول له: أريد أن يصحّ المال في

كذا وكذا يوما عند الجهبذ، وإلّا دققت يديك على رجليك؟ قلت: نعم. قال: فيخرج المستخرج فيبثّ الفرسان، والرّجالة، والرسل، والمستحثّين، ويضرب، ويصفع، ويقيّد، وأنت [72 ب] تأمره وتنهاه، وإذا قلت له: أطلق رجلا، أو أخّره بما عليه، قبل أمرك، وإذا لم تأذن له طالبه حتى يؤدّي؟ قلت: نعم. قال: فيحصل المال عند الجهبذ، فتخرج إليه الصكاك من ديوانك وبعلاماتك؟ فقلت: نعم. قال: فأي شيء بقي من العمل لم تتولّ وزره، وتضمن غرمه، وتتحمّل إثمه؟ تب إلى الله، وإلّا فأنت هالك، ودع التصرّف، وأصلح أمر آخرتك. قال: وأخذ يعظني، ويخطب عليّ، حتى بكيت. ثم قال لي: لست بأعظم [نعمة ولا أكبر منزلة] «1» من جعفر بن حرب «2» ، فإنّه كان يتقلّد كبار أعمال السلطان، وكانت نعمته تقارب نعمة الوزراء، وكان يعتقد الحقّ «3» ومنزلته في العلم المنزلة المشهورة، وصنّف غير كتاب من كتبه الباقية إلى الآن في أيدي الناس، وهو يتصرّف مع السلطان. فاجتاز يوما راكبا في موكب له عظيم، ونعمته على غاية الوفور، ومنزلته

بحالها من الجلالة، فسمع رجلا يقرأ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِ «1» فقال: اللهم بلى، وكرّرها دفعات، وبكى، ثم نزل [65 ط] عن دابته، ونزع ثيابه، ودخل إلى دجلة، فاستتر بالماء إلى حلقه، ولم يخرج حتى فرّق جميع ماله في المظالم التي كانت عليه، وردّها، ووصّى فيها، وتصدّق بالباقي، وعمل ما اقتضاه مذهبه، ووجب عليه عنده. فاجتاز رجل، فرآه في الماء قائما، وسمع بخبره، فوهب له قميصا ومئزرا، فاستتر بهما، وخرج فلبسهما، وانقطع إلى العلم والعبادة، حتى مات. ثم قال لي أبو عليّ: فافعل أنت يا أبا القاسم مثل هذا، فإن لم تطب نفسك به كلّه، فتب. قال: فأثّر كلامه فيّ، وعملت على التوبة، وترك التصرّف، ولم أزل أصلح أمري لذلك مدّة، حتى استوى لي التخلّص من السلطان، فتبت، وتركت معاودة التصرّف.

121 أبو فراس الحمداني من مناجيب بني حمدان

121 أبو فراس الحمداني من مناجيب بني حمدان من مناجيب بني حمدان، أبو فراس، الحارث بن أبي العلاء بن حمدان «1» ، فإنّه برع في كل فضل، على ما أخبرني جماعة شهدوه، وأثق بهم، حسن خلق لم ير في عصره- زعموا- بالشام أحسن منه، مع خلق طاهر، وحسن باطن وظاهر، وفروسيّة تامّة، وشجاعة كاملة، وكرم [مستفيض] «2» ، لأنّه نشأ في تربية سيف الدولة رضي الله عنه، وحجره، وأخذ أخلاقه، وتأدّب بآدابه، مع ملاحة خطّ، وترسّل، وشعر في غاية الجودة، وديوانه كبير، إلّا أنّه كان قبيل موته اختاره، على ما أخبرني به أبو الفرج الببغاء، فنفى منه شيئا كثيرا. قال: واقفني على نفيه، لأنّه عرضه عليّ، فكلّ ما استضعفناه نفاه، وما اجتمعنا على استجادته أقرّه، وحرّره في نسخة تداولها الناس [73 ب] ، ومات وما بلغ الأربعين، مقتولا.

قال: وأظنّ مبلغ سنّه كانت سبعا وثلاثين سنة، أو نحوها، لمّا قتل. وكان قرغويه غلام أبي الهيجاء الذي كان أحد قوّاد سيف الدولة، وحاجبه، احتال عليه، حتى قتله في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة. قال: وذلك أنّ الجيوش السيفيّة «1» افترقت بعد وفاة صاحبها، فكلّ قطعة حوت بلدا، وصار معظمهم مع قرغويه «2» بحلب، واحتوى عليها، وانضمّت قطعة إلى أبي فراس، فغلب بها على حمص. فلما استقام الأمر لقرغويه، رخل بالأمير أبي المعالي شريف بن سيف الدولة «3» ، وهو إذ ذاك صبيّ، وأبو فراس خاله، لقتال أبي فراس، ثم جرت بينهما مراسلة، واصطلحوا. وجاء أبو فراس، وهو لا تحدّثه نفسه أنّ قرغويه يجسر عليه، ولا أنّه يخاف أبا المعالي وهو ابن أخته، فدخل إلى أبي المعالي وخرج، وما أحبّ الأمير أبو المعالي به سوءا.

إلّا أن قرغويه خاف أن يتمكّن من ابن أخته، فيحمله على قتله، فنصب له قوما اغتالوه في العسكر، وهم عقيب حرب لم تهدأ، وتخليط لم يسكن. وأراد الأمير أبو المعالي إنكار ذلك، فمنعه قرغويه، وطاح دم الرجل، رحمه الله. [وحدّثني أبو الحسن، أنّ أبا محمد الصلحيّ، وكان أبوه يكتب لأبي فراس أيّام ملكه، حدّثه بمثله، على غير هذا، وجملته: أنّه أسر، فجاء وهو أسير، راكبا، فما شاهدته طائفة من غلمان سيف الدولة، إلّا ترجّلت له، وقبّلت فخذه، فلما رأى ذلك قرغويه قتله في الحال] «1» .

122 كيف أسر أبو فراس الحمداني

122 كيف أسر أبو فراس الحمداني قال: وكان سيف الدولة، قلّده منبج «1» وحرّان «2» وأعمالهما، فجاءه خلق من الروم، فخرج إليهم في سبعين نفسا من غلمانه [66 ط] وأصحابه، يقاتلهم، فنكأ فيهم، وقتل، وقدّر أنّ الناس يلحقونه، فما اتّبعوه، وحملت الروم بعددها عليه، فأسر. فأقام في أيديهم أسيرا سنين، يكاتب سيف الدولة أن يفتديه بقوم كانوا عنده من عظماء الروم، منهم البطريق المعروف بأغورج، وابن أخت الملك، وغيرهما، فيأبى سيف الدولة ذلك، مع وجده عليه، ومكانه من قلبه، ويقول: لا أفدي ابن عمي خصوصا، وأدع باقي المسلمين، ولا يكون الفداء إلا عامّا للكافّة، والأيّام تتدافع. إلى أن وقع الفداء قبيل موت سيف الدولة، في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، فخرج فيه أبو فراس، ومحمد بن ناصر الدولة، لأنّه كان أسيرا في أيديهم، والقاضي أبو الهيثم عبد الرحمن بن القاضي أبي الحصين «3» عليّ بن

عبد الملك، لأنّهم كانوا أسروه أيضا في حرّان، قبل ذلك بسنين، وخرج من المسلمين عدد عظيم. قال: ولأبي فراس كلّ شيء حسن من الشعر، في معنى أسره. فمن ذلك، أنّ كتب سيف الدولة تأخّرت عنه، وبلغه إنّ بعض الأسراء قال: إن ثقل هذا المال على الأمير سيف الدولة، كاتبنا فيه صاحب خراسان، فاتّهم أبا [74 ب] فراس بهذا القول، لأنّه كان ضمن للروم وقوع الفداء، وأداء ذلك المال العظيم، فقال سيف الدولة: ومن أين يعرفه أهل خراسان؟ فكتب إليه قصيدة أوّلها: أسيف الهدى وقريع العرب ... إلى م الجفاء وفيم الغضب وما بال كتبك قد أصبحت ... تنكّبني مع هذي النّكب وإنّك للجبل المشمخرّ ... لي ولقومك بل للعرب على تستفاد وعاف يفاد ... وعزّ يشاد ونعمى تربّ وما غضّ منّي هذا الأسار ... ولكن خلصت خلوص الذهب ففيم يقرّعني بالخمول ... مولى به نلت أعلى الرتب أتنكر أنّي شكوت الزمان ... وأنّي عتبتك فيمن عتب فالّا رجعت فأعتبتني ... وصيّرت لي ولقولي الغلب ولا تنسبنّ إليّ الخمول ... عليك أقمت فلم أغترب وأصحبت منك فإن كان فضل ... وإن كان نقص فأنت السبب وإنّ خراسان إن أنكرت ... علاي فقد عرفتها حلب

ومن أين ينكرني الأبعدون ... أمن نقص جدّ أمن نقص أب ألست وإيّاك من أسرة ... وبيني وبينك فوق النسب وداد تناسب فيه الكرام ... وتربية ومحلّ أشب «1» فلا تعدلنّ فداك ابن عمّك ... لا بل غلامك عمّا يجب أكنت الحبيب وكنت القريب ... ليالي أدعوك من عن كثب «2» فلمّا بعدت بدت جفوة ... ولاح من الأمر ما لا أحب فلو لم أكن بك ذا خبرة ... لقلت صديقك من لم يغب وما شكّكتني فيك الخطوب ... ولا غيّرتني عليك النّوب وأشكر ما كنت في صحبتي ... وأحلم ما كنت عند الغضب قال الببغاء: وله في صفة أسره، وعلل لحقته هناك، ومراث لنفسه في الأسر، وتعطّف لسيف الدولة، وصفة الأسر، وما لحقه فيه، شعر كثير، حسن أكثره، بمعان مخترعة، لم يسبق إليها. ونحن نورد ما نختاره من ذلك، بعد هذا إن شاء الله تعالى.

123 إذا اختل أمر القضاء في دولة اختل حالها

123 إذا اختلّ أمر القضاء في دولة اختلّ حالها حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: كان أوّل ما انحلّ من نظام سياسة الملك، فيما شاهدناه من أيّام بني العباس، القضاء، فإن ابن الفرات، وضع منه، وأدخل فيه قوما بالذمامات «1» ، لا علم لهم، ولا أبوّة فيهم، فما مضت إلا سنوات، حتى ابتدأت الوزارة تتّضع «2» ، ويتقلّدها كلّ من ليس لها بأهل، حتى بلغت في سنة نيّف وثلاثين وثلاثمائة، أن تقلّد وزارة المتّقي أبو العباس الأصبهانيّ الكاتب «3» ، وكان غاية في [75 ب] سقوط المروءة، والرقاعة. ولقد استأذنت عليه يوما، فجاء البوّاب إليه، فقال: ابن عيّاش بالباب، فسمعته يقول له من وراء الستر: يدخل. فقلت في نفسي: لا إله إلا الله، تبلغ الوزارة إلى هذا الحدّ في السقوط؟ وحتى كان يركب وليس بين يديه إلا ابن حدبنا صاحب الرّبع «4» ،

وحتى رأيت في شارع الخلد «1» قردا معلّما، يجتمع الناس عليه. فيقول له القرّاد: تشتهي أن تكون بزّازا؟ فيقول: نعم، ويومئ برأسه. فيقول: تشتهي تكون عطّارا؟ فيقول: نعم، برأسه. فيعدّد الصنائع عليه، فيومئ برأسه. فيقول له في آخرها: تشتهي تكون وزيرا؟ فيومئ برأسه: لا، ويصيح، ويعدو من بين يدي القرّاد، فيضحك الناس. قال: وتلى سقوط الوزارة، اتّضاع الخلافة، وبلغ صيّورها «2» إلى ما نشاهد، فانحلّت دولة بني العباس، بانحلال أمر القضاء. وكان أول وضع ابن الفرات من القضاء، تقليده إيّاه، أبا أميّة الأحوص الغلابيّ البصريّ «3» ، فإنّه كان بزّازا، فاستتر عنده ابن الفرات، وخرج من داره إلى الوزراة.

فقال له في حال الاستتار: إن وليت الوزارة، فأيّ شيء تحب أن أعمل بك؟ قال: تقلّدني شيئا من أعمال السلطان. قال: ويحك، لا يجيء منك عامل، ولا أمير، ولا صاحب شرطة، ولا كاتب، ولا قائد، فأيّ شيء أقلّدك؟ قال: لا أدري، ما شئت. قال: أقلّدك القضاء. قال: قد رضيت. فلما خرج، وولي الوزارة، وهب له، وأحسن إليه، وقلّده قضاء البصرة، وواسط، وسبع كور الأهواز. وكان يداعبه، ويتلهّى به «1» ، ويسخر منه في أوقات استتاره عنده، وقبلها، ويمدّ يده إليه، فلمّا ولّاه القضاء، وقرّه عن ذلك. ثم انحدر أبو أميّة إلى أعماله، فأراد أن يغطّي نقصه في نفسه، وقلّة علمه، ويصل ذلك بشيء يتجمّل به، فعفّ عن الأموال، فما أخذ شيئا، وتصوّن وتوقّر، واقتصر على الأرزاق، وصلات ابن الفرات الدارّة، فستر ذلك جميع عيوبه. وتناوله الشعراء، فقال فيه القطرانيّ البصريّ: [68 ط] . عبث الدهر بنا و ... الدهر بالأحرار يعبث من عذيري من زمان ... كل يوم هو أنكث ما ظننّا أنّنا نبقى ... وأن «2» نحيا ونلبث فنرى الأحوص يقضي ... وأبا عيسى يحدّث

124 من محاسن الأحوص الغلابي القاضي بالبصرة

124 من محاسن الأحوص الغلابي القاضي بالبصرة حدّثني أبو الحسين محمد بن عبيد الله بن محمد القاضي، المعروف بابن نصرويه، قال: كنت أيّام أبي أميّة الغلابيّ، وتقلّده القضاء بالبصرة، حدثا، وكنت أجيئه مع خالي، وكان الحرّ عندنا بالبصرة إذ ذاك، شديدا مفرطا، أكثر من شدّته الآن [76 ب] . وكان أبو أميّة يخرج في كلّ عشيّة من داره في مربّعة الأحنف، وعليه مئزر، وعلى ظهره رداء خفيف، وفي رجليه نعلان كنباتي ثخان «1» ، وبيده مروحة، وهو قاضي البصرة «2» ، والأبلّه «3» ، وكور دجلة «4» ، وكور الأهواز «5» ، وواسط «6» ، وأعمال ذلك، فيمشي حوله من يتّفق أن يكون في الوقت من غير تعمّل، حتى ينتهي إلى موضع حلقة أبي يحيى زكريا

الساجي «1» ، فيجلس إليه، وربما سبقه، وجاء أبو يحيى، وجلسا يتحدّثان، ويجتمع إليهما أترابهما، وإخوانهما القدماء، فيستعملون من التخالع والانبساط في الحديث، والمزح، ما ليس بقليل. ويجيء سعيد الصفّار، وكان يخلف أبا أميّة على البصرة، بقلنسوة عظيمة، وقميص، وخفّ، وطيلسان، فيسلّم عليه بالقضاء، ويشاوره في الأمور، فيقول له: قم عنّي، لا يجتمع عليّ الناس، لا تقطعني عن لذّتي بمحادثة إخواني القدماء، قم إلى مجلسك. فيقوم سعيد، فيجلس بالبعد منه في الجامع، في موضع برسمه، ينظر بين الناس. وما كان ذاك يغضّ من قدره عند الناس، وكانت سيرته أحسن سيرة، واستعمل من العفّة عن الأموال، ما لم يعهد مثله. وكان ديوان وقوف البصرة إذ ذاك ببغداد، فإذا أراد أحد أربابها شيئا، خرجوا إلى بغداد حتى يوردوا الأمر فيه من الحضرة، فلحق الناس مشقّة، فنقل أبو أميّة ديوانها إلى البصرة، فكثر الدعاء له، وصارت سنّة، وبقي الديوان بالبصرة. وكان- مع هذا- يتيه على ابن كنداج، وهو أمير البصرة «2» ، ولا يركب إليه مرّة، إلا إذا جاءه ابن كنداج مرّة، ويعترض على ابن كنداج

في الأمور، ويسمع الظلامات فيه، وينفذ إليه في إنصاف المتظلّم، فيضجّ ابن كنداج من يده، ويكتب إلى ابن الفرات في أمره، فترد عليه الأجوبة بالصواعق، ويأمره بالسمع والطاعة، فيضطر إلى مداراته، والركوب إليه، وتلافيه. فقبض على ابن الفرات، وأبو أميّة لا يعلم، وورد كتاب على الطائر- بذلك- إلى ابن كنداج، فركب بنفسه في عسكره إلى أبي أميّة، فقدّر أنّه قد جاء مسلّما، فخرج إليه، فقبض عليه، ومشّاه بين يديه، طول الطريق، إلى داره ببني نمير، حتى أدخله السجن، من تحت الخشبة «1» فأقام فيه مدّة، ثم مات. ولم يسمع بقاض أدخل السجن من تحت الخشبة غيره، ولا بقاض مات في السجن سواه. ثم ولي ابن الفرات [69 ط] الوزارة أيضا، فحين جلس، سأل عن أصحابه، وصنائعه، وسأل عن أبي أميّة، فعرّف ما جرى عليه، ووفاته، فاغتمّ لذلك. وقال: فاتني بنفسه، فهل له ولد أقضي فيه حقّه؟ فقالوا: ابن رجل. فكتب بحمله إليه مكرّما، فحمل.

فلما دخل عليه، وجد سلامه سلام متخلّف، فقال له: ما اسمك؟ قال [77 ب] أبو غشّان، وكانت لثغته كذا، ولم يفرّق لتخلّفه بين الاسم والكنية. فقال ابن الفرات: عزيز عليّ أن لا أقضي حقّ أبي أميّة، في نفسه، ولا في ولده، كيف اقلّد هذا القضاء؟ فوصله بمال جزيل، وأمر بإجراء أرزاق عظيمة عليه، وصرفه إلى بلده، وكان يأخذها إلى أن زال أمر ابن الفرات.

125 أبو عمر القاضي يقلد ابنا لأحمد بن حنبل القضاء ثم يصرفه

125 أبو عمر القاضي يقلد ابنا لأحمد بن حنبل القضاء ثم يصرفه حدّثني أبو نصر أحمد بن عمرو «1» البخاري القاضي، قال: حدّثني جماعة من ثقات أهل بغداد: إنّ أبا عمر القاضي «2» قلّد ابنا لأحمد بن حنبل القضاء. فتظلّم إليه منه، وذكر عنده بشناعات لا يليق مثلها بالقضاة، فأراد صرفه. فعوتب على ذلك، وقيل: إنّ مثل هذا الرجل لا يجوز ان يكون ما رمي به صحيحا، فإن كان صحّ عندك، وإلّا فلا تصرفه. فقال: ما صحّ عندي، ولا بدّ من صرفه. فقيل: ولم؟ قال: أليس قد احتمل عرضه، أن يقال فيه مثل هذا، وتشبّهت صورته بصورة من إذا رمي بهذا جاز أن يتشكّك فيه؟ والقضاء أرقّ من هذا، فصرفه.

126 أبو خازم القاضي يغضب إذا سمع مدحا للقاضي بأنه عفيف

126 أبو خازم القاضي يغضب إذا سمع مدحا للقاضي بأنّه عفيف حدّثني أبو الحسين بن عيّاش القاضي، عمّن حدّثه: إنّه كان يساير أبا خازم القاضي «1» في طريق، فقام إليه رجل، فقال: أحسن الله جزاءك أيّها القاضي، في تقليدك فلانا القضاء ببلدنا، فإنّه عفيف. فصاح عليه أبو خازم، وقال: اسكت عافاك الله، تقول في قاض إنّه عفيف، هذه من صفات أصحاب الشرط، والقضاة فوقها «2» . قال: ثم سرنا، وهو واجم ساعة. فقلت: ما لك أيها القاضي؟ قال: ما ظننت أنّي أعيش حتى أسمع هذا، ولكن فسد الزمان، وبطلت هذه الصناعة، ولعمري إنّه قد دخل فيها من يحتاج القاضي معه إلى التقريظ، وما كان الناس يحتاجون أن يقولوا: فلان القاضي عفيف، حتى تقلّد فلان، وذكر رجلا لا أحبّ أن أسميّه. فقلت: من الرجل؟ فامتنع. فألححت عليه، فأومأ إلى أبي عمر.

127 إسراع الناس إلى العجب مما لم يألفوه

127 إسراع الناس إلى العجب مما لم يألفوه وحدّثني أبو الحسين، قال: لما قلّد المقتدر أبا الحسين «1» بن أبي عمر «2» القاضي، المدينة «3» رئاسة، في حياة أبيه أبي عمر، خلع عليه، واجتمع الخلق من الأشراف، والقضاة، والشهود، والجند، والتجّار، وغيرهم على باب الخليفة، حتى خرج أبو الحسين وعليه الخلع، فساروا معه. قال: وكنت فيهم مع عمّي، للصهر الذي كان بينه وبينهم، ولأنّه كان أحد شهودهم. فسار عمّي، وأنا معه، في أخريات الموكب، خوفا من الزحام، ومعنا شيخ من الشهود كبير السن، أسماه أبو الحسين وأنسيته أنا. فكنّا لا نجتاز بموضع، إلّا سمعنا ثلب الناس لأبي الحسين، وتعجّبهم من تقلّده [رئاسة. فقال عمّي للشيخ: يا أبا فلان ما ترى ازورار الناس [70 ط] من تقلّد] «4»

هذا الفتى، مع فضله، ونفاسته، وعلمه، وجلالة سلفه؟ فقال له الشيخ [78 ب] : يا أبا محمّد، لا تعجب من هذا، فلعهدي، وقد ركبت مع أبي عمر يوم خلع عليه بالحضرة، وقد اجتزنا بالناس، وهم يعجبون من تقلّده، أضعاف هذا العجب، حتى خفت أن يثبوا بنا، وهذا أبو عمر الآن قدوة «1» في الفضل، ومثال في العقل والنبل، ولكنّ الناس يسرعون إلى العجب ممّا لم يألفوه.

128 من قدم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرهم

128 من قدّم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرّهم حدّثني أبو الحسن عليّ بن القاضي أبي طالب محمد بن القاضي أبي جعفر ابن البهلول، قال: طلبت السيّدة أمّ المقتدر» ، من جدّي، كتاب وقف لضيعة كانت ابتاعتها، وكان الكتاب في ديوان القضاء، فأرادت أخذه لتخرّقه، وتبطل الوقف، ولم يعلم جدّي بذلك. فحمله إلى الدار، وقال للقهرمانة: قد أحضرت الكتاب كما رسمت «2» فأيش تريد «3» ؟ فقالوا: نريد أن يكون عندنا. فأحسّ بالأمر، فقال لأمّ موسي القهرمانة «4» : تقولين للسيّدة أعزّها

الله، هذا والله ما لا طريق إليه أبدا، أنا خازن المسلمين على ديوان الحكم فإمّا مكّنتموني من خزنه كما يجب، وإلا فاصرفوني وتسلّموا الديوان دفعة، فاعملوا به ما شئتم، وخذوا منه ما أردتم، ودعوا ما أردتم، أمّا أن يفعل شيء منه على يدي، فو الله لا كان هذا ولو عرضت على السيف. ونهض والكتاب معه، وجاء إلى طيّاره، وهو لا يشكّ في الصرف، فصعد إلى ابن الفرات، فحدّثه بالحديث، وهو وزير. فقال: ألا دافعت عن الجواب، وعرّفتني حتى كنت أتلافى ذلك، الآن أنت مصروف، ولا حيلة لي مع السيّدة في أمرك. قال: وأدّت القهرمانة الرسالة إلى السيّدة، فشكته إلى المقتدر. فلمّا كان في يوم الموكب، خاطبه المقتدر شفاها في ذلك، فكشف له الصورة، وقال مثل ذلك القول في الاستعفاء. فقال له المقتدر: مثلك يا أحمد يقلّد القضاء، أقم على ما أنت عليه، بارك الله فيك، ولا تخف أن يثلم ذلك عرضك عندنا «1» . قال: فلما عاودته السيّدة، بلغنا أنّه قال لها: الأحكام ما لا طريق إلى اللعب به، وابن البهلول مأمون علينا، محبّ لدولتنا، وهو شيخ ديّن، مستجاب الدعوة، ولو كان هذا شيء يجوز، ما منعك إيّاه. فسألت السيّدة كاتبها ابن عبد الحميد عن ذلك، وشرحت له الأمر.

فلما سمع ما قاله جدّي، بكى بكاء شديدا- وكان شيخا صالحا من شيوخ الكتّاب- وقال: الآن علمت «1» أنّ دولة السيّدة وأمير المؤمنين تبقى، وتثبت أركانها، إذ كان فيها مثل هذا الشيخ الصالح الذي يقيم الحقّ على السيّدة، ولا يخاف في الله لومة لائم. فأيّ شيء يساوي شراؤكم لوقف؟ وإن [79 ب] أخذتم كتابه فخرّقتموه، فأمره شائع ذائع، والله فوق كل شيء، وبه عالم. فقالت السيّدة: وكأنّ هذا لا يجوز؟ فقال لها: لا، هذه حيلة من أرباب الوقف على مال الله، وأعلمها أنّ الشراء لا يصحّ بتخريق كتاب الوقف، وهذا لا يحلّ. فارتجعت المال، وفسخت الشراء، وعادت تشكر جدّي، وانقلب ذلك له أثرا جميلا عندهم. فقال لنا جدّي بعد ذلك: من قدّم أمر الله تعالى على أمر المخلوقين كفاه الله [71 ط] شرّهم.

129 القاضي أبو محمد البصري والد القاضي أبي عمر يؤدب مملوكا من وجوه مماليك الخليفة المعتضد

129 القاضي أبو محمد البصريّ والد القاضي أبي عمر يؤدّب مملوكا من وجوه مماليك الخليفة المعتضد حدّثني أبي رضي الله عنه، قال: سمعت القاضي أبا عمر يقول: قدّم خادم من وجوه خدم المعتضد بالله «1» ، إلى أبي «2» في حكم، فجاء فارتفع في المجلس. فأمره الحاجب بموازاة خصمه، فلم يفعل إدلالا بعظم محلّه في الدولة. فصاح أبي عليه، وقال: هاه، تؤمر بموازاة خصمك، فتمتنع؟ يا غلام، عمرو بن أبي عمرو النخّاس «3» الساعة، لأتقدّم إليه ببيع هذا العبد، وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين. ثم قال لحاجبه: خذ بيده، وساو بينه وبين خصمه. فأخذ كرها وأجلس مع خصمه. فلما انقضى الحكم، انصرف الخادم، فحدّث المعتضد بالحديث، وبكى بين يديه. فصاح عليه المعتضد، وقال: لو باعك لأجزت بيعه، ولما رددتك إلى ملكي أبدا، وليس خصوصك بي، يزيل مرتبة الحكم، فإنّه عمود السلطان، وقوام الأديان.

130 قاضي همذان يمتنع عن قبول شهادة رجل مستور

130 قاضي همذان يمتنع عن قبول شهادة رجل مستور سمعت قاضي القضاة، أبا السائب عتبة بن عبيد الله «1» ، يقول: كان في بلدنا، يعني همذان، رجل مستور، فأحبّ القاضي قبوله «2» فسأل عنه، فزكّي له سرّا وجهرا. فراسله في حضور المجلس، ليقبله، وأمر فأخذ خطّه في كتب ليحضر فيقيم الشهادة فيها. وجلس القاضي، وحضر الرجل مع الشهود، ونودي به، فجاء مع شاهد آخر، فلما جلسا ليشهدا، أمرهما القاضي بالقيام، فقاما، ونظر بين الخصوم، وتقوّض المجلس، ولم يقبله. فورد على الرجل أمر عظيم، ودسّ إلى القاضي من يسأله عن سبب ذلك. فقال القاضي: إنّي أردت قبوله لستره ودينه، ثم انكشف لي أنّه مراء، فلم يسعني قبوله. فقيل له: كيف انكشف هذا للقاضي، بعد أن دعاه للقبول؟ قال: كان يدخل إليّ في كلّ يوم، فأعدّ خطاه، من حيث تقع عيني عليه من داري إلى مجلسي، فلما دعوته اليوم للشهادة، جاء، فعددت خطاه من ذلك المكان، فإذا هي قد زادت خطوتين أو ثلاث، فعلمت أنّه متصنّع لهذا الأمر، مراء، فلم أقبله.

131 الصفح الجميل عفو بلا تقريع

131 الصفح الجميل عفو بلا تقريع حدّثني أبو منصور عبد العزيز بن محمد بن عثمان، المعروف بابن أبي عمرو الشرابيّ حاجب أمير المؤمنين المطيع «1» لله [80 ب] قال: دخلت في حداثتي يوما على أبي السائب القاضي، فقصّر في القيام، وأظهر ضعفا عنه للسنّ، والعلل المتّصلة به، وتطاول لي، فجذبت يديه بيديّ، حتى أقمته القيام التامّ. وقلت له: أعين قاضي القضاة- أيّده الله- على إكمال البرّ، وتوفية الإخوان الحقّ. قال: وقد كنت عاتبا عليه في أشياء عاملني بها، وإنّما جئته للخصومة، فبدأت لأصل الكلام. فحين رأى الشرّ في وجهي، قال: تتفضل باستماع كلمتين ثم تقول ما شئت. فقلت له: قل. فقال: روينا عن ابن عبّاس في قوله تعالى: فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ «2» قال: عفو بلا تقريع، فإن رأيت أن تفعل ذلك، فعلت. فاستحييت من الاستقصاء عليه.

132 بين الأصبهاني الكاتب والخوميني عامل سوق الأهواز

132 بين الأصبهانيّ الكاتب والخومينيّ عامل سوق الأهواز حضرت أبا عبد الله الخومينيّ «1» عامل سوق الأهواز، وقد دخل إليه أبوبكر أحمد بن عبد الله، المعروف بأبي بكر بن عبد الله أبي سعيد الأصبهانيّ الكاتب. فأخذ يريه أنّه [72 ط] يريد القيام، ويتثاقل فيه، حتى يسبقه أبو بكر ابن أبي سعيد بالجلوس، إلى قيامه له. ففطن أبو بكر، فوقف من بعيد، وقال: هي، قم قائما حتى أجيء، وإلا انصرفت من موضعي. فضحك الخوميني، وقال: والله يا سيدي، ما أردت هذا. وقام له القيام التامّ.

133 شيخ من الكتاب ينصح أبا الحسين بن عياش

133 شيخ من الكتاب ينصح أبا الحسين بن عيّاش حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: تقلّد سليمان بن الحسن «1» الوزارة الأولى عقيب اختصاصي به وأنسي، فكنت أجيئه على ذلك الأنس، ما تغيّر عليّ، ولا أنكرت منه شيئا. وكنت شابّا، ولم تكن لي مداخلة بالملوك، وكنت أجيئه والناس محجوبون فأدخل على الرسم، وهو خال. فاتفق أنّي بتّ ليلة موكب عند أبيه، أبي محمد، فبكّرت من غد لأراه، ثم أنصرف. فجئت، والقاضي أبو عمر، وابنه أبو الحسين، والقاضي ابن أبي الشوارب «2» ، وابنه «3» ، والقاضي ابن البهلول، والناس من الأشراف، والكتّاب، ووجوه القوّاد، وأهل الحضرة، محجوبون، وهم جلوس في الرواق، والحاجب واقف على باب السلّم، وكان ينفذ إلى حجرة خلوة له، هو فيها.

فلما رآني الحاجب، أمر فرفع لي الستر، فدخلت إليه، وهو يتبخّر وعليه سواده، يريد الركوب إلى المقتدر، وليس بين يديه أحد. فطاولني في الحديث، إلى أن فرغ، وشدّ سيفه ومنطقته، وخرج، وأنا خلفه. فتلقّاه الناس بالسلام، وتقبيل اليد، فخرجوا خلفه، فاختلطت بهم. فإذا بإنسان يجذب طيلساني، فالتفتّ، فإذا هو فلان، شيخ من شيوخ الكتّاب، أسماه أبو الحسين وأنسيته أنا، وذكر أنّه كان صديقا لأبي، ولأبيه من قبله. فقال لي: يا أبا الحسين، فداك عمّك، في بيتك خمسون ألف دينار؟ فقلت: لا والله. قال: فتقوى على خمسين ألف مقرعة وصفعة؟ قلت: لا والله [81 ب] . قال: فلم تدخل إلى الوزير، وفلان، وفلان- وعدّد من حضر- محجوبون، يتمنّون الوصول، ولا يقدرون، ثم لا ترضى، حتى تطيل عنده، وتخرج في يوم موكب، وراءه، وليس معه غيرك، ولا خمسون ألف دينار معدّة عندك، تؤدّيها إذا نكب هذا، فأخذت بتبعة الاختصاص به، وأنت لا تقوى على ما يولّد هذا. فقلت: يا عمّ لم أعلم، وأنا رجل فقيه، ومن أولاد التجّار، ولا عادة لي بخدمة هؤلاء. فقال: يا بنيّ لا تعاود، فإن هذا يولّد لك اسما، ويجرّ عليك تبعة. قال: فتجنّبت بعد ذلك الدخول إلى سليمان في أوقات مجالسه العامّة، وأيّام المواكب خاصّة.

134 أبو يوسف القاضي واللوزينج بالفستق المقشور

134 أبو يوسف القاضي واللوزينج بالفستق المقشور حدّثني أبي، قال: بلغني من غير واحد: إنّ أبا يوسف «1» صحب أبا حنيفة «2» ، لتعلّم العلم، على فقر شديد، فكان ينقطع بملازمته عن طلب المعاش، فيعود إلى منزل مختلّ، وأمر قلّ. فطال ذلك، وكانت امرأته «3» تحتال له ما يقتاته يوما بيوم. فلما طال ذلك عليها، خرج إلى المجلس، وأقام فيه يومه، وعاد ليلا فطلب ما يأكل، فجاءته بغضارة مغطّاة، فكشفها، فإذا فيها دفاتر. فقال: ما هذا؟ قالت: هذا ما أنت مشغول به نهارك أجمع، فكل منه ليلا، قال: فبكى [73 ط] ، وبات جائعا، وتأخّر من غد عن المجلس، حتى احتال ما أكلوه. فلما جاء إلى أبي حنيفة، سأله عن سبب تأخّره، فصدقه. فقال: ألا عرّفتني، فكنت أمدّك؟ ولا يجب أن تغتمّ، فإنّه إن طال عمرك فستأكل بالفقه، اللوزينج بالفستق المقشور. قال أبو يوسف: فلمّا خدمت الرشيد، واختصصت به، قدّمت بحضرته يوما جامة لوزينج بفستق، فحين أكلت منها، بكيت، وذكرت أبا حنيفة. فسألني الرشيد عن السبب في ذلك، فأخبرته.

135 سبب اتصال أبي يوسف القاضي بالرشيد

135 سبب اتصال أبي يوسف القاضي بالرشيد وحدّثني أبي، قال: كان سبب اتّصاله «1» بالرشيد «2» إنّه قدم بغداد بعد موت أبي حنيفة، فحنث بعض القوّاد في يمين، فطلب فقيها يستفتيه فيها، فجيء بأبي يوسف، فأفتاه أنّه لم يحنث، فوهب له دنانير، وأخذ له دارا بالقرب منه، واتّصل به. فدخل القائد يوما إلى الرشيد، فوجده مغموما، فسأله عن سبب غمّه، فقال: شيء من أمر الدين قد حزبني «3» ، فاطلب لي فقيها أستفتيه، فجاءه بأبي يوسف. قال أبو يوسف: فلما دخلت إلى ممرّ بين الدور، رأيت فتى حسنا، أثر الملك عليه، وهو في حجرة في الممرّ محبوس، فأومأ إليّ بإصبعه مستغيثا، فلم أفهم عنه إرادته، وأدخلت إلى الرشيد، فلما مثلت بين يديه، سلّمت، ووقفت. فقال لي: ما اسمك؟ قلت [82 ب] : يعقوب. أصلح الله أمير المؤمنين. قال: ما تقول في إمام شاهد رجلا يزني، هل يحدّه؟ قلت: لا يجب ذلك.

قال: فحين قلتها سجد الرشيد، فوقع لي إنّه قد رأى بعض أولاده الذكور على ذلك، وإنّ الذي أشار إليّ بالاستغاثة، هو الابن الزاني. قال: ثم رفع رأسه، فقال: ومن أين قلت هذا؟ قلت: لأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: ادرؤوا الحدود بالشبهات، وهذه شبهة يسقط الحد معها. فقال: وأي شبهة مع المعاينة؟ قلت: ليس توجب المعاينة لذلك أكثر من العلم بما جرى، والحكم في الحدود لا يكون بالعلم. قال: ولم؟ قلت: لأن الحدّ حقّ الله تعالى، والإمام مأمور بإقامة الحدّ، فكأنّه قد صار حقا له، وليس لأحد أخذ حقّه بعلمه، ولا تناوله بيده، وقد أجمع المسلمون على وقوع الحدّ بالإقرار والبيّنة، ولم يجمعوا على إيقاعه بالعلم. قال: فسجد مرّة أخرى، وأمر لي بمال جليل، ورزق في الفقهاء في كل شهر، وأن ألزم الدار. قال: فما خرجت، حتى جاءتني هديّة الفتى، وهديّة أمّه، وأسبابه، فحصل لي من ذلك، ما صار أصلا للنعمة، وانضاف رزق الخليفة، إلى ما كان يجريه عليّ ذلك القائد. ولزمت الدار، فكان هذا الخادم يستفتيني، وهذا يشاورني، فأفتي وأشير، فصارت لي مكنة فيهم، وحرمة بهم، وصلاتهم تصل إليّ، وحالتي تقوى. ثم استدعاني الخليفة، وطاولني، واستفتاني في خواصّ أمره، وأنس بي. فلم تزل حالي تقوى معه، حتى قلّدني قضاء القضاة.

136 أنس الرشيد بأبي يوسف القاضي

136 أنس الرشيد بأبي يوسف القاضي قال لي أبي [74 ط] : بلغني أنّ أبا يوسف، لما مات، خلّف في جملة، كسوته، مائتي «1» سراويل خزّ، دون غيرها من أصناف السراويلات. وأنّ جميع سراويلاته كانت مختصّة كلّ سراويل بتكّة أرمنيّ تساوي دينارا، وبلغ من محلّه عنده «2» ، أن طلبه الرشيد يوما، فجاء وعليه بردة، أنسا به، فحين رآه الرشيد، قال لمن بحضرته: جاءت به معتجرا ببرده ... سفواء «3» ترمي بنسيج وحده

137 كيف نصب أبو جعفر بن البهلول قاضيا

137 كيف نصب أبو جعفر بن البهلول قاضيا حدّثني القاضي أبو الحسن عليّ بن أبي طالب بن القاضي أبي جعفر بن البهلول «1» قال: حدّثني أبي «2» ، عن أبيه، وحدّثني أيضا، أبو الحسن أحمد ابن يوسف الأزرق «3» عن أبي جعفر بن البهلول القاضي «4» ، قال: لما استقرّت الأمور للناصر لدين الله «5» ، بعد فراغه من أمر الزنج «6» ، نظر في البلدان ومصالحها، وأمر بارتياد قضاة من أهل البلدان لها. فسأل عن الأنبار، ومن فيها يصلح لتقلّد القضاء، فأسميت له. وكان عارفا بأبي، إسحاق بن البهلول، حين استقدمه المتوكّل إلى سرّ من رأى [83 ب] حتى حدّثه، ولم أكن تقلّدت شيئا من ذلك. قال: فأمر بإحضاري وتقليدي.

فتقدّم إسماعيل بن بلبل، إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي» في ذلك، وكاتبني بالحضور، فحضرت، فعرّفني الصورة، وحملني إلى إسماعيل. فقلت لهما: أنا في كفاية وغناء، ولا حاجة بي إلى تقلّد القضاء. فأمسكا عنّي، فعدت إلى منزلي ببغداد لأصلح أمري وأرجع. فجاءني جعفر بن إبراهيم الحصينيّ الأنباريّ، وكان من عقلاء العجم «2» بالأنبار، ولي صديقا، فقال لي: لأيّ شيء استدعيت؟ فحدّثته. فقال: اتّق الله في نفسك، إنّ الذي جرى بينك وبينهما خاف عن الناس، وإنّك تعود إلى بلدك، فيقول أعداؤك: طلب للقضاء، فلما شوهد، وجد لا يصلح، فردّ. فقلت: ما أصنع، وقد قلت ما قلت؟ قال: ترجع إلى إسماعيل فتصدقه عما جرى بيننا. قال: فباكرت إسماعيل، فحين رآني، قال: هذا وجه غير الوجه الأمسيّ. قلت: هو كذلك. قال: هي «3» . قلت: كان كذا وكذا، فأخبرته بما جرى بيني وبين جعفر بن إبراهيم. فقال: نصحك والله «4» هذا الصديق، والأمر على ما قاله، قم بنا إلى الوزير.

قال: فحملني إليه، فلما رآنا إسماعيل تبسّم، وقال: كيف عاد أبو جعفر؟ قال: فقصّ عليه إسماعيل القاضي الخبر. فقال: جزى الله هذا الصديق عنك خيرا، فقد أشار عليك بالرأي الصحيح، اكتبوا عهده. قال: فكتب عهدي عن الناصر، على الأنبار «1» ، وهيت «2» وعانات «3» ، والرحبة «4» ، وقرقيسيا «5» ، وأعمال ذلك، وعدت إلى بلدي. قلت أنا: ولم يزل محلّ أبي جعفر ينمى ويزيد، حتى قلّد مدينة أبي جعفر المنصور «6» عند صرف أبي عمر في قصّة ابن المعتز «7» ، فظهر من فضله ما اشتهر.

138 ارتفاع محل القاضي ابن البهلول في دولة المقتدر

138 ارتفاع محل القاضي ابن البهلول في دولة المقتدر وكان «1» عند المقتدر ووزرائه، بصورة الناسك الزاهد، من ذلك ما حدّثني به أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول، قال: حدّثني أبو علي أحمد بن جعفر بن إبراهيم الحصيني [75 ط] الأنباريّ الكاتب، قال: مات واثق «2» مولى المعتضد، فأوصى أن يصلّي عليه أبو الحسن عليّ بن عيسى «3» ، فحضر الحقّ «4» وجوه الدولة، من القوّاد، والكتّاب، والأشراف، والقضاة، وغيرهم. فكان فيمن حضر، القاضيان أبو جعفر «5» ، وأبو عمر «6» ، وكنت حاضرا. قال: فوضعت الجنازة، وقيل [لأبي الحسن] «7» عليّ بن عيسى تقدّم، فجاء ليتقدّم، فوقعت عينه على أبي جعفر، فجذبه، وقدّمه، وتأخّر هو.

قال: فلمّا انقضت الصلاة، طلبت أبا عمر، لأنظر كيف هو، فوجدته قد اسودّ وجهه غمّا، بتقديمهم أبا جعفر عليه. فجئت إلى أبي جعفر [84 ب] ، وهنّأته بذلك، وأخبرته بخبر أبي عمر، فاستسرّ «1» بذلك، وسرّ بعلمي أنا بالأمر، ومشاهدتي له، لأجل البلديّة «2» . قال لي أبو الحسن: هذا، مع نفرة كانت بينهما «3» ، ولكن أبا الحسن لفضله، لم يكن يدفع أهل الفضل عنه، وإن لم يكن ما بينه وبينهم مستقيما.

139 الحسين بن القاسم بن عبيد الله يتصرف تصرفا يكون أوكد الأسباب في عزله عن الوزارة

139 الحسين بن القاسم بن عبيد الله يتصرّف تصرّفا يكون أوكد الأسباب في عزله عن الوزارة حدّثني أبو الحسن عليّ بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول، قال: كان قد ارتكب الحسين بن القاسم بن عبيد الله «1» دين عظيم، عشرات ألوف دنانير، فدعاه غرماؤه إلى القاضي، فخافهم، واستتر. وجاء إلى جدّي فشاوره في أمره، وقال: إن بعت ملكي، كان بإزاء ديني، وحصلت فقيرا، وقد رضيت أن أجوع، وأعطي غلّتي بأسرها الغرماء، وليس يقنعون بذلك، فكيف أعمل؟ يحتال لي القاضي في ذلك! وكان منزل الحسين في الجانب الشرقيّ، والحكم فيه إلى أبي عمر. فقال له جدّي: إنّ من مذهب مالك، الحجر على الرجال إذا بان سفههم في الأموال، وإن عني بك أبو عمر، جعل استدانتك من غير حاجة كانت بك إليها، وإنّما بذرّت المال، وتخرّقت في النفقة، دليلا على سفهك في مالك.

ولو صار أن يسمع في ذلك شهادة من يعرّفه عن حالك، فيثبت حينئذ السفه عنده، فيحجر عليك، ويمنعك من التصرّف في مالك، ويدخل فيه أيدي أمنائه، ويحول بينك وبينه. فإذا أثبت عنده الغرماء عليك الدين، أمرهم، يعني أمناءه، بأن يصرفوا الغلّات إليهم، قضاء للدين، وبقيت عليك الأصول. قال: فطرح الحسين نفسه على أبي عمر، ففعل به ذلك، فظهر وصلحت حاله، وجرى أمره مع الغرماء. على ذلك. قال: ولما ولي الحسين الوزارة، وفسد عليه مؤنس «1» ، فسعى في صرفه، وقال للمقتدر: يا أمير المؤمنين، هذا لم يكن موضعا لحفظ ماله، حتى حجر عليه القضاة لسفهه وتبذيره فيه، كيف يحمد حتى يردّ إليه مال الدنيا وتدبيرها، وسياسة العالم، وهو عجز عن تدبير داره ونفقته؟ وكان ذلك أوكد الأسباب في صرفه.

140 عدد الشهود الذين قبلهم القاضي التيمي بالبصرة

140 عدد الشهود الذين قبلهم القاضي التيميّ بالبصرة حدّثني أبو الحسين محمد بن عبيد الله المعروف بابن نصرويه، قال: قبل التيميّ، القاضي كان قديما عندنا بالبصرة، ستة وثلاثين ألف شاهد، في مدّة ولايته. فقلت له: هذا عظيم [76 ط] ، فكيف كان ذلك؟ فقال لي: كان القضاة على مذهب أبي حنيفة، وغيره من الفقهاء، في أنّ الناس كلّهم عدول، على الشرائط التي تعرفها، وكان يشهد الناس عند التيميّ بأسرهم، فإذا سمع شهاداتهم، سأل عنهم، فيزكّون، فيقبلهم، وكان الناس يشهد بعضهم لبعض، من الجيران، وأهل [85 ب] الأسواق، ولا نعرف ترتيب قوم مخصوصين للشهادة، إلى أن ولي إسماعيل «1» . قال: وكان مبلغ من قبله التيميّ، ستة وثلاثون ألف شاهد، منهم عشرون ألفا لم يشهدوا عنده إلّا شهادة واحدة.

141 أسد بن جهور وما فيه من سوداء ونسيان

141 أسد بن جهور وما فيه من سوداء ونسيان أخبرني أبو القاسم الجهنيّ، قال: كانت في أسد بن جهور «1» سوداء ونسيان. فحضرته يوما، وهو في دار بعض الوزراء، وقد جلس يتحدّث، ومعنا بعض القضاة، وكان اليوم حارّا، فوضعنا عمائمنا، ووضع القاضي قلنسوته. فطلب الوزير أسدا، فقام مستعجلا، فأخذ قلنسوة القاضي، فلبسها ودخل على الوزير. فصاح القاضي به، وجماعتنا، فما سمع، حتى دخل كذلك على الوزير، فضحك منه. [وخجل أسد وعاد إلينا راجعا عنه] «2» .

142 المتوكل يختار فتى لمنادمته

142 المتوكل يختار فتى لمنادمته حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان، قال: حدّثني أبو جعفر بن حمدون، قال: حدّثني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمدون، قال: كنت مع أبي «1» ، وأنا صبيّ، بسرّ من رأى، وهو ينادم المتوكّل على الله «2» ، فخرج إلى الصيد، وهو معه، وأنا مع أبي. فانفرد أبي في يوم من الأيام، يبول، وأنا معه، فأعطاني دابّته،

فأمسكتها [وحوّلت وجهي عنه] «1» ، وجلس يبول، إذ جاء المتوكل يحرّك وحده، ويقصده، وقد انفرد عن الجيش، ليولع به. فلما قرب منه، قال له: من هذا الصبيّ الذي يمسك دابتك؟ قال: عبد أمير المؤمنين، ابني. قال: فلم قد حوّل وجهه عنك؟ [قال: فعنّ لأبي أن يتنادر، ولم يراع كون النادرة عليّ وعلى أمّي] «2» ، فقال: حوّل وجهه عنّي استحياء من كبر أيري. قال: فقلت أنا للخليفة: والله يا أمير المؤمنين، لو رأيت أير جدّي، لعلمت أنّ أيره عنده زرّ. فضحك المتوكل، وقال: يا أحمد، ابنك والله أطيب منك، فأحضره معك للندام «3» . فحضرت منذ ذلك اليوم، وصرت في الندماء.

143 المعتضد يلاعب ابن حمدون بالنرد

143 المعتضد يلاعب ابن حمدون بالنرد وحدّثني «1» ، وقال: حدّثني أبو جعفر «2» ، قال: حدّثني أبو محمد «3» ، قال: كنت قد حلفت، وعاهدت الله تعالى، أن لا أعتقد مالا من القمار، وأنّه لا يقع في يدي شيء منه، إلّا صرفته في ثمن شمع يحرق، أو نبيذ يشرب، أو جذر مغنيّة تسمع. قال: فجلست يوما ألاعب المعتضد «4» بالنرد، فقمرته سبعين ألف درهم. فنهض المعتضد يصلّي العصر، من قبل أن يأمر لي بها، وكان له ركوع طويل قبلها، فتشاغل به. وصلّيت أنا العصر فقط، فجلست أفكّر، وأندم على ما حلفت عليه، وقلت: كم عساي أشتري من هذه السبعين ألفا، شمعا، وشرابا، وكم أجذر؟ وما كانت هذه العجلة في اليمين، ولو لم أكن حلفت، كنت الآن [86 ب] قد اشتريت بها ضيعة. قال: وكانت اليمين بالطلاق، والعتاق، وصدقة الملك، والضيعة. وأغرقت في الفكر، والمعتضد يراني، وأنا لا أعلم. فلما سلّم من [77 ط] الركوع، سبّح، وقال لي: يا أبا عبد الله في أيّ شيء فكّرت؟

فقلت: خيرا يا مولاي. فقال: بحياتي أصدقني، فصدقته. فقال: وعندك أنّي أريد أن أعطيك سبعين ألفا في القمار؟ فقلت له: أفتضغو «1» ؟ قال: نعم، ضغوت، قم ولا تفكّر في هذا. قال: ودخل في صلاة العصر الفرض. قال: فلحقني غمّ أعظم من الأوّل، وفكر أشدّ منه، وندم على فوت المال، وقلت لم صدقته، وأخذت ألوم نفسي. قال: فلما فرغ من صلاته، وجلس، قال لي: يا أبا عبد الله، بحياتي أصدقني عن هذا الفكر الثاني. فلم أجد بدّا، فصدقته. فقال: أمّا القمار فقد فاتك، لأنّي قد ضغوت بك، ولكنّي أهب لك سبعين ألف درهم غير تلك، من مالي، فلا يكون عليّ إثم في دفعها، ولا عليك إثم في أخذها، وتخرج من يمينك، فتأخذها وتشتري بها ضيعة حلالا. فقبّلت يده، فأحضر المال، وأعطانيه، فأخذته، واعتقدت به ضيعة

144 المعتضد يسدد دين نديمه مرتين

144 المعتضد يسدد دين نديمه مرتين وحدّثني أبو محمد قال: حدّثني أبو جعفر، قال: حدّثني أبو محمد ابن حمدون، قال: كان عليّ دين ثقيل، مبلغه خمسة آلاف دينار، ولم يكن لي وجه قضائه، ولم تكن القضاة تعدي عليّ «1» ، لملازمتي المعتضد. فجلس المعتضد للمظالم بنفسه مجالس عدة، فتظلّم إليه منّي غرمائي. فأحضرني، وسألني عن الدين، فأقررت به عنده للقوم. ففكّر المعتضد في حبسي به لهم، فيبطل أنسه بي، ويتحدّث عنه إنّه بخل بقضاء دين نديم له، ورأى أن يلتزم المال. ثم قال للغرماء: المال عليّ، ووقّع لهم [به] «2» في الحال. فأخذوه، وانصرفوا. فلما خلونا، قال: يا عاضّ كذا «3» ، أيّ شيء كانت هذه المبادرة إلى الإقرار، ما قدرت أن تجحد، ولا أغرم أنا المال، ولا تحبس أنت؟ فقلت: لم أستحلّ ذلك، وكيف أجحد قوما في وجوههم، وقد أعطوني أموالهم؟ قال: ومضت على هذا مديدة، فأضقت، فاستدنت ألوفا أخرى دنانير، أقلّ من تلك، وطولبت بها، فدافعت، لأن دخلي لم يكن يفي بنفقتي، وما أقيم من المروءة، أكثر من قدر حالي، فما كان لي وجه أقضي منه الدين.

وجلس المعتضد للمظالم، فرفع إليه القوم، فأحضرني، وسألني، فأقررت، فوزن المال عنّي. ثم قال للقاضي الذي يلي حضرته: خذ هذا، فناد عليه في البلد بسفهه «1» في ماله، وعدمه «2» ، وإنّه لا يملك ما يباع عليه فيقضي به دينه، وإنّ من عامله [87 ب] بعد هذا فقد طوّح بماله. فاضطربت من ذلك. فقال: لا والله، لا جعلت أنت غرماءك كل يوم، حيلة على مالي. قال: فما نفعني معه شيء، حتى مضيت إلى دار القاضي وجلست معه في مجلسه، وهو يشيّع في الناس ذلك، ويجريه في وجهي، ولم يناد عليّ.

145 بين ابن المدبر وعريب

145 بين ابن المدبر وعريب حدّثني أبو محمد، قال: حدّثني أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي الكاتب، قال: أخبرني من أثق به، أنّ إبراهيم بن المدبّر «1» قال: كنت أتعشّق عريب «2» ، دهرا طويلا، وأنفقت [78 ط] عليها مالا جليلا «3» ، فلما قصدني الزمان، وتركت التصرّف، ولزمت البيت، كانت هي أيضا، قد أسنّت، وتابت من الغناء، وزمنت. فكنت جالسا يوما، إذ جاءني بوّابي، وقال: طيّار عريب بالباب، وهي فيه تستأذن. فعجبت من ذلك، وارتاح قلبي إليها، فقمت حتى نزلت إلى الشطّ، فإذا هي جالسة في طيّارها. فقلت: يا ستّي، كيف كان هذا. قالت: اشتقت إليك، وطال العهد، فأحببت أن أجدده، وأشرب عندك اليوم.

قلت: فاصعدي. قالت: حتى تجيء محفّتي. قال: فإذا بطيّار لطيف، قد جاء وفيه المحفّة، فأجلست فيها، وأصعد بها الخدم. وتحدّثنا ساعة، ثم قدّم الطعام، فأكلنا، وأحضر النبيذ، فشربت، وسقيتها فشربت، وأمرت جواريها بالغناء، وكان معها منهنّ عدّة، محسنات، طيّاب، حذّاق، فتغنّين أحسن غناء وأطيبه، فطربت وسررت. وقد كنت، قبل ذلك بأيّام، عملت شعرا، وأنا مولع في أكثر الأوقات بترديده، وإنشاده، وهو: إن كان ليلك نوما لا انقضاء له ... فإن جفني لا يثنى لتغميض كأنّ جنبي في الظلماء تقرضه ... على الحشيّة أطراف المقاريض أستودع الله من لا أستطيع له ... شكوى المحبّة إلّا بالمعاريض فقلت لها: يا ستّي، إنّي قد عملت أبياتا، أشتهي أن تصنعي فيها لحنا. فقالت: يا أبا إسحاق مع التوبة؟ قلت لها: فاحتالي في ذلك كيف شئت. فقالت: روّ هاتين الصبيّتين الشعر، وأومأت إلى بدعة وتحفة جاريتيها. فحفّظتهما الشعر، وفكّرت ساعة، ووقّعت بالمروحة على الأرض، وزمزمت مع نفسها، ثم قالت لهما: أصلحا الوتر الفلاني على الطريقة الفلانيّة، [وأضربا بالإصبع الفلانية، وافعلا كذا وكذا، إلى أن فتح لهما

الضرب، ثم قالت غنّياه على الطريقة الفلانيّة] «1» ، واجعلا في الموضع الفلاني كذا. فغنّتاه، كأنّهما قد سمعتاه قبل ذلك دفعات، وما خرج الغناء من بين شفتيها. [فطربت] «2» وقلت في نفسي: عريب تزورني [88 ب] وتلحّن شعري، وهي على كلّ حال مغنّية، وتنصرف من عندي صفرا؟ والله، لا كان هذا، ولو انّني متّ ضرا وجوعا وفقرا. فقمت إلى جواريّ، وشرحت الحال لهنّ، وقلت: عاونّني بما يحضركن، فدفعت إليّ هذه خلخالا، وهذه سوارا، وهذه عقد حبّ، وهذه جان «3» ، إلى أن اجتمع لي من حليهنّ ما قيمته ألف دينار. قال: واستدعيت زنبيلّا مشبّكا ذهبا كان عندي، فيه مائة مثقال، فجعلت ذلك فيه، وخرجت به إليها، وقلت: يا سيدتي، هذه طرف، أحببت إتحاف هاتين الصبيّتين بها، فأحبّ أن تأمريهما بأخذها. فامتنعت امتناعا ضعيفا، وقالت: يا أبا إسحاق، بيننا اليوم هذا، أو فضل فضل له؟ فقلت: لا بدّ. فقالت لهما: خذاه، فأخذتاه، وجلست إلى وقت المغرب. ثم قامت لتنصرف، فشيّعتها [79 ط] إلى دجلة. فلمّا أرادت الجلوس في طيّارها، قالت: يا أبا إسحاق لي حاجة. قلت: مري بأمرك.

قالت: قد ابتاعت فلانة، أمّ ولدك، ضيعة يقال لها كذا، وهي تجاورني، وأنا شفيعتها «1» ، وأريد أن تأمرها بأخذ المال منّي والنزول عنها لي. فعلمت أنّها إنّما جاءت لهذا السبب. فقلت: مكانك، فتوقّفت في الطيّار. فدخلت إلى أمّ ولدي وضمنت لها المال، وأخذت العهدة بالضيعة، فجئت بها إليها. وقلت: قد وهبتها لك، وضمنت المال لها، وفي غد أتقدّم بالأشهاد لك في ظهر الكتاب. فخذيه معك عاجلا. فشكرتني ومضت. وكان شراء الضيعة ألف دينار. فقام عليّ يومها، وتلحينها هذا الشعر بألفي دينار ومائة دينار.

146 الزجاج يدرس النحو على المبرد

146 الزجاج يدرس النحو على المبرّد حدّثني أبو الحسن بن الأزرق قال: حدّثني أبو محمد بن درستويه النحويّ «1» قال: حدّثني الزجّاج «2» ، قال: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو، فلزمت المبرّد «3» لتعلّمه، وكان لا يعلّم مجانا، ولا يعلّم بأجرة إلّا على قدرها. فقال لي: أيّ شيء صناعتك؟ قلت: أخرط الزجاج، وكسبي في كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي، وأنا أعطيك في كلّ يوم درهما، وأشرط لك أنّي أعطيك إيّاه أبدا، إلى أن يفرّق الموت بيننا، استغنيت عن التعليم أو احتجت إليه. قال: فلزمته، وكنت أخدمه في أموره، ومع ذاك أعطيه الدرهم،

فنصحني في التعليم، حتى استقللت. فجاءه كتاب من بني مارية «1» ، من الصراط، يلتمسون معلّما نحويّا لأولادهم، فقلت له: أسمني لهم، فأسماني، فخرجت إليهم، فكنت أعلّمهم، وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما، وأتفقّده بعد ذلك بما أقدر عليه. ومضت على ذلك مدّة، فطلب منه عبيد الله بن سليمان، مؤدّبا لابنه القاسم [89 ب] . فقال له: لا أعرف لك إلّا رجلا زجّاجا بالصراة «2» مع بني مارية. قال: فكتب إليهم عبيد الله فاستنز لهم عنّي، فنزلوا له. فأحضرني وأسلم القاسم إليّ، فكان ذلك، سبب غناي. وكنت أعطي المبرّد ذلك الدرهم في كلّ يوم، إلى أن مات، ولا أخليه من التفقّد معه بحسب طاقتي.

147 بيتان من نظم أبي محمد الشامي كاتب الأمير سيف الدولة

147 بيتان من نظم أبي محمد الشامي كاتب الأمير سيف الدولة حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد، وأبو الفرج الببغاء، قالا: أنشدنا أبو محمّد عبد الله بن محمد الشامي، كاتب سيف الدولة [لنفسه] «1» . وقالوا يعود الماء في النهر بعد ما ... عفت منه آثار «2» وسدّت مشارع «3» فقلت إلى أن يرجع الماء جاريا ... ويعشب جنباه تموت الضفادع

148 ليحيى بن محمد في مواهب المغنية

148 ليحيى بن محمد في مواهب المغنية وأنشدني أبو محمد «1» لنفسه في قينة ببغداد، مشهورة بالإحسان، تسمى مواهب «2» ، كانت جارية لأبي عليّ الحسن بن هارون الكاتب «3» ، باعها، فاشتراها أبو الفضل العباس بن الحسين «4» الوزير [الآن] «5» فلما تزوّج ابنة

الوزير أبي محمد المهلبي «1» ، زينة بنت الحسن «2» ، دفعها إلى أبي محمد، فأعتقها، وزوّجها غلاما من غلمانه يسمى غالب، ويعرف بالشار زادي» ، وهي [80 ط] الآن تخدم الأمير عزّ الدولة «4» بصناعتها: تمام الحجّ أن تقف الركائب ... على دار تحلّ بها مواهب ولولا أن يقال صبا لقلنا ... عجائب دون أيسرها عجائب

149 لأبي الفرج الببغاء في الأمير سيف الدولة

149 لأبي الفرج الببغاء في الأمير سيف الدولة أنشدني أبو الفرج الببغاء لنفسه، قصيدة له في سيف الدولة: أوّلها: سقت العهاد خليط ذاك المعهد ... ريّا وحيّا البرق برقة ثهمد في جحفل كالسيل أو كالليل أو ... كالقطر صافح موج بحر مزبد فكأنّما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلّة في الجلمد وكأنّ طرف الشمس مطروف وقد ... جعل الغبار له مكان الأثمد ووصف فيها اللواء فقال: ومملّك رقّ القنا مستخرج ... باللطف أسرار الرياح الرّكّد خرس يناجيها فتفهم نطقه ... وتجيبه أنفاسها بتصعّد قلق كأنّ الجوّ ضاق به فما ... ينفكّ بين توثّب وتهدّد وكأن همّة ربّه قالت له ... طل وارق في درج المعالي واصعد [وفيها يقول] «1» : إنّ المحامد رتبة لا يبلغ ... الإنسان راحتها إذا لم يجهد من لم تبلّغه السيادة «2» نفسه ... دون الأبوّة لم يكن بمسوّد [يقول في آخرها يصف القصيدة] «3» : حلل من المدح ارتضى لك لبسها ... شكري فأغرب مفرد في مفرد «4» لما نشرت عليك فاخر وشيها ... قالت لك العلياء أبل وجدّد

150 لأبي الفرج الببغاء يعزي الأمير سيف الدولة بولده أبي المكارم

150 لأبي الفرج الببغاء يعزّي الأمير سيف الدولة بولده أبي المكارم وأنشدني «1» لنفسه يعزّي سيف الدولة بابنه أبي المكارم «2» من قصيدة أوّلها: سرورنا بك فوق الهمّ بالنوب «3» ... فما يغالبنا حزن على طرب إذا تجاوزت الأقدار عنك فهل ... من واجب الشكر أن يرتاع من سبب حتّام تخدعنا الدنيا بزخرفها ... ولا تحصّلنا منه على أرب نسرّ منها بما تجني عواقبه ... همّا ونهرب والآجال في الطلب

151 سيف الدولة يقيم الفداء مع الروم على شاطىء الفرات

151 سيف الدولة يقيم الفداء مع الروم على شاطىء الفرات قال: وكان سيف الدولة أقام الفداء «1» بشاطئ الفرات في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، فأنفق عليه خمسمائة ألف دينار، وأخرج كلّ من قدر على إخراجه من أسارى المسلمين من بلد الروم، واشترى كل أسير بثلاثة وثمانين دينارا وثلث روميّة، من ضعاف الناس «2» ، فأمّا الجلّة ممّن كان أسيرا، ففادى بهم رؤساء كانوا عنده أسرى من الروم. وكانت الحال هائلة فيما أخبرني جماعة حضروا، يبقى فخرها وثوابها له. فقال أبو الفرج قصيدة في ذلك، أنشدنيها، أوّلها: ما المال إلّا ما أفاد ثناء ... ما العزّ إلّا ما حمى الأعداء [فقال فيها، في ذكر الفداء] «3» وفديت من أسر العدوّ معاشرا ... لولاك ما عرفوا الزمان فداء كانوا عبيد نداك ثم شريتهم ... فغدوا عبيدك نعمة وشراء والأسر إحدى الميتتين وطالما ... خلدوا به فأعدتهم أحياء [81 ط] وضمنت نفس أبي فراس للعلا ... إذ منه أصبحت النفوس براء ما كان إلا البدر طال سراره ... ثم انجلى وقد استتم بهاء يوم غدا فيه سماحك يعتق ... الأسراء منك ويأسر الأمراء

152 رأي أحد القضاة في الخليفة المقتدر

152 رأي أحد القضاة في الخليفة المقتدر جرى في مجلس أبي «1» يوما ذكر المقتدر بالله وأفعاله، فقال بعض الحضّار: كان جاهلا. فقال أبي: مه، فإنّه لم يكن كذلك، وما كان إلا جيّد العقل، صحيح الرأي، لكنّه كان مؤثرا للشهوات. ولقد سمعت أبا الحسن عليّ بن عيسى يقول، وقد جرى ذكره بحضرته في خلوة: ما هو إلّا أن يترك هذا الرجل النبيذ خمسة أيّام متتابعة، حتى يصحّ ذهنه، فأخاطب منه رجلا ما خاطبت أفضل منه، ولا أبصر بالرأي، وأعرف بالأمور، وأسدّ في التدبير، ولو قلت إنّه إذا ترك النبيذ هذه المدّة، في أصالة الرأي، وصحّة العقل كالمعتضد والمأمون، ومن أشبههما من الخلفاء، ما خشيت أن أقع بعيدا، وما يفسده غير متابعة الشرب، ولا يخبّله سواها.

153 المؤتمن أبو القاسم سلامة يتحدث عن صحة تفكير الخليفة المقتدر

153 المؤتمن أبو القاسم سلامة يتحدّث عن صحّة تفكير الخليفة المقتدر حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: سمعت المؤتمن أبا القاسم سلامة «1» ، أخا نجح الطولوني «2» ، يقول: اجتمع عليّ بن عيسى «3» وعليّ بن محمد الحواريّ «4» ، ونصر القشوري «5» ، وأنا معهم، على رأي عقدناه في بعض الأمور الكبار، التي حدثت في أيّام المقتدر. فلما صحّ الرأي عندنا، وتقرّر في أنفسنا دخلنا على المقتدر فعرضناه [91 ب] عليه، واستأذنّاه في إمضائه. فقال لنا: هذا خطأ في الرأي، والصواب كيت وكيت. ففكّرنا فيما قال، فوجدنا الصواب معه، وقد خفي علينا، فرجعنا عن رأينا لرأيه، وعملنا عليه.

154 حديث القاضي أبي طالب ابن البهلول مع الخليفة المقتدر

154 حديث القاضي أبي طالب ابن البهلول مع الخليفة المقتدر حدّثني أبو الحسن، قال حدّثني القاضي أبو طالب ابن البهلول «1» ، قال: حضرت في بعض أيّام المواكب، باب دار الخلافة، فوقفت في طيّاري، والقضاة في طيّاراتهم، والقوّاد، والكتّاب، نتوقّع الإذن. فاستدعيت وحدي من بين القضاة، فدخلت على المقتدر، فوجدت أبا عليّ بن مقلة، قائما بين يديه، وهو الوزير إذ ذاك. فقال لي المقتدر [بهذا اللفظ والإعراب] «2» : قد كان أبوك عضدا، وأنت بحمد الله، خلف منه، وقد ترى كلب غلماني هؤلاء عليّ، ومطالبتهم إيّاي بالأموال، ولو قد فقدوني لتمنّوا أيّامي، وقد عزمت على بيع ضياعي النمروديّات بالأهواز «3» ، فتكتب إلى خليفتك على القضاء بها، في الاجتماع مع أحمد بن محمد البريديّ «4» على بيع ذلك، والمعاونة فيه. فقلت: إذا كان الأمر من أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، بهذا الموضع من العناية، خرجت أنا فيه. فقال: لسنا نكلّفك ذلك، ولكن اكتب إلى خليفتك فيه. قال: فخرجت، وامتثلت أمره، وكاتبت أبا القاسم عليّ بن محمد

التنوخيّ «1» ، وكان يخلفني إذ ذاك، على كور الأهواز، وقصصت عليه ما جرى. ومضت الأيّام، وصرف ابن مقلة، بأبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد [82 ط] فأنفذ أبا الحسن بن الحرث صاحبه إلى الأهواز، صارفا للبريديّ، فزاد على من كان اشترى الضياع مالا عظيما. وكتب أليّ أبو القاسم التنوخي «2» ، إنّه «3» قد استثنى من المال بجملة عظيمة لنفسه، وخنسها «4» . وكانت في نفسي على ابن الحرث موجدة، فأسررت ذلك في نفسي. وانحدرت في يوم موكب على رسمي، وكنّا في طيّاراتنا، إذ خرج خلفاء «5» الحجّاب يطلبونني وحدي. فصعدت، والقضاة كلهم محجوبون، فدخلت على المقتدر، وبحضرته سليمان «6» ، وعليّ بن عيسى، وكان يسدّده، ويصل معه، ويخاطب ويتخاطب على الأمور. فقال لي المقتدر: قد أحمدنا ما كان من خليفتك على القضاء بالأهواز، فيما كنّا تقدمنا به في أمر النيرمذيات «7» ، وقد كتب ابن الحرث إنّه قد زاد على المبتاعين زيادة قبلوها، وامتنعوا عن أدائها إلّا بعد أن أقول بلساني

إنّي قد أمضيت البيع، وإنّي لا أقبل بعدها زيادة، ولا أفعل هذا، فاكتب إلى خليفتك بأنّي قد قلت ذلك، وأن يسجّل لهم بما ابتاعوه. فأردت أذيّة ابن الحرث [92 ب] فقلت يحتاج في المكاتبة إلى ذكر مبلغ الزيادة. فالتفت، فنظر إلى عليّ بن عيسى نظر منكر، فرأيته يرتعد، وقال له: مبلغ الزيادة كذا وكذا. فقال لي: اكتب إلى خليفتك، بأنّها كذا وكذا. فدعوت له، وانصرفت. فلما ولّيت، ثقّلت في مشيتي لأسمع ما يجري، فسمعته يقول لعليّ بن عيسى: أيّ شيء أقبح من هذا؟ كأنّه أنكر لم لم يعرف مبلغ الزيادة أوّلا، فيذكرها لي من غير أن أحتاج إلى استدعاء علمها منه. قال: وكرّر الإنكار، قال: أيّ شيء أقبح من هذا؟ وأخرج عن الأدب فيه؟ تحقّقا برسم الملوك في أن يتكلّموا هم بجميع ما يحتاج إليه، في جميع الأمور، من غير تقصير يحوج المخاطب إلى مطالبتهم بالزيادة في البيان. وأومأ في آخر كلامه، إلى أنّي إن ذكرت ذلك عنه للناس، غضّ منه، ومن الملك. فسمعت عليّ بن عيسى، يقول له: يا أمير المؤمنين، هذا خادمك، وابن خادمك، وغذيّ نعمتك، ونشو دولتك، ليس مثله من ظنّ به هذا.

155 الخليفة المعتضد يتنبأ بأن ضياع الدولة يجري على يد ولده المقتدر

155 الخليفة المعتضد يتنبأ بأن ضياع الدولة يجري على يد ولده المقتدر حدّثني أبو عليّ الحسن بن محمد الأنباري الكاتب [قال: سمعت دلويه الكاتب] «1» ، يحكي عن صافي الحرمي الخادم «2» ، مولى المعتضد، إنّه قال: مشيت يوما بين يدي المعتضد، وهو يريد دور الحرم، فلما بلغ إلى باب دار شغب أمّ المقتدر، وقف يتسمّع ويطّلع من خلل الستر، فإذا هو بالمقتدر، وله إذ ذاك خمس سنين أو نحوها، وهو جالس وحواليه مقدار عشر وصائف من أقرانه «3» في السنّ، وبين يديه طبق فضّة، فيه عنقود عنب، في وقت فيه العنب عزيز جدا، والصبيّ يأكل عنبة واحدة، ثم يطعم الجماعة عنبة عنبة، على الدور، حتى إذا بلغ الدور إليه أكل واحدة مثلما أكلوا، حتى فني العنقود، والمعتضد يتمزّق غيظا. قال: فرجع، ولم يدخل الدار، ورأيته مهموما. فقلت: يا مولاي، ما سبب ما [83 ط] فعلته؟ وما قد بان عليك؟ فقال: يا صافي، والله لولا النار والعار، لقتلت هذا الصبيّ اليوم، فإنّ في قتله صلاحا للأمّة.

فقلت: يا مولاي، حاشاه، أيّ شيء عمل؟ أعيذك بالله يا مولاي، إلعن إبليس. فقال: ويحك، أنا أبصر بما أقوله، أنا رجل قد سست الأمور، وأصلحت الدنيا بعد فساد شديد، ولا بدّ من موتي، وأعلم أن الناس بعد موتي لا يختارون إلّا ولدي، وأنهم سيجلسون ابني عليّا- يعني المكتفي «1» - وما أظن عمره يطول، للعلّة التي به، قال صافي، يعني الخنازير التي كانت في حلقه، فيتلف عن قريب، ولا يرى الناس إخراجها عن ولدي، ولا يجدون بعده منهم أكبر من جعفر، فيجلسونه وهو صبيّ، وله من الطبع في السخاء، هذا الذي قد رأيت من أنّه أطعم الصبيان مثلما أكل، وساوى بينه وبينهم، في شيء عزيز في [93 ب] العالم، والشحّ على مثله في طباع الصبيان، فتحتوي عليه النساء، لقرب عهده بهنّ، فيقسم ما جمعته من الأموال، كما قسم العنب، ويبذّر ارتفاع الدنيا ويخربها، فتضيع الثغور، وتنتشر الأمور وتخرج الخوارج، وتحدث الأسباب التي يكون فيها زوال الملك عن بني العباس أصلا. فقلت: يا مولاي بل يبقيك الله، حتى ينشأ في حياتك، ويصير كهلا في أيّامك، ويتأدّب بآدابك، ويتخلّق بخلقك، ولا يكون هذا الذي ظننت. فقال: احفظ عنّي ما أقوله، فإنّه كما قلت. قال: ومكث يومه مهموما. وضرب الدهر ضربه، ومات المعتضد، وولي المكتفي، فلم يطل

عمره، ومات، وولي المقتدر، [فكانت الصورة] «1» كما قال المعتضد بعينها. فكنت كلما وقفت على رأس المقتدر وهو يشرب، ورأيته قد سكر ودعا بالأموال، فأخرجت إليه، وحلّت البدر «2» ، وجعل يفرّقها على الجواري والنساء، ويلعب بها، ويمحقها، ويهبها، ذكرت مولاي المعتضد، وبكيت. قال: وقال صافي: كنت يوما واقفا على رأس المعتضد، فأراد أن يتطيّب، فقال: هاتم فلانا الطّيبيّ،- خادم يلي خزانة الطيب- فأحضر. فقال له: كم عندك من الغالية؟ فقال: نيّف وثلاثون حبّا «3» صينيّا، مما عمله عدّة من الخلفاء. فقال: فأيّها أطيب؟ قال: ما عمله الواثق «4» . قال: أحضرنيه. فأحضره حبّا عظيما، يحمله خدم عدّة، بدهق ومصقلة «5» ففتح، فإذا الغالية قد ابيضّت من التعشيب، وجمدت من العتق، في نهاية الذكاء. فأعجبت المعتضد، وأهوى بيده إلى حوالي عنق الحبّ، فأخذ من

لطاخته شيئا يسيرا، من غير أن يشعّث رأس الحب، وجعله في لحيته، وقال: ما تسمح نفسي بتطريق التشعيث على هذا الحب، شيلوه «1» ، فرفع. ومضت الأيّام، فجلس المكتفي للشرب يوما، وهو خليفة، وأنا قائم على رأسه، فطلب غالية، فاستدعى الخادم، وسأله عن الغوالي، فأخبره بمثل ما كان [84 ط] أخبر به أباه. فاستدعى غالية الواثق، فجاءه بالحبّ بعينه، ففتح، فاستطابه، وقال: أخرجوا منه قليلا، فأخرج منه مقدار ثلاثين [أو أربعين] «2» مثقالا، فاستعمل منه في الحال ما أراده، ودعا بعتيدة «3» له، فجعل الباقي فيها، ليستعمله على الأيّام. وولي المقتدر الخلافة، وجلس مع الجواري يشرب يوما وكنت على رأسه، فأراد أن يتطيّب، فاستدعى الخادم، وسأله، فأخبره بمثل ما أخبر به أباه وأخاه. فقال: هات الغوالي كلّها، [فأحضرت [94 ب] الحباب كلّها] «4» ، فجعل يخرج من كل حبّ، مائة مثقال، وخمسين، وأقلّ، وأكثر، فيشمّه «5» ويفرّقه على من بحضرته، حتى انتهى إلى حبّ الواثق، فاستطابه. فقال: هاتم عتيدة، فجاءوه بعتيدة، وكانت عتيدة المكتفي بعينها، ورأى الحبّ ناقصا، والعتيدة فيها قدح الغالية، ما استعمل منه كثير شيء.

فقال: ما السبب في هذا؟ فاخبرته بالخبر على شرحه، فأخذ يعجب من بخل الرجلين، ويضع منهما بذلك. ثم قال: فرّقوا الحب بأسره على الجواري، فما زال يخرج منها أرطالا، وأنا أتمزّق غيظا، وأذكر حديث العنب، وكلام مولاي المعتضد، إلى أن مضى قريب من نصف الحبّ. فقلت له: يا مولاي، إنّ هذه الغالية أطيب الغوالي وأعتقها، ولا يعتاض منها، فلو تركت منها لنفسك، وفرّقت الباقي من غيرها كان أولى. قال: وجرت دموعي لما ذكرته من كلام المعتضد، فاستحى مني، ورفع الحبّ. فما مضت إلّا سنتين من خلافته، حتى فنيت تلك الغوالي، واحتاج إلى أن عجن غالية بمال عظيم.

156 يقال إن جميع الغوالي استعملت في الوحل الذي عملته السيدة أم المقتدر

156 يقال إن جميع الغوالي استعملت في الوحل الذي عملته السيّدة أمّ المقتدر أخبرني غير أبي عليّ «1» : إنّ تلك الغوالي كلّها، وما كان في الخزائن من المسوك والعنابر، استعمل كلّه في الوحل «2» الذي كانت السيّدة عملته. وخبر الوحل مستفيض على ألسنة العوامّ، فلا وجه للإطالة بذكره. ورأيت، أهل العلم والخبرة بأمور الخلافة وأخبارها، يكذّبون بذلك تكذيبا شديدا، فلم أورده لهذا السبب.

157 أنموذج من إسراف السيدة أم المقتدر

157 أنموذج من إسراف السيدة أم المقتدر حدّثني أبو الحسن البرسي، العامل بالبصرة، إن بعض بني إسحاق الشيرازي المعروف بالخرقيّ، ممن كان يعامل أمّ المقتدر، أسماه هو وأنسيته أنا، حدّثه: إنّها طلبت منه في يوم يقرب من نيروز المعتضد «1» ، ألف شقّة زهريّة خفافا جدا. قال: فبعثت «2» في جمعها، والرسل تكدّني بالاستعجال، والقهارمة يستبطؤوني، حتى تكاملت، وصرت بها إلى الدار. فخرجت القهرمانة، فقالت: اجلس في الحجرة التي برسمك، واستدع الخيّاطين، وتقدّم أن يقطعوا ذلك أزرارا على قدر حبّ القطن، [ويحشونها من الخرق، ويخيطونها، ليجعل بدل حبّ القطن] «3» ويشرّب دهن البلسان، وغيره من الأدهان الطيّبة الفاخرة، وتوقد في المجامر [85 ط] البرام «4» على رؤوس الحيطان ليلة النيروز بدلا من حبّ القطن

والنفط «1» والمجامر الطين. ففعلت ذلك، ومضت تلك الثياب الكثيرة الأثمان في هذا. قال، وقال لي: كنت أشتري لها ثيابا دبيقيّة، يسمونها [95 ب] ثياب النعال. وذلك إنها كانت صفاقا، تقطع على مقدار النعال المحذوّة، وتطلى بالمسك والعنبر المذاب، وتجمّد، ويجعل بين كل طبقتين من الثياب، من ذلك الطيب ما له قوام، ونحن نفعل بطاقات كثيرة كذا، وتلفّ بعضها على بعض، ثم تصمّغ حواليها بشيء من العنبر، وتلزق حتى تصير كأنّها قطعة واحدة، وتجعل الطبقة الأوّلة بيضاء مصقولة، وتخرز حواليها بالإبريسم، ونجعل لها شركا «2» ، من إبريسم كلّها، كالشّرك المضفورة من الجلود، وتلبس. قال: وكانت نعال السيّدة من هذا المتاع، لا تلبس النعل إلّا عشرة أيام، أو حواليها، حتى تخلق، وتتفتّت، وتذهب جملة دنانير في ثمنها، وترمى. فيأخذها الخزّان، أو غيرهم، فيستخرجون من ذلك العنبر والمسك فيأخذونه. [وهو يساوي جملة دنانير] «3»

158 أنموذج من إسراف الخليفة المقتدر

158 أنموذج من إسراف الخليفة المقتدر أخبرني أبو القاسم الجهنيّ: إنّ المقتدر أراد الشرب على نرجس في بستان لطيف، في صحن دار من صغار صحونه. فقال بعض من يلي أمر البستان: سبيل هذا النرجس أن يسمّد قبل شرب الخليفة عليه بأيّام، فيحسن ويقوى. فقال هو: ويلك، يستعمل الخرء في شيء بحضرتي وأريد أن أشمّه؟ قال: بهذا جرت العادة في كل ما يراد تقويته من الزروع. فقال: وما العلّة في ذلك؟ قال: لأنّ السماد يحميه، فيعينه على النبات والخروج. قال: فنحن نحميه بغير السماد، وتقدّم، فسحق من المسك بمقدار ما احتاج إليه البستان من السماد، وسمّد به. وجلس يشرب عليه يومه وليلته، واصطبح من غده عليه، فلما قام، أمر بنهبه. فانتهب البستانبانون «1» والخدم، ذلك المسك كله من أصول النرجس، واقتلعوه مع طينه، حتى خلّصوا المسك، فصار البستان قاعا صفصفا. وخرج من المال شيء عظيم في ثمن ذلك المسك.

159 أنموذج من إسراف الخليفة الراضي

159 أنموذج من إسراف الخليفة الراضي حدّثني أبو إسحاق الطبريّ «1» ، غلام أبي عمر الزاهد «2» ، غلام ثعلب «3» ، وكان منقطعا إلى بني حمدون، قال: حدّثني أبو جعفر بن حمدون، قال: كنّا نشرب مع الراضي بالله يوما، في مجلس مغمّى «4» بالفاكهة الحسنة الفاخرة. فغرض «5» من الجلوس فيه، فقال: افرشوا لنا المجلس الفلانيّ، واطرحوا فيه ريحانا ونيلوفر فقط، طرحا فوق الحصر، بلا أطباق، ولا تعبية في مشامّ، كما تفعل العامّة، وعجّلوا ذلك الساعة، لننتقل إليه. قال: فلم تكن إلّا لحظة، حتى قالوا له: قد فرغنا من ذلك. فقال لنا: قوموا، فقمنا معه. فلما رأى المجلس، قال للشرابيّة: غيّروا لون هذا الريحان بشيء من الكافور يسحق ويطرح فوقه، فليس [96 ب] هو مليح هكذا.

قال: فأقبلوا يجيئون بصواني الذهب، وفيها [86 ط] الكافور الرباحي «1» المسحوق أرطالا، ويطرح فوق الريحان، وهو يستزيدهم، إلى أن صار الريحان كالمغطّى ببياض الكافور، وكأنّه ثوب أخضر، قد ندف عليه قطن رقيق، أو روضة سقط عليها ضرائب «2» الثلج. فقال حينئذ: حسبكم. قال: فقدّرت ما استعمل من الكافور، كان أكثر من ألف مثقال بشيء كثير. فشربنا عليه معه، فلمّا قام، أمر بنهبه. فأخذ غلماني منه مثاقيل كثيرة، لأنّهم كانوا في جملة الخدم والفرّاشين والغلمان الذين نهبوا ذلك.

160 الراضي يأمر لكل واحد من ندمائه بوزن الآجرة دراهم

160 الراضي يأمر لكلّ واحد من ندمائه بوزن الآجرّة دراهم سمعت أبا بكر محمّد بن يحيى الصولي «1» ، وأنا إذ ذاك في حدّ الصبيان، يحكي لأبي، حكاية طويلة عن الراضي، فيها شعر له، وقصّة، لم تعلق بذهني «2» كلّها في الحال، لصغري عن ذلك. فسأله أبي أن يمليها، فأملاها على صاحب لأبي كان جالسا بحضرته، وكتبها على ظهر جزء كان قد قرأه عليه، فيه أشعار وأخبار غير ذلك، هو باق عندي، وحصّلت منها ما بقي في حفظي: إنّه دخل إلى الراضي، وهو يبني شيئا، أو يهدم شيئا- أنا الشاكّ- فأنشده أبياتا، وكان الراضي جالسا على آجرّة حيال الصنّاع. قال: كنت أنا وجماعة من الندماء «3» قيام، فأمر بالجلوس بحضرته، فأخذ كلّ واحد منّا آجرة، فجلس عليها. واتّفق أنّي أخذت آجرتين ملتزقتين بشيء من اسفيداج، فجلست عليهما.

فلمّا قمنا، أمر بأن توزن جرة كلّ واحد منا، ويدفع إليه بوزنها دراهم، أو دنانير- الشكّ مني-. قال: فتضاعفت جائزتي على جوائز الحاضرين، بتضاعف وزن آجرّتي على آجرّهم. حدّثني عليّ بن الحسن الحاجيّ «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسن العروضيّ، معلّم الراضي [ونديمه] «2» بهذا الحديث، فذكر مثله، ولم يذكر تضاعف جائزة الصولي، إلّا أنّه قال: كنت أنا وجماعة الندماء.

161 ختم الراضي الخلفاء في أمور عدة

161 ختم الراضي الخلفاء في أمور عدّة وللراضي فضائل كثيرة، وقد ختم الخلفاء في أمور عدّة، منها: انّه آخر خليفة له شعر. وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش، والأموال. [وآخر خليفة بنى] «1» . وآخر خليفة خطب على منبر في يوم جمعة. وآخر خليفة جالس الجلساء، ووصل إليه الندماء. وآخر خليفة كانت نفقته، وجوائزه، وعطاياه، وخدمته، وجراياته، وخزائنه، ومطابخه، وشرابه، ومجالسه، وخدمه، وحجّابه، وأموره، جارية على ترتيب الخلافة الأولى. وآخر خليفة سافر بزيّ الخلفاء القدماء. وقد سافر بعده المتّقي، وسافر المطيع غير سفر، ولكن ليس [97 ب] كذلك.

162 أنموذج من إسراف المتوكل

162 أنموذج من إسراف المتوكل حدّثني أبو القاسم الجهنيّ، قال: حدثني أبو محمد بن حمدون، عن أبيه: إن المتوكّل اشتهى أن يجعل كلّ ما تقع عليه عينه، في يوم من أيّام شربه، أصفر. فنصبت له قبّة صندل مذهبّة، مجلّلة بديباج أصفر، مفروشة بديباج أصفر. وجعل بين يديه الدستنبو «1» والأترج الأصفر، وشراب أصفر في صواني ذهب. ولم يحضر من جواريه إلّا الصفر، عليهن ثياب قصب «2» [87 ط] صفر. وكانت القبّة منصوبة على بركة مرصّصة يجري فيها الماء، فأمر أن يجعل في مجاري الماء إليها الزعفران على قدر، ليصفرّ الماء ويجري من البركة، ففعل ذلك. وطال [جلوسه] «3» وشربه، فنفد ما كان عندهم من الزعفران «4» ، فاستعملوا العصفر «5» ، ولم يقدّروا أنّه ينفد قبل سكره، فيشترون منه، فنفد.

فلما لم يبق إلا قليل، عرفوه، وخافوا أن يغضب إن انقطع، ولا يمكّنهم قصر الوقت من شري ذلك من السوق. فلما أخبروه أنكر لم لم يشتروا أمرا عظيما، وقال: الآن إن انقطع هذا تنغّص يومي فخذوا الثياب المعصفرة القصب، فانقعوها في مجرى الماء ليصبغ لونه بما فيها من الصبغ، ففعل ذلك. ووافق سكره مع نفاد كلّ ما كان في الخزائن من هذه الثياب. فحسب ما لزم على ذلك الزعفران والعصفر، وثمن الثياب التي هلكت، فكان [قدر جميعه] «1» خمسين ألف دينار. ويشبه هذا ما أخبرنا به الجمّ الغفير: إنّ الحسن بن سهل «2» ، لما زفّ ابنته بوران «3» إلى المأمون، بفم الصلح «4» ، انقطع بهم الحطب في المطبخ يوم العرس، أحوج ما كانوا إليه، فعرّفوه ذلك.

163 الوزير المهلبي يشتري لمجلس شرابه وردا بألف دينار

فأمر بالخيش «1» ، فصب عليها الزيت وغيره من الأدهان حتى تشرّبها، وأمر بإيقاده تحت القدور، وبثّ الرسل في طلب الحطب. فاستعمل «2» من ذلك الخيش شيء كثير إلى أن حمل الحطب. 163 الوزير المهلبيّ يشتري لمجلس شرابه وردا بألف دينار وشاهدنا نحن، أبا محمد المهلبيّ في وزارته، وقد اشترى في ثلاثة أيّام متتابعة، وردا بألف دينار، فطرح في بركة عظيمة كانت له في دار كبيرة، تعرف بدار البركة، وشرب عليه، ونهب. وكان في البركة فوّارة حسنة، فطرح الورد فيها، وفرشه في مجالسه. وكان لذلك شرح طويل.

164 أبو القاسم البريدي يشرب على ورد بعشرين ألف درهم

164 أبو القاسم البريدي يشرب على ورد بعشرين ألف درهم وشرب أبو القاسم بن أبي عبد الله البريديّ «1» ، بالبصرة، على ورد بعشرين ألف درهم، في يوم واحد، على رخصه هناك، واسترخاص السلطان لما يشتهيه، وطرح فيه عشرين ألف درهم خفافا، وزنها عشرة آلاف درهم، وشيئا كثيرا من قطع الندّ المثاقيل اللطاف، وقطع الكافور اللطاف، والتماثيل، ولعب به [98 ب] شاذكلى «2» ، وانتهب الفرّاشون الورد، مع ما فيه من الدراهم والطيب. وقيل إنّ ذلك المجلس قام عليه بثلاثة آلاف دينار مع جذور المغنّيات، وثمن الطيب، وما أنفق على المائدة، والشراب، والثلج، ذلك اليوم. أخبر بهذا أبو العباس النخّاس المعروف بالشامي، في الوقت، وأنا أسمع، وأرانا من الدراهم شيئا، وذكر إنّه انتهبها مع الغلمان.

165 كان أبو العباس الشامي نخاسا فأصبح قوادا

165 كان أبو العباس الشامي نخاسا فأصبح قوّادا وكان هذا الشاميّ «1» أمّة وحده في مذهبه، فإنّه كان يصحب أبا عبد الله البريدي، على طريق التنخّس، ويشتري الجواري السواذج «2» والمغنّيات فيبيعهنّ عليه. فربما كره جارية فردّها عليه، وما دار بينهما ميزان. ثم اتّسع [88 ط] ذلك الباب لأبي العبّاس، فصار يستعمله مع الكافّة، ثم تجاوزه إلى بذل قيان له، وإخراجهنّ بحضرته، وأن يمازحهنّ، ويلاعبهنّ الرجال، ولا ينكر ذلك. وربما تجاوزوا هذا إلى غيره، ولا ينكر، ويجتعل «3» عليه- فيما بلغني- من وجوه كثيرة.

166 أبو العباس الشامي النخاس كان صفعانا طيبا

166 أبو العباس الشامي النخاس كان صفعانا طيّبا وكان «1» ، مع هذا، صفعانا طيّبا. فمن ذلك: إنّه دخل يوما على أبي يوسف البريديّ «2» ، فصفعه بمخدّة ديباج حسنة مثمنة. فأخذها الشامي، وعدا، ليسلّمها إلى غلامه، فيحملها إلى بيته. فقال له أبو يوسف: قد أخذتها! ويلك. قال: فأردّها أطال الله بقاء سيدنا من حيث جاءت، ولا آخذها؟ فقال: لا يا ماصّ كذا، خذها، لا بورك لك فيها. فدفعها إلى غلامه.

167 أبو العباس الشامي النخاس يطلب من القاضي قبوله للشهادة

167 أبو العباس الشامي النخاس يطلب من القاضي قبوله للشهادة ومنها: إنّه «1» كان مشهورا بالقيادة، وكان يعادي بزّازا بالبصرة، يعرف بالآدمي. فبلغه أن القاضي جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، عمل على قبوله «2» ، وما كان لذلك أصل، وإنّما كان إرجافا. فجاء إليه، وكان منبسطا عليه بالمزاح، لمعرفته به. فقال له: أيها القاضي، إن رأيت أن تقبل شهادتي. فقال له القاضي: ما بلغ الأمر إلى قبول مثلك، فأيّ شيء دعاك إلى هذا، يا أبا العبّاس؟ ومازحه. قال: بلغني أنّك تريد أن تقبل الآدمي، وأنا وهو [جميعا] «3» : كنا نقود على البريديّ، فاقبلني أنا أيضا. فضحك وقال: لا لك أقبل، ولا له.

168 الوزير المهلبي والشامي النخاس

168 الوزير المهلبيّ والشامي النخاس وجاء «1» إلى الأهواز، بجارية له مغنّية، إلى أبي محمد المهلّبيّ، وكنت بالأهواز. وحدّثني بهذا الخبر جماعة ممّن شاهدوه من ندمائه. فغنّت له، وكانت تجلس عنده للغناء، وهو غير حاضر، دفعات كثيرة. فقال له المهلّبيّ يوما، وقد جرى بحضرته ذكر الجماع، فأخذ الشاميّ يخبر عن نفسه، بالعجز عنه، لأنّه كان قد نيّف على «2» الثمانين. فقال له المهلبيّ: فجاريتك يا أبا العباس حبلى، فمن أين هذا الحبل؟ فقال: [99 ب] يا سيّدي إذا ولدت، سمّيت ابنها العبّاس بن الحسن «3» ، يعرّض بأنّه ابن وزير، يصلح للوزارة، وإنّه ابنك. فضحك والجماعة منه.

169 أبو مخلد يستولي على دست مجلس معز الدولة

169 أبو مخلد يستولي على دست مجلس معزّ الدولة أخبرنا أبو عليّ أحمد بن موسى حمولي «1» ، صاحب معزّ الدولة، قال: كنّا يوما قياما. بحضرة مولانا الأمير- يعني معزّ الدولة- فدخل إليه أبو مخلد «2» ، فرأى تحته دست ديباج جديد، حسن جدا، قد استعمله «3» بتستر، وقام عليه بألفي دينار. فقال له: أيّها الأمير، تنحّ عن الدست، فإنّ عليه شيئا. فلم يفهم الأمير مراده، وتزحزح عن دسته، فجذبه، وحمل جزءا منه على كتفه «4» ، وقام. فقال له الأمير: يا بغّاء «5» - بكلام الديلم- إلى أين؟ قال: إلى طيّاري أنقل هذا الدست إليه أولا أولا كما ترى، ومن يعارضني؟ أو يجسر على ذلك؟ قال: فضحك الأمير، وقال: ما يعارضك أحد. قال: فنقل، يشهد الله، الدست بآلته كاملا، على ظهره، إلى طيّاره وأنا أراه، حتى أخذه جميعه.

170 أبو مخلد يستولي على طنفسة رآها في مجلس الخليفة المطيع

170 أبو مخلد يستولي على طنفسة رآها في مجلس الخليفة المطيع وكانت لأبي مخلد، مروءة عظيمة، وشهوة للفرش خاصة. فدخل يوما إلى أمير المؤمنين، المطيع لله، فرأى في المجلس طنفسة «1» عظيمة خليفيّة من [89 ط] خز ورقم أصفر «2» ، فلما رآها تحيّر. فقال لأبي أحمد الشيرازيّ، كاتبه «3» : أريد أن أعمل بهذه، كما عملت بدست «4» معزّ الدولة، وكان قد اشتهر خبره في نقل الدست على ظهره. فقال له أبو أحمد: مثل هذا لا يجوز أن يفعل بحضرة الخليفة، لأن الهزل لا يستعمل مع هؤلاء، وخاصة هذا مجلس عام، ولكن أنا أعيد استحسانك لها، وأستوهبها لك منه. فلما تقوّض الموكب، خرج أبو أحمد، فوجده جالسا في الدهليز. فقال: ما هذا أيها الشيخ؟ قال: ترجع، وتعرّف مولانا، أنّي لا أبرح، والله، إلا بالطّنفسة، وإنّما قبلت رأيك فوقّرته «5» ، وإلّا كنت قد أخذتها كما أخذت الدست.

171 ابن دية الأنماطي يقوم ثمن قسم من فرش أبي مخلد بمائتي ألف دينار

فرجع أبو أحمد، وأخبره «1» ، الخبر على شرحه، فأمر بحملها إلى طيّاره. فحملت معه، ثم انصرف. أخبرني أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازيّ بذلك. 171 ابن دية الأنماطي يقوّم ثمن قسم من فرش أبي مخلد بمائتي ألف دينار وسمعت ابن دية الأنماطي، وهو رئيس هذه الصناعة «2» ببغداد، ومن لم يشاهد أحد بها من المتاع ما شاهده، يخبر في مجلس حافل، إنّه شاهد لأبي مخلد فرشا أخرجه إليه ليقوّمه له. قال: فقوّمته له، قيما استرخصتها جدّا، فبلغت القيمة مائتي ألف دينار، ولا أدري ذلك فرشه كلّه، أو له شيء آخر من الفرش سواه.

172 الشيخ الخياط وأذانه في غير وقت الأذان

172 الشيخ الخياط وأذانه في غير وقت الأذان حدّثني القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد [100 ب] الهاشميّ القاضي: إنّ شيخا من التجّار، كان له على بعض القوّاد مال جليل، يماطله به. قال: فعملت على الظلامة إلى المعتضد، لأنّي كنت إذا جئت إلى القائد حجبني، واستخفّ بي غلمانه. وكنت إذا تحمّلت عليه، فاستشفعت، لم ينجع فيه. وتظلمت إلى عبيد الله بن سليمان «1» منه، فما نفعني. فقال لي بعض إخواني: عليّ أن آخذ لك المال، ولا تحتاج إلى الظلامة إلى الخليفة [ولا إلى غيره] «2» ، فقم معي الساعة. قال: فقمت معه، فجاء بي إلى خيّاط في سوق الثلاثاء «3» ، شيخ، وهو جالس يخيط، ويقرىء في المسجد، فقصّ عليه قصّتي، وسأله أن يقصد القائد فيسأله إزاحة علّتي، وكانت داره قريبة من موضع الخيّاط «4» ، فقام معنا.

فلما مشينا تأخّرت، وقلت لصديقي: إنّك قد عرّضت هذا الشيخ، ونفسك، وإيّاي، إلى مكروه غليظ، هذا إذا حصل على باب الرجل، صفع، وصفعنا معه، فإنّه لم يلتفت لشفاعة فلان وفلان، ولم يفكّر في الوزير، يفكّر في هذا؟ فضحك الرجل، وقال: لا عليك، امش واسكت. فجئنا إلى باب القائد، فحين رأى غلمانه الخيّاط أعظموه، وأهووا ليقبّلوا يده، فمنعهم. وقالوا: ما جاء بك يا شيخ؟ فإنّ صاحبنا راكب، فإن كان أمر نعمله نحن بادرنا إليه، وإلّا فادخل واجلس حتى يجيء. فقويت نفسي بذلك، فدخلنا، وجلسنا. وجاء الرجل، فلما رأى الخيّاط، أعظمه إعظاما تامّا، وقال: لست أنزع ثيابي، أو تأمر بأمرك. فخاطبه في أمري. فقال: والله، ما عندي إلّا [90 ط] خمسة آلاف درهم، فسله أن يأخذها، ورهنا من مراكبي الفضّة والذهب، إلى شهر، [لأعطيه] «1» . فبادرت أنا إلى الإجابة، فأحضر الدراهم، والمراكب بقيمة الباقي، فقبضت ذلك. وأشهدت الخيّاط وصديقي عليه، بأنّ الرهن عندي، إلى شهر على البقيّة، فإن جاز الأجل، فأنا وكيل ببيعه، وأخذ مالي من ثمنه، فأشهدتهما على ذلك، وخرجنا. فلما بلغنا إلى موضع الخيّاط، طرحت المال بين يديه، وقلت: يا شيخ،

إنّ الله قد ردّ عليّ هذا بك، فأحبّ أن تأخذ ربعه، أو ثلثه، أو نصفه، بطيب من قلبي. فقال: يا هذا، ما أسرع ما كافأتني على فعل الجميل بالقبيح، انصرف بمالك، بارك الله لك فيه. فقلت: قد بقيت لي حاجة. فقال: قل. قلت: تخبرني عن سبب طاعة هذا لك، مع تهاونه بأكابر أهل الدولة. فقال: يا هذا قد بلغت مرادك، [وأخذت مالك] «1» فلا تقطعني عن شغلي، وما أعيش منه. فألححت عليه. فقال: أنا رجل أؤمّ، وأقرىء في هذا المسجد، منذ أربعين سنة، ومعاشي [101 ب] من هذه الخياطة، لا أعرف غير هذا. وكنت منذ دهر، قد صلّيت المغرب، وخرجت أريد منزلي، فاجتزت بتركيّ كان في هذه الدار، فإذا قد اجتازت امرأة جميلة الوجه عليه، فتعلّق بها وهو سكران، ليدخلها داره، وهي ممتنعة تستغيث، وليس أحد يغيثها، وتصيح، ولا يمنعها منه أحد «2» ، وتقول في جملة كلامها: إنّ زوجي قد حلف بطلاقي أن لا أبيت عنه، فإن بيّتني هذا، أخرب بيي، مع ما يرتكبه منّي من المعصية، ويلحقه بي من العار. قال: فجئت إلى التركيّ، ورفقت به، وسألته تركها، فضرب رأسي

بدبّوس كان في يده. فشجّني «1» ، وآلمني «2» ، وأدخل المرأة. فصرت إلى منزلي فغسلت الدم، وشددت الشجّة، واسترحت. وخرجت أصلّي العشاء، فلمّا فرغنا منها، قلت لمن حضر: قوموا معي إلى عدوّ الله، هذا التركيّ، ننكر عليه، ولا نبرح، حتى نخرج المرأة. فقاموا، وجئنا، فضججنا «3» على بابه، فخرج إلينا في عدّة من غلمانه، فأوقع بنا الضرب، وقصدني من بين الجماعة، فضربني ضربا عظيما، كدت أتلف منه، فشالني الجيران إلى منزلي كالتالف. فعالجني أهلي، ونمت نوما قليلا للوجع، وأفقت نصف الليل، فما حملني النوم فكرا في القصّة. فقلت: هذا قد شرب طول ليلته ولا يعرف الأوقات، فلو أذّنت، وقع له إنّ الفجر قد طلع، فأطلق المرأة، فلحقت بيتها قبل الفجر، فتسلم من أحد المكروهين، ولا يخرب بيتها، مع ما قد جرى عليها. فخرجت إلى المسجد متحاملا، وصعدت المنارة، فأذّنت، وجلست أطّلع منها إلى الطريق، أترقّب منها خروج المرأة، فإن خرجت، وإلّا أقمت الصلاة، لئلّا يشكّ في الصباح، فيخرجها. فما مضت إلّا ساعة، والمرأة عنده، فإذا الشارع قد امتلأ خيلا ورجلا ومشاعل، وهم يقولون: من هذا الذي أذّن الساعة؟ أين هو؟ ففزعت وسكتّ، ثم قلت [91 ط] أخاطبهم، لعلّي أستعين بهم على إخراج المرأة.

فصحت من المنارة: أنا أذنت. فقالوا لي: انزل، فأجب أمير المؤمنين. فقلت: دنا الفرج، ونزلت، فمضيت معهم، فإذا هم غلمان مع بدر «1» . فأدخلني على المعتضد، فلما رأيته هبته، وارتعدت، فسكّن منّي. وقال: ما حملك على أن تغرّ المسلمين بأذانك في غير وقته، فيخرج ذو الحاجة في غير حينها، ويمسك المريد للصوم، في وقت أبيح له فيه الإفطار؟ فقلت: يؤمني أمير المؤمنين، لأصدق؟ فقال: [102 ب] أنت آمن على نفسك. فقصصت عليه قصة التركيّ، وأريته الآثار التي بي. فقال: يا بدر، عليّ بالغلام والمرأة، الساعة، الساعة، وعزلت في موضع. فلما كان بعد ساعة قليلة، أحضر الغلام والمرأة، فسألها المعتضد عن الصورة، فأخبرته بمثل ما قلته. فقال لبدر: بادر بها الساعة إلى زوجها مع ثقة يدخلها دارها، ويشرح له خبرها، ويأمره عنّي بالتمسّك بها، والإحسان إليها. ثم استدعاني، فوقفت، فجعل يخاطب الغلام، وأنا قائم أسمع. فقال له: يا فلان، كم رزقك؟ قال: كذا وكذا. قال: وكم عطاؤك؟

قال: كذا وكذا. قال: وكم وظائفك؟ قال: كذا وكذا. قال: وجعل يعدّد عليه ما يصل إليه، والتركيّ يقرّ بشيء عظيم «1» . قال: فقال له: كم لك جارية؟ قال: كذا وكذا. قال: فما كان لك فيهنّ، وفي هذه النعمة العريضة، كفاية عن ارتكاب معاصي الله عزّ وجلّ، وخرق هيبة السلطان؟ حتى استعملت ذلك، وتجاوزته إلى الوثوب بمن أمرك «2» بالمعروف؟ فأسقط الغلام في يده، ولم يحر جوابا «3» . فقال: هاتم «4» جوالق، ومداقّ الجص، وقيودا، وغلّا، فأحضر ذلك. فقيّده، وغلّه، وأدخله الجوالق، وأمر الفرّاشين، فدقّوه بمداقّ الجص. وأنا أرى ذلك، وهو يصيح، ثم انقطع صوته، ومات. فأمر به، فغرّق في دجلة، وتقدّم إلى بدر بحمل ما في داره. ثم قال لي: يا شيخ أيّ شيء رأيت من أجناس المنكر، كبيرا كان أو صغيرا، أو أيّ أمر، صغيرا كان أو كبيرا، فمر به «5» وأنكره، ولو على هذا، وأومأ بيده إلى بدر.

فإن جرى عليك شيء، أو لم يقبل منك، فالعلامة بيننا أن تؤذّن في مثل هذا الوقت، فإنّي أسمع صوتك فأستدعيك، وأفعل مثل هذا بمن لا يقبل منك، أو بمن يؤذيك. قال: فدعوت له وانصرفت. وانتشر الخبر في الأولياء والغلمان، فما سألت أحدا منهم بعدها إنصافا لأحد، أو كفّا عن قبيح إلّا أطاعني، كما رأيت، خوفا من المعتضد. وما احتجت أن أؤذّن إلى الآن، [في غير وقت الأذان] «1» .

173 مثل على تيقظ المعتضد وعلو همته

173 مثل على تيقظ المعتضد وعلو همته حدّثني أبي، عن أبي محمد ابن حمدون «1» ، قال: كنت بحضرة المعتضد ليلة على شرب، إذ جاءه كتاب، فقرأه وقطع الشرب، وتنغّص به. واستدعى عبيد الله بن سليمان «2» ، فأحضر للوقت، وقد كاد يتلف، وظنّ أنّه قد قبض عليه. فرمى بالكتاب إليه، فإذا هو كتاب صاحب خبر السرّ بقزوين إليه، يقول: إنّ رجلا من الديلم، وجد بقزوين «3» ، وقد دخلها متنكّرا. فقال لعبيد الله: اكتب [92 ط] الساعة، إلى صاحبي الحرب والخراج «4» ، وأقم قيامتهما، وتهدّدهما [103 ب] عنّي بالقتل، لم تمّ هذا، وتشدّد في الإنكار، وطالبهما بتحصيل الرجل، ولو من تخوم الديلم «5» ، وأعلمهما «6» إنّ دمهما مرتهن به، حتى يحضرانه.

وارسم لهما أن لا يدخل البلد مستأنفا أحد، ولا يخرج ألا بجواز «1» ، حتى لا تتمّ حيلة لأحد من الديلم في الدخول سرّا، وأن يزيدا في الحذر والتيقّظ، [ونفّذنا الناس إليهم] «2» ، وأفرط في التأكيد. فقال عبيد الله: السمع والطاعة، أمضي إلى داري، فأكتب. فقال: لا، إجلس بمكانك، واكتب بخطّك، واعرض عليّ. قال: فأجلسه، وعقله ذاهل، فكتب ذلك، وعرضه عليه، فلمّا ارتضاه، دعا بخريطة إلى حضرته، فجعلت الكتب فيها، وأنفذها. وقال لعبيد الله: أنفذ معها من يأتيك بخبر وصولها النهروان «3» ، وسيرها عنه، وانصرف. فنهض عبيد الله، وعاد المعتضد إلى مجلس شربه، وكان قد لحقه تعب عظيم، فاستلقى ساعة، ثم عاد يشرب. فقلت له: يا أمير المؤمنين، تأذن في الكلام؟ فقال: نعم. فقلت: كنت على سرور، وطيب نفس، فورد خبر قد كان يجوز أن تأمر فيه غدا بما أمرت به الساعة، فضيّقت صدرك، وقطعت شربك، ونغّصت على نفسك، وروّعت وزيرك، وأطرت عقول عياله وأصحابه،

باستدعائه في هذا الوقت المنكر، حتى أمرته بهذا الذي لو أخّرته إلى غد، لكان جائزا. فقال: يا ابن حمدون، ليست هذه من مسائلك، ولكنّا أذنّا لك في الكلام. إن الديلم شرّ أمّة في الدنيا، وأتمّهم مكرا، وأشدّهم بأسا، وأقواهم قلوبا، ووالله، لقد طار عقلي فزعا على الدولة من أن يتطرّق إليهم دخول قزوين سرّا، فيجتمع فيها منهم عدّة، يوقعون بمن فيها ويملكونها، وهي الثغر بيننا وبينهم، فيطول أمد ارتجاعها منهم، ويلحق الملك من الضعف والوهن بذلك أمر عظيم، يكون سببا لبطلان الدولة، وتخيّلت أنّي إن أمسكت عن التدبير ساعة، إنّه يفوت، وإنّهم يحتوون على قزوين، ووالله لو ملكوها، لنبعوا عليّ من تحت سريري هذا، واحتووا على دار المملكة، فما هنّأني الشرب، ولا طابت نفسي بمضيّ ساعة من زماني فارغة من تدبير عليهم. فعملت ما رأيت.

174 التفريط في حفظ حدود أذربيجان أدى إلى فساد المملكة

174 التفريط في حفظ حدود أذربيجان أدّى إلى فساد المملكة وحدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: كنت حدثا في الديوان في سنة سبع عشرة وثلاثمائة، والوزير إذ ذاك أحمد بن عبيد الله الخصيبي «1» . فأنشأنا من الديوان، كتبا إلى ابن أبي الساج «2» ، عن السلطان، يأمره فيها بالمسير إلى الحضرة «3» ، لقتال القرمطيّ «4» . فوردت الأجوبة للخليفة، لا للديوان. فسمعت مشايخ الكتّاب، يتحدّثون عنه «5» ، إنّه كتب يقول: أنا في

ثغر أعظم [104 ب] من ثغور الروم، وبإزاء سدّ أحصن من سد يأجوج ومأجوج، وإن أخللت به، انفتح منه أعظم من أمر القرمطيّ، ولم يؤمن أن يكون سببا لزوال المملكة في سائر النواحي [93 ط] . قال: فأخذ الكتّاب يتطانزون «1» بذلك، وقالوا: في أيّ ثغر هو؟ ومن بإزائه إلّا الديلم، وإنّما هم أكرة، ولكنّه يريد ترفيه نفسه، والخلاف على السلطان. قال: وأنشئت كتب أخر، يؤمر فيها بترك ما هو بسبيله، والقدوم، فقدم وخرج إلى القرمطيّ، فقتله القرمطيّ. فما مضت إلّا مديدة يسيرة، على قتله، حتى سار القاسم بن الحسن الداعي العلويّ «2» ، وما كان الديلميّ «3» صاحب جيشه، من طبرستان إلى الريّ، فأخذاها من يد أصحاب السلطان. وخرج أسفار بن شيرويه الديلميّ «4» فسار إلى طبرستان «5» ، فأخذها منهما.

فرجع الداعي إليه، فقاتله، فقتله أسفار، وتوطّأ له الأمر، وسار إلى الريّ «1» ، فقاتله ما كان. وثار مرداويج الجيليّ «2» ، وكان أحد أصحاب أسفار، به، فقتله، واحتوى على عسكره، وتملّك أعماله، وأخذ الريّ، والجبل «3» ، والأعمال. وتفرّقت أعمال ابن أبي الساج على جماعة أهملوا سياستها. واستفحل أمر الديلم، وتزايد على الأوقات، وضعف السلطان، وانفتقت الفتوق عليه، وكثرت الفتن، وقتل المقتدر. وجاء مرداويج إلى أصبهان «4» ليسير إلى بغداد. وقدم شيرج «5» بن ليلى إلى الأهواز، فتملّكها. وكان الأمير عماد الدولة عليّ بن بويه «6» يخلفه على الكرج حينئذ، فاستغوى

من معه، وسار بهم فملك أرّجان «1» لنفسه. وهدّده مرداويج بالمسير إليه، فداراه، ووعده أن يكون من قبله، وأنفذ الأمير ركن الدولة «2» ، أخاه، رهينة إليه. وسار فأوقع بياقوت «3» ، وهو في سبعمائة نفر من الديلم، وياقوت في الطمّ والرمّ «4» ، وملك فارس، وظفر بأموالها، وكنوزها، فقوي، وعمل مرداويج على إنفاذ عسكر إليه، ليأخذه، ثم يسير إلى بغداد، فوثب غلمانه الأتراك به، فقتلوه، وجاء رجاله إلى الأمير عماد الدولة، وقد كان ملك فارس، وطرد ياقوت عنها، فقوي أمره، وعظم شأنه. ومرّت على ذلك سنيّات، فأنفذ أخاه الأمير معزّ الدولة إلى الأهواز، ولم يزل أمره يقوى، حتى ملك بغداد. وحصل الأمر على ما قاله المعتضد، وابن أبي الساج، وصاروا ملوك الأرض. وحصلت للديلم ممالك، غير ممالك الأمراء من بني بويه، كثيرة، بعد أن كان الناس يتمثّلون إذا ظلموا، فيقولون: [105 ب] أي شيء خبرنا؛ في يد الديلم نحن أم في يد الأتراك؟ فصاروا في ممالكهما وأيديهما. ونسأل الله السلامة.

175 مثل آخر على تيقظ المعتضد وعلو همته

175 مثل آخر على تيقظ المعتضد وعلو همته حدّثني القاضي أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد الهاشمي، قال: حدّثني أبو عليّ الحسن بن إسماعيل بن إسحاق القاضي «1» ، وكان ينادم المعتضد، ويتجاسر عليه، قال: كنّا نشرب يوما مع المعتضد، حتى دخل عليه بدر «2» ، فقال: يا مولاي، قد أحضر القطّان الذي من بركة زلزل «3» . قال: فترك مجلس النبيذ، وقام إلى مجلس في آخر ذلك المجلس، دونه، ونحن نراه ونسمع كلامه، ومدّت بيننا وبينه ستارة، ولبس قباء، وأخذ بيده حربة، وجلس كالمغضب المهول، حتى فزعنا نحن [94 ط] منه، مع أنسنا به «4» . وأدخل إليه شيخ ضعيف، فقال له بصياح شديد: أنت القطّان الذي قلت أمس ما قلت؟ فغشي على القطّان، فأمر به فعزل ناحية. فلمّا سكن جاءوه به، فقال: ويلك، مثلك يقول ليس للمسلمين

ناظر في أمورهم، فأين أنا؟ وأيّ شغل شغلي؟ قال: يا أمير المؤمنين، أنا رجل سوقيّ، لا أعرف غير الغزل والقطن ومخاطبة النساء والعامّة، وإنّما اجتاز بنا رجل بايعنا شيئا كان معه، فوجدنا ميزانه ناقصا، فقلت هذا الكلام، وعنيت به المحتسب لا غيره. [فقال له المعتضد: الله، إنّك أردت به المحتسب؟] «1» . فقال: والله ما عنيت غيره، وأنا تائب أن أتكلّم بما يشبه هذا. فقال: يحضر المحتسب «2» ، ويبالغ في الإنكار عليه لم غفل عن إنكار مثل هذا، ويؤمر بتعييره «3» ، وتتبّع «4» الطوّافين، وأهل الأسواق، والتعيير عليهم. وقال للشيخ: انصرف، لا بأس عليك، ودخل، فضحك، وانبسط، وعاد يشرب. فلما حمل عليّ النبيذ، قلت له: يا مولاي، تعرف فضولي، فتأذن لي في أن أقول؟ فقال: قل. قلت: كان مولانا في أطيب شرب، وأتم سرور، فتركه، وتشاغل عنه بخطاب كلب من السوقة «5» ، كان يكفيه أن يصيح عليه راجل من رجّالة صاحب الربع «6» صيحة، ولم يقنع مولانا في أمره بالوصول إلى حضرته،

حتى غيّر له لبسته، وشهر سلاحه، واستقصى خطابه بنفسه، لأجل كلمة تقول العامة مثلها دائما، ولا يميّزون معناها. فقال: يا حسن، أنت لا تعلم ما يجرّ هذا الكلام، إنّ مثل هذا إذا انتشر على ألسنة العوامّ، تلقّفه «1» بعضهم من «2» بعض، وتجرّأوا عليه، وربوا على قوله، حتى يصير منهم كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يبعد أن يولّد ذلك لهم امتعاضا عند أنفسهم للسياسة والدين، فتثور الفتن على السلاطين. وليس شيء أبلغ في حسم ذلك، من قطع مادّته من الأصل في [106 ب] أوّله. فإنّ هذا، ممّا جرى عليه، قد طارت روحه، فهو يخرج، ويحدّث بأضعاف ما لحقه من الإنكار، وأكثر ممّا شاهده من الهيبة والفخامة، وفوق ما سمعه من المطالبة بموجبات السياسة، ومرّ الحقيقة، فينتشر عند العوامّ ما نحن عليه من التيقّظ، وإنّ كلمة تكلّم بها الرجل منهم لم تخف عليّ، وما «3» غفلت عن مناظرة صاحبها، وعقابه [فيعرفوني بذلك] «4» فيغنيني «5» ذلك عن أفعال كثيرة، ويحذر جميعهم، ويضبط نفسه، وتنحسم مادّة شرّ، لو جرى، لاحتيج إلى ضروب من الكلف غليظة في صلاحه، قد انحسمت بيسير من القول والفعل. فأقبلنا ندعو له ونطريه [أنا والجماعة] «6» .

176 مثل على ضبط المعتضد أمر جنده وتشدده في منعهم من التعدي

176 مثل على ضبط المعتضد أمر جنده وتشدّده في منعهم من التعدّي حدّثني وكيل كان لأبي القاسم ابن أبي علان، سلّمه إليّ بتوكيل «1» في ضيعتي بالأهواز، وكان ابن أبي علان يقول إنّه أسنّ منه، وكان ثقة، ما علمت، يقال له: ذو النون بن موسى، قال: كنت غلاما، والمعتضد إذ ذاك بكور الأهواز، فخرجت يوما من قرية بمناذر «2» يقال لها شانطف، أريد عسكر مكرم «3» ، ومعي حمار [95 ط] أنا راكبه، وهو موقر بطّيخا، قد حملته من القرية لأبيعه في البلد، يعني العسكر. فلقيني جيش عظيم لم أعلم ما هو، وتسرع إليّ منهم جماعة، وأخذ واحد منهم ثلاث بطيخات أو أربعا، وحرّك. فخفت أن ينقص عدده، فأتّهم به، فبكيت، وصحت، والحمار يسير «4» بي على المحجّة، والعسكر يجتاز عليها. فإذا بكوكبة عظيمة يقدمها رجل منفرد، فوقف، وقال: ما لك يا غلام تبكي وتصيح؟

فعرّفته حالي، فوقف بي، ثم التفت إلى القوم، فقال: هي، عليّ بالرجل الساعة. قال: فكأنّه كان وراءه، حتى ورد «1» في سرعة الطرف. فقال: هذا هو يا غلام؟ فقلت: نعم. فأمر به [فبطح] «2» وضرب بالمقارع، وهو واقف، وأنا على حماري، والعسكر واقف. وجعل يقول، وهو يضرب: يا كلب، يا كذا وكذا، ما كان معك ثمن هذا البطيخ؟ ما كان في حالك فضل لشرائه؟ ما قدرت تمنع نفسك منه؟ هو مالك؟ مال أبيك؟ أليس هو الرجل الذي قد تعب بنفسه في زرعه، وسقيه، وماله، وأداء خراجه؟ أليس كذا؟ أليس كذا؟ يعدّد عليه أشياء من هذا الجنس، والمقارع تأخذه، إلى أن ضربه نحو مائة مقرعة [107 ب] . ثم أمر برفعه، فرفع، وسار، وسار الناس. فأخذ الجيش يشتمونني، ويقولون، يضرب فلان بسبب هذا الأكّار الخوزيّ، لعنه الله، مائة مقرعة. فسألت بعضهم عن الخبر، فقال: هذا الأمير أبو العبّاس.

177 شدة ضبط المعتضد عسكره

177 شدّة ضبط المعتضد عسكره حدّثني عبد الله بن عمر الحارثيّ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني أبو محمد عبد الله بن حمدون، قال: كان المعتضد، في بعض متصيّداته، مجتازا بعسكره، وأنا معه، فصاح ناطور في قراح قثّاء «1» ، فاستدعاه، وسأله عن سبب صياحه. فقال: أخذ بعض الجيش من القثّاء شيئا. فقال: اطلبوهم، فجاءوا بثلاثة أنفس. فقال: هؤلاء الذين أخذوا القثّاء؟ فقال الناطور: نعم. فقيّدهم في الحال، وأمر بحبسهم. فلما كان من الغد، أنفذهم إلى القراح، فضرب أعناقهم فيه، وسار. فأنكر الناس ذلك، وتحدّثوا به، ونفرت قلوبهم منه. ومضت على ذلك مدّة طويلة، فجلست أحادثه ليلة، فقال لي: يا أبا عبد الله هل يعيب الناس عليّ شيئا؟ عرّفني حتى أزيله. قلت: كلّا، يا أمير المؤمنين. فقال: أقسمت عليك بحياتي، إلّا ما صدقتني. قلت: وأنا آمن؟

قال: نعم. قلت: إسراعك إلى سفك الدماء. قال: والله، ما هرقت دما منذ وليت هذا الأمر، إلّا بحقّه. قال: فأمسكت إمساك من يتبيّن عليه الكلام. فقال: بحياتي ما يقولون «1» ؟ قلت: يقولون إنّك قتلت أحمد بن الطيّب «2» ، وكان خادمك، ولم تكن له جناية ظاهرة. قال: دعاني إلى الإلحاد، فقلت له: يا هذا أنا ابن عمّ صاحب الشريعة، وأنا الآن منتصب منصبه، فألحد حتى أكون من؟ وكان قال لي: إن الخلفاء لا تغضب، فإذا غضبت لم ترض، فلم يصحّ إطلاقه. فسكتّ، سكوت من يريد الكلام. فقال لي: في وجهك كلام. فقلت: الناس ينقمون [96 ط] عليك أمر الثلاثة أنفس، الذين قتلتهم في قراح القثّاء. فقال: والله، ما كان أولئك المقتولين هم الذين أخذوا القثّاء، وإنّما كانوا لصوصا حملوا من موضع كذا وكذا، ووافق ذلك أمر أصحاب القثّاء، فأردت أن أهوّل على الجيش، بأنّ من عاث من عسكري، وأفسد

بهذا القدر، كانت هذه عقوبتي له: القتل، ليكفّوا عمّا فوقه، ولو أردت قتلهم لقتلتهم في الحال، وإنّي حبستهم، وأمرت بإخراج اللصوص في غد مغطّين الوجوه، ليقال إنّهم أصحاب القثّاء، ويقتلون بفعل ذلك. فقلت: كيف تعلم العامّة هذا؟ قال: بإخراجي القوم الذين أخذوا القثّاء، أحياء، وإطلاقي لهم في هذه الساعة. ثم قال: هاتم القوم، فجاءوا بهم، وقد تغيّرت حالهم من الحبس والضرب. فقال لهم: ما قصّتكم؟ فاقتصّوا عليه قصّة القثّاء. فقال لهم: أفتتوبون من مثل هذا الفعل، حتى أطلقكم؟ فقالوا: نعم. فأخذ عليهم التوبة، وخلع عليهم، ووصلهم، وأمر بإطلاقهم، وردّ أرزاقهم عليهم. فانتشرت الحكاية، وزالت عنه التّهمة «1» .

178 بين المعتضد ونديمه ووزيره

178 بين المعتضد ونديمه ووزيره حدثني أبي، عن أبي محمد، عبد الله بن حمدون، قال: قال لي المعتضد، يوما، وقد قدّم إليه عشاء على النبيذ: لقّمني. قال: وكان الذي قدّم إليه فراريج، ودرّاريج «1» ، فلقّمته من صدر فرّوج. فقال: لا، لقّمني من فخذه. فلقّمته لقما. ثم قال: هات من الدرّاج، فلقّمته من أفخاذها. فقال: ويلك، هوذا تتنادر عليّ؟ هات من صدورها. فقلت: يا مولاي، ركبت القياس، فضحك. فقلت له: إلى كم أضحكك، ولا تضحكني؟ قال: شل «2» المطرح، وخذ ما تحته. قال: فشلته، فإذا بدينار واحد. فقلت: آخذ هذا؟ فقال: نعم. فقلت له: بالله، هوذا تتنادر أنت الساعة عليّ؟ خليفة يجيز نديمه بدينار واحد؟ فقال: ويلك، لا أجد لك في بيت المال حقّا أكثر من هذا، ولا تسمح نفسي أن أعطيك من مالي شيئا، ولكن هوذا، أحتال لك بحيلة، تأخذ

فيها خمسة آلاف دينار. فقبّلت يده. فقال: إذا كان غدا، وجاء القاسم «1» فهوذا أسارّك حين تقع عيني عليه، سرارا طويلا، ثم ألتفت إليه كالمغضب، وانظر أنت إليه من خلال ذلك، كالمخالس لي، نظر المترثّي. فإذا انقطع السرار، فستخرج، ولا تبرح من الدهليز. فإذا خرجت، خاطبك بجميل، وأخذك إلى دعوته، وسألك عن حالك، فاشك الفقر والحلّة، وقلّة حظّك مني، وثقل ظهرك بالدين والعيال، وخذ ما يعطيك، واطلب كل ما تقع عينك عليه، فإنّه لا يمنعك، حتى تستوفي الخمسة آلاف دينار. فإذا أخذتها فسيسألك عما جرى بيننا، فاصدقه، وإيّاك أن تكذبه، وعرّفه أنّ ذلك، حيلة منّي عليه، حتى وصل إليك هذا، وحدّثه بالحديث على شرحه، وليكن إخبارك إيّاه، بعد امتناع شديد، وإحلاف منه بالطلاق [97 ط] والعتاق أن تصدقه، وبعد أن تخرج من داره، كلّ ما يعطيك إيّاه. فلما كان من غد، حضر القاسم، فحين رآه، بدأ يساررني، وجرت القصّة، على ما واضعني عليه، فخرجت، فإذا القاسم في الدهليز ينتظرني. فقال لي: يا أبا محمد، ما هذا الجفاء؟ لا تجيئني، ولا تزورني، ولا تسألني حاجة، فأقضيها لك، فدعوت له. فقال: ما يقنعني إلّا أن تزورني اليوم، ونتفرّج. فقلت: أنا خادم الوزير. فأخذني إلى طيّاره، وجعل يسألني عن حالي، وأخباري، فاشكو إليه

الخلّة، والإضاقة، والدّين، وجفاء الخليفة، وإمساك يده، فيتوجّع، ويقول: يا هذا، مالي مالك، ولن يضيق عليك، ما اتّسع عليّ [ولا تتجاوزك نعمة تخلّصت إليّ، أو يتخطّاك حظّ نازل بفنائي] «1» ، ولو عرّفتني لعاونتك، وأزلت هذا عنك. فشكرته، وبلغنا إلى داره، فصعد، ولم ينظر في شيء، وقال: هذا يوم أحتاج أن اختصّ فيه بالسرور بأبي محمد، فلا يقطعني عنه أحد. فأمر كتّابه بالتشاغل بالأعمال، وخلا بي في دار الخلوة، وجعل يحادثني ويبسطني، وقدّمت الفاكهة، فجعل يلقّمني بيده، وجاء الطعام، فكانت هذه سبيله، وهو يستزيدني. فلمّا جلس للشراب، وقّع لي بثلاثة آلاف دينار مالا، فأخذتها في الوقت. وأحضرني ثيابا، وطيبا، ومركوبا، فأخذت ذلك. وكانت بين يديّ صينية فضّة، فيها مغسل فضّة، وخرداذيّ بلّور «2» ، وكوز وقدح بلّور، فأمر بحمله إلى طيّاري. وأقبلت كلما رأيت شيئا حسنا، له قيمة وافرة، طلبته منه. وحمل إليّ فرشا نفيسا، وقال: هذا للبنات. فلما تقوّض المجلس، خلا بي، وقال: يا أبا محمد، أنت عالم بحقوقي عليك، ومودّتي لك. فقلت: أنا خادم الوزير. فقال أريد أن أسألك عن شيء، وتحلف لي أنّك تصدقني عنه. فقلت: السمع والطاعة، فأحلفني بالله، وبالطلاق، والعتاق، على الصدق.

ثم قال لي: بأي شيء ساررك الخليفة اليوم في أمري؟ فصدقته عن كل ما جرى، حرفا بحرف. فقال: فرّجت عني، وأن يكون هذا هكذا، مع سلامة نيته لي، أسهل عليّ. فشكرته، وودّعته. وانصرفت إلى بيتي. فلما كان من الغد، باكرت المعتضد، فقال: هات حديثك. فسقته إلى آخره. فقال: احتفظ بالدنانير، ولا يقع لك، أنّك تعامل بمثل هذا بسرعة «1» . وحدثني أبو السريّ، محمد بن عمر التازيّ البغداديّ «2» ، ويعرف بابن عتّاب السقطيّ «3» ، قال: حدّثني أبو الطيّب واثق بن رافع، مولى ابن أبي الشوارب، قال: حدّثني أبو محمد عبد الله بن حمدون، بهذا الحديث، فأورده بغير هذه الألفاظ، والمعنى واحد. إلّا أنّه ليس في حكاية واثق، العشاء بالفراريج والدرّاريج، ولا أنّ المعتضد وهب له دينارا. وأوّل حكاية واثق عن ابن حمدون، قال: شكوت إلى المعتضد، ديني وإضاقتي، فقال: أمّا مالي فلا طمع لك فيه، ولكن أعمل لك حيلة، وذكر الحكاية «4» [98 ط] .

179 عاشق تسبب في قتل حبيبته وزوجها

179 عاشق تسبب في قتل حبيبته وزوجها ومن الأخبار المفردات، والاتفاقات التي سمعناها، وشاهدنا بعضها، ما أخبرني به أبو القاسم الجهنيّ «1» ، قال: كان في جواري ببغداد، امرأة جميلة مستورة، ولها ابن عمّ يهواها، كان ربّي معها، فعدل بها أبوها عنه، إلى رجل غريب، زوّجه بها، فكان ابن العم، يلزم بابها، طمعا فيها، وأحسّ الزوج بذلك، فكان يتحرّز، وكان خبيثا. فخرج يوما في بعض شأنه، وأرادت المرأة أن تتبرّد، فنزعت ثيابها، وجلست عند البئر تغتسل، وتركت خواتيم ذهب، كانت في يدها، عند ثيابها في الدار، وكانت لطيفة، وفيها عقعق «2» مخلّى في الدار، فأخذ الخواتيم، وخرج وهي في منقاره، إلى الباب، على عادة العقاعق، في أخذ كلّما يجدونه وخبئه. فوافق خروجه، اجتياز ابن عمها، ورأى الخواتيم، فسعى خلف العقعق، وأخذها منه، ولبسها، وقعد بالباب، ليراه زوج المرأة، فيظنّ أنّه كان عندها، فيطلّقها، فيتمكّن هو من تزوّجها. فجاء الزوج، فقام ابن العم مسلّما عليه، وتعمّد أن يرى الخواتيم في يده، وانصرف، فعرفها الزوج، ودخل، فرأى امرأته تغتسل، فلم يشكّ

أنّه غسل جنابة، وأنّ ابن العمّ، قد وطئها. فقال لجارية كانت معهم: اذهبي في حاجة كذا، فمضت فيها، وغلق الباب، وأضجع المرأة، ولم يسلها عن شيء، وقتلها. وعادت الجارية، فرأت ستّها مقتولة، فريعت «1» ، وخرجت، وصاحت، فبدر «2» الجيران به، وأهلها، فقبضوا عليه، وحمل إلى السلطان، فقتل بها، فأخرج ابن العم الحديث، وكان ذلك سبب توبته، ولزم العبادة، وترك الدنيا إلى أن مات.

180 كلب يكشف عن قاتل سيده

180 كلب يكشف عن قاتل سيده ومنها «1» : إنّ مبشّر الرومي، مولى أبي، حدّثني: إنّه سمع مولى كان له قبل أبي، يعرف بأبي عثمان، زكريّا المدنيّ، ويقال له: ابن فلانة، وكان هو تاجرا جليلا، عظيما، كثير المال، مشهورا بالجلالة، والثقة، والأمانة، يحدّث: إنّه كان في جواره ببغداد، رجل من أصحاب العصبيّة، يلعب بالكلاب. فأسحر يوما في حاجة، وتبعه كلب كان يختصّه من كلابه، فردّه، فلم يرجع، فتركه. ومشى، حتى انتهى إلى قوم كانت بينه وبينهم عداوة، فصادفوه بغير حديد «2» ، فقبضوا عليه، والكلب يراهم، فأدخلوه، فدخل معهم، فقتلوه، ودفنوه في بئر في الدار، وضربوا الكلب، فسعى، وخرج وقد لحقته جراحة، فجاء إلى بيت صاحبه يعوي، فلم يعبأوا به. وافتقدت أمّ الرجل، ابنها، يومه وليلته، فتبيّنت الجراحة بالكلب، وأنّها من فعل من قتل ابنها، وأنّه قد تلف، فأقامت عليه المأتم، وطردت الكلاب عن بابها. فلزم ذلك الكلب الباب، ولم ينطرد، فكانوا يتفقّدونه في بعض الأوقات. فاجتاز يوما، بعض قتلة صاحبه بالباب، وهو [99 ط] رابض، فعرفه الكلب، فخمش ساقه، ونهشه، وعلق به.

واجتهد المجتازون في تخليصه منه، فلم يمكنهم، وارتفعت ضجّة، وجاء حارس الدرب، فقال: لم يتعلّق هذا الكلب بالرجل، إلّا وله معه قصّة، ولعلّه هو الذي جرحه. وخرجت أمّ القتيل، فحين رأت الرجل، والكلب متعلّقا به، وسمعت كلام الحارس، تأمّلت الرجل، فذكرت أنّه كان أحد من يعادي ابنها ويطلبه، فوقع في نفسها إنّه قاتل ابنها، فتعلّقت به، وادّعت عليه القتل، وارتفعا إلى صاحب الشرطة، فحبسه، بعد أن ضرب، ولم يقرّ، ولزم الكلب باب الحبس. فلما كان بعد أيّام، أطلق الرجل، فحين أخرج من باب الحبس، علق به الكلب، كما فعل أوّلا، فعجب الناس من ذلك. وأسرّ صاحب الشرطة، إلى بعض رجّالته، أن يفرّق بين الكلب والرجل، ويتبع الرجل ويعرف موضعه، ويترصّده، ففعل ذلك. فما زال الكلب، يسعى خلف الأول، والراجل يتبعه، إلى أن صار في بيته. فكبس صاحب المعونة، الدار، فلم يجد أثرا. وأقبل الكلب يصيح، ويبحث في موضع البئر التي طرح فيها القتيل. فقال الشرطيّ: انبشوا موضع نبش الكلب، فنبش، فوجد الرجل قتيلا. فأخذ الرجل، وضرب، وأقرّ على نفسه، وعلى جماعة بالقتل، فقتل هو، وطلب الباقون، فهربوا.

181 خبأ ماله في برنية فعجل ذلك في سرقتها

181 خبأ ماله في برنية فعجّل ذلك في سرقتها ومنها «1» : إنّ أبا الحسن، أحمد بن يوسف الأزرق، حدّثني، قال: كان لنا صديق، مستظهر على الزمان، قد سلم على الحوادث، عمره كلّه. فلمّا تواترت الكبسات ليلا ببغداد، خاف على مال عنده عتيد، فجعل ثلاثة آلاف دينار عينا، في برنيّة «2» ، وحفر لها في عرض حائط، كان بين بيتين من داره، وكانت الحفيرة قريبة من زاوية الحائط، والزاوية على الطريق، ومضى على هذا مدّة. فجاء اللصوص، ينقبون على داره، فوقع نقبهم على الزاوية، فقدّروا أنّ الحائط عرضا، فنقبوا في طوله من حيث الزاوية، فوصلوا إلى البرنيّة، فأخذوها. فلما شاهدوا ما فيها اكتفوا به، وانصرفوا، ولم يدخلوا الدار. وتضعضعت حال الرجل.

182 الأمير عماد الدولة بن بويه تقع عليه حية فيجد كنزا

182 الأمير عماد الدولة بن بويه تقع عليه حيّة فيجد كنزا ومنها «1» : ما حدّثني به أبو الحسن بن مهذب القزوينيّ، كاتب سوريل، أحد قوّاد الديلم، قال: لما ملك الأمير عماد الدولة، أحمد بن بويه «2» ، شيراز، ظهر له من الكنوز القديمة، والقريبة، أمر عظيم، على أوصاف طريفة. فكان منها: إنّه دخل مستراح دار الإمارة، التي يسكنها، فسقطت عليه حيّة من سقف المستراح «3» ، وكان أزجا «4» عتيقا، فارتاع لذلك، وأمر بنقضه، فوجد فيه خمسين ألف دينار عينا.

183 الأمير عماد الدولة يجد كنزا في خان مهجور

183 الأمير عماد الدولة يجد كنزا في خان مهجور قال «1» : وكنت قائما بحضرته «2» يوما، فسعي إليه ببيت في خان في السوق، وأنّ فيه ودائع عظيمة القدر، لبعض أصحاب ياقوت «3» . فقال لي: امض فخذها [100 ط] . فجئت، وفتحت الباب، وإذا بشيء كثير، فاستدعيت كاتبا آخر، وجلسنا نحصي. فوقعت عيني على بيت في آخر الخان، مقفل بعدّة أقفال، قد رثّت، لعتقها، ووقع في نفسي أنّ فيه وديعة أخرى لبعض أصحاب السلطان. فقلت للخانيّ: لمن هذا البيت، وأىّ شيء فيه؟ فقال: لا أدري، إلّا أنّه مقفل منذ أكثر من ثلاثين سنة. فقوي طمعي فيه، فقلت: افتحوه، ففتحوه، فلم يجدوا فيه شيئا. فاستربت بالأمر، وقلت: بيت عليه عدّة أقفال، طول هذه السنين، فارغ؟ هذا محال، فتّشوه. وفتّش بدن الحائط، فلم يجدوا شيئا. فقلعت بارية فيه، وأمرت بالحفر، فحفر، ولم نر شيئا. وعزمنا على الانصراف، فوجدنا خمس قماقم مملوءة دنانير، فحملناها إلى الأمير، وحدثته بالحديث، فوهب لي منها، ألف دينار.

184 الأمير معز الدولة يستخرج كنزا من المدائن

184 الأمير معزّ الدولة يستخرج كنزا من المدائن ومن ذلك «1» : ما أخبرني به الحسين بن محمد بن الحسين الجبائيّ، قال: حدّثني أبو الحسن الدامغانيّ، صاحب معزّ الدولة: إنّه كان جالسا في الدهليز، في يوم نوبة، فجاء رجل يصيح: نصيحة. فقلت له: ما هي؟ قال: لا أخبر بها إلّا الأمير. فدخلت، فعرّفته، فقال: هاته، فأدخلته إليه. فقال: أنا رجل صيّاد بناحية المدائن «2» ، وكنت أصيد، فعلقت شبكتي، في أسفل جرف بشيء، ولم أدر ما هو، فخلّصتها، فتعذّرت، فغصت في الماء، فوجدتها متعلقة بعروة حديد، فحفرت، فإذا بقمقم مملوء، فرددته إلى مكانه، وجئت أعرّف الأمير. فقال لي: انحدر الساعة معه، وأحضرني المال. وردّ الرجل إليّ على حاله. فانحدرت، وجئت إلى المدائن العتيقة، والجرف، ووجدنا القمقم بحاله، كما قال الرجل.

فتتبّعت نفسي الطلب، وأمرت بأن يحفروا، ويطلبوا. فحفروا، وأطالوا الحفر كثيرا، فوجدنا ثمانية قماقم أخر «1» ، مالا. فحملت الجميع، والرجل، إلى الأمير، وحدثته بالحديث، ففرح بذلك، وقال: أعطوا الرجل من المال عشرة آلاف درهم، واصرفوه. فقال الرجل: لا أريد ذلك، ولا حاجة لي إليه. فقال له الأمير: ولم؟ قال: أريد أن تهب لي الصيد في تلك الناحية، وتأمر بأن يمنع كلّ أحد من أن يصطاد فيها غيري. فضحك الأمير، وجعل يعجب من حماقته. وقال: اكتبوا له بما سأل. فكتب له بذلك.

185 كردك النقيب الديلمي يغتال مستأمنا طمعا في ماله

185 كردك النقيب الديلميّ يغتال مستأمنا طمعا في ماله ومنها «1» : ما جرى في عصرنا، وأخبرت به، من أمر كردك النقيب «2» : وذلك، إنّ معزّ الدولة، أنفذه إلى رجل بعمان «3» ، يقال له النوكاني، كان قد ملكها عقيب انقراض بني وجيه، ملوكها، فراسله في تسليمها إليه، وتهدّده بالجيش. وكان الرجل تاجرا موسرا، إلّا انّ أهل البلد ملّكوه، فملك. فلمّا جاءته الرسالة، انحلّ، وأجاب إلى تسليم البلد [101 ط] . وخلع على كردك وردّه. فاضطرب أهل البلد عليه، وجيشه، وثاروا به، وقبضوا عليه، وخيّروه موضعا ينفى إليه، فاختار البصرة. وجمع متاعه، وأمواله، وصكاك ضياعه وعقاره، بعمان، والبصرة، وحسابه، وثبت ودائعه، وذخائره، وكلّ ما يملكه، من قليل، وكثير، وعتيد. قال: وجعله في مركب، وخطف يريد البصرة، وقد احتوى مركبه على مال كثير.

فلقيه كردك في الطريق يريده، وعنده أنّه بعمان، بجواب الرسالة. فلما رآه طرح إليه، فعرّفه خبره. فوجده في نفر يسير، فطمع فيه، وبات معه في مركبه، ونقل إليه من غلمانه قطعة. فلما كان الليل، قيّده، وطرحه في البحر، واحتوى على جميع ما في المركب، ونقل، إلى مركبه، من الجواهر، والطيب، وفاخر المتاع، والجواري، ما أراد، وترك الباقي في المركب. وسار حتى أتى معزّ الدولة، فعرّفه ما عمل، وسلّم إليه عقود الضياع «1» ، وثبت الودائع «2» ، واستوهب منه من بقي من الجواري، وأشياء أرادها أيضا من المتاع، فوهبها له. وطاح دم الرجل. وقبض الأمير الضياع، وأمر ببيعها، فبيعت، وقد شاهدت بيعها. وبلغني، أنّ المشترين، كانوا يستلمون كتب الرجل بشرائها، فتسلّم إليهم.

186 ابن الحراصة يضمن القمار والفجور ببغداد وحماية اللصوص بألفي درهم في كل شهر

186 ابن الحراصة يضمن القمار والفجور ببغداد وحماية اللصوص بألفي درهم في كلّ شهر ومن ذلك «1» : ما كان يجري ببغداد من رجل يعرف بابن الحراصة، نفّاط، مع قائد من قوّاد الديلم، يقال له أبو الحسن شير مردي بن بلعباس قاضي الديلم. وكان هذا النفّاط، مظهرا للقمار، والعيارة، والفجور، وبيع الخمور، وتأوي إليه اللصوص، فلا ينكر أحد ذلك عليه، لأجل شير مردي، وضمانه ذلك منه، بألفي درهم، في كلّ شهر. وبلغني: أنّه كان إذا عجز عليه مال الضمان، قبض على من يجتاز ببابه، ويدخلهم فيها، ويقال لهم: إمّا وطئتم ما تريدون، ووزنتم كذا وكذا، أو لا، فزنوه وانصرفوا، ولا يخرجون إلّا بذلك. وكان ينزل الجانب الشرقيّ، بقرب الجسر، وباب الطاق، في الموضع المعروف ببين القصرين، بدار الجاشياريّ، على دجلة.

187 ابن الحراصة ترتكب الفاحشة في داره علانية

187 ابن الحراصة ترتكب الفاحشة في داره علانية فحدّثني أبو الحسن، أحمد بن يوسف الأزرق، قال «1» : اجتزت بداره «2» من الشط، فرأيت في صحنها، ظاهرا بغير استتار، نفسين يتجامعان. فقلت لمن كان معي في السماريّة «3» ، اعدلوا بنا ننكر هذا. فطرحنا إليهما، وأخذت الجماعة ترجمهما من الشطّ، وتستنفر الناس. فقال بعض من معنا: لعنكما الله، ما كان في الدار بيت تدخلون فيه؟ فذكرت في الحال ما جاء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: عند ظهور المنكر، أشدّ الناس أمرا بالمعروف، من يقول ألا تواريتما، أو كما قال صلّى الله عليه وسلّم. ونزل إلينا أصحاب ابن الحراصة، فخفنا منهم على نفوسنا، وجلسنا في السمارية، وانصرفنا [102 ط] . فلم يزل كذلك، إلى أن زاد الأمر، وأكثر على معزّ الدولة في استقباح ذلك، فأمر بكبسه، فهرب، وتفرّقت جموعه.

188 إمرأة تشوي ولدها وتأكله

188 إمرأة تشوي ولدها وتأكله ومنها «1» : إنّ أحمد بن إبراهيم الجعفي، أحد شهودي- كان- بقصر ابن هبيرة «2» ، وأنا أتقلّدها، إذ ذاك، أخبرني: إنّه شاهد في وقت الغلاء الشديد الذي كان ببغداد، ونواحيها، في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، امرأة قد شوت ولدها، وجلست تأكله «3» . ففطن المسلمون بها، فأخذوها، وبقيت معها حتى حملوها إلى السلطان، فقتلها. وقد أخبرني عدد كثير من أهل بغداد، أنّ هذا جرى عندهم في هذا الوقت، وأنّهم شاهدوه. واختلف عليّ قول بعضهم، لأنّ فيهم من قال: شوت ابنا لجارة كانت لها، ومنهم من قال: ابنا لها، ومنهم من قال: ابنة جارتها. وأيّ شيء حصل من ذلك، فهو طريف «4» عظيم.

189 عشرون ألف درهم ثمن كر واحد من الحنطة

189 عشرون ألف درهم ثمن كرّ واحد من الحنطة حدّثني أبو الحسين بن عيّاش القاضي، قال: حدّثني أبو عبد الله الموسويّ العلويّ، البغداديّ: إنّه باع في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، عند اشتداد الغلاء «1» ، على معزّ الدولة، وهو محاصر، مقيم بظاهر بغداد من الجانب الغربيّ «2» ، كرّا معدّلا «3» حنطة، بعشرين ألف درهم. قال: ولم أخرج الغلّة حتى تسلّمت المال، وحصل في داري، ثم أخرجت الغلّة فاكتالوها، وأخذوها. فنعوذ بالله من مثل هذه الأحوال.

190 أبو الفرج الببغاء يمتدح الأمير سيف الدولة

190 أبو الفرج الببغاء يمتدح الأمير سيف الدولة أنشدني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المعروف بالببغاء، لنفسه قصيدته إلى سيف الدولة، يذكر وقعة كانت له مع بعض العرب، وهي: عدل الصوارم أعدل الأحكام ... وشبا الأسنّة أكتب الأقلام أخلق بمن كفر الغنى أن يغتدي ... كفرانه سببا إلى الإعدام من كان في الإكرام مفسدة له ... فهوانه أولى من الإكرام هذان البيتان من الأمثال الجياد، التي يجب أن تسير. وفي هذه القصيدة أشياء حسان، منها قوله: فتركتهم صرعى كأنّك بالظبى ... عاطيتهم في الروع كأس مدام متهاجرين على الدنّو كأنّما ... أنفت رؤوسهم من «1» الأجسام «2» تمّ الجزء الأول ويتلوه في الجزء الثاني بمشيئة الله: قد قدّمت في الجزء الأول الحمد لله والثناء عليه وذكرت من الأخبار ما لم تدر، ممّا لم تجر العادة بكتب مثلها، ولا ما يكاد أن يتجاوز به الحفظ «3»

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب 5 مقدّمة المحقّق 17 ترجمة المؤلّف 1 مقدّمة المؤلّف 15 1 لماذا لا يكذبون على الوزير أعزّه الله 17 2 الوزير ابن الزيّات يذكر البرامكة وهو في التنّور 18 3 أبو الشبل يقارن في الكرم بين البرامكة وبين عبيد الله بن يحيى بن خاقان 20 4 الحسن المنجّم عامل معزّ الدولة على الأهواز وحبّه للعمارة 22 5 الوزير حامد بن العباس يرى قشر باقلاء في دهليز داره 24 6 الوزير حامد بن العباس يخبئ أربعمائة ألف دينار في بئر مستراح 25 7 مصادرة التاجر ابن الجصّاص في زمن المقتدر زادت على ستّة ملايين دينار 26 8 ابن الجصاص التاجر يبقى له بعد المصادرة مليون دينار 29 9 حكاية تدلّ على دهاء التاجر أبي عبد الله بن الجصّاص 36 10 حكاية تدلّ على ذكاء التاجر أبي عبد الله بن الجصّاص 37 11 مروءة التاجر بن الجصّاص واتّساع حاله 38 12 ثلاثون جاما في تركة يأنس الموفّقي ثمنها ثلاثة ملايين دينار

41 13 مروءة الوزير حامد بن العباس ومكارم أخلاقه 42 14 الوزير عليّ بن عيسى وصاحب ديوان السواد 46 15 حكايات عن وقار الوزير عليّ بن عيسى وزماتته 47 16 حكاية عن تزمّت القاضي أبي جعفر بن البهلول 48 17 بين الوزير عليّ بن عيسى والوزير أبي عليّ بن مقلة 51 18 تزمّت الوزير عليّ بن عيسى وتخشّنه 52 19 الوزير عليّ بن عيسى يفرض على ملك الروم أن يحسن معاملة الأسارى المسلمين 56 20 ابن رزق الله التاجر البغداديّ يوقف في بلاد الروم أكسية لتدفئة أسارى المسلمين 57 21 شخص متعطّل، زوّر كتابا عن لسان الوزير ابن الفرات، إلى عامل مصر 60 22 أبو عمر القاضي يعامل بالجميل، رجلا زوّر عنه رقعة بطلب التصرّف 63 23 أراد أن يزوّر على رجل مرتعش اليد 64 24 الوزير ابن مقلة يزوّر عليه أخوه 65 25 عمران المملكة أساس صلاح الرعيّة 66 26 الوزير بن الفرات يحسن إلى خيّاط 68 27 الوزير المهلّبي يحسن إلى كوّاز 69 28 من مكارم أخلاق الوزير أبي محمد المهلّبي 72 29 الوزير المهلّبي وأبو عبد الله الأزدي الموصلي 74 30 عطايا الوزير المهلّبي متواصلة 75 31 الوزير القاسم بن عبيد الله، يأمر أستاذه بالارتفاق

78 32 الوزير عبيد الله بن سليمان، يبيح جزءا من مال الدولة لأحد صنائعه. 82 33 الوزير عبيد الله بن سليمان ورقاع إسماعيل القاضي 83 34 الوزير ابن مقلة يتبرّم برقاع ذوي الحاجات 84 35 الوزير عليّ بن عيسى ورقاع أبي بكر الشافعي 85 36 الوزير عليّ بن عيسى ومحمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشميّ 86 37 الوزير أبو محمد المهلّبي ومحمد بن الحسن بن عبد العزيز الهاشميّ 89 38 لو سلم من العشق أحد، لسلم منه أبو خازم القاضي 91 39 علويّ يفتخر بنفسه 92 40 ابن قناش الجوهري يصف دجلة 92 41 في هجاء مغنّ طنبوريّ 93 42 للكاتب بشر بن هارون في هجاء أحد خلفاء القضاة ببغداد 94 43 بشر بن هارون الكاتب يشكو من رئيسين صرف أحدهما بالآخر 95 44 أبو نصر البنص في مجلس سيف الدولة يعلّل سبب تسميته بالبنص 96 45 أبو نصر البنص في مجلس أبي بكر بن دريد 97 46 أبو نصر البنص وصاحب الشرطة 98 47 بين الأمير معزّ الدولة ووزيره أبي جعفر الصيمري 99 48 المدائني يتماجن على شيخ صوفيّ 100 49 أبو أحمد الحارثي وصوفيّ يترنّم بالرباعيّات

100 50 الشافعي وغلام الهرّاس 101 51 أبو محمد الواسطي والمغنّية التي يهواها 103 52 أبو الفرج الببغاء يمدح سيف الدولة 104 53 القاضي أبو بكر بن سيّار وحساب الأصابع 108 54 هندي يقتل فيلا بحيلته من غير سلاح 110 55 ملك الهند يحاور الحكماء من رعيته 112 56 الصيمريّ وزير معزّ الدولة يرفق بأحد المصادرين 113 57 مهاترة بين بصريّ وسيرافيّ 114 58 الوزير أبو محمد المهلّبيّ وحد الإقبال والإدبار 115 59 من شعر أبي الفرج الببغاء 116 60 لأبي الفرج الببغاء في الأمير سيف الدولة 117 61 من مكارم أخلاق أبي المنذر النعمان بن عبد الله 120 62 من مكارم أخلاق أبي المنذر النعمان بن عبد الله 122 63 أبو القاسم بن الحواري وعظيم برّه بأمّه 124 64 أبو عصمة الخطيب وأهل عكبرا 125 65 أصل نعمة سليمان الثلاج في بغداد 128 66 بغداد في أيام المقتدر 131 67 أحاديث في احتباس الحمل 132 68 قد ينال الإنسان باللين ما لا ينال بالشدّة 136 69 الحجّاج بن يوسف الثقفي يأمر بتعذيب آزاد مرد 138 70 الأمير معزّ الدولة اليويهي ووزيره أبو محمد المهلّبي 142 71 الأمير معزّ الدولة وحدّة طبعه 143 72 من مكارم أخلاق الأمير سيف الدولة

144 73 الخليفة المعتضد يعذّب شخصا حاول الخروج عليه 147 74 بابك الخرمي وجلده وصبره على العذاب 149 75 عافية الباقلّاني وخالد الحذّاء يسيران حافيين على باب حديد محميّ 151 76 كيف قتل الخليفة المعتضد وزيره إسماعيل بن بلبل 152 77 الخليفة المعتضد يقتل آخر بسدّ جميع منافذه 153 78 قرطاس الرومي وكيف عاقبه المعتضد 156 79 من طريف حيل اللصوص- 1 157 80 من طريف حيل اللصوص- 2 159 81 القصريّ غلام الحلاج كان يصبر على الجوع خمسة عشر يوما 161 82 ما اشترطه أبو سهل بن نوبخت، لكي يؤمن بدعوة الحلّاج 162 83 الحلّاج في مجلس الوزير حامد بن العباس 165 84 طرائف من مخاريق الحلّاج 169 85 من أقوال الحلّاج وتواقيعه 170 86 ضرب العود يماثل صوت الهيب في أصول النخل 171 87 أبو جعفر الصيمريّ وزير معزّ الدولة يسخف في مجلس العمل 172 88 أبو عليّ الجبائي والحلّاج 173 89 بعض اعتقادات أصحاب الحلّاج 174 90 خال المؤمنين عند الحلّاجيّة- 1 175 91 خال المؤمنين عند الحلّاجيّة- 2 177 92 من أخبار متخلّفي المورثين- 1

178 93 من أخبار متخلّفي المورثين- 2 184 94 ابن الدكيني يرث عن والده خمسمائة ألف دينار 185 95 وآخر بالبصرة ورث عن والده مائة ألف دينار 186 96 تاجر من العسكر يحاسب ولده على ما أتلف من المال 187 97 أحمد الخراساني صاحب ابن ياقوت 188 98 ابن وسنا الخزاعي والكلام الذي يطيّر الآجر 189 99 درّة الرقّاص الصوفي وأبو غالب بن الآجري 190 100 آخرة أبي غالب بن الآجري 191 101 درة الصوفي يتحدّث عن المورثين 192 102 فصل من كتاب كتبه القاضي التنوخيّ إلى رئيس 193 103 أبو الحسن الموصلي كاتب أبي تغلب، والسيدة جميلة ابنة ناصر الدولة 195 104 عليّة بنت المهدي تتحامى اسم طلّ 195 105 امرأة بغداديّة تتظرّف فتحرّف القرآن 196 106 بجكم أمير الأمراء وفتوة جارية الهاشمية 197 107 أبو العباس البغدادي وانفاقه ماله في الفساد 199 108 كلّ نفس آتيناها هداها 201 109 ما للماء للماء وما للخمر للخمر 202 110 قرود اليمن ترجم الزاني والزانية 203 111 دبّ في شيراز ينفخ في زق حدّاد 203 112 دبّ يضرب بمطرقة حدّاد 204 113 خاقان المفلحي يستطيب لحم الدبّ والضبع 205 114 وصف له الطبيب فرّوجا فأكل مهرا

206 115 وظيفة خاقان المفلحي في كل يوم من اللحم ألف ومائتا رطل 207 116 وظيفة الوزير أبي الفرج بن فسانجس من اللحم في كل يوم 208 117 كفى بالأجل حارسا 209 118 عريان أعزل يصيد الأسد 211 119 لئيم يفخر بلؤمه 221 120 كيف تاب ابن أبي علان من التصرّف 225 121 أبو فراس الحمداني من مناجيب بني حمدان 228 122 كيف أسر أبو فراس الحمداني 231 123 إذا اختلّ أمر القضاء في دولة، اختلّ حالها 234 124 من محاسن الأحوص الغلابيّ القاضي بالبصرة 238 125 أبو عمر القاضي يقلد ابنا لأحمد بن حنبل القضاء ثم يصرفه 239 126 أبو خازم القاضي يغضب إذا سمع مدحا للقاضي بأنّه عفيف 240 127 إسراع الناس إلى العجب ممّا لم يألفوه 242 128 من قدّم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرهم 245 129 القاضي أبو محمد البصريّ والد القاضي أبي عمر يؤدّب مملوكا من وجوه مماليك الخليفة المعتضد 246 130 قاضي همذان يمتنع عن قبول شهادة رجل مستور 247 131 الصفح الجميل عفو بلا تقريع 248 132 بين الأصبهاني الكاتب والخوميني عامل سوق الأهواز 249 133 شيخ من الكتاب ينصح أبا الحسين بن عيّاش

251 134 أبو يوسف القاضي واللوزينج بالفستق المقشور 252 135 سبب اتّصال أبي يوسف القاضي بالرشيد 254 136 أنس الرشيد بأبي يوسف القاضي 255 137 كيف نصب أبو جعفر بن البهلول قاضيا 258 138 ارتفاع محل القاضي ابن البهلول في دولة المقتدر 260 139 الحسين بن القاسم بن عبيد الله يتصرّف تصرّفا يكون أوكد الأسباب في عزله عن الوزارة 262 140 عدد الشهود الذين قبلهم القاضي التيميّ بالبصرة 263 141 أسد بن جهور، وما فيه من سوداء ونسيان 264 142 المتوكل يختار فتى لمنادمته 266 143 المعتضد يلاعب ابن حمدون بالنرد 268 144 المعتضد يسدد دين نديمه مرتين 270 145 بين ابن المدبّر وعريب 274 146 الزجّاج يدرس النحو على المبرّد 276 147 بيتان من نظم أبي محمد الشامي كاتب الأمير سيف الدولة 277 148 ليحيى بن محمد في مواهب المغنّية 279 149 لابي الفرج الببغاء في الأمير سيف الدولة 280 150 لأبي الفرج الببغاء يعزّي الأمير سيف الدولة بولده أبي المكارم 281 151 سيف الدولة يقيم الفداء مع الروم على شاطئ الفرات 282 152 رأي أحد القضاة في الخليفة المقتدر 283 153 المؤتمن أبو القاسم سلامة، يتحدث عن صحّة تفكير الخليفة المقتدر

284 154 حديث القاضي أبي طالب بن البهلول مع الخليفة المقتدر 287 155 الخليفة المعتضد يتنبأ بأنّ ضياع الدولة يجري على يد ولده المقتدر 292 156 يقال إنّ جميع الغوالي استعملت في الوحل الذي عملته السيّدة أم المقتدر 293 157 أنموذج من إسراف السيّدة أم المقتدر 295 158 أنموذج من إسراف الخليفة المقتدر 296 159 أنموذج من إسراف الخليفة الراضي 298 160 الراضي يأمر لكل واحد من ندمائه بوزن الآجرّة دراهم 300 161 ختم الراضي الخلفاء في أمور عدّة 301 162 أنموذج من إسراف المتوكل 303 163 الوزير المهلّبي يشتري لمجلس شرابه وردا بألف دينار 304 164 أبو القاسم البريدي يشرب على ورد بعشرين ألف درهم 305 165 كان أبو العباس الشامي نخّاسا فأصبح قوّادا 306 166 أبو العباس الشامي النخّاس كان صفعانا طيّبا 307 167 أبو العباس الشامي النخّاس يطلب من القاضي قبوله للشهادة 308 168 الوزير المهلّبي والشامي النخّاس 309 169 أبو مخلد يستولي على دست مجلس معز الدولة 310 170 أبو مخلد يستولي على طنفسة رآها في مجلس الخليفة المطيع 311 171 ابن دية الأنماطي يقوّم ثمن قسم من فرش أبي مخلد بمائتي ألف دينار 312 172 الشيخ الخياط وأذانه في غير وقت الأذان 319 173 مثل على تيقّظ المعتضد وعلوّ همته

322 174 التفريط في حدود أذربيجان أدّى إلى فساد المملكة 326 175 مثل آخر على تيقّظ المعتضد وعلوّ همّته 329 176 مثل على ضبط المعتضد أمر جنده وتشدّده في منعهم من التعدّي 331 177 شدّة ضبط المعتضد عسكره 334 178 بين المعتضد، ونديمه، ووزيره 338 179 عاشق تسبّب في قتل حبيبته وزوجها 340 180 كلب يكشف عن قاتل سيده 342 181 خبأ ماله في برنيّة، فعجل ذلك في سرقتها 343 182 الأمير عماد الدولة بن بويه، تقع عليه حيّة فيجد كنزا 344 183 الأمير عماد الدولة، يجد كنزا في خان مهجور 345 184 الأمير معزّ الدولة، يستخرج كنزا من المدائن 347 185 كردك النقيب الديلمي، يغتال مستأمنا طمعا في ماله 349 186 ابن الحراصة يضمن القمار والفجور ببغداد وحماية اللصوص بألفي درهم في كلّ شهر 350 187 ابن الحراصة ترتكب الفاحشة في داره علانية 351 188 امرأة تشوي ولدها وتأكله 352 189 عشرون ألف درهم ثمن كرّ واحد من الحنطة 353 190 أبو الفرج الببغاء يمتدح الأمير سيف الدولة

فهرس أسماء الأشخاص

فهرس أسماء الأشخاص (أ) إبراهيم بن عيسى- أخو الوزير علي بن عيسى بن الجراح 43، 44 إبليس 169 الأثرم- أبو العباس 20 ابن الأثير- عز الدين علي بن محمد الشيباني 28 الآجري- أبو غالب 189، 190، 192 ابن أحمد بن حنبل- القاضي 238 أبو أحمد- الأمير الموفق طلحة بن المتوكّل أبو أحمد بن الحسين بن يوسف- عامل الأهواز 221 أحمد بن طولون 236 أحمد بن الطيّب- السرخسي أحمد بن عمر بن حفص 186 الآدمي- البزاز البصري 307 أردشير بن بابك 213 أزادمرد بن الفرند 136 الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد الأزدي القاضي 82 256، 257، 262 الأزدي- أبو علي الحسن بن إسماعيل بن إسحاق القاضي 326 الأزدي- أبو عبد الله محمد بن سليمان بن فهد الموصلي 72

الأزدي- أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد الموصلي 17، 72، 264، 266، 268، 276، 277 أبو إسحاق- صاحب الطبقات 235 أسماء بنت المنصور 180 إسماعيل بن بلبل- أبو الصقر الوزير 42، 45، 151، 256، 257 الأشعث بن قيس- الكندي الأصبهاني- أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سعيد 248 الأصبهاني- أبو العباس أحمد بن عبد الله الأصبهاني الكاتب 231 الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين صاحب الأغاني 32، 18، 19، 38، 74 الأصبهاني- أبو القاسم سعيد بن عبد الرحمن الكاتب 112 اغورج- بطريق رومي 228 الآمدي- أبو القاسم الحسن بن بشر 89 امرؤ القيس 225 أبو أميّة القاضي- الغلابي الأمير الناصر- الموفق طلحة بن المتوكل الأنباري- أبو علي أحمد بن جعفر بن إبراهيم الحصيي 258 الأنباري- جعفر بن إبراهيم الحصيني 255 الأنباري- أبو علي الحسن بن محمد الأنباري الكاتب 72، 287، 292 الأنماطي- ابن دية 311 الأهوازي- أبو بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم الشاهد 165 ابن أبي أيوب- أبو محمد الواسطي 101 (ب) ابن البازيار- أبو علي 95 بابك الخرمي 147

الباقلاني- عافية 149 الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي 91، 103، 115، 116، 225، 230، 276، 279، 280، 281، 353 بجكم- الماكاني، أمير الأمراء 10، 19، 196 البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 151، 228 البخاري- أبو نصر أحمد بن عمرو القاضي 238 بختيار- أبو منصور عز الدولة بن معز الدولة 71، 94، 138، 193، 277، 278 بدر- غلام المعتضد 316، 317، 326 بدر اللاني- 144، 153 بدعة- جارية عريب 89، 271 بدعة الدرونية 197 البرامكة- بنو خالد بن برمك 16، 17، 18، 19، 69، 252 البربهاري- الحسن بن علي بن خلف 28 البربير- الشيخ أحمد 104 البرجمي- أبو الشبل عاصم بن وهب 18، 19 البرسي- أبو الحسن عامل البصرة 293 آل برمك- البرامكة البرمكي- جحظة، أبو الحسن أحمد بن جعفر 26 البرمكي- خالد 19 البرمكي- الفضل بن يحيى بن خالد 19 البرمكي- أبو الفضل يحيى بن خالد 18، 19 البريدي- أبو الحسين عبد الله بن محمد 20، 190 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد 18، 19، 20، 190، 217، 219، 284، 305 البريدي- أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد 175، 176، 190، 304، 305، البريدي- أبو يوسف يعقوب بن محمد 20، 305، 306

البريديون- آل البريدي 20، 68، 142 البستي- أبو الفتح علي بن محمد بن الحسين بن يوسف 93 بشر بن هارون النصراني الكاتب، أبو نصر 93، 94 البصري- أبو محمد يوسف بن يعقوب بن حماد- والد القاضي أبي عمر 245 ابن بطوطة- محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي 312 البغدادي- أبو العباس 197 البغدادي- أبو القاسم 277 ابن بقيّة- وزير بختيار 24 البنص- أبو نصر 95، 96، 97 ابن البهلول- التنوخي أبو جعفر القاضي بوران- خديجة بنت الحسن بن سهل 302 البومني- أبو محمد الحسن بن محمد البصري 170 بويه- بنو 247، 325 ابن البيطار- ضياء الدين بن عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي 2 (ت) التازي- محمد بن عمر البغدادي، ابن عتاب السقطي 85، 337 تجنّي- محظية الوزير المهلّبي وأم أولاده 278 تحفة- جارية عريب المأمونية 271 تره- محمد بن أحمد التنوخي- 9 التنوخي- القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول 17، 18، 10، 47، 136، 163، 242، 243، 249، 255، 257، 258، 259، 260 التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق 24، 9، 42، 46، 114، 144، 153، 159، 161، 172، 186، 188، 227، 255، 258، 274،

283، 322، 342، 350 التنوخي- إسحاق بن البهلول 255 التنوخي- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 47، 65، 150، 242، 255، 260 التنوخي- القاضي أبو القاسم علي بن محمد، والد المؤلّف 5، 17، 18، 19، 20، 28، 29، 30، 31، 46، 66، 152، 218، 219، 245، 252، 254، 282، 284، 289، 319، 334 التنوخي- القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن، ابن المؤلف 5، 27، 28، 29، 32، 7، 155، 192، 220 التنوخي- محمد بن داود بن إبراهيم، جد المؤلف 17 التنوخي- القاضي محمد بن علي بن المحسّن التنوخي 28 التنوخي- القاضي أبو عليّ المحسّن بن عليّ، مؤلف النشوار 5، 8، 9، 11، 13، 14، 17، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32 التنوخي- أبو طالب محمد بن أبي جعفر بن البهلول 255، 284 التنوخي- أبو بكر الأزرق، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري 10، 42، 144، 153 توزون- أبو الوفاء، أمير الأمراء 20، 277 تيمور- أحمد تيمور 6، 3، 5، 6، 26، 37، 73، 144، 212، 289 التيمي- أبو الأغر بن أبي شهاب 149 التيمي- القاضي بالبصرة 162 (ث) الثعالبي- أبو منصور عبد الملك بن محمد النيسابوري 31، 103 ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار 274، 296

(ج) ابن جان بخش- 174، 175 الجبائي- الحسين بن محمد بن الحسين 345 الجبائي- أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام 10، 172، 221 الجراح- محمد بن داود 25 ابن الجصّاص- أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الجوهري 21، 25، 26، 29، 31، 36، 37، 40 ابن الجصّاص- أبو عليّ بن أبي عبد الله 21، 29 جعفر الصادق- الإمام 6 جعفر بن المعتضد- المقتدر الجعفي- أحمد بن إبراهيم 351 الجنّابي- أبو طاهر القرمطي 199 الجهنيّ- أبو القاسم 19، 38، 74، 263، 295، 301، 338 ابن جهور- أسد، عامل الكوفة 263 جواد- الدكتور مصطفى 275 ابن الجوزي- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي 8، 77، 338 الجيلي- طاهر 98 (ح) ابن حاجب النعمان- أبو عبد الله بن عبد العزيز بن إبراهيم 69 ابن حاجب النعمان- أبو الحسين عبد العزيز بن إبراهيم 69، 70 الحارثي- أبو أحمد عبد الله بن عمر 100، 101، 331 الحاجي- علي بن الحسين 299

حامد بن العباس- الوزير 22، 23، 24، 41، 43، 122، 159، 162 ابن الحجّاج- أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد الشاعر 23، 31، 93، 277 الحجّاج بن يوسف الثقفي- 136، 137، 215 ابن حدبنا- صاحب الربع 231 ابن أبي الحديد- عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله المدائني 170 الحذّاء- خالد 149 ابن الحراصة- 349، 350 ابن حرب- جعفر المعتزلي 10، 223 ابن الحرث- أبو الحسن صاحب الوزير سليمان بن الحسن بن مخلد 285، 286 الحسن بن علي 18 الحسن بن علي- أبو محمد الإمام 264 الحسن بن هارون- أبو علي 50، 277 أبو الحسين القاضي- عمر بن يوسف 208، 240، 249 الحسين بن علي- أبو عبد الله الإمام 264 الحسين بن غريب البقال 188 الحسين بن القاسم بن عبيد الله 260، 261 الحشمي- محمد بن أحمد 136 أبو الحصين- القاضي علي بن عبد الملك الرقي- الرقي الحلاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 10، 159، 161، 162، 164، 165، 169، 172، 173 حلوز بن باعلي 175 الحمداني- أبو فراس الحارث بن سعيد 30، 225، 226، 228، 229، 281 الحمداني- محمد بن ناصر الدولة الحسن 25، 228 الحمداني- أبو المكارم بن سيف الدولة 280 الحمداني- سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله 18، 18، 38، 95، 103، 225، 228، 229، 230، 276، 279، 280، 281، 353

الحمداني- أبو المعالي، سعد الدولة، شريف بن سيف الدولة 226، 227 الحمداني- فضل الله بن الحسن، أبو تغلب 26، 193 الحمداني- ناصر الدولة الحسن بن عبد الله 72، 204، 231 الحمدانية- جميلة بنت ناصر الدولة 193، 194 ابن حمدون- إبراهيم 264 ابن حمدون- أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم 264، 265، 301 ابن حمدون- أبو جعفر 264، 266، 268، 296 ابن حمدون- أبو محمد عبد الله بن أحمد 264، 266، 268، 301، 319، 321 331، 334، 337 حمولي- أبو علي أحمد بن موسى 309 الحموي- شهاب الدين ياقوت بن عبد الله البغدادي 8، 17، 18، 232 ابن حنزابة- أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات- ابن الفرات أبو حنيفة- النعمان بن ثابت ابن الحواري- أبو القاسم عليّ بن محمد 60، 61، 62، 122، 123، 283 الحيّاني- الفضل بن أحمد 84، 100 (خ) أبو خازم القاضي- عبد الحميد بن عبد العزيز 89، 90، 239 خاطف المغنّية- التي تغنّي بالقضيب 24 خاقان المفلحي 204، 206 الخاقاني- محمد بن عبيد الله بن خاقان 29، 42 ابن أبي خالد- إسماعيل المحدّث 131 ابن خانجير 174، 175 خديجة بنت الحسن بن سهل- بوران

الخراساني- أحمد، صاحب بن ياقوت 187 الخراساني- أبو حامد أحمد بن بشر بن عامر 97، 98 ابن خربان- أبو القاسم علي بن محمد، كاتب ابن أبي علان 211 الخرقي- إسحاق الشيرازي 293 الخرمي- بابك الخصيبي- أحمد بن عبيد الله، الوزير 322 الخطيب البغدادي- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت 8، 136 الخفاف- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 156، 157 خمارويه- ابن أحمد بن طولون 204 الخوارزمي- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف 2 الخوميني- أبو عبد الله، عامل سوق الأهواز 248 (د) ابن داسه- أبو عمر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن بكر البصري 202 ابن داسه- عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن بكر 113 ابن داسه- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن بكر 36، 56، 199 الدامغاني- أبو الحسن، صاحب معز الدولة 345 ابن درستويه- أبو محمد عبد الله بن جعفر النحوي 274 درّة الرقاص الصوفي- 189، 190 ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن 10، 96 ابن الدكيني- المورث 184 دلويه- أبو محمد، كاتب نصر القشوري، حاجب المقتدر والقاهر 155 الديلمي- أسفار بن شيرويه 323، 324 الديلمي- ما كان 323

(ر) الراضي- الخليفة محمد بن جعفر المقتدر 65، 95، 196، 249، 277، 296، 298، 299، 300 الرامي- أبو الحسن 91 ابن رائق- الأمير أبو بكر محمد بن رائق أمير الأمراء 19، 38 الربيع ابن حبيب بن عمرو الفراهيدي- 235 الرجب- قاسم محمد، صاحب مكتبه المثنى 12 ابن رزق الله- التاجر البغدادي 56 الرشيد- هارون بن المهدي 30، 19، 195، 251، 252، 254، 302 رشيق- خادم الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان 18 أبو رفاعة- ابن كامل، أحد خلفاء القضاة ببغداد 93 الرقّي- أبو الحصين، القاضي علي بن عبد الملك 228 ركن الدولة- أبو علي الحسن بن بويه 25، 128، 138، 325 الرميكيّة- زوجة المعتمد بن عباد اللخمي، صاحب إشبيلية 292 ابن الرومي- علي بن العباس الشاعر 75، 151 (ز) الزاهد- أبو عمر محمد بن عبد الوهاب بن هاشم، غلام ثعلب 296 ابن الزبير- عبد الله، أبو بكر 136 الزجّاج- أبو إسحاق إبراهيم بن السريّ 9، 10، 75، 89، 274 الزجّاج- أبو الحسن 203

الزكوريّة- المغنّية 187 زلزل- الضارب بالعود 326 أبو زنبور- الحسين بن أحمد بن رستم المادرائي 57 زهرة- جارية الزكوريّة المغنّية 187 زهرة العجمية- 187 ابن الزيات- الوزير محمد بن عبد الملك 17 زينة- ابنة الوزير أبي محمد الحسن المهلّبي- 278 (س) سابور ذو الأكتاف 257 ابن أبي الساج- الأمير يوسف 208، 322، 324، 325 الساجي- أبو يحيى زكريا بن يحيى 234 أبو السائب- عتبة بن عبيد الله بن موسى 208، 246 سبط ابن الجوزي- يوسف قز أوغلى 7، 16 سعد بن أبي وقاص- 345 سعد الدولة- ابن سيف الدولة- الحمداني أبو سعيد- سلطان العراق، ابن محمد خدابنده 312 السفاح- أبو العباس، عبد الله بن علي 257 سقراط- الفيلسوف اليوناني 113 السقطي- ابن عتاب- التازي، أبو السري، محمد بن عمر ابن سكّرة الهاشمي- الشاعر 23 السكّري- أبو محمد عبد الرحمن بن نصر البصري، صاحب البريديّين 68 ابن السكّيت- يعقوب بن إسحاق إمام اللغة والأدب 264

سلامة- المؤمن أبو القاسم، حاجب المقتدر 283 السلامي- أبو الحسن محمد بن عبد الله 91 سليمان- الثلاج 125 سليمان بن الحسن بن مخلد- الوزير 249، 250، 285، 322 ابن سهل- الحسن 144، 302 ابن سهل- الفضل 144، 302 السوسي- أبو زكريا يحيى بن سعيد 19 ابن سيار- القاضي أبو بكر أحمد، قاضي الأهواز 20، 104، 108، 110، 209 السيّدة- أم المقتدر، شغب، مولاة المعتضد 164، 211، 213، 214، 216، 242، 243، 244، 287، 292، 293، 294 سيف الدولة- الحمداني سيف بن ذي يزن 201 السرخسي- أبو العباس أحمد بن مروان بن الطيّب 129، 332 (ش) الشابوراي- غالب، غلام الوزير المهلبي 278 شاجي- جارية الأمير عبيد الله بن عبد الله بن طاهر 125، 127 الشارزادي- غالب، غلام الوزير المهلبي 278 الشافعي- أبو بكر، صاحب الوزير علي بن عيسى 84، 100 الشافعي- الإمام محمد بن إدريس 29، 131، 208 الشالجي- عبود، المحامي 3، 12، 32 الشامي- داود اليهودي 205 الشامي- أبو محمد عبد الله بن محمد كاتب سيف الدولة 276 الشامي- أبو العباس النخّاس 304، 305، 306، 307، 308 ابن شاهويه- أبو بكر 26

شبيب الخارجي- 213 الشرابي- ابن أبي عمرو أبو منصور عبد العزيز بن محمد بن عثمان، حاجب المطيع 247 الشريف الرضي 31 شغب- أم المقتدر- السيّدة ابن أبي الشوارب- القاضي الحسن بن عبد الله الأموي 249 ابن أبي الشوارب- القاضي أبو العباس عبد الله بن الحسن الأموي 21، 22 ابن أبي الشوارب- القاضي أبو الحسن محمد بن الحسن بن عبد الله 249 ابن أم شيبان- الهاشمي أبو الحسن محمد بن صالح القاضي الشيباني- الأمير أبو محمد، جعفر بن ورقاء 21، 26، 83 الشيرازي- أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 49، 125، 270، 310 الشيرازي- أبو الفضل بن أبي أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي 26 الشيرازي- الوزير أبو الفضل العباس بن الحسين صهر المهلبي 23، 94، 277 شيرج بن ليلى- 324 ابن شيرزاد- أبو جعفر محمد بن يحيى 20، 138 ابن شيرمردي- أبو الحسن بن بلعباس 349 الشيرواني- أبو بكر بن رستم بن أحمد 14 شيلمه- محمد بن الحسن بن سهل 144، 145، 155 (ص) الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال 23 الصابي- أبو الحسن هلال بن المحسّن 8، 67، 129 صاحب الزنج- علي بن محمد الورزنيني 144، 153 الصاحب بن عباد- كافي الكفاة إسماعيل 91، 114، 225 صاعد بن ثابت- أبو العلاء 70 صاعد بن مخلد- كاتب الأمير الموفق 16، 138

صافي- أحد الساجية 189 صافي الحرمي- الخادم 287، 289 الصدر- محمد 275 الصفار- سعيد البصري 235 الصفار- عمرو بن الليث 16 الصلحي- أبو محمد الكاتب 204، 206 الصوفي- أبو الفرج بن روحان 159 الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى 19، 20، 43، 298، 299 الصيمري- أبو جعفر محمد بن أحمد، وزير معز الدولة 46، 98، 112، 139، 171، 248، 277 (ض) الضبّي- أبو جعفر هارون بن محمد القاضي 89 ابن الضحّاك- موسى بن أبي الفرج 132 (ط) الطالبيون- آل أبي طالب 289 ابن طاهر- عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب 25 ابن طاووس- رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى 5 الطائع لله- الخليفة عبد الكريم بن الفضل المطيع بن جعفر المقتدر 25، 26، 27، 85، 247 الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن محمد 296 الطبري- أبو مخلد عبد الله بن يحيى 16، 309، 310، 311 الطبيب- أبو بكر سعيد بن هارون 113

الطبيب- وهب بن يوسف اليهودي 205 ابن طرخان- أبو القاسم 92 طل- خادم عليّة بنت المهدي 195. الطولوني- نجح أخو سلامة المؤتمن 283 أبو الطيّب الواسطي- النعمان بن نعيم بن أبان. (ع) عائشة أم المؤمنين 174 عبادة المخنث- نديم المتوكل 264 ابن عباس- عبد الله 247 عباس- الدكتور إحسان 12 أبو العباس- الأمير- المعتضد العباس بن الحسن- الوزير 25، 308 العباس بن عبد المطلب 85 ابن عبد الحميد- كاتب السيّدة 243 عبد الرحمن بن عيسى- أخو الوزير علي بن عيسى 277 عبد الله بن إبراهيم بن مكرم- أبو يحيى القاضي عبد الله- أخو بابك الخرمي 147، 148 عبد الله بن محمد بن مهرويه- أبو القاسم- ابن أبي علان الأهوازي عبيد الله بن سليمان- الوزير 43، 78، 80، 82، 239، 275، 312، 319 عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين- الأمير 125، 127 عبيد الله بن محمد 174 عبيد الله بن يحيى بن خاقان- الوزير 18، 19 العجلي- عيسى بن أبي دلف 22 العجلي- معقل بن أبي دلف 22

عروة الزبيري 199 العروضيّ- أبو الحسن- معلم الراضي ونديمه 299 عريب- جارية المأمون 89، 270، 271 عز الدولة- بختيار أبو عصمة- خطيب عكبرا 122، 123، 124 عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة 24، 25، 26، 27، 91، 193، 194، 196، 278 ابن أبي علان الأهوازي- عبد الله بن محمد بن مهرويه، خال أبي القاسم التنوخي والد المؤلف 211، 213، 220، 223، 329 العلوي- أبو عبد الله بن الأبيض 91 العلوي- أبو عبد الله الموسوي 49، 352 العلوي- الحسن بن القاسم- الملقب بالداعي 71، 323 العلوي- أبو عبد الله محمد بن الحسن الداعي 71 العلوي- محمد بن عمر 114 عليّ بن إبراهيم بن حمّاد- القاضي 56 عليّ بن أبي طالب- أبو الحسن الإمام 264 عليّ بن بسّام- الشاعر 263 أبو عليّ البصري 9 أبو عليّ التنوخي 9 عليّ بن أبي عليّ 9، 10 عليّ بن أبي عليّ البصري 9، 10 عليّ بن أبي عليّ البغدادي 9 عليّ بن أبي عليّ التنوخي 9 عليّ بن أبي عليّ القاضي 9 عليّ بن أبي عليّ المعدل 9 العلي- الدكتور صالح أحمد 12

عليّ بن عيسى- أبو الحسن الوزير 11، 22، 25، 42، 43، 46، 48، 49، 50، 51، 52، 55، 84، 85، 100، 117، 216، 258، 259، 282، 283، 286 عليّ بن محمد بن الفرات- ابن الفرات عليّ محمد فهمي- مؤلّف 7 عليّ بن المحسّن 9 عليّ بن المحسّن التنوخي 9 عليّ بن المحسّن القاضي 9 عليّ بن موسى- شيخ من أخيار الكتاب 244 عليّ بن يلبق 277، 283 عليّة بنت المهدي 195 عماد الدولة- أبو الحسن عليّ بن بويه 98، 138، 324، 325، 343، 344 عمر بن عبد العزيز- الخليفة الأموي 136 عمر بن محمد القارىء- أبو السريّ 85 أبو عمر القاضي- محمد بن يوسف بن يعقوب الأزدي 36، 51، 52، 60، 61، 62، 82، 128، 163، 238، 239، 240، 241، 245، 249، 257، 258، 259، 260، 261 عمران بن شاهين 98 عمرو بن أبي عمرو- النخّاس 245 عمرو بن الليث الصفار- الصفار عمرو بن نهيوي 132، 133، 135 ابنة العمّي- ضاربة الطبل 277 عوّاد- كوركيس 7 عوّاد- ميخائيل 12، 127، 128 ابن أبي عوف- أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن المروزي 9، 56، 78 ابن عيّاش- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث الجوهري البغدادي القاضي 24،

25، 46، 57، 63، 64، 75، 78، 122، 162، 231، 239، 240، 249، 352 أبو عيسى- أخو أبي صخرة- أحمد بن محمد بن خالد 42، 43، 44، 45، 48 عيسى المتطبب- طبيب القاهر ومستشاره 283 عيسى ابن الوزير عليّ بن عيسى 85 أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد- الضرير 16 (غ) غرس النعمة- محمد بن هلال بن المحسّن بن إبراهيم الصابي 23 غلاب- جدة القاضي أبي أميّة الغلابي 232 الغلابي- أبو أميّة الأحوص الغلابي قاضي البصرة 232، 233، 234، 236، 237 غلام جوذاب- أبو عليّ- كاتب البريدي 217 (ف) الفارابي- أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان 6 الفارسي- سلمان 345 الفارسي- أبو علي النحوي 274 فاطمة- الزهراء البتول 264 الفتح بن خاقان- وزير المتوكل 265 فتوّة- جارية الهاشميّة- عشيقة بحكم 196 ابن الفرات- أبو الحسن عليّ بن محمد- الوزير 22، 30، 33، 42، 43، 49، 52، 57، 59، 65، 66، 93، 117، 164، 199، 207، 231، 232، 236، 237، 243 ابن الفرات- أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات- ابن حنزابه 65، 249

ابن الفرات- المحسّن بن أبي الحسن الوزير 30، 42، 43، 84، 117، 122 ابن الفرانقي- السرخسي ابن فسانجس- أبو الفرج محمد بن العباس 94، 207، 277 الفضل بن مروان- الوزير 133، 134، 135 الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي- البرمكي (ق) أبو القاسم 9 أبو القاسم التنوخي 9، 10، 11 القاسم بن دينار- عامل الأهواز 20 القاسم بن عبيد الله- الوزير 9، 10، 75، 89، 90، 274، 275، 335 أبو القاسم بن المحسّن 9، 10 القاهر- محمد بن المعتضد 242، 261، 277، 283 ابن قديدة- أبو جعفر 211، 213، 214، 216، 217، 218، 219 القراريطي- أبو إسحاق محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإسكافي 38، 40 القرامطة- 164 قرطاس الرومي 153، 155 قرغويه- غلام أبي الهيجاء بن حمدان 226، 227 القرمطي- أبو طاهر الجنابي 322 ابن قريعة- القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن 52، 117، 120 القزويني- أبو الحسن بن مهذب- كاتب سوريل القائد الديلمي 343 قسطنطين الأكبر 54 القشوري- نصر- حاجب المقتدر 164، 283، 325 القصري- غلام الحلاج 159 القطان- علي بن خلف البغدادي 91

القطراني- الشاعر البصري 233 ابن قناش- أبو جعفر طلحة بن عبيد الله الطائي البغدادي الجوهري 92، 95، 96، 143 القهرمانة- أم موسى 122، 242، 243 (ك) الكاظم- الإمام موسى 252 كرد علي- محمد 31 كردك- النقيب الديلمي 23، 347، 348 ابن كردم- الأهوازي الضرّاب 142 الكرملي- الأب انستاس ماري 3 كسرى 345 كسرى ابرويز 166 ابن كنداج- محمد بن إسحاق- أمير البصرة 235، 236 (م) المادرائي- أبو زنبور الحسين بن أحمد بن رستم- أبو زنبور المادرائي- محمد بن علي 57 بنو مارية- من أهل الصراة 275 المازيار 147 ما كان- الديلمي 196 مالك- ابن أنس- الإمام 131، 260 المأمون- عبد الله بن هارون 30، 15، 132، 133، 134، 135، 270، 282، 289، 302 المبارك بن أحمد السيرافي 174

المبرّد- محمد بن يزيد الثمالي 9، 274، 275 مبشّر- الرومي- مولى أبي القاسم التنوخي 190، 192، 340 متز- آدم- المستشرق 104 المتّقي- أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر المقتدر 20، 38، 231، 249، 277، 300 المتنبّي- أبو الطيّب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 22، 9، 95، 113 المتوكل- جعفر بن محمد المعتصم 17، 18، 78، 82، 144، 255، 264، 265، 301 ابن المثنى- أبو الحسين أحمد 89 ابن المثنى- أبو أحمد طلحة بن الحسن 89 المحسّن 9 المحسّن بن عليّ التنوخي 9 المحسّن بن الفرات- ابن الفرات محمد بن أحمد- المعروف بترة 129 محمد بن إسحاق بن المتوكل- صهر أمّ موسى القهرمانة 243 محمد بن أبي بكر 174 محمد- أبو القاسم، رسول الله صلوات الله عليه 13، 14، 15، 16، 105، 137، 253، 350 محمد بن سليمان- أبو عبد الله- كاتب سيف الدولة 72 محمد بن عبد الله- أبو عمارة الحلّاجي 173، 174 محمد بن عبد الله بن طاهر 125 محمد بن عجلان 131 ابنة أبي محمد المادرائي- زوجة أبي الحسين عبد العزيز بن إبراهيم المعروف بابن حاجب النعمان 70 محمد بن المنتشر 136 ابن مخلد- الحسن 249 المدائني- أحمد بن محمد 99

ابن المدبّر- إبراهيم الكاتب 270، 271 المدني- أبو عثمان زكريا 340 المرتضي بالله- ابن المعتز عبد الله مرجليوث- د. س. المستشرق 6، 11، 32 مرداويج بن زيار الجيلي 16، 138، 196، 323، 324، 325 ابن المرزبان- أبو نصر سهل 30، 31 المزني- أبو إبراهيم، إسماعيل بن يحيى 235 المستعين- أحمد بن محمد بن المعتصم 133 المستكفي بالله- عبد الله بن عليّ المكتفي 138، 208، 247، 249 المطيع لله- الفضل بن جعفر المقتدر 20، 78، 138، 247، 249، 300، 310 المعتز بالله- محمد بن جعفر المتوكل 125، 265 ابن المعتز- عبد الله بن محمد 25، 257 أم المعتز بالله قبيحة 265 المعتصم بالله- أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد 17، 133، 147، 148، 264، 289 المعتضد بالله- أبو العباس أحمد بن الموفق طلحة 9، 17، 16، 75، 78، 79، 144، 145، 151، 152، 153، 154، 155، 202، 245، 258، 260، 266، 268، 269، 270، 274، 282، 287، 289، 291، 293، 312، 316، 318، 319، 325، 326، 327، 328، 330، 331، 333، 334، 337 المعتمد- الخليفة أحمد بن المتوكل 18، 78، 144، 151، 236، 270، معد- صاحب عذاب الحجاج 136 ابن معروف- أبو محمد عبيد الله بن أحمد، قاضي القضاة 114 معروف الكرخي- 159 المعرّي- أبو العلاء أحمد بن الحسين 23 معزّ الدولة- الأمير أبو الحسين أحمد بن بويه 19، 7، 15، 16، 20، 46، 69،

71، 72، 73، 87، 94، 98، 112، 138، 139، 140، 141، 171، 190، 204، 248، 277، 309، 325، 345، 347، 348 350، 351، 352 المغربي- عبد القادر 41، 70 المفلحي- خاقان المفلحي المقتدر- أبو الفضل جعفر بن المعتضد 10، 11، 22، 25، 26، 30، 31، 34، 37، 39، 40، 42، 48، 57، 65، 87، 95، 117، 122، 128، 130، 159، 164، 184، 240، 242، 243، 249، 250، 258، 260، 261، 282، 283، 284، 285، 287، 288، 289، 290، 295، 322 ابن مقسم- أبو بكر- مبتدع قراءة في القرآن 283 ابن مقلة- أبو الحسن عبد الله بن علي- أخو الوزير 64 ابن مقلة- الوزير أبو عليّ محمد بن عليّ بن الحسين 18، 48، 49، 64، 83، 164، 231، 249، 260، 277، 284، 322 المكتفي- عليّ بن المعتضد 75، 260، 288، 290، 316 مكرم بن بكر 52 ابن أخت ملك الروم 228 المنتصر- محمد بن جعفر المتوكل 265 المنجّم- أبو منصور 15 المنجّم- الحسن بن علي بن زيد- غلام أبي نافع 20 المنجّم- هارون بن أبي منصور 15 المنجّم- أبو العباس هبة الله بن محمد بن يوسف النديم 15، 37، 41، 132 المنجّم- يحيى بن أبي منصور 15 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 15، 16، 180، 232، 252، 257، 312 المهتدي- محمد بن هارون 78، 153

المهدي- محمد بن عبد الله المنصور 195 ابن مهرويه 18 المهلّبي- أبو الغنائم الفضل بن الوزير أبي محمد المهلّبي 22، 70 المهلّبي- أبو محمد الحسن بن محمد- وزير معز الدولة 19، 20، 21، 15، 38، 40، 68، 87، 88، 94، 114، 128، 138، 139، 140، 248، 277، 278، 303، 308، 309 مواهب- المغنّية 277، 278 الموسوي- أبو أحمد 114 الموصلي- الشيخ شمس الدين 104، 106 الموصلي: أبو الحسن علي بن عمرو بن ميمون 193 الموفّق- أبو أحمد طلحة بن جعفر المتوكل 16، 78، 138، 144، 153، 154، 155، 255، 257 مؤنس- المظفر القائد 34، 261 المؤيّد- إبراهيم بن المتوكل 265 الميكالي- الأمير أبو الفضل عبيد الله بن أحمد 103 (ن) الناصر- الأمير الموفّق أبو أحمد طلحة بن المتوكل- الموفّق الناصر- عبد الرحمن أمير الأندلس 34 النسوي- الحسين بن محمد 20 ابن نصرويه- القاضي أبو الحسين محمد بن عبيد الله 234، 262 النصيبينيّ- أبو إسحاق إبراهيم بن عليّ المتكلّم 91 نعمان- شيخ من أهل اليمن 108 النعمان بن ثابت- أبو حنيفة الإمام 28، 95، 251، 252، 262 النعمان بن عبد الله الكاتب- ابو المنذر 69، 117، 120، 215، 216

النعمان بن نعيم بن أبان- أبو الطيّب الواسطي 202 أبو نؤاس- الحسن بن هانئ الحكمي الشاعر 19 ابن نوبخت- أبو سهل، إسماعيل بن علي 10، 161 النوكاني 347 (هـ) الهاشمي- أبو الحسن بن المأمون 24 الهاشمي- أبو الحسن محمد بن صالح القاضي- ابن أم شيبان 87، 128، 129، 130، 131 الهاشمي- أبو الحسن محمد بن عبد الواحد القاضي 22، 89، 92، 312، 326 الهاشمي جعفر بن عبد الواحد 89، 307 الهاشمي- محمد بن الحسن بن عبد العزيز 85، 86، 87 هدبة بن خالد 235 أبو الهيثم- القاضي عبد الرحمن بن القاضي أبي الحصين الرقّي 228 (و) الواثق- هارون بن محمد المعتصم 17، 145، 223، 264، 289، 290 واثق- مولى المعتضد 258 واثق- بن رافع، أبو الطيّب، مولى ابن أبي الشوارب 337 الواثقي- الحسين بن الحسن 83 أبو محمد الواسطي- ابن أبي أيوب بنو وجيه- ملوك عمان 347 ابن أبي الورد- أبو أحمد- شيخ من أبناء القضاة 21، 60 ابن ورقاء- أبو المكارم 70

ابن وسنا الخزاعي 188 وهب بن منبه 201 (ي) ياقوت- القائد 18، 187، 325، 344 ابن ياقوت- محمد 283، 325 ابن ياقوت- مظفر، القائد 187، 325 يأنس الموفقي 38، 39 يحيى بن عبد الله- العلوي الثائر 252 أبو يحيى القاضي- عبد الله بن إبراهيم بن مكرم 52 ابن يزداد- محمد 132، 133، 134، 135 يزدجرد بن مهمندار الفارسي 128، 129 أبو يوسف القاضي- يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري 251، 252، 254 يوسف بن يعقوب الأزدي القاضي- أبو محمد البصري

فهرس جغرافي

فهرس جغرافيّ (أ) 215 119 الأبلّة 325 174 ارجان 324 174 أصبهان 257 137 الأنبار 23 ت م الإيغاران (ب) 138 70 باب الشماسيّة 180 93 باب الطاق 22 ت م بابل 129 66 بادوريا 22 ت م البرج 326 175 بركة زلزل 234 124 البصرة 166 83 البطائح 88 37 بيروذ 88 37 بصنّى (ت) 173 89 تستر 22 ت م تكريت (ج) 22 ت م الجامعين 324 174 الجبل 221 120 جبّى (ح) 228 122 حرّان 222 120 الحوز (خ) 22 ت م خانيجار 22 ت م خطرنية 86 37 خندق طاهر (د) 213 119 دجيل 22 ت م دقوقا (ر) 257 137 الرحبة 139 70 الرقّة

324 174 الريّ 22 ت م سوراء 312 172 سوق الثلاثاء 68 27 سيحان 113 57 سيراف (ص) 275 146 الصراة (ط) 323 174 طبرستان 212 119 الطيّب (ع) 257 138 عانات 186 96 العسكر 329 176 عسكر مكرم 347 185 عمان (ف) 302 162 فم الصلح (ق) 257 137 قرقيسيا 319 173 قزوين 54 99 قسطنطينيّة 22 ت م قصر ابن هبيرة 139 70 قطربّل (ك) 22 ت م الكرج 234 124 كور الأهواز 234 124 كور دجلة 139 70 كلواذى (م) 345 184 المدائن 240 127 المدينة 21 ت م مدينة السلام 257 137 مدينة المنصور 21 4 المسرقان 68 27 مسماران 110 55 مكران 329 176 مناذر 228 122 منبج (ن) 320 173 النهروان (هـ) 142 71 الهندوان 257 137 هيت (و) 215 119 واسط

فهرس عمراني عام

فهرس عمراني عام (أ) 3 المقدمة الأبدال 146 73 الارتفاع 64 24 الارتفاق 343 182 الأزج 170 86 الأسطام 3 المقدمة الأكرة 2 المقدمة الأمين 166 84 الأهوار 76 31 استجعل 309 169 استعمله 151 76 إسفيداج 230 122 أشب 4 المقدمة أصحاب العصبيّة والسكاكين 11 المقدمة اعتاص 268 144 اعدى 12 المقدمة أنفد 311 171 أنماطيّ 2 المقدمة أهل الآراء (ب) 129 66 الباب 7 المقدمة البانانيّة 149 75 بايع 289 155 البدرة 180 93 برّا 205 114 البرسام 293 157 البرمة 181 342 البرنيّة 295 158 البستانبان 53 19 البطرك 309 169 بغّاء 90 38 البغض 117 61 البقليّ 39 12 بيجاذه 170 86 البيرم (ت) 166 83 تأزيرة 51 18 التخشّن

60 22 التشوّف 190 100 التصريف 327 175 التعيير 151 76 التغار 177 92 تقاين 233 123 تلهّى به 3 المقدمة التنّاء 6 المقدمة التنجيم 4 المقدمة التواجد (ث) 179 93 ثاب 125 65 الثلاج (ج) 53 19 الجاثليق 209 118 جاعرة 121 62 الجامة 178 93 جذر المغنّي 129 66 الجريب 70 28 الجريدة 153 78 جمّع 41 13 الجهبذ 175 91 الجيل (ح) 3 المقدمة الحادور والحلق 289 155 الحبّ 189 99 الحجريّة 87 37 الحراشة 252 135 الحزب 123 63 الحسب 322 174 الحضرة 2 المقدمة الحكمة 150 75 حماها 22 5 الحوّاري (خ) 22 5 الخبز الحوّاري 336 178 خرداذى 4 المقدمة أهل الخسارة 99 48 الخطرات 232 123 الخلد 5 المقدمة الخنث 285 154 خنس 37 11 خيازر 302 162 الخيش 2 المقدمة الخيلاء 87 37 الخيوط (د) 334 178 دراريج 190 100 الدّراعة

2 المقدمة الدراية 310 170 الدست 139 70 الدستاهيجات 301 162 الدستنبو 134 68 الدهق 289 155 الدهق والمصقلة 175 91 الديلم (ذ) 86 37 الذعر 231 123 الذمامات (ر) 222 120 راح الشيء 96 45 ربيثاء 7 المقدمة الرقية 117 61 رهداري 2 المقدمة الرواية 73 29 روز 180 93 الروزنة 69 28 روشن (ز) 153 78 الزج 6 المقدمة أصحاب الزجر 6 المقدمة الزرّاق 301 162 الزعفران 4 المقدمة الزهد 175 91 الزوبين (س) 5 المقدمة أصحاب الستائر 189 99 الساجيّة 305 165 الساذجة 7 المقدمة الساعي 8 المقدمة السبر 36 10 السرادق 327 175 السوقة 269 144 السفه 254 136 سفواء 180 93 السكباج 96 45 سكرجة 70 28 سلف 350 187 السميرية 1 المقدمة السّنن 140 70 السنيف 120 62 السؤال 5 المقدمة السوداء 130 66 السويق

(ش) 304 164 شاذكلى 181 93 الشاكري 100 50 شال 315 172 شجّة 6 المقدمة الشحّاذ 294 157 الشرك 273 145 الشفعة 65 25 شقص 2 المقدمة الشهود 290 155 شيلوه (ص) 319 173 صاحب الحرب 319 173 صاحب الخراج 231 123 صاحب الربع 214 119 الصارف 213 119 الصارف 4 المقدمة الصوفية 232 123 الصيّور (ض) 297 160 الضرائب 142 71 الضرّاب 157 79 الضغو (ط) 145 73 الطابوقة 6 المقدمة الطب 181 93 طبّق 79 32 صاحب الطرف 180 93 طرّق 5 المقدمة الطفيلي 325 174 الطمّ والرمّ 180 93 الطنز 310 170 طنفسة 6 المقدمة الطوّاف بالسهام 215 119 طول الذيل 185 95 الطيّاب 26 8 الطيّار (ظ) 2 المقدمة الظرف (ع) 3 المقدمة العامل 4 المقدمة العبادة 170 86 العتلّة 290 155 العتيدة 269 144 العدم

219 119 العدوى 199 108 العديل 4 المقدمة العصبيّة 301 162 العصفر 338 179 العقعق 2 المقدمة علم الكلام 219 119 عند نفسه 4 المقدمة العيّارين 33 9 العين (غ) 296 159 غرض 8 المقدمة الغضارة 3 المقدمة الغمّاز 118 61 الغناء 178 93 الغالية (ف) 315 172 فجّ 281 151 الفداء 54 19 الفرانق 156 79 فشّ القفل 315 172 فشخ 6 المقدمة الفصاد 184 94 الفصّاد 212 119 الفيج (ق) 157 80 القباء 218 119 قبالة الدين 331 177 القثاء 204 113 القديد 322 174 القرامطة 6 المقدمة أهل القرعة 301 162 القصب 41 13 القصّة 56 20 قطف 153 78 قطّن 6 المقدمة القمائحيون 346 184 القمقم (ك) 296 159 الكافور 2 المقدمة الكبر 230 122 كثب 6 المقدمة الكحّال 80 32 الكرّ 352 189 الكر المعدّل 144 73 الكردناك والكردناج

160 81 الكسب 158 80 الكشخان 190 100 الكنباتيّة (ل) 209 118 اللبن 138 70 لزق 185 94 لزم يده (م) 5 المقدمة المبذّر 3 المقدمة المتخبّر 5 المقدمة المتقاين 4 المقدمة المتّقي 8 المقدمة المثافنة 3 المقدمة المتكلم على الطرق 6 المقدمة المجدود 5 المقدمة المجنون 327 175 المحتسب 2 المقدمة المحدّث 6 المقدمة المحدود 102 51 المخدّة 2 المقدمة المخرّف 197 107 مخلّط خراسان 7 المقدمة المدر 153 78 المدّة 5 المقدمة أهل المذهب 213 119 المرفق 215 119 المرقّعة 4 المقدمة المريد 37 11 المزمّلة 46 15 المسورة 276 147 المشرعة 5 المقدمة المشعبذ 6 المقدمة المعبّرون 95 44 المعتزلة 296 159 مغمّى 7 المقدمة المفازة 6 المقدمة المفايلون 6 المقدمة المفسرون 5 المقدمة المقيّن 94 43 المكدّي 154 79 المكسود 4 المقدمة الملّاح 7 المقدمة الملح 6 المقدمة الملحد 173 89 الملكوت 4 المقدمة المملق 3 المقدمة المنمّس 5 المقدمة الموسوس

(ن) 113 57 النجار 245 129 النخّاس 117 61 النداء 265 142 الندام 4 المقدمة النرد 164 83 نفقت الدابّة 98 47 النقرة 204 113 النقل 280 150 النوب (هـ) 199 108 الهبير 99 48 الهواجس 256 137 هي (و) 3 المقدمة الواعظ 7 المقدمة الوبر 293 156 الوحل 3 المقدمة الوراقة 33 9 الورق 218 119 ورّك 154 78 الوكد (ي) 305 165 يجتعل 222 120 يجونك

فهرس الكتب والمراجع

فهرس الكتب والمراجع إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب- معجم الأدباء الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني- طبعة دار الكتب بالقاهرة 17 مجلدا الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني- طبعة بولاق الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثو ليكية بيروت. الأنساب: السمعاني- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913. إحصاء العلوم: أبو نصر الفارابي- تصحيح عثمان محمد أمين بمطبعة السعادة بمصر 1931. اصطلاحات الصوفية، الواردة في الفتوحات المكيّة: مذيل لكتاب التعريفات للجرجاني. تاريخ بغداد: أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت. تاريخ الخلفاء: جلال الدين السيوطي. تجارب الأمم: أبو علي أحمد بن محمد المعروف بمسكويه- تحقيق آمدروز- طبع مصر 1914. تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: أبو الحسن هلال بن المحسّن الصابي- تحقيق عبد الستار أحمد فراج- القاهرة 1958. التعريفات: السيد الشريف الجرجاني- طبعة اصطنبول 1283. الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي المعروف بابن البيطار- طبعة بولاق 1291. حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم متز- هيدلبرج 1909. خزانة الأدب: عبد القادر البغدادي- 4 مجلدات- طبع بولاق خلاصة الذهب المسبوك، المختصر من سير الملوك: عبد الرحمن سنبط قنيتو الإربلي- تحقيق السيد مكي السيد جاسم 1964. دائرة المعارف الإسلامية، الترجمة العربيّة: 15 مجلدا 1933. ديوان أبي فراس: رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه- طبع دار صادر- بيروت 1955.

ديوان البحتري: أبو عبادة الوليد- تحقيق رشيد عطية- بيروت 1911. شذرات الذهب، في أخبار من ذهب- عبد الحي بن العماد الحنبلي 8 مجلدات- طبعة القدسي. الشرح الجلي على بيتي الموصلي: الشيخ أحمد البربير- بيروت 1302. شرح نهج البلاغة: عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله ابن أبي الحديد المدائني 20 مجلدا- طبعة الحلبي بالقاهرة. صلة الطبري: عريب بن سعيد القرطبي- المطبعة الحسينية بمصر. الطبيخ: محمد بن عبد الكريم البغدادي- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت. الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية: محمد بن علي طباطبا المعروف بابن الطقطقا طبعة صادر بيروت. الفرج بعد الشدّة: أبو عليّ المحسّن التنوخي- طبعة دار الهلال بمصر 1914 فرج المهموم في مواقع النجوم: رضي الدين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني- طبع النجف. فضائل بغداد: يزدجرد بن مهمندار الفارسي- تحقيق ميخائيل عواد- بغداد 1962. الفهرست: ابن النديم- طبعة غوستاف فلوغل- ليبزك. فوات الوفيات: ابن شاكر الكتبي- طبع بولاق- مجلدان اثنان. الكامل في التاريخ: ابن الأثير- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- 13 مجلدا مع الفهارس- طبع دار صادر 1966. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاج خليفة- طبعة اصطنبول 6 مجلدات. لسان العرب: ابن منظور المصري- طبعة صادر- بيروت. مجلّة أهل النفط: المجلد الرابع. مجلّة المجمع العلمي العربي بدمشق: المجلدات 2 و 3 و 5. مجلّة المشرق: المجلد الثالث- بيروت. مروج الذهب: المسعودي- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب، القاهزة 1966. المستجاد من فعلات الأجواد: أبو علي المحسّن التنوخي- تحقيق محمد كرد علي، دمشق. المشترك وضعا والمفترق صقعا: ياقوت الحموي- طبع وستنفلد- 1844. مطالع البدور في منازل السرور: علاء الدين الغزولي- مطبعة الوطن بمصر 1299.

معجم الأدباء: ارشاد الأريب إلى معرفة الأديب- ياقوت الحموي- طبعة مرجليوث 1924 7 مجلدات. معجم البلدان: ياقوت الحموي- طبعة وستنفلد 6 مجلدات مع الفهارس. المعجم في أسماء الألبسة عند العرب: رينهارت دوزي- امستردام 1845. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934. مفاتيح العلوم: الخوارزمي- الطبعة المنيرية. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي- 5 مجلدات طبعة حيدر آباد الدكن- 1357. المنجد: الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت. المنظمات البحريّة الإسلاميّة في شرق البحر الأبيض المتوسط: علي محمد فهمي- بالإنكليزية ط/ 2 القاهرة 1966. مهذب رحلة ابن بطوطة: محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، ابن بطوطة- تحقيق أحمد العوامري، ومحمد أحمد جاد المولى- المطبعة الأميرية ببولاق 1934. نخب تاريخيّة وأدبيّة جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني: جمع المستشرق ماريوس كنار- الجزائر 1934. نكت الهميان في نكت العميان: صلاح الدين الصفدي- تحقيق أحمد زكي باشا- القاهرة 1913. الهفوات النادرة: غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال الصابي- تحقيق الدكتور صالح الأشتر- دمشق 1967. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- طبع القاهرة 6 مجلدات. الولاة والقضاة: أبو عمر محمد بن يوسف الكندي- تحقيق المستشرق رفن كست- بيروت 1908. يتيمة الدهر، في محاسن أهل العصر: عبد الملك الثعالبي- مجلدان اثنان- أربعة أجزاء، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956.

رموز

رموز -: راجع ت م: ترجمة المؤلف الأرقام التي نقش بجانبها نجمة تشير إلى صفحات مقدمة المحقق وترجمة المؤلف. الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم. الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص. استدراكات الصفحة السطر الخطأ الصواب 10 3 ناظرة ناضرة 19 5 بكران عن بكر ابن عم 38 16 لأبي الحسن لأبي الحسين 52 12 أبي قريعة قريعة 95 18 8/58 8/580

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب 355 فهرس أسماء الأشخاص 365 فهرس جغرافي 391 فهرس عمراني عام 393 فهرس الكتب والمراجع 400

الجزء الثاني

الجزء الثاني [مقدمة] مقدمة المحقق اللهمّ يسّر أقدّم لقراء العربيّة، الجزء الثاني من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، للقاضي أبي عليّ المحسّن التنوخي. وقد أوردت في مقدمة الجزء الأول من هذا الكتاب، جميع ما رغبت في إيراده، ولم يبق عندي، هاهنا، ما أزيد. وقد تردّدت، بادئ الأمر، في إصدار هذا الجزء، لتعذّر الحصول على بعض المراجع من جهة، وصعوبة الوصول إلى الموجود منها، من جهة أخرى، وفكرت في تأخير إصداره، إلى وقت يتيسّر لي فيه الوصول إلى تلك المراجع، ليخرج الكتاب أتمّ تحقيقا، فيكون أوفر نفعا، ولكن الإقبال الذي أسبغه قراء العربية، مشكورين، على الجزء الأول من النشوار، شجّعني على إصدار الجزء الثاني، على ما في تحقيقه من نقصان. وقد رأيت أن لا أؤخّر إصدار ما حققت من أجزاء هذا الكتاب، توخيّا لتحقيق أتمّ، وسعيا وراء معرفة أوفر، فإن العلم لا حدود له، والمعرفة لا حصر لها، وقد أحسن العماد الأصبهاني إذ قال: ما كتب إنسان كتابا في يومه، إلّا قال في غده، لو غيّر هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدّم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل.

فاستخرت الله، ورأيت أن أعجّل بإصدار هذه الأجزاء، ما تيسّر منها. مسابقا بإصدارها عوادي الزمان، وحوادث الأيّام. والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين. بحمدون في 28 تموز 1971 عبود الشالجي المحامي

مقدمة المؤلف

مقدّمة المؤلف بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قد قدّمت في الجزء الأول، الحمد لله، والثناء عليه، وذكرت من الأخبار، ما لم تدر، لأنها مما لم تجر العادة بكتب مثلها، ولا ما يكاد أن يتجاوز به الحفظ في الضمائر، إلى التخليد في الدفاتر، وإنّها من جنس ما سبقت إلى كتبه، وإنّما يستحسن في المحاضرة، ويطيب في المذاكرة، إذا جرى ما يقتضيه، وعرض ما يستدعيه. وذكرت إنّها تتضمّن من شريف الفوائد، وطريف المآثر، كلّ لون، وتجمع كل لون من الحكم الجديدة، والأمثال المفيدة، والرسائل البليغة، والأشعار المطربة المليحة، التي لم يشهرها قائلوها بالنشر، ترفّعا لأنفسهم فيها عن النشر والتسطير، أو كما اتّفق عليهم. وتثنّى مع ذلك [بنتف] من كرم الأجواد، وقصص الأمجاد، والأحاديث الأفراد، ومعايب البخّال «1» ، ونوادر الجهّال، وواعظ المنامات، وطريف الاتّفاقات، وعيون الفنون والحكايات، وأخبار ضروب الناس وأخلاطهم وجلّتهم وأوساطهم، مما لا تعبّر عنه الكتب، ولا يكاد يوجد مسطورا عند أهل الأدب. وأفصحت عن السبب الذي حرّكني على جمعها، ونشّطني لكتبها،

وهو ما اعتبرته «1» من تغيّر الطبائع، واستحالة الصنائع، وموت الرجال، وقلّة الأموال، وفقد الكمال، في أكثر الأحوال، وعدم الراغب في الحفظ، لليسير من اللفظ، فضلا عن الكثير، وتواطئ الجمهور، على هذه الأمور، في هذا الزمان الصعب، الكثير النّوب، القاطع بمحنه عن الأدب. واعتذرت إلى قارئها من التقصير فيها، بأن قلت: إنّه لو لم يكن فيها، إلّا أنّها خير من موضعها بياضا، لكفى. وأطلت الكلام في صدر الجزء الأول بما لا يقتضيه هذا المكان، والله الموفّق للإحسان، وهو خير مستعان «2» .

1 علو نفس أبي جعفر القاضي

1 علوّ نفس أبي جعفر القاضي حدّثني أبي «1» ، رضي الله عنه، قال: حدّثني سهل بن عبد الله الإيذجي «2» ، وكان أحد شهودها ووجوهها «3» ، ويخلفني على القضاء، وغيري، بها طويلا، قال: حدّثني أبي، وكان رئيس البلد، ومن وجوه شهوده: أنّ أبا جعفر، محمد بن منصور القاضي «4» ، لما تقلّد كور الأهواز «5» ، من قبل المتوكل، أوّل دفعة، ووردها، أحبّ أن يطوف عمله. قال: وكان شديد الشرف، عظيم النعمة والنفقة في مروءته، حتى إنّه كان يستعمل في مطبخه، بدلا من الشيرج «6» ، دهن اللوز والجلّوز «7» . وكان في داره رحى لطيفة، يديرها حمار له، يستخرج عليها دهن اللوز دائما. وكان يستعمل في مطبخه، من اللحم، والدجاج، والفراخ، والحملان، والجداء «8» ، أكثر ممّا يتّخذه الوزراء، في كثير من الأمور.

فقدم علينا، فأبعدنا في تلقّيه «1» ، وسألناه النزول علينا، فامتنع. وقال: لا يجوز للقاضي أن ينزل على أحد. فقلنا [106 ط] له: فنفرغ لك أحد المنازل، فكأنّه أجاب إلى هذا. وسبقناه إلى البلد، فأخلينا له دارا من دورنا، وجاء فنزل فيها. فاجتهدنا في قبول غلمانه لطفا «2» منّا، أو شيئا، قليلا أو كثيرا، فامتنعوا، وقالوا: إنّه متى علم أنّكم فعلتم ذلك، صارت عداوة، وما قبل لأحد من خلق الله شيئا قط. فلمّا كان بعد أسبوع، استدعاني، فقال لي: يا أبا محمد، كيف سعر الخبز عندكم؟ فقلت: خمسون رطلا بدرهم. فقال: فالدجاج؟ فقلت: ثلاث بدرهم. فقال: فالفراخ؟ فقلت: ستة بدرهم. قال: فالجداء؟ فقلت: أجود جدي بدرهمين. وأخذ يسائلني عن العسل، والسكّر، وحوائج السقط، وغير ذلك. من الفواكه، والثلج، وأنا أخبره بسعر البلد على الحقيقة، بالذي يشترى لنا، ولسائر الناس مثله، ويقول: أهكذا يشترى لكم؟ فأقول: نعم. فلما استتمّ الكلام، قال: يا غلام، قل للموكّلين، والفراشين، أن

يحملوا، ويشدّوا الثّقل «1» على البغال والجمال، وتقدّم إلى الغلمان بالمسير مع السواد، وأن يتخلّف معي للركوب من جرت عادته بذلك، وأسرجوا لي الدواب والعمّاريّة «2» ، فقلت: أحدث، أعزّ الله القاضي، أمر؟. فقال: نعم، إنّني أحاسب وكيلي، في كل أسبوع يوما، على ما ينفقه في طول الأسبوع، ولما كان البارحة، حاسبته، فرفع إليّ من أسعار ما اشتراه، مثل ما ذكرت، فكدت أن أوقع «3» به، ولم أشكّ في أنّكم قد دسستم إلى الباعة، أن يبيعوه بهذا السعر، إرفاقا لنا، لمّا امتنعنا من قبول هداياكم، ثم توقّفت عن الإيقاع به، إلى أن أسألك عن الصورة، وأكشف. فلما جئتني اليوم، وسألتك، وأنت عندي مقبول الشهادة، وقلت لك، أن تخبرني، كيف تشتري أنت وأهل البلد، فأخبرتني أنّك وهم تشترون بهذا، علمت أنّ هذا بلد لا تقوم فيه مروءة لشريف، وأنّ الضعيف والشريف فيه يتساويان في اللذّات والمروءات، فلا حاجة لي بالمقام «4» فيه، ولا بدّ أن أرحل الساعة، وأجعل مقامي بحيث تبين مروءتي، وتظهر نعمة الله عندي. قال: ورحل عنّا من يومه «5» .

2 الحكم كالسهم إذا نفذ لم يمكن رده

2 الحكم كالسهم إذا نفذ لم يمكن ردّه وحدّثني أبي، رضي الله عنه، إنّ بعض المعمّرين من الشهود بالأهواز، حدّثه، وذكر هو الشاهد وأنسيته أنا، عن أبيه أو بعض أهله، قال: كان محمد بن منصور، يتقلّد بكور الأهواز، وعمر بن فرج الرّخّجيّ «1» ، يتقلّد الخراج بها. وكانا يتوازيان في المرتبة السلطانية. فلا يذهب القاضي إلى الرخجيّ إلا بعد أن يجيئه، ويتشاحّان على التعظيم. وترد كتب الخليفة إليهما، بخطاب واحد، قال: وتولّدت [107 ط] من ذلك، عداوة بينهما، فكان الرخّجيّ يكتب في القاضي، إلى المتوكل، فلا يلتفت إلى كتبه، لعظم محلّه عند المتوكّل، ويبلغ ذلك القاضي، فيقلّ الحفل به، ويظهر الزيادة في التعاظم عليه. فلما كان في بعض الأوقات، ورد كتاب المتوكل، على الرخّجيّ، يأمره بأمر في معنى الخراج، وأن يجتمع مع محمد بن منصور القاضي، ولا

ينفرد عنه، وورد بالكتاب، خادم كبير من خدم السلطان. فأنفذ الرخّجيّ إلى القاضي، فأعلمه، وقال: يصير إلى ديوان الخراج لنجتمع فيه على امتثال الأمر. فقال القاضي: ولكن تصير أنت إلى الجامع، فنجتمع فيه، وتردّد الكلام بينهما، إلى أن قال الرخّجيّ للخادم: ارجع إلى حضرة أمير المؤمنين، واذكر القصّة، وإنّ قاضيه يريد إيقاف ما أمر به. وبلغه الخبر، فركب محمد بن منصور، إلى الديوان، ومعه شهوده، فدخله، والرخجيّ فيه في دست، وكتّابه بين يديه، فلما بصروا به، قاموا إليه، إلّا الرخّجيّ. فعدل القاضي عن موضعه في الديوان، فجلس في آخر البساط، بعد أن أمر غلامه، فطوى البساط، وجلس على البارية «1» ، وحفّ شهوده به، وجاء الخادم، فجلس عند القاضي، وأوقفه على الكتاب. ولم يزل الرخّجيّ، يخاطب «2» القاضي، وبينهما مسافة، حتى فرغوا من الأمر. فلما فرغوا، قال الرخّجيّ، للقاضي: يا أبا جعفر، ما هذه الجبريّة «3» ؟ لا تزال تتولّع بي، وتتحكّك بمنافرتي ومضاهاتي، وتقدّر أنّك عند الخليفة- أطال الله بقاءه- مثلي، ومحلّك يوازي محلّي. قال: وأسرف في هذا الجنس من الفنّ، وحمي في الخطاب، والقاضي ساكت. إلى أن قال الرخّجيّ، في جملة الكلام: والخليفة- أعزّ الله نصره-

لا يضرب على يدي في أمواله التي بها قيام دولته، ولقد أخذت من ماله، ألف ألف دينار، وألف ألف دينار، وألف ألف دينار، وألف ألف دينار، فما سألني عنها. وإنّما إليك أن تحلّف منكرا على حقّ، أو تفرض لامرأة على زوجها، أو تحبس ممتنعا عن أداء حقّ. وأخذ يعدّد هذا وشبهه، وأبو جعفر، كلّما ذكر الرخّجيّ ألف ألف دينار، وثنّى القول، يعدّد بأصابعه، وقد كشفها ليراها الناس. فلما أمسك عمر، لم يجب بشيء، وقال: يا فلان الوكيل. قال: لبيك أيّها القاضي. قال: سمعت ما جرى؟ قال: نعم. قال: قد وكّلتك لأمير المؤمنين وللمسلمين، على هذا الرجل في المطالبة بهذا المال. فقال له الوكيل: إن رأى القاضي أن يحكم بهذا المال للمسلمين. قال: والرخّجيّ ممسك، والناس حضور على بكرة أبيهم «1» ، لا يدرون ما يريد أن يفعل. قال: فأخذ محمد بن منصور دواة، وكتب بخطته في مربّعة «2» سجلا بذلك المال، ورمى به إلى الشهود، وقال: اشهدوا على إنفاذي الحكم بما في هذا الكتاب، وإلزامي فلان ابن فلان، هذا، وأومأ بيده إلى [108 ط] الرخّجيّ، بما أقرّ به عندي من المال المذكور مبلغه في هذا الكتاب للمسلمين.

وكتب الشهود خطوطهم بالشهادة بذلك، وختموها، وأخذها محمد ابن منصور، وجعلها في كمّه، ونهض. وأخذ الرخّجيّ يهزأ بالقاضي، ويظهر التهاون بفعله ذلك. وقال له لمّا أراد القيام، طانزا «1» : يا أبا جعفر، بالغت في عقوبتي، قتلتني. فقال أبو جعفر: إي والله. فما سمعناه أجابه بغيرها، وافترقا، وكتب صاحب الخبر، للوقت، إلى المتوكل. قال: فبلغنا أنّ كتابه لما عرض على المتوكل، أحضر وزيره، وقال له: يا فاعل يا صانع، أنا أقول لك منذ دهر، حاسب هذا الخائن المقتطع، الرخّجيّ، على أموالنا، وأنت تدافع، حتى حفظها الله علينا، بقاضينا محمد بن منصور، ورمى إليه بكتاب صاحب الخبر. وقال له: قد ظهرت الآن أموالنا، في سقطات قوله، وفلتات لسانه «2» ، وهذه عادة الله عزّ وجل عند أئمّة عباده، أن يأخذ لهم أعداءهم، اكتب الساعة بالقبض على الرخّجيّ، وتقييده، وغلّه، وحمله. قال: فخرج الوزير، وهو على غاية القلق، لعنايته بالرخّجيّ، واستدعى خليفته «3» وقال له: اكتب إليه الساعة، قد تسرّعت يا مشوم، وقتلت نفسك، ما كان الذي دعاك إلى معاداة القضاة؟، قد جرى كيت وكيت، وأنت مقتول إن لم تتلاف أمر محمد بن منصور، فاجتهد فيه، وأعلمه، أنّي هوذا، أؤخّر اليوم فقط، في إنفاذ من يقبض عليه، إلى أن يحكم

أمره مع القاضي، وأقول للخليفة: إنّي قد أنفذت إليه، وأنفذ إليه في غد، من يمتثل الأمر فيه. فلما ورد كتابه على الرخّجيّ، قامت قيامته، وأحضر من يختصّ به، فشاوره. فقال له: تركب الساعة إليه، وتطرح نفسك عليه. قال: فركب إليه، في موكب «1» عظيم، فحجبه القاضي. فاجتهد في أن يوصله إليه، فما كان إلى ذلك طريق، فرجع خجلا. وقال لأصحابه: ما ترون؟ فإنّي أخاف أن يقدم العشيّة من يقبض عليّ. فقالوا له: إنّ للقاضي رجلا تانئا «2» ، من أهل البلد، يقال له: فلان، قد اصطنعه، وائتمنه، ويريد قبول شهادته، وهو غالب عليه جدا، فتستدعيه، وتكتب له روزا «3» بشيء من خراجه، وتسأله أن يوصلك إليه، ويستصلحه لك. فأحضره الرخّجيّ، وكتب له روزا بألف دينار من خراجه، وسأله ذلك. فقال له: أمّا استصلاحه لك، فلا أضمنه، ولكن أوصلك إليه. فقال له: قد رضيت. فقال: إذا كان وقت المغرب، فانتظرني، وخرج الرجل. فلمّا كان وقت المغرب، صار إلى الرخّجيّ، فقال: تلبس عمامة، وطيلسانا، وتركب حمارا، وتجيء. قال: ففعل ذلك، وركبا بغير شمعة. وجاء الرجل، فقال للحاجب: استأذن لي على القاضي، ولصديق لي معي، فدخل إليه وخرج فقال: ادخلا.

فحين شاهد القاضي الرخّجيّ، اقبل يصيح ويقول: هذا الحال، وأنت أمين؟ هاه. ثم قال [109 ط] للرخّجيّ: اخرج عافاك الله عن داري. قال: فبادر الرخّجيّ، فأكبّ على رأسه، فلما رآه القاضي قد فعل ذلك، قام إليه، فعانقه. وبكى الرخّجيّ بين يديه، ودفع الكتاب إليه. قال: فبكى القاضي، وقال: عزيز عليّ يا هذا، ما كان اضطرّك إلى الإقرار؟ فقال: تحتال في أمري، فقال: والله ما لي حيلة، فإنّ الحكم كالسهم، إذا نفذ لم يمكن ردّه، فجهد به الرخّجيّ، فما زاده على ذلك، فانصرف بأقبح منصرف. فلما كان من الغد، ورد خادم، فقبض عليه وغلّه، وقيّده وحمله. وورد كتاب الخليفة على القاضي، يقول: أحسن الله جزاءك على ما فعلته في حفظ أموال المسلمين، وقد كنّا نأمر بمحاسبته، فيتأخّر ذلك لعوائق، والآن فقد أقرّ طائعا غير مكره، فما نؤثر معاملته، إلّا بما يعمله أهل الذمة لو كانوا في مكاننا، من أخذ الحق بالحكم، وقد أنفذته على الواجب، بارك الله عليك، وإنّ للرجل أملاكا قبلك، فتنصب من يبيعها، وتحمل ثمنها إلى بيت المال، قضاء لما أقرّ به. قال: فنصب محمد بن منصور، من باع أملاك الرخّجيّ في كور الأهواز، على عظمها، وحمل ثمنها إلى بيت المال، فهي الأملاك المبيعة، التي تعرف إلى اليوم بالرخجيّات. وحصل الرخّجيّ في العذاب بسر من رأى «1» . 2 ن 2

3 شيخ أهوازي يسعى في صرف عامل الأهواز

3 شيخ أهوازي يسعى في صرف عامل الأهواز وحدّثني خال والدي، أبو القاسم بن أبي علّان، عبد الله بن محمد ابن مهرويه «1» . قال: أخبرني شيخ من شيوخنا، قال: كان عمر بن فرج الرخّجيّ، يتقلّدنا في الدفعة الأولى، ثم صرف عنّا، وولينا عامل بعده. فخرجنا في بعض السنين نتظلّم، وكانت أملاك عمر عندنا كثيرة وله البستان المعروف بالتفرّج قديما، الذي في وسط البلد، ويعرف الآن بالبستان الصغير. قال: فلما حصلنا بحضرة الخليفة نتظلّم، عارضنا عمر، وأخذ يكلّمنا بكلام عارف بالبلد، محتجّ بحجاج صحيح يبطل به ظلامتنا. وكان المتكلم عنّا، فلان، رئيس البلد، أسماه أبو القاسم وأنسيته، فأومأ إلينا أن اسكتوا، فسكتنا. فقال: أيدّ الله أمير المؤمنين، قد أضجرناه اليوم بالخطاب، فنعود في مجلس ثان. فقال: ذاك إليكم. فانصرفنا، فقلنا له: ما حملك على هذا؟ فقال: إنّكم لا تعلمون ما علمت. قال: فلما كان عشيّا، جئنا إلى منزل عمر، ودخل إليه، ونحن

معه، فاستخلاه مجلسه، فأخلاه. فقال له: يا هذا، إنّك أخذت اليوم تسعى على دمائنا، وناظرتنا مناظرة عارف ببلدنا، ولو رددنا عليك، لكنّا إما أن نقطعك، أو تقطعنا فنهلك، ولم تكن بك حاجة إلى ما عاملتنا به، ولا فائدة لك. ولا أنت الآن عاملنا، فيخرج عن يدك ما تنظر لنا به، وإنّا قد وردنا ومعنا في أنفسنا أمر، إن عدنا إلى بلدنا بغيره سقط جاهنا، وقال أكثر أهل الكور: خرجوا فما عملوا شيئا، ولا يخلو إمّا أن يكون ما التمسناه حقّا أو باطلا، فإن كان حقا، فقطعك لنا عنه ظلم [110 ط] وإن كان باطلا، فمنعك لنا منه ذلّ، وليس يجوز لنا الرجوع إلّا به، لأنّ في رجوعنا ذهاب الجاه، وطمع العمال «1» في نعمتنا، وأنت تعلم ما لك عندنا من الضياع والأموال، وعليّ وعليّ، قال: وحلف بالطلاق وأيمان البيعة، لئن لم تعاونّا غاية المعاونة، وتشهد لنا في المجلس الثاني بكلّ ما نريده لأخرجنّ الساعة، وأعملنّ عملا بخراجك وضياعك، وما أسقطته عن نفسك أيّام تقلّدك البلد، من أصول الخراج، واقتطعته من العمالة أيضا، ويشتمل على ألفي ألف دينار، وأقول للخليفة: إنّ لك عندنا مبقلة، ستون جريبا، قيمتها ستون ألف دينار- يعني البستان الذي تقدّم ذكره- وهو المتوكّل «2» ، وأقيم هؤلاء شهودا كلهم، يشهدون عليك بصحّة المال، ويواجهونك بما أنسبه إلى أنّك أخذته منهم ومن غيرهم، ويحلفون عليه، وأواجهك بالسعاية والوقيعة، بحضرة المتوكّل، وأدع ما قدمت له، حتى إذا وقعت في النكبة والمطالبة، رهبني الوزراء أوّلا،

وكلّ من يعلم أنّني كنت سبب نكبتك، من العمّال، وأصحاب الدواوين، وصاروا أعوانا لي وشهودا، فأبلغ بذلك محبتي، وأرجع إلى منزلي سالما، وأنت منكوب. قال: فحين سمع عمر ذلك، اسودّ وجهه، وقال: أو أيش؟ قال: تحلف أنّك تشهد لنا، وتعاوننا. قال: فحلف على ذلك، وقمنا. فلما كان في المجلس الثاني، حضرنا حضرة المتوكّل، وأقبلنا نتظلّم، وعمر يشهد لنا، ويصدّق قولنا. فما برحنا إلّا بصرف عاملنا، وبالنظر لنا في معظم حوائجنا، واحتسابه لنا بمظالم التمسناها، وبلغنا ما أمّلناه وقدّرناه، وزدنا عليه، وخرجنا. فقال لنا الشيخ: كيف رأيتم هذا الرأي؟ أيّما كان أجود، هذا، أو أن نحاجّ عمر بن فرج في ذلك المجلس، ويحاجّنا، ويضرّنا بمناظرته، فيضجر الخليفة، فيأمر بإخراجنا، فلا نصل إليه أبدا، ويقول: هؤلاء طامعون بالمال، ونعود بالخيبة إلى منازلنا، بعد السفر والنفقة. فقلنا له: أحسن الله جزاءك، فأنت أبصر منّا بالرأي «1» .

4 من مكارم أخلاق المأمون

4 من مكارم أخلاق المأمون من أحاديث أبي الحسن محمد بن عليّ بن الخلّال البصري، رحمه الله، قال: حدّثني أبو القاسم، عليّ بن محمّد بن أبي الفهم التنوخيّ، رحمه الله «1» ، قال: قال محمد بن منصور القاضي: التمس أمير المؤمنين المأمون، رجلا يكون بصحبته في بعض أسفاره، فأشير عليه بي، وكنت حديث السنّ، فركبت معه في العمّارية، فأجلسني عن يمينه، فلما أمسينا غلبني النوم. فقال لي من غد: نومك يا محمد، نوم الشباب، فاجعل الليل أثلاثا، فثلث للحديث، وثلث للنوم، وثلث للذكر، ثم أدارني فأجلسني عن شماله. ثم قال لي: أتدري لم أجلستك بالأمس عن يميني؟ فقلت: لا، يا أمير المؤمنين. فقال: إنّي وجدت في معدتي بلّة «2» وما تنخّمت «3» قط عن يميني. قال القاضي التنوخيّ: وكان محمد بن منصور [111 ط] هذا، نبيلا، جليلا، ذا مروءة تامّة «4» .

5 مروءة القاضي محمد بن منصور

5 مروءة القاضي محمد بن منصور وأخبرني بعض شيوخنا: إنّه «1» لما تولّى الحكم بكور الأهواز، دخل إلى جنديسابور، فنظر في حساب وكيله، فإذا هو قد احتسب عليه بثمن جدي، درهم، وثمن عشرة أفراخ، درهم. فقال للموكّل له: ألم أتقدّم إليك، ألّا تبتاع شيئا، من بائع يعلم أنّك وكيلي؟ قال: بلى، وعلى ذلك أعمل. قال: فلو لم يعلم البائع، أنّك وكيلي، لما حاباك هذه المحاباة. فقال: هذا ما ابتعته بهذا البلد، وهكذا يباع لسائر المبتاعين. فالتفت إلى بعض شهوده، فقال: أهكذا هو؟ فقالوا: قد حيف عليه، أيّها القاضي، إنّا لنبتاع الجدي بأربعة دوانيق، ونحوها. فقال: هذا بلد لا يقيم فيه ذو مروءة. ثم أسرع بالرحيل عنه «2» .

6 حرمة القضاء في العهد العباسي

6 حرمة القضاء في العهد العباسي قال التنوخيّ: وأخبرني بعض شيوخنا، عنه «1» : إنّه كان جالسا للحكم، في المسجد الجامع بسوق الأهواز، فاجتاز بباب الجامع عامل الكور، فرأى جمع الناس. فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا القاضي. قال: هذا كلّه لأبي جعفر؟ فنقلت الحكاية إليه، فقطع النظر، وانصرف إلى داره، وكتب إلى السلطان يومئذ، يقول: إنّ فلانا العامل، اجتاز بي، وأنا أنظر في الحكم في المسجد الجامع، فذكرني بحضرة العامّة، بالكنية دون اللقب، ذكر المزري عليّ، المانع لي من التشريف الذي البسنيه أمير المؤمنين، وإنّ الذي أنظر فيه إنّما هو انتزاع أموال الناس، التي فيها يتهالكون، وعليها يتقاتلون، وأنا أنتزعها بالهيبة والكرامة. فخرج أمر السلطان، بأن يضرب ذلك العامل، على باب المسجد بالأهواز ألف سوط. فلما وقف على ذلك، خليفة العامل بالحضرة، اجتهد في إزالته بكل حيلة، فما أمكنه. فبذل للفيج «2» الحامل للكتاب، مائة دينار، ليتأخر عن النفوذ، ليلة واحدة، ثم بادر برسوله إلى العامل، يصف ما جرى، وما فعله من استنظار الفيج، ليقدّم الحيلة في الدفع عن نفسه.

7 جزاء الوالي الظالم

فلمّا ورد الرسول إلى العامل، نهض من وقته، إلى بعض إخوان القاضي، من شهود البلد، وطرح نفسه عليه، ولم يعلم باطن أمره، وسأله إصلاح قلب القاضي له. فصار معه إلى باب القاضي ليلا، ولم يزل حتى وصل إليه، وأغرق في الاعتذار إليه، والخضوع له، حتى قال: قد قبلت العذر، وصفحت عن الذنب، فانصرف. فغاداه الفيج بما أمر به في بابه، فقال: إنّي قد صفحت عنه «1» . 7 جزاء الوالي الظالم قال أبو الحسين محمد بن علي بن إبراهيم بن شعيب، وحدّثني القاضي أبو عبد الله الحسين بن شعيب الأرجاني، وكان من شيوخ أهل العلم والرئاسة ببلده: أنّ عاملا للمكتفي «2» رحمة الله عليه، بكورة أرجان «3» ، طالب بعض أهل الخراج بخراجه، فتغيّب عنه، فأمر بإحراق بابه. فاتصل الخبر بالمكتفي، فأنفذ من قبض [112 ط] على العامل، فضربه على باب المسجد بأرجان، ألف سوط «4» .

8 الجذوعي القاضي يشهد على الخليفة المعتمد

8 الجذوعي القاضي يشهد على الخليفة المعتمد قال أبو الحسين محمد بن علي «1» ، وحدّثني أبي رحمه الله، وسمعته من غيره: إنّ القضاة والشهود، بمدينة السلام، أدخلوا على المعتمد على الله «2» للشهادة عليه في دين كان اقترضه عند الإضافة بالإنفاق على حرب صاحب الزنج «3» . فلما مثلوا بين يديه، قرأ عليهم إسماعيل بن بلبل «4» الكتاب، ثم قال: إن أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- يأمركم أن تشهدوا عليه، بما في هذا الكتاب. فشهد القوم، حتى بلغ الكتاب إلى الجذوعي القاضي «5» ، فأخذه بيده وتقدم إلى السرير، فقال: يا أمير المؤمنين، أشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ فقال: اشهد. فقال: لا يجوز، أو تقول: نعم، فأشهد عليك.

فقال: نعم، فشهد في الكتاب، ثم خرج. فقال المعتمد: من هذا؟ فقيل له: هذا الجذوعي البصري. فقال: وما إليه؟ فقالوا: ليس إليه بشيء. فقال: مثل هذا لا يكون مصروفا، فقلّدوه واسطا. فقلّده إسماعيل، وانحدر. فاحتاج يوما إلى مشاورة الحاكم، فيما يشاور في مثله، فقال: استدعوا القاضي، فحضر، وكان قصيرا، وله دنّيّة «1» طويلة، فدخل في بعض الممرّات ومعه غلام له، فلقيه غلام كان للموفّق «2» ، وكان شديد التقدّم عنده، وكان مخمورا، أو سكرانا، فصادفه في مكان كان خاليا من الممرّ، فوضع يده على دنّيّته، حتى غاص رأسه فيها، وتركه ومضى. فجلس الجذوعي في مكانه، فأقبل غلامه، حتى فتقها، وأخرج رأسه منها، وثنى رداءه على رأسه، وعاد إلى داره، وأحضر الشهود، وأمرهم بتسلّم الديوان، ورسل الموفّق يتردّدون، وقد سترت الحال عنه. حتى قال بعض الشهود، لبعض الرسل، الخبر، فعاد إلى الموفق، فأخبره بذلك. فأحضر صاحب الشرطة، وأمره بتجريد الغلام، وحمله إلى القاضي، وضربه هناك ألف سوط. وكان والد هذا الغلام من جلّة القوّاد، ومحلّه محلّ من لو همّ بالعصيان أطاعه أكثر الجيش، فترجّل القوّاد، وصاروا إليه، وقالوا: مرنا بأمرك،

9 إيحاشك فقد، وإيناسك وعد

فقال: إنّ الأمير الموفّق، أشفق عليه منّي. فمشى القوّاد بأسرهم مع الغلام، إلى باب الجذوعي، فدخلوا عليه وضرعوا له، فأدخل صاحب الشرطة، والغلام، وقال: لا تضربه. فقال: لا أقدم على خلاف أمر الموفّق. فقال: فإنّي أركب إليه، وأزيل ذلك عنه. فركب فشفع له، وصفح عنه «1» . 9 إيحاشك فقد، وإيناسك وعد حدّثني أبي رضي الله عنه: إنّ صديقا لأبي خليفة القاضي «2» ، اجتاز عليه راكبا، وهو في مسجده، فسأله أن ينزل عنده ليحادثه. فقال: أمضي وأعود. فقال له أبو خليفة: إيحاشك فقد، وإيناسك وعد «3» .

10 أبو خليفة القاضي والكلام المسجوع

10 أبو خليفة القاضي والكلام المسجوع قال: وكان أبو خليفة «1» كثير الاستعمال للسجع في ألفاظه. وكان بالبصرة رجل يتحامق، ويتشبّه به، يعرف بأبي الرطل، ولا يتكلّم إلّا بالسجع، هزلا كلّه. فقدّمت هذا الرجل امرأته إلى أبي خليفة، وهو يلي قضاء البصرة [113 ط] إذ ذاك، وادّعت عليه الزوجية والصّداق، فأقرّ لها بهما. فقال له أبو خليفة: أعطها مهرها. فقال أبو الرطل: كيف أعطيها مهرها، ولم تفلع «2» مسحاتي نهرها؟ قال أبو خليفة: فأعطها نصف صداقها. قال: لا، أو أرفع ساقها، وأضعه في طاقها. فأمر به أبو خليفة، فصفع. أخبرني غير واحد: إنّ أبا الرطل هذا، كان إذا سمع رجلا يقول: لا تنكر لله قدرة، قال هو: ولا للهندبا خضرة، ولا للنخلة بسرة، ولا للعصفر حمرة، ولا للزردج صفرة، ولا للقفا نقرة. قال: وكان إذا سمع العامة يقولون: ديوك لا تغرق، قال هو: والديك لا تسرق، وسنور لا يزلق، ونور لا يعبق، وذرة لا تسرق، حتى لا تغرق، ونار لا تحرق، وخليفة لا يسرق، وقاض لا يحنق «3» .

11 بين علي بن عيسى وعلي بن الفرات

11 بين علي بن عيسى وعليّ بن الفرات سمعت بعض شيوخ الكتاب يتحدّثون، قالوا: كان أبو الحسن عليّ بن عيسى «1» ، شديد الإعظام لصناعة الكتابة، شحيحا على محلّه منها، غير مسامح لشيء يعاب به، مهما صغر فيها. وكانت المسابقة فيما بينه وبين أبي الحسن عليّ بن الفرات «2» فيها، وكان كلّ واحد منهما، يتقلّد ديوانا، في وزارة العباس بن الحسن. وكان يتصرّف في الديوان الذي يتقلّده علي بن عيسى، عامل يعنى به ابن الفرات، فقصده عليّ بن عيسى، وعمل له مؤامرة بمائة ألف دينار في عمله، وعزم على أخذها منه، وأحضره، وسلّم إليه المؤامرة. وقال له: إن كان عندك جواب لها، فأجب، وإلّا فالتزم المال. فقال: آخذها إلى بيتي، وأجيب. فقال له: خذها. وأخذها العامل، وجاء إلى ابن الفرات، فشرح له الصّورة، وسأله أن ينظر في المؤامرة [ويلقّنه الجواب على كل باب منها. فقرأها ابن الفرات، وقال للعامل] «3» لولا الاتفاق، لما انحلّ عنك منها درهم، ولكنّ الله سهّل لك غلطا غلط به عليّ بن عيسى على نفسه فيها،

وهو رجل شديد الضنّ بصناعة الكتابة، غير مسامح لنفسه في العيب بها، وقد غلط غلطا قبيحا، لو غلط مثله صغير من الكتّاب لافتضح، وبطلت صناعته، وسقط محلّه، وذاك إنّه قد صدّر في أول المؤامرة بابا، ذكر فيه ما وصل من فضل الكيل في غلات عملك، وأنّك لم تورده، وألزمك مالا جليلا عنه، ثم ذكر بعد ذلك، أنّك اقتطعت من غلّات المقاسمة، أشياء أوردها، وذكر الحجج عليك فيها، وألزمك مالا جسيما، هو شطر مال المؤامرة. وقد كان من قانون الحساب، ورسم الصناعة في مثل هذا، أن يبتدئ بما ثنّى به من الاقتطاع الواقع في أصول الغلّات، ثم يثنّي بذكر فضل الكبا. فإمّا إذا صدّر فضل الكيل، فقد صحّح لك الأصول، فإيراده ما اقتطعته من الأصول، ناقض للفعل الأول، وهو خطأ قبيح في الكتبة، مسقط لمحلّ من يعمله. وسبيلك أن تمضي إليه وتخلو به، وتقول: يا سيدي محلّك في هذه الصناعة، لا يقتضي ما قد عملته في هذه [114 ط] المؤامرة، وقد أخطأت خطأ قبيحا، وهو كذا وكذا، وواقفه عليه. وقل له: لا يخلو أمري معك من حالين: إمّا كشفت خطأك للناس، ففضحتك في الصناعة بما تنكبني به من المال، وألزمت بعد ذلك ما يبقى في المؤامرة، وهو يسير. وإمّا تفضلت بإبطال هذه المؤامرة، وأبطلت عنّي مالها، وسترت على نفسك خطأك، وارتفقت مني، مع هذا، بما شئت، وابذل له مرفقا جليلا «1» ، فإنّ حذره على صناعته، وحبّه للمرفق، سيحمله على

إبطال المؤامرة، وتخريقها. فإن امتنع من ذلك، واقفته على الخطإ بين الملإ، فإنّه يوجب عليه أن يسقط عنك ما خرّجه في أصول غلّات الناحية، وهو شطر المال. قال الرجل: فمضيت إلى عليّ بن عيسى سحرا، إلى منزله، فحين رآني، قال: ما عملت في جواب المؤامرة؟ قلت: بيننا شيء أقوله سرا. قال: أدن. فدنوت منه، فقلت له ما قاله لي ابن الفرات بعينه، وفتحت المؤامرة، ووقفته على الموضع. فحين رآه اغتمّ، وقال: يا هذا، قد وفّر الله عليك المرفق، فإنّ مرفقي في هذا الأمر التيقّظ على الخطإ الواقع منّي، وستره على نفسي، والحذر من مثله مستأنفا، وقد أسقط الله عنك جميع المؤامرة، ولن تسمع بعدها لفظة في معناها، والله بيني وبين ابن الفرات، فإن هذا من تعليمه لك، وليس أنت ممن يعرف مثله. قال: فمضيت من عنده، وقد زالت المطالبة، وربحت المرفق، وعدت إلى ابن الفرات، فحدثته، فضحك «1» .

12 الوزير ابن الفرات يفحم مناظريه ويكاد يأكلهم

12 الوزير ابن الفرات يفحم مناظريه ويكاد يأكلهم واخبرني بعض الكتّاب، قال: كان ابن الفرات «1» قد صودر على ألف ألف وستمائة ألف دينار، فأدّى جميعها في مدّة ستة عشر شهرا، من وقت القبض عليه، وكان في الحبس، يتوقّع أن يطلق. فخاف عليّ بن عيسى «2» ، وحامد بن العبّاس «3» ، من إطلاقه، فتشاورا في شيء يستعملانه مع المقتدر، يمتنع معه من إطلاقه. قال: وكان أبو زنبور «4» ، قد استقدم ليحاسب، وكان من صنائع عليّ بن عيسى في وزارته الأولى. فلما ولي ابن الفرات، أقرّه، وأحسن إليه، فكان أبو زنبور يحمل إليه في كلّ شهر عشرة آلاف دينار، مرفقا عن أعماله، ويخفيها، فتصل في أعدال البزّ، وما يشاكل ذلك. فقال عليّ بن عيسى، لحامد: ما أشكّ أنّ ابن الفرات، قد كان يرتفق من عامل مصر، بمرفق جليل، فنحضر أبا زنبور، ونسأله عن ذلك. فأحضراه، وسألاه عن مرفقه، فكشف لهما عن الصورة، وصدّقهما

عنها، ولم يكن فيه من الفضل ما يخفي ذلك، على الرجل ونفسه «1» . فقال عليّ بن عيسى: هذا مال عظيم، فخذ خطّ أبي زنبور، بأنّه كان يحمل إليه ذلك، واعرضه على الخليفة. ففعلا ذلك، وعرضاه عليه، وقالا له: يجب أن يطالب بذلك. فقال الخليفة: أخرجوه [115 ط] ، وطالبوه، بعد أن تناظروه. قال: فجلس حامد بن العبّاس، وعليّ بن عيسى، ونصر القشوري «2» وابن الحواري «3» ، وأحضروا أبا زنبور معهم، واستدعوا ابن الفرات من محبسه ليناظروه. وكان شفيع المقتدريّ «4» ، يتعصّب لابن الفرات، ويعتني بأمره، ويقوم فيما بينه وبين الخليفة، فقال للمقتدر «5» : يا مولاي، إنّ ابن الفرات منكوب، وهؤلاء أعداؤه، ولعلّه أن يجيبهم بجواب لك فيه فائدة، فلا يبلغونك إيّاه، فأنفذ من يحضر المجلس، ويرقي إليك ما يجري. فقال له: إمض أنت، وافعل هذا. قال: فخرج شفيع، فوجد ابن الفرات، في الصحن، وقد أخرج من محبسه، وهو يمشي، ليدخل مجلس الوزير. فقال له: اثبت، فإنّي معك. 3 ن 2

فقويت نفسه، ودخل المجلس، وحامد في صدر دست عظيم، برسم الوزارة، في دار الخلافة، وعلي بن عيسى عن يمينه، وبجنبه ابن الحواريّ، ونصر القشوري عن يساره، وبجنبه أبو زنبور. فسلّم ابن الفرات، وتخطّى حتى جلس بين يدي حامد، فرفعه قليلا. وخاطبه ابن الفرات بالوزارة، وسلّم على عليّ بن عيسى، وأدار عينه في المجلس، فعرف كلّ من فيه، إلّا أبا زنبور، فإنّه كان لغيبته بمصر، لم يشاهده قط. فقال لمن كان إلى جانبه: من هذا؟ فقال له: هذا أبو زنبور عامل مصر. فأحسّ ابن الفرات، بأنّه في بليّة سببها أبو زنبور. فقال: تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه «1» . قال: وكان أبو زنبور قصيرا دميما مقبّحا. فقال أبو زنبور في الحال: لوددت أنّ الأرض ابتلعتني قبل ذلك. قال: فقال له حامد، وعليّ بن عيسى: هذا فلان بن فلان، عامل مصر، قد ذكر أنّه كان يرفقك في كل شهر، من مال عمله، بعشرة آلاف دينار، تكون لمدة ولايتك، كذا وكذا، وما حملت لبيت المال شيئا منها، ويجب الآن عليك أداءها، فما تقول؟ فقال لهما: إنّ هذا- وأومأ إلى أبي زنبور- إن كان قد أمر بالسعاية، بوزير عامله، فكشف ستره في أيّام نكبته، وسعى بمرفق أرفقه به في حال ولايته، وأبان بذلك عن قدر عقله، وأمانته، وعقل من يركن إليه مستأنفا، فإنّه قد صدق فيما أخبر به. ولم أكن لأرتفق هذا منه، لأدع له شيئا من مال السلطان، ولا لأمكّنه

من اقتطاعه، ولكن لأمهله من وقت إلى آخر، وأزيد في إكرامه، ومخاطبته، وأرفّهه عن إنفاذ المستحثّين، ومن تلزمه عليهم المؤونة التي لا يجب الاحتساب بمثلها، وكلّما يرتفق الوزراء من العمال، قديما، وحديثا [فهذا سبيله] . وإنّما صودرت على ألف ألف وستمائة ألف دينار، أدّيتها صلحا، عن هذا ومثله وشبهه، وإلّا فأي شيء كان موجب مصادرتي إلّا عن هذا وما يشبهه؟ فالمصادرة قد غسلت عنّي هذا كله. ولكن، قد وجب على أبي زنبور من هذا المرفق، باعترافه [116 ط] لمدّة عطلتي وحبسي، وهي ستة عشر شهرا، مائة ألف وستون ألف دينار. فإن كان أرفق الوزير أعزّه الله بها، فقد سقطت عنه، والكلام فيها بين الخليفة والوزير، وإن كان لم يحملها إليه، فيجب الآن أن يحملها إلى أمير المؤمنين. قال: فقام شفيع في الحال. فقال له عليّ بن عيسى: إلى أين يا أبا اليسر؟ قال: إلى مولانا، أحكي له ما جرى، فإنّه أنفذني لهذا السبب، وأمرني به، ومضى. وحمل ابن الفرات إلى حبسه. فعاد شفيع، وقال: يقول لكم مولانا، لا يبرح أحد منكم، أو تحمل إليّ هذه المائة ألف وستون ألف دينار، كيف شئتم. فقال عليّ بن عيسى: جئنا به لنصادره، فصادرنا. فألزموا أبا زنبور معظم المال، وعاونوه بشيء تحمّل قسطه حامد، وعليّ بن عيسى. وضمنوا المال، ثم انصرفوا «1» .

13 أفضل ما يخلف المرء لعقبه صديقا وفيا

13 أفضل ما يخلف المرء لعقبه صديقا وفيا حدّثني أبو القاسم الجهنيّ «1» ، قال: كنت بحضرة أبي الحسن بن الفرات «2» ، وابن الجصّاص «3» حاضر، فتذاكروا ما يعتقده الناس لأولادهم. فقال ابن الفرات: ما أجلّ ما يعتقده الناس لأعقابهم؟ فقال بعض من حضر: الضياع. وقال بعضهم: العقار «4» . وقال آخرون: المال الصامت «5» . وقال آخرون: الجواهر الخفيفة الثمن، فإنّ بني أمية سئلوا: أي الأموال كانت أنفع لكم في نكبتكم؟ فقالوا: الجوهر الخفيف الثمن، كنّا نبيعه، فلا نطالب بمعرفة، ولا يتنبّه علينا به، والواحدة منه أخفّ محملا من ثمنها، وابن الجصّاص ساكت. فقال له ابن الفرات، كالمستهزئ به: ما تقول أنت يا أبا عبد الله؟ فقال: أجلّ ما يعتقده الناس لأولادهم، الصنائع والإخوان، فإنّهم إن اعتقدوا لهم ضياعا، أو عقارا، أو صامتا، من غير إخوان، ضاع

ذلك وتمحق، وأحدّث الوزير أعزّه الله بحديث جرى منذ مدّة، يعلم معه صدق قولي. فقال له ابن الفرات: ما هو؟ فقال: الناس يعلمون أنّي صنيعة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون «1» ، وكان رجلا مستهترا بالجوهر «2» ، يعتقده لنفسه، وأولاده، وجواريه. فكنت جالسا يوما في داري، فجاءني بوّابي، فقال: بالباب امرأة تستأذن، في زيّ رثّ، فأذنت لها، فدخلت، فقالت لي: تخلي لي مجلسك، فأخليته. فقالت لي: أنا فلانة، جارية أبي الجيش. فحين قالت ذلك، ورأيت صورتها، عرفتها، وبكيت لما شاهدتها عليه، ودعوت غلماني ليحضروني ما أغيّر به حالها. فقالت: لا تدع أحدا، فإنّي أظنّك دعوتهم لتغيير حالي، وأنا في غنية وكفاية، ولم أقصدك لذلك، ولكن لحاجة هي أهمّ من هذا. فقلت: ما هي؟ فقالت: تعلم إنّ أبا الجيش، لم يكن يعتقد لنا إلّا الجوهر. فلما جرى علينا بعده من طلب السلطان، ما جرى، وتشتّتنا، وزال عنّا ما كنّا فيه، كان عندي جوهر قد سلّمه إليّ، ووهبه لي، ولابنته [117 ط] منّي فلانة، وهي معي هاهنا. فخشيت أن أظهره بمصر فيؤخذ مني، فتجهّزت للخروج، وخرجت

على هيأة زريّة، مستخفية، وابنتي معي، فسلّم الله تعالى، ووصلنا هذا البلد، وجميع مالنا سالم. فأخرجت من الجوهر شيئا، قيمته على أبي الجيش خمسة آلاف دينار، وصرت به إلى سوق الحرّازين «1» فبلغ ألفي دينار. فقلت: هاتم. فلما أحضروا المال، قالوا: أين صاحب المتاع؟ قلت: أنا هي. قالوا: ليس محلّك أن يكون هذا لك، وأنت لصّة، فتعلّقوا بي وجذبوني، ليحملوني إلى صاحب الشرطة. فخشيت أن أقع في يده فأعرف، فيؤخذ الجوهر، وأطالب أنا بمال، فأخرج الباقي. فرشوت القوم بدنانير يسيرة كانت معي، وتركت الجوهر عليهم، وأفلتّ. فما نمت ليلتي غمّا على ما ذهب، وخشية الفقر، لأنّ ما لي هذا سبيله، فأنا غنيّة فقيرة، فلم أدر ما أفعل. فذكرت كونك ببغداد، وما بيننا وبينك، فجئتك، والذي أريده منك جاهك، تبذله لي، حتى تتخلّص لي ما أخذ مني، وتبيع الباقي، وتحصّل لي ثمنه مالا، وتشتري به لي ولابنتي عقارا، نقتات من غلّته. قال: فقلت: من أخذ منك الجوهر؟ فقالت: فلان. فأحضرته، فجاءني، فاستخففت به «2» ، وقلت: هذه امرأة من داري،

وأنا أنفذتها بالمتاع لأعرف قيمته، ولئلا يراني الناس أبيع شيئا بدون قيمته، فلم تعرّضتم لها؟ فقال: ما علمنا ذلك، ورسمنا- كما تعلم- لا نبيع شيئا، إلّا بمعرفة، ولما طالبناها بذلك اضطربت، فخشينا أن تكون لصّة. فقلت له: أريد الجوهر الساعة، فجاءني به، فلما رأيته عرفته، وكنت أنا اشتريته لأبي الجيش بخمسة آلاف دينار. فأخذته منهم، وصرفتهم. وأقامت المرأة في داري، ونقلت ابنتها إليّ، وأخرجت الجوهر، فألّفته عقودا، وعرضته، وتلطفت لها في بيعه بأوفر الأثمان، فحصل لها منه أكثر من خمسين ألف دينار. فابتعت لها بذلك ضياعا وعقارا ومسكنا، فهي تعيش به وولدها، إلى الآن. فنظرت، فإذا الجوهر لمّا كان معها بلا صديق، كان حجرا، بل كان سببا لمكروه يجري عليها، وقد رشت على الخلاص منه دنانير، ولما وجدت صديقا يعينها، حصّل لها منه هذا المال الجليل. فالصديق أفضل العقد «1» . فقال ابن الفرات: أجدت يا أبا عبد الله. ثم قال لنا: الناس ينسبون هذا الرجل إلى الغفلة، وقد سمعتم ما يقول، فكيف يكون مثل هذا مغفّلا «2» ؟

14 المأمون ومحبته للجوهر

14 المأمون ومحبته للجوهر وقد حكي: أنّ المأمون كان محبّا للجوهر، وكان الناس يغالون فيه، في أيّامه، فأراد أن يحتال بحيلة تضع من قدره، ليرخص قيمته [118 ط] ، فيشتريه. فجمع أصحابه يوما، وخاطبهم. فقال: ما أجلّ الذخائر؟ فتقرر رأيهم على الجوهر. فقال: هاتم جوهرة، فجاءوا بواحدة شراؤها عليه مائة دينار. فقال للجوهريين: كم تساوي هذه؟ قالوا: مائة دينار. فقال: يا غلام، اكسرها قطعا، فكسرت. فقال: كم تساوي الآن؟ فقالوا: دانق فضّة. فأخرج دينارا، فقال: كم يساوي هذا؟ قالوا: عشرين درهما. فقال: كسّروه قطعا، فكسّر. فقال: كم يساوي الآن؟ قالوا: تسعة عشر درهما صحاحا. فقال: أجلّ الذخائر هذا الذي إذا كسر، لم يذهب من قيمته شيء. قال: فانتشرت الحكاية بين من حضر من الجوهريّين، ونقص نصف ثمنه على الحقيقة، وقلّت رغبة أهل الدولة في شرائه. فبلغ ذلك المأمون، فتتبّعه، واشتراه رخيصا «1» .

15 أموي يتحدث عما أعانهم في نكبتهم

15 أموي يتحدث عما أعانهم في نكبتهم وحكي عن بعض بني أميّة: أنّ المنصور «1» سأله لما نكبهم، أيّ شيء كان أنفع لكم في هربكم؟ فقال: ما وجدنا شيئا أنفع من الجوهر القليل الثمن، الذي تبلغ قيمة الحبة منه خمسة دنانير، لأنّا استصحبنا الفاخر منه، والقريب الثمن، فما كنّا نقدر على بيع الفاخر لشدّة الطلب لنا، والخوف من أن يعرّف به، فينبّه علينا، ونؤخذ، وكان هذا اليسير الثمن، يشترى منّا، من غير أن يعرّف، فننتفع به، ويخفى أمرنا، فكان أنفع. قال: فأيّ النساء وجدتم أفضل؟ قال: بنات العم، كنّ أصبر علينا، وأشفق. قال: فأيّ الرجال، وجدتم أفضل؟ قال: الموالي «2» . قال: فأمر المنصور المهدي، أن يتزوج ابنة عمه «3» ، واتخذ المنصور مواليه عمّالا في أعماله، وقدّمهم، ورفع منهم «4» .

16 لقمة بلقمة

16 لقمة بلقمة حدّثني أبو بكر البسطامي، غلام ابن دريد «1» ، قال: كان لامرأة، ابن، غاب عنها، غيبة منقطعة. فجلست تأكل يوما، فحين قطعت لقمة، وأهوت بها إليّ فيها. تصدّق منها سائل وقف بالباب، فامتنعت من أكل اللقمة، وحملتها مع تمام الرغيف، فتصدّقت بها، وبقيت جائعة. وكانت شديدة الحذر على ابنها، والدعاء بردّه، فما مضت إلّا ليال يسيرة على هذا الحديث، حتى قدم ابنها، فأخبر بشدائد مرّت به عظيمة. وقال: أعظم شيء مرّ على رأسي، أنّي كنت في وقت كذا، أسلك أجمة في البلد الفلاني، إذ خرج أسد، فقبض عليّ من حمار كنت فوقه، فغار الحمار «2» فتشبّكت مخالب السبع، في مرقّعة كانت عليّ، فما وصلت إليّ، وذهب عقلي، وجرّني فأدخلني الأجمة. فما هو إلّا أن برك عليّ ليفرسني، حتى رأيت رجلا عظيم الخلق، أبيض الوجه والثياب، وقد جاء حتى قبض على قفا الأسد، وشاله «3» حتى

خبط به الأرض، وقال: قم يا كلب، لقمة بلقمة. فقام السبع مهرولا، وثاب إليّ عقلي [119 ط] ، وطلبت الرجل، فلم أجده. وجلست ساعات، إلى أن عادت إليّ قوّتي، ثم نظرت إلى نفسي، فلم أجد بها بأسا، فمشيت، فلحقت القافلة، وأخبرتهم فعجبوا من خلاصي، ولم أدر ما معنى لقمة بلقمة. فنظرت المرأة إلى الوقت فإذا هو الوقت الذي أخرجت اللقمة من فيها، فتصدّقت بها. فأخبرته الخبر «1» .

17 كفى بالأجل حارسا

17 كفى بالأجل حارسا حدّثني إبراهيم بن الخضر، وكان أحد أمناء القضاة ببغداد، قال: حدّثني صديق لي أثق به، قال: خرجت إلى الحائر «1» ، فرأيت رجلا، فرافقته في الطريق، ولم أكن أعرفه، وكان ذلك في أيّام الحنابلة، ونحن نزور متخفّين. فلما صرنا في أجمة بانقيا «2» ، قال لي رفيقي: يا فلان، إنّ نفسي تحدّثني أنّ السبع يخرج الساعة فيفرسني دونك، إن كان ذلك، فخذ حماري، وقماشي، فأدّه إلى منزلي، في موضع كذا وكذا، وعرّفهم خبري. قال: فقلت: ما يكون إلّا خيرا وسلامة. فما استتم الكلام، حتى خرج سبع، فحين رآه الرجل، سقط، وأخذ يتشهّد، وقصده السبع، فما كذب أن أخذه، وجرّه عن الحمار. فسقت أنا الحمار، مع ما عليه، وأسرعت حتى خرجت، ولحقت بالقرية، وعجبت من حدسه على نفسه، وصدق ظنّه، ولحقني غمّ لفراقه، وما جرى عليه. ورجعت إلى بغداد، فحين دخلت، لم تكن لي همّة، حتى استوصفت الموضع، وقصدته، فدققت الباب، أسأل عنه، فقلت لمن فيه: خذوا قماش صاحبكم، رحمه الله. قالوا: قد خرج الساعة في حاجة له، وهو حيّ والحمد لله، فلم أشكّ في أنّي غلطت، فقلت: من هو؟ قالوا: فلان، اسمه.

فزاد تعجّبي، فجلست، فما أطلت، حتى طلع عليّ، فحين رأيته طار عقلي جزعا، وفرحا، وتشكّكا، فقلت: حديثك. قال: إنّ السبع ساعة جرّني، وأدخلني الأجمة، هزّني، وسحبني، فأنا لا أعقل. ثم سمعت صوت شيء، فإذا بخنزير عظيم قد خرج، فحين رآه السبع، تركني، وقصد الخنزير، فدقّه، وأقبل يأكله، وأنا أراه، ومعي بقيّة من عقلي. فلما أن فرغ منه، خرج من الأجمة، وتركني، وقد جرح فخذي جراحة خفيفة. فقمت، فوجدتني أطيق المشي، فأقبلت أمشي في الأجمة، أطلب الطريق، فإذا بجيف ناس، وبقر، وغنم، وغير ذلك، منها ما قد صار عظاما بالية، ومنها ما هو طريّ. فانتهيت إلى خرق متمعطة «1» ، ومخالي للفيوج مطروحة، فسوّلت لي نفسي تفتيش ذلك. ثم وقفت على شيء مكوّر، فإذا هو هميان «2» ، ففتحته، فإذا فيه ألف دينار صفر، فأخذتها، ولم أفتّش الباقي، وخرجت، فما عرّجت، وعدت إلى منزلي، فسبقتك. قال: وأخرج الدنانير، فأراني إياها، وكشف عن الجراحة، [120 ط] فسلّمت إليه متاعه، وافترقنا «3» .

18 كتاب من يحيى بن فهد الأزدي للأمير أبي تغلب بن حمدان

18 كتاب من يحيى بن فهد الأزدي للأمير أبي تغلب بن حمدان كتب أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد الأزدي، إلى الأمير أبي تغلب «1» فضل الله بن ناصر الدولة، عند اعتقاله أخاه أبا الفوارس محمد، لخوفه منه، وحمله إيّاه إلى القلعة مقيّدا، وحبسه فيها، وذلك في شعبان سنة ستين وثلاثمائة، في الليلة الثامنة منه «2» . وكتب أبو محمّد ذلك، لمّا بلغه الخبر، بمحضر منّا، كالارتجال، بغير فكر طويل، ولا تعمّل شديد، نسخته: من اختاره الله تعالى لجليل الأمور، واصطفاه لحراسة الأمّة وحماية الثغور، وخصّه بنفاذ الرأي فيما يحلّه ويعقده، ونصره على كلّ عدوّ يرصده، وكفاه كيد من يبغي عليه ويحسده، وقرن عزماته بالصواب في جميع ما يمضيه، وبلّغه في الدنيا ما يرتجيه، وجعل ما يبرمه مطّردا على التوفيق، وذاهبا مع السداد في أجمل طريق. معونة له على ما أسنده- جل ذكره- إليه، وحفظا للملّة وذبّا عنها على يديه، لا سيّما إذا كان مقدّما لتقوى الله سبحانه، في سائر أفعاله، مؤثرا لرضاه تعالى، في جميع أحواله، غير خارج عن حدوده في تدبير، ولا ناكث عن صراطه في صغير ولا كبير.

والحمد لله الذي خصّ مولانا الأمير السيّد، أطال الله بقاءه، من هذه الأوصاف الشريفة، والأخلاق المنيفة، بما فضّله به على ملوك الزمان، وأنطق بذكره وشكره كل لسان، وجعل القلوب كلها، شاهدة به، والآراء على اختلافها، متفقة عليه. والحمد لله الذي جعل تدبيراته جارية على الصواب، ماضية على سنن الكتاب، محروسة من عيب كل عائب، ثاقبة كالنجم الثاقب، الذي لا يدفع علوّه دافع، ولا ينازع في سموّه منازع. وإيّاه نسأل، كافّة أوليائه، وخدم دولته، وإليه أرغب، الرغبة التامة من بينهم، في إيزاعه الشكر على ما أولاه، وإلهامه حمده، تقدست أسماؤه، على ما خوّله وأعطاه، وأن يديم له شأنه وتسديده، ويصل بالحق وعده ووعيده، ويحسن من كل نعمة وموهبة، حظّه ومزيده، ويجعل قوله مبرورا، وعدوّه مقهورا، وفعله مشكورا، وقلبه مسرورا، ولا يخليه من جدّ سعيد، إنّه ولي حميد، فعّال لما يريد. وورد الخبر، بما جرى من الاستظهار على من شكّ في مناصحته ووفائه، وظهر في الدولة سوء رأيه، بعقب تتابع الأنباء، بما كان أضمره من الغدر، وأضبّ عليه من قبح الأمرة، وبما بان منه من إعمال الحيلة على ثلم المملكة، والسعي في تفريق الكلمة، وإفساد البلاد، وإخافة العباد، ولم يصادف وروده، إلّا مستبشرا [120 ط مكرر] به، مستنصبا له، عالما بجميل صنع الله- عز وجل- في وقوعه، شاكرا له على ما أبلاه، وأولاه من المعونة عليه، عارفا بأن مولانا الأمير- أدام الله تأييده- لم يأمر به، وما وجد سبيلا إلى الصلاح، إلّا سلكها، ولا ترك سبيلا إلى الاستصلاح إلّا ركبها، فلم يزده ذلك إلّا تماديا في العصيان وغيّا، ومرورا في ميدان البغي وبغيا يحسن به العدول عن صلة الرحم، بحكم الله عز وجلّ، إذ جعل البغي في كتابه،

محلّا للإخلال بحق النسب، حيث يقول، وهو أحسن القائلين إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ «1» فبيّن سبحانه: إنّ الفحشاء ضدّ للعدل، والمنكر مسقط للإحسان، والبغي موجب لقطع القرابة، وأوجب تبارك اسمه، لمولانا الأمير- أدام الله عزّه- النّصر على الباغي، بقوله عزّ من قائل، ومن بغي عليه لينصرنّه الله. على أنّ الذي أتاه مولانا، أطال الله بقاءه، في بابه، لمواصلة الرحم أقرب، ولأسبابها ألزم وأوجب، إذ حال بينه وبين ما يؤثمه ويرديه، وصدفه عمّا كان يفسد دينه ودنياه بالإيغال فيه، ولم ينقله بذلك، إلّا إلى عيش رغد، وأمر تامّ، ونعمة دارّة، وحال سارّة. والله يكافىء مولانا الأمير السيّد أطال الله بقاءه على قدر نيّته، ويجازيه بجميل طويته، ويبلّغه من الدنيا بحسب حفظه فيها للدين، ويكبت أعداءه بذبّه عن المسلمين، ويهنّيه بنعمه عليه، ويمتّعه بمواهبه لديه، ويرغم أعداه، ويحمده بدء كلّ أمر وعقباه، إنّه جواد كريم، سميع مجيب «2» .

19 من شعر يحيى بن فهد الأزدي

19 من شعر يحيى بن فهد الأزدي أنشدني أبو محمد يحيى بن محمد لنفسه: يا من علاقة حبّه فرض ... ضاقت عليّ ببعدك الأرض فالقلب يخفق وحشة لكم ... حتى كأنّ سواده نبض وأنشدني لنفسه: وصفراء من ماء الكروم عتيقة ... مكرّمة لم تمتهن بعصير صبغت بها كأسي وأطلقت شمسها ... على نوره إلّا بقيّة نور كسالفة شقراء «1» قد رفّ تحتها ... جربّان وشي أبيض وحرير كأنّ شعاع الكأس نار توقّدت ... على كفّ ساق زيّنت بخصور فما حضرت حتى تبدّل ما جنى ... عليّ زماني من أسى بسرور وأنشدني لنفسه: [121 ط] لقد نفرت عيني عن النوم بعدكم ... فليس إلى طيب الرقاد تتوق وقد ألفت طول البكاء كأنّها ... لدمع عيون العالمين طريق وأنشدني لنفسه: يا موقد النار في فؤادي ... وآمر العين بالسهاد حللت من ناظري وقلبي ... - على تعدّيك- في السواد فليس ترقا دموع عيني ... أو يظفر القلب بالمراد وليس يطفى لهيب قلبي ... أو تملك العين للرقاد

وأنشدني لنفسه: أصبحت من شوقي ومن ضرّي ... تنمّ أنفاسي على سرّي وكلّما جئتك أشكو الهوى ... ازددت يا مولاي في هجري فكم تراني صابرا للبلا؟ ... ستغلب البلوى على صبري وأنشدني لنفسه: يغدو عليّ بوجه مشرق غنج ... يا طيب مبتكري فيه وإصباحي في صورة البدر في قدّ القضيب على ... دعص من الرمل يخطو فوق رحراح وأنشدني لنفسه من أبيات: الليل يعجب منّي كيف أسهره ... والشوق ينهى الكرى عنّي وأزجره والصبح قد ضلّ عن ليلي بوادره ... فما يلمّ بهذا الليل آخره وأدهم الليل وقف ما يغالبه ... من الصباح على الظلماء أشقره وأنشدني لنفسه: إذا أتاك امرؤ يبغيك حاجته ... فقد علاك بفضل ماله ثمن فاسمع له طائعا وانجح مطالبه ... واعرف له حقه لا خانك الزمن وأنشدني لنفسه: يا هاجرا لغلامه ... ومقاطعا لكلامه ومواصلا لصدوده ... وعتابه وملامه لم قد هويت جفاءه ... وتركته بغرامه أمنن عليه بوصلة ... لخضوعه وسقامه وأنشدني لنفسه: يا هلالا بدا فوافق سعدا ... وغزالا كأنّه الغصن قدّا

ومثالا تكامل الحسن فيه ... فحكت وجنتاه خمرا ووردا كلما ازددت في القطيعة بعدا ... زدتني جفوة وهجرا وصدّا تتعدّى وحقّ أن تتعدّى ... كلّ من يملك الجمال تعدّى إنّني ما اتخذت غيرك مولى ... فاتخذني لحسن وجهك عبدا وأنشدني لنفسه: سقى الشوق عيني ماء وجد ولوعة ... فإنسانها في ذلك الماء يسبح إذا حرّكته من جوى الحب زفرة ... ترقرق فوق الخد منه الملوّح وأنشدني لنفسه قصيدة يفتخر فيها، أوّلها: [122 ط] سوى حلمي يخفّ مع الشباب ... وغير أعنّتي يثني التصابي يقول فيها: كأنّ عواقب الأيّام مدّت ... فقرّت من فؤادي في كتاب فلست أدافع الجلّى بشكّ ... ولا أشكو الحوادث بارتياب وأنشدني أيضا قصيدة أخرى أوّلها: أبى شرف المناصب والأصول ... وفضل في القلوب وفي العقول وقلب لا يخوّف بالمنايا ... ونفس لا تقرّ على خمول لمثلي أن يميل إلى اكتساب ... بغير السمهريّة والنصول وأنشدني من قصيدة يفتخر فيها: تعوّد كفّي قائم السيف صاحبا ... يساعده في كل أمر يحاول سريع مضاء الشفرتين كأنّه ... إذا سلّ من ماء المنية سائل كأنّ مدبّ النمل فوق غراره ... إذا صحّ منه للعقول التأمل «1»

20 بين يحيى بن فهد الأزدي وأبي الفرج الببغاء

20 بين يحيى بن فهد الأزدي وأبي الفرج الببغاء وكتب «1» إلى أبي الفرج الببغاء «2» ، إلى الموصل، يتشوّقه، بعد خروجه من بغداد: ظعنت فما لأنسي من ثواء ... وبنت فبان عن قلبي السرور ولو أنّي قضيت حقوق نفسي ... تبعتك كيفما جرت الأمور وودّي ليس ينقصه مغيب ... كما لا يستزيد له حضور فإن تبعد فإنّك ملء صدري ... وودّك جلّ ما تحوى الصدور فأجابه أبو الفرج: بقربك من بعادك أستجير ... وهل في الدهر غيرك من يجير نأيت فما لسلواني دنوّ ... وغبت فما للذّاتي حضور وقد صاحبت إخوانا ولكن ... متى تغني عن الشمس البدور فيا من رعت منه الدهر قدما ... بمن تسمو بخدمته الأمور ومن قدّرت أنّ له نظيرا ... فحين طلبت أعوزني النظير إذا كنت السرور وغبت عنّي ... فكيف يتمّ بعدك لي سرور ولأبي محمد، إلى أبي الفرج، في فصل من كتاب، وقد اعتلّ بعده: فقدت السلامة لما نأيت ... وحالفت لما بعدت الضنينا

وكان اقترابك لي صحّتي ... فحين ارتحلت عدمت القرينا وما هوّن السقم يا سيّدي اشتياقي ... وحاشى له أن يهونا فكتب إليه أبو الفرج، في صدر كتاب: كتابي عن سلامة، وعن كمد فلّ غرب السلوّ ... وشوق أعاد حراكي سكونا وقلب يرى كلّ شيء يعين ... قلوب العباد عليه معينا [123 ط] ولم أر بعدك شيئا يسرّ ... فأفتح أنسا إليه الجفونا وجملة أمري أنّي اشتكيت ... وقد كان دهري لي مستلينا وجرّبت مذغبت عنّي الكرام ... فكانوا الشكوك وكنت اليقينا وأنشدني لنفسه: يدعي [حبيبي] «1» إلى هجري فيعدل بي ... عن هجره مرض في القلب مكتوم لو كان ينصفني ما كان يهجرني ... لكنّني الدهر في حبّيه مظلوم «2»

21 فقرات من رسائل

21 فقرات من رسائل لبعض الكتاب، في وصف قاض «1» : الحمد لله الذي ليس من دونه احتراز، ولا لذاهب عنه مجاز «2» ، هو من لا يبهره الإطراء، ولا يحيله الإغراء. آخر: الحمد لله على حلمه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، الذي لا يودى مسيله، ولا يخيب سؤوله. آخر: إنّ لله علينا من النعم ما لا نحصيه، مع كثرة سخطه على ما نعصيه، فما ندري أيّها نذكر، ولا على أيّها نشكر، أجميل ما نشر وأبدى، أم قبيح ما ستر وأخفى «3» .

22 بين أبي عمر القاضي وأبي عصمة الخطيب

22 بين أبي عمر القاضي وأبي عصمة الخطيب حدّثني أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عيّاش «1» ، وأبو جعفر طلحة بن عبيد الله بن قناش «2» الطائي الجوهري البغدادي، وجمعت خبريهما، قالا: كان أبو عصمة العكبريّ الخطيب، غالبا على أبي القاسم بن الحواري «3» ، وكانت منزلته في الطيبة مشهورة، قال، فحدّثنا: أنّ أبا عمر «4» خطب لابن رائق «5» الكبير، على ابنة قيصر الكبرى، فأطال وأبلغ، وكان يوما حارّا.

فلما انقضت الخطبة، قيل له: اخطب على البنت الأخرى، للابن الآخر. فكره الإطالة، لئلا يضجر الخليفة، وأراد التقرّب إليه، فحمد الله سبحانه بكلمتين، ثم قرأ آية من القرآن، وعقد النكاح. فنهض المقتدر مبادرا لشدّة الحرّ، ووقع ذلك عنده ألطف موقع لأبي عمر. قال: فعاد ابن الحواري إلى داره، وجئت، فجلست عنده أحادثه، وأتطايب له، وأغمز رجله. فقال: جرى اليوم لأبي عمر القاضي كلّ جميل، ووصفه الخليفة، وقرّظه، واستحسن إطالته في الخطبة الأولى، وإيجازه في الثانية، وقال: مثل هذا الرجل، وفيه هذا الفضل، لم لا نزيد في الإحسان إليه؟ فقرّرت مع الخليفة، بأن يزيده في أرزاقه وأعماله، كذا وكذا، فأمرني بتنجيز ذلك له من الوزير. قال: وكان ابن الحواري، صديقا لأبي عمر. فلما سمعت ذلك، دعتني نفسي إلى أن أستبق بالخبر، إلى أبي عمر، لأستحقّ البشارة، وأتقرّب إليه. وطال عليّ الوقت، حتى نام أبو القاسم، فركبت دابّتي، وجئت إلى أبي عمر، فأنكر مجيئي ذلك الوقت [124 ط] ، وعلم أنّه لمهمّ، فأوصلني، فجلست، وهنّأته، وحدّثته بالحديث على شرحه. فقال أبو عمر: أطال الله بقاء أمير المؤمنين، وأحسن الله جزاء أبي القاسم، ولا عدمتك. فاستقللت شكره، وولّد لي فكرا، مع ما بان لي في وجهه من التعجّب منّي. فلمّا خرجت ندمت ندما شديدا، وقلت: سرّ السلطان، أفشاه إلى رجل عنده فوق الوزير، فباح ذلك الرجل به بحضرتي وحدي، لا يسرّه

عنّي، ولعلّه هو، أراد أن يعتدّ به على أبي عمر، بادرت أنا بإخراجه، إن راح أبو عمر فشكره على ذلك، أو ذاكره به، فعلم أنّ ذلك من فعلي، بأيّ صورة يتصورني؟ أليس يراني بصورة من خرج بسرّ؟ وإخراج السرّ، في الخير والشرّ، والفرح والغم، والجيّد والرديء، واحد؟ وإن أدّاه ذلك إلى استثقالي واحتشامي، أليس في هذا انتقاص معيشتي وخيري؟ ثم إن حجبني عنه، من يوصلني إليه؟ ومن يرغب في استخدامي بعده أو يدخلني داره؟ أو ليس ينتشر في البلد، إنّه طردني، لأنّني أفشيت له سرّا، لا يدرى ما هو. ليس إلّا أن أرجع إلى أبي عمر، فأسأله كتمان ذلك. قال: فرجعت من حيث قدّمت لي دابتي، ولم أركب. فحين وقع ناظر أبي عمر عليّ، قال لي: يا أبا عصمة «1» ، ولا حرف، ولا حرف. قال: فكأنّه حسب ما حسبته لنفسي، وعلم ما علمته، ممّا طرأ عليّ، فلمّا رآني قد استدركت ذلك، علم أنّي ما رجعت إلّا لأسأله كتمان هذا، فبدأني بما قاله. فشكرته وانصرفت، ولم أجلس. وقد أخبرني أبو الحسين بن عيّاش رحمه الله، بهذا الخبر، عن أبي عصمة، ولم يذكر فيه حديث الخطبة، ولا أي شيء كان السرّ، وهذا الحديث أشرح، فأوردته هكذا «2» .

23 القاضي يخطب بين يدي الخليفة في الإملاك

23 القاضي يخطب بين يدي الخليفة في الإملاك حدّثني أبو الحسن بن الأزرق «1» ، قال: حدّثني القاضي أبو طالب بن البهلول «2» ، قال: لما تأخّر أبي «3» عن حضور المواكب، وكان لا يخطب في الإملاكات غيره، عرض للمقتدر «4» رأي، في إملاك بحضرته. فقال لي عليّ بن عيسى «5» هذا شيء كان إلى أبيك، وأنت أحقّ به. فقلت: لا أقوم به. فقال لأبي عمر «6» : فاخطب أنت. فاستعفاه، وسأله أن يجعل ذلك إلى ابنه «7» ، فجعل إليه. وكان يخطب بحضرة المقتدر في الإملاكات «8» .

24 وصف طبق قطائف

24 وصف طبق قطائف وصف القاضي المعروف بالنقّاش، طبق قطائف، قدّم إليه، فقال: اقشعرّ جلده «1» من كثرة حمله «2» . 25 النداء على الرطب الآزاد حدّثني خالي، قال: سمعت مناديا ببغداد، ينادي على الرطب الآزاد «3» : هوذا أولاد الخلافة، في الغلائل نيام «4» .

26 الوزير ابن مقلة وأبو أحمد الفضل الشيرازي الكاتب

26 الوزير ابن مقلة وأبو أحمد الفضل الشيرازي الكاتب حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد الأزدي، قال: حدّثني أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازيّ الكاتب «1» ، قال: كنت أكتب بين يدي أبي علي بن مقلة «2» ، وهو وزير، وكانت حالي صغيرة، وكنت أستحلي قينة كنت أنفق جميع ما أكسبه عليها. وكان أبو عليّ يعرف ذلك من خبري، فيخصّني بالأعمال التي تكسب المنافع، وإذا أراد كتب عهد [125 ط] لعامل، أو إجابة صاحب طرف، لم يعدل بذلك عنّي، فأنتفع بالمائتي دينار، والثلاثمائة، والأكثر، والأقلّ، ولا أبقي شيئا. قال: فكان من ذلك، أنّ كتاب ملك جرزان «3» ، ورد عليه، فرمى به إليّ، وأمرني بالإجابة عنه. فجاءني موصله، يتنجّز الجواب، وحمل إليّ مائتي دينار، وثياب ديباج، وغير ذلك. فأجبته جوابا جميلا، وأخذت ذلك فأنفقته كلّه على المغنّية.

واصبحت بعد أيّام، وهي عندي، وليس معي ما أجذرها «1» به في يومي ذلك، وأنا قلق من انصرافها، ولا حيلة لي في إسلامها، حتى جاءني غلامي، فقال لي: إنّ صاحب جرزان على الباب. فتثاقلت به، وقلت: لم يبق شيء أتوقّعه منه، وقد كتبت كتبه، وأنا متشاغل بحيلة ما أجذر هذه اليوم، فاحجبه عني. قال: فخرج وعاد وقال: قد أعطاني عشرة دراهم، وسألني إيصاله إليك. قال: فطمعت فيه، وقلت: إذا أعطى غلامي عشرة دراهم، فالأمر يحتمل أن يصل إليّ، هاته. قال: فدخل، وأخرج الكتاب، وقال: يا سيّدي، كانت العادة، إذا عنون الكتاب إلى صاحبي، وقيل: لأبي فلان بن فلان، أن يقال بعد ذلك: ملك جرزان، ولم يقل هذا، وفيه عليه غضّ في عمله، فحلق «2» ذلك. قال: فقلت هذا لا يجوز إلّا بأمر من الوزير، وهذا أمر عظيم، وإذا قيل ذلك فكأنّما قد أزلنا ملك السلطان عن ذلك الصقع، وأخذت أهوّل الأمر، وأفخّمه، بقدر طاقتي. فقال: يا سيّدي، لا زمان «3» عليّ في مساءلة الوزير، لأنّي أريد الخروج اليوم مع القافلة، فخذ مني ما شئت، واكتب لي. قال: فزاد طمعي فيه، وقلت: هذا أمر لا يمكن للوزير فعله، إلّا بأمر الخليفة. قال: فما زلت معه في ألوان، إلى أن دفع لي في الحال، ثلاثمائة دينار عينا.

فقلت: على شريطة أن لا يرى الكتاب أحد معك، ولا تقم اليوم ببغداد. قال: فشار طني على ذلك. فكتبت إلى جانب العنوان «ملك جرزان» فقط، وأخذت الدنانير وانصرف الرجل، ولم أدع الجارية تبرح ومعي شيء من الدنانير. قال: ثم دخلت إلى أبي عليّ. بعد ذلك بأيّام، فرمى إليّ كتبا، وقال: اكتب لصاحبها عهدا على أعماله بتستر «1» . قال: فجاءني الرجل، وحمل إليّ مائتي دينار، وثلاثة أثواب تسترية، وعمامة منها، فكتبت عهده، وقطعت الثياب، وكنت أنفق من تلك الدنانير. قال: وكان بين أبي عليّ، وبين أبي العبّاس الخصيبيّ «2» ، من العداء والمشاحة على الوزارة، ما عرفه الناس «3» ، وكانت لأبي العبّاس عليّ، حقوق، ورياسة قديمة، فكنت أحبّ لقاءه، وأخاف من أجل الوزير، فكنت ربّما مضيت إليه في الأيّام سرّا، واعتذرت من تقصيري باتّصالي بالوزير، فيعذرني. فاتّفق أنّي مضيت إليه يوما سحرا، في تلك الثياب الجدد، وعدت إلى دار الوزير، فلما صرت في الحجرة [126 ط] التي كان فيها، وجدته «4»

وأبا الحسين ابنه «1» ، مختليين، وفي ناحية من الدار جماعة من الكتاب جلوس، منهم أبو جعفر بن شيرزاد «2» ، وأبو محمد المادرائي «3» ، وأبو علي الحسن بن هارون «4» ، وغيرهم. فعدلت لأجلس مع الجماعة، فلمّا رآني الوزير، صاح: تعال، بحرد. قال: فقمت فزعا، أن يكون الخبر بلقائي الخصيبيّ، قد رقي إليه، فجئته، فأسرّ إلى أبي الحسين، بشيء في أمري، لا أدري ما هو، ثم ضحك وقال: اجلس، فلما ضحك، سكنت نفسي، وجلست. فقال: اليوم يوم سبت، والهوا «5» طيّب، فما ترى في ترك العمل والصّبوح؟ فقلت: هذا والله عين الرأي، وحقيقة الصواب، ونفس الواجب، وما لا يجوز العدول عنه، ولا الخروج منه، ولا التأخّر عن فعله، وأخذت أصف طيب الصبوح، وأروي ما حضرني فيه، في الحال. قال: فقال لحاجبه: قل لأصحابنا، يمضون إلى الديوان، وينظر كلّ

واحد في أمره، وما إليه، وأخل دار العامة، ولا تستأذن عليّ لأحد، حتى أتشاغل بالصبوح. ثم دعا الفراشين، فأمرهم بفرش حجرة كان يستطيبها، وقال: أريد أن تكون في نهاية الضياء، من غير أن يسقط فيها خرم إبرة شمس. فقام فلم تكن إلّا ساعة، حتى جلس فيها، فأكلنا معه، ونفسي متطلّعة إلى ما جرى. فلما نهضنا لغسل أيدينا، سألت أبا الحسين عن ذلك، فقال: إنّ الوزير لما رآك، قال: هذا الرجل يخدمنا، ويختصّ بنا، وواجب الحقّ علينا، وهو يعشق مغنّية لعلّ ثمنها شيء يسير، ويتلف كلّ ما يكسبه عليها، ولا نشتريها له؟ أيّ شيء أقبح من هذا؟ قال: فقلت له- وكنت أعرف في أبي الحسين شدّة- فأيّ شيء قلت له يا سيّدي؟ قال: قد قوّيت رأيه. قلت: لا يقنعني هذا والله، أريد أن تتجرّد، وتصمّم، وتذكّره، ولا تدعه أو يتنجّز لي ثمنها اليوم. فقال: أفعل. وقام أبو الحسين لينام، فلم يحملني أنا النوم، وقعدت، فعملت أبياتا في الوزير، أشكره على هذا الرأي، وأتنجّز الوعد، وحرّرتها بأحسن ما قدرت عليه من خطّي. فلما جلسنا للشرب، وشرب الوزير أقداحا، رميت إلى أبي الحسن ابن هارون بن المنجم، بالرقعة، وكانت له عادة عندي في التعصّب لشعري، والمدح لي عند الوزير، لنفاقه عليه، واختصاصه به، من بين ندمائه.

فأخذ أبو الحسن الرقعة، فأنشد منها الشعر، وأتبع ذلك بوصفها وتقريظها، وتبعه الجماعة، واستحسن الوزير ذلك، فأخذ الرقعة، فقطع بالسكّين سحاة عريضة منها «1» ، فكتب في رأسها شيئا، ودفعه إلى أبي الحسين، فكتب فيها شيئا، ثم أخذها الوزير، فلفّها شديدا حتى صارت كالزرّ، ورمى بها، فإذا هي في حجري، ففتحتها، فإذا فيها: ندى الخادم، عشرة آلاف درهم، وبخط أبي الحسين: فلان الجهبذ خمسة آلاف درهم. قال: فجئت لأنهض، فأشكره، وأقبّل يده، فأومأ إليّ [127 ط] بإصبعه، أن اسكت، ووضعها على فيه، فسكتّ، وشربنا إلى أن حضرت المغرب، وقام الوزير ليصلّي، وقمنا. قال: فاستدعاني، فقال: أخذت المال؟ فقلت: لا. فقال: إنّا لله، ظننتك أفره من هذا، إذا قال لك السلطان، هات لأعرف لك، فابسط حجرك «2» ، ولا تنتظر غضارة «3» ، إن صرفني الخليفة الليلة عن الوزارة، كيف تصل أنت إلى المال؟ إن متّ؟ إن كان كذا؟ فقلت: حاشاك يا سيّدي، لعن الله هذه الدراهم، مع هذا القول، يبقيك الله ألف سنة. فقال: دع ذا عنك، ثم نادى الخادم، فجاء، فقال: خذ هذه الرقعة، وأحضر المال الساعة، قبل أن أتمّم الصلاة. قال: فأخذها الخادم ودخل هو في الصلاة، ودخلنا نحن، فو الله،

ما تمّمنا صلاتنا، حتى حضر المال، ولم يكن معي غلام يحمله، إلّا صبيّ بحمل دواتي، ولا يطيق ذلك. قال: فالتفتّ إلى بدعة الصغيرة، وكانت في المجلس، وكان بيني وبينها ودّ، وهي تتعصّب لي، فقلت: يا ستّي، أعيريني بعض خدمك، يحمل هذا المال معي، إلى داري، فإنّ غلامي لا يطيقه. قال: وكانت بدعة الحمدونية «1» ، إذا حضرت المواضع، معها عدّة جوار وخدم وفرّاشين. قال: فدفعت إليّ غلامها، وكان مقدّما عندها، فسلّمت إليه المال، فحفظه، حتى أدّاه إلى منزلي. فاستدعيت مولاة الجارية، وبذلته لها في ثمنها، فقالت: لا أبيعها إلّا بثلاثين ألفا، فاستقبحت إعلام الوزير بالصورة، وتاقت نفسي إلى نفقة «2» المال، فأسلفتها منه للجذور، خمسة آلاف درهم، وأنفقت الباقي عليها في مدّة يسيرة «3» .

27 الوزير ابن مقلة يهدي لكاتبه عطرا وشرابا ومالا

27 الوزير ابن مقلة يهدي لكاتبه عطرا وشرابا ومالا حدّثني أبو محمد أيضا «1» ، قال: حدّثني أبو أحمد أيضا «2» ، قال: غدوت في بعض الأيّام إلى حضرة الوزير أبي عليّ بن مقلة، وأنا في بقية خمار «3» ، وقد خلّفت في داري هذه الجارية. فلما مضى من النهار ساعتان، عنّ للوزير قطع العمل، والتشاغل بالشرب. فقطعت من رأس الدرج «4» ، قطعة، وكتبت فيها إلى أخي، آمره باحتباس الجارية، وبإعداد أشياء رسمتها له، وأعلمته أنّني على أثر الرقعة، مع تشاغل الوزير بالأكل، وعملت على الاحتجاج للوزير بالخمار، والوزير يلحظ ما أكتبه، ويقرؤه، وأنا لا أعلم. وسلّمت الرقعة إلى غلامي، ومضى بها إلى منزلي. فلم يكن بأسرع من أن نهض الوزير، واستدعى المائدة، وأمرني بالأكل معه، فامتنعت، واحتججت بعظم الخمار، وأنّني لا أقدر على شمّ الطعام، فضلا عن أكله. فألحّ علي، فألححت في الامتناع.

فاستدعى عملا كان بين يديه، وأخرج منه عدّة كتب، وآمرني بالانفراد، والإجابة عنها. فورد عليّ من ذلك ما أقلقني، ولم أعلم غرضه، ولا أنّه يستدعيني إلى الطعام، ويشير عليّ بالدخول معه في ذلك الأمر، وتأخير الكتابة إلى غد، وأنا مقيم على شكوى الخمار، وتعذّر الأكل عليّ. إلى أن فرغت من الكتب، وقد توسّط [128 ط] أكله، وجئت بها مقدّرا أنّه يأذن لي في الانصراف. فقال: قد تبقّى من مدّة أكلنا، ما تبلغ به وطرك من الطعام، فاستخر الله، وساعدنا. فأقمت على الامتناع. فاستدعى عملا ثانيا، وأخرج منه عدّة كتب أخر، وقال لي: إذا كنت غير داخل معنا في أمرنا، فأجب عن هذه أيضا. فورد عليّ أعظم من الأوّل، وانفردت للإجابة، إلى أن فرغت منها، مع فراغه من الأكل. وجئت بالكتب فعرضتها عليه، وأنا لا أشكّ في الانصراف. فقال لي: لست أشكّ في تصرّم خمارك، فاستدع ما تأكله، والحق بنا. فأقمت على الامتناع. فاستدعى عملا ثالثا، ليشغلني بشيء، وتبسّم. فقلت له: ما هذه الحاجة الداعية إلى اتّصال العمل علي في هذا اليوم. فقال: قد قرأت رقعتك إلى أخيك، من ظهرها. فعرفت من حيث أتيت، فضحك، وضحكت. وأمر بإحضار مائتي دينار، وعشرين دنّا من الشراب العتيق، وسلّم

ذلك إلى غلامي، ثم أمر بإحضار صندوق صغير له، فيه طبب، فقدّم إلى حضرته، ومنديل دبيقيّ «1» ، وجعل فيه من الصندوق، من الندّ «2» كفا، ومن العود المقليّ «3» كفّا، وكذلك من الكافور والمسك، مثل ذلك، واستدعى قدحا، فجعل فيه أواق «4» غالية، ووضعه في المنديل، وختمه بخاتمه. وقال: إمض، فأنفق هذه الدنانير، واشرب الشراب، وتبخّر بهذا البخور. فأخذت جميع ذلك، وانصرفت «5» .

28 أنت تحركت على الصفراء ليس الصفراء تحركت عليك

28 أنت تحركت على الصفراء ليس الصفراء تحرّكت عليك وحدّثني أبو محمد أيضا «1» ، قال حدّثني أبو أحمد «2» أيضا قال: كانت هذه الجارية صفراء، تسمى «بهجة» . فشربت معها ليلة، وأصبحت مخمورا، فآثرت الجلوس معها، على لقاء الوزير أبي عليّ، وكان يعرف خبري معها. فأردت الاعتذار إليه من التأخّر عن الخدمة، وأخفي خبري عليه، فكتبت إليه رقعة أعتذر فيها، وأقول: إنّ الصفراء «3» تحركت عليّ، فتأخّرت. فوقّع على ظهرها بخطّه: أنت تحرّكت على الصفراء، ليس الصفراء تحرّكت عليك «4» . قلت: وهذا التوقيع يشبه ما أنشدنا أبو الحسن عليّ بن هارون بن المنجم، لنفسه، في جارية صفرآء، وقد شكا إلى الطبيب مرة الصفراء، ولا أدري أيّهما أخذ من صاحبه:

29 بغل لا يصلح للبيع

قال الطبيب وقد تأمّل سحنتي ... هذا الفتى أودت به الصفراء «1» فعجبت منه إذ أصاب وما درى ... قولا وظاهر ما أراد خطاء «2» 29 بغل لا يصلح للبيع رأى رجل في حمّام، رجلا وافر المتاع، فقال له عابثا: تبيع هذا البغل؟ قال: لا، ولكنّي أحملك عليه «3» .

30 القاضي أبو الحسن الهاشمي يغسل الخليفة الراضي

30 القاضي أبو الحسن الهاشمي يغسل الخليفة الراضي وحدّثني القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمي رحمه الله «1» ، قال: لمّا مات الراضي رضي الله عنه «2» ، أنفذ إليّ، فاستدعيت لغسله، فحضرت، ودخلت إلى الموضع الذي هو فيه من دار الخلافة، فإذا به مسجّى، على وجهه إزار مرويّ [129 ط] غليظ «3» . فقلت: لا إله إلا الله، مثل هذا يطرح على وجه خليفة؟ فقال لي بعض الخدم: إنّه لمّا مات، أخذ كل إنسان، ما هو مثبت عليه، فرده إلى الخزانة، حتى طرحت أنا عليه إزاري هذا. قال: فطلبنا مرجلا أو مسينة «4» لنغلي فيها ماء حارا، فما وجدنا، حتى جاءوا بها بعد مدة من حجرة بعض الخدم. فغسلته، وكفّنته بأكفان جميلة من داري «5» ، وصلّيت أنا والخدم عليه، وحمل إلى داره بالرصافة فدفن فيها «6» .

31 الخليفة الواثق، يهمل بعد موته فيأكل الحرذون عينيه

31 الخليفة الواثق، يهمل بعد موته فيأكل الحرذون عينيه حدّثني الحسين بن الحسن بن أحمد بن يحيى الواثقيّ، قرابة أبي، قال: حدّثني أبي، قال حدّثني أبي أحمد «1» ، قال: كنت أخدم الواثق «2» ، وأخدم تخته، في علّته التي مات فيها. فكنت قائما بين يدي الواثق، في علّته، أنا وجماعة من الأولياء، والموالي، والخدم، إذ لحقته غشية، فما شككنا أنّه قد مات. فقال بعضنا لبعض: تقدّموا فاعرفوا خبره، فما جسر أحد منهم يتقدّم. فتقدّمت أنا، فلما صرت عند رأسه، وأردت أن أضع يدي على أنفه وأعتبر نفسه، لحقته إفاقة، ففتح عينيه، فكدت أن أموت فزعا من أن يراني قد مشيت في مجلسه إلى غير رتبتي. فتراجعت إلى خلف، فتعلّقت قبيعة «3» سيفي بعتبة «4» المجلس، وعثرت به، فانكببت عليه، فاندقّ سيفي، وكاد أن يدخل في لحمي، ويجرحني.

فسلمت، وخرجت، واستدعيت سيفا ومنطقة أخرى، ولبستها وجئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة. فتلف الواثق تلفا لم تشكّ جماعتنا فيه، فتقدّمت فشددت لحييه، وغمّضته، وسجّيته، ووجهته إلى القبلة، وجاء الفرّاشون، وأخذوا ما تحته في المجلس، ليردّوه إلى الخزانة، لأنّ جميعه مثبت عليهم، وترك وحده في البيت. فقال لي ابن أبي دؤاد القاضي: إنّا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، ولا بدّ أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن، فأحبّ أن تكون أنت ذلك الرجل. وقد كنت من أخصّهم به في حياته، وذلك أنّه اصطنعني، واختصّني، حتى لقّبني الواثقيّ، باسمه، فحزنت عليه حزنا شديدا، وقلت: دعوني، وامضوا. فرددت باب المجلس، وجلست في الصحن، عند الباب أحفظه، وكان المجلس في بستان عظيم، أجربة، وهو بين بستانين. فحسست بعد ساعة، في البيت، بحركة عظيمة أفزعتني، فدخلت أنظر ما هي، فإذا بحرذون «1» قد أقبل من جانب البستان، وقد جاء حتى استلّ عيني الواثق، فأكلهما. فقلت: لا إله إلّا الله، هذه العين التي فتحها منذ ساعة، فاندقّ سيفي هيبة لها، صارت طعمة لدابّة ضعيفة. قال: وجاءوا فغسلوه بعد ساعة، فسألني ابن أبي دؤاد، عن سبب عينيه، فأخبرته. قال: والحرذون، دابّة أكبر من اليربوع قليلا «2» .

32 ما أرانا إلا كنا خزانا للوليد

32 ما أرانا إلا كنا خزانا للوليد حكي عن هشام بن عبد الملك «1» ، إنّه لما ثقل، وأخذ في النزع، أغمي عليه، ثم أفاق، فطلب شيئا. فقيل له: إنّ الخزّان قد أقفلوا على جميعه، وتفرّقوا. قال: فتنفّس [130 ط] الصّعداء «2» ، وقال: ما أرانا إلّا كنّا خزّانا للوليد «3» بن يزيد «4» .

33 الخليفة القاهر يعذب أم المقتدر زوجة أبيه، ويصلبها منكسة

33 الخليفة القاهر يعذب أم المقتدر زوجة أبيه، ويصلبها منكّسة وهذه شغب «1» أم المقتدر بالأمس، تنعّمت ما لم يتنعّمه أحد، ولعبت من أموال الدنيا بما استفاض خبره. فلما قتل المقتدر «2» قبض عليها القاهر «3» ، فعذّبها صنوف العذاب حتى قيل إنّه علّقها بثدييها، يطالبها بالأموال. وحتى علّقها منكّسة «4» ، فبالت، فكان بولها يجري على وجهها. فقالت له: يا هذا، لو كانت معنا أموال، ما جرى في أمرنا من الخلل، ما يؤدّي إلى جلوسك، حتى تعاقبني بهذه العقوبة، وأنا أمّك في كتاب الله عزّ وجل، وأنا خلّصتك من ابني في الدفعة الأولى، حتى أجلست هذا المجلس «5» .

34 الخليفة القاهر يعذب أم المقتدر ويضطرها لبيع أملاكها

34 الخليفة القاهر يعذب أم المقتدر ويضطرها لبيع أملاكها حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: حدّثني عمي أبو محمد، قال: أنفذني أبو الحسين بن أبي عمر القاضي «1» ، وابن حباب الجوهري، إلى القاهر، وكان قد طلب منه شاهدين، ليشهدا على أمّ المقتدر، بتوكيلها، في بيع أملاكها. قال: فصرنا إلى دار الخلافة، واستؤذن لنا، فدخلنا إلى القاهر، وهو جالس في صحن كبير، عند باب ممدود عليه ستارة ديباج، وسبنيّة «2» ، على كرسيّ حديد، وفي يده حربة يقلّبها، وخدمه قيام على رأسه. فسلّمنا عليه، ووقفنا. ودفع إلينا أحد الخدم، كتابا أوّله: أقرّت شغب، مولاة أمير المؤمنين المعتضد صلوات الله عليه، أم جعفر المقتدر رحمة الله عليه. فوقفنا عليه، فإذا هو وكالة ببيع أملاكها، في سائر النواحي. فقلنا للخادم: فأين هي؟ قال: وراء الباب. فاستأذنّا الخليفة في خطابها، فقال: افعلا.

فقلنا: أنت عافاك الله هاهنا، حتى نقرأ عليك؟ فقالت: نعم. فقرأنا عليها الكتاب وقرّرناها، ثم توقّفنا عن كتب الشهادة، فأومأ بعضنا إلى بعض، كيف نعمل في رؤيتها؟ وإلّا لم يمكنّا إقامة الشهادة، وهبنا الخليفة. فقال: ما لكم تتآمرون؟ فقلنا: يا أمير المؤمنين، هذه شهادة، نحتاج أن نقيمها عند قاض من قضاة أمير المؤمنين؟ فقال: نعم. قلنا: فإنها لا تصحّ لنا دون أن نرى المرأة بأعيننا، ونعرفها بعينها واسمها، وما تنسب إليه. فقال: افعلوا. قال: فسمعت من وراء الستارة، بكاء، ونحيبا، ورفعت الستارة. فقلت لها: أنت شغب، مولاة أمير المؤمنين المعتضد بالله صلوات الله عليه، أمّ جعفر المقتدر رحمة الله عليه. قال: فبكت ساعة، ثم قالت: نعم. فقرّرناها على ما في الكتاب، وأسبل السّتر، فتوقّفنا عن الشهادة. فقال القاهر بضجر: فأي شيء بقي؟ فقلنا: يعرّفنا أمير المؤمنين إنّها هي. فقال نعم، هذه شغب، مولاة أبي المعتضد بالله، أمير المؤمنين، وأمّ أخي جعفر المقتدر بالله، ونهض. فأوقعنا «1» خطوطنا في الكتاب، وانصرفنا.

قال: ولمّا رأيتها، وجدتها امرأة عجوزا، دقيقة الوجه والمحاسن [131 ط] ، سمراء اللون إلى البياض والصفرة، عليها أثر ضرّ شديد، وثياب غير فاخرة» . فما انتفعنا بأنفسنا ذلك اليوم، فكرا في تقلّب الزمان، وتصرّف الحدثان «2» . وجئنا، فأقمنا الشهادة، عند أبي الحسين القاضي «3» .

35 يقتلون شيخا حسن الشيبة ثم يظهر أنه خناق

35 يقتلون شيخا حسن الشيبة ثم يظهر أنّه خنّاق حدّثني أبو جعفر، أصبغ بن أحمد الكاتب «1» ، شيخ خدم قديما الصيمريّ، وحجب أبا محمد المهلبي «2» ، وهو إذ ذاك يخلف أبا جعفر الصيمري «3» على الأمور كلّها، فلما ولي أبو محمد الوزارة، صرفه عن حجبته، وصرّفه فيما يتصرّف فيه المستخرجون والمستحثّون، قال: حدّثني بعض غلمان بجكم «4» ، قال: أنفذني إلى الأنبار «5» ، في جماعة غلمان، لقتل قوم كانوا محبّسين من الأعراب، وأمرنا بحمل رؤوسهم إليه، وكتب لنا في ذلك. فجئنا إلى العامل، فأوصلنا إليه الكتاب، فسلّم القوم إلينا، فضربنا أعناقهم، وقطعنا رؤوسهم.

وأقمنا ليلتنا هناك، وبكّرنا، والرؤوس في مخالي دوابّنا، مسمّطة «1» عليها، ونحن نريد بغداد. وكنّا عشرة غلمان، والمقتّلين عشرة. فلما صرنا في بعض الطريق، وحمي النهار، أوينا إلى قرية خراب، وجلسنا نأكل، والمخالي بين أيدينا، فيها الرؤوس، قد نحّيناها عن الدواب، وتركنا الدواب ترعى. فلما فرغنا من أكلنا، قمنا إلى المخالي، فافتقدنا من الرؤوس التي فيها واحدا، فقامت قيامتنا، وقلنا نحن مقتولون به، سيقول لنا بجكم: أخذتم منه مالا، وتركتموه، كيف نعمل؟ فأجمع رأينا على أن نخرج إلى تلك الصحراء، فنعترض رجلا كائنا من كان أوّل ما نلقاه، فنقتله، ونجعل رأسه في المخلاة، بدلا من الذي ضاع، ونسير. فخرجنا على هذا، فأوّل من استقبلنا، رجل شيخ، حسن الشيبة والثياب، له سجّادة وسمت «2» ، وهو راكب حمارا، عليه خرج مثقل، وهو يسير. فأوقعنا به وقتلناه، بعد أن تذمّمنا من قتله، مع ما رأيناه عليه، إلّا أنّا خفنا أن ينتشر الناس في الطريق، فلا يمكنّا قتل أحد، ونكون نحن المقتّلين. فقتلنا الرجل، وقطعنا رأسه، وجئنا لنجعله في المخلاة، فإذا نحن برأس ملقى بين أرجل الدواب، فشككنا فيه، وعددنا الرؤوس، فإذا هي أحد عشر.

فشككنا، حتى أخذ كل واحد منا رأسا، وبقي في الأرض رأس واحد فاضلا. فقامت قيامتنا، ولطمنا، وقلنا: قتلنا رجلا مسلما بغير سبب، وشقّ ذلك علينا. وكان معنا شيخ من الغلمان، جار «1» ، فقال: يا قوم، إنّكم ما سلّطتم على هذا الشيخ، إلّا وله عند الله سريرة سوء، ففتّشوا رحله، لعلّكم تستدلّون على ما يزول به غمّنا في قتله. فقمنا إلى رحله «2» ، فحططنا الخرج عنه، وفتحناه، فأوّل شيء خرج علينا، هو بكرة، ثم تلا ذلك، ثياب ملوّثة بالدم وبالغائط. وتوالت الأدلّة علينا، فإذا هو خنّاق شدّاخ. فحمدنا الله تعالى على [132 ط] ما سلّمنا من قتل من لا يستحق القتل. وتقاسمنا قماشه، ودفنّا رأسه في الطريق. وجئنا فسلّمنا العشرة الرؤوس إلى بجكم «3» .

36 القاضي أبو عمر وحسن تصرفه ووفور عقله

36 القاضي أبو عمر وحسن تصرّفه ووفور عقله حدّثني القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشميّ «1» ، قال: ركبت مع القاضي أبي عمر «2» ، في يوم موكب، في طيّاره «3» ، إلى دار المقتدر. فصعد هو وابنه «4» ، وجلست أنا والجماعة، في الطيّار، ننتظر رجوعه. فرأيت جماعة من الخدم، وقد وقفوا له، يشتمونه بأقبح لفظ، ويقولون له: يا ظالم، يا مرتشي، وهو مطرق إلى الأرض، يمشي إلى أن دخل الدار. فهالني إقدامهم عليه، وقبح الصورة، وقلت في نفسي: إن لم يكن هذا الفساد برأي الخليفة، وإلا فيجب أن يشتكي إليه منهم الساعة، حتى يؤدّبوا. فلمّا عاد، خاطبه أولئك الخدم، بأقبح من الخطاب الأول، فعلمت أنّه ما شكاهم، ولم أقدم على مخاطبته في ذلك، لعظم هيبته، وافترقنا. فلما كان عشيّ ذلك اليوم، عدت إليه، وهو متخلّ، وقد استدعى

بعض أصحابه، ودفع إليه تخوت ثياب فاخرة، وطيبا، وأشياء قيمتها خمسمائة دينار، وأمره بحملها إلى خادم كان رئيس أولئك الخدم الذين سبّوه غدوة. وقال له: إقره السلام، وقل له كنت راسلتني في أن أحكم لفلان بشيء، لم تجز إجابتك إليه، لأنّه لم يكن مذهبي، ولا ممّا يجوز عندي في الحكم، ولو عرضت على السيف لم أجب إلى محال في حكم، فرددتك. فكان منك بالأمس ما لم يرض الله به، ولا قدح في شيء من أمرنا، ولكنّي استدللت به على عتبك، ووقع لي أنّ الرجل كان وعدك بشيء ساءك فوته، وقد أنفذت إليك هذا- وضع الهدية بين يديه- وأحبّ أن تقبله، وتعذرني. قال: فاغتظت منه، وقلت في نفسي: يؤدّي جزية، ويعطي مصانعة عن عرضه، أيّ رأي هذا؟ فمضى الرسول، وافترقنا، ما بدأني بشيء، ولا بدأته به. فلما كان في الموكب الثاني، صحبته، فصعد من الطيّار، وجلست على رسمي، فإذا بأولئك الخدم، وعدّة أكثر منهم، وقد وقفوا له سماطين، يقولون: يا عفيف، يا نظيف، يا مأمون، يا ثقة، يا جمال الإسلام، يا تأريخ القضاة، ويدعون له، ويشكرونه، حتى صعد من الطيار. وخدموه أحسن خدمة، وهو ساكت على رسمه، إلى أن دخل الدار، ثم عند خروجه إلى أوّل ما نزل طيّاره. فتحيّرت مما رأيتهم عليه من التضادّ في الدفعتين، مع قرب العهد. فلما استقررنا في الطيّار، قال لنا أبو عمر: كأنّي بكم أنكرتم ما جرى منهم في ذاك الموكب، قلتم: لو شكاهم إلى الخليفة، فأمر بتأديبهم، أليس كذا وقع لكم؟

قلنا: بلى. قال: كيف رأيتم ما شاهدتم اليوم؟ قلنا: أحسن منظر. قال: إنّه لم يذهب [133 ط] عليّ ما فكّرتم فيه، ولكنّي علمت أنّه لو شكوتهم، كنت بين أمور: إن لم يقع إنكار، فتنخرق هيبتي، ويبطل جاهي، ويطمع كلّ أحد فيّ، ويجر عليّ ذلك أمورا كبارا. أو وقع إنكار ضعيف، كان ذلك إغراء لهم. أو وقع إنكار قويّ، صاروا كلّهم أعدائي، وتنقّصوني، وعاداني بعداوتهم من فوقهم من الخدم، ولهم بالسلطان خلوات ليست لي، فيولّدون عليّ عنده من الحكايات والسعايات، ما يفسد عليّ رأيه في مديدة. وإنّي علمت أنهم ما قصدوني بهذا لشيء بيني وبينهم، وإنّما هي طاعة منهم، للخادم الذي هو رئيس عليهم، وأنّ ما حمله على ذلك، ما كان طمع في أخذه على قضاء الحاجة التي سألني فيها فرددته. وعلمت أنّي إذا عوّضته واستصلحته، صلح لي جميع هؤلاء. فعملت ما رأيت، فانصلح هؤلاء، وجميع الخدم، وأمنت عداوتهم، وعادوا يكذّبون أنفسهم فيما رموني به ذلك اليوم، ويخاطبوني بضدّه، بحضرة أكثر من كانوا خاطبوني ذلك اليوم بالقبيح بحضرته، وصاروا لي خدما، وزاد ذلك في محلي، أن يرى أعدائي، خدم الخليفة، يخدمونني، ويدعون لي، ولم يكن الخليفة، لو بلغ غاية الإنكار عليهم، يأمرهم بهذا من خدمتي. وما علم الغرباء، لأيّ سبب رضوا عني، وفعلوا بي هذا، ويجوز

ان يظن أعدائي، أو يرجف أوليائي، أنّ الخليفة أمرهم بهذا، وأنكر عليهم ما جرى أولا، فتلافوني بهذا الفعل، وقد بلغت أكثر ما أردت، ولم أبلغ الغاية، ولا عاديت أحدا «1» . واعلم يا أبا الحسن، إنّ أشياء قليلها كثير، [منها] إيثار العداوة،- وذكر أشياء لم أحفظها- فأيّ الرأيين الآن عندك أصوب؟ فقلت: رأي القاضي، جمّل الله [الدنيا] ببقائه، وفعل به وصنع «2» .

37 القاضي أبو عمر يستميل أحد خدم الخليفة

37 القاضي أبو عمر يستميل أحد خدم الخليفة وقد سمعت هذا الخبر عن جماعة غير القاضي أبي الحسن «1» ، منهم أبو عمر عبيد الله بن الحسين بن أحمد السمسار البغدادي الشاهد، وكان يخلف القضاة على بعض الأعمال، ويتقلّد سوق الرقيق بمدينة السلام، فذكروا: أنّ أبا عمر القاضي، لمّا جرى عليه من الخادم ما جرى، أحضر حضريّا «2» كان يخدمه، وقال له: إمض فتوصّل إلى فلان الخادم وابك بين يديه بكاء شديدا، وقل له: إنّ أخي مات، وخلّف مالا وأطفالا، ولم يوص. وإنّ القاضي قد ردّ ذلك إلى بعض أسبابه، وفي هذا ذهاب جاهي، وإن كان قد فعل الحق في ذلك، فالله، الله، فيّ، تسأله أن يردّ إليّ المال والطفل، واحرص على ذلك، واحمل له هذه الدنانير- وأعطاه مائة دينار-، وقل له: إذا فعلت ذلك، أعطيتك مائة أخرى، ولا تقنع منه أو يركب إليّ ويسألني. قال: فمضى الحضريّ، وتوصّل إلى ذلك. فقال له الخادم: ويحك، هذا قد عاملته بكل قبيح، فكيف أسأله حاجة؟ قال: فلم يزل الحضريّ يرفق به [134 ط] إلى أن أجاب.

فجاء فأخبر القاضي بأنّه يركب إليه في يوم كذا، فانتظره. وجاء الخادم إلى أبي عمر، فسأله ما اقترحه الحضري، وهو لا يشكّ في أنّها حاجة، فرفق به أبو عمر، وداراه، ومسحه «1» ، وأزال كلّ ما في نفسه، وقضى له الحاجة، ووقّع له بما أراد، وسلّم إلى الحضريّ التوقيع، فشكر ودعا. وشكر الخادم وانصرف. واستدعى أبو عمر الحضريّ، فأخذ التوقيع، وخرّقه، ودفع إليه المائة الدينار الأخرى، وقال: تمضي بها إلى الخادم، فمضى بها إليه. وصار الخادم صديقا له، وقد أخذ مرفق أبي عمر، وهو لا يدري بذلك، واستقامت الحال «2» .

38 جواب مفحم

38 جواب مفحم وأخبرني غير واحد من أهل الحضرة: إنّ هاشميا وقف لأبي عمر، في طريقه إلى الجامع، وكان سأله شيئا فلم يجبه إليه، فقال له: يا بارقيّ «1» ، يعرّض به، وما كان عليه من مبايعة ابن المعتز «2» ، ليكتب أصحاب الأخبار «3» بذلك، فيجدّد له سوءا عند الخليفة. فوقف أبو عمر، وقال للرجل: يا هذا إنّ أمير المؤمنين أعزّه الله قد عفا عن هذا الذنب، فإن رأيت أن تعفو، فعلت. قال: فخجل الهاشميّ، وعجب الناس من ثبات أبي عمر، وحسن جوابه، وسرعة فطنته، وتلطّفه «4» .

39 رقية تحبس السم

39 رقية تحبس السم حضرت أبا الحسن أحمد بن يوسف الأزرق «1» ، وقد رقى ملسوعا من عقرب، فقال الملسوع: قد زال الوجع، وقام وهو كالمعافى، بعد أن دخل ضاجّا من الألم. فسألته عن ذلك، فقال: هذه رقية لها خبر طريف، حدّثني به، أبو أحمد الوزّان «2» ، فجرّبتها على خلق، فأنجعت «3» . فسألته إخباري الخبر، قال: حدّثني أبو أحمد هذا، قال: حدّثني أحمد بن الطيّب السرخسي «4» ، قال: كنت قائما بين يدي المعتضد «5» ، فدخل إليه بعض الخدم، فقال: بالباب رجل يصيح: نصيحة، وقد قلنا له: ما هي؟ فقال: لا أقولها إلّا للخليفة. فقال: لعلّ له ظلامة «6» ، أو حاجة، فراجعوه. فكرّر الكلام، إلى أن أمر بإدخاله، فقال له: ما نصيحتك؟ فقال: معي رقية تحبس السمّ.

فقال المعتضد: هاتوا عقربا. قال: فكأنّها كانت معدّة لهم، فجاءوا بعقرب في الوقت، فطرحت على خادم، فلسعته، فصاح، فرقاه الرجل، فسكن ما كان يجده الخادم. فقال لأحمد بن الطيّب: اكتب هذه الرقية، وأمر له بثلاثمائة دينار. فأملاها أحمد بن الطيّب علينا، وهي: أن تأخذ حديدة، وتمرّها من أعلى اللسعة في البدن إلى موضع اللسعة، كأنّك تردّ شيئا، وتقول: بسم الله لومر سر لومر بهل بتي تنبه تنبه كرورابا كرورابا ابهتح ابهتح بهشترم بهوداله مهراشترم لوته قرقر سفاهه فلا تزال تكرّرها، وتمسح الحديدة، إلى أن يذكر [135 ط] الملسوع، أنّ السمّ الذي في بدنه قد انحدر إلى الموضع الملسوع «1» ، ويسكن عنه الضربان، إلّا من حيث موضع اللسعة، فيفتح الموضع حينئذ بإبرة، ويعصر، فإنّ السمّ يخرج، ويزول الألم في الحال. قال أبو الحسن: وقد جرّبتها على العقرب مرارا كثيرة، فنفعت. وسبيلها أن تجرّب في غير ذلك من السموم، فإنّ الذي قال الرجل: إنّها تحبس السمّ، ولم يخصّ شيئا من السموم بعينه. أبو أحمد الوزّان هذا، قد رأيته، وكان شيخا صالحا، يتوكّل للقاضي أبي جعفر بن البهلول، وأبي طالب، في بيع الحطب، وحدّثني عنهما بأشياء «2» .

40 دواء للسعة الزنبور

40 دواء للسعة الزنبور حدّثني عليّ بن محمد الأنصاري، قال: قال لي المرعوس «1» المتطبّب، وكان يخدم بجكم: إنّ الزنبور، إذا لسع إنسانا، فإن اتّفق في الحال أن يكون محاذيا له إنسان محاذاة صحيحة، فيعمد الرجل المحاذي للملسوع، إلى كوز ماء، فيصبّه على جبينه وقحف رأسه، إن كانت اللسعة في بدنه، فإنّه يسكن. قال: فلسعني مرّة زنبور، فقلت لرجل كان في محاذاتي، صبّ على جبيني ورأسي ذلك الكوز الماء، ففعل، فسكن ما بي في الحال «2» . 41 طبيب يلطخ مريضا بالعذرة قال: وقد عالج صبيّا في رأسه بثور، بأن نوّره «3» ، ثم غسله، وطلاه بغائط رطب، وأقامه في الشمس نحو ساعة زمانية، ثم غسله، وطلاه بدواء كان معه، فزالت البثور «4» .

42 ذرق العصفور يزيل الآكلة

42 ذرق العصفور يزيل الآكلة وقال لي هذا الطبيب: إنّ خرا العصافير اليابس، إذا سحق، وجمع «1» بالزيت، وحشي به الموضع الذي قد وقعت فيه الآكلة «2» من الأبدان، أصلحها، وأزال الآكلة. قال: وقال لي إنّ الشبّ إذا جعل في الزيت، وأمرّ على الموسى، لم يحلق شيئا «3» . 43 البول المغليّ يحل القولنج قال «4» : وقد رأيت هذا الطبيب، وقد شفى رجلا به قولنج «5» شديد، ببول أغلاه، وطرح فيه جند بادستر «6» ، وعقاقير أخر، فانحلّ قولنجه، في الحال «7» .

44 عجوز تداوي من البثور

44 عجوز تداوي من البثور قال «1» : وكانت بي بثور في ساقي، قد تطاولت، فخرجت إلى قرية تقارب مابروان، من أعمال الأنبار «2» ، فنزلت على مزارع فيها، يقال له إبراهيم بن شمعون، فرأى تلك البثور. فقال لي: عندنا عجوز ترقى من هذا، فأحضرنيها، فقالت: هذه علّة يقال لها الدروك، وأنا أرقيها «3» . فرقتها طويلا، ثم ألقت على ساقي الآس، والدهن، وقالت: لا تحلّه ثلاثة أيام. فلما كان بعد ثلاثة أيّام حللته، وقد عوفيت «4» .

45 حظ القاضي أبي جعفر بن البهلول يدفع كارثة

45 حظ القاضي أبي جعفر بن البهلول يدفع كارثة حدّثني أبو أحمد الوزّان هذا، قال: كنت أتوكّل لأبي جعفر بن البهلول القاضي، في بيع حطبه الذي كان يتّجر فيه من الحرار «1» ، وأزنه على المشترين. فبلغني يوما خبر طوف «2» عظيم، قد ورد له، فخرجت إلى دممّا «3» أستقبله، وكان هائلا مهولا. وكانت القنطرة إذ ذاك مخوفة، على شفا الوقوع، والزواريق ممنوعة من الاجتياز بها لئلا تنكسر. فأقمت يومي أنتظر الطوف [136 ط] ، فإذا الجماعة قد جاءوني، وقالوا: إنّه طوف عظيم، وقد حصل في جرية الماء، وليس يطيقه من فيه، والساعة يجيء، فيقع على القنطرة ويكسرها، فيكون فيه هلاك أبي جعفر مع السلطان. قال: وهم في الحديث، حتى إذا رأيت الطوف، قد جاء كالجبل،

وهو متصوّب إلى القنطرة، لم آشكّ في المكروه، ورأيت الرجال الذين فيه قد ألقوا نفوسهم إلى الماء، وهم لا يشكّون في تصوّبه إلى القنطرة. فأقبلت أدعو الله بصرفه عنها، إلى أن قرب، فدهشت، وجرى على لساني أن صحت: يا بخت أحمد بن إسحاق ردّه، ثلاث دفعات. قال: فرأيت، والله، الطوف، وقد تعوّج، ووقف وقفة شديدة، فتقطّع، فصار حطبا متفرقا، يجيء على رأس الماء، لا يضرّ القنطرة، وجنح معظمه في الموضع الذي تقطّع فيه، ووقعت البشارات والضجيج. فقلت: ما الخبر؟ قالوا: إنّه لما عدل عن القنطرة، جنح على جزيرة أخرى كانت مغطّاة بالماء، فلما جنح عليها، تقطّع، فكانت هذه صورته. قال: فجمعنا الحطب من أسفل القنطرة، وما ذهب منه عود، ولا لزمتنا عليه مؤنة، وجعلناه في عدّة أطواف، وجئنا به إلى بغداد. وجئت إلى القاضي أبي جعفر، وعرّفته ذلك، فحمد الله عزّ وجل، وتصدّق بصدقة جليلة «1» .

46 الأمير معز الدولة يزاد فوق وظيفته رغيفين وباقة بصل

46 الأمير معز الدولة يزاد فوق وظيفته رغيفين وباقة بصل جرى حديث ارتفاع الناس، وتقلّب الزمان بالإنسان، فحدّثني أبو الحسن بن الأزرق «1» ، قال: حدّثني الوزير أبو الفضل العباس بن الحسين الشيرازي «2» ، قال: حدّثني الأمير معز الدولة «3» ، رحمه الله، قال: كنت ببلد الديلم أحتطب لأهلي، فقالت لي أختي الكبيرة، ليس يكفينا هذا الحطب، فجئنا بكارة «4» أخرى حطبا لهم «5» اليوم. فقلت لها: لا أقدر، وقد جئتكم بما قدرت عليه. فقالت: إن جئت بشيء، زدتك رغيفين مما أخبزه. فجئتها على ظهري بكارة أخرى، وقد تلفت. فقالت: إن جئتني بكارة ثالثة، أعطيتك مع الخبز الذي أزيدك إيّاه على وظيفتك «6» باقة بصل.

فجئتها بالكارة الثالثة. فلما خبزت، أعطتني وظيفتي، وزادتني رغيفين، وباقة بصل، بإزاء ما حملته. ثم صنع الله لي وتغيّرت حالي إلى ما تراه «1» . قال: وقال لي أبو الفضل الوزير، لولا أنّ الأمير حدّث بهذا، دفعات كثيرة، في مجالس حافلة، فأخرجه مخرج الافتخار، لا السر، لما تحدّثت به «2» .

47 أبو علي حمولي القمي يرتفع من حارس في خان إلى أعلى المراتب

47 أبو علي حمولي القمي يرتفع من حارس في خان إلى أعلى المراتب وسمعت أبا علي أحمد بن موسى حمولي القميّ «1» ، يحدّث، في حديث له طويل، وهو إذ ذاك في السماء، رفعة، وجلالا، ويسارا، وإليه طراز الحرم «2» الديباج، وابتياع الثياب، ومرتبته عند معزّ الدولة، أجلّ مرتبة: انّه كان أمينا على زورق «3» ، زمانا، من سورا إلى القصر «4» ، لشدّة الحاجة والفقر. وحدّثني أبو الفرج الأصبهاني «5» ، قال: أعرف أبا علي حمولي، حارسا لمتاع التجّار، في خان يطرح إليه متاع الموصل، في موضع داره على دجلة [137 ط] «6» .

48 إن الفتى من يقول ها أنذا

48 إن الفتى من يقول ها أنذا جرى في مجلس أبي رضي الله عنه «1» ، بحضرته، يوما، ذكر رجل كان صغيرا فارتفع. فقال بعض الحاضرين: من ذاك الوضيع؟ أمس كنّا [نراه] بمرقّعة يشحذ. فقال أبي: وما يضعه أنّ الزمان عضّه، ثم ساعده، كلّ كبير إنّما كان صغيرا أوّلا، والفقر ليس بعار، إذا كان الإنسان فاضلا في نفسه، وأهل العلم خاصّة لا يعيبهم ذلك. وأنا أعتقد أنّ من كان صغيرا فارتفع، أو فقيرا فاستغنى، أفضل ممّن ولد في الغنى، أو في الجلالة، لأنّ من ولد في ذلك، إنّما عمل له غيره، فلا حمد له هو خاصّة فيه، ومن لم يكن له فكان، فإنّما بجدّه أو كدّه، وصل إلى ذلك، فهو أفضل من أن يصل إليه ميراثا، أو بجدّ غيره، وكدّ سواه «2» .

49 حريق الجمل ببغداد

49 حريق الجمل ببغداد حدّثني أبو الحسين بن عيّاش رحمه الله، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، قال: لما وقع ببغداد، حريق الجمل، اختلّ دكاني فيما اختلّ، وذهب مني مال عظيم. فقلت له: كيف كان حريق الجمل؟ قال: اجتاز في سوق الخرّازين «1» ، جمل عليه قصب، وكان رجل يثقب لؤلؤا، وبين يديه نار، فوقع طرف القصب على النار، فاشتعلت وبلغت إلى الجمل في لحظة. فكان الجمل، كلّما أحسّ بوقع النار عدا، وتنافض الشرار منه، في جانبي الطريق، فحرّق كل ما يجتاز به. فلم يزل على ذلك، إلى أن تلف الجمل، وتشاغل الناس بطفي الحريق الواقع في الدور والعقار. فكان حدّ ما احترق، من أوّل سوق الخرّازين إلى طاق الحرّاني «2» ، ووسط قطيعة الربيع «3» . وتلف ناس كثير، وزالت نعم عظيمة، بذهاب

الأموال، ورؤوس أموال التجار، وانهدام العقارات. قال: وكان هذا عقيب انتقال المعتصم «1» إلى سر من رأى «2» ، فهمّ الناس بالانتقال عن بغداد، وإن تخرب، فبلغ ذلك المعتصم. قال: فخاطبه أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد «3» ، في إطلاق مال للناس. فقال المعتصم: خذ خمسة آلاف ألف درهم، وأخلف بها جميع ما ذهب من الناس. فأخذ ابن أبي دؤاد المال، وجاء فجلس في مجلس الشرقية «4» ، واجتمع إليه الناس، فعرّفهم علم الخليفة بأمرهم، وما كان منه في خطابه، وما أنفذ معه من المال، فقال: ولم يذكر مبلغه، إلّا أنّه قال: قد حملت من المال ما أخلف به، جميع ما ذهب من جميعهم. قال: وكنت حاضرا المجلس، أسمع الكلام.

فقام إليه شيخ كان حاضرا، فقال: أيّها القاضي، إنّ هذا مال عظيم، فكم أنفذ إلينا أمير المؤمنين معك؟ فقال: خمسة آلاف ألف درهم. فالتفت الشيخ إلى نفسين في المجلس، فقال: قوما، فقاما. فقال: أيّها القاضي هذان، قد ذهب منهما، في أثمان عقاريهما، ورؤوس أموالهما، خمسة آلاف ألف درهم، أليس هكذا يا معشر المسلمين؟، واستشهد الحاضرين، فقالوا: نعم. فقال: [138 ط] أيّها القاضي، إذا كان هذان، وهما نفسان، من جميع من قد حضر، قد ذهب منهما قدر ما حمله أمير المؤمنين، فالباقون من أين يأخذون؟ قال: فتحيّر ابن أبي دؤاد، وقال: ما ترون في هذا؟ فقالوا: الرأي لك. قال: فقال أولئك النفسان: أمّا نحن، فما نريد شيئا، ولا نسأل الخلف، إلّا من الله عزّ وجل، ولا نطلبه إلّا من فضله، ولكنّا نشير عليك أيّها القاضي، فقال: افعلا. قالا: تجعل هذا المال، مقسوما بين أهل البضائع [اليسيرة] ، وصغار الناس، فإن رغب أحد من الأكابر، في أن يشارك الأصاغر فيه، فإن ذاك إليه وإليك. قال: فقام خلق كثير، فقالوا: أمّا نحن، فما نريد شيئا، اجعله للأصاغر، وانصرفوا. ففضّ المال، على أرباب البضائع اليسيرة، ثم لم يكف، واحتيج لهذا إلى أضعاف ما حمل من المال. فلما نفد المال، خرج ابن أبي دؤاد ليلا، لكثرة الازدحام عليه، والطلب منه، ونفاد ما عنده «1» .

50 إبراهيم بن الحسن البزاز

50 إبراهيم بن الحسن البزاز يخسر في حريق واحد ما يزيد على أربعمائة ألف درهم سمعت إبراهيم بن الحسن البزّاز، يقول: [خلف الحريق سريع] «1» ، كان حريق بالكرخ «2» في سنة نيف وأربعين وثلاثمائة «3» فتلف لي متاع في دكّاني وداري بمائتي ألف درهم، سوى أثمان العقار. فقلت: كم كانت أثمان العقار؟ فقال: أكثر من هذا. قال: فنمّى «4» الله، عزّ وجل، ما بقي، وأعدت منه عقاري، ورأس مالي في دكّاني، فما أفرّق اليوم بين أمري، وبين ما كان قبل الحريق. قلت له: ففي دكانك اليوم متاع بمائتي ألف درهم؟ فضحك، وقال: هذا لا يسأل عنه التجّار، ولا يصدقون أيضا إذا سئلوا، ولكن ما أفرّق بين حالي الساعة، وذلك الوقت، وأنا من الله عزّ وجلّ في خير. فقال بعض أصدقائه، ممّن يعرف أمره: في دكّانه متاع بأكثر من هذا.

51 أبو القاسم الجهني

51 أبو القاسم الجهني يفخر بأنّه قد أجهد نفسه فيما لا يليق بالرجل الحرّ حدّثني أبو القاسم الجهنيّ «1» ، قال: جرى بيني وبين محمد [108 ب] بن خلف، القاضي وكيع «2» ، ملاحاة في شيء، بحضرة أبي الحسن بن الفرات، فولّدت بيننا عداوة، فبحثت عن عيوبه. فبلغني أنّ له أبا ساقطا في أصحاب الصناديق بباب الطاق، فركبت حتى جئت إليه، فرأيته يعمل الصناديق بيده، وفاتشته، فإذا هو أسقط رجل، وأجهله. وانصرفت فكاتبت جماعة من وجوه الشهود بالجانبين «3» ، وأشرافهم من البطنين «4» ، وأكابر التجّار والكتّاب والتنّاء، وواعدتهم بحضور مسجد هناك كبير، فحضر خلق كثير. وركبت، فحين حصلت هناك، قلت: عليّ بخلف الصناديقي، فجاءوا بالشيخ كما أقيم من العمل، وآلته معه، ويده ملوّثة، كما كنت وصيّتهم.

فقلت لهم: أعزّكم الله، إنّي كنت سألتكم الحضور لأخاطب هذا الشيخ بحضرتكم بشيء آخذ خطوطكم به، فاحفظوا ما يجري. ثم قلت: يا شيخ، من أنت؟ قال: أنا خلف بن فلان. قلت: وكيع القاضي، من هو منك [139 ط] ؟ قال: ابني. فقلت لمن حضر من شيوخ المحلّة: هو كما قال؟ فقالوا: نعم. قلت: أنت بهذه الصورة مع اتّساع حال ابنك؟ قال: لأنّه عاقّ بي، فعل الله به وصنع، ودعا عليه. فقلت له: يا شيخ، تحفظ القرآن؟ قال: أحفظ منه ما أصلّي به. فقلت: تحسن شيئا من القراءات؟ قال: لا. قلت: وكتب الحديث قط؟ قال: لا. قلت: رويت من الأخبار، والآثار، والآداب، والأشعار شيئا؟ قال: لا. فلم أزل أعدّد عليه العلوم وأصنافها، وهو يقول لا، لا. قلت: فتحسن شيئا من النحو أو العروض أو المنطق؟ قال: لا. فقلت: أعزّكم الله، إنّ وكيعا رجل كذّاب، متعاط للعلم والأدب، ولم آمنه في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكذب في العلوم،

وأن يجعل ذلك طريقا متى مات هذا الشيخ، فيقول: حدّثني أبي، وأخبرني أبي، ويضع على لسانه كلّ كذب. فأردت أن تحفظوا على هذا الشيخ ما ذكره من انّه ليس من هذا [الأمر] «1» ، ولا إليه، حتى لا يمكنه ادّعاء ذلك عليه بعد موته، وأن تعرفوا أيضا فسقه بعقوقه والده، وسقوط مروءته، بتركه أباه على هذه الحال. قال: فما فارقتهم حتى أخذت خطوطهم بما جرى، على أشنع شرح قدرت عليه، وأجابوا هم إليه. وصرت بالمحضر معي إلى مجلس الوزير، وتركته في خفيّ، وأجريت الحديث مع وكيع، إلى [109 ب] أن شاغبته في الكلام، وقلت: لا تسكت يا ابن الصناديقي الجاهل، فامتعض. وأخرجت المحضر، وعرضته على الوزير، وسألته أن ينفذ ويستدعي أباه ويشاهده. فضحك الوزير، وسقط وكيع من عينه. وقامت قيامته من يدي.

52 أبو القاسم الجهني يتولى الحسبة بالبصرة

52 أبو القاسم الجهني يتولى الحسبة بالبصرة وولي أبو القاسم الجهنيّ، عندنا بالبصرة، الحسبة «1» ، من قبل أبي جعفر الصيمريّ «2» ، فسمعت إذ ذاك، شيوخنا، يقولون: إنّهم ما شاهدوا ولا سمعوا، من بلغ مبلغه، في ضبط العامّة، ورفع الغشوش، ومن عرف من أسرار الصنائع، والأمتعة، ما عرفه، حتى كأنّه لا يحسن شيئا غيرهما، مثله. وطالب الناس بمطالبات صعبة، فانتشر له حديث عظيم جميل، في البلد بذلك، وهيبة في نفوس الأكابر، فضلا عن الأصاغر. فاجتاز يوما وبين يديه رجّالته، بمؤذّن يؤذّن لبعض الصلوات، فقالوا: الجهنيّ، والجهنيّ. فتطلّع المؤذّن، فرآه، فقال: الحمد لله الذي لم يجعل لك عليّ طريقا، فقال للرجّالة: خذوه إلى الدار. فضجّ من ذلك، وقام معه الجيران، وجاءوا، ونزل الجهنيّ في داره: فأدخلهم. فقالوا له: أمرت بإحضار هذا الرجل المؤذّن، فأيّ طريق لك عليه؟ فقال: تحتاج أن تحلف لي أن لا تدخل المسجد بالنعل الذي تدخل به

الكنيف، فإنّ هذا يفسد صلاة الناس، ولا يحلّ، ولا تؤذّن وأنت جنب. فسألوه أن يعفيه، [فأبى] ، وقال: إمّا أن يحلف أو لا يدخل المسجد، فما زال به حتى أحلفه على ذلك. فلما أراد الانصراف، قال له: يا شيخ، الآن علمت أنّ لي عليك طريقا، وإنّ بيننا معاملة، أم لا؟ فقال: أيّدك الله، أخطأت، ولم أعلم. فقال: لا تعاود الكلام فيما لا تحتاج إليه، فإنّ الفضول ضارّ «1» .

53 الكوكبي محتسب الأهواز والقاضي ابن السراج

53 الكوكبي محتسب الأهواز والقاضي ابن السراج حدّثني أبو العباس نصر بن محمد الشاهد [رحمه الله] «1» خليفة أبي [رضي الله عنه] «2» على فرض الأهواز، قال: كان الكوكبيّ محتسبا عندنا من قبل أخي أم موسى القهرمانة، وكان خشنا، منبسط اليد، جلدا. فوقعت بينه وبين أبي الحسن «3» بن عليّ السراج القاضي نفرة، فأمسك عنه أياما، ثم صار إلى بابه على غفلة، وقد كان أخلّ بالجلوس في الجامع مجلسين. فوقف في رجّالته على الباب، وقال: قولوا للقاضي، ليس لك أن تواصل الجلوس في منزلك، أبرز إلى الجامع ينلك «4» القوي والضعيف، كما أمرت في عهدك. فدخل إليه الغلمان، فأخبروه، فقامت قيامته، فأخرج من بحضرته من الشهود يدارونه. فقال: لا أدخل، ولا أنصرف، أو يركب إلى الجامع. فما زالوا به حتى أصلحوا بينهما.

54 أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم

54 أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم حدّثني القاضي أبو عمر عبيد الله [110 ب] بن الحسين المعروف بابن السمسار، قال: حدّثني أبو علي بن إدريس الجمّال الشاهد، قال: حدّثني أبو عبد الله بن أبي عوف «1» ، قال: كان سبب اختصاصي بعبيد الله بن سليمان» ، أنّي جزت يوما في الجامع بالمدينة «3» ، فوجدته وهو ملازم في يد غريم له، في عقب النكبة «4» ، بثلاثمائة دينار، وكنت أعرف محلّه من غير مودّة بيننا. فقلت له: لأيّ شيء أنت هاهنا أعزّك الله جالس وما مضيت إلى الصلاة؟ فقال: ملازم في يد هذا بثلاثمائة دينار عليّ. فسألت الغريم إنظاره، فقال: لا أفعل. قلت: فالمال لك عليّ، تصير إليّ «5» بعد أسبوع حتى أعطيك إياه. فقال: تعطيني خطّك بذلك. فاستدعيت دواة ورقعة، وكتبت له ضمانا بالمال إلى شهر، فرضي وانصرف. وقام عبيد الله فأخذ يشكرني.

فقلت: تمّم أيّدك الله سروري، بأن تصير معي إلى منزلي. فحملته وأركبته حماري، ومشيت خلفه، إلى أن دخل داري، فأكلنا ما كان أصلح لي في يوم الجمعة، كما يفعل التجّار «1» ، ونام. فلمّا انتبه، أحضرته كيسا، وقلت: لعلّك على إضاقة، فأسألك بالله، إلّا أخذت منه ما شئت. قال: فأخذ منه دنانير، وقام فخرج. فأقبلت امرأتي تلومني وتوبّخني، وقالت: ضمنت عنه ما لا يفي به حالك، ولم تقنع إلّا بأن أعطيته شيئا آخر. فقلت: جميلا أسديته، [ويدا جليلة] «2» ، وهو رجل حرّ كريم، كبير جليل، من بيت وأصل، فإن نفعني الله به فذاك، وإن تكن الأخرى فلن يضيع عند الله. [ومضى على الحديث مدة، وحلّ الدين، وجاء الغريم يطالبني، فأشرفت على بيع عقاري، ودفع ثمنه إليه، ولم أستحسن مطالبة عبيد الله] «3» ودفعت الرجل بوعد وعدته إلى أيّام. فلما كان بعد يومين من هذا الحديث، جاءتني رقعة عبيد الله يستدعيني، فجئته. فقال: قد وردت عليّ غليلة من ضيعة لي، أفلتت من البيع في النكبة، ومقدار ثمنها [مقدار] «4» ما ضمنت عني، فتأخذها، وتبيعها [141 ط]

وتصحّح ذلك للغريم. فقلت: أفعل ذلك «1» . فحمل الغلّة إليّ، فبعتها، وحملت الثمن بأسره إليه، وقلت له: أنت مضيق، وأنا أدفع الغريم، وأعطيه البعض من عندي [فاتّسع أنت بهذا. فجهد أن آخذ منه شيئا، فحلفت أن لا أفعل، ووفّرت «2» الثمن عليه. وجاء الغريم، فألحّ عليّ، فأعطيته من عندي البعض] «3» . ودفعت به مديدة. فلم يمض على ذلك إلّا شيء يسير، حتى ولي عبيد الله الوزارة «4» ، فأحضرني من يومه، وجعلني في السماء، وقام لي في مجلسه، وكسبت به الأموال «5» ، وقدر هذه النعمة التي أنا فيها.

55 حكاية تدل على مقدار عناية الوزير عبيد الله ابن سليمان بابن أبي عوف

55 حكاية تدل على مقدار عناية الوزير عبيد الله ابن سليمان بابن أبي عوف حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن البهلول «1» ، قال: حدّثني أبي، قال: [111 ب] . خرجت من حضرة عبيد الله بن سليمان «2» في وزارته، أريد الدهليز، فخرج ابن أبي عوف «3» فصاح البوابون، والحجّاب، والخلق، هاتم دابّة أبي عبد الله. فحين قدّمت دابته ليركب، خرج الوزير ليركب، فرآه، فتنحّى أبو عبد الله بن أبي عوف، وأمر بإبعاد دابّته لتقدّم دابّة الوزير، فحلف الوزير إنّه لا يركب، ولا تقدّم دابّته، حتى يركب ابن أبي عوف. قال: فرأيته قائما، والناس قيام بقيامه، حتى قدمت دابّة ابن أبي عوف فركبها، ثم قدّمت دابّة الوزير، فركبها، وسارا جميعا.

56 ابن أبي عوف يحتال في إيصال كتبه إلى الوزير

56 ابن أبي عوف يحتال في إيصال كتبه إلى الوزير وحدّثني أبو الحسن «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: لما خرج عبيد الله «3» إلى الجبل «4» ، واستخلف القاسم، لم يكن يعامل ابن أبي عوف «5» ، مثلما كان أبوه يعامله. فشقّ ذلك عليه، وخاف أن ينفذ كتبه بشكايته إلى أبيه، فتقع في يد القاسم. فجاءني دفعات، يسلّم عليّ، ولا يسألني حاجة، حتى جعلني صديقا، ثم سألني أن أجعل كتبه إلى الوزير في طيّ كتب حرم صاحبي «6» إليه، وكان في جملة القوّاد المجرّدين مع عبيد الله، فكنت أفعل ذلك دائما، فيوصل صاحبي الكتب إلى الوزير سرّا، وتنفذ الأجوبة، فترد كتب عبيد الله على القاسم، في الخاص، بالصواعق في أمر ابن أبي عوف. ويوكّل القاسم بالطرق، وتؤخذ له كتب أكثر الناس، فيقف عليها، ولا يجد لابن أبي عوف كتابا، فيتميّز غيظا، ولا يدري من أين يؤتى، إلى أن قدم عبيد الله.

57 تصرف من ابن أبي عوف يدل على نفس صغيرة

57 تصرّف من ابن أبي عوف يدل على نفس صغيرة قال «1» : وسألني في تلك الأيام، رجل من أهل الثغر «2» ، أن أشفع له إلى ابن أبي عوف، في معاونته على أسرى له في بلاد الروم «3» ، فامتنعت من ذلك، لعلمي أنّه تاجر على كلّ حال. فألحّ عليّ، فكتبت له رقعة إليه، فجاءني الرجل فشكرني، وذكر أنّه أعطاه أربعين دينارا. ومضت السنون، فسألني ابن أبي عوف أن أؤجره رقّة «4» من ضياعي بالأنبار «5» ، يعمل فيها البطّيخ الذي نسب فيما بعد إلى العبدلاوي «6» ، وإنّما هو مضاف «7» إلى أبي عبد الله بن أبي عوف، فآجرته إيّاها بمال جليل. وعمل البطّيخ فأنجب، فلما طالبته بالأجرة، احتسب عليّ الأربعين دينارا التي برّ بها الثغري، بشفاعتي.

58 سبب سقوط محل ابن أبي عوف

58 سبب سقوط محل ابن أبي عوف وكان سبب سقوط محلّه، على ما أخبرني به أبو الحسين بن عيّاش القاضي رحمه الله، قصّة ابنته، فإنّه ذكر أنّ الخبر استفاض ببغداد: أنّه دخل داره، فوجد مع ابنته [142 ط] رجلا ليس لها بمحرم، فقبض عليه، وعمل على ضربه بالسياط، فأشير عليه أن لا يفعل، وقيل له إن في ذلك هتكا لابنتك ولك، فأطلق الرجل وقيّد المرأة واحفظها، فلم يقبل، واستدعى صاحب الشرطة [112 ب] فضرب الرجل بالسياط على باب داره، وكان الرجل ظريفا أديبا، فأنشأ يقول متمثلا وهو يضرب: لها مثل ذنبي اليوم إن كنت مذنبا ... ولا ذنب لي إن كان ليس لها ذنب يا قوم، أيحدّ أحد الزانيين، دون الآخر، أخرجوا صاحبتي، وإلّا فأفرجوا عنّي. قال: فافتضح بذلك، وانهتك، وتناوله الشعراء والخطباء والناس [بألسنتهم] حتى سقط محلّه. وكان من ذلك، ما قاله ابن بسام «1» ، في قصيدة أوّلها: يا قومنا إنّ القيامة دانيه ... زان يحدّ ولا تحدّ الزانيه [ويكمل «2» البيت الأوّل، بيت تمام له، وهو: فيا بعل ليلى، ليس يجمع سلمها ... وحربي وفيما بيننا شبّت «3» الحرب] «4»

59 الموفق طلحة يراسل أخاه المعتمد في خلع المفوض وتقليد العهد لغيره

59 الموفق طلحة يراسل أخاه المعتمد في خلع المفوّض وتقليد العهد لغيره حدّثني أبو أحمد عبد الله بن عمر السرّاج الواسطي، المعروف بالحارثي، قال: حدّثنا أبو بكر [قال: حدّثني] «1» يوسف بن يعقوب المقرئ الواسطي «2» ، قال: لمّا دخل الناصر لدين الله الموفّق «3» ، مدينة واسط بعد صاحب الزنج «4» ، وأقام بها، [و] المعتمد «5» بفم الصلح «6» ، ووقعت المراسلة بينهما في خلع

المفوّض «1» وتقليد العهد من يختاره الموفق، استدعاني الموفق، وجماعة من شهود واسط، وخاطبنا في النفوذ إلى المعتمد، لنشهد عليه بذلك. فقالت الجماعة: السمع والطاعة، ونهضت، غيرى، فإنّي سكتّ، وجلست. فقال الموفق: شيء تقوله؟ فقلت: إن أذن الأمير الناصر أعزّه الله، قلت. قال: قل. قلت: أيّها الأمير إنّك تنفذنا إلى إمام، ولسنا نأمن أن يشهدنا على غير ما تريد أن يشهدنا عليه، وإذا وقفنا بحضرته، فأشهدنا لم يجز أن نشهد على غير ما يشهدنا عليه، فما تأمر؟ قال: فكأنّي أيقظته من رقدة، وأعلمته أنّه إن أشهدنا على تثبيت أمر المفوّض، وخلعه هو، وتفسيقه، وقع الأمر موقعه. فقال: أحسن الله جزاءك، وأضرب عن إنفاذنا. قال: ثمّ كان يختصّني بعد ذلك، ويستدعيني في أوقات، وكان ذلك أوّل ما بان من محلّي عند أهل بلدي، وتقدمت به عليهم.

60 متى حدثت ابن مقلة نفسه بالوزارة

60 متى حدّثت ابن مقلة نفسه بالوزارة حدثني أبو الحسن بن الأزرق التنوخي «1» ، قال: حدّثني بعض أصحابنا، قال: حدّثني أبو علي بن مقلة «2» ، قال: كنت خصيصا بأبي الحسن بن الفرات «3» قبل وزارته الأولى، وكاتبا له. فلما تقلّد الوزارة، استدعاني بعد جلوسه، وقال: أحضر ابن الأخرس «4» التاجر، وجماعة من التجّار غيره، وبايعهم ثلاثين ألف كر من غلّات السواد، واستقص السعر معهم، واستثن في كل كرّ بدينارين، وطالبهم بحصول الاستثناء [113 ب] اليوم، وحصّله، وعرّفني. قال: فاحضرتهم، وقررّت السعر معهم، وطالبتهم بالاستثناء عاجلا، فقالوا: نصحّحه في مدة ثلاثة أيام، فعرّفته، فأجاب. فقال: إذا حصل الاستثناء فاكتب [143 ط] لهم إلى العمّال، بتسليم الغلّات، وقبض الأثمان. [فلما كان في اليوم الثالث، حملوا مال الاستثناء، وكتبت لهم بالتسليم، وقطعني شغل عرض عن مطالعة الوزير بذلك] «5» . فلما كان بعد يومين، قلت له: ذلك المال الذي استثني به من غلّات

السواد، حاصل منذ أيّام عندي، فما الذي يأمر الوزير فيه؟ فقال: يا سبحان الله، كأنّك قدّرت أنّي استثنيت به لنفسي؟ لقد قبّحت فيّ الظن، وإنّما أردت بذلك الإصلاح لحالك، وأن أعتقد لك نعمة يبين بها أثر صحبتي عليك، فأصلح به أمرك. قال: فقبّلت يده، وشكرته، وعدت إلى منزلي، وما أتمالك فرحا. فحين علمت حصول المال لي، حدّثتني نفسي بالوزارة، ودعتني نفسي إلى تأهيل «1» نفسي لها، والسعي في طلبها. فما زلت من ذلك الوقت أشرع فيها، حتى تمّت لي «2» .

61 شيخ من الديناريين يثني ابن مقلة عن طلب الوزارة

61 شيخ من الديناريين يثني ابن مقلة عن طلب الوزارة حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: كنت بحضرة أبي عليّ بن مقلة، وقد أرجف له بالوزارة الأولى. فدخل عليه شيخ من الديناريّين «1» ، كان يكرمه أبو علي «2» ، فأعظمه، وجلسا يتشاوران طويلا. ثم زاد الكلام بينهما حتى سمعت بعض كلام الشيخ، وهو يعاتبه على طلب الوزارة، ويثنيه عنها، ويشير عليه أن لا يدخل فيها، وأبو علي ساكت. فلمّا انقضى كلامه، قال له أبو علي: بلغني عن معاوية، وهو ممّن لا يدفع عن علم بالدنيا، أنّه قال: من طلب عظيما خاطر بعظيم «3» . قال: فقال له الشيخ: أستودع الله الوزير، وقام. فما كان إلّا بعد أسبوع أو أقل، حتى خلع على أبي عليّ، وقلّد الوزارة.

62 من طلب عظيما خاطر بعظيم

62 من طلب عظيما خاطر بعظيم حدّثني أبو الفضل «1» محمد بن عبد الله [بن المرزبان] «2» ، قال: كنت بسيراف «3» ، وقت [أن] اجتاز بها أبو عبد الله البريدي «4» ، يقصد علي بن بويه «5» ، فأعظمه الليث «6» ، وحمله، ولقيه وجوه سيراف في الجيش والناس كلهم، وكنت فيهم. فسمعته، وهو على دابته، وهو يقول: من طلب عظيما خاطر بعظيم. وما أحسن ما أنشدنا المتنبي «7» لنفسه، من قصيدة مشهورة له: غريب من الخّلان في كل بلدة ... إذا عظم المطلوب قلّ المساعد

63 وجزاء سيئة سيئة مثلها

63 وجزاء سيئة سيئة مثلها حدّثني أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش، قال: لما ولي أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد «1» الوزارة، صارفا لأبي عليّ بن مقلة «2» ، وتضمّنه هو وأبو العبّاس الخصيبيّ «3» بالمال الذي [114 ب] ضمناه به، وتسلّماه، كنت أختلف إلى أبي القاسم، على رسمي في ملازمته، فأرى أبا العبّاس بحضرته يخاطبه في معنى أبي عليّ، والتشديد في مطالبته، وربما أحضراه ليوقعا به، فأقوم لئلا يراني قد رأيت ذلك منه. فكنت أجلس بحيث أرى واسمع ولا يراني، فيطالب، ويضرب. فإذا أوجعه المكروه، قال: لي في موضع كذا، كذا وكذا. فيرفع المكروه عنه، ويمضون إلى الموضع، فلا يجدون لما ذكره حقيقة. فإذا سألوه [114 ط] قال: ما لي حال، ولا مال، وإنّما برّدت عن نفسي في الحال، ودفعت الموت، ولا يمكّن أبو القاسم سليمان، من ردّ المكروه عليه أياما. فطالت قصّته، ولم يستخرج منه شيء، فجرت بينه وبين أبي العباس مخاصمة بهذا السبب، وقال: لا بدّ من بسط العذاب عليه، حتى يروج [بعض] «4» المال من جهته، وكان سليمان يستحي.

فتقرّر الرأي على أن نقل إلى دار ابن الحرث «1» ، وكان الخصيبيّ يجيء إليها، فيعاقبه، ويستخرج المال منه. قال: فاتّفق أنّني دخلت يوما مسلّما على ابن الحرث، وعزمنا على الجلوس للأنس، فدخل الخصيبيّ، فدخلت بيتا من الدار لئلّا يراني. وخليا، وأخرجا ابن مقلة، فأخذ الخصيبيّ يوبّخه، ويستخفّ به، على ما ارتكبه منه، ومن سليمان، ويشتفي منه بالخطاب بكل لون قبيح، وقد أقامه بين غلامين، وأقام خلفه آخر. إلى أن قال له في جملة كلامه: أقرأني يعقوب البريديّ «2» [بالبصرة] «3» جوابك إليه، لما عدت من البحر، في ظهر كتابه إليك، يقول إنّه قد امتثل أمرك في نفيي وحملي إلى البحر «4» ، فوقّعت بخطّ يدك قطعها الله: يا عاجز، ألا سملته «5» ، ثم حملته، يا عاضّ كذا وكذا «6» ، أردت أن ينطبق لفظك بانطباق ناظري؟ يا غلام اصفع. قال: فصفع، وأخذ خطّه بالمال «7» .

64 مشعوذ يدعي الولاية

64 مشعوذ يدّعي الولاية ومن الأخبار المفردات، ما أخبرني به أبو الحسن أحمد بن يوسف بن الأزرق، قال: قدم علينا بالأنبار رجل من أهل القصر «1» ، يقال له عمر، يعظ العامّة، ويري «2» نسكا، ويقول: من أطاع الله، أطاعه كلّ شيء، وإنّه يغمس يده في الزيت الحار المغليّ الشديد الحرارة، فلا يضرّه. فافتتن أهل البلد به، واجتمعوا إلى الجامع، ليشاهدوا ذلك، وسألوني الحضور، فحضرت، وإخوتي، وسلطان البلد، وقد نصب ديكدان «3» في صحن الجامع على دكّة، ووضع فوقه طنجير «4» ، والرجل قائم يصلّي. فلما جئنا طلبوا زيتا، فأنفذت على يد غلامي، فجاءوا بخماسيّة «5» ، فصبّت في الطنجير، وأوقد عليها وقود جيّد شديد [115 ب] . فلما أغلي الزيت ونشّ «6» ، أقبل على أخي، وقال: يا أبا أحمد، الله الله، لا يكون ما أحضرته غير الزيت، فأهلك. فحين قال هذا، انكشف لي أنّها حيلة، فقلت له: ما هو إلّا الزيت.

فنزع ثيابه، وعمد إلى «1» بقيّة كانت في الخماسيّة من الزيت [لم تغل] «2» ، مقدارها نصف رطل، فصبّها في الطنجير، ودعا شاربا «3» ، فغسل يده غسلا شديدا، وذراعيه، وصدره، ثم أخذ كفّا من الماء البارد، فرشّه على الزيت، فزاد نشيشه. ثم صعد على الدكّة، وفي يده صنجات، فرمى بها في الطنجير، ثم أدخل يده بسرعة شديدة، وصاح بأعلى صوته: لا إله إلّا الله، وغرف بكفه الصنجات، فأخرجها، ورمى بها بحدّة، وهو يصيح: يا الله [145 ط] ، يا الله، بأعلى صوته. ثم تقدّم إلى الزيت، فاغترف بكفّه منه، فغسل به صدره، وذراعيه، وهو يصيح صياحا شديدا، يوهم به من حضر أنّه يريد الدعاء، وكان عندي، أنّه تألّم وتوجّع وتأوّه. ثم نزل، فأقبل يدعو، ويقول للعامّة: أنا أرجو أن أجيئكم بعد أيّام، بسباع الأجمة، أقودها بآذانها. فحملناه معنا إلى منزلنا، واغتسل «4» بماء حار، وتدلّك، وبخّرناه، وأقام عندنا يومه. فسألناه عن سبب ذلك. فقال: من أطاع الله، أطاعه كلّ شيء، فأمسكنا عنه. فلما كان بعد أيّام، جاء جماعة من أهل الأنبار، فقالوا: نحن نغلي الزيت، ونعمل كما عمل، ونغلي القار، ونأخذه من القدر بأيدينا حارا.

قال فجمعناهم بحضرته، فعملوا ذلك، فأبلس، وقال: هذا، إنّما لحقتكم بركتي. وهرب من البلد من غد. فسألنا الذين عملوا ذلك، فقالوا جرّبنا على أنفسنا، وتصبّرنا كما يصبر الواحد منّا على الماء الحار الشديد الحرارة في الحمّام، ولا يصبر عليه آخرون. ويشبه هذا، ما أخبرني به أبو أحمد بن أبي سلمة العسكري، أحد الشهود بها «1» ، انّه شاهد رجلا، يدخل يده في قدر السكّر الحار، ويخرج منه ما يطرحه في الظروف. وأخبرني أبو الطيّب، انّه رأى الشبلي الصوفي، يدخل يده في طنجير حار، فيه فالوذج «2» حار مغليّ، فيأخذ منه اللقم، فيأكلها. قال: وهذا أشدّ ما شاهدته، وفعل ذلك مرارا. فقال له في بعضها، صوفيّ كان حاضرا: ويحك اعمل أنّ في يدك كشتبان «3» ، حلقك مصهرج «4» ؟

65 الشبلي يتواجد

65 الشبلي يتواجد قال: وكان الشبلي «1» ينتف شعر رأسه، وكانت لهذا الشبلي، عجائب وحكايات، منها، ما سمعته من الوزير أبي محمد المهلبي، قال: اجتزت ببغداد، في بعض طرقها، فرأيت الناس مجتمعين على رجل طريح. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: الشبليّ [116 ب] جاز الساعة على هذا الهرّاس «2» ، ومناديه يقول: إلى كم تغلط؟ فتواجد «3» ، وصاح حتى أغمي عليه. قال: فمضيت، وعجبت من جهله «4» . فرأيت بعض الصوفية «5» ، فأخبرته الخبر، وقلت له: ويحك، أيش في هذا، حتى يصيح الشبليّ منه، ويتواجد؟ فقال: يعتقد أنّ الله تعالى كلّمه على لسان المنادي. فقلت: هذا أظرف، لو كان بحذاء المنادي مناد لهرّاس آخر، يصيح مثل صياحه، إلى كم تغلط، أيّهما كان كلام الله؟ فقال: الجواب عليه في هذا.

66 إذا عتق الشمع عشرات السنين ثم استعمل أبطأت النار فيه

66 إذا عتق الشمع عشرات السنين ثم استعمل أبطأت النار فيه ومن الأخبار المفردات أيضا، ما أخبرني به أبو الحسين بن عيّاش، قال: دعانا أبو الطيّب بن أبي جعفر الطائي مع أبي القاسم سليمان بن الحسن «1» ، وابنه أبي محمد، دعوة أنفق فيها مائتي دينار، وأظهر من الآلات، والنعم والمروءة، كل شيء حسن طريف غريب فاخر. وكان [146 ط] أحسن ما شاهدنا له شمعتين موكبيّتين «2» فيهما ثلاثون أو أربعون منّا، في تورين «3» كبيرين، نصبهما في وسط المجلس، وفرّق الشموع الصغار حواليهما. فكان الفرّاشون إذا أرادوا قطّ الشمعتين، تطاولوا شديدا، حتى يقطّوهما «4» . وكان لون الشمعتين غير مليح «5» يضرب إلى البياض، ممّا قد عشب عليهما من التراب.

وجلسنا إلى قريب من الغداة «1» ، وهما تتّقدان في ليلة شتويّة، ونمنا، وانتبهنا، وهما تتّقدان، [فنظرت] «2» فإذا الذي اتّقد «3» من كلّ واحدة منهما، أصابع يسيرة، وهما بحالهما. قال: فما تمالكت، أن سألته، فيما بيني وبينه، عن سبب ذلك. فقال: هما عندي، وعند أبي [من قبلي] «4» ، منذ خمسين سنة، ما استعملناهما. وعندنا شمع كثير هذا سبيله، تعمّدنا تعتيقه، لأنّه بلغ أبي أنّ الشمع إذا عتّق عشرات سنين، ثم استعمل، كان ما يحترق منه هذا القدر، ونحوه. فعتّق شمعا كثيرا، ونسيه، ومات، وتشاغلت بعده عن استعماله [سنين] «5» ، فلما احتفلت لهذه الدعوة الآن، ذكرت الشمع العتيق الذي في خزائننا، فأخرجت هاتين منه، وكان من أمرهما ما رأيت، وصحّت التجربة لنا فيهما.

67 حجام يحجم بالنسيئة إلى الرجعة

67 حجام يحجم بالنسيئة إلى الرجعة أخبرنا أبو الفرج الأصبهاني «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر يموت بن المزرع «2» ، قال: سمعت أبا عثمان الجاحظ «3» ، يحدّث: إنّه رأى حجّاما «4» بالكوفة، يحجم بنسيئة إلى الرجعة «5» ، لشدّة إيمانه بها.

68 اذان رجل من القطيعة

68 اذان رجل من القطيعة أخبرني أبو الفرج الأصبهاني «1» . قال: سمعت رجلا من القطيعة «2» ، يؤذّن: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلّا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن عليّا وليّ الله، محمد وعليّ خير البشر، فمن أبى فقد كفر، ومن رضي فقد شكر، [ضرطت هند [117 ب] على ابن عمر] «3» ، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله. وهذا عظيم مفرط، ونستغفر الله منه، ونستعيذ به من الجهل.

69 الحنابلة يبنون مسجدا ضرارا

69 الحنابلة يبنون مسجدا ضرارا أخبرني جماعة من البغداديين: إنّ الحنابلة «1» بنوا مسجدا ضرارا، وجعلوه سببا للفتن والبلاء «2» . فتظلّم منه إلى عليّ بن عيسى، فوقّع في ظهر القصّة. أحقّ بناء بهدم، وتعفية رسم، بناء أسّس على غير تقوى من الله، فليلحق بقواعده، إن شاء الله تعالى.

70 أبو عبد الله الكرخي آية في سرعة الحفظ

70 أبو عبد الله الكرخي آية في سرعة الحفظ حدّثني أبي [رضي الله عنه] «1» ؛ قال: حدّثني أبو عبد الله المفجّع «2» ، قال: أنشدت أبا محمد القاسم بن محمد الكرخي «3» ، قصيدة طويلة مدحته بها، فلمّا استتممتها، خرج ابنه أبو عبد الله جعفر بن القاسم «4» من خيش «5» كان في صدر المجلس الذي كنّا فيه، فقال: يا شيخ، ألا تستحي، تمدحنا بقصيدة ليست لك، تدّعيها؟ قال: ولم أكن أعرف خبره في سرعة الحفظ، فقلت: أعيذك بالله يا سيّدي، والله ما قالها غيري. فقال: سبحان الله، هذه علّمنيها المعلّم في المكتب من كذا وكذا

سنة، وابتدأ ينشدها حتى مضى [147 ط] في جميعها، ما أخلّ ببيت واحد، [وكانت فوق الخمسين بيتا. فأسقط في يدي، فخجلت] «1» ، واندفعت أحلف، بالطلاق والعتاق، أنّها لي، وأنا لا أدري من أين أتيت. فلمّا رحمني القاسم قال: يا هذا لا تقلق، فأنا أعلم أنّك صادق، ولكنّ أبا عبد الله لا يسمع شيئا ينشد، طويلا ولا غيره، إلّا حفظه في دفعة واحدة حين يسمعه، وانّه حفظها لمّا أنشدتنا إيّاها. وأجازني، وانصرفت.

71 أبو عبد الله الكرخي يحفظ جماعة تحتوي على ارتفاع فارس

71 أبو عبد الله الكرخي يحفظ جماعة تحتوي على ارتفاع فارس حدّثني أبي [رضي الله عنه] «1» : أنّ جماعة «2» كان عملها جعفر بن القاسم «3» ، تحتوي على ارتفاع «4» فارس، أو ناحية من فارس، الشكّ مني، ومشايخ الناحية «5» ، ومعاملاتها «6» ، وخراجها «7» ، وما أدّي، وما بقي، ودخل ذلك، وخرجه، وكان يرفع حسابها إلى الوزير. فطلبت الجماعة منه، ففقدت. فقال جعفر «8» : لا عليكم، وأملاها من حفظه في الحال بحضرة الوزير، ورفع الحساب عليها. ثم وجدت الجماعة، فوجدت موافقة لها حرفا بحرف، إلّا في باب واحد، فإنّه جاء به مقدّما ومؤخّرا.

72 نادرة عن شخص آخر آية في سرعة الحفظ

72 نادرة عن شخص آخر آية في سرعة الحفظ حدّثني أبو القاسم عبد الله «1» بن محمد بن عثمويه الكاتب، قال: حدّثني الكرماني كاتب كان لأبي بكر بن الصيرفي، صاحب الجيش، قال: أنفذني صاحبي لأنفق في رجال أبي محمد جعفر بن محمد بن ورقاء «2» ، فأنفقت فيهم، واستفضلت أنا وكاتب أبي محمد، والجهبذ، والنقيب، نحو عشرة آلاف درهم. فقالوا: ندخل في [118 ب] موضع، ونتحاسب، ونقسم. فدخلنا مسجدا حيال دار أبي محمد، ولم نر فيه إلّا رجلا عليلا نائما، كأنّه سائل، فحقرناه. وأخذنا نتحاسب، ونقول: وصل إلينا من رزق فلان الساقط كذا، وفلان البديل كذا، ومن الصرف كذا، ومن فضل الوزن كذا، ومن كذا كذا، إلى أن حصّلنا مبلغ الفضل، وما يخصّ كلّ واحد منا. فأقبلنا نزن، فشال العليل رأسه، وقال: يا أصحابنا، أخرجوا لي قسطا. فقلنا: ومن أنت؟ قال: أنا رجل من المسلمين، قد سمعت ما كنتم فيه. فقلنا: هو ضعيف، أعطوه خمسة دراهم.

فقال: لا أريد إلّا قسطا صحيحا بالسويّة، مثل ما يأخذه أحدكم. فاستخففنا به. فقال: لا عليكم، إمّا أعطيتموني ما التمست، وإلّا جلست الساعة في سميريّة، ومضيت إلى أبي بكر الصيرفي، وقلت: إنّكم أخذتم باسم [فلان الساقط كذا، وباسم] «1» فلان البديل كذا وكذا. قال: فأعاد جميع ما قلنا وتحاسبنا عليه، حتى ما أخلّ بحرف واحد منه، فأقلّ ما يعمل بكم، إذا لم يصرفكم ويؤذيكم، أن يرتجع منكم ما سرقتم. فنظرنا إلى ما قاله فوجدناه صحيحا، فرمنا منه أن يقتصر على بعض ما طلبه. فقال: لا والله إلا بقسط كما يأخذ أحدكم. فلم نجد من دفع ذلك إليه بدّا، فدفعنا إليه قسطا، مثل ما أخذه واحد منا. فأخذه وافترقنا «2» [148 ط] .

73 والد المؤلف يحفظ قصيدة تشتمل على ستمائة بيت في يوم وليلة

73 والد المؤلف يحفظ قصيدة تشتمل على ستمائة بيت في يوم وليلة حدّثني أبي [رضي الله عنه] «1» ، قال: سمعت أبي [رحمه الله] «2» ينشد يوما، وسنّي إذ ذاك خمس عشرة سنة، بعض قصيدة دعبل «3» الطويلة التي يفتخر فيها باليمن، ويعدّد مناقبهم، ويردّ على الكميت فخره «4» بنزار، أوّلها: أفيقي من ملامك يا ظعينا ... كفاني اللوم مرّ الأربعينا وهي نحو ستمائة بيت، فاشتهيت حفظها، لما فيها من مفاخر اليمن [لأنّهم] «5» أهلي. فقلت: يا سيّدي، تخرجها إليّ حتى أحفظها، فدافعني، فألححت عليه. فقال: كأنّي بك، تأخذها، فتحفظ منها خمسين بيتا أو مائة بيت، ثم ترمي بالكتاب، وتخلقه عليّ. قلت: ادفعها إليّ.

فأخرجها، وسلّمها إلي، وقد كان كلامه أثّر فيّ، فدخلت حجرة كانت برسمي في داره، فخلوت فيها، ولم أتشاغل يومي وليلتي بشيء غير حفظها. فلما كان في السحر، كنت قد فرغت من جميعها، وأتقنتها، فخرجت إليه غدوة على رسمي، فجلست بين يديه. فقال: هي، كم حفظت من القصيدة؟ فقلت: قد حفظتها بأسرها. فغضب، وقدّر أنّي قد كذبته، وقال لي: هاتها. فأخرجت الدفتر من كمّي، فأخذه، وفتحه، ونظر فيه، وأنا أنشد، إلى أن مضيت في أكثر [119 ب] من مائة بيت. فصفح منها عدّة أوراق، وقال: أنشد من هاهنا. فأنشدت مقدار مائة بيت [أخر، فصفح إلى أن قارب آخرها بمائة بيت، فقال أنشدني من هاهنا، فأنشدته مائة بيت منها] «1» إلى آخرها. فهاله ما رآه من حسن حفظي، فضمّني إليه، وقبّل رأسي وعيني، وقال: بالله، يا بنيّ، لا تخبر بها أحدا، فإنّي أخاف عليك من العين «2» .

74 مقدار ما حفظه والد المؤلف من الشعر

74 مقدار ما حفظه والد المؤلف من الشعر حدّثني أبي «1» [رضي الله عنه] «2» ، قال: حفّظني أبي، وحفظت بعده، من شعر أبي تمام [الطائي] «3» والبحتري، سوى ما كنت أحفظه لغيرهما من المحدثين من الشعراء، مائتي قصيدة. قال: وكان أبي وشيوخنا بالشام، يقولون: من حفظ للطائيين «4» أربعين قصيدة، ولم يقل الشعر، فهو حمار في مسلاخ «5» إنسان. فقلت الشعر وسنّي دون العشرين، ثم بدأت بعمل مقصورتي التي أولها: لولا التناهي لم أطع نهي النهى ... أيّ مدى يطلب من جاز المدى «6»

75 حفظ القرآن في ستة أشهر

75 حفظ القرآن في ستة أشهر حدّثني أبو عبد الله بن هارون التستريّ المقرئ [رحمه الله] «1» ، وكان أقام بمسجدنا بالبصرة، قال: أقمت أحفظ القرآن سنين كثيرة، كلّما بلغت إلى موضع، أنسيت الذي قبله، حتى كأنّي ما سمعته قط، فشق ذلك عليّ. فحججت، وتعلّقت بأستار الكعبة، ودعوت الله تعالى، وسألته أن يعينني على حفظه. ورجعت إلى البصرة، فلزمت التلقين، فحفظت القرآن في ستة أشهر على حرف أبي عمرو، ثم تعاطيت السبعة «2» . فما حال الحول عليّ، إلا وقد أحكمت أكثرها.

76 من أقوال الصوفية

76 من أقوال الصوفية بلغني عن بعض الصوفيّة «1» ، إنّه قال: الاستغفار صابون المعاصي، والشكر [149 ط] لله عزّ وجلّ سفتجة «2» الرزق، والصلاة جوارشن «3» المعدة، والصوم ريباس البدن «4» ، واليقين الرأس الأكبر. وعن بعضهم، من أهل زماننا: المعرفة بالله، دليل لا ضيعة معه، والعمل الصالح، زاد لا يخاف معه طول السفر.

77 ناصر الدولة الحمداني يتبع وصية أبيه أبي الهيجاء

77 ناصر الدولة الحمداني يتّبع وصية أبيه أبي الهيجاء حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد «1» ، قال: حدّثني أبو إسحاق محمد ابن أحمد القراريطي «2» قال: حدّثني ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان «3» ، قال: كان أبي أبو الهيجاء «4» شديد الانحراف عنّي أوّل نشوّي، لما يراه من الفضل فيّ، وخوفه منّي على أعماله. فكان يغضّ مني، ويتجافاني، ويمسك يده عنّي، فأتحمّل ذلك، وأصبر عليه. فولي طريق خراسان «5» ، فجلس يعرض دوابّه، فبقّى منها خمسين

دابّة، ما بين زمن وأعجف، إلى غير ذلك. ثم قال: يا حسن، أريد أن أخرج بعد شهرين إلى العمل، وهذه الدواب مسلّمة إليك، [فإن صلحت، فقد صلحت] «1» وقد رددت أمرها إليك، لأجرّبك بها في الأمور الكبار، فإن قمت بها حتى تصحّ وتبرأ وتسمن، وكان فيك فضل [120 ب] لذلك، علمت «2» أنّك تصلح لما هو فوقه، وإن لم تصلح على يدك، فهو أوّل عمل رددته إليك من أمري وآخره، فعجبت من أنّ أوّل عمل أهّلني له، أن أكون سائس دوابّ، ولم أجد بدّا من الصبر. فقلت: السمع والطاعة. وأخذت الدواب، وأفردت لها إسطبلا، وجعلت لنفسي فيه دكّة، واستأجرت لها سوّاسا، وأدررت أرزاقهم، وطالبتهم بأشدّ الخدمة، وكنت أحضر أمر الدواب دفعات في اليوم، حتى توقّح وتعالج وتسمن، وأفردت بياطرة فرها «3» لذلك. فما مضى عليها إلّا شهر وأيّام، حتى صحّت وسمنت، وصارت على غاية الحسن. وأزف خروجه، فقال لي: يا حسن ما فعلت بتلك الدوابّ؟ فقلت: قم إلى الإسطبل حتى تراها. فقام، فرآها في غاية الحسن، فسرّ بذلك، وأعجبه، وأثنى عليّ، وقال: يا حسن، هوذا أعلّمك بدل قيامك بهذا الأمر شيئا تنتفع به، وفيه قضاء لحقّك، بقدر ما أتعبتك فيه. فقلت: قل، يا سيدي.

قال: إذا رأيت السلطان قد رفع من أهلك رجلا، أو الزمان قد نوّه به ورأسه، فإيّاك أن تحسده، وتشغل نفسك بعداوته، فإنّك تتعب، ولا تصل إلى فائدة، وتسقط أنت، ولا يضرّه هو، وتغتمّ أنت، ولا يتأذّى هو، وتغضّ من نفسك، بغضّك من رجل صار كبيرا من أهلك، فإنّه ما ارتفع إلّا بآلة فيه، يدفعك بها، أو إقبال بدفعك عنه، واجهد أن تخدمه، وتصافيه الودّ، ليكون ذلك الفضل الذي فيه، فضلا لك، وذلك الفخر راجعا إليك، وتتجمّل بثنائه عليك، وإطرائه لك، وتصير أحد أعوانه، فإنّه أحسن بك من أن تكون من أعوان غيره ممّن ليس من أهلك، ويراك الناس عنده وجيها، فيكرمونك له، فإن كان له منزلة من السلطان، جاز أن تصل إليها باستخلافه إيّاك [150 ط] عليها، وانتقاله إلى ما هو أكبر منها، وكذلك إن كانت منزلته من غير سلطان، فلا تقل أنا أقعد منه في النسب، وأنّي خير قرابته، وهذا أمس كان وضيعا، وكان دوننا، فإنّ الناس بأوقاتهم. فقلت: نعم يا سيدي. قال: ثم أقبل عليّ، وونّسني، وولّد لي في نفسه، القيام على تلك الدواب، منزلة. فقال: اخرج معي إلى العمل. وخرج، فخرجت معه، وكنت أسايره إلى جسر النهروان وأحادثه، فولّد ذلك الانبساط في نفسي طمعا فيه، وأن أسأله شيئا. فذكرت بجسر النهروان، أنّ له ضيعة جليلة عظيمة، بنواحي الموصل، يقال لها: النهروان، كنت أشتهيها. فقلت له: يا سيّدي، قد [121 ب] كثرت مؤونتي، وتضاعفت نفقتي،

فلو وهبت لي النهروان ضيعتك، لأستعين بغلّتها على خدمتك، ما كان ذلك منكرا. قال: فحين سمع هذا، تغيّظ غيظا شديدا، واندفع يشتمني أقبح شتيمة، وقال: يا كلب، سمت بك نفسك إلى أن تمتلك النهروان؟ وقنّعني بالسوط «1» الذي كان في يده، وهو مفتول كالمقرعة، فوقع السوط على وجهي، فشجّه من أوّله إلى آخره، وأحسست بالنار في وجهي، وورد ذلك على غفلة، فتداخلني له ألم عظيم، وغيظ مما عاملني به أشدّ من الألم. وقلت في نفسي، ما كان هذا جوابي، وقد كان يقنعه أن يردّني، ولكن نيّته لي فاسدة بعد. وقصرّت عن مسايرته، ولحقني غلماني، فوقفوا معي ساعة، حتى صلحت قليلا، وسار هو، ففتلت رأس دابتي، وأنفذت من ردّ بغلين كانا لي في السواد، عليهما قماشي وثيابي وغلماني، ورجعت أريد بغداد، وأنا وقيذ «2» من الألم والغيظ حتى وردت بغداد. وكان الوزير إذ ذاك عليّ بن عيسى، وهو في غاية العناية بأبي، وهو قلّده العمل، وكان يحبّني، ويكرمني، ويختصّني، ففكرت أن أدخل إليه، أشكو أبي، وأريه الأثر الذي بي. فقصدت دارنا، فأدخلت البغلين والقماش إلى الدار، ولم أنزل، وتوجهت إلى دار الوزير. فحين نزلت عن دابتي، وصرت في الصحن، ذكرت وصيّة أبي لي في أمر الأهل، وندمت على دخول دار الوزير، وقلت: لأن أقبل

الوصية في أبي، أولى من قبولها في الأهل، فعملت على أن أغالط الوزير، ولا أعرّفه. وجئت، فسلّمت على الوزير، ووقفت بين يديه، ولم تكن عادتي تجري بالجلوس «1» بحضرته. فحين رآني أعظم الأثر الذي بوجهي، وقال: ما لحقك؟ وأنكره، لأنّه كان قبيحا جدا. فقلت: لعبت بالصولجان والكرة، فأفلتت، فضربت وجهي. فقال: أليس كنت قد خرجت مع أبيك، فلم رجعت؟ فقلت: خرجت مشيّعا، فلما بعد، عدت لألزم خدمة الوزير. قال: فأخذ يسألني عن مسير أبي، فإذا بأبي قد دخل، وإذا هو لمّا رجعت من الطريق، وبلغه خبر رجوعي [151 ط] قد اغتاظ، فرجع، إمّا ليردّني، أو ليقبض عليّ، وجاء إلى داره، فعرف أنّي لم أنزل، وأنّي توجهت إلى دار الوزير، فلم يشكّ في أنّي قد مضيت أشكوه. فجاء، فوجدني أخاطبه، فتحقّق ذلك عنده، فجلس. فقال له الوزير: ما ردّك يا أبا الهيجاء؟ فقال: أيها الوزير، ما هذا حقّ خدمتي لك، ومناصحتي إيّاك، وانقطاعي إليك، وأخذ يعتب على الوزير أعظم عتب، وأنا قائم، ساكت، أسمع [122 ب] . فقال له الوزير: ما «2» هذا العتب عليّ؟ أيّ شيء عملت؟ فقال: تمكّن هذا الكلب من ذكري بحضرتك، والتبسّط فيّ. فقال: من تعني؟

فقال: الحسن، هذا القائم، فعل الله به وصنع. فقال له الوزير: يا هذا، قد وسوست، أيّ شيء كان أوّل هذا؟ والله، ما نطق هذا الفتى في أمرك بحرف، ولا سمعته قط ذكرك بما يوجب عتبا عليه، وكيف عليّ في تمكيني منه، ولو فعل ذلك، لغضّ به عندي من نفسه. فاستحيا أبي، وعلم أنّي لم أخاطب الوزير بشيء، وأمسك. فقال له الوزير: لا بدّ أن تحدّثني بما بينكما، فإنّك ما حملت نفسك على الرجوع، إلّا لأمر عظيم، وهو ذا أرى الحسن أيضا به أثر قبيح، وقد سألته، فقال: إنّ كرة أفلتت من يد غلمان ضرب معهم بالصولجان فأصابت وجهه، فوقع لي أنّه صادق، فلمّا جئت الآن، وقدّرت أنّه قد شكاك، وقع لي إنّ هذا شيء من فعلك، ولا بدّ أن تصدقني. قال: فقصّ عليه أبو الهيجاء القصّة، كما جرت. فأقبل عليه عليّ بن عيسى، وقال: أما تستحي يا أبا الهيجاء، أن يكون هذا قدر حلمك عن ابنك، وأكبر ولدك؟ فإذا كنت بهذا الطيش معه، فكيف تكون مع الغريب؟ وأيّ شيء كان في مسألته لك أن تهب له ضيعة؟ ولو فعلت ذلك، ما كان ذلك بدعا من برّ «1» الآباء بأولادهم. ولمّا لم تسمح له بذلك، قد كان يجب أن تردّه ردّا جميلا، أو قبيحا إذا اغتظت، وأمّا أن تبلغ به ضرب السياط، آه، آه. قال: وزاد عليه في العتب والتوبيخ، وهو مطرق مستحيي. حتى قال له: وليس العجب من هذا، حتى رجعت من عملك، غيظا عليه، وقدّرت أنّه قد شكاك إليّ، وأنّي أطلق له أن يتنقّصك، فجئت عاتبا عليّ، لوهم توهمته فيه. قال: فأخذ أبي يعتذر إليه من ذلك.

فقال: والله، ما أقبل عذرك، ولا تنغسل عن نفسي هذه الآثار، إلّا بأن تشهد لحسن بالضيعة، وتهبها له، جزاء عن ظلمك إيّاه. فقال: السمع والطاعة لأمر الوزير. فقال لي عليّ بن عيسى: انكبّ على رأس أبيك ويده فقبّلهما. قال: ففعلت ذلك. وجذب عليّ بن عيسى دواته ودرجا، فأعطاهما أبا الهيجاء، وقال: اكتب له بالضيعة، إلى أن تشهد، فكتب أبي بالضيعة لي. وقال الوزير: خذ، خذ، فإذا عاد إلى البيت، فاكتب عليه العهد [بالوثيقة] «1» ، وأشهد عليه جماعة من العدول، فإن امتنع عرّفني حتى أطالبه [152 ط] لك بذلك. قال: وخرجنا ونحن مصطلحون. فلما صرنا في الدهليز، قال أبي: يا [123 ب] حسن أنا علّمتك على نفسي، بالوصيّة التي وصّيتك بها، كأنّي بك وقد جئت لتشكوني، فلما صرت في الدهليز ذكرت وصيّتي لك، فقلت: لأن أستعملها مع أبي، أولى بي، فلما صرت في مجلس الوزير، قلت له ما قلت، ولم تشكني إليه. قلت: [كذا] «2» والله يا سيدي كان. فقال: إذا كان فيك من الفضل ما قد حفظت معه وصيّتي، في مثل هذه الحال، فما ترى بعدها مني ما تكرهه. فقبّلت يده، وعدت معه إلى دارنا. فسلّم إليّ الضيعة، وأشهد بها لي، وصلحت نيته بعد ذلك، واستقامت الحال بيننا. وكان قبول تلك الوصيّة أبرك شيء عليّ.

78 بين ابن أبي البغل عامل أصبهان وأحد طلاب التصرف

78 بين ابن أبي البغل عامل أصبهان وأحد طلّاب التصرّف حدّثني أبو القاسم سعد بن عبد الرحمن الأصبهاني، كاتب الأمير أبي حرب، سند الدولة، الحبشي بن معز الدولة «1» ، ومحلّه من النبل والجلالة والثقة، والأدب، والعلم، مشهور، قال: كان أبو الحسين بن أبي البغل «2» ، يتقلّد بلدنا، فأخبرني من حضر مجلسه، وقد دخل إليه شيخ قدم من بغداد، بكتب من وزير الوقت، ومن جماعة من رؤساء الحضرة، وإخوان أبي الحسين بها، يخاطبونه بتصريفه «3» ونفعه.

فسلّم وجلس، وأوصل الكتب، وصادف منه ضجرا وضيق صدر، وكانت إضبارة عظيمة، فاستكثرها ابن أبي البغل، ولم يقرأها جميعها. فقال له الرجل: إن رأيت أن تقرأها، وتقف على جميعها. فصخب «1» ، وتغيّظ، وقال: أليس كلها في معنى واحد؟ قد والله بلينا بكم يا بطّالين «2» ، كل يوم يصير إلينا منكم واحد يريد تصرّفا، لو كانت خزائن الأرض إليّ، لكانت قد نفدت. ثم قال للرجل: يا هذا، ما لك عندي تصرّف، ولا إليّ عمل شاغر «3» أردّه إليك، ولا فضل في مالي أبرّك منه [فدبّر أمرك] «4» بحسب هذا. قال: والرجل ساكت جالس، إلى أن أمسك ابن أبي البغل. فلما سكت، ومضت على ذلك [ساعة] «5» قام الرجل قائما، وقال: أحسن الله جزاءك، وتولّى مكافأتك عنّي بالحسنى، وفعل بك وصنع. قال: وأسرف الرجل في شكره، والدعاء له، والثناء عليه، بأحسن لفظ، وأجود كلام، وولى منصرفا. فقال ابن أبي البغل: ردّوا من خرج. وقال له: يا هذا، هوذا تسخر مني؟، على أيّ شيء تشكرني؟ على أياسي لك من التصرّف، أو على قطع رجائك من الصلة، أو على قبيح ردّي لك عن الأمرين، أو تريد خداعي بهذا الفعل؟ قال: لا، ما أردت خداعك، وما كان منك من قبيح الردّ، غير منكر، فإنّك سلطان، ولحقك ضجر.

ولعلّ الأمر على ما ذكرته من كثرة الواردين عليك [124 ب] وقد بعلت «1» بمن حضر، ونحوسى أن صار هذا الردّ القبيح، والأياس الفظيع، في بابي. ولم أشكرك إلّا في موضع الشكر، لأنك صدقتني عمّا لي عندك في أوّل مجلس، فعتقت عنقي من ذلّ الطمع، وأرحتني من التعب بالغدوّ [153 ط] والرواح إليك، وخدمة من أستشفع بهم عليك، وكشفت لي ما أدبّر به أمري، وبقيّة نفقتي معي، ولعلّها تقوم بتجمّلي، الذي أتجمّل به إلى بلد آخر، فإنّما شكرتك على هذا، وعذرتك فيما عاملتني به، لما ذكرته أوّلا. قال: فأطرق ابن أبي البغل خجلا، ومضى الرجل. فرفع رأسه بعد ساعة، وقال: ردّوا الرّجل، فردّوه. فاعتذر إليه، وأمر له بصلة، وقال: تأخذها إلى أن أقلّدك ما يصلح لك، فإنّي أرى فيك مصطنعا «2» . فلما كان بعد أيّام قلّده عملا جليلا، وصلحت حال الرجل.

79 ابن أبي البغل يأمر بإشخاص أحد عماله لكي يقطع سحاة كتاب

79 ابن أبي البغل يأمر بإشخاص أحد عماله لكي يقطع سحاة كتاب حدّثني أبو القاسم «1» ، قال: كانت في أبي الحسين ابن أبي البغل «2» ، منافرة ومناكدة «3» . فورد عليه يوما، كتاب من عامل له، من بلد بينه وبينه فراسخ كثيرة، وقد سحاه بسحاة «4» غليظة. واجتهد أبو الحسين في قطع السحاة بيده، وجهد جهدا شديدا، فما كان له إلى ذلك طريق، فترك الكتاب، ووقّع بإشخاص العامل، ومضى اليوم. فلما كان بعد أيّام، قدم العامل، فلما جلس بين يديه، قال لصاحب الدواة: أين ذلك الكتاب الذي ورد منه بالأسحاة الغليظة؟ فأحضره. فقال له: اقطع هذه الأسحاة. فرامها العامل، فلم يكن فيها حيلة، فأخذ سكّينا من [دواة] «5» بعض الكتّاب بحضرته، فقطعها.

فقال له: ارجع الآن إلى عملك، فإنّما دعوتك «1» لتقطع هذه الأسحاة. وأعلمك أنّك في أيّ وقت سحيت كتابا لك بمثلها، أنّي أستحضرك لتقطعه. فردّه في الحال إلى عمله، وما تركه [أن] «2» يقيم [ولا] «3» ساعة، ولا سأله عن شيء من أمره.

80 لابن بشر الآمدي يهجو قاضي البصرة

80 لابن بشر الآمدي يهجو قاضي البصرة كان قد ولي القضاء بالبصرة، في سنة ست «1» وخمسين وثلاثمائة «2» ، رجل لم يكن عندهم بمنزلة من صرف به، لأنه ولي صارفا لأبي الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشميّ «3» ، فقال فيه أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي «4» ، كاتب القاضيين أبي القاسم جعفر «5» ، وأبي الحسن محمد بن عبد الواحد: رأيت قلنسية «6» تستغيث ... من فوق رأس تنادي خذوني وقد قلقت فهي طورا تميل ... من عن يسار ومن عن يمين فقلت لها أيّ شيء دهاك ... فردّت بقول كئيب حزين دهاني أن لست في قالبي ... وأخشى من الناس أن يبصروني وأن يعبثوا بمزاح معي ... وإن فعلوا ذاك بي قطّعوني فقلت لها مرّ من تعرفين ... من المنكرين لهذي الشؤون [125 ب] ومن كان يشهق أمّا رآك ... ويخرج من جوفه كالرنين ومن كان يصفع في الله لا ... يملّ ويشتدّ في غير لين ويسلح ملأك كيل التمام ... إمّا على صحة أو جنون ففارقها ذلك الانزعاج ... وعادت إلى حالها في السكون

81 أبو رياش الشاعر يعاتب الوزير المهلبي

81 أبو رياش الشاعر يعاتب الوزير المهلبي أنشدني أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي «1» - ومحلّه من علم اللغة [154 ط] والشعر، المحلّ المعروف- لنفسه في أبي محمد المهلّبي «2» ، وكان امتدحه، فتأخرّت عنه صلته، وطال «3» إليه تردده، على ما أخبرني به أبو رياش. قال: فقلت: وقائلة قد مدحت الوزير ... وهو المؤمّل والمستماح فماذا أفادك ذاك المديح ... وهذا الغدوّ معا والرواح فقلت لها ليس يدري امرؤ ... بأيّ الأمور يكون الصلاح عليّ التقلّب والاضطراب ... جهدي وليس عليّ النجاح

82 بين أبي العباس بن دينار وأبي يحيى الرامهرمزي

82 بين أبي العباس بن دينار وأبي يحيى الرامهرمزي سمعت أبا يحيى زكريا بن محمد بن زكريّا الرامهرمزيّ، يحدّث أبي «1» ، قال: كان أبو العباس عبيد الله بن دينار، صديقي، [كما علم القاضي] «2» وكان مقيما عندنا برامهرمز «3» . فلحقته إضافة، فضيّق على عياله، فأنفذوا إليّ أساورة ودمالج وخلاخل ذهب، واقترضوا عليها ثلاثمائة دينار، فأقرضتهم. ومضت شهور، وجاء الديلم يريدون البلد، وخرج بجكم إليهم، فتهارب الناس منهم، وعملنا على الهرب متى انهزم بجكم، فما كان بأسرع من أن جاءنا منهزما «4» ، فطار الناس على وجوههم. وقال أبو العباس لحرمه: أخرجوا، فتباطؤوا بسبب حليهنّ. فلما زاد عليه الأمر، دخل، فقال: ما لكم؟ إن كنتم قد صادقتم صديقا، فأقيموا، وعرّفوني لأهرب وحدي، وإن كنتم اتخذتم حبّة «5» ،

فاحملوها معنا، وإلّا فالسيف قد لحق بنا، فما هذا التباطؤ «1» عن الهرب، لندرك. فحدّثوه بحديث الحلي ورهنه، فكتب إليّ: بسم الله الرحمن الرحيم [يا أبا يحيى، جعلت فداك] «2» ، سلبت الجواري حليهنّ فلم تدع ... سوارا ولا طوقا على النحر مذهبا فاستحييت منه، وبعثت بالحلي، فأخذه، ورحل بجواريه، ورحلنا. ودخل الديلم البلد «3» .

83 حجر خاصيته طرد الذباب

83 حجر خاصّيته طرد الذباب حدّثني أبو أحمد «1» عبد الله بن عمر الحارثي، قال: حدّثني رجل خراساني «2» من بعض أصحاب الصنعة، ممن كان يعرف الأحجار الخواصيّة، قال: اجتزت برهداريّ «3» بمصر، فرأيت عنده حجرا أعرفه، يكون وزنه خمسة دراهم، مليح المنظر، وقد جعله بين يديه [في جملة] «4» قماشه. وكنت أعرف أن خاصيته في طرد الذباب، وكنت في طلبه منذ سنين كثيرة. فحين رأيته ساومته فيه، فاستام عليّ به خمسة دراهم [126 ب] فلم أماكسه ودفعتها إليه صحاحا. فلما حصلت في يده، وحصل الحجر في يدي، أقبل يطنز بي «5» ، ويسخر منّي. ويقول: يجون «6» هؤلاء الحمير، لا يدرون أيش يعطون، ولا أيش يأخذون، والله، إنّ هذه الحصاة رأيتها منذ أيام مع صبيّ، فوهبت له دانق فضّة، وأخذتها، وقد اشتراها هذا الأحمق مني بخمسة دراهم. فرجعت إليه، وقلت له: يجب أن أعرّفك أنّك أنت الأحمق، لا أنا. قال: كيف؟

قلت: قم معي، حتى أعرّفك ذلك. فأقمته ومضينا «1» ، حتى اجتزنا بكسّار «2» يبيع التمر في قصعة، والذباب محيط بها. فنحّيت الرجل بعيدا من [155 ط] القصعة، وجعلت الحجر عليها، فحين استقر عليها طار جميع الذباب. وتركته ساعة، وهي خالية من ذبابة واحدة فما فوقها، ثم أخذت الحجر فرجع الذباب، ثم رددته، فطار الذباب. ففعلت ذلك ثلاث مرات، ثم خبأت الحجر. وقلت: يا أحمق، هذا حجر الذباب، وأنا قدمت في طلبه من خراسان، يجعله الملوك عندنا على موائدهم، فلا يقربها الذباب ولا يحتاجون إلى مذبّة، ولا إلى مروحة، والله، لو لم تبعني إيّاه إلّا بخمسمائة دينار، لاشتريته منك. قال: فشهق شهقة، قدّرت أنّه تلف، ثم أفاق منها بعد ساعة، وافترقنا. وخرجت بعد أيّام إلى خراسان والحجر معي، فبعته على نصر بن أحمد أميرها «3» بعشرة آلاف درهم.

84 يوسف بن وجيه صاحب عمان يذعن لحكم مستشاريه

84 يوسف بن وجيه صاحب عمان يذعن لحكم مستشاريه حدّثني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد العسكري، قال: كان عندنا بعسكر مكرم «1» شيخ أصبهاني مشهور يعرف بالكافوري، يتّجر في الجوهر، وكان حسن البصيرة بها. فأخبرني إنّه اشترى فصّين، وباعهما مالكهما على أنّهما بجاذيان «2» ، ولم يعرفهما، قال: فعرفتهما أنا، وعلمت أنّهما بلخش، وهو جنس يشبه الياقوت الأحمر، فاشتريتهما منه بثلاثمائة درهم «3» ، وجلوتهما بالبصرة، فخرج لهما من الماء أمر عظيم. واتفق أن خرجت إلى عمان «4» ، وهما معي، فعرضتهما على يوسف ابن وجيه، الأمير «5» ، وادعيت أنّهما ياقوت أحمر، فعرضهما «6» لكل جوهريّ، فكانوا يصدّقونني. فابتاعهما مني، بعد خطوب طويلة ومراوضات، بخمسين ألف درهم، وقبضت الثمن.

ثم شكّ فيهما، فأحضرني، وطالبني بالمال. فقلت: إن كنت تريد أخذ المال باليد والقدرة، فأنت السلطان مالي بك قوّة، وإن كنت تريد أخذه بحجّة، فبيني وبينك أهل الصنعة. فقال: ليس بعمان من أثق بعلمه «1» . فقلت له: فسرنديب قريبة منك، وهي المعدن [127 ب] فأنفذهما إلى هناك، فإن قيل إنّهما ليسا بياقوت، رددت المال. ووضعت في نفسي أن أتّجر في المال، إلى أن ينكشف الأمر، فأربح فيه مالا، ثم أردّ عليه أصل ماله. قال: فضمّنني المال على الشرط والمقام «2» ، وأنفذ الفصّين. فلما كان بعد سنة، أو قريبا منها، أحضرني، وأخرج كتبا إليه من [وكيله] «3» هناك، يذكر فيها أنّه جمع أهل الصنعة بسرنديب كلّهم، وعرض عليهم الفصّين، فقالوا: هما ياقوت أحمر، إلّا أنّه فيه رخاوة، ولو كان أصلب من هذا، ما كان له قيمة، وانّ هذا ياقوت ليس [هو من] «4» هذا المعدن. فقرأت الكتب. فقال: ردّ المال. فقلت: ما يلزمني، ما بعتك على أنّهما من معدن سرنديب، أو غيره من المعادن، ولا على أنّهما صلبان أو رخوان، وقد شهد أهل المعدن أنّهما ياقوت، وقد نعتوهما بالرخاوة، وقالوا إنّه لولا هذا العيب، ما كان لهما قيمة.

85 سلب دنانيره ثم استعادها بدرهمين

ولولا هذا العيب، ما بعتك بخمسين ألف دينار، وأنا [156 ط] تاجر، قد قصدت بلدك، فلا تظلمني. فقال لمن بحضرته؛ ما تقولون؟ فقالوا: نحن معه. فأفرج عنّي. 85 سلب دنانيره ثم استعادها بدرهمين وحدّثني أيضا الحارثيّ، عمّن حدّثه، قال: سافرت في بعض الجبال، وكان معي دنانير خفت عليها، فأخذت قناة مجوّفة، وجعلت في أنبوبة منها الدنانير، حتى امتلأت بها، فلم تجلجل «1» ، ولا جاء لها صوت، ثم صببت في رأسها الرصاص [الحار] «2» ، حتى خفي أمرها، والتزقت، وجعلت فيها حلقة وسيرا «3» ، وكنت أمشي وأتوكّأ عليها. فخرج علينا اللصوص والأكراد، في عدّة مواضع، وأخذوا كلّ ما كان في القافلة، ولم يعرض لي أحد. إلى أن خرج علينا آخر دفعة، لصوص رجّالة، فشلحونا، فرأى أحدهم عكّازي، فاستملحها، وأخذها. فلحقني من الجزع عليها، بسبب الدنانير، أمر عظيم.

فأخذ أهل القافلة، يتلهّون بي «1» ، ويقولون: معنا من ذهبت منه الأموال والأمتعة، ما قلق «2» قلقك على خشبة، وأنا ممسك، لا أصرّح بما كان فيها. قال: وتمادى السفر بنا، إلى أن وصلت إلى مقصدي، فبقيت منقطعا [بي] «3» ، واحتجت إلى أن تصرّفت ببدني «4» في بعض المهن نحو سنة. فلما كان بعد سنة، اجتزت برهداري «5» على الطريق، وإذا بين يديه قناة تشبه قناتي، وتأمّلتها فإذا هي [هي] «6» ، ورطلتها فإذا ثقلها بحاله. فقويت نفسي، وقلت للرجل: تبيعني إيّاها؟ فقال: نعم. فقلت: بكم. فقال: بدرهمين. ولم أكن أملك غيرهما، فقلت: أعطيه إيّاهما على الله تعالى «7» ، فإن كان مالي فيها فقد فزت، وإلّا أبلي عذرا بيني وبين نفسي. فأعطيته الدرهمين، وأخذت العكّاز، وصعدت [128 ب] إلى مسجد، وطلبت أشفى «8» من بعض الأساكفة، وأصعدت به معي إلى المسجد، وشققت العصا، فإذا بدنانيري قد خرجت عليّ بعينها. فأخذتها، ورميت القناة، وحمدت الله تعالى على حفظ ذلك عليّ. وانصرفت فتجهزّت، وخرجت إلى بلدي بتجارة ومير «9» .

86 امرأة تدعي أن زوجها كان يعشق السراويلات

86 امرأة تدعي أن زوجها كان يعشق السراويلات حدّثني أبو علي الحسن بن محمد الأنباري الكاتب «1» ، قال: مات عندنا بالأنبار، فلان، وأسماه، وكان عظيم النعمة، وافر المروءة، كثير الثياب، وكان لكثرتها، يحصّل كلّ فنّ منها في عدّة صناديق. وكانت دراريعه الدبيقيّة «2» مفردة، والدراريع الديباج مفردة، وكذلك القمص، والسراويلات، والجباب، والطيالس، والعمائم. قال: وكان له بنو عمّ ورثوه، وأمّ ولد قد تزوّجها. فلما مات، أخرجت جميع آلاته، وقماشه، وثيابه، إلّا اليسير، من الدار، فخبأته. وذهب عليها صناديق السراويلات، فلم تخرجها، وجاء بنو العمّ، فختموا على الخزائن. فلمّا انقضت المصيبة «3» ، فتحوها، فوجدوها أخلى من فؤاد أمّ موسى «4» ،

فخاصموها إلى قاضي البلد، فلم تنقطع الخصومة. فدخلوا الحضرة «1» ، وتظلّموا منها فأشخصت، وحملت [157 ط] إلى القاضي أبي جعفر بن البهلول، ووقّع إليه بالنظر فيما بينهم على طريق المظالم. فحضروا عنده وأخذ يسائلهم عن دعواهم «2» ، وهي منكرة جميعها. فقالوا له: أيّها القاضي، فلان أنت أعرف الناس [بعظم] «3» مروءته وثيابه، وما كنت تشاهده له، وكلّه كان في يدها له. وساعة مات ختمنا خزائنه، وهي كانت في الدار، ولمّا فتحناها لم نجد له فيها إلّا عدّة صناديق فيها سراويلات، وقطعا يسيرة من ثيابه. فأين مضى هذا؟ ومن أخذه؟ وما السبب في عظم السراويلات وقلّة الثياب؟ قال: فأقبلت الجارية محتدّة، كأنّها قد اعدّت الجواب، فقالت: أعزّ الله القاضي، أما سمعت ما حكاه الجاحظ من أنّ رجلا كان يعشق الهواوين «4» ، فجمع منها مائتي هاون، هذا كان يعشق السراويلات. قال: فضحك القاضي أبو جعفر، وانفضّ «5» المجلس عن غير شيء. فما انتصفوا منها بعد ذلك.

87 ينكر الدين، ويأبى أن يحلف اليمين

87 ينكر الدين، ويأبى أن يحلف اليمين تقدم إليّ رجلان، بالأهواز، فادعى أحدهما على الآخر حقّا. فأنكره. فسألته «1» ، وقلت: أتحلف؟ فقال: ليس له عليّ شيء، فكيف أحلف؟ لو كان له عليّ شيء، حلفت له، وأكرمته.

88 بحث في الرباب بين القاضي وأحد العدول

88 بحث في الرباب بين القاضي وأحد العدول سمعت القاضي أبا القاسم جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ، يقول: كنت بحضرة القاضي أبي عمر، بعد قبوله شهادتي بمدّة، على خلوة وأنس، فجرى حديث الملاهي. فقلت: فلان [129 ب] يضرب بالرباب «1» . قال: فصاح عليّ القاضي أبو عمر، وقال: هاه، هوذا تهزأ بنا، هوذا تنمّس علينا؟ ما هذا الكلام؟ فقلت: ما هو أيّد الله القاضي؟ فو الله، ما أدري أنّي قلت شيئا يتعلّق بما قاله القاضي. فقال: قولك يضرب، كأنّك لا تعلم أنّ الرباب يجرّ حتى يسمع «2» صوته، ولا يضرب به. فحلفت له بأيمان مغلظة أنّي ما علمت هذا، ولا رأيت الرباب قط. فقال: إنّ هذا أقبح، سبيل الصالح أن يعلم طرق الفساد ليجتنبها على بصيرة، لا على جهل. فعدت إلى داري، فقلت لسائس كان معي: ويلك اطلب لي ربابيّا «3» . فطلبه، وجاء به، فجرّه بين يدي، فرأيته، فكان ما قاله أبو عمر صحيحا.

89 القاضي أبو عمر يتردد في قبول شهادة شاهد تظاهر بالانزعاج من رائحة الخمر

89 القاضي أبو عمر يتردد في قبول شهادة شاهد تظاهر بالانزعاج من رائحة الخمر قال: واجتاز أبو عمر «1» بطريق قد كسر فيه دنّ خمر، ومعه بعض الشهود، فقال الشاهد: شه، شه، أفّيه، أفّيه «2» ، فأمسك عنه. فلما جاء في المجلس ليقيم شهادة لزمته، توقّف عن استماعها، فقامت قيامة الشاهد، وطرح عليه من يسأله. فقال: هذا كذّاب أو جاهل، فلا يسعني قبوله، وذكر حديث الخمر. وقال: ليس تحريمها يقلب رائحتها من الطيب إلى النتن، حتى يقول هذا ما قاله، وما قاله إلّا وهو يعلم أنّ رائحتها طيبة، فنمّس وكذب، أو هو جاهل بهذا القدر، فلا أقبله.

90 قواد ابن قواد

90 قوّاد ابن قوّاد حدّثني «1» أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد «2» [158 ط] ، قال: حدّثني بعض الكتّاب، قال: سافرت وجماعة من أصدقائي، نريد مصر للتصرّف. فلما حصلنا بدمشق، كان معنا عدّة بغال، عليها ثقل وغلمان لنا، ونحن على دوابّنا، أقبلنا نخترق الطرق «3» [لا ندري أين ننزل] «4» . فاجتزنا برجل شاب، حسن الوجه والثياب، جالس على باب دار شاهقة، وفناء فسيح، وغلمان بين يديه وقوف. فقام إلينا، وقال: أظنّكم على سفر، ووردتم الآن؟ فقلنا: نحن كذلك. فقال: فتنزلون عليّ. وألحّ علينا، وسألنا، فاستحيينا من محله، وحسن ظاهره، وهيبته «5» ، وحططنا على بابه، ودخلنا. وأقبل «6» أولئك الغلمان، يحملون ثقلنا، ويدخلونه الدار، ولا يدعون أحدا من غلماننا يخدمنا، حتى حملوه بأسره، في أسرع وقت.

وجاءونا بالطساس والأباريق، فغسلنا وجوهنا، وأجلسونا في مجالس حسنة، مفروشة بأنواع الفرش الذي لم نر مثله. وإذا الدار في نهاية الحسن والفخر والكبر، وفيها دور عدة، وبستان عظيم، وصاحب المنزل يخدمنا بنفسه. وعرض علينا الحمّام، فقلنا نحن محتاجون إليه، فأدخلنا إلى حمام في الدار [في نهاية السرو، ودخل إلينا غلامان أمردان وضيئان، في نهاية الحسن] «1» فخدمانا بدلا [130 ب] من القيّم [والمزين] «2» ، وأخرجنا من الحمام، إلى غير ذلك المجلس، فقدّم إلينا مائدة حسنة جليلة، عليها من الحيوان، وفاخر الطبيخ «3» ، والألوان، ونادر الخبز، وغريب البوارد، وكلّ شيء. وإذا بغلمان مرد، في نهاية الحسن والزيّ، قد دخلوا إلينا، فغمزوا أرجلنا، فلحقنا من ذلك، مع الغربة وطول العهد بالجماع، عنت، فأمرناهم بالانصراف، وفينا من لم يستحلّ التعرّض لهم، وتعفّف «4» عن ذلك، لنزولنا على صاحبهم. ثم انتبهنا، فنقلنا إلى مجلس آخر على صحنين، في أحدهما بستان حسن، فأخرج إلينا من آلات النبيذ كل طريف [ظريف] «5» ، وأحضر من الأنبذة، كل شيء طيّب حسن. وشربنا أقداحا يسيرة، ثم ضرب بيده إلى ستارة ممدودة، فإذا بجوار

خلفها، فقال: غنّوا، فغنّى الجواري اللواتي كنّ خلفها، أحسن غناء وأطيبه. فلما توسّطنا الشرب، قال: ما هذا الاحتشام لأضيافنا أعزّهم الله؟ أخرجن، وهتك الستارة. قال: فخرج علينا جوار لم نر قط أحسن، ولا أملح، ولا أظرف منهنّ، من بين عوّادة، وطنبوريّة «1» ، وكرّاعة «2» ، وربابيّة، وصنّاجة «3» ، ورقّاصة، وزفّانة «4» ، بثياب فاخرة وحلي، فغنّيننا، واختلطن بنا في المجلس والجلوس، وكان تجنّبنا أشدّ، وانقباضنا أكثر، وضبطنا أنفسنا أعظم. فلما كدنا أن نسكر، ومضت قطعة من الليل، أقبل صاحب الدار علينا، وقال: يا سادة، إنّ تمام الضيافة، وحقّها، الوفاء بشرطها، وأن يقيم المضيف بحق الضيف في جميع ما يحتاج إليه، من طعام، وشراب [159 ط] ، وجماع، وقد أنفذت إليكم نصف النهار «5» بالغلمان، فأخبروني بهافكم عنهم، فقلت: لعلّهم أصحاب نساء، فأخرجت هؤلاء «6» ، فرأيت من انقباضكم عن ممازحتهنّ، ما لو خلوتم بهنّ، كانت الصورة واحدة، فما هذا؟

قلنا: يا سيّدنا، أجللناك عن ابتذال «1» من في دارك لهذا، وفينا من لا يستحلّ الدخول في الحرام. فقال: هؤلاء مماليكي، وهنّ أحرار لوجه الله إن كان لا بدّ «2» من أن يأخذ كلّ واحد منكم بيد واحدة منهنّ، ويتمتّع ليلته بها، فمن شاء زوّجته بها، ومن شاء غير ذلك، فهو أبصر، لأكون قد قضيت حقّ الضيافة. فلمّا سمعنا هذا، وقد انتشينا، طربنا، وفرحنا، وصحنا، وأخذ كلّ واحد منّا واحدة، فأجلسها إلى جانبه، وأقبل يقبّلها، ويقرصها، ويمازحها. فتزوّجت أنا بواحدة منهنّ، وغيري ممّن رغب في ذلك، وبعضنا لم يفعل. وجلس معنا بعد هذا ساعة، ثم نهض. فإذا بخدم قد جاءوا، فأدخلوا كلّ واحد وصاحبته، إلى بيت في نهاية الحسن [131 ب] والطيب، مفروش بفاخر الفرش، وفيه برذعة وطيّة سريّة «3» ، فبخّرونا عليها، ونوّمونا، والجواري إلى جنوبنا، وتركوا معنا شمعة في البيت، وما نحتاج إليه من آلة المبيت، وأغلقوا، وانصرفوا، فبتنا في أرغد «4» عيش ليلتنا.

فلما كان السحر، باكرنا الخدم، فقالوا: ما رأيكم في الحمّام؟ فقد أصلح، فقمنا ودخلناه، ودخل المرد معنا، فمنّا من أطلق نفسه معهم فيما كان امتنع عنه بالأمس. وخرجنا، فبخّرونا بالند العتيق «1» ، وعطّرونا «2» بماء الورد والمسك والكافور، وقدمت إلينا المرايا المحلّاة «3» . وأخبرنا غلماننا، إنّ صورتهم في ليلتهم، كانت كصورتنا، وإنّهم أتوا بجواري الخدمة الروميّات، فوطئوهن. فأقبل بعضنا على بعض، نعجب من قصّتنا، وبعضنا يخاف أن تكون حيلة، وبعضنا يقول: هذا في النوم نراه؟ ونحن في الحديث، إذ أقبل صاحب الدار، فقمنا إليه، وأعظمناه، فأخذ يسألنا عن ليلتنا، فوصفناها له، وساءلنا عن خدمة الجواري لنا، فحمدناهنّ عنده. فقال: أيّما أحب إليكم، الركوب إلى بعض البساتين للتفرّج إلى أن يدرك الطعام، أو اللعب بالشطرنج، والنرد، والنظر في الكتب «4» ؟ فقلنا: أما الركوب فلا نؤثره، ولكن اللعب بالشطرنج والنرد والدفاتر، فأحضرنا ذلك، وتشاغل كلّ منّا بما اختاره. ولم تكن إلّا ساعتين أو ثلاثة من النهار، حتى أحضرنا مائدة كالمائدة الأمسيّة «5» ، فأكلنا، وقمنا إلى الفرش، وجاء الغلمان المرد، فغمزونا، وغمزهم منّا من كان يدخل في ذلك، وزالت المراقبة.

وانتبهنا فحملنا إلى الحمّام، وخرجنا فتبخّرنا، وأجلسنا في مجلسنا بالأمس. وجاء أولئك الجواري، ومعهنّ غيرهنّ، ممّن هنّ [160 ط] أحسن منهنّ، فقصدت كلّ واحدة، صاحبها بالأمس، بغير احتشام، وشربنا إلى نصف الليل، فحملن معنا إلى الفرش. فكانت حالنا هذه أسبوعا. فقلت لأصحابي: ويحكم، أرى الأمر يتّصل، ومن المحال أن يقول لنا الرجل ارتحلوا عنّي، وقد استطبتم أنتم مواضعكم، وانقطعتم عن سفركم، فما آخر هذا؟ فقالوا: ما ترى؟ قلت: أرى أن نفاتش الرجل، فننظر إيش هو؟ فإن كان ممّن يقبل هديّة أو برّا، عملنا على تكرمته وارتحلنا، وإن كان بخلاف ذلك، كنّا معتقدين له المكافأة في وقت ثان، وسألناه أن يحضرنا من نكتري منه، ويبذرقنا «1» ، ورحلنا. فتقرّر رأينا على هذا. فلمّا جلسنا تلك العشيّة على [132 ب] الشرب قلت له: قد طال مقامنا عندك، وما أضاف أحد أحدا أحسن ممّا أضفتنا، ونريد الرحيل إلى مصر لما قصدناه، من «2» طلب التصرّف، وأنا فلان بن فلان، وهذا فلان، فعرّفت نفسي والجماعة، وقد حمّلتنا من أياديك ومننك، ما لا يسعنا معه أن نجهلك «3» ، ويجب أن تعرّفنا نفسك، فنبث شكرك، ونقضي حقّك، ونعمل على الرحيل.

فقال: أنا فلان بن فلان، أحد أهل دمشق، فلم نعرفه، فقلنا: إن رأيت أن تزيدنا في الشرح. فقال: جعلت فداكم أنا رجل قوّاد. فحين قال هذا، خجلنا، ونكّسنا رؤوسنا. فقال: [جعلت فداكم] «1» ما لكم؟ إنّ لقيادتي خبرا، أظرف ممّا رأيتموه «2» . فقلنا: إن رأيت أن تخبرنا. فقال: نعم، أنا رجل كان آبائي تنّاء تجارا، عظيمي النعمة والأموال، وانتهت النعمة إلى أبي، وكان ممسكا، مكثرا. ونشأت له، وكنت متخرّقا، مبذّرا، محبّا للفساد، والنساء، والمغنّيات، والشرب، فأتلفت مالا عظيما من مال أبي، إلّا أنّه لم يؤثّر في حاله، لعظمه. ثم اعتلّ، وأيس من نفسه، وأوصى، فدعاني، وقال: يا بنيّ، إنّي قد خلّفت «3» لك نعمة قيمتها مائة ألف دينار وأكثر، بعد أن أتلفت عليّ خمسين ألف دينار، وإنّ الإنفاق، لا آخر له إذا لم يكن بإزائه دخل، ولو أردت تمحيق هذا المال عليك في حياتي، أو الآن، حتى لا تصل إلى شيء منه، لفعلت، ولكنّي «4» أتركه عليك، فاقض حقّي بحاجة تقضيها لي، لا ضرر عليك فيها. فقلت: أفعل. فقال: أنا أعلم أنّك ستتلف جميع هذا المال في مدة يسيرة، فعرّفني

إذا افتقرت، ولم يبق معك شيء، تقتل نفسك، ولا تعيش في الدنيا؟ فقلت: لا. قال: فتحمل على رأسك؟ فقلت: لا. [قال: فتحسن تتصرّف، وتكسب المال؟. قلت: لا] «1» . قال: فعرّفني من أين تعيش؟ قال: ففكّرت ساعة، فلم يقع لي إلا أن قلت: أصير قوّادا. قال: فبكى ساعة، ثم مسح عينيه، وقال: لست أعيب عندك هذه الصناعة، فإنّها ما جرت على لسانك، إلّا وقد دارت في فكرك، ولا دارت في فكرك، وأنت تنصرف عنها [161 ط] أبدا بعدي، ولكن أخبرني كيف يتمّ لك المعاش فيها؟ فقلت: قد تدرّبت بكثرة دعواتي القحاب والمغنّيات، ومعاشرتي لشرّاب النبيذ، فأجمعهم على الرسم، فينفقون «2» في بيتي، ويعملون ما يريدون، وآخذ منهم الدراهم، وأعيش. فقال: إذا يبلغ السلطان خبرك في جمعة «3» ، فيحلقون رأسك، وذقنك «4» ، وينادي عليك، ويتفرّق جمعك، ويبطل معاشك، ويقول

أهل [133 ب] بلدك «1» أنظروا إلى فلان، كيف ينادى عليه، وقد صار بعد موت أبيه قوّادا. ولكن إن أردت هذه الصناعة، فأنا أعلّمك إيّاها، وإن كنت لا أحسنها، فلعلّك تستغني فيها، ولا تفتقر، ولا يتطرّق عليك السلطان بشيء. فقلت: إفعل. قال: تحلف لي أنّك تقبل مني. فحلفت. فقال: إذا متّ، فاعمل على أنّك أنفقت جميع مالك، وافتقرت، وابتدئ فكن قوّادا ولك ضياع وعقار، ودور وأثات، وآلة وجواري وقماش، وخدم وجاه وتجارات، واعمد «2» لكلّ ما في نفسك أن تعمله إذا افتقرت، فاعمله وأنت مستظهر على زمانك، بما معك، وجيها عند إخوانك، بمالك، واعمل على أنّك قد أنفقته، واجعل معيشتك ممّا «3» تريد أن تحصّله «4» إذا افتقرت، فإنّك تستفيد بذلك أمورا: منها: أنّك تبتدئ [أمرك] «5» بهذا، فلا ينكر عليك في آخره، ومنها: أنّك تفعل ذلك بجاه وعقار وضياع وأحوال قويّة، فلا يطمع فيك سلطان، وإن طمع فيك رشوت، وبذلت من قدرة وجدة، فتخلّصت. فقلت: كيف أعمل؟ قال: تجلس، إذا متّ، ثلاثة أيّام للعزاء، إلى أن تنقضي المصيبة،

فإذا انقضت «1» ، نفّذت وصيّتي، وتجمّلت بذلك عند الناس، وقضيت حقّي. ثم تظهر أنّك قد تركت اللعب، وأنّك تريد حفظ مالك، مع ضرب من اللذة. ثم تبتدئ فتشتري من الجواري المغنيات والسواذج، كلّ لون، ومن الغلمان المرد، والخدم البيض والسود، ما تحتاج إليه وتشتهيه، ودارك، وضياعك، وآلتك، [كما تحب في السرو والنبل] «2» ، كما خلّفته. فإن احتجت إلى استزادة شيء، فاستزد، وتنوّق. وعاشر من تريد أن تعاشره، من غير أن تدخل إليك مغنّية قيان، ولا من تأخذ جذرا. وداخل الأمير، والعامل، وادعهما مرّة في كلّ شهر أو شهرين، وهادهما أيّام الأعياد، بالألطاف الحسنة، والقهما [في] «3» كلّ أسبوع دفعة، واجتهد أن تعاشرهما على النبيذ في دورهما، والقهما بالسلام، وقضاء الحق. واتّخذ في كل يوم مائدة حسنة، وادع القوم، ومن يتّفق «4» معهم، وليكن ذلك بعقل وترتيب. فإنّ ذلك أوّلا، لا يظهر مدة طويلة، فإذا ظهر، صدّق به أعداؤك، وكذّب به إخوانك، وقالوا: لعلّ هذا على سبيل المجون «5» والشهوة، وعلى طريق التخالع، أو مسامحة الإخوان، وإلّا فأيّ لذّة له في ذلك وهو ليس

مخنّثا، ولا مجنونا، ولا [162 ط] فقيرا فيحتاج إلى هذا، فيبقى «1» الخلاف فيك مدّة أخرى، وأنت مع هذا، قد وصلت [134 ب] سلطانك «2» ، ولعلّ العشرة بينكما قد وقعت، فيستدعي مغنياتك، وتسمعهن في منزله «3» ، فيصير لك بمنادمته رسم، وجاهك مع إخوانك باق ببرّك وملاقاتك لهم، فهم يحامون عليك «4» العاقل منهم، ويحافظ لك الآخر، فتصير في مراتب ندماء الأمير «5» ، وفي جملته، وتصير قيادتك كالتشنيع عليك، والعيب لك «6» ، وتخرج عن حدّ القوّاد المحض، الذين يؤذون دائما «7» ، وتكبس منازلهم. قال: فاعتقدت في الحال، أنّ الصواب ما قاله. ومات في علّته، فجلست ثلاثة أيّام، ثم نفّذت وصيّته، وفرّقتها كما أمرني، ثم بيّضت الدور، وهي هذه، وزدت فيها ما اشتهيت، واستزدت من الآلات، والفرش «8» ، وإلآنية «9» ، كما أردت، وابتعت هؤلاء الجواري والغلمان والخدم، من بغداد، ودبّرت أمري على ما قاله أبي، من غير مخالفة لشيء منه. فأنا أفعل هذا منذ سنين كثيرة، ما لحقني فيه ضرر، ولا خسران «10» ،

وما فيه أكثر من إسقاط المروءة، وقلّة الحفل «1» بالعيب. وأنا أعيش أطيب عيش وأهنأه، والتذّ أتمّ لذّة [وأحلاها] «2» مع هؤلاء الجواري، والغلمان، والخدم، ومن يعاشرني عليهم. ودخلي بهم، أكثر من خرجي، ونعمتي الموروثة باقية بأسرها، ما بعت منها شيئا بحبّة فضّة «3» فما فوقها. وقد اشتريت من هذه الصناعة عقارا جليلا، وأضفته إلى ما خلّف أبي عليّ، وأمري يمشي كما ترون. فقلنا: يا هذا، فرّجت والله عنّا، وأوجدتنا طريقا إلى قضاء حقّك. وأخذنا نمازحه، ونقول: فضلك في هذه الصناعة غير مدفوع «4» ، لأنّك قوّاد ابن قوّاد، وما كان الشيخ ليدبّر لك هذا، إلّا وهو بالقيادة أحذق منك. فضحك، وضحكنا، وكان الفتى أديبا، خفيف الروح. وبتنا ليلتنا على تلك الحال. فلما كان من الغد، جمعنا له بيننا، ثلاثمائة دينار من نفقاتنا، وحملناها إليه. فأخذها، ورحلنا عنه.

91 أراد جوامرك فطلب جوانبيرة

91 أراد جوامرك فطلب جوانبيرة أخبرني غير واحد: أنّ أسد بن جهور «1» العامل، كان بخيلا، وله سؤدد، يتقلّد كبار الأعمال، وهو عظيم الحال والمال. قال: وكتب يوما إلى عامل له، في رستاق: إحمل إليّ مائتي جوانبيرة «2» . فقال العامل: وما يصنع بهذه العجائز كلّهنّ، وهذه العدّة كيف تجتمع لي من قرية؟ فجمع ما قدر عليه من النساء بين الشباب «3» والعجائز، وأنفذهنّ طوعا وكرها. وكتب إليه: إنّ كتابك وصل بجمع مائتي جوانبيرة، وهذا لا يوجد إلّا في بلد كبير، أو عدّة رساتيق، وقد جمعت لك كذا وكذا، وحملته مع موصل هذا [135 ب] الكتاب. فلما قرأ كتابه، قال: ادفعوهم إلى الطبّاخ، وقولوا له يذبح منهم اليوم [163 ط] كذا وكذا، ويصلح منهم كذا وكذا. فقيل له: يذبح لك النساء؟ قال: ما طلبت نساء. قالوا: أنت طلبت نساء.

قال: ردّوا الكتاب، فردّوه. قال: إنّا لله، إنّما أردت جوامرك «1» وكتبت جوانبيرة، إدفعوا إلى النساء شيئا واصرفوهنّ، واكتبوا له بجمع الجوامركات. ففعل ذلك «2» .

92 أسد بن جهور وبخله على الطعام

92 أسد بن جهور وبخله على الطعام قالوا: وكان «1» معروفا بالبخل على الطعام جدا، وكان ندماؤه يلقون من ذلك جهدا. وكان يحضرهم، ويطالبهم بالجلوس، ويحضر كل شيء لذيذ شهيّ من الطعام، فإن ذاقه منهم أحد، ولو دانقا، استحلّ دمه، وعجّل عقوبته. وكانت [علامته معهم] «2» إذا شيلت المائدة، أن يمسحوا أيديهم في لحاهم ليعلم أنّهم ما شعّثوا «3» شيئا يزهمها «4» . وكان له ابن أخت، يجترئ عليه، ولا يفكّر فيه، ويهتك ستره إذا واكله. فقدّمت يوما دجاجة هندية، فائقة سريّة، فحين أهوى ابن أخته إليها، قبض على يده أشدّ قبض، وقال: يا غث، يا بارد، يا قبيح العشرة، يا قليل الأدب، في الدنيا أحد يستحسن إفساد مثل هذه؟. فقال ابن اخته: يا لئيم، يا بخيل، يا سيّء الاختيار «5» ، فلأيّ شيء تصلح؟ تجعل عقدة على وجه التركة للأعقاب؟ واسطة للمخانق، في صدور

المجالس؟ سريّة يتمتع بالنظر إليها؟ ما أقدر، شهد الله، أن أدعها من يدي. فتصابرا عليها «1» ، إلى أن قال له الفتى: فافتدها من يدي. قال: بما تحبّ. قال: ببغلتك الفلانية. قال: قد فعلت. [قال: بسرجها ولجامها المحلّى الفلاني. قال: قد فعلت] «2» . قال: ما أرفع يدي عنها، أو يحضر ذلك. قال: يا غلام أحضرها. فأحضرت البغلة والمركب، فسلّمها الفتى إلى غلامه، وأخرجها، ورفع يده عن الدجاجة. وانقضى الطعام، وشيلت المائدة، وقام لينام. فخرج ابن أخته، فقال للطبّاخ: عليّ بالفائقة الساعة، وبجميع ما شلتموه من المائدة، فأحضر إليه، وردّ الندمان، وقعدوا، فأكلوا ذلك وانصرفوا، وقد أكل الدجاجة والطعام أجمع، وحصلت له البغلة والمركب. قال: وإنّما كان لا يطيق أن يرى ذلك يؤكل، فأمّا إذا نحّي من بين يديه، لم يسأل عنه، ولم يطالب به. أخبرني أبو الحسن «3» بن الأزرق، قال: حدّثني أبي، عن الحسن بن مخلد «4» بهذا الحديث أنّه حصل مع ابن خالة [الحسن بن مخلد] «5» ، قال: رأيت الفتى، قد غدا إلينا، إلى ديوان الخراج على بغلة الحسن بن مخلد، فسألناه عن السبب، فأخبرنا بذلك.

93 ناصر الدولة يحاسب على بقية دجاجة

93 ناصر الدولة يحاسب على بقية دجاجة سمعت أبا عبد الله بن أبي موسى الهاشمي [136 ب] يقول: كنت بحضرة ناصر الدولة «1» ببغداد، فاستدعى بشيء يأكله متعجّلا، ليتعلّل به. فجاءوه بدجاجة مشويّة، ورغيف واحد، وسكرجتي ملح وخلّ، وقليل بقل. فجعل يأكل، وأنا أحادثه، إذ دخل الحاجب فأخبره بحضور قوم [164 ط] لا بدّ من وصولهم، يحتشمهم. فأمر برفع الدجاجة، فرفعت، ومسح يده، ودخل القوم، فخاطبهم بما أراد، وانصرفوا. فقال: ردّوا الطبق، فأحضر، فتأمّل الدجاجة ساعة، ثم حرد. وقال: أين تلك الدجاجة؟ فقالوا: هي هذه. فقال: لا، وحقّ أبي، عليّ بالطبّاخ، فحضر. فقال: هذه هي تلك الدجاجة؟ فسكت. فقال: أصدقني ويلك. قال: لا.

قال: فما عملت بتلك؟ قال: لمّا شيلت، لم نعلم أنّها تردّ إليك، فأخذها بعض الغلمان الصغار وأكلها، فلما طلبتها، أخذنا هذه فكسرنا منها، وشعّثنا، مثلما كنت كسرت من تلك وشعّثت، طمعا في أنّك لا تعلم بذلك، وقدّمناها. فقال له: يا حمار، تلك كنت قد كسرت منها الفخذ الأيمن، وأكلت جانب الصدر الأيسر، وهذه مأكولة جانب الصدر الأيمن، مكسورة الفخذ الأيسر، لا تعاود بعدها لمثل هذا. [قال: السمع والطاعة. وانصرف الطباخ. فجعلت أعجب من تفقّده- وهو ملك- لمثل هذا] «1» .

94 الحسن بن مخلد وبخله على الطعام

94 الحسن بن مخلد وبخله على الطعام حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: حدّثني جحظة «1» ، قال: ربحت بأكلة افتديتها «2» خمسمائة دينار، وخمسمائة درهم، وخمسة أثواب فاخرة، وعتيدة طيب سريّة. قلت: كيف كان ذلك؟ قال: كان الحسن «3» بخيلا على الطعام، سمحا بالمال، وكان يأخذ ندماءه، [بغتة] «4» فيسقيهم النبيذ، ويواكلهم، فمن أكل، قتله قتلا، ومن شرب عنده على الخسف «5» ، حظي عنده. قال: فكنت عنده يوما، فقال لي: يا أبا الحسن، قد عملت غدا على الصبوح الجاشريّ «6» ، فبت عندي. فقلت: لا يمكنني، ولكنّي أبا كرك قبل الوقت، فعلى أيّ شيء عملت أن تصطبح؟

فقال: أعدّ لنا كذا وكذا، ووصف ما تقدّم به إلى الطباخ بعمله، فعقدنا الرأي على أن أباكره. وقمت، وجئت إلى بيتي، فدعوت طبّاخي، وتقدمت إليه بأن يصلح لي مثل ذلك بعينه، ويفرغ منه وقت العتمة «1» ، ففعل، ونمت. [وقمت] «2» وقد مضى نصف الليل، فأكلت ما أصلح، وغسلت يدي وأسرج لي، وأنا عامل على المضيّ إليه، إذ طرقتني رسله، فجئته. فقال: بحياتي، أكلت شيئا؟ قلت: أعيذك بالله، انصرفت من عندك قبيل المغرب، وهذا نصف الليل، فأيّ وقت أصلح لي شيء؟ أو أي وقت أكلت شيئا؟ سل غلمانك، على أيّ حال وجدوني؟ فقالوا: والله، وجدناه يا سيّدنا وقد لبس ثيابه، وهو ذا ينتظر [137 ب] أن يفرغ له من إسراج بغلته، ليركبها. فسرّ بذلك سرورا شديدا، وقدّم الطعام، فما كان فيّ فضل أشمّه، فأمسكت عن تشعيثه ضرورة، وهو يستدعي أكلي، ولو أكلت أحلّ دمي. قال: وكذا كانت عادته، فأقول له: هوذا آكل يا سيّدي، وفي الدنيا أحد يأكل [165 ط] أكثر من هذا؟ وانقضى الأكل، وجلسنا على الشرب، فجعلت أشرب بأرطال، وهو يفرح، وعنده أنّي أشرب على الريق، أو على ذلك الأكل الذي خلست معه. ثم أمرني بالغناء، فغنّيت، فاستطاب ذلك، وطرب، وشرب أرطالا. فلما رأيت النبيذ، قد عمل فيه، قلت: يا سيّدي، أنت تطرب على

غنائي، فأنا على أيّ شيء أطرب؟ قال: يا غلام، هات الدواة، فأحضرت، فكتب لي رقعة، ورمى بها إليّ، وإذا هي إلى صيرفيّ يعامله بخمسمائة دينار، فأخذتها، وشكرته. ثم غنّيت، فطرب، وزاد سكره، فطلبت منه ثيابا، فخلع عليّ خمسة أثواب. ثم أمر أن يبخّر من كان بين يديه، فأحضرت عتيدة حسنة سريّة، فيها طيب كثير، فأخذ الغلمان يبخّرون الناس منها، فلما انتهوا، قلت: يا سيّدي وأنا أرضى أن أتبخّر حسب؟ فقال: ما تريد؟ قلت: أريد نصيبي من العتيدة. فقال: قد وهبتها لك. وشرب بعد ذلك رطلا آخر، واتّكأ على مسورته، وكذا كانت عادته إذا سكر. فقام الناس من مجلسه، وقمت وقد طلع الفجر وأضاء، وهو وقت تبكير الناس في حوائجهم. فخرجت كأنّي لصّ قد خرج من بيت قوم، على قفا غلامي الثياب والعتيدة كارة. فصرت إلى منزلي، ونمت نومة، ثم ركبت إلى درب عون «1» ، أريد الصيرفي، حتى لقيته في دكانه، وأوصلت الرقعة إليه. فقال: يا سيدي، أنت الرجل المسمى في التوقيع؟ قلت: نعم.

قال: أنت تعلم، أنّ أمثالنا يعاملون للفائدة. قلت: نعم. قال: ورسمنا أن نعطي في مثل هذا، ما يكسر في كلّ دينار، درهم. قلت له: لست أضايقك في هذا [القدر] «1» . فقال: ما قلت هذا لأربح عليك الكثير، أيّما أحبّ إليك، تأخذ كما يأخذ الناس، وهو ما عرّفتك، أو تجلس مكانك إلى الظهر حتى أفرغ من شغلي، ثم تركب معي إلى داري، فتقيم عندي اليوم والليلة، ونشرب، فقد- والله- سمعت بك، وكنت أتمنّى أن أسمعك، ووقعت الآن لي رخيصا، فإذا فعلت هذا، دفعت إليك الدنانير بما تساوي، من غير خسران. فقلت: أقيم عندك. فجعل الرقعة في [138 ب] كمّه، وأقبل على شغله. فلما دنت الظهر «2» ، جاء غلامه ببغل فاره، فركب، وركبت معه، وصرنا إلى دار سريّة حسنة، بفاخر الفرش والآلات، ليس فيها إلّا جوار روم للخدمة، من غير فحل. فتركني في مجلسه، ودخل، ثم خرج إليّ بثياب أولاد الخلفاء، من حمّام داره، وتبخّر، وبخّرني بيده، بندّ عتيق جيّد، وأكلنا أسرى طعام، وأنظفه، وقمنا إلى مجلس للشرب سريّ، فيه فواكه وآلات بمال. وشربنا ليلتنا، فكانت ليلتي عنده [166 ط] أطيب من أختها عند الحسن بن مخلد.

فلما أصبحنا أخرج كيسين، في أحدهما دنانير، وفي الآخر دراهم، فوزن لي خمسمائة [دينار من أحدهما، ثم فتح الآخر فإذا هو دراهم طريّة «1» ، فوزن لي منها خمسمائة درهم] «2» . وقال: يا سيّدي تلك ما أمرت به، وهذه الدراهم هديّة مني. فأخذتها، وانصرفت. وصار الصيرفيّ صديقي، وداره لي.

95 إن بالحيرة قسا قد مجن

95 إنّ بالحيرة قسا قد مجن حدّثني أبو الحسين بن عيّاش «1» ، قال: كان جحظة «2» لما أسنّ، يفسو في مجالسه، فيلقى من يعاشره، من ذلك جهدا. وكنت أحبّ غناءه، والكتابة عنه، لما عنده من الآداب، وكان يستطيب عشرتي، وكنت إذا جلست، أخذت عليه الريح، وجلست فوقها. فجئته يوما في مجلس الأدب، والناس عنده، وهو يملي، فلما خفّوا، قال لي، ولآخر كان معي، أسماه لي، وحدّثني ذلك الرجل بمثل هذا الحديث: اجلسا عندي، حتى أجلسكما على لبود، وأطعمكما طباهجة «3» بكبود، وأسقيكما معتّقة اليهود، وأبخّر كما بعود، وأغنيكما غناء المسدود «4» ، أطيب من الندود. فقلنا: هذا موضع سجدة. وجلسنا، وصديقي لا يعرف خلّته «5» في الفساء، وأنا قد أخذت الريح، فوفى لنا بجميع ما شرطه. وقال لنا، وقد غنّى، وشربنا: نحن بالغداة في صورة العلماء،

وبالعشيّ في صورة المخنكرين «1» . فلما أخذ النبيذ منه، أقبل يفسو، وصديقي يغمزني، ويتعجّب، فأغمزه، وأقول: إنّ ذلك عادته، وخلّته، وإنّ سبيله أن يحتمل. إلى أن غنّى جحظة، صوتا مليحا، الشعر والصنعة له فيه، وكان يجيده جدا، وهو: إنّ بالحيرة «2» قسّا قد مجن ... فتن الرهبان فيها وافتتن ترك الإنجيل حبّا للصبا ... ورأى الدنيا مجونا فركن «3» وطرب صديقي ذاك، عليه طربا شديدا، استحسانا له، وأراد أن يقول أحسنت والله يا أبا الحسن، فقال: افس عليّ كيف شئت. فخجل جحظة «4» .

96 بين جحظة وأبي الحسين بن عياش

96 بين جحظة وأبي الحسين بن عياش قال: وأخبرني أنّه كان معه في حديديّ «1» لابن الحواريّ «2» ، وقد حملهم إلي بلا شكر «3» ليتفرجوا [139 ب] ، والحديديّ يمدّه الملّاحون بالقلوس، وجحظة بين يدي الرجل، قد صار في أعلى الريح لأنها كانت شمالّا، على سطح الحديديّ. فأقبل جحظة يفسو، فأنكر الرجل ذلك، وقال: ما هذا الفساء؟ من أين هذا؟ فقال جحظة: هؤلاء المدّادون سفل، فإذا مدّوا فسوا، وهم أعلى منّا في الريح، فهي تحمل فساءهم إلينا. قال: فاشتبه ذلك على الرجل. فقلت له: يا أبا الحسن، لو أن فساء هؤلاء يريد الطرادة «4» ويجيء على حبلها مستويا إلى نفس الطرادة ما وصل إلينا بهذه السرعة، والريح من جهتك لا من جهة الملاحين، وأنا أنبّه عليك. قال: فأقبل يصانعني، ويفتدي من يدي، أن لا أغمز به. فقلت: على شريطة أن تقطع. قال: نعم.

97 أبو عيشونة الشاطر

97 أبو عيشونة الشاطر حدّثني أبو القاسم الصروي الكاتب، قال: كان بمدينة السلام، شاطر، يعرف بأبي عيشونة «1» ، فاجتاز به بعض العلماء من أهل الأدب، في هيج «2» قد وقع، وقد خرج ليأخذ ثياب المجتازين [167 ط] فقبض عليه، وقال: اطرح ثيابك. فقال: أنا فلان. فاستحيا منه، فقال: خذ عليّ ما أنشدك. قال: هات. فقال: خمسون ألف فتى ما منهم أحد ... إلا كألف فتى ضرغامة بطل شدّوا ثيابهم يوما على أمل ... فأفرغوها وأدلوها على الأجل فقال الرجل: أحسنت، فبالله، زدني من شعرك، فقال: ولقد هيّج البلا ... حين عضّ السفر جلا ولقد قام حبكم ... في فؤادي بأعلى العلا فقال: خلطت. قال: أنا أبو عيشونة، وحياة أصحابي، أنج بنفسك. فمضى الرجل وتركه.

98 الحذاء الماجن بباب الطاق

98 الحذّاء الماجن بباب الطاق رأيت حذّاء ما جنا بباب الطاق «1» ، يعرف بالمدلق «2» ، ويلقّب بالقاضي، يسمّي النعال، بأسماء من جنس الصفعة، على سبيل الهزل. فيقول لمن يخاطبه: هذه صلعكية، وهذه رأسكية، وهذه قفوية. فقال له واحد: كم أعطيت بها؟ فقال: إذا نزلت في حلقك، عرّفتك ثمنها، وأخذته منك، ومتى وقعت في عنقك وكرهتها، فأنا آخذها منك بالثمن.

99 طبيب يتماجن على مريض

99 طبيب يتماجن على مريض ورأيت طبيبا يتماجن على مريض، وقد شكا إليه شيئا. فقال: هذا يدلّ على أنّك، ثارت بك الصفراء «1» ، وكان الذي شكاه المريض رطوبة. فقال: يا هذا أنا مرطوب، فكيف تثور بي الصفراء؟ قال: فالسوداء «2» . قال: لا أعلم. [قال: الذي عندي، انّه ثارت بك الملمّعة] «3» . ففطن الرجل لموضع قوله: الصفراء والسوداء، ثم وصف له ما يصلح له، مما شكاه إليه، [من علته] » .

100 يريد نعلا وجهه مليح وأسفله وثيق

100 يريد نعلا وجهه مليح وأسفله وثيق قال لي أبو طلحة الحذّاء البصري، وكان مألفا للأحداث والمتأدبين، قال لي صديق لي: أريد نعلا يكون لها وجه [140 ب] مليح، وأسفل وثيق. فقلت: يا حبيبي، عليك بفلان العلق «1» ، إن وزنت خمسين درهما في اليوم، ولست أجد لك بهذه الصفة إلّا هو. 101 كما تدين تدان حدثنا أبو عبد الله بن ورام «2» الكوفيّ المتكلّم، قال: كان عندنا بالكوفة، رجل، له ابن عاقّ به، فلاحاه يوما في شيء، فجرّ برجله حتى أخرجه من بيته، وسحبه في الطريق شيئا كثيرا. فلما بلغ إلى موضع منه، قال له: يا بنيّ حسبك، فإلى هاهنا جررت برجل أبي من الدار، حتى جررتني منها «3» .

102 طيب الطعام يستخرج لب الشكر

102 طيب الطعام يستخرج لبّ الشكر حدّثني أبو الحسن «1» بن سهيل الحذّاء، عن بعض الصوفيّة، أنّه قال: طيّب الطعام يستخرج لبّ الشكر. 103 سعد السعود أنشدني إسحاق بن إبراهيم بن علي النصيبيّ «2» المتكلّم لنفسه، في غلامه سعد: وفّق الله من دعاك بسعد ... فلقد كان فيه عين السعيد «3» أبصر السعد غرّة بين عينيك ... فسماك باسمه المحمود فإذا ما دعاك داع لأمر ... كنت فيه يا سعد سعد السعود

104 من رسائل أبي محمد المهلبي

104 من رسائل أبي محمد المهلبي وجدت في كتب أبي «1» ، كتابا من أبي محمد المهلّبي «2» إليه، قبل تقلّده الوزارة «3» ، بسنين، أوّله: كتابي أطال الله بقاء سيدنا القاضي، عن سلامة [168 ط] لا زالت له إلفا، وعليه وقفا وحمدا لمولى أستمدّ بحمده ... له الرتبة العلياء والعزّ دائما وأن يسخط الأيام بالجمع بيننا ... ويرضي المنى حتى يرينيه سالما وصل كتابه، أدام الله عزّه، فقمت معظّما له، وقعدت مشتملا على السرور به وفضضته فوجدته ... ليلا على صفحات نور مثل السوالف والخدو ... د البيض زينت بالشعور بنظام لفظ كالثغور ... أو اللآلي في النحور أنزلته في القلب منزلة ... القلوب من الصدور

105 أبو طلحة يروي حديثا غير شريف

105 أبو طلحة يروي حديثا غير شريف سمعت أبا طلحة [الحذّاء] «1» ، يقول: روى فلان، عن فلان، بإسناد طويل، من أصبح في يوم سبت، وعنده طباهجة «2» عنبرية، وبالقرب منه باقلّاني «3» ، ولم يصطبح، فلا صبّحه الله بخير ولا عافية «4» .

106 واصل بن عطاء والخوارج

106 واصل بن عطاء والخوارج أخبرني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ «1» : أنّ أبا حذيفة، واصل بن عطاء «2» ، خرج يريد سفرا في رهط من أصحابه، فاعترضهم جيش من الخوارج. فقال واصل لأصحابه: لا ينطق منكم أحد، ودعوني معهم. فقالوا: نعم. قال: فقصدهم واصل، واتّبعه أصحابه. فلما قربوا بدأ الخوارج ليوقعوا بهم، فقال: كيف تستحلّون هذا، وما تدرون ما نحن، ولأيّ شيء جئنا؟ قالوا: نعم، فما أنتم؟ قال: قوم من المشركين، جئناكم مستجيرين لنسمع كلام الله. قال: فكفّوا عنهم، وبدأ رجل يقرأ عليهم القرآن. فلما أمسك، قال له واصل: قد سمعنا كلام الله، فأبلغنا مأمننا [141 ب] حتى ننظر في الدين.

فقالوا: هذا واجب، سيروا. قال: فسرنا، والخوارج «1» - والله- معنا برماحهم، يسيّروننا ويحموننا، عدّة فراسخ، حتى قربنا من بلد لا سلطان لهم عليه. فقالوا: ذاك مأمنكم؟ فقال واصل: نعم، فارجعوا عنّا. فانصرفوا. وذهب أبو حذيفة في «2» ذلك، إلى قول الله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ «3» .

107 بين معتزلي وأشعري

107 بين معتزلي وأشعري حدّثني أبو الحسن «1» ، قال: كان إسماعيل الصفار البصريّ، أحد شيوخ أصحابنا المعتزلة، وكان الناس إذ ذاك يتشدّدون على أهل الحق «2» ، ويباينونهم في الخلاف. قال: فوقعت ليلة في الدرب الذي كان ينزله إسماعيل بالبصرة، صاعقة. فلما أصبح، قال لغلمانه: أكنسوا لي الباب، وافرشوا لي عليه، وإلّا أرجف بي المخالفون. ففعلوا، وجلس على بابه. فاجتاز بعض جلّة شيوخ البصرة من المخالفين، فلما رآه، قال: ألم نخبر أنّ الله رماك بصاعقة من عنده «3» ؟ قال: ولم؟ أنا أقول إنّي أرى الله جهرة «4» ؟

108 خلاف بين المعتزلة وبين غوغاء من العوام

108 خلاف بين المعتزلة وبين غوغاء من العوام وقال رجل من أصحاب إسماعيل «1» بالبصرة: أنّ القرآن مخلوق، بحضرة غوغاء من العوام، فوثبوا عليه، وحملوه إلى نزار الضبيّ «2» ، وكان أميرا على البصرة، فحبسه. فطاف إسماعيل على المعتزلة، فجمع [169 ط] منهم أكثر من ألف رجل، وبكّر بهم إلى باب الأمير، فاستأذن عليه، فأذن له. فقال: أعزّ الله الأمير، بلغنا أنّك حبست رجلا لأنّه قال: أنّ القرآن مخلوق، وقد جئناك، ونحن ألف، وكلّنا يقول: أن القرآن مخلوق، وخلفنا من أهل البلد أضعاف عددنا، يقولون بمقالتنا، فإمّا حبست جميعنا مع أخينا، أو أطلقته معنا. قال: فعلم أنّه متى ردّهم ثارت فتنة لا يأمن عواقبها، وانّ الرأي يوجب الرفق بهم. فقال: بل نطلقه لكم. فأطلقه، وانصرفوا به عدوا.

109 دفن أبي هاشم الجبائي وأبي بكر بن دريد في يوم واحد

109 دفن أبي هاشم الجبائي وأبي بكر بن دريد في يوم واحد حدّثني أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله الإيذجيّ القاضي «1» ، قال: لمّا توفي الشيخ أبو هاشم الجبائي «2» ، ببغداد، اجتمعنا لدفنه، فحملناه إلى مقابر الخيزران «3» ، في يوم مطير، ولا يعلم بموته أكثر الناس، وكنا جماعة في الجنازة. فبينا نحن ندفنه، إذ حملت جنازة أخرى ومعها جميعة عرفتهم بالأدب. فقلت لهم: جنازة من هذه؟

فقالوا: جنازة أبي بكر بن دريد «1» . فذكرت حديث الرشيد، لمّا دفن محمد بن الحسن «2» والكسائي «3» بالريّ في يوم واحد» . قال: وكان هذا في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة «5» ، فأخبرت أصحابنا بالخبر، وبكينا على الكلام والعربية طويلا، وافترقنا.

110 بين الهبيري وابن أبي خالد الأحول

110 بين الهبيري وابن أبي خالد الأحول حدّثني [142 ب] أبي، رضي الله عنه، بإسناد ذكره: أنّ رجلا من شيوخ الكتاب يعرف بالهبيريّ، لزمته العطلة، وأضرّت به، فكان يلازم ابن أبي خالد الأحول «1» ، وهو إذ ذاك يدبّر أمر الوزارة. فطالت ملازمته داره، وكان ابن أبي خالد يستثقله، فحجب عن الدار. فكان يبكّر كل يوم فيقف على دابّته بالباب، حتى يخرج الوزير، ثم ينتظر إلى أن يعود، ويدخل الوزير، وينصرف هو. فطال ذلك على الوزير، حتى برم به، فقال لكاتب له: إلق هذا الرجل، وقل له: إنّه لا تصرّف لك عندي، ولست أحب أن أراك في كل وقت، فانصرف عني، ولا تقرب بابي. قال الكاتب: فاستحييت أن أؤدّي عن صاحبي مثل هذه الرسالة إلى شيخ من جلّة «2» الكتاب، وإن كان الزمان قد حطّه، وعلمت أنّ ذلك قد صدر عن الوزير، لسوء رأيه فيه، ومقته له، واستثقاله إيّاه. فصرت إلى منزلي، وأخذت معي خمسة آلاف درهم، وصرت إلى الهبيري، فقلت: الوزير أعزّه الله، يقرأ عليك السلام، ويقول لك: هوذا تشق عليّ رؤيتك بالباب، والأشغال تقطعني عنك، ولا تصرّف عندي أرتضيه لك في هذا الوقت، وقد حملت إليك خمسة آلاف درهم، فاستعن بها في نفقتك،

والزم دارك، واربح العناء، فإذا سنح عندي شغل يصلح لك، استدعيتك. قال: فاستشاط الشيخ، وقال: جعلني من الشحّاذين «1» والمستميحين، ينفذ إليّ برفد، والله لا قبلته. قال: فاستجهلته، وداخلني غيظ [170 ط] من فعله، فقلت: يا هذا، والله، ما هذه الدراهم من مال الوزير، ولا هي إلّا من مالي، ورسالته أقبح مما تذهب إليه، وإنّي كرهت تلقّيك بها، وأنت من شيوخ هذه الصناعة، فتحمّلت لك هذا الغرم من مالي، من غير علم صاحبي، صيانة لك وله. فقال: أمّا أنت، فأحسن الله جزاءك، ولا حاجة بي إلى مالك، ولو مصصت الثماد «2» ، ولكن أنشدك الله، إلّا ما أبلغتني رسالته بعينها، وحزت بذلك شكري. قال: فأدّيتها إليه على حقّها وصدقها. قال: فقال: أحب أن تتحمّل الجواب. فقلت: قل. قال: تقول له: والله، ما آتيك لك نفسك، وإنّما أنت رجل قد صرت بابا لأرزاقنا، إذ كنا لا نحسن صناعة غير الكتابة، ولا تصرّف فيها إلّا من عندك، ومن أراد دخول الدار، يجب أن يأتيها من بابها، وعلى الإنسان أن يتعرّض للرزق، ويأتي بابه، فإن قسم الله له منه شيئا، أخذه، وإلّا كان قد أدّى [143 ب] ما عليه. وليس يمنعني استثقالك لي، من قصدك، فإن قسم الله لي شيئا من

جهتك، أو على يدك، أخذته على رغمك، وإلّا فلا أقلّ من أن أؤذيك برؤيتي، كما تؤذيني بعطلتي. قال: فانصرفت متعجّبا منه، ولم أعد على الوزير ذلك، لئلا يغتاظ، وتغافلت يومي. فلما كان من الغد، بكّر الوزير خارجا من داره، وأنا معه، فإذا بالشيخ، فلما رآه، التفت إليّ، وقال: ألم أنفذك إليه برسالة؟ قلت: بلى. قال: فلم عاد؟ قلت: الخطب طويل طريف، وإذا اطمأنّ الوزير في مجلسه حدّثته. قال: فلمّا نزل في طيّاره، قال: أخبرني بما جرى. فقصصت عليه القصّة. وحملي الدراهم من مالي، وما جرى بأسره، وأدّيت إليه رسالته بعينها، فكاد أن يطير غيظا. وانتهى الكلام، وقد قدّم الطيّار «1» إلى دار الخلافة، فدخل إليه وفي نفسه حديث الهبيري، والغيظ منه، فوقف بحضرة الخليفة، وجرى الكلام. فقال له الخليفة: قد ألطّ «2» عامل مصر بالمال، وجنح إلى المدافعة، فاختر رجلا شهما، ننفذه مشرفا عليه، ومطالبا بما مضى.

قال: وكان ابن أبي خالد يعتني برجل متصرّف يقال له الزبيريّ، فأراد أن يسمّيه لذلك، فقال: الهبيريّ، لما كان في نفسه منه، وقرب العهد بذكره، والغيظ من أمره. فقال الخليفة: أو يعيش الهبيري؟ قال: يا أمير المؤمنين لم أرد الهبيري، وإنّما أردت فلان بن فلان الزبيريّ. قال: يجوز أن تكون أردت الزبيري، ولكن أخبرني بخبر الهبيريّ، فقد كانت له بي حرمة «1» في حياة أبي، وبأسبابنا، وهو واجب الحقّ علينا. فقال: نعم، هو يعيش. قال: فأنفذه إلى مصر. فقال: يا أمير المؤمنين، إنّه لا يصلح. قال: ولم؟ قال: قد اختلّ. قال: أحضرنيه حتى أشاهده، فإن كان مختلّا، أمرت له بصلة وجار، وإن كان ينهض بالعمل أنفذته. قال: [171 ط] يا أمير المؤمنين، إنّه متعطّل منذ سنين، وقد خمل، وذهب اسمه، وصوته، وهذا عمل يحتاج إلى من له نباهة. قال: إذا أقبلنا عليه، وندبناه لمثل هذا الأمر العظيم، تجدّد ذكره، وتطرّى أمره. قال: إنّه لا حال له تنهضه. قال: يطلق له من مالنا مائة ألف درهم، يصلح بها حاله، ويحمل إليه

من البغال والدواب والخيم والآلات. قال: فأخذ يعتلّ عليه. قال: أرى فيك تحاملا عليه، لتصدقنّي عن أمره معك. فلجلج. فقال: بحياتي أصدقني، فصدقه عن الخبر. فقال الخليفة: قد والله أجرى الله عزّ وجل رزقه على يدك بالرغم منك، كما قال، وو الله لا [144 ب] برحت، أو تكتب عهده، ويوصل بجميع ما أمرت به. ثم قال: عليّ بالهبيري. فأحضر، وخرج ابن أبي خالد عليه، فقال: يا هذا، قد والله جاء رزقك على يدي بالرغم مني، وجرى كذا وكذا، وأخبره الخبر «1» ، وسلّم إليه التوقيعات بما أمر له به الخليفة، والكتب إلى مصر، وواقفه «2» على العمل، وأخرجه إليه.

111 بين ابن أبي الأضخم وابن أبي خالد الأحول

111 بين ابن أبي الأضخم وابن أبي خالد الأحول وحدّثني أيضا عن ابن أبي خالد هذا، قال: كان بغيضا «1» . قال: فاتّفق أن بكّر إليه يوما رجل شيخ من شيوخ الكتّاب، يقال له: ابن أبي الأضخم «2» متعطّلا، قد طالت عطلته، يغتنم أن يراه سحرا خاليا «3» فيشكو إليه حاله، ويسأله التصرّف. فبكّر بكورا شديدا، فتلقّاه برد قبيح، وقال له: أيش هذا المهمّ في مثل هذا الوقت؟ قال: فاحتدّ عليه الشيخ، وقال: ما العجب منك، العجب منّي، حين ربطت أملي بك، وأسهرت عيني توقّعا للفجر في البكور إليك، وأسهرت عيالي وغلماني وتحمّلت التجشّم إليك، وأنزلت بك حاجتي، حتى تتلقّاني بمثل هذا، وعليّ، وعليّ، وحلف بأيمان البيعة، لا دخلت دارك أبدا، ولا سألتك حاجة، ولا طلبت منك تصرّفا، أو تجيئني إلى داري معتذرا ممّا تلقّيتني به، وتقضي حاجتي في منزلي، ونهض. فلمّا صار الرجل إلى منزله ندم ندما شديدا، وقال: هذا رجل لئيم الطبع، سيء الظفر، شرس الخلق، وأنا مضطرّ إلى لقائه، ومساءلته في حوائجي، فلم حلفت بهذه اليمين؟ وما أحد أسوء حالا منّي، فإنّ هذا الوزير لا يفكر فيّ، ولا يجيئني والله أبدا، ولا يكون لي طريق إلى قصده.

ويحسّ العمال بذلك، فيخرّبون ضيعتي، وتدوم عطلتي، ويلحقني كيت وكيت. وأقبل يلوم نفسه ويؤنّبها، ويفكّر كيف يعمل، وقد أسفر النهار وتعالى، إلى أن صار نحو ساعتين. فدخل إليه غلمانه فقالوا: يا سيّدنا، الوزير مجتاز في شارعنا. فقال: وما علينا منه. فدخل آخر فقال: يا سيدي، قد والله عدل من الشارع إلى دربنا. [ودخل آخر فقال: يا سيّدي، إنّه يقصد دارنا] «1» . وتبادر الغلمان، فقالوا: قد صار بالباب، يستأذن عليك. قال: فنهض الشيخ، وخرج إليه، وقبّل يده، وقال: [172 ط] أبيت، أيّدك الله، إلّا الأخذ بالفضل. قال: لا تشكرني، واشكر أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، على ذلك. ودخل إليه فقال: إنّك انصرفت، وقد أمضّني خطابك، وقد كان ما خاطبتك به على ضجر منّي، وعلى غير اعتقاد. وركبت في الحال إلى الخليفة، فخاطبني، وأنا مشغول القلب بما دار بيننا فوجد كلامي مضطربا، وأقسم عليّ لأخبرنّه، فأخبرته، فأخذ يعذلني ويوبّخني على ما [145 ب] لقيتك به. وقال: لا تقف، إمض إليه الساعة معتذرا، وأخرجه من يمينه «2» . واقض حاجته، وانظر في أموره. قال: ثم دعا بدواة، فوقّع لي بما كنت سألته، وبمال وصلني به. وتصرّف قلّدنيه، ونهض. فشكرته، ودعوت للخليفة، وحمدت الله تعالى على ما وفّقه لي.

112 إذا نزل القضاء لم ينفع الدعاء

112 إذا نزل القضاء لم ينفع الدعاء حدّثني أبو الحسن بن سهيل الحذّاء، قال: حدّثني أبو الحسن علي بن عبد الله [الحذّاء] «1» ، قال: حدّثني جعفر الخلدي «2» الصوفي، قال: كنّا مع ابن واصل الصوفي في سنة إحدى عشرة بالهبير «3» . فلما أخذ الناس في الوقعة، وبدأ السيف في أهل القافلة، اجتمعنا إليه، فقلنا: تدعو الله لنا أن يخلّصنا. قال: ليس هذا وقت الدعاء، هذا وقت الرضا والاستسلام، إنّه إذا نزل القضاء، لم ينفع الدعاء.

113 من شعر ابن الحجاج البغدادي

113 من شعر ابن الحجاج البغدادي حضرت أبا عبد الله بن الحجّاج الكاتب البغدادي «1» ، صاحب السفه في شعره، ينشد أبا الفضل الوزير لنفسه، يوم قبض ببغداد على حرم أبي الفرج محمد بن العباس وأسبابه «2» وأطلق الوزير أبو الفضل العبّاس بن الحسين «3» ،

وتقلّد الوزارة، وكان محبوسا في دار أبي الفرج، فجلس فيها أكثر يومه. وكان ذلك اليوم، يوم الثلاثاء، لسبع عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ستين وثلاثمائة «1» ، وخلع عليه في الغد، وهو يوم الأربعاء. وكان القبض عليه يوم ثلاثاء، وخلع على أبي الفرج للوزارة، صارفا له، يوم الأربعاء، وبين الأمرين أربعمائة يوم، وجاء أبو الفرج فجلس في دار أبي الفضل، ونظر في الوزارة: يا سيّدا طلعته لم تزل ... أشهى إلى عيني من النوم لم تظلم الناس وحاشاك أن ... تحيف بالظلم على القوم جازيتهم مثل الذي أسلفوا ... في الدار والمجلس واليوم ثم خرج عن مجلسه. فجلس جماعة في دار الوزير أبي الفضل، فأنشدنا شيخ حضر من الكتاب لابن زريق الكاتب «2» في مثله، وهو أبو القاسم ابن زنجي «3» ، قال أنشدني ابن

زريق لنفسه في الكوفيّ «1» ، لما صرف: إنّا لقينا حجابا منك أرمضنا ... فلا يكن ذلّنا فيه لك الغرضا فاسمع مقالي ولا تعجل عليّ فما ... أبغي بنصحك لا مالا ولا عرضا في هذه الدار في هذا المكان «2» على ... هذي الوسادة كان العزّ فانقرضا «3»

114 عائدة الجهنية تنظم الشعر الحسن

114 عائدة الجهنية تنظم الشعر الحسن أنشدتني عائدة «1» بنت محمد الجهنيّة لنفسها، وهذه امرأة فاضلة، كاتبة [173 ط] كانت زوجة عم الوزير ابن شيرزاد «2» ، وخليفته على كتابة بجكم «3» وسبكتكين «4» في الديوان الذي كان لأبي جعفر، وجاءه ابن زريق، فحجب، ثم دخل بحيلة على ما أخبرنا. قال، فأنشدته [146 ب] هذه الأبيات «5» ، فلما ولي الوزارة، نفعه، واستخدمه. فلما قبض على الحسن بن علي المنجّم «6» ، وحبس ابنته في دار أبي [رضي الله عنه] «7» وكّل هذه المرأة بها، وهي إذ ذاك عجوز، فكانت تناشدنا الأشعار، وتنشدنا لنفسها كل شيء جيّد. فأخبرتني أنّها قالت تهجو أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخيّ، لما ولي

الوزارة، وتعيبه بقصر قامته، [وهزاله] «1» : شاورني الكرخيّ لما دنا النيروز ... والسنّ له ضاحكه فقال ما نهدي لسلطاننا ... من خير ما الكفّ له مالكه قلت له كل الهدايا سوى ... مشورتي ضائعة هالكه «2» أهد له نفسك حتى إذا ... أشعل نارا كنت دوباركه «3» أنشدتني ذلك في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة «4» . الدوباركه: كلمة أعجمية، وهي اسم للعب على قدر الصبيان يخلّونها «5» أهل بغداد في سطوحهم ليالي النيروز المعتضدي، ويلعبون بها، ويخرجونها في زيّ حسن، من فاخر الثياب والحلي، ويحلّونها كما يفعل بالعرائس، وتخفق بين يديها الطبول والزمور، وتشعل النيران.

115 لو كان هذا المخنث شاعرا كان أشعر الناس

فهجته هذه المرأة بما تحقّق عندي أنّها صادقة فيه، لأنّه يليق بكلام النساء. وقد كانت تنشدني لنفسها أفحل من هذا الكلام، وكتبت ذلك عنها، وهو ثابت في مواضع من كتبي، وما تعلّق بحفظي لها غير هذه الأبيات. 115 لو كان هذا المخنث شاعرا كان أشعر الناس حدّثني أبي «1» ، قال: كنت أماشي المعوجّ الشاميّ الشاعر، ببغداد، وكان دقيقا، دقيق الوجه، أشهل، معوجّ الوجه. فلقينا مخنّث، فولع به المعوجّ. فقال له المخنّث: لا تسكت، يا من كأنّه ديك يطّلع في سطل ماء. فأسرع المعوج من يده، وقال: لو كان هذا شاعرا كان أشعر الناس، والله ما شبّهني أحد، أصحّ من تشبيهه.

116 بين مخنث وامرأة

116 بين مخنث وامرأة حدّثني أبو الطيّب بن هرثمة، قال: كنت مجتازا ببغداد، ومخنّث يمشي، فرأته امرأة، وكان حسن البدن «1» . فقالت: ليت على ابنتي شحم هذا المخنّث. قال: فقال لها المخنّث: مع بغائي، فشتمته. فقال لها: كيف صار، تأخذين الجيّد، وتدعين الرديء. 117 بين مخنث ومغنية حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: سمعت مخنّثا يهاتر «2» مغنّية، فقال لها: لا تسكتين، وحرك كأنّه دكّان حجام، داخله دم، وخارجه شعر.

118 بين مخنث وامرأة تولعت به

118 بين مخنث وامرأة تولعت به قال «1» : وبلغني أنّ مخنّثا قال لامرأة تولّعت «2» به: اشتغلي بحرك الذي قطع لسانه، وسوّد وجهه، وجعل إلى جانبه كنيف ينجرّ إليه. 119 فتى يهاتر مغنية قال «3» : وهاتر صديق لنا مغنّية، فقال لها: يا من خرق حيضها حشو مسورة «4» .

120 الحر العاملي ومكاشفته باللواط

120 الحر العاملي ومكاشفته باللواط حدّثني أبو الطيّب بن هرثمة، قال [174 ط] : كان الحرّ العامليّ، مكاشفا «1» [147 ب] باللّواط، حتى أنّه كان يقول لغلامه، بحضرة الناس: إمض إلى البيت الذي نكتك فيه البارحة، فجئني منه بكذا. قال: فقال ليلة لغلام له: أعطني فردا. فقال: لا أفعل. قال: ولم؟ قال: هي ليلة جمعة. قال: وأيّ فرق بينها وبين غيرها من اللّيالي؟ قال: الذنب فيها يكتب ذنبين. قال: فاحسب أنّ ليلة السبت قد تنايكنا فردين.

121 أبو عيسى ابن بنت أبي نوح ومكاشفته بالبغاء

121 أبو عيسى ابن بنت أبي نوح ومكاشفته بالبغاء قال «1» : وكان أبو عيسى ابن بنت أبي نوح، مكاشفا بالبغاء «2» . فقال يوما رجل بحضرته: فلان بغّاء. فقال: لا، ولا كرامة، من ذلك العاميّ السفلة، حتى يكون بغّاء؟ بأيّ أبوة؟ بأيّ نعمة؟ بأيّ كتبة؟ بأيّ صناعة؟ بأيّ ملوكية؟ بأيّ عرق؟.

122 الصولي والإسفيذباج بالمباعر المحشوة

122 الصولي والإسفيذباج بالمباعر المحشوة قال «1» : وأكلنا يوما مع الصوليّ «2» في داره، فقدمت إسفيذباج «3» بمباعر محشوّة «4» . فأقبل يحثّنا على أكل الحشوات. حتى قال في جملة الكلام: ومن فضلها، وطيبها، إنّها تشبه زباب المراهقين. قال: فقلت لصديق كان إلى جانبي: كاشف هذا أيضا بما يرمي به من البغاء.

123 لم أمرضه فأسلو # لا ولا كان مريضا

123 لم أمرّضه فأسلو ... لا ولا كان مريضا حدّثني أبي «1» قال: خرج إلينا يوما، أبو الحسن الكاتب «2» ، فقال: أتعرفون ببغداد رجلا يقال له: ابن أصدق؟ قال: فلم يعرفه من أهل المجلس غيري، فقلت: نعم، فكيف سألت عنه؟ فقال: أي شيء يعمل؟ قلت: ينوح على الحسين عليه السلام. قال: فبكى أبو الحسن، وقال: إنّ عندي عجوزا ربّتني من أهل كرخ جدّان «3» عفطية «4» اللسان، الأغلب على لسانها النبطية، لا يمكنها أن تقيم كلمة عربيّة صحيحة، فضلا عن أن تروي شعرا، وهي من صالحات نساء المسلمين، كثيرة الصيام والتهجّد. وإنّها انتبهت البارحة في جوف الليل، ومرقدها قريب من موضعي، فصاحت بي: يا أبا الحسن. فقلت: ما لك؟ فقالت: الحقني.

فجئتها، فوجدتها ترعد، فقلت: ما أصابك؟ فقالت: إنّي كنت قد صلّيت وردي «1» فنمت، فرأيت الساعة في منامي، كأنّي في درب من دروب الكرخ، فإذا بحجرة نظيفة بيضاء، مليحة الساج، مفتوحة الباب، ونساء وقوف عليها. فقلت لهم: من مات؟ وما الخبر؟ فأومأوا إلى داخل الدار. فدخلت، فإذا بحجرة لطيفة، في نهاية الحسن، وفي صحنها امرأة شابّة لم أر قط أحسن منها، ولا أبهى ولا أجمل، وعليها ثياب حسنة بياض مرويّ «2» ليّن، وهي ملتحفة فوقها بإزار أبيض جدّا، وفي حجرها رأس رجل يشخب دما. فقلت: من أنت؟. فقالت: لا عليك، أنا فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه، وهذا رأس ابني الحسين، عليه السلام، قولي لابن أصدق عنّي أن ينوح: لم أمرّضه فأسلو ... لا ولا كان مريضا [148 ب] فانتبهت فزعة. قال: وقالت العجوز: لم أمرّطه، بالطاء، لأنّها لا تتمكّن من إقامة الضاد، فسكّنت منها إلى أن نامت. ثم قال لي: يا أبا القاسم [175 ط] مع معرفتك الرجل، قد حمّلتك الأمانة، ولزمتك، إلى أن تبلّغها له. فقلت: سمعا وطاعة، لأمر سيدة نساء العالمين. قال: وكان هذا في شعبان، والناس إذ ذاك يلقون جهدا جهيدا من

الحنابلة، إذا أرادوا الخروج إلى الحائر «1» . فلم أزل أتلطّف، حتى خرجت، فكنت في الحائر، ليلة النصف من شعبان. فسألت عن ابن أصدق، حتى رأيته. فقلت له: إنّ فاطمة عليها السلام، تأمرك بأن تنوح بالقصيدة [التي فيها] «2» : لم امرّضه فأسلو ... لا ولا كان مريضا وما كنت أعرف القصيدة قبل ذلك. قال: فانزعج من ذلك، فقصصت عليه، وعلى من حضر، الحديث، فأجهشوا بالبكاء، وما ناح تلك الليلة إلّا بهذه القصيدة، وأوّلها: أيّها العينان فيضا ... واستهلّا لا تغيضا وهي لبعض الشعراء الكوفيّين. وعدت إلى أبي الحسن، فأخبرته بما جرى.

124 كان الناس لا يستطيعون النياحة على الحسين عليه السلام خوفا من الحنابلة

124 كان الناس لا يستطيعون النياحة على الحسين عليه السلام خوفا من الحنابلة قال أبي، وابن عيّاش: كانت ببغداد، نائحة مجيدة حاذقة، تعرف بخلب «1» ، تنوح بهذه القصيدة «2» . فسمعناها في دور بعض الرؤساء، لأنّ الناس إذ ذاك كانوا لا يتمكّنون من النياحة إلا بعزّ سلطان، أو سرّا، لأجل الحنابلة. ولم يكن النوح إلّا مراثي الحسين وأهل البيت عليهم السلام فقط، من غير تعريض بالسلف. قالا: فبلغنا أنّ البربهاري «3» قال: بلغني أنّ نائحة يقال لها: خلب، تنوح، اطلبوها فاقتلوها «4» .

125 عناية رسول الله صلوات الله عليه بأبي حسان الزيادي

125 عناية رسول الله صلوات الله عليه بأبي حسان الزيادي حدّثني أبي، رضي الله عنه، بإسناد ذكره: أنّ أبا حسان الزياديّ «1» ، كان من وجوه فقهاء أصحابنا، ومن غلمان أبي يوسف، وكان من أصحاب الحديث. وكان تقلّد القضاء قديما، ثم تعطّل، فأضاق، فلزم مسجدا حيال داره، يفتي، ويدرّس الفقه، ويؤمّ، ويحدّث، وإضاقته كل يوم تزداد، وهو يطلب التصرّف، أو الرزق، ولا يظفر به، وقد نفد ما عنده، وباع كلّ ما يملكه، وركبه دين عظيم. إذ جاءه يوما رجل خراسانيّ، وقد حضر وقت خروج الناس من بغداد إلى مكّة. فقال له: إنّي أريد الخروج إلى الحجّ، وهذه عشرة آلاف درهم معي، تقبلها وديعة لي، فإن رجعت من الحجّ رددتها عليّ، وإن رجع الناس ولم

أرجع، فاعلم أنّي هلكت، وهي لك هبة حلالا. قال أبو حسان: فأخذتها إلى منزلي، وقصصت على زوجتي الخبر. فقالت: نحن في ضرّ شديد، فلو تصرفّت فيها من الآن، وقضيت دينك، واتّسعت، فلعل [149 ب] الله يجعلها لك، فتكون قد تعجّلت العيش. فقلت: لا أفعل. فما زالت في يومي وليلتي، تحملني على ذلك، حتى أجبتها إليه من غد، ففضضت الختم عن الكيس، وقضيت منه ديني، وتأثّثت «1» ، وتوسّعت في منزلي، واشتريت ثيابا لي، ولها، ولبناتي، وأصلحت جميع [176 ط] أمري بنحو خمسة آلاف درهم من ذلك. ومضى على هذا الحديث ثلاثة أيّام، أو أربعة، فانفتلت «2» يوما عن الصلاة، فإذا بالخراسانيّ ورائي. فلما رأيته قامت قيامتي، وقلت: ما لك؟ فقال: قد انصرفت «3» عن السفر إلى مكّة، وأريد المقام ببغداد، فتردّ إليّ تلك الوديعة. فقلت له: لست أتمكّن من ذلك الساعة، فتجيئني غدا غدوة. فنهض، ونهضت إلى منزلي، وما بي طاقة للمشي، فيما بين المسجد وبيتي. فدخلت، وسقطت مغشيا عليّ، واجتمع أهلي. فلما أفقت، قالوا: ما دهاك؟ قلت: أنتم حملتموني على التصرّف في مال الخراسانيّ، وقد جاءني

الساعة يطلبه، فكيف أعمل؟ الآن أفتضح، ويذهب جاهي، وأهلك بين الناس، وأحبس، فأموت ضرّا وغمّا. فبكوا، وبكيت. وجاءت المغرب «1» ، فلم أقدر على الخروج إلى المسجد، وكذلك العشاء، ثم قمت، فصليت في البيت. فقلت: هذا أمر لا يكشفه إلّا الله، وليس لي إلّا التضرع «2» إليه، فجدّدت طهورا، وصففت قدميّ في المحراب، أصلّي، وأبكي، وأدعو حتى ختمت القرآن، وقد كاد أن يطلع الفجر، وما اكتحلت غمضا. فقلت لأهلي: الساعة يجيء الرجل إلى المسجد، فكيف أعمل؟ فقالوا: لا ندري. فقلت: أسرجوا لي، وكانت لي بغلة أركبها. وقلت لهم: أنا، هوذا، أركب، لا أدري إلى أين أمضي، ولست أرجع إليكم وإن تلفت، ولا وجه لي يقوى على كلام الخراسانيّ، فإن طالبكم وخرج بكم إلى مكروه، فسلّموا إليه بقيّة المال، وأصدقوه الحديث، وإن أمكنكم مدافعته، فدعوني مستورا، فلعلّي أرجع بفرج، أو رأي في أمره. وركبت، لا أدري أين أقصد، وليس معي ضياء، ولا غلام، وتركت عنان البغلة على عرفها «3» . وجاءت إلى الجسر، وعبرته إلى الجانب الشرقيّ، وأنا عليها، وصارت

بي إلى باب الطاق، وعطفت بي في الشارع الكبير، المنفذ إلى دار الحليفة. فلمّا توسطته، إذا بموكب عظيم، وضياء، وقوم يجيئون «1» من ناحية دار الخليفة. فقلت: أتنكّب الطريق، حتى لا يزحموني بدوابّهم. فجذبت العنان لأدخل دربا، فإذا بهم يصيحون بي، فوقفت. فقالوا: من أنت؟ ومن تكون؟ قلت رجل من [150 ب] الفقهاء، فمسكوني، فجاذبتهم، وجاء رئيسهم. فقال: من أنت رحمك الله؟ لا بأس عليك إن صدقت. قلت: رجل من الفقهاء والقضاة. قال: بمن تعرف؟ قلت: بأبي حسان الزياديّ. فصاح: الله أكبر، الله أكبر، أجب أمير المؤمنين، فسرت معه، حتى أدخلت على المأمون. فقال لي: من أنت؟ قلت: رجل من الفقهاء والقضاة، أعرف بالزياديّ، ولست منهم، إنّما سكنت في محلة لهم، فنسبت إليهم. فقال: بأي شيء تكنى؟ قلت: بأبي حسّان. قال: ويحك ما دهاك؟ وما قصّتك؟ فإن [177 ط] رسول الله، صلى الله عليه، ما تركني البارحة أنام بسببك، أتاني دفعة في أول الليل، وفي

وسطه، وهو يقول: أغث أبا حسان الزياديّ، فأنتبه، ولا أعرفك، وأنسيت السؤال عنك، فلما كان الساعة، أتاني، فقال: أغث أبا حسان الزياديّ، فما تجاسرت على النوم، وأنا ساهر من ذلك الوقت، وقد بثثت الناس في جانبي البلد، أطلبك، فما قصّتك؟ قال: فصدقته عن الخبر، حتى لم أكتمه منه حرفا. وقلت: أنا رجل كنت أتقلّد للرشيد من أبي يوسف القضاء بناحية، فلما مات، صرفت، وانقطعت أرزاقي، ولزمتني العطلة والإضاقة، فكان من خبري مع رجل خراسانيّ كيت وكيت. فبكيت، وبكى وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، هاتوا خمسة آلاف درهم، فجاءوا بها. فقال: خذ هذه فارددها مكان ما تصرّفت به. ثم قال: هاتم عشرة آلاف درهم، فجاءوا بها، [فقال: خذ هذه فأصلح بها أمرك. وتوسّع بها في نفسك. ثم قال: هاتم ثلاثين ألفا، فجاءوا بها] «1» ، فقال: خذ هذه، فأصلح بها أمر بناتك، وزوّجهن، وإذا كان يوم الموكب، فصر إلينا بسواد «2» لنقلّدك عملا، ونرزقك رزقا. فحمدت الله، وشكرته، وصليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوت لأمير المؤمنين، وانصرفت والمال معي، وصرت إلى منزلي، وما طلعت الشمس، وأهل المسجد يتوقّعون خروجي للصلاة، وقد أنكروا تأخّري عنهم، فنزلت، فصلّيت بهم، وسلّمت، وإذا بالخراسانيّ، فأدخلته منزلي، وأخرجت إليه بقيّة ماله، فرأى ختمه غير صحيح.

وقلت: خذ هذا، فهو بقيّة مالك، فقد صرفته، وأومأت إلى المال الذي كان معي، وقلت خذ تمام مالك. فقال: ما قصتك؟ فأخبرته الخبر، فبكى، وحلف لا يأخذ شيئا. وحلفت عليه، فقال: والله، لا أخذته، ولا أدخلت في مالي شيئا من مال هؤلاء. وبدأت بالنظر في أمر بناتي، وتزويجهنّ، وتجهيزهنّ، وتقدمت بابتياع سواد، ودابّة، وغلام. وصرت إلى المأمون، يوم الموكب، [151 ب] فأدخلت، فسلّمت، فأوقفت مع القضاة، وأخرج إليّ عهدا من تحت مصلاه، وسلّمه إليّ. وقال: قد قلّدتك القضاء [بالمدينة الشرقية من] «1» الجانب الغربي، وهذا عهدي إليك عليها، فاتّق الله، وقد أجريت لك كذا وكذا، في كلّ شهر، رزقا. فما زال أبو حسّان يتقلّدها في أيام المأمون.

126 العلويون وآل طاهر

126 العلويون وآل طاهر حدّثني أبي «1» ، قال: حدّثني الصولي «2» ، أنّ عبيد الله بن عبد الله بن طاهر «3» حدّثه، قال: لما عاد محمد بن عبد الله، أخي، من مقتل يحيى بن عمر العلويّ «4» ، رضي الله عنه، بعد مديدة، دخلت إليه بعد ذلك يوما سحرا، وهو كئيب مطاطىء الراس، في أمر عظيم، كأنّه قد عرض على السيف «5» ، وبعض جواريه قيام لا يتجاسرن على مسألته، وأخته واقفة. فلم أقدم على خطابه، فأومأت إليها، ما له؟ قالت: رأى رؤيا هالته. فتقدمت إليه، وقلت: أيّها الأمير، روي عن النبي صلى الله عليه، إنّه قال [178 ط] : إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره، فليتحوّل من جانبه إلى الآخر، وليقل ثلاثا، أستغفر الله، ويلعن إبليس، ويستعيذ بالله، ثم ينام.

فرفع رأسه، وقال: يا أخي، فكيف إذا كانت الطامّة من جهة رسول الله صلى الله عليه. [فقلت: أعوذ بالله] «1» . فقال لي: ألست ذاكرا رؤيا طاهر بن الحسين؟ فقلت: بلى. قال عبيد الله: وكان طاهر، وهو صغير الحال رأى النبي صلى الله عليه في منامه، فقال له: يا طاهر، إنّك ستبلغ من الدنيا أمرا عظيما، فاتّق الله، واحفظني في ولدي، فإنّك لا تزال محفوظا ما حفظتني في ولدي. فقال: ما تعرّض طاهر لقتال علويّ قط، وندب إلى ذلك غير دفعة فامتنع منه. ثم قال لي أخي محمد بن عبد الله «2» : إنّي رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه في منامي، كأنّه يقول لي: يا محمد، نكثتم؟ فانتبهت فزعا، وتحوّلت، واستغفرت الله تعالى، وتعوّذت من إبليس، ولعنته، واستغفرت الله تعالى، ونمت. فرأيته صلّى الله عليه ثانية، وهو يقول: يا محمد، نكثتم؟ [ففعلت كما فعلت في الأوّلة.

فرأيته صلى الله عليه وهو يقول: نكثتم] «1» وقتلتم أولادي؟ والله، لا تفلحون بعدها أبدا. فانتبهت، وأنا على هذه الحال، وهذه الصورة، منذ نصف الليل ما نمت. قال: واندفع يبكي، وبكيت معه. فما مضت على ذلك إلّا مديدة، حتى مات محمد «2» ، ونكبنا بأسرنا أقبح نكبة، وصرفنا عن ولاياتنا، ولم يزل أمرنا يخمل، حتى لم يبق لنا اسم على منبر، ولا علم في جيش، ولا إمارة. وحصلنا إلى الآن تحت المحن.

127 بين الوزير علي بن عيسى والعطار الكرخي

127 بين الوزير علي بن عيسى والعطّار الكرخي حدّثني جماعة من أهل الحضرة: أنّ رجلا عطارا [152 ب] من أهل الكرخ «1» ، كان مشهورا بالستر «2» ، ارتكبه دين، فقام «3» من دكانه [ولزم منزله وأقبل على الدعاء والصلاة ليالي كثيرة. فلما كان] «4» ليلة جمعة، وصلّى صلاته، ودعا ونام. قال: فرأيت النبي صلى الله عليه في منامي، وهو يقول لي: اقصد عليّ ابن عيسى الوزير «5» ، فقد أمرته لك بأربعمائة دينار، فخذها، وأصلح بها أمرك. قال: وكان عليّ قيمة ستمائة دينار. فلمّا كان من غد، قلت: قد قال رسول الله صلى الله عليه، من رآني

في المنام، فقد رآني، لأنّ الشيطان لا يتمثّل بي، فلم لا أقصد الوزير؟ قال: فقصدته، فلما جئت إلى الباب، منعت من الوصول إليه، فجلست إلى أن ضاق صدري، وهممت بالانصراف، فخرج الشافعيّ «1» صاحبه، وكان يعرفني معرفة ضعيفة، فأخبرته الخبر. فقال: يا هذا، إنّ الوزير، والله، في طلبك منذ السّحر، وإلى الآن، وقد سئلت عنك، فما عرفتك، وما عرّفنيك أحد، والرسل مبثوثة في طلبك، فكن مكانك. قال: ومضى، فدخل، فما كان بأسرع من أن دعوني، فدخلت إلى أبي الحسن عليّ بن عيسى. فقال: ما اسمك؟ قلت: فلان ابن فلان العطّار. قال: من أهل الكرخ؟ قلت: نعم. قال: يا هذا أحسن الله جزاءك في قصدك إيّاي [179 ط] ، فو الله ما تهنّيت بعيش منذ البارحة، جاءني رسول الله صلى الله عليه، في منامي، فقال: أعط فلان بن فلان العطّار في الكرخ أربعمائة دينار، يصلح بها شأنه، وكنت اليوم، طول نهاري، في طلبك، وما عرّفنيك أحد. ثم قال: هاتم ألف دينار، فجاءوا بها عينا. فقال: خذ منها أربعمائة دينار، امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه، وستمائة دينار، هبة مني لك. فقلت: أيّها الوزير ما أحبّ أن أزاد «2» على عطية رسول الله صلى الله

عليه شيئا، فإنّي أرجو البركة فيها، لا فيما عداها. فبكى عليّ بن عيسى، وقال: هذا هو اليقين، خذ ما بدا لك. فأخذت أربعمائة دينار، وانصرفت. فقصصت قصّتي على صديق لي، وأريته الدنانير، وسألته أن يحضر غرمائي، ويتوسّط بيني وبينهم، ففعل. وقالوا: نحن نؤخّره ثلاث سنين بالمال، فليفتح دكّانه. فقلت: لا، بل يأخذون مني الثلث من أموالهم، وكانت ستمائة. فأعطيت كل من له شيء، ثلث ماله، وكان الذي فرّقته مائتي دينار. وفتحت دكاني «1» ، وأدرت المائتين الباقية في الدكان، فما حال الحول عليّ، إلّا ومعي ألف دينار. فقضيت ديني كلّه، وما زال مالي يزيد، وحالي تصلح.

128 يحفظ شعرا في منامه

128 يحفظ شعرا في منامه حدّثني أبو أحمد الحارثيّ عبد الله بن عمر، قال: رأيت في منامي كأنّي مجتاز بالبصرة في بني نمير على مجلس الشرطة، والناس مجتمعون [153 ب] . فقلت: ما هذا؟ قالوا: فتى يضرب عنقه. فاطّلعت في الحلقة، فإذا بفتى حسن الوجه، قد أجلس وشدّ ليضرب عنقه. فقال لهم: دعوني أتكلّم بكلمتين، ثم اعملوا ما شئتم. فقالوا له: تكلّم. فقال: هل هاهنا رجل من أهل الأدب، يحفظ عنّي ما أقوله قلت: نعم، فقال: أيا شاهدي قتل المشوق تحمّلا ... زكيّ سلام طيّبته مقاصده إلى الظبية اللعساء في سند الحمى ... بحيث تحدّى باب عثمان قاصده فقولا لها «1» إنّ المشوق الذي اعتدت ... عليه لريب الدهر أيد تراصده مضى وبأحناء الضلوع هواكم ... إلى أن يرى إنشاءه بعد حاصده ثم قال لي: احفظها يا أخي «2» عليّ، فإنّه لا خامس لقافيتها، بشرط أن لا تغيّر الصاد والدال، ثم ضربت عنقه.

وانتبهت، وأنا أنشد الأبيات في الحال، فعلقتها. وطلبت- فيما أعرفه وأذكره- قافية خامسة للأبيات، فلم أجد. قلت أنا: وطلبت لها قافية، فوجدت ما يصلح أن يضاف إليها، فاصده من الفصد، وعاصده، ولا أدري كيف ذهب ذلك عن أبي أحمد. ولعلّ غيري إن فتّش، وجد قوافي أخر، إلّا أنّها قافية عزيزة على هذا الشرط، كيف تصرّفت الحال.

129 المعتضد يهدم سور أنطاكية

129 المعتضد يهدم سور أنطاكية حدّثني أبي، قال: لما خرج المعتضد إلى قتال [180 ط] وصيف الخادم «1» ، إلى طرسوس «2» ، وأخذه، عاد إلى أنطاكية «3» ، فنزل خارجها، وطاف بالبلد بجيشه، وكنت صبيّا إذ ذاك في المكتب. قال: فخرجت في جملة الناس، فرأيته وعليه قباء أصفر بلا سواد، وسمعت رجلا يقول: الخليفة بقباء أصفر بلا سواد؟ قال: فقال له أحد الجيش: هذا كان عليه وهو جالس في داره ببغداد، فجاءه الخبر بعصيان وصيف، فخرج في الحال من داره إلى باب الشماسية، فعسكر، وحلف أن لا يغيّر هذا القباء، أو يفرغ من أمر وصيف، فأقام بباب الشماسيّة، أياما، حتى لحقه الجيش، ثم خرج، فهو عليه إلى الآن ما غيّره. قال: فحدّث أبي بعد ذلك: وأنفذ المعتضد إلى سور أنطاكية بفعلة يهدمونه، فماج الناس، ولجّت «4» العامّة، وتشاور شيوخ المدينة في هذا،

فأجمع رأيهم أن كفّوا العامّة، ومضوا إلى مضرب الخليفة، وسألوا الوصول. فأنفذ إليهم أن اختاروا عشرة منكم، يدخلون إليّ، ويخاطبونني. فاختاروا عشرة كنت منهم. فحدّثني قال: دخلنا عليه، فسلّمنا، ووقفنا، فأمر بإجلاسنا، فجلسنا. فقالوا: يا أمير المؤمنين، نحن في وجه عدو كلب، وجهاد متصل [ونفير دائم] «1» ، والعدوّ يطرقنا ونطرقه، فإن هدمت هذا السور، كان ذلك أقوى عدّة للعدوّ [154 ب] علينا، وكان البلد له عند أيسر ضعف يلحقنا، وحادثة تطرقنا، فإن رأيت أن ترحم ضعفنا، وتستر ذرارينا، بهذا السور. فقال: قد كثرت الحوادث علينا في هذه الثغور، واعتصام كل مخالف، بحصن منها، وقد علمتم ما لحقنا بالأمس من ابن الشيخ «2» ، واليوم من هذا الخادم «3» ، وقد سبق منّي القول، أن لا أدع حصنا إلّا هدمته، وأنا أهدم هذا السور، وأحصّنكم من العدو، بإضعاف عدد الشحنة، وإدرار الأرزاق، وإطلاق مال للمطوّعة، يقوون به على جهاد العدو، فتكون قوّتهم مانعة للعدو، وكأنّ السور لم يزل، ولا يطمع أحد في التحصّن به على العصيان. قال: فلم يكن عند أصحابي حجّة، وضعف كلامهم، ورأيت المجلس كالمنفضّ «4» على هذا. فقمت، واستأذنت في الكلام، فأذن لي.

فقلت: [يا أمير المؤمنين، على أن أقول ما عندي، وأنا آمن؟ قال: نعم. قلت] «1» : يا أمير المؤمنين، إنّ الله لو خلّد أحدا «2» في الأرض، لخلّد محمدا صلى الله عليه، وإنّ هذه الحصون والأسوار لم توضع لسنة بعينها، ولا لأيّام خليفة بعينه، وإنّما جعلت لتبقى على الدهور، وتدفع عن أهلها في أيّام كل ملك، سائسا كان أو متوانيا. ولو كنّا نثق بحياة أمير المؤمنين أبدا، ما سألناه خلاف ما يراه، ولو كنّا نثق أنّ من يلي أمور المسلمين بعده يكون لهم، باهتمامه بمصالحهم، [181 ط] وسياسته لخاصّتهم وعامتّهم، مثله، لسهّل ذلك علينا المصيبة بفقدان السور الذي لا عوض عنه، ولو كان من يتقلّد بعده، مثله، لما كان لنا في ذلك عزاء عن السور، فإنّا لا نأمن من إهمال من يجيء بعد ذلك الخليفة أيضا، أن تشغله حادثة عنّا، تمنعه من مصالحنا، فنكون نحن دريّة «3» لسيوف الروم، ورماحهم. وإنّك يا أمير المؤمنين إن هدمت هذا السور، بقي بلدنا ما دمت حيا، ثم خرج عن أيدي المسلمين بعدك، وقتلتنا الروم، وسبت ذرارينا، وصليت بإثمنا في القيامة، وعارنا في الدنيا، فالله، الله، فينا، فقد صدقتك يا أمير المؤمنين، والأمر إليك بعد ذلك. قال: فنكّس المعتضد رأسه ساعة، ثم رفعه، وقد بكى. وقال: فكيف أعمل، وقد سبق قولي بأنّي أهدمه؟ فقلت له: تعمل الفعلة في هذا اليوم فقط، فيكون في ذلك إبرار

لقول أمير المؤمنين، ثم إذا رحل هو عنّا، أذن لنا في إعادة ما هدم اليوم فقط. فقال: أنفذوا غدا من يردّ الفعلة، ويمنعهم من هدم السور بعد اليوم، وقد أذنت لكم في إعادة ما انهدم [155 ب] . فشكرناه، ودعونا له، وارتفعت الصيحة «1» بالدعاء له. وعدنا، فوجدنا الفعلة، قد هدموا ذلك اليوم قطعة منه، فأعدناها بعد خروج المعتضد، من أموالنا. فهي معروفة إلى الآن في السور، لتغيّر بنائها عن البناء الأول.

130 بحث في شكوى الزمان وفساد الإخوان

130 بحث في شكوى الزمان وفساد الإخوان جرى بيني وبين أبي الحسن [أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين] «1» ، الكاتب الأهوازي، وهذا الرجل من معقلي الناس وفضلائهم، عقلا، ونبلا، وبراعة في صناعته، وتقدّما، وقد ولي كبار الأعمال للسلطان، وخلف أبا عبد الله البريديّ على الأهواز «2» ، وتولّاها لمعزّ الدولة «3» مكان أبي عبد الله البريديّ، عقيب هربه من معزّ الدولة «4» ، ثم استخلفه بعد ذلك، أبو القاسم البريديّ على البصرة «5» ، ثم خلف أبا عليّ الطبريّ «6» ، وأبا محمد المهلّبيّ «7»

[وكان إذ ذاك على كور الأهواز، ثم تقلّد عمالة البصرة لسباشي الحاجب الخوارزميّ التركيّ «1» ، ثم لمعزّ الدولة، رئاسة في أيام وزارة أبي محمد المهلّبيّ] «2» ، وحلب الدهر أشطره، وجرّب الأمور، وسبر الزمان، ذكر الزمان وتصرّفه، وفساد الإخوان فيه، وقلّة المودّات، وما بلغني عن أبي الحسن ابن الفرات «3» ، أنّه قال: جزى الله عنّا من لا نعرفه ولا يعرفنا خيرا، وأنّه قال: أحصيت ما أنا فيه من المكاره، فما وجدت منه شيئا لحقني، إلا ممّن أحسنت إليه. فقال لي أبو الحسن: هذا صحيح، ولكن حدث عند فساد الزمان، وإلّا فالأكثر من عدد الناس، كان قديما، على تصرّف زمانهم، ما يعتقدونه من مودّات إخوانهم، فلمّا فسدت الطباع، وتسمّح الناس في شروط مودّاتهم «4» ، صار الإنسان ساكنا «5» ممّن لا يعرفه، لا يلحق به شره، ولا يناله ضرّه، وإنّما يلحق الآن الضرر من المعارف، ومن يقع عليه اسم الإخوان، وذلك إنّهم يطالبون في المودّة بما لا يفعلون مثله، فإن أسدى إليهم إحسانا [عرف طبعه فهي العداوة القليلة] «6» ، وإن حفظ الإنسان ما يضيّعونه أبدا حصل تحت الرقّ، وإن قارضهم الإفعال ثارت العداوة، وتواترت عليه المكاره، هذا إذا سلم من أن يبدأك من تظنّه صديقا بالشرّ والتجنّي، والمعاملة [182 ط] القبيحة بالتوهّم والتظنّي، من غير تثبّت ولا استصلاح،

فأمّا إذا كان ليس بينكما أكثر من المعرفة فالضرر معها بالثقة، لأن كل مكروه يلحقك، إذا حصّلته، كان ممن يعرفك ويقصدك به على علم بك، فأمّا الضرر ممن لا تعرفه، فبعيد جدا، مثل لصوص يقطعون عليك الطريق، غرضهم [156 ب] أخذ المال منك، أو من غيرك، وما يجري هذا المجرى، وعلى أنّ أشد الضرر من اللصوص، ما وقع عن تعيين، وعلى معرفة بالإنسان. فمهما أمكن للعاقل أن يقلّ من المعارف، واجتلاب من يسمى أخا في هذا الزمان، فليفعل، وليعلم أنّه قد أقلّ من الأعداء، وكلما استكثر منهم، فقد استكثر من الأعداء. وكأنّ ابن الرومي «1» جمع هذا [المعنى] «2» ، فقال: عدوّك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرنّ من الصحاب فإنّ الداء أقتل ما تراه ... يكون «3» من الطعام أو الشراب

131 من شعر أبي فراس الحمداني

131 من شعر أبي فراس الحمداني هذا شعر أبي فراس بن أبي العلاء بن حمدان بن حمدون العدويّ التغلبيّ «1» أشدّ عدوّيك الذي لا تحارب ... وخير خليليك الذي لا تناسب لقد زدت بالأيّام والناس خبرة ... وجرّبت حتى هذّبتني التجارب فأقصاهم أقصاهم عن إساءتي ... وأقربهم مما كرهت الأقارب وأعظم أعداء الرجال ثقاتها ... وأهون من عاديته من تحارب وما أنس دار ليس فيها مؤانس ... وما قرب أهل ليس منهم مقارب نسيبك من ناسبت بالودّ قلبه ... وجارك من صافيته لا المصاقب «2» وله: إذا كان فضلي لا أسوّغ نفعه ... فأفضل عندي أن أرى غير فاضل ومن أضيع الأشياء مهجة عاقل ... يجور «3» على حوبائها حكم جاهل «4» وله: لمن أعاتب؟ مالي؟ أين يذهب بي؟ ... قد صرّح الدهر لي بالمنع والياس أبغي الوفاء بدهر لا وفاء به ... كأنّني جاهل بالدهر والناس «5»

وله: وأخ أطعت فما رأى لي طاعتي ... حتى خرجت بأمره عن أمره وتركت حلو العيش لم أحفل به ... لما رأيت أعزّه في مرّه والمرء ليس ببالغ في أهله ... كالصقر ليس بصائد في وكره «1» وله: في الناس إن فتّشتهم ... من لا يعزّك أو تذلّه فاترك مجالسة «2» اللئيم ... فإنّ فيها العجز كلّه «3» وله: [183 ط] غنى النفس لمن يعقل ... خير من غنى المال وفضل الناس في الأنفس ... ليس الفضل في الحال «4» وله: ندلّ على موالينا ونجفو ... ونعتبهم وإنّ لنا الذنوبا بأقوال يجانبن المعاني ... وألسنة يخالفن القلوبا «5» وله: ولقد علمت كما علمت ... وإن أقمت على صدوده إنّ الغزالة والغزالة ... في ترائبه وجيده «6»

وله: قد كان لي فيك حسن صبر ... خلوت يوم الفراق منه لم يبق لي في الجفون إلّا ... ما استنزلتني الخدود عنه «1» وله: لي صديق على الزمان صديقي ... ورفيق مع الخطوب رفيقي لو رآني إذا استهلّت دموعي ... في صبوح ذكرته أو غبوق أسرق الدمع من نديمي بكأسي «2» ... فأحلّي عقيانها بالعقيق وله: هل تحسّان لي صديقا صدوقا ... يحفظ العهد أو رفيقا رفيقا [157 ب] لا رعى الله يا حبيبيّ دهرا ... فرّقتنا صروفه تفريقا «3» وله «4» : من السلوان في عينيك ... آيات وآثار أراها منك في القلب ... وفي القلوب أبصار

إذا ما برد الحبّ ... فما تسخنه النار وله: الحزن مجتمع والصبر مفترق ... والحبّ مختلف عندي ومتّفق «1» ولي إذا كلّ عين نام صاحبها ... عين تحالف فيها الدمع والأرق لولاك يا ظبية الأنس التي نظرت ... لما وصلن إلى مكروهي الحدق لكن نظرت وقد سار الخليط ضحى ... بناظر كل حسن منه مسترق وله: يا من يلوم على هواه جهالة ... انظر إلى تلك السوالف تعذر حسنت وطاب نسيمها فكأنها ... مسك تساقط فوق ورد أحمر «2» وله: ومرتد بطرّة ... مسدلة «3» الرفارف كأنّها مسبلة «4» ... من زرد مضاعف «5» وله: [184 ط] يا ليلة لست أنسى طيبها أبدا ... قد كان كلّ سرور حاضرا فيها باتت وبتّ وبات الزق ثالثنا ... حتى الصباح فتسقيني وأسقيها

كأنّ سود عناقيد بلمّتها ... أهدت سلافتها صرفا إلى فيها «1» وله: بتنا نعلّل من ساق أعدّ «2» لنا ... بخمرتين من الصهباء والخدّ كأنّه حين أذكى نار وجنته ... سكرا وأسبل فضل الفاحم الجعد يعلّ ماء عناقيد بطرّته ... بماء ما حملت خدّاه من ورد «3» وله: وظبي غرير في فؤادي كناسه ... إذا اكتنفت «4» غور الفلاة وقورها فمن خلقه لبّاتها ونحورها ... ومن خلقه عصيانها ونفورها وله: وجناته تجني على عشّاقه ... ببديع ما فيها من اللألاء ض بيض علتها «5» حمرة فتورّدت ... فعل المدام مزجتها بالماء فكأنما برزت لنا بغلالة ... بيضاء تحت غلالة حمراء «6»

وله: كأنّما تساقط الثلج ... لعيني من يرى «1» أوراق ورد «2» أبيض ... والناس في شاذكلى «3» وله: كأنّما الماء عليه الجسر ... درج بياض خط فيه سطر كأنّنا حين استتب العبر ... أسرة موسى حين شقّ البحر «4»

132 نسخة كتاب من أبي محمد يحيى الأزدي إلى الأمير أبي تغلب بن ناصر الدولة

132 نسخة كتاب من أبي محمد يحيى الأزدي إلى الأمير أبي تغلب بن ناصر الدولة كان الحسين وإبراهيم ابنا ناصر الدولة، خالفا على أخيهما أبي تغلب فضل الله بن ناصر الدولة، عقيب قبضه على أخيهم محمد بن ناصر الدولة، وإصعاده به إلى القلعة مقيّدا، وقبضه نعمته، وخرجا إلى أعماله محاربين له، ومواطئين حمدان بن ناصر الدولة، على محاربة أبي تغلب، واجتمعا معه، فخرج أبو تغلب بالجيوش إليهم، فلقيهم، وانهزم حمدان، ودخل الحسين إلى أبي تغلب، وانحدر إبراهيم إلى باب السلطان ببغداد، ليدخل في الأمان، وكان ابتداء ذلك في شعبان سنة ستين، والصلح في شوال «1» . فكتب أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد، إلى أبي تغلب بالتهنئة [158 ب] على ذلك كتابا نسخته: لم تزل عادة الله عند مولانا الأمير السيّد، أطال الله بقاءه، وأدام تأييده [185 ط] ، وكبت أعداءه، جارية بالمواهب النبيلة، والنّعم المتصلة الجليلة، [متّسقة] «2» على التوفيق والسداد، مطّردة بمنّة «3» الله أجمل اطّراد، لما خصّه الله تعالى به من حسن النية وجميل الاعتقاد، وأفرده من تغمّد الحق في الإصدار والإيراد، وألهمه إيّاه من التوفّر على شكره وحمده، واجتلاب

المزيد لذلك من عنده، فابتداءاته- أدام الله تأييده- دالّة على حسن عواقبها، ومبشّرة بنيل البغية في أوائل الأمور وأواخرها، وأفعاله مقترنة أبدا بالرشاد، وآراؤه بحمد الله مصاحبة للصواب والسداد، وراياته موصولة بالعزّ والنصر، ونعم الله عنده محفوظة بالحمد والشكر، وبحسب ذلك تكون دواعي المزيد، على قدر تضاعف التمكين والتأييد، ولهذه الشيم السنية، والفضائل الجليلة العلية، والطوية الحميدة المرضية، ما يجدّد الله منحه لديه، ويديم دفاعه عنه وإحسانه إليه، ويسبغ آلاءه ونعمه عليه، ويجعل كلمته العليا، وكلمة أعدائه بسهم الله السفلى، وينوّه باسمه- ثبّته الله- في سائر البلاد، ويجعل زناده- أناره الله- أضوأ زناد، ويشرّف الدعاء- على التنائي- بذكره، ويصل ألسنة من قرب وبعد بشكره، والحمد لله على ما خوّله وأولاه، وإليه الرغبة في زيادته فيما نوّله وأعطاه، وحراسته في بدء كلّ أمر وعقباه، وإعلائه على كل من حسده وناواه، وقصّر عن شأوه فعاداه، والحمد لله الذي جعل سفرته ظاهرة البركة، سعيدة السكون والحركة، ميمونة الأحوال، محمودة الحلّ والترحال، مؤذنة بحسن الانقلاب، على أحسن الوجوه وأجمل الأسباب، عائدة بشكر الرعية ودعائهم، جامعة لنيّاتهم على اختلاف آرائهم، وهو المرجوّ الإعانة على ما قرّب إليه، والمسؤول حسن التوفيق لما يزلف لديه، إنّه وليّ حميد، فعّال لما يريد، ولقد صدق الله، وله الحمد، في مولانا- أدام الله عزّه- ظنون أوليائه وأهل طاعته، وحقّق بما تفضّل به من ظهوره على أعدائه، تقديرات خدمه وعبيد نعمه، فشكرهم لله تعالى على ما منحه من التوفيق والنعمة في ذلك بحسب موقعها، ومقدارها وموضعها، وما يخصّهم ويعمّ غيرهم منها، ويصل إلى القاضي والداني الحظّ بها، ولن يرتفع لغادر علم إلا وضعه الله سبحانه [159 ب] وتعالى بمثله- أيّده الله- من كرام المخلصين لديه، ولا يبسط لمبطل أمل

إلّا قطعه الله تعالى بأقرب الطائعين إليه، فعال الله جلّ ذكره في عباده، ليجعل جنده المنصورين، وأعداءه المقهورين، وليظهر حقّه على يد مستحقّه، ويهلك من هلك عن بيّنة، ويحيي من حيّ عن بيّنة، وإنّ الله لسميع عليم، وردّ الله الذين كفروا نعمة مولانا بغيظهم إليه أيده الله، لم ينالوا خيرا، إلّا منه [186 ط] حرسه الله، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قويّا عزيزا، وهنّأ الله مولانا الأمير نعمه عليه، وضاعف قسمه ومنحه إليه، وأصلح به وعلى يديه، وجعل الخير والسعادة واصلين إليه، وكبت عداته وحسدته، وبلّغه في الدين والدنيا أمنيته، ولا ابتزّه ثوب نعمته، وحرس الأمّة بحراسة مهجته، وصرف عين السوء عن دولته، وشدّ قواها بقدرته، فالسعيد من وفّق لخدمته، وحظي بجميل رأيه، والشقيّ من نفر عن حوزته، وخرج عن ظلّه وجملته، والله وليّه والدافع عنه، والذابّ عن الإسلام وأهله ببقائه، والمحسن إليهم بالمدافعة عن حوبائه، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

133 رسالة إلى رجل تزوجت أمه

133 رسالة إلى رجل تزوجت أمه حدّثني أبو الفرج الببغاء «1» ، قال: جرى بحضرة الأمير سيف الدولة» ، ذكر رجل تزوجت أمّه من أصحابه، وحديث الترسّل والكتابة، فقال لي: اكتب الساعة على البريد، رقعة عن نفسك إلى هذا الرجل، تعزّيه بتزويج أمّه. فكتبت رقعة بين يديه ارتجالا وحفظتها: من سلك سبيل الانبساط، لم يستوعر مسلكا في المخاطبة فيما يحسن الانقباض في ذكر مثله، واتصل بي ما كان من أمر الواجبة الحق عليك، المنسوبة بعد نسبتك إليها، إليك، ومن الله صيانتها في اختيارها ما لولا أن الأنفس تتناكره، وشرع المروءة يحظره، لكنت في مثله بالرضا أولى، وبالاعتداد بما جدّده الله من صيانتها أحرى. فلا يسخطنك من ذلك، ما رضيه موجب الشرع، وحسّنه أدب الديانة «3» فمباح الله أحقّ أن يتّبع. وإيّاك أن تكون ممّن إذا عدم اختياره سخط اختيار القدر له، والسلام.

134 حديث العلوية الزمنة

134 حديث العلوية الزمنة حدثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد، قال: كانت في شارع دار الرقيق «1» ، صبيّة علويّة، زمنت «2» نحو خمس عشرة سنة، وكان أبي يتفقّدها. وكانت مسجّاة «3» لا يمكنها أن تنقلب من جنب إلى جنب، أو يقلبها غيرها، ولا تقعد، أو تقعد، وكان لها من يخدمها في ذلك، وفي الإنجاء والأكل. وكانت فقيرة، وإنما قوتها مما يبرّها الناس، فلما مات أبي اختلّ أمرها، فبلغ تجنّي، جارية أبي محمد المهلّبيّ أمرها، فكانت تقيم بأكثر أمرها [160 ب] . وإنّها أصبحت في يوم من الأيام، وقد باتت في ليلته زمنة على تلك الصورة، فأصبحت من غد، وقد مشت، وبرئت، وقامت، وقعدت. وكنا مجاورين لها، وكنت أرى الناس ينتابون بابها، كالموسم، فأنفذت امرأة من داري، صدوقة، ممّن شاهدتها زمنة على طول السنين، فسألتها عن الخبر. فقالت: إنّي ضجرت من نفسي، فدعوت الله تعالى طويلا بالفرج أو الموت، وبت وأنا على غاية الألم والصياح والقلق، وضجرت المرأة التي

كانت تخدمني [187 ط] ، فلما استثقلت في النوم، رأيت كأنّ رجلا قد دخل عليّ، فارتعت منه. فقال: لا تراعي، فأنا أبوك، فظننته عليّ بن أبي طالب، عليه السلام. فقلت: يا أمير المؤمنين، ما ترى ما أنا فيه؟ لو دعوت الله تعالى أن يهب لي العافية. فقال لي الرجل: أنا أبوك محمد رسول الله. فقلت: يا رسول الله، ادع الله لي. قالت: فحرّك شفتيه، ثم قال لي: [هاتي يديك، فأعطيته يديّ، فأخذهما، وأجلسني. ثم قال لي] «1» : قومي على اسم الله. فقلت: يا رسول الله، كيف أقوم؟ فقال: هاتي يديك، فأخذهما، فأقامني. ثم قال: امشي على اسم الله. فقلت: كيف أمشي؟ فقال: هاتي يديك، فمشّاني، ثم جلست، ففعل بي ذلك، ثلاث مرات. ثم قال لي: قد وهب الله لك العافية، فاحمديه، وتركني، ومضى. فانتبهت، وأنا لا أشكّ أنّي أراه، لسرعة انتباهي. فصحت، فظنّت خادمتي أنّي أريد البول، أو شيئا مما يثقل عليها، فتثاقلت.

فقلت لها: ويحك ائتيني، فقد رأيت رسول الله، صلى الله عليه، في النوم، فانتبهت، وأنا مسجّاة. فاستشرحتني. فقلت لها: إنّي رأيت رسول الله، صلى الله عليه، فدعا لي في النوم، وقال: قد وهب الله لك العافية. فقالت لي العجوز: ويحك، فإنّي أرجو أن تكوني قد برئت من العلّة، هاتي يديك، فأقامتني، والله، كما أقامني «1» النبيّ صلى الله عليه، في النوم، ولم أكن عرّفتها ذلك. فأعطيتها يدي، فأجلستني، وقالت لي: قومي، فقمت، فتعبت، ثم جلست، ففعلت بي ذلك ثلاث مرّات. ثم قمت، فمشيت [وحدي. فصاحت الخادمة سرورا بالحال، وإعظاما لها، فقدّر الجيران أنّي قد متّ، فجاءوا] «2» ، فقمت فمشيت بحضرتهم متوكئة، فكثروا عليّ في الليل، وفي غد، حتى كدت أتلف، وما زالت قوّتي ترجع إليّ، إلى أن مشيت كما أمشي الآن، ولا قلبة بي. قال: وقد رأيتها بعد ذلك، أنا، تمشي وتجيء إلى عيالنا ماشية، وهي الآن باقية صحيحة، وهي أصلح وأورع وأزهد امرأة سمعت بخبرها في هذا الزمان، لا تعرف غير الصلاة والصيام، وطلب الرزق على أجمل الوجوه، عاتق «3» إلى الآن، ديّنة جدا.

ولا تحرف إلى الآن في المشاهد، وعند [161 ب] أهلها، إلا بالعلويّة الزمنة «1» .

135 إذا لم تكن في الشاهد ثلاث خلال من خلال أهل النار صار هو من أهل النار

135 إذا لم تكن في الشاهد ثلاث خلال من خلال أهل النار صار هو من أهل النار سمعت قاضي القضاة أبا السائب عتبة بن عبيد الله بن موسى «1» ، يقول: الشاهد، إذا لم تكن فيه ثلاث خلال، من خلال أهل النار، صار هو من أهل النار. فقلت له: ما هي؟ قال: قلّة الحياء، لأنّ الشاهد، إذا كان مستحيا، أجاب إلى كل محال يسأله، فيذهب دينه، ويصير من أهل النار، والحياء في الأصل من الإيمان، وأهل الإيمان في الجنّة، كما روى في الخبر، فقلّة الحياء من خصال أهل النار، [فهذه [188 ط] واحدة] «2» . والثانية: إنّه يحتاج أن يكون فيه سوء الظنّ، لأنّه متى أحسن ظنّه تمّت عليه الحيلة والتزويرات، فيشهد بالمحال، فيدخل النار، وإذا كان سيء الظنّ سلم، وسوء الظن في الأصل إثم، كما قال الله تعالى، والإثم من خصال أهل النار. وذكر الأخرى: وقد أنسيتها أنا. ثم قال: ما ظنّكم ببلد فيه عشرات ألوف ناس، ليس فيهم شهود إلّا عشرة أنفس أو أقل أو أكثر، وأهل ذلك المصر كلهم يريدون الحيلة على هؤلاء العشرة، كيف يسلمون إن لم يكونوا شياطين الإنس في التيقّظ والذكاء والتحرّز والفهم.

136 شطرنجي يتحدث عن فضائل الشطرنج

136 شطرنجي يتحدث عن فضائل الشطرنج حدّثني أبي، قال: كان لي صاحب يخدم أبي، ويخدمني بعده، من أهل أنطاكية، يقال له: أبو إبراهيم، وكان مستهترا بلعب الشطرنج «1» ، وكان له فيها عجائب، منها: إنّ غلماني كانوا يلاعبونه بها، وكان إذا لعب بها برك على الأرض، واتّكأ على ذراعيه كالنائم، فيجيء أحدهم من ورائه، فيعبّي على ظهره عدّة مخاد، فلا يشعر بها، فإذا انقضى الدست، أحسّ بذلك، فنحّاها عن ظهره، وشتمهم «2» . قال: فحدّثني هو، قال: دخلت ليلة إلى صديق لي مستهتر بالشطرنج أيضا، وكانت المغرب قد وجبت. فقال لي: بت عندي الليلة حتى نلعب بالشطرنج ونتحدّث، فما بتّ. فقال: نصلّي، ونلعب دستا أو دستين إلى وقت العتمة، وتنصرف. فصلّينا، وجعل السراج عندنا، ولعبنا، وطاب لي اللعب، فواصلناه،

والليل يمضي ونحن لا نشعر به، إلى أن أحسسنا في أنفسنا بتعب شديد وضجر، ووافق ذلك سماعنا الاذان. فقلت له: قد أذّنت العتمة، وتعبت، ولا بدّ من قيامي. فصاح بغلمانه، فلم يجيبوه، فقام معي، فأنبههم «1» ، وقال: أمضوا بين يديه. فلما خرجنا نظرنا، فإذا الأذان، هو أذان الغداة «2» ، وإذا الليلة كلّها قد مضت، ونحن لا نعقل. قال [أبي] «3» : وكذا كان على الاستهتار بها، فإذا لمته، قال: ليس أنا مستهتر بها، المستهتر بها هو مثل من قيل له [162 ب] وقد احتضر: قل لا إله إلّا الله، فقال: شاهك، ودع الرخ. قال: فقلت له: لا أعرف مثلك، كأنّك لست ترضى من نفسك، إلّا بهذا القدر؟ قال: وكان يصف من فضائل الشطرنج أشياء، فيقول: هي تعلّم الحرب وتشحذ اللّبّ، وتدرّب الإنسان على الفكر، وتعلّمه شدّة البصيرة. فلو لم يكن فيها شيء من المعوز في غيرها إلّا أن أهل الأرض يلعبون بها منذ ألوف سنين، ما وقع فيها دست معاد قط من أوله إلى آخره [لكفى] «4» .

137 يخاف على غلبته في النرد من العين

137 يخاف على غلبته في النرد من العين وبلغني عن بعض لعّاب النرد «1» : إنّ لعبا توجه عليه لرسيله «2» ، فقال له المتوجه عليه اللعب: غلبتك، صلّ على النبي. فقال: لم أفعل ذا؟ فقال: حتى لا [189 ط] تصيب غلبتي العين. 138 مقامر بالنرد يكفر إذا خسر وإنّ آخر منهم «3» ، كان إذا غلب، يكفر، ويعرّض بأنّ غلبه من فعل الله عزّ وجل. فامتنع رسيله عن ملاعبته، وقال: هوذا تكفر، ولا ألعب معك. فشارطه أن يلاعبه على أن لا يكفر، فلعب معه، فغلبه دفعات. فقال لرسيله: يا هذا، لست أنقض الشرط «4» بأن أكفر، ولكن قل أنت: أليس هذا قصد قبيح؟

139 بحث في عبارة الرؤيا

139 بحث في عبارة الرؤيا حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخي، قال: حدّثني أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب «1» ، قال: وكان أبو هاشم إذا ذكر أبا عليّ «2» ، قال: قال أبو عليّ، وفعل أبو عليّ، وكان من أمر أبي عليّ، وما سمعناه قط قال: الشيخ، ولا شيخنا، إلّا مرة واحدة، فإنّه حكى شيئا من الكلام، فقال فيه: شيخنا أبو عليّ، قال: وكذا كانت عادته. قال [قال أبو عليّ] : رأى رجل مناما، فجاء يفسره عليّ، فمجمج «3» . فقلت له: اصدق، فإن المنام لا يكذب فيه. قال: فقال لي: رأيت ذكرك قد طال حتى بلغ إلى عنقك، ثم تطوّق عليه دفعات. فقال له أبو عليّ: أنا رجل يطول ذكري على ذكر الناس مقدار ما رأيت من طول ذكري. قال لي أبو الحسن: ومضى على هذا سنون، فحدّثني أبو عبد الله بن نافع البزّاز جارنا، وكان هذا موسرا، يملك نحو سبعين ألف دينار، وله أولاد ذكور وإناث.

فقال لي: رأيت في المنام ذكري قد تفرّك «1» فلم يبق منه شيء. فذكرت في الحال، تفسير أبي عليّ الرؤيا في أمر ذكره، فقلت في نفسي: إن صحّ القياس فهذا رجل ينقرض ذكره من الدنيا. فما مضت إلّا أيّام، حتى مات أحد أولاده، ثم تتابعت في سنين يسيرة عليه المصائب، فلم يبق له ولد، ثم مات هو بعد ذلك بمدّة فانمحى ذكره على الحقيقة.

140 ضيق أحوال الناس أبعدهم عن ممارسة البر والإحسان

140 ضيق أحوال الناس أبعدهم عن ممارسة البرّ والإحسان تجارينا ذكر شدّة زماننا، وفقر الناس [163 ب] فيه، وضيق أحوالهم، واستحبابهم البخل، حتى إنّ بعضهم يسميّه احتياطا، وبعضهم إصلاحا، وتوصية الناس بعضهم بعضا به، وتحذّر التجّار من معاملات الناس، ومسك الناس أيديهم عن الإحسان إلى أحد، أو برّه، أو إغاثة ملهوف، أو التنفيس عن مكروب، وإنّ ذلك في الأكثر لضيق أحوالهم. فقال لي أبو الحسن أحمد بن يوسف «1» : لقد كان يجيء الرجل من أهل العلم، فيجبى «2» له من أصحابنا «3» الألف الدرهم، والأقلّ، والأكثر، في يوم، لا يحتاج إلى أحد يخاطبه في ذلك، مع قلّة عدد أصحابنا إذ ذاك. ولقد قدم رجل أردنا أن نرتبطه ليتعلّم، لجودة قريحته، وكان يحتاج إلى مائة درهم في كل شهر، فكلّمت إبراهيم بن [190 ط] خفيف الكاتب، صاحب ديوان النفقات، وكان من أصحابنا، ورجلا آخر من أصحابنا، فأجريا عليه مائة درهم في كل شهر، كلّ واحد منهما خمسين درهما، وكان الرجل يأخذها، إلى أن خرج من بغداد، سنين. ولقد قال لي يوما بعض من حضر إلى مجلس أبي الحسن الكرخي «4» [رضي

الله عنه] «1» من الفقهاء: يحتاج أهل المجلس إلى أكسية، فقد قرص «2» الهواء. فقمت أفكر فيمن أخاطبه في ذلك، فاجتزت في طريقي بدار، فقال لي بعض من كان معي: هذه دار تاجر موسر من أهل الخير، فلو خاطبته، ولم أكن أعرفه، فدخلت إليه، فعرفني ولم أعرفه، فقام، وأكرم. وقال لي: حاجتك؟ فذكرت له حال الأكسية. فقال: كم تريدون؟ فقلت: خمسين كساء، فحملها معي في الحال، ففرّقها فيهم. ولقد جاءني منذ أيّام رجل من أهل البيوتات فشكا من خلّته ما أبكاني، وذكر أنّ صلاح أمره في نيف وثلاثين درهما، فما طمعت له فيها من أحد، ولا عرفت من أعلم أنّني إن خاطبته فيها أجاب. وورد لنا في هذه السنة صاحب لأبي هاشم «3» ، فخاطبنا له جماعة، واجتهدنا في تحصيل شيء له، نغيّر به حاله، فما حصل له من ذلك قليل ولا كثير. ولقد كان في الدرب الذي أنزله هذا، وهو درب مهرويه، خلق من أمراء، وكتّاب، [وتنّاء] «4» ، وتجّار، حسبت ما كانوا يملكون، فكان أربعة آلاف ألف دينار، وما في هذا الدرب اليوم من يحتوي ملكه على أربعة آلاف درهم، غير أبي العريان، أخي عمران بن شاهين «5» .

141 قردة على جانب عظيم من الذكاء

141 قردة على جانب عظيم من الذكاء حدّثني أبو الحسن بن سهيل الحذّاء، قال: حدّثني أبو العباس الفرغاني الصوفيّ، وكان من أصحاب الحديث، ومن الصوفيّة، وممّن يعرف بصدق اللهجة والنسك، قال: رأيت بمكّة قردة عند رجل يريد بيعها، خفيفة الروح، فساومت فيها، فتباعد عليّ في الثمن. فألححت عليه، وقلت له: يا هذا، أخبرني شراءها، واربح ما شئت عليّ. قال: لا أخبرك. فما زلت أداريه، إلى أن قال لي: شراؤها خمسة دراهم. قال: فأومأت القردة إليّ بيدها ثلاثة، أي إنّه اشتراني بثلاثة دراهم. فقلت له: كذبت، شراؤها عليك ثلاثة دراهم. قال: فقام ليضرب القردة، وقال: هذا من عملها. فمنعته، وأعطيته خمسة دراهم، وأخذتها «1» .

142 مخنث حاضر الجواب

142 مخنث حاضر الجواب حدّثني أبو الحسن «1» بن سهيل [الحذّاء] ، قال: حدّثني أبو العباس الفرغاني الصوفي «2» وكان ممّن يختم القرآن في ركعة، وكثير الصلاة، وأخفّ الناس روحا، وأشدّهم مجونا، وأطيبهم قولا «3» ورقصا، قال: اجتزت في الطريق بمخنّث يتغوّط، وهو جالس [163 ب] ويده على جيهته «4» ، كأنّه إنسان مغموم [191 ط] . فوقع لي أن أولع به، فقلت: يا أختي، لم أنت مغمومة؟ تخافين ألّا يجيئك بدله؟ خلفه سريع، الله يخلف عليك. فقال لي بالعجلة: ليس غمّي لهذا، ولكن غمّي أنّكم جماعة، وهو قليل، ولا يكفي غداءكم اليوم.

143 الشاعر أبو نصر البنص وجارية بغدادية

143 الشاعر أبو نصر البنص وجارية بغدادية حدّث أبو حامد القاضي الخراساني «1» ، قال: قال لي أبو نصر البنص «2» : جزت في أيّام زيادة الماء على دار في دجلة، فإذا روشن «3» حسن، وعليه جوار يلعبن، فأخذن يولعن بي «4» . فأنعظت، وكشفت أيري، ونمت، فقام منتصبا، فصحت: الهليون الرطب «5» .

144 فص حجر خاصيته طرد الذباب

فكشفت إحداهن عن حرها، وصاحت: الفرانيّ السميذ «1» . فعطعط «2» الملّاحون بنا. 144 فص حجر خاصيته طرد الذباب حدّثني أبو الخطّاب محمد بن عليّ بن إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ «3» ، قال: كان لأبي فصّ حجر خمريّ اللون، عليه صورة ذبابة، وقد شاهدته غير دفعة، يأخذه «4» ، فيجعله في دكان اللبّان، وهو مملوء ذبابا، فيتطاير الذباب كلّه عنه، فلا تبقى واحدة، فإذا نحّاه رجع الذباب، فإذا عاد تنحّوا. وقد شاهدت ذلك غير دفعة «5» .

145 أسد بن جهور وكثرة نسيانه

145 أسد بن جهور وكثرة نسيانه حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ «1» قال: حدّثني أبي «2» [رضي الله عنه] «3» ، قال: كان أسد بن جهور «4» ، كثير النسيان، فحضرته يوما في مجلس عبيد الله ابن سليمان «5» ، وهو يخاطبه في أمر من الأمور، فيقول له أسد: سمعا «6» لأمر القاضي أعزّه الله، وقد نسي أنّه الوزير. قال: وكان إلى جانبه أبو العباس بن الفرات «7» ، فغمزه أبو العباس، وقال: قل الوزير. فقال: نعم، أعزّ الله القاضي. فضحك ابن الفرات وقال: لست القاضي، فارجع إلى صاحبك فقضّه «8» .

146 أسد بن جهور يطلب الماء للدواة مرارا ثم يشربه

146 أسد بن جهور يطلب الماء للدواة مرارا ثم يشربه قال «1» : وكنت يوما عند أسد، فجفّت دواته وهو يكتب منها. فقال: يا غلام كوز ماء للدواة. فجاء الغلام بالكوز ليصبّه فيها، فأخذه وشربه، ومضى الغلام. فقال: ويلك، هات الماء للدواة. فجاءه به ثانية، فشربه أيضا، ومضى الغلام، واستمدّ من الدواة فكانت أجفّ. فقال: ويلكم، كم أطلب ماء للدواة ولا يجيئني «2» . فجاؤوه بكوز ثالث، فأخذه ليشربه «3» . فقال الغلام: يا سيّدي، تصبّ في الدواة أولا. فقال: نعم، نعم، فصبّه في الدواة «4» .

147 بين أبي بكر الأزرق التنوخي وأسد بن جهور

147 بين أبي بكر الأزرق التنوخي وأسد بن جهور قال «1» : وأخرجني ابن الفرات في سنة تسع وتسعين «2» ، أنظر في أمر إصلاح الطريق ونفقات الموسم «3» ، وسبّب لذلك مالا على الكوفة، وأسد بن جهور عاملها «4» . فلما جئتها، وكان لي صديقا، تأخّر عن قصدي، فتأخّرت عنه أيضا، فولّد بيننا ذلك وحشة، فاستقصيت عليه في المطالبة بالمال، وتقاعد بي، فصارت مكاشفة. فكتبت إلى الوزير أحرّضه عليه، وكتب يتشكّاني [165 ب] ، فوردت [192 ط] الكتب إلى شاكر الإسحاقي، وهو أمير الكوفة «5» ، أن يجمع بيننا في المسجد، ولا يبرح، ولا ينفصل، أو يرضيني بالمال. فركبت، وجئت إلى باب الإسحاقي، ولم أدخل، وعرّفته ما ورد، وانّني متوجه إلى الجامع. فركب ولحقني، وقال: ورد عليّ مثل هذا. فقلت: تحضر أسد، فركب إليه، فأحضره.

فحين اجتمعنا تخارجنا في الكلام، إلى أن قلت له: أتظنّ أنّي لا أعرف أباك، وأنّه كان راجلا «1» على باب ديوان الضياع، برزق دينارين في الشهر. قال: وكان اجتماعنا في أوّل يوم من شهر رمضان، فلم ينته الكلام إلى فصل، وجاءت المغرب «2» ، فقام شاكر ليركب، وأسد معه، فجلست أنا. فقالا: لم تجلس؟ فقلت: أنا لا أخالف أمر الوزير، ولا أبرح إلّا بفصل، أو بالمال. فقال شاكر لأسد: اجلس معه ولا تبرح. وقال لي: لولا أنّ قعودي معكما لا فائدة فيه، ويضرّني، لقعدت، واعتذر إليّ، فعذرته، وانصرف. وقمت أنا إلى موضع من الجامع، يقال له قبّة خالد، فجلست عنده أصلّي، وجلس أسد مكانه، وأنفذ إلى داره يستدعي الإفطار، وأنفذت إلى داري، فجاء طعامه وطعامي معا. فقام إليّ، وسألني أن أجعل إفطاري معه، [وفرغ الجامع إلا من أصحابنا] «3» ، وبسطت سفرته، وأصلحت مائدته. وأقبل أسد يسألني المجيء إليه، وأنا أمتنع، إلى أن حلف، وكنت أعرف بخله. فقلت لغلماني: أخرجوا طعامنا فصدّقوا «4» به، على من حوالي الجامع، ففعلوا.

وجئت، فأكلت معه منبسطا، أكل صائم، ولونه يتغيّر، ولا يقدر على النطق، فتقطّعت نفسه. ولم نزل متلازمين في الجامع، خمسة عشر يوما «1» من رمضان إلى أن راج المال، وأنا أواكله هكذا. فلما افترقنا، انعلّ بعد العيد بأيّام، علّة مات منها. فقلت: إنّا لله، ليت لا يكون ما عملته معه سببا لموته غمّا «2» .

148 بين طاهر بن يحيى العلوي وأحد أصحابه

148 بين طاهر بن يحيى العلوي وأحد أصحابه حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: حدّثني أبو القاسم عليّ بن الأخزر «1» المشهور بعلم النحو، وكان نبيلا، جليلا [ثقة] «2» مرتفعا عن الكذب، قال: حججت، فدخلت إلى طاهر بن يحيى العلويّ، أسلّم عليه، فجاءه رجل، فقبّل رأسه ويديه، وأخذ يعتذر إليه. فقال: لا تعتذر، فقد زال ما في نفسي، وقبلت عذرك، وإن شئت أخبرتك عن قصدك إيّاي، وسبب عذري لك من قبل أن تخبرني. فتعجّب الرجل، وقال: افعل يا سيّدي. قال: إنّك رأيت رسول الله صلى الله عليه في منامك، فعاتبك على قطع عادتك عني [193 ط] إذا دخلت المدينة حاجّا، وإنّك طويتني عدّة حجج دخلت فيها إلى المدينة ولم تجئني. فقلت له: إنّ الحياء [166 ب] منعك من قصدي، وإنّك لا تأمن أن لا أبسط عذرك. فقال لك: إنّي آمر طاهر ببسط عذرك، فلا تجف «3» ولدي، وصله، فجئت إليّ، فقال الرجل: كذا والله كان، فمن أين لك يا سيّدي هذا؟ قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه، في المنام، وأخبرني بما جرى بينكما على هذا الشرح.

149 يا قديم الإحسان

149 يا قديم الإحسان حدّثني أبو الحسن أيضا «1» ، قال: كان في باب الشام «2» رجل يقال له: لبيب العابد «3» ، زاهد، ناسك، صالح، فأخبرني، قال: كنت مملوكا روميّا، فمات مولاي، فعتقني «4» ، فحصّلت لنفسي رزقا برسم الرجّالة «5» ، وتزوّجت بستّي، زوجة مولاي، وقد علم الله، أنّي لم أتزوجها إلّا لصيانتها، لا لغير ذلك، فأقمت معها مدّة. ثم إنّي رأيت يوما حيّة وهي داخلة إلى جحرها، [فأخذتها، فمسكتها بيدي] «6» ، فانثنت عليّ، فنهشت يدي، فشلّت، ثم شلّت الأخرى بعد مدّة، ثم زمنت رجلاي، واحدة بعد أخرى، ثم عميت، ثم خرست. فمكثت على هذه الحال سنة، لم تبق فيّ جارحة صحيحة، إلّا سمعي، أسمع به ما أكره. وكنت طريحا على ظهري، لا أقدر على إشارة، ولا إيماء، فأسقى

وأنا ريّان، وأترك وأنا عطشان، وأطعم وأنا ممتلىء، وأفقد الطعام وأنا جائع، لا أدفع عن نفسي، ولا أقدر على إيماء بما يفهم مرادي منه. فدخلت امرأة بعد سنة إلى زوجتي، فسألتها عنّي، فقالت: كيف لبيب؟ فقالت لها، وأنا أسمع: لا حيّ فيرجى، ولا ميت فينسى. فغمّني ذلك، وبكيت، وضججت إلى الله تعالى في سرّي «1» . وكنت في جميع ذلك الحال، لا أجد ألما في شيء من جسمي، فلمّا كان في ذلك اليوم، ضرب بدني كلّه ضربا شديدا لا أحسن أن أصفه، وألمت ألما مفرطا. فلمّا كان في الليل، سكن الألم، فنمت، وانتبهت، ويدي على صدري، فعجبت من ذلك وكيف صارت يدي على صدري، ولم أزل مفكّرا في ذلك، ثم قلت لعل الله قد وهب عافيتي، فحركتها، فإذا هي قد تحركت، ففرحت، وطمعت في العافية. وقلت: لعلّ الله أذن بخلاصي، فقبضت إحدى رجليّ إليّ، فانقبضت، وبسطتها، فانبسطت، وفعلت بالأخرى كذلك، فتحركت، فقمت قائما، لا قلبة بي، ونزلت عن السرير الذي كنت مطروحا عليه، فخرجت إلى الدار، ورفعت طرفي، فرأيت الكواكب، وإذا أنا قد أبصرت، ثم انطلق لساني، فقلت: يا قديم الإحسان، بإحسانك القديم. ثم صحت بزوجتي، فقالت: أبو عليّ. فقلت: الساعة صرت أبو عليّ. فأسرجت، وطلبت مقراضا، وكان لي سبال كما يكون للجند،

فقصصته، فضجّت من ذلك، وقالت: ما [194 ط] هذا؟ فقلت: بعد هذا لا أخدم غير ربّي، فصار هذا سبب عبادتي. قال: وخبره [167 ب] مستفيض، ومنزلته في العبادة مشهورة، وصارت هذه الكلمة عادته، لا يقول في حشو كلامه، وأكثر أوقاته غيرها: يا قديم الإحسان. قال: وكان يقال: إنّه مجاب الدعوة، وكان الناس يقولون إنّه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح يده عليه، فسألته عن ذلك، فحدّثني بهذا الحديث، وقال: ما كان سبب عافيتي غيره. قال: وقال لي: كان لي قراح على شاطىء دجلة، بالمدائن، وكان فيه تلال وأشياء ينبغي أن تستخرج، ويطمّ بها مواضع فيه، فتحتاج إلى رجال كثيرة. فكنت ليلة فيه، وكانت قمراء، [فاجتاز بي خلق كثير من الفعلة، قد انصرفوا من عمل بثق، فرأوني] «1» فعرفوني. فقلت لهم: هل لكم أن تكسحوا هذا القراح الليلة، وتسوّوا تلوله بالأرض، وتأخذوا مني كذا وكذا. فقالوا: نعم، أتحفنا «2» بالأجرة، فعملوا ذلك، فأصبحنا وقد صار أرضا مستوية. فقالت العامة: الملائكة أصلحوه، وكذبوا، ما كان غير هذا.

150 الحلاج في جامع البصرة

150 الحلاج في جامع البصرة حدّثني أبو الحسين محمد بن عبيد الله القاضي المعروف بابن نصرويه «1» قال: حملني [خالي] «2» معه إلى الحسين بن منصور الحلّاج «3» ، وهو إذ ذاك في جامع البصرة، يتعبّد، ويتصوّف، ويقرئ، قبل أن يدّعي تلك الجهالات «4» ، ويدخل في ذلك. وكان أمره إذ ذاك مستورا، إلّا أن الصوفية تدّعي له المعجزات من طرائق التصوف، وما يسمّونه معونات، لا من طرائق المذهب «5» . قال: فأخذ خالي يحادثه، وأنا صبيّ جالس معهم، أسمع ما يجري. فقال لخالي: قد عملت على الخروج من البصرة. فقال له خالي: لم؟

قال: قد صيّر لي أهل هذا البلد حديثا، وقد ضاق صدري، وأريد أن أبعد عنهم. فقال له: مثل ماذا؟ قال: يرونني أفعل أشياء، فلا يسألونني عنها، ولا يستكشفونها فيعلمون أنّها ليست كما وقع لهم، ويخرجون ويقولون: الحلّاج مجاب الدعوة، وله معونات قد تمّت على يده، وألطاف، ومن أنا حتى يكون لي هذا؟ بحسبك، إنّ رجلا حمل إليّ منذ أيّام دراهم، وقال لي: اصرفها إلى الفقراء، فلم يكن يحضرني في الحال أحد، فجعلتها تحت بارية «1» من بواري الجامع، إلى جنب أسطوانة عرفتها، وجلست طويلا فلم يجئني أحد، فانصرفت إلى منزلي، وبتّ ليلتي، فلما كان من غد، جئت إلى الأسطوانة، وجلست أصلّي، فاحتفّ بي قوم من الصوفيّة، فقطعت الصلاة، وشلت البارية، وأعطيتهم تلك الدراهم. فشنعوا عليّ بأن قالوا: إنّي إذا ضربت يدي إلى التراب صار في يدي دراهم. قال: وأخذ يعدّد مثل هذا أشياء، فقام خالي عنه، وودّعه، ولم [168 ب] يعد إليه. وقال: هذا منمّس، وسيكون له بعد هذا شأن. فما مضى إلّا قليل، حتى [195 ط] خرج من البصرة، وظهر أمره وتلك الأخبار عنه «2» .

151 جحظة البرمكي يغضب من خسارته في النرد

151 جحظة البرمكي يغضب من خسارته في النرد حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف التنوخي، قال: حدّثني أبو علي ابن الأعرابي الشاعر قال: كنت في دعوة جحظة، فأكلنا، وجلسنا نشرب، وهو يغنّي، إذ دخل رجل، فقدّم إليه جحظة زلّة كان زلّها له من طعامه ونحن نأكل، وكان بخيلا على الطعام. قال: وكأنّ الرجل، كان طاوي سبع «1» ، فأتى على الزلّة، وشال الطيفورية فارغة، وجحظة يرمقه بغيظ، ونحن نلمح جحظة، ونضحك. فلما فرغ، قال له جحظة: تلعب معي بالنرد؟ فقال: نعم. فوضعاها بينهما، ولعبا، فتوالى الغلب على جحظة من الرجل، بأن تجيء الفصوص «2» على ما يريد الرجل من الأعداد. فأخرج جحظة رأسه من قبّة الخيش، إلى السماء، وقال، كأنّه يخاطب الله تعالى: لعمري، إنّي أستحق هذا، لأنّي أشبعت «3» من أجعته.

152 بين مؤذن ومحتسب

152 بين مؤذن ومحتسب وحدّثني «1» ، قال: سمعت بعض شيوخنا يحكون: إنّ رجلا مؤذّنا عادى محتسبا، فأحضره. فقال له: أيّ شيء بيننا، مما يوجب استدعاءك لي. قال: أريد أن تعرّفني وقت الصلاة، فإن كنت عالما بها، وإلّا لم أدعك تؤذّن مع الناس بالصلاة في غير وقتها. ووجده غير قيّم بذلك، فمنعه من الأذان.

153 أبو بكر بن دريد كان آية في الحفظ

153 أبو بكر بن دريد كان آية في الحفظ وحدّثني «1» ، قال: حدّثني جماعة، عن أبي بكر بن دريد «2» ، أنّه قال: كان أبو عثمان الأشنانداني معلّمي، وكان عمّي الحسين بن دريد يتولّى تربيتي، فإذا أراد الأكل، استدعى أبا عثمان، فأكل معه. فدخل عمّي يوما، وأبو عثمان المعلّم يروّيني قصيدة الحارث بن حلّزة «3» التي أوّلها: آذنتنا ببينها أسماء فقال لي عمّي: إذا حفظت هذه القصيدة، وهبت لك كذا وكذا. ثم دعا بالمعلّم ليأكل معه، فدخل إليه، فأكلا، وقعدا بعد الأكل ساعة، فإلى أن خرج المعلّم، حفظت ديوان الحارث بن حلّزة بأسره. فخرج المعلّم، فعرّفته ذلك، فاستعظمه، وأخذ يعتبره عليّ فوجدني قد حفظته، فدخل إلى عمّي، فأخبره، فأعطاني ما كان وعدني. قال: وكان أبو بكر واسع الحفظ جدا، ما رأيت أحفظ منه، كان يقرأ عليه دواوين العرب كلها، أو أكثرها، فيسابق إلى حفظها فيحفظها. وما رأيته قط قرئ عليه ديوان شاعر، إلّا وهو يسابق إلى قراءته [لحفظه له] «4» .

154 البربهاري رئيس الحنابلة ببغداد

154 البربهاري رئيس الحنابلة ببغداد حدّثني أبو الحسن، قال: سمعت أبا محمد السليماني الهاشمي، المعروف بعباد [رحله] «1» ، وقد جرى ذكر [169 ب] البربهاري «2» بحضرته، فقال: وقف يوما للقاهر «3» ، فقال: يا أمير المومنين أهلك الهاشميين. فقال القاهر: أفعل، وإنّما أراد أن يذكّره بهم، ويقول: أهلك. ورأى عينا هائجة، فقال: لو استعمل لها الخضرط، عوفيت. فقيل له: ليس هو الخضرط. فقال: نعم، غلطت، هو الخضخض. فسكتوا عنه، وإنّما أراد الحضض «4» .

155 أبو الفرج الببغاء ينشىء نسخة كتاب على لسان الأمير سيف الدولة بشأن الفداء

155 أبو الفرج الببغاء ينشىء نسخة كتاب على لسان الأمير سيف الدولة بشأن الفداء حدّثني أبو الفرج الببغاء «1» ، قال: لمّا [196 ط] أقام سيف الدولة الفداء «2» ، بشاطىء الفرات في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة «3» ، لزمه عليه خمسمائة ألف دينار، في شراء الأسارى، والأموال التي وصلهم بها، ورمّ بها أحوالهم. وأخرج جميع ذلك من ماله، صبرا واحتسابا، وطلبا للثواب والذكر، من غير أن يعاونه أحد من الملوك عليه، ولا غيرهم. وكان ذلك خاتم أعماله الحسنة، وأفعاله الشريفة، التي تجاوز الوصف، وتفوت العدّ. فلما فرغ من ذلك، تقدّم إلى كل من بحضرته، في الوقت، من أهل الكتابة، أن ينشىء كل واحد منهم، نسخة كتاب ليكتب عنه إلى من في البلدان من الجيش والرعية، بخبر تمام الفداء، ووصف الحال فيه. فكتبت عنه في ذلك: كتابنا، تولّاكم الله بكفايته، وحرسنا فيكم بناظر رعايته، من معسكرنا بالبقعة المعروفة بالمعقلة من شاطىء الفرات، بعد إمضائنا أمر الفداء الذي اختصّنا الله فيه بشرف ذكره، وانتخبنا للنهوض بمعظم أمره، وولينا

بالمعونة في تحمّل ثقله، ووفّقنا للفوز بإحراز فضله، بعد أن استراحت فيه النيات إلى الغفلة، ومطاوعة الشحّ، ومساكنة الراحة، وتظنّون بالله الظنون. فالحمد لله حمدا نستديم بالإخلاص فيه مدد عوارفه وأياديه، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله. ولما كانت منح الله تعالى لدينا، ونعمه المتظاهرة علينا، أعظم من أن تطاول بثناء، وأجلّ من أن تقابل بجزاء، رأينا الاعتراف بما أحرزناه من سالفها، والإشادة بما قابلناه من مستأنفها، أقدر على استزادتها، وأولى بحراستها. ولم نزل، ولله المنة، منذ عرفنا ما ندبنا إليه، وتأملنا ما حضّنا عليه، من الخفوف لجهاد الكافرين والتعبّد بقتال المخالفين، بين رأي يتضمّن التوفيق عواقبه، وعزم يصرع الإقبال مغالبه، و [فتح يجمع الإسلام أثره، وبلاء تتداول الأيّام خبره] «1» . ولا ننصرف عن غزو إلّا إلى نفير «2» ، ولا نتشاغل بنظر إلّا إلى تدبير، ولا نعتدّ بالمال إلّا ما أنفقناه، ولا نسرّ بذخر إلّا ما أنفدناه «3» ، فيما حرس الأمّة، وحصّن الملّة، وبثّ العدل، وجمع الشمل [170 ب] . إلى أن استعبدنا ملوكهم بالأسر، وجسنا ديارهم «4» بكتائب النصر، وأوحشنا المراتب من أربابها، واستنزلنا عن الحصون «5» أصحابها، وفجعنا ملكهم بصهره وابن أخته قهرا، وأثكلنا أخاه مراغمة وصغرا.

فلما أدلنا الحق من الضلال، وأعاده الله تعالى بنا من العزّ إلى أشرف حال «1» ، عدلت السيوف عن دمائهم إلى أغمادها، واستبدلت إصدارها بإيرادها، ونصلت الرماح أسنّتها، وطاوعت الخيل أعنّتها، واستماحتنا الأعداء إلى الموادعة، ورغبت إلينا بالتضرع في المسألة. واستفتحوا ذلك بطلب الفداء الذي لا يسعنا الامتناع منه، ولا نجد تأوّلا في الإضراب عنه. فرأينا بعد الإثخان في الأرض، فكّ من في أيديهم من الموحّدين، ومن في رقّهم من المسلمين [197 ط] ، أفضل كاسب لعاجل الشكر، وأوفى ضامن لآجل الأجر. فأنفذنا إلى سائر الأقطار، وبثثنا الأصحاب في جميع الأمصار، لإحصاء السبي وانتزاعه، والتوفّر على جمعه وابتياعه، من خالص ملكنا، وخاصّ مالنا، من غير مسامحة لأحد من أهل زماننا في معاونتنا، بغير الثياب التي شركناهم بها في نيل الحمد وكسب المثوبة. وأضفناهم إلى من ملكناه بحكم الرماح، وأحرزناه بقهر الخيل والصفاح، من أكابر البطارقة، وأنجاب الزراورة، ووجوه الأعلاج، وأنجاد الأنجاس «2» . ولم يزل من سلف قبلنا من الملوك، وتقدّمنا من السلاطين، في عقد الهدن، وإقامة الأفدية، يرغب إلى سائر نظرائه، وذوي السعة من أتباعه، والمكنة من رعيته، في معاونته بالأحوال، ومعاضدته ببذل الأموال. وأبى الله لنا إلّا التفرّد بأجر ذلك وشكره، وحميد أثره، وجميل ذكره.

وندبنا أكابر الغلمان، وثقاة الخدم، لتسييرهم بأعمّ رأفة وأتمّ رفق، حسب ما أمرنا به من ترفيه السبي، ومراعاة الأسرى، إلى أن عبرنا بجميعهم من الفرات، بحيث سألنا صاحبهم الانجذاب إليه، ورغب إلينا في النزول عليه، تأنّسا بمجاورة الدروب المستصعبة، وحذرا من مفارقة الجبال المستعصمة. فلما اقتضى قربنا سرعة المسير، وتنجّزه دنوّنا لإمضاء الأمر بعد التقرير. أقدم مرتابا بإقدامه، وسار متّهما عواقب رأيه واعتزامه، بجموع يفرّق الجزع آراءها، وقلوب يشتت الخوف أهواءها، وأفكار مكدودة بالوجل، ومنن «1» مستعبدة لأوامر الفشل، يحسبون كل صيحة عليهم، هم العدوّ فاحذرهم، إلى أن حلّ بفنائنا ملقيا مقاليد أمره [171 ب] إلى الاستسلام، وآخذا من وفائنا بأوكد ذمام. وافتتحنا الفداء يوم السبت غرّة رجب الذي هو غرّة الأشهر الحرم، وقد عرّف الله تعالى المسلمين ما استودعناه من صالح الأعمال، وزكيّ الأفعال، وتعجّل البركات، وتناصر الخيرات، فاستمرّ بأكمل هدي، وأنجح سعي، وأبسط قدرة، وأعمّ نصرة، وأعزّ سلطان، وأوضح برهان، وكلمة الله العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، والله عزيز حكيم. ولم تزل الحال في ذلك جارية على أحكم نظام، وأحسن التئام، إلى أن استنقذ الله بنا من كاد تطاول الأسر يستغويه، والإياس من الخلاص أن يرديه، وهم على أفضل ما عهدناهم عليه من حسن اليقين، والتمسّك بعصم الدين. وسار عنّا من فاديناه من البطارقة المذكورين، والزراورة المشهورين، بأجسام ضاعنة، وقلوب قاطنة، تتلفّت إلى ما خلّفته من غامر تفضّلنا، وألفته من ألطاف تطوّلنا.

فهم بعد الفداء موثقون في أسر الإحسان، ومع الخلاص مقرونون برقّ التطوّل والامتنان. ولما أحضرونا من أسروه من الأعمال [النازحة، والبلدان الشاسعة، ولم نستخر ادّخار الأموال] «1» عن خلاصهم [198 ط] ولا الشحّ بها عن تعجيل فكاكهم، فابتعناهم من الأثمان بأعظمها، ومن الأموال بأجسمها، ولم نطع في ادّخار الذهب والفضة، المقرون بمخاوف الوعيد، وفظيع التهديد، أمر الشكّ في ربح الصفقة بمتاجرة الله تعالى، جلّ اسمه واثقين بعاجل الخلف، وآجل الجزاء، وذلك الفوز العظيم. وتداركنا من عمارة أحوالهم، ما كان مختلا بمعاناة الفقر، ومتهافتا بتطاول الأسر، وانقلبنا قافلين بأسعد منقلب، وأربح مكتسب، وأتم إقبال، وأجمل حال، بعد أن أجفل العدوّ خذله الله، مستطيلا مدّة إقامته، وشاكّا في إحراز سلامته، متوهّما أن الخيول تطلبه، والرماح تتعقّبه، لا يعرّج على ضعفاء ساقته، ولا يلوي على أخصّ من في جملته. وتقدّمنا بمكاتبة أوليائنا، وكافّة رعيّتنا، بذكر ما هيأه الله عزّ وجل لنا من تظاهر النعم، وتواتر القسم، وليشهروا ذلك على منابر الصلوات، ويعلنوه بالرسائل والمكاتبات، إذ كان ما يتوجّه بالله سبحانه من تتابع [النعم و] «2» المنح، وتواصل العوارف، عائدا على الملّة، ومساويا بالنفع به الأمّة. فالحمد لله الذي اختصّنا من اختياره، وأفردنا بإيثاره، بما رآنا له أهلا لخلافة نبيّه صلى الله عليه وسلّم في حراسة أمّته، وإعزاز كلمته. وإليه نرغب في توفيقنا للاعتراف بعوارفه، لما تكون به النعم محروسة [173 ب] والموهبة محفوظة، لا ينتقصها كفران، ولا يرتجعها عدوان، إن شاء الله تعالى.

156 الشاعر المعوج يمدح بدر الحمامي

156 الشاعر المعوجّ يمدح بدر الحمامي حدّثني أبي، قال: حدّثني المعوجّ، قال: كبا الفرس ببدر الحمامي «1» ، وافتصد، فدخلت إليه، فأنشدته أبياتا عملتها في الحال، وهي: لا ذنب للطّرف إن زلّت قوائمه ... وليس يلحقه من عائب دنس حمّلت بأسا وجودا فوقه وندى ... وليس يقوى بهذا كلّه الفرس قالوا افتصدت فما نفس العلى معها ... خوفا عليك، ولا نفس لها نفس كفّ الطبيب دعا كفا يقبلها ... ويطلب الرزق منها حين يحتبس فأمر لي بخمسة آلاف درهم، فأخذتها وانصرفت.

157 الشاعر الصروي يمدح صاحب النشوار

157 الشاعر الصروي يمدح صاحب النشوار وكنت سقطت من بغلة، فعمل أبو القاسم عبيد الله، قصيدة أنشدنيها، منها: أسمت فتاة العير حمل العلى وقد ... نهيت من الإشفاق عن حملك القبّا «1» ومشيّتها تحت الشريعة والقضا ... ولو سمت رضوى حمل ذين قضى نحبا فيا عجبا أن لم يسخ رسغها القضا ... وما هدّ ثقل الدين من متنها الصلبا ومن ذا يطيق الطود حملا «2» إذا رسا ... ومن يحمل البحر الخضّم إذا عبّا [199 ط] فزلّت ببدر منك لم يخف نوره ... وغيث حيا أحيا بسقطته التربا وقمت سليم الجسم يدعو لك الثرى ... ويلثم منك الرجل والنعل والركبا نهنّي بك المحراب والآي والتقى ... ودستك والأقلام والحكم والكتبا

158 أبيات من نظم أبي القاسم عبيد الله بن محمد الصروي

158 أبيات من نظم أبي القاسم عبيد الله بن محمد الصروي أنشدني أبو القاسم عبيد الله بن محمد الصروي، لنفسه، يصف زرّاقة النفط: وصفراء في فيها لعاب كلونها ... إذا قذفته لاعب الريح واستنّا يجلّله «1» من بطنها في خروجه ... رداء دجى حتى يصير لها حصنا لها ذنب في رأسه ذنب له ... إذا جرّ منها ردّ في جوفها طعنا يمجّ بروقا بين ليلين من حشا ... إلى فم أفعى ما ترى بينه سنّا تخوض الوغى عريانة لتخيفه ... ولو سئلت لم تعرف الخوف والأمنا وأنشدني لنفسه: وناولني في أسفل الكأس فضلة ... مزعفرة صفراء والكأس أبيض كنرجسة في الروض ترنو بمقلة ... مذهبّة والجفن منها مفضّض وأنشدني لنفسه في صفة إبريق وساق: ولاح لنا الإبريق من كفّ شادن ... له وجنة من لحظنا أبدا تدمى كملحوظة مدّت يدا دون وجهها ... وأخرى بها ردّت على رأسها «2» الكمّا على شعر في عارضيه كأنّما ... زرعن المها أجفانها فيه والسقما كأنّ الليالي قد عددن سنينه ... فصيرن في خديّه داراته رقما

وأنشدني لنفسه يصف مجدورا: بدر وغصن «1» من فوق دعص نقا ... لم أصغ في حبّه إلي لاحي له لحاظ مرضى بلا سقم ... سكرى من الغنج تسكر الصاحي جدّر فاعتاض من تورّده ... بصفرة في ملثّم ضاح كأنّه فوق خدّه حبب ... يلعب بعد المزاج في الراح [173 ب] وأنشدني لنفسه في كانون: كأنّ تأجج كانوننا ... تكاثف نور من العصفر وأحدث إخماده زرقة ... تأجّج في مدمج أحمر كبركة خمر بحافاتها ... بقايا تفتّح نيلوفر «2» وأنشدني لنفسه أيضا في كانون: أنظر إلى كانوننا ... يضحك من غير فرح كحمرة في شفق ... دبّجها قوس قزح [200 ط]

159 لأبي الفرج الببغاء في وصف كانون

159 لأبي الفرج الببغاء في وصف كانون وحدّثني أبو الفرج الببغاء «1» ، قال: كنت بحضرة أبي العشائر بن حمدان «2» ، وبين يديه كانون، قد عمل النار في باطن فحمه، فعملت في الحال، وأنشدته: ومجلس حلّ من يحلّ به ... من المعالي في أرفع الدرج أمسى ندام الكانون فيه لنا ... أكثر أنس النفوس والمهج يبدي لنا ألسنا كالسنة الحيّات ... من ثابت ومختلج لما بدا الفحم فيه أسود كالليل ... وبثّ الشرار كالسرج ودبّ صبغ اللهيب فيه بتضريج ... خدود «3» الشقائق الضرج ظننت شمس الضحى به انكشفت ... للخلق في قبّة من السبج

160 لأبي الفرج الببغاء في صفة شمعة

160 لأبي الفرج الببغاء في صفة شمعة أنشدني لنفسه «1» في صفة شمعة: وصفر كأطراف العوالي قدودها ... قيام على أعلى كراس من الصّفر «2» تلبّسن من شمس الأصيل غلائلا ... فأشرقن في الظلماء بالخلع الصّفر عرائس يجلوها الدجى لمماتها ... وتحيا إذا أذرت دموعا من التبر إذا ضربت أعناقها في رضا الدجى ... أعارته من أنوارها خلع الفجر تبكّى على أحشائها بجسومها ... فأدمعها أجسامها أبدا تجري علاها ضياء عامل في حياتها ... كما تعمل الأيّام في قصر العمر

161 للسري الرفاء في الغزل

161 للسري الرفاء في الغزل أنشدني غير واحد، قالوا: أنشدنا سري بن أحمد [الكندي] «1» الرفاء «2» ، لنفسه: وذي غنج يرنو بمقلة جؤذر ... متى يعد فيه «3» خالع العذر يعذر له فوق ورد الخدّ خال كأنّه ... إذا احمرّ ورد الخدّ نقطة عنبر

162 بين قاضي القضاة أبي السائب والشاعر ابن سكرة الهاشمي

162 بين قاضي القضاة أبي السائب والشاعر ابن سكّرة الهاشمي أخبرني جماعة من أهل عصرنا من المتأدبين ببغداد: أنّ أبا الحسن محمد بن عبد الله بن سكّرة «1» الهاشمي، دخل إلى قاضي القضاة أبي السائب عتبة بن عبيد الله «2» ، وهو جالس للحكم، فكتب رقعة كالقصص، ودفعها إليه، وقد كان مدحه فتأخّرت صلته عنه. فلما قرأها أبو السائب، لم يبن في وجهه غضب، ولا نكير، ووقّع فيها شيئا بخطّه. وقال: أين رافع هذه القصّة؟ فقام ابن سكرة، فدفعها إليه، فأخذها مقدّرا أنّ فيها ما يستكفّ لسانه عنه من صلة أو برّ، فلما قرأها استحيا وانصرف. فقرئت الرقعة، فإذا الابتداء بخطّ ابن سكرة شعر، والجواب بخط أبي السائب نثر، كما نسخناها هاهنا: يا عتبة بن عبيد ... حوشيت من كل عيب «3» لبيك يا مختصر «4» [174 ب]

وأبعد الله قوما ... رموك عندي بريب قالوا بأنّك تهوى ... زبيبة «1» بن شعيب فقلت هذا محال ... أصبوة بعد شيب؟ لقد هتفتم بشيخ ... نقيّ ذيل وجيب رأيتم الأير فيه؟ ... فلم شهدتم بغيب؟ وأنت فحوشيت من كل سوء كذبوا أحسن الله جزاءك، وقلت ما يشبهك، وربما كانت [201 ط] بئس ما فعلوا، والحمد لله على ذلك جهلا منهم بطرق الشهادة «2»

163 طبيعة الأمير سيف الدولة في إسداء المكارم

163 طبيعة الأمير سيف الدولة في إسداء المكارم حدّثني أبو الفرج الببغاء، قال: تأخّر عني رسمي من الكسوة، على الأمير سيف الدولة، وكان آثر الأشياء عنده، وأنفقها عليه، وأحبّها إليه، أن يسأل فيعطي، وأن يستزاد فيزيد، وأن يطالب، ويناظر، حتى كان دائما يعزل للإنسان شيئا، يريد هبته له، خلف ظهره، ويقول: أريد أن أعطي فلانا هذا. فيخرج من يحضر، فيحدّث الرجل، فيحضر، ولا يعطيه. فيقول له الرجل: إيش وراء مسورة مولانا؟ فيقول: وأي شيء عليك؟ «1» وأيش فضولك؟ فيقول: هذا والله لي عزله مولانا. فيقول: لا. فيقول: بلى، ويأخذه، ويجاذبه عليه، فإذا فعل ذلك، أعطاه، وزاده شيئا آخر، يلتذّ بهذا. قال: فكتبت إليه، أستحثّه على رسمي من الكسوة: الرضا بالمأمول، أطال الله بقاء سيّدنا الأمير سيف الدولة، دليل «2» على همّة الآمل، ومحلّ المسؤول في نفسه، مترجم عن نفاسة نفس السائل، إذ كان الناس من التخلّق بالكرم، والتفاضل بالهمم، في منازل غير متقاربة،

ومراتب غير متناسبة، وشرف أدبه، في شرف طلبه. ورجاء سيف الدولة الشرف الذي ... يتقاصر التفصيل عن تفصيله ضمنت تأميلي نداه فردّه ... جذلان من سفر الظنون بسوله وغنيت «1» حين بلغت ورد نواله ... عن ورد ممتنع النوال بخيله فالغيث يغبطني على إنعامه ... والدهر يحسدني على تأميله وعلمي بأنّ أقرب مؤمليه- أيّده الله- إليه، وأوجبهم حرمة عليه، أشدّهم استزادة لنعمه، وأكثرهم تسحّبا على كرمه، بعثني على التقرّب إلى قلبه بالسؤال، ومناجاة كرمه بلسان الآمال. [فسألته متقربا «2» ، وطلبته متسحّبا، فإن رأى العادل إلّا في ماله، والمقتصد إلّا في أفضاله، سيّدنا الأمير سيف الدولة أطال الله بقاءه] «3» . أن تعلم الأيام موضع عبده ... من عزّه ومكانه من رائه بشواهد الخلع التي يغدو بها ... متطاولا شرفا على نظرائه فمن العجائب حبس توقيع له ... وموقّع التوقيع من شفعائه فعل إن شاء الله تعالى «4» .

164 كيف تأثلت حال أبي عبد الله ابن الجصاص

164 كيف تأثلت حال أبي عبد الله ابن الجصّاص حدّثني أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعلان، قال: حدّثني أبو علي أحمد بن الحسين بن عبد الله الجوهريّ، ابن الجصّاص، قال: قال لي أبي: كان بدء إكثاري، أنّي كنت في دهليز حرم أبي الجيش خمارويه «1» بن أحمد بن طولون، وكنت أتوكّل له ولهم في ابتياع الجوهر وغيره [202 ط] ممّا يحتاجون إليه، وما كنت أكاد أفارق [175 ب] الدهليز لاختصاصي بهم. فخرجت إليّ قهرمانة لهم في بعض الأيّام، ومعها عقد جوهر، فيه مائتا حبّة، لم أر قبله أحسن منه، ولا أفخر، تساوي كل حبّة منه ألف دينار عندي. فقالت: نحتاج أن تخرط هذه حتى تصغر، فتجعل لأربع عشرات اللعب. فكدت أن أطير، وأخذتها، وقلت السمع والطاعة. [وخرجت في الحال مسرورا] «2» ، وأنا على وجهي، فجمعت التجّار، ولم أزل أشتري ما قدرت عليه، حتى حصلت مائة حبّة أشكال من النوع الذي أرادته. وجئت بها عشيّا، فقلت: إن خرط هذا يحتاج إلى زمان وإنظار «3» ،

وقد خرطنا اليوم ما قدرنا عليه، وهو هذا، ودفعت إليهم المجتمع، والباقي يخرط في أيام. فقنعت بذلك، وارتضت الحب، وخرجت. فما زلت أيّاما في طلب الباقي، حتى اجتمع، فحملت إليهم مائتي حبّة قامت عليّ بأثمان قريبة، تكون دون مائة ألف درهم، أو حواليها، وحصلت جوهرا بمائتي ألف دينار. ثم لزمت دهليزهم، وأخذت لنفسي غرفة كانت فيه، فجعلتها مسكني «1» . قال: فلحقني من هذا، أكثر ممّا يحصى، حتى كثرت النعمة، وانتهت إلى ما استفاض خبره.

165 سبب اختصاص أبي عبد الله ابن الجصاص بأبي الجيش خمارويه أمير مصر

165 سبب اختصاص أبي عبد الله ابن الجصاص بأبي الجيش خمارويه أمير مصر حدّثني أبو الحسين بن عيّاش. قال: سمعت مشايخنا، يقولون: إنّ أصل اختصاص ابن الجصّاص بأبي الجيش ابن طولون، أنّ أبا الجيش كان يشرب، إذا قعد للشرب، أربعين رطلا من نبيذ مصر المعروف بالشيروي «1» . قال: ومن يشرب منه رطلا، يقدر أن يشرب من غيره أرطالا. وكان لا يصبر معه أحد من ندمائه، ويسكرون قبله، فيصعب ذلك عليه، ويبقى وحده، فكان يتطلّب المجيدين للشرب. فوصف له ابن الجصاص، وهو إذ ذاك يتّجر في الجوهر، فاستدعاه، فأدخل إليه، فحين مثل بين يديه، قبّل الأرض، ولم يكن الناس يعرفون ذلك، فاستظرف خمارويه حسن أدبه. وقال: أبو من؟ قال: عبد الأمير الحسين. فقال: هذه اثنتان. فواكله، وشاربه، قدحا وقدحا، حتى سكر خمارويه، ثم شرب بعده رطلا. فبلغ ذلك خمارويه من غد، فأدخله، وأجازه جائزة عظيمة. وقال: ما صناعتك؟ قال: الجوهر.

فقال: لا يبتاع لنا شيء إلّا على يده، وكان مشغوفا به، فكسب فيه الأموال. وحصل يأكل معه، ويشاربه إذا أراد الشرب، فينام ندماؤه كلهم غيره، فولّد ذلك له أنسا تاما به، فكان يخرج إليه على النبيذ بأسراره، ويحادثه، ويأنس به. وردّ إليه أمر داره، والإشراف على جميع نفقاته. ولم تزل حاله تقوى وتتزايد، حتى عرض له تزويج ابنته بالمعتضد، فأنفذه في الرسالة [176 ب] حتى عقد الإملاك، ثم أجرى أمر الجهاز على يده، فجرف الأموال بغير حساب. قال: فأخبرني بعض أصحابنا، [203 ط] أنه لحق بعض الفرش الذي كان في جهاز قطر الندى ابنة خمارويه «1» ، مطر، فيما بين دمشق والرملة «2» ، فنزلها ابن الجصاص، وكتب إليه يعرّفه الخبر، ويستأذنه في تطرية ذلك، فأذن له فيه. فأقام شهرين لهذا السبب، وطرّى الفرش، فاحتسب في النفقه، ثلاثين ألف دينار. قال: ولما حصلت قطر الندى ببغداد، أضاق خمارويه إضاقة شديدة، لأنّه افتقر بما حمله معها، وخرج من جميع نعمته، حتى طلب شمعة، فاحتبست عليه ساعة، إلى أن احتيلت. فقال: لعن الله ابن الجصّاص، أفقرني في السر.

166 بين الخليفة المكتفي والتاجر ابن الجصاص

166 بين الخليفة المكتفي والتاجر ابن الجصّاص قال: ومن عجيب أخبار ابن الجصّاص، انّه طلب منه المكتفي «1» عقدا حسنا من فاخر الجوهر، يبتاعه منه. فقال: كم يبلغ يا أمير المؤمنين؟ قال: ثلاثين ألف دينار. قال: لا تصيب كما تريد، ولكن عندي عقد فيه ستّون حبّة، ولا أبيعك إيّاه بأقل من ستين ألف دينار، فإن أذنت «2» ، حملته. فقال: افعل. فحمله إليه، والعبّاس بن الحسن «3» قائم بين يديه، فعرضه عليه، فهال المكتفي أمره وحسنه، وقال: ما رأيت مثل هذا قط. فقال: ومن أين عندك أنت مثل هذا يا أبا مشكاحل «4» ؟ فتنكّر المكتفي، وتنمّر، وهمّ به. فأومأ إليه العبّاس بالإمساك، فأمسك، وترك العقد ابن الجصّاص، بحضرة الخليفة، وخرج.

فقال المكتفي للعبّاس: بالله، وبحقي «1» عليك، هذه الكنية تلقبّني بها العامة؟ فقال: لا والله يا مولانا، ولكن هذا رجل رقيع «2» عاميّ، والعامّة إذا افتخرت على إنسان، قالت له مثل هذا، وقد ربحت بهذه الكلمة العقد، بلا ثمن، فدعني وابن الجصّاص، فإن جاءك فأحله عليّ. فلما كان بعد أيّام، جاء ابن الجصاص، فأذكر المكتفي بثمن العقد. فقال له: إلق العبّاس. فجاء إليه، فطالبه بالمال. فقال: ويحك، تطالب بثمن العقد، بعد ما لقّبت الخليفة بسببه، واجترأت عليه بما لا يجوز أن تجترئ بمثله على بعض غلمانه؟ لا تتكلّم بهذا فتولّد لنفسك منه، ما لا تحتاج إليه. فأمسك ابن الجصّاص، وذهب منه العقد والمال بالكلمة «3»

167 إسماعيل بن بلبل والأعرابي العائف

167 إسماعيل بن بلبل والأعرابيّ العائف حدّثني أبو الحسين بن عيّاش، قال: أخبرني من أثق به، إنّ إسماعيل بن بلبل «1» ، لمّا قصده صاعد «2» ، لزم داره، وكان له حمل قد قرب وضعه، فقال: اطلبوا لي منجّما يأخذ مولده، فأتي به. فقال له بعض [177 ب] من حضر، ما تصنع أيّدك الله بالنجوم؟ هاهنا أعرابيّ عائف «3» ، ليس في الدنيا أحذق منه. فقال: يحضر، فأسماه الرجل، فطلب، وجاء. فلما دخل عليه، قال له إسماعيل: تدري لأي شيء طلبناك؟ قال: نعم. قال: ما هو؟ فأدار عينه في الدار، فقال: لتسألني عن حمل، وقد كان إسماعيل أوصى أن لا يعرّف، فتعجب من ذلك. فقال له: فأي شيء هو؟ أذكر أم أنثى؟ فأدار عينه [204 ط] في الدار، فقال: ذكر. فقال: للمنجّم: ما تقول؟ قال: هذا جهل. فبينا نحن كذلك، إذ طار زنبور على رأس إسماعيل، وغلام يذب عنه، فضرب الزنبور، فقتله.

فقام الأعرابي، وقال: قتلت والله المزنّر، ووليت مكانه، ولي حقّ البشارة، وجعل يرقص، وإسماعيل يسكّنه، فنحن كذلك إذ وقعت الصيحة بخبر الولادة. فقال: انظروا ما المولود؟ فقالوا: ذكر. فسرّ إسماعيل بذلك سرورا شديدا، لإصابة العائف في زجره، وترجيّه الوزارة، وهلاك صاعد، ووهب للأعرابيّ شيئا، وصرفه. فما مضى على هذا إلّا دون شهر، حتى استدعى الموفّق إسماعيل، وقلّده الوزارة، وسلّم إليه صاعدا، [فكان يعذّبه، حتى قتله. فلمّا سلّم إليه صاعد] «1» ، ذكر حديث الأعرابي، فطلبه، فجاءوا به. فقال: خبّرني كيف قلت ما قلته ذلك اليوم؟ وليس لك علم بالغيب، ولا هذا ممّا يخرج في نجوم. فقال: نحن إنّما نتفاءل ونزجر الطير، ونعيف ما نراه، فسألتني أوّلا، لأيّ شيء طلبت؟ فتلمّحت الدار، فوقعت عيني على برّادة «2» عليها كيزان معلقة في أعلاها، فقلت: حمل. فقلت لي: أصبت، ثم قلت لي: أذكر أم أنثى؟ فتلمّحت، فرأيت فوق البرّادة عصفورا ذكرا، فقلت: ذكر. ثم طار الزنبور عليك، وهو مخصّر، والنصارى مخصّرون بالزنانير، والزنبور عدوّ، أراد أن يلسعك، وصاعد نصراني الأصل، وهو عدوّك، فزجرت أنّ الزنبور عدوّك [صاعد] وأنّ الغلام لمّا قتله، إنّك ستقتله. قال: فوهب له شيئا صالحا، ثم صرفه.

168 أعراب ثلاثة يتنبأون بموت قاضي القضاة ودفنه في داره

168 أعراب ثلاثة يتنبأون بموت قاضي القضاة ودفنه في داره وحدّثنا أبو الحسين، قال: اجتزت أنا وأبو طاهر بن نصر القاضي، بشارع القاضي، نقصد دار قاضي القضاة أبي الحسين «1» ، في علّته التي مات فيها، لنعوده، فإذا بثلاثة من الأعراب ركبان. فشال «2» أحدهم رأسه، وقد سمع غرابا ينعب على حائط دار أبي الحسين قاضي القضاة. فقال للنفسين اللذين خلفه: إنّ هذا الغراب ليخبرني بموت صاحب الدار. فقال له الآخر: أجل إنّه ليموت بعد ثلاثة أيّام. فقال الآخر: نعم ويدفن في داره. فقلت: أسمعت ما قالوا؟ فقال: نعم. فقلت: هؤلاء أجهل قوم، وافترقنا. فلما كان في ليلة اليوم [178 ب] الرابع سحرا، ارتفعت الصيحة بموت قاضي القضاة أبي الحسين، فذكرت قول الأعرابي، وعجبت. وحضرنا جنازته، ودفن في داره. فقلت لأبي طاهر: رأيت أعجب من وقوع مقالة الأعراب بعينها؟ أيش هذا؟

فقال: لا والله، ما أدري، ولكن تعال حتى نسأل عنهم [205 ط] ، ونقصدهم، ونستخبر منهم من أين لهم ذلك. قال: فكنّا أيّاما، نسأل عنهم، وعن حلّتهم من البلد، فلا نخبر. إلى أن أخبرونا بنزول حلة «1» من بني أسد بباب حرب «2» ، فقصدناهم. فقلنا: هل فيكم من يبصر الزجر؟ فقالوا: أجل، ثلاثة إخوة في آخر الحيّ، يعرفون ببني العائف، ودلّونا على أخبيتهم. فجئنا، فصادفنا أصحابنا بأعيانهم، ولم يعرفونا، فأخبرناهم بما سمعناه منهم، وسألناهم عنه. فقالوا: إنّا، وغيرنا من العرب، نعرف نعيبا للغراب بعينه، لا ينعبه في موضع إلّا مات ساكنه، مجربا على قديم السنين في البوادي، لا يخطئونه، ورأينا ذلك الغراب، نعب ذلك النعيب الذي نعرفه. [فقلنا للآخر: كيف قلت إنّه يموت بعد ثلاثة أيّام؟ قال: كان ينعب ثلاثا متتابعات ثم يسكت، ثم ينعب ثلاثا على هذا، فحكمت بذلك] «3» . فقلت للآخر: وكيف قلت إنّه يدفن في داره؟ قال: رأيت الغراب يحفر الحائط بمنقاره ورجليه، ويحثو على نفسه التراب، فقلت «4» : إنّه يدفن في داره.

169 عيافة أعرابي

169 عيافة أعرابي حدّثنا أبو الحسين بن عيّاش، قال: أخبرني صديق لي أنّه خرج إلى الحائر «1» [على ساكنيه السلام] «2» ليزور. فاجتاز في طريقه بموضع قريب من الأعراب، وهم نزول، فحطّ رحله ونزل، وجلس يأكل هو وغلمانه، فوقف به بعض أولئك الأعراب يستطعم. قال: فقلت له: اجلس حتى نأكل، وندفع إليك نصيبا. فجلس قريبا منا، فإذا بغراب قد طار قريبا منه، وصاح صياحا متتابعا. فقام الأعرابي يرجمه، ويقول: كذبت يا عدوّ الله، كذبت يا عدوّ الله. قال: فقلنا له: ما الخبر يا أعرابي؟ قال: يقول الغراب إنّكم ستقتلونني، وأنتم تريدون أن تطعموني، فكذّبته في خبره. قال: فاستحمقناه، وتمّمنا أكلنا. وكان في السفرة سكّين بزماورد «3» عظيمة حادة، أنسيناها في السفرة. فجمعنا السفرة بما فيها، وقلنا للأعرابيّ: خذها، وفرّغ ما فيها، واردد السفرة.

فجمعها بما فيها، وشالها، فضرب بها ظهره بحميّة، من فرحه بتمكيننا إيّاه من جميع ما فيها، فخرجت السكين بحدّتها، فدخلت بين كتفيه، فخرّ صريعا يصرخ: صدق الغراب لعنه الله، متّ ورب الكعبة. فخشينا أن [179 ب] يصير لنا مع الأعراب قصّة، فتركنا السفرة، وقمنا مبادرين، فاختلطنا بالقافلة حتى لا نعرف، وتركناه يتشحّط في دمائه «1» . ولا نعلم هل عاش أو مات.

170 من أحاديث الزراقين

170 من أحاديث الزراقين حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا سليمان بن الحسن «2» ، قال: قال لي أبو معشر المنجّم «3» ، وقد جرى حديث الزرّاقين: رأيت أعجب شيء، وهو أنّ رجلا في جواري بسرّ من رأى اعتقل، فأتاني أبوه، وكان لي صديقا [206 ط] ، فقال: تركب معي إلى صاحب الشرطة، نسأله إطلاقه، فركبت. فاجتزنا بزرّاق على الطريق. فقلت: هل لك في أن نتلهّى بهذا الزرّاق؟ فقال: افعل. فقلت له: انظر في نجمنا، وأيّ شيء هو، وفي أيّ شيء هوذا نمضي؟ ففكّر الزرّاق ساعة، ثم قال: تمضون في أمر محبوس. قال: فانتقع «4» لون أبي معشر، ودهش، وتلجلج لسانه. فقلت أنا له: فهل يطلق أم لا؟ قال: تمضون وقد أطلق. فقال لي أبو معشر: انطلق بنا، فهذا اتّفاق طريف، وهوس.

فسرنا وجئنا إلى صاحب الشرطة، فسألناه في أمر الرجل. فقال: الساعة- والله- وردت عليّ رقعة فلان، يسألني في أمره، فأطلقته. فنهض أبو معشر مبادرا، وقال: إن لم أعرف من أين أصاب الزرّاق في حكمه، ذهب عقلي، وخرّقت كتبي، واعتقدت بطلان النجوم، ارجع بنا إليه. قال: فرجعنا، فوجدناه في مكانه من الطريق. فقال له أبو معشر: قم بنا، فأخذناه، وحمله إلى داره. وقال له: أتعرفني؟ قال: لا. قال: أنا أبو معشر المنجّم. فقبّل الزرّاق يده، وقال: أستاذنا، وقد سمعت باسمك. قال: دعني من ذلك، لك خمسة دنانير عينا، وأصدقني من أين حكمت لنا بما حكمت به. قال: أنا والله أصدقك، ولا أجسر آخذ منك شيئا، وأنت أستاذ هذه الصناعة. اعلم أنّي لا أحسن من النجوم شيئا، وإنّما أنا أزرق وأهذي على النساء، وبين يديّ هذا التخت والإصطرلاب والتقويم للخلق حيلة. ولكنّي قد صحبت أهل البوادي في وقت من الأوقات، وتعلّمت منهم الزجر والفال والعيافة. وهم يعتقدون إذا سئلوا عن شيء أن ينظروا إلى أوّل ما تقع عليه عيونهم، فيستخرجون منه معنى يجعلونه طريقا لما يسألون عنه، وما يحكمون به. فلمّا سألتني في أيّ شيء نمضي؟ تلجلجت، فوقعت عيني على

سقّاء معه ماء محبوس في قربته، فقلت: محبوس. فقلت: هل يطلق أم لا؟ فنظرت أطلب شيئا أزجره، فرأيت السقّاء قد صبّ الماء، وهو يخرج من قربته، فقلت: إنّكم [180 ب] تمضون وقد أطلق، فهل أصبت؟ فقال له أبو معشر: نعم، وفرّجت عنّي أيضا، أعطوه الدنانير، واصرفوه. فأبى أن يأخذ، فما تركه أبو معشر حتى أخذها وخرج. فطرح نفسه كالمستريح من أمر عظيم، ووضع يده على فؤاده، وقال: فرّج عني «1» .

171 بين الأمير الموفق وأبي معشر المنجم

171 بين الأمير الموفق وأبي معشر المنجم حدّثني أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث الحارثيّ «1» ، قال: حدّثني أبي، قال: كنت أحد من يعمل في خزانة السلاح [للمعتمد] «2» وكنت قائما [207 ط] بحضرة الموفّق، في عسكره لقتال صاحب الزنج، وبحضرته أبو معشر، ومنجّم آخر، أسماه أبي وأنسيته أنا. فقال لهما: خذا الطالع في شيء أضمرته منذ البارحة، أسألكما عنه، وأمتحنكما به، وأخرجا ضميري. فأخذا الطالع، وعملا [الزايرجه] «3» ، وقالا جميعا: تسألنا عن حمل ليس لإنسيّ. فقال: هو كذلك، فما هو؟ قال: ففكّرا طويلا، ثم قالا: عن حمل لبقرة. قال: هو كذلك، فما تلد؟ قالا جميعا: ثور. قال: فما شيته؟

فقال أبو معشر: أسود في جبهته بياض. وقال الآخر: أسود وفي ذنبه بياض. قال الموفّق: ترون ما أجسر هؤلاء، أحضروا البقرة، فأحضرت وهي مقرب. فقال: اذبحوها، فذبحت، وشق بطنها، وأخرج منها ثور صغير أسود، أبيض طرف الذنب، وقد التفّ ذنبه، فصار على جبهته. فتعجّب الموفّق، ومن حضره، من ذلك عجبا شديدا، وأسنى جائزتيهما. قال: وحدثني أبي، قال: كنت أيضا بحضرة الموفّق، فأحضر أبا معشر هذا، وهذا المنجّم، فقال لهما: معي خبيء، فما هو؟ فقال أحدهما، بعد أن أخذ الطالع، وعمل الزايرجه، وفكّر طويلا، وقال: هو شيء من الفاكهة. وقال أبو معشر: هو شيء من الحيوان. فقال الموفق للآخر: أحسنت، وقال لأبي معشر: أخطأت، ورمى من يده تفاحة. وأبو معشر قائم، فتحيّر، وعاود النظر في الزايرجه، ساعة، ثم عدا يسعى نحو التفاحة، حتى أخذها، فكسرها، ثم قال: الله أكبر، وقدّمها إلى الموفّق فإذا هي تنغش بالدود «1» . فهال الموفق ما رآه من إصابته، وأمر له بجائزة عظيمة.

172 مما شاهده المؤلف من صحة أحكام النجوم

172 مما شاهده المؤلف من صحّة أحكام النجوم وهذا بعيد دقيق، ولكن فيما قد شاهدته من بعض صحّة أحكام النجوم، كفاية. هذا أبي «1» حوّل مولد نفسه في السنة التي مات فيها «2» ، فقال لنا: هي سنة قطع على مذهب المنجّمين، وكتب بذلك إلى بغداد، إلى أبي الحسن بن البهلول القاضي «3» ينعي نفسه إليه، ويوصيه. فلما اعتلّ أدنى علّة، وقبل أن تستحكم «4» علّته، أخرج التحويل، ونظر فيه طويلا، وأنا حاضر، فبكى، وأطبقه، واستدعى كاتبه، وأملى عليه وصيّته التي مات عنها، وأشهد فيها من يومه. فجاءه أبو القاسم غلام زحل المنجّم «5» ، فأخذ يطيّب نفسه، ويورد عليه [181 ب] شكوكا. فقال: يا أبا القاسم، لست ممن يخفى هذا عليه، فأنسبك إلى غلط،

ولا أنا ممّن يجوز عليه هذا فتستغفلني، وجلس فواقفه على الموضع الذي خافه، وأنا حاضر. ثم قال له أبي: دعني من هذا، بيننا شكّ في أنّه إذا كان يوم الثلاثاء العصر، لسبع بقين من الشهر، فإنّه ساعة قطع عندهم «1» ؟ [208 ط] . فأمسك أبو القاسم، ولم يجبه، واستحيى منه أن يقول نعم، وبكى «2» أبو القاسم غلام زحل لأنّه كان خادما لأبي. وبكى أبي طويلا، ثم قال: يا غلام الطست، فجاءه به، فغسل التحويل وقطّعه، وودّع أبا القاسم توديع مفارق. فلما كان في ذلك اليوم، العصر بعينه، مات، كما قال.

173 الأخذ بالحزم أولى

173 الأخذ بالحزم أولى أخبرني غير واحد من أصحابنا، أنّ أبا محمد عبد الله بن العباس الرامهرمزي المتكلّم، أخبره، قال: أردت الانصراف من عند أبي عليّ الجبائي «1» إلى بلدي، فجئته مودّعا، فقال لي: يا أبا محمد، لا تخرج اليوم، فإنّ المنجّمين يقولون: إنّه من سافر في مثله غرق «2» ، فأقم إلى يوم كذا وكذا، فإنّه محمود عندهم. فقلت: أيّها الشيخ مع ما تعتقده في قولهم، كيف تجيء بهذا؟ فقال: يا أبا محمد، لو أخبرنا مخبر ونحن في طريق، أنّ فيه؟؟؟ أليس كان يجب في الحكمة علينا أن لا نسلك ذلك الطريق، إذا قدرنا على سلوك غيره، وإن كان ممّن يجوز عليه الكذب؟ قلت: نعم. قال: فهذا مثله، وقد يجوز أن يكون الله تعالى أجرى العادات، بأن تكون الكواكب إذا نزلت هذه المواضع حدث كذا، والأخذ بالحزم أولى. قال: فأخّرت خروجي إلى اليوم الذي قاله.

174 أبو علي أحذق الناس بالنجوم

174 أبو علي أحذق الناس بالنجوم حدّثني أبو الحسن بن الأزرق، قال: حدّثني أبو هاشم الجبائي «1» ، قال: كان أبو علي «2» من أحذق الناس بالنجوم، فولد في جواره مولود. فقال أبوه «3» : إنّي أحب أن تأخذ طالعه. قال: وكان ليلا، فأخذ الاصطرلاب «4» وعمل مولده، وحكم له بأشياء، صحّت كلها بعد ذلك.

175 أبو الحسن الأهوازي وسابور ذو الأكتاف

175 أبو الحسن الأهوازي وسابور ذو الأكتاف جرى الحديث يوما بحضرة أبي، في البخل والبخلاء، واختصاص الملوك بذلك، وكان أبو الحسن مطهّر بن إسحاق بن يوسف الأهوازيّ الشاهد حاضرا، فقال: دخلت يوما إلى أبي عبد الله البريديّ، وقد نصبت مائدته، فاستدعاني إليها، وكنت جائعا، فأقبلت آكل منبسطا. فقدّم جدي مشويّ حار، فضربت يدي إلى كتفه، فأكلتها. ثم قدّم بعده ألوان أخر، وجدي بارد، فضربت يدي إلى كتفه فأكلتها. ثم قدّم بعده ألوان، وقدم جدي مبزّر «1» ، فأخذت الكتف فأكلتها. ثم جدي بماء وملح، فجئت لآخذ الكتف، فسبقتني يد أبي عبد الله إليه، فكففت يدي. فقال لي: يا أبا الحسن، أنت اليوم سابور ذو الأكتاف. فاستحييت، وخجلت، وعلمت أنّه ما قالها إلّا من غيظ، فقصّرت. وتوقّيت بعد ذلك مواكلته. فقال أبي: ما كان [182 ب] أبو عبد الله بخيلا على الطعام، وإنّما كان نهما «2» ، شديد الجوع، وكان في أوّل أكله، وإلى وسطه، يلحقه هذا [209 ط] النهم، وربما أطلق ما يشبه هذا، فيظنّ من لا يعرف طبعه أنّه بخيل، ويحتاج من يواكله إلى التقصير، حتى يمضي نصف أكله. فإذا مضى نصف أكله، انبسط، وانطلق وجهه، وساءه وغمّه أن يقصّر من يحضر في مواكلته، وقال: هوذا ينسبوني إلى البخل ثم لا يأكلون.

176 أبو عبد الله الكرخي يحب مؤاكلة الأكول

176 أبو عبد الله الكرخي يحبّ مؤاكلة الأكول ولكنّ أبا عبد الله جعفر بن القاسم الكرخيّ «1» هو الجواد على الطعام والمال. ولقد دخلت «2» إليه يوما بالأهواز، وهو عاملها، أقلّب عليه ثيابا «3» ، ولم تكن بيننا معرفة، فأخذ منها ما أراد، وواقفني على الأثمان، وطال جلوسي عنده، فجاء غلمانه بأطباق فاكهة، فقمت. فقال: ما هذا الخلق النبطيّ يا أبا الحسن «4» ؟ اجلس، فجلست، وأخذنا في الأكل، وكنت جائعا، فأقبلت آكل كمّثراة، كمّثراة، في لقمة، وخوخة خوخة، في لقمة، وتينة تينة، في لقمة، وهو ينظر إلى ذلك، ويستحسنه، ويضحك منه، ويعجبه ويستطرفه، وكان ضعيف الأكل جدّا. وكلّما جئت لأقطع، حلّف عليّ، ولقّمني بيده. ثم شيلت الفاكهة، وجاءوا بالطعام، وكانت هذه صورتي عنده، وانصرفت. فلمّا كان من غد نصف النهار، وكنت جالسا في دكّاني بالبزّازين، فإذا بفرّاش ومعه غلام تحته بغل. فقال: العامل يطلبك، فلم أدر ما هو، فركبت البغل وصرت إليه،

وإذا المائدة منصوبة، وهو ينتظرني. فقلت: ما يأمر الأستاذ أيّده الله؟ فقال: إنّي استطبت مؤاكلتك بالأمس، وأكلت فضلا ممّا جرت عادتي به، فلمّا قدّمت اليوم المائدة، لم أتهنّأ بالأكل، فعزلتها واستدعيتك، وأريد أن تجيني «1» في كلّ يوم. قال: فكنت أتأخّر في الأيّام، فيعاتبني، وينفذ إليّ بغلا أركبه. وولّد ذلك لي محلّا عظيما في البلد، وجاها، وكسبت به عليه في البزّ وغيره، ممّا رد إليّ شراءه من جميع ما كان يحتاج إليه في داره، مالا جليلا.

177 بين أبي جعفر بن شيرزاد وأبي عبد الله الموسوي

177 بين أبي جعفر بن شيرزاد وأبي عبد الله الموسويّ حدّثنا أبو العباس هبة الله بن المنجّم، قال: سمعت أبا عبد الله الموسوي «1» العلويّ، يقول: قصدني أبو جعفر محمد بن يحيى بن شيرزاد «2» في أيّام تدبيره الأمر، قصدا قبيحا، وعمل لي كتّابه مؤامرة في خراجاتي، بمائة ألف درهم،

أكثرها واجب عليّ، وباقيها كالواجب. وأحضرني للمناظرة عليها، فاعتقلني في داره. فضقت ذرعا بما نزل بي، وعلمت أنّ المال سيؤخذ منّي إذا نوظرت، وأنّه يؤثّر [183 ب] في حالي، ويهتك جاهي، فلم أدر ما أعمل. فشاورت بعض من يختصّ به، فقال: طمعه فيك- والله- قويّ، وما ينفعك معه شيء غير المال. فقلت: فكّر في حيلة أو مخادعة. ففكّر، ثم قال: لا أعرف لك دواء إلّا شيئا واحدا، إن سمحت به نفسك [210 ط] ، وتركت العلويّة «1» عنك، وفعلته، نجوت. فقلت: ما هو؟ قال: هو رجل سمح على الطعام، محبّ لأكله على مائدته، موجب لحرمته، وأرى لك، إذا وضع طعامه، أن تخرج إليه، فإنّك معه في الدار، ولا يمنعك الموكّلون من ذلك، فتجيء بغير إذن، فتجلس على المائدة، وتأكل، وتنبسط، وتخاطبه «2» في أمرك عقيب الأكل، وتسأله، وترفق به، وتخضع له، فإنّه يسامحك بأكثرها، ويقرّب ما بينك وبينه. فشقّ ذلك عليّ، ثم نظرت، فإذا وزن المال أشقّ منه. وكان أبو جعفر، لا يأكل إلّا بعد المغرب، في كلّ يوم مرّة «3» ، فلم آكل ذلك اليوم شيئا، وراعيت مائدته، فلما وضعت المائدة، قمت. فقال الموكّل: إلى أين؟

قلت: إلى مائدة الوزير، فما قدر أن يمنعني، وجاء معي. فلما رآني أبو جعفر، أكبر ذلك، وتهلّل وجهه، وقال: إلى عندي يا سيّدي، إلى عندي، وأجلسني إلى جنبه، وأقبلت آكل، وأنبسط في الأكل والحديث، إلى أن رفعت المائدة، وقام أبو جعفر، وقمنا، وشيلت المائدة، واستدعاني إلى موضعه، فغسلت يدي بحضرته. فلما فرغت، أردت أن أبتدأه بالخطاب، فقال لي: قد آذيتك يا سيّدي أبا عبد الله بتأخيرك عن منزلك، فامض إلى بيتك، وما أخاطبك بشيء مما في نفسي، ولا فيما أردت مخاطبتك فيه، [ولا مطالبة عليك من جهتي] «1» بعدما تفضلت به. فشكرته، وقلت: إن رأى سيّدنا أيّده الله، أن يتمّم معروفه عليّ بتسليم المؤامرة «2» إليّ، فعل. فقال: هاتموها، فما برحت، إلّا وهي معي في خفّي، وانصرفت إلى منزلي، وسقط المال عنّي. ولزمته للسلام، وصرت أتعمّد مؤاكلته، والتخصّص به، فسلمت عليه طول أيّامه، وسلم جاهي ومالي عليه، إلى أن مضى.

178 اللص والعجوز الجلدة أم الصيرفي

178 اللص والعجوز الجلدة أمّ الصيرفي حدّثني [أبو جعفر] «1» محمد بن الفضل بن حميد الصيمريّ، مؤدبي، قال: كان في بلدنا عجوز صالحة، كثيرة الصيام والقيام، وكان لها ابن صيرفيّ منهمك على الشرب واللعب. وكان يتشاغل بدكّانه أكثر نهاره، ثم يعود عشيّا إلى منزله، فيخبئ كيسه عند والدته، ويمضي، فيبيت في مواضع يشرب فيها. فعيّن بعض اللصوص على كيسه ليأخذه، وتبعه في بعض العشايا، ودخل وراءه إلى الدار، وهو لا يعلم، فاختفى فيها، وسلّم هو كيسه إلى أمّه، وخرج، وبقيت وحدها في الدار [184 ب] . وكان لها في دارها، بيت مؤزّر بالساج إلى أكثر حيطانه، عليه باب حديد، تجعل قماشها وكلّ ما تملكه فيه، والكيس، فخبأت الكيس فيه تلك الليلة خلف الباب، وجلست فأفطرت بين يديه. فقال اللص: هذه الساعة تفطر، وتكسل، وتنام، وأنزل فأفتح الباب، وآخذ الكيس والقماش. قال: فلما أفطرت، قامت إلى الصلاة، فظن «2» اللص أنّها تصلّي العتمة وتنام. فانتظرها [211 ط] ، فمدّت الصلاة، وتطاول عليه الأمر، ومضى نصف الليل. وتحيّر اللص ممّا نزل به، وخاف أن يدركه الصبح، ولا يظفر بشيء.

فطاف في الدار، فوجد إزارا جديدا، وطلب جمرا فظفر به، ووقع في يده شيء كان لهم فيه دخنة طيبة، فلبس الإزار، وأشعل ذلك البخور، وأقبل ينزل على الدرجة، ويصيح بصوت غليظ وتعمّد أن يجعله جهوريا، لتفزع العجوز. وكانت معتزلية جلدة، ففطنت لحركته، وأنّه لص، فلم تره أنّها فطنت. وقالت: من هذا؟ بارتعاد وفزع شديد. فقال لها: أنا رسول الله رب العالمين، أرسلني إلى ابنك هذا الفاسق، لأعظه، وأعامله بما يمنعه من ارتكاب المعاصي. فأظهرت أنّها قد ضعفت، وغشي عليها من الجزع، وأقبلت تقول: يا جبريل، سألتك بالله، إلّا رفقت به، فإنّه واحدي. فقال اللصّ: ما أرسلت لقتله. فقالت: فما تريد؟ وبما أرسلت؟ قال: لآخذ كيسه، وأؤلم قلبه بذلك، فإذا تاب رددته إليه. فقالت: شأنك، يا جبريل، وما أمرت. فقال: تنحّي من باب البيت. فتنحّت: وفتح هو الباب، ودخل ليأخذ الكيس والقماش، واشتغل في تكويره. فمشت العجوز قليلا قليلا، وجذبت الباب بحميّة، فردّته، وجعلت الحلقة في الرزّة «1» ، وجاءت بقفل، فقفلته. فنظر اللصّ إلى الموت بعينه، ورام حيلة في داخل البيت، من نقب أو منفذ، فلم يجدها.

فقال لها: افتحي الباب لأخرج، فقد اتّعظ ابنك. فقالت: يا جبريل، أخاف أن أفتح الباب، فتذهب عيني من ملاحظتي لنورك. فقال: إنّي أطفىء نوري حتى لا تذهب عينك. فقالت: يا جبريل، إنّك رسول رب العالمين، لا يعوزك أن تخرج من السقف أو تخرق الحائط بريشة من جناحك، وتخرج، فلا تكلّفني أنا التغرير ببصري «1» . فأحسّ اللص بأنّها جلدة «2» ، فأخذ يرفق بها، ويداريها، ويبذل التوبة. فقالت له: دع ذا عنك، لا سبيل إلى الخروج إلّا [185 ب] بالنهار، وقامت تصلّي، وهو يهذي، ويسألها، وهي لا تجيبه، حتى طلعت الشمس، وجاء ابنها، فعرف خبرها، وحدّثته بالحديث، فمضى وأحضر صاحب الشرطة، وفتح الباب، وقبض على اللصّ.

179 من بركة المعتزلة ان صبيانهم لا يخافون الجن

179 من بركة المعتزلة انّ صبيانهم لا يخافون الجنّ سمعت جماعة من أصحابنا، يقولون: من بركة المعتزلة، انّ صبيانهم لا يخافون الجنّ. وقد حكي لنا: أنّ لصّا حصل في دار معتزليّ، فأحسّ به، فطلبه، فنزل إلى بئر في الدار. فأخذ الرجل حجرا عظيما ليدليه عليه، فخاف اللص التلف. فقال له: الليل لنا والنهار لكم، يوهمه أنّه من الجنّ. فقال له المعتزليّ: [فزن معي نصف الأجرة «1» ، ورمى بالحجر فهشمه. فقال له: متى يأمن أهلك من الجنّ؟ فقال المعتزلي] «2» : دع ذا عنك واخرج. فخرج وخلّاه.

180 محدث قارب المائة يتواجد في مجلس خاطف المغنية

180 محدّث قارب المائة يتواجد في مجلس خاطف المغنّية سمعت أبي، قال: جئت إلى أبي القاسم ابن بنت منيع «1» ، لأكتب عنه الحديث، فقال لي من في منزله: قد توجّه في حاجة له، وكانت سنّه إذ ذاك نحو مائة سنة. فجلسنا ننتظره [212 ط] ، فإذا به قد جاء محمولا، فألقي كالمغشيّ عليه، واستراح. فقلنا له: يا أبا القاسم، ما كان هذا الأمر العظيم حتى خرجت فيه بنفسك، ألا كلّفتنا حاجتك؟ فقال: ليس هذا مما أكلّفكم إيّاه، مضيت إلى مجلس ستي خاطف، فسمعتها، وتواجدت من قولها. قال:: فعجبنا من شيخ محدّث يحضر مجلس امرأة تغنّي بالقضيب «2» . وأخبرني جماعة أثق بهم، أنّها تدعى «3» إلى هذا الوقت، وتغني بالقضيب وأنّ لها نحو السبعين سنة. وأخبرني أبو الحسن بن الأزرق أيضا في سنة إحدى وستين وثلاثمائة، أنّها توفيت في منزلها في جواره «4» في هذه السنة.

181 الباغندي المحدث يخطىء في موضعين

181 الباغندي المحدّث يخطىء في موضعين حدّثني أبو الطيّب بن هرثمة: أنّه سمع الباغندي «1» المحدّث، يقول لجارية كانت تخدمه وقد حرد عليها: ذهب زمانك الذي كنت تخضبين فيه [خديك] «2» بالكلكين. يريد: تطلين على وجهك الكلكون «3» . وأنّه سمعه قال، في حديث حدّث به، في قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا «4» ، فقال: فاكهة وأنّا «5» .

182 حكاية تدل على ذكاء القرد

182 حكاية تدل على ذكاء القرد حدّثني أبو الطيّب محمد بن أحمد بن عبد المؤمن، أحد الصوفية الطيّاب من أهل سرّ من رأى «1» ، ثم مرّ ببغداد، وأقام بالأهواز طويلا، وتوكّل على أبواب القضاة، وعاش نحو السبعين سنة، وكان ماجنا، خفيف الروح، قال: بتّ ليلة في خان، ومعنا قرّاد، ومعه قرد، وكنّا كلّنا في بيت واحد ضيّق. ففسا بعض من كان معنا، وزاد في الفسا. فلم يزل القرد يجيء إلى فقحة كلّ واحد منا فيشمّها، ويقف عندها ساعة، إلى أن وقع على فقحة الرجل الذي يفسو. قال: فرأيته، وقد جاء إلى قطن كان مع صاحبه، فاستخرج منه كبّة «2» ، وأخذها بيده، ثم جاء إلى سراويل الذي يفسو، فخرقه، فلم يزل يدس القطن في جحره.

183 هذا من تعليم القرد

183 هذا من تعليم القرد وأخبرني «1» [186 ب] أنّ بعض الصوفية حدّثه: إنّه اجتمع في بيت واحد من خان «2» ، مع قرّاد أمرد، فراوده عن نفسه، فحين حصل فوقه، التمس منه تمكينه من إتيانه في ذاته، فامتنع. فأومأ إليّ القرد بيده، وأخرج عليها بصاقا من فيه، ولم يزل يضعه بها هكذا إلى نفسه. قال: فأقحمت على الغلام. فقال: هذا والله من تعليم القرد، فضحكت. فلما نزلت عنه، قام إلى القرد، يضربه ويقول: يا فاعل، يا صانع علّمته عليّ. قال: فلم أزل به حتى خلّصته من يده «3» [213 ط] .

184 القرود والقلانس

184 القرود والقلانس وأخبرني بعض من سافر في الآفاق، وهو أبو غانم عبد الملك بن عليّ السقطيّ البصريّ: أنّه كان في بعض طرقات اليمن، ومعهم رجل معه قفص فيه قلانس. فأصابتهم سماء «1» ، فابتلّت القلانس، فأخرجها الرجل، فشرّها «2» في الشمس، لمّا نزلوا. وإذا بقطعة عظيمة من القرود، قد أحاطوا بالقافلة، فلما رأوا القلانس، وكانت خارجة عن القافلة بالقرب منّا، وقفوا ينظرون إليها. فجاء قرد كبير يقدمهم، فلبس في رأسه واحدة، وأخذ كلّ واحد منهم واحدة فلبسها إلى أن فنيت القلانس. فتأمّلت صاحبها يلطم ويقول: إن مضوا هؤلاء، وهي على رؤوسهم، افتقرت، فإنّي لا أملك غير هذه القلانس. فقال أهل القافلة: اجلس، واسكت، ولا تهجهم، فجلس. فلما كان بعد ساعة، وضع القرد الكبير القلنسوة من رأسه، فوضعوا كلّهم القلانس، وانصرف، فتبعوه في الانصراف. وقام الرجل إلى قلانسه فجمعها «3» .

185 القرود المستأنسة في اليمن تشتري الحاجات من السوق

185 القرود المستأنسة في اليمن تشتري الحاجات من السوق وحدّثني أيضا «1» ، قال: رأيت قرودا عدّة مستأنسة ببلدان اليمن «2» ، القرد منها يخرج بالزنبيل من منزل صاحبه، ومعه الفضّة، فيقف على بائع اللحم، والخبز، وغيرهما، ويومىء له بما يريده، ويعطيه ثمنه، ويحمل الحاجة إلى منزل صاحبه «3» .

186 أبو عبد الله المزابلي والروح الأمين جبريل رسول رب العالمين

186 أبو عبد الله المزابلي والروح الأمين جبريل رسول رب العالمين وحدّثني أبي، قال: كان عندنا بجبل أنطاكية، المعروف بجبل اللّكام «1» ، رجل يتعبّد، يقال له: أبو عبد الله المزابليّ. وسمّي بذلك، لأنّه كان بالليل يدخل إلى البلد، فيتتبّع المزابل، فيأخذ ما يجده فيها، فيغسله، ويقتات به، لا يعرف قوتا غير ذلك، وأن يتوغّل في جبل اللّكام، فيأكل من الأثمار المباحة فيه. وكان صالحا مجتهدا، إلّا أنّه كان حشويا، غير وافر العقل، وكانت له سوق عظيمة في العامّة بأنطاكية. وكان بها موسى بن الزكوريّ صاحب المجون والسفه «2» في شعره والحماقات وكان له جار يغشى المزابليّ. فجرى بين موسى بن الزكوريّ، وجاره ذاك شرّ، فشكاه إلى المزابليّ فلعنه المزابليّ في دعائه، وكان الناس يقصدونه في كل يوم جمعة غدوة، فيتكلّم عليهم ويدعو. فلما سمعوا لعنه لابن الزكوريّ، جاء الناس إلى داره أرسالا لقتله، فهرب، ونهبت داره، وطلبته العامّة فاستتر. فلما طال استتاره، قال: إنّي سأحتال على [187 ب] المزابليّ بحيلة

أتخلّص منه بها، فأعينوني، فقلت: ما تريد؟ فقال: أعطوني ثوبا جديدا، وشيئا من الندّ والمسك، ومجمرة، ونارا، وغلمانا يؤنسوني الليلة في الطريق إلى الجبل. قال أبي: فأعطيته ذلك كلّه. فلما كان في نصف الليل، مضى، وخرج الغلمان معه إلى الجبل، حتى صعد فوق الكهف الذي يأوي إليه المزابليّ، فبخّر بالندّ والمسك، فدخلت الريح إلى كهف أبي عبد الله، وصاح بحلق عظيم: يا أبا عبد الله المزابليّ. فلما شمّ تلك الرائحة، وسمع الصوت، أنكرهما. فقال: ما لك عافاك الله، ومن أنت؟ فقال ابن الزكوريّ: أنا الروح الأمين، جبريل، رسول رب العالمين، أرسلني إليك. فلم يشكّ المزابليّ في صدق القول، فأجهش بالبكاء والدعاء، وقال: يا جبريل، من أنا حتى يرسلك ربّ العالمين إليّ. فقال: الرحمان يقرؤك السلام، ويقول لك: موسى ابن الزكوريّ غدا رفيقك في الجنة. فصعق أبو عبد الله، وسمع صوت الثياب، وقد كان خرج فرأى بياضها، فتركه موسى ورجع. فلما كان من الغد، كان يوم جمعة، فأقبل المزابليّ يخبر الناس برسالة جبريل، ويقول: تمسّحوا بابن الزكوريّ، واسألوه أن يجعلني في حلّ، واطلبوه لي. فأقبل العامّة أرسالا إلى دار ابن الزكوري، يطلبونه ليتمسّحوا به ويستحلّوه للمزابليّ، فظهر، وأمن على نفسه «1» .

187 عيار بغدادي يحتال على أهل حمص

187 عيار بغدادي يحتال على أهل حمص حدّثني أبو الطيّب بن عبد المؤمن، قال: خرج بعض حذاق المكدّين من بغداد إلى حمص، ومعه امرأته. فلما حصل بها، قال لها: إنّ هذا بلد حماقة ومال، وإنّي أريد أن أعمل معييا «1» - قال: وهذه كلمة لهم إذا أرادوا أن يعملوا حيلة كبيرة- فساعديني عليها بالصبر. قالت: شأنك. فقال: كوني بموضعك، ولا تجتازين بي البتّة، وإذا كان كلّ يوم خذي لي ثلثي رطل زبيبا، وثلثي رطل لوزا نيّا، فاعجنيه، واجعليه وقت الهاجرة على آجرة نظيفة، لأعرفها، في الميضأة الفلانيّة، وكانت قريبة من الجامع، ولا تزيديني على هذا شيئا، ولا تمرّين بناحيتي. فقالت: أفعل. قال: وجاء هو، وأخرج جبّة صوف كانت معه، فلبسها، وسراويل صوف، ومئزرا جعله على رأسه. واعتمد اسطوانة في الجامع بحيث يجتاز عليها أكثر الناس، فلزمها يصلّي نهاره أجمع، وليله أجمع، ولا يستريح إلّا في الأوقات المحضورة فيها الصلاة، وإذا جلس للراحة سبّح، ولم ينطق بلفظة. ولم يشعر به أيّاما، ثم تنبّه على مكانه. وروعي مدة، وعرف خبره، ووضعت العيون عليه، فإذا هو لا يقطع

الصلاة، ولا يذوق الطعام، فتحيّر أهل البلد في أمره. وكان لا يخرج من الجامع إلّا في الهاجرة، في كل يوم دفعة، حتى يمضي إلى تلك الميضأة، فيبول، ويعمد إلى تلك الآجرة، وقد عرفها، وعليها ذلك [188 ب] المعجون، وقد صار مستحيلا، وصورته صورة الغائط الناشف المستحيل، فمن يدخل ويخرج، لا يشك أنّه غائط، فيأكله، ويقيم أوده، ويرجع، فإذا تمسّح لصلاة العتمة في الليل، شرب كفايته من الماء. وأهل حمص يظنون أنّه لا يذوق الماء ولا الطعام، وأنّه طاو طول تلك المدّة. فعظم شأنه ومحلّه عندهم، وقصدوه، وكلّموه، فلم يجب، وأحاطوا به، فلم يلتفت، واجتهدوا في خطابه، فلزم لهم هذا الصمت والعمل. فزاد محلّه عندهم، حتى إنّهم كانوا إذا خرج للطهور، جاءوا إلى موضعه فيتمسّحون به، ويأخذون التراب من موضع مشيه، ويحملون إليه المرضى فيمسح بيده عليهم. فلمّا رأى أنّ منزلته قد بلغت إلى ذلك، وكان قد مضى على هذا الفعل سنة، اجتمع في الميضأة مع امرأته، وقال: إذا كان يوم الجمعة، كما تصلي الناس «1» ، فتعالي، فاعلقي بي، والطمي وجهي، وقولي لي: يا عدوّ الله يا فاسق، قتلت ابني ببغداد، وهربت إلى هاهنا، وجئت تتعبّد، وعبادتك مضروب بها وجهك. ولا تفارقيني، وأظهري أنّك تريدين قتلي بابنك، فإن الناس يجتمعون عليك، وأمنعهم أنا من أذيّتك، وأعترف بأنّي قتلته، وتبت، وجئت إلى هاهنا، للعبادة والتوبة، والندم على ما كان منّي.

فاطلبي قودي بإقراري، وحملي إلى السلطان، فسيعرضون لك الدية فلا تقبليها، أو يبذلوا لك عشر ديات، أو ما استوى لك بحسب ما ترين من زيادتهم، وحرصهم. فإذا تناهت عطيّتهم في افتدائي إلى حدّ يقع لك أنّهم لا يزيدون بعده شيئا، فاقبلي الفداء منهم، واجمعي المال، وخذيه، واخرجي من يومك عن البلد إلى طريق بغداد، فإنّي سأهرب، وأتبعك. فلما كان من الغد جاءت المرأة، فلما رأته، فعلت به ما قال لها، ولطمته وقالت المقالة التي علّمها. فقام أهل البلد ليقتلوها، وقالوا: يا عدوّة الله، هذا من الأبدال «1» هذا من قوّام العالم «2» ، هذا قطب الوقت «3» ، هذا صاحب الزمان، هذا، هذا. فأومأ إليهم أن اصبروا ولا تنالوها بسوء، فصبروا، وأوجز صلاته، ثم سلّم، وتمرّغ في الأرض طويلا. ثم قال للناس: هل سمعتم لي كلمة منذ أقمت فيكم؟ فاستبشروا لسماع كلامه، وارتفعت صيحة عظيمة، وقالوا: لا. قال: فإنّي إنّما أقمت عندكم تائبا ممّا ذكرته، وقد كنت رجلا في زيغ وخسارة، فقتلت ابن هذه المرأة، وتبت، وجئت إلى هاهنا للعبادة،

وكنت محدّثا نفسي بالرجوع إليها، وطلبتها لتقيدني «1» ، خوفا من أن لا تكون توبتي قد صحّت، وما زلت أدعو الله تعالى أن يقبل توبتي، ويمكّنها مني، إلى أن أجيبت دعوتي [189 ب] ، وقبل الله توبتي، لمّا جمعني وإيّاها، ومكّنها من قودي، فدعوها تقتلني، وأستودعكم الله تعالى. قال: فارتفعت الصيحة والبكاء. وقال له هذا: يا عبد الله ادع لي. وقال له هذا: ادع لي. وأقبلت المرأة بين يديه، وهو مارّ إلى والي البلد، وهو يمشي على تأنّ ورفق، ليخرج من الجامع إلى دار الأمير، فيقتله بابنها. فقال الشيوخ: يا قوم لم ضللتم عن مداواة هذه المحنة؟ وحراسة بلدكم بهذا العبد الصالح؟ فارفقوا بالمرأة، وسلوها قبول الدية، ونجعلها من أموالنا. فأطافوا بها، وسألوها، فقالت: لا أفعل. قالوا: خذي ديتين. فقالت: شعرة من ابني بألف دية. فما زالوا حتى بلغوا عشر ديات. فقالت: اجمعوا المال، فإذا رأيته، إن طاب قلبي بقبوله، والعفو عن الدم، فعلت، وإلّا قتلت القاتل. فقالوا: نعم. فقال الرجل: قومي عافاك الله، وردّيني إلى موضعي من الجامع. قالت: لا أفعل.

قال: فذاك إليك. فما زالوا يجمعون إلى أن جمعوا مائة ألف درهم، فقالوا: خذيها. قالت: لا أريد إلّا قتل قاتل ابني، فهو آثر في نفسي. فأقبل الناس يرمون بثيابهم، وأرديتهم، وخواتيمهم، والنساء بحليهنّ، والرجال كلّ يرمي بشيء من متاعه، ومن لم يتحمّل من ذلك الفداء، كان في أمر عظيم، وكأنّه قد خرج من الدنيا. فأخذته، وأبرأته من الدم، وانصرفت. فأقام الرجل في الجامع أيّاما يسيرة، حتى علم أنها قد بعدت، ثم هرب في بعض الليالي، وطلب من غد فلم يوجد، ولا عرف له خبر. حتى انكشف لهم أنّها حيلة عملها، بعد مدّة طويلة «1» .

188 صوفي سمع، فطرب، فتواجد، فمات

188 صوفيّ سمع، فطرب، فتواجد، فمات رأيت ببغداد صوفيا يعرف بأبي الفتح، أعور، في مجلس أبي عبد الله ابن البهلول، يقرأ بألحان، قراءة حسنة، وصبيّ يقرأ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ «1» . فزعق الصوفيّ: بلى، بلى، دفعات، وأغمي عليه طول المجلس، وتفرّق الناس عن الموضع. وكان الاجتماع في صحن دار كنت أنزلها، فلم يكن الصوفيّ أفاق، فتركته مكانه، فما أفاق إلى قرب العصر، ثم قام. فلما كان بعد أيّام، سألت عنه، فعرفت أنّه حضر عند جارية بالكرخ، تقول بالقضيب «2» ، فسمعها تقول الأبيات التي فيها: وجهك الميمون حجّتنا ... حين تأتي الناس بالحجج فتواجد ودقّ صدره، إلى أن أغمي عليه، فسقط. فلما انقضى المجلس، حرّكوه، فوجدوه ميتا، فشالوه، ودفنوه، واستفاض الخبر بهذا وشاع. والأبيات لعبد الصمد بن المعذّل «3» ، وهي في أمالي الصولي عنه بإسناد ثابت في أصول سماعاتي:

يا بديع الدلّ والغنج ... لك سلطان على المهج [190 ب] إنّ بيتا أنت ساكنه ... غير محتاج إلى السرج لا أتاح الله لي فرجا ... يوم أدعو منك بالفرج وجهك المأمول حجّتنا ... يوم تأتي الناس بالحجج والصوفيّة، إذا قالوا: وجهك المأمول، يقلبونه إلى ما لهم في ذلك من المعاني. وكانت قصّة هذا الرجل، وموته في سنة خمسين وثلاثمائة، وأمره من مفردات الأخبار «1» .

189 مكديان بغداديان يحتالان على الناس

189 مكدّيان بغداديان يحتالان على الناس حدّثني جماعة من شيوخ بغداد: إنّه كان بها في طرفي الجسر سائلان أعميان، يتوسّل أحدهما بأمير المؤمنين عليّ عليه السلام، والآخر بمعاوية، ويتعصّب لهما الناس، وتجيئهما القطع «1» دارّة. فإذا انصرفا جميعا، اقتسما القطع، وإنّهما كانا شريكين، يحتالان بذلك على الناس «2» .

190 كلنا صيادون لكن الشباك تختلف

190 كلنا صيادون لكن الشباك تختلف حدّثني أبو أحمد عبد السلام بن عمر بن الحارث «1» ، قال: جاء رجل من الصوفية إلى بجكم» وهو بواسط، فوعظه، وتكلّم عليه بالفارسية والعربية، حتى أبكاه بكاء شديدا. فلمّا ولّى من بين يديه خارجا، قال بجكم لبعض من بحضرته: احمل معه ألف درهم، وادفعها إليه. قال: فحملت، فأقبل بجكم على من بين يديه، فقال: ما أظنه يقبلها وهذا محترق بالعبادة، أيش يعمل بالدراهم. قال: فما كان بأسرع من أن رجع رسوله الذي كان أنفذه بالدراهم، فارغ اليد. فقال له بجكم: أيّ شيء عملت؟ قال: أخذت إليه الدراهم، وأعطيته إيّاها. قال بجكم: فأخذها؟ قال: نعم. فعضّ بجكم على شفتيه، وقال: إنّا لله، حيلة تمت عليّ، كلّنا صيادون لكنّ الشباك تختلف «3» .

191 تاجر يتحدث عن صفقة عقدها وراء باب الأبواب

191 تاجر يتحدث عن صفقة عقدها وّراء باب الأبواب وحدّثني أبو علي الحسن بن محمد الأنباري الكاتب «1» ، عن رجل من التجّار الموغلين في الأسفار، قال: سافرت إلى وراء باب الأبواب «2» بمسافة بعيدة، ومعي متاع. فبلغت أرضا لها أهل بيض شقر، مرط، دقاق، قصار، عراة، قليلو الأظفار، لغتهم لغة غير الفارسية والتركية، لا أعرفها، لا ورق «3» ، في بلادهم، ولا عين «4» ، وإنّما يتعاملون بالأمتعة، والأغلب عندهم الغنم. فحملت إلى ملكهم، فعرضت عليه ما معي، فاستحسن منه ثوب ديباج كان معي، منقّطا، فسألني عن ثمنه، فاستمت مالا كثيرا. فقال لي: لا مال عندنا وإنّما هي هذه الأمتعة، فإن صلحت لك، فخذ ما شئت. فقلت: لا تصلح لي. فقال: فالغنم؟ فقلت: كم عساك تعطيني؟

فقال: حكمك. فقلت: بعدد كل نقطة في الثوب شاة. [191 ب] فقال: قد أجبتك. فأخذت أعدّ النقط، فلم ينضبط لي ذلك، وجهد جميع من عنده في هذا، فتعذّر عليهم. فقال لي: ما نعمل الآن، قد تعبنا، وأتعبناك في شيء لا يصحّ، فهممت بحمل الثوب والانصراف. ففكّر ساعة، ثم قال لترجمانه: قال له يبسط الثوب. وكان له ترجمانان، يكلّم أحدهما بلغته، فيكلّم الترجمان، ترجمانا آخربلغة أخرى، فيكلّمني ذاك بالفارسية، فأفهم. قال: فبسطت الثوب، وأمر الملك، فأحضر كلّ ما قدر عليه من حصى صغار وأحجار لطيفة، فترك على كل نقطة حصاة، حتى امتلأ الثوب بالحصى والحجارة اللطاف فوق النقط. ثم أمر بجمع أمر عظيم من الغنم، وأوقفت بحضرته، وأمر رجالا أن يجلسوا، ورجالا [أن يقوموا] فجلس بعضهم على الثوب. فكانوا يأخذون حصاة حصاة فيلقونها عن الثوب، فكلما ألقى من الجلوس رجل حصاة، أخذ رجل من القيام، شاة من الموضع الذي فيه الغنم إلى رحلي، وسلّمت إلى أصحابي، حتى استوفيت على عدد الحصى الذي كان فوق الثوب، بكل نقطة شاة. قال: فاستحسنت فطنته لذلك، فقلت للتراجم: قولوا له: ما أنصرف إلى بلدي بشيء أحسن من فطنة الملك، لاستخراج هذا، فكيف وقع له هذا وهو لا يلابس مثله؟ وأنا تاجر، وما وقع لي، ولا لجميع أهل مملكته. قال: فأعجبه قولي، وقال: إنّك لما أردت الانصراف، تأسّفت على

ما يفوتني من الثوب، ففكّرت، والملوك لا بدّ أن يدرّبهم الملك، ويصيّر لهم مزيّة في حيل الرأي في الحوادث التي تطرقهم، ليست لغيرهم، لأنّ أفكارهم صافية من الاهتمام بما يهتم به غيرهم من المعايش، موقوفة على مصالح المملكة، ومداراة الخوارج، أو على الشهوات، قدر ما شغلوا به نفوسهم، وليس يتحصّل لواحد منهم الملك، إلّا لشرفه، ومعنى قد فضل به، وتقدّم من أجله، إما بسعادة تخدمه، أو بفضل في نفسه، فلما رأيت أنّ الثوب يريد «1» أن يفوتني، فكّرت، كيف الحيلة في عدّ النقط، فوقع لي ما رأيت. فقلت له: أيّها الملك، فائدتي بما سمعته منك، من هذا الكلام، أحب إليّ من فائدتي بما ربحته عليك في ثمن الثوب. قال: فأجازني بجائزة سنيّة، وأصحبني من آنسني، وخدمني في طريقي، وحمل معي تلك الغنم، إلى أن خرجت من أعماله، فبعتها بمال عظيم «2» .

192 أبو علي الأنباري والطبيب يوحنا الأهوازي

192 أبو علي الأنباري والطبيب يوحنّا الأهوازي حدّثني أبو عليّ الأنباري «1» ، قال: كنت بحضرة أبي يوسف البريديّ «2» ، فكتبت كتبا كثيرة «3» ، وحمي النهار، فقمت ضجرا، أمشي في الصحن الأعظم من الدار، فلقيت يوحنّا الطبيب الأهوازيّ النصرانيّ «4» ، فقال: يا أبا [192 ب] عليّ افتصد الساعة، وإلّا طعنت. فقلت: أمس افتصدت. قال: فحلّ إزارك، وسراويلك. قال: فوقفت، وفعلت ذلك. فقال لي: لو لم يتغيّر لونك إلى الإسفار، لفصدتك ثانية. قال: فعجبت من فطنته لاجتماع الدم في وجهي، ومعالجته بسرعة «5» .

193 طبيب يتحدث عن بعض خواص النارنج

193 طبيب يتحدث عن بعض خواص النارنج وحدّثني أبو عليّ «1» ، قال: دخل يوحنّا «2» يوما إلى داري، وبحضرتي مطاولات «3» كثيرة، فيها نارنج، فحين رآها، قال يوحنّا: منذ كم هذه الأطباق عندك؟ فقلت: منذ أيام. فقال: إنّا لله، تقدّم برفعها الساعة، والا لم أجلس وهي أمامي «4» . فقلت: شيلوها. ثم قلت: ما السبب في هذا؟ فقال: إنّ النارنج خاصيته أن يرعف «5» ، وإنّه لا يرعف أحد عقيب إدمانه شمّه رعافا يكون سببه شمّه أو بالاتفاق، إلّا يدوم رعافه إلى أن يموت، فلا حيلة فيه «6» .

194 من شعر ابي القاسم الصروي

194 من شعر ابي القاسم الصروي أنشدني أبو القاسم الصرويّ لنفسه: ويوم كيوم البين حرّا قطعته ... على سابح طاوي الأياطل سابق أخوض عليه جمرة القيظ حاسرا ... كأنّي على الهجران في قلب عاشق «1» [193 ب] . وهذا آخر الكتاب وكان الفراغ من كتابته في يوم الجمعة مستهل رجب الفرد سنة ثلاثين وسبعمائة. الحمد لله وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم [نسخة ب] .

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب 5:: مقدمة المحقق 7:: مقدمة المؤلف 9: 1: علوّ نفس أبي جعفر القاضي 12: 2: الحكم كالسهم إذا نفذ لم يمكن ردّه 18: 3: شيخ أهوازيّ يسعى في صرف عامل الأهواز 21: 4: من مكارم أخلاق المأمون 22: 5: مروءة القاضي محمد بن منصور 23: 6: حرمة القضاء في العهد العباسي 24: 7: جزاء الوالي الظالم 25: 8: الجذوعي القاضي يشهد على الخليفة المعتمد 27: 9: إيحاشك فقد وإيناسك وعد 28: 10: أبو خليفة القاضي والكلام المسجوع 29: 11: بين علي بن عيسى وعلي بن الفرات 32: 12: الوزير ابن الفرات يفحم مناظريه ويكاد يأكلهم 36: 13: أفضل ما يخلّف المرء لعقبه صديقا وفيّا 40: 14: المأمون ومحبّته للجوهر 41: 15: أمويّ يتحدّث عمّا أعانهم في نكبتهم 42: 16: لقمة بلقمة 44: 17: كفى بالأجل حارسا

46: 18: كتاب من يحيى بن فهد الأزدي للأمير أبي تغلب بن حمدان 49: 19: من شعر يحيى بن فهد الأزدي 52: 20: بين يحيى بن فهد الأزدي وأبي الفرج الببغاء 54: 21: فقرات من رسائل 55: 22: بين أبي عمر القاضي وأبي عصمة الخطيب 58: 23: القاضي يخطب بين يدي الخليفة في الإملاك 59: 24: وصف طبق قطائف 59: 25: النداء على الرطب الآزاد 60: 26: الوزير بن مقلة وأبو أحمد الفضل الشيرازي الكاتب 67: 27: الوزير بن مقلة يهدي لكاتبه عطرا وشرابا ومالا 70: 28: أنت تحركت على الصفراء، ليس الصفراء تحركت عليك 71: 29: بغل لا يصلح للبيع 72: 30: القاضي أبو الحسن الهاشميّ يغسل الخليفة الراضي 73: 31: الخليفة الواثق يهمل بعد موته فيأكل الحرذون عينيه 75: 32: ما أرانا إلا كنّا خزّانا للوليد 76: 33: الخليفة القاهر يعذب أم المقتدر زوجة أبيه ويصلبها منكّسة 77: 34: الخليفة القاهر يعذب أم المقتدر ويضطرها لبيع أملاكها 80: 35: يقتلون شيخا حسن الشيبة، ثم يظهر أنه خنّاق 83: 36: القاضي أبو عمر وحسن تصرفه ووفور عقله 87: 37: القاضي أبو عمر يستميل احد خدم الخليفة 89: 38: جواب مفحم 90: 39: رقية تحبس السم 92: 40: دواء للسعة الزنبور

92: 41: طبيب يلطخ مريضا بالعذرة 93: 42: ذرق العصفور يزيل الآكلة 93: 43: البول المغليّ يحلّ القولنج 94: 44: عجوز تداوي من البثور 95: 45: حظ القاضي أبي جعفر بن البهلول يدفع كارثة 97: 46: الأمير معز الدولة يزاد فوق وظيفته رغيفين وباقة بصل 99: 47: أبو علي حمولي القميّ يرتفع من حارس في خان إلى أعلى المراتب 100: 48: إن الفتى من يقول ها أنذا 101: 49: حريق الجمل ببغداد 104: 50: إبراهيم بن الحسن البزاز يخسر في حريق واحد ما يزيد على أربعمائة ألف درهم 105: 51: أبو القاسم الجهني يفخر بأنّه قد أجهد نفسه فيما لا يليق بالرجل الحرّ 108: 52: أبو القاسم الجهني يتولى الحسبة بالبصرة 110: 53: الكوكبي محتسب الأهواز والقاضي ابن السراج 111: 54: أحسن الى الناس تستعبد قلوبهم 114: 55: حكاية تدل على مقدار عناية الوزير عبيد الله بن سليمان بابن أبي عوف 115: 56: ابن أبي عوف يحتال في إيصال كتبه إلى الوزير 116: 57: تصرّف من ابن أبي عوف يدل على نفس صغيرة 117: 58: سبب سقوط محل ابن أبي عوف 118: 59: الموفق طلحة يراسل أخاه المعتمد في خلع المفوض وتقليد العهد لغيره

120: 60: متى حدّثت ابن مقلة نفسه بالوزارة 122: 61: شيخ من الديناريين يثني ابن مقلة عن طلب الوزارة 123: 62: من طلب عظيما خاطر بعظيم 124: 63: وجزاء سيئة سيئة مثلها 126: 64: مشعوذ يدعي الولاية 129: 65: الشبلي يتواجد 130: 66: إذا عتّق الشمع عشرات السنين ثم استعمل أبطأت النار فيه 132: 67: حجّام يحجم بالنسيئة إلى الرجعة 133: 68: أذان رجل من القطيعة 134: 69: الحنابلة يبنون مسجدا ضرارا 135: 70: أبو عبد الله الكرخي آية في سرعة الحفظ 137: 71: أبو عبد الله الكرخي يحفظ جماعة تحتوي على ارتفاع فارس 138: 72: نادرة عن شخص آخر آية في سرعة الحفظ 140: 73: والد المؤلف يحفظ قصيدة تشتمل على ستمائة بيت في يوم وليلة 142: 74: مقدار ما حفظه والد المؤلف من الشعر 143: 75: حفظ القرآن في ستة أشهر 144: 76: من أقوال الصوفيّة 145: 77: ناصر الدولة الحمداني يتبع وصيّة أبيه أبي الهيجاء 152: 78: بين ابن أبي البغل عامل أصبهان وأحد طلاب التصرف 155: 79: ابن أبي البغل يأمر بأشخاص أحد عمّاله لكي يقطع سحاة كتاب

157: 80: لابن بشر الآمدي يهجو قاضي البصرة 158: 81: أبو رياش الشاعر يعاتب الوزير المهلبي 159: 82: بين أبي العباس بن دينار وأبي يحيى الرامهرمزي 161: 83: حجر خاصيته طرد الذباب 163: 84: يوسف بن وجيه صاحب عمان يذعن لحكم مستشاريه 165: 85: سلب دنانيره ثم استعادها بدرهمين 167: 86: امرأة تدعي أنّ زوجها كان يعشق السراويلات 169: 87: ينكر الدين ويأبى أن يحلف اليمين 170: 88: بحث في الرباب بين القاضي وأحد العدول 171: 89: القاضي أبو عمر يتردد في قبول شهادة شاهد تظاهر بالانزعاج من رائحة الخمر 172: 90: قواد ابن قواد 184: 91: أراد جوامرك فطلب جوانبيره 186: 92: أسد بن جهور وبخله على الطعام 188: 93: ناصر الدولة يحاسب على بقية دجاجة 190: 94: الحسن بن مخلد وبخله على الطعام 195: 95: إنّ بالحيرة قسّا قد مجن 197: 96: بين جحظة وأبي الحسين بن عيّاش 198: 97: أبو عيشونة الشاطر 199: 98: الحذّاء الماجن بباب الطاق 200: 99: طبيب يتماجن على مريض 201: 100: يريد نعلا وجهه مليح وأسفله وثيق 201: 101: كما تدين تدان

202: 102: طيّب الطعام يستخرج لبّ الشكر 202: 103: سعد السعود 203: 104: من رسائل أبي محمد المهلّبي 204: 105: أبو طلحة يروي حديثا غير شريف 205: 106: واصل بن عطاء والخوارج 207: 107: بين معتزليّ وأشعريّ 208: 108: خلاف بين المعتزلة وبين غوغاء من العوام 209: 109: دفن أبي هاشم الجبائي وأبي بكر بن دريد في يوم واحد 211: 110: بين الهبيريّ وابن أبي خالد الأحول 216: 111: بين ابن أبي الأضخم وابن أبي خالد الأحول 218: 112: إذا نزل القضاء لم ينفع الدعاء 219: 113: من شعر ابن الحجّاج البغدادي 222: 114: عائدة الجهينة تنظم الشعر الحسن 224: 115: لو كان هذا المخنّث شاعرا، كان أشعر الناس 225: 116: بين مخنّث وامرأة 225: 117: بين مخنّث ومغنّية 226: 118: بين مخنّث وامرأة تولّعت به 226: 119: فتى يهاتر مغنّية 227: 120: الحر العاملي ومكاشفته باللواط 228: 121: أبو عيسى ابن بنت أبي نوح ومكاشفته بالبغاء 229: 122: الصولي والاسفيذباج بالمباعر المحشوّة 230: 123: لم أمرّضه فأسلو، لا ولا كان مريضا 233: 124: كان الناس لا يستطيعون النياحة على الحسين خوفا من الحنابلة

234: 125: عناية رسول الله صلوات الله عليه بأبي حسان الزيادي 240: 126: العلويون وآل طاهر 243: 127: بين الوزير علي بن عيسى والعطار الكرخي 246: 128: يحفظ شعرا في منامه 248: 129: المعتضد يهدم سور أنطاكية 252: 130: بحث في شكوى الزمان وفساد الإخوان 255: 131: من شعر أبي فراس الحمداني 261: 132: نسخة كتاب من أبي محمد يحيى الأزدي إلى الأمير أبي تغلب بن ناصر الدولة 264: 133: رسالة إلى رجل تزوجت أمّه 265: 134: حديث العلويّة الزمنة 269: 135: إذا لم تكن في الشاهد ثلاث من خلال أهل النار صار هو من أهل النار 270: 136: شطرنجيّ يتحدث عن فضائل الشطرنج 272: 137: يخاف على غلبته في النرد من العين 272: 138: مقامر بالنرد يكفر إذا خسر 273: 139: بحث في عبارة الرؤيا 275: 140: ضيق أحوال الناس أبعدهم عن ممارسة البر والإحسان 277: 141: قردة على جانب عظيم من الذكاء 278: 142: مخنّث حاضر الجواب 279: 143: الشاعر أبو نصر البنص وجارية بغدادية 280: 144: فص حجر خاصيته طرد الذباب 281: 145: أسد بن جهور وكثرة نسيانه

282: 146: أسد بن جهور يطلب الماء للدواة مرارا ثم يشربه 283: 147: بين أبي بكر الأزرق التنوخي وأسد بن جهور 286: 148: بين طاهر بن يحيى العلوي وأحد أصحابه 287: 149: يا قديم الإحسان 290: 150: الحلاج في جامع البصرة 292: 151: جحظة البرمكي يغضب من خسارته في النرد 293: 152: بين مؤذن ومحتسب 294: 153: أبو بكر بن دريد كان آية في الحفظ 295: 154: البربهاري رئيس الحنابلة ببغداد 296: 155: أبو الفرج الببغاء ينشىء نسخة كتاب على لسان الأمير سيف الدولة بشأن الفداء 301: 156: الشاعر المعوج يمدح بدر الحمامي 302: 157: الشاعر الصروي يمدح صاحب النشوار 303: 158: أبيات من نظم أبي القاسم عبيد الله بن محمد الصروي 305: 159: لأبي الفرج الببغاء في وصف كانون 306: 160: لأبي الفرج الببغاء في صفة شمعة 307: 161: للسري الرفاء في الغزل 308: 162: بين قاضي القضاة أبي السائب والشاعر ابن سكرة الهاشمي 310: 163: طبيعة الأمير سيف الدولة في إسداء المكارم 312: 164: كيف تأثلت حال أبي عبد الله الجصّاص 314: 165: سبب اختصاص أبي عبد الله بن الجصّاص بأبي الجيش خمارويه أمير مصر 316: 166: بين الخليفة المكتفي والتاجر ابن الجصّاص

318: 167: إسماعيل بن بلبل والأعرابي العائف 320: 168: أعراب ثلاثة يتنبأون بموت قاضي القضاة ودفنه في داره 322: 169: عيافة أعرابي 324: 170: من أحاديث الزرّاقين 327: 171: بين الأمير الموفق وأبي معشر المنجّم 329: 172: مما شاهده المؤلف من صحّة أحكام النجوم 331: 173: الأخذ بالحزم أولى 332: 174: أبو عليّ أحذق الناس بالنجوم 333: 175: أبو الحسن الأهوازي وسابور ذو الأكتاف 334: 176: أبو عبد الله الكرخي يحب مؤاكلة الأكول 336: 177: بين أبي جعفر بن شيرزاد وأبي عبد الله الموسوي 339: 178: اللص والعجوز الجلدة أم الصيرفي 342: 179: من بركة المعتزلة أن صبيانهم لا يخافون الجن 343: 180: محدّث قارب المائة يتواجد في مجلس خاطف المغنّية 344: 181: الباغندي المحدّث يخطىء في موضعين 345: 182: حكاية تدلّ على ذكاء القرد 346: 183: هذا من تعليم القرد 347: 184: القرود والقلانس 348: 185: القرود المستأنسة في اليمن تشتري الحاجات من السوق 349: 186: أبو عبد الله المزابلي والروح الأمين جبريل رسول ربّ العالمين 351: 187: عيّار بغداديّ يحتال على أهل حمص

356: 188: صوفيّ، سمع، فطرب، فتواجد، فمات 358: 189: مكدّيان بغداديان يحتالان على الناس 359: 190: كلنا صيّادون ولكنّ الشباك تختلف 360: 191: تاجر يتحدث عن صفقة عقدها وراء باب الأبواب 363: 192: أبو علي الأنباري والطبيب يوحنا الأهوازي 364: 193: طبيب يتحدث عن بعض خواص النارنج 365: 194: من شعر أبي القاسم الصروي

فهرس أسماء الأشخاص أ

فهرس أسماء الأشخاص أ (أ) أبو إبراهيم- الأنطاكي الشطرنجي 270 إبليس 241 ابن الأثير- عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري 66، 118، 119 أحمد بن إسحاق- أبو جعفر بن البهلول القاضي التنوخي- التنوخي أحمد بن الطيّب- السرخسي ابن الأحموش- تاجر الغلات 120 الأحول- أحمد بن أبي خالد- وزير المأمون 211، 214، 215، 216 ابن الأخرس- تاجر الغلات 120 ابن الأخزر- أبو القاسم عليّ النحويّ 286 الأرجانيّ- أبو عبد الله الحسين بن شعيب 24 الأزدي- أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد 46، 49، 52، 60، 67، 70، 145، 172، 261، 265، 268 أرسطاطاليس 201 الإسحاقي- شاكر- أمير الكوفة 283، 284 إسماعيل بن بلبل- الوزير 25، 26، 318، 319 الإشنانداني- أبو عثمان- معلم أبي بكر بن دريد 294 أصبغ بن أحمد- أبو جعفر الكاتب 80 الأصبهاني- أبو القاسم سعد بن عبد الرحمن 152، 155

الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين- صاحب الأغاني 99، 132، 133 الأصبهاني- أبو بكر محمد بن داود- صاحب كتاب الزهرة 210 ابن أصدق- النائح على الحسين عليه السلام 230، 231، 232 ابن أبي الأضخم- شيخ من شيوخ الكتاب 216 ابن الأعرابي- أبو عليّ الشاعر 292 الأعشى- أبو بصير ميمون بن قيس بن جندل 89 الآمدي- أبو القاسم الحسن بن بشر 157 بنو أميّة- 36، 41 الأنباري- أبو علي الحسن بن محمد 167، 290، 360، 363، 364 الأنصاري- علي بن محمد 92، 93، 94 الأهوازي- أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين الكاتب 230، 232، 252، 253 الأهوازي- أبو الحسن مطهّر بن إسحاق بن يوسف الشاهد 333، 334 الأهوازي- أبو زكريا يوحنا الطبيب النصراني 363، 364 الإيذجي- أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله القاضي 209 الإيذجي- سهل بن عبد الله 9، 209 (ب) الباغندي- أبو بكر محمد بن سليمان بن الحارث بن عبد الرحمن الأزدي 344 الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي 52، 264، 296، 305، 306 بجكم- أمير الأمراء- القائد التركي 80، 81، 82، 92، 121، 159، 221، 222، 336، 359 البحتري- أبو عبادة- الوليد بن عبيد الطائي 142، 281 بختيار- أبو منصور عز الدولة بختيار بن معز الدولة 152، 157، 219، 253

أم بختيار- زوجة معز الدولة 252 بدر اللاني- القائد التركي 115 بدعة الحمدونية- بدعة الصغيرة بدعة الصغيرة- المعروفة ببدعة الحمدونية 66 بدعة الكبيرة- جارية عريب المأمونيّة 66 البربهاري- الحسن بن علي بن خلف- رئيس الحنابلة 233، 295 البرمكي- جعفر بن يحيى بن خالد 194 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد 123، 163، 221، 222، 252، 290، 333، 363 البريدي- أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد 252 البريدي- أبو يوسف يعقوب بن محمد 125، 167، 290، 363 البزاز- إبراهيم بن الحسن 104 البزاز- أبو محمد خلف بن هشام الأسدي- أحد القراء العشرة 143 ابن بسّام- أبو الحسن علي بن محمد بن نصر 117 البسطامي- أبو بكر، غلام ابن دريد، وزوج ابنته 42 البصريّ- أبو طلحة الحذّاء- الحذّاء البصريّ- أبو الحسن محمد بن عليّ بن الخلّال- الخلال البصريّ- أبو محمد يعقوب بن إسحاق- أحد القراء العشرة 143 ابن أبي البغل- أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى 152، 153، 154، 155 ابن بلبل- إسماعيل الوزير- إسماعيل بن بلبل البنص- أبو نصر النيسابوري 279 بهجة- الصفراء- عشيقة أبي الفضل الشيرازي الكاتب 70 البيهقي- إبراهيم بن محمد- صاحب كتاب المحاسن والمساوئ 54

(ت) تجنّي- جارية الوزير أبي محمد المهلّبي وأم أولاده 265، 268 التستري- أبو عبد الله بن هارون المقرىء 143 أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي 142 التنوخي- أبو عبد الله بن البهلول 356 التنوخي- علي بن إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 280 التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 58، 90، 91، 95، 96، 168 التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 58، 90، 91، 97، 114، 115، 116، 120، 126، 187، 205، 207، 273، 275، 281، 286، 287، 292، 293، 294، 295، 332، 343 التنوخي- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 329 التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد القاضي- والد صاحب النشوار 9، 12، 21، 25، 27، 42، 55، 100، 135، 137، 140، 141، 142، 159، 203، 209، 211، 222، 224، 230، 231، 233، 234، 240، 248، 268، 270، 329، 330، 333 التنوخي- أبو عليّ المحسّن بن عليّ القاضي- صاحب النشوار 3، 5، 23، 42، 55، 72، 80، 86، 91، 123، 141، 234، 268، 279، 287، 290 التنوخي- أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 58، 90، 91 التنوخي- محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم- جد صاحب النشوار 140، 142، 248 التنوخي- أبو الخطاب محمد بن علي بن إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 280 التنوخي- أبو بكر الأزرق، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 115، 281، 282، 283

توزون- القائد التركي، أمير الأمراء 63، 222، 336 تيمور- أحمد 126، 155، 162، 174، 177، 184، 185، 194، 195، 322 (ث) الثعالبي- أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري 158، 305 (ج) الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر 132، 168 جارية أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون 37 الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن أبي عليّ محمد بن عبد الوهاب 209، 273، 276، 332 الجبائي- أبو علي محمد بن عبد الوهاب 273، 331، 332 جبريل- رسول رب العالمين 340، 341، 349، 350 جحظة- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي 190، 194، 195، 196، 197، 292 الجذوعي- أبو عبد الله محمد بن محمد بن إسماعيل بن شداد الأنصاري 25، 26، 27 ابن الجصاص- أبو علي أحمد بن الحسين بن عبد الله الجوهري 312 ابن الجصاص- أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الجوهري 36، 39، 312، 315، 316، 317 أبو جعفر القاضي- محمد بن منصور القاضي الجعفري- أبو هاشم 240 ابن جعلان- أبو الحسين أحمد بن محمد 312 الجمّال- أبو علي بن إدريس الشاهد 111 الجنيد- أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الخزاز الصوفي 129

الجهني- أبو القاسم 36، 105، 108 الجهنيّة- عائدة بنت محمد 222 الجهنية- عابدة بنت محمد 222 ابن جهور- أسد- أحد كبار عمال الدولة العباسية 184، 186، 281، 282، 283، 284، 285 ابن الجوزي- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي 70 الجوهري- ابن حباب 77 أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون- خمارويه (ح) الحارثي- أبو أحمد عبد السلام بن عمر بن الحارث 359 الحارثي- أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث السراج الواسطي 118، 161، 165، 246، 327، 359 الحافي- بشر 321 حامد بن العباس- وزير المقتدر 32، 33، 34، 35، 89، 313 الحبشي- الأمير سند الدولة أبو حرب الحبشي بن معز الدولة 152 ابن الحجاج- أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد 219 الحجاج بن يوسف الثقفي 118 الحذّاء- أبو الحسن بن سهيل 202، 218، 277، 278 الحذّاء- أبو طلحة البصريّ 201، 204 الحذّاء- أبو الحسن عليّ بن عبد الله 218 الحر- العاملي الشاعر 227 حرب بن عبد الملك- أحد قواد أبي جعفر المنصور 321 ابن الحرث- صاحب الوزير أبي القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد 125 الحسن بن هانىء الحكمي- أبو نواس الشاعر 89

الحسين عليه السلام- الإمام الشهيد 44، 231، 233 الحسين بن دريد- عم أبي بكر بن دريد 294 أبو الحسين- عمر بن محمد بن يوسف الأزدي القاضي 58، 77، 79، 83، 320 الحصري- أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني- صاحب زهر الآداب وذيله المسمى جمع الجواهر في الملح والنوادر 219 الحمداني- إبراهيم بن ناصر الدولة الحسن 261 الحمداني- أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان 255، 256، 257، 258، 259، 260، 305 الحمداني- ناصر الدولة الحسن بن عبد الله 55، 145، 146، 150، 151، 188، 221، 336 الحمداني- الحسين بن ناصر الدولة الحسن 261 الحمداني- حمدان بن ناصر الدولة الحسن 261 الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن عليّ بن عبد الله 55، 145، 264، 279، 296، 305، 307، 310، 311 الحمداني- أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي- والد سيف الدولة 145، 149، 150، 151 الحمداني- أبو تغلب فضل الله بن ناصر الدولة 46، 145، 261 الحمداني- أبو الفوارس محمد بن ناصر الدولة 46 الحمدانية- جميلة بنت ناصر الدولة 219 ابن حمدي- اللص البغدادي 336 الحموي- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي 60 الحموي- تقي الدين أبو بكر بن علي المعروف بابن حجّة- صاحب ثمرات الأوراق 89 ابن حنبل- الإمام أحمد 321 ابن حنزابة- الوزير أبو الفضل جعفر بن الفرات- ابن الفرات أبو حنيفة- الإمام النعمان- النعمان بن ثابت

ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 33، 34، 55، 56، 197 (خ) الخادم- وصيف 248، 249 خاطف- المغنّية بالقضيب 343 الخاقاني- محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان- وزير المقتدر 152 الخالدي- جعفر الصوفي 218 الخراساني- أبو حامد القاضي- أحمد بن عامر بن بشر المروزي 279 الخزاعي- أبو علي دعبل بن علي- شاعر أهل البيت 140 الخصيبي- أبو العباس أحمد بن عبيد الله الوزير 62، 63، 124، 125 ابن الخضر- إبراهيم- أحد أمناء القضاة ببغداد 44 الخطيب البغدادي- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت 74، 234 الخلّال- أبو الحسن محمد بن علي البصري 21 خلب- النائحة على الحسين عليه السلام 233 الخلدي- أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم الخوّاص الصوفي 218 أبو خليفة- الفضل بن الحباب بن محمد الجمحي القاضي 27، 28 ابن خفيف- إبراهيم الكاتب 275 خمارويه- أبو الجيش بن أحمد بن طولون 37، 38، 39، 312، 315 (د) دبيس بن صدقة الأسدي 321 ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي 42، 210، 294 أبو دلف- القاسم بن عيسى 102 دنانير- جارية البرامكة 204 ابن أبي دؤاد- أبو عبد الله أحمد الأيادي القاضي 74، 102، 103، 234

دينار- بن عبد الله- مولى الرشيد 122 ابن دينار- أبو العباس عبيد الله بن دينار 159 الديناريّة- زوجة الوزير أبي عليّ بن مقلة 122 (ر) ابن رائق- الأمير أبو بكر محمد- أمير الأمراء 55، 121، 221، 222، 336 الراضي- أبو العباس محمد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 55، 63، 72، 121، 125، 223، 233 الرامهرمزي- أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا 159 الرامهرمزي- أبو محمد عبد الله بن العباس المتكلّم 331 رباح- شيرزنجي- قائد الزنج 118 الربيع- بن يونس بن محمد بن أبي فروة كيسان- مولى المنصور العباسي 101 الرخجي- عمر بن فرج- أحد عمال الدولة العباسيّة 12، 13، 14، 15، 16، 17، 18، 20 الرشيد- هارون بن محمد المهدي 102، 210، 238 أبو الرطل- البصري- المتكلم بالسجع 28 الرضا- الإمام أبو الحسن علي بن موسى الكاظم 140 الرفاء- السري بن أحمد الكندي 307 الرقيق- عثمان الصوفي 278 ركن الدولة- أبو علي الحسن بن بويه 123، 152 ابن الرومي- أبو الحسن علي بن العباس بن جريج 254 أبو رياش- أحمد بن أبي هاشم القيسي 158 ريطة- بنت أبي العباس السفاح- زوجة المهدي 28

(ز) الزبيري- أحد المتصرّفين 214 غلام زحل- أبو القاسم عبيد الله بن الحسن المنجّم 329، 330 ابن زريق- أبو محمد بن زريق الكوفي الكاتب 220، 221، 222 ابن الزكوري- موسى الشاعر- صاحب المجون والسفه والحماقات 349، 350 أبو زنبور- الحسين بن أحمد المادرائي- المادرائي ابن زنجي- أبو القاسم إسماعيل بن أبي عبد الله محمد (الملقب زنجي) بن إسماعيل الأنباري الكاتب 220 الزهراء- فاطمة بنت النبي محمد صلوات الله عليه زيات- حبيب- العالم البحاثة 213 الزيات- أبو عمارة حمزة بن حبيب- أحد القراء السبعة 143 الزيادي- أبو حسّان الحسن بن عثمان القاضي 234، 235، 237، 238، 239 زيد بن علي بن الحسين الشهيد عليهما السلام 75 الزينبيّ- أبو تمام الحسن بن محمد الهاشمي القاضي 219 (س) أبو السائب- عتبة بن عبيد الله بن موسى- قاضي القضاة 269، 308، 309 سابور ذو الأكتاف 333 ابن أبي الساج- الأمير يوسف- من كبار رجال الدولة العباسيّة 248 الساماني- أبو الحسن نصر بن أحمد الساماني- الملقب بالسعيد 162 سباشي الخوارزمي- الحاجب- القائد التركي 253 سبك- المفلحي- غلام يوسف ابن أبي الساج 33 سبكتكين- القائد التركي 222 ابن السراج- أبو الحسن بن علي القاضي 110

السراج- أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث الواسطي- الحارثي السرخسي- أحمد بن الطيّب 90، 91 سعد- غلام إسحاق بن إبراهيم بن عليّ النصيبيّ 202 السفّاح- أبو العباس عبد الله بن محمد بن عليّ 41 السقطيّ- أبو غانم عبد الملك بن علي البصري 347، 348 ابن سكّرة- أبو الحسن محمد بن عبد الله الهاشمي 308 سليمان بن الحسن بن مخلد- الوزير 124، 125، 130، 324 سليمان بن عبد الملك بن مروان 315 سليمان بن وهب- كاتب الموفق 111 السليماني- أبو محمد الهاشمي- عباد رحله ابن السمسار- أبو عمر عبيد الله بن الحسين بن أحمد البغدادي الشاهد 87، 111 السيّد الحميري- إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مفرغ 132 السيّدة- شغب- أم الخليفة المقتدر 76، 77، 78، 79 سيدة نساء العالمين- فاطمة الزهراء سيف الدولة- الأمير أبو الحسن علي بن عبد الله- الحمداني ابن سينا- الرئيس أبو عليّ شرف الملك بن عبد الله- صاحب القانون 93 (ش) الشافعي- أبو بكر، صاحب الوزير علي بن عيسى 244 الشالجي- عبود 3، 6 ابن شاهين- عمران، أمير البطائح 276 الشبلي- أبو بكر دلف بن جحدر الصوفي 128، 129 شرف الدولة- شيرويه بن عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة الحسن بن بويه 336 الشرواني- أبو بكر بن رستم 346 ابن شعيب- أبو الحسين محمد بن علي بن إبراهيم 24، 25

شغب- أم الخليفة المقتدر- السيّدة شفيع اللؤلؤي- اللؤلؤي شفيع المقتدري- المقتدري ابن شمعون- إبراهيم، من أهالي الأنبار 94 الشهرستاني- أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد- صاحب الملل والنحل 206 الشيباني- أبو محمد جعفر بن محمد بن ورقاء 138 الشيباني- أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد 210 الشيباني- مزيد بن يزيد بن مزيد 102 ابن الشيخ- عيسى بن الشيخ بن الشليل 249 الشيرازي- أبو الفضل العباس بن الحسين، وزير بختيار 97، 98، 219، 220 الشيرازي- أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 60، 67، 70 ابن شيرزاد- أبو جعفر محمد بن يحيى 63، 222، 313، 336، 337، 338 شيرزنجي- رباح، قائد الزنج- رباح (ص) الصابي- أبو الحسن هلال بن المحسّن 29، 95، 195، 220 صاحب الزنج- علي بن محمد الورزنيني 25، 118، 327 صاعد بن مخلد- كاتب الموفق 318، 319 الصروي- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 198، 302، 303، 365 الصفار- إسماعيل البصري المعتزلي 207، 208 الصناديقي- خلف- والد القاضي وكيع 105، 106 الصوفي- أبو الفتح الأعور 356 الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى 229، 240، 356 الصيرفي- أبو بكر- صاحب الجيش 138، 139 الصيمري- أبو جعفر محمد بن أحمد- وزير معز الدولة 80، 108، 252

(ض) الضبّي: أبو معد نزار بن محمد 208 (ط) الطائي- أبو الطيّب بن أبي جعفر 130 طاهر بن الحسين 241 ابن طاهر- صاحب قلق المشتاق 210 ابن طاهر- طاهر بن محمد بن عبد الله بن طاهر 242 ابن طاهر، عبيد الله- عبيد الله بن عبد الله بن طاهر- الأمير ابن طاهر- الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر 240، 241، 242 الطبرسي- أبو علي الفضل بن الحسن- صاحب مجمع البيان في تفسير القرآن 344 الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير- صاحب التفسير والتاريخ 233 الطبري- أبو علي الحسن بن محمد- عامل الأهواز 252 ابن طولون- أحمد 190، 301 أبو الطيب- بن هرثمة 128، 225، 227، 228، 229، 344 (ع) العابد- لبيب 287، 288 عاصم- أبو بكر عاصم بن أبي النجود بهدله الكوفي- أحد القراء السبعة 143 ابن عامر- أبو عمران عبد الله بن عامر اليحصبي- أحد القراء السبعة 143 عباد رحله- أبو محمد السليماني الهاشمي 295 العباس بن الحسن- الوزير 29، 317، 318 عبد الله بن جعفر بن أبي طالب 54 ابن عبد المؤمن- أبو الطيّب محمد بن أحمد الصوفي 345، 346، 351 عبيد الله بن سليمان- الوزير 111، 112، 113، 114، 115، 281 عبيد الله بن طاهر بن الحسين- الأمير 240، 241، 242

ابن عثمويه- أبو القاسم عبد الله بن محمد الكاتب 138 أبو العريان- أبو الفتح، أخو عمران بن شاهين أمير البطائح 276 عريب المأمونيّة 66 العسكري- أبو أحمد بن أبي سلمة 128 العسكري- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد 163 أبو عصمة- الخطيب العكبري 55، 57 عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة البويهي 46، 152، 336 العكبري- الخطيب- أبو عصمة ابن أبي علان- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن مهرويه- خال والد صاحب النشوار 18 العلوي- طاهر بن يحيى 286 العلوي- يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين الشهيد عليهم السلام 240 علي- أبو الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 130، 190، 195، 225، 226، 233، 318، 320، 322، 324 علي بن بويه- عماد الدولة علي بن عيسى- أبو الحسن، وزير المقتدر 29، 31، 32، 33، 34، 35، 58، 89، 134، 148، 150، 151، 243، 244، 245 علية بنت المهدي 204 عماد الدولة- أبو الحسن علي بن بويه 123 أبو عمر- محمد بن يوسف الأزدي القاضي 55، 56، 57، 58، 83، 84، 86، 87، 88، 89، 170، 171 أبو عمرو بن العلاء- أبو عمرو زبان بن العلاء المازني- أحد القراء السبعة 143 ابن أبي عوف- أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن المروزي 111، 114، 115، 116، 117 ابن عياش- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بن عياش الجوهري البغدادي القاضي 55، 57، 77، 101، 117، 122، 124، 130، 190، 195،

225، 226، 233، 318، 320، 322، 324 أبو عيشونه- الشاطر 198 أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد البصري 102 (ف) فاطمة- الزهراء بنت النبي محمد صلوات الله عليه 231، 232 ابن الفرات- أبو العباس أحمد بن محمد 281 ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد- وزير المقتدر 29، 31، 32، 33، 34، 35، 36، 37، 39، 63، 105، 120، 152، 220، 253، 281، 283 ابن الفرات- أبو الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات- ابن حنزابة 222 ابن الفرات- أبو أحمد المحسّن بن علي بن الفرات 63 الفرغاني- أبو العباس الصوفي 277، 278 ابن فسانجس- أبو الفرج محمد بن العباس- وزير بختيار 219، 220 (ق) القاسم بن عبيد الله بن سليمان- وزير المعتضد والمكتفي 115 القاهر- محمد بن أحمد المعتضد 76، 77، 78، 79، 121، 145، 295 القتيبي- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري 210 القراريطي- أبو إسحاق محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإسكافي- الوزير 145 ابن قريعة- القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن 268 القشوري- نصر الحاجب- حاجب المقتدر 33، 34 قضاعة بن مالك بن حمير 142 قطر الندى- أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون 312، 315 القمي- أبو علي أحمد بن موسى حمولي 99

ابن قناش- أبو جعفر طلحة بن عبيد الله بن قناش الجوهري البغدادي 55 قيصر- القائد التركي 55 (ك) الكاتب- أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله- الأهوازي الكافوري- الأصبهاني- تاجر الجوهر 163 كثيّر عزة- أبو صخر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي 132 ابن كثير- أبو معبد عبد الله بن كثير المكي- أحد القراء السبعة 143 الكرخي- أبو عبد الله جعفر بن أبي محمد القاسم 135، 136، 137، 334 الكرخي- أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال 275 الكرخي- أبو محمد القاسم بن علي بن محمد 135، 136 الكرماني- كاتب أبي بكر الصيرفي صاحب الجيش 138 الكرملي- الأب أنستاس ماري 110 الكسائي- أبو الحسن علي بن حمزة- أحد القراء السبعة 143، 210 الكلبي- القاضي، قاضي الأهواز 9 الكميت- أبو المستهل الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي 140 الكوفي- أبو عبد الله أحمد بن علي 221 الكوفي- أبو عبد الله بن ورام- المتكلم 201 الكوكبي- محتسب الأهواز 110 (ل) اللاني- بدر، القائد التركي- بدر اللاني اللؤلؤي- شفيع 33 الليث- عامل سيراف 123

(م) المادرائي- أبو زنبور الحسين بن أحمد 32، 33، 34، 35 المادرائي- أبو محمد الحسن بن أحمد 63 المأمون- أبو العباس عبد الله بن هارون الرشيد 21، 40، 75، 102، 211، 237، 239، 248 المبرّد- أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي الأزدي 206 المتقي- أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر المقتدر 63، 223 المتنبّي- أبو الطيّب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 123 المتوكل- جعفر بن المعتصم 9، 12، 15، 19، 20، 102، 234، 241 محمد بن الحسن بن فرقد- أبو عبد الله- الشيباني محمد- أبو القاسم النبي صلوات الله عليه 89، 106، 134، 231، 234، 237، 238، 240، 241، 242، 243، 244، 250، 266، 267، 272، 286، 289، 346 محمد بن منصور- أبو جعفر القاضي 9، 12، 13، 14، 15، 17، 21، 22، 23 مختار- أحمد- صاحب التوفيقات الإلهامية 220 ابن مخلد- الحسن- الوزير 187، 190، 193 ابن مخلد- أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد- سليمان بن الحسن ابن مخلد- أبو محمد بن أبي القاسم سليمان بن الحسن 130 المدلق- الحذّاء الماجن الملقب بالقاضي 199 مرجليوث- د. س. المستشرق 126، 201، 214، 215، 286 ابن المرزبان- أبو الفضل محمد بن عبد الله 123 المرعوس- المتطبب 92 المزابلي- أبو عبد الله 349، 350 ابن المزرع- أبو بكر يموت- ابن أخت الجاحظ 132 مزيد بن يزيد بن مزيد الشيباني

المستعين- أحمد بن محمد بن المعتصم 241 المسدود- المغنّي 195 المسعودي- أبو الحسن علي بن الحسين بن علي 12، 27، 142 مصعب بن الزبير 118 المطيع- الفضل بن جعفر المقتدر 104، 223 معاوية بن صخر بن حرب بن أمية 122، 358 ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن محمد المعتز بن جعفر المتوكل 89 المعتز- محمد بن جعفر المتوكل 241 المعتصم- أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد 74، 102، 128، 345 المعتضد- أحمد بن طلحة الموفق 76، 77، 78، 90، 91، 102، 111، 119، 248، 250، 251، 295، 312، 315، 327 المعتمد- أحمد بن جعفر المتوكل 25، 111، 118، 119، 187، 190، 327 ابن المعذل- أبو القاسم عبد الصمد بن المعذل بن غيلان العبدي 356 معز الدولة- أبو الحسين أحمد بن بويه 80، 97، 98، 99، 104، 108، 123، 152، 158، 167، 203، 219، 223، 252، 253، 276، 336 المعلوف- أمين 74، 93 المعوجّ- الشامي الشاعر 224، 301 المغربي- عبد القادر- الباحث المحقق 137 المفجّع- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبيد الله- صاحب ثعلب 135 المفلحي- سبك سبك المفلحي المفوض- جعفر بن أحمد المعتمد 119 المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 32، 33، 55، 56، 58، 72، 76، 77، 78، 79، 111، 118، 119، 121، 124، 145، 281، 336 أم المقتدر- شغب- مولاة المعتضد- السيّدة

المقتدري- شفيع 33، 35 المقرىء- أبو الحسين 313 ابن مقلة- أبو الحسين علي بن محمد بن علي- الوزير 63، 64، 65 ابن مقلة- أبو علي محمد بن عليّ- الوزير 60، 62، 63، 64، 65، 67، 70، 120، 121، 122، 124، 125، 221 المكتفي- علي بن أحمد المعتضد 24، 73، 316، 317 ملك جرزان 60، 61، 62 المنجم- أبو معشر جعفر بن محمد بن عمر البلخي 324، 325، 326، 327، 328 المنجم- الحسن بن علي 222 ابن المنجم- أبو الحسن بن هارون 64، 65، 70 ابن المنجم- أبو العباس هبة الله 336 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي 41، 101، 321 ابن بنت منيع- عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز- المحدّث 343 المهتدي- أبو عبد الله محمد بن هارون الواثق العباسي 118 المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور العباسي 41 المهلّبي- أبو محمد الحسن بن محمد- وزير معز الدولة 80، 123، 129، 158، 167، 203، 209، 219، 252، 253، 265، 268، 290، 307، 363 المهلبيّة- زينة بنت الوزير أبي محمد المهلّبي، زوجة الوزير أبي الفضل الشيرازي 219 موسى- الإمام بن جعفر الصادق عليهما السلام 133 أم موسى- الهاشمية القهرمانة 152 أخو أم موسى القهرمانة 110 الموسوي- أبو أحمد نقيب الطالبيين 331 الموسوي- أبو عبد الله بن أبي موسى العلوي 188، 336، 338 الموفق- الأمير الناصر أبو أحمد طلحة بن جعفر المتوكل 25، 26، 27، 90، 119 190، 319، 327، 328

(ن) نازوك- القائد التركي، صاحب الشرطة ببغداد 313 ناصر الدولة- الحسن بن عبد الله الحمداني الناصر لدين الله- الأمير الموفق طلحة بن المتوكل- الموفق نافع- أبو رويم نافع بن عبد الرحمن المدني- أحد القراء السبعة 143 النبي صلى الله عليه وآله وسلم- محمد أبو القاسم النبي صلوات الله عليه النساج- خير 129 نصر بن محمد- أبو العباس الشاهد 110 ابن نصر- أبو طاهر القاضي 320 ابن نصرويه- أبو الحسين محمد بن عبيد الله القاضي 290، 363 النصيبي- النصيبيني- إسحاق بن إبراهم بن علي 202 النعمان بن ثابت- الإمام أبو حنيفة 209، 210 النقاش- القاضي 59 أبو نواس- الحسن بن هانىء الحكمي- الحسن بن هانىء ابن بنت أبي نوح- أبو عيسى 228 (هـ) ابن هارون- أبو علي الحسن 63 هارون- بن غريب الحال- خال المقتدر 336 الهاشمي- أبو القاسم جعفر بن عبد الواحد 157، 170 الهاشمي- أبو الحسن محمد بن عبد الواحد 72، 83، 87، 157 الهاشمي- أبو عبد الله بن أبي موسى- الموسوي الهبيري- من شيوخ الكتاب 211، 213، 214، 215 ابن هرثمة- أبو الطيّب- أبو الطيّب 128 هشام بن عبد الملك بن مروان 75

(و) الواثق- هارون بن المعتصم 73، 74، 102، 195 الواثقي- أحمد بن محمد بن يحيى 73 الواثقي- الحسن بن أحمد بن يحيى 73 الواثقي- الحسين بن الحسن بن أحمد بن يحيى 73 الواسطي- أبو بكر يوسف بن يعقوب المقرىء 118 ابن واصل- الصوفي 218 واصل بن عطاء- أبو حذيفة 205، 206 الورزنيني- علي بن محمد- صاحب الزنج ابن ورقاء- أبو محمد جعفر بن محمد بن ورقاء- الشيباني الوزان- أبو أحمد 90، 91، 95 وكيع القاضي- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان الضبيّ 9، 105، 106، 107 الوليد بن يزيد بن عبد الملك الأموي 75 (ي) ياقوت الحموي- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- الحموي يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين الشهيد- العلوي يزيد بن عبد الملك بن مروان الأموي 75 يزيد بن القعقاع- أبو جعفر المخزومي- أحد القراء العشرة 143 يزيد بن الوليد بن عبد الملك الأموي 75 أبو يوسف القاضي- يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري 234، 238 يوسف بن وجيه- أمير عمان 163

فهرس جغرافي

فهرس جغرافي (أ) 248 129 أنطاكية 9 1 إيذج (ب) 360 191 باب الأبواب 287 149 باب الشام 44 17 بانقيا 197 96 بلا شكر (ث) 116 57 الثغر (ج) 115 56 الجبل 349 186 جبل اللّكام 60 26 جرزان (ح) 44 17 الحائر 322 169 الحائر 168 86 الحضرة والحاضرة 321 168 الحلة 196 95 الحيرة (د) 122 61 دار دينار 192 94 درب عون 95 45 دممّا (ر) 159 82 رامهرمز 12 2 رخّج 116 57 الرقّة 315 165 الرملة (س) 345 182 سامراء 102 49 سر من رأى 99 47 سورا

(ش) 265 134 شارع دار الرقيق 129 65 شبليّة 102 49 الشرقية (ط) 101 49 طاق الحراني 248 129 طرسوس (ع) 128 64 العسكر 163 84 عمان (ق) 99 47 القصر 126 64 القصر 133 68 القطيعة 101 49 قطيعة الربيع (ك) 104 50 الكرخ 243 127 الكرخ 230 123 كرخ جدّان (م) 209 109 مقابر الخيزران

فهرس عمراني عام

فهرس عمراني عام (أ) 344 181 الأبّ 10 1 أبعد في التلقّي 271 136 أذان الغداة 137 71 الارتفاع 59 25 الآزاد 38 13 استخفّ به 37 11 استهتر 332 174 الاسطرلاب 229 122 اسفيذباج 166 85 الأشفى 8 م اعتبر 171 89 إف 171 89 أفّيش 334 176 أقلّب 93 42 الآكلة 213 110 ألطّ 324 170 امتقع 283 147 الأمير 324 170 انتقع 90 39 أنجع 207 107 أهل الحق 69 27 أواق (ب) 93 43 بادستر 13 2 البارية 204 105 الباقلاني 7 م البخّال 353 187 البدل 177 90 البذرقة 175 90 البرذعة 322 169 بزماورد 105 51 البطنان 154 78 بعل 216 111 البغيض 228 121 البغيّ 21 4 بلّة 213 110 البلم (ت) 235 125 تأثّث

16 2 التانىء 335 176 تجيني 34 12 تسمع بالمعيدي 323 169 تشحط بدمه 274 139 تفرّك 166 85 تلهّى به 21 4 التنخّم 130 66 التور (ث) 11 1 الثّقل 212 110 الثماد 72 30 الثياب المرويّة (ج) 13 2 جاءوا على بكرة أبيهم 190 94 الجاشريّة 105 51 الجانبان 13 2 الجبريّة 9 1 الجداء 61 26 الجذر 341 178 الجلدة 9 1 الجلّوز 137 71 الجماعة 179 90 الجمعة 93 43 جندبادستر 144 76 الجوارشن 185 91 جوامرك 184 91 جوانبيره (ح) 159 82 الحبّة 132 67 الحجامة 65 26 الحجر 197 96 الحديديّ 74 31 الحرذون 108 52 الحسبة 225 116 حسن البدن 87 37 الحضري 295 154 الحضض (خ) 137 71 الخراج 101 49 الخرّازين 45 17 الخرق المتمطّعة 233 124 خلب 195 95 الخلّة 15 2 خليفة العامل 67 27 الخمار 126 64 خماسيّة

206 106 الخوارج (د) 69 27 دبيقي 194 94 الدراهم الطبريّة 194 94 الدراهم الطريّة 67 27 الدرج 250 129 دريئة 174 90 دفّافة 245 127 الدكّان 26 8 الدنيّة 313 164 الدهليز 223 114 الدوباركه 126 64 ديكدان (ر) 284 147 الراجل 170 88 الرباب 170 88 الربابيّ 132 67 الرجعة 82 35 الرحل 340 178 الرزّة 272 137 الرسيل 59 25 الرطب الآزاد 364 193 الرعاف والرعف 94 44 الرقية 317 166 رقيع 16 2 روز 279 143 الروشن 144 76 الريباس (ز) 327 171 الزائجة 292 151 الزار 174 90 الزفن 265 134 زمنت 118 59 الزنج 186 92 الزهم (س) 77 34 السبنيّة 81 35 السجّادة 155 79 السحاة 175 90 سريّة 144 76 السفتجة 317 166 سقيع 347 184 السماء 81 35 سمت 125 63 السمل 279 143 السميذ

238 125 السواد 200 99 السوداء 38 13 سوق الخرّازين 165 85 السير (ش) 127 64 الشارب 42 16 شال 212 110 الشحاذ 347 184 شرّ 270 136 الشطرنج 310 163 شعليك 130 66 الشموع الموكبيّة 171 89 شه شه 9 1 الشيرج (ص) 174 90 الصنّاجة 284 147 صدّق 75 32 الصعداء 306 160 الصفر 70 28 الصفراء 200 99 الصفراء 154 78 الصنيع (ط) 142 74 الطائيّان 204 105 طباهجة 197 96 الطرّادة 99 47 الطراز 145 77 طريق خراسان 126 64 الطنجير 15 2 الطنز 161 83 الطنز 95 45 طوف 83 36 الطيّار (ظ) 90 39 الظلامة (ع) 267 134 العاتق 125 64 عاضّ 353 187 العالم 283 147 عامل الخراج 116 57 العبدلاوي 73 31 العتبة 287 149 عتقني 191 94 العتمة

240 126 عرض على السيف 236 125 عرف الديك 236 125 عرف الفرس 279 143 العطعطة 230 123 العفطيّ 36 13 العقار 39 13 العقد 201 101 العلق 166 85 على الله 11 1 العمّاريّة 360 191 العين (غ) 42 16 غار 131 66 الغداة 341 178 الغرر 256 131 الغزالة 65 26 الغضارة 353 187 الغوث (ف) 128 64 الفالوذج 116 57 الفداء 279 143 الفراني 292 151 فصّ النرد 28 10 فلع 23 6 الفيج (ق) 317 166 قاعد ورا طبق 243 127 قام 302 157 القبّ 73 31 قبيعة السيف 213 110 قدّم 353 187 القطب 358 189 القطع 330 173 القطع 166 85 قلق 157 80 القلنسية والقلنسوة 148 77 قنّع 278 142 القوّال 93 43 قولنج (ك) 97 46 كارة 345 182 الكبّة 174 90 الكرّاعة 162 83 الكسّار 128 64 الكشتبان 344 181 الكلكون

(ل) 10 1 اللّطف 304 158 لينوفر (م) 36 13 المال الصامت 333 175 المبزّر 207 107 المجسّم 195 95 المخنكرون 111 54 المدينة 14 2 المربّعة 30 11 المرفق 265 134 مسجّاة 134 69 مسجد الضرار 88 37 المسح 72 30 المسخنة 142 74 المسلاخ 81 35 مسمّطة 137 71 مشايخ الناحية 316 166 أبو مشكاحل 154 78 المصطنع 279 143 مصعنبة 128 64 المصهرج 167 86 المصيبة 364 193 المطاولات 317 166 مطبوخ 137 71 معاملات الناحية 351 187 المعيي 245 127 مغازة 69 27 المقل 200 99 الملمّعة 155 79 المناكدة 229 122 المنبار 225 117 المهاترة 338 177 المؤامرة (ن) 334 176 النبط 69 27 الندّ 175 90 النّد العتيق 175 90 النّد الفتيق 292 151 النرد 126 64 نشّ 328 172 نغش 66 26 النفقة 333 175 النهم 92 41 نوّره

(هـ) 129 65 الهرّاس 279 143 الهليون 45 17 الهميان 63 26 الهوا 168 86 الهواوين 198 97 الهيج (و) 360 191 الورق 175 90 وطيّة 97 46 الوظيفة 218 112 وقعة الهبير 148 77 الوقيذ 226 118 ولع به (ي) 360 191 يريد 279 143 يولعن

فهرس الكتب والمراجع

فهرس الكتب والمراجع أخبار الحمقى والمغفلين: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبع بيروت. أخبار القضاة: القاضي وكيع، أبو بكر محمد بن خلف بن حيان الضبيّ، طبع مصر. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب- معجم الأدباء. اصطلاحات الصوفية، الواردة في الفتوحات المكية: مذيل لكتاب التعريفات للجرجاني. الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة. الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني- طبعة بولاق. الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني- طبعة دار الكتب بالقاهرة. الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني- طبعة ليدن. الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية بيروت. الأنساب: السمعاني أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميميّ- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913. البصائر والذخائر: أبو حيان التوحيدي، تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني، طبع دمشق تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت تاريخ الحكماء: جمال الدين أبو الحسن عليّ بن يوسف القفطي تاريخ الرسل والملوك: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، طبع دار المعارف بمصر تجارب الأمم: أبو علي أحمد بن محمد المعروف بمسكويه- تحقيق آمدروز- طبع مصر 1914. تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: أبو الحسن هلال بن المحسن الصابي- تحقيق عبد الستار أحمد فراج- القاهرة 1958 التعريفات: السيد الشريف الجرجاني- طبعة اصطنبول 1283

تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية مع ذكر أصلها بحروفه- طوبيا العنيسي- دار العرب للبستاني بالقاهرة 1965. التوفيقات الإلهامية: أحمد مختار. ثمرات الأوراق: تقي الدين أبو بكر بن علي المعروف بابن حجّة الحموي- حاشية على المستطرف- طبعة الحلبي بالقاهرة. الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي المعروف بابن البيطار- طبعة بولاق 1291. جمع الجواهر في الملح والنوادر: أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني- طبعة الخانجي سنة 1353 بالقاهرة. حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي، تحقيق ونشر آدم متيز- هيدلبرج 1909. دائرة المعارف الإسلامية، الترجمة العربية: 15 مجلدا 1933. درة الغوّاص في أوهام الخواص: الحريري، أبو محمد القاسم بن علي. ديوان أبي فراس: رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه- طبع دار صادر بيروت 1955. شذرات الذهب، في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي 8 مجلدات، طبعة القدسي. الطبيخ: محمد بن عبد الكريم البغدادي- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت. غاية النهاية في طبقات القراء: شمس الدين محمد بن الجزري- تحقيق برجستراسر- طبعة الخانجي 1932. الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية: ابن الطقطقا، علي بن محمد بن طباطبا- طبعة دار صادر. الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن التنوخي- طبعة دار الهلال بمصر 1914. فرج المهموم في مواقع النجوم: رضي الدين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد ابن طاووس الحسنيّ الحسينيّ- طبع النجف. فقه اللغة: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- طبعة البابي بالقاهرة 1938.

الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق- طبعة غوستاف فلوغل- ليبزك. فوات الوفيات: ابن شاكر الكتبي- طبع بولاق- مجلدان اثنان. القانون في الطب: ابن سينا، أبو عليّ شرف الملك الحسين بن عبد الله- طبعة بولاق بالقاهرة. الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تور نبرغ- طبع دار صادر 1966- 13 مجلدا مع الفهرس. الكامل في اللغة والأدب: المبرّد، أبو العباس محمد بن يزيد الثماليّ الأزدي. طبع دار التقدم بمصر 1323. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاج خليفة- طبعة اصطنبول 6 مجلدات. لسان العرب: ابن منظور المصري- طبعة صادر. لطائف المعارف: الثعالبي: أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبعة الحلبي بالقاهرة. مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق: المجلد الثالث ح 5 و 7 و 8 و 11. مجلة المشرق- لبنان- السنة الثالثة والأربعون- آب- كانون الأول 49. مجمع البيان في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي، الفضل بن الحسن- طبع بيروت 10 ح 5 م. المحاسن والمساوىء: البيهقي، إبراهيم بن محمد- مطبعة السعادة بمصر 1906. مروج الذهب: المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسين بن عليّ- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب- القاهرة 1966. المشترك وضعا والمفترق صقعا: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864. مطالع البدور في منازل السرور: علاء الدين الغزولي- مطبعة الوطن بمصر 1299. معالم القربة في أحكام الحسبة: ابن الإخوة، محمد بن محمد بن أحمد القرشي- تحقيق روبن ليوي- طبع دار الفنون بكيمرج 1937. معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب- ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت ابن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبعة مرجليوث 1924 7 مجلدات

معجم الأنساب والأسر الحاكمة في التاريخ الإسلامي: المستشرق زامباور- جامعة فؤاد الأول 1951. معجم البلدان: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبعة وستنفلد 6 مجلدات مع الفهارس. معجم الحيوان: أمين المعلوف- طبع دار المقتطف 1932. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934. مفاتيح العلوم: الخوارزمي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب- الطبعة المنيرية 1342. الملل والنحل: الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد- هامش على الملل والنحل لابن حزم- طبعة الخانجي 1321. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم- ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدر آباد الدكن 1357. المنجد: الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت. الموسوعة التيمورية- أحمد تيمور. نخب تاريخية وأدبية جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني: جمع المستشرق ماريوس كنار- الجزائر 1934. الهفوات النادرة: غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال الصابي- تحقيق الدكتور صالح الأشتر، دمشق 1967. الوافي بالوفيات: صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، طبع دار صادر. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين. أحمد بن محمد بن أبي بكر- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- طبع القاهرة 1948. الولاة والقضاة: أبو عمر محمد بن يوسف الكندي- تحقيق المستشرق رفن كست- بيروت 1908. يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد بالقاهرة 1956.

رموز

رموز -: راجع م: مقدمة المؤلف الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب 365 فهرس أسماء الأشخاص 377 فهرس جغرافي 398 فهرس عمراني عام 400 فهرس الكتب والمراجع 407

الجزء الثالث

الجزء الثالث [مقدمة] مقدمة المحقق (ربّ أعن) أقدم لقراء العربية، هذا الجزء الذي اعتبرته جزءا ثالثا، من كتاب نشوار المحاضرة، وأخبار المذاكرة، للقاضي أبي عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي. وكان هذا الجزء من جملة المخطوطات التي اشتملت عليها مكتبة العلامة أحمد تيمور بالقاهرة، أوصلها إلى المجمع العلمي العربي بدمشق المستشرق المعروف الأستاذ مرجليوث، فنشرها المجمع تباعا في مجلته في السنة 1932 واعتبرها الجزء الثاني من النشوار. ولما كان الجزء الثاني من النشوار، قد تعيّن بظهوره في مخطوطة اصطنبول، وفقا لما فصّلت في مقدمة الجزء الأول، وقد أكملت تحقيقه ونشره منذ حين. لذلك، فقد اعتبرت هذه المخطوطة، جزءا ثالثا من أجزاء النشوار، وأرجو أن أوفق في إصدار الأجزاء التالية له، وفقا لما وعدت به من قبل. ومن الله أسأل التأييد والإعانة، والحفظ والصيانة، إنّه عزيز حميد، فعّال لما يريد. بحمدون 5/11/1971 عبود الشالجي المحامي

مقدمة المؤلف

مقدمة المؤلف بسم الله الرّحمن الرّحيم وبه نستعين قد قدّمت فيما قبل هذا الجزء من هذه الأخبار، عن سبب جمعي لها، وأفصحت عن معناي «1» فيها، وكرّرت ذلك في رسالة كل جزء، وإن تغيّرت العبارة، إمّا تصريحا أو إشارة، وأعلمت قارئها، ومكرّر النظر فيها، أنّها نوع لم أسبق إلى كتبه، لأنها مقصورة في الأكثر، على أن يتذاكر بها، لاحتوائها على ضروب من الأحاديث السابقة والسالفة في زماننا، التي تظلم عندي بأن لا تكتب، وتعمّدت خلطها بفنون من طريف السير والحكايات، وحديث الاتفاقات والمنامات، وغريب الرقى والامتحانات، وأخبار ضروب الناس من أهل [الحرف] والمهن والصناعات، والملوك والرؤساء وأهل [المروآت] ، وغيرهم من الأخلاط والأوساط، وعجيب [الأخبار] والمعاملات، وتلميعها بطريّ الشعر، وجديد [الملحة والنثر، ممّن] ضمّني وإياه دهر، دون أن يقارب [2] زماني زمانه، واشتهر حذقه وإحسانه، وشرحت العلّة في ترك تبويبها، واستفادة خلطها دون ترتيبها، ونبّهت على الفوائد التي تتضمّن وتجمع، واعتذرت مع ذلك، إلى من لعلّها لا تنفق عليه، أو تكسد وتبور لديه، بأن قلت: إنّها على كلّ حال، خير من مواضعها بياضا، وذكرت

أنّها تصلح لمن قد فرغ من أكثر العلوم، واشتهى قراءة ما يدلّه على أخلاق أهل الأزمنة، وسننهم، وطرائقهم، وعاداتهم، وأن يقايس بين ما نحن فيه، وما مضى، ليعلم كيف ماتت الدنيا، وانقلبت الأهواء، وانعكست الآراء، وفقدت المكارم، وكثرت المحن والمغارم، وهلك أهل الفضل والتفضّل، وتلف أهل الستر والتجمّل، وصغرت الهمم، وتلاشت النعم، وفقد الجمال، وعدم النبل والجلال، في أكثر الخصال، وجمهور الرجال. وحقّا أقول، لو عاش حكيم من أهل تلك الأزمنة، حتى يرى ما حصلنا عليه، ودفعنا إليه [3] ، ما شكّ في قيام الساعة، أو أنّ الناس بدّلوا بهائم مهملة، أو جعلوا آلات غير مستعملة، لفقد الأحرار، وشدّة الإعسار، وبطول المكاسب، وتواتر النوائب، وحدوث السنن القبيحة، والعوائد المسبّبة الفضيحة، ونسأل الله العظيم، فرجا عاجلا، وصلاحا للعالم شاملا، إنّه سميع مجيب، رحيم ودود، ذو العرش المجيد، فعّال لما يريد، وهو تعالى حسبنا ونعم الوكيل والمعين.

1 الأمين لا يتهم

1 الأمين لا يتهم حدّثني أبو العبّاس محمد بن نصر الشاهد «1» ، قال: كان أبو عبد الله جعفر بن القاسم الكرخيّ «2» ، كتب إلى أبي جعفر بن معدان «3» ، أن يختار له وكيلا، ينظر له في ضيعته بالأهواز، فاختار له عمر ابن محمد الأشجعيّ، صاحبه، فنظر في الضيعة سنين. ثم ولي الكرخيّ الأهواز، ووردها، فطالب الأشجعيّ بالحساب، فرفعه، وتتبّعه كاتبه، فخرّجوا عليه فيه ستة آلاف دينار. فأمر الكرخيّ، فلوزم الأشجعيّ [4] في دهليزه، وطولب بالمال، فكتب إلى ابن معدان بخبره. قال: وكان رسم الكرخيّ، أن يستدعي أبا جعفر بن معدان، في كلّ يوم، إلى طعامه، فاستدعاه في ذلك اليوم، فتأخّر، وراسله، بأنّه من كان صاحبه، وثقته، واختياره، متّهما، مسلّطا عليه محالات الكتاب، معتقلا، لا يستدعى للمؤاكلة. قال: فامتنع الكرخيّ من الأكل، وأنفذ إليه الأشجعي، مع كاتب له، والحساب، وقال: والله ما كنت بالذي أدع محالا يستمرّ على صاحبك، وما أخرج عليه إلّا شيئا صحيحا، وقد يجوز أن يكون ضيّع ذلك، ولم

2 يرى مناما فيمزق كتابا

يتناوله، ولعمري إنّ من يكون اختيارك، وثقتك، لا يخون، ولم يك ملازما، وإنّما أجلسته انتظارا لك، لتجيء فتدبّر أمره، وإذا كان ذلك قد شقّ عليك، فمالي لك، وهذا الرجل والحساب، إن شئت أن تستوفي لي ذلك، أو بعضه، أو تدعه جميعه، فافعل، ولا تتأخّر عني، فلست آكل، أو تجيء. قال: فأطلق الأشجعي إلى منزله [5] ، وركب هو إلى الكرخيّ، ثم لم يعاود أحدهما صاحبه في معنى الأشجعيّ بكلمة، وفاز بالدنانير. ومضت القصة على ذلك. 2 يرى مناما فيمزق كتابا حدّثني القاضي أبو بكر محمّد بن عبد الرحمن بن أحمد بن مروان «1» ، قال: حدّثني خالي محمد بن هارون، قال: قال لي بعض أصحابنا: كنت في بعض اللّيالي، أنظر في كتاب التشريح لجالينوس، فغلبتني عيني، فرأيت هاتفا، يهتف بي، ويقرأ: ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ، وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً «2» . فاستيقظت، ومزّقت الكتاب «3» .

3 القاضي أبو خازم يتأنى في أحكامه

3 القاضي أبو خازم يتأنى في أحكامه وحدّثني القاضي أبو بكر «1» ، قال: حدثني مكرّم بن بكر «2» ، قال: كنت في مجلس أبي خازم القاضي «3» ، فتقدّم رجل شيخ، ومعه غلام حدث، فاستدعى الشيخ عليه ألف دينار عينا دينا. فقال له: ما تقول؟. فأقرّ. قال: فقال للشيخ: ما تشاء؟ قال: حبسه. فقال للغلام: قد سمعت، فهل لك [6] في أن تنقده البعض، وتسأله الإنظار؟ قال: لا. فقال الشيخ: إن رأى القاضي أن يحبسه. قال: فتفرّس أبو خازم فيهما ساعة، ثم قال: تلازما، إلى أن أنظر بينكما في مجلس آخر. قال: فقلت لأبي خازم، وكانت بيننا مودّة وأنسة: لم أخرّ القاضي حبسه؟ فقال: ويحك إنّي أعرف في أكثر الأحوال، في وجوه الخصوم،

وجه المحقّ من المبطل، وقد صارت لي بذلك دربة لا تكاد تخطئ، وقد وقع لي أنّ سماحة هذا بالإقرار، هي عن بليّة، وأمر يبعد عن الحقّ، وليس في ملازمتهما بطلان حقّ، ولعله أن ينكشف لي من أمرهما شيء، أكون معه في الحكم على ثقة، أما رأيت قلّة تغاضبهما في المناظرة؟ وقلّة اختلافهما؟ وسكون جأشهما، مع عظم المال، وما جرت عادة الأحداث بفرط التورّع، حتى يقرّ مثل هذا طوعا، عجلا، بمثل هذا المال. قال: فبينا نحن كذلك نتحدّث، إذ استؤذن على أبي [7] خازم، لبعض وجوه تجّار الكرخ، ومياسيرهم، فأذن له، فدخل، وسلّم عليه، وسبّب لكلامه، فأحسن، ثم قال: قد بليت بابن لي حدث، يتلف مالي في القيان والبلاء، عند مقيّن «1» يعرف بفلان،- وأسماه- فإذا منعته مالي، احتال بحيل تضطرّني إلى غرم له، وإن عذلته عن ذلك، وعدّدت حالي معه، طال، وأقربه اليوم، إنّه قد نصب المقيّن، ليطالبه بألف دينار عينا، ويجعل ذلك دينا حالا، وبلغني أنّه قد تقدّم إلى القاضي، فيطالبه، فيحبس، وأقع مع أمّه في بليّة وتنغيص عيش، إلى أن أؤدّي ذلك عنه إلى المقيّن، فإذا قبضه المقيّن، حاسبه به من الجذور «2» . ولما سمعت ذلك، بادرت إلى القاضي لأشرح له الأمر، فيداويه بما يشكره الله تعالى عليه، فجئت، فوجدتهما على الباب. فحين سمع أبو خازم ذلك، تبسّم، وقال لي: كيف رأيت؟

4 أبو جدي كنية التيس

قال: فقلت: هذا، ومثله، من فضل الله عزّ وجلّ، على [مولانا القاضي] وجعلت أدعو [8] له. فقال: عليّ بالغلام والشيخ، فأدخلا. فأرهب أبو خازم الشيخ، ووعظ الغلام، فأقرّ الشيخ أنّ الصورة كما بلغت القاضي، وأن لا شيء له عليه. وأخذ الرجل بيد ابنه، وانصرفا. 4 أبو جدي كنية التيس قال لي القاضي «1» : كان مكرم «2» هذا، من فضلاء الرجال، وعلمائهم، وكنت أرى رجلا يدعوه: أبا جدي «3» . فقلت له: ما غرضك؟ فقال: ألست تعلم أنّ أبا الجدي، هو التيس «4» .

5 لأبي علي الحاتمي في الأمير سيف الدولة

5 لأبي علي الحاتمي في الأمير سيف الدولة أنشدني أبو علي محمد بن الحسن بن المظفّر «1» الحاتميّ، قصيدة له في سيف الدولة «2» ، وهي: دنوّ فراق خلّف الصبر نائيا ... ووجد محبّ غادر الدمع جاريا وقفت بمغنى الشوق أنشد أهله ... فحاكى بلى جسمي هناك المغانيا حكى نفسي فيها صباها وأدمعي ... حياها وأعضاي الطلول البواليا يذكر فيها [9] : وكفّل أرواح العداة إلى الوغى ... حساما مليّا بالذي رام وافيا له صفحة تنبو على أنّ حدّه ... يبيد أعاديه ويغني المواليا كذا النار تهدي في الضلالة ساريا ... وتحرق من عادت، وتنفع صاليا جعلت الظبى كأسا تدير دم العدى ... ووقع الظبى الألحان والحرب ساقيا فإن كان بيت المال أصبح عاطلا ... لديك فقد أضحى بك المجد حاليا «3»

6 ما قاله أحد ملوك الهند

6 ما قاله أحد ملوك الهند أنشدني أحمد بن عبد الله المعروف بالبختريّ «1» ، القاضي، البغدادي، لأبي العلاء صاعد بن ثابت «2» ، قال أنشدني لنفسه: ثنتان من همّتي ما ينقضي أسفي ... عليهما أبدا من خيفة الفوت لم أحب منتجع الدنيا بجملتها ... ولا حميت الورى من صولة الموت [10] فاجتمعت «3» مع أبي العلاء صاعد، بعد ذلك، بواسط، في جمادى الأولى سنة خمس وستين وثلاثمائة، فسألته عن البيتين، فقال: غلط عليّ، وما أخبرته أنهما لي. فقلت: فلمن هما؟. فقال: كان أبو الحسن داود، كاتب الوقف بالبصرة، حدّثني، بإسناد ذهب عني: إنّ ملكا من ملوك الهند، حارب ملكا، فقتل في المعركة، فألفاه بعض أصحابه طريحا بين القتلى، وفيه بقيّة من الروح، فنزل إليه، فقال: هل لك حاجة؟ فأنشده لنفسه شعرا، فسّر، ونقل، فكان هذان البيتان، في جملة الشعر.

7 من شعر أحد الكتاب في بيمارستان البصرة

7 من شعر أحد الكتاب في بيمارستان البصرة أخبرني أبو القاسم حسين بن محمد بن نبيل، كهل كان من أولاد الجند ببغداد، فخرج إلى الأهواز، وأقام بها يكتب لعليّ بن أحمد الخراساني، حاجب معز الدولة، وكان أديبا سمّاعة لكتب أهل الأدب، وكان إماميّ المذهب، قال: رأيت في بيمارستان البصرة، رجلا من الكتّاب محبوسا، يقول [11] الشعر، فأنشدني لنفسه: أدافع نفسي بالتعلّل والصبر ... وأمنع نفسي بالحديث عن الفكر وأرجو غدا حتى إذا جاءني غد ... تزايد بي همّي فيسلمني «1» صبري فلا الهمّ يسليني ولا الغمّ ينقضي ... ولا فرح يأتي سوى أدمع تجري إلى الله أشكو ما ألاقي فإنّه ... عليم بأنّي قد تحيّرت في أمري «2» قال: وأنشدني لنفسه أيضا: أيّ شيء يكون أقبح منّا ... إن نقضنا عهد الإخاء وخنّا إنّ في حرمة المودّة أن نغضي ... جميعا على الخيانة منّا وإذا ما أصابنا الدهر بالعين ... رددناه بالتغافل عنّا قال: وأنشدني لنفسه:

8 مدائح قيلت في أبي القاسم التنوخي والد المحسن

ما بال دمعك، أين الدمع يا عيني ... عسى أصابتك عين الدهر بالعين إنّي لأجزع من فقد البكاء كما ... قد كنت أجزع قبل البين للبين [12] 8 مدائح قيلت في أبي القاسم التنوخي والد المحسّن كان يلزم أبي «1» ، بالأهواز، شاعر يعرف بأبي الخير، صالح بن لبيب، فدخل إليه يوما، وأنا حاضر، فأعطاه رقعة صغيرة، فقرأها أبي، وتبسّم، وأمر له في الحال بدراهم، وانصرف. فأخذت الرقعة، فإذا هي بخطّه، وفيها: يا من أراق له السماح ندى ... أضحى به الأحرار في رقّ فضلا سبقت العالمين به ... والفضل مقصور على السبق ألزمت نفسك غير لازمها ... وعرفت لي حقّين لا حقّي ودخل إليه يوما شاعر يعرف بالهمذاني، لا أعرف اسمه، ولا نسبه، فدفع إليه رقعة، فيها: كفى القاضي رضاي بما ارتضاه ... ولم أذمم رضاي ولا رضاه فأمر له في الحال، بجائزة سنيّة. 2 ن 3

9 من نظم عضد الدولة

9 من نظم عضد الدولة أنشدني غير واحد، من الشيرازيّين، للأمير عضد الدولة، أبي شجاع ابن ركن الدولة، أبي علي [13] : بهطّة «1» قصّر عن وصفها ... من يدّعي الأوصاف بالزور كأنّها في الجام مجلوّة ... لآلئ في ماء كافور وله أيضا: رأيت بساطا للزبرجد ناضرا ... قد ابرز أطرافا تعدّ قحافا قحافا من البلور ملأى وفرّغا ... وممزوجة فيه رفعن سجافا تدير رؤوسا «2» للندامى كؤوسها ... وتترك أحلام الحليم سخافا وقال أيضا: نحرنا بيننا دنّا ... فعاد الليل إصباحا وداجا نحره مثل ... الغرابين إذا صاحا «3»

10 من رسالة لأبي القاسم التنوخي

10 من رسالة لأبي القاسم التنوخي حدّثني أبو العلاء صاعد بن ثابت «1» ، قال: كتب إليّ القاضي أبو القاسم عليّ بن محمد التنوخي «2» ، جواب كتاب كتبته إليه: وصل كتابك. فما شككت وقد جاء الرسول به ... أنّ الشباب أتاني بعد ما ذهبا «3» [14]

11 كان قتل أبي يوسف البريدي أبرك الأشياء على سيف الدولة

11 كان قتل أبي يوسف البريدي أبرك الأشياء على سيف الدولة حدّثني أبو يعلى محمّد بن يعقوب البريديّ الكاتب «1» ، قال: لمّا قصدت سيف الدولة «2» أكرمني، وأنس بي، وأنعم عليّ، وكنت أحضر ليلا في جملة من يحضر. قال: فقال لي ليلة من الليالي: كان قتل أبيك، أبرك الأشياء عليّ. فقلت: كيف ذاك، أطال الله بقاء مولانا؟ قال: لمّا رجعنا من بغداد «3» ، اقتصر بي أخي ناصر الدولة «4» ، على نصيبين «5» ، فكنت مقيما فيها، ولم يكن ارتفاعها يكفيني، فكنت أدافع الأوقات، وأصبر على مضض من الإضاقة مدّة. ثم بلغتني أخبار الشام، وخلوّها إلّا من يأنس المؤنسي «6» ، وكون ابن

طغج «1» بمصر بعيدا عنها، ورضاه بأن يجعل يأنس عليها، ويحمل إليه الشيء اليسير منها، ففكّرت في جمع جيش، وقصدها، وأخذها، وطرد يأنس، ومدافعة ابن طغج، إن سار إليّ، بجهدي، فإن قدرت على ذلك، وإلّا كنت قد تعجّلت من أموالها، ما تزول به إضاقتي مدّة، ووجدت جمع الجيش لا يمكن إلّا بالمال [15] ، وليس لي مال، فقلت: أقصد أخي، وأسأله أن يعاونني بألف رجل من جيشه، يزيح هو علّتهم «2» ، ويعطيني شيئا من المال، وأخرج بهم، فيكون عملي، زائدا في عمله، وعزّه. قال: وكانت تأخذني حمّى ربع «3» ، فرحلت إلى الموصل «4» على ما بي، ودخلت إلى أخي، وسلّمت عليه. فقال: ما أقدمك؟ فقلت: أمر أذكره بعد. فرحّب، وافترقنا. فراسلته في هذا المعنى، وشرحته له، فأظهر من المنع القبيح، والردّ الشديد، غير قليل. ثم شافهته، فكان أشدّ امتناعا.

وطرحت عليه جميع من كان يتجاسر على خطابه في مثل هذا، فردّهم. قال: وكان لجوجا، إذا منع من الأوّل، شيئا يلتمس منه، أقام على المنع. قال: ولم يبق في نفسي، من يجوز أن أطرحه عليه، وأقدّر انّه يجيبه، إلّا امرأته الكرديّة، والدة أبي تغلب «1» . قال: فقصدتها، وخاطبتها في حاجتي، وسألتها مسألته. فقالت: أنت تعلم خلقه، وقد ردّك، وإن سألته عقيب ذلك، ردّني أيضا، فأخرق جاهي عنده، ولم يقض [16] الحاجة، ولكن أقم أيّاما، حتى أظفر منه، في خلال ذلك، بنشاط، أو سبب أجعله طريقا للكلام، والمشورة عليه، والمسألة له. قال: فعلمت صحّة قولها، فأقمت. قال: فإنّي جالس بحضرته يوما، إذ جاءه برّاج «2» ، بكتاب طائر، عرّفه سقوطه من بغداد. فلما قرأه، اسودّ وجهه واسترجع، وأظهر قلقا وغمّا، وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، يا قوم، المتعجرف، الأحمق، الجاهل، المبذّر، السخيف الرأي، الرديء التدبير، الفقير، القليل الجيش، يقتل الحازم، المرتفق، العاقل، الوثيق الرأي، الضابط، الجيّد التدبير، الغنيّ، الكثير الجيش؟ إنّ هذا لأمر عجيب. قال: فقلت له: يا سيّدي ما الخبر؟ فرمى بالكتاب إليّ، وقال: قف عليه.

فإذا هو كتاب خليفته ببغداد، بتاريخ يومه «1» ، يقول: في هذه الساعة، تناصرت الأخبار، وصحّت بقتل أبي عبد الله البريدي «2» ، أخاه أبا يوسف واستيلائه على البصرة. قال: فلما قرأت ذلك، مع ما سمعته من كلامه [17] ، متّ جزعا وفزعا، ولم أشكّ أنّه يعتقدني كأبي عبد الله البريديّ، في الأخلاق التي وصفه بها، ويعتقد في نفسه أنّه كأبي يوسف، وقد جئته في أمر جيش ومال، ولم أشكّ أنّ ذلك سيولّد له أمرا في القبض عليّ، وحبسي، فأخذت أداريه، وأسكّن منه، وأطعن على أبي عبد الله البريديّ، وأزيد في الاستقباح لفعله، وتعجيز رأيه، إلى أن انقطع الكلام. ثم أظهرت له، إنّه قد ظهرت الحمّى التي تجيئني، وإنّه وقتها، وقد جاءت، فقمت، فقال: يا غلمان، بين يديه. فركبت دابّتي، وحرّكت إلى معسكري، وقد كنت منذ وردت، وعسكري ظاهر البلد، ولم أنزل دارا. قال: فحين دخلت إلى معسكري، وكان بالدير الأعلى «3» ، لم أنزل، وقلت لغلماني: ارحلوا، الساعة، الساعة، ولا تضربوا بوقا، واتبعوني. وحرّكت وحدي، فلحقني نفر من غلماني، وكنت أركض على وجهي، خوفا من مبادرة ناصر الدولة إليّ بمكروه [18] .

قال: فما عقلت، حتى وصلت إلى بلد «1» ، في نفر قليل من أهل معسكري، وتبعني الباقون. فحين وردوا، نهضت للرحيل، ولم أدعهم أن يراحوا، وخرجنا. فلما صرنا على فرسخ من بلد، إذا بأعلام وجيش لاحقين بنا، فلم أشكّ أنّ أخي أنفذهم للقبض عليّ. فقلت لمن معي: تأهّبوا للحرب، ولا تبدأوا، وحثّوا السير. قال: فإذا بأعرابيّ، يركض وحده، حتى لحق بي، وقال: أيّها الأمير، ما هذا السير المحثّ؟ خادمك دنحا، قد وافى برسالة الأمير ناصر الدولة، ويسألك أن تتوقّف عليه حتى يلحقك. قال: فلما ذكر دنحا، قلت: لو كان شرّا، ما ورد دنحا فيه. فنزلت، وقد كان السير كدّني، والحمّى قد أخذتني، فطرحت نفسي لما بي، ولحقني دنحا، وأخذ يعاتبني على شدّة السير، فصدقته عمّا كان في نفسي. فقال: اعلم انّ الذي ظننته انقلب، وقد تمكّنت لك في نفسه هيبة، بما جرى، وبعثني إليك برسالة، يقول لك: إنّك قد كنت جئتني تلتمس كيت [19] وكيت، فصادفت منّي ضجرا، وأجبتك بالردّ، ثم علمت أن الصواب معك، فكنت منتظرا أن تعاودني في المسألة، فأجيبك، فخرجت من غير معاودة ولا توديع، والآن، إن شئت فأقم بسنجار «2» ، أو بنصيبين، فإنّي منفذ إليك ما التمست من المال والرجال، لتسير إلى الشام.

قال: فقلت لدنحا: تشكره، وتجزيه الخير، وتقول كذا وكذا، أشياء واقفته عليها، وتقول: إنّي خرجت من غير وداع، لخبر بلغني في الحال، من طروق الأعراب لعملي، فركبت لألحقهم، وتركت معاودة المسألة تخفيفا، فإذا كان قد رأى هذا، فأنا ولده، وإن تمّ لي شيء، فهو له، وأنا مقيم بنصيبين، لأنتظر وعده. قال: وسرت، ورجع دنحا، فما كان إلّا أيّام يسيرة، حتى جاءني دنحا، ومعه ألف رجل، قد أزيحت عللهم، وأعطوا أرزاقهم ونفقاتهم، وعرضت دوابّهم وبغالهم، ومعهم خمسون ألف دينار، وقال: هؤلاء [20] الرجال، وهذا المال، فاستخر الله، وسر. قال: فسرت إلى حلب، وملكتها، وكانت وقائعي مع الأخشيدية، بعد ذلك، المعروفة، ولم تزل بيني وبينهم الحرب، إلى أن استقرّت الحال بيننا، على أن أفرجوا لي عن هذه الأعمال «1» ، وأفرجت لهم عن دمشق، وما وراءها، وأمنت ناصر الدولة، واستغنيت عنه. وكل ذلك، فسببه قتل عمك لأبيك «2» .

12 لأبي علي الحاتمي يمدح

12 لأبي علي الحاتمي يمدح أنشدني أبو عليّ الحاتميّ «1» ، فصلا من رسالة عملها إلى بعض الرؤساء في صفته: أفكاره همم إيعاده نقم ... وعوده قسم تأميله عصم ألفاظه حكم أوطانه حرم ... ألحاظه نعم آلاؤه ديم تبغي الخلائق أن يحصوا فضائله ... ودون ذلك ما تستنفذ الكلم ولو أرادوا جميعا كتم معجزه ... أبى له الله ما يأتون والكرم [21] تبغي مجاراته في فعله بشر ... قد قصّرت منهم عن كعبه القمم وكيف يسطاع فعل أو يرام علا ... ما ليس تدركه الأوهام والفهم

13 يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما

13 يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما حدّثني بعض الأهوازيين، قال: رأيت أبا الحسن المنبريّ، الشاميّ، الطائيّ، الشاعر، بالأهواز، على باب الحسن بن علي المنّجم «1» ، وهو عاملها، يتردّد مدّة، وكان قد امتدحه. قال: فتذاكرنا شدّة تلوّن أخلاق المنجّم، وجنونه، ونواميسه في وقت، وعدوله عن ذلك في وقت آخر. ثم قلت له: فأين أنت منه؟ فقال: ما آيس من ردّه، ولا أطمع في وعده. قلت أنا: وهذا كأنّه مأخوذ من الأبيات التي هجي بها الحسن بن رجاء، وهي مشهورة، فلذلك لم أوردها على جملتها. والأخير من الأبيات هو: لكنّها خطرات من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما [22]

14 بحث في معرفة السارق

14 بحث في معرفة السارق حكي لي عن بعض الصالحين، في إخراج السّرق، قال: تأخذ قدحا فيه ماء، وتأخذ خاتما، فتشدّه فيه بشعرة، وتدليه في القدح، وتكتب خمس رقاع، فيها أسماء المتّهمين بالسّرقة، وتكتب: السارق، في القدح، وتضع رقعة، تكتب فيها اسم من تتّهمه، على حرف القدح، وتقرأ عليه: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ، وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ، خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ، وَاذْكُرُوا ما فِيهِ، لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «1» . فإذا ضرب الخاتم القدح، نظرت في الرقعة «2» ، فإنّ السارق، هو صاحب الاسم، وإن لم يضرب القدح، فتضع أخرى، فإن السارق هو، إذا ضرب.

15 آيات لإعادة الآبق

15 آيات لإعادة الآبق وقال لي في الآبق «1» : تكتب فاتحة الكتاب مدوّرة، ويكتب في وسطها، كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ، يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ، مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ، ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ، إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها، وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً. فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «2» ، اللهم اجعل الأرض علوها، وسفلها، وسهلها، وجبلها [23] ، وبرّها، وبحرها، في قلب فلان بن فلان، أضيق من مسك «3» شاة، حتى يرجع.

16 السرج واللجام في جهاز كل عروس

16 السرج واللجام في جهاز كل عروس تذاكرنا في مجلس ببغداد، حضره أبو عليّ محمد بن منصور الشاهد، المعروف بابن كردي، حديث غلبة النساء على الرجال، إلا النفر من الرجال. فقال لي أبو علي: كان لنا شيخ فاضل، من أهل القطيعة «1» ، كان يضرب لنا في هذا مثلا، فيقول: إنّ في جهاز العروس إلى زوجها، سرجا ولجاما «2» ، فإذا انقضت أيّام العرس، إن سبق الرجل إلى السرج، فأسرج المرأة، ووضع اللجام في رأسها، وركبها، ملك عليها أمرها، وإن تراخى لحظة، وضعت هي السرج على قفاه، واللّجام في فيه، وركبته، فلم تنزل عنه، إلّا بطلاق أو موت.

17 الوزير عبيد الله بن سليمان والجهبذ اليهودي سهل بن نظير

17 الوزير عبيد الله بن سليمان والجهبذ اليهودي سهل بن نظير حدّثني أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المرزبان الكاتب الشيرازيّ «1» ، قال: حدّثني سهل بن نظير اليهوديّ الجهبذ «2» ، قال: حدّثني جدّي سهل بن نظير، وكان يتجهبذ للوزير على قديم السنين [24] ، منذ أيّام الفتنة، وإلى أن مات، قال: لما نكب عبيد الله بن سليمان «3» ، بعد كتبته للموفّق، النكبة العظيمة، كنت أتوسّم فيه الرفعة، وعلوّ الحال، فكنت أحمل إلى عياله، في كل شهر مائة دينار، وهو في الحبس، ثم أطلق، فكنت أحملها إليه، إلى أن وليّ الوزارة، فعرف لي ذلك، وبلغ بي كلّ مبلغ، وشكرني عليه أتمّ شكر. قال: ثم إنّ عبيد الله، نكب جرادة الكاتب، وكانت قد جرت له عليّ الرئاسة، وعلى الناس والرؤساء، وكان له إحسان سالف إليّ كثير، فكنت أحمل إلى عياله، في كل شهر، مائة دينار، وأحدر به إلى البصرة. قال: فبلغ ذلك عبيد الله بن سليمان، وأنا لا أعلم، فدخلت إليه يوما، فقال لي: يا سهل، بارك الله لك في عداوتنا. قال: فقلت له: أيّها الوزير، من أنا حتى أعاديك، وأنا أخسّ كلب ببابك؟

قال: وأكثرت التنصّل، والتهيّب، وبكيت، وقلت: يا سيّدي، ما هذا الكلام؟ إن كان شيء رقى إلى الوزير [25] أيّده الله، عنّي، واقفني عليه، ولعلّ عندي فيه، حجّة، أو برهانا، على بطلانه. قال: فقال لي: تحمل إلى عيال جرادة، في كل شهر مائة دينار. قال: فقلت: أيّها الوزير، أنا ما فعلت هذا، ولا تجاسرت عليه، إنّما فعله الرجل الذي كان يحمل إلى عيال الوزير- أيّده الله- مائة دينار في كل شهر رعاية لحقّ إحسانه إليه، فرعى لجرادة أيضا إحسانا له إليه أيضا، فحمل إليه، مثل ما كان يحمل، إلى عيال الوزير- أيّده الله-. فاحمرّ وجهه خجلا، وأطرق، وسكت مليّا، ثم تصبّب وجهه بالعرق، وقلت: قبض والله عليّ، ونكبني. قال: فأسقطت «1» . فرفع رأسه، وقال: أحسنت يا سهل، ما ترى بعد هذا منّي إنكارا «2» ، ولا بقي في نفسي عليك شيء، فأجرهم على رسمهم، ولا يوحشك ما خاطبتك به.

18 عاقبة الظلم

18 عاقبة الظلم حدّثني عبيد الله بن محمّد بن عبد الله الأهوازيّ، قال: حدّثني أبو الفضل البلخي «1» الفقيه، قال: حدّثني الخليل [26] بن أحمد السجستانيّ «2» ، قاضيها قال: قدم علينا صاحب جيش خراسان «3» ، من قبل نصر بن أحمد «4» ، ومعه خلق عظيم من الجيش، فملك سجستان، وأكثر أصحابه الفساد في البلد، وامتدّت أيديهم إلى النساء في الطرقات قهرا. قال: فاجتمع الناس إليّ، وإلى فلان الفقيه، وقد ذكره البلخيّ وأنسيته أنا، وشكوا الحال، فمضينا معهم إلى صاحب الجيش، فدخلت إليه، 3 ن 3

أنا والفقيه، وجماعة من رؤساء البلد، وكان المبتدئ بالخطاب، الفقيه، فوعظه، وعرّفه ما يجري. قال: فقال له: يا شيخ، ما ظننتك بهذا الجهل، معي ثلاثون ألف رجل، نساؤهم ببخارى «1» ، فإذا قامت أيورهم، كيف يصنعون؟ ينفذونها بسفاتج «2» إلى حرمهم؟ لا بدّ لهم أن يضعوها فيمن هاهنا كيف استوى لهم، هذا أمر لا يمكنني إفساد قلوب الجيش بنهيهم عنه، فانصرف. قال: فخرجنا. فقالت لنا العامّة: أيش قال الأمير؟ قال: وأعاد [27] عليهم الفقيه الكلام بعينه. فقالوا: هذا القول منه فسق، وأمر بالفسق، ومكاشفة بمعصية الله تعالى، فهل يحلّ لنا عندك قتاله بهذا القول؟ فقال لهم الفقيه: نعم، قد حلّ لكم قتاله. قالوا: فتأذن؟ قال: نعم. قال: فبادرت العامّة، وانسللنا من الفتنة، فلم نصلّ المغرب من تلك الليلة، وفي البلد أحد من الخراسانيّة. قال: لأنّه اجتمع من العامّة، من لا يضبط عدده، فقتلوا خلقا عظيما من الخراسانيّة، واستحرّ القتل فيهم، ونهبت دار الأمير، وطلبوه ليقتلوه، فأفلت على فرسه، ومعه كلّ من قدر على الهرب، ومضوا على وجوههم. فما جاءنا بعدهم جيش من خراسان، أصلا.

19 خراج الأهواز في سنة خمس وثلاثمائة

19 خراج الأهواز في سنة خمس وثلاثمائة حدّثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن مهرويه، المعروف بابن أبي علان، قال: حدثني أبي أبو القاسم «1» ، قال: كنت أكتب لعبيد الله بن الحسن بن يوسف «2» على كور الأهواز «3» ، فكتب عليّ بن عيسى «4» يطالبنا بالحساب [28] ، فتقدم إليّ أبو أحمد عبيد الله بن الحسن، بعمله، وبالخروج للمواقفة عليه، وذلك في سنة ست وثلاثمائة. قال: فجمعت الحساب، وعملت جماعة «5» لسنة خمس وثلاثمائة، بارتفاع مال الخراج بالأهواز، وكورها، سوى الضياع، فكان مبلغ ذلك، ستة عشر ألف ألف وثمانمائة ألف درهم وكسر، وكلها قد صحّ في الاستخراج، ولم يبق للسلطان إلّا نيّف وأربعين ألف درهم. قال: وكان مال الضياع، يقارب هذا، إلّا إنّه لم يكن في حسابنا.

20 خضاب يسود الشعر

20 خضاب يسود الشعر حدّثني عبد الله بن عمر الحارثيّ «1» ، قال: عجّل علي المشيب، فغمّني ذلك، وفكّرت في أن أخضب لحيتي، فنمت، فرأيت في النوم، كأنّي أشاور طبيبا في خضاب، فقال لي: لا تحتاج إلى خضاب، ولكن أصف لك شيئا يسوّد الشعر ويحفظ لونه، ويمنع من السواد أن يبيضّ، خذ من دهن النارجيل «2» العتيق، وزن خمسة دراهم، ومن الإهليلج «3» الأصفر، وزن [29] نصف درهم، ومن النوشاذر «4» ، وزن دانق «5» ، واسحق الجميع، ودفه بالدهن حتى يختلط، واطل به الشعر، فإنه يسودّ. فانتبهت، وقد حفظت ذلك، فعملته، فاسودّ شعري، وتأخّر الشيب عنّي دهرا طويلا.

21 طلاء يمنع الحبل

21 طلاء يمنع الحبل وحدّثني «1» ، قال: كنت في شبابي، أتمتّع بالجواري والمماليك، فكان العزل يثقل عليّ جدّا، فاشتريت جارية، بدنانير كثيرة، وكنت أخاف أن تحبل، فيذهب ثمنها، فنمت مشغول القلب بذلك، فأريت قائلا يقول: إذا أحببت أن لا تحمل المرأة، فخذ بنجا، واسحقه، واعجنه بلبن فرس، وجفّفه، واجعله في كيمخت، وعلّقه على المرأة، فإنّها لا تحبل. فقلت له: ما سمعت هذا من طبيب. فقال: إن أحببت أن تمتحن صحّة ذاك، فخذ هذا الدواء، واجعله في قارورة ما، واجعلها على النار، وأوقد تحتها، فإنّه لا يغلي، ولو مكث سنة. قال: وانتبهت، وجرّبت ذلك، فوجدته صحيحا.

22 الخليفة المعتضد يشهد على نفسه العدول

22 الخليفة المعتضد يشهد على نفسه العدول وحدّثني أيضا الحارثي «1» [30] ، قال: حدّثني أبي، وكان يخدم في دار الموفق، والمعتضد بعده: إنّ المعتضد أراد أن يشهد على نفسه العدول، في كتاب، صدره: هذا ما شهد عليه العدول جميعا، انّ أمير المؤمنين، عبد الله، أبا العباس المعتضد بالله، أشهدهم على نفسه، في صحة منه، وجواز أمر. وعرضت النسخة، على عبيد الله بن سليمان، فضرب عليها، وقال: هذا لا يحسن كتبه عن الخليفة، أكتبوا: في سلامة من جسمه، وإصابة من رأيه.

23 الحارثي يستهدي النبيذ

23 الحارثي يستهدي النبيذ قال لي الحارثي «1» : استهديت من صديق لي نبيذا «2» ، فأنفذ إليّ نبيذا حامضا، فرددته عليه، وكتبت إليه: الجيران، أحقّ بهذا من الإخوان «3» . 24 صفة نبيذ لا يسكر ووصف لنا «4» مرة، نبيذا طريّا شربه، فقال: «هو دواء الفهم، عمل من ثمر البلاذر» «5» . أي هو لا يسكر، لضعف فعله.

25 الكاتب ابن جبير يفاضل بين الوزير ابن الفرات والوزير علي بن عيسى

25 الكاتب ابن جبير يفاضل بين الوزير ابن الفرات والوزير علي بن عيسى حدّثنا أبو الفتح عبد الله بن محمد المروزي «1» الكاتب، قال: حدّثني بعض شيوخ الكتّاب، قال [31] : قال ابن الفرات «2» ، لأبي منصور بن جبير، كاتبه «3» ، أيّما أكفأ، أنا، أو عليّ بن عيسى «4» ؟ فقال: الوزير أكفأ وأضبط. قال: دعني من هذا. قال: تؤمنني؟ قال: قد أمنتك. قال: عليّ بن عيسى، إذا حضر بين يدي الخليفة، فأراد أن يكتب سرّا له، لم يحتج إلى غيره، وكتب هو، وسحا «5» ، وختم «6» ،

26 دناءة نديم، ولؤم أمير

وخرط «1» بيده وأنفذ العمل، وأنت، لا بد لك من زنجي «2» ، ولوطي صاحب دواته يقرأ، فيبطل الأمر بظهور اثنين عليه. قال: فضّلت عليّا علينا. قلت: لا والله يا سيّدي، ولكن يكون علي بن عيسى كاتبك. 26 دناءة نديم، ولؤم أمير حدّثني عبد الله بن أحمد بن داسه «3» : إنّ أبا القاسم البريديّ «4» ، أيّام تقلّده الأمر بالبصرة «5» ، شرب يوما، وعنده جماعة من ندمائه، فافتقد قحف «6» بلّور، كان معجبا به، وطلبه الشرابيّة، فلم يعرف له خبر. فحلف إنّهم إن لم يحضروه، ضربهم بالمقارع.

فقال له أحدهم: لا تعجل، ولكن مر [32] بإحضار كلّ من كان البارحة حاضرا. فأمر بإحضارهم، فجلسوا، وأنفذ الغلام إلى منزل كلّ واحد منهم، برسالة منه، أن أنفذوا القحف البلّور، الذي حملته إليكم البارحة. فعاد أحد الرسل، من دار أحدهم، ومعه القحف. فافتضح ذلك النديم، وسقط محلّه. وهذا، مضادّ لما حكي عن بعض الأكاسرة، إنّه كان يشرب، فوقعت عينه على غلام من غلمانه، وقد سرق صينيّة ذهب، مع ما فيها، وحملها، فأمسك الملك، وفاز بها الغلام. فافتقدها الخزّان في الغد، وجاءوا في طلبها، فدعاهم، وقال: لا تتعبوا في طلبها، فقد أخذها من لا يردّها، ورآه من لا ينمّ عليه. قال: فأمسكوا. فلما كان بعد سنة، كان الملك يشرب، فدخل ذلك الغلام، فرأى عليه منطقة ذهب حسنة. فقال له الملك سرّا: هذا من ذاك؟ فقال: نعم. فقال: إن كان ما عندك من الدنانير التي في الصينيّة [33] ، قد نفد، فعرّفني، لأدفع إليك أخرى «1» .

27 ألوان من الحجاب

27 ألوان من الحجاب وحدّثني «1» ، قال: وحدّثنا أبو الحسين أحمد بن الحسن بن المثنى «2» ، قال: لما قدم حامد بن العباس «3» الأبلّة «4» ، يريد الأهواز «5» ، وهو وزير «6» ، خرجت لتلقّيه، فرأيت له حرّاقة «7» ، ملّاحوها خصيان بيض، وعلى سطحها شيخ، يقرأ القرآن، وهي مظلّلة، مستّرة. فسألت عن ذلك، فقالوا: هذه حرّاقة الحرم، لا يحسن أن يكون ملّاحوها فحولة. قال: وقال لي أبو الحسين: دخلت إلى ابن الجصّاص» في داره ببغداد، فرأيت خصيانا بيضا مزيّنين «9» .

28 جواب لأبي العيناء

28 جواب لأبي العيناء قال «1» : حدّثنا أبو الحسين «2» ، قال: رأيت لأبي العيناء «3» ، خادمين، خصيّين، أسودين، يقودانه. فقيل له: كيف اتّخذت خصيين أسودين؟ فقال: حتى لا يتّهما بي، ولا أتّهم بهما. 29 أبو العيناء لا ينسى ما حفظ وحدّثني «4» ، قال: حدّثنا أبو الحسين «5» ، قال: قدم أبو العيناء البصرة، في سنة نيف وثمانين «6» ، بعد الغيبة الطويلة، التي غاب عنها، وخدمته للخلفاء، والوزراء، [34] بسرّ من رأى. وكان أبو خليفة «7» ، إذ ذاك، عالم البصرة، بالحديث، والأخبار،

واللّغة، والنحو، ومحمد بن جعفر بن بسّام، قاضيها، وكان له محلّ من الأدب، واللغة، والشعر، كبير، وكنت منقطعا إليه، ملازما له، أدرس عليه الفقه، فكان أوّل من ائتمنني، ورفع شأني. فقال لي: يا أبا الحسين، قد قدم أبو العيناء، وأحبّ أن أجمع بينه، وبين أبي خليفة، وننظر أثرهما. فقلت: عليّ ذلك. قال: فمضيت، ولقيت أبا العيناء، وعقدت عليه وعدا للحضور، عند ابن بسّام، وعلى أبي خليفة، فاجتمعا. فأخذ أبو العيناء، في الرواية عن الأصمعي «1» ، ومشاهداته مع المتوكّل «2» ، وابن أبي دؤاد «3» ، وفلان، وفلان، والشعراء. قال: فأسكت أبو خليفة، فلم ينجرّ معه، ولم يلحق به. قال: فأثنينا على أبي العيناء، وقرّظناه. فقال: يا أيّها القاضي، أنا لا أنسى ما كنت أحفظه منذ أربعين سنة.

30 أبو العيناء وأحمد بن الحسن بن المثنى

30 أبو العيناء وأحمد بن الحسن بن المثنى وحدّثنا أيضا «1» ، قال: حدّثني أبو عبيد محمد [35] بن علي الآجرّي، قال: كنت عند أبي العيناء، لما قدم البصرة، سنة نيف وثمانين، بتسبيبات له على عمّالها، وكان معنا أصحاب الحديث. فقيل له: قد دخل إليك ابن المثنّى، فقام، وقدّر، أنّ أبا علي الحسن ابن المثنّى، قصده. فقال له بعض الحاضرين: إنّه أحمد بن الحسن بن المثنّى، فجلس، قبل أن يقرب منه أبو الحسين. ثم استدنى أبا الحسين، وأكرمه، وسأله عن خبر أبيه، [فأخبره بوفاته، فترحّم عليه، وقال: أنا أسنّ منه. فسألناه عن مقدار الزيادة، فقال] «2» : لا أدري، كنت يوما في مجلس موسى بن إسحاق القاضي بالبصرة «3» ، وقد اجتاز بنا «4» ، وكان أصحاب الحديث حضورا، وكان موسى لا يطلق أن يدخل مجلسه غلام أمرد، ليسمع الحديث، فحين رآه موسى، صاح: يا غلام، أخرجه. فقلنا له: أعزّ الله القاضي، هذا ابن أخيك، أبو علي بن المثنّى. قال: فرفعه، وقدّمه.

31 أبو خازم القاضي

31 أبو خازم القاضي يريد أن يولّي أحمد بن الحسن بن المثنى القضاء وحدّثني «1» ، قال: حدّثني أبو الحسين «2» ، قال: لما نشأت، كتب أبو خازم القاضي «3» ، إلى أبي، يقول: إنّه قد بلغني أنّه قد نشأ لك فتى يطلب العلم، ومن حاله، وصفته، [36]- قال، وقرّظني- فأنفذه إليّ، لأقلّده القضاء. قال: فقال لي أبي: ما تقول؟ فقلت: أنفذني، فإنّك، هوذا، ترى ما نحن فيه من الإضاقة، فلعلّي أتّسع بالأرزاق، [فقال أبي: لا تفعل] «4» ، فإنّ الأعمال تفنى، والصيانة تبقى.

32 أبو العيناء في دار الواثقي أمير البصرة

32 أبو العيناء في دار الواثقي أمير البصرة وحدّثني «1» ، قال: حدّثني بعض شيوخنا: إنّ أبا العيناء، قصد دار الواثقيّ «2» ، وهو الأمير بالبصرة- إذ ذاك-، فأجلس في الدهليز «3» ساعة، إلى أن استؤذن له. وجرى الحديث، فقال رجل، في حديث أقتضى ذلك، يا أبا العيناء، أنت صائم اليوم؟ فقال: أمّا في هذه الدار، فنعم. فكتب صاحب الخبر، إلى الواثقيّ، بذلك، فأذن له في الحال، واعتذر إليه، من إجلاس البوّابين له في الدهليز، وانكر ذلك عليهم.

33 منافرة بين ضريرين

33 منافرة بين ضريرين قال «1» : واجتمع أبو العيناء، وأبو علي البصير «2» ، يوما في مجلس، فاستطال عليه أبو العيناء، فقال له أبو عليّ «3» : نحن جميعا ضريران، فما هذا التطاول؟ فقال: ولا سواء، أنت من عميان العصا، وأنا من عميان المواكب «4» [37] .

34 المصالحة بين تاجر أفلس وبين دائنيه

34 المصالحة بين تاجر أفلس وبين دائنيه حدّثني محمد بن أحمد بن عثمان بن الحارث الزيّات، قال: حدّثني أبي، قال: كان لي، ولجماعة من التجار ببغداد، على رجل من البزّازين، أربعة آلاف دينار، فقام للناس «1» ، فاجتمعنا، ففتحنا دكّانه، فوجدنا فيه متاعا ثمنه أربعمائة دينار. فقال: إن اخترتم أخذها وإبرائي من الباقي، فخذوا، فإنّي لا أرجع إلى شيء غير ذلك، وإن اخترتم أن تؤخّروني بالدين، وأفتح دكّاني، وأعمل بهذه الأربعمائة دينار، دفعت إليكم في كل سنة أربع مائة دينار، فيأخذ كلّ واحد منكم العشر من ماله، وتستوفون المال في عشر سنين. فأجبناه، إلّا رجلا، يعيد ويقول: زيدوني على العشر، ولو دينارا واحدا، في السنة. فقلنا للرجل: أجبه إلى هذا. فقال: إن أعطيت هذا الدينار، زيادة، على أربعمائة الدينار، في السنة، مضت الأربع مائة دينار في التسع سنين، وبقيت، بقيّة دينكم، بحالها. فعجبنا من ذلك، وقلنا: أوجدنا [38] صحّة ما قلت. فقال: هذه الأربعمائة الدينار، إذا اتّجرت فيها سنة، وسلمت، فربحي أربعمائة دينار.

يخرج منها أربعمائة دينار ودينار، يبقى ثلاثمائة وتسعة وتسعون دينارا. فأتّجر فيها، في الحول الثاني، فيحصل معي سبعمائة، وثمانية وتسعون دينارا، يخرج منها أربعمائة دينار ودينار، يبقى ثلاثمائة وسبعة وتسعون دينارا. فيحول الحول الثالث، فيصير المال سبعمائة وأربعة وتسعون دينارا يخرج منها أربعمائة دينار ودينار، يبقى ثلاثمائة وخمسة وخمسون دينارا «1» . يحول الحول الرابع، فيصير سبعمائة وستون دينارا، يخرج منها أربعمائة دينار ودينار، ويبقى خمسائة وثمانون دينارا «2» . ويحول الحول الخامس، سبعمائة دينار، يخرج منها أربعمائة دينار ودينار، يبقى ثلاثمائة وخمسة وثمانون دينارا «3» . ويحول الحول السادس، فيخرج منها أربعمائة دينار ودينار، يبقى ثلاثمائة وتسعة وسبعون دينارا «4» . ويحول الحول [39] السابع، فيصير سبعمائة وأربعة وخمسين دينارا، يبقى ثلاثمائة وسبعة وخمسين دينارا «5» . ثم يحول الحول الثامن، فيصير مائتين وتسعين دينارا، يخرج منها ثلاثمائة دينار، بقي منها مائتين وتسعة وستّين دينارا «6» . والدين دين، ولا يمكن أن أدفع إليكم، إذا كان الأصل أربعمائة، أكثر من أربعمائة. فأجبناه إلى الاقتصار على الأربعمائة، وفتح دكانه، وعمل، ورزق.

35 إنفاق بلا دخل، يذهب بالأموال

35 إنفاق بلا دخل، يذهب بالأموال وحدّثني «1» ، قال: حدّثني أبي، فقال: كلّ كيس يكون فيه ألف درهم، فتخرج منه درهما واحدا، ولا يدخله درهم آخر، فإنّ الكيس كلّه يذهب، إن كان بتجارة، فبنقصان ربحها، وإن كان بنفقة، فليس يحتاج إلى دليل. وإنّما يحفظ الأموال، فضولها، وينستر التاجر بربحه. 36 بين الجبائي والكرخي حدّثني عبد الله بن أحمد بن داسه «2» ، قال: حدّثني أبو عبد الله، محمّد بن إبراهيم بن عبيد الله، الفقيه، الحنفي [40] ، الأرمني، قال: كان أبو زهير الجبائي، الفقيه، ورعا، حاذقا بمذهب أبي حنيفة، فدخل بغداد، فبلغته أخبار أبي الحسن الكرخيّ «3» ، رضي الله عنه، في ورعه.

قال: فلقيه، فقال له: يا أبا الحسن، بلغني انّك تأخذ من السلطان رزقا في الفقه. قال: نعم. قال: ومثلك في علمك، ودينك، يفعل هذا؟ فقال له أبو الحسن: أو ليس قد أخذ الحسن البصري «1» ، رضي الله عنه، في زمنه، وفلان، وفلان، فعدّد خلقا من الصالحين والفقهاء، ممن أخذ من بني أميّة. فقال له أبو زهير: ذهاب هذا عليك أطرف، بنو أميّة، كانت مصائبهم في أديانهم، وجبايتهم الأموال سليمة، لم يظلموا في العشر، ولا في الخراج، وكان الفقهاء يأخذون من الأموال مع سلامتها، وهؤلاء «2» ، مع سلامة أديانهم، أموالهم فاسدة، وجباياتهم بالظلم والغش. فسكت أبو الحسن، فلما كان وقت قبض جائزته، لم يطالب بها، وتركها، ولم يقبض شيئا من الجاري، إلى [41] أن مات. قال لي عبد الله بن داسه: أن [أبا] زهير هذا، هو أستاذ أبي محمد ابن عبدل، الذي علّمه الفقه على مذاهب أصحابنا «3» . وكان أبو محمد بن عبدل، أستاذنا نحن في الفقه، وقد درست عليه، وشاهدته الطويل العريض، وما سمعت منه هذه الحكاية.

37 الخصال المذمومة في الشيخ

37 الخصال المذمومة في الشيخ وحدّثني «1» ، قال: قال لي بعض شيوخنا: إنّ الشيخ إذا أسنّ، صارت فيه ثلاث خصال مذمومة: إذا قام عجن «2» ، وإذا مشى زفن «3» ، وإذا سعل قرن «4» .

38 شيخ من أهل المذار يرى مناما

38 شيخ من أهل المذار يرى مناما وحدّثني «1» ، قال: حدّثني عبد الله بن معاذ، قال: حدّثني شيخ من أهل المذار «2» ، قال: كان لي زرع في ضيعة، وكان حسنا، جيّدا، وافرا، وكنت واسع الطمع فيه، فبتّ ليلة، فرأيت في منامي، كأنّي بنفسين يطوفان الصحارى المزدرعة، ويقول أحدهما للآخر، اكتب: زرع فلان كرّ، وفلان كرّين، قال: وأنا أحفظ الأسماء، وبلغ الكيل إلى أن جاء إلى قراحي، فقال: اكتب [42] ، وزرع فلان ثلاثة أكرار. فقلت له: أعزّك الله، زرعي- والله- في غاية الجودة، وأنا أؤمل فيه عشرة وأكثر. فقال لصاحبه: اكتب ثلاثة أكرار. قال: فلما كان من الغد، انتبهت متعجّبا، وقمت. وما مضت أيّام، حتى لحقت الغلّة آفة، ونجا بعض الناس، وأصيب بعضهم، وحصد جيراني، وحصدت. قال: فحصل لي، والله، ثلاثة أكرار «3» ، لا تزيد قفيزا، ولا تنقص قفيزا. قال: وعرفت خبر القوم الذين كنت حفظت أسماءهم، ومبلغ كيلهم، فإذا كيل الجميع، قد خرج على ذلك المبلغ سواء.

39 من أقوال معز الدولة

39 من أقوال معز الدولة بلغني من جهة وثقت بها، عن معزّ الدولة «1» ، إنّه قال: ما نام بين طلوع الفجر، إلى طلوع الشمس، مقبل قط. وهذا منه، [على] أنّه رجل أعجميّ، حسن جدا. والأصل في ذلك، قول أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام: إنّ النبي صلى الله عليه وسلّم، قال: «بورك لأمتي في بكورها» «2» ،

40 القاضي أبو عمر ينقذ بعمامته شخصا من الغرق

40 القاضي أبو عمر ينقذ بعمامته شخصا من الغرق حدثنا أبو أحمد بن أبي [43] الحسك الشاهد، قال: كان أبو عمر القاضي «1» ، يجتاز بباب دارنا، دائما، ذاهبا إلى ضيعته المعروفة بالصالحيّة، وأنا صبيّ، وبعد ذلك، إلى أن صرت حدثا. قال: فسمعت- إذ ذاك- أنّه اجتاز، فلما صار على شاطئ نهر عيسى «2» ، رأى رجلا في الماء، وهو يصيح: الغريق، ولم يكن بين يدي أبي عمر، إلّا غلام واحد. قال: فصعد أبو عمر بحماره على تلعة، وصاح بأعلى صوته: يا ناس، يا ناس، دفعات، فلم يجبه أحد، لخلّو الموضع، وانقطاع الطريق. فنزل عن حماره، وخلع عمامة كانت عليه، ورمى بها إلى الرجل، وأخذ طرفها بيده، وأمسك بيده الأخرى شجرة كانت هناك. وقال للرجل: لا خوف عليك، فاجذب العمامة، بكل قوّة. قال: فما زال الرجل يجذبها، ويقرب، إلى أن قرب من الشطّ، حتى رقى في الشطّ، وخرّ مغشيا عليه. وجازت جماعة، فرأوا القاضي على تلك الصورة، فدعوا له، وشكروه، وبادروا إلى الرجل، وعصروا جوفه من الماء، ونجا، وعاش [44] .

41 الإكثار من الغالية يدفئ في الجو البارد

41 الإكثار من الغالية يدفئ في الجو البارد حدّثني عبد الله بن أحمد بن بكر البصري «1» ، قال: كان المهريّون «2» بالبصرة، لهم نعم ومروءات، وكانوا في جيراننا، فحدّثني شيوخنا: إنّ فتى منهم، وكان ظريفا، ركب في يوم شات، شديد البرد، والماء قد جمد، وليس عليه من الحشو «3» شيء، إنّما كان عليه قميصان، وعمامة، وطيلسان «4» ، وخفّ، فدخل إلى قوم، فعجبوا من صبره على البرد، فنزع خفّه، فإذا هو قد طلا رجليه بالغالية «5» ، وحشا منها شيئا كثيرا، بين أصابعه، وفي سرّته، واستعمل منها شيئا كثيرا في لحيته، وأخذ خرقة، وطلا عليها، ووضعها على رأسه، وتعمّم عليها، فحمي حميا، لم يحتج معه إلى أكثر من قميصين.

42 الإكثار من الغالية يسبب العمى

42 الإكثار من الغالية يسبب العمى قال «1» : وحدّثني شيوخنا: انّ محمد بن سليمان بن عليّ الهاشميّ «2» ، كان في ضيعته التي يقال لها: المحدثة، خارج البصرة، جالسا في مجلس على بستان، وفي بعض زوايا البستان، إجّانة «3» صينيّ كبيرة، مملوءة غالية. فدخل إليه قوم من العامّة، في [45] حاجة لهم، وكان أحدهم، خسيس الحال، فلما رأى الغالية، سرق منها شيئا كثيرا، اغترفه ملء كفه، فوضعه على رأسه وأطبق عمامته عليه، وأطال القوم الجلوس، وهو معهم، فلما قاموا، قام معهم، فلم يبصر، فقال: خذوا بيدي فقد عميت. فاغتم محمد بن سليمان، لذلك، وجاء بطبيب في الحال، وقال: ما دهاك! فلم يصدقه. فأمر الطبيب بكشف رأسه، فرأى الغالية، فصب عليها الماء البارد، حتى لم يبق لها أثر، ثم طلاه بالصندل «4» والماورد، والكافور «5» ، وأقامه في الهواء ساعة، فعاد بصره إلى حال الصحة، وانصرف.

43 مثل من الأمانة

43 مثل من الأمانة وحدّثني، قال: حدّثني أبو الحسن محمّد بن إسحاق بن عبّاد النجار، وهو شيخ من وجوه التمّارين بالبصرة، طال عمره، وحدّث، وكتبت عنه، ولم أسمع هذه الحكاية منه، قال: كان في جوارنا فلان، فتصدّق ليلة على ضرير اجتاز به، وهو لا يعرفه، فأراد أن يفتح [46] إحدى صرتين في كمّه، في إحداهما دنانير، وفي الأخرى دراهم، فيعطيه درهما، فأعطاه دينارا. وانصرف الضرير، وهو لا يشكّ أنّ معه درهما. فبكّر به إلى بقال يعامله، فقال: خذ هذا الدرهم، واحسب ما لك عليّ، وأعطني بالباقي كذا وكذا. فقال له البقال: يا هذا، من أين لك هذا؟ قال: أعطانيه البارحة فلان. قال: إنّه دينار، فخذه. فأخذه الضرير، وجاء به من الغد إلى الرجل، وقال: إنّك تصدّقت عليّ بهذا، وأظنّك أردت أن تعطيني درهما، وغلطت، وما أستحلّ أخذه مغالطة، فخذه. فقال له الرجل: قد وهبته لك، وإذا كان في رأس كلّ شهر، فتعال إليّ، أعطيك شيئا آخر، مجازاة لأمانتك. وكان يجيئه في رأس كل شهر، فيعطيه خمسة دراهم. قال: فلم أر أعجب من أمانة البقّال والضرير، ولو كان في هذا الوقت، لجرى الأمر بضدّ ذلك [47] .

44 لا يعرض القرآن للمسألة

44 لا يعرّض القرآن للمسألة قال «1» : وقال لي ابن عباد «2» : وكان «3» يقرأ بالسبعة «4» ، فكنت أسمعه طول الليل يقرأ، وكان فقيرا، فإذا كان النهار، خرج يتصدّق «5» ، فأسمعه ينشد على الطريق، الرقائق «6» والزهديّات، لا أسمعه يتصدّق بغيرها. فقلت له يوما: يا فلان، أنت تحفظ القرآن، وأراك تتصدّق بالرقائق، فكيف لا تقرأ وتتصدّق كما يفعل الأضرّاء؟ فقال: والله لا أعرّض القرآن للمسألة أبدا.

45 السورجي وزوجته

45 السورجي وزوجته حدّثني أبو محمد «1» ، قال: حدّثني السورجيّ، شيخ كان يجاورنا، مستور، قال: كانت لي امرأة صالحة، فكنت إذا اشتريت لحما لتطبخه لنا، طبخته، وغرفته جميعه، وجاءتني به، وكنت أكولا، فكنت آكله جميعه، وتجوع هي، وأولادها. فقلت لها: يا هذه، إذا طبخت شيئا، فاقسميه قسمين، وجيئيني بأحدهما، ودعي الآخر، لنفسك، وأولادك. فقالت: لا والله، لا أفعل هذا، بل أقدّمه إليك كلّه، لتأكل أجوده، فإنّك [48] أنت تسأل عنه. 46 يتمنى أن يمرض ليعوده حبيبه أنشدني أبو الحسن بن أبي الليث، لنفسه: عصيت الهوى وأطعت العذول ... وكنت كما قال فيّ الحسود وملّكت رقّك وهو المنى ... وبعتك للدين فيمن يزيد لئن لم أكن أتمنّى السقام ... لعلّي ألقاك فيمن يعود

47 المعتضد يكتب رقعة في رفع ظلامة

47 المعتضد يكتب رقعة في رفع ظلامة حدّثني محمد بن أحمد بن عثمان الزيّات، قال: حدّثني أبو بكر بن حورى- شيخ كان من أهل فامية «1» ، من أعمال النهروان، قد أقام ببغداد سنين، وكان مشهورا بصحبة ابن أبي عوف «2» - قال: كنت ألزم ابن أبي عوف، سنين، لجوار بيننا ومودّة، لا أسأله حاجة، لأنّها لم تكن تعرض لي، وكنت أتخفّف بين يديه في حوائج ينفذني فيها، وكان رسمي في كلّ ليلة، أجيئه بعد العتمة، وقد صلّى ودخل منزله، فحين يراني [49] ، يمدّ رجله في حجري، فأغمزها، وأحادثه، فيسألني عن الأخبار والحوادث ببغداد، وكنت أسأل عنها، وأتطلّبها من كل موضع، وأجيئه بها، وأخبره بخبر من قدم البلد، ومن سافر عنه، ومن مات، ومن ولد، ومن خاصم، ومن ورث، ومن يرجف به الناس، وأخبار الجيران، وبكل غثّ وسمين، إلى أن ينعس، فإذا نعس، قبض رجله، فقمت إلى بيتي، وقد مضى ثلث الليل، أو بعضه، أو أقل. [وجرى الأمر] على هذا سنين. فلما كان ذات يوم، جاءني سقطيّ «3» كان يعاملني، فقال: قد دفعت إلى شيء إن تمّ عليّ، افتقرت.

فقلت: ما هو؟ فقال: رجل كنت أعامله، فاجتمع لي عليه ألف دينار، فطالبته، فرهنني عقد جوهر، قوّم بألف دينار، إلى أن يفتكّه بعد شهور، أو أبيعه، وأذن لي في ذلك. فلما كان أمس، وجّه مؤنس الفحل، صاحب الشرطة «1» ، من كبس دكّاني، وفتح صندوقي، وأخذ العقد، وقد استتر الرجل. فقلت له: لا تفكّر في هذا [50] ، فإنّي أخاطب أبا عبد الله بن أبي عوف، فيلزمه ردّه صاغرا. قال: وأنا مدلّ بابن أبي عوف، لمكاني منه، ومكنته من المعتضد. فلما كان تلك الليلة، جئته، فمدّ رجله في حجري، على الرسم وحادثته، وعرّفته الأخبار، وقلت له في جملتها، أمر السقطيّ مع مؤنس. ثم قلت: هذا الرجل جاري، ومعاملي، وأوجب الناس حقا عليّ، ولا بدّ- والله- من تفضّلك يا سيّدي، واعتنائك في أمره، وإلزام مؤنس، ردّ العقد. قال: فحين سمع هذا نحّى رجله من حجري وقال: ما أنا وهذا؟ أعادي صاحب شرطة الخليفة؟ وكيف استجزت أن تعرّضني لمثل هذا، وتسألني فيه؟ كأنّي بك، وقد قلت: ابن أبي عوف صديقي ألزمه ردّ هذا، ولم تشفق على جاهي، وكأنّ صلاح حال السقطيّ، أحبّ إليك من صيانة جاهي، ما أنا، عافاك الله، وهذا؟ ولا أليه. قال: فورد عليّ من هذا، أعظم مورد، وقلت في نفسي: هذا رجل [51] قد خدمته، كذا وكذا سنة، هذه الخدمة، التي لم تخدمها العبيد، على أنّي ما سألته قطّ حاجة، ولا احتجت إليه في شيء، ولا له عليّ رزق، ولا

أفضال، يلقاني في حاجة قد سألته فيها، بمثل هذا؟ شهد الله، لا دخلت له دارا بعدها أبدا. وأمسكت وجلست لا أتكلم، ثم قمت قبل الوقت الذي كنت أقوم فيه، وعدت إلى منزلي منكسرا مغموما. فلما كان من الغد، بكّرت، لئلا يجيئني الرجل، بسبب حاجته، فأفتضح عنده، ولم أدخل بيتي إلى وقت المغرب، ثم جئت، فصلّيت، وطرحت، واعتقدت أنّني لا أمضي إليه. فلما صلّيت العتمة، جاءني خادم لابن أبي عوف، فقال: الشيخ بقرأ عليك السلام، ويقول: لم تأخرت الليلة؟ إن كنت معافى، فتعال، وإن كنت متشكّيا جئناك. فاستحييت، وقلت: أمضي الليلة، ثم أنقطع. فحين دخلت إليه، ورآني، مدّ رجله في حجري، فأخذتها، وغمزتها على الرسم. فقال: أيش عندك «1» [52] من الأخبار؟ فأقبلت أحدّثه، بحديث غثّ، متكلّف، متصنّع، فلم يزل يصبر على ذلك ساعة، ثم قبض رجله، فقمت. فقال: يا أبا بكر، انظر أيش تحت المصلّى. وإذا برقعة في قرطاس، فأخذتها، وتقدمت إلى الشمعة، وإذا فيها: «يا مؤنس، جسرت على قصد دكّان رجل تاجر، يعرف بفلان، وفتحت صندوقه، وأخذت منه عقد جوهر قيمته ألف دينار، وأنا في الدنيا؟ والله، لولا أنّها أول غلطة غلطتها، ما جرى في ذلك مناظرة، اركب بنفسك إلى

دكّان الرجل، حتى تردّ العقد في الصندوق، بيدك ظاهرا» . فقلت لأبي عبد الله: أيش هذا يا سيّدي؟ فقال: خطّ المعتضد إلى مؤنس، بما أردته، مثّلت بين وجدك وعتبك، مع بقاء الحال مع مؤنس كما هي، وبين رضاك وقضاء حقك، وإيحاش مؤنس، فاخترتك عليه، فأخذت خطّ أمير المؤمنين، بما تراه، فامض، وأوصله إليه، فإنّه يفعل ما أمره به. فقبّلت رأسه، وشكرته [53] ، وانصرفت، وأنا من الفرح لا أعقل. وجئت إلى الرجل، وأخذت بيده، ومضينا إلى مؤنس، وسلّمت التوقيع إليه، فحين قرأه اسودّ وجهه، وارتعد حتى سقطت الرقعة من يده، ثم قال: يا هذا، الله بيني وبينك، هذا شيء ما علمت به، وتموه عليّ، فألا تظلّمتم إليّ، فإن لم أنصفكم، فإلى الوزير، ما هذا؟ بلّغتم الأمر إلى أمير المؤمنين، من أوّل وهلة؟ قال: وانتشطت، فقلت: بعلمك جرى، والعقد معك. قال: فأحضر العقد، وقال: خذوا الألف دينار، التي عليه الساعة، واكتبوا على الرجل، بطلان ما ادّعاه. فقلت: لا نفعل. فقال: خذوا ألفا وخمسمائة دينار. فقلت: والله، لو أعطيتنا ألف ألف دينار، ما رضينا، أو تركب بنفسك إلى الدكّان، والعقد معك، فتردّه إلى الصندوق، ولا نكذّب أنفسنا، أو تردّ التوقيع، فقال: أسرجوا لي. قال: فركب، والله، في موكبه، حتى وقف على دكّان الرجل، وردّ العقد [54] بيده إلى الصندوق. فجاءنا صاحبه، في ذلك اليوم، ودفع الألف دينار، وارتجعه.

48 ابن أبي دؤاد وكرمه وعلو همته

48 ابن أبي دؤاد وكرمه وعلوّ همته حدّثني عبد الله بن أحمد بن داسه «1» ، قال: حدّثني أبو أحمد بن أبي الحسك الشاهد، قال: حدّثني بمصر، أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله ابن نصر، القاضي، وهو قاضيها يومئذ «2» ، قال: حدّثني شيخ كان في جوارنا ببغداد، بدرب الروّاسين، من باب الشام «3» ، قال: كان أبو عبد الله بن أبي دؤاد «4» ، ينزل بباب الشام، وهو صغير الحال، فكنا نعرف أحواله. فباع يوما منديلا كان له، بسبعة دراهم، لتعذّر القوت عليه. قال: فاجتاز في طريقه، وهو عطشان، فرأى شاربا، فعدل إلى

الموضع، ودعاه، واستسقاه، فكسر الشارب «1» شفة كوز «2» كان معه، وملأه ودفعه إليه. فقال له ابن أبي دؤاد: لم فعلت ذلك؟ فقال: قد شرب في هذا الموضع قبلك من لم أرض لك، أن تجعل شفتك في موضع شفته، فكسرت الموضع [55] من الكوز لتشرب من موضع، ما وقعت عليه شفة غير شفتك. قال: فشرب الماء ثم دفع إليه السبعة دراهم، التي لم يكن يملك غيرها «3» .

49 دعوة الأم لأولادها مستجابة

49 دعوة الأم لأولادها مستجابة حدّثني أبو الحسين أحمد بن الحسن بن المثنّى «1» ، قال: كانت أمّي قد رأت ليلة القدر «2» ، فدعت الله بدعاء كثير، فلما كان من الغد، قال لها أبي: هل دعوت الله لي؟ فقالت: شغلني الدعاء لأولادك، عن الدعاء لك. قال: فكنّا نرى أنّ ما أفاء الله تعالى علينا من نعمة، بعد ذلك، إنّما كان بدعائها.

50 أبو الهيجاء بن حمدان ومتانة أعصابه

50 أبو الهيجاء بن حمدان ومتانة أعصابه حدّثني أبو الفضل الشيرازيّ الكاتب محمد بن عبد الله بن المرزبان «1» ، قال: حدّثني شيخ من شيوخ النخّاسين الجلّة ببغداد، قال: كنت أعامل أبا الهيجاء، عبد الله بن حمدان «2» ، في الرقيق، فكان يشتري مني، ولا يبيع شيئا يشتريه بوجه، إمّا أن يهبه، أو يعتقه. فجاءني يوما، إلى حجرتي، ولم تكن عادته جرت بذلك، فوجدته [56] ، وهو مستعجل، يريد الخروج إلى القصر «3» ، لقتال أعراب بلغه أنّهم عاثوا في الطريق، وكان يليه، فقال: بعني الساعة جارية. فعرضت عليه عدّة جوار، فاختار مولّدة منهنّ، وحملها في عماريّته «4» ، على بغل. فلما كان بعد شهور أقلّ من ستّة، جاءني بها رجل من الجند، يريد بيعها. فقلت لها: أليس كان الأمير أبو الهيجاء، اشتراك منّي؟ فقالت: بلى، ولكنّه وهبني لهذا.

قال: فلم أبعها حتى كاتبته، وعرّفته خبرها، لئلا تكون قد هربت، أو وقع بها حيلة. فلما أعلمني أنّه وهبها، شرعت في بيعها في الحال، فتعذّر، وأقامت عندي أيّاما. فسألتها عن أخبار أبي الهيجاء، وأمره في داره، فأخبرتني بأشياء من ذلك. فكان من طريف ما أخبرتني به، أن قالت: أخرجني من عندك في العمّارية، وسرنا يومنا وليلتنا، إلى قريب من انتصاف الليل، فكدّني السير وأتلفني، ثم حطّ العمّارية في الصحراء، ثم ضربت له خيم، ولأصحابه، فصرنا في عسكر، وأشعلت النيران، ونصب له سرير [57] مخلّع «1» في خيمة له، واستدعاني، فجئت وهو على فراشه، فلاعبني، ثم نزع «2» سراويله، وجلس منّي مجلس الرجل من المرأة، فوقعت صيحة عظيمة، فنهض عنّي، ولم يكن أولج، وضرب بيده إلى تحت الفراش، وإذا سيف مجرّد، فأخذه، وخرج بلا سراويل، وصاح أنا أبو الهيجاء، وسألهم عن سبب الصيحة، فقالوا: سبع أطاف بالخيم. فخرج يعدو، ومعه خلق من غلمانه وأصحابه، وأهاجوا السّبع، وطلبوه، وناصبوه الحرب، وناصبهم، وأنا أسمع الصياح، وزأرات الأسد، وقد تلفت فزعا، ثم يأتيه هو، من بين الجماعة، فقتله، فحمل رأسه، وجاءني وهو في يده، فلما رأيته صحت، فرمى بالرأس، وغسل يده. ثم جاءني، فطرحني، وإذا أيره قائم، كما كان في وقت نهوضه، ما تغيّر، ثم جامعني، ثم نهضت. فما رأيت قلبا أثبت من قلبه، ولا أيرا أقوى من أيره.

51 هجاه بالشعر فأجابه بأخذ الشعير

51 هجاه بالشعر فأجابه بأخذ الشعير حدّثني عبد الله بن أحمد بن داسه «1» ، قال: حدّثني أبو سهل بن زياد القطان «2» قال: كان بإسكاف «3» ، شاعر [58] له ضويعة «4» ، فهجا عاملها، وبلغه ذلك، فأمسك عنه، فلما كان وقت الغلّة، ركب العامل إلى البيدر، وقسمه، وحمل غلّة الشاعر أصلا. فجاء الشاعر إليه يشكو، ويداريه. فقال: يا هذا ليست بيننا معاملة، أنت هجوتنا بالشعر، ونحن هجوناك بالشعير، وقد استوت الحال بيننا وبينك.

52 خلف النار الرماد

52 خلف النار الرماد حدّثني محمد بن عديّ بن حرّ. وجماعة من البصريّين، قالوا: لما نشأ لأبي الحسين محمد بن عبيد [الله] بن نصرويه «1» ، مع فضله، ورجلته، ومحلّه المشهور من الدهاء والفضل «2» ، والعلم والعقل، ابنه الباقي الآن، وأخبر أبو الحسين بتأخّره، غمّه ذلك. قال: وكان أبو الحسين، يوما جالسا، إذ جاء ابنه هذا يسعى إليه، كأنّه في مهمّ، ثم نتف طاقة شعر كانت على أذن أبي الحسين، وسعى، فآلمه ذلك، وغمّه بلوغ تخلف الصبي، إلى هذا الحد، ورثينا لما جرى. قال لنا: خلف النار الرماد «3» .

53 كما تدين تدان

53 كما تدين تدان وحدّثني [59] الحسين بن محمد الجبائي، قال: لما سعى أبو طاهر الحسين بن الحسن، عامل البصرة «1» ، على أبي الحسين ابن نصرويه «2» ، حتى نكب النكبة الثانية، التي ألزمه فيها العباس بن الحسين «3» ، ما ألزمه من المال، راسل أبا طاهر، فقال له: اعلم انّ الصيّاد الفاره، لا يذبح شباشه «4» ، وأنا كنت لك في هذا البلد، مع التجار والناس، مثل

شباش الصيّاد، فبي إنّما ظنّ الناس أنّك عادل، وكنت تأخذ من تريد من الأوساط والأصاغر، ولا ينكشف أمرك، وقد صرت بما عاملتني، مثل الصيّاد الذي ذبح شباشه، فليس عزمه بعدها أن يصطاد، وستعلم أنّك لا تنتفع بنفسك، ولا بالبلد بعدي. ثم عدل إلى السعاية عليه مع أبي الفضل العباس بن الحسين الوزير، فما خرج من البصرة حتى قبض عليه، ونكبه، وقلّد البصرة، أبا القاسم عليّ ابن الحسين بن إبراهيم «1» ، ابن أخت أبي الفرج محمد بن العباس بن فسانجس «2» ، وألزم مالا ثقيلا لم ينهض به، وتلف أبو طاهر في المطالبة، والضرب، ومات [60] في الحبس، وانسحق هو وأهله، إلى آخر دهرهم، وكل ذلك بتدبير أبي الحسين، وترتيبه المكاره عليهم.

54 الصوفي المتوكل وجام فالوذج حار

54 الصوفي المتوكل وجام فالوذج حار حدّثني محمد بن هلال «1» بن عبد الله، قال: حدّثنا القاضي أحمد بن سيّار، قال: حدّثني رجل من الصوفيّة، قال: كنت أصحب شيخا من الصوفية، أنا وجماعة في سفر، فحدّثني حديث التوكّل، والأرزاق، وضعف النفس فيهما، وقوّتها. فقال ذلك الشيخ: عليّ وعليّ، لا ذقت مأكولا، أو يبعث إليّ بجامة فالوذج حار، ولا آكل إلّا بعد أن يحلف عليّ. قال: وكنّا نمشي في الصحراء. فقالت له الجماعة: الآخر «2» جاهل. ومشى ومشينا، وانتهينا إلى قرية، ومضى عليه يومان، وليلتان، لم يطعم فيهن شيئا. ففارقته الجماعة، غيري، فإنّه طرح نفسه في مسجد القرية، مستسلما للموت ضعفا، فأقمت عليه. فلما كان في ليلة اليوم الرابع، وقد انتصف الليل، وكاد أن يتلف الشيخ، فإذا بباب المسجد قد فتح، وإذا جارية سوداء، ومعها طبق مغطّى. فلما رأتنا [61] ، قالت: أنتم غرباء، أو من أهل القرية؟ فقلنا: غرباء.

فكشفت الطبق، فإذا بجام فالوذج «1» ، يفور لحرارته. فقالت: كلوا، فقلت له: كل، فقال: لا أفعل. فقلت له: والله لتأكلنّ، لأبرّ قسمه، فقال: لا أفعل. قال: فشالت «2» الجارية يدها، فصفعته صفعة عظيمة، وقالت: والله، لئن لم تأكل لأصفعنّك هكذا، إلى أن تأكل. قال: فقال: كل معي. فأكلنا، حتى نظّفنا الجام، وجاءت الجارية تمضي. فقلنا لها: مكانك، أخبرينا بخبرك، وخبر هذا الجام. فقالت: نعم، أنا جارية رجل هو رئيس هذه القرية، وهو رجل أحمق حديد «3» ، فطلب منّا منذ ساعة، فالوذجا، فقمنا لنصلحه، وهو شتاء وبرد، فإلى أن تخرج الحوائج من البيت، وتشعل النار، ويعقد الفالوذج، تأخّر عنه. فطلبه، فقلنا: نعم، وطلبه ثانيا، ولم نكن فرغنا منه، وطلبه الثالثة، فحرد «4» وحلف بالطلاق، لا يأكله، ولا أحد من داره، ولا أحد من أهل القرية، ولا يأكله إلا رجل غريب. فجعلناه [62] في الجام، وخرجنا نطلب في المساجد رجلا غريبا، فلم نجد، إلى أن انتهينا إلى هذا المسجد، فوجدنا كما، ولو لم يأكله هذا الشيخ، لقتلته ضربا، إلى أن يأكل، لئلّا تطلق ستّي من زوجها. قال: فقال الشيخ: كيف ترى، إذا أراد أن يرزق؟

55 سائل بالأبلة، وسائل بالصين

55 سائل بالأبلة، وسائل بالصين وحدّثني «1» ، قال: حدّثني القاضي أحمد بن سيّار، قال: حدّثني شيخ من التجار بعمان، قال: كنت بالأبلّة، أريد الخروج إلى البحر، فرأيت سائلا بباب الجامع، فصيح اللسان، مليح المسألة، فرققت له، وأعطيته دراهم صالحة. وخطفت «2» في الوقت إلى عمان، فأقمت بها شهورا، ثم قضي لي أن مضيت إلى الصين، فدخلتها سالما، فإذ أنا يوما أطوف، فإذا الرجل بعينه قائما في السوق يتصدّق. فتأملته، فعرفته، فقلت له: ويحك، سائلا بالأبلّة، وسائلا بالصين. فقال: قد دخلت إلى هذا البلد، ثلاث دفعات، وهذه الرابعة، لطلب المعيشة، فلا أجدها إلّا من الكدية «3» ، فأرجع إلى الأبلّة، ثم أرجع إلى هاهنا. قال: فعجبت من شدّة [63] حرمانه.

56 تاجر يتمدح بتجسسه على رسائل التجار

56 تاجر يتمدّح بتجسسه على رسائل التجّار وحدّثني، قال: حدّثني قاضي القضاة أبو محمد بن معروف، رضي الله عنه «1» ، قال: حدّثني بعض أهل بغداد، عن أبي عبد الله بن أبي عوف «2» ، إنّه قال: ضاق صدري، في وقت من الأوقات، ضيقا شديدا، لا أعرف سببه، فتقدّمت إلى من حمل لي طعاما كثيرا، وفاكهة، وعدة من جواريّ، إلى بستان لي على نهر عيسى «3» ، وأمرت غلماني، وأصحابي، أن لا يجيئني أحد منهم بخبر يشغل قلبي، ولو ذهب مالي كلّه، ولا يكاتبوني، وعملت على أن أقيم في البستان بقيّة أسبوعي، أتفرّج مع أولئك الجواري. قال: وركبت حماري «4» ، وقد تقدّمني كلّما أمرت بحمله.

فلما قربت من البستان، استقبلني فيج «1» ، معه كتب. فقلت له: من أين وردت؟ فقال: من الرقّة «2» . فتتبّعت نفسي، أن أقف على كتبه، وأخبار الرقّة، وأسعارها. فقلت له: تعرفني؟ فقال: نعم. فقلت: أنت قريب من بستان لي، فتعال معي، حتى أهب لك دنانير، وأغيّر حالك، وأطعمك، وتستريح الليلة في [64] البستان، وتدخل بغداد غدا. فقال: نعم. ومشى معي راجعا، حتى دخل البستان، فأمرت من فيه، أن يدخله حمّاما فيه، ويغيّر ثيابه ببعض ثياب غلماني، ويطعمه. فابتدوا «3» معه في ذلك. وتقدّمت إلى غلام لي فاره، فسرق كتبه، وجاءني بها، ففتحتها، وقرأت جميع ما فيها، وعرفت من أسرار التجّار الذين يعاملوني شيئا كثيرا، وتفرّجت بذلك. ووجدت جميع الكتب، محشوّة إلى التجار، بأن يتمسّكوا بما في أيديهم من الزيت، ولا يبيعوا منه شيئا، فإنّه قد غلا عندهم وعزّ، ويوصونهم بحفظ ما في أيديهم.

فأنفذت إلى وكلائي في الحال، فاستدعيتهم، فجاءوا، فقلت لهم: خذوا من فلان الناقد «1» ، وفلان الناقد، كل ما عندهم من العين والورق «2» الساعة، ولا ينقضي اليوم إلّا وتبتاعون كلما تقدرون عليه من الزيت، واكتبوا إليّ، عند انقضاء النهار، بالصورة. فمضوا، فلما كان العشاء، جاءني خبرهم، بأنهم قد ابتاعوا زيتا، بثلاثة آلاف دينار، فكتبت إليهم بقبض ألوف دنانير أخر، وبشرى كل ما [65] يقدرون عليه من الزيت. وأصبحنا، فدفعت إلى الفيج ثلاثة دنانير، وقلت له: إن أقمت عندي، دفعت إليك ثلاثة دنانير أخرى. فقال: أفعل. وجاءتني رقعة أصحابي، بأنّهم ابتاعوا زيتا بأربعة آلاف دينار، وانّه قد تحرّك سعره لطلبهم إيّاه، فكتبت بأن يبتاعوا كلّ ما يقدرون عليه، وإن كان قد زاد. وشاغلت الرسول، اليوم الثالث، ودفعت إليه في اليومين، ستّة دنانير، وأقام ثلاثة أيام، وابتاع أصحابي بثلاثة «3» آلاف دينار أخرى. وجاءوني عشيّا، فقالوا: كان ما ابتعناه اليوم زائدا على ما قبله، في كلّ عشرة، نصف درهم، ولم يبق في السوق شيء يفكّر فيه. فصرفت الرسول، وأقمت في بستاني أيّاما، ثم عدت إلى داري، وقد قرأ التجّار الكتب، وعرفوا خبر الزيت بالرقّة، فجاءوني يهرعون «4» ،

ويبذلون في الزيت، زيادة اثنين في العشرة، فلم أبع، فبذلوا زيادة ثلاثة في العشرة، فلم أبع. ومضى على ذلك، نحو من شهر، فجاءوني يطلبون زيادة خمسة، وستة، فلم أفعل. فجاءوا بعد [66] أيّام، فبذلوا للواحد الواحد. فقلت في نفسي: ترك هذا خطأ، فبعته بعشرين ألف دينار. فنظرت، فلم يكن لضيق صدري، وانفرادي في البستان، ذلك اليوم سبب، إلّا ما أحبّه الله تعالى، أن يوصل إليّ ربح عشرة آلاف دينار.

57 صائغ يتمدح بأنه اؤتمن فخان

57 صائغ يتمدّح بأنه اؤتمن فخان وحدّثني «1» ، قال: حدّثني صائغ كان يخدم في خزانة الأمير معزّ الدولة «2» ، يعرف بطاهر، قال: كنت أشرب يوما في منزلي، وعندي جماعة من إخواني، فانقطع بنا النبيذ، فخرجت أحتال لهم شيئا من ذلك، فلقيني ركابيّ، فقال: الأمير يطلبك. فقلت: قل إنّك لم ترني. قال: لا أفعل. فقلت: خذ منّي دينارا، وقل إنّك لم تجدني. قال: وأنا معه، إذ جاء ركابيّ آخر، فبذلت لهما دينارين، فأبيا، وجاء الثالث، فمضيت، وحملت معي غلاما كان لي. فحين دخلت إلى الأمير، قال لي: امض، فانظر ما يقول لك عليّ المغنّي، في الخزانة، فافعله. فجئت الى الخزانة، فقلت لعلي: أيش تريد؟ فأخرج إليّ، مناطق «3» كثيرة ذهبا، موكّدة «4» بلا سيوف، [67] ممّا أخذه معزّ الدولة، من تركة أخته «5» ، وكانت الأخت، تشدّها في أوساط الجواري،

وتلبسهنّ القراطق «1» والخفاتين «2» ، وتلك المناطق فوقها، ويخدمنها كذلك، فلما حصلت لمعزّ الدولة، لم يستحسنها، فأمر بكسرها، وصياغتها مراكب، وسيوفا، ومناطق أعجمية. فقال لي: اجلس واقلعها، حتى ننظر كم يجتمع منها، ويصاغ. فقلت: ليس معي آلتي التي تستعمل. فقال: أنفذ من يحضرها. فأنفذت غلامي، فأحضر بعض الآلة، فما زلت أقلع، وأغتفل المغنّي، وأسرق، وأجعل ذلك في كمّي، وتحت عمامتي، وأرمي إلى غلامي، فإذا حصل معه شيء، قلت له: هات المبرد، هذا قد كلّ، فامض، وجئني بغيره، أو هات الآلة الفلانيّة، فيمضي، ويحصّل ما قد سرقناه، ويجيء بالآلة، وأسرق، وأعطيه، وأطلب آلة أخرى، على هذا، إلى أن جاء المساء، فجمع عليّ المغنّي، تلك المناطق، وأخذ الوعد عليّ، في الحضور في غد، ومعي الصنّاع، وشريكي المرسوم «3» معي بالخدمة في الخزانة، فانصرفت، فوزنت [68] ما قد حصل عندي، وكان أربعمائة وثمانين مثقالا. فقلت لعيالي: هذا، حملت إليه كرها، حتى أخذته، بعد أن بذلت، أن أعطي دينارين جعلا، ولا أمضي، وحدّثتهم بالقصة. فلما كان من الغد، حضر الصنّاع، وشريكي، وجلسنا نفكّك الباقي، وأحضرنا شيئا آخر، فما استوى لنا أن نسرق إلّا مائة وستين مثقالا، قاسمته عليها، وعجبت من رزقي في ذلك.

58 من مكارم أخلاق الأمير الموفق

58 من مكارم أخلاق الأمير الموفق حدّثني أبو الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون، الحرّاني، الصابئ، الطبيب «1» ، قال: حدثني أبي «2» ، قال: كنت، بين يدي الموفّق «3» ، يوما، فقال لي: يا إبراهيم، أنا أشتهي شهوة منذ سنين، وهو ذا «4» ، أستقبح أن أطلبها، وقد عنّ لي الساعة مواضعتك على طلبها. قال: فقلت: يأمر الأمير «5» . قال: ويحك، أنا والله، منذ سنين كثيرة، أشتهي كبود الدجاج، وقوانصها مطبهجة «6» ، وأستقبح أن أطلبها، فيظنّ صاحب المائدة، انّ نفسي قد تتبّعته، شحّا به عليهم، لأنّ رسمهم جار، بأن يرتفقوا [69] بأخذه

وبيعه، وأريد إذا قدّمت المائدة، وجلست معي للأكل، أن تتشهّى «1» ذلك عليّ، وتشير به من طريق الطبّ، لأتقدّم إليهم باتخاذ شيء منه يسير، فيصير ذلك القدر رسما في كلّ يوم، لا يؤثّر عليهم قدره، ويبيعون هم الباقي، فإنّه كثير، وأكون قد قضيت شهوتي. قال: فعجبت من كرمه، وفرط حيائه من خدمه، حتى يلفّق الحيلة في الوصول إلى شهوته، من غير إيحاشهم، أو تعرض لذمّهم. وقدّمت المائدة، فجلس يأكل عليها وحده، وجلست مع الندماء، آكل، على مائدة بين يديه. فلما أكل بعض أكله، قلت: لم لا يأمر الأمير «2» الناصر، بأن يتّخذ له شيء يسير في زبديّات، من كبود الدجاج المسمّن، وقوانصه، بالبيض، والمرّي «3» ، فيطجّن «4» بعضه، فيولع منه بالشيء اليسير، فإن في ذلك كذا وكذا، وأخذت أصف ما حضرني في الوقت، ونحن أيضا نشتهي أن نأكل منه. فقال: يصلح لنا من غد، كذا وكذا زبديّة، مطجّن، وكذا وكذا [70] زبديّة، من كبود الدجاج المسمّنة، وقوانصها. فأصلحوا ذلك، وصار رسما جاريا، ولم يفطن أحد منهم لما جرى.

59 بحث في الأمانة

59 بحث في الأمانة حدّثني عبيد الله بن أحمد بن بكير «1» ، قال: حدّثني أبو جعفر الضبّي، الفقيه الحنفي، وقد شاهدته أنا «2» ، وكان من شيوخ التجّار المستورين، فقيها، يحضر مجلس أبي «3» للخلاف «4» ، ويناظر، ولم أسمع منه هذه الحكاية، قال: حدّثني شيخ من التجّار، بسيراف، قال: كان عندنا نفسان، يمشيان في طريق، فرأيا صرّة دراهم ملقاة في الطريق، فقال أحدهما للآخر: خذها واحفظها لصاحبها. فقال الرجل: لا أفعل. فقال: لكني آخذها، وأحفظها، فإن وجدت صاحبها، رددتها عليه. قال: فأخذها ومشى. فإذا برجل يصيح. فقالا له: ما لك؟ فقال: صرّة صفتها كذا وكذا، فيها دراهم لي، سقطت منّي الساعة. فقال الذي هي معه: خذها، فإنّها هذه. فسلّمها إليه، ثم قال لصاحبه: أليس لو كان الناس كلهم على مذهبك [71] ، في أن لا يحفظوا على الناس، لضاعت أموالهم. فقال له الآخر: أليس لو كان الناس كلهم على مذهبي، ما ضاعت الصرّة، ولكانت تبقى في الطريق مكانها، حتى يرجع صاحبها، فيأخذها.

60 الخوارج يقطعون السارق من المرفق

60 الخوارج يقطعون السارق من المرفق حدّثني أبو الحسين علي بن لطيف «1» ، المتكلّم على مذهب أبي هاشم «2» ، قال: كنت مجتازا بناحية قزدار «3» ، مما يلي سجستان «4» ومكران «5» ، وقد كان يسكنها الخليفة من الخوارج، وهي بلدهم ودارهم، فانتهيت إلى قرية لهم، وأنا عليل، فرأيت قراح بطيخ «6» ، فابتعت واحدة، فأكلتها، فحممت

في الحال، ونمت يومي وبقيّة ليلتي، في قراح البطيخ، ما عرض لي أحد بشيء، وكنت قبل ذلك، قد دخلت القرية، فرأيت شيخا خيّاطا في مسجد، فسلّمت إليه رزمة ثيابي، وقلت له: تحفظها لي. فقال: دعها في المحراب. فتركتها، ومضيت إلى القراح، فلما أفقت من الغد، عدت إلى المسجد، فوجدته مفتوحا، ولم أر الخياط، ووجدت الرزمة بشدّها في المحراب. فقلت [72] ما أجهل هذا الخيّاط، ترك ثيابي وحدها، وخرج، ولم أشكّ في أنّه قد حملها بالليل إلى بيته، وردّها في الغد إلى المسجد، انتظارا لي. فجلست أفتحها، وأخرج شيئا شيئا، فإذا بالخيّاط. فقلت له: كيف خلّيت «1» ثيابي؟ فقال: أفقدت «2» منها شيئا؟ قلت: لا. فقال: ما سؤالك؟ قلت: أحببت أن أعلم. قال: تركتها البارحة في موضعها، ومضيت إلى بيتي. فأقبلت أخاصمه، وهو يضحك. وقال: أنتم قد تعودتم أخلاق الأرذال، ونشأتم في بلاد الكفر، التي فيها السرق والخيانة، وهذا لا نعرفه هاهنا، لو بقيت ثيابك مكانها، إلى أن تبلى، ما أخذها أحد غيرك، ولو مضيت إلى المشرق والمغرب، ثم عدت

لوجدتها مكانها، فإنّا نحن، لا نعرف لصّا، ولا فسادا، ولا شيئا ممّا عندكم، ولكن، ربما لحقنا «1» في السنين الطويلة، شيء من هذا، فنعلم انّه من جهة غريب قد اجتاز بنا، فنركب وراءه، ولا يفوتنا، فندركه، فنقتله، إمّا نتأوّل عليه بكفره، وسعيه في الأرض [73] بالفساد، أو نقطعه كما يقطع السرّاق عندنا من المرافق، فلا نرى شيئا من هذا. قال: وسألت عن سيرة أهل البلد، بعد ذلك، فإذا الأمر كما ذكره، وإذا هم لا يغلقون أبوابهم بالليل، وليس لأكثرهم أبواب، إنّما هي شرائج «2» تردّ الكلاب والوحوش.

61 الأمير معز الدولة يطوف في قصور دار الخلافة

61 الأمير معز الدولة يطوف في قصور دار الخلافة حدّثني أبو الحسن، عليّ بن أحمد الحاجب، المعروف بابن الخراسانيّ، وكان يحجب معزّ الدولة، قال: كنت مع معزّ الدولة «1» يوما في دار الخلافة «2» ، بحضرة المطيع لله «3» ، فلما انفضّ الموكب «4» ، قال لي: قل له: إنّي أريد أن أطوف في الدار، فأراها وأشاهد بساتينها، وصحونها، فيأمر من يطيفني فيها. قال: فقلت ذلك للخليفة، بالعربية. فأمر الخليفة، شاهك خادمه، وابن أبي عمرو «5» حاجبه، أن يطيفاه فيها. فلما مشيا بين يديه، وأنا وراءهما أمشي، وبعدنا عن حضرة الخليفة، وقفا، فقالا: أيّها الأمير إنّه لا يصلح أن تطوف الدار، إلّا ومعك نفسان،

أو ثلاثة، أو نحو هذا [74] ، فاختر لنفسك من تريد، وردّ أصحابك. قال: فأخذ الصيمريّ كاتبه «1» ، معه، ونحو عشرة غلمان، من حجّابه، وغلمانه، وترك باقي غلمانه، وجيشه، في صحن السلام. فتوقّفت أشدّ منطقتي، فسبقني، ودخل مع شاهك، وابن أبي عمرو، ولم ينتظروني، وأسرع في مشيه. فشددت منطقتي ولحقته، وجذبت ثيابه من ورائه، فالتفت، فقلت بالفارسية: في أي موضع أنت؟ ما لك تعدو على وجهك؟ وليس تعلم انّك في دار قد قتلت ألف أمير ووزير، أيش كان غرضك في طوف هذه الدار وحدك؟ ما كان يؤمنك، لو وقف لنا عشرة من الخدم، أو عشرون نفسا، في هذا الممر الضيّق، فنقتل. قال: فكنت أكلّمه بالفارسية، وأصحاب الخليفة لا يفهمون. فقال له الصيمريّ، بالفارسيّة: قد صدقك. فقال لنا: إن أنا رجعت الساعة، علموا أنّي قد فزعت، فضعفت هيبتي في نفوسهم، ونظروا إليّ بعين جبان، ولكن التفّوا حولي، فإنّ مائة من هؤلاء، لا يقاومونا [75] ، ولا صاحبهم يجسر أيضا، على الحيلة عليّ. وتسرّع في مشيه، حتى انّنا لم نثبت ما شاهدناه، حقّ تثبيته. حتى انتهينا إلى دار فيها صنم من صفر، على صورة امرأة، وبين يديها أصنام صغار، على صور الوصائف، فما رأينا شيئا قط، أحسن من ذلك، وخاصّة المرأة. قال: فتحيّر معز الدولة، وسأل عن ذلك، وقالوا: هذا صنم يقال

له: شغل، حمل إلى المقتدر من بلد من بلدان الهند، وكان يعبده أهل ذلك البلد، ففتحه صاحب عمان، وملكه، وحمل الصنم. فقال معزّ الدولة: قد والله عشقت هذا الصنم، لحسنه، ولو كان جارية، مع زهدي في الجواري، لاشتريتها بمائة ألف دينار، وأريد أطلبه من الخليفة، ليكون قريبا مني، فأراه في كلّ وقت. فقال له الصيمريّ: لا تفعل، فإنّك تنسب في ذلك، إلى أخلاق الصبيان. قال: وأسرعنا الطوف، والخروج، فما عقلنا، ولا رجعت نفوسنا إلينا، حتى صار مع عسكره، وغلمانه [76] . فلما نزل إلى طيّاره، التفت إلى الصيمريّ، وقال: يا أبا جعفر، قد زادت محبّتي للخليفة، لأنّه لو كان يضمر لي سوءا، وكان فيه شرّ، لكان قد قتلني اليوم بأسهل حيلة. فقال له الصيمريّ: الأمر كذلك، فاحمد الله. قال: فلما رجع إلى داره، أمر أن يحمل إلى نقيب الطالبيّين عشرة آلاف درهم، ليفرّقها فيهم، شكرا لله عزّ وجل، على سلامته. ففرّقت، ولم يعرفوا سبب ذلك.

62 أجر الطبيب عن سقي دهن الخروع

62 أجر الطبيب عن سقي دهن الخروع حدّثني أبو محمد عبد الله بن داسه «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسين أحمد بن الحسن بن المثنى «2» ، قال: حدّثنا أبي، قال: كان في بني منقر، بالبصرة، طبيب يختلف إلى عيسى بن أبان القاضي «3» ، أيّام مقامه بالبصرة، يسقيه في كل سنة، دهن الخروع «4» ، أيّاما متوالية من كلّ سنة، فإذا فرغ، وقّع له إلى وكيله بمائتي درهم. قال: فغلط سنة من السنين، فوقّع له بمائتي دينار. فلما عرض الطبيب الرقعة على الوكيل، استراب بها، وقال: حتى أستأذنه. وجاء إليه فأراه التوقيع [77] ، فقال: ما أردت هذا، ما أردت إلا المائتي درهم التي هي رسمه، ولكنّ هذا شيء أجراه الله على يدي، لا أرجع عنه، أعطه إياه. فأعطاه.

63 ابن الوزير علي بن عيسى يمنع والديه من الاجتماع

63 ابن الوزير علي بن عيسى يمنع والديه من الاجتماع وحدّثني أبو محمد «1» ، قال: حدّثني أبو سهل بن زياد القطان «2» ، قال: كان عليّ بن عيسى «3» ، يدخل في كلّ أسبوع، يوما، إلى زوجته، والدة أبي القاسم، ابنه. وكان أبو القاسم «4» ، قد نشأ وترجّل «5» . فلما كان يوم النوبة، أدخل أبو القاسم أمّه إلى حجرة، وقفلها عليها، وأخذ المفتاح. فوافى عليّ بن عيسى، فأنكر قفلها. فقال له الجواري: إنّ أبا القاسم ابنه، فعل ذلك. فاستحيا، وعرف غرضه، فلم يدخل إلى أمّه بعد ذلك، إلّا لعيادة، أو حال ظاهرة.

64 الوزير أبو علي بن مقلة يثني على القاضي أبي عمر

64 الوزير أبو علي بن مقلة يثني على القاضي أبي عمر وحدّثني «1» ، قال: حدّثني أبو الفرج منصور بن القاسم القنائيّ الكاتب، قال: دخل أبو عمر القاضي «2» ، على أبي عليّ بن مقلة «3» ، وهو وزير، وعليّ ابن عيسى «4» عنده جالس، فرفع أبا عمر عليه، فامتنع، فرفعه ثانية، فامتنع، وجلس دون أبي الحسن. فانصرف، فراسله [78] إلى طيّاره، واستدعى ابنه أبا الحسين «5» ، فجاء إليه، فقال: تقول لأبي عمر، إنّي ما رفعتك على عليّ بن عيسى، لتخالف أمري، وتمتنع من ذلك. وتجلس دونه. فعاد إليه أبو الحسين، فقال له ما جرى. فقال له: ارجع إليه، وقل له: هذا رجل رأس عليّ، ثم أدال «6» الزمان منه، فكرهت أن أرتفع عليه، فيتصوّرني الوزير، بصورة من يرتفع على رؤسائه، وما فعلت ذلك، إلّا لك، وإعظاما للرياسات. فعاد أبو الحسين، إلى ابن مقلة، وأعاد عليه ذلك. فقال: قل له: أحسن الله جزاءك، فمنك يتعلّم العقل.

65 الخليفة المعتضد يبحث عن حجة لقتل وزيره

65 الخليفة المعتضد يبحث عن حجّة لقتل وزيره حدّثنا أبو محمد «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسين محمد بن عبيد الله بن نصرويه، عن شيوخه. إنّ المعتضد «2» ، لما قبض على إسماعيل بن بلبل «3» ، أحضر إسماعيل بن إسحاق القاضي «4» ، وقال له: بلغني أنّك تعلم أنّ إسماعيل بن بلبل، زنديق، فما تقول في قتله؟ فقال: ما أقول في رجل تكنّى، وسمّي أبوه بالطيور «5» . فعلم المعتضد أنّه يدافع، فقال ليوسف القاضي «6» : هل عندك من أمره شيء؟ فقال: نعم. أمرني الموفّق «7» بالنفقة على [79] الموسم «8» ، وتقدم إلى إسماعيل، أن يعطيني المال، فكنت ألزم مجلسه، أطالبه بذلك. 7 ن 3

فلزمته يوما من الغداة إلى المغرب، ما رأيته صلّى، ولا نهض من موضعه. ثم لزمته أيّاما متتابعة، وكان هذا حكمه، فقلت لعلّه يقضيها ليلا. فقال لي في آخر يوم: بت عندي الليلة لأعطيك المال، وجلس يتحدّث، وأنا بين يديه، إلى أن نعس، فأراد إكرامي، فأمرني بالنوم بحضرته، فنمت، وما رأيته خلال ذلك صلّى. فقال له المعتضد: انصرف، فقد أخبرتني بما أردته منك. وقتله «1» .

66 عمرو بن الليث الصفار يعاقب واحدا من حرسه

66 عمرو بن الليث الصفار يعاقب واحدا من حرسه حدّثنا [80] أبو محمد «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسن بن أبي نصر، أنّ ابن أبي الوليد بن أبي عبد الله بن ابي دؤاد، قال: حدّثني أبي «2» : أنّ عمرو بن الليث «3» ، كان له بيت ينام فيه، ويحرسه غلمان له ليلا، فانتبه ليلة، فوجد بعض الغلمان، قد استند إلى الحائط، ونام قائما، فجعل مرفقه، على صماخه «4» ، وغمز عليه، حتى قتله. فما رؤي في داره، نائما، ممّن كان يحرسه، بعد ذلك.

67 حميد الطوسي يأمر بقتل الطباخ لأنه لم ينضج دجاجة

67 حميد الطوسي يأمر بقتل الطباخ لأنّه لم ينضج دجاجة حدّثنا أبو محمد، قال: حدّثني أبو الحسين أحمد بن الحسن بن المثنى، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمي، قال: قال ابن عيّاش «1» : كنت آكل مع حميد الطوسيّ «2» ، فضربت يدي إلى دجاجة مشوية، ثم رغبت عنها شبعا، فلم أكسرها، وانقضى الطعام، وغسلت يدي، وخرجت، فإذا بضوضاء في الدهليز، وإذا برجل يبكي. فقام إليّ، وقال: يا رجل، أحي نفسا، كنت أنت سبب قتلها. فقلت: ما الخبر؟ فقال: أنا طبّاخ حميد، وإنّك مسست دجاجة، ثم لم تكسرها، فقدّر حميد أنّني شويتها، ولم أنضجها، فأمر بقتلي. فعدت إلى حميد، فحين رآني، قال: والله لا شفّعتك في الطبّاخ. قلت: يسمع الأمير ما أقوله، ويعمل ما يراه، قال: قل. فحلفت بالأيمان المغلظة، إنّ الدجاجة كانت نضيجة، وإنّما رغبت عنها، لأنّ الشبع صدّني، ثم اتبعت المسألة في أمر الطبّاخ. فقال: أهب لك ذنبه، على أن لا يدخل داري، إنّنا قد أيسنا من الآخرة، وإنّما هي الدنيا، فلا نحتمل، والله، لأحد، تنغيصها علينا [81] .

68 إسحاق المصعبي تحركه رقاع أصحاب الأرباع في بغداد

68 إسحاق المصعبي تحرّكه رقاع أصحاب الأرباع في بغداد وحدّثني «1» ، قال: حدّثني أبو يحيى بن مكرم، القاضي البغدادي «2» ، قال: حدّثني أبي، قال: كان في جواري شيخ يعرف بأبي عبيدة، حسن الأدب، كثير الرواية للأخبار، وكان ينادم إسحاق بن إبراهيم المصعبي «3» . فحدّثني: إنّ إسحاق استدعاه ذات ليلة، في نصف اللّيل، بعدّة رسل. قال: فهالني ذلك، وأوحشني، لما أعرفه من زعارة أخلاقه، وشدّة إسراعه إلى القتل، وخفت أن يكون قد نقم عليّ شيئا في العشرة، أو بلغه عني باطل، فأحفظه «4» ، فيقتلني. فخرجت طائر العقل، حتى أتيت داره. فأدخلت من دار إلى أخرى، إلى أن أدخلت دار الحرم، فاشتدّ جزعي، ثم أدخلت إلى حجرة لطيفة، فسمعت في دهليزها، بكاء امرأة، متخافتا، وهو جالس على كرسيّ، وبين يديه سيف مسلول.

فذهب عليّ أمري، وسلّمت، ووقفت. فقال: اجلس يا أبا عبيدة، فسكن روعى، وجلست. فرمى إليّ قصصا «1» ، فإذا هي رقاع أصحاب الشرط في الأرباع «2» ، يخبر كلّ [82] واحد منهم، بخبر يومه، وفي أكثرها، كبسات وقعت، بنساء من بنات الوزراء، والرؤساء من الكتّاب، وبنات القوّاد والأمراء، مع رجال على ريب، وإنّهنّ محصّلات في الحبوس، ويستأذن في أمرهنّ. فقلت: قد وقفت على هذه الرقاع، فما يأمرني الأمير؟ فقال: إن هؤلاء، كلّهنّ، أجلّ آباء مني، وأكثر حسبا ومالا، وقد أفضى بهنّ الدهر، إلى ما قد رأيت، وقد وقع لي أنّ بناتي سيبلغن إلى هذا، وقد جمعتهن- وهن خمس- بالقرب من هذا الموضع، لأقتلهنّ كلّهنّ الساعة، وأستريح، فماذا ترى في هذا؟. فقلت: أيّها الأمير، إن آباء هؤلاء المحبّسات، أخطأوا في تدبير هنّ، لأنّهم خلّفوا عليهنّ النعم، ولم يحفظوهنّ بالأزواج، فخلون بأنفسهنّ، ففسدن، ولو كانوا علّقوهنّ على الأكفاء، ما جرى هذا منهنّ. والذي أراه، أن تستدعي فلانا، القائد، فله خمسة بنين، كلّهم جميل الوجه حسن النشوة «3» ، فتزوّج كلّ واحدة منهن، بواحد، فتكفى العار، والنار. فقال [83] أحسنت يا أبا عبيدة، أنفذوا الساعة إليه، وافرغ لي من هذا. قال: فراسلت الرجل، فما طلع الفجر، حتى حضر وأولاده،

وعقدت النكاح لهم، على بنات إسحاق، في خطبة واحدة، وحمل إسحاق بين يدي كلّ واحدة، خمسة آلاف دينار، عينا، وشيئا كثيرا من الطيب، والثياب، والدوابّ، والبغال، والغلمان. فأعطاني كلّ واحد من الأزواج شيئا ممّا وصل إليه، وأنفذ لي أمّهات الأولاد، هدايا في الحال، وشكرنني على تخليص بناتهنّ، وانقلبت الحال إلى السرور. فخرجت، وقد حصل لي ثلاثة آلاف دينار عينا، وشيء كثير، من الطيب والثياب «1» .

69 شغف المتوكل بالعود الهندي

69 شغف المتوكل بالعود الهندي حدّثني الحسين بن محمّد الجبائي، قال: حدّثني أبو القاسم عمرو ابن زيد البزّاز الشيرازيّ، المقيم ببغداد، قال: حدّثني ابن حمدون «1» النديم، عن آبائه، انّ أحدهم أخبره: إنّ المتوكل «2» ، كان مشغوفا بالعود الهندي «3» ، فشكا إليه ذات ليلة، إعوازه، قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين [84] ، الملوك لا تستقبح أن تستهدى من الملوك، طرائف ما في بلادها، فلو أنفذت إلى ملك الهند، هديّة حسنة، واستهديت منه عودا هنديا، ما كان ذاك عيبا. قال: فتكون أنت الرسول. فأبيت. فألزمني، إلى أن أجبت، فتمنّيت أنّي لم أكن أشرت عليه بالرأي، وإن كان صحيحا، لأجبر على الخطر بالنفس، وقلت في نفسي: قد كان يسعني السكوت. وأعدّ المتوكّل الهدايا، وتأهّبت للخروج، ووصّيت، لإيآسي من الرجوع. فلما أجدّ بي الخروج، قلت: ليس إلّا أن أحمل معي شرابا كثيرا، فإذا اشتدّت الأمواج، شربت، وسكرت، ولا أعقل إن غرقت، ولا أحسّ بعظم الأمواج، مع السكر.

فاستكثرت من الشراب القطربّلي «1» والغناء الحسن «2» ، والتفاح الشاميّ، وجعلت بعضه في العسل، ليبقى. وخرجت، فأقمت بالبحر شهورا، وعانيت أهوالا عظيمة، إلى أن وصلت إلى الساحل من بلد الهند، فأركبت الظهر، وسرت من بلد إلى آخر، إلى أن دخلت بلهوار «3» ، دار «4» الملك [85] الأعظم من ملوك الهند، وهو اسم الملك الأعظم هنالك. فوصلت إلى البلد، مع أصحابه، وقد تلقّيت، وأكرمت، وخدمت، وأنزلت دارا حسنة، من دورهم. ثم جلس مجلسا عاما، فدخلت إليه، وهو في حفله، وتأهبّه، وجيشه، ورعيّته، وقد جلس على سرير ملكه، وعليه مئزران حرير صينيّ، وقد اتّشح بأحدهما «5» ، واتّزر بالآخر «6» ، وفي حلقه خيط فيه صرّة من ذلك الحرير «7» ، لا أدري ما فيها. وكلّمني بترجمانه، وقال: يقول لك الملك، لأيّ شيء قصدت؟ فقلت له: إن أمير المؤمنين أحب صلة الحال والمودّة بينه وبينه، فبعثني لذلك، وحمل على يدي هداياه، وسألت أن يأمر بتسلّمها.

فأعاد الترجمان عنه، جوابا حسنا جميلا، وإنّه أمر بقبض الهديّة، وانصرفت، ورسله معي، فتسلّمها. وتردّدت إلى المجالس العامّة، دفعات. فلمّا كان بعد أيّام، استدعاني في نصف نهار، وكان الزمان حارّا، فدخلت دار العامّة التي كنت أصل إليه [86] فيها، فلم أجد فيها كثير أحد، فأدخلت من موضع إلى آخر، حتى أدخلت إليه، وهو جالس في حجرة في غاية الحسن، والسرو، والظرف، والملاحة، وفاخر الآلات، كأنّها من حجر دار الخلافة، ودست طبريّ «1» في نهاية الحسن، والملك جالس فيه، وعليه قميص قصب «2» في نهاية الخفّة والحسن، وسراويل دبيقيّ «3» ، بتقطيع بغدادي «4» ، وعلى مسورته «5» رداء قصب «6» فاخر جدا، وبين يديه آلات ذهب، وفضّة، وصياغات كثيرة عراقيّة، كلها حسنة، مملوءة بالكافور «7» والماورد، والعنبر «8» ، والندّ «9» ، والتماثيل «10» .

فلما دخلت، كلّمني بالعربيّة، بلسان طلق ذلق، وقال: كيف أنت من قشف «1» بلادنا؟ فشكرت إنعامه، وقرّظت بلاده، وذكرت له أنّي في ريف «2» من تفقّده، وبرّه. فباسطني، وطاولني «3» ، واستطاب حديثي، وأفضت معه في فنون من الأمور، حتى تكامل انبساطه إليّ. وتأمّلت أمره كله، فإذا رجل عراقيّ، متأدّب. فسقاني من شراب بين يديه [87] ، أصفر، في قدح، في صينيّة، وقال: اشرب هذا، وقل لي، هل عندكم مثله؟ فقبّلت يده، وقبّلت القدح، وشربته، وقلت: هذا، في نهاية الطيب والحسن والجودة. فقال: أصدقني، هل عندكم مثله؟ فوصفت له الشراب القطربّلي، وذكرت منافعه، وفضائله، وطيبه، وزدت في الوصف، وبسطته، فرأيت في عينه، استبعادا لقولي. فقلت له: إنّي كنت استصحبت منه شيئا في طريقي، وقد فضل منه فضلة، لا أرضاها لحضرة الملك، ولكن إن أمر بإحضارها، ليعتبر بها صحّة ما ذكرته له، أحضرتها. فقال: افعل.

فقلت لغلامي: احمل كلما بقي عندنا من الشراب، فجاء الغلام بأدنّ «1» يسيرة. وقلت له: أن يحمل شيئا من التفاح الشاميّ. فحمل ممّا كان في العسل، عدّة تفاحات، ومسحها من العسل، وكان في بعضه قد بقيت منه بقيّة صالحة. فلمّا وضعت الدنان بين يديه، أمرت غلامي، ببزلها في قدح [88] ، وشربت منه أوّلا، ثم دفع إليه، فاستحسن ذلك. ثم أخذ التفّاح، فلما رأى لونه، رأى شيئا غير ما عنده، وشمّه، فكاد أن يشهق استطابة، وشربه، وتقدّح «2» بشيء من التفّاح، وقد كنت كسرت واحدة، وأكلت نصفها في حال شربه، وتركت النصف الآخر بين يديه «3» ، فتنقّل به، ومسح فاه. ثم قال لي: ما ظننت أنّ في الدنيا مثل هذا الشراب، ولا مثل هذا

النّقل، ولقد بعد في نفسي ما أخبرتني به، فلما شاهدته صدّقتك، وعظم في نفسي بلد يكون مثل هذا فيه مبتذلا، ولم أصدّق ذلك لو لم أشاهده. ثم قال لي: ويحك، تشربون مثل هذا، وتتنقّلون بمثل هذا، وتموتون؟ إنّ هذا لأمر عجيب. ثم صار يستدعيني، كلّ يوم، إلى تلك الحجرة، فآكل معه، ونشرب، ويخرج إليّ بالأحاديث. فلما أنست به، قلت له: أيّها الملك، أتأذن لي، أن أسأل عن شيء؟ قال: قل. قلت: إنّ الله عزّ وجل، قد جمع لك من [89] الملك العظيم، أنّك جالس في هذه الحجرة في قطعة من دار الخلافة بالعراق، بلا فرق ولا شكّ، وقد أعطاك من حسن الرأي والفهم، واللسان العربيّ، ما جعلك به، كأنّك رجل من أهل بغداد، فمن أين لك هذا؟ فقال: ويحك، إنّ أبي كان من أولاد الملوك، وقتل أبوه، وانتزى على ملكه بعض قوّاده، ثم خرج عليه، ولم يكن من أهل بيت الملك، فهرب أبي خوفا على دمه، إلى عمان، فدخلها مستخفيا، وتنقّل في البلدان، إلى أن وقع ببغداد، في زيّ التجّار، ومعه من يخدمه، ويكتم أمره، وطاف بلدان العراق، وكانت المادة تحمل إليه من هاهنا. فأقام بالعراق سنين، حتى تفصّح بالعربية، وعاشر أهل العراق، ونكح منهم، وخالطهم، وتطاولت السنون به، ومات ذلك الخارجيّ، الذي قتل أباه، وغصبه الملك، فأوقف أهل المملكة الملك عليه، وكاتبوه بالصورة، واستقدموه، وأمدّوه بالأموال، فاستصحب قوما من [90] العراقيّين، من أهل الأدب والعشرة، وأهل الصنائع، فقدم، فملك الأمر، وجعل غرضه،

طلب العراقيين، وأسنى لهم العطايا، فكثروا عنده، فبنوا له هذه الحجرة، وخدموه بهذه الآلات. فكان يجلس لأهل المملكة في زيّهم، لئلا يشيع عليه مخالفتهم في الزيّ، وينقص بين ملوكهم، فيهون أمره عندهم، ويجلس في خلواته هكذا. فلما ولدت، أسلمني إلى العراقيين، والهنديّين، فكلّموني باللغتين، فنشأت أتكلّم بهما، ثم أدّبني العراقيّون، وغلبوا عليّ. فلمّا مات، سلّم الملك إليّ، فاتّبعت طرائقه في الجلوس العام لأهل المملكة بزيّهم، والانفراد عنهم في الخلوة بهذا الزيّ. قال: فقلت له: فما ذلك الذي تعلّقه في حلقك في الصرّة؟ فقال: هذه الصرّة، فيها عظم من عظام الرجل الذي جاء بعبادة البدّ» وأقام هذه الشريعة لهم، وله كذا وكذا ألف سنة، وذكر عشرات ألوف سنين. وقال: إنّ [91] الرجل، لمّا مات، وصّى، بأن يجعل في تابوت، بعد تابوت، كذا وكذا ألف سنة، فما يزال، كلّما بلي شيء من عظامه، احتفظوا بالباقي، ونحّوا البالي، لئلّا يسرع الفساد إلى الصحيح، إلى أن لم يبق منه إلّا هذا العظم الواحد، فخافوا أن يبلى أيضا، فجعلوه في حقّ من ذهب، وجعلوهما في صرّة، وصارت الملوك تعلّقه في حلوقها، في خيط، تعظيما، وتبركا به، وتشرّفا بمكانه، وصيانة له عن البلى، فقد علّق في حلق كذا وكذا ملك، مدّة أيّام ملكهم كذا وكذا سنة، وذكر أمرا عظيما، وقد صار عندنا كالبردة التي لصاحبكم «2» ، يلبسها خلفاؤكم. قال: فلما طال مقامي، وضجرت، سألته الإذن في تسريحي، وأعلمته

إعجاب الخليفة، بالعود الهنديّ، وأشرت عليه بالاستكثار منه، وقلت: هو أحبّ إليه من جميع ما تهديه إليه، من غيره. فأنفذ منه شيئا عظيما، هائلا، كثيرا، وفيه من [92] الطرائف ما لم يسمع بمثله. وأنفذ معه من الجواهر، واليواقيت، والتوتيا، وطرائف بلاده، ما يكون قيمته مالا جليلا، وأضعاف ما حملناه إليه. فلما أردت توديعه، قال: اصبر، ثم دعا بصندوق، ففتحه، وأخرج منه مفتاح ذهب، وأخرج منه قطع عود هندي لطافا، فأعطانيها، وقد كان قدّ «1» ما أعطانيه نصف رطل، ودعا بدرج، وجعله فيه، وقفله، وسلّمه ومفتاحه إليّ، وقال: هذا خاصّة، توصله من يدك إلى يده. قال: فأنكرت ذلك في نفسي، وقلت: أبت الهندية فيه إلّا الحمق. قال: فبان له التنكّر في وجهي. فقال: أظنّك احتقرته؟ فقلت: وما هذا حتى توصيني فيه بمثل هذا. فقلت: الملك يقول. فقال: يا غلام، هات مجمرة، ونارا. فأتى بهما، ودعا بمنديل لطيف للكمّ «2» ، فأتى به، وأخرج من ذلك العود شظيّة، مقدار أقلّ من نصف دانق فضّة «3» ، فطرحها في النار، وبخّر بها المنديل، ثم قال: شمّ.

فشممت شيئا، لم أدر ما [93] هو، لا يشبه الندّ، ولا العود، ولا شيئا طيّبا نتبخّر به، ما شممت مثله قط. فقلت: يحقّ لهذا أن يوصيني به الملك بما وصّى. فقال: اصبر، حتى أريك منه أعجب ممّا رأيت. ودعى بطشت وماء، فأحضرهما، وأمر بغسل المنديل بالصابون، فغسل بين يديه، ثم أمر بأن يجفف في الشمس، ويحضر. قال: ففعل. ثم قال: شمّه. فشممت الرائحة بعينها، لم تتغيّر، ولا نقصت. فأعاد الغسل بالصابون، والتجفيف، دفعات تقارب العشرة، إلى أن انقطعت الرائحة في الأخيرة. فهالني ذلك. فقال: اعرف الآن قدر ما معك، واعلم أنّه ليس في خزائن ملوك الهند كلّها، من هذا، رطل واحد، غير ما أعطيتك، وعرّف صاحبك فضيلته. قال: فودعته، وانصرفت. ورزق الله السلامة، ودخلت على المتوكّل، فسرّ بقدومي، وأكرمني، وسلّمت إليه الهدايا، فحسن موقعها منه، وأعدت عليه أكثر حديثي مع الملك، إلى أن بلغت خبر النصف رطل عود، وأخرجته، فسلّمته إليه، ولم أشرح [94] له خبر الخرقة. فاستحمق الرجل، كما استحمقته، فقصصت عليه الشرح، وأخرجت المجمرة، والنار، وخرقة، وفعلت كما فعل الملك، فهاله ذلك، أمرا عظيما، وسرّ به سرورا شديدا، وقال: هذا النصف رطل بسفرتك.

قال الحسين: فقال لي عمرو بن زيد: استبعدت أمر هذا العود، إلى أن حدّثني بعض التجّار الثقات، المشهورين بدخول الهند دفعات، بحديث هذا العود، ووصفه لي، فخرج الحديثان واحدا على اتّفاق. فقلت: هل سمعت من سبب قلّته؟ فقال: سألتهم عن سبب ذلك، فقالوا: ليس ينبت إلّا في موضع واحد، في قلّة جبل، بيننا وبينه مشاقّ، وغرر «1» ، وأخطار، ووحوش ضارية كثيرة، فالملوك تتكلّف إنفاق الأموال العظيمة، على مرور الأيّام، والشهور، والأعوام، حتى يصل أصحابهم إلى ذلك الجبل، ويصعدون منه إلى حيث يمكن، فيبلغون إلى حيث لا طريق فيه، ولا حيلة، ويرون تيوسا، كالتيوس الجبليّة التي هاهنا، ترعى في [95] تلك الأشجار من بعد، فربّما اتّفق أن يروا الواحد، وهو في الذروة، وفي فيه قطعة من هذا العود يأكله، فيرمونه بالسهام، فإذا اتفق أن يصيبه السهم، فيسقط التيس إليهم بحميّة السهم، وفي فمه ذلك العود، فيتناولوه من فيه، وإلّا فلا سبيل إلى الحصول على شيء من العود البتة. ففي سنين طوال، تتفق هذه القطعة اليسيرة، بعد المشقّة العظيمة، على مراصدة الرجال بذلك. فبهذا السبيل يقلّ.

70 الكاتب بشر بن هارون النصراني يهجو وزيرا

70 الكاتب بشر بن هارون النصراني يهجو وزيرا [أنشدنا] أبو عليّ عبد الله بن الحجاج، لأبي نصر النصرانيّ، الكاتب «1» ، يهجو أبا الفضل الشيرازيّ «2» - الوزير كان- من أبيات: ما كلّ من طوّل عثنونه ... ينال فضلا يا أبا الفضل طوّلت عثنونك تبغي العلى ... أيّ على في ذنب البغل ولست أحصي كم رأيت امرأ ... ألحى ولكن كوسج العقل «3»

71 رأي الوزير ابن الفرات في سياسة المملكة

71 رأي الوزير ابن الفرات في سياسة المملكة حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبريّ «1» ، الشاهد، قال: حدّثنا الحسين بن فلان، الكاتب [96] ، النصراني، الملقّب ببظر أمّ الدنيا «2» ، قال: قال لي ابن الفرات: أوّل أمور السلطان مخرقة «3» ، فإذا استحكمت، وتمّت، صارت سياسة «4» .

72 الخليفة لا يخاتل

72 الخليفة لا يخاتل وحدّثنا «1» : قال: حدّثنا قاضي القضاة أبو محمد بن معروف «2» ، قال: كنت مع المطيع لله «3» ، في طيّاره، وقد ركب، وأنا واقف بين يديه، مع حاجبه، وكلّما دعت له طائفة، سألني عنها، فأخبره بها، حتى دعت له طائفة من الطالبيّين. فقال: من هؤلاء؟ فقلت: الطالبيّون «4» . فأعرض عنهم، وأطرق ساعة، وعبس، إلى أن جازهم. ثم قال: يا عبيد الله «5» . قلت: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: العلويّة أهلي، وأقرب الناس إليّ، وو الله إنّي أحبّهم، ولكنّي أعلم، انّهم يبغضوني، ومثلي لا يخاتل، ولا يجوز أن أعاملهم إلّا بما رأيت «6» .

73 علم الخرق وعلم الورق

73 علم الخرق وعلم الورق وسمعته «1» يقول: سمعت جعفر الخلديّ الصوفيّ «2» ، يقول: لو تركني الصوفيّة، لجئتكم بإسناد الدنيا. مضيت إلى عباس الدوريّ «3» ، وأنا حدث، فكتبت عنه مجلسا [97] واحدا، وخرجت من عنده، فلقيني بعض من كنت أصحبه من الصوفيّة، فقال: أيش هذا معك؟ فأريته إيّاه. فقال: ويحك، تدع علم الخرق، وتأخذ علم الورق «4» . قال: ثم خرّق الأوراق. ودخل كلامه في قلبي، فلم أعد إلى عباس.

74 المواساة بخل، إنما هو الإيثار

74 المواساة بخل، إنما هو الإيثار وسمعته «1» يقول: سمعت جعفرا «2» يقول: سمعت جنيدا الصوفيّ «3» ، يقول: سمعت سريّ السقطيّ الصوفيّ «4» ، يقول: أعرف قوما يرون المواساة بخلا، إنّما هو الإيثار «5» .

75 الجنيد والسائل

75 الجنيد والسائل وسمعته «1» يقول: سمعت جعفر الخلدي «2» ، يقول: وقف سائل على الجنيد «3» ، ونحن في حلقته، فسأله. فردّ عليه، فقال: يا هذا، الصناعة واحدة، ولكنّا أظرف، انصرف أغناك الله. فانصرف. 76 جعفر الخلدي يحجّ على التوكل وسمعته «4» يقول: سمعت جعفرا الخلديّ يقول: حججت ستّا وخمسين حجّة «5» ، منها عشرون حجة على المذهب، يعني على التوكّل بلا زاد ولا راحلة «6» .

77 كتم رويم حب الدنيا أربعين سنة

77 كتم رويم حبّ الدنيا أربعين سنة وسمعته يقول: سمعت جعفر الخلدي يقول: من أراد أن يستكتم سرّا له، فليستكتم [98] رويم «1» ، فإنّه كتم حبّ الدنيا أربعين سنة. فقيل له: كيف؟ قال: كان يتصوّف أربعين سنة، فولي بعد ذلك، إسماعيل بن إسحاق القاضي «2» ، قضاء بغداد، وكانت بينهما مودّة وكيدة، فجذبه إليه، وجعله وكيلا على بابه، فترك الصوفيّة، والتصوّف «3» ، والتوكّل «4» ، ولبس الخز «5» ، والقصب «6» ، والدبيقي «7» ، والمروي «8» ، وركب الحمير والبغال، وأكل الطيّبات، وبنى الدور. وإذا هو كان يكتم حبّ الدنيا، لما لم يجدها، فلمّا وجدها، أظهر ما كان يكتم من حبّها.

78 البريء جريء والحائن خائف

78 البريء جريء والحائن خائف وسمعته «1» يقول: سمعت أبا القاسم البزّاز الصوفيّ «2» يقول: سمعت الجنيد يقول: قال لنا السريّ السقطيّ: البريء جريء، والخائن خائف، والجاني مستوحش «3» . ومن الشعر الجيّد في هذا المعنى: أمستوحش أنت لمّا أسأت ... فأحسن إذا شئت واستأنس

79 الجاهل ميت، والعاصي سكران

79 الجاهل ميت، والعاصي سكران حدّثنا أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، القاضي «1» ، قال حدّثنا أبو القاسم البزّاز «2» ، قال: حدّثني بعض أصحاب سهل بن عبد الله التستريّ الزاهد «3» ، قال: قال لنا سهل: الجاهل ميت، والعاصي سكران، والمصرّ [99] هالك «4» .

80 كن صحيحا تكن فصيحا

80 كن صحيحا تكن فصيحا من «1» أمثال العامّة: كن صحيحا، تكن «2» فصيحا. ومن أمثالهم في هذا المعنى: إذا كان بولك صحيحا، فاضرب به وجه الطبيب. أي إذا كنت سليما، فلا تبال ما صنعت. 81 حسن الأدب بين يدي الله سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبريّ «3» ، يقول: سمعت جعفرا الخلديّ «4» ، يقول: سمعت جنيدا «5» ، يقول: سمعت سريّا السقطيّ «6» ، يقول: الناس في الأعمال يتقاربون، وإنّما قارب من قارب «7» ، بحسن الأدب «8» بين يدي الله تعالى.

82 ابن نصرويه يشاور شابا

82 ابن نصرويه يشاور شابا وحدّثني «1» ، قال: كان أبو الحسين بن نصرويه «2» ، ربّما شاورني في الشيء يجري، فأستعظم ذلك منه، وأقول: مثلك وأنت الشيخ المجرّب، المحنّك، المدرّب، المهذّب، يشاور مثلي، وأنا ولدك، هذا مما يوحشني منك، ويقع لي أنّك تجريه مجرى الهزل. فيقول لي: قد رفعك الله عن هذا، وإنّما كان [100] هذا يجري كما قلت، لو كنت لا أناقضك الرأي، وتناقضني، وأحاجّك وتحاجّني، إلى أن يتقرّر الشيء بيننا، فأعمل بما يتقرّر، فأمّا وأنت تراني أفعل هذا، فلا مظنّة فيه، وأمثل ما عندك في نفسي أنّك شاب، ولعمري إنّ علم الشباب محقور.

83 الوزير المهلبي ينعى على أبي تمام الزينبي نقص مروءته

83 الوزير المهلبي ينعى على أبي تمام الزينبيّ نقص مروءته وحدّثني، قال: سمعت أبا الحسين بن نصرويه يقول: وافى أبو محمد المهلّبيّ «1» ، لما كتب لمعزّ الدولة «2» ، البصرة «3» ، فاعتقل القاضي أبا القاسم جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ «4» ، ليغضّ منه، ويشفي أبا تمام الزينبيّ الهاشميّ، لأجل ما كان بينهما من المصاهرة، وعداوته لابن عبد الواحد، ولم يكن بين ابن عبد الواحد، والمهلّبيّ، شيء يختصّ به من عداوة. فدخل أبو تمام إلى المهلبيّ مسلّما، فلما خرج، قال المهلبيّ لغلمانه: انظروا إلى أين بلغ؟. فعادوا، وقالوا: قد خرج من الدهليز، وانصرف. فقال: أقبض على مثل ابن عبد الواحد، لا لشيء إلّا لأجله، ويدخل إليّ، وهو معتقل عندي، فلا يكون فيه من المروءة، ما يدخل إليه [101] ، ويعرض نفسه عليه، ويتكفّل بأمره، ويسألني فيه، ويكون سبب إطلاقه، ويسترقّه بذلك؟ قم يا أبا الحسين فخذ بيد ابن عبد الواحد إلى منزله، فقد أطلقته. قال: فمضيت إلى ابن عبد الواحد، وهو في الحبس، فحدّثته بما جرى، وجئت به إلى المهلبيّ حتى شكره، وانصرف إلى منزله.

84 الوزير المهلبي يفاضل بين ابن عبد الواحد والزينبي

84 الوزير المهلبي يفاضل بين ابن عبد الواحد والزينبي وحدّثني «1» ، قال: سمعت أبا الحسين بن نصرويه، يقول: حضرت مجلس المهلبيّ، وقد دخل إليه جعفر بن عبد الواحد، فلقيه بوجه مقطب، وقصر به، ثم جلس، وأخرج من كمّه رقعة، فتأملت التثاقل والتكرّه في وجهه، فقرأها، ووقّع فيها، ثم أخرج أخرى، وأخرى، إلى أن عرض عليه عدّة رقاع، فوقّع، وكلّما وقّع في واحدة، انبسط وجهه في وجه ابن عبد الواحد، إلى أن تكاملت الرقاع. ثم قام ابن عبد الواحد، ودخل أبو تمام الزينبيّ، فرفعه المهلّبيّ، أتمّ رفعة، واهتشّ له، وأقبل عليه بوجهه، فأخرج رقعة فعرضها عليه، فوقّع له، وأخرج عدّة رقاع، وكان [102] كلّما أخرج رقعة، ووقّع فيها، ظهر في وجهه الكراهية والتثاقل، إلى أن فرغ من الرقاع. فأخذها أبو تمام، وقام. فأقبل المهلّبي، وقال: يا أبا الحسين، شتّان بين الرجلين، دخل إليّ ابن عبد الواحد فعملت على أن أقصيه، بما عاملته من قلّة الرفع والتقرّب، فعرض عليّ أوّل رقعة، فاعتقدت قبل قراءتها أن أردّها، فلما قرأتها، وجدتها لحاجة غيره، فاستحييت أن يكون أكرم منّي، وقد بذل جاهه لمن سأله سؤالي، مع ما يعلمه بما له عندي، فما منعه ذلك أن يستميح بجاهه للسائل، وأبخل أنا بما أقدر عليه، فيكون أكرم منّي، فأنفت من ذلك، ووقّعت له، ثم توالت رقاعه، فوجدت جميعها في حوائج الناس، ما له

85 الغيبة فاكهة القراء

ولا لأحد ممّن يخصّه شيء منها، فوقّعت في جميعها، ونفسي سمحة بذلك، وقد نبل في عيني، وتذمّمت من ردّه. وقد دخل هذا، فعاملته من الأكرام بما رأيت، لما بيني وبينه، فعرض رقاعه، فوجدت أوّلها في شيء يخصّه، فوقّعت له، وكلّما عرض رقعة تطلّبت أن يكون [103] فيها شيء لغيره، فأقضيه له «1» ، وأجعل له محمدة عليه، فما وجدت الجميع إلّا له، وفيما يخصه، فكرهت ذلك منه، وانحطّ من عيني، ولم أستحسن ردّه، لما بيننا، فوقّعت له، فكيف يمكنني أن أرفع ممن هذا سبيله، وأضع ممّن ذلك سبيله. 85 الغيبة فاكهة القراء سمعت أبا إسحاق «2» ، يقول: سمعت جعفرا الخلدي «3» ، يقول: سمعت الجنيد «4» ، يقول: سمعت السريّ السقطيّ «5» يقول: فاكهة القرّاء الغيبة «6» .

86 سري السقطي يشتهي أكلة

86 سري السقطي يشتهي أكلة وسمعته «1» يقول: سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السريّ السقطيّ، يقول: أشتهي منذ ثلاثين سنة، شهوة ما قدرت عليها. فقيل له: ما هي؟ قال: أشتهي آكل أكلة، لا يكون فيها لله عزّ وجل عليّ تبعة، ولا لمخلوق، فما وجدت ذلك «2» .

87 من مكارم أخلاق أبي عمر القاضي

87 من مكارم أخلاق أبي عمر القاضي وسمعت أبا إسحاق «1» ، يقول: سمعت بعض شهود الحضرة القدماء، يقول: كنت بحضرة أبي عمر القاضي «2» ، وجماعة من شهوده، وخلفائه الذين يأنس بهم، فأحضر ثوبا يمانيا «3» ، قيل له في ثمنه خمسون دينارا، فاستحسنه كلّ من حضر [104] المجلس. فقال: يا غلام، هات القلانسيّ، فجاء. فقال: اقطع جميع هذا الثوب، قلانس، واحمل إلى كلّ واحد من أصحابنا قلنسوة. ثم التفت إلينا، وقال: إنّكم استحسنتموه بأجمعكم، ولو استحسنه واحد، لوهبته له، فلما اشتركتم في استحسانه، لم أجد طريقا، إلّا أن يحصل لكلّ واحد منكم، واحدة منها.

88 تعليق المهلبي على كتاب القنائي الكاتب

88 تعليق المهلبي على كتاب القنائيّ الكاتب حدّثني أبو الحسين محمد بن محمد بن إسماعيل بن شانده الواسطي، قال: كان أبو قرّة، الحسين بن محمد القنائيّ الكاتب «1» ، قد كتب لأبي عليّ كتاب ابن العباس الديلميّ، المعروف بالكوسج، ضامن واسط، برسالة الوزير أبي محمد المهلبي، ومشورته عليه بذلك، ثم استوحش منه، فاستتر منه، يومين، أو ثلاثة، وراسله، فأمّنه، وظهر، فكتب أبو قرة، إلى المهلبيّ، بخبره، بعد ظهوره، بسبب استتاره، لئلا يهجّن أخباره عند أبي عليّ. قال: فوقّع بخطّه على ظهر الكتاب، توقيعا قرأته، فكان: أحسن الله إليك، كما أحسن توفيقك، فلتسكن [105] نفسك، فإنّي عونك، ومن ورائك، إن شاء الله.

89 الوزير المهلبي يستولي على غلات بالبصرة دون رضى أصحابها

89 الوزير المهلبي يستولي على غلّات بالبصرة دون رضى أصحابها وحدّثني «1» أيضا، قال: كان المهلّبيّ، في بعض انحداراته إلى البصرة، وهو وزير، أضاق، فأخذ غلّة عظيمة، بعشرة آلاف دينار، لأبي عليّ «2» ، وجدها بالبصرة، وأخذ غلّات التجار المحدورة من دستميسان «3» ، وواسط «4» ، وغلّات خلق كثير، وباعها، وصرفها، في دخل وخرج المملكة. فأشير على أبي عليّ، بالإصعاد إلى سبكتكين الحاجب «5» ، ومسألته ليخبر معزّ الدولة بذلك، فيأمر بارتجاعها منه. فخالف أبو عليّ، وانحدر إلى المهلّبي، فتلقّاه بالأبلّة «6» . قال: فلما صعدت إليه، هشّ بي، وسرّ سرورا عظيما، وقال: ما جاء بك؟ فقلت: بلغني أنّ الوزير أيّده الله، أخذ غلّة وجدها لي بالبصرة، فسررت بذلك، لتقديري أنّه شرّفني بهذه الحال، وبسط يده في مالي، كما

يبسطها في مال نفسه، وأوليائه، إذا احتاج إلى أموالهم، وتشرّفت بذلك، إلى أن بلغني أنّه أخذ مع مالي، أموال التجّار، وأصحاب الضياع، وأصاغر الناس [106] ، من أهل دستميسان، وواسط، فأقلقني ذلك، وعلمت أنّ هذا، لو كان على سبيل الأنس، لخصّني به سيّدنا الوزير، ولم يشرك فيه معي، هذه الطبقة، التي لا يجوز لمثله أن يأنس بها في قرض ولا استعانة، وإنّما هم للمصادرات فقط، فخفت أن يكون جميل رأيه فيّ، استحال، في تخليطي بهذه الطائفة، فجئت مستصلحا لرأيه، وواقفا تحت أمره. قال: فأعجبه قولي جدا، فقال لي: يا أبا عليّ، أنت والله مقبل،- وكرّرها مرارا-، قبل أن تدخل بلحظة، حضرني من قال: إنّك قد أصعدت إلى الحاجب سبكتكين، لتشاكيني إليه، فاعتقدت لك كلّ قبيح، وعملت على نصرة فعلي، إن جرى فيه كلام، بكلّ ما يجوز أن ينصر به مثله، فأنا أفكّر في ذلك، إذ استؤذن لك عليّ، فدخلت، فسحرتني، وو الله، لا خرجت من هذا الموضع، أو أوصلك إلى مالك، أو أكثره، وأقيم لك بالباقي وجوها ناضّة «1» . وجذب الدواة، فكتب الوجوه، بما يعجل «2» ، ويسبّب «3» ، وفرغ من ذلك [107] ، وأمر بإنشاء الكتب، وسبّب لي بالباقي، على سباشي الخوارزمي، مولى معز الدولة، ضامن البصرة «4» . فأخذته في مدة قريبة، وأصعدت إلى واسط.

90 وشديد عادة منتزعة

90 وشديد عادة منتزعة حدّثني أبو بكر بن جعفر السواق، أحد تجّار الكرخ ببغداد، المشهورين باليسار والستر، وحفظ القرآن، ووجه من وجوههم، قال: كان عليّ وعد بنقدة «1» ، لابن عبدان الصيرفيّ، وهذا رجل باق إلى الآن، من وجوه الصيارف، بدرب عون «2» ، من المياسير، فأخّرت إنجازه، لضرورة لحقتني، ولم تكن عادتي جارية معه بمثل ذلك. فجاءني يقتضيني، وقال في عرض الخطاب: أقول لك يا أبا بكر، كما قال الله: وشديد عادة منتزعة. فقلت: إنّا لله، إنّا لله، ما قال الله عزّ وجلّ هذا «3» . قال: فاستحيا منّي، وقام، فما عاد إليّ أيّاما. فلما حضرت الدراهم، أنفذتها إليه.

91 صلاة التجار

91 صلاة التجار وكان عندنا بالبصرة، رجل من التجّار، مستور، يعرف بأبي عليّ ابن سعدان، أحد الباعة في دار البطّيخ «1» ، موسر، يركب، وينبسط «2» [108] في المجالس، وفي الكلام. فأخبرني أبو طلحة الأزدي، صاحب بني المثنى «3» ، شيخ مستور، قال: رأيته مرّة، ونحن جلوس في دهليز جعفر بن عبد الواحد القاضي «4» ، ننتظر الإذن عليه، وقد حضرت العصر، فقام كلّ واحد منا، فصلى، وقام ابن سعدان، فصلى صلاة، لم أر قط أسخف منها. فقلت له: يا أبا عليّ، هذه ليست صلاة، فأحسن صلاتك، فإنّ هذه الصلاة، كما قال ابن المعتزّ: صلاتك بين الملا نقرة ... كما اختلس الجرعة الوالغ فقال لي: يا أبا طلحة، أعزّك الله، هذا فضول لا نعرفه، نحن نصلّي صلاة التجّار. فقلت له: هذا أعجب، كأنّ الله عزّ وجلّ، فرض على التجّار صلاة غير الصلاة التي فرضها على سائر عباده؟

92 من بز يوما بز به

وتمام الشعر، لابن المعتزّ، مشهور، وكان النميريّ، نديمه، صلّى بحضرته، صلاة سخيفة «1» ، ثم سجد بعدها، سجدة طويلة. فقال ابن المعتزّ، ارتجالا، البيت الأول، وتمامه: [109] وتسجد من بعدها سجدة ... كما ختم المزود الفارغ «2» 92 من بزّ يوما بزّ به حدّثني محمد بن عديّ بن زحر البصريّ، جارنا بها، قال: رأيت أبا إسحاق ياسين، [وهو] رجل كان ينزل بالقرب من الجامع بالبصرة، وقد حدّث في آخر عمره، يناظر رجلا في الجامع، وهو يقول له: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: من بزّ يوما بزّ به ... والدهر لا يغترّ به»

93 القاضي ابن البهلول يوصي القاضي التنوخي لما نصبه للقضاء

93 القاضي ابن البهلول يوصي القاضي التنوخيّ لمّا نصبه للقضاء حدّثني أبي «1» ، قال: كان أوّل شيء قلّدته، القضاء بعسكر مكرم «2» ، وتستر «3» ، وجنديسابور «4» والسوس «5» ، وأعمال ذلك، من قبل القاضي أبي جعفر أحمد بن إسحاق ابن البهلول التنوخيّ «6» . وكنت في السنة الثالثة «7» والثلاثين من عمري، وذلك في شهور إحدى عشرة وثلاثمائة، لأن مولدي في ذي الحجة من سنة ثمان وسبعين ومائتين. فلما سلّم إليّ أبو جعفر العهد، أوصاني بتقوى الله عزّ وجل، وبأشياء من أمور العمل، وسياسته في الدنيا والدين، وبأمر جاريه «8» ، أتنجّزه «9» من العامل هناك، لأنّه كان مسبّبا عليه «10» ، فودّعته، ونهضت [110] .

فقال: اجلس، فقد أنسيت مهمّا. فجلست، فقال: إنّك شاب، وفضلك تامّ، وعملك وافر، وإنّك سترد على قوم فيهم شرّ، وسيحسدونك على فضلك، أو يطلبون معايبك، إذا حكمت عليهم بالحقّ، فلا يجدون طريقا إلى الغضّ منك، إلّا بنسبتك إلى الحداثة، وقلّة حنكتها، ولن تعدم منهم ذلك، فإن صدقت حقّقوا ما يريدون، والكذب لا يجوز، فإيّاك أن تخبر بسنّك على حقيقتها، ولكن إذا سئلت عنها، فقل: دون الأربعين سنة، فلو كانت عشرين، أو أقلّ، لكنت صادقا، وفي فزعك إلى الأربعين ستر عليك، لأنّها الأسدّ، وحدّ التكهّل والحنكة، فإن بليت بمن يطوّل معك، فيقول: دون الأربعين بكم؟ فقل: لست أذكر، وانو أنّك لست تخبر، ليقطع الخطاب، ويقع للسائل، أنّك ناس حقيقة سنّك. قال: فخرجت، واتّفق أنّ شعرة واحدة، ابيضّت في لحيتي، في مسافة الطريق، فلمّا دخلت الأهواز، تعمّلت لإخراجها بالمشط، إلى حيث يلحقها النظر، تجمّلا بها [111] . واستقبلني محمد بن جعفر بن معدان الشاهد «1» ، وكان يخلف أبا جعفر، على الوقوف، وقد كاتبه بإعظامي، وتلقيّ، فجاءني بمركوب إلى الشطّ، وركبته إلى دار اتّخذت لي، وكان يغشاني «2» في كلّ يوم. فلمّا أردت الخروج إلى عملي، قال لي: قد هالني ما رأيته من فضل القاضي أيّده الله، فكم سنوه؟ فذكرت، وصيّة أبي جعفر، فقلت: دون الأربعين سنة.

فقال: دونها بكم؟ فقلت: لست أذكر. فلم يشكّ أنّي ناس لتحقّقها، فأمسك عنّي. وهذا ضدّ ما نشاهده الآن، فإنّي قد رأيت ببغداد، قاضيين، هاشميّين خطيبين، شاهدين، أحدهما أجلّ وأنبه، وإليهما أعمال جليلة، وأحدهما قد تقلّد من جهة الخليفة جلائل الأعمال، ووهّل «1» نفسه، لقضاء القضاة، وخطب ذلك فما تمّ له، وهما يخضبان لحيتهما، ظاهرا، بالسواد «2» ، وأحدهما ترك ذلك، قبل موته بسنين، وهو الأدون محلّا، والآخر باق مقيم على الخضاب، إلى الآن، ونسأل الله سترا جميلا، فإنّ الخضاب، وإن كانت فيه روايات [112] ، فإنّما يعذر فيه الجند، والكتاب، ومن لا يتصدّى للحكم والشهادة، فأمّا من نصب نفسه، فلا عذر له فيه.

94 ابن شاهويه القاضي يبحث في قضية شرعية

94 ابن شاهويه القاضي يبحث في قضيّة شرعيّة حدّثني أبو القاسم عبد الرحيم بن جعفر، الفقيه المعروف، بابن السمّاك، السيرافي، قال: كنت بحضرة أبي بكر محمد بن أحمد بن عليّ بن شاهويه «1» ، القاضي بأرجان، فتقدّم إليه نفسان، إدّعى أحدهما على الآخر ألف درهم. فسأله: فأنكر. فقال للمدعي: لك بيّنة؟ فقال: لا، ولكن استحلفه لي. فقال للمدعى عليه: أتحلف؟ قال: قد كان قدّمني إلى القاضي الذي كان قبلك، واستحلفني له، على هذه الدراهم. فقال للمدعي: ما تقول؟ فقال: نعم، قد كان حلف لي كاذبا. فقال: انصرف، فلا مطالبة لك عليه. فانصرفا.

ثم التفت إليّ، وإلى أبي الوعد الفقيه على مذهبنا، يعني مذهب أبي حنيفة، وجماعة من الفقهاء كانوا قعودا، والجماعة حنفيّون، فقال: أرأيتم إن ادّعى هذا المدّعي الألف، إنّه قد حلف المدعى عليه، وإنّي ما حلّفته، وأردنا أن نعرض اليمين عليه [113] ، فذكر أنّه قد حلف على هذا المعنى، ولم يزل ذلك يتردّد بينهما، في دعوى كلّ واحد على صاحبه، كيف نفصل الحكم بينهما؟ قال: ففكّرنا جميعا ساعة، ثم جرى خوض لم يتقرّر له معنى، ولم يتّضح لنا وجه الفتوى. فقلت له: إن رأى القاضي، أن يذكر ما عنده. فقال: حكى لنا القاضي أبو طاهر الدبّاس، عن أبي خازم القاضي «1» ، في هذه المسألة بعينها إنّه قال: للحاكم أن يستحلف الذي ادّعيت عليه الألف في الابتداء، إنّ هذا المدعي عليك الألف درهم، لم يستحلفك عليها عند حاكم آخر.

95 الدليل على تحليل نبيذ التمر

95 الدليل على تحليل نبيذ التمر سئل بعض غلمان أبي الحسن الكرخي «1» ، عن الدليل على تحليل النبيذ التمريّ «2» المعمول بالداذيّ «3» ، الشديد، المسكر، فقال: قد وجدنا، أنّ الله تعالى، لما وعدنا بالجنّة، ووصفها لنا، أباح لنا في الدنيا من جنس ما وعدنا به، وحلّل لنا تناولها، لنعرف بذلك فضل ما وعدنا به في الجنّة، ودوام ذلك، وانقطاع هذا. فلما وعدنا بالخمر في الجنّة، وقد حرّمها علينا في الدنيا [114] ، ولا طريق إلى علم فضلها، لنحرص على الأعمال التي توجب دخول الجنّة، وشربها فيها، فوجب أن يبيح لنا في الدنيا، شيئا من جنسها كهذا، نستدلّ به على طيبها، فكان النبيذ.

96 دليل آخر على تحليل النبيذ

96 دليل آخر على تحليل النبيذ وكان قد سئل عن مثل هذا مرّة أخرى، فقال: إنّ الله تعالى، خلق المنثور الذي ليس بخيريّ، والله لا يخلق ما لا فائدة فيه، وليس فيما عدا الخيريّ من المنثور فائدة، إلّا أن يشرب عليه النبيذ «1» . وكان يخرج هذا القول، مخرج الجدّ، لمن يستضعفه، ومخرج الهزل، مع أهل العلم «2» .

97 الجبائي وتحليل النبيذ

97 الجبائي وتحليل النبيذ وأصحاب الحديث، والحفّاظ، يقولون: إنّه لم يصحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، حديث في تحريم النبيذ، ولا في تحليله. فذهب أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي «1» ، في مسألة أملاها في تحليل النبيذ، مشهورة، إلى أنّ الأصل في الأشياء، أنّها على الإباحة، إلى أن يثبت حظرها. فلما كان العقل، لا يدلّ على تحريم النبيذ، ولم ينقطع العذر عن تحريمه «2» ، وجب أن يكون على الأصل من الإباحة. ثم [115] نصر ذلك، بأشياء أوردها، واعترض أدلّة المحرّمين له، وبيّن فسادها، وأورد زيادات على نفسه، وانفصل عنها بما يطول شرحه، ويخرج عمّا نحن فيه، إن أوردناه.

98 الوزير المهلبي يناظر بعض دعاة الفتنة ببغداد

98 الوزير المهلبي يناظر بعض دعاة الفتنة ببغداد حضرت مجلس أبي محمد المهلبي، وكانت العامّة ببغداد، قد هاجت في أيام وزارته، وعظمت الفتنة، وقبض على جماعة من العيّارين «1» وحملة السكاكين «2» ، وجعلهم في زوارق مطبقة، وحملهم إلى بيروذ «3» ، وحبسهم هناك. فاستهانوا بالقصّة، وكثف أمرهم، وكثر كلام القصّاص في الجوامع، ورؤساء الصوفية، فخاف من تجديد الفتنة، فقبض على خلق منهم، وحبسهم، وأحضر أبا السائب «4» ، قاضي القضاة إذ ذاك، وجماعة من القضاة، والشهود، والفقهاء، وكنت فيهم، لمناظرتهم، وأصحاب الشرط، لنأمن مضرّتهم، إذا قامت الحجج عليهم. فاتّفق أن بدىء برجل من رؤساء الصوفيّة، يعرف بأبي إسحاق بن ثابت، ينزل بباب الشام «5» ، أحد الربانيّين «6» ، عند أصحابه، فقال له:

بلغني أنّك [116] تقول في دعائك: «يا واحدي بالتحقيق، يا جاري اللصيق» ، فمن لا يعلم بأنّ الله لا يجوز أن يوصف بأنّه لصيق على الحقيقة، فهو كافر، لأنّ الملاصقة من صفات الأجسام، ومن جعل الله جسما كفر، فمن يكون محلّه في العلم هذا، يتكلّم على الناس؟ وقل لي: ما معنى ما بلغني عنك، أنّك تقول في جملة كلامك: «أخذتني منّي، ولم تبقني عليّ، فها أنا بلا أنا» . حصلنا على أنّكم تهذوا «1» ، وتوهموا الناس، على أنّكم ربانيين «2» ، وتستدعونهم، بالجهالات، إلى الضلالات، وتفتنون حضرة السلطان عليه. السياط يا غلام. فلم يزل يسأل في أمره، حتى كفّ عنه، وكتب عليه أن لا يتكلّم على الناس، ولا يحلّق حلقة.

99 لماذا كنى نفسه أبا البيان

99 لماذا كنى نفسه أبا البيان كان يجيء- بالبصرة- إلى معلّمي، معلّم يكنى أبا الحسن، وكنى نفسه، أبا البيان. فسمعت معلّمي يعاتبه على ذلك، ويقول: يا هذا، غيّرت كنيتك، وهي مقبولة، وكنية أمير المؤمنين. فقال له: يا أبا جعفر، كم رأيت في عمرك من كنيته أبو [117] الحسن؟ قال: لا أحصي. قال: فهل رأيت أبا البيان غيري؟ قال: لا. قال: خذ بيدك، هذه واحدة من فضائلها، ومن ذلك أنّي أشتهر بها، ولا أشارك فيها. ومن فضائلها: أن تسقط عني التلقيب، وأن يشتغل الناس بها، عمّا سوى ذلك من عيوبي.

100 طريقة أبي البيان المؤدب في التدريس

100 طريقة أبي البيان المؤدّب في التدريس ورأيته يوما عند معلّمي، في مكتبي، وقد حضر وقتا كان فيه المعلّم يأخذ علينا الشعر، وكانت عادته أن يقيم الصبيان صفا، فيطالبهم بإنشاد القصيدة. فأقامهم في تلك العشيّة، وقد حضر أبو البيان، فقال له: يا أبا جعفر، ما هذا التفريط؟ قال: وكيف؟ قال: إنّ لي عادة في سياسة الصبيان، لا أرخّص لهم فيها، إن سألتني علمتك إيّاها. فقال: افعل. قال: تقدّم إلى صبيانك، أن يمتثلوا أمري، لأريك ذلك. فقال لهم أبو جعفر: انظروا ما يأمركم به أبو البيان، فافعلوه. فأقبل عليهم يخاطبهم في كلامه، فقال: لكم أقول أيها الصبيان، ولمن يجاوركم من الغلمان، إلى حدود الأحداث والفتيان، اسمعوا [118] وعوا، فمن خالف بعد البرهان، أنزلت به غليظ الامتحان، تراصّوا في صفوفكم، والزقوا أقدامكم، وأقيموا ألواحكم، وأقبلوا عليّ بألحاظكم، وأحضروا فيما تنشدون قلوبكم، وارفعوا أصواتكم، وقولوا قول صبيّ واحد: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل وصاح بالشعر مطرّبا. فما ملك الصبيان الضحك، وضحك معلّمي معهم.

101 مؤدب يتشاتم مع التلاميذ

فقال: يا أبا جعفر، التراب والجندل بفيك وعلى رأسك، والويل والويح محيطان بك، أتطمع أن تعلّمهم بهذه الهيبة؟ حفّت بك اللعنة والخيبة، أسبابك أفسدت، أمن قدري بضحكك وضعت؟ أم سترك عند هؤلاء الأنكاد هتكت؟ أشهد الله، لا أكلمك، أو تعتذر. وأخذ أبو جعفر، يداريه، ويعتذر إليه، حتى رضي لوقته. وكان يقول الشعر، وينشده أبا جعفر دائما، وما حفظت منه شيئا. ولولا أنّ هذه الألفاظ، تعاودناها في المكتب ونحن صبيان، لم تعلق بحفظي، فلما ترعرعت، كتبتها [119] في موضع، وأنسيتها، ثم نقلتها منه، إلى هذا الموضع، وبقيت عندي إلى الآن. 101 مؤدب يتشاتم مع التلاميذ وسمعت، وأنا في الكتاب، أنّه جاء إلى معلمي، فأسلم إليه ابنه، فقال له: لم نقلته من عند المعلّم الأوّل؟ قال: لأنّني جزت به يوما، والصبيان يتشاتمون، وهو لا يمنعهم بأكثر من أن يقول: قيّدوا ألفاظكم، أخزى الله حرماتكم، لا تتشاتموا يا بني البظر. وإذا هو، ليس يمنعهم من سوء الأدب، ويدخل في جملة المتشاتمين، فنقلته.

102 رقية للمرأة كي لا تسقط حملها

102 رقية للمرأة كي لا تسقط حملها حدّثني عبد الله بن عمر بن الحارث «1» ، قال: كان أبي يكتب آي الرقى، على أصل وقع إليه في ذلك. وكان ممّا يكتبه رقية للمرأة، إذا خافت أن تسقط ولدها، وتعلّق في وسطها، فلا تسقط. قال: وجرّبنا عليه ذلك، على طول السنين، فلم يخطئ. يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ، الآية «2» ، وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ، الآية «3» وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ [120] اللَّهُ «4» ، إلى آخر السورة «5» ، ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ، الآية «6» .

103 رقية لإعادة الآبق

103 رقية لإعادة الآبق قال «1» : وكان يكتب رقية الآبق، ما رأيتها أخلفت، وهي أن تأخذ رقّا «2» فتكتب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً، فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ «3» ، إلى: نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ، يَغْشاهُ مَوْجٌ ، إلى آخر قوله تعالى: فَما لَهُ مِنْ نُورٍ «4» ، فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ «5» ، أدركه بآيات الله، يردّه رب السموات والأرض، فاجعل ما بينهما أضيق على فلان- يعني الآبق- من مسك «6» حمل، حتى تمكّن منه، فإنّه من فضلك وعطائك. ويدفن الرق في عتبة باب.

104 رقية لإمساك الرعاف

104 رقية لإمساك الرعاف قال «1» : وكان يكتب للرعاف «2» ، في ورقة، ويعلقه على جبهة المرعوف: بسم الله الرحمن الرحيم، وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ، وَيا سَماءُ أَقْلِعِي «3» - إلى قوله تعالى: لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ . وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ، وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً «4» . 105 رقية للخراج وكان يكتب للخراج «5» [121] على ورقة سلق، وتوضع على الخراج: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ... الآية «6» .

106 القطيعي الطبيب وذكاؤه ومكارم أخلاقه

106 القطيعي الطبيب وذكاؤه ومكارم أخلاقه حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن أبي محمد الصلحيّ الكاتب، قال: رأيت [بمصر] طبيبا كان بها، مشهورا، يعرف بالقطيعيّ، وكان يقال: إنّه كان يكسب في كلّ شهر ألف دينار، من جرايات يجريها عليه قوم من رؤساء العسكر، ومن السلطان، وممّا يأخذ من العامّة. قال: وكان له دار، قد جعلها شبيه البيمارستان، من جملة داره، يأوي إليها ضعفاء الأعلّة، يعالجهم، ويقوم بأودهم، وأدويتهم، وأغذيتهم، وخدمتهم، وينفق أكثر كسبه في ذلك. قال أبو الحسن: فأسكت بعض فتيان الرؤساء بمصر- وأسماه لي، فذهب عنّي اسمه- وكنت هناك، فحمل إليه أهل الطب، وفيهم القطيعيّ، فأجمعوا على موته، إلّا القطيعيّ. وعمل أهله على غسله، ودفنه. فقال القطيعيّ: دعوني أعالجه، فإن برئ، وإلّا ليس يلحقه أكثر من الموت، الذي قد أجمع [122] عليه هؤلاء. فخلّاه أهله معه. فقال: هاتم غلاما جلدا، ومقارع، فأتي بذلك. فأمر به فمدّد، فضربه عشر مقارع، من أشدّ الضرب، ثم مس مجسّه، وضربه عشرا أخرى شديدة، ثم مسّ مجسّه، وضربه عشرا أخرى. ثم مسّ مجسّه، فقال للطبّ: أيكون للميت، نبض يضرب؟ فقالوا: لا. قال: فجسّوا.

فجسّوه، فقالوا: قد زاد نبضه. فضربه عشرا أخرى، فقوي النبض. فضربه عشرا أخرى، فتحرّك الميت. فضربه عشرا أخرى، فصاح. فقطع عنه الضرب، فجلس العليل يجسّ بدنه، ويتأوّه، وقد ثابت قوّته إليه. فقال: ما تجد؟ فقال: أنا جائع. فقال: أطعموه الساعة. فجاءوه بما أكل، ورجعت قوّته، وقمنا، وقد برئ. فقال له الطبّ: من أين لك هذا؟ قال: كنت مسافرا في قافلة فيهم أعراب يخفروننا، فسقط منهم فارس عن فرسه، فأسكت، فقالوا: قد مات، فعمد شيخ منهم، فضربه ضربا عظيما كثيرا، وما رفع الضرب [123] عنه، حتى أفاق، فعلمت أنّ الضرب، جلب إليه حرارة أزالت سكتته. فقست عليه أمر هذا العليل.

107 مهاترة بين رجلين من الخاصة

107 مهاترة بين رجلين من الخاصة حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد الأزديّ، قال: حدّثني أبو عليّ الحسن بن محمد الأنباري «1» الكاتب، قال: كنت، وأنا حدث، أوقّع بين يدي، [أبي] محمد دلويه «2» ، وهو، إذ ذاك، يكتب للمؤتمن سلامة- أخي نجح الطولوني- حاجب القاهر. فجاءه يوما أبو عليّ الحسين بن القاسم بن عبيد الله «3» ، وأبو جعفر الكرخي «4» مسلّمين، فحبسهما للأنس، وأجلسهما في دست، في صدر قبّة كانت له، وجلس دونهما على مطرح «5» ، وفرش في بيت إلى جانب القبّة، له باب إليها، وأجلس فيه ابنه، وأجلسني معه، وكأنّه رفع الرجلين عن معاشرتهما لنا، ونحن أحداث، وأراد بذلك سماع كلامهما، والأنس بسماع الغناء. وكان إلى جانب القبّة، بيت آخر، فأجلس الغناء «6» فيه، ومدّت ستارة على بابه. وأخذوا في الشراب، ونحن نسمع الغناء، وما يجري من [124] كلامهم، ولا نرفع أصواتنا بالكلام، لئلّا يسمعوا ذلك.

فلما توسّطوا الشراب، أحضر باكورة «1» ، فقبّلها، ثم أقبل عليهما، وقال: الإنصاف أن أقسمها أثلاثا، ولكنّي قد وفّرت قسمي عليكما يا سيّديّ، فاقتسماها أنتما. فأخذها الحسين بن القاسم، فقال: يا سيّدي، يا أبا جعفر، هذه تحبّ أن آخذ أنا ثلثيها، وأعطيك ثلثها؟ فقال الكرخي: فعلام يا سيّدي؟ فقال: لأنّك، أنت وأخوك، ولدتما توأما، فأنت نصف توأم، وأنا تامّ لأنّي ولدت وحدي، ولو كان أخوك حاضرا، لكان لي ولك وله أثلاثا، ومع غيبته، فأنت لا تستحقّ أكثر من الثلث. فقال له أبو جعفر: ما أعجب هذا، أنت رجل كان جدّك نصرانيا، يعتقد أنّ الله ثالث ثلاثة، ونشأ أبوك فصار ثنويا، وترك مرتبة، ونشأت أنت فكان القياس أن تترك مرتبة واحدة أخرى، ولكنّك تركت مرتبتين، فنشأت ملحدا، لا تعتقد شيئا أصلا، ولم نعيّرك بذلك، تعيّرنا أنت [125] بالتوأم، ولا ذنب لنا فيه، وما هو عار على الحقيقة. فغضب الحسين بن القاسم، وابتدر ليجيب. فقام دلويه، وقال: الطلاق ثلاثا، لازم لي، وكلّ ما أملكه صدقة، إن أجبت يا سيّدي بشيء، ولا تكلّمت أنت يا سيّدي، يا أبا جعفر بشيء، فإنّ هذا يخرج الآن عن المزاح إلى العربدة، والأحقاد، والوحشة التي تبقى، وقدركما يرتفع عن هذا. قال: فسكتا ساعة واجمين، ولم يزل أبو محمد، يداريهما، ويبسطهما، ويستعطف كل واحد منهما لصاحبه، حتى اصطلحا.

108 ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي ابن أبي الشوارب

108 ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي ابن أبي الشوارب أنشدني محمد بن عبد الله بن سكّرة الهاشميّ «1» ، وهو من ولد عبد الله ابن علي بن المهدي، المعروف بابن ريطة «2» ، غلب عليه اسم أمّه، كما غلب على إبراهيم بن المهديّ، اسم أمّه شكلة «3» ، يهجو أبا العباس بن أبي الشوارب «4» ، وهو من ولد خالد بن أسيد الأموي، أخي عباد بن أسيد صاحب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لما تقلّد قضاء القضاة، وكانت العامّة تلقّبه [126] بحدندل: خلعت على حدندل من مديحي ... قميصا لا اكتسى رجل كساه على نفسي دعوت لأنّ جهلي ... دعاني أن شرهت إلى نداه وكيف رجوت جودا من عدوي ... ولم أغسل حسامي من دماه

109 من مختار شعر أبي فراس

109 من مختار شعر أبي فراس لأبي فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون العدوي التغلبي «1» ، قصيدة أوّلها: وقوفك في الديار عليك عار ... وقد ردّ الشباب المستعار «2» ويقول فيها: وطال الليل بي ولربّ دهر ... نعمت به لياليه قصار وندماني السريع إلى ندائي ... على عجل وأقداحي الكبار عشقت بها عواريّ الليالي ... أحق الخيل بالركض المعار «3» إذا انحسر الظلام امتدّ آل ... كأنّا درّه وهو البحار يموج على النواظر فهو ماء ... ويلفح بالهواجر فهو نار فكم بلد شتتناهنّ فيه ... ضحى وعلى منابره المغار «4» [127] وكنّ إذا أغرن على ديار ... رجعن ومن طرائدها الدمار «5» وكم ملك نزعنا الملك منه «6» ... وجبّار بها دمه جبار

وله قصيدة أوّلها: عذيري من طوالع في عذاري «1» يقول فيها: أرى نفسي تطالبني بأمر ... قليل دون غايته اصطباري «2» وما يغنيك من همم طوال ... إذا قرنت بأحوال قصار «3» وقيل لي انتظر زمنا «4» ومن لي ... بأنّ الموت ينتظر انتظاري

110 للشاعر الببغاء يصف شرابا

110 للشاعر الببغاء يصف شرابا أنشدني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر المخزوميّ، المعروف بالببغاء «1» ، الكاتب، لنفسه، يصف شرابا في قدح أبيض، أبياتا ثابتة في ديوانه، اختصرت منها قوله: بالقفص «2» للقصف منزل كثب «3» ... ما للتصابي «4» في غيره أرب [128] دارت نجوم الكؤوس في فلك ... منه له من فتوّتي قطب من كلّ جسم كأنّه عرض ... يكاد لطفا باللحظ ينتهب نور وإن لم يغب ووهم ولو صحّ ... وماء لو كان ينسكب لا عيب فيه سوى إذاعته السرّ ... الذي في حشاه يحتجب كأنّما صاغه النفاق فما ... يخلص منه صدق ولا كذب فهو إلى لون ما يجاوره ... على اختلاف الطباع ينتسب إذا ادّعاه اللجين أكذبه ... بالراح في صبغ جسمه الذهب جلت عروس المدام حالية ... فيه علينا الأدوار والنخب فالراح بدر والجام هالته ... والأفق كفّي والأنجم الحبب

111 زمان الهوى ألذ زمان

111 زمان الهوى ألذ زمان وأنشدني لنفسه مقطوعة: [129] فليالي الصبا أسرّ ليال ... وزمان الهوى ألذّ زمان وأسرّ البلاد ما حمد الساكن ... فيها خلائق الجيران «1»

112 مريض بالاستسقاء تشفيه أكلة جراد

112 مريض بالاستسقاء تشفيه أكلة جراد حدّثني «1» بعض المتطبّبين، قال: حدّثنا أبو منصور بن مارية «2» ، كاتب أبي مقاتل، صالح بن مرداس «3» الكلابيّ، صاحب حلب «4» ، وكان أبو منصور من رؤساء أهل الصراة، الذين يضرب بهم المثل، في كل فنّ، وكان أديبا، وقد شاهدته، ولم أسمع منه هذه الحكاية، قال: أخبرني [أحد] شيوخنا، قال: كان بعض أهلنا قد استسقى، وأيس من الحياة، فحمل إلى بغداد، فشوور الطبّ «5» فيه، فوصفوا له أدوية كثارا، فعرفوا أنّه قد تناولها بأسرها، فلم تنجع، فأيسوا منه، وقالوا: لا حيلة لنا في برئه، وهذا تالف. فسمع العليل ذلك، فقال لمن كان معه: دعوني الآن أتزوّد من الدنيا، وآكل ما أشتهي، ولا تقتلوني بالحمية «6» قبل أجلي. فقالوا: كل ما تريد.

فكان يجلس على دكان «1» باب الدار التي نزلها ببغداد، فمهما رآه يجتاز [130] على الطريق، اشتراه، وأكله. فمرّ به رجل يبيع الجراد مطبوخا، فأجلسه، واشترى منه عشرة أرطال، وأكلها بأسرها. فلما كان بعد ساعة من أكله، انحلّ طبعه «2» ، وتواتر قيامه، حتى قام في ثلاثة أيّام أكثر من ثلاثمائة مجلس، وضعف، وأيس منه. ثم انقطع القيام، وقد زال كل ما كان في جوفه، وأنابت إليه قوّته، وبرأ. فخرج برجليه، في اليوم الخامس، يتصرّف في حوائجه، فرآه أحد الطب، وعجب من أمره، وسأله عن الخبر، فعرّفه. فقال: ليس من شأن الجراد، أن يفعل هذا الفعل، ولا بدّ أن يكون في الجراد الذي فعله، خاصيّة، فأحب أن تدلّني على بائع الجراد. قال: فما زالوا في طلبه، حتى اجتاز بالباب، دفعة ثانية، ورآه الطبيب، فقال: ممّن اشتريت هذا الجراد؟. فقال: ما اشتريته، أنا أصيده، وأجمع منه شيئا كثيرا، وأطبخه على الأيّام، وأبيعه. فقال: من أين تصطاده؟ قال: فذكر قرية على فراسخ يسيرة من بغداد. فقال [131] له الطبيب: أعطيك دنانير، وتدع شغلك، وتجيء معي إلى الموضع الذي اصطدت منه الجراد.

قال: نعم. فخرجا، وعاد الطبيب من غد، ومعه من الجراد شيء، وحشيشة. قالوا له: ما هذا؟ فقال: صادفت الجراد الذي يصيده هذا الرجل، يرعى في صحراء جميع نباتها حشيشة يقال لها: مازريون «1» ، وهي من دواء الاستسقاء «2» ، وإذا دفع إلى العليل منها وزن درهم، أسهله إسهالا يزيل الاستسقاء، ولكن لا يؤمن أن ينضبط، ولا يقف، فيقتله بالذرب، فالعلاج بها خطر جدا، وهي مذكورة في الكتب، ولفرط غررها «3» ، لا يكاد أن يصفها الطبّ، فلما وقع الجراد على هذه الحشيشة، وأنضجتها معدته، ثم طبخ الجراد، فضعف فعلها، بطبخين اجتمعا عليها، وقصر، وتناولها هذا، وقد تعدّلت بمقدار ما أبرأته، ولم تدفع طبعه دفعا لا ينقطع، فبرأ.

113 مريض بالاستسقاء يبرأ بعد أن طعم لحم أفعى

113 مريض بالاستسقاء يبرأ بعد أن طعم لحم أفعى حدّثنا محمد بن أحمد بن طوطو الواسطي، أبو الحسين، قال: سمعت أبا علي عمر بن يحيى العلويّ الكوفيّ [132] ، يقول «1» : كنت في بعض حججي، في طريق مكة، فاستسقى رجل كان معنا، من أهل الكوفة، وثقل في علّته. وسلّ «2» الأعراب قطارا «3» من القافلة، وكان العليل على جمل منه، فلما افتقد، جزعنا عليه، وعلى القطار، وكنّا راجعين إلى الكوفة. فلما كان بعد مدة، جاءنا العليل إلى الكوفة، معافى. فسألته عن قصّته، وسبب عافيته، فقال: إن الأعراب، لما سلّوا القطار ساقوه إلى خيمهم، وكانت قريبة من المحجّة، على فراسخ يسيرة، فأنزلوني، ورأوا صورتي، فطرحوني في آخر بيوت الحيّ، وتقاسموا ما كان في القطار. وكنت أزحف، وأتصدّق بين البيوت ما آكله، فأطعم، فتمنيت الموت، وسهل عليّ، وكنت أدعو الله تعالى، به. فرأيتهم يوما، وقد عادوا من ركوبهم، فأخرجوا أفاعي قد اصطادوها، وقطعوا رؤوسها وأذنابها، واشتووها، وأكلوا. فقلت: هؤلاء يأكلون هذه الأفاعي، ولا تضرّهم للعادة التي تربوا

عليها [133] ، ولعلّي أنا، إن أكلت شيئا منها، تلفت، فأستريح ممّا أنا فيه. فقلت لبعضهم: أطعمني من هذه الحيّات، فرمى إليّ بواحدة، فيها أرطال، مشوية، فأكلتها بأسرها، وأمعنت، طلبا للموت، فأخذني نوم عظيم، وانتبهت، وقد عرقت عرقا عظيما، واندفعت طبيعتي، فقمت في بقيّة يومي وليلتي، أكثر من مائتي مجلس، إلى أن سقطت طريحا، والطبع يجري، فقلت: هذا طريقي إلى الموت، فأقبلت أتشهّد، وأدعو بالمغفرة. فلما أضاء الصبح، تأمّلت بطني، وإذا هي قد ضمرت جدا، وزال عنها ما كان بها، فقلت: أيش ينفعني هذا، وأنا ميت؟ فلما أضحى النهار، انقطع القيام، ووجبت الظهر، فلم أحس بقيام، وجعت، فجئت لأزحف على العادة، فوجدت نفسي خفيفا، وقوّتي صالحة، فتحاملت، وقمت، ومشيت، وطلبت منهم مأكولا، فأطعموني، فقويت، فبتّ تلك اللّيلة الثانية معافى، ما أنكرت شيئا من أمري. فأقمت أيّاما، إلى أن وثقت من نفسي، بأنّي إن مشيت نجوت، فأخذت الطريق مع بعضهم [134] ، إلى أن صرت على المحجّة «1» ، ثم سلكتها منزلا، منزلا، إلى الكوفة مشيا.

114 ابن نصرويه يجيز شاعرا مدحه بثلاثة دراهم

114 ابن نصرويه يجيز شاعرا مدحه بثلاثة دراهم حدّثني أبو أحمد الفضل بن محمد، ابن بنت المفضّل بن سلامة البصريّ، قال: كنت عند أبي الحسين محمد بن عبيد الله بن نصرويه «1» فدخل إليه شاعر غريب، ورد [إلى] «2» البصرة، يعرف بالمطرّف الحميري، فامتدحه بقصيدة حسنة، فأمر غلامه أن يعطيه عطيّة، سارّه بها، فلما قام الشاعر معه، أعطاه إيّاها، فإذا بالشاعر، قد رجع من الدهليز، فرمى بالقرطاس، في حجر ابن نصرويه، فكان فيه ثلاثة دراهم، ثم استخفّ به، بكلام قبيح، وأنشده ثلاثة أبيات هجاء له باسمه، ونسبه، طيّبة، ارتجلها، وخرج. فقال لي أبو الحسين: يا أبا أحمد، الحقه، وردّه، وترضّاه «3» ، وابذل له عنّي مائة درهم، وأن لا يعيد في هجائي شيئا. فتبعته، وسعيت على أثره، حتى لحقته، وما زلت أداريه، إلى أن بذلت له المائة درهم، فقال: لا ألبس النعماء من رجل ... ألبسته عارا على الدهر [135] وانصرف، فلا أدري، الشعر له، أو لغيره.

115 بحث في شكوى الزمان

115 بحث في شكوى الزمان وحدّث أبو العباس الحسين بن عليّ بن الفضل بن سليمان الواسطيّ، قال: كنت جالسا ببغداد، في سنة ثماني عشرة «1» ، عند صديق لي بباب الطاق» ، فتشاكينا الهمّ والغمّ، وفساد الزمان، إذ ذاك، ولو كان لنا ذاك الفساد الآن، لكان غاية الصلاح. فقال لي: يا أبا العبّاس، هوّن عليك، فلو وقف الإنسان في هذه السوق العظيمة، وأشار بيده إلى باب الطاق، وصاح: يا مكروب، لما بقي فيها أحد، إلّا قال له: لبيك.

116 توقيع للقاضي ابن معروف

116 توقيع للقاضي ابن معروف لما تقلّد الطائع لله، أمير المؤمنين، الخلافة «1» ، طالب القاضي أبا محمد، عبيد الله بن أحمد بن معروف «2» ، أن يتولى له الوزارة، فامتنع عليه من ذلك، وبذل له أن يتدبر أمره، ويقوم له بترتيب الأمور إلى أن يستكتب من يراه. فكان يحضر دائما، ويعينه بنفسه، ويدبّر الأمور، وربما لم يكن في الدار كاتب، فيوقّع بخطّه في الأمور. وأمّا أول يوم، فكان نظر الوزراء، فمن ذلك، أنّه وقّع بتوقيع نسخته: [136] ليكتب للحسين بن موسى الهاشميّ «3» ، من الحضرة بالمظالم، وتسيير الحجيج أيّام المواسم، ونقابة الطالبيّين من بني هاشم. وكتب عبيد الله بن أحمد في يوم كذا من شهور كذا «4» .

117 كتاب كتبه أبو إسحاق الصابي

117 كتاب كتبه أبو إسحاق الصابي قرأت كتابا كتبه أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي، الكاتب «1» ، في جمادى الأولى سنة خمس وستين وثلاثمائة عن ابن بقيّة، وهو إذ ذاك وزير «2» إلى أبي المظفّر حمدان «3» بن ناصر الدولة، وهو بحلوان متقلدا لها ولطريق خراسان، وقد أنزل عياله في دار أبي العلاء صاعد «4» ببغداد، يسأله تفريغها «5» ، وخطّ «6» أبو إسحاق نسخته، نقلتها من خطّه: كتابي أطال الله بقاء سيّدي الأمير، وأدام تأييده ونعمته، يوم كذا، عن سلامة، وسيّدي الأمير، أدام الله عزّه، يعرف مذهبي في رعاية الحقوق التي تضعف أسبابها، ويصغر أصحابها، فما عنده فيما تناهى عندي، يزيد تأكّدا ووجوبا، وتقدّما وتمهيدا، وما منزلة أبي العلاء صاعد بن ثابت، عندي، تخفى على سيدي الأمير [137] أدام الله عزّه، فأذكرها، وهو بضعة مني لا تتميّز، وكاللحمة التي لا تنفصل، وليس ما تحدثه أحوال الزمان والتصرّف، من شوائب تشوب، وتوائب تنوب، مغيّرا للأصول، ولا قادحا في الاعتقاد، و [ما] كانت صورته في الوحشة التي لحقته، وأخلت

منه داره، موجبة للرخصة في أن تنزل، ولو رام ذلك منها غير سيّدي الأمير أدام الله عزّه، لعزّ عليه أن يناله، وإنّما سمحت له بذلك، لثقتي بطاعته لي، وعلمه بأنّ ذلك المنزل منزلي، وأنّني أعيره وأسترده، وأتصرّف فيه تصرّف من يملكه، وقد قبح بي أن يكون أبو العلاء، مع أواصره الوكيدة، وملازمته لي المتّصلة، ممنوعا منه «1» ، وأسبابه منتقلين عنه، وتردّد منّي في ذلك، مراسلات ومكاتبات، أحمدت نتاجها، الحكاية عن الحرّة- يعني امرأة حمدان- أيدّها الله، في التذمّم، ومعرفة الحقّ، وإيثار الانتقال، وأنكرت أن يقف الأمر مع هذه الحال، فالأعراض «2» كثيرة مبذولة، وأنا أسأل سيّدي الأمير أيّده الله، أن يوجب ما أوجبت، ويعرف ما عرفت [138] ، ويراعيني أوّلا، ثم حقوق أبي العلاء ثانيا، ويكتب إلى من ينوب عنه، بقبول ما يعرضه، والانتقال إليه، ويسلم الدار، فلو كانت [له] ، لاستنزلته- والعياذ بالله- «3» عن ملكها، ولم أقنع بخروجها عن اليد، فكيف إذا، وهي مستعارة، والحكم فيها الردّ، وسيّدي الأمير وليّ ما يراه في هذا الأمر الخاص بي، وحاشاي أن أعيد فيه قولا أو كتابا، أو أتجشّم من أجله قصدا أو إعادة، فقد أنفذت بكتابي هذا، قاصدا يوصله أبو الفتح قرّة بن دنحا، في معناه، ما يعرفه الأمير من جهته إن شاء الله. ونسخة التوقيع بخطّ الوزير: أنا راغب إلى الأمير، أدام الله عزّه، في هبة هذه الدار لي، ولا أقول أكثر من هذا، والسلام.

118 أبو العلاء صاعد يفتخر

118 أبو العلاء صاعد يفتخر [حدّثني] أبو العلاء صاعد بن ثابت «1» ، قال: لما كثر دخولي إلى الملك عضد الدولة «2» ، ببغداد، سنة أربع وستين وثلاثمائة، وكان إذا رآني، يقول لي سائلا: يا أبا العلاء، ما أنحل جسمك؟ فلما كثر ذلك عليّ، عملت [139] أبياتا، وأنشدته إيّاها، وهي: يقول مليك الأرض جسمك ناحل ... على ذاك عرضي والثناء جميل وأحسن ما في الهندوانيّ أنّه ... نحيف رقيق الشفرتين صقيل فان أك معروق العظام فإنّني ... نهوض بأعباء الأمور حمول أقوّم أغصان الخطوب إذا التوت ... برفقي ومثلي في الكفاة قليل أرى الملك المنصور أنكر مضربي ... وأيّ حسام ليس فيه فلول وكم لك عندي من يد وصنيعة ... أقصّر عن شكري لها فتطول ومن لفظة تسري إليّ ونظرة ... عليها من الرأي الجميل دليل إذا صحّ لي من حسن رأيك لمحة ... فليس لمقدور إليّ سبيل [140]

119 كظم الغيظ من مكارم الأخلاق

119 كظم الغيظ من مكارم الأخلاق حدّثني إبراهيم بن عيسى بن نصر السوسيّ، النصرانيّ، الكاتب «1» ، قال: قال أبي: قام في نفسي حقد على رجل، لقبيح عاملني به، أربعين سنة، ما كافأته عليه إلى أن مات.

120 الأمير سيف الدولة يصفح عن أحد أتباعه ويعيد إليه نعمته

120 الأمير سيف الدولة يصفح عن أحد أتباعه ويعيد إليه نعمته حدّثنا «1» أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن معروف، أخو قاضي القضاة، أبي محمّد عبيد الله بن أحمد بن معروف، قال: كنت بمصر، وكان بها رجل يعرف بالناظريّ، من تنّاء حلب، وقد قبض سيف الدولة «2» ضيعته، وصادره، فهرب منه إلى كافور الإخشيدي «3» ، فأجرى عليه جراية في كلّ شهر، سائغة، كما كان يجري على جميع من يقصده، من الجرايات التي سمّاها: الراتب، وكان مالا عظيما، مقداره في كلّ شهر [خمسون ألف دينار، لأرباب النعم، وأجناس الناس، وليس فيها لأحد من الجيش ولا من الحاشية، ولا من المتصرّفين في الأعمال شيء] «4» . قال: فجرى ذكر هذا الناظريّ، بحضرة كافور، وقيل إنّه بغّاء «5» ، وكثرت الحكايات عنه بحضرته، فأمر بقطع جرايته. فرفع إليه، يشكو انقطاع المادّة، ويسأل التوقيع، بإجرائه على رسمه، فأمر، فوقّع على ظهر الرقعة: قد صحّ عندنا أنّك رجل تصرف [141]

ما نجريه عليك، فيما يكره الله عزّ وجلّ، من فساد نفسك، وما نرى أن نعينك على ذلك، فالحق بحيث شئت، فلا خير لك عندنا. قال: وخرج التوقيع إلى الرجل، فأعضل به، فعمل محضرا، وأخذ فيه خطوط خلق كثير، ممن يعرفه بالستر، وأنّه ما عرف قط ببغاء، ولا صحبة الأحداث، وجعله طيّ رقعة إلى الأستاذ كافور، يحلف فيها بالطلاق والعتاق، والأيمان المغلظة، أنّه ليس ببغّاء، واحتجّ بالمحضر، وتركه في طيّ الرقعة. وقال: إنّه لم يكن يدفع إليه ما دفع، لأجل حفظ فرجه، أو هتكته، وإنّما كان ذلك، لأنّه منقطع، وغريب، وهارب، ومفارق نعمة، ويسأل ردّه إلى رسمه. ورفع القصة إلى كافور. قال: فلا أدري إلى أين انتهى أمره، إلّا أنّه صار فضيحة، وتحدّث الناس بحديثه. واتّفق خروجي من مصر، عقيب ذلك، إلى حضرة سيف الدولة، بحلب «1» ، وجرت أحاديث المصريّين، وكان يتشوّق إلى أن يسمع حديثهم، فقلت: أمر عجب، جرى بها [142] اتّفاقا، إنّه كان بها رجل يقال له الناظريّ، فقصصت القصّة عليه. فاستضحك من ذلك ضحكا عظيما، وقال: هذا المشؤوم بلغ إلى مصر؟ قال: فقال لي محمد الأسمر، علمت أنّ هذا الرجل، صديقي جدا، وقد هلك، وافتقر، وفارق نعمته، فأحبّ أن تخاطبه في أمره، عقيب ما

جرى، لأعاونك، فلعلّ الله أن يفرّج عنه. قال: فقلت: افعل. قال: فأخذ يسألني عن الأمر، فأعدت عليه شرحه، فعاد يضحك. فقلت له: أطال الله بقاء مولانا، قد سررت، وضحكت، فيجب أن يكون لذلك ثمرة، إمّا لي، أو للرجل الذي قد صيّرته فضيحة بحلب، بما أخبرت بحديثه. فقال: أمّا لك، فنعم، وأمّا له، فما يستحقّ، فإنّه فعل، وصنع، وأخذ يطلق القول فيه. قال: فقلت له: فوائدي من مولانا متّصلة، ولست أحتاج مع إنعامه، ودوام إحسانه، إلى التسبّب إلى الفوائد، ولكن، إن رأى أن يجعلها لهذا المفتضح المشؤوم. قال: فقال: تنفذ إليه سفتجة بثلاثة آلاف درهم. قال: فشكرته، والجماعة [143] ، وخاطبته بأن يأذن له بالعود إلى وطنه، ويؤمّنه. فقال: ويكتب له أمان، ويؤكّد، ويؤذن له في العود إلى وطنه. قال: فغمزني الأسمر في الاستزادة، فقلت: أطال الله بقاء مولانا، إنّ الثلاثة آلاف درهم، لو نفذت إليه، إلى مصر، من غير أن يؤذن له في العود، ما كفته لمن يحمله على نفسه، لأنّ أكثر أهل مصر بغّائين، وقد صافّوه في الناكة، وغلبوه باليسار، فلا يصل هو إلى شيء، إلّا بالغرم الثقيل. قال: فأعجبه ذكري لأهل مصر بذلك، فقال: كيف قلت أيّها الأخ؟ فقلت: المياسير من أهل مصر، لهم العبيد العلوج، يأتونهم، لكلّ واحد منهم عدّة غلمان، والمتوسّطين يدعون العلوق والزنوج المشهورين

بكبر الأيور، فينفقون أموالهم عليهم، ولا يصل الفقير والمتجمّل إليهم. ولقد بلغني آنفا، وأنا بمصر، أنّ رجلا من الفقراء، اشتدّ عليه حكاكه، فطلب من يأتيه، فلم يقدر عليه، فخرج إلى الموضع الفلاني- قرية ذكرها، قريبة من مصر- فأقام بها [144] ، فكان إذا اجتاز به المجتازون، استغوى منهم من يمتاز بهذا الحال، فحمله على نفسه، وكان يعيش بالمجتاز بعد المجتاز، ويتمكّن من إرضائه بما لا يمكن بمصر، فعاش بذلك برهة، حتى جاءه يوما بغّاء آخر، فسكن معه في الموضع، فكان إذا جاء الغلام الذي يصلح لهذه الحال، تنافسا عليه، فأفسد على الأوّل أمره، فجاء إلى الثاني، فقال له: بيني وبينك، شيخنا ابن الأعجميّ الكاتب، رئيس البغّائين فجذبه إلى مصر، واحتكما إليه. فقال: إنّي كنت لمّا اشتدّ بي أمري الذي تعرفه، ومنعني فقري من اتّخاذ الناكة بمصر، عدلت إلى الموضع الفلانيّ، فعملت كذا، وقصّ عليه القصّة، فجاء هذا، وصنع، وقصّ عليه القصّة، وشرح له أمره، فإن رأيت أن تحكم بيني وبينه، فاحكم. فحكم بينهما ابن الأعجميّ، ومنع الثاني من المقام في الناحية، وقال: ليس لك أن تفسد عليه عمله، وناحيته، اطلب لنفسك موضعا آخر. فيمكن الناظريّ- أيّد الله مولانا [145] الأمير سيف الدولة- أن يستشفي بثلاثة آلاف درهم، أمرت له بها، في بلد هذه عزّة الناكة فيه، وكثرة البغّائين؟. هذا لو كان مقيما، فكيف وقد أنعمت عليه بالمسير، ويحتاج إلى بغال يركبها في الطريق بأجرة، وديون عليه يقضيها، ومؤن. قال: فضحك ضحكا شديدا، من حكاية البغّائين، وحكم ابن الأعجميّ بينهما، وكان هذا من مشهوري كتّاب مصر، فقال: اجعلوها خمسة آلاف درهم.

قال: فقلت له، أنا والجماعة: فيرد أطال الله بقاء الأمير مولانا، بخمسة آلاف درهم، قد أنفقها في الطريق، إلى سوء المنقلب؟. قال: وكان يعجبه أن يماكس، فيجود مع المسألة، والدخول عليه مدخل المزاح في ذلك، والطيبة، واقتضاء الغرماء بعضهم لبعض، وما أشبه هذا «1» . قال: فقال: قد طوّلتم عليّ، في أمر هذا الفاعل الصانع، أطلقوا له عن ضيعته بأسرها، ووقّعوا له بذلك إلى الديوان، وعن مستغلّه، وانقلوا من في داره عنها، وتقدّموا بأن تفرش أحسن [146] من الفرش الذي كان نهب له منها، لمّا سخط عليه. قال: فأكبت الجماعة، تقبّل يده ورجله، وتحلف أنّها ما رأت مثل هذا الكرم قطّ، هذا، مع سوء الرأي فيه، وسوء حديثه، ويقولون: ما على الأرض بغاء أبرك على صاحبه منه. فضحك، ونفذت الكتب، والتوقيعات، بما رسمه. فلما كان بعد مدّة، جاء الرجل، وعاد إلى نعمته، وخلع عليه سيف الدولة، ونظر في حوائجه.

121 سخاء الأمير سيف الدولة

121 سخاء الأمير سيف الدولة حدّثنا أبو القاسم بن معروف، قال: دخلت إلى حلب، إلى أبي محمد الصلحيّ الكاتب «1» ، وأبي الحسن المغربيّ «2» ، أسلّم عليهما، وكانا في خدمة سيف الدولة «3» ، وهما في دار واحدة نازلان لضيق الدور، وكان وكيل كلّ واحد منهما، يبكّر يوما، فيقيم لهما، ولغلمانهما، ما يحتاج إليه، للمادّة «4» والوظائف «5» ، فإذا كان من الغد، بكّر الآخر، فأقام الوظائف، لهما، ولغلمانهما، على هذا. قال: فلمّا استقررت عندهما، دخل إليهما رجل ضرير، فسلّم، وجلس، ثم قال [147] : إنّ لي بالأمير سيف الدولة، حرمة قديمة، وجوارا، واختصاصا، أيّام مقامه بالموصل، وقد قصدته، ومعي رقعة، فإن رأيتما

أن توصلاها إليه، وأخرج رقعة عظيمة، هائلة جدّا، فلما رأياها، قالا له: هذه عظيمة ولا ينشط الأمير أن يقرأها، فغيّرها، واختصرها، وعد في وقت آخر، فإنّا نأخذها، ونوصلها إليه. فقال: الذي أحبّ، أن تتفضلا بعرض هذه الرقعة. فدفعاه عن ذلك، فقام كالآيس، يجرّ رجله، منكسر القلب، فداخلتني عليه رقّة. وركبت، فدخلت على سيف الدولة، وهو جالس، وكان رسمه، أن لا يصل إليه بتة، أحد، إلّا برقعة، يكتبها الحاجب باسم من حضر، واحدا كان أو أكثر، فإذا قرأ اسم الرجل، فإن شاء دعا به، وإن شاء أمر بصرفه. فلما استقررت، عرض عليه الحاجب، رقعة، فيها: فلان بن فلان الموصليّ، الضرير. فقال: وهذا يعيش؟ أين هو؟ فقال: بالباب. قال: يدخل، فما أظنّه- مع ما أعرفه من زهده في الطلب- قصدنا إلا لجهد لحقه [148] . قال: فدخل، فإذا الشيخ الذي رأيته عند الصلحيّ والمغربيّ. فلما قرب منه، استدناه، وبشّ به، وقال: يا هذا، ما سمعت بأنّا في الدنيا؟ ما علمت مكاننا على وجه الأرض؟ ما جاز لك أن تزورنا، مع ما بيننا من الحرمة الأكيدة، والسبب الوكيد؟ لقد أسأت إلى نفسك، وأسأت الظنّ بنا. قال: فجعل الرجل، يدعو له، ويشكره، ويعتذر، فقرّبه، وأجلسه. فجلس ساعة، ثم قام، فسلّم إليه الرقعة بعينها، فأخذها، وقرأها

إلى آخرها، وقال: يا يونس بن بابا- وكان خازنه- فحضر، فأوعز إليه بشيء، ثم استدعى حاجب الكسوة، فسارّه بشيء، واستدعى رئيس الإصطبل، فأمره بشيء. وانصرفت الجماعة، وجاء ابن بابا، فوضع بين يديه، صرّتين عظيمتين، فيهما دنانير تزيد على خمسمائة دينار. وجاء حاجب الكسوة، بثياب كثيرة صحاح، من ثياب الشتاء والصيف، منثّرة بطيب كثير، وصياغات، من ربع، ومرآة، وما جرى مجرى ذلك. وجاء عريف الفراشين «1» ببسط، وزلاليّ «2» [149] ، وثياب ديباج للفرش، وسبنيّات، وأشياء كثيرة من أنواع الفرش بألوف دنانير، فصار ذلك كالتلّ بين يديه. وكان يعجبه، إذا أمر لإنسان بشيء، أن يحضره إلى حضرته، بحيث يراه، ثم يعطيه لمن وهبه له. قال: فأخرج ذلك، والضرير لا يعلم، وعنده، أنّه قد تغافل عنه، [فهو في الريب] «3» وأخذ لا يسارّ الضرير، ولا يقول له شيئا. وجاء صاحب الكراع، ومعه بغلة تساوي ثلاثة آلاف درهم، بمركب ثقيل حسن. وجاء الخادم، ومعه خادم بثياب جدد، فسلّمت البغلة إليه، فأمسكها في الميدان أسفل الدكّة التي عليها سيف الدولة. ثم قال للخادم: كم جرايتك؟

قال: عشرون دينارا في الشهر. قال: قد جعلتها لك ثلاثين دينارا، وخدمتك لهذا الشيخ خدمة لنا، فلا تقصّر فيها ولا ينكسر قلبك، وأحسن خدمته، ادفعوا له جرايته لسنة، فدفعت في الحال إليه. ثم قال: فرّغوا الدار الفلانية. فتقدّم بتفريغها. ثم تقدّم: أن يحمل إلى [150] عياله، زورق من تلّ فافان» ، إلى الموصل، فيه كرّان «2» حنطة، وكرّ شعير، ويملأ ببقولة الشام، ومآكلها. ففعل ذلك كلّه. ثم استدعى أبا إسحاق بن شهرام، المعروف بابن ظلوم المغنّية، وكان يكتب له، ويترسّل، إلى ملك الروم، ويبعثه في صغير أموره، وكبيرها، فسارّه بشيء. فأخذ أبو إسحاق، الشيخ، وجعل يخاطبه عن الأمير سيف الدولة، باعتذار طويل، ويقول: إنّك جئتنا في وقت، هو آخر السنة، وقد تقسّمت أموالنا الحقوق، والزوّار، والجيوش، وببابنا خلق من الرؤساء، ونحتاج أن نواسيهم، ولولا ذلك، لأوفينا على أملك، وقد أمرنا لك بكذا ... قال: وجعل ابن شهرام، يقرأ عليه من فهرست «3» قد عمل، ثبتا للمجموع الذي أمر له به، من صنوف الثياب والفرش، وغير ذلك. قال: فقلت للأمير سيف الدولة: يا مولانا، لا تورد على هذا الشيخ، هذه الجائزة، جملة، عقب اليأس العظيم الذي قد لحقه، فتنشقّ مرارته.

قال: فلما استوفى الشيخ الكلام [151] ، بكى بكاء شديدا، وقال: أيّها الأمير قد والله زدت على أملي بطبقات، وأوفيت على غناي بدرجات، وقضيت حقّي، وما هو أعظم من حقّي، وما أحسن أن أشكرك، ولكن الله يتولى عنّي شكرك، ومجازاتك، فتمنّ عليّ بتقبيل يدك، فإنّه أفضل من كلّ عطيّة. فأذن له في ذلك، فدنا الشيخ، فقبّل يده دفعات، فجذبه إليه سيف الدولة، وشاوره «1» بشيء، فضحك الشيخ وقال: إي والله، إي والله، أيّها الأمير. قال: فاستدعى خادم حرمه، وسارّه بشيء. وانصرف الشيخ إلى الدار التي أخليت له، وقال له: أقم فيها، إلى أن أنظر في أمرك، وتخرج إلى عيالك. قال: فسألت عما سارّه خادم حرمه، فقال: أخرج إليه جارية من وصائف أخته، في نهاية الحسن، بثياب، وزيّ، تزيد قيمتها على عشرة آلاف درهم. فحملت إليه. قال: فقمت قائما، وقلت: والله، أيّها الأمير، ما سمع بهذا الفعل، عن البرامكة ولا غيرها. فقال: دعني من هذا، ما معنى [152] قولك لأبي إسحاق بن شهرام، لا تورد عليه هذا، عقيب اليأس، فتنشقّ مرارته؟ فقلت: كنت منذ ساعة، عند أبي محمد الصلحيّ، وأبي الحسن «2» المغربيّ، فجرى كذا وكذا، وقصصت عليه القصّة، وانصرف هذا الشيخ، أخزى منصرف، ثم جاء بنفسه، فعامله مولانا، بمثل هذا الفعل العظيم، فخفت [أن] يعرّفه فجأة، فتنشق مرارته. فقال: هاتم الساعة، الصلحيّ، والمغربيّ، فجاء أحدهما قبل الآخر،

فجلس، ولم يخاطبه حتى حضر الآخر، ثم أقبل عليهما، فقال: ويحكما، أخبراني، ألم أحسن إليكما، وأصطنعكما، وأنوّه بكما، وأسن أرزاقكما، وأعل مرتبتكما، وأخفّف الخدمة عليكما، وأتناه بجهدي، في قضاء حقوقكما؟ فأخذا يشكرانه. فقال: ما أريد هذا، إمّا أن تقولا: نعم، أو لا. فقالا: بلى، والله، وزيادة. قال: فمن حقّي عليكما، ومكافاة هذا، وشكره، أن تقطعا عنّي رجاء الناس؛ وتصدّانهم عن أملي، وتؤيسانهم من [153] برّي، وتنسباني عندهم إلى الضجر برقاع المؤمّلين، والبخل على المستحقين؟. ما كان عليكما، لو أخذتما رقعة الرجل، فإن أجرى الله على يدي خيرا، كنتما فيه شريكين، وإن ضجرت، كان الضجر إليّ منسوبا، وأنتما منه بريئان، وقد قضيتما حقّ قصد الرجل لكما، فلا حقّه قضيتما، ولا حقّ الله عزّ وجلّ، فيما أخذه على عباده من بذل الجاه، ولا حقّ إنعامي. قال: وأسرف في لومهما، وتوبيخهما، حتى كأنّهما قد جنيا أعظم جناية. قال: فأقبلا يعتذران، ويحلفان أنّهما ما أرادا إلّا التخفيف عنه بقراءة شيء طويل، وأرادا أن يخفّف الرجل الرقعة، فتخف قراءتها، وتكون أنجع لحاجته، وإنّهما ما قدّرا أنّه قد أيس، وانصرف مغموما، ولو علما بذلك، لقصداه، حتى يرتجعا رقعته، ويوصلانها. قال: فأقبلت الجماعة تدعو له، وتحلف، أنّ هذا التأديب، والتفضّل، والنيّة في الجود والكرم، أحسن من الفعل الذي عمله مع الرجل، على عظم حسنه، وأنّه ليس على [154] وجه الأرض من يعمله غيرك.

122 الوزير حامد بن العباس يعذب المحسن بن الفرات

122 الوزير حامد بن العباس يعذّب المحسّن بن الفرات حدّثنا أبو الحسين الحارثيّ النهرسابسيّ «1» ، قال: حدّثني شيخ من شيوخنا: إنّ أبا جعفر بن الشلمغانيّ «2» ، كان في نهاية الاختصاص بحامد بن العبّاس «3» ، فلما وزّر اجتذبه معه إلى بغداد، وكان يدخله في آرائه، ويشاوره في مهمّاته، ويوسّطه في كبار الأمور. قال: فلما جرى من حامد على المحسّن بن الفرات «4» ، تلك القضيّة الشديدة «5» ، كتب إلى ابن الشلمغانيّ، يسأله، مسألة حامد الرفق به،

والتقدّم إلى المستخرج «1» بالتوقّف عن ضربه، وإذلاله، ليؤدّي على مهل. فتكفّل ابن الشلمغانيّ بأمره، وخاطب حامد بن العباس في ذلك، فردّه، فعاوده في مجلس حافل، ولجّ حامد، ولجّ ابن الشلمغانيّ، إلى أن قال حامد هاتم «2» المحسّن، ابن كذا وكذا، وهاتم الغلمان والمقارع. قال: فقبّل ابن الشلمغانيّ يده، فلم يقنع، وحلف أنّه لا بدّ أن يصفعه، ويضربه في ذلك المجلس، وتوجّه الغلمان ليجيئوا به. فلما عادوا، ومعهم المحسّن، قام ابن الشلمغانيّ، من قبل [155] أن يدخل المحسّن، وانصرف، فاستشاط حامد، وجنّ، وكاد أن يقبض على ابن الشلمغاني، ويوقع به، ثم استرجع، وأخرج غيظه على المحسّن، وصفعه الصفع المشهور، الذي كان سبب قتل المحسّن له «3» ، لما ولي أبوه الوزارة الثالثة. قال: ونهض ابن الشلمغاني، فدخل إلى دار حجبة حامد، مغموما، وأخذ يشكو ما يجده إلى الحاجب، ويتشاكيان، ويقول: هذا الرجل يريد أن يقتلنا كلّنا بعده، وأن لا يبقي لنا باقية، يا قوم، أيّ شيء يعمل بنفسه؟ قال: فهو كذلك، إذ دعا حامد بحاجبه، وقد قام عن مجلسه، وردّ حامد المحسّن إلى محبسه بعد ما جرى، وقال للحاجب: ويحك، أين ابن الشلمغانيّ؟ فقال: عندي في الحجرة. قال: فما قال؟ قال: لم يقل شيئا.

فأمسك كالخجل، ثم قال: هاته. فلما جاء، قال: يا أبا جعفر، من حقّ مودّتي لك، أن تتوافى لأعدائي، وتقوم عن مجلسي، إذا رأيتني أوقع بأعدائي؟ فقال: ننصف؟ أو نقول: صدق الأمير؟ قال: أسمع وأنصف. قال: أيّها [156] الوزير، هذا رجل سألتك فيه، فاعمل «1» أنّه كان بقّالا، لابن وزير أنت تعلم حالته، وقديم رياسته، فما كان يحسن أن تردّني فيه، ولا إن رددتني، أن تسومني الجلوس، وحضور عذاب من شفعت فيه، ثم أنت تعلم، أنّ الأيّام دول، وأنّ لهذا الفعل عاقبة، يكفيك الله إيّاها، فأيّ شيء يضرّك من سلامة مهجتي، في حال العافية، وإفلات نعمتي من شرّ هؤلاء؟ وأن يقولوا غدا: داهننا، ولم يشفع لنا، ولو كان نصحنا ما خالفه الوزير، مع ما بينهما، وما قعد ليشاهد صفعنا، إلّا تشفّيا منا، وأيّ شيء أحسن بك من أن تنسب حاشيتك، ومن اخترته لمودتك وأنسك، إلى الخير، وبعدهم من الشرّ، فيقال: إنّه لو لم يكن خيّرا، لما استصحب الأخيار، وإنّما يحمله على ما فعله، الغضب، والحاجة إلى المال، وإلّا فالخير طبعه، والغالب عليه، ولا يقال: إنّه شرير جمع الأشرار حواليه، واعلم أنّي [157] ما قمت من مجلسك، إلّا وقد وضعت في نفسي، أنّك تنكبني، وعلمت أنّي قد أسأت أدبي، وأنّي غير آمن من عجلتك في نكبتي، ولكن قلت: أكون على حقّ، ومتمسّكا بحجّة وحزم، وإن جنى عليّ، وإن سلمت، فبفضل الله، وإن هلكت فالله يخلّصني. قال: فخجل حامد، واعتذر إليه وقال: اخرج الآن، وخذ بيد المحسّن، وتوسّط أمره، وخفّف محنته.

123 من شعر المهلبي الوزير

123 من شعر المهلبي الوزير وجدت بخطّ المهلّبي الوزير «1» ، كتابا إلى أبي سلمة، أهداه إليّ، وقال: هذا كتابه إليّ، وهو بالخطّ الذي أعرفه، وفيه لنفسه: وصل الكتاب طليعة الوصل ... بغرائب الأفضال والفضل فشكرته شكر الفقير إذا ... أغناه ربّ المال بالبذل وحفظته حفظ الأسير إذا ... ورد الأمان له من القتل ووجدت بخطّ أبي محمد، كتابا، إلى أبي القاسم بن بلبل، كتب إليه به، وهو صغير الحال جدّا، وفيه: طلع الفجر من كتابك عندي ... فمتى باللقاء يبدو الصباح [158] ذاك إن تمّ لي فقد عذب العيش ... ونيل المنى وريش الجناح وله إلى غيره: جاد لي بالعتاق «2» من صرف دهري ... بكتاب يسرّني أو رسول فعلى قدر ما تكلّف من وصلي ... لعلمي بقطعه للوصول أشكر البذل من جواد وأزداد ... إذا البذل جاءني من بخيل وله أيضا: أمثلي يا أخي وشقيق روحي ... يفارق عهده عند الفراق

ويسلو سلوة من بعد بعد ... وينسبه الشقيق إلى الشقاق وأقسم بالعناق، وتلك أوفى ... وأشفي من يميني بالعتاق لقد ألصقت بي ظنّا ظنينا ... تجافى جانباه عن التصاق وله أيضا: فديت أخا يواصلني بكتب ... أسرّ من البشارة حين تاتي [159] أخ لم يرض لي بالوصل حتى ... حباني بالبقيّة «1» من حياتي وله أيضا: ورد الكتاب فديته من وارد ... فيه لقلبي من حياتي مورد فرأيته كالدرّ نضّد عقده ... في كلّ فصل منه، فصل مفرد

124 قال الخليفة المقتدر

124 قال الخليفة المقتدر ما ظننت أنّ في الدنيا من يأكل طعاما بلا حلوى بعده حدّثنا أبو منصور القشوري، وكان من الجند المولّدين، قال: كنت أخدم وأنا حدث، في دار نصر القشوري «1» ، المرسومة بالحجبة من دار المقتدر بالله «2» . فركب المقتدر بالله يوما، على غفلة، وعبر إلى بستان الخلافة، المعروف بالزبيدية، وأنا مشاهد لذلك، في نفر من الخدم والغلمان، وتشاغل أصحاب الموائد، والطبّاخون، بحمل الآلات، والطعام، وتعبيتها في الجون «3» ، فانفلّت «4» ، وأعجل هو في طلب الطعام، فقيل له: لم يحمل بعد. فقال: انظروا ما كان. فخرج الخدم، محتارين، ليس يجسروا يعودوا، فيقولوا ما جا شي «5» [160] ، وهم يتشاورون فيما يفعلونه.

فسمعهم جعفر، ملّاح طيّار المقتدر، الرئيس على الملاحين الذين برسم الخدمة، فنادى عليهم، وقال: معي طعام. قال: فهاتم ما معه. فأخرج من تحت الطيّار، جونة مليحة، خيازر «1» ، لطيفة، فيها جدي بارد «2» ، وسكباج مبرّد «3» ، وبزماورد «4» ، وإدام «5» ، وقطعة مالح ممقور «6» طيّبة، وأرغفة سميذ جيّدة «7» ، وكل ذلك نظيف، وإذا هي جونة تعمل له في منزله، في كلّ يوم، وتحمل إليه، فيأكلها في موضعه في الطيّار، ويلازم الخدمة. فلمّا حملت إلى المقتدر، استنظفها، وأكل منها، واستطاب المالح، والإدام، فكان أكثر أكله منه. ولحقته الأطعمة من مطبخه، فقال: ما آكل اليوم، إلّا من طعام جعفر الملّاح، فأتمّ أكله منه، وأمر بتفريق الطعام على من حضر. ثم قال: قولوا له: هات الحلوى. فقال: نحن لا نعرف الحلوى. فقال المقتدر: ما ظننت أنّ في الدنيا من يأكل طعاما، بلا حلوى بعده.

فقال الملّاح: حلوانا [161] التمر، والكسب «1» ، فإن تنشط له أحضرته. قال: لا، هذا حلو صعب، لا أطيقه، فاحضروا من حلوانا. فأحضرت عدّة جامات، فأكل، وجلس للشرب. ثم قال لصاحب المائدة: اعمل في كلّ يوم جونة، تنفق عليها، ما بين عشرة دنانير، إلى مائتي درهم، وسلّمها إلى جعفر الملّاح، تكون برسم الطيّار أبدا، فإن ركبت يوما على غفلة، كما ركبت اليوم، كانت معدّة، وإن حان المغرب، ولم أركب، كانت لجعفر. فعملت، إلى أن قتل المقتدر، وكان جعفر يأخذها، وربما حاسب عليها الأيّام، وأخذها دراهم. وما ركب المقتدر بعدها، على غفلة، ولا احتاج إليها.

125 الخليفة المعتضد يأمر بصنع جزورية

125 الخليفة المعتضد يأمر بصنع جزورية ويشبه هذا، ما بلغني عن المعتضد، أنّه طلب يوما لونا من طعام، فقيل له: ما عمل اليوم. فأنكر ذلك، وقال: يجب أن لا يخلو المطبخ من كلّ شيء، حتى إذا طلب لم يتعذّر. ووقّع إلى ديوان النفقات بإقامة ذلك اللون، إلى أن يرد التوقيع بقطعه، فكان يصلح، وينفق عليه دراهم [162] كثيرة، ولا يحضر المائدة، توقّعا أن يطلبه، فيقدّم عند الطلب، كما رسم. فمضى على ذلك سنة، ولم يطلبه. ثم رفعت إليه حسبة «1» ، وكان يقف بنفسه على حسباناته، فرأى ما أنفق على ذلك اللون في طول السنة، فاستهوله، وقال: أستغفر الله، ينفق لي من مال المسلمين، على لون لم آكله، هذا كلّه، إنّ هذا لعين السرف، اقطعوا عمله، ولا تقع معاودة لمثل هذا، في هذا ولا في غيره. وقالوا: كان اللون جزوريّة، فكان يذبح له الطبّاخ في كل يوم قلوصا «2» ، فلذلك عظمت النفقة. وقالوا: بقريّة، فكان يذبح في كل يوم عجلا.

وقالوا: مضيرة» بفراريج، كلّ ذلك سمعته «2» .

126 اللهم أنقذنا من ذل الطمع

126 اللهم أنقذنا من ذلّ الطمع حدّثنا أبو إسحاق، إبراهيم بن [أحمد بن] محمد بن أحمد، الشاهد، المعروف بالطبريّ «1» ، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن صالح الأبهري «2» ، الفقيه المالكي، وهو باق إلى الآن «3» ، ومحلّه مشهور في الورع والعلم، قال: رأيت في المنام، رجلا من الزهّاد، ذكره لي، وكأنّي [163] أطلبه، فخرج عليّ، من بين نخل، وعليه فوطتان، متّزر بإحداهما، متّشح بالأخرى، كأنّه سنديّ «4» . فقلت له: قل لي شيئا، أو عظني بشيء. فقال: قل: اللهم قصّر أملي، وحسّن عملي، واستنقذني من ذلّ الطمع.

127 آلى على نفسه أن لا يأكل لحم فيل أبدا

127 آلى على نفسه أن لا يأكل لحم فيل أبدا وحدّثنا «1» ، قال «2» : حدّثنا جعفر الخلدي «3» ، قال: حدثني الخوّاص الصوفيّ «4» ، قال: ركبت في البحر، مع جماعة من الصوفيّة، فلمّا أوغلنا فيه كسر بنا، وركبنا خشبا من خشب المركب، ونجا منّا جماعة، فوقعنا إلى ساحل لا ندري أين هو، ولا ما هو، فأقمنا فيه أيّاما، لا نجد ما نقتاته، وأحسسنا بالهلاك. فاجتمعنا، وقال بعضنا لبعض: تعالوا حتى نجعل لله عز وجل، على أنفسنا، إن هو خلّصنا من هذا المكان، وأحيانا، أن ندع له شيئا. فقال بعضنا: لا أفطر الدهر. وقال بعضنا: أصلّي كلّ يوم كذا وكذا ركعة. وقال بعضنا: أدع الكذب. إلى أن قال كلّ واحد من الجماعة شيئا، وقالوا لي: ما تقول أنت؟ فقلت: لا آكل لحم فيل أبدا [164] .

فقالوا: ما هذا الهزل في مثل هذا الموضع؟ فقلت: والله، ما تعمّدت الهزل، ولكني منذ بدأتم، أعرض على نفسي شيئا، أدعه لله عزّ وجلّ، فلا تطاوعني نفسي، إلى غير هذا الذي لفظت به، وما قلت إلا ما اعتقدته. فقالوا: لعلّ لهذا أمرا. وتفرّقنا بعد ساعة، نطوف تلك الأرض، نطلب شيئا للأكل، فوقعنا على فرخ فيل، في نهاية السمن، فأخذه أصحابنا، واحتالوا فيه، حتى ذبحوه، وشووه. وقالوا: تقدّم، فكل. فقلت: منذ ساعة، تركته لله عزّ وجلّ، ولعلّ ذلك الذي جرى على لساني من ذكره، إنّما هو سبب موتي، لأنّي لم آكل منذ أيّام شيئا، ولا أطمع في شيء آخر آكله، وما يراني الله انقض عهده، فكلوا، واعتزلتهم. فأكلوا، وشبعوا، وعاشوا «1» ، وأقبل الليل، فتفرّقوا في مواضعهم التي كانوا يبيتون فيها، وأويت إلى أصل شجرة، كنت أبيت عندها. فلم يكن إلّا ساعة، وإذا بفيل، أقبل من الموضع الذي استخرجنا منه الفرخ [165] ، وهو ينعر، والصحراء قد امتلأت بنعيره، وشدّة وطأته، وهو يطلبنا. فقال بعضنا لبعض: قد حضر الأجل، فاستسلموا، وطرحوا أنفسهم إلى الأرض، على وجوههم. فجاء الفيل، وجعل يقصد واحدا واحدا، فيشمّه من أوّل جسده، إلى

آخره، فإذا لم يبق منه موضع إلّا شمّه، شال إحدى قوائمه، فوضعها على الرجل، حتى يفسّخه، فإذا علم أنّه قد تلف، شال قائمته، وقصد الآخر، ففعل به، مثل فعله بالأوّل. وظلّ على هذا، إلى أن لم يبق غيري، وأنا جالس منتصب، أشاهد ما يجري، وأدعو، وأستغفر، ما طرحت نفسي، ولا هربت، إلى أن قصدني، فحين قرب مني، طرحت نفسي على ظهري، فجاء حتى تشمّمني من سائر أعضائي، أو أكثرها، كما فعل بأصحابي، ثم أعاد تشمّمي مرتين، أو ثلاثا، ولم يكن فعل ذلك بهم، ثم لفّ خرطومه عليّ، وشالني في الهواء، فقلت: هذه قتلة أخرى، يريد أن يقتلني بها، فما نحّى خرطومه عنّي، حتى جعلني فوق ظهره، فانتصبت جالسا، وحفظت [166] نفسي، وحمدت الله سبحانه على تأخرّ القتل، وجعلت أعجب مرّة، وأتوقّع القتل أخرى، والفيل يهرول، ويسرع، إلى أن أضاء الفجر، فوقف، وأصعد خرطومه إليّ، فقلت: حضر الأجل، فلفّه عليّ، وأنزلني على رفق إلى الأرض، وتركني عليها، وجعل يسعى في الطريق التي جاء منها، وأنا لا أصدّق. فلما بعد عني، حتى لم أره، أقبلت أدعو وأصلّي، وتأمّلت موضعي، وإذا أنا على محجّة، فمشيت عليها نحو فرسخين، فإذا بلد عظيم، قد لاح لي، فقصدته، ودخلته، فإذا هو بلد من بلدان الهند عظيم، وذكر اسمه. قال: فعجب أهله منّي، وسألوني عن قصّتي، فأخبرتهم بها، فزعموا أنّ الفيل، قد سار في هذه اللّيلة الواحدة، مسيرة أيّام. وتسبّبت إلى الخروج من عندهم، والنقلة من بلد إلى بلد، حتى حصلت في بلدي سالما.

128 يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه

128 يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه قال «1» : حدّثني جعفر «2» ، قال: ودّعت في بعض حجاتي، المزيّن الكبير الصوفيّ «3» ، وقلت له: زوّدني شيئا. فقال: إن ضاع [167] منك شيء، وأردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان، فقل: «يا جامع النّاس ليوم لا ريب فيه، إنّ الله لا يخلف الميعاد، اجمع بيني وبين كذا» ، فإن الله يجمع بينك وبين ذلك الشيء، أو ذلك الإنسان «4» .

129 طلسم لإزالة الغم

129 طلسم لإزالة الغم قال «1» : فجئت إلى الكتّاني الكبير «2» الصوفيّ، فودّعته، وقلت له: زوّدني شيئا، فأعطاني فصّا عليه نقش كأنّه طلسم، وقال: إذا اغتممت فانظر إلى هذا، فإنّ غمّك يزول. قال: وانصرفت، فما دعوت الله بتلك الدعوة في شيء، إلّا استجيبت، ولا رأيت الفصّ، وقد اغتممت، إلّا وزال غمّي. فأنا ذات يوم أعبر، قد توجّهت إلى الجانب الشرقيّ من بغداد، حتى هاجت ريح عظيمة، وأنا في السميريّة، والفصّ في جيبي، فأخرجته لأنظر إليه، فلا أدري كيف ذهب مني، في الماء، أو في السفينة، أو [في] ثيابي. فاغتممت غمّا عظيما، فدعوت الله تعالى، وعبرت، وما زلت أدعو الله تعالى بها يومي وليلتي، ومن غد، وأيّاما. فلما كان بعد ذلك، أخرجت [168] صندوقا فيه ثيابي، لألبس شيئا منها، ففرّغت الصندوق، فإذا أنا بالفصّ، في أسفل الصندوق. فأخذته، وشكرت الله عزّ وجلّ «3» .

130 رقية تنفع من لسعة العقرب

130 رقية تنفع من لسعة العقرب وحدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف بن البهلول التنوخيّ «1» ، قال: حدّثني أحمد بن الطيّب «2» ، قال: كنت بحضرة المعتضد «3» ، فجاء رجل يصيح بالباب: نصيحة، فأخبر بذلك، فقال: اخرجوا إليه، وقولوا له يذكرها. فعادوا، وقالوا: قد قال: لا أذكرها إلّا لأمير المؤمنين. فقال: قولوا له: إن لم تكن نصيحة، بالغت في عقوبتك، فخرجوا، وعادوا، فقالوا: قد قال: رضيت. فأدخل، وأنا حاضر، فسلّم على الخليفة. فقال: ما نصيحتك؟ فقال: رقية وقعت إليّ، تحبس السمّ عن الملسوع، في الحال. فقال المعتضد: هاتوا عقربا. قال: فكأنّها كانت معدّة، فأتي بها في أسرع وقت، فأومى إلى الخادم بحضرته، فطرحت عليه، فلسعته، فصاح. فقال له الرجل: أرني موضع اللسعة، فأراه، فأخرج [169] حديدة، لا حدّ لها، وجعل يمسح بها من أعلى موضع اللسعة والسمّ، إلى أسفل، ويقول:

«بسم الله، أوم سرا، ومربهل، بني تعبه، كرواري، أنهج أنهج، بهشتن، يهوذا، له مهر، أستروم، لوبه، قرقر، سعلهه» . ويكرّر ذلك دفعات، إلى أن قال الخادم، قد سكن الوجع عن يدي كليّة، إلّا موضع اللسعة، فإنّي أحسّ منه ببقيّة. قال: أعطوني إبرة. فجاءوه بها، ففتح الموضع، فخرج منه شيء أصفر، وقام الخادم معافى. فأمر المعتضد، فكتبت الرقية، وخلّدت [في] الخزانة. وأمر للرجل بجائزة سنيّة «1» .

131 والرقية تنفع أيضا في لسعة الزنبور

131 والرقية تنفع أيضا في لسعة الزنبور قال لي أبو الحسن «1» ؛ وقد جرّبت «2» ، على الزنبور، فصحّت، وسبيلها أن تجرّب على الحيّة، لأنّ قوله: تحبس السمّ، يدخل كلّ ذلك تحته. وأنا «3» رأيت أحمد بن يوسف، يرقي بهذه الرقية، على هذا الموضع، فيقوم الملسوع من بين يديه، يمشي وهو معافى. حدّثني أبو الفرج، المعافى بن زكريا «4» ، الفقيه على مذهب أبي جعفر الطبريّ، أحد خلفاء قاضي القضاة [170] على بعض السواد، قال: حدّثني أبو طالب بن البهلول القاضي «5» ، عن رجل، عن ابن الطيّب «6» ، بهذه الحكاية، هذا وأنسي أبو الفرج اسم الرجل، ولا أشك- والله أعلم- أنّه أبو أحمد الرازيّ. هذه الحكاية منتشرة جدا في آل البهلول، عن هذا الرجل، عن ابن الطيّب، وجميعهم يرقي بها، وينقلها قولا وعملا.

132 لأبي الحسن بن المنجم، يعاتب صديقا له

132 لأبي الحسن بن المنجم، يعاتب صديقا له أنشدني أبو الحسن، عليّ بن هارون بن يحيى بن المنجّم «1» لنفسه، وكتب بها إلى عليّ بن هارون بن خلف بن طناب «2» ، في غيبة كان غابها، وتأخرت عنه كتبه، وفيه صنعة لأبي الحسن بن طرخان «3» : بيني وبين الدهر فيك عتاب ... سيطول إن لم يمحه الإعتاب يا غائبا بوصاله وكتابه ... هل يرتجى من غيبتيك إياب ما غاب من لم ينأ صفو وداده ... والحاضرون وإن دنوا غيّاب [171] لولا التعلّل بالرجاء تقطّعت ... نفس عليك شعارها الأوصاب لا يأس من روح الإله فإنّه ... يصل القطوع فيقدم الغيّاب فإذا دنوت مواصلا فهو المنى ... سعد المحب وساعد الأحباب وإذا نأيت فليس لي متعلّل ... إلّا رسول بالرضا وكتاب

133 لأبي الفتح بن المنجم في الغزل

133 لأبي الفتح بن المنجم في الغزل أنشدني أبو الفتح، أحمد بن عليّ بن يحيى بن المنجّم «1» ، لنفسه، والقافية في الأبيات كلّها لفظة واحدة، باختلاف المعنى: سيّدي أنت ومن عادته ... باعتداء أو بجور جاريه وهذه الأبيات قد مضت في غير هذا الجزء من الكتاب «2» .

134 لأبي أحمد بن سليمان متغزلا

134 لأبي أحمد بن سليمان متغزلا أنشدني الأستاذ أبو أحمد الحسين بن محمد بن سليمان «1» ، لنفسه: أيا من قدّه ألف ... ويا من صدغه لام [172] لقد أكثرت لوّامي ... ولو أنصفت ما لاموا

135 أشهدوا العدول على الخليفة المطيع لما خلع نفسه

135 أشهدوا العدول على الخليفة المطيع لمّا خلع نفسه وأخبرني شاهد من الشهود المقبولين ببغداد، وسألني أن لا أذكر اسمه وهو حيّ، فلذلك لم أسمّه، قال: كنت أحد الشهود الأربعة، الذين أدخلوا مع قاضي القضاة، أبي محمد «1» ، وهو إذ ذاك، غير متقلّد شيئا من الأعمال «2» ، ومعنا أبو بكر الأصبهاني، صاحب سبكتكين التركيّ «3» ، مولى معزّ الدولة، لما وثب على الأمر، وتسمى بالإمارة «4» .

فأدخلونا، وليس معنا سابع، حتى شهدنا على المطيع لله «1» ، بأنّه قد خلع نفسه «2» ، وقرأنا عليه رقعة الخلع «3» ، وقرّرناه بما فيها، وخرجنا. فأدخلنا إلى دار أخرى، من دور الخلافة، حتى حصلنا بحضرة الأمير أبي بكر عبد الكريم «4» بن المطيع، فبايعناه بالخلافة، وسلّمنا عليه بها، وخرجنا، فجلسنا في مجلس قريب من مجلسه، لنوقّع خطوطنا بالشهادة في كتاب الخلع «5» . قال: واستسقى أمير المؤمنين الطائع، ماء، فجاء بعض الخدم، بكوز فيه [173] ماء، فشرب، وخرج، فرأيت الكوز، وكنت عطشانا، فقلت له: يا أستاذ، اسقني، فجاءني بماء في ذلك الكوز بعينه، فشربت منه. وكتبنا خطوطنا، وخرجنا.

136 الأمير الراسبي يأمر بقتل أحد المجرمين على مائدته

136 الأمير الراسبي يأمر بقتل أحد المجرمين على مائدته كان أبو محمد المهلّبي، يكثر الحديث على طعامه، ويكون أطيب الحديث، وأكثره مذاكرة بالأدب، وضروب الحديث، على المائدة، لكثرة من يجمعهم عليها من العلماء والكتاب والندماء، وكنت كثيرا ما أحضر. فقدّم إليه في بعض الأيّام طيهوج «1» ، فقال: أذكرني هذا، حديثا طريفا. فسئل: ما هو؟ فقال: أخبرني بعض من كان يعاشر الراسبيّ الأمير «2» ، قال: كنت آكل معه يوما، وعلى المائدة خلق عظيم، فيهم رجل من رؤساء الأكراد المجاورين لعمله، وكان ممّن يقطع الطريق، فاستأمن إليه، فأمّنه، واختصّه، وطالت أيّامه معه. فكان في ذلك اليوم على مائدته، إذ قدّم حجل، فألقى الراسبيّ منه

واحدة إلى الكرديّ، كما يلاطف الرؤساء مواكليهم [174] ، فأخذها الكرديّ، وجعل يضحك. فتعجّب الراسبيّ من ذلك، وقال: ما سبب هذا الضحك؟ وما نرى ما يوجبه. فقال: خبر كان لي. فقال: أخبرني به. فقال: شيء طريف، ذكرته، لمّا رأيت هذه الحجلة. قال: ما هو؟ فقال: كنت أيّام قطعي الطريق، وقد اجتزت في بعض المحجّة. الفلانيّة، في الجبل الفلاني، وأنا وحدي، في طلب من آخذ ثيابه، حتى استقبلني رجل وحده، فاعترضته، وصحت عليه، فاستسلم إليّ، ووقف، فأخذت ما كان معه، وطالبته أن يتعرّى، ففعل، ومضى لينصرف. فخفت أن يلقاه في الطريق، من يستنفره على طلبي، فأطلب، وأنا وحدي، فأؤخذ، فقبضت عليه، وعلوته بالسيف، لأقتله. فقال: يا هذا، أيّ شيء بيني وبينك، قد أخذت ثيابي، وعرّيتني، ولا فائدة لك في قتلي. فكتّفته، ولم ألتفت إلى قوله، وأقبلت أقنّعه «1» بالسيف. فتلفّت، كأنّه يطلب شيئا، فرأى حجلة قائمة، وهي على الجبل، فقال: يا حجلة، اشهدي لي [175] عند الله تعالى أنّي أقتل مظلوما. فما زلت أضربه، حتى قتلته، وسرت، فما ذكرت هذا الحديث، حتى رأيت هذه الحجلة، فذكرت حماقة ذلك الرجل، فضحكت.

قال: فانقلبت عين الراسبي حردا «1» ، وقال: لا جرم إنّ شهادة الحجلة عليك لا تضيع اليوم، في الدنيا قبل الآخرة، وما أمنتك إلّا على ما كان منك من فساد السبيل، فأمّا الدماء، فما أسقطها الله عنك بالأمان، وقد أجرى الله على لسانك الإقرار عندي، يا غلام، اضرب عنقه. قال: فبادر الغلام إليه، وغيره، بسيوفهم يخبطونه، وضرب كل واحد منهم قفاه، فكأنّ رأسه قثّاءة قطعت نصفين. فتدحرج رأسه بين أيدينا، ونحن على المائدة، وجرّت جثته. ومضى الراسبي في الأكل.

137 رقعة إلى رجل تزوجت أمه

137 رقعة إلى رجل تزوجت أمه أملى عليّ أبو إسحاق، إبراهيم بن هلال الكاتب، الصابئ «1» ، نسخة رقعة إلى رجل زوّج أمّه، كتبها إليه: قد جعلك الله، وله الحمد، من أهل التحصيل، والرأي الأصيل، وصحة الدين، وخلوص اليقين، كما أنّك لا [176] تتّبع الشهوة في محظور تحلّه، فكذلك لا تطيع الأنفة في مباح تحظره، وتأدّى إلينا من إيقاعك العقد، بين الوالدة- نفّس الله لها في مدّتك- وبين فلان، ما علمنا أنّك بين طاعة للديانة توخّيتها، ومشقّة فيها تجشّمتها، فإنّك جدعت أنف الغيرة لها، وأضرعت خدّ الحميّة فيها، وأسخطت نفسك لرضاها، وعصيت هواك لرأيها، فنحن نهنّئك بعزيمة صبرك، ونعزّيك عن فائت مرادك، ونسأل الله الخيرة لك، وأن يجعلها أبدا معك، فيما شئت وأبيت، وتجنّبت وأتيت، والسلام.

138 رقعة الصابي إلى الوزير ابن بقية

138 رقعة الصابي إلى الوزير ابن بقية وأنشدني «1» لنفسه، قال: وكتبت بها وأنفذتها إلى [الوزير ابن بقيّة وهو في] «2» حضرة الأمير «3» ، [وقد كان] وعدني بتخليصي «4» ، فأخّر ذلك «5» : أيا ناصرا للدين والدولة التي ... رددت إليها العزّ إذ فات ردّه أيعجزك استخلاص عبدك بعد ما ... تخلّصت مولاك الذي أنت عبده «6»

139 تملكت يا مهجتي مهجتي

139 تملّكت يا مهجتي مهجتي أنشدني رجل مصريّ، قال: أنشدني أبو الفتح الكاتب «1» ابن [177] البكتمري، رجل باق بالشام، من أهلها، لنفسه: تملّكت يا مهجتي مهجتي ... وأسهرت يا ناظري ناظري وما كان ذا أملي يا ملول ... ولا خطر الهجر في خاطري وفيك تعلّمت نظم الكلام ... فلقّبني الناس بالشاعر 140 لا فكك الله أنشدني ابن غسّان المتطبّب البصريّ «2» : أفدي من السوء مولى بات معتنقي ... وقد أمال إليّ طائعا فاه وكلما قلت يا مولاي أوثقني ... لك الهوى قال لي: لا فكّك الله

141 كيف كان الأبزاعجي صاحب شرطة بغداد يحقق مع المتهمين

141 كيف كان الأبزاعجي صاحب شرطة بغداد يحقّق مع المتّهمين حدّثني أبو القاسم بهلول بن أبي طالب القاضي وهو محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ، قال: حدّثني صاحب الربع، بباب الشام «1» ، وأسماه لي، قال: كنت أعمل في أصحاب الشرط، مع أبي الحسن الأبزاعجيّ، صاحب الشرطة ببغداد «2» ، فأخرج لصوصا من الحبس، واستأذن معزّ الدولة في صلبهم، وقتلهم عند الجسر، فأذن في صلبهم عشيّا، وكانوا [178] عشرين رجلا، ووكّل بهم جماعة كنت فيهم، والرئيس علينا فلان. وقال: كونوا عند خشبهم بقيّة يومكم وليلتكم، حتى إذا كان من غد، ضربت أعناقهم هنا. وقضينا الليل نوما، فثقل رئيسنا في نومه، وجماعتنا. فاحتال بعض اللصوص، في أن قطع الحبل، ونزل من الخشبة، فما انتبهنا، إلّا بصوت وقعه، وعدوه. فعدا رئيسنا خلفه، وأنا معه، فما لحقناه.

وخفنا أن يتشوّش الرجّالة الباقون، فيفلت إنسان آخر، فرجعنا مسرعين، وجلسنا مغمومين، مفكّرين ماذا نعمل. فقال رئيسنا: إنّ الأبزاعجيّ لا يقيل لي عثرة، ولا يقبل مني عذرا، ويقع له أنّني قد أخذت من أحد اللصوص مالا وأفلتّه، فيضربني للتقرير، فلا أقرّ، فيقع له، أنّني أتجلّد عليه، فيمرّ الضرب عليّ، إلى أن أتلف، فما الرأي؟ فقلت: تهرب. قال: فمن أين أعيش؟ فقلت: هذا نصف اللّيل، ولم يعلم بما جرى أحد، فقم حتى نطوف، فلا يخلو أن يقع بأيدينا مشؤوم، قد حانت منيّته، فنوثقه، ونصلبه، ونقول له: سلّمت إلينا [179] عشرين رجلا، فإنّه ما أثبت حلاهم «1» . فقال: هذا صواب. فقمنا نطوف، وسلكنا طريق الجسر، لنعبر [إلى] الجانب الغربيّ، فرأينا في أسفل كرسيّ الجسر رجلا يبول، فعدلنا إليه، فقبضنا عليه. فصاح: يا قوم ما لكم؟ أنا رجل ملّاح، صعدت من سميريّتي أبول، وهذه سميريّتي- وأومأ إليها- أيّ شيء بيني وبينكم؟ فضربناه، وقلنا: أنت اللّص الذي هرب من الخشبة، وجبناه «2» ، ورقيناه إلى الخشبة، وصلبناه مكان اللّص الهارب، وهو يصيح طول الليل، ويبكي. فتقطّعت قلوبنا رحمة له، وقلنا: مظلوم، ولكن ما الحيلة؟

فلما كان من الغد، ركب الأبزاعجي إلى الحبس، وجاء، وقد اجتمع الناس، ليضرب أعناق القوم. فصاح به الملّاح: أيّها الأستاذ- وكذا كان يخاطب، وهو رسم لكلّ من يتقلّد رئاسة الشرطة ببغداد- بوقوفك بين يدي الله، أدعني، واسمع منّي كلامي، فلست من اللصوص الذين أخرجتهم، وأمرت بصلبهم، وأنا مظلوم، وقد وقعت بي حيلة. فأنزله، وقال له: ما قصّتك؟ فشرح [180] له حديثه على حقيقته. فدعا بنا، وقال: ما هذا الرجل؟ فقلنا: ما نعرف ما يقول، سلّمت إلينا عشرين رجلا، وهؤلاء عشرون رجلا. فقال: قد أخذتم من أحد اللصوص دراهم، وأطلقتموه، واعترضتم هذا، من الطريق، رجلا، غريبا، بريئا، فأخذتموه. فقلنا: ما فعلنا هذا، اللصّ الذي سلّمته إلينا، هو هذا. فضرب أعناق الجماعة، وترك الملّاح، وقال: هاتم السجّانين، والبوّابين. فجاءوا، فقال لهم: هذا من جملة العشرين الذين أخذناهم؟ فتأمّلوه، بأجمعهم، وقالوا: لا. ففكّر ساعة، ثم أمر بإطلاقه. ثم قال: هاتموه إليّ، فرددناه. فقال: اشرح لي قصّتك، فأعاد عليه الحديث. فقال له: في نصف الليل، أيّ شيء كنت تعمل هناك، في ذلك الموضع؟

فقال: كنت قد بتّ في سماريّتي، فأخذتني بولة، فصعدت أبول. قال: ففكّر ساعة، ثم قال له: اصدقني على الحقيقة، حتى أطلقك، أيّ شيء كنت تعمل هناك؟ فلم يخبره بغير ذلك. قال: وكان من رسمه، إذا أراد أن يقرّر إنسانا، قرّره [181] وهو قائم بين نفسين، ووراءه جماعة بمقارع، فإذا حكّ رأسه، ضرب المقرّر، واحدة «1» جيّدة عظيمة، فيقول للذي ضربه: قطع الله يدك ورجلك، يا فاعل، يا صانع، من أمرك بضربه؟ ولم ضربته؟ تقدّم يا هذا، لا بأس عليك، أصدق، فقد نجوت. فإن أقرّ، وإلا حكّ رأسه ثانية، وثالثة، أبدا على هذا، وكذا كانت عادته في جميع الجناة، وهو رسم له معروف، عند المتصرفين بحضرته. قال: فلما أطال عليه الملّاح، حكّ رأسه، فضرب قفاه بعض القائمين، بمقرعة ضربة عظيمة. فصاح الملّاح. فقال الأبزاعجيّ: من أمرك بهذا، يا فاعل، يا صانع، قطع الله يديك. ثم قال للملّاح: اصدق، وانج بنفسك. فقال له الملّاح: أيّها الأستاذ، الله شاهد عليك، أنّي آمن على نفسي وأعضائي، حين أصدق؟ فقال له: نعم. قال: أنا رجل ملّاح، أعمل في المشرعة الفلانية، يعرفني جيراني بالستر، وقد كنت سرّحت سماريّتي، إلى سوق الثلاثاء «2» ، البارحة بعد

العتمة، أتفرّج [182] في القمر، فنزل خادم من دار لا أعرفها. فصاح: يا ملّاح؟ فقدّمت «1» . فسلّم إليّ امرأة، نظيفة، حسنة، ومعها صبيّتان، وأعطاني دراهم صحاحا، وقال: احمل هؤلاء إلى المشرعة الفلانية، بباب الشمّاسية. فصعدت بهم قطعة من الطريق، فكشفت المرأة وجهها، فإذا هي من أحسن الناس وجها، كالقمر، فاشتهيتها، فعلّقت مجاذيفي في الكرك «2» ، وأخرجت السفينة إلى وسط دجلة، وتقدّمت إلى المرأة، فراودتها عن نفسها، فأخذت تصيح. فقلت لها: والله، لئن صحت، لأغرقنّك الساعة. فسكتت، وأخذت تمانعني عن نفسها، واجتهدت بأن أقدر عليها، فما قدرت. فقلت لها: من هاتان الصبيتان منك؟ فقالت: بناتي. فقلت لها: أيّما أحب إليك، تمكّنيني من نفسك، أو أغرق هذه؟ وقبضت على واحدة منهن. فقالت: أمّا أنا، فلا أطيعك، اعمل ما شئت. فرميت إحدى الصبيّتين في الماء، فصاحت، فضربت فاها، وصحت معها: والله لا أطلّقك ولو قتلتني، ليشتبه ذلك، على من عساه [183] يسمع الصياح في الليل.

فسكتت، وأخذت تبكي، ثم تركتها ساعة، وقلت لها: دعيي أفعل بك وإلّا غرّقت الأخرى. فقالت: والله، لا فعلت. فأخذت الصّبية الأخرى، فرميت بها في الماء، فصاحت، وصحت معها، ثم قلت لها: ما بقي الآن إلا قتلك، فدعيني، وإلّا قتلتك، وأخذت بيدها، وشلتها لأرمي بها إلى الماء. فقالت: أدعك. فرددتها إلى السماريّة، فمكّنتني من نفسها، فوطئتها. وسرت، لأمضي بها إلى المشرعة، فقلت في نفسي: هذه الساعة تصعد إلى دارها، أو إلى الموضع الذي تأوي إليه، فتنذر بي، فأؤخذ، وأقتل، وليس الوجه إلّا تغريقها، فجمعت يديها، ورجليها، ورميت بها إلى الماء. فحين غرقت، فكّرت فيما ارتكبته، وعظم ما جنيته، فندمت، وكنت كرجل كان سكرانا، فأفاق. فقلت: أيّ شيء أعمل؟ ليس إلّا أن أنحدر إلى البصرة، وأغوص في أنهارها، فلا أعرف. فانحدرت، فلما صرت حذاء الجسر، أخذتني بطني، وقلت: أصعد، وأتفسّح [184] ، وأعود إلى سماريّتي. فصعدت، فأنا جالس أتغوّط، فما أحسست حتى قبض هؤلاء عليّ. قال: فقال له الأبزاعجي، مطايبا: يا هذا، أيّ معاملة بين مثلك وبيني، انصرف بسلام. فظنّ لجهله، أنّ ذلك حقيقة، فولّى لينصرف. فصاح به، وقال: يا فتى، هوذا تنصرف، وتدعنا من حقّا «1» ؟ فلا

142 لماذا لقب بالأبزاعجي

أقلّ من أن ترجع لنحلّفك، أنّك لا تعود إلى مثل هذا. فرجع. فقال: خذوه، فأخذوه. فقال: اقطعوا يده. فقال: يا سيّدي، أليس قد أمنتني؟ فقال: يا كلب، وأيّ أمان لمثلك؟ قد قتلت ثلاثة أنفس، وزنيت، وأخفت السبيل. قال: فقطعت يداه، ورجلاه، ثم ضربت عنقه، وأحرق جسده بالنار في مكانه. 142 لماذا لقب بالأبزاعجي أخبرني من أثق إليه من أهل بغداد، أنّ الأبزاعجيّ، إنّما لقّب بذلك، لأنّه كان يخدم قائدا من غلمان الموفق «1» ، تركيّا، وكان يسمى أبزاعج، فلقب بالأبزاعجيّ لذلك.

143 وكيل دعاوى يحرم من أجره فيعرقل حسم الدعوى

143 وكيل دعاوى يحرم من أجره فيعرقل حسم الدعوى حدّثني أبو بكر بن عثمان الصيرفيّ، الشاعر، قال: سمعت عمر ابن أكثم «1» ، يقول: كان قوم يريدون تثبيت وفاة [185] ، وعدد ورثة، عند أبي عمر القاضي «2» ، وكانوا قد ضمنوا للوكيل خمسين دينارا على ذلك. فلما ثبت عند القاضي، عدد الورثة، بشهادة شاهدين، ساموه أن يأخذ منهم البعض، ويدع عليهم البعض. فأخذ ما عفوا به «3» ، وتقدّم إلى القاضي، وخصومهم في المجلس، وقال: قد وكّلني هؤلاء- أعز الله القاضي- وقد أخرجت نفسي من الأولين. فقال: تكلّم. فقال: شهد الشاهدان، عند القاضي، أنّهما لا يعلمان وارثا، غير من ذكروه، وعندي شاهدان عدلان، يعلمان وارثا آخر. فقال: أحضرهما. فقاموا، ودافع بالحكم، ولم يزل يدفع بهم شهرا، إلى أن جاءه الورثة، فقالوا: قد أهلكتنا.

144 إذا صرف الأمين زائدا عن الحاجة ألزم بتعويضه من ماله

فقال: بما كسبت أيديكم، والله لأدفعنّ بأمركم سنة، أو تعطوني خمسين دينارا مستأنفة، لأمسك. وأعطوه ما طلب، وتقدّم، فقال: لا بيّنة لي. فحكم القاضي لهم. 144 إذا صرف الأمين زائدا عن الحاجة ألزم بتعويضه من ماله وحدّثنا أبو بكر «1» ، قال: حدّثنا عمر بن أكثم، قال: تقدّم يتيم كان في حجر أمين من [186] أمناء القاضي أبي جعفر بن البهلول «2» ، إليه، وقد بلغ وفكّ حجره، فقال: أيها القاضي، إنّ فلانا الأمين، ضيّع من مالي هذا، كذا وكذا، وأنا أطالبه به. فقال: هاه، هاه «3» ، أتقول [هذا] لأمين ثابت الأمانة عندي؟ فقال: أيّها القاضي، لم أقل خان فيه، ولكنّه أنفق عليّ أكثر مما كنت أحتاج إليه، بكذا وكذا، وهذا تضييع. فدعا أبو جعفر الأمين، فسأله، فأقّر بذلك. فألزمه المال في ذمّته.

145 رؤيا عبد الملك بن مروان وتفسيرها

145 رؤيا عبد الملك بن مروان وتفسيرها حدّثنا «1» أبو القاسم بن بشر الآمدي «2» ، قال: قال لي أبو أحمد طلحة ابن الحسن بن المثنى «3» ، يوما، وقد تجاذبنا على خلوة، الحديث فيما بينه وبين أبي القاسم البريديّ «4» ، وتدبير كلّ واحد منها على صاحبه في القبض عليه، وأنا أشير عليه أن يهرب عن البصرة، ولا يقيم، وأنّه لا يجب أن يغترّ «5» . قال: لست أفكّر في هذا الرجل، لألوان كثيرة، منها رؤيا رأيتها منذ ليال كثيرة، فقلت: ما هي؟ قال: رأيت ثعبانا عظيما، قد خرج عليّ من هذا الحائط- وأومأ

بيده إلى حائط في مجلسه- وهو [187] يريدني، فطلبته، وضربته، فأثبتّه في الحائط، فتأوّلت أنّ ذلك الثعبان، البريديّ، وأنّي أغلبه. قال: فحين قال: فأثبتّه في الحائط، سبق إلى قلبي، أنّ البريديّ، هو الثابت، وأنّ الحائط، حائطه، دون أبي أحمد، فأردت أن أقول له: إنّ الخبر مستفيض، بما كان عبد الملك رأى في منامه، كأنّه وابن الزبير، قد اصطرعا في صعيد من الأرض، فطرح ابن الزبير عبد الملك تحته على الأرض، وأوتده بأربعة أوتاد فيها، وإنّه أنفذ راكبا إلى البصرة، فلقي ابن سيرين، فقصّ عليه الرؤيا، كأنّها له، وكتم ذكر ابن الزبير. فقال له ابن سيرين: هذه الرؤيا ليست رؤياك، ولا أفسّرها لك. فألحّ عليه. فقال: يجب أن تكون رؤيا عبد الملك، فإن صدقتني، فسّرتها لك. فقال: هو كما وقع لك. فقال: قل له: إن صحّت رؤياك هذه، فستغلب ابن الزبير على الأرض، ويملك الأرض من صلبك، أربعة ملوك. فمضى الرجل إلى عبد الملك، فأخبره، فعجب من فطنة ابن سيرين، وقال: ارجع إليه، وقل له: من [188] أين قلت هذا؟ فرجع الرجل إليه. فقال له: إنّ الغالب في النوم مغلوب، وتمكّنه على الأرض غلبة عليها، والأوتاد الأربعة، التي أوتدها في الأرض، هم ملوك يتمكّنون في الأرض، كما تمكّنت الأوتاد. قال أبو القاسم الآمديّ: فأردت أن أقول لأبي أحمد، هذا، وما وقع

146 أبو أحمد بن المثنى ومناماته التي لا تخطئ

لي من القياس عليه، في تعبير رؤياه، فكرهت ذلك، لأنّه كان يكون سوء أدب، وقباحة عشرة، ونعيا لنفسه. فما مضت الأيّام، حتى قبض البريدي عليه، وكان من أمره ما كان «1» . 146 أبو أحمد بن المثنى ومناماته التي لا تخطئ وكان ممّن حضر عندي، لمّا حدّثني أبو القاسم بهذا الخبر، أبو القاسم عمر بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحسن بن المثنى، فقال: كانت لجدّي «2» ، منامات طريفة لا تخطئ، فمنها: إنّي كنت بحضرته، وأنا صبيّ، في تربة جدّي لأمي، وعم أبي، أبي الحسين «3» ، [فقال لنا: إنّي رأيت البارحة مناما، فقد أبصرت ثلاثة قبور قد احتفرت، أوّلها لحسان، والثاني لابي الحسين أخي، والثالث لي من بعده، وقد أبصرت حسّان نائما في قبره، وأبصرت أبا الحسين قاعدا في القبر، أمّا أنا فقد كنت أقعد في القبر وأقوم في حركة دائبة، وكأنّ هاتفا يهتف بي، إنّ عمرك وعمر أخيك

واحد، وقد توفّي أخي منذ سنة] «1» وما أظن بيني وبين أخي إلا سنة. قال: فقال له من حوله: يبقي الله الشيخ، ويفعل به ويصنع. قال: فانصرف من التربة، فلما كان في اليوم السابع من ذلك الحديث، [189] قبض عليه أبو القاسم البريديّ، في يوم الخميس، غرّة شعبان، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، فأقام في يده دون ثلاثة أشهر، ثم قتله في حبسه، في شوّال، بحيلة احتالها له، عبدان المتطبب، لعنه الله، في شيء سقاه. فقال أبو القاسم الآمدي: كنت حاضرا ابتداء المجلس، ولما أخبر رؤياه، تأوّلها تأوّلا غير ما وقع، وهو: إنّ نوم حسّان في قبره سلامة متينة، وإنّ قعود أبي الحسين، لأنّ الحال التي مات بها، أشدّ من حال حسان، لأنّه فلج سنين، فعاش مبتلى، قد نقص من صحته، ورأى في نفسه ما لا يحبّه، وإنّ وفاة أبي أحمد تكون بحال هي أشدّ من ذلك كله، بحسب قعوده وقيامه في المشقّة، وفرق ما بين القعود والنوم والراحة. فمات أبو أحمد، مقتولا، بعد الحبس والنكبة، والفقر والذلّة.

147 قاضي شيراز يحكم بين صوفي وصوفية

147 قاضي شيراز يحكم بين صوفيّ وصوفية حدّثني أبو القاسم عبد الرحيم بن جعفر السيرافي، الفقيه، المتكلم، المعروف بابن السماك رحمه الله، قال: حضرت بشيراز، عند قاضيها أبي سعد بشر بن الحسن [190] الداودي، وقد ارتفع إليه صوفيّ وصوفيّة. قال: وأمر الصوفيّة هناك مفرط جدّا، حتى يقال إنّ عددهم ألوف، رجال ونساء. قال: فاستعدت المرأة على زوجها إلى القاضي، فلمّا حضرا، قالت له: أيّها القاضي، هذا زوجي يريد أن يطلّقني، وليس له ذلك، فإن رأيت أن تمنعه. قال: فأخذ أبو سعد، يعجّبني من هذا الكلام، وينبّهني على مذاهب الصوفيّة فيه. ثم قال لها: كيف ليس له ذلك؟ قالت: لأنّه تزوّج بي، ومعناه قائم، والآن يذكر أنّ معناه قد انقضى منّي، وأنّ معناي قائم فيه ما انقضى، فيجب أن يصبر، إلى أن ينقضي معناي فيه، كما انقضى معناه منّي. فقال لي أبو سعد: كيف ترى هذا الفقه؟ ثم أصلح بينهما، وخرجا من غير طلاق.

148 ابن خفيف شيخ الصوفية بشيراز يتكلم على الخطرات والوساوس

148 ابن خفيف شيخ الصوفية بشيراز يتكلّم على الخطرات والوساوس أخبرني جماعة من أهل العلم: أنّ بشيراز رجلا يعرف بابن خفيف البغداديّ، شيخ الصوفيّة هناك، يجتمعون إليه، فيتكلّم على الخطرات «1» والوساوس «2» ، ويحضر [191] حلقته ألوف من الناس، وأنّه فاره، فهم، حاذق، وأنّه قد استغوى الضعفى من الناس، إلى هذا المذهب. قال: فمات رجل صوفي من أصحابه، وخلّف زوجة صوفيّة، فاجتمع النساء الصوفيات- وهنّ خلق كثير- ولم يختلط بمأتمها غير هنّ. فلما فرغوا من دفنه، دخل ابن خفيف، وخواصّ أصحابه- وهم عدد كثير- إلى الدار، وأخذ يعزّي المرأة، بكلام من كلام الصوفيّة، إلى أن قالت: قد عزيت «3» . فقال لها: هاهنا غير؟ فقالت: لا غير. قال: فما معنى التزام النفوس، آفات الهموم، وتعذيبها بعذاب الغموم؟ ولأيّ معنى نترك الامتزاج، لتلتقي الأنوار، وتصفو الأرواح، وتقع الإخلافات، وتنزل البركات؟

قال: فقالت النساء: إذا شئت. قال: فاختلط جماعة الرجال، بجماعة النساء، طول ليلتهم، فلما كان سحرا خرجوا. قوله: هاهنا غير؟، أي: هاهنا غير موافق في المذهب؟ فقالت: لا غير، أي ليس من مخالف. قوله: نترك الامتزاج، كناية عن الوطء، من الممازجة. وقوله: لتلتقي [192] الأنوار، على أصلهم إنّ في كل جسم نورا إلهيا. وقوله: الإخلافات، أن يكون خلف لكل من مات أو غاب من أزواجكنّ. وهذا عندي عظيم، ولولا أنّ جماعة أخبروني، يبعدون عندي عن الكذب، ما حكيته، لعظمه عندي، واستبعاد مثله أن يجري في دار الإسلام. وبلغني أنّ هذا ومثله، شاع، حتى بلغ الأمير عضد الدولة، فقبض على جماعة منهم، وضربهم بالسياط، وشرّد جماعة منهم، وشتّت جموعهم، فكفّوا.

149 من شعر أبي فراس الحمداني

149 من شعر أبي فراس الحمداني لأبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان «1» ، لما أسر «2» : ما للعبيد من الذي ... يقضي به الله امتناع ذدت الأسود عن الفرائس ... ثم تفرسني الضباع «3» وله إلى سيف الدولة، قصيدة اخترت منها قوله: أيدرك ما أدركت إلا ابن همّة ... يمارس في كسب العلى ما أمارس يضيق مكاني عن سواي لأنّني ... على قبّة المجد المؤثّل جالس «4» [193] وقال، وقد حضر العيد، وهو ببلد الروم أسير: يا عيد ما جئت «5» بمحبوب ... على معنّى القلب مكروب يا عيد قد عدت على ناظر ... عن كل حسن فيك محجوب يا وحشة الدار التي ربّها ... أصبح في أثواب مربوب قد طلع العيد على أهلها ... بوجه لا حسن ولا طيب ما لي وللدهر وأحداثه ... لقد رماني بالأعاجيب «6»

وله في الأسر قصيدة أوّلها: أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر «1» ويقول فيها: تكاد تضيء النار بين جوانحي ... إذا هي أذكتها الصبابة والفكر معلّلتي بالوعد «2» والموت دونه ... إذا متّ عطشانا «3» فلا نزل القطر وإنّي لنزّال بكلّ مخوفة ... كثير إلى نزّالها النظر الشزر [194] وأصدى إلى «4» أن ترتوي الأرض والقنا ... وأسغب حتى يشبع الذئب والنسر ولا أصبح الحيّ الخلوف بغارة ... ولا الجيش ما لم يأته قبلي النذر ويا ربّ دار لم تخفني منيعة ... طلعت عليها بالردى أنا والفجر وحيّ رددت الجيش حتى ملكته ... هزيما ورّدتني البراقع والخمر وما راح يطغيني بأثوابه الغنى ... ولا بات يثنيني عن الكرم الفقر وما حاجتي بالمال أبغي وفوره ... إذا لم أفر عرضي فلا وفر الوفر أسرت وما صحبي بعزل لدى الوغى ... ولا فرسي مهر ولا ربّه غمر ولكن إذا حمّ القضاء على امرىء ... فليس له برّ يقيه ولا بحر [195] ويقول فيها: وقال أصيحابي الفرار أو الردى ... فقلت هما أمران أحلاهما مرّ ولكنّني أمضي لما لا يعيبني ... وحسبك من أمرين خيرهما الأسر ولا خير في دفع الردى بمذلّة ... كما ردّها يوما بسوءته عمرو «5»

150 أبو سعيد الشيباني يتغزل

150 أبو سعيد الشيباني يتغزل أنشدني في ربيع الآخر من سنة ست وستين وثلاثمائة، أبو سعيد مساعد ابن الجهم الشيبانيّ، لنفسه: قال: وقلتها منذ سبعين سنة، وذكر لي أنّ له في الوقت ستا وتسعين سنة. يا مقلة لحظها عقاربها ... سماء عيني دمعي كواكبها تجول في حلبة مشهّرة ... تكبو بركبانها ركائبها كأنّها والدماء تتبعها ... شهب خيول شقر جنائبها أنشدني من» هذه الأبيات، شعرا جيدا، في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، وقال: شهب جنائبها. وهذا أصحّ «2» ، لأنّه أراد [196] به، أنّه يبكي دمعا، ثم يتبعه دما، والدليل عليه قوله: كأنّها والدماء تتبعها

151 القاضي أبو الحسين ابن أبي عمر يحزن لموت يزيد المائي

151 القاضي أبو الحسين ابن أبي عمر يحزن لموت يزيد المائي حدّثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المرزبان، الشيرازيّ، الكاتب، قال: حدّثني أبو بكر الجعابي الحافظ، قال: دخلت يوما على القاضي أبي الحسين بن أبي عمر «1» ، وهو مغموم حزين، فقلت له: لا يغمّ الله القاضي، فما الذي آذاه؟ فقال: مات يزيد المائيّ. فقلت: يبقي الله قاضي القضاة أبدا، ومن يزيد، حتى إذا مات اغتمّ عليه قاضي القضاة، هذا الغمّ كلّه؟ فقال: ويحك، مثلك يقول هذا، في رجل أوحد في صناعته، قد مات ولا خلف له، ولا أحد يقاربه في حذقه؟ وهل فخر البلد، إلّا بكثرة كون رؤساء الصنّاع، وحذّاق أهل العلم فيه؟ فإذا مضى رجل، لا مثل له في صناعته، ولا بد للنّاس منها، فهل يدلّ هذا، إلّا على نقصان العالم، وانحطاط البلدان؟ ثم قال بعد ذلك: وأخذ يعدّد فضائله، والأشياء الطريفة التي عالج بها، والعلل [197] الصعبة التي زالت بتدبيره، وذكر من ذلك أشياء كثيرة، لم يعلق أكثرها بحفظي. قال: وكان منها، أن قال: لقد أخبرني، منذ مدّة طويلة، رجل من جلّة أهل هذا البلد، أنّه كان قد حدث بابنة له علّة طريفة، فكتمتها عنه،

ثم أطلعته عليها، فكتمها هو مدّة، ثم انتهى أمر البنت إلى حدّ الموت. قال: فقلت: لا يسعني كتمان هذا أكثر من هذا. قال: فكانت العلّة، أنّ فرج الصبيّة، يضرب عليها ضربا عظيما، لا تنام منه الليل، ولا تهدأ النهار، وتصرخ من ذلك أعظم صراخ، ويجري في خلال ذلك، منه دم يسير، كماء اللحم، وليس هناك جرح يظهر، ولا ورم كبير يزيد. قال: فلما خفت المأثم، أحضرت يزيد، فشاورته. فقال: تأذن لي في الكلام، وتبسط عذري فيه؟ قلت: نعم. فقال: لا يمكنني أن أصف شيئا، دون أن أشاهد الموضع، وأفتّشه بيدي، وأسائل المرأة عن أسباب، لعلّها كانت الجالبة للعلّة. قال: فلعظم الضرورة، وبلوغها التلف [198] ، مكّنته من ذلك. فأطال مساءلتها، وحديثها، بما ليس من جنس العلّة، بعد أن جسّ الموضع من ظاهره، وعرف بقعة الألم، حتى كدت أن أثب به «1» . ثم تصبّرت ورجعت إلى ما أعرفه من ستره، فصبرت على مضض. إلى أن قال: تأمر من يمسكها؟ ففعلت. ثم أدخل يده إلى الموضع، دخولا شديدا، فصاحت الامرأة، وأغمي عليها، وانبثّ الدم، وأخرج في يده حيوانا، أقلّ من الخنفساء، فرمى به. فجلست الجارية في الحال، واستترت، وقالت: يا أباه، استرني فقد عوفيت.

قال: فأخذ الحيوان في يده، وخرج من الموضع. فلحقته، وأجلسته، وقلت: أخبرني ما هذا؟ فقال: إنّ تلك المساءلة، التي لم أشكّ أنّك أنكرتها، إنّما كنت أطلب شيئا، أستدلّ به على سبب العلّة، إلى أن قالت لي: إنّها في يوم من الأيّام، جلست في بيت دولاب بقر في بستان لكم، ثم حدثت العلّة بها، من غير معرفة، من ذلك اليوم، فخلت، أنّه قد دبّ إلى فرجها من القراد الذي يكون على البقر، وفي بيوت البقر، قراد «1» قد تمكّن [199] من أوّل داخل الفرج، فكلّما امتصّ الدم من موضعه ولّد الضربان، وأنّه إذا شبع، نقط من الجرح الذي يمتصّ منه إلى خارج الفرج، هذه النقط اليسيرة من الدم. فقلت: أدخل يدي وأفتّش. فأدخلت يدي، فوجدت القراد، فأخرجته، وهو هذا الحيوان، قد كبر، وتغيّرت صورته، لكثرة ما يمتصّ من الدم، على طول الأيّام. قال: وأراني الحيوان، وإذا هو قراد. قال: وبرأت الصبيّة. قال: فقال لي أبو الحسين القاضي: فهل ببغداد اليوم، من له من الصناعة مثل هذا، أو ما يقاربه؟، فكيف لا أغتمّ بموت من هذا بعض حذقه؟

152 أبو المغيرة الشاعر يروي خبرا ملفقا

152 أبو المغيرة الشاعر يروي خبرا ملفقا حدّثنا أبو المغيرة، محمد بن يعقوب بن يوسف، الشاعر، البغداديّ، الأسديّ، قال: حدّثني أبو موسى عيسى بن عبيد الله البغداديّ، قال: حدّثني صديق لي، قال: كنت قاصدا للرملة «1» وحدي، فانتهيت إليها، وقد نام الناس، ليلا، فعدلت إلى المقبرة، ودخلت بعض القباب التي على القبور، وطرحت درقة «2» كانت معي، فاتكأت [200] عليها، وعلّقت سيفي أريد النوم، لأدخل إلى البلد نهارا، فاستوحشت من الموضع، وأرقت. فلما طال أرقي، أحسست بحركة، فقلت: لصوص يجتازون، فإن قصدت لهم، لم آمنهم، ولعلّهم أن يكونوا جماعة، فلا أطيقهم، فانخزلت مكاني، ولم أتحرّك، وأخرجت رأسي من بعض أبواب القبّة، على تخوّف شديد، فرأيت دابّة كالدبّ، يمشي، فأخفيت نفسي، فإذا به قد قصد قبّة حيالي، قريبة منّي، فما زال يتلفّت طويلا، ويدور حولها، ويتلفّت، ساعة، ثم دخلها. فارتبت به، وأنكرت فعله، وتطلّعت نفسي إلى علم ما هو عليه. فدخل القبّة، وخرج غير متثبّت، ثم دخل وخرج، بسرعة، دفعات، ثم دخل، وعيني عليه، فضرب بيده إلى قبر في القبة ليحفر. فقلت: نباش، لا شك فيه.

وتأمّلته يحفر بيديه، فعلمت أنّ فيها آلة حديد يحفر بها. فتركته إلى أن اطمأنّ، وأطال، وحفر شيئا كثيرا، ثم أخذت سيفي ودرقتي، ومشيت على أطراف أناملي، حتى [201] دخلت القبة، فأحسّ بي، وقام إليّ بقامة إنسان، وأومأ إليّ ليلطمني بكفه، فضربت يده بالسيف، فأبنتها، وطارت. فصاح: أواه، قتلتني، لعنك الله. وعدا من بين يديّ، وعدوت وراءه، وكانت ليلة مقمرة، حتى دخل البلد، وأنا وراءه، ولست ألحقه، إلّا أنّه بحيث يقع بصري عليه، إلى أن اجتاز في طرق كثيرة، وأنا في خلال ذلك أعلّم الطرق، لئلا أضلّ، حتى إذا جاء إلى باب دار، فدفعه، ودخل، وغلقه، وأنا أتّبع. فعلّمت الباب، ورجعت أقفو الأثر، والعلامات التي علّمتها في طريقي، حتى انتهيت إلى القبّة التي كان فيها النبّاش، فطلبت الكف، فوجدتها، وأخرجتها إلى القمر، فبعد جهد، انتزعت الكفّ المقطوع من الآلة الحديد، فإذا هي كفّ كالكفّ، وقد أدخل أصابعه في الأصابع، وإذا هي كفّ فيها نقش حناء، وخاتمان ذهب. فحين علمت أنّها امرأة، اغتممت، وتأمّلت الكفّ، وإذا أحسن كفّ في الدنيا، نعومة، ورطوبة، وسمنا [202] وملاحة، فمسحت الدم منها، ونمت في القبّة التي كنت فيها. ودخلت البلد، من غد، أطلب العلامات، حتى انتهيت إلى الباب. فسألت: لمن الدار؟ فقالوا: لقاضي البلد. واجتمع عليها خلق، وخرج منها رجل شيخ بهيّ، فصلّى الغداة بالناس، وجلس في المحراب.

فازداد عجبي من الأمر، وقلت لبعض الحاضرين: بم يعرف هذا القاضي؟ فقال: بفلان. فأطلت الحديث في معناه، حتى عرفت أنّ له ابنة عاتقا «1» ، وزوجة، فلم أشكّ، أنّ النبّاشة ابنته. فتقدّمت إليه، وقلت له: بيني وبين القاضي- أعزّه الله- حديث، لا يصلح إلّا على خلوة. فقام إلى داخل المسجد، وخلا بي، وقال: قل. فأخرجت إليه الكفّ، وقلت: أتعرف هذه؟ فتأملها طويلا، وقال: أما الكفّ فلا، وأمّا الخواتيم، فخواتيم ابنة لي، عاتق، فما الخبر؟ فقصصت عليه الحديث بأسره. فقال: قم معي، وأدخلني داره، وغلق الباب، واستدعى طبقا، وطعاما، واستدعى امرأته. فقال له الخادم: تقول [203] لك: كيف أخرج ومعك رجل غريب؟ فقال: لا بدّ من خروجها تأكل معنا، فهنا من لا أحتشمه. فأبت عليه، فحلف بالطلاق لتخرجين، فخرجت باكية، فجلست معنا. فقال لها: أخرجي ابنتك. فقالت: يا هذا، قد جننت، فما الذي حلّ بك؟ فقد فضحتني، وأنا امرأة كبيرة، فكيف تهتك صبيّة عاتقا؟ فحلف بالطلاق لتخرجنّها، فخرجت.

فقال: كلي معنا. فرأيت صبيّة كالدينار المنقوش، ما مقلت مقلتاي مثلها، ولا أحسن منها، إلّا أنّ لونها أصفر جدا، وهي مريضة، فعلمت أنّ الذي لحق يدها، قد فعل بها ذلك. فأقبلت تأكل بيمينها، وشمالها مخبوءة. فقال: اخرجي اليسرى. فقالت: قد خرج فيها خراج عظيم، وهي مشدودة. فحلف لتخرجنّها. فقالت امرأته: يا رجل، استر على نفسك، وعلى ابنتك، فو الله- وحلفت بأيمان كثيرة- ما اطّلعت لهذه الصبيّة على سوء قط، إلّا البارحة، فإنّها جاءتني، بعد نصف الليل، فأيقظتني [204] ، وقالت: يا أمّي، الحقيني، وإلّا تلفت. فقلت لها: ما لك؟ فقالت: قد قطعت يدي، وهوذا أنزف الدم، والساعة أموت، فعالجيني، وأخرجت يدها مقطوعة. فلطمت، فقالت: لا تفضحيني ونفسك بالصياح، عند أبي والجيران، وعالجيني. فقلت: لا أدري بما أعالجك. فقالت: خذي زيتا، فاغليه، واكوي به يدي. ففعلت ذلك، وكويتها، وشددتها، وقلت: الآن حدّثيني ما دهاك. فامتنعت. فقلت: والله، لئن لم تحدّثيني، لأكشفن أمرك إلى أبيك. قالت: إنّه وقع في نفسي منذ سنتين، أن أنبش القبور، فتقدّمت

إلى هذه الجارية، فاشترت لي جلد ماعز غير محلوق الشعر، واستعملت لي كفّين من حديد، وكنت إذا نمتم، أفتح الباب، وآمرها أن تنام في الدهليز ولا تغلق الباب، وألبس الجلد، والكفّين الحديد، وأمشي على أربع، فلا يشكّ من لعلّه يراني من سطح أو غيره، أنّي كلب. ثم أخرج إلى المقبرة، وقد عرفت من النهار [205] ، خبر من يموت من الجلّة، وأين قد دفن، فأقصد قبره، فأنبشه، وآخذ الأكفان، فأدخلها في الجلد، وأمشي مشيتي، وأعود والباب غير مغلق، فأدخل، وأغلقه، وأنزع تلك الآلة، وأدفعها إلى الجارية، مع ما قد أخذته، فتخبئه في بيت لا تعلمون به، وقد اجتمع ثلاثمائة كفن، أو ما يقاربها، لا أدري ما أصنع بها، إلّا أنّي كنت أجد لذلك الخروج، والفعل، لذّة لا سبب لها، أكثر من أن أصابتني بهذه المحنة. فلما كان الليلة، تسلّط عليّ رجل، أحسّ بي، وكان كأنّه جالس، أو حارس لذلك القبر، فحين بدأت أنبشه، جاءني، فقمت لأضرب وجهه بكفّي الحديد، فأشغله بها عنّي، وأعدو، وأنجو، فداخلني بالسيف، فضربني، فتلقّيت الضربة بشمالي، فأبان كفّي. فقلت لها: أظهري أنّه قد خرجت على كفك خراج، وتعاللي، فإن الذي بك من صفار، يصدّق قولك، حتى إذا مضت أيّام، قلنا لأبيك، لا بد أن تقطع يدك، وإلّا خبث جميع [206] بدنك، فتلفت، فيأذن لنا في قطعها، فنوهم أنّا قطعناها [من] جديد، وينستر أمرك. فعملنا على هذا، بعد أن استتبتها، فتابت، وحلفت بالله، لا عادت. وكنت على بيع هذه الجارية، وأراعي فيما بعد مبيت هذه الصبيّة، وأبيّتها جانبي، ففضحتني أنت، وفضحت نفسك. فقال لها القاضي: ما تقولين؟

فقالت: صدقت أمّي، وو الله، لا عدت أبدا، وتابت. فقال لها القاضي: هذا صاحبك الذي قطع يدك، فكادت أن تتلف جزعا. ثم قال: يا فتى، من أين أنت؟ فقلت: رجل من أهل العراق. قال: ففيم وردت؟ قلت: أطلب الرزق. فقال: قد جاءك حلالا، هنيئا، نحن قوم مياسير، ولله علينا ستر، فلا تهتكه، والله، ما علمت هذا من حال ابنتي، فهل لك أن تتزوّجها، وأغنيك بمالي عن الناس، وتكون معنا، وفي دارنا؟ قلت: نعم فرفع الطعام، وخرجنا إلى المسجد والناس مجتمعون، ينتظرونه. فخطب، وزوّجني، وقام رجع، فأدخلني إلى [207] الدار. ووقع حبّ الصبيّة في نفسي، حتى كدت أموت عشقا لها، وافترعتها، وأقامت معي شهورا، وهي نافرة عنّي، وأنا أونّسها، وأبكي حسرة على يدها، وأعتذر إليها، وهي تظهر قبول عذري، وأنّ الذي بها غمّا على يدها. إلى أن نمت ليلة، وانبسطت في نومي، على رسمي، فأحسست بثقل على صدري شديد، فانتبهت جزعا، فإذا بها باركة على صدري، وركبتها على يدي، مستوثقة، وفي يدها موسى، وقد أهوت لتذبحني، فاضطربت ورمت الخلاص فتعذّر، وخشيت أن تبادرني، فسكنت. فقلت لها: كلّميني، واعملي ما شئت، ما الذي يدعوك إلى هذا؟ قالت: أتظنّ أنّك قطعت يدي، وهتكتني، وتزوّجت بي، وتنجو سالما؟ والله لا كان هذا.

فقلت: الذبح قد فاتك، ولكنّك تتمكّنين من جراحات توقعينها بي، ولا تأمنين أن أفلت فأذبحك، أو أهرب وأكشف هذا عليك، ثم أسلمك إلى السلطان، فيكشف جنايتك الأولى [208] ، والثانية، ويتبرّأ منك أهلك، وتقتلين. فقالت: افعل ما شئت، فلا بدّ من ذبحك، وقد استوحش كل منّا من صاحبه. فنظرت، وإذا الخلاص منها يبعد عليّ، ولا آمن أن تجرح موضعا من بدني، فيكون فيه تلفي، فقلت: الحيلة أعمل فيها. فقلت: أو غير هذا. فقالت: قل. فقلت: أطلّقك الساعة، وتفرجين عني، وأخرج من البلد، فلا تريني، ولا أراك أبدا، ولا ينكشف لك حديث في بلدك، ولا فضيحة، وتتزوّجين من شئت، فقد شاع عند الناس، أنّ يدك قطعت لخراج خبثها، وتربحين الستر. فقالت: تحلف أنّك لا تقيم في البلد، ولا تفضحني فيه أبدا؟ قال: فحلفت بالأيمان المغلظة. فقامت عن صدري، تعدو، خوفا من أن أقبض عليها، حتى رمت الموسى بحيث لا أدري، وعادت، فأخذت تظهر بأنّ الذي فعلته، مزاح، وتلاعبني. فقلت: إليك عنّي، فقد حرمت عليّ، ولا تحلّ لي ملامستك، وفي غد، أخرج عنك. فقالت: الآن علمت صدقك، وو الله، لو لم تفعل [209] ، لما نجوت من يدي.

153 من شعر أبي المغيرة

وقامت، فجاءتني بصرّة، وقالت: هذه مائة دينار، خذها نفقة، واكتب رقعة بطلاقي، ولا تفضحني، واخرج. فخرجت في سحرة «1» ذلك اليوم، بعد أن كتبت إلى أبيها، أنّي قد طلّقتها، وأنّي خرجت حياء منه. ولم ألتق بهم إلى الآن. 153 من شعر أبي المغيرة أبو المغيرة، راوي هذا الخبر «2» ، شاعر طويل اللسان، مطبوع، هجّاء، وله مدائح كثيرة، وديوان واسع، وأنشدني لنفسه أشياء، منها: عرّضني للردى هواه ... من معدن السحر مقلتاه وقد لوى نحوه فؤادي ... صدغ على الخدّ قد لواه كأنّه عقرب ولكن ... يلسع كل الورى سواه يا عاذلي في هواه رفقا ... عذري من الحسن ما تراه

154 أبو أحمد الدلجي يرى مناما صادقا

154 أبو أحمد الدلجي يرى مناما صادقا حدّثني الأستاذ أبو أحمد الحسين بن محمد بن سليمان، الكاتب المعروف بالدلجيّ «1» ، قال: رأيت في المنام ذات ليلة- وأنا إذ ذاك أخلف سهل بن بشر «2» على أعمال الأهواز- كأنّي قد خرجت إلى بعض الصحارى، فصعدت [210] جبلا شاهقا، فلما بلغت ذروته، قربت من القمر، أو قرب القمر منّي، حتى لمسته بيدي، وكأنّ في يدي خشبة، قد أدخلتها فيه، وأنا أخضخضها فيه، حتى نقبته، وقطّعته قطعا، ثم أخذت بتلك الخشبة، غيما، كان قريبا من القمر، فما زلت ألطّخه، حتى طيّنته كلّه، وكأنّ صاحبا لي يقول: ما تصنع؟ فقلت له: قد قتلت القمر، وأنا أطيّنه بهذا الغيم. وانتبهت، فاشتغل بذلك قلبي، فبكّرت إلى أبي الحسن أحمد بن عمر الطالقاني، الكاتب، فلما رآني، قال: رأيت لك البارحة مناما طريفا، وأردت أن أجيئك الساعة، فأفسّره لك. فقلت: فإنّي رأيت البارحة مناما قد شغل قلبي، فجئت لأحدّثك به.

فقال: ما رأيت؟ فقصصت عليه الرؤيا. فقال: لا تشغل قلبك بها، فستلي مكان سهل بن بشر، وتحتوي على منزله، عن قريب. فقلت: من أين لك هذا؟ وما الذي رأيت أنت؟ فقال: رأيت البارحة في منامي، كأنّي مجتمع مع رجل صالح، قد هجس في نفسي أنّه بعض الصحابة، أسأله [211] أن يدعو الله عزّ وجلّ لي، فقال لي: الدلجيّ صديقك؟ فقلت: نعم فقال: قل له: الأهواز وقف عليك، فاتّق الله، ولا تؤذي زوجتك، ولا شكّ أنّ هذا المنام تفسير منامك. فاستكتمته المنام، وافترقنا، وعدت. وما كنت أرى أنّني أؤذي زوجتي في شيء، إلّا في تسرّي الجواري، وكانت عندي واحدة منهنّ، قد أقامت نحو سنة، وكادت أن تغلبها عليّ، فبعتها على مشتر في الحال، ووهبت ثمنها لزوجتي، وكان ألوف دراهم. فلما كان بعد ذلك بسنة- أكثر أو أقل- ورد الوزير ابن بقيّة، الأهواز، مع عزّ الدولة، وقبض على القائد بختكين آزاذرويه «1» ، والأتراك، وسهل بن بشر، ثم أطلق القائد، وسمّي بالحاجب الأجل «2» ، وردّت الضمانات إليه، وقلّدني مكان سهل بن بشر.

فما زال في حبس أبي أحمد، مدة، ثم أخذ من يده، وحمل إلى بغداد «1» ، وحدث من ملك الأمير عضد الدولة بغداد ما حدث، فأطلق «2» ، وقلّد عسكر مكرم، وتستر، وجنديسابور وأعمال ذلك «3» ، ونكب [212] أبا أحمد، وألزمه مالا، فلزم منزله بالأهواز، وكان يؤدّي المال، إلى أن خالف سهل بن بشر، ودخل الأهواز بالجيش داعيا إلى عضد الدولة «4» ، ومعهم أبو أحمد خوفا على مهجته من سهل بن بشر. وأقام «5» بأرجان، سنة وشهرا، ثم واطأ الديلم بالأهواز، على أن يشغبوا، ويقولوا: إنهم لا يرضون بالوزير وزيرا «6» ، ولا يقنعون إلّا بصرفه، وتقليد غيره الوزارة، وإلّا لم يرضوا بإمارة الأمير عزّ الدولة «7» ، واستحلف القوّاد، وسائر الجيش بكور الأهواز، وبايعوه، وحلفوا له، وأظهر أنّه يريد المسير إلى بغداد، للمطالبة بذلك، وذلك في شعبان سنة خمس وستين وثلاثمائة «8» . فأنكر ذلك، الأمير عزّ الدولة، وأنفذ إبراهيم بن إسماعيل، من أجلّ حجّابه، برسالة إلى الديلم، فندموا على ما فعلوا، وأذعنوا بالطاعة، فقبض

155 أبو مسلم الأصبهاني الكاتب يرى مناما صادقا

على سهل بن بشر، وحمله إلى بغداد، إلى الأمير عزّ الدولة، فخلع عليه «1» ، وضمّنه الأهواز، واليا لها ولكورها. فصارت [213] الأهواز، كالوقف عليه، لا يصلح لها غيره، ولا يعرف فيها عند الحاجة سواه. 155 أبو مسلم الأصبهاني الكاتب يرى مناما صادقا حدّثنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن مهديّ، الأصبهاني، الكاتب، قال: رأيت في المنام- وقت استحلاف سهل بن بشر، القوّاد، والديلم، على الشغب، والمطالبة بصرف الوزير الناصح نصير الدولة «2» - كأنّي قد خرجت إلى صحراء عظيمة، فرأيت معسكرا هائلا، بالخيم «3» ، والشرع «4» ، والفازات «5» ، وفي وسطه نهر يسقيه، وعلى حافتي ذلك النهر غائط عظيم،

وجميع أهل ذلك المعسكر، من القوّاد وغيرهم، قد اجتمعوا، يأكلون من تلك العذرة، فجاء الحاجب الأجلّ «1» من بينهم، وقد أكل من تلك العذرة، فغسل فاه، وما حواليه بالماء، وتمضمض، وركب، ولم يفعل الباقون ذلك. وكأنّي أعجب من هذا، إذ وقعت عيني على شراع فوق سطح، فقلت: لمن هذا؟ للدلجيّ؟، قال: وأبو أحمد الدلجيّ إذ ذاك بأرجان. فقالوا: هذا له، وقد قدم. فقلت: أمضي، وأراه، وأسلّم عليه [214] . فتوجّهت، إلى أن بلغت إلى أسفل الموضع الذي فيه الشراع، فهبّت ريح عظيمة، فقلعت تلك الخيم التي كانت في المعسكر، فما رأيت منها شيئا باقيا، فنظرت فإذا نساء، وصبيان، ورجال، وشيوخ، يمسكون الشراع. فقلت: من هؤلاء؟ فقال لي قائل: هؤلاء الطالبيّون، يمسكون شراع الدلجيّ، حتى لا تقلعه الريح. وانتبهت، فقصصت من غد، الرؤيا على سيما الدرعيّ، صاحب الشرط، وقلت: هذا الذي فيه هؤلاء، لا يجيء منه شيء، سيلي الدلجيّ، ويجيء من أرجان «2» . فقال: ويحك ما تقول؟ فقصصت عليه الرؤيا. فقال: إحسان الدلجيّ إلى الطالبيّين، هو الذي يأخذ بيده. فما كانت إلّا أيّام، حتى ورد إبراهيم الحاجب، فقبض على سهل

ابن بشر، وحمله مقيّدا، وسار بالجيش إلى بغداد. فأمّا الحاجب الأجل بختكين، فقد كاتب الأمير والوزير بالخبر، وأشار بمعاجلة سهل بن بشر، والقبض عليه، وذكر أنّه وافقه، إشفاقا من وثوب الديلم عليه [215] ، فنجا من المحنة بذلك الفعل، وكان ذلك تأويل مضمضته، وغسله فاه من العذرة. وأمّا الباقون، الذين غمرهم ذلك الأمر، فكانوا: الحسين بن أحمد ابن بختيار «1» ، القائد الديلمي، وتكيدار بن سليمان، القائد الجيلي، فلما حصلا بواسط، قبض عليهما، ونفيا، وأخذت نعمتهما «2» ، وورد أبو أحمد الدلجيّ، الحضرة، فتقلّد الأهواز وكورها. فكان «3» يحدّثنا بهذا، بحضرة أبي أحمد، بعد دخوله الأهواز بمدّة.

156 الوزير المهلبي يطالب أحد عماله بحمل الخراج

156 الوزير المهلبي يطالب أحد عماله بحمل الخراج سمعت أبا محمّد المهلّبيّ، يملي كتابا، إلى سعد بن عبد الرحمن «1» - وهو إذ ذاك، ضامن عمالة البصرة منه، في شركة أبي الحسين أحمد بن محمّد بن عبد الله بن الحسين الأهوازي «2» ، وأبي عليّ الحسن بن عليّ بن مهديّ الأصبهانيّ «3» ، ابن أخت سعد بن عبد الرحمن- يخاطبه في معنى المال، وتأخّره، وحثّه بخطاب جميل بين الليّن والخشن. وقال في آخره: لو سكت عن مطالبتك بالمال، ما سكت الأمير [216] معزّ الدولة، فيجب أن تؤدّيه محمودا، خيرا من أن تؤدّيه مذموما، فاعمل على أنّي صديق أشرت بأدائه، [ومدافعته عنك، بهذا القدر، ما كنت أغلو عليه به] «4» ، فإنّ من أرضى أصدقاءه في أيّام النعم، أرضوه في أيّام المحن، واعلم أنّه ليس بين مخاطبتي [هذه] لك، وبين أن أخاطبك بضدّها، ممّا يخاطب به العمّال المطالبون، الملطّون «5» ، والمعاملة بما يقتضي ذلك، إلّا أن يرد جواب كتابي فارغا من ذكر حمل المال، وأعوذ بالله، فاختر لنفسك، أو فدع، والسلام.

157 أبو محمد المهلبي الوزير يتحدث عن الكرم

157 أبو محمد المهلبي الوزير يتحدّث عن الكرم سمعت أبا محمّد المهلّبيّ، يقول يوما، في شيء جرى بحضرته، من ذكر الكرم والكرام، بين جماعة من الناس: [كرم الكريم] يستر عليه، ما تكشفه النوائب من سوءاته. 158 إعظام من لا دين له ولا دنيا عنده، حمق حدّثني أبو محمد بن داسة «1» ، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن إسحاق الآمدي، ويعرف بابن أبي صفوان، شيخ كان يخلف القاضي أبا القاسم التنوخيّ، على القضاء بواسط وأعمالها، وعلى أعمال كور الأهواز، في أوقات متفرقة، قال: أخبرني من حضر مجلس [217] أبي عمر القاضي، وقد دخل إليه ابن غسان، صهره. فقال له: من أين أقبلت؟ فقال: من عند فلان. فقال أبو عمر: إعظام من لا دين له، ولا دنيا عنده، حمق.

159 البخل خير من مسألة البخيل

159 البخل خير من مسألة البخيل حدّثنا أبو القاسم عمر بن حسان بن الحسين، الشاهد، البغداديّ- وقد تولّى القضاء بديار مضر من قبل قاضي القضاة، وهو مشهور المحلّ- قال: كنت عند سلامة «1» ، أخي نجح الطولوني، وأنا شاب، وفي مجلسه جماعة يذمّون البخل، وكان سلامة ينسب إلى البخل، وما كان بخيلا، وإنّما كان محصّلا لحاله، مصلحا لماله. فلما انصرفوا، قال: يا أبا القاسم، لا تسمع هذا الكلام، ولا تعوّل عليه، فتهلك، واعلم أنّ البخل خير من مسألة البخيل.

160 سلامة الحاجب يلوم قوما طعنوا في العدول

160 سلامة الحاجب يلوم قوما طعنوا في العدول قال «1» ، وكنت عنده «2» في آخر كونه ببغداد، وقبيل دخول الديلم [إليها] «3» ، وبحضرته قوم يطعنون على الشهود، ويعيبونهم. فقال لهم سلامة: ما رأيت أعجب من أمركم، من فيكم يطمئن أن يشتري من ابنه، أو من أخيه، ضيعة بعشرة آلاف دينار، ولا يشهد عليه [218] العدول؟ فقالوا: ما فينا أحد بهذه الصورة. قال: أفتستظهرون لأنفسكم، وأعقابكم، في هذا القدر الكثير من المال، وما هو أكثر منه، إلّا بالشهادة، وتعتاضون بخطوطهم في جلد يساوي دافق فضّة، من ذلك المال العظيم، حتى تأخذوا الصكّ، بدلا من المال، فتجعلونه تحت رؤوسكم، لشدّة حفظه. قالوا: نعم. قال: فمن كان هذا حكمه عندكم، لم تطعنون فيه؟.

161 أبو علي بن مقلة الوزير يزيل أثر الحلوى بالحبر

161 أبو علي بن مقلة الوزير يزيل أثر الحلوى بالحبر حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن الحسن بن رجاء بن أبي الضحّاك، وكان يعرف بالديناريّ «1» ، لأن أمّه ديناريّة، تقرب إلى امرأة أبي عليّ بن مقلة، المعروفة بأم الفضل الديناريّة. وسمعت أبا القاسم الحسن بن عليّ بن مقلة «2» ، يحدّث بهذا الحديث، واللفظ مقارب، قالا: كان أبو عليّ بن مقلة «3» ، يوما، يأكل، فلما شيلت المائدة، وغسل يده، رأى على ثوبه نقطة صفراء من الحلوى الذي أكله، ففتح الدواة، واستمدّ منها بيده، ونقطها على الصفرة، حتى لم يبق لها [219] أثر، وقال: ذاك عيب، وهذا أثر صناعة، ثم أنشد: إنّما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدويّ عطر الرجال

162 من نظم ابن أبي الضحاك

162 من نظم ابن أبي الضحاك أنشدني «1» لنفسه: وأشجار نارنج كأنّ ثمارها ... حقاق عقيق قد ملئن من الدرّ تطالعنا بين الغصون كأنّها ... خدود العذارى في ملاحفها الخضر أتت كلّ مشتاق بريّا حبيبه ... فهاجت له الأحزان من حيث لا يدري وأنشدني لنفسه أيضا في النارنج: شجر كأيّام الشباب ... تعجّلت قبل المشيب وكأنّما نارنجها ... وجه الحبيب على رقيب تهدي إليك جميع ما ... أرضاك من حسن وطيب لم لا تحنّ لها القلوب ... وقد غدت مثل القلوب

163 للبديهي البغدادي في وصف النارنج

163 للبديهي البغدادي في وصف النارنج أنشدني أبو الحسن، أحمد بن عبيد الله البغداديّ، المعروف بالبديهيّ «1» ، لنفسه: [220] أنظر إلى النارنج في أغصانه ... نزها لأعيننا وعطرا في اليد ككباب نار في قباب زبرجد ... متوقّد بالطيب أيّ توقّد ورق كآذان الجياد قدودها ... قد أثقلت بقلائد من عسجد

164 أبو الحسن بن جميل يستخلف متخلفا

164 أبو الحسن بن جميل يستخلف متخلفا حدّثني أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين الأهوازي، الكاتب «1» ، قال: كنّا خمسة كتّاب، قد نشأنا بين يدي أبي الحسن بن جميل، في الديوان بالأهواز، وتعلّمنا عليه، وكان فينا رجل متخلّف في صناعته، فأراد ابن جميل، أن يغيب عن صاحبه، واستخلف ذلك المتخلّف، فاغتممنا لتقديمه علينا. وكان الرجل، يدخل إلى الصاحب، فإذا سأله عن شيء لم يفهمه، وإن فهمه لم يحسن أن يجيب عنه، وإن أجاب عنه، اضطرب ولم يقم بالحجّة. فلما طال ذلك على الصاحب، قال: قد أضرّت بنا غيبة ابن جميل عنّا، [221] اكتبوا إليه، حتى يبادر. قال: فعلمنا- حينئذ- أنّه استخلفه، ليكتب لصاحبه، إذا غاب، في موضعه، ولا يطمع في أن ينوب عنه «2» .

165 أبو الفضل عامل أرجان يقدم نوبة الحمى

165 أبو الفضل عامل أرجان يقدّم نوبة الحمّى حدّثنا أبو عليّ محمد بن الحسن بن جمهور، العمّي «1» ، الكاتب، الصلحيّ، البصريّ، صاحب الستارة، المشهور بالأدب، والشعر، وتصنيف الكتب، قال: كنت أكتب لأبي الفضل غيلان بن إسماعيل، وهو بأرجان يتقلّدها. فقيل له: قد قدم أبو المنذر النعمان بن عبد الله «2» ، يريد فارس «3» ، والوجه أن تلقاه في غد. وكان أبو الفضل يحمّ حمّى الربع «4» ، فقال: كيف أعمل، وغدا يوم حمّاي، ولا أتمكّن من لقاء الرجل، ولكن الوجه أن أحمّ اليوم، حتى أقدر أن ألقاه غدا، يا غلام، هات الدوّاج «5» حتى أحمّ الساعة. وإذا عنده، أنّه إذا أراد أن يقدّم نوبة الحمّى، ويحمّ، تأخّرت عنه الحمّى في غد، وصحّ.

166 ابن الجريح يقتل أسدا

166 ابن الجريح يقتل أسدا حدّثني الأستاذ أبو أحمد الحسين بن محمد الدلجيّ «1» ، قال: كنت بنواحي المذار «2» ، في جماعة، منهم رجل من الشاكرية، يعرف بابن الجريح [222] ، فخرج علينا أسد، فابتدر له هذا الرجل، بسيفه ودرقته، يحاربه، ودخل معه الأجمة، فلم نعرف له خبرا، حتى خرج علينا، وقد قتل الأسد، وحمله على ظهره، وكان بيننا وبين الأجمة مسافة صالحة، فلما انتهى إلينا، طرحه عن ظهره. فما درينا من أيّ شيء نعجب، من رجل قتل سبعا وحده، أو من حمله إيّاه، على ظهره، طول تلك المسافة.

167 الخليفة المعتضد يقتل أسدا

167 الخليفة المعتضد يقتل أسدا وحدّثنا «1» ، قال: بلغني عن خفيف السمرقنديّ «2» ، أنّه قال: كنت مع مولاي المعتضد، في بعض متصيّداته، وقد انقطع عن العسكر، وليس معه غيري، فخرج علينا أسد، فقصدنا. فقال لي المعتضد، يا خفيف، أفيك خير؟ فقلت: لا، يا مولاي. فقال: ولا حتى تمسك فرسي، وأنزل أنا إلى الأسد؟ فقلت: بلى. فنزل، وأعطاني فرسه، وشدّ أطراف منطقته، واستلّ سيفه، ورمى القراب إليّ، فأخذته، وأقبل يمشي إلى الأسد، واستقبله بضربة، وثنّاه المعتضد بأخرى، ففلق هامته، فخرّ صريعا، ودنا [223] منه وقد تلف، فمسح السيف في صوفه، حتى نظّفه، ورجع إليّ، فأغمد السيف، وركب. ثم عدنا إلى المعسكر، وصحبته، فإلى أن مات، ما سمعته يتحدّث بحديث الأسد، ولا لفظ فيه بلفظة. فلم أدر من أي شيء أعجب، من شجاعته وشدّته، أم من قلّة حفله بما صنعه، وكتمانه، أم من كرمه وعفوه عنّي، وما عاتبني على ضنّي بنفسي.

168 لا جزاك الله من طارق خيرا

168 لا جزاك الله من طارق خيرا حدّثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن أمّ المكاتب البغداديّ، المعروف والده بأبي اللّيث الهمذاني، قال: حدّثني محمد بن بديع العقيليّ، أحد قوّادهم ووجوههم في الحيّ، وكان ورد إلى معزّ الدولة، فأكرمه وأحسن إليه، قال: رأيت رجلا من بني عقيل، وفي ظهره كلّه شرط كشرطات الحجام، إلّا أنها أكبر، فسألته عن ذلك. فقال: إنّي كنت هويت ابنة عمّ لي، فقالوا: لا نزوّجك إلّا أن تجعل في الصداق الشبكة، فرس سابقة كانت لبعض بني بكر بن كلاب، فتزوّجتها على ذلك. وخرجت في أن أحتال في سلب الفرس [224] من صاحبها، لأتمكّن من الدخول بابنة عمّي. فأتيت الحيّ الذي فيه الفرس، في صورة حدّار، وما زلت أداخلهم، ومرّة أجيء الخباء الذي هي فيه كأنّي سائل، إلى أن عرفت مبيت الفرس من الخباء. واحتلت حتى دخلت البيت من خلفه، وحصلت خلف النضد، تحت عهن «1» كانوا نفشوه ليغزل. فلما جاء الليل، وافى صاحب الخباء، وقد زاولت «2» له المرأة عشاء،

وجلسا يأكلان، وقد استحكمت الظلمة، ولا مصباح لهم، وكنت ساغبا «1» ، فأخرجت يدي، وأهويت إلى القصعة، وأكلت معهم. فاحسّ الرجل بيدي، فأنكرها، فقبض عليها، فقبضت على يد المرأة، فقالت له المرأة، ما لك ويدي؟، فظنّ أنّه قابض على يد امرأته، فخلّى يدي، فخلّيت يد المرأة. وأكلنا، فأنكرت المرأة يدي، فقبضت عليها، فقبضت يد الرجل، فقال لها: ما لك؟ فخلّت عن يدي، فخلّيت عن يده. وانقضى الطعام، واستلقى الرجل نائما، فلمّا استثقل، وأنا مراصدهم، والفرس مقيّدة في جانب البيت [225] ، فأثبتّها، والمفتاح تحت رأس المرأة. فوافى عبد له أسود، فنبذ حصاة، فانتبهت المرأة، فقامت إليه، وتركت المفتاح في مكانه، وخرجت من الخباء إلى ظاهر البيت، ورمقتها بعيني، فإذا هو قد علاها. فلمّا حصلا في شأنهما، دببت، وأخذت المفتاح، وفتحت القفل، وكان معي لجام شعر، فأوجرته الفرس، وركبتها، وخرجت عليها من الخباء. فقامت المرأة من تحت العبد، ودخلت الخباء، وصاحت. فذعر الحي، وأحسّوا بي، وركبوا في طلبي، وأنا أكدّ الفرس، وخلفي خلق منهم. فأصبحت، وليس ورائي إلّا فارس واحد برمح، فلحقني وقد طلعت الشمس، وأخذ يطعنني، فلا تصل إليّ طعناته، ولا فرسي تنجيني، إلى حيث لا يمسّني من الرمح شيء.

حتى وافينا إلى نهر عظيم، فصحت بالفرس، فوثبته، وصاح الفارس بالفرس التي تحته، فقصّرت، ولم تثب. فلما رأيته عاجزا عن العبور، وقفت، لأريح الفرس وأستريح، فصاح بي، فأقبلت عليه بوجهي. فقال: يا هذا، أنا صاحب [226] الفرس التي تحتك، وهذه ابنتها، فإذ ملكتها، فلا تخدع عنها، فإنّها تساوي عشر ديات، وعشر ديات، وعشر ديات، وما طلبت عليها شيئا قط، إلّا لحقته، ولا طلبني عليها أحد إلّا فتّه، وإنّما سمّيت الشبكة، لأنّها لم ترد قط شيئا إلّا أدركته، فكانت كالشبكة في صيده. فقلت له: إذ نصحتني، فو الله لأنصحنّك، كان من صورتي البارحة، كيت وكيت، وقصصت عليه قصة امرأته، والعبد، وحيلتي في الفرس. فأطرق، ثم رفع رأسه، وقال: ما لك، لا جزاك الله من طارق خيرا، طلّقت زوجتي، وأخذت قعدتي «1» ، وقتلت عبدي.

169 دكين البدوي يسل فرس معز الدولة

169 دكين البدوي يسلّ فرس معز الدولة وحدّثنا ابن أبي الليث الكاتب، قال: حدّثني رجل من بني النمر بن قاسط، يسمى دكين، بدويّ، شاهدته بالأنبار، قال: كان معزّ الدولة، لما حصل بسنجار، يشدّ «1» فرسا له جليل القيمة، بين يديه، في أقرب المواضع إلى مبيته. فعيّنت عليه، وطمعت في سلّه، وأعملت الحيلة في ذلك [227] ، فلم أتمكّن. إلى أن جئت ليلة من الليالي، فوجدت بعض السوّاس، وقد نزع جبّة صوف عليه، وهو نائم، وقد طرحها إلى جنبه، فلبستها، وجئت إلى الفرس، وأخذت المخلاة من رأسه، لأحلّه، وأركبه. فلما طرحت المخلاة، استيقظ معزّ الدولة، وأحسست بحركته، فأخذت الغربال، وطرحت به باقي الشعير الذي كان في المخلاة، وسرّدته «2» ، وأعدته إلى المخلاة، وأوهمته أنّي أحد السوّاس، وقد فعلت ذلك متفقّدا للفرس. فلما رآني أفعل ذلك، صاح بالفارسيّة، بكلام فهمت معناه: حسبه من الشعير، لا تردّه إلى رأسه. فتركت المخلاة، ومرح الفرس يطلبها. فقال معزّ الدولة بالفارسيّة: قصّر عليه. فتمكّنت من الحيلة، وأهويت إلى الرسن، فحللته، موهما له أنّي أقصّره، واستويت على ظهره وصحت به، فخرجت من العسكر.

وصاح الأمير معزّ الدولة، وركب سرعان العسكر في طلبي، فما زلت أركض، وخلفي جماعة [228] ، حتى حصلت في شعب طويل، وهم ورائي. فاستقبلني قوم من العلّافة «1» ، رأيتهم على بعد، من ضوء مشاعلهم، ومعهم عسكر. فقلت في نفسي: يا دكين، اليوم يومك، وراءك عسكر، وأمامك عسكر، فإن ملكوك، لم يوصلوك إلى معزّ الدولة، إلّا ميتا، وليس غير الإقدام على ما تقدّر فيه النجاة. فقام في نفسي أن أحمل على من هو أمامي، وليس لهم علم بخبري، فسللت سيفا كان معي، فوق ثيابي، وتحت الجبة التي لبستها من ثياب سوّاس معزّ الدولة، وحرّكت وهم لا يروني، لأنّهم في الضوء، وأنا في الظلمة. فلما قربت منهم، صحت بهم صياحا عظيما، فقدّروني ابتداء خيل قد كبستهم، تريدهم. وأقبلت أحمل على واحد، واحد، وأنا أضرب، فيتوقّاني، وأحذره، إلى أن تخلّصت منهم، وجريت. ولحقت بهم الخيل التي كانت خلفي، وتشاغلوا بمساءلتهم عنّي قليلا، ففت الفريقين. وحملت الفرس إلى الشام، فبعته على سيف الدولة، بثلاثة آلاف درهم، [229] ودحت في البلاد، إلى أن صرت إلى بغداد، ومعزّ الدولة، يطلب قوما من العرب، ليفرض «2» لهم وينفذهم إلى بعث. فحملني المسيّب بن رافع العقيليّ، في جماعة، إليه، عرضهم عليه، فأثبتني.

فلما وقفت بين يديه، اقتحمتني عينه، لأنّي دميم. فقال: بيست دينار. فعلمت أنّه أراد، عشرين دينارا. فكلّمه المسيّب، والمهنّا، العقيليان، فزادهما ثلاثة دنانير. فقالا له: رجل له فضل، ومنزلة، وهو من أصله، ومن شجاعته «1» . فقال: لو كان هذا كله حقا، ما كان يقدر أن يصنع؟ فقلت لبعض النقباء: أيّ شيء قال؟ ففسّره لي. قال: فقلت: أيها الأمير، أقدر أضع نفسي على فرس بين يدي ملك مثلك، فأحتال في أمره، حتى آخذه سائسا، ثم أركبه، وقصصت عليه قصّته مع فرسه بسنجار، وذكر بيعه وثمنه. فقال: وأنت صاحب الفرس بسنجار؟ فقلت له: نعم. فضحك، وقال: نزّلوه أربعين دينارا «2» . ففعلوا.

170 مختارات من الشعر

170 مختارات من الشعر حدّثني [230] أبو الحسن «1» ، قال: اجتزت بطريق سرّ من رأى، فدخلت القصر المعروف بالأحمديّ «2» ، لأشاهد آثاره، فلما توسّطته، رأيت مكتوبا على حائط فيه: في الأحمديّ لمن يأتيه معتبر ... لم يبق من حسنه عين ولا أثر غارت كواكبه وانهدّ جانبه ... ومات صاحبه واستفظع الخبر وأنشدني لنفسه: رفقا أقيك بمقلة ... كلّفتها طول السهاد أصبحت منها في السواد ... وفي السواد من الفؤاد وأنشدني أبو القاسم الصرويّ «3» ، قال: أنشدني أبو الحسن الموسويّ، العلويّ، لنفسه: يا نازلا في السواد ... من مقلتي وفؤادي

171 رجال الدولة يتآمر بعضهم على بعض

171 رجال الدولة يتآمر بعضهم على بعض حدّثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله «1» ، قال: أخبرني جماعة من شيوخ الكتّاب ببغداد: إنّ القاسم بن عبيد [231] الله «2» ، كان قد أوجس في نفسه من اختصاص الحسين بن عمرو النصرانيّ «3» ، كاتب المكتفي «4» ، فوضع عليه من يأتيه بأخباره، حتى أظهر لمغنّية كان ابن الحسين بن عمرو يتعشّقها، أنّه يعشقها، وملأ عينها، وكان يتسقّطها أحاديث الحسين بن عمرو وابنه، لكثرة ملازمتها له، حتى غلبه عليها، فاضطرّ ابن الحسين بن عمرو، أن يداخل القاسم من أجلها، واجتذبه، وصار كالنديم له، فملأ عينه بالإحسان، وضرّب بينه وبين أبيه، وكان يأتيه بأخباره. فجاء يوما، فأعلمه، أنّه قد شرع مع المكتفي في الوزارة، وضمن القاسم وأسبابه، بمال عظيم، ذكر مبلغه، وأنّه تقرّر الأمر مع الخليفة أن

يستوزر إبراهيم بن حمدان الشيرازي «1» ، كاتب الحسين بن عمرو- قال أبو الفضل، وهو جدّ أبي القاسم عليّ بن الحسين بن إبراهيم المعروف بالمشرف «2» - على ما كان ينظر فيه للمكتفي، ويلبسه السواد، ويخاطب بالوزارة، لأنّه لم يرغب هو في الإسلام، ولم يجز [232] استيزار ذمّي، وأن تكون الدواوين، والأمور، كلّها إليه، ويؤمر الوزير أن يصدر عن أمره، ولا يصل إلّا في أيّام المواكب، والمجالس الحافلة، للعرض فقط، وإقامة الرسم، ويلبس السواد، والسيف، والمنطقة، وأنّ فارس- داية المكتفي- هي التي قررت ذلك مع الخليفة، وأنّه قد وعدهم ليوم بعينه، قريب، ذكره، ليقبض على القاسم وأسبابه، ويسلمون إلى الحسين بن عمرو. وشاور القاسم أبا العباس بن الفرات «3» ، كيف يصنع؟ فقال له: عندي ما يكفيك هذا الأمر. قال: وما هو؟ قال: كتاب بخطّ الحسين بن عمرو، الذي يعرفه الخليفة، إلى أبيك «4» ، كتبه إليه من بعض الوجوه التي خرج إليها المكتفي، في أيّام المعتضد، وهو إذ ذاك كاتبه، يخبر أباك، عن بخل المكتفي، وسقوط نفسه، وعيوبه، وفواحشه، وضعفه، ونقصه، بكلّ عظيمة، ويشير على أبيك، أن ينهي ذلك إلى المعتضد، وأن يسرع في استدعائه إلى [233] الحضرة، لئلّا يفتضح الملك. والوجه لك، أن تعمل ثبتا «5» بجميع أملاكك، وما تحويه يدك، ودارك،

وملكك من جميع الأشياء، وتصير إلى الخليفة، وتستخليه، فإذا خلا، طرحت نفسك بين يديه على الأرض، وبكيت، وأخرجت الثبت، وسألته أن يقبل جميعه منك، عفوا حلالا، ويقرّك على خدمته، أو أن يؤمنك على جسمك، ونفسك، وأن لا يسلمك إلى الحسين بن عمرو، فإنّه غير مأمون عليك، فإذا سألك عن سبب ذاك، أعلمته أنّ الحسين بن عمرو، أظهر السرّ، فبلغك، وأخرجت الكتاب إليه، وقلت له: يا أمير المؤمنين، كيف تأمن على نفسك، ودولتك، من هذا اعتقاده فيك؟ فإنّه إذا قرأه، مع ما قد سمعه منك، انحلّ، ورجع لك، وانقلب على الحسين بن عمرو، وإذا سألك عن الكتاب، عرّفته أنّه كان في خزائن أبيك، يحفظه على الحسين بن عمرو لك، ويسلمه إليك، وكان المعتضد يخافه حتى هلك، وأنّك أنسيت أمره إلى الآن، فأظهرته، واضمن [234] الحسين بن عمرو، وإبراهيم الشيرازيّ، وأسبابهما، كذا وكذا ألوفا، تقدر على استخراجها منهم، فإنّ الخليفة يجيبك، وإذا وعدك، فعرّفه أنّ هذا أمر قد ظهر وفشا، وتحدّث به الناس، وكثرت معه الأراجيف، وأنّه إن أخّر تسليمهم إليك، وقفت الأمور على العمّال، وطمع فيها كلّ أحد، فأضرّ ذلك به، ووقفت أمور الوزارة، وسخفت من تأخر تسليمهم إليك، فإنّه يسلمهم. قال: فركب القاسم في الحال، إلى المكتفي، وعمل جميع ما قاله له أبو العبّاس، فجرى الأمر على ما ظنّه. وعاد القاسم، وقد أذن له الخليفة في القبض على الحسين بن عمرو وأسبابه، فقبض عليهم، واستصفى أموالهم، فلما أحسّ بنفادها، أنفذ الحسين بن عمرو، وإبراهيم الشيرازي، إلى الأهواز «1» ، على سبيل النفي، ووكّل بهما، فلما حصلا بالأهواز، قتلهما الموكلون، وقيل أنّهما جعلا في

بيت، وسدّ، ومنع من دخول الماء إليهما، والغذاء، فلما علم بموتهما، فتح الباب، ونقلا إلى بيت آخر، وأظهر إنّ أجلهما أدركهما [235] . قال: فلما خرج القاسم، وقد ظفر، وتمّ له التدبير، قبّل رأس أبي العبّاس بن الفرات، وعينيه، وشكره، وقال: أنت أبي، وعضدي، وما أشبه ذلك من القول. فحسده ابن فراس «1» ، على ذلك، وقال للقاسم: أيّها الوزير، سل أبا العبّاس من أين له هذا الكتاب؟ فسأله. فقال أبو العبّاس: كنت منذ دهر، مجتازا في بعض الطرقات، فرأيت في دكان نطّاف رفّا عليه ظهور معلقة «2» ، ليجعل فيها ما يبيعه من الناطف «3» على الناس، وما رأيت قطّ شيئا مكتوبا، إلا أحببت قراءته، وقد أفدت من ذلك، دفعات كثيرة، فوائد كبارا. قال: فلحظت الظهور، فوقعت عيني منها، على عنوان هذا الكتاب، فعرفت خط الحسين بن عمرو، فتتبّعت نفسي قراءة الكتاب، فقلت لغلامي: امض، فاشتر هذا الناطف، في ذلك الظهر، وأومأت إلى هذا الكتاب، ففعل، وجاءني به، فقرأته، فوجدت فيه العظائم، فقلت في نفسي: هذا

أشر الناس، يكتب لرجل، ويتخلّفه بمثل هذا الكتاب، فلعلّه أن يلحقني [236] يوما، شرّ من هذا الرجل، فأدفعه بهذا الكتاب، أو أنعى عليه عيوبه، فمسحت آثار الناطف منه، واحتفظت بالكتاب، فهو عندي منذ كذا وكذا سنة، فلمّا حدّثني الوزير الآن بهذا الحديث، علمت أنّه موضع إظهار الكتاب، فأظهرته. فلما انصرف ابن الفرات عن المجلس، قال ابن فراس، للقاسم- وكان يشنعه عنده دائما، فلا يلتفت إليه- قد بان لك مقدار شرّ ابن الفرات، هذا شرّ عليك من الحسين بن عمرو، لأنّه عدوّ مدغل، مندسّ بين ثيابك، والحسين، كان عدوّا مكاشفا، وأنت على اتّقائه أقدر، ما يؤمنك أن يكون ابن الفرات، قد تحفّظ عليك، في مدة استرسالك إليه، ما هو أكثر من هذا، أو قد حصل خطّك بألوان من الذمّ، وأنت ناس، كما فعل بالحسين ابن عمرو؟ ما يؤمنك أن يكون عنده من خطوطك، أو خطوط أبيك، ما يجري هذا المجرى؟ فإنّ الناس، ربما سخطوا على أصحابهم، واستأمنوا إلى بثّهم عند نصحائهم، وإنّما يترقّب منك ابن الفرات [237] ، إعراضا، أو أدنى خلاف عليه في شيء لا يؤثره، وتؤثره أنت، فيظهر للخليفة عنك، وعن أبيك، ما هو أعظم من هذا، فتهلك، وإن أمسكت عنه، فأنت ربيب في حجره، وعنده أنّه قد ردّك إلى الوزارة برأيه، ويقتطع الدنيا، ويفوز بها، وبفائدتها، وتكون التبعة عليك، وإن أوحشته، قتلك بمثل هذا الفعل، فاقبل رأيي، وعاجله، واحتل عليه، بسمّ تدسّه إليه، وتتخلّص منه. قال: فوقع ذلك في نفس القاسم. وما زال ابن فراس يقوّي رأيه، إلى أن عمل له سمّا في تفّاحة، وأشمّه إيّاها، فأتلفته. وكان هذا الكتاب، أشأم كتاب سمع به.

172 أبو جعفر بن بسطام له قصة في رغيف

172 أبو جعفر بن بسطام له قصة في رغيف وحدّثني أبو محمد «1» ، قال: حدّثني بعض شيوخ الكتاب ببغداد، عمّن حدّثه: إنّه سمع أبا الحسن بن الفرات «2» ، يقول لأبي جعفر بن بسطام- وكان سيّء الرأي فيه-: ويحك يا أبا جعفر، لك قصّة في رغيف، ما هي؟ فقال: ما لي قصّة في رغيف. فلم يزل به أبو الحسن، إلى أن قال له: إن أخبرتني بذلك، كان [238] خيرا لك، قال: نعم، إنّ أمي، كانت عجوزا صالحة، وعوّدتني- منذ ولدت- أن تجعل تحت مخدّتي التي أنام عليها، في كلّ ليلة، رغيفا فيه رطل، فإذا كان من غد، تصدّقت به عنّي، وأنا أفعل هذا إلى الآن. قال: فقال ابن الفرات، ما سمعت بأعجب من هذا، اعلم أنّني من أسوإ الناس رأيا فيك لأمور أوجبت ذلك، وعدّد بعضها، وأنا منذ أيام مفكّر في القبض عليك، ومطالبتك بمال، فأرى منذ ثلاث ليال، في منامي، كأنّي قد استدعيتك لأقبض عليك، فتحاربني، وتمتنع عليّ، فأتقدّم بمحاربتك، فتخرج إلى من يحاربك، وبيدك رغيف، كالترس، فتتّقي به السهام، فلا يصل إليك منها شيء، وأشهد الله عزّ وجلّ، أنّني قد وهبت لله تعالى، ما في نفسي عليك، وأنّ رأيي لك، أجمل رأي، من الآن، فانبسط. قال: فأكبّ أبو جعفر، على يديه ورجليه، يقبّلها «3» .

173 ما يرد في المرافق يذهب في المصادرة

173 ما يرد في المرافق يذهب في المصادرة حدّثني أبو طاهر المحسّن بن محمد بن الحسن، الجوهريّ «1» ، الشيرازيّ، المعروف بابن المقتفي، وهو أحد [239] الشهود بمدينة السلام، قال: قال لي أبو الفضل العباس بن فسانجس «2» : كسبت في مدّة تصرّفي مع السلطان، بفارس، خمسين ألف ألف درهم، وصادرني عليّ بن بويه «3» ، في مدّة مقامي بشيراز، على ستمائة ألف دينار، متفرّقة، سوى ما استخرجه من خراج ضيعتي، ثم اقتطعها بالحقّين. وأنا أقول: لو لم نعتبر في الزمان، إلّا بهذه الحكاية، لكفى، لأنّ أبا الفضل، ما تقلّد أكثر من كتابة فارس، وخلافة العمّال بها، عليها، أو على بعضها، في بعض الأوقات، فظفر بهذا المال. وقد تقلّد أبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس «4» ، دواوين العراق

مجموعة، ثماني وعشرين سنة، ثم الوزارة ثلاثة عشر شهرا، وبلغ المبالغ التي لم يبلغ إليها أبوه قط. فلما أرهق بالمطالبات، في وقت النكبة، واستقصي عليه، بلغت مصادرته ألف ألف ومائتي ألف درهم، تكشّف «1» بإدائها.

174 الخليفة المعتضد يتخبر على وزيره

174 الخليفة المعتضد يتخبر على وزيره حدثني أبو محمد، يحيى بن محمد بن فهد، قال: حدّثني [240] بعض المشايخ: إنّ القاسم بن عبيد الله، كان يخاف المعتضد، ويخفي شربه، ولعبه، لئلّا يتصوّره بصورة حدث، متوفّر على لذّاته، يخلّ بالعمل، فيفسد رأيه فيه، وكان مع ذلك، بالشباب، والحداثة، يشتهي اللعب، فإذا أمكنه أن يخفيه جدّا، استرق الليلة، أو اليوم، من عمره، فشرب. قال: فأراد الشراب ليلة من الليالي، على الورد، فاحتال في جمع شيء كثير منه، وحصله خفيّا، وجمع من المغنّيات جمعا كثيرا، وفيهن واحدة كان يشتهيها، ويتحظّاها. وجلس وليس معه غيرهنّ، فشرب، وخلط بالورد الدراهم الخفاف «1» ، ونثر عليه، والناس يسمون ذلك «شاذكلى» «2» ، ولبس ثياب قصب مصبّغات، من ثياب النساء، وأدخل تلك المغنّية معه، لشدّة شغفه بها، ومضت ليلة طيّبة، فقطع الشرب في نصف الليل، خوفا من الخمار «3» ، ونام. وركب إلى المعتضد من غد، وأقام في الخدمة، إلى حين وقت انصرافه. فلمّا أراد الانصراف، دخل ليراه المعتضد، وينصرف، فاستدناه [241] المعتضد، إلى أن صار بحيث لا يسمع كلامه غيره، فقال له: يا قاسم

لو دعوتنا البارحة، فكنا نلعب معك شاذكلى، ولكنّك احتشمت، لأجل المصبّغات التي لبستها أنت وعشيقتك. قال: فكاد القاسم أن يموت جزعا. فقال له: ما لك قد جزعت؟ وأيّ شيء في هذا؟ لو علمنا أنّه يلحقك هذا، ما أخبرناك بشيء، ولا آذيت قلبك، امض في ودائع الله. قال: فعاد القاسم إلى داره كئيبا، وجمع نصحاءه، وأخبرهم الخبر، وقال: ما أراد المعتضد بهذا، إلّا ليعرّفني أنّ هذا القدر من أخباري ليس يخفى عليه، وإن كان على الحقيقة قد علم هذا القدر، فكيف تخفى عليه مرافقي «1» ، وما هو أظهر من هذا من أخباري؟ وكيف يكون عيشي؟ وانّه لا ينستر عليه مثل هذا؟ وما تروني أصنع «2» ؟ فأخذوا يطيّبون قلبه، ولا يزداد إلّا جزعا، إلى أن قال لهم: إن لم أعرف من رقى هذا الخبر، انشقّت مرارتي، وقتلت نفسي. فقالوا له: نحن نبحث ونتعرّف. فابتدر أحدهم، وقال [242] : أنا أكفيك، أيّها الأمير، هذا. قال: وجعل ذلك الصاحب، يطوف حوالي دار الخليفة، ليجد من يشبه صاحب خبر، فيخمّن عليه، فما ظفر بشيء يومه ذلك. فلما كان من الغد، طاف الدواوين، ومجالس أصحاب البريد والخبر، يومه أجمع، فما ظفر بشيء. فلما كان اليوم الثالث، طاف دار الوزارة، ومقاصيرها، فلم يظفر بشيء.

فلما كان في اليوم الرابع، وقف على دابّته في باب العامّة، متحيّرا، لا يدري، ينتظر أن يخرج الوزير راكبا، فيركب معه في الموكب، فيتفقّد الوجوه، إذ كان لم يبق له شيء يجده، وإذا هو برجل شاب يحبو على ركبتيه زمانة، كما يكون الزّمن الذي يتصدّق، وقد جاء قبل طلوع الشمس بشيء كثير، فزحف، ودخل على البوّابين، فلم يمنعوه. قال الرجل: فحين بلغ العتبة، وقف مع البوّابين، يحدّثهم ساعة، وأنا أصغي إليه، ويسألهم عن أخبارهم، ويدعو لهم، وهم على بشاشة، إلى أن أخذ بهم في غير ذلك الحديث [243] . إلى أن قال: من بكّر اليوم إلى الدواوين، ومن دخل؟ ومن حجب؟ فقالوا له: فلان وفلان. فحين سمعت ذلك، علمت أنّه صاحب خبر «1» ، فأتبعته بصري، إلى أن جاز البوّابين، ودخلت وراءه، فبلغ إلى أصحاب الستور، فكانت صورته معهم كصورته مع أولئك، فأخبروه بما لم أكن أعلم، مع اختصاصي بخدمة الوزير، من وصول الناس إليه، وحجبهم عنه. وتجاوز إلى دهليز العامّة، فنزلت عن دابّتي، وهو لا يفطن لي، فبلغ إلى موضع الحجّاب، فولع به الحجّاب، ولم يحدّثهم بشيء ولم يحدّثوه، ودعا لهم، وتصدّق منهم، فأعطوه.

فتجاوزهم إلى الصحن، وأنا أراه، فلم يزل يحبو، ويطوف، على خزانة، خزانة، من خزائن الفرش، والشرب، والكسوة، وحجر الغلمان، والخدم، ويبحث عن الأخبار، ويحدّث بكل شيء، وأنا أسمع، حتى استفدت ما لم أكن أعرفه من تخبّر دار الوزير. ثم جاء إلى باب الحرم، فدعا للخادم الموكّل بالباب، فتصدّق عليه، وأعطاه، وجلس هناك يتطايب، وكلّ من دخل [244] وخرج، من جارية، أو خادم، يسأله عن خبره، ويولع به، ويهب له شيئا، ويستخرجهم أخبار الدار، وينقل ما فيه، ويقول: قولوا لستّنا فلانة تهب لي ما وعدتني به، وقولوا لستي فلانة، تتصدّق عليّ، وسلوا ستّي القهرمانة الفلانية عن خبرها، وأقرؤوها سلامي، وأنا أشاهده، وأتعجّب منه، حتى استنفذ من أخبار جواري القاسم، ومبيته، وعند من بات منهم البارحة، وما بين الجواري من السرور والأنس، وأخبار كسوتهم، وأشياء من هذا الجنس، كلّ شيء طريف. ثم زحف، ودخل دار الخلوة التي يخلو فيها الوزير، وكان يركب منها، فهشّ به فرّاشو الحجرة، والخاصة، والخدم، والغلمان الأصاغر، وضاحكوه، ودعا لهم، وأخذ من بعضهم برّا، وسألهم عن خبر الوزير في خلوته تلك، وشربه. وقال له بعضهم: هو مغموم غمّا شديدا منذ يومين، لا نعرف سببه، فما يشرب، ولا يأكل، ولا نام، ولا خلا. وكلّ ذلك، وهو يظهر في مسائلته التطايب [245] ، وأنّه كالمتغيّر المعتوه، ويحمل أولئك ألفاظه على هذا، فيخبره منهم الضعيف العقل، والمزّاح، والأخرق، وهو يحتمله، إلى أن فرغ من أهل حجرة الخلوة. ثم خرج، فزحف أشدّ زحف، على هيأته، لا يعرّج على شيء، حتى

جاء إلى مجلس الكاتب، فأقام هناك طويلا، ففعل كفعله. ثم خرج من الباب، وقد ملأ زنبيلا كان معه، من الخبز والحلوى والطعام، وملأ جيبه من الدراهم. فلما صار على باب الدار، قلت للبوّابين: تعرفون هذا؟ فقالوا: رجل زمن أبله، يجيء فيتصدّق، وخلقه طيب، فكلّ من في الدار، يستطيبه، ويبرّه. قلت: قد رحمته، واشتهيت آخذ له شيئا، ففيكم من يعرف بيته؟ فقالوا: لا. فركبت، واتّبعته، ولحقت به، ووقفت كأنّني أحدّث غلامي، وأسير خلفه على تؤدة، حتى جاء إلى الجسر، فعبره زحفا، وأنا وراءه، ودخل الخلد، ودخلت معه، وولج في خان، فقلت لغلامي: اتبعه، فاعرف بيته في الخان، ففعل، وعاد إليّ، فوصفه لي [246] . فوقفت متحيرا، لا أدري ما أعمل، ولا من أسأل عنه، وأخاف أن أنفّره، فيهرب. وطال وقوفي، وهممت بالانصراف، فإذا به قد خرج بريئا، نظيفا، بثياب مرويّة «1» ولحية بيضاء، وطيلسان، وعمامة قد جعلها فوق حاجبيه، فلولا قرب عهدي به، وبرؤيته، لما عرفته، وإذا هو يمشي لا قلبة «2» به. فتأمّلت لحيته، وإذا هي ملبّسة فوق لحيته، وقد أخفاها بعمامته، وإنّما فطنت لذلك، لشدّة تأمّله، وصرف اهتمامي إلى ذلك، مع قرب عهدي برؤيته.

ومشى، فدخلت إلى مسجد، وغيّرت عمامتي، وأمرت غلامي أن يأخذ دابّتي ويقف لي عند الجسر بها، ونزعت خفّي، ولبست تمشك «1» غلامي، ومشيت، فاتّبعته، بسرعة مشيته. ومضى حتى أتى دار ابن طاهر «2» ، فخرج إليه الخادم، فما منهما من كلّم صاحبه، بأكثر من أنّه أخرج رقعة لطيفة، فسلّمها إلى الخادم، ودخل الخادم، ورجع هو، فلم أتبعه، وامتددت إلى درجة يعقوب، فركبت في سميرية، وصعدت [247] إلى دار الوزير. فدخلت إليه، وهو يطلبني للأكل، فأكلت معه، وقام الناس، فجلست. فقال لي: قل. فقلت: فعلت البارحة كذا وكذا، وجرى في دار حرمك كذا، وقالت فلانة كذا، وقالت جاريتك الفلانية وخاطبتك بكذا، وفلان الخادم الصغير فعل كذا. قال: وكنت قد سمعت في خلال ذلك، أخبار الحاشية، بعضهم من بعض، لا أظن صاحب الخبر عرفها، ولكن كما أنجرّت الأحاديث، فأخبرته بذلك كلّه. فقال لي: ويحك، أيش تقول؟ من أين لك هذه الأحاديث؟ فقلت: من حيث خرج حديث الشاذكلى. فقال: أخبرني.

فقلت: الجائزة. فقال: احتكم. فأخبرته بخبر الزمن، على جهته. فجذبني، وقبّل بين عينيّ، وأمر لي بمال جليل. وقال: أريد أن تحصّله، من حيث لا يعرف خبره. فقلت: أنا على ذلك، فتقدّم إلى بعض الغلمان الخاصّة، أن يطيعني، فجمع بيني وبين غلام منهم، وتقدّم إليه بذلك. فلما كان من الغد، باكرت الدار، وجلست [248] أنتظر الرجل، فإذا به قد جاء على زيّ أمس، في البزّة والزمانة، ودخل، فلم أعرض له، حتى دخل حجرة الخلوة، فاتّبعته. وقلت للغلام: خذ هذا، فأخذه، وقفلنا عليه بابا من الحجرة، فاضطرب، وبكى. ونزل الوزير، فأسررت إليه الخبر، ففضّ شغله، ودخل الحجرة، واستدعى به، فجاء يزحف، فوكزت عنقه، وقلت له: قم يا عاضّ «1» ، فامش مشيا صحيحا، كما رأيتك تمشي بالأمس. فقال: أنا رجل زمن. فأحضرت له مقارع، فلما رأى المصدوقة «2» ، قام، فمشى. فقال له القاسم: اصدقني عن خبرك، وإلّا قتلتك الساعة. فقال: أنا صاحب خبر المعتضد عليك، منذ كذا وكذا شهرا، أفعل كذا، وأصنع كذا، وذكر مثل ما أخبرته به، وأنّه يجمع الأخبار، ويكتب بها في كلّ نصف نهار، من كلّ يوم، ويوصل رقعة لطيفة بذلك إلى الخادم

الموكّل بدار ابن طاهر، فيمضي بها ذلك الخادم إلى المعتضد، فإنّ الخادم، هو الواسطة بينهما، وإنّه إذا كان في [249] رأس كل شهر، سلّم إليه الخادم ثلاثين دينارا عينا. قال: فعرّفني، أيّ شيء أنهيت من أخباري، طول هذه المدة؟ فذكر له أشياء كثيرة، منها خبر الشاذكلى. فحبسه القاسم في ذلك البيت، فلما كان في الليل قتل «1» ، ودفن، فانقطع خبره عن المعتضد. فلما كان بعد شهر، وأكثر، قال لي القاسم: استرحت من ذلك الكلب، ما أرى عند المعتضد من خبري شيئا، ولا أرى عليه أثرا يدلّ على وقوفه على شيء من أمري.

175 أبو بكر بن رائق وإعجابه بغناء ابن طرخان

175 أبو بكر بن رائق وإعجابه بغناء ابن طرخان حدّثني أبو الفتح أحمد بن عليّ بن هارون المنجّم، قال: حدّثني أبي «1» ، قال: كان أبو بكر بن رائق، شديد الإعجاب، بغناء أبي القاسم بن طرخان «2» ، وكان أهلا لذلك، وكان أطيب الناس حلقا، وأحسنهم صنعة، وكان يجسّ الطنبور جسّا، أطيب من الضرب، تكاد القلوب إذا سمعته، أن تخرج من أضلاعها، استطابة له. وكان إذا ابتدأ يجسّ، ابتدأ ابن رائق، يشرب أقداحا [250] ، إلى أن يجيء الغناء. فقال لي يوما: يا أبا الحسن، ما ترى هذا الجسّ الذي ليس على وجه الأرض أطيب منه، أيّ شيء يشبه عندك؟ فقلت: أيّها الأمير، يشبه رسول الحبيب، يستأذن لزيارته. فأعجبه ذلك.

176 علي بن هارون المنجم يلقي على المغني درسا في الغناء

ثم حدّثت بهذا الحديث، عبيد الله بن محمد الصروي «1» ، فعمل بحضرتي، في ذلك شعرا، وأنشدنيه: قامت تذود كرى المحبّ ... وقد غفا عن مقلتيه وتجسّ قبل الصوت مثنى ... عودها شوقا إليه فكأنّه في قلبه ... إذ نبّهته ومسمعيه نغم الرسول مبشرا ... بقدوم من يهوي عليه 176 علي بن هارون المنجم يلقي على المغنّي درسا في الغناء وحدّثني أبو الفتح، قال: كنت بحضرة أبي «2» ، وبحضرته مغنّ يغنّي، فمرّ في بعض لحنه بميم فبيّنها. فقال له أبي: إذا مررت في ألحانك، بميم، أو نون، فزمّها، واعصرها، وأنا ضامن لك طيبة ذلك، غارم لك كلّما يجني عليك. قال: فأعاد الصوت، وزمّ الميم زمّا شديدا [251] ، فتضاعفت طيبته.

177 من شعر الوزير المهلبي

177 من شعر الوزير المهلبي سمعت الوزير أبا محمد المهلّبيّ «1» ، يتحدّث يوما في مجلس أنس حضرته، قال: كنت قد خرجت من الأهواز، مع أبي جعفر الصيمري «2» ، نريد السوس «3» ، وهو إذ ذاك عاملها لمعزّ الدولة، وكانت والدة أبي الغنائم- إذ ذاك- بالسوس، وأنا في عنفوان استهتاري بها، وقد اشتدّ شوقي إليها، يعني تجنّي جاريته «4» . فلما صرنا في الرمل الذي في الطريق، هاجت ريح عظيمة، فسفت علينا تلك الرمال، فذكرت بيتي الفرزدق، وهما: وركب كأنّ الريح تطلب عندهم ... لها سلبا من جذبها بالعصائب سروا يخبطون الريح وهي تلفّهم ... إلى شعب الأكوار من كل جانب «5»

178 بين القاضي الإيذجي والمفجع الشاعر

فعملت: وريح تغيم الجو مما تثيره ... وتستلب الركبان ريط العصائب نصبت لها نفسي وأنصبت صاحبي ... إلى أن نزلنا في ديار الحبائب [252] قال: وأنشدني لنفسه: أتحسب العين أنّها طرحت ... على فؤادي ثقلا من الشغف ما أبله العين في توهّمها ... بأنّها عرّيت من التلف 178 بين القاضي الإيذجي والمفجع الشاعر أخبرني أبو عليّ الحسن بن سهل بن عبد الله الإيذجيّ، وكان يخلف أبي على القضاء «1» بإيذج «2» ، وعلى رامهرمز «3» ، ثم لم يزل على الحكم، ونادم أبا محمد المهلّبي في وزارته «4» ، فغلب عليه، وعلا محله عنده، وتخالع،

وتهتّك، بما لا يجوز للقضاة، وكان يدعى بالقضاء، ويخاطبه أبو محمد، في الوزارة، في كتبه، بسيّدي القاضي، وكان له محلّ مكين في الأدب، قال: وردت البصرة، وأنا حديث السنّ، لأكتب العلم، وأتأدّب، فلزمني أبو عبد الله المفجّع «1» ، وكنت أقتصر عليه، فكتب إليّ يوما، وقد قرص «2» الهواء: يا أيّهذا الفتى وأنت فتى الدهر ... إذا عزّ أن يقال فتى طوبى لمن كان في الشتاء له ... كأس وكيس وكسرة «3» وكسا [253] وكتب في الرقعة: قد بقيت كاف أخرى، لولا أنّي أحبّ تقليل المؤونة، عليك، لذكرتها، يعني الكس. فبعثت إليه، بجميع ما التمسه.

179 أبو خليفة يصطفي شعر عمران بن حطان

179 أبو خليفة يصطفي شعر عمران بن حطّان وحدّثني [أبو عليّ الإيذجيّ، قال: كان أبو خليفة «1» ] ، صديقا لأبي وعمّي، منذ أيّام وفد إلى كور الأهواز، في فتنة الزنج «2» . فلما قدمت البصرة، قدمتها مع أبي، فأنزلنا أبو خليفة داره، وأكرمنا، ومكّنني من كتبه، فكنت أقرأ عليه، كلّما أريد، وأسمع كيف شئت وأحبّ، وأكتب وأنسخ لنفسي أصوله. فإذا كان الليل، جلسنا، وتحادثنا، فربما رمت القراءة عليه، فيجيبني، فإذا أضجرته بكثرة القراءة عليه، يقول: يا بنيّ، روّحني، فأقطع القراءة. وإذا استراح، أخرج من كمّه دفترا، من ورق أصفر، من الورق العتيق، فيقول: إقرأ عليّ من هذا، فإنّه خطّي، وما تقرأه عليّ، فهو غير خطّي. فكنت أقرأ عليه منه، وكان فيه ديوان عمران بن حطان «3» ، وكان يبكي، على مواضع منه. فأنشدته ليلة، القصيدة التي منها: [254]

يا ضربة من تقيّ ما أراد بها ... إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إنّي لأذكره يوما فأحسبه ... أحظى البريّة عند الله ميزانا فبكى عليهما، لمّا انتهيت إليهما، حتى كاد أن يغمى عليه، فاستطرفت ذلك، وعجبت منه. فلما كان من الغد، اجتمعت مع المفجّع، فحدّثته بذلك، واغتررت به، للأدب، واستكتمته إيّاه، فأشاعه، وعمل: أبو خليفة مطويّ على دخن «1» ... للهاشميّين في سرّ وإعلان ما زلت أعرف ما يخفي وأنكره ... حتى اصطفى شعر عمران بن حطان وأنشدنيها لنفسه، وأنشدها غيري، فكتبها عنه بعض أهل الأدب، في رقعة لطيفة، وجعلها في مقلمته. وحضرنا عند أبي خليفة في مجلس عام، فنفض الرجل [255] مقلمته ليرى ما فيها، فسقطت الرقعة، وانصرف، فوجدها أبو خليفة، وقرأها، فاشتدّ ذلك عليه، وقال: إنّ الإيذجيّ، قبحه الله، وترحه، شاط بدمي، عليّ بأبي العباس الساعة- يعني والدي- فجاءه، فحدّثه الحديث، فوقعت في ورطة، وكادت الحال أن تنفرج، بيني وبين أبي، ومنعني أبو خليفة القراءة، واحتشمني «2» ، فحملت إليه ثيابا لها قدر، وأهديت إليه من مآكل الهند «3» ، واعتذرت إليه، فرجع، وقبل عذري، وعاود تدريسي، ومكّنني من القراءة عليه، فقرأت كتاب الطبقات، وغيره، ممّا كان عنده.

وقال: فلا أظهر الرضى عنك، أو تكذّب نفسك. ففعلت ذلك، وأعطيت المفجّع ثوبا دبيقيّا، حتى كفّ عن إنشاد الأبيات، وجحدها، واعتذر إلى أبي خليفة. وقال لي أبو عليّ عقيب هذا: أكثر رواة علم العرب، فيما بلغني عنهم، إمّا خوارج، أو شعوبيّة، كأبي حاتم السجستاني «1» ، وأبي عبيدة معمر بن المثنى «2» ، وفلان، وفلان، وعدّد جماعة «3» .

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب 5: مقدمة المحقق 7: مقدمة المؤلف 9: 1: الأمين لا يتّهم 10: 2: يرى مناما فيمزّق كتابا 11: 3: القاضي أبو خازم يتأنّى في أحكامه 13: 4: أبو جدي، كنية التيس 14: 5: لأبي عليّ الحاتميّ في الأمير سيف الدولة 15: 6: ما قاله أحد ملوك الهند 16: 7: من شعر أحد الكتاب في بيمارستان البصرة 17: 8: مدائح قيلت في أبي القاسم التنوخي والد المحسّن 18: 9: من نظم عضد الدولة 19: 10: من رسالة لأبي القاسم التنوخي 20: 11: كان قتل أبي يوسف البريدي أبرك الأشياء على سيف الدولة 26: 12: لأبي علي الحاتمي، يمدح 27: 13: يعطي ويمنع، لا بخلا ولا كرما 28: 14: بحث في معرفة السارق 29: 15: آيات لإعادة الآبق 30: 16: السرج واللجام في جهاز كل عروس 31: 17: الوزير عبيد الله بن سليمان والجهبذ اليهودي سهل بن نظير

33: 18: عاقبة الظلم 35: 19: خراج الأهواز في سنة خمس وثلاثمائة 36: 20: خضاب يسوّد الشعر 37: 21: طلاء يمنع الحبل 38: 22: الخليفة المعتضد يشهد على نفسه العدول 39: 23: الحارثيّ يستهدي النبيذ 39: 24: صفة نبيذ لا يسكر 40: 25: الكاتب ابن جبير يفاضل بين الوزير ابن الفرات والوزير عليّ بن عيسى 41: 26: دناءة نديم ولؤم أمير 43: 27: ألوان من الحجاب 44: 28: جواب لأبي العيناء 44: 29: أبو العيناء لا ينسى ما حفظ 46: 30: أبو العيناء وأحمد بن الحسن بن المثنى 47: 31: أبو خازم القاضي يريد أن يولّي أحمد بن الحسن بن المثنى القضاء 48: 32: أبو العيناء في دار الواثقي أمير البصرة 49: 33: منافرة بين ضريرين 50: 34: المصالحة بين تاجر أفلس وبين دائنيه 52: 35: إنفاق بلا دخل، يذهب بالأموال 52: 36: بين الجبائيّ والكرخي 54: 37: الخصال المذمومة في الشيخ 55: 38: شيخ من أهل المذار يرى مناما

56: 39: من أقوال معزّ الدولة 57: 40: القاضي أبو عمر، ينقذ بعمامته شخصا من الغرق 58: 41: الإكثار من الغالية يدفئ في الجوّ البارد 59: 42: الإكثار من الغالية يسبّب العمى 60: 43: مثل من الأمانة 61: 44: لا يعرّض القرآن للمسألة 62: 45: السورجيّ وزوجته 62: 46: يتمنّى أن يمرض ليعوده حبيبه 63: 47: المعتضد يكتب رقعة في رفع ظلامة 67: 48: ابن أبي دؤاد وكرمه وعلوّ همّته 69: 49: دعوة الأم لأولادها مستجابة 70: 50: أبو الهيجاء بن حمدان ومتانة أعصابه 72: 51: هجاه بالشعر فأجابه بأخذ الشعير 73: 52: خلف النار الرماد 74: 53: كما تدين تدان 76: 54: الصوفي المتوكل وجام فالوذج حار 78: 55: سائل بالابلّة، وسائل بالصين 79: 56: تاجر يتمدّح بتجسّسه على التجّار 83: 57: صائغ يتمدّح بأنّه اؤتمن فخان 85: 58: من مكارم أخلاق الأمير الموفّق 87: 59: بحث في الأمانة 88: 60: الخوارج يقطعون السارق من المرفق 91: 61: الأمير معز الدولة يطوف في قصور دار الخلافة

94: 62: أجر الطبيب عن سقي دهن الخروع 95: 63: ابن الوزير عليّ بن عيسى، يمنع والديه من الاجتماع 96: 64: الوزير أبو عليّ بن مقلة يثني على القاضي أبي عمر 97: 65: الخليفة المعتضد يبحث عن حجّة لقتل وزيره 99: 66: عمرو بن الليث الصفار يعاقب واحدا من حرسه 100: 67: حميد الطوسي يأمر بقتل الطباخ لأنّه لم ينضج دجاجة 101: 68: إسحاق المصعبيّ تحرّكه رقاع أصحاب الأرباع في بغداد 104: 69: شغف المتوكل بالعود الهندي 114: 70: الكاتب بشر بن هارون النصراني يهجو وزيرا 115: 71: رأي الوزير ابن الفرات في سياسة المملكة 116: 72: الخليفة لا يخاتل 117: 73: علم الخرق وعلم الورق 118: 74: المواساة بخل إنّما هو الإيثار 119: 75: الجنيد والسائل 119: 76: جعفر الخلديّ يحجّ على التوكّل 120: 77: كتم رويم حبّ الدنيا أربعين سنة 121: 78: البريء جريء والخائن خائف 122: 79: الجاهل ميت والعاصي سكران 123: 80: كن صحيحا تكن فصيحا 123: 81: حسن الأدب بين يدي الله تعالى 124: 82: ابن نصرويه يشاور شابا 125: 83: الوزير المهلّبيّ ينعى علي أبي تمام الزينبيّ نقص مروءته 126: 84: الوزير المهلّبيّ يفاضل بين ابن عبد الواحد والزينبيّ

127: 85: الغيبة فاكهة القرّاء 128: 86: سريّ السقطي يشتهي أكلة 129: 87: من مكارم أخلاق القاضي أبي عمر 130: 88: تعليق المهلّبيّ على كتاب القنائي الكاتب 131: 89: الوزير المهلّبيّ يستولي على غلّات بالبصرة دون رضى أصحابها 133: 90: وشديد عادة منتزعة 134: 91: صلاة التجّار 135: 92: من بزّ يوما بزّ به 136: 93: القاضي ابن البهلول يوصي القاضي التنوخي لمّا نصبه للقضاء 139: 94: ابن شاهويه القاضي، يبحث في قضيّة شرعيّة 141: 95: الدليل على تحليل نبيذ التمر 142: 96: دليل آخر على تحليل النبيذ 143: 97: الجبائي وتحليل النبيذ 144: 98: الوزير المهلّبي يناظر بعض دعاة الفتنة ببغداد 146: 99: لماذا كنى نفسه أبا البيان 147: 100: طريقة أبي البيان المؤدب في التدريس 148: 101: مؤدب يتشاتم مع التلاميذ 149: 102: رقية للمرأة كي لا تسقط حملها 150: 103: رقية لإعادة الآبق 151: 104: رقية لإمساك الرعاف 151: 105: رقية للخراج 152: 106: القطيعي الطبيب وذكاؤه ومكارم أخلاقه

154: 107: مهاترة بين رجلين من الخاصة 156: 108: ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي ابن أبي الشوارب 157: 109: من مختار شعر أبي فراس 159: 110: للشاعر الببغاء يصف شرابا 160: 111: زمان الهوى الذّ زمان 161: 112: مريض بالاستسقاء تشفيه أكلة جراد 164: 113: مريض بالاستسقاء يبرأ بعد أن طعم لحم أفعى 166: 114: ابن نصرويه يجيز شاعرا مدحه بثلاثة دراهم 167: 115: بحث في شكوى الزمان 168: 116: توقيع للقاضي ابن معروف 169: 117: كتاب كتبه أبو إسحاق الصابي 171: 118: أبو العلاء صاعد يفتخر 172: 119: كظم الغيظ من مكارم الأخلاق 173: 120: الأمير سيف الدولة يصفح عن أحد أتباعه ويعيد إليه نعمته 178: 121: سخاء الأمير سيف الدولة 184: 122: الوزير حامد بن العباس يعذّب المحسّن بن الفرات 187: 123: من شعر المهلّبي الوزير 189: 124: قال الخليفة المقتدر: ما ظننت أن في الدنيا من يأكل طعاما بلا حلوى بعده 192: 125: الخليفة المعتضد يأمر بصنع جزوريّة 194: 126: اللهم أنقذنا من ذلّ الطمع 195: 127: آلى على نفسه أن لا يأكل لحم فيل أبدا

198: 128: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه 199: 129: طلّسم لإزالة الغمّ 200: 130: رقية تنفع من لسعة العقرب 202: 131: والرقية تنفع أيضا في لسعة الزنبور 203: 132: لأبي الحسن بن المنجّم، يعاتب صديقا له 204: 133: لأبي الفتح بن المنجّم في الغزل 205: 134: لأبي أحمد بن سليمان متغزّلا 206: 135: أشهدوا العدول على الخليفة المطيع لمّا خلع نفسه 208: 136: الأمير الراسبي يأمر بقتل أحد المجرمين على مائدته 211: 137: رقعة إلى رجل تزوّجت أمّه 212: 138: رقعة الصابي إلى الوزير ابن بقيّة 213: 139: تملّكت يا مهجتي مهجتي 213: 140: لا فكّك الله 214: 141: كيف كان الأبزاعجي صاحب شرطة بغداد يحقّق مع المتّهمين 220: 142: لماذا لقّب بالأبزاعجي 221: 143: وكيل دعاوى يحرم من أجره فيعرقل حسم الدعوى 222: 144: إذا صرف الأمين زائدا عن الحاجة ألزم بتعويضه من ماله 223: 145: رؤيا عبد الملك بن مروان وتفسيرها 225: 146: أبو أحمد بن المثنّى ومناماته التي لا تخطئ 227: 147: قاضي شيراز يحكم بين صوفيّ وصوفيّة 228: 148: ابن خفيف شيخ الصوفية بشيراز يتكلّم على الخطرات والوساوس

230: 149: من شعر أبي فراس الحمداني 232: 150: أبو سعيد الشيباني يتغزّل 233: 151: القاضي أبو الحسين بن أبي عمر يحزن لموت يزيد المائي 236: 152: أبو المغيرة الشاعر يروي خبرا ملفّقا 243: 153: من شعر أبي المغيرة 244: 154: أبو أحمد الدلجيّ يرى مناما صادقا 247: 155: أبو مسلم الأصبهاني الكاتب يرى مناما صادقا 250: 156: الوزير المهلّبي يطالب أحد عمّاله بحمل الخراج 251: 157: أبو محمد المهلّبيّ الوزير يتحدّث عن الكرم 251: 158: إعظام من لا دين له، ولا دنيا عنده، حمق 252: 159: البخل خير من مسألة البخيل 253: 160: سلامة الحاجب يلوم قوما طعنوا في العدول 254: 161: أبو عليّ بن مقلة الوزير يزيل أثر الحلوى بالحبر 255: 162: من نظم ابن أبي الضحّاك 256: 163: للبديهي البغدادي في وصف النارنج 257: 164: أبو الحسن بن جميل يستخلف متخلّفا 258: 165: أبو الفضل عامل أرجان يقدّم نوبة الحمّى 259: 166: ابن الجريح يقتل أسدا 260: 167: الخليفة المعتضد يقتل أسدا 261: 168: لا جزاك الله من طارق خيرا 264: 169: دكين البدوي يسلّ فرس معز الدولة 267: 170: مختارات من الشعر 268: 171: رجال الدولة يتآمر بعضهم على بعض

273: 172: أبو جعفر بن بسطام، له قصّة في رغيف 274: 173: ما يرد في المرافق، يذهب في المصادرة 276: 174: الخليفة المعتضد يتخبّر على وزيره 284: 175: أبو بكر بن رائق وإعجابه بغناء ابن طرخان 285: 176: علي بن هارون المنجّم يلقي على المغني درسا في الغناء 286: 177: من شعر الوزير المهلّبي 287: 178: بين القاضي الإيذجيّ والمفجّع الشاعر 289: 179: أبو خليفة يصطفي شعر عمران بن حطّان

فهرس أسماء الأشخاص

فهرس أسماء الأشخاص (أ) ابن أبان- أبو موسى، عيسى بن أبان بن صدقة، قاضي البصرة 94 إبراهيم بن إسماعيل- من حجاب بختيار البويهي 246، 248 إبراهيم بن المهدي 156 الأبزاعجي- أبو الحسن، الأستاذ، صاحب الشرطة ببغداد 214، 215، 216، 217، 219، 220 الأبهري- أبو بكر محمد بن صالح، الفقيه المالكي 194 الآجري- أبو عبيد محمد بن علي 46 ابن أحمد- مكرم بن أحمد القاضي 9 الإخشيد- أبو بكر محمد بن طغج، صاحب مصر 20، 21، 25 الإخشيدي- كافور، أبو المسك 173، 174 الأرمني- أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبيد الله الفقيه الحنفي 52 الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد الأزدي القاضي 97، 120 الأزدي- أبو طلحة- صاحب بني المثنى بالبصرة 134 الأزدي- أبو الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف الأزدي- أبو الحسين القاضي الأزدي- أبو عمر، القاضي محمد بن يوسف- أبو عمر الأزدي- أبو محمد يحيى بن محمد بن سليمان بن فهد 154، 273، 274 الأسدي- أبو بشر عمر بن أكثم بن أحمد بن حبان 221، 222 الأسدي- أبو المغيرة محمد بن يعقوب بن يوسف البغدادي 236، 243 ابن إسماعيل- أبو الفضل غيلان، عامل جرجان 258 إسماعيل بن بلبل- الوزير، أبو الصقر 97، 98

الأسمر- محمد، من ندماء الأمير سيف الدولة 174، 175 الأشجعي- عمر بن محمد، صاحب ابن معدان الشاهد 9، 10 الأصبهاني- أبو بكر، صاحب سبكتكين التركي 206 الأصبهاني- أبو علي الحسن بن علي بن مهدي، ابن أخت سعد بن عبد الرحمن ضامن عمالة البصرة 250 الأصبهاني- أبو مسلم محمد بن أحمد بن مهدي الكاتب 247، 249 الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي، راوية العرب 45 ابن الأعجمي الكاتب- من مشهوري كتاب مصر 176 الأعسر- فائق 225 ابن أكثم- أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي القاضي 94 الآمدي- أبو العباس أحمد بن إسحاق المعروف بابن أبي صفوان 251 الآمدي- أبو القاسم بن بشر 223، 224، 225، 226 الأموي- خالد بن أسيد 156 الأموي- عباد بن أسيد، صاحب النبي صلوات الله عليه 156 الأنباري- أبو علي الحسن بن محمد الأنباري الكاتب 154 الأنصاري- أبو بكر موسى بن إسحاق بن موسى بن عبد الله القاضي- الخطمي الأهوازي- أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين الكاتب، ضامن عمالة البصرة 250، 257 الأهوازي- عبيد الله بن محمد بن عبد الله 33 الإيذجي- القاضي أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله 287، 289، 290، 291 (ب) ابن بابا- يونس، خازن الأمير سيف الدولة 180 الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن محمد بن نصر المخزومي الشاعر 159، 160 بجكم- أمير الأمراء، القائد التركي 67، 203 البختري- أحمد بن عبد الله القاضي البغدادي 15

بختكين آزاذرويه- القائد التركي 245، 248، 249 ابن بختيار- الحسن بن أحمد بن بختيار، القائد الديلمي 249 بختيار- أبو منصور عز الدولة البويهي بن معز الدولة 169، 193، 212، 245، 246، 247 البدوي- دكين، من بني النمر بن قاسط 264 البديهي- أبو الحسن أحمد بن عبيد الله البغدادي 256 البرامكة- 68 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد البريدي 23 البريدي- أبو القاسم عبد الله بن أبي عبد الله أحمد بن محمد 41، 223، 224، 225، 226 البريدي- أبو يعلى محمد بن أبي يوسف يعقوب بن محمد 20، 23 البريدي- أبو يوسف يعقوب بن محمد 20 البزاز- أبو القاسم إسماعيل بن هارون بن عيسى بن زياد بن مردانشاه 121، 122 ابن بسّام- محمد بن جعفر بن بسّام، قاضي البصرة 43، 45 ابن بسطام- أبو جعفر 273 بشر بن هارون النصراني- أبو نصر 114 البصري- أبو سعيد الحسن بن يسار البصري، إمام أهل البصرة 53 البصري- أبو محمد يوسف بن يعقوب بن حماد، والد القاضي أبي عمر 97 البصير- أبو علي الفضل بن جعفر بن الفضل بن يونس النخعي الشاعر 49 بظر أم الدنيا- الحسين بن فلان النصراني الكاتب 115 البغدادي- أبو القاسم عمر بن حسان بن الحسين الشاهد، قاضي ديار مضر 252، 253 البغدادي- أبو موسى عيسى بن عبيد الله 236 ابن بقيّة- الوزير الناصح، نصير الدولة، أبو طاهر محمد بن محمد بن بقيّة، وزير بختيار 19، 85، 169، 212، 245، 246، 247 ابن البكتمري: أبو الفتح، الكاتب، الشامي 213 ابن بكر: أبو بشر مكرم بن بكر بن محمد بن مكرم 11 و 13.

ابن بكير- عبيد الله بن أحمد بن بكير 87 ابن بلبل- أبو الصقر إسماعيل- إسماعيل ابن بلبل- أبو القاسم، كتب إليه الوزير المهلّبي 187 البلخي- أبو الفضل، الفقيه 33 أبو البيان- المؤدب 146، 147، 148 ابن البيطار- ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي، مؤلف كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية 38 (ت) تجنّي- أم أولاد الوزير أبي محمد المهلّبي 286 التستري- أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس 122 التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول الأنباري القاضي 9، 136، 137، 222 التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب 200، 202 التنوخي- أبو القاسم بهلول بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 214 التنوخي- أبو القاسم عليّ بن محمد التنوخي القاضي، والد صاحب النشوار 17، 19، 27، 87، 136 التنوخي- أبو عليّ المحسّن بن عليّ القاضي، صاحب النشوار 1، 5، 19، 52، 258 التنوخي- أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 202 التوحيدي- أبو حيان عليّ بن محمد بن العباس 68، 205 تيمور- العلامة أحمد تيمور 5 (ث) ابن ثابت- أبو إسحاق الصوفي 144 (ج) الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب 291

جالينوس- الطبيب اليوناني، ذو الفتوح في عالم التشريح 10 الجبائي- الحسين بن محمد 74، 104، 113 الجبائي- أبو زهير، الفقيه الحنفي 52، 53 الجبائي- أبو علي محمد بن عبد الوهاب 143 ابن خبير- ابو منصور عبد الله بن جبير النصراني، كاتب الوزير أبي الحسن بن الفرات 40 ابن الجصاص- أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الجوهري 43 جرادة الكاتب- 31، 32 ابن الجريح- من الشاكرية في ناحية المذار 259 الجعابي- أبو بكر الحافظ 233 جعفر- ملاح طيار المقتدر، رئيس الملاحين الذين برسم الخدمة 190 أبو جعفر- مؤدب صاحب النشوار 146، 147، 148 ابن جمهور- أبو علي محمد بن الحسن بن جمهور العمي الكاتب الصلحي البصري 258 ابن جميل- أبو الحسن، الكاتب في ديوان الأهواز 257 الجنيد- أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الخزاز الصوفي 118، 119، 121، 123، 127، 128، 195 الجوهري- أبو طاهر المحسّن بن محمد بن الحسن بن عبد الله 274 (ح) الحاتمي- أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر 14، 26 الحارثي- أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث السراج الواسطيّ 36، 37، 38، 39، 149، 150، 151 الحارثي- أبو الحسين الحارثي النهرسابسي 184 الحاكم الفاطمي- أبو علي منصور الحاكم بأمر الله بن نزار العزيز بالله بن معد المعز لدين الله بن إسماعيل بن محمد العبيدي الفاطمي (375- 411) 178 ابن حامد- أحمد الشاهد 207

حامد بن العباس- أبو محمد، وزير المقتدر 43، 184، 185، 186، 193 ابن الحجاج- أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد 114 حدندل- لقب القاضي أبي العباس بن أبي الشوارب الأموي 156 ابن أبي الحسك- أبو أحمد الشاهد 67 ابن الحسن- أبو طاهر الحسين، عامل البصرة 74، 75 أبو الحسين القاضي- عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف الأزدي 96، 233، 235 الحصري- أبو إسحاق إبراهيم بن عليّ القيرواني 49 ابن حطان- عمران بن حطان بن ظبيان، السدوسي، الشيباني، الوائلي 289، 290. الحمداني- أبو فراس الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون التغلبي 157، 230 الحمداني- أبو البركات بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان 22 الحمداني- الأمير ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان 20، 21، 22، 23، 24، 25، 70، 178 الحمداني- أبو المظفر حمدان بن ناصر الدولة 169 الحمداني- سعد الدولة شريف بن سيف الدولة الأمير أبي الحسن عليّ 178 الحمداني- أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون، والد سيف الدولة وناصر الدولة 70، 71 الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 14، 20، 25، 70، 160، 173، 174، 175، 177، 178، 179، 180، 181، 182، 230، 265 الحمداني- أبو تغلب فضل الله بن ناصر الدولة 22، 245 الحمدانية- جميلة بنت ناصر الدولة 22 ابن حمدون النديم 104 الحميري- المطرّف الشاعر 166 ابن حوري- أبو بكر، من أهالي فامية، صاحب ابن أبي عوف 63

(خ) أبو خازم- القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز، قاضي المعتضد 11، 12، 13، 43، 47، 140 خاقان المفلحي- القائد التركي 193 الخاقاني- محمد بن عبيد الله بن خاقان الوزير 178 الخراساني- علي بن أحمد، حاجب معز الدولة 16، 91 الخطمي- أبو بكر موسى بن إسحاق بن موسى بن عبد الله الأنصاري القاضي 46 ابن خفيف البغدادي- شيخ الصوفية بشيراز 228 الخلدي- أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم الخواص الصوفي 117، 118، 119، 120، 123، 127، 128، 194، 198 أبو خليفة- الفضل بن الحباب بن محمد الجمحي 44، 45، 289، 291 خواشاذه- أبو نصر، خازن عضد الدولة 91 الخوّاص- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل الصوفي 195 (د) اين داسه- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن بكر بن داسه البصري 41، 43، 44، 46 47، 48، 49، 52، 53، 54، 55، 58، 59، 61، 62، 67، 72، 87، 94، 95، 97، 99، 101، 251 داود- أبو الحسن، كاتب الوقف بالبصرة 15 الداودي- أبو سعد بشر بن الحسن، قاضي شيراز 227 الدباس- القاضي أبو طاهر 140 الدرعي- سيما، صاحب شرطة الأهواز 248 ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي 288 الدلجي- أبو أحمد الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب 205، 244، 245، 246، 247، 248، 249، 259

دلويه- أبو محمد عبد الله بن علي 154، 155 دنحا- مملوك الأمير سيف الدولة 24، 25 ابن أبي دؤاد- القاضي أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد بن جرير بن مالك الايادي، السيّد العربيّ النبيل 45، 67، 68، 99 ابن أبي دؤاد- أبو الوليد محمد بن أبي عبد الله أحمد بن أبي دؤاد الايادي 99 الدوري- أبو الفضل العباس بن محمد بن حاتم بن واقد 117 الدينارية- أم الفضل، زوجة الوزير ابن مقلة 254 (ذ) الذهلي- أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر الذهلي، قاضي مصر 67 (ر) ابن رائق- الأمير أبو بكر 284 الراسبي- الأمير علي بن أحمد 208، 209، 210 الراضي- أبو العباس محمد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 178، 184، 203 ابن رجاء- الحسن بن رجاء 27 الرشيد- أبو جعفر هارون الرشيد بن أبي عبد الله محمد المهدي 59 ركن الدولة- أبو علي الحسن بن بويه 212 رويم- أبو محمد رويم بن أحمد بن يزيد بن رويم بن يزيد 120 ريطة- ابنة أبي العباس السفّاح، وزوجة ابن عمها المهدي بن المنصور 156 (ز) ابن الزبير- عبد الله، أبو بكر 224 ابن زحر- محمد بن عدي بن زحر البصري، جار القاضي التنوخي صاحب النشوار بالبصرة 73، 135 زنجي- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل، كاتب الوزير أبي الحسن بن الفرات 41

ابن زنجي- أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن إسماعيل 41 الزيات- أحمد بن عثمان بن الحارث 50، 51 الزيات- محمد بن أحمد بن عثمان بن الحارث 50، 51، 63 الزينبي- أبو تمام الحسن بن محمد الهاشمي 125، 126 زينة- ابنة الوزير أبي محمد المهلبي 286 (س) أبو السائب- عتبة بن عبيد الله بن موسى، قاضي القضاة 144، 221 الساماني- أبو الحسن نصر بن أحمد بن إسماعيل، صاحب ما وراء النهر 33 سباشي الخوارزمي- القائد التركي 132 سبكتكين الحاجب- القائد التركي 130، 131، 132، 206، 245 السجستاني- الخليل بن أحمد، قاضي سجستان 33 السجستاني- أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان الجشمي 291 السرخسي- أبو العباس أحمد بن مروان بن الطيب 200 سعد بن عبد الرحمان- ضامن عمالة البصرة 250 ابن سعدان- أبو علي، تاجر بصري 134 السفاح- أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 156 السقطي- أبو الحسن السريّ بن المغلس 121، 123، 127، 128 ابن سكرة- أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي 156 سلامة الحاجب- الطولوني، المؤتمن 154، 252، 253 أبو سلمة- كتب إليه المهلّبي الوزير 187 أم سلمة- المخزومية، بنت يعقوب بن سلمة المخزومي، زوجة أبي العباس السفاح 156 ابن سليمان- تكيدار، القائد الجيلي 249 ابن السماك- أبو القاسم عبد الرحيم بن جعفر السيرافي الفقيه 139، 227 السمرقندي- خفيف، مولى المعتضد 260

سهل بن بشر- أبو العباس، عامل الأهواز 205، 244، 245، 246، 247، 248، 249 السواق- أبو بكر بن جعفر، أحد تجار الكرخ 133 السورجي- شيخ بصري مستور من جيران أبي محمد بن داسه البصري 62 السوسي- إبراهيم بن عيسى بن نصر النصراني الكاتب 172 ابن سيار- أبو بكر أحمد، قاضي الأهواز 76، 78 ابن سيرين- أبو بكر محمد بن سيرين البصري 224 ابن سينا- أبو عليّ شرف الملك الحسين بن عبد الله، صاحب القانون في الطب 39 (ش) الشالجي- عبود الشالجي، المحامي، محقق كتاب النشوار 1، 5 ابن شانده- أبو الحسين محمد بن محمد بن إسماعيل الواسطي 130، 131 شاهك- خادم الخليفة المطيع 91 ابن شاهويه- أبو بكر محمد بن أحمد بن علي بن شاهويه، القاضي بأرجان 139 الشرابي- أبو منصور عبد العزيز بن محمد بن عثمان، المعروف بابن أبي عمرو حاجب الخليفة المطيع 91. شرف الدولة- أبو الفوارس شيرويه بن عضد الدولة ابن بويه الديلمي 168 الشريف الرضيّ- أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الرضيّ العلوي الحسيني الموسويّ 168، 211 الشريف المرتضى- أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم الحسيني العلوي الموسوي 168 شكلة- أم إبراهيم بن المهدي 156 الشلمغاني- أبو جعفر محمد بن علي المعروف بابن أبي العزاقر 184، 185، 186 ابن شهرام- أبو إسحاق بن شهرام، المعروف بابن ظلوم المغنّية، كاتب سيف الدولة، ورسوله إلى ملك الروم 181 ابن أبي الشوارب- أبو العباس عبد الله بن الحسن الأموي 156، 221

الشيباني- أبو سعيد مساعد بن الجهم 232 الشيباني- أبو عبد الله بن محمد بن الحسن بن فرقد 94 ابن شيخ- أحمد بن عيسى بن شيخ 64 الشيرازي- أبراهيم بن حمدان، كاتب الحسين بن عمرو النصراني 269، 270 الشيرازي- أبو الفضل العباس بن الحسين، وزير بختيار 74، 75، 114، 286 الشيرازي- أبو القاسم عمرو بن زيد البزاز 104، 113 شيرزاد- كاتب الفارسية، في عهد عز الدولة بختيار 130 (ص) الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن زهرون الحراني الصابي الطبيب 85 الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال 169، 211، 212 الصابي- أبو الحسن ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني الصابي الطبيب 85 الصاحب بن عباد- أبو القاسم إسماعيل، كافي الكفاة 203، 284 صاعد بن ثابت النصراني- أبو العلاء 15، 19، 169، 170، 171 ابن صالحان- الوزير أبو منصور 114 الصروي- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 267، 285 الصفار- عمرو بن الليث 99 الصفار- يعقوب بن الليث 99 الصفدي- صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله 49 الصلحي- أبو محمد الحسن بن محمد بن أبي محمد الصلحي الكاتب 178، 182 الصلحي- أبو الحسن علي بن محمد بن أبي محمد الصلحي 152 الصيرفي- أبو بكر بن عثمان، الشاعر 221، 222 الصيمري- أبو جعفر محمد بن أحمد، كاتب معز الدولة ووزيره 92، 93، 286 (ض) الضبّي- أبو جعفر، الفقيه الحنفي 87

ابن أبي الضحّاك- أبو إسحاق إبراهيم بن الحسن بن رجاء 254، 255 (ط) الطائع لله- عبد الكريم بن الفضل المطيع بن جعفر المقتدر 116، 168، 206، 207 الطالبيون- 248 الطالقاني- أبو الحسن أحمد بن عمر الكاتب 244 طاهر بن الحسين بن مصعب 281 ابن طاهر- عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب 281 الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد 115، 116، 117، 118، 119، 120، 121، 123، 124، 127، 128، 129، 194، 198 الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير، الفقيه، المفسّر، المحدّث، المؤرّخ 202 ابن طراز- أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني 202 ابن طرخان- أبو القاسم الحسن بن طرخان الطنبوري البغدادي 284 ابن طرخان- أبو الحسن علي بن أبي القاسم الحسن بن طرخان الطنبوري 203، 284 طلحة بن محمد بن جعفر- أبو القاسم الشاهد 207 ابن طناب- علي بن هارون بن خلف بن طناب 203 الطوسي- حميد الطوسي، القائد 100 ابن طوطو- أبو الحسين محمد بن أحمد بن طوطو الواسطي 164 (ع) ابن العاص- عمرو 231 العباسة بنت المهدي- أخت هارون الرشيد، زوجة محمد بن سليمان العباسي، أمير البصرة 59 العباسي- عيسى بن عبد الله 57 ابن عبد الله- محمد بن هلال 76، 78، 83 ابن عبدان- الصيرفي، أحد صيارفة درب عون 133

ابن عبدل- أبو محمد، الفقيه الحنفي، تلميذ أبي زهير الجبائي 53 عبيد الله بن سليمان بن وهب- الوزير، أبو القاسم 31، 38، 269 أبو عبيدة- معمر بن المثنى 291 أبو عبيدة- شيخ من جيران أبي يحيى بن مكرم القاضي البغدادي 101، 102 العزيز الفاطمي- أبو منصور نزار العزيز بالله بن معد المعز لدين الله بن المنصور العبيدي الفاطمي (344- 368) 67 عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 18، 19، 85، 139، 142، 168، 169، 171، 212، 229، 245، 246 العقيلي- محمد بن بديع 261 العقيلي- المسيب بن رافع 265، 266 العقيلي- المهنّا 266 ابن أبي علان- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن مهرويه، خال أبي القاسم والد صاحب النشوار 35 ابن أبي علان- محمد بن عبد الله بن محمد بن مهرويه 35 عليّ- أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 56، 231 علي بن عيسى بن الجراح- أبو الحسن، وزير المقتدر 35، 40، 41، 72، 95، 96، 178 العلوي- أبو علي عمر بن يحيى الكوفي 164 العلوي- أبو الحسن الموسوي 267 عماد الدولة- أبو الحسن علي بن بويه 274 أبو عمر- القاضي محمد بن يوسف الأزدي 57، 96، 129، 221، 251 عمران بن حطان بن ظبيان السدوسي الشيباني الوائلي- ابن حطان بن أبي عمرو- أبو منصور عبد العزيز بن محمد بن عثمان الشرابي، حاجب الخليفة المليع- الشرابي ابن عمرو- الحسين بن عمرو النصراني- كاتب المكتفي 268، 269، 270، 271، 272

ابن العميد- أبو الفضل محمد بن الحسين بن محمد 284 عميد الجيوش- أبو علي الحسين بن أبي جعفر أستاذ هرمز 160 عواد- كوركيس 258 ابن أبي عوف- أبو عبد الله أحمد بن عبد الله بن مرزوق بن عطية المروزي 63، 64، 65، 79 ابن عياش بن القاسم- صاحب الجسر ببغداد 100 أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد الضرير 44، 45، 46، 48، 49 عيسى بن علي بن عيسى- أبو القاسم عيسى بن أبي الحسن علي بن عيسى، وزير المقتدر 95 (غ) ابن غسان- صهر القاضي أبي عمر 251 ابن غسان- أبو الحسن الطبيب البصري 213 (ف) فارس- داية المكتفي 269 فاطمة الكردية- بنت أحمد، زوجة ناصر الدولة الحمداني، أم أبي تغلب وأبي البركات وجميلة 22 الفتح بن خاقان- وزير المتوكل 49 أبو الفتح بن البكتمري، الشامي، الكاتب- البكتمري ابن فراس- محمد، الكاتب 271، 272 ابن الفرات- أبو العباس أحمد بن محمد بن الفرات 269، 271، 272 ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات، وزير المقتدر 40، 41، 115، 178، 193، 273 ابن الفرات- أبو أحمد المحسّن بن أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات 184، 185، 186 الفرزدق- أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة 286

ابن فسانجس- أبو الفضل العباس 274 ابن فسانجس- أبو الفرج محمد بن العباس، وزير بختيار 75، 193، 274 (ق) القاهر- أبو منصور محمد بن أحمد بن طلحة، القاهر بن المعتضد بن الموفق 154 ابن قتيبة- أبو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري 291 ابن قرابة- أبو بكر 115 القشوري- أبو منصور، من الجند المولدين، خدم في دار نصر القشوري 189 القشوري- نصر الحاجب 189 القطان- أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد بن عباد، صاحب علي بن عيسى الوزير 72، 95 القطيعي- الطبيب المصري المشهور 152 القفطي- جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف 213 القنائي- أبو قرة الحسين بن محمد الكاتب 130 القنائي- أبو الفرج منصور بن القاسم الكاتب 96 (ك) الكتاني الكبير- أبو بكر محمد بن علي بن جعفر الصوفي، سراج الحرم 199 الكرخي- أبو عبد الله جعفر بن القاسم 9، 10 الكرخي- أبو جعفر محمد بن القاسم 154، 155 الكرخي- أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال، الفقيه الحنفي 52، 53، 141، 142 ابن كردي- أبو علي محمد بن منصور الشاهد 30 الكلابي- أبو مقاتل صالح بن مرداس، صاحب حلب 161 الكوسج- أبو علي كتاب بن العباس الديلمي، المعروف بالكوسج، ضامن واسط 130، 131، 132

(ل) ابن لبيب- أبو الخير صالح بن لبيب، الشاعر 17 ابن لطيف- أبو الحسين علي بن لطيف، المتكلم على مذهب أبي هاشم المعتزلي 88 لوطي- صاحب دواة زنجي، كاتب ابن الفرات 41 ابن أبي الليث الهمذاني- أبو الحسن محمد بن أحمد البغدادي 62، 261، 264، 267 (م) المائي- يزيد 233 ابن مارية- أبو منصور، كاتب الأمير أبي مقاتل صالح بن مرداس الكلابي، صاحب حلب 161 مالك- ابن أنس- الإمام 194 المأمون- أبو العباس عبد الله المأمون بن أبي جعفر هارون الرشيد 94، 100، 101 المبرد- أبو العباس محمد بن يزيد الثمالي 291 المتوكل- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 45، 49، 99، 101، 104، 112 ابن المثنّى- أبو الحسين أحمد بن الحسن بن المثنّى 43، 46، 47، 69، 94، 100، 223، 225، 226 ابن المثنّى- أبو أحمد طلحة بن الحسن بن المثنى 223، 224، 225، 226 ابن المثنّى- أبو القاسم عمر بن عبد الرحمان بن طلحة بن الحسن بن المثنّى 225 محمد- أبو القاسم- رسول الله، صلوات الله عليه 56، 135، 143، 156 محمد بن أبي العباس السفاح 156 ابن محمد- أبو علي بن محمد، أستاذ الدار في بلاط عضد الدولة 18 ابن محمد- أبو أحمد الفضل بن محمد، ابن بنت المفضل بن سلامة البصري 166 مرجليوث- الأستاذ داود صموئيل، المستشرق المعروف 5 ابن المرزبان- أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المرزبان، الكاتب الشيرازي 31، 70، 233، 268

المرزبان بن بختيار 245 ابن مروان- عبد الملك 223، 224 ابن مروان- أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن مروان القاضي 10، 11، 13 ابن مروان- هشام بن عبد الملك 156 المروزي- أبو الفتح عبد الله بن محمد الكاتب 40 المزين الكبير- أبو جعفر الصوفي 198 المشرف- أبو القاسم علي بن الحسين بن إبراهيم 75، 269 المصعبي- إسحاق بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب، أمير بغداد 101، 103 المطيع لله- الفضل بن جعفر بن أحمد، المطيع بن المقتدر بن المعتضد 91، 116، 207، 221، 223، 247 ابن معاذ- عبد الله بن معاذ 55 معاوية بن أبي سفيان 231 المعتز- محمد بن جعفر المتوكل 49 ابن المعتز- عبد الله بن محمد بن جعفر 135 المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 49، 101 المعتضد- أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة الموفق 38، 64، 66، 97، 98، 140، 192، 200، 201، 260، 268، 269، 270، 276، 277، 282، 283 المعتمد- أحمد بن المتوكل 267 ابن معدان- أبو جعفر محمد بن جعفر بن معدان الشاهد بالأهواز 9، 137 ابن معروف- أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن معروف، أخو قاضي القضاة 173، 178 ابن معروف- أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف، قاضي القضاة 79، 116، 122، 168، 206 المعز الفاطمي- أبو تميم معد المعز لدين الله بن المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي عبيد الله الفاطمي (319- 365) 67

معز الدولة- أبو الحسين أحمد بن بويه 27، 56، 74، 83، 84، 91، 92، 93، 125، 169، 206، 212، 214، 250، 261، 264، 265، 274، 286 المغربي- أبو الحسن علي بن الحسين المغربي الكاتب 178، 182 المغنّي- علي، صاحب خزانة معز الدولة 83، 84 المفجّع- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبيد الله البصري، الشاعر 287، 290، 291 المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 93، 184، 189، 190، 191، 193 ابن مقلة- الحسن 254 ابن مقلة- الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسين 96، 178، 254 المكتفي- أبو محمد علي بن المعتضد 193، 260، 268، 269 مكرم بن بكر- أبو بشر مكرم بن بكر بن محمد بن مكرم- ابن بكر المنبري- أبو الحسن المنبري، الشامي، الطائي، الشاعر 27 ابن المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن يحيى 204، 284، 285 المنجم- الحسن بن علي بن زيد، غلام أبي نافع، عامل الأهواز لمعز الدولة 27 ابن المنجم- أبو الحسن علي بن هارون بن يحيى 203، 284، 285 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 156 المهتدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الواثق 193 ابن مهرويه- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن مهرويه- ابن أبي علان ابن مهرويه- محمد بن عبد الله بن محمد بن مهرويه- ابن أبي علان المهريّون- جيران أبي محمد بن داسة بالبصرة 58 المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر المنصور 59، 156 آل المهلب- 68 المهلّبي- أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة 19، 125، 126، 130، 131، 144، 187، 203، 208، 250، 251، 286، 287، 288 المهلّبي- أبو الغنائم المفضل بن الوزير أبي محمد 286

الموسوي- أبو أحمد الحسين بن موسى، نقيب العلويين 168 الموفق- أبو علي إسماعيل، خليفة الوزير أبي منصور بن صالحان 114 الموفق- الأمير أبو أحمد طلحة بن أبي الفضل جعفر المتوكل 31، 38، 85، 97، 220 مؤنس- المظفر، القائد التركي 20 مؤنس- الفحل، صاحب الشرطة ببغداد في عهد المعتضد 64، 65، 66 المؤنسي- يأنس القائد التركي- يأنس (ن) النابغ- من ندماء عضد الدولة 18 الناصر- الأمير أبو أحمد طلحة بن المتوكل- الموفق الناظري- من تناء حلب 173، 176 ابن نبيل- أبو القاسم حسين بن محمد بن نبيل، من أولاد الجند ببغداد 16 النجار- أبو الحسن محمد بن إسحاق بن عباد، من وجوه التمارين بالبصرة 60، 61 ابن أبي نصر- أبو الحسن 99 ابن نصر- أبو العباس محمد بن نصر بن أحمد بن محمد بن مكرم الشاهد 9 ابن نصرويه- أبو الحسين محمد بن عبيد الله القاضي 73، 74، 97، 124، 125، 126، 166 ابن نظير- سهل، الجهبذ اليهودي 31، 32 النعمان- أبو المنذر النعمان بن عبد الله 258 النميري- نديم ابن المعتز 135 (هـ) الهائم- أبو علي أحمد بن علي المدائني، من ندماء عضد الدولة 18 ابن هارون- محمد بن هارون، خال القاضي أبي بكر بن مروان 10 الهاشمي- أبو القاسم جعفر بن عبد الواحد القاضي البصريّ 125، 126، 134

الهاشمي- أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد القاضي البصري 122 الهاشمي- محمد بن سليمان بن عليّ، أمير البصرة 59 الهاشمي- القاضي محمد بن صالح بن أم شيبان 206، 207 الهمذاني- الشاعر، أحد مادحي القاضي أبي القاسم التنوخي، والد صاحب النشوار 17 (و) الواثق- أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق محمد المعتصم 101 الواثقي- الأمير أبو الحسن أحمد بن محمد بن يحيى 48 الواسطي- أبو العباس الحسين بن علي بن الفضل بن سليمان 167 ابن وهب- الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 154، 155، 268، 269، 270، 271، 272، 276، 277، 282، 283 (ي) ياسين- أبو إسحاق البصري 135 يأنس المؤنسي- القائد التركي 20 أبو يحيى القاضي- عبد الله بن إبراهيم بن مكرم 101 ابن يوسف- أبو أحمد عبيد الله بن الحسن (أو الحسين) بن يوسف، عامل كور الأهواز 35

فهرس جغرافي

فهرس جغرافي (أ) 267 170 الأحمديّ 72 51 إسكاف 43 27 الأهواز (ب) 67 48 باب الشام 34 18 بخارى 33 18 بلخ 24 11 بلد 105 69 بلهوار 144 98 بيروذ (ج) 136 93 جنديسابور (خ) 33 18 خراسان (د) 281 174 دار ابن طاهر 91 61 دار الخلافة 106 69 دبيق 133 90 درب عون 131 89 دستميسان 23 11 الدير الأعلى (ر) 80 56 الرقّة 236 152 الرملة (س) 88 60 سجستان 24 11 سنجار 194 126 السند 136 93 السوس (ف) 181 121 فافان (ق) 88 60 قزدار 105 69 قطربّل 159 110 القفص

(م) 259 166 المذار 55 38 مذار ميسان 21 11 الموصل (ن) 20 11 نصيبين 184 122 نهر سابس 57 40 نهر عيسى 79 56 نهر عيسى

فهرس عمراني عام

فهرس عمراني عام (أ) 80 56 ابتدوا 76 54 ألأبعد 29 15 الآبق 105 29 إتّزر 59 42 الإجّانة 76 54 الآخر 190 124 الإدام 123 81 الأدب 163 112 الاستسقاء 49 33 أعمى الدابّة 49 33 أعمى العصا 49 33 أعمى الموكب 114 70 الألحى 134 91 الانبساط 59 42 إنجانه 162 112 انحلال الطبع 266 169 الأنزال 189 124 انفلّت 36 20 الإهليلج 118 74 الإيثار 65 47 أيش عندك (ب) 155 107 الباكورة 110 69 البدّ 22 11 البرّاج 190 124 البزماورد 76 54 البعيد 39 24 البلاذر 127 85 البهتان 18 9 البهطّة 115 71 بهلوانيات 68 48 بوّاكة (ت) 95 63 ترجّل 132 89 التسبيب 61 44 التصدّق 120 77 التصوّف 108 69 تقدّح

106 69 التقطيع 275 173 تكشّف 106 69 التماثيل 281 174 التمشك 136 93 التنجّز 68 48 تنكة 105 69 توشّح 120 77 التوكّل 13 4 التيس (ث) 269 171 الثبت (ج) 136 93 الجاري 215 141 جبناه 13 4 الجدي 12 3 الجذر 35 19 الجماعة 108 69 الجمع 189 124 الجونة (ح) 68 48 الحبّ 68 48 حبّانة 119 76 الحجّ على التوكّل 77 54 الحديد 43 27 الحرّاقة 77 54 حرد 192 125 الحسبة 58 41 الحشو 101 68 الحفيظة 247 155 الحلّة 215 141 حلية الإنسان 21 11 حمّى الرّبع 79 56 الحمير الحساويّة 161 112 الحمية 115 71 حنقبازيات (خ) 40 25 ختم الكتاب 151 105 الخراج 41 25 الخرط 120 77 الخز 138 93 خضب 78 55 الخطف 84 57 الخفتان 87 59 الخلاف 276 174 الخمار 190 124 خيازر 247 155 الخيمة

(د) 141 95 الداذي 134 91 دار البطّيخ 36 20 الدانق 120 77 الدبيقي 276 174 الدراهم الخفاف 236 152 الدّرقة 106 69 الدست 162 112 الدكان 108 69 الدن 94 62 دهن الخروع 258 165 الدواج (ر) 144 98 الرباني 106 69 الرداء القصب 151 104 الرعاف 150 103 الرق 61 44 الرقائق 108 69 الروبة 107 69 الريف (ز) 261 168 زاول 54 37 زفن 180 121 الزلالي (س) 40 25 سحا الكتاب 243 152 السحر 243 152 السحرة 264 169 سرّد الشعير 71 50 السرير المخلّع 34 18 السفتجة 63 47 السقطي 190 124 سكباج 164 113 سل 190 124 السميذ (ش) 77 54 شال 127 85 الشتم 68 48 الشارب 108 69 الشرّاب 247 155 الشراع 68 48 شربه 90 60 الشريجة (ص) 278 174 صاحب البريد

278 174 صاحب الخبر 247 155 الصريفة 138 93 صفّر 99 66 الصماخ 59 42 الصندل 99 66 صنصور الأذن (ض) 72 51 ضويعة (ط) 86 59 الطاجن 116 72 الطالبيون 107 69 طاولني 161 112 الطبّ 85 58 الطباهجة 58 41 الطيلسان 208 136 طيهوج (ظ) 271 171 الظهور (ع) 238 152 العاتق 196 127 عاشوا 54 37 عجن 170 117 العرض 228 148 عزي 265 169 العلّاف 117 73 علم الخرق 117 73 علم الورق 221 143 العفو 70 50 العمّاريّة 106 69 العنبر 261 168 العهن 104 69 العود 81 56 العين (غ) 58 41 الغالية 113 69 الغرر 154 107 الغناء 127 85 الغيبة (ف) 247 155 الفازة 77 54 الفالوذج 265 169 الفرض 181 121 الفهرست 80 56 الفيج

(ق) 50 34 قام للناس 41 26 القحف 88 60 القراح 123 81 القرب 288 178 قرص الهواء 84 57 القرطق 54 37 قرن 107 69 القشف 106 59 القصب 70 50 القصر 102 68 القصص 164 113 القطار 263 168 القعدة 278 174 القلبة 192 125 القلوص 12 3 القيان (ك) 59 42 الكافور 78 55 الكدية 55 38 الكر الأهوازي 55 38 الكر البغدادي 55 38 الكر الكوفي 55 38 الكر المعدل 55 38 الكر الهاروني 55 38 الكر الهاشمي 218 141 الكرك 115 71 كس أم الدنيا 191 124 الكسب 106 69 الكلبدون 111 69 الكم 68 48 الكوز 114 70 الكوسج 114 70 كوسج العقل (ل) 108 69 لبلبي 69 49 ليلة القدر (م) 178 121 المادة 163 112 مازريون 165 114 المحجّة 115 71 المخرقة 277 174 المرفق 120 77 المروي 86 58 المرّي 21 11 مزاح العلّة 135 91 المزود

43 27 المزيّن 185 122 المستخرج 29 15 المسك 282 174 المصدوقة 193 125 المضيرة 85 58 مطبهجة 86 58 المطجّن 79 56 المعرقة 12 3 المقين 120 77 الملحم 190 124 الممقور 142 96 المنثور 219 141 من حقّا 83 57 المنطقة 118 74 المواساة 97 65 الموسم 83 57 الموكّدة (ن) 73 52 النار تخلّف الرماد 36 20 النارجيل 271 171 الناطف 81 56 الناقد 39 24 النبيذ 141 95 النبيذ 106 69 الندّ 102 68 النشوة 132 89 نضّ الماء 83 57 النطاق 133 89 النقدة 36 20 النوشادر (هـ) 185 123 هاتم 222 144 هاه هاه 85 58 هوذا (و) 234 151 وثب به 132 89 الوجوه المعجلة 81 56 الورق 178 121 الوظائف (ي) 91 61 يوم الموكب

فهرس الكتب والمراجع

فهرس الكتب والمراجع أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي المعروف بالبشاري- طبع ليدن- 1906. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب- معجم الأدباء اصطلاحات الصوفية، الواردة في الفتوحات المكيّة: مذيل لكتاب التعريفات للجرجاني. الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة. الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني- طبعة دار الكتب بالقاهرة. الأغاني: أبو الفرج الأصبهاني- طبعة بولاق. الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكيّة- بيروت. الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913. البصائر والذخائر: أبو حيان التوحيدي، تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني، طبع دمشق. تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت. تاريخ بغداد: ابن طيفور، أبو الفضل أحمد بن طاهر الكاتب، القاهرة 1968. تاريخ الحكماء: جمال الدين أبو الحسن عليّ بن يوسف القفطي، طبع ليبزك. تاريخ الرسل والملوك: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، طبع دار المعارف بمصر. تجارب الأمم: أبو علي أحمد بن محمد المعروف بمسكويه- تحقيق آمدروز- طبع مصر 1914. تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: أبو الحسن هلال بن المحسّن الصابي- تحقيق عبد الستار أحمد فراج- القاهرة 1958. التعريفات: السيد الشريف الجرجاني- طبعة اصطنبول 1283. تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية مع ذكر أصلها بحروفه: طوبيا العنيسي- دار العرب للبستاني بالقاهرة 1965.

الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ابن البيطار، ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي- طبعة بولاق 1291. جمع الجواهر في الملح والنوادر: الحصري القيرواني، أبو إسحاق إبراهيم بن علي- طبعة الخانجي سنة 1353 بالقاهرة. الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية: أبو محمد محيي الدين عبد القادر ابن أبي الوفاء القرشي، طبع حيدر آباد الدكن 1332. حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي، تحقيق ونشر آدم متز- هيدلبرج 1909. خلاصة الذهب المسبوك المختصر من سير الملوك: عبد الرحمن سنبط قنيتو الإربلي- تحقيق السيد مكي السيد جاسم 1964. دائرة المعارف الإسلامية، الترجمة العربية: 15 مجلدا 1933. الديارات: الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد- تحقيق كوركيس عوّاد- ط 2. بغداد 1966. ديوان أبي فراس: رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه- طبع دار صادر 1955. ديوان السريّ الرفاء: أبو الحسن السريّ بن أحمد الرفاء، القاهرة 1355. شذرات الذهب، في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي- 8 مجلدات طبعة القدسي. شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل: الخفاجي، شهاب الدين أحمد، مطبعة السعادة بمصر 1325. صلة الطبري: عريب بن سعيد القرطبي- المطبعة الحسينية بمصر. الطبيخ: محمد بن عبد الكريم البغدادي- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت. الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن التنوخي- جزآن إثنان، طبعة دار الهلال بمصر 1914. الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن التنوخي- الجزء الأول- نسخة الظاهرية المخطوطة بدمشق. الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن التنوخي- نسخة مكتبة جون رايلند بمانجستر- مخطوطة. الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق، طبعة غوستاف فلوغل- ليبزك. فقه اللغة: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- طبعة البابي بالقاهرة 1938. فوات الوفيات: ابن شاكر الكتبي- طبع بولاق- مجلدان اثنان.

قاموس سعادة: خليل سعادة- 2 ج القاهرة 1911. القانون في الطب: ابن سينا، أبو علي شرف الملك الحسين بن عبد الله- طبعة بولاق بالقاهرة. الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر 1966- 13 مجلدا مع الفهرس. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاج خليفة- طبعة اصطنبول 6 مجلدات. لسان العرب (قاموس) : ابن منظور المصري- طبعة دار صادر. لطائف المعارف: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبعة الحلبي بالقاهرة. مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق للسنة 1932 مجلة المشرق- م 43. مجمع البيان في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن- طبع بيروت- 10 ج 5 م. المحيط (قاموس) : أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي. محيط المحيط (قاموس) : - بطرس بن بولس بن عبد الله البستاني-، طبع بيروت. مخطوطة برلين: الورقة.122 Wet.79 مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي، طبع مصر 1954. مروج الذهب: المسعودي، أبو الحسن عليّ بن الحسن بن عليّ- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب- القاهرة 1966. المستجاد من فعلات الأجواد: أبو عليّ المحسّن التنوخي- تحقيق محمد كرد علي- دمشق. المشترك وضعا والمفترق صقعا: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864. مطالع البدور في منازل السرور: علاء الدين الغزولي- مطبعة الوطن بمصر 1299. معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب- ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت ابن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبعة مرجليوث 1924، 7 مجلدات. معجم البلدان: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، طبعة وستنفلد 6 مجلدات مع الفهارس.

المعجم في أسماء الألبسة عند العرب: رينهارت دوزي، امستردام 1845. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934. مفاتيح العلوم: الخوارزمي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب- المطبعة المنيرية. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، طبعة حيدر آباد الدكن 1357. المنجد (قاموس) : الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت. نخب تاريخية وأدبية جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني: جمع المستشرق ماريوس كنار- الجزائر 1934. نشوار المحاضرة: سبط ابن الجوزي- مخطوط. نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: أبو علي المحسّن التنوخي- الجزء الأول والجزء الثاني- تحقيق عبود الشالجي- مطابع دار صادر- بيروت. نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: أبو علي المحسّن التنوخي- الجزء الثاني- تحقيق المجمع العلمي العربي بدمشق. نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: أبو علي المحسّن التنوخي- الجزء الرابع والجزء السابع- تحقيق عبود الشالجي- معدّان للطبع. نكت الهميان في نكت العميان: صلاح الدين الصفدي- تحقيق أحمد زكي باشا، القاهرة 1913. الهفوات النادرة: غرس النعمة أبو الحسن محمد بن هلال الصابي- تحقيق الدكتور صالح الأشتر- دمشق 1967. الوافي بالوفيات: صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي- الجزء السابع- طبع دار صادر بيروت. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- طبع القاهرة 1948. الولاة والقضاة: الكندي، أبو عمر محمد بن يوسف- تحقيق المستشرق رفن كست- بيروت 1908. يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد بالقاهرة 1956.

(استدراكات على الجزء الأول من النشوار) صفحة: 19: الحاشية رقم 4: اقرأ القصة 5/7 بدلا من 4/137 صفحة: 26: الحاشية رقم 1: اقرأ القصة 5/18 بدلا من 4/148 صفحة: 28: الحاشية رقم 4: اقرأ القصة 2/154 بدلا من 1/154 صفحة: 46: سطر 3: اقرأ يبلغنا (بضم اللام) بدلا من فتحها صفحة: 64: السطر الثاني من الحاشية: اقرأ الحسن بن علي بن الحسين بدلا من الحسن بن علي بن الحسن صفحة: 70: السطر الأول: اقرأ أبا الحسن بدلا من أبا الحسين صفحة: 89: السطر 4 من الحاشية: اقرأ لأبي الحسين بدلا من لأبي الحسن صفحة: 97: السطر الأول: اقرأ أحمد بن عامر بن بشر بدلا من أحمد بن بشر بن عامر صفحة: 112: السطر الأول: اقرأ أبو القاسم سعد بدلا من أبو القاسم سعيد صفحة: 144: السطر الثاني من الحاشية: اقرأ تسع سنين بدلا من سبع سنين صفحة: 224: سطر 1: اقرأ يأن (بكسر النون) بدلا من فتحها صفحة: 285: سطر 4: اقرأ الحارث بدلا من الحرث صفحة: 296: السطر الأول من الحاشية: اقرأ إبراهيم بن أحمد بن محمد بدلا من إبراهيم بن محمد بن أحمد (الجزء الثاني) صفحة: 44: السطر الأول من الحاشية: اقرأ القصة 2/123 بدلا من 2/124 صفحة: 202: سطر 6: اقرأ أبو إسحاق إبراهيم بدلا من إسحاق بن إبراهيم صفحة: 209: الحاشية رقم 3: اقرأ مقابر باب البستان بدلا من مقابر البستان (الجزء الثالث) صفحة: 73: سطر 2: اقرأ ابن زحر بدلا من ابن حر صفحة: 202: السطر الخامس من الحاشية: اقرأ ابن طرار بدلا من ابن طراز

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب 293 فهرس أسماء الأشخاص 302 فهرس جغرافي 322 فهرس عمراني عام 324 فهرس الكتب والمراجع 330 رموز -: راجع الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.

بعونه تعالى تم طبع الجزء الثالث من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر شباط 1972 على مطابع دار صادر في بيروت

الجزء الرابع

الجزء الرابع مقدمة المحقق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ولا حول ولا قوة الا به هذا هو الجزء الرابع من كتاب «نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة» للقاضي أبي عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي، وهو أحد أجزاء أربعة اشتملت على ما أمكنني العثور عليه من فقرات النشوار الضائعة، تلقطتها من ثنايا الكتب، وبذلت في ذلك وقتا، وجهدا، وصبرا. وقد فصّلت في مقدمة الجزء الأول، الطريقة التي توصلت بها إلى استخلاص هذه الفقرات، وختمت المقدمة بالعبارة التالية: «ولعل بعض هذه القصص كانت من رواية أبي القاسم التنوخي، ابن المؤلف، ولعل بعض القصص، وإن كانت من رواية المؤلف، إلا أنه ليس ثمة دليل قاطع على أنها مما اشتمل عليه كتاب النشوار، وردّي على من اعترض على إيرادها، عين ما كتبه المؤلف في خاتمة مقدمة الجزء الأول من الكتاب، حيث قال: لو كان في إيراد هذه القصص وتسجيلها، خير من موضعها بياضا، لكانت فائدة» . ومن الله أستمد المعونة والحول، وإيّاه أسأل التوفيق في العمل والقول، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم. عبود الشالجي المحامي بحمدون في 8/1/1972

1 أبو العباس ثعلب يقول لما لا يدري، لا أدري

1 أبو العباس ثعلب يقول لما لا يدري، لا أدري قال القاضي أبو علي المحسن التنوخي، في كتابه أخبار المذاكرة ونشوار المحاضرة: حدّثني علي بن محمد الفقيه المعروف بالمسرحيّ، أحد خلفاء القضاة ببغداد، قال: حدّثني أبو عبد الله الزعفراني «1» ، قال: كنت بحضرة أبي العباس ثعلب «2» يوما، فسئل عن شيء، فقال: لا أدري. فقيل له: أتقول لا أدري، وإليك تضرب أكباد الإبل، وإليك الرحلة من كل بلد. فقال للسائل: لو كان لأمّك بعدد ما لا أدري بعر لاستغنت. قال القاضي أبو علي: ويشبه هذه الحكاية ما بلغنا عن الشعبي «3» ، أنّه سئل عن مسألة فقال: لا أدري «4» . فقيل له: فبأيّ شيء تأخذون رزق السلطان. فقال: لأقول فيما لا أدري، لا أدري «5» . المزهر للسيوطي 2/163

2 بين خالد الكاتب وإبراهيم بن المهدي

2 بين خالد الكاتب وإبراهيم بن المهدي أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا علي بن أبي علي «3» قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «4» ، قال: حدّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد المعروف بابن السقاء «5» ، قال: حدّثني جحظة «6» ، قال: قال لي خالد الكاتب «7» : أضقت حتى عدمت القوت أيّاما، فلما كان في بعض الأيّام، بين المغرب وعشاء الآخرة، إذا بأبي يدقّ.

فقلت: من ذا؟. فقال: من إذا خرجت إليه عرفته. فخرجت، فرأيت رجلا راكبا على حمار، عليه طيلسان أسود، وعلى رأسه قلنسوة طويلة، ومعه خادم. فقال لي: أنت الذي تقول: أقول للسقم عد إلى بدني ... حبّا لشيء يكون من سببك قال: قلت: نعم. قال: أحب أن تنزل عنه. فقلت: وهل ينزل الرجل عن ولده؟ فتبسّم، وقال: يا غلام، أعطه ما معك، فرمى إليّ صرّة، في ديباجة سوداء مختومة. فقلت: إنّي لا أقبل عطاء ممّن لا أعرفه، فمن أنت؟ قال: أنا إبراهيم بن المهدي «1» . المنتظم 5/38

3 أبو الفرج الأصبهاني يجمع شعره بين إتقان العلماء وإحسان الشعراء

3 أبو الفرج الأصبهاني يجمع شعره بين إتقان العلماء وإحسان الشعراء قال التنوخي: ومن المتشيّعين الذين شاهدناهم، أبو الفرج الأصبهاني «1» كان يحفظ من الشعر، والأغاني، والأخبار، والآثار، والأحاديث المسندة، والنسب، ما لم أر قطّ من يحفظ مثله. ويحفظ دون ذلك من علوم أخر، منها اللغة، والنحو، والخرافات، والسير، والمغازي، ومن آلة المنادمة شيئا كثيرا، مثل علم الجوارح، والبيطرة، ونتف من الطبّ، والنجوم، والأشربة، وغير ذلك. وله شعر يجمع إتقان العلماء، وإحسان الظرفاء الشعراء. وفيات الأعيان 2/468 تاريخ بغداد 11/398

4 إجازة برواية قصيدة

4 إجازة برواية قصيدة قال أبو القاسم التنوخي: حدّثني أبو إسحاق الطبري «1» ، غلام الزاهد «2» ، غلام ثعلب «3» ، وكان منقطعا إلى بني حمدون «4» ، وقرأت بخطّه قصيدة شبيل بن عزرة الضبعي «5» ، وقد قرأها على أبي عمر الزاهد، وتناولها من أبي محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه «6» . قد دفعت إليك كتابي بخطّي من يدي إلى يدك، وقد أجزت لك القصيدة، فاروها عنّي، فإنّ هذا ينوب عن السماع والقراءة، فقبلت ذلك منه. وكتب إبراهيم بن محمد الطبري الروياني «7» بخطّه. معجم الأدباء 1/63

5 أبو رياش القيسي وأبو محمد المافروخي وكثرة ما يحفظان

5 أبو رياش القيسي وأبو محمد المافروخي وكثرة ما يحفظان قال أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي: ومن رواة الأدب الذين شاهدناهم، أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي «1» ، وكان يقال إنّه يحفظ خمسة آلاف ورقة لغة، وعشرين ألف بيت شعر. إلا أنّ أبا محمد المافروخي «2» أبرّ عليه، لأنهما اجتمعا أوّل ما تشاهدا بالبصرة، فتذاكرا أشعار الجاهليّة، وكان أبو محمد يذكر القصيدة، فيأتي أبو رياش على عيونها، فيقول أبو محمد: لا، إلّا أن تهذّها من أولها إلى آخرها، فينشد معه، ويتناشدانها إلى آخرها، ثم أتى أبو محمد، بعده، بقصائد لم يتمكّن أبو رياش أن يأتي بها إلى آخرها، وفعل ذلك في أكثر من مائة قصيدة. حدّثني بذلك من حضر ذلك المجلس معهما. معجم الأدباء 1/74

6 أبو رياش القيسي يغضب من نسبة بيت شعر إليه

6 أبو رياش القيسي يغضب من نسبة بيت شعر إليه وجدت في موضع آخر من كتاب نشوار المحاضرة، للقاضي التنوخي: كان أبو رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي اليمامي «1» ، رجلا من حفّاظ اللغة، وكان جنديّا في أول أمره، مع المسمعيّ، برسم العرب، ثم انقطع إلى العلم والشعر، وروايته، لنا بالبصرة، وأنا حديث «2» مع عمّي، حتى صرت رجلا، وكتبت عنه، وأخذت منه علما صالحا، وكان يتعصّب على أبي تمام الطائيّ «3» . وقال بعض الحاضرين لأبي: إنّ من عيون شعر أبي رياش قوله من أبيات، عند ذكر امرأة شبّب بها: لها فخذا بختيّة تعلف النوى ... على شفة لمياء أحلى من التمر فغضب أبو رياش، ونهض، فأمر أبي «4» بإجلاسه، وقال للحاضر القائل: ولا كلّ ذا، وترضّاه، ووهب له دراهم صالحة القدر. معجم الأدباء 1/77

7 أبو محمد المافروخي الفأفاء يفأفئ له ابن أحد خلفائه

7 أبو محمد المافروخي الفأفاء يفأفئ له ابن أحد خلفائه حدّث التنوخي: أنّ أبا محمد المافروخيّ «1» ، وكان فأفاءا، اعترض جملا فسيّر في صحن الدار بحضرته، ووقف ليخاطب عليه، فلم يرضه، فقال: أخرجوه عنّي، وكرر أخ أخ، لأجل عقلة لسانه، فبرك الجمل، لأنّه ظنّ أنّه يقال له ذلك، كما يقال إذا أريد منه البروك. قال: وكان إذا أنشد الشعر، أو قرأ القرآن، قرأه، وأورده، على أحسن ما يكون من حسن الأداء وطيب الحنجرة. فقيل له: لو كان كلامك كلّه شعرا، أو كقراءة القرآن، تخلّصت من هذه الشدّة، فقال: يكون ذلك طنزا. قال: وكان أحد خلفائه، قد خرج الى بعض الأعمال، واستخلف بحضرته ابنا له، كان مثل المافروخيّ في الفأفأة. فخاطبه المافروخيّ أوّل ما دخل إليه، في أمر شيء قال فيه (ووو) مرارا. فأجابه ذلك الابن بمثل كلامه. فقال: يا غلمان قفاه، كأنّه يحكيني. فصفع صفعا محكما، حتى حضره أقوام، وحلفوا له أنّ ذلك عادته، فأخذ يعتذر إليه، وقال: الذنب ذنب أبيه، لمّا ترك في حضرتي مثله. معجم الأدباء 1/77

8 بين القاضي أبي عمر الأزدي والقاضي أبي جعفر بن البهلول

8 بين القاضي أبي عمر الأزدي والقاضي أبي جعفر بن البهلول حدّث أبو نصر، يوسف بن عمر بن القاضي أبي عمر محمد بن يوسف «1» قال: كنت أحضر دار المقتدر بالله، وأنا غلام حدث، بالسواد، مع أبي الحسين «2» ، وهو يومئذ، قاضي القضاة. فكنت أرى في بعض المواكب، القاضي أبا جعفر «3» ، يحضر بالسواد، فإذا رآه أبي، عدل إلى موضعه، فجلس عنده، فيتذاكران الشعر والأدب والعلم، حتى يجتمع عليهما من الخدم عدد كثير لا يحصى، كما يجتمع على القصّاص، استحسانا لما يجري بينهما. فسمعته يوما، وقد أنشد بيتا لا أذكره الآن، فقال له أبي: أيّها

القاضي، إنّي أحفظ هذا البيت بخلاف هذه الرواية. فصاح عليه صيحة عظيمة، وقال: اسكت، ألي تقول هذا؟ أنا أحفظ لنفسي، من شعري خمسة عشر ألف بيت، وأحفظ للناس أضعاف ذلك، وأضعافه، وأضعافه، يكررها مرارا. وفي رواية ابن عبد الرحيم «1» عن التنوخي، قال: قال له: هاه، ألي تقول هذا؟ وأنا أحفظ من شعري نيفا وعشرين ألف بيت، سوى ما أحفظه للناس. قال: فاستحيا أبي منه، لسنّه ومحلّه، وسكت. معجم الأدباء 1/83

9 بين القاضي أبي جعفر بن البهلول وأبي جعفر الطبري

9 بين القاضي أبي جعفر بن البهلول وأبي جعفر الطبري حدّثني القاضي أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر البهلول «1» ، قال: كنت مع أبي «2» في جنازة بعض أهل بغداد من الوجوه، وإلى جانبه في الحقّ «3» جالس، أبو جعفر الطبري «4» . فأخذ أبي يعظ صاحب المصيبة، ويسليّه، وينشد أشعارا، ويروي له أخبارا، فداخله الطبريّ في ذلك، وذنّب معه، ثم اتّسع الأمر بينهما في المذاكرة، وخرجا إلى فنون كثيرة من الأدب والعلم، استحسنها الحاضرون، وعجبوا منها، وتعالى النهار، وافترقا. فلما حصلت أسير خلفه، قال: يا بني، هذا الشيخ الذي داخلنا اليوم في المذاكرة، من هو؟ أتعرفه؟ قلت: يا سيدي كأنّك لم تعرفه؟

فقال: لا. فقلت: هذا أبو جعفر محمد بن جرير الطبريّ. فقال: إنّا لله، ما أحسنت عشرتي يا بنيّ. فقلت: كيف يا سيّدي؟ فقال: ألا قلت لي في الحال، فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة؟ هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في فنون من العلم، وما ذاكرته بحسبها. قال: ومضت على هذا مدة. فحضرنا في حقّ لآخر، وجلسنا، وإذا بالطبريّ يدخل إلى الحقّ. فقلت له، قليلا، قليلا: أيّها القاضي، هذا أبو جعفر الطبريّ، قد جاء مقبلا. قال: فأومأ إليه بالجلوس عنده، فعدل إليه، فأوسعت له، حتى جلس إلى جنبه، وأخذ أبي يجاريه، فكلّما جاء إلى قصيدة ذكر الطبريّ منها أبياتا، قال أبي: هاتها يا أبا جعفر، فربّما مرّ، وربّما تلعثم، فيمرّ أبي في جميعها حتى يسفّها. قال: فما سكت أبي يومه ذاك إلى الظهر، وبان للحاضرين تقصير الطبري، ثم قمنا. فقال لي أبي: الآن شفيت صدري. معجم الأدبار 1/83

10 القاضي أبو جعفر بن البهلول لا يخشى في القول الحق لوم لائم

10 القاضي أبو جعفر بن البهلول لا يخشى في القول الحق لوم لائم حدّث أبو علي التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسين عليّ بن هشام ابن عبد الله، المعروف بابن أبي قيراط «1» ، كاتب ابن الفرات، وأبو محمد عبد الله بن عليّ دلويه، كاتب نصر القشوري «2» ، وأبو الطيب محمد بن أحمد الكلوذاني «3» ، كاتب ابن الفرات، قالوا: كنّا مع أبي الحسن بن الفرات في دار المقتدر، في وزارته الثالثة «4» ، في يوم الخميس لخمس ليال بقين من جمادى الآخرة من سنة 311 هـ، وقد استحضر ابن قليجة، رسول عليّ بن عيسى «5» إلى القرامطة «6» في وزارته الأولى «7» ، فواجه عليّ بن عيسى في المجلس بحضرتنا، بأنّه وجّهه إلى

القرامطة مبتدئا، فكاتبوه يلتمسون منه المساحي «1» والطلق «2» وعدّة حوائج، فأنفذ جميع ذلك إليهم. وأحضر ابن الفرات «3» معه خطّه، أي خطّ عليّ بن عيسى، في نسخة أنشأها ابن ثوابة، إلى القرامطة، جوابا على كتابهم إليه، وقد أصلح عليّ ابن عيسى فيها بخطّه، ولم يقل إنّكم خارجون عن ملّة الإسلام بعصيناكم أمير المؤمنين، ومخالفتكم إجماع المسلمين، وشقّكم العصا، ولكنّكم خارجون عن جملة أهل الرشاد والسداد، وداخلون في جملة أهل العناد والفساد. فهجّن ابن الفرات عليّا بذلك، وقال: ويحك، تقول: القرامطة مسلمون، والإجماع قد وقع على أنهم أهل ردّة لا يصلّون، ولا يصومون، وتوجّه إليهم الطلق، وهو الذي إذا طلي به البدن أو غيره لم تعمل فيه النار. قال: أردت بهذا المصلحة، واستعادتهم إلى الطاعة بالرفق، وبغير حرب. فقال ابن الفرات، لأبي عمر القاضي «4» : ما عندك في هذا يا أبا عمر؟ اكتب به. فأفحم، وجعل مكان ذلك، أن أقبل على عليّ بن عيسى، فقال له: يا هذا لقد أقررت بما لو أقرّ به إمام لما وسع الناس طاعته. قال: فرأيت عليّ بن عيسى، وقد حدّق إليه تحديقا شديدا، لعلمه

بأنّ المقتدر، في موضع يقرب منه، بحيث يسمع الكلام، ولا يراه الحاضرون. فاجتهد ابن الفرات بأبي عمر، أن يكتب بخطّه شيئا، فلم يفعل، وقال: قد غلط غلطا، وما عندي غير ذلك، فأخذ خطّه بالشهادة عليه، بأنّ هذا كتابه. ثم أقبل على أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي، فقال: ما عندك يا أبا جعفر في هذا؟ فقال: إن أذن الوزير، أن أقول ما عندي فيه، على شرح، قلته. قال: افعل. قال: صحّ عندي عن هذا الرجل- وأومأ إلى عليّ بن عيسى- أنّه افتدى بكتابين كتبهما إلى القرامطة، في وزارته الأولى ابتداء، وجوابا، ثلاثة آلاف رجل من المسلمين، كانوا مستعبدين، وهم أهل نعم وأموال، فرجعوا إلى أوطانهم، ونعمهم. فإذا فعل الإنسان مثل هذا الكتاب على جهة طلب الصلح، والمغالطة للعدوّ، لم يجب عليه شيء. قال: فما عندك فيما أقرّ به، أنّ القرامطة مسلمون؟ قال: إذا لم يصحّ عنده كفرهم، وكاتبوه بالتسمية بالله. ثم الصلاة على رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم، وانتسبوا إلى أنّهم مسلمون، وإنّما ينازعون في الإمامة فقط، لم يطلق عليهم الكفر. قال: فما عندك في الطلق، ينفذ إلى أعداء الإمام، فإذا طلي به البدن أو غيره، لم تعمل فيه النار؟ وصاح بها كالمنكر على أبي جعفر. فأقبل ابن البهلول على عليّ بن عيسى، فقال له: أنفذت الذي هذه صفته إلى القرامطة؟

فقال عليّ بن عيسى: لا. فقال ابن الفرات: هذا رسولك وثقتك ابن قليجة، قد أقرّ عليك بذلك. فلحق عليّ بن عيسى دهشة، فلم يتكلّم. فقال ابن الفرات، لأبي جعفر بن البهلول: احفظ إقراره، بأنّ ابن قليجة ثقته ورسوله، وقد أقرّ عليه بذلك. فقال: أيّها الوزير، لا يسمى هذا مقرّا، هذا مدعي، وعليه البيّنة. فقال ابن الفرات: فهو ثقته بإنفاذه إيّاه. قال: إنّما وثّقه في حمل كتاب، فلا يقبل قوله عليه في غيره. فقال ابن الفرات: يا أبا جعفر أنت وكيله، ومحتجّ عنه، لست حاكما. فقال: لا، ولكنّي أقول الحقّ في هذا الرجل، كما قلته في حقّ الوزير، أيّده الله، لما أراد حامد بن العباس في وزارته، ومن ضامّه، الحيلة على الوزير أعزّه الله، بما هو أعظم في هذا الباب «1» ، فإن كنت لم أصب حينئذ، فلست مصيبا في هذا الوقت. فسكت ابن الفرات، والتفت إلى عليّ بن عيسى، وقال: يا قرمطيّ. فقال له عليّ بن عيسى: أيّها الوزير، أنا قرمطيّ؟ أنا قرمطيّ؟ يعرّض به «2» . معجم الأدباء 1/85

11 القاضي أبو جعفر بن البهلول يطلب بين الصدر والقبر فرجة

11 القاضي أبو جعفر بن البهلول يطلب بين الصدر والقبر فرجة قال ابن عبد الرحيم، حدّثني القاضي أبو القاسم التنوخيّ «1» ، وله بأمره «2» الخبرة التامّة لما يجمعهما من النسب والصناعة، قال: كان أبو جعفر من جلّة الناس وعظمائهم وعلمائهم، وتقلّد قضاء الأنبار «3» وهيت «4» والرحبة «5» وسقي الفرات «6» في أيّام المعتمد «7» ، بعد كتبة الموفق أبي أحمد «8» سنة 270 هـ، وأقام يليها إلى سنة 316 هـ. وأضيف له إليها الأهواز «9» وكورها السبع «10» ، وخلفه عليها جدّي أبو

القاسم عليّ بن محمد التنوخي «1» في سنة 311 هـ. وقلّد ماه الكوفة «2» وماه البصرة «3» ، مضافات إلى ما تقدّم ذكره. ثم ردّ عليه مدينة المنصور «4» وطسوج مسكن «5» وقطربّل «6» بعد فتنة ابن المعتز في سنة 296 «7» . ولم يزل على هذه الولايات إلى سنة 316 هـ. وأسنّ وضعف. فتوصّل أبو الحسين الأشناني «8» إلى أن ولي قضاء المدينة، فكانت له أحاديث قبيحة، وقيل إن الناس سلموا عليه بالقبا «9» إيماء إلى البغاء. وكان إليه الحسبة ببغداد «10» .

فصرف في اليوم الثالث، وأعيد العمل إلى أبي جعفر، فامتنع من قبوله، ورفع يده عن النظر في جميع ما كان إليه، وقال: أحبّ أن يكون بين الصدر والقبر فرجة، ولا أنزل من القلنسوة «1» إلى الحفرة. وقال في ذلك: تركت القضاء لأهل القضاء ... وأقبلت أسمو إلى الآخرة فإن يك فخرا جليل الثناء ... فقد نلت منه يدا فاخره وإن كان وزرا فأبعد به ... فلا خير في إمرة وازره فقيل له: فابذل شيئا، حتى يردّ العمل إلى ابنك أبي طالب «2» . فقال: ما كنت لأتحمّلها حيا وميتا، وقد خدم ابني السلطان، وولّاه الأعمال، فإن استوثق خدمته، قلّده، وإن لم يرتض مذاهبه، صرفه، وهذا يفتضح ولا يخفى، وأنشدهم: يقولون همّت بنت لقمان مرة ... بسوء، وقالت: يا أبي ما الذي يخفى فقال لها: ما لا يكون، فأمسكت ... عليه ولم تمدد لمنكرة كفّا وما كلّ مستور تغلّق دونه ... مصاريع أبواب ولو بلغت ألفا بمستتر والصائن العرض سالم ... وربّتما لم يعدم الذم والقرفا على أن أثواب البريء نقيّة ... ولا يلبث الزور المفكّك أن يطفا قال: ولست أعلم هذا الشعر له، أو تمثّل به. قال التنوخي، وكان أبو جعفر، يقول الشعر تأدبا، وتطرّبا، وما علمت أنّه مدح أحدا بشيء منه، وله قصيدة طرديّة مزدوجة طويلة،

وحمل الناس عنه علما كثيرا، ومن شعره: رأيت العيب يلصق بالمعالي ... لصوق الحبر في يقق الثياب ويخفى في الدنيء فلا تراه ... كما يخفى السواد على الإهاب وله في الوزير ابن الفرات: قل لهذا الوزير قول محقّ ... بثّه النصح أيّما إبثاث قد تقلّدتها مرارا ثلاثا ... وطلاق البتات عند الثلاث وكان الأمر على ما قاله، فإنّ ابن الفرات قتل، بعد الوزارة الثالثة في محبسه «1» . وله أيضا: أقبلت الدنيا وقد ولّى العمر ... فما أذوق العيش إلا كالصبر لله أيّام الصبا إذ تعتكر ... لاقت لدينا لو تؤوب ما تسرّ وله أيضا: ويجزع من تسليمنا فيردّنا ... مخافة أن نبغي نداه «2» فيبخلا وما ضرّه أن يجتبينا ببشره ... فنقنع بالبشر الجميل ونرحلا وله أيضا: وحرقة أورثتها فرقة دنفا ... حيران لا يهتدي إلا إلى الحزن في جسمه شغل عن قلبه وله ... في قلبه شغل عن سائر البدن

وله أيضا: أبعد الثمانين أفنيتها ... وخمسا وسادسها قد نما ترجّي الحياة وتسعى لها ... لقد كاد دينك أن يكلما وله أيضا: إلى كم تخدم الدنيا ... وقد جزت الثمانينا لئن لم تك مجنونا ... فقد فقت المجانينا معجم الأدباء 1/91- 93

12 القاضي أبو جعفر بن البهلول يكشف عن براءة الوزير ابن الفرات مما اتهم به

12 القاضي أبو جعفر بن البهلول يكشف عن براءة الوزير ابن الفرات مما اتهم به حدّث أبو الحسين علي بن هشام بن أبي قيراط «1» ، قال: دخلت مع أبي «2» ، إلى أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول «3» ، عقيب عيد، لنهنّئه به. وتطاول الحديث، فقال له أبي: قد كنت أكاتب الوزير، أيّده الله، إلى محبسه، يعني ابن الفرات «4» - لأنّه هو كان الوزير إذ ذاك، الوزارة الثالثة «5» - وأعرّفه ما عليه القاضي، من موالاته في كذا وكذا، والآن، هو على شكر القاضي، والاعتداد به. قال: فلما سمع ذلك، فرّق الغلمان، ومن كان في مجلسه من أصحابه، حتى خلا، وقال: ليس يخفى عليّ التغيّر في عين الوزير، وإن كان لم ينقصني من رتبة ولا عمل، وبالله أحلف، لقد لقيت حامد بن العباس «6» ،

بالمدائن «1» ، لما جيء به للوزارة، فقام لي في حرّاقته «2» قائما، وقال لي: هذا الأمر لك ولولدك، وسيبين لك ما أفعله من زيادتك في الأعمال والأرزاق، ثم لقيته يوم الخلع عليه، بعد لبسه إيّاها، فتطاول «3» ، فلما فعلت به، في أمر الوزير أيّده الله، ما فعلته، بحضرة أمير المؤمنين، عاداني، وصار لا يعير لي طرفه، وتعرّضت منه لكلّ بليّة، فكنت خائفا منه، حتى أراح الله منه، بتفرّد علي بن عيسى «4» بالأمور «5» ، واشتغاله هو بالضمان «6» ، وسقوط حاجتنا إلى لقائه، وما لي إلى هذا الوزير- أيده الله- ذنب يوجب انقباضه، إلا أنّي أدّيت الوديعة التي كانت له عندي، وبالله، لقد ورّيت عن ذكرها جهدي، ودافعت بما يدافع به مثلي، ممن لا يمكنه الكذب، فلما جاء ابن حمّاد، كاتب موسى بن خلف «7» ، فأقرّ بها، وأحضر الدليل بإحضار

المرأة التي حملتها، لم أجد بدّا من أدائها، وقد فعل مثلي أبو عمر، في الوديعة التي كانت له عنده، إلا أنّ أبا عمر، فعل ما قد علمته من حيلة، بشراء فصّ بنصف درهم، نقش عليه عليّ بن محمد «1» ، ووضع مالا من عنده، في أكياس ختمها به، وقال للوزير: وديعتك عندي بحالها، وإنّما غرمت ما أدّيت عنك من مالي، وأراد التقرّب إليه، ففعل هذا «2» ، وأنت تعلم فرق ما بيني وبين أبي عمر، في كثرة المال، فأريد أن تسلّ سخيمته، وتستصلح لي نيّته، وتذكره بحقّي القديم عليه، ومقامي له بين يدي الخليفة إذ ذاك، وأنّ مثل ذلك، لا ينسى بتجنّ لا يلزم. فقال له أبي: أنا أفعل ولا أقصّر، وقد اختلفت الأخبار علينا، فيما جرى ذلك اليوم، فإن رأى القاضي- أعزّه الله- أن يشرحه لي، فعل. فقال أبو جعفر: كنت أنا، وأبو عمر، وعلي بن عيسى، وحامد بن العباس بحضرة الخليفة، مع جماعة من خواصه، وكلهم منحرف عن الوزير- أيّده الله- ومحب لمكروهه، إذ أحضر حامد، الرجل الجندي، الذي ادّعى أنّه وجده راجعا من أردبيل «3» ، إلى قزوين «4» ، ثم إلى أصبهان «5» ، ثم إلى البصرة «6» ، وأنّه أقرّ له عفوا «7» ، أنّه رسول ابن الفرات، إلى ابن

أبي الساج «1» ، في عقد الإمامة لرجل من الطالبيين المقيمين بطبرستان «2» ، ليقوّيه ابن أبي الساج، ويسيّره إلى بغداد، ويعاونه ابن الفرات بها، وانّه مخبر أنّه تردّد في ذلك دفعات، وخاطبه بحضرة الخليفة في أن يصدق عمّا عنده من ذلك. فذكر الرجل، مثل ما أخبر عنه حامد، ووصف أنّ موسى بن خلف، كان يتخبّر لابن الفرات، لأنّه من الدعاة الذين يدعون إلى الطالبيّين، وأنّه كان يمضي في [كل] وقت من الأوقات إلى ابن أبي الساج في شيء من هذا. فلما استتم الخليفة سماع هذا الكلام، اغتاظ غيظا شديدا، وأقبل على أبي عمر «3» ، وقال: ما عندك فيما فعله هذا؟ فقال: لئن كان فعل ذلك، لقد أتى أمرا فظيعا، وأقدم على أمر يضرّ بالمسلمين جميعا، واستحقّ كذا، كلمة عظيمة لا أحفظها. قال أبو جعفر: وتبيّنت في عليّ بن عيسى كراهية لما جرى، والإنكار للدعوى، والطنز «4» بما قيل فيها، فقويت نفسي بذلك. وأقبل الخليفة عليّ، فقال: ما عندك يا أحمد، فيمن فعل هذا؟ فقلت: إن رأى أمير المؤمنين، أن يعفيني. فقال: ولم؟. فقلت: لأنّ الجواب ربما أغضبت به من أنا محتاج إلى رضاه، أو خالف ما يوافقه من ذلك ويهواه، ويضرّ بي.

فقال: لا بدّ أن تجيب. فقلت: الجواب، ما قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ «1» ، ومثل هذا يا أمير المؤمنين لا يقبل فيه خبر واحد، والتمييز يمنع من قبول مثل هذا على ابن الفرات، أتراه يظنّ به أنّه رضي أن يكون تابعا لابن أبي الساج، ولعله ما كان يرضى، وهو وزير، أن يستحجبه «2» ؟ ثم أقبلت على الرجل، فقلت له: صف لي أردبيل، عليها سور أم لا؟ فإنّك على ما تدعيه من دخولها، لا بد أن تكون عرفا بها، واذكر لنا صفة باب دار الإمارة، هل هو حديد أم خشب؟ فتلجلج. فقلت له: كاتب ابن أبي الساج، ابن محمود، ما اسمه؟ وما كنيته؟ فلم يعرف ذلك. فقلت له: فأين الكتب التي معك؟ فقال: لما أحسست بأنّي قد وقعت في أيديهم، رميت بها خوفا من أن توجد معي، فأعاقب. قال: فأقبلت على الخليفة، وقلت: يا أمير المؤمنين، هذا جاهل، متكسّب، مدسوس من قبل عدوّ غير محصّل. فقال علي بن عيسى، مؤيدا لي: قد قلت هذا للوزير، فلم يقبل قولي، وليس يهدّد هذا، فضلا عن أن ينزل به مكروه، إلّا أقرّ بالصورة.

فأقبل الخليفة على نذير الحرمي «1» ، وعدل عن أن يأمر نصرا الحاجب «2» بذلك، لما يعرفه بينه وبين ابن الفرات «3» ، وقال: بحقّنا عليك، لما ضربته مائة مقرعة، أشدّ الضرب، إلى أن يصدق عن الصورة. فعدي بالرجل، عن حضرة الخليفة، ليبعد ويضرب. فقال: لا، إلا هاهنا. فضرب بالقرب منه، دون العشرة، فصاح: غررت، وضمنت لي الضمانات، وكذبت، والله، ما دخلت أردبيل قط. فطلب نزار بن محمد الضبّي أبو معد «4» ، وكان صاحب الشرطة، وقد انصرف، فقال الخليفة، لعلي بن عيسى: وقّع إليه، بأن يضرب هذا، مائة سوط، ويثقله بالحديد، ويحبس في المطبق «5» . فو الله، لقد رأيت حامدا، وقد كاد يسقط، انخذالا، وانكسارا، ووجدا، وإشفاقا. وخرجنا، وجلسنا في دار نصر الحاجب، وانصرف حامد، وأخذ علي بن عيسى ينظر في الحوائج، وأخّر أمر الرجل.

فقال له حاجبه ابن عبدوس «1» ، قد وجّه نزار، بالمضروب المتكذّب. فقلت له: إنّه وإن كان قد جهل، فقد غمّني ما لحقه، خوفا من أن أكون سببه، فإن أمكنك أن تسقط عنه المكروه، أو بعضه، أجرت. فقال: ما في هذا- لعنه الله- أجر، ولكنّي أقتصر على خمسين مقرعة «2» ، وأعفيه من السياط «3» . ثم وقّع بذلك إلى نزار، وانصرفنا. فصار حامد من أعدى الناس لي. معجم الأدباء 1/87- 91

13 من شعر أبي الفتح بن المنجم

13 من شعر أبي الفتح بن المنجم قال التنوخي أبو عليّ: أنشدني أبو الفتح أحمد بن عليّ بن هارون بن يحيى المنجم «1» في الوزير أبي الفرج محمد بن العباس بن فسانجس «2» في وزارته «3» ، وقد عمل على الانحدار إلى الأهواز «4» لنفسه: قل للوزير سليل المجد والكرم ... ومن له قامت الدنيا على قدم ومن يداه معا تجدي ندى وردى ... يجريهما عدل حكم السيف والقلم ومن إذا همّ أن تمضي عزائمه ... رأيت ما تفعل الأقدار في الأمم ومن عوارفه تهمى وعادته ... في ربّ بدأته تنمى على القدم لأنت أشهر في رعي الذمام وفي ... حكم التكرّم من نار على علم والعبد عبدك في قرب وفي بعد ... وأنت مولاه إن تظعن وإن تقم فمره يتبعك أو لا فاعتمده بما ... تجري به عادة الملّاك في الخدم «5» قال: وأنشدني لنفسه، وذكر أنّه لا يوجد لها قافية رابعة من جنسها في الحلاوة: سيّدي أنت ومن عادته ... باعتداء وبجور جاريه

أنصف المظلوم وارحم عبرة ... بدموع ودماء جاريه «1» ربما أكني بقولي سيّدي ... عند شكواي الهوى من جاريه «2» قال: وأنشدني لنفسه، والقافية كلها عود باختلاف المعنى: العيش عافية والراح والعود ... فكل من حاز هذا فهو مسعود هذا الذي لكم في مجلس أنق ... سجاره «3» العنبر الهنديّ والعود وقينة وعدها بالخلف مقترن ... بما يؤمّله راج وموعود وفتية كنجوم الليل دأبهم ... إعمال كأس حداها الناي والعود فاغدوا عليّ بكأس الراح مترعة ... عودا وبدأ فإن أحمدتم عودوا معجم الأدباء 1/232

14 غلام يقتضي أن يكون أخا وصديقا

14 غلام يقتضي أن يكون أخا وصديقا قال أبو علي: سمعت أبا محمد المهلبيّ «1» يتحدّث، وهو وزير، في مجلس أنس: أنّ رجلا كان ينادم بعض الكتّاب الظراف، وأحسبه قال ابن المدبّر «2» ، قال: كنت عنده ذات يوم، فرجع غلام له أنفذه في شيء لا أدري ما هو، فقال له ربّ الدار: ما صنعت؟ فقال: ذهبت، ولم يكن، فقام يجيء، فجاء، فلم يجىء، فجئت، قال: فتبيّنت في رب الدار تغيّرا، وهمّا، ولم يقل للغلام شيئا، فعجبت من ذلك. ثم أخذ بيدي، وقال: قد ضيّق صدري، ما جاء به هذا الغلام، فقم حتى ندور في البستان الذي في دارنا ونتفرّج، فلعلّه يخفّ ما بي. فقلت: والله، لقد توهّمت أنّ صدرك قد ضاق بانغلاق كلام الغلام عليك، وقد فهمته، وهذا ظريف. فقال: إنّ هذا الغلام، أحصف وأظرف غلام يكون، وذاك أنّني ممتحن بعشق غلام أمرد، وهو ابن نجار من جيراننا، والغلام يساعدني عليه، وأبوه يغار عليه، ويمنعه منّي. فوجّهت هذا الغلام، وقلت: إن لم يكن أبوه هناك، فقل له يصير إلينا.

فرجع، فلما رآك عندي، قدّر أنّي لا أريد أن تفطن للأمر، فردّ هذا الجواب الطريف الذي سمعته. فقلت: أعده عليّ أنت لأفهمه. فقال: إنّه يقول: ذهبت إلى الغلام ولم يكن أبوه هناك، فقام الغلام يجيء، فجاء أبوه، فلم يجىء الغلام، فجئت أنا. فقلت له: هذا الغلام يجب أن يكون أخا وصديقا، لا غلاما. معجم الأدباء 1/293

15 جحظة البرمكي يفت لبنات وردان

15 جحظة البرمكي يفت لبنات وردان قال أبو عليّ: حدّثني أبو القاسم الحسين بن عليّ البغداديّ «1» ، وكان أبوه ينادم ابن الحواريّ «2» ، ثم نادم البريديين «3» بالبصرة، وأقام بها سنين، قال: كان جحظة «4» خسيف الدين، وكان لا يصوم شهر رمضان، وكان يأكل سرّا. فكان عند أبي يوما في شهر رمضان، مسلّما، فأجلسته. فلما كان نصف النهار، سرق من الدار رغيفا، ودخل المستراح، وجلس على المقعدة. واتّفق أن دخل أبي فرآه، فاستعظم ذلك، وقال: ما هذا يا أبا الحسن؟ فقال: أفتّ لبنات وردان «5» ما يأكلون، فقد رحمتهم من الجوع. معجم الأدباء 1/395

16 أبو بكر بن الجراح عالم فارس

16 أبو بكر بن الجراح عالم فارس أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت الخطيب «2» ، قال: حدّثنا التنوخيّ، قال: كان أبو بكر بن الجرّاح «3» يقول: كتبي بعشرة آلاف درهم، وجاريتي بعشرة آلاف درهم، وسلاحي بعشرة آلاف درهم، ودوابّي بعشرة آلاف درهم. قال التنوخيّ: وكان أحد الفرسان، يلبس أداته، ويركب فرسه، ويخرج إلى الميدان، ويطارد الفرسان فيه. المنتظم 7/165 معجم الأدباء 2/79

17 أبو عبد الله بن ثوابة نهاية في الكتبة وحسن الكلام

17 أبو عبد الله بن ثوابة نهاية في الكتبة وحسن الكلام قال أبو علي المحسّن التنوخي: رأيت أنا، أبا عبد الله هذا «1» في سنة 409 «2» وإليه ديوان الرسائل، وكان نهاية في حسن الكلام، والكتبة. معجم الأدباء 2/80

18 فرات غاض من آل الفرات

18 فرات غاض من آل الفرات قال القاضي أبو علي التنوخيّ: أنشدني أبو الحسين، عليّ بن هشام «1» ، لنفسه، لما قتل أبو الحسن بن الفرات «2» : فرات غاض من آل الفرات ... ففاض عليه دمع المكرمات سماء غودرت في بطن أرض ... وبحر غاض في بعض الفلاة عسى الأيّام آخذة بثار ... فتأخذ لي بثار المأثرات الوزراء للصابي 162

19 عضد الدولة غلام أبي علي الفارسي في النحو

19 عضد الدولة غلام أبي عليّ الفارسيّ في النحو أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ «2» ، قال: قال التنوخيّ: ولد أبو علي الحسن بن أحمد النحويّ الفارسي «3» ، بفسا، وقدم بغداد، فاستوطنها، وسمعنا منه في رجب سنة خمس وسبعين وثلاثمائة. وعلت منزلته في النحو، حتى قال قوم من تلامذته، هو فوق المبرّد «4» ، وأعلم منه. وصنّف كتبا عجيبة حسنة، لم يسبق إلى مثلها، واشتهر ذكره في الآفاق. وبرع له غلمان حذّاق، مثل عثمان بن جني «5» ، وعليّ بن عيسى

الشيرازي «1» ، وغيرهما. وخدم الملوك، ونفق عليهم، وتقدّم عند عضد الدولة «2» ، فسمعت أبي يقول: سمعت عضد الدولة يقول: أنا غلام أبي علي النحوي في النحو «3» . المنتظم 7/138 معجم الأدباء 3/10

20 زورق ابن الخواستيني يحمل ثلاثمائة ألف رطل

20 زورق ابن الخواستيني يحمل ثلاثمائة ألف رطل وحدّث ابن نصر «1» ، قال: حدّثني يوما أبو الفرج الببغاء الشاعر «2» : أنّ أبا الفرج منصور بن بشر النصرانيّ الكاتب، كان منقطعا إلى أبي لعباس بن ماسرجس، فأنفذه مرّة إلى أبي عمر إسماعيل بن أحمد، عامل البصرة، في بعض حاجاته، فعاد من عنده مغضبا، لأنّه لم يستوف له القيام عند دخوله. وأراد أبو العباس إنفاذه بعد أيّام، فأبى، وقال: لو أعطيتني زورق ابن الخواستيني، مملوءا كيمياء، كلّ مثقال منه إذا وضع على ألف مثقال صفرا، صار ذهبا ابريزا، ما مضيت إليه. فأمسك عنه مغيظا. وهذا زورق معروف بالبصرة، وحمله ثلاثمائة ألف رطل «3» . معجم الأدباء 3/57

21 ابن أبي علان ومبالغاته

21 ابن أبي علان ومبالغاته وقد رأيت «1» دواتي أبي العبّاس سهل بن بشر «2» ، وقد حكي له، أن ابن أبي علان قاضي القضاة بالأهواز «3» ، ذكر أنّه رأى قبجة «4» وزنها عشرة أرطال «5» . فقال: هذا محال. فقيل له: ترد قول ابن أبي علّان؟ قال: فإن قال ابن أبي علان، أنّ على شاطىء جيحون نخلا يحمل غضار صيني مجزّع بسواد، أقبل «6» ؟ معجم الأدباء 3/57

22 التنوخي يتحدث عن الحسن بن بشر الآمدي

22 التنوخي يتحدث عن الحسن بن بشر الآمدي أخبرني القاضي أبو القاسم التنوخيّ، عن أبيه، أبي علي المحسّن: أنّ مولد أبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي «1» بالبصرة، وأنّه قدم بغداد فحمل عن الأخفش «2» ، والحامض «3» ، والزجاج «4» وابن دريد «5» ، وابن

السراج «1» ، وغيرهم، اللغة، وروى الأخبار في آخر عمره بالبصرة. وكان يكتب بمدينة السلام لأبي جعفر هارون بن محمد الضبّي «2» خليفة أحمد ابن هلال صاحب عمان «3» ، بحضرة المقتدر، ووزرائه، ولغيره من بعده. وكتب بالبصرة لأبي الحسين أحمد «4» ، وأبي أحمد طلحة بن الحسن بن المثنى «5» ، وبعدهما لقاضي البلد أبي [القاسم] «6» جعفر بن عبد الواحد الهاشميّ على الوقوف التي تليها القضاة، ويحضر به في مجلس حكمه، ثم لأخيه أبي الحسن محمد بن عبد الواحد «7» ، لما ولي قضاء البصرة، ثم لزم بيته إلى أن مات. وكان كثير الشعر، حسن الطبع، جيّد الصنعة، مشتهرا بالتشبيهات. معجم الأدباء 3/58

23 لعن الله الدنيا

23 لعن الله الدنيا قال أبو عليّ: كنت في سنة 352 ببغداد، فحضر أوّل يوم شهر رمضان فاصطحبنا أنا وأبو الفتح عبد الواحد بن أبي علي الحسين بن هارون، الكاتب في دار أبي الغنائم، الفضل بن الوزير أبي محمد المهلّبيّ «1» ، لتهنئته بالشهر، عند توجّه أبيه «2» إلى عمان «3» . وبلغ أبو محمد إلى موضع من أنهار البصرة يعرف بعلياباذ «4» ، ففترت نيّته عن الخروج إلى عمان. واستوحش معزّ الدولة «5» منه، وفسد رأيه فيه. واعتلّ المهلّبيّ هناك، ثم أمره معزّ الدولة، بالرجوع من علياباذ، وأن لا يتجاوزه، وقد اشتدّت علّته، والناس بين مرجف بأنّه يقبض عليه إذا حصل بواسط «6» ، أو عند دخوله إلى بغداد، وقوم يرجفون بوفاته. وخليفته إذ ذاك على الوزارة ببغداد، أبو الفضل العباس بن الحسين

ابن عبد الله «1» ، وأبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس «2» . فجئنا إلى أبي الغنائم، ودخلنا إليه وهو جالس في عرضيّ «3» في داره التي كانت لأبيه على دجلة، على الصراة «4» ، عند شبّاك في دجلة، وهو في دست كبير عال، جالس، وبين يديه الناس على طبقاتهم، فهنأناه بالشهر وجلسنا، وهو إذ ذاك صبيّ [غير] بالغ، إلّا أنّه محصّل. فلم يلبث أن جاء أبو الفضل وأبو الفرج، فدخلا اليه وهنآه بالشهر، فأجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، على طرف دسته، في الموضع الذي فيه فضلة المخاد إلى الدست، ما تحرّك لأحدهما، ولا انزعج، ولا شاركاه في الدست. وأخذا معه في الحديث، وزادت مطاولتهما، وأبو الفضل يستدعي خادم الحرم، فيسارّه، فيمضي ويعود، ويخاطبه سرّا. إلى أن جاءه بعد ساعة، فسارّه، فنهض. فقال له أبو الفرج: إلى أين يا سيدي؟ فقال: أهنّئ من يجب تهنئته وأعود إليك، وكان أبو الفضل زوج زينة «5» ، أخت أبي الغنائم، من أبيه وأمّه تجنّي «6» . فحين دخل واطمأنّ قليلا، وقع الصراخ، وتبادر الخدم والغلمان، ودعي

الصبيّ، وكان يتوقّع أن يرد عليه خبر موت أبيه، لأنّه كان عالما بشدة علّته، فقام، فمسكه أبو الفرج، وقال: اجلس، اجلس، وقبض عليه. وخرج أبو الفضل وقد قبض على تجنّي، أم الصبيّ، ووكّل بها خدما، وختم الأبواب، ثم قال للصبيّ: قم يا أبا الغنائم إلى مولانا- يعني معزّ الدولة- فقد طلبك، وقد مات أبوك. فبكى الصبي، وسعى إليه، وعلق بدرّاعته، وقال: يا عمّ، الله، الله، فيّ، يكررها. فضمه أبو الفضل إليه، واستعبر، وقال: ليس عليك بأس ولا خوف، وانحدروا إلى زبازبهم «1» ، فجلس أبو الفرج في زبزبه، وجلس أبو الفضل في زبزبه، وأجلس الغلام بين يديه، وأصعدت الزبازب، تريد معزّ الدولة بباب الشمّاسية. فقال أبو الفتح بن الحسين: ما رأيت مثل هذا قط، ولا سمعت، لعن الله الدنيا، أليس الساعة، كان هذا الغلام في الصدر معظّما، وخليفتا أبيه، بين يديه، وما افترقا حتى صار بين أيديهما ذليلا حقيرا. ثم جرى من المصادرات على أهله وحاشيته، ما لم يجر على أحد «2» . معجم الأدباء 3/197

24 نعوذ بالله من الخيبة والخذلان

24 نعوذ بالله من الخيبة والخذلان حدّث أبو القاسم التنوخي: أنّ نقفور «1» لما فتح طرسوس «2» ، نصب في ظاهرها علمين، ونادى مناديه، من أراد بلاد الملك الرحيم، وأحبّ العدل والنصفة، والأمن على المال، والأهل، والنفس، والولد، وأمن السبل، وصحة الأحكام، والإحسان في المعاملة، وحفظ الفروج، وكذا وكذا، وعدّ أشياء جميلة، فليصر تحت هذا العلم، ليقفل مع الملك إلى بلاد الروم. ومن أراد الزنا، واللواط، والجور في الأحكام والأعمال، وأخذ الضرائب، وتملك الضياع عليه، وغصب الأموال، وعدّ أشياء من هذا النوع غير جميلة، فليحصل تحت هذا العلم إلى بلاد الإسلام. فصار تحت علم الروم خلق من المسلمين، ممّن تنصر، وممّن صبر على الجزية. ودخل الروم إلى طرسوس، فأخذ كلّ واحد من الروم، دار رجل من المسلمين، بما فيها، ثم يتوكّل ببابها، ولا يطلق لصاحبها إلّا حمل الخفّ، فإن رآه قد تجاوز، منعه، حتى إذا خرج منها صاحبها، دخلها النصرانيّ، فاحتوى على ما فيها. وتقاعد بالمسلمين أمّهات أولادهم، لمّا رأين أهاليهن، وقالت أنا الآن حرّة، لا حاجة لي في صحبتك، فمنهنّ من رمت بولدها على أبيه، ومنهنّ

من منعت الأب من ولده، فنشأ نصرانيّا، فكان الإنسان يجيء إلى عسكر الروم، فيودّع ولده، ويبكي، ويصرخ، وينصرف على أقبح صورة، حتى بكى الروم رقّة لهم. وطلبوا من يحملهم، فلم يجدوا غير الروم، فلم يكروهم إلّا بثلث ما أخذوه على أكتافهم أجرة، حتى سيّروهم إلى أنطاكية «1» . هذا وسيف الدولة «2» حيّ يرزق بميافارقين، والملوك كلّ واحد مشغول بمحاربة جاره من المسلمين «3» ، وعطّلوا هذا الفرض، ونعوذ بالله من الخيبة والخذلان، ونسأله الكفاية من عنده. معجم البلدان 3/527

25 ابن الماشطة صاحب كتاب جواب المعنت

25 ابن الماشطة صاحب كتاب جواب المعنت قال أبو علي التنوخي، حدّثنا أبو الحسين علي بن هشام «1» ، قال: سمعت علي بن الحسن الكاتب المعروف بابن الماشطة «2» ، وهو صاحب الكتاب المعروف: بجواب المعنت، في الكتابة، وعاش حتى بلغ المائة سنة، وكان قد تقلّد مكان أبي «3» ، في أيام حامد «4» لما غلب عليّ بن عيسى «5» على الأمور، قال:

سمعت الفضل بن مروان «1» وزير المنتصر بالله «2» ابن المتوكل «3» ، وذكر خبرا ... «4» . معجم الأدباء 5/114

26 من طريف أخبار العادات

26 من طريف أخبار العادات حدّث القاضي أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخيّ في كتاب نشوار المحاضرة، قال: ومن طريف أخبار العادات، أنّي كنت أرى أبا الفرج عليّ بن الحسين الأصبهانيّ الكاتب «1» نديم أبي محمد المهلّبيّ» ، صاحب الكتب المصنّفة في الأغاني والقيان، وغير ذلك، دائما إذا ثقل الطعام في معدته- وكان أكولا نهما-، يتناول خمسة دراهم، فلفلا مدقوقا، فلا تؤذيه، ولا تدمعه. وأراه يأكل حمّصة واحدة، أو يصطبغ بمرقة قدر فيها حمّص، فيتشرى «3» بدنه كلّه من بعد ذلك، وبعد ساعة أو ساعتين يفصد، وربما فصد دفعتين، وأسأله عن سبب ذلك، فلا يكون عنده علم منه. وقال لي غير مرّة: إنّه لم يدع طبيبا حاذقا على مرّ السنين إلّا سأله عن سببه، فلا يجد عنده علما ولا دواء. فلمّا كان قبل فالجه بسنوات، ذهبت عنده العادة في الحمّص، فصار يأكله فلا يضرّه، وبقيت عليه عادة الفلفل. معجم الأدباء 5/156

27 خطيب يموت على المنبر

27 خطيب يموت على المنبر ذكر صاحب كتاب النشوار أبو عليّ المحسّن بن عليّ القاضي: أنّه حضر مجلس أبي الفرج الأصبهانيّ، صاحب كتاب الأغاني، فتذاكروا موت الفجاءة. فقال أبو الفرج: أخبرني شيوخنا أنّ جميع أحوال العالم قد اعترت من مات فجأة، إلّا أنّني لم أسمع من مات على منبر. قال أبو علي المحسّن: وكان معنا في مجلس أبي الفرج، شيخ أندلسي، قدم من هناك لطلب العلم، ولزم أبا الفرج، يقال له: أبو زكريّا يحيى ابن مالك بن عائذ، وكنت أرى أبا الفرج يعظّمه ويكرمه ويذكر ثقته. فأخبرنا أبو زكريّا: أنّه شاهد في مسجد الجامع ببلدة من الأندلس، خطيب البلد، وقد صعد يوم الجمعة ليخطب، فلمّا بلغ يسيرا من خطبته، خرّ ميتا فوق المنبر «1» ، حتى أنزل منه، وطلب في الحال من رقي المنبر، فخطب وصلّى الجمعة بنا «2» . معجم الأدباء 5/166

28 أبو الفرج بن هندو كاتب الإنشاء في ديوان عضد الدولة

28 أبو الفرج بن هندو كاتب الإنشاء في ديوان عضد الدولة قال أبو عليّ التنوخي: كان أبو الفرج عليّ بن الحسين بن هندو «1» ، أحد كتّاب الإنشاء في ديوان عضد الدولة «2» ، وقد شاهدت عدّة كتب كتبها بخطّه. معجم الأدباء 5/168

29 أبو الحسن الصائغ النحوي أستاذ الجبائي

29 أبو الحسن الصائغ النحوي أستاذ الجبائي قال القاضي أبو عليّ التنوخيّ، حدّثني أبو عمر أحمد بن محمد بن حفص الخلال، قال: كان أبو الحسن الصائغ النحويّ الرامهرمزيّ «1» واسع العلم والأدب، مليح الشعر وهو صاحب القصيدة التي أوّلها: [بياض في الأصل] ، وفيها تجوّز كثير وأمر بخلاف الجميل، قالها على طريق التخالع، والتطايب. وكان صالحا معتقدا للحق، لا عن اتّساع في العلم، يعني علم الكلام، ولكنّه كان واسع المعرفة بالنحو واللغة والأدب. وأبو الحسن الصائغ هذا، هو أستاذ أبي هاشم بن أبي عليّ الجبائي «2» ، بعد أبي بكر المبرمان «3» في النحو، قرأ عليه لما ورد البصرة، واستفاد منه حتى بلغ أعلى مراتب النحو «4» . معجم الأدباء 5/276

30 هذا بلاغ للناس ولينذروا به

30 هذا بلاغ للناس ولينذروا به قال التنوخيّ: إن أبا الحسن الوراق يعرف بالإخشيذي «1» . وقال أيضا: وممن ذهب في زماننا إلى أنّ عليّا عليه السلام، أفضل الناس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، من المعتزلة، أبو الحسن عليّ بن عيسى النحوي، المعروف بابن الرمّاني الإخشيذي. وقرأت بخطّ أبي سعد، سمعت أبا طاهر السبخي، قال: سمعت أبا الكرم بن الفاخر النحوي، قال: سمعت القاضي أبا القاسم عليّ بن المحسّن التنوخيّ، قال: سمعت شيخنا أبا الحسن عليّ بن عيسى الرمّاني النحويّ، يقول، وقد سئل، فقيل له: لكل كتاب ترجمة، فما ترجمة كتاب الله عزّ وجلّ. فقال: هذا بلاغ للناس ولينذروا به. معجم الأدباء 5/280- 282

31 بين الوزير ابن مقلة والشاعر ابن بسام

31 بين الوزير ابن مقلة والشاعر ابن بسّام قال التنوخيّ: حدّثني ابن أبي قيراط، عليّ بن هشام «1» ، قال: حدّثني أبو عليّ بن مقلة «2» ، قال: كنت أقصد ابن بسّام «3» لهجائه إيّاي، فخوطب ابن الفرات في وزارته الأولى، في تصريفه، فاعترضت، وقلت: إذا صرّف، فلا يحتبس الناس على مجالسنا وقد افترقت، فإذا لم يضرّه الوزير فلا أقلّ من أن لا ينفعه. فامتنع من تصريفه، قضاء لحقّي. فبلغ ذلك ابن بسّام، فجاءني، وخضع لي، ثم لازمني نحو سنة، حتى صار يختصّ بي، ويعاشرني على النبيذ، ومدحني فقال: يا زينة الدين والدنيا وما جمعا ... والأمر والنهي والقرطاس والقلم إن ينسئ الله في عمري فسوف ترى ... من خدمتي لك ما يغني عن الخدم أبا عليّ لقد طوّقتني مننا ... طوق الحمامة لا تبلى على القدم فاسلم فليس يزيل الله نعمته ... عمّن يبثّ الأيادي في ذوي النعم معجم الأدباء 5/323

32 بين ابن الفرات وخالد الكاتب

32 بين ابن الفرات وخالد الكاتب حدّث القاضي أبو عليّ، قال: حدّثني أبو الحسين عليّ بن هشام «1» ، قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات «2» ، يتحدّث في مجلسه، قال: كنّا بعد وفاة أبينا، وقبل تصرّفنا مع السلطان نقدم إلى بغداد، من سرّ من رأى، فنقيم بها المدّة بعد المدّة، ونتفرّج، ثم نعود، وننزل، إذا وردنا، شارع عمرو بن مسعدة، بالجانب الغربيّ. فبكّرنا يوما، نريد بستانا، فإذا بخالد الكاتب «3» ، والصبيان يولعون به، وقد اختلط، وهو يرجم، ويشتم. ففرّقناهم عنه، ومنعناه منهم، ورفقنا به، وسألناه أن يصحبنا، وأنزلنا أحد غلماننا من مركوبه، وأركبناه، وحملناه إلى البستان. فلما أكل، وسكن، وجدناه متماسك العقل، بخلاف ما رأيناه عليه، وظنناه به، وسمعناه عنه. فقلنا له: ما الذي يلحقك؟ فقال: أكثر آفتي هؤلاء الصبيان، فإنّهم يشدّون «4» عليّ، حتى أعدم بقيّة عقلي، وأصير إلى ما شاهدتموه منّي، وأخذ ينشدنا لنفسه، ويورد من شعره، وطاب لنا يومنا معه. وأحبّ أخي أن يمتحنه في قول الشعر، وهل هو على ما كان، أم قد

اختلّ، فقال له: أريد أن تعمل شيئا في الفراق الساعة. فأخذ الدواة، وفكّر، وقال: عيني، أكنت عليك مدّعيا ... أم حين أزمع بينهم خنت إن كنت فيما قلت صادقة ... فعلى فراقهم ألا بنت الوزراء للصابي 162

33 رسالة كتبها والد المؤلف

33 رسالة كتبها والد المؤلف قال أبو عليّ التنوخي في النشوار: حدّثني أبو العلاء صاعد بن ثابت «1» ، قال: كتب إليّ القاضي التنوخيّ أبو القاسم عليّ بن محمّد «2» جواب كتاب كتبته إليه: وصل إليّ كتابك: فما شككت، وقد جاء البشير به، ... أنّ الشباب أتاني بعدما ذهبا وقلت نفسي تفدي نفس مرسله ... من كل سوء ومن أملى ومن كتبا وكاد قلبي، وقد قلّبته، قرما ... إلى قراءته أن يخرق الحجبا قال: والشعر له، وأنشدنيه بعد ذلك لنفسه. قال أبو عليّ: ولست أعرف له ذلك، ولا وجدته في كتبه منسوبا إليه، ويجوز أن يكون ممّا قاله ولم يثبته، أو ضاع فيما ضاع من شعره، فإنّه أكثر ممّا حفظ «3» . معجم الأدباء 5/340

34 من شعر أبي الفتح بن المنجم

34 من شعر أبي الفتح بن المنجم كان لعليّ بن هارون بن المنجّم «1» ، ولد يقال له أبو الفتح أحمد بن عليّ ابن هارون المنجم «2» ، كان أديبا فاضلا، إلّا أنّي لم أقف له على تصنيف، فلم أفرده بترجمة، والمقصود ذكره، وقد ذكر هاهنا، روى عنه أبو عليّ التنوخيّ في نشواره، فأكثر، وقال: أنشدني أبو الفتح أحمد بن عليّ بن هارون لنفسه: ما أنس منها لا أنس موقفها ... وقلبها للفراق ينصدع وقولها إذ بدا الصباح لها ... قول فزوع أظلّه الجزع ما أطول الليل عند فرقتنا ... وأقصر الليل حين نجتمع قال التنوخيّ: وأنشدني أبو الفتح لنفسه، وكتب بها إلى أبي الفرج محمد ابن العباس بن فسانجس «3» في وزارته، وقد عمل على الانحدار إلى الأهواز: قل للوزير سليل المجد والكرم ... ومن له قامت الدنيا على قدم «4» معجم الأدباء 5/445

35 أبو معشر وعلم التنجيم

35 أبو معشر وعلم التنجيم وحدّث أبو عليّ التنوخيّ في نشواره، قال: حدّثني أبو الحسن ابن أبي بكر الأزرق «1» قال: حدّثني أبي «2» ، قال: كان بكركر «3» من نواحي القفص «4» ، ضيعة نفيسة، لعليّ بن يحيى بن المنجم «5» ، وقصر جليل فيه خزانة كتب عظيمة، يسميها: خزانة الحكمة، يقصدها الناس من كلّ بلد، فيقيمون فيها، ويتعلّمون منها صنوف العلم، والكتب مبذولة في ذلك لهم، والصيانة مشتملة عليهم، والنفقة في ذلك من مال عليّ بن يحيى. فقدم أبو معشر المنجّم «6» من خراسان «7» ، يريد الحجّ، وهو إذ ذاك لا

يحسن كبير شيء من النجوم، فوصفت له الخزانة، فحضر وراها، فهاله أمرها، فأقام بها، وأضرب عن الحجّ، وتعلّم فيها علم النجوم، وأغرق فيه حتى ألحد. وكان ذلك آخر عهده بالحجّ، وبالدين، والإسلام أيضا. معجم الأدباء 5/467 فرج المهموم 157

36 من إخوانيات الجاحظ

36 من إخوانيات الجاحظ قال أبو علي التنوخيّ، حدّثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأخباري «1» ، قال: حدّثني أبو الفرج الأصبهانيّ «2» ، قال: أخبرني الحسن بن القاسم بن مهرويه، قال: حدّثني عبد الله بن جعفر الوكيل، قال: كنت يوما عند إبراهيم بن المدبّر «3» ، فرأيت بين يديه رقعة يردّد النظر إليها. فقلت له: ما شأن هذه الرقعة، كأنّه استعجم عليك شيء منها؟ فقال: هذه رقعة أبي عثمان الجاحظ «4» ، وكلامه يعجبني، وأنا أردّده على نفسي، لشدّة إعجابي. فقلت: هل يجوز أن أقرأها؟ قال: نعم، وألقاها إليّ، فإذا فيها: ما ضاء لي نهار، ولا دجا ليل، مذ فارقتك، إلّا وجدت الشوق إليك قد حزّ في كبدي، والأسف عليك قد أسقط في يدي، والنزاع نحوك قد خان جلدي، فأنا بين حشى خافقة، ودمعة مهراقة، ونفس قد ذبلت بما تجاهد، وجوانح قد بليت بما تكابد، وذكرت وأنا على فراش الارتماض،

ممنوع من لذة الإغماض، قول الشاعر: إذا هتف القمريّ نازعني الهوى ... بشوق فلم أملك دموعي من الوجد أبى الله إلّا أن يفرّق بيننا ... وكنّا كماء المزن شيب مع الشهد لقد كان ما بيني زمانا وبينها ... كما كان بين المسك والعنبر الورد فانتظم وصف ما كنا نتعاشر عليه، ونجري في مودتنا إليه، في شعره هذا، وذكرت أيضا، ما رماني به الدهر، من فرقة أعزّائي من أخواني الذين أنت أعزّهم، ويمتحنني بمن نأى من أحبائي وخلصائي الذين أنت أحبّهم وأخلصهم، ويجرّعنيه من مرارة نأيهم، وبعد لقائهم، وسألت الله أن يقرن آيات سروري بالقرب منك، ولين عيشي بسرعة أوبتك، وقلت أبياتا تقصر عن صفة وجدي، وكنه ما يتضمّنه قلبي، وهي: بخدّي من قطر الدموع ندوب ... وبالقلب مني مذ نأيت وجيب ولي نفس تحت الدجى يصدع الحشا ... ورجع حنين للفؤاد مذيب ولي شاهد من ضرّ نفسي وسقمه ... يخبّر عنّي أنّني لكئيب كأنّي لم أفجع بفرقة صاحب ... ولا غاب عن عيني سواك حبيب فقلت لابن المدبّر: هذه رقعة عاشق، لا رقعة خادم، ورقعة غائب، لا رقعة حاضر. فضحك، وقال: نحن ننبسط مع أبي عثمان إلى ما هو أرقّ من هذا وألطف، فأمّا الغيبة، فإنّنا نجتمع في كل ثلاثة أيّام، وتأخّر ذلك لشغل عرض لي، فخاطبني مخاطبة الغائب، وأقام انقطاع العادة، مقام الغيبة. معجم الأدباء 6/67

37 الوزير علي بن عيسى يقر بأن صنيعة الوزير ابن الفرات

37 الوزير علي بن عيسى يقر بأن صنيعة الوزير ابن الفرات حدّث القاضي أبو عليّ قال: حدّثني أبو الحسن، أحمد بن يوسف الأزرق «1» ، قال: لما حمل عليّ بن عيسى «2» إلى ابن الفرات في وزارته الثالثة «3» ، رآه ابن الفرات، وهو مقبل إليه، فبدأ يكتب كتابا. وجاء عليّ بن عيسى، وهو كالميت، خوفا وجزعا، فوقف قائما، وابن الفرات يكتب، وعند عليّ بن عيسى، والحاضرين، أنّه لم يره. وبقي واقفا، نحو ساعة، إلى أن فرغ ابن الفرات من كتابته، ثم رفع رأسه، وقال: اقعد، بارك الله عليك. فأكبّ عليّ بن عيسى عليه، يقبّل يده، وهو يقول: أنا عبد الوزير، وخادمه، وصنيعته القديم، وصنيعة أبي العباس «4» أخيه، رحمه الله تعالى، ومن لا يعرف صاحبا، ولا أستاذا غيره. فقال: هو كذلك، وأنت فيه صادق، وإنّي لأرعى لك حق خدمتك القديمة، لي، ولأخي رحمه الله، وما عليك بأس في نفسك، ولولا طاعة

السلطان، ما أفسدنا صنيعتنا عندك. وقرّر عليه من المصادرة، ما قرّره. وعمل المحسّن بن عليّ بن الفرات «1» ، على قتل عليّ بن عيسى، فلم يدعه أبوه، واستقرّ الأمر على نفيه، وإبعاده عن الحضرة. واختار هو الخروج إلى مكّة، وأظهر أنّه يريد الحجّ والمجاورة. وخرج بعد أن ضمّ إليه موكّلون «2» ، ووصّاهم المحسّن بسمّه في الطريق، إن تمكنوا، أو قتله بمكّة. وعرف عليّ بن عيسى ذلك، فتحرّز، في مأكله ومشربه. ووصل إلى مكّة [وفيها] رجل يعرف بأحمد بن موسى الرازي، وكان داهية ذا مكر وخبث، وقد اصطنعه عليّ بن عيسى في وزارته، وقلّده القضاء هناك. فلما اجتمع عليّ بن عيسى معه، حدّثه بحديثه، وسأله إعمال الحيلة في تخليصه، وحراسة نفسه. فتلطّف في ذلك، بأن واضع أهل البلد، وقد كانوا قدّموه، وأطاعوه، على أن اجتمعوا، وثاروا بالموكّلين. وخاف أن يجري ما يلحقه فيه إثم، أو إنكار من السلطان، فطرح نفسه عليهم، حتى خلّصهم، وأخرجهم ليلا إلى بغداد، بعد أن أعطاهم نفقة. وأقام بمكّة. وقد كان أبو العبّاس، أحمد بن محمد بن الفرات، في خلافة عبيد الله ابن سليمان، على الأمور، عمل ديوانا سماه: ديوان الدار، وجمع إليه

سائر الأعمال، ودبّره بنفسه، وكتّابه، واستناب أخاه أبا الحسن عليّ ابن محمد بن الفرات فيه، واصطنع كتّابا، قلّدهم مجالسه، منهم أبو الحسن عليّ بن عيسى، وأبو عبد الله محمد بن داود بن الجراح، عمّه، فكانا يجلسان بحضرة أبي الحسن، ويأمرهما وينهاهما، ويسمّيانه أستاذنا، على رسم أصحاب الدواوين إذ ذاك. وجرى الأمر على هذا الترتيب، إلى أن عزم المعتضد بالله، على إخراج المكتفي بالله، إلى الجبل، ومعه عبيد الله بن سليمان، والخروج بنفسه إلى آمد والثغور، ومعه القاسم بن عبيد الله. فقال عبيد الله، لأبي العباس بن الفرات: أريد كاتبا يصحبني، ويتصفّح أعمال كلّ بلد نفتحه، ويقرّر معاملاته، على ما يدلّ عليه الديوان القديم من رسومه. فقال: ذاك محمّد بن داود، وإليه في ديوان الدار، مجلس ما فتح من أعمال المشرق، وفيه الحسبانات العتيقة. وقال القاسم: وأنا أريد آخر يكون معي إلى المغرب. فقال: يكون عليّ بن عيسى. وخرج محمد بن داود، وعليّ بن عيسى، في جملة عبيد الله، والقاسم، فنفق محمد على عبيد الله، وقرب منه، واختصّ به، ورأى من فضله، وصناعته، ما أعجبه، وانتهى أمره معه إلى أن زوّجه عبيد الله بنته، وانتزع مجلس المشرق، من ديوان الدار، وجعله ديوانا مفردا، وقلّده محمد بن داود، رئاسة. وحصلت لعليّ بن عيسى حرمة بالقاسم، وشاهد من كفايته، وسداده، وكتابته، ونفاذه، ما عظم به في عينه، فقدّمه، وتوفّر عليه، وفعل مثل فعل أبيه مع محمد بن داود، في انتزاع مجلس المغرب من ديوان الدار،

وتقليده عليّ بن عيسى رئاسة، ولم يجعلا لأبي العباس بن الفرات، بعد ذلك، عليهما يدا. وكان قول عليّ بن عيسى، لابن الفرات، ما قاله: من أنّني عبدك، وصنيعتك، وعبد وصنيعة أبي العباس أخيك، وقبول ابن الفرات ذلك منه، وتصديقه إيّاه فيه، على هذا الأصل. الوزراء للصابي 147

38 ابن دريد يكتب دروسه لتلامذته

38 ابن دريد يكتب دروسه لتلامذته ومن خطّ أبي عليّ المحسّن، قال: سألت القاضي أبا سعيد السيرافيّ «1» رحمه الله، عن الأخبار التي يرويها عن أبي بكر بن دريد «2» ، وكنت أقرأها عليه، أكان يمليها من حفظه؟ فقال: لا، كانت تجمع من كتبه وغيرها، ثم تقرأ عليه. وسألت أبا عبيد الله محمد بن عمران المرزباني «3» رحمه الله، عن ذلك، فقال: لم يكن يمليها من كتاب ولا حفظ، ولكن كان يكتبها، ثم يخرجها الينا بخطّه، فاذا كتبناها خرّق ما كانت فيه. معجم الأدباء 6/248

39 القاضي التنوخي وقاطع الطرق

39 القاضي التنوخي وقاطع الطرق قال المحسّن، وحدّثني أبي «1» ، قال: لمّا كنت أتقلّد القضاء بالكرخ، كان بوّابي بها رجل من أهل الكرخ، وله ابن عمره حينئذ عشر سنين أو نحوها، وكان يدخل داري بلا إذن، ويمتزج مع غلماني، وأهب له في الأوقات الدراهم والثياب، كما يفعل الناس بأولاد غلمانهم. ثم خرجت عن الكرخ، ورحلت عنها، ولم أعرف للبوّاب ولا لابنه خبرا. ومضت السنون، وأنفذني أبو عبد الله البريدي «2» من واسط «3» ، برسالة إلى ابن رائق «4» ، فلقيته بدير العاقول «5» ، ثم انحدرت أريد واسطا «6» ، فقيل لي إنّ في الطريق لصّا يعرف بالكرخي، مستفحل الأمر. وكنت خرجت بطالع اخترته على موجب تحويل مولدي لتلك السنة «7» .

فلمّا عدت من دير العاقول خرج علينا اللصوص في سفن عدّة بسلاح شاك «1» في نحو مائة رجل، وهو كالعسكر العظيم. وكان معي غلمان يرمون بالنشّاب، فحلفت أنّ من رمى منهم سهما ضربته إذا رجعت إلى المدينة، مائتي مقرعة «2» ، وذلك إنّني خفت أن يقتل أحد منهم، فلا يرضون إلّا بقتلي. وبادرت فرميت بجميع ما كان معي، ومع الغلمان، من السلاح، في دجلة، واستسلمت طلبا لسلامة النفس. وجعلت أفكّر في الطالع الذي خرجت به، فإذا ليس مثله ممّا يوجب عندهم قطعا، والناس قد أديروا إلى الشاطئ، وأنا في جملتهم، وهم يضربون، ويقطّعون بالسيوف. فلمّا انتهى الأمر إليّ، جعلت أعجب من حصولي في مثل ذلك، والطالع لا يوجبه. فبينا أنا كذلك، وإذا بسفينة رئيسهم قد دنت، وطرح عليّ «3» كما صنع بسائر السفن، ليشرف على ما يؤخذ. فحين رآني زجر أصحابه عنّي، ومنعهم من أخذ شيء من سفينتي، وصعد بمفرده إليّ، وجعل يتأمّلني، ثم أكبّ علي يديّ يقبّلهما، وهو متلثّم. فارتعت، وقلت: يا هذا، ما شأنك؟ فأسفر عن لثامه، وقال: أما تعرفني يا سيّدي؟

فتأمّلته، فلجزعي لم أعرفه، فقلت: لا والله. فقال: بلى، أنا عبدك ابن فلان الكرخيّ، بوّابك هناك، وأنا الصبيّ الذي تربيت في دارك. قال: فتأمّلته، فعرفته، إلّا أنّ اللحية قد غيّرته في عيني. فسكن روعي قليلا، وقلت: يا هذا، كيف بلغت إلى هذه الحال؟ فقال: يا سيّدي، نشأت، فلم أتعلّم غير معالجة السلاح، وجئت إلى بغداد أطلب الديوان «1» فما قبلني أحد، وانضاف إليّ هؤلاء الرجال، فطلبت قطع الطريق، ولو كان أنصفني السلطان، وأنزلني بحيث أستحقّ من الشجاعة، وانتفع بخدمتي، ما فعلت بنفسي هذا. قال: فأقبلت عليه، أعظه، وأخوّفه الله، ثم خشيت أن يشقّ ذلك عليه فيفسد رعايته لي، فأقصرت. فقال لي: يا سيّدي لا يكون بعض هؤلاء أخذ منك شيئا. قلت: لا، ما ذهب مني إلا سلاح رميته أنا في الماء، وشرحت له الصورة. فضحك، وقال: قد والله أصاب القاضي، فمن في الكار «2» ممن تعتني به؟ فقلت: كلهم عندي بمنزلة واحدة في الغمّ بهم، فلو أفرجت عن الجميع. فقال: والله، لولا أنّ أصحابي قد تفرّقوا ما أخذوه، لفعلت ذلك، ولكنّهم لا يطيعونني إلى ردّه، ولكني أمنعهم عن أخذ شيء آخر ممّا في السفن، ممّا لم يؤخذ بعد. فجزيته الخير، فصعد إلى الشاطئ، وأصعد جميع أصحابه، ومنعهم عن أخذ شيء آخر ممّا في السفن، ممّا لم يؤخذ، وردّ على قوم أشياء

40 ابن سكرة الهاشمي يهجو غلاما

كثيرة، كانت أخذت منهم، وأطلق الناس. وسار معي إلى حيث أمن عليّ، وودّعني، وانصرف راجعا. معجم الأدباء 5/347 40 ابن سكرة الهاشمي يهجو غلاما قال أبو عليّ: وكنت مع أبي الحسن بن سكّرة «1» على المائدة، فحمل بعض الغلمان غضارة «2» فيها مضيرة «3» ، فاضطربت يده، وانقلب منها شيء على ثياب أبي الحسن، فادّعى عليه أنّه ضراط، وهجاه بأبيات، لم يبق من حفظي منها غير بيتين، وهما: قليل الصواب كثير الغلط ... شديد العثار قبيح السقط جنى بالمضيرة ما قد جنى ... ولم يكفه ذاك حتى ضرط معجم الأدباء 6/348

41 عناية الوزير أبي محمد المهلبي بالتنوخي المؤلف

41 عناية الوزير أبي محمد المهلبي بالتنوخي المؤلف قرأت في كتاب الوزراء لهلال بن المحسّن «1» : حدّث القاضي أبو عليّ قال: نزل الوزير أبو محمد المهلبي «2» السوس «3» ، فقصدته للسلام عليه، وتجديد العهد بخدمته. فقال لي: بلغني أنّك شهدت عند ابن سيّار «4» قاضي الأهواز «5» . قلت: نعم. قال: ومن ابن سيار حتى تشهد عنده، وأنت ولدي، وابن أبي القاسم التنوخي «6» أستاذ ابن سيّار؟ قلت: إلّا أنّ في الشهادة عنده، مع الحداثة، جمالا، وكانت سني يومئذ عشرين سنة. قال: وجب أن تجيء إلى الحضرة، لأتقدّم إلى أبي السائب، قاضي

القضاة، بتقليدك عملا، تقبل أنت فيه شهودا «1» . قلت: ما فات ذاك إذا أنعم سيّدنا الوزير به، وسبيلي إليه الآن مع قبول الشهادة أقرب. فضحك، وقال لمن كان بين يديه: انظروا إلى ذكائه، كيف اغتنمها؟ ثم قال لي: اخرج معي إلى بغداد. فقبّلت يده، ودعوت له، وسار من السوس إلى بغداد. ووردت إلى بغداد في سنة 349 هـ، فتقدّم إلى أبي السائب في أمري بما دعاه إلى أن قلّدني عملا بسقي الفرات «2» . وكنت ألازم الوزير أبا محمد، وأحضر طعامه، ومجالس أنسه. واتفق أن جلس يوما مجلسا عامّا، وأنا بحضرته، وقيل له: أبو السائب في الدار. قال: يدخل، ثم أومأ إليّ بأن أتقدم إليه، فتقدّمت ومد يده ليسارّني، فقبّلتها. فمدّ يدي، وقال: ليس بيننا سرّ، وإنّما أردت أن يدخل أبو السائب، فيراك تسارّني في مثل هذا المجلس الحافل، فلا يشكّ أنّك معي في أمر من أمور الدولة، فيرهبك، ويحشمك، ويتوفّر عليك، ويكرمك، فإنّه لا يجيء إلّا بالرهبة، وهو يبغضك بزيادة عداوة كانت لأبيك، ولا يشتهي أن يكون له خلف مثلك. وأخذ يواصل معي في مثل هذا الفنّ من الحديث، إلى أن دخل أبو السائب.

فلما رآه في سرار، وقف، ولم يحب أن يجلس إلّا بعد مشاهدة الوزير له، تقرّبا إليه، وتلطّفا في استمالة قلبه، فإنّه كان إذ ذاك فاسد الرأي فيه. فقال الحاجب لأبي السائب: يجلس قاضي القضاة. وسمعه الوزير، فرفع رأسه، وقال له: اجلس يا سيّدي. وعاد إلى سراري، وقال لي: هذه أشدّ من تلك، فامض إليه في غد، فسترى ما يعاملك به. وقطع السرار، وقال لي ظاهرا: قم فامض فيما أنفذتك فيه، وعد إليّ الساعة بما تعمله. فوهم أبو السائب بذاك أنّنا في مهمّ. فقمت، ومضيت إلى بعض الحجر، وجلست إلى أن عرفت انصراف أبي السائب، ثم عدت إليه، وقد قام عن ذلك المجلس. وجئت من غد إلى أبي السائب، فكاد يحملني على رأسه «1» ، وأخذ يجاذبني بضروب من المحادثة والمباسطة. وكان على ذلك دهرا طويلا «2» . معجم الأدباء 6/253

42 التنوخي المؤلف في مجلس أنس عضد الدولة

42 التنوخي المؤلف في مجلس أنس عضد الدولة حدّث أبو عليّ، قال: كنت جالسا بحضرة عضد الدولة «1» في مجلس أنسه، بنهاوند «2» ، فغنّاه محمد بن كاله الطنبوري «3» ، شيخ كان يخدمه في جملة المغنّين، باق إلى الآن: ذد بماء المزن والعنب ... طارقات الهمّ والكرب قهوة لو أنّها نطقت ... ذكرت قحطان في العرب وهي تكسو كفّ شاربها ... دستبانات من الذهب فاستحسن الشعر والصنعة، وسأل عنها، فقال له ابن كاله: هذا شعر غنّت به مولانا، سلمة بنت حسينة، فاستعاده منها استحسانا له، فسرقته منها. قال التنوخي: فقلت له: أمّا الشعر، فللخبّاز البلديّ «4» ، وأظن أبا الحسن بن طرخان «5» قال لي: إنّ الصنعة فيه لأبيه «6» ، والمعنى حسن، ولكنّه مسروق.

فقال: من أين؟ فقلت: أمّا البيت الثاني، فمن قول أبي نؤاس «1» : عتّقت حتى لو اتّصلت ... بلسان صادق «2» وفم لاحتبت في القوم ماثلة ... ثم قصّت قصّة الأمم ووصفها بالعتق والقدم، كثير في القوم، وأبلغ من هذا البيت، ولكنّ التشبيه في البيت الثالث، هو الحسن، وقد سرقه ممّا أنشدناه أبو سهل بن زياد القطان «3» ، قال أنشدنا يعقوب بن السكيت «4» ، ولم يسمّ قائلا: أقري الهموم إذا ضافت معتّقة ... حمراء يحدث فيها الماء تفويفا تكسو أصابع ساقيها إذا مزجت ... من الشعاع الذي فيها تطاريفا وقد كشف- أطال الله بقاء مولاي- هذا المعنى من قال: كأنّ المدير لها باليمين ... إذا قام للسقي أو باليسار تدرّع ثوبا من الياسمين ... له فرد كمّ من الجلّنار

وكان أبو عليّ، أحمد بن عليّ المدائني، المعروف بالهائم الراوية «1» ، قائما في المجلس، فقال: قد كشف معنى الأبيات الفائية، السريّ الرفاء، حيث يقول في صفة الدنان: ومستسلمات هززنا لها ... مداري القيان لسفك الدماء وقد نظم الصبح أجسامها ... مع الجدر نظم صفوف اللقاء تمدّ إليها أكفّ الرجال ... فترجع مثل أكفّ النساء «2» وكشف المعنى الثاني في الأبيات بقوله: إزدد من الراح وزد ... فالغيّ في الراح رشد يديرها ذا غنّة ... أغيد يثنيه الغيد مدّ إليها يده ... فالتهبت إلى العضد «3» قال القاضيّ التنوخي: فقلت له: فأين أنت عمّا هو خير من هذا؟ وهو قول ابن المعتز: تحسب الظبي إذا طاف بها ... قبل أن يسقيكها مختضبا

قال الهائم: فقد قال بكارة الرسعنيّ «1» : وبكر شربناها على الورد بكرة ... فكانت لنا وردا إلى ضحوة الغد إذا قام مبيضّ اللباس يديرها ... توهّمته يسعى بكمّ مورّد وقول أبي النضر النحويّ «2» : فلو رآني إذا اتّكأت وقد ... مددت كفّي للهو والطرب لخالني لابسا مشهّرة ... من لا زورد يشف عن ذهب فبدأت أذكر شيئا، فقال الهائم: اصبر، اصبر، فهاهنا ما لا يلحقه شعر أحد كان في الدنيا قطّ، حسنا وجودة، وهو قول مولانا الملك من أبيات: وشرب الكأس من صهباء صرف ... تفيض على الشروب يد النضار فقطعت المذاكرة، وأقبلت أعظّم البيت، وأفخّم أمره، وأفرط في استحسانه، والاعتراف بأنّي لا أحفظ ما يقاربه في الحسن والجودة فأذاكر به. معجم الأدباء 6/254

43 أبيات من نظم عضد الدولة

43 أبيات من نظم عضد الدولة قال التنوخيّ: كنت بحضرة الملك عضد الدولة «1» في عشية من العشايا في مجلس الأنس، وكان هذا بعد خدمتي له في المؤانسة «2» بشهور يسيرة، فغنّي له من وراء ستارته الخاصّة، صوت، وهو: نحن قوم من قريش ... ما هممنا بالفرار وبعده أبيات، بعضها ملحون، وبعضها جيّد. فاستملح اللحن، وقال: هو شعر ركيك جدّا، فتعلمون لمن هو، ولمن اللحن؟. فقال له أبو عبد الله المنجم «3» : بلغني أنّ الشعر للمطيع لله «4» ، وأنّ اللحن له أيضا. فقال لي: اعمل أبياتا تنقل هذا اللحن إليها، في وزنها وقافيتها. فجلست ناحية، وعملت: أيّهذا القمر الطالع ... من دار القمار

رائحا من خيلاء الحسن ... في أبهى إزار والذي يجني ولا يتبع ... ذنبا باعتذار أنا من هجرك في بعد ... على قرب المزار أوضح العذر عذاراك ... على خلع العذار وعدت فأنشدته إيّاها في الحال، فارتضاها، وقال: لولا أنّه قد هجس في نفسي أن أعمل في معناها، لأمرت بنقل اللحن إليها. ثم أنشدنا بعد أيّام لنفسه: نحن قوم نحفظ العهد ... على بعد المزار ونمرّ السحب سحبا ... من أكفّ كالبحار أبدا ننجز للضيف ... قدورا من نضار وأمر جواريه بالغناء فيه. وأمّا أبياتي [فقد] تمّمتها قصيدة، ومدحته بها وهي مثبتة في ديوان شعري «1» . معجم الأدباء 6/257

44 عضد الدولة يحتفل بتحول سنة شمسية من يوم مولده

44 عضد الدولة يحتفل بتحوّل سنة شمسية من يوم مولده قال [التنوخيّ] : وجلس عضد الدولة «1» ، وقد تحوّلت له سنة شمسية «2» ، من يوم مولده، على عادة له في ذلك. وكانت عادته، أنّه إذا علم أنّه قد بقي بينه وبين دخول السنة الجديدة ساعة أو أقلّ أو أكثر، أن يأكل، ويتبخّر، ويخرج في حال التحويل، إلى مجلس عظيم، قد عبّى فيه آلات الذهب والفضّة، وليس فيه غيرهما، وفيها أنواع الفاكهة والرياحين، ويجلس في دست «3» عظيم القيمة. ويجيء المنجّم، فيقبّل الأرض بين يديه، ويهنّئه بتحويل السنة، وقد حضر المغنّون، وأخذوا مواضعهم، وجلسوا، وحضر الندماء، وأخذوا مواقفهم قياما. ولم يكن أحد منهم يجلس بحضرته، غيري «4» ، وغير أبي عليّ الفسويّ «5» ،

وأبي الحسين الصوفيّ المنجّم» ، وأبي القاسم عبد العزيز بن يوسف «2» ، صاحب ديوان الرسائل، فإنّه كان يجلس ليوقّع بين يديه. ويستدعى له إذا نشط، نبيذ، فيجعل بين يديه، ويشرب منه، ومن قبل أن يشرب، يوقّع بمال، ثم يجيء المهنّون من أهل المجلس، مثل رؤساء دولته، ووجوه الكتّاب، والعمّال، وكبار أهل البلد من الأشراف وغيرهم، فيدخلون إليه، فيهنّونه، والشعراء، فيمدحونه. فلما جلس ذلك اليوم، على هذه الصفة، قيل له: إنّ الناس قد اجتمعوا للخدمة، وفيهم أبو الحسن بن أمّ شيبان «3» قد حضر. فعجب من هذا، ثم قال: أبو الحسن رجل فاضل، وليس هذا من أيّامه، وما حضر إلّا لفرط موالاته، وأنّه ظنّ أنّه يوم لا شرب فيه، وإن حجبناه غضضنا منه، وإن أوصلناه فلعلّه لا يحب ذلك لأجل الغناء والنبيذ، ولكن اخرج إليه يا فلان- لبعض من كان قائما من الندماء- واشرح له صفة المجلس، وما قلته في أمره، وأدّ الرسالة إليه ظاهرا، ليسمعها الناس، فإن أحبّ الدخول فأدخله قبلهم، وإن أراد الانصراف، فلينصرف، والناس يسمعون، وقد علموا منزلته منّا. فخرج الحاجب، وأبلغ ذلك. فدعا، وشكر، وآثر الانصراف، فانصرف، وهم جلوس يسمعون.

ثم قال لحاجب النوبة: اخرج، وأدخل الناس، وأبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس، وأخوه أبو محمد عليّ بن العباس، يتقدّمان الناس جميعهم، لرئاستهم القديمة «1» ، حتى دخلوا، وقبّلوا الأرض على الرسم في ذلك، وأعطوه الدينار والدرهم «2» ، ووقفوا. وابتدأ الشعراء، فكان أوّل من ينشد من الشعراء السلاميّ، أبو الحسن محمد بن عبد الله «3» ، إلّا أنّه يريد مني أن أنشده في الملأ شيئا، فإنّه كان يأمرني بذلك في الليل، فأحضر، وأبتدئ، فأنشده، أو يحضر رجل علويّ ينشد شعرا لنفسه، فيجعل عقيبي، ثم ينشد السلاميّ أبو الحسن، ثم أبو القاسم عليّ بن الحسن التنوخي الشامي، من أهل معرّة النعمان «4» ، يعرف بابن جلباب، ثم يتتابع الشعراء. فلما انصرف الناس، وتوسّط الشرب، جاءه الحاجب، فقال: قد حضر أبو بكر بن عبد الرحيم الفسويّ، وكان هذا شيخا، قد أقام بالبصرة،

وشهد عند القاضي بها، وقد وفد إلى باب عضد الدولة، قبل ذلك، وأقام، وكان خادما له، فيما يخدم فيه التجار، يختصّه بعض الاختصاص. فأقبل، وكان بين يدي، الدست التمريّ، الذي يوضع بين يديّ في كل يوم، وفيه من الأشربة المحلّلة، ما جرت عادتي بشرب اليسير منه بين يدي عضد الدولة، على سبيل المنادمة والمؤانسة والمباسطة، وكان قد سامني وألزمني ذلك، بعد امتناعي منه شهورا، حتى تهدّدني وأخافني. فقال لي: يا قاضي، إنّ هذا الرجل الذي استؤذن له، عامّي، جاهل بالعلم، وإنّما استخدمته رعاية لحرمات له عليّ، ولأنّه كان يخدم أمّي في البزّ، ويدخل إليها بإذن ركن الدولة، لتقاه وأمانته، فلا تستتر عنه، وهذا قبل أن أولد، فلما ولدت كان يحملني على كتفه، إلى أن ترجّلت، ثم صار يشتري البزّ، ويبيعه عليّ، واستمرّت خدمته لحرمته، وهو قاطن بالبصرة، ولعلّه يدخل فيرى ما بين يديك، فيظنّه خمرا، فيرجع إلى البصرة، فيخبر قاضيها وشهودها بذلك، فيقدح فيك، ومحلّه يوجب أن يكشف لك عذرك، ولكن أزح الدست الذي بين يديك حتى يصير بين يدي أبي عبد الله بن المنجّم- وكان أبو عبد الله بن إسحاق بن المنجم، يجلس دوني بفسحة في المجلس- فإذا دخل رأى الدست بين يديه دونك، فلم يقدر على حكاية يطعن بها عليك. فقبّلت الأرض شكرا لهذا التطوّل في الإنعام، وباعدت الدست إلى أبي عبد الله. ثم قال: أدخلوه، فأدخلوه، وشاهد المجلس، وهنّأ، ودعا، وأعطى دينارا ودرهما كبيرين، فيهما عدّة مثاقيل، وانصرف. قال أبو عليّ، ويقرب من هذا ما عاملني به الوزير أبو محمد المهلّبي،

وذكر الحكاية التي سبق ذكرها آنفا مع قاضي القضاة أبي السائب «1» ، وحديث تقريبه منه، ومسارّته إيّاه في المحفل ليعظم بذلك قدره، وتكبر منزلته، في عين قاضي القضاة أبي السائب. ولله در القائل: لولا ملاحظة الكبير صغيره ... ما كان يعرف في الأنام كبير معجم الأدباء 6/258

45 لماذا سخط عضد الدولة على التنوخي المؤلف

45 لماذا سخط عضد الدولة على التنوخي المؤلف قال الرئيس أبو الحسين هلال «1» : في شهر ربيع الأوّل «2» سخط عضد الدولة «3» على القاضي أبي عليّ المحسّن ابن عليّ التنوخيّ «4» ، وألزم منزله، وصرف عمّا كان يتقلّده، وقسم ذلك على أبي بكر بن أبي موسى «5» ، وأبي بكر بن المحامليّ «6» ، وأبي محمد بن عقبة، وأبي تمام بن أبي حصين، وأبي بكر الأزرق «7» ، وأبي محمّد بن الجهرميّ. وكان السبب في ذلك، ما حدّثني به أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثني القاضي أبو عليّ، والدي، قال: كنت بهمذان «8» مع الملك عضد الدولة، فاتّفق أن مضيت يوما إلى أبي

بكر بن شاهويه «1» رسول القرامطة «2» والمتوسّط بين عضد الدولة، وبينهم، وكان لي صديقا، ومعي أبو عليّ الهائم «3» ، وجلسنا نتحدّث، وقعد أبو عليّ بباب خركاه «4» كنّا فيه، وقدّم إليه ما يأكله. فقال: اجعل أيها القاضي في نفسك المقام في هذه الشتوة في هذا البلد. فقلت: لم؟ فقال: إنّ الملك مدبّر في القبض على الصاحب أبي القاسم بن عبّاد «5» ،- وكان قد ورد إلى حضرته بهمذان- وإذا كان كذلك، تشاغل بما تتطاول معه الأيّام، وانصرفت من عنده. فقال أبو علي الهائم: قد سمعت ما كنتما فيه، وهذا أمر ينبغي أن تطويه، ولا تخرج به إلى أحد، ولا سيّما إلى أبي الفضل بن أبي أحمد الشيرازي «6» .

فقلت: أفعل. ونزلت إلى خيمتي، وجاءني من كانت له عادة جارية بملازمتي، ومواصلتي، ومؤاكلتي، ومشاربتي، وفيهم أبو الفضل بن أبي أحمد الشيرازي. فقال لي: أيّها القاضي، أنت مشغول القلب، فما الذي حدث؟ فاسترسلت على أنس كان بيننا، وقلت: أما علمت أنّ الملك مقيم، وقد عمل على كذا في أمر الصاحب، وهذا دليل على تطاول السنة. فلم يتمالك أن انصرف، وأستدعى ركابيّا «1» من ركابيّتي، وقال له: أين كنتم اليوم؟ فقال: عند أبي بكر بن شاهويه. قال: وما صنعتم؟ قال: لا أدري، إلا أنّ القاضي أطال عنده الجلوس، وانصرف إلى خيمته، ولم يمض إلى غيره. فكتب إلى عضد الدولة، رقعة، يقول فيها: كنت عند القاضي أبي عليّ التنوخيّ، فقال كذا وكذا، وذكر أنّه قد عرفه من حيث لا يشكّ فيه، وعرفت أنّه كان عند أبي بكر بن شاهويه، وربّما كان لهذا الحديث أصل، وإذا شاع الخبر به، وأظهر السرّ، فسد ما دبّر في معناه. فلمّا وقف عضد الدولة على الرقعة، وجم وجوما شديدا «2» ، وقام من سماط كان قد عمله في ذلك اليوم على منابت الزعفران للديلم، مغيظا. واستدعاني، وقال لي: بلغني أنّك قلت كذا وكذا، حاكيا عن أبي بكر ابن شاهويه، فما الذي جرى بينكما في ذلك؟

قلت: لم أقل من ذلك شيئا، فجمع بيني وبين أبي الفضل بن أبي أحمد، وواقفني، وأنكرته، وراجعني، وكذّبته. وأحضر أبو بكر بن شاهويه، وسئل عن الحكاية، فقال: ما أعرفها، ولا جرى بيني وبين القاضي قول في معناها. وثقل على أبي بكر هذه المواقفة، وقال: ما نعامل الأضياف هذه المعاملة. وسئل أبو عليّ الهائم عمّا سمعه، فقال: كنت خارج الخركاه، وكنت مشغولا بالأكل، وما وقفت على ما كانا فيه. فمدّ، وضرب مائني مقرعة، وأقيم، فنفض ثيابه «1» . وخرج أبو عبد الله ابن سعدان «2» ، وكان لي محبّا، فقال لي: الملك يقول لك، ألم تكن صغيرا فكبّرناك، ومتأخّرا فقدّمناك، وخاملا فنبّهنا عليك، ومقترا فأحسنّا إليك؟ فما بالك جحدت نعمتنا، وسعيت في الفساد على دولتنا؟ قلت: أمّا اصطناع الملك لي، فأنا معترف به، وأمّا الفساد على دولته، فما علمت أنّني فعلته، ومع ذلك، فقد كنت مستورا فهتكني، ومتصوّنا ففضحني، وأدخلني من الشرب والمنادمة بما قدح فيّ. فقال أبو عبد الله: هذا قول لا أرى الإجابة به، لئلّا يتضاعف ما نحن محتاجون إلى الاعتذار والتخلّص منه، ولكنّي أقول عنك كذا وكذا، بجواب

لطيف، فاعرفه، حتى إذا سئلت عنه، وافقتني فيه، وتركني وانصرف. وجلست مكاني طويلا، وعندي أنّني مقبوض عليّ، ثم حملت نفسي على أن أقوم وأسبر «1» الأمر. وقمت، وخرجت من الخيمة، فدعا البوابون دابّتي على العادة، ورجعت إلى خيمتي منكسر النفس، منكسف البال. فصار الوقت الذي أدعى فيه للخدمة، فجاءني رسول ابن الحلّاج على الرسم، وحضرت المجلس، فلم يرفع الملك إليّ طرفا، ولا لوى إليّ وجها، ولم يزل الحال على ذلك خمسة وأربعين يوما. ثم استدعاني، وهو في خركاه، وبين يديه أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف «2» ، وعلى رأسه أبو الثناء شكر الخادم «3» . فقال: ويلك، اصدقني عمّا حكاه أبو الفضل بن أبي أحمد. فقلت: كذب منه، ولو ذكرت لمولانا ما يقوله، لما أقاله العثرة. فقال: أومن حقوقي عليكم، أن تسيئوا غيبتي، وتتشاغلوا بذكري. فقلت: أمّا حقوق النعمة فظاهرة، وأمّا حديثك فنحن نتفاوضه دائما. فالتفت إلى أبي القاسم، وقال: اسمع ما يقول. فقال له بالفارسية، وعنده أنّني لا أعرفها: هؤلاء البغداديّون مفتونون، ومفسدون، ومتسوّقون «4» .

فقال شكر: [الأمر] كذلك، إلّا أن التسوّق على القاضي، لا منه، ثم قال لي عضد الدولة: عرّفنا ما قاله أبو الفضل. قلت: هو ما لا ينطلق به لساني. فقال: هاته، وكان يحبّ أن تعاد الأحاديث، والأقاويل، على وجهها، من غير كناية عنها، ولا احتشام فيها. فقلت: نعم، إنّك عند وفاة والدك بشيراز «1» ، أنفذت من كرمان «2» ، وأخذت جاريته زرياب، وإنّ الخادم المخرج في ذاك، وافى ليلة الشهر، فاجتهدت به أن يتركها تلك الليلة، لتوفي أيّام الحق «3» ، فلم يفعل، ولا رعى للماضي حقا ولا حرمة. فقال: والله، لقد أنكرنا على الخادم إخراجه إيّاها على هذا الإعجال، ولو تركها يوما، وأيّاما، لجاز، وبعد فهذا ذنب الخادم، ولا عمل لنا فيه، ولا عيب علينا به، ثم ماذا؟ قلت: قال: إنّ مولانا يعشق كنجك المغنّية، ويتهالك في أمرها، وربّما نهض إلى الخلاء، فاستدعاها إلى هناك، وواقعها. فقال: إنّا لله، لعنكما الله، ولا بارك فيكما، ثم ماذا؟ فأوردت عليه أحاديث سمعتها من غير أبي الفضل، ونسبتها إليه. وقلت: لم أعلم أنّني أقوم هذا المقام، فأحفظ أقواله، وقد ذكر أيضا هذا الأستاذ، وأومأت إلى أبي القاسم، وأبا الريان «4» ، وجماعة الحواشي.

فقال: ما قال في أبي القاسم؟ قلت: قال: إنّه ابتاع من ورثة ابن بقيّة «1» ، ناحية الزاوية من راذان «2» بأربعة آلاف درهم، بعد أن استأذنك استئذانا سلك فيه سبيل السخريّة والمغالطة، واستغلّها في سنة واحدة، نيفا على ثلاثين ألف درهم، وإنّه أعطى فلانا، وفلانا، ثمانية آلاف درهم على ظاهر البضاعة والتجارة، فأعطياه نيفا وستين ألف درهم. فمات عند سماعه ذلك، وأوردت ما أوردته عنه، مقابلة على ما ذكرني به. قلت: وقال في أبي الريان كذا وكذا، لأمور ذكرتها. وحضرت آخر النهار المجلس في ذلك اليوم على رسمي، فعاود التقريب لي، والإقبال عليّ. واتفق أنّه سكر في بعض الأيّام، وولع بكنجك ولعا قال لي فيه: وهذا من حديث أبي الفضل، وأشار إليه. فقلق أبو الفضل، وقرب مني، وكنت أقعد، ويقوم «3» ، وقال لي: ما الذي أومأ إليّ الملك فيه. قلت: لا أدري، فسله أنت عنه. ثم رحلنا عائدين إلى بغداد، فرآني الملك في الطريق، وعليّ ثياب حسنة، وتحتي بغلة بمركب وجناغ «4» جداد «5» ، فقال لي: من أين لك هذه البغلة؟.

قلت: حملني عليها الصاحب أبو القاسم، بمركبها وجناغها، وأعطاني عشرين قطعة ثيابا، وسبعة آلاف درهم. فقال: هذا قليل مع ما تستحقّه عليه. فعلمت أنّه اتّهمني به، وبأنّي خرجت بهذا الحديث إليه، وما كنت حدّثته به. ووردنا إلى بغداد، فحكى لي أنّ الطائع متجاف عن ابنته المنقولة إليه «1» ، وأنّه لم يقربها إلى تلك الغاية «2» ، فثقل ذلك عليه. وقال لي: تمضي إلى الخليفة، وتقول له عن والدة الصبية: إنّها مستزيدة لإقبال مولانا عليها، وإدنائه إليها، ويعود الأمر إلى ما يستقيم به الحال، ويزول معه الانقباض، فقد كنت وسيط هذه المصاهرة «3» . فقلت: السمع والطاعة، وعدت إلى داري، لألبس ثياب دار الخلافة، فاتفق أن زلقت، ووثئت رجلي «4» ، فانفذت إلى الملك أعرّفه عذري في تأخّري عن أمره، فلم يقبله، وأنفذ إليّ يستعلم خبري. فرأى الرسول لي غلمانا روقة «5» وفرشا جميلا، فعاد إليه وقال له: هو متعالل، وليس بعليل، وشاهدته على صورة كذا وكذا، والناس يغشونه ويعودونه.

فاغتاظ غيظا مجددا، حرّك ما في نفسه مني أوّلا، فراسلني: بأن الزم بيتك، ولا تخرج عنه، ولا تأذن لأحد في الدخول عليك فيه، إلّا نفر من أصدقائي استأذنت فيهم، فاستثنى بهم. ومضت الأيّام، وأنفذ إليّ أبو الريّان، فطالبني بعشرة آلاف درهم، كنت استسلفتها من إقطاعي، فأدّيتها إليه. واستمرّ عليّ السخط، والصرف عن الأعمال، إلى حين وفاة عضد الدولة «1» . معجم الأدباء 6/260

46 أبو العباس النحوي يمدح أبا القاسم التنوخي والد المؤلف

46 أبو العباس النحوي يمدح أبا القاسم التنوخي والد المؤلف أنشدني أبو القاسم التنوخيّ، عن أبيه، لأبي العباس النحوي، من قصيدة مدح بها جدّه أبا القاسم، أوّلها: والجفون المضانيات المراض ... والثنايا يلحن بالإغماض والعهود التي تلوح بها الصحف ... خلاف الصدود والإعراض قد برتني الخطوب حتى نضتني ... حرضا باليا من الأحراض وجدتني والدهر سلمي سليمى ... لم ينلني بنابه العضّاض بين برد من الشباب جديد ... ورداء من الصبا فضفاض [ومنها في المديح] : ومدير عرى الأمور برأي ... يقظ الحزم مبرم نقّاض دقّ معنى وجلّ قدرا فجادت ... في معانيه نهية الأغراض وأنشد له أيضا: لو قد وجدت إلى شفائك منهجا ... جبت الصباح إليه أو حلك الدجى لكن وجدتك لا يحيك العتب فيك ... ولا العتاب ولا المديح ولا الهجا فاذهب سدى ما فيك شر يتّقى ... يوما وليس لديك خير يرتجى وإذا امرؤ كانت خلائق نفسه ... هذه الخلائق فالنجا منه النجا معجم الأدباء 6/304

47 المفجع الشاعر يلاطف القاضي أبا القاسم التنوخي

47 المفجع الشاعر يلاطف القاضي أبا القاسم التنوخي دخل المفجّع «1» يوما إلى القاضي أبي القاسم عليّ بن محمد التنوخيّ، فوجده يقرأ معاني الشعر «2» على العبيسي، فأنشد: قد قدّم العجب «3» على الرويس «4» ... وشارف الوهد «5» أبا قبيس «6» وطاول البقل «7» فروع الميس «8» ... وهبّت العنز «9» لقرع «10» التيس «11» وادّعت الروم أبا في قيس «12» ... واختلط الناس اختلاط الحيس «13» إذ قرأ القاضي حليف الكيس «14» ... معاني الشعر على العبيسي وألقى ذلك إلى التنوخي، وانصرف. معجم الأدباء 6/319

48 المفجع الشاعر يعاتب القاضي أبا القاسم التنوخي

48 المفجع الشاعر يعاتب القاضي أبا القاسم التنوخي ومدح المفجّع «1» ، أبا القاسم التنوخي «2» ، فرأى منه جفاء، فكتب إليه: لو أعرض الناس كلّهم وأبوا ... لم ينقصوا رزقي الذي قسما كان وداد فزال وانصرما ... وكان عهد فبان وانهدما وقد صحبنا في عصرنا أمما ... وقد فقدنا من قبلهم أمما فما هلكنا هزلا ولا ساخت الأرض ... ولم تقطر السماء دما في الله من كلّ هالك خلف ... لا يرهب الدهر من به اعتصما حرّ ظننّا به الجميل فما ... حقّق ظنّا ولا رعى الذمما فكان ماذا؟ ما كلّ معتمد ... عليه يرعى الوفاء والكرما غلطت والناس يغلطون وهل ... تعرف خلقا من غلطة سلما من ذا الذي أعطي السداد فلم ... يعرف بذنب ولم يزل قدما شلّت يدي لم جلست عن ثقة ... أكتب شجوي وأمتطي القلما يا ليتني قبلها خرست فلم ... أعمل لسانا ولا فتحت فما يا زلّة ما أقلت عثرتها ... أبقت على القلب والحشى ألما من راعه بالهوان صاحبه ... فعاد فيه فنفسه ظلما معجم الأدباء 6/319

49 من شعر أبي النضر الكندي

49 من شعر أبي النضر الكندي حدّثنا الببغاء «1» قال: كان يجتمع معنا في خدمة سيف الدولة، شيخ من أهل الأدب، والتقدّم في النحو، وعلم المنطق، ممن درس على الزجّاج، وأخذ عنه، يكنى بأبي النضر، وهو محمد بن إسحاق بن أسباط الكنديّ المصريّ «2» ، وحكى أنّه كان حسن الشعر. وأخبرنا: أنّ الأبيات التي ينسبها قوم إلى أبي المغيرة «3» ، وآخرون إلى أبي نضلة «4» - قلت أنا: وجدتها أنا، في ديوان أبي القاسم التنوخيّ، معزوّة إلى أبي القاسم- وتروى لغيرهم أيضا، أنّها لأبي النضر، من قديم شعره، وأنشدها لنفسه، وهي: وكأس من الشمس مخلوقة ... تضمّنها قدح من نهار هواء ولكنّه ساكن ... وماء ولكنّه غير جار فهذا النهاية في الابيضاض ... وهذا النهاية في الاحمرار

وما كان في الحكم أن يوحدا ... لفرط التنافي وفرط النفار ولكن تجاور سطحاهما ... البسيطان فاجتمعا بالجوار كأنّ المدير لها باليمين ... إذا طاف للسقي أو باليسار تدرّع ثوبا من الياسمين ... له فردكمّ من الجلّنار وقد أورد التنوخي هذه الحكاية، في كتاب النشوار، وحكى: أنّ أبا النضر، كان عالما بالهندسة، قيّما بعلوم الأوائل. ولأبي النضر أيضا: هات اسقني بالكبير وانتخب ... نافية للهموم والكرب فلو تراني إذا انتشيت وقد ... حرّكت كفي بها من الطرب لخلتني لابسا مشهّرة ... من لازورد يشفّ عن ذهب وقال أبو عليّ التنوخيّ: أنشدني أبو عمر بن حفص «1» الخلّال، لأبي النضر المصريّ النحويّ من قصيدة، يذكر فيها رجلا مدحه، وقال: وكان متّسعا في الشعر الجيّد المستحسن: ورأيت أحمدنا وسيّدنا ... متصدّرا للورد والصدر خلت النجوم خلقن دائرة ... موصولة الطرفين بالقمر معجم الأدباء 6/406

50 أبو مسلم الأصبهاني يكتب لمحمد بن زيد الداعي

50 أبو مسلم الأصبهاني يكتب لمحمد بن زيد الداعي قال أبو عليّ التنوخيّ، وقد ذكر محمد بن زيد الداعي «1» ، فقال: وهو الذي كان أبو مسلم محمد بن بحر الأصبهاني «2» ، الكاتب المعتزليّ الشهير، العالم بالتفسير، وبغيره من صنوف العلم- وقد صار عامل أصبهان، وعامل فارس «3» ، للمقتدر «4» - يكتب له، ويتولّى أمره. معجم الأدباء 6/420

51 الصلت بن مالك الشاري يدعو الله أن يوقف المطر

51 الصلت بن مالك الشاري يدعو الله أن يوقف المطر حدّث أبو عليّ المحسّن، قال: حدّثني أبو القاسم الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن خلّاد الشاهد العكبريّ، أمام الجامع فيها، قال: حدّثني أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد «1» ، قال: كنت بعمان مع الصلت بن مالك الشاري «2» ، وكانت الشراة «3» تدعوه: أمير المؤمنين. وكانت السنة كثيرة الأمطار، ودامت على الناس، فكادت المنازل أن تتهدّم، فاجتمع الناس، وصاروا إلى الصلت، وسألوه أن يدعو لهم. فأجّل بهم أن يركب من الغد إلى الصحراء، ويدعو. فقال لي بكّر لتخرج معي في غد، فبتّ مفكّرا، كيف يدعو. فلما أصبحت، خرجت معه، فصلّى بهم، وخطب، ودعا، فقال: اللهم إنّك أنعمت فأوفيت، وسقيت فأرويت، فعلى القيعان «4» ومنابت الشجر، حيث النفع لا الضرر. فاستحسنت ذلك منه. معجم الأدباء 6/492

52 من شعر ابن جمهور العمي

52 من شعر ابن جمهور العمي قال أبو عليّ التنوخيّ: كان محمد بن الحسن بن جمهور العميّ الكاتب «1» من شيوخ أهل الأدب بالبصرة، وكثير الملازمة لأبي، وحرّر لي خطّي، لما قويت على الكتابة، لأنّه كان جيّد الخط، حسن الترسّل، كثير المصنّفات لكتب الأدب، فكثرت ملازمتي له، وكان يمدح أبي. فأنشدني لنفسه، وهو من مشهور شعره: إذا تمنّع صبري ... وضاق بالهجر صدري ناديت والليل داج ... وقد خلوت بفكري يا ربّ هب لي منه ... وصال يوم بعمري وأنشدني أيضا لنفسه: كثرت عندي أياديك ... فجلّ الوصف عنها فأحاطت بجميع الفهم ... حتى لم أبنها فمتى ازددتك منها ... كنت كالناقص منها معجم الأدباء 6/498

53 إنه الله تبارك وتعالى

53 إنه الله تبارك وتعالى أخبرنا عبد الرحمن بن محمّد، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «2» ، قال: حدّثني أبي «3» ، قال: حدّثنا القاضي محمد بن صالح الهاشميّ «4» قال: حدّثني القاضي أبو عمر «5» ، يعني محمد بن يوسف، وأبو عبد الله المحاملي القاضي «6» وأبو الحسن عليّ بن العباس النوبختي «7» ، قالوا: حدّثنا أبو القاسم عبيد الله بن سليمان «8» قال: كنت أكتب لموسى بن بغا «9» ، وكنّا بالريّ، وكان قاضيها إذ ذاك

أحمد بن بديل الكوفي «1» . فاحتاج موسى أن يجمع ضيعة كانت هناك، كانت له فيها سهام، وأن يعمّرها، وكان فيها سهم ليتيم. فصرت إلى أحمد بن بديل، أو قال: استحضرت أحمد بن بديل، وخاطبته في أن يبيع علينا حصّة اليتيم، ويأخذ الثمن. فامتنع، وقال: ما باليتيم حاجة للبيع، ولا آمن أن أبيع ماله وهو مستغن عنه، فيحدث على المال حادثة، فأكون قد ضيّعته عليه. فقلت: أنا أعطيك في ثمن حصّته ضعف قيمتها. فقال: ما هذا لي بعذر في البيع، والصورة في المال إذا كثر، مثلها إذا قلّ. فأدرته بكل لون وهو يمتنع، فأضجرني، فقلت له: أيّها القاضي، إلّا تفعل، فإنّه موسى بن بغا. فقال لي: أعزّك الله، إنّه الله تبارك وتعالى. قال: فاستحييت من الله أن أعاوده بعد ذلك، وفارقته. ودخلت على موسى، فقال: ما عملت في أمر الضيعة؟ فقصصت عليه الحديث. فلما سمع «إنّه الله» بكى، وما زال يكرّرها. ثم قال: لا تعرض لهذه الضيعة، وانظر في أمر هذا الشيخ الصالح، فإن كانت له حاجة فاقضها.

قال: فأحضرته، وقلت له: إنّ الأمير قد أعفاك من أمر الضيعة، وذلك انّي شرحت له ما جرى بيننا، وهو يعرض عليك قضاء حوائجك. قال: فدعا له، وقال: هذا الفعل أحفظ لنعمته، وما لي حاجة إلّا إدرار رزقي، فقد تأخّر منذ شهور، وقد أضرّ بي. فأطلقت له جاريه. المنتظم 5/9

54 بشرك الله بالنار

54 بشرك الله بالنار حدثنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا القاضي أبو القاسم عمر بن محمد ابن إبراهيم البجلي «2» - من لفظه وحفظه- قال: حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي «3» ، قال: كنت بسرّ من رأى، وكان عبد الله بن أيوب المخرّمي «4» يقرب إليّ، فخرج توقيع الخليفة بتقليده القضاء، فانحدرت في الحال من سرّ من رأى إلى بغداد، حتى دققت على عبد الله بن أيوب، بابه، فخرج إليّ. فقلت: لك البشرى. فقال: بشّرك الله بخير، وما هي؟ قال: قلت: خرج توقيع السلطان بتقليدك القضاء، لأحد البلدين، إما سرّ من رأى، أو بغداد- أبو القاسم البجلي الشك منه-. قال: فأطبق الباب، وقال: بشّرك الله بالنار. وجاء أصحاب السلطان إليه، فلم يظهر لهم، فانصرفوا. تاريخ بغداد 10/81 المنتظم 5/52

55 أبو بكر الآدمي القارىء يقرأ لابن أبي الساج

55 أبو بكر الآدمي القارىء يقرأ لابن أبي الساج أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخيّ، عن أبيه، قال: حدّثني أبو السريّ عمر بن محمد القارىء «2» ، قال: حدّثني أبو بكر الآدمي «3» ، قال: لما أدخل مؤنس «4» ، أبا القاسم بن أبي الساج «5» أسيرا، خرجت إلى تلقّيه على فراسخ، ودخلت بغداد معه «6» . فقال لي لما قربنا: إذا كان غدا، فإنّي سأركب مع ابن أبي الساج وأشهره، فاركب بين يديه، واقرأ.

فقلت: السمع والطاعة. فلما كان من الغد شهر ابن أبي الساج ببرنس «1» ، فبدأت، فقرأت، وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ «2» وأتبعتها بكل ما في القرآن من هذا الجنس. قال: وحانت مني التفاتة، فوجدت ابن أبي الساج يبكي. ومضى ذلك اليوم. فلمّا كان بعد أيّام، رضي عنه السلطان، بشفاعة مؤنس، فأطلقه إلى داره. فأنا كنت يوما بحضرة مؤنس أقرأ، إذ استدعاني وقال لي: قد طلبك اليوم ابن أبي الساج، فامض إليه. فقلت له: أيّها الأستاذ، الله، الله، فيّ، لعلّه وجد في نفسه من قراءتي ذلك اليوم. فضحك، وقال: امض إليه. فمضيت إليه، فرفعني، وأجلسني، وقال: أحبّ أن تقرأ تلك الآيات التي قرأتها بين يديّ يوم كذا. فقلت: أيّها الأمير، تلك حالة اقتضت ذلك، وليس مثلك بمؤاخذ مثلي عليها، وقد كشفها الله الآن، ولكن أقرأ لك غيرها. فقال: لا، إلّا تلك، فإنّه تداخلني لها خشوع وخوف، أحبّ أن أكسر به نفسي، فردّد سماعها عليّ. قال: فاستفتحت، فقرأتها، فما زال يبكي وينتحب، إلى أن قطعت القراءة.

ثم قال: تقدّم إليّ. فخفته والله أن يبطش بي، ثم قلت في نفسي: هذا محال، فتقدّمت، فأخرج من تحت مصلاه دنانير كثيرة، وقال: افتح فاك. ففتحته بكل ما استطعته، فما زال يملأه حتى لم يبق في فمي موضع. ثم قال للغلام: هات، فجاء بكيس فيه ألفا درهم، فجعلها في كمّي «1» . ثم خرجت، فقدّمت إليّ بغلة فارهة مسرجة، فحملت عليها، وأصحبني ثيابا، وقال: إذا شئت فعد إلينا، ولا تنقطع عنّا، ما دمنا مقيمين. فكنت أجيئه في كلّ أسبوع أقرأ في داره، فيعطيني في كل شهر مائة دينار، إلى أن خرج من مدينة السلام. المنتظم 5/80

56 إبراهيم بن شبابة يشكو فلا يجاب

56 إبراهيم بن شبابة يشكو فلا يجاب أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزّاز، عن عليّ بن المحسّن التنوخيّ، عن أبيه، قال: أخبرني أبو الفرج الأصبهانيّ، قال: حدّثني حبيب بن نصر المهلّبي، قال: حدّثنا عبد الله بن أبي سعد، قال: حدّثني عبد الله بن أبي نصر المروزي، قال: حدّثني محمد بن عبد الله الطلحي، قال: حدّثني سليمان بن يحيى بن معاذ، قال: قدم على نيسابور إبراهيم بن شبابه «1» الشاعر البصري، فأنزلته عليّ، فجاء ليلة من الليالي، وهو مكروب قد هاج، فجعل يصيح بي: يا أبا أيّوب. فخشيت أن يكون قد غشيته بليّة، فقلت: ما تشاء؟ فقال: أعياني الشادن الربيب. فقلت: بماذا؟ فقال: إليه أشكو فلا يجيب. فقلت: داره وداوه. فقال: من أين أبغي دواء دائي ... وإنّما دائي الطبيب فقلت: إذن يفرّج الله عزّ وجل. فقال: يا ربّ فرّج إذن وعجّل ... فإنّك السامع المجيب قال: ثمّ انصرف. المنتظم 5/119

57 عضد الدولة وإيمانه بالمنامات

57 عضد الدولة وإيمانه بالمنامات حدّث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال: حدّثني عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو «1» ببغداد، وذلك في سنة 370 قال: حدّثتني أمّي رحمها الله: أنّها ولدت للأمير ركن الدولة «2» ، ولدا قبلي، كنّاه أبا دلف، وعاش قليلا ومضى لسبيله. قالت: فحزنت عليه حزنا شديدا، أسفا على فقده، وإشفاقا من أن ينقطع ما بيني وبين الأمير بعده. فسلّاني مولاي، وسكّنني، وأقبل عليّ، وقرّبني، ومضت الأيّام، وتطاول العهد، وسلوت. ثم حملت بك، بأصبهان، فخفت أن أجيء ببنت، فلا أرى مولاي، ولا يراني، لما أعرف من كراهيته للبنات، وضيق صدره بهنّ، وطول إعراضه عنهنّ، ولم أزل على جملة القلق والجزع، إلى أن دخلت في شهري، وقرب ما أترقّبه من أمري، وأقبلت على البكاء والدعاء، ومداومة الصلاة والأدعية إلى الله، في أن يجعله ولدا، ذكرا، سويّا، محظوظا. ثم حضرت أيّامي، واتّفق أن غلبني النوم، فنمت في مخادعي، ورأيت في منامي، رجلا شيخا، نظيف البزّة، ربعة، كثّ اللحية، أعين «3» ، عريض الأكتاف، وقد دخل عليّ، وعندي أنّه مولاي ركن الدولة،

فلما تبيّنت صورته ارتعت منه، وقلت: يا جواري، من هذا الهاجم علينا؟ فتساعين إليه، فزبرهنّ، وقال: أنا عليّ بن أبي طالب. فنهضت إليه، وقبّلت الأرض بين يديه، فقال: لا. لا. وقلت: قد ترى يا مولاي ما أنا فيه، فادع الله لي بأن يكشفه، ويهب لي ذكرا سويا محظوظا فقال: يا فلانة، وسمّاني باسمي- وكذا كنى الملك عضد الدولة عن الاسم- قد فرغ الله ممّا ذكرت، وستلدين ذكرا، سويا، نجيبا، ذكيا، عاقلا، فاضلا، جليل القدر، سائر الذكر، عظيم الصولة، شديد السطوة، يملك بلاد فارس وكرمان، والبحر وعمان، والعراق والجزيرة، إلى حلب، ويسوس الناس كافّة، ويقودهم إلى طاعته بالرغبة والرهبة، ويجمع الأعمال الكثيرة، ويقهر الأعداء، ويقول بجميع ما أنا فيه- يقول الملك ذاك- ويعيش كذا وكذا سنة، لعمر طويل، أرجو بلوغه- ولم يبيّن الملك قدره- ويملك ولده من بعده، فيكون حالهم كذا وكذا لشيء طويل، هذه حكاية لفظه. قال الملك عضد الدولة: وكلّما ذكرت هذا المنام، وتأمّلت أمري، وجدته موافقا له حرفا بحرف. ومضت على ذلك السنون، ودعاني عمّي عماد الدولة إلى فارس، واستخلفني عليها، وصرت رجلا، وماتت أمّي. واعتللت علّة صعبة، أيست فيها من نفسي، وأيس الطبيب مني، وكانت سنتي المتحوّلة فيها، سنة رديئة الدلائل، موحشة الشواهد، وبلغت إلى حدّ أمرت فيه، بأن يحجب الناس عنّي، حتى الطبيب، لضجري بهم، وتبرّمي بأمورهم، وما أحتاج إلى شرحه لهم، ولا يصل إليّ إلّا حاجب النوبة.

وبينما أنا على ذلك، وقد مضت عليّ فيه ثلاثة أيام، أو أربعة، ولا شغل لي إلّا البكاء على نفسي، والحسرة على مفارقة الحياة، إذ دخل حاجب النوبة، فقال: أبو الحسين الصوفي «1» في الدار، منذ الغداة، يسأل الوصول، وقد اجتهدت به في الانصراف، فأبى إلّا القعود، وترك القبول، وهو يقول: لا بدّ لي من لقاء مولانا، فإنّ عندي بشارة، ولا يجوز أن يتأخّر وقوفه عليها، وسماعه إيّاها، فلم أحبّ أن أجدّ به في المنع والصرف، إلّا بعد المطالعة وخروج الأمر. فقلت له- على مضض غالب، وبصوت خافت- قل له: كأنّي بك، وأنت تقول قد بلغ الكوكب الفلاني، إلى الموضع الفلاني، وتهذي عليّ في هذا المعنى، هذيانا لا يتسع له صدري، ولا يحتمله قلبي وجسمي، وما أقدر على سماع ما عندك، فانصرف. فخرج الحاجب، وعاد متعجّبا، وقال: إمّا أن يكون أبو الحسين قد اختلّ، وإمّا أن يكون عنده أمر عظيم، فإنّي أعدت عليه ما قاله مولانا، فقال: ارجع، وقل له: والله، لو أمرت بضرب رقبتي، لما انصرفت أو أراك، ومتى أوردت عليك في معنى النجوم حرفا، فحكمك ماض فيّ، وإذا سمعت ما أحدثك به، عوفيت في الوقت، وزال ما تجده. فعجبت من هذا القول، عجبا شديدا، مع علمي بعقل أبي الحسين، وشدّة تحقيقه، وقلّة تحريفه، وتطلّعت نفسي إلى ما عنده، فقلت: هاته. فلمّا دخل، قبّل الأرض، وبكى، وقال: أنت والله يا مولاي في عافية، ولا خوف عليك، اليوم تبلّ، وتستقلّ، ومعي دلالة على ذلك.

قلت: وما هي؟ ولم أكن حدّثته من قبل بحديث المنام الذي رأته أمّي، ولا سمعه أحد منّي. فقال: رأيت البارحة في منامي، أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام، والناس يهرعون إليه، ويجتمعون عليه، ويفاوضونه أمورهم، ويسألونه حوائجهم، وكأنّي تقدمت إليه، وقلت له: يا أمير المؤمنين، أنا رجل في هذا البلد غريب، تركت نعمتي وتجارتي بالريّ، وتعلّقت بخدمة هذا الأمير الذي أنا معه، وقد بلغ في علّته، إلى حدّ آيس فيه من عافيته، وأخاف أن أهلك بهلاكه، فادع الله له بالسلامة، قال: تعني فناخسرو بن الحسن بن بويه؟ فقلت: نعم، يا أمير المؤمنين. فقال: امض إليه غدا، وقل له: أنسيت ما أخبرتك به أمّك عنّي في المنام الذي رأته وهي حامل بك؟ ألم أخبرها مدّة عمرك، وأنّك ستعتلّ إذا بلغت كذا وكذا سنة، علّة يأيس فيها منك أهلك، وطبّك، ثم تبرأ منها؟ وفي غد يبتدى برؤك، ويتزايد إلى أن تركب، وتعود إلى عاداتك كلّها، في كذا وكذا يوما، ولا قاطع على أجلك إلى الوقت الذي أخبرتك به أمّك عنّي. قال الملك عضد الدولة: وقد كنت أنسيت أنّ أمّي ذكرت ذلك في المنام، وأنّي إذا بلغت هذه السنة من عمري، اعتللت هذه العلّة التي ذكرها، فذكرت ذلك عند قول أبي الحسين ما قاله. فحين سمعت ما سمعت، حدثت لي في الحال قوّة نفس لم تكن من قبل وقلت: أقعدوني. فجاء الغلمان وأجلسوني. فلما استقللت على الفراش، قلت لأبي الحسين: اجلس، وأعد الحديث.

فجلس، وأعاد، وتولّدت بي شهوة الطعام، واستدعيت الطب، فأشاروا بتناول غداء عمل في الوقت، وأكلته، ولم يتصرّم الوقت، حتى أحسست بالصلاح الكثير، وتدرّجت العافية، فركبت، وعاودت عاداتي، في اليوم الذي قاله أبو الحسين. وكان الملك يشرح هذا الشرح، وأبو الحسين حاضر، يقول: كذا والله قلت لمولانا، وأعيذه بالله، فما أحسن حفظه وذكره. ثم قال لي: بقي في نفسي من هذا المنام شيء. قلت: يبلغ الله مولانا آماله، ويزيل عنه كل ما يهوله، ويصرم عنه كل ما يخشاه. ولم أتجاوز الدعاء، لعلمي بأنّ سؤاله عن ذلك، سوء أدب، فعلم ما في نفسي، وقال: وقوفه على أنّني أملك حلب، ولو كان عنده أنّني أتجاوزها، لقال، حتى إنّه لما ورد الخبر بإقامة ابن شيخ الدعوة لي بها، ذكرت المنام فتنغّص عليّ أمرها، إشفاقا من أن تكون آخر حدود مملكتي في ذلك الصقع. فدعوت له، وانقطع المجلس. تجارب الأمم 2/418

58 أبو العلاء الكاتب ووفاؤه للمهلبي

58 أبو العلاء الكاتب ووفاؤه للمهلبي وروي أيضا عن أبي علي التنوخي، الحكاية التي وردت في إرشاد الأريب (3/193) «1» ، وقال أيضا: وكان المهلّبي «2» ، قد اصطنع أبا العلاء، عيسى بن الحسين بن أبرونا النصراني الكاتب، واستكتبه على خاصّته، وأطلعه على أموال وذخائر دفنها. فأخذ أبو العلاء في جملة المأخوذين، وعوقب أشدّ عقوبة، وضرب أبرح ضرب، وهو لا يقرّ بشيء، ولا يعترف بذخيرة. فعدل أبو الفضل، وهو العباس بن الحسين الشيرازي «3» ، وأبو الفرج وهو محمد بن العباس بن الحسين بن فسانجس «4» إلى تجنّي «5» وهي أمّ أبي الغنائم الفضل بن الوزير المهلبي، وأمرا بضرب ابنها أبي الغنائم بين يديها «6» . فبكى من عرفها من الذي يتمّ عليها، وقالت لهم: إنّ مولاي المهلّبي فعل هذا بي، حين استدعى آلات العقوبة لزوجة أبي عليّ الطبري «7» ، لما قبض عليها بعد وفاته.

ثم قالت: أحضروني أبا العلاء بن أبرونا، فاحضروه، وحمل في سبنيّة «1» بين أربع فرّاشين، فطرح بين يديها. فجعلت تسأله عن شيء شيء، وهو يخبرها بمكانه، حتى كان في جملة ذلك ثلاثون ألف دينار. فقال له من حضر: ويلك، ألست من الآدميين، تقتل هذا القتل «2» ، ويفضي حالك إلى التلف، وأنت لا تعترف. فقال: يا سبحان الله، أكون ابن أبرونا الطبيب الفصّاد على الطريق، بدانق ونصف دانق، يأخذني الوزير أبو محمد، ويصطنعني، ويجعلني كاتب سرّه، وأعرف بخدمته، وأطلع الناس على ذخيرة ذخرها لولده؟ والله ما كنت لأفعل هذا ولو هلكت. فاستحسن فعله، وكان ذلك سببا لإطلاقه، وتقدّم بذلك عند أبي الفضل، وأبي الفرج، وابن بقيّة. وتوفي سنة 369 في أيّام عضد الدولة. تجارب الأمم 2/197

59 المعتضد والملاح القاتل

59 المعتضد والملاح القاتل أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن، عن أبيه، عن جدّه، قال: حدّثني أبو [محمد] «1» الحسن بن محمد الصلحي، قال: حدّث أحد خدم المعتضد المختصّين بخدمته، قال: كنّا حول سرير المعتضد «2» ، ذات يوم نصف النهار، وقد نام بعد أن أكل، وكان رسمنا أن نكون عند سريره، أوقات منامه، من ليل أو نهار. فانتبه منزعجا، وقال: يا خدم، يا خدم. فأسرعنا الجواب. فقال: ويلكم، أعينوني، والحقوا الشط، فأوّل من ترونه منحدرا في سفينة فارغة، فاقبضوا عليه، وجيئوني به، ووكّلوا بسفينته. فأسرعنا، فوجدنا ملّاحا في سميريّة، فأصعدناه، فحين رآه الملاح، كاد يتلف. فصاح عليه صيحة واحدة عظيمة، كادت روحه تخرج معها، قال: أصدقني يا ملعون، عن قصّتك مع المرأة التي قتلتها وسلبتها اليوم، وإلّا ضربت عنقك. قال: فتلعثم، وقال: نعم، كنت اليوم سحرا في المشرعة الفلانية فنزلت امرأة لم أر مثلها، عليها ثياب فاخرة، وحلي كثيرة، فطمعت فيها،

واحتلت عليها، حتى سددت فاها، وغرّقتها، وأخذت جميع ما كان عليها، ولم أجترىء على حمل سلبها إلى بيتي، لئلا يفشو الخبر، فعملت على الهرب، وانحدرت الساعة، لأمضي إلى واسط، فعوّقني هؤلاء الخدم، وحملوني. فقال: وأين الحلي والسلب؟ فقال: في صدر السفينة تحت البواري. فقال المعتضد للخدم: جيئوني به، فمضوا، وأحضروه. وقال: خذوا الملاح فغرّقوه، ففعلوا. ثم أمر أن ينادى في بغداد كلّها، على امرأة خرجت إلى المشرعة الفلانية سحرا، وعليها ثياب وحلي، يحضر من يعرفها، ويعطي صفة ما كان عليها ويأخذه، فقد تلفت المرأة. فحضر في اليوم الثاني، أو الثالث، أهل المرأة، فأعطوه صفة ما كان عليها، فسلّم إليهم. فقلنا: يا مولاي أوحي إليك؟ فقال: رأيت في منامي كأنّ شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي: يا أحمد خذ أوّل ملاح ينحدر الساعة، فاقبض عليه، وقرّره خبر المرأة التي قتلها اليوم، وسلبها، وأقم عليه الحدّ. فكان ما شهدتم. المنتظم 5/127

60 المدائني يثني على إسحاق الموصلي

60 المدائني يثني على إسحاق الموصلي وأخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن سيف- إجازة- وحدّثنا أحمد بن عبد الله الدوريّ الورّاق «1» ، عنه، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمد بن العبّاس «2» اليزيدي، قال: حدّثني أحمد بن زهير بن حرب «3» ، قال: كان أبي «4» ، ويحيى بن معين «5» ، ومصعب الزبيري «6» يجلسون بالعشيّات على باب مصعب، قال: فمر عشية من العشيّات، رجل على حمار فاره،

وبزّة حسنة، فسلّم، وخصّ بمسائلته يحيى بن معين. فقال له يحيى: إلى أين يا أبا الحسن؟ فقال: إلى هذا الكريم الذي يملأ كمّي من أعلاه إلى أسفله دنانير ودراهم. فقال: ومن هو يا أبا الحسن؟ فقال: أبو محمد إسحاق بن إبراهيم الموصلّي «1» . قال: فلما ولّى، قال يحيى بن معين: ثقة، ثقة، ثقة. قال: فسألت أبي، فقلت: من هذا الرجل؟ قال: المدائني «2» . تاريخ بغداد 12/54

61 لو رضيته لما بعته

61 لو رضيته لما بعته أخبرنا التنوخيّ، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن عيسى بن عليّ الرمانيّ «1» ، قال: حدّثنا ابن دريد «2» ، قال: أخبرنا العكلي، قال: حدّثني شيخ من أهل البصرة، قال: رأيت محمد بن واسع الأزديّ «3» ، بسوق مرو «4» ، يعرض حمارا. فقال له رجل: يا عبد الله، أترضاه لي؟ قال: لو رضيته لما بعته. تاريخ بغداد 12/16

62 أبو سعيد القرامطي يبعث برسالة إلى المعتضد

62 أبو سعيد القرامطي يبعث برسالة إلى المعتضد أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن «2» ، عن أبيه «3» ، قال: حدّثنا القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشميّ «4» ، قال: سمعت العبّاس بن عمرو الغنوي «5» يقول: لما أسرني أبو سعيد القرمطي «6» ، وأسر العسكر الذي كان بعثه معي المعتضد إلى قتاله «7» ، وحصلت في يده، يئست من الحياة. فأنا يوما على هذه الصورة، إذ جاءني رسوله، فأخذ قيودي، وغيّر ثيابي، وأدخلني إليه، فسلّمت عليه، وجلست.

فقال: أتدري لم استدعيتك؟ قلت: لا. قال: أنت رجل عربيّ، ومن المحال إذا استودعتك أمانة أن تخفرها. قلت: هو كذلك. فقال: إنّي فكرت، فإذا لا طائل في قتلك، وفي نفسي رسالة إلى المعتضد «1» ، لا يجوز أن يؤدّيها غيرك، فرأيت إطلاقك، وتحميلك إيّاها، إن حلفت أنّك إذا سيّرتك إليه، تؤدّيها. فحلفت له. فقال: قل للمعتضد، يا هذا، لم تخرق هيبتك، وتقتل رجالك، وتطمع أعداءك في نفسك، وتبعث في طلبي الجيوش، وأنا رجل مقيم في فلاة، لا زرع فيها ولا ضرع، وقد رضيت لنفسي بخشونة العيش، والعزّ بأطراف هذه الرماح، وما اغتصبتك بلدا، ولا أزلت سلطانك عن عملك، ومع هذا، فو الله، لو أنفذت إليّ جيشك كلّه، ما جاز أن يظفر بي، لأنّي رجل نشأت في العسف «2» فاعتدته، أنا ورجالي، لا مشقة علينا فيه، وأنت تنفذ جيوشك من الخيوش «3» والثلج والريحان «4» ، فيجيئون من المسافة البعيدة الشاقّة، وقد قتلهم السفر قبل قتالنا، وإنّما غرضهم أن يبلغوا غرضا من مواقفتنا ساعة، ثم يهربون، وإن هم هزموني، بعدت عشرين فرسخا، أو ثلاثين، وجلت في الصحراء شهرا أو شهرين، ثم كبستهم على غرّة، فقتلتهم، وإن كانوا محترسين، فما يمكنهم أن يطوفوا خلفي في الصحاري،

ولا تحملهم الإقامة في أماكنهم، فأنت تنفق الأموال، وتكلّف الرجال الأخطار، وأنا سليم من ذلك، وهيبتك تنخرق في الأطراف، كلّما جرى عليك هذا، فإن اخترت بعد هذا محاربتي فاستخر الله، وإن أمسكت، فذاك إليك. ثم سيّرني، وأنفذ معي عدّة إلى الكوفة، وسرت منها إلى الحضرة «1» . ودخلت على المعتضد، فأخبرته بما قال، في خلوة، فرأيته يتمعّط في جلده غيظا، حتى ظننت أنّه سيسير إليه بنفسه، وخرجت. فما رأيته بعد ذلك ذكره. المنتظم 5/133

63 الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان يقلد علي بن محمد قضاء القضاة

63 الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان يقلد عليّ بن محمد قضاء القضاة أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال: لما مات إسماعيل بن إسحاق «4» ، مكثت بغداد بغير قاض، ثلاثة أشهر، وسنة عشر يوما، فاستقضي في يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين، عليّ بن محمد بن عبد الملك «5» ، على قضاء المدينة «6» ، مضافا إلى ما كان يتقلّده من القضاء بسرّ من رأى وأعمالها «7» . قال: وقبل هذا كان [أخوه الحسن] «8» على قضاء القضاة بسر من رأى

في أيّام المعتز «1» والمهتدي «2» . فلمّا توفي الحسن «3» ، وجّه المعتمد «4» بعبيد الله بن يحيى بن خاقان «5» إلى عليّ بن محمد، فعزّاه بأخيه، وهنّأه بالقضاء، فامتنع من قبول ذلك. فلم يبرح الوزير عبيد الله من عنده حتى قبل «6» ، وتقلّد قضاء القضاة «7» ، ومكث يدعى بذلك، إلى أن توفي «8» . وهو رجل صالح، ضيّق الستر، عظيم الخطر، ثقة، أمين، على طريق الشيوخ المتقدمين، حمل الناس عنه حديثا كثيرا. المنتظم 5/164

64 ابن أبي زيد يثني على علي بن عيسى الربعي

64 ابن أبي زيد يثني على عليّ بن عيسى الربعيّ سمعت التنوخيّ يقول: كان أبو عليّ، يقول: سمعت ابن أبي زيد- وكان ابن أخت أبي عليّ الفارسيّ النحوي «1» - يقول: قولوا لعليّ البغدادي «2» : لو سرت من الشرق إلى الغرب، لم تجد أنحى «3» منك. تاريخ بغداد 12/17

65 أبو خازم القاضي وشدته في الحكم

65 أبو خازم القاضي وشدّته في الحكم أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال: أخبرني أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبيّ «4» ، قال: قال لي ابن حبيب الذرّاع: كنّا ونحن أحداث مع أبي خازم «5» ، وكنّا نقعده قاضيا، ونتقدّم إليه في الخصومات. قال: فما مضت الأيّام واللّيالي، حتى صار قاضيا. قال أبو الحسين: وبلغ من شدّته في الحكم، أنّ المعتضد «6» ، وجّه إليه بطريف المخلدي «7» ، فقال له: إنّ لي على الضبعيّ- بيّع «8» كان

للمعتضد ولغيره- مالا، وقد بلغني أنّ غرماءه، أثبتوا عندك، وقد قسّطت لهم في ماله، فاجعلنا كأحدهم. فقال له أبو خازم: قل له: أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- ذاكر لما قال لي وقت ما قلّدني، أنّه قد أخرج الأمر من عنقه، وجعله في عنقي، ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل لمدّع إلّا ببيّنة. فرجع إليه طريف، فأخبره. فقال: قل له فلان وفلان يشهدان، يعني رجلين جليلين كانا في ذلك الوقت. فقال: يشهدان عندي، وأسأل عنهما، فإن زكّيا، قبلت شهادتهما، وإلّا أمضيت ما ثبت عندي. فامتنع أولئك من الشهادة، فزعا. ولم يدفع إلى المعتضد شيئا. المنتظم 6/53

66 أبو خازم القاضي أدب شخصا فمات فوداه من بيت المال

66 أبو خازم القاضي أدب شخصا فمات فوداه من بيت المال أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا التنوخيّ «3» قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني أبو الفرج طاهر بن محمد الصلحيّ، قال: حدّثني القاضي أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر «5» ، قال: بلغني أنّ أبا خازم القاضي «6» جلس في الشرقيّة «7» ، وهو قاضيها، للحكم، فارتفع إليه خصمان، فاجترأ أحدهما بحضرته إلى ما يوجب التأديب، فأدّب، فمات في الحال. فكتب إلى المعتضد «8» من المجلس: أعلم أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، أنّ خصمين، حضراني، فاجترأ أحدهما إلى ما وجب عليه معه الأدب عندي، فأمرت بتأديبه، فمات.

فإذ كان المراد بتأديبه، مصلحة المسلمين، فمات في الأدب، فديته واجبة في بيت مال المسلمين. فإن رأى أمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، أن يأمر بحمل الدية، لأحملها إلى ورثته، فعل. فعاد الجواب إليه: بأنّا قد أمرنا بحمل الدية إليك، وحمل إليه عشرة آلاف درهم. فأحضر ورثة المتوفى، ودفعها إليهم. المنتظم 6/54

67 القاضي أبو الحسن بن أبي الشوارب يتقلب بين التولية والعزل

67 القاضي أبو الحسن بن أبي الشوارب يتقلّب بين التولية والعزل أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: استخلف المستكفي بالله «1» في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة «2» ، واستقضى على مدينة المنصور «3» والشرقية «4» أبا الحسن محمد بن الحسن بن أبي الشوارب «5» . وذكر طلحة: أنّه كان رجلا واسع الأخلاق، كريما، جوادا، طلّابة للحديث، قال: ثم قبض عليه في صفر سنة أربع وثلاثين. فلمّا كان في رجب في هذه السنة، قبض على المستكفي بالله «6» واستخلف المطيع «7» ، فقلّد أبا الحسن الشرقيّة والحرمين «8» واليمن «9»

ومصر «1» وسر من رأى «2» وقطعة من أعمال السواد «3» وبعض أعمال الشام «4» وسقي الفرات وواسط. ثم صرف عن جميع ذلك في رجب سنة خمس وثلاثين «5» . المنتظم 6/389

68 قاض متهم بالاسترشاء

68 قاض متهم بالاسترشاء أخبرنا القزّاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: أنبأنا إبراهيم بن مخلد، قال: أخبرنا إسماعيل، عن عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: عزل محمد بن الحسن بن أبي الشوارب «2» عن جميع ما كان يتقلّده من أمر القضاء «3» ، وأمر المستكفي «4» بالقبض عليه، ففعل ذلك يوم الثلاثاء لخمس خلون من صفر سنة أربع وثلاثين» ، وكان قبيح الذكر فيما يتولّاه من الأعمال، منسوبا إلى الاسترشاء في الأحكام، والعمل فيها بما لا يجوز، وقد شاع ذلك عنه، وكثر الحديث به «6» . المنتظم 6/389

69 الناشئ يشغف برقيبة

69 الناشئ يشغف برقيبة حدّثنا عليّ بن أبي عليّ «1» - لفظا- قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثني الصولي «3» ، قال: حدّثني محمد بن خلف بن المرزبان «4» ، قال: اجتمع عندي أحمد بن أبي طاهر «5» ، والناشئ «6» ، ومحمد بن عروس، فدعوت لهم مغنّية، فجاءت ومعها رقيبة «7» لم ير الناس أحسن منها قط. فلما شربوا، أخذ الناشئ رقعة، وكتب فيها: فديتك لو أنهم أنصفوك ... لردّوا النواظر عن ناظريك تردّين أعيننا عن سواك ... وهل تنظر العين إلّا إليك

وهم جعلوك رقيبا علينا ... «1» فمن ذا يكون رقيبا عليك ألم يقرأوا ويحهم ما يرون ... من وحي حسنك في وجنتيك قال: فشغفنا بالأبيات. فقال ابن أبي طاهر: أحسنت- والله- وأجملت، قد والله حسدتك على هذه الأبيات، والله، لا جلست. وقام، وخرج. تاريخ بغداد 10/92 المنتظم 6/58

70 المقتدر والقرية الفضية

70 المقتدر والقرية الفضية أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخيّ «2» ، عن أبيه «3» قال: حدّثني أبو الفتح أحمد بن عليّ بن هارون «4» ، قال: حدّثني أبي «5» ، قال: كان ابن عمّي أبو القاسم يوسف بن يحيى بن عليّ «6» ، حسن الإقبال، محظوظا. وكانت له داية تسمى نظم، فخدمت السيدة «7» أمّ المقتدر «8» ، واختصّت بها، حتى صارت إحدى قهارمتها، التي تجري على يديها الصغير والكبير، فرفعت أبا القاسم، وانتهت به إلى أسنى الأرزاق، وأوسع الأحوال، وأخرجت له الصلات، حتى تأثلت حاله بذلك، وصار صاحب عشرات ألوف دنانير، وخلطته بخدمة السيّدة.

فعزم أبو القاسم على تطهير «1» ابنه، فأنفق في وليمته ما لم يسمع بمثله، حتى إنّه أفرد عدّة دور للحلواء، وعدّة دور للفاكهة، وأنفق ألوف دنانير. وبلغ نظما خبره، فجاءته من عند السيدة بأموال عظيمة، معونة له على التطهير، وحملت له من عندها، من الفرش والآنية، والثياب، والمخروط بألوف. فلما مضت أيّام، قالت لها: يا نظم، أيش خبر طهر ابن يوسف؟ قالت: يا ستّي، قد بقيت له أشياء يريدها. فقالت: خذي ما تريدين، واحمليه إليه. فجاءت نظم إليه، فقالت: إن كان شيء قد بقي في نفسك، فعرّفني. فقال لها: الطهر غدا، وما بقي في نفسي شيء إلّا وقد بلغته بك، وقد بقي في نفسي شيء، لست أجسر على مسألته. فقالت: قل ما في نفسك، فإن أمكن، وإلّا ليس يضرّك. فقال: أشتهي، إعارة القرية الفضّية، التي عملت لأمير المؤمنين، ليراها الناس في داري، ويشاهدون ما لم يشاهدوا مثله، فيعلمون حالي من الاختصاص والعناية. فوجمت، وقالت: هذا شيء عمله الخليفة لنفسه، ومقداره عظيم، وفي هذه القرية، مئين ألف «2» دراهم، ولا أحسب جاهي يبلغ إليها، وكيف يستعار من خليفة شيء، ومتى سمع بخليفة يعير، ولكن أنا أسأل السيدة في هذا، فإن كان ممّا يجوز، وإلّا عرفتك؛ ومضت.

فلما كان الليل، جاءتني، وقالت: إنّ إقبالك قد بلغ إلى أن تحمد الله عليه. فقلت: ما الخبر؟. فقالت: كلّ ما تحب؛ قد جئتك بالقرية هبة لا عارية، وجئتك معها بصلة ابتدأك بها أمير المؤمنين من غير مسألة من أحد. فقلت: ما الخبر؟ قالت: مضيت، وأنا منكسرة القلب، آيسة من أن يتمّ هذا، فدخلت على هيأتي تلك على السيدة. فقالت: من أين؟. قلت: من عند عبدك يوسف، وهو على أن يطهّر ابنه غدا. قالت: أراك منكسرة. قلت: ببقائك، ما أنا منكسرة. قالت: ففي وجهك حديث، فقلت: خير. قالت: بحياتي، ما ذاك؟ قلت: قد شكر ما عومل به، ودعا، وقال: إنّي كنت أحب أن أتشرّف بما لم يتشرّف به أحد قبلي، ليعلم موضعي من الخدمة. قالت: وما هو؟ قلت: يسأل أن يعار القرية ليتجمّل بها، ويردّها في غد. فأمسكت، ثم قالت: هذا شيء عمله الخليفة لنفسه، كيف يحسن أن يرى في دار غيره؟ وهذا فضيحة، وليس يجوز أن أسأله هبتها له، لأنّي لا أدري هل ملّها وشبع منها، أم لا، فإن كان قد ملّها، فقيمتها أهون عليه، من أن يفكّر في إعارتها، وإن كان لم يملّها لم آمن أن أفجعه بها، وسأسبر ما عنده في هذا.

ثم دعت بجارية، فقالت: اعرفوا خبر الخليفة. فقيل لها: هو عند فلانة. فقالت: تعالي معي، وقامت، وأنا معها، وعدّة جوار حتى دخلت. وكانت عادته إذا رآها أن يقوم لها قائما، ويعانقها، ويقبّل رأسها، ويجلسها معه في دسته. قالت: فحين رآها، قام، وأجلسها معه، وقال: يا ستّي- وهكذا كان يخاطبها- ليس هذا من أوقات تفضّلك وزيارتك. فقالت: ليس من أوقاتي. ثم حدّثته ساعة، وقالت: يا نظم، متى عزم ابنك يوسف، على تطهير ابنه؟ قلت: غدا يا ستّي. فقال الخليفة: يا ستّي إذا كان يحتاج إلى شيء آخر، أمرت به. فقالت: هو مستكف، داع، ولكن قد التمس شيئا، ما أستحسن خطابك فيه، قال: أريد أن أشرف على أهل المملكة كلهم، ويرى عندي ما لم ير في العالم مثله. قال: وما هو؟ قالت: يا سيّدي، يلتمس أن تعيره القرية، فإذا رآها الناس عنده، ارتجعت. فقال: يا ستّي، والله هذه ظريفة، يستعير خادم لنا شيئا، وتكونين أنت شفيعه، فأعيره، ثم أرتجعه؟ هذا من عمل العوامّ، لا الخلفاء، ولكن إذا كان محلّه من رأيك هذا، حتى حملت نفسك على خطابي فيه، وتجشّمت زيارتي، وأنا أعلم أنّه ليس من أوقات زيارتك، فقد وهبت له القرية، فمري بحملها، بجميع آلاتها إليه، وقد رأيت أن أشرّفه بشيء آخر.

قالت: وما هو؟ قال: يحمل إليه غدا جميع وظائفنا، ولا يطبخ لنا شيء البتّة، بل يوفّر عليه، ويؤخذ لنا سمك طريّ فقط. فأمرت بنقل القرية، وقالت: قولي ليوسف، ما تصنع بالوظيفة؟. فقال: والله ما أحتاج إلى ملح إلّا وقد حصّلته، فإن حملت إليّ، لم أنتفع بها، فخذي لي ثمنها من الوكلاء، فأخذت، وكان مبلغ ذلك ألف وخمسمائة دينار، وهي وظيفة كل يوم «1» . وقالت: اقتصر الخليفة لأجلك اليوم على السمك؛ فاشتري له سمك بثلاثمائة دينار. وكانت القرية، على صفة قرية، فيها مثال البقر والغنم والجمال والجواميس والأشجار والنبات والمساحي والناس، وكلّ ما يكون في القرى. المنتظم 6/75

71 ما هو حد السكر؟

71 ما هو حد السكر؟ أخبرنا القزّاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ القاضي «3» ، قال: حدّثنا أبو الحسن الداودي، قال: لمّا جلس محمد بن داود بن عليّ الأصبهاني «4» ، في حلقة أبيه «5» بعد وفاته، يفتي، استصغروه عن ذلك، فدسّوا إليه رجلا، وقالوا: سله عن حدّ السكر ما هو؟ فأتاه الرجل، فسأله عن حدّ السكر ما هو؟ ومتى يكون الإنسان سكرانا؟ فقال محمد: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسرّه المكتوم. فاستحسن ذلك منه، وعلم موضعه من العلم. المنتظم 6/94 تاريخ بغداد 5/256

72 القاضي ابن أبي الشوارب يصاب بالفالج فيخلفه ابنه

72 القاضي ابن أبي الشوارب يصاب بالفالج فيخلفه ابنه أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال: لم يزل عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب «4» ، واليا على القضاء بالجانب الشرقيّ من بغداد، وعلى الكرخ أيضا، من شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين، إلى ليلة السبت لثلاث عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين، فإنّ الفالج ضربه فيها، فأسكت، فاستخلف له ابنه محمد «5» على عمله كلّه في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومائتين، وكان سريّا جميلا،

73 ابن الراوندي

واسع الأخلاق، ولم تكن له خشونة «1» ، فاضطربت الأمور بنظره، ولبّست عليه في أكثر أحواله، وكانت أمور السلطان كلّها قد اضطربت، ولم يزل على خلافة أبيه إلى سنة إحدى وثلاثمائة، وتوفي. المنتظم 6/98 73 ابن الراوندي قال القاضي أبو عليّ التنوخي» : كان أبو الحسين بن الراوندي «3» ، يلازم أهل الإلحاد، فإذا عوتب في ذلك، قال: إنّما أريد أن أعرف مذاهبهم، ثم إنّه كاشف، وناظر. ويقال: انّ أباه كان يهوديّا، فأسلم. وكان بعض اليهود يقول لبعض المسلمين: لا يفسدنّ عليكم هذا كتابكم. كما أفسد أبوه التوراة علينا. ويقال: انّ أبا الحسين، قال لليهود: قولوا إنّ موسى قال: لا نبيّ بعدي. معاهد التنصيص 56

74 القاضي أبو خليفة واللص

74 القاضي أبو خليفة واللص قرأت في كتاب هراة، للفاميّ قال: روى عن محمد بن إبراهيم بن عبد ربه بن سدوس بن عليّ أبي عبد الله المسندي، أنّه قال: كنّا عند أبي خليفة القاضي بالبصرة، فدخل عليه اللص داره، فصاح ابنه باللص، فخرج أبو خليفة إلى صحن الدار، فقال: أيّها اللص، مالك، ومالنا، إن أردت المال فعليك بفلان، وفلان، إنّما عندنا قمطران، قمطر فيه أحاديث، وقمطر فيه أخبار، إن أردت الحديث، حدّثناك عن أبي الوليد الطيالسي «1» وأبي عمر الجوصي، وابن كثير وهو محمد، وإن أردت الأخبار أخبرناك عن الرياشيّ «2» عن الأصمعيّ «3» ومحمد بن سلّام «4» . فصاح به ابنه: إنّما كان كلبا. فقال: الحمد لله الذي مسخه كلبا، وردّ عنّا حربا. وذكر التنوخيّ هذه الحكاية، وقال في آخرها: فقال له غلامه: يا مولاي، ليس إلّا الخير، إنّما هو سنّور. فقال أبو خليفة، الحمد لله الذي مسخه هرّا، وكفانا شرّا. معجم الأدباء 6/136

75 كلبة ترضع طفلا

75 كلبة ترضع طفلا ذكر أبو عبد الله، عن أبي عبيدة النحوي، وأبي اليقظان سحيم بن حفص، وأبي الحسن عليّ بن محمد المدائني «1» ، عن محمد بن حفص بن سلمة بن محارب. وقد حدّثنا بهذا الحديث «2» ، أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا «3» ، بإسناد ذكره، وهو حديث مشهور: انّ الطاعون الجارف، أتى على أهل دار، فلم يشكّ أحد من أهل المحلّة، أنّه لم يبق فيها صغير ولا كبير، وكان قد بقي في الدار صبيّ رضيع صغير، يحبو ولا يقوم، فعمد من بقي من أهل تلك المحلة، إلى باب الدار فسدّوه. فلما كان بعد ذلك بأشهر، تحوّل إليها بعض ورثة القوم، فلما فتح الباب، وأفضي إلى عرصة الدار، إذا هو بصبيّ يلعب مع جرو كلبة كانت لأصحاب الدار، فلما رآها الصبيّ حبا إليها، فأمكنته من لبنها. فعلموا أنّ الصبي بقي في الدار، وصار منسيا، واشتد جوعه، ورأى جرو الكلبة يرضع، فعطف عليها، فلما سقته مرّة، أدامت له، وأدام لها الطلب. فضل الكلاب على من لبس الثياب 18

76 قاض ولايته ثلاثة أيام

76 قاض ولايته ثلاثة أيام أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: صرف المقتدر بالله «2» أبا جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول «3» ، يوم الخميس لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة ستّ عشرة وثلاثمائة، عن القضاء بمدينة المنصور «4» ، واستقضى في هذا اليوم، أبا الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك بن أشرس بن عبد الله بن منجاب الشيباني، المعروف بابن الأشناني «5» ، وخلع عليه. ثم جلس يوم السبت، لثمان بقين من هذا الشهر للحكم، وصرف من غد في يوم الأحد لسبع بقين منه، فكانت ولايته ثلاثة أيام. وهذا رجل من جلّة الناس، ومن أصحاب الحديث المجوّدين، وأحد الحفاظ له، وحسن المذاكرة بالأخبار، وكان قبل هذا يتولى القضاء بنواحي الشام «6» ، ويستخلف الكفاة، ولم يخرج عن الحضرة، وتقلّد الحسبة ببغداد «7» . وقد حدّث حديثا كثيرا، وحمل الناس عنه قديما وحديثا. تاريخ بغداد 11/237

77 استخلف على القضاء وله عشرون سنة

77 استخلف على القضاء وله عشرون سنة أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال: استقضى المقتدر بالله، في يوم النصف من رمضان سنة عشر وثلاثمائة، أبا الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب «4» ، وكان قبل هذا يخلف أباه على القضاء بالجانب الشرقيّ «5» ، والشرقيّة «6» ، وسائر ما كان إلى قاضي القضاة أبي عمر «7» ، وذلك انّه استخلفه وله عشرون سنة. ثم استقضي بعد استخلاف أبيه له، على أعمال كثيرة. ثم قلّد مدينة السلام «8» في حياة أبيه. المنتظم 6/167

78 من مكارم أخلاق حامد بن العباس عامل واسط

78 من مكارم أخلاق حامد بن العباس عامل واسط قال المحسّن، وحدّثني أبو عبد الله الصيرفيّ، قال: حدّثني أبو عبد الله القنوتي قال: ركب حامد، وهو عامل واسط «1» ، إلى بستان له، فرأى بطريقه دارا محترقة، وشيخا يبكي ويولول، وحوله صبيان ونساء على مثل حاله. فسأل عنه، فقيل: هذا رجل تاجر، احترقت داره وافتقر. فوجم ساعة، ثم قال: أين فلان الوكيل؟ فجاء. فقال: أريد أن أندبك لأمر، إن عملته كما أريد، فعلت بك وصنعت- وذكر جميلا- وإن تجاوزت فيه رسمي، فعلت بك وصنعت- وذكر قبيحا-. فقال: مر بأمرك. فقال: ترى هذا الشيخ، قد آلمني قلبي له، وقد تنغّصت عليّ نزهتي بسببه، وما تسمح نفسي بالتوجّه إلى بستاني، إلّا بعد أن تضمن لي أنّني إذا عدت العشيّة من النزهة، وجدت الشيخ في داره وهي كما كانت، مبنيّة، مجصّصة، نظيفة، وفيها صنوف المتاع، والفرش، والصفر «2» ، كما كانت، وتبتاع له ولعياله، كسوة الشتاء، والصيف، مثل ما كان لهم.

فقال الوكيل: تتقدّم إلى الخازن، بأن يطلق ما أريده، وإلى صاحب المعونة «1» ، أن يقف معي، وأن يقف معي، وأن يحضر من أطلبه من الصنّاع. فتقدّم حامد بذلك. وكان الزمان صيفا، فتقدم بإحضار أصناف الروز جارية «2» ، فكانوا ينقضون بيتا ويقيمون فيه من يبنيه. وقيل لصاحب الدار: اكتب جميع ما ذهب منك، حىّ المكنسة والمقدحة. وصلّيت العصر، وقد سقّفت الدار، وجصّصت، وعلّقت الأبواب، ولم يبق غير الطوابيق «3» . فأنفذ الوكيل إلى حامد، وسأله التوقّف في البستان، وأن لا يركب منه إلى أن يصلّي العشاء. فبيّضت الدار، وكنست، وفرشت، ولبس الشيخ وعياله الثياب، ودفعت إليهم الصناديق والخزائن، مملوءة بالأمتعة. فاجتاز حامد، والناس قد اجتمعوا كأنّه يوم عيد، يضجّون بالدعاء له. فتقدّم حامد إلى الجهبذ بخمسة آلاف درهم، يدفعها إلى الشيخ، يزيدها في بضاعته. وسار حامد إلى داره. المنتظم 6/182

79 حديث العلوية الزمنة

79 حديث العلوية الزمنة سجّل القاضي التنوخي، في النشوار، قصة العلوية الزمنة «1» ، وكيف شفيت من دائها، وقال إنها كانت عاتقا. ولما نقل القصة إلى كتابه الفرج بعد الشدة، ذكر أن العلوية الزمنة تزوجت، وأن آخر معرفته بخبرها في السنة 373 «2» . ثم وجدت في مخطوطة المكتبة الظاهرية، وكذلك في مخطوطة مكتبة جون رايلند، من كتاب الفرج بعد الشدّة، أنّ القاضي التنوخي، أضاف إلى قصة العلوية الزمنة، إضافة أخرى، تدلّ على أنّه أبصرها في السنة 377، واستنطقها، ودوّن أجوبتها «3» ، وهذه هي الإضافة: قال مؤلف الكتاب: وحدّثني بعد هذا جماعة أسكن إليهم من أهل شارع دار الرقيق، بخبر هذه العلوية، على قريب من هذا، وهي باقية إلى حين معرفتي بخبرها في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة «4» . ثم كنت في سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، عند أبي الفتح أحمد بن عليّ ابن هارون المنجم «5» ، فرأيت في داره، بدرب سليمان «6» ، في شارع دار

الرقيق، وأنا عنده، امرأة عجوزا، قد دخلت، فأعظمها. فقلت: من هذه؟ فقال: العلوية الزمنة، صاحبة المنام. وكانت تمشي بخفّها وإزارها. فسألتها أن تجلس، ففعلت، واستخبرتها، فحدّثتني، قالت: اعتللت من برسام، وأنا في حدود عشرين سنة من عمري، ثم انجلى عنّي، وقد لحق حقوي شيء أزمنني، فكنت مطروحة على الفراش، سبعا وعشرين سنة، لا أقدر أن أقعد، ولا أن أقوم أصلا، وأنجو في موضعي، وأغسل، وكنت مع ذلك لا أجد ألما. ثم بعد سنين كثيرة من علّتي، رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم، في منامي، وأنا أقول له: يا جدّي، ادع الله عزّ وجلّ، أن يفرّج عنّي. فقال: ليس هذا وقتك. ثم رأيت أمير المؤمنين رضي الله عنه، فقلت له: أما ترى ما أنا فيه؟ فسل رسول الله أن يدعو لي، أو ادع لي أنت، فكأنّه قد دافعني. ثم توالت عليّ بعد ذلك، رؤيتي لهما في النوم، فجرى بيني وبينهما، قريب من ذلك. ورأيت الحسن والحسين رضي الله عنهما، وكأنّي أسأل كل واحد منهما الدعاء بالعافية، فلا يفعل. فلما مضت سبع وعشرون سنة، لحقني ألم شديد، أيّاما في حقوي،

فقاسيت منه شدّة شديدة، فأقبلت أبكي، وأدعو الله بالفرج. فرأيت ليلة في منامي النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفته، لأنّي كنت أراه طول تلك السنين على صورة واحدة، وكأنّي أقول له: يا جدّي، متى يفرّج الله عنّي؟ فكأنّه أدخل يده في طرف كمّي، وجسّ بدني، من أوّله إلى آخره، حتى بلغ حقوي، فوضع يده عليه، وتكلّم بكلام لا أفهمه، ثم ردّني على قفاي، كما كنت نائمة، وقال: قد فرّج الله عنك، فقومي. فقلت: كيف أقوم؟ فقال: هاتي يدك. فأعطيته يدي، فأقعدني، ثم قال: قومي على اسم الله، فقمت، ثم خطا بي خطوات يسيرة، وقال: قد عوفيت. فانتبهت، وأنا مستلقية على ظهري، كما كنت نائمة، إلا أنّني فرحانة، فرمت القعود، فقعدت لنفسي وحدي، ودلّيت رجلي من السرير، فتدلتا، فرمت القيام عليهما، فقمت، ومشيت. فقلت للمرأة التي تخدمني: لست آمن، أن يشيع خبري، فيتكاثر الناس عليّ، فيؤذوني، وأنا ضعيفة من الألم الذي لحقني، إلا أني كنت لما انتبهت، لم أحس بشيء من الألم، ولم أجد غير ضعف يسير، فقلت: اكتمي أمري يومين، إلى أن صلحت قوّتي فيهما. وزادت قدرتي على المشي والحركة، وفشا خبري، وكثر الناس عليّ، فلا أعرف إلى الآن إلا بالعلوية الزمنة. فسألتها عن نسبها، فقالت: أنا فاطمة بنت علي بن الحسن بن القاسم

ابن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. ولم تذكر لي غير هذا، ولا سألتها عنه «1» . كتاب الفرج بعد الشدة، مخطوطة المكتبة الظاهرية بدمشق 125 و 126 كتاب الفرج بعد الشدة، مخطوطة مكتبة جون رايلند بمانجستر 101 و 102

80 مائدة الوزير حامد بن العباس ينفق عليها كل يوم مائتي دينار

80 مائدة الوزير حامد بن العباس ينفق عليها كل يوم مائتي دينار حكى أبو عليّ التنوخيّ، عن بعض الكتاب، قال: حضرت مائدة حامد «1» ، وعليها عشرون نفسا، وكنت أسمع أنّه ينفق عليها كلّ يوم مائتي دينار، فاستقللت ما رأيت. ثم خرجت، فرأيت في الدار، نيفا وثلاثين مائدة منصوبة «2» ، على كل مائدة ثلاثون نفسا، وكلّ مائدة كالمائدة التي بين يديه، حتى البوارد والحلوى «3» . وكان لا يستدعي أحدا إلى طعامه، بل يقدّم الطعام إلى كلّ قوم في أماكنهم. المنتظم 6/180

81 مبلغ ما صودر عليه الوزير أبو الحسن بن الفرات

81 مبلغ ما صودر عليه الوزير أبو الحسن بن الفرات أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، عن أبي القاسم التنوخيّ «2» ، عن أبيه «3» ، قال: خبرني بعض الكتّاب، قال: كان ابن الفرات «4» قد صودر على ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار، فأدّى جميعها في مدة سنة عشر شهرا، من وقت أن قبض عليه «5» . المنتظم 6/192

82 أبو بكر بن السراج يتمثل بأبيات من الشعر حسنة

82 أبو بكر بن السراج يتمثل بأبيات من الشعر حسنة أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا الخطيب، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ، عن عليّ بن عيسى بن عليّ النحوي «1» ، قال: كان أبو بكر بن السّراج «2» يقرأ عليه كتاب الأصول الذي صنّفه، فمرّ فيه باب، فاستحسنه بعض الحاضرين، فقال: هذا والله أحسن من كتاب المقتضب «3» . فأنكر عليه أبو بكر ذلك، وقال: لا تقل هذا، وتمثّل ببيت، وكان كثيرا ما يتمثل في ما يجري له من الأمور بأبيات حسنة، فأنشد حينئذ: ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا ... بكاها وقلت الفضل للمتقدّم قال: وحضر في يوم من الأيام بنيّ له صغير، فأظهر من الميل إليه والمحبة له، فأكثر. فقال له بعض الحاضرين: أتحبّه؟ فقال متمثلا: أحبّه حبّ الشحيح ماله ... قد كان ذاق الفقر ثم ناله المنتظم 6/220 تاريخ بغداد 5/320

83 تفسير الآية ومن دخله كان آمنا

83 تفسير الآية وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً أخبرنا محمد بن أبي طاهر، قال أنبأنا عليّ بن المحسّن، عن أبيه، قال حدّثنا أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عيّاش القاضي، قال: أخبرني بعض أصحابنا: انّه كان بمكّة في الوقت الذي دخلها أبو طاهر القرمطيّ «1» ونهبها، وسلب البيت «2» ، وقلع الحجر الأسود «3» ، والباب «4» ، وقتل المسلمين في الطواف «5» ، وفي المسجد، وعمل تلك الأعمال العظيمة. قال: فرأيت رجلا قد صعد البيت ليقلع الميزاب «6» ، فلما صار عليه سقط، فاندقت عنقه.

فقال القرمطي: لا يصعد إليه أحد، ودعوه، فترك الميزاب، ولم يقلع. ثم سكنت النائرة، بعد يوم أو يومين. قال: فكنت أطوف بالبيت، فإذا بقرمطيّ سكران، وقد دخل المسجد بفرسه، فصفر له، حتى بال في الطواف «1» ، وجرّد سيفه ليضرب به من لحق، وكنت قريبا منه، فعدوت، فلحق رجلا كان إلى جنبي، فضربه، فقتله. ثم وقف، وصاح: يا حمير، أليس قلتم في هذا البيت، مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً «2» ، فكيف يكون آمنا، وقد قتلته الساعة بحضرتكم؟ قال: فخشيت من الرد عليه أن يقتلني، ثم طلبت الشهادة، فجئت حتى لصقت به، وقبضت على لجامه وجعلت ظهري مع ركبته، لئلا يتمكّن من ضربي بالسيف، ثم قلت: اسمع. قال: قل. قلت: إنّ الله عزّ وجلّ لم يرد: أنّ من دخله كان آمنا، وإنّما أراد: من دخله فأمّنوه، وتوقّعت أن يقتلني. فلوى رأس فرسه، وخرج من المسجد، وما كلّمني. المنتظم 6/223

84 قرمطي يتحدث عن اعتقادات القرامطة

84 قرمطي يتحدث عن اعتقادات القرامطة قال المحسّن، وحدّثني أبو أحمد الحارثيّ، قال: أخبرني رجل من أصحاب الحديث أسرته القرامطة «1» ، سنة الهبير «2» ، واستعبدته سنين، ثم هرب منها لمّا أمكنه، قال: كان يملكني رجل منهم، يسومني سوء العذاب، ويستخدمني أعظم خدمة، ويعربد عليّ إذا سكر، فسكر ليلة، وأقامني حياله، وقال: ما تقول في محمد هذا صاحبكم «3» ؟ فقلت: لا أدري، ولكن ما تعلّمني أيّها المؤمن، أقوله. فقال: كان رجلا سائسا، فما تقول في أبي بكر «4» ؟ قلت: لا أدري. قال: كان رجلا ضعيفا مهينا، فما تقول في عمر «5» ؟. قلت: لا أدري.

قال: كان والله فظّا غليظا، فما تقول في عثمان «1» ؟ قلت: ما أدري. قال: كان جاهلا أحمق، فما تقول في عليّ «2» ؟ قلت: لا أدري. قال: كان ممخرقا «3» ، أليس يقول: إنّ هاهنا علما لو أصبت له حملة، أما كان في ذلك الخلق العظيم بحضرته من يودع كلّ واحد منهم كلمة يفرغ ما عنده، هل هذه إلا مخرقة؟ ونام. فلما كان من الغد، دعاني، وقال: ما قلت لك البارحة؟ فأريته أنّي لم أفهمه، فحذّرني من إعادته، والإخبار عنه بذلك. فإذا القوم زنادقة، لا يؤمنون بالله، ولا يفكّرون في أحد من الصحابة «4» . قال المحسّن: ويدل على هذا أنّ أبا طاهر القرمطيّ «5» ، دخل الكوفة «6» دفعات، فما دخل إلى قبر عليّ عليه السلام «7» ، واجتاز بالحائر «8» فما زار

الحسين «1» . وقد كانوا يمخرقون بالمهديّ «2» ، ويوهمون أنّه صاحب المغرب «3» ، ويراسلون إسماعيل بن محمد «4» ، صاحب المهدية المقيم بالقيروان «5» . ومضت منهم سريّة مع الحسن بن أبي منصور بن أبي سعيد «6» في شوّال سنة ستين وثلاثمائة «7» ، فدخلوا دمشق «8» في ذي القعدة من هذه السنة، فقتلوا خلقا، ثم خرجوا إلى مكّة «9» فقتلوا، واستباحوا. وأقاموا الدعوة للمطيع لله «10» ، في كل فتح فتحوه، وسوّدوا أعلامهم، ورجعوا عما كانوا عليه من المخرقة ضرورة.

وقالوا: لو فطنّا لما فطن له ابن بويه الديلمي «1» لاستقامت أمورنا، وذلك انّه ترك المذاهب جانبا، وطلب الغلبة والملك، فأطاعه الناس «2» . وكان من مخاريقهم، قبّة ينفرد فيها أميرهم، وطائفة معه، فلم يقاتلوا، فإذا كلّ المقاتلون، حمل هو بنفسه، وتلك الطائفة، على قوم قد كلّوا من القتال. وكانوا يقولون: انّ النصر ينزل من هذه القبة، وقد جعلوا [فيها] مدخنة وفحما، فإذا أرادوا أن يحملوا، صعد أحدهم إلى القبّة، وقدح، وجعل النار في المجمرة، وأخرج حبّ الكحل فطرحه على النار، فتفرقع فرقعة شديدة، ولا يكون له دخان، وحملوا، ولا يثبت لهم شيء، ولا يوقد ذلك، إلّا ان يقول صاحب العسكر، قد نزل النصر. فكسر تلك القبّة، أصحاب جوهر الذي ملك مصر «3» . المنتظم 6/224

85 ابن العلاف الشاعر يجيز بيتا نظمه المعتضد

85 ابن العلاف الشاعر يجيز بيتا نظمه المعتضد أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي بكر الشاعر، قال: حدّثني أبي «5» ، قال: كنت ذات ليلة في دار المعتضد «6» وقد أطلنا الجلوس بحضرته، ثم نهضنا إلى مجلسنا، في حجرة كانت مرسومة بالندماء. فلما أخذنا مضاجعنا، وهدأت العيون، أحسسنا بفتح الأبواب، والأقفال بسرعة، فارتاعت الجماعة لذلك، وجلسنا في فرشنا. فدخل إلينا خادم من خدم المعتضد، فقال: إنّ أمير المؤمنين يقول لكم: أرقت الليلة بعد انصرافكم فعملت: ولما انتبهنا للخيال الذي سرى ... إذا الدار قفر والمزار بعيد

وقد أرتج عليّ تمامه «1» ، فأجيزوه «2» ، ومن أجازه بما يوافق غرضي، أجزلت جائزته. وفي الجماعة كل شاعر مجيد، مذكور، وأديب فاضل مشهور، فأفحمت الجماعة، وأطالوا الفكر. فقلت مبتدرا: فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي ... لعلّ خيالا طارقا سيعود فرجع الخادم إليه بالجواب، ثم عاد إليّ، فقال: أمير المؤمنين، يقول لك، أحسنت، وما قصّرت، وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده، وقد أمر لك بجائزة، وها هي. فأخذتها، وازداد غيظ الجماعة مني «3» . المنتظم 6/237

86 القاضي أبو عمر وعنايته في إصدار الأحكام

86 القاضي أبو عمر وعنايته في إصدار الأحكام أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «3» ، قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقّاق «4» ، قال: قال لي أبو إسحاق بن جابر الفقيه: لما ولي أبو عمر «5» طمعنا في أن نتتبّعه بالخطإ، لما كنّا نعلم من قلّة فقهه، فكنّا نستفتى، فنقول: امضوا إلى القاضي، ونراعي ما يحكم به، فيدافع عن الأحكام «6» ، مدافعة، أحسن من فصل الحكم، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص، فنخاف أن نحرج، إن لم نفت، فتعود الفتاوى إليه، فيحكم بما يفتي به الفقهاء. فما عثرنا عليه بخطإ «7» . المنتظم 6/247

87 جزاء الخيانة

87 جزاء الخيانة وأنبئت عن المؤيّد قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن هبة الله الخازن، قال: حدّثنا الحسين بن عليّ الكوفيّ، قال: حدّثنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفيّ «1» ، قال: حدّثنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن بن عليّ التنوخي. وأنبئت، عن المؤيّد، وعبد الوهاب الأمين، وغيرهما، عن محمد ابن عبد الباقي، عن عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا أبي، قال: أخبرني أحمد بن يوسف الأزرق التنوخيّ، مناولة، قال: أخبرني أبو الحسن عليّ ابن الفتح الكاتب، المعروف بالمطوّق «2» ، مناولة من كتابه «كتاب مناقب الوزراء، ومحاسن أخبارهم» وفيه ذكر كثير من الحوادث، فقال فيه: وفي رجب سنة خمس عشرة وثلاثمائة «3» ، انّ رجلا أمسى، في بعض محالّ الجانب الغربيّ من مدينة السلام، ومعه دراهم لها قدر، فخاف على نفسه من الطائف «4» ، ومن بليّة تقع عليه، فصار إلى رجل من أهل الموضع، أراد أن يبيت عنده، فأدخله. فلما تيقّن أنّ معه مالا، حدّثته نفسه بقتله، وأخذ ماله.

وكان له ابن شاب، فنوّمه مع الرجل في بيت واحد، ولم يعلم أحدا بما في نفسه، وخرج، وقد عرف مكانهما، وطفّى «1» المصباح. فقدر الأمر، أن الابن انتقل من موضعه إلى موضع آخر، وانتقل الضيف إلى موضع الابن، وجاء أبوه، ليطلب الضيف، فصادف ابنه، وهو لا يشكّ، أنّه الضيف، فخنقه. وانتبه الضيف باضطرابه، وعرف ما أريد به، فخرج هاربا من الدار، وصاح في الطريق. ووقف الجيران على خبره، فأغاثوه، وأخذوا الرجل، فقرّر، فأقرّ بقتل ابنه، فحبس، وأخذ المال من داره، فردّ على الضيف، وسلم. نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط

88 تاجر بغدادي آلى على نفسه أن يغسل يده أربعين مرة إذا أكل ديكبريكه

88 تاجر بغدادي آلى على نفسه أن يغسل يده أربعين مرّة إذا أكل ديكبريكه أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزّاز «1» عن أبي القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي. عن أبيه، قال: حدّثني أبو الفرج أحمد بن عثمان بن إبراهيم، الفقيه المعروف بابن النرسي، قال: كنت جالسا بحضرة أبي، وأنا حدث، وعنده جماعة، فحدّثني حديث وصول النعم إلى الناس بالألوان الطريفة، وكان ممّن حضر، صديق لأبي، فسمعته يحدّث أبي، قال: حضرت عند صديق لي من التجّار، كان يحزر بمائة ألف دينار، في دعوة، وكان حسن المروءة. فقدّم مائدته، وعليها ديكبريكه «2» ، فلم يأكل منها، فامتنعنا. فقال: كلوا، فإنّي أتأذّى بأكل هذا اللون. فقلنا: نساعدك على تركه. فقال: بل أساعدكم على الأكل، وأحتمل الأذى، فأكل، فلمّا أراد غسل يديه أطال، فعددت عليه، أنّه قد غسلها أربعين مرة. فقلت: يا هذا، وسوست؟ فقال: هذه الأذيّة التي فرقت منها.

فقلت: وما سببها؟ فامتنع من ذكر السبب. فألححت عليه، فقال: مات أبي، وسنّي عشرون سنة، وخلّف لي نعمة صغيرة، ورأس مال، ومتاعا في دكّانه، وكان خلقانيّا في الكرخ «1» . فقال لي لمّا حضرته الوفاة: يا بنيّ، إنّه لا وارث لي غيرك، ولا دين عليّ، ولا مظلمة، فإذا أنا متّ، فأحسن جهازي، وصدّق «2» عني بكذا وكذا، وأخرج عني حجّة بكذا وكذا، وبارك الله لك في الباقي، ولكن احفظ وصيّتي. فقلت: قل. فقال: لا تسرف في مالك، فتحتاج إلى ما في أيدي الناس ولا تجده، واعلم أنّ القليل مع الإصلاح كثير، والكثير مع الفساد قليل، فالزم السوق، وكن أوّل من يدخلها، وآخر من يخرج منها، وإن استطعت أن تدخلها سحرا بليل «3» ، فافعل، فإنّك تستفيد بذلك فوائد، تكشفها لك الأيّام. ومات، وأنفذت وصيّته، وعملت بما أشار به، وكنت أدخل السوق سحرا، وأخرج منها عشاء، فلا أعدم أن يجيئني من يطلب كفنا، فلا يجد أحدا قد فتح غيري، فأحكم عليه، ومن يبيع شيئا، والسوق لم تقم، فأبيعه له، وأشياء من الفوائد. ومضى على لزومي السوق سنة وكسر، فصار لي بذلك جاه عند أهلها، وعرفوا استقامتي، فأكرموني. فبينا أنا جالس يوما، ولم يتكامل السوق، إذا بامرأة راكبة حمارا

مصريّا «1» ، وعلى كفله «2» منديل دبيقيّ «3» ، وخادم، وهي بزيّ القهرمانة «4» .

فبلغت آخر السوق ثم رجعت، فنزلت عندي، فقمت إليها، وأكرمتها وقلت: ما تأمرين؟ وتأمّلتها فإذا بامرأة لم أر قبلها، ولا بعدها، إلى الآن، أحسن منها، في كلّ شيء. فقالت: أريد كذا ثيابا، طلبتها. فسمعت نغمة، ورأيت شكلا قتلني، وعشقتها في الحال، أشدّ العشق. فقلت: اصبري حتى يخرج الناس، فآخذ لك ذلك، فليس عندي إلّا القليل ممّا يصلح لك. فأخرجت الذي عندي، وجلست تحادثني، والسكاكين في فؤادي من عشقها. وكشفت عن أنامل، رأيتها كالطلع، ووجه كدارة القمر. فقمت لئلا يزيد عليّ الأمر، فأخذت لها من السوق ما أرادت، وكان ثمنه مع ما لي نحو خمسمائة دينار، فأخذته، وركبت، ولم تعطني شيئا. وذهب عني، لما تداخلني من حبها، أن أمنعها من أخذ المتاع إلّا بأداء المال، أو أن أستدلّ على منزلها، ومن دار من هي؟. فحين غابت عني، وقع لي أنّها محتالة، وأنّ ذلك سبب فقري، فتحيّرت في أمري، وقامت قيامتي، وكتمت خبري لئلّا افتضح بما للناس عليّ.

وعملت على بيع ما في يدي من المتاع، وإضافته إلى ما عندي من الدراهم، ودفع أموال الناس إليهم، ولزوم البيت، والاقتصار على غلّة العقار الذي ورثته عن أبي، ووطّنت نفسي على المحنة، وأخذت أشرع في ذلك مدة أسبوع. وإذا هي قد نزلت عندي، فحين رأيتها، أنسيت جميع ما جرى عليّ، وقمت إليها. فقالت: يا فتى، تأخّرنا عنك، لشغل عرض لنا، وما شككنا في أنّك لم تشكّ أنّنا احتلنا عليك. فقلت: قد رفع الله قدرك عن هذا. فقالت: هات التخت والطيّار «1» ، فأحضرته. فأخرجت دنانير عتقا، فوفتني المال بأسره. وأخرجت تذكرة «2» بأشياء أخر. فأنفذت إلى التجّار أموالهم، وطلبت منهم ما أرادت، وحصلت أنا في الوسط ربحا جيدا. وأحضر التجّار الثياب، فقمت وتمّنتها معهم لنفسي، ثم بعتها عليها بربح عظيم. وأنا في خلال ذلك أنظر إليها نظر تالف من حبها، وهي تنظر إليّ، نظر من قد فطن لذلك، ولم تنكره، فهممت بخطابها، ولم أقدم. فاجتمع المتاع، وكان ثمنه ألف دينار، فأخذته، وركبت، ولم أسألها عن موضعها.

فلمّا غابت عنّي، قلت: هذا الآن، هو الحيلة المحكمة، أعطتني خمسة آلاف درهم، وأخذت ألف دينار، وليس إلّا بيع عقاري الآن، والحصول على الفقر المدقع، ثم سمحت نفسي برؤيتها مع الفقر. وتطاولت غيبتها نحو شهر، وألحّ عليّ التجار في المطالبة، فعرضت عقاري على البيع، ولازمني بعض التجّار، فوزنت جميع ما أملكه، ورقا وعينا. فأنا كذلك، إذ نزلت عندي، قزال عنّي جميع ما كنت فيه برؤيتها، فاستدعت الطيار والتخت، فوزنت المال، ورمت إليّ تذكرة يزيد ما فيها على ألفي دينار بكثير. فتشاغلت بإحضار التجار، ودفع أموالهم، وأخذ المتاع منهم، وطال الحديث بيننا، فقالت: يا فتى، لك زوجة؟ فقلت: لا، والله، ما عرفت امرأة قط. وأطمعني ذلك فيها، وقلت: هذا وقت خطابها والإمساك عنها عجز، ولعلّها لا تعود. وأردت كلامها فهبتها، وقمت كأنّي أحثّ التجّار على جميع المتاع، وأخذت يد الخادم، وأخرجت له دنانير، وسألته أن يأخذها، ويقضي لي حاجة. فقال: أفعل، وأبلغ محبّتك، ولا آخذ شيئا. فقصصت عليه قصّتي، وسألته توسّط الأمر بيني وبينها. فضحك، وقال: إنّها لك أعشق منك لها، ووالله ما بها حاجة إلى أكثر هذا الذي تشتريه، وإنّما تجيئك محبّة لك، وتطريقا إلى مطاولتك «1» ،

فخاطبها بظرف، ودعني، فإنّي أفرغ لك من الأمر. فجسّرني بذلك عليها، فخاطبتها، وكشفت لها عشقي، ومحبتي، وبكيت. فضحكت، وتقبّلت ذلك أحسن تقبّل، وقالت: الخادم يجيئك برسالتي. ونهضت، ولم تأخذ شيئا من المتاع، فرددته على الناس، وقد حصل لي ممّا اشترته أوّلا وثانيا، ألوف دراهم ربحا. ولم يحملني النوم تلك الليلة، شوقا إليها، وخوفا من انقطاع السبب. فلما كان بعد أيّام جاءني الخادم، فأكرمته، وسألته عن خبرها. فقال: هي والله عليلة من شوقها إليك. فقلت: اشرح لي أمرها. فقال: هي مملوكة السيّدة أمّ المقتدر، وهي من أخصّ جواريها بها، واشتهت رؤية الناس، والدخول، والخروج، فتوصّلت حتى جعلتها قهرمانة، وقد والله حدّثت السيدة بحديثك، وبكت بين يديها، وسألتها أن تزوّجها منك. فقالت السيدة: لا أفعل، أو أرى هذا الرجل، فإن كان يستأهلك، وألا لم أدعك ورأيك. ويحتاج إلى إدخالك الدار بحيلة، فإن تمّت، وصلت بها إلى تزويجها، وإن انكشفت ضرب عنقك. وقد أنفذتني إليك في هذه الرسالة، وهي تقول لك: إن صبرت على هذا، وإلا فلا طريق لك والله إليّ، ولا لي إليك بعدها. فحملني ما في نفسي أن قلت: أصبر.

فقال: إذا كان الليل، فاعبر إلى المخرّم «1» ، فادخل إلى المسجد «2» ، وبت فيه، ففعلت. فلمّا كان السحر، إذا أنا بطيّار «3» قد قدم، وخدم قد رقّوا صناديق فرّغ، فحطّوها في المسجد، وانصرفوا. وخرجت الجارية، فصعدت إلى المسجد، ومعها الخادم الذي أعرفه، فجلست، وفرّقت باقي الخدم في حوائج. واستدعتني، فقبّلتني، وعانقتني طويلا، ولم أكن نلت قبل ذلك منها قبلة. ثم أجلستني في بعض الصناديق، وأقفلته. وطلعت الشمس، وجاء الخدم بثياب وحوائج، من المواضع التي كانت أنفذتهم إليها، فجعلت ذلك بحضرتهم في باقي الصناديق، ونقلتها وحملتها إلى الطيّار، وانحدروا. فلما حصلت فيه، ندمت، وقلت: قتلت نفسي لشهوة، وأقبلت ألومها تارة، وأشجّعها أخرى، وأنذر النذور على خلاصي، وأوطّن نفسي مرّة على القتل.

إلى أن بلغنا الدار، وحمل الخدم الصناديق، وحمل صندوقي، الخادم الذي يعرف الحديث، وبادرت بصندوقي أمام الصناديق وهي معه، والخدم يحملون الباقي، ويلحقونها. فكلّ ما جازت بطبقة من الخدم والبوّابين قالوا: نريد نفتش الصندوق، فتصيح عليهم، وتقول: متى جرى الرسم معي بهذا؟ فيمسكون، وروحي في السياق «1» . إلى أن انتهت إلى خادم خاطبته هي بالأستاذ «2» ، فعلمت أنّه أجلّ الخدم. فقال: لا بدّ من تفتيش الصندوق الذي معك، فخاطبته بلين وذلّ فلم يجبها، وعلمت أنّها ما ذلّت له ولها حيلة، وأغمي عليّ. وأنزل الصندوق للفتح، فذهب عليّ أمري وبلت فزعا، فجرى البول في خلل الصندوق «3» . فصاحت: يا أستاذ أهلكت علينا متاعا بخمسة آلاف دينار في الصندوق، وثيابا مصبّغات، وماء ورد قد انقلب على الثياب، والساعة تختلط ألوانها، وهو هلاكي مع السيدة. فقال لها: خذي صندوقك إلى لعنة الله، أنت وهو، ومرّي. فصاحت بالخدم: احملوه، وأدخلت الدار، فرجعت إليّ روحي. فبينا نحن نمشي إذ قالت: ويلاه، الخليفة، والله.

فجاءني أعظم من الأوّل، وسمعت كلام خدم وجواري، وهو يقول من بينهم: ويلك يا فلانة أيش في صندوقك؟ أريني هو؟ فقالت: ثياب لستي يا مولاي، والساعة أفتحه بين يديها، وتراه. وقالت للخدم: أسرعوا ويلكم، فأسرعوا. وأدخلتني إلى حجرة، وفتحت عنّي، وقالت: اصعد تلك الدرجة، إلى الغرف، واجلس فيها، وفتحت بالعجلة، صندوقا آخر، فنقلت بعض ما كان فيه إلى الصندوق الذي كنت فيه، وقفلت الجميع. وجاء المقتدر وقال لها: افتحي، ففتحته، فلم يرض منه شيئا، وخرج. فصعدت إليّ، وجعلت ترشفني، وتقبّلني، فعشت «1» ، ونسيت ما جرى. وتركتني، وقفلت باب الحجرة يومها، ثم جاءتني ليلا، فأطعمتني، وسقتني، وانصرفت. فلما كان من غد، جاءتني فقالت: السيّدة، الساعة تجيء، فانظر كيف تخاطبها. ثم عادت بعد ساعة مع السيّدة، فقالت: انزل، فنزلت. فإذا بالسيدة جالسة على كرسي، وليس معها إلّا وصيفتان، وصاحبتي. فقبّلت الأرض، وقمت بين يديها، فقالت: اجلس. فقلت: أنا عبد السيّدة وخادمها، وليس من محلّي أن أجلس بحضرتها.

فتأمّلتني، وقالت: ما اخترت يا فلانة إلّا حسن الوجه والأدب، ونهضت. فجاءتني صاحبتي بعد ساعة، وقالت: أبشر، فقد أذنت لي والله في تزويجك، وما بقي الآن عقبة إلّا الخروج. فقلت: يسلّم الله. فلما كان من الغد، حملتني في الصندوق، فخرجت كما دخلت، بعد مخاطرة أخرى، وفزع نالني. ونزلت في المسجد، ورجعت إلى منزلي، فتصدّقت، وحمدت الله على السلامة. فلمّا كان بعد أيّام، جاءني الخادم، ومعه كيس فيه ثلاثة آلاف دينار عينا «1» . وقال: أمرتني ستّي بإنفاذ هذا إليك من مالها، وقالت: تشتري به ثيابا، ومركوبا، وخدما، وتصلح به ظاهرك، وتعال يوم الموكب إلى باب العامّة، وقف، حتى تطلب، فقد واقفت الخليفة على أن تزوّجك بحضرته. فأجبت على رقعة كانت معه، وأخذت المال، واشتريت ما قالوا بيسير منه، وبقي الأكثر عندي. وركبت إلى باب العامّة في يوم الموكب «2» بزيّ حسن، وجاء الناس، فدخلوا إلى الخليفة.

ووقفت إلى أن استدعيت، فدخلت، فإذا أنا بالمقتدر جالس، والقوّاد، والقضاة، والهاشميّون، فهبت المجلس، وعلّمت كيف أسلّم، وأقف، ففعلت. فتقدّم المقتدر إلى بعض القضاة الحاضرين، فخطب لي، وزوّجني، وخرجت من حضرته. فلما صرت في بعض الدهاليز، قريبا من الباب، عدل بي إلى دار عظيمة مفروشة، بأنواع الفرش الفاخرة، وفيها من الآلات، والخدم، والأمتعة، والقماش، كلّ شيء لم أر مثله قط. فأجلست فيها، وتركت وحدي، وانصرف من أدخلني. فجلست يومي، لا أرى من أعرفه، ولم أبرح من موضعي إلّا إلى الصلاة، وخدم يدخلون ويخرجون، وطعام عظيم ينقل، وهم يقولون: الليلة تزفّ فلانة- اسم صاحبتي- إلى زوجها البزّاز، فلا أصدّق، فرحا. فلما جاء الليل، أثّر فيّ الجوع، وأقفلت الأبواب، ويئست من الجارية، فقمت أطوف الدار، فوقفت على المطبخ، ووجدت الطبّاخين جلوسا فاستطعمتهم، فلم يعرفوني، وقدّروني بعض الوكلاء، فقدموا إليّ هذا اللون من الطبيخ مع رغيفين، فأكلتهما، وغسلت يدي بأشنان كان في المطبخ، وقدّرت أنّها قد نقيت، وعدت إلى مكاني. فلما جنّ الليل، إذا طبول، وزمور، وأصوات عظيمة، وإذا بالأبواب قد فتحت، وصاحبتي قد أهديت إليّ، وجاءوا بها، فجلوها عليّ، وأنا أقدّر أنّ ذلك في النوم، فرحا. وتركت معي في المجلس، وتفرّق الناس. فلمّا خلونا، تقدّمت إليها فقبّلتها، وقبّلتني، فشمّت لحيتي، فرفستني، فرمت بي عن المنصّة، وقالت: أنكرت أن تفلح، يا عاميّ يا سفلة، وقامت لتخرج.

فقمت، وتعلّقت بها، وقبّلت الأرض، ورجليها، وقلت: عرّفيني ذنبي، واعملي بعده ما شئت. فقالت: ويحك، أكلت فلم تغسل يدك. فقصصت عليها قصّتي، فلما بلغت إلى آخرها، قلت: عليّ وعليّ، وحلفت بطلاقها، وطلاق كلّ امرأة أتزوّجها، وصدقة مالي، وجميع ما أملكه، والحجّ ماشيا على قدمي، والكفر بالله، وكلّ ما يحلف به المسلمون، لا أكلت بعدها ديكبريكه، إلّا غسلت يدي أربعين مرّة. فأشفقت، وتبسّمت، وصاحت: يا جواري، فجاء مقدار عشر جواري ووصائف. وقالت: هاتوا شيئا نأكل. فقدّمت ألوان طريفة، وطعام من أطعمة الخلفاء، فأكلنا، وغسلنا أيدينا. ومضى الوصائف، ثم قمنا إلى الفراش، فدخلت بها، وبتّ بليلة من ليالي الخلفاء، ولم نفترق أسبوعا. وكانت يوم الأسبوع، وليمة هائلة، اجتمع فيها الجواري. فلما كان من غد، قالت: إنّ دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها أكثر من هذا، فلولا أنّه استؤذن، فأذن بعد جهد، لما تمّ لنا هذا، لأنّه شيء لم يفعل قبل هذا مع جارية غيري، لمحبّة سيّدتي لي. وجميع ما تراه، فهو هبة من السيّدة لي، وقد أعطتني خمسين ألف دينار، من عين وورق، وجوهر ودنانير، وذخائر لي خارج القصر كثيرة من كل لون، وجميعها لك. فاخرج إلى منزلك، وخذ معك مالا، واشتر دارا سرية، واسعة الصحن، فيها بستان كثير الشجر، فاخر الموقع، وتحوّل إليها، وعرّفني، لأنقل هذا

كلّه إليك، فإذا حصل عندك، جئتك. وسلّمت إليّ عشرة آلاف دينار عينا، فحملها الخادم معي. فابتعت الدار، وكتبت إليها بالخبر، فحملت إليّ تلك النعمة بأسرها، فجميع ما أنا فيه منها. فأقامت عندي كذا وكذا سنة، أعيش معها عيش الخلفاء، ولم أدع مع ذلك التجارة. فزاد مالي، وعظمت منزلتي، وأثرت حالي، وولدت لي هؤلاء الفتيان، وأومأ إلى أولاده، ثم ماتت رحمها الله. وبقي عليّ من مضرة الديكبريكه حاضرا، ما شاهدته. المنتظم 6/254

89 الشيخ بويه والرؤيا التي هالته

89 الشيخ بويه والرؤيا التي هالته أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزّاز «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن التنوخيّ، عن أبيه قال: حدّثنا عليّ بن حسّان الأنباريّ الكاتب، قال: لمّا أنفذني معزّ الدولة «2» ، من بغداد إلى ديلمان «3» ، لأبني له دورا في بلدة منها، قال لي: سل عن رجل من الديلم، يقال له أبو الحسين بن شيركوه، فأكرمه، واعرف حقّه، واقرئه سلامي، وقل له: سمعت وأنا صبيّ، بحديث منام كان أبي رآه، وفسّره هو وأنت، على مفسّر بديلمان، ولم أقم عليه للصبا، فحدّثني به، واحفظه لتعيده عليّ. فلما جئت إلى ديلمان، جاءني الرجل مسلّما، فعلمت بأنّه كان بينه وبين بويه، والد الأمير، صداقة، فأكرمته وعظّمته، وأبلغته رسالة معزّ الدولة. فقال لي: كانت بيني وبين بويه مودة وكيدة، وهذه داره وداري، متحاذيتان، كما ترى، وأومأ إليهما. فقال لي ذات يوم: إنّي قد رأيت رؤيا هالتني، فاطلب لي إنسانا يفسّرها لي. فقلت: نحن هاهنا في مفازة «4» ، فمن أين لنا من يفسّر؟ ولكن اصبر

حتى يجتاز بنا منجّم أو عالم، فنسأله، ومضى على هذا الأمر شهور. فخرجت أنا وهو في بعض الأيّام إلى شاطئ البحر، نصطاد سمكا، فجلسنا، فاصطدنا شيئا كثيرا، فحملناه على ظهورنا، أنا وهو، وجئنا. فقال لي: ليس في داري من يعمله، فخذ الجميع إليك ليعمل عندك. فأخذته، وقلت له: فتعال إليّ، لنجتمع عليه، ففعل. فقعدنا أنا وعيالي ننظّفه، ونطبخ بعضه، ونشوي الباقي. وإذا رجل مجتاز، يصيح، منجّم، مفسّر للرؤيا. فقال لي: يا أبا الحسين، تذكر ما قلته لك، بسبب المنام الذي رأيته؟ فقلت: بلى، فقمت، وجئت بالرجل. فقال له بويه: رأيت ليلة في منامي، كأنّي جالس أبول، فخرج من ذكري نار عظيمة كالعمود، ثم تشعّبت يمنة ويسرة، وأماما وخلفا، حتى ملأت الدنيا، وانتبهت، فما تفسير هذا؟ فقال له الرجل: لا أفسّره لك بأقل من ألف درهم. قال: فسخرنا منه، وقلنا له: ويحك، نحن فقراء، نخرج نصيد سمكا لنأكله، والله ما رأينا هذا المبلغ قط، ولا عشره، ولكنّا نعطيك سمكة من أكبر هذا السمك. فرضي بذلك، وقال له: يكون لك أولاد يفترقون في الدنيا، فيملكونها ويعظم سلطانهم فيها، على قدر ما احتوت النار التي رأيتها في المنام عليه من الدنيا. قال: فصفعنا الرجل، وقلنا: سخرت منا، وأخذت السمكة حراما. وقال له بويه: ويلك، أنا صيّاد فقير، كما ترى، وأولادي هم هؤلاء، وأومأ إلى عليّ بن بويه» ، وكان أوّل ما اختطّ

عارضه «1» ، والحسن «2» ، وهو دونه، وأحمد «3» ، وهو فوق الطفل قليلا. ومضت السنون، وأنسيت المنام، حتى خرج بويه إلى خراسان «4» ، وخرج علي بن بويه، فبلغنا حديثه، وأنّه قد ملك أرجان «5» ، ثم ملك فارس «6» كلها. فما شعرنا إلّا بصلاته، قد جاءت إلى أهله، وشيوخ بلد الديلم «7» ، وجاءني رسوله يطلبني، فخرجت، ومشيت إليه، فهالني ملكه، وأنسيت المنام، وعاملني من الجميل والصلات بأمر عظيم. وقال لي، وقد خلونا: يا أبا الحسين، تذكر منام أبي الذي ذكرتموه للمفسّر، وصفعتموه لمّا فسّره لكم؟ فاستدعى عشرة آلاف دينار، فدفعها إليّ، وقال: هذا من ثمن تلك السمكة، خذه، فقبلت الأرض. فقال لي: تقبل تدبيري؟ فقلت: نعم. قال: أنفذها إلى بلد الديلم، واشتر بها ضياعا هناك، ودعني أدبّر

أمرك بعدها، ففعلت، وأقمت عنده مدّة، ثم استأذنته في الرجوع. فقال: أقم عندي، فإنّي أقوّدك، وأعطيك أقطاعا بخمسمائة ألف درهم في السنة. فقلت له: بلدي أحب إليّ، فأحضر عشرة آلاف دينار أخرى، فأعطاني إيّاها. وقال: لا يعلم أحد بها، فإذا حصلت في بلد الديلم، فادفن منها خمسة آلاف، استظهارا على الزمان، وجهّز بناتك بخمسة آلاف، ثم أعطاني عشرة دنانير، وقال: احتفظ بهذه، ولا تخرجها من يدك، فأخذتها، فإذا في كلّ واحد مائة دينار وعشرة دنانير. فودّعته، وانصرفت. قال أبو القاسم: فحفظت القصّة، فلمّا عدت إلى معز الدولة، حدّثته بالحديث، فسّر به وتعجّب. المنتظم 6/269

90 بين جحظة البرمكي ومحبرة بن أبي عباد الكاتب

90 بين جحظة البرمكي ومحبرة بن أبي عباد الكاتب أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ ابن أبي عليّ البصريّ «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني أبو الفرج الأصبهاني «5» قال: حدّثني جحظة «6» ، قال: اتّصلت عليّ إضافة أنفقت فيها كلّ ما أملك، حتى بقيت وليس في داري غير البواري «7» . فأصبحت يوما وأنا أفلس من طنبور بلا وتر، ففكرت كيف أعمل فيه، فوقع لي أن أكتب إلى محبرة بن أبي عبّاد الكاتب «8» ، وكنت أجاوره،

وكان قد ترك التصرّف «1» قبل ذلك بسنين، ولزم بيته، وحالفه النقرس «2» ، فأزمنه «3» ، حتى صار لا يتمكّن من التصرّف إلّا محمولا على الأيدي، أو في محفّة «4» ، وكان مع ذلك، على غاية الظرف، وكبر النفس، وعظم النعمة، وأن أتطايب عليه ليدعوني، فآخذ منه ما أنفقه مدّة؛ فكتبت إليه: ماذا ترى في جدي «5» ... وبرمة «6» وبوارد «7» وقهوة «8» ذات لون ... يحكي خدود الخرائد ومسمع «9» ليس يخطي ... من نسل يحيى بن خالد «10» إنّ المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد فما شعرت إلا بمحفّة محبرة يحملها غلمانه إلى داري، وأنا جالس على بابي. فقلت له: لم جئت؟ ومن دعاك؟. قال: أنت. قلت: إنّما قلت لك: ماذا ترى في هذا؟ وعنيت في بيتك، وما قلت

لك إنّه في بيتي، وبيتي والله أفرغ من فؤاد أمّ موسى. فقال: الآن قد جئت ولا أرجع، ولكن أدخل إليك، وأستدعي من داري ما أريد. قلت: ذاك إليك. فدخل، فلم ير في بيتي إلا بارية. فقال: يا أبا الحسن، هذا والله، فقر مفظع، هذا ضرّ مدقع، ما هذا؟ فقلت: هو ما ترى. فانفذ إلى داره فاستدعى فرشا، وقماشا، وجاء فرّاشه، ففرشه، وجاءوا من الصفر والشمع، وغير ذلك ممّا يحتاج إليه، وجاء طبّاخه بما كان في مطبخه، وجاء شرابيّه بالصواني، والمخروط، والفاكهة، والبخور، وجلس يومه ذاك عندي. فلما كان في غد، سلّم إليّ غلامه كيسا فيه ألفا درهم، ورزمة من فاخر الثياب، واستدعى محفّته، فجلس فيها، وشيّعته هنيّة. فلما بلغ آخر الصحن، قال: مكانك يا أبا الحسن، احفظ بابك، فكلّ ما في الدار لك. وقال للغلمان: اخرجوا. فأغلقت الباب على قماش بألوف كثيرة. المنتظم 6/284

91 ذنب جحظة إلى الزمان

91 ذنب جحظة إلى الزمان أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا: عليّ بن المحسّن «3» ، قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «4» ، قال: حدّثنا جحظة «5» ، قال: أنشدت عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين «6» ، قولي: قد نادت الدنيا على نفسها ... لو كان في العالم من يسمع كم واثق بالعمر واريته ... وجامع بذّرت ما يجمع فقال لي: ذنبك إلى الزمان الكمال. المنتظم 6/284

92 المجنون الشاعر

92 المجنون الشاعر أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه «1» ، قال: أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان «2» ، قال: حدّثني أبو عليّ الحسن بن صالح، قال: قال مساور الورّاق: قلت لمجنون كان عندنا، وكان شاعرا، ويقال إنّ عقله ذهب لفقد ابنة عمّ كانت له. فقلت له يوما، أجز هذا البيت: وما الحبّ إلّا شعلة قدحت بها ... عيون المها باللحظ بين الجوانح قال: فقال على المكان: ونار الهوى تخفى وفي القلب فعلها ... كفعل الذي جاءت به كف قادح «3» مصارع العشاق 1/13

93 المقتدر يستقضي الحسن بن عبد الله على مدينة المنصور

93 المقتدر يستقضي الحسن بن عبد الله على مدينة المنصور أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أخبرنا أبوبكر بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن «3» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «4» ، قال: بعد الثلاثة أيّام التي تقلّد فيها ابن الأشناني «5» ، مدينة المنصور «6» ، استقضى المقتدر «7» على مدينة المنصور، الحسن بن عبد الله بن علي «8» ، في يوم الاثنين لست بقين في ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة. وهذا رجل حسن الستر، جميل الطريقة، قريب الشبه من أبيه وجدّه، في باب الحكم والسداد. فلم يزل واليا على المدينة إلى نصف رمضان سنة عشرين وثلاثمائة، ثم صرفه المقتدر. وتوفي يوم عاشوراء من سنة خمس وعشرين. المنتظم 6/290

94 ثلاثة متقدمون لا يزاحمهم أحد

94 ثلاثة متقدمون لا يزاحمهم أحد أخبرنا أبو منصور القزّاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «3» ، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الطبري «4» ، قال: رأيت ثلاثة يتقدمون ثلاثة أصناف من بني جنسهم، فلا يزاحمهم أحد. أبو عبد الله الحسين بن أحمد الموسوي «5» ، يتقدّم الطالبيّين، فلا يزاحمه أحد. وأبو عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي «6» ، يتقدّم العباسيّين، فلا يزاحمه أحد. وأبو بكر الأكفاني «7» ، يتقدّم الشهود، فلا يزاحمه أحد. المنتظم 6/292

95 من شعر أبي نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع

95 من شعر أبي نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع وأخبرنا التنوخي، قال: أنشدنا أبو الحسن بن الأخباري «1» ، قال: أنشدني أبو نضلة «2» لنفسه، ونحن في مجلس أبي بكر الصولي «3» : وخمرة جاء بها شبهها ... ظلمت لا بل شبهه الخمر فبات يسقيني على وجهه ... حتى توفّى عقلي السكر في ليلة قصّرها طيبها ... بمثلها كم بخل الدهر قال: وأنشدني أبو نضلة لنفسه: ولمّا التقينا للوداع ولم يزل ... ينيل لثاما دائما وعناقا شممت نسيما منه يستجلب الكرى ... ولو رقد المخمور فيه أفاقا تاريخ بغداد للخطيب 13/273

96 خصومة بين قاض وشاهد انتهت بالمصالحة

96 خصومة بين قاض وشاهد انتهت بالمصالحة 1- أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال: لما كان يوم الخميس لخمس بقين من شعبان سنة 328، خلع الراضي «4» على أبي نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف «5» ، وقلّده الحضرة بأسرها «6» ، الجانب الشرقي، والغربي، والمدينة، والكرخ، وقطعة من أعمال السواد، وخلع على أخيه أبي محمد الحسين بن عمر «7» ، لقضاء أكثر السواد.

ثم صرف الراضي أبا نصر عن مدينة المنصور، بأخيه الحسين في سنة تسع وعشرين، وأقرّه على الجانب الشرقي. وفي يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، أشهد أبو عبد الله ابن أبي موسى الهاشمي «1» على نفسه ثلاثين شاهدا من العدول بأنّه لا يشهد عند القاضي أبي نصر يوسف بن عمر ببغداد، وأخذ خطوط الشهود أنّه عدل مقبول الشهادة. وفي يوم الاثنين لثمان بقين من ذي الحجة أسجل القاضي أبو نصر، يوسف بن عمر، بأن أبا عبد الله بن أبي موسى الهاشمي، ساقط الشهادة، بشهادة عشرين عدلا عليه بذلك «2» . المنتظم 6/300 2- في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «3» ، قلد القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله «4» القضاء في الجانب الشرقي، وأقر القاضي أبو نصر «5» على الجانب الشرقي. وقلد أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي «6» ، قضاء مدينة أبي جعفر.

وفي هذه السنة، جمع القاضي أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي، أبا عبد الله محمد بن أبي موسى الهاشمي، وأبا نصر يوسف بن أبي الحسين عمر ابن محمد القاضي في منزله، حتى اصطلحا، وتعاقدا على التصافي، وأخذ كل واحد منهما خطّ صاحبه بتزكيته، وبما تأكّد من الصلح بينهما، وكانا قد خرجا إلى أقبح المباينة، حتى أشهد أبو نصر، وهو والي قضاء مدينة السلام على نفسه، بإسقاط أبي عبد الله، وأنّه غير موضع للشهادة، وسعى أبو عبد الله في صرفه، ومعارضته بما يكره، حتى تهيأ له في ذلك ما أراد. المنتظم 6/341

97 كلب يحرم نفسه من قوته ويؤثر صاحبه على نفسه

97 كلب يحرم نفسه من قوته ويؤثر صاحبه على نفسه أخبرني علي بن محمد، قال: حدّثني الحسين بن شدّاد «1» ، قال: ولّاني القاسم، خلافة أحمد بن ميمون بنيسابور، فنزلت في بعض منازلها، فوجدت في جواره جنديا من أصحابه، يعرف بنسيم، كان برسم تنظيف كلابه. وإذا كلب له يخرج بخروجه، ويدخل بدخوله، وإذا جلس على بابه قرّبه، وغطاه بدوّاج «2» كان عليه. فسألت الراسبي عن محل الغلام، وكيف يقنع الأمير منه، بدخول الكلب عليه، ويرضى منه بذلك، وليس بكلب صيد؟ قال أبو الوليد: سله عن حديثه، فإنّه يخبرك بشأنه. فأحضرت الغلام، وسألته عن السبب الذي استحقّ به هذه المنزلة منه؟ فقال: هذا خلّصني- بعد الله عزّ وجلّ- من أمر عظيم. فاستبشعت هذا القول منه، وأنكرته عليه، فقال لي: اسمع حديثه فإنّك تعذرني. كان يصحبني رجل من أهل البصرة، يقال له: محمد بن بكر، لا يفارقني، يواكلني، ويعاشرني على النبيذ وغيره منذ سنين. فخرجنا إلى الدينور، فلما رجعنا وقربنا من منزلنا، كان في وسطي هميان فيه جملة دنانير، ومعي متاع كثير أخذته من الغنيمة، قد وقف عليه بأسره.

فنزلنا إلى موضع، فأكلنا، وشربنا. فلما عمل الشراب، عمد إليّ، فشد يديّ إلى رجلي، وأوثقني كتافا، ورمى بي في واد، وأخذ كل ما معي، وتركني ومضى، وأيست من الحياة. وقعد هذا الكلب معي، ثم تركني ومضى، فما كان بأسرع من أن وافاني، ومعه رغيف، فطرحه بين يديّ، فأكلته، ولم أزل أحبو إلى موضع فيه ماء، فشربت منه، ولم يزل الكلب معي، باقي ليلي يعوي إلى أن أصبحت، فحملتني عيناي، وفقدت الكلب. فما كان بأسرع من أن وافاني ومعه رغيف، فأكلت، وفعلت فعلي في اليوم الأوّل. فلما كان اليوم الثالث غاب عني، فقلت مضى يجيئني بالرغيف، فلم ألبث إلّا أن جاء ومعه الرغيف، فرمى به إليّ، فلم استتمّ أكله، إلا وابني على رأسي يبكي. فقال: ما تصنع ها هنا، وما هي قصّتك؟ ونزل فحلّ كتافي، وأخرجني. فقلت له: من أين علمت بمكاني، ومن دلّك عليّ؟ فقال: كان الكلب يأتينا في كل يوم، فنطرح له الرغيف على رسمه، فلا يأكله. وقد كان معك، فأنكرنا رجوعه، ولست أنت معه، فكان يحمل الرغيف بفيه، ولا يذوقه ويخرج يعدو، فأنكرنا أمره، فاتّبعته حتى وقفت عليك. فهذا ما كان من خبري وخبر الكلب، فهو عندي أعظم مقدارا من الأهل والقرابة. قال: ورأيت أثر الكتاف في يده، قد أثّر أثرا قبيحا. فضل الكلاب على من لبس الثياب 19

98 الأمير جعفر بن ورقاء يعاتب القاضيين أبا عمر وأبا الحسين

98 الأمير جعفر بن ورقاء يعاتب القاضيين أبا عمر وأبا الحسين أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» قال: حدّثنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عبيد الله النصيبيّ، قال: إنّ جعفر بن ورقاء «3» حدّثهم، قال: عدت من الحجّ أنا وأخي، فتأخّر عن تهنئتي القاضي أبو عمر «4» وابنه أبو الحسين «5» ، فكتبت إليهما: أأستجفي أبا عمر وأشكو ... وأستجفي فتاه أبا الحسين بأيّ قضيّة وبأيّ حكم ... ألحّا في قطيعة واصلين فما جاءا ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقّي موجبين فإن نمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لأخلص مخلصين وإن نعتب فحقّ غير أنّا ... نجلّ عن العتاب القاضيين فوصلت الأبيات إلى أبي عمر، وهو على شغل، فأنفذها إلى أبي الحسين، وأمره بالجواب عنها، فكتب إليّ:

تجنّ واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الودّ أيّها الظالم ظننت بي جفوة عتبت لها ... فخلت أنّي لحبلكم صارم حكمت بالظن والشكوك ولا ... يحكم بالظن في الهوى حاكم تركت حقّ الوداع مطرّحا ... وجئت تبغي زيارة القادم أمران لم يذهبا على فطن ... وأنت بالحكم فيهما عالم وكلّ هذا مقال ذي ثقة ... وقلبه من جفائه سالم المنتظم 6/306 معجم الأدباء 6/53

99 الخليفة الراضي يبكي حزنا على قاضي القضاة

99 الخليفة الراضي يبكي حزنا على قاضي القضاة أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال أخبرنا علي ابن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «3» ، قال: توفي قاضي القضاة، يعني أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف «4» ، في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أبو نصر «5» ، ودفن إلى جانب أبي عمر «6» في دار إلى جانب داره. وقال أبو بكر الصولي «7» : كان هذا القاضي قد بلغ من العلم مبلغا عظيما، وقرأ عليّ من كتب اللغة والأخبار، ما يقارب عشرة آلاف ورقة، وتوفي ابن سبع وثلاثين سنة. ووجد عليه الراضي «8» وجدا شديدا، حتى كان يبكي بحضرتنا، وقال: كنت أضيق بالشيء ذرعا، فيوسّعه عليّ. وكان يقول: لا بقيت بعده. المنتظم 6/307

100 أبو بكر الأنباري يملي من حفظه

100 أبو بكر الأنباري يملي من حفظه أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» قال: أنبأنا علي بن أبي علي البصري «2» عن أبيه «3» ، قال: أخبرني غير واحد ممن شاهد أبا بكر الأنباري «4» ، انّه كان يملي من حفظه، لا من كتاب، وانّ عادته في كلّ ما كتب عنه من العلم، كانت هكذا، ما أملى قط من دفتر. المنتظم 6/312

101 اجتمعت في أيام المتقي إسحاقات سحقت خلافته

101 اجتمعت في أيام المتقي إسحاقات سحقت خلافته أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا علي بن أبي علي البصري «3» ، قال حدّثني أبي «4» ، قال: قال لي أبو الحسين بن عياش «5» : اجتمعت في أيام المتقي بالله «6» إسحاقات كثيرة «7» ، فانسحقت خلافة بني العباس في أيّامه، وانهدمت قبّة المنصور الخضراء «8» التي كان بها فخرهم. فقلت له: ما كانت الإسحاقات؟ قال: كان يكنى أبا إسحاق، وكان وزيره القراريطي «9» يكنى أبا إسحاق،

وكان قاضيه ابن إسحاق الخرقي «1» ، وكان محتسبه أبو إسحاق بن بطحاء، وكان صاحب شرطته أبو إسحاق بن أحمد، وكانت داره القديمة، دار إسحاق ابن إبراهيم المصعبي «2» ، وكانت الدار نفسها دار إسحاق بن كنداج «3» . المنتظم 6/318

102 الخليفة المتقي يستسقي

102 الخليفة المتقي يستسقي أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزّاز «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن «2» ، عن أبيه «3» ، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق «4» ، قال: حدّثنا أبو محمد الصلحي الكاتب «5» ، قال: نادى منادي المتّقي «6» في زمن خلافته «7» ، في الأسواق: انّ أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته، إنّ امرأة صالحة رأت النبيّ صلى الله عليه وسلّم في منامها، فشكت احتباس القطر «8» ، فقال لها: قولي للناس يخرجون في يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون «9» ، ويدعون الله، فإنّه يسقيهم في يومهم، وإنّ أمير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج، في يوم الثلاثاء كما أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نيّاتكم، وإقلاع عن ذنوبكم.

قال: فأخبرني الجمّ الغفير أنّهم لما سمعوا النداء، ضجّت الأسواق بالبكاء والدعاء. فشقّ ذلك عليّ، وقلت: منام امرأة لا يدرى كيف تأويله، وهل يصح أم لا، ينادي به خليفة في أسواق مدينة السلام؟ فإن لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفّار؟ فليته أمر الناس بالخروج ولم يذكر هذا. وما زلت قلقا حتى أتى يوم الثلاثاء، فقيل لي: إنّ الناس قد خرجوا إلى المصلّى مع أبي الحسن أحمد بن الفضل بن عبد الملك، إمام الجامع «1» ، وخرج أكثر أصحاب السلطان، والفقهاء، والأشراف. فلمّا كان قبل الظهر، ارتفعت سحابة، ثم طبقت الآفاق، ثم أسبلت عزاليها «2» بمطر جود «3» . فرجع الناس حفاة من الوحل «4» . المنتظم 6/319

103 وتقدرون فتضحك الأقدار

103 وتقدرون فتضحك الأقدار أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرني عليّ بن أبي عليّ البصري «3» ، قال: أخبرني أبي «4» ، قال: حدّثني أبو بكر عمر بن عبد الملك السقطي قال: سمعت أبا بكر بن يعقوب ابن شيبة «5» يحدّث، قال: لمّا ولدت، دخل أبي على أمّي، فقال لها: إنّ المنجّمين قد أخذوا مولد هذا الصبي، وحسبوه، فإذا، هو يعيش كذا وكذا، وقد حسبتها أيّاما، وقد عزمت على أن أعدّ له لكلّ يوم دينارا، مدّة عمره، فإنّ ذلك يكفي الرجل المتوسّط، له ولعياله، فأعدّي له حبّا «6» فارغا، فأعدّته، وتركته في الأرض، وملأه بالدنانير. ثم قال: أعدّي حبّا آخر، أجعل فيه مثل هذا استظهارا، ففعلت، وملأه. ثم استدعى حبّا آخر، وملأه بمثل ما ملأ به كلّ واحد من الحبّين،

104 الأمير معز الدولة يشجع السعي والصراع والسباحة

ودفن الجميع، فما نفعني ذلك، مع حوادث الزمان، فقد احتجت إلى ما ترون. قال أبو بكر السقطي: ورأيناه فقيرا يجيئنا بلا إزار، ونقرأ عليه الحديث، ونبرّه بالشيء بعد الشيء. المنتظم 6/333 104 الأمير معز الدولة يشجع السعي والصراع والسباحة أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن التنوخي «2» ، عن أبيه «3» ، قال: من أعجب الأشياء المتولّدة في زمن معزّ الدولة «4» ، السعي «5» ، والصراع «6» ، وذلك إنّ معزّ الدولة، احتاج إلى السعاة، ليجعلهم فيوجا «7» بينه وبين أخيه

ركن الدولة «1» ، إلى الري «2» ، فيقطعون تلك المسافة البعيدة، في المدة القريبة، وأعطى على جودة السعي الرغائب «3» . فحرص أحداث بغداد وضعفاؤهم «4» على ذلك، حتى انهمكوا فيه، وأسلموا أولادهم إليه. فنشأ ركابيّان «5» لمعز الدولة، يعرف أحدهما بمرعوش، والآخر بفضل «6» ، يسعى كلّ واحد منهما، نيفا وثلاثين فرسخا «7» في يوم «8» ، من طلوع الشمس إلى غروبها، يتردّدون ما بين عكبرا «9» وبغداد. وقد رتّب على كلّ فرسخ من الطريق، قوما يحضّون عليهم، فصاروا أئمة السعاة ببغداد، وانتسب السعاة إليهم، وتعصّب الناس لهم. واشتهى معزّ الدولة الصراع، فكان يعمل بحضرته حلقة في ميدانه «10» ، ويقيم شجرة يابسة تنصب في الحال، ويجعل عليها الثياب الديباج «11» ،

والعتّابي «1» ، والمروزي «2» ، وتحتها أكياس فيها دراهم، ويجمع على سور الميدان «3» المخانيث «4» بالطبول والزمور، وعلى باب الميدان الدبادب «5» ، ويؤذن للعامّة في دخول الميدان، فمن غلب، أخذ الثياب والشجرة والدراهم. ثم دخل في ذلك أحداث بغداد، فصار في كلّ موضع صراع، فإذا برع أحدهم، صارع بحضرة معزّ الدولة، فإن غلب، أجريت عليه الجرايات «6» ، فكم من عين ذهبت بلطمة، وكم من رجل اندقّت. وشغف بعض أصحاب معز الدولة بالسباحة، فتعاطاها أهل بغداد، حتى أحدثوا فيها الطرائف. فكان الشاب يسبح قائما، وعلى يده كانون «7» فوقه حطب يشتعل تحت قدر، إلى أن تنضج، ثم يأكل منها، إلى أن يصل إلى دار السلطان. المنتظم 6/340

105 فرار الناس من بغداد لما دخلها الديلم

105 فرار الناس من بغداد لما دخلها الديلم أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزّاز، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف «1» ، قال: لما دخل الديلم «2» من الجانب الغربي «3» ، إلى الجانب الشرقي «4» ، وخاف الناس السيف، هربوا على وجوههم، وكانت العذراء، والمخبأة المترفة من ذوات النعم، والصبيّة، والأطفال، والعجائز، وسائر الناس، يخرجون على وجوههم، يتعادون يريدون الصحراء، وكان ذلك اليوم حارا، فلا يطيقون المشي. قال أبو محمد الصلحي «5» : انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة «6» ، نريد الموصل «7» ، من بين يدي معزّ الدولة «8» ، وقد عبر من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي، فرأيت ما لا أحصي من أهل بغداد، قد تلفوا بالحر والعطش، ونحن نركض هاربين «9» ، فما شبّهته إلّا بيوم القيامة «10» .

قال: فأخبرني جماعة: أنّهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها في حسن الثياب والحلي، وهي تصيح: أنا ابنة فلان «1» ، ومعي جوهر وحلي بألف دينار، رحم الله من أخذه منّي وسقاني شربة ماء، فما يلتفت إليها أحد، حتى خرّت ميتة، وبقيت متكشّفة، والثياب عليها والحلي، وما يعرض له أحد «2» . المنتظم 6/349

106 الوزير علي بن عيسى يقول: ليتني تمنيت المغفرة

106 الوزير علي بن عيسى يقول: ليتني تمنّيت المغفرة أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن قريعة «3» ، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن داسه «4» ، قالا: حدّثنا أبو سهل بن زياد القطّان «5» ، صاحب علي بن عيسى «6» ، قال: كنت مع عليّ بن عيسى، لمّا نفي إلى مكة «7» ، فلما دخلناها، دخلنا في حرّ شديد، وقد كدنا نتلف. فطاف علي بن عيسى، وسعى، وجاء فألقى نفسه، وهو كالميت من الحر والتعب، وقلق قلقا شديدا. وقال: أشتهي على الله شربة ماء مثلوج. فقلت له: يا سيّدنا تعلم أنّ هذا ممّا لا يوجد بهذا المكان. فقال: هو كما قلت، ولكنّ نفسي ضاقت عن ستر هذا القول، فاستروحت إلى المنى.

قال: وخرجت من عنده، ورجعت إلى المسجد الحرام «1» ، فما استقررت فيه، حتى نشأت سحابة، فبرقت، ورعدت، وجاءت بمطر يسير، وبرد كثير. فبادرت إلى الغلمان، فقلت: اجمعوا. فجمعنا منه شيئا عظيما، وملأنا منه جرارا كثيرة، وجمع أهل مكّة منه شيئا عظيما. وكان علي بن عيسى صائما، فلما كان وقت المغرب، خرج إلى المسجد الحرام ليصلّي المغرب. فقلت له: أنت والله مقبل، والنكبة زائلة، وهذه علامات الإقبال، فاشرب الثلج كما طلبت. وجئته بأقداح مملوءة من أصناف الأسوقة «2» والأشربة، مكبوسة بالبرد. فأقبل يسقي ذلك من قرب منه، من الصوفيّة، والمجاورين، والضعفاء، ويستزيد، ونحن نأتيه بما عندنا، وأقول له: اشرب، فيقول: حتى يشرب الناس. فخبأت مقدار خمسة أرطال «3» ، وقلت له: إنّه لم يبق شيء. فقال: الحمد لله، ليتني كنت تمنّيت المغفرة، فلعلّي كنت أجاب. فلمّا دخل البيت لم أزل أداريه حتى شرب منه، وتقوّت ليلته بباقيه. المنتظم 6/351

107 الزاهدة ابنة أبي الحسن المكي

107 الزاهدة ابنة أبي الحسن المكي أنبأنا محمد بن أبي طاهر البزاز، قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني عبيد الله بن أحمد بن بكير، قال: كان لأبي الحسن المكّي، ابنة مقيمة بمكة، أشدّ ورعا منه، وكانت لا تقتات إلا ثلاثين درهما ينفذها إليها أبوها في كلّ سنة، مما يستفضله من ثمن الخوص الذي يسفّه «1» ويبيعه. فأخبرني ابن الروّاس التمّار، وكان جاره، قال: جئته، أودّعه للحجّ، وأستعرض حاجته وأسأله أن يدعو لي. فسلّم لي قرطاسا، وقال: تسأل بمكة في الموضع الفلاني عن فلانة، وتسلّم هذا إليها. فعلمت أنّها ابنته، فأخذت القرطاس، وجئت، فسألت عنها، فوجدتها بالعبادة والزهد، أشدّ اشتهارا من أن تخفى. فطمعت نفسي أن يصل إليها من مالي شيء يكون لي ثوابه، وعلمت أنّني إن دفعت إليها ذلك لم تأخذه، ففتحت القرطاس، وجعلت الثلاثين درهما، خمسين درهما، ورددته كما كان، وسلّمته إليها. فقالت: أيّ شيء خبر أبي؟ فقلت: على السلامة. فقالت: قد خالط أهل الدنيا، وترك الانقطاع إلى الله؟ فقلت: لا.

قالت: أسألك بالله، وبمن حججت له، عن شيء فتصدقني؟ قلت: نعم، فقالت: خلطت في هذه الدراهم شيئا من عندك؟ فقلت: نعم، فمن أين علمت هذا؟ فقالت: ما كان أبي يزيدني على الثلاثين شيئا، لأنّ حاله لا تحتمل أكثر منها، إلّا أن يكون ترك العبادة، فلو أخبرتني بذلك، ما أخذت منه أيضا شيئا. ثم قالت لي: خذ الجميع فقد عققتني، من حيث قدّرت أنّك بررتني، ولا آخذ من مال لا أعرف كيف هو، شيئا. فقلت: خذي منها ثلاثين، كما أنفذ إليك أبوك، وردّي الباقي. فقالت: لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم لأخذتها، ولكن قد اختلطت بما لا أعرف جهته، فلا آخذ منها شيئا، وأنا الآن أقتات إلى الموسم الآخر من المزابل، لأنّ هذه كانت قوتي طول السنة، فقد أجعتني، ولولا أنّك ما قصدت أذاي، لدعوت عليك. قال: فاغتممت، وعدت إلى البصرة، وجئت إلى أبي الحسن، فأخبرته، واعتذرت إليه. فقال: لا آخذها وقد اختلطت بغير مالي، وقد عققتني وإيّاها. قال: فقلت ما أعمل بالدراهم؟ قال: لا أدري. فما زلت مدّة أعتذر إليه، وأسأله ما أعمل بالدراهم. فقال لي بعد مدّة: صدّق بها. ففعلت. المنتظم 6/361

108 أبو عمر غلام ثعلب من الرواة الذين لم ير أحفظ منهم

108 أبو عمر غلام ثعلب من الرواة الذين لم ير أحفظ منهم أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن أبي علي «2» ، عن أبيه «3» ، قال: من الرواة الذين لم ير قط أحفظ منهم، أبو عمر غلام ثعلب «4» ، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة، لغة، فيما بلغني. وجميع كتبه التي في أيدي الناس، إنّما أملاها بغير تصنيف، ولسعة حفظه اتّهم بالكذب. وكان يسأل عن الشيء الذي يقدّر السائل أنّه قد وضعه، فيجيب عنه، ثم يسأله غيره بعد سنة، على مواطأة، فيجيب بذلك الجواب بعينه. أخبرنا بعض أهل بغداد، قال: كنّا نجتاز على قنطرة الصراة «5» ، نمضي إليه، مع جماعة، فتذاكروا كذبه، فقال بعضهم: أنا أصحّف له القنطرة، وأسأله عنها. فلما صرنا بين يديه، قال له: أيها الشيخ ما الهرنطق «6» عند العرب؟

فقال: كذا، وذكر شيئا قد أنسيته أنا. قال: فتضاحكنا، وأتممنا المجلس، وانصرفنا. فلما كان بعد أشهر، ذكرنا الحديث، فوضعنا رجلا غير ذلك، فسأله، وقال: ما الهر نطق؟ فقال: أليس قد سئلت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا شهرا، فقلت هي كذا؟. قال: فما درينا من أيّ الأمرين نعجب، من ذكائه، إن كان علما فهو اتّساع ظريف، وإن كان كذبا في الحال، ثم قد حفظه، فلمّا سئل عنه ذكر الوقت والمسألة، فأجاب بذلك الجواب، فهو أظرف. قال أبي «1» : وكان معزّ الدولة، قد قلّد شرطة بغداد، مملوكا تركيا يعرف بخواجا. فبلغ أبا عمر الخبر، وكان يملي الياقوتة، فلما جاءوه، قال: اكتبوا ياقوتة خواجا، الخواج في اللغة: الجوع، ثم فرّع على هذا بابا، فأملاه، فاستعظم الناس ذلك، وتتبّعوه. فقال أبو علي الحاتمي: أخرجنا في أمالي الحامض، عن ثعلب، عن ابن الأعرابي، الخواج: الجوع. المنتظم 6/380

109 كلب يحمي صاحبه ممن أراد أن يخنقه

109 كلب يحمي صاحبه ممن أراد أن يخنقه أخبرني «1» بعض الشيوخ من أهل الجبل «2» ، قال: كنت أنا مع جماعة خارجين إلى أصبهان «3» ، فلما صرنا إلى بعض الطريق، مررنا بخان قديم خراب، ليس فيه أحد، وإذا صوت كلب ينبح، وإذا حركة شديدة. فدخلنا بأجمعنا الخان، فإذا نحن برجل من أصحابنا نعرفه، من الفيوج «4» ، كان معه كلب لا يفارقه حيث كان، وإذا بعض المبنّجين «5» قد وقع عليه، وكان الفيج فطنا، فلما رأى أنّ حيلته ليست تنفذ له عليه، طرح في عنقه وترا ليخنقه به. فلما رأى الكلب ذلك، ثار إلى المبنّج، فخمش وجهه، وعضّ قفاه، وطرح منه قطعة لحم، فسقط المبنّج مغشيا عليه. فخلّصنا من عنق صاحبنا الوتر، وكان قد أشرف على التلف، وقبضنا على المبنّج، فكتّفناه بوتره، ودفعناه إلى السلطان. فضل الكلاب على من لبس الثياب 22

110 لص يموت على النقب الذي نقبه

110 لص يموت على النقب الذي نقبه أخبرنا محمد بن أبي طاهر البزّاز عن أبي القاسم عليّ بن المحسّن، عن أبيه، قال: أخبرني أبو الفرج الأصبهاني: أنّ لصّا نقب ببغداد في زمن الطاعون الذي كان في سنة ستّ وأربعين وثلاثمائة «1» ، فمات مكانه وهو على النقب. وأنّ إسماعيل القاضي «2» ، لبس سواده، ليخرج إلى الجامع، فيحكم، ولبس أحد خفّيه، وجاء ليلبس الآخر، فمات «3» . المنتظم 6/384

111 لا آمرك، ولكني شفيع

111 لا آمرك، ولكني شفيع أخبرنا القاضيان، أبو الحسين أحمد بن علي التنوخي، وأبو القاسم علي ابن المحسن التنوخي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز «1» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «2» ، قال: حدّثنا الحسن بن مكرم بن حسان «3» ، قال: حدّثنا علي بن عاصم «4» ، عن خالد الحذاء «5» ، عن عكرمة «6» ، عن ابن عباس «7» ، قال:

لما أعتقت بريرة «1» ، وكان زوجها حبشيّا «2» ، خيّرت، فاختارت فراقه، فكان يطوف حولها، ودموعه تسيل على خدّيه حبّا لها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لعمه العبّاس «3» : أما ترى شدّة حبّه لها، وشدّة بغضها له؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لو تزوّجته. قالت: إن أمرتني. قال: لا آمرك، ولكنّي شفيع. فلم تفعل. مصارع العشاق 2/8

112 القاضي أبو جعفر بن البهلول يلي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة

112 القاضي أبو جعفر بن البهلول يلي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن جعفر الشاهد «3» قال: لم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول «4» على قضاء المدينة- يعني مدينة المنصور- من سنة ست وتسعين ومائتين إلى ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة «5» . وكان ربّما اعتلّ، فيخلفه ابنه أبو طالب محمّد «6» ، وهو رجل جميل الأمر، حسن المذهب، شديد التصوّن، وممّن كتب العلم، وحدّث بعد أبيه بسنين «7» . المنتظم 6/392

113 أبو بكر الآدمي واجتماع الناس عليه عندما يقرأ القرآن

113 أبو بكر الآدمي واجتماع الناس عليه عندما يقرأ القرآن أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الأسدي «3» ، قال: سمعت أبي «4» يقول: حججت في بعض السنين، وحجّ في تلك السنة، أبو القاسم البغوي «5» وأبو بكر الآدمي «6» ، القارىء. فلمّا صرنا بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلّم «7» ، جاءني أبو القاسم البغويّ، فقال لي: يا أبا بكر، هاهنا رجل ضرير، قد جمع حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقعد يقصّ، ويروي الكذب من

الأحاديث الموضوعة، والأخبار المفتعلة، فإن رأيت أن تمضي بنا إليه، لننكر عليه ونمنعه. فقلت له: يا أبا القاسم إنّ كلامنا لا يؤثّر مع هذا الجمع الغفير، والخلق العظيم، ولسنا ببغداد، فيعرف لنا موضعنا، ولكن هاهنا، أمر آخر، هو الصواب. فأقبلت على أبي بكر الآدمي، وقلت له: استعذ، واقرأ «1» . فما هو إلّا أن ابتدأ بالقراءة، حتى انجفلت الحلقة، وانفضّ الناس جميعا، فأحاطوا بنا يستمعون قراءة أبي بكر، وتركوا الضرير وحده. فسمعته يقول لقائده: خذ بيدي، هكذا تزول النعم. المنتظم 6/393

114 أبو بكر الآدمي يقرأ القرآن في بغداد فتسمع قراءته في كلواذى

114 أبو بكر الآدمي يقرأ القرآن في بغداد فتسمع قراءته في كلواذى أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن «3» قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد «5» ، قال: حدّثني درة الصوفي «6» ، قال: كنت بائتا بكلواذى «7» ، على سطح عال، فلما هدأ الليل، قمت لأصلّى، فسمعت صوتا ضعيفا يجيء من بعد، فأصغيت إليه، وتأمّلته، فإذا هو صوت أبي بكر الآدمي القارئ «8» ، فقدّرته منحدرا في دجلة، وأصغيت، فلم أجد الصوت يقرب، ولا يزيد، وظلّ على ذلك ساعة، ثم انقطع. فتشكّكت في الأمر، وصلّيت، ونمت، وبكّرت، فدخلت بغداد

على ساعتين من النهار، أو أقلّ. وكنت مجتازا في السماريّة «1» ، فإذا بأبي بكر الآدمي ينزل إلى الشط من دار أبي عبد الله الموسوي «2» التي تقرب من فرضة جعفر على دجلة. فصعدت إليه، وسألته عن خبره، فأخبرني بسلامته. وقلت: أين كنت البارحة؟ فقال: في هذه الدار. فقلت: قرأت؟ قال: نعم. قلت: أيّ وقت؟ قال: بعد نصف الليل إلى قريب من الثلث الآخر. قال: فنظرت، فإذا هو الوقت الذي سمعت فيه صوته بكلواذى. فعجبت من ذلك عجبا شديدا، بانّ له فيّ، فقال: ما لك؟ فقلت: إنّي سمعت صوتك البارحة، وأنا على سطح بكلواذى، وتشكّكت، فلولا أنّك أخبرتني الساعة على غير اتّفاق، ما صدّقته. قال: فاحكها عنّي. فأنا أحكيها دائما. المنتظم 6/393

115 أبو جعفر بن برية يرى أبا بكر الآدمي في النوم

115 أبو جعفر بن برية يرى أبا بكر الآدمي في النوم أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي «2» ، قال: حدّثني علي بن أبي علي المعدّل «3» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي موسى القاضي «4» ، وأبو إسحاق الطبري «5» ، وغيرهما، قالوا سمعنا أبا جعفر عبد الله ابن إسماعيل بن برية «6» ، يقول: رأيت أبا بكر الآدمي «7» في النوم بعد موته بمديدة، فقلت له: ما فعل الله بك؟. فقال لي: أوقفني بين يديه، وقاسيت شدائد وأمورا صعبة. فقلت له: فتلك الليالي والمواقف والقرآن؟ فقال: ما كان شيء أضرّ عليّ منها، لأنّها كانت للدنيا. فقلت له: فإلى أي شيء انتهى أمرك؟ قال: قال لي تعالى، آليت على نفسي أن لا أعذّب أبناء الثمانين. المنتظم 6/394

116 بين الأول والثاني مائة سنة وهما في القعدد إلى المنصور سواء

116 بين الأول والثاني مائة سنة وهما في القعدد إلى المنصور سواء أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «3» ، قال: سمعت القاضي أبا بكر بن أبي موسى الهاشمي «4» ، وأبا إسحاق الطبري «5» ، ومن لا أحصي من شيوخنا، يحكون: أنهّم سمعوا أبا جعفر المعروف بابن بريّة «6» الإمام، يقول: رقى هذا المنبر- يعني منبر مسجد جامع المدينة «7» - الواثق «8» في سنة ثلاثين ومائتين «9» ، ورقيت هذا المنبر في سنة ثلاثين وثلاثمائة «10» وبين الرقيتين مائة سنة، وأنا وهو في القعدد «11» إلى المنصور سواء، هو الواثق بن المعتصم بن الرشيد ابن المهدي بن المنصور، وأنا عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن المنصور. المنتظم 7/5

117 إن الله لا يعذب من جاوز الثمانين

117 إن الله لا يعذب من جاوز الثمانين أخبرنا أبو منصور القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «3» ، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ الذهبي المعروف بابن القطّان، قال: رأيت أبا السائب عتبة بن عبيد الله قاضي القضاة «4» بعد موته، فقلت: ما فعل الله بك، مع تخليطك «5» ؟ - بهذا اللفظ-. فقال: غفر لي. فقلت: فكيف ذاك؟ فقال: إنّ الله تعالى عرض عليّ أفعالي القبيحة، ثم أمر بي إلى الجنّة، وقال: لولا أنّي آليت على نفسي أن لا أعذب من جاوز الثمانين، لعذّبتك، ولكنّي قد غفرت لك، وعفوت عنك، اذهبوا به إلى الجنّة. فأدخلتها. المنتظم 7/6

118 شقيقان ملتزقان من جانب واحد

118 شقيقان ملتزقان من جانب واحد أخبرنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد «2» ، وأبو عمر أحمد ابن محمد الخلّال، قالا: حدّثنا جماعة كثيرة العدد من أهل الموصل وغيرهم، ممّن كنّا نثق بهم، ويقع لنا العلم بصحة ما حدّثوا به، لكثرته، وظهوره، وتواتره، أنّهم شاهدوا بالموصل، سنة نيف وأربعين وثلاثمائة «3» ، رجلين أنفذهما صاحب أرمينية «4» إلى ناصر الدولة «5» ، للأعجوبة فيهما. وكان لهما نحو من ثلاثين سنة، وهما ملتزقان من جانب واحد، ومن حدّ فويق الحقو إلى دوين الإبط، وكان معهما أبوهما، فذكر لهم أنّهما ولدا كذلك. وكنّا نراهما يلبسان قميصين، وسراويلين، كلّ واحد منهما لباسه فرد، إلّا أنّه لم يكن يمكنهما- لالتزاق كتفيهما، وأيديهما- المشي، لضيق ذلك عليهما، فيجعل كلّ واحد منهما يده التي تلي أخاه، من جانب الالتزاق خلف ظهر أخيه، ويمشيان كذلك، وأنّهما كانا يركبان دابّة واحدة، ولا يمكن أحدهما التصرّف، إلّا إذا تصرّف الآخر معه، وإذا أراد أحدهما

الغائط، قام الآخر معه، وإن لم يكن محتاجا. وانّ أباهما حدّثهم، انّه: لمّا ولدا، أراد أن يفرّق بينهما، فقيل له إنّهما يتلفان، لأنّ التزاقهما من جانب الخاصرة، وإنّه لا يجوز أن يفصلا، فتركهما، وكانا مسلمين. فأجازهما ناصر الدولة، وخلع عليهما. وكان الناس بالموصل يصيرون إليهما، فيتعجّبون منهما، ويهبون لهما. قال أبو محمد: وأخبرني جماعة: أنّهما خرجا إلى بلدهما، فاعتلّ أحدهما ومات، وبقي أيّاما حتى أنتن، وأخوه حيّ، لا يمكنه التصرّف، ولا يمكن الأب، دفن الميت، إلى أن لحقت الحي، علّة من الغم والرائحة، فمات أيضا، فدفنا جميعا. وكان ناصر الدولة قد جمع لهما الأطباء، وقال: هل من حيلة في الفصل بينهما؟ فسألهما الأطباء عن الجوع، هل تجوعان في وقت واحد. فقال: إذا جاع الواحد منّا تبعه جوع الآخر بشيء يسير من الزمان، وإن شرب أحدنا دواء مسهلا، انحل طبع الآخر بعد ساعة، وقد يلحق أحدنا الغائط، ولا يلحق الآخر، ثم يلحقه بعد ساعة. فنظروا فإذا لهما جوف واحد، وسرّة واحدة، ومعدة واحدة، وكبد واحد، وطحال واحد، وليس [في موضع] الالتصاق، أضلاع، فعلموا أنّهما إن فصلا تلفا. ووجدوا لهما ذكرين، وأربع بيضات. وكان ربما وقع بينهما خلاف وتشاجر، فتخاصما أعظم خصومة، حتى ربما حلف أحدهما لا كلّم الآخر، أيّاما، ثم يصطلحان. المنتظم 7/17

119 القاضي عمر بن أكثم جلس يقضي في الموضع الذي جلس فيه جد أبيه قبل مائة عام

119 القاضي عمر بن أكثم جلس يقضي في الموضع الذي جلس فيه جد أبيه قبل مائة عام أخبرنا عليّ بن المحسّن «1» ، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: لما افتتح المطيع لله «3» ، والأمير معز الدولة أحمد بن بويه «4» ، البصرة، في شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وثلاثمائة «5» ، خرج القاضي أبو السائب عتبة بن عبيد الله «6» ، إلى البصرة، مهنئا لهما، وكان يكتب له على الحكم، أبو بشر عمر بن أكثم بن أحمد بن حبان بن بشر الأسدي «7» . وحبان رجل من جلّة المسلمين، تقلّد القضاء في نواحي كثيرة، وتقلّد أصبهان، ثم قلّد الشرقيّة. وأبو بشر رجل من سروات الرجال، نشأ نشوءا حسنا، على حال صيانة تامة، ومعرفة ثاقبة، فقبل الحكام شهادته، ثم كتب للقضاة. فاستخلفه القاضي أبو السائب، عند خروجه، على الجانب الشرقي «8» ،

تم جمع البلد «1» لأبي السائب، وهو بالبصرة مع المطيع، فكتب بذلك إلى الحضرة «2» واستخلفه على بغداد بأسرها. فتجمّل القضاء بموضعه، وأجرى الأمور مجاريها، وأصدرها مصادرها، وواصل الجلوس، ولم يحتجب عن الخصوم، وأجهد نفسه في الصبر على كبار الأمور، غير برم، ولا ضجر، فظهر منه خشونة «3» ، فانحسم عنه الطمع، واعتقد أهل الأقدار مودّته، وبثّوا في الناس شكره وذكره. ثم أصعد القاضي أبو السائب إلى الحضرة، ونظر في الأمور بنفسه، وعاد أبو بشر إلى كتابته. قال طلحة: نظرت في التاريخ، فإذا القاضي أبو بشر عمر بن أكثم ابن أحمد بن حبان قد جلس في الشرقيّة، في الموضع الذي جلس فيه، حبان بن بشر، جدّ أبيه، بعد مائة سنة. قلت: لم يزل عمر بن أكثم على كتابة أبي السائب، إلى أن مات أبو السائب، وذلك في شهر ربيع الآخر من سنة خمسين وثلاثمائة، فأقرّ عمر بن أكثم على خلافته، إلى أن قلّد قضاء القضاة أبو العباس بن أبي الشوارب «4» في شعبان من هذه السنة «5» ، ثم عزل في سنة اثنتين وخمسين «6» ، وقلّد أبو بشر، قضاء القضاة، في رجب من سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة «7» ، فلم

يزل يتولاه إلى أن صرف عنه، في شعبان في سنة ست وخمسين «1» ، ولازم منزله إلى أن توفي. فكانت مدّة تقلده قضاء القضاة، إلى أن صرف عنه، أربع سنين وأيّاما. ذكر لي ذلك التنوخي. تاريخ بغداد 11/249

120 الشاعر المتنبي لا يفصح عن نسبه

120 الشاعر المتنبي لا يفصح عن نسبه قال المحسّن «1» : سألت المتنبي «2» عن نسبه، فما اعترف لي به، وقال: أنا رجل أخبط القبائل، وأطوي البوادي وحدي، ومتى انتسبت، لم آمن أن يأخذني بعض العرب بطائلة بينها وبين القبيلة التي أنتسب إليها. وما دمت غير منتسب إلى أحد، فأنا أسلم على جميعهم. المنتظم 7/25

121 المتنبي يحفظ كتابا من ثلاثين ورقة قرأه مرة واحدة

121 المتنبي يحفظ كتابا من ثلاثين ورقة قرأه مرة واحدة أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي قال: كان المتنبي، وهو صبي، ينزل في جواري بالكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان السقاء، يستقي لنا ولأهل المحلّة. ونشأ هو محبّا للعلم والأدب، وصحب الأعراب، فجاءنا بعد سنين بدويّا قحّا، وكان تعلّم الكتابة والقراءة، وأكثر من ملازمة الورّاقين. فأخبرني ورّاق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان. قلت له: كيف؟ قال: كان اليوم عندي، وقد أحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي، نحو ثلاثين ورقة، ليبيعه، فأخذ ينظر إليه طويلا. فقال له الرجل: يا هذا أريد بيعه، وقد قطعتني عن ذلك، وإن كنت تريد حفظه، فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر. فقال له: فإن كنت قد حفظته في هذه المدة، ما لي عليك؟ قال: أهب لك الكتاب. قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه عليّ إلى آخره، ثم استلمه، فجعله في كمّه. فقام صاحبه وتعلّق به، وطالبه بالثمن.

122 المتنبي وادعاؤه النبوة

فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي. فمنعناه منه، وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا للغلام. فتركه عليه. المنتظم 7/25 122 المتنبي وادعاؤه النبوة قال المحسّن: اجتمعت بعد موت المتنبي بسنين، مع القاضي أبي الحسن بن أمّ شيبان الهاشمي «1» ، وجرى ذكر المتنبي، فقال: كنت أعرف أباه بالكوفة، شيخا يسمى عبدان، يستقي على بعير له، وكان جعفيّا «2» صحيح النسب. قال: وكان المتنبي لما خرج إلى كلب «3» ، فأقام فيهم، ادّعى أنّه علويّ حسنيّ، ثم ادّعى بعد ذلك النبوّة، ثم عاد يدعي أنّه علويّ، إلى أن شهد عليه بالشام، بالكذب في الدعوتين، وحبس دهرا طويلا، وأشرف على القتل، ثم استتيب، وأشهد عليه بالتوبة، وأطلق. المنتظم 7/25

123 كيف قتل المتنبي

123 كيف قتل المتنبي أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الحافظ «2» ، قال: حدّثني علي بن أيّوب «3» ، قال: خرج المتنبي من بغداد «4» إلى فارس «5» ، فمدح عضد الدولة «6» ، وأقام عنده مديدة «7» ، ثم رجع من شيراز «8» يريد بغداد، فقتل بالطريق بالقرب

من النعمانيّة «1» ، في شهر رمضان، وقيل في شعبان، من سنة أربع وخمسين وثلاثمائة «2» ، وفي سبب قتله ثلاثة أقوال: أحدها: إنّه كان معه مال كثير، فقتله العرب لأخذ ماله، فذكر بعض العلماء، انّه وصل إليه من عضد الدولة، أكثر من مائتي ألف درهم، بقصيدته التي قال فيها: ولو أنّي استطعت حفظت طرفي ... فلم أبصر به حتى أراكا وفي آخرها: وأنّى شئت يا طرقي فكوني ... أذاة أو نجاحا أو هلاكا فجعل قافية البيت «الهلاك» فهلك. وذلك أنّه ارتحل عن شيراز، بحسن حال، وكثرة مال، ولم يستصحب خفيرا، فخرج عليه أعراب، فحاربهم، فقتل هو، وابنه محسّد، وبعض غلمانه، وفاز الأعراب بأمواله، وكان قتله، بشط دجلة، في موضع يعرف بالصافية «3» ، يوم الأربعاء لثلاث بقين من رمضان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. واسم قاتله: فاتك بن أبي جهل الأسدي. والقول الثاني: إنّ سبب قتله، كلمة قالها عن عضد الدولة، فدسّ عليه من قتله.

وذكر مظفر بن عليّ الكاتب «1» ، قال: اجتمعت برجل من بني ضبّة، يكنى أبا رشيد، فذكر انّه حضر قتل المتنبي، وكان صبيّا، حين راهق حينئذ. وكان المتنبي قد وفد على عضد الدولة، وهو بشيراز، ثم صحبه إلى الأهواز، فأكرمه ووصله بثلاثة آلاف دينار، وثلاث كسى، في كلّ كسوة سبع قطع، وثلاثة أفراس، بسروج محلاة، ثم دسّ عليه من سأله: أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة ابن حمدان؟ فقال المتنبي: هذا أجزل إلّا أنّه عطاء متكلّف، وكان سيف الدولة يعطي طبعا. فاغتاظ عضد الدولة، لمّا نقل إليه هذا، وأذن لقوم من بني ضبّة، في قتله، إذا انصرف. قال: فمضيت مع أبي، وكنّا في ستّين راكبا، فكنّا في واد، فمّر في الليل، ولم نعلم به، فلمّا أصبحنا، تبعنا أثره، فلحقناه، وقد نزل تحت شجرة كمّثرى، وعندها عين، وبين يديه سفرة طعام. فلما رآنا قام، ونادى: هلمّوا وجوه العرب، فلم يجبه أحد، فأحسّ بالداهية، فركب ومعه ولده، وخمسة عشر غلاما له، وجمعوا الرحال، والجمال، والبغال، فلو ثبت مع الرجالة لم نقدر عليه، ولكنه برز الينا يطاردنا. قال: فقتل ولده، وأحد غلمانه، وانهزم يسيرا، فقال له غلام له: أين قولك؟: الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والحرب والضرب والقرطاس والقلم

فقال له: قتلتني، قتلك الله، والله، لا انهزمت اليوم، ثم رجع كارّا علينا، فطعن زعيمنا في عنقه، فقتله، واختلفت عليه الرماح، فقتل. فرجعنا إلى الغنائم، وكنت جائعا، فلم يكن لي همّ إلّا السفرة، فأخذت آكل منها. فجاء أبي، فضربني بالسوط، وقال: الناس في الغنائم، وأنت مع بطنك؟ اكفأ ما في الصحاف، وأعطنيها، فكفأت ما فيها، ودفعتها إليه، وكانت فضّة، ورميت الفراخ والدجاج في حجري. والقول الثالث: إنّ المتنبي هجا ضبّة الأسدي، فقال: ما أنصف القوم ضبّة ... وأمّه الطرطبّة فبلغته، فأقام له في الطريق من قتله، وقتل ولده، وأخذ ما معه، وكان ضبّة يقطع الطريق «1» . المنتظم 7/26- 28

124 بحث في آل الكرخي

124 بحث في آل الكرخي حدّث أبو عليّ المحسّن قال: القاسم بن علي بن محمد الكرخي «1» ، وأخوه أبو أحمد «2» ، وابناه جعفر «3» ومحمد «4» ، تقلّدوا الدنيا. لأنّ القاسم تقلّد كور الأهواز «5» ، وتقلّد مصر «6» والشام «7» ، وتقلّد ديار ربيعة «8» . وتقلّد ابنه جعفر كور الأهواز، وتقلّد فارس «9» وكرمان «10» وتقلّد الثغور «11» ، وأشياء أخر. وتقلد أبو جعفر محمد بن القاسم الجبل «12» ، وديوان السواد «13» ، دفعات،

وقطعة من المشرق كبيرة «1» ، وتقلّد البصرة «2» والأهواز مجموعة، ثم تقلّد عدّة دواوين كبار جليلة بالحضرة «3» ، ثم تقلّد الوزارة للراضي «4» ، ثم الوزارة للمتّقي «5» . وإذا أضيف إليهم من تقلّد من وجوه أهلهم وكبارهم، لم يخل بلد جليل، من أن يكون واحد منهم تقلّده. وإنّما سموا الكرخيّين، لأنّ أصلهم من ناحية الرستاق الأعلى بالبصرة من عراص المفتح «6» تعرف بالكرخ «7» باقية إلى الآن، إلا أنّها كالخراب، لشدّة اختلالها. وقد تقلّد البصرة غير واحد منهم، وقطعا من الأهواز، تقلّد البصرة أبو أحمد أخو القاسم الكرخي، وتقلّد مصر أيضا. وتقلّد قطعة من الأهواز، في أيام السلطان، أبو جعفر الكرخي المعروف بالجرو، وهذا الرجل مشهور بالجلالة فيهم قديما، وكان مقيما بالبصرة، وشاهدته أنا، وهو شيخ كبير، وقد اختلّت حاله، فصار يلي الأعمال الصغار، من قبل عمّال البصرة.

وكان أبو القاسم ابن أبي عبد الله البريديّ «1» ، لما ملك البصرة، صادره على مال أفقره، وسمّر يديه في حائط، وهو قائم على كرسيّ، فلما سمّرت يداه بالمسامير في الحائط، نحّي الكرسي من تحته، وسلّت أظافيره، وضرب لحمه بالقصب الفارسي «2» ، ولم يمت، ولا زمن، ورأيته بعد ذلك بسنين صحيحا. ولا عيب فيهم، إلّا ما كانوا يرمون به من الغلّو، فإنّ القاسم وولديه، استفاض عنهم، أنّهم كانوا مخمّسة، يعتقدون أنّ عليا، وفاطمة، والحسن، والحسين، ومحمد صلوات الله عليه، خمسة أشباح أنوار قديمة، لم تزل، ولا تزال، إلى غير ذلك من أقوال هذه النحلة، وهي مقالة مشهورة. وكان القاسم ابنه، من أسمح من رأينا في الطعام، وأشدهم حرصا على المكارم، وقضاء الحاجات. وكان لأبي جعفر، محمد بن القاسم، على ما بلغني، في غير عمل تقلّده وخرج إليه، ستمائة دابّة وبغل، ونيف وأربعون طبّاخا. ثم آلت حاله في آخر عمره إلى الفقر الشديد، ومات بعد سنة 340 في منزله ببغداد. معجم البلدان 4/253

125 ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي

125 ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي أنبأنا محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا عليّ بن أبي عليّ، عن أبيه، قال: ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي «1» ، وسمعت من يقول: إنّه يحفظ مائتي ألف حديث، ويجيب في مثلها، إلّا أنّه كان يفضل الحفاظ، بأنّه كان يسوق المتون بألفاظها، وأكثر الحفّاظ يتسمّحون في ذلك، وكان يزيد عليهم بحفظ المقطوع «2» ، والمرسل «3» ، والحكايات، ولعله يحفظ من هذا، قريبا ممّا يحفظ من الحديث المسند «4» . وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث، وثقات الرجال، ومعتلّهم، وضعفائهم، وأساميهم، وأنسابهم، وكناهم، ومواليدهم، وأوقات وفاتهم، ومذاهبهم، وما يطعن به على كل واحد، وما يوصف به من السداد. وكان في آخر عمره قد انتهى هذا العلم إليه، حتى لم يبق في زمانه من يتقدّمه فيه في الدنيا. المنتظم 7/37 تاريخ بغداد 3/28

126 من شعر أبي نصر القاضي

126 من شعر أبي نصر القاضي أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: حدّثني التنوخي، قال: أنشدني أبو الحسن أحمد بن علي البتّي «3» ، قال: أنشدني أبو نصر يوسف بن عمر القاضي «4» لنفسه: يا محنة الله كفّي ... إن لم تكفّي فخفّي ما آن أن ترحمينا ... من طول هذا التشفّي ذهبت أطلب بختي ... فقيل لي قد توفّي ثور ينال الثريّا ... وعالم متخفّي الحمد لله شكرا ... على نقاوة حرفي المنتظم 7/42

127 من شعر الزاهي

127 من شعر الزاهي أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا محمد بن عبيد الله بن حمدان الكاتب النصيبي «1» ، قال: أنشدني علي بن إسحاق بن خلف، الزاهي البغدادي القطان «2» ، لنفسه، وكان دكانه في قطيعة الربيع «3» : قم نهنّي عاشقين ... أصبحا مصطلحين جمعا بعد فراق ... فجعا منه وبين ثم عادا في سرور ... من صدود آمنين فهما روح ولكن ... ركبت في جسدين قال لي التنوخي: مات الزاهي بعد سنة ستين وثلاثمائة. تاريخ بغداد 11/350 المنتظم 7/59

128 من شعر أبي فراس الحمداني

128 من شعر أبي فراس الحمداني أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك، ومحمد بن ناصر، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار، قال: أنشدنا القاضي عليّ بن المحسّن التنوخي، قال أنشدنا أبو الفرج بن الببغاء «1» ، قال: أنشدنا أبو فراس «2» ، وكتب بها إلى غلامين له، وهو مأسور: هل تحسّان لي رفيقا رفيقا ... يحفظ الود «3» أو صديقا صديقا لا رعى الله يا حبيبي «4» دهرا ... فرّقتنا صروفه تفريقا «5» كنت مولاكما وما كنت إلّا ... والدا محسنا وعمّا شفيقا بتّ أبكيكما وإنّ عجيبا ... أن يبيت الأسير يبكي الطليقا فاذكراني وكيف لا تذكراني ... كلّ ما استخون الصديق الصديقا «6» المنتظم 7/69

129 عضد الدولة ينفق عشرة ملايين درهم على بناء دار وإنشاء بستان

129 عضد الدولة ينفق عشرة ملايين درهم على بناء دار وإنشاء بستان أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عليّ «2» ، قال: حدّثني القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن، قال: سمعت أبي «3» يقول: ماشيت الملك عضد الدولة «4» في دار المملكة بالمخرّم «5» ، التي كانت دار سبكتكين «6» حاجب معزّ الدولة «7» من قبل، وهو يتأمّل ما عمل، وهدم منها، وقد كان أراد أن يزيد في الميدان السبكتكيني أذرعا ليجعله بستانا، ويردّ بدل التراب رملا، ويطرح التراب تحت الروشن «8» على دجلة، وقد ابتاع دورا كثيرة، كبارا وصغارا، ونقضها، ورمى حيطانها بالفيلة، تخفيفا للمؤونة، وأضاف عرصاتها إلى الميدان، وكانت مثل الميدان دفعتين، وبنى على الجميع مسنّاة «9» . فقال لي في هذا اليوم، وقد شاهد ما شاهد: تدري أيّها القاضي، كم

أنفق على ما قلع من التراب إلى هذه الغاية، وبناء هذه المسناة، مع ثمن ما ابتيع من الدور واستضيف؟ قلت: أظنّه شيئا كثيرا. فقال لي: هو إلى وقتنا هذا، تسعمائة ألف درهم صحاحا، ويحتاج إلى مثلها دفعة أو دفعتين، حتى يتكامل قلع التراب، ويحصل موضعه الرمل موازيا لوجه البستان. فلمّا فرغ من ذلك، وصار البستان أرضا بيضاء لا شيء فيها من غرس ولا نبات، قال: قد أنفق على هذا، حتى صار كذا، أكثر من ألفي ألف درهم. ثم فكّر في أن يجعل شرب البستان، من دواليب ينصبها على دجلة، فأعلم أنّ الدواليب لا تكفي، فأخرج المهندسين إلى الأنهار التي في ظاهر الجانب الشرقيّ من مدينة السلام، ليستخرجوا منها نهرأ يسيح ماؤه إلى داره، فلم يجدوا ما أرادوه إلّا في نهر الخالص «1» ، فعلّى الأرض بين البلد وبينه تعلية أمكن معها أن يجري الماء على قدر، من غير أن يحدث به ضرر، وعمل تليّن عظيمين، يساويان سطح ماء الخالص، ويرتفعان عن أرض الصحراء أذرعا، وشقّ في وسطهما نهرا جعل له خورين «2» من جانبيه، وداس الجميع بالفيلة، دوسا كثيرا، حتى قوي، واشتد، وصلب، وتلبّد، فلما بلغ إلى منازل البلد، وأراد سوق النهر إلى داره، عمد إلى دور السلسلة، فدكّ أرضها دكّا قويا، ورفع أبواب الدور، ووثّقها، وبنى جوانب

النهر، على طول البلد، بالآجر، والكلس والنورة، حتى وصل الماء إلى الدار، وسقى البستان. قال أبي: وبلغت النفقة على عمل البستان وسوق الماء إليه، على ما سمعته من حواشي عضد الدولة، خمسة آلاف ألف درهم. ولعلّه قد أنفق على أبنية الدار- على ما أظنّ- مثل ذلك. وكان عضد الدولة، عازما على أن يهدم الدور التي بين داره، وبين الزاهر «1» ، ويصل الدار بالزاهر، فمات قبل ذلك. المنتظم 7/78 و 79 تاريخ بغداد 1/105

130 المؤلف يخطب في عقد قران الخليفة الطائع على ابنة عضد الدولة

130 المؤلف يخطب في عقد قران الخليفة الطائع على ابنة عضد الدولة في يوم الثلاثاء لتسع بقين من ذي القعدة سنة 369 هـ. تزوّج الطائع لله «1» ، بنت عضد الدولة الكبرى «2» ، وعقد العقد بحضرة الطائع، وبمشهد من الأشراف والقضاة والشهود، ووجوه الدولة، على صداق مبلغه مائة ألف دينار «3» ، وفي رواية مائتي ألف دينار، والوكيل عن عضد الدولة في العقد، أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي النحوي «4» ، والخطيب القاضي أبو عليّ المحسّن بن علي التنوخي «5» . المنتظم 7/101

131 رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق

131 رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد ابن بكر البسطامي «1» ، قال: حدّثنا بن دريد «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى العكلي، عن ابن أبي خالد، عن الهيثم بن عدي، قال: كان لعمرو بن دويرة السحمي، أخ قد كلف بابنة عمّ له، كلفا شديدا، وكان أبوها يكره ذلك، ويأباه، فشكا إلى خالد بن عبد الله القسري «3» ، وهو أمير العراق، أنّه يسيء جواره، فحبسه، فسئل خالد في أمر الفتى، فأطلقه. فلبث الفتى مدّة، كافّا عن ابنة عمّه، ثم زاد ما في قلبه، وغلب عليه الحب، فحمل نفسه على أن تسوّر الجدار إليها، وحصل الفتى معها. فأحسّ به أبوها، فقبض عليه، وأتى به خالد بن عبد الله القسري، وادّعى عليه السّرق، وأتاه بجماعة يشهدون أنّهم وجدوه في منزله ليلا، وقد دخل دخول السّراق. فسأل خالد الفتى، فاعترف بأنّه دخل يسرق، ليدفع بذلك الفضيحة عن ابنة عمّه، مع أنّه لم يسرق شيئا.

فأراد خالد أن يقطعه، فرفع عمرو أخوه إلى خالد رقعة فيها: أخالد قد والله أوطئت عشوة ... وما العاشق المظلوم فينا بسارق أقرّ بما لم يقترفه لأنّه ... رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق ولولا الذي قد خفت من قطع كفّه ... لألفيت في أمر لهم غير ناطق إذا مدّت الغايات في السبق للعلى ... فأنت ابن عبد الله أوّل سابق وأرسل خالد، مولى له، يسأل عن الخبر، ويتجسّس عن جلية الأمر، فأتاه بتصحيح ما قال عمرو في شعره. فأحضر الجارية، وأمر بتزويجها من الفتى، فامتنع أبوها، وقال: ليس هو بكفؤ لها. قال: بلى، والله، إنّه لكفؤ لها، إذ بذل يده عنها، ولئن لم تزوّجها، لأزوّجنه إيّاها وأنت كاره. فزوّجه، وساق خالد المهر عنه من ماله. فكان يسمى العاشق، إلى أن مات «1» . مصارع العشاق 2/197

132 إلى غزال من بني النصارى

132 إلى غزال من بني النصارى أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، رحمه الله، سنة 443، قال: حدّثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري «1» قال: أنشدنا أبو القاسم مدرك بن محمد الشيباني «2» ، لنفسه في عمرو النصراني «3» : قال القاضي أبو الفرج: وقد رأيت عمرا، وبقي حتى ابيضّ رأسه.

من عاشق ناء هواه دان ... ناطق دمع صامت اللسان موثق قلب مطلق الجثمان ... معذب بالصدّ والهجران من غير ذنب كسبت يداه ... غير هوى نمت به عيناه شوقا إلى رؤية من أشقاه ... كأنّما عافاه من أضناه يا ويحه من عاشق ما يلقى ... من أدمع منهلّة ما ترقى ناطقة وما أحارت نطقا ... تخبر عن حبّ له استرقّا «1» لم يبق منه غير طرف يبكي ... بأدمع مثل نظام السلك تطفيه نيران الهوى وتذكي ... كأنّها قطر السماء تحكي إلى غزال من بني النصارى ... عذار خدّيه سبى العذارى وغادر الأسد به حيارى ... في ربقة الحب له أسارى ريم بدار الروم «2» رام قتلي ... بمقلة كحلاء لا عن كحل

وطرّة «1» بها استطار عقلي ... وحسن وجه وقبيح فعل ريم به أيّ هزبر لم يصد ... يقتل باللحظ ولا يخشى القود «2» متى يقل: ها، قالت الألحاظ: قد ... كأنّه ناسوته حين اتّحد ما أبصر الناس جميعا بدرا ... ولا رأوا شمسا وغصنا نضرا أحسن من عمرو فديت عمرا ... ظبي بعينيه سقاني الخمرا ها أنا ذا بقدّه مقدود ... والدمع في خدّي له أخدود ما ضرّ من فقدي به موجود ... لو لم يقبّح فعله الصدود إن كان ديني عنده الإسلام ... فقد سعت في نقضه الآثام واختلّت الصلاة والصيام ... وجاز في الدين له الحرام يا ليتني كنت له صليبا «3» ... أكون منه أبدا قريبا أبصر حسنا وأشمّ طيبا ... لا واشيا أخشى ولا رقيبا يا ليتني كنت له قربانا «4» ... ألثم منه الثغر والبنانا أو جاثليقا «5» كنت أو مطرانا «6» ... كيما يرى الطاعة لي إيمانا

يا ليتني كنت لعمرو مصحفا «1» ... يقرأ مني كلّ يوم أحرفا أو قلما يكتب بي ما ألّفا ... من أدب مستحسن قد صنّفا يا ليتني كنت لعمرو عوذه «2» ... أو حلّة يلبسها مقذوذه «3» أو بركة «4» باسمه مأخوذه ... أو بيعة «5» في داره منبوذه يا ليتني كنت له زنّارا «6» ... يديرني في الخصر كيف دارا حتى إذا الليل طوى النهارا ... صرت له حينئذ إزارا قد والذي يبقيه لي أفناني ... وابتزّ عقلي والضنى كساني ظبي على البعاد والتداني ... حلّ محلّ الروح من جثماني واكبدي من خده المضرّج «7» ... واكبدي من ثغره المفلّج «8» لا شيء مثل الطرف منه الأدعج «9» ... أذهب للنسك وللتحرّج إليك أشكو يا غزال الأنس ... ما بي من الوحشة بعد الأنس يا من هلالي وجهه وشمسي ... لا تقتل النفس بغير نفس

جد لي كما جدت بحسن الودّ ... وارع كما أرعى قديم العهد واصدد كصدّي عن طويل الصدّ ... فليس وجد بك مثل وجدي ها أنا في بحر الهوى غريق ... سكران من حبّك لا أفيق محترق ما مسّني حريق ... يرثي لي العدو والصديق فليت شعري فيك هل ترثي لي ... من سقم بي مضّني طويل أم هل إلى وصلك من سبيل ... لعاشق ذي جسد نحيل في كلّ عضو منه سقم وألم ... ومقلة تبكي بدمع وبدم شوقا إلى شمس وبدر وصنم ... منه إليه المشتكى إذا ظلم أقول إذ قام بقلبي وقعد ... يا عمرو، يا عامر قلبي بالكمد أقسم بالله يمين المجتهد ... أنّ امرأ أسعدته لقد سعد يا عمرو ناشدتك بالمسيح «1» ... إلّا استمعت القول من فصيح يخبر عن قلب له جريح ... باح بما يلقى من التبريح «2» يا عمرو بالحقّ من اللاهوت «3» ... والروح روح القدس «4» والناسوت «5»

ذاك الذي في مهده المنحوت ... عوّض بالنطق من السكوت «1» بحق ناسوت ببطن مريم «2» ... حل محل الريق منها في الفم ثم استحال في قنوم الأقدم ... فكلم الناس ولمّا يفطم بحق من بعد الممات قمّصا ... ثوبا على مقداره ما قصّصا «3» وكان لله تقيّا مخلصا ... يشفي ويبري أكمها وأبرصا «4» بحق محيي صورة الطيور ... وباعث الموتى من القبور «5» ومن إليه مرجع الأمور ... يعلم ما في البرّ والبحور بحق ما في شامخ الصوامع «6» ... من ساجد لربه وراكع يبكي إذا ما نام كل هاجع ... خوفا إلى الله بدمع هامع «7» بحق قوم حلقوا الرؤوسا ... وعالجوا طول الحياة بوسى وقرعوا في البيعة الناقوسا ... مشمعلين «8» يعبدون عيسى

بحق ماري مريم «1» وبولس «2» ... بحق شمعون الصفا «3» وبطرس «4» بحق دانيل «5» بحق يونس «6» ... بحق حزقيل «7» وبيت المقدس «8» ونينوى إذ قام يدعو ربّه ... مطهّرا من كل سوء قلبه ومستقيلا فأقال ذنبه ... ونال من أبيه ما أحبّه بحقّ ما في قلّة الميرون «9» ... من نافع الأدواء للمجنون بحق ما يؤثر عن شمعون ... من بركات الخوص والزيتون «10»

بحق أعياد الصليب الزهر «1» ... وعيد شمعون «2» وعيد الفطر «3» وبالشعانين «4» العظيم القدر ... وعيد مرماري «5» الرفيع الذكر وعيد إشعيّا «6» وبالهياكل «7» ... والدخن «8» اللاتي بكفّ الحامل يشفى بها من خبل كل خابل ... ومن دخيل السقم في المفاصل بحق سبعين من العبّاد «9» ... قاموا بدين الله في البلاد وأرشدوا الناس إلى الرشاد ... حتى اهتدى من لم يكن بهاد بحق ثنتى عشرة من الأمم «10» ... ساروا إلى الأقطار يتلون الحكم حتى إذا صبح الدجى جلّى الظلم ... صاروا إلى الله وفازوا بالنعم بحقّ ما في محكم الإنجيل ... من محكم التحريم والتحليل

وخبر ذي نبإ جليل ... يرويه جليل قد مضى عن جيل بحق مرقس «1» الشفيق الناصح ... بحق لوقا «2» ذي الفعال الصالح بحقّ يوحنّا الحليم «3» الراجح ... والشهداء بالفلا الصحاصح «4» بحقّ معموديّة الأرواح «5» ... والمذبح «6» المشهور في النواحي ومن به من لابس الإمساح «7» ... وعابد باك ومن نوّاح بحق تقريبك «8» في الآحاد ... وشربك القهوة كالفرصاد «9» وطول تبييضك للأكباد ... بما بعينيك من السواد بحق ما قدّس شعيا فيه ... بالحمد لله وبالتنزيه

بحق نسطور «1» وما يرويه ... عن كل ناموس له فقيه شيخان كانا من شيوخ العلم ... وبعض أركان التقى والحلم لم ينطقا قط بغير فهم ... موتهما كان حياة الخصم بحرمة الأسقف «2» والمطران «3» ... والجاثليق «4» العالم الربّاني والقس «5» والشمّاس «6» والديراني «7» ... والبطرك الأكبر «8» والرهبان «9» بحرمة المحبوس في أعلى الجبل «10» ... ومار «11» قولا حين صلى وابتهل وبالكنيسات القديمات الأول ... وبالسليح «12» المرتضى بما فعل

بحرمة الأسقوفيا «1» والبيرم «2» ... وما حوى مغفر رأس مريم بحرمة الصوم الكبير الأعظم ... وحق كل بركة ومحرم بحق يوم الدنح «3» ذي الإشراق ... وليلة الميلاد «4» والسلاق «5» والذهب المذهب للنفاق ... والفصح «6» ، يا مهذّب الأخلاق بكل قداس «7» على قداس ... قدّسه القس مع الشمّاس وقرّبوا يوم الخميس الناسي «8» ... وقدموا الكاس لكل حاسي إلّا رغبت في رضا أديب ... باعده الحبّ عن الحبيب فذاب من شوق إلى المذيب ... أعلى مناه أيسر التقريب فانظر أميري في صلاح أمري ... محتسبا فيّ عظيم الأجر مكتسبا فيّ جميل الشكر ... في نثر ألفاظ ونظم شعر مصارع العشاق 2/170

133 أقبل الفم الذي قال: لا إله إلا الله

133 أقبل الفم الذي قال: لا إله إلا الله أنبأنا التنوخي علي بن المحسن، قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان، قال: حدّثني نفطويه «1» ، قال: حدّثني إدريس بن إدريس، قال: حضرت بمصر قوما من الصوفيّة، وعندهم غلام أمرد يغنّيهم، فغلب رجل منهم على أمره، فلم يدر ما يصنع. فقال: يا هذا، قل لا إله إلا الله، فقال: لا إله إلا الله. فقال: أقبّل الفم الذي قال لا إله إلا الله «2» . مصارع العشاق 2/292

134 أمست فتاة بني نهد علانية

134 أمست فتاة بني نهد علانية أخبرنا «1» أبو بكر أحمد بن عليّ «2» بالشام، بقراءتي عليه، أخبرنا عليّ ابن أبي علي البصريّ «3» قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «4» ، قال: حدّثنا جحظة «5» ، قال: كنت بحضرة الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر «6» ، فاستؤذن عليه للزبير ابن بكار «7» ، حين قدم من الحجاز، فلما دخل عليه، أكرمه، وعظّمه. وقال له: لئن باعدت بيننا الأنساب لقد قرّبت بيننا الآداب، وإنّ أمير المؤمنين «8» ذكرك، فاختارك لتأديب ولده «9» ، وأمر لك بعشرة آلاف

درهم، وعشرة تخوت «1» من الثياب، وعشرة بغال تحمل عليها رحلك «2» إلى حضرته بسر من رأى. فشكره على ذلك، وقبله. فلما أراد توديعه، قال له: أيها الشيخ، أما تزوّدنا حديثا نذكرك به؟ قال: أحدّثك بما سمعت أو بما شاهدت؟ قال: بل بما شاهدت. فقال: بينا أنا في مسيري هذا بين المسجدين «3» ، إذ بصرت بحبالة «4» منصوبة فيها ظبي ميت، وبإزائه رجل على نعشه ميت، ورأيت امرأة حرّى، تسعى، وهي تقول: يا خشن لو بطل، لكنّه أجل ... على الأثاية ما أودى بك البطل يا خشن قلقل أحشائي وأزعجها ... وذاك يا خشن عندي كلّه جلل أمست فتاة بني نهد علانية ... وبعلها في أكفّ القوم يبتذل قد كنت راغبة فيه أظنّ به ... فحال من دون ضنّ الرغبة الأجل قال: فلمّا خرج من حضرته، قال لنا محمد بن عبد الله بن طاهر، أيّ شيء أفدنا من الشيخ؟. قلنا له: الأمير أعلم. فقال: قوله: أمست فتاة بني نهد علانية، أي ظاهرة، وهذا حرف لم أسمعه في كلام العرب قبل هذا. تاريخ بغداد 8/469 مصارع العشاق 2/56

135 ما لمن ذاق ميتة من إياب

135 ما لمن ذاق ميتة من إياب أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن، فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدّثنا ابن أبي الدنيا «3» ، قال: حدّثني هارون بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب، قال: حدّثني إسحاق بن يعقوب مولى آل عثمان، عن أبيه، قال: إنّا لبفناء دار عمرو بن عثمان «4» بالأبطح «5» ، صبح خامسة من التهاني «6» ، إذ درئت «7» برجل على راحلة، ومعه أداوة «8» جميلة، قد جنب إليها فرسا وبغلا، [ومعه رفيق له] ، فوقفا عليّ، فسألاني، فانتسبت لهما عثمانيا «9» ، فنزلا، وقالا: رجلان من أهلك «10» ، قد نابتنا إليك حاجة، نحبّ أن تقضيها

قبل الشدّة بأمر الحاج. قلت: فما حاجتكما؟ قالا: نريد إنسانا يوقفنا على قبر عبيد الله بن سريج «1» . قال: فنهضت معهما، حتى بلغت محلة ابن أبي قارة، من خزاعة، بمكة، وهم موالي عبيد الله بن سريج، فالتمست لهما إنسانا يصحبهما، حتى يوقفهما على قبره بدسم «2» ، فوجدت ابن أبي دباكل، فأنهضته معهما. فأخبرني ابن أبي دباكل، انّه لما وقفهما على قبره، نزل أحدهما عن راحلته، وهو عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان، ثم عقرها، واندفع يغني غناء الركبان «3» بصوت طليل «4» حسن: وقفنا على قبر بدسم فهاجنا ... وذكّرنا بالعيش إذ هو مصحب «5» فجالت بأرجاء الجفون سوافح ... من الدمع تستتلي التي تتعقّب إذا أبطأت عن ساحة الخد ساقها ... دم بعد دمع إثره يتصبّب فإن تسعدا نندب عبيدا بعولة ... وقلّ له منّا البكا والتحوّب «6» فلما أتى عليها، نزل صاحبه، فعقر ناقته، وهو رجل من جذام، يقال له: عبيد الله بن المنتشر، فاندفع يتغنى غناء «7» الخلوات:

فارقوني وقد علمت يقينا ... ما لمن ذاق ميتة من إياب إنّ أهل الحصاب «1» قد تركوني ... موجعا مولعا بأهل الحصاب أهل بيت تتابعوا للمنايا ... ما على الدهر بعدهم من عتاب سكنوا الجزع «2» جزع بيت أبي موسى ... إلى الشعب «3» من صفيّ الشباب كم بذاك الحجون «4» من حيّ صدق ... من كهول أعفّة وشباب قال: ابن أبي دباكل: فو الله، ما أتمّ منها ثالثا، حتى غشي على صاحبه، ومضى غير معرّج عليه «5» ، حتى إذا فرغ، جعل ينضح الماء في وجهه، ويقول: أنت أبدا، منصوب على نفسك من كلفات ما ترى. فلما أفاق قرّب إليه الفرس، فلما علاه، استخرج الجذاميّ، من خرج على البغل، قدحا، وأداوة، فجعل في القدح، ترابا من تراب القبر، وصب عليه ماء، ثم قال: هاك، فاشرب هذه السلوة «6» ، فشرب، ثم جعل الجذامي، مثل ذلك لنفسه، ثم نزا على البغل، وأردفني، فخرجنا، لا والله، ما يعرّجان، ولا يعرّضان بذكر شيء مما كانا فيه، ولا أرى في وجوههما مما كنت أرى قبل شيئا.

136 حديث بهرام جور وولده

قال: فلمّا اشتمل علينا أبطح مكة، مديده إليّ بشيء، وإذا عشرون دينارا. فو الله، ما جلست حتى ذهبت ببعيري، واحتملت أداوى الراحلتين، فبعتهما بثلاثين دينارا. مصارع العشاق 2/110 136 حديث بهرام جور وولده أنبأنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحيم بن أحمد المازني الكاتب «1» ، قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي «2» قال: حدّثنا عيسى بن محمد أبو ناظرة السدوسي، قال: حدّثني قبيصة بن محمد المهلبي، قال: أخبرني اليمان ابن عمرو، مولى ذي الرياستين «3» ، قال: كان ذو الرياستين، يبعثني، ويبعث أحداثا من أحداث أهله، إلى شيخ بخراسان، له أدب، وحسن معرفة بالأمور، ويقول لنا: تعلّموا منه الحكمة، فإنّه حكيم، فكنّا نأتيه، فإذا انصرفنا من عنده، سألنا ذو

الرياستين، واعترض ما حفظناه، فنخبره به. فقصدنا ذات يوم إلى الشيخ، فقال: أنتم أدباء، وقد سمعتم، ولكم جدات «1» ونعم، فهل فيكم عاشق؟ فقلنا: لا. فقال: اعشقوا، فإن العشق يطلق اللسان العييّ، ويفتح حيلة البليد والمخبّل «2» ، ويبعث على التنظّف وتحسين اللباس، وتطييب المطعم، ويدعو إلى الحركة والذكاء، ويشرّف الهمة، وإياكم والحرام. فانصرفنا من عنده إلى ذي الرياستين، فسألنا عما أخذنا في يومنا ذاك، فهبنا أن نخبره، فعزم علينا، فقلنا: إنّه أمرنا بكذا وكذا. قال: صدق والله، تعلمون من أين أخذ هذا؟ قلنا: لا. قال: إنّ بهرام جور «3» كان له ابن «4» ، وكان قد رشحه للأمر من بعده، فنشأ الفتى ناقص الهمة، ساقط المروءة، خامل النفس، سيّء الأدب، فغمّه ذلك، ووكّل به المؤدبين، والمنجمين، والحكماء، ومن يلازمه ويعلّمه، وكان يسألهم عنه، فيحكون له ما يغمه من سوء فهمه، وقلّة أدبه. إلى أن سأل بعض مؤدّبيه يوما، فقال له المؤدب: قد كنا نخاف سوء أدبه، فحدث من أمره، ما صيّرنا إلى اليأس من فلاحه.

قال: وما ذاك الذي حدث؟ قال: رأى ابنة فلان المرزبان «1» ، فعشقها حتى غلبت عليه، فهو لا يهذي إلّا بها، ولا يتشاغل إلّا بذكرها. فقال بهرام: الآن رجوت فلاحه. ثم دعا بأبي الجارية، فقال له: إنّي مسرّ إليك سرّا، فلا يعدونّك، فضمن له ستره، فأعلمه أنّ ابنه، قد عشق ابنته، وانّه يريد أن ينكحها إيّاه، وأمره أن يأمرها بأطماعه في نفسها، ومراسلته من غير أن يراها، وتقع عينه عليها، فإذا استحكم طمعه فيها، تجنّت عليه، وهجرته، فإن استعتبها أعلمته انّها لا تصلح إلا لملك، ومن همّته همّته ملك، وانها تمنع من مواصلتها من لا يصلح للملك، ثم ليعلمه خبرها وخبره، ولا يطلعها على ما أسرّ إليه، فقبل أبوها ذلك منه. ثم قال للمؤدّب الموكّل بولده: شجّعه على مراسلة المرأة، ففعل ذلك، وفعلت المرأة، ما أمرها به أبوها. فلما انتهت إلى التجنّي عليه، وعلم الفتى السبب الذي كرهته له، أخذ في الأدب، وطلب الحكمة، والعلم، والفروسية، والرماية، وضرب الصوالجة، حتى مهر في ذلك، ثم رفع إلى أبيه، انّه محتاج إلى الدواب، والآلات، والمطاعم، والملابس، والندماء، إلى فوق ما تقدّم له، فسرّ الملك بذلك، وأمر له به. ثم دعا مؤدّبه، فقال: إنّ الموضع الذي وضع به ابني نفسه من حيث هذه المرأة، لا يزري به، فتقدّم إليه أن يرفع إليّ أمرها، ويسألني أن أزوّجه إيّاها، ففعل، فرفع الفتى ذلك إلى أبيه، فدعا بأبيها، فزوّجها إيّاه، وأمر بتعجيلها إليه، وقال: إذا اجتمعتما فلا تحدث شيئا حتى أصبر إليك.

فلما اجتمعا، صار إليه، فقال: يا بنيّ، لا يضعنّ منها عندك مراسلتها إيّاك، وليست في حبالك، فإنّي أنا أمرتها بذلك، وهي أعظم الناس منّة عليك، بما دعتك إليه من طلب الحكمة، والتخلّق بأخلاق الملوك، حتى بلغت الحدّ الذي تصلح معه للملك من بعدي، وزدها من التشريف والإكرام بقدر ما تستحقّ منك. ففعل الفتى ذلك، وعاش مسرورا بالجارية، وعاش أبوه مسرورا به، وأحسن ثواب أبيها، ورفع مرتبته، وشرّفه بصيانة سرّه وطاعته، وأحسن جائزة المؤدب بامتثاله ما أمره، وعقد لابنه على الملك بعده. قال اليماني، مولى ذي الرئاستين: ثم قال لنا ذو الرئاستين: سلوا الشيخ الآن، لم حملكم على العشق؟ فسألناه، فحدّثنا بحديث بهرام جور وابنه. مصارع العشاق 2/21

137 اللهم فرج ما ترى

137 اللهم فرج ما ترى أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: حدّثنا أبو عمر بن حيويه «1» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «2» ، قال: حدّثني إسحاق بن محمد بن أبان «3» ، قال: أخبرني بعض البصريين، قال: مرّ أبو السائب المخزومي «4» بسوداء تستقي، وتسقي بستانا، فقال: ويلك، ما لك؟ قالت: صديقي، عبد بني فلان، كان يحبّني وأحبّه، ففطن بنا، فقيّده مواليه، وصيّرني مولاي في هذا العمل. فقال أبو السائب: والله، لا يجمع عليك ثقل الحبّ، وثقل ما أرى، وقام مقامها في الزرنوق «5» ، فكلّ الشيخ، وعرق، فجعل يمسح العرق، ويقول: اللهم فرّج ما ترى. مصارع العشاق 2/17

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب 5 مقدمة المحقق 7 1 أبو العباس ثعلب يقول لما لا يدري، لا أدري 8 2 بين خالد الكاتب وإبراهيم بن المهدي 10 3 أبو الفرج الأصبهاني يجمع شعره بين إتقان العلماء وإحسان الشعراء 11 4 إجازة برواية قصيدة 12 5 أبو رياش القيسي وأبو محمد المافروخي، وكثرة ما يحفظان 13 6 أبو رياش القيسي يغضب من نسبة بيت شعر إليه 14 7 أبو محمد المافروخي الفأفاء، يفأفئ له ابن أحد خلفائه 15 8 بين القاضي أبي عمر الأزدي، والقاضي أبي جعفر بن البهلول 17 9 بين القاضي أبي جعفر بن البهلول وأبي جعفر الطبري 19 10 القاضي أبو جعفر بن البهلول، لا يخشى في القول الحق لومة لائم 23 11 القاضي أبو جعفر بن البهلول يطلب بين الصدر والقبر فرجة 28 12 القاضي أبو جعفر بن البهلول يكشف عن براءة الوزير ابن الفرات مما اتّهم به. 35 13 من شعر أبي الفتح بن المنجم 37 14 غلام يقتضي أن يكون أخا وصديقا

39 15 جحظة البرمكي يفت لبنات وردان 40 16 أبو بكر بن الجراح عالم فارس 41 17 أبو عبد الله بن ثوابة، نهاية في الكتبة وحسن الكلام 42 18 فرات غاض من آل الفرات 43 19 عضد الدولة غلام أبي علي الفارسي في النحو 45 20 زورق ابن الخواستيني، يحمل ثلاثمائة ألف رطل 46 21 ابن أبي علان ومبالغاته 47 22 التنوخي يتحدث عن الحسن بن بشر الآمدي 49 23 لعن الله الدنيا 52 24 نعوذ بالله من الخيبة والخذلان 54 25 ابن الماشطة، صاحب كتاب جواب المعنت 56 26 من طريف أخبار العادات 57 27 خطيب يموت على المنبر 58 28 أبو الفرج بن هندو، كاتب الإنشاء في ديوان عضد الدولة 59 29 أبو الحسن الصائغ النحوي، أستاذ الجبائي 60 30 هذا بلاغ للناس ولينذروا به 61 31 بين الوزير ابن مقلة، والشاعر ابن بسام 62 32 بين ابن الفرات وخالد الكاتب 64 33 رسالة كتبها والد المؤلف 65 34 من شعر أبي الفتح بن المنجم 66 35 أبو معشر وعلم التنجيم 68 36 من إخوانيات الجاحظ 70 37 الوزير علي بن عيسى يقر بأنّه صنيعة الوزير ابن الفرات

74 38 ابن دريد يكتب دروسه لتلامذته 75 39 القاضي التنوخي وقاطع الطريق 78 40 ابن سكّرة الهاشمي يهجو غلاما 79 41 عناية الوزير أبي محمد المهلبي بالتنوخي المؤلف 82 42 التنوخي المؤلف في مجلس أنس عضد الدولة 86 43 أبيات من نظم عضد الدولة 88 44 عضد الدولة يحتفل بتحوّل سنة شمسيّة من يوم مولده 93 45 لماذا سخط عضد الدولة على التنوخي المؤلف 102 46 أبو العباس النحوي يمدح أبا القاسم التنوخي والد المؤلف 103 47 المفجع الشاعر يلاطف القاضي أبا القاسم التنوخي 104 48 المفجع الشاعر يعاتب القاضي أبا القاسم التنوخي 105 49 من شعر أبي النضر الكندي 107 50 أبو مسلم الأصبهاني يكتب لمحمد بن زيد الداعي 108 51 الصلت بن مالك الشاري، يدعو الله أن يوقف المطر 109 52 من شعر ابن جمهور العمي 110 53 إنّه الله تبارك وتعالى 113 54 بشرك الله بالنار 114 55 أبو بكر الآدمي القارئ، يقرأ لابن أبي الساج 117 56 إبراهيم بن شبابة، يشكو فلا يجاب 118 57 عضد الدولة وإيمانه بالمنامات 123 58 أبو العلاء الكاتب، ووفاؤه للمهلبيّ 125 59 المعتضد والملاح القاتل 127 60 المدائني يثني على إسحاق الموصلي

129 61 لو رضيته لما بعته 130 62 أبو سعيد القرمطي يبعث برسالة إلى المعتضد 133 63 الوزير عبيد الله بن يحيى بن خاقان، يقلّد عليّ بن محمد قضاء القضاة 135 64 ابن أبي زيد يثني على عليّ بن عيسى الربعي 136 65 أبو خازم القاضي، وشدته في الحكم 138 66 أبو خازم القاضي أدّب شخصا فمات، فوداه من بيت المال 140 67 القاضي أبو الحسن بن أبي الشوارب، يتقلّب بين التولية والعزل 142 68 قاض متهم بالاسترشاء 143 69 الناشئ يشغف برقيبة 145 70 المقتدر والقرية الفضيّة 150 71 ما هو حد السكر؟ 151 72 القاضي ابن أبي الشوارب يصاب بالفالج فيخلفه ابنه 152 73 ابن الراوندي 153 74 القاضي أبو خليفة واللص 154 75 كلبة ترضع طفلا 155 76 قاض ولايته ثلاثة أيام 156 77 استخلف على القضاء وله عشرون سنة 157 78 من مكارم أخلاق حامد بن العباس عامل واسط 159 79 حديث العلوية الزمنة 163 80 مائدة الوزير حامد بن العباس ينفق عليها في كل يوم مائتي دينار

164 81 مبلغ ما صودر عليه الوزير أبو الحسن بن الفرات 165 82 أبو بكر بن السراج يتمثل بأبيات من الشعر حسنة 166 83 تفسير الآية (ومن دخله كان آمنا) 168 84 قرمطي يتحدث عن اعتقادات القرامطة 172 85 ابن العلاف الشاعر يجيز بيتا نظمه المعتضد 174 86 القاضي أبو عمر وعنايته في إصدار الأحكام 175 87 جزاء الخيانة 177 88 تاجر بغدادي آلى على نفسه أن يغسل يده أربعين مرة إذا أكل ديكبريكه 191 89 الشيخ بويه والرؤيا التي هالته 195 90 بين جحظة البرمكي ومحبرة بن أبي عبّاد الكاتب 198 91 ذنب جحظة إلى الزمان 199 92 المجنون الشاعر 200 93 المقتدر يستقضي الحسن بن عبد الله على مدينة المنصور 201 94 ثلاثة متقدمون لا يزاحمهم أحد 202 95 من شعر أبي نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع 203 96 خصومة بين قاض وشاهد، انتهت بالمصالحة 206 97 كلب يحرم نفسه من قوته، ويؤثر صاحبه على نفسه 208 98 الأمير جعفر بن ورقاء يعاتب القاضيين أبا عمر وأبا الحسين 210 99 الخليفة الراضي يبكي حزنا على قاضي القضاة 211 100 أبو بكر الأنباري، يملي من حفظه 212 101 اجتمعت في أيام المتقي إسحاقات سحقت خلافته 214 102 الخليفة المتقي يستسقي

216 103 وتقدرون فتضحك الأقدار 217 104 الأمير معز الدولة يشجع السعي والصراع والسباحة 220 105 فرار الناس من بغداد لما دخلها الديلم 222 106 الوزير علي بن عيسى يقول: ليتني تمنيت المغفرة 224 107 الزاهدة ابنة أبي الحسن المكّي 226 108 أبو عمر غلام ثعلب، من الرواة الذين لم ير أحفظ منهم 228 109 كلب يحمي صاحبه ممن أراد خنقه 229 110 لص يموت على النقب الذي نقبه 230 111 لا آمرك، ولكنّي شفيع 232 112 القاضي أبو جعفر بن البهلول يلي قضاء مدينة المنصور عشرين سنة 233 113 أبو بكر الآدمي واجتماع الناس عليه عندما يقرأ القرآن 235 114 أبو بكر الآدمي يقرأ القرآن في بغداد، فتسمع قراءته في كلواذى 237 115 أبو جعفر بن بريّة يرى أبا بكر الآدمي في النوم 238 116 بين الأول والثاني مائة سنة، وهما في القعدد إلى المنصور سواء 239 117 إن الله لا يعذب من جاوز الثمانين 240 118 شقيقان ملتزقان من جانب واحد 242 119 القاضي عمر بن أكثم جلس يقضي في الموضع الذي جلس فيه جد أبيه قبل مائة عام 245 120 الشاعر المتنبي لا يفصح عن نسبه 246 121 المتنبي يحفظ كتابا من ثلاثين ورقة قرأه مرّة واحدة

247 122 المتنبي وادعاؤه النبوة 248 123 كيف قتل المتنبي 252 124 بحث في آل الكرخي 255 125 ما شاهدنا أحفظ من أبي بكر الجعابي 256 126 من شعر أبي نصر القاضي 257 127 من شعر الزاهي 258 128 من شعر أبي فراس الحمداني 259 129 عضد الدولة ينفق عشرة ملايين درهم على بناء دار وإنشاء بستان 262 130 المؤلف يخطب في عقد قران الخليفة الطائع على ابنة عضد الدولة 263 131 رأى القطع خيرا من فضيحة عاشق 265 132 إلى غزال من بني النصارى 276 133 أقبّل الفم الذي قال لا إله إلا الله 277 134 أمست فتاة بني نهد علانية 279 135 ما لمن ذاق ميتة من إياب 282 136 حديث بهرام جور وولده 286 137 اللهم فرّج ما ترى

فهرس أسماء الأشخاص

فهرس أسماء الأشخاص (أ) إبراهيم بن المهدي- العباسي، أبو إسحاق 8، 9 ابن أبرونا- أبو العلاء عيسى بن الحسين النصراني الكاتب 123، 124 ابن أحمد- أبو إسحاق، صاحب شرطة المتقي 213 ابن أحمد- أبو عمر إسماعيل، عامل البصرة 45 الاخباري- أبو الحسن أحمد بن محمد 68، 202 الإخشيدي- أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني النحوي 60، 129، 165 الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل النحوي 47 إدريس بن إدريس 276 الآدمي- أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن فضالة بن يزيد بن عبد الملك القارىء 114، 233، 234، 235، 236، 237 الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد 133، 134، 229 الأزدي- أبو محمد الحسين بن أبي الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف 203، 204 الأزدي- أبو بكر محمد بن واسع بن جابر 129 الأزدي- أبو محمد يحيى بن محمد بن فهد 162، 235، 240 الأزدي- أبو نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف 15، 203، 204، 205، 210، 256 الأزرق- أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق التنوخي الأسدي- ضبّة- 251 الأسدي- فاتك بن أبي جهل، قاتل المتنبي 249، 251

الأسدي- أبو المغيرة محمد بن يعقوب بن يوسف الشاعر البغدادي 105 إسماعيل- 142 إشعيا- النبي 272 الأشناني- أبو الحسين عمر بن الحسن الشيباني 14، 155، 200 الأصبهاني- داود بن علي بن خلف الظاهري الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي، صاحب الأغاني 10، 56، 57، 68، 117، 195، 229 الأصبهاني- أبو مسلم محمد بن بحر الكاتب 107 الأصبهاني- محمد بن داود بن علي بن خلف الظاهري الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي 153، 246 ابن الأعرابي- أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم 227 ابن أكثم- أبو بشر عمر بن أكثم بن حبان بن بشر الأسدي 242، 243 ابن الأكفاني- أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 233 ابن الأكفاني- أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 201، 233 الآمدي- أبو القاسم الحسن بن بشر 12، 47 الأمين- عبد الوهاب 175 الأمين- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 9 الأنباري- علي بن حسان الكاتب 191 الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 211 الأندلسي- أبو زكريا يحيى بن مالك بن عائذ 57 الأنصاري- كعب بن مالك 114 (ب) الباغندي- أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الأزدي الواسطي 113 الباهلي- قتيبة بن مسلم، القائد العربي 129

الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي 45، 105، 258 البتول فاطمة الزهراء، بنت النبي محمد صلوات الله عليه البتي- أبو الحسن أحمد بن علي، كاتب القادر بالله 256 البجلي- أبو القاسم عمر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن خالد القاضي 113 البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 143 البخاري- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، صاحب الجامع الصحيح 153 بختيار- أبو منصور عز الدولة بن أبي الحسين أحمد بن بويه 90، 99 البرمكي- أبو الفضل يحيى بن خالد بن برمك 196 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد، شيخ البريديين 75 البريدي- أبو القاسم عبد الله بن أبي عبد الله أحمد بن محمد 254 البريديون- 39 بريرة- عتيقة أم المؤمنين عائشة 231 البزاز- أبو علي الحسن بن مكرم بن حسان 230 البزاز- أبو بكر محمد بن عبد الباقي، المعروف بابن أبي طاهر 114، 117، 125، 130، 145، 164، 166، 175، 177، 191، 211، 214، 217، 220، 224، 226، 229، 240، 255 ابن بسّام- أبو الحسن علي بن محمد بن نصر بن منصور العبرتائي 61 البسطامي- أبو بكر محمد بن بكر، غلام ابن دريد، وزوج ابنته 263 ابن بشر- أبو الفرج منصور بن بشر النصراني الكاتب 45 ابن بطحاء- أبو إسحاق، محتسب المتقي 213 البغدادي- أبو القاسم الحسين بن علي 39 البغدادي، علي النحوي الربعي، أبو الحسن علي بن عيسى بن الفرج بن صالح ابن أبي البغل- أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى 107 البغوي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز 233، 234

ابن بقيّة- أبو طاهر، نصير الدولة، محمد بن محمد، وزير بختيار 99، 124 ابن بكار- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله القرشي الأسدي 277 ابن بكر- محمد، صاحب نسيم الجندي بنيسابور 206 ابن بكير- عبيد الله بن أحمد 224 بهرام جور- ملك فارس 283، 284 بولس- القديس 271 بويه- والد عماد الدولة علي، وركن الدولة الحسن، ومعز الدولة أحمد 191 (ت) تجنّي- محظية الوزير أبي محمد الحسن بن محمد المهلبي وأم أولاده 50، 51، 123، 162 التمّار- ابن الروّاس، جار أبي الحسن المكي بالبصرة 224 التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 15، 17، 19، 21، 22، 23، 24، 25، 28، 31، 232 التنوخي- القاضي أحمد بن علي 230 التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق 66، 70، 175، 214، 220 التنوخي- أبو القاسم علي بن الحسن التنوخي الشامي، من أهالي معرة النعمان، المعروف بابن جلباب 90 التنوخي- أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، ابن صاحب النشوار 8، 11، 23، 47، 52، 102، 110، 113، 114، 117، 125، 127، 129، 130، 133، 136، 138، 140، 142، 143، 145، 150، 151، 154، 155، 156، 164، 165، 166، 172، 174، 175، 176، 191، 195، 198، 199، 200، 201، 203، 206، 208، 210، 211، 212، 214، 216، 217، 220، 222، 224، 226، 227، 228، 229، 230، 232، 233، 235، 237، 238، 239، 240، 242، 244، 246، 248، 254، 256، 257، 259، 263، 265، 276، 277، 279، 282، 286

التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد القاضي، والد صاحب النشوار 13، 24، 64، 75، 93، 102، 103، 104، 105، 109، 125 التنوخي- أبو عليّ المحسّن بن عليّ- صاحب النشوار 3، 5، 7، 10، 12، 13، 14، 16، 19، 25، 35، 37، 40، 41، 42، 43، 45، 46، 47، 49، 54، 56، 57، 59، 60، 62، 64، 65، 66، 70، 74، 75، 79، 82، 84، 86، 87، 88، 91، 93، 95، 98، 100، 106، 107، 109، 110، 114، 117، 118، 123، 125، 130، 138، 145، 152، 157، 176، 191، 195، 211، 212، 214، 216، 217، 220، 222، 224، 226، 229، 235، 245، 246، 247، 252، 254، 258، 259، 261، 262 التنوخي- أبو طالب محمد بن القاضي أبي جعفر بن البهلول 17 التنوخي- أبو بكر الأزرق يوسف بن يعقوب بن إسحاق 66، 93 توزون- القائد التركي، أمير الأمراء 179، 212 التوزي- أبو الحسين أحمد بن علي القاضي 286 (ث) ابن ثابت- أبو العلاء النصراني 64 ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن يسار الشيباني 7، 11، 47، 227 ثمل- قهرمانة المقتدر 179 ابن ثوابة- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد 20، 41 ابن ثوابة- محمد بن جعفر بن محمد بن ثوابة، كان على ديوان الرسائل 41 (ج) ابن جابر- أبو إسحاق الفقيه 174 الجاحظ- أبو عثمان، عمرو بن بحر 68، 69، 83

الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن أبي علي محمد 59 جبر- صالح، رئيس وزراء عراقي 57 جحظة- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى البرمكي 8، 39، 195، 198، 277 ابن الجراح- أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل المعروف بالخزّاز 40 ابن الجراح- أبو عبد الله محمد بن داود 72، 175 الجعابي- أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم بن البراء، قاضي الموصل 255 الجكار- أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف، صاحب ديوان الرسائل في بلاط عضد الدولة 89، 97، 98، 99 ابن جلباب التنوخي، أبو القاسم علي بن الحسن الشامي الجمحي- أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله 153 ابن جني- أبو الفتح عثمان الموصلي 43 الجهرمي- أبو محمد، عيّن قاضيا خلفا للتنوخي صاحب النشوار 93 الجهشياري- أبو عبد الله محمد بن عبدوس الكوفي- صاحب كتاب الوزراء 34 ابن الجوزي- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي 114، 152 الجوصي- أبو عمر 153 جوهر الصقلي- أبو الحسن جوهر بن عبد الله الرومي، باني القاهرة والجامع الأزهر 171 (ح) الحارثي- أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث السراج الواسطي 168 حامد بن العباس- أبو محمد، وزير المقتدر 22، 28، 29، 30، 31، 33، 34، 54، 157، 158، 163 الحامض- أبو موسى سليمان بن محمد بن أحمد النحوي 47، 227 الحذاء- خالد بن مهران البصري الحافظ 230 الحرمي- نذير، خادم المقتدر 33

حزقيل- النبي 271 الحسن- الإمام أبو محمد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 83، 160، 254 الحسن البصري- أبو سعيد بن يسار 7 الحسين- الإمام أبو عبد الله سبط الرسول وابن البتول، شهيد كربلا 83، 160، 170، 254 أبو الحسين- عمر بن محمد بن يوسف الأزدي 15، 156، 204، 208، 210 بنت حسينة- سلمة، مغنية عضد الدولة 82 ابن حفص- أبو اليقظان سحيم 154 الحلاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 199 ابن الحلاج- مأمور التشريفات في بلاط عضد الدولة 97 ابن حماد- كاتب موسى بن خلف أمين الوزير ابن الفرات 29 الحمداني- ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان 220، 240، 241 الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 43، 53، 105، 250 الحموي- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي 8 ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 39 ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن زكريا بن يحيى الخزاز 143، 199، 230، 286 (خ) أبو خازم القاضي- عبد الحميد بن عبد العزيز، قاضي المعتضد 136، 137، 138 الخازن- أحمد بن يحيى بن هبة الله 175 ابن خاقان- أبو الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وزير المتوكل والمعتمد 133، 134 ابن خاقان- الفتح، وزير المتوكل 55 خالد الكاتب- أبو الهيثم خالد بن يزيد البغدادي 8، 62 ابن أبي خالد 263

الخباز البلدي- أبو بكر محمد بن أحمد بن حمدان 82 الخرقي- القاضي أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق، قاضي المتقي 213 الخزاز- محمد بن العباس ابن حيويه الخزاعي- أبو علي دعبل بن علي 9 الخصيبي- أبو الحسين عبد الواحد بن محمد 136 الخطيب البغدادي- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت 8، 40، 43، 110، 133، 136، 137، 150، 151، 156، 165، 172، 174، 195، 198، 200، 201، 203، 208، 210، 212، 216، 222، 230، 232، 233، 235، 237، 238، 239، 246، 248، 256، 259 الخلال- أبو عمر أحمد بن محمد بن حفص 59، 106، 240 أبو خليفة- الفضل بن الحباب بن محمد الجمحي القاضي 153 خواجا- المملوك التركي الذي قلده معز الدولة شرطة بغداد 227 ابن الخواستيني- صاحب أكبر زورق بالبصرة 45 ابن أبي خيثمة النسائي أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب بن شداد (د) ابن داسه- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن بكر البصري 222 الداعي- محمد بن زيد بن إسماعيل بن الحسن العلوي الحسني، صاحب طبرستان والديلم 107 دانيال- النبي 271 الداودي- أبو الحسن 150 ابن أبي دباكل 280 ابن درستويه- أبو محمد عبد الله بن جعفر 11، 59 ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي 47، 74، 108، 129، 263 الدقاق- الحسين بن محمد بن عبيد المعروف بابن العسكري 174 أبو دلف- شقيق عضد الدولة، مات طفلا 118

دلويه- أبو محمد عبد الله بن علي 19 ابن أبي الدنيا- أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس 154، 279 الدوري- أحمد بن عبد الله الوراق 127 (ذ) الذراع- ابن حبيب 136 الذهبي- أبو بكر أحمد بن علي ابن القطان (ر) ابن رائق- الأمير أبو بكر محمد 75 الرازي- أحمد بن موسى، قاضي مكة 71 الراسبي- أبو الوليد 206 الراضي- أبو العباس محمد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 203، 204، 210 ابن الراوندي- أبو الحسين أحمد بن يحيى بن إسحاق 152 رايلند- جون، صاحب المكتبة بجامعة مانجستر 159، 162 الربعي- أبو الحسن علي بن عيسى بن الفرج بن صالح النحوي البغدادي 135 ابن رستم- أحمد بن محمد بن رستم، عامل أصبهان 107 الرسعني- بكاره 85 الرشيد- أبو جعفر هارون بن أبي عبد الله محمد المهدي العباسي 9، 128، 193، 238 الرضا- الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم 193 الرفاء- أبو الحسن السريّ بن أحمد الكندي 84 ركن الدولة أبو الحسن عليّ بن بويه 91، 94، 118، 193، 218 الرماني- أبو الحسن علي بن عيسى النحوي الإخشيدي ابن الرومي- أبو الحسن عليّ بن العباس بن جريج 47، 143 الرياشي- أبو الفضل العباس بن الفرج بن علي بن عبد الله البصري 153

أبو الريان- حمد بن محمد، من رجال عضد الدولة 98، 101 (ز) الزاهد- أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم اللغوي، غلام ثعلب 11، 226، 227 الزاهي- أبو الحسن علي بن إسحاق بن خلف القطان 257 ابن الزبير- أبو عبد الله مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير 127 الزجاج- أبو إسحاق إبراهيم بن السري 47، 105 زرياب- جارية ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 98 الزعفراني- أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد الواسطي 7 الزهراء- فاطمة البتول بنت النبي محمد صلوات الله عليه الزهري- 7 ابن أبي زيد- ابن أخت أبي علي الفارسي النحوي 135 زيدان- قهرمانة المقتدر 179 زينة- ابنة الوزير أبي محمد الحسن المهلبي 50 (س) أبو السائب- عتبة بن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله الهمذاني، قاضي القضاة 79، 80، 81 92، 142، 204، 239، 242، 243 ابن أبي الساج- الأمير أبو القاسم يوسف بن ديواداد، من كبار رجال الدولة العباسية 31، 32، 114، 115 السبخي- أبو طاهر 60 سبكتكين- الحاجب الكبير، المعروف بجاشنكير، مولى معز الدولة 184، 259 السحمي- عمرو بن دويرة 263

السدوسي- أبو ناظرة عيسى بن محمد 282 السدوسي- أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة 216 السراج- أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القارىء 199، 277 ابن السراج- أبو بكر محمد بن السري بن سهل 48، 165 السرخسي- أبو العباس الفضل بن سهل، ذو الرئاستين 282، 283، 285 ابن سريج- أبو يحيى عبيد الله، من أشهر المغنين في صدر الإسلام 280 ابن أبي سعد 117 أبو سعد 60 ابن سعدان- أبو عبد الله الحسن بن أحمد، من رجال عضد الدولة 96 ابن السقاء- أبو محمد عبد الله بن محمد 8 السقطي- أبو بكر عمر بن عبد الملك 216، 217 ابن سكرة- أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي 78 ابن السكّيت- أبو يوسف يعقوب بن إسحاق 83 السلامي- أبو الحسن محمد بن عبد الله 90 سليمان بن أبي جعفر المنصور 159 السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- صاحب كتاب الأنساب 11 سهل بن بشر- أبو العباس، عامل واسط والأهواز 46 ابن سيار- القاضي أبو بكر أحمد، قاضي الأهواز 79 السيدة أم المقتدر- شغب، مولاة المعتضد 145، 146، 147، 179، 180، 183، 186، 189 السيرافي- أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان 74، 135 ابن سيف- عمر بن محمد 127 السيوطي- جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري 7

(ش) ابن شاذان- أبو بكر 276 الشاري- الصلت بن مالك، صاحب عمان 108 الشالجي- عبود الشالجي، المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 5 شاه زنان- ابنة عضد الدولة، زوجة الطائع لله 262 ابن شاهويه- أبو بكر محمد بن علي بن شاهويه، صاحب القرامطة 94، 95، 96 ابن شبابه- إبراهيم الشاعر، مولى بني هاشم 117 ابن شداد- الحسين 206 شرف الدولة- أبو الفوارس شيرزيل بن عضد الدولة 97 الشعبي- أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار 7 شكر- أبو الثناء، خادم عضد الدولة 97، 98 شكلة- أم إبراهيم بن المهدي العباسي 9 شمعون الصفا- القديس 271 شهدة بنت أحمد بن عمر الإبري- فخر النساء 199 ابن أبي الشوارب- الحسن بن عبد الله بن علي 200 ابن أبي الشوارب- الحسن بن محمد بن عبد الملك 133، 134 ابن أبي الشوارب- أبو العباس عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 151، 243 ابن أبي الشوارب- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك 133، 134 ابن أبي الشوارب- أبو الحسن محمد بن الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 140، 142 ابن أبي الشوارب- محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 151 الشيباني- الأمير أبو محمد جعفر بن ورقاء 208 الشيباني- أبو القاسم مدرك بن محمد الشاعر 265 ابن شيبة- السدوسي، أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب

ابن شيخ- أقام الدعوة بحلب لعضد الدولة 122 الشيرازي- أبو الفضل أحمد بن أبي أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 94، 95، 96، 97، 98، 99 الشيرازي- أبو الفضل العباس بن الحسين، صهر الوزير المهلبي 49، 51، 123، 124 الشيرازي- عبد الرحمن بن جعفر، عامل فارس 107 الشيرازي- أبو الحسن علي بن عيسي بن الفرج الربعي 44 الشيرازية- حسن علم، قهرمانة المستكفي ابن شيركوه- أبو الحسين 191، 192، 193 (ص) الصائغ- أبو الحسن علي بن عيسى الرامهرمزي النحوي 59 الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال 41 الصابي- أبو الحسين هلال بن المحسّن بن إبراهيم بن هلال الصابي الحراني 79، 93 الصاحب- أبو القاسم إسماعيل بن عباد، كافي الكفاة 90، 94، 95، 100 صاحب الزنج- علي بن محمد الورزنيني العلوي 153، 213 ابن صالح- أبو علي الحسن 199 صبري- حسن، رئيس وزراء مصري 57 الصديق- أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة التيمي القرشي، أول الخلفاء الراشدين 168 الصلحي- أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي 125، 214، 220 الصلحي- أبو الفرج طاهر بن محمد 138 صمصام الدولة- أبو كاليجار المرزبان بن عضد الدولة أبي شجاع فناخسرو 96، 97، 98 الصوفي- درة 235 الصوفي- أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن سهل الرازي، منجم عضد الدولة 44، 89، 120، 122 الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 143، 202، 210

الصيرفي- أبو عبد الله 157 الصيرفي- أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد الطيوري المعروف بابن الحمامي 175 الضبعي- البيّع 136 (ض) الضبعي- شبيل بن عزرة 11 الضبّي- أبو رشيد، حضر مقتل المتنبي 250 الضبّي- أبو معد نزار بن محمد، صاحب شرطة المقتدر 33، 34 الضبّي- أبو جعفر هارون بن محمد، خليفة أحمد بن هلال صاحب عمان 48 (ط) الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل المطيع بن جعفر المقتدر 100، 262 الطائي- أبو تمام حبيب بن أوس 13 ابن طاهر- الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين 129 ابن طاهر- الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر 277، 278 الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد 11، 201، 237، 238 الطبري- أبو علي الحسن بن محمد 123 الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير 17، 18 الطبسي- أبو القاسم المظفر بن علي، راثي المتنبّي 250 ابن طرار- أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني 265 ابن طرخان- أبو الحسن علي بن أبي القاسم الحسن الطنبوري 82 ابن طرخان- أبو القاسم الحسن بن طرخان الطنبوري 82 طلحة بن محمد بن جعفر- أبو القاسم الشاهد 133، 136، 140، 151، 155، 156، 200، 203، 210، 232، 242، 243

الطلحي- محمد بن عبد الله 117 الطنبوري- محمد بن كاله، مغني عضد الدولة 82 ابن طولون- الأمير أبو العباس أحمد، صاحب مصر والشام 213 ابن طيفور- أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور الخراساني، صاحب تاريخ بغداد 143 144 (ظ) الظاهري- الإمام أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني 150 الظاهري- أبو بكر محمد بن داود بن علي بن خلف الأصبهاني 150 (ع) العباس بن عبد المطلب- عم النبي صلوات الله عليه 231 ابن عباس- أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 230 عبدان السقاء- والد المتنبي 247 ابن عبد الجبار- أبو الحسين 258 العبدي- أبو نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع 105، 202 عبيد الله بن سليمان- أبو القاسم، الوزير 71، 72، 110 عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين 198 أبو عبيدة- معمر بن المثني 154 العبيسي- قرأ عليه والد صاحب النشوار كتاب معاني الشعر 103 عثمان بن عفان بن العاص بن أمية- ذو النورين، أبو عمرو، الخليفة الثالث 169 ابن عثمان- عمرو 279 ابن عديّ- أبو عبد الرحمن الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الثعلي الطائي البحتري الكوفي 263 ابن عروس- محمد 143 ابن العسكري الدقاق، الحسين بن محمد بن عبيد

عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 43، 44، 58، 74، 82، 84، 86، 88، 89، 91، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 100، 101، 118، 119، 121، 124، 248، 249، 250، 251، 259، 261، 262 ابن عقبة- أبو محمد، عيّن قاضيا خلفا للتنوخي صاحب النشوار 93 العكبري- أبو القاسم الحسن بن علي بن إبراهيم بن خلاد، إمام جامع عكبرا 108 عكرمة- مولى ابن عباس 230 العكلي- أحمد بن عيسى 129، 263 ابن العلاف- أبو بكر الحسن بن علي بن أحمد بن بشار بن زياد الضرير النهرواني 172 ابن العلاف- عبد العزيز بن الحسن بن علي بن أحمد 172 ابن أبي علان- أبو أحمد عبد الله بن محمد، قاضي الأهواز 46 علم- قهرمانة المستكفي 179، 180 العلوي- الحسن بن محمد بن زيد بن إسماعيل بن الحسن الحسني 107 العلوي- أبو الحسن محمد بن يحيى 246 علي- أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام 60، 83، 119، 121، 160، 169، 230، 254 علي بن عيسى بن الجراح- أبو الحسن الوزير 19، 20، 21، 22، 29، 30، 31، 32، 33، 34، 41، 47، 54، 70، 71، 73، 83، 107، 175، 179، 222، 223 عماد الدولة- أبو الحسن علي بن بويه 119، 192، 193 أبو عمر- القاضي محمد بن يوسف الأزدي 15، 20، 21، 30، 31، 110، 156 ابن عمرو- اليمان، مولى ذي الرياستين 282 العمي- أبو علي محمد بن الحسن بن جمهور الكاتب 109 ابن عياش- القاضي أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بن عياش الجوهري 166، 212 العيني- ضبّة بن يزيد، هجاه المتنبّي 251

(غ) الغنوي- العباس بن عمرو- عامل المعتضد على اليمامة والبحرين 130 (ف) ابن الفاخر- أبو الكرم النحوي 60 فارس- داية المكتفي وقهرمانته 179 الفارسي- أبو علي الحسن بن أحمد النحوي 43، 44، 88، 135، 262 فاروق- ملك مصر 57 الفاروق- أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين 141، 168، 169 فاطمة- الزهراء البتول، ابنة النبي محمد أبي القاسم صلوات الله عليه 169، 254 فاطمة بنت علي بن الحسن بن القاسم بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب- العلوية الزمنة 161 فاطمة- قهرمانة المقتدر 179 الفاطمي- إسماعيل بن محمد العبيدي، صاحب المهدية 170 فخر الدولة- أبو الحسن علي بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 90، 94 ابن الفرات- أبو العباس أحمد بن محمد 70، 71، 72، 73، 136 ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات، وزير المقتدر 19، 20، 21، 22، 26، 28، 29، 30، 31، 32، 33، 42، 54، 61، 62، 70، 72، 73، 136، 164، 184 ابن الفرات- أبو أحمد المحسّن بن الوزير أبي الحسن بن الفرات 71، 172 ابن فسانجس- أبو محمد علي بن العباس، نديم بختيار 90 ابن فسانجس- أبو الفرج محمد بن العباس، وزير بختيار 35، 50، 51، 65، 90، 123، 124 الفسوي- أبو بكر بن عبد الرحيم، من التجار 90

(ق) القابسي- أبو موسى عيسى بن أبي عيسى 154، 206، 228 القارىء- أبو السري عمر بن محمد 114 ابن قرابة- أبو بكر 221 القراريطي- أبو إسحاق محمد بن أحمد بن عبد المؤمن الإسكافي 212 القرمطي- أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي 130 القرمطي- الحسن بن أبي منصور سعيد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي 170 القرمطي- أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي 166، 169 ابن قريعة- القاضي أبو بكر محمد عبد الرحمن 162، 222 القزاز- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد، المعروف بابن زريق 8، 40، 43، 110، 133، 136، 138، 142، 150، 151، 156، 165، 172، 174، 195، 198، 200، 201، 203، 208، 210، 212، 216، 222، 232، 233، 235، 237، 238، 239، 246، 248، 256، 259 القسري- أبو الهيثم خالد بن عبد الله 263، 264 القشوري- نصر الحاجب 19، 33 ابن القطان- أبو بكر أحمد بن علي الذهبي 239 القطان- أبو سهيل بن زياد 83، 222 القطان- أبو الحسن علي بن إسحاق بن خلف الزاهي ابن قليجة- رسول الوزير علي بن عيسى إلى القرامطة 19، 22 القنوتي- أبو عبد الله 157 أبو قيراط- أبو القاسم هشام بن عبد الله الكاتب 28، 54 ابن أبي قيراط- أبو الحسن علي بن هشام بن عبد الله الكاتب 19، 28، 42، 54، 61، 62 القيسي- أبو رياش أحمد بن أبي هاشم 12، 13

(ك) الكاتب- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سليمان 8، 198، 277 ابن كثير- محمد 153 الكرخي- أبو أحمد بن علي بن محمد 252 الكرخي- أبو عبد الله جعفر بن القاسم 252، 254 الكرخي- القاسم بن علي بن محمد 252، 254 الكرخي- اللص، قاطع الطريق بين بغداد وواسط 75 الكرخي- أبو جعفر محمد بن القاسم 252، 254 الكلوذاني- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 175 الكلوذاني- أبو الطيب محمد بن أحمد 19 كنجك- المغنّية، عشيقة عضد الدولة 98، 99 ابن كنداج- إسحاق، عامل الموصل والجزيرة 213 ابن كنداج- محمد بن إسحاق 213 الكندي- أبو النضر، محمد بن إسحاق بن أسباط النحوي المصري 85، 105، 106 الكوفي- أبو جعفر أحمد بن بديل بن قريش بن الحارث اليامي 111 الكوفي- الحسين بن علي 175 الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي 279، 282 (ل) لوقا- القديس 273 (م) المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني 16، 23، 279، 282 ابن ماسرجس- أبو العباس 45

ابن ما شاء الله- الرفاش الذي صيره الوزير ابن الفرات بيّعا 136 ابن الماشطة- أبو الحسين علي بن الحسن بن محمد البغدادي 54، 55 المافروخي- أبو محمد عبد العزيز بن أحمد 12، 14 المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد 9، 128، 282 ابن المبارك- عبد الوهاب 258 المبرّد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 43، 165 المبرمان- أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل العسكري 59 المتقي لله- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفضل جعفر المقتدر 180، 203، 204، 212، 213، 214، 238 المتنبي- أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 43، 245، 246، 247، 248، 249، 250، 251 المتوكل- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 55، 83، 134، 277 ابن المثنّى- أبو الحسين أحمد بن الحسن بن المثنّى 48 ابن المثنّى- أبو أحمد طلحة بن الحسن بن المثنّى 48 ابن محارب- محمد بن حفص بن سلمة 154 المحاملي- أبو بكر الحسين بن محمد بن الحسين- عيّن قاضيا خلفا للقاضي التنوخي صاحب النشوار 93 محبرة النديم- أبو جعفر محمد بن يحيى بن أبي عباد جابر بن زيد بن الصباح العسكري 195 ابن محمد- علي 206 محمد- أبو القاسم، رسول الله صلوات الله عليه 21، 60، 160، 161، 214، 231، 233، 254، 255، 278 ابن محمود- كاتب الأمير يوسف بن أبي الساج 32 مخارق- أبو المهنّأ بن يحيى الجزار، المغني 9 المخرّمي- أبو محمد عبد الله بن محمد بن أيوب بن صبيح 113 المخزومي- أبو السائب عبد الله بن السائب بن صيفي بن عابد 286

ابن مخلد- إبراهيم 142 المخلدي- طريف 136، 137 المخلص- أبو طاهر 239 المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 128، 154 ابن المدبر- أبو إسحاق إبراهيم 37، 68، 69 ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام المعروف بالمحولي 143، 199، 230، 286 المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران 74 مرقس- القديس 273 ابن مروان- الفضل، الوزير 55 ابن مروان- عبد الله بن سعيد بن عبد الملك 280 ابن مروان- الوليد بن عبد الملك 263 ابن مروان- هشام بن عبد الملك 263 المروزي- عبد الله بن أبي نصر 117 مريم- السيدة البتول، أم المسيح عليه السلام 270 المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم بن هارون الرشيد 134 المستكفي بالله- أبو القاسم عبد الله بن أبي محمد علي المكتفي بن أبي العباس أحمد المعتضد 140، 142، 180 المسرحي- علي بن محمد الفقيه، أحد خلفاء القضاة ببغداد 7 المسمعي 13 المسندي- أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد ربه بن سدوس بن علي 153 ابن المسيب- أبو محمد سعيد بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي 7 المسيح- نبي الله عيسى عليه السلام 269 ابن مصعب- هارون بن أبي بكر بن عبد الله بن مصعب 279 المصعبي- أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب، أمير بغداد 213

المطوّق- أبو الحسن عليّ بن الفتح 175 المطيع لله- أبو القاسم الفضل بن أبي الفضل جعفر المقتدر 86، 140، 242، 243 ابن معاذ- أبو أيوب سليمان بن يحيى 117 ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن محمد المعتز بن جعفر المتوكل 24، 84، 172 المعتز- أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 83، 134 المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 8، 9، 134، 141، 238 المعتضد بالله- أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة الموفق بن أبي الفضل جعفر المتوكل 72، 125، 126، 130، 131، 132، 136، 137، 138، 172، 195 المعتمد- أبو العباس أحمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 23، 134، 141، 213 معز الدولة- أبو الحسين أحمد بن بويه 41، 49، 51، 65، 94، 140، 171، 191، 193، 194، 217، 218، 220، 227، 242، 259 المعز لدين الله- أبو تميم معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بن المهدي الفاطمي العلوي 171 أبو معشر- جعفر بن محمد بن عمر البلخي المنجم 66 مغيث- زوج بريرة، مولى آل المغيرة من بني مخزوم 231 المفجّع- محمد بن أحمد بن عبيد الله الشاعر 103، 104، 110 المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 19، 21، 41، 48، 107، 130، 145، 151، 155، 156، 164، 175، 179، 186، 188، 200، 221، 232 ابن مقلة- الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسين 34، 47، 54، 61 المكتفي بالله- أبو محمد علي بن أبي العباس أحمد المعتضد 72، 151، 179 مكحول- أبو عبد الله مكحول بن أبي مسلم شهراب بن شاذل، فقيه الشام 7 المكي- أبو الحسن الزاهد 224، 225 ابنة المكي- الزاهدة، ابنة أبي الحسن الزاهد 224 ابن المنتشر- عبيد الله الجذامي 280 المنتصر بالله- أبو جعفر محمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 55

ابن المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى 35، 65، 145، 159، 162 المنجم- أبو عبد الله إسحاق، من ندماء عضد الدولة 86، 91 ابن المنجم- أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى 65، 145 ابن المنجم- أبو الحسن علي بن يحيى بن المنجم 66 ابن المنجم- أبو القاسم يوسف بن يحيى بن علي بن يحيى 145، 146، 147، 148، 149 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي 238 المهتدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الواثق 134 المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور 159، 238 ابن مهرويه- الحسن بن القاسم 68 المهلبي- حبيب بن نصر 117 المهلبي- أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة 37، 49، 51، 56، 79، 80، 91، 123، 124، 162 المهلبي- قبيصة بن محمد 282 المهلبي- أبو الغنائم المفضل بن الوزير أبي محمد الحسن المهلبي 49، 50، 51، 123 ابن أبي موسى- أبو بكر أحمد بن أبي موسى عيسى بن أحمد بن موسى 93، 237، 238 موسى بن بغا- أحد قواد الأتراك، ابن خالة المتوكل 110، 111 موسى بن خلف- أمين الوزير ابن الفرات 29، 31 الموسوي- أبو عبد الله الحسين بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي بن الحسين 201، 236 الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم النديم 128 الموفق- أبو أحمد طلحة بن أبي الفضل جعفر المتوكل 23، 213، 277 مؤنس المظفر- أمير الجيوش 114، 115 المؤيد 175 المؤيد- إبراهيم بن أبي الفضل جعفر المتوكل 83

مؤيد الدولة- أبو منصور بويه بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 94 ابن ميمون- أحمد، من عمال الدولة العباسية 206 (ن) ابن ناصر- محمد 258 الناشىء- أبو العباس عبد الله بن محمد الأنباري 143 النحوي- أبو العباس أحمد بن يحيى 102، 128 النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان الملقب بالأحمر 286 ابن النرسي- أبو الفرج أحمد بن عثمان بن إبراهيم الفقيه 177 النسائي- أبو بكر أحمد بن زهير بن حرب بن شداد البغدادي المعروف بابن أبي خيثمة 127 النسائي- أبو خيثمة زهير بن حرب بن شداد البغدادي 127 نسطور- بطريرك القسطنطينيّة، حرمه المجمع الأفسي المسكوني 274 نسيم- جندي من أصحاب أحمد بن ميمون 206 ابن نصر- أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله القاضي 138، 142 النصراني- عمرو- صاحب ابن مدرك الشيباني 265، 266 النصيبي- محمد بن عبيد الله بن حمدان الكاتب 208، 257 أبو النضر الكندي، محمد بن إسحاق بن أسباط المصري أبو نضلة العبدي، مهلهل بن يموت بن المزرع نظم- داية أبي القاسم يوسف بن المنجم، قهرمانة السيدة أم المقتدر 145، 146، 180 نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي 276 نقفور- ملك الروم 52 أبو نؤاس- الحسن بن هانىء الحكمي 83 النوبختي- أبو الحسن علي بن العباس 110

(هـ) الهائم الراوية- أبو علي أحمد بن علي المدائني 84، 85، 94، 96 الهادي- أبو محمد موسى بن أبي عبد الله محمد المهدي العباسي 159 هارون الرشيد الرشيد ابن هارون- أبو الفتح عبد الواحد بن أبي علي الحسين الكاتب 49، 51 الهاشمي- أبو الحسن أحمد بن الفضل بن عبد الملك 215 الهاشمي- أبو القاسم جعفر بن عبد الواحد 48 الهاشمي- أبو عبد الله بن أبي موسى القاضي بالجانب الشرقي ببغداد 142، 204، 205 الهاشمي- أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن أبي جعفر المنصور المعروف بابن بريه 237، 238 الهاشمي- أبو عبد الله محمد بن أبي موسى عيسى بن أحمد بن موسى 201 الهاشمي- أبو الحسن محمد بن عبد الواحد 48، 130 الهاشمية- أم موسى، قهرمانة المقتدر 179 ابن هلال- أحمد، صاحب عمان 48 ابن هندو- أبو الفرج علي بن الحسين الكاتب 58 (و) الواثق- أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق محمد المعتصم 128، 238 الواسطي- أبو الحسن علي بن عاصم بن صهيب 230 الواسطي- الفضل بن الحسن 136 الوراق- مساور 199 وصيف- القائد التركي 55 الوكيل- عبد الله بن جعفر 68 ابن وهب- القاسم بن عبيد الله الوزير 72، 206

(ي) يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي- أبو زكريا 127 يزدجرد بن بهرام جور 283 اليزيدي- أبو عبد الله محمد بن العباس 127 ابن يعقوب- إسحاق، مولى آل عثمان 279 يوحنا الحبيب- القديس 273 يونس- النبي 271

فهرس جغرافي

فهرس جغرافي (أ) 279: 135: الأبطح 30: 12: أردبيل 240: 18: أرمينيّة (ب) 253: 124: البصرة 166: 83: البيت الحرام 271: 132: بيت المقدس (ج) 220: 105: الجانب الشرقي 220: 105: الجانب الغربي 228: 109: الجبل 281: 135: الجزع (ح) 169: 84: الحائر 281: 135: الحجون 140: 67: الحرمان 281: 135: الحصاب 131: 62: الحضرة (خ) 193: 89: خراسان (د) 159: 79: درب سليمان 280: 135: دسم 170: 84: دمشق 75: 39: دير العاقول (ر) 99: 45: راذان 11: 4: رويان (س) 133: 63: سرّ من رأى 23: 11: سقي الفرات

(ش) 141: 67: الشام 138: 66: الشرقيّة (ف) 193: 89: فارس (ق) 103: 47: أبو قبيس 66: 35: القفص (ك) 253: 124: الكرخ 66: 35: كركر 166: 83: باب الكعبة 235: 114: كلواذى 98: 45: كرمان (م) 24: 11: ماه البصرة 24: 11: ماه الكوفة 184: 88: المخرّم 156: 77: مدينة السلام 141: 67: مصر 129: 61: مرو 223: 106: المسجد الحرام 24: 11: مسكن 253: 124: المشرق 90: 44: معرة النعمان 253: 124: المفتح 170: 84: مكة 179: 88: الملويّة (ن) 249: 123: النعمانية 82: 42: نهاوند 260: 129: نهر الخالص (هـ) 93: 45: همذان (ي) 233: 113: يثرب 140: 67: اليمن

فهرس عمراني

فهرس عمراني (أ) 173: 85: الإجازة 279: 135: الإداوة 173: 85: أرتج 50: 23: الأرسي 196: 90: أزمن 185: 88: الأستاذ 266: 132: استرق 214: 102: الاستسقاء 185: 88: الأسطى 274: 132: الأسقف 275: 132: الأسقوفي 118: 57: الأعين 273: 132: الامساح (ب) 195: 90: البارية 268: 132: البركة 115: 55: البرنس 274: 132: البطرك 103: 47: البقل 228: 109: البنج 196: 90: البوارد 275: 132: البيرم 136: 65: البيّع 268: 132: البيعة (ت) 280: 135: التحوب 278: 134: التخت 181: 88: التذكرة 181: 88: التسكرة 97: 45: التسوّق 56: 26: تشرن 196: 90: التصرّف 29: 12: تطاول 146: 70: التطهير 273: 132: التقريب 34: 12: التوثيّة 103: 47: التيس

(ج) 267: 132: الجاثليق 283: 136: الجدات 99: 45: جداد 196: 90: الجدي 219: 104: الجراية 247: 122: جعف 99: 45: جناغ (ح) 216: 103: الحب 278: 134: الحبالة 166: 83: الحجر الأسود 255: 125: الحديث المرسل 255: 125: الحديث المسند 255: 125: الحديث المقطوع 13: 6: حديث 13: 6: حديثة 29: 12: الحرّاقة 17: 9: الحق 103: 47: الحيس (خ) 94: 45: خركاه 152: 72: الخشونة 178: 88: الخلقاني 185: 88: الخلل 275: 132: الخميس الناسي 260: 129: الخور 131: 62: الخيش (د) 219: 104: الدبادب 272: 132: الدخن 279: 135: درأ 88: 44: الدست 268: 132: الدعج 219: 104: الدنبركة 275: 132: الدنح 206: 97: الدوّاج 253: 124: الدواوين 76: 39: الدوسة 218: 104: الديباج 274: 132: الديراني 177: 88: ديكبريكة 193: 89: الديلم 191: 89: ديلمان (ر) 274: 132: الراهب 278: 134: الرحل

85: 42: الرسعي 45: 20: الرطل 223: 106: الرطل 218: 104: الرغائب 143: 69: الرقيبة 95: 45: الركابي 280: 135: الركباني 269: 132: روح القدس 158: 78: الروزجاري 100: 45: روقة 103: 47: الروم 103: 47: الرويس 131: 62: الريحان (ز) 51: 23: زبزب 286: 137: الزرنوق 268: 132: الزنّار 271: 132: الزيتون (س) 145: 70: السادة 97: 45: سبر 124: 58: السبنيّة 36: 13: سجار 178: 88: السحر 217: 104: السعي 224: 107: سف الخوص 76: 39: السلاح الشاك 275: 132: السلاق 281: 135: السلوة 275: 132: السليح 236: 114: السميرية 88: 44: السنة الشمسيّة 141: 67: السواد 34: 12: السوط 185: 88: السياق 145: 70: السيدة (ش) 124: 58: الشبلية 108: 51: الشراة 56: 26: الشرى 272: 132: الشعانين 281: 135: الشعب 274: 132: الشماس (ص) 158: 78: صاحب المعونة 249: 123: الصافية

273: 132: الصحصاح 178: 88: صدق 217: 104: الصراع 157: 78: الصفر 270: 132: الصومعة (ط) 175: 87: الطائف 267: 132: الطرّة 76: 39: طرح عليه 20: 10: الطلق 280: 135: طليل 176: 87: طفّى 31: 12: الطنز 158: 78: الطوابيق 184: 88: الطيّار (ع) 193: 89: العارض 219: 104: العتّابي 103: 47: العجب 50: 23: عرضيّ الدار 215: 102: العزالي والعزالى 131: 62: العسف 186: 88: عشت 30: 12: عفوا 136: 65: العلوة 268: 132: العوذة 49: 23: علياباذ 272: 132: عيد شمعون 272: 132: عيد الصليب (غ) 46: 21: الغضارة الصيني 280: 135: غناء الركبان (ف) 218: 104: الفرسخ 273: 132: الفرصاد 275: 132: الفصح 268: 132: الفلج 217: 104: الفيج (ق) 108: 51: القاع 46: 21: القبجة 124: 58: القتل 275: 132: القدّاس 267: 132: القربان 103: 47: القرع

274: 132: القس 214: 102: القطر 218: 104: القنويز 179: 88: القهرمان 196: 90: القهوة 267: 132: القود (ك) 77: 39: الكار 219: 204: الكانون 116: 55: الكم 103: 47: الكيس (ل) 269: 132: اللاهوت (م) 274: 132: مار 196: 90: المحفّة 283: 136: المخبّل 174: 86: المدافعة عن الأحكام 273: 132: المذبح 39: 15: المردان 283: 136: المرزبان 228: 109: المرقد 219: 104: المروزي 20: 10: المساحي 196: 90: المسمع 259: 129: المسناة 280: 135: المصحب 268: 132: المصحف 268: 132: المضرّج 182: 88: المطاولة 33: 12: المطبق 215: 102: المطر الجود 267: 132: المطران 273: 132: المعمودية 191: 89: مفازة 34: 12: المقرعة 219: 104: المنقلة 271: 132: الميرون 166: 83: الميزاب 103: 47: الميس (ن) 269: 132: الناسوت 196: 90: النقرس (هـ) 270: 132: الهامع

272: 132: الهياكل (و) 103: 47: الوهد 100: 45: وثئت رجلي (ي) 187: 88: يوم الموكب

فهرس الكتب والمراجع

فهرس الكتب والمراجع الآثار الباقية عن القرون الخالية: أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني- طبع ليبزك 1923. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب معجم الأدباء. إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: القسطلاني، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد، طبع بولاق 1304. الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة. الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية- بيروت. الإمتاع والمؤانسة: أبو حيان التوحيدي- طبع بيروت. الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913. بدائع البدائه: أبو الحسن علي بن ظافر بن حسين الأزدي الخزرجي- حاشية على هامش معاهد التنصيص- مطبعة محمد مصطفى بمصر 1316. تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت. تاريخ الرسل والملوك: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، طبع دار المعارف بمصر. تجارب الأمم: أبو علي أحمد بن محمد المعروف بمسكويه- تحقيق آمد روز- طبع مصر 1914 تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: أبو الحسن هلال بن المحسّن الصابي- تحقيق عبد الستار أحمد فراج- القاهرة 1958. تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية مع ذكر أصلها بحروفه- طوبيا العنيسي- دار العرب للبستاني بالقاهرة 1965. التعريفات: السيد الشريف الجرجاني- طبعة اصطنبول 1283. تكملة تاريخ الطبري: محمد بن عبد الملك الهمذاني- تحقيق البرت يوسف كنعان- المطبعة الكاثوليكية- بيروت.

الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي المعروف بابن البيطار- طبعة بولاق 1291. جمع الجواهر في الملح والنوادر: أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني- طبعة الخانجي سنة 1353 بالقاهرة. حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم ميتز- هيدلبرج 1909. دائرة المعارف الإسلامية- الترجمة العربية: 15 مجلدا 1933. الديارات: الشابشتي، أبو الحسن علي بن محمد- تحقيق كوركيس عواد- ط 2 بغداد 1966. ديوان أبي فراس: رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه- طبع دار صادر بيروت 1955. ديوان السري الرفاء: السري بن أحمد بن السري الكندي- طبعة مكتبة القدسي- مصر 1355 ذم الهوى: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبع مصر. شذرات الذهب في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي- 8 مجلدات- طبعة القدسي. شرح ديوان المتنبي: الواحدي، أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري طبع برلين 1861. الطبيخ: محمد بن عبد الكريم البغدادي- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت. العيون والحدائق في أخبار الحقائق ج 3- المؤلف مجهول- نشر بريل 1869. الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية: محمد بن علي بن طباطبا المعروف بابن الطقطقا- طبعة صادر- بيروت. الفرج بعد الشدة: أبو علي المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي: جزآن طبع دار الهلال بمصر 1914. الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي: مخطوطة جون رايلند- مانجستر. الفرج بعد الشدة: أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي: مخطوطة الظاهرية- دمشق. فرج المهموم في مواقع النجوم: رضي الدين أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد ابن طاووس الحسنيّ الحسينيّ- طبع النجف. فضل الكلاب على من لبس الثياب: أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان- طبع مصر 1341.

فقه اللغة: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- طبعة البابي- القاهرة 1938. الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق- طبعة غوستاف فلوغل- ليبزك. الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر 1966. 13 مجلدا مع الفهرس كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاج خليفة- طبعة اصطنبول. الكنايات: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري مطبعة السعادة بمصر 1326. لسان العرب: ابن منظور المصري، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري الإفريقي- طبعة صادر. لطائف المعارف: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبعة الحلبي بالقاهرة. مجمع البيان في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن- طبع بيروت 10 ج 5 م. المزهر: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري. المشترك وضعا والمفترق صقعا: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864. مصارع العشاق: السراج، أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القارىء- دار صادر. معاهد التنصيص في شرح شواهد التلخيص: بدر الدين أبو الفتح عبد الرحيم العباسي- طبع بمطبعة محمد مصطفى بمصر 1316. معجم الأدباء: ارشاد الأريب إلى معرفة الأديب- ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت ابن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، طبعة مرجليوث 1924. المعجم في أسماء الألبسة عند العرب: رينهارت دوزي- امستردام 1845. معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي: المستشرق زامباور- جامعة فؤاد الأول 1951.

معجم البلدان: ياقوت الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبعة وستنفلد 6 مجلدات مع الفهارس معجم الحيوان: أمين المعلوف- طبع دار المقتطف 1932. معجم المراكب والسفن في الإسلام: حبيب زيات- مجلة المشرق م 43 المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدر آباد الدكن 1357. المنجد: الأب لويس معلوف- ط 19 بيروت. نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: أبو عليّ المحسّن بن عليّ التنوخي القاضي- الأجزاء 1 و 2 و 3- تحقيق عبود الشالجي- طبع دار صادر- بيروت. نشوار المحاضرة- شمس الدين أبو المظفر يوسف بن عبد الله المعروف بقز أوغلي، سبط ابن الجوزي- مخطوط. نكت الهميان في نكت العميان: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله- تحقيق أحمد زكي باشا- القاهرة 1913. هدية العارفين، أسماء المؤلفين، وآثار المصنفين: إسماعيل باشا البغدادي- اصطنبول 1955. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- 6 مجلدات- طبع القاهرة. يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956.

رموز

رموز : راجع م: مقدمة المؤلف الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب 287 فهرس أسماء الأشخاص 294 فهرس جغرافي 320 فهرس عمراني عام 322 فهرس الكتب والمراجع 328 نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة 4

(بعونه تعالى) تم طبع الجزء الرابع من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر نيسان 1972 على مطابع دار صادر في بيروت

الجزء الخامس

الجزء الخامس مقدمة المحقق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ والحمد لله رب العالمين أقدّم لقرّاء العربيّة، الجزء الخامس من كتاب «نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة» للقاضي أبي علي المحسّن بن علي التنوخي، وهو ثاني الأجزاء الأربعة، التي اشتملت على ما أمكنني العثور عليه من فقرات النشوار الضائعة، تلقّطتها من ثنايا الكتب، وبذلت في ذلك من الجهد ما لا يدرك كنهه إلّا من مارس ما مارست، وعانى ما عانيت، فإن انعدام الفهارس في أكثر الكتب العربية، كان يضطرّني إلى قراءة الكتاب كلّه، فربما عثرت في طياته على فقرة واحدة، من فقرات النشوار الضائعة، وربما لم أعثر على شيء. والاطلاع على ثبت المراجع التي رجعت إليها، وهي المدوّنة في آخر الكتاب، لا يكفي للإحاطة بمقدار ما بذلت من جهد، وما كابدت من عناء، فإنّ عشرات من الكتب، قرأتها سطرا سطرا، ولم أعثر فيها على فقرة من الفقرات المطلوبة، فلم أذكرها في الثبت. ولست أمنّ على أحد بما بذلت من جهد، وبما واجهت من مشقّه،

ولكنّي بسطت ذلك لمن يقرأ هذا الكتاب، ليطّلع على مقدار ما عانيت، فيكون سعيي لديه مشكورا، وخطإي عنده مغفورا. والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب. بحمدون في 28 نيسان 1972 عبود الشالجي المحامي

1 الخليفة المستكفي ينقل قاضيا وينصب بدلا منه

1 الخليفة المستكفي ينقل قاضيا وينصب بدلا منه أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: لما نقل المستكفي بالله «2» أبا السائب «3» عن القضاء بمدينة المنصور «4» ، وذلك في يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «5» ، قلّد في هذا اليوم، أبا الحسن محمّد بن صالح بن علي بن يحيى بن عبد الله بن محمّد بن عبيد الله بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب، ويعرف هو وأهله ببني أمّ شيبان «6» ، وهي والدة يحيى ابن عبد الله جدّ أبيه، وهي المكناة بأمّ شيبان، واسمها كنيتها، وهي بنت يحيى بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد الله، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأمّ زكريا بن طلحة: أمّ كلثوم بنت أبي بكر الصدّيق، وأمّ أبيه صالح بن علي: فاطمة بنت جعفر بن محمد

ابن عمّار البرجمي «1» ، قاضي القضاة بسرّ من رأى، قال طلحة: فقد ولده ثلاثة من الصحابة من قريش «2» ، وله ولادة في البراجم من العرب. والقاضي أبو الحسن محمد بن صالح، من أهل الكوفة، وبها ولد ونشأ، وكتب الحديث، وقدم بغداد سنة إحدى وثلاثمائة مع أبيه، ثم تكرّر دخوله إياها، ثم دخل إليها في سنة سبع وثلاثمائة، فقرأ على أبي بكر بن مجاهد «3» ، ولقي الشيوخ. ثم انتقل إلى الحضرة، فاستوطنها في سنة ست عشرة وثلاثمائة، وصاهر قاضي القضاة أبا عمر محمد بن يوسف» على بنت بنته. قال طلحة: وأبو الحسن رجل عظيم القدر، وافر العقل، واسع العلم، كثير الطلب للحديث، حسن التصنيف، مدمن الدرس والمذاكرة، ينظر في فنون العلم والآداب، متوسط في الفقه على مذهب مالك، ولا أعلم قاضيا تقلّد القضاء بمدينة السلام من بني هاشم غيره. ثم قلّده المطيع «5» قضاء الشرقية «6» ، مضافا إلى مدينة المنصور، وذلك في رجب سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة «7» ، فصار على قضاء الجانب الغربي

بأسره إلى شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، فإنّ بغداد جمعت لأبي السائب عتبة بن عبيد الله «1» . وقلّد القاضي أبو الحسن، مصر «2» ، وأعمالها، والرملة «3» ، وقطعة من أعمال الشام «4» . تاريخ بغداد للخطيب 5/363 المنتظم 7/102 باختصار

2 لماذا سمي زوج الحرة

2 لماذا سمي زوج الحرة حدّثنا القزّاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثني الأمير أبو الفضل جعفر بن المكتفي بالله، قال: كانت بنت بدر مولى المعتضد «5» ، زوجة أمير المؤمنين المقتدر بالله «6» ، فأقامت عنده سنين، وكان لها مكرما، وعليها مفضلا الافضال العظيم، فتأثّلت حالها، وانضاف ذلك إلى عظيم نعمتها الموروثة. وقتل المقتدر «7» ، فأفلتت من النكبة، وسلم لها جميع أموالها وذخائرها، حتى لم يذهب لها شيء، وخرجت من الدار «8» . وكان يدخل إلى مطبخها حدث، يحمل على رأسه، يعرف بمحمد بن جعفر «9» ، وكان حركا «10» ، فنفق على القهرمانة بخدمته، فنقلوه، إلى أن صار

وكيل المطبخ، وبلغها خبره، ورأته، فردّت إليه الوكالة في غير المطبخ. وترقّى أمره، حتى صار ينظر في ضياعها، وعقارها، وغلب عليها، حتى صارت تكلّمه من وراء ستر، وخلف باب. وزاد اختصاصه بها، حتى علق بقلبها، فاستدعته إلى تزويجها، فلم يجسر على ذلك، فجسّرته، وبذلت مالا، حتى تمّ لها ذلك. وقد كانت حالته تأثّلت بها، وأعطته، لما أرادت ذلك منه، أموالا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة، لئلّا يمنعها أولياؤها منه لفقره، وأنّه ليس بكفء، ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوّجوها منه، واعترضها الأولياء، فغالبتهم بالحكم والدراهم، فتمّ له ذلك ولها. فأقام معها سنين، ثم ماتت، فحصل له من مالها، نحو ثلاثمائة ألف دينار، فهو يتقلّب إلى الآن فيها. قال أبي: قد رأيت أنا هذا الرجل، وهو شيخ عاقل، شاهد «1» ، مقبول «2» ، توصّل بالمال إلى أن قبله أبو السائب القاضي «3» ، حتى أقرّ في يده وقوف الحرة، ووصيّتها، لأنّها أوصت إليه في مالها ووقوفها، وهو إلى الآن، لا يعرف إلّا بزوج الحرة «4» .

وإنما سمّيت الحرّة، لأجل تزويج المقتدر بها، وكذا عادة الخلفاء، لغلبة المماليك عليهم، إذا كانت لهم زوجة، قيل لها: الحرّة «1» . المنتظم 7/119 تاريخ بغداد للخطيب 2/153

3 البيضاوي أزرق كوسج

3 البيضاوي أزرق كوسج أخبرنا أبو منصور القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال: سمعت التنوخي يقول: حضرت عند أبي الحسن بن لؤ لؤ «3» مع أبي الحسين البيضاوي «4» ، لنقرأ عليه، وكان قد ذكر له عدد من يحضر السماع، ودفعنا إليه دراهم كنّا قد واقفناه عليها. فرأى في جملتنا واحدا زائدا عن العدد الذي ذكر له، فأمر بإخراجه، فجلس الرجل في الدهليز، وجعل البيضاوي يقرأ، ويرفع صوته، ليسمع الرجل. فقال ابن لؤلؤ: يا أبا الحسين، أتعاطى «5» عليّ، وأنا بغدادي، باب طاقي «6» ،

ورّاق، صاحب حديث، شيعي، أزرق «1» ، كوسج «2» . ثم أمر جاريته أن تدقّ بالهاون أشنانا «3» حتى لا يصل صوت البيضاوي بالقراءة إلى الرجل. المنتظم 7/140

4 القاضي ابن قريعة يستخلف التنوخي على قضاء الأهواز

4 القاضي ابن قريعة يستخلف التنوخي على قضاء الأهواز قال أبو الفرج الشلجي «1» : حدّثني أبو علي التنوخي القاضي، قال: لما قلّدني القاضي أبو بكر بن قريعة «2» ، قضاء الأهواز خلافة له، كتب إلى المعروف بابن سركر الشاهد، وكان خليفته على القضاء قبلي، كتابا على يدي، وعنوانه: إلى المخالف الشاق، السيء الأخلاق، الظاهر النفاق، محمد بن إسحاق. معجم الأدباء 6/252

5 أبو القاسم الصاحب ابن عباد يشتهي مشاهدة ثلاثة من بغداد

5 أبو القاسم الصاحب ابن عباد يشتهي مشاهدة ثلاثة من بغداد أخبرنا عبد الرحمن «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: سمعت أبا القاسم التنوخي يقول: كان الصاحب أبو القاسم بن عباد «3» يقول: كنت أشتهي أن أدخل بغداد وأشاهد جرأة محمد بن عمر العلوي «4» ، وتنسّك أبي أحمد الموسوي «5» ، وظرف أبي محمد بن معروف «6» . المنتظم 7/166

6 أبو الفضل الزهري محدث وآباؤه كلهم محدثون

6 أبو الفضل الزهري محدّث وآباؤه كلهم محدّثون أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت، قال: أخبرنا التنوخي، قال: سئل أبو الحسن الدارقطني «1» ، وأنا أسمع، عن أبي الفضل الزهري «2» ، فقال: هو ثقة، صدوق، صاحب كتاب، وليس بينه وبين عبد الرحمن بن عوف إلّا من قد روي عنه الحديث. ثم قال الخطيب: حدّثنا الصوري، قال: حدّثني بعض الشيوخ: انّه حضر مجلس القاضي أبي محمد بن معروف «3» يوما، فدخل أبو الفضل الزهري، وكان أبو الحسين بن المظفر حاضرا، فقام عن مكانه، وأجلس أبا الفضل فيه، ولم يكن ابن معروف، يعرف أبا الفضل، فأقبل عليه ابن المظفر، فقال: أيّها القاضي، هذا الشيخ من ولد عبد الرحمن بن عوف «4» ، وهو محدّث، وآباؤه كلهم محدّثون إلى عبد الرحمن بن عوف.

ثم قال ابن المظفر: حدّثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد الزهري «1» ، والد هذا الشيخ، وحدّثنا فلان عن أبيه محمد بن عبيد الله «2» ، وحدّثنا فلان عن جده عبيد الله بن سعد «3» . ولم يزل يروي لكل واحد من آباء أبي الفضل حديثا، حتى انتهى إلى عبد الرحمن بن عوف. المنتظم 7/167

7 المؤلف التنوخي يتحدث عن نفسه

7 المؤلف التنوخي يتحدث عن نفسه أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: حدّثنا ابن المحسّن ابن علي «3» ، قال: قال لي أبي «4» : مولدي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة «5» ، وكان مولده في ليلة الأحد لأربع بقين من ربيع الأول. وأوّل سماعه الحديث في سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة «6» . وأوّل ما تقلّد القضاء من قبل أبي السائب عتبة بن عبيد الله «7» بالقصر «8» وبسورا «9» في سنة تسع وأربعين «10» .

ثم ولّاه المطيع لله «1» القضاء بعسكر مكرم «2» وايذج «3» ورامهرمز «4» . وتقلّد بعد ذلك أعمالا كثيرة في نواح مختلفة «5» . المنتظم 7/178

8 ذو الكفايتين أبو الفتح بن العميد يحيي سهرة تنتهي باعتقاله

8 ذو الكفايتين أبو الفتح بن العميد يحيي سهرة تنتهي باعتقاله أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز، قال: أنبأنا علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سعيد النصيبي «1» ، قال: كان أبو الفتح بن العميد «2» ، الملقب بذي الكفايتين «3» ، قد تداخله في بعض العشايا سرور، فاستدعى ندماءه، وعبّى «4» لهم مجلسا عظيما، بآلات الذهب والفضة، وفاخر الزجاج، والصيني، والآلات الحسنة، والطيب،

والفاكهة الكثيرة، وأحضر المطرب، وشرب بقيّة يومه، وعامّة ليلته، ثم عمل شعرا، أنشده ندماءه، وغنّي به في الحال، وهو: دعوت المنى ودعوت العلى ... فلمّا أجابا دعوت القدح وقلت لأيام شرخ الشباب ... إليّ فهذا أوان الفرح إذا بلغ المرء آماله ... فليس له بعدها مقترح قال: وكان هذا بعد تدبيره على الصاحب أبي القاسم بن عبّاد «1» ، حتى أبعده عن كتبة «2» صاحبه الأمير مؤيد الدولة «3» ، وسيّره عن حضرته بالريّ «4» ، إلى أصبهان «5» ، وانفرد هو بتدبير الأمور لمؤيّد الدولة، كما كان لركن الدولة «6» . فلمّا غنّي الشعر استطابه، وشرب عليه، إلى أن سكر، ثم قال لغلمانه: غطّوا المجلس، ولا تسقطوا منه شيئا، لأصطبح «7» في غد عليه، وقال لندمائه: باكروني، ولا تتأخّروا، فقد اشتهيت الصبوح، وقام إلى بيت منامه، وانصرف الندماء.

ودعاه مؤيّد الدولة في السحر «1» ، فلم يشك أنّه لمهمّ، فقبض عليه، وأنفذ إلى داره من أخذ جميع ما فيها، وتطاولت به النكبة، حتى مات فيها «2» . ثم عاد ابن عبّاد إلى وزارة مؤيد الدولة، ثم وزّر لأخيه فخر الدولة «3» ، فبقي في الوزارة ثماني عشرة سنة وشهورا، وفتح خمسين قلعة سلّمها إلى فخر الدولة، لم يجتمع مثلها إلى أبيه. وكان الصاحب عالما بفنون من العلوم كثيرة، لم يقاربه في ذلك وزير، وله التصانيف الحسان، والنثر البالغ، وجمع كتبا عظيمة، حتى كان يحتاج إلى نقلها على أربعمائة جمل. وكان يخالط العلماء والأدباء، ويقول لهم: نحن بالنهار سلطان، وبالليل إخوان «4» . المنتظم 7/179، 180

9 من شعر الحسن بن حامد

9 من شعر الحسن بن حامد أنشدنا الحسن بن علي الجوهري «1» ، وعلي بن المحسّن التنوخي، قالا: أنشدنا أبو محمد الحسن بن حامد «2» لنفسه: شريت المعالي غير منتظر بها ... كسادا ولا سوقا تقام لها أخرى وما أنا من أهل المكاس «3» وكلّما ... توفّرت «4» الأثمان كنت لها أشرى تاريخ بغداد للخطيب 7/304 المنتظم 7/181

10 الشاعر ابن سكرة يدخل محمدا ويخرج بشرا

10 الشاعر ابن سكرة يدخل محمدا ويخرج بشرا أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا الخطيب «2» ، قال: أنشدني علي بن المحسّن، قال: أنشدني أبو الحسن بن سكّرة «3» ، وقال: دخلت حمّاما وخرجت وقد سرق مداسي، فعدت إلى داري حافيا، وأنا أقول: إليك أذمّ حمّام ابن موسى ... وإن فاق المنى طيبا وحرّا تكاثرت اللصوص عليه حتى ... ليحفى من يطيف به ويعرى ولم أفقد به ثوبا ولكن ... دخلت محمدا وخرجت بشرا «4» المنتظم 7/186

11 ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي أبا السائب

11 ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي أبا السائب ومن أشعار [ابن سكّرة الهاشمي «1» ، ما قاله] في القاضي أبي السائب «2» : إن شئت أن تبصر أعجوبة ... من جور أحكام أبي السائب «3» فاعمد من الليل إلى صرّة ... وقرّر الأمر مع الحاجب «4» حتى ترى مروان يقضى له ... على عليّ بن أبي طالب «5» المنتظم 7/186

12 يسقط من موضع عال فيسلم ثم يعثر بعتبة الباب فيقع ميتا

12 يسقط من موضع عال فيسلم ثم يعثر بعتبة الباب فيقع ميتا أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن «2» ، عن أبيه «3» ، قال: حدّثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد الاسكافي، قال: سمعت أبا الحسن محمد بن عمر العلوي «4» ، يقول: انّه لما بنى داره بالكوفة، وكان فيها حائط عظيم العلوّ، فبينا البنّاء قائم على أعلاه لإصلاحه، سقط إلى الأرض، فارتفع الضجيج استعظاما للحال، لأنّ العادة لم تجر بسلامة من يسقط عن مثل ذلك الحائط، فقام الرجل سالما لا قلبة به «5» ، وأراد العود إلى الحائط، ليتمّ البناء. فقال له الشريف أبو الحسن: قد شاع سقوطك من أعلى الحائط، وأهلك لا يصدقون سلامتك، ولست أحبّ أن يردوا إلى بابي صوارخ، فامض إلى أهلك، ليشاهدوا سلامتك، وعد إلى شغلك. فمضى مسرعا، فعثر بعتبة الباب، فسقط ميتا. المنتظم 7/213

13 بين أبي إسحاق الطبري وأبي الحسين بن سمعون

13 بين أبي إسحاق الطبري وأبي الحسين بن سمعون أخبرنا القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت «2» ، قال: حدّثني علي ابن أبي علي المعدّل «3» ، قال: قصد أبو الحسين بن سمعون «4» أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري «5» ليهنّئه بقدومه من البصرة، فجلس في الموضع الذي جرت عادة أبي إسحاق بالجلوس فيه لصلاة الجمعة من جامع المدينة، ولم يكن وافى، فلما جاء والتقيا، قام إليه، وسلّم عليه، وقال له بعد أن جلسا: الصبر إلّا عنك محمود ... والعيش إلّا بك منكود ويوم تأتي سالما غانما ... يوم على الإخوان مسعود مذ غبت غاب الخير من عندنا ... وإن تعد فالخير مردود المنتظم 7/223

14 أبو القاسم الخبز أرزي يهدي للتنوخي سبحة سبج

14 أبو القاسم الخبز أرزي يهدي للتنوخي سبحة سبج حدّثنا القاضي التنوخي، قال: أهدى إليّ نصر بن أحمد الخبز أرزي، سبحة سبج «1» ، وكتب معها: بعثت يا بدر بني يعرب ... بسبحة من سبج معجب يقول من أبصرها طرفه ... نعم عتاد الخائف المذنب لم تخط إن فكّرت في نظمها ... ولونها من حمّة العقرب التحف والهدايا 23

15 عبد الصمد يدق السعد في العطارين

15 عبد الصمد يدق السعد في العطارين أخبرنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي «2» ، قال: كان عبد الصمد «3» يدقّ السعد في العطارين، ويذهب مذهب التديّن والتصوّف، والتعفّف والتقشّف. فسمع عطارا يهوديا، يقول لابنه: يا بنيّ، قد جرّبت هؤلاء المسلمين، فما وجدت فيهم ثقة. فتركه عبد الصمد أياما، ثم جاءه، فقال: أيها الرجل، تستأجرني لحفظ دكانك؟ قال: نعم، وكم تأخذ مني؟ قال: ثلاثة أرطال خبز، ودانقين فضة كل يوم. قال: قد رضيت. قال: فاعطني الخبز أدرارا، واجمع لي الفضة عندك، فإنّي أريدها لكسوتي. فعمل معه سنة، فلما انقضت، جاءه، فحاسبه، فقال: انظر إلى دكّانك. قال: قد نظرت.

قال: فهل وجدت خيانة أو خللا؟ قال: لا والله. قال: فإني لم أرد العمل معك، وإنما سمعتك تقول لولدك في الوقت الفلاني، إنك لم تر في المسلمين أمينا، فأردت أن أنقض عليك قولك، وأعلمك أنّه إذا كان مثلي- وأنا أحد فقرائهم- على هذه الصورة، فغيري من المسلمين على مثلها، وما هو أكثر منها. ثم فارقه، وأقام على دقّ السّعد «1» . المنتظم 7/235

16 طلسم في صعيد مصر يطرد الفار

16 طلسم في صعيد مصر يطرد الفار قال أبو علي التنوخي: حدّثني من أثق به، وهو أبو عبد الله الحسين ابن عثمان الخرقي الحنبلي، قال: توجّهت إلى الصعيد «1» في سنة 359 فرأيت في باب ضيعة لأبي بكر علي ابن صالح الروذباري «2» تعرف بابسوج «3» ، شارعة على النيل بين القيس «4» والبهنسا «5» ، صورة فأرة في حجر، والناس يجيئون بطين من طين النيل فيطبعون فيه تلك الصورة، ويحملونه إلى بيوتهم. فسألت عن ذلك، فقيل لي: ظهر عن قريب، من سنيّات، هذا الطّلسم، وذاك إنّه كان مركب فيه شعير تحت هذه البيعة «6» ، فقصد صبيّ من المركب ليلعب، فأخذ من هذا الطين، وطبع الفأرة، ونزل بالطين المطبوع إلى المركب، فلما حصل فيه، تبادر فأر المركب يظهرون ويرمون أنفسهم في الماء.

فعجب الناس من ذلك، وجرّبوه في البيوت، فكان أيّ طابع حصل في داره، لم تبق فيها فأرة إلّا خرجت، فتقتل، أو تفلّتت إلى موضع لا صورة فيه. فكثّر الناس أخذ الصورة في الطين، وتركها في منازلهم، حتى لم تبق فارة في الطرق والشوارع. وشاع ذلك، وذاع في البلدان «1» . معجم البلدان 1/91

17 حجر عجيب الخواص في ضيعة عين جاره

17 حجر عجيب الخواص في ضيعة عين جاره قال أبو علي التنوخي: حدّثني الحسين بن نبت، غلام الببغاء «1» ، وكتب لي خطّه، وشهد له الببغاء بصحة الحكاية، قال: كانت من أعمال حلب، ضيعة تعرف بعين جاره، بينها وبين الهونة، أو قال: الحونة، أو الجومة «2» ، حجر قائم كالتخم «3» بين الضيعتين. وربما وقع بين أهل الضيعتين شرّ، فيكيدهم أهل الهونة، بأن يلقوا ذلك الحجر القائم، فكما يقع «4» الحجر، يخرج أهل الضيعتين من النساء ظاهرات متبرّجات، لا يعقلن على أنفسهن، طلبا للجماع، ولا يستحيين من الحال، لما عليهن من غلبة الشهوة. إلى أن يتبادر الرجال إلى الحجر، فيعيدونه إلى حالته الأولى قائما، منتصبا، فتتراجع النساء إلى بيوتهن، وقد عاد إليهن التمييز باستقباح ما كنّ فيه.

وهذه الضيعة كان سيف الدولة الحمداني «1» أقطعها أبا علي أحمد بن نصر البازيار «2» ، وكان أبو علي يتحدّث بذلك، ويسمعه الناس منه. وقد ذكر هذه الحكاية، بخطّه في الأصل «3» . معجم البلدان 3/760

18 مشهد النذور بظاهر سور بغداد

18 مشهد النذور بظاهر سور بغداد حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال: كنت جالسا بحضرة عضد الدولة «1» ، ونحن مخيّمون بالقرب من مصلى الأعياد «2» ، في الجانب الشرقي من مدينة السلام، نريد الخروج معه إلى همذان «3» ، في أول يوم نزل العسكر، فوقع طرفه على البناء الذي على قبر النذور «4» . فقال لي: ما هذا البناء؟ فقلت: هذا مشهد النذور، ولم أقل قبر، لعلمي بتطيّره من ذكر هذا. فاستحسن اللفظ، وقال: قد علمت أنّه قبر النذور، وإنما أردت شرح أمره. فقلت: هذا يقال إنّه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنّ بعض الخلفاء أراد قتله خفية، فجعل له هناك زبية «5» ، وسيّر عليها وهو لا يعلم، فوقع فيها، وهيل عليه التراب حيّا، وإنما شهر بقبر النذور، لأنه ما يكاد ينذر له نذر إلّا صحّ، وبلغ الناذر ما يريد، ولزمه الوفاء بالنذر، وأنا أحد من نذر له مرارا لا

أحصيها كثرة، نذورا على أمور متعدّدة، فبلغتها، ولزمني النذر، فوفيت به. فلم يقبل هذا القول، وتكلّم بما دل على أنّ هذا إنّما يقع منه اليسير اتّفاقا، فيتسوّق العوام بأضعافه، ويسيّرون الأحاديث الباطلة فيه، فامسكت. فلما كان بعد أيام يسيرة، ونحن معسكرون في موضعنا، استدعاني، في غدوة يوم، وقال: اركب معي إلى مشهد النذور. فركبت، وركب في نفر من حاشيته، إلى أن جئت به إلى الموضع، فدخله، وزار القبر، وصلّى عنده ركعتين، سجد بعدهما سجدة طويلة، أطال فيها المناجاة بما لم يسمعه أحد، ثم ركبنا معه إلى خيمته، ثم رحل ورحلنا معه نريد همذان، وبلغناها، وأقمنا فيها معه شهورا. فلما كان بعد ذلك استدعاني وقال لي: ألست تذكر ما حدّثتني به في أمر مشهد النذور ببغداد؟ فقلت: بلى. فقال: إنّي خاطبتك في معناه، بدون ما كان في نفسي، اعتمادا لإحسان عشرتك، والذي كان في نفسي، في الحقيقة، أنّ جميع ما يقال فيه كذب. فلما كان بعد ذلك بمديدة، طرقني أمر خشيت أن يقع ويتمّ، وأعملت فكري في الاحتيال لزواله، ولو بجميع ما في بيوت أموالي، وسائر عساكري، فلم أجد لذلك فيه مذهبا. فتذكّرت ما أخبرتني به من النذر لقبر النذور، فقلت: لم لا أجرّب ذلك؟ فنذرت إن كفاني الله سبحانه ذلك الأمر، أن أحمل إلى صندوق هذا المشهد عشرة آلاف درهم صحاحا. فلما كان اليوم، جاءتني الأخبار بكفايتي ذلك الأمر، فتقدّمت إلى

أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف- يعني كاتبه «1» - أن يكتب إلى أبي الريان- وكان خليفته ببغداد «2» - بحملها إلى المشهد. ثم التفت إلى عبد العزيز، وكان حاضرا، فقال له: قد كتبت بذلك، ونفذ الكتاب. معجم البلدان 4/29 تاريخ بغداد للخطيب 1/123

19 ألوان غريبة من الورد

19 ألوان غريبة من الورد حكى صاحب نشوار المحاضرة «1» : أنّه رأى وردا أصفر، واستغرب ذلك، وقد رأيناه كثيرا، إلّا أنه امتاز بكونه عدّ ورق وردة، فكانت ألف ورقة «2» ، ورأى وردا أسود حالك اللون، له رائحة ذكية، ورأى بالبصرة وردة، نصفها أحمر قاني الحمرة، ونصفها الآخر ناصع البياض «3» ، والورقة التي قد وقع الخط فيها كأنها مقسومة بقلم «4» . مطالع البدور 1/94

20 ذكر خبر بناء مدينة السلام

20 ذكر خبر بناء مدينة السلام أخبرنا القاضي علي بن أبي عليّ المعدّل التنوخي «1» ، قال: أخبرنا طلحة ابن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني محمد بن جرير إجازة «3» : أنّ أبا جعفر المنصور «4» بويع له سنة ست وثلاثين ومائة «5» ، وأنّه ابتدأ أساس المدينة سنة خمس وأربعين ومائة «6» ، واستتم البناء، سنة ست وأربعين ومائة «7» ، وسماها مدينة السلام «8» . تاريخ بغداد للخطيب 1/66

21 مدينة السلام لم يمت فيها خليفة قط

21 مدينة السلام لم يمت فيها خليفة قط قال أبو عبد الله محمد بن داود بن الجراح «1» . لم يمت بمدينة السلام «2» خليفة، مذ بنيت إلّا محمد الأمين «3» ، فإنه قتل في شارع باب الأنبار «4» ، وحمل رأسه إلى طاهر بن الحسين «5» ، وهو في معسكره بين بطاطيا وباب الأنبار «6» ، فأما المنصور «7» ، وهو الذي بناها، فمات حاجّا، وقد دخل الحرم «8» ، ومات المهدي «9» بماسبذان «10» ، ومات

الهادي «1» بعيساباذ «2» ، ومات هارون «3» بطوس «4» ، ومات المأمون «5» بالبدندون «6» من بلاد الروم، وحمل- فيما قيل- إلى طرسوس «7» فدفن بها، ومات المعتصم «8» بسرّ من رأى «9» ، وكل من ولي الخلافة بعده من ولده، وولد ولده، إلّا المعتمد «10» والمعتضد «11» والمكتفي «12» فإنهم ماتوا بالقصور من الزندورد «13» ، فحمل

المعتمد ميتا إلى سرّ من رأى، ودفن المعتضد في موضع من دار محمد بن عبد الله بن طاهر «1» ، ودفن المكتفي في موضع من دار ابن طاهر «2» . قال الخطيب الحافظ أبو بكر: ذكرت هذا الخبر للقاضي أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخيّ رحمه الله، فقال: محمد الأمين أيضا لم يقتل في المدينة، وإنما كان قد نزل في سفينة إلى دجلة ليتنزّه «3» ، فقبض عليه في وسط دجلة، وقتل هناك، ذكر ذلك الصولي وغيره. وقال أحمد بن أبي يعقوب الكاتب: قتل الأمين خارج باب الأنبار «4» . تاريخ بغداد للخطيب 1/68

22 الصنم الموجود على رأس القبة الخضراء

22 الصنم الموجود على رأس القبة الخضراء حدّثني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: سمعت جماعة من شيوخنا يذكرون: أنّ القبة الخضراء، كان على رأسها صنم على صورة فارس في يده رمح، فكان السلطان إذا رأى أنّ ذلك الصنم قد استقبل بعض الجهات، ومدّ الرمح نحوها، علم أنّ بعض الخوارج يظهر من تلك الجهة، فلا يطول الوقت حتى ترد عليه الأخبار خارجيا قد نجم من تلك الجهة، أو كما قال «1» . تاريخ بغداد للخطيب 1/73

32 الأبواب الحديد على مدينة المنصور

32 الأبواب الحديد على مدينة المنصور حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن، قال: حدثّني أبو الحسن ابن عبيد الزجّاج الشاهد «1» ، وكان مولده في شهر رمضان من سنة أربع وتسعين ومائتين، قال: أذكر في سنة سبع وثلاثمائة، وقد كسرت العامة الحبوس بمدينة المنصور «2» ، فأفلت من كان فيها، وكانت الأبواب الحديد «3» التي للمدينة باقية، فغلقت، وتتبّع أصحاب الشرط من أفلت من الحبوس، فأخذوا جميعهم، حتى لم يفتهم منهم أحد. تاريخ بغداد للخطيب 1/75

24 الماء المنبثق من قبين يهدم طاقات باب الكوفة في مدينة المنصور

24 الماء المنبثق من قبين يهدم طاقات باب الكوفة في مدينة المنصور حدّثني علي بن المحسّن «1» ، قال: قال لي القاضي أبو بكر بن أبي موسى الهاشمي «2» : انبثق البثق «3» من قبّين «4» ، وجاء الماء الأسود «5» فهدم طاقات باب الكوفة «6» ، ودخل المدينة «7» فهدم دورنا، فخرجنا إلى الموصل «8» ، وذلك في سنة نيف

وثلاثين وثلاثمائة، وأقمنا بالموصل سنين عدّة، ثم عدنا إلى بغداد، فسكنّا طاقات العكّي «1» . تاريخ بغداد للخطيب 1/75

25 عدد الخدم والفراشين في قصر الخلافة

25 عدد الخدم والفراشين في قصر الخلافة حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم «1» ، قال: حدّثني أبي «2» قال: قال أبو القاسم علي بن محمد الخوارزمي، في وصف أيام المقتدر بالله «3» ، وقد جرى حديثه، وعظم أمره، وكثرة الخدم في داره: قد اشتملت الجريدة «4» على أحد عشر ألف خادم خصي، وكذا، من صقلبيّ «5» وروميّ «6» وأسود. وقال: هذا جنس واحد ممن تضمنه الدار، فدع الآن الغلمان الحجرية، وهم ألوف كثيرة، والحواشي من الفحول. وقال أيضا: حدّثني أبو الفتح عن أبيه وعمّه، عن أبيهما [عن] أبي الحسن علي بن يحيى «7» : أنّه كانت عدّة كل نوبة من نوب الفرّاشين في دار المتوكّل على الله، أربعة آلاف فراش، قالا: فذهب علينا أن نسأله، كم نوبة كانوا «8» . تاريخ بغداد للخطيب 1/100

26 من شعر صاحب النشوار

26 من شعر صاحب النشوار أنشدنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي «1» ، قال: أنشدني أبي «2» لنفسه: يوم سرقنا العيش فيه خلسة ... في مجلس بفناء دجلة مفرد رقّ الهواء برقّة «3» قدّامه ... فغدوت رقّا للزمان المسعد فكأنّ دجلة طيلسان «4» أبيض ... والجسر فيها كالطراز «5» الأسود تاريخ بغداد للخطيب 1/117

27 الوزير ابن الفرات

27 الوزير ابن الفرات يقيّد، ويغلّ، ويلبس جبة صوف نقعت بماء الأكارع حدث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسين علي بن هشام «1» ، قال: كنت حاضرا مع أبي «2» ، مجلس أبي الحسن بن الفرات «3» ، في شهر ربيع الآخر، سنة خمس وثلاثمائة، في وزارته الثانية «4» ، فسمعته يتحدّث، ويقول: دخل إليّ أبو الهيثم، العباس بن محمد بن ثوابة الأنباري «5» ، في محبسي في دار المقتدر بالله «6» وطالبني بأن أكتب له خطي بثلاثة عشر ألف ألف دينار.

فقلت: هذا مال ما جرى على يدي للسلطان في طول أيام ولايتي، فكيف أصادر على مثله؟. قال: قد حلفت بالطلاق على أنه لا بد أن تكتب بذلك، فكتبت له ثلاثة عشر ألف ألف، ولم أذكر درهما ولا دينارا. فقال: اكتب دينارا لأبرأ من يميني، فكتبت، وضربت عليه، وخرقت الرقعة، ومضغتها. وقلت: قد برّت يمينك، ولا سبيل بعد ذلك إلى كتب شيء، فاجتهد، ولم أفعل. ثمّ عاد إليّ من غد، ومعه أم موسى القهرمانة «1» ، وجدّد مطالبتي، وأسرف في شتمي، ورماني بالزنا، فحلفت بالطلاق والعتاق، وتمام الأيمان الغموس «2» ، أنّني ما دخلت في محظور من هذا الجنس، منذ نيف وثلاثين سنة، وسمته أن يحلف بمثل يميني، على أن غلامه القائم على رأسه، لم يأته في ليلته تلك. فأنكرت أم موسى هذا القول، وغطت وجهها حياء منه. فقال لها ابن ثوابة: هذا رجل بطر بالأموال التي معه، ومثله، مثل المزيّن مع كسرى، والحجّام مع الحجّاج بن يوسف، فتستأمرين السادة في إنزال المكروه به، حتى يذعن بما يراد منه. وكان قوله السادة، إشارة إلى المقتدر بالله «3» ، والسيدة والدته «4» ،

وخاطف «1» ، ودستنبويه أم ولد المعتضد بالله، وهم إذ ذاك مستولون على التدبير «2» لصغر سن المقتدر بالله «3» . فقامت أم موسى، وعادت، وقالت لابن ثوابة: يقول لك السادة: قد صدقت فيما قلت، ويدك مطلقة فيه. قال ابن الفرات: وكنت في دار لطيفة «4» ، والحرّ شديد، فتقدّم بتنحية البواري «5» عن سمائها، حتى نزلت الشمس إلى صحنها «6» ، وإغلاق أبواب بيوتها، فحصلت في الشمس، من غير أن أجد مستظلا منها، ثمّ قيّدني بقيد ثقيل، وألبسني جبة صوف، قد نقعت في ماء الأكارع «7» ، وغلّني بغلّ، وأقفل باب الحجرة وانصرف. فأشرفت على التلف، وعددت على نفسي ما عاملت به الناس، فوجدتني، قد عملت كل شيء منه، من مصادرة، ونهب، وقبض ضياع، وحبس، وتقييد، وتضييق، وإلباس جباب الصوف، وتسليم قوم إلى أعدائهم، وتمكينهم من مكروههم، ولم أذكر أنّي غللت أحدا، فقلت: يا نفس هذه زيادة. ثم فكّرت أنّ النرسي، كاتب الطائي، ضمني من عبيد الله بن سليمان «8» ،

فلم يسلمني إليه، وسلّمه إليّ، فسلّمته إلى الحسن المعلوف، المستخرج، وكان عسوفا، وأمرته بتقييده، وتعذيبه، ومطالبته بمال حددته له، وألطّ «1» ، ولم يؤدّ، فتقدّمت بغلّه، ثم ندمت بعد أن غلّ مقدار ساعتين، وأمرت بإنزال الغلّ عنه. وتجاوزت الساعتين وأنا مغلول، فذكرت أمرا آخر، وهو أنّه لما قرب سبكرى «2» مأسورا مع رسول صاحب خراسان «3» ، كتبت إلى بعض عمال المشرق «4» ، بمطالبته بأمواله، وذخائره، فكتب بإلطاطه وامتناعه، فكتبت بأن يغلّ، ثم كتبت بعد ساعتين كتابا ثانيا بأن يحلّ، فوصل الكتاب الأول وغلّ، وتلاه الثاني بعد ساعتين، فحلّ. فلما تجاوزت عنّي أربع ساعات، سمعت صوت غلمان مجتازين في الممرّ الذي فيه حجرتي، فقال الخدم الموكلون بي: هذا بدر الحرمي، وهو صنيعتك. فاستغثت به وصحت: يا أبا الخير، لي عليك حقوق، وأنا في حال أتمنّى معها الموت، فتخاطب السادة، وتذكّرهم حرمتي، وخدمتي في تثبيت دولتهم «5» ، لما قعد الناس عن نصرتهم، وافتتاحي البلدان المأخوذة «6» ،

واستيفائي الأموال المنكسرة، وإن لم يكن إلّا مؤاخذتي بذنب ينقم عليّ، فالسيف، فإنّه أروح. فرجع، ودخل إليهم، وخاطبهم، ورقّقهم، فأمروا بحلّ الحديد كلّه عنّي، وتغيير لباسي، وأخذ شعري، وإدخالي الحمّام، وتسليمي إلى زيدان «1» ، وراسلوني: بأنك لا ترى بعد ذلك بأسا، وأقمت عند زيدان، مكرما، إلى أن رددت إلى هذا المجلس «2» . قال أبو الحسين: ثم ضرب الدهر ضربه، فدخلت إليه مع أبي، في الوزارة الثالثة «3» ، وقد غلب المحسّن «4» على رأيه وأمره. فقال له أبي: قد أسرف أبو أحمد، في مكاره الناس، حتى انّه يضرب من لو قال له: اكتب خطّك بما يريده منه، لكتب من غير ضرب، ثم يواقف المصادر على الأداء في وقت بعينه، فإن تأخّر إيراد الروز به، أعاد ضربه، وفي هذا الفعل شناعة، مع خلوّه من فائدة. فقال له أبو الحسن: يا أبا القاسم، لو لم يفعل أبو أحمد، ما يفعله، بأعدائنا، ومن أساء معاملتنا، لما كان من أولاد الأحرار، ولكان نسل

هوان، أنت تعلم أنّني قد أحسنت إلى الناس دفعتين، فما شكروني، وسعوا على دمي، وو الله لأسلكنّ بهم ضدّ تلك الطريقة. فلمّا خرجنا من حضرته، قال لي أبي: سمعت أعجب من هذا القول؟ إذا كنّا لم نسلم مع الإحسان، نسلم مع الإساءة؟ فما مضى إلّا أيام يسيرة، حتى قبض عليه، وجرى ما جرى في أمره. قال القاضي أبو علي التنوخي: قلت لأبي الحسين بن هشام: قد عرفنا خبر المزيّن مع كسرى، وهو أنه جلس ليصلح وجهه، فقال له: أيّها الملك زوّجني بنتك، فأمر بأن يقام، فأقيم. وقيل له: ما قلت؟ فقال: لم أقل شيئا، ففعل به ذلك ثلاث دفعات. فقال الملك: لهذا المزيّن خطب، وأحضر أهل الرأي، فأخبرهم بحاله. فقال جميعهم: ما أنطق هذا المزيّن، إلّا باعث بعثه من مال وراء ظهره، فأنفذ إلى منزله، فلم يوجد له شيء. فقال الملك: احفروا مكان مقعده عند خدمته لي، فحفر، فوجد تحته كنز عظيم. فقال الملك: هذا الكنز كان يخاطبني. ثم قلت لأبي الحسين: فهل تعرف خبر الحجّام، مع الحجّاج؟ فقال: نعم، بلغنا أنّ الحجاج «1» ، احتجم ذات يوم، فلما ركّب الحجّام المحاجم على رقبته، قال: أحبّ أيها الأمير، أن تخبرني بخبرك مع ابن الأشعث «2» ،

وكيف عصى عليك. فقال له: لهذا الحديث وقت آخر، وإذا فرغت من شأنك، حدّثتك، فأعاد مسألته، وكرّرها، والحجاج يدفعه، ويعده، ويحلف له على الوفاء له. فلما فرغ، ونزع المحاجم عنه، وغسل الدم، أحضر الحجّام، وقال له: إنّا وعدناك بأن نحدّثك حديث ابن الأشعث، وحلفنا لك، ونحن محدّثوك، يا غلام، السياط، فأتي بها. فأمر الحجّاج بالحجّام، فجرّد، وعلته السياط، وأقبل الحجّاج يقصّ عليه قصّة ابن الأشعث، بأطول حديث، فلما فرغ استوفى الحجّام خمسمائة سوط، فكاد يتلف. ثم رفع الضرب، وقال له: قد وفينا لك بالوعد، وأيّ وقت أحببت أن تسأل خبرنا مع غير ابن الأشعث، على هذا الشرط، أجبناك «1» . الوزراء للصابي 118

28 الوزير ابن الفرات

28 الوزير ابن الفرات يتناول رقعة فيها سبّه وشتمه وتهديده حدّث القاضي أبو علي التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسين بن هشام «1» ، قال: حدّثني أبو علي بن مقلة «2» ، قبل وزارته «3» ، قال: عزم أبو الحسن بن الفرات «4» ، في وزارته الأولى «5» ، يوما على الصبوح من غد، وكان يوم الأحد من رسمه أن يجلس للمظالم فيه. ثم قال: كيف نتشاغل نحن بالسرور، ونصرف عن بابنا قوما كثيرين، قد قصدوا من نواح بعيدة، وأقطار شاسعة، مستصرخين، متظلّمين؟ فهذا من أمير، وهذا من عامل، وهذا من قاض، وهذا من متعزّز، ويمضون مغمومين، داعين علينا، والله، ما أطيب نفسا بذلك. ولكن أرى أن تجلس أنت يا أبا علي ساعة، ومعك أحمد ابن عبيد الله بن رشيد، صاحب ديوان المظالم «6» ، وتستدعيا

القصص «1» ، وتوقّعا منها فيما يجوز توقيعكما فيه، وتفردا ما لا بدّ من وقوفي عليه، وتحضرانيه لأوقّع فيه، وينصرف أرباب الظلامات مسرورين، وأتهنّأ يومي بذلك. فقلت: السمع والطاعة، وبكرت من غد. فقال لي: اخرج، واجلس، على ما واقفتك عليه، فخرجت ومعي ابن رشيد، وجلسنا ووقّعنا في جمهور ما رفع، إلّا عشر رقاع ممّا يحتاج إلى وقوفه عليها، وتوقيعه بخطّه فيها، وكان منها رقعة كبيرة ضخمة، ترجمتها: المتظلمون من أهل روذمستان، وهرمزجرد، وهما ناحيتان من السيب الأسفل «2» وجنبلاء «3» ، وكانت إذ ذاك في إقطاع السيدة «4» ، وقدّرت

أنّها ظلامة من وكيلها، في تغيير رسم «1» ، أو نقص طسق «2» ، فجعلتها فيما أفردته. وعدت إلى أبي الحسن، فعرّفته ما جرى، فأخذ الرقاع، ولم يزل يوقّع فيها، إلى أن انتهى إلى هذه الرقعة، فقرأها، ووجهه يربدّ ويصفرّ، وينتقل من لون إلى لون، فضاق صدري، وندمت على ترك قراءتها، وقلت: لعلّ فيها أمرا يتّهمني فيه، وأخذت ألوم نفسي على تفريطي فيما فرّطت فيه. وفرغ منها، فكتمني ما وقف عليه فيها، وقال: هاتوا أهل روذمستان وهرمزجرد. فصاح الحجّاب دفعات، فلم يجب أحد، وقام وهو مهموم منكسر، ولم يذاكرنا بأمر أكل ولا شرب، ودخل بعض الحجر، وتأخّر أكله، وزاد شغل قلبي. وقلت لخليفة لساكن- صاحب الدواة- وكان أميّا «3» : أريد رقعة لابن بسّام الشاعر «4» ، عليها خرج لأقف عليه، ولم أزل أخدعه، حتى مكّنني من تفتيش ما هو مع الدواة «5» ، ولو كان ساكن حاضرا لما تمّ لي ذلك.

وأخذت الرقعة، فإذا هي رقعة بعض أعداء ابن الفرات، وقد قطّعه فيها بالثلب، والطعن، وتعديد المساوىء، والقبائح، وهدّده بالسعاية. وقال فيما قاله: قد قسمت الملك بين نفسك وأولادك، وأهلك وأقاربك، وكتّابك وحواشيك، واطّرحت جميع الناس، وأقللت الفكر في عواقب هذه الأفعال، وما ترضى لمن تنقم عليه، بالإبعاد وتشتيت الشمل، حتى تودعهم الحبوس، وتفعل وتصنع، وختمها بأبيات هي: لو كان ما أنتم فيه يدوم لكم ... ظننت ما أنا فيه دائما أبدا لكن رأيت الليالي غير تاركة ... ما ساء من حادث أو سرّ مطرّدا وقد سكنت إلى أنّي وأنّكم ... سنستجدّ خلاف الحالتين غدا قال: وبطل صبوح ابي الحسن، ودعانا وقت الظهر، فأكلنا معه على الرسم، ولم أزل أبسطه، وأقول له أقوالا تسكّنه، إلى أن شرب بعد انتباهه من نومه، غبوقا «1» . ومضى على هذا اليوم أربعة أشهر، وقبض عليه «2» ، واستترت عند الحسين بن عبد الأعلى. فلما خلع على أبي علي محمد بن عبيد الله بن خاقان «3» ، جلسنا نتحدّث، ونتذاكر أمر ابن الفرات. فقال لي ابن عبد الأعلى: كنت جالسا في سوق السلاح، أنتظر جواز

الخاقاني بالخلع، لأقوم إليه وأهنّئه، فاتّفق معي رجل شاب، حسن الهيأة، جميل البزّة، وحدّثني انّه صاحب لأبي الحسين محمد بن أحمد بن أبي البغل «1» ، وانّه أنفذه من أصبهان، قاصدا، حتى دسّ إلى ابن الفرات، رقعة على لسان بعض المتظلّمين، فيها كل طعن، وثلب، ودعاء، وسبّ، وتوعّد، وتهدّد، وفي آخرها شعر. فقلت له: على رسلك، هذه الرقعة على يدي جرت، ووصلت إلى ابن الفرات. وخرج الحديث متقابلا. الوزراء للصابي 122

29 الوزير أبو علي بن مقلة يشيد بمآثر الوزير ابن الفرات

29 الوزير أبو علي بن مقلة يشيد بمآثر الوزير ابن الفرات وحدّث القاضي أبو عليّ، قال: حدّثني أبو الحسين بن هشام «1» ، قال: قال: سمعت أبي «2» يقول لأبي علي بن مقلة «3» ، في أوّل وزارته الأولى «4» ، وقد جلس مجلسا تقصّى فيه الأعمال، وبان منه فضل كفاية واستقلال: العمل في يد الوزير أيّده الله، ذليل. فقال: على هذه الحال نشأنا، يا أبا القاسم، وأخذناها عمّن كانت الدنيا والمملكة، يطرحان الأثقال عليه، فينهض بها، يعني أبا الحسن بن الفرات «5» . ثم قال أبو علي: لقد رأيته جالسا في الديوان للمظالم، والوزير إذ ذاك، القاسم بن عبيد الله «6» ، فتظلّم إليه رجل من رسم ثقّله عليه الطائي «7» ، وغيّر

به رسما له قديما خفيفا، ويسأل ردّه إلى ما كان عليه أولا. فردّ يقول: قد سمتني أن أبطل رسما، قرره أبو جعفر الطائي- رحمه الله- مع محلّه من العدل، والثقة، والبصيرة بأسباب العمارة، وقد درّت على يده الأموال، وصلحت الأحوال، وأحمده الجمهور، واستقامت عليه الأمور، وهذا سوم إعنات، وكتب بحمله على ما رسمه أبو جعفر. ثم رأيت، مرة ثانية، متظلّما آخر، من رسم ثقيل خفّفه الطائي، لعلمه بأن الضيعة لا تحتمل غيره، وقد اعترض عليه فيه، ويسأل إجراءه على رسم الطائي. فردّ يقول له: يا بارك الله عليك، ليس الطائي أبا بكر الصدّيق، أو عمر بن الخطاب، أو علي بن أبي طالب، الذين نقتفي آثارهم، ونمضي أفعالهم، وإنما الطائي، ضامن عمل، رأى ما رآه حظّا لنفسه، وما يلزم السلطان تقريره، وأنت معنت في تظلّمك، وكتب بأن يجري على الرسم القديم الثقيل. وخاطب كلّا من الرجلين، بلسان غير اللسان الآخر، شحّا على الأموال وحفظا لها. الوزراء للصابي 124

30 الوزير العباس بن الحسن يستشير كبار الكتاب في اختيار من يخلف المكتفي

30 الوزير العباس بن الحسن يستشير كبار الكتاب في اختيار من يخلف المكتفي حدّث أبو علي التنوخي، قال: حدّثني أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي الكاتب «1» ، قال: حدّثني غير واحد من كتّاب الحضرة «2» ، أنّ أبا أحمد العباس بن الحسن «3» لما مات المكتفي بالله «4» ، جمع كتّابه، وخواصّه، وخلا بهم، وشاورهم فيمن يقلّده الخلافة، فأجمعوا، وأشاروا على العباس، بعبد الله بن المعتزّ «5» ، إلّا أبا الحسن بن الفرات «6» فإنّه أمسك. فقال له العباس: لم أمسكت، ولم تورد ما عندك؟ فقال: هو أيّها الوزير، موضع إمساك. قال: ولم؟ قال: إنّه وجب أن ينفرد الوزير- أعزّه لله- بكل واحد منّا،

فيعرف رأيه، وما عنده، ثم يجمع الآراء، ويختار منها بصائب فكره، وثاقب نظره ما شاء، فإمّا أن يقول كل واحد رأيه، بحضرة الباقين، فربّما كان عنده، ما يسلك سبيل التقيّة في كتمانه وطيّه. قال: صدقت والله، قم معي، فأخذ يده، ودخلا، وترك الباقين بمكانهم. فقال له ابن الفرات: قررت رأيك على ابن المعتز؟ قال: هو أكبر من يوجد. قال: وأيّ شيء تعمل برجل فاضل، متأدّب، قد تحنّك، وتدرّب، وعرف الأعمال، ومعاملات السواد، وموقع الرغبة في الأموال، وخبر المكاييل والأوزان، وأسعار المأكولات والمستغلّات، ومجاري الأمور والتصرّفات، وحاسب وكلاءه على ما تولّوه، وضايقهم، وناقشهم، وعرف من خياناتهم واقتطاعاتهم، أسباب الخيانة والاقتطاع التي يدخل فيها غيرهم، فكيف يتمّ لنا معه أمر، إن حمل كبيرا على صغير، وقاس جليلا على دقيق، هذا لو كان ما بيننا وبينه عامرا، وكان صدره علينا من الغيظ خاليا، فكيف وأنت تعرف رأيه. قال العباس: وأيّ شيء في نفسه علينا؟ قال: أنسيت أنّه منذ ثلاثين سنة، يكاتبك في حوائجه، فلا تقضيها، ويسألك في معاملاته فلا تمضيها، وعمالك يصفعون وكلاءه فلا تنكر، ويتوسّل في الوصول إليك ليلا، فلا تأذن، وكم رقعة جاءتك بنظم ونثر، فلم تعبأ بها، ولا أجبته إلى مراده فيها، وكم قد جاءني منه، ما هذا سبيله، فلم أراع فيه وصولا إلى ما يريد إيصاله إليه، وهل كان له شغل عند مقامه في منزله، وخلوته بنفسه، إلّا معرفة أحوالنا، والمساءلة عن ضياعنا، وارتفاعنا، وحسدنا على نعمتنا، هذا، وهو يعتقد أنّ الأمر كان له ولأبيه

وجدّه، وأنّه مظلوم منذ قتل أبوه، مهضوم، مقصود، مضغوط، فكيف يجوز أن نسلّم إليه نفوسنا، فتحرس، فضلا عن أموالنا؟ فقال العباس: صدقت والله، يا أبا الحسن، فمن يقلّد، وليس هاهنا أحد؟ قال: تقلّد جعفر» بن المعتضد «2» ، فإنّه صبي، لا يدري أين هو، وعامّة سروره، أن يصرف من المكتب، فكيف أن يجعل خليفة، ويملك الأعمال والأموال، وتدبير النواحي، والرجال، ويكون الخليفة بالاسم، وأنت هو على الحقيقة، وإلى أن يكبر، قد انغرست محبّتك في صدره، وحصلت محصل المعتضد في نفسه. قال: فكيف يجوز أن يبايع الناس صبيّا، أو يقيموه إماما؟ فقال له: أما الجواز فمتى اعتقدت أنت، أو نحن، إمامة البالغين من هؤلاء القوم؟ وأما إجابة الناس، فمتى فعل السلطان شيئا فعورض فيه، أو أراد أمرا فوقف؟ وأكثر من ترى صنائع المعتضد، وإذا أظهرت أنّك اعتمدت في ذلك مراعاة حقه، وإقرار الأمر في ولده، وفرّقت المال، وأطلقت البيعة، وقع الرضا، وسقط الخلاف، وطريق ما تريده، أن تواقف بعض أكابر القوّاد، وعقلاء الخدم، على المضي إلى دار ابن طاهر «3» وحمله- يعني جعفر بن المعتضد- إلى دار الخلافة، وأن تستر الأمر إلى أن يتمّ التدبير، وإن اعتاص معتاص، مدّ بالعطاء والإحسان.

فقال العباس: هذا هو الرأي، واستدعى في الحال، مؤنسا «1» مولى المعتضد، وأورد عليه، ما ذهب فيه إلى الجنس الذي أشار به أبو الحسن، من الوفاء للمعتضد، ورعاية ما كان منه في اصطناع الجماعة، ورسم له قصد دار ابن طاهر، وحمل جعفر إلى دار الخلافة «2» ، والسلام عليه بها، ففعل. وماج الجند، ففرّق فيهم مال البيعة، ودخل عليهم من طريق الوفاء للمعتضد، وتمّ التدبير. فلما زال أمر العباس، وكان من قتله ما كان «3» ، وانتظمت الأمور بعد قتل ابن المعتز «4» ، وتقلّد أبو الحسن الوزارة «5» ، صارت ثمرة هذا الرأي له. وكان يقف بين يدي المقتدر بالله، وهو صبي، قاعد على السرير، فيخاطب الناس، والجيش، عنه، فإذا انصرفوا، أمرت السيدة «6» ، بأن يعدل بأبي الحسن إلى حجرة، فيجلس فيها، ويخرج المقتدر، فيقوم إليه، فيقبّل يده ورأسه، ثم يقعد، ويقعده في حجره، كما يفعل الناس بأولادهم. وتقول له السيدة من وراء الباب: هذا يا أبا الحسن ولدك، وأنت قلّدته الخلافة، أولا، وثانيا، تعني ما تقدّم من مشورته على العباس به، وبتقلّده الخلافة، من بعد إزالة فتنة ابن المعتز.

فيقول ابن الفرات: هذا مولاي، وإمامي، وربّ نعمتي، وابن مولاي، وإمامي. وبقي على ذلك، مدة وزارته الأولى «1» ، وتمكّن أبو الحسن من الخزائن والأموال، وفعل ما شاء وأراد. الوزراء للصابي 130

31 الوزير ابن الفرات يتحدث عن تلون المقتدر واختلاف رأيه

31 الوزير ابن الفرات يتحدّث عن تلوّن المقتدر واختلاف رأيه وحدّث أبو محمد الصلحي «1» ، قال: حدّثنا جماعة من كتّاب أبي الحسن بن الفرات، وخواصّه قالوا: عاد أبو الحسن من الموكب «2» يوما، فجلس بسواده «3» مغموما، يفكّر فكرا طويلا، فشغل ما رأينا منه قلوبنا، وظننّاه لحادث حدث. فسألناه عن أمره، فدافعنا، وألححنا عليه، فحاجزنا، وقال: ما هاهنا إلّا خير وسلامة. فقام ابن جبير «4» وكان من بيننا متهوّرا مدلّا، فقال: تأمر أيها الوزير بأمر؟ قال: إلى أين؟ قال: أستتر، وأستر عيالي، وسبيل هؤلاء الذين بين يديك أن يفعلوا مثل فعلي. قال: ولم؟ قال: تعود من دار الخلافة، وأنت من الغمّ الظاهر في وجهك، على

هذه الصورة، ونسألك عن أمرك فتكتمنا، ولم تجر عادتك بذلك معنا، وهل وراء هذا إلّا القبض والصرف؟ فقال له: اجلس يا أحمق، حتى أحدّثك السبب، فجلس. وقال: ويحكم، قد علمتم أنّني أشكو إليكم نقصان هذا الرجل- يعني المقتدر- دائما، وشدّة تلوّنه، واختلاف رأيه، وأنّي أحب منذ مدّة، أن أروزه «1» ، وأعرف قدر ذلك منه، وهل هو في كل الأمور، أو في بعضها، وفي صغارها أم في كبارها؟ فقلت له اليوم في أمر رجل كبير- ولم يسمّه ابن الفرات- يا أمير المؤمنين، إنّ فلانا قد فسد علينا، وليس مثله من أخرج من أيدينا، وقد رأيت أن أقلّده كذا، وأقطعه، وأسوّغه كذا- وأكثرت- لنستخلصه بذلك، ونستصلح نيّته، ونستديم طاعته، ولم يجز أن أفعل أمرا إلّا بعد مطالعتك، فما تأمر؟ قال: افعل. ثم حدّثته طويلا، وخرجت من أمر إلى آخر، وقرب وقت انصرافي. فقلت له: يا مولانا، عاودت الفكر في أمر فلان، فوجدت أنّ ما نعطيه إيّاه، ممّا استأذنت فيه، كثيرا، مؤثّرا في بيت المال، ولا نأمن أن يطمع نظراؤه في مثل ذلك، وإن أجبناهم، عظمت الكلفة، وإن منعناهم فسدوا، وقد رأيت رأيا آخر في أمره. قال: ما هو؟ قلت: أن نقبض عليه، ونأخذ نعمه، ونخلّده الحبس أبدا. قال: افعل.

فقلت: وا ويلاه، كذا والله تجري حالي معه، يقال له: إنّ ابن الفرات، الكافي، الناصح، وهو وطّأ لك الأمر، وأقامك في الخلافة، وهو ... وهو، فيقول: نعم، ويقرّبني، ويقدّمني. ثم يقف غدا بين يديه، رجل، فيقول: قد سرق ابن الفرات الأموال، ونهب الأعمال، وفعل، وصنع، والوجه أن يقبض عليه، ويصرف، ويقيّد، ويحبس، ويقلّد وزير آخر، فيقول: نعم، ويفعل ذلك بي. ثم يعاود، ويقال له: لا يجوز أن يوحش ابن الفرات، ويستبقى، ولا يؤمن أن يستفسد، ويترك، والصواب قتله، فيقول: افعلوا، فأهلك. قال: واستشعر هذا، فكان على ما قدّره «1» . وقد تواترت هذه الحكاية، عن جماعة، عنه. الوزراء للصابي 133

32 من أقوال الوزير أبي الحسن بن الفرات

32 من أقوال الوزير أبي الحسن بن الفرات وممّا ذكر عن ابن الفرات «1» ، أنّه كان يقول: تمشية أمور السلطان على الخطإ، خير من وقوفها على الصواب. ويقول أيضا: إذا كانت لك حاجة إلى الوزير، فاستطعت أن تقضيها بخازن الديوان، أو كاتب سره، فافعل، ولا تبلغ إليه فيها «2» . الوزراء للصابي 135

33 الوزير أبو علي بن مقلة

33 الوزير أبو علي بن مقلة يتحدّث عن سياسة الوزير ابن الفرات ووفور عقله وحدّث «1» أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي «2» ، قال: حدّثني أبو علي ابن مقلة «3» ، قال: كنت أكتب لأبي الحسن بن الفرات «4» ، في التحرير، أيام خلافته أبا العباس أخاه «5» ، على ديوان السواد، بجاري عشرة دنانير في كل شهر، ثم تقدّمت حاله، فأرزقني ثلاثين دينارا، في كل شهر، فلما تقلّد الوزارة «6» ، جعل رزقي خمسمائة دينار في الشهر. ثم أمر بقبض ما في دور القوم الذين بايعوا ابن المعتز «7» ، فحمل في الجملة صندوقان. فسأل: هل علمتم ما فيها؟ قالوا: نعم: جرائد بأسماء من يعاديك، ويدبّر في زوال أمرك. فقال: لا يفتحان، ثم دعا بنار، دعاء كرّره، وصاح فيه، وأحضر الفراشون النار فأجّجت، وتقدم بطرحهما في النار، على ما هما.

فلما أحرقت، أقبل على من كان حاضرا، وقال: والله لو فتحتها، وقرأت ما فيها، لفسدت نيات الناس كلّهم علينا، واستشعروا الخوف منا، ومع فعلنا ما فعلناه، طوينا الأمور بهذا، فهدأت القلوب، واطمأنت النفوس «1» . ثم قال لي: قد آمن الله، والخليفة- أعزّه الله- كلّ من بايع ابن المعتز، فاكتب الأمانات للناس جميعا، وجئني بها لأوقّع فيها، ولا تردّ أحدا عن أمان يطلبه، فقد أفردتك لذلك، لأنّه باب مكسب كبير. وقال لمن حضر: أشيعوا قولي، وتحدّثوا به بين الخاص والعام، ليأنس المستوحش، ويأمن المستتر. قال أبو علي: فحصل لي من كتب الأمانات، مائة ألف دينار، أو نحوها. الوزراء للصابي 135

34 وزير يسرق سبعمائة ألف دينار في عشر خطوات

34 وزير يسرق سبعمائة ألف دينار في عشر خطوات قال أبو محمد الصلحي «1» : قال لنا أبو علي بن مقلة «2» ، وقد جرى ذكر ابن الفرات «3» : يا قوم سمعتم بمن سرق في عشر خطوات سبعمائة ألف دينار؟ قلنا: كيف ذلك؟ قال: كنت بين يدي ابن الفرات في وزارته الأولى «4» ، ونحن في دار الخلافة، نقرّر أرزاق الجيش، ونقيم وجوه مال البيعة «5» ، ونرتّب إطلاقه، وذلك عقيب فتنة ابن المعتز «6» . فلما فرغ ممّا أراده، وخرج، فركب طيّاره، وبلغ نهر المعلّى، قال: إنّا لله، إنّا لله، قفوا. فوقف الملّاحون. فقال لي: وقّع إلى أبي خراسان، صاحب بيت المال، بحمل سبعمائة ألف دينار، تضاف إلى مال البيعة وتفرّق على الرجال. فقلت في نفسي: أليس قد وجّهنا وجوه المال كلّه؟ ما هذه الزيادة؟

ووقّعت بما رسمه، وعلّم فيه بخطه، ودفعه إلى غلام، وقال: لا تبرح من بيت المال، حتى تحمل هذا المال الساعة إلى داري، ثم سار. قال: فحمل إليه بأسره، وسلّم إلى خازنه، فعلمت أنّه أنسي أن يأخذ شيئا لنفسه في الوسط، ثم ذكر أنّه باب لا يتّفق مثله سريعا، ويحتمل ما احتمله من هذا الاقتطاع الكثير، فاستدرك من رأيه ما استدرك، وتنبّه من فعله، على ما تنبّه «1» . الوزراء للصابي 133

35 الظلم إذا زاد رفع نفسه

35 الظلم إذا زاد رفع نفسه حدّث القاضي أبو علي «1» ، قال: حدّثني أبو جعفر طلحة بن عبيد الله «2» ، قال: حدّثني أبو محمد الحسن بن محمد الصلحي «3» ، قال: قال لنا أبو الحسن بن الفرات «4» يوما، وقد جرى بحضرته ذكر رجل قد أسرف في الظّلم «5» : الظلم إذا زاد رفع نفسه «6» . الوزراء للصابي 238

36 ما يرتفع لابن الفرات ولعلي بن عيسى من ضياعها

36 ما يرتفع لابن الفرات ولعلي بن عيسى من ضياعها حدّث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال: حدّثني أبو طاهر المحسّن بن محمد بن الحسن الجوهري «1» ، المعروف بالمقنعي، أحد الشهود، قال: حدّثني أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى «2» : أنّه كان يرتفع لأبيه «3» ، من ضياعه في كل سنة، عند الاعتزال والعطلة، بعد ما ينصرف من النفقة، ثلاثون ألف دينار، ويرتفع من ضياع أبي الحسن علي بن محمد ابن الفرات «4» ، إذا قبضت عنه، ألف ألف دينار، وإذا وزّر، وردّت عليه، أضعفت «5» . قال القاضي: واتّفق أن حضر هذا الحديث، أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق الأنباري «6» ، فقال: حدّثني جماعة من أصحاب أبي الحسن علي بن عيسى، أنّ جميع ما كان يرتفع له في السنة نيف وثمانون ألف دينار، يخرج منها في أبواب البرّ، وسبل الخير، وتفقّد الطالبين، والعباسيين،

والأنصار، وأولاد المهاجرين، ومصالح الحرمين، نيف وأربعون ألف دينار، ويبقي الباقي لنفقاته، وأنّه كان يسمع الكتّاب يقولون في ضياع أبي الحسن بن الفرات، أنها ترتفع في وزارته بألف دينار، وعند القبض عليه، ودخول يد العمال فيها، بثمانمائة ألف دينار، وأقلّ، وأكثر. الوزراء للصابي 348

37 عادة ابن الفرات في كلامه «بارك الله عليك» ، وعادة علي بن عيسى «والك»

37 عادة ابن الفرات في كلامه «بارك الله عليك» ، وعادة علي بن عيسى «والك» حدّث القاضي أبو علي «1» ، قال: حدّثني أبو الحسين عبد الله بن أحمد ابن عياش القاضي «2» ، قال: كانت عادة أبي الحسن بن الفرات «3» ، في كلامه، أن يقول للإنسان: بارك الله عليك. ومن عادة أبي الحسن، علي بن عيسى «4» أن يقول: «والك» ، أو «واك» «5» . فكان الناس يقولون: لو لم يكن من الفرق بين الرجلين إلّا حسن اللقاء، وصرف ما بين القولين [لكفى] . وحكى أبو محمد الصلحي «6» ، قال: لما صرف الراضي بالله «7» ، أبا علي، عبد الرحمن بن عيسى «8» عن وزارته

ونكبه، ونكب أبا الحسن علي بن عيسى «1» ، وصادر أبا الحسن على ألف ألف درهم «2» ، وعبد الرحمن على ثلاثة آلاف دينار «3» ، وكان ذلك طريفا، وحصل أبو الحسن معتقلا في دار الخلافة «4» ، وخاف أبو الحسن أن يكون في نفس الراضي بالله عليه، ما يريد معه قتله، فراسلني- يقول هذا أبو محمد، وكان إذ ذاك كاتب أبي بكر بن رائق «5» - يسألني خطاب الراضي بالله عن صاحبي، في نقله إلى دار وزيره «6» ، إلى أن يؤدّي ما قرّر عليه أمره. قال: فجئت إلى الراضي بالله، وقلت له: يا أمير المؤمنين، علي ابن عيسى، خادمك وخادم آبائك، ومن قد عرفت محلّه من الصناعة، وموقعه من جمال المملكة، ومن حاله وأمره كذا وكذا. فقال: هو كذلك، ولكن له عندي ذنوب، وأخذ يعدّد ذنوب عبد الرحمن.

فقلت له: يا مولانا، وأيّ درك يلزمه، فيما قصّر فيه أخوه؟ فقال: سبحان الله، وهل دبّر عبد الرحمن، إلّا برأيه، وأمضى شيئا أو وقفه، إلّا عن أمره، أو أمري إيّاه بأن لا يحلّ ولا يعقد إلّا بموافقته؟ وأقبلت أعتذر له، وأجعل بإزاء كل ذنب حجّة. قال: دع ذا، ما خاطبني قط، إلّا قال: «واك» فهل يتلقّى الخلفاء بمثل ذاك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين إنّ هذا طبع له قد ألف منه، وحفظ عليه، وعيب به في أيام خدمته للمقتدر بالله «1» ، رحمة الله عليه، وما استطاع أن يفارقه مع نشئه عليه، وتعوّده إياه. فقال: اعمل على أنه خلق، أما كان يمكنه أن يغيّره مع ما وصفته من فضله وعقله، أو يتحفّظ معي خاصّة فيه، مع قلّة اجتماعي معه، ومخاطبتي إيّاه؟ وما يفعل ما يفعله، إلّا عن تهاون، وقلّة مبالاة. فقبّلت الأرض مرارا بين يديه، وقلت: الله، الله، أن يتصوّر مولانا ذلك فيه، وإنما هو عن سوء توفيق، والعفو من أمير المؤمنين مطلوب. ولم أزل إلى أن أمر بنقله، إلى دار وزيره، ونقل، وصحّح «2» ما أخذ به خطّه، وصرف إلى منزله. الوزراء للصابي 359

38 الوزير علي بن عيسى يرأف بأحد المطالبين، ويعفيه من المطالبة

38 الوزير علي بن عيسى يرأف بأحد المطالبين، ويعفيه من المطالبة حدّث أبو علي التنوخي «1» ، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن يوسف، ابن الأزرق «2» ، قال: حدّثني أبو يعقوب أخي» ، قال: حدّثني أبو بكر ابن مقاتل «4» ، ونحن بمصر «5» ، قال: ابتعت من السلطان قديما- وأنا تاجر- غلّة على إكراه، وبقي عليّ من ثمنها عشرون ألف دينار. وأحضرني أبو الحسن علي بن عيسى، وطالبني بذلك، فلم تكن لي وجهة، وعدلت إلى جحده، وترك الاعتراف به. وقال لي: اعمل حسابا، بأصل ما ابتعته، وما أدّيته، ليبين الباقي بعده.

ودافعت، فاعتقلني في الديوان، وأمرني بعمل الحساب فيه. فأخذت أعلّل، وأطاول، إشفاقا من أن تتحقّق البقيّة، فأحصل تحت المطالبة، بغير عذر ولا حجّة. ثم أرهقني، ودعاني إلى حضرته، فدخلت، ومعي كيس حسابي، لأريه ما أرتفع منه، وأسأله إنظاري بإتمامه، واستكماله. وفتحت الكيس بين يديه، وكنت أستطيب خبز البيت، ولا آكل غيره، ويحمل إليّ من منزلي في كلّ يومين أو ثلاثة، ما أريد منه. وبحسن الاتفاق، تركت في الكيس منه رغيفين، استظهارا، لئلّا يتأخّر عنّي ما يحمل إليّ. وبينما أقلّب الحساب، وقعت عين الوزير أبي الحسن على الرغيفين، فلما رآهما، قال لي: أضمم إليك حسابك- مرارا- فضممته وشددته. وقال لي: قم إلى بيتك. فانصرفت، ولم يطالبني بشيء بعد ذلك، ولا تنبّه من نظر بعد على أمري، فانكسر المال- والله- وكان سببه الرغيفين، لأنّ علي بن عيسى، لمّا رآهما، وقد كنت أشكو الخسارة والفقر، حملني على أنّ حملي للرغيفين مع الحساب، لضعف حال، وشدّة فاقة. الوزراء للصابي 375

39 الملك عضد الدولة يغضب على أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف

39 الملك عضد الدولة يغضب على أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف ذكر أبو علي القاضي التنوخي «1» ، عن عضد الدولة ابن بويه «2» ، أنّه كان قدّم في دولته أبا القاسم عبد العزيز بن يوسف «3» ، واعتقد في كمال عقله، ورزانة نبله، ورجحان فضله، فناط به أزمّة عقده وحلّه، واعتمد إليه في أمر ملكه كلّه. وكان نفاق الحاشية، يغطّي عواره، ويستره، وألسن الخدم والأتباع لعضد الدولة، تمدحه وتشكره، وجماعة من عظماء الدولة، تعرض عنه فلا تذكره، وهو يتبجّح بدعوى العقل، وهو أجهل من باقل، ويتحلّى بحسن التدبير، وهو بجيد من المعرفة عاطل، ويظهر الاستطالة على فضلاء الأماثل، وهو خال عن الفضائل. واستمر ذلك برهة من الدهر. إلى أن أتاح، القدر المحتوم، والقضاء المعلوم، أن سافر عضد الدولة من العراق، إلى همذان، فتبعه أبو محمد الخرنبازي، يطلب خدمة، وكان ذا دراية، وفضل، وعقل، ورزانة، ونبل. فلما رآه أبو القاسم، قد خرج في جملة الجماعة، خشي من تقدّمه

عند عضد الدولة، فيفضح مستوره، وتقبح أموره، فحسّن لعضد الدولة ردّه من الطريق، وإبعاده عن الصحبة، وان يجرى عليه شيء من الرزق بالبصرة، ويقيم بها. قال أبو علي القاضي: كنت بين يدي عضد الدولة، وقد قال لأبي بكر بن شاهويه «1» - وهو من أصحاب أبي القاسم عبد العزيز- تمضي إلى أبي محمد الخرنبازي، وتقول له: تمضي إلى البصرة، ونحن نجري لك معيشة ترتزق منها، فقد طال تبعك لنا، وتعبك معنا، وقد تبرّمنا منك، وليس في حضرتنا ما تحبّه، والسلامة لك في بعدك عنّا، فصاحبنا أبو القاسم عبد العزيز، قد استصحب جماعة كثيرة، في بعضهم غنية عن أمثالك، فانصرف عنا، واكتف بما أرتّبه لك، إن شاء الله تعالى. ثم إن عضد الدولة، سيّر من خاصّته شخصا مع أبي بكر، ليشهد ما يقوله، وليسمع ما يجاوبه به أبو محمد، بحيث لا يكتم أبو بكر شيئا من الجواب، لكونه من أصحاب أبي القاسم. فلما حضرا عند أبي محمد، قال له أبو بكر، صورة ما قاله عضد الدولة جميعه. فقال أبو محمد، لما سمع ذلك: الأمر للملك، ولا خلاف له، والسمع والطاعة لتقدّمه، ولعمري إنّ الناس بجدودهم ينالون، وبحظوظهم يستديمون، ولو أنني تقدّمت عند الملك، ونفقت عليه، ما كان عجبا، فقد نال منه، وتقدّم عنده، من أنا أرجح منه، ولكن المقادير غالبة، وليس للإنسان

متقدّم عنها ولا متأخّر، وقد قيل: من غالب الأقدار غلب، ولكن، أيها الشيخ، لي حاجة أحبّ أن تبلغها الملك عنّي، وهي كلمة فيها نصيحة، وشفاء لما في الصدور. فقال أبو بكر، قل: فإنّي أبلغها الملك. فقال: تقول له: أنا صائر إلى ما أمرت، ومتوجّه إلى البصرة، لامتثال ما رسمت، ولكن بعد أن تقضي وطرا في نفسي، وفيه شهرة لعظمتك، وتنبيه على أنّك لا تنخدع في ملكك، ولا يلتبس لديك محقّ بمبطل، وعاقل بجاهل، ومسيء بمحسن، ويقظان بغافل، وجواد بباخل، وهو أن يتقدّم، بأن يقام عبد العزيز المكنى بأبي القاسم، بين اثنين على رؤوس الأشهاد، وينتقم منه انتقاما بالغا، ويقال له: إذا لم تبذل جاهك لمتلهّف، ولم يكن عندك برّ لضعيف، ولا فرج لمكروب، ولا عطاء لسائل، ولا جائزة لشاعر، ولا مرعى لمنتجع، ولا مأوى لضيف، ولا ذبّ عن عرض مخدومك، ولا استجلاب ثمار الألسنة بالأدعية والمحامد لدولة أوجدتك، ولا لك من العقل ما تميّز به بين ما يكسب حمدا أو ذمّا، فلم ألزمت نفسك أن يخاطبوك بسيدنا، وتمدّ يدك ليقبّلها الداخلون، ويقوم لك عظماء المملكة، عند طلوعك عليهم؟. ثم إنّ أبا محمد قام وركب، وعاد. قال أبو بكر بن شاهويه: فعدت، وقد سبقني الذي كان معي مشرفا، وذكر ذلك للملك عضد الدولة، فلما حضرت عنده، وأبو القاسم بين يديه، سكتّ. فقال لي: هات الجواب الذي ذكره أبو محمد. فاستحييت من أبي القاسم، أن أذكره، فقلت: سمعه الملك من المشرف الذي أنفذه معي.

قال: قل، فأنت كنت الرسول، فاذكر الحديث على صورته كلّه، فو الله إن تركت منه حرفا، لم تلق خيرا. فما أمكنني إلّا أنني سردت كلام أبي محمد، كما قاله، ولم أترك منه شيئا، وأبو القاسم يتقدّد في إهابه، ويتمزّق في جلده، ويتغيّر وجهه، ويتلوّن ألوانا، عند كل كلمة منه. فأقبل عليه عضد الدولة، فقال: كيف ترى يا عبد العزيز «1» ؟ لا جزاك الله خيرا، الآن علمت أنّك لا تعتمد حالة ترضي الله تعالى، ولا تتبنّى مكرمة، ولا تحفظ مروءة، ولا تحرس أمانة، ولا يخرج فكرك عنك، ولا صمتك، إلّا في مال تجتذبه، وإقطاع لنفسك تثّمره، وتجعلني بابا من أبواب معاشك، وجهة من جهات أرباحك، تبعد من ينفعني، وتقرّب من ينفعك، فخدمتك معروفة، وسيرتك معلومة، وكنت أسمع في جرّك النار إلى قرصك، وشرهك في جميع أحوالك، وأذاك لمن يقصد أبوابنا، ولكن لكلّ أجل كتاب، ثم أمر به فأخذ. فظهرت بسوء فعله، قلّة عقله، وبقبح قصده، ضعف رأيه «2» . العقد الفريد للملك السعيد لأبي سالم الوزير 9

40 أبغي الشفا بك من سقمي ومن دائي

40 أبغي الشفا بك من سقمي ومن دائي أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: أنبأنا أبو محمد جعفر بن الفضل العسكري قال: أنبأنا محبوب بن صالح، عن أبيه: أنّ رجلا من العرب، رأى امرأة، فوقعت بقلبه، فكاتم بذلك دهرا، ثم أنّ الأمر تفاقم، وتمكّنت منه الصبابة، وسحقه الغرام، فبعث إليها يسألها نفسها، ويخبرها بما هو عليه من حبّها. فكتبت إليه: اتّق الله أيها الرجل وارع على نفسك، واستحي من هذه الهمة التي قد تعلّقت بها، فإن ذلك أولى بذوي العقول، فلما وافاه كتابها، أخذته وسوسة، واستولى عليه الشيطان، وجعل الأمر يتزايد، حتى زال عقله، وكان لا يعقل إلّا ما كان من حديثها أو ذكرها. وكان يبكّر في كل يوم، فيقف على باب الدار التي تنزلها المرأة، فيقول: يا دار حيّيت إن كانت تحيّتنا ... تغني ولو كان في التسليم إشفائي لا زلت أبكيك ما قامت بنا قدم ... أبغي الشفا بك من سقمي ومن دائي ثم مضى شبيها بالهائم على وجهه، فلم يزل على ذلك حتى مات. ذم الهوى لابن الجوزي 275

41 أشاع الدمع ما كنت أكتم

41 أشاع الدمع ما كنت أكتم أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي، فيما أجاز لنا، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز «1» ، قراءة عليه، قال: أخبرنا محمد بن خلف «2» ، إجازة، قال: حدّثنا قاسم بن الحسن «3» ، قال: حدّثنا العمري، قال: أخبرنا الهيثم بن عدي «4» : انّ مرّة بن مصعب القيسي كان له أخ يقال له فهر، وكانا ينزلان الحيرة «5» وانّ فهرا ارتحل بأهله وولده، فنزل بأرض السراة «6» ، وأقام مرّة، بالحيرة، وكانت عند مرّة، أمرأة من بكر بن وائل، فلبثت معه زمانا لم يرزق منها ولدا، حتى يئس من ذلك، ثم أتي في منامه، ذات ليلة، فقيل له: إنّك إن باشرت زوجتك، في ليلتك هذه، رأيت سرورا وغبطة، فانتبه، فباشرها، فحملت، فلم يزل مسرورا إلى أن تمت أيامها، فولدت له غلاما، فسماه إياسا، لأنه كان آيسا، فنشأ الغلام منشئا حسنا.

فلما ترعرع، ضمّه أبوه إليه، وأشركه في أمره، وكان إذا سافر أخرجه معه، لقلّة صبره عنه. فقال له أبوه يوما: يا بنيّ، قد كبرت سنّي، وكنت أرجوك لمثل هذا اليوم، ولي إلى عمك حاجة، فأحب أن تشخص فيها. فقال له إياس: نعم يا أبة، ونعم عين وكرامة، فإذا شئت، أخبرني بحاجتك، فأعلمه الحاجة، فخرج متوجّها حتى أتى عمّه، فعظم سروره به، وسأله عن سبب قدومه، وما الحاجة، فاخبره بها، ووعده بقضائها، فأقام عند عمّه أياما ينتظر فيها قضاء الحاجة. وكان لعمّه بنت يقال لها صفوة، ذات جمال وعقل، فبينا هو ذات يوم جالس بفناء دارهم، إذ بدت له صفوة، زائرة بعض أخواتها، وهي تهادى بين جوار لها، فنظر لها أياس نظرة، أورثت قلبه حسرة، وظل نهاره ساهيا، وبات وقد اعتكرت عليه الأحزان، ينتظر الصباح، يرجو أن يكون فيه النجاح. فلما بدا له الصباح، خرج في طلبها ينتظر رجوعها، فلم يلبث أن بدت له، فلما نظرت إليه تنكّرت، ثم مضت فأسرعت، فمرّ يسعى خلفها، يأمل منها نظرة، فلم يصل إليها، وفاتته، فانصرف إلى منزله، وقد تضاعف عليه الحزن، واشتد الوجد. فلبث أياما، وهو على حاله، إلى أن أعقبه ذلك مرضا أضناه، وأنحل جسمه، وظلّ صريعا على الفراش. فلما طال به سقمه، وتخوّف على نفسه، بعث إلى عمه لينظر إليه، ويوصيه بما يريد، فلما رآه عمّه، ونظر إلى ما به، سبقته العبرة إشفاقا عليه. فقال له إياس: كفّ، جعلت فداك يا عمّ، فقد أقرحت قلبي، فكفّ عن بعض بكائه، فشكا إليه إياس ما يجد من العلّة، فقال له:

عزّ والله، عليّ يا ابن أخي، ولن أدع حيلة في طلب الشفاء لك. فانصرف إلى منزله، وأرسل إلى مولاة له، كانت ذات عقل، فأوصاها به، وبالتعاهد له، والقيام عليه. فلما دخلت المولاة عليه، فتأمّلته، علمت انّ الذي به عشق، فقعدت عند رأسه، فأجرت ذكر صفوة، لتستيقن ما عنده، فلما سمع ذكرها زفر زفرة، فقالت المرأة: والله، ما زفر إلّا من هوى داخله، ولا أظنه إلّا عاشقا. فأقبلت عليه كالممازحة له، فقالت له: حتى متى تبلي جسمك، فو الله ما أظن الذي بك إلا هوى. فقال لها إياس: يا أمّه، لقد ظننت بي ظن سوء، فكفّي عن مزاحك. فقالت: إنّك، والله، لن تبديه إلى أحد هو أكتم له من قلبي، فلم تزل تعطيه المواثيق، وتقسم عليه، إلى أن قالت له: بحق صفوة. فقال لها: لقد أقسمت عليّ بعظيم لو سألتني به روحي لدفعتها إليك، ثم قال: والله يا أمّه، ما عظم دائي، إلّا بالاسم الذي أقسمت عليّ بحقّه، فالله، الله، في كتمانه، وطلب وجه الحيلة فيه. فقالت: أما إذ أطلعتني عليه، فسأبلغ فيه رضاك، إن شاء الله. فسرّ بذلك، وأرسل معها بالسلام إلى صفوة، فلما دخلت عليها، ابتدأتها صفوة بالمسألة عن الذي بلغها من مرضه، وشدة حاله، فاستبشرت المولاة بذلك. ثم قالت: يا صفوة، ما حالة من يبيت الليل ساهرا محزونا يرعى النجوم ويتمنّى الموت؟ فقالت صفوة: ما أظن هذا على ما ذكرت بباق، وما أسرع منه الفراق.

ثم أقبلت على المولاة، فقالت: إني أريد أن أسألك عن شيء، فبحقي عليك لما أوضحته. فقالت: وحقّك، إن عرفته فلا أكتمك شيئا. قالت: هل أرسلك إياس إلى أحد من أهل ودّه في حاجة؟ فقالت المولاة: والله لأصدقنّك، والله، ما جلّ داؤه، وعظم بلاؤه إلّا بك، وما أرسلني بالسلام، إلّا إليك، فأجيبيه إن شئت، أو دعي. فقالت لا شفاه الله، والله، لولا ما وجب من حقّك لأسأت إليك، وزجرتها. فخرجت من عندها كئيبة، فأتته، فأعلمته، فازداد على ما كان به من مرضه، وأنشأ يقول: كتمت الهوى حتى إذا شبّ واستوت ... قواه أشاع الدمع ما كنت أكتم فلما رأيت الدمع قد أعلن الهوى ... خلعت عذاري فيه والخلع أسلم فيا ويح نفسي كيف صبري على الهوى ... وقلبي وروحي عند من ليس يرحم قال: ثم إنّ عمه دخل عليه ليعرف خبره، فقال له، يا عم، إني مخبرك بشيء لم أخبرك به حتى برح الخفاء ولم أطق له محملا. فأخبره الخبر، فزوّجه إيّاها، فأفاق، وبرء من علته. مصارع العشاق 1/150

42 بنو عذرة أرق الناس قلوبا

42 بنو عذرة أرق الناس قلوبا أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي «2» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه «3» ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «4» ، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن منصور بن سيار «5» ، قال: حدّثنا نوح بن يزيد المعلّم «6» ، قال: حدّثنا إبراهيم بن سعد «7» ، قال: حدّثني محمد بن إسحاق «8» ، قال: حدّثني محمد بن جعفر ابن الزبير، قال:

سمعت رجلا من بني عذرة، عند عروة بن الزبير «1» يحدّثه، فقال عروة: يا هذا بحق أقول لكم: إنّكم أرقّ الناس قلوبا. فقال: نعم والله، لقد تركت بالحي، ثلاثين شابا قد خامرهم السلّ، ما بهم إلّا داء الحب «2» . ذم الهوى 331

43 علامة من كان الهوى في فؤاده

43 علامة من كان الهوى في فؤاده أخبرنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن «2» ، قال: أنبأنا محمد بن العباس «3» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «4» ، قال: ترى العاشق إذا رأى من يحبه، أو سمع بذكره، كيف يهرب دمه، ويستحيل لونه، ويخفق فؤاده، وتأخذه الرعدة، وربما امتنع من الكلام، ولم يطق ردّ الجواب. وقد قال بعض الشعراء: علامة من كان الهوى في فؤاده ... إذا ما رأى الأحباب أن يتحيّرا ويصفرّ لون الوجه بعد احمراره ... وإن حرّكوه للكلام تشوّرا «5» ذم الهوى 344

44 زعموا أن الفراق غدا

44 زعموا أن الفراق غدا أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن «2» ، قال: أنشدنا علي بن محمد «3» ، قال: أنشدنا أبو بكر الصنوبري «4» ، لنفسه: أخذوا للسير أهبته ... وأخذنا أهبة الكمد «5» زعموا أنّ الفراق غدا ... وفراق الروح بعد غد ذمّ الهوى 345

45 عاشق ينتحر بمحضر من الخليفة عبد الملك بن مروان

45 عاشق ينتحر بمحضر من الخليفة عبد الملك بن مروان أخبرنا محمد بن ناصر، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس الكديمي «3» ، قال: أنبأنا السليمي «4» ، عن محمد بن نافع مولاهم، عن أبي ريحانة، أحد حجاب عبد الملك بن مروان، قال: كان عبد الملك يجلس في كل أسبوع، يومين، جلوسا عاما، فبينا هو جالس في مستشرف له، وقد أدخلت عليه القصص «5» ، إذ وقعت في يده قصة غير مترجمة «6» ، فيها: إن رأى أمير المؤمنين، أن يأمر جاريته فلانة، أن تغنّي ثلاثة أصوات، ثم ينفذ فيّ ما شاء من حكمه، فعل.

فاستشاط من ذلك غضبا، وقال: يا رباح، عليّ بصاحب هذه القصة. فخرج الناس جميعا، فأدخل عليه غلام كما عذّر، كأهيأ الفتيان وأحسنهم. فقال له عبد الملك: يا غلام، أهذه قصّتك؟ فقال: نعم، يا أمير المؤمنين. قال: وما الذي غرّك مني، والله لأمثلنّ بك، ولأردعنّ بك نظراءك من أهل الجسارة، عليّ بالجارية، فجيء بجارية كأنّها فلقة قمر، وبيدها عود، فطرح لها كرسي، وجلست. فقال عبد الملك: مرها يا غلام. فقال لها: غنّيني يا جارية بشعر قيس بن ذريح: لقد كنت حسب النفس لو دام ودّنا ... ولكنّما الدنيا متاع غرور وكنّا جميعا قبل أن يظهر الهوى ... بأنعم حالي غبطة وسرور فما برح الواشون حتى بدت لنا ... بطون الهوى مقلوبة لظهور قال: فخرج الغلام من جميع ما كان عليه من الثياب تخريقا. ثم قال له عبد الملك: مرها، تغنّيك الصوت الثاني. فقال: غنّيني بشعر جميل: ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بوادي القرى إنّي إذن لسعيد إذا قلت: ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحب، قالت: ثابت ويزيد وإن قلت: ردّي بعض عقلي أعش به ... مع الناس قالت: ذاك منك بعيد فلا أنا مردود بما جئت طالبا ... ولا حبّها فيما يبيد يبيد يموت الهوى منّي إذا ما لقيتها ... ويحيا إذا فارقتها فيعود فغنّته الجارية، فسقط الغلام مغشيا عليه ساعة، ثم أفاق.

فقال له عبد الملك: مرها، فلتغنّك الصوت الثالث. فقال: يا جارية، غنّيني بشعر قيس بن الملوّح، المجنون: وفي الجيرة الغادين من بطن وجرة ... غزال غضيض المقلتين ربيب فلا تحسبي أنّ الغريب الذي نأى ... ولكنّ من تنأين عنه غريب فغنّته الجارية، فطرح الغلام نفسه من المستشرف، فلم يصل إلى الأرض حتى تقطّع. فقال عبد الملك: ويحه، لقد عجل على نفسه، ولقد كان تقديري فيه غير الذي فعل، وأمر، فأخرجت الجارية عن قصره، ثم سأل عن الغلام، فقالوا: غريب لا يعرف، إلّا أنه منذ ثلاث ينادي في الأسواق، ويده على رأسه: غدا يكثر الباكون منّا ومنكم ... وتزداد داري عن دياركم بعدا «1» ذم الهوى 355 مصارع العشاق 2/215

46 ثلاثة مجانين في بني عامر

46 ثلاثة مجانين في بني عامر أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن، قال: أنبأنا ابن حيويه «2» ، قال: أخبرنا محمد بن خلف «3» ، قال: أخبرني أحمد بن حرب «4» قال: أخبرني ابن أبي كريم، قال: أخبرنا أبو قلابة العامري، عن القاسم ابن سويد الحرمي، قال: كان في بني عامر ثلاثة مجانين، معاذ ليلى، وهو معاذ بن كليب، أحد بني عامر بن عبيد، وقيس بن معاذ، ومهدي بن الملوّح الجعدي. فأما ليلى: فاختلفوا في نسبها، فقال بعضهم: ليلى بنت مهدي. وقال بعضهم: ليلى بنت ورد، من بني ربيعة. وفي كنيتها قولان، أحدهما: أمّ مالك، وكذلك كنّاها المجنون في شعره، والثاني: أمّ الخليل «5» . ذم الهوى 380

47 ليلى والمجنون

47 ليلى والمجنون أخبرتنا شهدة بنت أحمد «1» ، قالت: أنبأنا أبو محمد بن السراج «2» ، قالا: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثني رجل من بني عامر، يقال له: رباح بن حبيب، قال: كان في بني عامر جارية من أجمل النساء، لها عقل وأدب، يقال لها ليلى بنت مهدي. فبلغ المجنون خبرها، وما هي عليه من الجمال والعقل، وكان صبّا بمحادثة النساء، فعمد إلى أحسن ثيابه، فلبسها وتهيّأ، فلما جلس إليها، وتحدّث بين يديها، أعجبته، ووقعت بقلبه، فظل يومه ذاك يحدّثها وتحدّثه حتى أمسى، فانصرف إلى أهله، فبات بأطول ليلة، حتى إذا أصبح مضى إليها، فلم يزل عندها حتى أمسى، ثم انصرف، فبات بأطول من ليلته الأولى، وجهد أن يغمض، فلم يقدر على ذلك، فأنشأ يقول: نهاري نهار الناس حتى إذا بدا ... لي الليل هزّتني إليك المضاجع أقضيّ نهاري بالحديث وبالمنى ... ويجمعني والهمّ باللّيل جامع وأدام زيارتها، وترك إتيان كل من كان يأتيه، فوقع في قلبها مثل الذي وقع في قلبه، فجاء يوما يحدّثها، فجعلت تعرض عنه، وتقبل على غيره،

تريد أن تمتحنه، وتعلم ما في قلبه، فلما رأى ذلك منها اشندّ عليه وخرج، فلما خافت عليه، أقبلت عليه، فقالت: كلانا مظهر للناس بغضا ... وكلّ عند صاحبه مكين «1» فسري عنه عند ذلك. فقالت: إنما أردت أن أمتحنك، والذي لك عندي، أكثر من الذي لي عندك، وأنا معطية الله عهدا، إن أنا جالست بعد يومي هذا، رجلا سواك، حتى أذوق الموت، إلّا أن أكره على ذلك. فانصرف وهو أسرّ الناس، فأنشأ يقول: أظنّ هواها تاركي بمضلّة ... من الأرض لا مال لديّ ولا أهل ولا أحد أفضي إليه وصيّتي ... ولا وارث إلّا المطية والرّحل محا حبّها حبّ الأولى كنّ قبلها ... وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل «2» ذم الهوى 381

48 تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابة

48 تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابة أخبرنا ابن ناصر، قال: أنبأنا أحمد بن محمد البخاري «1» ، قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري، وأخبرنا محمد بن عبد الباقي «2» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «3» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «4» ، قال: قال العمري، عن لقيط بن بكير المحاربي: انّ المجنون علق بليلى علاقة الصبا، وذلك أنّهما كانا صغيرين يرعيان أغناما لقومهما، فعلق كل واحد منهما صاحبه، إلّا أنّ المجنون كان أكثر منها، فلم يزالا على ذلك حتى كبرا. فلما علم بأمرهما، حجبت ليلى عنه، فزال عقله، وفي ذلك يقول: تعلّقت ليلى وهي ذات ذؤابة ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا ... إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم ذم الهوى 383

49 مجنون ليلى يفقد عقله

49 مجنون ليلى يفقد عقله أخبرنا ابن ناصر «1» ، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «2» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، قال: حدّثنا ابن حيويه «3» قال: أنبأنا محمد بن خلف «4» ، قال: حدّثنا عبد الله بن عمرو «5» ، قال: حدّثني يحيى بن أبي جابر، قال: حدّثني ربيعة بن عبد الحميد قال: كان المجنون من ولد أبي بكر بن كلاب، فأتى عليه عصر من الدهر لا يعرف ليلى، ثم عشقها، فخطبها، فلم يزوّجوه، فاشتدّت حالته، وزاد ما كان يجده، وفشا أمره في الناس، فلقيه ابن عم له، فقال: يا أخي اتّق الله في نفسك، فإنّ هذا الذي أنت فيه من عمل الشيطان، فازجره عنك، فأنشأ يقول: يا حبذا عمل الشيطان من عمل ... إن كان من عمل الشيطان حبّيها

منّيتها النّفس حتى قد أضرّ بها ... وأحدثت خلقا ممّا أمنّيها قال ابن خلف: وقال أبو عبيدة «1» : كان المجنون يجلس في نادي قومه وهم يتحدّثون، فيقبل عليه بعض القوم، فيحدّثه، وهو باهت ينظر إليهم، ولا يفهم ما يحدّثه به، ثم يثوب إليه عقله، فيسأل عن الحديث، فلا يعرفه، فحدّثه مرة بعض أهله بحديث، ثم سأله عنه في غد، فلم يعرفه، فقال: إنّك لمجنون، فقال: إنّي لأجلس في النادي أحدّثهم ... فأستفيق وقد غالتني الغول يهوى بقلبي حديث النفس دونكم ... حتى يقول خليلي أنت مخبول قال أبو عبيدة: فتزايد الأمر به، حتى فقد عقله، فكان لا يقرّ في موضع، ولا يؤويه رحل، ولا يعلوه ثوب إلا مزّقه، وصار لا يفهم شيئا ممّا يكلّم به، إلّا أن تذكر له ليلى، فإذا ذكرت أجاب النداء به، ورجع عقله. ذم الهوى 384

50 من أطاع الواشين لم يتركوا له صديقا

50 من أطاع الواشين لم يتركوا له صديقا أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن، قال: أنبأنا ابن حيويه «2» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «3» ، قال: روى رباح بن حبيب، رجل من بني عامر، قال: لما كثر ذكر المجنون لليلى، واشتهر أمره، اجتمع إلى أبيه أهله، وكان سيّدا، فقالوا له: زوّج قيسا، فإنه سيكفّ عن ذكر ليلى، وينساها. فعرض عليه أبوه التزويج، فأبى، وقال: لا حاجة لي إلى ذلك. فأتى ليلى بعض فتيان القوم، ممّن كان يحسد قيسا، ويعاديه، فأخبرها أنّه على أن يتزوّج، وجاء المجنون كما كان يجيء، فحجبته، ولم تظهر له، فرجع وهو يقول: فو الله ما أدري علام هجرتني ... وأيّ أمور فيك يا ليل أركب أأقطع حبل الوصل؟ فالموت دونه ... أم أشرب رنقا منكم ليس يشرب؟ أم أهرب حتى لا يرى لي مجاور؟ ... أم أفعل ماذا؟ أم أبوح فأغلب؟ فو الله ما أدري وإنّي لدائب ... أفكّر ما جرمي إليها فأعجب قال: فبلغها قوله، فأنشأت تقول: صدق والله قيس حيث يقول: ومن يطع الواشين لم يتركوا له ... صديقا وإن كان الحبيب المقرّبا ذم الهوى 385

51 ألا حجبت ليلى

51 ألا حجبت ليلى أخبرنا ابن أبي منصور، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن «2» ، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «3» ، قال: حدّثنا محمد ابن خلف «4» ، قال: قال محمد بن زياد بن الأعرابي «5» : لما شبّب المجنون بليلى، وشهر بحبّها، اجتمع إليه أهلها، فمنعوه من محادثتها، وزيارتها، وتهدّدوه، وأوعدوه بالقتل، فكان يأتي امرأة، فتعرف له خبرها، فنهوا تلك المرأة عن ذلك، فكان يأتي غفلات الحيّ في الليل. فلما كثر ذلك، خرج أبو ليلى، ومعه نفر من قومه إلى مروان بن الحكم «6» ، فشكوا إليه ما ينالهم من قيس بن الملوّح، وسألوه الكتابة إلى عامله عليهم، يمنعه من كلام ليلى.

فكتب لهم مروان، كتابا إلى عامله، يأمره أن يحضر قيسا، ويتقدّم إليه في ترك زيارة ليلى، فإن أصابه أهلها عندهم، فقد أهدروا دمه. فلما ورد الكتاب على عامله، بعث إلى قيس وأبيه، وأهل بيته، فجمعهم، وقرأ عليهم كتاب مروان، وقال لقيس: اتّق الله في نفسك، لا يذهب دمك هدرا، فانصرف قيس، وهو يقول: ألا حجبت ليلى وآلى أميرها ... عليّ يمينا جاهدا لا أزورها وأوعدني فيها رجال أبوهم ... أبي وأبوها خشّنت لي صدورها على غير شيء غير أنّي أحبّها ... وأنّ فؤادي عند ليلى أسيرها فلما أيس منها، وعلم أن لا سبيل إليها، صار شبيها بالتائه العقل، وأحبّ الخلوة وحديث النفس، وتزايد الأمر به، حتى ذهب عقله، ولعب بالحصا والتراب، ولم يكن يعرف شيئا إلّا ذكرها، وقول الشعر فيها. وبلغها ما صار إليه قيس، فجزعت أيضا لفراقه، وضنيت ضنى شديدا «1» . ذم الهوى 388

52 رددت قلائص القرشي

52 رددت قلائص القرشي أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا ابن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: حدّثني إسحاق بن محمد «4» قال: حدّثني أبو معاذ النميري: أنّ مروان بن الحكم «5» ، استعمل رجلا من قيس «6» ، على صدقات كعب ابن ربيعة بن عامر، وهم قيس والحريش وجعدة. فسمع بخبر قيس بن معاذ «7» ، وهو مجنون بني عامر، فأمر أن يؤتى به، فأتي به، فساء له عن حاله، واستنشده، فأنشده، فأعجب به، وقال له: الزمني، فلك أن أحتال لك في أمر ليلى، حتى أجمع بينك وبينها، فلازمه، وكان يأتيه، فيتحدّث إليه.

وكان لبني عامر مجتمع، يجتمعون فيه، في كل سنة، وكان الوالي يخرج معهم إلى ذلك المجتمع، لئلّا يكون بينهم اختلاف، فحضر الوقت، فقال قيس للوالي: أتأذن لي في الخروج معك إلى هذا المجتمع؟ فأذن له. فلما عزم على الخروج، جاءه قوم من رهط قيس، فقالوا له: إنّما سألك الخروج معك ليرى ليلى ويكلّمها، وقد استعدى عليه بعض أهلها، وأهدر لهم السلطان دمه، إن أتاهم. فلما قالوا له ذلك، منعه من الخروج معه، وأمر له بقلائص من إبل الصدقة، فردّها، وأبى أن يقبلها، وأنشأ يقول: رددت قلائص القرشيّ لما ... بدا لي النقض منه للعهود سعوا للجمع ذاك وخلّفوني ... إلى حزن أعالجه شديد فلما علم قيس بن معاذ، انّه قد منع، وأن لا سبيل إليها، ذهب عقله، وصار لا يلبس ثوبا إلّا خرّقه، وهام على وجهه عريانا، لا يعقل شيئا ممّا يكلّم به، ولا يصلّي. فلما رأى أبوه ما صنع بنفسه، خاف عليه التلف، فحبسه، وقيّده، فجعل يأكل لحمه، ويضرب بنفسه الأرض. فلما رأى أبوه ذلك، حلّ قيده، وخلّاه، فكان يدور في فيافيهم عريانا، ويلعب بالتراب. وكانت له داية، لم يكن يأنس بأحد غيرها، وكانت تأتيه في كل يوم، برغيف وماء، فتضعه بين يديه، فربما أكله، وربما تركه، ولم يأكله. ذم الهوى 389 مصارع العشاق 2/89

53 أنتم شغلي، وعندكم عقلي

53 أنتم شغلي، وعندكم عقلي أخبرنا ابن ناصر «1» ، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «2» ، وأخبرتنا شهدة «3» ، قالت: أنبأنا ابن السرّاج «4» ، قالا: أنبأنا علي بن المحسّن، قال: أنبأنا ابن حيويه «5» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «6» ، قال: حدّثني محمد بن إسحاق «7» ، قال: حدّثني ابن عائشة «8» ، عن أبيه قال: ولي نوفل بن مساحق «9» ، صدقات كعب بن ربيعة «10» ، فنزل بجمع من

تلك المجامع، فرأى قيس بن معاذ المجنون «1» ، وهو يلعب بالتراب، فدنا منه، فكلّمه، فجعل يجيبه بخلاف ما يسأل عنه. فقال له رجل من أهله: إن أردت أن يكلّمك كلاما صحيحا، فاذكر له ليلى. فقال له نوفل: أتحبّ ليلى؟ قال: نعم. قال: فحدّثني حديثك معها. قال: فجعل ينشده شعره فيها، فأنشأ يقول: وشغلت عن فهم الحديث سوى ... ما كان فيك فأنتم شغلي وأديم لحظ محدّثي ليرى ... أن قد فهمت وعندكم عقلي وأنشد: سرت في سواد القلب حتى إذا انتهى ... بها السير وارتادت حمى القلب حلّت فللعين تسكاب إذا القلب ملّها ... وللقلب وسواس إذا العين ملّت وو الله ما في القلب شيء من الهوى ... لأخرى سواها أكثرت أم أقلّت وأنشد: ذكرت عشية الصدفين ليلى ... وكلّ الدهر ذكراها جديد عليّ أليّة إن كنت أدري ... أينقص حبّ ليلى أم يزيد فلما رأى نوفل منه ذلك، أدخله بيتا، وقيّده، وقال: أعالجه، فأكل

لحم ذراعيه، وكفّيه، فحلّه، وأخرجه، فكان يأوي مع الوحوش. وكانت له داية ربّته صغيرا، وكان لا يألف غيرها، ولا يقرب منه أحد سواها، فكانت تخرج في طلبه في البادية، وتحمل له الخبز والماء، فربما أكل بعضه، وربما لم يأكل. ولم يزل على ذلك حتى مات. ذم الهوى 390

54 كالسهم أصبح ريشه ممروطا

54 كالسهم أصبح ريشه ممروطا أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن التنوخي «2» ، قال: حدّثنا أبو عمر بن حيويه «3» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «4» ، قال: حدّثني عبد الله بن عمرو «5» ، قال: حدّثنا علي بن الحسن، قال: حدّثنا داود ابن محمد، عن عمرو بن رزام، قال: وفد فتى من نهد، يقال له صباح بن عامر، على الملوّح، أبي قيس المجنون، فسلّم عليه، وخبّره بنسبه، وقال له: إنّي قد وفدت من بلدي، لأنظر إلى قيس، وأسمع من شعره، فما فعل؟ فبكى الشيخ، حتى غشي عليه، ثم سكن، وقال: أنّى لك بقيس؟ إنّ قيسا عشق ابنة عم له، وإنّه جنّ على رأسها، فهو لا يأنس بأحد، يرد مع الوحوش، يوم ورودها، ويصدر معها إذا صدرت ولكن هاهنا شاب، يذهب إليه في كل وقت، وهو يأنس به، ويأخذ منه ما يقول، وقد حفظ له قصيدة يقال لها: المؤنسة، فإذا أنشده إياها أنس به وحدّثه، فإن شئت، فصر إليه. قال صباح: فصرت إلى الفتى، فرحّب بي، وسألني عن حالي، فأخبرته.

فقال لي: أتروي لقيس بن ذريح «1» شيئا؟ فإنّ المجنون مستهتر بشعره. قلت: أنا أحفظ الناس لشعر قيس. قال: فصر إلى موضع كذا وكذا، فاطلبه في تلك الفيافي، فإنّك تجده، واعلم انّه إذا رآك، سوف ينفر منك، ويهوي إليك بحجر، فلا يهولنّك، واقعد كأنّك لا تريده، فإذا رأيته قد سكن، فاذكر له ليلى، فإنه سيرجع إلى عقله، ويراجع صحته، ويحدّثك عن حاله، ثم أنشده من شعر قيس شيئا، فإنّه مشغوف به. قال صباح: ففعلت الذي أوصاني به الفتى، ولم أزل أطلبه، حتى انتصف النهار، فإذا أنا برجل عريان، قد سقط شعر رأسه على حاجبيه، وإذا هو قد حظّر حظيرة من تراب، وهو قاعد في وسطها، وإلى جانبه أحجار، وهو يخطّط باصبعه في الأرض. فلما رآني أهوى إلى حجر، ووثب ليقوم، فقعدت ناحية أرمي ببصري إلى غيره، ولا أحفل به، ثم انّه رجع إلى عبثه وتخطيطه. قلت له: أتعرف ليلى؟

قال: بأبي والله هي، فكيف لا أعرفها؟ قلت: لله قيس بن ذريح حيث يقول: وإني لمفن دمع عينيّ بالبكا ... حذارا لما قد كان أو هو كائن وقالوا غدا أو بعد ذاك بليلة ... فراق حبيب لم يبن وهو بائن وما كنت أخشى أن تكون منيّتي ... بكفّيك إلّا أنّ ما حمّ حائن فقال: أنا والله أشعر منه حيث أقول: نعب الغراب ببين ليلى إنّه ... كان الكتاب ببينهم مخطوطا أصبحت من أهلي الذين أحبهم ... كالسهم أصبح ريشه ممروطا ثم وثب مسرعا إلى ظباء سنحت له، فغاب عني، فتبعته، فجعلت أقفو أثره، الى آخر النهار، فما وقعت عيني عليه. ثم غدوت في اليوم الثاني، فجعلت أطوف عليه في تلك الفيافي. حتى إذا جنّني الليل، انصرفت. فلما كان في اليوم الثالث طلبته، فإذا هو عريان، بين أحجار، ميت «1» . ذم الهوى 397

55 قضاها لغيري وابتلاني بحبها

55 قضاها لغيري وابتلاني بحبها أخبرنا ابن أبي منصور، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «1» ، قال: أنبأنا عليّ بن المحسّن، قال: أنبأنا ابن حيويه «2» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «3» ، قال: حدّثني سليمان بن أيوب المديني، قال: سمعت مصعبا الزبيري «4» ، يقول: كان مجنون بني عامر، يسيح مع الوحوش، وينثر الشعر نثرا، وكان الركبان يتلقّون منه الشعر فيروونه. قال ابن خلف: قال التخومي: لما قال المجنون: قضاها لغيري وابتلاني بحبها ... فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا سلب عقله. قال ابن خلف: وأنشد مصعب بن الزبير للمجنون: ألا أيها القلب الذي لجّ هائما ... وليدا بليلى لم تقطّع تمائمه أفق قد أفاق العاشقون وقد أنى ... لدائك أن يلقى طبيبا يلائمه

وما لك مسلوب العزاء كأنّما ... ترى نأي ليلى مغرما أنت غارمه أجدّك لا تنسيك ليلى ملمّة ... تلمّ ولا ينسيك عهدا تقادمه قال ابن خلف: وأنشد أبو عمرو الشيباني، للمجنون: دعاك الهوى والشوق حين ترنّمت ... هتوف الضحى بين الغصون طروب تجاوب ورقا «1» قد أرعن لصوتها ... فكلّ لكلّ مسعد ومجيب ألا يا حمام الأيك «2» ما لك باكيا ... أفارقت إلفا «3» أم جفاك حبيب ذم الهوى 399

56 وقفت على ربع لعزة ناقتي

56 وقفت على ربع لعزة ناقتي أخبرنا محمد بن أبي منصور، وشهدة بنت أحمد «1» ، قالا: أنبأنا جعفر ابن أحمد السراج «2» ، وأنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «3» ، قالوا: أنبأنا علي ابن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا علي بن عيسى الرماني «4» ، قال: أنبأنا أبو بكر بن دريد «5» ، قال: أنبأنا عبد الأول بن مريد، قال: أخبرني حماد ابن إسحاق «6» ، عن أبيه «7» ، قال: خرج كثير «8» يريد عبد العزيز بن مروان «9» ، فأكرمه، ورفع منزلته، وأحسن جائزته، وقال: سلني ما شئت من الحوائج، قال: نعم، أحب أن تنظر لي من يعرف قبر عزة «10» ، فيقفني عليه، فقال

رجل من القوم: إنّي لعارف به، فانطلق به الرجل، حتى انتهى به إلى موضع قبرها، فوضع يده عليه، وعيناه تجريان، وهو يقول: وقفت على ربع لعزّة ناقتي ... وفي البرد رشّاش من الدمع يسفح فيا عزّ أنت البدر قد حال دونه ... رجيع التراب والصفيح المضرّح «1» وقد كنت أبكي من فراقك حقبة ... فأنت لعمري اليوم أنأى وأنزح فهلّا فداك الموت من أنت زينه ... ومن هو أسوا منك حالا وأقبح ألا لا أرى بعد ابنة النضر لذّة ... لشيء ولا ملحا لمن يتملّح فلا زال وادي رمس عزّة سائلا ... به نعمة من رحمة الله تسفح فإنّ التي أحببت قد حال دونها ... طوال الليالي والضريح الموجّح «2» أرثّ بعينيّ البكا كلّ ليلة ... فقد كاد مجرى دمع عينيّ يقرح إذا لم يكن ماء تحلّبتا دما ... وشرّ البكاء المستعار الممتّح «3» ذم الهوى 446

57 امرأة من أهل النار

57 امرأة من أهل النار أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سعيد النصيبي «2» ، قال: حدّثني أبو الحسن بن نجيح، قال: حدّثني رجل مستور، كان لي صديقا، وكان ينزل بقرب مقابر الخيزران ببغداد «3» ، قال: رأيت ليلة في منامي، كأني قد أطلعت من داري إلى المقبرة، على رسمي في ذلك من اليقظة، فإذا أنا بالقبور مفتّحة، وأهلها يخرجون منها شعثا، غبرا، حفاة، عراة، فيجتمعون في موضع منها، حتى لم يبق قبر إلّا خرج من كان فيه، ثم ضجّوا بالبكاء، والدعاء، والابتهال إلى الله تعالى في أن يصرف عنهم دفن المرأة التي تدفن عندهم في غد. فكأنّي قد سألت بعضهم، فقال: هذه امرأة من أهل النار، وإن دفنت عندنا، تأذينا بسماع عذابها، وما يجري عليها، فنحن نسأل الله صرف دفنها عنّا. قال: فانتبهت، فعجبت من هذا عجبا شديدا، وطال الليل بي، فلما أصبحت، سألت الحفّارين، هل حفروا قبرا لامرأة؟ فدلّني بعضهم على قبّة عظيمة، لقوم من التجّار مياسير، قد ماتت زوجة أحدهم، ويريد دفنها في القبر، وقد حفر لها.

قال: فقصصت الرؤيا على الحفّارين، فطمّوا القبر في الحال، وراعيت أمر المرأة، فجاء رسل القوم، يسألون عن القبر، فقال الحفارون: إنّ الموضع، ليس يتأتّى فيه قبر، لأنّا قد وقعنا على حمأة تحت الأرض، لا يثبت فيها ميت. فسألوا جماعة من أصحاب القباب، أن يحفروا عندهم، فأبوا عليهم، وكان الخبر قد انتشر بين الحفّارين واشتهر، فمضوا إلى مقبرة أخرى، فحفروا للمرأة. فاستدللت على الموضع الذي تخرج منه الجنازة، فدللت، فحضرت، وشيّعت الجنازة، وكان الجمع عظيما هائلا، والرجل جليلا، ورأيت خلف الجنازة فتى ملتحيا حسن الوجه، ذكر أنه ابن المرأة، وهو يعزّى وأبوه، وهما وقيذان بالمصيبة. فلما دفنت المرأة تقدّمت إليهما، فقلت: إنّي رأيت مناما في أمر هذه المتوفاة، فإن أحببتما، قصصته عليكما. فقال الشيخ الذي هو زوج المتوفاة: أمّا أنا فما أحبّ ذلك. فأقبل الفتى، فقال: إن رأيت أن تفعل. فقلت: تخلو معي، فقام. فقلت: إنّ الرؤيا عظيمة، فاحتملني. قال: قل. فقصصت عليه الرؤيا، وقلت: يجب لك أن تنظر في هذا الأمر الذي أوجب من الله لهذه المرأة، ما ذكرته لك، فتجتنب مثله، وإن جاز أن تعرّفنيه لأجتنب مثله، فافعل. فقال والله يا أخي، ما أعرف من حال أمي ما يوجب هذا، أكثر من أنّ أمي كانت تشرب النبيذ، وتسمع الغناء، وترمى بالنساء، وما يوجب

هذا، هذا الأمر العظيم، ولكن في دارنا عجوز لها نحو تسعين سنة، هي دايتها، وما شطتها، فإن نشطت، صرت معي، فسألناها، فلعلّها تخبرنا بما يوجب هذا، فنجتنبه. فقمت معه، فقصدنا الدار التي كانت للمتوفاة، فأدخلني إلى غرفة فيها، وإذا بعجوز فانية، فخاطبها بما جرى، وقصصت أنا عليها الرؤيا. فقالت: اسأل الله أن يغفر لها، كانت مسرفة على نفسها جدّا. فقال لها الفتى: يا أمّي، بأكثر من الشراب، والسماع، والنساء؟ فقالت نعم يا بنيّ، ولولا أن أسوءك لأخبرتك بما أعلم، فإنّ هذا الذي رآه هذا الرجل، قليل من كثير ممّا أخاف عليها من العذاب. فقال الفتى: أحبّ أن تخبريني، ورفقت أنا بالعجوز، فقلت: أخبرينا، لنجتنبه ونتّعظ به. فقالت: إن أخبرتكم بجميع ما أعرفه منها، ومن نفسي معها، طال، وبكت، وقالت: أما أنا، فقد علم الله أنّي تائبة منذ سنين، وقد كنت أرجو لها التوبة، فما فعلت، ولكن أخبركم بثلاثة أحوال من أفعالها، وهي عندي أعظم ذنوبها. فقلنا: قولي. فقالت للفتى: كانت من أشدّ الناس زنى، وما كان يمضي يوم، إلّا وتدخل إلى دار أبيك، بغير علمه، الرجل والرجلين، فيطأونها، ويخرجون، ويكون دخولهم، بألوان كثيرة من الحيل، وأبوك في سوقه. فلما نشأت أنت، وبلغت مبلغ الرجال، خرجت في نهاية الملاحة، فكنت أراها تنظر إليك نظر شهوة، فأعجب من ذلك. إلى أن قالت لي يوما، يا أمّي، قد غلب على قلبي، عشق ابني هذا، ولا بدّ لي أن يطأني.

فقلت لها: يا بنتي اتّقي الله، ولك في الرجال غيره متّسع؟ فقالت: لا بدّ من ذلك. فقلت: كيف يكون هذا؟ أو كيف يجيئك، وهو صبيّ، وتفتضحين، ولا تصلين إلى بغيتك، فدعي هذا لله عزّ وجلّ، فقالت: لا بدّ أن تساعديني. فقلت: أعمل ماذا؟ فقالت: تمضين إلى فلان المعلّم، وكان معلّما في جوارنا، أديبا، ورسمه أن يكتب لها رقاعا إلى عشّاقها، ويجيب عنها، فتبرّه، وتعطيه في كل وقت. فقالت: قولي له، يكتب إليه رقعة، يذكر فيها عشقا، وشغفا، ووجدا، ويسأله الاجتماع، وأوصلي الرقعة، كأنّها من فلانة، وذكرت صبيّة من الجيران، مليحة. قالت العجوز: ففعلت ذلك، وأخذت الرقعة وجئتك بها، فلما سمعت ذكر الصبية، التهب قلبك نارا، وأجبت عن الرقعة تسألها الاجتماع عندها، وتذكر أن لا موضع لك. فسلّمت الجواب إلى والدتك. فقالت: اكتبي إليه عن الصبيّة، أن لا موضع لها، وأنّ سبيل هذا أن يكون عنده، فإن قال لك: ليس لي موضع، فأعدّي له الغرفة الفلانية، وافرشيها، واجعلي فيها الطيب والفاكهة، وقولي له: إنها صبيّة، وهو ذا تستحي، ولكن عشقك قد غلب، وهي تجيئك إلى هاهنا ليلا، ولا يكون بين أيديكما ضوء، حتى لا تستحي هي، ولا تفطن والدتك بالحديث، ولا أبوك، إذا رأوا في الغرفة ضوء سراج، فإذا أجابك إلى هذا فأعلميني. قالت: ففعلت ذلك، وأجبت أنت إلى هذا، وتقرّر الوعد ليلة بعينها، وأعلمتها، فلبست ثيابا، وتبخّرت، وتطيّبت، وتعطّرت، وصعدت إلى

الغرفة، وجئت أنت، وعندك أنّ الصبية هناك، فوقعت عليها، وجامعتها إلى الغداة، فلما كان وقت السحر، جئت أنا، وأيقظتها، وأنزلتها، وأنت نائم، وكان صعودها إليك، بعد أن نام أبوك. فلما كان بعد أيّام، قالت لي: يا أمي، قد والله، حبلت من ابني، فكيف الحيلة؟ فقلت: لا أدري. فقالت: أنا أدري، ثم كانت تجتمع معك على سبيل الحيلة التي عرّفتك، إلى أن قاربت الولادة. فقالت لأبيك: إنّها عليلة، وقد خافت على نفسها التلف، وإنّها تريد أن تمضي إلى بيت أمّها فتتعلّل هناك. فأذن لها، ومضت، وقالت لأمها: إنّها عليلة، فأدخلت، وأنا معها، في حجرة من دارها، وجئنا بقابلة، فلما ولدت، قتلت ولدها، وأخرجته، فدفنته، على حيلة وستر، وأقامت أياما، وعادت إلى منزلها. فقالت لي بعد أيام: أريد ابني. فقلت: ويحك، ما كفاك ما مضى؟ فقالت: لا بدّ، فجئتك على تلك الحيلة بعينها. فقالت لي، من غد: قد والله حبلت، وهذا والله، سبب موتي، وفضيحتي، وأقامت تجتمع معك، على سبيل الحيلة، إلى أن قاربت الولادة، فمضت إلى أمها، وعملت كما عملت، فولدت بنتا مليحة، فلم تطب نفسي بقتلها، وأخذتها منها ليلا، فأخرجتها إلى قوم ضعفاء، لهم مولود، فسلّمتها إليهم، وأعطيتهم من مال أبيك دراهم كثيرة، وواقفتهم على إرضاعها، والقيام بها، وأن أعطيهم في كل شهر شيئا بعينه، وكانت تنفذه إليهم في كل شهر، وتعطيهم ضعفه، حتى تدلّل الصبية، وتوفد إليها الثياب

الناعمة، فنشأت في دلال ونعمة، وهي تراها في كل يوم إذا اشتاقتها. وخطب أبوك عليك من النساء، فتزوّجت بزوجتك الفلانية، فانقطع ما بينك وبينها، وهي من أشدّ الناس عشقا لك، وغيرة عليك من امرأتك، ولا حيلة لها فيك. حتى بلغت الصبية تسع سنين، فأظهرت أنّها مملوكة، قد اشترتها ونقلتها إلى دارها، لتراها كل وقت، لشدّة محبّتها لها، والصبيّة لا تعلم انّها ابنتها، وسمّتها باسم المماليك. ونشأت الصبيّة، من أحسن الناس وجها، فعلّمتها الغناء بالعود، فبرعت فيه، وبلغت مبلغ النساء. فقالت لي يوما: يا أمي، هو ذا ترين شغفي بابنتي هذه، وانّه لا يعلم أنّها ابنتي غيرك، ولا أقدر على إظهار أمرها، وقد بلغت حدّا، إن لم أعلقها برجل، خفت أن تخرج عن يدي، وتلتمس الرجال، أو تلتمس البيع، إذ تظنّ أنّها مملوكة، وإن منعتها، تنغّص عيشها وعيشي، وإن بعتها، وفارقتها، تلفت نفسي عليها، وقد فكّرت في أن أصلها بابني. فقلت: يا هذه، اتّقي الله، يكفيك ما مضى. فقالت: لا بدّ من ذلك. فقلت: وكيف يتمّ هذا الأمر. قالت: امضي، واكتبي رقعة، تذكرين فيها، عشقا وغراما، وامضي بها إلى زوجة ابني، وقولي لها إنها من فلان الجنديّ جارنا- وذكرت غلاما حين بقل عذاره، في نهاية الحسن، قد كانت تعشقه، ويعشقها- وارفقي بها، واحتالي حتى تأخذي جوابها إليه. ففعلت، فلحقني من زوجتك، امتهان، وطرد، واستخفاف، فتردّدت إليها، وما زلت بها حتى درّ متنها، فقرأت الرقعة، وأجابت عنها بخطّها.

وجئت بالجواب إلى أمك، فأخذته، ومضت به إلى أبيك، فشنعت عليها، وألقت بينها وبين أبيها وأبيك وبين أمها شرّا كنّا فيه شهورا، إلى أن انتهى الأمر. إلى أن طالبك أبوك بتطليق زوجتك، أو الانتقال عنه، وأن يهجرك طول عمره، وبذل لك وزن الصداق من ماله، فأطعت أبويك، وطلّقت المرأة، ووزن أبوك الصداق. ولحقك غمّ شديد، وبكاء، وامتناع عن الطعام، فجاءت أمّك، وقالت لك: لم تغتم على هذه القحبة؟ أنا أهب لك جاريتي المغنّية، وهي أحسن منها، وهي بكر وصالحة، وتلك ثيّب فاجرة، وأجلوها عليك كما يفعل بالحرائر، وأجهّزها من مالي ومال أبيك، بأحسن من الجهاز الذي نقل إليك. فلما سمعت ذلك، زال غمّك، وأجبتها، فوافقت على ذلك، وأصلحت الجهاز، وصاغت الحلي، وجلتها عليك، فأولدتها أولادك هؤلاء، وهي الآن قعيدة بيتك. فهذا باب واحد ممّا أعرفه من أمك. وباب آخر، وبدأت تحدّث، فقال: حسبي، حسبي، اقطعي، لا تقولي شيئا، لعن الله تلك المرأة، ولا رحمها، ولعنك معها، وقام يستغفر الله، ويبكي ويقول: خرب والله بيتي، واحتجت إلى مفارقة أمّ أولادي. وأخذ بيدي، وقمت، وفي قلبي حسرة، كيف لم أسمع باقي ما أرادت العجوز أن تحدّثنا به. ذم الهوى 448

58 شقيقان عشيقان

58 شقيقان عشيقان أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني إبراهيم بن علي النصيبي، قال: حدّثني أبو بكر النحوي، قال: حدّثني أبو علي بن فتح، قال: حدّثني أبي، قال: كنت سنة من السنين جالسا في دربي، إذ دخل شاب حسن الوجه والهيأة، وعليه أثر نعمة، فسأل عن دار فارغة في الدرب يكتريها، وكان أكثر الدرب لي. فقمت معه إلى دار فيه كبيرة حسنة فارغة، فأريته إياها، فاستحسنها، ووزن لي أجرتها لشهر، وأخذ المفتاح. فلما كان من غد، جاء ومعه غلام، ففتحا الباب، وكنس الغلام الدار، ورشّ، وجلس هو، ومضى الغلام، وعاد بعد العصر، ومعه عدّة حمّالين وامرأة، فدخلوا الدار، وأغلق الباب، فما سمعنا لهم حركة. وخرج الغلام قبل العشاء، وبقي الرجل والمرأة في الدار، فما فتحا الباب أياما. ثم خرج إليّ في اليوم الرابع، فقلت: ويحك، ما لك؟ فأومأ إليّ أنّه مستتر من دين عليه، وسألني أن أندب له رجلا، يبتاع له كلّ يوم ما يريده، دفعة واحدة، ففعلت. فكان يخرج في كلّ أسبوع، فيزن دراهم كثيرة، فيعطيها للغلام الذي نصبته له، ليشتري له بها ما يكفيه لطول تلك الأيام، من الخبز، واللحم والفاكهة، والنبيذ، والأبقال، ويصبّ الماء في الحباب الكثيرة، التي قد أعدّها لتلك الأيام، ولا يفتح الباب، أو ينقضي ذلك الزاد.

فكان على هذا سنة، لا يجيء إليه أحد، ولا يخرج من عنده أحد، ولا أراه أنا، ولا غيري. إلى أن جاء ليلة، في وقت المغرب، فدقّ بابي، فخرجت، فقلت ما لك؟ فقال: اعلم أنّ زوجتي قد ضربها الطلق، فأغثني بقابلة. وكان في داري قابلة لأم أولادي، فحملتها إليه، فأقامت عنده ليلتها، فلما كان في الغد جاءتني، فذكرت أنّ امرأته ولدت في الليل بنتا، وانّها أصلحت أمورها، وأنّ النفساء في حالة التلف، وعادت إليها. فلما كان في وقت الظهيرة، ماتت الجارية، فجاءت القابلة، فأخبرتنا. فقال: الله الله أن تجيئني امرأة، أو يلطم أحد، أو يجيء أحد من الجيران فيعزّيني، أو يصير لي جمع. ففعلت ذلك، ووجدته من البكاء والشهيق على أمر عظيم. فأحضرت له الجنازة بين العشائين، وقد كنت أنفذت من حفر قبرا، في مقبرة قريبة منّا، فانصرف الحفّارون لما أمسوا، وقد كان واقفني على صرفهم، وقال: لا أريد أن يراني أحد، وأنا وأنت نحمل الجنازة، إن تفضّلت بذلك، ورغبت في الثواب، فاستحييت، وقلت له: أفعل. فلما قربت العتمة، خرجت إليه، وقلت له: تخرج الجنازة؟ فقال: تتفضّل أوّلا، وتنقل هذه الصبيّة إلى دارك على شرط. قلت: وما هو؟ قال: إنّ نفسي لا تطيق الجلوس في هذه الدار بعد صاحبتي، ولا المقام في البلد، ومعي مال عظيم وقماش، فتتفضّل بأخذه، وتأخذ الصبيّة، وتنفق عليها من ذلك المال، ومن أثمان الأمتعة، إلى أن تكبر الصبيّة، فإن ماتت وقد بقي منه شيء، فهو لك بارك الله لك فيه، وإن عاشت فهو يكفيها إلى

أن تبلغ مبلغ النساء، فحينئذ تدبّر أمرها بما ترى، وأنا أمضي بعد الدفن، فأخرج من البلدة. فوعظته، وثبّته، فلم يكن إلى ذلك سبيل. فنقلت الصبيّة إلى بيتي، وحمل الجنازة وأنا معه أساعده. فلما صرنا على شفير القبر، قال لي: تتفضّل وتبتعد، فإني أريد أن أودّعها فأكشف وجهها، فأراه، ثم أدفنها. ففعلت، فحلّ وجهها، وأكبّ عليها يقبّلها، ثم شدّ كفنها، وأنزلها القبر. ثم سمعت صيحة من القبر، ففزعت، فجئت، فاطلعت، فإذا هو قد أخرج سيفا كان معلّقا تحت ثيابه، مجرّدا، وأنا لا أعلم، فاتّكأ عليه، فدخل في فؤاده، وخرج من ظهره، وصاح تلك الصيحة، ومات، كأنّه ميت من ألف سنة. فعجبت من ذلك عجبا شديدا، وخفت أن يدرك، فيصير قصّة، فأضجعته فوقها في اللحد، وغيّبت عليهما اللّبن، وهلت التراب، وأحكمت أمر القبر، وصببت عليه جرار ماء كانت لنا في المكان. وعدت، فنقلت كل ما كان في الدار، إلى داري، وعزلته في بيت، وختمته، وقلت: هذا أمر لا بدّ أن تظهر له عاقبة، وما ينبغي أن أمسّ من هذا المال والمتاع شيئا، وكان جليلا، يساوي ألوف دنانير، وأحتسب النفقة على هذه الطفلة، وأعدّها ملقوطة من الطريق، ربّيتها للثواب. ففعلت ذلك، فمضى على موت الغلام والجارية، نحو سنة. فإني لجالس على بابي يوما، إذ اجتاز شيخ عليه أثر النبل واليسار، وتحته بغلة فارهة، وبين يديه، غلام أسود، فسلّم، ووقف. وقال: ما اسم هذا الدرب؟

فقلت: درب فتح. فقال: أنت من أهل الدرب؟ قلت: نعم. قال: منذ كم سكنته؟ قلت: منذ نشأت، وإليّ ينسب، وأكثره لي. فثنى رجله، ونزل. فقمت إليه، وأكرمته، فجلس تجاهي، يحادثني، وقال: لي حاجة. فقلت: قل. فقال: أتعرف في هذه الناحية، إنسانا وافى منذ سنتين، شاب من حاله، وصفته، فوصف الغلام، واكترى هاهنا دارا؟ فقلت: نعم. قال: وما كانت قصته، وإلى أي شيء انتهى أمره؟ فقلت: ومن أنت منه حتى أخبرك؟ قال: تخبرني. قلت: لا أفعل، أو تصدقني. فقال: أنا أبوه. فقصصت عليه القصة، على أتمّ شرح. فأجهش بالبكاء، وقال: مصيبتي أنّي لا أقدر أن أترحّم عليه. فقدّرته يومىء إلى قتل نفسه، فقلت: لعله ذهب عقله، فقتل نفسه. فبكى، وقال: ليس هذا أردت، فأين الطفلة؟ فقلت: عندي، هي والمتاع. فقال: تعطيني الطفلة. فقلت: لا أفعل، أو تصدقني.

فقال: تعفيني. فقلت: أقسم عليك بالله، إلّا فعلت. فقال: يا أخي، مصائب الدنيا كثيرة، ومنها: أنّ ابني هذا نشأ، فأدّبته، وعلّمته، ونشأت له أخت، لم يكن ببغداد أحسن منها، وكانت أصغر سنا منه، فعشقها، وعشقته، ونحن لا نعلم. ثم ظهر أمرهما، فزجرتهما، وأنكرت عليهما، وانتهى الأمر إلى أن افترعها. فبلغني ذلك، فضربته بالمقارع وإيّاها، وكتمت خبرهما لئلّا أفتضح، ففرّقت بينهما، وحجرت عليهما، وشدّدت عليهما أمهما مثل تشديدي، فكانا يجتمعان على حيلة، كالغريبين. فبلغنا ذلك فأخرجت الغلام من الدار، وقيّدت الجارية، فكانا على ذلك شهورا كثيرة. وكان يخدمني غلام لي كالولد، فتمّت لولدي عليّ حيلة به، فكان يترسّل بينهما، حتى أخذوا منّي مالا جليلا، وقماشا كثيرا، وهربوا منذ سنتين، وعملوا لأخذ ذلك، والهرب، حيلة طويلة الشرح، فلم أقف لهم على خبر، وهان عليّ فقد المال لبعدهما، فاسترحت منهما، إلّا أن نفسي كانت تحنّ إليهما. فبلغني أنّ الغلام في بعض السكك منذ أيام، فكبست عليه الدار، فصعد إلى السطح. فقلت له: بالله عليك يا فلان، ما فعل ولداي؟ فقد قتلني الشوق إليهما، وأنت آمن. فقال لي: عليك بدرب فتح، في الجانب الغربي، فسل عنهما هناك، ورمى نفسه إلى سطح آخر، وهرب، وأنا أعرف بفلان، من مياسير التجار

بالجانب الشرقي، وأخذ يبكي. وقال: تقفني على القبر. فجئت به حتى وقفته على القبر، ثم جاء فأدخلته داري، فأريته الصبيّة فجعل يترشّفها «1» ويبكي، وأخذها ونهض. فقلت: مكانك، انقل متاعك. فقال: أنت في حلّ منه وسعة. فما زلت أداريه، إلى أن علقت به، وقلت: خذ المال، وأرحني من تبعته. فقال: على شرط، نقسمه بيني وبينك. فقلت: والله، لا تلبّست منه بحبّة. قال: فاطلب حمّالين، فجئت بهم. فحمل تلك التركة، والصبيّة، وانصرف. ذم الهوى 453

59 حلف بالطلاق لا يحضر دعوة أبدا

59 حلف بالطلاق لا يحضر دعوة أبدا أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني الشريف أبو أحمد الحسين ابن موسى العلوي، النقيب «1» قال: حدّثني شيخ كان يخدمني: انّه حلف بالطلاق أن لا يحضر أبدا دعوة، فسألته عن سبب ذلك، فقال: كنت قد انحدرت إلى البصرة من بغداد، فصعدت إلى بعض مشارع البصرة، فاستقبلني رجل، فكناني بغير كنيتي، وبشّ بي، واحتفى، وجعل يسائلني عن قوم لا أعرفهم. وكنت غريبا، لا أعرف مكانا، فقلت: أبيت عنده الليلة إلى غد، فأطلب مكانا، فوهمت عليه في القول، فجذبني إلى منزله، ومعي رحل صالح، وفي كمّي دراهم كثيرة. فدخلت إليه، فرأيت دارا حسنة، وحالا متوسّطا، وإذا عنده دعوة، وهم على نبيذ، وقد خرج لحاجة، فشبّهني بصديق كان له، وكان فيمن كان عنده غلام أمرد، فلما أخذنا مضجعنا للنوم، ندمت على فعلي، ونامت الجماعة. فلما كان بعد ساعة طويلة، رأيت أحد الجماعة، قد قام إلى الغلام

الأمرد، ففسق به، ورجع إلى موضعه، وكان قريبا من صاحب الغلام، فاستيقظ صاحب الغلام، وحرّكه. فقال له الغلام: ما تريد؟ ألم تكن الساعة عندي، وفعلت بي وكذا كذا. فقال له: لا. فقال: قد جاءني الساعة من فعل بي كذا، فظننت أنّه هو أنت، فلم أتحرّك، ولم أظن أنّ أحدا يجسر عليك. فنخر الرجل وجرّد سكّينا من وسطه، واتّفق أنّه بدأ بصاحب الخيانة، وأنا أرعد فزعا، ولو كان بدأ بي فوجدني أرعد، لقتلني، وكان يظن أنني صاحب القصة. فلما أراده الله من حياتي، بدأ بصاحب القصّة، فوضع يده على قلبه، فوجده يخفق، وقد تناوم عليه الرجل، يرجو بذلك السلامة، فوضع السكين في فؤاده، وأمسك فاه، فاضطرب الرجل وتلف، وأخذ بيد غلامه وانصرف» . ذم الهوى 464

60 أبو البلاد يجن فيعلو حبيبته بالسيف

60 أبو البلاد يجن فيعلو حبيبته بالسيف أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا محمد بن العباس «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: أخبرنا أبو بكر العامري، عن أحمد بن هشام «4» ، قال: أخبرني أشياخ من بني سعد ومالك ابني زيد مناة، عن أشياخ من قومهم، أدركوا ذلك الدهر: أنّ أبا البلاد، وهو بشر بن العلاء، أحد بني طهية، ثم أحد بني سود، كان في شرف من قومه، وكان يتيما من أمه، وكنفه عمّه، وكان اسم عمّه حنيف بن عمرو، وكان عنده أثر من والده، وكانت لعمّه ابنة يقال لها سلمى، وكانت أحسن فتاة بنجد، مشهورة بذلك، وكان يهاب عمه أن يخطبها إليه، فغاب غيبة، فزوّجها أبوها أحد بني عمّها، وبلغ ذلك أبا البلاد، فذهل عقله، وانّه أتى الخباء الذي تكون به سلمى كما كان يأتي، فرأت سلمى في وجهه صفرة، ورأت به زمعا «5» ، فحسبت أنّه جائع، فدفعت إليه من وراء الستر، جفنة فيها طبيخ من لحم طير، قد راح به رعاؤهم، فطفق يأكل، أكل مسلوس «6» ، فظنّت الفتاة أنّه عرض له عارض من الخافي «7» ،

فخرجت من كسر البيت، تريد بيت أختها ليلى. وسمع حفيف ثوبها، فخرج معارضا لها بالسيف، فضربها على حبل عاتقها «1» ، وسمعت ليلى الوجبة «2» ، فغدت عليه بهراوة، وأدبر، فاتبعته الفتاة، فأصابت خشاشه «3» ، فتتعتع «4» ، فسقط، ثم انتعش، فغدا هاربا، وقال في ذلك: وإنّ لليلى بين أذني وعاتقي ... كضربة سلمى يوم نعف الشقائق قال: واستصرخ أبوها، وعمها، وإخوتها، فأقبلوا، ويأوي أبو البلاد في قارة «5» ، حذاء أبياتهم، فكان يكون فيها نهاره، وينحدر بالليل، فيتنوّر نار أهلها، وهي تضرب بنفسها «6» في ثياب لها، وبها علز الموت «7» ، فيراها. فأخبر بذلك أبوها، فقال: ما كنت لأقتل ولدا بولد، وقال أبو البلاد وهو يرى نار سلمى التي كانت توقد لها قبل الموت: يا موقد النار وهنا موقد النار ... بجانب الشيخ من رقصات أعيار يا موقد النار أشعلها بعرفجة ... لمن تنوّرها من مدلج ساري

نار تضيء سليمى وهي حاسرة ... سقيا لموقد تلك النار من نار قال: فماتت سليمى. ولم يزل بأبي البلاد، بعد ذلك، وسوسة «1» ، وبهتة «2» ، حتى مات. ذم الهوى 473

61 ولكم في القصاص حياة

61 ولكم في القصاص حياة أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني عبد الله بن محمد، قال: حدّثني شيخ كان يخدمني، وقد تجارينا أحاديث، قال: بتّ ليلة في مكان، فقتل رجل رجلا، فخرجت والليل منتصف، لا أدري أين أقصد. وخفت العسس، فرأيت أتون حمّام، ولم يوقد بعد، فقلت: أختبئ فيه إلى أن يفتح الحمام، فأدخله. فجلست في ناحية من الأتون، فما لبثت حتى سمعت وقع حافر، فإذا رجل معه جارية، فأدخلها إلى الأتون، فذبحها، وتركها، ومضى. فرأيت بريق خلخالين في رجلها، فانتزعتهما منها، وصبرت ساعة، ثم خرجت. وما زلت أمشي في طريق لا أعرفه، متحيّرا، إلى أن اجتزت بحمّام قد فتح، فدخلته، وخبأت ما معي، في ثيابي. وخرجت، فعرفت الطريق، وعلمت أنّي بالقرب من دار صديق لي، فطلبتها، ودققت بابه، ففتح لي، وسرّ بقدومي، وأدخلني. فدفعت إليه دراهمي ليخبأها، والخلخالين، فلما نظر إليهما تغيّر وجهه. فقلت: ما لك؟ فقال: من أين لك هذان الخلخالان؟ فأخبرته بخبري كلّه في ليلتي تلك.

فقال لي: تعرف الرجل الذي قتل الجارية؟ فقلت: أما بوجهه فلا، لأن الظلمة كانت حائلة بيننا، ولكن إن سمعت كلامه عرفته. فأعدّ طعاما، ونظر في أمره، ثم خرج، وعاد بعد ساعة، ومعه رجل من الجند، فكلّمه، وغمزني عليه. فقلت: نعم، هو الرجل. ثم أكلنا، وحضر الشراب، فحمل عليه النبيذ، حتى سكر، ونام في موضعه، فغلق باب الدار، وذبح الرجل. وقال لي: إنّ المقتولة أختي، وكان هذا قد أفسدها، وأنا منذ مدة أتخبّر، فلا أصدق، إلّا أنّي طردت أختي، وأبعدتها عني، فمضت إليه، ولست أدري ما كان بينهما، حتى قتلها، وإنما عرفت الخلخالين، فدخلت، وسألت عن أمرها. فقالوا لي: هي عند فلان. فقلت: قد رضيت عنها، فوجهوا ردّوها. فمضوا يعرفون خبرها، فلجلج الرجل، فعلمت أنّه قد قتلها كما ذكرت، فقتلته، فقم حتى ندفنه. فخرجنا ليلا، أنا والرجل، حتى دفنّاه، وعدت إلى المشرعة هاربا من البصرة، حتى وصلت إلى بغداد. وحلفت لا أحضر دعوة أبدا «1» . ذم الهوى 474

62 يقتل عشيقته فيفترسه الأسد

62 يقتل عشيقته فيفترسه الأسد أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني إبراهيم بن علي النصيبي «2» . قال: حدّثني أبو علي «3» ابن حامد بن أبي بكر [المعروف] بابن أبي حامد، قال: حدّثني بعض أصحاب أبي قال: كان جدك ابن أبي حامد «4» ، وهو صاحب بيت المال- إذ ذاك- يتمسّى في دار الخلافة، فينصرف وقد مضى ربع الليل، أو ثلثه، فيجلس في طيّاره «5» ، ويصعد إلى داره، ونحتاج نحن، أن يكون لنا سفن مشاهرة، فإذا ركب طيّاره، نزلنا نحن في سفننا، وكان برسمي ملّاح على مرور الأوقات.

فلما كان ليلة من الليالي، خرجت مع جدّك، فطلبت ملّاحي، فلم أجده، فأخذني بعض أصحاب جدّك، في سميريته، وبكّرت في الغد، فلم أعرف له خبرا، وتمادى ذلك سنين. فلما كان بعد سنين، رأيته في الكرخ، بطيلسان «1» ، ونعل طاق، بزيّ التجّار المياسير. فقلت: فلان؟ فحين رآني اضطرب. فقلت: ويحك، ما قصّتك؟ قال: خير. فقلت: وما هذا الزيّ؟ قال: تركت الملاحة، وصرت تاجرا. قلت: فرأس المال من أين لك؟ فجهد أن يفلت. فقلت: لا تطوّل عليّ، والله، لا افترقنا، أو تخبرني خبرك، ولم تركتني تلك الليلة، ثم لم نرك إلى الآن؟ فقال: على أن تستر عليّ. فقلت: أفعل. فأحلفني، فحلفت. قال: إنّك أبطأت تلك الليلة، وعرضت لي بولة، فأصعدت من دار الخلافة، إلى مشرعة بنهر معلّى، فبلت. وإذا برجل قد نزل، فقال: احملني. فقلت: أنا مع راكب لا يمكنني فراقه. فقال: خذ مني دينارا واحملني.

فلما سمعت بذكر الدينار، طمعت، وظننته هاربا، فقلت: إلى أين أحملك؟ فقال: إلى الدبّاغين. فقلت: لا أحملك. فقال: خذ دينارين. فقلت: هات، فأعطاني دينارين، فجعلتهما في كمّي، وكان معه غلام، فقال: امض وهات ما معك. فمضى الغلام، ولم يحتبس حتى جاء بامرأة، لم أرقط أحسن منها وجها، ولا ثيابا، وجاء بجونة كبيرة حسنة، وأطباق فاكهة، وثلج، ونبيذ، وكانت ليلة مقمرة، وجاء بعود، فأخذته الجارية في حجرها، فسهل عليّ لطيب الوقت، أن أخلّ بك. ثم قال للغلام: امض أنت، فمضى. قال: ادفع، فدفعت. وكشفت الجارية وجهها، فإذا هي أحسن من البدر بشيء كبير. فلما بلغت الدبّاغين، جرّد سيفا كان معه، وقال: ادفع إلى مكان ما أقول لك، وإلّا ضربت عنقك. فقلت: ما بك إلى هذا حاجة، السمع والطاعة، فانحدرت. فقال لها: تأكلين شيئا؟ فقالت: نعم. فأخرج ما كان في الجونة، فإذا طعام نظيف، ظريف، فأكلا، وألقى الجونة إليّ. ثم أخذت العود، وغنّت أحسن غناء يكون، وأطيبه. فقال لي: يا ملّاح لولا خوفي أن تسكر، لسقيتك.

فقلت: يا أستاذ، أنا أشرب عشرين رطلا نبيذا، ولا أسكر، فأعطاني ظرفا فيه خمسة أرطال «1» ، وقال: اشرب لنفسك. فجعلت أشرب على الغناء وأجدف، وهما يشربان، إلى أن دنا منها، فقبّلها كثيرا، واحتدّت شهوته، فجامعها وأنا أراه، ثم عاودها دفعات، وثمل. فقال: يا فلانة، خنت عهدي وميثاقي، ومكّنت فلانا من نفسك، حتى فعل بك كيت وكيت، وفلانا، وفلانا، وجعل يوافقها، وهي تقول: لا والله، يا سيدي، ما فعلت هذا، وإنما كذبوا عليّ عندك، ليباعدوني منك. فقال: كذبت، أنا توصّلت إلى أن حصلت معكم، في ليلة كذا، في الدار الفلانية، وقد دعاك فلان، وصنعتم وفعلتم كذا وكذا، وأنا أراكم بعيني، وما بعد هذا شيء، وتدرين لم جئت بك إلى هذا الموضع، وعاتبتك هاهنا؟ فقالت: لا. فقال: لأن أودّعك، وأجعل هذا آخر العهد بك، وأقتلك، وأطرحك في الماء. قال: فجزعت الجارية جزعا شديدا، ثم قالت: يا مولاي، ويطيب قلبك؟ قال: إي والله، ثم خالطها، وأخرج تكّتها، فكتّفها بها. فقلت: يا سيدي، اتّق الله، مثل هذا الوجه، وأنت تالف في حبّه، تعمل به مثل هذا؟

فقال: الساعة والله، أبتدئ بك. وأخذ السيف، فجزعت، وأمسكت، وتقدم إليها فذبحها، وأمسكها حتى جرى دمها وماتت. ثم أقبل ينزع حليها، ويرمي به إلى صدر السميرية «1» ، ثم نزع الثياب عنها، وشقّ جوفها، وجعل يقطعها قطعا، ويرمي بها إلى الماء. وكنا قد قاربنا المدائن «2» ، وقد مضى أكثر الليل، فرأيت منظرا لم أر قط مثله، ومتّ جزعا، وقلت: الساعة يقتلني لئلّا أنمّ عليه، ولم أجد حيلة، فاستسلمت. وطرح نفسه كالمغشيّ عليه، وجعل يبكي، ويقول: شفيت قلبي، وقتلت نفسي، ويلطم، ورمى بالعود، وجميع ما كان معه، من فاكهة، وأكل، وشراب، إلى الماء. فطلع الفجر وأضاء، وبقي بيننا وبين المدائن نصف فرسخ، فطمعت في الحيلة عليه. فقلت له: يا سيدي، قد أصبحنا، أفلا تصلّي؟ وأردت أن يصعد إلى الشط، وأنحدر أنا في السميرية، وأدعه. فقال: بلى، اطرحني إلى الشط. فقدمت السميرية إلى الشط، وطرحته. فحين صعد من السميرية أذرعا يسيرة، إذا سبع قد قفز عليه، فتناوله، فرأيته والله، في فمه، كالفأرة في فم السنور. فلا أنسى ما ورد على قلبي من السرور بذلك.

فحدرت السفينة، فلما تجاوزت المدائن، طرحت «1» إلى الشط، وجمعت الحلي، وخبأته، تحت بارية «2» السميرية، وتأمّلت الثياب، فغسلت ما أثّر الدم فيه، وخبأته، وانحدرت، فما ردّ وجهي شيء إلى البصرة. فنظرت، فإذا معي حلي بألف دينار، وثياب بعتها بجملة دنانير كثيرة، فأقمت بالبصرة أتّجر، وخفت العود إلى بغداد، لئلّا يراني ذلك الغلام، فيطالبني بالرجل، أو أسأل عن الحديث. فلما طالت المدة، وانقضت السنون، وقع لي أن الأمر قد نسي، واشتقت إلى بغداد، وكانت البضاعة قد نمت وزادت، فاشتريت بجميعها تجارة إلى بغداد، ودخلت، وأنا فيها منذ نحو سنة، حتى رأيتني اليوم. ذم الهوى 475

63 حلف بالطلاق لا يشيع جنازة أبدا

63 حلف بالطلاق لا يشيّع جنازة أبدا أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني عبد الله بن محمد «2» ، قال: حدّثني الشريف أبو أحمد الحسين بن موسى العلوي النقيب «3» ، قال: حدّثني شيخ كان يخدمني: انّه حلف بالطلاق، لا يشيّع جنازة. فسألته عن السبب. فقال: خرجت يوما ببغداد في نصف النهار من يوم حار، لحاجة لي، فاستقبلتني جنازة يحملها اثنان. فقلت: غريب، فقير، أربّعها، فأثاب، فدخلت تحتها بدلا من أحد الحمّالين. فحين استقرّت على كتفي، افتقدت الحمال، فقلت: يا حمّال، يا حمّال. فقال الآخر: أيش تريد؟ إمش واسكت، قد انصرف الحمّال. فقلت: الساعة والله، أرمي بها. فقال الحمّال: والله لئن فعلت، لأصيحنّ.

فاستحييت، وحملت الأذى، وقلت: ثواب، وما زلت أسير في الشمس، والرمضاء، إلى الشونيزية «1» . فلما حططنا الجنازة في مسجد الجنائز، هرب الحمال الآخر. فقلت لنفسي: ما لهؤلاء الملاعين، والله لأتمّمن الثواب، وأخرجت من كمّي دراهم، وصحت، يا حفّار، أين قبر هذه الجنازة؟ فقال: لا أدري. فقلت: احفر، فأخذ مني درهمين، وحفر قبرا. فلما صوّبت عليه الجنازة، ليأخذ الميت ليدفنه، وثب من اللحد، ولكمني، وجعل عمامتي في رقبتي، وصاح: يا قوم! قتيل. واجتمع الناس، وسألوه، فقال: هذا جاء برجل مقطوع الرأس لأدفنه له، فحلّ الكفن، فوجد الأمر على ما قاله الحفّار. فبهتّ، وتحيّرت، وجرى عليّ من العامة، من المكروه، ما كادت نفسي تتلف، إلى أن حملت إلى صاحب الشرطة، فأخبر الخبر، فجرّدت للسياط، وأنا ساكت، باهت وكان له كاتب، فحين رأى حيرتي، قال له: أنظرني، حتى أكشف أمر هذا الرجل، فإنّي أحسبه مظلوما. فخلا بي، وساءلني، فأخبرته خبري، ولم أزد فيه، ولم أنقص. فنحّى الميت عن الجنازة، وفتّشها، فوجد فيها كتابة، انها للمسجد الفلاني، للناحية الفلانية. فأخذ معه رجّالة، ومضى، فدخل المسجد متنكّرا، فوجد فيه خيّاطا،

فسأله عن جنازة، كأنّه يريد أن يحمل عليها ميتا له. فقال الخياط: للمسجد جنازة، إلّا أنها أخذت منه الغداة، لحمل ميت، ولم تردّ. فقال: من أخذها؟ فقال: أهل تلك الدار، وأوما إليها. فكبسها الكاتب، برجالة الشرطة، فوجد فيها رجالا، فقبض عليهم وحملهم إلى الشرطة، وأخبر صاحبه الخبر، فقدّم القوم، وقرّرهم، فأقرّوا، أنّهم تغايروا «1» على غلام أمرد معهم، فقتلوه، واحتزّوا رأسه، ودفنوه في بئر حفروها في الدار، وحملوه على تلك الصورة، وأنّ الحمالين كانا أحد القوم، فضربت أعناق القوم، وخلي سبيلي. فهذا سبب توبتي، أن لا أحضر جنازة «2» . ذم الهوى 477

64 منفصل عني وما قلبي عنه منفصل

64 منفصل عني وما قلبي عنه منفصل وأنبئت عن الوليد بن محمد، وغيره، عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري «1» قال: حدّثنا علي بن المحسن التنوخي، إذنا، قال: أنبأنا أبي، عن أبي الفرج الأصبهاني «2» ، قال: أخبرني عمي، قال: حدّثني عبد الله بن المرزبان «3» ، قال: أخبرني علي بن صالح بن الهيثم «4» ، وإسماعيل بن يونس، قالا: حدّثنا أبو هفان «5» ، قال: أهديت إلى الرشيد، جارية في غاية الجمال، والكمال، فخلا بها أياما، وأخرج كل قينة من داره. واصطبح يوما، فكان من حضره من جواريه للغناء وغيره، زهاء ألفي جارية، في أحسن زيّ، من كل نوع من أنواع الثياب والجوهر. واتّصل الخبر بأم جعفر «6» ، فغلظ عليها ذاك، فأرسلت إلى

عليّة «1» ، تشكو إليها. فأرسلت عليّة: لا يهولنك هذا، فو الله لأردنّه، وأنا أعمل شعرا، وأصوغ فيه لحنا، وأطرحه على جواريّ، فلا تدعي عندك جارية، إلّا بعثت بها إليّ، وألبسيهنّ فاخر الثياب والحلي، ليأخذن الصوت مع جواريّ. ففعلت أم جعفر ما أمرتها. وزحفت عليّة من حجرتها، ومعها زهاء ألفي جارية من جواريها، وسائر جواري القصر، عليهن غرائب اللباس والحلي، وكلّهن يغنّين في لحن واحد، هزج، صنعته عليّة: منفصل عنّي وما ... قلبي عنه منفصل يا قاطعي اليوم لمن ... نويت بعدي أن تصل فطرب الرشيد، وقام على رجليه، حتى استقبل أم جعفر، وعليّة، وهو على غاية السرور، وقال: لم أر كاليوم قط. ثم قال: يا مسرور «2» ، لا تبقين في بيت المال شيئا إلّا نثرته، فكان مبلغ ما نثر يومئذ، ستة آلاف ألف درهم. وما سمع بمثل ذلك اليوم قط. نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي مخطوط

65 ألا ان هندا أصبحت منك محرما

65 ألا ان هندا أصبحت منك محرما أخبرتنا شهدة بنت أحمد «1» ، قالت: أنبأنا أبو محمد بن السراج «2» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، قال: أنبأنا علي بن عيسى بن علي النحوي «3» ، قال: حدّثنا أبو بكر بن دريد «4» ، قال: حدثنا أبو حاتم «5» ، عن الأصمعي «6» ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة «7» ، عن أيوب السختياني «8» ، عن ابن سيرين «9» ، قال: قال عبد الله بن عجلان النهدي «10» في الجاهلية:

ألا إنّ هندا أصبحت منك محرما «1» ... وأصبحت من أدنى حميّمها حمى «2» وأصبحت كالمقمور «3» جفن سلاحه ... يقلّب بالكفّين قوسا وأسهما ومدّ بها صوته، حتى مات. ذم الهوى 503

66 جعلت من وردتها تميمة في عضدي

66 جعلت من وردتها تميمة في عضدي أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسن التنوخي، قال: أنبأنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن منصور «4» [بن سيار] «5» ، قال: أخبرني عبد الله بن نصر المروزي، قال: أخبرني عبد الله بن سويد، عن أبيه، قال: سمعت علي بن عاصم يقول: قال لي رجل من أهل الكوفة، من بعض إخواني، هل لك في عاشق تراه؟ فمضيت معه، فرأيت فتى كأنما نزعت الروح من جسده، وهو متّزر بإزار، مرتد بآخر، وإذا هو مفكّر، وفي ساعده وردة. فذكرنا له بيتا من الشعر، فتهيّج وقال: جعلت من وردتها تميمة في عضدي ... أشمّها من حبّها إذا علاني جهدي

فمن رأى مثلي فتى ... بالحزن أضحى مرتدي أسقمه الحب وقد ... صار قليل الأود «1» وصار ساه دهره ... مقارنا للكمد ألا فمن يرحم أو ... يرقّ لي من كمد ثم أطرق. فقلت: ما شأنه؟ قالوا: عشق جارية لبعض أهله، فأعطى بها كل ما يملك، وهو سبعمائة دينار، فأبوا أن يبيعوها، فنزل به ما ترى، وفقد عقله. قال: فخرجنا، فلبثنا ما شاء الله، ثم مات، فحضرت جنازته. فلما سوي عليه، إذا بجارية تسأل عن القبر، فدللتها عليه، فما زالت تبكي، وتأخذ التراب فتجعله في شعرها، فبينما هي كذلك، إذ جاء قوم يسعون، فأقبلوا عليها ضربا، فقالت: شأنكم، والله، لا تنتفعون بي بعده أبدا. ذم الهوى 521

67 عشق، فعف، فكتم، فمات

67 عشق، فعف، فكتم، فمات أنبأنا محمد بن عبد الباقي، قال: أنبأنا التنوخي، قال: حدّثنا ابن حيّويه، قال: أنبأنا ابن المرزبان، قال: ذكر بعض الرواة عن محمد بن معاوية «1» ، قال: حدّثني إبراهيم بن عثمان العذري، وكان ينزل الكوفة، قال: رأيت عمر بن ميسرة، وكان كهيئة الخيال، وكأنّه صبغ بالورس «2» ، لا يكاد يكلّم أحدا، ولا يجالسه، وكانوا يرون أنّه عاشق، فكانوا يسألونه عن قصته، فيقول: يسائلني ذا اللب عن طول علّتي ... وما أنا بالمبدي لذا الناس علّتي سأكتمها صبرا على حرّ جمرها ... وأكتمها إذ كان في السرّ راحتي إذا كنت قد أبصرت موضع علّتي ... وكان دوائي في مواضع لذّتي صبرت على دائي احتسابا ورغبة ... ولم أك أحدوثات أهلي وخلّتي قال: فما أظهر أمره، ولا علم أحد بقصّته، حتى كان عند الموت، فإنّه قال: إنّ العلة التي كانت بي، من أجل فلانة ابنة عمّي، والله، ما حجبني عنها، وألزمني الضرّ، إلّا خوف الله عز وجلّ لا غير، فمن بلي في هذه الدنيا بشيء، فلا يكن أحد أوثق عنده بسرّه من نفسه، ولولا أن الموت نازل بي الساعة، ما حدّثتكم، فاقرؤوها مني السلام، ومات. ذم الهوى 525

68 عبد الله بن عجلان وهند بنت كعب

68 عبد الله بن عجلان وهند بنت كعب أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: أخبرني أبو بكر العامري، قال: أخبرني سليمان بن الربيع الكادحي «4» ، قال: حدّثنا عبد العزيز بن الماجشون «5» ، عن أيوب «6» ، عن ابن سيرين «7» ، قال: عبد الله بن عجلان «8» ، هو صاحب هند بنت كعب بن عمرو «9» ، وإنّه

عشقها، فمرض مرضا شديدا حتى ضني، فلم يدر أهله ما به. فدخلت عليه عجوز، فقالت: إنّ صاحبكم عاشق، فاذبحوا له شاة، وائتوه بها، وغيّبوا فؤادها، ففعلوا، وأتوه بها، فجعل يرفع بضعة، ويضع أخرى. ثم قال: أما لشاتكم قلب «1» ؟ فقال أخوه: لا أراك إلّا عاشقا، ولم تخبرنا. فبلغني- والله أعلم- أنّه قال لهم بعد ذلك: آه، ومات. ذم الهوى 531

69 عشقت، فجنت، فماتت

69 عشقت، فجنت، فماتت أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، وأبو محمد الجوهري، كلاهما عن أبي عبيد الله المرزباني «2» ، قال: أنبأنا ابن دريد «3» ، قال: أنبأنا العباس بن الفرج الرياشي «4» ، عن محمد بن سلام «5» ، قال: حدّثني بعض أهل الكوفة، قال: حججت، فرأيت امرأة قبيل فيد «6» ، وهي تقول: فإن تضربوا ظهري وبطني كليهما ... فليس لقلبي بين جنبيّ ضارب فسألت عنها، فقيل: عاشق. ثم عدت في العام المقبل، فإذا بها قد حال لونها «7» مع حسنة، وهي تقول: فإن يك عيسى قد أطاع بي العدى ... فلا وأبيه ما أطعت الأعاديا يقولون لي مولى فلا تقربينه ... وعيش أبي إنّي أحبّ المواليا

ثم رجعت في العام الثالث، فإذا هي مقيّدة، فاقدة عقلها، وهي تقول: أيا طلحة «1» الرعيان «2» ظلّك بارد ... وماؤك عذب يستساغ لشارب ثم سألت عنها بعد ذلك، فأخبرت أنها ماتت. ذم الهوى 534

70 رب لا تسلبني ديني ولا تفتني بعد أن هديتني

70 رب لا تسلبني ديني ولا تفتنّي بعد أن هديتني أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: أخبرني محمد بن موسى، عن سعيد بن عبد الله بن ميسرة، قال: حدّثني شيخ من أهل الشام، قال: صحبني فتى في بعض أسفاري، فكنت كثيرا ما أسمعه ينشد هذه الأبيات: ألا إنّما التقوى ركائب أدلجت ... وأدركت الساري بليل فلم ينم وفي صحبة التقوى غناء وثروة ... وفي صحبة الأهواء ذلّ مع الندم فلا تصحب الأهواء واهجر محبّها ... وكن للتقى إلفا وكن في التقى علم فقلت له يوما: ما هذه الأبيات التي أسمعك كثيرا تنشدها؟ فضحك، وقال: كيف سألتني عنها؟ فقلت: لأني أراك كثيرا ما تنشدها، فأردت أن أعلم، من قولك هي؟ قال: لا، ولكنها من قول أخ لي، وله حديث عجيب. فقلت له: حدّثني به.

قال: نعم. كان لي أخ، وكنت أحبه الحبّ الذي لا شيء بعده، فمكثنا بذلك حينا، فلزم الحديث، والفقه، والأدب، وما رأيت فتى- مع التقوى- أمزح منه. قال: ثم تغيّر عن بعض ما كنت أعهد منه، من المزاح، والسرور، وحسن الحديث، فلما رأيت ذلك منه غمّني، وأنكرته، فخلوت به يوما، فقلت: يا أخي، ما قصتك؟ وما حالك؟ وما الذي نزل بك؟ أخبرني، فإن كان من أمر الآخرة، سررت به، وإن كان من أمر الدنيا أعنتك عليه. قال: والله يا أخي، ما هو من أمر الآخرة، ولكنّه من أمر الدنيا، ولست أبديه، حتى يبلغ الأمر آخره، ويخرج من يدي، ولا أستطيع ردّه. قال: ولهج بهذه الأبيات: ألا إنّما التقوى ركائب أدلجت قال: فعظم عليّ ما نزل به، وشغل قلبي، وأخذه شبيه بالسهو، ويقول في بعض الساعات: ربّ لا تسلبني ديني، ولا تفتنّي بعد أن هديتني. فقلت في نفسي: ما أراه إلّا وقد غلبت عليه وسوسة من الشيطان، فهو يخاف، ومكث بذلك حينا، ما يزداد إلّا ضنى. وجعل أهله يسألونني، فأقول: والله، ما علمي به إلّا كعلمكم، ولقد سألته عن حاله، فما يخبرني بشيء. واشتدّ عليه الأمر، فسقط في الفراش، وكان الناس يعودونه. ودخل الأطباء عليه، فبعضهم يقول: سلّ، وبعضهم يقول: غمّ، واختلفت في أمره علينا الأقاويل، وكان لا يتكلّم بشيء أكثر من قوله: ألا إنّما التقوى ركائب أدلجت ... فأدركت الساري بليل فلم ينم قال: ولم يزل به الأمر، حتى غلب على عقله، وضاق به مكانه، فأدخلناه

بيتا، فكان يصرخ الليل كلّه، فإذا ملّ من الصراخ، أنّ كما يئنّ المدنف من علّته. فأشاروا علينا بتخليته، وقالوا: إنّكم إن خلّيتموه، تفرّج واستراح، فخلّيناه. فكان إذا أصبح، خرج فقعد على باب داره، فكلّ من مرّ به، سأله: أين تريد؟ فيقول: أريد موضع كذا وكذا. فيقول: اذهب محفوظا، لو كان طريقك على بغيتنا، أودعناك كلاما. قال: فمرّ به بعض إخوانه، فقال: أين تريد؟ قال: أريد حيث تحب، فهل لك من حاجة؟ قال: نعم. قال: ما هي؟ فقال: تقرا السلام على الحبيب تحيّة ... وتبثّه بمطاول الأسقام وتقل له: إنّ التقى زمّ الهوى ... لمّا سما متعجّلا بزمام فقال: أفعل إن شاء الله. قال: فمضى، فما كان بأسرع من أن رجع، فقال: قد بلّغت القوم رسالتك. قال: فما قالوا؟ قال: قالوا: لئن كان تقوى الله زمّك أن تنل ... أمورا نهى عن نيلها بحرام فزرنا لنقضي من حديث لبانة ... ونشفي نفوسا آذنت بسقام

قال: فوثب قائما، ثم أنشأ يقول: لأقلّ من هذا وفيه لذي الهوى ... شفاء وقد يسلو الفتى جدّ وامق إذا اليأس حلّ القلب لم ينفع البكا ... وهل ينفع المعشوق دمعة عاشق قال: ومضى، فقمت خلفه، فقلت لأهله، لا يتبعني أحد منكم، وتبعته، حتى أتى نزل رجل من أهل الفضل والرأي والدين، وكانت له ابنة من أجمل النساء، فوقف على الباب، فقال: فها أنذا قد جئت أشكو صبابتي ... وأخبركم عمّا لقيت من الحبّ وأظهر تسليما عليكم لتعلموا ... بأنّي وصول ثم ذا منكم حسبي قال: فلما فهمت القصة، وخشيت أن يلحظني أحد، أو يراه بعض من يعرفه، أو يفهم قصّته، خرجت عليه. فقلت: ما جلوسك على باب القوم، ولم يأذنوا لك؟ قال: بلى. فقلت: كيف، وهم يقولون: بالله ربّك لا تمرّ ببابنا ... إنّا نخاف مقالة الحسّاد ودع التعتّب والتذكّر إنّه ... يرويه عنك أجلّة العوّاد قال: يا صالح، وقد قالوا هذا؟ قلت: نعم. فجعل يهذي، ويقول: إن كان قد كرهوا زيارة عاشق ... فلربّ معشوق يزور العاشقا فلما رجعت، سألوني عن قصته، فقلت؛ ما أخطأ الجبّان «1» . ولزم بيته، فلم يزل زائل العقل، حتى مات. ذم الهوى 542

71 مت عشقا

71 مت عشقا أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، قال: أنبأنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: أنبأنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: أنبأنا محمد بن خلف «3» ، قال: وجدت في كتاب بعض إخواني من أهل العلم، قال: حدّثنا زكريا بن إسحاق، قال: سمعت مالك بن سعيد يقول: حدّثني مشيخة من خزاعة «4» : انّه كان عندهم بالطائف جارية عفيفة صالحة، وكانت لها أمّ من خيار النساء لها فضل ودين، وكانت لهم بضاعة مع رجل من أهل الطائف، وكان يتّجر لهم بها، ويعطيهم فضلها. قال: فبعث الرجل إليهم ذات يوم، ابنه في حاجة، وكان غلاما جميلا، فدخل والجارية جالسة، لم تعلم بدخوله، فنظر إليها، وكانت ذات جمال، فوقعت بقلبه، فخرج من عندهم، وما يدري أين يسلك، وجعل الأمر يتزايد عليه، حتى تغيّر عقله، ونحل جسمه، ولزم الوحدة والفكر، وكتم حاله، وجعل لا يقر له قرار. فلما رأى أهله ذلك، حبسوه في بيت، وأوثقوه، فكان ربما أفلت،

فيجتمع عليه الصبيان، فيقولون له: مت عشقا، مت عشقا. قال: وكان يقول، إذا كثروا عليه: أأفشي إليكم بعض ما قد أصابني ... أم الصبر أهيا بالفتى عندما يلقى سلام على من لا أسمّي باسمها ... ولو صرت مثل الطير في غيضة ملقى ألا أيّها الصبيان لو ذقتم الهوى ... لأيقنتم أنّي أحدّثكم حقّا أحبّكم من حبّها وأراكم ... تقولون لي مت يا شجاع بها عشقا فلم تنصفوني، لا ولا هي أنصفت ... فرفقا قليلا بالفتى ويحكم رفقا قال: فلما صح ذلك عند أهله، وعلموا أنّه عاشق، جعلوا يسألونه عن أمره، فلا يخبرهم بقصّته، ولا يجيبهم. فلما رأوا ذلك منه، حبسوه في بيت، وقيّدوه، فكان إذا جنّه الليل، هتف بصوت له حزين، يقول: يا ليل أنت رفيقي ... من بين أهلي ومالي يا ليل أنت أنيسي ... في وحشتي واحتيالي يا ليل إنّ شكاتي ... إليك طول اشتغالي بمن برت جسم صبّ ... فصار مثل الخلال فالجسم منّي نحيل ... لم يبق إلّا خيالي والشوق قد شفّ جسمي ... وليس يخلق بالي فلو رآني عدوّي ... لرقّ لي ورثى لي قال: فلم يزل تلك حاله، حتى مات. ذم الهوى 551

72 إلا أن يشاء ابن معمر

72 إلا أن يشاء ابن معمر أخبرتنا شهدة بنت أحمد «1» ، قالت: أنبأنا جعفر بن أحمد، قال: أنبأنا علي بن أبي علي المعدّل «2» ، قال حدّثني أبي «3» ، قال: روى أبو روق الهزّاني» ، عن الرياشي «5» : انّ بعض أهل البصرة، اشترى صبية، فأحسن تأديبها، وتعليمها، وأحبّها كلّ المحبّة، وأنفق عليها حتى أملق، وحتى مسّهما الضرّ الشديد. فقالت الجارية: إنّي لأرثي لك يا مولاي ممّا أرى بك من سوء الحال، فلو بعتني، واتّسعت بثمني، فلعلّ الله أن يصنع لك، وأقع أنا بحيث يحسن حالي، فيكون ذلك أصلح لكلّ واحد منّا. قال: فحملها إلى السوق، فعرضت على عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وهو أمير البصرة «6» ، يومئذ، فأعجبته، فاشتراها بمائة ألف درهم. فلما قبض المولى الثمن، وأراد الانصراف، استعبر كل واحد إلى صاحبه، باكيا، وأنشأت الجارية تقول:

هنيئا لك المال الذي قد حويته ... ولم يبق في كفّي غير التذكّر أقول لنفسي وهي في غشي كربة «1» ... أقلّي فقد بان الحبيب أو اكثري إذا لم يكن للأمر عندك حيلة ... ولم تجدي شيئا سوى الصبر فاصبري فاشتدّ بكاء المولى، ثم أنشأ يقول: فلولا قعود الدهر بي عنك لم يكن ... يفرّقنا شيء سوى الموت فاعذري أروح بهمّ في الفؤاد مبرّح ... أناجي به قلبا شديد التفكّر عليك سلام لا زيارة بيننا ... ولا وصل إلّا أن يشاء ابن معمر فقال ابن معمر: قد شئت، خذها، ولك المال، وانصرفا راشدين، فو الله، لا كنت سببا لفرقة محبّين. ذم الهوى 625

73 لماذا سمي العراق عراقا

73 لماذا سمي العراق عراقا أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: أنبأنا إسماعيل بن سعيد المعدّل «2» ، قال: قال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال ابن الأعرابي «4» : إنّما سمي العراق عراقا، لأنه سفل عن نجد، ودنا من البحر، أخذ من عراق القربة، وهو الخرز الذي في أسفلها «5» . تاريخ بغداد للخطيب 1/24

74 من لم ير بغداد، لم ير الدنيا

74 من لم ير بغداد، لم ير الدنيا أخبرنا عمر بن إبراهيم الفقيه «1» ، والحسن بن علي الجوهري «2» ، وعلي ابن أبي علي «3» ، قالوا: حدّثنا محمد بن العباس «4» ، قال: حدّثنا أبو بكر الصولي «5» قال: حدّثنا القاسم بن إسماعيل «6» ، قال: حدّثنا أبو محلم، قال: سمعت أبا بكر بن عياش، يقول: الإسلام ببغداد، وإنها لصيّادة تصيد الرجال، ومن لم يرها لم ير الدنيا «7» . تاريخ بغداد للخطيب 1/47

75 من محاسن الإسلام

75 من محاسن الإسلام سمعت القاضي أبا القاسم علي بن المحسن التنوخي يقول: كان يقال: من محاسن الإسلام، يوم الجمعة ببغداد، وصلاة التراويح «1» بمكة «2» ، ويوم العيد بطرسوس «3» . تاريخ بغداد للخطيب 1/47

76 إذا خرجت من العراق فالدنيا كلها رستاق

76 إذا خرجت من العراق فالدنيا كلها رستاق أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: أخبرني أبي قال: قال أبو القاسم بزياش بن المحسن الديلمي، وهو شيخ لقيته ببغداد يتعلّق بعلوم، فصيح بالعربية: سافرت الآفاق، ودخلت البلدان، من حدّ سمرقند «1» إلى القيروان «2» ، ومن سرنديب «3» إلى بلد الروم «4» ، فما وجدت بلدا أفضل، ولا أطيب من بغداد، قال: وكان سبكتكين «5» ، حاجب معز الدولة، المعروف بالحاجب الكبير، آنسا بي، فقال لي يوما: قد سافرت الأسفار الطويلة، فأيّ بلد وجدت أطيب وأفضل؟ فقلت له: أيها الحاجب، إذا خرجت من العراق، فالدنيا كلّها رستاق «6» ، تاريخ بغداد للخطيب 1/49

77 فلم ار فيها مثل بغداد منزلا

77 فلم ار فيها مثل بغداد منزلا أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا أبو سعد علي بن محمد بن خلف الهمذاني «1» لنفسه: فدى لك يا بغداد كلّ قبيلة ... من الأرض حتى خطّتي ودياريا فقد طفت في شرق البلاد وغربها ... وسيّرت رحلي بينها وركابيا فلم أر فيها مثل بغداد منزلا ... ولم أر فيها مثل دجلة واديا ولا مثل أهليها أرقّ شمائلا ... وأعذب ألفاظا وأحلى معانيا وكم قائل لو كان ودّك صادقا ... لبغداد لم ترحل فكان جوابيا يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... وترمي النوى بالمقترين المراميا «2» تاريخ بغداد للخطيب 1/52

78 السري الرفاء يمدح بغداد

78 السري الرفاء يمدح بغداد أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قال: أنشدنا أبو علي الهائم «1» ، قال: أنشدنا السريّ بن أحمد الرفّاء الموصلّي «2» لنفسه من أبيات: إذا سقى الله منزلا فسقى ... بغداد ما حاولت من الديم يا حبذا صحبة العلوم بها ... والعيش بين اليسار والعدم «3» تاريخ بغداد للخطيب 1/52

79 سويق الحمص في بغداد

79 سويق الحمص في بغداد حدّثني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أخبرني أبي، قال: أنبأنا أبو الحسن محمد بن صالح الهاشمي «1» في سنة ستين وثلاثمائة «2» ، قال: أخبرني رجل يبيع سويق الحمّص «3» ، منفردا به، أسماه لي وأنسيته، أنّه حصر ما يعمل في سوقه من هذا السويق كل سنة، فكان مائة وأربعين كرّا، يكون حمّصا مائتين وثمانين كرا، يخرج في كل سنة، حتى لا يبقى منه شيء، ويستأنف عمل ذلك للسنة الأخرى. قال: وسويق الحمص غير طيّب، وإنّما يأكله المتجمّلون والضعفاء، شهرين أو ثلاثة، عند عدم الفواكه، ومن لا يأكله من الناس أكثر. قال الشيخ أبو بكر (الخطيب البغدادي) : ولو طلب من هذا السويق اليوم في جانبي بغداد، مكوك واحد، ما وجد «4» . تاريخ بغداد للخطيب 1/119

80 القاضي أبو طاهر محمد بن نصر

80 القاضي أبو طاهر محمد بن نصر أخبرنا علي بن المحسن القاضي «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: استقضى المتقي لله «3» على مدينة المنصور «4» في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة «5» ، أبا طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر «6» ، وله أبوّة في القضاء «7» ، سديد المذهب، متوسط الفقه، على مذهب مالك «8» ، وكان له مجلس يجتمع إليه المخالفون، ويتناظرون بحضرته، فكان يتوسّط بينهم، ويكلّمهم كلاما سديدا، ويجري معهم فيما يجرون فيه، على مذهب محمود وطريقة حسنة، ثم صرف أبو طاهر بعد أربعة أشهر من هذه السنة في شوال «9» ،

ثم استقضى المستكفي «1» أبا طاهر على الشرقية «2» في صفر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «3» ، فكانت ولايته أقلّ من خمسة أشهر «4» . تاريخ بغداد للخطيب 1/313

81 عتاهية بن أبي العتاهية

81 عتاهية بن أبي العتاهية قرأت في كتاب أبي عبيد الله المرزباني «1» ، بخطّه، وحدّثنيه علي بن أبي علي البصري «2» ، عنه، قال: محمد بن أبي العتاهية «3» ، لقبه عتاهية، ويكنى أبا عبد الله، وأمه هاشمية بنت عمرو اليمامي مولى لمعن بن زائدة «4» ، وكان محمد ناسكا، زاهدا، شاعرا، وهو القائل: قد أفلح الساكن الصموت ... كلام راعي الكلام قوت ما كلّ نطق له جواب ... جواب ما يكره السكوت يا عجبي لامرئ ظلوم ... مستيقن أنّه يموت تاريخ بغداد للخطيب 2/35

82 اقطع العمر بظن حسن

82 اقطع العمر بظن حسن أخبرنا علي بن المحسّن القاضي «1» ، قال: حدّثني أبي، أبو علي المحسن بن علي «2» ، قال: نبّأنا أبو بكر الصولي «3» ، قال: نبّأنا عون بن محمد الكندي «4» ، قال: قال لي محمد بن أبي أمية الكاتب «5» : كنت أنا وأخي، نكتب للعباس بن الفضل بن الربيع «6» ، فجاءه أبو العتاهية «7» مسلّما، فأمره بالمقام عنده.

فقال: على شريطة أن ينشدني كاتبك هذا من شعره، وأومأ إليّ. فقال: ذلك لك، وتغدّينا، فقال: الشرط. فأمرني أن أنشده، فحصرت «1» ، وقلت: ما أجسر على ذلك، ولا ذاك قدري. فقال: إن أنشدتني وإلّا قمت، فجدّ بي فأنشدته: ربّ وعد «2» منك لا أنساه لي ... أوجب الشكر وإن لم تفعل أقطع العمر بظنّ حسن ... وأجلّي غمرة ما تنجلي وأرى الأيام لا تدني الذي ... أرتجي منك وتدني أجلي كلّما أمّلت يوما صالحا ... عرض المكروه لي في أملي قال: فبكى أبو العتاهية، أشدّ بكاء، ثم قال: إن لم تزدني قمت. فقال لي: زده فانشدته: بنفسي من يناجيه ... ضميري بأمانيه ومن يعرض عن ذكري ... كأنّي لست أعنيه لقد أسرفت في الذلّ ... كما أسرفت في التيه أما تعرف لي إحسان ... يوم فتجازيه؟ قال: فزاد والله بكاؤه. تاريخ بغداد للخطيب 2/86

83 يا هاشمي ويا مولى ويا عربي

83 يا هاشمي ويا مولى ويا عربي أخبرنا علي بن أبي علي البصري، قال: أنبأنا محمد بن العباس الخزاز «1» ، قال: أنشدنا أبو بكر بن الأنباري «2» ، قال: أنشدنا أبي «3» ، قال: أنشدنا أحمد بن عبيد النحوي» لمحمد بن أميّة «5» : تتيه جهلا بلا دين ولا حسب ... على ذوي الدين والأنساب والحسب من هاشم أنت «6» بخّ بخ وأنت غدا ... مولى وبعد غد فرد من العرب إن صحّ هذا فأنت الناس كلهم ... يا هاشميّ ويا مولى ويا عربي تاريخ بغداد للخطيب 2/86

84 الخليفة المنتصر وما كتب بالفارسية على البساط

84 الخليفة المنتصر وما كتب بالفارسية على البساط أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: نبّأنا محمد بن العباس الخزاز «2» لفظا، قال: نبّأنا محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، قال: حدّثني أحمد بن حبيب «4» ، قال: حدّثني علي بن يحيى المنجّم «5» قال: جلس المنتصر «6» في مجلس كان أمر أن يفرش له بفرش ديباج «7» مثقل بالذهب، وكان في بعض البسط «8» دائرة كبيرة فيها مثال فرس وعليه راكب، وعلى رأسه تاج، وحول الدائرة كتابة بالفارسية. فلما جلس المنتصر، وجلس الندماء، وقف على رأسه وجوه الموالي والقواد، فنظر إلى تلك الدائرة، وإلى الكتاب الذي حولها، فقال لبغا «9» :

أيش هذا الكتاب «1» ؟ فقال: لا أعلم يا سيدي. فسأل من حضر من الندماء فلم يحسن أحد أن يقرأه. فالتفت إلى وصيف «2» وقال: أحضر لي من يقرأ هذا الكتاب، فأحضر رجلا، فقرأ الكتاب فقطّب. فقال له المنتصر: ما هو؟ فقال: يا أمير المؤمنين، بعض حماقات الفرس. فقال: أخبرني ما هو؟ قال: يا أمير المؤمنين: ليس له معنى، فألحّ عليه وغضب. قال، يقول: أنا شيرويه بن كسرى بن هرمز «3» ، قتلت أبي، فلم أمتّع بالملك، إلّا ستة أشهر. فتغيّر وجه المنتصر، وقام عن مجلسه إلى النساء، فلم يملك إلّا ستة أشهر. تاريخ بغداد للخطيب 2/120

85 محمد بن الحسن يصرف ما ورثه من والده على تعلم العلم

85 محمد بن الحسن يصرف ما ورثه من والده على تعلّم العلم أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني أبو عروبة، في كتابه إليّ، قال: حدّثني عمرو بن أبي عمرو، قال: قال محمد بن الحسن «3» : ترك أبي ثلاثين ألفا درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفا، على النحو والشعر، وخمسة عشر ألف، على الحديث والفقه. تاريخ بغداد للخطيب 2/173

86 محمد بن الحسن والخليفة هارون الرشيد

86 محمد بن الحسن والخليفة هارون الرشيد أخبرنا علي بن أبي علي، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني مكرم القاضي «1» ، قال: حدّثني أحمد بن عطية، قال: سمعت أبا عبيد يقول: كنّا مع محمد بن الحسن، إذ أقبل الرشيد، فقام إليه الناس كلهم، إلّا محمد بن الحسن، فإنه لم يقم، وكان الحسن بن زياد «2» ثقيل القلب، ممتلىء البطن «3» على محمد بن الحسن، فقام، ودخل الناس من أصحاب الخليفة. فأمهل الرشيد يسيرا، ثم خرج الآذن، فقال: محمد بن الحسن، فجزع أصحابه له، فأدخل، فأمهل، ثم خرج طيّب النفس مسرورا. فقال، قال لي: ما لك لم تقم مع الناس؟ قلت: كرهت أن أخرج عن الطبقة التي جعلتني فيها، إنّك أهّلتني

للعلم، فكرهت أن أخرج عنه إلى طبقة الخدمة التي هي خارجة عنه، وإنّ ابن عمك صلى الله عليه وسلّم قال: من أحبّ أن يتمثّل له الرجال قياما فليتبوّأ مقعده من النار، وإنّما أراد بذلك العلماء، فمن قام بحقّ الخدمة، وإعزاز الملك، فهو هيبة للعدوّ، ومن قعد، اتّبع السنّة التي عنكم أخذت، فهو زين لكم. قال: صدقت يا محمد. ثم قال: إنّ عمر بن الخطاب صالح بني تغلب، على أن لا ينصّروا أبناءهم، وقد نصّروا أبناءهم، وحلّت بذلك دماؤهم، فما ترى؟ قال، قلت: إنّ عمر أمرهم بذلك، وقد نصّروا أبناءهم بعد عمر، واحتمل ذلك عثمان، وابن عمك «1» ، وكان من العلم ما لا خفاء به عليك، وجرت بذلك السنن، فهذا صلح من الخلفاء بعده، ولا شيء يلحقك في ذلك، وقد كشفت لك الحكم، ورأيك أعلى. قال: لكنّا نجريه على ما أجروه إن شاء الله، إنّ الله أمر نبيّه بالمشورة، فكان يشاور في أمره، ثم يأتيه جبريل عليه السلام، بتوفيق الله، ولكن عليك بالدعاء لمن ولّاه الله أمرك، ومر أصحابك بذلك، وقد أمرت لك بشيء تفرّقه على أصحابك. فخرج له مال كثير، ففرّقه. تاريخ بغداد للخطيب 2/173

87 محمد بن الحسن ومالك بن أنس

87 محمد بن الحسن ومالك بن أنس أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي «1» ، قال: وجدت في كتاب جدّي «2» : حدّثنا الحرمي بن أبي العلاء المكي «3» ، قال: نبّأنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي «4» ، قال: حدّثني هانئ بن صيفي، قال: حدّثني مجاشع بن يوسف، قال: كنت بالمدينة عند مالك «5» وهو يفتي الناس، فدخل عليه محمد بن الحسن «6» ، صاحب أبي حنيفة، وهو حدث. فقال: ما تقول في جنب لا يجد الماء إلّا في المسجد؟ فقال مالك: لا يدخل الجنب المسجد. قال: فكيف يصنع، وقد حضرت الصلاة، وهو يرى الماء؟

قال: فجعل مالك يكرر: لا يدخل الجنب المسجد. فلما أكثر عليه، قال له مالك: فما تقول أنت في هذا؟ قال: يتيمّم ويدخل، فيأخذ الماء من المسجد، ويخرج فيغتسل. فقال: من أين أنت؟ قال: من هذه، وأشار إلى الأرض. فقال: ما من أهل المدينة أحد لا أعرفه. فقال: ما أكثر من لا تعرف، ثم نهض. فقالوا لمالك: هذا محمد بن الحسن، صاحب أبي حنيفة. فقال مالك: محمد بن الحسن، كيف يكذب، وقد ذكر أنّه من أهل المدينة؟ قالوا: إنّما قال: من أهل هذه، وأشار إلى الأرض. قال: هذا أشدّ عليّ من ذاك. تاريخ بغداد للخطيب 2/174

88 رأي الشافعي في محمد بن الحسن

88 رأي الشافعي في محمد بن الحسن أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: حدّثني أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن حبيش البغوي، قال: حدّثني جعفر بن ياسين، قال: سمعت الربيع بن سليمان «3» يقول: وقف رجل على الشافعي «4» ، فسأله عن مسألة، فأجابه. فقال له الرجل: يا أبا عبد الله، خالفك الفقهاء. فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيها قط؟ أللهم الّا أن تكون رأيت محمد ابن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدنا قط أذكى من محمد بن الحسن «5» . تاريخ بغداد للخطيب 2/176

89 سفهني ولم أكن سفيها

89 سفهني ولم أكن سفيها أخبرنا علي بن المحسن القاضي، قال: أنبأنا إبراهيم بن أحمد بن محمد المقرئ «1» قال: نبّأنا القاضي أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني «2» ، قال: أخبرني أخي محمد بن الحسن بن علي بن مالك «3» ، قال: حدّثني علي بن سهل بن المغيرة «4» ، قال: قلت لعفّان بن مسلم «5» : أين سمعت من عمر بن أبي زائدة؟ قال: سمعت منه بالبصرة، قدم مخاصما إلى سوّار «6» في ميراث كان له، فقال لسوّار: تقضي لي بشاهد ويمين يا سوّار؟ فقال له سوّار: ليس هذا مذهبي.

قال: فغضب عمر بن أبي زائدة «1» ، فهجا سوّارا، فقال: سفّهني ولم أكن سفيها ... ولا بقوم سفهوا شبيها لو كان هذا قاضيا فقيها ... لكان مثلي عنده وجيها قال: فقضى له بشاهد ويمين. تاريخ بغداد للخطيب 2/194

90 محمد بن عبد الرحمن المخزومي قاضي مكة

90 محمد بن عبد الرحمن المخزومي قاضي مكة أخبرنا علي بن المحسّن «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: لما توفي الواقدي «3» ، استقضى المأمون «4» أبا عمر محمد بن عبد الرحمن المخزومي «5» قاضي مكة، وهو رجل من أهل العلم، حسن الطريقة، فلم يلبث إلّا يسيرا حتى عزله، وقد روي عنه الحديث. قلت: وكانت ولايته أيضا بعسكر المهدي من شرقي بغداد «6» وذلك في سنة ثمان ومائتين «7» . ولما عزل، لحق بمكة فأقام بها إلى أيّام المعتصم «8» ، وقدم بغداد وافدا عليه.

فأخبرنا ابن الفضل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر «1» ، قال: حدّثنا يعقوب بن سفيان «2» ، قال: شهدت محمد بن عبد الرحمن المخزومي القاضي، جاء إلى سليمان بن حرب «3» ،- وكان قد كتب إلى سليمان بن حرب، أن يقف على القضاء، يعني بمكة- يسلّم عليه ويودّعه، ويخرج إلى بغداد. فقال له سليمان: ما يخرجك؟ قال: أذهب فأعزّي أمير المؤمنين، يعني المعتصم، عن الماضي، وأهنّيه فيما يستقبل. فقال سليمان: ويحك إنّما تخرج، لعلّ ابن أبي دؤاد يعمل لك في قضاء مكة، وهو لا يفعل، فإنّه قد خرج ابن الحرّ فسيقضّيه ليتّخذه صنيعة يذكر به، وأنت لا تكون صنيعة له، أنت أجلّ من ذلك. وخرج، فكان كما قال سليمان. تاريخ بغداد للخطيب 2/310

91 عليل يعاد فلا يوجد

91 عليل يعاد فلا يوجد حدّثني علي بن المحسّن «1» ، قال: حدّثنا أبو علي محمد بن الحسن الحاتمي «2» : انّه اعتلّ فتأخر عن مجلس أبي عمر الزاهد «3» . قال: فسأل عني لما تراخت الأيام، فقيل له إنّه كان عليلا، فجاءني من الغد يعودني. فاتّفق أن كنت قد خرجت من داري إلى الحمّام، فكتب بخطه على بابي باسفيداج «4» : وأعجب شيء سمعنا به ... عليل يعاد فلا يوجد تاريخ بغداد للخطيب 2/356

92 لماذا سمي أبو محمد بن عبيد بالعسكري

92 لماذا سمي أبو محمد بن عبيد بالعسكري أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد ابن عبيد العسكري «2» يقول: كان أبي «3» يشهد عند القضاة، وإنما سافر جدّي إلى سرّ من رأى، فلما عاد، سمّي العسكري «4» . قال: وأول ما شهد أبي عند إسماعيل القاضي «5» . وكان عمّي يشهد، وأول ما شهد، عند عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك، ابن أبي الشوارب «6» . تاريخ بغداد للخطيب 2/370

93 ان نعش نلتقي

93 ان نعش نلتقي أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثني الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «2» ، قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان الفامي «3» ، قال: حدّثنا محمد بن عبدك القزاز «4» وغيره، قال: اجتمعت مع زهير السامي «5» ، وتحدّثنا، فلما أردت مفارقته، قلت: متى نلتقي؟ فقال: إن نعش نلتقي وإلّا فما أشغل ... من مات عن جميع الأنام تاريخ بغداد للخطيب 2/384

94 لماذا سمي بالبياضي

94 لماذا سمي بالبياضي سمعت القاضي أبا القاسم التنوخي، يسأل بعض ولد البياضي «1» ، عن سبب هذه التسمية، فقال: إنّ جدي حضر مع جماعة مع العباسيين يوما، فجلس الخليفة وكانوا كلهم قد لبسوا السواد، غير جدّي، فإن لباسه كان بياضا. فلما رآه الخليفة، قال: من ذلك البياضي. فثبت ذلك الاسم عليه، فلم يعرف بعد، إلّا به «2» . تاريخ بغداد للخطيب 2/401

95 القاضي ابن أبي موسى

95 القاضي ابن أبي موسى 1- أخبرنا عليّ بن المحسّن «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أبو عبد الله محمد بن عيسى المعروف بابن أبي موسى «3» ، من أهل العلم بمذهب أهل العراق «4» ، وأبوه كان أحد المتقدّمين في هذا المذهب، وتلاه أبو عبد الله في التمسّك به، والذبّ عنه، والكلام للمخالفين له، وكان له سمت، وحسن وقار تام، وكان ثقة عند الناس، مشهورا بالصدق والفقر، حافظا لنفسه، لا مطعن عليه فيما يتولاه، وينظر فيه. ذكر طلحة بن محمد بن جعفر فيما أخبرنا علي بن المحسّن: أنّ ابن أبي موسى ولي الجانب الشرقي من بغداد، والكرخ من الجانب الغربي، في جمادى الآخرة من سنة تسع وعشرين «5» ، وأنّ المتقي لله «6» صرفه. 2- أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد، قال:

استخلف المستكفي بالله «1» في صفر سنة 333 «2» ، وقلّد الجانب الشرقي أبا عبد الله محمد بن عيسى المعروف بابن أبي موسى، فلم يزل واليا على الجانب الشرقي إلى ليلة السبت لثلاث بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، فإنّ اللصوص كبسوه في داره فقتلوه «3» ، وأخذوا جميع ما كان له في منزله ولعياله، وقدروا أنّ عنده شيئا له قدر، فوجدوه فقيرا، ودفن في يوم السبت «4» . تاريخ بغداد للخطيب 2/403 و 404

96 فصوص زمرد في غلف در

96 فصوص زمرد في غلف در أنشدنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن عمر الأنباري «1» لنفسه في صفة الباقلاء الأخضر «2» : فصوص زمرّد في غلف درّ ... باقماع حكت تقليم ظفر وقد خلع الربيع لها ثيابا ... لها لونان من بيض وخضر تاريخ بغداد للخطيب 3/35

97 من شعر أبي العلاء المعري

97 من شعر أبي العلاء المعري أنشدني القاضي أبو القاسم، علي بن المحسن التنوخي، قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرّي «1» لنفسه، يجيب أبا الخطاب الجبّلي «2» عن أبيات كان مدحه بها عند وروده معرّة النعمان: أشفقت من عبء البقاء وعابه ... ومللت من أري «3» الزمان وصابه «4» ووجدت أحداث الليالي أولعت ... بأخي الندى تثنيه عن آرابه

وأرى أبا الخطاب نال من الحجى ... حظّا رواه الدهر عن خطّابه لا تطلبنّ كلامه متشبّها ... فالدرّ ممتنع على طلّابه أثنى وخاف من ارتحال ثنائه ... عنّي فقيّد لفظه بكتابه كلم كنظم العقد يحسن تحته ... معناه حسن الماء تحت صبابه فتشوّفت شوقا إلى نفحاته ... أفهامنا ورنت إلى آدابه والنخل ما عكفت عليه طيوره ... إلّا لما علمته من أرطابه ردّت لطافته وحدّة ذهنه ... وحش اللغات أوانسا بخطابه والنحل يجني المرّ من نور الربى ... فتصير شهدا في طريق رضابه عجب الأنام لطول همّة ماجد ... أوفى به قصر وما أزرى به سهم الفتى أقصى مدى من سيفه ... والرمح يوم طعانه وضرابه هجر العراق تطرّبا وتغرّبا ... ليفوز من سمط العلا بغرابه والسمهرية ليس يشرف قدرها ... حتى يسافر لدنها من غابه والعضب لا يشفي امرأ من ثأره ... إلّا بعقد نجاده وقرابه والله يرعى سرح كل فضيلة ... حتى يروّحه إلى أربابه يا من له قلم حكى في فعله ... أيم «1» الغضا لولا سواد لعابه عرفت جدودك إذ نطقت وطالما ... لفظ القطا فأبان عن أنسابه وهززت أعطاف الملوك بمنطق ... ردّ المسنّ إلى اقتبال شبابه ألبستني حلل القريض ووشيه ... متفضّلا فرفلت في أثوابه وظلمت شعرك إذ حبوت رياضه ... رجلا سواه من الورى أولى به فأجاب عنه مقصّرا عن شأوه ... إذ كان يعجز عن بلوغ ثوابه تاريخ بغداد للخطيب 3/101

98 تهجوا

98 تهجوا حدّثنا علي بن المحسن القاضي «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري الورّاق «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري بالبصرة، قال: كان محمد بن عمران الضبّي «3» على اختيار القضاة للمعتزّ «4» ، فاجتمع إليه القضاة والفقهاء، الخصّاف «5» ونظراؤه من الفقهاء. وكان الضبّي قبل ذلك معلّما، فنعس، ثم رفع رأسه، فقال: تهجّوا «6» . تاريخ بغداد للخطيب 3/133

99 أبو هشام الرفاعي يقضي ببغداد

99 أبو هشام الرفاعي يقضي ببغداد حدّثنا علي بن المحسن «1» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: استقضي أبو هشام الرفاعي «3» - يعني ببغداد- في سنة اثنتين وأربعين ومائتين» ، وهو رجل من أهل القرآن، والعلم، والفقه، والحديث، وله كتاب في القراءات، قرأ علينا ابن صاعد «5» أكثره، وحدّث بحديث كثير. تاريخ بغداد للخطيب 3/376

100 المبرد والقبعض

100 المبرد والقبعض أخبرني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله الإيذجي «3» ، قال: حدّثني أبو عبد الله المفجع «4» ، قال: كان المبرّد «5» لعظم حفظه اللغة، واتّساعه فيها، يتّهم بالكذب، فتواضعنا على مسألة لا أصل لها، نسأله عنها لننظر كيف يجيب. وكنّا قبل ذلك، قد تمارينا «6» في عروض بيت الشاعر: أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا فقال بعضنا: هو من البحر الفلاني، وقال آخرون: هو من البحر الفلاني، فقطّعناه، وتردّد على أفواهنا من تقطيعه (قبعض) . فقلت له: أنبئنا، أيّدك الله، ما القبعض عند العرب؟. فقال المبرد: القطن، يصدّق ذلك قول أعرابي: كأنّ سنامها حشي القبعضا

قال: فقلت لأصحابي: هو ذا ترون الجواب والشاهد، إن كان صحيحا فهو عجيب، وإن كان اختلق الجواب، وعمل الشاهد في الحال، فهو أعجب «1» . تاريخ بغداد للخطيب 3/380

101 القاضي أبو عمر

101 القاضي أبو عمر حدّثنا علي بن المحسّن «1» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد «2» قال: أبو عمر محمد بن يوسف «3» ، من تصفّح أخبار الناس، لم يخف عليه موضعه، وإذا بالغنا في وصفه كنّا إلى التقصير فيما نذكره من ذلك أقرب. ومن سعادة جدّه، أنّ المثل ضرب بعقله وحلمه، وانتشر على لسان الخطير والحقير ذكر فضله، حتى إنّ الإنسان كان إذا بالغ في وصف رجل، قال: كأنّه أبو عمر القاضي، وإذا امتلأ الإنسان غيظا، قال: لو أنّي أبو عمر القاضي ما صبرت. سوى ما انضاف إلى ذلك من الجلالة والرياسة، والصبر على المكاره، واحتمال كلّ جريرة إن لحقته من عدوّه، وغلط إن جرى من صديقه، وتعطّفه بالإحسان إلى الكبير والصغير، واصطناع المعروف عند الداني والقاصي، ومداراته للنظير والتابع، ولم يزل على طول الزمان يزداد جلالة ونبلا «4» . ثم استخلف لأبيه يوسف «5» على القضاء بالجانب الشرقي، فكان يحكم

بين أهل مدينة المنصور رياسة، وبين أهل الجانب الشرقي خلافة، إلى سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فإنّ أبا خازم «1» توفّي، وكان قاضيا على الكرخ «2» ، أعني الشرقية «3» ، فنقل أبو عمر عن مدينة المنصور «4» إلى قضاء الشرقية، فكان على ذلك إلى سنة ست وتسعين ومائتين. ثم صرف هو ووالده يوسف عن جميع ما كان إليهما «5» ، وتوفّي والده «6» سنة سبع وتسعين ومائتين، وما زال أبو عمر ملازما لمنزله إلى سنة إحدى وثلاثمائة، فإنّ أبا الحسن عليّ بن عيسى، تقلّد الوزارة «7» ، فأشار على المقتدر به، فرضي عنه، وقلّده الجانب الشرقي، والشرقية، وعدة نواح من السواد، والشام، والحرمين، واليمن، وغير ذلك. وقلّده القضاء «8» سنة سبع عشرة وثلاثمائة.

وحمل الناس عنه علما واسعا من الحديث، وكتب الفقه التي صنّفها إسماعيل- يعني ابن إسحاق «1» - وقطعة من التفسير، وعمل مسندا كبيرا، قرأ أكثره على الناس. ولم ير الناس في بغداد أحسن من مجلسه لما حدّث، وذلك انّ العلماء، وأصحاب الحديث، كانوا يتجمّلون بحضور مجلسه، حتى إنّه كان يجلس للحديث، وعن يمينه أبو القاسم بن بنت منيع «2» - وهو قريب من أبيه في السنّ والاسناد- وابن صاعد «3» على يساره، وأبو بكر النيسابوري «4» بين يديه، وسائر الحفّاظ حول سريره. وتوفّي في شهر رمضان، سنة عشرين وثلاثمائة، وله ثمان وسبعون سنة «5» . تاريخ بغداد للخطيب 3/401

102 ثم أيش

102 ثم أيش حدّثنا علي بن المحسّن- من حفظه- قال: حدّثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد الأسدي «1» ، قال: قال لي أبي «2» : دخلت يوما على القاضي أبي عمر محمد بن يوسف «3» ، وبين يديه ابن ابنه أبو نصر «4» ، وقد ترعرع، فقال لي: يا أبا بكر: إذا الرجال ولدت أولادها ... واضطربت من كبر أعضادها وجعلت أعلالها تعتادها ... فهي رروع قد دنا حصادها فقلت: يبقي الله القاضي. فقال: ثمّ أيش «5» ؟ تاريخ بغداد للخطيب 3/404

103 القاضي ابن البهلول التنوخي 1

103 القاضي ابن البهلول التنوخي 1 حدّثنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، في تسمية قضاة بغداد، قال: أحمد «1» بن إسحاق بن البهلول بن حسان «2» بن سنان التنوخي، من أهل الأنبار، عظيم القدر، واسع الأدب، تام المروءة، حسن الفصاحة، حسن المعرفة بمذهب أهل العراق، ولكنه غلب عليه الأدب. وكان لأبيه إسحاق مسند كبير حسن، وكان ثقة، وحمل الناس عن جماعة من أهل هذا البيت، منهم البهلول بن حسان «3» ، ثم ابنه إسحاق «4» ، ثم أولاد إسحاق، حدّث منهم بهلول بن إسحاق «5» ، وحدّث القاضي أحمد

ابن إسحاق «1» وابنه محمد «2» ، وحدّث ابن أخي القاضي: داود بن الهيثم بن إسحاق «3» ، وكان أسنّ من عمه القاضي [أبي جعفر أحمد بن إسحاق] «4» ، وأبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق الأزرق «5» ، وكان من جلّة الكتّاب. ولم يزل أحمد بن إسحاق بن البهلول على قضاء المدينة «6» من سنة ستّ وتسعين ومائتين «7» إلى شهر ربيع الآخر من سنة ستّ عشرة وثلاثمائة، ثم صرف «8» . تاريخ بغداد للخطيب 4/31

104 القاضي ابن البهلول التنوخي 2

104 القاضي ابن البهلول التنوخي 2 أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل، قال: قال أبي: أحمد بن إسحاق بن البهلول ولد بالأنبار سنة إحدى وثلاثين ومائتين في المحرم، ومات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثلاثمائة. وكان ثبتا في الحديث، ثقة، مأمونا، جيّد الضبط لما حدّث به، وكان متفنّنا في علوم شتى، منها الفقه على مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وربما خالفهم في مسيئلات يسيرة. وكان تام العلم باللغة، حسن القيام بالنحو على مذهب الكوفيين، وله فيه كتاب ألّفه. وكان واسع الحفظ للشعر القديم، والمحدث «1» ، والأخبار الطوال «2» ، والسير، والتفسير. وكان شاعرا كثير الشعر جدا «3» ، خطيبا حسن الخطابة والتفوّه بالكلام، لسنا، صالح الحفظ، والترسّل في المكاتبة، والبلاغة في المخاطبة. وكان ورعا، متخشّنا في الحكم «4» ، وتقلّد القضاء بالأنبار وهيت، وطريق الفرات، من قبل الموفق الناصر لدين الله، في سنة ستّ وسبعين

ومائتين «1» ، ثم تقلّده للناصر «2» ، دفعة أخرى، ثم تقلّده للمعتضد «3» ، ثم تقلّد بعض كور الجبل «4» للمكتفي «5» ، سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولم يخرج إليها، ثم قلّده المقتدر «6» في سنة ست وتسعين ومائتين، بعد فتنة ابن المعتز «7» ، القضاء بمدينة المنصور «8» من مدينة السلام «9» ، وطسوجي قطربّل «10» ومسكن «11» ، والأنبار «12» وهيت «13» ، وطريق الفرات «14» ، ثم أضاف له إلى ذلك بعد سنين،

القضاء بكور الأهواز مجموعة «1» ، لما مات قاضيها إذ ذاك محمد بن خلف المعروف بوكيع «2» فما زال على هذه الأعمال، إلى أن صرف عنها في سنة سبع عشرة وثلاثمائة «3» . تاريخ بغداد للخطيب 4/31

105 وأقبلت نحوك مستعجلا

105 وأقبلت نحوك مستعجلا أخبرني علي بن المحسّن، قال: حدّثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب «1» ، قال: أنبأني أبو الحسن بن حنش الكاتب، قال: دعا أبي جحظة «2» في بعض الأيام فلمّا حضر، ودخل الدار، وقعت عينه على أبي، فقال: ولمّا أتاني منك الرسول ... تركت الذي كنت في دعوته وأقبلت نحوك مستعجلا ... كأنّي جوادك في سرعته تاريخ بغداد للخطيب 4/68

106 فها خطي خذوه بألف ألف

106 فها خطي خذوه بألف ألف قال «1» ، قال لنا جحظة «2» : صكّ لي بعض الملوك «3» بصكّ «4» فتردّدت إلى الجهبذ «5» في قبضه، فلما طالت مدافعته، كتبت إليه: إذا كانت صلاتكم رقاعا ... تخطّط بالأنامل والأكفّ ولم تجد الرقاع عليّ نفعا ... فها خطّي خذوه بألف ألف تاريخ بغداد للخطيب 4/68

107 بين جحظة وصاحب النشوار

107 بين جحظة وصاحب النشوار قال «1» : وشرب أبي دواء «2» ، فكتب إليه جحظة، يسأله عن حاله، رقعة، كان فيها: أبن لي كيف أمسيت ... وما كان من الحال وكم سارت بك الناقة ... نحو المنزل الخالي «3» تاريخ بغداد للخطيب 4/68

108 أبو الحجاج الأعرابي يهجو ابن أبي دؤاد

108 أبو الحجاج الأعرابي يهجو ابن أبي دؤاد أخبرني علي بن المحسّن التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عمران بن موسى «1» ، قال: حدّثنا علي بن سليمان الأخفش «2» ، قال: أنشدني أبو العباس ثعلب «3» ، قال: أنشدني أبو الحجاج الأعرابي: نكست الدين يا ابن أبي دؤاد ... فأصبح من أطاعك في ارتداد زعمت كلام ربك كان خلقا ... أما لك عند ربّك من معاد كلام الله أنزله بعلم ... وأنزله على خير العباد ومن أمسى ببابك مستضيفا ... كمن حلّ الفلاة بغير زاد لقد أطرفت يا ابن أبي دؤاد ... بقولك إنّني رجل أيادي «4» تاريخ بغداد للخطيب 4/153

109 القاضي أبو الحسن بن الخرقي

109 القاضي أبو الحسن بن الخرقي أخبرني علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» قال: قلّد المتقي «2» بغداد بأسرها «3» ، الجانب الشرقي، ومدينة المنصور «4» ، والكرخ «5» ، أبا الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي «6» ، مضافا إلى ما كان قلّده قبل الحضرة «7» ، من القضاء بمصر، والمغرب «8» والرملة «9» ، والبصرة «10» وواسط «11» ، وكور دجلة «12» ، وقطعة من السواد «13» ، وخلع عليه في سنة ثلاثين وثلاثمائة «14» .

وكان هذا «1» ، رجلا من وجوه التجار البزّازين بباب الطاق» ، هو، وأبوه، وعمومته، وكانوا يشهدون عند القضاة «3» ، بتمكّنهم من خدمة زيدان «4» ، قهرمانة المقتدر، ومعاملتهم لها، واتّصلت معاملة أحمد بن عبد الله بعد المقتدر، بحاشيته، وولده. وكان المتقي يرعى له خدمته في حياة أبيه، وبعد ذلك، فلما أفضت الخلافة إليه، أحبّ أن ينوّه باسمه، ويبلغه إلى حال لم يبلغها أحد من أهله، فقلّده القضاء، ولم تكن له خدمة للعلم، ولا مجالسة لأهله. فعجب الناس لذلك، وقدّروا أنّه سيستعمل الكفاة على هذه الأمور العظام، فلم يفعل ذلك، ونظر في الأمور بنفسه، فظهرت منه رجلة «5» وكفاية، وجرت أحكامه وقضاياه على طريق صالحة، وبان من عفّته، وتنزّه نفسه، وارتفاعها عن الدنس، ما تمكّنت بها حاله من نفوس الناس، ورضى مكانه أهل الجلالة والخطر، ولم يتعلّق عليه بشيء، وارتفعت عنه الكلفة، ولم يلحقه عتب في أيامه. قال علي بن المحسّن: وذكر طلحة: إنّه خرج إلى الشام بعد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة «6» ، فمات هناك. تاريخ بغداد للخطيب 4/231

110 سر إن اسطعت في الهواء رويدا

110 سر إن اسطعت في الهواء رويدا أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن، قال؛ أنشدنا أبو العلاء المعري «1» ، لنفسه يرثي بعض أقاربه: غير مجد في ملّتي واعتقادي ... نوح باك ولا ترنّم شاد وشبيه صوت النعيّ إذا قيس ... بصوت البشير في كلّ ناد أبكت تلكم الحمامة أم غنت ... على فرع غصنها الميّاد صاح هذه قبورنا تملأ الأرض ... فأين القبور من عهد عاد خفّف الوطء ما أظنّ أديم الأرض ... إلّا من هذه الأجساد وقبيح بنا وإن قدم العهد ... هوان الآباء والأجداد سر إن اسطعت في الهواء رويدا ... لا اختيالا على رفات العباد ربّ لحد قد صار لحدا مرارا ... ضاحكا من تزاحم الأضداد ودفين على بقايا دفين ... في طويل الأزمان والآباد فاسأل الفرقدين عمّن أحسّا ... من قبيل وآنسا من بلاد كم أقاما على زوال نهار ... وأنارا لمدلج في سواد تعب كلّها الحياة فما أعجب ... إلّا من راغب في ازدياد إنّ حزنا في ساعة الموت أضعاف ... سرور في ساعة الميلاد خلق النّاس للبقاء فضلّت ... أمّة يحسبونهم للنّفاد إنّما ينقلون من دار أعمال ... إلى دار شقوة أو رشاد والقصيدة طويلة. تاريخ بغداد للخطيب 4/240

111 شعر البتي يكتب على التكك

111 شعر البتي يكتب على التكك حدّثني التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن علي البتّي «1» ، قال: أمرني بهاء الدولة «2» أن أكتب أبياتا يكتبها بعض الجواري على تكّة إبريسم، فكتبت: لم لا أتيه ومضجعي ... بين الروادف والحضور وإذا نسجت فإنّني ... بين الترائب والنحور ولقد نشأت صغيرة ... بأكفّ ربّات الخدور تاريخ بغداد للخطيب 4/320

112 البتي يصف الفقاع

112 البتي يصف الفقاع أنشدني التنوخي، قال: أنشدني البتّي لنفسه، يصف الفقّاع «1» : يا ربّ ثدي مصصته بكرا «2» ... وقد عراني خمار مغبوق «3» له هدير إذا شربت به ... مثل هدير الفحول في النوق كأنّ ترجيعه إذا رشف ... الراشف فيه صياح مخنوق تاريخ بغداد للخطيب 4/320

113 إخوانيات

113 إخوانيات حدّثني علي بن المحسّن التنوخي، قال: قرأت في كتاب من أبي الحسين أحمد بن محمد بن جعلان «1» ، إلى أبي «2» جوابا في المكاتبات القديمة: وقرأت الأبيات التي تجري مجرى الدرّ المنظوم، والماء المسجوم، وكنت في الحال كما قال الشاعر: يكلّ لساني عن مديحك بالشعر ... وأعجز أن أجزي صنيعك بالشكر فإن قلت شعرا كنت فيه مقصّرا ... وإن رمت شكرا تهت فيه فما أدري على أنّ ما تولي وتسدي وتبتدي ... كقدرك، والنقصان منّي على قدري وقد تكلّفت ما ليس من عملي، وكنت كجالب التمر إلى هجر «3» ، والمتفاصح على أهل الوبر «4» ، وقلت: يا كاتبا أهدى إليّ كتابه ... طرفا يحار الطرف في أثنائها كالدر أشرق في سموط عقوده ... والزهرة الزهراء غب سمائها فأفادني جذلا وبالي كاسف ... وأجار نفسي من جوى برحائها وحسبت أيّام الشباب رجعن لي ... فلبست حلي جمالها وبهائها لا يعدم الإخوان منك محاسنا ... كلّ المحاسن قطرة من مائها تاريخ بغداد للخطيب 4/411

114 القاضي أحمد بن محمد بن سماعة

114 القاضي أحمد بن محمد بن سماعة أخبرني علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: لما توفي الحسن بن علي بن الجعد «2» ، استقضي «3» على مدينة المنصور «4» ، أحمد بن محمد بن سماعة «5» . وهذا الرجل من أهل الدين والعلم، قريب الشبه بأبيه «6» ، عفيف في نفسه. وصرف عن مدينة المنصور، سنة ثلاث وخمسين ومائتين «7» . تاريخ بغداد للخطيب 5/10

115 أبو العباس بن عقدة الكوفي المحدث

115 أبو العباس بن عقدة الكوفي المحدث حدثنا علي بن أبي علي البصري «1» ، عن أبيه «2» ، قال: سمعت أبا الطيّب، أحمد بن الحسن بن هرثمة «3» ، يقول: كنّا بحضرة أبي العباس بن عقدة الكوفي المحدّث «4» ، نكتب عنه، وفي المجلس، رجل هاشمي إلى جانبه، فجرى حديث حفّاظ الحديث. فقال أبو العباس: أنا أجيب في ثلاثمائة ألف حديث، من حديث أهل بيت هذا، سوى غيرهم، وضرب بيده على الهاشمي. تاريخ بغداد للخطيب 5/16

116 محدث يحفظ ستمائة ألف حديث

116 محدث يحفظ ستمائة ألف حديث حدّثنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، من حفظه، قال: سمعت أبا الحسن، محمد بن عمر العلوي «1» يقول: كانت الرئاسة بالكوفة في بني الفدان، قبلنا، ثم فشت رئاسة بني عبيد الله، فعزم أبي على قتالهم، وجمع الجموع، فدخل إليه أبو العباس بن عقدة «2» ، وقد جمع جزءا فيه ستّ وثلاثون ورقة، فيها حديث كثير، لا أحفظ قدره، في صلة الرحم، عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعن أهل البيت، وعن أصحاب الحديث، فاستعظم أبي ذلك، واستكثره. فقال له: يا أبا العباس، بلغني من حفظك للحديث ما استنكرته واستكثرته، فكم تحفظ؟ فقال له: أنا أحفظ منسّقا من الحديث، بالأسانيد، والمتون، خمسين ومائتي ألف حديث، وأذاكر بالأسانيد، وبعض المتون، والمراسيل، والمقاطيع ستمائة ألف حديث. تاريخ بغداد للخطيب 5/17

117 القاضي أحمد بن محمد بن عيسى البرتي

117 القاضي أحمد بن محمد بن عيسى البرتي أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: مات أبو هشام سنة تسع وأربعين ومائتين «1» ، فاستقضي أحمد بن محمد ابن عيسى البرتي «2» ، وكان رجلا من خيار المسلمين، دينا عفيفا، على مذهب أهل العراق «3» ، وكان من أصحاب يحيى بن أكثم «4» . وكان قبل ذلك تقلّد واسطا، وقطعة من أعمال السواد، وروى كتب محمد بن الحسن «5» ، عن أبي سليمان الجوزجاني، عن محمد بن الحسن، وحدّث بحديث كثير. تاريخ بغداد للخطيب 5/62

118 القاضي أبو بشر الهروي

118 القاضي أبو بشر الهروي حدّثني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أبو بشر أحمد بن محمد بن محمد الهروي «1» فقيه على مذهب الشافعي «2» ، وكان يخدم أمير المؤمنين القادر بالله «3» ، قبل الخلافة، ودرس عليه مذهب الشافعي. وروى أبو بشر حديثا كثيرا، وأخبارا، وآدابا، وأشعارا، وكتبا مصنّفة، ومولده بهراة «4» سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وكان يعرف بالعالم، وتقلّد الحسبة بجانبي مدينة السلام، وتقلّد قضاء

طسوجي مسكن «1» وقطربّل «2» ، وبلاد أذربيجان «3» . وتوفي في يوم الثلاثاء السابع عشر من ربيع الأول سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. تاريخ بغداد للخطيب 5/89

119 شيخ القراء أبو بكر بن مجاهد، يغني

119 شيخ القراء أبو بكر بن مجاهد، يغنّي حدّثني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثني أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم القاضي «2» ، قال: حدّثني أبو بكر بن الجعابي «3» ، قال: كنت يوما عند أبي بكر بن مجاهد «4» في مسجده، فأتاه بعض غلمانه، فقال له: يا أستاذ إن رأيت أن تجمّلني بحضورك غدا دارنا. فقال له أبو بكر: ومن معنا؟ فقال له: أصحابنا المسجدية، ومن يرى الشيخ. فقال أبو بكر: ينبغي أن تدعو أبا بكر- يعنيني- فأقبل الفتى عليّ يسألني. فقلت له: هو ذا تطفّل بي؟ لو أرادني الرجل لأفردني بالسؤال. فقال: دع هذا يا بغيض. فقلت له: السمع والطاعة. فقال لي الرجل: إنّ الأستاذ قد آثرك، فمن تؤثر أن أدعو لك؟ فقلت له: الحسين بن غريب «5» .

قال: السمع والطاعة، ونهض الفتى. فلما كان من الغد، وافى إلى مسجد أبي بكر، فسألنا النهوض معه إلى منزله. فقال أبو بكر لأصحابه: قوموا، وامضوا متقطّعين، وخالفوا الطرق، ففعلوا. ثم أقبل على الفتى، فقال له: اسبقنا، فإنّي أنا وأبو بكر نجيئك. فقلت أنا له: أيش عملت في إحضار ابن غريب؟ فقال لي: قد أخذت الوعد عليه من أمس، وأنا أنفذ إليه رسولا ثانيا، ومضى، وجلس أبو بكر، ففرغ من شغيلات له. ثم إنّا نهضنا جميعا، وعبرنا إلى الجانب الغربي، وصعدنا درب النخلة، وكانت دار الفتى فيه، فوجدناه مترقّبا لنا. فدخلنا، فدعا بماء، فغسلنا أيدينا، ثم أتى بجونة «1» ، فوضعها بين أيدينا. فقلت في نفسي: ما أزرى مروءة هذا الفتى، أيش في الجونة، ممّا يطعمنا؟ ففتحها، فإذا فيها بزماورد «2» ، وأوساط «3» ، ولفّات «4» ،

وسنبوسج «1» ، فأكلنا أكلا عظيما مفرطا، والجونة على حالها، وما فيها من هذا الطعام على غاية الكثرة والوفور. وشلنا أيدينا «2» ، فاستدعى الحلوى، فأتي بفالوذج غرف «3» ، حار، بماء ورد، على مائدة كبيرة، فأكثرنا منه، فعجبت من ظرف طعامه، ونظافته، وطيبه، وحسنه، وتمام مروءته، من غير إجحاف، ولا إسراف، وغسلنا أيدينا. فقلت له: أين ابن غريب؟ فقال لي: عند بعض الرؤساء، وقد حال بيننا وبينه. فشقّ عليّ، وتبيّن أبو بكر بن مجاهد ذلك مني، فقال لي: هاهنا من ينوب عن ابن غريب.

فتحدّثنا ساعة، فقلت له: لا أرى للنائب عن ابن غريب خبرا، ولا أثرا، فدافعني. فصبرت ساعة، ثم كرّرت الخطاب عليه، وألححت، ولست أعلم من هو النائب بالحقيقة عن ابن غريب. فقال للفتى: هات قضيبا «1» ، فأتاه به. فأخذه أبو بكر، ووقّع، واندفع يغنّي، فغنّاني نيفا وأربعين صوتا، في غاية الحسن، والطيبة، والاطراب، فأشجاني، وحيّرني. فقلت له: يا أستاذ متى تعلّمت هذا؟ وكيف تعلّمته؟ فقال: يا بارد تعلّمته لبغيض مثلك، لا يحضر الدعوة إلّا بمغنّ. ومضى لنا يوم طيّب معه. تاريخ بغداد للخطيب 5/146

120 القاضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف

120 القاضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن يحيى بن محمد بن جعفر «1» قال: استقضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي «2» ، في سنة أربع وخمسين ومائتين «3» ، وكان متوسّطا في أمره، شديد المحبّة للدنيا، وكان صالح الفقه على مذهب أهل العراق «4» ، ولا أعلمه حدّث بشيء، ثم عزل، واستقضي ثانية، وعزل، وولي الأهواز «5» ، ثم وجه به إلى خراسان «6» ، فمات بالري «7» . تاريخ بغداد للخطيب 5/202

121 الصديق لا يحاسب

121 الصديق لا يحاسب أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أخبرنا أبو الحسن منصور ابن محمد بن منصور الحربي «1» ، قال: سمعت أبا محمد الزهري «2» ، يقول: كان لثعلب» عزاء ببعض أهله، فتأخّرت عنه، لأنه خفي عنّي، ثم قصدته معتذرا. فقال لي: يا أبا محمد ما بك حاجة إلى أن تتكلّف عذرا، فإنّ الصديق لا يحاسب، والعدو لا يحتسب له. تاريخ بغداد للخطيب 5/205

122 صبرك على أذى من تعرف خير من استحداث ما لا تعرف

122 صبرك على أذى من تعرف خير من استحداث ما لا تعرف حدّثني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا منصور بن محمد الحربي «2» ، قال: سمعت أبا محمد عبد الرحمن بن محمد الزهري «3» ، يقول: كانت بيني وبين أبي العباس ثعلب «4» ، مودّة وكيدة، وكنت أستشيره في أموري. فجئته يوما أشاوره في الانتقال من محلة إلى أخرى، لتأذّيّ بالجوار، فقال لي: يا أبا محمد، العرب تقول: صبرك على أذى من تعرف، خير لك من استحداث ما لا تعرف «5» . تاريخ بغداد للخطيب 5/206

123 عبد الحميد الكاتب وتجويد الخط

123 عبد الحميد الكاتب وتجويد الخط أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عمران المرزباني «2» قال: حدّثنا علي بن سليمان الأخفش «3» ، قال: قال أحمد بن يوسف الكاتب «4» : رآني عبد الحميد بن يحيى «5» ، أكتب خطّا رديئا، فقال لي: إن أردت أن يجود خطّك، فأطل جلفتك وأسمنها، وحرّف قطّتك، وأيمنها، ثم قال: إذا جرح الكتّاب كان قسيّهم ... دويّا وأقلام الدويّ لهم نبلا قال الأخفش: قوله جلفتك: أراد فتحة رأس القلم. تاريخ بغداد للخطيب 5/216

124 أبو الحسن بن الأزرق التنوخي

124 أبو الحسن بن الأزرق التنوخي قال لي علي بن المحسن: ولد أبو الحسن بن الأزرق «1» ببغداد في المحرم لعشر خلون منه من سنة سبع وتسعين ومائتين «2» ، سمعته يذكر ذلك، وحمل عن جماعة من اهل الأدب، منهم علي بن سليمان الأخفش «3» ، وابن دريد «4» ، وابن شقير النحوي «5» ، ونفطويه «6» ، وكان حافظا للقرآن، قرأه كله مرارا على ابن مجاهد «7» بقراءة أبي عمرو بن العلاء «8» ، وأخذ شيئا من النحو عن أبي بكر بن السراج «9» ، وأبي إسحاق الزجّاج «10» ، وحمل قطعة من اللغة والنحو

عن ابن الأنباري «1» ، ونفطويه، وقرأ الكلام والأصول على أبي بكر بن الإخشيد «2» ، ثم على أبي هاشم الجبائي «3» ، ودرس من الفقه قطعة على أبي الحسن الكرخي «4» ، ومات يوم الجمعة لستّ وعشرين ليلة خلت من المحرّم سنة سبع وسبعين وثلاثمائة «5» وكان منزله بالجانب الشرقي من مدينة السلام، بقرب باب البستان «6» . تاريخ بغداد للخطيب 5/222

125 أبو بكر بن المرزبان يعاتب جد أبي عمر بن حيويه

125 أبو بكر بن المرزبان يعاتب جدّ أبي عمر بن حيويه أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: كتب أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» إلى جدّي يعاتبه: أجميل بالمرء يخلف وعدا ... أو يجازي الوصول بالقرب بعدا ما مللناك إذ مللت ولم ننفكّ ... نزداد مذ عقلناك ودّا فعلام استحقّ هجرك من ليس ... يرى منك يا ابن حيويه بدّا يحفظ العهد حين نقضك للعهد ... ويأتي الذي تحبّ مجدّا يا أبا بكر بن يحيى نداء ... من أخ لم تزل لديه مفدّى لك مذ دام صرف وجهك أيّام ... طوال أعدّها لك عدّا وتناسيت ما سألت وقد أسلفت ... فيما سألت مدحا وحمدا خاطبا منك دعوة واستماعا ... لفظ من لا نرى له الدهر ندّا فتناهى إليّ أمس حديث ... كاد يقضي عليّ حزنا ووجدا زعموا أنّ أحمد الخير ما زال ... لديكم يشدو ثلاثا ويشدى

فلماذا جفوتنا بعد وصل ... ونقضت العهود عهدا فعهدا ألبخل عراك؟ فالبخل قد كان ... إلى راحتيك لا يتهدّى أو ملال، فليس مثلك من ملّ ... أخا لا يحلّ في الحبّ عقدا دائم الودّ لا يصدّ ولو جار ... عليه خليله وتعدّى فاعطف الوصل نحو من منح الوصل ... وراجع فالوصل أولى وأجدى أيّ شيء أنكى لقلب محبّ ... حال منه نحس المطالع سعدا أدرك الحاسد الشمات وقد كان ... قديما لهجرنا يتصدّى طالما يبتغي القطيعة بالحيلة ... بيني وبينكم ليس يهدى لو تراه لخلته نال ما أمّل ... يختال لاهيا يتقدّى أنت أعطيته أمانيه جورا ... وزمانا قد كان في ذاك أكدى فاستمع ما أقول إنّي وعهد الله ... أهوى استماع أحمد جدّا واقتراحي بعد انبساطي إليه ... «تلك هند تصدّ للهجر صدّا» تاريخ بغداد للخطيب 5/238

126 ابن سيرين يحبس في الدين

126 ابن سيرين يحبس في الدين أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» ، قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد «5» ، قال: أخبرنا المدائني «6» ، قال: كان سبب حبس ابن سيرين «7» في الدّين، انّه اشترى زيتا بأربعين ألف درهم، فوجد في زقّ منه فأرة، فقال: الفأرة كانت في المعصرة، فصبّ الزيت كلّه. وكان يقول: عيّرت رجلا بشيء منذ ثلاثين سنة، أحسبني عوقبت به، وكانوا يرون انّه عيّر رجلا بالفقر، فابتلي به. تاريخ بغداد للخطيب 5/335

127 عضد الدولة يذم أهل بغداد

127 عضد الدولة يذم أهل بغداد حدثني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: سمعت أبي «2» يقول: قال عضد الدولة يوما، وأنا حاضر «3» وقد جرى ذكر أهل بغداد، وكان يذمّهم كثيرا ويثلبهم «4» : ما وقعت عيني في هذا البلد، على أحد يستحقّ التفضيل، أو أن يسمّى برجل، غير نفسين، ولما ميّزتهما، علمت أنّهما ليسا من أهل بغداد. قال أبي: فتشوّفت لمعرفتهما، ولم أسأله عنهما، وبان له ذلك في وجهي. فقال: أما أحدهما، وأولاهما بالتفضيل، فأبو الحسن بن أم شيبان «5» ، والآخر محمد بن عمر- يعني العلوي «6» - وهما كوفيّان. تاريخ بغداد للخطيب 5/364

128 سفيان الثوري يعاتب ابن علاثة على ولايته القضاء

128 سفيان الثوري يعاتب ابن علاثة على ولايته القضاء أخبرنا علي بن المحسن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني عبد الباقي بن قانع «1» ، قال: حدّثني بعض شيوخنا، قال: استأذن ابن علاثة «2» ، على سفيان الثوري «3» بعد أن ولي القضاء، فدخل عمّار بن محمد، ابن أخت سفيان «4» ، يستأذن له على سفيان، فلم يأذن له، وكان سفيان يعجن كسبا «5» للشاة، فلم يزل به عمّار حتى أذن له. فدخل ابن علاثة، فلم يحوّل سفيان وجهه إليه، ثم قال له: يا ابن علاثة، ألهذا كتبت العلم؟ لو اشتريت صيرا «6» بدرهم- يعني سميكا- ثم درت في سكك الكوفة، لكان خيرا من هذا. تاريخ بغداد للخطيب 5/389

129 جاء الرسول ببشرى منك تطمعني

129 جاء الرسول ببشرى منك تطمعني أخبرني عليّ بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحيم الأزدي «2» ، الكاتب، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «3» ، قال: أنشدني أحمد بن صدقة «4» ، لأبي الشيص «5» : جاء الرسول ببشرى منك تطمعني ... فكان أكبر ظنّي أنّه وهما فما فرحت ولكن زادني حزنا ... علمي بأنّ رسولي لم يكن فهما كم من سريرة حبّ قد خلوت بها ... ودمعة تملأ القرطاس والقلما تاريخ بغداد للخطيب 5/402

130 لا ينقص الكامل من كماله ما جر من نفع إلى عياله

130 لا ينقص الكامل من كماله ما جرّ من نفع إلى عياله أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثنا محمد بن المرزبان «4» ، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد، قال: رأى رجل محمد بن كناسة «5» ، يحمل بيده بطن شاة، فقال له: أنا أحمله لك، فقال: لا ينقص الكامل من كماله ... ما جرّ من نفع إلى عياله تاريخ بغداد للخطيب 5/406

131 على الباغي تدور الدوائر

131 على الباغي تدور الدوائر ذكر القاضي التنوخي، في كتابه نشوار المحاضرة «1» ، قال: حدّثني إبراهيم النصيبي «2» ، عن جار له يقال له، أبو القاسم الصفّار، قال: خرجت من نصيبين، بسيف نفيس، كنت ورثته عن أبي، وقصدت العباس بن عمرو «3» ، أمير ربيعة «4» ، لأهديه له، وهو في رأس العين «5» . فصحبني شيخ من شيوخ الأعراب، وسألني عن خبري، فأخبرته، وقد كنّا قريبين من رأس العين، فدخلناها وافترقنا.

وكان يأتيني ويراعيني، ويظهر لي البرّ، ويسألني عن حالي، فأخبرته أنّ الأمير قبل هديتي، وأعطاني ألف درهم وثيابا، وأنّي أريد الخروج يوم كذا وكذا، فمضى. فلما كان ذلك اليوم، خرجت من الدار، راكبا حمارا، فلما صرت في الصحراء، إذا أنا بالشيخ راكبا دويبة ضعيفة، متقلّدا سيفا. فلما رأيته استربت به، وأنكرت وجهه، وأيقنت بالشر في عينيه، فقلت: ما تصنع [ها هنا] «1» . فقال: قضيت حوائجي، وأريد الخروج صحبتك، وصحبتك عندي آثر من صحبة غيرك. فقلت: على اسم الله. فمضينا، وهو يجتهد أن آنس به، وأدنو منه، وكلما دنا منّي، تباعدت عنه، إلى أن سرنا شيئا كثيرا من الطريق، وليس معنا ثالث، إلّا الله تعالى؛ فقصر عني، فحثثت حماري لأفوته، فما أحسست إلّا بركضه في إثري، فالتفتّ، [وإذا هو] «2» قد جرّد سيفه، وقصدني، فرميت بنفسي عن الحمار، وعدوت. فلما خاف أن أفوته، صاح: يا أبا القاسم، إنما مزحت معك. فلم ألتفت إليه، فضرب دابته، وزاد في الجري، ولاح لي ناووس، فقصدته، وقد كاد الأعرابي أن يلحقني، فلما دخلت الناووس، وقفت وراء بابه. قال: ومن صفة هذا الناووس، أنّه مبني بحجارة، وباب هذا الناووس حجر واحد عظيم، قد نقر، وحفّف، فلا تستمكن اليد منه، وله من

خارج الباب حلقة، وليس من داخله شيء تلزم به اليد، وإنما يدفع من خارجه، فينفتح، فيدخل إليه، فإذا خرجت، وجذبت الحلقة، انغلق الباب، وتمكّن الذي يكون من خارجه. فاختبأت وراء باب الناووس، فجاء الأعرابي، فشدّ دابته في حلقة الباب، ودخل يطلبني في الناووس، وكان مظلما، فلم يرني، ومشى إلى داخل، فخرجت من خلف الباب، وجذبت الحلقة، حتى صار مغلقا، فرأى الموت عيانا. فصاح من الناووس: يا أبا القاسم، اتّق الله، فإنّي تالف لا محالة. فقلت: تتلف أنت، أهون من أن أتلف أنا. قال: أخرجني، وأنا أعطيك أمانا، وأستوثق لك بالأيمان، انّي لا أتعرض لك بسوء، واذكر الحرمة. فقلت: أنت لم ترعها، وأيمانك كاذبة فاجرة، لا أثق بها. وأخذ يكرّر هذا، فقلت: لا تهذ، فإني أركب الآن دابتك، وأجنب حماري، والوعد بيننا بعد أيام هاهنا، فلا تبرح [حتى أجيء، وإن احتجت إلى طعام، فعليك بجيف العلوج، فنعم الطعام لك] «1» . قال: فأخذ يبكي، ويستغيث، ويصيح: قتلتني، والله. فقلت: إلى لعنة الله. فركبت دابته، وجنبت حماري، فوجدت على دابته خرجا فيه ثيابه، فأتيت نصيبين، فبعت ثيابه ودابته، وكتمت أمري «2» .

فلما كان بعد شهور «1» ، عرض لي المسير إلى رأس العين، فخرجت إلى تلك الطريق، وبدا لي ذلك الناووس، فقصدته، ودخلته، فإذا بالأعرابي صار عظاما نخرة «2» ، فحمدت الله على سلامتي، وهلاكه. فحرّكته برجلي، وقلت على سبيل العبث: كيف خبرك يا فلان؟ فإذا بشيء يتخشخش تحت رجلي، فمسسته «3» ، فإذا هو هميان، فأخذته، وأخذت سيفه، وخرجت من الناووس، وفتحت الهميان، فإذا فيه خمسمائة درهم، وبعت السيف بمائة درهم. تحفة المجالس ونزهة المجالس 242

132 من يعمل مثقال ذرة خيرا يره

132 من يعمل مثقال ذرة خيرا يره روى القاضي التنوخي أيضا، في كتابه نشوار المحاضرة «1» ، عن شخص «2» انّه قال: كان لأبي مملوك يقال له مقبل، فهرب منا، ولم نعرف له خبرا منذ سنين كثيرة. ثم تغرّبت عن بلدي، ووقعت إلى نصيبين، وأنا إذ ذاك شاب، ما نبتت لحيتي. فأنا ذات يوم مجتاز، وفي كميّ منديل مملوء دراهم، وأنا في سوق نصيبين، إذ رأيت غلامنا مقبل. فحين رآني، بشّ بي، وفرح، وأظهر سرورا عظيما، [وأقبل يسألني عن أبي وأهلنا، فأعرفه موت من مات، وخبر من بقي. ثم قال لي: يا سيدي متى دخلت إلى هاهنا، وفي أي شيء؟ فعرّفته، فأخذ يعتذر من هربه منّا، ثم قال: أنا مستوطن هنا وأنت مجتاز] «3» وقال: يا سيدي، تجيء إلى دعوتي اليوم؟ [فإني أحضر لك نبيذا طيبا، وغناء حسنا] «4» . فقلت: نعم.

فمشى قدّامي، ومشيت خلفه، وطال الطريق عليّ، وأنا أقول له: ويحك أين بيتك؟ فيقرّب عليّ المدى. حتى بلغ آخر نصيبين، في درب خراب يقارب الصحراء، فدقّ بابا، فخرج رجل، ففتح الباب، فدخل، ودخلت. فحين حصلت في الدهليز، ردم الباب «1» ، واستوثق منه، فأنكرت ذلك، ودخلت، فإذا أنا بثلاثين رجلا، بسلاح، بلا بارية ولا غيرها، وإذا هم لصوص، وهو عين «2» لهم، فأيقنت بالبلية والشرّ. فقام إليّ واحد منهم، وقال: انزع ثيابك. فطرحت ما كان عليّ، إلّا السراويل، فجاءوا ليأخذونه، فسألتهم في ذلك، فتركوه. وحلّوا منديل كمّي، وأخرجوا ثلاثين درهما، وقالوا لمقبل: امض، فخذ لنا شيئا نأكله. فتقدّم مقبل، فسارّ أحدهم، وهو رئيسهم. فقال له ذاك: إنّه لا بد من قتله، فجئنا بما نأكله، فإذا جئتنا به، قتلناه. فعلمت أنّ مقبلا، أشار عليهم بقتلي، فطارت روحي جزعا. وقال لهم الغلام: لا أمضي أو تقتلوه. فقلت لهم: يا قوم، أيش ذنبي؟ ولم أقتل؟ قد أخذتم ما لي وثيابي، دعوني أروح. ثم قلت له: يا مقبل، هذا من حقّي عليك، وحقّ أبي، ويحك، ألا ترحمني؟

قال: فكاشفني، وقال للقوم: إنّكم إن لم تقتلوه، وإلّا يخرج ينبّه عليكم السلطان، فيقتلكم كلّكم. قال: فجذبني واحد منهم، واستلّ سيفه، وسحبني من صدر الدار التي كانوا فيها، [إلى البالوعة] «1» ليذبحني عليها. فوقعت عيني على غلام منهم، كان على قدر سنّي، فقلت له: ارحمني، فأنت غلام مثلي، وإن خلّصتني من يد هؤلاء، أجرت بي، فاستدفع البلاء من الله تعالى، بخلاصي. قال: وبكيت، وبقيت أحلف لهم، انّي لا أنبّه عليهم أبدا، ولا أتكلّم إن تركوني. قال: فألهم الله عز وجل، ذلك الفتى، أن طرح نفسه عليّ، وقال: والله، لا يقتل وأنا حيّ، فإما قتلتموني قبله، وإلّا فلا تقتلوه. قال: وتعصّب له أستاذه، وقال: غلامي أجاره، فلا تقتلوه. فشتموه، وشتموا غلامه، وتعصّب لهما جماعة، وجاءوا فأخذوني من البالوعة، وقد كاد الرجل يذبحني، فأجلسوني في صدر صفّة، وجلسوا حولي، وشتموا ذلك الغلام، ومنعوا الباقين عنّي. وقالوا: نحن جياع، فأتونا بشيء نأكله، وقتل هذا لا يفوت. فقال الباقون: القول ما قالوا، فكفّوا عني. ومضى، فاشترى خمسين رأسا، وخبزا كثيرا، وجبنا، وزيتونا «2» ، وجاءهم به، فجلسوا يأكلون، وأنا أتخوّف أن يتغافلني منهم إنسان، فيقتلني.

فقلت لذلك الفتى، فترك الأكل، وجلس هو وأستاذه يحفظاني، إلى أن أكلت الجماعة، ووكّلا بي قوما من أصحابهم ممّن أكل، وجلسا يأكلان. واستدعياني للأكل معهما، فأردت إيجاب الذمام عليهما، فأكلت معهما أكل معرض، لقمة واحدة، أو لقمتين، بلا شهوة ولا عقل. فقال لهم: الآن أكلتم، وترك هذا خطأ، فاقتلوه. فعاد الكلام في قتلي، وأقبل أولئك يمنعون، وتزايد الأمر إلى أن جرّد بعضهم السيوف على بعض، وجعلني أولئك وراءهم، وأقبلوا يجادلون عني، وأولئك ينخسوني من خلفهم بأطراف السيوف، وأنا أروغ خوفا من أن يصل إليّ بعض ذلك، فيقتلني، وأنا أحلف لهم أنّي إن سلمت لم أنبّه عليهم، إلى أن كادوا يتجارحون. ودخل بعضهم بينهم، وقالوا: لا يكون هذا ميشوما عليكم، فدعوه. فتوافقوا على الكفّ عني، وجلسوا يشربون، فلما أرادوا أن يخرجوا، قالوا: يتوكّل به من يتعصّب له، حتى نخرج نحن، فإن صاح، بلي به من خلّصه. فقال لي الفتى وأستاذه: قد سمعت يا فتى، فلا تكافنا على الجميل بقبيح. فحلفت لهم بالله، أنّي لا أنبه عليهم، فخرجت الجماعة، إلّا الغلام وأستاده، فلما بعدت الجماعة، خرج النفسان «1» .

فما كان لي همّة، إلّا غلق الباب وراءهما، وترسه، ووقعت مغشيا عليّ، وذهب عقلي عني إلى قريب من نصف الليل، فأفقت وقد لحقني البرد، فلم أزل أرتعد فزعا وبردا، إلى وجه السحر، وسمعت صوت الدبادب «1» ، فخرجت عريانا، حتى أتيت إلى بيتي. وآليت على نفسي، أن لا أمضي إلى موضع لا أخبره، ولا مع من لا أعرف باطنه، وحمدت الله على العافية «2» . تحفة المجالس ونزهة المجالس 244

133 عاقبة البغي

133 عاقبة البغي روى القاضي التنوخي، في كتابه أخبار المذاكرة، ونشوار المحاضرة، عن عبيد الله بن محمد الخفاف، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني صديق لي من أولاد الجند، قال: كنت مجتازا يوما في الكرخ ببغداد، فرأيت امرأة لم أر أحسن منها قط، فوقفت أنظر إليها، وإذا بها قد ولّت، وإذا بعجوز معها قد جاءتني، فمازحتني عنها، وقالت: تقولك لك: تجيء في دعوتي؟. فقلت: لا يمكنني أن أمضي مع أحد، ولكن تجيء في دعوتي أنا. فقالت: لا، بل تجيء أنت. فحملني فرط شهوتي لها [أن مضيت معها] ، إلى أن حصلنا في طرف من أطراف بغداد، ووافت إلى باب، فدقّته. فقالوا: من هذا؟ فقالت: أنا، صيد. فحين قالت ذلك، وجب قلبي، فولّيت. فقالت: إلى أين يا فتى، ما بدا لك منّا؟ فقلت: خير، ودخلت البيت، فإذا بدار فارغة، قليلة الآلات جدا، وإذا بجارية سوداء قد جاءت بطشت وماء، فغسلت وجهي، ورجلي، واسترحت، وجاءوني بطعام غير نظيف، فأكلت منه لفرط الجوع. وخرجت الجارية، وإذا هي من أحسن النساء وجها، وجاءوني بنبيذ، فجلست أشرب، وهي معي. فأهويت إليها، فمكّنتني من عناقها، فلما تجاوزت ذلك، قالت:

أنا لا أدخل في حرام، واصبر حتى يجيء من يزوّجني بك. وجاءت المغرب، وصار الوقت بين الصلاتين، وإذا بالباب يدقّ. فقالت: ويه، ويه. فقلت لها: ما الخبر؟ فقالت: قد جاء أخي وغلامه، وإن رآك لم آمن عليك، قم إلى ذلك البيت فاختبئ فيه، حتى إذا ناموا جئتك. فأدخلتني بيتا، فلما حصلت فيه، زرفنت بابه «1» ، فأيقنت أنّي مقتول، وأنّ ذلك لغرض كان في ثيابي ومالي، فتبت إلى الله من الحرام، وعاهدته إن خلّصني، أن لا أدخل في شيء من ذلك. قال: وأقبلت أسمع ما يجري من خلف الباب، فإذا بالداخل غلام أسود، لم أر قط أهول منه خلقة، ولا أعظم، وهو يقبّل المرأة، وهي تترشّفه ترشّف عاشقة له، وجلسا يتحدّثان، وجاءوه بما أكله، وشربه، ثم جامعها دفعات. وقال لها في خلال ذلك: أيش حصل اليوم؟ فقالت: ما وقع اليوم غير رجل مخذول، لم يكن في كمّه شيء، قال: وأخرجت ثيابي، فسلّمتها إليه، فشتمها وضربها. وقال: هذا أيش، نحن أردنا صاحب كيس كبير. فقالت: كما اتفق، ولم تزل تقبّل رجله، وتبكي، وتعتذر إليه، إلى أن رضي عنها. وأيقنت أنا بالهلاك، وأقبلت على الدعاء. وما زالا يشربان، وهو يجامعها في خلال ذلك، إلى أن عددت أنّه قد

جامعها عشر دفعات، وسكر. فقالت له: قد أخذ النبيذ منك يا سيدي، قم فافرغ من هذا الميشوم، حتى نتخلّص منه. فتشهّدت حينئذ. ففتح الباب، ودخل الأسود إليّ بسيف مسلول، فما زال يضربني موشّحا، وأنا أصيح، فلا يسمع أحد صياحي، إلى أن بردت، وانقطع صياحي، ولم يشك الأسود في موتي، فجذبني وطرحني في البئر، وإذا تحتي فيها أشلاء «1» ثلاثة، فصرت أنا قريبا من رأسها، فوق القوم، فخرج ولم يغلق الباب. فقالت له: ما عملت؟ قال: فرغت منه. فنام إلى جانبها، وقامت العجوز، فجللتهم، ولم يكن في الدار غيرهم. فلما كان بعد نصف الليل، حملتني حلاوة الحياة، على طلب الخلاص فقمت، فإذا البئر إلى صدري، وإذا أنا قويّ، فتسلّقت، وخرجت منها إلى البيت. ووقفت أتسمّع، فلم أسمع لهم حسّا، إلّا غطيطا يدل على نومهم، فخرجت قليلا قليلا، حتى فتحت الباب، وخرجت من الدار، وما شعروا بي، فجئت إلى بيتي قبل طلوع الشمس. فقالوا: ما دهاك؟ فقلت: كنت البارحة عند صديق لي، وبكّرت من عنده، فلقيني لص يستقفي «2» ، فمنعته ثيابي، فأخذها، وعمل بي هذا.

فأقمت شهورا أعالج، إلى أن عوفيت، فلما خرجت، وتصرّفت، لم يكن لي همّ إلّا طلب المرأة في الطريق والأسواق. فاجتزت يوما بالكرخ، فرأيتها، فلم أكلّمها، وعدت إلى منزلي، وكنت قد غيّرت زيّي، وطوّلت لحيتي، حتى تغيّرت هيأتي عليها، ومشيت ويدي مكتوفة إلى ظهري، على مذهب الخراسانية، وجئت أطلبها، وصادفتها في الموضع. فحين رأتني العجوز، أقبلت عليّ، وبدأتني بالكلام، فأجبتها بالفارسية، وعلمت أنها لم تعرفني. وجئت معها، فحملتني إلى الدار بعينها، وجرت القصة على الرسم الأول، إلى أن قالت: قد جاء أخي وغلامه، قم لا يراك، فأقامتني إلى البيت بعينه، فدخلته، وأغلقت عليّ، ووقفت أسمع، وكان تحت ثيابي سيف لطيف ماض. فقال لها الأسود، بعد أن وطئها خمس عشرة مرة: أيش جبت اليوم؟ قالت: بطة سمينة، خراساني معه هميان ملآن. قال: فأين هو؟ قالت: في وسطه. فقال: غاية «1» . فأخرجت أنا السيف، ووقفت خلف الباب أنتظره، فأكل، وشرب حتى سكر، وجاء، فدخل، فخالفت طريقه، ومضى يريد صدر البيت، فصرت خلفه، وضربته في ساقه ضربة محكمة، أجلسته منها، وثنّيتها بأخرى، فما قدر أن ينهض، وواليت ضربه، حتى قطّعته، فلما برد،

تقدّمت فحززت رأسه، وفصلته عن بدنه، لتزول عنّي الشبهة في أمره، ووقفت موضعي. فلما أبطأ خروجه على الجارية، قالت للعجوز: قومي انظري أيش خبره؟ فقامت العجوز المسماة صيد، تطلبه، وجاءت إلى البيت، تقول: يا سيدي، لم ليس تخرج؟ أين أنت؟ فما تكلمت. فدخلت إلى البيت، فضربتها في ساقها أيضا، فقعدت زمنة، فحين جلست، جررت برجلها، فأخرجتها إلى برّا، وقلت: مرحبا يا صيد، إلى كم تصطادين ولا تصادين؟ وقتلتها. وخرجت إلى الدار، وتكلمت بلسان فصيح، وقد كنت أكلمهم بلسان الخراسانية، فأيقنت الجارية بالهلاك. ثم قلت لها: أنا الرجل الذي فعلت بي كذا وكذا. قالت: فأين الأسود؟ فقلت: قتلته، وهذا رأسه. قالت: سألتك بالله، إلّا قتلتني بعده، فلا حاجة لي في الحياة. فقلت: ليس تحتاجين إلى مسألتي في هذا، فإني أفعله، ولكن أين الأموال؟ وإلّا عذبتك، ولم أقتلك، وأخرجتك إلى السلطان، فحصلت في العقوبات. فقالت: افتح ذلك البيت، وذلك البيت. ففتحت أبوابا، فخرج عليّ منها أمر عظيم. فقلت: الأموال. وما زلت أقرّرها، وكلّما امتنعت، ضربتها بالسيف، إلى أن عرّفتني

مواضع الدفائن، وأوقفتني على جميع ما عندها من الذخائر، فقتلتها حينئذ. وخرجت سحرا، وقد قلعت الدفائن، وأخذت منها ما أطقت حمله من فاخر ما وجدته، ولم أقرب الناحية إلى الآن، ولا أدري إلى أي شيء انتهى خبر القتلى والأسود والدار. فكان ما وصل إليّ من ذلك ما قيمته ألوف كثيرة. تحفة المجالس ونزهة المجالس 285

134 الأنصاري وعبد الله بن عامر عامل العراق

134 الأنصاري وعبد الله بن عامر عامل العراق قال القاضي أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي التنوخي: خرج رجلان من المدينة، يريدان عبد الله بن عامر بن كريز «1» ، للوفادة عليه، أحدهما من ولد جابر بن عبد الله الأنصاري «2» ، والآخر من ثقيف، وكان عبد الله عاملا بالعراق لعثمان بن عفان رضي الله عنه. فأقبلا يسيران، حتى إذا كانا بناحية البصرة، قال الأنصاري للثقفي: هل لك في رأي رأيته؟ قال: اعرضه. قال: ننيخ رواحلنا، ونتوضّأ، ونصلّي ركعتين، نحمد الله عز وجل فيهما، على ما قضى في سفرنا. قال له: نعم، هذا الرأي الذي لا يردّ. قال: ففعلا. ثم التفت الأنصاري إلى الثقفي، فقال له: يا أخا ثقيف، ما رأيك؟

قال: وأيّ موضع رأي هذا؟ أمضيت سفري، وأنضيت بدني، وأتعبت راحلتي، ولا مؤمّل دون ابن عامر، فهل لك من رأي غير هذا؟ قال: نعم، إنني لما صلّيت، فكّرت، فاستحييت من ربي، أن يراني طالب رزق من عند غيره. ثم قال: أللهم رازق ابن عامر، ارزقني من فضلك، ثم ولى راجعا إلى المدينة. ودخل الثقفيّ البصرة، فمكث على باب ابن عامر أيّاما، فلما أذن له، دخل عليه، وكان قد كتب إليه من المدينة بخبرهما. فلمّا رآه رحّب به، وقال: ألم أخبر أنّ ابن جابر خرج معك؟ فأخبره بما كان منهما. فبكى ابن عامر، وقال: والله، ما قالها أشرا ولا بطرا، ولكن رأى مجرى الرزق، ومخرج النعمة، فعلم أنّ الله عز وجل هو الذي فعل ذلك، فسأله من فضله، ثم أمر للثقفيّ بأربعة آلاف، وكسوة، وطرف، وأضعف ذلك للأنصاري، فخرج الثقفي، وهو يقول: أمامة ما سعى الحريص بزائد ... فتيلا ولا عجز الضعيف بضائر خرجنا جميعا من مساقط روسنا ... على ثقة منّا بجود ابن عامر فلمّا أنخنا الناعجات ببابه ... تأخّر عنّي اليثربيّ ابن جابر وقال: ستكفيني عطية قادر ... على ما يشاء اليوم للخلق قاهر فإن الذي أعطى العراق ابن عامر ... لربّي الذي أرجو لسدّ مفاقري فلمّا رآني قال: أين ابن جابر؟ ... وحنّ كما حنّت عراب الأباعر فاضعف عبد الله- إذ غاب- حظّه ... على حظّ لهفان من الحرص فاغر لباب الآداب 143

135 عابدة الجهنية تحضر مجلس عضد الدولة وتنشد قصيدة في مدحه

135 عابدة الجهنية تحضر مجلس عضد الدولة وتنشد قصيدة في مدحه عابدة «1» بنت محمد الجهنيّة، امرأة عم أبي محمد الحسن بن محمد المهلّبي الوزير «2» . قال ابن النجار: كانت أديبة، شاعرة، فصيحة، فاضلة، روى عنها القاضي أبو علي المحسّن بن علي بن محمد التنوخي. قال التنوخي: حضرت بغداد في مجلس الملك عضد الدولة، في يوم عيد الفطر سنة سبع وستين وثلاثمائة، والشعراء ينشدونه التهاني، فحضرت عابدة الجهنية، امرأة عم أبي محمد المهلبي الوزير- كان- فأنشدت قصيدة لم أظفر منها بشيء. وقال التنوخي: أنشدتني عابدة لنفسها، وهذه امرأة فاضلة، كانت تهجو أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي «3» ، لما ولي الوزارة: شاورني الكرخي لما دنا ... النيروز والسن له ضاحكه فقال ما نهدي لسلطاننا ... من خير ما الكف له مالكه قلت له كل الهدايا سوى ... مشورتي ضائعة هالكه

اهد له نفسك حتى إذا ... أشعل نارا كنت دوباركه قال التنوخي: الدوباركة، كلمة أعجمية، وهم اسم للعب على قدر الصبيان يحلها أهل بغداد سطوحهم ليلة النيروز. وقد كانت تنشدني أفحل من هذا، فكتبت ذلك عنها في مواضع من كتبي «1» . نزهة الجلساء 75

136 عاتكة المخزومية تحضر مجلس عضد الدولة وتنشد قصيدة في مدحه

136 عاتكة المخزومية تحضر مجلس عضد الدولة وتنشد قصيدة في مدحه عاتكة بنت محمد بن القاسم بن محمد بن يحيى بن حابس بن عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن الحارث بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية، أم «1» الحسن بن محمد بن عبد الله «2» السلامي الشاعر «3» . قال ابن النجار: كانت شاعرة فصيحة، مدحت عضد الدولة ببغداد، وروى عنها القاضي التنوخي. قال التنوخي: حضرت مجلس عضد الدولة ببغداد، من يوم عيد الفطر سنة 367، وحضر الشعراء فأنشدوا التهاني. وحضرت أم أبي الحسن البغدادي السلامي «4» ، فأنشدته لنفسها قصيدة طويلة، بعبارة فصيحة، وإنشاد صيّت مستقيم، ولسان سليم من اللحن، لم أصل إلى جميعها، تقول فيها عند ذكرها [الممدوح] : شتّان بين مدبّر ومدمّر ... صيد الليوث حصائد الغزلان روّعته من بعد دهر راعني ... وسقيته ما كان قبل سقاني فلقد سهرت لياليا ولياليا ... حتى رأيتك يا هلال زماني نزهة الجلساء 77

137 الشاعرة المخزومية ابنة خال السلامي الشاعر

137 الشاعرة المخزومية ابنة خال السلامي الشاعر ابنة خال السلامي الشاعر «1» ، كذا في تاريخ ابن النجار «2» . ثم روي عن أبي علي التنوخي، قال: أخبرني محمد بن عبد الله السلامي، أنه كانت له ابنة خال بغدادية، مخزومية، تقول الشعر. وقال: أنشدتني لنفسها من قصيدة لها إلى سيف الدولة «3» ، وإنها ماتت سنة 367: لولا حذاري من أن ألام على ... عتاب يوم منه وإعتابه لسرت والليل هودجي وذباب ... السيف في نحره إلى بابه نزهة الجلساء 109

138 أنسب بيت قالته العرب

138 أنسب بيت قالته العرب أخبرنا التنوخي، قال: أخبرني أبو الفرج المعروف بالأصبهاني «1» ، قال: أخبرني الحرمي ابن أبي العلاء «2» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «3» ، قال: حدّثني خلف بن وضّاح، أنّ عبد الأعلى بن عبد الله بن صفوان الجمحي، قال: حملت دينا بعسكر المهدي «4» ، فركب المهدي «5» يوما، بين أبي عبيد الله «6» ، وعمر بن بزيع «7» ، وأنا وراءه في موكبه، على برذون

قطوف «1» . فقال: ما أنسب بيت قالته العرب؟ فقال أبو عبيد الله، قول امرئ القيس «2» . وما ذرفت عيناك إلّا لتضربي ... بسهميك في أعشار «3» قلب مقتّل قال: هذا أعرابي قح. فقال عمر بن بزيع: قول كثير «4» يا أمير المؤمنين: أريد لأنسى ذكرها فكأنّما ... تمثّل لي ليلى بكل سبيل فقال: ما هذا بشيء، وما له يريد أن ينسى ذكرها، حتى تمثّل له؟ فقلت: عندي حاجتك يا أمير المؤمنين!

قال: الحق بي قلت: لا لحاق بي، ليس ذلك في دابتي. قال: احملوه على دابة. قلت: هذا أوّل الفتح، فحملت على دابة، فلحقته. فقال: ما عندك؟ قلت: قول الأحوص «1» : إذا قلت إنّي مشتف بلقائها ... فحمّ التلاقي بيننا زادني سقما فقال: أحسنت، حاجتك؟ قلت: عليّ دين. فقال: اقضوا دينه. فقضي ديني. مصارع العشاق 2/192

139 وقد يجمع الله الشتيتين

139 وقد يجمع الله الشتيتين أخبرنا القاضي عليّ بن المحسّن «1» ، حدّثني أبي «2» ، حدّثنا عبيد الله بن محمد الصروي «3» ، حدّثني أبي، حدّثني صديق لي ثقة: إنّه كان ببغداد رجل من أولاد النعم، ورث مالا جليلا، وكان يعشق قينة، فأنفق عليها مالا كثيرا، ثم اشتراها، وكانت تحبه كما يحبها، فلم يزل ينفق ماله عليها، إلى أن أفلس. فقالت له الجارية: يا هذا، قد بقينا كما ترى، فلو طلبت معاشا. قال: وكان الفتى لشدة حبه الجارية، وإحضاره الأستاذات ليزيدوها في صنعتها، قد تعلم الضرب والغناء، فخرج صالح الضرب والحذق فيهما. فشاور بعض معارفه، فقال: ما أعرف لك معاشا أصلح من أن تغنّي للناس، وتحمل جاريتك إليهم، فتأخذ على هذا الكثير، ويطيب عيشك. فأنف من ذلك، وعاد إليها، فأخبرها بما أشير به عليه، وأعلمها أن الموت أسهل عنده من هذا. فصبرت معه على الشدّة، مدّة، ثم قالت له: قد رأيت لك رأيا. قال: قولي. قالت: تبيعني، فإنّه يحصل لك من ثمني ما إن أردت أن تتّجر به، أو تنفقه في ضيعة، عشت عيشا صالحا، وتخلصت من هذه الشدّة، وأحصل

أنا في نعمة، فإن مثلي لا يشتريها إلا ذو نعمة، فإن رأيت هذا، فافعل. فحملها إلى السوق، فكان أوّل من اعترضها، فتى هاشمي من أهل البصرة، ظريف، قد ورد بغداد للّعب والتمتّع، فاستامها، فاشتراها بألف وخمسمائة دينار عينا. قال الرجل: فحين لفظت بالبيع، وأعطيت المال، ندمت، واندفعت في بكاء عظيم، وحصلت الجارية في أقبح من صورتي، وجهدت في الإقالة، فلم يكن إلى ذلك سبيل. فأخذت الدنانير في الكيس، لا أدري أين أذهب، لأنّ بيتي موحش منها، ووقع عليّ من اللطم والبكاء ما هوّسني. فدخلت مسجدا، وأخذت أبكي، وأفكّر فيما أعمل، فغلبتني عيني، فتركت الكيس تحت رأسي، فانتبهت فزعا، فإذا شاب قد أخذ الكيس، وهو يعدو، فقمت لأعدو وراءه، فإذا رجلي مشدودة بخيط قنّب، في وتد مضروب في أرض المسجد، فما تخلّصت من ذلك، حتى غاب الرجل عن عيني. فبكيت، ولطمت، ونالني أمر أشدّ من الأمر الأول، وقلت: فارقت من أحبّ، لأستغني بثمنه عن الصدقة، فقد صرت الآن فقيرا ومفارقا. فجئت إلى دجلة، فلففت وجهي بإزار كان على رأسي، ولم أكن أحسن العوم، فرميت نفسي في الماء لأغرق. فظنّ الحاضرون أنّ ذلك لغلط وقع عليّ، فطرح قوم نفوسهم خلفي، فأخرجوني، فسألوني عن أمري، فأخبرتهم، فمن بين راحم ومستجهل. إلى أن خلا بي شيخ منهم، فأخذ يعظني، ويقول: ما هذا؟ ذهب مالك، فكان ماذا حتى تتلف نفسك؟ أو ما علمت أنّ فاعل هذا في نار

جهنم؟ ولست أوّل من افتقر بعد غنى، فلا تفعل، وثق بالله تعالى، أين منزلك؟ قم معي إليه. فما فارقني حتى حملني إلى منزلي، وأدخلني إليه، وما زال يؤنسني، ويعظني، إلى أن رأى مني السكون، فشكرته، وانصرف. فكدت أقتل نفسي، لشدة وحشتي للجارية، وأظلم منزلي في وجهي، وذكرت الدنيا والآخرة، فخرجت من بيتي هاربا إلى بعض أصدقائي القدماء، فأخبرته خبري، فبكى رقة لي، وأعطاني خمسين درهما. وقال: اقبل رأيي، اخرج الساعة من بغداد، واجعل هذه نفقة، إلى حيث تجد قلبك مساعدك على قصده، وأنت من أولاد الكتاب، وخطّك جيّد، وأدبك صالح، فاقصد بعض العمال، واطرح نفسك عليه، فأقلّ ما في الأمر، أن يصرّفك في شغل، أو يجعلك محررا بين يديه، وتعيش أنت معه، ولعل الله أن يصنع لك. فعملت على هذا، وجئت إلى الكتبيّين، وقد قوي في نفسي أن أقصد واسطا، وكان لي بها أقارب، فأجعلهم ذريعة إلى التصرّف مع عاملها. فحين جئت إلى الكتبيين، إذا بزلّال مقدّم، وإذا خزانة كبيرة، وقماش فاخر كثير، ينقل إلى الخزانة والزلّال، فسألت عن ملاح يحملني إلى واسط، فقال لي أحد ملّاحي الزلّال: نحن نحملك إلى واسط بدرهمين، ولكن هذا الزلّال لرجل هاشمي من أهل البصرة، ولا يمكننا حملك معه على هذه الصورة، ولكن تلبس من ثياب الملاحين، وتجلس معنا، كأنّك واحد منّا. فحين رأيت الزلّال، وسمعت أنّه لرجل هاشمي من أهل البصرة، طمعت أن يكون مشتري جاريتي، فأتفرّج بسماعها إلى واسط، فدفعت الدرهمين إلى الملاح، وعدت فاشتريت جبّة من جباب الملاحين، وبعت الثياب التي عليّ، وأضفت ثمنها إلى ما معي من النفقة، واشتريت

خبزا وأدما، وجلست في الزلّال. فما كان إلا ساعة، حتى رأيت جاريتي بعينها، ومعها جاريتان تخدمانها، فسهل عليّ ما كان بي، وما أنا فيه، وقلت: أراها، وأسمع غناءها، من هاهنا إلى البصرة، واعتقدت أن أجعل قصدي البصرة، وطمعت في أن أداخل مولاها، وأصير أحد ندمائه، وقلت: لا تخليني هي من المواد، فإنّي واثق بها. فلم يكن بأسرع من أن جاء الفتى الذي اشتراها، راكبا، ومعه عدة ركبان، فنزلوا في الزلّال، وانحدرنا. فلما صرنا بكلواذى، أخرج الطعام، فأكل هو «1» ، وأكل الباقون على سطح الزلّال، وأطعموا الملاحين. ثم أقبل على الجارية، فقال: إلى كم هذه المدافعة عن الغناء، ولزوم الحزن والبكاء؟ ما أنت أول من فارق مولى كان له، فعلمت ما عندها من أمري. ثم ضربت لها ستارة في جانب الزلّال، واستدعي الذين في سطحه، وجلس معهم خارج الستارة، فسألت عنهم، فإذا هم إخوته وبنو عمه، فأخرجوا الصواني ففرّقها عليهم، وفيها النبيذ، وما زالوا يرفقون بالجارية، إلى أن استدعت العود فأصلحته، واندفعت تغني من الثقيل الأول، بإطلاق الوتر الذي في مجرى الوسطى: بان الخليط بمن عرفت فأدلجوا ... عمدا لقتلك ثم لم يتحرّجوا وغدت كأنّ على ترائب نحرها ... جمر الغضا في ساعة يتأجّج ثم غلبها البكاء، فقطعت الغناء، وتنغّص على القوم سرورهم، ووقعت

أنا مغشيا عليّ، فظنّ الملّاحون أنّي قد صرعت، فأذّن بعضهم في أذني، فأفقت بعد ساعة، وما زالوا يدارونها، ويرفقون بها، ويسألونها الغناء، إلى أن أصلحت العود، واندفعت تغني في الثقيل الثاني: فوقفت أسأل بالذين تحملوا ... وكأنّ قلبي بالشفار يقطّع فدخلت دارهم أسائل عنهم ... والدار خالية المنازل بلقع ثم شهقت، فكادت تتلف، وارتفع لها بكاء عظيم، وصعقت أنا، فتبرّم بي الملّاحون وقالوا: كيف حملنا هذا المجنون؟ وقال بعضهم: إذا بلغتم بعض القرى فأخرجوه وأريحونا منه. فجاءني أمر أعظم من كل ما أصابني، وجاءني في نفسي التصبّر، والحيلة في أن أعلم الجارية بمكاني بالزلّال، لتمنع من إخراجي، فأفقت. وبلغنا إلى قرب المدائن، فقال صاحب الزلّال: اصعدوا بنا إلى الشط، فطرحوا إلى الشط، وصعدت الجماعة، وكان المساء قريبا، وصعد أكثر الملاحين يتغوّطون، وخلا الحديدي، وكان الجواري فيمن صعد إلى مستراح ضرب لهن. فمشيت سارقا نفسي، حتى صرت خلف الستارة، فغيّرت طريقة العود عما كانت عليه إلى طريقة أخرى، ورجعت إلى موضعي من الزلّال. وفرغ القوم من حاجتهم في الشط، ورجعوا والقمر منبسط، فقالوا لها: هو ذا ترين وقتنا، فتكلّفي الغناء، ولا تنغّصي علينا، فأخذت العود، فجسته، وشهقت، وقالت: قد والله، أصلح هذا العود مولاي، على طريقة من الضرب كان بها معجبا، وكان يضربها معي، وو الله، إنّه معنا في الزلّال. فقال لها مولاها: والله، يا هذه، لو كان معنا ما امتنعنا من عشرته، فلعلّه أن يخفّ بعض ما بك، فننتفع بغنائك، ولكنّ هذا بعيد.

فقالت: لا أدري ما تقولون، هو والله معنا. فقال الرجل للملاحين: ويلكم هل حملتم معنا إنسانا؟ فقالوا: لا. فأشفقت أن ينقطع السؤال، فصحت: نعم، هو ذا أنا. فقالت: كلام مولاي، والله. وجاء بي الغلمان إلى الرجل، فلما رآني، قال: ويحك، ما هذا الذي أصابك، وصيّرك في مثل هذا الحال؟ فصدقته عن أمري، وبكيت، وعلا نحيب الجارية من خلف الستارة، وبكى هو وإخوته بكاء شديدا، رقّة لنا. ثم قال: يا هذا، والله، ما وطئت هذه الجارية، ولا سمعت غناءها إلا اليوم، وأنا رجل موسّع عليّ، ولله الحمد، وردت بغداد لسماع الغناء، وطلب أرزاقي من الخليفة، وقد بلغت من الأمرين، ما أردت، ولما عملت على الرجوع إلى وطني، أحببت أن أستبيع من غناء بغداد شيئا، فاشتريت هذه الجارية، لأضمّها إلى عدة مغنيات عندي بالبصرة، وإذ كنتما على هذه الحال، فأنا- والله- أغتنم المكرمة والثواب فيكما، وأشهد الله، أنّي إذا صرت إلى البصرة، أعتقتها، وزوّجتك منها، وأجريت عليكما ما يكفيكما ويسعكما، على شريطة، إن أجبتني إليها. قلت: ما هي؟ قال: أن تحضرنا كلما أردنا الغناء، خلف ستارتنا، وتنصرف بانصرافك إلى دار أفردها لكما، وقماش أعطيكما إياه. فقلت: يا سيدي، وكيف أبخل بهذا على من هو المعطي لي، وعلى من ردّ عليّ حياتي؟ وأخذت يده أقبلها، فمنعني، ثم أدخل رأسه إلى الجارية، فقال: يرضيك هذا؟ فأخذت تدعو له وتشكره.

فاستدعى غلاما، فقال: خذ بيد هذا الرجل، وغيّر ثيابه، وبخّره، وقدّم إليه ما يأكله، وجئنا به. فأخذني الغلام، ففعل بي ذلك، وعدت، وتركت بين يدي صينيّة، واندفعت الجارية تغني بنشاط وسرور وانبساط، واستدعت النبيذ، فشربت وشربنا، وأخذت أقترح عليها الأصوات الجياد، فتضاعف سرور الرجل. وما زلنا على ذلك، أيّاما، إلى أن بلغنا نهر معقل، ونحن سكارى، فشدّ الزلّال في الشط، وأخذتني بولة، فصعدت إلى ضفة نهر معقل لأبول، فحملني السكر على النوم فيها، ودفع الزلّال، وأنا لا أعلم، وأصبحوا فلم يجدوني، ودخلوا البصرة، ولم أنتبه إلا بحر الشمس، فجئت إلى الشط، فلم أر لهم عينا ولا أثرا. وقد كنت أجللت الرجل أن أسأله بمن يعرف، وأين داره في البصرة، واحتشمت أن أسأل غلمانه عن ذلك، فبقيت على شاطئ نهر معقل، كأوّل يوم بدأت بي المحنة، وكأنّ ما كنت فيه منام. واجتازت بي سميريّة، فركبت فيها، ودخلت البصرة، وما كنت دخلتها قط، فنزلت خانا، وبقيت متحيّرا، لا أدري ما أعمل، ولم يتوجّه لي معاش. إلى أن اجتاز بي يوما إنسان عرفته من بغداد، فتبعته لأكشف له حالي، وأستميحه، فأنفت من ذلك، ودخل الرجل إلى منزله، فعرفته، وجئت إلى بقّال كان هناك، على باب الخان الذي نزلته، فأعطيته دانقا، وأخذت منه ورقة دواة، وجلست أكتب رقعة إلى الرجل. فاستحسن البقّال خطّي، ورأى رثاثة حالي، فسألني عن أمري، فأخبرته انني رجل ممتحن فقير، وقد تعذّر علي التصرّف، وما بقي معي شيء، ولم أشرح له أكثر من ذلك.

فقال: أتعمل معي في كل يوم على نصف درهم، وطعامك، وكسوتك، وتضبط حساب دكاني؟ قلت: نعم. فقال: اصعد. فمزّقت الرقعة «1» وصعدت فجلست معه، فدبّرت أمره، وضبطت دخله وخرجه، وكان غلمانه يسرقونه، فأدّيت إليه الأمانة. فلما كان بعد شهر، رأى الرجل دخله زائدا، وخرجه ناقصا، فحمدني، وكنت معه إلى أن حال الحول، وقد بان له الصلاح في أمره، فدعاني إلى أن أتزوج بابنته، ويشاركني في الدكان، ففعلت. ودخلت بزوجتي، ولزمت الدكان، والحال تقوى، إلا أنّي في خلال ذلك، منكسر النفس، ميت النشاط، ظاهر الحزن، وكان البقال ربما شرب، فيجذبني إلى مساعدته، فأمتنع، وأظهر أن سبب ذلك حزني على موتى لي. واستمرّت بي الحال على هذا سنين كثيرة، فلما أن كان ذات يوم، رأيت قوما يجتازون بجون ونبيذ، اجتيازا متصلا، فسألت عن ذلك، فقيل لي: اليوم يوم الشعانين، ويخرج أهل الظرف واللعب، بالنبيذ والطعام والقيان إلى الأبلّة، فيرون النصارى، ويشربون، ويتفرجون. فدعتني نفسي إلى التفرّج، وقلت: لعلّي أن أقف لأصحابي على خبر، فإنّ هذا من مظانّهم. فقلت لحميّ: أريد أن أنظر هذا المنظر. فقال: شأنك، وأصلح لي طعاما وشرابا، وسلم إليّ غلاما وسفينة، فخرجت، وأكلت في السفينة، وبدأت أشرب حتى وصلت إلى الأبلّة،

وأبصرت الناس، وابتدأوا ينصرفون، وانصرفت. فإذا أنا بالزلّال بعينه، في أوساط الناس، سائرا في نهر الأبلّة، فتأمّلته، فإذا بأصحابي على سطحه، ومعهم عدة مغنّيات. فحين رأيتهم لم أتمالك نفسي فرحا، فصرت إليهم، فحين رأوني عرفوني، وكبّروا، وأخذوني إليهم، وقالوا: ويحك، أنت حي؟ وعانقوني، وفرحوا بي، وسألوني عن قصتي، فأخبرتهم بها على أتم شرح. فقالوا: إنّا لمّا فقدناك في الحال، وقع لنا أنّك سكرت، ووقعت في الماء فغرقت، ولم نشك في هذا، فمزّقت الجارية ثيابها، وكسرت عودها، وجزّت شعرها، وبكت، ولطمت، فما منعناها من شيء من هذا. ووردنا البصرة، فقلنا لها: ما تحبين أن نعمل لك؟ فقد كنا وعدنا مولاك بوعد تمنعنا المروءة من استخدامك معه في حال فقده، أو سماع غنائك؟. فقالت: تمكنوني من القوت اليسير، ولبس الثياب السود، وأن أعمل قبرا في بيت من الدار، وأجلس عنده، وأتوب من الغناء، فمكّناها من ذلك، فهي جالسة عنده إلى الآن. وأخذوني معهم، فحين دخلت الدار، ورأيتها بتلك الصورة، ورأتني شهقت شهقة عظيمة، ما شككت في تلفها، واعتنقنا، فما افترقنا، ساعة طويلة. ثم قال لي مولاها: قد وهبتها لك. فقلت: بل تعتقها، وتزوّجني منها، كما وعدتني، ففعل ذلك، ودفع إلينا ثيابا كثيرة، وفرشا، وقماشا، وحمل إليّ خمسمائة دينار. وقال: هذا مقدار ما أردت أن أجريه عليك في كلّ شهر، منذ أول يوم دخولي البصرة، وقد اجتمع هذا لهذه المدة، فخذه، والجائزة لك مستأنفة في كلّ شهر، وشيء آخر لكسوتك، وكسوة الجارية، والشرط في المنادمة،

وسماع الجارية من وراء ستارة، باق عليك، وقد وهبت لك الدار الفلانية. قال: فجئت إليها، فإذا بذلك الفرش الذي أعطانيه، فيها، والجارية. فجئت إلى البقّال، فحدّثته بحديثي، وطلّقت ابنته، ووفّيتها صداقها، وأقمت على تلك الحال مع الهاشميّ سنين، فصلحت حالي، وصرت ربّ ضيعة، ونعمة، وعادت حالي، وعدت إلى قريب مما كنت عليه. فأنا أعيش كذلك إلى الآن مع جاريتي. مصارع العشاق 2/229

140 أعمرو علام تجنبتني

140 أعمرو علام تجنبتني أخبرنا القاضي أبو الحسين أحمد بن علي التوزي «1» ، وأبو القاسم علي ابن المحسّن التنوخي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدّثنا محمد بن خلف بن المرزبان، قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن أبي مالك بن الهيثم الخزاعي «2» ، عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي «3» ، قال: حدّثني إبراهيم بن ميمون «4» ، قال: حججت في أيام الرشيد «5» ، فبينا أنا بمكّة، أجول في سككها، إذا أنا بسوداء قائمة ساهية، فأنكرت حالها، فوقفت أنظر إليها، فمكثت كذلك ساعة، ثم قالت: أعمرو علام تجنّبتني ... أخذت فؤادي فعذّبتني فلو كنت يا عمرو خبرّتني ... أخذت حذاري فما نلتني قال: فدنوت منها، فقلت: يا هذه، من عمرو؟

فارتاعت من قولي، وقالت: زوجي. فقلت: وما شأنه؟ قالت: أخبرني أنّه يهواني، وما زال يدسّ إليّ، ويعلق بي في كلّ طريق، ويشكو شدّة وجده، حتى تزوّجني، فلبث معي قليلا، وكان له عندي من الحبّ، مثل الذي كان لي عنده، ثم مضى إلى جدّة «1» ، وتركني. قلت: فصفيه لي. فقالت: أحسن من تراه، وهو أسمر، حلو، ظريف. قال: فقلت: فخبّريني، أتحبّين أن أجمع بينكما؟ قالت: فكيف لي بذلك، وظنّتني أهزل بها. قال: فركبت راحلتي، وصرت إلى جدّة، فوقفت في المرفإ «2» ، أتبصّر من يعمل في السفن، واصوّت: يا عمرو، يا عمرو، فإذا أنا به خارج من سفينة، وعلى عنقه صنّ «3» ، فعرفته بالصفة. فقلت: أعمرو علام تجنّبتني؟ فقال: هيه، هيه، رأيتها، وسمعته منها؟ ثم أطرق هنيهة، ثم اندفع يغنّيه، فأخذته منه، وقلت له: ألا ترجع؟ فقال: بأبي أنت، ومن لي بذلك؟ ذلك والله أحب الأشياء إليّ، ولكن منع منه طلب المعاش. قلت: كم يكفيك كلّ سنة؟ قال: ثلاثمائة درهم.

فأعطيته ثلاثة آلاف درهم، وقلت: هذه لعشر سنين، ورددته إليها، وقلت له: إذا فنيت، أو قاربت الفناء، قدمت عليّ فبررتك، وإلّا وجّهت إليك. وكان ذلك أحب إليّ من حجّي. قال محمد بن عبد الله، قال إسحاق: والناس ينسبون هذا الصوت إلى إبراهيم، وكان إبراهيم أخذه من هذا الفتى «1» . مصارع العشاق 1/240

141 دواء الحب غالي

141 دواء الحب غالي أخبرنا التنوخي عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر المحوّلي «2» ، قال: أنشدني حمّاد بن إسحاق «3» ، للوليد ابن يزيد «4» : ولقد قال طبيبي ... وطبيبي غير آل «5» أشك ما شئت سوى ... الحبّ فإنّي لا أبالي سقم الحب رخيص ... ودواء الحب غالي مصارع العشاق 1/234

142 وكل غريب للغريب نسيب

142 وكل غريب للغريب نسيب وأخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسن التنوخي أيضا بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: قال أبو عبد الله، محمد بن زياد الأعرابي: إن قيس بن الملوح، وهو المجنون، لما نسب بليلى، وشهر بحبها، اجتمع إليه أهلها، فمنعوه من محادثتها، وزيارتها، وتهددوه بالقتل. وكان يأتي امرأة من بني هلال، ناكحا في بني الحريش، وكان زوجها قد مات، وخلّف عليها صبية صغارا، فكان المجنون إذا أراد زيارة ليلى، جاء إلى هذه المرأة فأقام عندها، وبعث إلى ليلى، فعرفت له خبرها، وعرّفتها خبره. فعلم أهل ليلى بذلك، فنهوها أن يدخل قيس إليها. فجاء قيس كعادته، فأخبرته المرأة الخبر، وقالت: يا قيس، أنا امرأة غريبة عن القوم، ومعي صبية، وقد نهوني أن أؤويك، وأنا خائفة أن ألقى منهم مكروها، فأحبّ أن لا تجيء إليّ هاهنا. فأنشأ يقول: أجارتنا إنّا غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب فلا تزجريني عنك خيفة جاهل ... إذا قال شرّا أو أخيف لبيب قال: وترك الجلوس إلى الهلالية، وكان يترقّب غفلات الحي في الليل. فلما كثر ذلك منه، خرج أبو ليلى، ومعه نفر من قومه، إلى مروان ابن الحكم، فشكوا إليه ما نالهم من قيس، وما قد شهرهم به، وسألوه

الكتابة إلى عامله عليهم بمنعه من كلام ليلى، وبخطبه إليهم. فكتب لهم مروان كتابا إلى عامله، يأمره فيه بأن يحضر قيسا، ويتقدّم إليه في ترك زيارة ليلى، فإن أصابه أهلها عندهم، فقد أهدر دمه. فلما ورد الكتاب على عامله، بعث إلى قيس وأبيه، وأهل بيته، فجمعهم وقرأ عليهم كتاب مروان، وقال لقيس: اتّق الله في نفسك، لا يذهب دمك هدرا. فانصرف قيس وهو يقول: ألا حجبت ليلى وآلى أميرها ... عليّ يمينا جاهدا لا أزورها وأوعدني فيها رجال أبوهم ... أبي وأبوها خشنت لي صدورها على غير شيء غير أنّي أحبّها ... وأنّ فؤادي عند ليلى أسيرها فلما أيس منها، وعلم أن لا سبيل إليها، صار شبيها بالتائه العقل، وأحب الخلوة، وحديث النفس، وتزايد الأمر به، حتى ذهب عقله، ولعب بالحصا والتراب، ولم يكن يعرف شيئا إلا ذكرها، وقول الشعر فيها، وبلغها هي ما صار إليه قيس، فجزعت أيضا لفراقه، وضنيت ضنى شديدا. وإنّ أهل ليلى خرجوا حجّاجا، وهي معهم، حتى إذا كانوا بالطواف، رآها رجل من ثقيف، وكان غنيا كثير المال، فأعجب بها، على تغيّرها، وسقمها، فسأل عنها، فأخبر من هي، فأتى أباها، فخطبها إليه، وأرغبه في المهر، فزوّجه إيّاها. وبلغ الخبر قيسا، فأنشأ يقول: ألا تلك ليلى العامرية أصبحت ... تقطّع إلّا من ثقيف وصالها

هم حبسوها محبس البدن وابتغى ... بها المال أقوام تساحف مالها «1» إذا التفتت والعيس صعر «2» من البرى «3» ... بنخلة خلّى عبرة العين حالها «4» مصارع العشاق 2/287

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب 5 مقدّمة المحقق 7 1 الخليفة المستكفي ينقل قاضيا وينصب بدلا منه 10 2 لماذا سمّي زوج الحرّة 13 3 البيضاوي أزرق كوسج 15 4 القاضي ابن قريعة يستخلف التنوخي على قضاء الأهواز 16 5 أبو القاسم الصاحب بن عباد يشتهي مشاهدة ثلاثة من بغداد 17 6 أبو الفضل الزهري محدّث، وآباؤه كلّهم محدّثون 19 7 المؤلّف التنوخي يتحدّث عن نفسه 21 8 ذو الكفايتين أبو الفتح بن العميد يحيي سهرة تنتهي باعتقاله 24 9 من شعر الحسن بن حامد 25 10 الشاعر ابن سكّرة يدخل محمدا، ويخرج بشرا 26 11 ابن سكرة الهاشمي يهجو القاضي أبا السائب 27 12 يسقط من موضع عال فيسلم، ثم يعثر بعتبة الباب فيقع ميتا 28 13 بين أبي إسحاق الطبري وأبي الحسين بن سمعون 29 14 أبو القاسم الخبز أرزي يهدي للتنوخي سبحة سبج 30 15 عبد الصمد يدقّ السّعد في العطّارين 32 16 طلسم في صعيد مصر يطرد الفار 34 17 حجر عجيب الخواصّ في ضيعة عين جاره 36 18 مشهد النذور بظاهر سور بغداد

39 19 ألوان غريبة من الورد 40 20 ذكر خبر بناء مدينة السلام 41 21 مدينة السلام لم يمت فيها خليفة قط 44 22 الصنم الموجود على رأس القبّة الخضراء 45 23 الأبواب الحديد على مدينة المنصور 46 24 الماء المنبثق من قبّين يهدم طاقات باب الكوفة في مدينة المنصور 48 25 عدد الخدم والفراشين في قصر الخلافة 49 26 من شعر صاحب النشوار 50 27 الوزير ابن الفرات يقيّد، ويغلّ، ويلبس جبّة صوف نقعت بماء الأكارع. 57 28 الوزير ابن الفرات يتناول رقعة فيها سبّه وشتمه وتهديده 62 29 الوزير أبو علي بن مقلة يشيد بمآثر الوزير ابن الفرات 64 30 الوزير العباس بن الحسن يستشير كبار الكتاب في اختيار من يخلف المكتفي 69 31 الوزير ابن الفرات يتحدّث عن تلوّن المقتدر واختلاف رأيه 72 32 من أقوال الوزير أبي الحسن بن الفرات 73 33 الوزير أبو علي بن مقلة يتحدّث عن سياسة الوزير ابن الفرات ووفور عقله 75 34 وزير يسرق سبعمائة ألف دينار في عشر خطوات 77 35 الظلم إذا زاد رفع نفسه 78 36 ما يرتفع لابن الفرات ولعلي بن عيسى من ضياعهما 80 37 عادة ابن الفرات في كلامه «بارك الله عليك» وعادة علي ابن عيسى «والك»

83 38 الوزير علي بن عيسى، يرأف بأحد المطالبين، ويعفيه من المطالبة 85 39 الملك عضد الدولة يغضب على أبي القاسم عبد العزيز بن يوسف 89 40 أبغي الشفا بك من سقمي ومن دائي 90 41 أشاع الدمع ما كنت أكتم 94 42 بنو عذرة أرقّ الناس قلوبا 96 43 علامة من كان الهوى في فؤاده 97 44 زعموا أنّ الفراق غدا 98 45 عاشق ينتحر بمحضر من الخليفة عبد الملك بن مروان 101 46 ثلاثة مجانين في بني عامر 102 47 ليلى والمجنون 104 48 تعلّقت ليلى وهي ذات ذؤابة 105 49 مجنون ليلى يفقد عقله 107 50 من أطاع الواشين لم يتركوا له صديقا 108 51 ألا حجبت ليلى 110 52 رددت قلائص القرشي 112 53 أنتم شغلي، وعندكم عقلي 115 54 كالسهم أصبح ريشه ممروطا 118 55 قضاها لغيري وابتلاني بحبّها 120 56 وقفت على ربع لعزّة ناقتي 122 57 امرأة من أهل النار 129 58 شقيقان عشيقان

135 59 حلف بالطلاق لا يحضر دعوة أبدا 137 60 أبو البلاد يجنّ، فيعلو حبيبته بالسيف 140 61 ولكم في القصاص حياة 142 62 يقتل عشيقته فيفترسه الأسد 148 63 حلف بالطلاق، لا يشيّع جنازة أبدا 151 64 منفصل عنّي وما قلبي عنه منفصل 153 65 ألا إنّ هندا أصبحت منك محرما 155 66 جعلت من وردتها تميمة في عضدي 157 67 عشق، فعفّ، فكتم، فمات 158 68 عبد الله بن عجلان وهند بنت كعب 160 69 عشقت، فجنّت، فماتت 162 70 ربّ لا تسلبني ديني، ولا تفتنّي بعد أن هديتني 166 71 مت عشقا 168 72 إلّا أن يشاء ابن معمر 170 73 لماذا سمّي العراق عراقا 171 74 من لم ير بغداد، لم ير الدنيا 172 75 من محاسن الإسلام 173 76 إذا خرجت من العراق، فالدنيا كلّها رستاق 174 77 فلم أر فيها مثل بغداد منزلا 175 78 السريّ الرفاء يمدح بغداد 176 79 سويق الحمص في بغداد 177 80 القاضي أبو طاهر محمد بن نصر 179 81 عتاهية بن أبي العتاهية

180 82 اقطع العمر بظن حسن 182 83 يا هاشميّ ويا مولى ويا عربي 183 84 الخليفة المنتصر، وما كتب بالفارسية على البساط 185 85 محمد بن الحسن يصرف ما ورثه من والده على تعلّم العلم 186 86 محمد بن الحسن والخليفة هارون الرشيد 188 87 محمد بن الحسن ومالك بن أنس 190 88 رأي الشافعي في محمد بن الحسن 191 89 سفهني ولم أكن سفيها 193 90 محمد بن عبد الرحمن المخزومي قاضي مكة 195 91 عليل يعاد فلا يوجد 196 92 لماذا سمي أبو محمد بن عبيد بالعسكري 197 93 إن نعش نلتقي 198 94 لماذا سمّي بالبياضيّ 199 95 القاضي ابن أبي موسى 201 96 فصوص زمرّد في غلف درّ 202 97 من شعر أبي العلاء المعرّي 204 98 تهجّوا 205 99 أبو هشام الرفاعي يقضي ببغداد 206 100 المبرّد والقبعض 208 101 القاضي أبو عمر 211 102 ثمّ أيش؟ 212 103 القاضي ابن البهلول التنوخي 1 214 104 القاضي ابن البهلول التنوخي 2

217 105 وأقبلت نحوك مستعجلا 218 106 فها خطّي خذوه بألف ألف 219 107 بين جحظة وصاحب النشوار 220 108 أبو الحجّاج الأعرابي يهجو ابن أبي دؤاد 221 109 القاضي أبو الحسن بن الخرقي 223 110 سر إن اسطعت في الهواء رويدا 224 111 شعر البتّي يكتب على التكك 225 112 البتّي يصف الفقّاع 226 113 إخوانيات 227 114 القاضي أحمد بن محمد بن سماعة 228 115 أبو العباس بن عقدة الكوفي المحدّث 229 116 محدّث يحفظ ستمائة ألف حديث 230 117 القاضي أحمد بن محمد بن عيسى البرتي 231 118 القاضي أبو بشر الهروي 233 119 شيخ القرّاء أبو بكر بن مجاهد، يغنّي 237 120 القاضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف 238 121 الصديق لا يحاسب 239 122 صبرك على أذى من تعرف، خير من استحداث ما لا تعرف 240 123 عبد الحميد الكاتب وتجويد الخط 241 124 أبو الحسن بن الأزرق التنوخي 243 125 أبو بكر بن المرزبان يعاتب جد أبي عمر بن حيويه 245 126 ابن سيرين يحبس في الدين

246 127 عضد الدولة يذمّ أهل بغداد 247 128 سفيان الثوري يعاتب ابن علاثة على ولايته القضاء 248 129 جاء الرسول ببشرى منك تطمعني 249 130 لا ينقص الكامل من كماله ما جرّ من نفع إلى عياله 250 131 على الباغي تدور الدوائر 254 132 من يعمل مثقال ذرة خيرا يره 259 133 عاقبة البغي 265 134 الأنصاري وعبد الله بن عامر عامل العراق 267 135 عابدة الجهنية، تحضر مجلس عضد الدولة، وتنشد قصيدة في مدحه 269 136 عاتكة المخزومية، تحضر مجلس عضد الدولة، وتنشد قصيدة في مدحه 270 137 الشاعرة المخزومية ابنة خال السلامي الشاعر 271 138 أنسب بيت قالته العرب 274 139 وقد يجمع الله الشتيتين 284 140 أعمرو علام تجنّبتني 287 141 دواء الحب غالي 288 142 وكلّ غريب للغريب نسيب

فهرس أسماء الأشخاص

فهرس أسماء الأشخاص (أ) الأثرم- أبو العباس أحمد بن محمد بن حماد بن إبراهيم بن ثعلب البصري (240- 336) ، 19. ابن أحمد- جعفر 168 أحمد بن حبيب النهرواني أحمد بن عبيد بن ناصح، مولى بني هاشم أبو عصيدة. أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني، أبو بكر الأحمر، أبو يعقوب إسحاق بن محمد النخعي الأحوص- عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري الشاعر 273 الأحول- أحمد بن أبي خالد، وزير المأمون 240 ابن الإخشيد- أبو بكر أحمد بن علي بن بيغجور 242 الإخشيد- أبو بكر محمد بن طغج بن جف 83 الإخشيدي- أبو الحسن علي بن عيسى الرماني الوراق 120، 153 الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان 220، 240، 241 ابن أدهم- أبو إسحاق إبراهيم بن أدهم بن منصور التميمي البلخي 249 أرسطو- طبيب فارسي ببغداد 47 الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد القاضي 196، 210 الأزدي- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم بن أحمد بن إسحاق بن إبراهيم 248 الأزدي- أبو عمر محمد بن يوسف القاضي 8، 188، 208، 209، 210، 211 الأزدي- أبو نصر يوسف بن أبي الحسين عمر أبي عمر محمد بن يوسف الأزدي القاضي 211 الأزدي- أبو محمد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي 209

ابن إسحاق- زكريا 166 ابن إسحاق- أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار- صاحب السيرة 94 الاسكافي- أبو القاسم عبد الله بن أحمد 27 ابن الأشتر- أبو عبد الله إبراهيم بن مالك الأشتر 110 ابن الأشعث- عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي 55 الأشناني- أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني 191 الأشناني- محمد بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني 191 الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي 151، 188، 236، 271، 286 الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي، راوية العرب 101، 153 الأعرابي- أبو الحجاج 220 ابن الأعرابي- أبو عبد الله محمد بن زياد، مولى بني هاشم 108، 170، 288 الأفشين- خيذر بن كاوس 184. ابن أكثم- أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن التميمي القاضي 230 ابن الأكفاني- أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 140، 148، 211، 233 ابن الأكفاني- أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الأسدي 211 امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي- الملك الضليل 272 الأموي- أبو إسحاق إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم (ت 132) 12 الأموي- أبو هاشم خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان 109 الأموي- أبو أيوب سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم (54- 99) الأموي- أبو الأصبغ عبد العزيز بن مروان بن الحكم 120 الأموي- أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم 77، 98، 99، 100، 109، 110، 215 الأموي- أبو بكر محمد بن معاوية بن عبد الرحمن الأندلسي 157 لأموي- أبو عبد الملك مروان بن الحكم 26، 108، 109، 110، 288، 289

الأموي- أبو عبد الملك مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الأموي، الملقب بالجعدي، وبالحمار 12، 240 الأموي- مسلمة بن عبد الملك بن مروان 9، 77 الأموي- أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان 109 الأموي- أبو ليلى معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان 109 الأموي- أبو الوليد هشام بن عبد الملك بن مروان 12، 77 الأموي- أبو العباس الوليد بن عبد الملك 77 الأموي- أبو العباس الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان 287 الأموي- يحيى بن الحكم 110 الأموي- أبو خالد يزيد بن عبد الملك بن مروان 100 الأموي- أبو خالد يزيد بن معاوية 77 ابن أبي أمية- محمد بن أمية، ابن أخي محمد بن أمية الكاتب 182 ابن أبي أميّة- محمد الكاتب 180 الأمين- أبو عبد الله محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدي العباسي 12، 41، 43، 151، 152، 180 الأنباري- علي بن صالح بن الهيثم الكاتب 151 الأنباري- أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار 182، 245 الأنباري- أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الشاعر 201 الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 170، 182، 242، 245، 249 الأنصاري- جابر بن عبد الله بن عمر بن حرام الخزرجي السليمي الصحابي 265 الأنصاري- أبو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عبد الرحمن 105، 115 الأنصاري- محمد بن عبد الباقي البزاز الأيادي- أبو عبد الله أحمد بن ابن أبي دؤاد، السيد العربي النبيل 194، 220 الإيذجي- أبو علي الحسن بن سهل بن عبد الله 206 الأيوبي- صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي (532- 589)

(ب) ابن البازيار- أبو علي أحمد بن نصر بن الحسين 35 الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الشاعر 34 البتي- أبو الحسن أحمد بن علي 224، 225 بجكم- الماكاني، أمير الأمراء، القائد التركي 267 البخاري- أبو نصر أحمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن علي 104 البخاري- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، صاحب الجامع الصحيح (194- 256) 18 بختيار- أبو منصور عز الدولة بختيار بن أبي الحسين معز الدولة أحمد بن بويه 176 بدر- مولى المعتضد 10، 210 البرتي- أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر القاضي 230 البرجمي- جعفر بن محمد بن عمار الكوفي، قاضي القضاة 8 البرجمية- فاطمة بنت جعفر بن محمد بن عمار البرجمي، قاضي القضاة 7 ابن برد- بشار الشاعر 290 البرمكي- أبو الفضل جعفر بن يحيى بن خالد 53 البرمكي- الفضل بن يحيى بن خالد 53 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد، شيخ البريدين 19 البزاز- أبو الحسن علي بن سهل بن المغيرة 191 البزاز- أبو بكر محمد بن أبي طاهر عبد الباقي بن محمد بن عبد الله 21، 27، 30، 129، 135، 137، 140، 142، 148، 151، 155، 157، 158، 160، 162، 166 البزاز- أبو بكر مكرم بن أحمد بن مكرم القاضي 186 بزياش- أبو القاسم بن المحسن الديلمي ابن بزيع- عمر، مولى المهدي، ولي له ديوان الأزمّة 271، 272

ابن بسام- علي بن محمد الشاعر 59 البشاري- أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي، صاحب أحسن التقاسيم 9 البصري- أبو سعيد الحسن بن يسار الحسن البصري بغا- القائد التركي، المعروف بالكبير 183، 184 ابن أبي البغل- أبو الحسين محمد بن أحمد 61 البغوي- أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن حبيش 190 البغوي- أبو القاسم محمد بن إسحاق 112 ابن بقية- أبو طاهر نصير الدولة، محمد بن محمد، وزير بختيار 246 ابن بكار- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب، القرشي، الأسدي، المكيّ، 188، 271 أبو البلاد- بشر بن العلاء، أحد بني طهية، ثم أحد بني سود 137 بهاء الدولة- أبو نصر فيروز بن أبي شجاع عضد الدولة فنا خسرو البويهي 174، 224 البياضي- أبو علي محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الله بن عيسى العباسي الهاشمي 198 البيضاوي- أبو الحسين علي بن إبراهيم بن أحمد بن الهيثم الوراق 13، 14 ابن البيطار- ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي، صاحب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية 31 البيّع- أبو علي أحمد بن صدقة البيّع ابن صدقة (ت) التخومي 118 أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي 219 التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق الأنباري 78، 83، 241 التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 212 التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 209، 212، 213، 214

التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن أبي بكر يوسف الأزرق الأنباري 83 التنوخي- أبو محمد البهلول بن إسحاق بن البهلول بن حسان 212 التنوخي- أبو الهيثم البهلول بن حسان بن سنان 212 التنوخي- حسان بن سنان 212 التنوخي- أبو محمد الحسن بن يوسف الأزرق الأنباري 83 التنوخي- أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 213 التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم القاضي، والد صاحب النشوار 29، 188، 216 التنوخي- أبو القاسم علي بن المحسن القاضي، ابن صاحب النشوار 10، 12، 16، 17، 19، 21، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 36، 40، 43، 44، 45، 46، 48، 49، 50، 89، 90، 94، 96، 97، 98، 101، 104، 105، 107، 108، 110، 112، 115، 118، 120، 122، 129، 135، 137، 140، 142، 148، 151، 153، 155، 157، 158، 160، 162، 166، 168، 170، 171، 172، 173، 174، 175، 176، 177، 179، 180، 182، 183، 185، 186، 188، 190، 191، 193، 195، 196، 197، 198، 199، 201، 202، 204، 205، 206، 207، 208، 211، 213، 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 231، 233، 237، 238، 239، 240، 241، 243، 245، 246، 247، 248، 249، 274، 284، 287، 288 التنوخي- أبو عليّ المحسّن بن علي القاضي، صاحب النشوار 3، 5، 7، 10، 15، 19، 20، 21، 27، 32، 34، 36، 49، 55، 57، 72، 73، 75، 77، 78، 83، 85، 86، 129، 135، 136، 140، 141، 142، 148، 150، 151، 168، 173، 180، 206، 214، 218، 225، 226، 228، 246، 250، 254، 259، 267، 268، 269، 271، 274

التنوخي- أبو طالب محمد بن أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول 213 التنوخي- أبو بكر يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق 213 التوحيدي- أبو حيان علي بن محمد بن العباس 21، 86، 88، 272، التوزي- أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي القاضي 284 تيمور- أحمد 39، 236 تيمور لنك 173 التيمي- زكريا بن طلحة بن عبيد الله 7 التيمي- أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي المدني 8، 109 التيمي- عمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان القرشي 168، 169 التيمي- يحيى بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن زكريا بن طلحة بن عبيد الله 7 التيمية- عائشة بنت طلحة بن عبيد الله 112 (ث) ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيّار النحوي 220، 238، 239 ثمل- قهرمانة المقتدر 58 ابن ثوابة- أبو الهيثم العباس بن محمد بن ثوابة الأنباري الكاتب 50 الثوري- أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري 247 (ج) ابن أبي جابر- يحيى 105 الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب 100، 101 الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب 242 جبريل عليه السلام 187

الجبّلي- أبو الخطاب محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم 202 ابن جبير- أبو منصور عبد الله بن جبير النصراني، كاتب الوزير ابن الفرات 69 جحظة- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد البرمكي 217، 218، 219 ابن الجراح- أبو علي عبد الرحمن بن عيسى 80، 81، 82 ابن الجراح- أبو الحسن علي بن عيسى، وزير المقتدر 50، 54، 78، 80، 81، 82، 83، 84، 209 ابن الجراح- أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى 78 ابن الجراح- أبو عبد الله محمد بن داود 41 الجرجرائي- أبو أحمد العباس بن الحسن، وزير المقتدر 64، 65، 66، 67 جرير- أبو حزرة جرير بن عطيّة بن الخطفى الشاعر 273 ابن الجعابي- أبو بكر محمد بن عمر بن سليم بن البراء التميمي 233 أمّ جعفر- أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور زبيدة ابن جعلان- أبو الحسين أحمد بن محمد 226 الجكّار- أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف الشيرازي، وزير عضد الدولة 38، 85، 86، 87، 88 الجمّاز- أبو عبد الله محمد بن عمرو بن حماد بن عطاء بن زبان 272 الجمحي- عبد الأعلى بن عبد الله بن صفوان 271 جميل بثينة العذري جنكيزخان 173 الجهشياري- أبو عبد الله محمد بن عبدوس بن عبد الله الكوفي، صاحب كتاب الوزراء والكتاب 53 الجهنيّة- عابدة بنت محمد- امرأة عمّ أبي جعفر محمد بن يحيى بن شيرازاد 267 الجوزجاني- أبو سليمان 230 ابن الجوزي- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي 89 الجوهري- أحمد بن عبد العزيز 204

الجوهري- الحسن بن علي بن الجعد، مولى أمّ سلمة المخزومية 227 الجوهري- أبو محمد الحسن بن علي بن محمد 24، 104، 160، 171 الجوهري- أبو جعفر طلحة بن عبيد الله بن قناش الطائي 77 الجوهري- أبو طاهر المحسّن بن محمد بن الحسن 78 (ح) الحاتمي- أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر 195 حاجب القاضي أبي السائب- محمد 26 ابن الحارثية أبو العباس السفاح الحافي- أبو نصر بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن المروزي (150- 227) 25 ابن أبي حامد- أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى بن النضر بن حكيم، المعروف بابن أبي حامد، صاحب بيت المال 142 ابن أبي حامد- أبو علي محمد بن محمد، حفيد أبي بكر بن أبي حامد، صاحب بيت المال 142 حامد- أبو محمد حامد بن العباس، وزير المقتدر 45، 50 الحبّوبي- السيد محمد سعيد النجفي، الفقيه، الشاعر، المجاهد، الشهيد 116 ابن حبيب- رباح العامري 102، 107 الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي يضرب به المثل في الظلم 45، 51، 55، 56، 77 ابن الحر 194 ابن حرب- أبو جعفر أحمد بن حرب بن مسمع بن مالك المعدّل 101 ابن حرب- سليمان، قاضي مكّة 194 الحربي- أبو الحسن منصور بن محمد بن منصور القزاز المقرئي 238، 239 الحرّة- بنت بدر مولى المعتضد، زوجة المقتدر 10، 11، 12 الحرمي- ابن أبي العلاء، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة 188، 271 الحرمي- أبو الخير بدر 53

الحرمي- القاسم بن سويد 101 الحريري- أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان (446- 516) 201 ابن الحسن- العباس، وزير المقتدر الجرجرائي ابن الحسن- علي 115 الحسن- الإمام أبو محمد الحسن بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب 12 الحسن البصري- أبو سعيد الحسن بن يسار البصري 56 الحلّاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 35، 210 الحلي- السيد حيدر، الشاعر 290 الحمداني- ناصر الدولة الحسن بن عبد الله 35، 83 الحمداني- الحسين بن حمدان 45، 67 الحمداني- أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان 67 الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 35، 97، 270 الحمداني- أبو تغلب، فضل الله بن ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان 20 الحموي- شهاب الدين ياقوت بن عبد الله البغدادي 33، 34، 43، 44، 202، 220، 224، 225، 231، 250 الحميرية- أمّ موسى بنت منصور بن عبد الله، والدة المهدي العباسي 12 ابن حنش- أبو الحسن الكاتب 217 حنيف بن عمرو- عم أبي البلاد بشر بن العلاء، أحد بني طهية 137 أبو حنيفة- الإمام النعمان بن ثابت 15، 122، 186، 188، 189، 199، 214، 271 ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 35 الحيدري- عبد الرحمن باشا 47 ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ الخزاز 89، 90، 94، 96، 101، 104، 105، 107، 108، 110، 112، 115، 118، 137، 155، 157، 158، 162، 166، 171، 182، 183، 188

(خ) أبو خازم القاضي- عبد الحميد بن عبد العزيز، قاضي المعتضد 209 خاطف- خالة المقتدر، واحدة من الثالوث الحاكم في أيّام المقتدر 52 الخاقاني- أبو علي محمد بن عبيد الله الوزير 60، 61 الخبز أرزي- أبو القاسم نصر بن أحمد البصري الشاعر 29 أبو خراسان- صاحب بيت المال في أيّام فتنة ابن المعتز 75 ابن الخرقي- أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق القاضي 221، 222 الخرقي- أبو عبد الله الحسين بن عثمان الحنبلي 32 الخرمي- بابك 184 الخرنبازي- أبو محمد 85، 86، 87، 88 الخزاعي- أبو عبد الله أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم 284 الخزاعي- أبو علي دعبل بن علي، شاعر أهل البيت 248 الخزاعي- محمد بن عبد الله بن أبي مالك بن الهيثم 284، 285 الخصّاف- أبو بكر أحمد بن عمر بن مهير الشيباني 204 الخصيبي- أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الخصيب 54 الخطيب- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي، صاحب تاريخ بغداد 10، 12، 15، 16، 17، 18، 19، 24، 25، 28، 38، 40، 43، 44، 45، 49، 151، 171، 172، 173، 174، 176، 182، 186، 188، 192، 194، 195، 196، 197، 198، 200، 201، 202، 204، 205، 210، 211، 212، 215، 216، 218، 219، 222، 223، 224، 225، 226، 227، 228، 229، 230، 232، 236، 237، 240، 242، 244، 245، 246، 247، 248، 249، 284، 287 الخفاف- عبيد الله بن محمد 259

ابن خلّكان- أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر القاضي (608- 681) 15، 198 خوارزم شاه 173 الخوارزمي- أبو القاسم علي بن محمد 48 (د) الدارقطني- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الحافظ 17 الدامغاني- أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور الأنصاري 94، 155 ابن درستويه- أبو محمد عبد الله بن جعفر بن المرزبان الفارسي 151، 194 ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن الأزدي 120، 153، 160، 241 دستنبويه- أمّ ولد المعتضد بالله، واحدة من الثالوث النسائي الحاكم في أيام المقتدر 52 الدوري- أحمد بن عبد الله الورّاق 204 الديلمي- أبو القاسم بزياش بن المحسّن 173. الدينوري- أبو القاسم عبد الصمد بن عمر بن محمد بن إسحاق، الواعظ، الزاهد 30 (ذ) ابن ذريح- قيس بن ذريح بن سنة بن حذافة الكناني، زوج لبنى 99، 116 الذهلي- أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر 177، 178 (ر) ابن رائق- أبو بكر محمد بن رائق، أمير الأمراء 81، 83 الراضي- أبو العباس محمد بن جعفر المقتدر 80، 81 الراوي- السيد طه الراوي- أستاذنا في علوم العربية ببغداد 204

ابن الربيع- أبو الفضل العباس بن الفضل بن الربيع 180 ابن الربيع- أبو العباس الفضل بن الربيع 180 الربيع- الحاجب 271 رتبيل- ملك الترك 55 الرزاز- أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد بن العباس بن دينار الكندي 97 ابن رزام- عمرو 115 الرشيد- أبو جعفر هارون بن محمد المهدي العباسي 41، 94، 151، 152، 186، 190، 193، 237، 248، 271، 284 الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الشاعر الموصلي 175 الرفاعي- أبو هشام محمد بن يزيد بن كثير بن رفاعة بن سماعة الكوفي 205، 230 ركن الدولة- أبو علي الحسن بن بويه 21، 22، 36 الرماني- أبو الحسن علي بن عيسى الإخشيدي الروذباري- أبو بكر علي بن صالح 32 الرياشي- أبو الفضل العباسي بن الفرج بن علي بن عبد الله البصري 160، 168 أبو الريان- حمد بن محمد، خليفة أبي القاسم عبد العزيز وزير عضد الدولة ببغداد 38 أبو ريحانة- رباح، حاجب عبد الملك بن مروان 98، 99 ريطة بنت عبد المدان الحارثي- أمّ أبي العباس السفاح 12 (ز) ابن أبي زائدة- عمر 191، 192 الزاهد- أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، غلام ثعلب 195، 207 زبيدة- أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور العباسي، أمّ محمد الأمين 12، 151، 152 ابن الزبير- أبو بكر عبد الله بن الزبير 109 ابن الزبير- أبو عبد الله عروة 45

ابن الزبير- محمد بن جعفر 94 ابن الزبير- أبو عبد الله مصعب 215 الزبير بن العوام الأسدي- أبو عبد الله (28 ق- 36) 109 الزبيري- أبو عبد الله مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير 118 الزجاج- أبو إسحاق إبراهيم بن السريّ 241 الزجاج- أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن عبيد الشاهد 45 ابن زريق- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد 25 الزهري- إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس الكوفي 227 الزهري- أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف 94 الزهري- أبو محمد عبد الرحمن بن عوف 17، 18 الزهري- أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، من أولاد عبد الرحمن بن عوف 18، 238، 239 الزهري- أبو الفضل عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، من أولاد عبد الرحمن بن عوف 18 الزهري- أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد من أولاد عبد الرحمن بن عوف 17 الزهري- أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، من أولاد عبد الرحمن بن عوف 18 زوج الحرّة- أبو بكر محمد بن جعفر بن أحمد بن الحسين بن وهب الحريري، المعروف بابن أبي عسرون 10، 11 ابن زياد- الحسن اللؤلؤي الزيادي- أبو حسان الحسن بن عثمان 205 زيد- الإمام أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، العلوي، الهاشمي، القرشي، الشهيد 12 زيد مناة 137 زيدان- قهرمانة المقتدر 50، 54، 222

(س) أبو السائب- القاضي عتبة بن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله الهمذاني، قاضي القضاة 7، 9، 11، 19، 26 ابن أبي الساج- الأمير أبو القاسم يوسف بن ديواداد، من كبار رجال الدولة العباسية 54 ساكن- صاحب دواة الوزير ابن الفرات 59 الساماني- أبو نصر أحمد بن إسماعيل، صاحب ما وراء النهر 53 الساماني- أبو إبراهيم إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان (234- 295) ثاني أمراء الدولة السامانية فيما وراء النهر 250 سبط ابن الجوزي- أبو المظفر شمس الدين يوسف بن عبد الله، المعروف بقز أوغلي 152 سبكتكين- الحاجب الكبير، القائد التركي 173، 267 سبكرى- من قوّاد الدولة العباسيّة 53 السجستاني- أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان الجشمي البصري 153 السختياني- أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان البصري 153، 158 ابن السراج- أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسن القارىء البغدادي، صاحب كتاب مصارع العشاق 102، 112، 120، 153 ابن السراج- أبو بكر محمد بن السري بن سهل 241 ابن سركر- محمد بن إسحاق الشاهد، خليفة القاضي أبي بكر بن قريعة على قضاء الأهواز 15 ابن أبي سعد- عبد الله بن عمرو الأنصاري ابن سعيد- مالك 166 السفاح- أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبيد الله بن العباس 12، 227، 240 ابن سكرة- أبو الحسن محمد بن عبد الله الهاشمي، العباسي، الشاعر المطبوع 25، 26 ابن سلام- أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم 160 سلامة- البربريّة، أمّ أبي جعفر المنصور العباسي 12 السلامي- أبو الحسن محمد بن عبد الله الشاعر 269، 270

ابن أبي سلمة- عبد العزيز بن عبد الله الماجشون أمّ سلمة المخزومية- زوجة أبي العباس السفاح 227 سلمى بنت حنيف بن عمرو- ابنة عم أبي البلاد بشر بن العلاء 137 سليمان بن داود- نبيّ الله 45 السليمي- أبو طاهر عبد الغفار بن محمد بن جعفر بن زيد السليمي المؤدب 98 ابن سماعة- أحمد بن محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي 227 ابن سماعة- أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي 227 السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي 98، 198، 201، 202 ابن سمعون- أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل الواعظ 28 سوّار بن عبد الله بن قدامة- قاضي البصرة 191، 192 ابن سويد- أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد المعدل 170 ابن سويد- عبد الله 155 ابن سيّار- أبو محمد نوح بن يزيد المؤدّب 94 السيّدة- شغب، أمّ المقتدر، مولاة المعتضد 51، 58، 67 ابن سيرين- أبو بكر محمد بن سيرين البصري 153، 158، 245 ابن سينا- أبو علي شرف الملك الحسين بن عبد الله، صاحب القانون في الطب 31، 201، 219 (ش) الشارب- زريق، السقاء البغدادي 246 الشافعي- الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي، القرشي، المطلبي 190، 231 الشالجي- عبود الشالجي المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 6 ابن شاهويه- أبو بكر محمد بن علي 86، 87 ابن شاهين- أبو حفص 188

شبيب الخارجي بن يزيد 159 شجاع- عاشق حجازي من أهل الطائف 167 شرف الدولة- شيرزيل بن عضد الدولة فنا خسرو البويهي 16، 224، 242 الشريف الرضي- أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى العلوي، الحسيني، الموسوي (359- 406) ، 16 الشريف المرتضى- أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى، العلوي الحسينى، الموسوى (355- 436) ، 16 ابن شقير- أبو بكر أحمد بن الحسن بن الفرج 241 الشلجي- أبو الفرج 15 شهدة، فخر النساء بنت أحمد بن عمر الإبري 102، 112، 153، 168 ابن أبي الشوارب- أبو العباس عبد الله بن الحسن، قاضي القضاة 26 ابن أبي الشوارب- عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك الأموي 196 شوقي- أحمد، شاعر العرب 159 ابن أمّ شيبان- أبو الحسن محمد بن صالح بن علي بن يحيى الهاشمي الشيباني- أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد، 185، 186، 187، 188، 189، 190، 230 الشيباني- أبو الوليد معن بن زائدة 179 ابن شيرزاد- أبو جعفر محمد بن يحيى 267 شيرويه- قباذ بن كسرى أبرويز بن هرمز 184 أبو الشيص- محمد بن عبد الله بن رزين الشاعر 248 (ص) الصائغ- أبو محمد القاسم بن الحسن بن يزيد الهمذاني 90 الصابي- أبو الحسين هلال بن المحسّن 61، 68، 71، 74، 76، 82، 84

الصاحب- أبو القاسم إسماعيل بن عباد، كافي الكفاة، وزير ركن الدولة 16، 22، 23، 229 ابن صاعد- أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد البغدادي 205، 210 ابن صالح- محبوب 89 ابن صدقة- أبو علي أحمد بن صدقة البيّع 248 الصديق- أبو بكر عبد الله بن عثمان التيمي القرشي، الخليفة الأول 8، 63 الصرويّ- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 274 الصفّار- أبو عثمان عفّان بن مسلم البصري 191 الصفار- عمرو بن الليث 250 الصفار- أبو القاسم النصيبيني 250، 251، 252 الصفدي- صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله 15 الصلحي- أبو محمد الحسن بن محمد الكاتب 64، 69، 73، 75، 77، 79، 80، 81 الصنوبري- أبو بكر أحمد بن الحسن بن مرار الضبّي الحلبي الأنطاكي 97، 219 الصوري- أبو عبد الله محمد بن علي الحافظ 17 الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 43، 171، 180 الصيرفي- أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار المعروف بابن الطيوري 98، 105، 108، 112، 118 ابن صيفي- هانىء 188 (ض) الضبي- أبو جعفر محمد بن عمران بن زياد بن كثير النحوي الكوفي 204 (ط) الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل (المطيع) بن جعفر (المقتدر) 23، 224، 242 الطائي- أبو جعفر أحمد بن محمد 52، 62، 63

الطائي- الحارث بن عمر، عامل البلقاء 77 الطائي- أبو عبد الرحمن الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الطائي 90 ابن طاهر- أبو العباس محمد بن عبد الله بن طاهر 43 طاهر بن الحسين بن مصعب- قائد المأمون 41 الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد 28، 191. الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التفسير والتاريخ 40 طلحة بن محمد بن جعفر- أبو القاسم الشاهد 7، 8، 40، 177، 185، 186، 190، 193، 199، 205، 208، 212، 221، 222، 227، 230، 237، 247 ابن الطيوري، أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي (ع) ابن عائشة- أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن عمر التيمي 112 ابن عاصم- علي 155 ابن عامر- صباح النهدي 115، 116 ابن عامر- أبو عبد الرحمن عبد الله بن عامر بن كريز، عامل العراق 265، 266 العامري- أبو بكر 137، 158 العامري- أبو قلابة 101 ابن عباس- أبو العباس عبد الله بن العباس 29 العباس بن عبد المطلب- أبو الفضل 8 العباسي- الأمير أبو الفضل جعفر بن المكتفي 10 العباسي- جعفر بن المنصور، والد زبيدة 151 العباسي- الأمير أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر 29 العباسي- عبد الله بن علي، عمّ المنصور 77 ابن عبد الأعلى- الحسين، استتر عنده الوزير ابن مقلة 60

ابن عبد الحميد- ربيعة 105 عبد الصمد الزاهد الدينوري عبد العزيز بن مروان الأموي عبد الملك بن مروان الأموي العبقسي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن الحسين 254 ابن عبيد- أبو بكر أحمد بن حبيب بن عبيد بن كثير 245 أبو عبيد 186 أبو عبيد الله- معاوية بن يسار، وزير المهدي 271، 272 عبيد الله بن سليمان- وزير المعتضد 52، 74 أبو عبيدة، معمر بن المثنى- 106 عتاهية بن أبي العتاهية- محمد بن إسماعيل بن القاسم 179 أبو العتاهية- أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد 179، 180، 181 عتبة- جارية المهدي، تعشقها أبو العتاهية 180 عثمان- أبو عمرو عثمان بن عفان، الخليفة الثالث 108، 187، 265 العذري- أبو بكر البغدادي، بائع السماد 246 العذري- أبو عمر جميل بن عبد الله بن معمر القضاعي- صاحب بثينة 95، 99، 273 العذري- عروة بن حزام، عاشق عفراء 95 العذري- محمد بن عثمان 157 ابو عروبة 185 عزة بنت حميل بن حفص بن إياس الحاجبيّة، صاحبة الأخبار مع كثير 120 أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور زبيدة العسكري- أبو محمد جعفر بن الفضل 89 العسكري- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق 196 العسكري- أبو الحسين محمد بن عبيد الدقاق 196 أبو عصيدة- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر النحوي 182

عضد الدولة- أبو شجاع فنا خسرو بن ركن الدولة 16، 20، 36، 85، 86، 87، 88، 246، 267، 269 ابن عطية- أحمد 186 عقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري 173 ابن عقدة- أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن 228، 229 ابن العلاء- أبو عمرو زبّان بن العلاء المازني، أحد القرّاء السبعة 241 ابن علاثة- أبو اليسير محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة العقيلي 247 العلوي- أبو أحمد الحسين بن موسى النقيب، والد الشريفين الرضي والمرتضى الموسوي العلوي- عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 36 العلوي- أبو الحسن محمد بن عمر الكوفي 16، 27، 229، 246 علي- أمير المؤمنين، الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام 12، 26، 63، 187 علي بن عيسى- أبو الحسن الوزير ابن الجراح علية بنت المهدي العباسي 152 أبو عمر القاضي الأزدي عمر- أبو حفص عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين 63، 187 عمر بن عبد العزيز- الخليفة الصالح 77، 120 عمر اليمامي- مولى معن بن زائدة الشيباني 179 عمرة- جارية المقتدر، أمّ الأمير أبي محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر 29 ابن أبي عمرو- عمرو 185 العمري 90، 104 ابن العميد- أبو الفتح علي بن محمد بن الحسين، ذو الكفايتين: السيف والقلم. 21، 23 ابن العميد- أبو الفضل محمد بن الحسين 21 ابن أبي العنبس الزهري الزهري إبراهيم بن إسحاق عواد- كوركيس 214 ابن عيّاش- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن عياش الجوهري البغدادي 80

ابن عيّاش- أبو بكر 171 أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد 219 (غ) ابن غريب- الحسين 233، 234، 235، 236 الغزولي- علاء الدين علي بن عبد الله البهائي الدمشقي، صاحب كتاب مطالع البدور 39 الغنوي- العباس بن عمرو، أمير ديار ربيعة 250 (ف) الفامي- أبو محمد عبد الله بن سليمان بن عيسى بن الهيثم بن سيرين الورّاق 197 ابن فتح- أبو علي 129 فتح- صاحب درب فتح، بالجانب الغربي من بغداد 129 فخر الدولة- أبو الحسن علي بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 22، 23، 225 ابن الفرات- أبو العباس أحمد بن محمد 73، 74 ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد 35، 50، 52، 54، 57، 59، 60، 61، 62، 64، 65، 66، 68، 69، 70، 71، 72، 74، 75، 77، 78، 79، 80، 209 ابن الفرات- أبو أحمد المحسن بن علي بن محمد 54 الفرزدق- أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، الشاعر 273 الفسوي- الحسن بن محمد بن عثمان 19 الفسوي- أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي 194 ابن الفضل 194 الفقيه- أبو الحسن عمر بن إبراهيم بن حماد 171

(ق) القادر بالله- أبو العباس أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر 224، 231 القاسم بن إسماعيل المحاملي ابن قانع- أبو الحسن عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الأميري، مولى ابن أبي الشوارب 247 ابن قرابة- أبو بكر 72 القرامطة 250 ابن قريعة- أبو بكر محمد بن عبد الرحمن القاضي 15 القزاز- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد 10، 12، 16، 17، 19، 28 القزاز- محمد بن عبدك بن سالم 197 القسري- أبو الهيثم خالد بن عبد الله 45 ابن قناش- أبو جعفر طلحة بن عبيد الله الجوهري القوالة- تحفة، جارية أبي عبد الله بن عمر البازيار 236 القوالة- خاطف 236 القيسي- إياس بن فهر بن مصعب 90، 91، 92، 93 القيسي- فهر بن مصعب 90، 93 القيسي- مرّة بن مصعب 90، 91 القيسيّة- صفوة بنت مرة بن مصعب 91، 92 ابن أبي قيراط- أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله 50، 54، 57، 62 أبو قيراط- أبو القاسم هشام بن عبد الله، كاتب الوزير ابن الفرات 50، 54، 55، 72 قيس المجنون (ك) الكاتب- أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح، وزير المأمون 240 الكاتب- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سليمان 197، 217

الكاتب- عبد الحميد بن يحيى بن سعد العامري المعروف باسم عبد الحميد الكاتب 240 الكادحي- أبو محمد سليمان بن الربيع النهدي كثير عزة- أبو صخر كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر الخزاعي 120، 272 الكديمي- أبو العباس محمد بن يونس بن موسى بن سليمان البصري القرشي 98 الكرخي- أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال 242 الكرخي- أبو جعفر محمد بن القاسم، وزير الراضي 81، 267 ابن أبي كريم 101 كسرى- ملك فارس 51، 55 أمّ كلثوم بنت أبي بكر الصديق 7 ابن كناسة- أبو يحيى محمد بن عبد الله (كناسة) بن عبد الأعلى المازني الأسدي 249 الكندي- أبو مالك عون بن محمد 180 الكوفي- أبو اليقظان عمّار بن محمد بن أخت سفيان الثوري 247 الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر بن محمد بن خالد بن بشر 98، 248 (ل) بنى- بنت الحباب الكعبيّة، زوجة قيس بن ذريح 116 بن لؤلؤ- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن نصير بن عرفة الثقفي الورّاق 13 لؤلؤي- أبو علي الحسن بن زياد، مولى الأنصار 186 ليلى- أمّ الخليل بنت ورد، من بني ربيعة 101 ليلى- أمّ مالك، بنت مهدي، حبيبة مجنون بني عامر 101، 102، 104، 105، 107، 108، 110، 111، 113، 115 ليلى العامرية- حبيبة قيس العامري 288، 289

(م) الماجشون- عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة 153، 158 المادرائي- أبو جعفر حمد بن إسحاق 72 المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم 98 مالك- الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري، رأس المذهب المالكي 8، 177، 188، 189 المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد، حكيم بني العباس 41، 42، 152، 172، 193، 227، 230، 240 المأموني- ابو طالب عبد السلام بن الحسين 236 المبرّد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 206 المتّقي لله- أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر 177، 199، 221، 222 المتنبي- أبو الطيّب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 24 المتوكّل على الله- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 184، 205، 214، 227، 230، 237 ابن مجاهد- أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي 8، 233، 234، 235، 236، 241 المجنون- قيس بن الملوح 100، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 115، 117، 118، 288، 289، 290 مجنون بني عامر- قيس بن معاذ 101، 110، 111، 113 مجنون بني عامر- معاذ بن كليب، أحد بني عامر بن عبيد ويعرف بمعاذ ليلى 101 مجنون بني عامر- مهدي بن الملوح الجعدي 101 المحاربي- لقيط بن بكير 104 المحاملي- أبو عبيد القاسم بن إسماعيل بن محمد 171 أبو محلم- 171

ابن محمد- داود 115 ابن محمد- عبد الله 249 ابن محمد- الوليد 151 أبو محمد التاجر- الحسن بن حامد، التاجر الأديب، صديق المتنبّي 24 محمد- رسول الله صلوات الله وسلامه عليه 77، 187 محمد بن جعفر بن أبي عسرون زوج الحرة المحولي- أبو بكر ابن المرزبان المختار بن أبي عبيد الثقفي 110 ابن مخرمة- نوفل بن مساحق بن عبد الله، عامل الأمويين على صدقات كعب بن ربيعة ابن عامر 110، 112، 113 المخزومي- أبو عمر محمد بن عبد الرحمن، قاضي مكة 193، 194 المخزومية- الشاعرة البغدادية، ابنة خال السلامي الشاعر 270 المخزومية- عاتكة بنت محمد بن القاسم، أمّ أبي الحسن محمد بن عبد الله السلامي الشاعر 269 ابن مخلد- أبو محمد الحسن بن مخلد بن الجراح الوزير 76 المدائني- أبو علي أحمد بن علي، المعروف بالهائم 175 المدائني- أبو عبد الله أحمد بن هشام بن بهرام 137 المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 245 المديني- سليمان بن أيّوب 118 المرادي- أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المصري 190 ابن المرزبان- كاتب فخر الدولة 21 ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف 89، 90، 94، 96، 101، 104، 105، 106، 107، 108، 110، 112، 115، 118، 137، 155، 157، 158، 162، 166، 183، 243، 249، 284، 287، 288 المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى 160، 179، 220، 240 مروان بن الحكم الأموي

المروزي- عبد الله بن نصر 155 ابن مريد- عبد الأوّل 120 المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم 205 المستكفي- أبو القاسم عبد الله بن المكتفي 7، 178، 200 مسرور- أبو هاشم الخادم، الملقب بمسرور الكبير 152 ابن مسعود- أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي 228 مسلمة بن عبد الملك الأموي مصعب بن الزبير ابن الزبير المطيع- أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر 8، 19، 20، 23 ابن المظفر- أبو الحسن 17، 18 معاوية بن أبي سفيان الأموي ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن المعتز 50، 53، 64، 65، 73، 74، 75، 204، 209، 215 المعتز- أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل 204، 227، 237 المعتصم- أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد 42، 152، 183، 184، 193، 194، 230 المعتضد- أبو العباس أحمد بن الأمير الموفّق طلحة بن جعفر المتوكّل 10، 34، 52، 66، 67، 74، 210، 215، 250 المعتمد- أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل 42، 43 ابن معروف- أبو محمد عبيد الله بن معروف، قاضي القضاة 16، 17، 229 المعرّي- أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي 202 معز الدولة- أبو الحسين أحمد بن بويه 19، 173 المعلوف- الحسن المستخرج 53 المفجّع- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبيد الله الكاتب الشاعر 206 ابن مقاتل- أبو بكر محمد بن علي بن مقاتل- مستشار الأمير ابن رائق 83

مقبل- المملوك الغادر 254، 255، 258 المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 10، 12، 29، 45، 48، 50، 51، 52، 53، 54، 64، 66، 67، 69، 70، 82، 209، 215، 222، 241، ابن المقفّع- عبد الله (106- 142) 240 ابن مقلة- أبو علي محمد بن علي بن الحسين 57، 62، 73، 75 المكتفي- أبو محمد علي بن المعتضد 42، 43، 64، 215 مكرم القاضي البزاز ملكشاه- السلطان ملكشاه بن السلطان ألب أرسلان السلجوقي 74 ابن الملوّح- قيس المجنون الملوّح- أبو قيس مجنون بني عامر 115 المنتصر- أبو جعفر محمد بن جعفر المتوكل 183، 184 ابن المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون 48 ابن المنجم- أبو الحسن علي بن هارون 48 ابن المنجم- أبو الحسن علي بن يحيى بن أبي منصور 48، 183 الإمام منصور 215 ابن أبي منصور 108، 118، 120 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي العباسي 7، 12، 40، 41، 45، 151، 180، 240، 247 ابن بنت منيع- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان البغوي (213- 317) 210، 236 المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر المنصور العباسي 12، 41، 152، 247، 271 المهلّبي- أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة 26، 175، 267 ابن موسى- محمد 162 الموسوي- أبو أحمد الحسين بن موسى، نقيب العلويين، والد الرضيّ والمرتضى 16، 135، 148، 229

الموصلي- أبو إسحاق إبراهيم بن ميمون 284، 286 الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم 120، 184، 286 الموصلي- حماد بن إسحاق 120، 287 الموفق- أبو أحمد طلحة بن جعفر المتوكل 214، 215، 271 مؤنس- المظفر، القائد 67 مؤيّد الدولة- أبو منصور بويه بن ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه 21، 22، 23 ابن ميسرة- سعيد بن عبد الله 162 ابن ميسرة- عمرو 157 (ن) ابن ناصر- أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر البغدادي الحافظ 98، 104، 105، 112 الناصر- أبو أحمد طلحة بن المتوكل الموفّق ابن نافع- محمد 98 ابن نباتة السعدي- أبو نصر عبد العزيز الشاعر 236 ابن نبت- الحسين، غلام الببغاء 34 ابن النجّار- أبو عبد الله محبّ الدين محمد بن محمود بن هبة الله بن محاسن 269، 270 نجح الطولوني- أخو سلامة حاجب المقتدر 72 ابن نجيح- أبو الحسن 122 النحوي- أبو بكر 129 النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان المعروف بالأحمر 110، 188 النرسي- كاتب أبي جعفر الطائي 52 النسائي- أبو خيثمة زهير بن حرب بن شداد 197 نصيب- أبو محجن نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، الشاعر 273 النصيبيّ- أبو إسحاق إبراهيم بن علي المتكلّم 21، 122، 129، 142، 250

نظام الملك- قوام الدين، أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي، وزير السلطان ألب أرسلان وولده السلطان ملكشاه 74 نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي، من أحفاد المهلّب بن أبي صفرة 241 النميري- أبو معاذ 110 النهدي- أبو محمد سليمان بن الربيع الكوفي، المعروف بالكادحي 158 النهدي- عبد الله بن عجلان 153، 158 النهرواني- أبو بكر أحمد بن حبيب بن عبيد بن كثير 183 النواجي- شمس الدين محمد بن الحسن، صاحب كتاب حلبة الكميت 39 النيرماني- أبو سعد علي بن محمد بن خلف 174 النيسابوري- أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل بن ميمون 210 (هـ) الهائم- أبو علي المدائني الهادي- أبو محمد موسى بن أبي عبد الله محمد المهدي العباسي 42، 152، 193، 271 الهاشمي- أبو بكر أحمد بن عيسى بن أحمد بن موسى المعروف بابن أبي موسى 46 الهاشمي- صالح بن علي بن يحيى، ابن أمّ شيبان 7، 176، 246 الهاشمي- أبو الحسن محمد بن صالح بن علي بن يحيى، ابن أمّ شيبان 7، 8، 9 الهاشمي- أبو عبد الله محمد بن عيسى بن عبد الله المعروف بابن أبي موسى الضرير 199، 200 الهاشمي- يحيى بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن عيسى بن موسى، ابن أمّ شيبان 7 الهاشمية- أمّ موسى، قهرمانة المقتدر 51 هاشمية بنت عمرو اليمامي- أمّ عتاهية بن أبي العتاهية 179 ابن هرثمة- أبو الطيّب أحمد بن الحسن 228 الهروي- أبو بشر أحمد بن محمد بن جعفر 231 الهزّاني- أبو روق أحمد بن بكر 168 هشام بن عبد الملك الأموي

أبو هفان- عبد الله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي 151 ابن هلال- عبد الملك 29 هند بنت كعب بن عمرو- زوجة عبد الله بن عجلان النهدي 158 الهيثم بن عديّ الطائي (و) الواثق- أبو جعفر هارون بن محمد المعتصم 184، 227 الواشجي- سليمان بن حرب، قاضي مكّة ابن حرب الواقدي- أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد السلمي 193 الوراق- أبو محمد الأنصاري عبد الله بن عمرو الوزير- أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي، مؤلف كتاب العقد الفريد للملك السعيد 88 وصيف- القائد التركي، من موالي المعتصم 184 ابن وضّاح- خلف 271 وكيع- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان الضبيّ القاضي 216 الوليد بن عبد الملك الأموي ابن وهب- القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب، وزير المعتضد والمكتفي 62 (ي) ابن ياسين- جعفر 190 ياقوت الحموي يزيد بن عبد الملك الأموي يزيد بن معاوية الأموي ابن أبي يعقوب- أحمد الكاتب 43

ابن يوسف- مجاشع 188 ابن يونس- إسماعيل 151 ابن أبي يوسف- أحمد بن يحيى بن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي 237 ابن أبي يوسف- يوسف بن أبي يوسف القاضي 227 أبو يوسف القاضي- يعقوب بن إبراهيم 227

فهرس جغرافي

فهرس جغرافي (أ) 32: 16: ابسوج 232: 118: أذربيجان 237: 120: الأهواز (ب) 41: 21: باب الأنبار 242: 124: باب البستان 46: 24: باب الكوفة 42: 21: البدندون 173: 76: بلاد الروم 32: 16: البهنسا (ت) 284: 140: توج (ج) 285: 140: جدة 58: 28: جنبلاء (خ) 215: 104: خرائب مسكين 237: 120: خراسان (ر) 250: 131: رأس العين 9: 1: الرملة (ز) 42: 21: الزندورد (س) 90: 41: السراة 58: 28: السيب الأسفل 173: 76: سمرقند 19: 7: سورا (ش) 8: 1: الشرقية 178: 80: الشرقية

180: 82: شفاثة 15: 4: شلج 149: 63: الشونيزية (ص) 32: 16: الصعيد (ط) 47: 24: طاقات العكي 42: 21: طرسوس 172: 75: طرسوس 42: 21: طوس (ع) 193: 90: عسكر المهدي 42: 21: عيساباذ 196: 92: العسكر (ف) 160: 69: فيد (ق) 46: 24: قبين 19: 7: قصر ابن هبيرة 173: 76: القيروان (م) 41: 21: ماسبذان 7: 1: مدينة المنصور 215: 104: مسكن 9: 1: مصر 53: 27: المشرق 36: 18: مصلى الأعياد 53: 27: المغرب 221: 109: المغرب 172: 75: مكة (هـ) 231: 118 هراة

فهرس عمراني عام

فهرس عمراني عام (أ) 202: 97: ألاري 14: 3: أزرق 195: 91: الإسفيداج 14: 3: الأشنان 22: 8: الاصطباح 287: 141: الآلي 186: 86: امتلاء البطن 186: 86: امتلاء القلب 226: 113: أهل الوبر 156: 66: الأود 203: 97: الأيم (ب) 147: 62: البارية 201: 96: الباقلاء 46: 24: البثق 290: 142: البرى 183: 84: البساط 225: 112 بكر 52: 27: البواري (ت) 34: 17: التخم 172: 75: التراويح 98: 45: ترجمة الكتاب 134: 58: الترشف 29: 14: التسبيح 96: 43: التشوّر 13: 3: تعاطى 138: 60: التعتعة 272: 138: التعشير 150: 63: التغاير 24: 9: توفّر (ث) 186: 86: ثقل القلب (ج) 226: 113: جالب التمر إلى هجر 218: 106: الجهبذ 234: 119: الجونة

(ح) 2: 10: الحرك 154: 65: الحرمان 154: 65: الحمى (خ) 137: 60: الخافي 166: 71: خزاعة 138: 60: الخشاش 225: 112: خمار المغبوق (د) 258: 132: الدبادب 183: 84: الديباج (ذ) 21: 8: ذو الكفايتين (ر) 173: 76: الرستاق 59: 28: الرسم 145: 62: الرطل 161: 69: الرعيان 32: 16: روذبار (ز) 36: 18: الزبية 260: 133: زرفن الباب 137: 60: الزمع 183: 84: الزولية (س) 29: 14: السبج 29: 14: السبحة 23: 8: السحر 290: 142: سحف الشعر 31: 15: السعد 235: 119: السنبوسج 69: 31: السواد 176: 79: سويق الحمص 176: 79: سويق الشعير (ص) 202: 97: الصاب 82: 37: صحح 52: 26: صحن الدار 290: 142: صعر وجهه 121: 56: الصفيح

218: 106: الصكّ 285: 140: الصنّ 247: 128: الصير (ض) 138: 60: ضرب العرق (ط) 49: 26: الطراز 147: 62: طرح 59: 28: الطسق 161: 69: الطلح (ع) 138: 60: العاتق 138: 60: علز الموت 24: 9: العملة 255: 132: العين (غ) 262: 133: غاية 236: 119: الغناء بالقضيب 150: 63: الغيرة (ف) 235: 119: فالوذج الغرف 225: 112: الفقاع (ق) 138: 60: القارة 58: 28: القصّة 98: 45: القصص 236: 119: قضيب القول 272: 138: القطوف 159: 68: القلب 27: 12: القلبة 183: 84: القنويز 236: 119: القوال 32: 16: القيس (ك) 64: 30: كتّاب الحضرة 22: 8: الكتبة 169: 72: الكرب 247: 128: الكسب 34: 17: كما يقع 97: 44: الكمد 14: 3: الكوسج

(ل) 176: 79: لبلبي 235: 119: اللفّات 80: 37: لك (م) 52: 26: ماء الأكارع 75: 34: مال البيعة 121: 56: متح الماء 176: 79: المجوهر 154: 65: المحرم 285: 140: المرفأ 29: 14: المسبحة 261: 133: المستقفي 137: 60: مسلوس 121: 56: المضرّح 57: 28: المظالم 24: 9: المفاصلة 154: 65: المقمور 24: 9: المكاس 218: 106: الملك 206: 100: المماراة (ن) 46: 24: النزيز (هـ) 204: 98: الهجاء 95: 42: الهوى العذري (و) 255: 132: الوتي 138: 60: الوجبة 121: 56: وجّح 157: 67: الورس 119: 55: الورق 234: 119: الوسط 80: 37: ولك (ي) 51: 27: اليمين الغموس 69: 31: يوم الموكب

فهرس الكتب والمراجع

فهرس الكتب والمراجع أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم: أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي البشاري- طبع ليدن 1906. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب معجم الأدباء. الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة. الأغاني: أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني- طبعة دار الكتب بالقاهرة 20 مجلدا الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية- بيروت. الإمتاع والمؤانسة: أبو حيّان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس 3 أجزاء- طبع بيروت. الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913. البصائر والذخائر: أبو حيان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس- تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني- طبع دمشق. البيان والتبيين: الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب- طبع بيروت 1968 4 ج 2 م. تاريخ بغداد: ابن طيفور، أبو الفضل أحمد بن طاهر الكاتب، طبع بيروت 1968. تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت. تاريخ الرسل والملوك: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري- طبع دار المعارف بمصر. تاريخ الوزراء والكتاب: الجهشياري، أبو عبد الله محمد بن عبدوس بن عبد الله الكوفي. تجارب الأمم، الجزء الأول للمدة 295- 329 والجزء الثاني للمدة 329- 369: أبو علي أحمد بن محمد بن مسكويه- تحقيق آمدروز- طبع مصر 1914. تجارب الأمم، الجزء السادس للمدة 198- 251: ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد- ذيل على الجزء الثالث من كتاب العيون والحدائق في أخبار الحقائق، لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل سنة 1869.

التحف والهدايا: الخالديان أبو بكر محمد بن هاشم وأبو عثمان سعيد بن هاشم- تحقيق الدكتور سامي الدهان- طبع دار المعارف بمصر 1952. تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: الصابي، أبو الحسن هلال بن المحسّن- تحقيق عبد الستار أحمد فراج، طبع البابي الحلبي بالقاهرة 1958. تحفة المجالس ونزهة المجالس: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي (849- 911) . تقويم البلدان: عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عمر، صاحب حماة- طبع باريس 1840. التمثيل والمحاضرة: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو- القاهرة 1961. الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ابن البيطار، ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي- طبعة بولاق 1291. حلبة الكميت: النواجي، شمس الدين محمد بن الحسن (788- 859) - طبع مطبعة إدارة الوطن بمصر 1299. حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم متز- هيدلبرج 1909 خلاصة الذهب المسبوك، المختصر من سير الملوك: عبد الرحمن سنبط قنيتو الإربلي- تحقيق السيد مكي السيد جاسم 1964. دائرة المعارف الإسلامية: الترجمة العربية- 15 مجلدا 1933. درة الغواص، في أوهام الخواصّ: الحريري، أبو محمد القاسم بن علي- طبع فوجل في ليبزك 1871. الديارات: أبو الحسن علي بن محمد الشابشتي- تحقيق كوركيس عواد- ط 2 بغداد 1966. ديوان أبي تمام: الطائي، أبو تمام حبيب بن أوس- طبع بيروت. ديوان السريّ الرفاء: السري بن أحمد بن السريّ الكندي- طبعة مكتبة القدسي، مصر 1355.

ديوان المتنبي: أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي- شرح الواحدي- تحقيق فريدرخ ديتريصي- طبع برلين 1861. ذمّ الهوى: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبع مصر. ذيل تجارب الأمم للمدة 369- 393: الروذراوي، الوزير أبو شجاع ظهير الدين محمد بن الحسين. شذرات الذهب، في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي- 8 مجلدات- طبعة القدسي. الطبيخ: البغدادي، محمد بن عبد الكريم- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت. العقد الفريد للملك السعيد: أبو سالم محمد بن طلحة الوزير- طبع مطبعة الوطن بالقاهرة 1306. العيون والحدائق في أخبار الحقائق، الجزء الثالث للمدة 86- 227: لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل سنة 1869. الفخري، في الآداب السلطانية، والدول الإسلامية: ابن الطقطقا، محمد بن علي بن طباطبا- طبع دار صادر- بيروت. الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزء الأول، مخطوط- المكتبة الظاهرية- دمشق. الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- مخطوط- مكتبة جون رايلند- مانجستر. الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- مخطوط- دار الكتب المصرية. الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- طبعة دار الهلال بمصر 1903- 1904. الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق- تحقيق رضا تجدد- طبع طهران. فوات الوفيات: محمد بن شاكر الكتبي- مطبعة دار السعادة بالقاهرة 1951.

القانون في الطب: ابن سينا، أبو علي، شرف الملك الحسين بن عبد الله- طبعة بولاق- القاهرة. الكامل: المبرّد، أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي- الجزآن الأول والثاني- مطبعة التقدم بالقاهرة. الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر 1966، 13 مجلدا مع الفهارس. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاجي خليفة، طبعة اصطنبول 6 مجلدات. اللباب في تهذيب الأنساب: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد- 3 أجزاء، طبع القاهرة 1357. لباب الآداب: الأمير أسامة بن منقذ- تحقيق أحمد محمد شاكر- طبع مصر 1935. لسان العرب، قاموس: ابن منظور المصري، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكر بن علي بن أحمد الأنصاري- إعداد خياط ومرعشلي بيروت- طبع دار صادر. لطائف المعارف: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبع الحلبي- القاهرة. المحاسن والأضداد: الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر، الطبعة الثانية- القاهرة 1330. مراصد الاطّلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي- طبع مصر 1954. مروج الذهب ومعادن الجوهر: المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسن بن علي- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب- القاهرة 1966. المسالك والممالك: الاصطخري، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الكرخي- طبع مصر 1961. المستجاد من فعلات الأجواد: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد القاضي- دمشق المشترك وضعا والمفترق صقعا: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864. مطالع البدور في منازل السرور: علاء الدين الغزولي- مطبعة الوطن بمصر 1299.

معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة مرجليوث 1924، 7 مجلدات. معجم البلدان: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة وستنفلد، 6 مجلدات مع الفهارس. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة، 1934. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدر آباد الدكن 1357. المحاسن والمساوىء: البيهقي، إبراهيم بن محمد- مطبعة السعادة بمصر 1906. مصارع العشاق: السرّاج، أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القارىء- دار صادر- بيروت. المنجد، قاموس: الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت. الموسوعة التيمورية: أحمد تيمور- طبع القاهرة 1961. الموسيقي والغناء عند العرب: أحمد تيمور، القاهرة. نخب تاريخية وأدبية جامعة لأخبار الأمير سيف الدولة الحمداني: الشيخ ماريوس كانار- الجزائر 1934. نزهة الجلساء في أشعار النساء: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري- بيروت 1958. نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي- الأجزاء الأوّل والثاني والثالث والرابع- تحقيق عبود الشالجي- مطابع دار صادر- بيروت. نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي- الأجزاء السادس والسابع والثامن- تحقيق عبود الشالجي- معدّة للطبع. نشوار المحاضرة: سبط ابن الجوزي، شمس الدين أبو المظفر يوسف قز أوغلي- مخطوط. نهاية الأرب في فنون الأدب: ويري، شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الدائم القرشي- طبع دار الكتب بمصر 1923.

الوافي بالوفيات: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك، الأجزاء من 1 إلى 7. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- طبع القاهرة- 1948. الولاة والقضاة: أبو عمر محمد بن يوسف الكندي- تحقيق المستشرق رفن كست- بيروت 1908. يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956.

استدراكات

استدراكات (الجزء الأول) الصحيفة: السطر: رقم القصة 20: 9: ترجمة المؤلف اقرأ: الحسن بن محمد الفسوي بدلا من: الحسين ابن محمد النسوي 8 و 9: «ورد في الكتاب: نشأ المحسن التنوخي بالبصرة، وسمع من أبي بكر الصولي، وأبي العباس الأثرم والحسين بن محمد النسوي، وطبقتهم (التأييد والتصحيح) 1- تأييد: قرىء على أبي بكر محمد بن يحيى الصولي وأنا حاضر أسمع، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 47) . 2- تأييد: حدثني أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم المقرىء البغدادي، بالبصرة، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 18) توفي أبو العباس الأثرم سنة 336 (الكامل لابن الأثير 8/476) 3- تصحيح: وأخبرنا أبو علي الحسن ابن محمد بن عثمان الفسوي، قراءة عليه، بالبصرة، سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 18) .

الصحيفة السطر القصة 22*: 9: «تصحيح: قال المؤلف: سألت المتنبي، بالأهواز، في السنة 354 عند اجتيازه بها إلى فارس، عن معنى المتنبي (نشوار المحاضرة ج 8 رقم القصة 86) 23*: 7- 12: «إيضاح: قال المؤلف: كنت في السنة ست وخمسين وثلاثمائة، أتقلد القضاء والوقوف بسوق الأهواز، ونهر تيرى، والأسافل، وسوق رامهرمز سهلها وجبلها، وأعمال ذلك (الفرج بعد الشدة، نسخة جون رايلند ص 179) ثم صرفت عن تلك الولاية في سنة تسع وخمسين وثلاثمائة (الفرج بعد الشدة نسخة چون رايلند ص 180) . 24:* 4 و 5: «إيضاح: قال المؤلف: ثم عدت إلى الأهواز بعد ثلاث سنين وشهور (أي في السنة 364) واليا بها للأعمال التي كنت أليها فيها، وأضيف إليها واسط وأعمالها (القرج بعد الشدة، نسخة جون رايلند ص 180) . 93: الحاشية ف 1: 1/42: راجع في الامتاع والمؤانسة 1/139 رأي التوحيدي في أبي نصر بشر بن هارون الكاتب النصراني البغدادي، وفي الجزء الثاني منه ص 53 و 56 أبياتا من الشعر لأبي نصر. 95: 5: 1/44 أبو نصر محمد بن محمد النيسابوري، الملقب بالبنص، راجع بشأنه وفيات الأعيان 3/79 رقم الترجمة 454 وأخبار سيف الدولة ص 350 104: 2: 1/53: إضافات تتعلق بحساب الأصابع: 1- ورد في اليتيمة 3/407:

مضى يوسف عنا بتسعين درهما ... وعاد وثلث المال في كف يوسف فكيف يرجى بعد هذا صلاحه ... وقد ضاع ثلثا ماله في التصرف 2- وفي البصائر والذخائر للتوحيدي م 2/2 ص 657: إذا أخذ العامي البغدادي الفواق، عقد بيده أربعا وثلاثين، ويزعم أنه يسكن. 231: الفقرة 4 من الحاشية: 1/123 كيفية قسمة بغداد إلى أرباع: الربع الأول: من حد المخرم (مدينة الطب الآن) إلى الطرف الأعلى من الجانب الشرقي. الربع الثاني: من حد المخرم إلى أسفل، من الجانب الشرقي. الربع الثالث: مدينة أبي جعفر المنصور، وما يتصل بها إلى أعلى، من الجانب الغربي. الربع الرابع: الشرقية، إلى طرف الجانب الغربي الأسفل (تجارب الأمم 2/399 و 400) . 251: 1/134 راجع ما يشبه هذه القصة لأبي يوسف القاضي في وفيات الأعيان 5/422 و 423. 264: 1/142 راجع بعض أخبار المتوكل، في المراجع التالية: 1- المحاسن والأضداد للجاحظ ص 118. 2- خلاصة الذهب المسبوك ص 226. 3- تجارب الأمم 6/556 4- مقاتل الطالبيين ص 597 و 599 303: 1/162: عن الخيش، راجع المراجع التالية:- 1- الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 63. 2- لطائف المعارف للثعالبي ص 19.

الصحيفة: السطر: القصة 349: 13: 1/186: اقرأ: دار الجهشياري بدلا من دار الجاشياري وهي دار علي بن جهشيار، صاحب الأمير الموفق الملقب بالناصر والد المعتضد، وكانت لأسماء بنت المنصور وفيها الطاق المسمى طاق أسماء الذي تقع حوله محلة باب الطاق (محلة الصرافية الآن) ، (راجع معجم البلدان 3/489) . (الجزء الثاني) 116: الحاشية ف 6: 2/57 ذكر الوزير أبو القاسم بن المغربي في كتاب أدب الخواص: أن البطيخ العبد لاوي منسوب إلى الأمير عبد الله بن طاهر (راجع وفيات الأعيان 2/274) . 194: الحاشية ف 1: 2/94 جاء في تذكرة ابن حمدون في الباب 47: وجد في بعض الأوارجات السلطانية: وما حمل إلى أبي الفضل جعفر بن يحيى (البرمكي) أعزه الله لهدية السرور، من العين الطري، مائة ألف دينار، وفي آخر الحساب: ومما أخرج لثمن النفط والبواري والحطب، لإحراق جثة جعفر ابن يحيى، بضعة عشر درهما (تجارب الأمم 2/80) . 228: 1: 2/121: 1- بشأن أبي نوح عيسى بن إبراهيم، راجع الطبري 9/228 و 344 و 387 و 396 وابن الأثير 7/201 و 216. 2- بشأن أبي عيسى، راجع كتاب الفرج بعد الشدة مخطوطة الظاهرية ص 158 والقصة 8/34 من النشوار

الصحيفة: السطر: القصة (الجزء الثالث) 16: 4: 3/7: علي بن أحمد الخراساني، الأديب، ممدوح المتنبي مدحة بقصيدته التي مطلعها: حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا ... فلم أدر أي الظاعنين أشيع (ديوان المتنبي شرح الواحدي 42) 105: 5: 3/69: في الامتاع والمؤانسة 1/79: بلهور، لقب لكل عظيم من ملوك الهند، مثل به سيبويه في كتابه، وفسره السيرافي. 123: 2: 3/80: في التمثيل والمحاضرة ص 182، للثعالبي: قال الصنوبري: وللسقاط أمثال فمنها ... تمثلهم لدى الشيء المريب إذا ما كنت ذا بول صحيح ... ألا فاضرب به وجه الطبيب 193: الحاشية ف 1: 3/125: إضافة: 1- كان يصرف لمطبخ المقتدر في كل شهر ثلاثمائة دينار لثمن المسك الذي يوضع في الطعام (وزراء 379) . 2- لما ولي ابن مقلة الوزارة الأولة، كانت تشترى له في كل يوم جمعة فاكهة بخمسمائة دينار (تجارب الأمم 1/203) . (الجزء الرابع) 22: 16: 4/10: للقصة تتمة وردت في كتاب الوزراء للصابي ص 319.

الصحيفة: السطر: القصة 51: 49: 4/23: أورد الصولي قصة مشابهة، حصلت بين ولدي القاسم بن عبيد الله بن سليمان، وزير المكتفي، والعباس بن الحسن الذي خلف والدهما على الوزارة (لطائف المعارف ص 133) . 109: 3: 4/52: العمي: نسبة الى بني العم، راجع سبب هذه التسمية في الأغاني 3/257. 117: 7: 4/56: في المنتظم لابن الجوزي 5/119 وفي الأعلام 1/36 إبراهيم بن شبابة (بالشين) ، وفي الأغاني 12/88- 92 إبراهيم بن سيابة (بالسين) . 144: 1: 4/69: قال الشاعر في مظلوم لما أقيمت رقيبة على عريب: لقد ظلموك يا مظلوم لما ... أقاموك الرقيب على عريب ولو أولوك إنصافا وعدلا ... لما أخلوك أنت من الرقيب 179: الحاشية ف 4: 4/88: 1- كانت للقاهر قهرمانة اسمها (إختيار) سعت لمحمد بن القاسم بن عبيد الله حتى استوزره القاهر (تجارب الأمم 1/260) . 2- وكانت لعز الدولة بختيار البويهي، قهرمانة اسمها (تحفة) تعقد المحالفات مع كبار الموظفين لتحميهم حتى إذا أرضاها خصومهم، تركتهم إلى غيرهم (تجارب الأمم 2/321- 323) . 252: 1: 4/124: إضافة: تقلد أبو أحمد الحسن بن علي بن محمد الكرخي، المسرقان من أعمال الأهواز، في وزارة أبي أحمد العباس بن الحسن، (وزراء 188) ، وتقلد بابل وخطرنيه، في وزارة أبي الحسن علي بن الفرات (وزراء 189) ،

وتقلد مصر في وزارة أبي الحسن علي بن عيسى (وزراء 335) وتقلد الموصل في وزارة ابن الفرات الثالثة (القصة 8/51 و 8/52 من النشوار) وتقلد أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الكرخي، أصبهان، ثم تقلد الأهواز (وزراء 295، والقصة 2/176 من النشوار) ، وتقلد أبو عبد الله جعفر بن القاسم الكرخي فارس في وزارة الوزير أبي الحسن بن الفرات (الفرج بعد الشدة، نسخة الظاهرية ص 49 ونسخة دار الهلال 1/69) . 281: 1 و 5: 4/135: في الأغاني 9/174 زيادة بيتين، المطلع: أسعداني بعبرة أسراب من دموع كثيرة التسكاب والأخير: فلي الويل بعدهم وعليهم ... صرت فردا وملني أصحابي 281: 4: 4/135: اقرأ: صفي السباب بدلا من: صفي الشباب وصفي السباب موضع بمكة (الأغاني 1/321 و 16/135) انظر في الأغاني 9/174 سبب هذه التسمية. (الجزء الخامس) 19: الحاشية ف 6: 5/7: اقرأ: الحسن بن محمد الفسوي بدلا من: الحسين بن محمد النسوي. 52: 15: 5/27: راجع أخبار النرسي في كتاب الوزراء للصابي ص 183 و 191 و 194. 151: 151-: 5/64 وردت القصة في الأغاني 10/172. 154: 1 و 2: 5/65: تعليق: هذان البيتان نسبهما صاحب الأغاني إلى

مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس، أحد فتيان قريش جمالا وشعرا وسخاء، اقرأ قصته في الأغاني 9/50. 168: 5/72: وردت القصة في الأغاني 15/389. 170: 281: 5/73: إيضاح: ما زال البغداديون، وسكان الفرات الأوسط يطلقون كلمة: العراق، على القسم الجنوبي الداني من البحر، وقد سمعت في السنة 1933 في مضيف السيد محمد الياسري رحمه الله في أم عردة في منطقة المشخاب بالسوارية (في ناحية الفيصلية، من قضاء أبي صخير) صادق الجيلاوي وصيهود المغنيين المعروفين في تلك المناطق، يتغنيان ببيتين من الشعر العامي: يا عنيده شوتكولين من حان الفراك والظعن شال بليل والوى على العراك قوله: الفراك والعراك، يريد: الفراق، والعراق، وأكثر سكان العراق يلفظون القاف كافا فارسية، فهم يقولون كلبي، وكريب وكام، وكال، وكوي، مكان: قلبي، وقريب، وقام، وقال، وقوي. 171: 5/74: لما رجع الصاحب بن عباد من بغداد، سأله ابن العميد عنها، فقال: بغداد في البلاد، كالأستاذ في العباد. 180:-: 5/82: وردت القصة مبتورة في الأغاني 4/87 و 2/144 197: الحاشية ف 2: 5/93: اقرأ: أبو عبد الله الحسين، بدلا من: أبو أحمد الحسين. 246: 5/127: يقال إنه لا يعرف لأهل بلدة في الألقاب ما لعامة أهل بغداد (لطائف المعارف ص 53) . 249: 5/130: وردت القصة في الأغاني 13/339. 257: 4: 5/132: اقرأ: أكل معذر بدلا من: أكل معرض

رموز

رموز : راجع الأرقام التي نقش بجانبها نجمة تشير إلى صفحات مقدمة المحقق وترجمة المؤلف الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب......... 291 فهرس أسماء الأشخاص........ 298 فهرس جغرافي......... 330 فهرس عمراني عام......... 332 فهرس الكتب والمراجع........ 336 الاستدراكات......... 342

بعونه تعالى تم طبع الجزء الخامس من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الاثنين الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول 1972 على مطابع دار صادر في بيروت

الجزء السادس نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة تأليف القاضى ابى على المحسّن بن على التّنوخى المتوفّى سنة 384 هـ الجزء السّادس تحقيق عبّود الشالجى المحامى

جميع الحقوق محفوظة للمحقق 1393 هـ 1973 م

الجزء السادس

مقدمة المحقق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اللهم وفق وأعن أقدّم لقراء العربية، الجزء السادس من كتاب «نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة» للقاضي أبي علي المحسّن بن عليّ التنوخي، وهو ثالث الأجزاء الأربعة، التي اشتملت على ما أمكنني العثور عليه من فقرات النشوار الضائعة، تلقّطتها من ثنايا الكتب. وقد فصّلت في مقدمة الجزء الأول من الكتاب، الطريقة التي توصّلت بها إلى استخلاص هذه الفقرات، كما ألمعت في مقدّمة أحد الأجزاء الأخرى، إلى ما لقيت في سبيل ذلك من عناء، وما كابدت من مشقّة، وما بذلت من وقت، وجهد، وصبر. وغاية مرادي أن يكون هذا الكتاب، نافعا للقارىء، مفيدا للمستفيد. ومن الله أسأل التوفيق والتسديد، وحسن المعونة والتأييد، إنه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى، ونعم النصير. بحمدون في 30 تموز 1972 عبود الشالجي المحامي

1 من شعر ابن كناسة

1 من شعر ابن كناسة حدّثنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عمران بن موسى «2» ، قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن سليمان الأخفش «3» ، قال: حدّثني أبو عبد الله محمد بن محمد الإبزاري المعروف بمنقار «4» ، قال: حدّثني إسحاق الموصلي «5» قال: أنشدنا ابن كناسة «6» ، ويحيى بن معين «7» في مجلسه: فيّ انقباض وحشمة فإذا ... جالست أهل الحياء والكرم أرسلت نفسي على سجيّتها ... وقلت ما قلت غير محتشم قال: فقال لي إسحاق: فأذكرت ابن كناسة هذين البيتين بعد، فقال: لكنّي أنشدك اليوم: ضعفت عن الإخوان حتى جفوتهم ... على غير زهد في الإخاء ولا الودّ ولكنّ أيّامي تخرّمن قوّتي ... فما أبلغ الحاجات إلّا على جهد تاريخ بغداد للخطيب 5/407

2 القاضي محمد بن عبد الله الأنصاري

2 القاضي محمد بن عبد الله الأنصاري أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني إبراهيم بن محمد بن أيّوب «3» ، عن ابن قتيبة «4» : أنّ الرشيد «5» قلّد محمد بن عبد الله الأنصاري «6» القضاء بالجانب الشرقي- يعني من بغداد- بعد العوفي «7» ، في آخر خلافته.

فلما ولي محمد- وهو الأمين «1» - عزله، وولّى مكانه عون بن عبد الله «2» ، وولىّ محمد بن عبد الله المظالم «3» بعد إسماعيل بن عليّة «4» . تاريخ بغداد للخطيب 5/409

3 القاضي محمد بن عبد الله المؤذن

3 القاضي محمد بن عبد الله المؤذن أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: لما توفّي حبّان بن بشر «1» ، استقضى محمد بن عبد الله المؤذّن «2» من أهل السواد، وكان صالحا من أصحاب أبي حنيفة، في الفقه، ولا أعلمه حدّث بشيء. وقال طلحة: حدّثني عبد الباقي بن قانع «3» ، قال: حدّثني إسحاق بن ديمهر التوزي «4» قال: حدّثني من حضر ابن المؤذن القاضي- وهو يموت- فقال: انقلوني من هذا الموضع، فنقل، فجاء عصفور بحبة من حنطة، فرمى بها على صدره، فما زال يقرضها، حتى فرغ منها، ثم مات. تاريخ بغداد للخطيب 5/416

4 القاضي أبو الحسن الخرقي كان يحكم بنفسه

4 القاضي أبو الحسن الخرقي كان يحكم بنفسه أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: استتر القاضي أحمد بن عبد الله بن إسحاق، وهو المعروف بالخرقي «1» ، بعد ثلاثة أشهر من تقلّده القضاء، لما خرج المتّقي إلى الموصل «2» ، فاستخلف على مدينة المنصور أبا الفضل محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب «3» ، ثم عاد المتّقي «4» ، فظهر أبو الحسن، أحمد بن عبد الله ابن إسحاق، وكان يحكم بنفسه «5» . تاريخ بغداد للخطيب 5/449

5 من شعر ابن سكرة الهاشمي

5 من شعر ابن سكرة الهاشمي أنشدني عليّ بن المحسّن، قال: أنشدني أبو الحسن بن سكرة الهاشمي «1» ، لنفسه: في وجه إنسانة كلفت بها ... أربعة ما اجتمعن في أحد الوجه بدر والصدغ غالية ... والريق خمر والثغر من برد تاريخ بغداد للخطيب 5/466 6 من شعر ابن سكرة الهاشمي أنشدني عليّ بن المحسّن، قال: أنشدني ابن سكرة لنفسه: وقائل قال لي: لا بدّ من فرج ... فقلت- واغتظت- لم لا بد من فرج فقال لي: بعد حين، قلت: وا عجبا ... من يضمن العمر لي يا بارد الحجج تاريخ بغداد للخطيب 5/466

7 أبو إسحاق الطبري المقرىء

7 أبو إسحاق الطبري المقرىء ذكر لي أبو القاسم التنوخي: أنّ أبا إسحاق الطبري المقرئ، إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله «1» ، وكان أحد الشهود ببغداد، شهد أيضا بالبصرة، والأبلّة، وواسط، والأهواز، وعسكر مكرم، وتستر، والكوفة، ومكة، والمدينة «2» . قال: وأمّ بالناس في المسجد الحرام، أيّام الموسم، وما تقدّم فيه من ليس بقرشيّ غيره «3» . وكان يكتم مولده، ويقال: ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. وهو مالكيّ المذهب. تاريخ بغداد للخطيب 6/19

8 البحتري يمدح الكجي وابن جهور

8 البحتري يمدح الكجي وابن جهور أخبرني عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني «2» ، أنّ محمد بن يحيى «3» أخبره، قال: كان أبو مسلم الكجّي «4» ، وأسد بن جهور «5» ، يتقلّدان أعمالا بالشام، فقال البحتري «6» يمدحهما: هل تبدينّ لي الأيّام عارفة ... لدى أبي مسلم الكجّي أو أسد كلاهما آخذ للمجد أهبته ... وباعث بعد وعد اليوم نجح غد لله درّكما من سيّدين ومن ... أحويتما من معاليه إلى أمد وجدت عندكما الجدوى ميسّرة ... أوان لا أحد يجدي على أحد

وقد تطلبّت جهدي ثالثا لكما ... عند الليالي فلم تفعل ولم تكد لن يبعد الله منّي حاجة أمما ... وأنتما غايتي فيها ومعتمدي إن تقرضا فقضاء لا يريث وان ... وهبتما فقبول الرفد والصفد وفي القوافي إذا سوّمتها بدع ... يثقلن في الوزن أو يكثرن في العدد فيها جزاء لما يأتي الرسول به ... من عاجل سلس أو آجل نكد «1» تاريخ بغداد للخطيب 6/122

9 إسحاق الموصلي يتحدث عن أصله

9 إسحاق الموصلي يتحدث عن أصله حدّثني عليّ بن المحسّن، قال: وجدت في كتاب جدي عليّ بن محمد ابن أبي الفهم التنوخي: حدّثنا الحرمي بن أبي العلاء «1» ، قال: حدّثنا أبو خالد يزيد بن محمد المهلبي «2» ، قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم الموصلي «3» ، يقول: نحن قوم من أهل أرجان «4» ، سقط أبي إلى الموصل في طلب الرزق، فما أقام بها إلّا أربعة أشهر، ثم قدم بغداد، فقال الناس: الموصلي، لقدومه منها، ولم يكن من أهلها. قال: وأبي إبراهيم بن ماهان «5» ، قال: وهو عندنا ابن ميمون. قال: وكانت في أيدينا ضياع لبعض الحنظليين، فتوليناهم. تاريخ بغداد للخطيب 6/176

10 القاضي إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة

10 القاضي إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: حدّثني محمد بن أحمد التنوخي «3» ، قال: حدّثنا ابن حيان «4» ، وهو وكيع القاضي، قال: أخبرني إبراهيم بن أبي عثمان، عن العباس بن ميمون، قال: سمعت محمد بن عبد الله الأنصاري «5» ، يقول: ما ولي القضاء من لدن عمر بن الخطاب، إلى اليوم، أعلم من إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة «6» . فقال له أبو بكر الجبّي: يا أبا عبد الله، ولا الحسن بن أبي الحسن «7» ؟ قال: لا والله، ولا الحسن.

قال ابن حيّان: وأخبرني أبو العيناء «1» ، قال: قال رجل لإسماعيل: قد ذهب نصفك. قال: لو بقيت منّي شعرة، لبقي منها ما يقضي عليك. وقال ابن حيّان عن أبي العيناء، قال: لما ولي إسماعيل البصرة، دس إليه الأنصاريّ،- يعني محمد بن عبد الله- إنسانا يسأله عن مسألة، فقال: أبقى الله القاضي، رجل قال لامرأته ... فقطع عليه إسماعيل، وقال: قل للذي دسّك، إنّ القضاة لا تفتي. تاريخ بغداد للخطيب 6/244

11 القاضي إسماعيل بن إسحاق كان علما في الفقه على مذهب مالك

11 القاضي إسماعيل بن إسحاق كان علما في الفقه على مذهب مالك أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد، قال: إسماعيل بن إسحاق «1» ، كان منشؤه البصرة، وأخذ الفقه على مذهب مالك «2» ، عن أحمد بن المعدّل «3» ، وتقدّم في هذا العلم، حتى صار علما فيه. ونشر من مذهب مالك، وفضله، ما لم يكن بالعراق في وقت من الأوقات. وصنّف في الاحتجاج لمذهب مالك والشرح له، ما صار لأهل هذا المذهب مثالا يحتذونه، وطريقا يسلكونه. وانضاف إلى ذلك علمه بالقرآن، فإنّه ألّف في القرآن كتبا تتجاوز كثيرا الكتب المصنّفة فيه. فمنها: كتابه في أحكام القرآن، وهو كتاب لم يسبقه إليه أحد من أصحابه إلى مثله. ومنها كتابه في القراءات، وهو كتاب جليل القدر عظيم الخطر.

ومنها كتابه في معاني القرآن. وهذان الكتابان، يشهد بتفضيله فيهما، واحد الزمان، ومن انتهى إليه العلم بالنحو واللغة في ذلك الأوان، أبو العباس محمد بن يزيد المبرّد «1» . ورأيت أبا بكر بن مجاهد «2» ، يصف هذين الكتابين، وسمعته مرات لا أحصيها، يقول: سمعت أبا العباس المبرّد، يقول: القاضي أعلم منّي بالتصريف. وبلغ من العمر ما صار به واحدا في عصره في علوّ الأسناد، لأن مولده كان سنة تسع وتسعين ومائة «3» ، فحمل الناس عنه من الحديث الحسن، ما لم يحمل عن كبير أحد. وكان الناس يصيرون إليه، فيقتبس منه كل فريق علما لا يشاركه فيه الآخرون، فمن قوم يحملون الحديث، ومن قوم يحملون علم القرآن، والقراءات، والفقه، إلى غير ذلك ممّا يطول شرحه. أما سداده في القضاء، وحسن مذهبه فيه، وسهولة الأمر عليه فيما كان يلتبس على غيره، فشيء شهرته تغني عن ذكره. وكان في أكثر أوقاته، وبعد فراغه من الخصوم، متشاغلا بالعلم، لأنّه اعتمد على كاتبه، أبي عمر محمد بن يوسف «4» ، فكان يحمل عنه أكثر أمره من لقاء السلطان، وينظر له في كل أمره، وأقبل هو على الحديث والعلم. تاريخ بغداد للخطيب 6/285

12 القاضي إسماعيل بن إسحاق تجمع له بغداد بأسرها ويقلد قضاء القضاة

12 القاضي إسماعيل بن إسحاق تجمع له بغداد بأسرها ويقلد قضاء القضاة أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: لم يزل إسماعيل بن إسحاق «1» قاضيا على عسكر المهدي «2» إلى سنة خمس وخمسين ومائتين «3» ، فإنّ المهتدي محمد بن الواثق «4» ، قبض على حمّاد بن إسحاق «5» ، أخي إسماعيل بن إسحاق، وضربه بالسياط، وأطاف به على بغل بسر من رأى لشيء بلغه عنه، وصرف إسماعيل بن إسحاق عن الحكم، واستتر. وقاضي القضاة- كان- بسرّ من رأى، الحسن بن محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب «6» ، ثم صرف عن القضاء في هذه السنة، وولي القضاء عبد

الرحمن بن نائل بن نجيح «1» ، ثم ردّ الحسن بن محمد في هذه السنة إلى القضاء. ثم استقضى المهتدي على الجانب الشرقي، القاسم بن منصور التميمي «2» ، نحو سبعة أشهر، وكان قليل النفاذ. ثم قتل المهتدي بالله في رجب سنة ست وخمسين ومائتين «3» ، وقيل سمّوه، وأخرج، فصلى عليه جعفر بن عبد الواحد «4» ، بعد يومين من العقد للمعتمد على الله «5» ، وعلى قضاء القضاة بسر من رأى الحسن بن محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب. فأعاد المعتمد إسماعيل بن إسحاق على الجانب الشرقي من بغداد، وذلك في رجب سنة ست وخمسين ومائتين، فلم يزل على القضاء بالجانب الشرقي إلى سنة ثمان وخمسين ومائتين. وغلب على الموفق «6» ، ثم سأله أن ينقله إلى الجانب الغربي، وكان على قضاء الجانب الغربي بالشرقيّة- وهو الكرخ- البرتي «7» ، وعلى مدينة المنصور أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي «8» ، فأجابه إلى ذلك.

وكره ذلك قاضي القضاة ابن أبي الشوارب، فاجتهد في ترك البرتي وأحمد ابن يحيى، فما أمكنه، لتمكّن إسماعيل من الناصر- يعني الموفّق-. فأجيب إسماعيل إلى ما سأل، ونقل البرتي عن قضاء الشرقية إلى الجانب الشرقي «1» ، ولم يزل على القضاء بالجانب الشرقي، وإسماعيل بن إسحاق على الجانب الغربي بأسره، إلى سنة اثنتين وستين ومائتين. ثم جمعت بغداد بأسرها لإسماعيل بن إسحاق، وصرف البرتي، وقلّد المدائن، والنهروانات، وقطعة من أعمال السواد. وكان الحسن بن محمد بن أبي الشوارب قد توفي سنة إحدى وستين ومائتين بمكة بعد الحج، فولي أخوه علي بن محمد «2» مكانه، وبقي ابن أبي الشوارب على قضاء سر من رأى «3» ، وكان يدعى بقاضي القضاة، وصار إسماعيل المقدّم على سائر القضاة، ولم يقلّد أحد قضاء القضاة إلى أن توفي. تاريخ بغداد للخطيب 6/287

13 الله خير مستعان

13 الله خير مستعان أخبرنا علي بن أبي المعدّل «1» ، قال: حدّثنا الحسين بن عمر الضرّاب «2» ، قال: أنشدنا سمعان الصيرفي: أشدّ من فاقة «3» الزمان ... مقام حرّ على هوان «4» فاسترزق الله واستعنه ... فإنّه خير مستعان وإن نبا منزل بحر ... فمن مكان إلى مكان تاريخ بغداد للخطيب 6/297

14 إسحاق بن غرير

14 إسحاق بن غرير أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكّار «5» ، قال: ومن ولد حميد بن عبد الرحمن، إسحاق بن غرير «6» - واسم غرير، عبد الرحمن- بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف. كان في صحابة المهدي «7» أمير المؤمنين، وأمير المؤمنين موسى» ، وأمير المؤمنين هارون «9» ، وهلك في خلافة أمير المؤمنين هارون، وكان ذا منزلة

فيهم وقدر، وكان حلوا، معروفا بالسخاء. وفيه يقول الشاعر: استوسق الناس وقالوا معا ... لا جود إلّا جود إسحاق قال: وله ولأخيه يعقوب، يقول الصهيبي: نفى الجوع من بغداد إسحاق ذو الندى ... كما قد نفى جوع الحجاز أخوه وما يك من خير أتوه فإنّما ... فعال غرير قبلهم ورثوه فأقسم لو ضاف الغريريّ بغتة ... جميع بني حوّاء ما حفلوه هو البحر بل لو حلّ بالبحر رفده ... ومن يجتديه ساعة نزفوه تاريخ بغداد للخطيب 6/316

15 حب ابن غرير غرور

15 حب ابن غرير غرور أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن «2» وأحمد ابن عبد الله «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير «5» ، قال: حدّثني أبو عزيه محمد بن موسى الأنصاري، قال: كان إسحاق بن غرير «6» معجبا بعبّادة، جارية المهلبيّة، وكانت المهلّبية منقطعة إلى الخيزران «7» أم أمير المؤمنين، ذات منزلة منها. قال: فركب يوما، عبد الله بن مصعب بن الزبير «8» ، وإسحاق بن غرير

أمير المؤمنين المهدي «1» وكانا يأتيانه في كل عشيّة، إذا صلى الناس العصر، فيقيمان معه إلى أن ينقضي سمره. فلقيا في طريقهما عبّادة، جارية المهلّبية، فقال إسحاق بن غرير، لعبد الله بن مصعب، يا أبا بكر، هذه عبّادة التي كنت تسمعني أذكرها، وركض دابته حتى استقبلها، فنظر إليها ثم رجع. فضحك عبد الله بن مصعب ممّا صنع، ثم مضيا فدخلا على أمير المؤمنين المهدي، فحدّثه عبد الله بن مصعب حديث إسحاق بن غرير وعبّادة، وما كان منه في أمرها تلك العشيّة. فقال لإسحاق: أنا أشتريها لك، وقام فدخل على الخيزران. فقال: أين المهلّبية؟ فأمرت بها، فدعيت له. فقال لها: تبيعني عبّادة بخمسين ألف درهم؟ فقالت له: يا سيّدي إن كنت تريدها لنفسك، فبها فداك الله. قال: إنّما أريدها لإسحاق بن غرير. فبكت، وقالت: يدي، ورجلي، ولساني في حوائجي، تنزعها منّي لإسحاق بن غرير. قال: فقالت الخيزران: ما يبكيك؟ لا يقدر والله إسحاق عليها. وقالت لأمير المؤمنين المهدي: صار ابن غرير يتعشّق جواري الناس؟ فخرج أمير المؤمنين المهدي، فأخبر إسحاق الخبر، وأمر له بالخمسين الألف الدرهم، فأخذها.

فقال في ذلك أبو العتاهية «1» : من صدق الحبّ لأحبابه ... فإنّ حبّ ابن غرير غرور أنساه عبّادة ذات الهوى ... وأذهل الحبّ لديه الضمير خمسون ألفا كلّها وازن ... خشن لها في كل كيس صرير قال: وقال في ذلك أيضا أبو العتاهية: حبّك المال لا كحبّك عبّا ... دة يا فاضح المحبّينا لو كنت أخلصتها الوفاء كما ... قلت لما بعتها بخمسينا تاريخ بغداد للخطيب 6/317

16 إنك لا تدري ما يقول هذا الغلام

16 إنك لا تدري ما يقول هذا الغلام حدّثني علي بن المحسّن «1» ، قال: وجدت في كتاب جدّي عليّ بن محمد بن أبي الفهم التنوخي «2» ، حدّثنا الحرمي ابن أبي العلاء «3» ، قال: حدّثنا أبو خالد يزيد بن محمد المهلّبي «4» ، قال: سمعت إسحاق الموصلي «5» يقول: لمّا خرجنا مع الرشيد إلى الرقّة «6» ، قال لي الأصمعي «7» : كم حملت معك من كتبك؟ قلت: تخفّفت، فحملت ثمانية أحمال، ستة عشر صندوقا. قال: فعجب. فقلت: كم معك يا أبا سعيد؟ قال: ما معي إلّا صندوق واحد. قلت: ليس إلّا؟

قال: وتستقل صندوقا من حق «1» ؟ قال أبو خالد: وسمعت إسحاق بن إبراهيم الموصلي، يقول: رأيت في منامي كأنّ جريرا «2» ناولني كبّة من شعر، فأدخلتها في فمي. فقال بعض المعبّرين: هذا رجل يقول من الشعر ما شاء. قال: وجاء مروان بن أبي حفصة «3» يوما إلى أبي، فاستنشدني من شعري، فأنشدته: إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ... ورافع ضيمي خازم وابن خازم عطست بأنف شامخ وتناولت ... يداي السماء «4» قاعدا غير قائم قال: فجعل مروان يستحسن ذلك، ويقول لأبي: إنّك لا تدري ما يقول هذا الغلام. تاريخ بغداد للخطيب 6/340

17 البهلول بن حسان يبذل ماله للقريب والبعيد

17 البهلول بن حسان يبذل ماله للقريب والبعيد أخبرني علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: أنبأنا أحمد بن يوسف الأزرق «2» ابن يعقوب بن إسحاق بن البهلول، قال: أخبرني عمّي إسماعيل «3» ، قال: حدّثني عمّي البهلول «4» ، قال: أخبرني أبي «5» ، قال: كنت في ديوان بادوريا «6» ، وكنت أمضي مع أبي، البهلول بن حسّان «7» ، ونحن بمدينة السلام «8» ، إلى مسجد الرصافة «9» ، فيدخل أبي إلى هشيم بن

بشير «1» فيسمع منه، وأمضي أنا إلى الديوان «2» . ثم طلبت الحديث، فقصدت هشيما، وكتبت منه أحاديث من درج ضاع منّي بعد ذلك، وتوفّي هشيم فسمعت من أصحابه. وقال ابن الأزرق: أخبرني عمّي إسماعيل، قال: حدّثني عمّي البهلول قال: كان أبي سمحا سخيّا، وكان يأخذ من أرزاقه بمقدار القوت، ويفرّق ما يبقى بعد ذلك على ولده وأهله والأباعد. ويفرّق في أيّام كل فاكهة، شيئا كثيرا منها. وكان له غلام وبغل، يستقي الماء، ويصبه لقراباته، إرفاقا بهم. تاريخ بغداد للخطيب 6/367

18 إسحاق بن البهلول يحدث من حفظه بخمسين ألف حديث

18 إسحاق بن البهلول يحدّث من حفظه بخمسين ألف حديث أخبرني علي بن أبي علي «1» ، قال: أنبأنا أحمد بن يوسف الأزرق «2» ، قال: أخبرني عمّي إسماعيل بن يعقوب «3» ، قال: حدّثني عمّي البهلول ابن إسحاق «4» ، قال: استدعى المتوكل «5» أبي «6» إلى سر من رأى «7» ، حتى حدّثه، وسمع منه، وقرئ له عليه حديث كثير. ثم أمر فنصب له منبر، وكان يحدّث عليه في المسجد الجامع بسر من رأى «8»

وفي رحبة زيرك «1» بالقرب من باب الفراغنة «2» . وأقطعه إقطاعا في كل سنة مبلغه اثنا عشر ألفا، ورسم له صلة خمسة آلاف درهم في السنة، فكان يأخذها. وأقام إلى أن قدم المستعين «3» بغداد «4» ، فخاف أبي الأتراك، أن يكبسوا الأنبار «5» ، فانحدر إلى بغداد عجلا، ولم يحمل معه شيئا من كتبه. فطالبه محمد بن عبد الله بن طاهر «6» ، أن يحدّث، فحدّث ببغداد من حفظه بخمسين ألف حديث، لم يخطئ في شيء منها. تاريخ بغداد للخطيب 6/368

19 القاضي أسد بن عمرو يصلح قبلة جامع واسط

19 القاضي أسد بن عمرو يصلح قبلة جامع واسط أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: حدّثنا عليّ بن محمد بن عبيد «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن أبي خيثمة «3» ، قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «4» قال: كان أسد بن عمرو «5» على قضاء واسط، فقال: رأيت قبلة واسط رديئة جدا وتبين لي ذلك، فتحرّفت فيها. فقال قوم من أهل واسط: هذا رافضي. فقيل لهم: ويلكم هذا من أصحاب أبي حنيفة، كيف يكون رافضيّا؟ تاريخ بغداد للخطيب 7/16

20 أشعب الطامع بين سالم بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن عثمان

20 أشعب الطامع بين سالم بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن عثمان أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: أخبرنا علي بن محمد بن أحمد ابن لؤلؤ الورّاق «2» ، قال: حدّثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث «3» ، قال: حدّثنا أبو داود السنجي «4» ، قال: حدّثنا الأصمعي «5» ، عن أشعب الطامع «6» ، قال: دخلت على سالم بن عبد الله «7» ، فقال لي: يا أشعب، حمل إلينا جفنة هريسة، وأنا صائم، فاقعد، فكل. قال: فحملت على نفسي «8» .

فقال: لا تحمل على نفسك، ما يبقى تحمله معك. قال: فلما رجعت إلى منزلي، قالت لي امرأتي: يا مشؤوم، بعث عبد الله بن عمرو بن عثمان «1» يطلبك، ولو ذهبت إليه لحباك. قلت: فما قلت له؟ قالت: قلت له: إنّك مريض. قلت: أحسنت. فأخذت قارورة دهن، وشيئا من صفرة، فدخلت الحمام ثم تمرّخت به، ثم خرجت فعصبت رأسي بعصابة، وأخذت قصبة، واتّكأت عليها، فأتيته وهو في بيت مظلم. فقال لي: أشعب؟ قلت: نعم، جعلني الله فداك، ما رفعت جنبي من الأرض منذ شهرين. قال: وسالم في البيت، وأنا لا أعلم. فقال لي سالم: ويحك يا أشعب. قال: فقلت لسالم: نعم جعلني الله فداك، منذ شهرين ما رفعت ظهري من الأرض. قال: فقال سالم: ويحك يا أشعب. قال: فقلت: نعم، جعلت فداك، مريض منذ شهرين ما خرجت. قال: فغضب سالم وخرج.

قال: فقال لي عبد الله بن عمرو، ويلك يا أشعب، ما غضب خالي «1» إلّا من شيء. قال: فقلت: نعم جعلت فداك، غضب من أنّي أكلت اليوم عنده جفنة هريسة. قال: فضحك عبد الله وجلساؤه، وأعطاني، ووهب لي. قال: فخرجت، فإذا سالم بالباب، فلما رآني، قال: ويحك يا أشعب «2» ألم تأكل عندي؟ قلت: بلى جعلت فداك. فقال سالم: والله لقد شكّكتني. تاريخ بغداد للخطيب 7/41

21 سالم بن عبد الله يقسم تمرا

21 سالم بن عبد الله يقسم تمرا أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا علي بن محمد بن لؤلؤ «2» ، قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان «3» ، قال: حدّثنا أبو داود السنجيّ «4» ، قال: حدّثنا الأصمعي «5» ، قال: مرّ أشعب «6» فجعل الصبيان يعبثون به حتى آذوه، فقال لهم: ويحكم سالم بن عبد الله «7» يقسم تمرا. فصدّقه الصبيان، ومرّوا يعدون إلى دار سالم، فعدا أشعب معهم، وقال: ما يدريني والله، لعلّه حقّ. تاريخ بغداد للخطيب 7/42

22 الحد الذي بلغه طمع أشعب

22 الحد الذي بلغه طمع أشعب أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا عليّ بن محمد بن لؤلؤ «2» ، قال: حدّثنا عبد الله بن سليمان «3» ، قال: حدّثنا يحيى بن عبد الرحمن الأعشى، قال: حدّثنا أبو عاصم، قال: أخذ بيدي ابن جريج «4» ، وأوقفني على أشعب الطامع، فقال له: حدّثه ما بلغ من طمعك؟ قال: بلغ من طمعي أنّه ما زفّت امرأة بالمدينة، إلّا كنست بيتي رجاء أن تهدى إليّ. تاريخ بغداد للخطيب 7/43

23 القاضي أبو الوليد الكندي يأبى أن ينفذ قضاء يحيى بن أكثم

23 القاضي أبو الوليد الكندي يأبى أن ينفذ قضاء يحيى بن أكثم أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: لما عزل المأمون «2» إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة «3» ، استقضى على مدينة المنصور «4» أبا الوليد بشر بن الوليد الكندي «5» . وكان بشر علما من أعلام المسلمين، وكان عالما، دينا، خشنا في باب الحكم، واسع الفقه، وهو صاحب ابي يوسف «6» ، ومن المقدّمين عنده، وحمل الناس عنه من الفقه والمسائل ما لا يمكن جمعه. وقال طلحة: حدّثني عبد الباقي بن قانع «7» ، عن بعض شيوخه: أنّ

يحيى بن أكثم «1» شكى بشر بن الوليد إلى المأمون، وقال: إنّه لا ينفذ قضائي، وكان يحيى قد غلب على المأمون، حتى كان عنده أكبر من ولده، فأقعده المأمون معه على سريره، ودعا بشر بن الوليد. فقال له: ما ليحيى يشكوك، ويقول إنّك لا تنفذ أحكامه؟ قال: يا أمير المؤمنين، سألت عنه بخراسان، فلم يحمد في بلده ولا في جواره. فصاح به المأمون، اخرج، فخرج بشر. فقال يحيى: يا أمير المؤمنين، قد سمعت، فاصرفه. فقال: ويحك، هذا لم يراقبني فيك، كيف أصرفه؟ ولم يفعل. تاريخ بغداد للخطيب 7/82

24 التسليم للفقهاء، سلامة في الدين

24 التسليم للفقهاء، سلامة في الدين أخبرني عليّ بن أبي عليّ البصري، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح النيسابوري، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت «1» ، قال سمعت بشر بن الوليد القاضي «2» ، يقول: كنّا نكون عند ابن عيينة «3» ، فكان إذا وردت عليه مسألة مشكلة يقول: هاهنا أحد من أصحاب أبي حنيفة؟ فيقال: بشر. فيقول: أجب فيها، فأجيب. فيقول: التسليم للفقهاء، سلامة في الدين. تاريخ بغداد للخطيب 7/82

25 نسب أبي الهيثم التنوخي

25 نسب أبي الهيثم التنوخي سمعت القاضي أبا القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي يقول: البهلول بن حسّان بن سنان بن أوفى بن عوف بن أوفى بن سرح بن أوفى بن خزيمة بن أسد بن مالك- أحد ملوك تنوخ- بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن عمران بن الحاف بن قضاعة- وقضاعة لقب- واسمه عمرو بن مالك بن عمرو بن مرّة بن زيد بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر، ويقال: هو هود النبي صلى الله عليه وسلّم «1» . تاريخ بغداد للخطيب 7/109

26 القاضي البهلول بن إسحاق الأنباري

26 القاضي البهلول بن إسحاق الأنباري حدّثني عليّ بن أبي عليّ «1» ، عن أحمد بن يوسف الأزرق «2» ، عن عمّه إسماعيل بن يعقوب «3» : أنّ البهلول بن إسحاق «4» ، أنباريّ، ولد بها سنة أربع ومائتين، ومات بها في شوال من سنة ثمان وتسعين ومائتين. قال: وكان قد تقلّد القضاء والخطبة على المنابر بالأنبار وأعمالها مدّة طويلة، قبل سنة سبعين ومائتين. وكان حسن البلاغة، مصقعا في خطبه، كثير الحديث، ثقة فيه، ضابطا لما يرويه، وحدّث بالأنبار. تاريخ بغداد للخطيب 7/110

27 لماذا سمي بشار بالمرعث

27 لماذا سمي بشار بالمرعث «1» أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «2» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن الحسين القطيعي «3» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن بشار الأنباري «4» ، قال: حدّثني محمد بن المرزبان «5» ، قال: حدّثنا أحمد بن أبي طاهر «6» ، قال: حدّثنا أبو الصلت العنزي، قال: سمي بشار بن برد «7» المرعّث «8» بشعره: من لظبي مرعّث ... فاتن العين والنظر قال لي: لست نائلي ... قلت: أو يغلب القدر تاريخ بغداد للخطيب 7/113

28 لماذا سمي بشار بالمرعث 2

28 لماذا سمي بشار بالمرعث 2 أخبرنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا القطيعي «2» ، قال: حدّثنا ابن الأنباري «3» قال: حدّثنا محمد بن المرزبان «4» ، قال: حدّثني ابن أبي طاهر «5» ، عن محمد بن سلام «6» ، قال: إنّما سمّي بشار المرعّث، لأنه كان لقميصه جيبان، يخرج رأسه مرّة من هذا، ومرّة من هذا، وكان يضمّ القميص عليه من غير أن يدخله في رأسه «7» . قال: والرعث، عند العرب، الاسترخاء والاسترسال، والرعثة: القرط، وكذلك الرعث والرعاث. تاريخ بغداد للخطيب 7/113

29 ارحمهم رحمك الله

29 ارحمهم رحمك الله عن التنوخي، عن أبي دهمان الغلابي، قال: حضرت بشار بن برد «1» ، وعقبة بن رؤبة «2» ، وابن المقفّع «3» ، قعودا، يتناشدون، ويتحدّثون، ويتذاكرون، حتى أنشد بشار أرجوزته الداليّة: يا طلل الحيّ بذات الصمد ومضى فيها. فاغتاظ عقبة بن رؤبة لما سمع فيها من الغريب «4» ، وقال: أنا وأبي «5» فتحنا الغريب للناس، وأوشك- والله- أن أغلقه. فقال له بشّار: ارحمهم رحمك الله. قال: يا أبا معاذ، أتستصغرني وأنا شاعر بن شاعر بن شاعر؟ قال: فأنت إذن من القوم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا. تاريخ بغداد للخطيب 7/117

30 بين جعفر البرمكي وعبد الملك بن صالح الهاشمي

30 بين جعفر البرمكي وعبد الملك بن صالح الهاشمي أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عمران بن موسى الكاتب «2» ، قال: حدّثنا علي بن سليمان الأخفش «3» ، قال: حدّثني بعض أصحابنا، قال: خرج عبد الملك بن صالح «4» مشيّعا لجعفر بن يحيى البرمكي «5» ، فعرض عليه حاجاته. فقال له: قصارى كل مشيّع الرجوع، وأريد- أعزّ الله الأمير- أن يكون لي، كما قال بطحاء العذري: وكوني على الواشين لدّاء شغبة ... فإنّي على الواشي ألدّ شغوب

فقال جعفر: بل أكون لك كما قال جميل «1» : واذا الواشي وشى يوما بها ... نفع الواشي بما جاء يضر تاريخ بغداد للخطيب 7/153

31 القاضي جعفر بن محمد بن عمار

31 القاضي جعفر بن محمد بن عمار أخبرنا عليّ بن أبي عليّ البصري «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري «2» - لفظا- قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، بالبصرة، قال: أخبرنا أبو زيد عمر بن شبّة النميري «3» ، قال: كان أيّوب بن حسن بن موسى بن جعفر بن سليم «4» ، عاملا على الصلاة بالكوفة وأحداثها «5» للمتوكل «6» ، وجعفر بن محمد بن عمّار «7» على قضائها «8» ،

فكان ربما أمره بالصلاة بهم إذا اعتلّ، وكان كثير العلل، من نقرس «1» كان به، فكان جعفر يصلّي بهم، ويدعو لأيّوب على المنبر، بالتأمير له «2» ، فقال محمد بن نوفل التميمي: فما عجب أن تطلع الشمس بكرة ... من الغرب إذ تعلو على ظهر منبر ولولا أناة الله جلّ ثناؤه ... لصبحت الدنيا بخزي مدمّر إذا جعفر رام الفخار فقل له ... عليك ابن ذي موسى بموساك فافخر فقد كان عمّار إذا ما نسبته ... إلى جدّه الحجام لم يتكبّر ثم عزل جعفر بن محمد عن قضاء الكوفة، وحمل إلى سرّ من رأى، فولي قضاء القضاة «3» ، إلى أن مات بسر من رأى «4» . تاريخ بغداد للخطيب 7/163

32 وقف بعرفة ستا وخمسين وقفة على المذهب

32 وقف بعرفة ستا وخمسين وقفة على المذهب أخبرنا عليّ بن المحسّن القاضي- غير مرّة-، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري «1» ، قال: قال لي جعفر الخلدي «2» : وقفت بعرفة «3» ستا وخمسين وقفة، منها إحدى وعشرون على المذهب. فقلت لأبي إسحاق: أيّ شيء أراد بقوله على المذهب؟ فقال: يصعد إلى قنطرة الياسرية «4» ، فينفض كمّيه، حتى يعلم أن ليس معه زاد ولا ماء، ويلبّي ويسير «5» . تاريخ بغداد للخطيب 7/230

33 أبو محمد جعفر بن محمد بن أحمد التنوخي

33 أبو محمد جعفر بن محمد بن أحمد التنوخي ذكر لي أبو القاسم التنوخي: أنّ أبا محمد التنوخي، جعفر بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول ابن حسّان «1» ، أصله من الأنبار «2» ، وانه ولد ببغداد في ذي القعدة في سنة ثلاث وثلاثمائة «3» ، وكان أحد القراء للقرآن بحرف عاصم «4» ، وحمزة «5» ، والكسائي «6» . وكتب هو وأخوه عليّ «7» ، الحديث في موضع واحد، وأصل كلّ واحد منهما أصل الآخر، وشيوخ كلّ واحد منهما شيوخ الآخر. وحدّث عن عبد الله بن محمد البغوي «8» ، وأبي بكر بن أبي داود «9» ، وأبي

الليث الفرائضي «1» ، وأحمد بن القاسم أخي أبي الليث «2» ، وأحمد بن عبيد الله ابن عمّار «3» ، وجدّه أحمد بن إسحاق البهلول «4» ، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي «5» ، ومحمد بن هارون بن المجدر «6» ، وعبد الوهاب بن أبي حيّة «7» ، وأحمد بن سليمان الطوسي «8» ، ويحيى بن محمد بن صاعد «9» ، وغيرهم. وعرض عليه القضاء والشهادة، فأباهما تورّعا، وتقلّلا، وصلاحا. قال لي علي بن المحسّن: مات جعفر بن أبي طالب بن البهلول ببغداد، ليلة الأربعاء لثمان وعشرين ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة «10» ، ودفن من الغد إلى جانب داره، بسكة أبي العباس الطوسي «11» . تاريخ بغداد للخطيب 7/232

34 ما لي وللعيد

34 ما لي وللعيد أنبأنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي قال: أنشدني أبو عبد الله بن حجاج «1» لنفسه: قالوا غدا العيد فاستبشر به فرحا ... فقلت: ما لي وما للعيد والفرح قد كان ذا والنوى لم تضح نازلة ... بعقوتي وغراب البين لم يصح أيّام لم يخترم قربي البعاد ولم ... يغد الشتات على شملي ولم يرح وطائر طار في خضراء مورقة ... على شفا جدول بالروض متّشح بكى وناح ولولا أنّه سبب ... لشجو قلبي المعنّى فيك لم ينح فما ذكرتك والأقداح دائرة ... إلّا مزجت بدمعي باكيا قدحي ولا سمعت بصوت فيه ذكر نوى ... إلّا عصيت عليه كل مقترح مصارع العشاق 1/258

35 أبو العيناء يرثي الحسن بن سهل

35 أبو العيناء يرثي الحسن بن سهل أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال حدّثنا جعفر بن أبي العيناء «3» ، قال: لما مات الحسن بن سهل «4» ، قال أبي «5» : والله لئن أتعب المادحين، لقد أطال بكاء الباكين، ولقد أصيبت به الأيام، وخرست بموته الأقلام، ولقد كان بقية وفي الناس بقيّة، فكيف اليوم، وقد بادت البرية «6» . تاريخ بغداد للخطيب 7/322

36 القاضي أبو محمد الحسن ابن أبي الشوارب

36 القاضي أبو محمد الحسن ابن أبي الشوارب أخبرنا عليّ بن المحسّن «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: بعد الثلاثة أيام التي تقلّد فيها ابن الأشناني «3» ، مدينة المنصور، استقضى المقتدر على مدينة المنصور أبا محمد الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب «4» ، في يوم الاثنين لست بقين من شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة. وهذا رجل، حسن السيرة، جميل الطريقة، قريب الشبه من أبيه «5» وجدّه «6» ، على طريقتهم في باب الحكم والسداد. ولم يزل واليا على المدينة «7» إلى يوم النصف من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة، ثم صرفه المقتدر. تاريخ بغداد للخطيب 7/340

37 المنصور ينصح ولده المهدي بالإقبال على الفقه والمغازي

37 المنصور ينصح ولده المهدي بالإقبال على الفقه والمغازي أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: كان الحسن بن عمارة «1» على الحكم- يعني ببغداد- ثم بعث المنصور «2» إلى عبيد الله بن محمد بن صفوان «3» إلى مكة، من يقدم به عليه. فلما قدم ولاه القضاء، وضم الحسن بن عمارة إلى المهدي «4» . وكان أبو جعفر، يبعث بأسلم «5» إلى المهدي ليعرف حاله، وكيف هو في مجلسه، وربما وجّه إليه في السر. فرآه أسلم مقبلا على مقاتل بن سليمان «6» فأخبر المنصور بذلك.

فقال له المنصور: يا بني، بلغني إقبالك على مقاتل، فسرّني «1» ذلك، وإنك إنما تعمل غدا بما تسمع اليوم، فلا تقبل على مقاتل، وأقبل على الحسن ابن عمارة للفقه، وعلى محمد بن إسحاق للمغازي «2» ، وما جرى فيها. تاريخ بغداد للخطيب 7/345

38 الحسن بن عمارة يكرم أحد طلاب الحديث

38 الحسن بن عمارة يكرم أحد طلاب الحديث أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني محمد بن العباس اليزيدي «1» ، قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «2» ، قال: حدّثني أبي «3» ، قال: كان بالكوفة رجل غريب، يكتب الحديث، وكان يختلف إلى الحسن بن عمارة «4» ، يكتب عنه. فجاءه، فودّعه، ليخرج إلى بلاده، وقال له: إنّ في نفقتي قلّة. فكتب له الحسن رقعة، وقال: اذهب بها إلى الفرات، إلى وكيل لنا هناك، يبيع القار «5» ، فادفعها إليه. فظن الرجل، أنه قد كتب له بدريهمات، فإذا هو قد كتب له بخمسمائة درهم. تاريخ بغداد للخطيب 7/346

39 عبيد الله بن محمد بن صفوان يتقلد للمهدي قضاء المدينة

39 عبيد الله بن محمد بن صفوان يتقلّد للمهدي قضاء المدينة حدّثنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: عبيد الله بن محمد بن صفوان الجمحي «1» ، أقدمه المنصور من مكة، فقلّده القضاء بمدينة السلام «2» ، وكان عالما أديبا. وما زال على الحكم حتى مات المنصور «3» ، فقلّده المهدي قضاء مدينة الرسول صلى الله عليه وسلّم «4» ، والحرب، والصلاة «5» ، وعزله عن قضاء بغداد «6» . قلت: كان المنصور قد جعل الحسن بن عمارة «7» على المظالم ببغداد، ثم استقضاه، فلم يلبث إلّا أياما، حتى صرفه، وولى مكانه القضاء ابن صفوان تاريخ بغداد للخطيب 10/306

40 القاضي أبو حسان الزيادي يضرب رجلا ألف سوط ويتركه في الشمس حتى يموت

40 القاضي أبو حسان الزيادي يضرب رجلا ألف سوط ويتركه في الشمس حتى يموت أخبرنا عليّ «1» ، قال: أخبرنا طلحة «2» ، قال: حدّثني أبو الحسين عمر ابن الحسن «3» ، قال: حدّثنا ابن أبي الدنيا «4» ، قال: كنت في الجسر واقفا، وقد حضر أبو حسّان الزيادي القاضي «5» ، وقد وجّه إليه المتوكل «6» من سر من رأى، بسياط جدد في منديل دبيقي، مختومة، وأمره أن يضرب عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم- وقيل أحمد بن محمد ابن عاصم- صاحب خان عاصم، ألف سوط، لأنّه شهد عليه الثقات، وأهل الستر، أنّه شتم أبا بكر وعمر، وقذف عائشة، فلم ينكر ذلك، ولم يتب منه، وكانت السياط بثمارها. فجعل يضرب بحضرة القاضي، وأصحاب الشرط قيام. فقال: أيها القاضي، قتلتني.

فقال له أبو حسّان: قتلك الحق، لقذفك زوجة الرسول، ولشتمك الخلفاء الراشدين المهديين. قال طلحة: وقيل: لما ضرب ترك في الشمس حتى مات، ثم رمي به في دجلة. تاريخ بغداد للخطيب 7/357

41 الخليفة الواثق يستقضي الحسن بن علي بن الجعد

41 الخليفة الواثق يستقضي الحسن بن علي بن الجعد أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: عزل الواثق «1» عبد الرحمن بن إسحاق «2» سنة ثمان وعشرين ومائتين، واستقضى الحسن بن علي بن الجعد «3» وكان سريّا، ذا مروءة، وكان من العلماء بمذهب أهل العراق «4» ، أخذ عن أبيه «5» ، وولي القضاء في حياة أبيه. أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: توفي الحسن بن علي بن الجعد، وأبو حسّان الزيادي في وقت واحد، وكل واحد منهما قاض، كان أحدهما على المدينة «6» ، والآخر على الشرقية «7» ، في سنة ثلاث وأربعين ومائتين، في أيام المتوكل. تاريخ بغداد للخطيب 7/364

42 جريت مع الصبا طلق الجموح

42 جريت مع الصبا طلق الجموح أخبرنا عليّ بن أبي عليّ البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العبّاس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثنا أبو عمر أحمد بن محمد السوسنجردي العسكري قال: حدّثنا ابن أبي الذيال المحدّث- بسر من رأى- قال: حضرت وليمة حضرها الجاحظ «4» ، فسمعته يقول: حضرت وليمة حضرها أبو نواس «5» ، وعبد الصمد بن المعذل «6» ، فسمعت عبد الصمد، يقول لأبي نواس: لقد أبدعت في قولك جريت مع الصبا طلق الجموح ... وهان عليّ مأثور القبيح قال أبو بكر الأنباري، أنشدني لأبي نواس: جريت مع الصبا طلق الجموح ... وهان عليّ مأثور القبيح

رأيت ألذّ عافية الليالي ... قران العود بالنغم الفصيح ومسمعة «1» إذا ما شئت غنّت ... متى كان الخيام بذي طلوح «2» تزوّد من شباب ليس يبقى ... وصل بعرى الغبوق «3» عرى الصبوح «4» وخذها من مشعشعة «5» كميت «6» ... تنزّل درة الرجل الشحيح تخيّرها لكسرى رائداه ... لها حظّان من طعم وريح ألم ترني أبحت اللهو عيني ... وعضّ مراشف الظبي المليح وأيقن رائدي أن سوف تنأى ... مسافة بين جثماني وروحي «7» تاريخ بغداد للخطيب 7/441

43 من شعر أبي عبد الله بن الحجاج

43 من شعر أبي عبد الله بن الحجاج أنشدنا عليّ «1» بن المحسّن التنوخي، قال: أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحجاج الكاتب «2» لنفسه: نمّت بسري في الهوى أدمعي ... ودلّت الواشي على موضعي يا معشر العشاق إن كنتم ... مثلي وفي حالي فموتوا معي وأنشدنا التنوخي أيضا، قال: أنشدنا أبو عبد الله بن الحجاج لنفسه: يا من إليها من ظلمها الهرب ... ردّ فؤادي أقلّ ما يجب ردّي حياتي إن كنت منصفة ... ثم إليك الرضاء والغضب ملكت قلبي فلم أفتك به ... سبحان من لا يفوته طلب تاريخ بغداد للخطيب 8/14

44 لحية القاضي العوفي تبلغ إلى ركبته

44 لحية القاضي العوفي تبلغ إلى ركبته أخبرنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد المعدّل «2» ، قال: حدّثني أحمد بن كامل «3» ، قال: حدّثنا حسين بن فهم «4» ، قال: كانت لحية العوفي «5» تبلغ إلى ركبته. تاريخ بغداد للخطيب 8/31

45 لحية القاضي العوفي تعدت كل قدر

45 لحية القاضي العوفي تعدت كل قدر أخبرنا عليّ بن أبي عليّ» ، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، قال: أنشدني أبو عبد الله التميمي، لبعضهم: لحية العوفي «4» أبدت ... ما اختفى من محسن شعري هي لو كانت شراعا ... لذوي متجر بحر جعل السير من الصين ... إلينا نصف شهر هي في الطول وفي العرض ... تعدّت كل قدر تاريخ بغداد للخطيب 8/32

46 القاضي العوفي يلقي مسائله في المناظرة من الدفتر

46 القاضي العوفي يلقي مسائله في المناظرة من الدفتر أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: الحسين بن الحسن العوفي «1» ، رجل جليل من أصحاب أبي حنيفة، وكان سليما مغفّلا، ولّاه الرشيد أيّاما ثم صرفه. وكان يجتمع في مجلسه قوم فيتناظرون، فيدعو بدفتر، فينظر فيه، ثم يلقي من المسائل، ويقول لمن يلقي عليه، أخطأت، أو أصبت، من الدفتر. وتوفي سنة إحدى ومائتين. تاريخ بغداد للخطيب 8/32

47 الحسين بن الضحاك الشاعر

47 الحسين بن الضحاك الشاعر حدّثني عليّ بن أبي عليّ «1» ، عن أبي عبيد الله المرزباني «2» ، قال: أبو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الخليع الباهلي البصري «3» ، مولى لولد سليمان بن ربيعة الباهلي، وهو شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في ضروب الشعر وأنواعه، وبلغ سنا عالية. يقال إنّه ولد في سنة اثنتين وستين ومائة، ومات في سنة خمسين ومائتين. واتصل له من مجالسة الخلفاء ما لم يتصل لأحد، إلّا لإسحاق بن إبراهيم الموصلي «4» ، فإنّه قاربه في ذلك، أو ساواه. صحب الحسين الأمين في سنة ثمان وثمانين ومائة «5» ، ولم يزل مع الخلفاء بعده إلى أيام المستعين. تاريخ بغداد للخطيب 8/55

48 الراضي يستقضي أبا محمد الحسين بن عمر

48 الراضي يستقضي أبا محمد الحسين بن عمر أخبرنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: استقضى الراضي «1» ، أبا محمد الحسين «2» بن أبي الحسين عمر «3» بن محمد «4» ابن يوسف «5» بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم. وهو أصغر من أبي نصر «6» بقليل، وهو فتى جميل الأمر، متوسط في مذهبه، وسداده، سليم الصدر، قريب من الناس، وكان محبوبا إلى الناس لأنّه يشبه أباه في الصورة والخلق. ثم مات الراضي، واستخلف المتقي لله «7» ، فأقرّه على مدينة المنصور «8» إلى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، ثم صرفه «9» . تاريخ بغداد للخطيب 8/82

49 أبو علي التنوخي ينيب عنه أبا القاسم الكوفي في القضاء بالكوفة

49 أبو علي التنوخي ينيب عنه أبا القاسم الكوفي في القضاء بالكوفة حدّثني عليّ بن المحسّن التنوخي، عن أبي القاسم الكوفي «1» ، وذكر لي أنه سمع منه ببغداد في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. قال: وسألته عن مولده، فقال: ولدت يوم السبت لثلاث بقين من المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. قال التنوخي: وكان ثقة، كثير الحديث، جيد المعرفة به، وولي القضاء بالكوفة من قبل أبي، وكان فقيها على مذهب أبي حنيفة، وكان يحفظ القرآن ويحسن قطعة من الفرائض وعلم القضاء، قيما بذلك، وكان زاهدا عفيفا. تاريخ بغداد للخطيب 8/103

50 من مخاريق الحلاج

50 من مخاريق الحلاج أنبأنا علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف الأزرق «2» ، قال: حدّثني غير واحد من الثقات من أصحابنا: أنّ الحسين بن منصور الحلّاج «3» ، كان قد أنفذ أحد أصحابه، إلى بلد من بلدان الجبل «4» ، ووافقه على حيلة يعملها. فخرج الرجل، فأقام عندهم سنين يظهر النسك والعبادة، ويقرأ القرآن ويصوم، فغلب على البلد. حتى إذا علم أنّه قد تمكّن، أظهر أنّه قد عمي، فكان يقاد إلى مسجده، وتعامى على كل أحد شهورا. ثم أظهر أنّه قد زمن «5» ، فكان يحبو، ويحمل إلى المسجد، حتى مضت سنة على ذلك، وتقرّر في النفوس زمانته وعماه. فقال لهم بعد ذلك: إنّي رأيت في النوم، كأنّ النبي صلى الله عليه وسلّم يقول لي: إنّه يطرق هذا البلد عبد الله صالح مجاب الدعوة، تكون عافيتك

على يده، وبدعائه، فاطلبوا لي كل من يجتاز من الفقراء، أو من الصوفية، فلعل الله أن يفرّج عني على يد ذلك العبد، وبدعائه، كما وعدني رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فتعلقت النفوس إلى ورود العبد الصالح، وتطلّعته القلوب. ومضى الأجل الذي كان بينه وبين الحلّاج، فقدم البلد، فلبس الثياب الصوف الرقاق، وتفرّد في الجامع بالدعاء والصلاة. وتنبهوا على خبره، فقالوا للأعمى. فقال: احملوني إليه، فلما حصل عنده، وعلم أنّه الحلّاج، قال له: يا عبد الله، إنّي رأيت في المنام، كيت وكيت، فتدعو الله لي. فقال: ومن أنا؟ وما محلي؟ فما زال به، حتى دعى له، ثم مسح يده عليه، فقام المتزامن صحيحا مبصرا. فانقلب البلد، وكثر الناس على الحلّاج، فتركهم، وخرج من البلد. وأقام المتعامي المتزامن فيه شهورا، ثم قال لهم: إنّ من حق نعمة الله عندي، وردّه جوارحي عليّ، أن أنفرد بالعبادة انفرادا أكثر من هذا، وأن يكون مقامي في الثغر «1» ، وقد عملت على الخروج إلى طرسوس «2» ، من كانت له حاجة تحمّلتها، وإلّا فأنا استودعكم الله. قال: فأخرج هذا ألف درهم، وقال: اغز بها عني، وأعطاه هذا

مائة دينار، وقال: أخرج بها غزاة من هناك، وأعطاه هذا مالا، وهذا مالا، حتى اجتمع ألوف دنانير ودراهم. فلحق بالحلّاج، فقاسمه عليها «1» . تاريخ بغداد للخطيب 8/122

51 محاكمة الحلاج وتنفيذ حكم الاعدام فيه

51 محاكمة الحلاج وتنفيذ حكم الاعدام فيه حدّثنا عليّ بن المحسّن القاضي «1» ، عن أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن زنجي الكاتب «2» عن أبيه «3» - وهو المعروف بزنجي- بما أسوقه من أخبار الحلّاج «4» إلى حين مقتله، وكان زنجي يلازم مجلس حامد بن العباس «5» ، ويرى الحلّاج، ويسمع مناظرات أصحابه. قال زنجي: أول ما انكشف من أمره في أيّام وزارة حامد بن العباس، أنّ رجلا شيخا، حسن السمة، يعرف بالدبّاس، تنصّح فيه، وذكر انتشار أصحابه، وتفرق دعاته في النواحي، وأنّه كان ممّن استجاب له، ثم تبين له مخرقته، ففارقه، وخرج عن جملته، وتقرّب إلى الله بكشف أمره. واجتمع معه على هذه الحال، أبو علي هارون بن عبد العزيز الأوارجي،

الكاتب الأنباري، وكان قد عمل كتابا، ذكر فيه مخاريق «1» الحلّاج، والحيلة فيها. والحلّاج يومئذ، مقيم عند نصر القشوري «2» ، من بعض حجره، موسّع عليه، مأذون لمن يدخل إليه. وللحلّاج إسمان، أحدهما الحسين بن منصور، والآخر محمد بن أحمد الفارسي. وكان قد استغوى نصرا، وجاز تمويهه عليه، حتى كان يسميه: العبد الصالح. وتحدّث الناس، أنّ علة عرضت للمقتدر بالله «3» في جوفه، وقف نصر على خبرها، فوصفه له، واستأذنه في إدخاله إليه، فأذن له، فوضع يده على الموضع الذي كانت فيه العلّة، وقرأ عليه، فاتّفق أن زالت العلّة. ولحق والدة المقتدر بالله «4» مثل تلك العلة، وفعل بها مثل ذلك، فزال ما وجدته. فقام للحلّاج بذلك، سوق في الدار، وعند والدة المقتدر، والخدم، والحاشية، وأسباب نصر خاصة. ولما انتشر كلام الدبّاس، وأبي علي الأوارجي في الحلّاج، بعث به المقتدر بالله، إلى أبي الحسن علي بن عيسى «5» ، ليناظره، فأحضره مجلسه،

وخاطبه خطابا فيه غلظة. فحكي في ذلك الوقت، أنّه تقدّم إليه، وقال له- فيما بينه وبينه-: قف حيث انتهيت، ولا تزد عليه شيئا، وإلّا قلبت الأرض عليك. أو كلاما في هذا المعنى. فتهيّب علي بن عيسى مناظرته، واستعفى منه، ونقل حينئذ، إلى حامد. وكانت بنت السمري، صاحب الحلّاج، قد أدخلت إليه، وأقامت عنده في دار السلطان مدة، وبعث بها إلى حامد ليسألها عمّا وقفت عليه، وشاهدته في أحواله. فدخلت إلى حامد، في يوم شات بارد، وهذه المرأة بحضرته، وكانت حسنة العبارة، عذبة الألفاظ، مقبولة الصورة. فسألها عن أمره، فذكرت أنّ أباها السمري، حملها إليه، وأنّها لما دخلت عليه، وهب لها أشياء كثيرة، عدّدت أصنافها، منها ريطة «1» خضراء، وقال لها؛ قد زوجتك ابني سليمان، وهو أعزّ ولدي عليّ، وهو مقيم بنيسابور- في موضع قد ذكرته، وأنسيته- وليس يخلو أن يقع بين المرأة وزوجها خلاف، أو تنكر منه حالا من الأحوال، وقد أوصيته بك، فمتى جرى شيء تنكرينه من جهته، فصومي يومك، واصعدي آخر النهار إلى السطح، وقومي على الرماد، واجعلي فطرك عليه، وعلى ملح جريش، واستقبليني بوجهك، واذكري لي ما أنكرتيه منه، فإنّي أسمع وأرى، قالت: وكنت ليلة نائمة في السطح، وابنة الحلّاج معي، في دار السلطان وهو معنا، فلما كان في الليل، أحسست به وقد غشيني، فانتبهت مذعورة

منكرة لما كان منه، فقال: إنّما جئت لأوقظك للصلاة. ولما أصبحنا، نزلت إلى الدار، ومعي بنته، ونزل هو، فلما صار على الدرجة، بحيث يرانا ونراه، قالت بنته: اسجدي له. فقلت لها: أو يسجد أحد لغير الله؟ وسمع كلامي لها، فقال: نعم، إله في السماء، وإله في الأرض، قال: ودعاني إليه، وأدخل يده في كمه، وأخرجها مملوءة مسكا، فدفعه إليّ، وفعل هذا مرّات، ثم قال: اجعلي هذا في طيبك، فإنّ المرأة، إذا حصلت عند الرجل، احتاجت إلى الطيب. قالت: ثم دعاني، وهو جالس في بيت البواري «1» ، فقال: ارفعي جانب البارية، وخذي من تحته ما تريدين، وأومأ إلى زاوية البيت، فجئت إليها، ورفعت البارية، فوجدت الدنانير تحتها مفروشة ملء البيت، فبهرني ما رأيت من ذلك. قال زنجي: وأقامت هذه المرأة، معتقلة في دار حامد، إلى أن قتل الحلّاج. ولما حصل الحلّاج في يد حامد، جدّ في طلب أصحابه، وأذكى العيون عليهم، وحصل في يده منهم، حيدرة «2» ، والسمري «3» ، ومحمد بن علي القنائي «4» ، والمعروف بأبي المغيث الهاشمي «5» ، واستتر المعروف بابن حماد «6» ،

وكبس منزلة، وأخذت منه دفاتر كثيرة، وكذلك من منزل محمد بن علي القنائي، في ورق صيني، وبعضها مكتوب بماء الذهب، مبطّنة بالديباج والحرير، مجلّدة بالأديم الجيّد. وكان فيما خاطبه به حامد، أول ما حمل إليه: ألست تعلم أنّي قبضت عليك بدور الراسبي، وأحضرتك إلى واسط «1» ، فذكرت في دفعة أنّك المهدي، وذكرت في دفعة أخرى أنّك رجل صالح تدعو إلى عبادة الله، والأمر بالمعروف، فكيف ادعيت بعد الألوهية؟ وكان في الكتب الموجودة، عجائب من مكاتباته أصحابه النافذين إلى النواحي، وتوصيتهم بما يدعون الناس إليه، وما يأمرهم به من نقلهم من حال إلى أخرى، ومرتبة إلى مرتبة، حتى يبلغوا الغاية القصوى، وأن يخاطبوا كل قوم، على حسب عقولهم وأفهامهم، وعلى قدر استجابتهم وانقيادهم، وجوابات لقوم كاتبوه بألفاظ مرموزة، لا يعرفها إلّا من كتبها، ومن كتبت إليه، ومدارج فيها ما يجري هذا المجرى، وفي بعضها صورة فيها اسم الله تعالى مكتوب على تعويج، وفي داخل ذلك التعويج، مكتوب: عليّ عليه السلام، كتابة لا يقف عليها إلّا من تأمّلها. وحضرت مجلس حامد، وقد أحضر السمري صاحب الحلّاج، وسأله عن أشياء من أمر الحلاج، وقال له: حدّثني بما شاهدته منه. فقال له: إن رأى الوزير أن يعفيني، فعل. فأعلمه أنّه لا يعفيه، وعاود مسألته عمّا شاهده، فعاود استعفاءه. وألحّ عليه في السؤال. فلما تردد القول بينهما، قال: أعلم أنّي إن حدثتك كذّبتني، ولم

آمن مكروها يلحقني، فوعده أن لا يلحقه مكروه. فقال: كنت معه بفارس «1» ، فخرجنا نريد اصطخر «2» في زمان شات، فلما صرنا في بعض الطريق، أعلمته بأنّي قد اشتهيت خيارا. فقال لي: في هذا المكان؟ وفي مثل هذا الوقت من الزمان؟ فقلت: هو شيء عرض لي. ولما كان بعد ساعات، قال لي: أنت على تلك الشهوة؟ فقلت: نعم. قال: وسرنا إلى سفح جبل ثلج، فأدخل يده فيه، وأخرج إليّ منه خيارة خضراء، ودفعها إليّ. فقال له حامد: فأكلتها؟ قال: نعم. فقال له: كذبت يا ابن مائة ألف زانية في مائة ألف زانية، أوجعوا فكّه. فأسرع الغلمان إليه، فامتثلوا ما أمرهم به، وهو يصيح: أليس من هذا خفنا؟ ثم أمر به، فأقيم من المجلس. وأقبل حامد يتحدّث عن قوم من أصحاب النيرنجيات «3» ، كانوا يعدون بإخراج التين، وما يجري مجراه من الفواكه، فإذا حصل ذلك في يد الإنسان، وأراد أن يأكله، صار بعرا. وحضرت مجلس حامد، وقد أحضر سفط خيازر لطيف، حمل من

دار محمد بن علي القنائي- أكبر ظني- فتقدّم بفتحه، فإذا فيه قدر جافّة خضراء، وقوارير فيها شيء يشبه لون الزئبق، وكسر خبز جافّة، وكان السمريّ حاضرا، جالسا بالقرب من أبي، فعجب من تلك القدر وتصييرها في سفط مختوم، ومن تلك القوارير- وعندنا أنّها أدهان- ومن كسر الخبز. وسأل حامد السمري عن ذلك، فدافعه في الجواب، واستعفاه منه. وألحّ عليه في السؤال، فعرّفه أنّ في ذلك القدر رجيع الحلّاج، وأنّه يستشفى به، وأنّ الذي في القوارير بوله. فعرّف حامد، ما قاله، فعجب منه من كان في المجلس، واتّصل القول في الطعن على الحلّاج. وأقبل أبي يعيد ذكر تلك الكسر، ويتعجّب منها، ومن احتفاظهم بها، حتى غاظ السمري ذلك، فقال له: هوذا أسمع ما تقول، وأرى تعجّبك من هذه الكسر، وهي بين يديك فكل منها ما شئت، ثم انظر كيف يكون قلبك للحلّاج بعد أكلك ما تأكله منها. فتهيّب أبي أن يأكلها، وتخوّف أن يكون فيها سمّ. وأحضر حامد الحلّاج، وسأله عما كان في السفط، وعن احتفاظ أصحابه برجيعه وبوله؟ فذكر أنّه شيء ما علم به، ولا عرفه. وكان يتّفق في كثير من الأيام، جلوس الحلّاج في مجلس حامد، إلى جنبي، فأسمعه يقول دائما: سبحانك، لا إله إلّا أنت، عملت سوءا، وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت. وكانت عليه مدرعة سوداء من صوف. وكنت يوما، وأبي، بين يدي حامد، ثم نهض عن مجلسه، وخرجنا

إلى دار العامة، وجلسنا في رواقها، وحضر هارون بن عمران الجهبذ «1» ، فجلس بين يدي أبي، ولم يحادثه، فهو في ذاك، إذ جاء غلام حامد الذي كان موكلا بالحلّاج، وأومأ إلى هارون بن عمران أن يخرج إليه، فنهض عن المجلس مسرعا، ونحن لا ندري ما السبب. فغاب عنّا قليلا، ثم عاد وهو متغيّر اللون جدا. فأنكر أبي ما رآه منه، وسأله عنه. فقال: دعاني الغلام الموكل بالحلّاج، فخرجت إليه، فأعلمني أنّه دخل إليه، ومعه الطبق الذي رسم أن يقدمه إليه في كل يوم، فوجده ملأ البيت من سقفه إلى أرضه، وملأ جوانبه، فهاله ما رأى من ذلك، ورمى الطبق من يده، وخرج من البيت مسرعا، وأن الغلام ارتعد، وانتفض، وحمّ، وبقي هارون يتعجّب من ذلك. وبلغ حامدا عن بعض أصحاب الحلّاج، إنّه ذكر أنّه دخل إليه، إلى الموضع الذي هو فيه، وخاطبه بما أراده، فأنكر ذلك كلّ الإنكار، وتقدّم بمساءلة الحجاب والبوابين عنه، وقد كان رسم أن لا يدخل إليه أحد، وضرب بعض البوابين، فحلفوا بالإيمان المغلظة، أنهم ما أدخلوا أحدا من أصحاب الحلّاج إليه، ولا اجتاز بهم، وتقدّم بافتقاد السطوح، وجوانب الحيطان، فافتقدوا ذلك أجمع، ولم يوجد له أثر ولا خلل. فسئل الحلّاج، عن دخول من دخل إليه، فقال: من القدرة نزل، ومن الموضع الذي وصل إليّ منه خرج.

وكان يخرج إلى حامد، في كل يوم، دفاتر، ممّا حمل من دور أصحاب الحلّاج، وتجعل بين يديه، فيدفعها إلى أبي، ويتقدّم إليه، بأن يقرأها عليه، فكان يفعل ذلك دائما. فقرأ عليه في بعض الأيام، من كتب الحلّاج، والقاضي أبو عمر «1» حاضر، والقاضي أبو الحسين ابن الأشناني «2» ، كتابا حكى فيه، أنّ الإنسان إذا أراد الحجّ، ولم يمكنه، أفرد في داره بيتا، لا يلحقه شيء من النجاسة، ولا يدخله أحد، ومنع من تطرقه، فإذا حضرت أيام الحج، طاف حوله، طوافه حول البيت الحرام، فإذا انقضى ذلك، وقضى من المناسك ما يقضي بمكة مثله، جمع ثلاثين يتيما وعمل لهم أمرأ ما يمكنه من الطعام، وأحضرهم إلى ذلك البيت، وقدّم إليهم ذلك الطعام، وتولى خدمتهم بنفسه، فإذا فرغوا من أكلهم، وغسل أيديهم، كسا كل واحد منهم قميصا، ودفع إليه سبعة دراهم، أو ثلاثة- الشكّ مني- فإذا فعل ذلك، قام له مقام الحج. فلما قرأ أبي هذا الفصل، التفت أبو عمر القاضي إلى الحلّاج، وقال له: من أين لك هذا؟ قال: من كتاب الإخلاص للحسن البصري «3» . فقال له أبو عمر: كذبت يا حلال الدم، قد سمعنا كتاب الإخلاص للحسن البصري بمكة، وليس فيه شيء مما ذكرته. فلما قال أبو عمر: كذبت يا حلال الدم، قال له حامد: اكتب بهذا. فتشاغل أبو عمر بخطاب الحلّاج، فأقبل حامد، يطالبه بالكتاب بما قاله،

وهو يدافع، ويتشاغل، إلى أن مدّ حامد الدواة من بين يديه إلى أبي عمر ودعا بدرج، فدفعه إليه. وألحّ عليه حامد بالمطالبة بالكتاب، إلحاحا لم يمكنه معه المخالفة، فكتب بإحلال دمه، وكتب بعده من حضر المجلس. ولما تبيّن الحلّاج الصورة، قال: ظهري حمى، ودمي حرام، وما يحلّ لكم أن تتأوّلوا عليّ بما يبيحه، واعتقادي الإسلام، ومذهبي السنّة، وتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح «1» ، ولي كتب في السنّة موجودة في الورّاقين، فالله الله من دمي. ولم يزل يردّد هذا القول، والقوم يكتبون خطوطهم، إلى أن استكملوا ما احتاجوا إليه، ونهضوا عن المجلس، ورد الحلّاج إلى موضعه الذي كان فيه. ودفع حامد ذلك المحضر إلى والدي، وتقدّم إليه أن يكتب إلى المقتدر بالله، بخبر المجلس، وما جرى فيه، وينفذ الجواب عنها. فكتب الرقعتين، وأنفذ الفتوى درج الرقعة إلى المقتدر بالله. وأبطأ الجواب يومين، فغلظ ذلك على حامد، ولحقه ندم على ما كتب به، وتخوّف أن يكون قد وقع غير موقعه، ولم يجد بدا من نصرة ما عمله. فكتب بخط والدي، رقعة إلى المقتدر بالله، في اليوم الثالث، يقتضي فيها ما تضمّنته الأولى، ويقول: إنّ ما جرى في المجلس، قد شاع وانتشر، ومتى لم يتبعه قتل الحلّاج، افتتن الناس به، ولم يختلف عليه اثنان، ويستأذن

في ذلك، وأنفذ الرقعة إلى مفلح «1» ، وسأله إيصالها، وتنجيز الجواب عنها، وإنفاذه إليه. فعاد الجواب من المقتدر بالله في غد ذلك اليوم، من جهة مفلح، بأن القضاة، إذا كانوا قد أفتوا بقتله، وأباحوا دمه، فليحضر محمد بن عبد الصمد صاحب الشرطة «2» ، ويتقدم إليه بتسلّمه، وضربه ألف سوط، فإن تلف تحت الضرب، وإلّا ضرب عنقه. فسرّ حامد بهذا الجواب، وزال ما كان عليه من الاضطراب، وأحضر محمد بن عبد الصمد، وأقرأه إياه، وتقدّم إليه بتسلّم الحلّاج، فامتنع من

ذلك، وذكر أنه يتخوّف أن ينتزع. فأعلمه حامد، أنّه يبعث معه غلمانه، حتى يصيروا به إلى مجلس الشرطة في الجانب الغربي. ووقع الاتفاق على أن يحضر بعد عشاء الآخرة، ومعه جماعة من أصحابه، وقوم على بغال مؤكفة، يجرون مجرى الساسة، ليجعل على واحد منها، ويدخل في غمار القوم. وأوصاه بأن يضربه ألف سوط، فإن تلف، حزّ رأسه، واحتفظ به، وأحرق جثته. وقال له حامد: إن قال لك: أجري لك الفرات ذهبا وفضة، فلا تقبل منه، ولا ترفع الضرب عنه. فلما كان بعد عشاء الآخرة، وافى محمد بن عبد الصمد، إلى حامد، ومعه رجاله، والبغال المؤكفة، فتقدّم إلى غلمانه، بالركوب معه، حتى يصل إلى مجلس الشرطة، وتقدّم إلى الغلام الموكل به، بإخراجه من الموضع الذي هو فيه، وتسليمه إلى أصحاب محمد بن عبد الصمد. فحكى الغلام: أنّه لما فتح الباب عنه، وأمره بالخروج، وهو وقت لم يكن يفتح عنه في مثله، قال له: من عند الوزير؟ فقال: محمد بن عبد الصمد. فقال: ذهبنا والله. وأخرج، وأركب بعض تلك البغال المؤكفة، واختلط بجملة الساسة، وركب غلمان حامد معه، حتى أوصلوه إلى الجسر، ثم انصرفوا. وبات هناك محمد بن عبد الصمد، ورجاله مجتمعون حول المجلس. فلما أصبح يوم الثلاثاء، لست بقين من ذي القعدة، أخرج الحلّاج إلى

رحبة المجلس «1» ، وأمر الجلّاد بضربه بالسوط، واجتمع من العامة خلق كثير لا يحصى عددهم، فضرب إلى تمام الألف سوط، وما استعفى، ولا تأوّه. بل لما بلغ إلى ستمائة سوط، قال لمحمد بن عبد الصمد: ادع بي إليك، فإن عندي نصيحة، تعدل فتح القسطنطينية. فقال له محمد: قد قيل لي إنّك ستقول هذا، وما هو أكثر منه، وليس إلى رفع الضرب عنك سبيل. ولما بلغ ألف سوط، قطعت يده، ثم رجله، ثم يده، ثم رجله، وحزّ رأسه، وأحرقت جثّته. وحضرت في هذا الوقت، وكنت واقفا على ظهر دابتي، خارج المجلس، والجثّة تقلّب على الجمر، والنيران تتوقّد، ولما صارت رمادا، ألقيت في دجلة. ونصب الرأس يومين ببغداد، على الجسر، ثم حمل إلى خراسان، وطيف به في النواحي، وأقبل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوما. واتفق أن زادت دجلة في تلك السنة، زيادة فيها فضل، فادّعى أصحابه، أنّ ذلك بسببه، ولأن الرماد خالط الماء. وزعم بعض أصحاب الحلّاج، أنّ المضروب، عدو الحلّاج، ألقي شبهه عليه. وادعى بعضهم، أنهم رأوه في ذلك اليوم، بعد الذي عاينوه من أمره، والحال التي جرت عليه، وهو راكب حمارا، في طريق النهروان، ففرحوا

به، وقال: لعلّكم مثل هؤلاء البقر الذين ظنّوا أنّي أنا المضروب والمقتول. وزعم بعضهم: أنّ دابة حوّلت في صورته. وكان نصر الحاجب بعد ذلك، يظهر الترثّي له، ويقول: إنّه مظلوم، وإنّه رجل من العبّاد. وأحضر جماعة من الوراقين، وأحلفوا على أن لا يبيعوا شيئا من كتب الحلّاج ولا يشتروها «1» . تاريخ بغداد للخطيب 8/133

52 الخليفة يدعو القاضي حفص بن غياث فيستمهله حتى يفرغ من أمر الخصوم

52 الخليفة يدعو القاضي حفص بن غياث فيستمهله حتى يفرغ من أمر الخصوم أنبأنا عليّ بن المحسّن، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني عمر بن الحسن «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم بن مساور «2» ، عن أبي هشام الرفاعي «3» : أنّ حفص بن غياث «4» كان جالسا في الشرقيّة «5» للقضاء، فأرسل إليه الخليفة «6» يدعوه. فقال له: حتى أفرغ من أمر الخصوم، إذ كنت أجيرا لهم، وأصير إلى أمير المؤمنين. ولم يقم حتى تفرّق الخصوم. تاريخ بغداد للخطيب 8/190

53 القاضي حفص بن غياث تمر أحكامه وقضاياه كالقدح

53 القاضي حفص بن غياث تمر أحكامه وقضاياه كالقدح أنبأنا عليّ بن المحسّن، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: أخبرني عبد الباقي بن قانع «1» ، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن رزق «2» ، قال: لما ولي حفص بن غياث «3» القضاء بالكوفة، قال لهم أبو يوسف «4» : اكسروا دفترا لتكتبوا فيه نوادر قضاياه، فمرت قضاياه وأحكامه كالقدح. فقالوا لأبي يوسف: أما ترى؟ قال: ما أصنع بقيام الليل. يريد أنّ الله وفّقه- بصلاة الليل- في الحكم. تاريخ بغداد للخطيب 8/193

54 الحسن بن وهب يرثي أبا تمام الطائي

54 الحسن بن وهب يرثي أبا تمام الطائي أنبأنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني «2» ، قال: أخبرني محمد بن يحيى «3» ، قال: حدّثني محمد بن موسى، قال: قال الحسن بن وهب «4» ، يرثي أبا تمام الطائي «5» . فجع القريض بخاتم الشعراء ... وغدير روضتها حبيب الطائي ماتا معا فتجاورا في حفرة ... وكذاك كانا قبل في الأحياء تاريخ بغداد للخطيب 8/252

55 مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر

55 مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر أنبأنا علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي «2» ، إملاء من حفظه، قال: حدّثنا أبي، أبو بكر يوسف بن يعقوب «3» ، وعم أبي، القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول «4» ، قال: سمعت جدي حسّان بن سنان «5» ، يقول: قدمت إلى واسط «6» متظلما من عاملنا بالأنبار «7» ، فرأيت أنس بن مالك «8» ،

في ديوان الحجاج بن يوسف «1» ، وسمعته يقول: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر. قال إسحاق بن البهلول: قد دخلت في الدعوة التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بقوله: طوبى لمن رآني، ومن رأى من رآني، ومن رأى من رأى من رآني «2» . تاريخ بغداد للخطيب 8/258

56 حسان بن سنان التنوخي أدركته بركة دعاء أنس بن مالك

56 حسان بن سنان التنوخي أدركته بركة دعاء أنس بن مالك أنبأنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثني أبو غانم محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «2» ، قال: حدّثنا أبي «3» ، قال: حدّثنا جدّي إسحاق «4» ، قال: حدّثني جدّي حسّان «5» ، قال: خرجت في وفد من أهل الأنبار، إلى الحجاج، إلى واسط، نتظلّم إليه من عامله علينا ابن الرفيل. فدخلت ديوانه، فرأيت شيخا، والناس يكتبون عنه، فسألت عنه، فقيل لي: أنس بن مالك، فوقفت عليه. فقال لي: من أين أنت؟ فقلت: من الأنبار، جئنا إلى الأمير نتظلم إليه. فقال: بارك الله فيك.

فقلت: حدّثني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يا خادم رسول الله. فقال سمعته صلى الله عليه وسلّم، يقول: مر بالمعروف، وانه عن المنكر، ما استطعت. وأعجلني أصحابي، فلم أسمع منه غير هذا الحديث. قال أبو غانم: قال أبي: كان جدي إسحاق يقول: أرجو أن أكون ممّن سبقت فيه، دعوة النبي صلى الله عليه وسلّم، بقوله (طوبى لمن رآني، ولمن رأى من رآني، ولمن رأى من رأى من رآني) . قال أبو غانم: وكان من بركة دعاء أنس لحسان، أنّه عاش مائة وعشرين سنة، وخرج من أولاده جماعة فقهاء، وقضاة، ورؤساء، وصلحاء، وكتّاب، وزهاد. ولد حسّان سنة ستين للهجرة، ووفاته في سنة ثمانين ومائة. تاريخ بغداد للخطيب 8/259

57 حسان بن سنان التنوخي كان نصرانيا، وأسلم

57 حسان بن سنان التنوخي كان نصرانيا، وأسلم حدّثني عليّ بن المحسّن القاضي، عن أحمد بن يوسف الأزرق، عن مشايخ أهله، قال: كان جدنا حسّان بن سنان، يكنى أبا العلاء، وولد بالأنبار في سنة ستين من الهجرة على النصرانية، وكانت دينه، ودين آبائه، ثم أسلم، وحسن إسلامه. وكانت له حين أسلم ابنة بالغ، فأقامت على النصرانية، فلما حضرتها الوفاة، وصّت بمالها لديرة تنوخ بالأنبار. وكان حسّان، يتكلم ويقرأ ويكتب، بالعربية، وبالفارسية، وبالسريانية، ولحق الدولتين. فلما قلّد أبو العباس السفاح، ربيعة الرأي، القضاء بالأنبار، وهي إذ ذاك حضرته، أتي بكتب مكتوبة بالفارسية، فلم يحسن أن يقرأها، فطلب رجلا ديّنا، ثقة، يحسن قراءتها، فدلّ على حسّان بن سنان، فجاء به، فكان يقرأ له الكتب بالفارسية. فلما اختبره، ورضي مذاهبه، استكتبه على جميع أمره. وكان حسّان قبل ذلك، رأى أنس بن مالك، خادم النبي صلى الله عليه وسلّم، وروى عنه، ولا يعلم هل رأى غيره من الصحابة أم لا. ومات جدنا حسّان، وله مائة وعشرون سنة. تاريخ بغداد للخطيب 8/259

58 افتتح القضاء بأعورين

58 افتتح القضاء بأعورين أنبأنا عليّ بن المحسّن «1» ، قال: أنبأنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني محمد بن جرير الطبري «3» إجازة: أنّ المتوكل «4» أشخص يحيى بن أكثم «5» من بغداد إلى سر من رأى «6» ، بعد القبض على ابن أبي دؤاد «7» فولاه قضاء القضاة في سنة سبع وثلاثين ومائتين «8» ، وعزل عبد السلام- يعني الوابصي «9» - وولي مكانه سوّار بن عبد الله بن سوّار العنبري «10» ، ويكنى أبا عبد الله، على الجانب الشرقي «11» ، وقلّد حبّان بن بشر،

الأسدي «1» ، الشرقية «2» ، وخلع عليها في يوم واحد، وكانا أعورين، فأنشدني عبيد الله بن محمد الكاتب «3» ، لدعبل «4» : رأيت من الكبائر قاضيين ... هما أحدوثة في الخافقين قد اقتسما العمى نصفين قدّا ... كما اقتسما قضاء الجانبين وتحسب منهما من هزّ رأسا ... لينظر في مواريث ودين كأنّك قد جعلت عليه دنّا ... فتحت بزاله من فرد عين هما فأل الزمان بهلك يحيى ... إذ افتتح القضاء بأعورين تاريخ بغداد للخطيب 8/285

59 من شعر خالد الكاتب

59 من شعر خالد الكاتب أنبأنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أنشدنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: أنشدنا محمد بن القاسم الأنباري «3» ، لخالد الكاتب «4» : قدّ القضيب حكى رشاقة قدّه ... والورد يحسد ورده في خدّه والشمس جوهر نورها من نوره ... والبدر أسعد سعده من سعده خشف أرقّ من البهاء بهاؤه ... ومن الفرند المحض في إفرنده لو مكّنت عيناك من وجناته ... لرأيت وجهك في صفيحة خدّه قال: وله أيضا: الله جارك يا سمعي ويا بصري ... من العيون التي ترميك بالنظر ومن نفاسة خدّيك اللذين لك ال ... معنى وقد وسما بالشمس والقمر فحاسناك، فما فازا بحسنهما ... وخاطراك، فما فاتاك بالخطر من كان فيك إلى العذال معتذرا ... من الأنام فإنّي غير معتذر تاريخ بغداد للخطيب 8/310

60 أبو سعد داود بن الهيثم ابن إسحاق بن البهلول التنوخي الأنباري

60 أبو سعد داود بن الهيثم ابن إسحاق بن البهلول التنوخي الأنباري حدّثني علي بن المحسّن التنوخي، قال: قال لنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «1» : كان أبو سعد داود بن الهيثم «2» أسن من القاضي أبي جعفر أحمد بن إسحاق البهلول «3» ، ومن أبي «4» . ولد أبو سعد في سنة تسع وعشرين ومائتين، وولد القاضي أبو جعفر في المحرم سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وولد أبي في سنة ثمان وثلاثين ومائتين. وكان أبي، والقاضي أبو جعفر، يريان فضل أبي سعد، وضبطه، ويقدمانه عليهما. وكان أبي يقول: أبو سعد، أدّبني، وعلّمني. وكان «5» أخذ بيد إسحاق بن البهلول «6» ، حين أدخله على المتوكل «7» ،

لما استحضره للسماع «1» ، فلما أراد إسحاق أن يقرأ على المتوكل، فضائل العباس، تقدّم إلى أبي سعد، فقرأها عليه، والمتوكل يسمع. قال علي بن المحسّن: وكان فصيحا، نحويا، لغويا، حسن العلم بالعروض، واستخراج المعمّى «2» ، وصنّف كتبا في اللغة والنحو على مذهب الكوفيين، وله كتاب كبير في خلق الإنسان «3» ، متداول. وكان أخذ عن يعقوب بن السكيت «4» ، ولقي ثعلبا «5» ، فحمل عنه، وكان يقول الشعر الجيّد، ولقي من الأخباريين جماعة، منهم حماد بن إسحاق بن إبراهيم الموصلي «6» . حدّثني عليّ بن المحسّن، عن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: كان أبو سعد داود بن الهيثم، كثير الحديث، كثير الحفظ للأخبار، والآداب، والنحو، واللغة، والأشعار، ولد بالأنبار، ومات بها في سنة ست عشرة وثلاثمائة. قال علي بن المحسّن: وقال لنا أبو الحسن بن الأزرق: مات أبو سعد، داود بن الهيثم وله ثمان وثمانون سنة. تاريخ بغداد للخطيب 8/379

61 لماذا عرف بالثلاج

61 لماذا عرف بالثلاج أخبرنا أبو منصور القزاز «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت «2» قال: حدّثني التنوخي، قال: قال لنا ابن الثلّاج «3» : ما باع أحمد من سلفنا ثلجا قط، وإنما كانوا بحلوان «4» ، وكان جدي مترفا، فكان يجمع له في كل سنة ثلج كثير لنفسه. فاجتاز الموفّق «5» ، أو غيره من الخلفاء، فطلب ثلجا، فلم يوجد إلّا عند جدي، وأهدى إليه منه، فوقع منه موقعا لطيفا، وطلبه منه أياما كثيرة، طول مقامه، وكان يحمله إليه. فقال: اطلبوا عبد الله الثلاج، واطلبوا ثلجا من عند عبد الله الثلّاج، فعرف بالثلاج، وغلب عليه. المنتظم 7/192

62 ترفق بأهل الجهل إن كنت ساقيا

62 ترفق بأهل الجهل إن كنت ساقيا حدّثني علي بن المحسّن «1» ، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني «2» ، قال: زرّاع بن عروة الحنفي «3» ، شاعر محدث من أهل اليمامة «4» ورد بغداد، ومات بها، وهو القائل: فقد قال زرّاع، فكن عند قوله: ... ترفّق بأهل الجهل إن كنت ساقيا وجدت أقلّ الناس عقلا إذا انتشى ... أقلّهم عقلا إذا كان صاحيا يزيد حسى الكأس السفيه سفاهة ... ويترك أحلام الرجال كما هيا تاريخ بغداد للخطيب 8/493

63 ضم يا ضمام، واحذر لا تنام

63 ضم يا ضمام، واحذر لا تنام حدّثنا التنوخي قال: سرق أصحاب الحديث نعل أبي زيد «1» ، فكان إذا جاء أصحاب الشعر والعربية والأخبار، رمى بثيابه، ولم يتفقّدها، وإذا جاء أصحاب الحديث، جمعها كلّها، وجعلها بين يديه، وقال: ضم يا ضمّام، واحذر لا تنام. تاريخ بغداد للخطيب 9/79

64 رأي أبي زيد الأنصاري في أبي عبيدة والأصمعي

64 رأي أبي زيد الأنصاري في أبي عبيدة والأصمعي أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدثنا أحمد بن عبيد «3» ، قال: سئل أبو زيد الأنصاري «4» عن أبي عبيدة «5» والأصمعي «6» ، فقال: كذابان. وسئلا عنه، فقالا: ما شئت من عفاف، وتقوى، وإسلام. تاريخ بغداد للخطيب 9/79

65 السري الرفاء يستهدي قدحا

65 السري الرفاء يستهدي قدحا أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أنشدنا أحمد بن علي، المعروف بالهائم «2» ، قال: أنشدنا السري بن أحمد الرفاء «3» - لنفسه- وكتب بها إلى صديق «4» له، كان أهدى إليه قدحا حسنا، فسقط من يده فانكسر: يا من لديه العفاف والورع ... وشيمتاه العلاء والرفع كأسك قد فرقت مفاصله ... بين الندامى فليس تجتمع كأنّما الشمس بينهم سقطت ... فجسمها في أكفهم قطع لو لم أكن واثقا بمشبهه ... منك لكاد الفؤاد ينصدع فجد به بدعة فعندي من ... جودك أشياء كلها بدع تاريخ بغداد للخطيب 9/194

66 أعجمي يتنقص الإمام عليا فيضرب ويطرد

66 أعجمي يتنقص الإمام عليا فيضرب ويطرد حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخيّ، عن أحمد بن يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «1» ، قال: أخبرني أبي «2» وعمّي «3» ، أنّه كان بالأنبار قوم لا يرتقون في الخلافة والفضل بعليّ بن أبي طالب، منهم الوضاح بن حسان- رجل من الأعاجم- وكان إسحاق بن البهلول «4» ، يحضر مجلسه، والناس متوافرون عليه، لعلوّ إسناده. فصار إسحاق إليه يوما، وهو يحدّث في مسجده، وحواليه زهاء ألف إنسان، فسأله عن علي بن أبي طالب، فلم يلحقه بأبي بكر وعمر وعثمان. فخرق إسحاق دفترا كان بيده، فيه سماع منه له، وضرب به رأسه. فانفض الناس عن الوضاح، وأقعد إسحاق في مكانه رجلا، كان أقام بالأنبار، ثم خرج إلى الثغر، يعرف بسمرة بن حجر الخراساني «5» ، صاحب سنّة، فحدّث بفضائل الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم، وكتب عنه إسحاق، فكتب الناس عنه. تاريخ بغداد للخطيب 9/228

67 شبيب بن شيبة يفزع إليه أهل البصرة في قضاء حوائجهم

67 شبيب بن شيبة يفزع إليه أهل البصرة في قضاء حوائجهم أخبرنا عليّ بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم «2» ، ومحمد بن عبد الرحمن بن العباس «3» ، قالا: حدّثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري «4» ، قال: حدّثنا أبو يعلى زكريا بن يحيى المنقري «5» ، قال: حدّثنا الأصمعي «6» ، قال: كان شبيب بن شيبة «7» ، رجلا شريفا، يفزع إليه أهل البصرة في حوائجهم، فكان يغدو في كل يوم ويركب.

فإذا أراد أن يغدو، أكل من الطعام شيئا قد عرفه، فنال منه، ثم ركب. فقيل له: إنّك تباكر الغداء. فقال: أجل، أطفي به فورة جوعي، وأقطع به خلوف فمي، وأبلغ به في قضاء حوائجي، فإنّي وجدت خلاء الجوف، وشهوة الطعام، يقطعان الحكيم عن بلوغه في حاجته، ويحمله ذلك على التقصير فيما به إليه الحاجة، وإنّي رأيت النهم لا مروءة له، ورأيت الجوع داء من الداء، فخذ من الطعام ما يذهب عنك النهم، وتداوي به داء الجوع «1» . تاريخ بغداد للخطيب 9/276

68 من حكم شبيب بن شيبة

68 من حكم شبيب بن شيبة أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «1» ، قال: حدّثنا أبو العباس بن محمد، قال: سمعت أبا العباس المبرد «2» يقول: قال شبيب بن شيبة «3» : من سمع كلمة يكرهها، فسكت، انقطع عنه ما يكرهه، وإن أجاب، سمع أكثر ممّا يكره. تاريخ بغداد للخطيب 9/276

69 علام يؤتى المرء

69 علام يؤتى المرء أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا علي بن الحسن الجراحي «1» قال: حدّثني سهل بن إسماعيل الجوهري «2» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله ابن الضريس النحوي، قال: حدّثنا عبد الله بن الحكم الحربي، قال: حدّثنا محمد بن شبيب النحوي، قال: حدّثنا الشرقي بن القطامي «3» ، قال: دخلت على المنصور «4» ، فقال: يا شرقي، علام يؤتى المرء؟ فقلت: أصلح الله الخليفة، على معروف قد سلف، ومثله يؤتنف، أو قديم شرف، أو علم مطّرف. تاريخ بغداد للخطيب 9/278

70 العباس الخياط لا يثمر فيه الإحسان

70 العباس الخياط لا يثمر فيه الإحسان أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: أنشدنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: أنشد أبو القاسم التوزي، أبي «3» ، وأنا أسمع، للعباس الخياط في صالح بن أحمد بن حنبل «4» : جاد بدينارين لي صالح ... أصلحه الله وأخزاهما فواحد تحمله ذرّة ... ويلعب الريح بأقواهما بل لو وزنّا لك ظلّيهما ... ثمّ عمدنا فوزنّاهما لكان- لا كانا ولا أفلحا- ... عليهما يرجّح ظلّاهما تاريخ بغداد للخطيب 9/318

71 من شعر ابن الأعرابي

71 من شعر ابن الأعرابي أخبرنا عليّ بن المحسّن المعدّل «1» ، حدّثنا أحمد بن محمد بن يعقوب الكاغدي «2» ، قال: حدّثنا محمد بن أحمد الحكمي «3» ، قال: حدّثنا أبو توبة، صالح بن محمد بن دراج الكاتب «4» ، قال: أنشدنا ابن الأعرابي «5» : كانت سليمى إذا ما جئت طارقها ... وأخمد الليل نار الموقد الصالي قارورة من عبير عند ذي لطف ... من الدنانير كالوه بمثقال تاريخ بغداد للخطيب 9/319

72 القاضي التنوخي ينيب عنه صدقة بن علي الموصلي على قضاء نصيبين وأعمالها

72 القاضي التنوخي ينيب عنه صدقة بن علي الموصلي على قضاء نصيبين وأعمالها أخبرنا التنوخي، [عن أبيه] ، قال: حدّثنا صدقة بن علي الموصلي «1» - وكان خليفة أبي «2» ، على قضاء نصيبين وأعمالها- قرأ علينا من لفظه، في منزلنا ببغداد، في ذي القعدة من سنة سبعين وثلاثمائة، بعد أن كتبه لنا من حفظه: حدّثنا إبراهيم بن ثمامة الحنفي، بمصر، قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد «3» ، قال: حدّثنا مالك بن أنس «4» ، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلّم، قال: إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن. قال التنوخي: ذكر لنا صدقة، أنّه ولد في سنة سبع وثلاثمائة. تاريخ بغداد للخطيب 9/335

73 لا عار في الصرف إذا بقيت المحاسن محروسة

73 لا عار في الصرف إذا بقيت المحاسن محروسة حدّثني عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: لما عزل صاعد بن محمد «1» عن قضاء نيسابور «2» بأستاذه أبي الهيثم عتبة بن خيثمة، كتب إليه أبو بكر محمد ابن موسى الخوارزمي «3» ، هذين البيتين، وأنشدهما لنفسه: وإذا لم يكن من الصرف بدّ ... فليكن بالكبار لا بالصغار وإذا كانت المحاسن بعد ال ... صرف محروسة فليس بعار تاريخ بغداد للخطيب 9/344

74 المنصور العباسي يضرب أسوأ الأمثال في القسوة

74 المنصور العباسي يضرب أسوأ الأمثال في القسوة أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: وجدت في كتاب جدّي علي ابن محمد بن أبي الفهم «1» قال: حدّثني أحمد بن أبي العلاء المعروف بحرمي «2» ، قال: حدّثنا أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أبان «3» ، قال: حدّثني أبو معقل، وهو ابن إبراهيم بن داحة، قال: حدّثني أبي، قال: أخذ أبو جعفر «4» ، أمير المؤمنين، عبد الله بن حسن بن حسن «5» ، فقيّده، وحبسه في داره. فلما أراد أبو جعفر الخروج إلى الحج، جلست له ابنة لعبد الله بن حسن، يقال لها: فاطمة، فلما أن مرّ بها أنشأت تقول: ارحم كبيرا سنّه متهدّما ... في السجن بين سلاسل وقيود

وارحم صغار بني يزيد إنّهم ... يتموا لفقدك لا لفقد يزيد أرجوك بالرحم القريبة بيننا ... ما جدّنا من جدكم ببعيد فقال أبو جعفر: أذكرتنيه، ثم أمر به فحدر إلى المطبق، وكان آخر العهد به «1» . قال ابن داحة: يزيد هذا أخ لعبد الله بن حسن. قال إسحاق بن محمد: فسألت زيد بن عليّ بن حسين بن زيد بن علي، وهو عند الزينبي محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام، عن هذا الحديث، وأخبرته بقول إبراهيم بن داحة، في يزيد هذا. فقال: لم يقل شيئا، ليس في ولد علي بن أبي طالب يزيد، وإنما هذا شيء تمثّلت به، ويزيد هو ابن معاوية بن عبد الله بن جعفر. تاريخ بغداد للخطيب 9/432

75 القاضي عبد الله بن أبي الشوارب

75 القاضي عبد الله بن أبي الشوارب أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب «1» ، من سروات الرجال، وله قدر وجلالة. استقضاه المكتفي بالله «2» على مدينة المنصور «3» ، في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين ومائتين «4» ، وما زال على قضاء المدينة إلى سنة ست وتسعين ومائتين «5» ، فإن المقتدر «6» نقله إلى القضاء بالجانب الشرقي «7» . تاريخ بغداد للخطيب 10/10

76 المنصور يضرب قهرمانه سبع درر

76 المنصور يضرب قهرمانه سبع درر قرأت على علي بن أبي علي البصري «1» ، عن إبراهيم بن محمد الطبري «2» ، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الهجيمي، قال: حدّثنا أبو العيناء «3» ، قال: دخل المنصور «4» من باب الذهب، فإذا بثلاثة قناديل مصطفّة. فقال: ما هذا، أما واحد من هذا كان كافيا؟ يقتصر من هذا على واحد. قال: فلما أصبح، أشرف على الناس وهم يتغدّون، فرأى الطعام قد خفّ من بين أيديهم، قبل أن يشبعوا. فقال: يا غلام، عليّ بالقهرمان. قال: ما لي رأيت الطعام قد خفّ من بين أيدي الناس قبل أن يشبعوا؟ قال: يا أمير المؤمنين، رأيتك، قد قدرت الزيت، فقدرت الطعام. فقال له: وأنت لا تفرّق بين زيت يحترق في غير ذات الله، وهذا طعام إذا فضل وجدت له آكلا؟ ابطحوه. قال: فبطحوه، فضربه سبع درر «5» . تاريخ بغداد للخطيب 10/56

77 قطن بن معاوية الغلابي يستسلم للمنصور

77 قطن بن معاوية الغلابي يستسلم للمنصور أخبرنا التنوخي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا أيوب بن عمرو بن أبي عمرو- أبو سلمة الغفاري- قال: حدّثني قطن ابن معاوية الغلابي، قال: كنت ممّن سارع إلى إبراهيم «2» ، واجتهد معه. فلما قتل، طلبني أبو جعفر «3» ، واستخفيت، فقبض أموالي ودوري. ولحقت بالبادية، فجاورت في بني نصر بن معاوية، ثم في بني كلاب، ثم في بني فزارة، ثم في بني سليم، ثم تنقّلت في بلاد قيس أجاورهم. حتى ضقت ذرعا بالاستخفاء، فأزمعت على القدوم على أبي جعفر، والاعتراض له. فقدمت البصرة، فنزلت في طرف منها، ثم أرسلت إلى أبي عمرو بن العلاء، وكان لي ودّا، فشاورته في الذي أزمعت عليه. ففيّل «4» رأيي، وقال: والله إذن ليقتلنّك، وإنك لتعين على نفسك.

فلم ألتفت إليه، وشخصت، حتى قدمت بغداد، وقد بني أبو جعفر مدينته ونزلها «1» ، وليس من الناس أحد يركب فيها، ما خلا المهدي «2» . فنزلت الخان «3» ، ثم قلت لغلماني: أنا ذاهب إلى أمير المؤمنين، فأمهلوا ثلاثا، فإن جئتكم، وإلّا فانصرفوا. ومضيت حتى دخلت المدينة، فجئت دار الربيع «4» ، وهو يومئذ داخل المدينة، في الشارعة على قصر الذهب «5» . فلم يلبث أن خرج يمشي، فقام إليه الناس، وقمت معهم، فسلمت عليه، فردّ عليّ السلام.

وقال: من أنت؟ قلت: قطن بن معاوية. قال: أنظر ما تقول؟ قلت: أنا هو. فأقبل على مسودّة «1» معه، فقال: احتفظوا بهذا. قال: فلما حرست، لحقتني ندامة، وتذكرت رأي أبي عمرو، فتأسّفت عليه. ودخل الربيع، فلم يطل، حتى خرج بخصيّ، فأخذ بيدي، فأدخلني قصر الذهب، ثم أتى بيتا حصينا، فأدخلني فيه، ثم أغلق بابه وانطلق. فاشتدت ندامتي، وأيقنت بالبلاء، وخلوت بنفسي ألومها. فلما كانت الظهر، أتاني الخصيّ بماء، فتوضّأت وصلّيت، وأتاني بطعام، فأخبرته بأنّي صائم. فلما كانت المغرب، أتاني بماء، فتوضأت وصلّيت، وأرخى عليّ الليل سدوله، فيئست من الحياة. وسمعت أبواب المدينة تغلق، وأقفالها تشدد، فامتنع عنّي النوم. فلما ذهب صدر الليل، أتاني الخصيّ، ففتح عنّي، ومضى بي، فأدخلني صحن دار، ثم أدناني من ستر مسدول، فخرج علينا خادم، فأدخلنا، فإذا أبو جعفر وحده، والربيع قائم في ناحية. فأكبّ أبو جعفر هنيهة مطرقا، ثم رفع رأسه، فقال: هيه. قلت: يا أمير المؤمنين، قد والله جهدت عليك جهدي، فعصيت أمرك، وواليت عدوّك، وحرصت على أن أسلبك ملكك، فإن عفوت فأنت أهل

لذاك، وإن عاقبت فبأصغر ذنوبي تقتلني. قال: فسكت هنيهة، ثم قال: هيه. فأعدت مقالتي. فقال: فإنّ أمير المؤمنين قد عفا عنك. فقلت: يا أمير المؤمنين، فإنّي أصير من وراء بابك، فلا أصل إليك، وضياعي ودوري، فهي مقبوضة، فإن رأى أمير المؤمنين، أن يردّها، فعل. فدعا بالدواة، ثم أمر خادما، فكتب بإملائه، إلى عبد الملك بن أيّوب النميري، وهو يومئذ على البصرة «1» : انّ أمير المؤمنين، قد رضي عن قطن ابن معاوية وردّ عليه ضياعه ودوره، وجميع ما قبض له، فاعلم ذلك، وأنفذه له إن شاء الله. قال: ثم ختم الكتاب، ودفعه إليّ. فخرجت من ساعتي، لا أدري أين أذهب، فإذا الحرس بالباب، فجلست بجانب أحدهم أحدّثه. فلم ألبث أن خرج علينا الربيع، فقال: أين الرجل الذي خرج آنفا؟ فقمت إليه. فقال: انطلق أيها الرجل، فقد والله سلمت. فانطلق بي إلى منزله، فعشّاني، وأفرشني. فلما أصبحت، ودّعته، وأتيت غلماني، فأرسلتهم يكترون لي،

فوجدوا صديقا لي من الدهاقين «1» ، من أهل ميسان «2» ، قد اكترى سفينة لنفسه، فحملني معه. فقدمت على عبد الملك بن أيّوب، بكتاب أبي جعفر، فأقعدني عنده، فلم أقم حتى ردّ عليّ جميع ما اصطفي لي. تاريخ بغداد للخطيب 10/58

78 القاضي عبد الله بن محمد رافق الرشيد وهلك بطوس

78 القاضي عبد الله بن محمد رافق الرشيد وهلك بطوس أخبرنا علي بن أبي عليّ «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المخلص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة «6» ولّاه أمير المؤمنين الرشيد «7» قضاء المدينة، وكان معه حتى هلك بطوس «8» ، مخرج

أمير المؤمنين الرشيد إلى خراسان «1» ، الذي هلك فيه الرشيد «2» . تاريخ بغداد للخطيب 10/61

79 القاضي عبد الله بن محمد الخلنجي وعفته وديانته

79 القاضي عبد الله بن محمد الخلنجي وعفته وديانته حدّثنا علي بن المحسّن، أنّ طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: عزل الواثق «2» ، عبد الرحمن بن إسحاق «3» واستقضى عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي يزيد الخلنجي «4» ، وكان من أصحاب أبي عبد الله بن أبي دؤاد «5» ، حاذقا بالفقه على مذهب أبي حنيفة، واسع العلم، ضابطا، وكان يصحب ابن سماعة «6» ، وتقلّد المظالم «7» بالجبل «8» . فأخبر ابن أبي دؤاد أنه مستقلّ عالم بالقضاء ووجوهه، فسأل عنه ابن سماعة، فشهد له، فكلم ابن أبي دؤاد المعتصم «9» ، فولاه قضاء همذان «10» ،

فأقام نحوا من عشرين سنة لا يشكى، وتلطّف له محمد بن الجهم في مال عظيم فلم يقبله. ولما ولي الشرقية «1» ، ظهرت عفته، وديانته، لأهل بغداد، وكان فيه كبر شديد. وكتب إليه المعتصم في أن يمتحن الناس «2» ، وكان يضبط نفسه، فتقدّمت إليه امرأة فقالت: إنّ زوجي لا يقول بقول أمير المؤمنين في القرآن، ففرّق بيني وبينه، فصاح عليها. فلما كان في سنة سبع وثلاثين، في جمادى، عزله المتوكل «3» ، وأمر أن يكشف، ليفضحه، بسبب ما امتحن الناس في خلق القرآن. فأخبرني الطبري محمد بن جرير، قال: أقيم الخلنجي «4» للناس سنة سبع وثلاثين ومائتين. قال طلحة: وأخبرني عمر بن الحسن «5» ، قال: كشف الخلنجي، فما انكشف عليه أنّه أخذ حبّة واحدة. تاريخ بغداد للخطيب 10/73

80 يا نفس صبرا لعل الخير عقباك

80 يا نفس صبرا لعل الخير عقباك أخبرنا علي بن المحسّن المعدّل «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: أخبرنا أبو بكر الصولي «3» ، قال: كان القاسم بن عبيد الله الوزير «4» ، قد تقدم عند وفاة المعتضد بالله «5» ، إلى صاحب الشرطة، مؤنس الخادم «6» ، أن يوجه إلى عبد الله بن المعتز «7» ، وقصي ابن المؤيد «8» ، وعبد العزيز بن المعتمد «9» ، فيحبسهم في دار، ففعل ذلك. فكانوا محبسين خائفين، إلى أن قدم المكتفي بالله «10» بغداد، فعرف خبرهم، فأمر بإطلاقهم، ووصل كل واحد منهم بألف دينار.

قال: فحدّثنا ابن المعتز، قال: سهرت ليلة دخل في صبيحتها المكتفي إلى بغداد «1» ، فلم أنم خوفا على نفسي، وقلقا بوروده. فمرت بي في السحر «2» طير فصاحت، فتمنّيت أن أكون مخلّى مثلها، لما يجري عليّ من النكبات. ثم فكّرت في نعم الله عليّ، وما خاره لي من الإسلام، والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وما أؤمّله من البقاء الدائم في الآخرة، فقلت في الحال: يا نفس صبرا لعلّ الخير عقباك ... خانتك من بعد طول الأمن دنياك مرّت بنا سحرا طير فقلت لها ... طوباك يا ليتني إيّاك طوباك لكن هو الدهر فالقيه على حذر ... فربّ مثلك تنزو بين إشراك تاريخ بغداد للخطيب 10/98

81 أبو القاسم بن بنت منيع يفيد مائتي دينار من نسخ مغازي ابن إسحاق

81 أبو القاسم بن بنت منيع يفيد مائتي دينار من نسخ مغازي ابن إسحاق حدّثنا علي بن أبي عليّ المعدّل «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر البزاز «2» ، قال: حدّثني أبو القاسم بن بنت منيع «3» ، قال: كنت أورّق، فسألت جدّي أحمد بن منيع «4» أن يمضي معي إلى سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي «5» ، يسأله أن يعطيني الجزء الأول من المغازي عن أبيه «6» ، عن ابن إسحاق «7» ، حتى أورّقه عليه. فجاء معي، وسأله، فأعطاني الجزء الأول، فأخذته وطفت به.

فأوّل ما بدأت بأبي عبد الله بن المغلس، وأريته الكتاب، وأعلمته أنّي أريد أن أقرأ المغازي على سعيد الأموي، فدفع إليّ عشرين دينارا، قال: اكتب لي منه نسخة. ثم طفت بعده بقيّة يومي، فلم أزل آخذ من عشرين دينارا إلى عشرة دنانير، وأكثر وأقل، إلى أن حصل معي في ذلك اليوم مائتا دينار. فكتبت نسخا لأصحابها بشيء يسير من ذلك وقرأتها لهم، واستفضلت الباقي «1» . تاريخ بغداد للخطيب 10/113

82 ثلاثة يسلمن إلى الأجل

82 ثلاثة يسلمن إلى الأجل أنشدني القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أنشدني أبو محمد عبد الله ابن محمد البافي «1» ، لنفسه: ثلاثة ما اجتمعن في رجل ... إلّا وأسلمنه إلى الأجل ذل اغتراب، وفاقة، وهوى ... وكلّها سائق على عجل يا عاذل العاشقين إنّك لو ... أنصفت رفّهتهم عن العذل فإنهم- لو عرفت صورتهم- ... عن عذل العاذلين في شغل تاريخ بغداد للخطيب 10/140

83 رأي ابن مهدي في سفيان ومالك وشعبة وابن المبارك

83 رأي ابن مهدي في سفيان ومالك وشعبة وابن المبارك أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الصفار» ، قال: حدّثنا أبو علي أحمد بن علي بن شعيب المدائني بمصر، قال: حدّثنا محمد بن عمر، وهو ابن نافع المعدّل، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن شبويه، قال: حدّثنا الثقة عن ابن مهدي قال: ما رأيت رجلا أعلم بالحديث من سفيان الثوري «3» ، ولا أحسن عقلا من مالك «4» ، ولا أقشف من شعبة «5» ، ولا أنفع لهذه الأمة من عبد الله بن المبارك «6» . تاريخ بغداد للخطيب 10/160

84 عبد الله بن مصعب يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم

84 عبد الله بن مصعب يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس «2» وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: حدّثني محمد بن مسلمة المخزومي قال: كان مالك بن أنس «6» ، إذا ذكر عبد الله بن مصعب «7» ، قال: المبارك. وكان يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم، وكان في صحابة أمير المؤمنين المهدي، وولّاه اليمامة «8» . فقال له: يا أمير المؤمنين، إنّي أقدم بلدا أنا جاهل بأهله، فأعنّي

برجلين من أهل المدينة، لهما فضل وعلم، عبد العزيز بن محمد الدراوردي وعبد الله بن محمد بن عجلان، فأعانه بهما، وكتب في إشخاصهما إليه. قال الزبير «1» : وحدّثني عمّي مصعب بن عبد الله «2» ، قال: كان سبب اتصال عبد الله بن مصعب بأمير المؤمنين المهدي، أنّ أمير المؤمنين المهدي، قدم المدينة سنة ستين ومائة «3» ، فدقّ المقصورة «4» وجلس للناس في المسجد، فجعلوا يدخلون عليه، ويأمر لهم بالجوائز، ويحضرهم الشفعاء من وزرائه. وكان رجال قد أحسّوا بجلوس أمير المؤمنين المهدي، وما يزيد في الناس، وطلبوا الشفاعات. ودخل عليه عبد الله بن مصعب بغير شفيع، وكان وسيما جميلا، ومفوها فصيحا، وقد عرفت له مروءته وقدره بالبلد، قبل ذلك. فتكلم بين يدي أمير المؤمنين المهدي، فأعجب به، وألحق جائزته بأفضل جوائزهم، وكساه كسوة خاصة، وأدخله في صحابته، وخرج به معه إلى بغداد. فقال عبد الله بن مصعب: ولمّا وجّه الشفعاء قوما ... علا خطبي فجلّ عن الشفيع

وجاء يدافع الأركان عنّي ... أب لي في ذرى ركن منيع أب يترنّح الأبناء منه ... إذا انتسبوا إلى الشرف الرفيع سعى فحوى المكارم ثم ألقى ... مساعيه إلى غير المضيع فورّثني على رغم الأعادي ... مساعي لا ألفّ ولا وضيع فقمت بلا تنحّل خارجي ... إذا عدّ الفعال ولا بديع فإن يك قد تقدّمني صنيع ... يشرّفني فما وفّى صنيعي وكانت له من أمير المؤمنين المهدي، ومن أمير المؤمنين موسى، ومن أمير المؤمنين هارون الرشيد، خاصة ومنزلة «1» . تاريخ بغداد للخطيب 10/173

85 مد لك الله الحياة مدا

85 مد لك الله الحياة مدا أخبرنا علي بن أبي علي المعدل «1» ، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «3» ، قال: حدّثنا أبو الفضل الربعي، قال: لما ولد جعفر «4» بن المأمون، المعروف بابن بخّة، دخل المهنئون على المأمون «5» ، فهنأوه بصنوف من التهاني. وكان فيمن دخل العباس بن الأحنف «6» ، فمثل بين يديه قائما، ثم أنشأ يقول: مدّ لك الله الحياة مدّا ... حتى يريك ابنك هذا جدّا ثم يفدّي مثلما تفدّى ... كأنّه أنت إذا تبدّا أشبه منك قامة وقدّا ... موزّرا بمجده مردّى فأمر له المأمون بعشرة آلاف درهم. تاريخ بغداد للخطيب 10/189

86 القاضي عبد الرحمن بن إسحاق يحل محل إسماعيل بن حماد وبشر بن الوليد

86 القاضي عبد الرحمن بن إسحاق يحل محل إسماعيل بن حماد وبشر بن الوليد أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: عزل إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة «1» ، فاستقضي مكانه عبد الرحمن ابن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة، مولى بني ضبّة «2» ، وجدّه من أصحاب الدولة، وكان من أصحاب أبي حنيفة، حسن الفقه، وتقلّد الحكم في أيام المأمون، وما زال إلى آخر أيام المعتصم «3» . ولما عزل المأمون بشر بن الوليد «4» ، ضم عمله إلى عبد الرحمن بن إسحاق، وكان على قضاء الشرقية «5» ، فصار على الحكم بالجانب الغربي بأسره «6» . تاريخ بغداد للخطيب 10/260

87 أبو عبد الله الختلي يحدث في البصرة بخمسين ألف حديث من حفظه

87 أبو عبد الله الختلي يحدّث في البصرة بخمسين ألف حديث من حفظه أخبرني علي بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرني أبي، قال: دخل إلينا أبو عبد الله الختلي «1» إلى البصرة، وهو صاحب حديث جلد، وكان مشهورا بالحفظ. فجاء وليس معه شيء من كتبه، فحدّث شهورا، إلى أن لحقته كتبه. فسمعته يقول: حدّثت بخمسين ألف حديث من حفظي، إلى أن لحقتني كتبي. تاريخ بغداد للخطيب 10/290

88 كأن رقيبا منك يرعى خواطري

88 كأن رقيبا منك يرعى خواطري أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا ابن حيويه «1» ، قال: أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر» ، قال: أنشدني البحتري «3» : كأنّ رقيبا منك يرعى خواطري ... وآخر يرعى ناظري ولساني فما أبصرت عيناي بعدك منظرا ... يسوءك إلّا قلت قد رمقاني ولا بدرت من فيّ بعدك مزحة ... لغيرك إلّا قلت قد سمعاني إذا ما تسلّى العاذرون عن الهوى ... بشرب مدام أو سماع قيان وجدت الذي يسلي سواي يشوقني ... إلى قربكم حتى أملّ مكاني وفتيان صدق قد سئمت لقاءهم ... وعفّفت طرفي عنهم ولساني وما الدهر أسلى عنهم غير أنّني ... أراك على كل الجهات تراني مصارع العشاق 2/195

89 عبيد الله بن أحمد بن غالب

89 عبيد الله بن أحمد بن غالب أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: كان عبيد الله بن أحمد بن غالب «1» ، فقيها، عالما، على مذهب أهل العراق «2» ، وكان من أصحاب ابن أبي دؤاد «3» ، وهو خال عمر بن غالب. وكان مولده سنة ثمانين ومائة، ولم يحدّث بشيء فيما أعلمه «4» . تاريخ بغداد للخطيب 10/319

90 لا تهجرني فإني لست ذا جلد

90 لا تهجرني فإني لست ذا جلد أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: حدّثنا أبو طالب عبد العزيز بن أحمد الدنقشي «1» ، قال: قال لي أبو عبد الله الحسن بن علي بن سلمة: أنشدت أبا الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي «2» : ما إن ذكرتك في قوم أحدّثهم ... إلّا وجدت فتورا بين أحشائي فأنشدني لنفسه، يريد تضمين هذا البيت: كم لوعة في الحشا أبقت به سقما ... خوفا لهجرك أو خوفا من النائي لا تهجرنّي فإنّي لست ذا جلد ... ولا اصطبار على هجر الأخلاء الله يعلم ما حمّلت من سقم ... وما تضمّنته من شدّة الداء

لو أنّ أعضاء صبّ خاطبت بشرا ... لخاطبتك بوجدي كلّ أعضائي فارعي حقوق فتى لا يبتغي شططا ... إلّا السلام بإيحاء وإيماء هذا على وزن بيت كنت منشده ... عار إذا كان من لحن وإقواء ما إن ذكرتك في قوم أحدّثهم ... إلّا وجدت فتورا بين أحشائي ولا هممت بشرب الماء من عطش ... إلّا رأيت خيالا منك في الماء «1» تاريخ بغداد للخطيب 10/354

91 من شعر أبي الحسن الكرخي

91 من شعر أبي الحسن الكرخي أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو طالب الدنقشي «1» ، قال: قال لي أبو عبد الله الحسن بن علي بن سلمة، قال: أنشدني أبو الحسن الكرخي «2» لنفسه: حسبي سمّوا في الهوى أن تعلما ... أن ليس حقّ مودّتي أن أظلما ثم امض في ظلمي على علم به ... لا مقصرا عنه ولا متلوّما فوحقّ ما أخذ الهوى من مقلتي ... وأذاب من جسمي عليك وأسقما لجفاك عن علم بما ألقى به ... أحظى لديّ من الرضا متجهّما تاريخ بغداد للخطيب 10/354

92 العالم العاقل ابن نفسه

92 العالم العاقل ابن نفسه قال لي التنوخي: بلغني أنّ أبا محمد بن معروف «1» ، جلس يوما للحكم في جامع الرصافة، فاستدعى أصحاب القصص إليه، فتتبّعها، ووقّع على أكثرها. ثم نظر في بعضها، فإذا فيها ذكر له بالقبيح، ومواقفته على وضاعته، وسقوط أصله، ثم تنبيهه وتذكيره بأحوال غير جميلة، وتعديد ذلك عليه. فقلب الرقعة، وكتب على ظهرها: العالم العاقل إبن نفسه ... أغناه جنس علمه عن جنسه كن ابن من شئت ولكن كيّسا ... فإنما المرء بفضل كيسه كم بين من تكرمه لغيره ... وبين من تكرمه لنفسه من إنما حياته لغيره ... فيومه أولى به من أمسه تاريخ بغداد للخطيب 10/366

93 لا رد الله غربتك

93 لا ردّ الله غربتك أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا جماعة من أصدقائنا عن أبي عبد الله بن بطّة العكبري «1» ، قال: انحدرت لأقرأ على أبي بكر بن مجاهد «2» ، فوافيت إلى مسجده «3» ، فجلست فيه بالقرب منه. فلما قرأ الجماعة، نظرت فإذا سبقي بعيد، فدنوت منه، وقلت: يا أستاذ، خذ عليّ. فقال: ليس السبق لك. فقلت له: أنا غريب، وينبغي أن تقدّمني. فقال: إي لعمري، من أيّ بلد أنت؟ فقلت: من بلد يقال له عكبرا «4» . فقال لأصحابه: بلد غريب، ما سمعنا به، ومسافة شاسعة. ثم ضحك والتفت إليّ، وقال لي: لا ردّ الله غربتك، مع أمّك تغدّيت، وجئت إليّ. تاريخ بغداد للخطيب 10/372

94 أكني بغيرك

94 أكني بغيرك أخبرنا التنوخي، قال: نقلت من خطّ أبي إسحاق الصابي «1» : أكني بغيرك في شعري وأعنيك ... تقيّة وحذارا من أعاديك فإن سمعت بإنسان شغفت به ... فإنّما هو ستر دون حبّيك غالطتهم دون شخص لا وجود له ... معناه أنت ولكن لا أسمّيك أخاف من مسعدي في الحبّ زلّته ... وكيف آمن فيه كيد واشيك ولو كشفت لهم ما بي وبحت به ... لاستعبروا رحمة من محنتي فيك مصارع العشاق 2/161

95 وظريف زوال وجد بوجد

95 وظريف زوال وجد بوجد قال التنوخي: أنشدني أبو العبّاس الزراري «1» لنفسه: لي صديق قد صيغ من سوء عهد ... ورماني الزمان فيه بصدّ كان وجدي به فصار عليه ... وظريف زوال وجد بوجد تاريخ بغداد للخطيب 10/378

96 القاضي عبد الملك بن حزم توفي، فصلى عليه الرشيد

96 القاضي عبد الملك بن حزم توفي، فصلى عليه الرشيد أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: استقضى الرشيد عبد الملك بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم «1» أيّاما، ومات، فصلى عليه هارون الرشيد، ودفن في مقابر العباسة بنت المهديّ «2» ، وذلك في سنة ثمان وسبعين ومائة «3» . وكان جليلا من أهل بيت العلم والسير والحديث. تاريخ بغداد للخطيب 10/410

97 المنصور يعفو عن أحد الثائرين عليه

97 المنصور يعفو عن أحد الثائرين عليه أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المخلّص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: حدّثني مصعب بن عثمان «6» ، ومحمد بن الضحاك الحزامي «7» ، ومحمد بن الحسن المخرّمي «8» ، وغيرهم:

أنّ عبد العزيز بن عبد الله «1» ، كان ممّن أسر مع محمد بن عبد الله بن حسن «2» ، فلما قتل محمد، حمل عبد العزيز إلى أمير المؤمنين المنصور «3» في حديد. فلما أدخل عليه، قال له: ما رضيت أن خرجت عليّ، حتى خرجت معك بثلاثة أسياف من ولدك؟ فقال له عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، صل رحمي، واعف عنّي، واحفظ فيّ عمر بن الخطاب. فقال: أفعل، فعفا عنه. فقال له عبد الله بن الربيع المداني: يا أمير المؤمنين، اضرب عنقه، لا يطمع فيك فتيان قريش. فقال له أمير المؤمنين المنصور: إذا قتلت هذا فعلى من أحبّ أن أتأمّر؟. تاريخ بغداد للخطيب 10/435

قرشية اختارت لنفسها

98 قرشية اختارت لنفسها أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا المخلّص محمد بن عبد الرحمن «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان «4» ، قال: حدّثنا الزبير «5» ، قال: حدّثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهري، عن أبي هريرة بن جعفر المحرري «6» ، مولى أبي هريرة. أنّ الديباج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان «7» ، وعبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب «8» ، خطبا امرأة من قريش، فاختلفا عليها في

جمالها، فجعلت تسأل وتستبحث. إلى أن خرجت تريد صلاة العتمة في المسجد، فرأتهما قائمين في القمر، يتعاتبان في أمرها، ووجه عبد العزيز إليها، وظهر محمد إليها. فنظرت إلى بياض عبد العزيز، وطوله، فقالت: ما يسأل عن هذين، وتزوجت عبد العزيز. فجمع الناس، وأولم لدخولها، فبعث إلى محمد بن عبد الله بن عمرو، فدعاه فيمن دعا، فأكرمه، وأجلسه في مجلس شريف. فلما فرغ الناس، برّك له محمد، وخرج وهو يقول: وبينا أرجيّ أن أكون وليّها ... رميت بعرق «1» من وليمتها سخن تاريخ بغداد للخطيب 10/435

99 عبد العزيز الأعرج لا يمسك شيئا لفرط سخائه

99 عبد العزيز الأعرج لا يمسك شيئا لفرط سخائه أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المخلّص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز الذي يقال له الأعرج «6» ، كان

يحيى بن خالد بن برمك «1» قد أصحبه، فقدم عليه، ووصله يحيى بأموال كثيرة، وكان رجلا لا يمسك شيئا، ينفق المال ويتوسّع فيه، فلم يدع من ذلك المال كثير شيء، حتى هلك. وأمّه، أمة الرحمن بنت حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف. تاريخ بغداد للخطيب 10/441

100 ابن البقال أحد المتكلمين الشيعة الزيدية

100 ابن البقال أحد المتكلمين الشيعة الزيدية قال لي أبو القاسم التنوخي: كان ابن البقّال «1» أحد المتكلمين من الشيعة، وله كتب مصنّفة على مذهب الزيدية «2» ، تجمع حديثا كثيرا. وله أخ شاعر مشهور. تاريخ بغداد للخطيب 10/458

101 عبد العزيز بن حماد الدنقشي قاضي رامهرمز

101 عبد العزيز بن حماد الدنقشي قاضي رامهرمز أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو طالب عبد العزيز بن أحمد بن محمد ابن الفضل بن أحمد بن محمد بن حماد الدنقشي «1» ، قاضي رامهرمز «2» ببغداد في سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، قال: حدّثنا يحيى بن محمد بن صاعد «3» ، قال: حدّثنا أبو عبيد الله المخزومي قال: حدّثنا سفيان «4» عن عمرو بن عبيد «5» ، عن الحسن «6» عن عمران بن حصين «7» ، وأبي بكرة «8» ومعقل بن يسار «9» وأبي

برزة الأسلمي «1» وأنس بن مالك «2» ، قالوا جميعا: ما سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم قط قام فينا خطيبا إلّا وهو ينهانا عن المثلة «3» ، ويأمرنا بالصدقة. قال لنا التنوخي: قال لنا أبو طالب الدنقشي، ولدت ببغداد، في مدينة المنصور سنة اثنتين وثلاثمائة. قال: وكان حماد يلقب بدنقش، وهو مولى المنصور، وصاحب حرسه. وكان محمد بن حماد، أحد القواد بسر من رأى مع صالح بن وصيف ثم ولي الشرطة بها للمهتدي بالله «4» . وكان أبو عيسى أحمد بن محمد أمينا من أمناء القضاة. تاريخ بغداد للخطيب 10/462

102 وتأخذ من جوانبنا الليالي

102 وتأخذ من جوانبنا الليالي أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا أبو نصر بن نباتة «1» لنفسه: وتأخذ من جوانبنا الليالي ... كما أخذ المساء من الصباح أما في أهلها رجل لبيب ... يحسّ فيشتكي ألم الجراح أرى التشمير فيها كالتواني ... وحرمان العطيّة كالنجاح ومن تحت التراب كمن علاه ... يرى الأرزاق في ضرب القداح «2» تاريخ بغداد للخطيب 10/467

103 كيف الظن بمن هو أرحم الراحمين

103 كيف الظن بمن هو أرحم الراحمين أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد «2» ، قال: كنت أمشي يوما مع أبي طاهر بن أبي هاشم المقرئ «3» ، وكان أستاذي، فاجتزنا بمقابر الخيزران «4» ، فوقف عليها ساعة. ثم التفت إليّ، فقال لي: يا أبا القاسم، ترى لو وقف هؤلاء هذه المدة الطويلة على باب ملك الروم، ما رحمهم؟ فكيف تظن بمن هو أرحم الراحمين؟ وبكى. تاريخ بغداد للخطيب 11/8

104 تشابهت الطباع

104 تشابهت الطباع أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: أنشدنا أبو الفرج الببغاء «1» لنفسه: أكلّ وميض بارقة كذوب ... أما في الدهر شيء لا يريب تشابهت الطباع فلا دنيء ... يحنّ إلى الثناء ولا حسيب وشاع البخل في الأشياء حتى ... يكاد يشحّ بالريح الهبوب فكيف أخصّ باسم العيب شيئا ... وأكثر ما نشاهده معيب تاريخ بغداد للخطيب 11/11

105 سقطت على الخبير

105 سقطت على الخبير أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي، قال: حدّثنا أبو عمر بن حيويه «1» ، قراءة عليه، قال: حدّثنا أبو بكر بن المرزبان «2» ، إجازة، قال: أنشدني منشد للحسن بن وهب «3» : جسّ عرقي، فقال: حبّ طبيبي ... ما له في علاجه من نصيب فغمزت الطبيب سرّا بعيني ... ثم حلّفته بحق الصليب لا تقل لوعة الهوى أسقمته ... فينالوا- بدعوة- من حبيبي وأنشد: دواعي السقم تخبر عن ضميري ... وتخبر عن مفارقتي سروري ألا يا سائلي عن سوء حالي ... وعن شأني سقطت على الخبير شربت من الصبابة كأس سقم ... بعيني شادن ظبي غرير مصارع العشاق 1/239

106 فمن ذا يداوي جوى باطنا

106 فمن ذا يداوي جوى باطنا أخبرنا أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، إجازة، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه «1» قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف «2» ، قال: قال عمر بن أبي ربيعة «3» : طبيبيّ داويتما ظاهرا ... فمن ذا يداوي جوى باطنا فعوجا على منزل بالغميم «4» ... فإنّي هويت به شادنا «5» مصارع العشاق 1/121

107 المتوكل يخير أهل بغداد

107 المتوكل يخير أهل بغداد أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: عزل المتوكل عبيد الله بن أحمد بن غالب «1» ، في سنة أربع وثلاثين ومائتين واستقضى عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر، ويعرف بالوابصي «2» ، وكان قبل ذلك، على قضاء الرقة. وبعد أن صرف عن بغداد، ولي قضاء الرقة أيضا، وكان رجلا جميل الطريقة. وكان أهل بغداد قد ضجّوا من أصحاب أحمد بن أبي دؤاد، وقالوا بعد أن عزل عبيد الله بن أحمد بن غالب: لا يلي علينا إلا من نرضى به. فكتب المتوكل العهد مطلقا، ليس عليه اسم واحد، وأنفذه من سر من رأى مع يعقوب قوصرة «3» ، أحد الحجاب الكبار، وقال: أحضر عبد السلام، والشيوخ، واقرإ العهد، فإن رضوا به قاضيا، فوقع على العهد اسمه. فقدم قوصرة، ففعل ذلك، فصاح الناس: ما نريد غير الوابصي. فوقّع في الكتاب اسمه وحكم من وقته في الرصافة «4» . تاريخ بغداد للخطيب 11/52

108 الصاحي بموضع رجلي السكران أعرف من السكران بموضع رجلي نفسه

108 الصاحي بموضع رجلي السكران أعرف من السكران بموضع رجلي نفسه أخبرني التنوخي، قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن يوسف الأزرق «1» ، يقول: سمعت أبا هاشم الجبائي «2» يقول: سألني بعض أصحابنا عن مسألة، فأجبته عنها، فقال لي: يا أبا هاشم لا تظنّني لم أكن أعرف هذا. فقلت له: الصاحي بموضع رجلي السكران، أعرف من السكران بموضع رجلي نفسه. يعني: أنّ العالم أعلم بمقدار ما يحسنه الجاهل، من الجاهل بقدر ما يحسن. تاريخ بغداد للخطيب 11/55

109 المعتضد يستقضي أبا خازم القاضي

109 المعتضد يستقضي أبا خازم القاضي أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: استقضى المعتضد بالله «2» على الشرقية «3» ، سنة ثلاث وثمانين ومائتين، أبا خازم، عبد الحميد بن عبد العزيز «4» ، وكان رجلا ديّنا، ورعا، عالما بمذهب أهل العراق «5» ، والفرائض «6» والحساب، والذرع والقسمة «7» ، حسن العلم بالجبر والمقابلة، وحساب الدور، وغامض الوصايا، والمناسخات، قدوة في العلم بصناعة الحكم «8» ، ومباشرة الخصوم «9» ، وأحذق الناس بعمل المحاضر والسجلات، والإقرارات. أخذ العلم عن هلال بن يحيى الرازي «10» ، وكان هذا أحد فقهاء الدنيا من أهل العراق، وأخذ عن بكر العمي، ومحمود الأنصاري، ثم صحب عبد

الرحمن بن نائل بن نجيح، ومحمد بن شجاع «1» ، حتى كان جماعة يفضّلونه على هؤلاء. فأما عقله فلا نعلم أحدا رآه، فقال: إنّه رأى أعقل منه. ولقد حدّثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن مانيداذ عن حامد بن العباس «2» عن عبيد الله بن سليمان بن وهب «3» ، أنّه قال: ما رأيت رجلا أعقل من الموفّق «4» ، وأبي خازم القاضي. وأما الحساب، فإن أبا الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي «5» ، أخبرني، قال: قال لي أبو برزة الحاسب: لا أعرف في الدنيا أحسب من أبي خازم. قال: وقال ابن حبيب الذراع: كنا ونحن أحداث مع أبي خازم، فكنا نقعده قاضيا، ونتقدّم إليه في الخصومات، فما مضت الأيام والليالي حتى صار قاضيا، وصرنا ذرّاعه «6» . قال أبو الحسين: وبلغ من شدته في الحكم، أنّ المعتضد، وجّه إليه بطريف المخلدي «7» فقال له: إنّ لنا على الضبعي- بيّع «8» كان للمعتضد ولغيره- مال، وقد بلغني أن غرماءه أثبتوا عندك، وقد قسّطت لهم من ماله، فاجعلنا كأحدهم.

فقال له أبو خازم: قل له: أمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- ذاكر لما قال لي وقت قلّدني، إنّه قد أخرج الأمر من عنقه، وجعله في عنقي، ولا يجوز لي أن أحكم في مال رجل، لمدّع إلّا ببيّنة. فرجع إليه طريف، فأخبره. فقال: قل له: فلان وفلان يشهدان، يعني لرجلين جليلين كانا في ذلك الوقت. فقال: يشهدان عندي، وأسأل عنهما، فإن زكيّا قبلت شهادتهما، وإلّا أمضيت ما قد ثبت عندي. فامتنع أولئك من الشهادة فزعا «1» ، ولم يدفع إلى المعتضد شيئا «2» . تاريخ بغداد للخطيب 11/64

110 القاضي يحيى بن أكثم يستخلف على الجانب الشرقي عيسى بن أبان

110 القاضي يحيى بن أكثم يستخلف على الجانب الشرقي عيسى بن أبان أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: لمّا خرج المأمون «1» إلى فم الصلح «2» بسبب بوران «3» ، أخرج معه يحيى ابن أكثم «4» ، فاستخلف على الجانب الشرقي «5» عيسى بن أبان «6» ، أحد الفقهاء في العراق، وله مسائل كثيرة، واحتجاج لمذهب أبي حنيفة، وكان خيّرا فاضلا. تاريخ بغداد للخطيب 11/158

111 بحق من أغراك بي زيدي

111 بحق من أغراك بي زيدي أنشدنا التنوخي قال: أنشدنا عيسى بن علي بن عيسى الوزير «1» ، لنفسه: قد فات ما ألقاه تحديدي ... وجلّ عن وصفي وتعديدي وقلت للأيّام هزءا بها ... بحقّ من أغراك بي زيدي تاريخ بغداد للخطيب 11/180

112 القاضي عمر بن حبيب العدوي لم ير قاض أهيب منه

112 القاضي عمر بن حبيب العدوي لم ير قاض أهيب منه أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: كان لمحمد بن عبد الله بن علاثة «1» أخ يسمى زياد بن عبد الله، يخلف أخاه على القضاء بعسكر المهدي. فاستعان بعمر بن حبيب العدوي «2» ، ينظر في أمور الناس بالشرقية، فولاه المهدي، الشرقية رياسة، وقيل ولّاه من قبل أبي يوسف، ثم ولّاه الرشيد قضاء البصرة، فقال ليحيى بن خالد: إنكم تبعثوني إلى ملك جبار، لا آمنه- يعني محمد بن سليمان «3» - فبعث معه يحيى قائدا في مائة، فكان إذا جلس للقضاء، أقام الجند عن يمينه وعن يساره سماطين. فلم يكن قاض أهيب منه، وكان لا يكلّم في طريق. تاريخ بغداد للخطيب 11/196

113 القاضي عمر بن حبيب العدوي ينصبه المأمون قاضيا بالبصرة

113 القاضي عمر بن حبيب العدوي ينصبه المأمون قاضيا بالبصرة أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس الكديمي «3» ، قال: حدّثنا عمر بن حبيب العدوي القاضي «4» ، قال: وفدت مع وفد من أهل البصرة، حتى دخلنا على أمير المؤمنين المأمون «5» فجلسنا، وكنت أصغرهم سنّا «6» . فطلب قاضيا يولّى علينا بالبصرة، فبينّا نحن كذلك، إذ جيء برجل

مقيّد بالحديد، مغلولة يده إلى عنقه، فحلّت يده من عنقه، ثم جيء بنطع «1» فوضع في وسطه، ومدّت عنقه، وقام السياف شاهر السيف، واستأذن أمير المؤمنين في ضرب عنقه، فأذن له، فرأيت أمرا فظيعا. فقلت في نفسي: والله لأتكلّمنّ، فلعلّه أن ينجو. فقلت: يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي. فقال لي: قل. فقلت: إن أباك حدّثني عن جدّك عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أنّه قال: إذا كان يوم القيامة، ينادي مناد من بطنان «2» العرش: ليقم من عظم الله أجره، فلا يقوم إلّا من عفا عن ذنب أخيه، فاعف عنه يا أمير المؤمنين عفا الله عنك. فقال لي: آلله، إنّ أبي حدّثك عن جدّي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ فقلت: آلله، إنّ أباك حدّثني عن جدّك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلّم. فقال: صدقت، إنّ أبي حدّثني عن جدّي عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بهذا، يا غلام، أطلق سبيله. فأطلق سبيله، وأمر أن أولّى القضاء. ثم قال لي: عمّن كتبت؟ قلت: أقدم من كتبت عنه داود بن أبي هند. فقال: تحدّث؟ قلت: لا.

قال: بلى، فحدّث، فإن نفسي ما طلبت منّي شيئا إلّا وقد نالته ما خلا هذا الحديث، فإني كنت أحب أن أقعد على كرسي، ويقال لي من حدّثك؟ فأقول: حدّثني فلان. قال: فقلت يا أمير المؤمنين، فلم لا تحدّث؟ قال: لا يصلح الملك والخلافة مع الحديث للناس «1» . تاريخ بغداد للخطيب 11/198

114 القاضي أبو الحسين بن أبي عمر

114 القاضي أبو الحسين بن أبي عمر أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: استقضى المقتدر «2» بالله، في يوم النصف من سنة عشر وثلاثمائة «3» ، أبا الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد ابن زيد «4» ، وكان قبل هذا يخلف أباه «5» على القضاء بالجانب الشرقي «6» ، والشرقية «7» وسائر ما كان إلى قاضي القضاة أبي عمر، وذلك أنه استخلفه وله عشرون سنة. ثم استقضي بعد استخلاف أبيه له على أعمال كثيرة من غير الحضرة «8» ، رياسة، ثم قلّد مدينة السلام، في حياة أبيه أبي عمر. وهذا رجل يستغني باشتهار فضله، عن الإطناب في وصفه، لأنا وجدنا البلغاء قد وصفوه فقصروا، والشعراء قد مدحوه فأكثروا، وكل يطلبون أمده فيعجزون، إذ كان الله تعالى جعله نسيج وحده، ومفردا في عصره ووقته، في حفظ القرآن، والعلم بالحلال والحرام، والفرائض، والكتاب، والحساب،

والعلم باللغة، والنحو، والشعر، والحديث، والأخبار، والنسب، وأكثر ما يتعاطاه الناس من العلوم، وأعطاه من شرف الأخلاق، وكرم الأعراق، والمجد المؤثّل، والرأي المحصّل، والفضل والنجابة، والفهم والإصابة، والقريحة الصافية، والمعرفة الثاقبة، والتفرد بكل فضل وفضيلة، والسمو إلى كل درجة رفيعة نبيلة، ومن محمود الخصال، والفضل والكلام، ما يطول شرحه. وكان فقيها على مذهب مالك وأهل المدينة، مع معرفته بكثير من الاختلاف في الفقه، وكان صنّف مسندا، ورأيت بعضه، وكان في نهاية الحسن، وكان يذاكر به، وكان يحفظ عن جده يوسف «1» ، أحاديث. ولم يزل على قضاء القضاة إلى يوم توفي، رحمه الله «2» . تاريخ بغداد للخطيب 11/229

115 ما مات من بقيت له بعد موته

115 ما مات من بقيت له بعد موته أخبرني علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا أبو علي محمد بن الحسن بن المظفّر الحاتمي «2» ، قال: حدّثنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد «3» ، قال: دخلت على أبي الحسين بن أبي عمر القاضي «4» معزيا له عن أبيه «5» ، فلما وقع طرفي عليه، قلت: وما مات من تبقى له بعد موته ... ولا غاب من أمسى له منك شاهد قال: فكتبه في الوقت، ولم يشغله الحال. تاريخ بغداد للخطيب 11/231

116 غلبتني على الفؤاد الهموم

116 غلبتني على الفؤاد الهموم أخبرنا القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي، أخبرنا أبو عمر ابن حيويه «1» ، أنبأنا أبو بكر ابن الأنباري «2» ، أنشدنا إبراهيم بن عبد الله الوراق لمحمد بن أمية «3» : شغلتني بها ولم ترع عهدي ... ثمّ منّت وعهدها لا يدوم ورأتني أبكي إليها فقالت: ... يتباكى كأنّه مظلوم علم الله أنّني مظلوم ... وحبيبي بما أقول عليم ليس لي في الفؤاد حظ فأشكو ... غلبتني على الفؤاد الهموم مصارع العشاق 2/262

117 القاضي عثمان بن طلحة كان لا يرتزق على القضاء

117 القاضي عثمان بن طلحة كان لا يرتزق على القضاء أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، وأحمد بن عبد الله الوراق «2» ، قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «3» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «4» ، قال: عثمان بن طلحة «5» كان من أهل الهيأة والنعمة والقدر، ولّاه أمير المؤمنين المهدي «6» قضاء المدينة «7» ، فلم يكن يأخذ عليه رزقا. فقيل له في ذلك، فقال: أكره أن أرتزق، فيضريني ذلك بولاية القضاء، ثم استعفى أمير المؤمنين من القضاء فأعفاه.

قال الزبير: وحدّثنا عثمان بن عبد الرحمن «1» ، قال: جلس يوما عثمان بن طلحة مع العباس بن محمد «2» ببغداد، فقال له العباس: دلّني على خيف «3» بنخلة، أشتريه وأعتمله. قال: قد وقعت عليه. قال: عند من؟ قال: عندي. قال: بكم هو؟ قال: بخمسة آلاف دينار. فاشتراه منه، وما سأل عنه غيره، وأعطاه الثمن على ما قال. تاريخ بغداد للخطيب 11/277

118 الفراء يقر للكسائي بالرئاسة

118 الفراء يقر للكسائي بالرئاسة أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهري «1» ، وعلي بن المحسّن التنوخي، قالا: حدّثنا محمد بن العباس «2» قال: حدّثنا الصولي «3» ، قال: أخبرنا الحزنبل، قال: حدّثنا سلمة بن عاصم «4» ، قال: حدّثني الفرّاء «5» ، قال: قال لي قوم: ما اختلافك إلى الكسائي «6» وأنت مثله في العلم؟ فأعجبتني نفسي، فناظرته، وزدت، فكأني كنت طائرا أشرب من بحر. تاريخ بغداد للخطيب 11/409

119 سبب تسمية صالح بصاحب المصلى

119 سبب تسمية صالح بصاحب المصلى أخبرنا التنوخي، قال: سمعت أبا الفرج محمد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح، صاحب المصلى، وسأله أبي، عن سبب تسمية جدّه بصاحب المصلى، فقال: إنّ صالحا جدنا» كان ممّن جاء مع أبي مسلم «2» إلى السفاح «3» ، وكان من أولاد ملوك خراسان، من أهل بلخ «4» . فلما أراد المنصور إنفاذ أبي مسلم لحرب عبد الله بن علي «5» ، سأله أن

يخلّفه وجماعة من أولاد ملوك خراسان بحضرته، منهم الخرسي «1» ، وشبيب ابن واج «2» ، وغيرهم، فخلفهم، واستخدمهم المنصور «3» . فلما أنفذ أبو مسلم خزائن عبد الله بن علي على يد يقطين بن موسى «4» ، عرضها المنصور على صالح، والخرسي، وشبيب، وغيرهم، ممن كان اجتذبهم من جنبة أبي مسلم، واستخلصهم لنفسه. وقال: من أراد من هذه الخزائن شيئا فليأخذه، فقد وهبته له، فاختار كل واحد منهم شيئا جليلا. فاختار صالح حصيرا للصلاة من عمل مصر، ذكر أنّه كان في خزائن

بني أميّة، وأنّهم ذكروا أنّه كان النبي صلى الله عليه وسلّم، صلّى عليه. فقال له المنصور: إن هذا لا يصلح أن يكون إلّا في خزائن الخلفاء. فقال: قلت إنّك قد وهبت لكلّ إنسان ما اختاره، ولست أختار إلّا هذا. فقال: خذه على شرط أن تحمله في الأعياد والجمع، فتفرشه لي، حتى أصلي عليه. فقال: نعم. فكان المنصور إذا أراد الركوب إلى المصلى أو الجمعة، أعلم صالحا، فأنفذ صالح الحصير ففرشه له، فإذا صلى عليه، أمر به، فحمل إلى داره، فسمي لهذا: صاحب المصلى. فلم يزل الحصير عندنا إلى أن انتهى إلى سليمان جدي، وكان يخرجه كما كان أبوه «1» وجده يخرجانه للخلفاء. فلما مات سليمان في أيام المعتصم «2» ، ارتجع المعتصم الحصير، وأخذه إلى خزانته «3» . تاريخ بغداد للخطيب 11/438

120 القاضي علي بن ظبيان يجلس على بارية مثل البارية التي يجلس عليها الخصوم

120 القاضي علي بن ظبيان يجلس على بارية مثل البارية التي يجلس عليها الخصوم أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: حدّثني علي بن محمد بن عبيد «2» ، عن أحمد بن زهير «3» عن سليمان بن أبي شيخ «4» ، قال: حدّثني عبيد بن ثابت مولى بني عبس، كوفي، قال: كتبت إلى علي بن ظبيان «5» ، وهو قاض ببغداد: بلغني أنك تجلس على بارية، وقد كان من قبلك من القضاة يجلسون على الوطاء، ويتكئون. فكتب إليّ: إنّي لأستحي أن يجلس بين يدي رجلان حرّان مسلمان على بارية، وأنا على وطاء، لست أجلس إلّا على ما يجلس عليه الخصوم. تاريخ بغداد للخطيب 11/445

121 من شعر إسحاق بن إبراهيم الموصلي

121 من شعر إسحاق بن إبراهيم الموصلي أخبرنا التنوخي، والجوهري، قالا: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني «1» قال: حدّثنا أبو الحسن عليّ بن سليمان الأخفش «2» ، قال: قال محمد بن حبيب، حدّثنا أبو عكرمة وعامر بن عمران الضبّي، قالا: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي «3» ، قال: دخلت على أمير المؤمنين الرشيد «4» يوما، فقال: أنشدني من شعرك، فأنشدته: وآمرة بالبخل قلت لها اقصري ... فذلك شيء ما إليه سبيل أرى الناس خلّان الجواد ولا أرى ... بخيلا له في العالمين خليل ومن خير حالات الفتى لو علمته ... إذا نال خيرا أن يكون ينيل عطائي عطاء المكثرين تكرّما ... وما لي- كما قد تعلمين- قليل وإني رأيت البخل يزري بأهله ... ويحقر يوما أن يقال بخيل وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل قال: لا تخف إن شاء الله، يا فضل أعطه مائة ألف درهم، لله در

أبيات تأتينا بها، ما أحسن فصولها، وأثبت أصولها. فقلت: يا أمير المؤمنين، كلامك أجود من شعري. قال: أحسنت، يا فضل «1» ، أعطه مائة ألف أخرى. تاريخ بغداد للخطيب 14/11

122 أنت لنا شمس، وفتح لنا قمر

122 أنت لنا شمس، وفتح لنا قمر أنبأني غير واحد ممن تقدم ذكرهم في أول الكتاب، عن أبي اليمن، زيد ابن الحسن الكندي، وأنبأني غير واحد، ممن تقدم ذكرهم، وأبو الفضل ابن أبي الحسين الدمشقي، وغيره، عن المؤيد بن محمد الطوسي، وأبو الفرج البغدادي، عن أبي أحمد بن علي الأمين، وأبو حفص بن القواس، وغيره، عن عبد الصمد الحدثاني، كلهم، عن أبي بكر بن أبي طاهر، عن أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني، قال: حدّثني أحمد بن خلف بن المرزبان «1» ، قال: حدثني أحمد بن سهل الكاتب، وكان أحد الكتاب لصاعد، قال: سمعت الحسن بن محمد يحدّث: إن رجلا من أهل اليمامة، قدم بجاريتين، شاعرتين، من مولدات اليمامة، على المتوكل «2» ، فعرضهما عليه، من جهة الفتح «3» ، فنظر إلى أجملهما، فقال لها: ما اسمك؟ قالت: سعاد.

قال: أنت شاعرة؟ قالت: كذا يزعم مالكي. قال: فقولي في مجلسنا هذا، شعرا، ترتجلينه، وتذكريني فيه، وتذكرين الفتح. فتوقفت هنيهة ثم أنشدت: أقول وقد أبصرت صورة جعفر ... إمام الهدى والفتح ذي العز والفخر أشمس الضحى، أم شبهها وجه جعفر ... وبدر السماء الفتح أم مشبه البدر فقال للأخرى: أنشدي أنت، فقالت: أقول وقد أبصرت صورة جعفر ... تعالى الذي أعلاك يا سيد البشر وأكمل نعماه بفتح ونصحه ... فأنت لنا شمس وفتح لنا قمر فأمر بشراء الأولى، وردّ الأخرى. فقالت الأخرى: لم رددتني؟ قال: لأن في وجهك نمشا. فقالت: لم يسلم الظبي على حسنه ... يوما ولا البدر الذي يوصف الظبي فيه خنس بيّن ... والبدر فيه كلف يعرف فأمر بشراء الثانية. نشوار المحاضرة مخطوط لسبط ابن الجوزي

123 القاضي يحيى بن سعيد قاضي السفاح على الهاشمية

123 القاضي يحيى بن سعيد قاضي السفاح على الهاشمية أخبرنا علي بن المحسّن، قال: حدّثنا طلحة بن محمد بن جعفر المعدّل، قال: كان أبو جعفر «1» لما قدم بغداد، معه يحيى بن سعيد «2» وهو قاض لأبي العباس السفاح «3» على المدينة الهاشمية بالأنبار «4» ، والحسن بن عمارة «5» على المظالم. تاريخ بغداد للخطيب 14/102

124 يحيى بن سعيد يضطره ضيق حاله وكثرة ديونه لتقلد القضاء

124 يحيى بن سعيد يضطره ضيق حاله وكثرة ديونه لتقلّد القضاء أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني علي بن محمد بن عبيد «1» عن أحمد بن زهير «2» ، قال: حدّثني إبراهيم بن المنذر» ، قال: حدّثنا يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق، قال: حدّثني سليمان بن بلال، قال: كان يحيى بن سعيد «4» قد ساءت حاله، وأصابه ضيق شديد، وركبه الدين، فبينا هو على ذلك، إذ جاءه كتاب أبي العباس «5» ، يستقضيه. قال سليمان: فوكلني بأهله، وقال لي: والله ما خرجت وأنا أجهل شيئا. فلما قدم العراق، كتب إليّ: إنّي كنت قلت لك حين خرجت، قد

خرجت وما أجهل شيئا، وإنّه والله لأوّل خصيمين جلسا بين يديّ، فاقتضيا والله بشيء ما سمعته قط، فإذا جاءك كتابي هذا، فسل ربيعة بن أبي عبد الرحمن «1» ، واكتب إليّ بما يقول، ولا يعلم أنّي كتبت إليك بذلك. تاريخ بغداد للخطيب 14/103

125 مطيع بن إياس يرثي يحيى بن زياد الحارثي

125 مطيع بن إياس يرثي يحيى بن زياد الحارثي أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو عبيد الله المرزباني، قال: أنشدنا علي بن سليمان الأخفش، عن ثعلب «1» ، قال: قال مطيع بن إياس «2» ، يرثي يحيى بن زياد الحارثي «3» : أقول للموت حين بادهه ... والموت مقدامة على البهم لو قد تدبّرت ما سعيت به ... قرعت سنّا عليه من ندم اذهب بمن شئت، إذ ذهبت به ... ما بعد يحيى للرزء من ألم قال: وأنشدنا ثعلب لمطيع بن إياس يرثي ابن زياد الحارثي: قد راح يحيى ولو تطاوعني ال ... أقدار لم يبتكر ولم يرح يا خير من يجمل البكاء به ال ... يوم ومن كان أمس للمدح قد ظفر الحزن بالسرور وقد ... أديل مكروهه من الفرح تاريخ بغداد للخطيب 14/107

126 الفراء يملي دروسه من حفظه

126 الفراء يملي دروسه من حفظه قرأت على علي بن أبي علي البصري «1» ، عن طلحة بن محمد بن جعفر المعدّل «2» ، قال: حدّثنا أبو بكر بن مجاهد «3» ، قال: قال لي محمد بن الجهم «4» : كان الفراء «5» يخرج إلينا، وقد لبس ثيابه، في المسجد الذي في خندق عبويه، وعلى رأسه قلنسوة كبيرة. فيجلس فيقرأ أبو طلحة الناقط عشرا من القرآن، ثم يقول له: امسك، فيملي من حفظه المجلس. ثم يجيء مسلمة بعد أن ننصرف نحن، فيأخذ كتاب بعضنا، فيقرأ عليه، ويغيّر، ويزيد، وينقص، فمن ههنا، وقع الاختلاف بين النسختين. قال ابن مجاهد: ما رأيت مع الفراء كتابا قط، إلّا كتاب يافع ويفعة. قال ابن مجاهد: وقال لنا ثعلب: لما مات الفراء لم يوجد له إلّا رؤوس أسفاط فيها مسائل تذكره، وأبيات شعر. تاريخ بغداد للخطيب 14/152

127 أبو الغوث بن البحتري يمدح ابن بسطام

127 أبو الغوث بن البحتري يمدح ابن بسطام حدّثني التنوخي، عن أبي عبيد الله المرزباني، قال: أبو الغوث يحيى بن البحتري الشاعر «1» ، قدم بغداد قبل الثلاثمائة، وسمع منه وجوه أهلها أشعار أبيه، ونفي بعد ذلك. قال: وهو القائل يمدح أبا العباس بن بسطام «2» : ملك تقوم له الملوك إذا احتبى ... وتخرّ للأذقان عند قيامه برقت مخايل جوده وتخرّقت ... بالنيل للعافين غرّ غمامه صلحت به الأيام بعد فسادها ... وأضاء وجه الدهر بعد ظلامه تاريخ بغداد للخطيب 14/228

128 أبو حنيفة يشهد لأبي يوسف بأنه أعلم من على الأرض

128 أبو حنيفة يشهد لأبي يوسف بأنّه أعلم من على الأرض أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا أبو ذر أحمد بن علي ابن محمد الاستراباذي «2» قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور الدامغاني الفقيه «3» ، قال: حدّثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي «4» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن أبي ثور الرعيني، المعروف بابن عبدون قاضي إفريقية، قال: حدّثني سليمان بن عمران، قال: حدّثني أسد بن الفرات «5» قال: سمعت محمد بن الحسن «6» يقول:

مرض أبو يوسف «1» في زمن أبي حنيفة مرضا خيف عليه منه، قال: فعاده أبو حنيفة ونحن معه. فلما خرج من عنده، وضع يديه على عتبة بابه، وقال: إن يمت هذا الفتى، فإنه أعلم من عليها، وأومأ إلى الأرض. تاريخ بغداد للخطيب 14/246

129 اللهم إني لم أجر في حكم حكمت به

129 اللهم إني لم أجر في حكم حكمت به أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: حدّثني مكرم بن أحمد «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عطية، قال: سمعت محمد بن سماعة «2» يقول: سمعت أبا يوسف «3» في اليوم الذي مات فيه، يقول: اللهم إنّك تعلم أنّي لم أجر في حكم حكمت به بين عبادك متعمدا، ولقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنّة نبيّك، وكل ما أشكل عليّ جعلت أبا حنيفة بيني وبينك، وكان عندي- والله- ممّن يعرف أمرك، ولا يخرج عن الحق وهو يعلمه. تاريخ بغداد للخطيب 14/254

130 أبو يوسف القاضي يصلي في كل يوم مائتي ركعة

130 أبو يوسف القاضي يصلي في كل يوم مائتي ركعة أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد، قال: حدّثني مكرم ابن أحمد «1» ، قال: حدّثنا أحمد بن عطية، قال: سمعت محمد بن سماعة «2» ، يقول: كان أبو يوسف «3» يصلي- بعد ما ولي القضاء- في كل يوم مائتي ركعة. تاريخ بغداد للخطيب 14/255

131 ما برع أحد في علم إلا دله على غيره من العلوم

131 ما برع أحد في علم إلّا دلّه على غيره من العلوم أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، قال: حدّثنا أبو بكر الأنباري «1» ، قال: حدّثني أبي، قال: سمعت إسماعيل بن إسحاق «2» يقول: ما أحد برع في علم إلّا دلّه على غيره من العلوم. فقال بشر المريسي «3» للفراء «4» : يا أبا زكريا، أريد أن أسألك عن مسألة في الفقه. فقال: سل. فقال: ما تقول في رجل سها في سجدتي السهو؟ قال: لا شيء عليه. قال: من أين قلت هذا؟. قال: قسته على مذاهبنا في العربية، وذلك إن المصغّر عندنا لا يصغّر، فكذلك، لا يلتفت إلى السهو في السهو. فسكت بشر. تاريخ بغداد للخطيب 14/151

132 الشريف أبو جعفر، ابن الجصاص المصري

132 الشريف أبو جعفر، ابن الجصاص المصري كان بمصر شريف من ولد العباس «1» ، يعرف بأبي جعفر الشق، شبيه بابن الجصاص» في الغفلة، والجدّ، والنعمة. قال أبو القاسم بن محمد التنوخي «3» : بعثني أبي إليه، من قرية تعرف بتلا «4» يستقرضه عشرة أرادب قمحا، وثلاثين زوج بقر، وكتب معي بذلك رقعة، فأتيت إليه، وسلّمت عليه، ودفعت إليه الرقعة، فقال: ذكرت أباك بخير، وحرسه، وأسعده، فهو صاحبي، وصديقي، وخليطي «5» ، وأين هو الآن؟ فقلت: بقرية تلا، أعز الله سيدي الشريف. قال: نعم، حفظه الله، هو بالفسطاط «6» معنا، وقد انقطع عنا كذا، ما كنت أظنه إلا غائبا.

قلت: لا يا سيدي، هو بتلا. قال: فما لك ما قلت لي؟ فما كان سبيله أن يؤنسني برقعة من قبله. قلت: يا سيدي، قد دفعت إليك رقعته. قال: وأين هي؟ قلت: تحت البساط. فأخذها، وقرأها، وقال: قل لي الآن، كان لك أخ أعرفه، حار الرأس، حاد الذهن، يحسن النحو والعروض والشعر، فما فعل الله به؟ قلت: أنا هو، أعزك الله. قال: كبرت كذا، وعهدي بك تأتيني معه، وأنت بزقة، مخطة، لعقة، قردلاش. قلت: نعم، أيد الله الشريف. قال: وما الذي جئت فيه؟ قلت له: والدي بعثني إليك برقعة، يسألك فيها، قرض عشرة أرادب قمحا، وثلاثين زوج بقر. قال: وهو الآن بالفسطاط؟ قلت: لا يا سيدي، هو بتلا. قال: نعم، وإنّما ذاك الفتى أخوك؟ قلت: لا، أنا هو. فهو يراجعني الكلام، وقد ضجرت من شدة غفلته، وكثرة نسيانه لما أقول له، حتى أقبل كاتبه أبو الحسين. فقال له: سل هذا الفتى ما أراد؟ فسألني، فعرّفته، فأخبره. فقال: نفّذ حاجته. فوقّع لي الكاتب بما أراد، وقال: تلقاني للقبض بالديوان. فشكرت الشريف، ونهضت، فقال: اصبر يا بنيّ، فقد حضر طعامنا، وقدّم الطعام، وفيه حصرمية غير محكمة، فرفع يده، وقال: مثل مطبخي،

يكون فيه مثل هذه؟، عليّ بالطباخ، فأتى. فقال له: ما هذا العمل؟ فقال: يا سيدي، إنّما أنا صانع، وعلى قدر ما أعطى، أعمل، وقد سألت المنفق أن يشتري لي ما أحتاج إليه، فتأخّر عنّي، فعملت على غير تمكّن، فجاء التقصير كما ترى. فقال: عليّ بالمنفق. فأحضر. فقال: مالي قليل؟ قال: لا يا سيّدي، بل عندك نعم واسعة. قال: فما لك تضايقنا في النفقة؟ ولا توسّع كما وسّع الله علينا؟ قال: يا سيدي، إنّما أنفق ما أعطى، وقد سألت الجهبذ أن يدفع لي، فتأخّر عني. قال: عليّ بالجهبذ. فأتي به، فقال: ما لك لم تدفع للمنفق شيئا؟ قال: لم يوقع لي الكاتب. فقال للكاتب: لم لم تدفع إليه شيئا؟ فتلعثم في الكلام، ولم يكن عنده جواب. فقال للكاتب: قف هنا، فوقف، ووقف خلفه الجهبذ، ووقف خلف الجهبذ المنفق، وخلف المنفق الطباخ. وقال: نفيت من العباس، إن لم يصفع كل واحد منكم، من يليه بأكثر ما يقدر عليه. فتصافعوا. قال: فخرجت، وأنا متعجّب من غباوته، ورقاعته في هذا الحكم. الملح والنوادر للحصري 222

133 لقد ذهب الحمار بأم عمرو

133 لقد ذهب الحمار بأم عمرو ودخل عليه كاتبه أبو الحسين، فوجده يبكي بكاء شديدا، ويقول: وا انقصام ظهراه، واهلاكاه. فقلت: ما للشريف، لا أبكى الله عينه؟ فقال: ماتت الكبيرة، يريد أمّه، وكان بارّا بها. فقلت: ماتت؟ قال: نعم. فشققت جيبي، وأظهرت من الجزع ما يجب لمثلي، ثم إنّي أنكرت الحال، إذ لم أجد لذلك دليلا. لا أحد يعزّيه، ولا في الدار حركة، فبقيت حائرا حتى أتت الخادمة، فقالت: الكبيرة تقرؤك السلام، وتقول لك: أيش تأكل اليوم؟ قال: قولي لها، ومتى أكلت قط بغير شهوتك؟ فقلت: يا سيدي، والكبيرة في الحياة؟ فقال: وأيش تظن أنها ماتت من حق؟ إنّما رأيت البارحة في المنام، كأنّها راكبة على حمار مصري، تسقيه من النيل، فذكرت قول الشاعر: لقد ذهب الحمار بأم عمرو الملح والنوادر للحصري 223

134 والله لقد أنسيت

134 والله لقد أنسيت وقال أبو الحسين، كاتبه: وأتيت إليه يوما، وقد ماتت والدتي، فعرّفته، فبكى، وقال: ماتت كبيرتي ومربيتي، وهو أكبر منها بأربعين سنة. ثم قال لغلامة: يا بشر، قم فجئني بعشرين دينارا، فأتاه بها. فقال: خذها، فاشتر بعشرة دنانير كفنا، وتصدّق بخمسة دنانير على القبر. وأقبل يصرف الخمسة الباقية، فيما يحتاج إليه من تجهيزها. ثم قال لغلام آخر: امض أنت يا لؤلؤ، إلى فلان صاحبنا، لا يفوتك، يغسلها. فاستحييت منه، وقلت: يا سيدي، ابعث خلف فلانة، جارة لنا، تغسلها. قال: يا أبا الحسين، ما تدع عقلك في فرح ولا حزن، كأنّ حرمك ما هي حرمي؟ كيف يدخل عليها من لا تعرفه؟ قلت: نعم، تأذن لي بذلك؟ قال: لا والله، ما يغسلها إلّا فلان. فقلت: وكيف يغسل رجل امرأة؟ قال: وإنّما أمك امرأة؟ والله لقد أنسيت. الملح والنوادر للحصري 224

135 أبو جعفر في ضيافة أبي بكر المادرائي

135 أبو جعفر في ضيافة أبي بكر المادرائي وكان يوما عند أبي بكر المادرائي «1» ، ثم خرج وهو طيّب الحلق، فاجتاز بأبي زنبور «2» ، فسمع خفق أوتار، وغناء في داخل الدار، فوقف يتسمّع، فرآه غلام لأبي زنبور، فدخل، فأعلم مولاه، فخرج حافيا، وقال: يا مولاي الشريف تشرّفني بالدخول؟ قال: نعم. فدخل، فقدم له طعاما، فأكل، وشرب ثلاثة أقداح، وغنّي ثلاثة أصوات، وانصرف، فنام ليلته. فلما أصبح، قال: يا بشرى، جئني الساعة، بأبي شامة العابر «3» . فأتاه به، فقال: رأيت البارحة، كأنّي خرجت من دار أحد إخواني، فاجتزت بدار حسنة، فسمعت خفق العيدان، وغناء القيان، فخرج إليّ صاحب الدار، فأدخلني، فأفضيت إلى بستان في الساحة، وأمامه بهو جليل، في صدره شاذروان، وقد فرش المجلس بأنواع الديباج المثقل، وضربت ستارة فيها غرائب الصور، وعجائب الصنائع، وفيها قيان بأيديهنّ العيدان.

وهنّ يغنّين أحسن الأغاني، فقدم لي خوان، عليه من كل الألوان، فأكلت، وشربت، وغنيت، وانصرفت. ففسّر له الرؤيا على ما يسرّه، فأمر له بخمسة دنانير. ثم مرّ بعد أيّام، بأبي زنبور، وهو جالس على باب داره، فقال له: يا سيدي الشريف، أما تشرّفني بعودة؟ قال: إلى ماذا؟ قال: تثنّي لي عادة حضورك. قال: ومتى تقدّم لي ذلك؟ قال: ليلة كذا. قال: وإنّما خدعنا العابر، وأخذ متاعنا بالباطل، امضوا إليه وردوا الخمسة دنانير منه. ثم فكّر ساعة، وقال: دعوه، لعلّه أنفقها، وهو فقير. الملح والنوادر للحصري 224

136 بين الشريف أبي جعفر وأبي زنبور الكاتب

136 بين الشريف أبي جعفر وأبي زنبور الكاتب وشرب مرة أخرى عند أبي زنبور الكاتب «1» ، ومعه ابن المادرائي «2» ، وحضر القيان فغنّين أطيب غناء، فقام الشريف إلى قضاء الحاجة، فأتت دابة ابن المادرائي، فانصرف، والشريف في الخلاء، فقضى حاجته، وعاد إلى موضعه. وكان أبو زنبور، لما انصرف أبو بكر، جلس في دسته، فالتفت إليه الشريف، وقال: يا أبا بكر، هذا الكلب، أبو زنبور، عنده مثل هذا السماع الطيب، ولا يمتعنا به كل وقت؟ إنّما يدعونا من مدة إلى مدة. فقال له أبو زنبور: هو على قدر ما يتّفق له من الفراغ، وهو مشتغل مع سلطانه، في أكثر أيامه. قال: لا والله، ما هو إلا كلب كلب، فاعل، صانع. فقال له: أعز الله الشريف، أبو بكر انصرف، وأنا أبو زنبور. فقال له: اعذرني، والله، ما ظننتك إلا ابن المادرائي. فقال: أراك تشتمني غائبا وحاضرا. الملح والنوادر للحصري 225

137 يدعى للتبكير بالغداة فيحضر العشية

137 يدعى للتبكير بالغداة فيحضر العشيّة وقال له بعض أصحاب الإخشيد «1» : أحبّ أن تبكّر إليّ بالغداة، في حاجة للأمير أيّده الله، وذكر الحاجة. فقال: أنا آتيك أوّل الناس كلّهم. فمضى، وأكل، وشرب أقداحا، ونام القائلة، فاستيقظ بالعشيّ، فقام مذعورا، فلبس ثيابه، وركب إلى الرئيس، فاستأذن عليه، فدخل، وقال: اعذرني أعزّك الله، فقد حزبني النوم، والله ما صليت الصبح من السرعة، ولقد آثرت المجيء إليك عليها، وأنا أستغفر الله عنها. فضحك حتى استلقى، وقال له: قد احتجنا إلى تأخير الأمر إلى الغد إن شاء الله. قال: فأنا أبكّر إليك على كل حال. وانصرف. الملح والنوادر للحصري 255

138 نزلت في قلبي

138 نزلت في قلبي أخبرني القاضي أبو القاسم التنوخي «1» ، إجازة، وحدثني أحمد ابن ثابت الحافظ «2» عنه، قال: أنشدني أبو عبد الله بن الحجاج «3» ، لنفسه: يا سيدي عبدك لم تقتله ... رأيت من يفعل ما تفعله نزلت في قلبي فيا سيدي ... لم تخرب البيت الذي تنزله مصارع العشاق 1/48

139 كلبان يحميان صاحبهما من الثعبان

139 كلبان يحميان صاحبهما من الثعبان وحدّثني بعض أصدقائي «1» ، قال: خرجت ليلة وأنا سكران، فقصدت بعض البساتين، لأمر من الأمور، ومعي كلبان كنت ربيتهما، ومعي عصا، فحملتني عيني، فإذا الكلبان ينبحان ويصيحان، فانتبهت لصياحهما، فلم أر شيئا أنكره، فضربتهما، وطردتهما، ونمت. ثم عاودا الصياح والنباح، فأنبهاني، فلم أر شيئا أنكره أيضا، فوثبت إليهما وطردتهما. فما أحسست إلّا وقد سقطا عليّ يحركاني بأيديهما وأرجلهما، كما يحرك اليقظان النائم، لأمر هائل. فوثبت، فإذا بأسود سالخ «2» قد قرب مني، فوثبت إليه فقتلته، وانصرفت إلى منزلي. فكان الكلبان- بعد الله عز وجل- سببا لخلاصي. فضل الكلاب على من لبس الثياب 26

140 فجعت بمسمار

140 فجعت بمسمار ويروى «1» أنه كان لميمونة «2» زوج النبي صلى الله عليه وسلّم، كلب يقال له مسمار، وكانت إذا حجت، خرجت به معها، فليس يطمع أحد بالقرب من رحلها مع مسمار، فإذا رجعت جعلته في بني جديلة، وأنفقت عليه. فلما مات، قيل لها: مات مسمار. فبكت، وقالت: فجعت بمسمار. فضل الكلاب على من لبس الثياب 27

141 لم يبق لي طمع

141 لم يبق لي طمع قال أبو الفرج الببغاء «1» : كان القاضي أبو القاسم التنوخي، أنشدنا جميع شعره، أو أكثره، ولا أعلم هذه القطعة، فيما أنشدنا، هل هي له أم لا، وهي: يا سادتي هذه روحي تودعكم ... إذ كان لا الصبر يسليها ولا الجزع قد كنت أطمع في ردّ الحياة لها ... فالآن مذ غبتم لم يبق لي طمع لا عذّب الله روحي بالحياة فما ... أظنها بعدكم بالعيش تنتفع مصارع العشاق 2/291

142 كلب يهاجم خصم صاحبه

142 كلب يهاجم خصم صاحبه وحدثني إبراهيم بن برقان «1» ، قال: كان في جوارنا رجل من أهل أصبهان، يعرف بالخصيب، ومعه كلب له، جاء به إلى الجبل «2» ، فوقع بينه وبين جاره خصومة، إلى أن تواثبا. فلما رأى الكلب ذلك، وثب على الرجل الذي واثب صاحبه، فوضع مخاليبه «3» في إحدى عينيه، وعض قفاه، حتى رأيت الرجل قد غشي عليه، ودماؤه تجري على الأرض. فضل الكلاب على من لبس الثياب 22

143 الكلب وعرفان الجميل

143 الكلب وعرفان الجميل أخبرني «1» أبو العلاء بن يوسف القاضي، قال: حدّثني شيخ كان مسنا صدوقا، أنه حجّ سنة من السنين، قال: وبرزنا أحمالنا إلى الياسرية «2» ، وجلسنا على قراح «3» نتغدى وكلب رابض بجوارنا، فرمينا إليه من بعض ما نأكل. ثم ارتحلنا ونزلنا بنهر الملك، فلما قدّمنا السفرة، إذا الكلب بعينه رابض بجوارنا، كاليوم الأول. فقلت للغلمان: قد تبعنا هذا الكلب، وقد وجب حقّه علينا، فتعهّدوه، ونفض الغلمان السفرة بين يديه، فأكل، ولم يزل تابعا منا من منزل إلى منزل، على تلك الحال، لا يقدر أحد أن يقرب جمالنا، ولا محاملنا، إلّا صاح ونبح. فكنّا قد أمنّا من سلّال الطريق «4» .

ووصلنا إلى مكة، وقضينا حجنا وعزمنا على الخروج في عمل إلى اليمن «1» . فكان معنا إلى أرض قبا «2» ، ورجعنا إلى مدينة السلام «3» وهو معنا. فضل الكلاب على من لبس الثياب 18

144 نسيم لو رقد المخمور فيه أفاق

144 نسيم لو رقد المخمور فيه أفاق أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي «1» إجازة، وحدثنا أحمد بن علي الحافظ «2» عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن العباس الأخباري «3» ، قال: أنشدني أبو نضلة «4» ، لنفسه: ولما التقينا للوداع ولم يزل ... ينيل لثاما دائما وعناقا شممت نسيما منه يستجلب الكرى ... ولو رقد المخمور فيه أفاقا مصارع العشاق 2/19

145 أموت وأحيا

145 أموت وأحيا أخبرنا علي بن المحسن «1» ، قال: أنشدنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن الأخباري «2» ، قال: أنشدنا ابن دريد «3» ، قال: أنشدنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي «4» عن عمه «5» ، لامرأة بدويّة: فلو أنّ ما ألقى وما بي من الهوى ... بأوعر ركناه صفا وحديد تفطّر من وجد وذاب حديده ... وأمسى تراه العين وهو عميد ثلاثون يوما كلّ يوم وليلة ... أموت وأحيا إنّ ذا لشديد مسافة أرض الشام ويحك قرّبي ... إليّ ابن جوّاب وذاك يزيد فليت ابن جوّاب من الناس حظّنا ... وكان لنا في النار بعد خلود مصارع العشاق 2/198

146 البين صعب

146 البين صعب وأخبرنا القاضي «1» ، قال: أنشدنا الثقة، بحضرة المرتضى «2» : قالت وقد نالها للبين أوجعه ... والبين صعب على الأحباب موقعه أشدد يديك على قلبي فقد ضعفت ... قواه مما به لو كان ينفعه أعطف عليّ المطايا ساعة فعسى ... من كان شتّت شمل البين يجمعه كأنّني يوم ولّوا ساعة بمنى ... غريق بحر رأى شطّا ويمنعه مصارع العشاق 2/114

147 من شعر القاضي التنوخي

147 من شعر القاضي التنوخي للقاضي التنوخي في المرّيخ والمشتري: كأنّما المرّيخ «1» والمشتري «2» ... قدامه في شامخ الرقعه منصرف بالليل في ظلمة ... قد أسرجوا قدّامه شمعه حلبة الكميت 339

148 مطر الربيع

148 مطر الربيع أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي «1» ، قال: قرأت على أبي عمر بن حيويه «2» ، قال: أنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة «3» ، لنفسه: تواصلنا على الأيام باق ... ولكن هجرنا مطر الربيع يروعك صوبه لكن تراه ... على علّاته داني النزوع كذا العشاق هجرهم دلال ... ويرجع وصلهم حسن الرجوع معاذ الله أن نلفى غضابا ... سوى دل المطاع على المطيع مصارع العشاق 2/194

149 سقراط والعشق

149 سقراط والعشق أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي «1» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس «2» قال: حدثنا أبو بكر بن المرزبان «3» ، قال: قال سقراط الحكيم «4» : العشق جنون، وهو ألوان، كما أن الجنون ألوان. مصارع العشاق 1/15

150 كلب يحمي طفل صاحبه

150 كلب يحمي طفل صاحبه وحدّثني صديق لي «1» : أنه كان له صديق ماتت امرأته، وخلفت صبيّا وكان له كلب قد رباه. فترك يوما ولده في الدار مع الكلب، وخرج لبعض الحوائج، وعاد بعد ساعة، فرأى الكلب في الدهليز، وهو ملوث بالدم وجهه وبوزه كله «2» . فظن الرجل أنه قد قتل ابنه وأكله، فعمد إلى الكلب فقتله، قبل أن يدخل الدار. ثم دخل الدار، فوجد الصبيّ نائما في مهده، وإلى جانبه بقيّة أفعى «3» قد قتله الكلب، وأكل بعضه. فندم الرجل على قتله أشدّ ندامة، ودفن الكلب. فضل الكلاب على من لبس الثياب 27

151 كلب مالك بن الوليد يقتل زوجته وعشيقها

151 كلب مالك بن الوليد يقتل زوجته وعشيقها قال الأصمعي «1» : كان لمالك بن الوليد أصدقاء لا يفارقهم، ولا يصبر عنهم. فأرسل أحدهم إلى زوجته، فأجابته، وجاء ليلة، واستخفى في بعض دور مالك، عند امرأته، ومالك لا يعلم بشيء من ذلك. فلما أخذا في شأنهما، وثب كلب لمالك عليهما، فقتلهما، ومالك لا يعقل من السكر. فلما أفاق، وقف عليهما، وأنشأ يقول: كل كلب حفظته لك أرعى ... ما بقي لو بقي ليوم التناد «2» من خليل يخون في النفس والمال ... وفي العرس بعد صفو الوداد «3» فضل الكلاب على من لبس الثياب 26

152 من شعر أبي بكر الأنباري

152 من شعر أبي بكر الأنباري أخبرنا عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت «2» ، قال: أخبرنا التنوخي قال: أنشدني أبو العبّاس الكاتب «3» ، قال: أنشدنا أبو بكر الأنباري «4» : وكم من قائل قد قال دعه ... فلم يك ودّه لك بالسليم فقلت إذا جزيت الغدر غدرا ... فما فضل الكريم على اللئيم وأين الإلف «5» يعطفني عليه ... وأين رعاية الحقّ القديم المنتظم 7/143

153 سكنت القلب

153 سكنت القلب أنشدني القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي «1» ، رحمه الله، للشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الطاهر أبي أحمد الحسين بن موسى الموسوي «2» : أذات الطوق لم أقرضك قلبي ... على ضنّي به ليضيع ديني سكنت القلب حين خلقت منه ... فأنت من الحشا والناظرين أحبّك أنّ لونك مثل قلبي ... وإن ألبست لونا غير لوني عديني وامطلي أبدا فحسبي ... وصالا أن أراك وأن تريني مصارع العشاق 2/114

154 سقى الله أياما خلت

154 سقى الله أياما خلت أخبرنا القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي «1» ، بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى الرماني النحوي «2» ، قال: حدثنا أبو بكر بن دريد «3» ، قال: أنشدنا عبد الرحمن «4» عن عمّه «5» : رويدك يا قمريّ لست بمظهر ... من الشوق إلّا دون ما أنا مضمر ليكفك أنّ القلب منذ تنكّرت ... أسيماء عن معروفها متنكّر سقى الله أيّاما خلت ولياليا ... فلم يبق إلّا عهدها المتذكّر لئن كانت الدنيا أجدّت إساءة ... لما أحسنت في سالف الدهر أكثر مصارع العشاق 1/309

155 الفراق مر شديد

155 الفراق مر شديد أخبرنا القاضي أبو القاسم عليّ بن المحسّن التنوخي «1» ، إن لم يكن سماعا فإجازة، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه «2» ، قال: حدّثنا ابن المرزبان «3» ، قال: حدّثني محمد بن عبد الله بن الفضل، قال: حدّثني أحمد بن معاوية، قال: رأيت مجنونا واقفا بصحراء أثير «4» ، وقد هاج، وهو يقول: هدّ ركني الهوى وكنت جليدا ... ورأيت الفراق مرّا شديدا مصارع العشاق 1/266

156 زيدي قلبي وسواسا

156 زيدي قلبي وسواسا أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي «1» ، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «3» ، إجازة، قال: أنشدت لماني «4» : سلي عائداتي كيف أبصرن كربتي ... فإن قلت قد حابيني فاسألي الناسا فإن لم يقولوا مات أو هو ميّت ... فزيدي إذن قلبي جنونا ووسواسا مصارع العشاق 1/98

157 رفقا بقلب

157 رفقا بقلب أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، رحمه الله، لمحمد ابن أبي عون الكاتب: غنيت بمشيتها عن الأغصان ... حسناء يلعب حبّها بجناني وبدت تفضّ العتب عن خاتامه «1» ... وتجول فيه بناظر ولسان رفقا بقلب قلّ ما قلّبته ... إلّا على شعل من النيران مصارع العشاق 2/73

158 فرأيك في سح الدموع موفقا

158 فرأيك في سح الدموع موفقا أنشدنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، قال: أنشدني قاضي القضاة أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر بن ماكولا «1» ، لأبي بكر الخوارزمي الطبري «2» ، من طبرية الشام، من تشبيب قصيدة في الصاحب أبي القاسم بن عباد «3» : يفلّ غدا جيش النوى عسكر اللقا ... فرأيك في سحّ الدموع موفّقا ولما رأيت الإلف يعزم للنوى ... عزمت على الأجفان أن تترقرقا وخذ حجّتي في ترك جسمي سالما ... وقلبي، ومن حقيهما أن يخرّقا يدي ضعفت عن أن تخرّق جيبها ... وما كان قلبي حاضرا فيمزّقا مصارع العشاق 1/90

159 زائر متهالك

159 زائر متهالك أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن «1» قال: أخبرنا علي بن عيسى الرماني «2» ، قال: أخبرني ابن دريد «3» ، قال: أنشدنا عبد الرحمن «4» عن عمه «5» ، لأبي المطراب العنبري: أيا بارقي مغنى بثينة أسعدا ... فتى مقصدا بالشوق فهو عميد ليالي منّا زائر متهالك ... وآخر مشهور كواه صدود على أنه مهدي السلام وزائر ... إذا لم يكن ممّن يخاف شهود وقد كان في مغنى بثينة لو رنت ... عيون مها تبدو لنا وخدود مصارع العشاق 1/310

160 أسائل عنها كل ركب

160 أسائل عنها كل ركب أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي «1» ، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: حدثنا أبو عمر بن حيويه الخزاز، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال حدثني أبو عبد الله التميمي، قال: حدثنا أبو الوضاح الباهلي، عن أبي محمد اليزيدي، قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن عتيق عن عامر بن عبد الله ابن الزبير قال: خرجت أنا ويعقوب بن حميد بن كاسب، قافلين من مكة، فلما كنّا بودّان «2» ، لقيتنا جارية من أهل ودّان. فقال لها يعقوب: يا جارية، ما فعلت نعم؟ فقالت: سل نصيبا. فقال: قاتلك الله، ما رأيت كاليوم قط، أحدّ ذهنا، ولا أحضر جوابا منك. وإنّما أراد يعقوب قول نصيب «3» في نعم، وكانت تنزل ودّان: أيا صاحب الخيمات من بطن أرثد «4» ... إلى النخل من ودّان ما فعلت نعم أسائل عنها كلّ ركب لقيتهم ... وما لي بها من بعد مكّتنا علم مصارع العشاق 2/49

161 أفق عن بعض لومك

161 أفق عن بعض لومك أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: حدثنا أبو الفضل قاسم بن سليمان الإيادي، عن عبد الرحمن بن عبد الله «1» ، قال: أخبرني مخبر، أنه رأى أسود ببئر ميمون «2» ، وهو يمتح من بئر، ويهمس بشيء لم أدر ما هو، فدنوت منه، فإذا بعضه بالعربية، وبعضه بالزنجيّة، ثم تبيّنت ما قال، فإذا هو: ألا يا لائمي في حب ريم ... أفق عن بعض لومك لا اهتديتا أتأمرني بهجرة بعض نفسي ... معاذ الله أفعل ما اشتهيتا أحب لحبها تئليم طرّا ... وتكعة والمشكّ وعين زيتا فقلت: ما هذه؟ فقال: رباع كانت لنا بالحبشة، كنا نألفها، قال: قلت: أحسبك عاشقا. قال: نعم، قلت: لمن؟ قال: لمن إن وقفت رأيته. فما لبثنا ساعة، إذ جاءت سوداء على كتفها جرّة، فضرب بيده عليها، وقال: هذه هي، قال: قلت له: ما مقامك هاهنا؟ قال: اشتريت، فأوقفت على هذا القبر أرشه. فأنا أبرّد من فوق، وربّك يسخّن من أسفل. مصارع العشاق 2/57

162 أين المفر

162 أين المفر أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي التوزي «1» ، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قالا: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن سليمان، قال: حدّثنا القحطبي، قال: أخبرنا بعض الرواة، قال: بينا أنا يوما على ركيّ «2» قاعد، وذلك في أشد ما يكون من الحر، إذا أنا بجارية سوداء، تحمل جرّة لها، فلما وصلت إلى الركيّ، وضعت جرتها، ثم تنفست الصعداء، فقالت: حرّ هجر، وحرّ حب، وحرّ ... أين من ذا وذا يكون المفرّ وفي رواية أخرى: أيّ حر من بعد هذا أضرّ؟ وملأت الجرة، وانصرفت. فلم ألبث إلّا يسيرا، حتى جاء أسود، ومعه جرّة، فوضعها بحيث وضعت السوداء جرّتها، فمر به كلب أسود، فرمى إليه رغيفا كان معه، وقال: أحبّ لحبها السودان حتى ... أحبّ لحبها سود الكلاب مصارع العشاق 2/36

163 كذاك العاشقون

163 كذاك العاشقون أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين التوزي «1» ، بقراءتي عليه، وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، قراءة عليه، قالا: أخبرنا أبو عمر بن حيويه الخزاز، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: أخبرنا عبد الله بن شبيب» ، قال: أخبرني الزبير بن بكار، قال: حدثني محمد بن الحسن، قال: حدثني هبيرة بن مرة القشيري، قال: كان لي غلام يسوق ناضحا «3» ، ويرطن بالزنجية، بشيء يشبه الشعر، فمرّ بنا رجل يعرف لسانه، فاستمع له، ثم قال: هو يقول: فقلت لها إنّي اهتديت لفتية ... أناخوا بجعجاع «4» قلائص «5» سهّما «6» فقالت: كذاك العاشقون ومن يخف ... عيون الأعادي يجعل الليل سلّما مصارع العشاق 2/7

164 لا تكن ملحاحا

164 لا تكن ملحاحا أنبأنا أبو القاسم علي بن أبي علي التنوخي «1» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد ابن العباس «2» قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن خلف المحوّلي «3» ، إجازة، قال: حدثني سعيد بن عمر بن علي البيروذي «4» ، قال: حدثني علي بن المختار، قال: حدثني القحذمي «5» ، قال: هوي رجل من أهل البصرة، امرأة فضني من حبها، حتى سقط على الفراش، وكان إذا جنّه الليل، صاح بأعلى صوته: كم ترى بيننا وبين الصباح فإذا أكثر، هتف به هاتف من جانب البيت: ألف عام، وألف عام تباعا ... غير شك، فلا تكن ملحاحا قال: فأقام الرجل على علّته سنين، ثم أبل من علّته. مصارع العشاق 1/247

165 في القلب صدوع

165 في القلب صدوع أخبرنا التنوخي «1» ، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس «2» ، قال: حدثنا محمد بن خلف «3» ، قال: أنشدني أبو علي البلدي الشاعر، للمجنون: لئن نزحت دار بليلى لربما ... غنينا بخير والزمان جميع وفي النفس من شوق إليك حزازة ... وفي القلب من وجد عليك صدوع مصارع العشاق 2/90

166 مساكين أهل العشق

166 مساكين أهل العشق أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين، وأبو القاسم علي بن المحسن ابن علي، قالا: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، قال: حدّثنا محمد ابن خلف، قال: أخبرني جعفر بن علي اليشكري، قال: أخبرني الرياشي «1» ، قال: أخبرني العتبي «2» ، قال: دخل نصيب «3» على عبد العزيز بن مروان «4» ، فقال له: هل عشقت يا نصيب؟ قال: نعم، جعلني الله فداك، ومن العشق أقلّتني إليك البادية. قال: ومن عشقت؟ قال: جارية لبني مدلج، فأحدق بنا الواشون، فكنت لا أقدر على كلامها إلا بعين أو إشارة، فأجلس على الطريق، حتى تمرّ بي، فأراها، ففي ذلك أقول: جلست لها كيما تمرّ لعلّني ... أخالسها التسليم إن لم تسلّم فلما رأتني والوشاة تحدرت ... مدامعها شوقا ولم تتكلّم مساكين أهل العشق ما كنت أشتري ... حياة جميع العاشقين بدرهم مصارع العشاق 2/51

167 كلب يحمي عرض سيده

167 كلب يحمي عرض سيده وممّن أفسد الصديق بحرمته، فقام الكلب بنصرته، ما أخبرونا عن أبي الحسن المدائني «1» يرفعه عن عمرو بن شمر، قال: كان للحارث بن صعصعة، ندمان لا يفارقهم، شديد المحبة لهم، فعبث أحدهم بزوجته، فراسلها، وكان للحارث كلب رباه، فخرج الحارث في بعض متنزهاته، ومعه ندماؤه، وتخلف عنه ذلك الرجل، فلما بعد الحارث عن منزله، جاء نديمه إلى زوجته، فأقام عندها يأكل ويشرب، فلما سكرا واضطجعا، ورأى الكلب أنه قد ثار على بطنها، وثب الكلب عليهما فقتلهما. فلما رجع الحارث إلى منزله، ونظر إليهما عرف القصة، ووقف ندمانه على ذلك، وأنشأ يقول: وما زال يرعى ذمّتي ويحوطني ... ويحفظ عرسي والخليل يخون فوا عجبا للخل يهتك حرمتي ... ويا عجبا للكلب كيف يصون قال: وهجر من كان يعاشره، واتخذ كلبه نديما وصاحبا، فتحدث به العرب، وأنشأ يقول: فللكلب خير من خليل يخونني ... وينكح عرسي بعد وقت رحيلي سأجعل كلبي ما حييت منادمي ... وامنحه ودي وصفو خليلي فضل الكلاب على من لبس الثياب 25

168 الحبشاني وصفراء العلاقمية

168 الحبشاني وصفراء العلاقمية أخبرنا التوزي «1» ، والتنوخي «2» ، قالا: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس «3» ، حدثنا محمد بن خلف «4» ، قال: وذكر بعض الرواة عن العمري: كان أبو عبد الله الحبشاني، يعشق صفراء العلاقمية، وكانت سوداء، فاشتكى من حبها، وضني حتى صار إلى حد الموت، فقال بعض أهله، لمولاها: لو وجهت صفراء إلى أبي عبد الله الحبشاني، فلعله يعقل إذا رآها، ففعل، فلما دخلت إليه صفراء، قالت: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال: بخير، ما لم تبرحي. قالت: ما تشتهي؟ قال: قربك. قالت: فما تشتكي؟ قال: حبك. فقالت: أفتوصي بشيء؟ قال: نعم، أوصي بك، إن قبلوا مني. فقالت: إني أريد الانصراف. قال: فتعجّلي ثواب الصلاة عليّ. فقامت، فانصرفت. فلما رآها مولّية، تنفّس الصعداء، ومات من ساعته. مصارع العشاق 2/50

169 كلب يقتل زوجة سيده وخليلها

169 كلب يقتل زوجة سيده وخليلها وذكر ابن دأب، قال «1» : كان للحسن بن مالك الغنوي «2» ، أخوان، وندمان، فأفسد بعضهم محرما له، وكان له على باب داره كلب قد رباه، فجاء الرجل يوما إلى منزل الحسن، فدخل إلى امرأته. فقالت له: قد بعد، فهل لك في جلسة يسرّ بعضنا ببعض فيها؟. فقال: نعم. فأكلا وشربا، ووقع عليها. فلما علاها وثب الكلب عليهما، فقتلهما. فلما جاء الحسن، ورآهما على تلك الحال، تبيّن ما فعلا فأنشأ يقول: قد أضحى خليلي بعد صفو مودتي ... صريعا بدار الذلّ أسلمه الغدر يطا حرمتي بعد الإخاء وخانني ... فغادره كلبي وقد ضمه القبر فضل الكلاب على من لبس الثياب 25

170 دفع درهمين فأفاد أربعة آلاف دينار

170 دفع درهمين فأفاد أربعة آلاف دينار أخبرنا القاضيان أبو الحسين أحمد بن علي التوزي، وأبو القاسم عليّ ابن المحسّن التنوخي، قالا: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز، حدثنا محمد بن خلف المحولي، قال: أخبرني أبو الفضل الكاتب، عن أبي محمد العامري، قال: قال إسماعيل بن جامع «1» : كان أبي يعظني في الغناء، ويضيّق عليّ، فهربت إلى أخوالي باليمن، فأنزلني خالي غرفة له، مشرفة على نهر في بستان، فإني لمشرف منها، إذ طلعت سوداء معها قربة، فنزلت إلى المشرعة، فجلست، فوضعت قربتها، وغنّت: إلى الله أشكو بخلها وسماحتي ... لها عسل منّي وتبذل علقما فردّي مصاب القلب أنت قتلته ... ولا تتركيه هائم القلب مغرما وذرفت عيناها، فاستفزني ما لا قوام لي به، ورجوت أن تردّه، فلم تفعل، وملأت القربة، ونهضت. فنزلت أعدو وراءها، وقلت: يا جارية بأبي أنت وأمي، ردّي الصوت. قالت: ما أشغلني عنك. قلت: بماذا؟ قالت: عليّ خراج، كل يوم درهمان.

فأعطيتها درهمين، فتغنّت وجلست حتى أخذته، وانصرفت، ولهوت يومي ذلك، وكرهت أن أتغنّى الصوت، فأصبحت وما أذكر منه حرفا واحدا. وإذا أنا بالسوداء قد طلعت، ففعلت كفعلها الأول، إلّا أنها غنّت غير ذلك الصوت. فنهضت وعدوت في إثرها، فقلت: الصوت قد ذهبت عليّ منه نغمة. قالت: مثلك لا تذهب عليه نغمة، فتبيّن بعضه ببعض، وأبت أن تعيده إلّا بدرهمين، فأعطيتها ذلك، فأعادته، فتذكرته. فقلت: حسبك. قالت: كأنّك تستكثر فيه أربعة دراهم، كأنّي والله بك، وقد أصبت به أربعة آلاف دينار. قال ابن جامع: فبينا أنا أغنّي الرشيد يوما، وبين يديه أكياس، في كلّ كيس ألف دينار، إذ قال: من أطربني فله كيس، فغنيته الصوت، فرمى لي بكيس. ثم قال: أعد، فأعدت، فرمى لي بكيس. وقال: أعد، فأعدت، فرمى لي بكيس، فتبسمت. فقال: ما يضحكك؟. قلت: يا أمير المؤمنين لهذا الصوت حديث أعجب منه، وحدّثته الحديث. فضحك، ورمى إليّ الكيس الرابع، وقال: لا نكذّب قول السوداء. فرجعت بأربعة آلاف دينار. مصارع العشاق 2/38

171 وقد جلبت عيني علي الدواهيا

171 وقد جلبت عيني عليّ الدواهيا أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسّن، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس، قال: حدثنا أبو بكر بن المرزبان، إجازة، قال: حدثني محمد بن علي عن أبيه علي، عن ابن دأب، قال: عشق فتى، جارية لأخته، وكان سبب عشقه إيّاها، أنّه رآها في منامه، فأصبح مستطارا عقله، ساهيا قلبه. فلم يزل كذلك حينا، لا يزداد إلّا حبا ووجدا، حتى أنكر ذلك أهله، وأعلموا عمّه بما هو فيه، فسأله عن حاله، فلم يقرّ بشيء، وقال: علّة أجدها في جسمي، فدعا له أطباء الروم، فعالجوه بضروب من العلاج، فلم يزده علاجهم إلّا سوءا، وامتنع عن الطعام والكلام. فلما رأوا ذلك منه، أجمعوا على أن يوكّلوا به امرأة، فتسقيه الخمر حتى يبلغ منه دون السكر، فإن ذلك يدعوه إلى الكلام والبوح بما في نفسه، فعزم رأيهم على ذلك، وأعلموا عمّه ما اتفقوا عليه، فبعث إليه بقينة يقال لها: حمامة، ووكّل به حاضنة كانت له. فلما شرب الفتى، غنّت الجارية قدّامه، فأنشأ يقول: دعوني لما بي وانهضوا في كلاءة ... من الله قد أيقنت أن لست باقيا وأن قد دنا موتي وحانت منيّتي ... وقد جلبت عيني عليّ الدواهيا أموت بشوق في فؤادي مبرّح ... فيا ويح نفسي من به مثل ما بيا قال: فصارت الحاضنة والقينة إلى عمه، فأخبرتاه الخبر، فاشتدت له رحمته، فتلطف في دس جارية من جواريه إليه، وكانت ذات أدب وعقل،

فلم تزل تستخرج ما في قلبه، حتى باح لها بالذي في نفسه، فصارت السفيرة فيما بينه وبين الجارية، وكثرت بينهما الكتب، وعلمت أخته بذلك، فانتشر الخبر، فوهبتها له، فبرأ من علته، وأقام على أحسن حال. مصارع العشاق 2/27

172 أبو علي التنوخي يهنئ رئيسا بحلول رمضان

172 أبو علي التنوخي يهنئ رئيسا بحلول رمضان كتب القاضي أبو علي التنوخي، إلى بعض الرؤساء، في شهر رمضان: نلت في ذا الصيام ما تشتهيه ... وكفاك الإله ما تتّقيه أنت في الناس مثل شهرك في الأش ... هر «1» بل مثل ليلة القدر «2» فيه وفيات الأعيان 4/161

173 من شعر القاضي أبي علي التنوخي

173 من شعر القاضي أبي علي التنوخي ومن المنسوب للقاضي التنوخي: قل للمليحة في الخمار المذهب ... أفسدت نسك أخي التقي المترهب نور الخمار ونور خدك تحته ... عجبا لوجهك كيف لم يتلهب وجمعت بين المذهبين فلم يكن ... للحسن عن ذهبيهما من مذهب وإذا أتت عني لتسرق نظرة ... قال الشعاع لها اذهبي لا تذهبي «1» وفيات الأعيان 4/161

174 من شعر أبي الفرج الببغاء

174 من شعر أبي الفرج الببغاء وحكى القاضي أبو علي التنوخي قال: دخل أبو الفرج عبد الواحد الببغاء «1» ، على الوزير أبي نصر سابور بن أردشير «2» ، وقد نثرت عليه دنانير وجواهر، فأنشد بديها: نثروا الجواهر واللجين وليس لي ... شيء عليه سوى المدائح أنثر بقصائد كالدرّ إن هي أنشدت ... وثنا إذا ما فاح فهو العنبر «3» وفيات الأعيان 2/201

175 مكشوف العلل ومكتوم الأجل

175 مكشوف العلل ومكتوم الأجل أنشدني علي بن أبي علي «1» ، قال: أنشدني أبي، قال: أنشدني قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله «2» بن أحمد بن معروف، لنفسه: يا بؤس للإنسان في ... الدنيا وإن نال الأمل يعيش مكشوف العلل ... فيها ومكتوم الأجل بينا يرى في صحة ... مغتبطا قيل اعتلل وبينما يوجد فيها ... ثاويا قيل انتقل فأوفر الحظ لمن ... يتبعه حسن العمل تاريخ بغداد للخطيب 10/367

176 الأشتر وجيداء

176 الأشتر وجيداء أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أبي علي «1» ، قراءة عليه، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: أخبرني أبو الفرج عليّ بن الحسين الأصبهاني «3» ، قال: حدّثني جعفر ابن قدامة «4» ، قال حدّثني أبو العيناء «5» ، قال: كنت أجالس محمد بن صالح بن عبد الله بن حسن بن عليّ بن أبي طالب، وكان حمل إلى المتوكل «6» أسيرا، فحبسه مدّة، ثم أطلقه، وكان أعرابيا فصيحا محرّما «7» ، فحدّثني قال: حدّثني نمير بن قحيف الهلالي، وكان حسن الوجه، حييا، قال: كان منّا فتى يقال له بشر بن عبد الله، ويعرف بالأشتر، وكان يهوى جارية من قومه، يقال لها: جيداء، وكانت ذات زوج. وشاع خبره في حبها، فمنع منها، وضيق عليه، ووقع الشر بينه وبين أهلها، حتى قتلت بينهم القتلى، وكثرت الجراحات، ثم افترقوا على أن لا ينزل أحد منهم بقرب الآخر.

فلما طال على الأشتر البلاء والهجر، جاءني ذات يوم، فقال: يا نمير هل فيك خير؟ قلت: عندي كل ما أحببت. قال: أسعدني على زيارة جيداء، فقد ذهب الشوق إليها بروحي، وتنغصت عليّ حياتي. قلت: بالحب والكرامة، فانهض إذا شئت. فركب، وركبت معه، وسرنا يومنا وليلتنا، حتى إذا كان قريبا من مغرب الشمس، نظرنا إلى منازلهم، ودخلنا شعبا خفيّا، فأنخنا راحلتينا وجلين. فجلس هو عند الراحلتين، وقال: يا نمير، اذهب، بأبي أنت وأمي، فادخل الحيّ، واذكر لمن لقيك أنّك طالب ضالّة، ولا تعرّض بذكري بشفة ولا لسان، فإن لقيت جاريتها فلانة الراعية، فاقرئها مني السلام، وسلها عن الخبر، وأعلمها بمكاني. فخرجت، لا أعذر «1» في أمري، حتى لقيت الجارية، فأبلغتها الرسالة، وأعلمتها بمكانه، وسألتها عن الخبر. فقالت: بلى والله، مشدّد عليها، متحفّظ منها، وعلى ذلك، فموعدكما الليلة، عند تلك الشجرات اللواتي عند أعقاب البيوت. فانصرفت إلى صاحبي، فأخبرته الخبر، ثم نهضنا نقود راحلتينا، حتى جاء الموعد. فلم نلبث إلّا قليلا، وإذا جيداء قد جاءت تمشي حتى دنت منّا، فوثب إليها الأشتر، فصافحها، وسلّم عليها، وقمت مولّيا عنهما.

فقالا: إنّا نقسم عليك إلّا ما رجعت، فو الله ما بيننا ريبة، ولا قبيح نخلو به دونك. فانصرفت راجعا إليهما، حتى جلست معهما، فتحدّثا ساعة، ثم أرادت الانصراف. فقال الأشتر: أما فيك حيلة يا جيداء، فنتحدّث ليلتنا، ويشكو بعضنا إلى بعض. قالت: والله ما إلى ذلك من سبيل، إلّا أن نعود إلى الشر الذي تعلم. فقال لها الأشتر: لا بدّ من ذلك، ولو وقعت السماء على الأرض. فقالت: هل في صديقك هذا من خير أو فيه مساعدة لنا؟ قال: الخير كلّه. قالت: يا فتى، هل فيك من خير؟ قلت: سلي ما بدا لك، فإنّي منته إلى مرادك، ولو كان في ذلك ذهاب روحي. فقامت، فنزعت ثيابها، فخلعتها عليّ، فلبستها، ثم قالت: اذهب إلى بيتي، فادخل في خبائي، فإن زوجي سيأتيك بعد ساعة أو ساعتين، فيطلب منك القدح، ليحلب فيه الإبل، فلا تعطه إيّاه حتى يطيل طلبه، ثم ارم به رميا، ولا تعطه إيّاه من يدك، فإنّي كذا كنت أفعل به، فيذهب فيحلب، ثم يأتيك عند فراغه من الحلب، والقدح ملآن لبنا، فيقول: هاك غبوقك، فلا تأخذ منه حتى تطيل نكدا عليه، ثم خذه، أو دعه حتى يضعه، ثم لست تراه، حتى تصبح إن شاء الله. قال: فذهبت، ففعلت ما أمرتني به، حتى إذا جاء القدح الذي فيه اللبن، أمرني أن آخذه، فلم آخذه، حتى طال نكدي، ثم أهويت لآخذه، وأهوى ليضعه، واختلفت يدي ويده، فانكفأ القدح، واندفق ما فيه،

فقال: إن هذا طماح «1» مفرط، وضرب بيده إلى مقدّم البيت، فاستخرج سوطا مفتولا، كمتن الثعبان المطوّق، ثم دخل عليّ، فهتك الستر عنّي، وقبض على شعري، وأتبع ذلك السوط متني، فضربني تمام ثلاثين، ثم جاءت أمّه وإخوته، وأخت له، فانتزعوني من يده، ولا والله، ما أقلع، حتى زايلتني روحي، وهممت أن أوجره السكين، وإن كان فيه الموت. فلما خرجوا عنّي، وهو معهم، شددت ستري، وقعدت كما كنت. فلم ألبث إلّا قليلا، حتى دخلت أم جيداء عليّ تكلّمني، وهي تحسبني ابنتها، فاتّقيتها بالسكات «2» والبكى «3» ، وتغطّيت بثوبي دونها. فقالت: يا بنيّة، اتّقي الله ربك، ولا تعرضي لمكروه زوجك، فذاك أولى بك، فأما الأشتر، فلا أشتر لك آخر الدهر. ثم خرجت من عندي، وقالت: سأرسل إليك أختك تؤنسك، وتبيت الليلة عندك. فلبثت غير ما كثير، فإذا الجارية قد جاءت، فجعلت تبكي، وتدعو على من ضربني، وجعلت لا أكلمها، ثم اضطجعت إلى جانبي. فلما استمكنت منها، شددت بيدي على فيها، وقلت: يا هذه تلك أختك مع الأشتر، وقد قطع ظهري الليلة بسببها، وأنت أولى بالستر عليها، فاختاري لنفسك ولها، فو الله لئن تكلمت بكلمة، لأضجنّ بجهدي، حتى تكون الفضيحة شاملة. ثم رفعت يدي عنها، فاهتزّت الجارية كما تهتز القصبة من الروع، ثم بات معي منها أملح رفيق رافقته، وأعفّه، وأحسنه حديثا، فلم تزل تتحدّث،

وتضحك مني، وممّا بليت به من الضرب، حتى برق النور، وإذا جيداء قد دخلت علينا من آخر البيت، فلما رأتنا ارتاعت، وفزعت. وقالت: ويلك من هذا عندك؟ قلت: اختك. قالت: وما السبب؟ قلت: هي تخبرك، ولعمر الله، إنها لعالمة بما نزل بي، وأخذت ثيابي منها، ومضيت إلى صاحبي، فركبنا، ونحن خائفان. فلما سري عنا روعنا، حدّثته بما أصابني وكشفت عن ظهري، فإذا فيه ما غرس السوط من ضربة إلى جانب أخرى، كل ضربة تخرج الدم وحدها. فلما رآني الأشتر، قال: لقد عظمت صنيعتك، ووجب شكرك، إذ خاطرت بنفسك، فبلغني الله مكافأتك «1» . مصارع العشاق 2/148 و 156

177 كيف تعالج اللثغة عند الصبي

177 كيف تعالج اللثغة عند الصبي حدّث أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، في نشوار المحاضرة، قال: حدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن المنجم «1» ، قال: حدّثني أبي «2» قال: كنت وأنا صبيّ لا أقيم الراء في كلامي، وأجعلها غينا «3» ، وكانت سنّي إذ ذاك أربع سنين، أقل أو أكثر، فدخل أبو طالب الفضل بن سلمة، أو أبو بكر الدمشقي (الشك من أبي الفتح) إلى أبي، وأنا بحضرته، فتكلّمت بشيء فيه راء، فلثغت فيها. فقال له الرجل: يا سيدي، لم تدع أبا الحسن يتكلّم هكذا؟ فقال له: ما أصنع، وهو ألثغ؟ فقال له:- وأنا أسمع وأحصّل ما جرى، وأضبطه- إنّ اللثغة لا تصحّ مع سلامة الجارحة، وإنّما هي عادة سوء تسبق إلى الصبي أوّل ما يتكلّم، لجهله بتحقيق الألفاظ، وسماعه شيئا يحتذيه، فإن ترك على ما يستصحبه من ذلك، مرن عليه، فصار له طبعا لا يمكنه التحوّل عنه، وإن أخذ بتركه

في أوّل نشوه «1» ، استقام لسانه، وزال عنه، وأنا أزيل هذا عن أبي الحسن ولا أرضى فيه بتركك له عليه. ثم قال لي أخرج لسانك، فأخرجته. فتأمّله، وقال: الجارحة صحيحة، قل يا بنيّ: را، واجعل لسانك في سقف حلقك. ففعلت ذلك، فلم يستو لي. فما زال يرفق بي مرّة، ويخشن بي أخرى، وينقل لساني من موضع إلى موضع، من فمي، ويأمرني أن أقول الراء فيه، فإذا لم يستو لي، نقل لساني إلى موضع آخر، دفعات كثيرة، في زمان طويل، حتى قلت راء صحيحة في بعض تلك المواضع. وطالبني، وأوصى معلمي بإلزامي ذلك، حتى مرن لساني عليه، وذهبت عنه اللثغة. معجم الأدباء 5/442

178 أيهما يصفع

178 أيهما يصفع حكى عليّ بن المحسّن «1» القاضي، قال: حضرت مجلس قاض، فتقدم إليه رجلان، وادّعى أحدهما على الآخر شيئا. فقال للمدعى عليه: ما تقول؟، فضرط بفمه «2» . فقال المدعي: يسخر بك يا أيها القاضي. فقال القاضي: اصفع يا غلام. فقال الغلام: من أصفع، الذي سخر منك، أم الذي ضرط عليك؟ فقال: بل دعهما، واصفع نفسك. الكنايات للجرجاني 47

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب 5 مقدمة المحقق 7 1 من شعر ابن كناسة 8 2 القاضي محمد بن عبد الله الأنصاري 10 3 القاضي محمد بن عبد الله المؤذّن 11 4 القاضي أبو الحسن الخرقي كان يحكم بنفسه 12 5 من شعر ابن سكّرة الهاشمي 12 6 من شعر ابن سكّرة الهاشمي 13 7 أبو إسحاق الطبري المقرئ 14 8 البحتري يمدح الكجّي وابن جهور 16 9 إسحاق الموصلي يتحدّث عن أصله 17 10 القاضي إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة 19 11 القاضي إسماعيل بن إسحاق، كان علما في الفقه على مذهب مالك 21 12 القاضي إسماعيل بن إسحاق، تجمع له بغداد بأسرها، ويقلد قضاء القضاة 24 13 الله خير مستعان 25 14 إسحاق بن غرير 27 15 حب ابن غرير غرور 30 16 إنّك لا تدري ما يقول هذا الغلام

32 17 البهلول بن حسّان، يبذل ماله للقريب والبعيد 34 18 إسحاق بن البهلول، يحدّث من حفظه بخمسين ألف حديث 36 19 القاضي أسد بن عمرو، يصلح قبلة جامع واسط 37 20 أشعب الطامع بين سالم بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن عثمان 40 21 سالم بن عبد الله يقسم تمرا 41 22 الحد الذي بلغه طمع أشعب 42 23 القاضي أبو الوليد الكندي، يأبى أن ينفذ قضاء يحيى بن أكثم 44 24 التسليم للفقهاء سلامة في الدين 45 25 نسب أبي الهيثم التنوخي 46 26 القاضي البهلول بن إسحاق الأنباري 47 27 لماذا سمّي بشّار بالمرعث 1 48 28 لماذا سمّي بشّار بالمرعث 2 49 29 ارحمهم رحمك الله 50 30 بين جعفر البرمكي وعبد الملك بن صالح الهاشمي 52 31 القاضي جعفر بن محمد بن عمّار 54 32 وقف بعرفة ستا وخمسين وقفة على المذهب 55 33 أبو محمد جعفر بن محمد بن أحمد التنوخي 57 34 ما لي وللعيد 58 35 أبو العيناء يرثي الحسن بن سهل 59 36 القاضي أبو محمد الحسن بن أبي الشوارب

60 37 المنصور ينصح ولده المهدي، بالإقبال على الفقه والمغازي 62 38 الحسن بن عمارة، يكرم أحد طلّاب الحديث 63 39 عبيد الله بن محمد بن صفوان، يتقلّد للمهدي قضاء المدينة 64 40 القاضي أبو حسان الزيادي، يضرب رجلا ألف سوط، ويتركه في الشمس حتى يموت 66 41 الخليفة الواثق يستقضي الحسن بن علي بن الجعد 67 42 جريت مع الصبا طلق الجموح 69 43 من شعر أبي عبد الله بن الحجاج 70 44 لحية القاضي العوفي، تبلغ إلى ركبته 71 45 لحية القاضي العوفي، تعدّت كل قدر 72 46 القاضي العوفي يلقي مسائله في المناظرة من الدفتر 73 47 الحسين بن الضحاك الشاعر 74 48 الراضي يستقضي أبا محمد الحسين بن عمر 75 49 أبو علي التنوخي ينيب عنه أبا القاسم الكوفي في القضاء بالكوفة 76 50 من مخاريق الحلّاج 79 51 محاكمة الحلّاج، وتنفيذ حكم الإعدام فيه 93 52 الخليفة يدعو القاضي حفص بن غياث، فيستمهله حتى يفرغ من أمر الخصوم 94 53 القاضي حفص بن غياث، تمرّ أحكامه وقضاياه كالقدح 95 54 الحسن بن وهب يرثي أبا تمام الطائي 96 55 مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر 98 56 حسان بن سنان التنوخي، أدركته بركة دعاء أنس بن مالك

100 57 حسان بن سنان التنوخي، كان نصرانيا وأسلم. 101 58 افتتح القضاء بأعورين 103 59 من شعر خالد الكاتب 104 60 أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول التنوخي الأنباري 106 61 لماذا عرف بالثلّاج 107 62 ترفّق بأهل الجهل إن كنت ساقيا 108 63 ضمّ يا ضمّام، واحذر لا تنام 109 64 رأي أبي زيد الأنصاري، في أبي عبيدة والأصمعي 110 65 للسريّ الرفاء يستهدي قدحا 111 66 أعجميّ يتنقّص الإمام عليا، فيضرب، ويطرد 112 67 شبيب بن شيبة، يفزع إليه أهل البصرة في قضاء حوائجهم 114 68 من حكم شبيب بن شيبة 115 69 علام يؤتى المرء 116 70 العباس الخياط، لا يثمر فيه الإحسان 117 71 من شعر ابن الأعرابي 118 72 القاضي التنوخي ينيب عنه صدقة بن علي الموضلي على قضاء نصيبين وأعمالها 119 73 لا عار في الصرف إذا بقيت المحاسن محروسة 120 74 المنصور العبّاسي، يضرب أسوأ الأمثال في القسوة 122 75 القاضي عبد الله بن أبي الشوارب 123 76 المنصور يضرب قهرمانه سبع درر 124 77 قطن بن معاوية الغلابي، يستسلم للمنصور

129 78 القاضي عبد الله بن محمد، رافق الرشيد، وهلك بطوس 131 79 القاضي عبد الله بن محمد الخلنجي، وعفته، وديانته 133 80 يا نفس صبرا لعلّ الخير عقباك 135 81 أبو القاسم ابن بنت منيع، يفيد مائتي دينار من نسخ مغازي ابن إسحاق 137 82 ثلاثة يسلمن إلى الأجل 138 83 رأي ابن مهدي في سفيان، ومالك، وشعبة، وابن المبارك 139 84 عبد الله بن مصعب، يتكلم في أمر المدينة في العطاء والقسم 142 85 مدّ لك الله الحياة مدّا 143 86 القاضي عبد الرحمن بن إسحاق يحلّ محل إسماعيل بن حماد وبشر بن الوليد 144 87 أبو عبد الله الختلي يحدّث في البصرة بخمسين ألف حديث من حفظه 145 88 كأنّ رقيبا منك يرعى خواطري 146 89 عبيد الله بن أحمد بن غالب 147 90 لا تهجرنّي فإنّي لست ذا جلد 149 91 من شعر أبي الحسن الكرخي 150 92 العالم العاقل ابن نفسه 151 93 لا ردّ الله غربتك 152 94 أكني بغيرك 153 95 وظريف زوال وجد بوجد 154 96 القاضي عبد الملك بن حزم، توفي، فصلى عليه الرشيد

155 97 المنصور يعفو عن أحد الثائرين عليه 157 98 قرشية اختارت لنفسها 159 99 عبد العزيز الأعرج لا يمسك شيئا لفرط سخائه 161 100 ابن البقال أحد المتكلمين الشيعة الزيدية 162 101 عبد العزيز بن حماد الدنقشي قاضي رامهرمز 164 102 وتأخذ من جوانبنا الليالي 165 103 كيف الظن بمن هو أرحم الراحمين 166 104 تشابهت الطباع 167 105 سقطت على الخبير 168 106 فمن ذا يداوي جوى باطنا 169 107 المتوكل يخيّر أهل بغداد 170 108 الصاحي بموضع رجلي السكران، أعرف من السكران بموضع رجلي نفسه 171 109 المعتضد يستقضي أبا خازم القاضي 174 110 القاضي يحيى بن أكثم، يستخلف على الجانب الشرقي عيسى بن أبان 175 111 بحق من أغراك بي زيدي 176 112 القاضي عمر بن حبيب العدوي، لم يرقاض أهيب منه 177 113 القاضي عمر بن حبيب العدوي، ينصبه المأمون قاضيا بالبصرة 180 114 القاضي أبو الحسين بن أبي عمر 182 115 ما مات من بقيت له بعد موته 183 116 غلبتني على الفؤاد الهموم

184 217 القاضي عثمان بن طلحة، كان لا يرتزق على القضاء 186 118 الفرّاء يقرّ للكسائي بالرئاسة 187 119 سبب تسمية صالح بصاحب المصلّى 190 120 القاضي علي بن ظبيان، يجلس على بارية مثل البارية التي يجلس عليها الخصوم 191 121 من شعر إسحاق بن إبراهيم الموصلي 193 122 أنت لنا شمس، وفتح لنا قمر 195 123 القاضي يحيى بن سعيد، قاضي السفاح على الهاشمية 196 124 يحيى بن سعيد، يضطره ضيق حاله وكثرة ديونه، لتقلّد القضاء 198 125 مطيع بن إياس، يرثي يحيى بن زياد الحارثي 199 126 الفرّاء يملي دروسه من حفظه 200 127 أبو الغوث بن البحتري، يمدح ابن بسطام 201 128 أبو حنيفة يشهد لأبي يوسف بأنّه أعلم من على الأرض 203 129 اللهم إنّي لم أجر في حكم حكمت به 204 130 أبو يوسف القاضي يصلّي في كل يوم مائتي ركعة 205 131 ما برع أحد في علم إلّا دله على غيره من العلوم 206 132 الشريف أبو جعفر، ابن الجصاص المصري 209 133 لقد ذهب الحمار بأمّ عمرو 210 134 والله لقد أنسيت 211 135 أبو جعفر في ضيافة أبي بكر المادرائي 213 136 بين الشريف أبي جعفر وأبي زنبور الكاتب 214 137 يدعى للتبكير بالغداة، فيحضر العشيّة

215 138 نزلت في قلبي 216 139 كلبان يحميان صاحبهما من الثعبان 217 140 فجعت بمسمار 218 141 لم يبق لي طمع 219 142 كلب يهاجم خصم صاحبه 220 143 الكلب وعرفان الجميل 222 144 نسيم لو رقد المخمور فيه أفاق 223 145 أموت وأحيا 224 146 البين صعب 225 147 من شعر القاضي التنوخي 226 148 مطر الربيع 227 149 سقراط والعشق 228 150 كلب يحمي طفل صاحبه 229 151 كلب مالك بن الوليد، يقتل زوجته وعشيقها 230 152 من شعر أبي بكر الأنباري 231 153 سكنت القلب 232 154 سقى الله أياما خلت 233 155 الفراق مرّ شديد 234 156 زيدي قلبي وسواسا 235 157 رفقا بقلب 236 158 فرأيك في سحّ الدموع موفّقا 237 159 زائر متهالك 238 160 أسائل عنها كلّ ركب

239 161 أفق عن بعض لومك 240 162 أين المفرّ 241 163 كذاك العاشقون 242 164 لا تكن ملحاحا 243 165 في القلب صدوع 244 166 مساكين أهل العشق 245 167 كلب يحمي عرض سيده 246 168 الحبشاني وصفراء العلاقميّة 247 169 كلب يقتل زوجة سيده وخليلها 248 170 دفع درهمين، فأفاد أربعة آلاف دينار 250 171 وقد جلبت عيني عليّ الدواهيا 252 172 أبو عليّ التنوخي، يهنئ رئيسا بحلول رمضان 253 173 من شعر القاضي أبي علي التنوخي 254 174 من شعر أبي الفرج الببغاء 255 175 مكشوف العلل ومكتوم الأجل 256 176 الأشتر وجيداء 261 177 كيف تعالج اللثغة عند الصبي 263 178 أيّهما يصفع؟

فهرس أسماء الأشخاص

فهرس أسماء الأشخاص (أ) آدم- أبو البشر 58 ابن أبان- أبو موسى عيسى بن أبان بن صدقة القاضي 174 الأبزاري- أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحصين، الملقب بمنقار 7 الأحمر- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان النخعي الأحمر- أبو محرز خلف بن حيان 108 الأحنف- أبو بحر الأحنف بن قيس بن معاوية بن حصين المري السعدي المنقري التميمي 119 ابن الأحنف- أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي الشاعر 142 الأخباري- أبو الحسين أحمد بن محمد بن العباس بن عبد الله بن حفص بن عمر بن بيان 222، 223 الإخشيد- أبو بكر محمد بن طغج، صاحب مصر 214 الإخشيدي- أبو الحسن علي بن عيسى بن عبد الله الرماني الأخطل- أبو مالك غياث بن غوث بن الصلت التغلبي الشاعر 31 الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل النحوي 7، 50، 191، 198 ابن أردشير- الوزير أبو نصر سابور بن أردشير، وزير البويهيين 254 أرسطاطاليس- الفيلسوف اليوناني، مؤدب الإسكندر 179 الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد القاضي 19، 21، 22، 23، 205 الأزدي- أبو محمد الحسين بن عمر بن محمد بن يوسف القاضي 74 الأزدي- أبو إسماعيل حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم القاضي 21

الأزدي- أبو الفوارس سليمان بن فهد بن أحمد 110 الأزدي- أبو الحسين عمر بن محمد بن يوسف القاضي 74، 180، 182 الأزدي- أبو عمر محمد بن يوسف القاضي 20، 56، 70، 74، 87، 88، 180، 182 الأزدي- أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشر البلخي 60 الأزدي- أبو نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف القاضي 74 الأزدي- أبو محمد يوسف بن يعقوب 74، 181 الاستراباذي- أبو ذر أحمد بن علي بن محمد 201 ابن إسحاق- القاضي عبد الرحمن 146 ابن إسحاق- أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب السيرة 61، 135 الأسدي- أبو إسحاق إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر الحزامي 196 الأسدي- أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم ابن علية الأسدي- أبو بشر حبان بن بشر بن المخارق القاضي 10، 101 الأسدي- أبو بشر عمر بن أكثم القاضي 10 الأسدي- أبو يحيى محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى الكوفي ابن كناسة ابن إسرائيل- أبو جعفر أحمد بن إسرائيل الأنباري الكاتب 147 أسلم- مولى المنصور 60 الأسلمي- أبو برزة نضلة بن عبيد بن الحارث 163 الأشتر- بشر بن عبد الله الهلالي 256، 257، 258، 259، 260 أشعب- أبو العلاء أشعب بن جبير، المعروف بأشعب الطامع 37، 38، 39، 40، 41 ابن الأشعث- أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، المعروف بأبي بكر بن أبي داود السجستاني- السجستاني الأشناني- أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني القاضي 59، 64، 87 الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي 193، 256 ابن أخي الأصمعي- عبد الرحمن بن عبد الله 223، 232، 237

الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي 30، 37، 40، 108، 109، 112، 223، 229، 232، 237 ابن الأعرابي- أبو عبد الله محمد بن زياد، مولى بني هاشم 117 الأعرج- أبو ثابت عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري الأعشى- يحيى بن عبد الرحمن 41 ابن أعين- بكير 153 ابن أعين- زرارة 153 إفلاطون- الفيلسوف اليوناني، تلميذ سقراط، ومعلم أرسطاطاليس 179 اقليدس- واضع مبادىء الهندسة السطحيّة 179 ابن أكثم- أبو محمد يحيى بن أكثم بن قطن التميمي 42، 43، 101، 102، 174 ابن الأكفاني- أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله القطيعي 239 الأموي- أبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص 135، 136 الأموي- أبو الأصبغ عبد العزيز بن مروان بن الحكم 51، 244 الأموي- عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان 38، 39 الأموي- عتبة بن أبي سفيان 244 الأموي- محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، الملقب بالديباج 38، 121، 157، 158 الأموي- مروان بن محمد بن مروان بن الحكم 187 الأموي- معاوية بن أبي سفيان 140 الأموي- أبو أيوب يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص 135 ابن أبي أمية- محمد بن أمية، الشاعر 183 ابن أبي أمية- محمد بن أبي أمية بن عمرو 183 الأمين- أبو أحمد بن علي 193 الأمين- أبو عبد الله محمد الأمين بن أبي جعفر هارون الرشيد 9، 73، 187

189، 192 أنس بن مالك- أبو ثمامة أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم الأنصاري 96، 97، 98، 100، 163 الأنصاري- أبو زيد سعيد بن أوس بن ثابت بن قيس النحوي اللغوي 108، 109 الأنصاري- أبو طاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر محمد بن عمرو المعروف بابن حزم 154 الأنصاري- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك البصري 8، 9، 17، 18 الأنصاري- أبو عزية محمد بن موسى 27 الأنصاري- محمود 171 الأنصاري- أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس القاضي 195 الأنباري- أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار 205 الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 47، 48، 67، 103، 183، 205، 230 الأوارجي- أبو علي هارون بن عبد العزيز الأنباري الكاتب 79 الإيادي- أبو عبد الله أحمد بن دؤاد السيد العربي النبيل 42، 58، 101، 131، 146، 169 الإيادي- أبو الوليد بن أحمد بن أبي دؤاد 146 الإيادي- أبو الفضل قاسم بن سليمان 239 ابن إياس- أبو سلمى مطيع بن إياس الكناني 198 (ب) الباقي- أبو محمد عبد الله بن محمد 37 الباهلي- سليمان بن ربيعة 73 الباهلي- الوضاح 238

الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الحنطبي 166، 218، 254 بثينة العذرية- صاحبة جميل بن معمر العذري 51 البجلي- أبو المنذر أسد بن عمرو بن عامر بن عبد الله الكوفي القاضي 36 البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 14، 145 ابن البحتري- أبو الغوث يحيى بن أبي عبادة الوليد بن عبيد 200 ابن بخة- جعفر بن المأمون 142 أبو البختري- القاضي وهب بن وهب بن كبير بن عبد الله بن زمعة 45 البرتي- أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى بن الأزهر 22، 23 البرجمي- القاضي جعفر بن محمد بن عمار الكوفي 52، 53 ابن برد- بشار، الشاعر 47، 48، 49 ابن برقان- إبراهيم 219 البلدي- أبو علي الشاعر 243 البرمكي- أبو الفضل جعفر بن يحيى بن خالد، وزير الرشيد 50، 51 البرمكي- أبو الفضل يحيى بن خالد بن برمك، وزير الرشيد 159، 160، 176 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد، شيخ البريديين 11، 89 البزار- أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان 112 البزاز- أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر المعروف بابن كرنيب وبابن العطار 135 البزاز- أبو الحسن علي بن محمد بن عبيد بن عبد الله بن حساب 36، 190، 196 ابن البزاز- أبو بكر مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم القاضي 203، 204 ابن بزيع- عمر، صاحب الدواوين في أيام المهدي 188 ابن بسطام- أبو العباس أحمد بن بسطام، صهر حامد بن العباس وزير المقتدر 200 أبو بسطام- شعبة بن الحجاج العتكي بشير بن الليث بن نصر بن سيار- أخو رافع بن الليث الثائر على الرشيد 130 ابن بشير- أبو معاوية هشيم بن بشير بن أبي خازم القاسم بن دينار 33 ابن بطة العكبري- أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان 151

بطليموس- من علماء الهيأة والتاريخ والجغرافية، صاحب المجسطي 179 البغدادي- أبو الفرج 193 البغوي- أبو جعفر أحمد بن منيع بن عبد الرحمن 135 البغوي- أبو القاسم عبد الله بن محمد ابن بنت منيع ابن البقال- أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر بن روزبهان بن الهيثم، أحد المتكلمين من الشيعة 161 ابن بكار- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب الزبيري أبو بكر- الصديق أبو بكر البيع- أبو بكر محمد بن هارون بن حميد ابن المجدر أبو بكرة- نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي 162 ابن بلال- سلمان 196 ابن بلنجر- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي 109 بوران- خديجة بنت الحسن بن سهل، زوجة المأمون 58، 174 البيروذي- سعيد بن عمر بن علي 242 (ت) أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي الشاعر 14، 95 التميمي- القاضي القاسم بن منصور 22 التميمي- أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبيد الله بن هلال بن وكيع بن بشر 71، 131، 203، 204، 238 التميمي- محمد بن نوفل، الشاعر 53 التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول الأنباري القاضي 56، 96، 103، 104 التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 32، 33، 34، 46، 76، 96، 100، 103، 104، 111، 170، 205

التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 32، 33، 34، 96، 97، 98، 99، 104، 105، 111 التنوخي- أبو الحسن إسماعيل بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 32، 33، 34، 46، 111 التنوخي- أبو محمد البهلول بن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 32، 33، 34، 46 التنوخي- أبو الهيثم البهلول بن حسان بن سنان 32، 45 التنوخي- أبو محمد جعفر بن محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول الأنباري 55 التنوخي- أبو العلاء حسان بن سنان بن أوفى بن عوف الأنباري 96، 97، 98، 99، 100 التنوخي- أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول الأنباري 104، 105 التنوخي- أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أبي جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول 55 التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم القاضي، والد صاحب النشوار 16، 30، 120، 206 التنوخي- أبو القاسم علي بن أبي علي المحسّن التنوخي القاضي، ابن صاحب النشوار 7، 8، 10، 11، 12، 13، 14، 17، 19، 21، 24، 25، 27، 30، 31، 34، 36، 37، 40، 41، 42، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50، 52، 54، 55، 56، 57، 58، 59، 60، 62، 63، 64، 66، 67، 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 79، 93، 94، 95، 96، 98، 100، 101، 103، 104، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 122، 123، 124، 129، 131، 133، 135، 137، 138، 139، 142، 143، 144، 145، 146، 147، 149، 150، 151، 152، 153، 154، 155، 157، 159، 161، 162، 163، 164، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 171، 174، 175،

176، 177، 180، 182، 183، 184، 186، 187، 190، 191، 193، 195، 196، 199، 200، 201، 203، 204، 205، 215، 216، 217، 218، 219، 220، 222، 223، 224، 226، 227، 228، 229، 231، 232، 233، 234، 235، 236، 237، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 246، 247، 248، 250، 255، 256، 263 التنوخي- أبو علي المحسن بن علي التنوخي القاضي، صاحب النشوار 3، 5، 44، 75، 78، 118، 133، 136، 144، 187، 193، 225، 252، 253، 254، 255، 256، 261 التنوخي- أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 17 التنوخي- أبو غانم محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري 98، 99 التنوخي- أبو بكر يوسف الأزرق بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول الأنباري 96، 98، 99، 104، 111 التوحيدي- أبو حيان علي بن محمد بن العباس 164 التوزي- أبو الحسين أحمد بن علي بن الحسين 238 التوزي- أبو القاسم 116 التوزي- أبو يعقوب إسحاق بن ديمهر بن محمد 10 التيمي- أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله 129 التيمي- عثمان بن طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر بن عثمان بن عمرو بن كعب 184، 185. (ث) ابن ثابت- عبيد بن ثابت الكوفي، مولى بني عبس 190 الثعالبي- أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري 164، 166، 215، 218

ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار 105، 198 الثقفي- أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار الكاتب ابن عمار الثقفي- الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي يضرب بظلمه المثل 97، 98 الثقفي- أبو رجاء قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله 118 الثلجي- أبو عبد الله محمد بن شجاع البغدادي 172 ابن الثلاج- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد بن مهران 106، 165 الثوري- أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق 138، 162 (ج) الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب 67 جالينوس- الطبيب اليوناني 179 ابن جامع- أبو القاسم إسماعيل بن جامع السهمي القرشي 248، 249 الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب 170 الجبّي- أبو بكر 17 ابن الجراح- أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال الفهري القرشي، أحد العشرة المبشرة 88 ابن الجراح- أبو الحسن علي بن عيسى، وزير المقتدر 80، 81 ابن الجراح- أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى 175 الجراحي- علي بن الحسن 115 ابن جريج- أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج 41 (80- 150) جرير- أبو حزرة جرير بن عطية بن الخطفى 31 ابن الجصاص- أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الجوهري 206 أم جعفر زبيدة الجماز- محمد بن عبد الله بن عمرو بن حماد بن عبد الله 102

الجمحي- عبيد الله بن محمد بن صفوان بن عبيد الله بن أبي خلف 60، 63 الجهبذ- هارون بن عمران 86 ابن الجهم- أبو عبد الله محمد بن الجهم بن هارون الكاتب السمري ابن جهور- أسد، أحد كبار العمال في الدولة العباسية 14 الجوهري- أبو بكر أحمد بن عبد العزيز 52 الجوهري- أبو جعفر أحمد بن القاسم بن مساور 93 الجوهري- الحسن بن علي بن الجعد بن عبيد 66، 146، 186، 191 الجوهري- سهل بن إسماعيل الطرسوسي 115 الجوهري- أبو الحسن علي بن الجعد بن عبيد 66 الجوهري- أبو عاصم عمر بن الحسن بن علي بن الجعد بن عبيد 93، 132 جيداء الهلالية 256، 257، 258، 260 (ح) الحاتمي- أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر 182 الحارثي- أبو الفضل يحيى بن زياد 198 الحاسب- أبو برزة 172 حامد بن العباس- أبو محمد، وزير المقتدر 79، 81، 82، 83، 84، 85، 86، 87، 88، 89، 90، 172 ابن الحباب- أبو أسامة والبة، الشاعر الأسدي الكوفي 198 الحبشاني- أبو عبد الله 246 ابن حبيب- محمد 191 ابن الحجاج- أبو عبد الله الحسين، الشاعر 57، 69، 215 الحدثاني- عبد الصمد 193 الحربي- عبد الله بن الحكم 115 الحرمي- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة، المعروف بابن أبي العلاء

16، 30، 120 الحزامي- محمد بن الضحاك 155 ابن حزم- أبو طاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو- الأنصاري الحزنبل- 186 ابن حسان- الوضاح، رجل أعجمي 111 الحسن البصري- أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار 17، 87، 162 الحسن بن سهل- أبو محمد السرخسي 58 أبو الحسين- كاتب الشريف أبي جعفر العباسي المصري، المعروف بالشق 207، 208، 209 الحصري- أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني 167 حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب 39 ابن أبي حفصة- مروان، الشاعر 31 أبو حفصة- جد الشاعر مروان 31 الحكيمي- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن قريش بن حازم بن صبيح بن صباح الكاتب 117 الحلاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 76، 77، 78، 79، 80، 81، 82، 83، 85، 86، 87، 88، 89، 90، 91، 92، 148 حماد عجرد- أبو عمرو حماد بن عمر بن يونس بن كليب السوائي 198 حماد الراوية- أبو القاسم حماد بن سابور بن المبارك 198 ابن حماد- من أصحاب الحلاج 82 الحمّاني- أبو العباس أحمد بن الصلت بن المغلس 44 الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 89، 149، 164 الحمداني- أبو تغلب فضل الله بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله 118 الحمداني- ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان 11 حمزة- أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات، أحد القراء السبعة 55

حمزة بن عبد المطلب- أبو عمارة، حمزة، عم النبي صلوات الله عليه 163 الحنفي- إبراهيم بن ثمامة 118 الحنفي- زراع بن عروة 107 أبو حنيفة- الإمام- النعمان بن ثابت ابن أبي حنيفة- القاضي أبو عبد الله إسماعيل بن حماد بن الإمام أبي حنيفة 17، 18، 19، 143 ابن أبي حية- أبو القاسم عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الوهاب 56 حيدرة- من أصحاب الحلاج 82 ابن حيويه- العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ الخزاز، والد أبي عمر 116، 145 ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا الخزاز 67، 71، 103، 114، 116، 167، 168، 183، 186، 226، 227، 233، 234، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 246، 248، 250 (خ) الخادم- مؤنس، صاحب الشرطة، المعروف بمؤنس الفحل 133 أبو خازم- عبد الحميد بن عبد العزيز، قاضي المعتضد 171، 172، 173 خاطف- المغنية التي تغني بالقضيب 136 ابن خاقان- أبو محمد الفتح بن خاقان بن طرغوج 193، 194 الختلي- أبو عبد الله عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن زيد بن عبد الحميد بن حيان 144 الخدري- أبو سعيد سعد بن مالك 118 خديجة بنت الحسن بن سهل- بوران الخراساني- سمرة بن حجر 111 الخراساني- أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم 187، 188

الخرسي- صاحب الشرطة ببغداد أيام المنصور 188 الخرقي- أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق القاضي 11 الخزاعي- أبو علي دعبل بن علي 102 الخزاعي- أبو نجيد عمران بن حصين بن عبيد 162 الخصيب الأصبهاني 219 الخصيبي- أبو الحسين عبد الواحد بن محمد 172 الخطيب البغدادي- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 15، 16، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 25، 26، 29، 30، 31، 32، 33، 35، 36، 37، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 51، 52، 53، 54، 55، 56، 58، 59، 61، 62، 63، 65، 66، 68، 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 78، 92، 93، 94، 95، 96، 97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 111، 112، 113، 114، 115، 116، 117، 118، 119، 121، 122، 123، 128، 129، 130، 131، 132، 134، 135، 136، 137، 138، 141، 142، 143، 144، 145، 155، 156، 158، 159، 160، 161، 163، 164، 165، 166، 169، 170، 172، 173، 174، 175، 176، 179، 181، 182، 184، 185، 186، 189، 190، 192، 193، 195، 196، 197، 199، 200، 201، 202، 203، 204، 205، 215، 222، 230 الخلدي- أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير بن القاسم الصوفي الخواص 54 ابن خلكان- القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر 48، 253 الخلنجي- عبد الله بن محمد بن أبي يزيد 131، 146 الخليع- أبو علي الحسين بن الضحاك بن ياسر الباهلي البصري 73 الخليل بن أحمد- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي 49

الخوارزمي- أبو بكر محمد بن العباس 236 الخوارزمي- أبو بكر محمد بن موسى بن محمد 119 ابن أبي خيثمة- أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب- النسائي ابن خيثمة- أبو الهيثم عتبة 119 الخياط- العباس 116 الخيزران- أم الهادي والرشيد 27، 28 (د) ابن دأب- محمد 247، 250 ابن داحة- إبراهيم 120، 121 الدارمي- أبو القاسم صدقة بن علي بن محمد بن المؤمل التميمي الموصلي 118 الدارمي- مسكين الشاعر 253 الدامغاني- أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور 201 الدانيالي- أحد الممخرقين، تولى الحسبة ببغداد 89 الدباس- الشيخ الذي وشى بالحلاج 79 ابن دراج- أبو توبة صالح بن محمد بن عبد الله بن زياد بن دراج الكاتب 117 ابن دحية- أبو الخطاب عمر بن الحسن بن علي بن محمد الكلبي 179 الدراوردي- عبد العزيز بن محمد 140 ابن دريد- أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي 223 الدقاق- أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن هارون 47 الدمشقي- أبو بكر 261 الدمشقي- أبو الفضل بن أبي الحسين 193 دنقش- حماد، مولى المنصور وصاحب حرسه 147، 163 الدنقشي- أبو عيسى أحمد بن محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن حماد 163 الدنقشي- حماد بن محمد بن حماد، القائد، من أصحاب صالح بن وصيف 147، 163 الدنقشي- أبو طالب عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن حماد

147، 162، 163 الدنقشي- محمد بن حماد، حاجب المعتصم 147، 163 ابن أبي الدنيا- أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس 64 ابن أبي دؤاد- أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد- الإيادي الدوري- أبو بكر أحمد بن عبد الله بن خلف الوراق 25، 27، 52، 129، 139، 155، 157، 159، 184 الديباج- محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان الأموي الدينوري- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة 8 (ذ) الذراع- ابن حبيب 172 الذهبي- أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن زكريا، المعروف بابن المخلص 25، 27، 112، 129، 139، 155، 157، 159، 184 ابن أبي الذيال- المحدث 67 (ر) ابن رائق- الأمير أبو بكر محمد بن رائق، أمير الأمراء 11 الراسبي- الأمير علي بن أحمد 83 الراضي- أبو العباس محمد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 74 رافع بن الليث بن نصر بن سيار- الثائر على هارون الرشيد 130 الربعي- أبو سعيد عبد الله بن شبيب 241 الربعي- أبو الفضل 142 الربيع- أبو الفضل الربيع بن يونس بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة، حاجب المنصور 125، 126، 127، 146، 192 ابن الربيع- أبو العباس الفضل بن الربيع بن يونس، وزير الرشيد 191، 192

ابن أبي ربيعة- أبو الخطاب عمر بن أبي ربيعة المخزومي القرشي 168، 221 ربيعة الرأي- أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن 197 الرشيد- أبو جعفر هارون الرشيد بن أبي عبد الله محمد المهدي بن أبي جعفر عبد الله المنصور 8، 9، 25، 27، 30، 31، 50، 72، 93، 129، 130، 140، 141، 154، 160، 177، 185، 190، 191، 192، 249 الرصافي- معروف بن عبد الغني (1294- 1364) 125 الرضا- الإمام علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام 129 الرعيني- محمد بن عبد الله بن أبي ثور المعروف بابن عبدون، قاضي أفريقية 201 الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الموصلي 110 الرفاعي- أبو هشام محمد بن يزيد بن محمد بن رفاعة 93 ابن الرفيل- عامل الحجاج على الأنبار 98 الرماني- أبو الحسن علي بن عيسى بن عبد الله الإخشيدي 232، 237 ابن رؤبة- عقبة، الراجز 49 الرياشي- أبو الفضل العباس بن الفرج بن علي بن عبد الله البصري 244 (ز) الزاهد- أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، المعروف بغلام ثعلب 182 زبيدة- أم جعفر، أمة العزيز بنت جعفر بن المنصور، أم الأمين 93 الزبير- أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي 88 الزبيري- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب 25، 27، 129، 139، 140، 155، 157، 159، 184، 241 الزبيري- عامر بن عبد الله بن الزبير 238 الزبيري- أبو بكر عبد الله بن مصعب بن الزبير الأسدي 27، 139 الزبيري- أبو عبد الله مصعب بن أبي بكر عبد الله بن مصعب بن الزبير 140، 155

الزراري- أبو العباس عبيد الله بن أحمد بن محمد الكاتب 153، 230 ابن زريق- أبو محمد إبراهيم بن محمد بن زريق الكوفي الشاعر الكاتب 94 زنجي- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الأنباري 79، 82 ابن زنجي- أبو القاسم إسماعيل بن محمد (المعروف بزنجي) بن إسماعيل الأنباري 79 الزهاوي- جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان (1279- 1354) 254 الزهري- إسحاق بن عبد الرحمن (غرير) بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف 25، 26، 27، 28 الزهري- حميد بن عبد الرحمن بن عوف 25 الزهري- أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث القرشي 88 الزهري- أبو عمر عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي 185 الزهري- أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب 118 الزهري- يعقوب بن عبد الرحمن بن المغيرة بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف 26 الزيات- الوزير محمد بن عبد الملك 147 الزيادي- أبو حسان الحسن بن عثمان القاضي 64، 65، 66 زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- العلوي أبو زيد النحوي- سعيد بن أوس بن ثابت بن قيس- الأنصاري زيرك- أحد القواد الأتراك، تنسب إليه رحبة زيرك في سامراء 35 الزينبي- محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام 121 (س) الساجي- أبو يعلى زكريا بن خلاد البصري- المنقري السجستاني- أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث المعروف بأبي بكر بن أبي داود 37، 40، 41، 55 سرور- طه عبد الباقي سرور، مؤلف كتاب الحلاج شهيد التصوف الإسلامي 148 السري الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد الكندي الموصلي- الرفاء

سعد بن أبي وقاص- أبو إسحاق سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف القرشي الزهري 88 السعدي- أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد الشاعر- ابن نباتة سعيد العدوي- أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي 88 السفاح- أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 96، 100، 187، 195، 196، 197 سقراط الحكيم- الفيلسوف اليوناني 227 ابن سكّرة الهاشمي- أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد البغدادي 12 السكري- أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عيسى 112 السكوني- أثير بن عمرو، الطبيب الكوفي 233 ابن السكيت- أبو يوسف يعقوب بن إسحاق 105 سلام- مولى المهدي 8 ابن سلام- محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم 48 سلمان الفارسي- الصحابي 245 ابن سلمة- أبو عبد الله الحسن بن علي 147، 149 ابن سلمة- عبد الرحمن بن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة، مولى بني ضبة 143 ابن سلمة- أبو طالب الفضل 261 ابن سليم- أيوب بن حسن بن موسى بن جعفر 52 سليمان- ابن الحلاج 81 ابن سليمان- عبد الرحمن 240 ابن سماعة- أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي السمري- صاحب الحلاج 81، 82، 83، 85 السمري- أبو عبد الله محمد بن الجهم بن هارون الكاتب 132، 199 السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي 7، 56 ابن سمية- زياد بن أبيه 162 السنجي- أبو داود سليمان بن معبد النحوي المروزي 37، 40

ابن سهل- أحمد الكاتب 193 ابن سهل- شعيب 146 السوسنجردي- أبو عمر أحمد بن محمد العسكري 67 السيدة- شغب، أم المقتدر 80 (ش) الشافعي- الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس 137 الشالجي- أبو حازم عبود بن مهدي بن محمد أمين بن أحمد الشالجي، المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 5 ابن شبويه- أحمد بن محمد 138 الشرقي- الوليد بن الحصين القطامي الكوفي 115 الشريف الرضي- أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى الموسوي 231 ابن شعيب- سعيد القاضي 146 ابن شمر- عمرو 245 ابن شهاب- أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب- الزهري ابن أبي الشوارب- أبو محمد الحسن بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك الأموي 59 ابن أبي الشوارب- الحسن بن محمد بن عبد الملك الأموي 21، 22، 23 ابن أبي الشوارب- القاضي أبو العباس عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 59، 122 ابن أبي الشوارب- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك الأموي 23، 59 ابن أبي الشوارب- أبو الفضل محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن عبد الملك الأموي 11 ابن أبي الشوارب- محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الملك 122 الشيباني- الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد 135 الشيباني- أبو الفضل صالح بن أحمد بن حنبل 116 الشيباني- أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد- صاحب الإمام أبي حنيفة 130، 201، 241

ابن شيبة- أبو معمر شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عمرو- المنقري أبو شيخ- منصور بن سليمان 62 ابن أبي شيخ- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان النسائي 36، 62، 190 (ص) الصائغ- أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن أيوب بن بشير 8 الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون 152، 218 الصاحب- أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن عبد الله، كافي الكفاة 236، 255 صاحب المصلى- صالح، حاجب المنصور 187، 188، 189 ابن صاحب المصلى- سليمان بن علي بن صالح 189 ابن صاحب المصلى- علي بن صالح، حاجب المهدي والهادي والمأمون 189 ابن صاحب المصلى- أبو الفرج محمد بن جعفر بن الحسن بن سليمان بن علي بن صالح 187 صاعد بن مخلد- 193 ابن صاعد- أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد بن كاتب، مولى أبي جعفر المنصور 56، 162 الصديق- أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن كعب التيمي القرشي، أول الخلفاء الراشدين 64، 88، 111 ابن الصديق- يحيى بن محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر 196 ابن صعصعة- الحارث 145 الصفار- أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم 138 الصهيبي 26 الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس 14، 95، 133، 186 الصيرفي- سمعان 24

(ض) الضبعي- البيّع 172 الضبيّ- عامر بن عمران 191 الضبيّ- عبد الرحمن بن إسحاق بن إبراهيم بن سلمة القاضي 66، 131 الضراب- أبو عبد الله الحسين بن عمر- ابن الضرير ابن الضرير- أبو عبد الله الحسين بن عمر بن عمران بن حبيش الضراب 24 ابن الضريس- محمد بن عبد الله النحوي 115 (ط) الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل المطيع بن جعفر المقتدر 56، 255 ابن طاهر- محمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، أمير بغداد 52 ابن أبي طاهر- أبو بكر 193 ابن أبي طاهر- أبو الفضل أحمد بن طيفور- ابن طيفور الطبري- أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطبري المقرىء 13 54، 123 الطبري- أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التفسير والتاريخ 101، 132، 236 الطحاوي- أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي 201 طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي المدني- أبو محمد 88 طلحة بن محمد- أبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد 8، 10، 11، 17، 18، 19، 21، 36، 42، 59، 60، 62، 63، 64، 65، 66، 70، 72، 74، 93، 94، 101، 112، 131، 143، 146، 154، 169، 171، 174، 180، 190، 195، 196، 199، 203، 204 الطوسي- أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داود بن أبي محمد بن أبي العباس 25، 27، 56، 129، 139، 155، 157، 159، 184،

الطوسي- المؤيد بن محمد 193 ابن طولون- أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون 211 ابن طولون- هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون 211 الطيار- جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم 89 ابن طيفور- أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر 47، 48 ابن طيفور- أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر طيفور المروروذي 145 (ظ) ابن ظبيان- أبو الحسن علي بن ظبيان بن هلال بن قتادة- العبسي (ع) عائشة- أم المؤمنين 64 ابن أبي عابد- أبو القاسم الحسين بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الكوفي 75 العابر- أبو شامة 211 عاصم- أبو بكر عاصم بن أبي النجود بهدلة الكوفي، أحد القراء السبعة 55 ابن عاصم- أبو محمد مسلمة بن عاصم النحوي 186 ابن عاصم- عيسى بن جعفر بن محمد بن عاصم، صاحب خان عاصم ببغداد 64 أبو عاصم 41 العامري- أبو محمد 248 عبادة- جارية المهلّبية 27، 28 العباس بن عبد المطلب- أبو الفضل عم رسول الله صلوات الله عليه 105 ابن العباس- أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 178 العباسة بنت المهدي 154 العباسي- أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي 187، 188 العباسي- الشريف أبو جعفر الشق المصري 206، 211، 213

العباسي- داود بن علي بن عبد الله بن العباس، عم المنصور 125 العباسي- أبو الفضل العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 185 العباسي- عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس 125 العباسي- الأمير عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس 187 العباسي- عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس 50 العباسي- أبو عبد الله محمد بن سليمان بن علي، أمير البصرة 176 عبد الواحد بن المقتدر 89 ابن عبدون- محمد بن عبد الله بن أبي ثور، قاضي أفريقية- الرعيني العبدي- أبو القاسم عبد الصمد بن غيلان بن المعذل 67 العبدي- أبو نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع 222 العبسي- أبو الحسن علي بن ظبيان بن هلال بن قتادة الكوفي القاضي 190 ابن عبيد- أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب البصري، شيخ المعتزلة في عصره 162 أبو عبيدة- معمر بن المثنى البصري 109 عتاهية بن أبي العتاهية- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن القاسم 146 أبو العتاهية- أبو إسحاق إسماعيل بن القاسم بن سويد 29 العتبي- أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو الأموي 244 العتكي- أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد 138 ابن عتيق- عبد الله بن عمر 238 عثمان بن عفان- أبو عمرو عثمان، الخليفة الثالث 37، 88، 111، 125 ابن أبي عثمان- إبراهيم 17 ابن العجاج- أبو محمد رؤبة بن العجاج البصري التميمي الراجز 49 ابن عجلان- عبد الله بن محمد 140 العدوي- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي 37، 38، 39، 40 العدوي- عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب 156، 157، 158 العدوي- القاضي عمر بن حبيب 176، 177

العذري- بطحاء 50 العذري- أبو عمرو جميل بن عبد الله بن معمر، صاحب بثينة 51 عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن أبي علي ركن الدولة الحسن بن بويه 118 ابن العطار- أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر- البزاز ابن عطية- أحمد 203، 204 العقيلي- الأمير مجد الدين معتمد الدولة أبو المنيع قرواش بن المقلد، صاحب الموصل 110 العكبري- أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان- ابن بطّة أبو عكرمة 191 ابن العلاء- أبو عمرو 124، 126 ابن أبي العلاء- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة- الحرمي ابن علاثة- زياد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة العقيلي 176 ابن علاثة- أبو اليسير محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة العقيلي 176 العلاقمية- صفراء 246 العلوي- إبراهيم بن الحسن بن الحسن 121 العلوي- إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 124 العلوي- إسماعيل بن الحسن 121 العلوي- داود بن الحسن 121 العلوي- زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب 161 العلوي- زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي 121 العلوي- أبو محمد عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 120، 121، 157 العلوي- عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن 121 العلوي- محمد بن إبراهيم بن الحسن 121 العلوي- محمد بن صالح بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب 256 العلوي- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الملقب بالنفس الزكية 60، 156

العلوي- يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر 121 علي- أبو الحسن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 88، 111، 121، 163، 233 علي بن أبي علي- أبو القاسم علي بن أبي عليّ المحسن التنوخي القاضي التنوخي ابن علي- محمد 250 ابن عليّة- أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي 9 ابن عمّار- أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي الكاتب 56 ابن عمارة- أبو محمد الحسن بن عمارة بن المضرب- الكوفي عمر بن الخطاب- الفاروق أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين 17، 64، 88، 111، 119، 162 أبو عمر- القاضي محمد بن يوسف- الأزدي ابن عمران- سليمان 201 أبو عمرو- زبان بن العلاء المازني، أحد القراء السبعة 56 العمري- 246 العمي- بكر 171 ابن العميد- أبو الفضل محمد بن الحسين (العميد) بن محمد 164 العنبري- أبو عبد الله سوار بن عبد الله التميمي 101 العنبري- أبو المطراب 237 العوفي- أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد بن جنادة 8، 70، 71، 72، 154 ابن أبي عون- محمد الكاتب 235 أبو العيناء- أبو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاد الضرير 18، 58، 123، 256 ابن أبي العيناء- جعفر بن محمد بن القاسم بن خلاد 58 ابن عيينة- أبو محمد سفيان بن أبي عمران 44

(غ) ابن غالب- القاضي عبيد الله بن أحمد بن غالب، مولى الربيع الحاجب 101، 146، 169 ابن غالب- عمر، ابن أخت عبيد الله بن أحمد بن غالب 146 الغزالي- ناظم، المغني العراقي 253 الغفاري- أبو سلمة أيوب بن عمرو بن أبي عمرو 124 الغلابي- أبو دهمان 49 الغلابي- قطن بن معاوية 124، 126، 127 الغنوي- الحسن بن مالك 247 ابن غياث- حفص القاضي 8 (ف) الفارسي- محمد بن أحمد، من أسماء الحلاج 80 فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب 38، 121، 157 فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلوات الله عليه 161 فاطمة بنت عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 120 الفراء- أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الديلمي 186 الفرائضي- أبو الليث نصر بن القاسم بن زياد 56 أخو الفرائضي- أبو بكر أحمد بن القاسم بن زياد 56 ابن الفرات- أبو عبد الله أسد بن الفرات، قاضي القيروان 201 ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات، وزير المقتدر 89، 200 ابن الفرات- أبو أحمد المحسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات 200 الفرزدق- أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي 31 ابن الفضل- محمد بن عبد الله 233 ابن فهم- أبو علي الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم 70

(ق) القابسي- أبو موسى عيسى بن أبي عيسى 216، 217، 219، 220، 228، 229، 247 ابن قانع- أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق بن واثق الأموي، مولى ابن أبي الشوارب 10، 42، 94 ابن قتيبة- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري- الدينوري القحذمي- أبو عبد الرحمن الوليد بن هشام بن قحذم 242 القحطبي- أبو الغوث الطيب بن إسماعيل بن الحسن بن قحطبة بن خالد بن معدان الطائي 240 ابن قدامة- جعفر بن قدامة بن زياد 256 القزاز- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد، المعروف بابن زريق 106، 230 القشوري- نصر الحاجب 80، 92 القشيري- هبيرة بن مرة 241 ابن القطامي- الوليد بن الحصين الكوفي- الشرقي القطيعي- أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن هارون الدقاق 47، 48 ابن القفطي- جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي 175 القنائي- محمد بن علي، من أصحاب الحلّاج 82، 83، 85 ابن القواس- أبو حفص 193 قوصرة- يعقوب بن إبراهيم البوشنجي الباذغيسي، مولى الهادي، ويعرف بقوصرة 169 (ك) الكاتب- أبو الفضل 248 الكاتب- أبو الهيثم خالد بن يزيد البغدادي 103

ابن كاسب- يعقوب بن حميد بن كاسب 238 الكاغدي- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب بن عبد الله بن ميدان الوراق الفارسي 117 ابن كامل- أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف القاضي 70 الكجي- أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم بن ماعز بن المهاجر البصري 14 الكديمي- أبو العباس محمد بن يونس بن موسى بن سليمان بن عبيد بن ربيعة بن كديم القرشي الشامي 177 الكرخي- أبو الحسن عبيد الله بن الحسين بن دلال 147، 148 ابن كرنيب- أبو الحسين علي بن الحسن بن جعفر- البزاز الكسائي- أبو الحسن علي بن حمزة، أحد القراء السبعة 55، 130، 186 ابن كناسة- أبو يحيى محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى الكوفي الأسدي 7 الكندي- أبو الوليد بشر بن الوليد بن خالد القاضي 42، 43، 44، 143 الكندي- أبو اليمن زيد بن الحسن 193 الكوفي- أبو محمد الحسن بن عمارة بن المضرب 60، 61، 62، 63، 195 الكوفي- أبو القاسم الحسين بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل- ابن أبي عابد الكوفي- عون بن عبد الله بن عون بن عتبة بن مسعود 9 الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم 58، 109، 142، 177 (ل) ابن لؤلؤ الوراق- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن نصير بن عرفة الثقفي 37، 40، 41 الليثي- عطاء بن يزيد 118 ابن أبي ليلى- القاضي محمد بن عبد الرحمن بن يسار (أبي ليلى) بن بلال الأنصاري الكوفي (74- 148) 42

(م) المادرائي- أبو زنبور الحسين بن أحمد بن رستم 211، 212، 213 المادرائي- أبو بكر محمد بن علي بن أحمد بن رستم 211، 213 المازني- أبو عثمان بكر بن محمد بن حبيب بن بقية النحوي البصري 108 المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم 58، 109، 124، 142، 177 ابن ماكولا- أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي 236 مالك ابن أنس- أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الأصبحي الحميري 19، 118، 138، 139، 156، 181 المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد 10، 42، 43، 58، 66، 73، 130، 142، 143، 174، 177، 179، 187، 189، 192 ماني- أبو الحسن محمد بن القاسم المعروف بماني الموسوس 234 ابن مانيداذ- أبو الحسن محمد بن أحمد 172 ابن ماهان- علي بن عيسى بن ماهان، أمير خراسان 130 ابن المبارك- أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي 138 المبرد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 20، 114 المتقي- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفضل جعفر المقتدر 11، 74 المتنبي- أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي 14 ابن مجاهد- أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي 151، 199 المتوكل- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 10، 14، 16، 34، 52، 64، 66، 101، 104، 105، 132، 146، 169، 193، 194، 200، 234، 256 ابن المجدر- أبو بكر محمد بن هارون بن حميد، المعروف بأبي بكر البيّع 56 المجنون- قيس بن الملوّح العامري 243 المحرري- محرر بن جعفر، مولى أبي هريرة 157

محمد رسول الله صلوات الله عليه 96، 97، 98، 99، 100، 101، 118، 161، 163، 178، 184، 188، 189، 198، 253 محمد بن عبد الصمد- صاحب الشرطة ببغداد 89، 90، 91 ابن محمد- الحسن 193 ابن محمد- العباس 114 ابن المختار- علي 242 المخرمي- أبو العباس محمد بن الحسن بن سعيد بن الخشاب 155 المخزومي- أبو عبيد الله 162 المخزومي- أبو عمر محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، قاضي مكة 42 المخزومي- محمد بن مسلمة 139 المخلدي- طريف، الخادم 172، 173 ابن المخلّص- أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا- الذهبي المدائني- أبو علي أحمد بن علي بن شعيب 138 المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 245 المداني- عبد الله بن الربيع 156 المرتضى- أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى 224 ابن المرزبان- أبو عبد الله أحمد بن خلف بن المرزبان المعروف بالمحولي- أخو محمد بن خلف 193 ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام الآجري المحولي 71، 167، 168، 227، 233، 234، 238، 239، 240، 241، 242، 243 244، 246، 248، 250 ابن المرزبان- أبو الفضل محمد بن عبد الله الشيرازي الكاتب 47، 48 المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى الكاتب 7، 14، 50، 73، 95، 107، 191، 200 المريسي- أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن 205

المزني- أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني الشافعي 201 المزني- معقل بن يسار بن عبد الله المزني 162 المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي إسحاق المعتصم 35، 73، 235 مسلمة 199 مسمار- كلب ميمونة، آخر زوجات النبي صلوات الله عليه 217 مسيلمة الكذاب- أبو ثمامة مسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفي الوائلي 107 المطيع- أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر 255 ابن معاوية- أحمد 233 المعتز- أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل جعفر المتوكل 167، 235 ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن المعتز 133، 134 المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 131، 132، 143، 146، 163، 169، 189 المعتضد- أبو العباس أحمد بن أبي أحمد طلحة الموفق 133، 171، 172، 173، 200 المعتمد- أبو العباس أحمد بن أبي الفضل المتوكل 22، 23 ابن المعتمد- عبد العزيز 133 المعدّل- محمد بن عمر بن نافع 138 ابن المعدّل- أبو جعفر أحمد بن حرب بن مسمع بن مالك 19 ابن معروف- أبو محمد عبيد الله بن معروف، قاضي القضاة 150، 255 أبو معقل- ابن إبراهيم بن داحة 120 ابن المغلّس- أبو عبد الله 136 مفلح الأسود- أبو صالح مفلح الأسود، خادم المقتدر 89 مقاتل بن سليمان- أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي- الأزدي المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 55، 59، 80، 88، 89، 122، 180، 200

المقرىء- أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم يسار المقرىء 165 المقريزي- تقي الدين أبو العباس أحمد بن علي 211 ابن المقفع- عبد الله، الكاتب 49 المكتفي- أبو محمد علي بن أبي العباس أحمد المعتضد 122، 133، 134 ابن مقلة- أبو علي محمد بن علي بن الحسين الوزير 175 المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى 261 المنجم- أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى 261، 262 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس 8، 38، 49، 56، 60، 61، 63، 112، 115، 120، 121، 123، 124، 125، 126، 127، 128، 156، 157، 185، 187، 188، 189، 192، 195 منقار- أبو عبد الله محمد بن محمد بن الحصين الابزاري- الابزاري المنقري- أبو يعلى زكريا بن يحيى بن خلاد الساجي البصري 112 المنقري- أبو معمر شبيب بن شيبة بن عبد الله بن عمرو البصري 112، 113، 114 ابن بنت منيع- أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي 55، 135، 136 المهتدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الواثق 21، 22، 163، 167 المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور العباسي 8، 21، 25، 28، 31، 47، 60، 63، 83، 112، 113، 115، 125، 139، 140، 141، 176، 177، 184، 188، 189، 198 ابن مهدي 138 المهلب بن أبي صفرة الأزدي- القائد العربي 163 المهلبي- أبو خالد يزيد بن محمد بن المغيرة 16، 30، 31 المهلبية- مالكة عبادة 27، 28 المؤذن- محمد بن عبد الله القاضي 10 ابن موسى- محمد 95 ابن موسى- يقطين، الداعية العباسي 188

الموصلي- أبو إسحاق إبراهيم بن ميمون (ماهان) 16 الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم 7، 16، 30، 31، 73، 191، 198 الموصلي- حماد بن إسحاق بن إبراهيم 105 الموفق- أبو أحمد طلحة بن المتوكل 106، 172 مؤنس المظفر- القائد التركي 89 ابن المؤيد- قصي 133 الميكالي- الأمير أبو الفضل عبيد الله بن أحمد 218 ابن ميمون- العباس 17 ميمونة- برّة بنت الحارث بن حزن الهلالية، آخر زوجات النبي صلوات الله عليه 217 (ن) نازوك- أبو منصور، القائد التركي 89 الناصر- الأمير أبو أحمد الموفق طلحة بن المتوكل- الموفق الناقط- أبو طلحة 199 ابن نباتة- أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة السعدي 164 ابن نجيح- عبد الرحمن بن نائل القاضي 22، 172 النحوي- محمد بن شبيب 115 النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان المعروف بالأحمر 120، 121 النخعي- أبو عمر حفص بن غياث بن طلق الكوفي القاضي 93، 94 النسائي- أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب 36، 190، 196 النسائي- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان ابن أبي شيخ نصيب- أبو محجن نصيب بن رباح الشاعر 238، 244 أبو نضلة- المهلهل بن يموت بن المزرع- العبدي النعمان بن ثابت- الإمام أبو حنيفة 10، 21، 36، 44، 56، 66، 72، 75،

119، 124، 131، 143، 146، 156، 171، 172، 174، 190، 201، 202 النفس الزكية- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب- العلوي نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي 226 النميري- عبد الملك بن أيوب بن ظبيان 127، 128 النميري- أبو زيد عمر بن شبة بن عبيدة بن ريطة البصري 52 أبو نؤاس- الحسن بن هانئ الحكمي 67، 68، 154 أبو نوح- عيسى بن إبراهيم 147 النيسابوري- أبو العلاء صاعد بن محمد 119 النيسابوري- أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح 44 (هـ) الهائم- أبو علي أحمد بن علي المدائني 110 الهادي- أبو محمد موسى بن أبي عبد الله المهدي 25، 27، 140، 141، 187، 189 الهاشمي- جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 22، 53 الهاشمي- أبو المغيث، من أصحاب الحلّاج 82 الهجيمي- إبراهيم بن علي 123 هلال الرأي- هلال بن يحيى بن مسلم البصري 171 الهلالي- نمير بن قحيف 256، 257 هند بنت عتبة، أم معاوية بن أبي سفيان الأموي 163 ابن أبي هند- داود 178

(و) الوابصي- أبو الفضل عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر الأسدي الرقي 101، 169 الواثق- أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق محمد المعتصم 66، 131، 167، 189 ابن واج- شبيب بن واج المروروذي 188 الواسطي- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان- ابن أبي شيخ الوراق- إبراهيم بن عبد الله 183 الوراق- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب بن عبد الله بن ميدان الفارسي 117 ابن وصيف- صالح، القائد التركي 147، 163 ابن أبي وقاص- سعد بن مالك الزهري 185 وكيع القاضي- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان 17، 18 ابن الوليد- مالك 229 ابن وهب- أبو علي الحسن بن وهب الحارثي 95، 167 ابن وهب- أبو أيوب سليمان بن وهب الحارثي 167 ابن وهب- أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي 172 ابن وهب- القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي، وزير المعتضد والمكتفي 133 (ي) ياقوت- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي 221، 262 ياقوت- أبو المظفر، من قواد الدولة العباسية 89 يحيى بن معين- أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي 7 اليزيدي- أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي 102 اليزيدي- أبو عبد الله محمد بن العباس 62 اليزيدي- أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي 238 اليشكري- جعفر بن علي 244 اليشكري- عبد السلام بن هاشم 188

ابن يقطين- علي بن يقطين بن موسى، صاحب ديوان زمام الأزمة 188 ابن يوسف- أبو العلاء القاضي 220 أبو يوسف القاضي- يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري 42، 94، 176، 202، 203، 204، 205 ابن أبي يوسف- القاضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف 22، 23

فهرس جغرافي

فهرس جغرافي (أ) 233 155 أثير 238 160 أرثد 84 15 اصطخر (ب) 35 18 باب الفراغنة 137 82 باف 239 161 بئر ميمون 242 164 بيروذ (ت) 206 132 تلا (ج) 219 142 الجبل (ح) 180 114 الحضرة 106 61 حلوان (ر) 35 18 رحبة زيرك (س) 245 167 سلمان باك (ش) 101 58 الجانب الشرقي (ط) 129 78 طوس (ع) 21 12 عسكر المهدي 151 93 عكبرا (غ) 168 106 الغميم (ف) 206 132 الفسطاط (ق) 221 143 قبا 47 27 قطيعة الدقيق

(م) 221 143 مدينة السلام 32 17 مسجد الرصافة 128 77 ميسان (و) 238 160 ودّان (ي) 54 32 الياسرية 220 143 الياسرية 221 143 اليمن

فهرس عمراني

فهرس عمراني (أ) 216 139 أسود سالخ 257 176 أعذر الرجل 228 150 الأفعى 230 152 الالف (ب) 82 51 البارية 178 113 البطنان 259 176 البكى 228 150 البوز (ت) 229 151 يوم التناد (ج) 241 163 الجعجاع (ح) 31 16 من حق 37 20 حمل على نفسه (خ) 125 77 الخان 235 157 الخاتام 215 138 خبز الأبازير 215 138 خبز العروق 188 119 الخرسي 206 132 الخليط 185 117 الخيف (د) 123 76 الدرة 140 84 دق المقصورة 128 77 الدهقان (ر) 35 18 الرحبة 240 162 الركيّة 81 51 الريطة (ز) 161 100 الزيديّة 263 178 زيك

(س) 134 80 السّحر 259 176 السكات 220 143 سلّال الطريق 241 163 السهام (ش) 168 106 الشادن 68 42 شعشع الشراب 252 172 الشهر (ص) 68 42 الصبوح 171 109 صناعة الحكم (ط) 259 176 الطماح (ظ) 263 178 ظرط بفمه (ع) 211 135 العابر 52 31 العامل على الصلاة 158 98 العرق 263 178 العفطة (غ) 68 42 الغبوق 54 29 الغريب 247 169 الغنوي (ف) 171 109 الفرائض 35 18 الفراغنة 263 178 الفص 124 77 فيّل (ق) 62 38 القار 164 102 القدح 252 172 ليلة القدر 220 143 القراح 171 109 القسمة 241 163 القلوص (ك) 68 42 الكميت (م) 171 109 مباشرة الخصوم 163 101 المثلة 256 176 المحرم 219 142 مخاليب

225 147 المريخ 68 42 المسمعة 225 147 المشتري 126 77 المسودة 105 60 المعمّى (ن) 241 163 الناضح 178 113 النطع 53 31 النقرس 84 51 النيرنجيات

استدراكات

استدراكات الجزء الأول الصحيفة السطر رقم القصة 78 3 حاشية 1/32 اقرأ: البزوري، بدلا من: المروزي، والتصحيح من الباب 1/120 إضافات تتعلق بحساب الأصابع: 104 1/53 1- سئل أبو العيناء، كم سنه؟ فقال: قبضة، يريد ثلاثا وتسعين سنة. (الملح والنوادر للحصري) . 2- قال الخليل بن أحمد، يهجو رجلا بأن يديه مقبوضتان عن البذل: وكفاك لم تخلقا للندى ... ولم يك بخلهما بدعه فكف ثلاثة آلافها ... وتسع مئين لها شرعه وكف عن الخير مقبوضة ... كما نقصت مائة سبعة (أدب الكتاب للصولي 241) 187 10 1/97 اقرأ: هذه دور بلا نخبة (بالخاء) بدلا من: نحبة (بالحاء) . قال البحتري يهجو ابن قماش (ديوان البحتري 791 و 792) . وما في الستارة من حاجز ... إذا قرعت ركبة ركبه

أتحجب طاقة إبريسم ... عن الصب منهم هوى الصبه إذا الساقيات أدرن الكؤوس ... دورا على القوم أو نخبه 197 12 1/107 مخلط خراسان: قال أبو طاهر المقنعي: عجل لنا يا غلام ما أدرك من عند الطباخ، من الدجاج، والفراخ، والبوارد، والجوذابات، وتزايين المائدة، وصل ذلك بشراء قيراط جبن وزيتون من عند كبل البقال في الكرخ، وقطائف حبش، وفالوذج عمر، وفقاع زريق، ومخلط خراسان من عند أبي زنبور. 264 1/142 1- نفق أبو الشبل البرجمي، عاصم بن وهب عند المتوكل، بايثاره العبث (الأغاني 14/193) 2- وكان عبادة المخنث ينادم المتوكل، وكان عبادة مجاهرا بالعهر. (البصائر والذخائر م 4 ص 65) . 3- وكان للمتوكل مضحكان، يقال لأحدهما شعرة وللآخر بعرة. (البصائر والذخائر م 1 ص 25) . 4- والمتوكل أول خليفة أظهر في مجلسه اللعب والمضاحيك (مروج الذهب 2/391) . 5- وبلغه أن رجلا من الجند استحلف أمير مصر بحق الحسن والحسين، فكتب إلى الأمير: أن اجلده مائة سوط (الولاة والقضاة للكندي 203) . 6- وكان المتوكل معروفا بالنصب، أمر في السنة 236 بهدم قبر الحسين، وهدم ما حوله

من الدور، وأن يعمل مزارع، ويحرس، ومنع الناس من زيارته، وبقي صحراء، فكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان، وقال البسامي: تا الله إن كانت أمية قد أتت ... قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله ... هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا ... في قتله فتتبعوه رميما فوات الوفيات 1/203 الجزء الثاني 2 2/2 إضافة: 1- كان زياد- جد عمر الرخجي من سبي معن بن زائدة، أما فرج- والد عمر- فكان مولى لحمدونة بنت الرشيد (الهفوات النادرة رقم 97 ص 77) وكان فرج دميما، قبيح الصورة (المحاسن والأضداد للجاحظ ص 116) ، وكان عمر يتبرع باختلاق التهم على العلويين، والتجسس عليهم (البصائر والذخائر م 3 ق 1 ص 319 والفرج بعد الشدة 2/64 سطر 17- 21) وولاه المتوكل أمر الطالبيين، لعلمه بكراهيته لهم، فكان يسومهم العسف، حتى إنه ضرب يحيى بن عمر ابن يحيى بن الحسين بالمقارع، وحبسه في المطبق (الطبري 9/182) ، ثم ولاه المتوكل مكة والمدينة، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، ومنع الناس من البر بهم، وكان

لا يبلغه أن أحدا بر أحدا منهم بشيء- وإن قل- إلا أنهكه عقوبة، وأثقله غرما، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات، ليصلين فيه، واحدة بعد واحدة، ثم يرفعنه، ويجلسن إلى مغازلهن، عواري، حواسر، إلى أن قتل المتوكل، فعطف المنتصر عليهم، وأحسن إليهم. (مقاتل الطالبيين 599) . 2- وصف للمتوكل عائشة بنت عمر بن فرج الرخجي، فوجه في جوف الليل، والسماء تهطل، إلى عمر، أن احمل إلي عائشة، فسأله أن يصفح عنها، فإنها القيمة بأمره، فأبى فانصرف عمر، وهو يقول: اللهم قني شر عبدك جعفر، ثم حملها بالليل، فوطئها، ثم ردها إلى منزل أبيها (المحاسن والأضداد للجاحظ ص 118) . 107 2/52 راجع في الأغاني 5/387 قصة تشبه هذه القصة، حيث صنع عطاء الملك، بالبصرة، بالأصمعي، في والده قريب، ما صنعه الجهني، بوكيع، في والده خلف. 132 الحاشية ف 5 2/67 جاء في فوات الوفيات 1/34. قال أبو العيناء للسيد الحميري: بلغني أنك تقول بالرجعة، قال: هو ما بلغك، قال: فاعطني دينارا بمائة دينار إلى الرجعة، فقال السيد: على أن توثق لي بمن يضمن أنك ترجع إنسانا، أخاف أن ترجع قردا أو كلبا، فيذهب مالي. 145 2/77 طريق خراسان: من جملة أعماله براز الروز (اسمها الآن بلد روز) والبندنيجين (اسمها

الآن مندلي) (كتاب الوزراء للصابي 187) . 279 2/143 أبو نصر البنص: هو محمد بن محمد النيسابوري، جاء في أخبار سيف الدولة ص 350 أن أبا نصر دخل على سيف الدولة، وألقى بين يديه قصيدة مطلعها: حباؤك معتاد وأمرك نافذ ... وعبدك محتاج إلى ألف درهم فضحك سيف الدولة، ضحكا شديدا، وأمر له بألف دينار. 280- 2/143 أورد صاحب الأغاني 18/317 قول العماني يصف الفرني: جاءوا بفرني لهم ملبون ... بات يسقى خالص السمون مصومع أكوم ذي غضون ... قد حشيت بالسكر المطحون أقول: وجدت أهل النجف في العراق، يسمون المحلبي (المهلبية) : فرني. الجزء الثالث 127 3/85 إضافة: قال أحمد بن الطيب: قال بعض أصحابنا: بت ليلة بالبصرة، مع جماعة من المسجديين، فلما حان وقت السحر، حركهم واحد، فقال: إلى كم هذا النوم عن أعراض الناس؟ (البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 310) . 135 3/91 إضافة: حدثتني زوجتي أم حازم الحاجة بهيجة بنت خالي الحاج حبودي القاموسي، أنها

سمعت بأذنها جارة لهم معيدية، تقرأ سورة الإخلاص في صلاتها، كما يلي: أصلي صلاة لوحدي، لا لي شريج (شريك) لولدي. 156 3/108 إضافة: في السنة 350 تقدم القاضي أبو العباس ابن أبي الشوارب، وعرض أن يتقلد القضاء، على أن يحمل إلى خزانة معز الدولة، في كل سنة مائتي ألف درهم، فخلع عليه من دار السلطان، وضرب بين يديه بالدباب، وهو أول من ضمن القضاء، ولم يسمع بذلك قبله، فلم يأذن له الخليفة بالدخول عليه، وأمر بأن لا يحضر الموكب، لما ارتكبه من ضمان القضاة (المنتظم 7/2 وابن الأثير 8/536) ولما ضمن القضاء، كان النظار يحيلون عليه بمشاهرة الساسة والنفاطين، فكانوا يجيئونه ويشدون نعالهم على بابه، ويدخلون يطالبونه كما يطالبون ضامن الماخور، فقال ابن سكرة: نوب تنوبك بالنوائب ... وعجائب فوق العجائب وغرائب موصولة ... في كل يوم بالغرائب مما جنى قاضي القضا ... ة حدندل ابن أبي الشوارب قاض تولى بالصنو ... ج وبالطبول وبالدبادب ومناديان يناديا ... ن عليه في وسط المواكب هذا الذي ضمن القضا ... مع الفروج بغير واجب

هذا قدار زماننا ... وأخو المثالب والمعايب (تكملة تاريخ الطبري 184) . 166 15 3/114 هذا البيت لمحمد بن حازم الباهلي، ذكر ذلك التوحيدي في البصائر والذخائر م 4 ص 165 وأورد صاحب وفيات الأعيان 3/79 هذا البيت، في ترجمة ابن المعتز، ضمن أبيات ثلاثة، وذكر قصتها، راجع التفصيل في وفيات الأعيان 3/79. 193 الحاشية ف 1 3/125 1- كانت وظيفة المنصور كل يوم لطعامه، ملبقة، وخمسة ألوان، وجنب شواء، وجام فالوذج أو عصيدة (البصائر والذخائر م 1 ص 290) . 2- كانت وظيفة إبراهيم الموصلي المغني، لطعامه، وطيبه، وما يتخذ له، في كل شهر ثلاثين ألف درهم (الأغاني 5/163) . 3- كانت كلفة مائدة المعتصم في كل يوم ألف دينار، (تاريخ الخلفاء للسيوطي 337) . 251 13 3/158 إضافة: القاضي ابن غسان، صهر القاضي أبي عمر، كان من وجوه الناس ببغداد، في أيام بختيار الديلمي، وكان بختيار منبسطا معه لقديم خدمته، وكان أحد الأماثل الذين شخصوا إلى بختيار بظاهر الكوفة وكلموه في أمر الجهاد، راجع تفصيل ذلك في الامتاع والمؤانسة ج 3 ص 153 و 154.

الجزء الرابع الصحيفة السطر رقم القصة 7 4/1 إضافة: سئل الشعبي عن مسألة فقال: لا علم لي، فقالوا: ألا تستحي؟ فقال: ولم أستحي مما لم تستحي منه الملائكة، حين قالت: لا علم لنا (البصائر والذخائر م 4 ص 204) . 45 5 4/20 راجع أخبار أبي العباس بن ماسر جس في ذيل تجارب الأمم 3/253- 296. 57 4/27 إضافة: في موت الفجاءة، راجع التكملة في أخبار السنة 348 ص 176، وراجع في الأغاني 19/42 كيفية موت يزيد بن مزيد الشيباني. 117 4/56 1- قيل لابن سيابة: ما نظنك تعرف الله، فقال: كيف لا أعرف من أجاعني، وأعراني، وأدخلني في حر أمي (البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 359) . 2- وصف ابن سيابة رجلا، فقال: فيه كياد مخنث، وحسد نائحة، وشرة قوادة، ودل قابلة، وملق داية، وبخل كلب، وحرص نباش (البصائر والذخائر م 2 ق 2 ص 427) . 141 4/67 إضافة: السواد سوادان، سواد البصرة: الأهواز، ودستميسان، وفارس. وسواد الكوفة: من كسكر إلى الزاب، ومن حلوان إلى القادسية (المعارف لابن قتيبة) . 179 الحاشية رقم 4 4/88 1- كانت مخابرات الوزراء في أيام المقتدر تجري أحيانا مع السيدة أمه، راجع كتاب الوزراء للصابي ص 308.

الصحيفة السطر رقم القصة 2- انفذ المقتدر خاتمه إلى ابن أبي البغل بتوليته الوزارة، على يد فرج النصرانية، صاحبة أم موسى الهاشمية القهرمانة، راجع كتاب الوزراء للصابي ص 293. الجزء الخامس 12 ف 1 حاشية 5/2 إضافة: عرض أبو سعيد مسلمة بن عبد الملك ابن مروان، على عمرة بنت الحارس أن يتزوج منها، فقالت له: يا ابن التي تعلم، وإنك لهناك؟ تعني أن أمه أمة. (بلاغات النساء 190) . 29 ف 1 حاشية 5/14 إضافة: قال ابن أبي عتيق لسلامة: احملي معك سبحة وتخشعي (الأغاني 8/342) . 171 5/74 إضافة: قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه، ليونس بن عبد الأعلى: يا يونس، دخلت بغداد؟ فقال: لا، فقال: يا يونس ما رأيت الدنيا، ولا الناس. (معجم البلدان 1/688) . 174 4 حاشية 5/77 إقرأ: 2/151 بدلا من 2/94 الجزء السادس 59 ف 3 حاشية 6/37 إقرأ تاريخ بغداد 10/306 بدلا من 7/306. 222 6 6/144 قال ابن حمدون: قال لي الفتح بن خاقان، شعرت يا أبا عبد الله أني انصرفت البارحة من مجلس أمير المؤمنين، فلما دخلت منزلي، استقبلتني فلانة- يعني جاريته- فلم أتمالك أن قبلتها، فوجدت فيما بين شفتيها هواء لو رقد فيه المخمور لصحا. (معجم الأدباء 6/118) .

رموز

رموز : راجع م: مقدمة المؤلف الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب 265 فهرس أسماء الأشخاص 274 فهرس جغرافي 310 فهرس عمراني عام 312 فهرس الكتب والمراجع 315 الاستدراكات 320

بعونه تعالى تم طبع الجزء السادس من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الاثنين التاسع من شهر نيسان 1973 على مطابع دار صادر في بيروت

الجزء السابع

الجزء السابع مقدمة المحقق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وله الحمد أقدّم لقراء العربية، الجزء السابع من كتاب نشوار المحاضرة، وأخبار المذاكرة، للقاضي أبي عليّ المحسّن بن علي التنوخي، وهو رابع الأجزاء التي اشتملت على ما أمكنني العثور عليه من فقرات النشوار الضائعة، تلقّطتها من ثنايا الكتب، وبذلت في هذا العمل المضني من الجهد والصبر، ما لا يدرك كنهه إلّا من عاناه. وقد فصّلت في مقدمة الجزء الأول من الكتاب، الطريقة التي توصّلت بها إلى استخلاص هذه الفقرات. وقد كان للإقبال الذي أسبغه طلاب العلم والمعرفة، على الأجزاء التي أصدرتها من هذا الكتاب، الأثر البيّن في تشجيعي على إنجاز ما تصدّيت له، ونهضت به. وأسأل الله سبحانه وتعالى حسن التوفيق في إتمامه، وإسباغ ما بدأ به من فضله وإنعامه، إنّه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير. بحمدون في 19 شباط 1973 عبود الشالجي المحامي

1 من شعر يعقوب بن الربيع

1 من شعر يعقوب بن الربيع أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا محمد بن عمران المرزباني «1» ، قال: أنشدنا علي بن سليمان الأخفش «2» ، ليعقوب بن الربيع «3» : أضحوا يصيدون الظباء وإنني ... لأرى تصيّدها عليّ حراما أشبهن منك سوالفا «4» ومدامعا «5» ... فأرى بذاك لها عليّ ذماما أعزز عليّ بأن أروّع شبهها ... أو أن تذوق على يديّ حماما تاريخ بغداد للخطيب 14/267

2 أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ابن البهلول التنوخي

2 أبو يوسف يعقوب بن إسحاق ابن البهلول التنوخي حدّثنا عليّ بن المحسّن القاضي، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول «1» ، عن أبيه «2» ، قال: يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي، يكنى بأبي يوسف، وكان من حفّاظ القرآن، العالمين بعدده، وقراءاته، وكان حجّاجا، متنسكا، وحدّث حديثا كثيرا عن جماعة من مشايخ أبيه إسحاق «3» وغيرهم، ولم ينتشر حديثه. وولد بالأنبار «4» في سنة سبع وثمانين ومائة «5» ، ومات ببغداد لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة إحدى وخمسين ومائتين «6» . ومات في حياة أبيه، فوجد عليه وجدا شديدا، ودفن في مقابر باب التبن» . وخلّف ابنه يوسف الأزرق، وابنه إبراهيم، يتيمين، وبنات،

وزوجة حاملا، ولدت بعد موته ابنا سمي إسماعيل «1» ، فرباهم جدّهم إسحاق ابن البهلول، وكان يؤثرهم جدا، ويحبهم لمحبته أباهم، ولكونهم أيتاما. وقال أبو الحسن: حدّثني عمي إسماعيل بن يعقوب، قال: أخبرت عن جدّي إسحاق بن البهلول، أنّه كان يقول: على ودّي أنّ لي ابنا آخر مثل يعقوب في مذهبه، وأنّي لم أرزق سواه. وأنّه لما توفي يعقوب أغمي على إسحاق، وفاتته صلوات، فأعادها بعد ذلك، لما لحقه من مضض المصيبة. وأنّه كان يقول: ابني يعقوب أكمل مني. تاريخ بغداد للخطيب 14/276

3 بحث في المواساة

3 بحث في المواساة حدّثني التنوخي، عن أبي الحسن أحمد بن يوسف بن [يعقوب بن] إسحاق بن البهلول «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثني يعقوب بن شيبة «3» ، قال: أظلّ عيد من الأعياد رجلا- يومئ إلى أنّه من أهل عصره- وعنده مائة دينار، لا يملك سواها. فكتب إليه رجل من إخوانه يقول له: قد أظلّنا هذا العيد، ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، ويستدعي منه ما ينفقه. فجعل المائة دينار في صرّة، وختمها، وأنفذها إليه. فلم تلبث الصرّة عند الرجل إلّا يسيرا حتى وردت عليه رقعة أخ من إخوانه، وذكر إضاقته في العيد، ويستدعي منه مثل ما استدعاه، فوجّه بالصرة إليه بختمها. وبقي الأول لا شيء عنده، فكتب إلى صديق له، وهو الثالث الذي صارت إليه الدنانير، يذكر حاله، ويستدعي منه ما ينفقه في العيد، فأنفذ إليه الصرّة بخاتمها.

فلما عادت إليه صرّته التي أنفذها بحالها، ركب إليه، ومعه الصرّة، وقال له: ما شأن هذه الصرّة التي أنفذتها إليّ. فقال له: إنّه أظلّنا العيد، ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، فكتبت إلى فلان أخينا، أستدعي منه، ما ننفقه، فأنفذ إليّ هذه الصرّة، فلما وردت رقعتك عليّ، أنفذتها إليك. فقال له: قم بنا إليه. فركبا جميعا إلى الثاني، ومعهما الصرّة، فتفاوضوا الحديث، ثم فتحوها، فاقتسموها أثلاثا. قال أبو الحسن: قال لي أبي: والثلاثة: يعقوب بن شيبة، وأبو حسان الزيادي «1» القاضي، وأنسيت أنا الثالث «2» . تاريخ بغداد للخطيب 14/282

4 أبو يعقوب البويطي لسان الشافعي

4 أبو يعقوب البويطي لسان الشافعي أخبرنا العتيقي، والتنوخي، قالا: أخبرنا علي بن عبد العزيز البرذعي «1» ، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: في كتابي عن الربيع بن سليمان «2» أنّه قال: كان لأبي يعقوب البويطي «3» من الشافعي «4» منزلة، وكان الرجل ربما يسأله عن المسألة، فيقول: سل أبا يعقوب، فإذا أجابه، أخبره، فيقول: هو كما قال. قال: وربما جاء إلى الشافعي، رسول صاحب الشرط، فيوجه الشافعي أبا يعقوب البويطي، ويقول: هذا لساني. تاريخ بغداد للخطيب 14/300

5 القاضي يوسف بن يعقوب ابن إسماعيل بن حماد

5 القاضي يوسف بن يعقوب ابن إسماعيل بن حماد أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد «1» ، كان رجلا صالحا عفيفا خيّرا، حسن العلم بصناعة القضاء، شديدا في الحكم، لا يراقب فيه أحدا. وكانت له هيبة ورياسة. وحمل الناس عنه حديثا كثيرا، وكان ثقة أمينا. تاريخ بغداد للخطيب 14/310

6 أبو بكر يوسف الأزرق لقب بالأزرق لزرقة عينيه

6 أبو بكر يوسف الأزرق لقب بالأزرق لزرقة عينيه أخبرنا التنوخي، عن أحمد بن يوسف الأزرق «1» ، قال: قال لي أبي «2» : ولدت بالأنبار في رجب سنة ثمان وثلاثين ومائتين. قال: وقال لي أبي: لو شئت أن أقول في جميع حديث جدّي «3» إنّي سمعته منه، لقلت، واعلم أنّني فرّقت في سنة سبع وأربعين ومائتين، ولي تسع سنين، بين: كتبت في كتابي، وقلت في كتابي، [وبين] قرأ عليّ جدّي، وقرأت على جدّي. قال ابن الأزرق: وكان أبي قد كتب لغة، ونحوا، وأخبارا، عن أبي عكرمة الضبّي صاحب المفضل «4» ، وحمل عن عمر بن شبة «5» من هذه العلوم فأكثر، وعن الزبير بن بكار «6» ، وعن ثعلب «7» ، وكان كتب عن أحمد بن

بديل اليامي «1» ، وعباس بن يزيد البحراني «2» ، فضاع كتابه عنهما، فلم يحدّث عنهما بشيء. قال ابن الأزرق: وسمعت أبي يقول: خرج عن يدي، إلى سنة خمس عشرة وثلاثمائة، نيف وخمسون ألف دينار في أبواب البرّ. قال: وكان بعد ذلك يجري على رسمه في الصدقة. قال لي التنوخي: كان يوسف بن يعقوب أزرق العين، وكان كاتبا جليلا، قديم التصرف مع السلطان، عفيفا فيما تصرف فيه، وكان عريض النعمة، متخشّنا في دينه، كثير الصدقة، أمّارا بالمعروف. تاريخ بغداد للخطيب 14/321

7 القاضي أبو نصر بن أبي الحسين بن أبي عمر

7 القاضي أبو نصر بن أبي الحسين بن أبي عمر أخبرنا التنوخي قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: لما كان في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة «1» ، خرج الراضي «2» إلى الموصل «3» ، وأخرج معه قاضي القضاة، أبا الحسين- يعني عمر بن محمد بن يوسف «4» - وأمره أن يستخلف على مدينة السلام بأسرها «5» ، أبا نصر يوسف ابن عمر «6» ، لما علم أنّه لا أحد بعد أبيه يجاريه، ولا إنسان يساويه. فجلس في يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم، سنة سبع وعشرين وثلاثمائة في جامع الرصافة، وقرئ عهده بذلك، وحكم «7» ، فتبيّن للناس من أمره ما بهر عقولهم، ومضى في الحكم على سبيل معروفه له ولسلفه «8» .

وما زال أبو نصر يخلف أباه على القضاء بالحضرة، من الوقت الذي ذكرنا إلى أن توفي قاضي القضاة، في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة «1» ، وصلى عليه ابنه أبو نصر، ودفن إلى جنب أبي عمر، محمد بن يوسف، في دار إلى جنب داره. فلما كان في يوم الخميس لخمس بقين من شعبان، خلع الراضي على أبي نصر، يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف، وقلّده قضاء الحضرة بأسرها «2» ، الجانب الشرقي والغربي، المدينة والكرخ، وقطعة من أعمال السواد، وخلع عليه، وعلى أخيه أبي محمد الحسين بن عمر «3» لقضاء أكثر السواد والبصرة وواسط «4» . قال طلحة: وما زال أبو نصر منذ نشأ فتى نبيلا، فطنا، جميلا، عفيفا، متوسطا في علمه بالفقه، حاذقا بصناعة القضاء، بارعا في الأدب والكتابة، حسن الفصاحة، واسع العلم باللغة والشعر، تام الهيبة، اقتدر على أمره بالنزاهة والتصوّن والعفّة، حتى وصفه الناس في ذلك بما لم يصفوا به أباه وجده، مع حداثة سنه، وقرب ميلاده من رياسته. ولا نعلم قاضيا تقلّد هذا البلد، أعرق في القضاء منه، ومن أخيه الحسين، لأنه يوسف بن عمر بن محمد «5» بن يوسف «6» بن يعقوب، وكل 2 ن 7

هؤلاء تقلّدوا الحضرة، غير يعقوب، فإنه كان قاضيا على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تقلّد فارس، ومات بها. وما زال أبو نصر، واليا على بغداد، بأسرها إلى صفر من سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، فإن الراضي صرفه عن مدينة المنصور، بأخيه الحسين، وأقره على الجانب الشرقي والكرخ «1» ، ومات الراضي في هذه السنة «2» . تاريخ بغداد للخطيب 14/322

8 لمسلم بن الوليد يرثي يزيد بن مزيد

8 لمسلم بن الوليد يرثي يزيد بن مزيد أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني «1» ، قال: أنشدنا أبو الحسن الأخفش «2» ، عن ثعلب «3» ، لمسلم «4» (يعني ابن الوليد) يرثي يزيد بن مزيد «5» ، ومات ببرذعة «6» ، من أرض أرّان «7» : قبر ببرذعة استسرّ ضريحه ... خطرا تقاصر دونه الأخطار ألقى الزمان على معدّ بعده ... حزنا- لعمر الدهر- ليس يعار نقضت بك الآمال أحلاس الغنى ... واسترجعت نزّاعها الأمصار فاذهب كما ذهبت غوادي مزنة ... أثنى عليها السهل والأوعار تاريخ بغداد للخطيب 14/336

9 لمسلم بن الوليد أمدح بيت وأرثى بيت وأهجى بيت

9 لمسلم بن الوليد أمدح بيت وأرثى بيت وأهجى بيت أخبرنا التنوخي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «2» ، قال: حدّثنا أبو الحسن بن البراء، عن شيخ له، قال: قال مسلم بن الوليد «3» ، ثلاثة أبيات، تناهى فيها، وزاد على كل الشعراء، أمدح بيت، وأرثى بيت، وأهجى بيت. فأما المديح، فقوله: يجود بالنفس إذ ضنّ البخيل بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود وأما المرثية فقوله: أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه ... فطيب تراب القبر دلّ على القبر وأما الهجاء فقوله: حسنت مناظره فحين خبرته ... قبحت مناظره لقبح المخبر «4» تاريخ بغداد للخطيب 13/97

10 عبد الملك بن مروان يشهد لخصمه مصعب بن الزبير بكمال مروءته

10 عبد الملك بن مروان يشهد لخصمه مصعب بن الزبير بكمال مروءته أخبرنا الجوهري والتنوخي، قالا: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «1» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف بن المرزبان «2» ، قال: حدّثني أبو العباس محمد ابن إسحاق «3» قال: حدّثنا ابن عائشة «4» ، قال: سمعت أبي يقول: قيل لعبد الملك بن مروان «5» ، وهو يحارب مصعبا «6» : إنّ مصعبا قد شرب الشراب. فقال عبد الملك: مصعب يشرب الشراب؟ والله، لو علم مصعب أنّ الماء ينقص من مروءته، ما روي منه. تاريخ بغداد للخطيب 13/106

11 أشجع العرب

11 أشجع العرب أخبرنا عليّ بن أبي عليّ «1» ، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المخلّص «2» ، وأحمد بن عبد الله الدوري «3» قالا: حدّثنا أحمد بن سليمان الطوسي «4» ، قال: حدّثنا الزبير بن بكار «5» ، قال: حدّثني محمد بن الحسن، عن زافر بن قتيبة، عن الكلبي قال: قال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: من أشجع العرب؟ فقالوا: شبيب «6» ، قطري «7» ، فلان، فلان.

فقال عبد الملك: إنّ أشجع العرب، رجل جمع بين سكينة بنت الحسين «1» وعائشة بنت طلحة «2» ، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وأمه الرباب بنت أنيف الكلبي سيد ضاحية العرب، ولي العراقين» خمس سنين، فأصاب ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وأعطي الأمان فأبى، ومشى بسيفه حتى مات، ذاك المصعب بن الزبير، لا من قطع الجسور، مرة ههنا، ومرة ههنا. تاريخ بغداد للخطيب 13/106

12 الحمد لله شكرا

12 الحمد لله شكرا حدّثني التنوخي، قال: أنشدنا أبو الحسن أحمد بن علي البتّي «1» ، قال: أنشدنا أبو نصر يوسف بن عمر بن محمد القاضي، لنفسه «2» : يا محنة الله كفّي ... إن لم تكفّي فخفّي ما آن أن ترحمينا ... من طول هذا التشفّي ذهبت أطلب بختي ... فقيل لي قد توفّي ثور ينال الثريّا ... وعالم متخفّي الحمد لله شكرا ... على نقاوة حرفي تاريخ بغداد للخطيب 14/323

13 حر انتصر

13 حرّ انتصر أخبرنا عليّ بن المحسّن التنوخي، قال: أخبرنا عيسى بن علي بن عيسى الوزير «1» ، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد البغوي «2» ، قال: حدّثنا داود بن عمرو «3» ، قال: حدّثنا مكرم بن حكيم- أبو عبد الله الخثعمي- قال: حدّثني مهران بن عبد الله «4» ، قال: لقيت علي بن أبي طالب «5» وهو مقبل من قصر المدائن «6» ، وحوله المهاجرون «7» حين بلغ قنطرة دنّ «8» ، متوزّر على صدره من عظم بطنه، وقد وقع ثديه على إزاره، ضخم البطن، ذو عضلات ومناكب، أصلع، أجلح، قد

خرج الشعر من أذنيه، وأنا أمشي بجنباته، وهو يريد أسبانبر «1» . فجاء غلام فلطم وجهي. فالتفت عليّ. فلما التفت، رفعت يدي، فلطمت وجه الغلام. فقال: حرّ انتصر. فكأنما صوت عليّ في أذني الساعة. تاريخ بغداد للخطيب 13/235

14 العلم عند أبي عبيدة

14 العلم عند أبي عبيدة أخبرنا علي بن المحسّن بن علي بن محمد التنوخي، قال: وجدت في كتاب جدّي: حدّثنا الحرمي بن أبي العلاء «1» ، قال: أنشدنا أبو خالد يزيد ابن محمد المهلبي «2» ، قال: أنشدني إسحاق الموصلي لنفسه «3» ، قوله للفضل ابن الربيع «4» ، يهجو الأصمعي «5» : عليك أبا عبيدة «6» فاصطنعه ... فإنّ العلم عند أبي عبيده وقدّمه وآثره عليه ... ودع عنك القريد بن القريده تاريخ بغداد للخطيب 13/255

15 تأويلات مروية عن ابن عباس عن الكلمات الأبجدية

15 تأويلات مروية عن ابن عباس عن الكلمات الأبجدية أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا علي بن عمر السكري «1» ، قال: حدّثنا أبو سعيد مفتاح بن خلف بن الفتح «2» ، وقد قدم علينا حاجّا في سنة تسع وثلاثمائة «3» بباب الشمّاسية «4» ، قال: حدّثنا أحمد بن صالح الكرابيسي البلخي «5» ، قال: حدّثنا الحسن بن يزيد الجصّاص «6» ، قال: حدّثنا عبد الرحيم بن واقد «7» ، قال: حدّثنا الفرات بن السائب «8» ، عن ميمون بن مهران «9» ، عن ابن عباس «10» ، قال:

إنّ لكل شيء سببا، وليس كلّ أحد يفطن له، ولا سمع به، وإنّ لأبي جاد لحديثا عجبا. أمّا أبو جاد: فأبى آدم الطاعة، وجدّ في أكل الشجرة، وأمّا هوّاز فهوى من السماء إلى الأرض، وأمّا حطّي فحطّت عنه خطاياه، وأمّا كلمن فأكل من الشجرة، ومنّ عليه بالتوبة، وأمّا سعفص، فعصى آدم ربّه، فأخرج من النعيم إلى النكد، وأمّا قريشات، فأقرّ بالذنب، وسلم من العقوبة «1» . تاريخ بغداد للخطيب 13/270

16 تحفة القوالة تغني من وراء الستارة

16 تحفة القوالة تغني من وراء الستارة أخبرنا التنوخي، قال: قال لنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن العباس الاخباري «1» حضرت في سنة ست وعشرين وثلاثمائة «2» ، مجلس تحفة القوّالة «3» ، جارية أبي عبد الله بن عمر البازيار، وإلى جانبي عن يسرتي أبو نضلة مهلهل ابن يموت بن المزرع «4» ، وعن يمنتي أبو القاسم بن أبي الحسن البغدادي «5» ، نديم ابن الحواري «6» قديما، والبريديين «7» بعد، فغنّت تحفة من وراء الستارة: بي شغل به عن الشغل عنه ... بهواه وإن تشاغل عنّي سرّه أن أكون فيه حزينا ... فسروري إذا تضاعف حزني ظن بي جفوة فأعرض عنّي ... وبدا منه ما تخوّف منّي فقال لي أبو نضلة: هذا الشعر لي. فسمعه أبو القاسم بن البغدادي، وكان ينحرف عن أبي نضلة، فقال: قل له إن كان الشعر له، أن يزيد فيه بيتا.

فقلت له ذلك على وجه جميل. فقال في الحال: هو في الحسن فتنة قد أصارت ... فتنتي في هواه من كل فن «1» تاريخ بغداد للخطيب 13/273 وفيات الأعيان 7/59

17 أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي

17 أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي أخبرنا عليّ بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «1» ، قال: استقضي أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي «2» في سنة أربع وخمسين ومائتين «3» ، وكان متوسطا في أمره، شديد المحبة للدنيا، وكان صالح الفقه على مذهب أهل العراق «4» ، ولا أعلمه حدّث بشيء، ثم عزل، واستقضي ثانية، وعزل، وولي الأهواز، ثم وجّه به إلى خراسان، فمات بالري. تاريخ بغداد للخطيب 5/201

18 كادت تزل به من حالق قدم

18 كادت تزل به من حالق قدم أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهري بالبصرة، قال: أخبرنا أبو زيد عمر ابن شبّة «2» ، قال: حكم ابن أبي ليلى «3» بحكم، ونوح بن درّاج «4» حاضر، فنبّهه نوح، فانتبه، ورجع عن حكمه ذاك. فقال ابن شبرمة «5» : كادت تزلّ به من حالق قدم ... لولا تداركها نوح بن درّاج لما رأى هفوة القاضي أخرجها ... من معدن الحكم نوح أيّ إخراج

يقال: إنّ الحاكم كان ابن شبرمة، لا ابن أبي ليلى، وإنّ رجلا ادّعى قراحا «1» فيه نخل، فأتاه بشهود شهدوا له بذلك. فسألهم ابن شبرمة: كم في القراح نخلة؟ فقالوا: لا نعلم، فردّ شهادتهم. فقال له نوح: أنت تقضي في هذا المسجد منذ ثلاثين سنة، ولا تعلم كم فيه أسطوانة. فقال للمدعي: أردد عليّ شهودك، وقضى له بالقراح، وقال هذا الشعر. تاريخ بغداد للخطيب 13/315

19 يزيد بن هبيرة يريد أبا حنيفة على بيت المال، فيأبى، فيضربه أسواطا

19 يزيد بن هبيرة يريد أبا حنيفة على بيت المال، فيأبى، فيضربه أسواطا أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الدوري «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن القاسم بن نصر «2» - أخو أبي الليث الفرائضي «3» - قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «4» قال: حدّثني الربيع بن عاصم- مولى بني فزارة- قال: أرسلني يزيد بن عمر بن هبيرة «5» ، فقدمت بأبي حنيفة «6» ، فأراده على بيت المال، فأبى، فضربه أسواطا. تاريخ بغداد للخطيب 13/327

20 من محاسن أبي حنيفة

20 من محاسن أبي حنيفة أخبرنا التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح النيسابوري، بالبصرة، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت بن المغلس الحمّاني «1» ، قال: سمعت أبا نعيم يقول: ولد أبو حنيفة سنة ثمانين بلا مائة، ومات سنة خمسين ومائة، وعاش سبعين سنة. قال أبو نعيم: وكان أبو حنيفة حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، حسن المجلس، شديد الكرم، حسن المواساة لإخوانه. وقال أبو يوسف: ما رأيت أحدا أعلم بتفسير الحديث، ومواضع النكت التي فيه من الفقه، من أبي حنيفة. تاريخ بغداد للخطيب 13/330 و 340

21 فقه أبي حنيفة وورعه وصبره على تعليم العلم

21 فقه أبي حنيفة وورعه وصبره على تعليم العلم أخبرني التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمد بن حمدان بن الصباح، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت، قال: حدّثنا سعيد بن منصور، قال: سمعت الفضيل بن عياض «1» يقول: كان أبو حنيفة رجلا فقيها، معروفا بالفقه، مشهورا بالورع، واسع الحال، معروفا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورا على تعليم العلم بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام، حتى ترد مسألة في حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدلّ على الحق، هاربا من مال السلطان. (هذا حديث مكرم «2» ، وزاد عليه ابن الصباح) : وكان إذا وردت عليه مسألة فيها حديث صحيح اتّبعه، إن كان عن الصحابة أو التابعين، وإلّا قاس، وأحسن القياس. تاريخ بغداد للخطيب 13/339

22 أبو حنيفة يخطئ حكم القاضي في ستة مواضع

22 أبو حنيفة يخطّئ حكم القاضي في ستة مواضع أخبرني علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا القاضي أبو نصر محمد ابن محمد بن سهل النيسابوري «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصمّ «3» ، قال: حدّثني أحمد بن يحيى أبو يحيى السمرقندي، قال: حدّثنا نصر بن يحيى البلخي، قال: حدّثنا الحسن بن زياد اللؤلؤي «4» قال: كانت هاهنا امرأة يقال لها أمّ عمران، مجنونة، وكانت جالسة في الكناسة، فمرّ بها رجل، فكلّمها بشيء، فقالت له: يا ابن الزانيين، وابن أبي ليلى «5» حاضر يسمع ذلك. فقال للرجل: أدخلها عليّ المسجد، وأقام عليها حدّين، حدّا لأبيه، وحدّا لأمه.

فبلغ ذلك أبا حنيفة، فقال: أخطأ فيها في ستة مواضع، أقام الحدّ في المسجد ولا تقام الحدود في المساجد، وضربها قائمة، والنساء يضربن قعودا، وضرب لأبيه حدّا، ولأمه حدّا، ولو أنّ رجلا قذف جماعة كان عليه حدّ واحد، وجمع بين حدّين، ولا يجمع بين حدّين حتى يجبّ «1» أحدهما، والمجنونة ليس عليها حدّ، وحدّ لأبويه وهما غائبان لم يحضرا، فيدّعيان. فبلغ ذلك ابن أبي ليلى، فدخل على الأمير، فشكا إليه، فحجر على أبي حنيفة، وقال: لا يفتي. فلم يفت أياما، حتى قدم رسول من ولي العهد، فأمر أن تعرض على أبي حنيفة مسائل حتى يفتي فيها. فأبى أبو حنيفة وقال: أنا محجور عليّ. فذهب الرسول إلى الأمير، فقال الأمير: قد أذنت له. فقعد، فأفتى. تاريخ بغداد للخطيب 13/350

23 أبو حنيفة من أعظم الناس أمانة

23 أبو حنيفة من أعظم الناس أمانة أخبرنا التنوخي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله الورّاق الدوري «1» ، قال: أخبرنا أحمد بن القاسم بن نصر» ، أخو أبي الليث الفرائضي، قال: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ «3» قال: حدّثنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي «4» ، قال: قال رجل بالشام، للحكم بن هشام الثقفي: أخبرني عن أبي حنيفة. قال: على الخبير سقطت، كان أبو حنيفة، لا يخرج أحدا من قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حتى يخرج من الباب الذي منه دخل. وكان من أعظم الناس أمانة، وأراده سلطاننا على أن يتولّى مفاتيح خزائنه، أو يضرب ظهره، فاختار عذابهم على عذاب الله. فقال له: ما رأيت أحدا وصف أبا حنيفة، بمثل ما وصفته به. قال: هو كما قلت لك. تاريخ بغداد للخطيب 13/351

24 ورع أبي حنيفة وصلاته وقراءته

24 ورع أبي حنيفة وصلاته وقراءته أخبرنا علي بن المحسن المعدّل، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمد ابن يعقوب الكاغدي «1» قال: حدّثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب ابن الحارث الحارثي البخاري «2» - ببخارى- قال: حدّثنا أحمد بن الحسين البلخي «3» ، قال: حدّثنا حماد بن قريش، قال: سمعت أسد بن عمرو «4» ، يقول: صلّى أبو حنيفة، فيما حفظ عليه، صلاة الفجر بوضوء صلاة العشاء أربعين سنة. فكان عامة الليل يقرأ جميع القرآن في ركعة واحدة، وكان يسمع بكاؤه بالليل حتى يرحمه جيرانه. وحفظ عليه أنّه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه، سبعة آلاف مرة. تاريخ بغداد للخطيب 13/354

25 أبو حنيفة يؤثر رضى ربه على كل شيء

25 أبو حنيفة يؤثر رضى ربه على كل شيء أخبرنا التنوخي، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثنا محمد بن حمدان، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت الحماني «1» ، قال: سمعت مليح بن وكيع يقول: سمعت أبي يقول: كان- والله- أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان الله في قلبه جليلا كبيرا عظيما، وكان يؤثر رضاء ربه على كلّ شيء، ولو أخذته السيوف في الله لاحتمل، رحمه الله، ورضي عنه رضى الأبرار، فلقد كان منهم. تاريخ بغداد للخطيب 13/358

26 فقه أبي حنيفة وتقواه

26 فقه أبي حنيفة وتقواه أخبرنا التنوخي «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثنا محمد بن حمدان ابن الصباح النيسابوري، قال: حدّثنا أحمد بن الصلت الحماني «3» ، قال: حدّثنا علي بن المديني «4» ، قال: سمعت عبد الرزاق يقول: كنت عند معمر، فأتاه ابن المبارك «5» ، فسمعنا معمرا يقول: ما أعرف رجلا يحسن يتكلم في الفقه، أو يسعه أن يقيس، ويشرح لمخلوق النجاة في الفقه، أحسن من معرفة أبي حنيفة، ولا أشفق على نفسه من أن يدخل في دين الله، شيئا من الشكّ، من أبي حنيفة. تاريخ بغداد للخطيب 13/339

27 من شعر أبي الحسن ناجية بن محمد الكاتب

27 من شعر أبي الحسن ناجية بن محمد الكاتب أنشدنا التنوخي، قال: أنشدني أبو الحسن ناجية بن محمد الكاتب «1» لنفسه: ولما رأيت الصبح قد سلّ سيفه ... وولّى انهزاما ليله وكواكبه ولاح احمرار قلت قد ذبح الدجى ... وهذا دم قد ضمّخ الأفق ساكبه تاريخ بغداد للخطيب 13/427

28 من إخوانيات البحتري

28 من إخوانيات البحتري أخبرني علي بن أبي علي البصري، قال: أخبرنا محمد بن عمران الكاتب «1» أنّ أبا بكر الجرجاني، أخبره عن محمد بن يزيد النحوي «2» ، قال: كتبنا إلى البحتري «3» أن يجيئنا بعقب مطر، فكتب إلينا: إنّ التّزاور فيما بيننا خطر ... والأرض من وطأة البرذون تنخسف إذا اجتمعنا على يوم الشتاء فلي ... همّ بما أنا لاق حين أنصرف تاريخ بغداد للخطيب 13/449

29 القاضي أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول

29 القاضي أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول حدّثني أبو القاسم التنوخي، قال: ولد أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول «1» ببغداد في شوال سنة إحدى وثلاثمائة «2» ، وتوفي بها في شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة «3» ، وكان حافظا للقرآن، قرأ على أبي بكر بن مقسم «4» بحرف حمزة ولقي أبا بكر بن مجاهد «5» ، وقرأ عليه بعض القرآن، وسمع منه حديثا، وتفقه على مذهب أبي حنيفة «6» ، وحمل من النحو، واللغة، والأخبار، والأشعار، عن جده القاضي أبي جعفر بن البهلول «7» ، وعن أبي بكر ابن الأنباري «8» ، ونفطويه «9» ، والصولي «10» ،

وغيرهم، وقال الشعر، وتقلّد القضاء بالأنبار «1» ، وهيت «2» ، من قبل أبيه «3» في سنة عشرين وثلاثمائة «4» ، أو قبلها، ثم ولي من قبل الراضي بالله «5» سنة سبع وعشرين، القضاء بطريق خراسان، ثم صرف بعد مدة ولم يتقلّد شيئا إلى أن قلّده أبو السائب عتبة بن عبيد الله» في سنة إحدى وأربعين «7» - وهو يومئذ قاضي القضاة- الأنبار، وهيت، وأضاف إليهما بعد مدة الكوفة، ثم أقرّه على ذلك، أبو العباس بن أبي الشوارب «8» ، لما ولي قضاء القضاة «9» ، مدة، وصرفه بعد، ثم لما ولي أبو بشر عمر بن أكثم «10» قضاء القضاة «11» ، قلّده عسكر مكرم «12» وإيذج «13» ، ورامهرمز «14» ، مدة، ثم صرفه. تاريخ بغداد للخطيب 12/82

30 لو أرادوا صلاحنا ستروا وجهه الحسن

30 لو أرادوا صلاحنا ستروا وجهه الحسن أخبرنا التنوخي، قال: حدّثني أبو الحسن علي بن محمد بن أبي صابر الدلال «1» ، قال: وقفت على الشبلي «2» في قبة الشعراء في جامع المنصور، والناس مجتمعون عليه، فوقف عليه في الحلقة، غلام، لم يكن ببغداد في ذلك الوقت أحسن وجها منه، يعرف بابن مسلم. فقال له: تنحّ، فلم يبرح. فقال له الثانية: تنحّ يا شيطان عنّا، فلم يبرح. فقال له الثالثة: تنحّ، وإلّا والله خرقت كل ما عليك، وكانت عليه ثياب في غاية الحسن، تساوي جملة كثيرة، فانصرف الفتى. فقال الشبلي، ونحن نسمع: طرحوا اللحم للبزاة ... على ذروتي عدن ثم لاموا البزاة لم ... خلعوا منهم الرسن لو أرادوا صلاحنا ... ستروا وجهه الحسن وكان أبي معي، فاستملحت هذه الأبيات، وأخذت أكررها على نفسي لأحفظها. فقال لي أبي: يا بني، أنشدك أحسن من هذه الأبيات في معناها؟

فقلت: إن رأيت. فقال: أنشدني أبو علي بن مقلة: أيا ربّ تخلق أقمار ليل ... وأغصان بان وكثبان رمل وتبدع في كل طرف بسحر ... وفي كلّ قدّ رشيق بشكل وتنهى عبادك أن يعشقوا ... أيا حكم العدل ذا حكم عدل «1» ؟ تاريخ بغداد للخطيب 14/95

31 صريع الغيلان لا صريع الغواني

31 صريع الغيلان لا صريع الغواني أخبرني علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي «3» ، قال: حدّثني محمد بن عجلان، قال: حدّثنا يعقوب بن السكيت «4» قال: أخبرني محمد بن المهنّى، قال: كان عباس بن الأحنف «5» مع إخوان له على شراب، فجرى ذكر مسلم ابن الوليد «6» . فقال بعضهم: صريع الغواني. فقال عباس: والله ما يصلح إلّا أن يكون صريع الغيلان. فاتّصل ذلك بمسلم، فأنشأ مسلم يهجوه ويقول: بنو حنيفة لا يرضى الدعيّ بهم ... فاترك حنيفة واطلب غيرها نسبا منيت منّي وقد جدّ الجراء بنا ... بغاية منعتك الفوت والطلبا فاذهب فأنت طليق الحلم مرتهن ... بسورة الجهل ما لم أملك الغضبا اذهب إلى عرب ترضى بدعوتهم ... إنّي أرى لك خلقا يشبه العربا تاريخ بغداد للخطيب 12/128

32 برز من أصحاب الخليل أربعة

32 برز من أصحاب الخليل أربعة أخبرني التنوخي، قال: حدّثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن البهلول التنوخي، قال: حدّثنا أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول «1» ، قال: حدّثنا حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد ابن زيد «2» عن نصر بن علي «3» ، قال: برّز من أصحاب الخليل «4» أربعة: عمرو بن عثمان أبو بشر المعروف بسيبويه «5» ، والنضر بن شميل «6» ، وعلي بن نصر «7» ، ومؤرج السدوسي «8» . تاريخ بغداد للخطيب 12/196

33 مذهب الجاحظ في الصلاة تركها

33 مذهب الجاحظ في الصلاة تركها أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري «3» ، قال: حدّثنا أبو عمر أحمد بن أحمد السوسنجردي «4» العسكري، قال: حدّثني ابن أبي الذيال المحدّث- بسر من رأى- قال: حضرت وليمة حضرها الجاحظ «5» ، وحضرت صلاة الظهر، فصلّينا، وما صلّى الجاحظ، وحضرت صلاة العصر، فصلّينا، وما صلّى الجاحظ. فلما عزمنا على الانصراف، قال الجاحظ لربّ المنزل: إنّي ما صلّيت لمذهب، أو لسبب، أخبرك به. فقال له: أو فقيل له: ما أظن أنّ لك مذهبا في الصلاة إلّا تركها. تاريخ بغداد للخطيب 12/217

34 المهدي يستقضي قاضيين في عسكره

34 المهدي يستقضي قاضيين في عسكره أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: أخبرني محمد بن جرير الطبري «3» - في الإجازة-: أنّ المهديّ «4» استقضى ابن علاثة «5» وعافية «6» ، سنة إحدى وستين ومائة، فكانا يقضيان في عسكر المهدي. وعلى الشرقية عمر بن حبيب العدوي «7» . تاريخ بغداد للخطيب 12/308

35 المستكفي يقلد أبا السائب القضاء بمدينة أبي جعفر

35 المستكفي يقلد أبا السائب القضاء بمدينة أبي جعفر أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: لما قبض المستكفي على محمد بن الحسن بن أبي الشوارب «1» - وكان قاضيا على الجانب الغربي بأسره «2» - قلّد مدينة أبي جعفر «3» ، القاضي أبا السائب عتبة ابن عبيد الله بن موسى بن عبيد الله «4» ، وذلك في صفر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة «5» . ثم قتل أبا عبد الله محمد بن عيسى، اللصوص «6» ، وكان قاضيا على الجانب الشرقي، وذلك في يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الآخر من هذه السنة. قال طلحة: والقاضي أبو السائب، رجل من أهل همذان، وكان أبوه عبيد الله، تاجرا مستورا ديّنا، أخبرني جماعة من الهمذانيين، أنّه كان يؤمّهم في مسجد لهم فوق الثلاثين سنة.

ونشأ أبو السائب يطلب العلم، وغلب عليه في ابتداء أمره علم التصوّف، والميل إلى أهل الزهد في الدنيا، ثم خرج عن بلده، وسافر. ودخل الحضرة في أيام الجنيد «1» ، ولقي العلماء، وعني بفهم القرآن، وكتب الحديث، وتفقّه على مذهب الشافعي، وتقلّد الحكم. واتّصلت أسفاره، فدخل المراغة «2» وبها عبد الرحمن الشيزي، وكان صديقه، وكان عبد الرحمن غالبا على أبي القاسم ابن أبي الساج «3» ، وتقلّد جميع أذربيجان «4» مع المراغة، وعظمت حاله. وقبض على ابن أبي الساج، وعاد إلى الجبل بعد الحادثة على ابن أبي الساج، وتقلّد همذان «5» . ثم عاد إلى بغداد، فقطن بها، وتقدّم عند السلطان، وعرف الرؤساء فضله وعقله. وتقلّد أعمالا جليلة بالكوفة «6» وديار مضر «7» والأهواز «8» ، وتقلّد عامة

الجبل «1» ، وقطعة من السواد «2» . وتقدم عند قاضي القضاة أبي الحسين بن أبي عمر «3» ، وسمع شهادته، واستشاره في كثير من أموره. ثم ما زال على أمر جميل، وفعل حميد، إلى رجب سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، فإنّه تقلّد قضاء القضاة «4» . وله أخبار حسان، وعلقت عنه أشياء كثيرة، وجوابات في مسائل القرآن عجيبة. وذكر لي أنّ عامة كتبه بهمذان. تاريخ بغداد للخطيب 12/320

36 سبب علة أبي زرعة الرازي

36 سبب علة أبي زرعة الرازي أخبرنا علي بن المحسّن، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: أخبرني قاضي القضاة أبو السائب «1» ، قال حدّثني عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال: اعتلّ أبو زرعة الرازي «2» ، فمضيت مع أبي «3» لعيادته، فسأله أبي عن سبب هذه العلّة. فقال: بتّ وأنا في عافية، فوقع في نفسي أنّي إذا أصبحت أخرجت من الحديث ما أخطأ فيه سفيان الثوري «4» . فلما أصبحت خرجت إلى الصلاة، وفي دربنا كلب ما نبحني قط، ولا رأيته عدا على أحد، فعدا عليّ وعقرني، وحممت. فوقع في نفسي أنّ هذا عقوبة لما وضعت في نفسي، فأضربت عن ذلك الرأي. تاريخ بغداد للخطيب 12/321

37 ابن السماك يعظ الرشيد

37 ابن السماك يعظ الرشيد قال طلحة «1» : وأخبرني قاضي القضاة، يعني أبا السائب أيضا، أنّه سمع ابن أبي حاتم، قال: سمعت محمد بن الحسين النخعي، قال: سمعت محمد ابن الحسين البرجلاني «2» يقول: قال الرشيد لابن السماك «3» : عظني. فقال: يا أمير المؤمنين، إنّك تموت وحدك، وتغسل وحدك، وتكفّن وحدك، وتقبر وحدك. يا أمير المؤمنين. إنما هو دبيب من سَقَم» ، فيؤخذ بالكَظم «5» ، وتزلّ القَدَم، ويقع الفوت والندم، فلا توبة تنال، ولا عثرة تقال، ولا يقبل فداء بمال. تاريخ بغداد للخطيب 12/321

38 من إخوانيات الفضل بن سهل

38 من إخوانيات الفضل بن سهل أخبرنا علي بن أبي علي البصري «1» ، قال: حدّثنا علي بن محمد بن العباس الخزاز «2» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن بشار الأنباري «3» ، قال: حدّثني أبي «4» ، قال: حدّثنا أبو عكرمة الضبّي، قال: عتب الفضل بن سهل «5» ، على بعض أصحابه، فأعتبه، وراجع محبّته، فأنشأ الفضل يقول: إنّها محنة الكرام إذا ما ... أجرموا أو تجرّموا الذنب تابوا واستقاموا على المحبّة للإخ ... وان فيما ينوبهم وأنابوا قال: ووجّه الفضل بن سهل إلى رجل بجائزة، وكتب إليه: قد وجهت إليك بجائزة، لا أعظّمها مكثّرا، ولا أقلّلها تجبّرا، ولا أقطع لك بعدها رجاء، ولا استثيبك عليها ثناء، والسلام. تاريخ بغداد للخطيب 12/342

39 أبو نعيم المحدث يرفس برجله يحيى بن معين فيرمي به من الدكان

39 أبو نعيم المحدّث يرفس برجله يحيى بن معين فيرمي به من الدكان قرأت على علي بن أبي علي البصري «1» ، عن علي بن الحسن الجراحي «2» ، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن الجراح أبو عبد الله «3» ، قال: سمعت أحمد ابن منصور الرمادي «4» يقول: خرجت مع أحمد بن حنبل «5» ، ويحيى بن معين «6» ، إلى عبد الرزاق، خادما لهما. فلما عدنا إلى الكوفة، قال يحيى بن معين، لأحمد بن حنبل: أريد أن أختبر أبا نعيم «7» .

فقال له أحمد بن حنبل: لا ترد، الرجل ثقة. فقال يحيى بن معين: لا بد لي. فأخذ ورقة، فكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه. ثم جاءا إلى أبي نعيم، فدقّا عليه الباب. فخرج فجلس على دكان طين حذاء بابه، وأخذ أحمد بن حنبل، فأجلسه عن يمينه، وأخذ يحيى بن معين فأجلسه عن يساره، ثم جلست أسفل الدكان. فأخرج يحيى بن معين الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت. ثم قرأ الحادي عشر، فقال له أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه. ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت. فقرأ الحديث الثاني، فقال أبو نعيم: ليس من حديثي فاضرب عليه. ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث، فتغير أبو نعيم، وانقلبت عيناه. ثم أقبل على يحيى بن معين، فقال له: أما هذا- وذراع أحمد في يده- فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأمّا هذا- يريدني- فأقلّ من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك، يا فاعل. ثم أخرج رجله، فرفس يحيى بن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره. فقال أحمد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك إنّه ثبت. قال: والله لرفسته لي، أحب إليّ من سفري. تاريخ بغداد للخطيب 12/353

40 فرج بن فضالة يمتنع عن القيام للمنصور

40 فرج بن فضالة يمتنع عن القيام للمنصور أخبرنا علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثنا صدقة بن علي الموصلي «1» ، قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن بشار الأنباري «2» ، قال: حدّثنا أبي «3» ، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد «4» ، عن المدائني «5» ، قال: مرّ المنصور «6» بفرج بن فضالة «7» ، فلم يقم له، فقيل له في ذلك. فقال: خشيت أن يسألني الله لم قمت؟ ويسأله لم رضيت؟. تاريخ بغداد للخطيب 12/393

41 أبو عبيد يقرأ كتابه في غريب الحديث

41 أبو عبيد يقرأ كتابه في غريب الحديث أخبرني علي بن المحسن التنوخي، قال: حدّثنا العباس بن أحمد بن الفضل الهاشمي «1» ، وأخبرني أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي الدربندي، قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد التوزي- بالبصرة- قالا: حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي قال: حدّثني جعفر بن محمد بن علي بن المديني، قال: سمعت أبي يقول: خرج أبي «2» إلى أحمد بن حنبل «3» يعوده- وأنا معه- قال: فدخل إليه، وعنده يحيى بن معين «4» ، وذكر جماعة من المحدّثين. قال: فدخل أبو عبيد القاسم بن سلام «5» ، فقال له يحيى بن معين: اقرأ

علينا كتابك الذي عملته للمأمون «1» ، في غريب الحديث «2» . فقال: هاتوه. فجاءوا بالكتاب، فأخذه أبو عبيد، فجعل يبدأ يقرأ الأسانيد، ويدع تفسير الغريب. فقال له أبي: يا آبا عبيد، دعنا من الأسانيد، نحن أحذق بها منك. فقال يحيى بن معين، لعلي بن المديني: دعه يقرأ على الوجه، فإن ابنك محمدا معك، ونحن، فنحتاج أن نسمعه على الوجه. فقال أبو عبيد: ما قرأته إلّا على المأمون، فإن أحببتم أن تقرأوه فاقرأوه. قال: فقال له علي بن المديني: إن قرأته علينا، وإلّا فلا حاجة لنا فيه. ولم يعرف أبو عبيد، علي بن المديني، فقال ليحيى بن معين: من هذا؟ فقال: هذا علي بن المديني. فالتزمه، وقرأه علينا، فمن حضر ذلك المجلس، جاز أن يقول حدّثنا، وغير ذلك، فلا يقول. تاريخ بغداد للخطيب 12/407

42 القاضى قتيبة بن زياد يحاكم بشر المريسي

42 القاضى قتيبة بن زياد يحاكم بشر المريسي أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر «2» ، قال: قتيبة بن زياد الخراساني «3» رجل من أهل الفقه، على مذهب أبي حنيفة، وله فهم ومعرفة، كان قاضيا على الجانب الشرقي في أيام منصور «4» وإبراهيم «5» ابني المهدي. وفي أيامه هاجت العامة على بشر المريسي «6» ، وسألوا إبراهيم بن المهدي أن يستتيبه، فأمر إبراهيم، قتيبة بن زياد، أن يحضر مسجد الرصافة. فحدّثني محمد بن أحمد بن إسحاق «7» ، عن محمد بن خلف «8» ، قال:

سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي «1» ، يقول: شهدت مسجد الجامع بالرصافة، وقد اجتمع الناس، وجلس قتيبة بن زياد للناس، وأقيم بشر على صندوق من صناديق المصاحف «2» ، عند باب الخدم. وقام المستمليان «3» ، أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس، مستملي ابن عيينة «4» ، وهارون بن موسى، مستملي يزيد بن هارون «5» ، يذكران أنّ أمير المؤمنين إبراهيم بن المهدي أمر قاضيه قتيبة بن زياد أن يستتيب بشر بن غياث المريسي، من أشياء عددها «6» ، فيها ذكر القرآن، وغيره، وأنّه تائب.

قال: فرفع بشر صوته، يقول: معاذ الله، إنّي لست بتائب. وكثر الناس عليه، حتى كادوا يقتلونه، فأدخل إلى باب الخدم، وتفرّق الناس. تاريخ بغداد للخطيب 12/464

43 الخليفة المعتضد دقيق الملاحظة

43 الخليفة المعتضد دقيق الملاحظة أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي «1» عن أبي القاسم علي بن المحسّن، عن أبيه، قال: بلغني أن المعتضد بالله «2» كان يوما جالسا في بيت يبنى له، يشاهد الصنّاع، فرأى في جملتهم غلاما أسود، منكر الخلقة، شديد المزاج، يصعد على السلاليم، مرقاتين، مرقاتين، ويحمل ضعف ما يحملونه. فأنكر أمره، فأحضره، وسأله عن سبب ذلك، فلجلج. فقال لا بن حمدون «3» - وكان حاضرا- أي شيء يقع لك في أمره؟ فقال: ومن هذا، حتى صرفت فكرك إليه؟ ولعله لا عيال له، فهو خالي القلب. قال: ويحك، قد خمّنت في أمره تخمينا ما أحسبه باطلا، إمّا أن يكون معه دنانير قد ظفر بها دفعة من غير وجهها، أو يكون لصا يتستر بالعمل في الطين. فلاحاه ابن حمدون في ذلك. فقال: عليّ بالأسود، فأحضر.

وقال: مقارع، فضربه نحو مائة مقرعة، وقرّره، وحلف إن لم يصدقه، ضرب عنقه، وأحضر السيف والنطع. فقال الأسود: لي الأمان؟ فقال: لك الأمان، إلّا ما يجب عليك فيه حدّ، فلم يفهم ما قال له، وظنّ أنّه قد آمنه. فقال: أنا كنت أعمل في أتاتين الآجر سنين «1» ، وكنت منذ شهور هناك جالسا، فاجتاز بي رجل في وسطه هميان فتبعته، فجاء إلى بعض الأتاتين، فجلس وهو لا يعلم مكاني، فحل الهميان، وأخرج منه دينارا، فتأملته، فإذا كله دنانير، فثاورته، وكتفته، وسددت فاه، وأخذت الهميان، وحملته على كتفي، وطرحته في نقرة الأتون، وطيّنته، فلما كان بعد ذلك أخرجت عظامه، فطرحتها في دجلة، والدنانير معي يقوى بها قلبي. فأمر المعتضد من أحضر الدنانير من منزله، وإذا على الهميان مكتوب: لفلان بن فلان. فنودي في البلدة باسمه، فجاءت امرأة، وقالت: هذا زوجي، ولي منه هذا الطفل، خرج في وقت كذا، ومعه هميان فيه ألف دينار، فغاب إلى الآن. فسلّم الدنانير إليها، وأمرها أن تعتدّ، وضرب عنق الأسود، وأمر أن تحمل جثته إلى الأتون «2» . الأذكياء 42

44 الخليفة المعتضد يكتشف أحد المجرمين

44 الخليفة المعتضد يكتشف أحد المجرمين قال المحسّن: بلغني أن المعتضد بالله، قام في الليل لحاجته، فرأى بعض الغلمان المردان، قد نهض عن ظهر غلام أمرد، ودب على أربعته، حتى اندس بين الغلمان. فجاء المعتضد، فجعل يضع يده على فؤاد واحد بعد واحد، إلى أن وضع يده على فؤاد ذلك الفاعل، فإذا به يخفق خفقانا شديدا. فوكزه برجله، فقعد، واستدعى آلات العقوبة، فأقرّ، فقتله «1» . الأذكياء 43

45 التحقيق الدقيق يؤدي إلى العثور على المجرم

45 التحقيق الدقيق يؤدي إلى العثور على المجرم قال المحسن: بلغنا عن المعتضد بالله، أنّ خادما من خدمه جاء يوما، فأخبره أنّه كان قائما على شاطىء الدجلة، في دار الخليفة، فرأى صيادا، وقد طرح شبكته فثقلت بشيء، فجذبها، فأخرجها، فإذا فيها جراب، وأنّه قدّره مالا، فأخذه، وفتحه، وإذا فيه آجر، وبين الآجر، كفّ مخضوبة بحناء. قال: فأحضر الجراب والكف والآجر. فهال المعتضد ذلك، وقال: قل للصياد يعاود طرح الشبكة، فوق الموضع، وأسفله، وما قاربه. قال: ففعل، فخرج جراب آخر فيه رجل. قال: فطلبوا، فلم يخرج شيء آخر. فاغتم المعتضد، وقال: معي في البلد من يقتل إنسانا ويقطع أعضاءه، ويغرّقه، ولا أعرف به؟ ما هذا ملك. قال: وأقام يومه كلّه، ما طعم طعاما. فلما كان من الغد، أحضر ثقة له، وأعطاه الجراب فارغا، وقال له: طف على كل من يعمل الجرب «1» ببغداد، فإن عرفه منهم رجل، فسله على من باعه؟ فإن دلّك عليه، فسل المشتري، من اشتراه منه؟ ولا تقرّ على خبره أحدا.

قال: فغاب الرجل، وجاءه بعد ثلاثة أيام، فزعم أنّه لم يزل يتطلّب في الدباغين وأصحاب الجرب، إلى أن عرف صانعه، وسأل عنه، فذكر أنّه باعه على عطار بسوق يحيى «1» ، وأنّه مضى إلى العطار، وعرضه عليه، فقال: ويحك، كيف وقع هذا الجراب في يدك؟ فقلت: أو تعرفه؟ قال: نعم، اشترى منّي فلان الهاشمي منذ ثلاثة أيام عشرة جرب، لا أدري لأي شيء أرادها، وهذا منها. فقلت له: ومن فلان الهاشمي؟ فقال: رجل من ولد علي بن ريطة، من ولد المهدي «2» ، يقال له: فلان، عظيم، إلّا أنّه شرّ الناس، وأظلمهم، وأفسدهم لحرم المسلمين، وأشدّهم تشوّقا إلى مكايدهم، وليس في الدنيا من ينهي خبره إلى المعتضد، خوفا من شرّه، ولفرط تمكّنه من الدولة والمال. ولم يزل يحدّثني- وأنا أسمع- أحاديث له قبيحة، إلى أن قال: فحسبك أنّه كان يعشق منذ سنين، فلانة المغنية، جارية فلانة المغنية، وكانت

كالدينار المنقوش، وكالقمر الطالع، في غاية حسن الغناء، فساوم مولاتها فيها، فلم تقاربه. فلما كان منذ أيام، بلغه أنّ سيدتها تريد بيعها على مشتر قد حضر، وبذل فيها ألوف الدنانير، فوجه إليها: لا أقل من أن تنفذيها إليّ لتودّعني. فأنفذتها إليه، بعد أن أنفذ إليها جذرها لثلاثة أيام. فلما انقضت الأيام الثلاثة، غصبها عليها، وغيّبها عنها، فما يعرف لها خبر، وادعى أنها هربت من داره. وقال الجيران: إنّه قتلها، وقال قوم: لا بل هي عنده، وقد أقامت سيدتها عليها المأتم، وجاءت، وصاحت على بابه، وسوّدت وجهها، فلم ينفعها شيء. فلما سمع المعتضد، سجد شكرا لله تعالى، على انكشاف الأمر له، وبعث في الحال من كبس على الهاشمي، وأحضر المغنيّة، وأخرج اليد، والرجل، إلى الهاشمي، فلما رآهما امتقع لونه، وأيقن بالهلاك، واعترف. فأمر المعتضد بدفع ثمن الجارية إلى مولاتها، من بيت المال، وصرفها. ثم حبس الهاشمي، فيقال: إنه قتله، ويقال: مات في الحبس «1» . الأذكياء 43

46 مسرور السياف والوزير جعفر البرمكي

46 مسرور السياف والوزير جعفر البرمكي أنبيت عن المؤيد بن محمد الطوسي، وغيره، عن أبي بكر بن أبي طاهر الأنصاري، عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني «1» ، قال: حدّثني جعفر بن قدامة «2» ، قال: حدّثني محمد بن عبد الله بن مالك الخزاعي، قال: سمعت مسرور الأمير «3» يحدّث، قال: لما أمرني الرشيد بقتل جعفر ابن يحيى «4» ، دخلت عليه، وعنده الأعمى المغني الطنبوري «5» ، يغنّيه:

فلا تبعد فكل فتى سيأتي ... عليه الموت يطرق أو يغادي «1» فقلت له: في هذا والله أتيتك، ثم أخذت بيده، فأقمته، وأمرت بضرب رقبته. فقال الأعمى المغني: نشدتك الله، إلّا ألحقتني به. فقلت: وما رغبتك في ذلك؟ فقال: إنّه أغناني عن سواه بإحسانه، فما أحبّ أن أبقى بعده. فقلت: استأمر أمير المؤمنين في ذلك. فلما أتيت الرشيد، برأس جعفر، أخبرته بقصة الأعمى، فقال: هذا رجل فيه مصطنع، فاضممه إليك، وانظر إلى ما كان جعفر يجريه عليه، فأقمه له. نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي، مخطوط

47 أبو يوسف القاضي وفتواه الحاسمة

47 أبو يوسف القاضي وفتواه الحاسمة حدّثنا علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبي قال: كان عند الرشيد جارية من جواريه، وبحضرته عقد جوهر، فأخذ يقلّبه، ففقده، فاتّهمها، فسألها عن ذلك، فأنكرت. فحلف بالطلاق والعتاق، والحجّ، لتصدقنّه، فأقامت على الإنكار، وهو متّهم لها. وخاف أن يكون قد حنث في يمينه، فاستدعى أبا يوسف «1» ، وقصّ عليه القصة. فقال أبو يوسف: تخليني مع الجارية، وخادما معنا، حتى أخرجك من يمينك، ففعل ذلك. فقال لها أبو يوسف: إذا سألك أمير المؤمنين، عن العقد، فأنكريه، فإذا أعاد عليك السؤال، فقولي: قد أخذته، فإذا أعاد عليك الثالثة، فأنكري. وخرج فقال للخادم: لا تقل لأمير المؤمنين ما جرى. وقال للرشيد: سلها يا أمير المؤمنين ثلاث دفعات متواليات عن العقد، فإنها تصدقك. فدخل الرشيد، فسألها، فأنكرت أوّل مرة. وسألها الثانية، فقالت: نعم، قد أخذته.

فقال: أي شيء تقولين؟ فقالت: والله، ما أخذته، ولكن هكذا قال لي أبو يوسف. فخرج إليه، فقال له: ما هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، قد خرجت من يمينك، لأنها أخبرتك، أنّها قد أخذته، وأخبرتك أنها لم تأخذه، فلا يخلو أن تكون صادقة في أحد القولين، وقد خرجت أنت من يمينك. فسرّ، ووصل أبا يوسف. فلما كان بعد مدة، وجد العقد «1» . الأذكياء 77

48 علي الزراد يتوصل إلى رد فضائل قريش عليها

48 علي الزراد يتوصل إلى رد فضائل قريش عليها قال المحسّن بن علي التنوخي، عن أبيه، قال: حججت في موسم اثنين وأربعين «1» ، فرأيت مالا عظيما، وثيابا كثيرة، تفرّق في المسجد الحرام. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: بخراسان رجل صالح، عظيم النعمة والمال، يقال له: عليّ الزرّاد، أنفذ عام أول مالا وثيابا إلى ههنا، مع ثقة له، وأمره أن يعتبر «2» قريشا، فمن وجده منها حافظا للقرآن، دفع إليه كذا وكذا ثوبا. قال: فحضر الرجل، عام أوّل، فلم يجد في قريش، البتّة، أحدا يحفظ القرآن، إلّا رجلا واحدا من بني هاشم، فأعطاه قسطه. وتحدّث الناس بالحديث، وردّ باقي المال إلى صاحبه. فلما كان في هذه السنة، عاد بالمال والثياب، فوجد خلقا عظيما، من جميع بطون قريش، قد حفظوا القرآن، وتسابقوا إلى تلاوته بحضرته، وأخذوا الثياب والدراهم، حتى نفدت، وبقي منهم من لم يأخذ، وهم يطالبونه. قال: فقلت: لقد توصّل هذا الرجل، إلى ردّ فضائل قريش عليها، بما يشكره الله سبحانه له. الأذكياء 99

49 ابن أبي الطيب القلانسي تنعكس حيلته عليه

49 ابن أبي الطيب القلانسي تنعكس حيلته عليه عن علي بن المحسّن، عن أبيه، قال: حدّثنا جماعة من أهل جنديسابور «1» ، فيها، كتاب وتجار، وغير ذلك، أنّه كان عندهم في سنة نيّف وأربعين وثلاثمائة «2» ، شاب من كتّاب النصارى، وهو ابن أبي الطيّب القلانسي. فخرج إلى بعض شأنه في الرستاق «3» ، فأخذته الأكراد، وعذبوه، وطالبوه بأن يشتري نفسه منهم، فلم يفعل. وكتب إلى أهله، أنفذوا لي أربعة دراهم أفيون «4» ، واعلموا أنّي أشربها فتلحقني سكتة، فلا يشك الأكراد أنّي قد متّ، فيحملوني إليكم، فإذا حصلت عندكم، فأدخلوني الحمام، واضربوني، ليحمى بدني وسوّكوني «5» بالإيارج «6» ، فإنّي أفيق. وكان الفتى متخلّفا، وقد سمع أنّه من شرب أفيونا أسكت، فإذا أدخل

الحمام، وضرب، وسوّك بالإيارج، برئ، فلم يعلم مقدار الشربة من ذلك، فشرب أربعة دراهم، فلم يشك الأكراد في موته، فلفّوه في شيء وأنفذوه إلى أهله. فلما حصل عندهم، أدخلوه الحمام، وضربوه، وسوّكوه، فما تحرّك، وأقام في الحمام أياما. ورآه أهل الطب، فقالوا: هذا قد تلف، كم شرب أفيونا؟ قالوا: وزن أربعة دراهم. فقالوا لهم: هذا لو شوي في جهنم ما عاش، إنّما يجوز أن يفعل هذا بمن شرب أربعة دوانيق «1» أفيونا أو وزن درهم أو حواليه، فأمّا هذا، فقد مات. فلم يقبل أهله ذلك، فتركوه في الحمام، حتى أراح «2» ، وتغيّر، فدفنوه، وانعكست الحيلة على نفسه. الأذكياء 110

50 بلال بن أبي بردة يبحث عن حتفه بكفه

50 بلال بن أبي بردة يبحث عن حتفه بكفه قال المحسّن: وقد روي قديما مثل هذا: أنّ بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري «1» كان في حبس الحجّاج «2» ، وكان يعذّبه. وكان كلّ من مات في الحبس، رفع خبره إلى الحجّاج، فيأمر بإخراجه وتسليمه إلى أهله. فقال بلال للسجّان: خذ منّي عشرة آلاف درهم، وأخرج اسمي إلى الحجّاج في الموتى، فإذا أمرك بتسليمي إلى أهلي، هربت في الأرض، فلم يعرف الحجّاج خبري، وإن شئت أن تهرب معي، فافعل، وعلي غناك أبدا. فأخذ السجّان المال، ورفع اسمه في الموتى، فقال الحجّاج: مثل هذا، لا يجوز أن يخرج إلى أهله حتى أراه، هاته. فعاد إلى بلال، فقال: أعهد «3» ، قال: وما الخبر؟

قال: إنّ الحجّاج قال: كيت وكيت، فإن لم أحضرك إليه ميتا، قتلني، وعلم أنّي أردت الحيلة عليه، ولا بد أن أقتلك خنقا. فبكى بلال، وسأله أن لا يفعل، فلم يكن إلى ذلك طريق، فأوصى، وصلّى، فأخذه السجان، وخنقه، وأخرجه إلى الحجّاج ميتا. فلما رآه ميتا، قال: سلّمه إلى أهله. فأخذوه، وقد اشترى القتل لنفسه بعشرة آلاف درهم، ورجعت الحيلة عليه «1» . الأذكياء 110

51 دخلت باب الهوى

51 دخلت باب الهوى أنشدنا التنوخي، قال: أنشدنا أحمد بن محمد بن العباس الإخباري «1» ، قال: أنشدنا نصر بن أحمد الخبّاز البصري «2» لنفسه: لمّا جفاني من كان لي أنسا ... أنست شوقا ببعض أسبابه كمثل يعقوب بعد يوسف إذ ح ... نّ إلى شمّ بعض أثوابه «3» دخلت باب الهوى ولي بصر ... وفي خروجي عميت عن بابه تاريخ بغداد للخطيب 13/297

52 طفيلي لا ينشط إلا عند تهيأة الطعام

52 طفيلي لا ينشط إلا عند تهيأة الطعام قال علي بن المحسّن بن علي القاضي، عن أبيه، قال: صحب طفيليّ، رجلا في سفر، فقال له الرجل: امض فاشتر لنا لحما. قال: لا والله، ما أقدر، فمضى هو فاشترى. ثم قال له: قم فاطبخ. قال: لا أحسن، فطبخ الرجل. ثم قال له: قم فاثرد. قال: أنا والله كسلان، فثرد الرجل. ثم قال له: قم واغرف. قال: أخشى أن ينقلب على ثيابي، فغرف الرجل. ثم قال له: قم الآن، فكل. قال الطفيلي: قد- والله- استحييت من كثرة خلافي لك. وتقدّم، فأكل «1» . الأذكياء 181 والإمتاع والمؤانسة 3/40

53 كيف استعاد التمار أمواله

53 كيف استعاد التمار أمواله أنبأنا محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: أخبرنا علي بن المحسّن، عن أبيه، قال: حدّثنا عبيد الله بن محمد الصرويّ «2» ، قال: حدّثني ابن الدنانير التمّار، قال: حدّثني غلام لي قال: كنت ناقدا «3» بالأبلّة «4» ، لرجل تاجر، فاقتضيت «5» له من البصرة نحو خمسمائة دينار، وورقا «6» ، ولففتهما في فوطة، وأمسيت، ولم يمكنني المسير إلى الأبلّة. فما زلت أطلب ملّاحا فلا أجد، إلى أن رأيت ملّاحا مجتازا في خيطيّة «7» خفيفة فارغة، فسألته أن يحملني. فخفّف عليّ الأجرة، وقال: أنا راجع إلى منزلي بالأبلّة، فانزل.

فنزلت، وجعلت الفوطة بين يدي، وسرنا. فإذا رجل ضرير على الشط، يقرأ أحسن قراءة تكون، فلما رآه الملّاح كبّر، فصاح هو بالملّاح، احملني، فقد جنّنني الليل، وأخاف على نفسي، فشتمه الملّاح. فقلت له: احمله. فدخل إلى الشط «1» ، فحمله، فرجع إلى قراءته، فخلب عقلي بطيبها. فلما قربنا من الأبلّة، قطع القراءة، وقام ليخرج في بعض المشارع بالأبلّة، فلم أر الفوطة. فاضطربت، وصحت، واستغاث الملّاح، وقال: الساعة تنقلب الخيطية، وخاطبني خطاب من لا يعلم حالي. فقلت: يا هذا، كانت بين يدي فوطة فيها خمسمائة دينار. فلما سمع الملّاح ذلك، لطم، وبكى، وتعرّى من ثيابه، وقال: لم أدخل الشط، ولا لي موضع أخبئ فيه شيئا فتتّهمني بسرقته، ولي أطفال، وأنا ضعيف، فالله، الله، في أمري، وفعل الضرير مثل ذلك. وفتّشت السميرية، فلم أجد فيها شيئا، فرحمتهما، وقلت: هذه محنة لا أدري كيف التخلّص منها. وخرجنا، فعملت على الهرب، وأخذ كلّ واحد منّا طريقا، وبتّ في بيتي، ولم أمض إلى صاحبي. فلما أصبحت، عملت على الرجوع إلى البصرة، لأستخفي بها أيّاما ثم أخرج إلى بلد شاسع. فانحدرت، وخرجت في مشرعة بالبصرة، وأنا أمشي، وأتعثّر، وأبكي،

قلقا على فراق أهلي وولدي، وذهاب معيشتي وجاهي. فاعترضني رجل، فقال: ما لك؟ فأخبرته. فقال: أنا أردّ عليك مالك. فقلت: يا هذا، أنا في شغل عن طنزك «1» بي. قال: ما أقول إلّا حقا، امض إلى السجن ببني نمير «2» ، واشتر معك خبزا كثيرا، وشواء جيدا، وحلوى، وسل السجّان أن يوصلك إلى رجل محبوس هناك، يقال له: أبو بكر النقاش، قل له: أنا زائره، فإنّك لا تمنع، وإن منعت، فهب للسجّان شيئا يسيرا، يدخلك إليه. فإذا رأيته، فسلّم عليه، ولا تخاطبه، حتى تجعل بين يديه ما معك، فإذا أكل، وغسل يديه، فإنّه يسألك عن حاجتك، فأخبره خبرك، فإنّه سيدلك على من أخذ مالك، ويرتجعه لك. ففعلت ذلك، ووصلت إلى الرجل، فإذا شيخ مكبّل بالحديد، فسلّمت، وطرحت ما معي بين يديه، فدعا رفقاء له، فأكلوا. فلما غسل يديه، قال: من أنت، وما حاجتك؟ فشرحت له قصّتي. فقال: امض الساعة إلى بني هلال، فادخل الدرب الفلاني، حتى تنتهي إلى آخره، فإنّك تشاهد بابا شعثا، فافتحه وادخله، بلا استئذان، فتجد دهليزا طويلا، يؤدي إلى بابين، فادخل الأيمن منهما، فسيدخلك إلى دار فيها أوتاد وبواري، وكل وتد عليه إزار ومئزر، فانزع ثيابك، وألقها على الوتد، واتّزر بالمئزر، واتّشح بالإزار، واجلس، فسيجيء قوم يفعلون كما فعلت، ثم يؤتون بطعام، فكل معهم، وتعمّد موافقتهم،

في سائر أفعالهم، فإذا أتي بالنبيذ، فاشرب، وخذ قدحا كبيرا، واملأه، وقم قائما، وقل: هذا، ساري لخالي أبي بكر النقاش، فسيفرحون، ويقولون: أهو خالك؟ فقل: نعم، فسيقومون، ويشربون لي، فإذا جلسوا، فقل لهم: خالي يقرأ عليكم السلام، ويقول: يا فتيان، بحياتي، ردّوا علي ابن أختي المئزر الذي أخذتموه بالأمس من السفينة، بنهر الأبلّة، فإنّهم يردّونه عليك. فخرجت من عنده، ففعلت ما أمر، فردّت الفوطة بعينها، وما حلّ شدّها. فلما حصلت لي، قلت: يا فتيان، هذا الذي فعلتموه معي، هو قضاء لحقّ خالي، ولي أنا حاجة تخصّني. قالوا: مقضيّة. قلت: عرّفوني، كيف أخذتم الفوطة؟ فامتنعوا ساعة، فأقسمت عليهم بحياة أبي بكر النقاش. فقال لي واحد منهم: أتعرفني؟ فتأمّلته جيدا، فإذا هو الضرير الذي كان يقرأ، وإنّما كان متعاميا. وأومأ إلى آخر، فقال: أتعرف هذا؟ فتأمّلته، فإذا هو الملّاح. فقلت: كيف فعلتما؟ فقال الملّاح: أنا أدور في المشارع، في أول أوقات المساء، وقد سبقت بهذا المتعامي، فأجلسته حيث رأيت، فإذا رأيت من معه شيء له قدر، ناديته، وأرخصت له الأجرة، وحملته. فإذا بلغت إلى القارئ، وصاح بي، شتمته، حتى لا يشكّ الراكب في براءة الساحة، فإن حمله الراكب، فذاك، وإلّا رقّقته عليه حتى يحمله، فإذا حمله، وجلس يقرأ، ذهل الرجل، كما ذهلت. فإذا بلغنا الموضع الفلاني، فإنّ فيه رجلا متوقّعا لنا، يسبح، حتى

يلاصق السفينة، وعلى رأسه قوصرة «1» ، فلا يفطن الراكب له. فيسلب هذا المتعامي الشيء بخفّة فيسلمه إلى الرجل الذي عليه القوصرة، فيأخذه ويسبح إلى الشط. وإذا أراد الراكب الصعود، وافتقد ما معه، عملنا كما رأيت، فلا يتّهمنا، ونفترق، فإذا كان من غد اجتمعنا، واقتسمناه. فلمّا جئت برسالة أستاذنا، خالك، سلّمنا إليك الفوطة. قال: فأخذتها، ورجعت. الأذكياء 187

54 وما ظالم إلا سيبلى بأظلم

54 وما ظالم إلا سيبلى بأظلم أخبرنا محمد بن ناصر «1» ، قال: أنبأنا المبارك بن عبد الجبار «2» ، قال: أنبأنا الجوهري. وأخبرني ابن ناصر، قال: أخبرنا عبد المحسن بن محمد، قال: أخبرنا أبو القاسم التنوخي، قال: أخبرنا ابن حيويه «3» ، قال: حدّثنا محمد بن خلف «4» قال: حدّثني لصّ تائب، قال: دخلت مدينة، فطلبت شيئا أسرقه، فوقعت عيني على صيرفي موسر، فما زلت أحتال، حتى سرقت كيسا له، وانسللت. فما جزت غير بعيد، إذ أنا بعجوز معها كلب، قد وقعت في صدري، تبوسني، وتلزمني، وتقول: يا بنيّ، فديتك، والكلب يبصبص، ويلوذ بي، ووقف الناس ينظرون إلينا. وجعلت المرأة تقول: يالله، انظروا إلى الكلب، قد عرفه، فعجب الناس من ذلك، وتشككت أنا في نفسي، وقلت: لعلها أرضعتني، وأنا لا أعرفها؟ وقالت: معي إلى البيت، أقم عندي اليوم، فلم تفارقني حتى مضيت معها إلى بيتها.

وإذا عندها أحداث يشربون، وبين أيديهم من جميع الفواكه والرياحين، فرحّبوا بي، وقرّبوني، وأجلسوني معهم. ورأيت لهم بزّة حسنة، فوضعت عيني عليها، فجعلت أسقيهم وأرفق بنفسي، إلى أن ناموا، ونام كلّ من في الدار. فقمت وكوّرت ما عندهم، وذهبت أخرج. فوثب عليّ الكلب وثبة الأسد، وصاح، وجعل يتراجع وينبح، إلى أن انتبه كل نائم، فخجلت، واستحييت. فلما كان النهار، فعلوا مثل فعلهم بالأمس، وفعلت أنا بهم أيضا مثل ذلك، وجعلت أوقع الحيلة في أمر الكلب إلى الليل، فما أمكنتني فيه حيلة. فلما ناموا، رمت الذي رمته، فإذا الكلب قد عارضني بمثل ما عارضني به. فجعلت أحتال، ثلاث ليال، فلما أيست، طلبت الخلاص منهم بإذنهم، فقلت: أتأذنون لي، فإنّي على وفز «1» . فقالوا: الأمر إلى العجوز. فاستأذنتها، فقالت: هات الذي أخذته من الصيرفي، وامض حيث شئت، ولا تقم في هذه المدينة، فإنّه لا يتهيأ لأحد فيها معي عمل. فأخذت الكيس وأخرجتني، ووجدت مناي أن أسلم من يدها. وكان قصار اي أن أطلب منها نفقة، فدفعت إليّ، وخرجت معي، حتى أخرجتني عن المدينة، والكلب معها، حتى جزت حدود المدينة. ووقفت، ومضيت، والكلب يتبعني، حتى بعدت، ثم تراجع ينظر إليّ، ويلتفت، وأنا أنظر إليه، حتى غاب عن عيني. الأذكياء 188

55 صادف درء السيل درءا يصدعه

55 صادف درء السيل درءا يصدعه أنبأنا محمد بن أبي طاهر، قال: أنبأنا علي بن المحسّن، عن أبيه، قال: حدّثني عبيد الله بن محمد الصروي «1» ، قال: حدّثنا بعض إخواننا: أنّه كان ببغداد، رجل يطلب التلصّص في حداثته، ثم تاب، فصار بزّازا. قال: فانصرف ليلة من دكانه، وقد غلقه، فجاء لصّ محتال، متزيّ بزيّ صاحب الدكان، في كمه شمعة صغيرة، ومفاتيح، فصاح بالحارس، فأعطاه الشمعة في الظلمة، وقال: اشعلها، وجئني بها، فإنّ لي الليلة بدكّاني شغلا. فمضى الحارس يشعل الشمعة، وركب اللصّ على الأقفال، ففتحها ودخل الدكان. وجاء الحارس بالشمعة، فأخذها من يده، فجعلها بين يديه، وفتح سفط الحساب، وأخرج ما فيه، وجعل ينظر الدفاتر، ويري بيده، أنّه يحسب، والحارس يتردّد، ويطالعه، ولا يشك في أنّه صاحب الدكان، إلى أن قارب السّحر. فاستدعى اللصّ الحارس، وكلمه من بعيد، وقال: اطلب لي حمالا. فجاء بحمال، فحمل عليه أربع رزم مثمنة، وقفل الدكان، وانصرف، ومعه الحمال، وأعطى الحارس درهمين. فلما أصبح الناس، جاء صاحب الدكان، ليفتح دكانه، فقام إليه الحارس

يدعو له، ويقول: فعل الله بك وصنع، كما أعطيتني البارحة الدرهمين. فأنكر الرجل ما سمعه، وفتح دكانه، فوجد سيلان الشمعة، وحسابه مطروحا، وفقد الأربع رزم. فاستدعى الحارس، وقال له: من كان حمل الرزم معي من دكاني؟ قال: أما استدعيت منّي حمّالا، فجئتك به؟ قال: بلى، ولكنّي كنت ناعسا، وأريد الحمّال، فجئني به. فمضى الحارس، فجاء بالحمّال، فأغلق الرجل الدكان، وأخذ الحمّال معه، ومضى. وقال له: إلى أين حملت الرزم معي البارحة، فإنّي كنت متنبذا «1» ؟ قال: إلى المشرعة الفلانية، واستدعيت لك فلانا الملّاح، فركبت معه. فقصد الرجل المشرعة، وسأل عن الملّاح، فحضر، وركب معه، وقال: أين رقيت أخي، الذي كان معه الأربع رزم؟ قال: إلى المشرعة الفلانية. قال: اطرحني إليها، فطرحه. قال: من حملها معه؟ قال: فلان الحمال. فدعا به، فقال له: امش بين يدي، فمشى، فأعطاه شيئا، واستدلّه برفق، إلى الموضع الذي حمل إليه الرزم. فجاء به إلى باب غرفة، في موضع بعيد عن الشط، قريب من الصحراء فوجد الباب مقفلا، فاستوقف الحمّال، وفشّ القفل، ودخل، فوجد الرزم بحالها.

وإذا في البيت بركان «1» معلّق على حبل، فلفّ به الرزم، ودعا بالحمّال، فحملها عليه، وقصد المشرعة. فحين خرج من الغرفة، استقبله اللصّ، فرآه وما معه، فأبلس، فاتّبعه إلى الشطّ، فجاء إلى المشرعة، ودعا الملّاح ليعبر، فطلب الملاح من يحطّ عنه، فجاء اللصّ، فحطّ الكساء، كأنه مجتاز متطوّع. فأدخل الرزم إلى السفينة، مع صاحبها، وجعل البركان على كتفه، وقال له: يا أخي استودعك الله، قد استرجعت رزمك، فدع كسائي. فضحك، وقال: انزل فلا خوف عليك. فنزل معه، واستتابه، ووهب له شيئا، وصرفه، ولم يسئ إليه. الأذكياء 190

56 كلب يقوم مقام الفيج

56 كلب يقوم مقام الفيج حدّثني أبو عبد الله، قال: حدّثني أبو الحسين محمد بن الحسين بن شداد، قال: قصدت دير مخارق «1» إلى عبد الله بن الطبري النصراني، الذي كان يأتي بالنزل للمعتضد بالله، فسألته إحضار وكيل له، يقال له إبراهيم بن داران، وطالبته بإحضار الأدلاء لمسامحة «2» قرية تعرف بباصيرى السفلى. فقال لي: يا سيدي قد وجهت في ذلك. فقلت له: أنا على الطريق جالس، وما اجتاز بي أحد. فقال لي: أما رأيت الكلب الذي كان بين أيدينا؟ قد وجّهت به. فغلظ عليّ ذلك من قوله، ونلت من عرضه، وأمرت بما أنا أستغفر الله عز وجل منه. فقال: إن لم يحضر القوم الساعة، فأنت من دمي في حلّ. فما مكث بعد هذا القول إلّا ساعة، حتى وافى القوم مسرعين، والكلب بين أيديهم. فسألته: كيف تحمّله الرسالة؟ فقال: أشدّ في عنقه رقعة بما أحتاج إليه، وأطرحه على المحجّة، فيقصد القوم، وقد عرفوا الخبر، فيقرأون الرقعة، فيمتثلون ما فيها. فضل الكلاب على من لبس الثياب 20

57 من حيل اللصوص

57 من حيل اللصوص أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، عن أبيه، أنّ رجلا نام في مسجد، وتحت رأسه كيس فيه ألف وخمسمائة دينار. قال: فما شعرت إلّا بإنسان قد جذبه من تحت رأسي، فانتبهت فزعا، فإذا شاب قد أخذ الكيس ومرّ يعدو. فقمت لأعدو خلفه، فإذا رجلي مشدودة بخيط قنّب، في وتد مضروب في آخر المسجد «2» . الأذكياء 193

58 ابن الخياطة يسرق وهو في الحبس

58 ابن الخياطة يسرق وهو في الحبس أنبأنا محمد بن أبي طاهر «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم التنوخي، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الحسين عبد الله بن محمد البصري، قال: حدّثنى أبي، قال: كان بالبصرة رجل من اللصوص، يلصّ بالليل، فاره جدا، مقدام، يقال له: عباس بن الخياطة، قد غلب الأمراء، وأشجى أهل البلد. فلم يزالوا يحتالون عليه، إلى أن وقع، وكبّل بمائة رطل حديد، وحبس. فلما كان بعد سنة من حبسه وأكثر، دخل قوم بالأبلّة على رجل تاجر كان عنده جوهر بعشرات ألوف دنانير، وكان متيقظا، جلدا. فجاء إلى البصرة يتظلّم، وأعانه خلق من التجار، وقال للأمير: أنت دسست على جوهري، وما خصمي سواك. فورد عليه أمر عظيم، وخلا بالبوابين، وتوعّدهم، فاستنظروه، فأنظرهم، وطلبوا، واجتهدوا، فما عرفوا فاعل ذلك، فعنفهم الرجل، فاستجابوا مدة أخرى. فجاء أحد البوابين إلى الحبس، فتخادم لابن الخياطة، ولزمه نحو شهر، وتذلّل له في الحبس. فقال له: قد وجب حقك عليّ فما حاجتك؟ قال: جوهر فلان، المأخوذ بالأبلّة، لا بد أن يكون عندك منه خبر،

فإن دماءنا مرتهنة به، وحدّثه الحديث. فرفع ذيله، وإذا سفط الجوهر تحته، فسلّمه إليه، وقال: قد وهبته لك. فاستعظم ذلك، وجاء بالسفط إلى الأمير، فسأله عن القصّة، فأخبره بها. فقال: عليّ بعباس، فجاءوا به. فأمر بالإفراج عنه، وإزالة قيوده، وإدخاله الحمام، وخلع عليه، وأجلسه في مجلسه مكرما، واستدعى الطعام، فواكله، وبيّته عنده. فلما كان في الغد، خلا به، وقال: أنا أعلم أنّك لو ضربت مائة ألف سوط، ما أقررت كيف كانت صورة أخذ الجوهر، وقد عاملتك بالجميل، ليجب حقّي عليك، من طريق الفتوّة، وأريد أن تصدقني حديث هذا الجوهر. قال: على أنّني ومن عاونني عليه آمنون، وأنّك لا تطالبنا بالذين أخذوه. قال: نعم. فاستحلفه، فحلف. فقال له: إنّ جماعة اللصوص، جاءوني إلى الحبس، وذكروا حال هذا الجوهر، وأنّ دار هذا التاجر لا يجوز أن يتطرّق عليها نقب ولا تسلّق، وعليها باب حديد، والرجل متيقظ، وقد راعوه سنة، فما أمكنهم، وسألوني مساعدتهم. فدفعت إلى السجان مائة دينار، وحلفت له بالشطارة، والأيمان الغليظة، أنّه إن أطلقني عدت إليه في غد، وأنّه إن لم يفعل ذلك، اغتلته، فقتلته في الحبس. فأطلقني، فنزعت الحديد، وتركت الحبس، وخرجت وقت المغرب فوصلنا إلى الأبلّة، وقت العتمة، وخرجنا إلى دار الرجل، فإذا هو في المسجد وبابه مغلق. فقلت لأحدهم: تصدّق من الباب، فتصدّق.

فلما جاءوا ليفتحوا، قلت له: اختف، ففعل ذلك مرّات، والجارية تخرج، فإذا لم تر أحدا عادت. إلى أن خرجت من الباب، ومشت خطوات، تطلب السائل، فتشاغلت بدفع الصدقة إليه، فدخلت أنا إلى الدار. فإذا في الدهليز بيت فيه حمار، فدخلته، ووقفت تحت الحمار، وطرحت الجلّ عليّ وعليه. وجاء الرجل، فغلّق الأبواب، وفتّش، ونام على سرير عال، والجوهر تحته. فلما انتصف الليل، قمت إلى شاة في الدار، فعركت أذنها، فصاحت. فقال: ويلك، أقول لك افتقديها. قالت: قد فعلت. قال: كذبت، وقام بنفسه ليطرح لها علفا. فجلست مكانه على السرير، وفتحت الخزانة، وأخذت السفط، وعدت إلى موضعي، وعاد الرجل فنام. فاجتهدت أن أجد حيلة، وأن أنقب إلى دار بعض الجيران، فأخرج، فما قدرت، لأنّ جميع الدار، مؤزّرة بالساج. ورمت صعود السطح، فما قدرت، لأن الممارق «1» مقفلة بثلاثة أقفال. فعملت على ذبح الرجل، ثم استقبحت ذلك، وقلت هذا بين يدي، إن لم أجد حيلة غيره. فلما كان السحر، عدت إلى موضعي تحت الحمار.

وانتبه الرجل يريد الخروج، فقال للجارية، افتحي الأقفال من الباب، ودعيه متربسا «1» ، ففعلت، وقربت من الحمار، فرفس، فصاحت. فخرجت أنا، ففتحت المترس «2» ، وخرجت أعدو، حتى جئت إلى المشرعة، فنزلت في الخيطية. ووقعت الصيحة في دار الرجل. فطالبني أصحابي أن أعطيهم شيئا منها، فقلت: لا، هذه قصة عظيمة وأخاف أن يتنبّه عليها، ولكن دعوها عندي، فإن مضى على الحدث ثلاثة أشهر، وانكتم، فصيروا إليّ، أعطيكم النصف، وإن ظهر، خفت عليكم وعلى نفسي، وجعلته حقنا لدمائكم، فرضوا بذلك. فأرسل الله هذا البواب، بلية، فخدمني، فاستحييت منه، وخفت أن يقتل، هو وأصحابه، وقد كنت وضعت في نفسي الصبر على كل عذاب، فدخلتم عليّ من طريق أخرى، لم أستحسن في الفتوة، معها، إلّا الصدق. فقال له الأمير: جزاء هذا الفعل، أن أطلقك، ولكن تتوب. فتاب، وجعله الأمير من بعض أصحابه، وأسنى له الرزق، فاستقامت طريقته. الأذكياء 193

59 ابن الخياطة يتسلل إلى الصيرفي من بين حراسه

59 ابن الخياطة يتسلل إلى الصيرفي من بين حراسه قال أبو الحسين «1» ؛ وحدّثني أبي، عن طالوت بن عباد الصيرفي، قال: كنت ليلة نائما بالبصرة، في فراشي، وأحراسي يحرسونني، وأبوابي مقفلة، فإذا أنا بابن الخياطة ينبهني من فراشي، فانتبهت فزعا. فقلت: من أنت؟ فقال: ابن الخياطة، فتلفت. فقال: لا تجزع، قد قمرت الساعة خمسمائة دينار، أقرضني إيّاها، لأردّها عليك. فأخرجت خمسمائة دينار، فدفعتها إليه. فقال: نم، ولا تتبعني، لأخرج من حيث جئت، وإلّا قتلتك. قال: وأنا- والله- أسمع صوت حرّاسي، ولا أدري من أين دخل، ومن أين خرج. وكتمت الحديث، خوفا منه، وزدت في الحرس. ومضت ليال فإذا أنا به قد أنبهني، على تلك الصورة، فقلت: مرحبا، ما تريد؟ قال: جئت بتلك الدنانير، تأخذها منّي. قلت: أنت في حلّ منها، وإن أردت شيئا آخر فخذ. فقال: لا أريد، من نصح التجار شاركهم في أموالهم، ولو كنت

أردت مالك باللصوصية، فعلت، ولكنّك رئيس بلدك، ولا أريد أذيّتك، فإنّ ذلك يخرج عن الفتوة «1» ، ولكن خذها، وإن احتجت إلى شيء بعد هذا، أخذت منك. فقلت: إنّ عودك يفزعني، ولكن، إذا أردت شيئا، فتعال إليّ نهارا، أو رسولك. فقال: أفعل. فأخذت الدنانير منه، وانصرف، وكان رسوله يجيئني بعلامة، بعد ذلك، فيأخذ ما يريده. فما انكسر «2» لي عنده شيء، إلى أن قبض عليه. الأذكياء 196

60 البلاء موكل بالمنطق

60 البلاء موكل بالمنطق أخبرنا أبو القاسم الأزهري، وعلي بن أبي عليّ البصري «1» ، قالا: أنشدنا أحمد بن منصور الوراق «2» ، قال: أنشدنا نصر الخبزأرزي «3» ، لنفسه: لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل ... وكلّ امرئ ما بين فكّيه مقتل إذا ما لسان المرء أكثر هذره ... فذاك لسان بالبلاء موكّل وكم فاتح أبواب شرّ لنفسه ... إذا لم يكن قفل على فيه مقفل كذا من رمى يوما شرارات لفظه ... تلقّته نيران الجوابات تشعل ومن لم يقيّد لفظه متجمّلا ... سيطلق فيه كل ما ليس يجمل ومن لم يكن في فيه ماء صيانة ... فمن وجهه غصن المهابة يذبل فلا تحسبنّ الفضل في الحلم وحده ... بل الجهل في بعض الأحايين أفضل ومن ينتصر ممّن بغى فهو ما بغى ... وشرّ المسيئين الذي هو أوّل وقد أوجب الله القصاص بعدله ... ولله حكم في العقوبات منزل فإن كان قول قد أصاب مقاتلا ... فإنّ جواب القول أدهى وأقتل وقد قيل في حفظ اللسان وخزنه ... مسائل من كل الفضائل أكمل ومن لم تقرّبه سلامة غيبه ... فقربانه في الوجه لا يتقبّل

ومن يتّخذ سوء التخلّف عادة ... فليس عليه في عتاب معوّل ومن كثرت منه الوقيعة «1» طالبا ... بها غرّة فهو المهين المذلّل وعدل مكافاة المسيء بفعله ... فماذا على من في القضية يعدل ولا فضل في الحسى إلى من يحسّها ... بلى عند من يزكو لديه التفضّل ومن جعل التعريض محصول مزحه ... فذاك على المقت المصرّح يحصل ومن أمن الآفات عجبا برأيه ... أحاطت به الآفات من حيث يجهل أعلّمكم ما علّمتني تجاربي ... وقد قال قبلي قائل متمثّل: إذا قلت قولا كنت رهن جوابه ... فحاذر جواب السوء إن كنت تعقل إذا شئت أن تحيا سعيدا مسلّما ... فدبّر وميّز ما تقول وتفعل تاريخ بغداد للخطيب 13/297

61 بغدادية تقعد جنينها فقاعيا على باب الجنة

61 بغدادية تقعد جنينها فقاعيا على باب الجنة قال المحسّن: حدّثني أبو محمد بن داسه «1» ، أنّه سمع امرأة تخاصمت مع زوجها. فقالت له: طلّقني. فقالت لها: أنت حبلى، حتى إذا ولدت طلّقتك. قالت: ما عليك منه. قال: فأيش تعملين به؟. قالت: أقعده على باب الجنة فقّاعي «2» . فقلت لعجوز كانت تتوسّط بينهما: أيش معنى هذا؟ قالت: تريد أنها تشرب ماء السداب «3» ، وتتحمّل سدابا عليه أدوية، لتسقط، فيلحق الصبي بالجنّة، فيكون كالفقّاعي. الأذكياء 221

62 لأبي علي القرمطي في وصف شمعة

62 لأبي علي القرمطي في وصف شمعة أنبأني الشيخان: الأجل العلامة تاج الدين الكندي، والفقيه جمال الدين ابن الحرستاني، إجازة، قالا: أخبرنا الإمام الحافظ، أبو القاسم بن عساكر الدمشقي «1» ، سماعا عليه، قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، عن أبي القاسم التنوخي، قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عثمان الخرقي، الفارقي، الحنبلي، التميمي، قال: كنت بالرملة، سنة ثلاثمائة وخمس وستين، وقد ورد إليها القرمطي، أبو علي «2» ، القصير الثياب، فاستدناني منه، وقرّبني إلى خدمته. فكنت ليلة عنده، إذ حضر الفراشون بالشموع، فقال لأبي نصر بن كشاجم «3» - وكان كاتبه-: يا أبا نصر، ما يحضرك في صفة هذه الشموع؟ فقال: إنّما نحضر مجلس السيد، لنسمع كلامه، ونستفيد من أدبه. فقال أبو علي، في الحال، بديها: ومجدولة «4» مثل صدر القناة تعرّت وباطنها مكتسي

لها مقلة هي روح لها ... وتاج على الرأس كالبرنس اذا غازلتها الصبا «1» حرّكت ... لسانا من الذهب الأملس وإن رنّقت «2» لنعاس عرا ... وقطّت من الرأس لم تنعس وتنتج في وقت تلقيحها ... ضياء يجلّي دجى الحندس «3» فنحن من النور في أسعد ... وتلك من النار في أنحس تكيد الظلام وما كادها ... فتفنى وتفنيه في مجلس فقام أبو نصر بن كشاجم، وقبّل الأرض بين يديه، وسأله أن يأذن له، في إجازة الأبيات، فأذن له، فقال: وليلتنا هذه ليلة ... تشاكل أشكال أقليدس فيا ربّة العود غنّي لنا ... ويا حامل الكأس لا تجلس فتقدّم بأن يخلع عليه، وحملت إليه صلة سنية، وإلى كل من الحاضرين. بدائع البدائه 1/157

63 فليت الأرض كانت مادرايا

63 فليت الأرض كانت مادرايا ذكر أبو علي التنوخي، في كتاب نشوار المحاضرة، قال: حدّثني محمد بن الحسن البصري، قال: حدّثني الهمداني الشاعر، قال: قصدت ابن الشلمغاني «1» في مادرايا «2» ، فأنشدته قصيدة قد مدحته بها، وتأنّقت فيها، وجوّدتها، فلم يحفل بها. فكنت أغاديه كل يوم، وأحضر مجلسه، حتى يتقوّض الناس، فلا أرى للثواب طريقا. فحضرته يوما، وقد احتشد مجلسه، فقام شاعر، فأنشد نونيّة، إلى أن بلغ فيها إلى بيت، وهو: فليت الأرض كانت مادرايا ... وليت الناس آل الشلمغاني فعنّ لي في الوقت هذا البيت، فقمت، وقلت مسرعا: إذا كانت بطون الأرض كنفا ... وكلّ النّاس أولاد الزواني فضحك، وأمرني بالجلوس، وقال: نحن أحوجناك إلى هذا، وأمر لي بحائزة سنيّة. فأخذتها وانصرفت. بدائع البدائه 1/50

64 لأبي الفرج الببغاء في وصف قدح ياقوت أزرق

64 لأبي الفرج الببغاء في وصف قدح ياقوت أزرق وأخبرني الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن الفضل المقدسي، قال: أخبرني الإمام الحافظ السلفي الأصبهاني «1» رحمه الله تعالى، قال: أخبرني الرئيس أبو سعد محمد بن عقيل بن عبد الواحد الدسكري «2» ، في سنة ست وتسعين وأربعمائة، قال: حدّثني القاضي التنوخي، قال: أصعد أبو الفرج الببغاء «3» ، إلى سيف الدولة بن حمدان «4» ، هو وجماعة من الشعراء الكبار، يمتدحونه، فأخرج يوما خازنه قدحا من ياقوت أزرق، فملأه ماء، وتركه يتشعشع. فقال له أبو الفرج: يا مولانا، ما رأيت أحسن من هذا. فقال: قل فيه شيئا، وهو لك. فقال أبو الفرج في الحال:

كم منّة للظلام في عنقي ... بجمع شمل وضمّ معتنق وكم صباح للراح أسلمني ... من فلق ساطع إلى فلق فعاطنيها بكرا مشعشعة ... كأنّها في صفائها خلقي في أزرق كالهواء يخرقه الل ... حظ وإن كان غير منخرق كأنّ أجزاءه مركّبة ... حسنا ولطفا في زرقة الحدق ما زلت منه منادما كعبا «1» ... مذ أسكرتها المدام لم تفق تختال قبل المزاج في أزرق ال ... فجر وبعد المزاج في شفق «2» أدهشها سكرنا فإن يكن ال ... صمت حديثا فذاك عن فرق «3» تغرق في أبحر المدام فيستن ... قذها شربنا من الغرق ونحن باللهو بين مصطبح ... يمرح أمنا وبين مغتبق فلو ترى راحتي وصبغتها ... من لونها في معصفر شرق «4» لخلت أنّ الهواء لاطفني ... بالشمس في قطعة من الأفق فاستحسنها سيف الدولة، وأعطاه إيّاه. بدائع البدائه 2/26

65 ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا

65 ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا ذكر القاضي أبو علي التنوخي، في كتاب النشوار، قال: أنشدني أبو القاسم عبيد الله بن محمد الصروي «1» ، لنفسه، بالأهواز «2» ، يقول: إذا حمد الناس الزمان ذممته ... ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا وزعم أنّه حاول أن يضيف إليه شيئا، فتعذّر عليه مدة طويلة، وضجر منه، وتركه مفردا. وكان عندي أبو القاسم المصيصي المؤدّب، فسمع القول، فعمل في الحال، إجازة له، وأنشدها لنفسه: وإن أوسعتني النائبات مكارها ... ثبتّ ولم أجزع وأوسعتها صبرا إذا ليل خطب سدّ طرق مذاهبي ... لجأت إلى عزمي فأطلع لي فجرا بدائع البدائه 1/106

66 أبو الفرج الببغاء يصف بركة ملئت وردا

66 أبو الفرج الببغاء يصف بركة ملئت وردا قال «1» : وكنت أنا وأبو الفرج الببغاء «2» ، نشاهد بركة ملئت، وجعل فوقها ورد، وبهار «3» ، وشقائق «4» ، حتى غطى أكثر الماء. وحضر أبو علي الهائم «5» ، فسأل أبا الفرج أن يعمل في ذلك شيئا، فعمل بحضرتنا، وأنشد: خجل الورد من جوار البهار ... فمشى باحمراره في اصفرار وحكى الماء فيهما أحمر الياقو ... ت حسنا مرصّعا بنظار جمعا بالكمال في بركة تم ... تع حسنا نواظر الحضار أضرم الماء بالشقيق بها النا ... ر وعهدي بالماء ضد النار فوجدنا أخلاق سيدنا الزهر ... ذكاء تربى على الأزهار ظلت منه ومن نداماه للأن ... س نديم الشموس والأقمار بدائع البدائه 2/23

67 القاضي التنوخي يهدي إلى جحظة البرمكي طيلسانا

67 القاضي التنوخي يهدي إلى جحظة البرمكي طيلسانا قال «1» : أهدى إليّ أبو القاسم التنوخي القاضي «2» ، رضي الله عنه، طيلسانا «3» فكتبت إليه: قد أتى الطيلسان مستوعبا شك ... ري في حسن منظر ورواء مثقلا عاتقي وإن كان في الخفّ ... ة واللطف في قياس الهواء تسرح العين منه والقلب في الآ ... ل، وفي الماء، والسنا، والبهاء يتلقّى حرّ الصدود ببرد ال ... وصل والصيف في طباع الشتاء يخفق الدهر في النسيم كما يخ ... فق قلب الجبان في الهيجاء كلّ جزء منه يمجّ إلى الأر ... واح روح المنى وبرد الوفاء ليس فيه للنار والأرض حظّ ... هو من جوهري هواء وماء زاد في همّتي ونفسي وتأ ... ميلي علوّا وزاد في كبريائي فكأنّي إذا تبخترت فيه ... قد تطيلست نصف بدر السماء التحف والهدايا 51

68 من شعر السري الرفاء

68 من شعر السري الرفاء وذكر «1» : أنّ السري الرفاء «2» ، دخل على أبي الحسن، باروخ بن عبد الله، صاحب ناصر الدولة بن حمدان «3» ، وبين يديه ستارة، تستر من يجلس برسم الغناء. فأمره أن يصنع ما يكتب عليها، فصنع بديها: تبيّن لي سبق الأمير إلى العلا ... وما زال سبّاقا إلى الفضل منعما فصيّرني بين القيان إذا شدت ... وبين نداماه حجابا مكرّما لأظهر من حسن الغناء محلّلا ... وأستر من حسن الوجوه محرّما «4» بدائع البدائه 2/27

69 الوزير المهلبي يمتدح غناء الرقية زوجة أبي علي الحسن بن هارون الكاتب

69 الوزير المهلبي يمتدح غناء الرقية زوجة أبي علي الحسن بن هارون الكاتب قال «1» : وحدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجّم «2» ، قال: حدّثني أبي «3» : قال: كنا في دعوة أبي علي. الحسن بن هارون الكاتب «4» ، وحضر فيها الوزير، أبو محمد، الحسن بن محمد المهلبي «5» ، وهو إذ ذاك، يخلف أبا جعفر الصيمري «6» على الأمر ببغداد. فغنّت الرقّية، زوج أبي علي، صوتا من وراء الستارة، أحسنت فيه، فأخذ المهلبي الدواة، فكتب في الحال على البديهة، وأنشدنا لنفسه: ذات غنى في الغناء من نغم ... تنفق في الصوت منه إسرافا كأنّها فارس على فرس ... ينظر في الجري منه أعطافا بدائع البدائه 2/94

70 نصر الخبزأرزي، وحريق المربد

70 نصر الخبزأرزي، وحريق المربد وروي «1» : أنّ نصر بن أحمد الخبزأرزي «2» ، دخل على أبي الحسين بن المثنّى «3» ، في أثر حريق المربد «4» . فقال له أبو الحسين: يا أبا القاسم، ما قلت في حريق المربد؟ [قال: ما قلت شيئا. فقال له: هل يحسن بك، وأنت شاعر البصرة، والمربد من أجلّ شوارعها، وسوقه من أجلّ أسواقها، ولا تقول فيه شيئا؟] «5» . فقال: ما قلت، ولكني أنشدك ارتجالا: أتتكم شهود الهوى تشهد ... فما تستطيعون أن تجحدوا [فيا مربديّون ناشدتكم ... على أنني منكم مجهد] «6»

جرى نفسي صعدا «1» بينكم ... فأحرق من ذلك المربد وهاجت رياح حنيني لكم ... فظلّت بها ناره توقد ولولا جرت أدمعي لم يكن ... حريقكم أبدا يخمد بدائع البدائه 2/94

71 بين ابن لنكك، وأبي رياش القيسي

71 بين ابن لنكك، وأبي رياش القيسي قال «1» : وأخبرني من حضر مجلس أبي محمد المافروخي «2» ، عامل البصرة، وقد تناظرا في شيء من اللغة اختلفا فيه، فقال أبو رياش «3» ، كذا أخبرتني عمّتي، أو جدتي، في البادية، عن العرب، ووجدتها تتكلّم به. فقال له أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر بن لنكك الشاعر «4» ، وكان حاضرا: اللغة لا تؤخذ عن البغيّات. فأمسك خجلا.

وكان أبو محمد المافروخي، قد ولاه الرسم على المراكب «1» بعبادان «2» بحار سابع «3» ، وأحسن إليه، واختاره عصبيّة منه للعلم والأدب، فقال ابن لنكك: أبو رياش ولي الرسما ... فكيف لا يصفع أو يعمى يا رب جدي دفّ في خضرة «4» ... ثمّ أتانا بقفا يدمى «5» معجم الأدباء 1/77

72 من نظم القاضي التنوخي

72 من نظم القاضي التنوخي وأظرف ما يعرف في هذا المعنى، ما أنشده القاضي التنوخي، لنفسه: لم أنس شمس الضحى تطالعني ... ونحن في روضة على فرق وجفن عيني بمائة شرق «1» ... وقد بدت في معصفر شرق «2» كأنّه دمعتي ووجنتها ... حين رمتنا العيون بالحدق ثم تغطّت بكمّها خجلا ... كالشمس غابت في حمرة الشفق معاهد التنصيص 113

73 حسبنا الله ونعم الوكيل

73 حسبنا الله ونعم الوكيل وأنبئت عنه، وعن غيره، قالوا: أنبأنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب، عن شجاع بن فارس الذهلي، قال: أنبأنا أبو الحسين هلال بن المحسّن بن إبراهيم الصابي «1» إذنا، قال: حدّثني القاضي علي بن المحسن التنوخي، وأنبئت، عن أبي أحمد بن سكينة، عن محمد بن عبد الباقي البزاز، عن علي ابن المحسّن، قال: حدّثتني صفية بنت عبد الصمد، من خدم القادر «2» ، قالت: كنت في دار الأمير أبي العباس أحمد، يعني القادر بالله، يوم كبست «3» ، بمن أنفذه الطائع لله «4» ، للقبض عليه، وقد جمع حريمه، في غداة هذا اليوم، وكنت معهم. فقال لنا: رأيت في منامي، كأنّ رجلا يقرأ عليّ: الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، فَزادَهُمْ إِيماناً، وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ «5» ، وقد خفت أن يطلبني طالب، أو يحدث عليّ حادث.

وهو في حديثه، إذ شاهد أبا الحسن بن حاجب النعمان «1» ، قد تقدّم إلى درجة داره، فقال: إنّا لله، هذا حضور مريب، بعقب هذا المنام. وصعد، ومعه أبو القاسم بن تمام، والعباسيّ الحاجب، وتبادرنا إلى وراء الأبواب، فلما رأينا أبا الحسن، قد علق بكمّه، خرجنا إليه، وأخذناه من يده، ومنعناه منه. قال هلال: وانحدر متخفّيا إلى البطيحة «2» ، فأقام بها، عند مهذّب الدولة «3» إلى أن عقدت له الخلافة «4» ، وأصعد. فجعل علامته: حسبنا الله ونعم الوكيل. نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط

74 أبو دهبل خرج للغز وفتزوج وأقام

74 أبو دهبل خرج للغز وفتزوج وأقام أنبئت عن القاضي الأشرف، قال: أنبأنا أبو محمد الشهرستاني، وهو إسماعيل بن إبراهيم الصوفي، قال: أنبأنا أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البقال، قال: أنبأنا والدي ثابت، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، رحمه الله. وكتب إليّ من بغداد، الشيخ كمال الدين عبد الرحمن بن عبد اللطيف البغدادي، عن أبي أحمد الأميني. وأجاز لي أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن عساكر، وغيره، عن المؤيد ابن محمد الطوسي. وأنبئت عن جماعة غيره، عن أبي بكر بن أبي طاهر الأنصاري، عن أبي القاسم علي بن المحسّن، قال: حدّثنا أبو بكر محمد «1» ، قال: أنبأنا والدي عبد الرحيم بن أحمد بن إسحاق المازني، قال: أنبأنا مصعب بن عبد الله «2» ، قال: حدّثنا أبو قثم بن أبي عبد الله، قال: خرج أبو دهبل «3» يريد الغزو، وكان رجلا جميلا، صالحا، فلما كان بجيرون «4» جاءته امرأة، فأعطته كتابا، فقالت: اقرأ لي هذا الكتاب.

فقرأه لها. ثم ذهبت، فدخلت قصرا، ثم خرجت إليه، فقالت: لو بلغت إلى هذا القصر، فقرأت هذا الكتاب على امرأة فيه، كان لك فيه أجر- إن شاء الله- فإنه من غائب لها يعنيها أمره. فبلغ معها القصر، فلما دخل، إذا فيه جوار كثيرة، فأغلقت عليه باب القصر، وإذا امرأة جميلة، فدعته إلى نفسها، فأبى، فأمرت به، فحبس في بيت من القصر، وأطعم، وسقي، مكبّلا، حتى ضعف، وكاد يموت. ثم دعته إلى نفسها، فقال: أمّا حراما فلا يكون ذلك أبدا، ولكن أتزوّجك. قالت: نعم. فأمرت به، فأحسن إليه، حتى رجعت إليه نفسه، فأقام معها زمانا طويلا، لا تدعه يخرج من القصر، حتى أيس منه أهله وولده، وتزوّج بنوه وبناته، واقتسموا ماله، وأقامت زوجته تبكي عليه، ولم تقاسمهم ماله. ثم إنّه قال لامرأته: إنّك قد أثمت فيّ، وفي أهلي وولدي، فأذني لي، أن أطلعهم، وأعود إليك. فأخذت عليه أيمانا، لا يقيم إلّا سنة، حتى يعود إليها، وأعطته مالا كثيرا. فخرج من عندها بذلك المال، حتى قدم على أهله، فرأى زوجته، وما صارت إليه من الحزن، وما صار إليه ولده. وجاءه ولده، فقال: ما بيني وبينكم عمل، أنتم ورثتموني، فهو حظّكم، والله، لا يشرك زوجتي فيما قدمت به أحد. وقال لزوجته: شأنك بهذا المال، فهو لك كله، وقال في الشامية:

صاح حيّا الإله حيّا ودورا ... عند أصل القناة من جيرون عن يساري إذا دخلت من البا ... ب وإن كنت خارجا عن يميني وذكر أبياتا منها: ثم فارقتها على خير ما كا ... ن قرين مفارقا لقرين فبكت خشية التفرّق للب ... ين بكاء الحزين نحو الحزين قال: فلما جاء الأجل، وأراد الخروج إليها، جاءه خبر موتها، فأقام «1» . نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط

75 مائدة الوزير حامد بن العباس

75 مائدة الوزير حامد بن العباس أنبئت عن أبي أحمد بن منصور، وغيره، كلهم عن محمد بن أبي طاهر البزاز «1» ، أنّ علي بن المحسّن التنوخي، أخبره، عن أبيه، قال: حدّثني أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم «2» : أنّ حامدا «3» كان يقدّم على موائده، في كل يوم، بعدد من يحضر الموائد، لكل واحد، جديا» ، يوضع بين يديه، لا يشاركه فيه أحد، يأكل منه ما يأكل، فيرفع الباقي، فيفرّق على الغلمان. قال: فحضر المائدة، يوما، رجل، لم يكن شاهد أمر الجدي، قبل ذلك، فهاله. فقال له: أيها الوزير، قد أحدثت في الطعام، من الكرم، كل شيء حسن، وأحسنه، أمر هذا الجدي، وهو شيء لم تسبق إليه، فكيف وقع لك؟ فقال: نعم، كنت في دعوة مرّة، قبل علوّ حالي، فقدّم على المائدة جدي، وكان في فمي لقمة أنا مشغول بأكلها.

فلمحت موضعا من الجدي استطبته، وعملت على أن أمد يدي إليه، فآخذه. فإلى أن يفرغ فمي، سبقني بعض الحاضرين، فأخذ الموضع، فأكله، فورد عليّ من ذلك، مشقة شديدة، بحيث نغّص عليّ طعامي. فاعتقدت في الحال، إن الله وسّع عليّ، ومكّنني، أن أجعل على مائدتي، جديا، بعدد الحاضرين، لئلّا يتّفق عليهم، مثل هذا الفعل. فلما تمكّنت من اتساع الحال، فعلته «1» . نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط

76 «نبت» جارية مهران المخنث

76 «نبت» جارية مهران المخنث وأنبئت عن المؤيد الطوسي وغيره، عن محمد بن عبد الباقي البزاز «1» ، عن علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني «2» ، قال: أخبرني جعفر بن قدامة «3» ، قال: حدّثني أحمد بن أبي طاهر «4» ، قال: دخلت يوما على «نبت» جارية مهران المخنّث، وكانت حسنة الوجه والغناء، فقلت لها: قد قلت مصراعا، فأجيزيه. فقالت: قل. فقلت: يا نبت حسنك يغشي بهجة القمر فقالت: قد كاد حسنك أن يبتزّني بصري فتوقّفت أفكّر، فسبقتني، فقالت: وطيب نشرك مثل المسك قد نسمت ... ريّا الرياض عليه في دجى السحر فزاد فكري، وبادرتني، فقالت:

فهل لنا فيك حظّ من مواصلة ... أو لا، فإنّي راض منك بالنظر فقمت عنها خجلا. ثم عرضت بعد ذلك على المعتمد «1» ، فاشتراها بثلاثين ألف درهم. نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط

77 بين الوليد بن يزيد ودحمان المغني

77 بين الوليد بن يزيد ودحمان المغني وعن ابن عساكر قال: قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين. وأنبئت عن جماعة، منهم أبو اليمن، وعبد الوهاب بن علي، وابن الحرستاني، عن محمد بن عبد الباقي «1» ، عن أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني «2» ، قال: أخبرني محمد بن خلف وكيع «3» ، قال: حدّثني أبو أيوب المديني، عن أبي محمد العامري، قال: كان دحمان «4» ، جمّالا، يكري إلى المواضع، ويتّجر، فبينا هو ذات يوم، قد أكرى جماله، وأحرز ماله، إذ سمع رنّة «5» ، فقام، واتّبع الصوت، فإذا جارية، قد خرجت تبكي. فقال لها: أمملوكة أنت؟ قالت: نعم. قال: لمن؟ قالت: لامرأة من قريش، ونسبتها له.

فقال لها: أتبيعك؟ قالت: نعم. ودخلت على مولاتها، فقالت: هذا إنسان يشتريني. فقالت: ائذني له. فدخل، فساومها بها، حتى استقر الأمر بينهما على مائتي دينار، فاشتراها، ونقدها الثمن، وانصرف بالجارية. قال دحمان: فأقامت عندي مدة، أطرح عليها، ويطارحها معبد، ونظراؤه من المغنّين. ثم خرجت بعد ذلك إلى الشام، وقد حذقت، فكنت لا أزال، أنزل ناحية وأعتزل بالجارية، وتتغنّى، حتى نرحل. فلم نزل كذلك، حتى قربنا من الشام. فبينا أنا ذات يوم، نازل، وأنا ألقي عليها لحني: وإنّي لآتي البيت ما ان أحبّه ... وأكثر هجر البيت وهو حبيب وأغضي على أشياء منكم تسوءني ... وأدعى إلى ما سرّكم فأجيب قال: فلم أزل أردّده عليها، حتى أخذته، واندفعت تغنّيه. فإذا أنا براكب قد طلع علينا، فسلّم علينا، فرددنا عليه السلام. فقال لنا: أتأذنون لي أن أنزل، تحت ظلكم هذا ساعة؟ قلنا: نعم. فنزل، وعرضت عليه الطعام، فأجاب، فقدّمت إليه السفرة، فأكل، واستعاد الصوت مرارا. ثم قال للجارية: أتروين لدحمان، شيئا من غنائه؟ قالت: نعم.

قال: فغنيني صوتا. فغنّته أصواتا من صنعتي، وغمزتها، أن لا تعرّفيه أنّي دحمان، فطرب، وامتلأ سرورا، والجارية تغنيه، حتى قرب وقت الرحيل. فأقبل عليّ، وقال: أتبيعني هذه الجارية؟ قلت: نعم. قال: بكم؟ قلت كالعابث: بعشرة آلاف دينار. قال: قد أخذتها، فهلمّ دواة وقرطاسا، فجئته بذلك، فكتب فيه: ادفع إلى حامل هذا الكتاب، ساعة تقرأه، عشرة آلاف دينار، وتسلّم الجارية منه، واستعلم مكانه، وعرّفنيه، واستوص به خيرا. وختم الكتاب، ودفعه إليّ، وقال: إذا دخلت المدينة، فسل عن فلان، واقبض منه المال، وسلّم إليه الجارية، ثم ركب، وتركني. فلما أصبحنا رحلنا، ودخلنا المدينة، فحططت رحلي، وقلت للجارية: البسي ثيابك، وقومي معي، وأنا- والله- لا أطمع في ذلك، ولا أظنّ الرجل إلّا عابثا. فقامت معي، فخرجت بها، وسألت عن الرجل، فدللت عليه، فإذا هو وكيل الوليد بن يزيد، فأتيته، فأوصلت إليه الكتاب. فلما قرأه، وثب قائما، وقبّله، ووضعه على عينيه، وقال: السمع والطاعة لأمير المؤمنين، ودعى بعشرة آلاف دينار، فسلّمت إليّ، وأنا لا أصدّق أنها لي. وقال لي: أقم، حتى أعلم أمير المؤمنين خبرك. فقلت: حيث كنت، أنا ضيفك، وقد كان أمره لي بمنزل، وكان بخيلا.

قال: وخرجت، فصادفت كراء، فقضيت حوائجي، في يومي وغدي، ورحلت رفقتي، ورحلت معهم. وذكرني صاحبي بعد أيام، فسأل عنّي، وأمر بطلبي، فعرف أنّ الرفقة قد ارتحلوا، وأنني قد ارتحلت معهم، فأمسك، فلم يذكرني إلا بعد شهر، قال لها وقد غنته صوتا من صنعتي، لمن هذا؟ قالت: لدحمان. قال: وددت والله، أنّي قد رأيته وسمعت غناءه. قالت: فقد والله، رأيته، وسمعت غناءه. قال: لا والله، ما رأيته ولا سمعته. فقالت له: والله، قد رأيته وسمعت غناءه. فغضب، وقال لها: أنا أحلف، وأنت تعارضيني، وتكذّبيني؟ قالت: إنّ الرجل الذي اشتريتني منه، دحمان. قال: ويحك، هلّا أعلمتني. قالت: إنّه نهاني عن ذلك. قال: وإنّه لهو، أما والله، لأجشّمنه السفر. ثم كتب إلى عامل المدينة، بحمله إليه، فحمله إليه، فلم يزل أثيرا عنده «1» . نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط

78 من شعر إسحق الموصلي

78 من شعر إسحق الموصلي وأنبئت عن أبي اليمن الكندي، وابن طبرزد، وأبي أحمد بن سكينة، وغيرهم، عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، قال: أنبأنا أبو الخطاب عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن حمدان، قال: أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين الخالع «1» ، قال: أنبأنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني «2» . وأنبأني أبو الفرج بن وريدة، عن أبي أحمد بن سكينة، وغيره، وأبو الفضل بن عساكر، وغيره، عن المؤيد بن محمد الطوسي. وأنبئت عن أبي اليمن الكندي وغيره، كلهم عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري «3» ، عن أبي القاسم علي بن المحسّن التنوخي، عن أبيه، عن أبي الفرج الأصبهاني، قال: انبأنا محمد بن المرزبان «4» ، قال: أنشدنا حماد بن إسحاق «5» ، قال:

أنشدني أبي، يعني إسحاق بن إبراهيم بن ميمون الموصلي: يبقى الثناء وتذهب الأموال ... ولكلّ دهر دولة ورجال ما نال محمدة الرجال وشكرهم ... إلّا الجواد بمساله المفضال لا ترض من رجل طلاقة قوله ... حتى يصّدق ما يقول فعال فإذا وزنت مقاله بفعاله ... فتوازنا فإخاء ذاك جمال «1» نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط

79 وإنك لتعلم ما نريد

79 وإنك لتعلم ما نريد حدّثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، قال: حدّثنا أبو المعالي الحسين بن حمزة بن الشعيري، قال: حدّثنا أبو بكر الخطيب «1» . وبالإسناد المتقدم إلى الخطيب، قال: حدّثنا علي بن أبي علي «2» ، قال: حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل «3» ، قال: أنبأنا أبو بكر بن الأنباري «4» ، قال: قال مصعب الزبيري «5» : خرج سالم بن عبد الله «6» متنزها إلى ناحية من نواحي المدينة، مع حرمه، وجواريه، وبلغ أشعب «7» الخبر، فوافى الموضع الذي يلمّ به، يريد التطفيل «8» ، فلما دقّ الباب، وجده مغلقا، فتسوّر الحائط.

فقال له سالم: ويلك يا أشعب، معي بناتي، وحرمي. فقال: (لَقَدْ عَلِمْتَ، ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) «1» . فوجه إليه سالم من الطعام، ما أكل، وحمل إلى منزله «2» . نشوار المحاضرة، لسبط ابن الجوزي- مخطوط

80 الوارش والواغل

80 الوارش والواغل أخبرنا علي بن أبي علي المعدّل «1» قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن بكير التميمي «3» ، قال: أخبرنا عبد الله بن مسلم بن قتيبة «4» ، قال: يقال للداخل على القوم، وهم يطعمون، ولم يدع: الوارش «5» . وللداخل على القوم وهم يشربون: الواغل «6» . التطفيل، للخطيب البغدادي 9

81 الضيف والضيفن

81 الضيف والضيفن أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحيم المازني «2» ، قال: أخبرنا ابن بكير «3» ، قال: أخبرنا ابن قتيبة «4» ، قال: الضيفن: الذي يجيء مع الضيف، ولم يدع «5» . التطفيل، للخطيب البغدادي 12

82 لابن الزمكدم في أبي الفضائل

82 لابن الزمكدم في أبي الفضائل أنشدني علي بن المحسّن القاضي، لأبي علي سليمان بن الفتح الموصلي، المعروف بابن الزمكدم، يهجو أبا إسحاق بن حجر الأنطاكي، الملقب أبا الفضائل، ويرميه بالتطفيل: مطفّل أطفل من ذباب ... على طعام وعلى شراب لقّب طنزا أشرف الألقاب ... أدور بالموصل من دولاب يمرّ مرّ الريح والسحاب ... ينزل تطفيلا بباب باب نزول شيب لاح في شباب ... يدخل بالحيلة في الأنقاب مكابرا ينساب كالحباب ... لا يفرق الردّ من البوّاب وإن له أغلظ في الخطاب ... له انقضاض سورة العقاب على القلايا «1» وعلى الجوذاب ... يحمل حملات أبي تراب في يوم صفّين وفي الأحزاب ... بالجدي منه أثر الذئاب يمغثه «2» مغثة ليث الغاب ... بكفه وظفره والناب فعامر الميدة «3» في خراب ... وصاحب المنزل في عذاب لسوء ما يأتي من الآداب

قال علي بن المحسّن: وقال فيه يهجوه: طفيليّ على فرس يدور ... يقدّر عند من غلت القدور بأوقات، الموائد حين يؤتى ... بها للأكل علّام خبير له في الغيب اصطرلاب وحي «1» ... بمائدة- إذا وضعت- نذير فبطليموس في تحديد وقت ... إليه- بغير ما غلط- يشير كأنّ على الموائد منه ليثا ... على خيوانها حنقا يزير فربّ الدار منه في حصار ... ومن فيها بخدمته ضجور يكنّى بالفضائل وهو نقص ... على طنز بلحيته صبور «2» التطفيل، للخطيب البغدادي 27 و 28

83 لأبي الحارث الموصلي في طاهر الهاشمي

83 لأبي الحارث الموصلي في طاهر الهاشمي أنشدني علي بن أبي علي البصري، عن أبيه، لأبي الحارث الموصلي، في طاهر الهاشمي، يهجوه بالتطفيل: عمرو العلا ساد الورى ... بالجود والفعل الحميد هشم الثريد لقومه ... والناس في ضرّ شديد وهشمت أنت وجوه أه ... ل الأرض في طلب الثريد فلو انّ قوما يشتوو ... ن اللحم في جبلي زرود «1» لطرقتهم بضيائهم ... في نارهم ذات الوقود وإذا سمعت بثردة ... ألفيت منها بالوصيد «2» التطفيل للخطيب البغدادي 29

84 وصف طفيلي

84 وصف طفيلي وأنشدني علي بن أبي علي «1» ، أيضا، عن أبيه، لغيره: أطفل من ليل على نهار ... كأنّه في الدار رب الدار التطفيل، للخطيب البغدادي 30

85 لشاعر بصري في طفيلي

85 لشاعر بصري في طفيلي أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: وجدت في كتاب جدي القاضي أبي القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم «1» ، حدّثنا حرمي بن أبي العلاء «2» ، قال: أنشدني إسحاق بن محمد بن أبان النخعي «3» لبعض البصريين، في طفيلى: يمشي إلى الدعوة مستذفرا «4» ... مشي أبي الحارث «5» ليث العرين لم تر عيني آكلا مثله ... يأكل باليسرى معا واليمين تجول في القصعة «6» أطرافه ... لعب أخي الشطرنج بالشاهبين «7» التطفيل، للخطيب البغدادي 31

86 ليت الليل كان سرمدا

86 ليت الليل كان سرمدا أخبرنا علي بن المحسّن التنوخي، قال: وجدت في كتاب جدي «1» ، حدّثنا حرمي بن أبي العلاء «2» ، قال: حدّثنا إسحاق بن محمد بن أبان النخعي «3» ، قال: حدّثني القحذمي «4» ، قال: كان رقبة يقعد في المسجد، فإذا أمسى، بعث جلساؤه من جيران المسجد، فيأتي كل رجل منهم، من منزله، بطرفة «5» ، فيأكل، ثم يقول: ليت الليل كان سرمدا «6» ، إلى يوم القيامة «7» . التطفيل، للخطيب البغدادي 37

87 لأبي الحسن الأسدي

87 لأبي الحسن الأسدي أخبرنا علي بن أبي علي «1» ، قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن محمد المقري، قال: أخبرنا المظفر بن يحيى» ، قال: أنشدني أبو الحسن الأسدي لنفسه: كنت يا سيدي على التطفيل ... أمس لولا مخافة التثقيل وتذكرت دهشة القارع البا ... ب إذا ما أتى بغير رسول وتخوّفت أن أكون على القو ... م ثقيلا فقدت كل ثقيل لو تراني وقد وقفت أروّي ... في دخول إليك أو في حلول لرأيت العذراء حين تحايا ... وهي من شهوة على التعجيل «3» التطفيل، للخطيب البغدادي 46

88 وصية طفيلي

88 وصية طفيلي حدّثنا علي بن أبي علي البصري «1» ، عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني «2» ، قال: كان طفيل العرائس «3» الذي ينسب إليه الطفيليون، يوصي ابنه عبد الحميد ابن طفيل، في علّته، فيقول: إذا دخلت عرسا، فلا تتلفّت تلفّت المريب، وتخيّر المجالس، فإن كان العرس كثير الزحام، فمر، وانه، ولا تنظر في عيون أهل المرأة، ولا في عيون أهل الرجل، ليظنّ هؤلاء أنّك من هؤلاء، ويظنّ هؤلاء أنّك

من هؤلاء. فإن كان البواب غليظا وقاحا، فابدأ به، ومره، وانهه، من غير أن تعنّفه، وعليك بكلام بين النصيحة والإدلال: لا تجزعنّ من القري ... ب ولا من الرجل البعيد وادخل كأنّك طابخ ... بيديك مغرفة الثريد متدلّيا فوق الطعام ... تدلّي البازي الصيود لتلفّ ما فوق الموا ... ئد كلها لفّ الفهود واطرح حياءك إنما ... وجه المطفّل من حديد لا تلتفت نحو البقو ... ل ولا إلى غرف الثريد حتى إذا جاء الطعا ... م ضربت فيه بالشديد وعليك بالفالوذجا ... ت فإنها عين القصيد هذا إذا حرّرتهم ... ودعوتهم هل من مزيد والعرس لا يخلو من ال ... لموزينج الرطب العتيد فإذا أتيت به محو ... ت محاسن الجام الجديد ثم أغمي عليه ساعة، عند ذكر اللوزينج «1» ، فلما أفاق رفع رأسه، وقال: وتنقّلنّ على الموائ ... د فعل شيطان مريد وإذا انتقلت عبثت بال ... كعك المجفّف والقديد

يا ربّ أنت رزقتني ... هذا على رغم الحسود واعلم بأنّك إن قبل ... ت نعمت يا عبد الحميد «1» التطفيل، للخطيب البغدادي 68

89 طفيلي يصف نفسه

89 طفيلي يصف نفسه أنشدني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي، لطفيلي: إنّ شكري لمنّة التطفيل ... وأياديه منذ دهر طويل كم تراني قد نلت من لذّة العي ... ش بأسبابه وحظّ جزيل وتمتّعت من طعام لذيذ ... وسماع فيه شفاء الغليل فإذا ما عرفت مجتمع الإخ ... وان في بيت صاحب أو خليل كان إتيانه صوابا على الأن ... س ولم أجتنب كفعل الثقيل وجعلت السعي السبيل إلى ذا ... ك ولم أنتظر مجيء الرسول فأبن لي أين اجتماعكم اليو ... م إلى ذي سماحة أو بخيل؟ فلعلّي أكون لا أعرف الدا ... ر فأحتال في حضور الدليل «1» التطفيل، للخطيب البغدادي 74

90 بنان الطفيلي يحفظ آية واحدة وبيتا واحدا من الشعر

90 بنان الطفيلي يحفظ آية واحدة وبيتا واحدا من الشعر أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمذاني، وأبو القاسم عبيد الله بن عبد العزيز البرذعي «1» وعلي بن أبي علي البصري «2» ، قالوا: أخبرنا محمد بن عبيد الله بن شخير الصيرفي «3» ، قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن علي المقرىء «4» ، قال: سأل أبي بنانا «5» ، وأنا أسمع: أتحفظ من كتاب الله شيئا؟

قال: نعم، آية واحدة. قال: ما هي؟ قال: قال موسى لفتاه آتنا غداءنا «1» . قال له: أتحفظ من الشعر شيئا؟ قال: نعم، بيتا واحدا. قال: ما هو؟ قال: نزوركم لا نكافيكم بجفوتكم ... إنّ المحب إذا ما لم يزر زارا «2» التطفيل، للخطيب البغدادي 77

91 الأكل مع الإخوان لا يضر

91 الأكل مع الإخوان لا يضر أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى، وعبيد الله بن عبد العزيز، وعلي بن أبي علي، قالوا: حدّثنا محمد بن عبيد الله بن الشخير، قال حدّثنا حمد بن الحسن بن علي المقرئ، قال: سمعت بنانا «1» يقول: حدّثني عباس

الدوري، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الأكل مع الإخوان لا يضرّ. التطفيل، للخطيب البغدادي 80

92 نسخة عهد في التطفيل

92 نسخة عهد في التطفيل حدّثني القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن بن علي التنوخي، قال: كان في نقباء الأمير بختيار، المعروف بعز الدولة «1» ، رجل يسمى عليكا، وكان كثير التطفيل على جميع أهل العسكر من الحجّاب، والقواد، والكتاب، ووجوه الخاصة، والغلمان. وشاع له ذلك عند بختيار، فرسم له أن يستخلف على التطفيل خليفة. وتقدم إلى أبي إسحاق، إبراهيم بن هلال الصابي، الكاتب «2» ، أن يكتب بذلك عهدا، لابن عرس الموصلي، عن عليكا، وأن يجعله خليفته على التطفيل. فكتب له على طريق الهزل، عهدا، قرأه أبو إسحاق علينا، فكانت نسخته: هذا ما عهد علي بن أحمد، المعروف بعليكا، إلى علي بن عرس الموصلي، حين استخلفه على إحياء سنته، واستنابه في حفظ رسومه من التطفيل، على أهل مدينة السلام، وما يتصل بها من أكنافها، ويجري معها من سوادها وأطرافها، لما توسّمه فيه، من قلّة الحياء، وشدّة اللقاء، وكثرة اللقم، وجودة الهضم، ورآه أهلا له من سدّه مكانه في هذه الرفاهية المهملة التي فطن لها، والرفاعية المطرحة التي اهتدى إليها، والنعم العائدة على لابسيها، بملاذ الطعوم، ومناعم الجسوم، متورّدا على من اتسعت موادّ ماله، وتفرّعت

شعب حاله، وأقدره الله على غرائب المأكولات، وأظفره ببدائع الطيّبات، آخذا من كل ذلك بنصيب الشريك المناصف، وضاربا فيه بسهم الخليط المفاوض، ومستعملا للمدخل اللطيف عليه، والمتولّج العجيب إليه، والأسباب التي ستشرح في مواضعها من هذا الكتاب، وتستوفى الدلالة على ما فيها من رشاد وصواب، وبالله التوفيق، وعليه التعويل، وهو حسبنا ونعم الوكيل. أمره بتقوى الله التي هي الجانب العزيز، والحرز الحريز، والركن المنيع، والطود الرفيع، والعصمة الكالئة، والجنّة الواقية، والزاد النافع، يوم المعاد، حين لا ينفع إلّا مثله من الأزواد، وأن يستشعر خيفته، في سرّه وجهره، ومراقبته في قوله وفعله، ويجعل رضاه مطلبه، وثوابه ملبسه، والقرب منه أربه، والزلفى لديه غرضه، ولا يخالفه في مسعاة قدم، ولا يتعرض عنده لعاقبة ندم. وأمره بأن يتأمّل اسم التطفيل ومعناه، ويعرف مغزاه ومنحاه، ويتصفّحه تصفّح الباحث عن حظّه بمجهوده، غير القائل فيه بتسليمه وتقليده، فإنّ. كثيرا من الناس قد استقبحه ممّن فعله، وكرهه لمن استعمله، ونسبه فيه إلى الشره والنهم، فمنهم من غلط في استدلاله، فأساء في مقاله، ومنهم من شحّ على ماله، فدافع عنه باحتياله، وكلا الفريقين مذموم، لا يتعرّيان من لباس فاضح، ومنهم الطائفة التي لا ترى شركة العنان، فهي تبذله إذا كان لها، وتتدلّى عليه إذا كان لغيرها، وترى أنّ المنّة من المطعم، للهاجم الآكل، وفي المشرب، للوارد الواغل، وهي أحقّ بالحرية، وأخلق بالخيرية، وأحرى بالمروءة، وأولى بالفتوّة. وقد عرفت بالتطفيل، ولا عار فيه، عند ذوي التحصيل، لأنه مشتقّ من الطّفل، وهو وقت المساء، وأوان العشاء، وإن كثر استعماله في صدر

النهار وعجزه، وأوّله وآخره، كما قيل للشمس والقمر، القمران، وأحدهما القمر، ولأبي بكر وعمر، العمران، وأحدهما عمر. وأمره أن يتعهّد موائد الكبراء والعظماء بقراياه، وسمط الأمراء والوزراء بسراياه، فإنّه يظفر منها بالغنيمة الباردة، ويصل عليها إلى الغريبة النادرة، وإذا استقرأها، وجد فيها من طرائف الألوان، الملذّة للسان، بدائع الطعوم، السائغة في الحلقوم، ما لا يجد عند غيرهم، ولا يناله إلّا لديهم. وأمره أن يتتبّع ما يعرض لموسري التجار، ومجهّزي الأمصار، من وكيرة «1» الدار، والعرس والأعذار «2» ، فإنّهم يوسّعون على أنفسهم في النوائب، بحسب تضييقهم عليها في الراتب. وأمره أن يصادق قهارمة الدور ومدبّريها، ويرافق وكلاء المطابخ وحمّاليها، فإنهم يملكون من أصحابهم، أزمّة مطاعمهم، ومشاربهم، ويضعونها بحيث يحبّون من أهل مودّاتهم، ومعارفهم، وإذا عدّت هذه الطائفة أحدا من الناس من خلّانها، واتخذته أخا من إخوانها، سعد بمرافقتها، وحظي بمصادقتها، ووصل إلى محابّه من جهاتها، ومآربه في جنباتها. وأمره أن يتعهّد أسواق المتسوّقين، ومواسم المتبايعين، فإذا رأى وظيفة قد زيد فيها، وأطعمة قد احتشد مشتريها، اتّبعها إلى المقصد بها، وشيّعها إلى المنازل الحاوية لها، واستعلم ميقات الدعوة، ومن يحضرها من أهل اليسار والمروءة، فإنّهم لا يخلو فيهم من عارف به يراعي وقت مصيره إليها ليتبعه، ويكمن له ويصحبه، ويدخل معه، وإن خلا من ذلك، اختلط بزمر الداخلين، فما هو إلّا أن يتجاوز عتب الأبواب، ويخرج من سلطان البوابين والحجّاب،

حتى يحصل محصلا، قلّما حصله أحد قبله فانصرف عنه، إلّا ضلعا «1» من الطعام، نزيفا «2» من المدام. وأمره أن ينصب الأرصاد، على منازل المغنّيات والمغنّين، ومواطن الإبليات «3» والمخنّثين «4» ، فإذا أتاه خبر لمجمع يضمّهم، أو مأدبة تعمّهم، ضرب إليها أعقاب إبله، وانضى حولها مطايا خيله، وحمل عليها حملة الحوت الملتقم، والثعبان الملتهم، والليث الهاجر، والعقاب الكاسر. وأمره أن يتجنّب مجامع العوام المقلّين، ومحافل الرعاع المقترين، وأن لا ينقل إليها قدما، ولا يفضّ لمأكلها فما، ولا يلقي في عتب دورها كيسانا «5» ، ولا يعدّ الرجل منها إنسانا، فإنها عصابة تجتمع لها ضيق النفوس والأحوال، وقلّة الأحلام والأموال، وفي التطفيل عليها إجحاف بها يؤثم، وإرزاء بمروءة المطفّل، والتجنّب لها أجدى، والازورار عنها أرجى. وأمره أن يحزر الخوان إذا وضع، والطعام إذا نقل، حتى يعرف بالحدس والتقريب، والبحث والتنقيب، عدد الألوان، في الكثرة والقلّة، وافتنانها في الطيب واللذّة، فيقدّر لنفسه أن يشبع مع آخرها، وينتهي عند انتهائها، ولا يفوته النصيب من كثيرها وقليلها، ولا يخطئه الحظّ من دقيقها وجليلها.

ومتى أحسّ بقلّة الطعام، وعجزه عن الإقدام، أمعن في أوّله، إمعان لكيّس في سعيه، الرشيد في أمره، المالىء لبطنه، من كل حارّ وبارد. فإذا فعل ذلك، سلم من عواقب الأغمار، الذين يكفّون تظرّفا، ويقلّون تأدبا، ويظنون أنّ المادة تبلغهم إلى آخر أمرهم، وتنتهي بهم إلى غاية شبعهم، فلا يلبثون أن يخجلوا خجلة الوامق، وينقلبوا بحسرة الخائب، أعاذنا الله من مثل مقامهم، وعصمنا من شقاء جدودهم. وأمره أن يروض نفسه، ويغالط حسّه، ويضرب عن كثير مما يلحقه صفحا، ويطوي دونه كشحا، ويستحسن الصمم عن الفحشاء، ويغمض عن اللفظة الخشناء، وإن أتته اللكزة في حلقه، صبر عليها في الوصول إلى حقه، وإن وقعت به الصفعة في راسه، أغضى عنها لمراتع أضراسه، وإن لقيه ملاق بالجفاء، قابله باللطف والصفاء، إذ كان إذا ولج الأبواب، وخالط الأسباب، وجلس مع الحضور، وامتزج بالجمهور، فلا بدّ أن يلقاه المنكر لأمره، ويمرّ به المستغرب لوجهه، فإن كان حرّا حييّا، أمسك وتذمّم، وإن كان فظّا غليظا، همهم وتكلّم، وأن يجتنب عند ذلك المخاشنة، ويستعمل مع المخاطب له الملاينة، ليردّ غيظه، ويفلّ حدّه، ويكف غربه، ثم إذا طال المدى تكررت الألحاظ عليه فعرف، وأنست النفوس به فألف، ونال في الحال المجتمع عليها، منال من جشم وسيل «1» العنا إليها. ولقد بلغنا أنّ رجلا من هذه العصابة، كان ذا فهم ودراية، وعقل وحصافة، طفل على وليمة رجل ذي حال عظيمة، فرمقته فيها من القوم العيون، وتصرّفت بهم فيه الظنون، فقال له قائل منهم. من تكون أعزّك الله؟

فقال: أنا أوّل من دعي إلى هذا الحق. قيل: وكيف ذاك؟ ونحن لا نعرفك. فقال: إذا رأيت صاحب الدار، عرفني، وعرفته بنفسي. فجيء به، فلما رآه بدأه بالسلام، بأن قال له: هل قلت- أيّدك الله- لطباخك، أن يصنع طعامك، زائدا على عدد الحاضرين، ومقدار حاجة المدعوين؟ فقال: نعم. فقال: فإن تلك الزيادة لي، ولأمثالي، وبها تستظهر، لمن جرى مجراي، وهي رزق أنزله الله على يدك، وسبّبه من جهتك. فقال: مرحبا بك، وأهلا، وقربا، والله، لا جلست إلّا مع علية الناس، ووجوه الجلساء، إذ قد ظرفت في قولك، وتفنّنت في فعلك. فليكن ذلك الرجل، لنا إماما نقتدي به، وحاذيا نحذو على مثاله، إن شاء الله. وأمره أن يكثر من تعاهد الجوارشنات «1» المنفذة للسدة «2» ، المقوية للمعدة، المشهيّة للطعام، المسهّلة لسبيل الانهضام، فإنها عماد أمره وقوامه، وبها انتظامه والتئامه، لأنها تعين على عمل الدعوتين، وتنهض في اليوم الواحد بالأكلتين، وهو في تناولها، كالكاتب الذي يقطّ أقلامه، والجندي الذي يصقل حسامه، والصانع الذي يجدد آلاته، والماهر الذي يصلح أدواته.

هذا عهد علي بن أحمد، المعروف بعليكا، إليك، وحجته عليك، لم يألك في ذلك إرشادا وتوقيفا، وتهذيبا وتثقيفا، ونعتا وتبصيرا، وحثّا وتذكيرا، فكن بأوامره مؤتمرا، وبزواجره مزدجرا، ولرسومه متّبعا، وبحفظها مضطلعا إن شاء الله «1» . والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. التطفيل، للخطيب البغدادي 99

93 لا تتركن الدهر يظلمني

93 لا تتركن الدهر يظلمني قال أبو علي «1» : حضرت أبا محمد» في وزارته، وقد دفع إليه شاعر، رقعة صغيرة، فقرأها وضحك، وأمر له بألف درهم. وطرح الرقعة، فقرأتها، وإذا فيها: يا من إليه النفع والضرّ ... قد مسّ حال عبيدك الضرّ لا تتركنّ الدهر يظلمني ... ما دام يقبل قولك الدهر معجم الأدباء 13/196

94 مصادرة من أعظم المصادرات

94 مصادرة من أعظم المصادرات قال التنوخي: من أعظم المصادرات، مصادرة معز الدولة «1» لأبي علي الحسن بن محمد الطبري «2» ، صادره على خمسمائة ألف دينار. فلما مات الصيمري «3» طمع في الوزارة، وبذل فيها مالا عظيما، قدّم منه أوّل نوبة ثلاثمائة ألف دينار «4» ، فلما ثبت عليه خروجها، أخذها منه، وقلّد المهلّبي «5» . تجارب الأمم 2/123

95 معز الدولة ينفذ وزيره المهلبي إلى عمان

95 معز الدولة ينفذ وزيره المهلبي إلى عمان وروي أيضا عن التنوخي، قال: قال المهلّبي «1» : لما عزم معزّ الدولة «2» ، على إنفاذي إلى عمان، طرقني أمر عظيم، فبتّ ليلة، ما بتّ في عمري مثلها، لا في فقري، ولا في صغر حالي. وما زلت أطلب شيئا أتسلّى به عمّا دهمني، فلم أجد. إلّا أنّي ذكرت، أنّي حصلت أيام صباي بسيراف «3» ، لما خرجت إليها هاربا، فعرفت هناك قوما، أولوني جميلا، وحصلت لهم عليّ أياد، ففكّرت، وقلت: لعليّ إذا قصدت تلك البلدان، أجدهم، أو بعضهم، أو أعقابهم، فأكافيهم على تلك الأيادي. فلما ذكرت هذا تسليت عن المصيبة بالخروج، وسهل عليّ، ووطنت نفسي عليه «4» . تجارب الأمم 2/198

96 أتتك بحائن رجلاه

96 أتتك بحائن رجلاه حدّث أبو علي، المحسّن بن علي التنوخي، في نشوار المحاضرة، قال: حدّثني أبو القاسم الجهني «1» ، قال: حدّثنا أبو محمد بن حمدون «2» ، قال: أمر المعتضد بالله «3» ، في علّته التي مات فيها، وقبل موته بأيام يسيرة «4» ، بأن يصنع له سم يقتل به جماعة ممّن كان في الحبس، لم يجب قتلهم قتلة ظاهرة، لسياسة رآها. وفعل ذلك، وجيء بالسم إلى حضرته، فأراد تجربته قبل أن يقتل به من أراد قتله، فطرح في كرنبيّة «5» ، وأحضرت في طيفورية «6» ، وهو مفكّر فيمن يطعمه منها، وعلى من يجرّب السم الذي فيها، إذ دخل محمد بن أحمد، نفّاطه، وابن أبي عصمة، فقيل لهما: إنّ الخليفة يريد أن يأكل من ذلك اللون، وهو محجم عنه للحمية. فقالا: ما أحسن هذه الكرنبيّة، فلو أكل منها مولانا لقمة، رجونا

أنّها لا تضرّه، وتجاوزا ذلك، إلى أن أكلا منها لقما، كأنّهما قصدا استنهاض شهوته، وتحريكها بأكلها، فلم يمكنه أن ينهاهما لئلا يخرج السرّ، وأمسك عنهما، ومضيا إلى منازلهما فماتا من يومهما. وبلغ الخليفة خبرهما من الغد، وقد اشتدّت علّته، فعلم صحّة السمّ، وأمسك لسانه أن يأمر في معنى من أراد أن يأمر في معناه، بإطعامه من ذلك السمّ الذي عمل له. ومات المعتضد بعد ذلك بثلاثة أيام، ومضى أولئك بالعرض، وسيّء الاتفاق، وسوء المقدار، وكأنّه عمل لهما، لا لغيرهما، وسلم من عمل له، وقصد به، ونجا. الهفوات النادرة 218

97 رب عيش أخف منه الحمام

97 ربّ عيش أخف منه الحمام وحدّث القاضي أبو علي التنوخي، قال: حدّثتني علم، قهرمانة المستكفي بالله، الشيرازية «1» ، حماة أبي أحمد الفضل بن عبد الرحمن الشيرازي «2» ، قالت: كان المستكفي «3» ، لما أفضي إليه الأمر، يوصيني بتفقّد القاهر بالله «4» ، بنفسي وأن لا أعوّل على أحد في ذلك، ويكرمه، ويبرّه، ويحسن إليه. وكان قد اختلّ عقله، لسوداء لحقته، ويخرّق ما يلبسه من الثياب، وقلّما يبقى عليه منها قميص أو جبّة، وينتف شعر لحيته وبدنه، وربما صاح وضجّ، ثم يثيب إليه عقله. قالت: فراسلني- في بعض أيام إفاقته- المستكفي، يأمرني أن أستعرض شهواته، وحاجاته، فسألني تمكينه من جواريه، فعرفته ذلك، فأمرني بحملهن إليه، وأدخلت إليه جماعة منهن. ثم استدعى بعد ذلك مرة، أن تدخل إليه ابنته، ففعلت، فقبض عليها يوما، وافتضّها. وبلغ المستكفي ذلك، فأعظمه، وهاله، وأمر أن يفرّق بينهما، ولا يمكّن أن يدخل إليه غير جواريه. الهفوات النادرة 221

98 يا حبيبا نأى عليك السلام

98 يا حبيبا نأى عليك السلام وحدّث «1» : قال: حدّثني أبو أحمد الحارثي «2» ، قال: كنت أعاشر بهمذان «3» ، بعض كتّاب الديلم «4» ، وحسبك وصفا بجهل، أن أقول: من كتّاب الديلم. وكان يتحلّى مغنّية، فسمعها تغنّي يوما: يا حبيبا نأى عليك السلام ... فرّقت بين وصلنا الأيام فاستطابه، فلما أراد أن يستعيده، قال: يا ستّي، غنّي ذاك الصوت الذي أوّله: يا حبيب الله عليك السلام فقالت: هذا صياح الحرّاس، أظنّك أردت: يا حبيبا نأى عليك السلام قال: نعم، هو هو، شدّي لي في ذنبه علامة، أي وقت أردته، أخرجته. الهفوات النادرة 222

99 والله الذي لا إله إلا هو

99 والله الذي لا إله إلا هو قال «1» : وسمعته يحلف، فيقول: والله الذي لا إله إلّا هو، أعني به الطلاق والعتاق «2» . الهفوات النادرة 222

100 حديقة حيوان

100 حديقة حيوان قال «1» : وكتب مرة بحضرتي، تذكرة بأضاحي يريد تفرقتها في دار صاحبه، وقد قرب عيد الأضحى: «القائد ثور، وامرأته بقرة، ابنه كبش، بنته نعجة، الكاتب تيس» . قال: فقلت له: الروح الأمين ألقى هذا عليك؟ فلم يدر ما أردت «2» . الهفوات النادرة 222

101 كاتب ديلمي يستهدي نبيذا

101 كاتب ديلمي يستهدي نبيذا قال «1» : وحدّثني أبو أحمد الحارثي «2» أيضا، قال: حضرت هذا الكاتب، وهو يشرب، وقد قلّ نبيذه، فكتب إلى صديق له، رقعة، يطلب منه نبيذا، ما رأيت أطراف منها. فقلت له: يا سيدي، قد رأيت كتّاب بغداد، وطوّفت الآفاق، ما رأيت أحسن من هذه الرقعة، فأحبّ أن تأذن لي في نسخها. فقال: يا با، ونحن اليوم أيش بقي مما نحسنه؟ قد نسيناه كلّه مع هذا القائد، انسخها، وأعجبه ذاك، وكانت: «كتبت هذه الكلمات، يا سيدي، وزرّي، أعني به قميصي، ومن هو فاضلي ومولاي، وأنا عبده، ومتصنّع له، أطال الله بقاءه، من منزلك الذي أنا ساكنه، وقد نفضت الدم، من قفاك المرسوم بي، وليس- وحق رأسك الذي أحبّه- عندي من نبيذك الذي تشربه شيء، فبحياتي العزيزة عليك، إن كان عندك من نبيذ أشربه، فوجه إليّ منه، بما عسى ألّا يسهل على يدي غير هذا الرسول، فإنّه ثقة، أوثق منّي ومنك، وإن أردت أن لا تختمه، فلا تفعل، فإن الصورة لا توجب إلّا ذاك، فعلت، إن شاء الله. الهفوات النادرة 222

102 كاتب لا يحسن القراءة والكتابة

102 كاتب لا يحسن القراءة والكتابة قال «1» : وكنت يوما عنده، فجاءه صديق له من كتّاب الديلم مجروحا، فقال له: ما لك؟ قال: جاء إلى الأمير اليوم، كتاب من وكيله في إقطاعه، فرمى به إليّ، وقال: اقرأه. وكنت قبل ذلك، إذا جاءه كتاب، أخرج إلى المعلّم، حتى يقرأه عليّ وأحفظه، وأدخل، فأقرؤه عليه، فلم أقدر اليوم أن أخرج من بين يديه. فقلت له باكيا: أنا لو كنت أحسن أقرأ وأكتب، كنت أكون كاتب الأمير علي بن بويه «2» . فرماني بالزوبين» ، فجرحني «4» . الهفوات النادرة 223

103 قائد ديلمي يمتدح كاتبه

103 قائد ديلمي يمتدح كاتبه قال «1» : وبلغني عن بعض قواد الديلم، أنه قال: كاتبي أحذق الناس بأمر الدواب، والضياع، وشراء الأمتعة والحوائج، وما له عيب، إلّا أنه لا يقرأ، ولا يكتب «2» . الهفوات النادرة 224

104 عامل الجامدة لا يعطي على المدح شيئا

104 عامل الجامدة لا يعطي على المدح شيئا قال «1» : حدّثني محمد بن عبد الله التميمي، قال: حدّثني الهمذاني الشاعر، قال: انحدرت أريد الجامدة «2» ، وكان في الوقت يليها الهيثم بن محمد العامل، فمدحته. فقال لي: لست ممّن يعطي على المدح شيئا، فلو هجوتني لكان أجدى عليك. قال: فأردت النهوض من مجلسه، فلما رأى ذلك، قال: اجلس، فجلست. وجيء بمائدة لم أر مثلها، عليها من كل شيء حسن، طيب، شهيّ، لذيذ، فأقعدني ناحية، وجعل يأكل، ويقول: لو هجوتني، لأكلت معي. وكلّما مرّ لون، وصفه، ونعته، وشهّانيه، وحسّرني عليه، وأرانيه، ومنعنيه، والروائح تقتلني، والمشاهدة تحسّرني.

إلى أن فرغ من الطعام، وجيء بالحلوى، وكانت الصورة فيها مثلها في الطعام. ثم جيء بغسول «1» ، من ذراريّ «2» عجيبة طيبة، فغسل يده بها، وهو يقول: لو هجوتني لأكلت ممّا أكلت، وتحليت به، وغسلت يدك من هذا. ثم أحضر الشراب، وعبّىء «3» بحضرته مجلس ما ظننت أنّ مثله يكون إلّا في الجنة حسنا، بأصناف الفاكهة، وألوان الرياحين، والطيب، والكافور، والتماثيل «4» ، والشمامات «5» ، والمطبوخ القطربّلي، والنبيذ من الزبيب والعسل «6» .

وهو يقول: لو هجوتني لشربت من هذا، وحيّيت من هذا، وتنقّلت «1» من هذا، قم الآن وكل ممّا تستحقه بمدحي. فقمت، وجاءوني بطبق وسخ، عليه أرغفة سود، وقطعة مالح، ومرق سكباج «2» أحمض من الفراق، وقليل تمر. فأكلت لفرط الجوع، وجاءوني بأشنان أخضر، لم ينقّ يدي، وجئت فجلست عنده. فقال: اجعلوا بين يديه من الشراب، مثل ما يستحقّ من مدحني. فجاءوني بقنينة زجاج أخضر غليظ وحش، وقدح مثلها، وسخين وحشين، وفي القنينة نبيذ دوشاب «3» طريّ، وباقلا مملوح، وباقة ريحان. فشربت أقداحا، وهممت بهجائه، وأنا أمتنع، خوفا من أن يكون ذلك يصعب عليه، وإنّما يمازحني بما يقوله لي، وأنا أفكّر في ذاك، إذ أخرج خمسين دينارا. فقال: الآن قد فاتك ما مضى، ولكن اهجني مستأنفا، حتى أعطيك لكل بيت دينارا. فقلت: إن كان ولا بدّ، فاكتب، وقلت: جاءت بهيثم أمّه ... من بغيها وزنائها فرمى إليّ دينارا، فقلت:

جاءت به من نتنه ... لا شك يوم خرائها يا هيثم بن محمد ... يا ابن التي لشقائها فقال: ما صنعت شيئا. قلت: انتظر. قال: هات. فقلت: أمست تناك بكسرة ... وكذاك مهر نسائها فرمى إليّ بقيّة الدنانير، وقال: حسبك، ما أريد أجود من هذا، ولا أكثر، هاتوا له ممّا أكلت. فقدّم لي من جميع ما كان على المائدة، فأكلت، وقدّم لي من الشراب الذي بين يديه، والتحايا «1» والأنقال «2» ، فلمّا أراد القيام، أمر لي بجائزة وخلعة. فأخذتها وانصرفت من عند أحمق الناس وأجهلهم على الإطلاق. الهفوات النادرة 224.

105 كاتب بأنطاكية يعزله حمقه

105 كاتب بأنطاكية يعزله حمقه حدّث القاضي أبو علي التنوخي، قال: حدّثني أبو القاسم أبي «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، عن الحسين بن السميدع الأنطاكي، قال: كان عندنا بأنطاكية، عامل من قبل أمير حلب، وكان له كاتب أحمق. فغرق في البحر شلنديان «3» من مراكب المسلمين التي يقصدون فيها الروم، فكتب الكاتب عن صاحبه، إلى الأمير بحلب: بسم الله الرحمن الرحيم، أعلم الأمير أعزّه الله، أنّ شلنديين، أعني مركبين، صفقا، أي غرقا، من خبّ البحر، أي من شدة موجه، فهلك من فيهما، أي تلفوا. فأجابه صاحب حلب: ورد كتابك، أي وصل، وفهمناه، أي قرأناه، فأدّب كاتبك، أي اصفعه، واستبدل به، أي اصرفه، فإنّه مائق، أي أحمق، والسلام، أي قد انقضى الكتاب. الهفوات النادرة 305

106 حماقة متمكنة ورقاعة متبينة

106 حماقة متمكنة ورقاعة متبينة كان أبو العباس سهل بن بشر «1» ، ممّن ارتفعت في الدولة الديلمية رتبته، وعلت درجته ومنزلته، وضمن واسط والأهواز، على حماقة متمكّنة، ورقاعة متبيّنة. وكان دأبه تغليط الكتاب، والرد عليهم، وتغيير كتبهم التي ينشؤونها عنه، وعكس حسباناتهم التي يرفعونها إليه، ويعرضونها عليه، بالمحال الفاسد، والمستحيل الباطل. ولقد قال يوما لأحدهم: ويلك، لم يجب أن تفصّل في هذا الموضع، هذا التفصيل الواسع، كان يجب أن يكون بقدر ما تسلكه نملة، وقد جعلته بحيث تسلكه حيّة، أيش حية بل شاة، أيش شاة بل دابة، أيش دابة، بل جمل، أيش جمل بل فيل، أيش فيل بل كركدن، ثم خرّق الكتاب، ورمى به. وحكى القاضي أبو علي التنوخي، قال: رأيته عدّة دفعات، لا أحصيها كثرة، يجلس في مجلس العمل، فإذا كثر عليه الشغل، وضاق به صدره، وغلبت عليه سوداؤه، تركه مفكّرا، ثم أخذ الدرج الذي بين يديه، وخرّق منه، وفتله، وتخلّل به، وأخرجه من فيه، وشمّه، ثم رمى به حيث وقع من حجور الناس، أو وجوههم، أو لحاهم، أو عمائمهم. فاتّفق في بعض الأيام، أن وقع من ذلك واحدة في لحية أحمد بن عمر الطالقاني الكاتب، فصوّت من فيه، كصوت البوق.

فتنبّه سهل بن بشر من غفلته، وقال: ما هذا؟ وشتمه أفحش شتم، وسبّه أقبح سبّ. فقال له: نصب سيدنا الأستاذ في لحيتي هذا المطرد «1» ، فظننت أنّه يريد الخروج إلى بعض الأسفار، فضربت بالبوق ليعلم ذلك، فيصحبه من يريد أن يصحبه، ويسير معه. فضحك منه الحاضرون «2» . الهفوات النادرة 314

107 حديد سفيه شتام

107 حديد سفيه شتام وقال القاضي «1» : كان سهل حديدا، سفيها، شتّاما للغلمان، ولم يكن يصبر على خدمته أحد. وشتم يوما بعض الفراشين، فتداخلت الفراش حميّة الإسلام، ودخل بقربته إلى حجرة خالية، بعيدة عن الدار الكبيرة التي فيها الغلمان، ليرشّ خيشا «2» فيها، وقام سهل وراءه، يتبعه ويشتمه. ورأى الفراش خلو الموضع من غيرهما، فصفعه بالقربة، إلى أن قطعها على قفاه جميعها. ووقع سهل مغشيا عليه، فداس بطنه، ولكم جنوبه، فلما شفى نفسه منه، تركه يتخبّط، وخرج، فأخذ ما كان له في خزانة الفرّاشين وانصرف. وبعد ساعة لمّا ظهر على سهل، وعرف ما جرى عليه، طلب الفراش بأصحاب الشرط، والمراكز، والجوازات، فلم يوقف له على خبر. الهفوات النادرة 315

108 اشتفيت والله

108 اشتفيت والله وشتم «1» يوما فرّاشا آخر، فردّ عليه، فنهض إليه، وعدا من بين يديه، فقال له: بحق محمد نبيّك، قف لي حتى ألحقك. فقال له: بحق عيسى ربك، ارجع عنّي واتركني. وما زالا يعدوان، حوالي البستان، وعثر الفراش، فوقعت عمامته، فأخذها سهل، وما زال يعضّها ويخرّقها ويقول: اشتفيت والله. ثم رجع فجلس في مكانه «2» . الهفوات النادرة 316

109 سهل بن بشر يشتم ذوي الحاجات

109 سهل بن بشر يشتم ذوي الحاجات قال القاضي «1» : واجتمع النصارى بجنديسابور «2» إلى مطرانهم، وشكوا ما يجري من سهل عليهم من السب والشتم، والقذف والصفع، وانهم لا يأمنون نفرة من المسلمين عليهم لأجله، وفتكة بهم بسببه. فقال لهم: أنا أكفيكم ذلك، في يوم الأحد عند حضوره في البيعة. وفعل المطران ذلك، واستقصى الخطاب له فيه. فقال له: أنت، يا أبونا، أحمق، إنما أخاطب الناس، بما أخاطبهم به، عن القائد، لا عنّي، فإن لساني مستعار منه، ومستأجر لهذا وغيره. فلعنه المطران، وانصرف سهل. وأراد أن يشتم رجلا، فقال له: اسمع يا هذا، قد وعظني المطران، وأنا رجل مستأجر مع هذا القائد، ولا بد لي من أن أمتثل أمره، وأؤدي عنه ما يقوله. وقد قال لك: يا زوج كذا وكذا، ويا ابن كذا، ويا أخو كذا، وشتمه وسبّه، لم فعلت كذا؟ وذكر له ما أراد مواقفته عليه. وبقي يقول ذلك مدة، ثم قال: هذا طويل، حر أمّ المطران، ورجع إلى ما كان أوّلا عليه. الهفوات النادرة 316

110 صدقت، صدقت

110 صدقت، صدقت وقال القاضي «1» : كنت عنده «2» يوما، ونحن خاليان، فجاءه الدواتيّ بكتاب، فقرأه وطواه، وكتب عليه: لأبي فلان، فلان بن فلان، من ... ، ووقف، ثم قال لي: ممّن؟ فقلت: إمّا منك، أو من الأمير. فقال: صدقت، صدقت، وكتب «3» . الهفوات النادرة 317

111 نعب الغراب، فصفع البواب

111 نعب الغراب، فصفع البواب قال القاضي «1» : وحدّثني عبيد الله بن محمد الصروي الشاعر «2» ، وكان منقطعا إلى سهل، قال: رأيته يوما، وقد سقط غراب، على حائط صحن داره، فنعب، فتطيّر من صياحه، وأمر بصفع البوّاب، لم مكّن الغراب من دخول الدار «3» ؟ الهفوات النادرة 318

112 هاشمي متخلف يراسل وكيله

112 هاشمي متخلف يراسل وكيله وحدّث القاضي أبو علي المحسّن بن علي التنوخي، قال: رأيت عند القاضي أبي بكر بن قريعة «1» ، في سنة إحدى وستين وثلاثمائة «2» شيخا يعرف بابن سكران، يتوكل له في ضياعه وضماناته ببادوريا «3» . فقلت له: من يكون منك ابن سكران الذي كان يتوكل للحسن بن عبد العزيز الهاشمي، في ضيعته، ويكتب إليه كتبا طريفة مضحكة؟ فقال: أنا هو. وسمناه أن يقرأ علينا شيئا من ذاك، وكان يقال عنه، إنّه يحفظه، فامتنع. ولم أزل والقاضي أبو بكر به، إلى أن أملى عليّ كتابين من لفظه، على ما بهما من الخطإ والنقصان في الهجاء. فكان أولهما، وعنوانه: «من الحسن بن عبد العزيز الهاشمي، أبو لمّة- يريد أبو الأئمة، لأنّ أولاده كانوا أئمة في الجوامع- إلى وكيله وخادمه، أبو القاسم سكران، ولولا أنّه يقول، أنّه خادمه، قلنا أنّه منهم، ومضمونه: بسم الله الرحمن الرحيم، يا ابن سكران، قد أعجبتك نفسك، صبغوني في عينك، أنت تعرفني إذا حردت، فكيف إذا غضبت، هاها «4» ، كدت أفعل، كنت إذا أردت أن تعمل شيء، تكتب إليّ، وتستأذنني، وتشاورني،

وصرت تأمر وتنهي لنفسك، والله لأقطعنّ يد الآخر «1» ، ورجليك، ولأضعنّك في أضيق الحبوس. أنا مع أمير المؤمنين، ابن عمّي أعزّه الله، وقد خرج، صلى بنا الجمعة، وأنا أكلّمه، داه داه «2» ، أكلمه في أمر المسلمين، والدين، والهاشميين، وعينه في جوف عيني، وعيني في جوف فمه، لا ينظر إلى غيري، ترى لا أقدر أنتصف منك، والذي يبقي لي ابني أبو بكر «3» وعمر، وعثمان، هاه، من هونا «4» يحردون الروافض، عليك وعليهم لعنة الله، يا ماص بظر أمّه، إن كنت منهم، وإن لم تكون «5» منهم، فلا شيء عليك. وليس أنت كما ذكرت طويتك، ما دامت لك هذه العين تدور، وهذه الشعرة تعيش، والذي يعطيني في الآخرة أضعاف ما أعطاني في الدنيا، منه أسأل إن شاء الله. الجزير «6» الذي أوصل كتابك، قد أطعمته البارحة ممّا أكلت، خبز وشواء، وكل خير، وما رزق الله، فسله حتى يقل لك. البارحة، وحياتك يا أبا القاسم، ذكرتك، وقد شربت ماء باردا بثلج كثير، فقريت «7» عليك، وعوّذتك، ودعوت لك، ولوالديّ، ولجميع المسلمين.

وقلت: ترى، ذاك وكيلي ابن سكران الميشوم، أيش خبره، في هذه الشمس الحارة ونصف النهار؟ وما أبالي معك بولد ولا تلد «1» ولا أحد، فاحمل إليّ الخراج، صحّ «2» ، وصنان الباذنجان «3» ، وخيار، وبطيخ، وكل ما في القرية، والحملين الذي طلبتهم منك، احملهم إليّ في شعبان، قبل رمضان، سمان، سمان، واحد كبير نطبخه، وآخر صغير نشويه. أسمعت يا أبا القاسم أعزّك الله وفهمت؟ أعزك الله يا أبا القاسم، وأطال بقاءك، وأكرمك، وأتمّ نعمته عليك، وصلى الله على محمد النبي وآله، وعلى أصحابه، قول «4» آمين. وعنوان الآخر: من الحسن بن عبد العزيز الهاشمي، الإمام في الرصافة، وابنه أبو بكر الإمام في دار الخلافة، وابنه الآخر عمر الإمام بمصر والحرمين، وابنه عثمان يكون الإمام في مدينة المنصور، وابنه علي يكون الإمام في باقي الدنيا إن شاء الله. إلى وكيله ابن سكران. وباطنه: بسم الله الرحمن الرحيم، تحضر الجبابرة بني دينار، والأطروش خاطر، وابن كيلوه، لعنهم الله، فإنهم كلاب- أحاط الله- أكرة، بل زطّ، حتى ننظر أيش يعملون. فقد- والله محمود- أردت أن أضرب القريتين بالنار، ولكن الله سلّمكم، فانظروا كيف تكونون.

وقولوا: أمر سيّدنا وسيّدكم، أبو علي الحسن بن عبد العزيز الهاشمي، ابن عم النبي صلوات الله عليه وعلى أزواجه أمّهات المؤمنين، بشرى «1» من هم نحن منهم، وقد تقدم سيّدنا أبو علي بإحضاركم، فتكون أعينكم بين أيديكم. والسلام. الهفوات النادرة 327

113 عار على آدم

113 عار على آدم قال أبو القاسم التنوخي: جلس إبراهيم بن لنكك «1» في جامع البصرة، فجلس إليه قوم من العامة، فاعترضوا كلامه بما غاظه، فأخذ محبرة بعض الحاضرين، وكتب من شعره: وعصبة لما توسّطتهم ... ضاقت عليّ الأرض كالخاتم كأنّهم من بعد أفهامهم ... لم يخرجوا بعد إلى العالم يضحك إبليس سرورا بهم ... لأنّهم عار على آدم كأنّني بينهم جالس ... - من سوء ما شاهدت- في ماتم فاعترضه ولده وقال: يا أبت، أبياتك متناقضة، ولكن اسمع ما عملت: لا تصلح الدنيا ولا تستوي ... إلّا بكم يا بقر العالم من قال للحرث خلقتم فلم ... يكذب عليكم لا ولم ياثم ما أنتم عار على آدم ... لأنّكم غير بني آدم فوات الوفيات 1/54

114 سيد العرب ابن أبي دؤاد

114 سيد العرب ابن أبي دؤاد حدّث القاضي أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي [عن أبيه، بما جاء] في كتابه، قال: حدّثني الصولي «1» ، قال: حدّثني محمد بن القاسم بن خلاد «2» ، قال: رفع بعض العمال إلى المعتصم «3» ، وكان قد تولى من الخراج والحرب، ما كان يتولاه خالد بن يزيد بن مزيد «4» ، بأنّ خالدا اقتطع الأموال واحتجن «5» بعضها، فغضب المعتصم، وحلف ليأخذنّ أموال خالد، وليعاقبنّه وينفينّه. فلجأ خالد إلى أحمد بن أبي دؤاد القاضي «6» ، فاحتال حتى جمع بينه وبين خصمه، فلم تقم على خالد حجّة، فعرّف ابن أبي دؤاد القاضي، المعتصم بذلك، وشفع إليه في خالد، فلم يشفعه، وأحضر خالدا، وأحضر له آلات العقوبة، وكان قبل ذلك قبض أمواله وضياعه، وصرفه عن العمل. وحضر ابن أبي دؤاد المجلس، فجلس دون مجلسه الذي كان يجلس فيه. فقال له المعتصم: ارتفع إلى مكانك. فقال له: يا أمير المؤمنين ما أستحق إلّا دون هذا المجلس.

قال: وكيف؟ قال: لأنّ الناس يزعمون أنّه ليس محلّي محل من شفع في رجل قرف «1» بما ليس فيه، ولم يصحّ عليه شيء منه، فلم يشفّع. قال: فارتفع إلى موضعك. قال: مشفّعا أو غير مشفّع؟ قال: بل مشفّعا، قد وهبت لك خالدا، ورضيت عنه. قال: إنّ الناس لا يعلمون بهذا. قال: قد رددت عليه جميع ما قبض منه من ضياعه وأمواله. قال: فمر بفكّ قيوده، واخلع عليه. ففعل ذلك. قال: يا أمير المؤمنين، قد استحقّ هو وأصحابه رزق ستة أشهر، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجعلها صلة له. قال: لتحمل معه. فخرج خالد، وعليه الخلع، والمال بين يديه، والناس ينتظرون الإيقاع به. فلما رأوه على تلك الحال سرّوا، وصاح به رجل: نحمد الله على خلاصك يا سيد العرب. فقال: مه، بل سيد العرب- والله- ابن أبي دؤاد الذي طوّقني هذه المكرمة التي لا تنفكّ من عنقي أبدا. المستجاد من فعلات الأجواد 159

115 بين الإسكندر وملك الصين

115 بين الإسكندر وملك الصين قال القاضي أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي بن محمد التنوخي، حدّثني أبو الفرج الأصبهاني «1» من حفظه، قال: قرأت في بعض أخبار الأوائل: أنّ الاسكندر «2» لما انتهى إلى الصين، ونازل ملكها، أتاه حاجبه، وقد مضى من الليل شطره، فقال له: رسول ملك الصين بالباب يستأذن عليك. فقال: ائذن له. فلما دخل، وقف بين يديه وسلّم، وقال: إن رأى الملك أن يخليني فليفعل. فأمر الاسكندر من بحضرته بالانصراف، وبقي حاجبه. فقال له الرسول: إنّ الذي جئت له، لا يحتمل أن يسمعه غيرك. فأمر بتفتيشه، ففتّش، فلم يوجد معه شيء من السلاح. فوضع الاسكندر بين يديه سيفا مجرّدا، وقال له: قف مكانك، وقل ما شئت، ثم أخرج كل من كان عنده. فلما خلا المكان، قال له الرسول: إنّي أنا ملك الصين لا رسوله، وقد حضرت أسألك، عمّا تريده منّي، فإن كان ممّا يمكن الانقياد إليه، ولو

على أصعب الوجوه، أجبت إليه، وغنيت أنا وإيّاك عن الحرب. فقال له الاسكندر: وما آمنك مني؟ قال: علمي بأنّك رجل عاقل، وأنّه ليس بيننا عداوة متقدّمة، ولا مطالبة بذحل، وأنّك تعلم أن الصين إن قتلتني، لا يسلمون ملكهم إليك، ولا يمنعهم عدمهم إيّاي، أن ينصبوا لأنفسهم ملكا غيري، ثم تنسب أنت إلى غير الجميل، وضد الحزم. فأطرق الاسكندر مفكّرا في مقالته، وعلم أنّه رجل عاقل، ثم قال له: الذي أريده منك، ارتفاع ملكك لثلاث سنين عاجلا، ونصف ارتفاعه في كل سنة. قال: هل غير ذلك شيء؟ قال: لا. قال: قد أجبتك. قال: فكيف تكون حالك حينئذ؟ قال: أكون قتيلا أو محاربا، وأكلة أوّل مفترس. قال: وإن قنعت منك بارتفاع سنتين، كيف يكون حالك؟ قال: أصلح ممّا يكون إذا ألزمت بما تقدّم ذكره. قال: فإن قنعت منك بارتفاع سنة واحدة. قال: يكون ذلك مجحفا بملكي، ومذهبا لجميع لذّاتي. قال: فإن اقتصرت منك على السدس؟ قال: يكون السدس موفّرا، والباقي لجيشي، ولأسباب الملك. قال: قد اقتصرت منك على هذا. فشكره، وانصرف. فلما أصبح، وطلعت الشمس، أقبل جيش الصين حتى طبّق الأرض،

وأحاط بجيش الاسكندر، حتى خافوا الهلكة، وتواثب أصحابه، فركبو واستعدوا للحرب. فبينما هم كذلك، إذ ظهر ملك الصين وعليه التاج، فلما رأى الاسكندر ترجّل. فقال له الاسكندر: أغدرت؟ قال: لا والله. قال: فما هذا الجيش؟ قال: أردت أن أعلمك، أنّي لم أطعك من قلّة وضعف، والآن ترى هذا الجيش، وما غاب عنك منه أكثر، لكنّي رأيت العالم الأكبر مقبلا عليك، ممكّنا لك، فعلمت أنّه من حارب العالم الأكبر، غلب، فأردت طاعته بطاعتك، والذلّة لأمره، بالذلّة لك. فقال الاسكندر: ليس مثلك من يؤخذ منه شيء، فما رأيت بيني وبينك، أحدا، يستحق التفضيل، والوصف بالعقل، غيرك، وقد أعفيتك من جميع ما أردته منك، وأنا منصرف عنك. فقال ملك الصين: أمّا إذا فعلت ذلك، فلست تخسر. فلما انصرف الاسكندر، أتبعه ملك الصين، من الهدايا والألطاف، بضعف ما كان قرّره معه «1» . لباب الآداب 129

116 أبو هاشم الجبائي يموت في السادسة والأربعين

116 أبو هاشم الجبائي يموت في السادسة والأربعين ذكر المحسّن بن علي التنوخي، في كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، في الجزء الحادي عشر منه، وقد ضمن في خطبة كتابه هذا، أنّه تحقّق ما يوجد فيه عنده، قال: حدّثني أبو الحسن بن الأزرق «1» ، قال: كان أبو هاشم» بن أبي علي «3» الجبائي، لما قدم بغداد، يخبرنا أنّ أباه أبا عليّ، كان كثير الإصابة في علم النجوم، ويحدّثنا من ذلك بأحاديث كثيرة، وأخبرنا أنّه حكم له أن يعيش نيفا وسبعين سنة شمسية، فكنّا لإصابة أبي عليّ في الأحكام، طيّاب النفوس بهذا الحكم. فلما اعتلّ أبو هاشم علّته التي مات فيها ببغداد، جئت إليه. عائدا، فوجدت أخته، ابنة أبي عليّ، قلقة عليه، فأخذت أطيّب نفسها، حتى قلت: أليس قد حكم أبوه أنّه يعيش نيفا وسبعين سنة شمسيّة؟ قالت: بلى، ولكن على شرط. قلت: ما هو؟ قالت: إنّه قال: إن أفلت في السنة السادسة والأربعين، وقد اعتلّ هذه

العلة الصعبة فيها، فقلقي عليه لذلك، خوفا من أن يصحّ الحكم الأول. قال أبو الحسن: فمات في تلك العلّة «1» . فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 154

117 النجوم تكشف عن مولود أحنف

117 النجوم تكشف عن مولود أحنف ومن إصابات أبي عليّ الجبائي «1» في أحكام النجوم، ما رواه أيضا في نشوار المحاضرة، قال: حدّثني القاسم بن بدر الرامهرمزي «2» ، وكان يخلفني على العيار في دار الضرب، قال: حدّثنا أبو محمد عبد الله بن عباس «3» ، قال: كنت مع أبي علي الجبائي في عسكر مكرم، فاجتاز بدار، فسمع فيها ضجّة بولادة فقال: إن صحّ ما يقول المنجمون، فهذا المولود ذو عاهة. فدققت الباب، فخرجت امرأة، فسألتها عن الخبر، فجمجمت «4» . ثم خرج رجل كهل، فحين رآه أبو علي، قال: هذه دارك؟ قال: نعم. قال: فكيف هو؟ يعني المولود. قال: أحنف «5» . فأخذ أبو علي يطيّب نفسه. فقال تتفضّل يا أبا عليّ، فتدخل تحنّكه، وتؤذن في أذنه، فلعل الله يجعله مباركا. فدخل وحنّكه، وأذن في أذنه، ورأيناه وهو أحنف. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 155

118 يتنبأ بموت مولود في يومه السادس عشر

118 يتنبأ بموت مولود في يومه السادس عشر ومن إصابات أبي علي «1» في النجوم، ما حكاه التنوخي، في كتاب نشوار المحاضرة أيضا، قال: سمعت أبا أحمد بن مسلمة الشاهد العسكري «2» المعتزلي الحنفي، وكان شيخ بلده، يحكي عن رجل من أهل عسكر مكرم «3» ، وثّقه وعظّمه، قال: كنت مع أبي علي الجبائي «4» جالسا في داره في عسكر مكرم، فدخل إليه بعض غلمانه، فقال له: اجلس. فقال: لي زوجة تطلق، وأريد الرجوع إليها لحاجة طلبتها. فقال أبو علي، لبعض من حضر: امض معه، فإذا ولدت امرأته، فخذ الارتفاع، وجئني به. ففعل. فلما كان في غد، قال لنا أبو علي: إن صحّ حكم التنجيم، فإن هذا الولد يموت بعد خمسة عشر يوما. فلما كان اليوم السادس عشر، وكنا جلوسا ندرس على أبي علي، إذ دخل الرجل، فقال: إن فلانا قد مات، يعني ولده. فقال أبو علي: قوموا فأحضروه، ووفّوه حقه. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 155

119 تنبأوا له بالوزارة وهو صبي

119 تنبأوا له بالوزارة وهو صبي ومن المعروفين بعلم النجوم، والإصابة فيها، [فتى] من ولد يحيى بن يعقوب. فمن حكايته في ذلك، ما ذكره التنوخي في كتابه، قال: حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن السريّ الزجّاج النحوي «2» ، قال: كنت أؤدب القاسم بن عبيد الله «3» ، وكان أبوه «4» إذ ذاك، يحضره الديوان. فلما أخرجه من المكتب، كنت معه في الديوان ببادوريا «5» ، وهو معه فيه، وله من العمر ست عشرة سنة، وأبوه متعطل، وذلك في وزارة إسماعيل ابن بلبل «6» ، للموفق «7» والمعتمد «8» .

وكان معه في ذلك الديوان جماعة من أولاد الكتّاب، وفيهم فتى نجيب من ولد يعقوب بن فرازون النصراني، وكان يفهم النجوم. فقال له ذلك الفتى: يا سيّدي أرى فيك نجابة وصناعة، ولك حظّ من الرياسة، وقد رأيت مولدك، وهو يدلّ على أنّك تتقلّد الوزارة، وتطول أيّامك فيها، فاكتب لي خطّا، يكون معي تذكر فيه اجتماعنا، وتضمن لي أن يكون لي حظّ منك إذ ذاك، حقّ بشارتي لك. قال: فأخذ القرطاس، وكتب فيه، بحسن خطّه: ليلقني فلان، إذا بلّغني الله ما أحبّ، لأبلّغه ما يحب إن شاء الله. فحدّثت أباه في ذلك، ففرح، وقال: قد والله سررتني بذلك. وأحضر المنجّمين، وأخرج مولده، فحكموا له بالوزارة، وأنّه يتقلّدها سنة ثمان وسبعين «1» . فخلف أباه على وزارة المعتضد «2» في إمارته «3» ، ودامت له إلى أن مات «4» . فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 165

120 وزير لا تغيره الوزارة

120 وزير لا تغيره الوزارة قال لي الزجّاج «1» : لما ولي القاسم «2» الوزارة «3» بعد موت أبيه، ودخل داره، وقفت في صحن الدار، لينصرف الناس، ودخل هو ليستريح، فيخرج للناس، فلا أنسى هيبتي عند غلمانه، حيث دخلت عليه، فلم أمنع، فوجدته قد صلّى وسلّم، وهو يدعو الله في خلوته، وليس بحضرته أحد، فلما رآني، قام إليّ، فانكببت على رجله. فقال لي: يا سيدي، يا أبا إسحاق، أنت أستاذي، وهذا الذي أعتقده في إكرامك، وكان في نفسي أن أعاملك [به] قبل أن تشرّفني عند حضور الناس، وتوقير مجلس الخلافة، وإذا فعلت ذلك، فهو حقّك عليّ، وإذا لم أفعله، فهو نقص حق العلم والعمل. قال: ثم ما أنكرت منه شيئا في عشرة، ولا مخاطبة، عما كان يعاملني به، إلى أن مات «4» . فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 166

121 القاضي التنوخي والد المحسن وقوة حافظته

121 القاضي التنوخي والد المحسن وقوة حافظته قال القاضي التنوخي، في الجزء السادس من نشوار المحاضرة: كان أبي «1» يحفظ للطائيين «2» سبعمائة قصيدة ومقطوعة «3» ، سوى ما لغيرهم من المحدثين، والمخضرمين، والجاهليين. ولقد رأيت له دفترا بخط يده يحتوي على رؤوس ما حفظه، وهو الآن عندي في نيف وثلاثين ورقة، أثمان منصوريّ لطاف. وكان يحفظ من اللغة والنحو شيئا عظيما. ومع ذلك كان علم الفقه والفرائض والشروط والمحاضرة والسجلات رأس ماله، وكان يحفظ منه ما قد اشتهر به. وكان يحفظ من الكلام والمنطق والهندسة الكثير، وكان في علم النجوم، والأحكام، والهيئة، قدوة، وكذلك في علم العروض، وله فيها، وفي الفقه وغيره، عدة كتب مصنّفة. وكان مع ذلك يحفظ ويحدّث فوق عشرين ألف حديث، وما رأيت أحدا أحفظ منه، ولولا أن حفظه متفرق في هذه العلوم، لكان أمرا هائلا. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 167

122 أبو يوسف البريدي يخالف منجمه فيقتل

122 أبو يوسف البريدي يخالف منجمه فيقتل ومن الموصوفين بعلم النجوم من المسلمين، أبو القاسم غلام زحل «1» ، وقد حكى الشيخ الفاضل المحسّن بن علي التنوخي، في الجزء السادس من نشوار المحاضرة عنه جملا، وذكر طرفا من فضله، وإصابته في الأحكام بالنجوم، فقال: ومن العجيب، حكمه في قتل أبي يوسف» ، فإنه قد كان يخدمه في النجوم أبو القاسم غلام زحل المنجم، وهو الآن شيخ من شيوخ المنجمين في الأحكام، وكان أبي يقدمه في هذه الصناعة، ويستخدمه فيها، ويسلّم إليه سنيّ تحويل مولده، ومولدي، إذا قطعه قاطع عن عملها بيده، لأنه كان قلّما يأخذ تحاويلنا بيده، بل يولّي ذلك غيره «3» . وأبو القاسم الآن مقيم بخدمة الأمير عضد الدولة بشيراز «4» .

فقال أبو القاسم هذا، لأبي يوسف البريديّ، في اليوم الذي عزم فيه على الركوب إلى الأبلّة «1» ، ليسلّم فيه على أخيه أبي عبد الله «2» : أيها الأستاذ لا تركب، فإنّ هذا اليوم يوجب تحويلك فيه عليك، قطعا بالحديد. فقال: يا فاعل، إنما أركب إلى أخي فممّن أخاف؟ وخرج بالطيّار. فعاد غلام زحل، فأخرج جميع ما كان له في الدار من أثاث، وذهب لينصرف. فقال له الحجّاب: إلى أين؟ فقال: أهرب، لأن الدار بعد ساعة تنهب.

ومضى أبو يوسف، إلى أبي عبد الله، فقتله في ذلك اليوم «1» . وكان هذا الخبر مشهورا، عن أبي القاسم غلام زحل، نقله أبي، وشهد بصحته. وكان يحكي ذلك في تلك الأيام، وأنا صبيّ، فأسمع ذلك، وكان يعدّه من إصابات، غلام زحل. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 168

123 سهلون ويزدجرد ابنا مهمندار الكسروي

123 سهلون ويزدجرد ابنا مهمندار الكسروي وممّن وصف بعلم النجوم، سهلون، ويزدجرد، من علماء الإسلام، فيما ذكره التنوخي في رابع أجزاء النشوار، فقال ما هذا لفظه: حدّثني أبو عبد الله محمد الحارثي «1» ، قال: كان ببغداد، في أيام المقتدر، أخوان كهلان، فاضلان، وعندهما من كل فن مليح، وهما من أحرار فارس، قد نشآ ببغداد، وتأدّبا بها، وتعلّما علوما كثيرة، يقال لأحدهما: سهلون، وللآخر يزدجرد، ابنا مهمندار الكسروي، ويعرفان بذلك، لانتسابهما إلى الأكاسرة، وكانا ذوي نعمة قديمة، وحالة ضخمة، وكنت ألزمهما، على طريق الأدب. وكان ليزدجرد منهما، كتاب حسن ألّفه في صفة بغداد «2» ، وعدد

سككها، وحماماتها، وشوارعها، وما تحتاج إليه في كل يوم من الأقوات والأموال، وما تحتوي عليه من الناس، وعدة كتب أدبية وفلسفية، قرأت أكثرها عليه. وكان هو وأخوه ينشدان الشعر الجيد لأنفسهما، وسهلون بن مهمندار كان لزم بعض الرؤساء، وعمل له رسائل وقصائد. ثم ذكر التنوخي، من شعر سهلون، ما يقتضي علمه بالنجوم، فقال: أنشد من شعره: تعفّفت عن أخذ الدراهم والبرّ ... ليمسك من سرّي فبالغت بالستر ولم يرّ ميلي للّجين وللتبر ... ولكن لإكرامي وأن يعرفوا قدري ولست أسوم الناس صعبا من الأمر ... ولا عابني حال من العسر واليسر ولا أنا ممّن يمدح الناس بالشعر ... ولا أنا من يهجو بشعر ولا نثر ولكنّني رب العلوم وذو الأمر ... بنظم تغلّيه الجواري على الدرّ ولي دربة طالت على كل عالم ... إذا أعوز الإنسان علم بما يدري من الطبّ والتنجيم من بعد منطق ... ولا علم إلّا ما أحاط به صدري وها أنا سيف الله علما بدينه ... أذبّ عن التوحيد في أمم الكفر «1» ثم ذكر تمام الأبيات، والمراد منها ما ذكره عن نفسه في عالم النجوم. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 176

124 أبو العباس بن المنجم يعرض بأبي عبد الله البصري المتكلم

124 أبو العباس بن المنجم يعرّض بأبي عبد الله البصري المتكلم ومن المعروفين بعلم النجوم من أهل الإسلام، وإن لم يعرف له شيء من الأحكام، ممّن ذكرهم التنوخي، في كتابه النشوار، جماعة، منهم: أبو بكر ابن عمر «1» ، وقد صنف كتبا كثيرة في النجوم. ومنهم أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون المنجم «2» . ومنهم يحيى بن أبي منصور المنجم «3» ، وكان يحيى مجوسيا، أسلم على يد المأمون، فصار مولاه بذلك، وكان خصيصا به، ومنجمه، ونديمه. وأبو منصور، والده، منجم المنصور «4» . ومنهم أبو الحسن محمد بن سليمان، صاحب الجيش، وكان منقطعا إلى أبي علي بن مقلة، قبل الوزارة، وبعدها، مختصا به من أجل النجوم والأدب. ومنهم الحسن بن علي بن زيد المنجم «5» ، غلام أبي نافع، عامل معز

الدولة على الأهواز وقطعة من كورها، ومحله عنده محل أحد وزرائه. ومنهم والد أبي العباس هبة الله بن المنجم، الذي ذكر التنوخي، أنّ ولده أبا العباس «1» جرت له حكاية، فقال: أنشد أبو العباس لنفسه، يعرّض بأبي عبد الله البصري المتكلّم «2» ، لمّا صيّر له عضد الدولة رسما، أن يحمل إليه من مائدته كل يوم جونة كبيرة، طعاما، تشريفا له بذلك. وأنا أقول: كان سبب ذلك، أنّه أقطعه إقطاعا بمال جليل في كل سنة، فلم يقبل، فبذل له شراء ضياع يوقفها عليه، بدل هذا الإقطاع، وتستطاب غلّتها، ويصحّ إنفاقها، فلم يقبل، وأبى. قال عضد الدولة «3» : فلا أقل من أن ينفذ إليك في كل يوم، من حضرتي، بما تأكله، وفي كل فصل بكسوة، وطيب تستعمله. فأجاب إلى ذلك. فأنفذ إليه ثيابا جليلة، من صنوف القطن، والكتّان، والعود الهندي، وأنواعا من العطر، وصار ينفذ إليه جونة في كل يوم، مع غلام من أصحاب مائدته،

من الطعام الذي يقدّم إليه، ثم يشال من بين يديه. فقال هبة الله، أبو العباس المنجم، لكنّي سمعت هذا الشعر، وأبو العباس ليس بحي، ولا أبو إسحاق النصيبي «1» ، فأعرف صحّته، إلّا أنّي أثق بخبر أبي علي «2» ، والشعر هو: أظهر هذا الشيخ مكنونه ... وجنّ لما أبصر الجونه «3» شحّ عليها إذ رأى حسنها ... وهي بلحم الطير مشحونه أسلم للعاثور «4» إسلامه ... وباع في أكلتها دينه فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم لرضي الدين بن طاوس 201

125 منجم يأخذ طالع المعتصم

125 منجم يأخذ طالع المعتصم ذكر التنوخي في الجزء السابع من نشوار المحاضرة، قال: حدّثني علي ابن العباس النوبختي «1» ، قال: حدّثني محمد بن داود بن الجراح «2» ، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن وهب «3» ، قال: رأيت يوما محمد بن عبد الملك الزيات «4» ، قد عاد من موكب المعتصم «5» ، قبل خروجه إلى سامراء، وهو على غاية من الضجر، وكنت جسورا عليه. فقلت: ما لي أرى الوزير أيّده الله مهموما؟ قال: أفما عرفت خبري؟ قلت: لا. قال: ركب أمير المؤمنين، وأنا أسايره من جانب، وابن أبي دؤاد «6» يسايره من الجانب الآخر، حتى بلغنا رحبة الجسر، فأطال الوقوف، حتى ظننّا أنّه ينتظر شيئا. ثم أسرع خادم يركض، حتى أسرّ إليه سرّا، فقال: غممتني، وكرّ

راجعا إلى الجانب الشرقي، فلما توسّط الطريق جعل يضحك، ولا شيء يضحكه. فجسر عليه ابن أبي دؤاد، فقال: إن رأى أمير المؤمنين، أن يشركنا بالسرور فيما يسرّه. قال: ليست لكما حاجة في ذلك. فقال ابن أبي دؤاد: بلى. قال: أما إذ سألتماني لم ركبت اليوم، فإنّي اعتمدت أن أبعد، وصرت إلى رحبة الجسر، فذكرت منجما كان يجلس فيها أيّام فتنة الأمين «1» ، وبعدها، وكان موصوفا بالحذق قديما، وكنت أسمع به. فلما غلب إبراهيم بن شكلة «2» ، على الأمور، اعتمد «3» عليّ في الرزق، وأجرى لي خمسمائة دينار في الشهر، ولم يكن أحد داخله أكثر رزقا منّي، لأنّ جيشه إنما كان كلّ واحد له تسعة دراهم وعشرة، والقوّاد مثلها دنانير ونحو ذلك، لضيق الأحوال، وخراب البلاد، والناس إنما كانوا يقاتلون معه عصبيّة، لا لجائزة. فركبت يوما حمارا، متنكرا «4» لبعض شأني، فرأيت ذلك المنجّم، فتطلّعت إليه نفسي أن أسأله عن أمر إبراهيم وأمري، وهل يتمّ لنا شيء، أم يغلبنا المأمون «5» ، فعدلت إلى المنجم، وكنت متنكّرا.

وقلت للغلام: أعطه ما معك، فأعطاه درهمين. وقلت له: خذ الطالع، واعمل لي مسألة، ففعل. ثم قال لي: سألتك بالله هل أنت هاشمي؟ قلت: ما سؤالك عن هذا؟ فقال: كذا يوجب الطالع، فإن لم تصدقني لم أنظر لك. فقلت: نعم. قال: فهذا الطالع أسد، وهو الطالع في الدنيا، وإنّه يوجب لك الخلافة، وأنت تفتح الآفاق، وتزيل الممالك، ويعظم جيشك، وتبني لك بلادا عظيمة، ويكون من شأنك كذا، ومن أمرك كذا، وقصّ عليّ جميع ما أنا فيه الآن. قلت: فهذا السعود، فهل عليّ من النحوس؟ قال: لا، ولكنك إذا ملكت، فارقت وطنك، وكثرت أسفارك. قلت: فهل غير هذا؟ قال: نعم، ما شيء أنحس عليك من شيء واحد. قلت: ما هو؟ قال: يكون المتولّون عليك في أيام ملكك، أصولهم دنيّة، سفلة، فيغلبون عليك، ويكونون أكابر أهل مملكتك. قال: فعرضت عليه دراهم كانت في خريطة معي في خفّي، فحلف أن لا يقبل غير ما أخذه. وقال: إذا وليت هذا الأمر فاذكرني، وأحسن في ذلك الوقت إليّ. فقلت: أفعل. ولكنّي ما ذكرته إلى الآن، ولما بلغت الرحبة، وقعت عيني على موضعه فذكرته، وذكرت كلمته، وتأمّلتكما حواليّ، وأنتما أكبر أهل مملكتي،

وأنت ابن زيّات «1» ، وهذا ابن قيّار «2» - وأومأ إلى ابن أبي دؤاد- فإذا قد صح جميع ما قال. فأنفذت هذا الخادم في طلبه والبحث عنه، لأفي له بسالف الوعد، فعاد إليّ، وذكر أنه قد مات قريبا، فكسلت، وغمّني أن فاتني الإحسان إليه، فرجعت عن الابعاد، وأخذني الضحك، إذ ترأس في دولتي أولاد السفل. قال: فانكسرنا، ووددنا أنّا ما سألناه. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 190

126 كيف اتصل نوبخت المنجم بأبي جعفر المنصور

126 كيف اتصل نوبخت المنجم بأبي جعفر المنصور أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي، قال: أنبأنا محمد بن عبد الرحيم المازني «1» ، قال: أنبأنا الحسين بن القاسم الكسروي «2» ، قال: حدّثني أبو سهل بن علي بن نوبخت «3» ، قال: كان جدّنا نوبخت على دين المجوسيّة، وكان في علم النجوم نهاية، وكان محبوسا في سجن الأهواز. قال: رأيت أبا جعفر المنصور «4» قد دخل السجن «5» ، فرأيت من هيبته، وجلالته، وسيماه، وحسن وجهه، وشأنه، ما لم أره لأحد قط، فصرت من موضعي إليه، فقلت: يا سيدي، ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد. فقال: أجل يا مجوسي.

قلت: من أيّ بلاد أنت؟ قال: من المدينة. قلت: أي مدينة؟ قال: مدينة الرسول صلوات الله عليه. فقلت: وحق الشمس والقمر، من أولاد صاحب المدينة؟ قال: لا، ولكن من عرب المدينة. فلم أزل أتقرّب إليه وأحدّثه، حتى سألته عن كنيته. فقال: أبو جعفر. فقلت: أبشر، وجدتك في الأحكام النجومية، تملكني، وجميع ما في هذا البلد، حتى تملك فارس، وخراسان، والجبال. فقال لي: وما يدريك يا مجوسي؟ قلت: هو كما أقول، واذكر لي هذا. قال: إن قضى الله، فسوف يكون. قلت: قد قضى الله من السماء، فطب نفسا. وطلبت دواة، فوجدتها، فقلت: اكتب، فكتب. «بسم الله الرحمن الرحيم. إذا فتح الله على المسلمين، وكفاهم معرة الظالمين، وردّ الحق إلى أهله، فلا نغفلك» . فقلت: اكتب لي في خدمتك خطّا، وأمانا. فكتب لي. قال نوبخت: ولما ولي الخلافة، صرت إليه، فأخرجت الكتاب، فقال: أنا له ذاكر مع الأمان، والحمد لله الذي صدق وعده، وردّ الحق إلى أهله. قال: فأسلم نوبخت، وكان منجما لأبي جعفر، ومولى له. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم 211

127 كلب يموت على قبر صاحبه

127 كلب يموت على قبر صاحبه وذكر بعض الرواة «1» ، قال: كان للربيع بن بدر، كلب قد رباه، فلما مات الربيع، ودفن، جعل الكلب يتضرّب «2» على قبره حتى مات. وكان لعامر بن عنترة «3» كلاب صيد وماشية، وكان يحسن صحبتها، فلما مات عامر، لزمت الكلاب قبره، حتى ماتت عنده، وتفرق عنه الأهل والأقارب. فضل الكلاب على من لبس الثياب 10

128 وفاء الكلب، وغدر أبي سماعة

128 وفاء الكلب، وغدر أبي سماعة كان للأعمش «1» كلب يتبعه في الطريق إذا مشى، حتى يرجع، فقيل له في ذلك، فقال: رأيت صبيانا يضربونه، ففرقت بينهم وبينه، فعرف لي ذلك فشكره، فإذا رآني يبصبص لي، ويتبعني. ولو عاش- أيدك الله- الأعمش إلى عصرنا، ووقتنا هذا، حتى يرى أهل زماننا هذا، ويسمع خبر أبي سماعة المعيطي ونظائره، لازداد في كلبه رغبة، وله محبة. قال: هجا أبو سماعة المعيطي، خالد بن برمك «2» ، وكان إليه محسنا، فلما ولي يحيى «3» الوزارة، دخل إليه أبو سماعة، فيمن دخل من المهنئين. فقال: انشدني الأبيات التي قلتها. فقال: ما هي؟ قال: قولك: زرت يحيى وخالدا مخلصا لل ... هـ ديني فاستصغرا بعض شاني ولو انّي ألحدت في الله يوما ... أو لو انّي عبدت ما يعبدان ما استخفّا فيما أظن بشأني ... ولأصبحت منهما بمكان

إنّ شكلي وشكل من جحد الل ... هـ وآياته لمختلفان قال أبو سماعة: لا أعرف هذا الشعر، ولا من قاله. فقال له يحيى: ما تملك صدقة إن كنت تعرف من قالها؟ فحلف. فقال يحيى: وامرأتك طالق، فحلف. فأقبل يحيى على الغساني، ومنصور بن زياد، والأشعثي، ومحمد بن محمد العبدي- وكانوا حضورا في المجلس- وقال: ما أحسبنا إلّا وقد احتجنا أن نجدد لأبي سماعة منزلا، وآلة، وحرما، ومتاعا، يا غلام: ادفع له عشرة آلاف درهم، وتختا فيه عشرة أثواب، فدفع إليه. فلما خرج تلقّاه أصحابه، يهنئونه، ويسألونه عن أمره، فقال: ما عسيت أن أقول إلّا أنه ابن زانية أبي إلّا كرما. فبلغت يحيى كلمته من ساعته، فأمر به، فحضر، فقال له يا أبا سماعة، لم تعرق في هجائنا، وتغرق في شتمنا؟ فقال له أبو سماعة: ما عرّفته أيها الوزير، افتراء وكذب عليّ. فنظر إليه يحيى مليّا، ثم أنشأ يقول: إذا ما المرء لم يخدش بظفر ... ولم يوجد له أن عضّ ناب رمى فيه الغميزة من بغاها ... وذلّت من قرائنه الصعاب فقال أبو سماعة: كلّا أيها الوزير، ولكنّه كما قال: لم يبلغ المجد أقوام وإن شرفوا ... حتى يذلّوا، وإن عزّوا، لأقوام ويشتموا فترى الألوان مسفرة ... لا صفح ذلّ ولكن صفح أحلام فتبسّم يحيى، وقال: إنّا عذرناك، وعلمنا أنّك لن تدع مساوىء شيمك، ولؤم طبعك، فلا أعدمك الله ما جبلك عليه من مذموم أخلاقك،

ثم تمثّل قائلا: متى لم تتّسع أخلاق قوم ... تضيق بهم فسيحات البلاد إذا ما المرء لم يخلق لبيبا ... فليس اللب عن قدم الولاد ثم قال: هو والله، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: المؤمن لا يشفي غيظه. ثم إن أبا سماعة، هجا بعد ذلك سليمان بن أبي جعفر «1» ، وكان إليه محسنا، فأمر به الرشيد «2» ، فحلق رأسه ولحيته «3» . فضل الكلاب على من لبس الثياب 11

129 كلب يخرج صاحبه من حفرة دفن فيها حيا

129 كلب يخرج صاحبه من حفرة دفن فيها حيا أنبأنا الفقيه أبو موسى عيسى بن أبي عيسى القابسي «1» ، قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قراءة عليه، قال: حدّثنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيويه الخزاز «2» ، أنّ أبا بكر محمد بن خلف بن المرزبان «3» ، أخبرهم، قال: أنشدني أبو عبيدة «4» ، لبعض الشعراء: يعرّج عنه جاره وشقيقه ... ويرغب فيه كلبه وهو ضاربه قال أبو عبيدة: قيل هذا الشعر، في رجل من أهل البصرة خرج إلى الجبّانة «5» ينتظر ركابه، فاتبعه كلب له فطرده، وضربه، وكره أن يتبعه، ورماه بحجر فأدماه، فأبى الكلب ألّا أن يتبعه. فلما صار إلى الموقع، وثب به قوم، كانت لهم عنده طائلة «6» ، وكان معه جار له، وأخ، فهربا عنه، وتركاه وأسلماه، فجرح جراحات كثيرة،

ورمي به في بئر، وحثوا عليه التراب، حتى واروه، ولم يشكّوا في موته، والكلب مع هذا يهرّ «1» عليهم، وهم يرجمونه. فلما انصرفوا، أتى الكلب إلى رأس البئر، فلم يزل يعوي، ويبحث في التراب بمخالبه، حتى ظهر رأس صاحبه وفيه نفس يتردد، وقد كان أشرف على التلف، ولم يبق فيه، إلّا حشاشة نفسه، ووصل إليه الروح. فبينما هو كذلك، إذ مرّ أناس، فأنكروا مكان الكلب، ورأوه كأنّه يحفر قبرا، فجاءوا، فإذا هم بالرجل على تلك الحال، فاستخرجوه حيّا وحملوه إلى أهله. فزعم أبو عبيدة، أنّ ذلك الموضع، يدعى: بئر الكلب. فضل الكلاب على من لبس الثياب 16

130 كلب خلص صاحبه من موت محقق

130 كلب خلص صاحبه من موت محقق حدّثني عبد الله بن محمد الكاتب، قال: حدّثني أبي، عن محمد بن خلاد «1» ، قال: قدم رجل على بعض السلاطين، وكان معه حاكم أرمينية، منصرفا إلى منزله، فمر في طريقه بمقبرة، فإذا قبر عليه قبّة مبنيّة، مكتوب عليها: هذا قبر الكلب، فمن أحبّ أن يعلم خبره، فليمض إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها من يخبره. فسأل الرجل عن القرية، فدلّوه عليها، فقصدها، وسأل أهلها، فدلّوه على شيخ، فبعث إليه، وأحضره، وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة، فسأله، فقال: نعم، كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن، وكان مستهترا بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد ربّاه، وسمّاه باسم، وكان لا يفارقه حيث كان، فإذا كان وقت غدائه وعشائه، أطعمه ممّا يأكل. فخرج يوما إلى بعض متنزهاته، وقال لبعض غلمانه: قل للطباخ، يصلح لنا ثريدة لبن، فقد اشتهيتها، فأصلحوها، ومضى إلى متنزهاته. فوجّه الطباخ، فجاء بلبن، وصنع له ثريدة عظيمة، ونسي أن يغطيها بشيء، واشتغل بطبخ شيء آخر. فخرج من بعض شقوق الحيطان أفعى، فكرع من ذلك اللبن، ومجّ في الثريدة من سمّه، والكلب رابض، يرى ذلك كله، ولو كان له في الأفعى حيلة لمنعها، ولكن لا حيلة للكلب في الأفعى والحيّة، وكان عند الملك جارية

خرساء، زمنة «1» ، قد رأت ما صنع الأفعى. ووافى الملك من الصيد في آخر النهار، فقال: يا غلمان، أوّل ما تقدمون إليّ الثريدة. فلما قدموها بين يديه، أومأت الخرساء إليهم، فلم يفهموا ما تقول، ونبح الكلب وصاح، فلم يلتفتوا إليه، وألحّ في الصياح ليعلمهم مراده فيه. ثم رمى إليه بما كان يرمي إليه في كل يوم، فلم يقربه، ولجّ في الصياح. فقال لغلمانه: نحّوه عنّا، فإن له قصّة، ومد يده إلى اللبن. فلما رآه الكلب، يريد أن يأكل، وثب إلى وسط المائدة، وأدخل فمه في اللبن، وكرع «2» منه، فسقط ميتا، وتناثر لحمه. وبقي الملك متعجّبا منه ومن فعله، فأومأت الخرساء إليهم، فعرفوا مرادها، وما صنع الكلب. فقال الملك لندمائه وحاشيته: إنّ كلبا قد فداني بنفسه، لحقيق بالمكافأة، وما يحمله ويدفنه غيري، ودفنه بين أبيه وأمه، وبنى عليه قبّة، وكتب عليها ما قرأت، وهذا ما كان من خبره «3» . فضل الكلاب على من لبس الثياب 16

131 أبو الحسن القمي يقترح أصواتا

131 أبو الحسن القمي يقترح أصواتا «1» كان أبو الحسن القمّي، يكتب لروزبهان بن ونداد خورشيد «2» ، على إقطاعه في السواد، وخليفة عنه بحضرة معز الدولة «3» ، ببغداد، وكان يهوى «منداة» جارية قهرمانة ابن مقلة «4» ، وهي صبيّة مليحة الوجه، طيّبة الغناء، وكان من أصواته عليها: أيا راهبي نجران ما فعلت هند ... أقامت على عهدي وأنّى لها عهد فأراد يوما أن تغنّيه له، فقال لها: يا ستّي، غنّي لي ذاك سوت «5» : أيا راهبي نجران ما فعلت هندي ... أقامت بلا عهد وإنّي بلا عهد فضحكت، وقالت له: أعلم أنّك سفلة، بلا عهد. وقال لها مرة: يا ستّي، غنّي ذاك سوت:

يا فاطمة بعط ذلول فضحكت، وضحك الحاضرون، يريد: أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل وحدّثت عنه، بين يديه، وهو يسمع، قالت: غنّيت له ليلة: أمن سميّة دمع العين مذروف ... لو أنّ ذا منك قبل اليوم معروف وفيه لحن حسن، فأعجبه، وأطربه، ولم يزل يتلقّنه، ويتحفّظه، إلى أن ظنّ أنّه قد أتقنه. وصبر ساعة، وقال لي: يا ستّي، بالله غنّي لي، ذاك سوت: أمن سميته دموعك عينك ذرذف فضحكت منه، فقال: ما لك؟ فأعدت البيت عليه، على صحّته. فقال: يا باردة، كلّه واحد. قالت: وغنّيت له مرة، صوتا استحسنه، وقال لي: يا ستّي، اكتبيه لي. فقلت له: يا هذا أنت كاتب أو أنا؟ فقال: أنا ما أحسن أكتبه بلحنه، أريد تكتبينه أنت بلحنه، كما تحسنينه «1» . الهفوات النادرة 331

132 أبو الحسن القمي يتحدث عن يقطين قم

132 أبو الحسن القمي يتحدّث عن يقطين قم وكان يوما في دار أبي الحسن الأهوازي «1» ، فتحدّث بحديث يقطين يكون بقمّ «2» ، عظيما، حتى إنّ قشر الواحدة- إذا فرّغ وجفّف- وسع من الحنطة شيئا كثيرا. وقال: وهو مقبل على أبي الحسن بن محمود البادرائي، نديم أبي الحسن الأهوازي، وكان طيّبا، نادرا، فقال له: إقطعون راسك، أخرجون صوف. فقال له ابن محمود: يكون- يا سيدي- في قرع قم، صوف؟ قال: هاي، كيف يكون صوف في قرع؟ إنّما أخرجون قماش بطنك. فقال ابن محمود: كانت حالي مع الصوف أصلح، مرّ يا سيدي في حديثك، فلك نيّتك، وقد علمنا ما أردت.

فضحكت الجماعة. فقال: ذا قرع مبارك، جاب الضحك والفرح. وضحك معهم «1» . الهفوات النادرة 332

133 رقعة أبي الحسن القمي إلى الأمير عبد الواحد بن المقتدر

133 رقعة أبي الحسن القمي إلى الأمير عبد الواحد بن المقتدر وكتب يوما رقعة إلى عبد الواحد بن المقتدر بالله «1» ، يسأله مبايعته سقف ساج مذهب، كان في بيت ماء في داره على دجلة، بباب خراسان «2» : بسم الله الرحمن الرحيم، قد علم سيدي الأمير، حال السقف الذهب، الذي- حاشا وجه سيدي- في الخلاء، وهو هدية من ماله، والشكر عليه كثير، وليس أجعله- وحياة راس سيدي الأمير- في الخلاء، أريده لصفّة «3» ، ويوعز سيدي الأمير، إذا منحني من ثمنه، مزحت مع سيدي، وليس أخرج له من رأي قضاء حقّي، حتى أبو محمد القرافي يعرّفه ما في الأمر، ويزن الثمن، وعرّفته ذلك، حتى يعمل معي ما يشبهه، إن شاء الله «4» . الهفوات النادرة 333

134 ابن الجصاص يتحدث عما سلم من أمواله من المصادرة 1

134 ابن الجصّاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 1 حكى ابن الجصاص «1» ، قال: كنت يوم قبض عليّ المقتدر «2» ، جالسا في داري، وأنا ضيّق الصدر، وكانت عادتي، إذا حصل مثل ذلك، أن أخرج جواهر كانت عندي في درج، معدة لمثل هذا، من ياقوت أحمر، وأصفر، وأزرق، وحبّا كبارا، ودرّا فاخرا، ما قيمته خمسون ألف دينار، وأضعه في صينيّة، وألعب به حتى يزول قبضي. فاستدعيت بذلك الدرج، فأتي به بلا صينيّة، فأفرغته في حجري، وجلست في صحن داري، في بستان، في يوم بارد، طيّب الشمس، وهو مزهر بصنوف الشقائق «3» والمنثور «4» . وأنا ألعب بذلك، إذ دخل الناس بالزعقات والمكروه، فلما رأيتهم دهشت، ونفضت جميع ما كان في حجري من الجوهر، بين ذلك الزهر في البستان، فلم يروه.

وأخذت، وحملت، وبقيت مدّة في المصادرة والحبس، وتقلّبت الفصول على البستان، وجفّ ما فيه، ولم يفكّر أحد فيه. فلمّا فرّج الله عنّي، وجئت إلى داري، ورأيت المكان الذي كنت فيه، ذكرت الجوهر، فقلت: ترى بقي منه شيء؟. ثم قلت: هيهات، وأمسكت. ثم قمت، ومعي غلام ينثر البستان بين يدي، وأنا أفتش ما ينثره، وآخذ الواحدة بعد الواحدة، إلى أن وجدت الجميع، ولم أفقد منه شيئا «1» . فوات الوفيات 1/273

135 ابن الجصاص يتحدث عما سلم من أمواله من المصادرة 2

135 ابن الجصّاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 2 قال ابن الجصاص: لمّا نكبني المقتدر، وأخذ منّي تلك الأموال العظيمة «1» ، أصبحت يوما في الحبس، آيس ما كنت فيه من الفرج، فجاءني خادم، فقال: البشرى! قلت: وما الخبر؟ قال: قم، فقد أطلقت. فقمت معه، فاجتاز بي في بعض دور الخليفة، يريد إخراجي إلى دار السيّدة، لتكون هي التي تطلقني، لأنها هي شفعت فيّ. فوقعت عيني على أعدال خيش «2» لي أعرفها، وكان مبلغها مائة عدل،

فقلت: أليس هذا من الخيش الذي حمل من داري؟ قال: بلى. فتأمّلته، فإذا هو مائة عدل، وكانت هذه الأعدال، قد حملت إليّ من مصر، في كل عدل منها ألف دينار، وكانت هناك، فخافوا عليها، فجعلوها في أعدال الخيش، فوصلت سالمة، ولاستغنائي عن المال، لم أخرجه من الأعدال، وتركته في بيت من داري، وقفلت عليه، ونقل كل ما في داري، فكان آخر ما نقل منها، الخيش، ولم يعرف أحد ما فيه، فلما رأيته بشدّه، طمعت في خلاصه. فلما كان بعد أيام من خروجي، راسلت السيّدة، وشكوت حالي إليها، وسألتها أن تدفع إليّ ذلك الخيش لانتفع بثمنه، إذ كان لا قدر له عندهم، ولا حاجة بهم إليه، فوعدتني بخطاب المقتدر في ذلك. فلما كان بعد أيام، أذكرتها، فقالت: قد أمر بتسليمه إليك. فسلّم إليّ بأسره، ففتحته، فأخذت منه المائة ألف دينار، ما ضاع منها شيء، وبعت من الخيش ما أردت، بعد أن أخذت منه قدر الحاجة «1» . المنتظم 6/212

136 الوزير ابن الفرات يحسن إلى عطار

136 الوزير ابن الفرات يحسن إلى عطار حكي أنّ ابن الفرات اجتاز يوما ببعض الطرق، فاتّفق أن سار تحت ميزاب، فوقع عليه منه ما لوّث ثيابه، وسرجه، ودابته، فوقف في الطريق، وأنفذ إلى داره من يحضره خلعة ثياب أخرى، فرآه رجل عطّار كان في الموضع، فقام إليه، وسأله أن يدخل إلى منزله، ويقيم فيه، إلى أن يعود الرسول بالثياب، ففعل، وأقام عنده، وخلع ما كان عليه، وتنظّف بالماء مما كان أصابه، وأحضره الغلام الثياب، فلبسها، ثم سأله العطار، أن يأذن له في إحضار بخور يتبخّر به، فأذن له، وركب أبو الحسن. ومضت الأيام، فلمّا ولي الوزارة، كانت حال العطّار قد اختلّت، ورزحت «1» . فقالت له زوجته: لو مضيت إلى الوزير، وتعرّفت عليه بخدمتك كانت له «2» ، لرجوت أن ينظر في أمرك نظرا يغيّر به حالك. فأعرض عن قولها، واستبعد الأمل ممّا ذكرته. ثم ألحّت عليه في القول، فمضى، ودخل دار أبي الحسن، وتعرّض له، إلى أن رآه، فأمسك، وانصرف. فعرّف زوجته ما جرى، فأشارت عليه بالعود. فعاد ومعه رقعة يستميحه فيها، ولم يزل حتى وجد فرصة، فعرضها عليه، فلمّا وقف عليها، قال: سل حاجة، تقض لك.

واتّفق أن صار إليه من خاطبه في أمر كاتب للعيال «1» ، كان محبوسا، وسأله مسألة الوزير إطلاقه، وضمن له خمسة آلاف دينار له خاصة، وللوزير عشرين ألف دينار، على يده، وللحواشي خمسة آلاف دينار، وواقفه على تعديل المال، عند بعض التجار بالكرخ. فلما توثّق منه، قصد الوزير، ومعه رقعة بالصورة، فأمره بحمل المال، ليطلق له الرجل. فحمل المال، فلما حصل في الدار، منع بعض الخدم من إدخاله في الخزانة، إلى أن يؤذن في قبضه. وعرف الوزير أمره، فتقدّم إلى العطار، أن يفرّق ما للحاشية عليهم، ويأخذ جميع الباقي لنفسه، وأمر بإطلاق كاتب العيال. فاستعظم العطار ذلك، وملأ قلبه، ورأى قدره يصغر عن مثله، فقال للوزير: يقنعني من هذا كلّه، ألف دينار، أغيّر بها حالي، واجعلها رأس مالي. فقال له: خذ الجميع، عافاك الله، ولا تكثر عليّ في الخطاب. فخرج من حضرته، وصار إلى أبي أحمد المحسّن، وعرّفه الحال، وأنّه يقنعه اليسير ممّا أعطيه، وأومأ إلى حمل الباقي إليه. فقال له أبو أحمد: يأمر لك الوزير بشيء وأصانعك عليه؟ خذ المال، وانصرف «2» . الوزراء للصابي 84

137 من يفعل الخبر لا يعدم جوازيه

137 من يفعل الخبر لا يعدم جوازيه وأنبئت عن عمر بن أحمد بن هبة الله، قال: أنبأنا أبو عبد الله الحنبلي، بأصبهان، عن أبي طاهر التاجر، قال: أنبأنا أبو القاسم بن منده، إذنا، عن أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي، قال: حدّثني أبو الحسن البصري، قال: قال لي رجل: كنت أخدم علي بن محمد بن الفرات، وزيرا، قال: فغضب عليه السلطان، وتقدّم بحبسه. قال: وكان عندي خمسمائة دينار، فقلت لامرأتي، وكانت ذات عقل ورزانة: إنّي أريد أن أحمل هذه الدنانير إلى الوزير، لعلّه يحتاج إليها في حبسه. قالت: ويحك، إنّ ابن الفرات، لا يحمل إليه خمسمائة دينار، فإنّه يستخفّها، وحاملها. قال: فعصيتها، وحملت الدنانير. فلما رآني، تعجّب، وقال: فلان؟ قلت: نعم، أيّد الله سيدنا. قال: حاجتك؟ فأخرجت الصرة، وقلت: هذه خمسمائة دينار، ولعلّها تصلح أن تبرّ بها بوّابا، أو موكّلا. فقال: قبلتها، ثم قال: خذها، تكون وديعة عندك. قال: فخجلت، ورجعت إلى امرأتي، وحدّثتها، فقالت: قد كنت أشرت عليك، أن لا تفعل، فأبيت.

قال: ثم إنّ السلطان، رضي عن الوزير، وعاد إلى أفضل مما كان عليه، فدخلت عليه؛ فلمّا أبصرني، طأطأ رأسه، ولم يملأ عينه منّي فقلت: هذا ما قالته لي امرأتي. وكنت أغدو إليه بعد، وأروح، فلا يزداد إلّا إعراضا عنّي، حتى أنفقت تلك الدنانير، وبقيت متعطّلا، أبيع ما في بيتي. وبكّرت إلى ابن الفرات يوما، على ما بي من انكسار، وضعف حال ومنّة، فدعاني، وقال: وردت البصرة سفن من بلاد الهند، فانحدر، وفسّرها، واقبض حقّ بيت المال «1» ، وما كان من رسمنا من المستثنى «2» ، ولا تتأخر. فعدت إلى أهلي، فقلت لها: من تمام المحنة، إنّه كلّفني سفرا، وأنا لا أقدر على ما أنفقه. قال: فناولتني خمارا «3» لها، وقرطين، فبعت ذلك، وجعلت ثمنه نفقتي، وانحدرت، وفسّرت السفن «4» ، وقبضت حقّ بيت المال، ورسم الوزير، فحملته إلى بغداد، وعرّفت الوزير فقال: سلّم حقّ بيت المال، واقبض الرسم المستثنى لنا، وكم هو؟

قلت له: خمسة وعشرون ألف دينار. قال: احملها إلى منزلك. فأخذتها إلى منزلي، وسهرت ليلي لحفظها، على اهتمامي طول نهاري بها، ومضى لهذا الحديث زمان ليس بالطويل، وبان الضرّ في وجهي. فدخلت إليه يوما، فقال لي: ادن منّي، ما لي أراك متغيّر اللون، سيّء الحال؟. فحدّثته بإقلالي وإضاقتي. فقال: ويحك، وأنت ممّن بنفق في مدّة يسيرة، خمسة وعشرين ألف دينار؟ قلت: أيّد الله سيدنا الوزير، ومن أين لي خمسة وعشرون ألف دينار؟ قال: يا جاهل، أما قلت لك احملها إلى منزلك؟ أتراني لم أجد من أودعه مالي غيرك؟ ويحك أما رأيت إعراضي عنك، أوّل دخولك إليّ. قلت: بلى أيّها الوزير، وذاك الذي أذاب قلبي. قال: ويحك، إنّما أعرضت عنك، حياء منك، وتذكّرت جميل صنيعك، وأنا محبوس، فقلت: متى أقضي حقّ هذا فيما فعله؟ فعجّل إلى منزلك، واتّسع في النفقة، وأنا أنظر لك، بما يغنيك، ويغني عقبك، إن شاء الله تعالى. فعدت إلى منزلي، عودة عبد من عند مولى كريم، وكان ذلك سبب غناي. نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط

138 خشكنانجانات حشوها دنانير

138 خشكنانجانات حشوها دنانير حكى ابن الهمذاني، أنّ ابن سمعون «1» ، ذكر على كرسيه في ليلة النصف من رمضان، الحلوى، وكانت مزنة، جارية أبي سعيد الصائغ «2» ، حاضرة، وهو تاجر مشهور بكثرة المال، ومنزله بدرب رباح، فلمّا أمسى، أتاه غلام ومعه خشكنانكه «3» ، فكسر واحدة، فوجد فيها دينارا فكسر الجميع، وأخرج الدنانير، وحملها بنفسه، إلى أبي سعيد الصائغ، وقال: قد جئتك في سبب، وأريد أن يكون جوابك قبول قولي، وأن لا تنكر على أهل الدار، وأخبره بالدنانير. فقال له أبو سعيد: أعيذك بالله، أن يحضر مجلسك من فيه ريبة، والله ما تركت المرأة الدنانير إلا بحضرتي، وتساعدنا جميعا على هذا العمل. المنتظم 7/200

139 يكتب هذا في مكارم الأخلاق

139 يكتب هذا في مكارم الأخلاق «1» أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: حدّثنا محمد بن نعيم الضبّي، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي، يقول: حضرت مجلس موسى بن إسحاق «2» ، القاضي بالري، سنة ست وثمانين ومائتين، فتقدّمت امرأة، فادعى وليّها على زوجها خمسمائة دينار مهرا، فأنكر. فقال القاضي: شهودك؟. قال: قد أحضرتهم. فاستدعى بعض الشهود، أن ينظر إلى المرأة، ليشير إليها في شهادته، فقام الشاهد، وقال للمرأة: قومي. فقال الزوج: تفعلون ماذا؟ قال الوكيل: ينظرون إلى امرأتك، وهي مسفرة، لتصحّ عندهم معرفتها. فقال الزوج: أنا أشهد القاضي، أنّ لها عليّ هذا المهر الذي تدّعيه، ولا تسفر عن وجهها. فأخبرت المرأة بما كان من زوجها، فقالت: وأنا أشهد القاضي، أنّي قد وهبته هذا المهر، وأبرأته منه في الدنيا والآخرة. فقال القاضي: يكتب هذا في مكارم الأخلاق. المنتظم 6/18

140 من التقط ما تحت مائدته أمن من الفقر

140 من التقط ما تحت مائدته أمن من الفقر وحكي عن هدبة بن خالد «1» ، رحمه الله، قال: حضرت مائدة المأمون، فلما رفعت المائدة، جعلت ألتقط ما في الأرض، فنظر إليّ المأمون، فقال: أما شبعت يا شيخ؟ قلت: بلى، يا أمير المؤمنين، ولكن حدّثنا حماد بن سلمة «2» ، عن ثابت ابن أنس «3» ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: من التقط ما تحت مائدته، أمن من الفقر. فنظر المأمون إلى خادم واقف بين يديه، فأشار إليه، فما شعرت أن جاءني، ومعه منديل فيه ألف دينار، فناولني إيّاه. فقلت: يا أمير المؤمنين، وهذا من ذاك. ثمرات الأوراق للحموي 7

141 من محاسن القاضي أحمد بن أبي دؤاد

141 من محاسن القاضي أحمد بن أبي دؤاد ومن ملح أخبار القاضي أحمد ابن أبي دؤاد، ما حكي «1» : أنّ المعتصم كان بالجوسق، مع ندمائه، وقد عزم على الاصطباح، فأمر كلّا منهم أن يطبخ قدرا، ونظر سلامة، غلام أحمد بن أبي دؤاد، فقال: هذا غلام ابن أبي دؤاد جاء ليعرف خبرنا، والساعة يأتي، فيقول: فلان الهاشمي، وفلان القرشي، وفلان الأنصاري، وفلان العربي، فيقطعنا بحوائجه عمّا كنّا عزمنا عليه، وأنا أشهدكم أنّي لا أقضي له اليوم حاجة. فلم يكن بأسرع من أن دخل إيتاخ «2» ، يستأذن لأحمد بن أبي دؤاد. فقال لجلسائه: كيف ترون؟ قالوا: لا تأذن له يا أمير المؤمنين. قال: سوأة لهذا الرأي، والله، لحمّى سنة، أسهل عليّ من ذلك. فأذن له، فدخل، فما هو إلّا أن سلّم، وجلس، وتكلّم، حتى أسفر وجه المعتصم، وضحكت إليه جوارحه. ثم قال: يا أبا عبد الله، قد طبخ كلّ واحد من هؤلاء قدرا، وقد جعلناك حكما في أطيبها. قال: فلتحضر لآكل، وأحكم بعلم. فأمر المعتصم بإحضارها، فأحضرت القدور بين يديه، وتقدّم القاضي أحمد بن أبي دؤاد، فجعل يأكل من أوّل قدر أكلا تاما. فقال له المعتصم: هذا ظلم.

قال: وكيف ذاك؟ قال: أراك قد أمعنت في هذا اللون، وستحكم لصاحبه قال: يا أمير المؤمنين، ليس بلقمة، ولا باثنتين، تدرك المعرفة بأخلاط الطعام، وعليّ أن أوفي كلّا حقّه من الذوق، ثم يقع الحكم بعد ذلك. فتبسّم المعتصم، وقال: شأنك إذا. فأكل من جميعها كما ذكر، ثم قال: أما هذه، فقد أجاد صاحبها، إذ كثّر خلّها وقلّل فلفلها، ليشتهي حمضها، وأما هذه فقد أحكمها طبّاخها، بتقليل مائها، وكثرة ربّها، وأقبل يصفها واحدة واحدة، حتى أتى على جميعها، بصفات سرّ بها أصحابها. وأمر المعتصم بإحضار المائدة، فأكل مع القوم بأكلهم، أنظف أكل وأحسنه، فمرّة يحدّثهم بأخبار الأكلة في صدر الإسلام، مثل معاوية بن أبي سفيان، وسليمان بن عبد الملك، وعبيد الله بن زياد، والحجاج، ومرّة يحدّثهم عن أكلة دهره، مثل ميسرة الروّاس، وحاتم الكيّال، وإسحاق الحمامي، فلما رفعت الموائد قال له المعتصم: ألك حاجة يا أبا عبد الله؟. قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فاذكرها، فإنّ أصحابنا يريدون أن يتشاغلوا بقيّة يومهم. فقال: رجل من أهلك يا أمير المؤمنين، قد وطئه الدهر، فغيّر من حاله، وخشّن معيشته. قال: ومن هو؟ قال: سليمان بن عبد الملك النوفلي. قال: قدّر له ما يصلحه. «1»

قال: خمسين ألف درهم. قال: قد أمرت له بها. قال: وحاجة أخرى. قال: وما هي؟ قال: ضياع هارون بن المعمّر توغر بها له «1» . قال: قد فعلت. قال: فو الله ما برح حتى سأل في ثلاث عشرة حاجة، لا يردّه المعتصم عن شيء منها. ثم قام خطيبا، فقال: يا أمير المؤمنين، عمّرك الله طويلا، فبعمرك يخصب جناب رعيتك، ويلين عيشهم، وتنمو أموالهم، ولا زلت ممتّعا بالسلامة، منعّما بالكرامة، مدفوعا عنك حوادث الأيام، وغيرها، ثم انصرف. فقال المعتصم: هذا والله الذي يتزيّن بمثله، ويبتهج بقربه، أما رأيتم كيف دخل؟ وكيف أكل، وكيف وصف القدور، وكيف انبسط في الحديث، وكيف طاب به أكلنا؟ والله لا يردّ هذا عن حاجة إلّا لئيم الأصل، خبيث الفرع، والله، لو سألني في مجلسي هذا ما قيمته عشرة آلاف ألف درهم، ما رددته عنها، فإني أعلم أنّه يكسبني في الدنيا جمالا وحمدا، وفي الآخرة ثوابا وأجرا «2» . المستجاد من فعلات الأجواد 206

142 قاضي القضاة ابن ابي دؤاد ينجي أبا دلف من القتل

142 قاضي القضاة ابن ابي دؤاد ينجي أبا دلف من القتل قيل: كان الأفشين «1» مبغضا لأبي دلف القاسم بن عيسى العجلي «2» ، وحاسدا له على فضله، ويبغضه للفروسية والشجاعة «3» ، فحمل نفسه يوما على قتله، واستدعاه باستحثاث وإزعاج. وكان أبو دلف، صديقا لقاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد، فبعث إليه: أدركني، فمن أمري كذا وكذا، فركب مسرعا، واستحضر من حضره من الشهود. فلمّا ورد باب الأفشين، قال له الغلمان: نستأذن لك؟ قال: الأمر أعجل من ذلك، ونزل، ودخل، فألفى الأفشين جالسا

في موضعه، وقد أقيم أبو دلف بين يديه في الصحن. فلمّا رأى الأفشين قاضي القضاة، دخل بلا إذن، بهت. فقال له أحمد بن أبي دؤاد: أيها الأمير، أنا رسول أمير المؤمنين إليك، يأمرك أن لا تحدث في أمر القاسم حدثا إلا بإذنه. ثم التفت إلى الشهود، فقال: اشهدوا أنّي قد بلّغت رسالة أمير المؤمنين والقاسم حيّ معافى. ثم خرج فأتى باب المعتصم مسرعا، واستأذن عليه، فأذن له، فلمّا دخل عليه، قال: يا أمير المؤمنين، قد كذبت عليك واحدة، أرجو بها الجنة، ولك بها الفخر. قال: وما هي؟ قال: كان من الأمر كيت وكيت. قال: فضحك المعتصم، وقال: أحسنت، أحسن الله إليك. ثم لم يلبث أن جاء الأفشين مستأذنا، فأذن له، فلمّا استقر مجلسه قال: يا أمير المؤمنين، جاءتني رسالة منك مع قاضي القضاة في معنى أبي دلف، فما تأمر في شأنه؟ قال: نعم، أرسلت إليك فيه، فاحذر أن تتعرّض له إلّا بخير. فأفلت بذلك من يده «1» . المستجاد من فعلات الأجواد 148

143 سنان بن ثابت الحراني يعالج أمير الأمراء بجكم

143 سنان بن ثابت الحراني يعالج أمير الأمراء بجكم بعث بجكم التركي، أمير الأمراء «1» ، إلى الطبيب سنان بن ثابت «2» ، بعد موت الراضي «3» ، وسأله أن ينحدر إليه، إلى واسط «4» ، فانحدر إليه، فأكرمه وقال له: إنّي أريد أن أعتمد عليك في تدبير بدني، وفي أمر آخر، هو أهم إليّ من أمر بدني، وهو أمر أخلاقي، لثقتي بعقلك، ودينك، فقد غمّتني غلبة الغضب، والغيظ، وإفراطهما فيّ، حتى أخرج إلى ما أندم عليه، عند سكونهما، من ضرب، وقتل، وأنا أسألك أن تتفقّد ما أعمله، فإذا وقفت لي على عيب، لم تحتشم أن تصدقني عنه، وتنبّهني عليه، ثم ترشدني إلى علاجه. فقال له: السمع والطاعة، أنا أفعل ذلك، ولكن يسمع الأمير منّي بالعاجل، جملة علاج ما أنكره من نفسه، إلى أن آتي بالتفصيل في أوقاته:

اعلم أيها الأمير، أنّك قد أصبحت، وليس فوق يدك يد لأحد من المخلوقين، وأنّك مالك لكل ما تريده، قادر على أن تفعله، أيّ وقت أردته، لا يتهيّأ لأحد من المخلوقين منعك منه، ولا أن يحول بينك وبين ما تهواه، أيّ وقت أردت، واعلم أنّ الغيظ والغضب يحدثان في الإنسان سكرا، أشد من سكر النبيذ بكثير، فكما أنّ الإنسان يعمل في وقت السكر من النبيذ، ما لا يليق به، ولا يذكره إذا صحا، ويندم عليه إذ احدّث به، ويستحي منه، كذلك يحدث له في وقت السكر من الغيظ، بل أشدّ، فإذا ابتدأ بك الغضب، فضع في نفسك أن تؤخر العقوبة إلى غد، واثقا بأن ما تريد أن تعمله في الوقت، لا يفوتك عمله، فإنّك إذا بتّ ليلتك، سكنت فورة غضبك، وقد قيل: أصحّ ما يكون الإنسان رأيا، إذا استدبر ليله، واستقبل نهاره، فإذا صحوت من سكرك، فتأمّل الأمر الذي أغضبك، وقدّم أمر الله عز وجلّ، أوّلا، والخوف منه، وترك التعرّض لسخطه، واشف غيظك، بما لا يؤثمك، فقد قيل: ما شفى غيظه من أثم، واذكر قدرة الله عليك، فإنك تحتاج إلى رحمته، وإلى أخذه بيدك، في أوقات شدائدك، فكما تحبّ أن يغفر لك، كذلك غيرك، يؤمّل عفوك، وفكّر بأيّة ليلة بات المذنب قلقا لخوفه منك، وما يتوقّعه من عقوبتك واعرف مقدار ما يصل إليه من السرور، بزوال الرعب عنه، ومقدار الثواب الذي يحصل لك، بذلك، واذكر قوله تعالى: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ، وإنما يشتد ذلك عليك مرّتين، أو ثلاثا، ثم تصير عادة لك، وخلقا، فيسهل. فابتدأ بجكم، فعمل بما قال له «1» ، المنتظم 6/321

144 مسافر لا يفكر في قطع الطريق

144 مسافر لا يفكر في قطع الطريق قال عبد الواحد بن نصر المخزومي «1» : أخبرني من أثق به أنّه خرج في طريق الشام، مسافرا يمشي وعليه مرقّعة، وهو في جماعة، نحو الثلاثين رجلا، كلّهم على هذه الصفة، قال: فصحبنا في بعض الطريق رجل شيخ، حسن الهيأة، معه حمار فاره يركبه، ومعه بغلان عليهما رحل، وقماش، ومتاع فاخر. فقلنا له: يا هذا، إنّا لا نفكّر في خروج الأعراب علينا، فإنّه لا شيء معنا يؤخذ، وأنت لا تصلح لك صحبتنا، مع ما معك. فقال: يكفينا الله. ثم سار، ولم يقبل منّا، وكان إذا نزل يأكل، استدعى أكثرنا، فأطعمه وسقاه، وإذا أعيى الواحد منا، أركبه على أحد بغليه، وكانت الجماعة تخدمه وتكرمه، وتتدبّر برأيه. إلى أن بلغنا موضعا، فخرج علينا نحو ثلاثين فارسا من الأعراب، فتفرّقنا عليهم، فقال الشيخ: لا تفعلوا، فتركناهم، ونزل، فجلس، وبين يديه سفرته، ففرشها، وجلس يأكل. وأظلّتنا الخيل، فلما رأوا الطعام، دعاهم إليه، فجلسوا يأكلون، ثم حلّ رحله، وأخرج منه حلوى كثيرة، وتركها بين يدي الأعراب، فلما أكلوا، وشبعوا، جمدت أيديهم، وخدرت أرجلهم، ولم يتحرّكوا.

فقال لنا: إنّ الحلو مبنّج، أعددته لمثل هذا، وقد تمكّن منهم، وتمّت الحيلة عليهم، ولكن لا يفك البنج «1» ، إلا أن تصفعوهم، فافعلوا، فإنّهم لا يقدرون على الامتناع. فعلمنا صدق قوله، وأخذنا أسلحتهم، وركبنا دوابهم، وسرنا حواليه في موكب، ورماحهم على أكتافنا، وسلاحهم علينا، فما نجتاز بقوم، إلّا ظنونا من أهل البادية، فيطلبون النجاء منا، حتى بلغنا مأمننا. الأذكياء لابن الجوزي 149

145 فهل عند رسم دارس من معول

145 فهل عند رسم دارس من معوّل قال أبو بكر الصولي، حضرت باب علي بن عيسى الوزير، ومعنا جماعة من أجلّاء الكتّاب، فقدّمت دواة، وكتبت: وقفت على باب ابن عيسى كأنّني ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل إذا جئت أشكو طول فقري وخلّتي ... يقولون لا تهلك أسى وتجمّل ففاضت دموع العين من قبح ردهم ... على النحر حتى بلّ دمعي محملي لقد طال تردادي وقصدي إليهم ... فهل عند رسم دارس من معوّل «1» فنمّ الخبر إليه، فاستدعاني، وقال: يا صولي، فهل عند رسم دارس من معوّل؟. فاستحييت، وقلت: أيّد الله الوزير، ما بقي شيء، وأنا كما ترى فأمر لي بخمسة آلاف درهم فأخذتها، وانصرفت «2» . المنتظم 6/360

146 ألا موت يباع فأشتريه

146 ألا موت يباع فأشتريه ومن لطائف المنقول: أنّ أبا محمد الوزير المهلبي، «1» كان في غاية من الأدب، والمحبة لأهله، وكان قبل اتصاله بمعز الدولة بن بويه، في شدة عظيمة من الضرورة والمضايقة، وسافر وهو على تلك الحالة، ولقي في سفره شدّة عظيمة، فاشتهى اللحم، فلم يقدر عليه، فقال ارتجالا: ألا موت يباع فأشتريه ... فهذا العيش ما لا خير فيه ألا موت لذيذ الطعم يأتي ... يخلصي من العيش الكريه إذا أبصرت قبرا من بعيد ... وددت لو انّني فيما يليه ألا رحم المهيمن نفس حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه وكان له رفيق، يقال له: أبو عبد الله الصوفي، وقيل: أبو الحسن العسقلاني، فلما سمع هذه الأبيات، اشترى له لحما بدرهم، وطبخه، وأطعمه، وتفارقا. وتنقّلت الأحوال، وولي الوزارة ببغداد لمعز الدولة المذكور «2» ، وضاق الحال برفيقه الذي اشترى له اللحم في السفر، وبلغه وزارة المهلبي، فقصده، وكتب إليه:

ألا قل للوزير فدته نفسي ... مقال مذكّر ما قد نسيه أتذكر إذ تقول لضيق عيش ... ألا موت يباع فأشتريه فلما وقف عليها، تذكّر الحال، وهزّته أريحية الكرم، فأمر له بسبعمائة درهم، ووقّع له في رقعته: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل، في كلّ سنبلة مائة حبّة. ثم دعا به، فخلع عليه، وقلّده عملا، يرتفق منه «1» . ثمرات الأوراق للحموي 80

147 سبحة المقتدر بالله تقوم بما يزيد على مائة ألف دينار

147 سبحة المقتدر بالله تقوّم بما يزيد على مائة ألف دينار وانبئت عنه [ابن النجار] ، قال: أنبأنا أبو الفرج الحرّاني، عن أبي علي بن المهدي، قال: سمعت الأمير أبا محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر بالله، قال: أخبرتني والدتي عمرة، جارية المقتدر، قالت: استدعى المقتدر، بجواهر، فاختار منها مائة حبة، ونظمها سبحة يسبّح بها، فعرضت على الجوهريين، فقوّموا كل حبّة منها بألف دينار، وأكثر، فكان إذا أراد أن يسبّح، استدعى بها، ثم ردها إليّ، فأعلّقها في الخزانة، في خريطة. فلما قتل المقتدر، وقع النهب، فأخذت في جملة ما أخذ، فلعلّ الذي أخذها، لا يدري ما هي «1» . نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط

148 ما أغنى عني ماليه

148 ما أغنى عني ماليه لما احتضر عضد الدولة «1» ، في السنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، جعل يتمثّل بقول القاسم بن عبيد الله «2» : قتلت صناديد الرّجال فلم أدع ... عدوّا ولم أمهل على ظنّة خلقا وأخليت دور الملك من كل نازل ... فشرّدتهم غربا وشرّدتهم شرقا فلما بلغت النجم عزّا ورفعة ... وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقّا رماني الردى سهما فأخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي عاطلا ملقى فأذهبت دنياي وديني سفاهة ... فمن ذا الذي منّي بمصرعه أشقى ثم جعل يقول: ما أغنى عنّي ماليه، هلك عنّي سلطانيه، فردّدها إلى أن توفي في آخر يوم الاثنين من شوال هذه السنة، عن سبع وأربعين سنة، وأحد عشر شهرا وثلاثة أيام «3» ، وأخفى خبره، ودفن بدار المملكة، ثم حمل إلى مشهد علي عليه السلام. المنتظم 7/11

149 أقوال الحكماء في الإسكندر وفي عضد الدولة

149 أقوال الحكماء في الإسكندر وفي عضد الدولة لمّا توفّي عضد الدولة «1» سنة 372، بلغ خبره إلى مجلس بعض العلماء، وفيه جماعة من أكابر أهل العلم، فتذاكروا الكلمات التي قالها الحكماء، عند موت الاسكندر «2» ، وقد رويت لنا من طرق مختلفة الألفاظ، ونحن نذكر أحسنها: وذاك، أنّ الاسكندر، لما مات، قام عند تابوته، جماعة من الحكماء، فقال أحدهم: سلك الاسكندر، طريق من فني، وفي موته عبرة لمن بقي. وقال الثاني: خلّف الاسكندر، ماله لغيره، وسيحكم فيه بغير حكمه. وقال الثالث: أصبح الاسكندر مشتغلا بما عانى، وهو بالأعمال يوم الجزاء أشغل. وقال الرابع: كنت مثلي حديثا، وأنا مثلك وشيكا. وقال الخامس: إنّ هذا الشخص كان لكم واعظا، ولم يعظكم قط بأفضل من مصرعه. وقال السادس: كان الاسكندر كحلم نائم انقضى، أو كظلّ غمام انجلى.

وقال السابع: لئن كنت بالأمس لا يأمنك أحد، لقد أصبحت اليوم، وما يخافك أحد. وقال الثامن: هذه الدنيا الطويلة العريضة، طويت في ذراعين. وقال التاسع: أجاهل كنت بالموت فنعذرك، أم عالم به فنلومك؟ وقال العاشر: كفى للعامة أسوة بموت الملوك، وكفى للملوك عظة بموت العامة. وقال بعض من حضر المجلس، الذي أشيع فيه، بموت عضد الدولة، وذكرت فيه هذه الكلمات، لو قلتم أنتم مثلها، لكان ذلك يؤثر عنكم. فقال أحدهم «1» : لقد وزن هذا الشخص الدنيا بغير مثقالها، وأعطاها فوق قيمتها، وحسبك أنّه طلب الربح منها، فخسر روحه فيها. وقال الثاني «2» : من استيقظ للدنيا فهذا نومه، ومن حلم فيها فهذا انتباهه. وقال الثالث «3» : ما رأيت غافلا في غفلته، ولا عاقلا في عقله، مثله، فقد كان ينقض جانبا، وهو يظن أنّه مبرم، ويغرم، وهو يظن أنّه غانم. وقال الرابع «4» : من جدّ للدنيا هزلت به، ومن هزل راغبا عنها جدّت له.

وقال الخامس «1» : ترك هذا الدنيا شاغرة، ورحل عنها بلا زاد ولا راحلة. وقال السادس «2» : إنّ ماء أطفأ هذه النار لعظيم، وإنّ ريحا زعزعت هذا الركن لعصوف. وقال السابع «3» : إنّما سلبك من قدر عليك. وقال الثامن «4» : لو كان معتبرا في حياته، لما صار عبرة في مماته. وقال التاسع: الصاعد في درجاتها إلى سفال، والنازل في دركاتها إلى معال. وقال العاشر «5» : كيف غفلت عن كيد هذا الأمر، حتى نفذ فيك، وهلّا اتّخذت دونه جنّة تقيك، إنّ فيك لعبرة للمعتبرين، وإنّك لآية للمستبصرين [1] . المنتظم 7/117

_ [1] ذكر أبو حيان التوحيدي في كتاب الزلفة: أنه لما صحت وفاة عضد الدولة، كنا عند أبي سليمان السجستاني، وكان القومسي حاضرا، والنوشجاني، وأبو القاسم غلام زحل، وابن المقداد، والعروضي، والأندلسي، والصيمري، فتذاكروا الكلمات العشر المشهورة

_ التي قالها الحكماء العشرة، عند وفاة الاسكندر، فقال الأندلسي: لو قد تقوض مجلسكم هذا، بمثل هذه الكلمات، لكان يؤثر عنكم ذلك، فقال أبو سليمان: ما أحسن ما بعثت عليه، أما أنا فأقول: لقد وزن هذا الشخص الدنيا بغير مثقالها، وأعطاها فوق قيمتها، وحسبك أنه طلب الربح منها، فخسر روحه فيها، وقال الصيمري: من استيقظ للدنيا فهذا نومه، ومن حلم بها فهذا انتباهه، وقال النوشجاني: ما رأيت غافلا في غفلته، ولا عاقلا في عقله مثله، لقد كان ينقض جانبا وهو يظن أنه مبرم، ويغرم وهو يرى أنه غانم، وقال العروضي: أما أنه لو كان معتبرا في حياته، لما صار عبرة في مماته، وقال الأندلسي: الصاعد في درجاتها إلى سفال، والنازل في دركاتها إلى معال، وقال القومسي: من جد للدنيا هزلت به، ومن هزل راغبا عنها جدت له، انظر إلى هذا كيف انتهى أمره، وإلى أي حضيض وقع شأنه، وإني لأظن أن الرجل الزاهد الذي مات في هذه الأيام، ودفن بالشونيزية، أخف ظهرا، وأعز ظهيرا، من هذا الذي ترك الدنيا شاغرة، ورحل عنها، بلا زاد ولا راحلة، وقال غلام زحل: ما ترك هذا الشخص استظهارا بحسن نظره وقوته، ولكن غلبه ما منه كان، وبمعونته بان، وقال ابن المقداد: إن ماء أطفأ هذه النار لعظيم، وإن ريحا زعزعت هذا الركن لعصوف، فقال أبو سليمان: ما عندي في هذا الحديث، أحسن مما سمعت من أبي إسماعيل الخطيب الهاشمي، لما نعاه على المنبر، يوم الجمعة، يقول في خطبته: كيف غفلت عن كيد هذا الأمر حتى نفذ فيك، وهلا اتخذت دونه جنة تقيك، ماذا صنعت بأموالك والعبيد، ورجالك والجنود، وبحولك العتيد، وبدهرك الشديد، هلا صانعت من عجل على السرير، وبذلت له من القنطار إلى القطمير، من أين أتيت وكنت شهما حازما، وكيف مكنت من نفسك وكنت قويا صارما، من الذي واطأ على مكروهك، وأناخ بكلكله على ملكك، لقد استضعفك من طمع فيك، ولقد جهلك من سلم بالعز لك، كلا، ولكن ملكك من أخرك وأملك، وسلبك من قدر عليك بالقهر لك، إن فيك لعبرة للمعتبرين، وإنك لآية للمستبصرين، جافى الله جنبك عن الثرى، وتجاوز عنك بالحسنى، ونقل روحك إلى الدرجات العلى، وعرفنا من خلفك خيرا وعدلا، يكثر من أجلهما لك الدعاء، وعليك الثناء، إنه على ذلك قدير، وهو عليه بصير (ذيل تجارب الأمم 3/75- 77) .

150 الوزير ابن الفرات ينصب مطبخا لأصحاب الحوائج

150 الوزير ابن الفرات ينصب مطبخا لأصحاب الحوائج وانبئت عنه [عمر ابن أحمد بن هبة الله] ، وعن غيره، قالوا: حدّثنا ذاكر بن كامل، قال: كتب إليّ أبو بكر الشيراوي، قال: حدّثنا بائق الشيراوي، قال: أخبرنا أبو القاسم محمد بن الحسن بن علي الساري «1» ، أنّ محمد بن عمر الكاتب قال: حدّثنا جماعة من مشايخنا: أنّ صاحب الخبر، رفع إلى أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات، وهو وزير، أنّ رجلا من أرباب الحوائج، اشترى خبزا وجبنا، فأكله في الدهليز، فأقلقه ذلك، وأمر بنصب مطبخ، لمن يحضر من أرباب الحوائج «2» . فلم يزل ذلك طول أيّامه. نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط

151 هذا جزاء من استودع فجحد

151 هذا جزاء من استودع فجحد ومن ذلك، ما حكي أنّه: قدم رجل إلى بغداد، ومعه عقد يساوي ألف دينار، فأراد بيعه، فلم يتّفق، فجاء إلى عطار موصوف بالخير والديانة، فأودع العقد عنده. وحجّ، وأتى بهدية للعطّار، وسلّم عليه، فقال: من أنت؟ ومن يعرفك؟. فقال: أنا صاحب العقد، فلما كلمه، رفسه، وألقاه عن دكانه. فاجتمع الناس، وقالوا: ويلك، هذا رجل صالح، فما وجدت من تكذب عليه، إلّا هذا؟ فتحيّر الحاج، وتردّد إليه، فما زاده إلّا شتما وضربا. فقيل له: لو ذهبت إلى عضد الدولة «1» ، لحصل لك من فراسته خير. فكتب قصّته، وجعلها على قصبة «2» ، وعرضها عليه. فقال له: ما شأنك؟، فقص عليه القصة. فقال: اذهب غدا، واجلس في دكان العطار، ثلاثة أيّام، حتى أمرّ عليك في اليوم الرابع، فأقف، وأسلّم عليك، فلا تردّ عليّ إلّا السلام،

فإذا انصرفت، أعد عليه ذكر العقد، ثم أعلمني بما يقول لك. ففعل الحاج ذلك. فلمّا كان في اليوم الرابع، جاء عضد الدولة في موكبه العظيم، فلمّا رأى الحاج، وقف، وقال: السلام عليكم. فقال الحاج: وعليكم السلام، ولم يتحرّك. فقال: يا أخي، تقدم إلى العراق، ولا تأتينا، ولا تعرض علينا حوائجك. فقال له: ما اتّفق هذا. ولم يزده على ذلك شيئا، هذا والعسكر واقف بأكمله، فانذهل العطار وأيقن بالموت. فلمّا انصرف عضد الدولة، التفت العطار إلى الحاج، وقال له: يا أخي، متى أودعتني هذا العقد؟ وفي أيّ شيء هو ملفوف؟ فذكّرني لعلّي أتذكّر. فقال: من صفته كذا وكذا. فقام، وفتّش، ثم فتح جرابا، وأخرج منه العقد، وقال: الله يعلم أنّني كنت ناسيا، ولو لم تذكّرني به، ما تذكّرت. فأخذ الحاج العقد، ومضى إلى عضد الدولة، فأعلمه، فعلّقه في عنق العطار، وصلبه على باب دكانه، ونودي عليه: هذا جزاء من استودع فجحد. ثم أخذ الحاج العقد، ومضى إلى بلاده. ثمرات الأوراق للحموي 144

152 ابني ابني

152 ابني ابني وانبئت عن المؤيد الطوسي، وأبي أحمد بن سكينة، وغيرهما، عن محمد بن عبد الباقي «1» ، قال: كتب إليّ أبو غالب، محمد بن أحمد بن شبران الواسطي، قال: حدّثني أبو الحسن علي بن محمد بن نصر الكاتب، قال: كنت عند قاضي القضاة أبي عبد الله الحسين بن ماكولا «2» ، يوما، فحدّثه أبو بكر محمد بن عمر القاضي المعروف بابن الأخضر، وهو جالس إلى جنبي، قال: حدّثني الشيخ أبو الحسن علي بن نصر الفقيه المالكي، وكان ناهيك به عدالة وثقة- وضرب بيده على فخذي- قال: زوّجت- أيّام عضد الدولة- بعض غلمانه الأتراك، من صبيّة في جوارنا، وكان لها، ولوالدتها، أنس بدارنا، وكانت من الموصوفات بالستر والعفاف، ومضى على ذلك سنتان. وحضرني الغلام التركي، وقال: يا سيدي، هذه المرأة التي زوّجتني بها، قد ولدت لي ابنا، وما أشكو شيئا من أمرها، ولا أنكره، غير أنها ما أرتني ولدي منذ ولدته، وكلّما طالبتها به، دافعتني عنه، وأريد أن أراه. فبعثت عليها، وعلى والدتها، وخاطبتهما، فأشارت إليّ، وقالت: يا سيّدي، صدق فيما حكاه، وإنّما دافعناه عن هذا لأنّنا قد بلينا ببليّة

قبيحة، وذلك أنّ زوجته، ولدت منه، ولدا أبلق «1» ، من رأسه إلى سرّته أبيض، وبقيته إلى قدمه أسود، في لون الحبش. قال: وسمع التركي قولها: أبلق، فصاح: داست كفت «2» ، ثم قال بالعربية: ابني، ابني، وهكذا كان جدي، بالتركي «3» ، وقد رضيت. ففرحت المرأة بقوله، وانصرفت، فأظهرت له الولد «4» . نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي- مخطوط

153 النار ما اشتملت عليه ضلوعه والماء ما سحت به أجفانه

153 النار ما اشتملت عليه ضلوعه والماء ما سحّت به أجفانه أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد ابن أبي نصر الحميدي «1» ، قال: حدّثني أبو محمد علي بن أبي عمر اليزيدي، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الواحد الزبيري، قال: حدّثني أبو علي الحسن بن الأشكري «2» المصري، قال: كنت من جلّاس الأمير تميم بن المعز «3» ، وممن غلب عليه جدا، فبعث بي إلى بغداد، فاشتريت له جارية رائعة، من أفضل ما وجد في الحسن والغناء، فلما وصلت إليه، أقام دعوة لجلسائه،- وأنا منهم- ثم وضعت الستارة، وأمرها بالغناء، فغنّت: وبدا له من بعد ما اندمل الهوى ... برق تألّق موهنا لمعانه يبدو كحاشية الرداء ودونه ... صعب الذرى متمنّع أركانه فدنا لينظر كيف لاح فلم يطق ... نظرا إليه وصدّه سجّانه فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سحّت به أجفانه «4»

قال: أحسنت، وطرب تميم، وكل من حضر، ثم غنّت: سيسليك عما فات دولة مفضل ... أوائله محمودة وأواخره ثنى الله عطفيه وألّف شخصه ... على البرّ مذ شدّت عليه مآزره فطرب الأمير تميم، ومن حضر، طربا شديدا. ثم غنّت: أستودع الله في بغداد لي قمرا ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه «1» فاشتد طرب تميم، وأفرط جدا، ثم قال لها: تمنّي ما شئت، فلك مناك. فقالت: أتمنّى عافية الأمير وبقاءه. فقال: والله، لا بدّ لك أن تتمنّي. فقالت: على الوفاء، أيّها الأمير، بما أتمنّى؟ فقال: نعم. فقالت: أتمنّى أن أغنّي هذه النوبة ببغداد. فانتقع «2» لون تميم، وتغيّر لونه، وتكدّر المجلس، وقام، وقمنا كلّنا. قال ابن الأشكري: فلحقني بعض خدمه، وقال لي: ارجع، فالأمير يدعوك. فرجعت فوجدته جالسا ينتظرني، فسلّمت، وجلست بين يديه. فقال: ويحك، أرأيت ما امتحنّا به؟ فقلت: نعم، أيها الأمير.

قال: لا بد من الوفاء لها، وما أثق في هذا بغيرك، فتأهّب لتحملها إلى بغداد، فإذا غنّت هناك، فاصرفها. فقلت: سمعا وطاعة. قال: ثم قمت، وتأهّبت، وأمرها بالتأهّب، وأصحبها جارية له سوداء، تعادلها «1» وتخدمها، وأمر بناقة ومحمل، فأدخلت فيه، وحملها معي، ثم سرت إلى مكة، مع القافلة، فقضينا حجّنا، ثم دخلنا في قافلة العراق، وسرنا «2» . فلمّا وردنا القادسية «3» ، أتتني السوداء عنها، فقالت: تقول لك سيّدتي، أين نحن؟ فقلت لها: نحن نزول بالقادسيّة. فانصرفت إليها، فأخبرتها، فلم أنشب أن سمعت صوتها يرتفع بالغناء: لمّا وردنا القادسيّ ... ة حيث مجتمع الرفاق وشممت من أرض الحجا ... ز نسيم أنفاس العراق أيقنت لي ولمن أح ... بّ بجمع شمل واتّفاق وضحكت من فرح اللقا ... ء كما بكيت من الفراق فتصايح الناس من أقطار القافلة: أعيدي بالله، أعيدي بالله. قال: فما سمع لها كلمة.

قال: ثم نزلنا بالياسرية «1» ، وبينها وبين بغداد قرب، في بساتين متّصلة، ينزلها الناس، فيبيتون ليلتهم، ثم يبكّرون لدخول بغداد. فلما كان قريب الصباح، إذا بالسوداء أتتني مذعورة. فقلت: ما لك؟ فقالت: إنّ سيدتي ليست حاضرة. فقلت: وأين هي؟ قالت: والله ما أدري. قال: فلم أحسّ لها أثرا بعد، ودخلت بغداد، وقضيت حوائجي منها، وانصرفت إليه، فأخبرته الخبر. فعظم ذلك عليه، واغتمّ له، ثم ما زال بعد ذلك، ذاكرا لها، واجما عليها. المنتظم 7/94

154 ابن أبي حامد صاحب بيت المال يحسن إلى رجل من المتفقهة

154 ابن أبي حامد صاحب بيت المال يحسن إلى رجل من المتفقّهة أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد «1» ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي «2» ، قال: حدّثني عبيد الله بن أبي الفتح، قال: حدّثنا أبو الحسن الدارقطني «3» ، قال: كان أبو حامد المروروذي «4» ، قليل الدخول على ابن أبي حامد، صاحب بيت المال «5» ، وكان في مجلسه رجل من المتفقّهة، فغاب عنه أيّاما، فسأل عنه، فأخبر أنّه متشاغل بأمر قد قطعه عن حضور المجلس، فأحضره، فسأله عن حاله، فذكر أنّه قد اشترى جارية لنفسه، وأنّه انقطعت به النفقة، وضاقت يده في تلك السنة، لانقطاع المادة عنه من بلده، وكان عليه دين لجماعة من السوقة، فلم يجد قضاء لذلك، دون أن باع الجارية، فلما قبض الثمن، تذكّرها، وتشوّق إليها، واستوحش من بعدها عنه،

حتى لم يمكنه التشاغل بفقه، ولا بغيره، من شدة قلقه، وتعلّق قلبه بها، وذكر أنّ ابن أبي حامد قد اشتراها، فأوجبت الحال مضي أبي حامد الفقيه، إلى ابن أبي حامد، يسأله الإقالة، وأخذ المال من البائع. فمضى، ومعه الرجل، فحين استأذن على ابن أبي حامد، أذن له في الحال، فلما دخل إليه، قام إليه، واستقبله، وأكرمه غاية الإكرام، وسأله عن حاله، وعما جاء له، فأخبره أبو حامد، بخبر الفقيه، وبيع الجارية، وسأله قبض المال، وردّ الجارية على صاحبها. فلم يعرف ابن أبي حامد، للجارية خبرا، ولا كان عنده علم من أمرها، وذلك أنّ امرأته كانت قد اشترتها، ولم يعلم بذلك، فورد عليه من ذلك مورد، تبيّن في وجهه. ثم قام ودخل على امرأته، يسألها عن جارية اشتريت في سوق النخّاسين على الصفة والنعت. فصادف ذلك، أنّ امرأته، كانت جالسة، والجارية حاضرة، وهم يصلحون وجهها، وقد زيّنت بالثياب الحسان والحلي. فقالت: يا سيّدي، هذه الجارية التي التمست. فسرّ بذلك سرورا تاما، إذ كانت عنده رغبة في قضاء حاجة أبي حامد، فعاد إلى أبي حامد، وقال له: خفت أن لا تكون الجارية في داري، والآن فهي بحمد الله عندنا، والأمر للشيخ أعزه الله في بابها. ثم أمر بإخراج الجارية، فحين أخرجت، تغيّر وجه الفتى، تغيّرا شديدا، فعلم بذلك، أنّ الأمر كما ذكره الفقيه، من حبّه لها، وصبابته بها. فقال له ابن أبي حامد: هذه جاريتك؟ فقال: نعم، هذه جاريتي، واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها.

فقال له: خذها، بارك الله لك فيها. فجزاه أبو حامد، خيرا، وشكره، وسأله قبض المال، وأخبره أنّه على حاله، وقدره ثلاثة آلاف درهم، فأبى أن يأخذه، وطال الكلام في ذلك. فقال أبو حامد؛ إنما قصدناك نسأل الإقالة، ولم نقصد أخذها على هذا الوجه. فقال له ابن أبي حامد: هذا رجل فقير، وقد باعها لأجل فقره وحاجته، ومتى أخذت المال، خيف عليه أن يبيعها ثانية، ممن لا يردّها عليه، والمال يكون في ذمته، فإذا جاءته نفقة من بلده، جاز أن يردّ ذلك. فردّ المال له، وسلّمه الجارية وكان عليها من الحلي والثياب، شيء له قدر كبير. فقال له أبو حامد: إن رأى- أيده الله- أن يتفضّل، وينفذ مع الجارية، من يقبض هذه الثياب، والحلي الذي عليها، فما لهذا الفقيه أحد ينفذه به على يده. فقال: سبحان الله، هذا شيء أسعفناها به، ووهبناه لها، سواء كانت في ملكنا، أو خرجت عن قبضتنا، ولسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك. فعرف أبو حامد، أن الوجه ما قاله، فلم يلحّ عليه، بل حسن موقعه من قلبه. فلمّا أراد لينهض، ويودّعه، قال ابن أبي حامد: أريد أن أسألها، قبل انصرافها، عن شيء. فقال: يا جارية، أيما أحبّ إليك، نحن، أو مولاك هذا الذي باعك وأنت له الآن؟ فقالت: يا سيّدي، أما أنتم، فأحسن الله عونكم، وفعل بكم، وفعل، فقد أحسنتم إليّ وأغنيتموني، وأما مولاي هذا، فلو ملكت منه، ما ملك منّي، ما بعته بالرغائب العظيمة. فاستحسن الجماعة ذلك منها، وما هي عليه من العقل مع الصبا. وودّعوه، وانصرفوا. المنتظم 6/251

155 طبيب يعالج جارية الرشيد بإدخال الفزع عليها

155 طبيب يعالج جارية الرشيد بإدخال الفزع عليها حدّثنا أبو القاسم الجهني «1» ، قال: إنّ حظية لبعض الخلفاء- أظنّه الرشيد- قامت لتتمطّى، فلما تمطّت، جاءت لتردّ يديها فلم تقدر، وبقيتا جافتين، فصاحت، وآلمها ذلك، وبلغ الخليفة، فدخل، وشاهد من أمرها ما أقلقه، وشاور الأطبّاء، فكلّ قال شيئا، واستعمله، فلم ينجح. وبقيت الجارية، على تلك الصورة أيّاما، والخليفة قلق بها. فجاءه أحد الأطبّاء، فقال: يا أمير المؤمنين، لا دواء لها، إلّا أن يدخل إليها رجل غريب، فيخلو بها، ويمرّخها مروخا يعرفه، فأجابه الخليفة إلى ذلك، طلبا لعافيتها. فأحضر الطبيب رجلا، وأخرج من كمّه دهنا، وقال: أريد أن تأمر يا أمير المؤمنين بتعريتها، حتى أمرّخ جميع أعضائها بهذا الدهن، فشقّ ذلك عليه، ثم أمر أن يفعل ذلك، ووضع في نفسه قتل الرجل، وقال للخادم: خذه، فأدخله عليها، بعد أن تعرّيها، فعرّيت الجارية، وأقيمت. فلما دخل الرجل، وقرب منها، سعى إليها، وأومأ إلى فرجها ليمسّه، فغطّت الجارية فرجها بيدها، ولشدّة ما داخلها من الحياء والجزع، حمي بدنها، بانتشار الحرارة الغريزية، فعاونتها على ما أرادت من تغطية فرجها،

واستعمال يدها في ذلك، فلما غطّت فرجها، قال لها الرجل: قد برئت، فلا تحركي يديك. فأخذه الخادم، وجاء به إلى الرشيد، وأخبره الخبر. فقال له الرشيد: كيف نعمل بمن شاهد فرج حرمتنا؟. فجذب الطبيب بيده لحية الرجل، فإذا هي ملتصقة، فانفصلت، فإذا الشخص جارية، وقال: يا أمير المؤمنين، ما كنت لأبدي حرمتك للرجال، ولكن خشيت أن أكشف لك الخبر، فيتّصل بالجارية، فتبطل الحيلة، لأنّي أردت أن أدخل إلى قلبها فزعا شديدا، يحمي طبعها، ويقودها إلى الحمل على يديها، وتحريكها، وإعانة الحرارة الغريزية على ذلك، فلم يقع غير هذا، فأخبرتك به، فأجزل الخليفة جائزته، وصرفه «1» . قال أبو القاسم: ولهذا استعملت الأطباء، في علاج اللقوة الضعيفة، الصفعة الشديدة، على غفلة، من ضد الجانب الملقوّ، ليدخل قلب المصفوع ما يحميه، فيحوّل وجهه ضرورة بالطبع إلى حيث صفع، فترجع لقوته «2» الأذكياء لابن الجوزي 175

156 المكتفي يفتقد وزيره المريض

156 المكتفي يفتقد وزيره المريض مرض القاسم بن عبيد الله بن سليمان، الوزير، في رمضان سنة إحدى وتسعين ومائتين «1» ، فأمر أن يطلق العمال من الحبوس، ويكفل من عليه مال، ويطلق من في الحبس من العلويين الذين أخذوا ظلما بسبب القرمطي الناجم بالشام «2» . وزادت علّته، فاستخلف ابن أخيه، أبا أحمد عبد الوهاب بن الحسن ابن عبيد الله «3» ، فجاء يعرض على المكتفي، فلما خرج من بين يديه، تمثّل المكتفي: ولمّا أبي إلّا جماحا فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل تسلّى بأخرى غيرها فإذا التي ... تسلّى بها تغري بليلى ولا تسلي المنتظم 6/46

157 ذكاء المنصور العباسي

157 ذكاء المنصور العباسي ومن ذلك، ما روي عن منصور بني العباس «1» ، وهو أنّه جلس يوما في إحدى قباب المدينة «2» ، فرأى رجلا ملهوفا، يجول في الطرقات، فأرسل إليه من أتاه به، فسأله عن حاله، فأخبره أنّه خرج في تجارة، فأفاد فيها مالا كثيرا، وأنّه رجع بها إلى زوجته، ودفع المال إليها، فذكرت المرأة أنّ المال سرق من المنزل، ولم ير نقبا ولا تسلّقا. فقال له المنصور: منذ كم تزوجتها؟ قال: منذ سنة. قال: تزوّجتها بكرا أم ثيّبا؟ قال: ثيّبا. قال: شابة أم مسنّة؟ قال: شابة. فدعا المنصور بقارورة طيب، وقال: تطيّب بهذا، فإنّه يذهب همّك. فأخذها، وانقلب إلى أهله. فقال المنصور لجماعة من نقبائه: اقعدوا على أبواب المدينة، فمن مرّ بكم، وشممتم منه روائح هذا الطيب، فأتوني به. ومضى الرجل بالطيب، إلى بيته، فدفعه إلى المرأة، وقال: هذا من طيب أمير المؤمنين.

فلما شمّته، أعجبها إلى الغاية، فبعثت به إلى رجل، كانت تحبّه، وهو الذي دفعت المال إليه، فقالت له: تطيّب بهذا الطيب. فتطيّب به، ومرّ مجتازا ببعض الأبواب، ففاحت منه روائح الطيب، فأخذ، وأتي به إلى المنصور. فقال له: من أين استفدت هذا الطيب؟ فتلجلج في كلامه، فسلّمه إلى صاحب شرطته، وقال له: إن أحضر كذا وكذا من الدنانير، فخذ منه، وإلّا فاضربه ألف سوط. فما هو إلّا أن جرّد «1» ، وهدّد، حتى أذعن بردّ الدنانير، وأحضرها، كهيئتها، ثم أعلم المنصور بذلك، فدعى صاحب الدنانير، وقال له: أرأيت إن رددت إليك الدنانير، أتحكّمني في امرأتك؟ قال: نعم، يا أمير المؤمنين. قال: ها هي دنانيرك، وقد طلّقت امرأتك. وقصّ عليه الخبر. ثمرات الأوراق للحموي 1/142

158 يبايع بالخلافة وهو لاجىء في البطائح

158 يبايع بالخلافة وهو لاجىء في البطائح أخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أخبرنا محمد بن أبي نصر الحميدي «1» ، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسّن «2» ، قال: أخبرني أبي «3» ، قال: حدّثني أبو الحسين محمد بن الحسن بن محفوظ قال: حدّثني الوزير أبو العباس عيسى بن ماسرجس «4» ، قال: حدّثني أبو القاسم هبة الله بن عيسى، كاتب مهذّب الدولة «5» ، قال: لما ورد القادر بالله «6» ، البطيحة، وأقام عندنا، كنت أغشاه يومين في كل أسبوع، كالنوبة في خدمته، فإذا حضرت، تناهى في الإدناء لي،

والإحفاء بي، والرفع من مجلسي، والزيادة في بسطي، وأجتهد في تقبيل يده، فيمنعنيها، ولا يمكّنني منها. فاتّفق أن دخلت يوما على رسمي، فوجدته متأهّبا، تأهّبا لم أعرف سببه، ولا جرت له به عادة، ولم أر منه، ما عوّدنيه، من الإكرام، والرفع من مجلسي، والإقبال عليّ، والبسط لي، وجلست دون موضعي، فما أنكر ذلك مني، ورمت تقبيل يده، فمدها إليّ، وشاهدت، من أمره، وفعله، ما اشتدّ وجومي له، واختلفت منّي الظنون فيه، وقلت له عند رؤيتي ما رأيته، وإنكاري ما أنكرته: أيؤذن لي بالكلام؟ قال: قل. قلت: أرى اليوم من الانقباض عنّي، ما قد أوحشني، وخفت أن يكون لزلّة كانت منّي، فإن يكن ذلك، فمن حكم التفضّل إشعاري به، لأطلب بالعذر مخرجا منه، وأستعين بالأخلاق الشريفة في العفو عنه. فأجابني بوقار: اسمع أخبرك، رأيت البارحة في منامي، كأنّ نهركم هذا، وأومأ إلى نهر الصليق «1» ، قد اتّسع، حتى صار في عرض

دجلة دفعات، وكأنّني متعجب من ذلك، وسرت على ضفتيه، متأملا لأمره، ومستطرفا لعظمه «1» ، فرأيت دستاهيج قنطرة «2» ، فقلت: ترى من قد حدّث نفسه، بعمل قنطرة في هذا الموضع، وعلى هذا البحر الكبير، وصعدته، وكان وثيقا محكما، ومددت عيني، فإذا بإزائه مثله، فزال عني الشك، في أنهما دستاهيج قنطرة، وأقبلت أصعّد، وأصوب نظري، وأتعجّب. وبينا أنا واقف عليه، رأيت شخصا قد قابلني من ذلك الجانب الآخر، وناداني: يا أحمد، تريد أن تعبر؟ قلت: نعم. فمدّ يده، حتى وصلت إليّ، وأخذني، وعبّرني، فهالني أمره وفعله، وقلت له، وقد تعاظمني فعله: من أنت؟ قال: أنا عليّ بن أبي طالب، وهذا الأمر صائر إليك، ويطول عمرك فيه، فأحسن إلى ولدي وشيعتي. فما انتهى الخليفة إلى هذا الكلام، حتى سمعنا صياح الملاحين، وضجيج ناس، فسألنا عن ذلك، فقيل: ورد أبو علي الحسن بن محمد بن نصر، ومعه جماعة، وإذا هم الواردون للإصعاد به، وقد تقرّرت الخلافة له،

وأنفذ إليه معهم قطعة من أذن الطائع لله «1» . فعاودت تقبيل يده، ورجله، وخاطبته بإمرة المؤمنين، وبايعته. وكان من إصعاده، وإصعادي معه، ما كان «2» . المنتظم 7/157

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب 5/مقدمة المحقق 7/1/من شعر يعقوب بن الربيع 8/2/أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن البهلول التنوخي 10/3/بحث في المواساة 12/4/أبو يعقوب البويطي لسان الشافعي 13/5/القاضي يوسف بن يعقوب بن اسماعيل بن حماد 14/6/أبو بكر يوسف الأزرق، لقّب بالأزرق لزرقة عينيه 16/7/القاضي أبو نصر بن أبي الحسين بن أبي عمر 19/8/لمسلم بن الوليد يرثي يزيد بن مزيد 20/9/لمسلم بن الوليد أمدح بيت، وأرثى بيت، وأهجى بيت 21/10/عبد الملك بن مروان يشهد لخصمه مصعب بن الزبير بكمال مروءته 22/11/أشجع العرب 24/12/الحمد لله شكرا 25/13/حرّ انتصر 27/14/العلم عند أبي عبيدة 28/15/تأويلات مروية عن ابن عباس عن الكلمات الأبجدية 30/16/تحفة القوّالة تغني من وراء الستارة 32/17/أحمد بن يحيى بن أبي يوسف القاضي

33/18/كادت تزل به من حالق قدم 35/19/يزيد بن هبيرة يريد أبا حنيفة على بيت المال، فيأبى، فيضربه أسواطا. 36/20/من محاسن أبي حنيفة 37/21/فقه أبي حنيفة، وورعه، وصبره على تعليم العلم 38/22/أبو حنيفة يخطّىء حكم القاضي في ستّة مواضع 40/23/أبو حنيفة من أعظم الناس أمانة 41/24/ورع أبي حنيفة، وصلاته، وقراءته 42/25/أبو حنيفة يؤثر رضا ربه على كل شيء 43/26/فقه أبي حنيفة، وتقواه 44/27/من شعر أبي الحسن ناجية بن محمد الكاتب 45/28/من إخوانيات البحتري 46/29/القاضي أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 48/30/لو أرادوا صلاحنا، ستروا وجهه الحسن 50/31/صريع الغيلان، لا صريع الغواني 51/32/برز من أصحاب الخليل أربعة 52/33/مذهب الجاحظ في الصلاة، تركها 53/34/المهدي يستقضي قاضيين في عسكره 54/35/المستكفي يقلّد أبا السائب القضاء بمدينة أبي جعفر 57/36/سبب علّة أبي زرعة الرازي 58/37/ابن السماك يعظ الرشيد 59/38/من إخوانيات الفضل بن سهل

60/39/أبو نعيم المحدّث يرفس برجله يحيى بن معين فيرمي به من الدكان 62/40/فرج بن فضالة يمتنع عن القيام للمنصور 63/41/أبو عبيد يقرأ كتابه في غريب الحديث 65/42/القاضي قتيبة بن زياد يحاكم بشر المريسي 68/43/الخليفة المعتضد دقيق الملاحظة 70/44/الخليفة المعتضد يكتشف أحد المجرمين 71/45/التحقيق الدقيق يؤدي إلى العثور على المجرم 74/46/مسرور السياف والوزير جعفر البرمكي 76/47/أبو يوسف القاضي وفتواه الحاسمة 78/48/علي الزراد يتوصّل إلى رد فضائل قريش عليها 79/49/ابن أبي الطيّب القلانسي، تنعكس حيلته عليه 81/50/بلال ابن أبي بردة، يبحث عن حتفه بكفه 83/51/دخلت باب الهوى 84/52/طفيلي لا ينشط إلّا عند تهيأة الطعام 85/53/كيف استعاد التمّار أمواله 90/54/وما ظالم إلّا سيبلى بأظلم 92/55/صادف درء السيل درءا يصدعه 95/56/كلب يقوم مقام الفيج 96/57/من حيل اللصوص 97/58/ابن الخياطة يسرق وهو في الحبس 101/59/ابن الخياطة يتسلل إلى الصيرفي من بين حراسه 103/60/البلاء موكل بالمنطق

105/61/بغدادية تقعد جنينها فقاعيا على باب الجنة 106/62/لأبي علي القرمطي في وصف شمعة 108/63/فليت الأرض كانت مادرايا 109/64/لأبي الفرج الببغاء في وصف قدح ياقوت أزرق 111/65/ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا 112/66/أبو الفرج الببغاء يصف بركة ملئت وردا 113/67/القاضي التنوخي يهدي إلى جحظة البرمكي طيلسانا 114/68/من شعر السريّ الرفّاء 115/69/الوزير المهلبي يمتدح غناء الرقيّة زوجة أبي علي الحسن ابن هارون الكاتب 116/70/نصر الخبزأرزي وحريق المربد 118/71/بين ابن لنكك، وأبي رياش القيسي 120/72/من نظم القاضي التنوخي 121/73/حسبنا الله ونعم الوكيل 123/74/أبو دهبل خرج للغزو، فتزوج، وأقام 126/75/مائدة الوزير حامد بن العباس 128/76/ «نبت» جارية مهران المخنث 130/77/بين الوليد بن يزيد ودحمان المغني 134/78/من شعر إسحاق الموصلي 136/79/وانك لتعلم ما نريد 138/80/الوارش والواغل 139/81/الضيف والضيفن 140/82/لابن الزمكدم في أبي الفضائل

142/83/لأبي الحارث الموصلي في طاهر الهاشمي 143/84/وصف طفيلي 144/85/لشاعر بصري في طفيلي 145/86/ليت الليل كان سرمدا 146/87/لأبي الحسن الأسدي 147/88/وصية طفيلي 150/89/طفيلي يصف نفسه 151/90/بنان الطفيلي يحفظ آية واحدة، وبيتا واحدا من الشعر 153/91/الأكل مع الإخوان لا يضرّ 155/92/نسخة عهد في التطفيل 162/93/لا تتركنّ الدهر يظلمني 163/94/مصادرة من أعظم المصادرات 164/95/معز الدولة ينفذ وزيره المهلبي إلى عمان 165/96/أتتك بحائن رجلاه 167/97/ربّ عيش أخفّ منه الحمام 168/98/يا حبيبا نأى عليك السلام 169/99/والله الذي لا إله إلّا هو 170/100/حديقة حيوان 171/101/كاتب ديلمي يستهدي نبيذا 172/102/كاتب لا يحسن القراءة والكتابة 173/103/قائد ديلمي يمتدح كاتبه 174/104/عامل الجامدة لا يعطى على المدح شيئا 178/105/كاتب بأنطاكية يعزله حمقه

179/106/حماقة متمكنة، ورقاعة متبينة 181/107/حديد، سفيه، شتّام 182/108/اشتفيت والله 183/109/سهل بن بشر يشتم ذوي الحاجات 184/110/صدقت، صدقت 185/111/نعب الغراب، فصفع البواب 186/112/هاشمي متخلّف، يراسل وكيله 190/113/عار على آدم 191/114/سيد العرب ابن أبي دؤاد 193/115/بين الاسكندر وملك الصين 196/116/أبو هاشم الجبائي يموت في السادسة والأربعين 198/117/النجوم تكشف عن مولود أحنف 199/118/يتنبّأ بموت مولود في يومه السادس عشر 200/119/تنبأوا له بالوزارة وهو صبي 202/120/وزير لا تغيّره الوزارة 203/121/القاضي التنوخي والد المحسّن، وقوة حافظته 204/122/أبو يوسف البريدي يخالف منجمه فيقتل 207/123/سهلون ويزدجرد ابنا مهمندار الكسروي 209/124/أبو العباس بن المنجم يعرّض بأبي عبد الله البصري المتكلم 212/125/منجم يأخذ طالع المعتصم 216/126/كيف اتصل نوبخت المنجم بأبي جعفر المنصور 218/127/كلب يموت على قبر صاحبه 219/128/وفاء الكلب وغدر أبي سماعة

222/129/كلب يخرج صاحبه من حفرة دفن فيها حيّا 224/130/كلب خلّص صاحبه من موت محقّق 226/131/أبو الحسن القمّي يقترح أصواتا 228/132/أبو الحسن القمّي يتحدّث عن يقطين قم 230/133/رقعة أبي الحسن القمّي، إلى الأمير عبد الواحد بن المقتدر 231/134/ابن الجصاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 1 233/135/ابن الجصاص يتحدّث عما سلم من أمواله من المصادرة 2 235/136/الوزير ابن الفرات يحسن إلى عطار 237/137/من يفعل الخير لا يعدم جوازيه 240/138/خشكنانجات حشوها دنانير 241/139/يكتب هذا في مكارم الأخلاق 242/140/من التقط ما تحت مائدته أمن من الفقر 243/141/من محاسن القاضي أحمد بن أبي دؤاد 246/142/قاضي القضاة ابن أبي دؤاد ينجي أبا دلف من القتل 248/143/سنان بن ثابت الحراني، يعالج أمير الأمراء بحكم 250/144/مسافر لا يفكر في قطع الطريق 252/145/فهل عند رسم دارس من معوّل 253/146/ألا موت يباع فأشتريه 255/147/سبحة المقتدر بالله تقوّم بما يزيد على مائة ألف دينار 256/148/ما أغنى عنّي ماليه 257/149/أقوال الحكماء في الاسكندر، وفي عضد الدولة 261/150/الوزير ابن الفرات ينصب مطبخا لأصحاب الحوائج 262/151/هذا جزاء من استودع فجحد

264/152/إبني إبني 266/153/النار ما اشتملت عليه ضلوعه، والماء ما سحّت به أجفانه 270/154/ابن أبي حامد، صاحب بيت المال، يحسن إلى رجل من المتفقهة 273/155/طبيب يعالج جارية الرشيد بإدخال الفزع عليها 275/156/المكتفي يفتقد وزيره المريض 276/157/ذكاء المنصور العبّاسي 278/158/يبايع بالخلافة وهو لاجئ في البطائح

فهرس أسماء الأشخاص

فهرس أسماء الأشخاص (أ) ابن أبي أحمد محمد- نفاط المعتضد 165 ابن الأحنف- أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي 50 الأخباري- أبو الحسين أحمد بن محمد بن العباس 30، 83 ابن الأخضر- أبو بكر محمد بن عمر القاضي 264 الأخفش- أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل النحوي 7، 19 آدم- أبو البشر 29، 190 أرسطوطاليس- المعلم الأول، أستاذ الاسكندر 193 أرسلان خاتون- زوجة الخليفة القائم بأمر الله 255 الأزدي- أبو محمد الحسين بن أبي الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي 17، 18 الأزدي- أبو إسماعيل حماد بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم القاضي 51 الأزدي- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم- الفراهيدي الأزدي- عافية بن يزيد بن قيس القاضي 53 الأزدي- أبو الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي 16، 17، 56 الأزدي- أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب القاضي 16، 17 الأزدي- أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق العتكي 46 الأزدي- أبو يوسف يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي 16، 17، 18 الأزدي- أبو نصر يوسف بن أبي الحسين عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف القاضي 16، 17، 18، 24، 25 الأزدي- أبو محمد يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي 13، 17 الأزهري- أبو القاسم 103

أسد بن عمرو- أبو المنذر الكوفي، صاحب أبي حنيفة- البجلي الأسدي- أبو الحسن 146 الأسدي- أبو بشر عمر بن أكثم بن أحمد بن حبان القاضي 47 الاسكندر بن فيليب المكدوني- ذو القرنين 193، 257، 259 الأشرف- القاضي 123 أشعب الطامع- أبو العلاء أشعب بن جبير، المعروف بابن حميدة 136، 137 الأشعثي 220 الأشعري- أبو موسى عبد الله بن قيس 82 ابن الأشكري- أبو علي الحسن المصري 266، 267 الأصبهاني- أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سلفة 109 الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي 74، 128، 130، 134، 193 الأصم- أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان المعروف بالأصم، مولى بني أمية 38 الأصمعي- أبو سعيد عبد الملك بن قريب الباهلي 27 الأعمش- أبو محمد سليمان بن مهران 219 الأفشين- خيذر بن كاوس، القائد الأشروسني 246، 247 أمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز 23 امرؤ القيس بن حجر الكندي 252 الأموي- أبو أيوب سليمان بن عبد الملك 244 الأموي- أبو الوليد عبد الملك بن مروان 21، 22، 23 الأموي- أبو حفص عمر بن عبد العزيز، الخليفة الصالح، والملك العادل 28، 82 الأموي- أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب 21، 244 الأموي- أبو المغيرة معاوية بن مروان بن الحكم 185 الأموي- الوليد بن يزيد بن عبد الملك 130، 132 ابن أميرويه- أبو القاسم الحسن، كاتب القائد الديلمي موسى بن فياذه 173

الأمين- أبو عبد الله محمد الأمين بن أبي جعفر هارون الرشيد 213 الأميني- أبو أحمد 123 الأنباري- أبو محمد القاسم بن محمد بن بشار 59، 62 الأنباري- أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار 20، 46، 52، 59، 62، 136 الأندلسي- 259، 260 الأنصاري- ثابت بن أنس بن أبي ظهير 242 الأنصارى- محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار بن بلال القاضي 33، 34، 38، 39 الأنصاري- أبو الوليد مسلم بن الوليد 19، 20، 50 الأنصاري- أبو بكر موسى بن إسحاق بن موسى بن عبد الله الخطمي 241 الأنطاكي- أبو إسحاق بن حجر الملقب بأبي الفضائل 140 الأنطاكي- الحسين بن السميدع 178 الأنماطي- عبد الوهاب بن المبارك 266 الأهوازي- أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين الكاتب 228 الإيادي- أبو عبد الله أحمد بن أبي دؤاد القاضي 191، 192، 194، 195، 212، 213، 215، 243، 244، 245، 246، 247 إيتاخ- أبو منصور، القائد التركي، حاجب المعتصم 243 (ب) البادرائي- أبو الحسن بن محمود، نديم أبي الحسن الأهوازي 228 البازيار- أبو عبد الله بن عمر 30 الببغاء- أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمد المخزومي الحنطبي 109، 112، 250 البتّي- أبو الحسن أحمد بن علي 24 بحكم- القائد التركي، أمير الأمراء 248، 249 البجلي- أبو المنذر أسد بن عمرو بن عامر بن عبد الله الكوفي. صاحب أبي حنيفة 41 البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 45، 107، 203

البحراني- أبو الفضل العباس بن يزيد بن أبي حبيب 15 البخاري- أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث الحارثي المعروف بأبي محمد الكلاباذي 41 ابن بختيشوع- جبرائيل، الطبيب 274 ابن بدر- الربيع 218 ابن البراء- أبو الحسن 20 البرامكة- 19، 189 البرجلاني- أبو جعفر محمد بن الحسن، ويعرف بابن أبي شيخ البرجلاني 58 ابن أبي بردة- بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري 81، 82 البرذعي- أبو القاسم عبيد الله بن عبد العزيز بن جعفر المعروف بقاسان 151 البرذعى- أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك بن أحمد البزاز 12 ابن برمك- أبو الفضل يحيى بن خالد، وزير الرشيد 219، 220 ابن برمك- خالد، أبو البرامكة 219 آل برمك- 74 البرمكي- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد- جحظة البرمكي- أبو الفضل جعفر بن يحيى، وزير الرشيد 74، 75 البريدي- أبو الحسين علي بن محمد 205، 206 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد 205، 206، 228 البريدي- أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد 228 البريدي- أبو يوسف يعقوب بن محمد 204، 205، 206 البريدون 30 البزاز- أبو بكر محمد بن أبي طاهر عبد الباقي الأنصاري 68، 74، 85، 92، 96، 97، 106، 121، 123، 126، 128، 130، 134، 264 البزاز- القاضي أبو بكر مكرم بن أحمد بن محمد بن مكرم 37 ابن بشر- أبو العباس سهل بن بشر، عامل الأهواز 85، 111، 179، 180، 181،

182، 183، 184، 185 البصري- أبو الحسن عبد الله بن محمد 97، 98، 237 البصري- محمد بن الحسن 97، 98، 108 ابن بطوطة- محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي 215، 268 البغدادي- أبو القاسم الحسين بن أبي الحسن علي 30 البغدادي- كمال الدين عبد الرحمن بن عبد اللطيف 123 البغدادي- محمد بن زريق، الشاعر 267 البغوي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان 25 البقال- ثابت بن بندار 123 البقال- أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار 123 ابن بقيّة- أبو طاهر محمد بن محمد، نصير الدولة، وزير بختيار 122 ابن بكار- الزبير- الزبيري البلاذري- أحمد بن يحيى بن جابر، صاحب أنساب الأشراف 185 ابن بلبل- أبو الصقر إسماعيل بن بلبل، وزير المعتمد والمعتضد 200 البلخي- أحمد بن الحسين بن محمد 41 البلخي- أحمد بن صالح- الكرابيسي البلخي- نصر بن يحيى 38 بنان الطفيلي- 84، 143، 151، 152، 153، 154 ابن بندار- أبو سعيد ماهك، من كتاب الديلم 170 البويطي- أبو يعقوب يوسف بن يحيى البويطي المصري الفقيه، صاحب الإمام الشافعي 12 البويهي- معز الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه 47، 115، 163، 164، 210، 226، 228، 253، 279 البويهي- عز الدولة أبو منصور بختيار بن معز الدولة 46، 122، 155، 186 البويهي- ركن الدولة أبو علي الحسن بن بويه 207 البويهي- الأمير عماد الدولة علي بن بويه 172 البويهي- بهاء الدولة أبو نصر فيروز بن عضد الدولة 122، 178

(ت) التاجر- أبو طاهر 237 تحفة القوالة- المغنية من وراء الستارة 30 التمار- ابن الدنانير المصري 85 أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي 191، 203 ابن تمام- أبو القاسم- الزينبي التميمي- أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عبد الله بن بكير 138، 139 التميمي- محمد بن عبد الله 174 التنوخي- إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 8 التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول القاضي 46 التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 8، 9، 10، 14، 15، 51، 196، 197 التنوخي- أبو يعقوب إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان 8، 9، 14 التنوخي- أبو الحسن إسماعيل بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 9 التنوخي- أبو سعد داود بن الهيثم بن إسحاق بن البهلول 51 التنوخي- أبو القاسم علي بن المحسّن التنوخي القاضي 7، 8، 10، 12، 13، 14، 15، 16، 19، 20، 21، 22، 24، 25، 27، 28، 30، 33، 35، 36، 37، 38، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 46، 48، 50، 51، 52، 53، 54، 57، 58، 59، 60، 62، 63، 65، 68، 74، 76، 79، 83، 84، 85، 90، 92، 96، 97، 101، 103، 106، 121، 123، 126، 128، 130، 134، 136، 138، 139، 141، 142، 143، 144، 145، 146، 147، 150، 151، 153، 155، 190، 216، 218، 221، 222، 225 التنوخي- أبو الحسن علي بن أبي طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 46

التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد القاضي، والد صاحب النشوار 76، 78، 113، 144، 145، 178، 191، 203، 204 التنوخي- أبو علي المحسّن بن علي بن محمد القاضي، صاحب النشوار 3، 5، 36، 37، 42، 43، 70، 71، 74، 76، 78، 79، 81، 84، 85، 92، 96، 97، 105، 108، 109، 111، 112، 113، 114، 116، 120، 122، 126، 128، 130، 134، 142، 143، 162، 163، 164، 165، 167، 168، 169، 170، 171، 172، 173، 178، 179، 181، 182، 183، 184، 185، 186، 191، 193، 196، 199، 200، 203، 204، 207، 208، 210، 212، 227، 229، 230 التنوخي- أبو طالب محمد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول 47، 65 التنوخي- محمد بن أبي الفهم داود بن إبراهيم، جد صاحب النشوار 178 التنوخي- أبو بكر يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول 8، 10، 11، 14، 15 التوحيدي- أبو حيان علي بن محمد بن العباس 210، 240، 259 التوزي- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد 63 تيمور- العلامة أحمد تيمور 280 (ث) الثعالبي- أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري 118، 119 ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار 14، 19 الثقفي- الحجاج بن يوسف، الظالم السيء الصيت 21، 22، 23، 81، 82، 146، 244 الثقفي- الحكم بن هشام 40 الثقفي- عبد الملك بن الوليد، من أولاد الحجاج بن يوسف 146 الثقفي- يوسف بن عمر، عامل العراقين للأمويين 81 الثوري- أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق 57

(ج) الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب 31، 52 الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب المعتزلي 196، 210 الحبائي- أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام المعتزلي 196، 198، 199 ابن جبير- أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي الشاطبي البلنسي 268 جحظة- أبو الحسن أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد 113 ابن الجراح- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الجراح بن ميمون، المعروف بالضراب 60 ابن الجراح- أبو عبد الله محمد بن داود 212 ابن الجراح- الوزير أبو الحسن علي بن عيسى 46، 248، 251، 255 ابن الجراح- أبو القاسم عيسى بن أبي الحسن علي بن عيسى 25 الجراحي- أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن مطرف بن بحر بن تميم بن يحيى 60 الجرجاني- أبو بكر 45 الجزري- أبو سليمان، وأبو المعلى، فرات بن السائب 28 الجصاص- أبو علي الحسن بن يزيد بن معاوية بن صالح الحنظلي المخرمي 28 ابن الجصاص- أبو عبد الله الحسين بن عبد الله الجوهري 231، 233، 234، 255 الجعل- أبو عبد الله الحسين بن علي بن إبراهيم البصري المتكلم- الكاغدي الجمحي- أبو دهبل وهب بن زمعة بن أسد 123 ابن جميل- أبو الحسن الكاتب 228 الجنيد- أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الصوفي البغدادي 55 الجهضمي- علي بن نصر 51 الجهضمي- أبو عمر نصر بن علي بن نصر بن علي البصري 51 الجهني- أبو القاسم 165، 273، 274 ابن جهور- أسد، أحد كبار العمال في الدولة العباسية 180 الجواهري- أبو فرات محمد مهدي الجواهري النجفي، الشاعر المجلي 83

الجوهري- أحمد بن عبد العزيز 21، 33، 90 الجوهري- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بن عياش البغدادي 200 الجيلي- أبو بكر عبد الرزاق بن عبد القادر 265 (ح) ابن أبي حاتم- عبد الرحمن 12 ابن حاجب النعمان- أبو الحسن علي بن عبد العزيز 122 الحارث- أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث السراج الواسطي 168، 169، 170، 171، 172، 173، 207 حامد بن العباس- أبو محمد، وزير المقتدر 126، 127 ابن أبي حامد- أبو بكر أحمد بن موسى بن النضر بن حكيم، صاحب بيت المال 270، 271، 272 الحراني- أبو الفرج 255 الحراني- أبو سعيد سنان بن ثابت بن قرة 248 ابن حرب- عبد السلام، شريك أبي نعيم في بيع الملاء 60 ابن الحرستاني- جمال الدين الفقيه 106، 130 الحرمي- أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق بن أبي حميضة 27، 144، 145 ابن الحسن- محمد 22 ابن الحسين- أبو القاسم علي بن الحسين، ابن أخت الوزير أبي الفرج محمد بن العباس 173 الحلاج- أبو المغيث الحسين بن منصور 67 الحلي- صفي الدين عبد العزيز بن سرايا 252 الحمامي- إسحاق، من الأكلة 244 الحماني- أبو العباس أحمد بن الصلت بن المغلّس 36، 37، 42، 43 ابن حمدان- أبو الخطاب عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن أحمد 134 الحمداني- ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله بن حمدان 16، 114

الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان 109، 110، 114 ابن حمدون- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن إبراهيم (حمدون) بن إسماعيل بن داود 68، 165 الحموي- تقي الدين أبو بكر بن علي المعروف بابن حجة الحموي، صاحب ثمرات الأوراق 196 الحموي- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي 116، 215، 268، 269، 279 الحميدي- أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن عبد الله بن حميد الأندلسي 266، 278 الحنبلي- أبو عبد الله 237 الحنظلي- أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح 43، 77 أبو حنيفة- النعمان بن ثابت- النعمان ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 30 ابن حيويه- أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن يحيى بن معاذ الخزاز 21، 52، 59، 90، 222 (خ) ابن خاقان- الفتح، وزير المتوكل 245 الخالع- أبو عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر بن الحسن بن محمد بن عبد الباقي 134 الخبزأرزي- أبو القاسم نصر بن أحمد بن نصر بن مأمون البصري الخباز 83، 103، 116 الخثعمي- أبو عبد الله مكرم بن حكيم 25 الخراساني- عبد الرحيم بن واقد 28 الخراساني- القاضي قتيبة بن زياد 65، 66 الخراساني- أبو سعيد مفتاح بن خلف بن الفتح 28 الخرقي- أبو عبد الله محمد بن عثمان الفارقي الحنبلي التميمي 106

الخرمي- بابك 246 الخزاعي- محمد بن عبد الله بن مالك 74 الخطيب- أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي 7، 8، 11، 12، 13، 15، 18، 19، 20، 21، 23، 24، 25، 26، 27، 28، 29، 31، 32، 33، 34، 35، 36، 37، 38، 39، 40، 41، 42، 43، 44، 45، 47، 48، 49، 50، 51، 52، 53، 54، 56، 57، 58، 59، 60، 61، 62، 63، 64، 65، 66، 67، 83، 103، 104، 122، 136، 145، 146، 149، 150، 152، 154، 161، 197، 230، 241، 270 ابن الخطيب- أبو الحسن العباس بن أحمد بن الفضل الهاشمي الأهوازي 63 ابن خلكان- القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر 197 الخوارزمي- سباشي الحاجب 228 ابن الخياطة- عباس، اللص البصري 97، 101 (د) دارا- ملك فارس 193 ابن داران- إبراهيم، وكيل عبد الله بن الطبري النصراني، صاحب نزل المعتضد 95 الدارقطني- أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد الحافظ 270 ابن داسه- أبو محمد عبد الله بن أحمد بن بكر البصري 105 داود بن عمرو- الضبيّ دبيس الخياط- أبو علي أحمد بن الحسن بن علي بن الحسين- المقرىء دحمان- عبد الرحمن بن عمر، الملقب دحمان الأشقر 130، 133 الدربندي- أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي 63 ابن درّاج- أبو محمد نوح بن درّاج الكوفي 33، 34 ابن دراج- أبو سعيد الحراني الطفيلي 149

الدسكري- أبو سعد محمد بن عقيل بن عبد الواحد 109 الدلال- محمد بن أبي صابر 48 الدلال- أبو الحسن علي بن محمد بن أبي صابر 48 أبو دلف- القاسم بن عيسى بن ادريس بن معقل العجلي 246، 247 الدوري- أبو بكر أحمد بن عبد الله 22، 33، 35، 40 الدوري- عباس 154 الدينوري- أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة 138، 139 (ذ) الذبياني- النابغة الشاعر، زياد بن معاوية 39، 177 الذهلي- شجاع بن فارس 121 ابن أبي الذيال- المحدّث 52 (ر) الرازي- عبد الرحمن بن أبي حاتم 57، 58 الرازي- أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ 57 الرازي- أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران الحنظلي 57 الراضي- أبو العباس محمد الراضي بن أبي الفضل جعفر المقتدر 16، 17، 18، 30 47، 205، 248 الرامهرمزي- القاسم بن بدر 198 الرباب بنت أنيف الكلبي- أم مصعب بن الزبير 23 ابن الربيع- أبو العباس الفضل بن الربيع بن يونس 7، 27 ابن الربيع- يعقوب، أخو الفضل بن الربيع 7 الرشيد- أبو جعفر هارون بن أبي عبد الله محمد المهدي 8، 19، 58، 74، 75، 76، 175، 212، 221، 273، 274

الرفاء- أبو الحسن السري بن أحمد بن السري الموصلي الكندي 114 رقبة 145 الرقي- أبو أيوب ميمون بن مهران 28 الرقية- زوجة أبي علي الحسن بن هارون 115 الرمادي- أبو بكر أحمد بن منصور بن سيار بن معارك 60 الرواس- ميسرة، من الأكلة 244 ابن الرومي- أبو الحسن علي بن العباس بن جريج 141، 176 ريطة- ابنة أبي العباس السفاح، زوجة ابن عمها المهدي 72 (ز) ابن الزبير- أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي 21 ابن الزبير- أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي 251 ابن الزبير- أبو عبد الله مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد 21، 23 الزبيري- أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن الزبير الأسدي 14، 22 الزبيري- أبو بكر محمد بن عبد الواحد 266 الزبيري- أبو عبد الله مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت 123، 136 الزجاج- أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السري بن سهل النحوي 200، 202 الزرّاد- علي الخراساني 78 ابن زريق- أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد 241، 270 أبو زكار- المغني البغدادي الأعمى 74، 75 ابن زكريا- أبو الحسين أحمد بن فارس 237 ابن الزمكدم- أبو علي سليمان بن أبي الفتح الموصلي 140 الزهراء- فاطمة ابنة رسول الله محمد صلوات الله عليه 170 الزهري- سعد بن أبي وقاص 268 ابن الزيات- الوزير محمد بن عبد الملك، وزير المعتصم والواثق والمتوكل 212

ابن زياد- عبيد الله 244 الزيادي- أبو حسان الحسن بن عثمان القاضي 11 ابن زيد- الحسن بن علي بن زيد المنجم، غلام أبي نافع، عامل معز الدولة على الأهواز 209 ابن زيد اللات- عامر بن عذرة 218 زيدان- قهرمانة المقتدر 255 الزينبي- أبو القاسم بن تمام 122 (س) ابن أبي الساج- الأمير أبو القاسم يوسف بن ديواداد 55 الساري- أبو القاسم محمد بن الحسن بن علي 261 سبط ابن الجوزي- شمس الدين أبو المظفر يوسف قزأوغلي 75، 265 السجستاني- أبو سليمان محمد بن طاهر بن بهرام المنطقي 258، 259، 260 السدوسي- أبو فيد مؤرج بن عمرو بن الحارث 51 السدوسي- أبو يوسف يعقوب بن شيبة بن الصلت بن عصفور 10، 11 السرخسي- أبو محمد الحسن بن سهل، قائد المأمون 65 السرخسي- أبو العباس الفضل بن سهل، وزير المأمون 19، 59 السفاح- أبو عبد الله محمد بن علي العباسي 219 ابن سكران- وكيل الحسن بن عبد العزيز الهاشمي 186، 188 السكري- أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان الحميري، ويعرف بالسكري، وبالصيرفي، وبالحربي 28 ابن السكيت- أبو يوسف يعقوب 50 ابن سكينة- أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن عبيد الله 121، 130، 134، 264 سكينة- ابنة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام 23 ابن سلام- أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي الخراساني البغدادي 63، 64 سلامة- غلام القاضي أحمد بن أبي دؤاد 243

ابن سلمة- أبو سلمة حماد بن سلمة البصري 242 أبو سلمة- الطفيلي البصري 142 ابن سليمان- الربيع- المرادي ابن سليمان- أبو الحسن محمد بن سليمان، صاحب الجيش 209 ابن السماك- أبو العباس محمد بن صبيح المذكر، مولى بني عجل، المعروف بابن السماك 58 السمرقندي- أبو يحيى أحمد بن يحيى 38 السمرقندي- أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر 134 السمعاني- أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي صاحب كتاب الأنساب 222 ابن سمعون- أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل الواعظ 240 السوسنجردي- أبو عمر أحمد بن أحمد العسكري 52 ابن سويد- أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل بن محمد بن سويد المعدل 136 السياف- مسرور الخادم، سياف الرشيد- مسرور الكبير سيبويه- أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر 51 السيدة- أم المقتدر، شغب، مولاة المعتضد 233، 234 السيوطي- جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر 69، 73 (ش) الشافعي- الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي 12، 55 الشالجي- عبود الشالجي المحامي، محقق كتاب النشوار 3، 5 ابن شاهين- عمران 279 ابن شبّة- عمر- النميري ابن شبرمة- أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة القاضي 33، 34 الشعليه الاسلام بلي- أبو بكر دلف بن جحدر الصوفي 48 شبيب- أبو الضحاك شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني 22

ابن الشخير- محمد بن عبيد الله 153 ابن شداد- أبو الحسين محمد بن الحسين بن شداد 95 الشرابي- أبو الحسن المظفر بن يحيى بن أحمد بن هارون بن عمرو بن المبارك 146 ابن الشعيري- أبو المعالي الحسين بن حمزة 136 ابن شكلة- أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي- العباسي الشلمغاني- أبو جعفر محمد بن علي، المعروف بابن أبي العزاقر 108 الشهرستاني- أبو محمد 123 ابن أبي الشوارب- أبو العباس عبد الله بن الحسن الأموي 47 ابن أبي الشوارب- محمد بن الحسن الأموي 54 الشيباني- الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد 60، 61، 63 الشيباني- أبو يزيد خالد بن يزيد بن مزيد 191، 192 الشيباني- أبو الوليد معن بن زائد 19 الشيباني- أبو خالد يزيد بن مزيد بن زائدة، ابن أخي معن بن زائدة 19 ابن شيبة- أبو يوسف يعقوب بن شيبة- السدوسي ابن أبي شيخ- أبو أيوب سليمان بن أبي شيخ منصور بن سليمان 35، 40 الشيرازي- حافظ، الشاعر الفارسي 204 الشيرازي- أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 167 الشيراوي- بائق 261 الشيراوي- أبو بكر 261 الشيزي- عبد الرحمن 55 (ص) الصائغ- أبو سعيد، التاجر المشهور بكثرة المال 240 الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الكاتب 155 الصابي- أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسّن بن إبراهيم، الملقب غرس النعمة 278

الصابي- أبو الحسين هلال بن المحسّن 121، 122، 278 الصديق- أبو بكر عبد الله بن عثمان، الخليفة الأول من الخلفاء الراشدين 23 الصروي- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 85، 92، 111، 185 الصوفي- إسماعيل بن إبراهيم 123 الصوفي- أبو عبد الله 253 الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 46، 191، 252 الصيرفي- طالوت بن عباد 101 الصيرفي- أبو العباس محمد بن إسحاق الصيرفي الشاهد 21 الصيرفي- أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن 66 الصيرفي- أبو بكر محمد بن عبيد الله بن محمد بن الفتح بن عبيد الله بن عبد الله بن الشخير الكاتب 151 الصيمري- أبو زكريا 258، 259 الصيمري- أبو جعفر محمد بن أحمد، وزير معز الدولة 115، 163 (ض) الضبيّ- أبو سليمان داود بن عمرو بن زهير 25 الضبيّ- أبو عكرمة، صاحب المفضل 14 الضبيّ- محمد بن نعيم 241 ابن الضرير- القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي موسى عيسى بن عبد الله الضرير 54 (ط) الطائع- أبو بكر عبد الكريم بن الفضل 121، 122، 281 الطالقاني- أحمد بن عمر، الكاتب 179 ابن طاهر- الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين 63 ابن طاووس- رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد الحسني الحسيني 211

ابن طبرزد 134 الطبري- أبو علي الحسن بن محمد 163، 228 ابن الطبري- عبد الله بن الطبري النصراني، صاحب نزل المعتضد 95 الطبري- الإمام أبو جعفر محمد بن جرير، صاحب التفسير والتاريخ 53 الطبري- أبو بكر محمد بن عمر بن حفص بن الفرخان 209 الطرسوسي- أبو أمية محمد بن إبراهيم 136 طفيل الأعراس- أو طفيل العرائس، رأس الطفيليين 147 طلحة بن عبيد الله التيمي- 23 طلحة بن محمد بن جعفر- أبو القاسم الشاهد 13، 16، 17، 32، 53، 54، 57، 58، 65 الطوسي- أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داود بن محمد بن أبي العباس 22 الطوسي- المؤيد بن محمد 74، 123، 128، 134، 264 الطيالسي- أبو محمد عبد الله بن عباس بن عبيد الله 198 ابن طيفور- أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر الخراساني 128 ابن الطيوري- أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي البغدادي 90 (ع) ابن عائشة- أبو عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله ابن معمر التيمي 21 عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمي 23 ابن عاصم- الربيع بن عاصم، مولى بني فزارة 35 العامري- أبو محمد 130 ابن عباد- الصاحب، كافي الكفاة، إسماعيل بن عباد 197 ابن عباس- أبو العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 28 ابن العباس- الفضل 177

العباسي- أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي، المغني 65، 66، 246 العباسي- الحاجب 122 العباسي- الأمير أبو محمد الحسن بن عيسى 255 العباسي- أبو أيوب سليمان بن أبي جعفر المنصور 221 العباسي- أبو علي عبد الواحد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 230 العباسي- منصور بن المهدي 65 عبد الرزاق 43، 60 بنت عبد الصمد- صفية، من خدم القادر 121 ابن عبد العزيز- عبيد الله 153 أبو عبد الله 95 عبد الملك بن مروان- الأموي ابن عبد الله- أبو الحسن باروخ، صاحب ناصر الدولة الحمداني 114 ابن أبي عبد الله- قثم 123 العبدي- محمد بن محمد 220 العبدي- أبو نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع 30 العبدي- أبو بكر يموت بن المزرع 31 ابن عبيد- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر النحوي- ابن أبي عصيدة أبو عبيدة- معمر بن المثنى البصري 27، 222، 223 العتيقي- أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن منصور (367- 441) 12 أبو العجل- ولاه أبو العبر الهاشمي 161 ابن عجلان- محمد 50 العجلي- عبد الله بن صالح بن مسلم القاضي 40 العدوي- عمر بن حبيب القاضي 53 العدوي- عمر بن الخطاب 268 عديّ- عامل الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز على العراق 82

العروضي- أبو محمد 258، 259، 260 ابن أبي العزاقر- أبو جعفر محمد بن علي- الشلمغاني العسقلاني- أبو الحسن 253 ابن عساكر- أبو القاسم ثقة الدين علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي 106، 123، 130، 134 العسكري- أبو أحمد بن سلمة الشاهد العسكري الحنفي المعتزلي 199 ابن أبي عصمة- من جلساء المعتضد 165 ابن أبي عصيدة- أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح بن بلنجر النحوي 62 عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة 204، 210، 256، 257، 259، 262، 263، 264 العقيلي- أبو اليسر محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة 53 علم الشيرازية- حسن، قهرمانة المستكفي 167 العلوي- محمد بن صالح بن عبد الله بن موسى الحسيني 266 علي- أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام 25، 170، 256، 280 علي بن أبي علي- أبو القاسم علي بن أبي عليّ المحسّن التنوخي- التنوخي عليكا- علي بن أحمد 155، 161 ابن عمر- سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي 136، 137 عمر- أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين 21، 221 أم عمران 38 عمرة- جارية المقتدر، أم الأمير أبي محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر 255 ابن عنترة- عامر 218 عواد- ميخائيل، الأديب المحقق 207 ابن عياض- أبو علي الفضيل بن عياض بن مسعود اليربوعي التميمي 37 عيسى- المسيح عليه السلام 182 ابن عيسى- أبو منصور محمد 153

ابن عيسى- أبو القاسم هبة الله، كاتب مهذب الدولة صاحب البطائح 278 أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد 191، 224 ابن عيينة- أبو محمد سفيان بن أبي عمران عيينة المحدّث 66 (غ) ابن أبي غالب- ذاكر بن كامل 121، 261 غزالة- زوجة شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي 22 الغساني- 220 الغساني- القائد مسلمة بن صهيب 230 غلام زحل- أبو القاسم عبيد الله بن الحسن المنجم 204، 205، 206، 259، 260 (ف) الفاطمي- الأمير أبو علي تميم بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي العلوي 266، 267 الفاطمي- الأمير نزار بن المعز بن المنصور 266 فتح علي شاه- من ملوك إيران 255 ابن أبي الفتح- عبيد الله 270 ابن الفرات- الوزير أبو الحسن علي بن محمد بن الفرات 233، 235، 237، 238 261، 275 ابن الفرات- أبو أحمد المحسّن بن الوزير أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات 236 الفرائضي- أبو الليث نصر بن القاسم بن نصر 35، 40 الفرات بن السائب- أبو سليمان- الجزري الفراهيدي- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الأزدي 51 الفرزدق- أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي 82 الفزاري- أبو خالد يزيد بن عمر بن هبيرة، أمير العراق 35

ابن فسانجس- الوزير أبو الفرج محمد بن العباس 173 ابن فضالة- أبو فضالة الفرج بن فضالة بن نعيم التنوخي الحمصي 62 الفضل بن سهل، وزير المأمون- السرخسي ابن فياذه- موسى، القائد الديلمي 173، 226 فيليب- والد الاسكندر المكدوني 193 (ق) القائم- أبو جعفر عبد الله بن أحمد القادر بالله بن الأمير إسحاق بن المقتدر العباسي (391- 467) 255 القابسي- أبو موسى عيسى بن أبي عيسى مرار 218، 221، 222، 225 أبو قابوس النعمان الثالث بن المنذر الرابع- ممدوح النابغة الذبياني 39 القادر بالله- أبو العباس أحمد بن إسحاق بن المقتدر 121، 278، 280، 281 القاضي- أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى 241 القاهر- أبو منصور محمد بن المعتضد 167، 230، 248 ابن قتيبة- زافر 22 القحذمي- أبو عبد الرحمن الوليد بن هشام بن قحذم 145 ابن قدامة- جعفر بن قدامة بن زياد 74، 128 القرمطي- أبو علي الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنّابي الملقب بالأعصم 106، 107 ابن قريعة- القاضي أبو بكر محمد بن عبد الرحمن 186 القزويني- أحد كتاب الديلم 184 القسري- أبو الهيثم خالد بن عبد الله، أمير العراقين 81 قطري- أبو نعامة قطري بن الفجاءة (جعونة) بن مازن بن يزيد الكناني المازني التميمي 22 القلانسي- ابن أبي الطيب 79 القمي- أبو الحسن علي بن الحسين، كاتب أبي منصور راذويه، ثم كاتب روزبهان

ابن ونداد خورشيد 226، 228، 230 القومسي- أبو بكر، المتفلسف 259، 260 القيسي- أبو رياش أحمد بن أبي هاشم 118، 119 (ك) الكاتب- أبو الحسن علي بن محمد بن نصر 264 الكاتب- محمد بن عمر 261 الكاظم- الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق عليهما السلام 8 الكاغدي- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب- الوراق الكاغدي- أبو عبد الله الحسين بن علي بن إبراهيم البصري المتكلم المعروف بالجعل 210 كدوي- الطفيلي البغدادي 147 الكرابيسي- أحمد بن صالح البلخي 28 كردك- أحد النقباء الأصاغر في جيش معز الدولة البويهي 164 الكسروي- الحسين بن القاسم 216 الكسروي- سهلون بن مهمندار 207، 208 الكسروي- يزدجرد بن مهمندار 207، 208 ابن كشاجم- أبو نصر بن أبي الفتح محمود بن الحسين 106، 107 الكلاباذي- أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث الحارثي- البخاري الكلبي- 22 الكندي- العلامة تاج الدين 106 الكندي- أبو اليمن 130، 134 الكوكبي- أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر بن محمد بن خالد بن بشر 50، 216 الكيال- حاتم، من الأكلة 244

(ل) ابن لنكك- أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الحسين محمد بن محمد بن جعفر البصري الشاعر 190 ابن لنكك- أبو الحسين محمد بن محمد بن جعفر البصري الشاعر 118، 119، 190 اللؤلؤي- أبو علي الحسن بن زياد، مولى الأنصار 38 ابن أبي ليلى- القاضي محمد بن عبد الرحمن- الأنصاري (م) المازني- عبد الرحيم بن أحمد بن إسحاق، والد أبي بكر محمد 123 المازني- أبو بكر محمد بن عبد الرحيم 20، 50، 123، 138، 139، 216 المازني- أبو الحسن النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد 51 ابن ماسرجيس- أبو العباس عيسى 278 المافروخي- أبو محمد عبد العزيز بن أحمد، عامل البصرة 118، 119 ابن ماكولا- أبو عبد الله الحسين بن علي بن جعفر العجلي 264 المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد 64، 65، 191، 209، 213، 242، 246 ابن المبارك- أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح- الحنظلي المبرد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي 45 المتقي- أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر المقتدر 205 المتوكل- أبو الفضل جعفر بن المعتصم 146، 245 ابن المثنى- أبو الحسين أحمد بن الحسن 116 ابن مجاهد- أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس التميمي 46 ابن محمد- عبد الله الكاتب 224 ابن محمد- عبد المحسن 90

محمد- رسول الله صلوات الله عليه 18، 82، 170، 182، 189، 217، 242 ابن محمد- الهيثم، عامل الجامدة في البطائح 174، 176، 177 محمد بن إسحاق- الصيرفي محمد بن يزيد النحوي- المبرد ابن مخلد- أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد 275 المخلّص- أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا 22 المخنث- مهران، صاحب نبت 128 المدائني- أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف 62 المديني- أبو أيوب 130 المديني- جعفر بن محمد بن علي 63 ابن المديني- أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي 43، 63، 64 المديني- محمد بن علي 63، 64 المرادي- أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المصري، صاحب الإمام الشافعي 12 ابن المرزبان- أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان بن بسام الآجري المحوّلي 21، 65، 90، 134، 222 المرزباني- أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى الكاتب 7، 19، 45، 147 المروروذي- أبو حامد أحمد بن عامر بن بشر العامري البصري الخراساني 270، 271 272 المريسي- أبو عبد الرحمن بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن 65، 66، 67 مزاحم- مولى الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز 82 مزنة- جارية أبي سعيد الصائغ التاجر 240 المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم 8 المستكفي- أبو القاسم عبد الله بن علي المكتفي 54، 167 مسرور الكبير- أبو هاشم مسرور الخادم، السياف الذي قتل جعفر البرمكي 74

ابن مسلم- غلام لم يكن ببغداد في وقته أحسن منه 48 مسلم بن الوليد الشاعر- الأنصاري المصيصي- أبو القاسم المؤدب 111 المطيع- أبو القاسم الفضل بن جعفر المقتدر 46، 47، 186 معبد- أبو عباد معبد بن وهب المدني المغنّي 130 المعتز- أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل 32 المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 191، 212، 243، 244، 245، 246، 247، 261 المعتضد- أبو العباس أحمد بن الأمير الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل 68، 69، 70، 71، 73، 165، 166، 201، 202، 207، 256، 261، 275 المعتمد- أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل 129، 200 ابن المعتمر- إبراهيم 245 ابن المعذل- عبد الصمد، الشاعر البصري 142 ابن المعمر- هارون 245 معمر- 43 المعيطي- أبو سماعة الشاعر 219، 220 ابن معين- أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد البغدادي 60، 61، 63، 64، 154 المفضل- أبو العباس المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر الكوفي الراوية 14 المقتدر- أبو الفضل جعفر بن أبي العباس أحمد المعتضد 46، 47، 126، 127، 207، 231، 233، 248، 255، 261، 275 ابن المقداد- 259 المقدسي- أبو الحسن علي بن الفضل 109 المقرىء- إبراهيم بن أحمد بن محمد 146 المقرىء- أبو علي أحمد بن الحسن بن علي بن الحسين المعروف بدبيس الخياط 151، 153

ابن مقسم- أبو بكر، ابتدع قراءة للقرآن لم تعرف 46 ابن مقلة- الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسين 49، 205، 209، 226، 261 المكتفي- أبو محمد علي بن أبي العباس أحمد المعتضد 201، 202، 256، 275 ابن المنجم- أبو الفتح أحمد بن علي بن هارون 115، 126، 209 ابن المنجم- أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى 115 المنجم- أبو منصور، منجم المنصور 209 ابن المنجم- أبو العباس هبة الله بن محمد بن يوسف بن يحيى بن علي بن يحيى بن أبي منصور 210، 211 ابن المنجم- يحيى بن أبي منصور 209 منداة- جارية قهرمانة ابن مقلة 226 ابن منده- أبو القاسم 237 ابن المنذر- النعمان، ملك الحيرة 112، 231 ابن منصور- أبو أحمد 126 منصور بن زياد- 220 ابن منصور- سعيد 37 ابن أبي منصور- محمد 278 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 35، 48، 62، 209، 216، 217، 219، 230، 233، 261، 276، 277 المهدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر عبد الله المنصور 53، 72، 77، 130، 219 ابن المهدي- أبو علي 255 مهذب الدولة- أبو الحسن علي بن نصر، صاحب البطيحة (335- 408) ، 122، 278 مهران بن عبد الله 25 المهلبي- أبو محمد الحسن بن محمد، وزير معز الدولة 115، 162، 164، 207، 226، 228، 253، 254 المهلبي- سليمان بن حبيب، أمير البصرة 216

المهلبي- أبو خالد يزيد بن محمد بن المغيرة 27 ابن المهنّى- محمد 50 المورياني- أبو أيوب سليمان بن مخلد 233 ابن موسى- هارون، مستملي يزيد بن هارون 66 الموصلي- أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن ميمون 27، 135 الموصلي- أبو الحارث 142 الموصلي- حماد بن إسحاق بن إبراهيم 134 الموصلي- القاضي أبو القاسم صدقة بن علي التميمي الدارمي 62 الموفق- أبو أحمد طلحة بن المتوكل 200 ميمون بن مهران- أبو أيوب- الرقي (ن) ناجية- أبو الحسن ناجية بن محمد الكاتب 44 ابن ناصر- أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن محمد بن علي بن عمر البغدادي الحافظ 90 نبت- جارية مهران المخنث 128 ابن النجار- أبو عبد الله محب الدين محمد بن محمود بن هبة الله بن محاسن 255، 265 النخعي- أبو يعقوب إسحاق بن محمد بن أحمد بن أبان الملقب بالأحمر 144، 145 النخعي- محمد بن الحسين 58 ابن النديم- أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق 197 ابن نصر- أحمد بن القاسم بن نصر، أخو أبي الليث الفرائضي 35، 40 ابن نصر- أبو الحسن علي بن نصر، الفقيه المالكي 264 النصيبي- أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن سعيد المتكلم 211 أبو نضلة- مهلهل بن يموت بن المزرع- العبدي النعمان- الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت 33، 35، 36، 37، 38، 39، 40، 41، 42، 43، 46، 65

أبو نعيم- الفضل بن عمرو (دكين) بن حماد بن زيد بن درهم 36، 60، 61 نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي، من أحفاد المهلب 46 ابن النفيس- أبو الحسن علي بن أبي الحزم القرشي المتطبب 175 النقاش- أبو بكر 87، 88 النميري- أبو زيد عمر بن شبّة بن عبيدة بن ريطة البصري 14، 33، 146 نوبخت- جد عائلة آل نوبخت 216، 217 النوبختي- أبو سهل إسماعيل بن علي 216 النوبختي- أبو الحسن علي بن العباس 212 النوشجاني- أبو الفتح 258، 259، 260 النوشري- أبو بكر أحمد بن منصور بن محمد بن حاتم- الوراق النوفلي- سليمان بن عبد الملك 245 النيسابوري- أبو بكر محمد بن حمدان بن الصباح 36، 37، 42، 43 النيسابوري- أبو نصر محمد بن محمد بن سهل بن إبراهيم بن سهل 38 (هـ) الهائم- أبو علي أحمد بن علي المدائني 112 ابن هارون- أبو علي الحسن بن هارون الكاتب 115 ابن هارون- أبو خالد يزيد بن هارون بن زاذان بن ثابت السلمي الواسطي المولى 66 الهاشمي- أبو العبر أحمد بن محمد بن عبد الله 161 الهاشمي- أبو إسماعيل الخطيب 259، 260 الهاشمي- أبو بكر بن الحسن بن عبد العزيز العباسي، الإمام في دار الخلافة 188 الهاشمي- الحسن بن عبد العزيز العباسي، الإمام في الرصافة 186، 187، 188، 189 الهاشمي- طاهر 142 الهاشمي- عثمان بن الحسن بن عبد العزيز العباسي 188 الهاشمي- علي بن الحسن بن عبد العزيز العباسي 188

الهاشمي- عمر بن الحسن بن عبد العزيز العباسي، الإمام بمصر والحرمين 188 ابن هبة الله- عمر بن أحمد 237، 261 الهجيمي- أبو إسحاق إبراهيم بن علي 63 هداب- هدبة بن خالد القيسي البصري 242 ابن الهمذاني- 240 الهمذاني- الشاعر 108، 174 الهمذاني- أبو السائب عتبة بن عبيد الله القاضي 47، 54، 55، 57، 58 الهمذاني- أبو منصور محمد بن عيسى 151 (و) الواثق- أبو جعفر هارون بن أبي إسحاق محمد المعتصم 191 الواسطي- أبو غالب محمد بن أحمد بن شبران 264 الوراق- أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب 41 الوراق- أبو بكر أحمد بن منصور بن محمد بن حاتم المعروف بالنوشري 103 ابن وريدة- أبو الفرج 134 وكيع- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان الضبيّ القاضي 130 ابن وكيع- مليح 42 ابن ونداد خورشيد- القائد روزبهان 226 ابن وهب- أبو علي الحسن بن وهب بن سعيد بن عمرو بن حصين الحارثي 212 ابن وهب- أبو أحمد عبد الوهاب بن الحسن بن عبيد الله، بن سليمان بن وهب 275 ابن وهب- أبو القاسم عبيد الله بن سليمان بن وهب 200، 201، 202 ابن وهب- أبو الحسين القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 200، 201، 202، 256، 275

(ي) اليامي- أبو جعفر أحمد بن بديل بن قريش بن الحارث الكوفي 5 يزيد بن عمر بن هبيرة، أمير العراق- الفزاري اليزيدي- أبو محمد علي بن أبي عمر 266 ابن يعقوب- محمد بن أحمد 241 ابن يعقوب- يحيى بن يعقوب بن فرازون النصراني 200، 201 ابن أبي يوسف القاضي- أحمد بن يحيى بن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم 32 أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم- مستملي أبي عيينة 66

فهرس جغرافي

فهرس جغرافي (أ) 55/35/أذربيجان 19/8/أرّان 26/13/أسبانبر 266/153/اشكرب (ب) 8/2/باب التبن 230/133/باب خراسان 72/45/باب الطاق 119/71/بحار 19/8/برذعة 72/45/بستان الزاهر 174/104/البطائح (ج) 174/104/الجامدة 79/49/جنديسابور 123/74/جيرون (د) 109/64/الدسكرة 25/13/دنّ 55/35/ديار مضر 95/56/دير مخارق (ر) 79/49/الرستاق 72/45/الرصافة (ز) 142/83/زرود (س) 261/150/سارية 56/35/السواد 52/33/سوسنجرد 72/45/سوق يحيى

(ش) 108/63/شلمغان 279/158/الشماسية 204/122/شيراز (ص) 72/45/الصرافية 279/158/الصليخ 279/158/الصليق (ع) 119/71/عبادان 23/11/العراقان 72/45/العلوازية 72/45/العيواضية (ق) 268/153/القادسية 25/13/قصر المدائن 72/45/القلعة 228/132/قم 25/13/قنطرة دن 215/125/القيّارة (ك) 55/35/الكوفة (م) 108/63/مادرايا 269/153/المحوّل 72/45/المخرّم 55/35/المراغة 116/70/المربد 72/45/المقبرة الملكية (هـ) 174/104/الهور (ي) 269/153/الياسرية

فهرس عمراني

فهرس عمراني (أ) 158/92/الأبليّات 69/43/الأتون 191/114/الاحتجان 187/112/الآخر 80/49/أراح 141/82/الاسطرلاب 78/48/الاعتبار 157/92/الاعذار 81/50/اعهد 79/49/الافيون 85/53/الاقتضاء 267/153/انتقع وامتقع 25/13/الأنصار 177/104/الانفال 102/59/الانكسار 79/49/الايارجة (ب) 94/55/البركان 251/144/البنج 112/66/البهار (ت) 177/104/التحيّة 100/58/الترباس 218/127/التضرّب 238/137/التفسير 175/104/التماثيل 93/55/التنبّذ 176/104/التنقّل (ج) 39/22/الجبّ 222/129/الجبّانة 126/75/الجدي 107/62/الجديلة 71/45/الجراب 277/157/جرّد 225/130/جرع

198/117/جمجم 211/124/الجونة (ح) 144/85/أبو الحارث 238/137/حق بيت المال 89/53/الحلّان 107/62/الحندس 198/117/الحنف (خ) 240/138/خشكنانجة 119/71/الخضرة 238/137/الخمار 144/85/أبو خميّس 231/134/الخيريّ 233/135/الخيش 85/53/الخيطيّة (د) 265/152/داست كفت 80/49/الدانق 280/158/دستاهيج 176/104/الدوشاب 187/112/دوه دوه (ذ) 17/104/الذريرة (ر) 235/136/رزح 119/71/الرسم 130/77/الرنّة 107/62/رنق (ز) 225/130/الزمانة 7/1/الزلف 215/125/الزيات (س) 7/1/السالفة 177/104/السباسب 107/62/السداب 160/92/السدّة 145/86/السرمد 58/37/السقم 107/62/سليمى كرفته 79/49/السوك

(ش) 107/62/الشرجي 274/155/الشرجي 120/72/شرق بالدمع 110/64/شرق لونه 189/112/الشرى 86/53/الشط 110/64/الشفق 112/66/شقائق النعمان 231/134/شقائق النعمان 178/105/الشلندي 175/104/الشمامات (ص) 107/62/الصبا 117/71/الصعداء 230/133/الصفّة 279/158/الصلق (ض) 158/92/ضلع 139/81/الضيفن (ط) 222/129/الطائلة 145/86/الطرفة 280/158/الطريف 138/80/الطفيلي 87/53/الطنز 165/96/الطيفورية (ع) 211/124/العاثور 175/104/عبىء (غ) 64/41/الغريب 175/104/الغسول (ف) 102/59/الفتوة 110/64/الفرق 11/64/الفقاعي (ق) 215/125/القيار 192/114/قرف 144/85/القروانة

144/85/القصعة 140/82/القلية 126/75/القوزي 89/53/القوصرة 215/125/القير (ك) 225/130/كرع 165/96/الكرنبيّة 58/37/الكظم 240/138/كليجة 69/43/الكورة 142/83/كيسان 89/53/الكيشة (ل) 238/137/اللثام 274/155/اللقوة 118/71/لنكك 149/88/اللوزينج (م) 100/58/المترس 22/11/المخلّص 7/1/المدمع 251/144/المرقد 238/137/المستثنى 144/85/المستذفر 66/42/المستملي 248/143/المستوصفات السيارة 268/153/المعادلة 110/64/المعصفر 140/82/المغث 99/58/الممارق 231/134/المنشور 25/13/المهاجرون 140/82/الميدة (ن) 85/53/الناقد 175/104/النبيذ 158/92/النزيف 71/45/نفخ الجربان 79/49/النيف (هـ) 186/112/هاها

223/229/الهرير (و) 138/80/الوارش 138/80/الواغل 85/53/الورق 159/92/الوسيل 104/60/الوقيعة 157/92/الوكيرة 91/54/الوفز

فهرس الكتب والمراجع

فهرس الكتب والمراجع أخبار القضاة: القاضي وكيع، أبو بكر محمد بن خلف بن حيان- طبع مصر. أدبيات اللغة العربية: محمد عاطف ومحمد نصار وأحمد إبراهيم وعبد الجواد- المطبعة الأميرية بمصر 1909. الأذكياء: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبع بيروت. إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب- معجم الأدباء. الأشربة: ابن قتيبة- أبو محمد عبد الله بن مسلم- طبع دمشق- 1947. الأعلام: خير الدين الزركلي- الطبعة الثالثة. الأغاني: أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني- طبعة دار الكتب بالقاهرة 21 مجلدا. الأغاني: أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني- طبعة بولاق 20 ج 10 م سنة 1285 هـ. الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية- بيروت. الامتاع والمؤانسة: أبو حيان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس- 3 أجزاء طبع بيروت. الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913. أنساب الأشراف: البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر- ح 4 ق 2 وح 5- طبع القدس 1936 و 1938. بدائع البدائه: أبو الحسن علي بن ظافر بن حسين الأزدي الخزرجي- حاشية على هامش معاهد التنصيص- مطبعة محمد مصطفى بمصر 1316. البصائر والذخائر: التوحيدي، أبو حيان علي بن محمد بن العباس، تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني- طبع دمشق.

تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، بيروت. تاريخ الحكماء: ابن القفطي، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف- تحقيق ليبرت- طبع ليبزك 1903. تاريخ الخلفاء: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر- ط 3- القاهرة- 1964. تاريخ الرسل والملوك: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري- طبع دار المعارف بمصر. تجارب الأمم، الجزء الأول، للمدة من 295- 329. والجزء الثاني للمدة من 329- 369: أبو علي أحمد بن محمد بن مسكويه تحقيق آمد روز- طبع مصر 1914 تجارب الأمم، الجزء السادس للمدة من 198- 251: ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد- ذيل على الجزء الثالث من كتاب العيون والحدائق في أخبار الحقائق، لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل سنة 1869. التحف والهدايا: الخالديان، أبو بكر محمد بن هاشم وأبو عثمان سعيد بن هاشم- تحقيق الدكتور سامي الدهان- طبع دار المعارف بمصر 1952. تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: لصابي، أبو الحسن هلال بن المحسّن- تحقيق عبد الستار أحمد فراج، طبع البابي الحلبي بالقاهرة 1958. تحفة المجالس ونزهة المجالس: السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي (849- 911) . تحفة النظار، في غرائب الأمصار، وعجائب الأسفار: ابن بطوطة، محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي- تحقيق أحمد العوامري ومحمد أحمد جاد المولى- المطبعة الأميرية ببولاق 1934. تذكرة بالأخبار، عن اتفاقات الأسفار: ابن جبير، أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي الشاطبي البلنسي- بيروت 1968. التطفيل: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- طبع دمشق 1346 هـ. تفسير الألفاظ الدخيلة في اللغة العربية، مع ذكر أصلها بحروفه- طوبيا العنيسي- دار العرب للبستاني بالقاهرة 1965.

تقويم البلدان: أبو الفداء، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن عمر، صاحب حماة- طبع باريس 1840. ثمرات الأوراق: الحموي، تقي الدين أبو بكر بن علي، المعروف بابن حجة الحموي- حاشية على المستطرف- طبعة الحلبي بالقاهرة. الجامع لمفردات الأدوية والأغذية: ابن البيطار، ضياء الدين عبد الله بن أحمد الأندلسي المالقي- طبعة بولاق 1291. جمع الجواهر في الملح والنوادر: الحصري، أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني- طبع مصر- 1353. حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم متز- هيدلبرج 1902 خزانة الأدب: البغدادي، عبد القادر- 4 مجلدات- طبع بولاق. خلاصة الذهب المسبوك، المختصر من سير الملوك: عبد الرحمن سنبط قنيتو الإربلي- تحقيق السيد مكي السيد جاسم 1964. دائرة المعارف الإسلامية: الترجمة العربية 15 مجلدا 1933. ديوان البحتري: أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي- تحقيق رشيد عطية- طبع المطبعة الأدبية- بيروت 1911. ديوان السري الرفاء: السري بن أحمد بن السري الكندي- طبع مكتبة القدسي، مصر 1355. ذيل أمالي القالي: القالي، أبو علي إسماعيل بن القاسم اللغوي البغدادي- مطبعة دار الكتب- القاهرة. ذيل تجارب الأمم، للمدة من 369- 393: الروذراوي: الوزير أبو شجاع ظهير الدين محمد بن الحسين- تحقيق آمد روز- طبع مصر 1914. زه الآداب: الحصري، أبو إسحاق إبراهيم بن علي القيرواني- تحقيق الدكتور زكي مبارك- 3 أجزاء- المطبعة الرحمانية بالقاهرة- 1925. شذرات الذهب، في أخبار من ذهب: عبد الحي بن العماد الحنبلي- 8 مجلدات- طبعة القدسي.

شرح المعلقات السبع: الزوزني، أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين- طبع بيروت شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد، عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد المدائني- 20 م- طبعة الحلبي بالقاهرة. شفاء الغليل، فيما في كلام العرب من الدخيل: الخفاجي، شهاب الدين أحمد- مطبعة السعادة بمصر 1325. الطبيخ: البغدادي، محمد بن عبد الكريم- تحقيق الدكتور داود الجلبي- بيروت. العيون والحدائق، في أخبار الحقائق، الجزء الثالث، للمدة من 86- 227: لمؤلف مجهول- تحقيق دي غويه ودي يونغ- طبع بريل 1869. غرر الخصائص الواضحة، وعرر النقائص الفاضحة: جمال الدين محمد بن إبراهيم بن يحيى بن علي الأنصاري المعروف بالوطواط- بولاق 1284. الفرج بعد الشدّة: التنوحي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- مخطوط- مكتبة جون رايلند- ما نجستر. الفرج بعد الشدّة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- طبعة دار الهلال بمصر 1903- 1904. فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم: ابن طاووس، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني- طبع النجف. فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب: ابن المرزبان، أبو بكر محمد بن خلف- مطبعة محمد توفيق- القاهرة 1341. الفهرست: ابن النديم، أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق- تحقيق رضا تجدد- طبع طهران. فوات الوفيات: محمد بن شاكر الكتبي- مطبعة دار السعادة- القاهرة 1951. القانون في الطب: ابن سينا، أبو علي شرف الملك الحسين بن عبد الله- طبعة بولاق- القاهرة. الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر 1966- 13 مجلدا، مع الفهارس.

كشف الظنون، عن أسامي الكتب والفنون: الحاجي خليفة، طبعة اصطنبول 6 مجلدات. اللباب، في تهذيب الأنساب: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد- 3 أجزاء طبع القاهرة 1357. لباب الآداب: الأمير أسامة بن منقذ- تحقيق أحمد محمد شاكر- طبع مصر 1935. لسان العرب، قاموس: ابن منظور المصري، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري- طبع دار صادر. لطائف المعارف: الثعالبي أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبع الحلبي- القاهرة. مجمع البيان، في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن- طبع بيروت- 10 ج 5 م. المحاسن والمساوىء: البيهقي، إبراهيم بن محمد- مطبعة السعادة بمصر 1906. المخصص: ابن سيده، أبو الحسن علي بن إسماعيل الأندلسي. مراصد الاطلاع، على أسماء الأمكنة والبقاع: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي- طبع مصر 1954. المرصع: ابن الأثير، ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن محمد بن محمد الشيباني- اصطنبول 1304. مروج الذهب، ومعادن الجوهر: المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسن بن علي- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب- القاهرة 1966. المستجاد من فعلات الأجواد: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد القاضي- تحقيق كرد علي- دمشق. المشتبه، في الرجال: الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز- جزآن اثنان في مجلد واحد، طبع الحلبي 1962. المشترك وضعا، والمفترق صقعا: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864. مطالع البدور، في منازل السرور: علاء الدين الغزولي- مطبعة الوطن بمصر 1299.

معاهد التنصيص، في شواهد التلخيص: بدر الدين أبو الفتح عبد الرحيم العباسي- مطبعة محمد مصطفى بمصر 1316. معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة مرجليوث 1924- 7 مجلدات. معجم البلدان: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي البغدادي- طبعة وستنفلد 6 مجلدات مع الفهارس. المعجم في أسماء الألبسة عند العرب: دوزي، رينهارت- امستردام 1845. معجم المراكب والسفن في الإسلام: حبيب زيات- مجلة المشرق- م 43. المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934. مفاتيح العلوم: الخوارزمي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف- مطبعة الشرق- القاهرة- 1342. المفردات، في غريب القرآن: الراغب الأصبهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد بن الفضل- المطبعة الميمنية- القاهرة- 1324. الملل والنحل: الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد، هامش على الملل والنحل لابن حزم- طبعة الخانجي 1321. المنتظم، في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدرآباد الدكن 1357. المنجد، قاموس: الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت. ميزان الاعتدال، في نقد الرجال: الذهبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان- تحقيق علي محمد البجاوي- 4 م، طبع مصر 1963. نشوار المحاضرة، وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسن بن أبي القاسم علي بن محمد- الأجزاء 1- 6- تحقيق عبود الشالجي- مطابع دار صادر- بيروت. نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن أبي القاسم علي بن محمد- الجزء الثامن- تحقيق عبود الشالجي- معد للطبع.

نشوار المحاضرة: سبط ابن الجوزي، شمس الدين أبو المظفر يوسف قزأوغلي- مخطوط النهاية: ابن الأثير، أبو السعادات مجد الدين المبارك بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري. هدية العارفين، أسماء المؤلفين، وآثار المصنفين: إسماعيل باشا البغدادي- اصطنبول 1955. الهفوات النادرة: غرس النعمة، أبو الحسن محمد بن هلال الصابي- تحقيق الدكتور صالح الأشتر- دمشق 1967. الوافي بالوفيات: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك، الأجزاء 1- 7. وفيات الأعيان، وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد بن محمد ابن أبي بكر- تحقيق الدكتور إحسان عباس- طبع دار صادر- 8 مجلدات مع الفهارس. يتيمة الدهر، في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956.

استدراكات

استدراكات الجزء السادس الصحيفة: السطر: رقم القصة 88: 9: 6/51 اقرأ: الله، الله في دمي، بدلا من: من دمي. الجزء السابع 118: 5 والحاشية رقم 4: 7/71 اقرأ: أبو الحسين، بدلا من: أبو الحسن 164: الحاشية رقم 4: 7/95 اقرأ: كردك، بدلا من: كرك 200: الحاشية رقم 1: 7/119 اقرأ: أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بدلا من: أحمد بن الحسن

رموز

رموز -: راجع م: مقدمة المؤلف الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب 283 فهرس أسماء الأشخاص 291 فهرس جغرافي 322 فهرس عمراني 324 فهرس الكتب والمراجع 329

بعونه تعالى تم طبع الجزء السابع من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة يوم الاثنين التاسع من شهر تموز 1973 على مطابع دار صادر في بيروت

الجزء الثامن

الجزء الثامن [مقدمة التحقيق] مقدمة المحقق (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) * (والحمد لله رب العالمين) أقدّم لقراء العربية الجزء الثامن من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة للقاضي أبي علي المحسّن بن عليّ التنوخي، وكان هذا الجزء من جملة المخطوطات التي اشتملت عليها مكتبة المتحف البريطاني بلندن برقم 9586 شرقي، والمخطوطة تشتمل على 110 ورقة، في كل ورقة صفحتان، في كل صفحة 15 سطرا، خطّها جيد قديم، قليلة التصحيف، مخرومة جزء من المقدمة، وقد ورد في آخر الكتاب: تم الجزء الثامن، ويتلوه التاسع، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين «1» ، وقد عثر المستشرق المعروف د. س. مرجليوث على هذه النسخة في مكتبة المتحف البريطاني، فنقل عنها بخطه نسخة ترجمها إلى اللغة الإنكليزية، ونشر الترجمة في مجلة تصدر في حيدر آباد الدكن اسمها L THE ISlamic Review LL ثم بعث بالنسخة العربية إلى المجمع العلمي العربي بدمشق، فطبعها المجمع في السنة 1930 في مجلته، ثم نشرها في كتاب على حدة.

ولما عزمت على تحقيق هذا الكتاب، حصلت من مكتبة المتحف البريطاني على فلم لمخطوطة هذا الجزء، وكان عليها اعتمادي في القراءة والتحقيق. أخرج القاضي التنوخي كتابه نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة في أحد عشر مجلدا «1» طبع منها ثلاثة «2» ، ولما اشتغلت بتحقيق هذا الكتاب عثرت على جزء آخر، فأصبحت أربعة «3» ، وجمعت أربعة أخرى «4» من ثنايا الكتب، ممّا نقله أصحابها عن التنوخي ونشواره، فأصبح المجموع ثمانية، تمت، كاملة التحقيق، بنشر هذا الجزء من الكتاب. ولا أريد أن أتعرّض في هذه المقدمة، لذكر مقدار ما بذلت من جهد في سبيل إصدار هذه الأجزاء الثمانية من الكتاب، فقد سبق لي أن أوردت ذلك في مقدمة الجزء الأول، وكررته في أكثر من موضع من مقدمات الأجزاء الأخرى. وبعد: فهذا جناي وخياره فيه. وأسأل الله سبحانه وتعالى، أن يوفقنا لأرشد الأمور، وخيرها بدأ وخاتمة، وهو حسبنا ونعم الوكيل. بحمدون في 24 آب 1973 عبود الشالجي المحامي

الباقي من مقدمة المؤلف

الباقي من مقدمة المؤلف ..... أكثرها تحوّلا، وتغيّرا، العوائد في أخلاق أكثر العالم، ومعاملاتهم، ورسومهم، فتلقطت هذا الفن، وأثبتّه، وخلطت به، ما حدث، ويحدث، من مليح شعر، لمن ضمّنا وإياه دهر، ممّن لم يخلق شعره بالاشتهار، ولا بشمه الناس بالاستكثار، ومن رسالة غريبة، أو حكمة جديدة، أو ما يغلب على ظنّي من أشباه ذلك- وإن قدم- إلّا أنّه لم يدوّن، أو منام طريف، أو حادث عجيب، أو رسم غريب، أو مستنبط مفيد قريب، ليعرف الفرق بين الأمرين، والتباين في الحالين، ويهشّ لذلك، من قد فرغ من الآداب، وسبر أكثر الافهام والحلوم، وقرم إلى معرفة أسرار الأمور، والعادة في الجمهور، والتدبيرات والاختيارات، والملح في جميع الحالات، التي لا تكشفها له الفكر، إلّا في الطويل من العمر، وإذا وقف عليها من هاهنا، قربت من يديه، وخفّ تناولها عليه، ولم أجعل ذلك مرتّبا على أبواب، لعلل وأسباب، قد ذكرتها [1] فيما قبل هذا، وأوردت فيه مجمل هذا القول، وشرحت في رسالة كلّ جزء، ما يغني عن الإطالة فيها، ويوضح المغزى، ويقوم بالعذر. وأرجو أن لا أكون مذموما بما جمعته، إن لم أحمد على ما صنعته، وأن يكون ما كتبته خيرا من موضعه لو بيّضته، كما أسلفت في الأجزاء السالفة من العذر وحبّرته، إن شاء الله.

1 فرجة بين الصدر والقبر

1 فرجة بين الصدر والقبر حدّثني أبو الحسين عليّ بن هشام بن عبد الله «1» ، الكاتب البغدادي، المعروف أبوه، بأبي قيراط «2» ، كاتب ابن الفرات «3» ، قال: سمعت أنّ أبا القاسم «4» ، كان إذا خلا، وتذكّر أمر الآخرة، وما هو منقطع به عنها من أمر السلطان، يقول: اللهم، لا تخرجني من الصدر إلى القبر، لا فرجة لي بينهما. قال أبو الحسين: فأجيبت دعوته، وجلس في منزله، قبل موته، نحوا من سنة، تائبا من التصرّف «5» ، تاركا لطلبه. فلما اعتلّ علّة موته، جاءته رسالة الراضي «6» ، يستدعيه، ليقرّر معه أمر الوزارة، ويوليّه إيّاها. فقال: آلآن؟ أين كان قبل مدة، لعلّه لو جاءني هذا الأمر، وأنا تائب، لما رددته، ولعلّي كنت أنقض التوبة، فالحمد لله الذي لم يتم عليّ ذلك.

2 الوزير علي بن عيسى يستحث عاملا على حمل الخراج

2 الوزير علي بن عيسى يستحثّ عاملا على حمل الخراج حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: أقرأني أبو عبد الله أحمد بن محمد الحكيمي «2» كتابا بخط عليّ بن عيسى «3» ، وأخبرني أنّه كتبه إليه في وزارته الأخيرة «4» ، وهو يتقلّد له طساسيج طريق خراسان «5» ، يحثّه على حمل المال، ونسخته، قال:

قد كنت- أكرمك الله- عندي، بعيدا عن التقصير، غنيا عن التنبيه والتبصير، راغبا فيما خصّك بالجمال، وقدّمك على نظرائك من العمال، واتصلت بك ثقتي، وانصرفت نحوك عنايتي، ورددت الجليل من العمل إليك، واعتمدت في المهم عليك. ثم وضح لي من أثرك، وصحّ عندي من خبرك، ما اقتضى استزادتك، وردفه ما استدعى استبطاءك ولائمتك، وأنت تعرف صورة الحال، وتطلّعي مع شدّة الضرورة إلى ورود المال. وكان يجب أن تبعثك العناية، على الجدّ في الجباية، حتى تدرّ حمولتك وتتوفّر، ويتّصل ما يتوقّع وروده من جهتك ولا يتأخّر. فنشدتك الله، لما [2] تجنبت مذاهب الإغفال والإهمال، وقرنت الجواب على «1» كتابي هذا، بمال تبتزّه من سائر جهاته وتحصّله، وتبادر به وتحمله، فإنّ العين إليه ممدودة، والساعات لوروده معدودة، والعذر في تأخيره ضيّق، وأنا عليك من سوء العاقبة مشفق، والسلام.

3 كيف تمكن عبيد الله بن يحيى بن خاقان من المتوكل

3 كيف تمكن عبيد الله بن يحيى بن خاقان من المتوكل حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبو عبد الله بن عليّ الباقطائي «2» ، قال: حدّثنا أبو جعفر أحمد بن إسرائيل «3» ، قال: كان سبب رفعه عبيد الله بن يحيى «4» ، طلب المتوكل «5» لحدث من أولاد الكتّاب، يوقّع بحضرته في الأبنية «6» والمهمّات، لأنّه كان قد أسقط الوزارة، بعد صرف محمد بن الفضل الجرجرائي «7» ، واقتصر على أصحاب الدواوين،.

وأمرهم أن يعرضوا الأعمال بأنفسهم، وجعل التاريخ في الكتب، باسم وصيف التركي «1» ، وانتصب منصب الوزارة، وإن كان لم يسمّ بها. فأسمي له جماعة، فاختار عبيد الله من بينهم. فحضر أول يوم، فصلّى في الدار ركعات، وجلس وعليه قباء وسيف ومنطقة وشاشية، على رسم الكتاب. قال أبو الحسين: لأنه لم يكن أحد يصل إلى الخليفة، إلّا بقباء وسيف ومنطقة من الناس كلهم، إلّا القضاة، لا في موكب، ولا غيره، فإذا كان يوم موكب، كانت الأقبية كلها سوادا، وإذا كان غير يوم موكب، فربما كانت من بياض، وفي الأكثر سوادا. فلما صلّى عبيد الله، وجلس، لم يجتز به أحد من الحاشية، كبير ولا صغير، الّا قام إليه قائما، وسلّم عليه، حتى قام إلى رئيس الفرّاشين. فرآه بعض الحاشية، فقال: من هذا الشقيّ الذي قد قام لسائر الناس، حتى قام إلى الكلاب؟ فقيل له: فلان. ثم أذن له المتوكل، لما خلا، فدخل إليه، وكان على رأسه قلنسوة سوداء شاشية، وكان طويل العنق، فظهرت عنقه.

فلما رآه المتوكل، أومأ بيده إلى قفاه، ومسحه شبه صفعة، فأخذ عبيد الله يده فقبّلها. فنفق عليه، وخفّ على قلبه، وسرّ بذلك، واستخفّ روحه. وقال له: اكتب. فكتب وهو قائم: (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) «1» ، إلى قوله عز وجل [3] (وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً) «2» فكتب: وينصرك الله- يا أمير المؤمنين- نصرا عزيزا، فزاد ذلك في تقبّل المتوكل له، وتفاءل بذلك. وقال له: الزم الدار، فكان يلزمها منذ السحر، إلى وقت نوم المتوكل في الليل. وقوي أمره مع الأيام، حتى صار يعرض الأعمال، كما كان الوزراء يعرضونها، وليس هو بعد وزير، والتاريخ لوصيف. فأمره المتوكل في بعض الأيام، أن يكتب نسخة في أمر الأبنية، فقال: نعم. فلما كان بعد ساعة، سأله، هل كتبت؟ فقال: لم يكن معي دواة. فقال: اكتب الساعة، فاستحضر دواة. وكان ايتاخ الحاجب «3» قائما، يسمع ذلك، فلما خرج عبيد الله،

قال له: إنّما طلبك أمير المؤمنين، لتكتب بين يديه، فإذا حضرت بلا دواة فلأيّ شيء تجيء؟ فقال له عبيد الله: وأيّ مدخل لك أنت في هذا؟ أنت حاجب أو وزير؟ فاغتاظ من ذلك، فأمر به فبطح، وضربه على رجليه عشرين مقرعة، وقال له: الآن علمت أنّ لي فيه مدخلا؟ فلم يتأخّر عبيد الله عن الخدمة، وعاد، فجعل يمشي ويعرج، فسأل المتوكل عن خبره، فعرف الصورة، فغلظ عليه ذلك، وقال: إنّما قصده إيتاخ لمحبّتي له. وكان قد اجتمع في نفس المتوكل من إيتاخ العظائم، مما كان يعمل به في أيام الواثق، ولا يقدر له على نكبة، لتمكّنه من الأتراك. فأمر بأن يخلع على عبيد الله من الغد، وأن لا يعرض أحد من أصحاب الدواوين عليه شيئا، وأن يدفعوا أعمالهم إليه ليعرضها، وأجرى له في كل شهر عشرة آلاف درهم. فندم إيتاخ على ما فعله، وجعل يداري عبيد الله، ويثاقفه. وقوي أمر عبيد الله، حتى حذف بنفسه، من غير أمر، اسم وصيف من التاريخ، وأثبت اسمه. ثم أمر له المتوكل برزق الوزارة، ثم خوطب بالوزارة، بعد مديدة، وخلع عليه لها خلعا أخر. ثم قلّده كتابة المعتز «1» ، وخلع عليه.

ثم قلّده كتابة المؤيد «1» ، وخلع عليه. وضمّ المتوكل إلى ابنيه، بضعة عشر ألف رجل، وجعل تدبيرهم إلى عبيد الله، فكان وزيرا أميرا. فلما تمكّن [4] ، هذا التمكّن بالحيش، والمحل، عارض إيتاخ، وبطّأ حوائجه، وقصده، ووضع من كتّابه، ولم يزل ذلك يقوى من فعله، إلى أن دبّر على إيتاخ، فقتله على يد إسحاق بن إبراهيم الطاهريّ ببغداد، بعد عود إيتاخ من الحجّ.

4 الواثق ومحمد بن عبد الملك الزيات

4 الواثق ومحمد بن عبد الملك الزيات حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسن، الكاتب المعروف بابن الماشطة «2» ، وكان يتقلّد قديما العمالات، ثم صار من شيوخ الكتاب، وتقلّد في أيّام حامد بن العباس، ديوان بيت المال، قال: سمعت أبا «3» الفضل، وهو يحكي عن أبيه، وهو [ابن] الفضل بن مروان «4» ، قال: كان في نفس الواثق «5» ، على محمد بن عبد الملك الزيّات «6» ، العظائم، ممّا كان يعامله به في أيّام أبيه. فمن ذلك: أنّ المعلّم شكا إلى المعتصم «7» ، أنّ الواثق لا يتعلّم، فإذا طالبه بذلك، شتمه، ووثب عليه، فأمر المعتصم محمدا، بأن يضرب الواثق أربع مقارع. فخرج محمد، واستدعى الواثق، وضربه ثلاث عشرة مقرعة، حتى مرض.

فلما عرف أبوه الخبر، أنكر ذلك، وحلف للواثق، أنّه ما أمر محمدا، إلّا أن يضربه أربع مقارع، فأخفاها في نفسه، فكان يبغضه. وعلم محمد بذلك، فكان يقصده في ضياعه وأملاكه، لما ترعرع، وصار أميرا. فوقّع المعتصم يوما، أن يقطع الواثق، ما ارتفاعه «1» ألف ألف درهم، فمحاها محمد، وكتب: ما قيمته ألف ألف درهم. فلما دخل إليه الخادم، وعرّفه ما عمله محمد، وثب إلى أبيه، وعرّفه ذلك، وعرض التوقيع عليه. فقال له المعتصم: ما أغيّر ما وقّعت به، وما أرى في التوقيع إصلاحا، وكان محمد قد أجاد محوه. وعلم المعتصم، أنّ رأي محمد في الاقتصاد، أصلح، فبطل ما كان يريده الواثق، وانصرف. فقال للخادم: قد تمّ علي من هذا الكلب، كل مكروه، فإن أفضت الخلافة إليّ، فقتلني الله، إن لم أقتله. ثم قال له: أنت خادمي، وثقتي، فإن أفضى هذا الأمر إليّ، فاقتله ساعة أخاطب بالخلافة، ولا تشاورني، وجئني برأسه. قال: فمضت الأيام، وتقلّد الواثق، فحضر الدار في أوّل يوم، محمد ابن عبد الملك [5] ، مع الكتّاب. فتقدّم الواثق إلى الكتّاب دونه، بأن يكتب كلّ منهم نسخة، بخبر وفاة المعتصم، وتقلّده الخلافة، فكتبوا بأسرهم، وعرضوا ذلك عليه، فلم يرضه.

فقال لمحمد: اكتب أنت. فكتب في الحال، بلا نسخة، كتابا حسنا، وعرضه، فاستحسنه، وأمر بتحرير الكتب عليه. ولم يبرح من حضرته، حتى أقرّه على الوزارة، وخرج من بين يديه، والناس كلهم خلفه. قال الخادم: فعجبت من ذلك، وقلت: تراه أنسي ما كان أمرني به؟ لم لا أستأذنه في ذلك، وأذكّره به؟ فتقدّمت إليه لما خلا، وأذكرته الحديث، واستأذنته، فقال: ويحك، السلطان إلى محمد بن عبد الملك، أحوج من محمد إلى السلطان، دعه «1» . قال: فرقّاه الواثق إلى ما لم يرقّه إليه المعتصم. قال الفضل بن مروان: ولا نعلم وزيرا، وزّر وزارة واحدة، بلا صرف، لثلاثة خلفاء متّسقين، غير محمد بن عبد الملك.

5 أبو خازم القاضي يطالب الخليفة المعتضد بما في ذمته للوقف

5 أبو خازم القاضي يطالب الخليفة المعتضد بما في ذمّته للوقف حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: حدّثني وكيع القاضي «3» . قال أبو الحسين: وقد رأيت محمد بن خلف، وكيع، وكتبت عنه أشياء كثيرة، ليس هذا منها. قال: كنت أتقلّد لأبي خازم «4» ، وقوفا في أيام المعتضد «5» ، منها وقوف الحسن بن سهل» . فلما استكثر المعتضد من عمارة القصر المعروف بالحسني «7» ، أدخل إليه،

بعض وقوف للحسن بن سهل، كانت في يدي، ومجاورة للقصر. وبلغت السنة آخرها، وقد جبيت مالها، إلّا ما أخذه المعتضد. فجئت إلى أبي خازم، فعرّفته اجتماع مال السنة، واستأذنته في قسمته في سبله، وعلى أهل الوقف. فقال لي: فهل جبيت ما على أمير المؤمنين؟ فقلت: ومن يجسر على مطالبة الخليفة؟ فقال: والله، لا قسمت الارتفاع، أو تأخذ ما عليه، وو الله، لئن لم يزح العلة، لا وليت له عملا. ثم قال: امض إليه الساعة، وطالبه. فقلت: من يوصلني؟ فقال: امض إلى صافي الحرمي «1» ، وقل: إنّك رسولي، أنفذتك في مهمّ، فإذا وصلت، فعرّفه ما قلت لك. فجئت، وقلت لصافي ذلك، فأوصلني، وكان آخر النهار. فلما مثلت بين يدي الخليفة، ظنّ أمرا عظيما قد حدث، فقال لي: هي «2» ، قل، كأنّه متشوّف. فقلت: أنا ألي لعبد الحميد، قاضي أمير المؤمنين، وقوف الحسن بن

سهل، ومنها [6] ، ما قد أدخله أمير المؤمنين إلى قصره، ولما جبيت مال هذه السنة، امتنع من تفرقته، إلى أن أجبي ما على أمير المؤمنين، وأنفذني الساعة قاصدا لهذا السبب، فأمرني أن أقول: إنّي حضرت في مهمّ، لأصل. قال: فسكت ساعة متفكرا، ثم قال: أصاب عبد الحميد، يا صافي، هات الصندوق. قال: فأحضر صندوقا لطيفا. فقال: كم يجب لك؟ فقلت: الذي جبيت عام أوّل من ارتفاع هذه العقارات، أربعمائة دينار. قال: فكيف حذقك بالنقد والوزن؟ فقلت: أعرفهما. قال: هاتوا ميزانا، فجاءوا بميزان حرّاني «1» حسن، عليه حلية ذهب، فأخرج من الصندوق دنانير عينا، فوزن منها أربعمائة دينار، وقبضتها، وانصرفت إلى أبي خازم بالخبر. فقال: أضفها إلى ما اجتمع للوقف عندك، وفرّقه في غد، في سبله، ولا تؤخّر ذلك، ففعلت. فكثر شكر الناس لأبي خازم، لهذا السبب، وإقدامه على الخليفة، بمثل ذلك، وشكر هم للمعتضد رضي الله عنه، في إنصافه.

6 الوزير ابن الفرات يحاسب عاملا

6 الوزير ابن الفرات يحاسب عاملا حدّثني أبو الحسين علي بن هشام أبي قيراط، الكاتب البغدادي، قال: سمعت أبا الحسن، عليّ بن محمد بن الفرات «1» ، يحدّث: قال: كان النهيكي العامل، قد لازم أبا القاسم عبيد الله بن سليمان في أيّام نكبته، فلم يكن له- لما ولي الوزارة- همّ، إلّا الإحسان إليه. فقلّده بادوريا «2» ، وكان لا يتقلّدها إلّا جلّة الناس. ولقد سمعت أخي أبا العباس «3» يقول: إنّ من صلح لتقلّد بادوريا، صلح أن يتقلد ديوان الخراج، ومن صلح لديوان الخراج، صلح للوزارة. قال: والسبب في هذا أنّ المعاملات ببادوريا، كثيرة مختلفة، وأنّها عرصة المملكة، وعاملها يعامل أولاد الخلافة، والوزراء، والقوّاد، والكتّاب، والأشراف، ووجوه الرعية «4» ، فإذا ضبط اختلاف تلك العادات، وقام بإرضاء هذه الطبقات، صلح للأمور الكبار «5» . قال أبو الحسن: فأقام النهيكيّ، يتولّى بادوريا نحو سنتين، مدّة تقلّد عبد الرحمن بن محمد بن يزداد لديوان الخراج، في أيام عبيد الله، ثم مدّة أيام أبي العباس أحمد بن محمد بن أبي الأصبغ «6» . [7]

إلى أن أطلقت أنا وأخي، وتقلّد [أخي] ديوان زمام الخراج، وزمام ديوان الضياع «1» ، وخلفته عليهما.

فكنّا إذا كاتبنا النهيكي في رفع الحساب، لم يجبنا، إدلالا لمحله من الوزارة، وتعفّفه «1» ، فإنه كان مشهورا بالعفّة، وإذا كاتبناه في شيء من أمور العمل، أقلّ الحفل بكتبنا. فلما طالت المدّة علينا، ألححنا عليه بالمطالبة برفع الحساب، وشكوناه إلى

الوزير فوكّل به من داره «1» ، مستحثا له في رفع الحساب لعدّة سنين. فتشاغلت أنا بعمل مؤامرة له، فلم أجد عليه كثير تأوّل، وحضرنا بين يدي عبيد الله لمناظرته. وقد كنت، صدّرت أول باب من المؤامرة، بأنّه فصّل تفصيلا، ثمن الغلّة المبيعة، جملته على حسب ما يوجبه التفصيل، أكثر من الجملة التي أوردها بألف دينار. فقال: أتتبّع، فما زال يتتبّع، إلى أن صحّ الباب عليه، وقال: وما هذا؟ غلط الكاتب في الجملة. فبدأت أكلّمه، فأسكتني أخي، وأقبل على عبيد الله، فقال: أيها الوزير، صدق، هذا غلط في الحساب، فالدنانير في كيس من حصلت؟ فقال له عبيد الله: صدق أبو العباس، والله، لا وليت لي عملا يا لصّ. ثم أتبعت هذا الباب، بباب آخر، وهو ما رفعه ناقصا عمّا كان قدّم به كتابه في كيل غلّة عند قسمتها. فلما لاحت عليه الحجة، قال: أريد كتابي بعينه. فبدأت أكلّمه، فأسكتني أخي، ثم قال: أيها الوزير، يطعن في ديوانك، ونسخ الكتب الواردة، والنافذة، شاهدا عدل. فقال: صدق، يا عدوّ الله، وأمر بسحبه، فسحب. وما برحنا، حتى أخذ خطّه بثلاثة عشر ألف دينار، وأهلكناه بهذا، وما عمل بعد هذا كثير عمل.

7 أبو العباس ابن الفرات يهدد عاملا قد ألط بالمال

7 أبو العباس ابن الفرات يهدّد عاملا قد ألطّ بالمال حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبي، وأبو منصور عبد الله بن جبير النصرانيّ «1» ، قالا: حضرنا مجلس ابن الفرات، وقد عملت مؤامرة لابن حبش العمانيّ، وكان يتقلّد الزاب ونهر سابس «2» ، في أيام وزارة عبيد الله بن سليمان. فأخذ أبو العباس وأبو الحسن يناظرانه عليها، إلى أن ألزم خمسة وعشرين ألف درهم، من أبواب صحيحة، وطولب بأدائها، وأخذ خطه بتصحيحها «3» . فصحّح خمسمائة وأربعين، طول المدة، وألطّ بالمال «4» [8] ، فقيّد فلم ينفع، وضرب سبع مقارع، فلم يودّ. وكان إذا خرج بإنسان من العمال، إلى هذا القدر من المكروه، فعندهم أنّه النهاية.

فأخرجه أبو العباس إلى حضرته، وطالبه بالمال، فأقام على أنّه لا شيء معه، وأنّ ضيعته وقف. فقال له: ويلك، لا أعرف أجهل منك، إذا كان هذا صبرك على المكروه، وإسلامك لنفسك، وبذلك لها، فلم لم تأخذ أصل الارتفاع؟ فإنّا ما كنّا نعمل بك أكثر من هذا. ولكن إن شئت، فأنا أدع عليك هذا المال، وأصرفك إلى منزلك، ولكن بعد أن كشف للوزير صبرك على المكاره، فلا تتصرّف- والله- في أيّامه أبدا، ويذهب خبرك. قال: فقلق من ذلك، وسأل أن يخفّف عنه شيء من المال، ليؤديّ الباقي. فما برحنا حتى تقرّر أمره على بعض المال، وأدّاه، وانصرف.

8 الوزير عبيد الله بن سليمان يحرم عاملا من التصرف

8 الوزير عبيد الله بن سليمان يحرم عاملا من التصرّف حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات «2» ، يقول: ناظرت الجهظ «3» ، أحد العمال، على مؤامرة قد عملناها له، وكنت أنا وأخي، وجعلنا نأخذ خطّه بباب باب. فلما كثر ذلك، قال لي سرّا: ليس الشأن في الخطّ، الشأن في الأداء، ستعلمون أنّكم لا تحصلون على شيء. فسمعه عبيد الله «4» ، لأنّا كنّا في مجلسه، فقال له: أعد عليّ ما قلت، فاضطرب. فقال: لا بدّ أن تعيده، فأعاد ذلك. فقال: إذن، لا تلي لي- والله- بعدها عملا أبدا، قم عافاك الله إلى منزلك، خرّق يا غلام، المؤامرة. قال: فخرّقت في الحال، وانصرف الجهظ إلى منزله، فما صرّفه عبيد الله بعد ذلك. وشاع خبره، فتحامى الناس كلّهم استخدامه، فهلك جوعا في منزله، حتى بلغ أنّه احتاج إلى الصدقة.

9 وزير ينفى لأنه طرب لغناء صوت

9 وزير ينفى لأنه طرب لغناء صوت حدّثنا أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو عبد الله زنجي الكاتب «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس بن الفرات «3» ، قال: كتب صاحب الخبر «4» ، بمدينة السلام «5» ، إلى إسماعيل بن بلبل «6» ، في وزارته الأولى «7» للمعتمد، بأنّ مغنية من جواري بدعة الكبرى «8» ، غنّت عند الحسن بن مخلد «9» ، وهو إذ ذاك معطّل، بهذا الصوت، فاستعاده، وطرب عليه [9] . عادات طيء في بني أسد ... ريّ القنا وخضاب كلّ حسام

لهفي على قتلى النباج «1» فإنّهم ... كانوا الذرى ورواسي الأعلام كانوا على الأعداء سيف محرّق ... ولجارهم حرما من الأحرام لا تهلكي جزعا فإنّي واثق ... برماحنا وعواقب الأيام فأنهى إسماعيل «2» ذلك إلى المعتمد، وقال: هذا يسعى عليك، ويتربّص بك الدوائر، فأمر بنفيه إلى مصر، فكان مضيّه إليها سبب تلفه «3»

10 أحمد بن طولون يقتل الحسن بن مخلد بالسم

10 أحمد بن طولون يقتل الحسن بن مخلد بالسمّ حدّثنا أبو الحسين «1» ، قال: سمعت أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد «2» ، قبل الوزارة «3» ، يتحدّث، قال: حدّثني أبو عبد الله حمد بن محمد القنّائي «4» الكاتب. قال أبو الحسين: وكان «5» ابن أخت الحسن بن مخلد «6» ، وكان قد خلفه دفعات، على ديوان الخراج، ومرّة على ديوان الضياع، ثم ولي أعمالا جليلة، من العمالات «7» ، والدواوين «8» ، منها ديوان المغرب «9» ، ومات وهو

يتقلّد ديوان الخراج، والضياع العامة بالسواد، وما يجري فيه، وقد رأيته، وتعلّمت بين يديه، وسمعته يتحدّث بأشياء، ولم أسمع هذا منه. قال سليمان: قال لي حمد: سألت الخادم الذي تبع خالي الحسن بن مخلد «1» ، إلى ابن طولون «2» ، لما نفي إليه، عن السبب الذي دعا ابن طولون، إلى قتله، فقال: لما ورد عليه، تناهى في إكرامه، وبرّه وإعظامه، ثم أنس به، حتى نادمه، وصار يشاوره في مهمّ أموره. فشاوره مرات في خلع طاعة المعتمد، فعظّم عليه أمر السلطان، وخوّفه من العصيان، فقبل رأيه. ثم طولب ابن طولون، بمال الوظيفة التي كانت عليه، فقال لابن مخلد: ما رأيت أعجب من جهل هذا المخذول- يعني الموفّق- يطالبني بالوظيفة، وهو عاص على الخليفة، إلى من أحمل؟ فقال له: لا تفعل، فإنّ الأمور إليه، والجيش معه، وإن منعته المال، قصدك وحاربك. فقام في نفس ابن طولون أنّه دسيس للقوم عليه، وقال: لو كان هذا عدوّا للقوم، ما أشار عليّ بهذه المشورة، وإنما هو دسيس على ملكي، ليأخذ البلدان منّي لهم، ويرهبني، ويستخرج البلدان منّي باللّطف. فتنكّر له، ثم أمر بالقبض عليه، وحبسه، وكان جبانا، فلم يحبّ.

- مع إيحاشه له- أن يفلت، في وقت من الأوقات، فدسّ إليه في شربة، فقتله بها. وجدّ الموفّق، وأنفذ إليه المعتضد في الجيش [10] ، وأخرج أحمد بن طولون، خمارويه، ابنه «1» ، لمحاربة المعتضد، فتحاربا، فانهزم كل واحد منهما من صاحبه، وهو لا يعلم أن صاحبه قد انهزم. فضرب الناس بهما المثل، وقالوا: صبيّ لقي صبيّا، وهكذا تكون محاربة الصبيان. قال: فلما جرت هذه الحال، تندّم أحمد بن طولون، على قتل الحسن ابن مخلد، وقال: صدقني، فلم أقبل منه، واتّهمته.

11 جرأة وزير على أخذ أموال السلطان

11 جرأة وزير على أخذ أموال السلطان حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد «2» ، قال: قال لي نافذ، خادم أبي وثقته، وكان يتولى نفقته: إنّي ما رأيت أجسر من مولاي «3» ، على أخذ مال السلطان. ومن ذلك، أنّي باكرته يوما، وقد لبس سواده، ليمضي إلى دار المعتمد «4» ، وهو إذ ذاك يتولى دواوين الأزمّة «5» والتوقيع «6» ، وبيت المال «7» . فقلت له: قد صككت «8» عليّ البارحة للمعاملين، بألف وستمائة دينار، وما عندي من ذلك حبّة واحدة. فقال لي: يا بغيض، تخاطبني في هذه الساعة؟ أين كنت عن خطابي البارحة لأوجّه لها وجها؟ ولكن اتبعني إلى دار السلطان. فتبعته.

ودخل إلى المعتمد، مع عبيد الله بن يحيى الوزير «1» ، ودخل معهما أحمد ابن صالح بن شيرزاد «2» ، صاحب ديوان الخراج، فلما خرج، قال لي: امض إلى صاحب بيت المال، فخذ منه ما يسلّمه إليك. فظننت أنّه قد استسلف على رزقه شيئا، فمضيت إلى صاحب بيت المال، فسلم إليّ ثلاثين ألف دينار. فاستعظمت ذلك، وعلمت أنّه ليس من الرزق، وحملتها إلى الدار، وعرّفته خبرها. فقال لي: أنفق منها ما وقّعت به إليك، واحفظ الباقي، فليس في كلّ وقت يتّفق لنا مثل هذا. ومضى على الحديث أيام، ودعا دعوة، فيها صاعد بن مخلد «3» ، وإليه- إذ ذاك- عدّة دواوين، وجماعة من الكتّاب، وأكلوا، وناموا، وانتبهوا. فإذا كاتب من كتّاب أحمد بن صالح بن شيرزاد، يستأذن عليّ، فاستأذنت لدخوله على مولاي، وكانوا قد بدأوا بالشرب. فترك مولاي المجلس، وخرج إلى بيت الخلوة، واستدعى الرجل، فأدخله إليه. فسمعته يقول: أخوك أبو بكر، يقرأ عليك السلام- يعني أحمد بن صالح- ويقول لك: أنت تعرف رسمي مع صاحب بيت المال، وأنّ

محاسبته [11] في سائر الأموال إليّ، وأنا إذا تمّت ثلاثون يوما، وجّهت صاحبي إلى حساب بيت المال، فحمله مع صاحب بيت المال، لينظّم دستور الختمة «1» بحضرتي، وأصحّح حكاياتها. ونحن منذ عشرة أيام في هذا، حتى انتظمت الحسبة، ولم يبق إلّا ثلاثون ألف دينار، ذكر صاحب بيت المال، أنّك خرجت إليه، من حضرة أمير المؤمنين، فأمرته بحملها إلى خادمك نافذ، ولست أدري في أية جهة صرفت؟ ولا في أي باب أثبتها؟ ولا ما الحجة فيها؟ قال: فأجابه مولاي بلا توقّف، وقال: أخي أبو بكر- والله- رقيع، أسأل أنا الخليفة، في أي شيء صرف ما أمر أن يحمل إلى حضرته؟ يجب أن يكتب في الختمة: وما حمل إلى حضرة أمير المؤمنين في يوم كذا وكذا، ثلاثون ألف دينار. قال: فقام الكاتب خجلا، ومرّ ذلك في الحساب على هذا، فما تنبّه أحد عليه، وحصل له المال «2» .

12 الوزير ابن الفرات يستولي على أموال المصادرات

12 الوزير ابن الفرات يستولي على أموال المصادرات قال أبو الحسين، فقال لي سليمان، بعقب هذه الحكاية: ما رأيت لهذه الفعلة شبيها، إلّا ما عمله ابن الفرات، في وزارته الأولى، فإنّه نصب يوسف بن فنحاس، وهارون بن عمران، الجهبذين، فلم يدع مالا لابن المعتز «1» ، ولا للعباس بن الحسن «2» ، ومن نكب، وبل في الفتنة، وما صحّ من مال المصادرين، وغيرهم ممّن يجري مجراهم، إلّا أجراه على أيديهما، دون يد صاحبي بيت مال العامة والخاصة. وأفرد لذلك ابن فرجويه «3» ، كاتبه، يحاسبهما، ولا يرفع لهما حساب إلى ديوان من الدواوين. فلما كان في السنة التي قبض عليه فيها، كتب كتابا عن نفسه إلى مؤنس الخادم «4» صاحب بيت المال، ذكر فيه: أنّه حوسب يوسف بن فنحاس، وهارون بن عمران، على ما حصل عندهما من كيت وكيت- حتى استغرق

تلك الوجوه- فكان الباقي قبلهما- بعد الذي حمل إلى حضرة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، وصرف في مهمّات أمر بها هو، والسادة «1» أيّدهم الله- من الورق «2» ، ألف ألف، وأربعمائة وسبعين ألف درهم، وخمسمائة وستة وأربعين درهما، وأمر بقبض ذلك منهما، وإيراده بيت مال الخاصة «3» . فقبض مؤنس منهما تلك البقيّة، ومضى الأصل [12] كله، لا يعرف في أي شيء صرف، وكان مبلغه، فيما ظنّه الكتاب، وكانوا يتعاودونه، نحو ألف ألف دينار، فإنّ ابن الفرات فاز بجميعها، ولم تقم بها حجة عليه. قال أبو الحسين: فحدّثني أبي بعد ذلك، قال: لما قّلدني عليّ بن عيسى، في وزارته الأولى، ديوان الدار، الجامع للدواوين، أمرني بإحضار هذين الجهبذين «4» ، ومطالبتهما بختماتهما «5» ، لما كان حصل في أيديهما، في وزارة ابن الفرات الأولى، من الجهات التي تقدّم ذكرها. فاستدعيتهما، وطالبتهما، فأحالا على أن ابن الفرات، أخذ حسابهما، ولم يدع عندهما نسخة منه. فأمرني بحبسهما، وتهديدهما، ففعلت ذلك. فأحضراني حسابا مبتورا، ذكرا أنهما وجداه، فرأيته غير منتظم.

فلم أزل أرفق بهما، إلى أن أقرّا أنّه قد وصل إليهما من فضل الصرف، فيما بين ما ورد عليهما، وبين ما أنفقاه، مائة ألف درهم، فجعلتها عشرة آلاف دينار، وقررت أمرهما عليها، وأخذت بها خطوطهما. فلم يقنع عليّ بن عيسى بذلك، وأخذهما من يدي، وسلّمهما إلى حمد ابن محمد «1» وكان إليه ديوان المغرب، وأمره أن يتتبّع أمرهما بنفسه، وكان حسن الكتابة، ولم يعرّفه أني أخذت خطّهما بشيء. فتتبّع حمد ذلك، فلم يجد في الحساب، إلّا إحالات على «حمل إلى الخليفة، والسادة» ، وأشياء صرفت إلى خاص ابن الفرات. فقال له حمد: هذا كله مزوّق «2» ، والقوم معهم حجج بالابراء، وما عليهم طريق، وابن الفرات كان أجلد من أن يدع هؤلاء يفوزون بجبّة من المال. فردّهما إليّ، وقال: اجتهد في أن تأخذ منهما مائتي ألف دينار «3» . فقلت: لا يمكن ذلك. فقال: اعمل على أنك طالبتهم بمرفق لنفسك بتمام مائتي ألف درهم. فقلت له: فإذا فعلت هذا، فأي شيء أعمل أنا لنفسي؟ فقال: خذ منها عشرين ألف درهم، وألزمهما مائة وثمانين. قال: فخرجت، وجددت بهما، إلى أن ألزمتهما ذلك، وأخذت لنفسي منه ما قال.

فلما فرغنا من ذلك، أخذنا بها خطوطهما، وأخذنا لهما خطّه بالبراءة من ذلك. فقال لي عليّ بن عيسى: سأريك موضعي أنا من العمل [13] ، وأنّ للرئيس في كل أمر موضعا لا يقوم فيه أحد مقامه. فاستحضرتهما إلى حضرته، وأنا في مجلسه، فقال لهما: تريدان مني أن أزيل عنكما تبعة، إن لم أزلها بقيت عليكما، وعلى ورثتكما، أبد الدهر؟ لست أفعل هذا إلّا بشيء يقرب، لا ضرر عليكما فيه، وهو: أنّي أحتاج في كل هلال، إلى مال أدفعه في ستة أيام من ذلك الشهر، إلى الرجّالة، ومبلغه ثلاثون ألف دينار، وربما لم يتّجه في أول يوم من الشهر، ولا الثاني، وأريد أن تسلفاني في أول كل شهر، مائة وخمسين ألف درهم، ترتجعانها من مال الأهواز في مدة الشهر، فإنّ جهبذة الأهواز إليكما، فيكون هذا المال سلفا لكما أبدا، واقفا، لأضيف إلى هذا المال، الوظيفة التي على حامد، التي ترد في أول كل شهر، وهي عشرون ألف دينار، فيكون ذلك بإزاء مال القسط الأوّل من النوبة، فيخف عنّي ثقل ثقيل. فتأبيا ساعة، فلم يفارقهما حتى استجابا لذلك. فقال لي علي بن عيسى: كيف رأيت؟ فقلت: ومن يفي بهذا إلّا الوزير، أيده الله تعالى. قال: وكان علي بن عيسى، إذا حلّ المال، وليس له وجه، استسلفه من التجار على سفاتج قد وردت من الأطراف، فلم تحلّ «1» ، عشرة آلاف دينار، بربح دانق ونصف فضّة في كل دينار «2» ، وكان يلزمه في كل شهر ألفان وخمسمائة درهم أرباحا.

فلم يزل هذا الرسم يجري على يوسف بن فنحاس، وهارون بن عمران، ومن قام مقامهما، مدة ست عشرة سنة، وبعد وفاتهما، لأنهما ما صرفا إلى أن ماتا، وكانا قد تقلدا في أيام عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وكان السلطان لا يرى صرفهما، ليبقى جاه الجهبذة مع التجّار «1» ، فيقرض التجار بالجهبذ، إذا وقعت الضرورة، ومتى صرف الجهبذ، وقلّد غيره، ولم يعامله التجار، وقف أمر الخليفة «2» .

13 الصناعة نسب

13 الصناعة نسب حدّثنا أبو الحسين، قال: حدّثني أبو بكر محمد بن جنّي الكاتب، وكان أبوه مغنّيا، وهو من أعيان الكتّاب، قال: [حدّثني] ابن ثوابة الكاتب، قال: حدّثني أبو الفرج «1» عن نجاح بن سلمة، عن أبيه «2» ، عن الفضل بن مروان «3» ، قال: كنت أتولى مجلس الحساب، من قبل صاحب ديوان الرشيد، وكان يجيئنا إلى الديوان، شيخ من بقايا كتّاب [14] بني أمية، وكان صاحب الديوان يقول لنا: هذا أكتب أهل زمانه، وكان يلبس درّاعة وقلنسوة كأكسية النصارى، وخفّا أحمر، وكان هذا زيّ المتعطّلين من الكتّاب إذ ذاك، وكان صاحب الديوان يكرمه جدّا. فصار إليّ في يوم من الأيام لحاجة عرضت له، وأنا متشاغل بعمل مهمّ قد طلبه الرشيد، وأنا جالس حيال صاحب الديوان أعمله، فقصرت في حقّ الشيخ.

ولا مني صاحب الديوان على تقصيري به، ووبخني، فاعتذرت إليه بشغل القلب. فلما كان بعد أيام جاءني، فزدت في إكرامه، وقمت إليه، وجلست بين يديه. فأقبل على صاحب الديوان، فقال: أحسبك عاتبت فتانا على تقصيره أولا. ثم أقبل عليّ، وقال: يا فتى، كنّا نعدّ الصناعة «1» نسبا، والنعمة «2» نسبا، واللغة نسبا، والنحلة «3» نسبا.

14 كيف اتصل الفضل بن مروان بالمأمون ووزر له

14 كيف اتصل الفضل بن مروان بالمأمون ووزّر له حدّثنا أبو الحسين قال: حدّثنا أبو عبد الله الباقطائي «1» ، قال: حدّثني أبو الفضل عون بن هارون بن مخلد بن أبان، وكان كاتب المأمون، على ديوان الضياع، قال: [قال] ميمون: سمعت الفضل بن مروان يقول: لا ينبغي لأحد أن يحقر أحدا، ولا يأيس من علوّه، فإني كنت في حداثتي أتوكّل لهرثمة بن أعين «2» في مطبخه، أيام الرشيد، وكان بخيلا، وكان له خادم يشرف على مطبخه، وأجرى عليّ خمسة عشر درهما في الشهر، ووظيفة خبز. فلما كثر توفيري عليه، صيّرها عشرين درهما. وكنت لا آكل من مطبخه شيئا، فسأل الخادم عن أكلي، فعرّفه أنّي لا آكل، فأمره أن يطعمني من المطبخ كلّ يوم، ويوفّر الوظيفة على منزلي. فدعا يوما دعوة عظيمة، فوفرت عليه في الأسعار ألف درهم، وعرضت عليه بذلك عملا، فسرّه، وحسن موقعه منه، وكان بخيلا جدا. فقال لي يوما: قد استحققت الزيادة، فكم تحب أن أزيدك؟ فقلت: لا أقلّ من عشرة دراهم أخرى. فقال: هذا كثير، ولكن أربعة دراهم.

فأيست من خيره، واتفق له بعد ذلك، خروج عن مدينة السلام، فتعاللت عليه، ولم أتبعه، ولزمت الديوان، وتعلّمت، فصرت كاتب مجلس في ديوان الرشبد «1» ، وكان ذلك أوّل إقبالي [15] ، وتخرّجت، وزادت حالي مع الأيّام. فلما ولي المأمون، وعظّم من أمر المعتصم، كان المعتصم شديد المحبّة للصيد، وكنت في فتنة محمد المخلوع، قد صرفت ما كنت جمعته في ضياع وبساتين بالبردان «2» وصاهرت بعض تنّائها، واجتمعت لي حال، فلما انجلت الفتنة، كنت من وجوه البردان. فاجتاز بها المعتصم، منصرفا من صيده، متسرّعا، وليس معه من أصحابه كبير أحد. فاجتاز في الطريق، وأنا واقف على بابي، فتوسّمت فيه الجلالة، وقدّرته أحد وجوه القوّاد. كان لي وعد على عامل البلد، أن يكون ذلك اليوم في دعوتي، وقد أعددت له طعاما، وفيه جداء، وحلوى، وفاكهة كثيرة، وثلج استدعيته من بغداد، وكان قبل ذلك بساعة، قد جاءني خبر العامل، أنّه عرض له مهمّ في السواد، فخرج لوقته. فلما رأيت المعتصم، وتوسّمت فيه الجلالة، قلت: لم لا أحلف على هذا القائد، وأضيفه عندي على هذا الطعام المعدّ؟ قال: فكلّمته، وسألته النزول عندي. فأجاب، ونزل، وأكل، وشرب، وأنفذت في الحال، فاستدعيت له

قيانا، وجلس يشرب، وقد انبسطت بين يديه، وخدمته. فنحن نشرب، انبثّ الجيش في طلبه، وعرفوا خبره، وأحاطوا بالدار، فعرفت حينئذ، أنّه أخو الخليفة، فهبته. فبسطني، وسألني عن شرح حالي، فعرّفته، فقال: لا بد أن تجيء معي إلى بغداد. وقلّدني بعض أموره، ثم تزايدت حالي عنده، إلى أن جمع لي جميع أمره، ورياسة كتّابه. ثم خلطني بخدمة المأمون، وقلّدني ديوان الخراج مضافا إلى كتبة أخيه. ثم رقّيت إلى الوزارة، من تلك الحال التي كنت عليها مع هرثمة. قال أبو الحسين: ما رؤي في الدولة العباسية، من الكتّاب، من اتّصل تصرّفه منذ نشأ، إلى أن مات، وتردّدت ولايته الوزارة، وديوان الخراج، وديوان الضياع، من غير أن يتعطّل، أحد، غير الفضل بن مروان. وصادره المعتصم على أربعين ألف ألف درهم [16] ، فأداها بغير مكروه «1» .

15 الخليفة المعتصم يصادر وزيره

15 الخليفة المعتصم يصادر وزيره وسمعت حامد بن العباس «1» ، يحكي: أنّه سمع صاعدا «2» ، يقول: حدّثني أحمد بن إسرائيل، قال: حدّثني الفضل بن مروان، قال: ما في الأرض أجهل من وزير يطلب الخليفة منه مالا، وهو في ولايته، فيعطيه إيّاه، فإنّه يطمعه في نعمته، وإنّما يدفع النكبة مدة، ثم تحدث، وقد ذهب المال. فمن ذلك: أنّ المعتصم، لما خرج لغزو الروم، وأنا وزيره، استخلفني على سر من رأى، واستخلف لي بحضرته، محمد بن الفضل الجرجرائي. فلما عاد، طمع فيّ، فقال لي: قد وردت، والمال [نزر] ، والجيش مستحق، فاحتل لي مائة ألف دينار، من مالك وجاهك، ففعلت. فلما مضى شهر، طلب مني على هذا السبيل، خمسين ألف دينار، ففعلت. فطلب منّي في الدفعة الثالثة، بمثل هذا الوجه، ثلاثين ألف دينار، فوعدته بها، ودافعته أياما، ثم حملتها إليه. فبلغني عنه، أنّه قال لابنه الواثق: هذا النبطي، ابن النبطية، أخذ مالي جملة، وهو ذا يتصدّق به عليّ تفاريق. ثم قبض عليه، بعد أيّام، وأخذ منه أربعين ألف ألف درهم.

16 العمارة والتوفير أولى واجبات الوزير

16 العمارة والتوفير أولى واجبات الوزير حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو بكر محمد بن عبد الملك التواريخي، وكان شيخا قد عني بجمع التواريخ، فلقّب بها، وكان يجلس في الجامع إلى جانب الزجّاج «2» ، ويعظّمه، قال: سمعت المبرد «3» يقول: كنت أصحب الفضل بن مروان «4» ، فذكر بحضرته- في أيّام الواثق- عظم بناء أحمد بن الخصيب «5» بسرّ من رأى، وأنّه استعمل في سقف دهليز داره سبعين قارية ساج، والقارية: ساجة عظيمة، تستعمل صحيحة «6» ، فقال الفضل: ما كانت لي في حياتي «7» ، لذّة في بناء، ولا فرش، ولا غلمان، ولا جوار، ولا مفاخرة بمروءة، وإنما كانت لذّتي في العمارة

والتوفير، ولهذا اتّصلت مدّتي في صحبتهم. ولعهدي، وقد وليت للمأمون ديوان الخراج، فوجدت الأهواز «1» ، قد اختلّت ببثق سدّ أبطل العمارة، فأنفقت عليه، مائة ألف دينار، وجددت في عمارة النواحي، وكانت كور الأهواز [17] ، إذ ذاك، قد ارتفعت بأربعة وعشرين ألف ألف درهم للسلطان، فضمنتها له بثمانية وأربعين ألف ألف درهم، صالحة للحمل.

17 السبب في علو حال عبيد الله بن يحيى بن خاقان مع المتوكل

17 السبب في علو حال عبيد الله بن يحيى بن خاقان مع المتوكّل حدّثنا أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الفرج محمد بن جعفر بن حفص الكاتب قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت نجاح بن سلمة، يقول: إنّ السبب في علوّ حال عبيد الله بن يحيى بن خاقان، مع المتوكل، أنّ أباه يحيى بن خاقان بن موسى، تقلّد ديوان الخراج في أيام المتوكل، فقلّد ابنه أبا محمد عبد الله، مجلسا من مجالس الديوان، ولم ير عبيد الله، أهلا لمثل ذلك. فغضب على أبيه، وصار إلى الفضل بن مروان، وهو يتقلّد ديوان الضياع، فلزمه، وخطّ بين يديه. وكانت أرمينية «1» تجري في ديوان الضياع، وكان على أهلها مقاطعة فضلها مال جليل، فامتنع الفضل من إمضائها لهم، وعرض عليه مرفق مائة ألف درهم، فأبى قبولها، وطرحوا نفوسهم على أكثر الوجوه بسرّ من رأى، فلم يجب أحدا إلى ذلك، فلجأوا إلى عبيد الله بن يحيى، وسألوه مسألته، لما ظهر من اختصاصه به، ونفاقه عليه. فخاطبه في أمرهم، فتذمّم «2» من رده، لأنّه ما كان «3» يعمل معه بالرزق، ولا له نفع، وكانت حاله قويّة، وإنّما أراد التصرّف مراغمة لأبيه، وجعل

ذلك كالمرفق له، والصلة، فأجابه، وأمضى المقاطعة. فحمل إليه القوم خمسة آلاف دينار، فردّها، وقال: ما كنت لآخذ على معروفي ثمنا. فلما خرجوا إلى أرمينية، أحبّوا مهاداته، ومكافأته، فاستعملوا له فرش بيت أرمنيّ ببساط عظيم، ومصلّيات، وأنخاخ، ومساور، ومخادّ، ودست، وستور «1» ، وأذهبوا الجميع، وكتبوا عليه كنيته واسمه، ولم يكن رؤي قط مثله حسنا وجلالة، وحملوه إليه. واتفق أنّه وكّل المتوكل، تلك السنة، بالطرق، وأمر أن لا يدخل شيء من الأمتعة، أو يعرض عليه، فعرض عليه البيت، في جملة ما جيء به من أرمينية، فاستهوله، وقال: من هذا [18] الرجل؟ فقالوا: هو عبيد الله بن خاقان.

قال: وأي شيء إليه، حتى يستعمل له هذا العمل؟ لعلّ هذا مرفق لأبيه؟ فقيل له: إنّ أرمينية تجري في ديوان الضياع، ولا معاملة بينه وبين أبيه. فاستشرح الصورة، ونقّر عليها، إلى أن حدّث الحديث على صحّته. فاستحسن ذلك من فعل عبيد الله، وأمر بتسليم فرشه إليه، وقال: هذا فتى يدل فعله، على كبر همّته. فلما صرف محمد بن الفضل الجرجرائي، عن وزارته «1» ، قال: قد استغنيت عن وزير، لأنّ أصحاب الدواوين، يعرضون أعمالهم عليّ، والتاريخ يجعل باسم وصيف التركي، فأجرى الأمر على ذلك مدة. ثم إنه احتاج إلى كاتب يكون بين يديه، في أبنيته، والتوقيعات في المهمّ الذي يأمر به من حضرته فيها، وفي غيرها، إلى أصحاب الدواوين، وغيرهم، فأمر أن يطلب له حدث من أولاد الكتاب، ينصبه لذلك. فسمي له جماعة، منهم: عيسى بن داود بن الجراح، وأبو الفضل بن مروان، وجماعة، وكان فيهم عبد الله وعبيد الله، ابنا يحيى بن خاقان. فحين مرّ على سمعه ذكر عبيد الله، ذكر حديث الفرش، فاختاره، ولم يزل حاله يرقى معه، إلى أن استوزره.

18 ابن شيرزاد يتحدث عن عمله في ديوان الضياع الخاصة

18 ابن شيرزاد يتحدث عن عمله في ديوان الضياع الخاصّة حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن زكريا بن شيرزاد الكاتب «1» ، قال: لمّا تقلّد أبي ديوان الضياع المعروفة بغريب الحال «2» ، استخلف أخي أبا الحسين، زكريا بن يحيى على الديوان، وأجرى له عشرين دينارا في الشهر، وأجرى عليّ عشرة دنانير برسم التحرير في هذا الديوان، فأنفت من ذلك، ولم أقبل الرزق، ولا العمل. ومضيت إلى ديوان الضياع الخاصّة، وكان يليه، إذ ذاك، أبو حامد محمد ابن الحسن، الملقب (بسودانية) ، فلم ألقه، ولا توسّلت إليه، بما كان بين أبي وبينه. ولزمت الديوان بحضرة أبي يوسف عبد الرحمن بن محمد بن سهل المعروف بالمرمّد، وإليه كان مجلس الحساب في هذا الديوان، مدة [19] شهر، وكنت أتعلّم. فبلغ أبا حامد خبري، ولم أكن- إذ ذاك- بلغت عشرين سنة، ولا قاربتها، فاستحضرني، فدخلت إليه، فعاتبني على تركي الدخول إليه،

والتعرّف إليه، وأمرني بملازمة حضرته، وأجرى لي درجين وثبتا وقرطاسا في كل يوم، وقال: سوّد فيها، وتعلّم الخط. فلما كان بعد أيام، فرّقت أرزاق الكتّاب لشهر واحد، فوقّع إلى خازنه، المتولّي للتفرقة، أن يحمل إليّ، بقيمة عشرين دينارا، ثلاثمائة درهم، وقال: قد أجري لك هذه في كل شهر. فصرت إلى أبي، فأريته إيّاها، وقلت: قد فعل الله بي خيرا ممّا فعلت. فقال: خذ الآن العشرة، والزم موضعك، ليصير لك ثلاثين دينارا في الشهر. فأخذتها، وكان هذا أوّل إقبالي «1» .

19 البحتري وأبو معشر يؤصلان عند المعتز أصلا

19 البحتري وأبو معشر يؤصلان عند المعتز أصلا حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد «1» ، قال: لما أنفذ أبي «2» إلى مصر، اجتذبت البحتري وأبا معشر، فكنت آنس بهما، لوحدتي، وملازمتي البيت، وكانا في أكثر الأوقات، يحدّثاني، ويعاشراني. فحدّثاني يوما: أنّهما أضاقا في وقت من الأوقات، إضافة شديدة، وكانا مصطحبين، فعرض لهما أن يلقيا المعتز «3» ، وهو محبوس، ويتوددان إليه، ويؤصّلان عنده أصلا، فتوصّلا إليه، حتى لقياه في حبسه. قال: فقال لي البحتري: فأنشدته أبياتا، كنت قلتها في محمد بن يوسف الثغري «4» ، لما حبس «5» ، وجعلتها إليه، وهي:

جعلت فداك الدهر ليس بمنفكّ ... من الحادث المشكوّ والحدث المشكي وقد هذّبتك النائبات وإنّما ... صفا الذهب الإبريز قبلك بالسبك أما في رسول الله يوسف أسوة ... لمثلك محبوسا على الظلم والإفك أقام جميل الصبر في الحبس برهة ... فآل به الصبر الجميل إلى الملك على أنّه قد ضيم في حبسك العلى ... وأصبح عزّ الدين في قبضة الشرك فأخذ الرقعة التي فيها الأبيات، ودفعها إلى خادم كان معه، وقال: غيّبها واحتفظ بها، فإن فرّج الله عني، فأذكرني بها، لأقضي حقّ هذا الرجل. قال أبو معشر: وكنت قد أخذت مولده، وعرفت وقت عقد البيعة للمستعين «1» ، ووقت [20] البيعة بالعهد من المتوكل للمعتز، ونظرت فيه، وقد صحّحت النظر، وحكمت له بالخلافة، بعد فتنة وحروب، وحكمت على المستعين بالخلع والقتل، فسلّمت ذلك إليه، وانصرفنا. قال وضربت الأيام ضربها، وصحّ الحكم بأسره، فدخلنا جميعا، إلى المعتز، وهو خليفة، وقد خلع المستعين، وكان المجلس حافلا. قال أبو معشر: فقال لي المعتز: لم أنسك، وقد صحّ حكمك، وقد أجريت لك مائة دينار في كل شهر رزقا، وثلاثين دينارا نزلا، وجعلتك رئيس المنجمين في دار الخلافة، وأمرت لك عاجلا بألف دينار صلة. قال: فقبضت ذلك عاجلا كله في يومي. قال البحتري: وأنشدته أنا في ذلك اليوم، قصيدتي التي مدحته بها، وهنّأته، وهجوت المستعين، وأوّلها:

يجانبنا في الحبّ من لا نجانبه ... ويبعد عنّا في الهوى من نقاربه حتى انتهيت إلى قولي: وكيف رأيت الحقّ قرّ قراره ... وكيف رأيت الظلم آلت عواقبه ولم يكن المغترّ بالله إذ شرى ... ليعجز والمعتزّ بالله طالبه رمى بالقضيب عنوة وهو صاغر ... وعرّي من برد النّبي مناكبه وقد سرّني أن قيل وجّه مسرعا ... إلى الشرق تحدى سفنه وركائبه إلى واسط نحو الدجاج ولم تكن ... لتنشب إلّا في الدجاج مخالبه فضحك، واستعاد هذه الأبيات مرارا، فأعدتها. فدعى بالخادم، وطلب الرقعة التي فيها أبياتي التي أنشدته إيّاها في حبسه، فأحضره إياها، بعينها. فقال: قد أمرت لك لكلّ بيت في الرقعة بألف دينار، وكانت ستة، فأعطيت ستة آلاف دينار. وقال لي: كأنّي بك، وقد بادرت، فاشتريت غلاما، وجارية، وفرسا، وفرشا، وأتلفت المال، لا تفعل، فإنّ لك، فيما تستأنفه من أيّامك معنا، ومع وزرائنا وأسبابنا، إذا علموا موقعك منّا، غناء عن ذلك، فاشتر بهذا المال ضيعة ببلدك، تقوم في أدناها فترى أقصاها، ويبقى لك أصلها، وتنتفع بغلّتها، كما فعل ابن قيس الرقيات، بالمال الذي وصله به عبد الله بن جعفر. فقلت: السمع والطاعة، وخرجت، فعملت [21] بما قاله، واعتقدت بالمال ضيعة جليلة بمنبج «1» ، ثم تأثّلت حالي معه، وأعطاني، وزاد وما قصّر.

20 ضيعة البحتري في حيازة حفيد ولده

20 ضيعة البحتري في حيازة حفيد ولده حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الفتح بن جعفر بن محمد بن الفرات «1» ، بعد عوده من مصر والشام، في أيّام الراضي، وتقلّد الوزارة «2» ، قال: اجتزت في رجوعي هذا، إلى مدينة السلام، بمنبج، فرأيت ضياعا في نهاية العمارة والحسن. فسألت عنها، فقيل: هي أقطاع البحتري الشاعر وأملاكه. فقلت: لمن هي اليوم؟ فقيل لي: هي اليوم في يد ابن ابنة ابنه أبي الغوث. فقلت: هذا نسب طويل، وأمرت الحسن بن ثوابة بقبضها. فلما كان من الغد، جاءني رجل متكهّل «3» ، في زيّ الجند، وذكر أنّه صاحب الضياع، وقال: يا سيدي، هذه الضياع التي قال جدّي البحتري بسببها: وما أنا والتقسيط إذ تكتبونه ... ويكتب قبلي جلّة القوم أو بعدي وأنشدني هذه الأبيات كلّها، وقال: ذاك بكاء لأجل تقسيط يسير، فكيف يكون حالي، إذا قبضت هذه الضياع؟ قال: فتذمّمت أن أكون سبب ذهاب معيشته، فأطلقت له عنها.

21 عامل يصفع عند المطالبة

21 عامل يصفع عند المطالبة حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الفتح، قبل تقلّده الوزارة الأولى «1» بمدّة طويلة، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: صرفت محمد بن سيف العامل، عن بادوريا «3» ، وتقلّدتها، فاستدركت عليه أشياء كثيرة، وطالبته بها، فلم يردّ فيها شيئا. فأخرجته يوما إليّ، وناظرته، فأقام على أمر واحد، فاغتظت عليه وأمرت بصفعه، فلم يتأوّه، ولم يزل يصيح: واحدة، فإذا صفع أخرى قال: ثانية. وعلى هذا، إلى أن صفع ثلاث عشرة صفعة. فتعجّبت من عدّه، وقلت: يا هذا، ويحك أيّ فائدة لك في العدّ؟ وأن لا تستعفي. قال: أنا أعدّد ذلك- أعزّك الله- لأصفعك بعدده، بعد أيّام، إذا صرفتك، وتقلّدت مكانك، فلا أظلمك بالزيادة، ولا تفوز بالنقصان. قال: فأخجلني، فقلت: قم، في غير حفظ الله إلى منزلك. فأطلقته، وذهب المال.

22 حمال مستور

22 حمال مستور حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا نفطويه «2» ، قال: حدّثنا ثعلب «3» ، قال: كان عندنا في الحربية «4» ، حمّال مستور [22] ، يوصف بالزهد، وكان لا يحمل لأصحاب السلطان شيئا «5» ، وكان إذا حمل على قدر قوته- على ضيق- لم يزدد عليه شيئا، وأراح نفسه، ولا يحمل إلّا كارة «6» خفيفة، مثل لحم وفاكهة، وما يكون قدره خمسين رطلا أو نحوه. قال: فاتّبعته يوما، وهو لا يعلم أنّي خلفه، فرأيته يضع رجلا، ويقول: الحمد لله، ويرفعها، ويقول: أستغفر الله. فقلت له: لم تفعل هذا؟ فقال: أنا بين نعم لله، وذنوب، فأنا أحمده- عزّ وجلّ- على نعمه، وأستغفره من ذنوبي.

فأردت امتحانه، فقلت: ما تقول في عليّ وأبي بكر؟ فقال: إذا نشرت الدواوين، ووضعت الموازين، أأسئل عن ذنوبي، أم عن تفضيل أبي بكر وعلي؟ فقلت: بل عن ذنوبك. فقال: فلي في نفسي شغل عن معرفة الأفضل منهما «1» .

23 حامد بن العباس وبواب الوزير إسماعيل بن بلبل

23 حامد بن العباس وبوّاب الوزير إسماعيل بن بلبل حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبي، قال: سمعت حامد بن العباس «1» يقول: ما في الدنيا أضرّ على الإنسان من مداجاة العدوّ، وينبغي أن تشهر ما بينك وبين عدوّك، حتى لا يقبل قوله فيك. قال، وسمعته يقول: ربما انتفع الإنسان في نكبته بالرجل الصغير، أكثر من منفعته بالكبير. فمن ذلك: أنّ إسماعيل بن بلبل «2» ، لما حبسني، جعلني في يدّ بوّاب، كان يخدمه قديما، قال: وكان رجلا حرّا، فأحسنت إليه، وبررته، وكنت أعتمد على عناية أبي العباس بن الفرات. وكان البوّاب قديم الخدمة لإسماعيل، يدخل إلى مجلس الخاصة، ويقف بين يديه، فلا ينكر ذلك خدمه عليه، لسالف الصحبة. فصار إليّ في بعض الليالي، فقال: قد حرد الوزير على ابن الفرات، وقال له: ما يكسر المال على حامد غيرك، ولا بد من الجدّ في مطالبته بباقي مصادرته، وسيدعو بك الوزير في غد إلى حضرته، ويهدّدك. فشغل ذلك قلبي، فقلت له: فهل عندك من رأي؟ فقال: اكتب رقعة إلى رجل من معامليك، تعرف شحّه، وضيق نفسه،

والتمس منه لعيالك ألف درهم يقرضك إيّاها، واسأله أن يجيبك على ظهر رقعتك، لترجع إليك، فتخرجها، فإنّه لشحّه وسقوطه، يردّك بعذر، واحتفظ بالرقعة، فإذا طالبك الوزير، أخرجتها [23] إليه، وقلت: قد أفضت حالي إلى هذا، وأخرجتها على غير مواطأة، فلعلّ ذلك ينفعك. ففعلت ما قاله، وجاءني جوابه بالردّ، كما حسبنا، فشددت الرقعة معي. فلما كان من غد، أخرجني الوزير، وطالبني، فأخرجت الرقعة، وأقرأته إيّاها، ورقّقته، وتكلّمت، فلان واستحيا، وكان ذلك سبب خفّة أمري، وزوال محنتي. فلمّا تقلّدت في أيّام عبيد الله بن سليمان «1» ، سألت عن البواب، واجتذبته إلى خدمتي، فكنت أجري عليه خمسين دينارا كل سنة. وهو باق معي إلى الآن.

24 عامل مصروف يختبىء في قدر هريسة

24 عامل مصروف يختبىء في قدر هريسة حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبي، عن جدي عبد الله بن هشام، قال: حدّثني يحيى بن عبد الله الكسكري «1» ، قال: كنت أكتب لابن البختري الأصغر على مصر، فصرف بسليمان بن وهب «2» ، وخرج معه ابنه عبيد الله «3» - وكان يخلفه عليها-. فجلس العامل ابن البختري لرفع حسابه، وتخلّوا لنظم الحساب، وكنت أغدو وأروح إلى سليمان، أعرض عليه ما أعمل. وكان قد وكّل بابن البختري، قائدا من قوّاد مصر، معه عدّة من الفرسان، والرجّالة، والغلمان، وكان ابن البختري يقيم لهم الطعام الواسع. وحضر المهرجان، فتقدّم بأن تحضر قدر النبيذ، وتعمل فيها الهريسة، في الدار التي كان فيها معتقلا. وكان قصيرا ضئيلا، فجاءوا له بالقدر، وطبخ فيها الهريسة، في جملة الطعام، وأكل الموكلون، وشربوا، وسكروا. وأعمل هو الحيلة، فجلس في القدر، وغطّيت عليه، وأخرجت، ولم يعرفوا خبره، حتى طلبوه لمّا أفاقوا، فلم يجدوه. قال يحيى بن عبد الله: ولم أكن أنا عرفت الخبر، فبكّرت إلى سليمان،

على رسمي، فوجدت عبيد الله جالسا، متشاغلا بطلبه، وقد ضجّ، وهو يقول: أيّ شيء أقبح من أن يتّصل بالخليفة، أنّا عجزنا عن حفظ العامل المصروف، فيقال فينا: كيف يحفظ هؤلاء الأموال، والأعمال، مع عجزهم عن حفظ محبوس؟ وجعل يضرب الناس في التقرير عليه. وأمر بالقبض عليّ، لمّا رآني، فقلت له: أعزّك الله، لو كان عندي علم بالخبر ما جئتك، قال: فصدّق قولي، وكان حضوري سبب [24] خلاصي. قال: ووقع في يده وكيل نصرانيّ لابن البختري، يتوكّل في مطبخه، وكان نبطيّا، وقيل له: إنّه لا يجوز أن يخفى عليه خبره، فجعل يضربه. وكان في المجلس سليمان بن وهب، وأصحاب البرد والأخبار، والناس بأجمعهم. وكنت أحسن النبطيّة، ولم يكن عبيد الله يحسنها. فلما حمي الضرب على الوكيل، كاد أن يقرّ على موضع ابن البختري، ففهم ذلك سليمان، ولم يحب أن يأمره بالإنكار، فيكتب بالخبر، وأراد أن يسلم المنكوب، سلوكا لمذهب الناس قديما، في طلب السلامة، بالإبقاء على أعدائهم. قال: فقال للمضروب كلاما بالنبطية، تفسيره: لا تقرّ، فإنّ الإقرار مثل القير لا ينقلع. قال: فتصبّر الرجل على الضرب، ثم قال سليمان لعبيد الله: إلى كم تضرب هذا البائس؟ لو كان يعرف شيئا لقاله، اقطع عنه الضرب، لا يتلف، فتدخل في دمه. قال: فرفع الضرب عنه، وأطلق من يومه، وأفلت المستتر.

25 من مكارم أخلاق المأمون

25 من مكارم أخلاق المأمون حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو بكر محمد بن عبد الملك التاريخيّ «1» ، قال: حدّثنا المبرّد «2» ، قال: حدّثني الحسن بن سهل «3» ، لمّا أسنّ، وجلس في بيته، قال: دخلت يوما إلى المأمون، وهو جالس، وبحضرته جماعة من خواصّه، منهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب «4» ، وكان في يده كتاب يقرأه، فلم ينظر إليّ، فوقفت قائما. فقال له إسحاق: يا أمير المؤمنين، أبو محمد، الحسن بن سهل. فقال لي: اقعد، فقعدت. فقال: أحضر دواتك، فأحضرت. فقال: وقّع بتقليد إسحاق بن إبراهيم، جميع أعمال المعاون «5» بالسواد «6» ، جزاء له على ما نبّه عليه من تكرمتك يا أبا محمد. فشكرته، ودعوت له، ووقّعت بذلك.

26 الشاعر الكوفي أبو الحسن البصير

26 الشاعر الكوفي أبو الحسن البصير أنشدني أبو الحسن محمد بن غسان بن عبد الجبار بن أحمد الداري، الصيدلانيّ، البصري «1» ، قال: أنشدني أبو الحسن عبد الله بن سليمان الكوفي، الضرير، المعروف بالبصير، لنفسه: واحربا ما الذي لقيت أنا ... أحمل في كلّ بلدة شجنا أدخلها وادعا فتجلب لي ... رقة قلبي من أهلها سكنا [25]

27 الخارجي وصلاة الجمعة

27 الخارجي وصلاة الجمعة حدّثني أبو الحسن محمّد بن غسّان بن عبد الجبار، قال: رأيت بعمان شيخا من الخوارج، قد دخل في يوم جمعة، من ناحية بلد الشراة، إلى السوق بعمان، وكانت طريق الناس إلى الجامع، والناس يتعادون إلى حضور الجمعة، خوفا من فوتها، والخارجيّ ماش الهوينا «1» في حاجته، لا يراعي أمر الجمعة، فإذا بشيخ قد جاء من ناحية الجامع، فالتقيا. فقال الشيخ للخارجي، وهو لا يعرفه، وقدّر أنّه يريد الجامع: إلى أين تمضي يا شيخ؟ وقد صلّى الناس وفاتتك الصلاة؟ فقال الخارجي: يا أبله، إنّما فاتت من أدركها. يريد أنّ التجميع معهم، لا يسقط الفرض الذي هو الظهر، وهو إذا جمعّ معهم ترك الظهر، فتفوته الصلاة الواجبة، وهي الظهر، ويصلّي، ما لا يجزي عنه في مذهبه من تكفيرهم. قال: ولم يفهم الشيخ ما سمعه. وقلت أنا للخارجيّ: أظنّك- أعزّك الله- شاريا؟ قال: فقال: نعم، والحمد لله. قال: وهم يستحبّون أن يقال لهم شراة، ويأبون أن يقال لهم: خوارج، ويذهبون إلى قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ) «2» .

28 أحد القائلين بالتناسخ يدعي أن الهرة أمة

28 أحد القائلين بالتناسخ يدعي أنّ الهرّة أمّة حدّثني أبو الحسن عليّ بن نظيف «1» البغدادي، المعروف بابن السراج، المتكلم، المعروف بالبهشمي «2» ، قال: كان يجتمع معنا في المجالس ببغداد، شيخ للإماميّة يعرف بأبي بكر بن الفلّاس، وكان طيّبا، فحدّثنا يوما: أنّه دخل على بعض من كان يعرفه بالتشيّع، ثم صار يقول بمذهب أهل التناسخ «3» ، قال: فوجدته، وبين يديه سنّور سوداء، وهو يمسحها، ويحكّ بين عينيها، ورأسها، وعينها تدمع، كما جرت العادة في السنانير بذلك، وهو يبكي بكاء شديدا. فقلت له: لم تبكي؟

فقال: ويحك، ما ترى هذه السنور تبكي كلما مسحتها؟ هذه أمّي لا شك، وإنّما تبكي من رؤيتها لي حسرة. قال: وأخذ يخاطبها خطاب من عنده أنّها تفهم عنه، وجعلت السنّور تصيح قليلا قليلا. قال: فقلت له، وأنا معتقد الطنز به «1» : فهي تفهم ما تخاطبها به؟ فقال: نعم. فقلت له: أفتفهم أنت عنها صياحها؟ فقال: لا. فقلت له: [26] فأنت إذن الممسوخ، وهي الإنسان «2» .

29 كتاب تعزية

29 كتاب تعزية كتب محمد بن عيسى، أحد كتّاب زماننا، بتعزية إلى صديق له، قرأته بخطّه، فاستحسنت منه صدره، ونسخته: من سرّه امتداد عمره، ساءته فجائع دهره، بفقد حميم، أو طارق هموم، عادة للزمان معروفة، وسنّة للحدثان «1» مألوفة، وأحقّ من سلّم للأقضية والأقدار، من وهب الله تعالى له جميل الاصطبار، فإن أصابته مصيبة، تلقّاها مسلما، أو [نابته] نائبة، وجدته محتسبا «2» .

30 شاعر يقتضي ثواب مديح

30 شاعر يقتضي ثواب مديح كتب إليّ عمرو بن محمد بن الأشعث، شاب ورد من عمان، مجتازا بواسط- ذكر أنّه كان من الجند فيها، فزالت نعمته، وهرب حين ملك الديلم عمان «1» - أبياتا في آخر رقعة له، اقتضاني فيها، ثواب مديح، كان أسلفنيه، وهي: مات الرجاء بغيظه فلك البقا ... ولربّما أفضى النعيم إلى الشقا فإن احترقت فمن تلهّب حادث ... لأقلّ منه تلهّبا أن يحرقا إن كان عود الجود جفّ فإنّه ... لم يسق ماء نداك حتى أورقا وأريد منك إذا حرمت مطالبي ... تسعى معي فلعلني أن أرزقا

31 الانتقال في ليلة واحدة من الحر إلى البرد

31 الانتقال في ليلة واحدة من الحرّ إلى البرد حدّثني أبو علي المنتاب، قال: حدّثني أبي، قال: كنّا مع حامد بن العباس في ولايته، يوما، جلوسا في الخيش «1» ، بواسط، في النصف الأخير من تشرين الثاني، لشدّة الحر، فجاء البرد في ليلة، فأصبحنا من غد، وقد لبسنا الخزوز «2» والمحشوّ «3» ، وعجبنا من التفاوت بين الحالين في شدّة الحر، وفي شدّة البرد، في ليلة واحدة.

32 في العافية طعم كل شيء

32 في العافية طعم كل شيء حدّثني أبو عليّ محمد بن محمد بن إسماعيل بن شانده «1» الواسطي، قال: سمعت بعض شيوخنا، يحكي عن إبراهيم الحربي «2» ، أنّه قال: في العافية طعم كل شيء، وفي الرزق نصر كل شيء.

33 القاضي أبو خازم والخليفة المعتضد

33 القاضي أبو خازم والخليفة المعتضد حدّثني أبو الحسين عليّ بن هشام «1» ، قال: سمعت القاضي أبا جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخيّ، الأنباري «2» ، يحدّث أبي «3» ، وقد جئت إليه معه نهنّيه بعيد أضحى، فحدّث أحاديث، فقال: حدّثني أبو خازم القاضي «4» ، قال: كان في حجري أيتام، ذكور وإناث، خلّفهم بعض العمال «5» ، فرددت أمانتهم، إلى بعض الشهود، فصار إليّ [27] الأمين يوما، وعرّفني أنّ عامل المستغلّات «6» ، ببغداد، الذي يتولّى مستغلّات السلطان، وعامل بادوريا «7» ، قد أدخلا أيديهما، في أملاك الأيتام، وذكرا أنّ الوزير عبيد الله ابن سليمان «8» ، أمرهما بذلك، عن أمير المؤمنين المعتضد «9» .

فصرت إلى المعتضد في يوم موكب، فلما انقضى الموكب، دنوت منه وشرحت له الصورة. فقال لي: يا عبد الحميد، هذا عامل خانني في مالي، واقتطعه، ولي عليه مال جليل، من نواحي كان يتولّاها من ضيعتي خاصّة، وما لي عليه بضعف هذه الأملاك التي خلفها. فقلت: يا أمير المؤمنين، ما تدّعيه عليه يحتاج إلى بيّنة، وقد صحّ عندي أنّ هذه الأملاك أملاكه يوم مات، ولا طريق إلى انتزاعها من يد وارثه إلّا ببيّنة بالمال، هذا حكم الله في البالغين، فكيف في الأطفال؟ قال: فسكت ساعة مطرقا، ثم دعا بدواة، ووقّع بخطّه إلى عبيد الله ابن سليمان، بالإفراج عن الضياع «1» .

34 دهاء عبدون أخي صاعد بن مخلد

34 دهاء عبدون أخي صاعد بن مخلد حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفرات «1» ، وكان يخلف أبا نوح عيسى بن إبراهيم «2» ، على ديوان الضياع، حدّث أنّه: كانت في يد صاعد بن مخلد «3» ، ضمانات كثيرة، وكانت إليه معاملة مع أبي نوح، وكان صاعد- إذ ذاك- من وجوه الناس، ولم يكن بلغ المبالغ الكبار. فحضر عنده صاعد، أوّل خلافة المعتزّ، ونحن حضور، فطالبه أبو نوح بأموال وجبت عليه، وجرت بينهما مناظرات، أدّت إلى أن تنطّع «4» في الجواب. فاغتاظ أبو نوح، فأعضّه «5» ، فردّ عليه صاعد، مثل ما قاله له. فاستعظم الناس ذلك، فاستخفّوا به «6» ، وقالوا: يا مجنون، يا جاهل، قتلت نفسك، قم، قم.

وخلّصوه من أن يفتك به أبو نوح في الحال، وقالوا: هذا مجنون، ولم يدر ما خرج من فيه. وانصرف صاعد إلى منزله متحيّرا، لا يدري ما يعمل فيما قد نزل به. فحدّث أخاه عبدونا «1» بما جرى، فقال له: إن لم تطعني، فأنت غدا مقبوض عليك، مطالب من المصادرة بما لا يفي به حالك، ولا حال من عرفك من أهلك، ومقتول بلا شكّ، تشفيّا منك. قال: وما الرأي؟ قال: كم عندك [28] من المال الصامت العتيد «2» ؟ وأصدقني عن جميعه. قال: خمسون ألف دينار. قال: تسمح نفسك أن تتعرّى منها، وترمي بها كأنّها لم تكن، وتنقذ نفسك وتحرس بدنك، وما بقي من حالك، وضياعك، وعقارك، فتصير من أجلّاء الناس؟ أو لا تسمح بذلك، فتؤخذ الدنانير منك تحت المقارع، وتذهب الضيعة والنعمة كلها، وتذهب النفس؟ قال: ففكّر طويلا، ثم قال: قد تعرّيت عنها في عزّ نفس «3» . قال: أعطني منها الساعة ثلاثين ألف درهم. قال: خذ. فأخذها، وجاء إلى حاجب موسى بن بغا «4» ، وقت عتمة، وقال له:

هذه عشرة آلاف درهم، وأوصلني إلى فلان الخادم. قال: وكان هذا الخادم، يتعشّقه موسى جدا، ويطيعه في كل أمره، وموسى إذ ذاك هو الخليفة، وكتبته كالوزارة، والأمور في يديه، والخليفة في حجره «1» . قال: فأخذ الحاجب المال، وأوصله إلى الخادم، فأحضره العشرين الألف درهم الباقية، وقال: هذه هدية لك، وتوصلني الساعة إلى الأمير، وتعاونني في حاجة أريد أن أسأله إياها، ومشورة أريد أن أشير عليه بها. فأوصله الخادم. فلما مثل بين يديه، سعى إليه بكتّابه، وقال: قد نهبوك، واقتطعوا مالك، وأخربوا ضياعك، وأخي يجعل كتبتك أجلّ من الوزارة، ويتغلّب لك على الأمور، ويوفّر عليك كذا، ويفعل كذا، ويحمل إليك الليلة، من قبل أن ينتصف الليل، خمسين ألف دينار عينا، هدية منه لك، لا يريد عليها مكافأة، ولا يرتجعها من مالك، وتستكتبه، وتخلع عليه غدا سحرا. قال: فقال له موسى: أفكّر. فقال: ليس هذا موضع فكر، وألحّ عليه. قال: وقال له الخادم: في الدنيا أحد جاءه هذا المال العظيم دفعة واحدة، فردّه؟ وكاتب بكاتب، والمال ربح. قال: فأجابه، وصافحه. فقال له: فتنفذ الساعة بمن يحضرك أخي، وتشافهه بذلك. وأنفذ من أحضره، وبات عبدون في الدار، وقلّد موسى كتبته لصاعد،

في الحال، وأمره بالبكور إليه ليخلع عليه، وتقدّم إلى النقباء «1» بأن يباكروا الرجل ليركبوا معه. قال: وبكّر صاعد، وليس عند أحد له خبر، فخلع عليه موسى بن [29] بغا لكتبته، وركب الجيش على بكرة أبيهم، وانقلبت سرّ من رأى، بظهور الخبر. فبكّر بعض المتصرفين، إلى الحسن بن مخلد «2» ، وكان صديقا لأبي نوح، فقال له: قد خلع على صاعد. فقال: لأيّ شيء؟ فقال: تقلّد كتبة موسى بن بغا. فاستعظم ذلك، وقال: ثيابي. فأحضرت، فلبس، وركب إلى أبي نوح، فقال له: عرفت خبر صاعد؟ فقال: نعم، الكلب، وقد بلغك ما عاملني به؟ والله لأفعلنّ به ولأصنعنّ. قال: أنت نائم؟ ليس هذا أردت، قد ولي الرجل كتبة الأمير موسى ابن بغا، وخلع عليه الساعة، وركب الجيش معه بأسرهم، إلى داره. فقال له أبو نوح: هذا ما لم نظنّه، بات خائفا، وأصبحنا خائفين منه، فما الذي عندك؟ فقال: أنا أصلح بينكما الساعة. قال: فركب الحسن بن مخلد، إلى صاعد، وهنّأه، وأشار عليه أن يصالح أبا نوح، وقال له: وأنت بلا زوجة، وأنا أجعلك صهره، وتعتضد

به، فإنّك وإن كنت قد نصرت عليه، فهو من يعلم موضعه، ومحملّه، ويتجمّل بمصاهرته، ومودّته، وأنت حبيب على الرجل. قال: ولم يدعه، حتى أجاب إلى الصلح والصهر. فقال له: فتركب معي إليه، فإنه هو أبو الابنة، والزوج يقصد المرأة، ولولا ذاك لجاءك. قال: فحمله من يومه إلى أبي نوح، واصطلحا، ووقع العقد في الحال بينهما. وزوّج أبو نوح، في مجلسه ذلك، ابنته الأخرى، بالعبّاس بن الحسن بن مخلد، فولدت له أبا عيسى المعروف بابن بنت أبي نوح «1» ، صاحب بيت مال الاعطاء، ثم تقلّد ديوان زمام الجيش لعمّه سليمان بن الحسن، وكان أصغر سنا من أبيه. فكانت كتبة صاعد لموسى، ومصاهرته لأبي نوح، أوّل رتبه العظيمة التي بلغها، ثم تقلّبت به الحال، حتى ولي الوزارة.

35 حدة طبع أبي العباس بن الفرات

35 حدّة طبع أبي العباس بن الفرات حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو القاسم سليمان بن الحسن «1» ، قال: كنت أخطّ بين يدي أبي العباس بن الفرات «2» ، في أوّل وزارة عبيد الله ابن سليمان، وأتحقّق به، لأن أبي اصطنع أباه «3» ، وكنت أشرب معه. فكنّا ليلة على شراب، وقد جرت الأحاديث، فحدّثنا بأخبار عدة من الكتّاب والوزراء، كانت فيهم حدّة. وقال: كان أحمد بن الخصيب «4» ، يركل المتظلّمين. وكان أبو عبّاد ثابت بن يحيى «5» ، يضربهم بالمقرعة، إذا كان راكبا.

وكان أحمد بن أبي خالد «1» ، يشتمهم. وعدّ جماعة [30] ، قال: وكان في أبي العباس، حدّة، وسفه لسان، فسمعنا ذلك منه، ولم نقدم على مواقفته. فلما كان من غد، ركب وأنا معه، في السحر، فلقيه في الطريق، أهل سمطيا «2» ، يتظلّمون من عاملهم، في شيء ذكروه، فصاح عليهم، وشتمهم. فتقدّم إليه أحدهم، فألحّ عليه في الكلام، فرفسه برجله في الركاب، وقنّعه بالمقرعة، وبصق عليه. فذكرت الحديث الذي حدّثنا به من ليلته، فضحكت. فسمع قهقهتي، فالتفت مبتسما، وقال: من أيّ شيء ضحكت يا عيّار؟ فقلت: زدتنا نتفة «3» يا سيّدي في ذلك الحديث الذي جرى البارحة. فقال: أو قد حفظته؟ قلت: نعم. قال: فقال لي سليمان بن الحسن: سمعت دفعات لا أحصيها، أبا العباس ابن الفرات، وقد احتدّ طبعه على قوم غضب عليهم، وكان يقول للواحد منهم: يا ابن مائة ألف كرّ خردل مضروبة في مائة ألف مثلها زواني، تشاغل بحساب هذا فهو أنفع لك «4» .

36 سفه لسان حامد بن العباس

36 سفه لسان حامد بن العباس قال أبو الحسين: وما رأينا ولا سمعنا، برئيس أسفه لسانا، من حامد ابن العباس «1» ، فإنه كان لا يردّ لسانه عن أحد البتة، وكان إذا غضب شتم. فمن ذلك: أنّ أبي حدّثني، أنّه كان بحضرته في مجلس حافل، فجاءت أمّ موسى القهرمانة «2» ، فقالت له: إنّ أمير المؤمنين «3» أمرني أن أقول لك، في مجلس حفلك، أنّ ابن الفرات «4» ، كان يحمل إليّ خريطة «5» في كلّ يوم فيها ألف دينار، وإلى السيدة عشرة آلاف دينار في الشهر، وإلى الأمراء والقهارمة، خمسة آلاف دينار في الشهر، وأنّك قد أخللت» منذ أربعين يوما. فقال لها في جواب ذلك: الساعة قد جئت حادّة محتدّة، تطالبيني بهذا؟ اضرطي والتقطي، واحذري لا تغلطي. قال: فقامت خجلة «7» ، وكان ذلك أحد أسباب سقوطه عندهم، وغلبة عليّ بن عيسى «8» على الأمور.

ومن ذلك: أنّه استحضر ابن عبد السلام العدل «1» ، يطالبه بوديعة، سعي بأنّها عنده لابن الفرات، وأنّ يحيى بن عبد الله الدقيقي، أبا زكريا «2» ، قرابة أم كلثوم، قهرمانة ابن الفرات، أودعه ذلك [31] . فجرى الخطاب بينهما في ذلك، وعليّ بن عيسى حاضر، والخلق من القضاة والأشراف والأولياء، وكنت فيهم، وأنا حدث مع أبي. فقال له: هذا الدقيقي ابن البظراء «3» ، قرابة أم كلثوم العفلاء «4» ، تعرفه؟ فقال العدل: الوزير أعزّه الله، أعرف به مني «5» . ومن ذلك: أنّه قال لابن الحواريّ «6» ، في دار الخليفة، وأمّ موسى حاضرة، ليلة قدم من واسط ليتقلّد الوزارة، في حديث جرى بينهما: قد نكت أمّه مرتين «7» . فقالت أمّ موسى: ويلي، أيّ شيء هذا؟ فاستحيا، وقال لابن الحواري: نحن في السواد، إذا غلبنا خصومنا، قلنا، قد نكنا أمّهاتهم «8» . ومنها: أنّه استحضر الوليد بن أحمد، ابن أخت الراسبي، ليصادره

بمصادرة قد ووقف عليها، عشية عيد أتى عليه في وزارته، ولم يشغله حضور الناس عنده للتهنئة بالعيد. فأتي بالرجل بجبة صوف، فلما رآه علي بن عيسى، وكان حاضرا، قال: إن رأى الوزير أن يخليني وإياه لأخاطبه، وأقوده إلى امتثال أمره. فقال: افعل. واستدعاه إليه، وجعل يسارّه، وكان عليّ بن عيسى، قريب المجلس من حامد، يسمع عليه ما يخاطبه به. فسمع الوليد يحلف قليلا، قليلا، ما بقيت لي حيلة. فقال لعليّ بن عيسى: يا أبا الحسن، تلومني «1» الساعة، أن أنيك أمّ هذا؟ فقال علي بن عيسى: اللهم غفرا، أي والله، أيّ لوم. قال: وكان ابن عبدوس الجهشياري، الذي ألّف كتاب الوزراء، قائما على رأس عليّ بن عيسى، لأنّه كان يحجب أبا الحسن، وكان أبوه من قبله مضموما إليه رئاسة الرجال، برسم عليّ بن عيسى الوزير، وكان يحجبه أيضا. قال: فتنحّى ابن عبدوس من مكانه، وقال: لعن الله زمانا صرت أنت فيه وزيرا. ومنها: أنّني سمعته، وقد اجتاز على باب دار كنّا ننزلها بشارع الكوفة، إذ ذاك، وأنا قائم على الباب، وقد اتّفق أن كلّمه في الموضع، قوم من أهالي بادوريا، في خراج النخل الشهريز، وأكثروا، وأنّهم يبيعون المائة رطل منه- وهي حمل نخلة- بدرهمين، وخراجها ثلاثة دراهم، وأنّهم يمنعون من قلعه، فإما أذن لهم في ذلك، وإمّا خفّف عنهم من الخراج.

قال: فصاح عليهم، وقال: ليس لي في هذا نظر، قد صار النظر في هذا وشبهه، إلى عليّ بن عيسى، فامضوا إليه. قال: فانصرف القوم؛ وسار خمس خطى أو نحوها، ثم وقف، وقال: ردّوهم، فردّهم [32] الرجّالة. فقال لهم: كأنّي بكم، تمضون إلى عليّ بن عيسى، وتقولون: قد أحالنا الوزير عليك، وأجابنا، وأمّي إن كنت أجبتكم إلى هذا زانية، وأمكم إن قلتم هذا زانية، وأمّ علي بن عيسى إن أجابكم إلى هذا زانية «1» . ثم سار متوجها إلى بستانه المعروف بالناعورة «2» ليتنزه. ومن ذلك: أنه كان يجتمع مع عليّ بن عيسى، في دار الخليفة، لما ضمن حامد في وزارته السواد، وصار عليّ بن عيسى مستوفيا عليه، ومطالبا له، فيتناظران في أمر المال، فيحتفيه «3» . عليّ بن عيسى، بالحجّة، فيعدل هو به إلى السب والسفه، فيقول له عليّ بن عيسى: سلاما، سلاما. يريد بذلك، قول الله تعالى: (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ، قالُوا سَلاماً) «4» . فلما كثر ذلك على حامد، قال له يوما عقيب سفه جرى عليه منه: كم تذكر سلامه الذي ينيك أختك أسماء «5» ؟ فقام عليّ بن عيسى، وقال: ما بعد هذا شيء، وتجنّب مخاطبته بعد ذلك. وقال لعليّ بن عيسى مرة بحضرة المقتدر: أنا والله، نكت هذا مرتين، وهو أمرد.

37 من عجائب صنع الله

37 من عجائب صنع الله حدّثني أبو الحسين، قال: رأيت ببغداد، في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، وأبي، وأنا، مستتران في الكرخ «1» ، طوّافا، يصيح ويقول: انظروا إلى قدرة الله، في رأس بقرة، برأسين وأربعة أعين، فرأيت ذلك كما وصف. ورأيت معه فرّوجا له ثلاثة أرجل، يمشي بهن، ولا يعرج.

38 الرياسة دين لا يقضى

38 الرياسة دين لا يقضى وحدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبي يقول: لما ولي أبو الحسن بن الفرات، الوزارة الأولى «1» ، لم يبدأ بتقليد أحد، قبل أبي العباس أحمد بن محمد بن بسطام «2» ، وكان مقيما في مصر، على عطلة، فكاتبه بأجلّ مكاتبة، وقلّده أعمال مصر، وزاده في الدعاء «3» . وقال: هذا رجل، قد جرت له عليّ رياسة، والرياسة دين لا يقضى «4» .

39 ابن الفرات يتعصب لآل نوبخت

39 ابن الفرات يتعصب لآل نوبخت قال أبو الحسين: وسمعت أنا- في الوزارة الثالثة- أبا الحسن بن الفرات، يقول:- وقد دفع إليه صاحب الخبر، خبرا، فقرأه، وخرّقه- ثم قال: يتمعّضني الناس «1» ، بتعطيلي مشايخ الكتّاب، وتفريقي الأعمال على آل بسطام، وآل نوبخت، والله، لولا أنّه لا يحسن تعطيل نفر من العمال، وقد قلّدتهم، لما استعملت في الدنيا، إلّا آل [33] نوبخت، دون غيرهم. قال أبو الحسين: وإنّما كان يتعصّب لآل بسطام لرياسة أبي العباس عليه «2» وللمذهب، ويتعصّب لآل نوبخت، للمذهب «3» .

40 المعتضد والعمال المنكوبون

40 المعتضد والعمال المنكوبون حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت جماعة من مشايخ الكتّاب، يقولون: كان المعتضد «1» ، إذا نكب رجلا من جلّة العمال ورؤسائهم، وكلّ به من يحفظه من قبله، ولم يمكّن عبيد الله «2» من نفسه. وربما أمر بصيانته، وشدّد الوصية في أمره، من غير توكيل به من جهته، ولا أطماع في المال. وكان إذا وكّل به، يظهر أنّ التوكيل للمطالبة، وزيادتها، والتشدّد فيها، لا لحفظ نفسه، فيطمع العامل. قال: وكان يقول: هؤلاء من أكابر العمال الذين قد قامت هيبتهم في نفوس الرعية، وعرفوا أقطار البلاد، هم أركان الدولة، وأنداد «3» الوزارة، والمرشّحون لها، فإن لم تحفظ نفوسهم، وضع ذلك من الأمر، وأثّر فيه.

41 لون من ألوان التعذيب

41 لون من ألوان التعذيب حدّثني أبو الحسين، عليّ بن هشام، قال: حدّثني أبو منصور عبد الله ابن جبير النصراني «1» ، كاتب ابن الفرات، قال: لما نكبت، بنكبة أبي الحسن بن الفرات، بعد الوزارة الأولى، سلّمت إلى أبي الحسن عليّ بن أحمد بن يحيى بن أبي البغل «2» ، فحبسني عنده، وكان يطالبني بالمال، فأدفع عن نفسي. إلى أن أحضرني يوما، فخاطبني في المال، فلم أذغن بشيء، فدعا بمزيّن، وأمره أن ينتف بالمنقاش ربع شعر رأسي. فلما نتف منه طاقات يسيرة، كدت أتلف، وقام هو، وقال: إذا نتفم ربع رأسه، فعرّفوني. فلما قام، رشوت الموكلين، فحلقوا باقي الربع من رأسي، ولم ينتف، وأعلموه أنّه قد نتف، فأمر أن يقيّر الموضع النظيف من رأسي، بقير حار.

فجاءوا بالقير، فوضعوه على رأسي، ولم يكن مفرط الحرارة، لأنّه لو كان مفرطا، لأتلفني لا محالة. فحين أحسست بحمي القير، قامت قيامتي، وكدت أن أتلف، فأذعنت بالأداء، وأقررت بسبعين ألف دينار، ودائع لي [34] ، وكتبت ألتزم تسليمها إليهم، فأخذت في اليوم الثالث. فلما كتبت خطّي بتسليمها، أمر بالزيت فطلي به رأسي، وقلع به القير من رأسي، فقزع «1» شعري إلى الآن.

42 من شعر نفطويه

42 من شعر نفطويه حدّثني أبو الحسين قال: انصرفت من عند أبي عبد الله، نفطويه «1» ، وقد كتبت عنه أشياء، فجئت إلى أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجّاج، فقال لي: ما هذا الدفتر؟ فأريته إياه، وكان على ظهره مقطوعتان، قد أنشدنيهما نفطويه لنفسه. فلما قرأهما الزجّاج استحسنهما جدا، وكتبهما بخطّه على ظهر كتاب (غريب الحديث) ، وكان بحضرته. والمقطوعتان: تواصلنا على الأيّام باق ... ولكن هجرنا مطر الربيع يروعك صوته لكن تراه ... على روعاته داني النزوع كذا العشّاق هجرهم دلال ... ومرجع وصلهم حسن الرجوع معاذ الله أن نلفى غضابا ... سوى دلّ المطاع على المطيع والأخرى: وقالوا شانه الجدريّ فانظر ... إلى وجه به أثر الكلوم فقلت ملاحة نثرت عليه ... وما حسن السماء بلا نجوم»

43 رعونة عبيد الله بن سليمان جرت النكبة عليه وعلى أبيه

43 رعونة عبيد الله بن سليمان جرّت النكبة عليه وعلى أبيه حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا جماعة من شيوخ الكتّاب، منهم عليّ بن عيسى «1» ، والباقطائي «2» ، وغيرهما، قالوا: حدّثنا عبيد الله بن سليمان، قال: لما أضاق المعتمد بسرّ من رأى، وأمره- إذ ذاك- نافذ، ومعه قطعة من الجيش، وكان سليمان بن وهب وزيره، والموفّق بواسط «3» ، وعبيد الله ابن سليمان كاتبه، طلب المعتمد من سليمان، مالا يحتاله، لداره، وحرمه، وخاص نفقته، لا يعلم به الجند، فدافعه بذلك، فقبض عليه، وقال له: قد تقلّدت منذ أيّام المعتز، إلى الآن، أعمالا متوالية، منها الوزارة للمهتدي، ومرّة الجبل، وغير ذلك، وما نكبت، ولا صودرت، وأريد منك خمسمائة ألف دينار. قال: وورد عليّ الخبر، فلشدة محبتي لخلاص أبي، ما جنيت عليه جناية عظيمة، بأن صرت إلى الموفّق، فقلت له: لم يقدم المعتمد على أبي إلّا لبغضه لك، وليس يحقد علينا إلّا تمشية أمرك، واجتذاب الجيش [35] إليك. فوعدني بتخليص أبي، على مهل. فقلت: إن أخّرت الأمر، أسرع إلى مكروهه، وإزالة نعمته.

فقال: ما تريد؟ فقلت: تخرج بمن معك، فتنتزعه من يده قسرا. فقال: هذا يحتاج إلى مال ورجال، وهو خليفة على كل حال، ولا أحسب الرجال يطاوعوني على حربه. فقلت له: عليّ المال والرجال. فقال: دعني، حتى أفكّر. قال: ودافعني، واعتقد فيّ أقبح اعتقاد، ورآني بصورة من يملك طاعة الرجال، في قتال خليفته، ويمكنه من المال، من عنده، ومن حيلته، ما يرضي به الجيش. فلما عاودته، قال: يجب أن نقدّم المراسلة بيننا وبينه، فإن أنجعت، وإلّا كانت الحرب. فاخترنا للرسال «1» ، صاعد بن مخلد «2» ، وهو إذ ذاك، من جلّة أصحاب الدواوين. فاستدعاه الموفّق إلى حضرته من سرّ من رأى، فصار إليه، وحمّله رسالة إلى المعتمد. فمضى، وأدّاها، وأصلح الأمر مع المعتمد لنفسه، وأشار على المعتمد بإطلاق أبي عاجلا، وضمن له إفساد رأي الموفّق فيه، وفيّ، حتى يقبض علينا. فأقام أبي عند الموفّق، والوزارة إليه، فدبّر أمر الموفّق، ثم عاد صاعد فشرع مع الموفق في الأمر، وأنفذ المعتمد ثقاته سرّا إلى الموفق، بما لقّنه صاعد، ولم يزل ينسج الأمر، حتى تمت النكبة علينا.

44 ما في الأرض أشد جناية على الوزراء والرؤساء من أصاغر أسبابهم

44 ما في الأرض أشد جناية على الوزراء والرؤساء من أصاغر أسبابهم حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو عيسى، أخو أبي صخرة «1» ، واسمه أحمد بن محمد بن خالد، قال: سمعت إسماعيل بن بلبل «2» يقول: ما في الأرض أشد جناية على الوزراء، والرؤساء، من أصاغر أسبابهم، ولقد قال لي راشد، صاحب جيش الموفّق: كنت قد بليت بالنظر في أمر أنزال الرجّالة، ومن يجري مجراهم، وكنّا نحتاج في كل يوم لذلك إلى ستّة آلاف دينار، فما زالت تنقص بالإضاقة، إلى أن اقتصر على ما لا بدّ منه، وكان ثلاثة آلاف دينار. واعتمد الموفّق «3» عليّ في ذلك، لشدة اهتمامه به، لأقوم به- إذا لم يطلق المال- بمالي وجاهي، وحيلتي، فأفقرني ذاك. وكان عبيد الله بن سليمان «4» ، وأبوه «5» ، وهما مقيمان [36] بالحضرة، يقصداني، ويريّثان المال عليّ «6» ، فأحفظني ذلك عليهما، واقتصرا لي، على

ألفي دينار في كل يوم، عاجلة، وألف بحوالات لا تروج، فكنت أحتاج أن أرهن سيوفي، وسروجي، وأدخل كل مدخل، حتى أقيم الأنزال «1» . ووقّعا لي في بعض الأيام، إلى جهبذهما ليث، بمال من مال الأنزال، جعلاه من مال ضياعهما، فتوارى ليث، فبثثت الرسل في طلبه، فوجده بعض رجّالتي، فأوصل إليه التوقيع. فقال: ما عندي للوزير، ولا لابنه مال. فقال له: فاحتل، ولو من مالك، فهذا مهمّ للأمير أبي أحمد. فقال: وأيش لأبي أحمق عندي؟ فجاءني الرجل بالخبر، فحملني الغيظ عليهما، أن شكوت إلى الموفّق هذه الحال، وقلت: قد قال كلاما لا يجوز إعادة مثله- قبحا- عليك. فطالبني بإحضار الرسول، فأحضرته، فأمره أن يحكي الكلام، فخاف الرسول، فأرهبه، فأعاده عليه بعينه، من غير كناية. فقال: صدق ليث، لو لم أكن أبو أحمق لما تركت عليه، وعلى أصحابه الأموال، حتى ننظر «2» . فكان ذلك سبب تعجيل النكبة لهما. فقال لي الموفق: أريد أن تلزم أصحابك، طلب ليث، وتظهر أنّه بسبب هذا التوقيع، وتبثّ الرجالة، حتى إذا حصل، قبضنا على أصحابه. فأنفذت عدة، ولم أزل أجتهد حتى حصل. وجاء سليمان وعبيد الله، من غد، للخدمة على الرسم، فشوغلا في الدار، إلى أن حصل ليث، فلما حصل، قبض عليهما، وأنفذ إلى صاعد،

من أحضره، فتقلّد الأمر، وسلّم إليه ليث. قال راشد: صرت إلى صاعد مهنئا له بالوزارة، فقال: قم بنا، لأريك العجب. فقمنا، وخلونا، ودعا بليث، ورفق به، فلم ينفع الرفق، فقال: عليّ بجيش غلامه، فجيء به، فضربه مقارع يسيرة. فقال: أنا أدلّك على بئر المال. فقال لليث: هذه البئر مالك، أو مال أصحابك؟. فقال: بل مالي، أنا رجل تاجر. فأخرجوا من البئر ثمانين ألف دينار، واستخرج بعدها من ليث، جملة أخرى كثيرة. فكانت تلك أحد ما قوّى طمع الموفّق في آل وهب، واستئصالهم «1» [37] .

45 الأمير الموفق يأمر وزيره الجديد بتعذيب الوزير المصروف

45 الأمير الموفق يأمر وزيره الجديد بتعذيب الوزير المصروف حدّثني أبو الحسين، قال: كنّا في مجلس حامد بن العباس، وهو وزير، وكان يتحدّث في مجلس العمل كثيرا، فسمعته يحكي، قال: قال لي صاعد ابن مخلد: لما قلّدني الموفّق وزارته، شرطت عليه، أن لا أدخل في مكاره سليمان ابن وهب، وعبيد الله ابنه، ولا أطالبهما، ولا أنظر إليهما في مال، ولا وديعة. وقلت للموفّق: سليمان اصطنعني، ورفع حالي، وصرّفني، وما دخل قط لي في مكروه، ولا دخلت لهما في مثله. ولم أجب إلى التقليد، حتى صافحني أن لا يلزمني ذلك. فلما تقلّدت، وخلع عليّ، خاطبني في أمرهم بعد أيّام، وذكر ضيق المال إلّا من جهتهم، فقلت: الشرط أملك، وأنت قادر أن تنصب لهذا كاتبا، وتدبّره بنفسك، وبمن ترى من حاشيتك. فعاودني دفعات، وأنا ممتنع، حتى مضى شهر من تقلّدي. فلما رآني على هذه الحال، راسل سليمان، وقال له: إنّ صاعدا غرّني من نفسه، وضمن لي القيام بالأمور، وقد بلح «1» ، وليس يذهب ولا يجيء، وهو عدوّك وعدوّ ابنك، وهو سعى بكما، فاضمنه منّي، واذكر لي ما عليه من الأموال، وما في جيبه، ومعايبه، والحجج، والتطرّق عليه وعلى أملاكه.

وكان سليمان محنكا، مجرّبا، فأعاد الجواب على الرسالة، بأنّي إن كنت موثوقا بي، فلا تحتاج إلى ضماني، لأنّي أنصح وأستقصي على كل من يجب عليه حق للأمير، إن أعادني إلى خدمته. ودافع عن كتابة الرقعة، وعلم أنّها حيلة عليه، لا متناعي عن مكروهه، حتى يجعل الرقعة حجّة عليه عندي. فأنفذ الموفّق، إلى عبيد الله، مثل هذه الرسالة، واستكتمه ذلك عن أبيه، فكتب عبيد الله، رقعة طويلة، يسعى عليّ فيها، أقبح سعاية، ويضمني بمال جليل، ويثلبني، وينكّل بي. فلما وصلت إلى الموفّق، احتفظ بها، وغدوت عليه، فخاطبني في تسلّمهم، ومطالبتهم، فاستعفيت، وأقمت على الامتناع. فقال: اقرأ هذه الرقعة، فلما قرأتها، ولم يكن عندي- إذ ذاك- علم كيف جرت الصورة، وإنّما [38] انكشفت لي بعد ذلك المجلس، قامت قيامتي، وخفت على نفسي، من معاجلة الموفّق، متى لم أعاجلهم، ولم أشكّ أنّ ذلك القول صحيح من عبيد الله، وأنّ الموفق قد أنعم عليّ بإطلاعي عليه. فاستجبت إلى تسلّمهم، وناظرتهم، وألزمتهم الأموال العظيمة، واستمرّت النكبة عليهم «1» .

46 سبيل الإنسان في المحن أن يطأطئ لها

46 سبيل الإنسان في المحن أن يطأطئ لها حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن عيسى، يقول: سمعت عبيد الله بن سليمان، يقول: لما دخل صاعد بن مخلد، عليّ وعلى أبي، ليناظرنا، ونحن في حبس الموفّق، قمنا، وتلقيناه. فخاطب أبي بجميل، وأكرمه، وتجهّمني «1» بقبيح، وجعل لا يخاطبني إلّا باسمي، ويقول: يا عبيد الله. فلما أكثر عليّ، آلمني ذلك، فقلت له: أنا عبيد الله بن سليمان بن وهب بن سعيد، نتصرّف في خدمة السلطان، منذ خمسين ومائة سنة، ونتقلّب في جلائل الأعمال، أنت صاعد بن مخلد، مخلد من أبوه؟. فكان هذا من أكبر ما أحفظه «2» عليّ، حتى تناهى في مكارهي. وكان أبي يلومني على ذلك، ويقول: سبيل الإنسان في المحن أن يتطأطأ لها، ويذلّ لوقوعها، ولا يغالبها. ولم تكن نفسي، أنا، تطاوعني على ذلك، وكان من أضرّ الأمور عليّ، وكان الحزم مع أبي دوني.

47 حفلة تعذيب بمحضر الوزير

47 حفلة تعذيب بمحضر الوزير قال أبو الحسين: حدّثني أبو الحسن محمد بن محمد بن حمدون الواسطي «1» ، صاحب حامد بن العباس، وخليفته، قال: قال لي حامد: كان صاعد بن مخلد، أوّل من قلّدني العمالة، رياسة، فقال لي في بعض الأيام: احضر دار الأمير الموفّق، فحضرتها معه. فجلس في مجلسه منها، واستدعى على خلوة، سليمان بن وهب، وابنه عبيد الله، وهما منكوبان. فرأيت سليمان، وقد خرج بطيلسان، وخفّ، ومبطّنة، وابنه حاف مكشوف الرأس، على أذلّ صورة. فأكرم الأب، وأسمع الابن المكروه، إلى أن دعا له بالمقارع، فأخذ سليمان يستعطفه كلّ الاستطعاف، وهو لا ينثني، ويقول له: إذا صنتك يا أبا أيّوب عن مثل [39] هذه الحال، فلا أقلّ من أن تدعني أنتقم من هذا الجاهل، الفاعل، الصانع. قال: وأقبلت المقارع تأخذ عبيد الله، وسليمان يستعطفه. فلما زاد الأمر، قال له سليمان: يا كافر، يا فاجر، أما تستحي؟ إنّا اصطنعناك، وأقعدناك هذا المقعد، تضربه بين يديّ، سبّة عليك.

قال: فاستحيا، وأمر بقطع الضرب، فما ضرب بعدها عبيد الله بحضرته، وواضع الموفّق بعد ذلك، على أن يكون الضرب بحضرته، بأيدي غلمانه، في داره. فحرّض الموفّق عليهما، حتى نهكهما «1» عقوبة وضربا «2» .

48 وحفلة تعذيب بمحضر الأمير

48 وحفلة تعذيب بمحضر الأمير فحدّثني أبو علي بن مقلة، في نكبته بعد الوزارة الثالثة «1» ، وهو في دار أبي بكر بن قرابة «2» ، لمال يؤديّه، ضمنه عنه ابن قرابة «3» ، وشكا ما عامله

به الخصيبي «1» من المكروه، ثم قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات «2» ، يقول: سمعت أبا القاسم عبيد الله بن سليمان «3» ، يقول: أخرجت وأخرج أبي في نكبتنا، في بعض الأيام، بواسط، إلى حضرة الموفّق، وقد نصبت له سبنية «4» ، فجلس وراءها، ونحن نعلم بذلك. ودعا براغب، فأمره بضربنا، فضرب أبي نيفا وعشرين مقرعة، ثم دعي بي، فنوظرت، ثم أمر بضربي. فإلى أن يستدعي لي من يضربني، قال أبي لراغب: الذي نحن فيه يستطاب معه الموت، وما أقول ما أقوله دفعا عن نفسي، ولا عن ولدي، وإنّما أقوله شفقة على الأمير، فأعلمه: أنّ ملكا من ملوك بني إسرائيل، ذبح سخلة، بحضرة أمّها فخبط من ساعته. قال: فو الله، ما مضى راغب ليؤدّي الكلام، حتى جاءت الرسل من عند الموفّق، بأن يرفع الضرب عنّا، وقد كان بحيث يسمع الكلام من وراء السبنيّة. فما عاد بعدها علينا مكروه.

49 أبو زكريا السوسي يرى مناما

49 أبو زكريا السوسي يرى مناما حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو زكريا يحيى بن سعيد السوسي «1» ، المعروف بخلف، ومحله، في اليسار، والجلالة، والمكنة من السلطان، والاشتهار بالدين، والثقة، والصدق، والأمانة، وصحة الرأي، مشهور، وكان نصرانيا في حداثته، فأسلم، وحسن إسلامه، قال: رأيت في منامي- يعني بعد إسلامه- عليا عليه السلام، وكأنّه جالس ومعه جماعة [40] من أصحابه، وبالقرب منه، أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ومعهما جماعة. قال: فسألته، قلت: يا أمير المؤمنين، ما عندك في أبي بكر وعمر؟ فأثنى خيرا كثيرا. قلت: فلم لم تجلس معهما؟ فقال: حياء منهما لما يعمل بهما الرافضة.

50 حفيد يزيد بن هارون يرى جده في المنام

50 حفيد يزيد بن هارون يرى جده في المنام حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الواسطي المعروف بنفطويه، في مسجد الرصافة، إملاء في سنة ثمان وثلاثمائة، قال: حدّثنا ابن بنت يزيد بن هارون «1» ، ولم يسمّه «2» ، وكذا أملى علينا، قال: رأيت جدي يزيد في النوم، فقلت: ما فعل الله بك؟ ومنكر ونكير ما قالا لك؟ قال: قالا لي: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ فقلت: ألي يقال هذا؟ وأنا أعلمه الناس منذ ثمانين سنة؟ فقالا لي: نم نومة العروس، فلا بؤسى عليك. وعاتبني ربي، على كتابي عن عثمان بن جرير «3» ، فقلت: يا رب، عبدك، وما أعلم إلّا خيرا. قال: إنّه كان يبغض عليّا عليه السلام «4» .

51 ابن الفرات وأحد طلاب الوزارة

51 ابن الفرات وأحد طلاب الوزارة حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو الحسن بن الفرات، قال: دخل عليّ المقتدر يوما، وأنا في حبسه، في وزارة حامد، فقال لي: يا أبا الحسن، أتعرف الحسن بن محمد الكرخي الكاتب «1» ؟ فقلت: نعم. قال: أي شيء هو من الناس؟ قلت: عامل، له محلّ، ويفهم في الحساب شيئا، وهو من صنائعي، ووجوه عمّالي، وقد كان قبل، تقلّد عمالات لعبيد الله بن سليمان، وهو أخو القاسم بن محمد الكرخي «2» ، وهو من أهل بيت. قال: فقال لي: إنّه قد كتب إليّ يخطب الوزارة، ويتضمّن بحامد، وبعليّ بن عيسى. قال: فقلت له: ولا كلّ هذا يا أمير المؤمنين، إنّ هذا، إنّما طمع في الأمر لما رأى حامدا قد تقلّد الوزارة، ولعمري إنّها قد اتضعت بتقلّده،

وطمع فيها كل أحد، ولعمري أنّه فوق حامد، أولا في العفافة، وحفظ اللسان، والحساب والخط، ولكن ليس لأنّه فوق حامد، يجب أن يقلّد الوزارة، ولا لأنّ الغلط جرى في أمر حامد، يجب أن يقلّد هذا، على أنّه غلط في ظنّه أنّه يصلح لصرف حامد، لأنّ حامدا رجل قديم الرياسة في العمال، وله مروءة عظيمة، وضياع كثيرة، وغلمان كثير والعدد، وله هيبة [41] ، وسطوة، وسنّ، ونشأ بعيدا عن الحضرة، فلم تستشفّ أخلاقه، وأفعاله، فانستر أمره عن أهلها، وله كرم يغطي كثيرا من معايبه، وترك الأمر في يده، ويد عليّ بن عيسى، وهو لا يلحق بعض كتّابه، فضلا عنه [أولى] ، وإنّي لأقول الحق فيهما، على عداوتهما لي. قال: فأضرب المقتدر عن تقليده. قال هشام: ثم تمّ التدبير لأبي الحسن، في الوزارة، وصرف حامد، فحين جاءه الحسن بن محمد الكرخي، أبو أحمد، ذكر تلك الحال التي حدّثه بها المقتدر، فهاب الحسن بن محمد، على الأمر، ورآه بعين رجل بعيد الهمّة، وعرف تقلّب رأي المقتدر، فرأى أن يحسن إلى الحسن بن محمد، ويبعده عن الأعمال، فقلّده الموصل، وأخرجه إليها صارفا لابن حماد «1» . فانتفع الكرخي بذلك الشروع «2» .

52 الحسن بن محمد الكرخي وكمال مروءته

52 الحسن بن محمد الكرخي وكمال مروءته قال أبو الحسين «1» : فكنّا في بعض الليالي بحضرة ابن الفرات «2» ، وهو يعمل، وأنا مع أبي «3» ، والمجلس حافل، حتى قرأ كتابا من صاحب بريد الموصل «4» ، يذكر فيه، أنّ أبا أحمد «5» ، قد تبسّط في الأعمال، وأظهر من المروءة أمرا عظيما، وركب باللبود الطاهرية، وبعدة حجّاب وغلمان، حتى أنّه يسير معهم في موكب، وأنّه ورد معه من الزواريق والجمال التي تحمل أثقاله، شيء كثير، وأنّ هذا ما لا يحتمله رزقه، وإنّما هو من الأصل. فرمى بالكتاب إلى أبي القاسم زنجي «6» ، الباقي إلى الآن- وكان إذ ذاك، حدثا يخطّ بحضرته- وقال له: وقّع عليه، ليكتب إليه، ويعرّف، أنّه نفع الرجل من حيث تعمّد ضرّه، لأنه إذا كان في مثل هذا الصقع، عامل وجيه، جليل، كثير التجمّل، والهيبة، والمروءة، صلح أن يبادر به

السلطان، إلى مصر، وأجناد الشام، متى أنكر على عمّالها أمرا، لأنّ هذه النواحي، لا تصلح إلا لمن كان حسن التجمّل، والمروءة، كثير النعمة «1» .

53 راتب عامل فارس ثلاثة آلاف دينار في الشهر

53 راتب عامل فارس ثلاثة آلاف دينار في الشهر ثم أقبل «1» على من في مجلسه، فقال: حدّثنا أبو القاسم عبيد الله بن سليمان: أنّ المعتضد، رفع إليه خبر، رفعه النوشجانيّ «2» ، صاحب بريده، يذكر فيه: أنّ الأخبار ذاعت ببغداد، بأنّ حامد بن العباس، لما دخل فارس، متقلّدا لعاملتها، دخل ومعه عدد [42] كثير عظيم، من الغلمان والحاشية. قال: فتحيّرت، لما دفع الكتاب إليّ، وخفت أن يكون قد أنكر ذلك، ويقع له، أنّ هذا اصطلام للمال، ودخلني فزع منه، فلم أدر بأيّ شيء أجيب. فقال لي: يا أبا القاسم، وقد كان كنّاه أول ما استوزره، وكان يتكنّى على الناس إلّا على بدر، وصاحب خراسان، وكان هو وبدر يتكاتبان بالكاف، والدعاء بينهما سواء. قال المعتضد: يا أبا القاسم، قرأت الكتاب؟ فقلت: نعم. فقال: قد سرّني ما ذاع من مروءة حامد، وهيبته بذلك في نفوس الرعيّة، فكم رزقه؟ فقلت: ألفان وخمسمائة دينار في الشهر. فقال: اجعلها ثلاثة آلاف، ليستعين بها على مروءته «3» .

54 المعتضد يعفي عاملا من المطالبة لما ظهر من مروءته

54 المعتضد يعفي عاملا من المطالبة لما ظهر من مروءته قال: ثم قال أبو الحسن بن الفرات، عقيب هذا: وقد فعل المعتضد، قريبا من هذا، مع أبي العباس أحمد بن بسطام «1» ، فإنّ المعتضد، طالبه، بعجز ضمانه واسط، وحبسه في دار ابن طاهر، وألزم سبعين ألف دينار يؤدّيها، فكان يصحّحها «2» على جميل، وهو موكّل به من قبل المعتضد في دار ابن طاهر، وأصحاب عبيد الله يطالبونه، ويقتضون المال. فكتب النوشجانى، صاحب الخبر، فيه: أنّه كان يفرّق في أيام ولايته، في كل شهر، عشرين كرا، حنطة ودقيقا، على حاشيته، وعلى المستورين والفقراء، وأنّه فرّق في هذا الشهر الأكرار على رسمه، ولم يقطعها، وهو مع ذلك يماطل بأداء ما عليه. فلما دخل عبيد الله على المعتضد، أراه الرقعة، فسكت عبيد الله، فقال له المعتضد: قد سرّني هذا، لأنّ ابن بسطام رجل مشهور بعظم المروءة، وكثرة المعروف، وقد جمّلنا بما قد فعله، حين لم يظهر أنّ ما قد ألزمناه، أحوجه إلى الزوال عن عادته في المعروف، فكم بقي عليه؟ قال: بضعة عشر ألف دينار. فقال: أسقطها عنه، وردّه إلى عمله، وعرّفه إحمادي ما قد فعله. فامتثل عبيد الله ذلك.

55 علو نفس الحسن بن مخلد

55 علوّ نفس الحسن بن مخلد حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن بدر ابن [أبي] الأصبغ «1» ، يحدّث أبي، قال: كنت أتصرّف مع سليمان بن وهب «2» ، لقرابة كانت بيننا من جهة النساء، وكانت حالي بصحبته في نهاية السعة، حتى إنّه كان يطحن الزعفران في داري، كما يطحن الناس الدقيق [43] ، لكثرة ما كان يجيئنا من الجبل «3» ، ونستعمله، ونهديه. فولي سليمان ديوان الخراج، فكنت أحد عماله فيه، فوقعت بيني وبين ابنه عبيد الله «4» نفرة، فلزمت منزلي أياما. فما شعرت إلّا برقعة الحسن بن مخلد «5» ، يستدعيني وهو يتولّى ديوان الضياع، وكانت بينهما مماظّة «6» ، فمضيت إليه، فقال لي: أنت معطّل ولا تصير إليّ؟ وقد انفصل ما بينك وبين أبي أيوب؟ فقلت: يا سيدي، كيف ينفصل ما بيننا، مع القرابة؟ ولكن بيننا عتب. فقال: دع ذا، أنت معطّل، وما تبرح حتى أقلّدك عملا.

قال: وأراد اجتذابي لناحيته، وكان الناس- إذ ذاك- يتغايرون على الكفاة. فقلّدني أعمال السيب الأسفل «1» ، وقسّين «2» ، وجنبلا «3» ، وكانت تجري في ديوانه، فقبلتها. وخرجت إليها، وكان الأرز قد قارب الإدراك، فقدّرته، وعدت إلى سرّ من رأى، لأشرح له حال التقدير، وأستأمره في العمل. فلما بصر بي قال: قد قدمت على فاقة منّي إليك، قد تأذيت بالفلّاحين، وأريد لهم عشرة آلاف دينار سلفا لما يقيمونه في جبل باسورين «4» من الثلج. فقلت له: الأرز خافور «5» ، وما بلغ إلى أن يحرز. فقال: لا بدّ من أن تستفرغ جهدك، وحيلتك، في هذا، حتى تخفّف عنّي. وكان، أول خدمة، فاحتجت أن أضطرب، لأصنّع نفسي عنده، فخرجت مفكرا فيما أعمله. فلإقبالي، لقيني رجل من وجوه التجار في الطريق، وكانت بيننا مودّة، وكان موسرا، وكان جميع متجره غلّات السلطان، فبدأني بالعتاب على تركي مبايعته شيئا بالسلف من غلّات عملي. فاجتذبته إلى منزلي، وقلت: البيت لك، فاحتفل، ولو رأيتك ما عدلت عنك.

قال: فأقام عندي يومه، ولم أزل حتى بعته بحساب الكرّ الأرز المعدّل، بسبعة دنانير، وكنت قد قدّرت الحاصل فيه للسلطان، ثلاثة آلاف كرّ معدّل، واستثنيت عليه في كل كرّ دينارا، وأخذت خطّه بضمانة تعجيل عشرة آلاف دينار، لمن يؤمر بأدائها إليه. ورحت إلى دار الحسن بن مخلد، فوجدته نائما، والناس [44] مطرّحون في داره، ثم دخلت إليه، وشرحت له الصورة، فسرّ بها، وأمر بإحضار صاحب مجلس النفقات في الديوان، وسلّم الرقعة إليه، وقال: أحل الفلّاحين على هذا التاجر. فلمّا خلا مجلسه، تقدّمت إليه، وعرّفته خبر الاستثناء، وأريته الخطّ، وقلت: إلى من أسلّم المال، إذا قبض؟ فلم يجبني، فأححت عليه. فقال لي: يا هذا، إنّك صحبت قوما، لا مروءة لهم، فتعوّدت منهم، أن تعطو «1» نفوسهم إلى مضايقة خدمهم في هذا القدر، وما هو أتفه منه، وإذا أخذت أنا هذا المرفق، فأنت لم تخدمني، وتتبعني؟ خذ هذا وأصلح به حالك، ليبين عليك أثر خدمتك لي. فقبلت يده، ورجله، وعدت إلى عملي، واستخرجت المال، ودبّرت العمل. وحضر بعد مديدة، النوروز، وقد كنت مذ خرجت من حضرته، سألت ثقات إخواني من التجار في الأسواق، أن يجمعوا لي كل علق، حسن، غريب، طريف، مثمن، من فرش ديباج «2» مثقل، وأبي قلمون مذهب «3» ،

ووشي «1» ، ودبيقي «2» مرتفع، وقصب «3» . قال: فجمع لي من ذلك، ما كان شراه خمسة آلاف دينار، وهو يساوي أكثر منها بكثير. ثم كتبت إليه رقعة في معنى الهدية، وتضرّعت في قبولها، وتشبّثت بذلك، وكتبت ثبت الهدية، في أسفل الرقعة. فكتب إليّ فيها: لك أكرمك الله، بنات، وهنّ إلى هذا أحوج منّي، وقد قبلت ما يصلح قبوله أنسا بك، وإسقاطا للحشمة معك، ورددت إليك الباقي، ليكون لهنّ. وكان الذي قبله، ثوب قصب، ومنديل دبيقي، وشستجة «4» قصب.

56 الوزير علي بن عيسى يرفع التكملة ويضع الخراج على الشجر

56 الوزير علي بن عيسى يرفع التكملة ويضع الخراج على الشجر حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: سمعت أبا عبد الله الباقطائي «2» ، يقول: وحكى لي أبي «3» ذلك، قالا: إنّ السجزيّة «4» لما غلبوا على فارس «5» ، أجلي قوم من أهل الخراج عنها، لسوء المعاملة، ففضّوا خراجهم على الموجودين، وسمّوا ذلك: التكملة، حتى يكمل به مال قانون فارس- كان- متقدما. ولم تزل الحال في ذلك، تزيد تارة، وتنقص أخرى، إلى أن افتتح أبو

الحسن بن الفرات «1» ، في وزارته الأولى «2» ، فارس، على يد وصيف «3» [45] ، ومحمد بن جعفر العبرتائي «4» ، ومن ضمّه إليهما من القوّاد «5» في سنة ثماني وتسعين ومائتين. فأمر ابن الفرات، بإجراء الأمر في التكملة، على ما كان جاريا عليه. وجرى الأمر على ذلك، في أيام محمد بن عبيد الله الخاقاني «6» ، وفعله عليّ بن عيسى «7» ، في صدر وزارته الأولى «8» . فلما مضت منها مديدة، صار إلى مدينة السلام، عبد الرحمن بن جعفر

الشيرازي «1» ، وطعن على محمد بن أحمد بن أبي البغل «2» ، وكان- إذ ذاك- يتقلّد فارس، وذكر أنّه إن ضمن العمل مكانه، وفرّ جملة من المال، فضمّنه عليّ بن عيسى، وانصرف ابن أبي البغل عما كان يتقلّده أمانة، وقلّده أصبهان «3» . ثم أخّر عبد الرحمن بن جعفر المال، واحتجّ بأن أهل فارس يتظلّمون من التكملة، ولا يلتزمونها. وكان أبو المنذر النعمان بن عبد الله «4» ، يتقلّد ديوان كور الأهواز «5» ، مجموعة، فكتب إليه عليّ بن عيسى، أن يستخلف على أعماله، وينفذ إلى

فارس، فيطالب عبد الرحمن بما حلّ عليه من المال، وينظر في هذه التكملة، ويشرح أمرها. وكتب إلى أحمد بن محمد بن رستم «1» بأن يصير من أصبهان إلى فارس ليضمنها. وكتب إلى النعمان، بحلّ ضمان عبد الرحمن، وعقد البلد على ابن رستم. فاستخرج النعمان التكملة، ووجد قطعة منها على عبد الرحمن، قد قدّر أن يكسرها، فعسفه، وباع قطعة من أملاكه، حتى استوفى ذلك. وكتب إليه عليّ بن عيسى يسأله عن التكملة، وأن يشرح له أمرها، وأنّه قد صار يستضعف قوم فيلزمون منها أكثر ممّا يجب عليهم، ويرهب قوم، فيسامحون بها، أو بأكثرها. فكتب إليه النعمان وابن رستم: إنّ من طرائف ما يجري بفارس، أنّ الناس يطالبون بالتكملة، وهي ظلم صراح، سنّه الخوارج، ويترك عليهم ما قد أوجبه الفقهاء، وهو خراج الشّجر، لأنّ فارس افتتحت عنوة، وليس على الشجر بها خراج، وأرباب الشجر يذكرون، أنّ المهديّ «2» أسقط عنهم خراج الشجر، وليس لهم حجّة بذلك، إلّا طول مدة الرسم، والأصل وجوب الخراج على الشجر. فتسامع أهل البلد بالخبر، فتبادر أجلّاؤهم إلى حضرة عليّ بن عيسى من فارس، فدخلوا مجلسه للمظالم [46] ، وفي أكمامهم حنطة محرقة. فلما تظلّموا، قالوا له: نمنع من إطلاق غلّاتنا، وتعتقل علينا

في الكناديج «1» ، إلى أن تعفن «2» وتصير هكذا- ورموا بالحنطة المحرقة من أكمامهم- حتى نبيع شعورنا، ونؤدي التكملة الباطلة، حتى تطلق غلّاتنا وقد احترقت هكذا. ورمى قوم من أكمامهم بتين يابس، وخوخ مقدّد، ولوز، وفستق، وبندق، وغبيراء «3» ، ونبق، وبلّوط، وقالوا: هذا كلّه بغير خراج، لقوم آخرين، والبلد عنوة، فأمّا تساوينا في الإحسان أو الاستيفاء. فخاطب عليّ بن عيسى، في ذلك، الخليفة، واستأذنه في جمع الفقهاء، والقضاة، ومشايخ الكتّاب، ووجوه العمّال، وجلّة القوّاد، ومناظرة القوم بحضرته، وتقرير الأمر على ما يوجب الحقّ- عند الجماعة- والعدل، فأذن له في ذلك. فجمع الناس في دار المخرّم «4» ، التي كانت برسم الوزارة، وصيّرها

عليّ بن عيسى ديوانا، وطالت المناظرات، واحتجّ من حضر من أرباب الشجر، بفعل المهدي، وقالوا: قد استهلكت أموالنا، في أثمان هذه الأملاك التي لا خراج عليها، وإن ألزمت الخراج، بطلت القيم، وافتقرنا: فأفتى الفقهاء بوجوب الخراج، وبطلان التكملة. وقال الكتّاب: إن كان المهدي، شرط شرطا، لمصلحة في الحال، أو عناء اعتناه أهل البلاد، في جدب أو غيره، ثم زالت المصلحة، زال الشرط. فقال عليّ بن عيسى للقوم: أليس عندكم أنّ ما فعله المهدي واجب؟ قالوا: بلى. قال: لم؟، أليس لأنّه إمام رأى رأيا ليس فيه مضرة؟ قالوا: بلى. قال: فإنّ أمير المؤمنين، وهو الإمام الآن، قد رأى أنّ الأحوط للمسلمين، والأحفظ للكافّة، إلزام الخراج الشجر، وإزالة التكملة. فقام إليه الزجّاج «1» ، ووكيع القاضي «2» ، فوصفاه «3» ، وقرضاه «4» . وقال الزجّاج: لقد حكمت بحكم، لو كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حاضرا، ما تجاوزه. وقال وكيع: لقد فعل الوزير في هذا، كفعل أبي بكر الصديق، رضوان الله عليه، في مطالبة أهل الردّة بالزكاة.

وأنهى عليّ بن عيسى، والقضاة، ما جرى، إلى المقتدر، في يوم الموكب، واستأذنه في كتب كتاب بإسقاط التكملة عاجلا، إلى أن يتقرّر أمر الشجر. فأمر بكتب ذلك [47] في الحال بحضرته، وأحضر قائدا من قوّاد الحضرة، كان يخلف بدرا الكبير، المعروف بالحمامي «1» ، عامل المعاون، بفارس وكرمان، ليسلّم إليه الكتاب، ويطالب النعمان، وابن رستم، بامتثاله. وأمر الخليفة بإحضار دواة يكتب بها عليّ بن عيسى، وكان رسم الوزراء، إذا أمروا بكتب كتاب بحضرة الخليفة، أن تحضر لهم دواة لطيفة، بسلسلة، فيمسكها الوزير بيده اليسرى، ويكتب منها باليمنى. فأحضرت تلك الدواة، لعليّ بن عيسى، وبدأ يكتب منها الكتاب بغير نسخة. فلما رآه المقتدر، وقد شقّ عليه ذلك، أمر بإحضار دواته، وأن يقف بعض الخدم، فيمسكها إلى أن يكتب. فكان أوّل وزير أكرم بهذا، ثم صار ذلك رسما جاريا للوزراء، بحضرته. فكتب عليّ بن عيسى، في ذلك كتابا إلى النعمان، وخرجت نسخته، إلى الديوان، وأثبت فيه. قال أبو الحسين: فحفظناه ونحن أحداث، ونسخته «2» : بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله جعفر، الإمام المقتدر بالله، أمير المؤمنين، إلى النعمان ابن عبد الله.

سلام عليك، فإنّ أمير المؤمنين، يحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو، ويسأله أن يصلّي على محمد عبده ورسوله، صلّى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا. أمّا بعد، فإن أفضل الأعمال قدرا، وأجملها ذكرا، وأكملها أجرا، ما كان للتقى جامعا، وللهدى تابعا، وللورى نافعا، وللبلوى رافعا. وقد جعل الله- عزّ وجلّ- أمير المؤمنين، فيما استرعاه من أمور المسلمين، مؤثرا لما يرضيه، صابرا على ما يزلفه عنده ويحظيه، وما توفيق أمير المؤمنين إلّا بالله، عليه يتوكّل، وبه يستعين. وقد عرفت حال السجزيّة والخرمية، الذين تغلبوا على كور فارس وكرمان، وأحدثوا الجور والعدوان، وأظهروا العتوّ والطغيان، وانتهكوا المحارم، وارتكبوا المظالم، حتى أنفذ أمير المؤمنين جيوشه إليهم، وتورّد «1» بها عليهم، فأزالهم وبدّدهم، وشتّتهم وأبادهم، بعد حروب تواصلت، ووقائع تتابعت، أحلّ الله بهم فيها سطوته [48] ، وعجّل لهم نقمته، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وعظة للمستمعين، (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) «2» . ولما محق الله أمر هؤلاء الكفار، وفرّق عدد أوباشهم الفجّار، وجد أمير المؤمنين، أفظع ما اخترعوه، وأشنع ما ابتدعوه، في مدّتهم التي طال أمدها، وعظم ضررها، تكملة اجتبوها بكور فارس، في سنّي غوايتهم، لمّا طالبوا أهلها بالخراج على أوفر عبرتهم «3» ، من غير اقتصار به على

الموجودين، حتى فضّوا عليهم خراج ما خرب من ضياع المفقودين. فأنكر أمير المؤمنين، ما استقرّ من هذا الرسم الذميم، وأكبر ما استمرّ به من الظلم العظيم، ورأى صيانة دولته، عن قبيح معرّته، وحراسة رعيّته، من عظيم مضرّته، مع كثرته، ووفور جملته. فرفع عن الرعية هذه التكملة رفعا مشهورا، وقد جعل الله تعالى من سنّها مدحورا، ونادى في المساجد الجامعة بإزالتها، وإبطال جبايتها، ليرتفع ذلك في الجمهور، ويتمكّن السكون إليه في الصدور، وتحمد الله الكافّة على ما أتاحه لها من تعطّف أمير المؤمنين ورعايته، وجميل حياطته لهم وعنايته. واكتب ما يكون منك في ذلك، فإنّ أمير المؤمنين يتوكّفه «1» ، ويراعيه «2» ويتشوّفه «3» ، إن شاء الله. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. وكتب علي بن عيسى يوم النصف من رجب سنة ثلاث وثلاثمائة.

57 الوزير علي بن عيسى يأمر بالرفق في الجباية

57 الوزير علي بن عيسى يأمر بالرفق في الجباية وقد كان عليّ بن عيسى، قبل ذلك بسنة، نظر لأهل التكملة من جملتها في شيراز، بعشرة آلاف درهم «1» ، قبل أن يخرج في السنة المقبلة، خراج الشجر، ثم تقرر أمر الشجر على أن يؤخذ منه الخراج، ويقارب أهله فيه، على طسوق «2» توضع لهم مخفّفة، وكان النعمان رفيقا يقاربهم، حتى عاد بإزاء ما أسقط من مال الضمان في التكملة، أكثره على التدريج. فكتب علي بن عيسى، في أمر الشجر، كتابا كنّا نتحفّظه في الحداثة من الدار، نسخته إلى ابن رستم، لأنّ النعمان عاد إلى بغداد، واستخلف بفارس أبا مسلم، محمد بن بحر «3» ، وضمّن البلد من ابن رستم، وجعل أبا مسلم، مستوفيا عليه للمال: بسم الله الرحمن الرحيم «4» . إلى أحمد بن محمد بن رستم [49] ، من عبد الله جعفر الإمام المقتدر بالله، أمير المؤمنين. سلام عليك، فإنّ أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو،

ويسأله أن يصلّي على محمد عبده ورسوله، صلّى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا. أمّا بعد، فإنّ الله تعالى بعظيم آلائه، وقديم نعمائه، وجميل بلائه، وجزيل عطائه، جعل أموال الفيء للدين قواما، وللحقّ نظاما، وللعزّ تماما، فأوجب للأئمة حمايتها، وحرّم عليهم إضاعتها، إذ كان ما يجتبي منها، عائدا بصلاح العباد، وحراسة البلاد، وحماية البريّة، وحياطة الحوزة والرعية، ولذلك، يعمل أمير المؤمنين، فكره ورويّته، ويستفرغ وسعه وطاقته، في حراستها وحياطتها، وقبض كل يد عن تحيّفها وتنقّصها، والله وليّ معونته، على جميل نيّته، وحسن طويّته، بمنّه ورحمته. ولما فتح الله عزّ وجلّ، كور فارس على المسلمين، وأزال عنها أيدي المتغلّبين، وجد أمير المؤمنين أهلها، قد احتالوا في إسقاط خراج الشجر بأسره، مع كثرته وجلالة قدره، فأمر بإشخاص وجوههم إلى حضرته، واتّصلت المناظرة لهم بمشهد من قضاته وخاصّته، إلى أن اعترفوا به مذعنين، والتزموه طائعين، وضمنوا أداء ما أوجبه الله تعالى فيه من حقوقه، على ما تقرّر معهم من وضائعه وطسوقه، فطالب بخراج الشجر، في سائر الكور، على استقبال سنة ثلاث وثلاثمائة، فاستخرجه، واستوف جميعه واستنظفه، واكتب بما يرتفع من مساحته، ويتحصّل من مبلغ جبايته، متحرّيا للحقّ، متوخّيا للرفق، إن شاء الله. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. وكتب عليّ بن عيسى، يوم الاثنين لعشر ليال خلون من شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة.

58 إذا تم أمر بدا نقصه

58 إذا تم أمر بدا نقصه حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي، وهو ابن بنت إبراهيم بن المدبّر، قال: حدّثني أبو الفضل صاعد ابن هارون بن مخلد بن أبان، قال: حدّثني عدّة من جلّة الكتّاب، عن كاتب كان يخطّ بين يدي الموريانيّ «1» ، وهو وزير المنصور، قال: كنت يوما بحضرته على خلوة، فدخل عليه حاجبه، وقال: بالباب رجل يذكر أنّه يريد أن يلقي إليك شيئا مهمّا. قال: اسمع منه ما يقوله، وأدّه إليّ. قال: قد سمته ذلك فأبى، وبذلت أن أخرج إليه كاتبا فامتنع من ذلك، وقال إمّا أن أصل إليه، أو أنصرف [50] . قال: فما زيّه؟ قال: زي التنّاء. قال: هاته. فأدخله، فلما وصل، استأذنه في السرار، فأذن له، فدنا إليه، فأطال سراره، ثم دعا بخازنه، فقال: خذ ما يدفعه إليك. ثم قال لي: قم، فاكتب بكلّ ما يريده، على إملائه، وإن التمس توقيعي في شيء منه، فأنفذه إليّ مع غلامك.

قال: فقمت، فكتبت له بما أملاه، وعدت، فعرّفته إزاحتي علّته «1» فيما طلبه، فجعل يبكي بكاء شديدا. فسألت غلمانه: هل ورد بعدي شيء يكرهه. فقالوا: لا. فقلت: يا سيدي، ما هذا البكاء؟ وكنت آنسا به. فقال: إنّ هذا الرجل لقيني منذ أكثر من سنة، وذكر أنّه من بني البختكاني «2» وذكر كبر نعمته- وأنا بهم عارف-، ووصف أنّ العمال يتحيّفونه، ويستضعفونه، وسألني أن أوقع اسمي على ضيعته، وأظهر أنّي قد استأجرتها منه، وأكاتب العمّال، ووكلائي بذلك، وأن تقرّ يده فيها، إذ كنت قد وثقت به على ذلك، وبذل لي النصف من ارتفاعه، بعد المؤونة، حلالا. فوافقته على ذلك، وكتبت له بما أراد، ومضى. ولم تبتغ نفسي الاستقصاء عليه، ولا الاستظهار، ولا مضايقته، وقلت لعلّه أراد الانتفاع بجاهي، فلا أحرمه إيّاه، فإن وفى، وإلّا كان ذلك من زكاة الجاه. ثم أنسيت أمره، فما ذكرته حتى رأيته الساعة، فأعلمني أنّه يتردد منذ مدة إلى الباب، فلا يصل، وأعلمني أنّه قد حصل لي من ذلك، مائتا ألف درهم، وأوقفني على حساب رفعه، واستأذني في تسليم المال.

وسألني تجديد الكتب، بمثل ما كنت كتبت به إليهم في السنة الماضية، في أمر هذه الضياع. فتقدّمت إلى خازني، بقبض المال، وتقدّمت إليك، فكتبت عنّي بذلك، فأنا أبكي لهذه الحال. فقلت له: يا سيدي، فأيّ شيء في هذا ممّا يبكيك؟ فقال: ويحك، ويذهب هذا عليك، مع طول ملازمتي وخدمتي؟ قد كنت عندي، أنّك تحنّكت بخدمتي، أمر يكون هذا من إقباله، فكيف يكون إدباره؟ قال: فما بعد أن قبض عليه المنصور، ونكبه، واستصفى ماله، وأموال أهله، وقتله «1» . قال أبو الحسين عبد الواحد بن محمد: فحدّثت بهذا الحديث، أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفرات، وأبا الحسن عليّ بن [51] عيسى، كلّ واحد على الانفراد، في وقت مفرد، فكل واحد منهما أفرط في استحسانه، حتى سأل أن أمليه عليه، فكتبه عنّي بخطّه.

59 الجزاء من جنس العمل

59 الجزاء من جنس العمل حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبو الحسن أحمد بن محمد الكاتب، المعروف بابن أبي عمر، كاتب المحسّن بن الفرات «2» ، وكان ممّن تقلّد بعد آل الفرات، عدّة أعمال جليلة، ودواوين عظيمة، حتى تقلّد الأزمّة «3» ، صارفا للخصيبي، في أيام ابن رائق «4» ، وقتل بديار مضر، قتله عمّار القرمطي. وقد كان أبو الحسن، متقلّدا لديار مضر «5» من قبل ابن رائق، فأغار عليها عمّار، ليتملّكها عاصيا، فطالبه بالمال لأصحابه. فقال: ما معي شيء، ولو قتلتني، وصلبتني. فقال: عليّ أن أفعل بك ذلك. فقتله، وصلبه، في يوم عيد الفطر من سنة تسع وعشرين. فلم يزل ابن رائق، يحتال على عمّار، حتى حضر مجلسه، وتركه أيّاما مع جيشه، ثم قبض عليه، وبحضرته وجوه الأتراك المستأمنة إلى ابن رائق

بالشام، من أصحاب بجكم «1» ، فأمرهم بدقّه بالأعمدة. فلما كاد أن يموت، قال: أذيقوه حدّ السيف، فأخذ رأسه، وصلبه في المكان الذي صلب فيه عامله ابن أبي عمر «2» .

60 الخليفة المهدي ووزيره أبو عبيد الله

60 الخليفة المهدي ووزيره أبو عبيد الله قال أبو الحسين «1» : فحدّثني أبو الحسن بن أبي عمر «2» هذا، قال: حدّثنا أبو عبد الله حمد بن محمد القنائي «3» ، ابن أخت الحسن بن مخلد «4» ، قال: حدّثني أبو محمد خالي، قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن العباس الصولي «5» ، يقول: حدّثت عن المأمون، عن الرشيد، أنّه سمع المهدي يقول: بعد زوال أمر أبي عبيد الله «6» عن الوزارة، واقتصاره على ديوان الرسائل، وعلى الجلوس في منزله، وتفويض الأمر إلى يعقوب بن داود «7» : ما رأيت أحزم، ولا أفهم، ولا أكفأ، ولا أعفّ، من أبي عبيد الله،

ولقد كنت أحبّه، مع إجرائي إيّاه مجرى الوالد، وكنت أجتهد به أن يدعوني إلى داره، فيمتنع، ويزعم أنّه لا تتّسع همّته، ولا نعمته، لذلك. إلى أن اعتلّ علّة عظيمة، فتمادت الأيام به، ولم أعده، إلى أن كتب إليّ باستقلاله، وأنّه قد عمل على الركوب إليّ، بعد يوم أو يومين، فسابقته، وركبت إليه في خفّ من غلماني وخاصّتي. فلما دخلت إليه، قلت له: قد كنت أجتهد بك أن تدعوني [52] ، فتأبى، والآن، قد جئتك جامعا للعيادة، والتهنئة بالعافية، والدعوة. فقال: والله، يا أمير المؤمنين، ما لي طعام، ولا غلمان، ولا زيّ يصلح لدعوتك. فقلت: قد فرغت لك من ذلك، وتقدّمت إلى غلماني، بحمل الآلات، والطعام، والأشربة، وجميع ما يحتاج إليه، وإنّما أردت تشريفك، والأنس بك. قال: وجاء الغلمان، بآلات، وفرش لي، وجلست، وهو معي، فأكلنا، وجعل يتحفني من منزله، بالفاخر من الفرش، والآنية، والآلات هدية لي، كما يفعل الناس، فأخذت كلّما يحمله من أحسن شيء، وأجمله، وأرشقه، فازداد ابتهاجا به. ثم دعوت بالشراب، فلما شربت ثلاثة فقط، عملت على الانصراف. فلما أحسّ بذلك، قال لي: أريد أن أبكي، وأنا أتطيّر أن أبكي بعد انصراف أمير المؤمنين، وأنا أستأذنه في البكاء بحضرته. قال: وتحدّرت دموعه عقيب الكلام، فبكى بكاء شديدا. فقلت له: يا هذا، أنا أعلم أنّ فيك شحا، تسميه حسن التدبير، وما يحسن منك أن تبكي، فإن كان ندما على ما أهديته، فهو مردود بلا شكّ. قال: فحلف بأيمان عظيمة، وانزعج انزعاجا شديدا، أنّه ما بكى لذلك.

وقال: كيف أبكي على ما سبيلي أسرّ به، حيث جعلتني أهلا لقبوله؟ قال: فقلت: فلم تبكي؟ قال: لم تبق مرتبة تنال، إلّا وقد نلتها، وبلغتها، بفضل أمير المؤمنين، وتطوّله، حتى انتهت بي الحال، إلى أن وصلت، من مال أمير المؤمنين، بأمره، وعن أمره، في ليلة واحدة، وهي ليلة ورد الخبر بوفاة أمير المؤمنين المنصور صلوات الله عليه، وأخذت بيعة ثانية لأمير المؤمنين على الناس، بعشرة آلاف ألف درهم، وفي هذه العلّة، تصدّقت بجميع ما في خزانتي من المال، وكان أربعة آلاف ألف، بعد أن أستأذنت أمير المؤمنين، فأذن لي، ولم يكن بقي، إلّا أن يعودني أمير المؤمنين في علّة، أو يهنئني بحال مسجددة، أو يصير إلى دعوتي، فلمّا كان اليوم، جمع أمير المؤمنين لي ذلك، فعلمت أنّي قد بلغت النهاية، وأنه ليس بعدها إلّا الانحطاط، فبكيت لذلك [53] . قال: فرققت له، وعلمت فضله، وقلت له: أمّا في أيامي، فأنت آمن ذلك، وإن أصابك شيء بعدي، فالحياة- على كلّ حال- خير من الموت، ولك بي أسوة. واعتقدت أن لا أنكبه. فلما رأى الربيع «1» عظم منزلته، حسده، فجدّ في السعاية إليّ به، والفساد بيننا، والحيلة عليه عندي، إلى أن جرى في أمر ابنه، وإقراره بالزندقة، ما لم يسع معه، أن لا يقتل، فقتلته، وخفت أن يكون قد استوحش لذلك فلم آمنه على نفسي، فاحتجت إلى صرفه، فصرفته، وحرست نفسه، وبقيت نعمته، واستحال الأمر عما عقدته له. وكان الأمر على ما ظنّه، من النقصان بعد التناهي.

61 معنى النهروان بالفارسية

61 معنى النهروان بالفارسية حدّثني أبو الحسين» ، قال: سمعت عليّ بن عيسى «2» ، يحدّث، دفعات، عن أبيه، أنّه سمع أباه، يحدّث عن جده، عن مشايخ أهل العلم بأخبار الفرس، وأيّامهم، قالوا: معنى النهروان بالفارسية: ثواب العمل. قالوا: وإنّما سمّي نهر النهروان بذلك، لأن بعض ملوك الأكاسرة، كان قد غلب عليه بعض حاشيته، حتى دبّر أكثر أمره، وترقّت منزلته عنده، وكان قبل ذلك، من قبل صاحب المائدة، مرسوما بإصلاح الألبان والكواميخ «3» ، ثم علت حاله، فكان صاحب المائدة يتحسّر، كيف علت حال هذا، وقد كان تابعا له، وغلب على الملك؟ وكان مع ذلك الرجل، يهوديّ ساحر ممخرق، فقال له: ما لي أراك مهموما؟ فحدّثني بأمرك، لعل فرجك على يدي. قال: فحدّثه. فقال له اليهودي: إن رددتك إلى منزلتك، ما لي عندك؟ قال: أشاطرك حالي ونعمتي، وجميع مالي. فتعاهدا على ذلك، فقال: أظهر وحشة تجري بيننا، وأنّك قد صرفتني ظاهرا.

ففعل ذلك به. فصار إلى الرجل الغالب على الملك، فحدّثه، وتقرّب إليه بما جرى عليه من الرجل الأول، ولم يزل يحدّثه مدّة طويلة، حتى أنس به ذلك الرجل. فلقيه في بعض الأيام، ومع غلامه غضارة «1» ذهب، فيها شيراز «2» في نهاية الطيبة، يريد أن يقدمه إلى الملك. فقال: أرني هذا الشيراز. فقال الرجل لغلامه: أره إيّاه، فأراه، فخاتل الرجل والغلام، وأخذ بأعينهما بسحره، وطرح في الشيراز قرطاسا كان معه، فيه سم ساعة. وغطّى الغلام الغضارة [54] الكبيرة، ومضى ليقدّمها، إذا قدّمت المائدة. فبادر اليهودي إلى صاحب المائدة الأول، وقال له: قد فرغت من القصة، وعرّفه ما عمله، ووصف له الغضارة، وقال له: امض الساعة إلى الملك، فقل له: هذا أراد أن يسمّك في هذه الغضارة، فلا تأكلها، وجرّبها، فإنّه سيجرّبها على كلب، أو غيره، فيموت في الحال، فيقتل عدوّك، ويشكر لك، فيردّك إلى مرتبتك. قال: فبادر الرجل، فوجد المائدة، تريد «3» أن تقدّم إلى الملك، فحين قدّمت، تقدّم إليه، وقال: أيّها الملك، إنّ هذا يريد أن يسمّك في هذه الغضارة، وهي مسمومة بسمّ ساعة، فلا تأكلها. فراع الملك، وأمر بتجريب الشيراز على حيوان.

فقال الرجل: قد كذب هذا، وليس يحتاج إلى حيوان، أنا آكل من هذه الغضارة، ليعلم الملك كذبه. قال: والرجل لا يعلم ما في الغضارة، فبادر فأكل منها لقمة، فتلف في الحال. فقال صاحب المائدة الأوّل: إنّما أكل أيّها الملك من ذلك، ليتلف، لما علم أنّك تجرّب ذلك، فتجده قاتلا، فخاف أن تعذّبه، فاستروح إلى هذا. فلم يشكّ الملك، في صحة الأمر، وردّ إلى صاحب المائدة الأول، ما كان إليه، وأكرمه وعظّمه. ومضت السنون على ذلك. قال: وعرض للملك، علّة، كان يسهر من أجلها في أكثر الليالي، فكان يخرج، وحاشيته غافلون، فيطوف في صحون داره، وحجرها، وبساتينها، ويقف على أبواب حجر نسائه، وغلمانه، فيتسمّع عليهم، ويعلم ما يتحدّثون به. فانتهى في ليلة، في طوفه، لأجل السهر، إلى حجرة فيها ذلك اليهودي، وقد خلطه صاحب المطبخ بنفسه، وغلمانه، وهو جالس يحدّث بعض أصحاب صاحب المطبخ، ويتشكّى إليه، ويقول: إنّه يقصّر في حقّي، ويعدّد تقصيره في حقه. ثم قال: أنا أصل نعمته وما هو فيه. فقال له الذي يحدّثه: وكيف صرت أصل نعمته؟ قال: وتكتم ذلك؟ قال: نعم. فحدّثه بحديث الشيراز والسمّ.

فلما سمع الملك ذلك، قامت قيامته، وأحضر الموبذ «1» من غد، وحدّثه بالحديث، وشاوره فيما يعمله، ممّا يزيل عنه إثم ذلك الفعل في معاده، فأمر بقتل اليهودي [وصاحب المائدة] «2» والإحسان إلى عقب- إن كان- للذي قتل نفسه. وقال: ولا يزيل عنك إثم هذا، إلّا أن تطوف في عملك، حتى تنتهي إلى بقعة [55] خراب، فتستحدث لها عمارة، ونهرا، وشربا، فيعيش الناس بذلك، في باقي الدهر، بدلا من موت ذلك الرجل، فيمحّص عنك الإثم. ففعل الملك ذلك، وطاف أعماله، حتى بلغ موضع النهروان، وهو خراب، فأجمع رأيه، على حفر النهر فيه، فحفر، وسمّاه: ثواب العمل، لأجل هذه القصة «3» .

62 رقعة نفعت صاحبها وخلفه

62 رقعة نفعت صاحبها وخلفه حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبو الحسن الأنباري «2» الكاتب، صديق الكرخيين «3» قال: دفع إليّ أبو أحمد عبد الوهاب بن الحسن بن عبيد الله بن سليمان، رقعة أبي الحسين جعفر بن محمد بن ثوابة بن خالد «4» ، الكاتب، إلى جدّه عبيد الله. وقال لي: كان إلى أبي- الحسن بن عبيد الله- ديوان الرسائل، وديوان المعاون، في جملة الدواوين التي كانت إليه في أيّام أبيه. فأمر الوزير عبيد الله، أبي، أن يستخلف أبا الحسين بن ثوابة، على ديوان الرسائل، والمعاون، وصار كالمتقلّد له من قبل الوزير، لكثرة استخدامه له فيه، وكانت هذه الرقعة سبب ذلك. ثم مات أبي، فأقرّه جدّي على الديوان رياسة، وبقي عليهم، يتوارثونه، مرة رياسة، ومرّة خلافة.

فما سمع برقعة أولى منها، وهي في غاية الحسن، ونسختها: قد فتحت للمظلوم بابك، ورفعت عنه حجابك، فأنا أحاكم الأيام إلى عدلك، وأشكو صرفها إلى عطفك، وأستجير من لؤم غلبتها، بكرم قدرتك، فإنها تؤخّرني إذا قدّمت، وتحرمني إذا قسمت، فإن أعطت، أعطت يسيرا، وإن ارتجعت، ارتجعت كثيرا، ولم أشكها إلى أحد قبلك، ولا أعددت للإنصاف منها إلّا فضلك، ودفع ذمام المسألة، وحقّ الظلامة، وحقّ التأميل، وقدم صدق الموالاة والمحبّة، والذي يملأ يدي من النصفة، ويسبغ العدل عليّ، حتى تكون محسنا إليّ، وأكون بك للأيام معديا، أن تخلطني بخواصّ خدمك الذين نقلتهم من حال الفراغ إلى الشغل، ومن الخمول إلى النباهة والذكر، فإن رأيت أن تعديني، فقد استعديت، وتجيرني فقد عذت بك، وتوسع عليّ كنفك، فقد أويت إليه، وتعمّني بإحسانك، فقد عوّلت عليه، وتستعمل يدي ولساني، فيما يصلحان لخدمتك فيه، فقد درست كتب أسلافك، وهم الأئمة في البيان، واستضأت بآرائهم، واقتفيت آثارهم، اقتفاء حصّلني بين وحشيّ الكلام وأنيسه [56] ، ووقفني منه على جادّة متوسطة، يرجع إليها الغالي، ويسمو نحوها المقصّر، فعلت، إن شاء الله «1» .

63 أبو قوصرة المستخرج والوزير المصروف الحسن بن مخلد

63 أبو قوصرة المستخرج والوزير المصروف الحسن بن مخلد حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن يحيى ابن أبي البغل «2» ، وهو إذ ذاك، عدل في جوارنا ببغداد، ويعاشرني. قال: حدّثني أبو قوصرة المستخرج «3» . قال أبو الحسين: وقد رأيت أنا أبا قوصرة، وأنا حدث، وهو شيخ مسنّ، من بقيّة القوّاد المتقدمين، وقد لزم منزله، وكان الرسم قدما، ان يقلّد بعض القوّاد الذين يفهمون المناظرة، الاستخراج. قال ابن أبي البغل: قال لي أبو قوصرة: تقدّم إليّ سليمان بن وهب «4» ، في وزارته للمعتمد، لما قبض على الحسن بن مخلد «5» ، أن أدخل إليه، إلى الحبس، فأطالبه بما صودر عليه، فكنت أخشن عليه ظاهرا، وألين له باطنا، وأتخبّر له على سليمان «6» ، وأشير عليه. فوقفت على أنّ عبيد الله بن سليمان، قد عمل على أن يجتمع هو، وأبوه، وصاعد بن مخلد، وأبو صالح بن المدبّر، وجماعة من الكتاب، في مجلس،

ويخرجوا الحسن، فيباهتوه «1» بكل محال لا أصل له، ويكابروه «2» على المحالات، حتى يضطروه بذلك، إلى الأداء، ويرهبوه بأخذ خطّه بزيادة على ما عليه، لأنّه كان قد بلح، وقال: لم يبق لي ما أؤديّه. قال: فجئته إلى الحبس، فحدّثته بأنّهم في غد، سيخرجونه لذلك. قال: ففكّر ساعة، فظننته يفكّر فيما يدبّر به أمره. ثم أنشدني لنفسه: من صادر الناس صادروه ... وكابر الناس كابروه وباهتوه الحقوق بهتا ... وبالأباطيل ناظروه بمثل ما راح من قبيح ... أو حسن منه باكروه

64 من تواضع ارتفع

64 من تواضع ارتفع حدّثني أبو الحسين، قال: كان أبو الفضل عبيد الله بن عبد الله بن الحارث الكاتب «1» ، من وجوه العمّال، ثم خلف أبا القاسم سليمان «2» بن الحسن، في وزارته الأولى، على كثير من أمر الوزارة، فتكبّر على الناس، ولم يوفهم الحق، فبحثوا عن معايبه، وأطلقوا الألسن بمثالبه. وكان قد اشتهر أنّ أمّه، تزوجت أزواجا، بعد أبيه وقبله، وقيل إنّ عددهم بضعة عشر رجلا، ومنهم رجل يعرف بسوشيخ، يبيع الأرز باللبن. فقال فيه العصفري الشاعر يهجوه، وأنشدنيها لنفسه: قالوا: أبو الفضل شمخ ... وازداد كبرا وبذخ [57] فقلت مه، قولوا له ... يا هرل «3» سوشيخ الوسخ ما كنت، لا كنت بذي ... سوشيخ يقرط لأمخ وإنّما أراد أن يتطايب بهذا الشعر، مع ذكر أمّه، لأنّ أصله كان من قرية من أعمال واسط بالأسافل، يقال لها قلمايا. وقد كان أبو الحسين بن عياش القاضي، أنشدني هذه الأبيات قديما،

وحكى مثل هذه القصة، فأنسيت «1» الأبيات حتى أذكرنيها أبو الحسين بن هشام، وفي رواية ابن عياش: ويلك ما كنت بذي قال: ومعنى يقرط لأمخ: ينيك أمّك «2» .

65 الخليل بن أحمد والراهب

65 الخليل بن أحمد والراهب حدّثني أبو الحسين بن هشام، قال: حدّثني أبو الحسن زكريا بن يحيى ابن محمد بن شاذان الجوهري، قال: حدّثنا أبو العباس المبرّد «1» ، قال: حدّثت عن الخليل بن أحمد «2» [قال] : اجتزت في بعض أسفاري، وأنا متوجّه، براهب في صومعة، فدققت عليه، والمساء قد أزف «3» جدا، وقد خفت من الصحراء، وسألته أن يدخلني. قال: فقال: من أنت؟ فقلت: أنا الخليل بن أحمد. فقال: أنت الذي يزعم الناس أنك وجه، وواحد في العلم بأمر العرب؟ فقلت: كذا يقولون، ولست كذلك. قال: إن أجبتني عن ثلاث مسائل، جوابا مقنعا، فتحت لك، وأحسنت ضيافتك، وإلّا لم أفتح لك. فقلت: وما هي؟ قال: ألسنا نستدل على الشاهد بالغائب؟ قلت: بلى.

قال: فأنت تقول: إن الله تعالى ليس بجسم و [لا] عرض «1» ، ولم نر له مثلا، فبأيّ شيء أثبتّه؟. وأنت تزعم: إنّ الناس في الجنّة يأكلون، ويشربون، ولا يتغوّطون، وأنت لم تر آكلا، شاربا، إلّا متغوّطا. وأنت تقول: أنّ نعيم أهل الجنّة لا ينقضي، وأنت لم تر شيئا إلّا منقضيا. قال: فقلت له: بالشاهد الحاضر، استدللت على ذلك كلّه. أمّا الله تعالى، فإنّي استدللت عليه، بأفعاله الدالة عليه، [أنّه] لا مثل له، وفي الشاهد مثل ذلك، الروح التي فيك، وفي كل حيوان، نعلم أنّه يحسّ بها تحت كل شعرة منّا، ونحن لا ندري أين هي، ولا كيف هي؟ ولا ما صفتها، ولا جوهرها، ثم نرى الإنسان من الناس، يموت إذا خرجت، ولا يحسّ بشيء، وإنّما استدللت عليها بأفعالها، وبحركاتها، وتصرّفنا، بكونها فينا. وأمّا قولك: إنّ أهل الجنّة لا يتغوّطون، مع الأكل، فالشاهد لا يمنع ذلك، ألا تعلم أنّ الجنين يغتذي في بطن أمّه، ولا يتغوّط. وأما [58] قولك: إنّ نعيم أهل الجنّة، لا ينقضي مع أنّ أوله موجود، فإنّا نجد أنفسنا نبتدىء الحساب بالواحد، ثم لو أردنا أن لا ينقضي إلى ما لا نهاية له، لم نزل نكرره، وأعداده، وتضعيفه، إلى ما لا انقضاء له. قال: ففتح لي الباب، وأحسن ضيافتي.

66 عافية القاضي يستقيل من القضاء

66 عافية القاضي يستقيل من القضاء حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو عبد الله أحمد بن سعد، مولى بني هاشم، وكان يكتب ليوسف القاضي» قديما، قال: حدّثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي «2» ، عن أشياخه، قال: كان عافية القاضي «3» ، يتقلّد للمهدي، القضاء، بأحد جانبي مدينة السلام، مكان ابن علاثة «4» ، وكان عافية عالما زاهدا. فصار إلى المهدي، في وقت الظهر، في يوم من الأيام، وهو خال، فاستأذن عليه، فأدخله، وإذا معه قمطره «5» ، فاستعفاه من القضاء، واستأذنه في تسليم القمطر، إلى من يأمره بذلك. فظنّ أنّ بعض الأولياء قد غضّ منه، أو أضعف يده في الحكم، فقال له في ذلك. فقال: ما جرى من هذا شيء. فقال: ما سبب استعفائك؟ فقال: كان تقدّم إليّ خصمان من شيراز وأصبهان، في قصّة معضلة

مشكلة، وكلّ يدّعي بيّنة وشهودا، ويدلي بحجج تحتاج إلى تأمّل وتثبّت، فرددت الخصوم، رجاء أن يصطلحا، أو يتعيّن لي وجه فصل ما بينهما. قال: فوقف أحدهما، من خبري، على أنّي أحب الرطب السكر «1» ، فعمد، في وقتنا، وهو أول أوقات الرطب، إلى أن جمع رطبا سكّرا، لا يتهيّأ في وقتنا جمع مثله إلّا لأمير المؤمنين، وما رأيت أحسن منه، ورشا بوّابي جملة دراهم، على أن يدخل الطبق إليّ، ولا يبالي أن يردّ، فلما أدخل إليّ، أنكرت ذلك، وطردت بوّابي، وأمرت بردّ الطبق، فردّ. فلما كان اليوم، تقدم إليّ مع خصمه، فما تساويا في قلبي، ولا في عيني، وهذا يا أمير المؤمنين، ولم أقبل، فكيف لو قبلت، ولا آمن أن تقع عليّ حيلة في ديني، فأهلك، وقد فسد الناس، فأقلني، أقالك الله، واعفني «2» . فأعفاه «3» .

67 لا تصلح الدنيا إلا بالعدل

67 لا تصلح الدنيا إلا بالعدل حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: سمعت حامد بن العباس «2» ، في وزارته «3» ، يتحدّث، قال: كان صاعد بن مخلد «4» ، وصفني للناصر لدين الله «5» ، وعظّم عنده من أمري، حتى اختصصت بخدمته. فاستدعاني يوما على خلوة، وقال: قد علمت ما لحقنا من هذا العدوّ، يعني [59] صاحب الزنج «6» ، حتى عدنا إلى هاهنا. قال: وكان ذلك بعد انهزامه من بين يدي صاحب الزنج «7» ، وعوده من مقامه بواسط «8» ، ليستريح، ويتأهب للرجوع، ويستعد لقتاله. قال: وقال لي الناصر: وأمري كما ترى مختلّ، وجميع ما في خزانتي ثلاثون ألف دينار عينا، وهذا لا يقع منّي «9» ، وأريد أن تصرف همّتك إلى

ما يثمر معه، ويضعف قدره. قال: فقلت له: هاهنا وجه فيه مرفق عظيم. فقال: ما هو؟ فقلت: هذه أسناية «1» الخيزران، ومنها يشرب المبارك «2» بأسره، وبعض الصلح «3» ، وكانت إقطاعا لأمّ الرشيد، الخيزران «4» ، فحفرت لها هذه الاسناية، وكانت تغلّها غلّة عظيمة، وقد تعطّلت الآن، وخرب الصلح، والمبارك، كلّه، فإن صرفت هذه الثلاثين الألف الدينار، في حفر الاسناية، وإطلاق البذر والبقر، لأهل هاتين الناحيتين، تولّيت لك تفرقة ذلك، ومشاهدة الحفر بنفسي، حتى لا يضيع منه دانق واحد، ولا يرتفق أحد بحبّة منه، وتغلّ في سنة، ضعف هذا وأكثر. قال: قد فعلت. قال: فأنفقت على حفر الاسناية عشرين ألف دينار، بأتمّ احتياط، وأطلقت العشرة الآلاف الدينار، الباقية، للضعفاء من الأكرة، والتنّاء، والمزارعين، في أثمان بقر وبذور، واحتطت في جميع ذلك، وطالبت الأقوياء بالزراعة من أموالهم، وحرصوا هم أيضا الحرص كله، لما رأوا الماء، وأنّ الضياع معطّلة منذ سنين كثيرة، وطمعوا في كثرة الريع، ووفور الأسعار في النواحي.

فزرع الناس بالرغبة والرهبة، حتى استنفذوا جهدهم. فلما أدركت «1» ، حصلت في بيدر واحد، من بيادر الصلح، وقد كان ارتفع أصل الكيل منه، ثلاثة آلاف كرّ وستمائة كرّ حنطة، بالنصف، فحصلت منه الثلث، والعشر، على المقاسمة مع الأجور، وفضل الكيل، ألف كرّ وستمائة كرّ للسلطان، وبعتها بحساب الكرّ بنيف وعشرين دينارا، فحصل الثمن ستة وثلاثون ألف دينار عينا من بيدر واحد، وبقي البلد كلّه بأسره ربحا. فحصل له منه في أوّل سنة، أضعاف ما أنفق مضاعفا. فتقوّى بذلك على الرجوع إلى الخائن «2» [60] ، وكان ذلك من أكبر أسباب تقدّمي عنده ورفعتي. قال: وكان حامد يحدّث بهذا، عقيب شيء جرى، قال حامد معه: لا تصلح الدنيا إلّا بالعمارة، والعدل، وقمع العمال عن السرقات. ثمّ تحدّث بهذا الحديث.

68 تنح عن القبيح ولا ترده

68 تنحّ عن القبيح ولا ترده حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات، يقول: كان أبو الحسن محمد بن فراس الكاتب، سبب الوصلة بين القاسم بن عبيد الله «1» ، والعبّاس بن الحسن «2» ، حتى استكتبه له. فلما علت حال عباس، حسده ابن فراس «3» ، وعاد يسعى عليه، ويثلبه عند القاسم. إلى أن اعتلّ القاسم علّة موته، فقال ابن فراس: إنّ العباس بن الحسن، يسعى في طلب الوزارة، مع الداية «4» ، وصافي الحرمي «5» ، وإنّه قد قطع السواد «6» .

فلم يتقبّل ذلك القاسم، وكتب الرقعة المشهورة إلى المكتفي «1» . قال: فدخلنا عليه في الليلة التي ولي فيها الوزارة، إثر موت القاسم، ولم يكن خلع عليه، ودخل ابن فراس مهنئا له، فجلس في أخريات الناس. وتشاغل العباس، بتقليب ثياب السواد، وقد جاءوه بها، ليختار منها ما يقطع له، فيلبسه من غد، في دخوله إلى الخليفة، قبل الخلع، حتى يبرّكه هناك، ويلبس الخلع فوقه. وكان الرسم إذ ذاك، أن لا يصل أحد إلى الخليفة، في يوم موكب إلّا بسواد. قال: فلمّا اختار العباس ما يريده من الثياب، أقبل علينا، وقال معرّضا بابن فراس: لعن الله أهل الحسد والشرّ، سعى قوم على دمي، عند وليّ الدولة، وقالوا له: إنّي قد سعيت في الوزارة، وإنّي قد قطعت السواد منذ أيام كثيرة، وهذا بحضرتكم، على غير تواطؤ، هو ذا أقلّب ثيابا، ليقطع منها سواد لي. فقام ابن فراس قائما، وقال: قد حضرني، أطال الله بقاء الوزير، بيتان في هذا المعنى، فإن أذن الوزير- أيّده الله- أنشدتهما. فاستحيا العبّاس، وقال: بحياتي، اجلس، وأنشد. فجلس، وقال: تنحّ عن القبيح ولا ترده ... ومن أوليته حسنا فزده ستكفى من عدوّك كل كيد ... إذا كاد العدوّ ولم تكده [61]

69 جور أبي عبد الله الكوفي

69 جور أبي عبد الله الكوفي حدّثنا أبو الحسن، محمد بن محمد بن عثمان الأهوازي الكاتب، المعروف بابن المهندس، قال: حدّثني ابن مروان الجامدي، قال: لما ظلم الناس بواسط «1» ، أبو عبد الله، أحمد بن عليّ بن سعيد الكوفي «2» ، وهو إذ ذاك يتقلّدها لناصر الدولة «3» ، وقد تقلّد الوزارة، وإمرة الأمراء ببغداد «4» ، كنت أحد من تظلّم «5» ، فظلمني وأخذ من ضيعتي بالجامدة «6» ، نيفا وأربعين كرا أرزا بالنصف من حقّ رقبتي- سوى ما أخذه من حقّ بيت المال- بغير تأويل ولا شبهة، فتظلّمت إليه، وكلّمته، فلم ينصفني. وكان الكرّ الأرز بالنصف، إذ ذاك، بثلاثين دينارا. فقلت له: قد أخذ سيّدنا منّي، ما أخذ، وو الله، ما أهتدي، أنا وعيالي، إلى شيء سواه، وما لي ما أقوتهم به، باقي سنتي، ولا ما أعمّر به ضيعتي، وقد طابت نفسي أن تطلق لي من جملته عشرة أكرار، وأجعل الباقي لك حلالا. فقال: هذا ما لا سبيل إليه.

فقلت: فخمسة أكرار. فقال: لا أفعل. قال: فبكيت، وقبّلت يده، ورقّقته، وقلت: فهب لي منه، وتصدّق عليّ، بثلاثة أكرار، وأنت من الجميع في حلّ وسعة، بطيب من قلبي. فقال: لا والله، ولا أرزة واحدة. قال: فتحيّرت، وقلت له: فإني أتظلّم إلى الله عز وجل منك. فقال لي: كن على الظلامة- يكررها دفعات- وبكسر الميم، بلغة الكوفيين «1» . قال: فانصرفت محترق القلب، فجمعت عيالي، وما زلت أدعو الله عليه، ليالي كثيرة. فهرب من واسط في الليلة الحادية عشرة من أخذه الأرز، وجئت إلى البيدر، فأخذت أرزي، وحملته إلى منزلي. وما عاد الكوفيّ بعدها إلى واسط، ولا أفلح «2» .

70 أبو عبد الله الكوفي يعاقب ملاحا على سوء أدبه

70 أبو عبد الله الكوفي يعاقب ملّاحا على سوء أدبه حدّثني أبو الحسن محمد بن محمد الأهوازي بن عثمان المعروف بابن المهندس، قال: كنت أتقلّد الضريبة وغيرها، في «1» أعمال واسط، في هذا الوقت «2» ، للكوفيّ. فقدم ملّاح، يقال له ابن شبيب، من بغداد، في زورق عظيم، وكان فيه حديد، وخواب، فطالبته على ضريبتهما بثمانية آلاف درهم وكسر. فالتجأ إلى ثمل «3» وهو غلام سيف الدولة، لأن سيف الدولة كان مقيما بواسط حينئذ، أميرا عظيما. فكتب إليّ ثمل، رقعة يلزمني تخفيف [62] الضريبة عن الملّاح، ومقاربته، وأنفذ غلمانا من غلمانه. فوضعت في نفسي المقاربة لأجله، فقلت للملّاح، عليك ثمانية آلاف درهم، وكذا وكذا، فبكم تحب أن أسامحك، لأجل كلام فلان أيّده الله؟ قال: وكان مجلسا حافلا بأهل الأسواق، والتجّار، والمعاملين في الضريبة. قال: فقال لي الملّاح مستفهما: كم عليّ؟

فقلت: ثمانية آلاف درهم وكسر. قال: فضرط من فمه «1» ، لي، وقال: تأخذ مني بميزان قرع، وصنج بعر. قال: فورد عليّ أمر عظيم، من استخفافه بي في مجلس العمل، وكرهت أن أوقع به، فتشرّق الحال بيني وبين ثمل، مع تمكّنه من سيف الدولة، وتصير منابذة بينه وبين صاحبي، ولا أدري كيف يكون حالي في ذلك. فقلت له: أمّا أنت فأقلّ من أن تجاب عن هذا الكلام، ولكن سأريك أمرك، كونوا معه. قال: فوكّلت به جماعة من الرجّالة، وعبرت في زبزبي، إلى الكوفيّ، فحدّثته بالقصة. فحين استتم حديثي، قال: وأيّ شيء عملت بالملّاح؟ فقلت: لم أقدم أن أعمل به شيئا، لأجل ثمل، وخشيت أن تنكر أنت ذلك. فقال: نفّاطين، نفّاطين «2» ، وصاح، وتغيّظ. فأحضروا. وقال: ثلاثين راجلا، الساعة، فأحضروا. فقال: اعبروا إلى الزورق، فأحرقوه، بجميع ما فيه من الأمتعة، الساعة. قال: فورد عليّ أمر عظيم، وندمت على الشكاية، فقلت: يكفي من هذا- أطال الله بقاء سيدنا- ضرب الملّاح بالمقارع في السوق، وأن تضعف

عليه الضريبة، وتستخرجها منه. فقال: لا والله، إلّا الإحراق. قال: فاجتهدت به، فلم يكن في يدي منه شيء. وتوجّه النفّاطون، والرجّالة، إلى الزورق، فضربوه بالنار، وأقبل الملاح يلطم، ويصيح، ويقول: يا قوم، فيه أموال الناس، قد افتقروا، وافتقرت، ويستغيث بالمسلمين، ولا يقدم أحد على إغاثته. وأحرقت قلوس «1» الزورق، التي كانت تربطه، وتمسكه، وخرج منه الملّاحون، وطرحوا أنفسهم إلى الماء. فانحدر مع الماء لنفسه، والنار تشتعل فيه، فوقع على الجسر، فقطعه، وانحدر، حتى انتهى إلى موضع معسكر سيف الدولة، وكان نازلا في المأصر «2» بواسط. والملّاح [63] في بكائه وراءه، لا يجسر أن يطفىء النار، ولا يقدر على أكثر من أن يلطم ويصيح. فلما رأى سيف الدولة الصورة، استهولها، مع صياح الملّاح، وقوله فيه أموال، فاستدعاه، وقال: أيش فيه؟.

فقال: فيه مال صاحب البريديين، أصدره إليهم صاحبهم من بغداد سرّا، وجعله تحت الحديد. قال: فأمر سيف الدولة بالزورق، فقدّم إلى الشط، وأطفئت النار، وقد احترق جوانب الزورق، وظلاله «1» ، وأكثر آلته، إلّا الأمتعة التي في أسفله، فإنها كالسالمة. فرقي بها إلى الشط، فأخرج المال، فإذا هو ثمانية آلاف دينار عينا، ونيف وستون سيفا ومنطقة، من فضة، وبعضها من ذهب، فأخذ ذلك. وسلّم الزورق إلى الملاح، وشدّ على يده، وعصمه من الكوفيّ، حتى نقض الملّاح الزورق، وانتفع ببقية خشبه وحديده، ووصل التجّار إلى ما سلم من المتاع.

71 هل جزاء الإحسان إلا الإحسان

71 هل جزاء الإحسان إلا الإحسان حدّثني أبو الحسين، قال: سمعت أبا عيسى، أحمد بن محمد بن خالد، المعروف بأخي أبي صخرة «1» ، يحدّث أبي، قال: ما رأيت أحسن رعاية من أبي القاسم، عبيد الله بن سليمان «2» . فمن ذلك: أنّ إسماعيل بن ثابت، المعروف بالزغل، كان يتقلّد لأبي الصقر، إسماعيل بن بلبل «3» ، في وزارته، طساسيج «4» بادوريا «5» ، وقطربّل «6» ، ومسكن «7» ، ونهر بوق «8» ، والذئب؟؟؟ «9» ، وكلواذى «10» ، ونهربين «11» . فلفّق على عبيد الله بن سليمان- وهو إذ ذاك متعطّل في منزله، بعقب تقضّي النكبة عنه، ولزومه لبيته- ثلاثة آلاف درهم، ذكر أنّها تجب عليه

ببادوريا، في سنين، من مظالم باطلة، وبقايا غير لازمة، وأحضر وكيله، وطالبه بها. فقال له: أمضي، وألتقي بصاحبي، وأواقفه على الأداء. فوكّل به عدّة من رجّالته، وانصرف، فصار إلى عبيد الله، فقال له: أغرم للرجّالة جعلا، ودافع بلقائه يومين، إلى أن أطرح عليه، من يسأله ترك المطالبة، بأن يقرّرها معه. فخرج الوكيل، وبذل للرجّالة أوفر الأجعال، فذكروا أنّهم لا يقدمون على الإفراج عنه خوفا من الزغل. وتكرّر الكلام بينهم، إلى أن وثب حاجب عبيد الله بهم، وحال بينهم وبين الوكيل، وأدخله الدار. وانصرفوا، فشكوا [64] ذلك إلى الزغل، وأسرفوا، خوفا منه، ليقوم عذرهم. فجاء الزغل، فأسرف إسرافهم، وأضاف كل قبيح إلى عبيد الله، وشكاه إلى الوزير إسماعيل، وقال له: إنّه لا يقدر على استخراج مال عليه، إلّا بالمبالغة في مكروه عبيد الله، والإنكار عليه، وحبسه بنفسه في الديوان، حتى يؤدّي، ولا يقتدي به المتعذّر. وكان إسماعيل، من العداوة لعبيد الله، والبغض له، والخوف منه على محلّه، بمنزلة عظيمة، وفيه- مع ذلك- تشدّد في نصرة العمل، وجبرية في نفسه، فاغتاظ جدا. فأحضرني، وأنا- إذ ذاك «1» - أتولّى له ديوان ضياعه، وتقدمته، وتدبير الجيش برسمه، ومنزلتي في الاختصاص به قويّة. فقال: أحضر هذا الجاهل عبيد الله بن سليمان، وعرّفه ما شكا منه

إسماعيل بن ثابت، وأنّ جزاءه عليه الإبعاد إلى طنجة «1» ، وقبض نعمته، وضياعه، وأنّي أعرفه بالعجب والجهل، ولولا أنّ الزمان، قد كفاني، بإسقاط أبيه، وأنّه صار إلى منزلة، إن عاقبته بما يستحقّه، جعلت له سوقا، لما أخّرت عقوبته، ولكن قل له: والله لولا تذمّمي، لأمرت بالآخر «2» أن يصفع من داره إلى ديوان إسماعيل بن ثابت، ويقام على رجله، حتى يؤدّي ما عليه، ولا تدعه من الديوان، أو يحضر وكيله وحاجبه، فيسلّمهما إلى إسماعيل بن ثابت، وتصرفه حينئذ، ليطالبهما إسماعيل، بما عليه. قال: فخرجت، وكتبت إليه رقعة، أستدعيه فيها إلى الديوان، دعوت له فيها، كما يدعى من الديوان لمثله، وهي سطران دعاء، وترجمتها في ظاهرها: «لأبي فلان، من فلان» . وكان الكاتب كتبها عني، فلما عرضها عليّ، زدت فوق الدعاء، بخطّي، يا سيدي، وكتبت في داخل الرقعة، عبدك، وإنّما أردت توفيته الحق بذلك، وستر الأمر عن كاتبي، لئلا يسمع أنّي خاطبته بتعظيم، فأقع في مكروه، مع إسماعيل. وزدت في آخر الرقعة بخطّي: أنّه لا يجب أن يستوحش من شيء أتوسّطه، فإني أحوطه بجهدي، وأنّ سبيله أن يحضر عشيّا، ليكون مجلسي خاليا، فأوفّيه الحق، ولا يجيء [65] غدوة، فإن وفيته الحقّ لحقني من الوزير إنكار، وإن قصّرت تذمّمت إليه، وراعيت العواقب فيه. فجاءني في جواب الرقعة، عشيا، فقمت إليه، وكان هذا عظيما، محظورا

على مثلي، وخاصّة في الديوان، وصدّرته، وجلست بين يديه وعرّفته ما جرى من الزغل، وأعدت من كلام الوزير، من الإنكار، والإيعاد، ما جمل لفظه. وقلت: قال أشياء أخرى كثيرة، قبيحة، عظيمة، هائلة، لا أستحسن تلقّيك بها، وأجلّ سمعك عن إيرادها عليك، هذا أقلّها وأحسنها، ومع ذلك فإنّه أمرني، أن لا تبرح، أو تحضر الوكيل والحاجب، ثم أستاذنه في انصرافك، فأجاب، إن فعلت هذا، وأن يصير لك اعتقال إن خالفت، ثم لا أدري أيّ شيء ينجرّ عليك، وأكون سببه، ولكن اجعلني على ثقة من إنفاذك الرجلين إليه، وانصرف، لأعرّفه ما جرى، فإن أنكر عليّ انصرافك بغير إذن، جحدته أنّي سمعت ذلك منه، وكن على تحرّز، من غير أن يشيع ذلك، إلى أن يجيئك ثقتي بجليّة الصورة، فتعمل بها، وبحسبها، إمّا في الأمن، أو الهرب. فشكرني، وقال: ما أطمع أن أكافيك على هذا. وقام، وقمت بقيامه، وودّعته، وقلت: يا غلمان، بأسركم، بين يديه، فخرج، وأنفذ الرجلين، وتوقّى توقّيا ضعيفا، ودخلت، فعرّفت الوزير الصورة، وجمّلت القصة، وأمرني بترك التعرّض له، وتسليم الرجلين إلى الزغل. فأحضرت الزغل، وسلّمت الرجلين إليه، وقلت له: تقبل رأيي؟ فقال: قل. فقلت: قد بلغت ما تريد، فأحسن في الأمر ما قدرت. فقال: يا سيدي، هذا إبطال للعمل، ولا بدّ من تقويمهما. فجهدت به في الإحسان، فلم يفعل، وأنفذ الرجلين، إلى باب عبيد الله، فضربهما عليه، كلّ واحد منهما، عشرين مقرعة، وصفع الوكيل، بعد

الضرب، خمسين صفعة، واستخرج الدراهم. ومضت السنون على هذا، وفرّج الله عن عبيد الله [66] ، وتقلّد الوزارة، فاستترت، لأجل اختصاصي بإسماعيل الوزير، وما ألتزم من جهته. وقبض عبيد الله، على الزغل، وكان أوّل من صودر، من أسباب إسماعيل، وعومل من المكاره، بما لم يسمع بأعظم منه، ولم يتصرّف في أيّام عبيد الله، إلى أن مات وهو يتصدّق. واستترت أنا، أياما، فلم يعرض عبيد الله لطلبي، ولا لشيء من داري، وضيعتي، ولا لأهلي، ولا معاملي، فأنست بذلك، وكتبت إليه بعد ذلك، أسأل الأمان، فأمنني. فحضرت مجلسه، وهو حافل بالناس، وبين يديه الخلق، من أصحاب الدواوين والقوّاد. فحين رآني، قام إليّ قياما تاما. فقبّلت رجليه، وقلت: يقيلني الوزير أطال الله بقاءه، وليس هذا محلّي. فقال: ولم؟ ما يفي قيامي لك، بقيامك لي، لأنّك قمت لي في وقت عرّضت- بقيامك لي- نفسك، ودمك، ونعمتك، وحالك، لذلك العدوّ لله، وعاملتني، بما لا يفي به شكري، ولك عندي كلّما تحبّه، ولن يلحقك سوء في مالك ولا غيره. قال: ولجّ به المعتضد، في مصادرتي، وهو يدفعه عنّي، ويقول له أشياء يدفع بها عنّي، لا أصل لها، منها: أنّه قال له: هذا قد صادره إسماعيل، في أيّام تصرّفه معه، دفعات، وأفقره على سبيل القرض، وكانت له نفقات عظيمة، ومروءة، وهو مع هذا عفيف، لا يرتفق بشيء، ولا يجاوز رزقه، ولا حال له، فيصادر، ولا طريق عليه.

قال: والمعتضد يلحّ. فقال لي عبيد الله: ليس لك، إلّا أن تبتعد عن المعتضد حتى ينساك. فقلت: الأمر للوزير. فقلّدني الخراج والضياع بقم، وكتب إلى صاحب المعونة، بخدمتي، وأخرجني على أمر يعظم. وطالبه المعتضد، بالتزام مصادرتي، فأعاد عليه القول، وقال: احتجت إلى الاستعانة بكفايته، فأنفذته إلى قم. فقال: لا بد من إلزامه شيئا هناك. فكتب بالصورة إليّ، وألزمني عشرين ألف دينار، وعدني بإخلافها عليّ، فالتزمتها، ولم يكن القول بها مؤثرا في حالي. فلما أدّيت منها عشرة آلاف، أسقط الباقي، وسأل المعتضد فيه، فحطّه [67] عني، وما عطّلني، إلى أن مات. فسلمت ونعمتي عليه، وكسبت معه نعمة ثانية، أنا فيها إلى الآن، بثمرة ذلك الإحسان. وهلك الزغل، وبلغ إلى الصدقة، ومات في الفقر، بثمرة ذلك الشرّ «1» .

72 آثار قديمة في سواد واسط

72 آثار قديمة في سواد واسط ومن عجائب الدنيا، وآياتها، أشياء في سواد واسط. حدّثني جماعة، منهم رجل يعرف بابن السراج، وغيره، ومنهم محمد ابن عبد الله بن محمد بن سهل بن حامد الواسطي، وجدّه أبو بكر محمد بن سهل، كان وجها من وجوه الشهود بواسط، ثم تقلّد القضاء بها سنين، دفعات، فأثبتّ ذلك بخطّ محمد بن عبد الله، عقيب هذا الكلام: شاهدت على نحو من فرسخ وكسر من رصافة الميمون «1» ، قرية من قرى النبط، أو الأكاسرة، وتعرف بجيذا «2» ، وقالوا فيها آثار قديمة، من بناء آجر وجص، وفيها قبّة قائمة، كالهيكل كانت قديما، ومثال رجل من حجر أسود أملس، عظيم الخلق، يعرف عند أهل ذلك الصقع بأبي إسحاق، لأنّه يتعاطى قوم من أهل القوّة شيله «3» فيسحقهم، ويكسر عظامهم، وقد قتل وأزمن خلقا، فيذكر أهل الموضع، أنّهم سمعوا أشياخهم، يدعونه بذلك، على قديم الأيام. وهذه القرية خراب، لا يذكر فيها عمارة. وقد كان احتمل هذا الحجر، رجل يعرف بالجلندي، كان على حماية المأمون «4» ، فعمد إليه، وشدّ فيه الحبال، وجرّه بالبقر، إلى أن بلغ موضعا من الصحراء، فأمسى، فتركه في موضعه، فلما أصبح عاد فوجده ناحية عن

الموضع الذي تركه فيه، وأنّ ذلك الحجر صار بالقرب من موضعه الأوّل، فتركه وانصرف. ثم احتمله بعد ذلك، رجل آخر، من أهل الرصافة «1» ، على خلق من الحمّالين، يتناوبون عليه، حتى أدخله الرصافة، فحضر أهل ذلك الصقع الذي كان فيه، يضجّون، ويقولون: إنّ هذا نأنس به في ذلك المكان، وإنّا نأوي إليه في الليل، فنأنس به، ويمنع عنّا الوحش، إذا كنّا بقربه، فلا يقربون ما يأوي إليه، فحملوه ثانية، حتى ردّوه إلى موضعه الأوّل، بعد أن بذل لهم الرجال، حمله من الرصافة. وكان على صدره، وعلى ظهره، وكتفيه، كتابة محفورة، قديمة لا يدري بأيّ قلم هي [68] . وفي هذه البلاد، قرية، تعرف بقصبة نهر الفضل، وهي تلهوار «2» ، و [على] نحو فرسخين [منها] تلّ يعرف بتل ريحا «3» ، من البلاد القديمة، فيها آثار، وفيه حجر عظيم مربع، له سمك كثير، وهو كالسرير، طول تسعة أذرع، في أذرع «4» ، قد غاب في الأرض أكثره، وعليه تماثيل، ونقش. وكان صاحب تلهوار، أحمد بن خاقان «5» ، أراد إقلاب هذا الحجر، لينظر ما تحته، فاحتفر حوله، واجتهد أن يقدر على قلبه، فلم يقدر على ذلك، لأنهم كانوا كلّما احتفروا تحته، ليتمكّنوا من قلبه، هوى إلى الحفرة،

فاستغرق فيها، فلما أعياه ذلك، تركه على حاله. وفي موضع من ... «1» الذي في ظهر البطائح، بين واسط والبصرة، ممّا يلي الطفوف «2» ، من القبة العتيقة، فيه خزانة يقال لها: القارة «3» ، يقال إنها من خزائن قارون، طولها أربعون ذراعا، والعرض مثله، وارتفاعها أكثر من ذلك، مبنيّة بالقار، والحصى، والنوى، وهي مجموعة ليس «4» لها باب ولا نقف لها على مدخل «5» . وكان رجل من ساكني تلهوار، يعرف بعمر النجار، أضاف رجلا من المجتازين، وأكرمه، فأحبّ أن يكافيه، فأعلمه كيفيّة الوصول إلى هذه القارة، وكتب له بذلك كتابا، أوقفه عليه. وقال له: نريد أن نستعين برجل كبير، وأومأ إلى خاقان، وأبي القاسم بن حوط العبدسي، وكانا رئيسي البلد، فأعلمهما ذلك. فأعدوا له آلة لما يحتاج إليه من الفتح، من مرور «6» ، وآلات حديد، وخشب وزبل «7» ، وسلاليم «8» ، وأجرّة سفن، وحبال، وغير ذلك، ولزمهما عليها- مع مؤن الرجال- ألوف دراهم كثيرة، وأثبتا رجالا كثيرة

للحماية، لأنّ الموضع تطرقه القرامطة «1» والبوادي «2» ، ثم أخرجاه، ومن معه من الرجال، في سفن في البطيحة، لأن الماء إذا زاد في البطيحة يصير فيما بينه وبين هذه القارة دون الفرسخين، فمضوا إليها. فحدّثنا ابن لهذا الرجل، المعروف بعمر النجار، أنّه كان مع أبيه، في الموضع، فوافى، فمسح ممّا يلي مطلع الشمس، من هذه القبة، أربعين ذراعا، ثم احتفر الموضع، فظهر له حجر عظيم [69] لا يقلّه إلّا الجماعة الكثيرة، فلم يزل يحلحل حوله، حتى أخرجه، وإذا أزج عظيم، كان ذلك الحجر عليه على بابه، ولحقه المساء، فعمل على المباكرة لدخول الأزج، والوصول إلى باب القبّة، فبات ليلته، ومن معه، فلما كان في وجه الصباح، حين يبدو الفجر، سمعت الجماعة، تكبيرا وضجّة، ونظروا إلى السيوف والخيل «3» تبين من خلال الظلمة، فناذروها، ولم يشكّوا أنّها خيل القرامطة، وتوجهوا نحو البطيحة، والسفن التي لهم هناك، فلم يزالوا كذلك يتعادون إلى أن أصبحوا، وبان ما في الصحراء، ممّا يحتاجون أن يروه، فلم يروا خيلا، فظنوا أنّها قد انصرفت عنهم، فعادوا راجعين إلى مواضعهم، فوجدوا عمر النجار مذبوحا في بعض الطريق، ووافوا إلى مواضعهم، فوجدوا أمتعتهم كما هي، ما فقدوا منها شيئا، فاحتملوها، واحتملوا عمر النجار، وانصرفوا. وقيل لي: إنّه لم يوجد الحجر، ولا أثر الموضع الذي احتفروا. وقد يجد الناس، ممّن يجتازون بذلك الموضع، أو يقصده، دراهم،

وجواهر، حول تلك الخربات، والقبّة. وقد يأوي إلى تلك الخربات، النعام، وتبيض فيها، لخلوّها، وانقطاع الناس، عن الإجتياز بها، إلّا في الحين بعد الحين «1» .

73 سيدوك الشاعر

73 سيدوك الشاعر رأيت بواسط شيخا، ذكر لي، في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، أنّه قد تجاوز الستّين سنة، وأنّ مولده ومنشأه بالدحب «1» ، قرية من سواد واسط، وأنّ أباه كان رجلا من أهل البصرة، من بني تميم، وفد قديما إلى واسط، ثم استوطن [70] السواد، فولد هو فيه، ونشأ إلى أن بلغ، فأحبّ العلم، فرجع إلى البصرة، وأقام بها، وتأدّب، ثم دخل البادية، فأقام بها نحو عشر سنين، ولقي الناس، ووجدته يفهم من اللغة والنحو طرفا، وهو شاعر من شعراء واسط المشهورين، ويلقب بسيدوك «2» . وأخبرني هو، قال: قال لي أبو محمّد المهلّبي، وقد امتدحته لما وزّر، لم تسميت بسيدوك؟ فقلت: لأنّه اسم رئيس الجنّ، وأنا رئيس الشعراء. فقال: أفتدري لم سمّي سيدوك رئيس الجنّ بهذا الاسم؟ قلت: لا. قال: بلغني أنّه إنّما سمّي بذلك، لأنّ في الجنّ قبيلة يقال لها: هلوك، وهو سيدها، فاستثقلوا أن يقولوا: سيّد هلوك، فخفّفوها، فقالوا: سيدوك. والرجل كان يكنى أبا طاهر، واسمه عبد العزيز بن حامد بن الخضر، على ما أخبرني.

74 من شعر سيدوك

74 من شعر سيدوك وحدّثني «1» ، قال: كنت يوما بحضرة بعض الرؤساء في مجلس شراب، فرماني بنارنجة نصفها أصفر، ونصفها أخضر. وقال لي: قل في هذه شيئا. فقلت في الحال: وطيّبة النشر مسكيّة ... مرصّعة بالتحايا العذاب فأصفر في لون شمس المساء ... وأخضر في لون قوس السحاب فلون لوجنة مرعوبة ... ولون لأثر نصول الخضاب فهذا كمصّة نحر الحبيب ... وذاك كما علّ صرف الشراب وأنشدني لنفسه أيضا: شربت حلاوة عيش الصبا ... وذقت مرارة فقد الشباب فلا طعم أكره ممّا اغتدى ... خضابك مستهترا من خضابي ولا شيء أعجب ممّا التقى ... نصول الخضابين يوم العتاب أشارت إلى أصص «2» محدقات ... بألوان نيلوفرات طياب وأنشدني لنفسه [71] :

أرى قسمة الأرزاق أعجب قسمة ... فذو دعة مثر ومكد به الكدّ فأحمق ذو مال، وأحمق معدم ... وعقل بلا حظّ وعقل له جدّ يعمّ الغنى والفقر ذا الجهل والحجى ... ولله من قبل الأمور ومن بعد وأنشدني لنفسه: أظنّ بليّة دهمت فؤادي ... وأحسبها غزال بني سليم وإلّا لم يغيب فيعتريني ... تدلّه ضائم من غير ضيم «1» ولم عيني إذا فقدته كانت ... كعين الشمس إذ غطّت «2» بغيم

75 محنة القرامطة

75 محنة القرامطة حدّثني أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن عبيد الله «1» ، قال: كنت مع إبراهيم بن نافع العقيلي، المعروف بابن البارد الطوق، وبعض العرب تسميه بباري الطوق، وكانت العامّة تسميّه: ابن البارد الطوق، وخبروني أنّه سمي بذلك أبوه، لأنّه ضرب رجلا في عنقه طوق، فبراها بالضربة. قال: وكان أبو إسحاق بن البارد هذا، إذ ذاك، أمير نهر الأيسر «2» الذي بين رستاق البصرة والأهواز، وهو إذ ذاك يليها من قبل معزّ الدولة «3» . فورد عليه رجل، قد هرب من القرامطة «4» ، من بني عقيل، يعرف بمختار بن فرناس، وكان من حيّ إبراهيم، من بني معاوية بن حزن. وكان في عنق المختار هذا، طوق فضّة. وكان سبب هربه، على ما سمعت خلقا من بني عقيل، يخبرون بذلك، إذ ذاك، أنّه قتل أخاه، وابن عمّه، لأجل ضيف أضافه. وذلك، أنّه كان مع الضيف، مال صامت، فأعمل أخوه، على الغدر بالضيف، وأخذ المال منه، وعلم المختار بذلك فمنعه، واقتتلا بالسيوف، فقتل أخاه، فجاء ابن عمه يلومه، وتخاطبا، إلى أن تجاذبا السيوف، وتخابطا

بها، فقتل ابن عمه أيضا، وسكّن من نفس الضيف، حتى لا يذعر، ولم يكن له ما يطعمه تلك الليلة، فعرقب فرسه، وذبحه، واشتوى من لحمه، وأوقده حتى اصطلى به الضيف. فلما أصبح، وارتحل الضيف، خاف أن يبلغ القرامطة خبره، فيأمر العريف بأخذه وإسلامه إلى المحنة، فهرب إلى إبراهيم. فرأيت رسول القرامطة، قد جاء إلى إبراهيم، فأخذه على صلح وأمان، ورجع إلى حيّه، ثم بلغنا أنّهم محنوه بعد ذلك، تأديبا له، فما سمع برجل في زماننا من أهل البادية، أشجع، ولا أكرم، ولا آدب منه. والمحنة عند القرامطة، أنّهم إذا نقموا على رجل، استدعوه من حيّه، إلى الأحساء بلدهم، فطرحوه، إمّا مقيّدا يكدّى في البلد، أو سائسا للخيل، أو راعيا للغنم أو الإبل أو ضربوه، وجدّدوا عليه في كل يوم لونا من العقاب، ولا يزال عندهم حولا، وأكثر. وربما عاقبوه [72] بألوان أخر. فجميع ما يعملونه من التأديب، يسمونه محنة «1» .

76 من شعر أبي القاسم الصروي

76 من شعر أبي القاسم الصروي أنشدني أبو القاسم «1» لنفسه: أصدّع صدر الرمح في صدر فارس ... وأوقد ما يبقى من الرمح للضيف وأقطع سيفي في الطلى ثم أنثني ... فأذبح عيري بالبقيّة من سيفي وإنّي لصيف في الشتاء إذا أتى ... وإنّي شتاء بارد الظلّ في الصيف وما زلت صدر العلم صدر كتابه ... وقلب الوغى ناب عن الضيم والحيف

77 عدة جند الخلافة في أيام المقتدر

77 عدة جند الخلافة في أيام المقتدر حدّثني أبو الحسين علي بن هشام «1» ، قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن زكريا بن شيرزاد» ، قال: لما أخرج المقتدر «3» هارون بن غريب الخال «4» ، مع مؤنس «5» ،

ونصر «1» ، والقوّاد، لمحاربة القرمطي «2» ، حين وافى «3» من زبارا «4» ، عرضنا الجيش، لأنّه كان ديوان العرض إلى صاحبي ابن الخال، وكنت أكتب عليه، وعلى أمره كله، فأمره المقتدر، بعرض الجيش بزبارا، لئلّا يكون قد أخلّ ممّن جرّد إلى الحرب أحد، فتقدم إليّ ابن الخال بذلك، فعرضتهم، فكانت العدّة من سائر الفرسان، والرجّالة، مع من جرّد من الحجرية، وخدم الدار، اثنين وخمسين ألف رجل مرتزق، أو واحدا وخمسين- الشك من ابن شيرزاد- وهذا سوى من يتبعهم، ممّن لا رزق له على السلطان، وإنّما رزقه على صاحبه. قال أبو جعفر: وكان قد تخلّف ببغداد، نازوك «5» وعسكر برسمه، ورسم الشرطة، سبعة آلاف فارس، وراجل، وبقي في دار الخليفة، ممّن لم يخرج، ألف غلام من الحجرية، وألف خادم- أقلّ أو أكثر- ممّن ترك لحراسة الدار، وهذه العدّة، سوى من كان في النواحي من الشحن «6» ، إلّا من استدعي، ممّن كان في السواد، لمعاون بغداد، مثل طريق خراسان، وطريق دجلة، وسقي الفرات، وهذه النواحي القريبة.

78 الشاعر البدوي عساف النميري

78 الشاعر البدوي عساف النميري حدّثني أبو القاسم عبيد الله بن محمد الصروي، قال: كنت قد ركبت مع نفر من بني قشير، بالموصل، فحملوني إلى حيّ لهم بالبادية، على أيام منها، فأقمت في الحيّ شهورا. فكنت يوما جالسا، فرأيت فتى بدويّا يسمى بعسّاف، حدث السنّ، [73] حسن الوجه، راكبا. فقال لي صاحب البيت: هذا رجل من بني نمير، وهو جار لنا، وهو شاعر، فنحبّ أن تسمع من شعره. فقلت: نعم. فسأله النزول، فنزل، وذاكرته بالشعر، فوجدته كثير الرواية لأشعار البادية، في زمانه، فما أنشدني بيتا أعرفه، ولا نسب شيئا ممّا أنشدنيه إلى شاعر أعرفه، متأخّر أو متقدّم، ووجدته لا يلحن البتّة. وأنشدني شيئا كثيرا، فعلق بحفظي من ذلك، قصيدة، استعدته إياها دفعات، حتى حفظتها، وقد شذّ عني منها أبيات. قال: وكان هذا، في سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، واسم الشاعر عسّاف النميري، قال: ولا أعرف اسم أبيه، ولا نسبه. والقصيدة: نظرت وأعلام السريّة دوننا ... بعيني فتى صب يرى الهجر مغرما وأشرف ركب يهلك الطرف دونه ... تظنّ به الحبشيّة الحوّ جثّما وأكرهت طرف العين حتى كأنّما ... أرى بفضاء الأرض سترا منمنما

إذا القوم قالوا صحّ شيئا حسبته ... أصمّ وعن ردّ المشورة أعجما دعاهنّ من نجد لحوران بعدما ... رمين بسهم الحب قلبا متيّما تعرّضن لي يوم اللوى عن مشورة ... وأودعن في ذات الوشاحين مرتما «1» وقلنا اقتليه يا مليح فإنّه ... متى ما رمى كانت مراميه حذّما «2» دماء الغواني عند ذا مستحلة ... فإن يرم رشقا نلق سهما مسمّما فأبدت على اللبّات وحفا «3» كأنّه ... عناقيد عنّاب تفرّعن سلّما وجيدا كجمّار الفسيلة بزّه ... من اللّيف جانيه وكان مكرّما وعيني غضيض الطرف من جدل المها ... كحيل المآقي، قرنه حين كمّما «4» وأبيض برّاق الغروب «5» كأنّما ... حصى برد ضمّت «6» به إن تبسما وقالت: أبا سعدى تبدّلت بيننا ... صدودا ومحمود العشيرة ضيغما «7» فقلت: هنيّا ذاك شيء يسرّني ... غناها وأن تلقى من العيش أنعما ولكن سليني عن حراجيج «8» ضمرّ ... سواهم «9» يحذين السريح المخدّما «10»

وحرف «1» كأنّ البق يلدغ دفّها ... إذا المعجب الساري عليها ترنّما وعن فتية شعث اللمام «2» رمى بهم ... هويّ المطايا مخرما «3» ثم مخرما سروا لسنا نار هويّا «4» وكلّهم ... من البرد ما يبدي البنان المكمّما [74] فلمّا أتونا جانب الحيّ عرّسوا ... غراثى وما ذاقوا من الأمس مطعما فحيّيتهم قبل القرى وقريتهم ... قرى لم يكن نزرا ولم يأت مغنما وماء قديم قد مضى دون عهده ... لوارده عشرون حولا متمّما وعن شزّب «5» شعث النواصي كأنها ... سراحين يحملن الوشيج المقوّما عليهنّ منّا كلّ أروع ماجد ... كريم إذا ما عارض الموت أوسما «6» أخو حملات يعلم القوم أنّه ... ضروب بنصل السيف ضربا غشمشما «7» لحقت بهم جمع القطاميّ بعدما ... دنا من بشير الصبح أن يتكلّما غداة التقينا لا سفيرة بيننا ... سوى مخلصات تترك الهام أقعما «8» تكرّ عليهم مخطفات «9» كأنّها ... صقور المضرّي كان للصيد مطعما كأنّ على المشوي «10» منها ومنهم ... عمائم تسقى حالك اللون عندما سلوا قرن مدفوع فقد كان شاهدا ... غداة التقينا أيّنا كان أكرما

79 مناظرة بين عالمين في مجلس القاضي أبي عمر

79 مناظرة بين عالمين في مجلس القاضي أبي عمر حدّثني أبو العباس أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن البختريّ «1» ، القاضي الداودي، وهو شيخ من خلفاء قضاة القضاة، مشهور بمدينة السلام بالعلم، والتصرف في الحكم، قال: حدّثني أبو الحسين عبد الله بن أحمد ابن محمد بن المغلس الداودي، قال: كان أبو بكر محمد بن داود «2» ، وأبو العباس بن سريج «3» ، إذا حضرا مجلس القاضي أبي عمر «4» ، لم يجر بين اثنين، فيما يتفاوضانه، أحسن ممّا يجري بينهما. وكان ابن سريج- رضي الله عنه- كثيرا ما يتقدّم أبا بكر في الحضور إلى المجلس، فتقدّمه في الحضور، أبو بكر، يوما، فسأله حدث من الشافعية عن العود الموجب للكفّارة ما هو؟ قال: إنّه إعادة القول ثانيا، وهو مذهبه. وحضر ابن سريج، فاستشرحهم ما جرى، فشرحوه.

فقال ابن سريج، لابن داود: يا أبا بكر، أعزّك الله، هذا قول من المسلمين تقدّمكم؟ فاستشاط أبو بكر من ذلك، وقال: أتقدّر أنّ من اعتقدت أنّ قولهم إجماع في هذه المسألة، إجماع عندي؟ أحسن أحوالهم أن أعدّه خلافا، وهيهات أن يكون كذلك. فغضب ابن سريج، وقال له: أنت يا أبا بكر، بكتاب الزهرة «1» أمهر منك في هذه الطريقة. فقال أبو بكر [75] : بكتاب الزهرة تعيّرني؟ والله ما تحسن تستتم قراءته، قراءة من يفهم، وإنّه لمن إحدى المناقب، إذ كنت أقول فيه: أكرّر في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي أن تنال محرّما وينطق سرّي عن مترجم خاطري ... فلولا اختلاسي ردّه لتكلّما رأيت الهوى دعوى من الناس كلّهم ... فما إن أرى حبّا صحيحا مسلّما فقال القاضي أبو العباس بن سريج: أعليّ تفتخر بهذا القول، وأنا الذي أقول: ومسامر «2» بالغنج من لحظاته ... قد بتّ أمنعه لذيذ سناته حبّا «3» بحسن حديثه وعتابه ... وأكرّر اللحظات في وجناته حتى إذا ما الصبح لاح عموده ... ولّى بخاتم ربّه وبراته

فقال ابن داود، لأبي عمر: أيّد الله القاضي، قد أقرّ بالمبيت على الحال التي ذكرها، وادّعى البراءة ممّا يوجبه، فعليه إقامة البينة. فقال ابن سريج: من مذهبي، أنّ المقرّ، إذا أقرّ إقرارا، وناطه بصفة، كان إقراره موكولا إلى صفته. فقال ابن داود: للشافعي في هذه المسألة قولان. قال ابن سريج: فهذا القول، اختياري الساعة «1» .

80 إخوانيات

80 إخوانيات حدّثني مبشّر- مولى أبي «1» - قال: قدمنا سوق الأهواز، من غيبة كان مولاي غابها، فكتب من المشرعة «2» ، إلى أبي أيوب داود بن عليّ بن أبي الجعد الكاتب، وكان بينهما أنسة ومودّة، وعرّفه قدومه، فالتمس منه، أن ينفذ إليه مركوبا ليركبه من المشرعة إلى داره. فأنفذ إليه أبو أيوب المركب، وكتب إليه: عبدك داود به علّة ... تمنعه أن يتلقّاكا والبغلة الشهباء قد أسرجت ... فاركب فديناك فديناكا عيني إلى الباب وأذني إلى ... مبشّري قد جاء مولاكا

81 إن كان قد أخذ طالعي فقد أخذت غاربه

81 إن كان قد أخذ طالعي فقد أخذت غاربه حدّثني أبو علي محمد بن محمد بن أبي بكر بن أبي حامد، صاحب بيت المال «1» ، وكان أبوه المكنى بأبي حامد، قد تقلّد القضاء، وأبو علي هذا قد خلف عدّة قضاة على غير بلد، قال: حدّثنا ابن جحا الأصبهاني، قال: قيل لأبي مسلم، محمد بن بحر «2» ، لمّا دخل أصبهان، واليها، وصارفا لابن رستم: إنّ ابن رستم، قد أخذ طالعا في دخولك، وهو يذكر [76] ، أنّه غير جيّد، فقال: إن كان قد أخذ طالعي، فقد أخذت غاربه «3» .

82 الحق يوفي على الجرم

82 الحق يوفي على الجرم حدّثني أبو الحسين، عليّ بن هشام «1» ، قال: كان أبو الحسن بن الفرات «2» ، لما ولي الوزارة الأولى، وجد سليمان بن الحسن «3» ، يتقلّد مجلس المقابلة، في ديوان الخاصّة، من قبل عليّ بن عيسى «4» ، وإليه- إذ ذاك- الديوان، فقلّد أبو الحسن، سليمان، الديوان بأسره، فأقام يتقلّده نحو سنتين. فقام يصلّي المغرب، فسقطت من كمّه رقعة، بخطّه، نسخة سعاية بابن الفرات، وأسبابه، وسعي لابن عبد الحميد، كاتب السيدة «5» ، بالوزارة، وأخذها بعض أسبابه «6» ، وتقرّب بها إلى ابن الفرات، فقبض عليه للوقت، فأنفذه إلى واسط، في زورق مطبق، وصودر، وعذّب بواسط. ثم رجع له ابن الفرات، لما وقف من كتاب صاحب الخبر، على أنّ أمّ سليمان، ماتت ببغداد، ولم يحضرها، ولا رأته قبل موتها، فاغتمّ لذلك،

وبدأ، فكتب إليه، بخطّه، كتابا أقرأنيه سليمان، بعد ذلك، فحفظته، ونسخته: ميّزت- أكرمك الله- بين حقّك وجرمك، فوجدت الحقّ، يوفي على الجرم. وتفكّرت في سالف خدمتك في المنازل التي فيها ربيت، وبين أهلها غذيت، فثناني إليك، وعطفني عليك، وأعادني إلى أفضل ما عهدت، وأجمل ما ألفت. فثق- أكرمك الله- بذلك، وأسكن إليه، وعوّل في صلاح ما اختلّ من أمرك عليه. واعلم أنّني أراعي فيك، حقوق أبيك، التي تقوم بتوكيد السبب، مقام اللحمة والنسب، وتسهّل ما عظم من جنايتك، وتقلّل ما كثر من إساءتك، ولن أدع مراعاتها، والمحافظة عليها، إن شاء الله. وقد قلّدتك أعمال دستميسان «1» لسنة ثمان وتسعين ومائتين، وبقايا ما قبلها، وكتبت إلى أحمد بن حبش «2» ، بحمل عشرة آلاف درهم، إليك.

فتقلّد هذه الأعمال، وأظهر فيها أثرا حميدا، ينبىء عن كفايتك، ويؤدّي إلى ما أحبّه من زيادتك، إن شاء الله «1» .

83 يحيى بن خالد البرمكي والفضل بن الربيع

83 يحيى بن خالد البرمكي والفضل بن الربيع حدّثني أبو الحسين عليّ بن هشام، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمد بن العباس اليزيدي «1» ، قال: حدّثنا عمّي «2» عن اليزيدي الأكبر، مؤدب المأمون «3» ، قال: دخل أبو العباس، الفضل بن الربيع «4» ، على أبي عليّ، يحيى بن خالد البرمكي «5» ، وهو جالس للحوائج، وابنه جعفر «6» ، يوقّع بين يديه. فعرض عليه رقعة، فقال: هذا لا يمكن [77] . وأخرى، فقال: هذا ممّا قد حظره أمير المؤمنين. وأخرى، فقال: هذا يفسد به الأولياء. وأخرى، فقال: هذا يثلم الارتفاع.

إلى أن عرض عليه عشر رقاع، واعتلّ فيها بعلل مختلفة، ولم يوقّع له بشيء. فجمعها الفضل، وقال: ارجعن خائبات، ونهض وهو يقول: عسى وعسى يثني الزمان عنانه ... بتصريف حال والزمان عثور فتقضى لبانات وتشفى حسائك ... وتحدث من بعد الأمور أمور فسمعها يحيى، فقال: عزمت عليك يا أبا العبّاس، لما رجعت. فرجع، فوقّع له في الرقاع كلها «1» .

84 ثمن هديتين وثمن نفط وحب قطن

84 ثمن هديتين وثمن نفط وحبّ قطن حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثنا أبو الحسن، عليّ بن عيسى، قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا أبي «1» ، داود بن الجراح، قال: قال لي الفضل ابن مروان «2» : كنت أعمل، في ديوان ضياع الرشيد «3» ، مجلس الحساب، فنظرت في حساب السنة التي نكب فيها البرامكة «4» ، ووجدت، قد أثبت فيه، ثمن هديّة، دفعتين من مال ضياع الرشيد، أهداهما إلى جعفر بن يحيى، بضعة عشر ألف دينار. وفيه بعد شهور من هذه الهدية، قد أثبت في الحساب لثمن نفط، وحب قطن، ابتيع، وحرق بها جثة جعفر بن يحيى، بضعة عشر قيراطا ذهبا.

85 من يشناك كان وزيرا

85 من يشناك كان وزيرا حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا أبو عبد الله نفطويه «2» ، قال: حدّثنا أبو العباس بن الفرات «3» ، قال: قال لي أبو [القاسم] عبيد الله بن سليمان «4» ، قال: قال لي أبي «5» : سمعت أبا الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان «6» ، قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن يوسف «7» يقول، وهو إذ ذاك، وزير المأمون، لما قال الشاعر، بعد قتل أبي سلمة، وزير السفاح «8» : إنّ الوزير وزير آل محمّد ... أودى فمن يشناك كان وزيرا كذبت، [كل] الوزراء من يشناك، فلا يدخل في هذا الأمر إلا منحوس.

86 المتنبي يعارض القرآن

86 المتنبي يعارض القرآن حدّثني أبو علي بن أبي حامد، قال: سمعت خلقا بحلب، يحكون: أنّ أبا الطيّب، أحمد بن الحسين، المتنبىء بها «1» إذ ذاك، كان في بادية السماوة «2» ، ونواحيها. إلى أن أخرج إليه لؤلؤ من حمص «3» ، من قبل الإخشيدية «4» ، فقاتله، وأسره، وشرّد من كان اجتمع إليه من كلب وكلاب، وغيرهما من قبائل العرب. وحبسه في السجن دهرا طويلا، فاعتلّ، وكاد أن يتلف، حتى سئل في [87] أمره، فاستتابه، وكتب عليه وثيقة، أشهد عليه فيها، ببطلان ما ادّعاه، ورجوعه إلى الإسلام، وأنه تائب منه، ولا يعاود مثله، وأطلقه. قال: وكان قد تلا على البوادي، كلاما، ذكر أنّه قرآن نزل عليه، وكانوا يحكون له سورا كثيرة، نسخت منها سورة، فضاعت، وبقي أوّلها

في حفظي، وهو: «والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، إنّ الكافر لفي أخطار» . «امض على سبيلك، وأقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن الله قامع بك زيغ من ألحد في دينه، وضلّ عن سبيله» . قال: وهي طويلة، ولم يبق في حفظي منها غير هذا. قال: وكان المتنبّىء إذا استوعب في مجلس سيف الدولة «1» ، ونحن إذ ذاك، بحلب «2» ، يذكر له هذا القرآن، وأمثاله، ممّا كان يحكى عنه، فينكره، ويجحده. قال: وقال له ابن خالويه النحوي «3» ، يوما، في مجلس سيف الدولة، لولا أنّ الآخر «4» جاهل، لما رضي أن يدعى بالمتنبّىء، لأنّ متنبىء، معناه كاذب، ومن رضي لنفسه أن يدعى بالكذب، فهو جاهل. فقال: لست أرضى أن أدعى بذلك، وإنّما يدعوني به، من يريد الغضّ مني، ولست أقدر على الامتناع. فأمّا أنا، فإنني سألته بالأهواز «5» ، في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة،

عند اجتيازه بها، إلى فارس «1» ، في حديث طويل، حدث بيننا، عن معنى المتنبّيء، لأني أردت أن أسمع منه، هل تنبأ أم لا؟ فأجابني بجواب مغالط لي، وهو أن قال: هذا شيء، كان في الحداثة، أوجبته الصبوة، فاستحيت أن أستقصي عليه، وأمسكت. وقال لي أبو علي بن أبي حامد: قال لي أبي، ونحن بحلب، وقد سمع قوما يحكون عن أبي الطّيب المتنبّىء، هذه السورة التي قدّمنا ذكرها: لولا جهله، أين قوله: امض على سبيلك، إلى آخر الكلام، من قول الله عزّ وجلّ (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) «2» إلى آخر السورة «3» ، وهل تتقارب الفصاحة بينهما، أو يشتبه الكلامان.

87 معقود العسل ودهن اللوز

87 معقود العسل ودهن اللوز حدّثنا أبو الحسن محمد بن شجاع المتكلّم البغداديّ، قال [79] : حدّثنا أبو سلمة العسكريّ، أحد غلمان أبي عليّ الجبائي «1» ، قال: كنت بحضرته يوما، وهو يصلّي، ونحن جلوس نتحدّث، فقال رجل منّا: اليوم كنت عند صديق لي، فأطعمني معقود العسل ودهن اللّوز. فقالوا: [إنّ جبّى] ليس بها من يكون هذا عنده، إلّا العامل، ولست ممّن يأكل طعام العمّال. فمرّ الرجل يشوّش الكلام. وسلّم أبو عليّ من صلاته، فقال: لا يهوّسكم الرجل، لعلّه كان اليوم عند الصيدلاني وتناول لطريفك «2» ؟ فقال الرجل: هكذا كان.

88 أندلسي تتلمذ للجاحظ

88 أندلسي تتلمذ للجاحظ وحدّثنا أبو الحسين «1» أيضا، قال: حدّثنا أبو محمد الحسن بن عمرو، قال: كنت بالأندلس «2» ، فقيل لي: إنّ بها تلميذا لأبي عثمان الجاحظ «3» ، يعرف بسلام بن زيد، ويكنى أبا خلف. فأتيته، فرأيت شيخا همّا «4» ، فسألته عن سبب اجتماعه مع أبي عثمان، ولم يقع أبو عثمان إلى الأندلس؟ فقال: كان طالب العلم [بالمشرق] «5» يشرف عند ملوكنا [بلقاء أبي عثمان] «6» ، فوقع إلينا كتاب التربيع والتدوير «7» ، فأشاروا إليه، ثم أردفه عندنا كتاب البيان والتبيين «8» ، فبلغ الرجل الصكاك «9» بكتابة هذين الكتابين. قال: فخرجت، لا أعرّج على شيء، حتى قصدت بغداد، فسألت عنه، فقيل لي: هو بسر من رأى.

فأصعدت إليها، فقيل: قد أنحدر إلى البصرة. فانحدرت إليه، وسألت عن منزله، فأرشدت، فدخلت إليه، وإذا هو جالس وحواليه عشرون صبيا، ليس فيهم ذو لحية غيره. قال: فدهشت، فقلت: أيّكم أبو عثمان؟ فرفع يده، وحرّكها في وجهي، وقال: من أين؟ فقلت: من الأندلس. قال: طينة حمقاء، فما الاسم؟ قلت: سلام. قال: اسم كلب القراد، ابن من؟ قلت: ابن زيد. قال: بحق ما صرف، أبو من؟ قلت: أبو خلف. قال: كنية قرد زبيدة، ما جئت تطلب؟ قلت: العلم. قال: ارجع بوقت، فإنّك لا تفلح. قلت له: ما أنصفتني، فقد اشتملت على خصال أربع: جفاء البلدية، وبعد الشقّة، وغرّة الحداثة، ودهشة الداخل. قال: فترى حولي عشرين صبيا، ليس فيهم ذو لحية غيري، ما كان يجب أن تعرفني بها؟ قال: فأقمت عليه عشرين [80] سنة. قال: وكان سلام هذا يحسن العلم «1» .

89 الناس أربعة

89 الناس أربعة قال» : وبلغني عن أبي بكر بن مجاهد «2» ، أنّه قال: الناس أربعة: مليح يتبغّض لملاحته [فيحتمل] «3» ، وبغيض يتملّح، فذاك الحمّى، والداء الذي لا دواء له، وبغيض يتبغّض، فيعذر لأنّه طبيعة، ومليح يتملّح، فتلك الحياة الطيّبة.

90 كيفية صيد الفيل واستئناسه

90 كيفية صيد الفيل واستئناسه حدّثنا أبو الحسين، قال: كنت بتانة من بلاد الهند «1» ، فسمعتهم يتحدّثون: أنّ ملوك الهند، يغالون في الأفيلة «2» الحربية، على قدر عظم بطشها، فربما بلغ الفيل الفاره، المنقطع النظير، مائة ألف دينار، ودائما يبلغ الفيل الواحد منها عشرة آلاف دينار. قال: فإذا بلغ الملك، أنّ فيلا قد تغرّب، وله بطش عظيم، وأنّه يصلح للحرب، أمر بصيده. قالوا: وليس له حيلة في صيده، إلّا بأن يخرج قوم من الفيّالين، ومعهم فيلة أنثى، أهلية معلّمة، فيها فضل خنث وتأنيث، والأفيال، فيها من الفطنة أمر عظيم. قال: فيخرج الفيّالون، وهي معهم، إلى حيث قد بلغهم موضعا يتغرّب الفيل فيه، فيقاربون الموضع، ويلجأون إلى موضع يختبئون فيه، في شجرة عظيمة، لا تمكن الفيل فيها حيلة، أو شيء يحفرونه ويغطّونه، ويدعون الفيلة الأنثى ترعى. فحين يشمّ الفيل رائحتها، يقصدها، وتقصده، فتلاعبه، وتطاعمه بخرطومها، وتؤانسه، ولا تبرح من حيث هي، ويرعيان في موضع فيّالها، والفيّالون مختبئون شهرا، لا يفرّقون بينهما.

فإذا كان بعد شهر- أقلّ أو أكثر «1» - على حسب علمهم باستحكام الألفة، استدعوا الفيلة، في وقت تشاغل الفيل عنهم فيه، فتجيئهم فيركبونها. فحين يراهم الفيل، ويراها، يتبعهم، فيروم أن يؤذي الفيّالين، فتضع هي خرطومها عليه وتلاعبه، وتسرع، ويسرع خلفها. فإذا رأوه قد ولّى، ردّوها إليه، فتلاعبه، فيرجع معها. فلا يزالون يمشون به خلفها، يومين أو ثلاثة، إلى أن يروا منه ضجرا، أو شدّة في أذيّتهم، فيقفون ليلة في موضع، ويتهاربون عن ظهرها إلى موضع يختبئون فيه. فلا يقصدهم الفيل لتشاغله بها، ويحرزون أنفسهم في المختبأ، ويدعونه معها دون تلك المدة. ثم يسيرون بها [81] على ذلك الوجه، فيتبعها الفيل. فيسيرون بها يومين أو ثلاثة، أو حسب ما يمكن، إلى أن يبدو ضجره، فينزلون على رسمهم. فلا يزالون كذلك، حتى يقرّبونه من البلد، في مدّة على حسب بعد المسافة أو قربها. فإذا بلغوا المدينة، أخرج ملكها جميع أهل البلد، أو أكثرهم، وجمعهم، وصعد عامّتهم على السطوح، النساء، والصبيان، مزيّنين. فحين يرى الفيل اجتماعهم، يستوحش، وينفر، ويولّي، ويطلب الصحراء، فترجع [الفيلة إليه فتردّه] . فإذا رأى الناس، نفر، فترجع إليه فتردّه، فلا تزال كذلك معه،

حتى تدخله بين الناس، وتقرّبه منهم. ويقيمونه «1» الفيّالون أيّاما، كذلك، حتى يألف الناس، فإذا ألفهم أمر الملك بجمع أصحاب الدبادب، والطبول، والصنوج. فحين يسمع، ينفر نفورا شديدا، أشدّ من ذلك، ويهرب، فتمضي الفيلة خلفه، فحين يراها، وقد بعد عن الصوت قليلا، يقف لها، فتداعبه، وتردّه، وتداريه. فحين يقرب من الصوت يهرب، ثم يرجع معها، هذا دأبه معها، تفعل به ذلك أيّاما متتابعات، إلى أن يألف الصوت. فإذا ألف المناظر والأصوات، أدخل الفيّالون الفيلة إلى البلد، ويتبعهم الفيل. فيجيئون إلى ساحة كبيرة، معدّة له، فيها أربعة أوتاد ساج، أثقل ما يكون، وأعظمه، متقاربة، منصوبة على أساسات شديدة. فتدخل الفيلة ما بين تلك الأوتاد، وتقف، فيدخل وراءها، ويقف معها، فينزل الفيّالون، وفي أطول تلك الأوتاد حلق عظام وثيقة، في كل دقل حلقة، وفيه قيد عظيم ثقيل، فيضعون القيد في قائمة من قوائم الفيل، فيحصل مقيدا مضبوطا بين تلك الأوتاد، لا يمكنه قلعها، ولا أن يطرح ثقله على شيء، لتساوي أجزائه في التقييد إليها. فلا يزال على ذلك أيّاما، والفيلة إلى جانبه، فإذا مسّه الجوع، جاءه الفيّالون بالأرز والسمن المطبوخ، فأطعموه إياه، بأن يرمون به إليه من بعد، فللجوع يأكله. ولا يزالون يدارونه، ويتقرّبون منه [82] ، على تدريج، حتى يأكله

91 ملك الصنف يملك ألفي فيل

من أيديهم بعد مدة، فإذا أكل من أيديهم، فهي العلامة في استئناسه. فحين يأكل من أيديهم مرارا كثيرة، ويستمرّ على هذا، يركبونه، ويضعون الحديد في رأسه، أيّاما، ويمرّونها عليه، حتى يألفها، ويعلّمونه، ويكلّمونه. فإذا مضت أيام على هذا، حلّوا قيوده، وهم فوقه، فيمشي، ويصرّفونه بحسب ما يصرّفونه عليه، ويصير في حكم الأهلي. 91 ملك الصنف يملك ألفي فيل قال: وسمعت أنّ ملك الصّنف «1» ، وهو البلد الذي يجيء منه العود الصّنفي، له ألفا فيل، إذا خرجت تمتد نحو فرسخ.

92 الفيل يقوم بعمل الجلاد

92 الفيل يقوم بعمل الجلاد قال: وسمعت أنّ الملك، إذا أراد قتل إنسان، سلّمه إلى الفيل، فيكلّمه الفيّال في أن يقتله. قال: فيقتله بألوان من القتل، منها: أنّه ربما لفّ خرطومه على رجل الرجل، ويضع إحدى يديه على ساق الرجل الأخرى، ثم يعتمد عليه، فإذا هو قد خرق الرجل بنصفين، من أوله إلى آخره. وربما ترك الرجل، واستعرضه بالعرض، ثم وضع يده على بطنه، فيسحقه «1» .

93 صاحب عمان يهدي فيلا لمعز الدولة

93 صاحب عمان يهدي فيلا لمعز الدولة قلت: أنا رأيت بالبصرة، في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة «1» ، فيلا، لطيفا، حمله صاحب عمان «2» ، إلى معز الدولة «3» ، فاجتاز بالبصرة، وحمل إلى دارنا، فأدخل إلى صحنها، فرأيناه. وسمعت عددا كبيرا من أهل البصرة، يخبرون- إذ ذاك- أنّ هذا الفيل اجتاز في سوق الجامع، فقرب منه صبيّ دون البالغ، فصاح به الفيّالون ليتنحّى عن طريق الفيل، فدهش الصبي، وأدركه الفيل، فلفّ خرطومه عليه، وشاله، فرفعه إلى الفيّالين، فأخذوه منه، فصاح الصبي، وطار عقله، فما أنزلوه إلّا بدراهم. وأنهم اجتازوا، بعد ذلك بأيّام، فأدركت الفيل ضجرة، فقبض على صبي، فشاله بخرطومه، ورقّاه في الهواء، ثم استقبله بنابه، فأدخله في جسمه، فقتله.

94 وما قتل الأحرار كالعفو عنهم

94 وما قتل الأحرار كالعفو عنهم حدّثني أبو الحسين «1» ، قال: حدّثنا الفضل بن باهماد السيرافيّ، بها «2» ، وكان مشهورا بسلوك أقاصي بلدان البحر، قال: قال لي رجل من بعض بياسرة «3» بلاد الهند، والبيسر: هو المولود على ملّة الإسلام في بلاد الهند، أنّه كان في بلد من بلاد [83] الهند، وكان فيه الملك حسن السيرة، وكان لا يأخذ مواجهة، ولا يعطي مواجهة، وإنّما يقلب بيده إلى وراء ظهره، فيأخذ ويعطي بها، إعظاما للملك، وسنّة لهم هناك، وأنّه توفي، فوثب رجل على ملكه، فاحتوى عليه، وهرب ابن كان له، يصلح للملك، خوفا على نفسه من المتغلّب. ورسوم ملوك الهند، أنّ الرجل إذا قام من مجلسه، لأيّ حاجة عرضت له، كانت عليه صدرة «4» ، قد جمع فيها كلّ نفيس فاخر، من اليواقيت والجواهر، مضربا بالإبريسم، في الصدرة، ويكون قيمة ذلك ما إن [لو] أراد أن يقيم به ملكا أقامه. قال: ويقولون، ليس بملك، من قام من مجلسه، وليس معه ما إن حدثت عليه حادثة فهرب به، أمكنه إقامة ملك عظيم منه. فلما حدثت على الملك، تلك الحادثة، أخذ ابنه صدرته، وهرب بها.

فحكى عن نفسه، أنّه مشى ثلاثة أيام، قال: ولم أطعم طعاما، ولم يكن معي فضّة ولا ذهب، فأبتاع به مأكولا، وأنفت أن استطعم، ولم أقدر على إظهار ما معي. قال: فجلست على قارعة الطريق، وإذا برجل هنديّ، مقبل، على كتفه كارة، فحطّها، وجلس حذائي. فقلت: أين تريد؟ فقال: الجدام الفلاني. ومعنى الجدام: الرستاق. فقلت له: هذا الجدام الفلاني أريد، فنصطحب. قال: نعم. فطمعت أن يعرض عليّ شيئا من مأكوله، قال: فحلّ الكارة، وأكل، وأنا أراه، ولم يعرض عليّ، وأنفت أن أبتدئه بالسؤال. وقام يمشي وقد شدّها، فمشيت معه، وتبعته، طمعا في أن تحمله الإنسانية والمؤانسة على العرض «1» ، فعمل بالليل، كما عمل معي بالنهار. قال: وأصبحنا من غد، ومشينا، فعاملني بمثل ذلك، [وظلّ] على هذا سبعة أيام، لم أذق شيئا. فأصبحت في اليوم الثامن، ضعيفا، لا قدرة لي على الحركة، فرأيت جداما في حاشية الطريق، وقوما يبنون، وقيّما عليهم، يأمرهم. قال: ففارقت الرجل، وعدلت إلى الوكيل، فقلت: استعملني بأجرة تعطنيها عشيا، مثل هؤلاء. فقال: نعم، ناولهم الطين.

قال: فكنت آخذ الطين، فلعادة الملك، أقلب يدي إلى ظهري [84] ، وأعطيهم الطين، فكما «1» أذكر أنّ ذلك خطأ عليّ [يسبّب] سفك دمي، أبادر بتلافي ذلك، فأردّ يدي بسرعة، قبل أن يفطنوا بي. قال: فلمحتني أمرأة قائمة، فأخبرت سيدها بخبري، وقالت: لا بدّ أن يكون هذا من أولاد الملوك. قال: فتقدّم إليها، بحبسي عن المضيّ مع الصنّاع، فاحتبستني، وانصرف الصنّاع. فجاءني بالدهن والعروق، لأغتسل بهما، وهذه مقدمة إكرامهم، وسنّة لإعظامهم، فتغسّلت بذلك. فجاءوني بالأرز والسمك، فطعمت. فعرضت المرأة نفسها عليّ للتزويج، فعقدت عليها، ودخلت بها من ليلتي، وأقمت معها أربع سنين، أربّ «2» حالها، وكانت لها نعمة. فأنا يوما، جالس على باب دارها، فإذا أنا برجل من بلدي، فاستدعيته، فجاءني. فقلت له: من أين أنت؟ قال: أنا من بلد كذا وكذا، وذكر بلدي. فقلت: ما تصنع هاهنا؟ فقال: كان فينا ملك حسن السيرة، فمات، ووثب على ملكه رجل ليس من أهل بيت الملك، وكان للملك الأوّل ابن يصلح للملك، فخاف على نفسه، فهرب، وإنّ المتغلّب أساء عشرة رعيته، فوثبوا عليه، فقتلوه، وانبثثنا في البلدان نطلب ابن ذلك المتوفّى، لنجلسه مكان أبيه،

فما نعرف له خبرا. قال: فقلت له: تعرفني؟ قال: لا. فقلت: أنا طلبتكم. قال: وأعطيته العلامات، فعلم صحّة ما قلت له، فكفّر لي «1» . قلت: اكتم أمرنا، إلى أن ندخل إلى الناحية. فقال: أفعل. قال: فدخلت إلى الامرأة، وأخبرتها الخبر، وحدّثتها بالصورة، وبأمري كلّه. وأعطيتها الصدرة، وقلت: فيها كذا، ومن حالها كذا، وأنا ماض مع الرجل، فإن كان ما ذكره صحيحا، فالعلامة أن يجيئك رسولي، ويذكر لك الصدرة، فانهضي معه، وإن كانت مكيدة، كانت الصدرة لك. قال: ومضى مع الرجل، وكان الأمر صحيحا، فلما قرب من البلد، استقبلوه بالتكفير، وأجلسوه في الملك، وأنفذ إلى الزوجة من حملها، وجاءت إليه. فحين اجتمع شمله، واستقام ملكه، أمر فبنيت له دار [85] عظيمة، وأمر أن لا يجتاز في عمله مجتاز، إلّا حمل إليها، ويضاف ثلاثة أيّام، ويزوّد لثلاثة أيّام أخر. وكان يفعل ذلك، وهو يراعي الرجل الذي استصحبه في سفره، ويقدّر أن يقع في يده. وأراد أن يبني الدار شكرا لله تعالى، على الخلاص ممّا كان فيه، وأن

يكفي الناس المؤونة التي كانت لحقته. [فلما كان] بعد حول، استعرض الناس، قال: وقد كان يستعرضهم في كل شهر، فلا يرى الرجل، فيصرفهم. فلما كان ذلك اليوم، رأى الرجل بينهم، فحين وقعت عليه عينه، أعطاه ورقة تنبول «1» ، وهذه علامة غاية الإكرام، ونهاية رتبة الإعظام، إذا فعله الملك بإنسان من رعيته «2» . قال: فحين فعل الملك بالرجل ذلك، كفّر له، وقبّل الأرض، فأمره الملك بالنهوض، ونظر إليه، فإذا هو ليس يعرف الملك، فأمر بتغيير حاله، وإحسان ضيافته، ففعل، ثم استدعاه. فقال له: أتعرفني؟ قال: وكيف لا أعرف الملك، وهو من حاله، وعظم شأنه، وعلوّ سلطانه. قال: لم أرد هذا، أتعرفني، من قبل هذه الحال؟

قال: لا. قال: فأذكره الملك الحديث والقصّة، في منعه الطعام سبعة أيام في السفر. قال: فبهت الرجل. وقال: ردّوه إلى الدار، وونّسوه «1» ، وزاد في إكرامه، وحضر الطعام، فأطعم الرجل، فلما أراد النوم، قال الملك، لامرأته: امضي فغمّزيه «2» ، حتى ينام. قال: فجاءت المرأة، ولم تزل تغمّزه، إلى أن نام، فجاءت إلى الملك، وقالت: قد نام. فقال: ليس هذا نوما، حرّكوه، [فحرّكوه] فإذا هو ميت. قال: فقالت له المرأة: أيش هذا؟ قال: فساق إليها حديثه معه، وقال: وقع في يدي، فتناهيت في إكرامه، والهند لهم كبود عظام، وتوهّمهم هو المعروف المتعالم عنهم، فدخلت عليه حسرة عظيمة، إذ لم يحسن إليّ ذلك الوقت، فقتلته الحسرة. وقد كنت أتوقّع موته قبل هذا، ممّا توهمه واستشعره من العلّة في نفسه، والحسرة والأسف، فقتلته «3» .

95 الجبارية في الهند

95 الجبارية في الهند حدّثنا أبو الحسين «1» ، قال: حدّثني أبي «2» ، قال: رأيت بالهند قوما، يقال لهم: الجباريّة، يأكلون الميتة، ويقذرهم جميع أهل الهند، عندهم أنّهم إذا ماسّوهم نجسوا. قال: فهم يمشون، وفي أعناقهم طبول يطبّلون بها، لتسمع أصواتها، فيتنحّون عن طريقهم، فإذا لم يتنحّ الرجل عند سماع الطبل، فلا شيء على الجباريّ [86] ، وإن لم يضرب الجباريّ الطبل، حتى يلاصق جسده، جسد غيره، قتله الذي يلتصق جسده به، ولا يعدى عليه، لأنّ هذا من شرطهم، وسنّتهم. قال: ولا يشرب أحد من ماء هؤلاء الجبّارية، ولا يأكل من طعامهم، ولا يخالطهم، فهم ينزلون في ظاهر البلد ناحية. قال: وهم أرمى الناس، ومعاشهم من الصيد.

96 البابوانية في الهند

96 البابوانية في الهند قال: وهناك قوم يقال لهم البابوانية، يجرون مجرى المستقفين «1» هاهنا، والسلطان يطلبهم، فإذا وقعوا في يده، وظفر بهم، فعل بهم، كما يفعل باللصوص والعيّارين. قال: وهم يصطادون الناس، لا يعرضون لغير ذلك. قال: والواحد منهم، يتبع التجّار الذين يطرأون إليهم من المسلمين والذمّة، فإذا رأى الواحد من التجّار، في طريق خال، قبض عليه، فحين يقبض عليه، وقد علم التاجر بأمره، فيسكت، لأنّه إن استغاث، أو نطق قتله الهندي، وقتل نفسه في الحال، لا يتألم لذلك، لاعتقادهم المشهور في القتل. قال: ويراهم الناس، وقد اصطادوا الرجل، فلا يعرضون لخلاصه، لئلّا يقتله، ويقول لهم الرجل: الله، الله، إن عارضتموه، فلا يمكن لسلطان ولا غيره، انتزاعه من يده، في تلك الحال، لئلّا يعجل بقتله. قال: فأخبرني رجل من الهند، أنّ رجلا من البابوانية، قبض في طريق سفر على رجل لقيه منفردا من التجار. فقال له: اشتر نفسك. فتوافقا على أن يشتري نفسه منه بألف درهم. فقال له التاجر: تعلم أنّي خرجت ولا شيء معي، ومالي في البلد، فتصير معي إلى داري في البلد، لأؤدّي ذلك إليك.

قال: فأجابه، وقبض على يده، ولم يزل يمشي معه، حتى اجتازا في طريقهما، بقرية الجبارية [وكان] طريقهما في سكة منها، فسلكاها. فحين حصلا فيها، فطن التاجر للحيلة في الخلاص، وقد كان عرف مذهب الهندي في الجبارية، فلم يزل يمشي معه، حتى رأى بابا مفتوحا، من دور الجبارية، فجذب يده بحميّة شديدة، من يد البابوانيّ، وسعى فدخل دار الجباريّ. فقال له: ما لك؟ قال: أنا مستجير بك، من يد بابوانيّ اصطادني، وتعرّيت منه. قال: لا بأس عليك [87] ، فاجلس. فصاح البابواني: يا جباريّ، يا جباريّ، اخرج إليّ. قال: وهم لا يدخلون دور الجبارية، لاستقذارهم إيّاهم. قال: فخرج، ووقف، بينهما عرض الطريق، لأنّه لا يجوز لأحدهما أن يدنو من صاحبه. فقال له البابوانيّ: أعطني صاحبي. قال: قد استجار بي، فهبه لي. قال: لا أفعل، هذا رزقي، فإن لم تعطنيه، لم ندع جباريا [إلّا «1» ] قتلناه. قال: فطال الكلام بينهما، إلى أن قال الجباريّ، أسلمه إليك في الصحراء فامض برّا «2» ، تسبقه إلى الموضع الفلانيّ. قال: فمضى.

ودخل الرجل على [التاجر] ، وقال له «1» : اخرج لا بأس عليك. فخرج معه، وأخذ الجباريّ قوسه، وخمسين نشّابة، قال: ونشّابهم من القصب. قال: فعلق المسلم بكمّ الجباريّ، ولصق به، علما منه بأنّ البابوانيّ لا يدنو منه. فلما صارا إلى الصحراء، قال له الجباريّ: تهبه [لي] ؟ واجتهد به، فلم يفعل. قال: فإني لا أسلمه، أو لا يبقى معي سلاح. قال: شأنك. قال: وهم لا يخطئون البتة في الرمي، ففوّق سهمه نحوه، فحين أطلقه، تلقّاه البابواني بشيء كان معه، فاعترض السهم بالشيء، فقطعه باثنين، وسلم منه. فتحيّر الجباريّ. قال: فلم يزل يرميه بنشّابة نشّابة، ويفعل بها البابواني، مثل ذلك، إلى أن ذهب النشاب، ولم يبق منه إلّا نشّابتان. فضعفت نفس التاجر، وأيقن بالهلاك، وقال للجباريّ: الله، الله، في دمي. قال: فقال له البابوانيّ: لا يقع لك أنّك قد أفلتّ، ثم أخذ سهما. فقال له الجباريّ: لا تقدر على ذلك، وسأريك من رميي، ما تتحدّث به أبدا، انظر إلى هذا الطائر الذي يطير في السماء، فإنّي أرميه، فأصرعه

على رأسك، ثم أرميك فلا أخطيك «1» . قال: فشال» البابواني رأسه، ينظر إلى الطير، فرماه الجباريّ، فأصاب فؤاده، فخرّ صريعا يضطرب، ومات. وقال للتاجر: ارجع الآن آمنا. فرجع إلى داره، وأقام عندهم، إلى أن اجتازت بهم صحبة «3» ، رحل معها التاجر، إلى مأمنه.

97 سرق ماله بالبصرة، واستعاده بواسط

97 سرق ماله بالبصرة، واستعاده بواسط حدّثنا أبو الحسين، قال: حدّثني رجل من أهل دار الزبير «1» بالبصرة، دقّاق «2» ، قال: أورد عليّ رجل غريب، سفتجة بأجل «3» ، فكان يتردّد إلى أن حلّت، ثم قال: دعها عندك، وآخذها متفرقة. فكان يجيء في كلّ يوم، فيأخذ بقدر نفقته، إلى أن نفدت. وصارت بيننا معرفة، وألف الجلوس عندي، وأنست به، وكان يراني أخرج كيسي من صندوق لي، فأعطي منه النقدات «4» التي تحل عليّ. فقال لي يوما: إنّ قفل الرجل، صاحبه في سفره، وأمينه في حضره، وخليفته على حفظ ماله، والذي ينفي الظنّة عنده عن عياله، فإن لم يكن وثيقا، تطرّقت الحيلة عليه، وأرى قفلك هذا وثيقا، فقل لي ممّن ابتعته، لأبتاع مثله. فقلت: من فلان القفّال، في جوبات «5» الصفّارين.

قال: فما شعرت، إلّا وقد جئت [88] ، وطلبت صندوقي، لأخرج منه شيئا من الدراهم، فحمل إليّ، ففتحته، فإذا ليس فيه شيء من الدراهم. فقلت لغلامي- وكان غير متّهم عندي-: هل أنكرت من الدرابات شيئا؟ فقال: لا. فقلت: ففتّش، هل ترى في الدكان نقبا؟ ففتّش، فقال: لا. فقلت: فمن السقف حيلة؟ فقال: لا. فقلت: اعلم أنّ دراهمي قد ذهبت؟ فقلق الغلام، فسكّنته، وأقمت في دكّاني، لا أدري ما أعمل، فتأخّر عنّي الرجل، فلما تأخّر، اتهمته، وتذكرت مسألته لي عن القفل. فقلت للغلام: أخبرني كيف تفتح الدكان وتغلقه؟ فقال: رسمي، إذا أغلقت الدكان، أغلقه درابتين، درابتين، والدرابات «1» في المسجد، أحملها دفعات، اثنتين وثلاثا، في كلّ دفعة، فأشرجها، ثم أقفل، وكذا أفتحها. فقلت: البارحة، واليوم كذا فعلت؟ فقال: نعم. فقلت: فإذا مضيت لتردّ الدرابات، أو تحضرها، على من تدع الدكان؟ قال: خاليا.

فقلت: فمن هاهنا وقع الشرّ. وذهبت ومضيت إلى الصانع الذي ابتعت منه القفل، فقلت له: جاءك إنسان منذ أيام، اشترى منك مثل هذا القفل؟ قال: نعم، وحكى من صفته كيت وكيت، فأعطاني صفة صاحبي. فعلمت أنّه جاء، واختبأ للغلام وقت المساء، حتى إذا انصرفت أنا، ومضى وهو يحمل الدرابات، دخل الدكان فاختبأ فيه، ومعه مفتاح القفل الذي اشتراه، الذي يقع على قفلي، وأنّه أخذ الدراهم، وجلس طول ليلته، خلف الدرابات، فلما جاء الغلام، وفتح درابتين أو ثلاثا، وحملها ليرفعها، خرج هو، وأنّه ما فعل ذلك، إلّا وقد خرج إلى بغداد. قال: فسلّمت الدكان إلى الغلام، وقلت له، من سأل عني، فعرّفه أنّي خرجت إلى ضيعتي. قال: وخرجت، ومعي قفلي ومفتاحه. فقلت: أبتدىء بطلب الرجل بواسط، فلما صعدت من السميرية «1» ، طلبت خانا في الجسر، أنزله، فأرشدت إليه، فصعدت، وإذا بقفل مثل قفلي، سواء، على بيت. فقلت لقيّم الخان: هذا البيت من ينزله؟ فقالى: رجل قدم من البصرة، أوّل أمس. فقلت: أي شيء صفته؟ فوصف صفة صاحبي [89] ، فلم أشكّ أنّه هو، وأنّ الدراهم في بيته.

فاكتريت بيتا إلى جنبه، ورصدت البيت حتى انصرف القيّم، وقمت، ففتحت القفل بمفتاحي. فحين دخلت البيت، وجدت كيسي بعينه، ملقى فيه، فأخذته، وخرجت وقفلت البيت، وتركته. ونزلت إلى السفينة التي جئت فيها، وأرغبت الملّاح في زيادة أجره، حتى حملني، وانحدرت في الحال، وما أقمت بواسط إلّا ساعتين من النهار. ورجعت إلى البصرة بمالي «1» .

98 صيرفي بغدادي متحصن من اللصوص

98 صيرفي بغدادي متحصن من اللصوص حدّثنا أبو الحسين، قال: حدّثني رجل من أهل بغداد، أنّ بعض من تاب من اللصوصية، حدّثه، قال: كان في الناحية الفلانية، صيرفي، كثير المال، يطلبه اللصوص، فلا تتمّ عليه حيلة، ولا يقدرون عليه. قال: فتواطأ عليه جماعة لصوص، كنت أحدهم، فقالوا: كيف نعمل في دخول داره؟ فقلت: أمّا الدخول، فعليّ لكم، وأمّا ما بعد ذلك فلا أضمنه. قالوا: فما نريد إلّا الدخول. قال: فجئت، وهم معي، عشاء، فقلت لواحد منهم: تصدّق «1» ، فإذا خرجت الجارية إليك بشيء، فتباعد، وتعام «2» عليها، لتجيء إليك تعطيك الصدقة، وكن على خطى من الباب، لأدخل أنا، وهي متشاغلة معك، قد بعدت عن الباب، فلا تراني إلى أن أدخل، فأختبىء. قال: ففعل ذلك، وحصلت مختبئا في مستراح الدهليز. فلما عادت الجارية، قال لها [مولاها] : قد احتبست. قالت: حتى أعطيت السائل الصدقة. قال: ليس هذا قدر دفعك إليه. قالت: لم يكن على الباب، فلحقته في الطريق، وأعطيته.

فقال: وكم خطوة مشيت من الباب؟ قالت: خطى كثيرة. قال: لعنك الله، أخطأت عليّ، قد حصل معي في الدار لصّ، لا أشك فيه. قال: فحين سمعت هذا، قامت قيامتي، وتحيّرت. فقال لها: هات القفل. فجاءته به، فجاء إلى باب دهليز الدار، والصحن بعد باب الدار، فقفله من عنده، ثم قال لها: دعي اللص الآن يعمل ما يشاء. قال: فلما انتصف الليل، جاء أصحابي، فصفروا على الباب، ففتحت لهم باب الدار، فدخلوا الدهليز [90] ، وأخبرتهم بالخبر. فقالوا: ننقب الستبة، ونخرج إلى الصحن. ونقبوا، فلما فرغوا، قالوا: ادخل معنا. فقلت: إنّ نفسي قد نبت عن هذا الرجل، وأحسست بشرّ، وما أدخل البتة. فاجتهدوا بي، وقالوا: لا نعطيك شيئا. فقلت: قد رضيت. فدخلوا، فحين حصلوا في الصحن، وأنا في الدهليز، أتسمّع عليهم، مشوا فيه، فإذا للمولى زبية «1» ، في أكثر الصحن، محيطة به، يعرفها هو وعياله، فيتّقون المشي عليها ليلا ونهارا، وهي منصوبة للحفظ من هذا وشبهه، وعليها بارية، من فوق خشب رقيق جدا. فحين حصلوا عليها، سقطوا إليها، فإذا هي عميقة جدا، لا يمكن الصعود منها.

فسمع المولى صوت سقوطهم، فصاح: وقع هؤلاء، وقام هو وجاريته يصفّقون ويرقصون. وتناولوا حجارة معدّة لهم، فما زالوا يشدخون رؤوسهم وأبدانهم بها، وأصحابي يصيحون، وأنا أحمد الله على السلامة، إلى أن أتلفهم. وهربت أنا من الدهليز، ولم أعرف لأصحابي خبرا، كيف دفنوا، أو كيف أخرجوا. فكان ذلك سبب توبتي من اللصوصية «1» .

99 البراءة المزورة

99 البراءة المزورة حدّثني أبو الحسين، قال: حدّثني رجل من البغداديين، قال: كنت وأنا حدث، حسن الوجه، فلما اتّصلت لحيتي، وهي طريّة بعد، طلبت التصرّف «1» ، فكتب لي إلى أبي أحمد النعمان بن عبيد الله، فلقيته في عمله «2» ، فأكرمني، وبالغ في برّي، وأمرني بالجلوس، فجلست، وكلما أردت القيام احتبسني إلى أن لم يبق عنده أحد إلّا خواصّه. ثم أحضر المائدة فأكلنا، فلما فرغنا، قمت لأغسل يدي، فحلف، أن لا أغسلها إلّا بحضرته، فغسلتها، وقمت. فقال: إلى أين؟ فقلت: إلى منزلي. فقال: أنت هاهنا غريب، ولعلّك في خان. فقلت: هو كذلك. فقال: وموضعنا أطيب، وهو خير، وخيشنا بارد، فأقم عندنا. فقلت: السمع والطاعة. ولم أعرف ما في نفسه، فدخلت الخيش «3» ، فلما حصلت عنده فيه، جعل يستدنيني، ولا أعلم غرضه، إلى أن صرت بقربه، فضرب بيده، يولع [91]

بي «1» ، فعلمت أنّ شرطه في اللواط، أصحاب اللحى الطريّة «2» . فصعب عليّ ما تمّ من ذلك، وقلت: كيف أصنع؟ ليس إلّا التطايب. قال: فقلت له، يا سيدي أي شيء تريد؟ قال: أريد أن أفعل كذا وكذا. فقلت: يا سيدي، براءتي معي، وقبضت على لحيتي. قال: لا تفعل، هذه براءة مزوّرة. قلت: كيف؟ قال: لأنّي ما وقّعت فيها بقلمي.

100 من شعر سيدوك الواسطي

100 من شعر سيدوك الواسطي أنشدني أبو طاهر المعروف بسيدوك الواسطي «1» لنفسه: هات اسقنيها كلمح البرق ما مزجت ... إلّا لتسيير سقلاطونها فينا إذا لواعب آذريونها عبثت ... بجلّنار سناها هزّ نسرينا أدير في الكأس ذرّ الشمس إذ رقصت ... والماء نغرف من نار كماشينا وأنشدني لنفسه من أبيات: ما أكثر الشعراء مذ قتل الندى ... والشعر أعوز من دموع الأرقم وأنشدني لنفسه قصيدة يمدح بها أبا الحسن عمران بن شاهين، أمير البطيحة «2» وفيها [ذكر] الهدري الذي يقاتل به، هو وأصحابه، وهو شبيه الحراب، يقول: تسبي النفوس حراب ما أدرت بها ... كأس المنيّة إلّا رحت ذا طرب تظلّ من فضّة حتى إذا وردت ... أصدرتها من دم الأبطال من ذهب من كلّ مقليّة الجنبين ماضية ... قدّت من الشمس أو قدّت من اللهب

101 من شعر أبي إسحاق الصابي

101 من شعر أبي إسحاق الصابي أنشدني أبو الحسن محمد بن غسان بن عبد الجبار، قال: أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن هليل الصابي «1» الكاتب لنفسه: تورّد دمعي فاستوى ومدامتي ... فمن مثل ما في الكاس عيني تسكب فو الله ما أدري أبا لخمر أسبلت ... جفوني أم من دمع عيني أشرب وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه: ما زلت في سكري ألمّع كفّها ... وذراعها بالقرص والآثار حتى تركت أديمها وكأنّما ... غرس البنفسج منه في الجمّار قال: وأنشدني لنفسه: فديت من سارقني لحظها ... من خيفة الناس بتسليمته لما رأت بدر الدجى زاهيا ... وغاظها ذلك من شيمته سلّت له البرقع عن وجهها ... فردت البدر إلى قيمته «2» [92] وأنشدني، قال: قرأت على ظهر دفتر: كنّا نزوركم والدار دانية ... في كلّ وقت فلما شطّت الدار صرنا نقدّر وقتا في زيارتكم ... وليس للشوق في الأحشاء مقدار

102 الحسن بن عون الموسوس

102 الحسن بن عون الموسوس حدّثني أبو الحسن محمد بن غسّان الطبيب «1» ، قال: كان عندنا بالبصرة في البيمارستان، رجل موسوس، يعرف بالحسن ابن عون، من أولاد الكتّاب، حبس في البيمارستان للعلاج، في سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. وطال حبسه سنين، ثم صلح، فاستخدم في البيمارستان، إلى أن تكامل صلاحه. وكنت أختلف إلى البيمارستان، لتعلّم الطب، فكنت أشاهده كثيرا، فأوّل يوم علمت أنّه يقول الشعر، سمعته وهو يقول: أدافع همّي بالتعلّل والصبر ... وأمنع نفسي بالحديث عن الفكر وأرجو غدا حتى إذا ما غد أتى ... تزايد بي همّي فأسلمني صبري فلا الهمّ يغنيني ولا العمر ينقضي ... ولا فرج يأتي سوى أدمع تجري إلى الله أشكو ما أقاسي فإنّه ... عليم بأني قد تحيّرت في أمري «2» وعرفت حاله في أدبه، بإنشاده إيّاي كلّ يوم قطعة من شعره، يعملها بحضرتي. وشاهد عمل الجلنجبين بالورد في البيمارستان، فقال: وأنشدنيه لنفسه: أنظر إلى الورد في أكفّهم ... يطبع للقاطفين من ورقه

كالقلب نار الهوى تحرّقه ... والقلب يهوى الهوى على حرقه وحملت إليه شيئا من المأكول، اشتهاه عليّ، فكتب إلى جانب حائط: حصرت من ظرف ما بعثت به ... وقلت: يا سيّدي ومولاي لو أنّ أعضاء شاكر نطقت ... بالشكر أثنت عليك أعضايّ ما بقيت؟؟؟ «1» للكرام كلّهم ... ويا صباحي كمثل ممساي لو أنّ ما بي ببعض أعداي ... بكيت ممّا أرى بأعداي

103 حكاية ديوث

103 حكاية ديوث حدّثنا القاضي أبو القاسم عمر بن حسان بن الحسين: أنّه بلغه عن رجل قليل الغيرة، رديء الدين، كان يجمع بين زوجته، وبين أهل الفساد في منزله. قال: عشق امرأته، رجل، وكان ينفق عليها في منزله، وأحلفها بحضرته [93] ، أنّها لا تطاوع زوجها على الجماع. قال: وكانا ليلة على شأنهما، في أسفل الدار التي للزوج، فصعدت المرأة إلى السطح هناك، واحتبست، فلما جاءت، خاصمها العشيق، وقال: لعله فعل بك زوجك كذا. فقالت: وحلفت، أنّه ما جرى من ذلك شيء. وسمع الزوج الكلام، فقام يصلّي في السطح، ويصيح: الله أكبر، ليسمع العشيق، ويعلمه، أنّه لم يكن ليصلّي، وهو جنب، حتى يصلح بينه وبين المرأة، بذلك «1» .

104 حجاب شديد

104 حجاب شديد وهذا ضدّ ما حدّثني به أبو الحسن أحمد بن يوسف بن البهلول التنوخي «1» : أنّ امرأة من أهلهم بالأنبار «2» ، كانت قد جاوزت الأربعين سنة، وخرجت من بيتها إلى بغداد، في محنة عرضت لها، فلما حصلت في الطريق رأت جملا يدير دولابا. فقالت: ما هذا؟ فقيل لها: دولاب الجمل. فحلفت بالله، أنّها ما رأت جملا قط.

105 كتاب المافروخي عامل البصرة

105 كتاب المافروخي عامل البصرة حدّثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن طريف، المعروف بأحمد الطويل، قال: كتب إليّ أبو محمد عبد العزيز المافروخي «1» ، وأنا أتقلّد حصن مهدي «2» ، والفرض، والأعمال التي كنت أتقلّدها مع ذلك، وهو يتقلّد البصرة، يسألني إطلاق تمر له، اجتاز عليّ، ويعرّض بأنّ مكافأة ذلك، لا تذهب عليه. فأطلقت له التمر، بلا ضريبة، ولا مؤونة، وكتبت إليه أعاتبه على هذه اللفظة. فكتب إليّ كتابا، يعتذر، حفظت منه قوله: وصل كتابك الذي أبان الله به فضلك، وسهّل إلى سبل المكارم سبقك، وفهمته فهم معجب به، ومتعجّب منه، وسرّني صدوره» ، لا لقدر الحاجة في نفسي، ولا في نفسك، ولكن لما أنفذه من بصيرتي فيك، وقوّاه من معرفتي بك. ووجدتك، وقد اضطربت من لفظة ذكرت أنّي ضمّنتها كتابي، وهي الإلماح والتلويح، بالمكافأة والتعويض. ومعاذ الله أن ينطلق بذلك لساني، أو تجري به يدي، لأنّ مثله لا يجري

إلّا عن ذي عطن ضيّق، إلى ذي باع في المحامد قصير، ولا هذه صورتك، ولا صورتي. وإذا كانت [94] الأنفس واحدة، والأموال مشتركة، فأي فائدة لي في أن أتناولك ببعض مالك، أو أردّ إليك ما هو لك. فإن تكن الصورة كما يخيّل لي، فأنت أيّدك الله، المليم دوني، وإن كنت- بحمد الله ومنّه- من كلّ ما يقع عليه اللوم بعيدا. وإن تكن الأخرى، وهبت زلّتي لمعذرتي، فإني بشر غير معصوم، والخطأ والنسيان جاريان عليّ «1» .

106 للوزير المهلبي في كلة قصب حركتها الريح

106 للوزير المهلبي في كلّة قصب حرّكتها الريح أنشدني أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المرزبان الكاتب الشيرازي «1» ، قال: أنشدنا أبو محمد المهلبي «2» في وزارته، وعمله بين أيدينا، وقد نصبت له في داره بالأهواز كلّة قصب «3» ، وحرّكتها الريح. فاستحسن ذلك، وقال: رأيت مرّ الهوا [عليها] ... ............... .... «4» فشمت منها اختلاس لحظ ... وخلت فيها وجيب قلب

107 زور مناما فجاء مطابقا للحقيقة

107 زوّر مناما فجاء مطابقا للحقيقة وحدّثني أبو الفضل «1» ، قال: حدّثني رجل من شيوخ المتصرّفين ببلدنا، يقال له: عبّاد بن الحريش، قال: لما كتب عليّ بن المرزبان، عمّ أبيك «2» ، لعمرو بن الليث «3» ، ورقت حاله عنده، حتى قلّده عمالة شيراز «4» ، صادر المتصرّفين على أموال ألزمهم إيّاها، وكنت ممّن أخذ خطّه عن العمل الذي كان يليه بثمانين ألف درهم. قال: فأديت منها أربعين ألف درهم، ونفدت حيلتي وحالي، ولم يبق لي في الدنيا إلّا داري التي أسكنها، ولا قدر لثمنها، فيما بقي عليّ، فلم أدر ما أعمل. وفكّرت فوجدت عليّ بن المرزبان، رجلا سليم الصدر، فعملت رؤيا، وأجمعت رأيي على أن ألقاه بها، وأجعلها سببا لشكوى حالي، والتوصّل إلى الخلاص. قال: فجلست، وعملت الرؤيا، وحفظتها، واحتلت خمسين درهما، وبكّرت من الغد، قبل طلوع الفجر، فدققت بابه.

[فصاح بي خادم] كان له يجري مجرى حاجب، من خلف الباب: من أنت؟ قلت: عبّاد بن الحريش. قال: في هذا الوقت؟ قلت: نعم. ففتح لي، فدخلت، وشكوت حالي، وقلت: هذه خمسون درهما، لا أملك غيرها، فخذها، وأدخلني إليه قبل تكاثر الناس عليه، فإن فرّج الله عنّي، فعلت بك وصنعت. قال: فدخل، واستأذن لي، وتلطّف حتى أدخلني إليه، وهو يستاك. فقال: ما جاء بك في هذا الوقت؟ فدعوت له [95] ، وقلت: بشارة رأيتها في النوم البارحة. فقال: وما هي؟ فقلت: رأيتك كأنك تجيء إلى شيراز، من حضرة الأمير، وتحتك فرس أشهب عظيم، لم يرقط أحسن منه، وعليك السواد «1» ، وقلنسوة الأمير على رأسك، وفي يدك خاتمه، وحواليك مائة ألف إنسان من فارس وراجل، وقد تلقّاك أمير البلد، فترجّل لك، وأنت تجتاز، وطريقك كلّه أخضر منوّر مزهر، والناس يقولون: إنّ الأمير قد استخلفه على جميع أمره. قال: وقصصت الرؤيا، وهذا معناها. فقال: خيرا رأيت، وخيرا يكون إن شاء الله، فما تريد؟ قال: فشكوت حالي، وذكرت أمري.

فقال: أنظر لك بعشرين ألف درهم، وتؤدّي عشرين ألف درهم. قال: فحلفت بالطلاق، أنّه لم يبق لي إلّا مسكني، وبكيت، وقبّلت يده، واضطربت بحضرته، فرحمني، وكتب لي إلى الديوان، بإسقاط ذلك عنّي، وانصرفت. ولم تمض، إلّا شهور، حتى كتب عمرو بن الليث، إلى عليّ بن المرزبان، يستدعيه، ويأمره بحمل ما اجتمع له من الأموال، وكان قد جمع له، ما لم يسمع قط باجتماع مثله في وقت واحد، من أموال فارس، فإنّه جمع له ستين ألف ألف درهم. قال: فحملها إلى سابور «1» ، وخرج، وتلقّاه عمرو بن الليث، بجميع قوّاده، وأهل عسكره. وهاله عظم ذلك المال، فاستخلفه على فارس، وأعمالها، حربا وخراجا، وفوّض إليه الأمور كلّها، وأذن إليه في الحلّ والعقد بغير استئمار، وخلع عليه سوادا له، وحمله على فرس أشهب عظيم الخلقة، كان يعظمه عمرو، ويكثر ركوبه، ودفع إليه خاتمه، وردّه إلى فارس. قال: فوافاها في زمن الربيع، ولم يحل الحول على قصّتي معه. فخرج أمير البلد- وقد صار من قبله- ليستقبله، وخرج الناس، فتلقّوه على ثلاثين فرسخا، وأكثر، وخرجت فتلقيته على العطفة التي في طريق خراسان، وبينها وبين البلد، نصف فرسخ. قال: فوافى وهو على الصفة التي ذكرتها له في المنام الموضوع، والدنيا على الحقيقة خضراء بآثار الربيع وزهره، وحوله أكثر من مائة ألف إنسان [96] ، وعليه قلنسوة عمرو بن الليث، وفي يده خاتمه، وعليه السواد،

وتحته الفرس الأشهب، وقد تلقّاه أمير البلد، فترجّل له. قال: فحين رأيته، ترجّلت، ودعوت له، فلما رآني تبسّم، وأخذ بيدي، وأحفى السؤال بي «1» ، ثم تفرّق الجيش بين يديه، فلحقته إلى البلد، فلم أستطع القرب منه، لازدحام الدواب، فانصرفت وباكرته من غد، في مثل ذلك الوقت، الذي كنت جئته ليلة الرؤيا. فقال لي الحاجب: من أنت؟ فقلت: عبّاد. فقال: ادخل، واستأذن. فدخلت وهو يستاك، فضحك إليّ، وقال: قد صحّت رؤياك يا عبّاد. فقلت: الحمد لله. فقال: لا تبرح من الدار، حتى أنظر في أمرك. قال: وكان بأهله بارا، ورسمه إذا ولي عملا، أن لا ينظر في شيء من أمر نفسه، حتى ينظر في أمر أهله، فيصّرف من يصلح منهم للتصرّف، أو يبّره، وإذا فرغ منهم، عدل إلى الأخص، فالأخصّ، من حاشيته، فإذا فرغ من ذلك، نظر في أمر نفسه. قال: فجلست في الدار إلى قرب العصر، وهو ينظر في أمر أهله، والتوقيعات تخرج، بالصلات، والأرزاق، وكتب التقليدات، إلى أن صاح الحاجب: عبّاد بن الحريش، فقمت إليه. فقال: إنّي ما نظرت في أمر أحد، غير أمر أهلي، فلما فرغت منهم، بدأت بك قبل الناس كلّهم، فاحتكم، ما تريد؟ فقلت: ترد عليّ المال الذي أدّيته، وتقلّدني العمل الذي صرفتني عنه.

قال: فوقّع لي بردّ المال، وتقليد العمل، وقال: امض، فقد أوغرت لك العمل «1» ، فخذ ارتفاعه كلّه. قال: وكان يستدعيني في كل مديدة، ويحاسبني، ولا يأخذ منّي شيئا، وإنّما يكتب لي روزات «2» من مال العمل، ويصلح حسبانات، ويقبلها، ويخلّدها الديوان، وأرجع إلى العمل. وكنت كذلك إلى أن زالت أيّامه، فرجعت إلى شيراز، وقد اجتمع لي مال عظيم، صودرت منه على شيء يسير، وجلست في بيتي [97] ، وعقدت نعمة بالمال، ولم أطلب تصرّفا إلى الآن.

108 من مكارم البرامكة

108 من مكارم البرامكة حدّثني أبو الفضل «1» ، قال: حدّثني أبو الحسن، ثابت بن سنان الحرّاني الطبيب «2» : أنّه رأى رقعة يتواردونها، بخطّ جبريل بن بختيشوع المتطبّب «3» ، فيها ثبت ما وصل إليه، من يحيى بن خالد البرمكي «4» ، وبنيه «5» ، وجواريه، وأولاده، من ضيعة، وعقار، ومال، وغير ذلك، يحتوي على سبعين ألف ألف درهم، وتفصيل ذلك، شيئا شيئا، وأنّهم يحفظونها للعجب والاعتبار. قال: فاستهولت ذلك، وانصرفت، فحدّثت بذلك، بعض الرؤساء ببغداد، وكان بحضرته أبو الحسن علي بن هارون المنجم «6» ، فقال: وأيّ شيء تتعجّب من هذا؟

حدّثني أبي «1» ، عن أبيه «2» ، قال: كنت بحضرة المتوكل «3» ، في يوم مهرجان «4» ، أو نيروز «5» ، وهو جالس، والهدايا تحمل إليه، من كل شيء عظيم، ظريف مليح، إلى أن ضربت دبادب «6» الظهر، وهمّ بالقيام، فدخل بختيشوع الطبيب «7» ، وهو ابن جبريل بن بختيشوع الأكبر، فحين رآه المتوكل استدناه جيّدا، حتى صار مع سريره، وأخذ يمازحه، ويلاعبه، ويقول: أين هديّة اليوم؟ فقال له بختيشوع: يا أمير المؤمنين، أنا رجل نصراني، لا أعرف هذا اليوم، فأهدي فيه. فقال: دع هذا عنك، ما تأخّرت إلى الآن، إلّا أنّك أردت أن تكون هديّتك خير الهدايا، فيرى فضلها على الهدايا.

فقال: ما فكّرت في هذا، ولا حملت شيئا. فقال له: بحياتي عليك. فضرب بيده إلى كمّه، فأخرج منه، مثل الدواة، معمولا من عود هندي، لم ير قط مثله، كالأبنوس «1» سوادا، وعليه حلية ذهب محرّق «2» ، لم ير قط أحسن منها عملا، ولا من الدواة. قال: فقدّر المتوكل، أنّ الهدية هي الدواة، فاستحسنها. فقال: لا تعجل يا مولاي، حتى ترى ما فيها. ففتحها، وأخرج من داخلها، ملعقة كبيرة محرّقة، من ياقوت أحمر. قال: فخطفت أبصارنا، ودهشنا، وتحيّرنا. فبهت المتوكل، وأبلس «3» ، وسكت ساعة متعجبا، مفكّرا، ثم قال: يا بختيشوع، والله، ما رأيت لنفسي، ولا في خزانتي، ولا في خزائن آبائي، ولا سمعت، ولا بلغني أنّه كان للملوك من بني أميّة، ولا لملوك العجم مثلها، فمن أين لك هذه؟ [98] . فقال: الناس لا يطالبون بمثل هذا، وقد أهديت إليك، ما قد اعترفت بأنّك لم تر، ولم تسمع، بمثله حسنا، فليس لك مسألتي عن غيره. قال: بحياتي أخبرني. فامتنع، إلى أن كرّر عليه إحلافه بحياته، دفعات، وهو يمتنع. فقال: ويحك، أحلّفك بحياتي، دفعات، أن تحدّثني حديثا، فتمتنع، وقد بذلت لي ما هو أجلّ من كلّ شيء. قال: فقال له: نعم يا مولاي، كنت حدثا، أصحب أبي جبريل

ابن بختيشوع إلى دور البرامكة، وهو إذ ذاك طبيبهم، لا يعرفون خدمة طبيب غيره، ولا يثقون برأي غيره، ويدخل إلى حرمهم، ولا يستتر أكثرهم عنه. قال: فصحبته يوما، وقد دخل إلى يحيى بن خالد، فلما خرج من عنده، عدل به الخادم، إلى حجرة دنانير «1» جاريته، فدخلت معه، وأفضينا إلى ستارة منصوبة، في صدر مجلس عظيم، وخلفها الجارية، فشكت إليه شيئا وجدته، فأشار عليها بالفصد» ، وكان لا يفصد بيده، وإنّما يحمل معه من يفصد من تلامذته، ورسم الفصد عليهم خمسمائة دينار. قال: فندبني ذلك اليوم للفصد، وأخرجت يدها من وراء الستارة، ففصدتها، وحملت إليّ في الحال خمسمائة دينار عينا، وأخذتها، وجلس أبي إلى أن يحمل إليها شراب تشربه بحضرته، ورمّان أشار عليها باستعماله. قال: فحمل ذلك في صينية عظيمة مغطّاة، وتناولت منه ما أرادت، وخرج الظرف مكشوفا، فرآه أبي، فقال للخادم: قدّمه إليّ، فقدّمه إليه، فكان في جملته جامة فيها رمّان، وفيها هذه الملعقة، فحين رآها أبي قال: والله ما رأيت مثل هذه الملعقة، ولا الجامة. قال: فقالت له دنانير: بحياتي عليك، يا جبريل، خذها. قال: ففعل، وقام ينصرف.

فقالت له: تمضي، ففي أيّ شيء تدع هذه الملعقة؟ قال: لا أدري. قالت: أهدي إليك غلافها. فقال: إن تفضّلت. فقالت: هاتم «1» تلك الدواة. فجاءوا بهذه الدواة، فوضع أبي فيها الملعقة، وحملها، والجامة في كمه، وانصرفنا. فقال له المتوكل: جامة تكون هذه ملعقتها، يجب أن تكون عظيمة القدر، فبحياتي، ما كان من أمر الجامة؟ فاضطرب [99] ، وامتنع امتناعا عظيما، إلى أن أحلفه مرارا بحياته. فقال: أعلم، إذا قلت أيّ شيء كانت، طالبتني بها، فدعني أمضي، وأجيء بها، وأتخلّص منك دفعة واحدة. فقال: افعل. قال: ومضى، فلم يهن المتوكل الجلوس، ولم يأخذه القرار، حتى جاء بختيشوع، وأخرج من كمّه جامة، على قدر الزبديّة «2» ، أو الجامة اللطيفة، من ياقوت أصفر، فوضعها بين يديه.

109 يوسف بن وجيه صاحب عمان

109 يوسف بن وجيه صاحب عمان وحدّثني أبو الفضل «1» ، قال: كنت مقيما بسيراف «2» ، أتصرّف، واجتاز بها يوسف بن وجيه «3» ، يريد البصرة، ومحاربة البريدي «4» ، وضامنها «5» - إذ ذاك- ابن مكتوم الشيرازي، وهو مدبّرها حربا وخراجا «6» من قبل الأمير عليّ بن بويه «7» ، فتلقّاه، وخدمه خدمة ارتضاها، ونزل بظاهر البلد، فحمل إليه ابن مكتوم، كلّ شيء من الألطاف والهدايا. قال: فقال له يوما: والله، ما وردت هذا البلد، إلّا وفي نفسي الاجتراء عليه، وتخليف جيش به، ثم الخروج إلى البصرة، ولقد كاتبني جميع وجوه البلد في ذلك، وأشاروا عليّ بهذا، ولكني قد استحيت منك أن أفعل، فإنّك بدأتني بالخدمة، وأنا في أطراف عملي، وليس بكثير أن أهب لك هذا البلد. قال: وقد كان بلغنا أنّ أهل البلد كاتبوه بذلك، ولم نتحقّق هذا، ولمّا قرب، أشار أهل البلد، على ابن مكتوم، بالانصراف، وأن لا يحضر،

وخوّفوه أن يقبض عليه، وأرادوا بذلك أن يتمّ التدبير لهم، في تملّك يوسف ابن وجيه البلد. فلم يجسر ابن مكتوم على ذلك، وقال: لأن يقبض عليّ، وليس لي إليه ذنب يقتلني به، أحبّ إليّ من أن أصيّر لنفسي ذنبا عند عليّ بن بويه، فيقتلني به، فإنّه يظن أنّي واطأت على خروج البلد من يده لأكسر مال الضمان، ويقول لي: كان يجب الصبر، إلى أن يدخل، فيقبض عليك، أو تجيئني بعد واقعة يخدش فيها رجل، ولم يبرح، وأخلد إلى خدمته [الخدمة] العظيمة، فنفعه ذلك، وتخلّص. قال: فلما كشف له يوسف، ما كان في نفسه، دعا له، وشكره، وتذلّل. فقال له يوسف: وقد كنت عملت أن لا أشرب، إلى أن أفتح هذا البلد الذي أقصده، ولكن قد اشتقت إلى الشرب، شهوة لأن أشرب [100] معك، لما رأيته من ظرفك وفتوّتك، فتعود العشيّة إلى الشرب، ومعك من تأنس به من أصحابك. قال: فانصرف، واختار جماعة من وجوه البلد، ووجوه المتصرّفين «1» ، كنت واحدا منهم. وجاءنا رسول يوسف بعد الظهر، فركب، ونحن معه، حتى أوصلنا إلى حضرته، فأجلسنا في فازة بهنسي «2» لم أر قبلها مثلها حسنا، في صدرها سدّة «3» أبنوس مضبّبة بالذهب، ومساميرها ذهب، وعليها دست ديباج

فاخر جدا، وبين يديها بساط جهرمي «1» فوقه حصير واسع، كبير، عظيم، طبرانيّ «2» ، ومخاد، وصدر منه «3» . وخرج يوسف، فجلس، وجلسنا معه، وأحضرت مائدة فضّة بزرافين «4» ، تسع عشرين نفسا، فجلسنا عليها، ونقل علينا من الطعام، ما لم أر مثله حسنا، في أواني كلها صينيّ. قال: وتأملت، فإذا خلف كلّ واحد منّا، غلام صغير، مليح، قائم بشرابي ذهب، وكوز بلّور فيه ماء، فأكلنا. فلما تمّ أكلنا، نهض يوسف، فخرج من وراء الفازة، إلى موضع، وجاءنا فرّاشون بعددنا، بطساس وأباريق فضّة، ومجامع فضة، فغسلنا أيدينا دفعة واحدة. ومضى أولئك الغلمان الأصاغر، وجاء غيرهم بعددنا، ومعهم المرايا المحلّاة الثقيلة، والمضارب البلّور، والمداخن «5» المحلّاة الحسنة، فتبخّرنا دفعة [واحدة] . وتركنا ساعة في موضعنا، ثم استدعينا، فأدخلنا إلى فازة ألطف من تلك، ديباج، وفيها [سدة] صندل محلّاة بفضّة، فيها دست ديباج، وحصر

طبرية، مثل تلك الحصر، وفيها نحو ثلاثين مطاولة «1» ، مسبكة، ذهب كلّها، عليها تماثيل العنبر، على هيأة الأترج والبطّيخ، والدستنبو «2» ، وغير ذلك. قال: فدهشنا، وتحيّرنا، وإذا في أربع جوانب تلك المطاولات، أربع أجاجين «3» بيض، كبار، عظام، كل واحدة كالقدس «4» الكبير، والجميع مملوءة ماء ورد، وفيه أمر عظيم من تماثيل الكافور، وغلمان قيام بعددنا، يروّحون، وغلمان أخر بعددنا، بأيديهم مناديل الشراب، وبين يدي كلّ واحد، صينيّة ذهب، ومغسل، ومركن «5» ذهب [101] ، وخرداذي «6» بلّور، وقدح بلّور، وكوز بلور، والجميع فارغ. قال: فأمر يوسف، بإخراج الأنبذة، في مدافات «7» بلّور، تسمى بالفارسية: جاشنكير، فأخرجت عدّة أنبذة من العنب، ممّا يعمل في جبل عمان، لم نظن أنّه يكون في تلك [النواحي] بحسنها وطيبها. فاختار ابن مكتوم، نبيذا منها، فملئت الظروف منه، وقام على رأس كل واحد منّا، غلام يسقيه، ويتفقّد نقله «8» ، ويتفرّد بخدمته، إلى أن شربنا أقداحا. ثم أجرى يوسف، حديث عليّ بن بويه، فقال لابن مكتوم، وقد خرج من حديث إلى حديث: أحبّ أن تخبرني عن أخي أبي الحسن عليّ بن بويه،

أيّ شيء اعتقد في إمارته هذه؟ قال: إنّ له ألفي غلام أتراك، وأربعة آلاف بغل، وألفي جمل. قال: وأخذ يكثر عليه من هذا. فقال له: ويحك، هؤلاء عيال، وسبب خرج، لم أسأل عن هذا، إنّما سألت أيّ شيء أدّخر، ممّا يتنافس فيه الملوك. قال: فقال له: وصل من الكنوز العتيقة، والأموال التي استخرجيها إلى تسعين ألف ألف درهم. قال: فقال: ولا هذا أردت، إنّما أردت الذخائر والجواهر، وما يخفّ، وما يحمله الملوك معهم، محملا لطيفا، إذا حزبهم أمر. قال: فقال ابن مكتوم: لا أعلم، إلّا أنّي سمعت، أنّ الجبل الذي كان للمقتدر، قد وصل إليه. فقال: وما الجبل؟ قال: فصّ ياقوت أحمر، فيه خمسة مثاقيل، إلّا أنّي ابتعت له جوهرتين، بمائة وعشرين ألف درهم. فقال: قد أنست بك، واقتضى أن أريك، ما صحبني في هذه السفرة، من هذا الجنس، إن نشطت لذلك. قال: فشكره، ودعا له، وقال: إي والله، أنشط لذلك، وأتشرّف به. قال: فدعا بغلام، وقال: امض، فهات الربعة «1» الفلانية. قال: فجاءه بربعة كبيرة. قال: وكانت بين يديه خرائط «2» خراسانية، مطروحة في المجلس،

فاستخرج من واحدة منهنّ، مفتاح ذهب، وتأمّل أوّلا، ختم الربعة، ثم فتحها بالمفتاح، وأخرج إلينا قضيبا عليه خواتيم، نحو خمسمائة خاتم، يواقيت، وفيروزج، وعقيق، لم نر مثله، فأرانا إيّاه، وقال: [102] ليس هذا بشيء، فدعوه. قال: فتركناه، ثم أخرج إلينا عقدا، فيه ثلاث وتسعون حبّة جوهر، كل واحدة منها، على قدر بيض الحيّة والعصفور، فدهشنا من عظمها. فقال: إنّ هذا العقد، في خزانة خالي أحمد بن هلال «1» وخزانتي من بعده، منذ كذا وكذا سنة، والجوهر إلينا يصل أوّلا، ثم يتفرّق من عندنا إلى البلاد، ونحن مجتهدون، في أن نجد سبع حبّات تشابه هذا، فيحصل في العقد مائة حبّة، فما نقدر على ذلك، منذ كذا وكذا سنة. قال: ثم أخرج إلينا فصّا من الماس، فلبسه في الحال، وأدناه من فصّ عقيق كان في يد ابن مكتوم، فجذبه كما يجذب المغناطيس الحديد، حتى تكسّر فصّ ابن مكتوم. قال: ثم استخرج منديلا لطيفا، فحلّه، وأخرج قطنا، ففرّقه بيده، واستخرج منه شيئا خطف أبصارنا، وأضاء المجلس له، حتى دهشنا، وسلّمه إلى ابن مكتوم، وقال: تأمّله. قال: فتأمّلناه، فإذا هو ياقوت أحمر، على كبر الكفّ، وقدّها من الطول والعرض. قال: فدهشنا. فقال يوسف بن وجيه: أين هذا، يا ابن مكتوم، من الذي وصفته؟ قال: فانكسر ابن مكتوم.

وما زلنا نقلّب تلك الكفّ، ونشرب عليها ساعة. قال: ثم أخرج إلينا من الربعة، حشائش، ذكر أنّها سموم قاتلة في الحال، وحشائش، ذكر أنّها تبرىء من تلك السموم في الحال. قال: وأخرج أشياء، هائلة، طريفة، لم يعلق بحفظي منها، إلّا ما ذكرته، لدهشتي بما رأيت. قال: فلما جاء المساء، جاءنا بشموع عنبر، فوضعت تتّقد. قال: وشربنا إلى نصف الليل، وانصرفنا. وشخص يوسف إلى البصرة، وحاربه البريديّ، فهزمه، وأفلت في مركب، وأحرقت باقي مراكبه «1» ، فلم يحب الاجتياز بسيراف، فتوّه في البحر، وسلك وسطه، يريد عمان. قال: وبلغنا الخبر، وأنفذ ابن مكتوم، صاحبا له، إلى عمان، يتوجّع له، ويتعرّف خبره، وكاتبه على يده. قال: فدخل صاحبنا إلى عمان، قبله بأيّام، ثم وردها يوسف، فلما وقف على الكتب تذكّر عهد ابن مكتوم، وذكره بالجميل، ووهب لصاحبه خمسة آلاف درهم، وأنفذ إلى ابن مكتوم هديّة قيمتها مائة ألف درهم [103] تجتمع على طرائف البحار، وأنفذ إلى كل واحد من الجماعة الذين كانوا حضورا دعوته مع ابن مكتوم، عدّة أثواب من صنوف الثياب، وأفخرها، وأحسنها، وكنت ممّن وصل إليه ذلك.

110 وصيف كامه يحسن إلى أهل قم

110 وصيف كامه يحسن إلى أهل قم حدّثني أبو الفضل «1» ، قال: حدّثنا شيخ كان لنا بفارس، من أهل قم «2» ، قال: ورد إلينا وصيف كامه» ، أميرا على بلدنا، فتلقّيناه، فرأينا من فضله، وعقله، وجلالة قدره، كلّ عظيم. قال: فأقبل علينا بخطاب جميل، ووعدنا، ومنّانا، وعرّفنا رأي السلطان في العدل والإحسان، ثم أقبل يسأل عن أمور بلدنا، مسألة عالم به، ويسأل عن شيوخه، إلى أن انتهى في السؤال، إلى رجل، لم يكن جليلا، ولا مشهورا، ولا عرفه منّا إلّا واحد كان في المجلس. قال: فأقبل يعظّم من أمره، ويسأل عن معيشته، وأولاده. قال: فاسترقعناه. قال: ثم قال لنا: أحضروني إياه إحضارا جميلا، فإني أكره أن أنفذ إليه من يستدعيه، فأروّعه. قال: فأحضرناه، فحين وقعت عينه عليه، قام إليه قياما تاما، وأجلسه في الدست معه. قال: فسقط من أعيننا، وقلنا جاهل لا محالة.

قال: ثم أقبل عليه، يسأله، عن زوجته، وبناته، وبنيه، والشيخ يجيب جواب ضجر، باهت، معظّم لما عمله. فقال له: أحسبك قد نسيتني؟ وأنكرت معرفتي. فقال: كيف أنكر الأمير- أيّده الله- مع عظمه وجلالته؟ فقال له: دع هذا، أتعرفني جيدا؟ قال: لا. قال: أنا مملوكك وصيف. ثم أقبل علينا فقال: يا مشايخ قم، أنا رجل من الديلم، كنت سبيت في وقت كذا وكذا، في الغزاة التي غزاهم فيها فلان الأمير، وكان سنّي إذ ذاك عشر سنين أو نحوها. فحملت إلى قزوين، فاتّفق أنّ هذا الشيخ كان بها، فاشتراني، وحملني إلى قم، وأسلمني مع ابنه في الكتّاب، وأجراني مجراه، في حسن التربية، وفعل بي وصنع، وجعل يعدّد له ما يذكره، وأنّه أحسن ملكته، حتى إنّه ما تأذى منه قط، ولا ضربوه، ولا شتموه، وإنّهم كانوا يكسونه، كما يكسون ابنهم، ويطعمونه كما يطعمونه. ولم أزل معهم في أحسن عشرة، إلى أن بلغت، وكانوا يهبون لي الدراهم لشهواتي [104] ، ويعطوني أكثر ممّا أحتاج إليه. وكنت- مذ كنت صبيا- كلما وقع بيدي شيء، جمعته عند بقّائى في المحلّة، يعرف بفلان. قال: ثم سأل عنه، فقيل: هو باق. فلما بلغت واشتددت، طلبت السلاح، وعملت به، ومولاي- مع هذا- يشتري لي كل ما أريده، ويمكنني «1» من شهواتي، ويحسن إليّ،

ولا يعترض في شيء أريده عليّ. قال: واتفق، أنّ بعض الجند رآني، فقال: هل لك في أن تخرج معي إلى خراسان، فأركبك الدوابّ، وأفعل بك، وأصنع. فقلت: أصحبك، على شرط أن لا أكون مملوكك، ولا تتملّكني، ولكن أشتري لنفسي دابّة، وسلاحا، وأتبعك غلاما لك، مالكا لنفسي، فمتى رأيت منك ما أكره، فارقتك، ولم يكن لك الاعتراض عليّ. فقال: افعل. قال: فجئت إلى البقّال، فحاسبته، وكان قد اجتمع لي عنده شيء كثير، فأخذته، واشتريت منه دابّة وسلاحا، وأخذت إليك «1» ، ومعي دراهم، وصحبت الجندي، وأبقت من مولاي هذا. ومضيت إلى خراسان بأسرها، وتقلّبت بي الأمور، وترقّت حالي مع الأيّام، حتى بلغت هذا المبلغ، وأنا في رقّ هذا الشيخ، وأنا أسألكم الآن، مسألته أن يبيعني نفسي. قال: فأكبر الرجل ذلك، وقال: أنا عبد الأمير، والأمير حرّ لوجه الله، وأتجمّل بولائه، وأفتخر أنا وعقبي بذلك. قال: فقال: يا غلام، هات ثلاث بدر «2» . وأحضرت، وصبّ المال، وسلّمه إلى الشيخ، ثم استدعى له من الثياب، والدواب، والبغال، والطيب، والآلات، ما تزيد قيمته على قدر المال. ثم استدعى ابنه، فأحضر، وأكرمه، وتطاول له «3» ، ووهب له عشرة آلاف درهم، وثيابا كثيرة، ودواب، وبغالا.

واستدعى البقال، ووهب له خمسمائة دينار، وثيابا كثيرة. قال: ثم أنفذ هدايا، إلى بنات الشيخ، وزوجته، وعيال البقّال. قال: ثم قال للشيخ: يا فلان، انبسط في هذا السلطان الذي قد رزقك الله [إياه] ، انبساط من يعلم أنّ الأمير مولاه، واعلم بأنّك لا تحلّ شيئا فأعقده، ولا تعقد شيئا فأحلّه. قال: ثم التفت إلينا، وقال: يا مشايخ قم، أنتم سادتي، وشيوخي، وما على الأرض، أهل بلد، أحبّ إليّ منكم، ولا أوجب حقا [105] منكم، فانبسطوا في حوائجكم، انبساط الشريك الذي لا فرق بيني وبينه، إلّا فيما حظرته الديانة، وليس بيني وبينكم فرق، إلّا في ثلاث: طاعة السلطان، وصيانة الحرم، ومخالفتكم في الرفض، فإنّي قد طوّفت الآفاق، وسلكت الجبال والبحار، وبلغت أقاصي المشرق والمغرب، فما رأيت على دينكم أحدا غيركم، ومحال أن يجتمع الناس كلهم على ضلالة، وتكونوا أنتم من بين أهل الآفاق على حقّ. قال: ثم سأل كل واحد منّا، عن حوائجه، ونظر إليه فيها بطرف، ونظر للشيخ بضعف ما نظر به لأجلنا. قال: فخرجنا من عنده، وقد نبل في عيوننا نبلا شديدا، وانقلبت المواكب إلى باب الشيخ، فأقبل الناس إليه في الحوائج، وإلى ابنه، فصارا رئيسي البلد، ولم يكن وصيف يردّ هما في شيء يسألانه من قليل ولا كثير، إلى أن خرج عن قم «1» .

111 وصيف كامه يعين عاملا على فارس

111 وصيف كامه يعين عاملا على فارس قال: وحدّثني أبو الهذيل، أنّ وصيفا لما ولي فارس، أقام بشيراز، وكان يتواضع للناس، تواضعا شديدا، ويحسن السيرة، ويتحبّب إلى العامّة جدّا، حتى كان يعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم. قالوا: وما رأينا أميرا أعقل منه، ولقد رأيته يوما، قد حضر جنازة رجل من السوق، راكبا دابّة، وعليه درّاعة «1» بيضاء وعمامة، وليس بين يديه، إلّا ثلاثة من الشاكريّة «2» ، فوقف في جملة الناس، يصلّي على الرجل. قال: وكان عندنا حائك، يعرف بفلان، يظهر الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قال: فرأيته، وقصد أن جاء فوقف إلى جنبه [في] الصلاة، وزاحمه، حتى وضع مرفقه في صدر وصيف، وزحمه به. فجاء بعض من كان معه، ينكر ذلك، وينحّي الرجل، فنظر إليه نظرا شزرا، جزع معه الغلام، وتنحّى، وتركه والحائك. قال: فرأيته، وقد تجمّع في مكانه، ووسّع للحائك، حتى أتمّوا الصلاة.

112 الوزير يتيم في حجر كل كاف

112 الوزير يتيم في حجر كل كاف بلغني من جهة وثقت بها، عن أبي إسحاق إبراهيم بن السريّ الزجّاج «1» ، قال: حضرت مجلس أبي القاسم عبيد الله بن سليمان «2» ، وأبو زنبور الكاتب «3» ، يعذله في إفضائه إلى أبي العبّاس بن الفرات «4» ، وتفويضه الأمور إليه، ويخاطبه بكلّ عظيم في ذلك. إلى أن قال له: الناس يقولون، أيها الوزير: إنّك يتيم في حجر ابن الفرات. فقال عبيد الله: أنا يتيم، في حجر كلّ كاف.

113 أبو أحمد الشيرازي والصفراء

113 أبو أحمد الشيرازي والصفراء حدّثني «1» بعض إخواني الثقات عندي [106] ، قال: حدّثني أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر الشيرازي الكاتب «2» ، قال: لما صحبت أبا عليّ بن مقلة «3» إلى بغداد، واستكتبني، كان يتعمّد نفعي بكلّ شيء، ويوصل إليّ أموالا جليلة، فلم أكن أحفظها، وكانت كلها تخرج عن يدي، في القيان، والشراب، وأتلفها. قال: فهويت جارية من القيان صفراء، واشتهر أمري معها، وأتلفت كلّ كسبي عليها، حتى بلغ أبا عليّ، وكان يعذلني، ويوبخني، ويمنعني من مفارقة حضرته، وأن أخلّ بها. قال: فأفلتّ يوما من حضرته، ومضيت إلى بيتي، وقد حصّلها غلامي، وأعدّ لي مجلسا بالفاكهة الكثيرة، والتحايا الظراف، والشراب الفاخر. قال: فشربت ليلتي معها، وخفت أن أخلّ بالوزير، فحملتني الشهوة للجلوس مع المغنّية، على أن كتبت إلى الوزير رقعة، أعتذر فيها من التأخر، وأقول: إنّ الصّفراء تحركت عليّ، واضطراب جسمي، فلم أقدر على المجيء، وأباكر الخدمة في غد، وأسأل قبول عذري. قال: فعاد إليّ الجواب، بخط أبي عليّ بن مقلة، في أضعاف السطور،

بأجلّ خطاب، وألطف مداعبة. وقال فيه: يا هذا، ظلمت الصفراء، أنت تحركت على الصفراء، ليس هي تحركت عليك، وقد علمت مغزاك في التأخّر، وبحسب ذلك أجبتك، وقد بعثت إليك منديلا مختوما فاستعن بما فيه. قال: ففتحت المنديل، وإذا فيه، رطل ندّ «1» ، وشيء كثير من الكافور «2» ، والمسك «3» ، ومائتا دينار عينا «4» . وأنشدني أبو الحسن عليّ بن هارون بن المنجم، لنفسه في معنى الصفراء، بيتين ما سمعت أظرف [منهما] في معناهما، وهما يقاربان قول ابن مقلة، وهما: قال الطبيب وقد تأمل سحنتي ... هذا الفتى أودت به الصفراء فعجبت منه إذ أصاب وما درى ... قولا ومعنى ما أراد خطاء

114 لا يمكن التجلد على عذاب الله

114 لا يمكن التجلد على عذاب الله حدّثني بعض البغداديين، قال: ضرب عندنا رجل من أهل العصبيّة، خمسمائة سوط «1» ، في وقت واحد، فلم يتأوّه، ولم ينطق. فلما كان بعد أيّام، حمّ حمّى صعبة، وضرب عليه معها رأسه «2» ، فأقبل يصيح، كما يصيح البعير، ويقول: العفو، العفو، يكرّرها. فلما كان من غد، اجتمع إليه قوم من أهل الحبس، فقالوا: فضحتنا، أنت تضرب بالأمس خمسمائة سوط، فلا تصيح، تحمّ ساعة من ليلة، فتصيح؟ فقال: عذاب الله عزّ وجلّ، أشدّ العذاب، وما كنت لأتجلّد عليه.

115 الغلط الذي لا يتلافى

115 الغلط الذي لا يتلافى قال: وأتي [107] بعض الولاة، برجلين، أحدهما قد ثبت عليه الزندقة «1» ، والآخر قد وجب عليه الحدّ «2» . فسلّم الوالي الرجلين، إلى بعض أصحابه، وقال: اضرب عنق هذا،- وأومأ إلى الزنديق- واجلد هذا، كذا وكذا. قال: فتسلّمهما وخرج. فوقف المحدود، وقال: أيها الأمير، سلّمني إلى غيره، فإنّ هذا الأمر، لا آمن فيه الغلط، [والغلط] فيه لا يتلافى. قال: فضحك منه الأمير، واستطابه، وأمر بإطلاقه، فأطلق، وضربت عنق الزنديق.

116 المهدي والمتهم بالزندقة

116 المهدي والمتهم بالزندقة قال: وأتي المهدي بن المنصور، برجل قد رمي بالزندقة، فسأله عن ذلك. فقال الرجل: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدا صلى الله عليه وسلّم، رسوله، وأنّ الإسلام ديني، عليه أحيا، وعليه أموت، وعليه أبعث. فقال له المهدي: يا عدوّ الله، إنّما تقول هذا مدافعة عن نفسك، هاتم السياط، فأحضرت، وأمر بضربه، فضرب، وهو يقرّره. فلما أوجعه الضرب، قال له: يا أمير المؤمنين، اتّق الله، فقد حكمت عليّ، بخلاف حكم الله تعالى، وخلاف حكم رسوله صلى الله عليه وسلّم. فإنّ الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلّم، يقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلّا الله، فإذا قالوها، عصموا دماءهم، وأموالهم، إلّا بحقهما، وحسابهم على الله، وأنت قد جلست تطالبني، وتضربني، حتى أكفر، فتقتلني. قال: فخجل المهدي، وعلم أنّه قد أخطأ. فأمر بإطلاقه «1» .

117 شر السلطان يدفع بالساعات

117 شر السلطان يدفع بالساعات حدّثني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي علان الأهوازي، قال: حدّثني جدّي أبو القاسم بن أبي علان «1» ، وقد جرى حديث السلطان، وأنّ شرّه يدفع بالساعات، قال: ورد علينا أبو يوسف البريدي «2» ، كاتب السيدة «3» ، يطالبني، وأبا يحيى الرامهرمزي «4» ، أن نضمن منه ضياع السيّدة، وتشدّد علينا ونحن ممتنعون. إلى أن أخلى لنا مجلسه، في يوم خميس، وناظرنا مناظرة طويلة، وشدّد علينا أمرا عظيما، فكدنا معه أن نجيبه، وكان علينا في ذلك ضرر عظيم. فقلت لأبي يحيى: يجب أن نجتهد في رفع المجلس اليوم، لنتفكر إذا انصرفنا، كيف نعمل. قال: وكان أبو يوسف محدّثا طيّبا. قال: فجرّه أبو يحيى، إلى المحادثة، واستلب هو الحديث، وسكت أبو يحيى. قال: وكانت عادة أبي يوسف، في كلامه، أن يقول في كل قطعة من حديثه: أفهمت؟

قال: وكان كلّما قال أبو يوسف، لأبي يحيى، أفهمت؟ يقول أبو يحيى: لا، فيعيد الحديث، ويخرج منه إلى حديث آخر. قال: فلم يزل [108] كذلك، حتى حمي النهار، وقربت الشمس من موضعنا. فرجع أبو يوسف إلى حديث الضمان، ومطالبتنا بالعقد. فقلت له: إنّه قد حمي النهار، وهذا لا يتقرّر في ساعة، ولكن نعود غدا، ورفقنا به، فقال: انصرفوا، فانصرفنا، واستدعانا من غد، فكتبنا إليه رقعة، إنّه يوم الجمعة، وهو يوم ضيق، ونحتاج إلى الحمام والصلاة، وقلّ أمر يبتدأ به يوم الجمعة، قبل الصلاة، فيتم، ولكنّا نباكرك يوم السبت، فاندفع. واستدعانا يوم السبت، فصرنا إليه، وقد وضعنا في نفوسنا، الإجابة، لمّا أيسنا من الفرج. فحين دخولنا إليه، ورد إليه كتاب، فقرأه، وشغل قلبه، وقال: انصرفوا اليوم، فانصرفنا، ورحل بعد ساعة، لأنّ الكتاب كان يتضمن ذكر صرفه. فبادر قبل ورود الصارف، وكفينا أمره.

118 كيفية إغراء العمال بأخذ المرافق

118 كيفية إغراء العمال بأخذ المرافق قال «1» : وورد إلينا، في وقت من الأوقات، بعض العمّال، متقلّدا للأهواز، من قبل السلطان، وقد أسماه، ونسيه الذي حدّثني. قال: فتتبّع رسومنا «2» ، ورام نقض شيء منها، وكنت أنا وجماعة من التنّاء «3» في تلك المطالبة، وكان فيها ذهاب غلّاتنا في تلك السنة، لو تمّ علينا، وذهاب أكثر قيم ضياعنا. قال: فقالت لي الجماعة: ليس لنا غيرك، تخلو بهذا الرجل، وتبذل له مرفقا «4» ، وتكفينا إيّاه. قال: فجئته، وخلوت به، وبذلت له مرفقا جليلا، فلم يقبله، ودخلت عليه بالكلام في غير وجه، فما لان، ولا أجاب. قال: فأيست منه، وكدت أن أقوم خائبا. قال: فقلت له في عرض الكلام: يا هذا الرجل، أنت مصمّم في هذا الأمر على خطأ شديد، لأنك تظلمنا، وتزيل رسومنا، من حيث لا يحمدك السلطان، ولا تنتفع أنت بذلك. ومع هذا، فأخبرني، هل تأمن أن تكون قد صرفت» ، وكتاب صرفك،

في الطريق، يرد عليك بعد يومين أو ثلاثة، فتكون قد أهلكتنا، وأثمت في أمرنا، وفاتك هذا المرفق الجليل. ولعلّنا نحن نكفى، ويجيء غيرك فلا يطالبنا، أو يطالبنا فنبذل له هذا المرفق، فيقبله، ويكون الضرر، إنّما يدخل عليك وحدك. قال: فحين سمع هذا، اعتقد أنّ لي ببغداد، من يكاتبني بالأخبار، وأنّني قد أحسست باختلال أمره، وأخذ يخاطبني من أين وقع لي أنّه قد وقع هذا؟ قال: فقوّيته، وثبتّه في نفسه، فأجاب إلى أخذ المرفق، وإزالة المطالبة. فسلّمت [109] إليه رقاع الصيارف بالمال، وأخذت منه حجّة بإزالة المطالبة، وانصرفت، وقد بلغت ما أردت. قال: فسلمت، فلما كان بعد خمسة أيام، لا تزيد يوما، ورد عليه الكتاب بالصرف. قال: فدخلت عليه، فأخذ يشكرني، ويخبرني بما جرى، وبما ورد عليه، فأوهمته أنّي كنت قد قلت له ذلك، على أصل. وكفيت تلك المطالبة.

119 يحتال على القواد الأتراك بسر من رأى

119 يحتال على القواد الأتراك بسرّ من رأى حدّثني أبو الطيّب محمد بن أحمد بن عبد المؤمن، الوكيل على أبواب القضاة بالأهواز، قال: قال لي بعض المكدّين «1» ببغداد، عن شيخ لهم أيسر، وعظمت حالته، حتى استغنى عن الشحذ، فكان يعلّمهم ما يعملون، فسألناه عن سبب نعمته، فقال: كنت تعلمت السريانية، حتى كنت أقرأ كتبهم التي يصلّون بها. ثم لبست زيّ راهب، وخرجت إلى سرّ من رأى، وبها قوّاد الأتراك، فاستأذنت على أحدهم، فأدخلت. فقلت له: أنا فلان الراهب، صاحب العمر الفلاني «2» ، وذكرت عمرا بعيدا بالشام، وأنا راهب فيه منذ ثلاثين سنة. وكنت نائما، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلّم، وكأنّه قد دخل إلى عمري، فدعاني إلى الإسلام، فأجبته. فقال لي: امض إلى فلان القائد، حتى يأخذ عليك الإسلام، فإنّه من أهل الجنة، فجئت لأسلم على يديك. قال: ففرح التركي فرحا عظيما شديدا، ولم يحسن أن يأخذ عليّ الإسلام، فتعتع في كلامه، وقطعت الزنّار وأسلمت بحضرته. قال: فوصلني ما قيمته خمسة آلاف درهم، من الدراهم، والثياب، وغيرها وعدت إلى منزلي.

فلما كان من غد، بكّرت إلى قائد منهم، بزيّ الرهبان، وقلت له، كما قلت للأوّل، وأعطاني أكثر من ذلك، حتى طفت على جماعة منهم، فحصل لي من جهتهم أكثر من خمسين ألف درهم. فلما كان في بعض تلك الأيّام، صرت إلى أحدهم، واتّفق أنّه كانت عنده دعوة، فيها وجوههم، فلمّا دخلت، وقصصت الرؤيا، وتأمّلتهم، وإذا في الجماعة واحد ممّن كنت لقيته بالرؤيا. قال: فقامت عليّ القيامة، فلما فرغت من حديث الرؤيا، وأظهرت الإسلام على يد التركي، وأمر لي بالجائزة، وخرجت، أتبعني ذلك القائد بغلامه. فلما بعدت عن الدار، قبض عليّ [110] ، وحملني إلى منزل التركي الأول، فقامت قيامتي، وأحسست بالمكروه، وبذلت للغلام جميع ما كان معي، ليدعني أنصرف، فلم يفعل. وجاء التركي، وهو منتش «1» ، فقال: «يابا، حصلت تسخر بالأتراك واحد واحد، وتأخذ دراهمهم» «2» ؟ قال: فقلقت فزعا، وقلت: يا سيدي، أنا رجل صفعان، فقير، مكدّ، وأنا فعلت هذا لآخذ شيئا. قال: فقال لي: أظننت أنّني أفضحك في بلدك؟ ما كنت بالذي أفعل، وقد جازت السخرية عليّ، حتى تجوز على الجماعة، كما جازت عليّ، ولكن أليس أنت؟ قال: فطايبته، وتصفّعت له، فضحك منّي، واستدعى بالنبيذ،

وشرب، ولاعبته، فاستخفّ روحي، وحبسني عنده، وخلع عليّ، وأعطاني دراهم، ودعا جماعة من قوّاد الأتراك وخرجت عليهم في زيّ الصفاعنة، فعطعطوا عليّ، وضحكوا. فحدّثهم التركي، بالحديث، فضحكوا. قال: فأخذت منهم، على تلك الحال، مالا ثانيا جليلا، وانصرفت إلى بغداد وابتعت به عقارا، منه أعيش إلى الآن. تمّ الجزو الثامن ويتلوه التاسع والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين [111] بلغ مقابلة صحح بقدر الطاقة من الأصل المنقول منه.

الفهارس

[الفهارس] محتويات الكتاب 5// مقدمة المحقق 7// مقدمة المؤلف 9/1/فرجة بين الصدر والقبر 10/2/الوزير علي بن عيسى يستحث عاملا على حمل الخراج 12/3/كيف تمكّن عبيد الله بن يحيى بن خاقان من المتوكل 17/4/الواثق ومحمد بن عبد الملك الزيات 20/5/أبو خازم القاضي يطالب الخليفة المعتضد بما في ذمته للوقف 23/6/الوزير ابن الفرات يحاسب عاملا 27/7/أبو العباس ابن الفرات يهدّد عاملا قد ألطّ بالمال 29/8/الوزير عبيد الله بن سليمان، يحرم عاملا من التصرّف 30/9/وزير ينفى لأنّه طرب لغناء صوت 32/10/أحمد بن طولون يقتل الحسن بن مخلد بالسم 35/11/جرأة وزير على أخذ أموال السلطان 38/12/الوزير ابن الفرات يستولي على أموال المصادرات 43/13/الصناعة نسب 45/14/كيف اتصل الفضل بن مروان بالمأمون ووزّر له 48/15/الخليفة المعتصم يصادر وزيره 49/16/العمارة والتوفير، أولى واجبات الوزير 51/17/السبب في علو حال عبيد الله بن يحيى بن خاقان مع المتوكل

54/18/ابن شيرزاد يتحدث عن عمله في ديوان الضياع الخاصة 56/19/البحتري وأبو معشر يؤصّلان عند المعتز أصلا 59/20/ضيعة البحتري في حيازة حفيد ولده 60/21/عامل يصفع عند المطالبة 61/22/حمال مستور 63/23/حامد بن العباس وبواب الوزير إسماعيل بن بلبل 65/24/عامل مصروف يختبىء في قدر هريسة 67/25/من مكارم أخلاق المأمون 68/26/الشاعر الكوفي أبو الحسن البصير 69/27/الخارجي وصلاة الجمعة 70/28/أحد القائلين بالتناسخ، يدّعي أنّ الهرة أمّه 72/29/كتاب تعزية 73/30/شاعر يقتضي ثواب مديح 74/31/الانتقال في ليلة واحدة من الحرّ إلى البرد 75/32/في العافية طعم كل شيء 76/33/القاضي أبو خازم والخليفة المعتضد 78/34/دهاء عبدون أخي صاعد بن مخلد 83/35/حدة طبع أبي العباس بن الفرات 85/36/سفه لسان حامد بن العباس 89/37/من عجائب صنع الله 90/38/الرياسة دين لا يقضى 91/39/ابن الفرات يتعصّب لآل نوبخت 92/40/المعتضد والعمال المنكوبون

93/41/لون من ألوان التعذيب 95/42/من شعر نفطويه 96/43/رعونة عبيد الله بن سليمان جرّت النكبة عليه وعلى أبيه 98/44/ما في الأرض أشد جناية على الوزراء والرؤساء من أصاغر أسبابهم 101/45/الأمير الموفق يأمر وزيره الجديد بتعذيب الوزير المصروف 103/46/سبيل الإنسان في المحن أن يطأطئ لها 104/47/حفلة تعذيب بمحضر الوزير 106/48/وحفلة تعذيب بمحضر الأمير 108/49/أبو زكريا السوسي يرى مناما 109/50/حفيد يزيد بن هارون يرى جده في المنام 110/51/ابن الفرات وأحد طلاب الوزارة 112/52/الحسن بن محمد الكرخي وكمال مروءته 114/53/راتب عامل فارس ثلاثة آلاف دينار في الشهر 115/54/المعتضد يعفي عاملا من المطالبة لما ظهر من مروءته 116/55/علوّ نفس الحسن بن مخلد 120/56/الوزير علي بن عيسى يرفع التكملة ويضع الخراج على الشجر. 129/57/الوزير علي بن عيسى يأمر بالرفق في الجباية 131/58/إذا تمّ أمر بدا نقصه 134/59/الجزاء من جنس العمل 136/60/الخليفة المهدي ووزيره أبو عبيد الله 139/61/معى النهروان بالفارسية

143/62/رقعة نفعت صاحبها وخلفه 145/63/أبو قوصرة المستخرج والوزير المصروف الحسن بن مخلد 147/64/من تواضع ارتفع 149/65/الخليل بن أحمد والراهب 151/66/عافية القاضي يستقيل من القضاء 153/67/لا تصلح الدنيا إلا بالعدل 156/68/تنحّ عن القبيح ولا ترده 158/69/جور أبي عبد الله الكوفي 160/70/أبو عبد الله الكفوي يعاقب ملاحا على سوء أدبه 164/71/هل جزاء الإحسان إلا الإحسان 170/72/آثار قديمة في سواد واسط 175/73/سيدوك الشاعر 176/74/من شعر سيدوك 178/75/محنة القرامطة 180/76/من شعر أبي القاسم الصروي 181/77/عدة جند الخلافة في أيام المقتدر 183/78/الشاعر البدوي عسّاف النميري 186/79/مناظرة بين عالمين في مجلس القاضي أبي عمر 189/80/إخوانيات 190/81/إن كان قد أخذ طالعي فقد أخذت غاربه 191/82/الحق يوفي على الجرم 194/83/يحيى بن خالد البرمكي والفضل بن الربيع 196/84/ثمن هديتين، وثمن نفط وحبّ قطن

197/85/من يشناك كان وزيرا 198/86/المتنبي يعارض القرآن 201/87/معقود العسل ودهن اللوز 202/88/أندلسي تتلمذ للجاحظ 204/89/الناس أربعة 205/90/كيفية صيد الفيل واستئناسه 208/91/ملك الصنف يملك ألفي فيل 209/92/الفيل يقوم بعمل الجلاد 210/93/صاحب عمان يهدي فيلا لمعز الدولة 211/94/وما قتل الأحرار كالعفو عنهم 217/95/الجبارية في الهند 218/96/البابوانية في الهند 222/97/سرق ماله بالبصرة، واستعاده بواسط 226/98/صيرفي بغدادي متحصن من اللصوص 229/99/البراءة المزوّرة 231/100/من شعر سيدوك الواسطي 232/101/من شعر أبي إسحاق الصابي 233/102/الحسن بن عون الموسوس 235/103/حكاية ديوث 236/104/حجاب شديد 237/105/كتاب المافروخي عامل البصرة 239/106/للوزير المهلبي في كلّة قصب حركتها الريح 240/107/زوّر مناما فجاء مطابقا للحقيقة

245/108/من مكارم البرامكة 250/109/يوسف بن وجيه صاحب عمان 257/110/وصيف كامه يحسن إلى أهل قم 261/111/وصيف كامه يعيّن عاملا على فارس 262/112/الوزير يتيم في حجر كل كاف 263/113/أبو أحمد الشيرازي والصفراء 265/114/لا يمكن التجلد على عذاب الله 266/115/الغلط الذي لا يتلافى 267/116/المهدي والمتهم بالزندقة 268/117/شر السلطان يدفع بالساعات 270/118/كيفية إغراء العمال بأخذ المرافق 272/119/يحتال على القواد الأتراك بسرّ من رأى

فهرس أسماء الأشخاص

فهرس أسماء الأشخاص أ ابن أبان- صاعد بن هارون بن مخلد 131 ابن أبان- أبو الفضل عون بن هارون بن مخلد- كاتب المأمون على ديوان الضياع 45 ابن أحمد- الوليد- ابن أخت الراسبي 86، 87. الأحول- أحمد بن أبي خالد- وزير المأمون 83. الإخشيدي- كافور- ممدوح المتنبي 198 الإخشيد- محمد بن طغج- مؤسس الدولة الإخشيدية 198 الأزدي- أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد القاضي 151 الأزدي- القاضي أبو عمر محمد بن يوسف 106، 186، 188. ابن إسرائيل- أبو جعفر أحمد بن إسرائيل الكاتب- وزير المعتز 12، 48 أسماء- أخت الوزير أبي الحسن علي بن عيسى 88 ابن الأشعث- عمرو بن محمد- جندي شاب من عمان 73 ابن أبي الأصبغ- أبو العباس أحمد بن محمد بن بدر بن أبي الأصبغ 23، 116، 117، 118 الأصبهاني- ابن جحا 190 الأصبهاني- أبو الفرج علي بن الحسين الأموي 132 ابن أعين- هرثمة- القائد العباسي 45 الأفشين 56 الإمام- إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 197 الأمراء- أولاد المقتدر 85 الأموي- أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم 24 الأموي- أبو عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب 24

ب

الأمين- أبو عبد الله محمد بن هارون الرشيد 45، 46 الأنباري- أبو الحسن الكاتب 143 الأنطاكي- داود بن عمر- الطبيب البصير 188 أنوشروان- الشاعر الضرير- المعروف بشيطان العراق 148 إيتاخ- أبو منصور ايتاخ الحاجب- القائد الخزري 14، 15، 16 ب الباقطائي- أبو عبد الله الحسن بن علي الكاتب 12، 45، 96، 120 بجكم- أمير الأمراء- القائد التركي 108، 135 البحتري- أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي 56، 57، 58، 59 ابن بحر- أبو مسلم محمد بن بحر الأصبهاني 129، 190 ابن البختري- الأصغر- عامل مصر 65، 66 ابن البختري- أبو العباس أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم القاضي الداودي 186 بنو البختكاني- 132 بختيشوع بن جبرائيل بن بختيشوع بن جرجيس المتطبب 246، 247، 248، 249 ابن بختيشوع- جبريل- الطبيب 245، 247، 248 بدر- مولى المعتضد 114، 260 بدعة الكبرى- جارية عريب المأمونية 30 ابن برد- بشار- الشاعر 267 البرامكة 195، 196، 248 ابن برمك- خالد 133 البرمكي- أبو الفضل جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك- وزير الرشيد 20، 196، 245 البرمكي- الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك- وزير الرشيد، وأخوه من الرضاع 245 البرمكي- موسى بن يحيى بن خالد بن برمك 245 البرمكي- أبو الفضل يحيى بن خالد بن برمك 194، 196، 245

ت

البرمكية- دنانير 248 البريدي- أبو عبد الله أحمد بن محمد- شيخ البريديين 250، 256 البريدي- أبو يوسف يعقوب بن محمد 268، 269 ابن بزيع- عمر- صاحب الدواوين في عهد المهدي 24 ابن بسطام- أبو العباس أحمد بن محمد 90، 91، 115 آل بسطام 91 البصير- أبو الحسن عبد الله بن سليمان الكوفي الضرير- المعروف بالبصير 68 ابن بطوطة- أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي (703- 779) 215 بغا- القائد التركي- مولى المعتصم- المعروف ببغا الكبير 13 ابن بغا- موسى- القائد التركي 79، 80، 81، 82 ابن أبي البغل- أبو الحسن علي بن أحمد بن يحيى 93، 145 ابن أبي البغل- أبو الحسين محمد بن أحمد بن يحيى 93، 122 ابن بقيّة- نصير الدولة أبو طاهر محمد بن محمد- وزير بختيار 209 أبو بكر- الصديق أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة التيمي، القرشي- أول الخلفاء الراشدين 62، 108، 125 ابن بلبل- أبو الصقر إسماعيل بن بلبل- وزير المعتمد والمعتضد 30، 31، 63، 98، 164، 165، 168 بوران- خديجة بنت الحسن بن سهل السرخسي- زوجة المأمون 21 البويهي- معز الدولة أبو الحسين أحمد بن بويه 106، 108، 178، 210 البويهي- عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه 250، 253 ت التنائي- شجاع- رسول الوزير ابن سعدان 135 التنوخي- أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن البهلول الأنباري القاضي 76

ث

التنوخي- أبو الحسن أحمد بن يوسف بن البهلول 236 التنوخي- أبو القاسم علي بن محمد القاضي، والد صاحب النشوار 189 التنوخي- أبو القاسم علي بن المحسن القاضي- ابن صاحب النشوار 188 التنوخي- أبو علي المحسّن بن علي بن محمد القاضي- صاحب النشوار 3، 5، 6، 75 التواريخي- أبو بكر محمد بن عبد الملك 49، 67 توزون- أبو الوفاء- القائد التركي- أمير الأمراء 52، 106، 108 تيمور- العلامة أحمد تيمور 6 ث ثعلب- أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار 61 الثغري- أبو سعيد محمد بن يوسف بن عبد الرحمن الثغري الطائي الصامتي 56 ثمل- غلام سيف الدولة 160، 161 ابن ثوابة- أبو الحسين جعفر بن محمد- الكاتب 143 ابن ثوابة- الحسن- الكاتب 59 ابن ثوابة- الكاتب 43 ج الجاحظ- أبو عثمان عمرو بن بحر 202، 203 الجامدي- ابن مروان 158 الجبائي- أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب 80 الجبائي- أبو علي محمد بن عبد الوهاب 201 ابن جبير- أبو منصور عبد الله بن جبير النصراني، كاتب الوزير ابن الفرات 27، 93 ابن الجراح- إبراهيم بن عيسى- أخو الوزير علي بن عيسى 104 ابن الجراح- أبو محمد الحسن بن مخلد بن الجراح- وزير المعتمد 30، 31، 32، 33،

34، 35، 40، 56، 81، 82، 83، 116، 117، 118، 119، 136، 145، 146 ابن الجراح- داود بن الجراح- جد الوزير علي بن عيسى 139، 196 ابن الجراح- أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد- وزير المقتدر 32، 33، 35، 56، 82، 83، 84، 147، 191، 192، 193 ابن الجراح- العباس بن الحسن بن مخلد 82 ابن الجراح- عبد الرحمن بن عيسى- أخو الوزير علي بن عيسى 106 ابن الجراح- أبو الحسن علي بن عيسى- وزير المقتدر 10، 25، 32، 39، 40، 41، 54، 60، 85، 86، 87، 88، 93، 96، 103، 110، 111، 121، 122، 123، 124، 125، 126، 128، 129، 130، 133، 139، 143، 147، 181، 190، 191، 196 ابن الجراح- عيسى بن داود بن الجراح- والد الوزير علي بن عيسى 53، 139، 196 ابن الجراح- أبو عيسى بن العباس بن الحسن بن مخلد- المعروف بابن بنت أبي نوح- صاحب ديوان الاعطاء- 82 ابن الجراح- أبو عبد الله محمد بن داود- وزير ابن المعتز- عم الوزير علي بن عيسى- صاحب كتاب الورقة- (243- 296) - 32 الجرجرائي- أبو أحمد العباس بن الحسن- وزير المكتفي والمقتدر 38، 110، 156، 157 الجرجرائي- أبو جعفر محمد بن الفضل- وزير المتوكل 12، 48، 53 ابن جرير- عثمان 109 الجزائري- السيد نعمة الله- صاحب كتاب زهر الربيع 235 الجهشياري- عبدوس بن عبد الله الكوفي- حاجب الوزير علي بن عيسى ورئيس رجالته 87 الجهشياري- أبو عبد الله محمد بن عبدوس بن عبد الله الكوفي- صاحب كتاب الوزراء 87 ابن أبي الجعد- أبو أيوب داود بن علي الكاتب 189 الجلندي- عامل المأمون على حماية الطريق 170

ح

ابن جني- أبو بكر محمد بن جني الكاتب- من أعيان الكتاب 43 الجهظ- علي بن الحسن- أحد العمال 29 جواد- الدكتور مصطفى جواد 49، 59، 205، 258 ابن الجوزي- أبو الفرج عبد الرحمن بن علي 62 ح الحاجب- سعيد 56 ابن الحارث- أبو الفضل عبيد الله بن عبد الله الكاتب- من وجوه العمال 147 الحافي- أبو نصر بشر بن الحارث بن علي بن عبد الرحمن المروزي 61 ابن أبي حامد- أبو حامد محمد بن أبي بكر بن أبي حامد القاضي 190، 200 ابن أبي حامد- أبو علي محمد بن محمد بن أبي بكر 190، 198، 200 ابن حبش- أحمد بن محمد- أبوه ابن خالة الوزير ابن الفرات 192 ابن أبي الحديد- عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد المدائني- شارح نهج البلاغة 56 الحراتي- أبو الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الحراني الطبيب 245 الحربي- أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن بشير بن عبد الله البغدادي 75 الحرمي- صافي الخادم- مولى المعتضد 21، 156 ابن الحريش- عباد 240، 241، 243 ابن الحسين- القاضي أبو القاسم عمر بن حسان 235 ابن حفص- جعفر بن حفص 43، 51 ابن حفص- أبو الفرج محمد بن جعفر بن حفص الكاتب 43، 51 الحكيمي- أبو عبد الله أحمد بن محمد الكاتب 10 ابن حماد- أبو أحمد الموصلي- عامل الموصل 111 الحمامي- بدر الكبير- عامل المعاون بفارس وكرمان 126

خ

الحمداني- ناصر الدولة أبو محمد الحسن بن عبد الله 106، 158 الحمداني- الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله 160، 161، 162، 199 ابن حمدون- أبو الحسن محمد بن محمد بن حمدون الواسطي 104 حمدويه- محمد بن عيسى، صاحب الزنادقة 267 ابن حمدي- اللص البغدادي المشهور 55 الحموي- أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي 10، 23، 230 الحميري- يزيد بن منصور- خال المهدي 194 ابن حنبل- الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني 61، 109 ابن الحواري- أبو القاسم علي بن محمد 86 خ أبو خازم- القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز- قاضي المعتضد 20، 21، 22، 76، 77 خاطف- أخت السيدة أم المقتدر 39 ابن خاقان- أحمد- صاحب تلهوار، قصبة نهر الفضل بواسط 171، 172 ابن خاقان- أبو محمد عبد الله بن يحيى بن خاقان 51، 53 ابن خاقان- أبو الحسن عبيد الله بن يحيى بن خاقان- وزير المتوكل والمعتمد 12، 13، 14، 15، 36، 42، 51، 52، 53، 197 ابن خاقان- يحيى بن خاقان- والد الوزير عبيد الله بن يحيى 51 الخاقاني- محمد بن عبيد الله- الوزير 93، 121 الخال- غريب- خال المقتدر 54، 181 ابن الخال- هارون بن غريب- القائد- ابن خال المقتدر 106، 181، 182 ابن خالويه- أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي 199 الخراساني- أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم 197 الخرمي- بابك- الثائر الفارسي 56

د

الخزري- سيما- أحد القواد الذين شاركوا في فتح فارس 121 ابن الخصيب- أحمد بن الخصيب- وزير المنتصر 49، 83 الخصيبي- أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن الخصيب- وزير المقتدر 106، 107، 134 الخصيبي- أبو الحسين عبد الواحد بن محمد- ابن اخت إبراهيم بن المدبر 131، 133 ابن خلكان- القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر 62 الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الأزدي- الفراهيدي خمارويه- أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون 34 الخيزران- أم الهادي والرشيد 154 د ابن داود- أبو عبد الله يعقوب بن داود بن عمر السلمي- وزير المهدي 136 دستنبويه- أم ولد المعتضد 39 الدقيقي- أبو زكريا يحيى بن عبد الله- قهرمان الوزير ابن الفرات 86 أبو دلامة- زند بن الجون الأسدي الشاعر 152 ابن الدلو- أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن محمد بن قرعة البخاري 178 ر ابن رائق- أبو بكر محمد بن رائق- أمير الأمراء 25، 134 راشد- صاحب جيش الموفق 98، 100 الراضي- أبو العباس محمد بن أبي الفضل جعفر المقتدر 9، 59، 60، 106، 181، 198، 245 راغب- غلام الموفق 107

ز

الرامهرمزي- أبو يحيى زكريا بن محمد بن زكريا- 268، 269 الربيع بن يونس- الحاجب 138، 195 ابن الربيع- أبو العباس الفضل بن الربيع 194، 195 ابن رسته- أبو علي أحمد بن عمر بن رسته- صاحب الأعلاق النفيسة 162 ابن رستم- أحمد بن محمد بن رستم- ضامن فارس 123، 126، 129، 190 الرشيد- أبو جعفر هارون بن أبي عبد الله محمد المهدي 25، 43، 45، 46، 136 154، 194، 195، 196، 248 الرومي- سرجون- صاحب الديوان في أيام معاوية بن أبي سفيان 24، 25 ز الزبير- أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي 222 الزجاج- أبو إسحاق إبراهيم بن السري 49، 95، 125، 262 الزغل- إسماعيل بن ثابت- متقلد طساسيج بادوريا وقطربل ومسكن 164، 165، 166، 167، 168 أبو زنبور- الحسين بن أحمد بن رستم المادرائي الكاتب 262 زنجي- أبو القاسم إسماعيل بن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن صالح- كاتب الوزير ابن الفرات 112 ابن زنجي- أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن صالح- كاتب الوزير ابن الفرات 30، 112 زيات- حبيب- الباحث المحقق 10 ابن الزيات- محمد بن عبد الملك- وزير المعتصم والواثق والمتوكل 17، 18، 19 ابن زياد- عبيد الله 27 ابن زيد- أبو خلف سلام بن زيد الأندلسي- تلميذ الجاحظ 202، 203

س

س السادة- السيدة أم المقتدر، وخاطف، ودستنبويه أم ولد المعتضد 39، 40 الساماني- أحمد بن إسماعيل- صاحب خراسان 260 سبكتكين- القائد التركي- حاجب معز الدولة 124 سبكرى- المتغلب على فارس- غلام عمرو بن الليث الصفار 122، 260 ابن السراج- أبو الحسن علي بن نظيف البغدادي البهشمي 70 ابن السراج- الواسطي 170 ابن سريج- أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج البغدادي- الملقب بالباز الأشهب- فقيه الشافعية 186، 187 ابن سعد- أبو الحسين أحمد 190 ابن سعد- أبو عبد الله أحمد بن سعد- مولى بني هاشم 151 ابن سعدان- أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن سعدان- الوزير 135 السفاح- أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 131، 197 سلامة- حاجب الوزير علي بن عيسى 88 أبو سلمة- حفص بن سليمان الخلال- وزير السفاح 197 ابن سلمة- نجاح الكاتب 43، 51 ابن سهل- أبو محمد الحسن بن سهل- قائد المأمون 20، 21، 67، 154 ابن سهل- أبو بكر محمد بن سهل الواسطي- من وجوه الشهود بواسط 170 ابن سهل- محمد بن عبد الله بن محمد بن سهل بن حامد الواسطي 170 سودانية- أبو حامد محمد بن الحسن- صاحب ديوان الضياع الخاصة 54 السوسي- أبو زكريا يحيى بن سعيد السوسي- المعروف بخلف 108 سوشيخ- بائع الأرز باللبن 147 السيدة- شغب- مولاة المعتضد- أم المقتدر 39، 85، 268 سيدوك- أبو طاهر عبد العزيز بن حامد بن الخضر الواسطي الشاعر 175، 176، 231

ش

السيرافي- الفضل بن باهماد 211 ابن سيف- العامل على بادوريا 60 ش ابن شاذان- أبو الحسن زكريا بن يحيى بن محمد الجوهري 149 شارية- المغنية 31 الشالجي- أبو حازم عبود بن مهدي بن محمد أمين بن أحمد الشالجي، المحامي- محقق كتاب النشوار 3، 6 ابن شانده- أبو علي محمد بن محمد بن إسماعيل الواسطي 75 ابن شاهين- أبو الحسن عمران بن شاهين- أمير البطيحة 231 ابن شبيب- ملاح من بغداد 160 ابن شجاع- أبو الحسن محمد بن شجاع- المتكلم البغدادي 201 الشواف- الشيخ عبد السلام البغدادي 189 الشيرازي- أبو الفضل أحمد بن الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 122 الشيرازي- أبو الفضل عبد الرحمن بن جعفر 122، 123 الشيرازي- أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمن بن جعفر 122، 263 الشيرازي- ابن مكتوم- متقلد سيراف لعماد الدولة البويهي 250، 251، 253، 254، 255، 256 ابن شيرزاد- أبو بكر أحمد بن صالح القطربلي 36، 37 ابن شيرزاد- أبو الحسين زكريا بن يحيى 54 ابن شيرزاد- أبو جعفر محمد بن يحيى بن زكريا الكاتب 54، 55، 181، 182 ابن شيرزاد- يحيى بن زكريا- صاحب ديوان ضياع غريب الخال 54، 55

ص

ص الصابي- أبو إسحاق إبراهيم بن (هليل) هلال 232 الصابي- أبو الحسين، وأبو الحسن، هلال بن المحسّن، صاحب كتاب الوزراء 10، 129، 245 صاحب الزنج- علي بن محمد الورزنيني- العلوي ابن صبيح- أبو جعفر أحمد بن يوسف بن صبيح- وزير المأمون 197 أخو أبي صخرة- أبو عيسى أحمد بن محمد بن خالد الكاتب 98، 164، 169 الصروي- أبو القاسم عبيد الله بن محمد 180، 183 الصفار- عمرو بن الليث 240، 241، 242، 260 الصفار- يعقوب بن الليث 120، 121 الصولي- أبو إسحاق إبراهيم بن العباس 136 الصولي- أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله 106 الصيرفي- ابن عبدان- أحد صيارفة درب عون 222 ط ابن طاهر- الأمير أبو العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين 115 الطاهري- أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم- أمير بغداد- المصعبي ابن طاووس- رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني- صاحب كتاب فرج المهموم 6 ابن طولون- أبو العباس أحمد بن طولون- صاحب مصر والشام 32، 33، 34 الطولوني- يمن- أحد القواد الذين شاركوا في فتح فارس 121 الطويل- أبو الحسين أحمد بن محمد بن طريف المعروف بأحمد الطويل- متقلد حصن مهدي 237

ظ

ظ الظاهري- أبو بكر محمد بن داود بن علي بن خلف- صاحب كتاب الزهرة 186، 187 ع عافية- القاضي عافية بن يزيد بن قيس الأزدي- قاضي المهدي 151، 152 أبو عباد- ثابت بن يحيى بن يسار- وزير المأمون 83 ابن العباس- أبو محمد حامد بن العباس- وزير المقتدر 17، 48، 63، 74، 85، 86، 87، 88، 101، 104، 110، 111، 114، 153، 155، 181 ابن عبد الحميد- سليمان، كاتب السيدة أم المقتدر 191 ابن عبد السلام- العدل 86 العبدسي- أبو القاسم بن حوط- رئيس تلهوار بواسط 172 ابن عبد الصمد- أبو طاهر محمد- صاحب الشرطة ببغداد في عهد المعتضد 182 ابن عبد القدوس- أبو الفضل صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس الأزدي الجذامي- مولاهم 267 ابن عبد الله- أبو المنذر النعمان بن عبد الله- صاحب ديوان كور الأهواز 122، 123، 126، 129 ابن عبد المؤمن- أبو الطيب محمد بن أحمد بن عبد المؤمن- الوكيل على أبواب القضاة بالأهواز 272 العبدي- أبو الوزير عمر بن المطرف بن محمد- صاحب دواوين الأزمة في عهد الرشيد 25 العبرتائي- محمد بن جعفر- فاتح فارس في عهد المقتدر 121 ابن عبيد الله- أبو أحمد النعمان 229 أبو عبيد الله- معاوية بن يسار- وزير المهدي 136، 137، 138، 195 ابن عثمان- جرير 109

عريب- المأمونية- جارية المأمون 30، 31 العسكري- أبو سلمة- أحد غلمان أبي علي الجبائي 201 العصفري- الشاعر 147 عضد الدولة- أبو شجاع فناخسرو بن أبي علي الحسن بن بويه 124، 135، 200، 209 ابن علائة- أبو اليسير محمد بن عبد الله بن علاثة بن علقمة العقيلي 151 ابن أبي علان- عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي علان الأهوازي 268، 270 ابن أبي علان- أبو القاسم عبد الله بن محمد بن مهرويه 268 العلوي- إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 136 العلوي- عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب 58 العلوي- علي بن محمد الورزنيني- صاحب الزنج 153، 154 علي- أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام 62، 108، 109 العقيلي- أبو إسحاق إبراهيم بن نافع- الملقب بابن البارد الطوق- أمير نهر الأيسر بين البصرة والأهواز 178 العماني- ابن حبش- عامل الزاب ونهر سابس 27 عمر- الفاروق، أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي- ثاني الخلفاء الراشدين 24، 108، 125 ابن أبي عمر- أبو الحسن أحمد بن محمد الكاتب- كاتب المحسن بن الفرات 134، 135، 136 أبو عمر القاضي- محمد بن يوسف الأزدي- الأزدي ابن عمران- هارون، الجهبذ 38، 41، 42 ابن عمرو- أبو محمد الحسن بن عمرو 202 ابن العميد- أبو الفضل محمد بن الحسين 200 ابن عنان- أبو الهيجاء عقبة بن عنان الحاجب- عامل البندنيجين للبويهيين 135 ابن عودة- الحسن- موسوس من أولاد الكتاب في بيمارستان البصرة 233

غ

ابن عياش- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحارث بن عياش الجوهري البغدادي 147، 148 ابن عيسى- محمد بن عيسى- أحد كتاب القرن الرابع الهجري 72 أبو العيناء- محمد بن القاسم بن خلاد 83 غ ابن غسان- أبو الحسن محمد بن غسان بن عبد الجبار بن أحمد الداري، الصيدلاني، الطبيب، البصري 68، 69، 232، 233 الأمير غياث الدين- ابن الخليفة- الوافد على سلطان الهند محمد بن تغلق 215 ف فارس- داية المكتفي 156 فتيح- خادم الأفشين- ولي فارس للمقتدر 121 ابن الفرات- أبو العباس أحمد بن محمد 23، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 63، 83، 84، 90، 104، 197، 262 ابن الفرات- جعفر بن محمد- أخو الوزير علي بن محمد بن الفرات 60 ابن الفرات- أبو الحسن علي بن محمد- وزير المقتدر 9، 12، 23، 24، 26، 27، 29، 38، 39، 40، 60، 78، 85، 89، 90، 91، 93، 106، 107، 110، 111، 112، 114، 115، 121، 122، 124، 133، 147، 156، 181، 182، 191، 192، 193 ابن الفرات- أبو الفتح الفضل بن جعفر بن محمد بن الفرات- المعروف بابن حنزابة وزير الراضي 59، 60 ابن الفرات- أبو أحمد المحسن بن الوزير أبي الحسن علي بن محمد بن الفرات 104،

ق

134، 136، 181، 182 ابن فراس- أبو الحسن محمد بن فراس الكاتب 156، 157 الفراهيدي- أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الأزدي 149، 150 ابن فرجويه- أبو بشير عبد الله بن الفرخان- كاتب الوزير ابن الفرات 38 ابن فرناس- مختار- من حي إبراهيم من بني معاوية بن حزن 178 ابن الفلاس- أبو بكر- شيخ بغدادي- من الإمامية 70 فلان- الحائك بشيراز 261. ابن فنحاس- يوسف، الجهبذ 38، 41، 42 ق القاهر- أبو منصور محمد بن المعتضد 52، 181، 182 ابن قرابة- أبو بكر العطار 106 القرمطي- أبو طاهر سليمان بن الحسن الجنابي 181، 182 القرمطي- عمار 134 القشوري- نصر الحاجب 182 القنائي- أبو عبد الله حمد بن محمد الكاتب 32، 40، 136 أبو قوصرة- المستخرج- من بقية القواد المتقدمين 145 والد أبي قيراط- عبد الله بن هشام- والد أبي القاسم هشام المعروف بأبي قيراط 65 ابن أبي قيراط- أبو الحسين علي بن هشام بن عبد الله- الكاتب البغدادي 9، 10، 12، 13، 17، 20، 23، 27، 29، 30، 32، 35، 38، 39، 43، 45، 49، 51، 56، 59، 60، 61، 63، 65، 67، 76، 77، 83، 85، 86، 89، 90، 91، 92، 93، 95، 96، 98، 101، 103، 104، 109، 110، 112، 116، 120، 126، 131، 134، 136، 139، 143، 145، 147، 149، 151، 156، 164، 181، 191، 194، 196، 197، 202، 204، 205، 211، 217، 222،

ك

226، 229 أبو قيراط- أبو القاسم هشام بن عبد الله الكاتب 9، 20، 27، 39، 63، 65، 76، 85، 86، 89، 90، 112، 116، 120، 164، 217 ابن قيس الرقيات- عبيد الله بن قيس بن شريح بن مالك، الشاعر 58 ك كامه- وصيف كامه- القائد الديلمي 121، 257، 258، 259، 260، 261 الكرخي- جعفر بن الحسن بن علي بن محمد 143 الكرخي- أبو أحمد الحسن بن علي بن محمد الكاتب 110، 111، 112، 143 الكرخي- أبو محمد القاسم بن علي بن محمد 110، 143 الكرخي- محمد بن الحسن بن علي بن محمد 143 الكسكري- يحيى بن عبد الله 65 أم كلثوم- قهرمانة الوزير ابن الفرات 86 الكلوذاني- عمر- صاحب الزنادقة 267 الكوفي- أبو عبد الله أحمد بن علي بن سعيد 158، 159، 161، 163 ل لشكروز- القائد الديلمي- من قواد معز الدولة 124 لؤلؤ- من قواد الإخشيدية 198 ليث- جهبذ أبي أيوب سليمان بن وهب، وولده أبي القاسم عبيد الله، لما كانا يكتبان للموفق 99، 100

م

م ابن الماشطة- أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب 17 المافروخي- أبو محمد عبد العزيز بن أحمد- متقلد البصرة 237، 238 المأمون- أبو العباس عبد الله بن أبي جعفر هارون الرشيد 20، 45، 46، 47، 50، 67، 136، 194، 197 ماني- مؤسس مذهب المانوية، القائل بمبدأ الخير والشر، والنور والظلمة في الوجود 266 المبرد- أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي 49، 67، 149 مبشر- مولى أبي القاسم علي بن محمد التنوخي القاضي، والد صاحب النشوار 189 المتقي- أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر 52، 108، 245 المتنبي- أبو الطيب أحمد بن الحسين الجعفي الكندي، الشاعر الحكيم 198، 199، 200 المتوكل- أبو الفضل جعفر بن أبي إسحاق محمد المعتصم 12، 13، 14، 15، 16، 36، 43، 51، 52، 56، 57، 80، 136، 197، 246، 247، 249 ابن مجاهد- أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد 204 ابن محمد- الصقر، الكاتب 191 محمد- رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم 5، 109، 272، 274 ابن محمد- أبو الوفاء، أحد أصحاب عضد الدولة 135 ابن مخلد- صاعد، كاتب الموفق 36، 48، 78، 80، 81، 82، 97، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 105، 145، 153 ابن مخلد- عبدون- أخو صاعد بن مخلد 79، 80 ابن المدبر- أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبيد الله الكاتب 131 ابن المدبر- أبو صالح 145 مرجليوث- د. س. المستشرق المعروف 5 مرداويج- 181 ابن المرزبان- علي بن المرزبان- عم عبد الله بن المرزبان، والد أبي الفضل الشيرازي

الكاتب 240، 241، 243 ابن المرزبان- أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المرزبان الشيرازي الكاتب 239، 240، 245، 250، 257 المرمد- أبو يوسف عبد الرحمن بن محمد بن سهل- صاحب مجلس الحساب في ديوان الضياع الخاصة 54 ابن مروان- أبو الفضل بن الفضل بن مروان 17، 53 ابن مروان- الفضل بن مروان- وزير المعتصم 17، 19، 43، 45، 47، 48، 49، 51، 53، 196 مزدك- داعية مذهب الشيوع في الأموال والنساء 266 المستعين- أبو العباس أحمد بن محمد بن المعتصم 16، 57، 246 المستكفي- أبو القاسم عبد الله بن علي المكتفي 245 المصعبي- أبو الحسن إسحاق بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب 14، 16، 67 ابن المعتز- أبو العباس عبد الله بن المعتز 38، 54 المعتز- أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل 12، 15، 16، 56، 57، 58، 78، 80، 96، 246 المعتصم- أبو إسحاق محمد بن أبي جعفر هارون الرشيد 13، 14، 17، 19، 46، 47، 48، 49، 136، 196 المعتضد بالله- أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الموفق طلحة بن المتوكل 10، 20، 21، 22، 29، 34، 75، 76، 77، 92، 110، 114، 115، 168، 169، 260 المعتضدي- فاتك- أحد القواد الذين شاركوا في فتح فارس 121 المعتمد- أبو العباس أحمد بن جعفر المتوكل 21، 29، 30، 31، 33، 35، 36، 37، 63، 65، 96، 97، 116، 145، 197 أبو معشر- جعفر بن محمد بن عمر البلخي 56، 57 المطيع- أبو القاسم الفضل بن جعفر بن المقتدر 52، 245

ابن المغلس- أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن محمد الداودي 186 مفلح الأسود- خادم المقتدر 106، 193 المقدسي- أبو عبد الله محمد بن أحمد البشاري- صاحب كتاب أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم 10 ابن مقلة- الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسين، الكاتب، الوزير 106، 107، 108، 263، 264 المكتفي- أبو محمد علي بن أبي العباس أحمد المعتضد 38، 110، 156، 157 ابن مكتوم- متقلد سيراف لعماد الدولة البويهي- الشيرازي ابن مناذر- أبو جعفر محمد بن مناذر، اليربوعي بالولاء 195 ابن المنتاب- أبو علي 74 المنتصر- أبو جعفر محمد بن جعفر المتوكل 16، 49 المنجم- أبو الحسن علي بن هارون 245، 264 المنجم- أبو الحسن علي بن يحيى 246 المنجم- أبو عبد الله هارون بن علي 246 المنصور- أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس 123، 131، 133، 136، 138، 267 المهتدي- أبو عبد الله محمد بن أبي جعفر هارون الواثق 12، 65، 78، 96، 116، 197، 246 المهدي- أبو عبد الله محمد المهدي بن أبي جعفر عبد الله المنصور 24، 123، 125، 136، 137، 138، 151، 154، 195، 267 المهلبي- أبو محمد الحسن بن محمد- وزير معز الدولة 175، 210، 239 ابن المهندس- أبو الحسن محمد بن محمد بن عثمان الأهوازي، الكاتب 158، 160 المورياني- أبو أيوب سليمان بن مخلد الخوزي- وزير المنصور 131، 132، 133 أم موسى الهاشمية- قهرمانة المقتدر 85، 86 الموفق- أبو أحمد طلحة بن أبي الفضل جعفر المتوكل 33، 34، 36، 78، 96،

ن

97، 98، 99، 100، 101، 102، 103، 104، 105، 107، 153 مؤنس الخادم- المظفر- مولى المعتضد- صاحب بيت مال المقتدر 38، 39، 181 المؤيد- إبراهيم بن المتوكل 16 ميمون- 45 ن نازوك- أبو منصور- القائد التركي 181، 182 الناصر لدين الله- الأمير أبو أحمد طلحة بن المتوكل- الموفق نافذ- خادم أبي محمد الحسن بن مخلد بن الجراح 35، 37 أبو نافع- ابن بنت يزيد بن هارون 109 النجار- عمر- من أهل تلهوار، بواسط 172، 173 النجار- ابن عمر النجار- من أهل تلهوار، بواسط 173 ابن نظيف- أبو الحسن علي بن نظيف البغدادي- ابن السراج نفطويه- أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي، من أحفاد المهلب 61، 95، 109، 197 النميري- عساف- الشاعر البدوي 183 النهيكي- عامل بادوريا 23، 25 آل نوبخت- 91 أبو نوح- عيسى بن إبراهيم- من كبار الكتاب- صاحب ديوان الضياع 78، 79، 81، 82 ابن بنت أبي نوح- أبو عيسى بن العباس بن الحسن بن مخلد- ابن الجراح النوشجاني- صاحب خبر المعتضد 114، 115

هـ

هـ الهادي- أبو محمد موسى بن أبي عبد الله محمد المهدي 154 ابن هارون- أبو خالد يزيد هارون بن زاذان السلمي 109 أبو الهذيل 261 ابن هلال- أحمد بن هلال- صاحب عمان 255 والواثق- أبو جعفر هارون بن المعتصم 17، 18، 19، 48، 49، 136، 246 ابن وجيه- يوسف بن وجيه- صاحب عمان 250، 251، 252، 253، 255، 256 ابن وصيف- صالح- القائد التركي 12، 78 وصيف- القائد التركي 13، 14، 15، 53 وكيع- أبو بكر محمد بن خلف بن حيان الضبي القاضي 20، 125 ابن وهب- الحسن بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 143 ابن وهب- الحسين بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان 106 ابن وهب- أبو أيوب سليمان بن وهب 65، 66، 83، 96، 97، 98، 99، 101، 102، 103، 104، 105، 107، 116، 124، 145، 197 ابن وهب- أبو أحمد عبد الوهاب بن الحسن بن عبيد الله بن سليمان بن وهب 134 ابن وهب- أبو القاسم عبيد الله بن سليمان 23، 25، 26، 27، 29، 64، 65، 66، 76، 77، 83، 92، 96، 97، 98، 99، 101، 102، 103، 104، 105، 107، 110، 114، 115، 116، 143، 145، 164، 165، 167، 168، 169، 197، 262، ابن وهب- أبو الحسين القاسم بن عبيد الله بن سليمان 25، 156، 157

ي

ي ابن يزداد- عبد الرحمن بن محمد بن يزداد- صاحب ديوان الخراج 23 اليزيدي- أبو عبد الله محمد بن العباس 194 اليزيدي- أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي 194 أبو يوسف القاضي- يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري 151

فهرس جغرافي

فهرس جغرافي أ 51/17/أرمينية الصغرى 51/17/أرمينية الكبرى 202/88/الأندلس 202/88/أندلوسيا 202/88/ايبريا ب 23/6/بادوريا 198/86/بادية السماوة 117/55/باسورين 12/3/باقطايا 10/2/براز الروز 46/15/البردان 10/2/بلدروز 251/109/البهنسا 205/90/بومبي ت 205/90/تانه 51/17/تفليس 171/72/تل هواره ج 158/69/الجامدة 12/3/جرجرايا 117/55/جنبلاء 252/109/جهرم 222/97/الجوبة 170/72/جيذا ح 61/22/الحربية 237/105/حصن مهدي 198/86/حلب 198/86/حمص 162/70/حيّ العشارين خ 51/17/خلاط

د

د 222/97/دار الزبير 192/82/دستميسان 134/59/ديار مضر 32/10/ديرقنى ر 171/72/رصافة واسط ز 27/7/الزاب الأسفل 27/7/الزاب الأعلى 182/77/زبارا س 242/107/سابور 84/35/سميا 67/25/السواد 117/55/السيب الأسفل 117/55/السيب الأعلى ش 240/107/شيراز ص 154/67/الصلح ط 166/71/طنجة ع 121/56/عبرتا ق 117/55/قسين 20/5/القصر الحسني 257/110/قم ك 65/24/كسكر

م

م 162/70/المأصر 154/67/المبارك 10/2/مندلي 131/58/موريان 170/72/الميمون ن 31/9/النباج 27/7/النعمانية 178/75/نهر الأيسر 164/71/نهر بوق 164/71/نهر بين 27/7/نهر سابس 171/72/نهر الفضل 237/105/نهر المسرقان

فهرس عمراني

فهرس عمراني أ 166/71/الأبعد والبعيد 247/108/أبلس 247/108/الأبنوس 253/109/الأجانة 184/78/الاحتذاء 72/29/الاحتساب 88/36/احتفى المرعى 166/71/الآخر والأخير 18/4/الارتفاع 132/58/ازاحة العلة 149/65/أزف 78/34/استخفوا به 154/67/الاسناية 176/74/الأصص 201/87/إطريفل 78/34/أعضّه 67/25/أعمال المعاون 185/78/الأقعم 27/7/ألطّ 99/44/الأنزال 52/17/أورطه 185/78/أوسم 244/107/أوغر العمل ب 259/110/البدرة 219/96/برّا 86/36/البظراء 101/45/بلح 174/72/البني 70/28/البهشمي 109/50/البؤسى 39/12/بيت مال الخاصة ت 103/46/تجهّمه 145/63/تخبّر له 129/57/تشك

ث

128/56/تشوّف 27/7/التصحيح 115/54/التصحيح 226/97/تصدّق 9/1/التصرف 229/99/التصرف 158/69/تظلمه حقه 259/110/تطاول له 226/97/تعامى 179/75/التعزير 124/56/تعفن 270/118/التنّاء 70/28/التناسخ 215/94/التنبول 78/34/التنطّع 228/98/التوابون 127/56/تورّدت 128/56/توكّف الخبر ث 119/55/الثياب الدبيقية ج 184/78/جدل 265/114/الجلّاد 39/12/الجهبذ ح 266/115/الحد 72/29/الحدث 184/78/الحذم 184/78/الحراجيج 250/109/الحرب والخراج 185/78/الحرف 252/109/الحصير الطبراني 103/46/الحفيظة خ 117/55/خافور 184/78/الخدمة 253/109/الخرداذي 85/36/الخريطة 254/109/الخريطة 74/31/الخزوز د 246/108/الدبداب

ر

223/97/الدرابات 52/17/الدست 222/97/الدقاق 35/11/دواوين الأزمّة 24/6/الديوان ر 128/56/راعى الأمر 213/94/ربّ القوم 254/109/الربعة 184/78/الرتم 232/101/ردّه إلى قيمته 270/118/الرسوم 152/66/الرطب السكر 244/107/روزات 98/44/الريث ز 249/108/الزبدية 172/72/الزبل 227/98/الزبية 252/109/الزرفين 120/56/زرنج 266/115/الزندقة 161/70/زيك س 39/12/السادة 154/67/السانية 184/78/ساهمة 107/48/السبنيّة 120/56/السجزية 251/109/السدّة 184/78/السريح 222/97/السفتجة 202/88/السكاك 172/72/سلاليم 224/97/السميرية 154/67/السناية 241/107/السواد 265/114/السوط 268/117/السيدة ش 261/111/الشاكري 170/72/شال 221/96/شال 182/77/الشحن

ص

185/78/شزّب 119/55/الشستجة 252/109/الشعر المزرفن 140/61/الشيراز 174/72/الشيم ص 32/10/صاحب الديوان 221/96/الصحبة 52/17/الصدر 211/94/الصدرة 270/118/الصرف 120/56/الصفارية 35/11/الصك 44/13/الصناعة 208/91/الصنف ض 265/11/ضرب الضرس 161/70/ضرط من فمه ط 280/158/الطريف 10/2/الطسوج 129/57/الطسوق 172/72/الطف 71/28/الطنز ظ 163/70/ظلال الزورق ع 32/10/العامل 76/33/العامل 127/56/العبرة 79/34/العتيد 86/36/العدل 150/65/العرض 232/101/عرّفه مقامه 79/34/في عز نفس 265/114/العصا 118/55/عطا إلى الشيء 161/70/عفطة 86/36/العفلاء 272/119/العمر 229/99/في العمل 264/113/عينا

غ

غ 124/56/الغبيراء 184/78/الغروب 185/78/الغشمشم 140/61/الغضارة 177/74/غطّ 216/94/الغمز ف 251/109/الفازة 52/17/الفرش الكامل للبيت 161/70/فص 248/108/الفصد ق 172/72/القارة 49/16/القارية 253/109/القدس 125/56/قرض 125/56/قرظ 94/41/القزع 156/68/قطع السواد 118/55/أبو قلمون 162/70/القلوس 151/66/القمطر ك 61/22/الكارة 264/113/الكافور 139/61/الكامخ 214/94/كفّر 239/106/الكلّة 213/94/كما أذكر 184/78/كمم 124/56/الكناديج ل 153/67/لا يقع مني 74/31/لبادة 185/78/اللمام م 116/55/ماظّه 79/34/المال الصامت 146/63/المباهتة 251/109/المتصرفون

ن

59/20/متكهل 247/108/المحرق 74/31/المحشو 179/75/المحنة 52/17/المخاد 184/78/المخدم 185/78/المخرم 185/78/المخلصات 252/109/المداخن 253/109/المدافات 270/118/المرفق 253/109/المركن 172/72/المرور 218/96/المستقفي 264/113/المسك 189/80/المشرعة 185/78/المشوي 52/17/المصليات 253/109/المطاولة 91/39/معضه 265/114/المقرعة 146/63/المكابرة 272/119/المكدي 273/119/المنتشي 246/108/المهرجان 142/61/الموبذ ن 239/106/الناموسية 124/56/نبق العجم 84/35/النتفة 44/13/النحلة 52/17/النخّ 264/113/الند 44/13/النعمة 161/70/النفاطون 222/97/النقدة 81/34/النقيب 105/47/نهكه 114/53/النوشجاني 246/108/النيروز هـ 21/5/ها 249/108/هاتم 147/64/الهرل 99/44/هسه نشوف 148/64/هواي 69/27/الهوينا

و

21/5/هي و184/78/الوحف 39/12/الورق 185/78/الوسمي 119/55/الوشي 125/56/وصفاه 216/94/ونّسوه ي 52/17/يان 78/34/يحچي زايد 229/99/يولع به

فهرس الكتب والمراجع

فهرس الكتب والمراجع أحسن التقاسيم، في معرفة الأقاليم: أبو عبد الله محمد بن أحمد المقدسي البشاري- طبع ليدن 1906 أدب الغرباء: الأصبهاني، أبو الفرج علي بن الحسين الأموي- تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد- طبع بيروت 1972 الأعلاق النفيسة: ابن رسته- أبو علي أحمد بن عمر- طبع ليدن 1891 الأعلام: الزركلي، خير الدين- الطبعة الثالثة الأغاني: الأصبهاني، أبو الفرج علي بن الحسين الأموي- طبعة دار الكتب بالقاهرة 21 مجلدا الألفاظ الفارسية المعربة: أدي شير- المطبعة الكاثوليكية- بيروت الأنساب: السمعاني، أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي- نشر المستشرق د. س. مرجليوث- طبع لندن 1913 الأوراق: الصولي، أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله- أخبار الراضي والمتقي. البصائر والذخائر: أبو حيان التوحيدي، علي بن محمد بن العباس- تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني- طبع دمشق. تاج العروس- قاموس: الزبيدي، محب الدين أبو الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي- طبع دار صادر ببيروت تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي، أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت- بيروت تاريخ الحكماء: ابن القفطي، جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف- تحقيق ليبرت- طبع ليبزك 1903 تاريخ الرسل والملوك: الطبري، الإمام أبو جعفر محمد بن جرير- طبع دار المعارف بمصر تجارب الأمم: الجزء الأول، للمدة 295- 329، والجزء الثاني للمدة 329- 369،

ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد- تحقيق آمدروز- طبع مصر 1914 تجارب الأمم- الجزء السادس، للمدة 198- 251: ابن مسكويه، أبو علي أحمد بن محمد- ذيل على الجزء الثالث من كتاب العيون والحدائق في أخبار الحقائق، لمؤلف مجهول- تحقيق ذي غويه ودي يونغ- طبع بريل 1869 تحفة الأمراء في تاريخ الوزراء: الصابي، أبو الحسن هلال بن المحسن- تحقيق عبد الستار أحمد فراج- طبع البابي الحلبي بالقاهرة 1958 تحفة النظار، في غرائب الأمصار، وعجائب الأسفار: ابن بطوطة، أبو عبد الله محمد ابن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي- القاهرة 1934 تزيين الأسواق، بتفصيل أشواق العشاق: الأنطاكي، داود بن عمر، الطبيب البصير- المطبعة الأزهرية بالقاهرة 1302 التعريفات: الشريف الجرجاني، علي بن محمد بن علي (740- 816) ، طبعة اصطنبول تفسير الألفاظ الدخيلة، في اللغة العربية، مع ذكر أصلها بحروفه: طوبيا العنسي- العرب للبستاني بالقاهرة 1965 جمع الجواهر، في الملح والنوادر: الحصري، أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني- طبعة الخانجي. جهات الخلفاء: ابن الساعي، تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عثمان بن عبد الله- تحقيق الدكتور مصطفى جواد. حكاية أبي القاسم البغدادي: أبو المطهر الأزدي- تحقيق ونشر آدم متز- هيدلبرج 1902 خلاصة الذهب المسبوك، المختصر بن سير الملوك: عبد الرحمن سنبط قنتيو الإربلي- تحقيق السيد مكي السيد جاسم 1964 دائرة المعارف الإسلامية- الترجمة العربية- 15 مجلدا 1933 الديارات: الشابشّي، أبو الحسن علي بن محمد- تحقيق كوركيس عواد- ط 2- بغداد 1966 ديوان البحتري: البحتري، أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي- تحقيق رشيد عطية- المطبعة الأديبة ببيروت 1911

ديوان الصبابة: ابن أبي حجلة المغربي، شهاب الدين أحمد بن يحيى بن أبي بكر بن عبد الواحد- حاشية على كتاب تزيين الأسواق بتفصيل أشواق العشاق- طبع المطبعة الأزهرية بالقاهرة سنة 1302. ذيل تجارب الأمم، للمدة 369- 393: الروذباري، الوزير أبو شجاع ظهير الدين محمد بن الحسين رسوم دار الخلافة: الصابي، أبو الحسن وأبو الحسين هلال بن المحسّن- تحقيق ميخائيل عواد- طبع بغداد 1946 زهر الربيع: الجزائري، السيد نعمة الله بن عبد الله بن محمد بن حسين الحسيني الجزائري (1050- 1112) الزهرة: الظاهري، أبو بكر محمد بن داود بن علي بن خلف. شرح نهج البلاغة: عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله ابن أبي الحديد المدائني- 20 مجلدا- طبعة الحلبي بالقاهرة. شفاء الغليل، فيما في كلام العرب من الدخيل: الخفاجي، شهاب الدين أحمد، مطبعة السعادة بمصر 1325 صلة الطبري: عريب بن سعيد القرطبي- المطبعة الحسينية- القاهرة. الفخري، في الآداب السلطانية، والدول الإسلامية: ابن الطقطقا، محمد بن علي بن طباطبا- طبع دار صادر- بيروت الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن علي بن محمد بن أبي الفهم داود- الجزآن الأول والثاني- طبع دار الهلال بمصر 1903- 1904 الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن عليّ- الجزء الأول- مخطوطة المكتبة الظاهرية بدمشق الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن عليّ- طبعة دار الطباعة المحمدية بالقاهرة سنة 1955 الفرج بعد الشدة: التنوخي، أبو علي المحسّن بن عليّ- مخطوطة دار الكتب المصرية بالقاهرة، جزآن اثنان.

الفرّج بعد الشدة: التنوخي، أبو عليّ المحسّن بن عليّ- المخطوطة المغربية- جزآن اثنان فرج المهموم، في مواقع النجوم: ابن طاووس، رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى ابن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحسيني- طبع النجف الفصل في الملل والأهواء والنحل: ابن حزم- طبعة الخانجي 1321 فوات الوفيات: ابن شاكر الكتبي- طبع بولاق- مجلدان اثنان الكامل في التاريخ: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري- عن طبعة المستشرق تورنبرغ- طبع دار صادر ببيروت 1966- 13 مجلدا كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: الحاج خليفة- طبعة اصطنبول- 6 مجلدات اللباب، في تهذيب الأنساب: ابن الأثير، عز الدين أبو الحسن علي بن محمد- 3 أجزاء- طبع القاهرة 1357 لسان العرب، قاموس: ابن منظور المصري، جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم ابن علي بن أحمد الأنصاري- طبع دار صادر ببيروت. لطائف المعارف: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق إبراهيم الأبياري وحسن كامل الصيرفي- طبعة الحلبي- القاهرة مجلة المشرق- المجلد 28- بيروت مجمع البيان في تفسير القرآن: الطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن- طبع بيروت 10 ج 5 م مراصد الاطلاع، على أسماء الأمكنة والبقاع: صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي- 3 مجلدات- طبع مصر 1954 مروج الذهب، ومعادن الجوهر: المسعودي، أبو الحسن علي بن الحسن بن علي- تحقيق محيي الدين عبد الحميد- طبعة الشعب- القاهرة 1966 المشترك وضعا، والمفترق صقعا: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- طبع وستنفلد 1864 مصارع العشاق: السراج، أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القارىء- دار صادر- بيروت

مطالع البدور، في منازل السرور: الغزولي، علاء الدين- مطبعة الوطن- مصر 1299 معجم الأنساب والأسر الحاكمة في التاريخ الإسلامي: زامباور، المستشرق- جامعة فؤاد الأول 1951 معجم البلدان: الحموي، أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي البغدادي- طبع وستنفلد- 6 مجلدات مع الفهارس معجم الحيوان: أمين المعلوف- طبع دار المقتطف 1932 المعجم المفهرس، لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي- مطبعة دار الكتب بالقاهرة 1934 مفاتيح العلوم: الخوارزمي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف الكاتب- المطبعة المنيرية 1342 الملل والنحل: الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد، هامش على كتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم- طبعة الخانجي 1321 المنتظم، في تاريخ الملوك والأمم: ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي- طبعة حيدر آباد الدكن 1357 المنجد، قاموس: الأب لويس معلوف- ط 19- بيروت. نخبة الدهر، في عجائب البر والبحر: شيخ الربوة، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي طالب الأنصاري الصوفي الدمشقي- طبع ليبزك 1923 نشوار المحاضرة، وأخبار المذاكرة: التنوخي، أبو عليّ المحسّن بن عليّ- الأجزاء من 1- 7، تحقيق عبود الشالجي المحامي- طبع دار صادر- بيروت نكت الهميان، في نكت العميان: الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك- تحقيق أحمد زكي باشا- طبع مصر 1911 هدية العارفين- أسماء المولفين، وآثار المصنفين: إسماعيل باشا البغدادي- طبع اصطنبول 1955 الهفوات النادرة: غرس النعمة، أبو الحسن محمد بن هلال الصابي- تحقيق الدكتور صالح الأشتر- دمشق 1967

الوافي بالوفيات: الصفدي- صلاح الدين أيبك- الأجزاء 1- 7 طبع على مطابع دار صادر- بيروت وفيات الأعيان، وأنباء أبناء الزمان: ابن خلكان، القاضي شمس الدين أحمد- تحقيق الدكتور إحسان عباس- طبع دار صادر- بيروت- 8 مجلدات مع الفهارس يتيمة الدهر، في محاسن أهل العصر: الثعالبي، أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري- تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد- القاهرة 1956

رموز

رموز -: راجع م: مقدمة المؤلف الأرقام المطبوعة بحروف سوداء تشير إلى التراجم الأرقام المثبتة في العمود الأيمن: للصفحات، والأرقام التالية لها: للقصص.

استدراكات

استدراكات الجزء الثالث الصحيفة السطر القصة 156 حاشية 2 3/108 اقرأ: هشام بن الوليد بن عبد الملك بدلا من: هشام بن عبد الملك. الجزء السادس 88 9 6/51 اقرأ: الله، الله في دمي بدلا من: من دمي. 117 3 6/71 اقرأ: الحكيمي بدلا من: الحكمي. 117 حاشية 3 6/71 اقرأ: الحكيمي بدلا من: الحكمي.

الفهارس

الفهارس محتويات الكتاب 275 فهرس أسماء الأشخاص 281 فهرس جغرافي 303 فهرس عمراني عام 307 فهرس الكتب والمراجع 314

§1/1