نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق

الإدريسي

[المجلد الاول] الإدريسي وكتابه «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» دراسة وتعريف حياته: ولد «محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن يحيى بن علي بن حمود ابن ميمون بن أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب» ، المعروف بالشريف الإدريسي، والحمودي، والصقلي، والقرطبي في مدينة «سبتة» في المغرب سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة للهجرة (1100 م) ، ومنها كان منطلقه إلى بلدان المغرب حيث نشأته الأولى بها بحثا عن العلم والمعرفة هناك، تماما كما كانت قرطبة- فيما بعد- نقطة انطلاق لجولات كثيرة في الأندلس إلى أن قدّر له الارتحال إلى المشرق العربي لزيارة مصر وغيرها، ثم العودة منه إلى «سبتة» ، حيث استقدمه «رجار الثاني» - ملك صقلية- إليها سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة للهجرة (1138 م) . ليستقر بها، مقربا من بلاط الملك، الذي أكرم نزله، وبالغ في تعظيمه، بحيث كان يأتي إليه راكبا، فإذا صار عنده تنحى عن مجلسه، وأجلسه بجانبه، وقد رتبت له كفاية لا تكون إلا للملوك- على حد قول «الصفدي» فيه. ويبدو أن هذه المعاملة، وهذا العيش الرغد لم يتبدلا بعد وفاة «رجار» (ت 548 هـ/ 1154 م) ، وأن «الإدريسي» قد عاش عيشة رغدة في كنف خلفه «غليالم الأول» - وإن تبدلت حال الدول- إلى أن قدرت وفاته هناك سنة ستين وخمسمائة للهجرة (64- 1165 م) ، على أرجح الأقوال. وللأول منهما كان قيامه بأعباء تصنيف «نزهة المشتاق» ، حيث أمضى في جمع وترتيب مادته قرابة الخمسة عشر عاما، وللثاني كان اضطلاعه بتأليف «روض الأنس ونزهة النفس» ، مختصرا فيه كتابه الأول. €

مصنفاته: لم يكن الإدريسي- فيما نعلم- جغرافيا، خرائطيا- فقط- وإنما كان مع ذلك عالما متعدد المعارف والمهارات، تذكر له مشاركة في كثير من فروع العلم الأخرى، كالصيدلة، والطب، والنباتات، كما كان أديبا جيد الأدب، شاعرا.. يبدو أنه ترك في كلّ مؤلفات متعددة، وإن لم يبق منها أو من ذكراها سوى: 1- الجامع لأشتات النبات، ويعرف كذلك باسمي: «المفردات» ، و «الأدوية المفردة» . وهو مؤلف دال على علم واسع بالنباتات والأعشاب والأدوية، امتاز بالدقة في رسم أسماء العقار ووصف خصائصه، تحتفظ مكتبة الفاتح في استامبول بشطر منه، يحتوي على ثمان وأربعين ومائة ورقة، تحت رقم: 3610، وعنه مصورة دار الكتب المصرية، ذات الرقم: 1524. 2- روض الأنس ونزهة النفس، أو المسالك والممالك، وهو مخط. مفقود حتى الآن، وإن بقي له مختصران، أحدهما في مكتبة حكيم أوغلو في استانبول برقم: 688، والآخر في دمشق، يحملان عنواني: «أنس المهج وروض الفرج» ، أو «روض الفرج ونزهة المهج» ، ويقع أولهما في اثنتين وستين ومائة ورقة. 3- نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، وهو هذا، والذي أشار في فاتحته إلى أنه فرغ من تأليفه- بعد خمسة عشر عاما- في شوال سنة ثمان وأربعين وخمسمائة للهجرة (يناير 1154 م) . نزهة المشتاق في اختراق الآفاق: رسم «الإدريسي» خريطة كروية شاملة للعالم- معتمدا فيها على خريطة «بطلميوس» بعد تصحيحها- مقسما محيط الكرة الأرضية طولا إلى عشرة أجزاء متساوية، بخطوط تبدأ من قطب الكرة الأعلى، وتنتهي عند قطبها الأسفل، جاعلا الخط الرئيس فيها هو الخط المار بالجزائر الخالدات في المحيط الأطلسي، ثم عمد إلى تقسيمها إلى سبعة أحزمة عرضية فوق خط الاستواء (تنقسم في داخلها إلى تسعين قسما أو درجة، منحصرة فيما بين خط الاستواء والقطب الشمالي) ، وبذلك انقسمت خريطته إلى سبعين جزءا، نقلها إلى €

مستطيلات، عمد إلى شرحها والتعريف بها طبيعيا وبشريا في «النزهة» ، مقسما كتابه إلى مقدمة مقتضبة، أتبعت بسبعة أبواب، ضمت في داخلها سبعين فصلا. أما المقدمة، فقد اشتملت على: 1- ذكر هيئة الأرض، وقسمتها بأقاليمها، وذكر البحار بمبادئها وانتهاءاتها وأحوازها، وما يلي سواحلها من البلاد والأمم، وقد انبنت- في معظمها- على مفهومات علمية صحيحة عن كروية الأرض «والأرض في ذاتها مستديرة، لكنها غير صادقة الاستدارة» ، وخط الاستواء «والأرض مقسومة بقسمين، بينهما خط الاستواء» ، والأقاليم المناخية المتدرجة شمالا وجنوبا من خط الاستواء، واستطراق البحار بعضها إلى بعض، وتعادل منسوب الماء ... وتلك مفهومات علمية يؤكد ثباتها في فكر موردها عدم تعارضها لديه بنظريات أخرى يترك لقارئ كتابه الموازنة فيما بينها في سبيل الحكم عليها أو الاختيار منها، كما فعل سابقوه من الجغرافيين والرحالة المسلمين في مؤلفاتهم. 2- دافعه إلى تأليف كتابه هذا، وهو رغبة «رجار الثاني» - ملك صقلية- في الوقوف على حقيقة العالم، بكتاب مطابقي للخريطة الكروية المصورة له، «غير أنه يزيد عليها بوصف أحوال البلاد والأرضين في خلقها وبقاعها، وأماكنها، وصورها، وبحارها، وجبالها، ومسافاتها، ومزدرعاتها، وغلاتها، وأجناس بنائها، وخواصها، والاستعمالات التي تستعمل بها، والصناعات التي تنفق بها، والتجارات التي تجلب إليها وتحمل منها، والعجائب التي تذكر عنها وتنسب إليها، وحيث هي من الأقاليم السبعة، مع ذكر أحوال أهلها وهيئاتهم وخلقهم ومذاهبهم وزيهم وملابسهم ولغاتهم» . 3- تنظيم الكتاب إلى أبواب سبعة، ينقسم كل منها في داخله إلى أجزاء عشرة. 4- التنبيه على احتواء الكتاب على اثنتين وسبعين خريطة توضيحية- خلت هذه الطبعة منها- « ... ورسمنا في كل واحد من هذه الأجزاء ما له من المدن والأكوار والعمارات، ليرى الناظر في ذلك ما خفي عن عيانه أو لم يبلغه علمه، أو لم يمكنه الوصول إليه لتعذر الطرقات واختلاف الأمم، فيصبح له الخبر بالعيان، ومبلغ أعداد هذه المصورات الآتية بعد هذا سبعون مصورة، غير €

النهايتين اللتين إحداهما نهاية المعمورة من جهة الجنوب، وأكثرها خلاء لشدة الحر وقلة المياه، والنهاية الثانية نهاية المعمورة في جهة الشمال، وأكثرها خلاء لشدة البرد، وأيضا بان مع ما ذكرناه وقدمنا وصفه أن الناظر إذا نظر إلى هذه الصفات المصورة والبلاد المذكورة رأى منها وضعا صحيحا وشكلا صبيحا، لكن يبقى عليه بعد ذلك أن يعلم صفات الممالك وهيئات الأمم وحلاها وزيها وطرقاتها المسلوكة بأميالها وفراسخها وعجائب بلادها» . وأما الأبواب السبعة المتتالية، فقد خصّص كل باب منها للتعريف بإقليم من هذه الأقاليم «السبعة» المتعارف عليها في الجغرافية القديمة لدى «بطلميوس» ومن تابعه، مع توزيعها في داخلها على عشرة أجزاء، يسير في وصفها من الغرب إلى الشرق، ابتداء بالمحيط الأعظم (الأطلسي) عند الجزائر الخالدات، وانتهاء ببحر الصين، معتمدا في هذه الطريقة الوصفية على «المدن» كنقط ارتكاز للوصف، وكأنه يسير في رحلة في نواحي الجزء الذي يصفه. وبهذا نجد أن «النزهة» قد امتازت عن غيرها من المؤلفات الجغرافية التراثية السالفة عليها بأنها تحمل تصورا عاما يشمل الكرة الأرضية كلها على أنها «كل واحد» جدير بالوصف والتحقيق، المبني على المشاهدة، والقياس، والمقارنة، والربط بين الأجزاء، مع مراعاة النسب فيما بينها، وإن أدى تقسيمها إلى أبواب وفصول إلى تقطيع البلد الواحد في أجزاء متناثرة في الأقاليم، يتطلب جمعها مجهودا خاصا. مصادر مادة الكتاب: أجمل «الإدريسي» في مقدمة كتابه جل مصادره، قائلا: « ... فمن بعض معارفه (معارف رجار الثاني) السنية، ونزعاته الشريفة العلوية، أنه لما اتسعت أعمال مملكته، وتزايدت همم أهل دولته، وأطاعته البلاد الرومية، ودخل أهلها تحت طاعته وسلطانه، أحب أن يعرف كيفيات بلاده حقيقة، ويقتلها يقينا وخبرة، ويعلم حدودها ومسالكها برا وبحرا، وفي أي إقليم هي، وما يخصها من البحار والخلجان الكائنة بها، مع معرفة غيرها من البلاد والأقطار في الأقاليم السبعة التي اتفق عليها المتكلمون، وأثبتها في الدفاتر الناقلون والمؤلفون، وما لكل إقليم منها من قسم بلاد يحتوي عليه ويرجع إليه، ويعد منه، بطلب ما في الكتب المؤلفة في هذا الفن من علم ذلك كله، مثل: كتاب €

العجائب للمسعودي، وكتاب أبي نصر، سعيد الجيهاني، وكتاب أبي القاسم عبيد الله بن خرداذبة، وكتاب أحمد بن عمر العذري، وكتاب أبي القاسم محمد الحوقلي البغدادي، وكتاب خاناخ بن خاقان الكيماكي، وكتاب موسى بن قاسم القردي، وكتاب أحمد بن يعقوب المعروف باليعقوبي، وكتاب إسحاق بن الحسن المنجم، وكتاب قدامة البصري، وكتاب بطلميوس الأقلودي، وكتاب أرسيوس الأنطاكي. فلم يجد ذلك فيها مشروحا مستوعبا مفصلا، بل وجده فيها مغفلا، فأحضر لديه العارفين بهذا الشأن، فباحثهم عليه، وأخذ معهم فيه، فلم يجد عندهم علما أكثر مما في الكتب المذكورة، فلما رآهم على مثل هذه الحال بعث إلى سائر بلاده، فأحضر العارفين بها المتجولين فيها، فسألهم عنها بواسطة جمعا وأفرادا، فما اتفق فيه قولهم، وصح في جمعه نقلهم، أثبته وأبقاه، وما اختلفوا فيه أرجأه وألغاه، وأقام على ذلك نحوا من خمس عشرة سنة لا يخلي نفسه في كل وقت من النظر في هذا الفن، والكشف عنه، والبحث عن حقيقته إلى أن تم له فيه ما يريده» . ومن هذا النص على طوله نستنتج الآتي: أولا- أن «النزهة» قد كتبت في ظروف غير اعتيادية، إذ هي تؤلف في جوّ علمي خالص، يعتمد على المكتوب والمسموع والمشاهد، وتلك بيئة علمية أتيحت لها في بلاط ملك عاشق لموضوعها، باحث عن معطياتها. ثانيا- أن المصادر المصرح في المقدمة بالأخذ عنها قد كتبت في معظمها في القرن الرابع الهجري، بينما كان تحرير «النزهة» في القرن السادس الهجري، فهل كان هناك قصور لدى مؤلفها في الإحاطة بمصادر ما هو بصدد الكتابة فيه؟ هذا ما مال إليه البعض ممن تعرض للإدريسي بالتعريف، ولمؤلفه بالدراسة والبحث، وهو مما لا يتطابق مع الواقع الملموس، المتبدى في سائر مادة الكتاب، إذ جرت عادة المؤلفين المسلمين- فيما قبل وبعد الإدريسي- على الاقتصار في مقدمات مؤلفاتهم على التصريح ببعض المصادر دون بعض، مع الاختلاف النسبي في درجة الأهمية المكتسبة للمؤلف المصرح بالأخذ عنه، سواء بالنقل المتتابع عنه، أو بأهميته في ذاته.. كما أن مصادر «النزهة» غير €

المصرح بالأخذ عنها في المقدمة، قد نسب إلى معظمها في مادة الفصول والأبواب، كنحو إسناده إلى «الجاحظ» في كتابه «الحيوان» وغيره، بل نجده قد صرح من خلال مادة الكتاب- كذلك- بأسماء بعض المصادر التي اكتفى في المقدمة بذكر مؤلفيها إهمالا لمسمياتها، كنحو إسناده إلى «قدامة» في كتابه «الخزانة» ، وليس «الخراج» كما توهم البعض. ثالثا- أن جل اعتماد «الإدريسي» في جمع مادته على الجوالة والتجار، أو بمصطلح عصرنا «شاهد العيان» ، ولذا كثيرا ما تطالعنا في ثنايا الكتاب مواد مسندة إلى هذا الصنف من المصادر، كنحو قوله: «ولقد أخبر بعض السفار الثقات، وكان قد تجول في بلاد السودان نحوا من عشرين سنة ... » ، « ... وهذا مشهور معلوم، يعلمه تجار أهل تلك البلاد، ويحكونه عنهم» ، «وحكى بعض المسافرين إلى مدائن كوار أن ... » ، «حكى بعض المخبرين أن ... » ، «ونأتي فيه بما ذكره المتجولون، ونقله المسافرون، واتفقت عليه أقاويل الناقلين، حسب الطاقة ومبلغ الجهد» . رابعا- أن كل ذلك قد امتزج امتزاجا طيبا بمشاهدات «الإدريسي» عينه، وخبراته كرحالة وجغرافي وخرائطي. تقويم مادة الكتاب: لم يقتصر «الإدريسي» في «النزهة» - كما قدمنا- على الجغرافية الطبيعية البحتة، بعناصرها، وإنما عني إلى جانبها بالجغرافية البشرية بشتى عناصرها المتاحة لديه، بما يخدم مجالات المعرفة الأخرى، من اجتماع ونظم وعقائد وتأريخ وأدب ... كما لم ينحصر دوره فيها على جمع وتنظيم المعلومات في أبواب وفصول، وإنما كان- علاوة عن ذلك- صاحب رؤية علمية، وذوق فطري سليم، صاحبا أكثر مادة الكتاب، وتبديا في عقد كثير من الموازنات بين ما شهرت به المدن لديه من بناء وعمارة، أو مزروعات ومعادن، أو معايش وتجارات، وما وصف به بعض الأجناس البشرية في مواضع بالجمال الفائق، وفي أخرى بالقبح الفاحش، مع التعليل في كل، وما تطرق إليه من تعديد أنواع الصنف الواحد من المخلوقات، والموازنة فيما بينها من خصائص وصفات، على نحو ما سوف يطالعك من تعديد للموز والأسماك والحديد، والتعريف ببعض الحيوانات، وطرقهم في تحصيل معايشهم بصيد «الأسماك» و «الحيتان» €

و «القردة» ، أو استخراج «الملح» من الملاحات، أو جمع «القرنفل» و «العود» ، وما يتطرق إليهما من الغش والتدليس. يضاف إلى ذلك استبعاده لمئات من الخرافات التي وردت فيما اطلع عليه من مؤلفات، ورد الكثير منها بالمنطق المعقول، ومنه قوله: « ... وحكى الجاحظ في كتاب الحيوان أن هذه الدابة (الكركدّن) تقيم في جوف أمها سبع سنين، وأنها تخرج رأسها وعنقها من فرج أمها، فترعى الحشيش، ثم تعيد رأسها إلى جوف أمها، فإذا ابتدأ تكون قرنها امتنعت عن الخروج للرعي على حسب عادتها، فتنقر في جوف أمها حتى تبقر جوفها، وتخرج، فتموت الأم. وهذا محال من قوله، غير مسموع، لأن الأمر لو كان كما وصفه لفني هذا النوع حتى لا يوجد إلا ذكره» . وإن لم يسلم «الإدريسي» مع ذلك من التسليم ببعض الخرافات والأخطاء العلمية، التي أملتها عليه طبيعة العصر، وقصور ما تحت يديه من المصادر والروايات، كنحو قوله بجبل «قاف» ، واعتقاده بثبات الأرض وسط قبة الهواء، ودوران الكواكب الأخرى حولها، وقتل بعض الحيات للناس بالنظر، والتسليم بولادة السلاحف والأسماك وإرضاعها لصغارها، ومسخ الظالمين إلى تماثيل حجرية، وتطاير الأقزام من البشر في الهواء إيذانا بإتيان الرياح.. وإن سلم في معظمها بأنها «عجائب يقع واصفها في حد التكذيب» أو أنها «أمور لا تقبلها العقول من جهة الإخبار عنها، لكن الله على ما يشاء قدير» . ولذا تفاوتت القيمة العلمية لأجزاء الكتاب، تبعا لتفاوت ما توفر لمؤلفه من مادته، بحيث لا ترقى معلوماته عن «مصر» أو «الصين» إلى منزلة تلك الواردة بشأن «جزيرة العرب» و «المغرب» و «صقلية» و «الأندلس» ... وهكذا. هذه الطبعة من الكتاب: طبعت النزهة طبعات متعددة، كاملة أو منفصلة الأجزاء، متفاوتة طولا وقصرا، فكانت أقدمها على الإطلاق، تلك الطبعة العربية الصادرة في مدينة «ميديشتي» في روما سنة 1592 م. باسم: «نزهة المشتاق في ذكر الأمصار والأقطار والبلدان والجزر والمدائن والآفاق» وهي طبعة مكتملة نسبيا، وإن شابتها أخطاء كثيرة، اعتنى بإبرازها كثير من المستشرقين. €

كما طبعت أجزاء متفرقات منها في كل من: «باريس» سنة 1619 م، و «مدريد» سنة 1799 م، و «لبسك» سنة 1828 م، و «ليون» سنة 1864 م، و «مدريد» سنة 1881 م، و «روما» سنة 1885 م. ثم سعى «المعهد الإيطالي للشرق الأدنى والأقصى» في روما، في جمع مصورات الكتاب المخطوطة، ونشرها على أيدي أساتذة متخصصين، فصدر الكتاب في تسعة أجزاء فيما بين سنتي 1970 و 1984 م اشتملت الثمانية الأولى منه على متن الكتاب، بينما خصص تاسعها للفهارس العلمية. وحرصا من «عالم الكتب» على توفير نشرة علمية من هذا الكتاب القيم لقرائها الأعزاء، فإنها قامت بضم أجزاء هذا الكتاب إلى بعضها في مجلدين اثنين، روعي فيهما القسمة العلمية، بحيث ينتهي كل مجلد منهما بنهاية آخر الأبواب أو الأقاليم المبحوثة فيه، مع الحفاظ على الترقيم الأصلي لصفحات الكتاب، باعتبار هذه الطبعة هي الطبعة العلمية المرجوع إليها حتى الآن لدى الباحثين والدارسين؛ وإن عدلت في هذه الطبعة أرقام الصفحات لتأتي بأرقام عربية، متتابعة من اليمين إلى اليسار، مع تعريب عنوانات الأبواب والفصول، فضلا عن إعادة صف الفهارس بالحروف الطباعية العربية المناسبة لطبيعة القارئ العربي وذوقه، والذي تسعى الدار- دائما- إلى تزويده بكل ما هو جيد ومفيد في بابه. وبالله التوفيق، ومنه العون والسداد. الناشر

المجلد الاول

مقدّمة المؤلف بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم الحمد لله ذي العظمة والسلطان والطول والامتنان والفضل والإنعام والآلاء الجسام الذي قدر فحكم ورزق فأنعم وقضى فأبرم ودبر فأتقن وذرأ وبرأ فأحسن ما صور فاتصلت بالعقول معرفته وقامت في النفوس حجته ووضح للعيون برهانه وقهر الألباب قدرته وسلطانه الهادي إلى سبيل عزه تفضلا وإرشادا والدالّ على ارتباط النعم به قولا واعتقادا جاعل عجائب مخلوقاته وبدائع مصنوعاته سبيلا إلى معرفته وسلما إلى علم قدمه وأزليته وإن في بعض ما خلق لعبرة لأولي الأبصار وذكرى لذوي الخواطر الصقيلة والأفكار فمن آياته خلق السماوات والأرض فأما السماء فرفع سمكها ونظم سلكها وزينها بالنجوم وجعل فيها الشمس والقمر آيتين يستضاء بهما في الليل والنهار ويستعلم بمجاريهما تعاقب الدهور والأعصار فأما الأرض فبسط مهادها وأرسى أطوادها وأخرج منها ماءها ومرعاها وأسكنها خلقه فبوأهم أملاكها وأجرى لهم أفلاكها وعرفهم مسالكها وعلمهم منافعها ومضارها وهداهم إلى السير فيها برا وبحرا وسهلا ووعرا كل ذلك منه جلت قدرته بحكمة وتدبير ومشيئة وتقدير فتعالى من هذا ملكه وسلطانه وصنعه وبرهانه. فإن أفضل ما عني به الناظر واستعمل فيه الأفكار والخواطر ما سبق (إليه)

الملك المعظم رجار المعتز بالله المقتدر بقدرته ملك صقلية وإيطالية وانكبردة وقلورية (معز) إمام رومية الناصر للملة النصرانية إذ هو خير من ملك الروم بسطا وقبضا وصرف الأمور على إرادته إبراما ونقضا ودان في ملته بدين العدل واشتمل عليهم بكنف التطول والفضل وقام بأسباب مملكته أحسن قيام وأجرى سنن دولته على أفضل نظام وأجمل التيام وافتتح البلاد شرقا وغربا وأذل رقاب الجبابرة من أهل ملته بعدا وقربا بما يحويه من جيوش متوفرة العدد والعدد وأساطيل متكاثفة متناصرة المدد صدق فيها الخبر الخبر وتساوى في معرفتها السمع والبصر فأي غرض بعيد لم يصل إليه ولم يخطر عليه وأي مرام عسير لم يحظ به ولم يتيسر لديه إذ الأقدار جارية بوفق مبتغياته وإراداته والسعادات خادمة له ومتصرفة على اختياره في حركاته وسكناته فأولياؤه أبدا في عز قعسري شائع وأعداؤه في ذل وبوار متتابع فكم مراتب فخر شيد أركانها وكم مزايا همم أطلع أقمارها ونور أقطارها وصير حدائقها روضا زهيا وغرسا زكيا ثم جمع إلى كرم الأخلاق طيب الأعراق وإلى جميل الأفعال حسن الخلال مع شجاعة النفس وصفاء الذهن وغور العقل ووفور الحلم وسداد الرأي والتدبير والمعرفة بتصاريف الأمور من نهاية الفهم الثاقب ومراميه كالسهم الصائب ومقفلات الخطوب مستفتحة لديه وجميع السياسات وقف عليه ونوماته يقظات الأنام وأحكامه أعدل الأحكام وعطاياه البحار الزواخر والغيوث المواطر.

وأما معرفته بالعلوم الرياضيات والعمليات فلا تدرك بعدّ ولا تحصر بحدّ لكونه قد أخذ في كل فن منها بالحظ الأوفى وضرب فيه بالقدح المغلى ولقد اخترع من المخترعات العجيبة وابتدع من الابتداعات الغريبة ما لم يسبقه أحد من الملوك إليه ولا تفرد به وها هي ظاهرة للعيان واضحة الدليل والبرهان ومسيرها في الأمصار وانتشار ذكرها في جميع النواحي والأقطار أغنانا عن ذكرها مفصلة ومتنوعة والإتيان بها متفرقة لا مجتمعة مع أنا لو ذهبنا إلى وصفها وأعملنا الفكرة في تسطيرها ورصفها لبهرتنا آياته المعجزة معانيها المتعززة مراميها ومن ذا الذي يحصي عدد الحصى ويبلغ فيه إلى الغرض الأقصى. فمن بعض معارفه السنية ونزعاته الشريفة العلوية أنه لما اتسعت أعمال مملكته وتزايدت همم أهل دولته وأطاعته البلاد الرومية ودخل أهلها تحت طاعته وسلطانه أحب أن يعرف كيفيات بلاده حقيقة ويقتلها يقينا وخبرة ويعلم حدودها ومسالكها برا وبحرا وفي أي إقليم هي وما يخصها من البحار والخلجان الكائنة بها مع معرفة غيرها من البلاد والأقطار في الأقاليم السبعة التي اتفق عليها المتكلمون وأثبتها في الدفاتر الناقلون والمؤلفون وما لكل إقليم منها من قسم بلاد يحتوي عليه ويرجع إليه ويعد منه بطلب ما في الكتب المؤلفة في هذا الفن من علم ذلك كله مثل كتاب العجائب للمسعودي وكتاب أبي نصر سعيد الجيهاني وكتاب أبي القاسم عبيد الله بن خرداذبه وكتاب أحمد بن عمر العذري وكتاب أبي القاسم محمد الحوقلي البغدادي وكتاب خاناخ بن خاقان الكيماكي وكتاب موسى بن قاسم القردي وكتاب أحمد بن يعقوب المعروف باليعقوبي وكتاب

إسحاق بن الحسن المنجم وكتاب قدامة البصري وكتاب بطلميوس الأقلودي وكتاب أرسيوس الأنطاكي. فلم يجد ذلك فيها مشروحا مستوعبا مفصلا بل وجده فيها مغفلا فأحضر لديه العارفين بهذا الشان فباحثهم عليه وأخذ معهم فيه فلم يجد عندهم علما أكثر مما في الكتب المذكورة فلما رآهم على مثل هذه الحال بعث إلى سائر بلاده فأحضر العارفين بها المتجولين فيها فسألهم عنها بواسطة جمعا وأفرادا فما اتفق فيه قولهم وصح في جمعه نقلهم أثبته وأبقاه وما اختلفوا فيه أرجاه وألغاه وأقام على ذلك نحوا من خمس عشرة سنة لا يخلي نفسه في كل وقت من النظر في هذا الفن والكشف عنه والبحث عن حقيقته إلى أن تم له فيه ما يريده ثم أراد أن يستعلم يقينا صحة ما اتفق عليه القوم المشار إليهم في ذكر أطوال مسافات البلاد وعروضها فأحضر إليه لوح الترسيم وأقبل يختبرها بمقاييس من حديد شيئا فشيئا مع نظره في الكتب المقدم ذكرها وترجيحه بين أقوال مؤلفيها. وأمعن النظر في جميعها حتى وقف على الحقيقة فيها فأمر عند ذلك بأن تفرغ له من الفضة الخالصة دائرة مفصلة عظيمة الجرم ضخمة الجسم في وزن أربع مائة رطل بالرومي في كل رطل منها مائة درهم واثنا عشر درهما فلما كملت أمر الفعلة أن ينقشوا فيها صور الأقاليم السبعة ببلادها وأقطارها وسيفها وريفها وخلجانها وبحارها ومجاري مياهها ومواقع أنهارها وعامرها وغامرها وما بين كل بلد منها وبين غيره من الطرقات المطروقة والأميال المحدودة والمسافات المشهودة والمراسي المعروفة على نص ما يخرج إليهم ممثلا في لوح الترسيم ولا يغادروا منه شيئا ويأتوا به على هيئته وشكله كما يرسم لهم فيه وأن يؤلفوا كتابا مطابقا لما في أشكالها

وصورها غير أنه يزيد عليها بوصف أحوال البلاد والأرضين في خلقها وبقاعها وأماكنها وصورها وبحارها وجبالها ومسافاتها ومزدرعاتها وغلاتها وأجناس بنائها وخواصها والاستعمالات التي تستعمل بها والصناعات التي تنفق بها والتجارات التي تجلب إليها وتحمل منها والعجائب التي تذكر عنها وتنسب إليها وحيث هي من الأقاليم السبعة مع ذكر أحوال أهلها وهيئاتهم وخلقهم ومذاهبهم وزيهم وملابسهم ولغاتهم وأن يسمى هذا الكتاب بكتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق وكان ذلك في العشر الأول من ينير الموافق لشهر شوال الكائن في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة فأمتثل فيه الأمر وأرتسم الرسم. وأول ما أبتدئ به من ذلك الكلام على صورة الأرض المسماة بالجغرافية كما سماها بطلميوس ووصفها به ومن الله نستمد المعونة والتوفيق والتسديد في كل منهج وطريق فهو جلت قدرته بذلك جدير وعليه قدير. فنقول إن الذي تحصل من كلام الفلاسفة وجلة العلماء وأهل النظر في علم الهيئة أن الأرض مدورة كتدوير الكرة والماء لاصق بها وراكد عليها ركودا طبيعيا لا يفارقها والأرض والماء مستقران في جوف الفلك كالمحة في جوف البيضة ووضعهما وضع متوسط والنسيم محيط بهما من جميع جهاتهما وهو لهما جاذب إلى جهة الفلك أو دافع لهما والله أعلم بحقيقة ذلك. والأرض مستقرة في جوف الفلك وذلك لشدة سرعة حركة الفلك وجميع المخلوقات على ظهرها والنسيم جاذب لما في أبدانهم من الخفة والأرض جاذبة لما في أبدانهم

من الثقل بمنزلة حجر المغنيطس الذي يجذب الحديد إليه. والأرض مقسومة بقسمين بينهما خط الاستواء وهو من المشرق إلى المغرب وهذا هو طول الأرض وهو أكبر خط في الكرة كما أن منطقة البروج أكبر خط في الفلك واستدارة الأرض في موضع خط الاستواء ثلاث مائة وستون درجة والدرجة خمسة وعشرون فرسخا والفرسخ اثنا عشر ألف ذراع والذراع أربعة وعشرون أصبعا والأصبع ستّ حبّات شعير مصفوفة ملصقة بطون بعضها لظهور بعض فتكون بهذه النسبة إحاطة الأرض مائة ألف ألف ذراع واثنين وثلاثين ألف ألف ذراع وتكون من الفراسخ أحد عشر ألف فرسخ هذا بحساب أهل الهند وأما هرمس فإنه قدر إحاطة الأرض وجعل لكل جزء مائة ميل (ف) تكون بذلك ستة وثلاثين ألف ميل وتكون من الفراسخ اثني عشر ألف فرسخ وبين خط الاستواء وكل واحد من القطبين تسعون درجة واستدارتها عرضا مثل ذلك. إلا أن العمارة في الأرض بعد خط الاستواء أربع وستون درجة والباقي من الأرض خلاء لا عمارة فيه لشدة البرد والجمود والخلق بجملته على الربع الشمالي من الأرض وأيضا فإن الربع الجنوبي وهو الذي فوق خط الاستواء غير مسكون ولا معمور لشدة الحر به دائما على سمته فجفت مياهه وعدم حيوانه ونباته لعدم الرطوبة لأنه لا يكون الحيوان والنبات أبدا إلا حيث تكون المياه والرطوبات. والأرض في ذاتها مستديرة لكنها غير صادقة الاستدارة فمنها منخفض ومرتفع والماء يجري فيها من أرفعها إلى أخفضها والبحر المحيط يحيط بنصف الأرض إحاطة متصلة دائرتها كالمنطقة لا يظهر منها إلا نصفها فكأنها عند الصفة بيضة مغرقة في

الماء والماء في طست فكذلك الأرض نصفها مغرق في البحر والبحر يحيط به الهواء والهواء دافع لهما أو جاذب كالذي قلناه قبل هذا. وهذا الربع المسكون من الأرض قسمته العلماء سبعة أقاليم كل إقليم منها مار من المغرب إلى المشرق على خط الاستواء وليست هذه الأقاليم بخطوط طبيعية لكنها خطوط وهمية محدودة موجودة بالعلم النجومي وفي كل إقليم منها عدة مدن وحصون وقرى وأمم لا يشبه بعضهم بعضا وأيضا فإن في كل إقليم منها جبالا شامخة ووهادا متصلة وعيونا وأنهارا جارية وبركا راكدة ومعادن ونباتات وحيوانات مختلفة وسنذكر أكثر ذلك فيما يأتى ذكره بعد بعون الله وتأييده. وتخترق هذه الأقاليم السبعة سبعة أبحر تسمى خلجانا ستة منها متصلة وبحر واحد منفصل لا يتصل بشيء من البحور المذكورة وأحد هذه البحور التي في الأرض المعمورة هو بحر الصين والهند والسند واليمن ومبدؤه من جهة المشرق فوق خط الاستواء بثلاث عشرة درجة ممتد مع خط الاستواء إلى جهة المغرب فيمر بالصين أوّلا ثم بالهند ثم بالسند ثم باليمن على جنوبها وينتهي إلى باب المندب وهناك مبلغ طوله وطوله على هذه المسافات فيما حكاه الثقات المسافرون والبحريون الخائضون فيه المقلعون من بلد إلى بلد من مبدأ بحر القلزم إلى الواق واق أربعة آلاف فرسخ وخمس مائة فرسخ وفيه من الجزائر نحو ثلاث مائة جزيرة بين عامرة وخالية وسنذكر منها بعد هذا ما اتصل بنا علمه وصحت الأخبار عنه. ويتشعب من هذا البحر الصيني الخليج الأخضر وهو بحر فارس والأبلة وممره من الجنوب إلى الشمال مغربا قليلا فيمر بغربي بلاد السند ومكران وكرمان وفارس

إلى أن ينتهي إلى الأبلة حيث عبادان وهناك ينتهي آخره ثم ينعطف ريفه راجعا إلى جهة الجنوب فيمر ببلاد البحرين وأرض اليمامة ويتصل بعمان وأرض الشحر من بلاد اليمن وهناك اتصاله بالبحر الصيني وطول هذا البحر أربع مائة فرسخ وأربعون فرسخا وفيه جبلا عوير وكسير وعمقه سبعون باعا إلى ثمانين باعا وفيه من الجزائر تسع جزائر بين عامرة وخالية وسنذكرها فيما يأتي ذكره بعون الله سبحانه. ويتشعب أيضا من هذا البحر الصيني خليج القلزم ومبدؤه من باب المندب وحيث انتهى البحر الهندي فيمر في جهة الشمال مغربا قليلا فيتصل بغربي اليمن ويمر بتهامة والحجاز إلى مدين وأيلة وفاران حتى ينتهي إلى مدينة القلزم وإليها ينسب ثم ينعطف ريفه راجعا في جهة الجنوب فيمر بشرقي بلاد الصعيد إلى جون الملك ثم يأتي إلى عيذاب إلى جزيرة سواكن إلى زالغ من بلاد البجة وينتهي إلى بلاد الحبشة ويتصل بالبحر الهندي وطول هذا البحر ألف ميل وأربع مائة ميل وأكثر قعر هذا البحر أقاصير تتلف عليها المراكب فلا يركبه إلا الربانيون العالمون بأقاصيره المختبرون لطرقه ومجاريه وفيه من الجزائر خمس عشرة جزيرة وسنذكرها على التقصي في موضع ذكرها بعون الله. وأما البحر الثاني الكبير المعروف بالبحر الشامي فإن مخرجه من البحر المظلم الذي في جهة المغرب ومبدؤه في الإقليم الرابع ويسمى هناك بحر الزقاق لأن سعته هناك تكون ثمانية عشر ميلا وكذلك طول الزقاق من جزيرة طريف إلى الجزيرة الخضراء أيضا ثمانية عشر ميلا فيمر مشرقا في جهة بلاد البربر وبشمال

المغرب الأقصى إلى أن يمر بالمغرب الأوسط ويصل إلى أرض إفريقيا إلى وادي الرمل إلى أرض برقة وأرض لوبية ومراقية إلى أرض الاسكندرية إلى شمال أرض التيه إلى أرض فلسطين وسائر بلاد الشام إلى أن ينتهي طرفه إلى السويدية وهو نهايته ومن هناك ينعطف ريفه راجعا فيمر ببلاد أنطاكية إلى جهة المغرب فيتصل بالخليج القسطنطيني إلى جزيرة بلبونس إلى أذرنت وهناك مخرج الخليج البنادقي ويتصل إلى مجاز صقلية إلى بلاد رومية إلى بلاد سغونة وأربونة ويجتاز بجبل البرتات فيمر بشرقي بلاد الأندلس إلى جنوب وسطها وينتهي إلى الجزيرتين من حيث بدأ وطول هذا البحر الشامي من ابتدائه إلى حيث انتهاؤه ألف فرسخ ومائة وستة وثلاثون فرسخا وفيه من الجزائر نحو من مائة جزيرة بين صغار وكبار ومعمورة وخالية وسنذكرها إذا أتى موضع ذكرها بعون الله تعالى. ويخرج من هذا البحر الشامي خليجان أحدهما خليج البنادقيين ومبدؤه من شرقي بلاد قلورية من بلاد الروم من عند مدينة أذرنت فيمر في جهة الشمال مع تغريب يسير فيمر بأرض باري إلى ساحل شنت انجل ثم يأخذ من جهة المغرب إلى بلاد أنقونة إلى أن يمر بساحل البنادقة وينتهي طرفه إلى بلاد ايكلاية ومن هناك ينعطف ريفه راجعا مع الشرق على بلاد جرواسية و (د) لماسية وبلاد اسقلونية إلى أن يتصل بالبحر الشامي من حيث ابتدأ وطول هذا الخليج من حيث ابتدأ إلى أقصى انتهائه ألف ميل ومائة ميل وفيه من الجزائر خمس عشرة جزيرة منها ستة

معمورة والباقية خالية وسنذكر ذلك في موضعه. ويخرج أيضا من البحر الشامي الخليج الثاني المسمى بحر نيطس ومبدؤه من البحر الشامي حيث فم أبذه وعرض فوهته هناك رمية سهم ويمر مجريان فيتصل بالقسطنطينية فيكون عرضه عندها أربعة أميال ويمر كذلك ستين ميلا حتى يصل إلى بحر نيطس وعرض فوهته هناك ستة أميال ويمر بحر نيطس في جهة المشرق فيتصل من جهة الجنوب بأرض هرقلية إلى أرض استروبلي إلى سواحل اطرابزندة إلى أرض أشكالة إلى أرض لانية وينتهي طرف هذا الخليج هناك حيث الخزرية ومن هناك ينعطف ريفه راجعا إلى مطرخة ويتصل ببلاد الروسية وبلاد برجان وموقع نهر دنابرس ويمر إلى موقع نهر دنو إلى أن ينتهي إلى مضيق فم الخليج القسطنطيني ويتصل بالقسطنطينية ويمر بشرقي بلاد مقدونية إلى أن يتصل بالموضع الذي بدأ منه وطول بحر نيطس من فم المضيق إلى حيث انتهاؤه ألف ميل وثلاث مائة ميل وفيه ست جزائر وسنذكرها عند وصولنا إلى ذكرها بعون الله سبحانه. وأما بحر جرجان والديلم فإنه بحر منقطع لا يتصل بشيء من البحار المذكورة وتقع فيه أنهار كثيرة وعيون دائمة الجري ويتصل بهذا البحر من جهة المشرق أرض الأغزاز ومن جهة الشمال أرض الخزر ومن جهة المغرب بلاد أذربيجان والديلم ومن جهة الجنوب بلاد طبرستان وطوله من جهة الخزر إلى عين ألهم ألف ميل وعرضه من ناحية جرجان إلى موقع نهر إثل ست مائة ميل وخمسون ميلا وفيه

من الجزائر أربع وسيأتي ذكرها فيما بعد. وعلى كل بحر من جميع البحور التي قدمنا ذكرها بلاد وأمم سنأتي بذكرها مشروحا موضوحا بلدا بلدا وأمة أمة بعون الله سبحانه وفي هذه البحور أيضا أنواع من الحيتان والحيوانات المختلفة الصفات ومن العجائب ما سنأتي بأوصافه في مواضع ذكره بعون الله سبحانه. وإذ قد فرغنا من ذكر هيئة الأرض وقسمتها بأقاليمها وذكر البحار التي وصفنا مباديها وانتهاءاتها وأحوازها وما يلي سواحلها من البلاد والأمم وذلك بالقول الوجيز فلنبدأ الآن بذكر الأقاليم السبعة وما يحتوي عليه من البلاد والأمم والعجائب إقليما إقليما وبلدا بلدا ونذكر ما تشتمل عليه ممالكها ونأتي بطرقاتها ومسالكها ومبلغ فراسخها وأميالها ومجاري أنهارها وعلو بحارها وسلوك قفارها كل ذلك مشروحا موضوحا باستقصاء من القول مع الايجاز بغاية الجهد ومبلغ الطاقة وبالله التوفيق ومنه العون وله القوة والحول. ولما أردنا رسم هذه المدن في الأقاليم ومسالكها وما تحتوي عليه أممها قسمنا طول كل إقليم منها على عشرة أقسام أجزاء مقدرة من الطول والعرض ورسمنا في كل واحد من هذه الأجزاء ما له من المدن والأكوار والعمارات ليرى الناظر في ذلك ما خفي عن عيانه أو لم يبلغه علمه أو لم يمكنه الوصول إليه لتعذر الطرقات واختلاف الأمم فيصح له الخبر بالعيان ومبلغ أعداد هذه المصورات الآتية بعد هذا سبعون مصورة غير النهايتين اللتين إحداهما نهاية المعمور في جهة الجنوب وأكثرها خلاء لشدة الحر وقلة المياه والنهاية الثانية نهاية المعمور في جهة الشمال وأكثرها خلاء لشدة البرد وأيضا بان مع ما ذكرناه وقدمنا وصفه أن الناظر إذا نظر إلى هذه الصفات المصورة

والبلاد المذكورة رأى منها وضعا صحيحا وشكلا صبيحا لكن يبقى عليه بعد ذلك أن يعلم صفات الممالك وهيآت الأمم وحلاها وزيها وطرقاتها المسلوكة بأميالها وفراسخها وعجائب بلادها مما شاهده المسافرون وذكره المتجولون وصححه الناقلون ولذلك ما رأينا أن نذكر بعد كل صورة منها ما يجب ذكره ويليق بمكانه من الكتاب حسب المعرفة والإمكان والله المستعان لا رب غيره.

الإقليم الأول

الإقليم الأوّل

الجزء الأول

الجزء الأوّل إن هذا الإقليم الأول مبدؤه من جهة المغرب من البحر الغربي المسمى ببحر الظلمات وهو البحر الذي لا يعلم ما خلفه وفيه هناك جزيرتان تسميان بالخالدات ومن هذه الجزائر بدأ بطلميوس يأخذ الطول والعرض وهاتان الجزيرتان فيما يذكر في كل واحدة منهما صنم مبني بالحجارة طول كل صنم منهما مائة ذراع وفوق كل صنم منهما صورة من نحاس تشير بيدها إلى خلف وهذه الأصنام فيما يذكر ستة أحدها صنم قادس التي بغربي الأندلس ولا يعلم أحد شيئا من المعمور خلفها. وفي هذا الجزء الذي رسمناه من المدن اوليل وسلى وتكرور وبريسى ودو ومورة وهذه البلاد من أرض مقزارة السودان فأما جزيرة اوليل فهي في البحر وعلى مقربة من الساحل وبها الملاحة المشهورة ولا يعلم في بلاد السودان ملاحة غيرها ومنها يحمل الملح إلى جميع بلاد السودان وذلك أن المراكب تأتي إلى هذه الجزيرة فتوسق بها الملح وتسير منها إلى موقع النيل وبينهما مقدار مجرى فتجري في النيل إلى سلى وتكرور وبريسى وغانة وسائر بلاد ونقارة وكوغة وجميع بلاد السودان وأكثرها لا يكون لها مأوى ولا مستقر إلا على النيل بعينه أو على نهر يمد النيل وسائر الأرضين المجاورة للنيل صحار خالية لا عمارة فيها

وهذه الصحارى فيها مجابات مياه وذلك أن الماء لا يوجد فيها إلا بعد يومين وأربعة وخمسة وستة واثنى عشر يوما مثل مجابة تيسر التي في طريق سجلماسة إلى غانة وهي أربعة عشر يوما لا يوجد فيها ماء وأن القوافل تتزود بالماء لسلوك هذه المجابات في الأوعية على ظهور الجمال ومثل هذه المجابة كثير في بلاد السودان وأكثر أرضها أيضا رمال تنبسفها الرياح وتنقلها من مكان إلى مكان فلا يوجد بها شيء من الماء وهذه البلاد كثيرة الحر حامية جدا ولذلك أهل هذا الإقليم الأول والثاني وبعض الثالث لشدة الحر وإحراق الشمس لهم كانت ألوانهم سوداء وشعورهم متفلفلة بضد ألوان أهل الإقليم السادس والسابع. ومن جزيرة اوليل إلى مدينة سلى ست عشرة مرحلة ومدينة سلى على ضفة نهر النيل وبشماله وهي مدينة حاضرة وبها مجتمع السودان ومتاجر صالحة وأهلها أهل بأس ونجدة وهي من عمالة التكروري وهو سلطان مؤمر وله عبيد وأجناد وله حزم وجلادة وعدل مشهور وبلاده آمنة وادعة وموضع مستقره والبلد الذي هو فيه مدينة تكرور وهي في جنوب النيل وبينها وبين سلى مقدار يومين في النيل وفي البر ومدينة تكرور أكبر من مدينة سلى وأكثر تجارة وإليها يسافر أهل المغرب الأقصى بالصوف والنحاس والخرز ويخرجون منها التبر والخدم وطعام أهل سلى وأهل تكرور الذرة والسمك والألبان وأكثر مواشيهم الجمال والمعز ولباس عامة أهلها قداوير الصوف وعلى رؤوسهم كرازى الصوف ولباس خاصتها ثياب القطن والمآزر. ومن مدينة سلى وتكرور إلى مدينة سجلماسة أربعون يوما بسير القوافل

وأقرب البلاد إليهما من بلاد لمتونة الصحراء أزكى وبينهما خمس وعشرون مرحلة ويتزود بالماء فيها من يومين إلى أربعة إلى خمسة وستة أيام وكذلك من جزيرة اوليل إلى مدينة سجلماسة نحو من أربعين مرحلة بسير القوافل. ومن مدينة تكرور إلى مدينة بريسى على النيل مشرقا اثنتا عشرة مرحلة ومدينة بريسى مدينة صغيرة لا سور لها غير أنها كالقرية الحاضرة وأهلها متجولون تجار وهم في طاعة التكروري. وفي الجنوب من بريسى أرض لملم وبينهما نحو من عشرة أيام وأهل بريسى وأهل سلى وتكرور وغانة يغيرون على بلاد لملم ويسبون أهلها ويجلبونهم إلى بلادهم فيبيعونهم من التجار الداخلين إليهم فيخرجهم التجار إلى سائر الأقطار وليس في جميع أرض لملم إلا مدينتان صغيرتان كالقرى اسم إحداهما ملل واسم الثانية دو وبين هاتين المدينتين مقدار أربعة أيام وأهلها فيما يذكره أهل تلك الناحية يهود والغالب عليهم الكفر والجهالة وجميع أهل بلاد لملم إذا بلغ أحدهم الحلم وسم وجهه وصدغاه بالنار وذلك علامة لهم وبلادهم وجملة عماراتهم على واد يمد النيل وليس بعد أرض لملم في جهة الجنوب عمارة تعرف وبلاد لملم تتصل من جهة المغرب بأرض مقزارة ومن جهة المشرق بأرض ونقارة ومن جهة الشمال بأرض غانة ومن جهة الجنوب بالأرض الخالية وكلامهم كلام لا يشبه كلام المقزاريين ولا كلام الغانيين. ومن بريسى المتقدم ذكرها إلى غانة في جهة المشرق اثنا عشر يوما وهي

في وسط الطريق إلى مدينة سلى وتكرور وكذلك من مدينة بريسى إلى اودغشت اثنتا عشرة مرحلة واودغشت من بريسى شمالا وليس في بلاد السودان شيء من الفواكه الرطبة إلا ما يجلب إليها من التمر من بلاد سجلماسة أو بلاد الزاب يجلبه إليهم أهل وارقلان الصحراء والنيل يجرى في هذه الأرض من المشرق إلى المغرب وينبت على ضفتيه القصب الشركي وشجر الأبنوس والشمشار والخلاف والطرفاء والأثل غياضا متصلة وبها تقيل وتسكن مواشيهم وإليها يميلون ويستظلون عند شدة الحر وحمية القيظ وفي غياضه الأسد والزرائف والغزلان والضبعان والأفيال والأرانب والقنافذ وفي النيل أنواع من السمك وضروب من الحيتان الكبار والصغار ومنه طعام أكثر السودان يتصيدونه ويملحونه ويدخرونه وهو في نهاية السمن والغلظ وأسلحة أهل هذه البلاد القسي والنشابات وعليها عمدتهم والدبابيس أيضا من أسلحتهم يتخذونها من شجر الأبنوس ولهم فيها حكمة وصناعة متقنة وأما قسيهم فإنها من القصب الشركي وسهامهم منه وكذلك أوتارها من القصب وبناء أهل هذه البلاد بالطين والخشب العريض الطويل عندهم قليل الوجود وحليهم النحاس والخرز والنظم من الزجاج والباذوق ولعاب الشيخ وأنواع المجزعات من الزجاج المؤلف. وهذه الأمور والحالات التي ذكرناها من المطاعم والمشارب واللباس والحلى يفعلها أكثر السودان في جميع أرضهم لأنها بلاد حر ووهج شديد وأهل المدن منها يزرعون البصل والقرع والبطيخ ويعظم عندهم كثيرا ولا حنطة عندهم

أكثر من الذرة ومنها ينتبذون ويشربون وجل لحومهم الحوت ولحوم الإبل المقددة كما قدمنا وصفه وهاهنا انقضى ذكر الجزء الأول من الإقليم الأول والحمد لله على ذلك. نجز الجزء الأول من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله.

الجزء الثاني

الجزء الثاني إن الذي تضمنه هذا الجزء الثاني من الإقليم الأول من المدن مدينة ملل وغانة وتيرقى ومداسة وسغمارة وغيارة وغربيل وسمقندة فأما مدينة ملل التي هي من بلاد لملم فقد ذكرناها فيما تقدم وهي مدينة صغيرة كالقرية الجامعة لا سور لها وهي على تل تراب أحمر منيع جانبه وأهل ملل متحصنون فيه عمن يطرقهم من سائر السودان وشربهم من عين خرارة تخرج من الجبل الذي في جنوبها وماؤها زعاق ليس بصادق الحلاوة وبغربي هذه المدينة على ماء العين الذي يشربون منه ومع نزوله إلى أن يقع في النيل أمم كثيرة سودان عراة لا يستترون بشيء وهم يتناكحون بغير صدقات ولا حق وهم أكثر الناس نسلا ولهم إبل ومعز يعيشون من ألبانها ويأكلون الحيتان المصيدة ولحوم الإبل المقددة وأهل تلك البلاد المجاورة لهم يسبونهم في كل الأحايين بضروب من الحيل ويخرجونهم إلى بلادهم فيبيعونهم من التجار قطارا ويخرج منهم في كل عام إلى المغرب الأقصى أعداد كثيرة وجميع من يكون في بلاد لملم موسوم بالنار في وجهه وهي لهم علامة كما قدمنا ذكره. ومن مدينة ملل إلى مدينة غانة الكبرى نحو من اثنتي عشرة مرحلة في رمال

ودهاس لا ماء بها وغانة مدينتان على ضفتي البحر الحلو وهي أكبر بلاد السودان قطرا وأكثرها خلقا وأوسعها متجرا وإليها يقصد التجار المياسير من جميع البلاد المحيطة بها ومن سائر بلاد المغرب الأقصى وأهلها مسلمون وملكها فيما يوصف من ذرية صالح بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وهو يخطب لنفسه لاكنه تحت طاعة أمير المؤمنين العباسي وله قصر على ضفة النيل قد أوثق بنيانه وأحكم إتقانه وزينت مساكنه بضروب من النقوشات والأدهان وشمسيات الزجاج وكان بنيان هذا القصر في عام عشرة وخمس مائة من سني الهجرة وتتصل مملكته وأرضه بأرض ونقارة وهي بلاد التبر المذكورة الموصوفة به كثرة وطيبا والذي يعلمه أهل المغرب الأقصى علما يقينا لا اختلاف فيه أن له في قصره لبنة من ذهب وزنها ثلاثون رطلا من ذهب تبرة واحدة خلقها الله خلقة تامة من غير أن تسبك في نار ولا تطرق بآلة وقد نفذ فيها ثقبا وهي مربطة لفرس الملك وهي من الأشياء المغربة التي ليست عند غيره ولا صحت لأحد إلا له وهو يفخر بها على سائر ملوك السودان وهو أعدل الناس فيما يحكى عنه ومن سيرته في قربه من الناس وعدله فيهم أن له جملة قواد يركبون إلى قصره في صباح كل يوم ولكل قائد منهم طبل يضرب على رأسه فإذا وصل إلى باب القصر سكت فإذا اجتمع إليه جميع قواده ركب وصار يقدمهم ويمشي في أزقة المدينة ودائر البلد فمن كانت له مظلمة أو نابه أمر تصدى له فلا يزال حاضرا بين يديه حتى يقضى مظلمته ثم يرجع إلى قصره ويتفرق قواده فإذا كان بعد العصر وسكن حر الشمس ركب مرة ثانية وخرج وحوله أجناده فلا

يقدر أحد على قربه ولا على الوصول إليه وركوبه في كل يوم مرتين سيرة معلومة وهذا مشهور من عدله ولباسه إزار حرير يتوشح به أو بردة يلتف بها وسراويل في وسطه ونعل شركي في قدمه وركوبه الخيل وله حلية حسنة وزي كامل يقدمه أمامه في أعياده وله بنود كثيرة وراية واحدة وتمشي أمامه الفيلة والزرائف وضروب من الوحوش التي في بلاد السودان ولهم في النيل زوارق وثيقة الإنشاء يتصيدون فيها ويتصرفون بين المدينتين بها ولباس أهل غانة الأزر والفوط والأكسية كل أحد على قدر همته وأرض غانة تتصل من غربيها ببلاد مقزارة ومن شرقيها ببلاد ونقارة وبشمالها بالصحراء المتصلة التي بين أرض السودان وأرض البربر وتتصل بجنوبها بأرض الكفار من اللملمية وغيرها. ومن مدينة غانة إلى أول بلاد ونقارة ثمانية أيام وبلاد ونقارة هذه هي بلاد التبر المشهورة بالطيب والكثرة وهي جزيرة طولها ثلاث مائة ميل وعرضها مائة وخمسون ميلا والنيل يحيط بها من كل جهة في سائر السنة فإذا كان في شهر أغشت وحمى القيظ وخرج النيل وفاض غطى هذه الجزيرة أو أكثرها وأقام عليها مدته التي من عادته أن يقيم عليها ثم يأخذ في الرجوع فإذا أخذ النيل في الرجوع والجزر رجع كل من في بلاد السودان المنحشرين إلى تلك الجزيرة بحاثا يبحثون طول أيام رجوع النيل فيجد كل إنسان منهم في بحثه هناك ما أعطاه الله سبحانه كثيرا أو قليلا من التبر وما يخيب منهم أحد فإذا عاد النيل إلى حده باع الناس ما حصل بأيديهم من التبر وتاجر بعضهم بعضا واشترى أكثره أهل وارقلان وأهل المغرب الأقصى وأخرجوه إلى دور السكك في بلادهم فيضربونه

دنانير ويتصرفون بها في التجارات والبضائع هكذا في كل سنة وهي أكبر غلة عند السودان وعليها يعولون صغيرهم وكبيرهم وأرض ونقارة فيها بلاد معمورة ومعاقل مشهورة وأهلها أغنياء والتبر عندهم وبأيديهم كثير والخيرات مجلوبة إليهم من أطراف الأرض وأقاصيها ولباسهم الأزر والأكسية والقداوير وهم سود جدا فمن مدن ونقارة تيرقى وهي مدينة كبيرة وفيها خلق كثير لاكن ليس لها سور ولا حظيرة وهي في طاعة صاحب غانة وله يخطبون وإليه يتحاكمون وبين غانة وتيرقى ستة أيام وطريقها مع النيل ومن مدينة تيرقى إلى مدينة مداسة ستة أيام ومدينة مداسة هذه مدينة متوسطة كثيرة العمارة صالحة العمالات وفي أهلها معرفة وهي على شمال النيل ومنه شربهم وهي بلد أرز وذرة كبيرة الحب طعمها صالح وأكثر معايشهم من الحوت وتصيده وتجارتهم بالتبر ومن مدينة مداسة إلى بلد سغمارة ستة مراحل وبين مداسة وسغمارة إلى جهة الشمال ومع الصحراء قوم يقال لهم بغامة وهم برابر رحالة لا يقيمون في مكان يرعون أجمالهم على ساحل واد يأتي من ناحية المشرق فيصبّ في النيل واللبن عندهم كثير ومنه يعيشون ومن مدينة سغمارة إلى مدينة سمقندة ثمانية أيام ومدينة سمقندة هذه مدينة لطيفة على ضفة البحر الحلو ومنها إلى مدينة غربيل تسعة أيام ومن مدينة سغمارة إلى مدينة غربيل جنوبا ستة أيام ومدينة غربيل هذه على ضفة البحر الحلو وهي مدينة لطيفة القدر

في سفح جبل يعلوها من جهة الجنوب وشرب أهلها من النيل ولباسهم الصوف وأكلهم الذرة والحوت وألبان الإبل وأهلها يتصرفون في تلك البلاد بضروب من التجارات التي تدور بين أيديهم ومن مدينة غربيل مع المغرب إلى مدينة غيارة إحدى عشرة مرحلة ومدينة غيارة هذه على ضفة النيل وعليها حفير دائر بها وبها خلق كثير وفي أهلها نجدة ومعرفة وهم يغيرون على بلاد لملم فيسبونهم ويأتون بهم ويبيعونهم من تجار غانة وبين غيارة وأرض لملم ثلاث عشرة مرحلة وهم يركبون النجب من الجمال ويتزودون الماء ويسرون بالليل ويصلونه بالنهار إلى أن يغنموا ويرجعوا إلى بلدهم بما يفتح الله سبحانه عليهم من السبي من أهل لملم ومن مدينة غيارة إلى مدينة غانة إحدى عشرة مرحلة وماؤها قليل وجملة هذه البلاد التي ذكرناها هي في طاعة صاحب غانة وإليه يؤدون لوازمهم وهو القائم بحمايتهم. نجز الجزء الثاني من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله.

الجزء الثالث

الجزء الثالث إن الذي تضمنه هذا الجزء الثالث من الإقليم الأول من المدن المشهورة كوغة وكوكو وتملمة وزغاوة ومانان وانجيمى ونوابية وتاجوة. فأما مدينة كوغة فإنها مدينة على ضفة البحر الحلو وفي شماله ومنه شرب أهلها وهي من عمالة ونقارة ومن السودان من يجعلها من بلاد كانم وهي مدينة عامرة لا سور لها وبها تجارات وأعمال وصنائع يصرفونها فيما يحتاجون إليه ونساء هذه المدينة ينسب إليهن السحر ويقال إنهن به عارفات وبه مشهورات وعليه قادرات ومن كوغة إلى سمقندة في جهة الغرب عشرة أيام ومن كوغة إلى غانة نحو من شهر ونصف ومن كوغة إلى دمقلة شهر ومن كوغة إلى شامة دون الشهر ومن كوغة إلى مدينة كوكو في الشمال عشرون مرحلة بسير الجمال والطريق على أرض بغامة وأهل بغامة سودان برابر قد أحرقت الشمس جلودهم وغيرت ألوانهم ولسانهم لسان البربر وهم قوم رحالة وشربهم من عيون يحفرونها في تلك الأرض عن علم لهم بها وتجربة في ذلك صحيحة ولقد أخبر بعض السفار الثقات وكان قد تجول في بلاد السودان نحوا من عشرين سنة أنه دخل هذه الأرض أعني أرض بغامة وعاين فيها رجلا

من هؤلاء البربر فكان يمشي معه في أرض خالية رملة ليس بها أثر للماء ولا لغيره فأخذ البربري غرفة من ترابها وقربه من أنفه ثم اشتمه وتبسم وقال لأهل القافلة انزلوا فإن الماء معكم فنزل أهل القافلة هناك وعرسوا متاعهم وقيدوا الجمال وتركوها ترعى ثم عمد البربري إلى موضع وقال احفروا هاهنا فحفر الناس في ذاك الموضع أقل من نصف قامة فخرج إليهم الماء الكثير العذب فعجب من ذلك أهل القافلة وهذا مشهور معلوم يعلمه تجار أهل تلك البلاد ويحكونه عنهم وفي هذه الطريق التي ذكرنا من كوغة إلى كوكو على أرض بغامة مجابتان لا ماء فيهما وكل مجابة منهما تقطع من خمسة أيام إلى ستة أيام ومدينة كوكو مدينة مشهورة الذكر من بلاد السودان كبيرة وهي على ضفة نهر يخرج من ناحية الشمال فيمر بها ومنه شرب أهلها ويذكر كثير من السودان أن مدينة كوكو هذه على ضفة الخليج وذكر قوم آخرون أنها على نهر يمد النيل والذي صح من القول أن هذا النهر يجري حتى يجوز كوكو بأيام كثيرة ثم يغوص في الصحراء في رمال ودهاس مثل ما يغوص نهر الفرات الذي ببلاد العراق وغوصه هناك في البطائح ثم إن ملك مدينة كوكو ملك قائم بذاته خاطب لنفسه وله حشم كثير ودخلة كبيرة وقواد وأجناد وزي كامل وحلية حسنة وهم يركبون الخيل والجمال ولهم بأس وقهر لمن جاورهم من الأمم المحيطة بأرضهم ولباس عامة أهل كوكو الجلود يسترون بها عوراتهم وتجارهم يلبسون القداوير والأكسية وعلى رؤوسهم الكرازى وحليهم الذهب وخواصهم وجلتهم يلبسون الأزر وهم يداخلون التجار ويجالسونهم ويبضعونهم بالبضائع على جهة المقارضة وينبت في أرض كوكو العود

المسمى بعود الحية ومن خاصته أنه إذا وضع على جحر الحية خرجت إليه مسرعة ثم أن ماسك هذا العود يأخذ من الحيات ما شاء بيده من غير أن يدركه شيء من الجزع ويجد في نفسه قوة عند أخذها والصحيح عند أهل المغرب الأقصى وأهل وارقلان أن ذلك العود إذا أمسكه ماسك بيده أو علقه في عنقه لم تقربه حية البتة وهذا مشهور وصفة هذا العود كصفة العاقر قرحا مفتولا لاكنه أسود اللون. ومن مدينة كوكو إلى مدينة غانة شهر ونصف شهر ومن مدينة كوكو إلى مدينة تملمة شرقا أربع عشرة مرحلة وهي مدينة صغيرة من أرض كوار جامعة فيها بشر كثير ولا سور لها وفيها رجل ثائر بنفسه وهي على جبل صغير لاكنه جبل منيع بأجراف قد أحاطت به من جميع جهاته ولها نخيل ومواش وأهلها عراة شقاة وشربهم من مياه الآبار وماؤها بعيد القعر عن وجه الأرض وبها معدن شب ليس بالكثير الجودة ويبيعونه في كوار ويخلطه التجار بالشب الطيب ويسافرون به إلى جميع الجهات. ومن تملمة إلى مدينة مانان من أرض كانم اثنتا عشرة مرحلة ومدينة مانان مدينة صغيرة وليس بها شيء من الصناعات المستعملة وتجاراتهم قليلة ولهم جمال ومعز ومن مدينة مانان إلى مدينة انجيمى ثمانية أيام وهي أيضا من كانم وانجيمى مدينة صغيرة جدا وأهلها قليل وهم في أنفسهم أذلة وهم يجاورون النوبة من جهة المشرق وبين مدينة انجيمى والنيل ثلاثة أيام في جهة الجنوب وشرب أهلها من الآبار ومن انجيمى إلى مدينة زغاوة ستة أيام ومدينة زغاوة مدينة مجتمعة

الكور كثيرة البشر وحولها خلق من الزغاويين يشيلون بإبلهم ولهم تجارات يسيرة وصنائع يتعاملون بها بين أيديهم وشربهم من الآبار وأكلهم الذرة ولحوم الجمال المقددة والحوت المصيد والألبان عندهم كثيرة ولباسهم الجلود المدبوغة يستترون بها وهم أكثر السودان جربا ومن مدينة زغاوة إلى مانان ثماني مراحل وفي مانان يسكن أميرها وعاملها وأكثر رجاله عراة رماة بالقسي ومن مدينة مانان إلى مدينة تاجوة ثلاث عشرة مرحلة وهي قاعدة بلاد التاجوين وهم مجوس لا يعتقدون شيئا وأرضهم متصلة بأرض النوبة ومن بلادهم سمنة ومدينة سمنة هذه مدينة صغيرة وحكى بعض المسافرين إلى مدائن كوار أن صاحب بلاق توجه إلى سمنة وهو أمير من قبل ملك النوبة فحرقها وهدمها وبدد شملهم على الآفاق وهي الآن خراب ومن مدينة تاجوة إليها ست مراحل ومن مدينة تاجوة إلى مدينة نوابة ثماني عشرة مرحلة وإليها تنسب النوبة وبها عرفوا وهي مدينة صغيرة وأهلها مياسير ولباسهم الجلود المدبوغة وأزر الصوف ومنها إلى النيل أربعة أيام وشرب أهلها من الآبار وطعامهم الذرة والشعير ويجلب إليهم التمر والألبان عندهم كثيرة وفي نسائهم جمال فائق وهن مختتنات ولهن أعراق طيبة ليست من أعراق السودان في شيء وجميع بلاد أرض النوبة في نسائهم الجمال وكمال المحاسن وشفاههم رقاق وأفواههم صغار ومباسمهم بيض وشعورهم سبطة وليس في جميع أرض السودان من المقازرة ولا من الغانيين ولا من الكانميين ولا من البجاة ولا من الحبشة والزنج قبيل

شعور نسائهم سبطة مرسلة إلا من كان منهن من نساء النوبة ولا أحسن أيضا للجماع منهن وإن الجارية منهنّ ليبلغ ثمنها ثلاث مائة دينار وأقل من ذلك ولهذه الخلال التي فيهن يرغب ملوك أرض مصر فيهن ويتنافسون في أثمانهن ويتخذونهن أمهات أولاد لطيب متعتهن ونفاسة حسنهن وذكر بعض الرواة أنه كان بالأندلس جارية من هؤلاء الجواري المتقدم ذكرهن عند الوزير أبي الحسن المعروف بالمصحفي فما أبصرت عيناه قط بأكمل منها قدا ولا أصبح خدا ولا أحسن مبسما ولا أملح أجفانا ولا أتم محاسن وكان هذا الوزير المذكور مولعا بها بخيلا بمفارقتها ويذكر أن شراءها عليه مائتان وخمسون دينارا من الدنانير المرابطية وكانت هذه الجارية المذكورة مع تمام محاسنها وبديع جمالها إذا تكلمت أسحرت سامعها لعذوبة ألفاظها وحلاوة منطقها لأنها ربيت بمصر فكانت بذلك تامة الصفات ومن مدينة نوابة إلى مدينة كوشة نحو من ثماني مراحل خفاف. نجز الجزء الثالث من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله.

الجزء الرابع

الجزء الرّابع وفي هذا الجزء الرابع من الإقليم الأول بلاد النوبة وبعض بلاد الحبشة وبقية جنوب أرض التاجوين وقطعة من بلاد الواحات الداخلة وفي بلاد النوبة من البلاد المشهورة والقواعد المذكورة كوشة وعلوة ودنقلة وبلاق وسوبة وفي أرض الحبشة مركطة والنجاغة ومن أرض الواحات الداخلة وأعلى ديار مصر مدينة أسوان وأتفو والردينى. وفي هذا الجزء افتراق النيلين أعني نيل مصر الذي يشق أرضها وجريه من الجنوب إلى الشمال وأكثر مدن مصر على ضفتيه معا وفي جزائره أيضا والقسم الثاني من النيل يمر من جهة المشرق إلى أقصى المغرب وعلى هذا القسم من النيل جميع بلاد السودان أو أكثرها وهذان القسمان مخرجهما من جبل القمر الذي أوله فوق خط الاستواء بست عشرة درجة وذلك أن مبدأ النيل من هذا الجبل من عشر عيون فأما الخمسة الأنهار منها فإنها تصب وتجتمع في بطيحة كبيرة وكذلك الخمسة الأنهار الأخر تنزل من الجبل إلى بطيحة أخرى كبيرة ويخرج من كل واحدة من هاتين البطيحتين ثلاثة أنهار فتمر بأجمعها إلى أن تصب في بطيحة

كبيرة جدا وعلى هذه البطيحة مدينة تسمى طرمى وهي مدينة عامرة يزرع بها الأرز، وعلى ضفة البطيحة المذكورة صنم رافع يديه إلى صدره يقال إنه مسخ وإنه كان رجلا ظالما ففعل ذلك به وفي هذه البحيرة سمك تشبه رؤوسه رؤوس الطير ولها مناقير وفيها أيضا دواب هائلة وهذه البحيرة المذكورة فوق خط الاستواء مماسة له وفي أسفل هذه البحيرة التي بها تجتمع الأنهار جبل معترض يشق أكثر البطيحة ويمر منها إلى جهة الشمال مغربا فيخرج معه ذراع واحد من النيل فيمر في جهة المغرب وهو نيل بلاد السودان الذي عليه أكثر بلادها ويخرج مع شق الجبل الشرقي الذراع الثاني فيمر أيضا إلى جهة الشمال فيشق بلاد النوبة وبلاد أرض مصر وينقسم في أسفل أرض مصر على أربعة أقسام فثلاثة أقسام تنصب في البحر الشامي وقسم واحد ينصب في البحيرة الملحة التي تنتهي إلى قرب الإسكندرية وبين هذه البحيرة وبين الإسكندرية ستة أميال وهي لا تتصل بالبحر بل هي من فيض النيل ومع الساحل قليلا وسنستقصي ذكرها في موضعه إن شاء الله عز وجل. ومن تحت جبل القمر فيما بين الأنهار العشرة والبطيحات مارا مع جهة الشمال إلى أن يتصل بالبطيحة الكبيرة مقدار عشر مراحل وعرض ما بين البطيحتين الصغيرتين من المشرق إلى المغرب ست مراحل وفي هذه الأرض الموصوفة ثلاثة جبال مارة من المشرق إلى المغرب فأما الجبل

الأول فهو مما يلي جبل القمر ويسميه كهنة مصر جبل هيكل الصور وأما الجبل الثاني الذي يلي هذا الجبل مع الشمال فإنهم يسمونه جبل الذهب لأن فيه معادن الذهب وأما الجبل الثالث الذي يلي الجبل الثاني مع الأرض فإنهم يسمون أيضا الأرض التي هو فيها أرض الحيات ويزعم أهل تلك الأرض أن فيها حيات عظيمة تقتل بالنظر وفي هذا الجبل الذي في هذه الأرض المذكورة عقارب على قدر العصافير سود الألوان تقتل في الحال وقد ذكر ذلك صاحب كتاب العجائب وذكر أيضا في كتاب الخزانة لقدامة أن جرية النيل من مبدئه إلى مصبه في البحر الشامي خمسة آلاف ميل وستمائة ميل وأربعة وثلاثون ميلا وعرض النيل في بلاد النوبة ميل واحد على ما حكاه صاحب كتاب العجائب أيضا وعرضه في قبالة مصر ثلث ميل. وفي البطيحات الصغار وما بعدها من النيل الحيوان المسمى بالتمساح وفيها أيضا الحوت المسمى بالخنزير وهو ذو خرطوم أكبر من الجاموس يخرج إلى الجهات المجاورة إلى النيل فيأكل بها الزرع ويرجع إلى النيل وفي النيل المذكور سمكة مدورة حمراء الذنب يقال لها اللاش لا تظهر به إلا ندرة وهي كثيرة اللحم طيبة الطعم وفيه أيضا سمك يسمى الأبرميس وهو حوت أبيض مدور أحمر الذنب ويقال إنه ملك السمك وهو طيب الطعم لذيذ يؤكل طريا ومملوحا إلا أنه لطيف بقدر الفتر طولا ومثل نصفه عرضا وفيه الراي وهو سمك كبير لونه أحمر ومنه كبير وصغير وربما كان في وزن كبير ثلاثة أرطال وأقل وهو طيب

الطعم قريب من طيب السمك الذي يسمى الأبرميس وفيه سمك يقال له البني وهو كبير عجيب الطعم والطيب وربما وجد في الواحد منه خمسة أرطال وعشرة أرطال وأكثر وأقل وفيه أيضا من السمك قبيل يقال له البلطى وهو مدور في خلقة العفر الذي ببحيرة طبرية قليل الشوك طيب الطعم وقد يوجد منه الحوت الكبير الذي في وزنه خمسة أرطال وفيه سمك يقال له اللوطيس ويسميه أهل مصر بالفرخ وهو حوت طيب الطعم كثير الشحم ويوجد منه في الندرة ما وزنه قنطار وأقل وأكثر وفيه اللبيس وهو حوت طيب لذيذ شهي الطعم إذا طبخ لا يوجد فيه رائحة السمك ويصرف في جميع ما يصرف فيه اللحم من أنواع الطبيخ ولحمه شديد ويكون كبيرا وصغيرا فمنه ما يكون وزنه عشرة أرطال ودون ذلك ولهذا السمك كله قشر وفيه أسماك لا قشور لها ومنها الحوت الذي يسمى السموس وهو سمك كبير الرأس كثير السمن وربما بلغ وزن الحوت منه قنطارا وأكثر وأقل ويباع لحمه مقطعا وفيه سمك يسمى النيناريات وهو سمك مائل إلى الطول طويل الفم كأنه منقار طائر وفيه سمكة يقال لها أم عبيد تحيض ولا قشور لها وفيه السمك الذي يقال له الحلبوة بغير قشر وربما كان في وزنه الرطل والأكثر والأقل وهو مسموم وفيه سمك يقال له الشال وله شوكة في ظهره يضرب بها فيقتل مسرعا وفيه أيضا سمك في صور الحيات يقال لها الإنكليس مسمومة وفيه أيضا سمك أسود الظهر له شوارب كبير الرأس دقيق

الذنب يسمّى الجرى وفيه سمك مدور خسن الجلد يقال له القافو تمشط النساء به الكتان وفيه أيضا السمكة المعروفة بالرعادة وهي مثل الكرة خشنة الجلد ذات سم إذا مسها الإنسان ارتعدت يده حتى تسقط منها وهذه الخاصة فيها موجودة ما دامت حية فإذا ماتت كانت كسائر السمك وفيه كلاب الماء وهي في صور الكلاب ملونات وفيه فرس الماء وهو في خلقة الفرس لكنه لطيف وحوافره مثل أرجل البط تنضم إذا رفعتها وتنفتح إذا وضعتها وله ذنب طويل وفيه أيضا السقنقور وهو صنف من التمساح لا يشاكل السمك من جهة يديه ورجليه ولا يشاكل التمساح لأن ذنبه أملس مستدير وذنب التمساح مسيف وشحمه يتعالج به للجماع وكذلك ملحه الذي يملح به والسقنقور لا يكون بمكان إلا في النيل من حد أسوان والتمساح أيضا لا يكون في نهر ولا بحر إلا ما كان منه في نيل مصر وهو مستطيل الرأس وطول رأسه نحو طول نصف جسده وذنبه ملوح وله أسنان لا يقبض بها على شيء من السباع أو من الناس إلا ومر به في الماء وهو بري وبحري لأنه يخرج إلى البر فيقيم به اليوم والليلة يدب على يديه ورجليه ويضر في البر لكن ضررا قليلا وأكثر ضرره في الماء ثم إن الله سبحانه سلط عليه دابة من دواب النيل يقال لها اللشك وهي تتبعه وترتصده حتى يفتح فمه فإذا فتحه وثبت فيه فتمر في حلقه ولا تزال تأكل كبده ومعاه حتى تفنيه فيموت ويخرج أيضا إلى النيل من البحر الملح سمك يقال له البوري حسن اللون طيب

الطعم في قدر الراي يكون وزن الحوت منه رطلين وثلاثة أرطال ويدخل أيضا من البحر إلى النيل سمك يقال له الشابل وهو بقدر طول الذراع وأزيد على ذلك لذيذ الطعم حسن اللحم سمين ويدخل أيضا منه حوت يسمى الشبوط وهو ضرب من الشابل إلا أنه صغير في طول شبر ويدخله من البحر أنواع كثيرة ويوجد أيضا في أسفل النيل بناحية رشيد وفوة ضرب من السمك له صدف يتولد عند آخر النيل إذا خالط الماء الحلو الماء الملح وهذا الصدف يقال له الدلينس وهو صدفة صغيرة في جوفها لحمة فيها نقطة سوداء وهو رأسها وأهل رشيد يملحونه ويرفعونه إلى جميع بلاد مصر وللنيل في جريه أخبار وعجائب سنذكر منها ما تيسر للذكر في موضعه من الكتاب بعون الله تعالى. وأما بلاد النوبة التي قدمنا ذكرها فمنها مدينة كوشة الواغلة وبينها وبين مدينة نوابة ستة أيام وهي تبعد عن النيل يسيرا وموضعها فوق خط الاستواء وأهلها قليلون وتجاراتها قليلة وأرضها حارة جافة كثيرة الجفوف جدا وشرب أهلها من عيون تمد النيل هناك وهي في طاعة ملك النوبة وملك النوبة يسمى كاسل وهو اسم يتوارثه ملوك النوبة وقرارته ودار ملكه في مدينة دنقلة. ومدينة دنقلة في غربي النيل وعلى ضفته ومنه شرب أهلها وأهلها سودان لكنهم أحسن السودان وجوها وأجملهم شكلا وطعامهم الشعير والذرة والتمر يجلب إليهم من البلاد المجاورة لهم وشرابهم المزر المتخذ من الذرة واللحوم التي

يستعملونها لحوم الإبل طريّة ومقددة ومطحونة ويطبحونها بألبان النوق وأما السمك فكثير عندهم جدا وفي بلادهم الزرائف والفيلة والغزلان. ومن بلاد النوبة مدينة علوة وهي على ضفة النيل أسفل من مدينة دنقلة وبينهما مسير خمسة أيام في النيل وماؤهم من النيل وشربهم منه وبه يزرعون الشعير والذرة وسائر بقولهم من السلجم والبصل والفجل والقثاء والبطيخ وحال علوة في هيأتها ومبانيها ومراتب أهلها وتجاراتهم مثل ما هي عليه حالات مدينة دنقلة وأهل علوة يسافرون إلى بلاد مصر وبين علوة وبلاق عشرة أيام في البر وفي النيل أقل من ذلك انحدارا وطول بلاد النوبة على ساحل النيل مسير شهرين وأكثر وكذلك أهل علوة ودنقلة يسافرون في النيل بالمراكب وينزلون أيضا إلى مدينة بلاق في النيل. ومدينة بلاق من مدن النوبة وهي بين ذراعين من النيل وأهلها متحضرون ومعايشهم حسنة وربما وصلت إليهم الحنطة مجلوبة والشعير والذرة عندهم ممكن كثير موجود وبمدينة بلاق يجتمع تجار النوبة والحبشة وتجار أرض مصر يسافرون إليها إذا كانوا معهم في صلح وهدنة ولباس أهلها الأزر والمآزر وأرضها تسقى بالنيل وماء النهر الذي يأتي من بلاد الحبشة وهو واد كبير جدا يمد النيل وموقعه بمقربة من مدينة بلاق وفي الذراع المحيط بها وعليه مزارع أهل الحبشة وكثير من مدنها وسنذكرها فيما بعد بعون الله تعالى وليس في مدينة بلاق مطر ولا يقع فيها غيث البتة وكذلك سائر بلاد السودان من النوبة والحبشة والكانميين والزغاويين وغيرهم من الأمم لا يمطرون ولا لهم من الله رحمة ولا غياث إلا فيض النيل وعليه يعولون في زراعة

أرزاقهم ومعيشتهم الذرة والألبان والحيتان والبقول وجميع ذلك بمدينة بلاق كثير موجود. ومن مدينة بلاق إلى جبل الجنادل سية أيام في البر وفي النيل أربعة أيام انحدارا وإلى جبل الجنادل تصل مراكب السودان ومنها ترجع لأنها لا تقدر على النفوذ في السير إلى مدينة مصر والعلة المانعة من ذلك أن الله جل اسمه خلق هذا الجبل وجعله قليل العلو من ناحية بلاد السودان وجعل وجهه الثاني مما يلي أرض مصر عاليا جدا والنيل يمر من جهة أعلاه فيصب إلى أسفل صبا عظيما مهولا وهناك حيث ينصب الماء أحجار مكدسة وصخور مضرسة والماء يقع بينها فإذا وصلت مراكب النوبيين وغيرها من مراكب السودان وجاءت إلى هذا المكان من النيل لم يمكنها عبوره لما فيه من العطف المهلك فإذا انتهت المراكب بما فيها من التجار وما معهم من التجارات تحولوا عن بطون المراكب إلى ظهور الجمال وساروا إلى مدينة أسوان في البرية وبين هذا الموضع أعني الجبل وأسوان نحو من اثنتي عشرة مرحلة بسير الجمال. وأسوان هذه من ثغور النوبة إلا أنهم في أكثر الأوقات متهادنون وكذلك مراكب مصر لا تصعد في النيل إلا إلى مدينة أسوان فقط وهي آخر الصعيد الأعلى وهي مدينة صغيرة عامرة كثيرة الحنطة وسائر أنواع الحبوب والفواكه والدلاع وسائر البقول وبها اللحوم الكثيرة من البقر والحملان والمعز والخرفان وغيرها من صنوف

اللحوم العجيبة البالغة في الطيب والسمن وأسعارها مع الأيام رخيصة وبها تجارات وبضائع تحمل منها إلى بلاد النوبة وربما أغار على أطرافها خيل السودان المسمين بالبليين ويزعمون أنهم روم وأنهم على دين النصرانية من أيام القبط وقبل ظهور الإسلام غير أنهم خوارج في النصارى يعاقبة وهم منتقلون فيما بين أرض البجة وأرض الحبشة ويتصلون ببلاد النوبة وهم رحالة ينتقلون ولا يقيمون بمكان مثل ما تفعله لمتونة الصحراء الذين هم بالمغرب الأقصى. وليس يتصل بمدينة أسوان من جهة الشرق بلد للإسلام إلا جبل العلاقي وهو جبل أسفله واد جاف لا ماء به لكن الماء إذا حفر عليه وجد قريبا معينا كثيرا وبه معدن الذهب والفضة وإليه تجتمع طوائف من الطلاب لهذه المعادن وعلى مقربة من أسوان جنوبا من النيل جبل في أسفله معدن الزمرد في برية منقطعة عن العمارة ولا يوجد الزمرد في شيء من جميع الأرض إلا ما كان منه بذلك المعدن وبه طلاب كثيرة ومن هذا المعدن يخرج ويتجهز به إلى سائر البلاد. وأما معدن الذهب فمن أسوان إليه نحو خمسة عشر يوما بين شرق وشمال وهو في أرض البجة و (لا) يتصل بأسوان من جهة المغرب إلا لواحات وهي الآن خالية لا ساكن فيها وكانت في زمان سلف معمورة والمياه تخترق أرضها وبها الآن بقايا شجر وقرى متهدمة لا تعمر وكذلك من ظهرها إلى ديار كوار وكوكو لا تخلو تلك الأرضون من جزائر نخل وبقايا بناء وحكى الحوقلي أن بها إلى يومنا هذا معز وغنم وقد توحشت فهي تتوارى من الناس وتصاد كما يصاد الحيوان البري وأكثر الواحات نازلة مع أرض مصر وفيها بقايا عمارة وسنذكرها

فيما بعد بحول الله وعونه. ومن مدينة بلاق إلى مدينة مركطة ثلاثون مرحلة وهي مدينة صغيرة لا سور لها وهي مجتمعة الخلق متحضرة وبها شعير ويتعيشون به والسمك والألبان عندهم كثير وإليها يدخل التجار من مدينة زالغ التي على بحر القلزم وسنذكر هذه البلاد عند بلوغنا إلى أمكنة ذكرها بعون الله وتأييده ونصره وتسديده. نجز الجزء الرابع من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله.

الجزء الخامس

الجزء الخامس وهذا الجزء الخامس من الإقليم الأول تضمن من الأرضين أكثر أرض الحبشة وجملة من بلادها وأكبر مدنها كلها جنبيتة وهي مدينة متحضرة لكنها في برية بعيدة من العمارات وتتصل عماراتها وبواديها إلى النهر الذي يمد النيل وهو يشق بلاد الحبشة ولها عليه مدينة مركطة ومدينة النجاغة وهذا النهر منبعه من فوق خط الاستواء وفي آخر نهاية المعمور من جهة الجنوب فيمر مغربا مع الشمال حتى يصل إلى أرض النوبة فيصب هناك في ذراع النيل الذي يحيط بمدينة بلاق كما قدمنا وصفه وهو نهر كبير عريض كثير الماء بطيء الجري وعليه عمارات للحبشة وقد وهم أكثر المسافرين في هذا النهر حين قالوا إنه النيل وذلك لأنهم يرون به ما يرون من النيل في خروجه ومده وفيضه في الوقت الذي جرت به عادة خروج النيل وينقص فيض هذا النهر عند نقصان فيض النيل ولهذا السبب وهم فيه أكثر الناس وليس كذلك حتى أنهم ما فرقوا بينه وبين النيل لما رأوا فيه من الصفات النيلية التي قدمنا ذكرها وتصحيح ما قلناه من أنه ليس بالنيل ما جاءت به الكتب المؤلفة في هذا الفن وقد

حكوا من صفات هذا النهر ومنبعه وجريه ومصبه في ذراع النيل عند مدينه بلاق وقد ذكر ذلك بطلميوس الأقلودي في كتابه المسمى بالجغرافية وذكره حسان بن المنذر في كتاب العجائب عند ذكره الأنهار ومنابعها ومواقعها وهذا مما لا يهم فيه نبيل ولا يقع في جهله عالم ناظر في الكتب باحث عن غرضه وعلى هذا النهر يزرع أهل بوادي الحبشة أكثر معايشهم مما تدخره لأقواتها من الشعير والذرة والدخن واللوبيا والعدس وهو نهر كبير جدا لا يعبر إلا بالمراكب وعليه كما قلناه قرى كثيرة وعمارات للحبشة ومن هذه القرى ميرة جنبيتة وقلجون وبطا وسائر القرى البرية فأما المدن الساحلية فإنها تمتار مما يجلب إليها من اليمن في البحر. ومن مدن الحبشة الساحلية مدينة زالغ ومنقونة واقنت وباقطى إلى ما اتصل بها من عمارات قرى بربرة وكل هذه القرى ميرتها مما يتصيده أهلها من السمك ومن الألبان وسائر الحبوب التي يجلبونها من قراهم التي على ضفة النهر المذكور. ومدينة النجاغة مدينة صغيرة على ضفة النهر وأهلها فلاحون يزرعون الذرة والشعير وبه يتجهزون ومنه يتعيشون ومتاجر هذه البلدة قليلة وصنائعهم النافعة لأهلها قليلة والسمك عندهم كثير ممكن والألبان غزيرة وبين هذه المدينة ومدينة مركطة السابق ذكرها ستة أيام انحدارا في النهر وفي الصعود أزيد من عشرة أيام على قدر الإمكان وزوارقهم صغار

وخشبهم معدوم وليس بعد هاتين المدينتين من جهة الجنوب شيء من العمارات ولا شيء يعول عليه. وبين مدينة النجاغة ومدينة جنبيتة ثماني مراحل وكذلك بين مركطة وجنبيتة مثلها وجنبيتة كما حكيناه في برية منقطعة من الأرض وشرب أهلها من الآبار وماؤها يجف في أكثر الأوقات حتى لا يوجد والغالب على أهل هذه البلدة أنهم طلاب معادن الفضة والذهب وذلك جل طلبهم وأكثر معايشهم منه وهذه المعادن في جبل مورس وهو على أربعة أيام من مدينة جنبيتة ومن هذا المعدن أيضا إلى أسوان نحو من خمسة عشر يوما. ومن مدينة جنبيتة إلى مدينة زالغ التي على الساحل من أرض الحبشة نحو من أربع عشرة مرحلة ومدينة زالغ على ساحل البحر الملح المتصل بالقلزم وقعر هذا البحر أقاصير كله متصلة إلى باب المندب لا تعبره المراكب الكبار وربما تجاسرت عليه المراكب الصغار فتتخطفها الرياح فتتلفها ومن زالغ إلى ساحل اليمن ثلاثة مجار مقدرة الجري ومدينة زالغ صغيرة القطر كثيرة الناس والمسافرون إليها كثير وأكثر مراكب القلزم تصل إلى هذه المدينة بأنواع من التجارات التي يتصرف بها في بلاد الحبشة ويخرج منها الرقيق والفضة وأما الذهب فهو فيها قليل وشرب أهلها من الآبار ولباسهم الأزر ومقندرات القطن.

ومن مدينة زالغ إلى مدينة منقونة خمسة أيام في البر وأما في البحر فأقل من ذلك ويقابلها في البرية بلدة اسمها قلجون وبينهما اثنا عشر يوما في البرية ومن منقونة إلى اقنت أربعة أيام في البر وهي على الساحل في الجنوب ويسافر إليها في الزوارق الصغار التي لا تحمل الشيء الكثير من الوسق لأن هذا البحر كله من جهة أرض الحبشة تروش وأقاصير متصلة لا تجري به المراكب كما قلناه ومدينة اقنت صغيرة ليست بكبيرة ولا بكثيرة الخلق وأكثرها خراب وأهلها قليل وأكثر أكلهم الذرة والشعير وسمكهم موجود وصيدهم كثير وأما عامة أهلها فإنهم يعيشون من لحوم الصدف المتكون في تلك الأقاصير من البحر يملحونه ويصيرونه إداما لهم. ومن مدينة اقنت إلى باقطى خمسة أيام وباقطى هذه مدينة صغيرة جدا كالقرية الجامعة ليست بمسورة لكنها على تل رمل وبينها وبين البحر نحو من رمية سهم وأهلها مقيمون بها قليل سفرهم منها وقليلا ما يدخل المسافرون إليها لضيق معايشها وكون متاجرها مجالبة وبواديها شاقة وجبالها جرد لا نبات فيها وليس فوقها مما يلي الجنوب عمارة ولا قرى إلا ما كان منها قريبا ولهم إبل يتصرفون عليها ويتعيشون منها ويتجرون بها. ومنها على ثمانية أيام مدينة بطا وتتصل بها قرى بربرة وأولها جوة وهي منها قريبة.

وجملة الحبشة يتخذون الإبل ويكتسبونها ويشربون ألبانها ويستخدمون ظهورها وينتظرون لقاحها وهي أجل بضاعة عندهم ويسرق بعضهم ابناء بعض ويبيعونهم من التجار فيخرجونهم إلى أرض مصر في البر والبحر. وتجاور أرض الحبشة في جهة الشمال أرض البجة وهي بين الحبشة والنوبة وأرض الصعيد وليس بأرض البجة قرى ولا خصب وإنما هي بادية جدبة ومجتمع أهلها ومقصد التجار منها إلى وادي العلاقي وإليه ينجلب أهل الصعيد وأهل البجة وهو واد فيه خلق كثير وجمع غزير. والعلاقي في ذاته كالقرية الجامعة والماء بها من آبار عذبة ومعدن النوبة المشهور متوسط في أرضها في صحراء لا جبل حوله وإنما هي رمال لينة وسباسب سائلة وإذا كان أول ليالي الشهر العربي وآخره خاض الطلاب في تلك الرمال بالليل فينظرون فيها كل واحد منهم ينظر فيما يليه من الأرض فإذا أبصر التبر يضيء بالليل علم على موضعه علامة يعرفها وبات هنالك فاذا أصبح عمد كل واحد منهم إلى علامته في كوم الرمل الذي علم عليه ثم يأخذه ويحمله معه على نجيبه فيمضي به إلى آبار هنالك ثم يقبل على غسله بالماء في جفنة عود فيستخرج التبر منه ثم يؤلفه بالزئبق ويسبكه بعد ذلك فما اجتمع لهم منه تبايعوه بينهم واشتراه بعضهم من بعض ثم يحمله التجار إلى سائر الأقطار وهذا شغلهم دأبا لا يفترون عنه ومن ذلك معايشهم ومبادئ مكاسبهم وعليه يعولون.

ومن وادي العلاقي إلى عيذاب من أرض البجة اثنا عشر يوما ومن بلاد البجة مدينة بختة وهي أيضا قرية مسكونة وبها سوق لا يعول عليها وحولها قوم ينتجون الجمال ومنها معايشهم وهي أكثر مكاسبهم وإلى هذه القرية تنسب الجمال البختية وليس يوجد على وجه الأرض جمال أحسن منها ولا أصبر على السير ولا أسرع خطا وهي بديار مصر معروفة بذلك. وبين أرض النوبة وأرض البجة قوم رحالة يقال لهم البليون ولهم صرامة وعزم وكل من حولهم من الأمم يهادنونهم ويخافون ضرهم وهم نصارى خوارج على مذهب اليعقوبية وكذلك جميع أهل بلاد النوبة والحبشة وأكثر أهل البجة نصارى خوارج على مذهب اليعاقبة كما قدمنا ذكره. ويتصل أيضا بأرض الحبشة على البحر بلاد بربرة وهم تحت طاعة الحبشة وهي قرى متصلة وأولها قرية جوة ومنها إلى باقطى ستة أيام ومنها أيضا إلى بطا البرية سبعة أيام ومدينة بطا المتقدم ذكرها فوق خط الاستواء في نهاية المعمور. نجز الجزء الخامس من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله.

الجزء السادس

الجزء السّادس إنه هذا الجزء السادس من الإقليم الأول تضمن من ناحية الجنوب مدينة قرقونة ومركة والنجا وهذه البلاد الثلاثة من أرض بربرة وإليها تنتهي عمالتها وهي على البحر اليماني وأهل قرى بربرة أكثر عيشهم من لحوم السلاحف البحرية وتسمى عندهم البسة. ومن جوة إلى قرقونة يومان في البحر وعليها جبل عظيم يمتد في جهة الجنوب ومن قرقونة إلى برمة ثلاثة أيام في البحر ويبتدئ منها جبل خاقونى وهو جبل له سبعة رؤوس خارجة ويمتد تحت الماء في البحر أربعة وأربعين ميلا وتلي رؤوس هذا الجبل بلاد صغار كالقرى يقال لها الهاوية ومن خاقونى إلى مركة على الساحل ثلاثة مجار صغار وفي البر سبعة أيام وعلى مرحلتين من مركة في البرية واد يمد كمد النيل وعليه يزرعون الذرة ومن مركة إلى بلد النجا على البحر يوم ونصف يوم وعلى البر أربعة أيام والنجا آخر أرض بربرة. ومن النجا إلى قرنوة ثمانية أيام وهي مدينة صغيرة على البحر ومنها إلى بذونة ستة أيام وهي قرية كبيرة مسكونة آهلة وأهلها يأكلون

الضفادع الأحناش وأشياء من القاذورات التي يعاف الناس أكلها وهذه الأرض أيضا تليها بلاد الزنج ثم إن قرنوة وبذونة مدينتان وأهلهما كفرة وهما تتصلان ببلاد الزنج على ضفة البحر الملح وكل هذه البلاد المذكورة تقابل بلاد اليمن في جهة الشمال وبينهما عرض البحر وعرضه هناك ست مائة ميل ويكون في أمكنة أخرى أكثر من هذا وأقل على قدر خروج أجوان البحر في البراري وعلى قدر دخول القراطيل في البحر. وفيما تضمنه هذا البحر المحصل في هذا الجزء أربع جزائر منها جزيرتان في جهة المشرق واسم إحداهما خرتان والثانية مرتان وهما في جون الحشيش وسنستقصي ذكرهما في موضعه بعون الله تعالى. ومنها جزيرة سقطرى التي ينسب الصبر إليها وبينها وبين الساحل مجريان بالريح الطيبة ويقابلها من بلاد اليمن مدينة برباط وحاسك وسنذكر هاتين المدينتين في موضع ذكرهما مع جملة أخبارهما بحول الله وقوته. والجزيرة الرابعة تسمى جزيرة قنبلا وهي في ناحية المغرب من هذا الجزء وهي خالية لكنها كثيرة الشجر وفيها جبال ممتدة وعرة فيها ضروب وحوش ودواب مضرة وفيها أيضا عين ماء خرارة تصب في البحر وربما سقط إلى هذه الجزيرة من أحرم إليها من بلاد اليمن أو من مراكب القلزم أو من مراكب الحبشة فيستغيثون بها وهي تقابل الحصن المعروف بمخلاف حكم من ساحل اليمن.

ومنها إلى جبل المندب مجريان والمندب جبل يحيط به البحر من جميع جهاته وطرفه إلا على مما يلي الجنوب ويمر إلى جهة الشمال مع تغريب يسير وطوله نحو من اثني عشر ميلا وظهره مما يلي بلاد الحبشة كله أقاصير وجزائر متصلة حتى تنتهي إلى زالغ واقنت وباقطى فلا يقدر أحد على خوض هذا البحر من هذه الجهة وفي وسط هذه التروش والجزائر جبل معترض يسمى موريقس وهو يتصل من نحو زالغ إلى ظهر المندب وليس بكثير العلو في الجو لكنه يعلو على وجه الماء مرة ويغيب في مواضع أخرى يستره الماء لكنه متصل في ذاته وحكى صاحب كتاب العجائب أنه لا يمر بهذا الجبل شيء من المراكب المسمرة بالحديد إلا اجتذبه إليه وأمسكه معه فلا تكاد تتخلص منه البتة وأما جبل المندب فإنه ممتد مع ساحل اليمن كما قلناه وليس لشيء من مراكب القلزم الصاعدة إلى اليمن بد من أن تمر به في مسيرها ورجوعها لأن البحر يضيق هناك حتى يرى الرجل صاحبه من البر الثاني من اليمن وفي هذا الجبل من ظهره مغارة لا يدخلها أحد فيخرج منها إما لحيوان يأكله أو لحفر يقع فيه ولما علم الناس ذلك منها قصدوا إليها وسدوها بالحجارة والطين فلا يصل الآن إليها أحد. وأما جزيرة سقطرى فهي جزيرة واسعة القطر جليلة القدر بهية الأرض نامية الشجر وأكثر نباتها شجر الصبر ولا صبر يفوق صبرها في الطيب كالذي يتخذ بحضرموت اليمن والشحر وغيرها وهي كما قلناه تتصل من جهة الشمال والغرب ببلاد اليمن بل هي محسوبة منه ومنسوبة

إليه ويقابلها من جهة بلاد الزنج مدينة ملند ومنبسة وأكثر أهل مدينة سقطرى نصارى والسبب في ذلك أن الإسكندر لما تغلب على ملك فارس وغزت أساطيله جزائر الهند وقتل قور ملك الهند وكان معلمه أرسطوطاليس قد أوصاه بطلب جزيرة الصبر فكان في بال الإسكندر ذلك من أجل وصية معلمه فعند فراغه من أخذ حزائر الهند وتغلبه عليها وعلى ملوكها أخذ راجعا في بحر الهند إلى جهة البحر العماني وقد تغلب على تلك الجزائر إلى أن وصل إلى جزيرة سقطرى فأعجبه منها طيب ثراها واعتدال هوائها فكتب إلى معلمه بذلك فلما وصل الخبر إلى أرسطوطاليس كتب إليه يأمره بأن ينقل أهلها عنها ويستبدلهم باليونانيين ويوصيهم بحفظ شجرة الصبر وحياطتها لما في ذلك من جمل المنافع الطبية وأنه لا تتم الإيارجات إلا به مع انتفاع جميع الأمم بأخذه وتصريفه ولأنه في ذاته دواء جليل كثير المنافع ففعل الإسكندر ذلك وأخرج عنها جملة أهلها ونقل إليها قوما من اليونانيين وأمرهم بحفظ شجرة الصبر والقيام بها وغراستها وإدامة تنميتها ففعلوا ذلك وكانوا في صيانة وجمل أموال إلي أن ظهر دين المسيح فآمنت الأمم فدخل أهل سقطرى في دين النصرانية وبقايا ذرياتهم بها إلى هذا الوقت مع سائر من يسكنها من غيرهم وأوراق شجر الصبر تجمع في شهر يوليه ويستخرج لعابها ويطبخ في قدور النحاس وغيرها ويوضع في زقاق ويجفف في شهر أغشت للشمس ويباع منه بهذه الجزيرة قناطير فيتجهز به إلى

سائر بلاد الله في المشرق والمغرب وصبرها ينسب إليها وبها يعرف. وأما جزيرة خرتان وجزيرة مرتان اللتين قدمنا ذكرهما فهما في جون الحشيش بالمحاذاة إلى بلاد الشحر التي فيها منابت اللبان وهاتان الجزيرتان معمورتان يسكنهما قوم من العرب قد أقاموا فيهما وقنعوا بهما وهم يتكلمون بألسنة عادية قديمة لا تعرفها العرب في وقتنا هذا وأهل هاتين الجزيرتين في قشف وضيق عيش ونكد حال أيام الشتاء إلى أن تكون أيام الأسفار في البحر فيركبون في مراكبهم إلى أرض عمان وعدن وساحل اليمن فتتسع أحوالهم ويحسن عيشهم قليلا وكثيرا ما يقع إليهم العنبر الجيد فيبيعونه من التجار المسافرين إليهم وربما قصدوا به إلى بلاد اليمن بأنفسهم فيبيعونه هناك بأرفع قيمة ويخرج من هاتين الجزيرتين الذبل والذيلعان وهو ضرب من الذبل وظهور السلاحف يتخذ منها أهل اليمن قصاعا لغسلهم وخبزهم. وأما بلاد اليمن الواقعة في هذا الجزء فمنها مخلاف الحردة وهو حصن على البحر والعرب تسمي الحصن مخلافا والحردة حصن صغير وناسه قليلون وعيشهم اللحوم والألبان والتمر ومعايشهم ضيقة ومنه إلى مخلاف غلافقة في البر أربع مراحل وأهل هذا الحصن حضر وهو على مرسى زبيد ومنه إلى زبيد خمسون ميلا. ومدينة زبيد مدينة كبيرة وأهلها مياسير أهل ثروة ومال والمسافرون إليها كثيرون وبها يجتمع التجار من أرض الحجاز وأرض الحبشة وأرض

مصر الصاعدون في مراكب جدة وأهل الحبشة يجلبون رقيقهم إليها ويخرج منها ضروب الأفاويه الهندية والمتاع الصيني وغيره وهي على نهر صغير ومنها إلى مدينة صنعاء مائة واثنان وثلاثون ميلا والطريق على ديار اليمن من زبيد إلى جيلان ستة وثلاثون ميلا ومن جيلان إلى ألهان اثنان وأربعون ميلا ومن ألهان إلى الغرف ثلاثون ميلا ومن الغرف إلى صنعاء أربعة وعشرون ميلا وكل هذه البلاد قرى وحصون ليست بالكبار لكنها معمورة ينزل بها ويأوي التجار والمسافرون إليها ويتزودون منها. ومدينة صنعاء كثيرة الخيرات متصلة العمارات وليس في بلاد اليمن أقدم منها عهدا ولا أكبر قطرا ولا أكثر ناسا وهي في صدر الإقليم الأول معتدلة الهواء طيبة الثرى والزمان بها أبدا معتدل الحر والبرد وبها كانت ملوك اليمن قاطنة وهي ديار العرب وكان لملوكها بها بناء كبير عظيم الذكر وهو قصر غمدان فتهدم وصار كالتل العظيم وأكثر بنيانها في هذا الوقت بالخشب والألواح وبها دار لعمل الثياب المنسوبة إليها وهي قاعدة اليمن وهي على نهر صغير يأتي إليها من جبل يوافي من شمالها فيمر بها نازلا إلى مدينة ذمار ويصب في البحر اليماني وبشمال صنعاء جبل المدخير وطول أعلاه ستون ميلا وبه مزارع ومياه وينبت فيه الورس والورس نبات أصفر يشبه الزعفران تصبغ به الثياب. ومن صنعاء إلى ذمار ثمانية وأربعون ميلا وهي مدينة صغيرة قليلة

العمارة ضيقة المساكن ومن مدينة صنعاء إلى مدينة عدن مائة ميل وأربعة أميال والطريق في ديار داحس فمن صنعاء إلى ذمار ثمانية وأربعون ميلا ثم إلى مخلاف سفتان أربعة وعشرون ميلا ثم إلى حجر وبدار وهما قريتان متجاورتان ستون ميلا ثم إلى مخلاف أبين اثنان وسبعون ميلا ومن مخلاف أبين إلى عدن اثنا عشر ميلا. ومدينة عدن مدينة صغيرة وإنما شهر ذكرها لأنها مرسى البحرين ومنها تسافر مراكب السند والهند والصين وإليها يجلب متاع الصين مثل الحديد الفرند والكيمخت والمسك والعود والسروج والغضار والفلفل والدار فلفل والنارجيل والهرنوة والقاقلة والدارصيني والخولنجان والبسباسة والإهليلجات والأبنوس والذبل والكافور والجوزبوا والقرنفل والكبابة والثياب المتخذة من الحشيش والثياب العظيمة المخملة وأنياب الفيلة والرصاص القلعي وغيرها من القنا والخيزران وأكثر السلع التي يتجهز بها إلى سائر البلاد كما قد علم ذلك ومدينة عدن يحيط بها من جهة شمالها وعلى بعد منها جبل دائر من البحر إلى البحر وقد نقب فيه من طرفيه نقبان كالبابين يدخل منهما ويخرج عليهما وبين الباب والباب على ظهر الجبل مسيرة أربعة أيام وليس لأهل عدن دخول ولا خروج إلا على هذين النقبين أو على البحر وهي بلد تجارة ويقابل عدن في البرية على مسافة يوم مدينة كبيرة جدا تسمى بذي جبلة وعليها حصن منيع كبير جدا يعرف بالتعكر.

ومن عدن إلى المهجم ثماني مراحل خفاف في ديار داحس والمهجم مدينة صغيرة كالحصن وأهلها مجتمعون فيها وهي الحد بين عمل تهامة واليمن ومنها إلى صنعاء سبع مراحل ومن المهجم إلى حيران أربع مراحل وحيران مدينة صغيرة جدا تشتمل على قرى ومزارع ومياه عليها عمارة أهلها وهي في وطاء من الأرض وأهلها أصناف من قبائل اليمن ومنها إلى صنعاء ثلاث مراحل ومن حيران إلى صعدة ثمانية وأربعون ميلا وعلى المغرب من صنعاء مخلاف شاكر وبينهما ثمانية عشر ميلا والذي يتجهز به من صعدة الأديم لأن بها دار صناعة الأديم العديم المثال إلا ما كان منه بصنعاء وبها مجتمع التجار وأهلها أهل أموال وافرة وبضائع وتجارات كثيرة. ومن عدن مع الساحل في جهة المشرق إلى قرية أبين اثنا عشر ميلا وهي على ضفة البحر اليماني وأهلها موسومون بالسحر ومنها إلى لسعا في البحر ليلة ويوم وفي البر خمسة أيام لأن بينهما جبل يعترض في الساحل يتصل من البحر إلى الصحراء فيعوق عن الطريق ومدينة لسعا صغيرة جدا على ضفة البحر الملح ومنها إلى شرمة على الساحل يوم وبين شرمة ولسعا قرية كبيرة فيها حمة حامية كالجابية وأهل تلك النواحي يتطهرون فيها ويجلبون إليها مرضاهم فيصحون بها من آلامهم وأنواع أسقامهم ومدينة لسعا وشرمة هما على ساحل أرض حضرموت وبينهما يومان في البرية.

وبأرض حضرموت مدينتان اسم إحداهما شبام والأخرى تريم وبين المدينتين مقدار مرحلة ومن مدن حضرموت مأرب وهي الآن مدينة خراب وكانت مدينة سبا ومنها بلقيس زوجة سليمان عليه السلام ومن حضرموت إلى صداء مائتان وأربعون ميلا ومن صنعاء إلى صداء مائة وعشرون ميلا ومن عدن إلى حضرموت خمس مراحل وهي في شرقي عدن وبها رمال متصلة تعرف بالأحقاف وبلادها بلاد صغار وبها متاجر قليلة ويخرج منها الصبر الحضرمي وهو دون الصبر السقطري وربما سبكه الغشاشون للصبر فغشوا به الصبر السقطري وبمدينة سبا طوائف من أهل اليمن وأهل عمان وبها كان السد المذكور في أخبار العرب وقبل تفرقها عنه ومن شرمة المقدم ذكرها على الساحل إلى مدينة مرباط ستة أيام في البحر وبينهما غب القمر ومعنى الغب الجون وفي قعر هذا الجون بلد يقال له خلفات وعلى رأس الجون المذكور جبل كبير مستدير على هيئة القمر أبيض اللون ولذلك سمي بجبل القمر لتقويسه وبياضه وجبال مدينة مرباط تنبت شجر اللبان ومنها يتجهز به إلى جميع المشارق والمغارب وأهل مرباط هذه قوم أخلاط من اليمن وسائر قبائل العرب ومنها إلى قرية حاسك على البحر أربعة أيام في البر ومجريان في البحر ويقابل حاسك في البحر جزيرتان جزيرة خرتان وجزيرة مرتان وقد تقدم ذكرهما وعلى حاسك جبل يسمى لوس وهو جبل كبير مطل على البحر وأرض قوم عاد تقابله في جهة الشمال ومن حاسك إلى قبر هود

أيضا مقدار ميلين وحاسك مدينة صغيرة كالقرية متحضرة وبها مصيد للحوت كبير وهي على جون يسمى جون الحشيش وهو جون مقعر كالكيس إذا وقعت به المراكب لم تكد تتخلص لأن الخروج منه يصعب إلا أن يكون بريح مستعملة وقليلا ما يخرج منه من سقط فيه. نجز الجزء السادس من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله.

الجزء السابع

الجزء السّابع إن هذا الجزء السابع من الإقليم الأول تضمن في حصته ووجب له قطعة من البحر الهندي وجملة جزائر متفرقة فيها أنواع من الأمم وعلى جنوبه أيضا بقايا من بلاد الكفرة السود وما اتصل بها على البحر من بلاد الزنج ونحن الآن نريد بعون الله أن نذكر جميع ذلك ذكرا شافيا ونأتي به على استقصاء فنقول إن هذا البحر هو بحر الهند وعلى ضفته مدينة بروة وهي آخر بلاد الكفرة الذين لا يعتقدون شيئا وإنهم يأخذون الأحجار القائمة فيدهنونها بدهن السمك ويسجدون لها ومثل هذه السخافة وما جانسها تعبدهم واعتقادهم الفاسد وهم على ذلك ثابتون وبعض هذه البلاد في طاعة ملك بربرة وبعض في طاعة الحبشة ومن بروة على الساحل إلى بذونة ثلاثة أيام في البحر وهي مدينة خراب قليلة العمارة وحشة المساكن قذرة البقاع وعيش أهلها من السمك ولحوم الصدف والضفادع والأحناش والفيران والورل والحيوان الذي يسمى أم حبين وغير ذلك من الحيوانات التي لا تؤكل وهم يتصيدون في البحر عوما من غير مركب ولا وقوف في ساحل وإنما هم يتصيدون بالسباحة بشباك صغار يصنعونها من النبات ويربطونها في أرجلهم ولهم

أخيات وأنشوطات يجذبونها بأيديهم إذا أحسوا بأن الحوت دخل في شباكهم بصنعة قد أحكموها وحيل قد هندموها وعرفوها ويضعون في شباكهم حناش الطين وبها يطعمون للحوت ومع هذا فإنهم في فاقة وفقر وضيق حال لكن الله عز وجل حبب المواطن لأهلها فهم قد قنعوا بذلك ورضوه لأنفسهم وهم في طاعة الزنج. ومن هذه المدينة على الساحل إلى مدينة ملندة من بلاد الزنج ثلاثة أيام في البحر بلياليها ومدينة ملندة على ضفة البحر على خور ماء عذب وهي مدينة كبيرة وأهلها محترفون بالصيد برا وبحرا فيصيدون في البر النمور والذئاب ويصيدون في البحر ضروبا من الحيتان فيملحونها ويتجرون بها وعندهم معدن حديد يحتفرونه ويعملونه وهو جل مكسبهم وتجارتهم وأهلها يزعمون أنهم يسحرون الحيوان الضار حتى لا يضر إلا لمن أرادوا ضره والنقمة منه وأن السباع والنمور لا تعدو عليهم بما يسحرونها به واسم الساحر عندهم بلغتهم المقنقا. ومن هذه المدينة إلى مدينة منبسة على الساحل مسافة يومين وهي مدينة صغيرة للزنج وأهلها محترفون باستخراج الحديد من معدنه والصيد للنمور وكلابهم حمر تغلب كل الذئاب وجملة السباع وهي في نهاية من القهر لها وهذه المدينة على البحر وعلى ضفة خور كبير تدخله المراكب مسيرة يومين وليس عليه شيء من العمارة أكثر من أن الوحوش تسكن في غياض ضفتيه معا فهم يصيدونها هناك كما قدمنا ذكره وفي هذه

المدينة سكنى ملك الزنج وأجناده يمشون رجالة لأن الدواب ليست عندهم ولا تعيش بأرضهم. ومن منبسة إلى قرية البانس في البر ستة أيام ومجرى ونصف في البحر وقرية البانس قرية جامعة آهلة بالناس وهم يعبدون الرجيم والرجيم عندهم طبل كبير كالبتية مجلد من وجه واحد ويربطون في ذلك الجلد شريطا يجذبونه به فيكون له صوت هائل يسمع على ثلاثة أميال أو نحوها ومدينة البانس هي آخر بلاد الزنج وتتصل بها أرض سفالة الذهب فمنها على الساحل إلى مدينة تسمى بتهنة ثمانية أيام في البر ومجرى ونصف في البحر وذلك لأن ما بين هاتين المدينتين جون كبير يأخذ في جهة الجنوب فيعوق عن الطريق قصدا وبين هاتين المدينتين في البحر جبل عال عريض يقال له عجرد والماء قد حفر جوانبه من كل ناحية فيصوت الموج به صوتا هائلا وهذا الجبل المذكور يجتذب إلى نفسه من المراكب ما لاصقه فالمسافرون يتنحون عنه ويفرون منه. ومدينة بتهنة أيضا من بلاد سفالة وتتصل بأرض الزنج قرى كثيرة كل قرية منها على خور وجميع بلاد الزنج بضائعهم الحديد وجلود النمور الزنجية وهي جلود إلى الحمرة رطبة جدا وليس عندهم دواب وإنما يتصرفون بأنفسهم وينقلون أمتعتهم على رؤوسهم وعلى ظهورهم إلى مدينتي منبسة وملندة فيبيعون هناك ويشترون وليس للزنج مراكب

يسافرون فيها وإنما تدخل المراكب من عمان وغيرها إلى جزائر الرانج فيبيعون بها متاعهم ويشترون متاع الزنج وأهل جزائر الرانج يسافرون إلى الزنج في زوارق ومراكب صغار فيجلبون منها أمتعتها لأنهم يفهم بعضهم كلام بعض وللعرب في قلوب الزنج رعب عظيم ومهابة فلذلك متى عاينوا رجلا من العرب تاجرا أو مسافرا سجدوا له وعظموا شأنه وقالوا بكلامهم هنيئا لكم يا أهل بلاد التمر وإن المسافرين في بلادهم يسرقون ابناء الزنج بالتمر يخدعونهم به فينقلونهم من مكان إلى مكان حتى يقبضون عليهم ويخرجونهم من بلادهم إلى البلاد التي يكونون بها وأهل بلاد الزنج كثيرو العدد قليلو العدد وصاحب جزيرة كيش من بحر عمان يغزو بمراكبه بلاد الزنج فيسبي منها خلقا كثيرا. ويقابل بلاد الزنج الساحلية جزائر تسمى جزائر الرانج وهي كثيرة وأرضها واسعة وأهلها سمر جدا وكل ما يزرع بها من الذرة وقصب السكر وشجر الكافور لونه أسود ومن جزائر الرانج جزيرة شربوة وتكسيرها على ما يذكر ألف ميل ومائتا ميل وبها مغائص للجوهر وبها أفاويه الطيب والتجار يدخلون إليها ومن جزائر الرانج الواقعة في هذا الجزء الذي نتكلم عليه جزيرة الانجية ومدينتها التي يسكن فيها أهل هذه الجزيرة تسمى الأنقوجة بلغة أهل الرانج وأهلها أخلاط والغالب عليهم أنهم مسلمون في هذا الوقت وبينهما وبين مدينة البانس التي من ساحل بلاد

الزنج مجرى واحد ودورها أربع مائة ميل وأكثر عيشهم من الموز والموز عندهم خمسة ألوان فمنه الموز المسمى القند والموز الفيلي أيضا وقد يوجد في وزن الموزة اثنتا عشرة أوقية والموز العماني والموز المورياني والموز السكري وأكثر عيش أهل هذه الجزيرة منه وهو عجيب الطعم لذيذ الذوق شهي المزازة وهذه الجزيرة يقسمها من العرض جبل يسمى جبل ويره وهو جبل منيع يأوي إليه المنقطعون من المدينة وهم هناك خلق كثير وجمع غزير وربما قطعوا فيها طرق المدينة وهم ممتنعون في أعلى هذا الجبل متحصنون فيه عمن قصدهم من ناحية صاحب الجزيرة وفيهم منعة ونجدة وهم متمكنون من الأسلحة والعدد. ولهذه الجزيرة أيضا عمارات متصلة وقرى كثيرة فيها مواشيهم ويزرعون بها الأرز وتجاراتها كثيرة والداخل إليهم في كل سنة كثير بضروب من الأمتعة وجمل من البضائع التي يتصرفون إليها ومنها ويقال إنه لما اضطرب أمر الصين بالخوارج وكثر الظلم والتخليط بالهند صير أهل الصين تجاراتهم إلى الرانج وغيرها من جزائرها وعاملوا أهلها وأنسوا إليهم لعدلهم وحسن معاشرتهم ومعاملتهم وسماحة تجارهم فهي لذلك عامرة والمسافر إليها كثير. وبالقرب من هذه الجزيرة في البحر جزيرة صغيرة فيها جبل عالي الذرى لا يصل أحد إلى أعلاه ولا إلى شيء منه لإحراقه كل ما قرب منه وذلك أنه يظهر منه بالنهار دخان عظيم وبالليل نار تتقد ويخرج من أسفله عيون فمنها باردة عذبة ومنها حارة زعاق.

وبالقرب من جزيرة الرانج المذكورة أيضا جزيرة كرموه وأهلها سود الألوان يسمون بالبوميين ولباسهم الأزر والفوط وهم أهل دعارة ونجدة ويحملون السلاح وبها يمشون في طرقهم وربما ركبوا في مراكبهم وتعرضوا للسفن فأكلوا متاعها وقطعوا على أهلها ومنعوا من الدخول إليهم إلا أقواما بأعيانهم لا يخافون عاديتهم وشرهم وبينها وبين ساحل الزنج مجرى يوم وليلة وبينها وبين جزيرة الرانج المسماة أنقوجة مجرى يوم. وبالقرب من هذه الجزيرة جزيرة القرود وبينهما نحو من ثلاثة مجار ومنها إلى البر المتصل بارض الحبشة مجريان خفيفان وهي جزيرة كبيرة فيها غياض وشجر وحواف منيعة وبها أنواع من الثمر والقرود بهذه الجزيرة كثيرة تتولد وتتزايد حتى إنها قد تغلبت على هذه الجزيرة لكثرتها ويقال إن لها أميرا تنقاد إليه وتحمله على أعناقها وهو يحكم عليها حتى لا يظلم بعضها بعضا وألوان هذه القرود إلى الحمرة وهي ذوات أذناب ولها ذكاء وحدة فهم وإذا انكسر على جزيرتها مركب أو لجأ إليها أحد من الناس عذبته عذابا بليغا بالعض والرجم بالقاذورات وتعبث بمن سقط في أيديها عبثا عظيما وربما أمضت عليه فقتلته مسرعا وربما أقلت العبث به فمات بينها جوعا وقد يتحيل عليها أهل جزيرتي خرتان ومرتان فيصيدونها ويخرجونها إلى بلاد اليمن فتباع بالثمن الكثير وأهل اليمن أعني التجار منهم يتخذونها في حوانيتهم حراسا كالعبيد

يحرس أمتعة مواليها فلا يقدر أحد على خدعها ولا على أخذ شيء مما بين أيديها وهي في نهاية من الذكاء ومن هذه الجزيرة التى للقرود إلى جزيرة سقطرى مجريان وأهل سقطرى يتحيلون عليها فيصيدونها بحيلة لطيفة وهي أنهم ينشئون لصيدها زوارق صغارا جدا فيها طول فيحملونها معهم في المراكب وصورة صيدهم لها أنهم ينسجون على أفواه الزوارق شباكا من الحبال مهندمة يلقونها مع جوانب الزوارق المذكورة حتى لا تحس بها القرود وتخفى فإذا وصلوا الجزيرة زرقوا في البحر تلك الزوارق وجعلوا فيها طعاما لتأكله القرود فإذا قربوا من البر قذفتهم القرود بالحجارة فيتركون الزوارق الصغار مع البر وتباعدوا بمركبهم إلى لجة البحر فإذا نظرت القرود إليهم قد بعدوا ولم يبق مع البر إلا تلك الزوارق قصدتها فوثبت فيها فوجدت بها ذلك الطعام الذي أعد لها فتتزاحم عليه وتشتغل به فيجذب أهل المركب تلك الشباك التي في الزوارق في لطف بحبال تحت الماء مهندمة جذبا لطيفا فتكتسي الشباك فوق أفواه الزوارق ويجتذبون الزوارق إلى أنفسهم فتثب القرود إليهم فلا تدعها الشباك فيتولون ضربها بالعصي حتى تهدأ ويتحيلون عليها حتى يلقوا الأخيات في أعناقها ويخرجونها أحياء إذا أرادوا ذلك وقد يقتلونها بالدق ويسلخون جلودها فيخرجونها معهم إلى بلاد اليمن. ومن جزيرة القرود في جهة الشمال جزيرة يقال لها القطربة وهي جزيرة عامرة يسكنها قوم نصارى لكن زيهم عربي وهم يتكلمون بالعربية ويدعون أنهم عرب وهم أهل غدر ونكاية يقطعون بالمراكب

المارة والآتية فيما بين البحرين والبصرة إلى قرب عمان وهم أخبث عدو يلقى في البحر وفي هذه الجزيرة مغائص للؤلؤ كان أهل اليمن يقصدون إليها ويغوصون بها لكن أهل الجزيرة أكلوا متاع الغواصين والتجار القاصدين إليهم حتى قطعوا الناس عن السفر إليهم. ويسمى هذا البحر المضمن في هذا الجزء والجزء الذي قبله أعني البحر العماني ببحر هركند بلغة أهل الهند وفي هذا البحر عجائب كثيرة وصور شتى وحيتان ملونة فمنها ما يكون طوله مائة ذراع ودون ذلك ويسمى هذا السمك الوالى وهو ابيض ويتبع هذا السمك الكبير المسمى بالوالى سمكة صغيرة تسمى اللشك فإذا طغت السمكة الكبيرة وجارت واعتدت على سائر السمك لصقت السمكة الصغيرة المسماة لشنك بأصل أذن الدابة الكبيرة فلا تفارقها حتى تقتلها وفيه سمك ذاهب في العرض إذا شق بطنها وجدت فيه سمكة أخرى وإذا شقت تلك الأخرى وجد في بطنها سمكة أخرى وكذلك إذا فعل بالثالثة مثل هذا وجد في بطنها سمكة أخرى إلى أربع سمكات بعضها في جوف بعض وفي هذا البحر سلاحف طول السلحفاة عشرون ذراعا وفي بطنها نحو من ألف بيضة وهي تلد وترضع وظهورها الذبل الجيد وفيه سمك على خلقة البقر تلد وترضع وتعمل من جلودها الدرق وفيه سمك طوله مقدار الذراع وله وجه كوجه البومة يطير على الماء ويسمى السبح وقد قيض الله له سمكة أخرى تسمى العنقريس ترعاها تحت الماء فإذا

سقط السبح في الماء ابتلعته وفيه أيضا أسماك طيارة يقال لها النطيق لها مرارات يكتب بها الكتب فإذا جفت قرئت في الظلام كما تقرأ بالنهار في ضوء الشمس وفيه سمكة تسمى الهنس وهي من صدرها إلى رأسها مثل الترس تطيف به عيون تنظر منها وباقيها طويل مثل الحية في طول عشرين ذراعا ولها أرجل كثيرة كأسنان الميشار من صدرها إلى ذنبها لا تمر بشيء إلا أهلكته. ومن هذا البحر يخرج العنبر الكثير الطيب الرائحة وقد توجد منه العنبرة من قنطار وأكثر وأقل وهو شيء تقذف به عيون في قعر البحر مثل ما تقذف عيون هيت بالنفط فإذا اشتد هيجان الريح رمى به إلى الساحل وقد وهم فيه بعض الناس حين ظنوا أنه رجيع دابة وليس هو برجيع دابة وإنما هو ما ذكرناه وقد حكى ذلك إبراهيم ابن المهدي في كتابه المسمى بكتاب الطيب وذكر فيه أن هارون الرشيد بعث إلى اليمن قوما من قبله يبحثون عن العنبر ما هو على الحقيقة فأخبر أهل عدن وشرمة وحاسك أنه شيء تقذف به عيون في قعر البحر فيسوقه الموج إلى الساحل صغيرا وكبيرا وليس العنبر بشيء غير ما ذكرناه. نجز الجزء السابع من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء الثامن منه إن شاء الله تعالى.

الجزء الثامن

الجزء الثامن إن هذا الجزء الثامن من الإقليم الأول تضمن في حصته بقية من أرض سفالة فيها مدينتان كالقرى ويليهما قرى صغار ودواوير رحالة كالعرب فأما المدينتان فهما جنطمة ودندمة وهما على ضفة البحر الملح وهما مدينتان صغيرتان كالقرى الجامعة وأهلهما في ذاتهم قلة وفي أنفسهم أذلة وليس بأيديهم شيء يتصرفون به ويتعيشون منه إلا الحديد وذلك أن بلاد سفالة توجد في جبالها معادن الحديد الكثيرة وأهل جزائر الرانج وغيرهم من ساكني الجزائر المطيفة بهم يدخلون إليهم ويخرجونه من عندهم إلى سائر بلاد الهند وجزائرها فيبيعونه بالثمن الجيد لأن بلاد الهند أكثر تصرفهم وتجاراتهم بالحديد ومع ذلك وإن كان الحديد موجودا في جزائر الهند ومعادنه بها ففي بلاد سفالة هو أكثر وأطيب وأرطب لكن الهنديون يحسنون تركيب أخلاط الأدوية التي يسبكون بها الحديد اللين فيعود هنديا ينسب إلى الهند وبها دور الضرب للسيوف وصناعهم يجيدونها فضلا على غيرهم من الأمم وكذلك الحديد السندي والسرنديبي والبينماني كله يتفاضل بحسب هواء المكان

وجودة الصنعة وإحكام السبك والضرب وحسن الصقل والجلاء ولا يوجد شيء من الحديد أمضى من الحديد الهندي وهذا شيء مشهور لا يقدر أحد على إنكار فضيلته. وبين جنطمة ودندمة مجريان في البحر وفي البر سبعة أيام ودندمة هذه أحد قواعد سفالة ويتصل بأرض سفالة ثلاث مدن إحداها صيونة وهي متوسطة القدر وأهلها جماعات من بلاد الهند والزنوج وغيرهم وهذه المدينة على ضفة البحر وبها يسكن رئيس هذه البلاد وله عساكر رجالة لا خيل عندهم وهذه المدينة على خور تدخله المراكب المسافرة إليها ومنها إلى مدينة برخة على الساحل ثلاثة مجار وكذلك من صيونة إلى مدينة دندمة من أرض سفالة في جهة المغرب ثلاثة مجار في البحر وفي البر نحو من عشرين مرحلة لأن بينهما غبا كبيرا ذاهبا في جهة الجنوب فيعوق عن الطريق المستقيم ومن مدينة برخة إلى مدينة جسطة في البحر مجرى واحد وفي البر أربعة أيام. وبجميع بلاد سفالة يوجد التبر الذي لا يعدله شيء من التبر في الطيب والكثرة والعظم وهم مع هذا يفضلون النحاس على الذهب ومنه حليهم وهذا التبر الموجود في أرض سفالة كبير المقدار يشف على غيره بالكبر لأنه يوجد في التبرة منه مثقال ومثقالان وأكثر وأقل وعلى قدر الرمل وهم يسبكونه في البواذق بنار أرواث البقر الجاف ولا يحتاجون فيه إلى جمع بزيبق ولا غيره كما يفعله أهل المغرب وذلك

أنهم يؤلفون أجزاء تبرهم ويجمعونها بالزيبق وبعد ذلك يسبكونه بنار الفحم فيذهب الزيبق في الدخان ويبقى جسد التبر مسبوكا نقيا وتبر أرض سفالة لا يحتاج إلى ذلك بل ينسبك بلا صنعة تدخله وسنذكر باقي أرض سفالة فيما يأتي بعد هذا بحول الله وعونه. وفي هذا الجزء من الجزائر المرسومة في أمكنتها جزائر الدبيحات المتصلة بعضها ببعض وهي لا تحصى وأكثرها خالية وأكبرها جزيرة انبونه وهي عامرة وفيها خلق كثير يعمرونها ويعمرون ما حولها من كبار الجزائر وتتصل بهم جزيرة القمر ولجميع هذه الجزائر رئيس يجمعهم ويذب عنهم ويحامي عليهم ويهادن على قدر طاقته وزوجته تحكم بين الناس وتكلمهم ولا تستتر عنهم والرئيس زوجها حاضر لا يتكلم فيما تأمر به من جميع أوامرها وتحكيم النساء عندهم سيرة دائمة لا ينتقلون عنها واسم هذه الملكة دمهرة وهي تلبس حلة الذهب المنسوج وتحمل على رأسها تاج الذهب المكلل بأنواع اليواقيت والأحجار النفيسة وتجعل في رجليها نعل الذهب وليس يمشى أحد في هذه الجزائر بنعل إلا الملكة وحدها ومتى عثر على أحد أنه لبس النعال قطعت رجلاه وهذه الملكة في فصول مذهبها واعيادها تركب ويركب خلفها جواريها بالزي الكامل من الفيلة والرايات والأبواق والملك زوجها وجملة الوزراء يتبعونها على بعد منها ولهذه الملكة أموال تجمعها من جبايات معلومة فتتصدق بهذه الأموال على فقراء أهل بلادها في ذلك اليوم ولا تتصدق بشيء منه إلا وهي واقفة تنظر وأهل بلادها يعلقون على

طرقها ومواضع مسيرها أنواع ثياب الحرير ولها زي حسن كما وصفنا وهذه الملكة وزوجها سكناهم من هذه الجزائر المذكورة بجزيرة انبونه. وبضائع أهل جزائر الدبيحات المذكورة الذبل والذبل يكون على السلاحف وهي سبع قطائع لا يكون على السلحفاة أكثر منها ومبلغ وزن أربع قطائع منها منا والمنا تكون جملته مائتين وستين درهما وأثقل ما يكون قطعتان في المن وهذا الذبل يتخذ منه حلى وأمشاط لأنه غليظ وهو في ذاته كثير التلوين صافي الديباجة ونساء هذه الجزيرة يمشين مكشوفات الرءوس مضفورات الشعور والمرأة الواحدة تمسك في رأسها عشرة أمشاط وأقل وأكثر وهي حليتهن وبهذا الزي تمشي نساء جزائر السحاب وأهلها مجوس وسنذكرهم فيما بعد بعون الله. وهذه الجزائر المعروفة بجزائر الدبيحات عامرة بالناس ويزرع فيها النارجيل وقصب السكر وتجاراتهم بالودع وبين الجزيرة والأخرى مسير ستة أميال وأكثر وأقل وملكهم يدخر الودع في خزائنه وهو أكثر عدده وأهل هذه الجزائر أهل صناعات بالأيدي حذاق نبلاء من ذلك أنهم ينسجون القميص مفروغا بكميه وبنائقه وجيبه وينشئون السفن من العيدان الصغار ويبنون البيوت المتقنة وسائر المباني العجيبة المتقنة من

الحجر المجان ويتخذون أيضا بيوتا من الخشب تسير على الماء وربما استعملوا في مبانيهم عود المجمر همة ونخوة ويحكى أن هذا الودع الذي يدخره ملكهم يأتيهم على وجه الماء وفيه روح فيأخذون عيدان شجر النارجيل فيطرحونها على الماء فيتعلق هذا الودع بها وهم يسمونه الكنج وقد يخرج من بعض هذه الجزائر سيل يشبه القطران يحرق السمك في البحر فيطفو على وجه الماء. وآخر هذه الجزائر يتعلق بظاهر جزيرة سرنديب في البحر المسمى هركند ويتصل بهذه الجزائر المسماة بالدبيحات جزيرة القمر وبينهما مجرى سبعة أيام وهي جزيرة طويلة وملكها يسكن منها مدينة ملاي ويقول أهل هذه الجزيرة إن طولها مارّا مع المشرق أربعة أشهر أولها في الدبيحات وآخرها يعارض جزائر الصين في جهة الجنوب وملكها لا يحجبه ولا يقوم بخدمته في طعامه وشرابه وجميع أوامره إلا المخنثون يلبسون الثياب النفيسة من الحرير الصيني والعراقي وفي يمين كل واحد منهم سوار ذهب واسم السوار عندهم بلغة الهند اللكنكو ويسمون هولاء المخنثين التنبابة وهم يتزوجون الرجال عوضا من النساء ويخذمون الملك بالنهار ويرجعون بالليل إلى أزواجهم وفي هذه الجزيرة زرع ونارجيل وقصب السكر والتانبول وهو أكثر ما ينبت في هذه الجزيرة والتانبول شجر ساقه مثل ساق العريش ويلتوي ويتعلق بما جاوره من الشجر وله ورق مثل ورق الرند

أو أشف منه حار الطعم يشبه طعم القرنفل وإذا أراد أحد منهم أكله يأخذ الجيار معجونا بالماء ويتناول مع كل ورقة منه وزن ربع درهم ولا يطيب طعمه إلا بهذه الصفة ثم يصيب الذي يأكل عند أكله منه سكر وطيب نفس وعطرية ذكية تنم عليه وهذا مشهور في جميع بلاد الهند وما جاورها وفي هذه الجزيرة تصنع ثياب الحشيش وهذا الحشيش هو نبات يشبه نبات البردي وهو القرطاس وسمي بذلك لأن أهل مصر يعملون منه القراطيس فيأخذ الصناع منه أطيبه ويتخذون منه ثيابا مثل ثياب الديباج ملونة حسانا وتخرج هذه الثياب إلى سائر بلاد الهند وربما وصلت إلى اليمن فلبست هناك وحكى بعض المخبرين أنه رأى باليمن الشيء الكثير منها وقد تصنع بهذه الجزيرة حصر بيض فيها الرقم البديع ويبسطها الرؤساء في بيوتهم ويجعلونها عوضا من الحرير وغير ذلك وفي هذه الجزيرة شجر يقال له البل وهو نوع من المقل تظل الشجرة منه عشرة رجال ومن هذه الجزيرة تخرج المراكب المعروفة بالمشعيات وهي شوان غزوانية محكمة الصنعة يكون طول الواحد ستين ذراعا وهو منحوت من قطعة واحدة يقذف على ظهره مائة وخمسون رجلا وحكى أيضا بعض المخبرين وهو قريب العهد بذلك المكان أنه رأى هناك مائدة يقعد حولها مائتا رجل وبهذه الجزيرة من الخشب ما لا يوجد مثله على الأرض وأهلها بيض قليلو اللحى يشبهون الأتراك ويزعمون أن أصلهم من الترك. ومن الجزاير المشهورة في هذا البحر المسمى هركند جزيرة سرنديب وهي جزيرة كبيرة مشهورة الذكر وهي ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا

وفيها الجبل الذي أهبط عليه آدم وهو جبل سامي الذروة عالي القمة ذاهب في الجو يراه البحريون في مراكبهم على مسيرة أيام واسم هذا الجبل جبل الرهون وتذكر البراهمة وهم عباد الهند أن على هذا الجبل أثر قدم آدم عليه السلام مغموس في الحجر وطوله سبعون ذراعا وأن على أثر هذا القدم نور يخطف شبيه بالبرق دائما وأن القدم الثانية منه جاءت في البحر عند خطوته والبحر من هذا الجبل على مسيرة يومين أو ثلاثة وعلى هذا الجبل وحوله توجد أنواع اليواقيت كلها وأنواع من الأحجار وغيرها وفي واديه الماس الذي يحاول به نقش الفصوص من أنواع الحجارة وعلى هذا الجبل أيضا أنواع من الطيب وضروب من صنوف العطر مثل العود والأفاويه ودابة المسك ودابة الزبادة وبها الأرز والنارجيل وقصب السكر وفي أنهارها يوجد جيد البلّور وكبيره وبجميع سواحلها مغائص اللؤلؤ الجيد النفيس الثمن وفي جزيرة سرنديب من القواعد المشهورة مرقايا واغنا وفرسقورى وابدذى وماخولون وحامرى وقلماذى وسندونا وسندورا ونيبرى وكنبلى وبرنشلى ومرونه وملك هذه الجزيرة يسكن من هذه المدن مدينة اغنا وهي مدينة القصر وبها دار ملكه وهو ملك عادل كثير السياسة يقظان الحراسة ناظر في أمور رعيته حائط لهم وذاب عنهم وله ستة عشر وزيرا أربعة منهم من أهل ملته

وأربعة نصارى وأربعة مسلمون وأربعة يهود وقد رتب لهم موضع يجتمع فيه أهل الملل ويتكلمون في أديانهم ويقيم كل واحد منهم حجته ويأتي ببرهانه في دينه والملك يبيح ذلك لهم ويكتب حججهم وأخبارهم ويجتمع إلى علماء كل ملة منهم أعني الرومية والهندية والاسلامية واليهودية جمل من الناس وعدة طوائف فيكتبون عنهم سير أنبيائهم وقصص ملوكهم في سالف الأزمان ويعلمونهم شرائعهم ويفهمونهم ما لا يعلمونه وللملك في بره صنم من ذهب لا يدرى لما عليه من الدر والياقوت وأنواع الأحجار الثمينة وليس يملك أحد من ملوك الهند مثل ما يملكه صاحب سرنديب من الدر النفيس والياقوت الجليل وأنواع الأحجار لأن أكثر ذلك موجود في جبال جزيرته وفي أوديتها وبحرها وإليها تقصد مراكب أهل الصين وسائر بلاد الملوك المجاورين له وملك سرنديب يحمل إليه الخمر من العراق ومن بلاد فارس فيشتريها بماله وتباع له في بلاده وهو يشرب منها ويحرم الزنا ولا يراه وملوك الهند وأهلها يبيحون الزنا ويحرمون الشراب المسكر إلا ملك قمار فإنه يحرم الزنا والشراب ويجلب من سرنديب الحرير والياقوت بجميع ألوانه كلها والبلّور والماس والسنباذج وأنواع من العطر كثيرة. وبين هذه الجزيرة والبر المتصل بالهند مجاز صغير ومن جزيرة سرنديب إلى جزيرة بلبق الساحلية يوم ويحاذي هذه الجزيرة من أرض الهند أغباب وهي أجوان تقع فيها أنهار وتسمى أغباب سرنديب وتدخلها المراكب السيارة وتمر فيها الشهر والشهرين بين غياض ورياض وهواء

معتدل والشاة فيها بنصف درهم وما يكفي جماعة من الشراب العسلي المطبوخ بحب القاقلة الرطبة بنصف درهم ولعب أهل سرنديب الشطرنج والنرد والقمار بأنواعه ولأهل سرنديب نظر في زراعة النارجيل في تلك الجزائر الصغار التي على طرقها ويقومون بحفظه ويبيحونه للصادر والوارد ابتغاء الأجر وطلب المثوبة وأهل عمان ومربط من بلاد اليمن ربما قصدوا إلى هذه الجزائر التي فيها النارجيل فيقطعون من خشب النارجيل ما أحبوه ويصنعون من ليفه حبالا يحرزون به ذلك الخشب وينشئون منه مراكب ويصنعون منه صواريها ويفتلون من خوصه حبالا ثم يوسقون تلك المراكب بخشب النارجيل ويمضون به إلى بلادهم فيبعونه هناك ويتصرفون به. وتتصل بجزيرة سرنديب جزيرة الرامى والرامى هي مدينة الهند وبها عدة ملوك وفيها زروع ومعادن وطيب وهي فيما يذكر طولها سبع مائة فرسخ وبها دابة تسمى الكركدن وهذه الدابة تكون دون الفيل وفوق الجاموس وفي عنقها عوج كعنق الجمل لكن اعوجاجه بخلاف اعوجاج عنق الجمل ورأسها مما يلي يديها ولها قرن في وسط جبهتها طويل في غلظة قبضتين وفيما يذكر أنه يوجد في بعض هذه القرون في جوفها إذا هي شقت صورة إنسان أو صورة طائر أو غيره من الصور كاملة الشكل بيضاء وهذا القرن الذي توجد فيه هذه الصورة يصنع منه مناطق تساوي من القيمة كثيرا وتكون الصورة التي توجد فيه من أوله إلى آخره وحكى الجاحظ في كتاب الحيوان أن هذه الدابة تقيم في جوف أمها سبع سنين وأنها تخرج رأسها وعنقها من فرج أمها

فترعى الحشيش ثم تعيد رأسها إلى جوف أمها فإذا ابتدأ تكون قرنها امتنعت عن الخروج للرعي على حسب عادتها فتنقر في جوف أمها حتى تبقر جوفها وتخرج فتموت الأم وهذا محال من قوله غير مسموع لأن الأمر لو كان كما وصفه لفنى هذا النوع حتى لا يوجد إلا ذكره وحكى الجيهاني في كتابه أن ملوك الهند تصنع من قرن هذه الدابة أنصبة السكاكين للموائد فإذا وضع الطعام بين أيديهم وكان فيه سم عرق ذلك النصاب فيعلم بذلك أن الطعام مسموم. وجزيرة الرامى طيبة الثرى معتدلة الهواء عذبة المياه فيها أعداد بلاد وقرى ومعاقل وفي هذه الجزيرة ينبت البقم ويشبه نباته نبات الدفلى بالسواء وخشبه أحمر وعروقه دواء من سم الأفاعي والحيات وقد جرب ذلك منه فصح وفي هذه الجزيرة جواميس أيضا لا أذناب لها وفي غياض هذه الجزيرة ناس عراة لا يفهم كلامهم وهم يستوحشون من الناس وطول الرجل الواحد منهم أربعة أشبار وله ذكر صغير وكذلك للمرأة منهم فرج صغير وشعورهم زغب أحمر يتعلقون على الأشجار بأيديهم من غير أرجلهم ولا يدركون لسرعة جريهم وبساحل هذه الجزيرة قوم يلحقون المراكب بالعوم والمركب يجري بالريح الطيبة

ويبيعون العنبر من أصحاب المراكب بالحديد ويحملونه بأفواههم ويتجهز من هذه الجزيرة بالذهب لأن معادنه بها كثيرة ويتجهز أيضا منها بالكافور الطيب وبضروب من الأفاويه واللؤلؤ الفائق في الجودة. ومن هذه الجزيرة إلى سرنديب ثلاثة أيام ومن أراد أن يعدل من جزيرة بلبق المذكورة إلى الصين جعل جزيرة سرنديب عن يمينه ومن سرنديب إلى جزيرة لنكبالوس مسيرة عشرة أيام وقد تسمى هذه الجزيرة أيضا لنجبالوس بالجيم وهي جزيرة كبيرة وفيها خلق كثير بيض الألوان والرجال فيها والنساء يمشون عراة وربما استتر النساء بورق الشجر والتجار يدخلون إليهم في المراكب الصغار والكبار ويشترون من أهلها العنبر والنارجيل بالحديد وأكثر أهلها يشترون الثياب فيلبسونها في بعض الأوقات والحر والبرد في هذه الجزيرة قليل لقربهم من خط الاستواء وطعام أهلها الموز والسمك الطري والنارجيل وأموالهم وجل بضائعهم الحديد وهم يجالسون التجار. ومن جزيرة الرامى في جهة الجنوب جزيرة يقال لها البينمان وهي جزيرة عامرة فيها مدينة كبيرة وأكل أهلها النارجيل وبه يأتدمون ومنه ينتبذون وهم أهل شدة ونجدة ومن سيرتهم وعاداتهم التي توارثها الأبناء عن الآباء أن الرجل منهم إذا أراد أن يتزوج امرأة لم يزوجها له أهلها حتى يأتي برأس رجل يقتله فيخرج الرجل يطوف في جميع النواحي المجاورة لهم حتى يقتل رجلا ويأتي بقحف رأسه فإذا فعل ذلك زوج من المرأة التي خطبها فإن جاء برأسين زوج امرأتين وكذلك إن جاء

بثلاثة رؤوس زوج ثلاث زوجات ولو قتل خمسين رجلا زوج خمسين امرأة وشهد له أهل بلده بالبأس والنجدة ونظروا إليه بعين الفخر والجلالة وفي هذه الجزيرة فيلة كثيرة وبها البقم والخيزران والقصب. وبالقرب منها جزيرة جالوس وبينهما مسافة يومين وأهلها قوم سود عراة يأكلون الناس وذلك أنه إذا سقط في أيديهم إنسان من غير بلادهم علقوه منكسا وقطعوه وأكلوه قطعا وذكر بعض رؤساء المراكب أن أهل هذه الجزيرة أخذوا رجلا من أصحابه فنظر إليهم حتى علقوه وقطعوه قطعا وأكلوه. وليس لهؤلاء القوم ملك وغذاؤهم السمك والموز والنارجيل وقصب السكر ولهم مواضع يأوون إليها شبيهة بالغياض والآجام وأكثر نباتهم الخيزران وهم عراة لا يستترون بشيء وكذلك نساؤهم أيضا وكذلك لا يستترون في النكاح بل يأتونه جهارا ولا يرون بذلك بأسا وربما فعل الرجل منهم بابنته وأخته وليس يرى بذلك عارا ولا قبيحا أتاه وهؤلاء القوم سود مناكير الوجوه مفلفلو الشعور طوال الأعناق والسوق مشوهون جدا وبين البينمان وجزيرة سرنديب ثلاثة مجار ومن جزيرة سرنديب إلى جزيرة لنجبالوس ويقال لنكبالوس عشرة مجار ومن لنجبالوس إلى جزيرة كلة مسيرة ستة أيام وسنذكر هذه الجزاير فيما بعد بحول الله تعالى. نجز الجزء الثامن من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء التاسع من الإقليم المذكور إن شاء الله.

الجزء التاسع

الجزء التاسع إن هذا الجزء التاسع من الإقليم الأول تضمن قطعة من البحر الهندي وهو البحر المعروف بالبحر الصنفي وفيه شيء من البحر المسمى بحر دارلاروى وفي هذا البحر جملة جزائر نذكرها بعد هذا بعون الله وقوته فنقول إن هذا البحر الهندي على جنوبه قطعة من بلاد سفالة التي قدمنا ذكرها وقرى وعمارات فمنها مدينة جسطة وهي مدينة صغيرة وبها يوجد التبر كثيرا وهو غلتهم وشغلهم وإياه يطلبون ومنه معايشهم وأكلهم السلاحف البحرية ولحوم الصدف وعندهم الذرة قليلا وهي على خور كبير تدخله المراكب وليس لأهل جسطة مراكب ولا دواب يتصرفون عليها وإنما يتصرفون بأنفسهم ويستخدم بعضهم بعضا وأهل القمر وتجار بلاد المهراج يدخلون إليهم ويجالسونهم ويتجرون معهم. ومن مدينة جسطة إلى مدينة دغوطة في البحر ثلاثة أيام بلياليها ومنها إلى جزيرة القمر مجرى واحد ومدينة دغوطة آخر بلاد سفالة التبر وهي على خور كبير وأهلها عراة لا يستترون بشيء من الثياب لكنهم يستترون بأيديهم عند التقائهم بالتجار الداخلين إليهم من سائر الجزائر المجاورة لهم ونساؤهم محتجبات لا يدخلن الأسواق ولا المحافل

لأنهن عراة فهن لذلك يلزمن أمكنتهن اللاتي يأوين إليها وفي هذه المدينة وبأرضها يوجد التبر مثل ما يوجد بغيرها من أرض سفالة ويتصل بأرض سفالة أرض الواق واق وبها مدينتان حقيرتان وساكنها قليل لضيق عيشها وتكدر رزقها واسم الواحدة منهما ددوا واسم الثانية بنهنة وتليهما قرية كبيرة تسمى دغرغه وهم سودان قباح الصور مشوهو الخلقة وكلامهم نوع من الصفير وهم عراة لا يستترون بشيء والداخل إليهم قليل وأكلهم الحوت والصدف ولحوم السلاحف وتتصل بهم جزائر الواق واق وسنذكرها فيما يرد بعد هذا بعون الله تعالى وكل واحدة من هذه البلاد على خور كبير وليس بأرض هؤلاء القوم شيء من الذهب ولا تخرج من عندهم تجارة ولا مراكب لهم ولا دواب. فأما جزيرة جالوس فأهلها زنج سود عراة يأكلون من سقط في أيديهم كما قدمنا ذكرهم وعندهم جبل ترابه فضة إذا مسته النار تحلل وصار فضة ومنها إلى جزيرة لنكبالوس يومان ومن جزيرة لنكبالوس إلى جزيرة كله خمسة أيام وهي جزيرة كبيرة يسكنها ملك يسمى حبابه الهندي وبهذه الجزيرة معدن الرصاص القلعي وهو بها كثير صافي الجوهر والتجار يغشونه بعد خروجه عنها ومنها يتجهز به إلى جميع الأرض ولباس أهلها الفوط يلبس الرجل والمرأة فوطة واحدة وبهذه الجزيرة منابت الخيزران وبها الكافور الجيد وهو شجر كبير يشبه شجر الصفصاف لكنه تظل الشجرة منه مائة رجل وأكثر والكافور

يستخرج من هذه الشجرة بأن ينقب في أعلاها نقب فيسيل منه عدة جرار وإذا انقطع الجرى نقب أسفل من ذلك في وسط الشجرة فينساب منها قطع الكافور وهو صمغ ذلك الشجر غير أنه ينعقد في داخلها ثم تبطل تلك الشجرة فتنحى ويقصد غيرها وخشب شجر الكافور أبيض خفيف وفي هذه الجزيرة عجائب يقع واصفها في حد التكذيب. ويلي هذه الجزيرة جزيرة جابة وجزيرة سلاهط وجزيرة هزلج وبين كل واحدة منها وأختها فرسخان وأكثر أو أقل وهذه الجزائر كلها لملك واحد اسمه جابة وهو يلبس حلة الذهب وقلنسوة الذهب مكللة بالدر والياقوت ودراهمه مطبوعة بصورته وهو يعبد البد والبدود هي الكنائس بلغة أهل الهند وبد الملك حسن البناء حسن الصنعة وقد كلفت جميع جوانبه بالرخام وداخل البد يحيط به من كل جهة أصنام مصنوعة من حجارة الرخام الأبيض وعلى رؤوسها التيجان المكللة وعليها الحلل وسائر الثياب المنسوجة من الذهب ونحوه وصلاتهم في هذه الكنائس إنما تكون غناء وتلحينا وتصفيقا لطيفا بالأكف وزفن الجواري الحسان في شعورهن ولعبهن بأنواع من الخف والتخلع وكل ذلك يكون بين أيدي المصلين والمجتمعين في البد ولكل بد من تلك الجواري عدة يأكلن ويلبسن من مال البد وذلك أن المرأة إذا ولدت بنتا حسنة الصورة جميلة القد تصدقت بها على البد فإذا ترعرعت وشبت كستها من الثياب أبلغ ما تقدر عليه وتأخذ أمها بيدها وحولها أهلها نساء

ورجالا وتصير بها إلى البد الذي تصدقت بها أمها عليه وتدفعها إلى خدامه وتنصرف فإذا صارت الطفلة بيد خدام البد دفعوها إلى نساء عازفات بالزفن والتخلع وجمل اللعب بما يحتاج إليه فإذا قبلت التعليم لبست أفضل الثياب وحليت بأرفع الحلي ولزمت البد ولم يكن لها خروج منه ولا زوال عنه وكذلك سنة الهنديين الذين يعبدون البدود وبهذه الجزائر شجر النارجيل كثير والموز المتناهي في الطيب أيضا كثير عندهم وكذلك السكر والأرز بها موجود وبجزيرة هزلج مهوأة كبيرة لا يقف أحد على قعرها وهي من عجائب الأرض المريئة. ويتصل بجزيرة جابة جزيرة مابط على قرب منها وهي تحت طاعة ملك جابة وفيها نارجيل وموز وقصب وأرز وبجزيرة سلاهط صندل كثير وسنبل وقرنفل وصفة شجر القرنفل شبه نبات شجر الحناء في دقة أغصانها وحمرتها ولها زهر يتفتح عن كمام شبيهة بزهر النارنج سواء فإذا سقط الزهر جنيت تلك الكمام ونقعت في مياه هناك إلى أن يصلح منها ما أرادوه ثم يخرجونه ويجففونه فقاحا وخشبا ويبيعونه إلى التجار الواردين عليهم فيشترونه منهم ويتجهزون به إلى جميع الأقطار وفي آخر هذه الجزيرة بركان نار تتقد مقدار ارتفاعه مائة ذراع فهي بالنهار دخان وبالليل نار تشتعل. وعلى يسار جزيرة مابط جزيرة تنومة وبينها وبين مابط يوم وهي جزيرة عامرة ولباس أهلها الأزر وبها مياه عذبة وأرز وقصب سكر

ونارجيل وبها أيضا مغائص اللؤلؤ وبجزيرة تنومة يوجد العود الهندي والكافور ونبات العود تكون أوراقه وأغصانه شبيهة بأوراق وأغصان النبات المسمى الصاص بالسواد والعود أصوله تستخرج في وقت لا يكون في غيره بعد أن يتقدم في قطع أغصانه قبل ذلك بأشهر ثم ينحت أعلاها ويزال رخوها وتوخذ قلوبها الصلبة فتجرد بالاسكرفاج وهو مبرد العود حتى تنقى ثم تجرد بالزجاج ثم توضع في أوعية خيش وتصقل صقلا كثيرا ثم تخرج عن تلك الأوعية وتباع من التجار الواصلين هناك فتخرجه التجار إلى جميع البلاد ويصرفونه ومن جزيرة تنومة إلى جزيرة قمار خمسة أيام وإلى هذه الجزيرة ينسب العود القماري وبها يعرف وهو جيد لكن العود الصنفي أجود منه وبهذه الجزيرة الصندل والأرز وأهلها يلبسون الفوط ويجالسون التجار ويعاملون الجلة وفيهم عدالة ظاهرة وجودة مشهورة وإنصاف كامل وعبادتهم الأصنام والبدود وهم يحرقون موتاهم بالنار. ويتصل بجزيرة قمار مما يلي الساحل جزيرة صنف وبينهما ثلاثة أميال وبها يوجد العود الصنفي وهو أفضل من العود القماري لأنه يغرق في الماء لجودته وثقله وبهذه الجزيرة بقر وجواميس لا أذناب لها وبها النارجيل والموز والقصب السكرى والأرز وأهلها لا يذبحون شيئا من الحيوان الماشي على أربع ولا غيره من الهوام والحشرات وإنما تؤكل البقر عندهم إذا ماتت بل يعافها أكثرهم ولا يأكلها ومن قتل بقرة لزمه القتل أو تقطع يده وإذا وقفت البقر عن الخدمة والتصرف وضعت في بيوت وتركت حتى يموتها موتها الطبيعي وبهذه

الجزيرة ملك اسمه زنبد وأهلها سمر يلبس كل واحد منهم فوطتين فوطة يتزر بها وفوطة يلتحف بها ومياههم عذبة ومنها إلى جزيرة صندى فولات عشرة أيام. ومن جزيرة الصنف إلى مدينة لوقين ثلاث مراحل وهي أول مراقي الصين وبها طرز الديباج والحرير الصيني ومنها يخرج إلى جميع الجهات وبها يعمل الغضار الصيني ومنها يتجهز به أيضا إلى سائر البلاد المتصلة بها والمتباعدة عنها وبها أرز وحبوب ونارجيل وقصب ولباس أهلها الفوط وهم يجالسون التجار ويداخلون الناس ولهم همم عالية ونفوس أبية ويستعملون أنواع الطيب أكثر من سائر بلاد الهند. ومن مدينة لوقين إلى مدينة خانفو مسيرة أربعة أيام في البحر وعشرين يوما في البر وهي أعظم مراقي الصين وبها ملك مهاب له مملكة شامخة وفيلة كثيرة وأجناد وأسلحة وأهلها يأكلون الأرز والألبان والنارجيل وقصب السكر والمقل وهي على خور تطلع فيه المراكب مسافة شهرين إلى مدينة باجه وهي مدينة البغبوغ والبغبوغ هو ملك الصين بأجمعها وإلى مدينته ينتهي مسافروا بلاد الغرب وبها جميع الفواكه والبقول والحنطة والشعير والأرز ولا يوجد بجميع بلاد الهند والصين عنب ولا تين البتة وإنما يوجد عندهم ثمار شجر يسمى الشكي والبركى وأكثر ما يكونان ببلاد الفلفل وهو شجر له ساق غليظة وورق شبيه بورق الكرنب أخضر ما هو وله ثمر طول الثمرة أربعة أشبار مستدير شبيه بالدلاع له قشرة حمراء وفي جوفها حب مثل حب البلوط يشوى

في النار ويؤكل مثل ما يؤكل القسطل وطعمهما سواء ولحم هذا الثمر إذا أكل وجد له آكله طعما شهيا لذيذا يجتمع فيه طيب التفاح وطيب الكمثرى وبعض طعم الموز والمقل وهو ثمر بديع الصفة شهي الطعم وهو أجل ما يؤكل ببلاد الهند وقد يوجد ببلاد الهند نبات يسمى العنبا وهو شجر كبير يشبه شجر الجوز وودقه كودقه وله ثمر مثل ثمر المقل حلو إذا عقد في أوله ويجمع في ذلك الحين فيعمل بالخل فيكون طعمه كطعم الزيتون سواء وهو عندهم أيضا من الكوامخ الشهية ومن مدينة خانفو إلى مدينة خانكو مسيرة ثمانية أيام وسنذكرها في موضعها من الجزء العاشر بعد هذا بيمن الله وعونه. ومن مدينة الصنف الساحلية إلى جزيرة شامل أربعة أيام وهي في آخر البحر الصنفي معمورة القطر مجتمعة الأهل وفيها حنطة وأرز وموز كثير وقصب سكر وبها سمك كبير العظم لذيذ الطعم يغني آكله عن أكل اللحم ومن جزيرة شامل إلى جزيرة عاشورا أربعة أيام وهي جزيرة قليلة العامر وأرضها أرض حرشاء كثيرة العقارب والأفاعي وجبالها متصلة ومنها إلى جزيرة ملاي يوم خفيف وهي جزيرة كبيرة ممتدة من المغرب إلى المشرق وفيها مدينة يسكنها ملك الجرز ودراهمه فضة تسمى بالدراهم الطاطرية وله أجناد وفيلة ومراكب كثيرة وفيها موز ونارجيل وأرز وقصب وهذه الجزيرة فيما يزعم أهلها أنها تتصل بالبحر الزفتي من آخر الصين وقد يوجد في هذا البحر المسمى بحر الصنف أنواع من

الحيتان وضروب من السمك وجمل من العجائب يستدلون بها على السلامة أو العطب وسنذكر أكثر ذلك فيما يلي آخر هذا الجزء من الإقليم الثاني ونأتي منه بما ذكره المتجولون ونقله المسافرون واتفقت عليه أقاويل الناقلين حسب الطاقة ومبلغ الجهد بحول الله سبحانه وعونه وتأييده. نجز الجزء التاسع من الإقليم الأول والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر منه إن شاء الله.

الجزء العاشر

الجزء العاشر إن هذا الجزء العاشر من الإقليم الأول وهو نهاية المعمور من جهة المشرق ولا يعلم أحد ما خلفه تضمن البحر الصيني المسمى بحر صنخى ومن الناس من يسميه بحر الصنف ورأسه ومبدؤه من البحر المحيط المسمى هناك البحر الزفتي لأن ماءه كدر وريحه عاصفة والظلمة لا تزال واقعة عليه في أكثر الأوقات ويتصل هذا البحر الزفتي بالبحر المحيط المتصل ببلاد ياجوج وماجوج إلى ما تحتها مما يلي الأرض الخالية في جهة الشمال ويتصل ببحر الظلمات المتصل أيضا بجهة المغرب كما قد رسمناه ويتصل هذا البحر أيضا من جهة الجنوب على جزائر الواق واق وبحر الحيات إلى البحر المحيط بالأرض في جهة الجنوب كما قد حكيناه وجئنا به مرسوما بحول الله ومعونته. وهذا البحر عاصف الرياح كثير الأمطار وريحه بحرية تجري ستة أشهر دائما ثم تنقلب إلى ريح أخرى وفيه عدة جزائر فمنها ما يصل إليها التجار ومنها ما لا يصلون إليها لتعذر السلوك وهول البحر وتقلب الرياح وتوحش أهلها وانقطاعهم عن مجاورة الأمم المعلومة. فأما الجزيرة المسماة بالموجه التي ببحر دارلارومى ففيها عدة ملوك إلا أنهم بيض غير مخرمي الآذان يشبهون أهل الصين في اللباس والزي

ولهم خيل كثيرة يقاتلون عليها ملوكا حولهم وهذه الجزيرة تتصل بمشارق الشمس وتوجد عندهم دابة المسك ودابة الزبادة ونساؤهم من أجمل نساء الأمم ولهم شعور طوال والنساء بها لا يتوارين ولا يستترن بشيء ويمشين مكشوفات الرءوس ويكللن رؤوسهن بعصائب فيها أنواع من الودع الملون والأصداف المجزعة. ومن هذه الجزيرة إلى جزيرة سبومة مجريان وهذه الجزيرة جزيرة عظيمة كثيرة الزروع والحبوب وبها أنواع من الطيور الماكولة التي ليست في بلاد الهند وبها نارجيل كثير وتتصل بهذه الجزيرة جزائر كثيرة صغار ولكنها معمورة وملكها يسمى قامرون وبلاده كثيرة المطر والرياح وبحرها مهول وعمق الماء به من أربعين باعا إلى أكثر وأقل وفي جبال هذه الجزيرة يوجد الكافور الجيد كثيرا أكثر مما يكون في بلاد غيرها وفي بعض هذه الجزائر قوم يسمون القنجت مفلفلوا الشعور سود يخرجون إلى المراكب بالعدد والأسلحة والسهام المسمومة ولا ترد شوكتهم وقليلا ما ينجو منهم من مر بهم أو سقط في أيديهم وفي أرنبة أنف كل واحد من هؤلاء المذكورين حلقة حديد أو نحاس أو ذهب. وعلى رأس هذا البحر إلى جهة الصين جزيرة المايد وبينهما أربعة مجار وكذلك من جزيرة سبومة إلى جزيرة الأيام ومنها يخرج إلى بحر الصنف وليس في كل البحار التي ذكرنا أكثر منه مطرا ولا أعصب منه رياحا وربما أقامت السحابة تمطر اليوم واليومين لا تنقطع ويخرج من هذه الجزائر التي ببحر الصنف العود وغيره من الأفاويه وليس

لهذا البحر غاية تعرف لسعته وساحله عليه بلاد الملك المسمى المهرج. وجزائر هذا الملك كثيرة الخيرات متصلة العمارات بها الزرع والضرع والفيلة والكافور والجوزبوا والسباسة والقرنفل والعود والقاقلة والكبابة وسائر الحبوب في بلاده موجودة ممكنة وبلاده كثيرة الوارد والصادر وليس بيد ملك من ملوك الهند ما بيده من هذه البضائع الموصوفة والتجارات الكثيرة المعروفة ومن الجزائر الموصوفة جزيرة المايد وهي جزيرة فيها عدة مدائن وهي أكبر من جزيرة الموجه طولا وأوسع عرضا وأخصب أرضا وأهلها أشبه بأهل الصين من غيرهم أعني كل من جاور الصين من الأمم ولملوكها عبيد خصيان حسان وخدم بيض وبلادهم وجزيرتهم تتصل بأرض الصين وهم يراسلون ملك الصين ويهادونه ويهادنونه وبهذه الجزيرة تجتمع مراكب الصينيين الخارجة من جزائر الصين وإليها تقلع وبها تحط ومنها تخرج إلى سائر النواحي. ومن جزيرة صنف إلى جزيرة صندى فولات عشرة أيام وجزيرة صندى فولات جزيرة عظيمة فيها مياه عذبة وزروع وأرز ونارجيل وملكهم يقال له زنبد وأهلها يلبسون الفوط تأزرا وتوشحا وجزيرة صندى فولات تحيط بها من جهة الصين جبال وعرة والرياح بها عاصفة وهي باب من أبواب الصين ومنها يركب إلى مدينة خانفو أربعة أيام وأبواب الصين اثنا عشر بابا وهي جبال في البحر بين كل جبلين فرجة يسار منها إلى موضع بعينه من مدائن الصين المقصودة بالساحل وجميع مراقي الصين لا يكون منها شيء إلا على خور تصعد

فيه المراكب الشهر والأكثر والأقل بين جنات وغياض وناس لهم أغنام وأموال زاكية ومياه جميع الأخوار حلوة لكن المد يدخلها من البحر والجزر يكون منها أيضا في كل يوم وليلة مرتين وفي هذه المراقي أسواق وتجار وخرج ودخل ومراكب وبضائع تحمل وأخرى تحط وبهذه البلاد الأمن المتصل وفي ملوكها العدل وهو سنتهم وعليه يعولون فلذلك اتصلت عمارتهم وحسنت بلادهم وقل جزعهم وكثر أملهم واتسعت أيديهم في الأموال والحالات الحسنة وجميع أهل الهند والصين يقتلون السارق ويؤدون الأمانة وينصفون من أنفسهم من غير احتياج إلى حاكم أو مصلح كل ذلك منهم طبعا وسجية وأخلاقا خلقوا بها وطبعوا عليها وللملك قامرون في طاعتة جزيرتان تنسبان إلى بلاده واسم إحداهما جزيرة بوصا واسم الثانية جزيرة لاسية وفيها قوم ألوانهم إلى البياض وفي نسائهم جمال بارع وفيهم نجدة وبأس شديد وربما قطعوا على الناس في مراكب لهم سابقة الجري وإنما يفعلون ذلك إذا كانوا مع الصينيين في خلاف ولم تكن بينهم هدنة. ومن جزيرة الموجه إلى جزيرة السحاب مسير أربعة مجار أو أكثر من ذلك وجزيرة السحاب سميت بهذا الاسم لأنه ربما طلع من ناحيتها سحاب أبيض يظل المراكب فيخرج منها لسان رقيق طويل مع الريح العاصفة حتى يلتصق ذلك اللسان بماء البحر فيغلي له ماء البحر ويضطرب مثل الزوبعة الهائلة فإن أدركت المركب ابتلعته ثم ترتفع تلك السحاب فتمطر مطرا فيه قذى البحر ولا يدرى أاستقت السحاب ذلك من البحر أم كيف هذا وهي جزيرة بها تلول رمل إذا مستها النار

انسبكت وعادت فضة خالصة وفيما يليها من جهة جزائر الواق واق مواضع مقطوعة بالجبال والجزائر فلا يصل السالك إليها لامتناع بلادها وصعوبة مسالكها وسكانها مجوس لا يعرفون دينا ولا اتصلت بهم شريعة ونساؤهم يكشفن رؤوسهن ويجعلن فيها الأمشاط المتخذة من العاج المكللة بالصدف وربما كان في رأس المرأة منهن عشرون مشطا وغير ذلك ورجالهم يغطون رؤوسهم بشبه القلانس وتسمى بلغة الهند البعارى وهم متحصنون بجبالهم لا يصلون إلى أحد ولا يتصل بهم أحد ولكنهم يشرفون على البحر ويتطلعون إلى المراكب وربما تكلموا معهم بكلام لا يفهم منهم وهم مقيمون في بلادهم بهذه الحالة التي وصفناهم بها وتتصل بهذه الجزائر جزائر الواق واق ولا يعرف ما بعدها وربما وصل أهل الصين إليها في الندرة وهي جزائر عدة ولا عامر بها إلا الفيلة وطيرها كثير جدا وبها شجر حكى المسعودي عنها أمورا لا تقبلها العقول من جهة الإخبار عنها لكن الله على ما يشاء قدير. ومن جزيرة صنف إلى جزيرة ملاي مسافة اثني عشر يوما بين جزائر وجبال شارعة في البحر وهذه الجزيرة معترضة من المغرب إلى المشرق ولكنها تتصل من جهة المغرب بساحل الزنوج وتمر مع المشرق وفي جهة الشمال معترضة اعتراضا مؤربا إلى أن تماس ساحل الصين وهي أطول الجزائر قطرا وأكثرها عمارة وأخصبها جبالا وأوسعها مملكة وأنفعها تجارة وبها الفيلة والكركدن وضروب الأفاويه والعطر مثل القرنفل والقاقلة والسنبل والهرنوة والجوزبوا وفيها جبال فيها معادن ذهب عجيب بالغ الطيب وهو أفضل ذهب يكون ببلاد الصين ولأهل هذه الجزيرة بيوت وقصور يتخذونها على الخشب على مراكب تعوم على وجه الماء

وهم ينقلونها حيث أرادوا ولهم أرحاء تدور بالرياح وفيها يطحنون الأرز والحنطة وسائر ما يتخذونه لمعايشهم. ومن جزيرة المايد في الشرق إلى جزيرة صنجى مسير ثلاثة أيام خفاف وهي جزيرة عامرة فيها خصب ومياء عذبة وأهلها ألوانهم بين البياض والسمرة يحملون في آذانهم أقراط النحاس للرجل قرط واحد وللمرأة قرطان وأكلهم الأرز والقصب كثير عندهم والنارجيل وفي بلادهم معادن الذهب المذكورة في الكثرة والجودة وبهذه الجزيرة أيضا أصنام عدة على ضفة البحر كل صنم منها رافع يده اليمنى كأنه يشير إلى الناظر إليه أن ارجع إلى حيث جئت فليس خلفي أرض تسير إليها. ومن هذه الجزيرة يسار إلى جزائر السيلا وهي كثيرة متقاربة بعضها من بعض وفيها مدينة تسمى الكيوه من دخلها من المسافرين استوطنها ولم يرد الخروج عنها لطيب ثراها وكثرة خيرها والذهب بها كثير جدا حتى أن أهلها يتخذون سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من الذهب ويأتون بالقمص المنسوجة فيبيعونها وكذلك في جزائر الواق واق مثل ذلك أعني من الذهب الكثير وإن التجار يدخلون إليها مع الطلاب ويسبكون الذهب فيها ويخرجونه من هناك مسبوكا وقد يخرجون ترابه فيذيبونه في بلادهم على الصنعة المعروفة بينهم وفي جزائر الواق واق الأبنوس الذي لا يفوقه شيء في الجودة. وأيضا فإن هذا البحر الصيني مع ما يليه من بحر الصنف وبحر دارلاروى وبحر هركند وبحر عمان يوجد بها المد والجزر وقد حكوا عن بحر عمان وبحر فارس أن المد والجزر يكونان فيهما مرتين في اليوم والليلة

وحكى ربانيو البحر الهندي والبحر الصيني أن المد والجزر يكونان مرتين في السنة فمرة يمد في شهور الصيف شرقا ويجزر ضده البحر الغربي ثم يرجع المد غربا ستة أشهر وقد ذكر في المد والجزر أقوال كثيرة وجب لنا أن نذكر بعضها بالوجيز من القول مع استيفاء المعنى فأما أرسطوطاليس وأرشميدس فإنهما قالا في ذلك إن المد والجزر يحدثان عن الشمس إذا حركت الريح البحار وموجتها فإذا انتهى ذلك إلى البحر المسمى أطلنطيقس وهو البحر المحيط كان عنه المد وإذا صارت هذه الريح في النقصان والسكون كان عنها الجزر وأما ساطوطس فإنه يرى أن علة المد والجزر تكون بامتلاء القمر وزيادته وأن الجزر يكون بنقصانه وهذا كلام يحتاج إلى الزيادة فيه والبيان عما أتى به الفلاسفة مجملا فنقول إن المد والجزر الذي رأيناه عيانا في بحر الظلمات وهو البحر المحيط بغربى الأندلس وبلاد برطانيه فإن المد يبتدئ فيه في الساعة الثالثة من النهار إلى أول الساعة التاسعة ثم تأخذ في الجزر ست ساعات مع آخر النهار ثم يمد ست ساعات ثم يجزر ست ساعات هكذا يمد في اليوم مرة وفي الليل مرة ويجزر في اليوم مرة وفي الليل مرة أخرى وعلة ذلك أن الريح تهيج هذا البحر في أول الساعة الثالثة من النهار وكلما طلعت الشمس في أفقها كان المد مع زيادة الريح ثم تنقص الريح عند آخر النهار لميل الشمس إلى الغروب فيكون الجزر أيضا وكذلك الليل أيضا تهيج الريح في صدره وتركد مع آخره وزيادة الماء في المد يكون في ليلة ثلاث عشرة وليلة أربع عشرة وليلة خمس عشرة وليلة ست عشرة ففي هذه الليالي المذكورة يفيض المد فيضا

كثيرا ويصل إلى أمكنة لا يصل إليها إلا إلى مثل تلك الليالي من الشهر الآتي وهذا من آيات الله المبصرة في هذا البحر يراه أهل المغرب مشاهدة لا امتراء فيه ويسمى هذا المد فيضا. وكل ما في بحر الهند والصين من المراكب السفرية صغارا كانت أو كبارا فإنها منشأة من الخشب المحكم نجره وقد حمل أطراف بعضه على بعض وهندم وخرز بالليف وجلفط بالدقيق وشحم البابة والبابة دابة كبيرة تكون في بحر الهند والصين منها ما يكون طوله نحوا من مائة ذراع في عرض عشرين ذراعا ينبت على سنام ظهرها حجارة صدفية وربما تعرضت للمراكب فكسرتها وحكى أيضا الربانيون أنهم يرشقونها بالسهام فتتنحى عن طريقهم وذكروا أيضا أنهم يتصيدون ما صغر منها فيطبخونها في القدور فيذوب جميع لحمها ويعود شحما مذابا وهذا الدهن مشهور ببلاد اليمن في عدن وغيرها من المدن الساحلية وفي بلاد فارس وساحل عمان وبحر الهند والصين وهو عمدتهم في سد خروق المراكب بعد خرزها ومن العجائب التي في بحر الهند والصين مما أخبر به تجار الناحية أن في هذا البحر جبال ومضائق تجري معهما المراكب وربما تطاير من البحر إلى المراكب صبيان صغار مثل صبيان الزنج سوذ طول أحدهم نحو من أربعة أشبار يدورون في المراكب ولا يؤذون أحدا ثم يعودون إلى البحر وهذا عندهم مشهور فإذا رأى هذا أهل المراكب علموا أنها علامة لقدوم الريح التي تسمى ريح الخب وهي ريح خبيثة مخوفة فيستعدون لذلك ويأخذون أهبتهم لقدومها فيخففون الأمتعة عن المراكب ويلقون بها في البحر ويلقون

أيضا بما معهم من السمك والملح حتى لا يتركون منه شيئا ويقطعون من طول الصواري ذراعين وأكثر مخافة أن تنكسر فتهب الريح المذكورة قولا وفعلا في حين هبوبها ويصابرها من قدر الله له بالخلاص حتى ينجو أو يتلف كيف شاء الله له وعندهم علامة أخرى للخلاص إذا قضى الله بذلك وهي أن يرى أهل المركب على صاريهم طائرا ذهبي اللون كأنه شعلة نار ويسمى البهمن فإذا رأوه علموا أنه من علامات التخلص وهذا مما قد أبصر عيانا وتواترت الأخبار عنه حتى لا يقدر على إنكاره وفي بحر الصين دابة تعرف بالغيدة لها جناحان كالقلاعين تشيلهما في الجو وتحمل على المراكب فتقلبها ويكون طول هذه الدابة مائة ذراع أو نحوها وإذا رأى أهل المراكب هذه الدابة ضربوا الخشب بعضها ببعض فتنفر منها تلك الدابة وتخرج لهم عن الطريق وقد قيض الله سبحانه لهذه الدابة سمكة صغيرة تسمى الهبيدة فإذا رأتها هذه الدابة الكبيرة نفرت منها ومرت على وجهها فلا تستقر بمكان من البحر ما دامت الهبيدة تتبعها. وملوك الهند والصين ترغب في ارتفاع ظهور الفيلة وتزيد في أثمانها الذهب الكثير وأرفعه تسعة أذرع إلا فيلة الأخوار فإنها عشرة أذرع وأحد عشر ذراعا وأعظم ملوك الهند بلهرا وتفسير هذا الاسم ملك الملوك ويتلوه الكمكم وبلاده بلاد الساج وبعده ملك الطافن وبعده ملك جابة وبعده ملك الجرز وبعده غابة وبعده دهمى ويحكى أن له خمسين ألف فيل وله الثياب المخملة ومن بلده العود الهندي ثم يتلوه الملك المسمى قامرون ويتصل ملكه بالصين.

وأهل الهند سبعة أجناس أحدها الساكهرية وهم الأشراف منهم والملك يكون فيهم ولا يكون في غيرهم وجميع الأجناس يسجدون لهم عند اللقاء وهم لا يسجدون لأحد ثم البراهمة وهم عباد الهند ولباسهم جلود النمور أو غيرها من الجلود وربما وقف الرجل منهم وبيده عصا ويجتمع إليه الناس فيقف على رجليه يوما إلى الليل يخطب عليهم ويذكرهم الله عز وجل ويصف لهم أمور من هلك من سائر الأمم الماضية وهؤلاء البراهمة لا يشربون الخمر ولا شيئا من الأنبذة وعبادتهم الأصنام على جهة التوسط إلى الله تعالى وبعدهم الجنس الثالث وهم الكسترية يشربون من الخمر ثلاثة أقداح فقط ولا يسرفون في شربها. مخافة أن يفارقوا عقولهم وهذه الطبقة يتزوجون في البراهمة والبراهمة لا تتزوج فيهم وبعد هؤلاء الشوذرية وهم الفلاحون وأصحاب الزراعات وبعدهم الفسية وهم أصحاب الصناعات والمهن ومنهم السندالية وهم أصحاب اللحون وفي نسائهم جمال مشهور ومنهم الركية وهم سمر أصحاب لهو ولعب ومعازف وأنواع من الآلات. ومذاهب أكثر أهل الهند اثنتان وأربعون ملة فمنهم من يثبت الخالق والرسل ومنهم من يثبت الخالق وينفي الرسل ومنهم من ينفي الكل ومنهم من يتوسط بالأحجار المنحوتة ومنهم من يتوسط بالأحجار المكدسة يصب عليها الدهن والشحم ويسجد لها ومنهم من يعبد النار ويحرق نفسه بها ومنهم من يعبد الشمس ويسجد لها ويعتقد أنها الخالقة المدبرة للعالم ومنهم من يعبد الشجر ومنهم من يعبد الثعابين يحوطونها بحظائر

ويطعمونها أرزاقا مقدرة وهم يتوسلون بها ومنهم من لا يتعب نفسه بعبادة ولا غيرها وينكر الكل وسنذكر أمور الهندية واحدا فواحدا بعد هذا بيمن الله وتسديده. ولما تكلمنا على هذا الجزء بره وبحره وجزائره وجئنا من ذلك بما تيسر للذكر رأينا أن نكمل القول فيما بقي من مراقي الصين التي على الساحل حسب ما تقدم رسمه قبل هذا بعون الله تعالى فأول مراقي الصين كما قدمناه مدينة خانفو وهي المرقى الأعظم وهي على خور يصعد فيه إلى كثير من بلاد البغبوغ وهو ملك الصين بأسره لا ملك فوقه بل كل ملوك ذلك المكان تحت طاعته والذكر له ومن مدينة خانفو إلى مدينة خانكو وهي مدينة جليلة بديعة البناء بهجة الأسواق حسنة البساتين والرياضات كثيرة الفواكه ويصنع بها الغضار الصيني وثياب الحرير وبالجملة إن فيها جميع ما في مدينة خانفو وهي على خور كبير يحيط بها ويصعد في هذا الخور إلى عدة من بلاد الصين كما قلناه أيضا وفيما يذكر أن في الصين ثلاث مائة مدينة كلها عامرة وفيها عدة ملوك لكنهم تحت طاعة البغبوغ والبغبوغ يقال له ملك الملوك كما قدمنا ذكره وهو ملك حسن السيرة عادل في رعيته رفيع في همته قادر في سلطانه مصيب في آرائه حازم في اجتهاده شهم في إرادته لطيف في حكمته حليم في حكمه وهاب في عطائه ناظر في الأمور القريبة والبعيدة بصير بالعواقب تصل أمور عبيده المستضعفين إليه من غير منع ولا توسط من ذلك أن له في قصره مجلسا قد اتقن بنيانه وأحكم سمكه وأبدعت محاسنه له فيه كرسي ذهب يجلس فيه ووزراؤه

حوله في كل جمعة مرتين وعلى أعلى رأسه جرس معلق تمتد منه سلسلة ذهب إلى خارج القصر مهندمة الوضع ويتصل طرف السلسلة إلى أسفل القصر فإذا جاء المظلوم بكتاب مظلمته جاء إلى طرف السلسلة فاجتذبها فيتحرك الجرس فيخرج وزير الملك يده من الطاق وذلك علامة يفهم بها أنه يقول له اصعد إلينا فيصعد المظلوم هناك إلى المجلس على درج مختص بصعود المظلومين عليه حتى يقف بين يدي الملك فيسجد المظلوم ثم يقف فيمد الملك يده إلى المظلوم ويأخذ الكتاب منه وينظر فيه ثم يدفعه إلى وزرائه ويحكم له بما يجب الحكم به بما يقتضيه مذهبه وشرعه من غير تسويف ولا تطويل ولا وساطة وزير ولا حاجب ومع ذلك فإنه مجتهد في دينه مقيم لشريعته ديان محافظ كثير الصدقة على الضعفاء ودينه عبادة البدود وبين مذهبه ومذهب الهندية انحراف يسير وأهل الهند والصين كلهم لا ينكرون الخالق ويثبتونه بحكمته وصنعته الأزلية ولا يقولون بالرسل ولا بالكتب وفي كل حال لا يفارقون العدل والإنصاف. وأهل الإقليم الأول كلهم سمر أو سود فأما أهل الهند والسند والصين وكل من احتضن منهم البحر فألوانهم سمر وأما أهل الصحارى من الزنج والحبشة والنوبة وسائر السودان الذين سبق ذكرهم فلقلة الرطوبة البحرية وتوالي إحراق الشمس لهم وممرها عليهم دائما تفلفلت شعورهم واسودت ألوانهم وأنتنت أعراقهم وتقشفت جلود أقدامهم وتشوهت خلقهم وقلت معارفهم وفسدت أذهانهم فهم في نهاية الجهالة واقعون وإليها ينسبون وقلما أبصر منهم عالم أو نبيل وإنما يكتسب ملوكهم السياسة والعدل بالتعليم من أقوام يصلون إليهم من أهل الإقليم الرابع أو الثالث ممن قرأ السير وأخبار الملوك وقصصها.

وفي هذا الإقليم الأول من الحيوانات التي لا توجد بغيره من الأقاليم الستة الباقية الفيلة والكركدنات والزرائف والقردة ذوات الأذناب والبقر والجواميس التي لا أذناب لها والنسانس وهم صنف من الخلق وقد تقدم ذكرهم قبل هذا وأنهم يتعلقون بالشجر فلا يلحقون والثعابين الرانجية التي ذكرها ابن خرداذبه وحكاها صاحب كتاب العجائب وأخبر أيضا عنها جماعة من المؤلفين والكل منهم باتفاق يقولون إن في جبال جزيرة الرانج ثعابين تلتقم الفيل والجاموس ولا يفوتها إذا ظفرت به. وبهذا الإقليم أيضا معدن الزمرد ولا يوجد على الأرض إلا في المعدن المذكور قبل هذا والياقوت بأنواعه لا يوجد إلا بجزيرة سرنديب وكذلك الدابة التي في بحر اليمن وبحر هركند المسماة بالبابة لا توجد إلا في هذا البحر دون غيره وكذلك الدابة المسماة بالغيدة لا تكون إلا في هذا البحر وسمكة الغرا توجد به كثيرا وأيضا السمكة المسماة سقنقورا لا تكون إلا في هذا النيل من هذا الإقليم لا في غيره وفي هذا الإقليم من الطيب القرنفل والصندل والكافور والعود وكل هذه لا يوجد شيء منها في سائر الأقاليم ولا يكون إلا في هذا الإقليم بعينه والليل والنهار فيه متكافيان في حال الاعتدال متساويان في تقدير الساعات وإن كان في آخره من جهة العرض نقص يسير فلا يتبين ذلك إلا عن بحث وعناء كل ذلك قسمة حكيم وتدبير خلاق عليم وفيما ذكرناه من الأخبار من هذا الإقليم الأول بلغة وكفاية لأهل الطلب والعناية والحمد لله أولا وآخرا لا رب غيره ولا معبود سواه ولا مرجو إلا هو.

نجز الجزء العاشر من الإقليم الأول والحمد الله ويتلوه الجزء الاول من الإقليم الثاني إن شاء الله.

الإقليم الثاني

الإقليم الثّاني

الجزء الأول

الجزء الأوّل إنا لما رسمنا الإقليم الأول وما احتوى عليه في عشرة الأجزاء التي قسمناه بها وذكرنا في كل جزء منه حصته الواجبة له من الأمصار والقرى والجبال والأرضين المعمورة والمغمورة وما بها من الحيوانات والمعادن والبحور والجزائر والملوك والأمم وما لهم من السير والزي والأديان وجب علينا أن نذكر في هذا الإقليم الثاني ما فيه من البلاد والقلاع والمدن والأمصار والبراري والقفار والبحار وجزائرها وأممها ومسافات طرقها حسبما سبق لنا من ذكر ذلك في الإقليم الأول ونبتدئ الآن بذكر الجزء الأول من الإقليم الثاني بحول الله وعونه. فنقول إن هذا الجزء الأول من الإقليم الثاني مبدؤه من المغرب الأقصى حيث بحر الظلمات ولا يعلم ما خلفه وفي هذا الجزء من الجزائر جزيرة مسفهان وجزيرة لغوس وهما من الجزائر الستة المتقدم ذكرها وتسمى الخالدات ومنها بدأ بطلميوس بالتعديل وأخذ أطوال البلاد وعروضها وإلى هتين الجزيرتين وصل ذو القرنين أعني الإسكندر ومنها رجع.

فأما جزيرة مسفهان فحكى صاحب كتاب العجائب أن في وسطها جبلا مدورا عليه صنم أحمر بناه أسعد أبو كرب الحميري وهو ذو القرنين الذي ذكره تبع في شعره ويسمى بهذا الطسم كل من بلغ طرفي الأرض وإنما نصّب أبو كرب الحميري ذلك الصنم هناك ليكون علامة لمن قصد تلك الناحية من البحر ليعرفه أنه ليس خلفه مسلك يسلكه ولا موضع يخرج إليه وأيضا أن في جزيرة لغوس المذكورة صنم وثيق البناء لا يمكن الصعود إليه وفي هذه الجزيرة يقال مات الذي بناه وهو تبع ذو المرائد وقبره هناك في هيكل مبني من المرمر والزجاج الملون وحكى صاحب كتاب العجائب أن في هذه الجزيرة دواب هائلة وأن فيها أمورا تطول أوصافها وتمتنع العقول عن قبولها. وفي سواحل هذا البحر الصادر عن هذه الجزائر وغيرها يوجد العنبر الجيد ويوجد أيضا في ساحله حجر البهت وهو مشهور عند أهل المغرب الأقصى ويباع الحجر منه بقيمة جيدة لا سيما في بلاد لمتونة وهم يحكون عن هذا الحجر أن من أمسكه وسار في حاجة قضيت له بأوفى عناية وشفع فيها وهو جيد عندهم في عقد الألسنة على زعمهم ويوجد أيضا بساحل هذا البحر أحجار كثيرة ذات ألوان شتى وصفات مختلفة يتنافسون في أثمانها ويتوارثونها بينهم ويذكرون أنها تتصرف في أنواع من العلاجات الطبية الفاعلة بالخاصية فمن ذلك أحجار تعلق على الثدي الموجعة فتبرأ من وجعها مسرعا ومنها أحجار تعلق للولادة فتسهل وأحجار يمسكها الماسك

بيده ويشير على من شاء من النساء والأطفال فيتبعه ومثل هذه الأحجار عندهم كثيرة وهم بالرقى عليها مشهورون وبه معروفون. وفيما تضمنه هذا الجزء بقية من أرض مقزارة السودان وماؤها قليل ولا عمارة بها ولا سالك فيها إلا في النادر لقلة وجود الماء كما قلنا وسالكها لا يمكنه سلوكها إلا أن يعد مع نفسه الماء لدخول هذه الأرض مع بعض ما يليها من أرض قمنورية. وأرض قمنورية منها في جهة الشمال متصلة من غربيها بالبحر المظلم وتتصل من جهة شرقيها بصحراء نيسر وعلى هذه الصحراء طريق تجار أهل أغمت وسجلماسة ودرعة والنول الأقصى إلى بلاد غانة وما اتصل بها من أرض ونقارة التبر وأما أرض قمنورية المذكورة فكانت بها مدن للسودان مشهورة وقواعد مذكورة لكن أهل زغاوة وأهل لمتونة الصحراء الساكنون من جهتي هذه الأرض طلبوا هذه الأرض أعني أرض قمنورية حتى أفنوا أكثر أهلها وقطعوا دابرهم وبددوا شملهم على البلاد وأهل بلاد قمنورية فيما يذكره التجار يدعون أنهم يهود وفي معتقدهم تشويش وليسوا بشيء ولا على شيء ولا ملك فيهم ولا ملك عليهم بل هم ممحونون من جميع الطوائف المجاورين لهم المحدقين بأرضهم وكانت في القديم من الزمان السالف لأهل قمنورية مدينتان عامرتان اسم إحداهما قمنورى واسم الأخرى نغيرا وكانت هتان المدينتان تحتويان على أمم من القمنورية وبشر كثير وكان لهم رؤوس وشيوخ يدبرون أمرهم ويحكمون في مظالمهم وما وقع بينهم فأفنتهم الأيام وتوالت عليهم الفتن والغارات من جميع الجهات فقلّوا

في تلك الأرض وفرّوا عنها واعتصموا في الجبال وتفرقوا في الصحارى ودخلوا في ذمة من جاورهم وتستروا في أكنافهم فلم يبق من أهل قمنورية إلا قوم قلائل متفرقون في تلك الصحارى وبمقربة من الساحل عيشهم من الألبان والحوت وهم في نكد من كد العيش وضيق الحال وهم ينتقلون في تلك الأرض مع مهادنة من جاورهم ويقطعون أيامهم مسالمة إلى حين. وبين بلاد قمنورية وبلد سلى وتكرور طرق مجهولة الآثار دارسة المسالك قليلة السالك ماؤها غائر وعلامتها خفية وبين قمنورية وسلى وتكرور مسير ستة عشر يوما ومن نغيرا إلى سلى نحو من اثني عشر يوما وكذلك منها إلى بلد ازقي من بلاد لمتونة اثنتا عشرة مرحلة وماؤها قليل يتزود لقلته من حفر يحتفرها السالكون المجتازون بتلك الأرض وفي بلاد قمنورية جبل مانان ويتصل بالبحر المحيط وهو جبل منيع عالي الذروة أحمر التربة وفيه أحجار لماعة تعشي البصر إذا طلعت عليها الشمس لا يكاد الناظر ينظر إليها لشعاعها وبريق حمرتها وفي أسفله ينابيع بالماء العذب يتزود ويحمل في الأوعية إلى كل جهة. ومما يلي مدينة نغيرا وفي شرقيها مع ميل إلى الجنوب جبل بنبوان وهو من أعلى جبال الأرض أجرد أبيض التربة لا ينبت فيه شيء من النبات إلا ما كان من الشيخ والغاسول المسمى الحرض ومن علو هذا الجبل

في الهواء حكى صاحب كتاب العجائب عنه أن السحاب تمطر المطر دونه ولا تصيب رأسه. ويلي هذه الأرض المذكورة صحراء نيسر وهي الصحراء التي قدمنا ذكرها وعليها يدخل المسافرون إلى اودغست وغانة وغيرهما من البلاد كما قلناه قبل وهذه الصحراء قليلة الأنس ولا عامر بها وبها الماء قليل ويتزود به من مجابات معلومة ومنها مجابة نيسر التي ذكرنا أنها أربعة عشر يوما لا ماء بها ولا يوجد له أثر فيها وهي مشهورة بذلك وفي هذه الصحراء المعروفة بصحراء نيسر حيات كثيرة طوال القدود غلاظ الأجسام والسودان يصيدونها ويقطعون رؤوسها ويرمون بها ويطبخونها بالملح والماء والشيخ ويأكلونها وهي عندهم أطيب طعام يأكلونه وهذه الصحراء يسلكها المسافرون في زمان الخريف وصفة السير بها أنهم يوقرون أجمالهم في السحر الأخير ويمشون إلى أن تطلع الشمس ويكثر نورها في الجو ويشتد الحر على الأرض فيحطون أحمالهم ويقيدون أجمالهم ويعرسون أمتعتهم ويخيمون على أنفسهم ضلالا تكنهم من حر الهجير وسموم القائلة ويقيمون كذلك إلى أول وقت العصر وحين تأخذ الشمس في الميل والانحطاط في جهة المغرب يرحلون من هناك ويمشون بقية يومهم ويصلون به المشي إلى وقت العتمة ويعرسون أينما وصلوا ويبيتون بقية ليلهم إلى أول الفجر الأخير ثم يرحلون وهكذا سفر التجار الداخلين إلى بلاد السودان على هذا

الترتيب لا يفارقونه لأن الشمس تقتل بحرها من تعرض للمشي في القائلة عند شدة القيظ وحرارة الأرض وبهذا السبب يلزمون النقلة على هذه الصفة التي ذكرنا. وفي هذا الجزء أيضا قطعة من شمال أرض غانة وفيها مدينة اودغست وهي مدينة صغيرة في صحراء ماؤها قليل وهي في ذاتها بين جبلين شبه مكة في الصفة وعامرها قليل وليس بها كبير تجارة ولأهلها جمال ومنها يتعيشون. ومنها إلى مدينة غانة اثنتا عشرة مرحلة وكذلك من اودغست إلى مدن وارقلان إحدى وثلاثون مرحلة ومن اودغست أيضا إلى مدينة جرمة نحو من خمس وعشرين مرحلة وكذلك من اودغست أيضا إلى جزيرة اوليل معدن الملح شهر واحد. وأخبر بعض الثقات من متجولي التجار إلى بلاد السودان أن بمدينة اودغست ينبت بأرضها بقرب مناقع المياه المتصلة بها كمأة يكون في وزن الكمء منها ثلاثة أرطال وأزيد وهو يجلب إلى اودغست كثيرا يطبخونه مع لحوم الجمال ويأكلونه ويزعمون أن ما على الأرض مثله وقد صدقوا. نجز الجزء الأول من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله.

الجزء الثاني

الجزء الثاني إن هذا الجزء الثاني من الإقليم الثاني تضمن في حصته من الأرضين بقية صحراء نيسر وجملة أرض فزان بما فيها من المدن وكذلك أيضا تحصل فيه جملة بلاد من أرض زغاوة السودان وأكثر هذه الأرضين صحار متصلة غير عامرة وجهات وحشة وجبال حرش جرد لا نبات فيها والماء بها قليل جدا لا يوجد إلا في أصل جبل أو في ما اطمأن من سباخها وبالجملة إنه هناك قليل الوجود يتزود به من مكان إلى مكان وأهل تلك الأرضين يدلون في أكنافها وطرقاتها ويجولون في ساحاتها ووهادها وجبالها. وفي هذه الصحاصح المذكورة يقع أقوام رحالة ينتقلون في أكنافها ويرعون مواشيهم في أدانيها وأطرافها وليس لهم ثبوت في مكان ولا مقام بأرض وإنما يقطعون دهرهم في الرحلة والانتقال دائما غير أنهم لا يخرجون عن حدودهم ولا يفارقون أرضهم ولا يمتزجون بغيرهم ولا يطمئنون إلى من جاورهم بل كل أحد منهم يأخذ حذرة وينظر لنفسه قدر جهده وأهل المدن الذين يجاورونهم من أجناسهم يسرقون أبناء هولاء القوم الرحالة الذين يعمرون هذه الصحارى ويسرون بهم في الليل ويأتون بهم

إلى بلادهم ويخفونهم حينا من الدهر ثم يبيعونهم من التجار الداخلين إليهم بالبخس من الثمن ويخرجونهم إلى أرض المغرب الأقصى ويباع منهم في كل سنة أمم وأعداد لا تحصى وهذا الأمر الذي جئنا به من سرقة قوم أبناء قوم في بلاد السودان طبع موجود فيهم لا يرون به بأسا. وهم أكثر الناس فسادا ونكاحا وأغزرهم أبناء وبنات وقلما توجد منهم المرأة إلا ويتبعها أربعة أولاد وخمسة وهم في ذاتهم كالبهائم لا يبالون بشيء من أمور الدنيا إلا بما كان من لقمة أو نكحة وغير ذلك لا يخطر لهم ذكره على بال. وفي بلاد زغاوة من المدن والقواعد سغوة وشامة وبها قوم رحالة يسمون صدراتة يقال إنهم برابر وقد تشبهوا بالزغاويين في جميع حالاتهم وصاروا جنسا من أجناسهم وإليهم يلجؤون فيما عن لهم من حوائجهم وبيعهم وشرائهم ومن مدن زغاوة شامة وهي مدينة صغيرة شبيهة بالقرية الجامعة وأهلها في هذا الوقت قليلون وقد انتقل أكثر أهلها إلى مدينة كوكو وبينهما ست عشرة مرحلة وأهل شامة يشربون الألبان ومياههم زعاق وعيشهم من اللحوم الطرية والمقددة والأحناش يتصيدونها كثيرا ويطبخونها بعد سلخها وقطع رؤوسها وأذنابها وحينئذ يأكلونها والجرب لا يفارق أعناق هؤلاء القوم بل هو فيهم موجود وهم به مشهورون وبه يعرف الزغاويون في جميع الأرض وقبائل السودان ولولا أنهم يأكلون

الأحناش لتقطعوا جذاما وهم عراة يسترون عوراتهم فقط بالجلود المدبوغة من الإبل والبقر ولهم في هذه الجلود التي يستترون بها ضروب من القطع وأنواع من التشريف يحكمونها. ولهم في أعلى أرضهم جبل يسمى جبل لونيا وهو عالى الارتقاء صعب لكنه ترب وترابه أبيض رخو وفي أعلاه كهف لا يقربه أحد إلا هلك ويقال إنه فيه ثعبان كبير يلتقهم من اعترض مكانه على غير علم منه بذلك وأهل تلك الناحية يتحامون ذلك الكهف وفي أصل هذا الجبل مياه نابعة تجري غير بعيد ثم تنقطع وعليه أمة تسمى سغوة من قبائل زغاوة وهم قوم ظواعن رحالة والإبل عندهم كثيرة اللقاح حسنة النتاج وهم ينسجون المسوح من أوبارها والبيوت التي يعمرونها ويأوون إليها ويتصرفون في ألبانها وأسمانها ويتعيشون من لحومها والبقول عندهم قليلة وهم يزرعونها وينتجعونها وأكثر ما يزرعه أهل زغاوة الذرة وربما جلبت الحنطة إليهم من بلاد وارقلان وغيرها. وفي جهة الشمال وعلى ثماني مراحل من موضع قبيلة سغوة مدينة خراب تسمى نبرنته وكانت فيما سلف من المدن المشهورة لكن فيما يذكر أن الرمل تغلب على مساكنها حتى خربت وعلى مياهها حتى نشفت وقل ساكنها فليس بها في هذا الزمان إلا بقايا قوم تشبثوا بمقامهم في

بقايا خرابها حنانا للموطن وبهذه المدينة في جهة شمالها جبل يسمى غرغة حكى صاحب كتاب العجائب أن فيه نملا على قدر العصافير وهي أرزاق لحيات طوال غلاظ تكون في هذا الجبل ويحكى أن هذه الحيات قليلة الضرر والسودان يقصدون إلى هذا الجبل فيصيدون به هذه الحيات ويأكلونها كما قدمنا ذكره قبل هذا. ومن مدينة نبرنته إلى مدينة تيرقى من بلاد ونقارة التبر سبع عشرة مرحلة. ويلى أرض زغاوة أرض فزان وبها من البلاد مدينة جرمة ومدينة تساوة والسودان يسمون تساوة جرمى الصغرى وهاتان المدينتان يقرب بعضهما من بعض وبينهما نحو مرحلة أو دونها وقدرهما في العظم وكثرة العامر سواء ومياههم من الآبار وعندهم نخيلات ويزرعون الذرة والشعير ويسقونهما بالماء نكلا بآلات يسمونها انجقة وتسمى ببلاد المغرب هذه الآلة بالخطارة وعندهم معدن فضة في جبل يسمى جبل جوجيس وفائده قليل وقد ترك الطالبون عمله واستخراجه لمن قصده ومن تساوة إلى هذا المعدن نحو من ثلاث مراحل لمن قصده ومن مدينة تساوة إلى قبيل من البربر في جهة المشرق نحو من اثني عشر يوما ويسمون آزقار وهم قوم رحالة وإبلهم كثيرة وألبانهم غزيرة وهم أهل نجدة وقوة وبأس ومنعة لاكنهم يسالمون من سالمهم ويميلون على من حاولهم وهم يصيفون ويربعون

حول جبل يسمى طنطنه وفي محيطه من أسفله ينابيع وعيون مياه جارية ومناقع كثيرة تجتمع بها المياه وينبت عليها الحشيش كثيرا وإبلهم ترعى هناك وينتقلون منه إلى أمكنة من عاداتهم المقام بها. ومن هذا الجبل الذي يستدير حوله آزقارة إلى أرض بغامة عشرون مرحلة في أرضين خالية من الأنيس قليلة المياه منحرقة الهواء دارسة المسالك داثرة المعالم ومن قبيلة آزقار إلى مدينة غدامس ثماني عشرة مرحلة ومن آزقار أيضا إلى مدينة شامة نحو من تسع مراحل وبينهما مجابتان مياههما قليلة وربما أفرطت الريح بهما مع حر الهواء فنشفت المياه حتى لا توجد البتة. وأهل آزقار فيما يذكره أهل المغرب الأقصى أعلم الناس بعلم الخط الذي ينسب إلى دنيال النبي عليه السلام وليس يدرى بجميع بلاد البربر على كثرة قبائلها قبيلة أعلم بهذا الخط من أهل آزقار وذلك أن الرجل منهم صغيرا كان أو كبيرا إذا تلفت له ضالة أو عدم شيئا من أموره خط لها في الرمل خطا فيعلم بذلك موضع ضالته فيسير حتى يجد متاعه كما أبصره في خطه وربما سرق الرجل منهم متاع صاحبه ويدفنه في الأرض بعيدا أو قريبا فيخط الرجل الذي فقد متاعه ويقصد موضع الخبية ويخط بإزائها خطا ثانيا ويقصد بعلمه إلى موضع الخبية فيستخرج منها متاعه وما ضاع له ويعلم مما خطه الرجل الذي تعدى على أخذ متاعه ويجمع أشياخ القبيلة فيخطون له خطا فيعلمون من ذلك البريء من الفاعل

وهذا عند أهل المغرب مشهور مذكور ولقد أخبر بعض المخبرين أنه رأى رجلا من هذه القبيلة في مدينة سجلماسة وقد خبيت له خبية بحيث لا يعرف فخط لها خطا وقصد موضعها فاستخرجها وأعيد عليه العمل بذلك ثلاث مرات فاستخرجها في الثانية والثالثة مثل ما فعل في المرة الأولى وهذا شيء عجيب من قوتهم على هذا العلم على كثرة جهلهم وغلظ طبعهم وفيما جئنا به في ذلك كفاية والحمد لله على ذلك. نجز الجزء الثاني من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله.

الجزء الثالث

الجزء الثالث إن الذي تضمن هذا الجزء الثالث من الإقليم الثاني من الأرضين بعض أرض ودّان وأكثر بلاد كوّار وبعض بلاد التاجوين المجوس وأكثر بلاد فزان. وأما أرض ودّان فإنها جزائر نخل متصلة بين غرب وشمال إلى ناحية البحر وكانت فيما سلف أكثر الأرض عمارة وكان الملك في أهلها ناشئا متوارثا إلى أن جاء دين الإسلام فخافوا من المسلمين فتوغلوا هربا في بلاد الصحراء وتفرقوا ولم يبق بها الآن إلا مدينة داود وهي الآن خراب ليس بها إلا بقايا قوم من السودان معايشهم كدرة وأمورهم نكدة وهم في سفع جبل طنطنة وإبلهم قليلة وأكثر أهلها يحفرون أصول نبات يسمى أغرسطس وهو النجيل وهو عندهم من نبات الرمال فيجففونه ويدقونه بالحجر ويخبزونه خبزا يتقوتون به ويأكلون منه ويأكل جلتهم وخيارهم اللحوم الجمالية مقددة ويشربون ألبان الإبل وأكثر نيرانهم يقدونها في بعر الجمال وبعض الشوك والحطب عندهم قليل. وفي جهة الشمال من هذه المدينة مدينة زويلة بناها عبد الله بن

خطاب الهوري وسكنها هو وبنو عمه في سنة ست وثلاث مائة وهي منسوبة إلى هذا الرجل وبه اشتهر اسمها وهي الآن عامرة وسنأتي بذكرها في موضعها من الإقليم الثالث بعون الله. وفي جبل طنطنة معدن حديد جيد وفي جنوب هذه الأرض مسارح ومرابع لازقار وهم قوم من البربر رحالون في هذه الأرض منتجعون بإبلهم وقد ذكرنا لمعا من أخبارهم. ومما جاء في جنوب هذا الجزء بقية من أرض كوكو والدمدم وهناك بقية من جبل لونيا وترابه أبيض رخو ويقال إن به حيات قصار الطول في رأس كل حية منها قرنان ويقال أيضا إن به حيات ذوات رأسين. وقد اختلف قوم كثير من السودان. في نهر كوكو فبعض قال إنه يخرج من جبال لونيا ويمر في جهة الجنوب حتى يمر بكوكو ثم يجوز بها ويمر في الصحراء وبعض قالوا إنما هو نهر يمد نهر كوكو وإن نهر كوكو على الصحة يخرج من أسفل جبل يتصل رأسه بالنيل وزعموا أن النيل يغوص تحت ذلك الجبل ويخرج من طرفه الأخر حيث يظهر خروجه ويمر حتى يتصل بكوكو ثم يمر مغربا في الصحراء فيغوص في الرمال. ويتصل بهذه الأرض من جهة المشرق أكثر كوّار وهي أرض مشهورة وبلادها مقصودة ومنها يخرج الشب المعروف بالشب الكوّاري

ولا يعدله شيء في الطيب وبلاد كوّار يحويها بطن واد يأتي من جهة الجنوب مارا إلى الشمال لا ماء به إلا أن الماء إذا حفر عليه وجد به معينا كثيرا وعلى هذا الوادي من البلاد مدينة صغيرة تسمى القصبة وهي مدينة حسنة البناء يحيط بها من جميع جوانبها نخل وأنواع من الشجر البري وأهلها متحضرون يلبسون الفوط والأزر والقنادير المتخذة من الصوف وأهلها مياسير وتجولهم وسفرهم إلى سائر البلاد كثير وشربهم من آبار فيها ماء كثير حلو. ومن هذه المدينة إلى مدينة أخرى تليها في جهة الجنوب يومان واسمها قصر أم عيسى وليست بالمدينة الكبيرة لكن أهلها مياسير ولهم إبل يسافرون بها شرقا وغربا وأكبر بضاعتهم الشب وهو رأس أموالهم وحول هذه المدينة نخيلات وآبار ماء حلوة ومنها يشربون. ومنها إلى مدينة انكلاس أربعون ميلا في بطن الوادي وهي مدينة من أكبر بلاد كوار قطرا وأكثرها تجارة وعندهم معادن الشب الخالص المتناهي في الطيب ويوجد في أجبلها كثيرا لكنه يتفاضل في الجودة والطيب وأهل هذه المدينة يتجولون حتى ينتهوا في جهة المشرق بلاد مصر ويتصرفون في جهة المغرب فيصلون بلاد وارقلان وسائر أرض المغرب الأقصى وأهلها يلبسون المقندرات من الصوف ويربطون على رؤوسهم كرازي الصوف ويتلثمون بفواضلها ويسترون أفواههم وهي عادة من عوائدهم توارثها الأبناء عن الآباء لم ينتقلوا عنها ولا تتحولوا منها وفي هذه المدينة في هذا الوقت رجل ثائر من أهل البلد وله عصبة

وقرابة يقوم بهم وهم يعضدونه وله كرم مشهور وسيرة حسنة وأحكامه شرعية وهو مسلم. ومن مدينة انكلاس إلى مدينة صغيرة تسمى ابزر مسافة يومين وابزر هذه على تل تراب وحولها نخيل ومياهها عذبة وبالقرب من هذه المدينة معدن شب فائق الجودة لكنه يتجرف كثير الرخاوة ولباس أهل هذه المدينة الفوط ومآزر الصوف وهم يتجرون بالشب. ومن ابزر إلى مدينة تلملة يوم وهي أيضا مدينة صغيرة ومياهها قليلة ونخلها أيضا قليل وتمرها طيب جليل وبها معدن شب قليل الفائد لأن معدنه يخالطه عروق تراب كثيرة وإنما يخلط بغيره ويباع من التجار وهي من مدن كوار ومدينة تلملة قد ذكرناها فيما سلف من الإقليم الأول. وهذا الشب الذي يكون في بلاد كوار بالغ في نهاية الجودة وهو كثير الوجود ويتجهز منه في كل سنة إلى سائر البلاد بما لا يحصى كثرة ولا يقاوم وزنا ومعادنه لا تنقص كبير نقص وأهل تلك الناحية يذكرون أنه ينبت نباتا ويزيد في كل حين بمقدار ما يؤخذ منه مع الساعات ولولا ذلك لأفنوا الأرض كلها لكثرة ما يخرج منه ويتجهز به إلى جميع الأرض. وعلى مقربة من ابزر وفي جهة المغرب بحيرة كبيرة عميقة القعر طولها اثنا عشر ميلا وعرضها ثلاثة أميال وفيها حوت كبير كثير شبيه بالبوري له

شحم عذب المأكل يسمونه البقق ويستخرج منه من هذه البحيرة كثير ويملح ويحمل إلى جميع بلاد كوار وهو بها رخيص موجود. وأما ما حاز هذا الجزء من أرض التاجوين وهم السودان الذين ذكرناهم قبل هذا في الإقليم الأول وقلنا إنهم مجوس لا يعتقدون شيئا فإنهم بشر كثير وجمع غزير ولهم إبل كثيرة وفي بلادهم مراع كثيرة وهم رحالة لا يقيمون في مكان وكل من جاورهم يغزوهم ويغير عليهم ويتحيل على أخذهم وليس لهم مدن إلا مدينتان وهما تاجوة وسمية وقد تقدم ذكرهما في الإقليم الاول ويحيط بشمال هذه الأرض جبل مقور وهو جبل أغبر إلى البياض وفيه عروق ترابية لينة تنفع من أوجاع العين الرمدة مثل ما ينفع رهج الغار الذي بقفر مدينة طلبيرة من بلاد الأندلس النافع من جرب العين ويأكل ما فيها وهو غبار يوجد هناك لونه أخضر ما هو وهذا الغبار هو مشهور المنفعة في جميع بلاد الأندلس معروف بالتجربة. وأيضا إن هذه الأرض تتصل بها أرض الواحات الخارجة وهي الآن تعرف بأرض سنترية وسنترية هذه محدثة قريبة العهد سناتي بذكرها بعد هذا وفيها مما يلي جنوبها مدينة هي الآن خراب وقد كانت فيما سلف عامرة بالخلق آهلة بالناس وتسمى هذه المدينة تثرو وقد تهدم بناؤها وغارت مياهها وتشرد حيوانها وتنكرت معالمها فلم يبق منها إلا

طلل دارس واثر طامس وبها بقايا نخل ماحلة وربما بلغتها العرب عند تصرفها في أكناف هذه الأرض وبشرقي هذه المدينة مع الشمال جبل وعر ليس بكثير العلو لكنه ممتنع الصعود إليه لانقطاع أحجاره وفي أسفله بحيرة كبيرة دورها نحو من عشرين ميلا ماؤها عذب لكنه قليل العمق وفي وسطها نبات وبها حوت كثير الشوك سهك الطعم ويمد هذه البحيرة عين ماء تأتيها من جهة الجنوب وتقع فيها وعلى هذه البحيرة ينزل رحالة أهل كوّار وربما زاحمهم العرب عليها فأوقعوا الضرر بهم وبهذه الأرض في وقتنا هذا مدينة مرندة وهي مدينة عامرة بأهلها والداخل إليها قليل لقلة بضاعاتهم واختصار صنائعهم وعدم الخيرات لديهم لكنها ملجأ ومسكن للوارد والصادر من رحالتهم وظواعنهم. وبشمال هذه الأرض يتصل بها مدينة زالة وزالة هذه بها حصن منيع فيه رجل ثائر بنفسه وبين هذه المدينة وبلد سرت تسعة أيام بين غرب وشمال إلى ناحية البحر ومن زالة أيضا إلى أرض ودان ثمانية أيام ومن زالة إلى زويلة عشرة أيام متحرفة إلى الجنوب مع الغرب وقد ذكرنا في هذا الجزء ما يحتاج إليه مستقصى بحمد الله وتأييده. نجز الجزء الثالث من الإقليم الثاني والحمد الله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله.

الجزء الرابع

الجزء الرّابع إن هذا الجزء الرابع من الإقليم الثاني تضمن بقية من أرض الواحات الخارجة بما اتصل بها في جنوبها من أرض التاجوين وأكثر بلاد الجفار والبحرين راجعا في أرض سنترية التي عرضنا بذكرها قبل هذا وذاهبا في مساكن بني هلال نازلا مع الجبل المسمى جبل جالوت البربري وإنما سمي به لأن جالوت هزم عسكره به ولجأ هو وجملة من خيله إلى هذا الجبل فسمي بذلك إلى الآن وفي الشرق من هذا الجبل جملة من بلاد مصر على ضفة النيل النازل إليها من أعلى بلاد النوبة وسنذكر هذه البلاد عند وصفنا لها بلدا بلدا وقطرا قطرا مع ذكر ما يليق بها من الأخبار الكائنة بها بعون الله وما خلف النيل من العمارات المتصلة من أرض مصر إلى نواحي أهريت وشرونة وبياض التي تلي منازل يلي وجهينة وصفارة إلى أقصى الصعيد مع اتصاله بالعلاقي وأيضا ما يلي أسفل الجزء من منازل التيم والنجوم والقبط. فنقول إن أعلى هذا الجزء من ناحية المغرب حيث بقية أرض التاجوين كله خلاء صحار متصلة وإن كانت المياه بها كثيرة والغدر موجودة فليس بها ساكن لأن بها رمالا سائلة تنقلها الرياح من مكان إلى مكان وليس

لأحد بها مستقر لاعتداء الرمال عليها وكثرة جري الرياح بها وكذلك يتصل هذا الرمل بأعلى أرض الواحات فيعدو عليها ويغير ما فيها من الآثار وتتصل هذه الرمال بالغرب إلى أرض سجلماسة إلى البحر. وبلاد الواحات الخارجة الآن صحراء لا أنيس بها بلقع لا عامر لها والمياه بها موجودة وكانت على القدم معمورة متصلة الثمار والعمارات وكان فيما سبق من الزمان الدخول عليها ومنها إلى مدينة غانة في طرق مسلوكة ومناهل معروفة لكنها انقطعت ودرست وبالواح. الخارجة أغنام وبقر متوحشة كما قدمنا ذكره فيما سبق وبين الواحات وحد النوبة مسير ثلاثة أيام في مفاوز غير عامرة وفي أرض الواحات الخارجة جبل علسانى المعترض بها وهو جبل سامي الذروة عالي القمة متساو عرضه أسفل وفوق وفيه معدن يستخرج منه حجر اللازورد ويحمل إلى أرض مصر فيصنع بها ويصرف وفي أرض الواحات يكون الثعبان ولا يكون البتة في غيرها من الأرضين والثعبان على ما يحكيه أهل تلك النواحي يرى كالتل الكبير يلتقم العجل والكبش والإنسان وهو حيوان على صورة الحية ينساب على بطنه وله أذنان بارزتان وأنياب وأسنان وحركته بطيئة ويأوي إلى الكهوف والدهاس فمن قصده أو اعترضه بمساءة التقمه وأمضى عليه ولا يخرج عن هذه الأرض إلا ويموت وهذا مشهور الذكر شائع الخبر. وأما الواحات الداخلة فإن بها قوما من البربر وغربا متحضرين يزرعون هناك حيث المياه النيلج كثير والنيلج المعروف بها يفوق كثيرا

من النيلج في الطيب والجودة وإليها ينسب النيلج اللواحي وهو بها معروف وتنتج بهذه الأرض مع ما اتصل بها من أعلى أرض أسوان حمير صغار المقادير في مقدار الكباش ملمعة بسواد في بياض لا تحمل الركوب عليها وإذا أخرجت عن أرضها هلكت لا محالة وبأعلى صعيد مصر حمير ليست بكثيرة اللحم لكنها في غاية من السير وسرعة المشي وبرمال الواحات وما اتصل بها من أرض الجفار حيات كثيرة تستتر في الرمل فإذا مرت بها الجمال ثارت من الرمل ورمت بأنفسها حتى تقع في المحامل فتنهش هناك من وافقته فيموت في الحال وأيضا إن أرض الجفار بأسفل الواحات وهي أرض خالية قفرة وكانت فيما سلف من الزمان متصلة العمارات كثيرة البركات مشهورة بالخيرات وكان أكثر زراعة أهلها الزعفران والعصفر والنيلج وقصب السكر وأما الآن فإن بها مدينتين معمورتين اسم إحداهما الجفار والثانية البحرين وهما قريتان كالحصنين قد أحدقت النخل بهما من كل النواحي وماؤهما غزير عذب ومن البحرين إلى الجفار يومان ومن الجفار إلى الواح ثلاثة أيام لا ماء فيها والواح هذه المذكورة الآن في وقتنا هذا قرى كثيرة صغار وفيها ناس أخلاط يزرعون النيلج وقصب السكر وهي في ضفة الجبل الكبير الحاجز بين أرض مصر والصحارى المتصلة بأرض السودان. ومن البحرين إلى مدينة سنترية أربع مراحل ومدينة سنترية صغيرة وبها منبر وقوم من البربر وأخلاط من العرب المتحضرة وهي على أول الصحراء ومنها إلى البحر الشامي في جهة الشمال تسع مراحل وهناك تكون لكة الساحلية وشرب أهل سنترية من آبار وعيون قليلة وبها نخل

كثير ومنها إلى جبل قلمرى أربعة أيام وفي هذا الجبل معدن حديد جيد ومن سنترية يسير من أراد الدخول إلى أرض كوار وسائر بلاد السودان وكذلك من سنترية إلى أوجلة مغربا عشرة أيام وفي هذه الناحية جبل بريم الأحمر ويقال إن مسلتي الإسكندرية نحتتا منه. وأما مدينة القيس التي على ضفة النيل وبغربيه فهي مدينة قديمة حسنة البناء جميلة الجهات فيها قصب السكر الكثير وأنواع التمور والخيرات الكثيرة وبينها وبين دهروط في جهة الشمال مخوض ثمانية عشر ميلا. ومن مدينة القيس إلى منية ابن الخصيب مقدار نصف يوم وهي قرية عامرة حولها جنات وأراض متصلة العمارات وقصب وأعناب كثيرة ومتنزهات ومبان حسان وهي في الضفة الشرقية من النيل. ومن منية ابن الخصيب إلى مدينة الأشمونى مسافة نصف يوم أو أكثر قليلا وهي مدينة صغيرة حسنة عامرة بها جنات وبساتين ونخيل وزروع وضروب من الحبوب والفواكه والنعم السابغة ويعمل بها ثياب معروفة كثيرة. وأمامها من شمال النيل بوصير وهي مدينة صغيرة القدر والعمارات بها متصلة وفيما يحكى أن أكثر سحرة فرعون كانوا من هذه المدينة وبها الآن بقية من طلاب السحر. ومن بوصير إلى أنصنا بشرقي النيل ستة أيام وهي مدينة قديمة البناء حسنة البساتين والمتنزهات كثيرة الثمار غزيرة الخصب والفواكه وهي المدينة المشهورة بمدينة السحرة ومنها جلبهم فرعون في يوم الموعد للقاء موسى النبي عليه السلام.

وهناك بلاد صغار يكون بينها وبين النيل ميلان وأكثر وأقل ومنها النجاشية وهي قرية عامرة جامعة كثيرة الخصب والثمار ومنها مما يقابلها في الغربي من النيل بلد يسمى منساوة لها نخل وزروع وضرع وبساتين وجنات. ومنها مدينة طحا وهي أسفل من مدينة الأشمونى وهي مدينة مشهورة يعمل بها وفي طرزها ستور صوف وأكسية صوف منسوب إليها ويقال إن التمساح يضر في عدوة الأشمونى ولا يضر بعدوة أنصنا ويقال إنها مطلسمة. ومن مدينة أنصنا المتقدم ذكرها إلى بلد صغير يسمى المراغة به نخل وقصب سكر وزراعات وجمل بساتين وبينهما نحو من خمسة أميال والمراغة بغربي النيل. ومنها إلى مدينة تزمنت نحو من خمسة أميال وهي بغربي النيل كثيرة البساتين والجنات متصلة العمارات. ومنها إلى قرية صول نحو من يوم وهي قرية كبيرة بها أسواق وجماعات من الناس ونخيل وثمار ومنافع جمة وهذه القرية على فم الخليج المسمى بخليج المنهى وهو الخليج الذي يتصل بشرقي أرض الواحات ويصرف في سقي كثير من الأرضين هناك ومن هذا الخليج احتفرت خلجان الفيوم وسنأتي بذكر ذلك في موضعه بحول الله وقوته. ومن مدينة صول إلى أخميم يوم ومدينة أخميم في شرقي النيل وتبعد

عنه نحو ميلين وأخميم والبلينا مدينتان متقاربتان في كثرة العمارة وبهما نخيل كثير وقصب سكر. وبمدينة أخميم البناء المسمى بربا وهو بيت بناه هرمس الأكبر من قبل الطوفان وذلك أنه رأى في علمه أن الأرض يهلك من فيها غير أنه لم يتحقق من ذلك ما السبب في هلاك الأمم أيكون بالنار أو بالماء فأمر أن تبنى له بيوت من الطين من غير أن يوقد النار عليها فلما جفت أمر أن ينقش له فيها ما أحب من الصور والعلوم ففعل ذلك وقال إن كان المهلك للعالم نارا صبرت هذه البيوت على النار وحسنت بها وكان ما فيها من النقوش بضروب العلوم باقيا ثابتا يقرؤه من يأتي بعده ثم أمر أيضا أن تبنى له بيوت غيرها من الحجارة ويستوثق منها وينقش فيها جميع العلوم التي رأى الاحتياج إليها ففعل ذلك وقال أيضا إن كان المهلك للعالم ماء فإن البيوت التي بنيت بالطين تتحلل وتبقى البيوت الحجارية بما فيها من العلوم فلا يضر بها الماء فلما كان الطوفان وغمر الأرض الماء وهلك كل ما فيها تحللت تلك البيوت المبنية من الطين وبقيت البيوت المبنية بالحجارة بما فيها من العلوم وهي الآن ثابتة باقية وهي براب كثيرة منها بربا أسنا وبربا دندرة وبربا أخميم وهو أثبتها بناء وأحسنها رسوما وذلك أن في هذا البيت بعض صور الكواكب وبعض صور الصنائع وصناعها وجمل من الكتابات وسائر العلوم وهذا البناء المسمى بربا هو في مدينة أخميم متوسطها كما قدمناه.

وفي الضفة الغربية من النيل وفوق فم خليج المنهى مدينة تسمى زماخر وهي مدينة حسنة البناء كثيرة البساتين غزيرة المياء تحتوي على ضروب من الفواكه وجمل من أنواع الحبوب وهي في ذاتها جميلة حسنة. ومنها مع ضفة غربي النيل إلى جبل الطيلمون مقدار خمسة أميال وهذا الجبل يأتي من جهة المغرب بتأريب فيعترض مجرى النيل والماء ينصب إليه بقوة جري ويخرج عنه بقهر وانضغاط يمنع المراكب الصاعدة من مصر إلى أسوان وغيرها لأن صب النيل وقوة جريه هناك يمنع الصعود في وجهه ويذكر أهل زماخر أن بأعلى هذا الجبل كانت دهية الساحرة ساكنة في قصر لم يبق منه الآن إلا رسم محال ويشيعون من أمرها أنها كانت تتكلم على المراكب فلا تقدر على الجواز عليها البتة مع عون قوة جري الماء وانصبابه وانزعاج قوته عند الجبل وهذا المكان من النيل إلى الآن صعب المجاز جدا وهو معروف. ومن هذا الجبل إلى جبل تانسف نحو مرحلتين وهذا الجبل المسمى تانسف في جانبه حافة ملساء فيها شق صغير ضيق يجتمع إليه في يوم من السنة جمل من الطير المسمى بوقير وهو طير ملون من طيور الماء فيأتي كل طائر منها فيدخل رأسه في ذلك الشق من الجبل ويخرجه ويمضي طائرا على حاله إلى أن ينطبق ذلك الشق على رأس أحدها فيبقى مضطربا حتى يموت ويتساقط ريشه وتطير الباقي من الطير فلا تعود إلا لمثل ذلك اليوم من السنة وهذا مشهور معلوم في ديار مصر وقد أثبت ذلك في كثير من الكتب.

ومن جبل الطيلمون المتقدم ذكره إلى مدينة أسيوط وهي على الضفة الغربية من النيل مجرى يوم ومدينة أسيوط مدينة كبيرة عامرة آهلة جامعة لضروب المحاسن كثيرة الجنات والبساتين مدخرة لضروب الحبوب واسعة الأرضين جميلة حسنة. ومن مدينة أسيوط إلى أخميم صاعدا مع النيل نصف مجرى ومن مدينة أخميم إلى مدينة قفط مجرى نصف يوم بالقلاع ومدينة قفط متباعدة عن ضفة النيل من الجهة الشرقية وأهلها شيعة وهي مدينة جامعة متحضرة بها أخلاط من الناس وفيها بعض بقايا من الروم وبها مزارع كثيرة للبقول مثل اللفت والخس وذلك لأنهم يجمعون بذورها ويطحنونها ويستخرجون أدهانها ويصنعون منها انواعا من الصابون يتصرفون به في جميع أرض مصر ومنها يتجهز به إلى كل الجهات وصابونها معروف النظافة. ومنها إلى مدينة قوص بالجهة الشرقية من النيل سبعة أميال ومدينة قوص مدينة كبيرة بها منبر وأسواق جامعة وتجارات ودخل وخرج والمسافر إليها كثير والبضاعات بها نافقة والمكاسب رابحة والبركات ظاهرة وشرب أهلها من ماء النيل ولها بقول طيبة وضروب من الحبوب كثيرة ممكنة ولحوم سدفة حسنة المنظر طيبة المأكل ولكثرة نعمها كان هواؤها وبائيا وأهلها مصفرة ألوانهم وقليلا ما دخلها غريب وسلم من المرض إلا نادرا. ومن مدينة قوص إلى دماميل بشرقي النيل نحو من سبعة أميال

ومدينة دماميل محدثة حسنة البناء طيبة الهواء كثيرة الزراعات ممكنة الحنطة وسائر الحبوب وأهلها أخلاط والغالب عليهم أهل المغرب والغريب عندهم مكرم محفوظ مرعى الجانب وفي أهلها مواساة بالجملة. ومنها إلى قرية قمولة خمسة أميال وهي كالمدينة جامعة متحضرة مكتنفة لكل نعمة وفضيلة وأخبر بعض الثقات في هذا العصر فقال رأيت بها أنواعا من الفواكه وضروبا من الثمر من جملتها عنب ما توهمت أن على الأرض مثله طيبا وحسنا وكبرا حتى إنه دعتني نفسي إلى أن وزنت منه حبه فوجدت في زنتها اثني عشر درهما وفي هذه القرية من الدلاع وأنواع الموز ما يجل عن المقدار المعهود وكذلك من الرمان والسفرجل والإجاص وسائر الفواكة ما لا يكون إلا بمثلها وكل شيء من ذلك كثير يباع بأيسر الأثمان. وبشمال هذه القرية جبل يمر من الجنوب إلى الشمال إلى أن يقارب مدينة أسيوط وهذا الجبل يقال له بران يقال إن فيه كنوز ولد أشمون بن مصرايم وفيه مطالب وطلاب إلى الآن. ومن هذه القرية إلى مدينة إسنا بغربي النيل مجرى يوم وهي من المدن القديمة من بناء القبط الأول وبها مزارع وبساتين حسنة وبها رخاء شامل وأمن وادع وبها أعناب كثيرة ولكثرته هناك يعمل منه زبيب كثير ويحمل إلى جميع أرض مصر فيعمها وهو بالغ في الطيب وجودة الحلاوة وبها بقايا بنيان للقبط وآثار عجيبة. ومنها إلى أرمنت في الضفة الشرقية مجرى يوم وهي مدينة من بناء القبط حسنة وبها نخيل وشجر تحمل أنواعا من الثمر المعلومة المحمودة

القليل الوجود مثلها في كثير من الأقطار طيبا وحسنا ومن مدينة أرمنت إلى مدينة أسوان مجرى يوم في النيل وقد ذكرنا مدينة أسوان فيما صدر من ذكر الإقليم الأول في موضعه من الكتاب. ولنرجع الآن إلى ذكر الخليج الخارج من معظم النيل كما قدمنا القول فيه بعون الله فنقول إن هذا الخليج يخرج إلى جهة المغرب عند مدينة صول ويسمى هناك المنهى فيمر جاريا نحو المغرب فيصل إلى مدينة البهنسا على أربع مراحل وهي بالجهة الغربية من هذا الخليج وهي مدينة عامرة بالناس جامعة لأمم شتى ومن هذه المدينة إلى مصر سبعة أيام كبار وبهذه المدينة كانت وإلى الآن طرز ينسج بها للخاصة الستور المعروفة بالبهنسية والمقاطع السلطانية والمضارب الكبار والثياب المتخيرة وبها طرز كثيرة للعامة يقيم بها التجار الستور الثمينة طول الستر منها ثلاثون ذراعا وأزيد وأنقص مما قيمة الزوج منها مائتا مثقال واكثر من ذلك وأقل ولا يصنع فيها شيء من الستور والأكسية وسائر الثياب المتخذة من الصوف والقطن إلا وفيها اسم الطرز المتخذة بها كانت من طرز الخاصة أو من طرز العامة سمة مكتوبة فعلها الجيل المتقدم وتبعهم على ذلك من خلفهم من الصناع إلى حين وقتنا هذا وهذه الستور والفرش والأكسية مشهورة في جميع الأرض. وينزل هذا الخليج مع الشمال إلى مدينة اهناس وذلك مرحلتان وهي مدينة صغيرة متحضرة كثيرة الأهل واسعة الخيرات جامعة للبركات نامية الزراعات وكل شيء من المأكول بها كثير رخيص ومتاجرها نافقة وأسواقها مربحة.

ومنها إلى اللاهون مرحلتان. ومنها إلى مدينة دلاص وهي في الضفة الشرقية من معظم النيل وعلى بعد ميلين منه نحو من مسير يومين وبمدينة دلاص هذه تصنع اللجم الدلاصية المنسوبة صنعتها إليها وهي مدينة صغيرة عامرة جليلة وصناعة الحديد بها قائمة الذات كثيرة المصنوعات ومدينة دلاص كانت في أيام القبط كثيرة الديار مثبتة في ذكر الأمصار إلا أنها الآن في وقتنا هذا ليست بالكبيرة لأن البرابر من لواتة وشرار العرب تسلطوا على أطراف عمارات هذه البلاد فأفسدوها فقل ساكنوها لذلك وينتهي هذا الخليج إلى الفيوم ويصل إلى بحيرة أقنى وتيهمت وسنستقصي ذكر ذلك في موضعه من الإقليم الثالث بحول الله. وأما ترفة وسمسطا فضياع وقصور بعيدة من معظم النيل على مسافة ميلين منه وهما عامرتان بالناس وفيهما مزارع للقصب السكري ويعمل بها من السكر والفانيذ ما يقوم بأكثر ديار مصر ويستغنى به عن غيره وجميع بلاد مصر تتقارب مسافاتها فلا يكون بين البلد والبلد أكثر من يوم أو يومين وهي لا تفارق ضفتي النيل من كلتا الناحيتين وعماراتها متصلة ومن مصر إلى أسوان مسافة خمس وعشرين مرحلة وقد ذكرنا في هذا الجزء ما فيه كفاية وبلاغ. نجز الجزء الرابع من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منة إن شاء الله تعالى.

الجزء الخامس

الجزء الخامس إن هذا الجزء الخامس من الإقليم الثاني تضمن من البلاد التي على ساحل بحر القلزم مدينة عيذاب وما اتصل بها قبلها من الصحراء المنسوبة إلى عيذاب وليس بها طريق معروف ولا يستدل عليها إلا بالجبال والكدى الناتئة لانها رمال سائلة وضحاضح غامرة وربما أخطأ بها الدليل الماهر وأكثر الاستدلال بها بالنجوم ومسير الشمس من المشرق إلى المغرب وفي هذا الجزء قطعة من بحر القلزم وجملة من جزائره العامرة والخالية ومراسيه المشهورة المذكورة والكور الصغار مثل السرين والسقية وجدة والجحفة والجار وفيه من البلاد البرية صنكان ومكة والطائف وقديد والمدينة وعيذاب ونحن واصفون الآن جميع ما ذكرناه من ذلك وصفا تاما باستقصاء وشرح متقن بفضل الله تعالى وقوته. فنقول إن جبل المقطم الذي أوله من ديار مصر يأخذ من مصر فيمر في الصحراء إلى أن ينتهي إلى قرب أسوان وهو جبل مشهور بالطول وأما علوه فإنه يعلو في مكان وينخفض في مكان وينقطع منه مواضع تسمى اليحاميم سود وتحفر منه المغرة والكلس وفيه ذهب كثير

وكذلك في تربته إذا دبرت استخرج منها ذهب صالح وتتصل منه قطع بديار مصر الداخلة إلى البحر الملح بناحية القلزم وهو بحر الحجاز وفي هذا الجبل وما اتصل به كثير من الكنوز مما خبأته ملوك مصر في العصر الأول وفيه كثير من هياكل الكهنة وعجائبهم ومما يلي البحر منه الجبل المنحوت المدور الذي لا يستطيع أحد أن يصعده ولا يجد سببا للطلوع إليه وذلك لملاسته وارتفاع علوه ويذكر أن فيه كنوزا عظيمة لمقطام الكاهن وإليه ينسب هذا الجبل بأسره وفيه أيضا كنوز كثيرة لبعض ملوك مصر من المال والجوهر وتربة الصنعة والتماثيل العجيبة وأصنام الكواكب وقد كانوا رأوا في علومهم أن ملكا من ملوك الإفرنجة يقصدهم لما كان اتصل به من كثرة أموالهم والصنعة التي كانوا يدبرونها لعمل الذهب فكان ما خافوه من ذلك حقا وقصدهم الملك الإفرنجي وغزا ديار مصر في ألف مركب فهرب أكابرهم إلى هذا الجبل وتستروا في الأماكن الخفية فيه وبعضهم أمعن في الهروب حتى لحق بالواحات فلم يوصل إليهم ونجا أكثرهم بأموالهم وكان السبب في مجيء هذا الملك الإفرنجي إلى ديار مصر أن كاهنا من الكهنة وصل إليه ملك مصر بأذى فهرب الكاهن أمامه إلى ملك الإفرنجة ولم يزل يرغبه في غزوهم وأخذ أموالهم وانتهاك حرمهم حتى غزاهم ومضى بهم الكاهن إلى هذا الجبل الأملس الذي ذكرناه قبل فحاول الصعود إليه فلم يصله ولا قدر على شيء مما أمله فيهم فدله الكاهن على كنوز لأهل مصر في غير ذلك الجبل فأخذها ورجع إلى بلده. وبالغربي من هذا الجبل تكون نواحي أهريت وبشرونة وبياض وصول.

وبشرقيه أيضا أرض فيها بعض منازل بلي وجهينة وصفارة ويلي هؤلاء في جهة الشمال مما يلي القلزم قوم من العرب أنذال الأفعال خسيسو الهمم ناقضو العهود فساق لئام أنكاد يعرفون ببني بجرية لا يرجعون عن محرم ولا يخيفهم سفك دم إن استنصر بهم خذلوا وإن اطمئن إليهم قتلوا لا أمانة لهم ولا رعاية ولا ديانة وقد أعطاهم الله جل جلاله أوفر حظ من الفقر وابتلاهم بأنواع من الأسقام وهم مع ذلك عن الإضرار لا ينتقلون وعن الأذى لا يتحولون. وفي أعلى الأرض من هذا الجزء صحارى عيذاب وهي متصلة الخلاء ليس بها ساكن ولا ينزلها قاطن إلا قوم من البجة رحالة قليلو الإقامة فيها لعدم الماء بأمكنتها وقلة وجوده بها وعرض هذه الصحراء يقطعه السالك من قوص إلى عيذاب في عشرين يوما إلى ما دونها وفي هذه الصحراء يكون جب حميرة وهو من أعجب العجب وذلك أن ماءه لا ينزل به من شربه من حيث تنزل المياه من الإنسان ولا يقيم بالمعدة شيئا وإنما هو إذا شربه الإنسان لم يلبث أن ينزل به من مقعدته مسرعا من غير تأخير ولا إقامة وهذه الصحراء لا تسلك في اشتداد الحر وسموم القيظ لجفوف الماء بها ورياحها المنشفة وأرضها النارية المهلكة وإنما يمر بها السالكون في آخر أيام الخريف. وفي أعلى هذه الصحراء في ضفة البحر الملح مدينة عيذاب وأهلها سود وشربهم من آبار وليست بالكبيرة القطر ولا بالآهلة العامرة بالخلق ومنها المجاز إلى جدة وعرضه هناك مجرى يوم وليلة ومدينة عيذاب ينزلها عامل من قبل رئيس البجة وعامل من قبل ملك مصر يقتسمون

جبايتها بنصفين وعلى عامل صاحب مصر القيام بجلب الأرزاق والمعيشة إلى عيذاب وعلى رئيس البجة القيام بحمايتها من الحبشة والرئيس المقيم بعيذاب من قبل ملك البجة ينزل الصحارى ولا يدخل المدينة إلا غبا وأهل عيذاب يتجولون في كل النواحي من أرض البجة يشترون ويبيعون ويجلبون ما هنالك من السمن والعسل واللبن وبالمدينة زوارق يصاد بها السمك الكثير اللذيذ الطعم الشهي المأكل وبها يؤخذ المكس في وقتنا هذا من حاج الإسلام القاصدين من بلاد المغرب وهذا المكس مبلغه على كل رأس ثمانية دنانير من أي الذهب كان مسبوكا أو مكسورا أو مسكوكا ولا يعبر أحد من حاج المغرب إلى جدة إلا أن يظهر مكسه ومتى جوزه رباني بحر القلزم ولم يكن عنده مكس غرمه الرباني فلذلك لا يجوز أحد من عيذاب إلى جدة حتى يظهر الرباني البراءة مما يلزمه فإذا جاز المركب البحر وسهل الله عليه الوصول إلى جدة أرسى على بعد ودخل الثقات من ناحية والي جدة فحرزوا ما هنالك من الموجودات الممكسة اللازمة وأثبتوها في دواوينهم ثم نزلوا ونزل الناس بجملتهم فتقتضى منهم المكوس اللازمة لهم الواجبة عليهم فإن عثروا على رجل منهم لا مكس معه لزم حقه على الرباني الذي جوزه وربما سجن الرجل الحاج حتى يفوته الحج وربما قيض الله له من يفرج عنه بما لزمه من المكس وهذا المكس يأخذه الهاشمي صاحب مكة فينفقه في أرزاق أجناده إذ منافعه قليلة وجباياته لا تفي بلوازمه ورزق من معه. وهذا البحر الذي ضمه هذا الجزء بحر صعب المجاز كثير القالات

والتروش والجبال الناتئة وفيه عدة جزائر خالية في زمن الشتاء وفي مدة خوض البحر وركوبه في أيام السفر فيه قوم يعمرون هذه الجزائر سمر الألوان يأتون إليها في زوارقهم فيتصيدون فيها السمك الكثير ويجففونه في الشمس ثم يطحنونه ويخبزونه ويتعيشون منه أكثر دهرهم ولزومهم في هذه الجزائر لصيد الحوت واستخراج اللؤلؤ الدقيق منه وأخذ السلاحف البحرية التي يكون على ظهورها الذبل وهو بها كثير حسن الصفة. وأكبر جزيرة فيه من هذا الجزء جزيرة النعمان وبها قوم لازمون لها ساكنون بها ومنها جزيرة السامري يسكنها قوم يهود سامرية وعلامتهم أن يقول أحدهم إذا لقي إنسانا «لا مساس» وبهذه اللفظة يعرف أنهم من اليهود المنسوبين إلى السامري صاحب العجل في زمن موسى عليه السلام. وفي هذا البحر من السمك حوت مربع عرضه قريب من طوله يقال له اليهار وربما بلغ وزن الحوت منه نصف قنطار أو نحوه وهو حوت أحمر شهي الطعم حسن الذوق ولا سهك به وفيه سمك آخر طوله شبر ونصف له رأسان رأس في موضع رأسه ورأس في موضع ذنبه وفي كل رأس من هذين الرأسين عينان وفم وتصرفه في البحر يزج مرة إلى أمامه وتارة إلى خلفه ويسمى هذا السمك الخنجر وفي هذا البحر أيضا سمك يقال له القرش وهو نوع من كلاب البحر في فمه سبعة صفوف أضراس ويكون منه ما طوله عشرة أشبار وأكثر وأقل من ذلك وضرره بمن أمكنه في البحر كثير جدا. ومراكب هذا البحر كلها مؤلفة بالدسر ومخروزة بحبال الليف مجلفطة

بدقيق اللبان ودهن كلاب البحر المعد لذلك والربانيون في هذه المراكب لهم آلات متخذة بحكمة مهندسة موضوعة في أعلى الصاري الذي يكون في مقدمة المركب فيجلس به الرباني ويبصر ما لاح أمامه من التروش التي تحت الماء مخفية فيقول للماسك على المركب «خذ إليك» و «ادفع عنك» ولولا ذلك ما عبره أحد وآفاته كثيرة في المراكب والمسافرون في هذا البحر يأوون منه في كل ليلة إلى مواضع يسكنون فيها ويلجأون إليها خوفا من معاطبه وينزلون بها نهارا ويقلعون عنها نهارا حالا دائما سير النهار وإقامة الليل. وهو بحر مظلم كريه الروائح وحش الجزائر لا خير في ظاهره ولا في باطنه وليس كبحر الهند والصين الذي في بطنه اللؤلؤ النفيس وفي جباله الجواهر وفي مدنه أصناف الطيب وفي سواحله محلات الملوك ومدنها وفي جزائره منابت الأبنوس والبقم والخيزران وشجر العود والكافور والأفاويه وفي أرضه دواب المسك وظباؤه وجميع ما يقع إلى بحر القلزم من العنبر فإنما هو مما شذ إليه من بحر الهند وقد ذكرنا مسافة طوله وعرضه فيما سبق من ذكر جملة البحور المذكورة في صدر الكتاب. وعلى ساحل هذا البحر الواقع في هذا الجزء في الجهة الشرقية حصن حلي والسرين والسقية وجدة والجحفة والجار وكل هذه معاقل ومواطن يسافر إليها ويتجهز منها وفي كل واحدة منها وال وعامل.

فأما حلي فإنها مدينة صغيرة وواليها منها وهو من قبل صاحب تهامة وهي فرضة من جاء من اليمن وفرضة لمن صعد من القلزم وبها جبايات على الداخل والخارج وكل شيء إليها جلب ومنها على البرية إلى مدينة عثر جنوبا خمسة أيام. ومنها أيضا إلى مدينة ضنكان مرحلتان خفيفتان وضنكان بلد صغير فيه أهله مقيمون به لا يتحولون عنه إلى غيره وربما مات الرجل منهم والرجال الكثيرة ولم يخرجوا منه لرؤية غيره لا ارتحالا ولا نزهة والناس واردون عليها وصادرون عنها وبضائع أهلها قليلة وأموالهم يسيرة وصنائعها نزرة حقيرة وضياعها ضيقة وثمارها قحطة وجملتها غير حسنة لكن البارئ جل وعز حبب أرضها لأهلها. وعلى الساحل مدينة السرين وبينها وبين حلي خمسة أيام في جهة الشمال والسرين حصن حصين حسن موضعه كثيرة مياهه ولواليه وجابيه شيء معلوم ورسم ملزوم على المراكب الصاعدة والنازلة من اليمن بالتجارات والمتاع والرقيق وجباياته المحصلة يصل نصفها إلى صاحب تهامة ونصفها الثاني يصل إلى الهاشمي بمكة وكذلك من السرين إلى ضنكان مرحلتان. ومن السرين إلى مرسى السقية ثلاث مراحل وهي قرية عامرة وبها مستراح للمراكب. ومنها إلى جدة على الساحل ثلاث مراحل وهي فرضة لأهل مكة

وبينهما أربعون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة تجاراتها كثيرة وأهلها مياسير ذوو أموال واسعة وأحوال حسنة ومرابح ظاهرة ولها موسم قبل وقت الحجيج مشهود البركة تنفق فيه البضائع المجلوبة والأمتعة المنتخبة والذخائر النفيسة وليس بعد مكة مدينة من مدائن الحجاز أكثر من أهلها مالا ولا أحسن منهم حالا وبها وال من ناحية الهاشمي صاحب مكة يقبض صدقاتها ولوازمها ومكوسها ويحرس عمالتها ولها مراكب كثيرة تتصرف إلى جهات كثيرة وبها مصائد للسمك الكثير والبقول بها ممكنة وبهذه المدينة فيما يذكر أنزلت حوا من الجنة وبها قبرها. ومدينة مكة قديمة أزلية البناء مشهورة الثناء معمورة مقصودة من جميع الأرض الإسلامية وإليها حجهم المعروف وهي مدينة بين شعاب الجبال وطولها من المعلاة إلى المسفلة نحو ميلين وهو من حد الجنوب إلى جهة الشمال ومن أسفل جبل أجياد إلى ظهر جبل قعيقعان ميل والمدينة مبنية في وسط هذا الفضاء وبنيانها حجارة وطين وحجارة بنيانها من جبالها وأسواقها قليلة وفي وسط مكة مسجدها الجامع المسمى بالحرم وليس لهذا الجامع سقف وإنما هو دائر كالحظيرة والكعبة وهو البيت المسقف في وسط الحرم وطول هذا البيت من خارجه من ناحية الشرق أربعة وعشرون ذراعا وكذلك طول الشقة التي تقابلها في جهة الغرب وبشرقي هذا الوجه باب الكعبة وارتفاعه على الأرض نحو قامة وسطح الكعبة من داخل مساو لأسفل الباب وفي ركنه الحجر الأسود وطول الحائط الثاني الذي

من جهة الشمال وهو الشامي ثلاثة وعشرون ذراعا وكذلك الشقة الأخرى التي تقابلها في جهة اليمن ومع أصل هذه الشقة موضع محجوز في دائر وطوله خمسون ذراعا وفيه حجر أبيض يقال إنه قبر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وفي الجهة الشرقية من الحرم قبة العباس وبئر زمزم وقبة اليهودية وما استدار بالكعبة كله حطيم يوقد فيه بالليل مصابيح ومشاعل وللكعبة سقفان وماء السقف الأعلى يخرج عنه إلى خارج البيت في ميزاب من خشب وذلك الماء يقع على الحجر الذي قلنا إنه قبر إسماعيل والبيت كله من خارج على استدارته مكسوّ بثياب الحرير العراقية لا يظهر منه شيء وارتفاع سمك البيت المذكور سبعة وعشرون ذراعا وهذه الكسوة معلقة فيه بأزرار وعرى وصاحب بغداد المسمى بالخليفة يرسلها في كل سنة إليها فتكسى بها وتزال الأخرى عنها ولا يقدر أحد يكسوها غيره وفيما يذكر أهل الخبر أن الكعبة كانت خيمة آدم عليه السلام وكانت مبنية بالطين والحجارة فهدمها الطوفان وبقيت مهدمة إلى مدة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فيقال إن الله أمرهما ببنيانها فنهض إبراهيم عليه السلام إلى ابنه إسماعيل وتعاونا في بنيانها بالحجر والطين وليس بمكة ماء جار إلا شيء أجري إليها من عين على بعد من البلد ولم يستتم فلما كانت أيام المقتدر من بني العباس استتم بناؤه. ومياه مكة زعاق لا تسوغ لشارب وأطيبها ماء بئر زمزم وماؤه شروب غير أنه لا يمكن إدمان شربه وليس بجميع مكة شجر مثمر إلا شجر البادية ويسكن صاحب مكة في قصر له بالجهة الغربية بموضع يعرف بالمربعة على

ثلاثة أميال من مكة وهو قصر مبني من الحجارة وتجاوره حديقة قريبة العهد فيها نخيلات وكثير من المقل وبها جملة شجر منقولة إليها وليس للهاشمي صاحب مكة عسكر خيل وإنما معسكره رجالة لا خيل لهم وتسمى رجالته الحرابة ولباسه البياض والعمائم البيض ويركب الخيل وسياسته حسنة وحكمه عدل وإنصافه ظاهر وإحسانه غدق على قدر إمكانه ولمكة موسمان ينفق فيهما كل ما جلب إليها أحدهما في أول رجب والثاني موسم الحجيج ولأهلها أموال صامتة وأحوال فاشية ودواب وجمال ولا زرع بها ولا حنطة إلا ما جلب إليها من سائر البلاد والتمر يأتي إليها كثيرا بما حولها والعنب يجلب إليها من الطائف وهو بها قليل جدا والغالب على ضعفاء أهلها الجوع وسوء الحال وإذا خرج أحد عن مكة في كل جهة تلقاه أودية هناك جارية وعيون مطردة وآبار غدقة وحوائط كثيرة ومزارع متصلة. ومن مكة إلى المدينة التي تسمى يثرب على طريق الجادة نحو من عشر مراحل وذلك أن من مكة إلى بطن مر ستة عشر ميلا وهو منزل فيه عين ماء في مسيل رمل وحوله نخيلات يأوي إليه قوم من العرب. ومن بطن مر إلى عسفان ثلاثة وثلاثون ميلا وعسفان حصن بينه وبين البحر نحو من عشرة أميال وبه آبار ماء عذبة ويسكنه قوم من جهينة. ومنه إلى قديد أربعة وعشرون ميلا وقديد حصن صغير فيه أخلاط

من العرب سمة الشقاء عليهم بادية ولهم نخيلات يتعيشون منها وبين قديد والبحر خمسة أميال. ومن قديد إلى الجحفة ستة وعشرون ميلا والجحفة منزل عامر آهل فيه خلق كثير لا سور عليه وهو ميقات أهل الشام ومنه إلى البحر نحو أربعة أميال. ومن الجحفة إلى الأبواء سبعة وعشرون ميلا والأبواء منزل فيه آبار. ومنه إلى السقيا سبعة وعشرون ميلا والسقيا منزل على نهر جار وبه بستان وحدائق نخل وفيه قوم من طي وسائر قبائل العرب. ومن السقيا إلى الرويثة ستة وثلاثون ميلا وفيها برك ماء أربع وليس بها عامر. ومنها إلى سيالة أربعة وثلاثون ميلا وهو منزل قليل العامر فيه آبار ماء شروبة. ومنها إلى ملل سبعة عشر ميلا وهو منزل وبه آبار غدقة كثيرة الماء. ومنها إلى الشجرة وهو ميقات أهل المدينة اثنا عشر ميلا وهو منزل به قوم من العرب قلة ومنها إلى المدينة ستة أميال الجملة مئتان وسبعون ميلا. وطريق آخر من مكة إلى المدينة وهو طريق الجبال وفيه تحليق وذلك أن يأخذ المار من مكة في طريق الساحل إلى بطن مر ثم إلى عسفان ثم إلى قديد إلى الخرار إلى ثنية المرأة إلى مدلجة مجاح إلى بطن مرجح

إلى بطن ذات كشد إلى الأجدد إلى ذي شمر إلى بطن أعداء إلى مدلجة يعفر ثم إلى العينا إلى أذان القاحة إلى طرف جبل العرج إلى ثنية الأعيار إلى رئما إلى حي عمرو بن عوف إلى المدينة. والمدينة في مستو من الأرض حارة سبخية كان عليها سور قديم وبخارجها خندق محفور وهي الآن في حين تأليفنا لهذا الكتاب عليها سور حصين منيع من التراب بناه قسيم الدولة الغازي ونقل إليها جملة من الناس ورتب المير إليها وأهلها فقراء قليلو المال لا صنع لهم ولا ضياع عندهم وحولها نخل كثير وتمرها حسن وبها يتقوتون في معايشهم وليس لهم زرع ولا ضرع وشرب أهلها من نهر صغير يأتي إليها من جهة المشرق جلبه عمر بن الخطاب وجاء به إليها من عين كبيرة إلى شمال المدينة وأجراه بالخندق المحتفر بها ومقدار مدينة يثرب على قدر نصف مكة ومياه نخيلهم وزروعهم من الآبار يسقيها العبيد وبقيع الغرقد خارج باب البقيع في شرقي المدينة. وقباء خارج المدينة على نحو ميلين مما يلي القبلة وكانت به بيوت يجتمع إليها الأنصار وهي الآن قرية معمورة وبها عين ماء جارية وجبل أحد في شمال المدينة على مقدار ستة أميال وهو أقرب الجبال إليها وهو جبل مطل على أرض فيها مزارع وضياع كثيرة لأهل المدينة وعلى أربعة أميال من المدينة في جنوبها وعلى طريق مكة واد يسمى بوادي العقيق

وعليه مزارع ونخل وقبائل من العرب ومن المدينة إلى البحر ثلاثة أيام وفرضتها الجار والجار قرية آهلة عامرة وكانت قبل هذا مدينة قريبة من جدة. والطريق من المدينة إليها تخرج من المدينة إلى (ذو) خشب مرحلة ومنه إلى عذيب مرحلة في حضيض جبل وبه بئر معينة الماء عذبة المشرب ومنه إلى الجار مرحلة والجار على ضفة البحر الملح والمراكب إليها قاصدة ومقلعة وليس بها كبير تجارات وكذلك من الجار إلى جدة نحو من عشرة أيام في البر بطول الساحل والبحر يبعد تارة ويقرب أخرى وأكثر هذه المراحل في رمال ناشفة وطرق دارسة يستدل فيها بالبحر والجبال وفي شرقي مكة الطائف وبينهما ستون ميلا والطائف من أرادها من مكة سار منها إلى بئر بن المرتفع وهي قرية عامرة فيها عرب بادية ثم إلى قرن المنازل وهو حصن عامر بأهله على قارعة الطريق ومنه إلى الطائف ومن أراد من مكة إلى الطائف على طريق العقيق يأتي عرفات على ثلاثة أميال ثم إلى بطن نعمان وهو موضع فيه نخيلات ثم يصعد عقبة كرى ثم يشرف على الطائف. ثم ينزل ثم يصعد عقبة خفيفة ثم يدخل الطائف والطائف منازل ثقيف وهي مدينة صغيرة متحضرة مياهها عذبة وهواؤها معتدل وفواكهها كثيرة وضياعها متصلة وبها العنب كثير جدا وزبيبها معروف يتجهز به إلى جميع الجهات وأكثر فواكه مكة تصدر عنها وبالطائف تجار مياسير وجل بضائعهم صنع الأديم وأديمها عالي الجودة رفيع القيمة وبالنعل

الطائفي يضرب المثل وهذا مشهور والطائف على ظهر جبل غزوان وعلى ظهر جبل غزوان ديار بنى سعد المضروب بهم المثل في كثرة العدد وبه جملة من قبائل هذيل وليس في بلاد الحجاز بأسرها جبل أبرد من رأس هذا الجبل وربما جمد به الماء في الصيف لشدة برده والغالب على نواحي مكة مما يلي المشرق بنو هلال وبنو سعد في قبائل من هذيل ومن غربيها قبيلة مدلج وغيرها من قبائل مضر. ولمكة مخاليف وهي الحصون فمنها بنجد الطائف ونجران وقرن المنازل والعقيق وعكاظ وليمة وتربة وبيشة وكتنه وجرش والسراة ومن حصونها بتهامة ضنكان والسرين والسفيه وغشم وبيش وعك ومن مخاليف المدينة المنسوبة إليها تيماء ودومة الجندل والفرع وذو المروة ووادي القرى ومدين وخيبر وفدك وقرى عربية والوحيدة والسيارة والرحبة والسيالة وسبابه وراهط وغراب والاكحل والحمية. والطريق من مكة إلى صنعاء يخرج من مكة إلى بئر بن المرتفع وفيه بئر ثم إلى قرن المنازل وهي قرية كبيرة ثم إلى صفر وهي قرية صغيرة وبصفر بئران ماؤهما غدق عذب يشرب منهما ثم إلى كرى وهي قرية عامرة كثيرة النخل بها عيون مطردة ثم إلى الرويثة وهي قرية كبيرة

فيها نخل كثير وعيون جارية ثم إلى مدينة تبالة وبها عيون كثيرة ونخل ومزارع وهي صغيرة في منخفض أكمة ثم إلى بيشة يقظان وهي مدينة صغيرة متحضرة جيدة المساكن حسنة البقعة فيها ماء ظاهر وقليل نخيل ثم إلى قرية حسداء وفيها بئر فيها ماء قليل وساكنها قليل ثم إلى بيات وهي قرية عظيمة بها بشر كثير ونخل كثير وبها عين ماء عذبة ثم إلى سبخة وهو منزل خلاء لا عامر فيه ثم إلى كتنه وهي قرية عظيمة فيها عيون وكروم ونخل باسق وبقول ثم إلى النجم وهي قرية عامرة فيها بئر ومنها إلى سدوم راح وهي قرية كبيرة فيها سكان وعمارتها متصلة وفيها عيون كثيرة وكروم ومدينة جرش منها على ثمانية أميال وجرش ونجران متقاربتان في الكبر وبهما نخل كثير وبهما مدابغ للجلود وهي بضائعهم وبها تجاراتهم وأهلهما مشهورون بذلك. ومن سدوم إلى المهجرة وهي قرية عظيمة فيها عيون وفيها بئر بعيدة القعر غزيرة الماء وبهذه القرية شجرة عظيمة تسمى طلحة الملك تشبه شجرة الخلاف غير أنها أعظم منها وهي حد ما بين عمل مكة وعمل اليمن ومنها إلى عرقة وهي قرية حسنة ثم إلى صعدة وهي مدينة صغيرة لكنها متحضرة وبها دور الدباغة يدبغ بها الأديم الجيد ويتجهز منها إلى كثير من بلاد اليمن والحجاز ومنها إلى صنعاء مائة وثمانون ميلا منها إلى الأعمشية وهي منزل به عين صغيرة ولا ساكن بها ثم إلى مدينة خيوان

وهي حصن منيع وفيها بركتان للماء وأهلها أخلاط من العمريين وفيها كروم تحمل عنبا كبير الحب جدا ويصنع منه زبيب طيب الذوق جليل المقدار ويحمل إلى البلاد المجاورة لها والبعيدة منها ومنها إلى صنعاء اثنان وسبعون ميلا وكذلك من خيوان إلى صعدة ثمانية وأربعون ميلا وبخيوان قرى وعمارات ومزارع ومياه معمورة بأهلها وبها أصناف من بطون غسان وجمل من قبائل العرب وبقرب من خيوان بلاد الإباضية وبلادهم عامرة وحصونهم مانعة وزراعاتهم كثيرة وعماراتهم متصلة. ومنها إلى اثافت وهي مدينة فيها كروم كثيرة وقليل نخل وشرب أهلها من بركة كبيرة فيها ينابيع ماء ومنها إلى ريدة وهي مدينة صغيرة كالحصن حفت بها كروم كثيرة وزروع متصلة وعيون دافقة ولأهلها مواش وجمال وفي الريدة البئر المعطلة والقصر المشيد الذي ذكر في الكتب ومنها إلى صنعاء مرحلة وقد ذكرنا مدينة صنعاء فيما تقدم من ذكرها في موضعها من الإقليم الأول وهذا الطريق الذي ذكرناه تأخذه القوافل في عشرين مرحلة. والطريق من مكة إلى ذي سحيم من خولان تخرج من مكة إلى ملكان وهو ماء ينزل به المسافرون ومنه إلى يلملم مرحلة وهو جبل معترض من المشرق إلى المغرب وبه ميقات أهل تهامة ثم إلى منزل في قفر به عين ماء مرحلة ومنه إلى قينة وهي قرية صغيرة فيها بئران مرحلة ومنه إلى دوقه وعليب وهما قريتان عامرتان بأهلهما مرحلة ومنهما إلى الحسبة

وهي قرية صغيرة فيها ماء كثير مرحلة ومنها إلى قنونا مرحلة وقنونا منزل فيه بئر مرحلة ثم إلى بيشة حاران وهو منزل فيه بقايا عرب وبه بئر عذبة مرحلة ومنها إلى مدينة حلي وهي على البحر صغيرة مرحلة وقد ذكرناها في مكانها ومن حلي الساحلية إلى وادي ضنكان الواصل إلى مدينة ضنكان مرحلة ومنه إلى بيشة يقظان التي ذكرناها في طريق صنعاء مرحلة ثم إلى حاران القرين وهي قرية صغيرة لكنها عامرة وفيها مياه جارية ونخيلات قليلة مرحلة ومنها إلى خولان ذي سحيم وهي قلعة حصينة ولأهلها منعة وفيهم عزة. وجميع هذه البلاد التي ذكرناها هي في أرض تهامة وتهامة قطعة من اليمن وهي جبال مشتبكة أولها من البحر القلزمي ومشرفة عليه وتمر منها قطائع في جهة المشرق وحدود تهامة في غربيها بحر القلزم وفي شرقيها جبال متصلة من الجنوب إلى الشمال وطول أرض تهامة من الشرجة إلى عدن على الساحل اثنتا عشرة مرحلة وعرض أرض تهامة اليمن من الجبال إلى عمل غلافقة يكون مسير أربعة أيام وفي شرقيها أيضا مدينة صعدة وجرش ونجران وفي شمالها مكة وجدة وفي جنوبها صنعاء على نحو عشر مراحل وبأرض تهامة صراح العرب من جميع القبائل ومكة قطب ومقصد لأهل جزيرة عربة وهي بلاد اليمن فمن مكة إلى صنعاء عشرون مرحلة ومن مكة إلى زبيد عشرون مرحلة ومن مكة إلى اليمامة إحدى

وعشرون مرحلة ومن مكة إلى دمشق ثلاثون مرحلة ومن مكة إلى البحرين خمس وعشرون مرحلة وسنأتي بهذه الطرقات المذكورة في أمكنتها بعون الله تعالى. نجز الجزء الخامس من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله تعالى.

الجزء السادس

الجزء السّادس إن هذا الجزء السادس من الإقليم الثاني تحصل فيه من البلاد المعمورة والكور المشهورة ما نذكره الآن مجملا ثم نفسره بعد ذلك باستقصاء من القول على حسب ما سبق لنا في ذلك بعون الله ففي هذا الجزء من قواعد البلاد المعلومة جرش وبيشة وتبالة وعكاظ ونجران وعلو يحصب وظفار ومأرب والشحر وسفل يحصب وشبام وحضرموت وصور وقلهات ومسقط وصحار والعفر وسعال ومنح وسر عمان وبثرون وحجر وحضرمة والقريتين ووجرة ورامة ومعدن النقرة وسلمية وبرقة واضح وهجر وبيرمان والجيل وجلفار.

وفي البحر الفارسي مما تضمنته حصته جزيرة ابرون وجزيرة خير وجزيرة كيش وجزيرة ابن كاوان والدردور وجبلا كسير وعوير وفيه من بلاد كرمان السبرين وجبال مسكن وهذه البلاد كلها قواعد وبلاد يعمرها طوائف وأمم نذكرهم الآن بحول الله. فنقول إن مدينة جرش ومدينة خيوان ومدينة نجران كلها بلاد تتقارب في المقدار والعمارة وبها تدبغ الجلود اليمانية التي لا يبلغها شيء في الجودة كما سبق ذكره ولها مزارع وضياع ومكاسب وتجارات يتقلبون فيها ويتعيشون منها وبين جرش وخيوان أربع مراحل وبين خيوان ونجران ست مراحل وكذلك من جرش إلى نجران مثل ذلك. وأما تبالة فإنها من مخاليف مكة وبينهما أربع مراحل ومدينة تبالة صغيرة بها عيون متدفقة ومزارع ونخل وهي في أسفل أكمة تراب ولما وليها الحجّاج بن يوسف من قبل عبد الملك بن مروان (و) صار إليها وبلغ إليها لم يرها فسأل عنها فقيل له إنها في أسفل هذه الأكمة التي بين يديك فقال إن بلدة تسترها أكمة لخليق أن يقال فيها أهون بها ثم انصرف عنها فصار ذلك مثلا فيقال أهون من تبالة على الحجاج.

ومن تبالة إلى بيشة خمسون ميلا وكذلك من بيشة إلى جرش أربع مراحل ومن تبالة إلى سوق عكاظ ثلاث مراحل وسوق عكاظ قرية كالمدينة جامعة لها مزارع ونخل ومياه كثيرة ولها سوق يوما في الجمعة وذلك يوم الأحد يقصد إليها في ذلك اليوم بأنواع من التجارات المحوج إليها أهل تلك الناحية فإذا أمسى المساء انصرف كل أحد إلى موضعه ومكانه ومن سوق عكاظ إلى مدينة نجران خمس مراحل. وظفار هي قصبة يحصب وكانت ظفار فيما سلف من البلاد الكبار المشهورة وكان بها قصر ريدان المشهور وبه كانت تنزل ملوك اليمن وهي الآن خراب أكثرها قد تهدم بناؤها وقل ساكنها لكن بها في هذا الوقت بقايا من أهلها ساكنون بها ولهم فضول أموال وبضائع ولهم مزارع قليلة ونخل فيه كفاية لأهله. ومن مدينة يحصب التي اسمها ظفار إلى ذمار ستة وثلاثون ميلا وكذلك من ذمار إلى صنعاء أربعون ميلا ومن علو يحصب إلى حصن الثجة ستة وثلاثون ميلا ومن الثجة إلى الجند سبعة وعشرون ميلا والجند حصن عامر وبه قوم من خولان وبه آبار ماء وهو على تل كبير ومن الجند إلى صنعاء مائة وأربعون ميلا ومن ظفار إلى حصن علق أربعة

عشر ميلا وهو حصن يحصب وبه جلة من العرب القديمة وبه مياه جارية وقليل نخيلات ومنه إلى حصن سفل يحصب ستة عشر ميلا وبه نخل ومياه جارية من عيون عذبة. ومن ظفار إلى قرية مأرب ثلاث مراحل وهذه القرية كانت في القدم مدينة كبيرة عامرة بالخلق مشهورة في بلاد العرب وبها قصر سليمان بن داود ويسمى هذا القصر صرواح ولم يبق منه الآن إلا طلل دارس وأثر غابر وبمأرب قصر القشيب وهو قصر بلقيس زوج سليمان وبها كان السد المسمى بالعرم وهذا السد ذكره مشهور وخبره معلوم في جميع الأمم وذلك أن هذه المدينة المسماة مأرب كان أكثر أهلها سبأ من قبائل العرب الحميرية وكان لهم من التيه والعجب والكبر على سائر الأمم ما قد شاع ذكره وكانوا مع ذلك يكفرون بأنعم الله سبحانه وكان لهم بهذه المدينة في مجرى الماء سد عظيم البناء وثيق الصنعة قد أمنوا من خلله وكان الماء يرتدع فيه نحو من عشرين قامة وكان الماء محصورا من جوانبه قد أتقنوه وأوثقوا صناعته وكانت مساكنهم عليه وكان لكل قبيلة شرب معلوم ينصب إليهم فيسقون منه ويصرفونه في مزارعهم بقسمة عدل وكان السد يعلو هذه المدينة كالجبل المنيف فلما أراد الله انقطاع دولهم وتشتت جماعتهم وانصرام أيامهم أرسل عليهم السيل الكبير فجاءهم وهم نائمون فرفع السد ومر بالمدينة وما جاورها من القرى والأمم والبهائم والبناءات وقتل الكل بالكل وفرقهم شذر مذر وتفرقت العرب وتبلبلت الألسن وصاروا

في المشارق والمغارب وبقي من المدينة آثار تراجع إليها قوم من حضرموت فعمروها إلى الآن. ومن مأرب إلى مدينة شبام من بلاد حضرموت أربع مراحل ومدينتا حضرموت إحداهما تريم والثانية شبام فأما تريم فقد تقدم ذكرها وأما شبام فهو حصن منيع جامع بأهله في قنة جبل شبام وهو جبل منيع جدا لا يرتقى إلى أعلاه إلا بعد جهد وفي أعلاه قرى كثيرة عامرة ومزارع ومياه جارية وغلات ونخل وخصب زائد ويوجد في هذا الجبل أحجار العقيق وأحجار الجمست وأحجار الجزع وهي في ذاتها عند وجودها أحجار مغشاة بأغشية ترابية لا يعرفها إلا طلابها بعلاماتها المشهورة لها فتعمل هذه الأحجار فإذا عملت وصقلت ظهر حسنها وصفاء جوهرها ويحكي طلابها ومستخرجوها أنهم يجدون هذه الأحجار في أودية محصاة وحصاها ملون بأنواع من الألوان الحسنة فيلقطون هذه الأحجار من بينها ويأتون بها إلى صناعها فيحكمونها ويتجهز بها التجار من هذه البلاد. وتتصل بأرض حضرموت من جهة شرقيها أرض الشحر وبها قبائل مهرة وهم عرب صرح والإبل المنتجة عند هؤلاء العرب لا يعدل بها شيء في سرعة جريها ومن غريب ما ينسب إليها أنها تفهم الكلام وتعلم ما يراد منها بأقل أدب تعلمه ولها أسماء إذا دعيت بها جاءت وأجابت من غير تأخير ولا توان في ذلك وقصبة أرض مهرة تسمى الشحر ولسان

اهل مهرة مستعجم جدا لا يكاد يفهم وهو اللسان الحميري القديم وأكثر هذه الأرض قفر لا يعمرها إلا رواحل مهرة وجل مكاسبهم الإبل والمعز وجملة دوابهم التي في بلادهم تعتلف السمك المعروف بالوزق يصاد في ذلك البحر من بلاد عمان وهو حوت صغير جدا يصاد ويشمس وتعلف به الدواب والإبل وأهل مهرة لا يعرفون الحنطة ولا خبزها وإنما أكلهم السموك والتمور وشربهم الألبان وقليل الماء قد اعتادوه وألفوه فلا يعولون على غيره من الأغذية ومتى دخل أحدهم البلاد المجاورة لهم وأكل شيئا من الحنطة وجد لذلك ألما وربما مرض لذلك ويقال إن طول بلاد مهرة تسع مائة ميل وعرضها في جميع طولها من خمسة وعشرين ميلا إلى خمسة عشر ميلا إلى ما دون ذلك وهذه الأرض كلها رمل سيال والرياح لاعبة به تنقله من مكان إلى مكان ومن آخر بلاد الشحر إلى عدن ثلاث مائة ميل. ويتصل بأرض مهرة بلاد عمان وهي مجاورة لها في جهة الشمال وبلاد عمان مستقلة بذاتها عامرة بأهلها وهي كثيرة النخل والفواكه الجرومية من الموز والرمان والتين والعنب ونحو ذلك ومن بلاد عمان مدينتا صور وقلهات وهما على ضفة البحر الملح الفارسي وهما مدينتان صغيرتان لكنهما عامرتان وشربهما من الآبار ويصاد بهاتين المدينتين اللؤلؤ قليلا وبين صور وقلهات مرحلة كبيرة في البر وفي البحر دون ذلك.

ومن صور إلى رأس المحجمة خمسة أيام في البر وفي البحر مجريان ورأس المحجمة هو جبل عال على ضفة البحر يمر في شرقي غب الحشيش ويندفن في الماء فلا يعلم حيث يصل وربما تكسرت المراكب عليه وفي رأس المحجمة مغايص لؤلؤ. ومن قلهات على الساحل إلى مدينة صحار مائتا ميل وبقرب منها على الساحل قرية دما وهي قرية يكون في الشتاء عامرها قليلا ومعايشها كاسدة وتصرف أهلها قليل وأما في الصيف فإنها تكون كالمدينة العامرة لأن بها مغاص اللؤلؤ الجيد جدا وهي مشهورة بجيد اللؤلؤ المستخرج بها. ومن مسقط إلى صحار وهما مدينتا عمان أربع مائة وخمسون ميلا لا ساكن بها ومدينة صحار على ضفة البحر الفارسي وهي أقدم مدن عمان وأكثرها أموالا قديما وحديثا ويقصدها في كل سنة من تجار البلاد ما لا يحصى عددهم وإليها يجلب جميع بضائع اليمن ويتجهز منها بأنواع التجارات وأحوال أهلها واسعة ومتاجرهم مربحة وبها نخل كثير ومن الفواكه الموز والرمان والسفرجل وكثير من الثمار العجيبة الطيبة وكان في القديم من الزمان تسافر منها مراكب الصين فانقطع ذلك وسبب انقطاع السفر من مدينة عمان أن في وسط بحر فارس مما يقابل مسقط جزيرة تسمى جزيرة كيش وهي جزيرة مربعة طولها اثنا عشرة ميلا في عرض اثني عشرة ميلا وفيها مدينة كيش فوليها عامل من اليمن فحصنها وأحسن

إلى أهلها وعمرها وأنشأ بها أسطولا فغزا به بلاد اليمن الساحلية فأضر بالمسافرين والتجار ولم يترك لأحد مالا وأضعف البلاد وانقطع بذلك السفر من عمان وعاد إلى عدن وصاحب جزيرة كيش يغزو بهذا الأسطول مدينة الرانج ويصل إلى بلاد القامرون وأهل الهند يخافونه ويهابون شره ويواسونه بالمراكب المسماة المشعيات وقد ذكرناها في بلاد الهند وحكينا عمن أخبرنا بها أن هذه المشعيات يكون طول المركب منها طول الغراب الكامل من عود واحد يجذف فيه مائتا رجل وأخبر مخبر في وقت هذا التأليف أن عند صاحب مدينة كيش من هذه المراكب المسماة بالمشعيات خمسون مركبا كل واحد منها من قطعة واحدة وعنده من سائر المراكب الملفقة جملة عديدة وهو الآن على هذه الحال يغزو ويسبي وعنده أموال كثيرة وليس لأحد به طاقة وبمدينة كيش زروع وأغنام وأبقار وكروم وفيها مغايض اللؤلؤ الجيد ومن صحار إلى هذه الجزيرة مجريان ويحاذي هذه الجزيرة من بلاد اليمن مسقط وبينهما مجرى ومن ساحل كرمان التيزوشط. ويقابل صحار في البرية على مسير يومين بلدان متصلان بينهما واد يسمى وادي الفلح واسم أحد البلدين سعال والأخر العفر وهما مدينتان صغيرتان عامرتان بهما نخل كثير ومزارع وحدائق نخل وتمر وهما متقاربتان في القدر وشربهما من نهر الفلح وتسمى الأرض التي هما فيها

نزوة ويتصل بهاتين المدينتين على قدر نصف يوم مدينة منح وهي مدينة صغيرة في أسفل جبل يسمى جبل شرم بها نخيل وعيون ماء وهي على ضفة نهر الفلح ومن منح إلى سر عمان غربا مرحلتان وهي في أسفل جبل شرم حيث منبعث نهر الفلح وهو نهر كبير عليه قرى وعمارات متصلة إلى أن يصب في البحر بمقربة قرية جلفاره. والغالب على أهل بلاد عمان الشراة وأكثر الشراة في وقتنا هذا منحشرون عامرون بلدة تسمى بثرون في غربي بلاد عمان ولهم هناك قرى وعمارات وهم متحصنون بجبل لهم وبثرون في أسفله. وفيما يقال إن حدود بلاد عمان دورا تكون تسع مائة ميل وهي بالجملة بلاد حارة ويذكر بأن جبل شرم ينزل بأعلاه ثلج قليل وبين نجد وبلاد عمان برار متصلة وفي بلاد عمان حية تسمى العربد وإليها ينسب السكران المعربد وهي حية تنفخ ولا توذي وهي كثيرة التقافز ويحكى أنها متى أخذت ووضعت في آنية زجاج وتوثق من رأسها ووضعت في وعاء وأخرجت عن بلاد عمان ثم تفقدت الآنية لم توجد الحية فيها بوجه وهذا مثبوت في هذه الحية والإخبار بها شائع وفي بلاد عمان أيضا دويبة صغيرة تسمى القراد إذا ظفرت بجارحة من الإنسان عضته فلا تزال عضتها تربو وتتزايد إلى أن تقيح وتتذود ولا يزال ذلك الدود

يسعى في جوف الإنسان حتى يموت وبجبال عمان قردة كثيرة تضر بأهلها إضرارا كليا وربما اجتمع منها العدد الكثير حتى لا يطاق دفاعها إلا بالخروج إليها بالقسي والسهام والسلاح العام وحينئذ يقدر على دفاعها. ومن مدينة صحار إلى بلاد البحرين نحو من عشرين مرحلة وطريق عمان في البرية إلى مكة أو غيرها صعبة جدا لكثرة القفار وقلة السكان وإنما يسافرون في المراكب على البحر إلى مدينة عدن ومن عدن يسافرون إن شاؤوا برا أو بحرا وكذلك من صحار التي من أرض عمان إلى البحرين في جهة الشمال طرق متعذرة السلوك لتنازع العرب بها ومحاربتهم وغاراتهم بعضهم على بعض فليس لمسافر معهم أمان في نفسه ولا في شيء من ماله. ويتصل بأرض عمان من جهة الغرب ومع الشمال أرض اليمامة وهي بلاد الزرقاء اليمامة وكانت هذه الزرقاء اليمامة في عهد الجاهلية ولها أخبار مشهورة مذكورة في الكتب وتولى قتلها وسببها وأخذ أموالها وال من قبل عمر بن الخطاب وبلادها محدقة بواد يسمى افنان وعلى هذا الوادي عماراتهم وقراهم ومدينتهم المعروفة تسمى الحضرمة وهي مدينة عامرة بها مزارع ونخيل وتمر كثير وتمرها أكثر من سائر التمر ببلاد الحجاز.

ومن مدنها حجر وهي الآن خراب وبها كانت اليمامة الملكة ساكنة في وقتها ويتصل بها برقة وسلمية وهما مدينتان متقاربتان في القدر والعمارة والصغر من البلاد. ومن اليمامة إلى مكة طريق وهو من اليمامة إلى العرض مرحلة ثم إلى الحذيقة مرحلة ثم إلى الشنية مرحلة ثم إلى السفرا مرحلة ثم إلى صدا مرحلة ثم إلى حصن القريتين الذي في طريق البصرة مرحلة وبالقريتين تجتمع الطرق ومن القريتين إلى رامة مرحلة ثم إلى طقجة مرحلة ثم إلى صربة مرحلة ثم إلى جديلة مرحلة ثم إلى قلجة مرحلة ثم إلى الرقيبة مرحلة ثم إلى قباء مرحلة ثم إلى مران مرحلة ثم إلى وجرة مرحلة ثم إلى اوطاس مرحلة ثم إلى ذات عرق مرحلة وهي بتهامة ثم إلى بستان ابن عامر إلى مكة مرحلة وسنذكر هذه المراحل من هذه الحصون والقرى والاماكن في مواضعها ذكرا شافيا بحول الله. ومن بلاد اليمامة وأعراضها حجر التي ذكرناها وبين الحضرمة وحجر

مرحلتان ومعنى العرض في هذه الأرض هو وادي افنان وهو يشق اليمامة من أعلاها إلى أسفلها وعليه قرى عامرة ومزارع متصلة ونخل وحدائق أشجار. وهذه القرى هي منفوخة ووبرة والقرفة وعبرا وبهيشة والسال والعامرية ونيسان وبرقة ضاحك وسلمية وتوضح والمقراة والمجازة. وبين هذه القرى مسافات متقاربة لتجاورها بعضها ببعض وبين سلمية والسال مرحلة وبين السال وحضرمة اليمامة مرحلة وسلمية قرية حسنة عامرة قد أحدقت بها حدائق النخل وفيها تمور حسنة الألوان شهية المأكل وكذلك السال قرية صغيرة بها قوم من العرب مستضعفون قليلون وبها آبار وعين ماء خوارة. ومن أراد المسير من اليمامة إلى البصرة سار من حضرمة إلى السال مرحلة ثم إلى سلمية مرحلة ثم يمر في صحراء متصلة إلى المراب وهي قرية صغيرة بها قوم من العرب ثلاث مراحل ينزل على مياه آبار في مواضع قفرة ثم يسير ثلاث مراحل أخرى إلى الصمان وهي قرية عامرة يسكنها قوم من العرب جياع عراة قد كتب الفقر لهم بأمان ومن الصمان

إلى طقجة مرحلة وهي قرية صغيرة يتصل أرضها بأرض البحرين ومنها إلى المدينة المسماة كاظمة أربع مراحل وكاظمة حصن منيع على جبل عالي الذروة وهذه الأربع مراحل ينزلها المسافرون مع العرب على مياه وآبار وعيون ومن كاظمة إلى قرية دهمان مرحلة ثم إلى البصرة مرحلة فجملة هذا الطريق من اليمامة إلى البصرة خمس عشرة مرحلة ومن اليمامة إلى البحرين نحو ثلاث عشرة مرحلة وكذلك من اليمامة إلى عمان نحو ثلاث عشرة مرحلة. ومن عمان الطريق على الساحل إلى بلاد البحرين وذلك من صحار ودما إلى مسقط إلى الخيل إلى جلفار وهاتان قريتان بهما مغايص اللؤلؤ ويقابلهما في البحر طرف جبل كبير غائص في البحر يظهر منه القليل في بعض الأماكن ويغيب في غيرها فإذا وصلت المراكب الصاعدة من البصرة إلى عمان ووصلت إلى هذا الحد فرغت في الساحل ما فيها من الأمتاع حتى تخف السفينة وتجوز ذلك الطرف ثم توسق بعد ذلك وتسير إلى عمان. ومن جلفار وأنت نازل إلى البحرين تصير إلى مرسى السبخة وهو مرسى فيه عين نابعة عذبة ومنه إلى شقاب وبوار وبحر عويص صعب السلوك وتسمى هذه الأمكنة ببحر قطر وفي هذا البحر عدة جزائر خالية لا عامر بها يأوي إليها أجناس من الطير البحري والبري فيجتمع بها

من زبولها المقادير الكثيرة فإذا طاب ماء هذا البحر للسفر قصدت إليها المراكب فتوسق تلك الزبول التي قد كومتها الطير في تلك الجزائر وتصير بها إلى البصرة وغيرها فيبيعونها هناك بالثمن الكثير وتلك الزبول تصرف في عمارات الكروم والنخل والجنات والبساتين وليس على بحر قطر ساكن ولا يأوي اليه احد وهو مكان مخوف برا وبحرا ومنه يسار إلى مرسى المفقود وهو مرسى جليل مكن من رياح شتى وبه عين ماء غزير عذب ومنه إلى ساحل هجر وهو أول بلاد البحرين ومن ساحل هجر إلى البصرة طريق على الساحل غير معمورة وسنذكره إذا جاء موضع ذكره في الإقليم الثالث بعون الله تعالى. وأما معدن النقرة فهو قرية كبيرة عامرة يجتمع بها حاج البصرة وحاج الكوفة ومن أراد المسير إلى المدينة سار ذات اليمين إلى الغسيلة وهو منزل فيه أعراب وبها آبار ملحة ستة وأربعين ميلا ومنها إلى بطن نخل وهي قرية كثيرة الماء والنخل ستة وثلثون ميلا ثم إلى الطرف وهو منزل خلا وربما قصده بعض العرب فنزله وعمره وبه برك يجتمع بها ماء السماء اثنان وعشرون ميلا ثم إلى المدينة خمسة عشر ميلا وأما الطريق من مكة إلى بغداذ على القريتين فسنذكره في موضعه بعد هذا بعون الله تعالى.

وأما بحر فارس فإنا قد ذكرنا أنه خليج مبدؤه من البحر الكبير الهندي وأنه يخالف سائر البحور والخلجان في بحره وموجه وفيه مما يلي شط اليمن جبلا كسير وعوير ويحاذي هذين الجبلين المكان المسمى دردورا ويسمى بحر موضعه بحر عزرة والدردور موضع يدور فيه الماء كالرحى دورانا دائما من غير فترة ولا سكون فإذا سقط اليه مركب او غيره لم يزل يدور حتى يتلف وهذا الماء موضعه يكون في جنوب جزيرة ابن كاوان وجزيرة ابن كاوان بينها وبين جزيرة كيش اثنان وخمسون ميلا وهو نصف مجرى وجزيرة ابن كاوان مقدارها اثنان وخمسون ميلا في عرض تسعة أميال وأهلها شراة اباضية وفيها عمارة وزروع ونارجيل وغير ذلك وترى منها جبال اليمن وعندها الدردور المذكور وهو مضيق على مقربة من جبلي كسير وعوير تسلكه السفن الصغار ولا تسلكه السفن الصينية وهذان الجبلان غائران تحت الماء لا يظهر منها شيء والماء يكسر على أعلاهما والربانيون يعرفون مكانيهما فيجنبونهما وهذه الدردورات ثلاثة منها هذا الواحد والثاني بمقربة جزيرة قمار والدردور الثالث منها هو في آخر الصين وفيما بين سيراف ومسقط سيف بن الصفاق وهو أنف قائم في البحر وبإزائه جزيرة صغيرة. وفي هذا البحر سمك يسمى الدفسين له رأس مربع فيه قرنان في

طول الاصبع إلى الدقة ما هي وجسد هذا السمك قليل وفمه شبيه بالقمع لا يفتحه ولا يغلقه وداخل فمه شيء أشبه بالقمع أحمر غض وفي فمه شق ذو أسنان به يقطع ويبلع ويقال إن هذا السمك إذا أكله الأجذم ودام على أكله برئ من علته وهذا مشهور في أرض فارس وفي أرض كرمان. نجز الجزء السادس من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء السابع منه ان شاء الله تعالى.

الجزء السابع

الجزء السّابع إن المدائن التي في هذا الجزء السابع من الإقليم الثاني هي كيه وكيز وأرمابيل وبند وقصرقند وفيربوز والحور وقنبلي ومنجابرى والديبل والنيرون والمنصورية ووندان وأصقفه ودزك وماسورجان وقزدار وكيزكانان وقديرا وبسمد والطويران والملتان والجندور والسندور والرور وأتري وقالري وبثرا ومسوام وسدوسان وبانيه ومامهل وكنبايه وسوباره وسندان وسيمور وأساول وفلفهره وراسك وشروسان وكوشه وكشد وسوره ومنهه ومحياك ومالون وقاليرون وبلين.

وفي بحر هذا الجزء جزيرة ثارة وجبلا كسير وعوير والدر دور وجزيرة الديبل وفيها مدينة كسكهار وجزيرة اوبكين وجزيرة المند وجزيرة كولم ملى وجزيرة سندان. وفي كل هذه الأقاليم أمم وعالم مختلفو الأديان واللباس والعادات وها نحن لكل ذلك واصفون وعنه بما صح من ذلك مخبرون وبالله التوفيق. فنقول إن أول هذا الجزء يأخذ من شرقي البحر الفارسي. فأما جنوبه ففيه مدينة الديبل ومدينة الديبل كثيرة الناس جدبة الأرض قليلة الخصب ليس بها شجر ولا نخل وجبالها جرد وسهولها قشفة عديمة النبات وأكثر بنيانهم بالطين والخشب وإنما سكنها أهلوها بحسب أنها فرضة لبلاد السند وغيرها وتجارات أهلها من وجوه شتى وأسباب متفرقة يتصرفون فيها. وأيضا أن مراكب العمانيين تقصدها بأمتعتها وبضائعها وقد ترد عليها مراكب الصين والهند بالثياب والأمتاع الصينية والأفاويه العطرية الهندية فيشترون من ذلك جزافا لأنهم أهل يسار وأموالهم كثيرة ويمسكونها حتى إذا سارت المراكب عنهم وخلت السلع أخرجوا أمتعتهم وباعوا وسافروا إلى البلاد وقارضوا وتصرفوا في أموالهم كيف شاءوا. وبين الديبل وموقع نهر مهران الأعظم ستة أميال في جهة المغرب منها.

ومن الديبل إلى النيرون في غربي مهران ثلاث مراحل وهي في وسط الطريق إلى المنصورة وبها يجوز نهر مهران من جاء من الديبل يريد المنصورة. والنيرون مدينة ليست بالكبيرة ولا بالكثيرة الأهل وعليها حصن حصين وأهلها مياسير ولهم قليل شجر ومنها إلى المنصورة ثلاث مراحل وبعض مرحلة. والمنصورة مدينة يحيط بها ذراع من نهر مهران ويبعد عنها وهي على معظم مهران من الجانب الغربي. ومهران يأتي من منبعه حتى إذا وصل إلى مدينة قالري التي هي في غربي النهر وبينهما وبين المنصورة مرحلة انقسم قسمين وسار معظمه إلى المنصورة ومر الذراع الثاني منه آخذا مع الشمال إلى ناحية سدوسان ثم أخذ راجعا في جهة المغرب إلى أن يلتصق بصاحبه وهو القسم الثاني من النهر وذلك أسفل مدينة المنصورة وعلى نحو اثني عشر ميلا منها فيصيران واحدا ويمر منها إلى النيرون ثم إلى البحر. ومقدار المنصورة في الطول نحو ميل في عرض ميل وهي مدينة حارة بها نخل كثير وقصب سكر وليس لهم شيء من الفواكه إلا نوع من الثمر على قدر التفاح يسمونه الليمونه وهو حامض شديد الحموضة

ولهم فاكهة أخرى تشبه الخوخ وتقاربه في الطعم. ومدينة المنصورة محدثة بناها المنصور من بني العباس في صدر ولايته فنسبت إليه وبنا هذا الملك الملقب بالمنصور أربع مدن بأربعة طوالع وقد رأى في علمه في ذلك أنها لا تخرب أبدا وأحد هذه البلاد الأربعة بغداذ في العراق وهذه المنصورة في السند والمصيصة على بحر الشام والرافقة بأرض الجزيرة. والمنصورة مدينة كبيرة فيها بشر كثير وتجار مياسير وأموال ماشية وزروع وحدائق وبساتين وبناءها باللبن والآجر والجص وهي فرجة المساكن ولأهلها نزاهات وأيام راحات والتجار بها كثيرون والأسواق قائمة والأرزاق دارة وزيهم ولباس عامتهم زي العراقيين وملوكهم يتشبهون بملوك الهند في لباس القراطق وإسبال الشعور. ودراهمهم فضة ونحاس ووزن الدرهم عندهم خمسة دراهم وربما جلبت إليهم الدراهم الطاطرية فيتعاملون بها. ويصاد بهذه المدينة حوت كثير واللحم بها رخيص والفواكه مجلوبة إليها وبها أيضا فواكه. واسم المنصورة بالسندية باميرمان. وهي والديبل والنيرون وبانية وقالري وأتري وسدوسان والجندور

والسندور ومنجابرى وبسمد والملتان كل هذه المدن من السند ومحسوبة فيها. فأما بانية فهي مدينة صغيرة كثيرة النعم رخيصة الأسعار وأهلها أخلاط ولهم رفاهة عيش ولهم كثرة خصب على أنفسهم وأكثرهم مياسير. ومن هذه المدينة إلى المنصورية ثلاث مراحل ومنها إلى مامهل ست مراحل ومن الديبل إلى هذه المدينة مرحلتان. ومنها إلى مامهل إلى كنبايه على البحر مفازة متصلة لا عامر بها ولا أنيس وماؤها قليل وليس لاحد بها سلوك لوحشة أرضها وبعد أقطارها. ومدينة مامهل هي بين الهند والسند. وفي أطراف هذه المفازة قوم يسمون المند والمند قوم رحالة ينتجعون إلى أطراف هذه المفازة وتتصل مراعيهم وجولانهم إلى مامهل وهم قوم عددهم كثير وجمعهم غزير ولهم إبل وأغنام وقد ينتهون في أكثر الأوقات في مسارحهم إلى الرور على شط نهر مهران وربما زادوا فوصلوا قرب حدود مكران. والرور مدينة حسنة كثيرة الناس حفيلة كثيرة الجمع عامرة الأسواق نافقة التجارات وهي حصينة عليها سوران ويمر النهر بها من جهة المغرب وأهلها في رفاهة وخصب عيش وهي في قدرها تضاهي الملتان.

ومن الرور إلى بسمد ثلاث مراحل وكذلك من الرور أيضا إلى أتري أربع مراحل. ويتصل بمدينة أتري مدينة قالري وبينهما مرحلتان. ومدينة قالري على شط نهر مهران السند وفي غربيه وهي مدينة حسنة حصينة محاسنها ظاهرة وخيراتها وافرة ومتاجرها رابحة. وعلى قرب منها بجهة الغرب ينقسم نهر مهران قسمين فيمر معظمه غربا حتى يصل ظهر المدينة المسماة بالمنصورة وهي في غربيه وينزل القسم الثاني مع الشمال وأكثره في جهة المغرب ثم يمر آخذا في جهة الشمال ثم في جهة الغرب حتى يتصل بصاحبه أسفل المنصورة على نحو اثني عشر ميلا. ومدينة قالري مدينة متنحية عن الطريق وقاصدها كثير لحسن معاملات أهلها ومنها إلى المنصورة مرحلة كبيرة يكون عدد أميالها أربعين ميلا ومن قالري إلى مدينة شروسان ثلاث مراحل. ومدينة شروسان جليلة المقدار كثيرة العيون والأنهار أسعارها رخيصة ونعمها ممكنة ولأهلها كفاف مال وتجارتهم حسنة والقاصد إليهم كثير والبضائع عندهم نافقة.

ومنها إلى مدينة منجابري ثلاث مراحل غربا ومدينة منجابري مدينة في وطاء من الأرض حسنة البناء بهيجة الأرجاء ولها مزارع وبها جنات وشرب أهلها من العيون والأنهار ومن هذه المدينة إلى مدينة فيربوز ست مراحل وكذلك من مدينة منجابري إلى الديبل مرحلتان والطريق من الديبل إلى فيربوز على منجابري. وبين فيربوز ومنجابري مدينة تسمي الحور وهي مدينة صغيرة عامرة. وأما مدينة فيربوز فمدينة عامرة بالناس والتجار وأهلها أصحاب أموال وفيهم حسن معاملة وسلامة واجتناب الريب وهم في ذاتهم أعفاء نبلاء ومدينة فيربوز من بلاد مكران. ومن مدنها أيضا كيز ودزك وراسك وهي مدينة الخروج ومدينة به وبند وقصرقند وأصقفه وفلفهره ومشكى والتيز والبلين وهذه كلها من مدن مكران وهي بلاد متصلة ونواح واسعة عريضة والغالب عليها المفاوز والقحط والضيق. وأكبر مدنها مدينة كيز وهي تقارب الملتان في مقدارها وبها نخيل كثير ومزارع متصلة وأسعار موافقة وتجارات كثيرة.

وبقربها في جهة المغرب مدينة التيز والتيز على البحره مدينة صغيرة مشهورة عامرة تقصدها مراكب فارس ويسافر إليها من مدينة عمان ومن جزيرة كيش في وسط بحر فارس إليها نحو مجرى وافر ومن التيز إلى كيز نحو من خمس مراحل ومن كيز إلى فيربوز مرحلتان كبيرتان. وبين مدينة كيز ومدينة أرمابيل إقليمان متجاوران يسمى أحدهما الراهون والآخر كلوان فأما كلوان فهي من مكران وتنضم إلى أعمالها والإقليم الثاني المسمى بالراهون من حد المنصورة وهذان الإقليمان بهما زروع كثيرة ومكاسب جليلة وثمارهما قليلة وإنما عمدة أهلهما على المواشي من الأبقار والأغنام. ومن أراد النهوض من فيربوز إلى أرض مكران فطريقه على كيز ومن مدينة كيز إلى مدينة أرمابيل من مكران مرحلتان. وهي مدينة على قدر فيربوز أو نحوها وبها عمارات وحدائق ومتنزهات وأهلها مياسير. ومن مدينة أرمابيل إلى مدينة قنبلي مرحلتان ومدينة قنبلي تقابل أرمابيل في القدر وحسن المباني وكثرة العمارات واتساع الأحوال والمال وبين قنبلي والبحر نحو ميل ونصف ميل وأرمابيل وقنبلي مكانهما بين الديبل ومكران.

ومن مدينة فيربوز إلى دزك ثلاث مراحل ودزك مدينة جليلة كبيرة عامرة وبها تجارات كثيرة وبضائع نافقة وأقاليم متصلة وشرب أهلها من عيون وآبار وفي جهة الغرب مائلا مع الجنوب جبل كبير منيع ويسمى الجبل الملح وإنما سمى بذلك لأن أكثر مياهه ملحة وبه عمارات وقرى. ومن دزك إلى راسك ثلاث مراحل ومدينة راسك أهلها خوارج ولها إقليمان يدعى أحدهما الخروج والثاني يدعى كيركايان وبهذه المدينة وأقاليمها قصب السكر كثير والفانيذ يعمل بها كثيرا ويتجهز به منها إلى سائر الآفاق. وقد يعمل بناحية ماسكان أيضا سكر كثير وفانيذ وكذلك إقليم قصران يزرع به قصب السكر كثيرا فيحمل منه السكر والفانيذ كثيرا شرقا وغربا وقصران وماسكان يجاوران الطويران وعامة أهلها والغالب عليهما الشراة. ويتصل بنواحي كرمان مدينة مشكي وهي عامرة بالناس وفي أهلها منعة وشدة بأس وبها نخل وزروع وإبل وجمل من الفواكه الصرودية. ولسان أهل مكران فارسي ومكراني وبهما يتكلمون ولباس عامتهم القراطق ولباس التجار والجلة منهم القمص المكممة والأردية ويتعممون بالفوط والمناديل المصفحة بالذهب مثل زي تجار أهل العراق وفارس. ومن بلاد مكران مدينة فلفهرة وأصقفه وبند وقصرقند وهذه البلاد

كلها بلاد تتقارب في القدر وتشتبه أحوال أهلها وبها تجارات وعمارات ومقاصد رابحة. ومن فلفهرة إلى راسك مرحلتان ومن فلفهرة إلى أصقفه مرحلتان ومن أصقفه إلى بند مرحلة غربا ومن أصقفه إلى دزك ثلاث مراحل ومن بند إلى قصرقند مرحلة ومن قصرقند إلى كيه أربع مراحل. ومن المنصورة إلى مدينة طويران نحو خمس عشرة مرحلة والطويران مدينة مجاورة للفهرج من بلاد كرمان. والطويران واد فيه مزارع وعمارات وقصبته تدعى طويران منسوبة إلى الوادي وهي مدينة حصينة لها فرج ومتنزهات وزراعات متصلات. ومنها إلى قزدار أربع مراحل وهي مدينة عامرة كبيرة صالحة القدر بها أسواق وتجارات وأحوال حسنة ولها أقاليم وقرى عامرة. وبغربيها مدينة كيزكانان وبها ينزل والي الطويران ومدينة كيزكانان متحضرة كثيرة الناس رخيصة الأسعار ولها بساتين وحدائق وأعناب وفواكه ولا نخل بها. ومن مدينة الطويران إلى مدينة مستنج في وسط المفازة ثلاث مراحل وهي مدينة صغيرة قليلة الفواكه كثيرة نتاج الإبل والأغنام. ومنها إلى مدينة الملتان في آخر بلاد السند عشر مراحل ومدينة الملتان مجاورة لبلاد الهند وهي مدينة نحو المنصورة في الكبر وبعض الناس

يجعلها من بلاد الهند وتسمى فرج بيت الذهب. وبها صنم يعظمه أهل الهند ويحجون إليه من أقاصي بلدانها ويتصدقون عليه بأموال جمة وحلي كثير وطيب وشيء يقصر الرصف عنه تعظيما له وإجلالا وله خدام وعباد يأوون إليه وينفقون ويلبسون من ماله المتصدق به عليه. وسميت الملتان باسم الصنم. والصنم على صورة الإنسان مربع على كرسي من جص وآجرّ وقد البس جميع جسده جلدا يشبه السختيان أحمر لا يتبين من جسده شيء إلا عيناه فمنهم من يزعم أن بدنه من خشب ومنهم من يدفع ذلك القول عنه وينكره غير أنه لا يترك بدنه مكشوفا وعيناه جوهرتان وعلى رأسه إكليل من ذهب مرصع والصنم قد تربع ومد ذراعيه على ركبتيه كأنه يحسب أربعة وهو معظم عندهم جدا. وبيت هذا الصنم في وسط الملتان وبأعمر سوق فيها وهي قبة عظيمة مزخرفة منمقة قد أتقن بنيانها وشيدت عمدها ولونت صنعها وأوثقت أبوابها والصنم فيها. وحول القبة بيوت مبنية يسكنها خدام هذا الصنم ومن يعتكف عليه. وليس بالملتان من الهند والسند قوم يعبدون الأوثان إلا هولاء الذين في هذا القصر مع هذا الصنم وغير ذلك من أهل الهند والسند إنما

يحجون إليه تعظيما له ولما عاينوه من أمره وذلك أن ملوك الهند المجاورون للملتان إذا قصدوا إليها وأرادوا خربها وانتزاع هذا الصنم منها تبادر خدامه فأخفوا الصنم وأظهروا كسره وإحراقه فيرجع القاصدون إليها عن خربها ولولا ذلك لخربت الملتان فيقول المضلون بهذا الصنم إنه نصرة الله في هذا المكان فيعظمونه تعظيما كثيرا. ولا يعرف من صنع هذا الصنم ولا يحدون لصنعه أولا وهو غريب. والملتان مدينة كبيرة عامرة عليها حصن منيع ولها أربعة أبواب وبخارجها خندق محفور ونعمها كثيرة وأسعارها رخيصة ولأهلها أموال طائلة. وإنما سميت الملتان فرج بيت الذهب لأن محمد بن يوسف أخا الحجاج أصاب بها أربعين بهار ذهب والبهار ثلاث مائة وثلاثة وثلاثون منا وكلها في بيت فسميت بذلك فرج الذهب والفرج الثغر. وللملتان نهر صغير عليه أرحاء ومزارع ويصب في نهر مهران السند. ومنها إلى جندور وهي قصور مجتمعة ميل ونصف وهذه القصور محكمة البناء شاهقة الذرى وتخترقها مياه عذبة كثيرة. والوالي ينزلها في أيام الربيع وفي أيام فرجه وحكى الحوقلي أن والي هذه المدينة كان على عهده يركب من هذه القصور إلى الملتان في يوم كل جمعة على فيل له سيرة متوارثة عن آبائه.

والغالب على أهل الملتان أنهم مسلمون والحكم فيها للإسلام ورئيسهم مسلم. وبجهة الجنوب من مدينة الملتان إلى مدينة السندور ثلاثة أيام وهي مدينة عامرة جامعة للخيرات مشهورة البركات وبها تجار وناس نظاف ولباسهم الثياب المحكمة وزيهم حسن ومعايشهم خصبة ويقال إنها من بلاد الهند. وهي على ضفة نهر عذب يمد نهر مهران ويفرغ فيه قبل أن يتصل بسمد وبعد الملتان. ومن مدينة الملتان إلى جهة الشمال برية متصلة بشرقي الطويران. ومنها أيضا إلى حد المنصورة قوم رحالة يسمون البدهة وهم قبائل وبشر كثير متفرقون متقلبون ما بين حدود الطويران ومكران والملتان ومدن المنصورة وهم كالبادية من البربر لهم أخصاص وآجام يأوون إليها وبطائح مياه يعيشون فيها وهي في غربي نهر مهران. ولهم إبل فارهة حسنة وبها تنتج الفالج وهي إبل يرغب فيها أهل خراسان وغيرهم من أهل فارس وأشباهها لنتاج البخت البلخية والنوق السمرقندية وذلك أن هذه الجمال لها خلق حسان ولكل بختي منها سنامان بخلاف هذه الإبل التي عندنا في بلادنا. ومن المنصورة إلى أول حدود البدهة ست مراحل ومن آخر حدود

البدهة إلى مدينة كيز نحو عشر مراحل ومن أول البدهة إلى التيز التي بآخر مكران ست عشرة مرحلة. والمدينة التي يلجأ إليها أهل البدهة في بيعهم وشرائهم وقضاء حوائجهم مدينة قندابيل. وبين كيزكانان وقندابيل إقليم يعرف بإيل وفيه مسلمون وغيرهم من البدهة المقدم ذكرهم ولهم غلات وزروع وأحوال واسعة وكروم مثمرة وخصب وإبل وغنم وبقر وإنما سمي هذا الإقليم بإيل لأنه تغلب على هذه الناحية رجل كان اسمه إيلا وظهرت البركة فيهم أيام مدته فسموا هذا الإقليم بإيل على اسمه إلى الآن. ومن قندابيل إلى المنصورة نحو عشر مراحل. ومن بلاد السند أيضا مدينة خوكخليا وكوشه وقديرا وهما مدينتان متقاربتان في القدر وبهما عمارات ومتاجر للبدهة. ومن مدن الطويران محياك وكيزكانان وسورة وقزدار وكشدان وماسورجان. وبين مدن الطويران إلى بلاد المنصورة مفاوز وبرار متصلة ومنها

أيضا في جهة الشمال إلى ناحية سجستان مفاوز وعشار معطلة متصلة. ومدينة ماسورجان مدينة كبيرة عامرة بها متاجر ومكاسب ولها عمارات وقرى كثيرة وهي على نهر الطويران. ومنها إلى قصبة الطويران اثنان وأربعون ميلا. ومن ماسورجان إلى درك يامونه مائة وأحد وأربعون ميلا. ومن درك يامونه إلى فيربوز ويقال فيربوس بالسين مائة ميل وخمسة وسبعون ميلا. فهذه جملة بلاد مكران والسند والطويران. وكذلك من الطويران إلى المنصورة ألف ميل وسبعون ميلا. فأما ما اتصل بالسند من بلاد الهند فمدينة مامهل وكنباية وسوبارة وخابيرون وسندان وماسويا وصيمور. ولها من الجزائر البحرية أوبكين وجزيرة المند وجزيرة كولم ملى وجزيرة سندان. ومدن الهند كثيرة منها مامهل وكنباية وسوبارة وأساول وجناول وسندان وصيمور والجندور والسندور وزويلة في المفازة ولمطة وأودغست ونهر وارة ولهاور وغيرها مما سنأتي بذكره في أمكنته بعون الله تعالى.

فاما مدينة مامهل فقوم يحسبونها من الهند وقوم يجعلونها من السند وهي على رأس المفازة المتصلة بينها وبين كنباية والديبل وبانيه. وهي مدينة جامعة عامرة وهي طريق الداخلين من السند إلي بلاد الهند وبها تجارات وحولها عمارات وهي قليلة الفواكه كثيرة الكسب والمواشي ومنها إلى المنصورة تسع مراحل على مدينة بانيه. ومن مامهل إلى مدينة كنباية خمس مراحل ومدينة كنباية على ثلاثة أميال من البحر وهي في ذاتها حسنة الشكل وبها الإقلاع والحط وبها جمل بضائع وتجارات من كل الآفاق ويخرج منها إلى كل الجهات. وهي أيضا على خور تدخله المراكب وترسي به وماؤها كثير. وعلى هذه المدينة حصن منيع بنته ولاة الهند عند ما تغلب عليها صاحب جزيرة كيش. ومن مدينة كنباية في البحر إلى جزيرة أوبكين مجرى ونصف. وكذلك من جزيرة أوبكين إلى جزيرة الديبل مجريان وهي أول بلاد الهند وينبت في أرضها الزروع والارز وفي جبالها تنبت القنا الهندية وأهلها عباد بدود. ومنها إلى جزيرة المند ستة أميال وأهلها لصوص. ومنها إلى كولي ستة أميال. ومن كولي على الساحل إلى مدينة سوبارة نحو خمس مراحل وهي

تبعد عن البحر نحو ميل ونصف وهي مدينة متحضرة عامرة كثيرة الساكن ولها تجارات ومرافق وهي فرضة من فرض البحر الهندي وبها مصائد ومغايص اللؤلؤ. وعليها جزيرة ثارة وهي صغيرة وفيها قليل نارجيل وقسط. ومن مدينة سوبارة إلى مدينة سندان نحو خمس مراحل وبينها وبين البحر ميل ونصف ميل وهي مدينة متحضرة الأهل وسكانها أهل حذق ونبالة وهم تجار مياسير متجولون وهي كبيرة القدر والمسافر إليها كثير والخارج عنها كثير. وفي جانب الشرق منها جزيرة تسمى بها وتنسب إليها وهذه الجزيرة واسعة القطر كثيرة الزرع والنخل والنارجيل وبها تنبت القنا والخيزران وهي في عداد بلاد الهند. ومن مدينة سندان إلى صيمور خمس مراحل وصيمور مدينة واسعة حسنة جليلة المباني حسنة الجهات وبها نارجيل كثير وقنا وبجبالها كثير من النبات العطر المحمول إلى سائر الآفاق. وفي البحر منها على خمسة أيام جزيرة تسمى ملي وهي جزيرة كبيرة حسنة البقاع قليلة الجبال كثيرة النبات وبجزيرة ملي ينبت شجر الفلفل

ولا يكون إلا بها أو بفندرينة أو بجرباتن ولا يوجد منه شيء إلا بهذه البلاد الثلاثة. وهو نبات له ساق أشبه شيء بساق شجرة العريش وورقه كورق النبات اللبلاب فيه طول ولا تشريف له وله عناقيد مثل عناقيد الشبوقة وكل عنقود منها تكنه ورقه من المطر ويجنى إذا بلغ والفلفل الأبيض منه هو ما كان جني منه في أول بلوغه وقبل ذلك. وحكى ابن خرداذبه أن هذه العناقيد اذا كان المطر انحنت ورقاتها عليها وأكنتها من المطر فاذا ارتفع المطر ارتفعت الورقة عن العناقيد فما تعاودها إلا في حين المطر فان عاد المطر ارتفعت الورقة عن العناقيد فما تعاودها إلا في حين المطر فان عاد المطر عادت الورقة عليها وهذا غريب. وأما كنباية وسوبارة وسندان وصيمور فكلها من بلاد الهند. وصيمور بلدة من بلاد الملك المسمى بلهرا. وملكه عظيم وبلاده واسعة العمارات كثيرة التجارات جامعة الخيرات وجباياته وافرة وأمواله مقنطرة وببلاده أيضا أنواع وصنوف من أفاويه العطر. وتفسير بلهرا ملك الملوك وهذا الاسم يتوارثه الملوك المستأخذة عن الملوك الماضية وكذلك سائر الملوك بالهند إذا صار الملك لملك منهم تسمى

باسم الملك الذي كان قبله وأسماؤهم متوارثة بينهم لا ينتقلون عنها وقد صار ذلك بينهم سيرة يتبعونها. وكذلك أيضا ملوك النوبة وملوك الزنج وملوك غانة وملوك الفرس وملوك الروم يتوارثون الأسماء وقد ذكر أبو القاسم عبيد الله بن خرداذبه في كتابه من هذا ما يجب ذكره في هذا المكان الذي بدأنا به فقال إن للملوك ألقابا متوارثة بينهم مثل ملوك الصين لا يسمى أحد منهم إلا البغبوغ والبغبون أيضا بالنون من آلاف السنين إلى اليوم اسم توورث وتدول بين الصينيّين. ومن ملوك الهند بلهرا وجابة والطافن والجرز وعابة ودمى وقامرون وكل واحد من هذه الأسماء لا يسمى بها إلا ملك يملك بلادا وناحية لا يشركه في ذلك الاسم مشارك ولا ينتقل عنه وإنما يسمى بذلك الاسم من ملك ذلك المكان بعينه. وكذلك ملوك الترك والتبت والخزر أسماؤهم خاقان إلا الخرلخ فإنه يسمى جبغويه وهو اسم متوارث يسمى به من ملك ترك الخرلخ وكذلك ملوك الزابج يسمى الملك فيهم الفنجب اسما متوارثا. وملوك الروم يسمون بالقياصرة وقيصر اسم متوارث واقع بمن ملك

الرومية كلها والأغزاز يسمى ملكها بشاه شاه أي ملك الملوك وهو اسم يتوارثه ملوكهم بينهم لا ينتقلون عنه وكذلك الفرس تسمى ملوكهم بالأكاسرة وأما السودان فإنما تنسب ملوكها إلى بلادها فاسم صاحب غانة غانة وملك كوغة اسمه كوغة وفيما جئنا به من هذا الفن إقناع وكفاية. ومن بلاد الهند المضمنة في هذا الجزء خابيرون وأساول وهما مدينتان عامرتان بالناس والتجار والفعلة وأموالهم وافرة وصنعهم حسنة وبضاعاتهم نافقه. وقد وصل المسلمون إلى أكثر هذه البلاد وتغلبوا على أطرافها في هذا الوقت وسنذكر ما اتصل بهذه البلاد من غيرها بحول الله وقوته. نجز الجزء السابع من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء الثامن منه إن شاء الله تعالى.

الجزء الثامن

الجزء الثامن إن هذا الجزء الثامن من الإقليم الثاني تضمن في حصته من البلاد الهندية بلادا ساحلية على بحر الهند. منها بروج وسندابور وتانه وفندرينه وجرباتن وكلكيان وضنجى وكلكسار ولولوا وكنجه وسمندر. ومن البلاد البرية مدينة دولقه وجناول ونهروارة والقندهار وزويلة ولمطة وأودغست وكل هذه على رأس المفازة وكابل وخواش وحسك وموريدس وماديار وتته ودده ومنيبار ومالوه ونياست وأطراسا ونجه وقشمير السفلى وميدره وكارموت وقشمير العليا والقنوج وأسناند. وفي بحره من الجزائر الهندية جزيرة ملي وجزيرة بليق وتروي بليخ

وجزيرة المسخا وجزيرة سمندر وها نحن لأوصافها ذاكرون ولغرائب احتوائها واصفون بمن الله وقوته. فأما مدينة بروج فإنها مدينة كبيرة جليلة جميلة حسنة البناء بناؤها بالآجر والجص ولأهلها همم عالية وأحوال وافرة وأموال صامتة وتجارات معروفة وهم وقف على الاغتراب والجول وكثرة الأسفار وهي فرضة من جاء من الصين وفرضة لمن جاء من السند ومنها إلى صيمور يومان. ومن بروج إلى مدينة نهروارة ثماني مراحل في بر متصل لا جبل به والسفر بينهما يكون على العجل. وليست ببلاد نهروارة كلها ولا ما جاورها من البلاد للمسافرين سفر إلا على العجل يحملون عليها أمتعتهم والبقر تجرها وتسير بهم حيث شاؤوا ولكل عجلة سائق وقائد. وبين بروج ونهروارة مدينتان اسم إحداهما جناول واسم الثانية دولقه وهما متقاربتان في القدر وبين الواحدة والأخرى أشف من مرحلة. ومدينة دولقه على نهر يصل إلى البحر ويكون خورا وعلى غربيه مدينة بروج وتروي بروص. وجناول ودولقه في أسفل جبل معترض من جهة شمالهما يسمى جبل

أوندرن وترابه أبيض إلى الصفرة وينبت فيه القنا وقليل نارجيل. وبالقرب من مدينة جناول مدينة أساول. وكل هذه الثلاثة بلاد يشبه بعضها بعضا في الصفات والقدر وأحوال أهلها واشتباه زيهم ولكل واحدة منها تجارات ومقاصد أرباح ممكنة. فأما مدينة نهروارة فملكها ملك عظيم يسمى بلهرا وله جيوش وفيلة وعبادته صنم البد وهو يحمل تاج الذهب على رأسه ويلبس الحلل المنسوجة من الذهب ويركب الخيل في سائر الأيام. وقد يركب في كل جمعة مرة ويركب حوله نحو مائة امرأة ولا يمشي معه أحد سواهن وقد لبسن القراطن المذهبة وتحلين بأحسن الحلية واحتملن الأساور من الذهب والفضة في أيديهن وأرجلهن واسبلن شعورهن على أردافهن وهن يتلاعبن ويتدافعن والملك يقدمهن وأما جملة وزرائه وعظماء رجاله فلا يركبون معه إلا إذا خرج محاربا لمن قام عليه أو لمن اهتضم شيئا من عمالاته أو إلى من قصد بلاده من الملوك المجاورين له وله من الفيلة كثير وهي عمدة حربه. وهذا الملك متوارث الذات والاسم لا ينتقل عنهم وبلهرا تفسيره ملك الملوك كما قدمناه. ومدينة نهروارة يصلها كثير من تجار المسلمين وبها تجولهم وللمسافرين بها إكرام من ملكها وضبط لما بأيديهم.

وبسط العدل في أهل الهند طبيعة هولاء لا يعولون على شيء سواه ولفضل عدالتهم وحفظ عقودهم وحسن سيرهم ذكروا أنهم وجملة أهل تلك البلاد في خير وكثر القاصد إليهم وبلادهم عامرة وأحوالهم راجحة وادعة. ومن انقياد عوامها للحق واتباعهم له وكراهتهم للباطل أن الرجل يكون له عند أحد منهم حق فيلقاه حيث ما لقيه فيخط له خطا في الأرض كالحلقة ويدخله الطالب في تلك الحلقة فيدخلها المطلوب طائعا من ذاته ولا يبرح منها إلا بإنصاف عنه وأداء ما لزمه أو يعفو عنه الذي له الحق فيخرج عن الحلقة. وطعام أهل نهروارة الارز والحمص والباقلى واللوبيا والعدس والماش والسمك والحيوانات التي تموت موتا طبيعيا. ولا يذبحون طائرا ولا حيوانا لا كبيرا ولا صغيرا وأما البقر فإنها محرمة عندهم البتة فإذا ماتت دفنت وهذا فعلهم في البقر خاصة دون سائر البهائم وإذا ضعفت البقر عن الخدمة والتصرف رفعت عن التعب وأمر بالنظر إليها وبالعلف من غير أن تستخدم ظهورها إلى أن تموت. وأهل الهند يحرقون موتاهم ولا قبور لهم. وإذا مات الملك صنعت له عجلة على قدره عريضة ارتفاعها عن الأرض مقدار شبرين أو نحوهما وتوضع على العجلة قبة مكللة ويوضع

الملك بحلية كفنه على تلك العجلة ويطاف به على المدينة كلها يجره عبيده ورأسه مكشوف لمن يراه وشعره ينجر على تراب الأرض وينادي عليه مناد بلسان الهندية بكلام تفسيره بالعربية أيها الناس هذا ملككم فلان بن فلان عاش في ملكه فارحا قادرا كذا وكذا سنة وها هو قد مات وفتح يده بما معه لا يملك من ملكه شيئا ولا يدفع عن جسمه أذى ففكروا فيما أنتم إليه صائرون وإليه راجعون وكل هذا باللغة الهندية فإذا فرغ من الطواف به أخرج إلى مكان النار التى من عادتهم أن يحرقوا بها موتى ملوكهم فيلقونه في النار حتى يحترق. وأهل الهند لا يحزنون كثيرا ولا يقولون بالهموم جملة. وجملة البلاد الهندية المجاورة للسند الذين قد مازجهم المسلمون يدفنون موتاهم في بيوتهم بالليل تسترا ويسوون التراب عليهم ولا يبكون ميتا ولا يحزنون عليه كثيرا كما قدمناه. والزنا في جميع بلاد بلهرا مباح إلا في المزوجات. والرجل إن ارتضى نكاح بنته أو أخته أو خالته أو عمته ما لم تكن مزوجات فعل ذلك والأخ يفعل بأخته مثل ذلك. ويقابل مدينة بروج الساحلية في البحر جزيرة ملي وفيها الفلفل كثيرا. ومنها إلى جزيرة سندان مجريان. ومن هذه الجزيرة إلى جزيرة بليق يومان وهي جزيرة عامرة كبيرة

بها نارجيل كثير وموز وأرز وبها تفترق الطرق إلى جزائر الهند ومن هذه الجزيرة إلى اللجة العظمى مسيرة يومين ومن هذه الجزيرة أيضا إلى جزيرة سرنديب مجرى وزائد. ومن مدينة بروج على الساحل إلى مدينة سندابور أربع مراحل ومدينة سندابور على خور كبير ترسى به المراكب وهي مدينة تجارات وبها عمارات ومقاصد أرزاق. ومنها إلى مدينة تانه على الساحل أربعة أيام ومدينة تانه مدينة جليلة على ضفة خور كبير تدخله السفن وتحط به الأرحال. وبجبالها وأرضها تنبت القنا والطباشير يتخذ فيها من أصول القنا ومنها يحمل إلى سائر البلاد من المشارق والمغارب. والطباشير يغش بعظام الفيل المحرقة والصافي منه ما كان من أصول هذا القصب الهندي الشركي كما ذكرناه. ومن تانه إلى مدينة فندرينه على الساحل أربع مراحل ومدينة فندرينة على خور واد يأتي من ناحية منيبار وتحط به مراكب التجار من جزائر الهند ومراكب السند أيضا ولأهلها أموال ياسرة وأسواق عامرة ومتاجر ومكاسب. وبشمال هذه المدينة وعليها جبل كبير سامي العلو كثير الشجر عامر بالقرى والمواشي وتنبت في حوافيه القاقلة ومنها تحمل إلى سائر أقطار الأرض.

ونبات القاقلة تكون أشبه الأشياء بنبات الشهدانج ولها مزاود فيها بزرها. ومن مدينة فندرينة إلى مدينة جرباتن خمس مراحل وهي مدينة عامرة على خور صغير وهي بلد ارز كثير وحبوب كثيرة ويذكر أن منها ميرة سرنديب وينبت بجبالها شجر الفلفل كثيرا. ومن جرباتن إلى ضنجى وكلكسار مسير يومين وهما مدينتان على البحر عامرتان متقاربتان وفيهما أرز وحبوب كثيرة. ومنهما إلى كلكيان يوم. ومن كلكيان إلى اللولوا وكنجة مسيرة يومين وفيهما أرز وحنطة وينبت بأرضهما البقم كثيرا ونبات البقم شبيه بنبات الدفلى وبها نارجيل وفاكهة كثيرة. ومن كنجه إلى مدينة سمندر ثلاثون ميلا وهي مدينة واسعة المتاجر كثيرة المنافع لأهلها بضائع وأموال كثيرة والإقلاع منها والحط بها كثير وهي من أعمال القنوج وهو ملك تلك البلاد. وهي أيضا على خور يصل إليها من مدينة قشمير. وفي هذه المدينة حبوب وأرز كثير وحنطة ممكنة ويحمل إليها العود من مسيرة خمسة عشر يوما في ماء عذب من بلاد كارموت وهناك

منابت عود جيد طيب في بخوره ويجلب هناك من جبال قامرون. ولهذه المدينة جزيرة كبيرة تسامتها وبينهما مجرى ساعة وهذه الجزيرة عامرة بالناس والتجار من كل الآفاق ومنها إلى جزيرة سرنديب أربعة مجار. وبالشمال من مدينة سمندر مدينة قشمير الداخلة وبينهما سبع مراحل ومدينة قشمير مدينة مشهورة بين بلاد الهند في طاعة الملك القنوج وكذلك من قشمير إلى كارموت أربع مراحل. ومن مدينة قشمير الداخلة إلى القنوج نحو سبع مراحل وهي مدينة كبيرة حسنة كثيرة التجارات وبها يسمى الملك المسمى القنوج. وهي على نهر كبير يمد نهر مسلى بالهند ونهر مسلى ذكره صاحب كتاب العجائب فقال هو النهر المسمى نهر الطيب ومخرجه من جبال قامرون ويمر بركن مدينة اسناند ثم يمر حتي ينتهي إلى سفح جبل لونيا فيمر من تحته إلى ركن مدينة كلكيان ويصب في البحر وينبت بضفتي هذا النهر أنواع من الطيب وبذلك سمي. ومن مدينة أسناند إلى مدينة قشمير الخارجة أربع مراحل وقشمير مدينة من مدن الهند المشهورة. وأهلها يحاربون كافر ترك وربما بلغت مضرة الترك الخرلخية إليها.

ومن مدن القنوج مدينة أطراسا وبينها وبين مدينة قشمير الخارجة ست مراحل وهي مدينة على نهر جنجس الهند وهي حسنة كثيرة المباني كثيرة المياه وهي ثغر من ثغور القنوج تتاخم كابل إلى أرض لهاور. وهذا الملك القنوج كثير الرجال والفيلة عظيم المملكة شامخ الملك وليس في ملوك الهند البرية ملك عنده من الفيلة ما عنده منها وله همة عالية وعنده عدد وأسلحة وأموال وسطوته مهابة على من يليه. ومن مدينة أطراسا إلى مدينة نياست خمس مراحل وهي على نهر جنجس الهند وهي مدينة عامرة كثيرة الساكن بها وبها حنطة وأرز وحبوب كثيرة. ومنها إلى مدينة ماديار على ضفة جنجس سبع مراحل ومدينة ماديار واسعة العمارات كثيرة القرى والديار وبها تجارات وأهلها أصحاب أموال طائلة. ومنها إلى مدينة نهروارة سبع مراحل ونهروارة في غربي نهر جنجس وقد سبق ذكرها. ومن مدينة ماديار المذكورة إلى مدينة مالوه خمس مراحل ومالوه مدينة حسنة كثيرة الوارد والصادر ولها قرى وعمارات وعمالات. ومن مدنها مدينتا دده وتته. وبين مالوه ودده أربع مراحل وبين دده وتته مرحلتان.

ولهاور أرض هذه البلاد المذكورة. وكذلك من موريدس إلى دده ثلاث مراحل ومدينة موريدس حصينة الحصن عامرة الأهل بها تجار وجيوش تحرس ثغر كابل. وهي في حضيض جبل عظيم صعب الصعود إلى أعلاه وتنبت به قنا كثيرة وخيزران. ومن مدينة موريدس إلى مدينة القندهار ثماني مراحل وهي في بعض الجبل الذي قدمنا ذكره والطريق بينهما مع ذيله. ومدينة القندهار مدينة كبيرة القطر كثيرة الخلق وهم قوم يمتازون بلحاهم عن غيرهم وذلك أنهم يتركون لحاهم تطول حتى يصل الأكثر من لحاهم إلى الركب ودونها وهي عراض كثيرة الشعر ووجوههم مدورة والمثل يضرب بهم بكبر لحاهم وطولها وزيهم زي الأتراك وعندهم وفي بلدهم حنطة وأرز وحبوب وأغنام وأبقار. وهم يأكلون الأغنام الميتة ولا يأكلون البقر البتة كما قد ذكرناه قبل هذا. ومن مدينة القندهار إلى مدينة نهروارة خمس مراحل يسير العجل وأهل القندهار يحاربون ملك كابل. وكابل من مدن الهند المجاورة لبلاد طخارستان وهي مدينة جليلة المقدار حسنة البنية وبجبالها عود جيد وبها النارجيل والإهليلج الكابلي

المنسوب إليها وينبت في جبالها ويزرع بأباطحها بصل الزعفران ويرفع منه بها الكثير ويتجهز به منها إلى ما جاورها من البلاد وهي من غرر البلاد وأحسنها هواء وبها حصن موصوف بالتحصن ولا يوجد الصعود إليه إلا من طريق واحد وفيها مسلمون كثيرون ولها ربض فيه الكفار من اليهود. ولا يتم لملك من ملوك الشاهية عقد بيعة إلا بمدينة كابل ويعقد بها عليه شروط قديمة تتم بها البيعة والقصد إليها من الآفاق القريبة والبعيدة. ويزرع بسواد أرض كابل كلها النيلج الذي لا يوجد نظيره في سائر البلاد المحيطة بها كثرة وطيبا ويحمل منها إلى كل الآفاق ويعرف بها. ويتجهز أيضا من مدينة كابل بثياب تصنع من القطن حسان تحمل إلى الصين وتخرج إلى بلاد خراسان وقد يسافر بها إلى السند وأعمالها ويتصرف بها كثيرا. وفي جبال كابل معادن حديد مشهورة كثيرة النفع وحديدها قاطع حسن. ولكابل بلاد كثيرة منها أرزلان وخواش وخير ولها قلاع وقرى وعمارات متصلة. ومن مدينة كابل إلى خواش أربع مراحل. ومن خواش إلى حسك خمس مراحل ومن حسك إلى كابل ثلاث مراحل.

وهذه البلاد متساوية المقادير وبها متاجر ومتصرفات. ومن مدينة كابل إلى مدينة لمطة أربع مراحل ومدينتا لمطة وزويلة هما على طرف المفازة المتصلة بين الملتان وبلاد سجستان. ولمطة وزويلة بلدان قدرهما قدر متوسط وبهما جمل من الناس من السندية وبعض أهل الهند وقليل من أهل سجستان وبهما مزارع حنطة وأرز وقليل فواكه وشرب أهل هذه البلاد من عيون وأنهار صغار وجباب وآبار ويعمل بها ثياب قطن حلوة يتجهز بها منها إلى ما جاورها من البلاد. ومن البلاد التي بشرقي الملتان مدينة أودغست ومنها إلى القندهار أربع مراحل ومن أودغست أيضا إلى الملتان أربع مراحل وبأودغست ينبت شيء من القنا وأهلها قليلو التجارات والتصرف في الأسفار لكن أهلها مياسير لهم أموال كثيرة. ومن مدينة أودغست إلى مدينة زويلة عشر مراحل. ومن مدينة زويلة إلى لمطة ثلاث مراحل. ومن مدينة أودغست إلى مدينة السندور ثلاث مراحل. فهذه جملة صفات البلاد التي تضمنها هذا الجزء وأما بحره أيضا فقد

ذكرنا ما قبله من الجزائر مما فيه كفاية وقصد معنى. وأما جزيرة سرنديب التى سبق لنا ذكرها في الإقليم الأول فإن الخارج منها إذا أراد ذلك قصد أقرب بر لها وهو أرض مدينة جرباتن وبينهما أقل من نصف مجرى. وإن أخذ المشرق بتأريب فإنما تقع تصفيته إلى مدينة كلكسار أو يصل آخر جبل الامرى وهذا الجبل هو جبل عال كثير العلو جدا يخرج عن البحر في جهة الشرق ويتجون البحر عليه جونا كبيرا ومن طرف هذا الجون إلى جزيرة سرنديب نحو من أربعة مجار وجميع نبات هذا الجبل إنما هو نبات البقم ومنه يتجهز به ويخرج إلى سائر الأقطار وهذا الجبل جبل مشهور وعروق البقم تنفع من نهش الحيات بلا تأخير كما قدمنا ذكره فيما سبق والحمد لله أولا وآخرا. نجز الجزء الثامن والحمد لله رب العالمين ويتلوه الجزء التاسع منه إن شاء الله تعالى.

الجزء التاسع

الجزء التاسع إن الذي تضمن هذا الجزء التاسع من الإقليم الثاني من المدن الهندية والصينية منها مدن الهند وهي أوريسين على ضفة البحر الملح ولوقين وقاقلا وأطراغا. وفيه من بلاد الصين طريغيوقن وقطيغورا وكاشغرا وخيغون وإسقيريا وإشقيرا وبورا وطوخا وأطراغن وقرنابول. وفي حصة بحره جزيرة أوريسين وجزيرة سناسا وفي كل بلد منها أمور مختصة بها لا توجد بغيرها وها نحن لكل ذلك ذاكرون بحول الله وعونه. فأما مدينة أوريسين فإنها مدينة صغيرة على الساحل. وإنما المذكور منها جزيرتها لأنها عظيمة المقدار كثيرة الجبال والأشجار وفيها فيلة كثيرة وبها تصاد ويتجهز منها بأنيابها.

وقد اختلف في صيد الفيلة وأكثر القول في ذلك فمن الناس من قال إن الصائدين للفيلة يقصدون إلى مواضع مبيتها والأماكن التي تألفها فيحفرون لها حفائر مثل ما تحفره البرابر لصيد الأسود وصفة هذه الحفرة يكون أعلاها واسعا وأسفلها ضيقا ويسترونها بالخشب الرقاق والحشيش ويسوون بالتراب فوق ذلك حتى تخفى الحفرة فإذا جاءت الفيلة إلى مواضعها التي من عادتها المبيت فيها أو في طرق مائها التي تعودت الشرب منه فإذا وافت الحفرة سقط منها واحد على رأسه وفر الباقي من الفيلة على وجوهها وصائدوها يكونون هنالك في أماكن لهم ينظرون منها إلى سقوط الفيلة فإذا نظروا إليها أسرعوا بالجري إلى ما سقط في الحفرة وفتحوا خواصرها وفتقوا بطونها وتركوها إلى أن تموت ثم يتعاونون على تجزيرها وإخراجها عن الحفر قطعا قطعا ويخرجون أنيابها ويأخذون كعوبها. وفي كثير من أخبار الهند أن الفيلة في بلادها تمشى قطارا وتبيت في الغياض اثنين في واحد وثلثة وأربعة في واحد ورقادها هو أن تقصد الشجر فتورك على أصولها ويورك بعضها على بعض وتنام وقوفا لغلظ أرساغها وطول مفاصلها فيقصد الصائدون إلى تلك الأشجار بالنهار فيقطعون أكثرها ويتركون الشجرة قائمة مستهلكة فإذا جن الليل وأتت الفيلة على جري العادة إلى الأشجار التي من عادتها الرقاد بالاعتماد عليها فلا يزال يثقل بعضها على بعض إلى أن تمر الشجرة على أوائلها وتسقط الفيلة مع سقوط الشجر فلا تقدر أن تقوم فيثب الصائدون إليها بالخشب

ويضربون رؤوسها إلى أن تموت وتستخرج أنيابها وتباع من التجار بأموال كثيرة وتحمل إلى الآفاق وتصرف في كثير من الأعمال المرصعة وأخبر غير واحد أن النابين الكبيرين من الفيلة يكون وزنهما ستة عشر قنطارا إلى ما فوقها أو دونها. مما يحكي التجار المسافرون إلى الهند عن ولادة الفيلة أن الإناث منها تلد أولادها في المياه الراكدة فتخرج أولادها عند الوضع فتسقط في الماء فتسرع الأمهات إليها فتقيمها في الماء على سوقها وتخرجها عنه وتديم لعقها إلى أن تجف وتستدرجها مشيا إلى أن يكمل خلقها فتبارك الله أحسن الخالقين. ولا يدرى فيما خلق الله من البهائم ذوات الأربع أفهم من الفيل ولا أقبل منه للتعليم ومن خواص الفيل أنه لا ينظر في عورة الإنسان. وملوك الهند تتنافس في اكتساب الفيلة وتتغالى في أثمانها وتنظر الملوك إليها بعين المحافظة عليها وتجلب إلى مرابطها عندهم صغارا فتنشأ على التأنس بالناس. ويصادر بها في القتال لأن الفيل الكبير المجفف يقاتل على ظهره اثنا عشر رجلا بالحجف والسيوف والدبابيس المتخذة من الحديد ويقف على رأس كل فيل منها رجل يسوقه بمخطاف يجر به خطمه ويضرب أعلى رأسه بخشبة أو بمصفع متخذ لذلك وبه يدار الفيل وأمر الفيلة في القتال أنها يحمل بعضها على بعض فيمر الأقوى على الأضعف ولها كرات

ورجعات وكل ذلك مشهور من أمر الفيلة مشهود في بلاد الهند. والفيلة بجزيرة أوريسين كثيرة وتستولد بها وتخرج منها إلى سائر البلاد من الهند. وبهذه الجزيرة معادن حديد. وينبت في أكثر جبالها الراوند والراوند الذي يجلب من بلاد الصين أفضل لأنه أصلب جسما وأصبغ لونا وأبلغ فيما يراد منه في إصلاح الكبد وجملة منافعه. وفي هذه الجزيرة شجر على صفة الخروع إلا أنه كثير الشوك وشوكه بارز يمنع من لمسه ويسمى الشهكير وله عروق سود وملوك الصين والهند تقتنيه لأنهم يدبرون منه سم ساعة وهو مشهور الذكر. وأهل الهند والصين لا يقتلون أحدا من ذوي محارمهم ولا من خدامهم ولا ممن يمكنهم التحيل عليه إلا بالسم. وفي كل خور من أخوار الهند وأخوار الصين يظهر منها في البحر مما يقابل كل خور أحناش ملمعة بأنواع ألوان وصفات مختلفة من الترقيط وأهل البحر يعلمونها ويميزونها ويعلمون أحناش كل خور منها وأين هي من الأرض بما يعرفون من صفاتها وبها يستدلون وهذا أيضا مذكور وتسمى هذه الأحناش باللسان الهندى الميزرة. ومن أوريسين إلى لوقين ثلاث مراحل على الساحل وهي مدينة حسنة

على البحر وعلى ضفة خور عذب والمراكب تدخله. ومنها إلى مدينة طريغيوقن أربع مراحل وهي مدينة عامرة على ضفة البحر الملح. ويقابل هذه المدينة في البحر جزيرة سناسا وهي جزيرة عامرة كثيرة الصادر والوارد وبينها وبين الساحل أقل من نصف مجرى. وفيما يذكر أن في هذه الجزيرة بئرا تخرج منها في بعض الأوقات نار محرقة ثم تخمد في بعض الأوقات. ومنها إلى قطيغورا ست مراحل ومدينة قطيغورا على البحر وهي على خور ماء حلو وهي مدينة جليلة فيها مكاسب ومتاجر وهي محسوبة في بلاد الصين. ومنها إلى الصنف ثلاث مراحل والصنف من بلاد الصين وقد ذكرناها وجزيرتها فيما سلف وتقدم من ذكر الإقليم الأول. ومن قطيغورا إلى كاشغرا أربع مراحل ومدينة كاشغرا من بلاد الصين وهي مدينة عامرة كثيرة الخيرات مشتملة البركات فيها متاجر وبضائع وأسفار وحركات منجحة وهي على نهر صغير يأتي إليها من جهة شمالها من جبل قطيغورا وفي هذا الجبل معادن فضة طيبة فائقة الجودة سهلة التخليص من خبثها. ومن مدينة كاشغرا إلى مدينة خيغون ثماني مراحل ومدينة خيغون

مدينة عامرة من مدن الصين والقاصد إليها كثير وبها التجارات الكثيرة. وبأرضها توجد دواب المسك والزباد أما دواب المسك فهي صنف من أصناف المعز بل هي أشبه بالغزلان لكنها صغار وألوانها صهب إلى الحمرة وجلودها لدنة المجسة ورعيها أنواع نبات الطيب ولها صرر يجتمع فيها دم يكون دمها أول شيء أحمر ثم لا يزال يتغير إلى السواد حتى يكون لونه أسود إلى الشقرة فتقلق بها الظباء فتحكها وتقرضها تارة بأظلافها وتارة بالعض بأفواها إلى أن تسقط. وحكى صاحب كتاب العجائب أن في برية بلاد التبت جبلان خلف مدينة وحلان يمر بينهما نهر عذب الماء وفي هذين الجبلين ينبت سنبل الطيب كثيرا أو ضرب منه فترعاهما الظباء المسكية وتأتي إلى ذلك الماء فتنتفخ صررها وتمتلئ دما فتحكها بأظلافها حتى تنقطع وهذه الدواب تصاد في وقت معلوم لصيدها فتمسك إلى أن توخذ منها تلك الصرر ثم تحمل إلى المواضع التي صيدت فيها فتطلق بها وهي بها مستأنسة لا تنفر كثيرا. وأما دابة الزباد فهي في هذا الإقليم الثاني من أوله إلى آخره موجودة به وهي دابة تشبه القط بالسواء لا فرق بينهما لكنها كبيرة وتمسك في اقفاص كبار وتطعم اللحم فإذا كان في أول الصيف وآخر الربيع ابتدأ الرشح في أخصيتها فمتى نظر إليها وقد اجتمع من الزباد فيها شيء قبض

عليها وكبست في أوعية الخيش وجرد منها ما اجتمع على خصاها من الدرن فذلك الزباد المحض ثم تعاد إلى أقفاصها فتكون بالحالة الأولى إلى أن يجتمع بها الدرن ثانية وثالثة ثم تعاود إلى الجرد والأخذ هكذا من أول الربيع إلى آخر الخريف وهذا الحيوان يكون بالغرب الأقصى كثير في بلاد الملثمين وهو مشهور قد رأيناه عيانا. ومدينة خيغون عليها حصن حصين وجنات محدقة بها وبساتين لا عنب بها ولا تين البتة ومدينة خيغون على ضفة نهر يصب في نهر خمدان الصين. ومن مدينة خيغون إلى مدينة إسقيريا أربع مراحل ومدينة إسقيريا مدينة من مدن الصين على نهر يمد نهر خمدان وهي عامرة وبها ملوك وسادات وجلة وعمال وبها تجتمع أموال الصين التي تصل إلى ملكها الأكبر بعد تخليصها من جميع النوائب وذلك أن جميع الجبايات المجموعة في بلاد الصين برا أو بحرا يصير بها عمالها إلى مدينة إسقيريا فيدفعونها هناك إلى عمال وأمناء يحصلونها ويحاسبون بها وعليها ثم ينصرف العمال إلى بلادهم فإذا اجتمعت الأموال بإسقيريا وكان الوقت المعلوم من العام المؤرخ عندهم لحمل المال جمعت تلك الأموال بأسرها ورفعت إلى مدينة تاجه وهي مدينة الملك العظمى فيستودع هناك المال الذي جيء به في

خزائن الملك البغبوغ وهذه سيرة دائمة لا تنقطع ولا يصل إلى بيت مال الملك شيء يحتاج فيه إلى الإخراج منه وإنما يوصل إليه ما كان مخلصا من جميع النوائب وأهل إسقيريا يرمون موتاهم في النهر ولا يدفنون ميتا البتة وسنذكر نهر خمدان وما يصنع به أهل الصين. ومن مدينة إسقيريا إلى مدينة طوخا ستة أيام ومدينة طوخا على نهر كلهى الصينى الكبير وهي عامرة بالناس وفيها تجار وبضائع وذخائر ويصنع بها الثياب الطوخية من الحرير القسي ولها قيمة وافرة ويتجهز منها بها إلى سائر البلاد وهي ثياب مطرفة كالثياب العتابية ومنها ثياب مريشة ويعمر الثوب منها كثيرا. ومن مدينة طوخا إلى مدينة بورا يومان انحدارا في نهر كلهى وفي البر أربعة أيام وبورا كثيرة الخلق والتجارات متصلة العمارات وافرة النعم بها حنطة وأرز وشجر مقل شهي الأكل. ومن مدينة بورا إلى مدينة كاشغرا السابق ذكرها ثماني مراحل ومن مدينة بورا إلى مدينة إسقيرا سبع مراحل ومن مدينة إسقيرا إلى مدينة كاشغرا ثماني مراحل.

ومدينة إسقيرا على نهر يمد نهر بهنك وأهلها يعبدون الأصنام وهم كفرة ومنها إلى طريغيوقن سبع مراحل ومن إسقيرا أيضا إلى أطراغن أربع مراحل وهي مدينة على بركة ماء كبيرة عذبة الماء ولا يوجد لوسطها قعر وماؤها مائل إلى الدكنة وبها سمك وجوهها كوجوه البومة على رؤوسها شبه قلانس الديكة ويزعم أهل كفران ترك أنها تفعل بالرجال ما يفعل الإسقنقور من كثرة الإنعاظ وغزر الباه. ومن مدينة أطراغن إلى مدينة قرنابول أربع مراحل وهي مدينة صغيرة في سفح جبل لكنها عامرة وربما طرقتها الترك فأضرت بأهلها وسبت بعض قراها ومواشيها لأنها متاخمة للأتراك الخرلخية وهي مدينة على نهر صغير ونهرها يصب في نهر كلهى الصين ومن قرنابول إلى طوخا ست مراحل وطوخا أيضا قد تقدم ذكرها. ومن لوقين التي على الساحل من بلاد الهند إلى قاقلا سبعة أيام. وهي على ضفة نهر صغير يصب في نهر بهنك الهند. وبمدينة قاقلا حرير كثير وأهلها يربون دود الحرير كثيرا وإليها تنسب الثياب القاقلية والحرير القاقلي.

ومن مدينة قاقلا إلى مدينة قشمير عشر مراحل. ومن قاقلا أيضا إلى مدينة أطراغا أربع مراحل وأطراغا مدينة كبيرة لملك من ملوك الهند على ضفة نهر بهنك. وبها جيوش كثيرة ورجال وأسلحة وهم يحاربون الأتراك وبها أرز وخصب ومن أطراغا إلى أطراغن عشر مراحل. وبهذا الجزء من الأنهار الهندية نهر بهنك ونهر كلهى وبعض نهر خمدان الصين الكبير فأما نهر بهنك الهند فإنه يخرج من الجبل المحيط بأقصى شمال الهند ويمر إلى شرقي مدينة أطراغا إلى موقع نهر قاقلا إلى أن يتصل بالبحر فيصب فيه وذلك عند مدينة طريغيوقن. ومن أهل الهند قبيلة تسمى الجلهكتية تزعم أن هذا النهر غاص به الملك جلهكت وأنه يتراءى لهم فيه في أكثر الأوقات. فإذا أذنب الرجل منهم ذنبا أتى إلى هذا النهر فيدخل فيه إلى وسطه ويقيم فيه ساعة وأكثر وبيده أنواع الرياحين ثم يقطعها صغارا ويلقي بعضها إثر بعض على ماء النهر ويسبح ويقرأ فإذا أراد الانصراف حرك الماء بيديه أخذ منه بكلتي يديه وصبه على رأسه وظهره ثم يسجد وينصرف.

ومن أنهار الصين نهر كلهى وأهل الصين الساكنون بضفتيه لهم سنة معتادة في هذا النهر إذا أذنب الرجل منهم ذنبا وأراد تكفير ذلك سار إلى هذا النهر وحوله جماعات الناس يدعون له بالطوبى ويوعدونه بالكرامة والخلود فإذا وصل إلى هذا النهر أغرق نفسه فيه حتى يموت. نجز الجزء التاسع من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر منه إن شاء الله تعالى.

الجزء العاشر

الجزء العاشر إن هذا الجزء العاشر من الإقليم الثاني وبه تمام الإقليم الثاني تضمن من البلاد الصينية الشرقية مدينة سوسة الصين وسعلا وطوغما وصينية الصين واسنخوا وشذخو وباجة وبشهيار وقاشا وسارخا وبه من الجزائر التي في البحر الشرقي جزيرة النمنج وجزيرة السبارة وفيه من الأنهار الكبار نهر خمدان الصين وهو من الأنهار الكبار المشهورة التي نطقت بها التواريخ وأثبتت ذكرها الكتب. وها نحن نبتدئ الآن بشرح معلوماتها ونوضح صفاتها بحول الله وعونه فنقول إن مدينة سوسة مدينة مشهورة معلومة مذكورة كثيرة التجارات متصلة العمارات جامعة الخيرات وأموال أهلها كثيرة وتجاراتهم مباركة موفورة وقراضهم مفترق في الآفاق ومتصل بكل الأمصار. ويصنع بها الغضار الصيني الذي لا يعدله شيء من فخار الصين جودة وبها طرز كثيرة مشهورة بعمل الحرير الصيني الرفيع القيمة المحكم الصنعة الذي لا يقرن به غيره وسوسة الصين على شرقي نهر خمدان الكبير

ومنها إلى مدينة قابطوا أربع عشرة مرحلة وكذلك من سوسة أيضا إلى مدينة صينية الصين ست عشرة مرحلة ومن سوسة أيضا إلى مدينة سعلا ثمانية أيام. ومدينة سعلا على ضفة نهر وهي عامرة بالساكن حسنة المساكن كثيرة التجارات موفورة العمارات وإليها مقصد التجار من كل الأقطار المجاورة لها والمتباعدة عنها بضروب البضائع ونوافق الأمتعة وأنواع من التجارات وليست بكبيرة القطر لكنها مجتمعة متحضرة ويعمل بها ثياب حرير كثيرة وفخار. ومنها إلى مدينة صينية الصين سبع عشرة مرحلة ومن سعلا إلى طوغما ثماني مراحل ومدينة طوغما مدينة كبيرة لا حصن عليها لكنها عامرة وبها جمل بضائع ويتجهز منها بأصناف من التجارات. ومنها إلى صينية الصين ثماني مراحل وصينية الصين في أقصى الصين ولا تعدلها مدينة في الكبر وكثرة العامر وسعة التجارات وكثرة البضائع واجتماع التجار إليها من سائر الأقطار ومن بعض المدن الهندية المجاورة للصين وبهذه المدينة ملك من ملوك الصين من أهل الملك لكنه تحت يد البغبوغ وهذا الملك الأعظم كما حكينا عنه. ومن مدينة الصينية إلى مدينة اسنخوا ثماني مراحل وهي على بطحاء أرض ممتدة لا ينبت بها شيء إلا الزعفران غرسا ومن ذات نفسه بريا ومنها يتجهز بالزعفران إلى سائر أقطار الصين ويباع بها منه ما يعم الكل كثرة وطيبا وقد يعمل بهذه المدينة الحرير والغضار وليس في هذه

البلاد التي ذكرنا صنعة أجل عند أهلها من الفخار والرسم ولا فوق الرسم عندهم صنعة. ومما يحكى في الكتب الصحيحة الأخبار أن ملوك الصين وأكثر ملوك الهند لا يتركون الرسم بل يقولون به ويتعلمونه ويتكلفون منه أكثر مما يتكلفه المتعلمون له حتى أنه لا يولي الملك من أبنائه إذا كان عنده كثرة أولاد إلا أرسمهم وأمهرهم في صنعة الرسم. ولم تزل ملوك الهند تعمل مثل هذا ولا تقدم على الرسم أيضا والتصوير صنعة وإنما يلحق بها في الفضل صنعة الفخار وذلك أنهم يسمون صانع الفخار خالقا صغيرا والمصور خالقا كبيرا. وكذلك من مدينة اسنخوا إلى باجة أربع مراحل وهي مدينة الملك المسمى البغبوغ وبهذه المدينة دار ملكه وموضع رجاله وخزائن أمواله ومصون حرمه وعياله. ومما حكى صاحب كتاب الأخبار عن ملوك الأمصار أن هذا الملك له أبدا مائة زوجة بمهور وأنقاد ومتى لم يملك الملك منهم هذه العدة لا يسمى عندهم بملك الملوك وله من الفيلة أيضا المعدة للحرب ألف فيل مجففة برجالها وأسلحتها وأمتعتها ومتى لم تكمل له هذه العدة فليس بملك الملوك عندهم وبهذين الشيئين من النساء والفيلة يفتخرون على غيرهم من الملوك. ولا يلي الملك بالصين إلا من ورثه عن آبائه أو إخوته أو أقاربه وهم جارون على سنن العدل وطريق الأمان وسيرهم حميدة مبنية على الحق.

وهذه المدينة على ضفة نهر خمدان وعلى هذا النهر يصعد إلى هذه المدينة من خانفوا وخانكو وغيرهما من مراقي الصين المشهورة ومن مدينة باجة إلى مدينة شذخو أربع مراحل ومدينة شذخو على نهر صغير يقع في البحر الشرقي وبين مدينة شذخو والبحر أربع مراحل ومن مدينة شذخو إلى مدينة بشهيار تسع مراحل. ومدينة بشهيار مدينة فيها رئيس من قبل البغبوغ له خيول ورجال وحشم وعبيد وملك عظيم وهو يقاتل الترك الداخلين إليه ممن يجاوره منهم وهم الترك المسمون بالخاقانية والخزلجية ولهذا الملك خيول مندوبة لحراسة أبواب هناك في الجبل العظيم الحاجز بينهم وبين الترك وزيهم وزي الأتراك سواء لا فرق بينهم في ذلك. ومن مدينة بشهيار إلى مدينة قاشا ثماني مراحل وهي مدينة أهلها خوارج عن مذهب أهل الصين وهم يحرقون موتاهم بالنار على مذهب الهندية ومن مدينة قاشا إلى مدينة شارخيا أربع مراحل وهي مدينة عامرة ومن قاشا إلى مدينة باجة عشر مراحل كذلك من مدينة شارخيا إلى مدينة باجة عشر مراحل. فأما نهر خمدان الصين فإنه نهر عظيم وعليه عمارات وحكى صاحب كتاب العجائب أن في هذا النهر شجرة عظيمة باسقة يقال إنها من حديد وتسمى باللسان الهندية برشول وهي مبنية في قعر النهر مثبتة وطولها من

فوق الماء نحو من عشرة أذرع في غلط ذراع وكسر وفي رأسها ثلاث شعب غلاظ مسنونة محدودة كالنار. وعندها رجل قاعد يقرأ كتابا ويقول للنهر يا عظيم البركة وسبيل الجنة أنت الذي خرجت من عيني الجنة ودللت الناس عليها فطوبى لمن صعد هذه الشجرة وألقى بنفسه على هذا العمود فينتدب لذلك واحد أو عدة ممن حوله فيصعدون إلى الشجرة ويلقون أنفسهم على العمود فيسقطون ويموتون في ماء النهر والحاضرون هناك من الناس يدعون لهم بالطوبى والمسير إلى الجنة واللذة الدائمة ويقال إن نهر كنك يقع فيه. وأما جزيرة النمنج التي في البحر الشرقي فإن مجرمي الصين يجمعون عليها ويدخلون إليها وحكى صاحب كتاب العجائب أن في هذه الجزيرة قوما لهم أذناب ولهم ملك منهم. وفيما ذكرناه كفاية لذوي العناية وإلى هاهنا انتهى آخر الإقليم الثاني والحمد لله كثيرا. نجز الجزء العاشر من الإقليم الثاني والحمد لله ويتلوه الجزء الأول من الإقليم الثالث إن شاء الله.

الإقليم الثالث

الإقليم الثّالث

الجزء الأول

الجزء الأوّل إنا لما تكلمنا فيما سبق من ذكر المدن الواقعة في الإقليمين المتقدمين قبل هذا رأينا أن نأتي بمثل ذلك في هذا الإقليم الثالث ونذكر ما فيه من المدن والأكور والقرى والأمصار ونأتي بمسافاتها وطرقاتها على ما هي عليه من الأميال والمراحل ونذكر كل بلد من ذلك ذكرا مفردا وكيف هو في حاله وداخله وخارجه وما جاوره من البحار والأودية والمناقع والبرك ونأتي بصفات الجبال الواقعة فيه وأطوالها وعروضها وما تحتوي عليه من النبات والأشجار والمعادن والحيوانات ونصف مبادئ الأنهار ومواقعها وحدود مساقطها حسب ما سبق ذكره وتقدم الأخبار عنه ونأتي بكل ذلك في موضعه مبينا ملخصا رؤية رسم وأخبار على توال ونسق بعون الله فنقول إن هذا الجزء الأول من هذا الإقليم الثالث مبدؤه من البحر الكبير المحيط بالجهة الغربية من كرة الأرض وفيه من الجزائر جزيرة ساوة قرب البحر المظلم يقال إن ذا القرنين نزلها قبل أن تدخلها الظلمة وبات بها وكانوا يرمون بالحجارة وأوذي بذلك جماعة من أصحابه وجزيرة السعالي فيها خلق كخلق النساء لهم أنياب بادية وعيونهم كالبرق وسوقهم كالخشب المحرق يتكلمون

بكلام لا يفهم ويحاربون الدواب البحرية ولا فرق بين الرجال منهم والنساء إلا بالذكور والفروج لا غير ورجالهم لا لحى لهم ولباسهم ورق الشجر ومنها جزيرة حسران وهي أرض واسعة وفيها جبل عال في سفحه ناس سمر قصار ولهم لحى تبلغ ركبهم ووجوههم عراض ولهم آذان كبيرة وطعامهم وعيشهم مما تنبته الأرض هناك من الحشيش وموافق النبات مثل ما تأكله البهائم وعندهم نهر صغير عذب يجري من تحت الجبل وفيه جزيرة الغور وهي كبيرة الطول والعرض كثيرة الأعشاب والنبات وفيها أنهار وغدران وآجام تأوي إليها حمر وبقر لها قرون طوال جدا وفيه جزيرة المستشكين يذكر أنها جزيرة عامرة فيها جبال وأنهار وأشجار وثمار وزروع وعلى المدينة حصن عال وفيما يحكى من أمر هذه الجزيرة أنه كان فيها فيما سلف من قبل عهد الإسكندر تنين عظيم يبتلع كل من مر به من انسان أو ثور أو حمار أو ما أشبهها فيقال إن الإسكندر لما دخلها استغاث به أهلها وشكوا إليه أضرار التنين بهم وإنه قد أتلف مواشيهم وأبقارهم حتى أنهم جعلوا له ضريبة في كل يوم ثورين ينصبونهما بمقربة من موضعه فيخرج إليهما فيبتلعهما ثم يعود إلى موضعه وكذلك يأتي من الغد فيفعلون له ذلك فقال لهم الإسكندر يأتيكم هذا التنين من مكان واحد أو من أمكنة كثيرة قالوا من مكان واحد قال لهم أروني مكانه فانطلقوا به إلى قرب من موضعه ثم نصبوا له الثورين فأقبل التنين كالسحابة السوداء وعيناه تلمعان كالبرق والنار

تخرج من جوفه فابتلع الثورين وعاد إلى موضعه فأمرهم الإسكندر أن يجعلوا له في اليوم الثاني عجلين وفي اليوم الثالث مثل ذلك فاشتد جوعه فأمر الإسكندر عند ذلك بثورين عظيمين فسلخا وحشيت جلودهما زفتا وكبريتا وكلسا وزرنيخا وجعلهما في ذلك المكان المعلوم فخرج التنين إليهما على حسب عادته فابتلعهما ومضى فاضطرمت تلك الأشياء في جوفه فلما أحس باشتعالها وكان قد جعل في تلك الأخلاط كلاليب حديد فذهب ليتقيأ ذلك من جوفه فتشبكت الكلاليب في حلقه فخرّ واقعا وفتح فمه ليستروح فأمر عند ذلك الإسكندر فحميت قطع الحديد وحملت على ألواح حديد وقذفت في حلق التنين فاشتعلت الأخلاط في جوفه فمات ففرج الله بذلك من أهل تلك الجزيرة فشكروا الإسكندر عند ذلك والطفوه ووهبوه من طرائف ما عندهم وكان فيما حملوه إليه من طرائف ما عندهم دابة في خلق الأرنب يبرق شعره في صفرة كما يبرق الذهب يسمى بغراج وفي رأسه قرن واحد أسود إذا رأته الأسود وسباع الوحش والطير وكل دابة هربت عنه. وفي هذا البحر جزيرة قلهان فيها أمة مثل خلق الناس إلا أن رؤوسهم مثل رؤوس الدواب يغوصون في البحر ويخرجون ما قدروا عليه من دوابه فيأكلونها وفي هذا البحر أيضا جزيرة الاخوين الساحرين اللذين يسمى أحدهما شرهام والثاني شرام ويقال إنهما كانا بهذه الجزيرة يقطعان على المراكب التي تمر بها ويهلكان جميع أهلها ويأخذان أموالهم فمسخ الله بهما لظلمهما وبقيا حجرين

على ضفة البحر قائمين ثم عمرت هذه الجزيرة بالناس وهي تقابل مرسى آسفى ويقال إن الصفاء إذا عم البحر ظهر دخانها من البر وكان أخبر بذلك أحمد بن عمر المعروف بدقم الإوز وكان واليا لأمير المسلمين على بن يوسف بن تاشفين على جملة من أسطوله فعزم على الدخول إليها بما معه من المراكب فأدركه قبل الدخول إليها الموت ولم يبلغ أمله في ذلك ولهذه الجزيرة قصة غريبة أخبر عنها المغررون من أهل مدينة اشبونة بالأندلس حين أسقطوا إليها بمراكبهم وكيف سميت آسفى بهم وهي مرسى وحديثها طويل وسنأتي به في موضعه عند ذكرنا لمدينة اشبونة إن شاء الله. وفي هذا البحر جزيرة الغنم وهي جزيرة كبيرة والظلمات بها وفيها من الغنم ما لا يحصى عددها وهي صغار ولا يقدر أحد أن يأكل لحومها لمرارتها وقد أخبر بذلك أيضا المغررون منها وتليها جزيرة راقا وهي جزيرة الطيور ويقال إن فيها جنسا من الطير في خلق العقبان حمراء ذوات مخالب تصيد دواب البحر وتأكلها ولا تبرح من هذه الجزيرة ويقال إن بها ثمرا يشبه التين الكبير وأكله ينفع من جميع السموم وحكى صاحب كتاب العجائب أن ملكا من ملوك افرنجة أخبر بذلك فوجه إليه بمركب معد ليجلب له من ذلك الثمر ويصاد له من تلك الطيور لأنه كان له علم في دمائها ومراراتها فتلف المركب الذي أنفذه ولم يعد إليه ومنها جزيرة الشاصلند طولها خمسة عشر يوما في عرض عشرة أيام وكان فيها ثلاث مدن كبار وبها قوم

يسكنونها وكانت المراكب تجتاز بهم وتحط عليهم وتشتري منهم العنبر والحجارة الملونة فوقعت بين أهل تلك البلاد شرور وطلب بعضهم بعضا حتى فني أكثرهم وانتقل جماعات منهم إلى عدوة البحر من الأرض الكبيرة للروم وبها الآن من أهلها خلق كثير وسنذكر هذه الجزيرة عند ذكرنا جزيرة ارلاندة وفي هذا البحر جزيرة لاقة ويقال إن فيها شجر العود كثير ولكنه لا رائحة له فإذا أخرج عنها وحمل في البحر طابت روائحه وهو في ذاته أسود رزين وكان التجار يقصدونها ويستخرجون العود منها وكان يباع بأرض الغرب الأقصى من ملوكها بتلك النواحي ويذكر أيضا أنها كانت مسكونة عامرة بالناس لكنها خربت وتغلبت الحيات على أرضها فلا يمكن الآن دخولها لهذا السبب وفي هذا البحر من الجزائر على ما ذكرها بطلميوس الأقلودي سبعة وعشرون ألف جزيرة ما بين عامرة وغامرة وإنما ذكرنا منها قليلا من كثير مما قرب مكانها من البر ووصلت العمارات إليه وأما غير ذلك فلا حاجة بنا إلى ذكرها هنا. وأيضا إن في هذا الجزء من بلاد الصحراء نول لمطة وتازكغت واغرنوا وفيه من بلاد السوس الأقصى مدينة تارودنت وتيويوين وتامامت وهي بلاد السوس وفيه من بلاد البربر سجلماسة ودرعة وداى وتادلة وقلعة مهدي بن توالة وفاس ومكناسة وسلا وسائر المراسي التي على البحر الأعظم

ومدينة تلمسان وتطن وقرى وصفروى ومغيلة واقرسيف وكرنانطة ووجدة ومليلة ووهران وتاهرت وأشير وفيه من بلاد الغرب الأوسط تنس وبرشك وجزائر بني مزغنا وتدلس وبجاية وجيجل ومليانة والقلعة والمسيلة والغدير ومقرة ونقاوس وطبنة والقسنطينة وتنجس وباغاي وتيفاش ودار مرين وبلزمة ودار ملول وميلة والغالب على ما ذكرناه من البلاد البرابر وكانت ديار البرابر فلسطين وكان مكلهم جالوت بن ضريس بن جانا وهو أبو زناتة المغرب وجانا هو ابن لواء بن برّ بن قيس بن الياس بن مضر فلما قتل داود عليه السلام جالوت البربري رحلت البربر إلى المغرب حتى انتهوا إلى أقصى المغرب فتفرقت هناك ونزلت مزاتة ومغيلة وضريسة الجبال ونزلت لواتة أرض برقة ونزلت طائفة من هوارة بجبال نفوسة ونزل الغير منهم بأرض الغرب الأقصى ونزلت معهم قبائل مصمودة فعمروا تلك البلاد وقبائل البربر زناتة وضريسة ومغيلة ومقدر وبنو عبد ربه وورفجوم ونفزة ونفزاوة ومطماطة ولمطة وصنهاجة وهوارة وكتامة ولواتة ومزاتة وصدراتة ويصلاسن ومديونة وزبوجة ومداسة وقالمة واوربة وهطيطة ووليطة وبنو منهوس وبنو سمجون وبنو وارقلان وبنو يسدران وبنو زيرجى وورداسا وورهون وسائر قبائل البربر ممن سنأتي بذكرهم في عمارات بلادهم بحول الله.

فآما بلاد نول الأقصى وتازكاغت فهي بلاد لمتونة الصحراء ولمتونة قبيل من صنهاجة وصنهاجة ولمطة أخوان لأب واحد وأم واحدة وأبوهم لمط بن زعزاع من أولاد حمير وأمهم تازكاى العرجاء وأبوها زناتى وهوار أيضا أخ لصنهاج ولمط من أم وأبوه المسور بن المثنى بن كلاع بن أيمن بن سعيد بن حمير وإنما قيل له هوار لكلمة تقولها فسمي بها هوارا وذلك أن قبائل العرب نزلت على قبائل البربر فنقلوهم إلى لسانهم بطول المجاورة لهم حتى صاروا جنسا واحدا وأن أميرا من أمراء العرب يسمى المسور كان ساكنا مع قومه في بلاد الحجاز فضاعت له إبل فخرج يطلبها ويبحث عنها إلى أن عبر النيل بمصر وسار في بلاد المغرب طالبا لها فمر بجبال طرابلس فقال لغلامه أين نحن من الأرض فقال له الغلام نحن بأرض إفريقية فقال له لقد تهورنا والتهور عند العرب هو الحمق فسمي بهذه اللفظة هوارا ونزل المسور المذكور بقوم من زناتة فحالفهم ورأى بأرضهم تازكاي أم صنهاج ولمط التي ذكرناها آنفا وكانت جميلة حسنة بدنة تليعة بارعة الكمال فولع بها المسور فسأل عنها ورغب في زواجها فتزوجها وكانت تازكاي يومئذ خلوا من زوج ومعها أبناها صنهاج ولمط وهما أبنا لمط الأكبر فولد للمسور منها ولد سماه المثنى ثم مات المسور عنها وبقي ولده المثنى مع أخويه لمط وصنهاج عند أمهم تازكاي وعند أخواله من زناتة فولد للمط أولاد كثيرة وولد لصنهاج مثل ذلك فكثر نسلهم وتسلطوا على الأمم فاجتمع عليهم قبائل

البربر فأزعجوهم إلى الصحارى المجاورة للبحر المظلم فنزلوها وبها قبائلهم إلى الآن متفرقة بنواحيها وهم أصحاب إبل ونجب عتاق رحالة لا يقيمون بمكان واحد ولباس الرجال منهم والنساء أكسية الصوف ويربطون على رؤوسهم عمائم الصوف المسماة بالكرازي وعيشهم من ألبان الإبل ولحومها مقددة مطحونة وربما جلبت إليهم الحنطة والزبيب لاكن الزبيب أكثر لأنهم كثيرا ما ينقعون الزبيب في الماء بعد الدق ويشربون صفوه نقيعا حلوا وفي بلادهم العسل كثير وجل طعامهم وأحفله الطعام المسمى بالبربرية آسلوا وهو أنهم يأخذون الحنطة فيقلونها قليا معتدلا ثم يدقونها حتى تعود جريشا ثم يمزجون العسل بمثله سمنا ويعجنون به تلك الحنطة على النار ويضعونه في مزاود لهم فيأتي طعاما شهيا وذلك أن الإنسان منهم إذا أخذ من هذا الطعام ملء كفه وأكله وشرب عليه اللبن ثم مشى بقية يومه ذلك لم يشته طعاما إلى الليل. وليس لهم مدينة يأوون إليها إلا مدينة نول لمطة ومدينة آزقى للمطة أيضا فأما مدينة نول الغربية فمنها إلى البحر ثلاثة أيام ومنها إلى سجلماسة ثلاث عشرة مرحلة ومدينة نول مدينة كبيرة عامرة على نهر يأتي إليها من جهة المشرق وعليه قبائل لمتونة ولمطة وبهذه المدينة تصنع الدرق اللمطية التي لا شئ أبدع منها ولا أصلب منها ظهرا ولا أحسن منها صنعا وبها يقاتل أهل المغرب لحصانتها وخفة محملها وبهذه المدينة قوم يصنعون السروج واللجم

والأقتاب المعدة لخدمة الإبل وتباع بها الأكسية المسماة بالسفسارية والبرانس التي يساوي الزوج منها خمسين دينارا وأقل وأكثر وعند أهلها البقر والغنم كثير جدا والألبان والسمن عندهم موجود وإلى هذه المدينة يلجأ أهل تلك الجهات فيما يعن لهم من مهم حوائجهم وفنون مطالبهم. ومن قبائل لمطة مسوفة ووشان وتمالتة ومن قبائل صنهاجة بنو منصور وتمية وجدالة ولمتونة وبنو إبراهيم وبنو تاشفين وبنو محمد وجمل من صنهاجة وأما مدينة آزكى فإنها من بلاد مسوفة ولمطة وهي أول مراقي الصحراء ومنها إلى سجلماسة ثلاث عشرة مرحلة ومنها إلى نول سبع مراحل وهذه المدينة ليست بالكبيرة لاكنها متحضرة وأهلها يلبسون منقدرات ثياب الصوف ويسمونها بلغتهم القداور وقد أخبر بعض من دخل هذه المدينة أن النساء اللواتى لا أزواج لهن بها إذا بلغت المراة منهن أربعين سنة تصدقت بنفسها على من أرادها من الرجال فلا تدفع عن نفسها ولا تمنع من يريدها وتسمى هذه المدينة بالبربرية آزقى وبالجناوية قوقدم ومن أراد الدخول إلى بلاد سلى وتكرور وغانة من بلاد السودان فلا بد له من هذه المدينة. وأما مدينة سجلماسة فمدينة كبيرة كثيرة العامر وهي مقصد للوارد والصادر كثيرة الخضر والجنات رائقة البقاع والجهات ولا حصن عليها وإنما هي قصور وديار وعمارات متصلة على نهر لها كثير الماء يأتي إليها من جهة المشرق من الصحراء يزيد في الصيف كزيادة النيل سواء ويزرع بمائه حسبما يزرع

فلاحو مصر ولزراعته إصابة كثيرة معلومة وفي أكثر الأعوام الكثيرة المياه المتواترة عن خروج هذا النهر ينبت لهم ما حصدوه في العام السابق من غير بذر وفي الأكثر من السنين إذا فاض النهر عندهم ثم رجع بذروا على تلك الأرضين زرعهم ثم حصدوه عند تناهيه وتركوا جذوره إلى العام القادم فينبت ذلك من غير حاجة إلى بذر زراعة وحكى الحوقلي أن البذر بها يكون عاما والحصاد فيه في كل سنة إلى تمام سبع سنين لاكن تلك الحنطة التي تنبت من غير بذر تتغير عن حالها حتى تكون بين الحنطة والشعير وتسمى هذه الحنطة يردن تيزواو وبها نخل كثير وأنواع من التمر لا يشبه بعضها بعضا وفيها الرطب المسمى بالبرني وهي خضراء جدا وحلاوتها تفوق كل حلاوة ونواها صغار في غاية الصغر ولأهل هذه المدينة غلات القطن وغلات الكمون والكروياء والحناء ويتجهز منها إلى سائر بلاد المغرب وغيرها وبناءاتها حسنة غير أن المخالفين في زماننا هذا أتوا على أكثرها هدما وحرقا وأهل سجلماسة يأكلون الكلاب والحيوان المسمى الحرذون ويسمونه بلسان البربر اقزيم ونساؤهم يستعملنه في السمن وخصب البدن وكذلك هن في نهاية السمن وكثرة اللحم وقل ما يوجد من أهلها صحيح العينين بل أكثرهم عمش. ومن مدينة سجلماسة إلى مدينة اغمات وريكة نحو من ثماني مراحل ومن مدينة سجلماسة إلى مدينة درعة ثلاث مراحل كبار ودرعة ليست بمدينة

يحوطها سور ولا حفير وإنما هي قرى متصلة وعمارات متقاربة ومزارع كثيرة يتناول ذلك فيها جمل وأخلاط من البربر وهي على نهر سجلماسة النازل إليهم وعليه يزرعون غلات الحناء والكمون والكروياء والنيلج ونبات الحناء يكبر بها حتى يكون في قوام الشجر يصعدون إليه ومنها يؤخذ بذره ويتجهز به إلى كل الجهات ونبات الحناء لا يؤخذ بذره إلا في هذا الإقليم فقط ولا يؤخذ بغيره من الأقاليم البتة وأما النيلج المزروع في مدينة درعة فليس طيبه هناك ولكنه يتصرف به في بلاد الغرب لرخصه وربما خلط مع غيره من النيلج الطيب ويباع معه. ومن أرض درعة إلى بلاد السوس الأقصى أربعة أيام ومدينته هي تارودنت وبلاد السوس قرى كثيرة وعماراتها متصلة بعضها ببعض وبها من الفواكه الجليلة أجناس مختلفة وأنواع كثيرة كالجوز والتين والعنب العذاري والسفرجل والرمان الإمليسي والأترج الكبير المقدار الكثير العدد وكذلك المشمش والتفاح المنهد وقصب السكر الذي ليس على قرار الأرض مثله طولا وعرضا وحلاوة وكثرة ماء ويعمل ببلاد السوس من السكر المنسوب إليها ما يعم أكثر الأرض وهو يساوي السكر السليماني والطبرزد بل يشف على جميع أنواع السكر في الطيب والصفاء ويعمل ببلاد السوس من الأكسية الرقاق والثياب الرفيعة ما لا يقدر أحد على عمله بغيرها من البلاد ورجالها ونساؤها سمر الألوان وفي نسائهم جمال فائق وحسن بارع وجمال ظاهر

وحذق صناعات بأيديهن وهي بلاد حنطة وشعير وأرز ممكن بأيسر قيمة وأسعارها رخيصة والغالب على أهلها الجفاء وغلظ الطبع وقلة الانقياد وهم أخلاط من البربر المصامدة وزيهم لباس الأكسية من الصوف التفافا وعلى رؤوسهم الشعور الكثيرة ولهم بها اهتمام وحفظ وذلك أنهم يصبغونها في كل جمعة بالحناء ويغسلونها في كل جمعة مرتين برقيق البيض والطين الاندلسي ويحتزمون في أوساطهم بمآزر صوف ويسمونها سفاقس ولا يمشي الرجل منهم أبدا إلا وفي يده رمحان قصار العصى طوال الأسنان رقاقها وينتخبونها من أطيب الحديد ويأكلون الجراد أكلا كثيرا مقلوا ومملوحا وأهل السوس فرقتان فأهل مدينة تارودنت يتمذهبون بمذهب المالكية من المسلمين وهم حشوية وأهل بلد تويوين يقولون بمذهب موسى بن جعفر وبينهم أبدا القتال والفتنة وسفك الدماء وطلب الثأر غير أنهم أرفه الناس عيشا وأكثرهم خصبا وشرابهم المسمى آنزيز وهو حلو يسكر سكرا عظيما ويفعل بشاربه ما لا تفعله الخمر لمتانته وغلظ مزاجه وذلك أنهم يأخذون من عصير العنب الحلو فيطبخونه بالنار إلى أن يذهب منه الثلث ويزال عن النار ويرفع ويشرب ولا سبيل إلى شربه إلا أن يخلط بمثله ماء وأهل السوس الأقصى يرون شربه حلالا ما لم يتعد به إلى حد السكر. وبين مدينتي السوس أعني تارودنت وتويوين يوم في جنات وبساتين وكروم وأشجار وأنواع من الفواكه واللحوم عندهم ممكنة رخيصة جدا والغالب

عليهم الشرة والبطر ومن بلاد السوس إلى مدينة اغمات ست مراحل في بلاد وقبائل من البرابر المصامدة يقال لهم انتى نتات وبنو واسنو وانكطوطاون وانسطيط وارعن واكنفيس وانتوزكيت وكل هذه القبائل من البرابر المصامدة العامرين لهذه البلاد والجهات ومنهم نفيس الجبل ونفيس مدينة صغيرة حولها عمارات وطوائف من قبائلها المنسوبين إليها وبها من الحنطة والفواكه واللحوم ما لا يكون في كثير من البلاد غيرها وبها جامع وسوق نافقة وبها من أنواع الزبيب كل عجيبة من جمال المنظر وحلاوة الذوق وكبر المقدار وهو مع ذلك كثير جدا مشهور العين في بلاد الغرب الأقصى. والطريق من تارودنت السوس إلى مدينة اغمات وريكة مع أسفل جبل درن الأعظم الذي ليس جبل مثله إلا القليل في السمو وكثرة الخصب وطول المسافة واتصال العمارات ومبدؤه من البحر المحيط في أقصى السوس ويمر مع المشرق مستقيما حتى يصل إلى جبال نفوسة فيسمى هناك بجبل نفوسة ويتصل بعد ذلك بجبال طرابلس ثم يدق هناك ويخفى أثره وقد حكى غير واحد من الفيوج أن طرف هذا الجبل يصل إلى البحر حيث الطرف المسمى اوثان وفي كل هذا الجبل كل طريفة من الثمار وغرائب من الأشجار والماء يطرد منه وبوسطه وحوافيه يوجد النبات أبدا مخضرا في كل الأزمان وعلى أعلاه جمل من قلاع وحصون تشف على نيف وسبعين حصنا ومنها الحصن المنيع القليل مثله في حصون الأرض بنية وتحصنا ومنعة وهو في

أعلى الجبل ومن حصانته وثقافة مكانه أن أربعة رجال يمسكونه ويمنعون الصعود إليه لأن الصعود إليه على مكان ضيق وعر المرتقى لأنه يشبه الدرج الحرج ولا ترتقي إليه دابة البتة إلا بعد جهد ومشقة واسم هذا الحصن تانمللت وهو كان عمدة المصمودي محمد بن تومرت حين ظهر بالمغرب وهو الذي زاد في تشييده ونظر في تحصينه وجعله مدخرا لأمواله وبه الآن قبره لأنه أمر بذلك فلما مات بجبل الكواكب احتمله المصامدة إليه وحموه ودفنوه بهذا الحصن وقبره في هذا الوقت بيت جعله المصامدة حجا يقصدون إليه من جميع بلادهم وعليه بناء متقن كالقبة العالية لاكنها غير مزخرفة ولا مزينة كل ذلك على طريق الناموس. وفي هذا الجبل من الفواكه التين الكثير الكبير الطيب المتناهي في الطيب البالغ الحلاوة وفيه العنب المستطيل العسلي الذي لا يوجد في أكثره نوى ومنه يتخذ الزبيب الذي عليه يتنقل ملوك المغرب لرقة قشرته وعذوبة طعمه واعتدال غذائه وفيه الجوز واللوز وأما السفرجل والرمان فيكون به منهما ما يباع الحمل منه بقيراط واحد وبه من الإجاص والكمثرى والمشمش كل غريبة وكذلك الأترج والقصب الحلو حتى أن أهل هذا الجبل لا يبيعونه بينهم ولا يشترونه لكثرته وعندهم شجر الزيتون والخرنوب والمشتهى وسائر الفواكه وبهذا الجبل شجر كبير يسمى بالبربرية ارقان وهي تشبه شجر الإجاص أغصانا وفروعا وأوراقا ولها ثمر شبيه بثمر العيون في أول نباته قشرته العليا رقيقة خضراء فإذا تناهت اصفرت لاكنها في نهاية العفوصة

والحموضة وداخله نوى شبيه بالزيتونة المحدودة الرأس صلب ولا يطيب طعم هذا الثمر البتة فإذا كان في آخر شهر شتنبر جمع ووضع بين يدي المعز فتبتلعه بعد أن تأكل قشرته العليا ثم تلقيه بعد فيجمع ويغسل ويكسر ويدق لبه ويعصر فيخرج منه دهن كثير صافي اللون عجيب المنظر إلا أنه ليس بعذب الطعم فيه أدنى حرافة وهذا الزيت كثير جدا معروف ببلاد الغرب الأقصى ولكثرته يسرجون به قناديلهم ويقلي به الدخانيون الإسفنج في الأسواق وله إذا مسته النار رائحة كريهة حريفة ولاكنه يعذب طعمه في الإسفنج ونساء المصامدة يدهن رؤوسهن به على المشط فتحسن شعورهن بذلك وتطول وتتكسر ويمسك الشعر على لونه من السواد. ومدينة اغمات وريكة أسفل هذا الجبل من جهة الشمال في فحص أفيح طيب التراب كثير النبات والأعشاب والمياه تخترقه يمينا وشمالا وتطرد بساحاته ليلا ونهارا وحولها جنات محدقة وبساتين وأشجار ملتفة ومكانها أحسن مكان من الأرض فرجة الأرجاء طيبة الثرى عذبة الماء صحيحة الهواء وبها نهر ليس بالكبير يشق المدينة ويأتيها من جنوبها فيمر إلى أن يخرج من شمالها وعليه أرحاؤهم التي يطحنون بها الحنطة وهذا النهر يدخل المدينة يوم الخميس ويوم الجمعة والسبت والأحد وباقي أيام الجمعة يأخذونه لسقي جناتهم وأرضيهم ويقطعونه عن البلد فلا يجري منه إليه شيء. ومدينة اغمات مدينة تكنفها جبل درن كما قلناه فإذا كان زمن الشتاء

تحللت الثلوج النازلة بجبل درن فيسيل ذوبانها إلى نهر اغمات وربما جمد في داخل المدينة حتى يجتاز الأطفال عليه وهو جامد فلا يتكسر لشدة جموده وهذا شيء عايناه بها غير مرة ومدينة اغمات أهلها هوارة من قبائل البربر المتبربرين بالمجاورة وهم أملياء تجار مياسير يدخلون إلى بلاد السودان بأعداد الجمال الحاملة لقناطير الأموال من النحاس الأحمر والملون والأكسية وثياب الصوف والعمائم والمآزر وصنوف النظم من الزجاج والأصداف والأحجار وضروب من الأفاويه والعطر وآلات الحديد المصنوع وما منهم رجل يسفر عبيده ورجاله إلا وله في قوافلهم مائة جمل والسبعون والثمانون جملا كلها موقرة ولم يكن في دولة المتلثم أحد أكثر منهم أموالا ولا أوسع منهم أحوالا وبأبواب منازلهم علامات تدل على مقاديرهم وذلك أن الرجل منهم إذا ملك أربعة آلاف دينار يمسكها مع نفسه وأربعة آلاف يصرفها في تجارته أقام على يمين بابه وعن يساره عرصتين من الأرض إلى أعلى السقف وبنيانهم بالآجر وبالطوب والطين أكثر فإذا مر الخاطر بدار ونظر إلى تلك العرص مع الأبواب قائمة عدها فيعلم من عددها كم مبلغ مال صاحب الدار لأنه قد يكون من هذه العرص خلف الباب أربع وست مع كل عضادة اثنتان وثلاث وأما الآن في وقت تأليفنا هذا الكتاب فقد أتي على أكثر أموالهم وغيرت المصامدة ما كان بأيديهم من نعم الله ولاكنهم مع هذا أملياء مياسير

أغنياء لهم نخوة واعتزاز لا يتحولون عنه وبمدينة اغمات عقارب كثيرة وكثيرا ما تلسب الناس فتؤذيهم وربما مات من لسبته وبمدينة اغمات ضروب من الفواكه وأنواع من النعم وكل شيء من المأكول بها رخيض ممكن. وبشمال هذه المدينة وعلى اثني عشر ميلا منها مدينة بناها يوسف بن تاشفين في صدر سنة سبعين وأربع مائة بعد أن اشترى أرضها من أهل اغمات بجملة أموال واختطها له ولبني عمه وهي في وطاء من الأرض ليس حولها شيء من الجبال إلا جبل صغير يسمى ايجليز ومنه قطع الحجر الذي بني منه قصر أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين وهو المعروف بدار الحجر وليس في موضع مدينة مراكش حجر البتة إلا ما كان من هذا الجبل وإنما بناؤها بالطين والطوب والطوابي المقامة من التراب وماؤها الذي تسقى به البساتين مستخرج بصنعة هندسية حسنة استخرج ذلك عبيد الله بن يونس المهندس وسبب ذلك أن ماءهم ليس ببعيد الغور موجود إذا احتفر قريبا من وجه الأرض وذلك أن هذا الرجل المذكور وهو عبيد الله بن يونس جاء إلى مراكش في صدر بنائها وليس بها إلا بستان واحد لأبي الفضل مولى أمير المسلمين المقدم ذكره فقصد إلى أعلى الأرض مما يلي البستان فاحتفر فيه بئرا مربعة كبيرة التربيع ثم احتفر منها ساقية متصلة الحفر على وجه الأرض ومر يحفر بتدريج من أرفع إلى أخفض متدرجا إلى أسفله بميزان حتى وصل الماء إلى البستان وهو منسكب مع وجه الأرض يصب فيه فهو جار مع الأيام لا يفتر وإذا نظر الناظر إلى مسطح الأرض لم ير بها كبير ارتفاع يوجب خروج الماء من قعرها إلى وجهها وإنما يميز

ذلك عالم بالسبب الذي به استخرج ذلك الماء والسبب هو الوزن للأرض فاستحسن ذلك أمير المسلمين من فعل عبيد الله بن يونس المهندس وأعطاه مالا وأثوابا وأكرم مثواه مدة بقائه عنده ثم إن الناس نظروا إلى ذلك ولم يزالوا يحفرون الأرض ويستخرجون مياهها إلى البساتين حتى كثرت البساتين والجنات واتصلت بذلك عمارات مراكش وحسن قطرها ومنظرها ومدينة مراكش في هذا الوقت من أكبر مدن المغرب الأقصى لأنها كانت دار إمارة لمتونة ومدار ملكهم وسلك جميعهم وكان بها أعداد قصور لكثير من الأمراء والقواد وخدام الدولة وأزقتها واسعة ورحابها فسيحة ومبانيها سامية وأسواقها مختلفة وسلعها نافقة. وكان بها جامع بناه أميرها يوسف بن تاشفين فلما كان في هذا الوقت وتغلب عليها المصامد وصار الملك لهم تركوا ذلك الجامع عطلا مغلق الأبواب لا يرون الصلاة فيه وصنعوا لأنفسهم مسجدا جامعا يصلون فيه بعد أن نهبوا الأموال وسفكوا الدماء وباعوا الحرم كل ذلك بمذهب لهم يرون ذلك فيه حلالا وشرب أهل مراكش من الآبار ومياهها كلها عذبة وآبارهم قريبة معينة وكان علي بن يوسف قد جلب إلى مراكش ماء من عين بينها وبين المدينة أميال ولم يستتم ذلك فلما تغلب المصامدة على الملك وصار لهم وبأيديهم تمموا جلب ذلك الماء إلى داخل المدينة وصنعوا به سقايات بقرب دار الحجر وهي الحظيرة التي فيها القصر منفردا متحيزا بذاته والمدينة بخارج هذا القصر وطول المدينة أشف من ميل

وعرضها قرب ذلك وعلى ثلاثة أميال من مراكش نهر لها يسمى تانسيفت وليس بالكبير لاكنه دائم الجري وإذا كان زمن الشتاء حمل بسيل كبير لا يبقى ولا يذر وكان أمير المسلمين علي بن يوسف بنى على هذا النهر قنطرة عجيبة البناء متقنة الصنع بعد أن جلب إلى عملها صناع الأندلس وجملا من أهل المعرفة بالبناء فشيدوها وأتقنوا بنيانها حتى كملت ثم لم تلبث غير أعوام يسيرة حتى أتى عليها السيل فاحتمل أكثرها وأفلت عقدها وهدمها ورمى بها في البحر الزخار وهذا الوادي يأتي إليه الماء من عيون ومياه منبعثة من جبل درن من ناحية مدينة اغمات ايلان. واغمات ايلان مدينة صغيرة في أسفل جبل درن المذكور وهي في الشرق من اغمات وريكة السابق ذكرها وبينهما ستة أميال وبهذه المدينة يسكن يهود تلك البلاد وهي مدينة حسنة كثيرة الخصب كاملة النعم وكانت اليهود لا تسكن مدينة مراكش عن أمر أميرها علي بن يوسف ولا تدخلها إلا نهارا وتنصرف عنها عشية وليس دخولهم في النهار إليها إلا لأمور له وخدم تختص به ومتى عثر على واحد منهم بات فيها استبيح ماله ودمه فكانوا ينافرون المبيت بها حياطة على أموالهم وأنفسهم. وأهل مراكش يأكلون الجراد ويباع منه بها كل يوم الثلاثون حملا فما دونها وفوقها بقبالة عليه وكانت أكثر الصنع بمدينة مراكش متقبلة عليها مال لازم مثل سوق الدخان والصابون والصفر والمغازل وكانت القبالة على كل شيء يباع دق أو جل كل شيء على قدره فلما ولي

المصاميد وصار الأمر إليهم قطعوا القبالات بكل وجه وأراحوا منها واستحلوا قتل المتقبلين لها ولا تذكر الآن القبالة ذكرا في شيء من بلاد المصامدة ويسكن بقبلة مراكش من قبائل البربر ايلان وهم مصاميد وحولها من القبائل نفيس وبنو يدفر ودكال ورجراجة وزودة وهسكورة وهزرجة ويسكن بغربي اغمات وشرقيها مصاميد وريكة. ومن مدينة مراكش إلى مدينة سلا على ساحل البحر تسع مراحل أولها تونين وتونين قرية على أول فحص أفيح لا عوج به ولا أمتا وطول هذا الفحص مرحلتان ويسكنه من قبائل البربر قزولة ولمطة وصدرات ومن تونين إلي قرية تيقطين مرحلة إلى قرية غفسيق مرحلة وهي قرية على أخر الفحص المذكور وصحن هذا الفحص كله نبات الشوك المسمى بالسدرة المثمرة بالنبق وفيه السلاحف البرية التي تفوق السلاحف البحرية كبرا وعظما وأهل تلك النواحي يتخذون من جلودها دساتى للغسل ومعاجن لدقيق الحنطة وغيره. ومن قرية غفسيق إلى قرية أم ربيع مرحلة وهي قرية كبيرة جامعة وبها أخلاط من برابر رهونة وبعض زناتة وتامسنا وقبائل تامسنا شتى مفترقة فمنهم برغواطة ومطماطة وبنو تسلت وبنو اويقمران وزقارة وبعض من زناتة

وبنو يجفش من زناتة وكل هذه القبائل أصحاب حرث ومواش وجمال والغالب عليهم الفروسية وآخر سكناهم مرسى فضالة ومرسى فضالة على البحر المحيط الغربي وبينه وبين وادى أم ربيع ثلاث مراحل. وأم ربيع على واد كبير خرار يجاز بالمراكب سريع الجري كثير الانحدار كثير الصخور والجنادل وبهذه القرية ألبان وأسمان ونعم رغدة وحنطة في نهاية الرخص وبها بقول ومزارع القطاني والقطن والكمون وهي في جنوب الوادي ويجاز هذا الوادي إلى غيضة كبيرة من الطرفاء والأنشام وكثير العليق وهي غابة كبيرة ملتفة والأسد بها كثيرة وربما أضرت بالمار والجائي غير أن أهل تلك النواحي لا يهابونها وقد تمهروا في مقاتلتها بأنفسهم من غير سلاح وإنما يلقونها بأنفسهم عراة يلقون أكسيتهم على أذرعهم ويمسكون معهم قنات من شوك السدرة وسكاكينهم بأيديهم لا غير وقد لقيت الأسود منهم هناك نكايات فلا مهابة بذلك لها عندهم بل تخاف ضرهم وتجتنب طرقهم وربما هجمت على الضعفاء من الناس ممن يقتاد حمارا أو غير ذلك. ومن أم ربيع إلى قرية ايغيسل مرحلة وهي قرية حسنة وبها عيون كثيرة دفاعة بالماء بين صخور صلدة وهذا الماء يتصرف في سقي كثير من زروعهم. ومن هذه القرية إلى قرية انقال مرحلة ويقال لها دار المرابطين أيضا وبها عين عليها أقباء وماؤها معين وهي حسنة في موضعها كثيرة الزروع والمواشي والإبل والبقر وقبالتها فحص طويل قد انحشرت إليه طيور

النعام فهي في أكنافه سارحة وعلى مراقبه دارجة وهي آلاف لا تحد ولا تعد وأهل تلك النواحي يصيدونها طردا بالخيل فيقبضون منها جملا كبارا وصغارا وأما بيضها الموجود في هذا الفحص فلا يحاط به كثرة ولا يحصل ومنه يحمل إلى كل البلاد وطعامها وخيم يفسد المعد وأما لحوم النعام فلحوم باردة يابسة وشحومها نافعة عندهم من الصمم تقطيرا ومن سائر الأوجاع البدنية. ومن انقال إلى قرية مكول مرحلة وقرية مكول على أبطح ويتصل بها فحص يقال له فحص خراز وطوله اثنا عشر ميلا لا ماء به وقرية مكول كالحصن الكبير عامرة بالبربر ولها سوق نافقة بما يجلب إليها من جميع المجلوبات من السلع والمتاجر التي يضطر الاحتياج إليها وبها زروع كثيرة ومواش وأنعام ومن مكول إلى قرية اكسيس مرحلة صغيرة والطريق على فحص خراز وفي آخر الفحص واد فيه ماء جار دائما وعليه غابات ثمار والأسود فيها ظاهرة للناس عادية عليهم بالليل والنهار ظاهرة لا تستتر في غياضها وبهذه القرية المسماة اكسيس بيت متخذ لصيد الأسود حتى أنه ربما صيد منها في الجمعة الثلاثة والأربعة والأكثر من ذلك والأقل والأسود تفر من النار إذا رأتها ولا سبيل لها على صاحب نار. ومن قرية اكسيس إلى مدينة سلا مرحلة ومدينة سلا الحديثة على ضفة البحر وكانت في القديم من الزمان مدينة شالة على ميلين من البحر وموضعها

على ضفة نهراسمير الذي يتصل الآن بمدينة سلا الحديثة وهناك مصبه في البحر وأما شالة القديمة فهي الآن خراب وبها بقايا بنيان قائم وهياكل سامية ويتصل بخرابها عمارات متصلة وزروع ومواش لأهل سلا الحديثة وسلا الحديثة على ضفة البحر الملح منيعة من جانب البحر لا يقدر أحد من أهل المراكب على الوصول إليها من جهته وهي مدينة حسنة حصينة في أرض رمل ولها أسواق نافقة وتجارات ودخل وخرج وتصرف لأهلها وسعة أموال ونمو أحوال والطعام بها كثير رخيص جدا وبها كروم وغلات وبساتين وحدائق ومزارع ومراكب أهل اشبيلية وسائر المدن الساحلية من الأندلس يقلعون عنها ويحطون بها بضروب من البضائع وأهل اشبيلية يقصدونها بالزيت الكثير وهو بضاعتهم ويتجهزون منها بالطعام إلى سائر بلاد الأندلس الساحلية والمراكب الواردة عليها لا ترسى منها في شيء من البحر لأن مرساها مكشوف وإنما ترسى المراكب بها في الوادي الذي قدمنا ذكره وتجوز المراكب على فمه بدليل لأن في فم الوادي أحجار وتروش تنكسر عليها المراكب وفيه أعطاف لا يدخلها إلا من يعرفها وهذا الوادي يدخله المد والجزر في كل يوم مرتين وإذا كان المد دخلت المراكب به إلى داخل الوادي وكذلك تخرج في وقت خروجها وفي هذا الوادي أنواع من السمك وضروب من الحيتان والحوت بها لا يكاد يباع ولا يشترى لكثرته وجودته وكل شيء من المأكولات في مدينة سلا موجود بأيسر القيمة وأهون الثمن. ومن مدينة سلا مع البحر الملح إلى جزائر الطير اثنا عشر ميلا ومنها في جهة الجنوب إلى مرسى فضالة اثنا عشر ميلا ومرسى فضالة ترده المراكب

من بلاد الأندلس وحائط البحر الجنوبي فتحمل منها أوساقها طعاما حنطة وشعيرا وفولا وحمصا وتحمل منها الغنم أيضا والمعز والبقر. ومن فضالة إلى مرسى آنفا أربعون ميلا وهو مرسى مقصود تأتي إليه المراكب وتحمل منه الحنطة والشعير ويتصل به في ناحية البر عمارات من البرابر من بني يدفر ودكال وغيرهما. ومن آنفا إلى مرسى مازيغن خمسة وستون ميلا روسية ومن مازيغن إلى البيضاء جون (وهو) ثلاثون ميلا ومن البيضاء إلى مرسى الغيط خمسون ميلا وهو جون ثان ومن الغيط إلى آسفي خمسون ميلا ومن آسفي إلى طرف جبل الحديد ستون ميلا ومن طرف جبل الحديد إلى الغيط التي في الجون خمسون ميلا وكذلك من طرف مازيغن إلى آسفي روسية خمسة وثمانون ميلا وتقويرا مائة وثلاثون ميلا ومرسى آسفي كان فيما سلف آخر مرسى تصل إليه المراكب فأما الآن فهي تجوزه بأكثر من أربعة مجار وآسفي عليه عمارات وبشر كثير من البرابر المسمين رجراجة وزودة وأخلاط من البرابر والمراكب تحمل منه أوساقها في وقت السفر وسكون حركة البحر المظلم وإنما سمي هذا المرسى بآسفي لأمر سنأتي به عند ذكرنا لمدينة اشبونة بغربي الأندلس وذكر الشيء في موضعه أليق وأوفق والحمد لله كثيرا. ومن مرسى آسفي إلى مرسى ماست في طرف الجون مائة وخمسون ميلا

ومرسى الغيط مرسى حسن مكن من بعض الرياح والمراكب تصل إليه فتخرج منه الحنطة والشعير ويتصل به من قبائل البربر دكالة وأرض دكالة كلها منازل وقرى ومناهل ومياهها قليلة وتتصل دكالة إلى مرسى ماست إلى تارودنت السوس ويسكنها قوم من المصاميد لهم حرث وزرع ومواش كثيرة وقد ذكرنا ذلك قبل هذا. ومن مدينة اغمات مع الشرق والشمال إلى مدينتي داي وتادلة أربعة أيام وبين داي وتادلة مرحلة ومدينة داي في أسفل جبل خارج من جبل درن وهي مدينة بها معدن النحاس الخالص الذي لا يعدله غيره من النحاس بمشارق الأرض ومغاربها وهو نحاس حلو لونه إلى البياض يتحمل التزويج ويدخل في لجام الفضة وهو إذا طرق جاد ولم يتشرح كما يتشرح غيره من أنواع النحاس وهذا المعدن ينسبه العوام إلى السوس وليست مدينة داي من بلاد السوس لان بينهما مسافات أيام كثيرة ومن هذا المعدن يحمل إلى سائر البلاد ويتصرف به في كثير من الأعمال ومدينة داي صغيرة لاكنها كثيرة العامر والقوافل عليها صادرة وواردة ويزرع بها وبأرضها كثير القطن ولكنه بمدينة تادلة يزرع أكثر مما يزرع بمدينة داي ومن مدينة تالة يخرج القطن كثيرا ويسافر به إلى كل الجهات ومنه كل ما يعمل من الثياب القطنية ببلاد المغرب الأقصى ولا يحتاجون مع قطنها إلى غيره من أنواع القطن المجلوب من سائر الأقطار وبهاتين البلدتين أرزاق ومعايش وخصب

ونعم شتى وأهلها أخلاط من البربر. وفي شرقي تادلة ووادى من البرابر بنو وليهم وبنو ويزكون ومنداسة ويسكن بهذا الجبل النازل إلى داي قوم من صنهاجة يقال لهم املو. ومن مدينة تادلة إلى مدينة تطن وقرى أربع مراحل وهي مدينة صغيرة لاكنها متحضرة يسكنها قوم من أخلاط البرابر وبها مزارع وحنطة كثيرة ولها مواش وأغنام ومن مدينة تطن وقرى إلى مدينة سلا التي على الساحل يومان وقد ذكرنا مدينة سلا قبل هذا. ومن مدينة سلا إلى مدينة فاس أربع مراحل ومدينة فاس مدينتان بينهما نهر كبير يأتي من عيون تسمى عيون صنهاجة وعليه في داخل المدينة أرحاء كثيرة تطحن بها الحنطة بلا ثمن له خطر والمدينة الشمالية منهما تسمى القرويين وتسمى الجنوبية الأندلس والأندلس ماؤها قليل لاكن يشقها نهر واحد يمر بأعلاها وينتفع منه ببعضها وأما مدينة القرويين فمياهها كثيرة تجري منها في كل شارع وفي كل زقاق ساقية متى شاء أهل الموضع فجروها فغسلوا مكانهم منها ليلا فتصبح أزقتهم ورحابهم مغسولة وفي كل دار منها صغيرة كانت أو كبيرة ساقية ماء نقيا كان أو غير نقي وفي كل مدينة منهما جامع ومنبر وإمام وبين المدينتين أبدا فتن ومقاتلات وبالجملة إن أهل مدينة فاس يقتل فتيانها بعضهم بعضا وبمدينة فاس ضياع ومعايش ومبان سامية ودور وقصور ولأهلها اهتمام بحوائجهم ومبانيهم وجميع

آلاتهم ونعمها كثيرة والحنطة بها رخيصة الأسعار جدا دون غيرها من البلاد القريبة منها وفواكهها كثيرة وخصبها زائد وبها في كل مكان منها عيون نابعة ومياه جارية وعليها قباب مبنية ودواميس محنية ونقوش وضروب من الزينة وبخارجها الماء مطرد نابع من عيون غزيرة وجهاتها مخضرة مؤنقة وبساتينها عامرة وحدائقها ملتفة وفي أهلها عزة ومنعة. ومنها إلى سجلماسة ثلاث عشرة مرحلة والطريق على صفروي إلى قلعة مهدي إلى تادلة إلى داي إلى شعب الصفا ويشق الجبل الكبير إلى جنوبه ومن هناك إلى سجلماسة فأما مدينة صفروي فمنها إلى فاس مرحلة وكذلك منها إلى قلعة مهدي مرحلتان وصفروي مدينة صغيرة متحضرة بها أسواق قليلة وأكثر أهلها فلاحون وزروعهم كثيرة ولهم جمل مواش وأنعام ومياههم عذبة غدقة. وأما قلعة مهدي فهي حصن حصين فوق جبل شامخ ولها أسواق وعمارات ومزارع وغلات وبقر وغنم وأحوال واسعة ومن قلعة مهدي إلى مدينة تادلة مرحلتان ويسكن في قبلة قلعة مهدي قبائل زناتة من بني سمجون وبني عجلان وبني تسكدلت وبني عبد الله وبني موسى وبني ماروى وتكلمان واريلوشن وانتقفاكن وبني سامرى وكذلك بين مدينة فاس

ومكناسة أربعون ميلا في جهة المغرب ومكناسة مدائن عدة وهي في طريق سلا والطريق إليها من فاس إلى مدينة مغيلة. ومدينة مغيلة كانت قبل هذا الوقت متحضرة كثيرة التجارات متصلة العمارات وهي في فحص أفيح كثير الأعشاب والخضر والنواوير والأشجار والثمار وهي الآن فيها بقايا عمارات وخراباتها متصلة والمياه تخترق في كل جانب منها ومكانها حسن وهواؤها معتدل. ومن مغيلة إلى وادي سنات إلى فحص النخلة إلى مكناسة ومدينة مكناسة هي المسماة تاقررت وهي الآن باقية على حالها لم يدركها كبير تغير وهي مدينة حسنة مرتفعة على الأرض يجري في شرقيها نهر صغير عليه أرحاء وتتصل بها عمارات وجنات وزروع وأرضها طيبة للزراعات ولها مكاسب وأحوال طائلة ومكناسة سميت باسم مكناس البربري لما نزلها مع بنيه عند حلولهم بالمغرب وأقطع لكل ابن من بنيه بقعة يعمرها مع ولده وكل هذه المواضع التي أحلهم فيها تتجاوز وتتقارب أمكنتها بعضها من بعض وبلاد مكناسة منها التي تعرف ببني زياد وهي مدينة عامرة لها أسواق عامرة وحمامات وديار حسنة والمياه تخترق أزقتها ولم يكن في أيام الملثم بعد تاقررت أعمر قطرا من بني زياد وبينهما نحو من ربع ميل. ومنها إلى بني تاورة نحو ذلك وبين تاورة وتاقررت نحو ذلك وكانت مدينة تاورة متحضرة جامعة عامرة وأسواقها كثيرة والصناعات بها نافقة والنعم والفواكه لا تقضى بها حاجة والماء يأتيها من جنوبها من نهر كبير

فينقسم في أعلاها ويمر ما انقسم هناك من المياه فيخترق جميع أزقتها وشوارعها وأكثر دورها. وبين تاورة وبني زياد مدينتان صغيرتان إحداهما القصر وهي مدينة صغيرة في الطريق من تاقررت إلى السوق القديمة على رميتي سهم وهذه المدينة بناها أمير من أمراء الملثمين وجعل لها سورا حصينا وبنى بها قصرا حسنا ولم تكن بها أسواق كثيرة ولا طائل تجارات وإنما كان ذلك الأمير يسكنها مع جلة بني عمه والمدينة الأخرى في شرقي هذه المدينة تعرف ببني عطوش وهي ديار متصلة وعمارات في بساتين لهم هناك ولهم أشجار وغلات وزيتون كثير وشجرتين وأعناب وفواكه جمة وكل ذلك بها ممكن رخيص. ومن أسفل هذه المنازل إلى قبيلة من مكناسة على مجرى الماء الذي يأتي من بني عطوش وتسمى هذه القبيلة بني برنوس وهي منازل وديار لهم وبها مزارع وكروم وعمارات وشجر زيتون كثيرة وفواكههم موجود تباع بالثمن اليسير وفي شمال قصر أبي موسى سوق يقصد إليها في يوم كل خميس يجتمع إليه جميع قبائل بني مكناس وهي سوق نافقة لما جلب إليها ويقصد إليها من بعيد وقريب وتسمى السوق القديمة ومن قبائل بني مكناس المجاورة لهذه البلاد بنو سعيد وبنو موسى ويسكنها من غير قبائل مكناسة بنو بسيل ومغيلة وبنو مصعود وبنو علي وورياغل ودمر وواربة وصبغاوة وهي من

أخصب البقاع أرضا وأنماها زرعا وأكثرها خيرا وأنجبها نتاجا وهم برابر يلبسون الأكسية ويربطون العمائم. ومن بلاد مكناسة في جهة الغرب إلى قصر عبد الكريم ثلاث مراحل وقصر ابن عبد الكريم يسكنه قوم من البربر يسمون دنهاجة وهي مدينة صغيرة عامرة بأخلاط دنهاجة وهي على نهر اولكس ويجري منها في جهة الجنوب وبينها وبين البحر نحو من ثلاثة أميال في أرض أكثرها رمل ولها مزارع وخصب وصيود بر وبحر وبها سوق عامرة وجمل صناعات ومن قصر عبد الكريم إلى مدينة سلا التي على البحر الملح مرحلتان من القصر إلى المعمورة ومن المعمورة إلى سلا ونهر اولكس نهر كبير من أنهار المغرب المشهورة وتمده أنهار كثيرة وعيون نابعة وعليه عمارات وقرى وديار. ومدينة فاس قطب ومدار لمدن المغرب الأقصى ويسكن حولها قبائل من البربر ولاكنهم يتكلمون بالعربية وهم بنو يوسف وفندلاوة وبهلول وزواوة ومجاصة وغياتة وسلالحون وفاس هذه هي حضرتها الكبرى ومقصدها الأشهر وعليها تشد الركائب وإليها تقصد القوافل ويجلب إلى حضرتها كل غريبة من الثياب والبضائع والأمتعة الحسنة وأهلها مياسير ولها من كل شيء حسن أكبر نصيب وأوفر حظ ومن مدينة فاس إلى مدينة سبتة على بحر الزقاق شمالا سبع مراحل. ومن فاس إلى تلمسان تسع مراحل والطريق بينهما هو أن تخرج من

فاس إلى نهر سبو وهو نهر عظيم يأتي من نواحي جبل القلعة لابن توالة ويمر حتى يحاذي فاس من جهة شرقيها وعلى ستة أميال منها وهناك يقع نهر فاس مع ما اجتمع معه من سائر العيون والأنهر الصغار وعليه قرى وعمارات ويمر الطريق منه إلى تمالتة مرحلة وهي قرية وعمارات على نهر لها يأتيها من جهة الجنوب يقال له وادي ايناون. ومنها إلى كرانطة مرحلة وكانت أيضا فيما سلف من الزمان مدينة لها كروم كثيرة وفواكه ومزارع على السقي ومنها إلى باب زناتة نحو من عشرة أميال وهو واد عليه حرث يسقى به وبه أغنام وأبقار وزروع كثيرة تقرب من نهر ايناون. ومنها إلى قلعة كرمطة مرحلة وبها سوق وزروع وضرع وهذه القلعة مطلة على نهر ايناون ومن كرمطة في أسفل الجبل إلى مراوز وهي قلعة صغيرة أكثرها خلا مرحلة وبها القمح والشعير كثيرا. ومنها إلى وادي مسون مرحلة والطريق إليه على تابرندا وهو حصن منيع على أكمة مطلة على وادي ملوية ووادي ملوية يقع إلى وادي صاع فيجتمعان معا ويصبان في البحر ما بين جراوة ابن قيس ومليلة. ومنها إلى صاع مرحلة وهي مدينة لطيفة صغيرة بأسفل كدية تراب مطلة على نهر كبير يشق أرباضها ويخترق ديارها وهي الآن مهدمة خربها

المصاميد ومنها إلى جراوة مرحلة وبين جراوة والبحر ستة أميال وكانت عامرة. ومنها إلى برقانة مرحلة وهي قلعة عليها حصن منيع ولها سوق عامرة وبها مياه كثيرة ولها جنات وكروم ومنها إلى العلويين مرحلة وهي قرية كبيرة على نهو يأتيها من القبلة وفواكهها فاضلة وخيراتها شاملة. ومنها إلى تلمسان مرحلة لطيفة وتلمسان مدينة أزلية ولها سور حصين متقن الوثاقة وهي مدينتان في واحدة يفصل بينهما سور ولها نهر يأتيها من جبلها المسمى بالصخرتين وعلى هذا الجبل حصن بناه المصمودي قبل أخذه تلمسان ولم تزل المصامدة قاطنين به إلى أن فتحوا تلمسان وهذا الوادي يمر في شرقي المدينة وعليه أرحاء كثيرة وما جاورها من المزارع كلها مسقي وغلاتها ومزارعها كثيرة وفواكهها جمة وخيراتها شاملة ولحومها شحيمة سمينة وبالجملة إنها حسنة لرخص أسعارها ونفاق أشغالها ومرابح تجاراتها ولم يكن في بلاد المغرب بعد مدينة اغمات وفاس أكثر من أهلها أموالا ولا أرفه منهم حالا ومدينة فاس أكبر من تلمسان قطرا وأجل منها قدرا وأكثر خيرا ومالا وأعلى همة في المباني واتخاذ الديار الحسنة. والطريق من مدينة فاس إلى بني تاودا مرحلتان وهذه المدينة بناها أمير من قبل الملثم وكانت مدينة قائمة بذاتها لكثرة زروعها ومفيد غلاتها وغزر

ألبانها وسمنها وعسلها وأسواقها عامرة وخيراتها وافرة وكانت على مقربة من جبل غمارة وكانت بمكانها شبه الثغر سدا مانعا من طغاة غمارة العابثين بتلك النواحي المغيرين على جوانبها وبينها وبين طرف جبل غمارة ثلاثة أميال وبين بني تاودا وفاس برية يشق في وسطها وادي سبو وبين وادي سبو في طريق بني تاودا وبين فاس عشرون ميلا ويسكن هذه البرية قبائل من البربر يسمون لمطة وحد عمارتهم من مدينة تاودا إلى وادي سبو المذكور ويمتدون بالعمارة إلى قرية عكاشة وبين هذه القرية وبني تاودا يوم وبينها وبين مدينة فاس يومان وهي أول مدينة من مدن الغرب التي حل بها الفساد ونزل بها التغيير واستأصلها المصامدة وهدموا أسوارها وصيروا قائم مساكنها أرضا ولم يبق من هذه المدينة المنسوبة لبني تاودا إلا مكانها وقد تراجع إلى مكانها نحو من مائة رجل فعمروها وزرعوا في أرضها لطيب ترابها ونمو زروعها وجودة حنطتها. وأما من أراد الطريق إلى تلمسان من سجلماسة فالقوافل تسير من تلمسان إلى فاس ومن فاس إلى صفروي إلى تادلة إلى اغمات إلى بني درعة إلى سجلماسة. والطريق الآخر تأخذه القوافل أيضا لاكن في النادر لأنه مفازة فمن شاء ذلك سار من مدينة تلمسان إلى قرية تارو مرحلة ومنها إلى جبل تامديت مرحلة ومنها إلى غايات وهي قرية خراب وبها بئر ماء معينة مرحلة ومنها

إلى صدرات وهي أرض قوم من البربر مرحلة ومنها إلى جبل تيوى مدينة خراب وبها عين ماء خرارة وهي في أسفل جبل مرحلة ومنها إلى فتات بئر في وسط صحراء مرحلة ومنها إلى شعب الصفا مرحلتان وهذا الشعب هو بين جبال درن ومجرى نهر يأتي من هناك والطريق بينهما مرحلة ومنه إلى تندلى وهي قرية عامرة مرحلة ومنها إلى قرية تمسنان مرحلة ومنها إلى تقربت مرحلة ومنه إلى سجلماسة ثلاث مراحل وهذا الطريق قليل سالكوه إلا نذرة في الدهر. ومدينة تلمسان قفل بلاد المغرب وهي على رصيف للداخل والخارج منها لا بد منها والاجتياز بها على كل حالة والطريق من تلمسان إلى مدينة تنس سبع مراحل تخرج من تلمسان إلى قرية العلويين وهي قرية كبيرة عامرة على ضفة نهر ولهم بها جنات ومياه جارية من عيون. ومنها إلى قرية بابلوت مرحلة وهي قرية جليلة كثيرة الأهل والعمارة على نهر ليس به أرحاء وتسقى منه مزارع ومن بابلوت إلى قرية سنى التي على نهر مرغيت مرحلة وهو صغير والعيون بها والمياه تطرد في كل وجهة. ومنها إلى رحل الصفاصف مرحلة وهو رحل عامر آهل على نهر يأتي من افكان من جهة المشرق ومن الرحل إلى افكان مرحلة وافكان هذه مدينة

كانت لها أرحاء وحمامات وقصور وفواكه كثيرة وكان عليها سور تراب لكنه الآن تهدم وبقي أثره وواديها يشقها نصفين ويمضي منها إلى تاهرت. ومنها إلى المعسكر مرحلة والمعسكر قرية عظيمة لها أنهار وثمار ومنها إلى جبل فرحان مارا مع أسفله إلى قرية عين الصفاصف وبها فواكه كثيرة وزروع ونعم دارة مرحلة. ومنها إلى مدينة يلل مرحلة ومدينة يلل بها عيون ومياه كثيرة وفواكه وزروع وبلادها جيدة للفلاحة وزروعها نامية. ثم إلى مدينة غزة وهي مدينة صغيرة القدر فيها سوق مشهورة لها يوم معلوم وبها حمام وديار حسنة ولها مزارع. ومنها إلى مدينة سوق إبراهيم مرحلة وهي على قدر غزة وموضعها على ضفة نهر شلف. ومن سوق إبراهيم إلى باجة مرحلة وهي مدينة حسنة صغيرة لها إقليم به شجر التين كثير جدا ويعمل بها من التين شرائح على مثال الطوب وبذلك تسمى وتحمل منها إلى كثير من الأقطار. ومنها إلى مدينة تنس مرحلة ومدينة تنس على مقربة من ضفة البحر الملح وعلى ميلين منه وبعضها على جبل وقد أحاط بها السور وبعضها في سهل الأرض وهي مدينة قديمة أزلية عليها سور حصين وحظيرة مانعة دائرة بها وشرب أهلها من عين ولها في جهة الشرق واد كثير الماء وشربهم منه

في أيام الشتاء والربيع وبها فواكه وخصب وبها إقلاع وحط ولها أقاليم وأعمال ومزارع وبها الحنطة ممكنة جدا وسائر الحبوب موجودة وتخرج منها إلى كل الآفاق في المراكب وبها من الفواكه كل طريفة ومن السفرجل الطيب المعنق ما يفوت الوصف في كبره وحسنه. والطريق من تلمسان إلى مدينة وهران الساحلية وهما مرحلتان كبيرتان وقيل بل هي ثلاث مراحل وذلك أنك تخرج من تلمسان إلى وادي وارو فتنزل به وبينهما مرحلة ومنها إلى قرية تانيت فتنزل بها وهي مرحلة ومن هذه القرية إلى مدينة وهران ووهران على مقربة من ضفة البحر الملح وعليها سور تراب متقن وبها أسواق مقدرة وصنائع كثيرة وتجارات نافقة وهي تقابل مدينة المرية من ساحل بحر الأندلس وسعة البحر بينهما مجريان ومنها أكثر ميرة ساحل الأندلس ولها على بابها مرسى صغير لا يستر شيئا ولها على ميلين منها المرسى الكبير وبه ترسى المراكب الكبار والسفن السفرية وهذا المرسى يستر من الريح وليس له مثال في مراسي حائط البحر من بلاد البربر وشرب أهلها من واد يجري إليها من البر وعليه بساتين وجنات وبها فواكه ممكنة وأهلها في خصب والعسل بها موجود وكذلك السمن والزبد والبقر والغنم بها رخيصة بالثمن اليسير ومراكب الأندلس إليها مختلفة وفي أهلها دهاقنة وعزة أنفس ونخوة. والطريق من مدينة تنس إلى المسيلة من بلاد بني حماد بالغرب الأوسط تخرج من مدينة تنس إلى بني وازلفن مرحلة لطيفة في جبال وعرة وشواهق

متصلة وبنو وازلفن قرية كبيرة لها كروم وجنات ذوات سوان يزرعون عليها البصل والشهدانج والحناء والكمون ولها كروم كثيرة ومعظمها على نهر شلف ومن تنس إلى شلف مرحلتان. ومن بني وازلفن إلى الخضراء مرحلة وهى مدينة صغيرة حصينة على نهر صغير عليه عمارات متصلة وكروم وبها من السفرجل كل بديع ولها سوق وحمام وسوقها يجتمع إليه أهل تلك الناحية. ومن الخضراء إلى مدينة مليانة مرحلة وهي مدينة قديمة البناء حسنة البقعة كريمة المزارع ولها نهر يسقي أكثر حدائقها وجناتها وجانبي مزارعها ولها أرحاء بنهرها المذكور ولأقاليمها حظ من سقي نهر شلف وعلى ثلاثة أيام منها وفي جنوبها الجبل المسمى بجبل وانشريس يسكنه قبائل من البربر منها مكناسة وحرسون واوربة وبنو أبي خليل وكتامة ومطماطة وبنو مليلت وبنو وارتجان وبنو أبي خليفة ويصلاتن وزولات وبنو واتمشوس وزواوة ونزار ومطغرة ووارترين وبنو أبي بلال وايزكروا وبنو أبي حكيم وهوارة وطول هذا الجبل أربعة أيام وينتهي طرف هذا الجبل إلى قرب تاهرت. ومن مدينة مليانة إلى كزناية مرحلة وهو حصن أزلي له مزارع وأسواق وهو على نهر شلف وله سوق يوم الجمعة يقصده بشر كثير.

ومن سوق كزناية إلى قرية ريغة مرحلة ولهذه القرية أرض متسعة وحروث ممتدة وفواكه وبساتين ولها سوق صالحة تقصد في يوم معلوم في كل جمعة يباع بها ويشترى ويقضى منها حوائج وبهذه القرية المذكورة مياه كثيرة وعيون مطردة ومنها إلى ماورغة مرحلة وهي قرية حسنة لكنها لطيفة القدر وبها زراعات وخصب ومياه جارية ومنها إلى اشير زيري مرحلتان وهو حصن حسن البقعة كثير المنافع وله سوق يوم معروف يجلب إليه كل لطيفة ويباع به كل طريفة ومنه إلى تامزكيدة مرحلة. ثم إلى المسيلة مرحلتان وهي مستحدثة استحدثها علي بن الأندلسي في ولاية إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وهي عامرة في بسيط من الأرض ولها مزارع ممتدة أكثر مما يحتاج إليه ولأهلها سوائم خيل وأغنام وأبقار وجنات وعيون وفواكه وبقول ولحوم ومزارع قطن وقمح وشعير ويسكنها من البربر بنو برزال ودنداح وهوارة وصدراتة ومزاتة وهذه المدينة أيضا عامرة بالناس والتجار وهي على نهر فيه ماء كثير مستنبط على وجه الأرض وليس بالعميق وهو عذب وفيه سمك صغير فيه طرق حمر حسنة ولم ير في بلاد الأرض المعمورة سمك على صفته وأهل المسيلة يفتخرون به ويكون مقدار هذا السمك من شبر إلى ما دونه وربما اصطيد منه الشيء الكثير فاحتمل إلى قلعة بني حماد وبينهما اثنا عشر ميلا.

ومدينة القلعة من أكبر البلاد قطرا وأكثرها خلقا وأغزرها خيرا وأوسعها أموالا وأحسنها قصورا ومساكن وأعمها فواكه وخصبا وحنطتها رخيصة ولحومها طيبة سمينة وهي في سند جبل سامي العلو صعب الارتقاء وقد استدار سورها بجميع الجبل ويسمى تاقربست وأعلى هذا الجبل متصل ببسيط من الأرض ومنه ملكت القلعة وبهذه المدينة عقارب كثيرة سود تقتل في الحال وأهل القلعة يتحرزون منها ويتحصنون من ضررها ويشربون لها نبات الفوليون الحراني ويزعمون أنه ينفع شرب درهمين منه لعام كامل فلا يصيب شاربها شيء من ألم تلك العقارب وهذا عندهم مشهور وقد أخبر بذلك من يوثق به في وقتنا هذا وحكى عن هذه الحشيشة أنه شربها وقد لسبته العقرب فسكن الوجع مسرعا ثم إنه لسبته العقارب في سائر العام ثلاث مرات فما وجد لذلك اللسب ألما وهذا النبات ببلد القلعة كثير. والطريق من مدينة تلمسان إلى مدينة المسيلة من تلمسان إلى مدينة تاهرت أربع مراحل تخرج من تلمسان إلى تادرة وهي قرية في حضيض جبل فيها عين ماء خرارة مرحلة ومنها إلى قرية نداى مرحلة وهي قرية صغيرة في فحص أفيح بها بئران ماؤهما معين ومنها إلى مدينة تاهرت مرحلتان. وبين مدينة تاهرت والبحر أربع مراحل ومدينة تاهرت كانت فيما سلف من الزمان مدينتين كبيرتين إحداهما قديمة والأخرى محدثة والقديمة من هاتين المدينتين ذات سور وهي على قنة جبل قليل العلو وبها ناس وجمل من

البرابر ولهم تجارات وبضائع وأسواق عامرة وبأرضها مزارع وضياع جمة وبها من نتاج البراذين والخيل كل حسن وأما البقر والغنم بها فكثيرة جدا وكذلك العسل والسمن وسائر غلاتها كثيرة مباركة وبمدينة تاهرت مياه متدفقة وعيون جارية تدخل أكثر ديارهم ويتصرفون بها ولهم على هذه المياه بساتين وأشجار تحمل ضروبا من الفواكه الحسنة وبالجملة إنها بقعة حسنة. ومن تاهرت إلى قرية اعبر مرحلة وهي قرية صغيرة على نهر صغير ومنها إلى قرية دارست مرحلة وهي قرية صغيرة جدا وزراعاتها كثيرة ومواشيها عامة ومنها إلى مدينة ماما مرحلتان وهي مدينة صغيرة لها سور من تراب وأكثره طوب ولها بما استدار بسورها خندق محفور ولها واد عذب عليه مزارع وغلات وإصابتها في الحنطة كثيرة ومن مدينة ماما إلى قرية ابن مجبر مرحلة وهي قرية كبيرة كثيرة الزروع عذبة المياه وشربهم من العيون وسكانها زناتة ومنها إلى اشير زيري التي قدمنا ذكرها مرحلة ومن اشير زيري إلى قرية سطيت مرحلة وبها عين ماء جارية ومنها إلى قرية هان في فحص رمل مرحلة وإليها مياه عيون وهي الآن خراب ومنها إلى المسيلة مرحلة. وبين مدينة تلمسان وتاهرت يسكن بنو مرين وورتطغير وزير وورتيد

ومانى واومانوا وسنجاسة وغمرة ويلومان وورماكسين وتجين وورشفان ومغراوة وبنو راشد وتمطلاس ومنان وزقارة وتيمنى وكل هذه القبائل بطون زناتة وهم أصحاب هذه الفحوص وهم قوم رحالة ظواعن ينتجعون من مكان إلى مكان غيره لاكنهم متحضرون وأكثر زناتة فرسان يركبون الخيل ولهم عادية لا تؤمن ولهم معرفة بارعة وحذق وكياسة ويد جيدة في علم الكتف ولا يدرى أن أحدا من الأمم أعلم بعلم الكتف من زناتة وهم منسوبون إلى جانا وهو أبو زناتة كلها وهو جانا ابن ضريس وضريس هو جالوت الذي قتله داود عليه السلام وضريس ابن لوى بن نفجاو ونفجاو هو أبو نفزاوة كلها ونفجاو ابن لوى الأكبر بن برا بن قيس بن الياس بن مضر وزناتة في أول نسبهم عرب صرح وإنما تبربروا بالمجاورة والمحالفة للبرابر من المصاميد. ولنرجع الآن إلى ذكر مدينة وهران فنقول إن (من) مدينة وهران السابق ذكرها إلى مدينة تنس مجريان وهي من الأميال مائتا ميل وأربعة أميال ومن مدينة تنس إلى برشك على الساحل ستة وستون ميلا ومن مدينة تنس إلى مدينة مليانة في البر مرحلتان وبين مليانة وتاهرت ثلاث مراحل. ومدينة برشك مدينة صغيرة على تل وعليها سور تراب وهي على ضفة البحر وشرب أهلها من عيون وماؤها عذب وافتتحها الملك المعظم رجار

في سنة (-) وخمس مائة وبها فواكه وجمل مزارع وحنطة كثيرة وشعير. ومنها إلى شرشال عشرون ميلا ويصل بينهما جبل منيع يسكنه قبيلة من البربر تسمى ربيعة ومدينة شرشال صغيرة القدر لاكنا متحضرة وبها مياه جارية وآبار معينة عذبة وبها فواكه حسنة كثيرة وسفرجل كبير الجرم ذو أعناق كأعناق القرع الصغار وهو من الطرائف غريب في ذاته وبها كروم وبعض شجرتين وما دار بها بادية لأهلها مواش وأغنام كثيرة والنحل عندهم كثير والعسل بها ممكن وأكثر أموالهم الماشية ولهم من زراعة الحنطة والشعير ما يزيد على الحاجة. ومن شرشال إلى الجزائر لبني مزغنا سبعون ميلا ومدينة الجزائر على ضفة البحر وشرب أهلها من عيون على البحر عذبة ومن آبار وهي عامرة آهلة وتجاراتها مربحة وأسواقها قائمة وصناعاتها نافقة ولها بادية كبيرة وجبال فيها قبائل من البربر وزراعاتهم الحنطة والشعير وأكثر أموالهم المواشي من البقر والغنم ويتخذون النحل كثيرا فلذلك العسل والسمن كثير في بلدهم وربما يتجهز بهما إلى سائر البلاد والأقطار المجاورة لهم والمتباعدة عنهم وأهلها قبائل ولهم حرمة مانعة. ومن الجزائر إلى تامدفوس شرقا ثمانية عشر ميلا وتامدفوس مرسى حسن عليه مدينة صغيرة خراب وأكثر سورها قد تهدم وقل أهلها وبها بقايا بناء قديم وهياكل وأصنام حجارة ويذكر أنها كانت من أعظم البلاد كبرا وأوسعها قطرا.

ومن تامدفوس إلى مرسى الدجاج عشرون ميلا ومدينة مرسى الدجاج كبيرة القطر لها حصن دائر بها وبشرها قليل وربما فر عنها أكثر أهلها في زمن الصيف ومدة السفر خوفا من قصد الأساطيل إليها ولها مرسى مأمون ولها أرض ممتدة وزراعات متصلة وإصابة أهلها في زروعهم واسعة وحنطتهم مباركة وسائر الفواكه واللحوم بها كثيرة وتباع بالثمن اليسير والتين خاصة يحمل منها شرائح طوبا ومنثورا إلى سائر الأقطار وأقاصي المدائن والأمصار وهي بذلك مشهورة. ومن مدينة مرسى الدجاج إلى مدينة تدلس أربعة وعشرون ميلا وهي على شرف متحصنة لها سور حصين وديار ومتنزهات وبها من رخص الفواكه والأسعار والمطاعم والمشارب ما ليس يوجد بغيرها مثله وبها الغنم والبقر موجودة كثيرا وتباع جملتها بالأثمان اليسيرة ويخرج من أرضها إلى كثير من الآفاق. ومن تدلس إلى مدينة بجاية في البر سبعون ميلا وفي البحر تسعون ميلا ومدينة بجاية على البحر لكنها على جرف حجر ولها من جهة الشمال جبل يسمى مسيون وهو جبل سامي العلو صعب المرتقى وفي أكنافه جمل من النبات المنتفع به في صناعة الطب مثل شجر الحضض والسقولوفندوريون والبرباريس والقنطوريون الكبير والرزاوند والقسطون والإفسنتين أيضا وغير ذلك من الحشائش وفي هذا الجبل كثير من العقارب صفر الألوان لكن

ضررها قليل ومدينة بجاية في وقتنا هذا مدينة الغرب الأوسط وعين بلاد بني حماد والسفن إليها مقلعة وبها القوافل منحطة والأمتعة إليها برا وبحرا مجلوبة والبضائع بها نافقة وأهلها مياسر تجار وبها من الصناعات والصناع ما ليس بكثير من البلاد وأهلها يجالسون تجار المغرب الأقصى وتجار الصحراء وتجار المشرق وبها تحل الشدود وتباع البضائع بالأموال المقنطرة ولها بواد ومزارع والحنطة والشعير بها موجودان كثيران والتين وسائر الفواكه منها ما يكفي لكثير من البلاد وبها دار صناعة لإنشاء الأساطيل والمراكب والسفن والحرابي لأن الخشب في جبالها وأوديتها كثير موجود ويجلب إليها من أقاليمها الزفت البالغ الجودة والقطران وبها معادن الحديد الطيب موجودة وممكنة وبها من الصناعات كل غريبة ولطيفة وعلى بعد ميل منها نهر يأتيها من جهة المغرب من نحو جبل جرجرة وهو نهر عظيم يجاز عند فم البحر بالمراكب وكلما بعد عن البحر كان ماؤه قليلا ويجوز من شاء في كل موضع منه. ومدينة بجاية قطب لكثير من البلاد وذلك أن من بجاية إلى اتكجان يوم وبعض يوم ومن بجاية إلى بلزمة مرحلتان وبعض ومن بجاية إلى سطيف يومان وبين بجاية وباغاية ثمانية أيام وبين بجاية وقلعة بشر خمسة أيام وهي من عمالة بسكرة وبين بجاية وتيفاش ست مراحل وبين بجاية وقالمة ثماني مراحل وبين بجاية وتبسة ستة أيام وبين دور مدين وبجاية إحدى عشرة مرحلة وبين بجاية والقصرين ستة أيام وبين بجاية وطبنة سبع مراحل.

وأما مدينة بجاية في ذاتها فإنها عمرت بخراب القلعة التي بناها حماد بن بلقين وهي التي تنسب دولة بني حماد إليها والقلعة كانت في وقتها وقبل عمارة بجاية دار الملك لبني حماد وفيها كانت ذخائرهم مدخرة وجميع أموالهم مختزنة ودار أسلحتهم والحنطة تختزن بها فتبقى العام والعامين لا يدخلها الفساد ولا يعتريها تغيير وبها من الفواكه المأكولة والنعم المنتخبة ما يلحقه الإنسان بالثمن اليسير ولحومها كثيرة وبلادها وجميع ما ينضاف إليها تصلح فيها السوائم والدواب لأنها بلاد زرع وخصب وفلاحتهم إذا كثرت أغنت وإذا قلت كفت فأهلها أبد الدهر شباع وأحوالهم صالحة وقد ذكرنا حالها وصفتها في ذات بنائها فيما تقدم لنا وهي متعلقة بجبل عظيم مطل عليها وقد احتوى سورها المبني على جميع الجبل المذكور طولا وعرضا وأمامها في جهة الجنوب أرض سهلة متصلة الانفراج لا يرى الناظر فيها جبلا عاليا ولا شرفا مطلا إلا على بعد منها وعلى مسير أربع مراحل يرى جبالا لا تبين. وعلى اثني عشر ميلا منها المسيلة التي تقدم ذكرها غربا والمسيلة في أرض طبنة وفي جهة المغرب من مدينة القلعة ومن القلعة أيضا في جهة المشرق مدينة محدثة تسمى الغدير وبينها وبين القلعة ثمانية أميال والغدير مدينة حسنة وأهلها بدو ولهم مزارع وأرضون مباركة والحرث بها قائم الذات والإصابة في زروعها موجودة والبركات في معاملاتهم كثيرة وبين المسيلة والغدير ثمانية عشر ميلا.

والطريق من مدينة بجاية إلى القلعة تخرج من بجاية إلى المضيق إلى سوق الأحد إلى وادي رهت إلى حصن تاكلات وبه المنزل وحصن تاكلات حصن منيع وهو على شرف مطل على وادي بجاية وبه سوق دائمة وبه فواكه ولحوم كثيرة رخيصة وبحصن تاكلات قصور حسان وبساتين وجنات ليحيى ابن العزيز. ومن حصن تاكلات إلى تادرفت إلى سوق الخميس إلى حصن بكر وبه المنزل وحصن بكر حصن حصين على مراع ممتدة والوادي الكبير يجري مع أصلها وبجنوبها وفيه سوق وبيع وشراء ومن حصن بكر إلى حصن وارفو ويسمى أيضا رافو إلى القصر وهو أيضا قرية وهناك تترك وادي بجاية غربا وتمر في جهة الجنوب إلى حصن الحديد مرحلة إلى الشعراء إلى قبور بني تراكش إلى تاورت وهي قرية كبيرة عامرة على نهر ملح وبها المنزل وشرب أهلها من عيون محتفرة ببطن واد يأتيها من جهة المشرق وهذا الوادي لا ماء به. ومن تاورت إلى الباب وهي جبال يخترق بينها الوادي الملح وهناك مضيق وموضع مخيف وإلى هاهنا تصل غارات العرب وضررها ومنه إلى السقائف وهو حصن. ثم إلى حصن الناظور إلى سوق الخميس وبه المنزل وهذه الأرض كلها تجولها العرب وتضر بأهلها وسوق الخميس حصن في أعلى جبل

وبه مياه جارية ولا تقدر العرب عليه لمنعته وبه من المزارع والمنافع قليل. ومنه إلى الطماطة وهو فحص في أعلى جبل ومنه إلى سوق الاثنين وبه المنزل وهو قصر حصين والعرب محدقة بأرضه وفيه رجال يحرسونه مع سائر أهله. ومنه إلى حصن تافلكايت وهو حصن إلى تازكا وهو حصن صغير ومنه إلى قصر عطية وهو حصن على أعلى جبل ثم إلى حصن إلى حصن إلى حصن القلعة مرحلة وجميع هذه الحصون أهلها مع العرب في مهادنة وربما أضر بعضهم ببعض غير أن أيدي الأجناد فيها مقبوضة وأيدي العرب مطلقة في الإضرار وموجب ذلك أن العرب لها دية مقتولها وليس عليها دية فيمن تقتل. ومن المسيلة إلى طبنة مرحلتان وطبنة مدينة الزاب وهي مدينة حسنة كثيرة المياه والبساتين والزروع والقطن والحنطة والشعير وعليها سور من تراب وأهلها أخلاط وبها صنائع وتجارات وأموال لأهلها متصرفة في ضروب من التجارات والتمر بها كثير وكذلك سائر الفواكه. وتخرج من المسيلة إلى مقرة مرحلة وهي مدينة صغيرة وبها مزارع وحبوب وأهلها يزرعون الكتان وهو عندهم كثير ومن مقرة إلى طبئة مرحلة وبين طبنة ومدينة بجاية ست مراحل وكذلك من طبنة إلى باغاي أربع مراحل. ومن طبنة شرقا إلى دار ملول مرحلة كبيرة وكانت فيما سلف من

الدهر مدينة عامرة وأسواقها قائمة ولها مزارع وغلات جمة وفيها حصن مطل فيه مرصد من البلد ينظر إلى مجال العرب في بلادهم ويتطلع منه إلى ما بعد من الأرض وشربهم من ماء عيون بها جارية وبين دار ملول ونقاوس ثلاث مراحل وجبل اوراس منها على مرحلة وزائد وكذلك من دار ملول إلى القلعة ثلاث مراحل وجبل اوراس قطعة يقال إنها متصلة من جبل درن المغرب وهو كاللام محني الأطراف وطوله نحو من اثني عشر يوما ومياهه كثيرة وعماراته متصلة وفي أهله نخوة وتسلط على من جاورهم من الناس. ومن مدينة طبنة إلى مدينة نقاوس مرحلتان ومدينة نقاوس مدينة صغيرة كثيرة الشجر والبساتين وأكثر فواكهها الجوز ومنها يتجهز به إلى ما جاورها من الأقطار وفيها سوق قائمة ومعايش كثيرة ومن نقاوس إلى المسيلة أربع مراحل وقيل ثلاث ومن مدينة نقاوس أيضا إلى حصن بسكرة مرحلتان وهو حصن منيع في كدية تراب عال وبه سوق وعمارة وبه أيضا من التمر كل غريبة وطريفة. ومنه إلى حصن بادس وهو في أسفل طرف جبل اوراس ثلاث مراحل وهو حسن عامر بأهله والعرب تملك أرضه وتمنع أهله من الخروج عنه إلا بخفارة رجل منهم ومنه إلى مدينة المسيلة أربعة أميال.

وفي الشرقي من مدينة قلعة بني حماد مدينة ميلة وهي على أربع مراحل منها ومدينة ميلة حسنة كثيرة الأشجار ممكنة الثمار وفواكهها كثيرة ومحاسنها ظاهرة ومياهها غدقة وأهلها من أخلاط البرابر جملة والعرب تحكم بخارجها وكانت في طاعة يحيى بن العزيز صاحب بجاية. ومنها في الشرق إلى مدينة قسنطينة الهواء ثمانية عشر ميلا ويصل بينهما جبل والطريق به ومدينة القسنطينة عامرة وبها أسواق وتجار وأهلها مياسير ذوو أموال وأحوال واسعة ومعاملات للعرب وتشارك في الحرث والادخار والحنطة تقيم بها في مطامرها مائة سنة لا تفسد والعسل بها كثير وكذلك السمن يتجهز به منها إلى سائر البلاد ومدينة القسنطينة على قطعة جبل منقطع مربع فيه بعض الاستدارة لا يتوصل إليه من مكان إلا من جهة باب في غربيها ليس بكثير السعة وهناك مقابر أهلها حيث يدفنون موتاهم ومع المقابر أيضا بناء قائم من بناء الروم الأول وبه قصر قد تهدم كله إلا قليلا منه وبه دار ملعب من بناء الروم شبيه بملعب ثرمة من بلاد صقلية. وهذه المدينة أعني القسنطينة يحيط بها الوادي من جميع جهاتها كالعقد مستديرا بها وليس للمدينة من داخلها سور يعلو أكثر من نصف قامة إلا من جهة باب ميلة وللمدينة بابان باب ميلة في الغرب وباب القنطرة في الشرق وهذه القنطرة من أعجب البناءات لأن علوها يشف على مائة ذراع بالذراع الرشاشي وهي من بناء الروم قسي عليا على قسي سفلي وعددها في سعة الوادي

خمس والماء يدخل على ثلاث منها مما يلي جانب الغرب وهي كما وصفناها قوس على قوس والقوس الأولى يجري بها الماء أسفل الوادي والقوس الأخرى فوقها وعلى ظهرها المشي والجواز إلى البر الثاني وباقي القوسين اللتين من جهة المدينة فإنما هما مفردتان على الجبل وبين القوس والقوس أرجل تدفع مضرة الماء ومصادرة الماء عند حمله بسيوله وعلى رقاب الأرجل قسي فارغة كالبنات صغار فربما زاد الماء في بعض الأوقات عند سيله فعلا الأرجل ومر في تلك الفرجات وهي من أعجب ما رأيناه من البناء. وليس في المدينة كلها دار كبيرة ولا صغيرة إلا وعتبة بابها حجر واحد وكذلك جميع عضادات الأبواب فمنها ما يكون من حجرين ومنها ما يكون من أربعة أحجار وبناؤها من التراب وأرضها كلها حجر صلد وفي كل دار منها مطمورتان وثلاث وأربع منقورة في الحجر ولذلك تبقى بها الحنطة لبرودتها واعتدال هوائها وواديها يأتي من جهة الجنوب فيحيط بها من غربيها ويمر شرقا مع دائر المدينة ويستدير في جهة الشمال ويمر مغربا إلى أسفل الجبل ثم يسير شمالا إلى أن يصب في البحر في غربي وادي سهر والقسنطينة من أحصن بلاد الله وهي مطلة على فحوص متصلة ولها مزارع الحنطة والشعير ممتدة في جميع جهاتها ولها في داخل المدينة ومع سورها مسقى يستقون منه ويتصرفون به عند أوقات الحصار لها ممن طرقها. وبين القسنطينة وباغاي ثلاث مراحل وكذلك من القسنطينة إلى مدينة

بجاية ستة أيام أربعة منها إلى جيجل ومن جيجل إلى بجاية خمسون ميلا وكذلك من القسنطينة إلى اربس خمس مراحل ومنها إلى بجاية أربع مراحل ومنها إلى قلعة بشر يومان ومنها إلى تيفاش يومان كبيران ومنها إلى قالمة يومان كبيران ومنها إلى القصرين ثلاثة أيام ومنها إلى دور مدين ستة أيام ومنها إلى مرسى القل يومان في أرض العرب. والطريق من القسنطينة إلى بجاية من القسنطينة إلى النهر إلى فحص فارة إلى قرية بني خلف إلى حصن كلديس وكلديس حصن منيع جدا ومنه إلى القسنطينة عشرون ميلا وليس بينهما جبل ولا خندق وكلديس على جرف مطل على نهر القسنطينة. ومن حصن كلديس إلى جبل سحاو ثمانية أميال وهو من أعظم الجبال علوا وأسماها ارتقاء وأصعبها مسلكا وعلى أعلاه حصن يسمى (-) ويصعد إلى أعلاه نحو من خمسة أميال ويسار في أعلاه أيضا نحو من ثلاثة أميال وهذا الجبل لا تتعداه العرب إلى غيره ولا تجوزه وينحدر منه إلى أسفل واد هناك يسمى وادي شال ويمر معه إلى سوق يوسف وهي قرية في سند جبل ممتنع السلوك اثني عشر ميلا وهو جبل تخترقه مياه عذبة. ومنه إلى سوق بني زندوي وهو حصن في بسيط قليل الحصانة وهي سوق لها يوم في الجمعة وأهل تلك الناحية يقصدونها في ذلك اليوم وهذه القبيلة من البربر قوم يعمرون هذه الجهات ولهم منعة وتحصن وهم أهل

خلاف وقيام بعض على بعض والجبايات التي تلزمهم لا تؤخذ منهم إلا بعد نزل الخيل والرجال عليهم في تلك النواحي ومن عوائدهم التي هم عليها أن صغيرهم وكبيرهم لا يمشي من موضعه إلى موضع غيره إلا وهو شاكي السلاح بالسيف والرمح والدرقة اللمطية. ومن هذا الحصن إلى تالة وهو حصن خراب وبه المنزل ومنه إلى المغارة إلى ساحل البحر إلى مسجد بهلول إلى المزارع إلى مدينة جيجل وهي مدينة على ضفة البحر والبحر يحيط بها ولها ربض ولما ظفر بها أسطول الملك المعظم رجار ارتفع أهلها عن المدينة إلى جبل على بعد ميل منها وبنوا هناك مدينة حصينة فإذا كان زمن الشتاء سكنوا المرسى والساحل وإذا كان زمن الصيف ووقت سفر الأسطول نقلوا أمتعتهم وجملة بضائعهم إلى الحصن الأعلى البعيد من البحر وبقي الرجال باليسير من التجائر في الضفة يتجرون وهي إلى الآن خراب مهدمة الديار مثلمة الأسوار ليس بها ساكن ولا بقربها قاطن وهي مدينة حسنة بها الألبان والسمن والعسل والزروع الكثيرة وبها الحوت الكثير العدد المتناهي في الطيب والقدر ومن مدينة جيجل إلى طرف مزغيطن إلى جزائر العافية إلى فج الزرزور إلى حصن المنصورية على البحر إلى متوسة وهي قرية عامرة وبها معادن الجص ومنها يحمل إلى بجاية وبينهما اثنا عشر ميلا وكذلك من جيجل إلى بجاية الناصرية خمسون ميلا. ومدينة جيجل لها أيضا مرسيان مرسى منهما في جهة جنوبها وهو مرسى

وعر الدخول إليه صعب لا يدخل إلا بدليل حاذق وأما مرساها من جهة الشمال ويسمى مرسى الشعراء فهو ساكن الحركة كالحوض حسن الإرساء به لاكنه لا يحتمل الكثير من المراكب لصغره وهو رمل. ومن جيجل إلى مدينة القل سبعون ميلا وهو آخر مدن هذا الجزء المرسوم والقل قرية عامرة وكانت في سالف الدهر مدينة صغيرة عامرة والآن هي مرسى وعليه عمارات والجبال تكنفه من جهة البر ومن القل إلى مدينة القسنطينة مرحلتان جنوبا والطريق في أرض تغلبت العرب عليها. وعلى مقربة من مدينة بجاية إلى جهة الجنوب حصن سطيف وبينهما مرحلتان وحصن سطيف كبير القطر كثير الخلق كالمدينة وهو كثير المياه والشجرة المثمرة بضروب من الفواكه ومنها يحمل الجوز لكثرته بها إلى سائر الأقطار وهو بالغ الطيب حسن ويباع بها رخيصا وبين سطيف وقسنطينة أربع مراحل. وبقرب سطيف جبل يسمى ايكجان وبه قبائل كتامة وبه حصن حصين ومعقل منيع وكان قبل هذا من عمالة بني حماد ويتصل بطرفه من جهة الغرب جبل يسمى جلاوة وبينه وبين بجاية مرحلة ونصف. وقبيلة كتامة تمتد عمارتها إلى أن تجاوز أرض القل وبونة وفيهم كرم وبذل طعام لمن قصدهم أو نزل بأحدهم وهم أكرم الرجال للأضياف حتى استسهلوا مع ذلك بذل أولادهم للأضياف النازلين بهم ولا تتم عندهم

الكرامة البالغة إلا بمبيت أبنائهم من الأضياف ليتلقوا منهم الإرادة ولا ترى كتامة بذلك عارا ولا ترجع عن ذلك البتة وقد أصابتهم الملوك بذلك وأبلغت في نكاياتهم فما أقلعوا ولا امتنعوا عن عادتهم في ذلك ولا تحولوا عن شيء منه ولم يبق من كتامة في وقت تأليفنا لهذا الكتاب إلا نحو أربعة آلاف رجل وكانوا قبل ذلك عددا كثيرا وقبائل وشعوبا وأعف قبائل كتامة وأقلهم فعلا منهم لهذا العمل من كان في جهة سطيف لأنهم من القدم لا يرون ذلك ولا يستجيزونه ولا يستحسنون فعل شيء من هذه المنكرات التي تأتيها قبائل كتامة الساكنون بجهة القل وبأجبلها المتصلة بأقاليم قسنطينة الهواء. وبمقربة من قسنطينة حصن يسمى بلزمة وبينهما يومان وهو حصن لطيف وفي أهله عزة ومنعة ولها ربض وسوق وبها آبار طيبة وماؤها أيضا غدق وهو في وسط فحص أفيح وبناؤه الحجارة الكبار القديمة ويذكر أهل تلك الناحية أنه من أيام السيد المسيح وهذا السور يراه الراءون من خارج عاليا جدا والمدينة في ذاتها مردومة بالتراب والأحجار فاذا نظر الناظر إلى السور من خارج رأى سورا كاملا وإذا دخل المدينة لم يجد لها سورا لأن أرض الحصن مساو للشرفات وهي مردومة كما ذكرنا وهذا غريب في البناء. وأما حصن بشر فهو قلعة عامرة من أعمال بسكرة وهو في ذاته حصن جليل ومعقل جميل وله عمارات هي الآن في أيدي العرب وبينها وبين بجاية أربعة أيام وهي إلى قسنطينة أقرب وبينهما مرحلتان وقد ذكرنا من صفات البلاد وغرائب البقاع مما تضمنه هذا الجزء ما فيه كفاية.

وبقي علينا أيضا أن نذكر سواحل البحر بهذا الجزء وأجوانه وجباله وعدد أمياله تقويرا وروسية إذ ليس يمكننا هاهنا ذكر سواحل هذا البحر على جملته لأنه منه ما يأتي في الإقليم الثالث ومنه ما يأتي في الإقليم الرابع فوجب لذلك أن نذكر منه ما تحصل في كل جزء من هذه الأجزاء المرسومة ونأتي بذلك كله على توال ونسق بحول الله وعونه. فمن ذلك أن وهران من هذا الجزء على ضفة البحر الملح كما قدمنا ذكرها ومنها إلى طرف مشانة روسية خمسة وعشرون ميلا وعلى التقوير اثنان وثلاثون ميلا ومن طرف مشانة إلى مرسى ارزاو ثمانية عشر ميلا وهي قرية كبيرة تجلب إليها الحنطة فيسير بها التجار ويحملونها إلى كثير من البلاد ومنها إلى مستغانم على البحر مع الجون وهي مدينة صغيرة لها أسواق وحمامات وجنات وبساتين ومياه كثيرة وسور على جبل مطل إلى ناحية الغرب وهذا الجون تقويره أربعة وثلاثون ميلا تقويرا وروسية أربعة وعشرون ميلا. ومن مستغانم إلى حوض فروح تقويرا أربعة وعشرون ميلا وروسية خمسة عشر ميلا وهو مرسى حسن وعليه قرية عامرة ويلي حوض فروح في البر مع الشرق مدينة مازونة على ستة أميال من البحر وهي مدينة بين أجبل وهي أسفل خندق ولها أنهار ومزارع وبساتين وأسواق عامرة ومساكن

مونقة ولسوقها يوم معلوم يجتمع إليه أصناف من البربر بضروب من الفواكه والألبان والسمن والعسل كثير بها وهي من أحسن البلاد صفة وأكثرها فواكه وخصبا. ومن حوض فروح إلى طرف جوج وهو أنف خارج في البحر تقويرا أربعة وعشرون ميلا وفي البر اثنا عشر ميلا ومن هذا الطرف تأخذ جونا إلى جهة الجنوب فمن هذا الطرف مع الجون إلى جزائر الحمام أربعة وعشرون ميلا تقويرا وثمانية عشر ميلا روسية ومن جزائر الحمام إلى مصب وادي شلف اثنان وعشرون ميلا ومنه إلى قلوع الفراتين في وسط الجون اثنا عشر ميلا والقلوع جباة بيض ومن القلوع إلى مدينة تنس اثنا عشر ميلا مع الجون ومنها إلى طرف الجون ستة أميال فذلك من طرف جوج إلى طرف الجون تقويرا ستة وستون ميلا وروسية أربعون ميلا. ومن الطرف إلى مرسى امتكوا عشرة أميال ومن امتكوا طالعا في الجون إلى مرسى وقور تقويرا أربعون ميلا وروسية ثلاثون ميلا وهو مرسى ضيق يستر من الريح الشرقية ولا يستر من غيرها ووقور في آخر الجون. ومن وقور إلى مدينة برشك عشرون ميلا وقد ذكرنا شرشال فيما تقدم وبين برشك وشرشال (عشرون ميلا) على البحر يتصل بينهما جبل كبير

منيع يسكنه قوم من البربر يسمون ربيعة ومن شرشال إلى طرف البطال وهو خارج في البحر اثنا عشر ميلا ويقابل هذا الطرف جزيرة صغيرة في البحر ومن طرف البطال ابتداء جون هور وهذا الجون يقطع روسية أربعين ميلا وتقويره ستون ميلا وهو قرية صغيرة في وسط الجون وعلى بعد من البحر وبها قوم صيادون للحوت ومكانها أقصار لا يسقط فيه أحد ويتخلص منه البتة. ومنه آخر جون هور إلى جزائر بني مزغنا ثمانية عشر ميلا وقد ذكرناها فيما مضى من الذكر في صفات البلاد أولا ومنها إلى تامدفوس ثمانية عشر ميلا وهو مرسى وعليه عمارة ومزارع متصلة ومنه إلى مرسى الدجاج عشرون ميلا ومرسى الدجاج قد ذكرناه قبل هذا. ومنه إلى طرف بني جناد وهو أنف يدخل البحر اثنا عشر ميلا ومن طرف بني جناد إلى مدينة تدلس اثنا عشر ميلا وقد ذكرناها قبل هذا. ومن مدينة تدلس إلى طرف بني عبد الله أربعة وعشرون ميلا تقويرا وروسية عشرون ميلا ومن طرف بني عبد الله إلى جون زفون روسية عشرون ميلا وتقويرا ثلاثون ميلا ومن زفون إلى الدهس الكبير تقويرا ثلاثون ميلا وروسية خمسة وعشرون ميلا ومنه إلى الدهس الصغير ثمانية أميال ومن الدهس إلى طرف جرية خمسة أميال وهي مزارع كثيرة.

ومن طرف جربة إلى مدينة بجاية في البر ثمانية أميال وفي البحر اثنا عشر ميلا ومدينة بجاية في جون ينظر إلى الشرق ومن مدينة بجاية إلى متوسة اثنا عشر ميلا على التقوير وروسية ثمانية أميال ومن متوسة إلى المنصورية في وسط الجون على التقوير عشرة أميال ومن المنصورية إلى فج الزرزور اثنا عشر ميلا ومنه إلى مزغيطن وهو طرف خارج في البحر أحد عشر ميلا فمن هذا الطرف إلى بجاية خمسة وأربعون ميلا. ومن مزغيطن إلى مدينة جيجل خمسة أميال. ومن متوسة إلى فج الزرزور روسية خمسة وعشرون ميلا ومن فج الزرزور إلى جيجل على التقوير عشرون ميلا. ومن جيجل إلى وادي القصب عشرون ميلا وهناك مسقط واد يأتي من ظهر ميلة مع الجنوب. ومن وادي القصب إلى مرسى الزيتونة على التقوير ثلاثون ميلا وروسية عشرون ميلا ومرسى الزيتونة أول جبال الرحمن وهي جبال وجبأة عالية مشرفة على البحر ومنها إلى القل وبه ديار وناس ساكنون بها وهم الآن في أيام سفر الأسطول يرحلون إلى الجبال ولا يبقون بها شيئا من آثارهم وإنما يبقى بالقل في زمن الصيف الرجال فقط. ومن القل إلى مرسى استورة عشرون ميلا.

ومن استورة إلى مرسى الروم ثلاثون ميلا تقويرا وروسية ثمانية عشر ميلا. ومن مرسى الروم إلى تكوش ثمانية عشر ميلا وهي رابطة وبها قوم ساكنون ومنها إلى رأس الحمراء ثمانية عشر ميلا. ومن رأس الحمراء إلى بونة في قاع الجون ستة أميال وسنذكر مدينة بونة فيما يأتي بعد هذا إن شاء الله فمن بجاية إلى بونة روسية مائتا ميل وقد أتينا بما ذكرناه من وضع هذه البلاد بما فيه كفاية حسب الطاقة والحمد لله على ذلك كثيرا كما هو أهله ومستحقه. نجز الجزء الأول من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله تعالى.

الجزء الثاني

الجزء الثاني إن الذي وقع بهذا الجزء الثاني من الإقليم الثالث جمل من مدن وأقاليم وحصون وقلاع وأجناس وأمم فأما البلاد فمنها قمودة وباغاي ومسكيانة ومجانة وباجة وبونة ومرسى الخرز وبنزرت والاربس ومرماجنة وقسطيلية وبيلقان وتقيوس وزرود وقفصة ونفطة والحمة وتونس واقليبية وهرقلية وسوسة والمهدية وسفاقس وقابس ورغوغا وصبرة واطرابلس ولبدة وعلى ساحل هذا البحر بهذا الجزء حصون ومحارس وعمارات نذكرها فيما يأتي بعد هذا بعون الله. فأما مدينة باغاي فمدينة كبيرة عليها سوران من حجر وربض عليه سور وكانت الأسواق فيه وأما الآن فالأسواق في المدينة والأرباض خالية بإفساد العرب لها وهي أول بلاد التمر ولها واد يجري إليها من جهة القبلة وشربهم منه ولهم أيضا شرب من آبار عذبة وكانت لها بواد وقرى وعمارات والآن

كل ذلك قليل فيها وحولها عمارات برابر يعاملون العرب وأكثر غلاتهم الحنطة والشعير وقبض معاوينها وتصرف أحوالها لأشياخها. ويتصل بها وعلى أميال منها جبل اوراس وطوله نحو من اثني عشر يوما وأهله مسلطون على من جاورهم. ومن مدينة باغاي إلى قسنطينة ثلاث مراحل ومن باغاي إلى طبنة الزاب أربع مراحل ومن باغاي إلى مدينة قسطيلية أربع مراحل. وهي تسمى توزر ولها سور حصين وبها نخل كثير جدا وتمرها كثير يعم بلاد إفريقية وبها الأترج الكبير الحسن الطيب وأكثر الفواكه التي بها في حال معتدلة وبقولها كثيرة موجودة متناهية في الكثرة والجودة وماؤها غير طيب ولا مرو وسعر الطعام بها في أكثر الأوقات غال لأنه يجلب إليها وزروع الحنطة والشعير بها قليل يسير. ويتصل بها بين جنوب منها وشرق مدينة الحمة وبينهما مرحلة صغيرة وماء الحمة ليس بطيب لكنه شروب قنع به أهلها وبها نخل كثير وتمر غزير. ومنها إلى تقيوس نحو من عشرين ميلا وهي مدينة حسنة تقع بينها وبين قفصة وهي مدينة عامرة لها غلات الحناء والكمون والكروياء وبها نخل وتمر حسن وجملة بقول طيبة ناعمة ومن تقيوس إلى مدينة قفصة مرحلة. ومدينة قفصة مدينة حسنة ذات سور ونهر جار ماؤه أطيب من ماء قسطيلية ولها في وسطها العين المسماة بالطرميذ ولها أسواق عامرة ومتاجر

كثيرة وصناعات قائمة ويطيف بها نخل كثير يشتمل على ضروب من أنواع التمر العجيب ولها جمل جنات وبساتين وقصور قائمة معمورة يزرع بها ضروب من غلات الحناء والقطن والكمون وأهلها متبربرون وأكثرهم يتكلم باللسان اللطيني الإفريقي. ومن مدينة قفصة إلى جهة الغرب ومع الجنوب يتصل بها هناك مدينة قاصرة وهي مدينة مذكورة ومدينة نقاوس ومدينة جمونس في الشرق منها وهذه البلاد كلها تتقارب في حالاتها وتتدانى في صفاتها ونخيلها ومياهها وغلاتها والحنطة بها أبدا قليلة لأنها في الأغلب تجلب إليها. ومدينة قفصة مركز والبلاد بها دائرة فمن قفصة إلى مدينة القيروان شمالا مع شرق أربع مراحل وعلى جهة المغرب مع الجنوب مدينة بيلقان على خمس مراحل وهي الآن خراب أفسدتها العرب واستولت على منافعها وعلى جميع أرضها ومياهها كثيرة ومنها إلى قفصة أربع مراحل ومن قفصة في جهة الجنوب إلى ناحية جبل نفوسة مدينة زرود وبينهما خمس مراحل ومن مدينة قفصة إلى مدينة نفطة مرحلتان صغيرتان وهي مدينة متحضرة عامرة بأهلها لها أسواق وتجارات ونخل وغلات ومياه جارية ومن قفصة إلى نفزاوة جنوبا يومان وبعض يوم ومن توزر إلى نفزاوة يوم ونصف يوم كبير. ومن مدينة قفصة إلى جبل نفوسة في جهة الجنوب نحو من ستة أيام وهو جبل

عال يكون نحوا من ثلاثة أيام طولا أو أقل من ذلك وفيه منبران لمدينتين تسمى إحداهما شروس في الجبل ولها مياه جارية وكروم وأعناب طيبة وتين وأكثر زروعهم الشعير الطيب المتناهي طيبا مما إذا خبز كان أطيب من سائر الطعام في سائر الأقاليم ولأهله في صنعة الخبز حذق وتمهر فاقوا في ذلك كل الناس ومن مدينة قفصة إلى مدينة سفاقس ثلاثة أيام. وفيما بين جبل نفوسة ومدينة نفزاوة مدينة لوحقة ويتصل بها غربا مدينة بسكرة وبادس. وكل هذه البلاد تتقارب في مقاديرها وصفاتها وفي متاجرها وأسواقها. ومن جبل نفوسة إلى وارقلان اثنتا عشرة مرحلة ومن نفطة إلى مدينة قابس ثلاث مراحل وبعض مرحلة. وقابس مدينة جليلة عامرة حفت بها من نواحيها غابات جنات ملتفة وحدائق مصطفة وفواكه عامة رخيصة وبها من التمر والزروع والضياع ما ليس بغيرها من البلاد وفيها زيتون وزيت وغلات وعليها سور منيع يحيط به من خارجه خندق ولها أسواق وعمارات وتجارات وبضاعات وكان بها فيما سلف طرز يعمل بها الحرير الحسن وبها الآن مدابغ للجلود ويتجهز بها منها ولها واد يأتيها من غدير كبير وعلى هذا الغدير قصر سجة وبينه وبين قابس ثلاثة أميال وهي مدينة صغيرة متحضرة وبها من ناحية البحر أيضا سوق وباعة وحريريون كثيرون وشربهم من وادي قابس وماء مدينة

قابس غير طيب لكنه شروب وأهلها يستيغونه ومدينة قابس بينها وبين البحر ستة أميال من جهة الشمال ويتصل بآخر غابة أشجارها إلى البحر رملة متصلة مقدار ميل وهذه الغابة أشجار وجنات وكروم وزيتون كثير يستعمل منه زيت كثير يتجهز به إلى سائر النواحي وبها أيضا نخل ملتف به من الرطب الذي لا يعدله شيء في نهاية الطيب وذلك أن أهل قابس يجنونها طرية ثم يودعونها في دنانات فإذا كان بعد مدة من ذلك خرجت لها عسلية تعلو وجهها بكثير ولا يقدر على التناول منها إلا بعد زوال العسل عنها من أعلاها وليس في جميع البلاد المشهورة بالتمر شيء من التمر يشبهه ولا يحاكيه ولا يطابقه في علوكته وطيب مذاقته. ومرساها في البحر ليس بشيء لأنه لا يستر من ريح وإنما ترسى القوارب بواديها وهو نهر صغير يدخله المد والجزر وترسى به المراكب الصغار وليس بكثير السعة وإنما يطلع المد للإرساء نحوا من رمية سهم وفي أهلها قلة دماثة ولهم زي ونظافة وفي باديتها عتو وفساد وقطع سبل. ومن مدينة قابس إلى مدينة سفاقس نازلا مع الجون سبعون ميلا ومدينة سفاقس بينها وبين قفصة بين جنوب وغرب ثلاثة أيام. ومدينة سفاقس مدينة قديمة عامرة لها أسواق كثيرة وعمارة شاملة وعليها سور من حجارة وأبواب عليها صفائح من حديد منيعة وعلى أسوارها محارس نفيسة للرباط وأسواقها متحركة وشرب أهلها من المواجل ويجلب إليها من مدينة قابس نفيس الفواكه وعجيب أنواعها ما يكفيها ويربى كثرة ورخص قيمة

ويصاد بها من السمك ما يعظم خطره ويكثر قدره وأكثر صيدهم بالزروب المنصوبة لهم في الماء الميت بضروب حيل وجل غلاتها الزيتون والزيت وبها منه ما ليس يوجد بغيرها مثله وبها مرسى حسن ميت الماء وبالجملة إنها من عز البلاد وأهلها لهم نخوة وفي أنفسهم عزة وافتتحها الملك المعظم رجار في عام ثلاثة وأربعين وخمس مائة من سني الهجرة وهي الآن معمورة وليست مثل ما كانت عليه من العمارة والأسواق والمتاجر في الزمن القديم. ومن سفاقس إلى مدينة المهدية مرحلتان ولها عامل من قبل الملك المعظم رجار والمهدية مدينة لم تزل ذات إقلاع وحط للسفن الحجازية القاصدة إليها من بلاد المشرق والمغرب والأندلس وبلاد الروم وغيرها من البلاد وإليها تجلب البضائع الكثيرة بقناطير الأموال على مر الأيام وقد قل ذلك في وقتنا هذا ومدينة المهدية كانت مرسى وفرضة للقيروان واستحدثها المهدي عبيد الله وسماها بهذا الاسم وهي في نحر البحر ترحل من سفاقس إلى رقادة القيروان ثم ترحل إليها من مدينة رقادة ومدينة المهدية من مدينة القيروان على مرحلتين وكانت فيما سلف المسافر إليها كثير والبضائع إليها مجلوبة من سائر البلاد والأقطار والأمتعة والمتاجر بها نافقة وفيها بائعة والهمم على أهلها موقوفة وإليهم راجعة ولها حسن مبان لطيفة نظيفة المنازل والمتبوات وديارها حسنة وحماماتها جليلة وبها خانات كثيرة وهي في ذاتها حسنة الداخل والخارج بهية المنظر وأهلها حسان الوجوه نظاف الثياب ويعمل بها

من الثياب الحسنة الدقيقة الجيدة المنسوبة إليها ما يحمل ويتجهز به التجار إلى جميع الآفاق في كل وقت وحين ما ليس يقدر على عمل مثله في غيرها من البلاد والأمصار لجودته وحسنه وشرب أهلها من المواجل وآبارها غير عذبة ويحيط بالمهدية سور حسن مبني من الحجارة وعليها بابان من حديد لفق بعضه على بعض من غير خشب وليس يدرى في معمور الأرض مثلهما صنعة ووثاقة وهما من عجائبها الموصوفة وليس لها جنات ولا بساتين نخل وإنما يجلب إليها شيء من الفواكه من قصور المنستير وبينهما في البحر ثلاثون ميلا والمنستير قصور ثلاثة يسكنها قوم متعبدون والأعراب لا تضرهم في شيء من شجرهم ولا من عماراتهم وبهذا المكان أعني المنستير يدفن أهل المهدية موتاهم يحملونهم في الزوارق إليها فيدفنونهم بها ثم يعودون إلى بلدهم وليس بالمهدية جبانة تعرف في وقتنا هذا والمهدية في حين تأليفنا لهذا الكتاب مدينتان إحداهما مدينة المهدية والثانية مدينة زويلة ومدينة المهدية يسكنها السلطان وجنوده وبها قصره الحسن البناء العجيب الاتقان والارتقاء وكان بها قبل ان يفتحها الملك المعظم رجار في سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة طيقان الذهب وكانت مما يفتخر به ملوكها واستفتحت المهدية وسلطانها يومئذ الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بلقين ابن زيري الصنهاجي وبمدينة زويلة الأسواق الجميلة والمباني الحسنة والشوارع الواسعة والأزقة الفسيحة وأهلها تجار مياسير نبلاء ذوو أذهان ثاقبة وأفهام

ذكية وجل لباسهم البياض ولهم همم في أنفسهم وملابسهم وفيهم الجمال ولهم معرفة زائدة في التجارات وطريقتهم حميدة في المعاملات ولهذه المدينة أسوار عالية حصينة جدا تطيف بها من سائر جهاتها ونواحيها البرية والبحرية وجميعها مبني بالحجر وفيها فنادق كثيرة وحمامات جمة ولهذه المدينة من جهة البر خندق كبير تستقر به مياه السماء وبخارجها من جهة غربيها حمى كان قبل دخول العرب أرض إفريقية وإفسادهم لها فيه جنات وبساتين بسائر الثمار العجيبة والفواكه الطيبة ولم يبق الآن منها بهذا الحمى المذكور شيء وعلى مقربة من هذه المدينة قرى كثيرة ومنازل وقصور يسكنها قوم بواد لهم زروع كثيرة ومواش وأغنام وأبقار وإصابات كثيرة في القمح والشعير وبها زيتون كثير يعتصر منه زيت طيب عجيب يعم سائر بلاد إفريقية ويتجهز به إلى سائر بلاد المشرق وبين هاتين المدينتين أعني المهدية وزويلة فضاء كبير يسمى الرملة مقداره أشف من رمية سهم والمهدية قاعدة بلاد إفريقية وقطب مملكتها. وإذ قد انتهى بنا القول في ذكر بلاد إفريقية فلنرجع الآن إلى ذكر بلاد نفزاوة فنقول إن مدينة سبيطلة كانت مدينة جرجيس ملك الروم الأفارقة وكانت من أحسن البلاد منظرا وأكبرها قطرا وأكثرها مياها وأعدلها هواء وأطيبها ثرى وكانت بها بساتين وجنات وافتتحها المسلمون في صدر الإسلام وقتلوا بها ملكها العظيم المسمى جرجيس ومنها إلى مدينة قفصة مرحلة وبعض ومنها أيضا إلى القيروان سبعون ميلا.

ومدينة القيروان أم أمصار وقاعدة أقطار وكانت أعظم مدن الغرب قطرا وأكثرها بشرا وأيسرها أموالا وأوسعها أحوالا وأتقنها بناء وأنفسها همما وأربحها تجارة وأكثرها جباية وأنفقها سلعة وأنماها ربحا وأجهرهم عصيانا وأطغاهم أغمارا والغالب على فضلائهم التمسك بالخير والوفاء بالعهد والتخلي عن الشبهات واجتناب المحارم والتفنن في محاسن العلوم والميل إلى القصد فسلط الله سبحانه عليها العرب وتوالت الجوائح عليها حتى لم يبق منها إلا أطلال دارسة وآثار طامسة وهي الآن في وقتنا هذا على جزء منها سور تراب وولاة أمورها العرب وهم يقبضون ما يتوفر من جباياتها وبها أقوام قليلون تجاراتهم يسيرة ومنافعها نزرة وفيما يذكر أهل النظر أنها عما قريب ستعود إلى ما كانت عليه من العمارة وغير ذلك ومياهها قليلة وشرب أهلها من ماء الماجل الكبير الذي بها وهذا الماجل من عجيب البناء لأنه مبني على تربيع وفي وسطه بناء قائم كالصومعة وذرع كل وجه منه مائتا ذراع وهو كله مملوء ماء والقيروان كانت مدينتين إحداهما القيروان والثانية صبرة وصبرة كانت دار الملك وكان فيها أيام عمارتها ثلاث مائة حمام وأكثرها للديار وباقيها مبرز للناس كافة وصبرة الآن في وقتنا هذا خراب ليس بها ساكن وعلى ثلاثة أميال منها قصور رقادة الشاهقة الذرى الحسنة البناء الكثيرة البساتين والثمار وبها كانت الأغالب تربع في أيام دولتها وزمان بهجتها وهي الآن خراب لا ينتظر جبرها ولا يعود خيرها. ومن مدينة القيروان إلى مدينة تونس مرحلتان وبعض بسير القوافل وهي مدينة حسنة يحيط بها من جميع جهاتها فحوص ومزارع للحنطة والشعير وهي

أكبر غلاتها وجل معاملات أهلها مع ثقات العرب وأمرائها وهي الآن في حين تأليفنا لهذا الكتاب معمورة موفورة الخيرات يلجأ إليها القريب والبعيد وعليها سور تراب وثيق ولها أبواب ثلاثة وجميع جناتها ومزارع بقولها في داخل سورها وليس لها خارج السور شيء يعول عليه والعرب تجاور أرضها وتأتي بأنواع الحبوب إليها والعسل والسمن ما يكفي أهلها غدقا ويعمل بها من الخبز وأنواعه ما لا يمكن عمله في غيرها من البلاد ومدينة تونس في ذاتها قديمة أزلية حصينة اسمها في التواريخ ترشيش ولما افتتحها المسلمون وأحدثوا البناء بها سموها تونس وشرب أهلها من آبار شتى لكن أعظمها قدرا وأحلاها ماء بئران احتفرتهما بعض سيدات الإسلام ابتغاء الثواب وهما في نهاية من سعة القدر وكثرة الماء وهذه المدينة مصاقبة لقرطاجنة المشهورة بالطيب وكثرة الفواكه وحسن الجهة وجودة الثمار واتساع الغلات ومن غلاتها القطن والقنب والكروياء والعصفر وقرطاجنة في وقتنا هذا خراب لا ساكن بها. ومدينة تونس في وسط جون خارج عن البحر وهي على بحيرة محتفرة وعرضها أكثر من طولها وذلك أن طولها ستة أميال وعرضها ثمانية أميال ولها فم يتصل بالبحر وهو المسمى فم الوادي وذلك أن هذه البحيرة لم تكن قبل وإنما حفر في البر حفر انتهي به إلى مدينة تونس لأن بين تونس والبحر ستة أميال كما وصفناه قبل وسعة هذا النهر المحفور نحو من أربعين ذراعا وعمقه من أربع قيم إلى ثلاث وقعره طين وطول هذا الحفر المسمى

نهرا أربعة أميال ثم أجروا ماء البحر في ذلك النهر المحفور فعلا على الحفر حتى جاوز أعلاه بربع قامة وأقل وأكثر إلى أن بلغ الماء حده فوقف وعند آخر هذا الحفر يتسع فيه الماء ويعمق واسمه وقور وإليه تصل المراكب الحمالة والنواشي والحرابي وترسى هناك واتصل فيض الماء الطافي في هذا النهر المحفور إلى مدينة تونس فهي على نحر البحيرة وأوساق المراكب تفرغ بوقور في زوارق صغار تعوم في أقاصير المياه إلى مدينة تونس ودخول المراكب من البحر إلى النهر حتى تصل إلى وقور واحدا بعد واحد لأن سعة النهر لا يحتمل أكثر من ذلك ويتصل بعض من هذه البحيرة في جهة المغرب حتى يكون بينها وبين قرطاجنة ميلان ومن فم هذه البحيرة إلى مدينة قرطاجنة ثلاثة أميال ونصف. وهي الآن خراب وإنما يعمر منها قطيعة مرتفعة تسمى المعلقة يحيط بها سور تراب ويسكنها رؤساء من العرب يعرفون ببني زياد ومدينة قرطاجنة كانت في وقت عمارتها من غرائب البلاد المذكورة بما فيها من عجائب البناء وإظهار القدرة في ذلك وبها الآن بقايا من بنيان الروم المشهور بها مثل الطياطر التي ليس لها نظير في مباني الأرض قدرة واستطاعة وذلك أن هذه الطياطر هي بناء في استدارة وهي نحو من خمسين قوسا قائمة في الهواء سعة كل قوس منها أزيد من ثلاثين شبرا وبين كل قوس وأختها سارية وعظمها وسعة السارية والعضادتين أربعة أشبار ونصف ويقوم على كل قوس من هذه الأقواس خمسة أقواس قوس على قوس صفة

واحدة وبناء واحدا من الحجر الكذان الذي لا يجانسه شيء في الجودة وعلى أعلى كل قوس من هذه القسي بحر دائر وقد صور في البحر الدائر على القسي السفلى أنواع من الصور وضروب من التماثيل العجيبة الثابتة في الصخر من صفات الناس والصناع والحيوانات والمراكب وكل ذلك قد أتقن بأبدع صنعة وأحذق حكمة وسائر البناء الأعلى أملس لا شيء به ويقال إن هذا البناء كان ملعبا ومجتمعا في فصل ما ويوم ما من السنة ومن عجائب البناء بقرطاجنة الدواميس التي يبلغ عددها أربعة وعشرين داموسا في سطر واحد طول كل داموس مائة وثلاثون خطوة في عرض ست وعشرين خطوة ولكل داموس منها أقباء في أعلاه وبين كل داموس منها وصاحبه أثقاب وزراقات تصل منها المياه من بعض إلى بعض كل ذلك بهندسة وحكمة وكان الماء يجري إلى هذه الدواميس من عين شوقار التي هي بقرب القيروان وطول مسافة جري هذا الماء من العين إلى الدواميس ثلاث مراحل وكان جري الماء من هذه العين إلى هذه الدواميس على عدة قناطر لا يحصى لها عدد وجري الماء بوزنة معتدلة وهذه القناطر قسي مبنية بالصخر فما كان منها في نشز الأرض كان قصيرا وما كان منها في بطن الأرض وأخاديدها كان في نهاية العلو وهذا من أغرب شيء أبصر على وجه الأرض والماء في وقتنا هذا مقطوع عن هذه الدواميس لا يصل إليها منه شيء كل ذلك أوجبه خراب مدينة قرطاجنة ومع ذلك إنها من يوم خرابها

إلى الآن يحفر على ما تهدم من قصورها وأصول بنائها فيستخرج منه من أنواع الرخام ما يكل عنه الواصف ولقد أخبر خبير بها أنه رأى ألواحا استخرجت من الرخام طولها أربعون شبرا في عرض سبعة أشبار فما دونها والحفر في خرابها دائما لا ينقطع وإخراج الرخام منها لا ينقضي ورخامها يحمل إلى جميع أقطار الأرض ولا سبيل إلى أن يخرج أحد منها في مركب أو غيره إلا ويحمل معه من رخامها الشيء الكثير حتى اشتهر ذلك وقد يوجد بها من أعمدة الرخام ما يكون محيط دور الواحدة منها أربعين شبرا فما دونه. ويحيط بمدينة قرطاجنة أوطية من الأرض وسهول ولها مزارع وضروب غلات ومنافع جمة ويتصل بأرض قرطاجنة من جهة المغرب إقليم مدينة سطفورة وهو إقليم جليل به ثلاث مدائن فأقربها إلى تونس اشلونة وتينجة وبنزرت وهي مدينة على البحر حصينة أصغر من مدينة سوسة في ذاتها وبين تونس وبنزرت يوم كبير في البر ومدينة بنزرت صغيرة عامرة بأهلها وبها مرافق وأسواق قائمة بذاتها وبالجهة الشرقية منها بحيرتها المعروفة بها والمنسوبة إليها وطولها ستة عشر ميلا وعرضها ثمانية أميال وفمها متصل بالبحر وكلما أخذت في البرية اتسعت وما قربت من البحر ضاقت وانخرطت. وهذه البحيرة من أعاجيب الدنيا وذلك أن بها اثني عشر نوعا من السمك يوجد منها في كل شهر نوع واحد لا يمتزج بغيره من أصناف السمك فإذا

تم الشهر لم يوجد شيء من ذلك النوع في الشهر الآتي ثم يوجد في الشهر الآتي صنف من السمك آخر غير الصنف الأول لا يمتزج بغيره هكذا لكل شهر نوع من السمك لا يمتزج بسمك غيره إلى كمال السنة هكذا في كل عام وهذه الاثنا عشر نوعا من الحوت التي ذكرناها هي البوري والقاجوج والمحل والطلنط والاشبلينيات والشلبة والقاروض واللاج والجوجة والكحلاء والطنفلو والقلا. ويتصل بهذه البحيرة من جهة الجنوب مع انحراف إلى الغرب بحيرة ثانية تسمى بحيرة تينجة وطولها أربعة أميال في عرض مثلها وبينهما فم تتصل منه مياه بعضها ببعض وفي أمر هاتين البحيرتين عجيب وذلك أن ماء بحيرة تينجة عذب وماء بحيرة بنزرت ملح وكل واحدة من هاتين البحيرتين تصب في أختها ستة أشهر ثم ينعكس جريهما فتمسك الجارية عن الجري وتصب البحيرة الثانية إلى هذه الأولى ستة أشهر أخرى فلا بحيرة تينجة يتملح ماؤها ولا يعذب ماء بحيرة بنزرت وهذا أيضا عجب آخر من عجائب هذا الصقع والسمك ببنزرت وبتونس أيضا كثير رخيص جدا. ومن بنزرت إلى مدينة طبرقة سبعون ميلا وطبرقة حصن على البحر قليل العمارة وحوله عرب لا خلاق لهم ولا يحفظون في أحد من الناس إلا ولا ذمة وبها مرسى للمراكب ومراكب الأندلس تصفي إليها وتأخذها في قطعها روسية.

وعلى بعض الطريق من طبرقة إلى تونس مدينة باجة وهي مدينة حسنة في وطاء من الأرض كثيرة القمح والشعير ولها من غلات ذلك ما ليس بالمغرب مثله كثرة وجودة في المواضع المضاهية لباجة وهي صحيحة الهواء كثيرة الرخاء واسعة الدخل على واليها والعرب مالكة لخراج قطرها ومتصل أرضها وبها عين في وسطها ينزل إليها بأدراج ومنها شرب أهلها وليس لها في خارجها عود نابت إلا فحوص ومزارع وبين باجة وطبرقة مرحلة وبعض ويقابل باجة في جهة الشمال وعلى نحر البحر الملح مدينة مرسى الخرز وبينهما مرحلة كبيرة. وهي مدينة صغيرة عليها سور حصين ولها قصبة وحولها عرب كثير وعمارة أهلها لها على صيد المرجان والمرجان يوجد بها كثيرا وهو أجل جميع المرجان الموجود بسائر الأقطار مثل ما يوجد منه بمدينة سبتة وصقلية وسنذكر سبتة التي على مجاز البحر المسمى بالزقاق المتصل ببحر الظلمات ويقصد التجار من سائر البلاد إلى هذه المدينة فيخرجون منه الكثير إلى جميع الجهات. ومعدن هذا المرجان في هذه المدينة مخدوم في كل سنة ويعمل به في كل الأوقات الخمسون قاربا والزائد والناقص وفي كل قارب العشرون رجلا وما زاد ونقص والمرجان ينبت كالشجر ثم يتحجر في نفس البحر بين جبلين عظيمين ويصاد بآلات ذوات ذوائب كثيرة تصنع من القنب

تدار هذه الآلة في أعلى المراكب فتلتف الخيوط على ما قاربها من نبات المرجان فيجذبه الرجال إلى أنفسهم ويستخرجون منه الشيء الكثير مما يباع بالأموال الطائلة وعمدة أهلها على ذلك وشرب أهلها من الآبار وهي قليلة الزرع وإنما يجلب إليها قوتها من بوادي العرب المجاورة لها وكذلك الفواكه ربما جلبت إليها من بونة وغيرها. وبين مدينة مرسى الخرز ومدينة بونة مرحلة خفيفة وفي البحر أربعة وعشرون ميلا روسية. ومدينة بونة وسطة ليست بالكبيرة ولا بالصغيرة ومقدارها في رقعتها كالاربس وهي على نحر البحر وكانت لها أسواق حسنة وتجارة مقصودة وأرباح موجودة وكان فيها كثير من الخشب موجود جيد الصفة ولها بساتين قليلة وشجر وبها من أنواع الفواكه ما يعم أهلها وأكثر فواكهها من باديتها والقمح بها والشعير في أوقات الإصابات كما وصفنا كثير جدا وبها معادن حديد جيد ويزرع بأرضها الكتان والعسل بها موجود ممكن وكذلك السمن وأكثر سوائمهم البقر ولها أقاليم وأرض واسعة تغلبت العرب عليها وافتتحت بونة على يدي أحد رجال الملك المعظم رجار في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة وهي الآن في ضعف وقلة عمارة وبها عامل من قبل الملك المعظم رجار من آل حماد وعلى مدينة بونة وبجنبيها جبل يدوغ وهو عالي الذروة سامي القمة وبه معادن الحديد التي ذكرناها آنفا. ومن مدينة باجة المتقدم ذكرها إلى مدينة الاربس مرحلتان ومن الاربس

إلى مدينة القيروان ثلاث مراحل وكذلك بين باجة والبحر مرحلتان خفيفتان. ومدينة الاربس مدينة في وطاء من الأرض عليها سور تراب جيد وفي وسطها أعين ماء جارية لا تجف وشرب أهلها الآن من ماء تلك العيون واسم العين الواحدة منها عين رباح والأخرى عين زياد وماء عين زياد أطيب من ماء عين رباح وماؤها صحيح ولها معدن حديد وليس حولها من خارج شجرة نابتة البتة وهي على مزارع الحنطة والشعير ويدخر بها منهما الشيء الكثير ومنها على اثني عشر ميلا مدينة ابة وهي بغربي الاربس وبها من الزعفران ما يضاهي الزعفران الأندلسي في الكثرة والجودة وأرضهما واحدة مختلطة وفي وسط مدينة ابة عين ماء جارية منها شرب أهلها وهي غدقة ماؤها غزير وكان على ابة فيما سلف من الزمان سور مبني من الطين وأسعارها رخيصة وأكثرها الآن خراب. ومن مدينة الاربس إلى مدينة صغيرة تسمى تامديت مرحلتان وعليها سور تراب وشرب أهلها من عيون بها وغلات أهلها من الحنطة والشعير المقدار الكثير. وبين الاربس وتامديت مدينة صغيرة تسمى مرماجنة وهي لأهلها وللعرب عليها ضريبة ويصيبون من القمح والشعير ما يعم بالكفاف وزيادة. ومن تينجس إلى بونة الساحلية ثلاث مراحل ومن تينجس إلى مدينة المسيلة خمس مراحل وكذلك من مدينة الاربس إلى القيروان ثلاث مراحل

ومن مدينة الاربس إلى تونس مرحلتان ومن تينجس إلى قسنطينة يومان وبين الاربس ومدينة بجاية اثنتا عشرة مرحلة ومن مرماجنة إلى مدينة مجانة مرحلتان خفيفتان بل هي مرحلة كبيرة. وهي مدينة صغيرة عليها سور تراب وكان بها قديما يزدرع بصل الزعفران كثيرا ولهم واد غزير الماء يأتي من جبل بمقربة منها يزرعون عليه غلاتهم وهو جبل شاهق ومنه تقطع أحجار المطاحن التي إليها الانتهاء في الجودة وحسن الطحين حتى أن الحجر منها ربما مر عليه عمر الإنسان فلا يحتاج إلى نقش ولا إلى صنعة هذا لصلابته ودقة أجزائه وأرض مجانة تغلبت العرب عليها وبها تخزن طعامها وبينها وبين القسنطينة ثلاث مراحل ومنها إلى بجاية الناصرية ست مراحل. وبين تونس والحمامات مرحلة كبيرة وهذه المرحلة هي عرض الجزيرة المسماة بجزيرة باشو وهي أرض مباركة وطيبة ذات شجر زيتون وعمارات متصلات وبركات وخيرات وغلات ومياه ليست بكثيرة الجري على وجه الأرض لكنها ممكنة مياه الآبار وفيها بالجملة خصب زائد وهذه الجزيرة إقليم لها مدينة باشو ولم يبق الآن منها إلا مكانها وفيه قصر معمور ومنها قصر على البحر يسمى نابل وكان بالقرب من هذا القصر في أيام الروم مدينة عامرة فخربت وبقي الآن مكانها وهو قصر صغير معمور وكذلك قصر توسيهان بالقرب منها أثر مدينة كانت عامرة في أيام الروم فخربت وبقي مكانها.

وبين تونس ومدينة القيروان جبل زغوان وهو جبل عال جدا تقصد إليه المراكب من ظهر البحر لعلوه وارتقائه في الجو وهو أكثر الجبال ماء وفيه خصب ومزارع وعمارة ويعمر منه في أماكن قوم عباد مسلمون متفردون وكذلك جبل واسلات وطوله يومان ومنه إلى تونس يومان وبينه وبين القيروان خمسة عشر ميلا وفيه عمارات كثيرة ومياه جارية وفيه من الحصون حصن الجوزات وحصن تيفاف وحصن القيطنة ودار إسماعيل ودار الدواب وكل هذه البلاد يعمرها قبائل من البربر وهم أهل هذه الناحية وهم في خصب ولهم مواش أبقار وأغنام وبغال ورماك والعرب متغلبون على سهول هذه الأرض كلها. ولنذكر الآن الطرقات المسلوكة بين هذه البلاد فمن ذلك الطريق من القيروان إلى تاهرت. فمن القيروان إلى الجهنيين وهي قرية مرحلة. إلى مدينة سبيبة مرحلة وهي مدينة أزلية كثيرة المياه والجنات وعليها سور من حجارة حصين ولها ربض فيه الأسواق والخانات وشربهم من عين جارية كبيرة عليها جناتهم وبساتينهم وغلاتهم من الكمون والكروياء والبقول. ومنها إلى مرماجنة وهي قرية لهوارة مرحلة.

ومنها إلى مدينة مجانة التي قدمنا ذكرها مرحلة. ثم إلى مسكيانة مرحلة وهي قرية عامرة قديمة وبها زروع ومكاسب وعيون ولها سوق ممتدة كالسماط وهي أكبر من مرماجنة. ومنها إلى باغاي وهي مدينة عامرة وقد قدمنا ذكرها فيما سلف من هذا الجزء والطريق يتمادى من مدينة باغاي إلى المسيلة كما قدمناه فيما سلف. وطريق ثان ياخذ من القيروان إلى المسيلة على غير الطريق الذي قدمنا ذكره وهو يخرج من القيروان إلى جلولة مرحلة خفيفة وهي مدينة صغيرة عليها سور وبها عين ماء جارية عليها بساتين كثيرة ونخل كثير. ومنها إلى احرى مرحلة وهي قرية حسنة ماؤها من الآبار وفيها زروع وحنطة وشعير كثير. ومنها إلى قرية طامجنة مرحلة ولها فحص كبير وحنطتها وشعيرها ممكن كثير رخيص جدا. ومنها إلى مدينة الاربس مرحلة. ومن الاربس إلى تيفاش مرحلة وهي أيضا مدينة أزلية قديمة عليها سور قديم بالحجر والجيار وبها عين ماء جارية ولها بساتين ورياضات وأكثر غلاتها الشعير. ومن تيفاش إلى قصر الإفريقي مرحلة ولا سور لها وبها مزارع وإصابات جمة في الحنطة والشعير.

ومنها إلى قرية ازكو مرحلة ولها جنات وعيون ومياه وبساتين وغلات قمح وشعير وخير واسع. ومنها إلى قرية البردوان مرحلة وكانت قرية كبيرة وهي من أقاليم القمح والشعير. ومنها إلى قرية النهرين مرحلة وهي في وطاء من الأرض وفيها آبار ماء عذبة وكان لها سوق والغالب عليها البربر من كتامة ومزاتة. ومنها إلى قرية تامسيت كتامة مرحلة وبها أشجار وعمارات. ومنها إلى دكمة مرحلة وهي قرية لها سوق وأهلها من كتامة. ومنها إلى اوسحنت مرحلة وهي قرية للبربر وبها مياه جارية ومزارع حنطة وشعير. ومنها إلى المسيلة أقل من مرحلة. ومن مدينة المسيلة إلى وارقلان اثنتا عشرة مرحلة كبار وهي مدينة فيها قبائل مياسير وتجار أغنياء يتجولون في بلاد السودان إلى بلاد غانة وبلاد ونقارة فيخرجون منها التبر ويضربونه في بلادهم باسم بلدهم وهم وهبية إباضية نكار خوارج في دين الإسلام. ومن وارقلان إلى غانة ثلاثون مرحلة ومن وارقلان إلى كوغة نحو من شهر ونصف ومن وارقلان إلى قفصة ثلاث عشرة مرحلة.

فلنرجع الآن إلى ذكر مدينة قابس التي في نحر البحر الملح وهي مدينة الأفارقة التي تقدم ذكرها وذلك أن من مدينة قابس إلى الفوارة ثلاثون ميلا وكانت فيما سلف قرية وهي الآن خراب ومنها إلى آبار خبت ثلاثون ميلا ومن آبار خبت إلى قصر الدرق ثمانية وعشرون ميلا ومن قصر الدرق إلى بئر الجمالين ثلاثون ميلا ومنها إلى صبرة أربعة وعشرون ميلا ومن قصر صبرة إلى اطرابلس مرحلة وكل هذه المنازل التي ذكرناها في هذا الطريق خلاء بلقع قد أتت العرب على عمارتها وطمست آثارها وأخربت عشارها وأفنت خيراتها فليس بها الآن أنيس قاطن ولا حليف ساكن وهي مستباحة لقبيلة من العرب تسمى مرداس ورياح. وطريق آخر من قابس إلى وادي احناس ثم إلى بئر زناتة ثم إلى تامدفيت إلى آبار العباس إلى تافنات إلى بئر الصفاء إلى اطرابلس. ومدينة اطرابلس مدينة حصينة عليها سور حجارة وهي في نحر البحر بيضاء حسنة الشوارع متقنة الأسواق وبها صناع وأمتعة يتجهز بها إلى كثير من الجهات وكانت قبل هذا مفضلة العمارات من جميع جهاتها كثيرة شجر الزيتون والتين وبها فواكه جمة ونخل إلا أن العرب أضرت بها وبما حولها من ذلك وأجلت أهلها وأقفرت بواديها وغيرت أحوالها وأبادت أشجارها وأغورت مياهها واستفتحها الملك رجار في سنة أربعين وخمس مائة فسبى حرمها وأفنى رجالها وهي الآن له في طاعته ومعدودة في جملة بلاده وأرض

مدينة اطرابلس عديمة المثال في إصابة الزرع ولا يدرى أن على معمور الأرض مثلها في ذلك وهذا مشهور معلوم. ومن مدينة اطرابلس في جهة المشرق إلى مدينة صرت مائتا ميل وثلاثون ميلا وهي إحدى عشرة مرحلة وذلك أن السائر يخرج من مدينة اطرابلس إلى المجتنى عشرون ميلا ومن المجتنى إلى ورداسا اثنان وعشرون ميلا ومن ورداسا إلى رغوغا خمسة وعشرون ميلا ومن رغوغا إلى تاورغا اثنان وعشرون ميلا ثم إلى المنصف خمسة وعشرون ميلا ثم إلى قصور حسان بن النعمان الغساني أربعون ميلا ثم إلى الاصنام ثلاثون ميلا ثم إلى صرت ستة وأربعون ميلا وهذا الطريق يبعد عن الساحل تارة ويقرب أخرى وكل ذلك في ملك قبيلتين من العرب وهما عوف ودباب. ومدينة صرت بينها وبين البحر ميلان وعليها سور تراب وما استدار بها رمل وبها بقايا نخيل ولا زيتون بها وبها كثير من شجر التوت وبقايا شجر التين أيضا كثير غير أن العرب تأتي على أكثر ذلك بإفسادها وليس بها من العشب ما باوجلة ولا من التمر ما بودان وكان نخيلهم فيما سلف فوق الكفاف لهم وكانت لهم أعناب وفواكه إلا أنها قد تلفت في وقتنا هذا ولم يبق منها شيء إلا ما كان في بطون الأودية ورؤوس الجبال ومياهها من المطر في المواجل وآبارها قليلة وعليها قبائل من البربر. وعلى مدينة اطرابلس جبل مقدة وبينهما ثلاث مراحل ومن مدينة

اطرابلس إلى جبل نفوسة ست مراحل وكذلك من جبل نفوسة إلى سفاقس تسع مراحل ومن جبل نفوسة أيضا إلى قسطيلية ست مراحل وأهل جهل نفوسة كلهم إسلام لكنهم خوارج نكار على مذهب ابن منبه اليماني وقد ذكرنا هذا المذهب في ذكرنا أهل جزيرة جربة. ومن جبل نفوسة إلى جبل دمر ثلاث مراحل في رمل متصل وفي أطراف هذا الجبل قوم من البربر يسمون رهانة وهم قوم ينتجون الإبل ويركبون أمضاها واسرعها خطاء ويسيرون فرقا إلى ما تباعد منهم من قبائل العرب فيضربون عليهم ويغيرون على إبلهم ويعودون بغنائمهم إلى جبلهم ومواضع مساكنهم التي يأوون إليها وليس لهم شغل إلا هذا وليس أحد من العرب المجاورين لهم إلا ويتشكى أذيتهم وقليلا ما يظفر بأحد منهم لسرعة جري نجبهم ودلالتهم بتلك الأرض وتحصنهم في أمكنتهم كما قلناه وتتصل هذه البلاد في جهة الجنوب ببلاد ودان. ونحن الآن ذاكرون ما تضمنه هذا الجزء الذي نحن في وصفه من مراسي البحر وقراطله وما عليه من القصور المعمورة والبلاد المقصودة حسبما وصل إليه الطلب والبحث وبلغه الجهد والطاقة وبالله الإرشاد. فأقول إن من مدينة بونة الغربية إلى الطرف ستة أميال إلى جون الازقاق وهو جون صغير وفي آخره مرسى الخرز وهذا القرطيل داخل في البحر أربعون ميلا. ومن مرسى الخرز إلى طبرقة أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى طرف

الجون خمسة عشر ميلا روسية وعلى التقوير أربعة وعشرون ميلا وهناك رملة تسمى المنشار ستة عشر ميلا ومن طرف المنشار إلى قلعة ابي خليفة عشرة أميال ومنها قطع جون روسية عشرون ميلا وتقويرا ثمانية وعشرون ميلا وإلى رأس الطرف اثنا عشر ميلا. ومنها إلى بنزرت ثمانية أميال وقد سبق ذكرها. ومنها إلى مرسى بني وجاص اثنا عشر ميلا. ومن طرف بني وجاص إلى رأس الجبل ثلاثة عشر ميلا جونا وعلى هذا الجون قصور فمن أول رأس بني وجاص إلى قصر مرسى الوادي ثلاثة أميال وهو مسقط نهر صغير ومنه إلى قصر ترشة داود ثلاثة أميال ومنه إلى قصر صونين خمسة أميال ومنه إلى طرف الجبل ميلان وهذا الطرف يعرف بالكنيسة وهو أول الجون الذي في وسطه مدينة تونس وبحيرتها. بحذاء طرف الجبل مع التقوير إلى موقع نهر بجردة ستة أميال ومن موقع الوادي إلى قصر جلة على مقربة منه نحو من أربعة أميال ومنه إلى قصر جردان ميلان ومنه إلى مدينة قرطاجنة ميلان ومدينة قرطاجنة خراب كما قدمنا ذكرها. ومن قرطاجنة إلى حلق وادي تونس ثلاثة أميال وهذا الوادي هو في نصف الجون ومن فم الوادي إلى قصر جهم اثنا عشر ميلا ومن قصر جهم إلى قصر قربص ستة عشر ميلا ومن قصر قربص إلى طرف افران

أربعة عشر ميلا وهو قرطيل داخل في البحر فجميع تقوير هذا الجون أربعة وسبعون ميلا وقطعه روسية من رأس الجبل إلى طرف افران ثمانية وعشرون ميلا وكذلك من وسط الجون حيث فم وادي تونس إلى طرف افران إذا قطع روسية ثمانية وعشرون ميلا وتقويرا ستة وخمسون ميلا. ومن طرف افران إلى مرسى قصر النخلة ستة أميال. ومنه إلى قصر مينزت اثنا عشر ميلا. ومنه إلى قصر نوبة ثلاثون ميلا فذلك من فم وادي تونس إلى نوبة سبعون ميلا ويوازي نوبة في البحر الجامور الكبير والجامور الصغير وبينهما سبعة أميال ومن الجامور الكبير إلى نوبة اثنا عشر ميلا. ومن نوبة روسية إلى رأس الرخيمة ميل واحد بجون وهذا الجون على التقوير ستة أميال وهو قصير كله. ومن رأس الرخيمة إلى طرف البقلة وهو طرف الجبل المسمى ادارو وهو من ناحية اقليبية في المشرق. ومن رأس الرخيمة إلى الجامور الصغير ستة أميال وهذه الجوامير جبلان قائمان في البحر ويرسى بهما عند انقلاب الرياح. فجميع ما بين نوبة واقليبية ثلاثون ميلا ومن طرف اقليبية إلى المنستير مجرى فمن سار من اقليبية إلى قصر ابي مرزوق سبعة أميال ومنه إلى قصر لبنة ثمانية أميال ومن لبنة إلى قصر سعد أربعة أميال ومن قصر سعد إلى

قصر قربة ثمانية أميال إلى طرف توسيهان عشرة أميال. وطرف توسيهان يدخل في البحر ميلا ونصفا وهو كالضرس الخارج ومن هذا الضرس إلى قصر توسيهان في الجون أربعة أميال. ومن توسيهان إلى قصر نابل ثمانية أميال ونابل كانت مدينة للروم كبيرة جدا عامرة فلما استفتحت الجزيرة في صدر الإسلام استبيحت مصالحها ومحاسنها حتى لم يبق لها رسم ولا أثر إلا مكان قصر فقط وبقيت بقايا خرابها دالة عليها. ومن قصر نابل إلى قصر الخياط ثمانية أميال وبينه وبين البحر نحو من ميلين ومن قصر الخياط إلى قصر النخيل ستة أميال ثم إلى طرف الحمامات سبعة أميال. ومن هذا الطرف راجعا في البر إلى مدينة تونس مرحلة كبيرة وهذه المرحلة هي عرض الجزيرة المسماة بجزيرة باشو المتقدم ذكرها. وهذا الطرف المسمى بطرف الحمامات هو قصر مشيد على طرف يدخل في البحر نحوا من ميل. ومن الحمامات إلى المنار وهو قصر خمسة أميال وهذا القصر على بعد من البحر ومنه إلى قصر المرصد ثم إلى قصر المرابطين ستة أميال وهذا القصر في قاع جون المدفون ومنه إلى طرف قرطيل المدفون ستة أميال ومن طرف القرطيل المذكور إلى حصن اهرقلية ثمانية أميال. ومن اهرقلية إلى مدينة سوسة ثمانية عشر ميلا وهي مدينة عامرة بالناس

كثيرة المتاجر والمسافرون إليها قاصدون وعنها صادرون بالمتاع الذي يعدم قرينه من أنواع الثياب والعمائم المنسوبة إليها وهو من جيد المتاع ونفيسه وبها أسواق عامرة ومياههم من المواجل وعليها سور من حجر حصين. ومن سوسة إلى قصر شقانس ثمانية أميال ومن شقانس إلى قصر ابن الجعد أربعة أميال ومنه إلى قصور المنستير ميلان فذلك من حصن اقليبية إلى المنستير قطع روسية مائة ميل وهو مجرى وعلى التقوير مائة وعشرون ميل. ويقابل المنستير في البحر جزيرة قورية ومنها إلى المنستير تسعة أميال ومن هذه الجزيرة إلى لمطة عشرة أميال ومنها إلى الديماس اثنا عشر ميلا ومنها إلى المهدية عشرون ميلا. وكذلك أيضا من المنستير إلى المهدية ثلاثون ميلا ومن المنستير إلى قصر لمطة سبعة أميال ومن قصر لمطة إلى الديماس ثمانية أميال ومن الديماس إلى المهدية ثمانية أميال. والمهدية يحيط بها البحر كما قدمنا ذكره ومنها يبدأ البحر يتجون في جهة الجنوب. ومن المهدية إلى قصر سلقطة ستة أميال ومنه إلى قصر العالية ستة أميال إلى قبوذية ثلاثة عشر ميلا. وقبوذية قصر حسن ويصاد به من الحوت كل طريفة وهو بها كثير رخيص. ومن قبوذية إلى قصر مليان ثمانية أميال ومن قصر مليان إلى قصر

الريحانة أربعة أميال إلى قصر قناطة أربعة أميال ويعمل بقصر قناطة فخار كثير ساذج يتجهز به إلى المهدية وغيرها وطينه احمر. ثم إلى قصر اللوزة أربعة أميال إلى قصر زياد ستة أميال ومن قصر زياد إلى قصر مجدونس ثمانية أميال ومن قصر مجدونس إلى قصر قاساس ثمانية أميال ومن قصر قاساس إلى قصر قزل ميلان فذلك من قصر زياد إلى طرف قزل ثمانية عشر ميلا. ومن طرف قزل إلى قصر حبلة ميلان في جون ومنه إلى مدينة سفاقس في الجون خمسة أميال الجميع من ذلك من قبوذية إلى سفاقس ثمانية وأربعون ميلا تقويرا وروسية ثلاثون ميلا. وقبالة قصر زياد في البحر مع المشرق جزيرة قرقنة ومكانها وموضعها بين قصر زياد وسفاقس وذلك لأن من قرقنة إلى قبوذية عشرون ميلا ومن قرقنة إلى سفاقس نحو من خمسة عشر ميلا وهي جزيرة حسنة عامرة بأهلها وليس بها مدينة وإنما سكناهم في أخصاص وهي خصيبة كثيرة الكروم والأعناب وغلات الكمون والانيسون وهي الحبة الحلوة واستفتحها الملك المعظم رجار في سنة ثمان وأربعين وخمس مائة وفي الطرف الغربي منها كهوف وغيران يتحصنون فيها ممن يريدهم وتسمى القربدي والقربدي هناك يتصل به حجر قصير عشرون ميلا ومن القربدي إلى بيت القصير خمسة وثلاثون ميلا وطول هذه الجزيرة ستة عشر ميلا وعرضها ستة أميال. ثم نرجع الآن إلى ذكر سفاقس فنقول إن منها إلى طرف الرملة أربعة أميال

ومن طرف الرملة راجعا في جهة الجنوب وهو أول الجون إلى قصر المجوس أربعة أميال ومنه إلى قصر بنقة عشرة أميال ومن قصر بنقة إلى قصر تنيذة ثمانية أميال ومنه إلى قصور الروم أربعة أميال ومنه إلى مدينة قابس خمسة وسبعون ميلا وقد وصفنا قابس فيما تقدم ذكره بما هي عليه من الصفة. فمن قابس مع الساحل إلى قصر ابن عيشون ثمانية أميال إلى قصر زجونة ثمانية أميال ومن قصر زجونة إلى قصر بني مأمون عشرون ميلا ومن قصر بني مأمون إلى امرود أحد عشر ميلا ومنه إلى قصر الجرف ثمانية عشر ميلا فذلك من قرطيل رأس الرملة إلى هذا الطرف المسمى بالجرف على التخلية خمسون ميلا وعلى التقوير مائة وخمسون ميل. ومن طرف الجرف إلى جزيرة جربه في البحر أربعة أميال وهي جزيرة عامرة بقبائل من البربر والسمرة تغلب على ألوان أهلها والشر والنفاق موجود في جبلتهم وكلامهم بالبربرية خاصهم وعامهم وهم أهل فتنة وخروج عن الطاعة وافتتحها الملك المعظم رجار باسطول بعثه إليها وذلك في آخر سنة تسع وعشرين وخمس مائة ثم استقر من بقي فيها إلى سنة ثمان وأربعين وخمس مائة ثم نافقوا وخرجوا عن طاعة الملك المعظم رجار فغزاهم في هذه السنة بالأسطول فاستفتحها ثانية ورفع جميع سبيها إلى المدينة وطول جزيرة جربة ستون ميلا من المغرب إلى المشرق وعرض الرأس الشرقي خمسة عشر ميلا ومن هذا الطرف إلى البر الكبير عشرون ميلا ويسمى هذا الطرف الضيق رأس كرين ويسمى الطرف الواسع انتيجان.

ويتصل بهذه الجزيرة إلى جهة المشرق جزيرة زيزوا وهي صغيرة جدا وفيها نخل وكروم وبين جزيرة زيزوا والبر نحو من ميل ويقابلها قصر بني خطاب وهذه الجزيرة عامرة بأهلها وهم قوم نكار خوارج في الإسلام مذهبهم الوهبية وكذلك جميع الحصون والقصور التي تلي هاتين الجزيرتين يتمذهبون بمثل ذلك وذلك أنهم لا يماسح ثوب أحدهم ثوب رجل غريب ولا يمسه بيده ولا يؤاكله ولا يأكل له في آنية إلا أن تكون آنية محفوظة لا يقربها أحد سواه ورجالهم ونساؤهم يتطهرون في كل يوم عند الصباح ويتوضؤون ثم يتيممون لكل صلاة وإن استقى عابر سبيل شيئا من مياه آبارهم وعاينوه طردوه واستخرجوا ذلك الماء عن البئر وثياب الجنب لا يقربها الطاهر وثياب الطاهر لا يقربها الجنب وهم مع ذلك كله ضيافون يطعمون الطعام ويندبون إلى طعامهم ويسالمون الناس في أموالهم وفيهم عدالة بينة لمن نزل بهم. ومن طرف الجزيرة أعني جربة المسمى انتيجان إلى قصير البيث تسعون ميلا وكذلك من طرف انتيجان إلى القنطرة التي في قرقنة اثنان وستون ميلا. ورجع بنا القول إلى طرف الجرف المتقدم ذكره فمنه إلى رأس الاودية على الساحل أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى قصور الزارات عشرون ميلا وهذه القصور الثلاثة تلي طرف جزيرة جربة وبينهما في البحر عشرون ميلا ومن قصور الزارات إلى قصر بني ذكومين خمسة وعشرون ميلا ومن بني ذكومين إلى قصر الهرى ستة أميال ومنه إلى قصر جرجيس ستة أميال.

ومن قصر جرجيس إلى قصر بني خطاب خمسة وعشرون ميلا وقصر بني خطاب هو على آخر سباخ الكلاب من جهة المغرب ويقابل قصر بنيّ خطاب في البحر اسقالة جزيرة زيزوا وطولها أربعون ميلا وعرضها نحو نصف ميل وبعضها معمور بالنخل والكروم وباقيها تحت الماء كما قدمنا ذكره والماء يشف على وجهها نحو قامة وأزيد من ذلك وأقل ومن قصر بني خطاب إلى قصر شماخ خمسة وعشرون ميلا وبينهما جون صغير ويسمى جون صلب الحمار. ومن قصر شماخ إلى قصر صالح عشرة أميال وقصر صالح على قرطيل يأخذ من المشرق إلى المغرب طوله خمسة أميال ويسمى رأس المخبز. ومنه إلى قصر كوطين عشرون ميلا ومن قصر كوطين إلى قصر بني ولول عشرون ميلا ومن قصر بني ولول إلى مرسى مركيا عشرون ميلا ومن قصر مركيا إلى قصر عفسلات عشرون ميلا ومن قصر عفسلات إلى قصر سربة أربعة أميال ومنه إلى قصر سنان ميلان ومنه إلى قصر البنداري ثلاثة أميال ثم إلى قصر غرغرة عشرة أميال ومن قصر غرغرة إلى قصر صياد ستة أميال ثم إلى مدينة اطرابلس عشرون ميلا وقد وصفنا مدينة اطرابلس فيما مر على استقصاء وصفها وحالها في ذاتها. ومن مدينة اطرابلس إلى قصر على رأس قاليوشا أربعة عشر ميلا ومنه

إلى قصر الكتاب ثمانية أميال ومنه إلى قصر بني غسان اثنا عشر ميلا إلى مصب وادي لادس ثمانية عشر ميلا ومنه إلى طرف رأس الشعراء أربعة عشر ميلا فذلك من رأس قاليوشا إلى رأس الشعراء روسية أربعون ميلا وعلى التقوير اثنان وخمسون ميلا. ومن رأس الشعراء إلى قصر شريكس أربعة عشر ميلا إلى قرطيل المسن وهو طرف داخل في البحر أربعة أميال ومنه إلى لبدة أربعة أميال. وكانت مدينة لبدة كثيرة العمارات مشتملة الخيرات وهي على بعد من البحر فتسلطت العرب عليها وعلى أرضها فغيرت ما كان بها من النعم وأجلت أهلها إلى غيرها فلم يبق الآن منها بها إلا قصران كبيران وعمارهما وسكانهما قوم من هوارة البربر ولها على نحر البحر الآن قصر كبير عامر آهل به صناعات وسوق عامرة وللبلدة نخل كثير وزيتون يستخرجون زيته في وقته. ومن لبدة إلى قصر بني حسن سبعة عشر ميلا ومنه إلى مرسى باكروا ميل واحد وهو مرسى حسن يكن من كل الرياح. ومنه إلى قصر هاشم إلى قصر سامية اثنا عشر ميلا ومن قصر سامية إلى سويقة ابن مثكود اثنا عشر ميلا ومن السويقة إلى طرف قانان المشهور عشرون ميلا فذلك من اطرابلس إلى طرف قانان على التخلية مائة ميل وثمانون ميلا وعلى التقوير مائتان وعشرة أميال.

وهنا انقضى ذكر ما تحصل في هذا الجزء من ساحل البحر الشامي حسبما أوجبته القسمة له وسنأتي بذكر ما بقي منه فيما يأتي بحول الله تعالى. والسويقة التي ذكرناها تنسب إلى ابن مثكود ويسكن حولها وبها قبائل من هوارة برابر تحت طاعة العرب وبها سوق مشهودة وهي قصور كثيرة وأهلها يحرثون الشعير على السقي والعرب يخزنون بها طعامهم. نجز الجزء الثاني من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله تعالى.

الجزء الثالث

الجزء الثالث إن الذي تضمنه هذا الجزء الثالث من الإقليم الثالث من الأرضين أكثرها خلاء وعامرها قليل وأهلها عرب مفسدة في الأرض مغيرة على من جاورها. وفيها من البلاد زويلة ابن الخطاب ومستيح وزالة وأوجلة وبرقة. وعلى ساحل البحر المحيط قصور جمل يحيط بها التفصيل وفيها من البلاد المشهورة صرت وأجدابية أما وإن كانتا في زماننا هذا في نهاية ضعف وقلة عامر فقد بقي لهما ومنهما توهم رسم مع حلية اسم والمراكب ترد عليهما بالأمتعة النافقة فيهما ومنافعهما على قدرهما وها نحن ذاكرون هذه المدن والأرضين والقصور والبحور واصفون بحالاتها والحول والقوة لله سبحانه. فأما مدينة برقة فمدينة متوسطة المقدار ليست بكبيرة القطر ولا بصغيرة غير أنها في هذا الوقت عامرها قليل وأسواقها كاسدة وكانت فيما سلف على غير هذه الصفة وهي أول منبر ينزله القادم من بلاد مصر إلى القيروان ولها كور عامرة بالعرب وهي في بقعة فسيحة يكون مسيرها يوما وكسرا في مثله ويحيط بهذه البقعة جبل وأرضها حمراء خلوقية التراب وثياب أهلها أبدا حمر وبذلك يعرف أهلها في سائر البلاد المحيط بها والصادر عنها والوارد إليها كثير في الأحايين لأنها بعيدة عن البلاد المجاورة المقاومة لها

في جميع حالاتها وهي برية بحرية وكان لها من الغلات في سالف الزمان القطن المنسوب إليها الذي لا يجانسه صنف من أصناف القطن وكان بها وإلى الآن ديار لدباغ الجلود البقرية والنمور الواصلة إليها من أوجلة وهي الآن يتجهز منها المراكب والمسافرون الواصلون إليها من الإسكندرية وأرض مصر بالصوف والعسل والزيت وتخرج منها التربة المنسوبة إليها فينتفع بها الناس ويتعالجون بها مع الزيت للجرب والحكة وداء الحية وهي تربة غبراء وإذا ألقيت في النار فاحت لها رائحة كرائحة الكبريت وهي فظيعة الدخان كريهة الرائحة والطعم. ومن برقة إلى مدينة أوجلة في البرية عشر مراحل بسير القوافل وكذلك من برقة إلى أجدابية ست مراحل وهي من الأميال مائة واثنان وخمسون ميلا ومن برقة إلى الإسكندرية إحدى وعشرون مرحلة وهي من الأميال خمس مائة ميل وخمسون ميلا والأرض التي بينهما يقال لها أرض برنيق. وأجدابية مدينة في ضحضاح من حجر مستو كان لها سور فيما سلف وأما الآن فلم يبق منها إلا قصران في الصحراء والبحر منها على أربعة أميال وليس بها ولا حولها شيء من النبات وأهلها الغالب عليهم يهود ومسلمون تجار ويطوف بها من أحياء البربر خلق كثير. وليس بأجدابية ولا ببرقة ماء جار وإنما مياههم من المواجل والسواني التي يزرعون عليها قليل الحنطة والأكثر الشعير وضروب من القطاني والحبوب ومن أجدابية إلى أوجلة خمس مراحل.

ومدينة أوجلة مدينة صغيرة متحضرة فيها قوم ساكنون كثير والتجارة وذلك على قدر احتياجهم واحتياج العرب وهي في ناحية البرية يطيف بها نخل وغلات لأهلها ومنها يدخل إلى كثير من أرض السودان نحو بلاد كوار وبلاد كوكو وهي في رصيف طريق والوارد عليها والصادر كثير وأرض أوجلة وبرقة أرض واحدة ومياهها قليلة وشرب أهلها من المواجل. ومن أوجلة إلى مدينة زالة عشر مراحل غربا وهي مدينة صغيرة ذات سوق عامرة وبها أخلاط من البربر من هوارة وتجارات وفي أهلها حماية ومروة. ومن زالة يدخل إلى بلاد السودان أيضا وكذلك من مدينة زالة إلى مدينة زويلة عشرة أيام وبين زالة وزويلة مدينة صغيرة تسمى مستيح ومن زالة إلى أرض ودان ثلاثة أيام. وودان جزائر نخل متصلة وعمارات كثيرة ومن زالة إلى مدينة صرت تسعة أيام ومن مدينة صرت إلى أرض ودان خمس مراحل وودان هذه ناحية في جنوب مدينة صرت وهما قصران بينهما مقدار رمية سهم والقصر الذي يلي الساحل خال والذي مع البرية مسكون ولها آبار كثيرة ويزرعون بها الذرة وبغربيها غابات وحولها شجر التوت كثير وشجر تين ذاهب ونخل كثير وتمور لينة حلوة أما وإن كانت تمور أوجلة أكثر فتمور ودان أطيب ومنها يدخل إلى بلاد السودان وغيرها. وأما مدينة زويلة ابن خطاب فمنها إلى صرت خمس مراحل كبار ومنها إلى السويقة المسماة بسويقة ابن مثكود ست عشرة مرحلة ومدينة زويلة ابن

خطاب في صحراء وهي مدينة صغيرة وبها أسواق ومنها يدخل إلى جمل من بلاد السودان وشرب أهلها من آبار عذبة ولها نخل كثير وتمرها حسن والمسافرون يأتونها بأمتعة من جهازها وجمل من أمور يحتاج إليها والعرب تجول في أرضها وتضر بأهلها قدر الطاقة. وكل هذه الأرضين التي ذكرناها ملك بأيدي العرب فمن قصر العطش إلى قافز هي لناصرة وعميرة وهما قبيلتان من العرب. ومن قافز إلى طلميثة إلى لك هي لقبيلة من البربر متعربين يقال لهم مزاتة وزناتة وفزارة وهم يركبون الخيول ويعتقلون الرماح الطوال ويحمون تلك الأرض عن العرب إن تدوس ديارهم ولهم عزة ونخوة وجلادة. فأما البحر الذي تضمنه هذا الجزء فهو لمن قطعه روسية سبع مجار وأمياله سبع مائة ميل وهذا الجون على تقويره ثلاث عشرة مجرى وأمياله ألف ميل وثلاث مائة ميل وذلك لأن من طرف قانان إلى مدينة صرت ثلاث مجار وقد ذكرنا مدينة صرت فيما سلف. ومن مدينة صرت إلى قصر مغداش مجرى ونصف ومنه إلى الجزيرة البيضاء مجرى ونصف إلى قصر سربيون مجرى ومن قصر سربيون إلى قصر قافز نصف مجرى إلى برنيق نصف مجرى إلى الأربعة بروج مجرى ثم إلى توكرة خمسون ميلا ثم إلى طلميثة خمسون ميلا ثم إلى الطرف مجريان وهذا ذكر مجمل. ونريد أن نذكر ما عليه من القصور فإذا خرج الخارج من طرف قانان

صار إلى قصور حسان قطعا في البرية أربع مراحل كبار ليس بها شيء من الماء وهو وطاء ولا عوج به ولا أمت وقصور حسان لا عامر بها وإنما هي الآن في وقتنا هذا خراب لم يبق منها إلا أثر غابر وبها ماء يشرب من بئرين قريبتي القعر ومنهما يتزود بالماء المار بها والجائي ويأخذ منهما ما يكفيه لشربه في مسافة سفره ومنها إلى الأصنام ثلاثون ميلا ويسمى هذا الجون جون زديف والماء يوجد بها في خروق أحساء محفورة في الرمل على ضفة البحر الملح وسميت الأصنام لأن بالقرب منها في البرية عدة أصنام وهي من بناء الروم الأول. ومن الأصنام إلى القرنين وهو قصر كبير عامر وفي وسطه بئر عميقة وإليه تصب مياه الأمطار في زماننا ومنه إلى صرت ثلاثة عشر ميلا ومدينة صرت ذكرناها قبل هذا بما فيه كفاية ومنها إلى قصر العبادى على البحر أربعة وثلاثون ميلا ومن قصر العبادى إلى اليهودية أربعة وثلاثون ميلا وهو قصر عامر وفيه زراعات على مياه تستخرج بالسواني من آبار ومن اليهودية إلى قصر العطش أربعة وثلاثون ميلا وهو قصر عامر وفيه زراعات وفيه ثلاث جباب. ومن قصر العطش إلى منهوشة ثلاث مراحل لا ماء فيها وهي سباخ وطيئة ومنهوشة على البحر ومياهها في أحساء تحتفر في الرمل على البحر وسميت منهوشة لأن في رمالها أفاع صغار طول الواحدة شبر لا زائد وهي تضر وتنهش من لا يعلم أمرها ومن أسرى بالليل في تلك الأرض وبها قطائع

بقر وحشية وكذلك بها ذئاب كثيرة وضباع تفترس السالك إذا تبين الضعف فيه. ومن منهوشة إلى بئر الغنم نحو من ثلاثة عشر ميلا وهي على آخر السبخة المنسوبة إلى منهوشة ومنها إلى الفاروخ مرحلة وهي من الأميال ثلاثون ميلا ومن الفاروخ إلى حرقرة خمسة وعشرون ميلا ثم إلى بوسمت عشرون ميلا ثم إلى سلوق أربعة وعشرون ميلا ثم إلى اويرار ثلاثون ميلا ثم إلى قصر العسل اثنا عشر ميلا ثم إلى مرينة سبعة وعشرون ميلا ثم إلى برقة خمسة عشر ميلا والطريق من سلوق إلى قافز مرحلة. وقافز قصر في وسط وطاء برنيق وفي شرقيها غابة متصلة إلى البحر وبينها وبين البحر أربعة أميال وبمقربة من قافز في جهة الشرق بحيرة مع طول البحر يحجزها تل رمل وماؤها عذب وطولها ستة عشر ميلا وفي سعتها نحو من نصف ميل ومن نصف هذه البحيرة تبتدئ الغابة وبهذه الأرض قبائل رواحة. ومن قافز إلى قصر توكرة مرحلتان وهو قصر كبير عامر آهل وفيه قوم من البربر وحوله أرض عامرة وسوان يزرع عليها القطاني والشعراء محيطة بها. ومنها إلى قمانس وهو قصر عشرة أميال ومنه إلى اوطليط وهو قصر عامر بالناس نصف يوم ومنه إلى الأربعة بروج وهو قصر يوم ومنه إلى قصر العنين عشرة أميال. ومنه إلى قصر طلميثة وهو حصن جيد عليه سور حجارة عشرة أميال

وهو عامر بالناس والمراكب تقصد إليه بالمتاع الحسن من القطن والكتان ويتجهز منه بالعسل والقطران والسمن في المراكب الواصلة إليه من الإسكندرية وحوله قبائل رواحة من جهة المغرب ومن طلميثة إلى جهة المشرق قبائل هيب وسنأتي بما اتصل بهذه البلاد والأرضين بعد هذا إن شاء الله تعالى. نجز الجزء الثالث من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله.

الجزء الرابع

الجزء الرّابع إن الذي تضمن هذا الجزء الرابع من الإقليم الثالث من البلاد البرية سنتريه وصحار متصلة إلى أعمال الإسكندرية ومع ذلك ديار مصر وبعض بلادها العليا وبلاد أسفل الأرض منها متصلة بمعظم النيل وبلاد الفيوم والريف ثم أسفل الأرض وما تحويه من الأقاليم والبلاد المعمورة التي هي من أعمال مصر ومنسوبة إليها ونذكر ذلك ذكرا متصلا شافيا ونذكر من أخبار مصر وعجائب بنيانها ومشاهير عجائبها والداخل فيها والخارج عنها ومقاييس مياهها كل ذلك على توال ونسق إن شاء الله تعالى. فنقول إن من مدينة برقة إلى الإسكندرية على طريق مستقيم إحدى وعشرون مرحلة وذلك من مدينة برقة إلى قصر الندامة ستة أميال ومنها إلى تاكنست ستة وعشرون ميلا إلى مغار الرقيم خمسة وعشرون ميلا وهنا يجتمع هذا الطريق بالطريق الأعلى ومن مغار الرقيم إلى جب حليمة خمسة وثلاثون ميلا ومن جب حليمة إلى وادي مخيل خمسة وثلاثون ميلا ومن وادي مخيل إلى جب الميدان خمسة وثلاثون ميلا ومن جب الميدان إلى جناد الصغير خمسة وثلاثون ميلا إلى حب عبد الله ثلاثون ميلا ثم إلى مرج الشيخ ثلاثون ميلا ثم إلى العقبة

عشرون ميلا ثم إلى حوانيت أبي حليمة عشرون ميلا ومن حوانيت أبي حليمة إلى خربة القوم خمسة وثلاثون ميلا ثم إلى قصر الشماس خمسة عشر ميلا ومن قصر الشماس إلى سكة الحمام خمسة وعشرون ميلا ومن سكة الحمام إلى جب العوسج ثلاثون ميلا ومن جب العوسج إلى كنائس الحرير إلى الطاحونة أربعة وعشرون ميلا ومن الطاحونة إلى حنية الروم ثلاثون ميلا ومن حنية الروم إلى ذات الحمام أربعة وثلاثون ميلا ومن ذات الحمام إلى ثونية ثمانية عشر ميلا ومن ثونية إلى الإسكندرية عشرون ميلا وهذه الطريق هي الطريق العليا في الصحراء وأما طريق الساحل فإنه من الإسكندرية إلى رأس الكنائس ثلاثة مجار ومن رأس الكنائس إلى مرسى الطرفاوى مجرى ومن مرسى الطرفاوى إلى أول جون رمادة خمسون ميلا ومنه إلى عقبة السلم ومن عقبة السلم إلى مرسى عمارة عشرة أميال ومن مرسى عمارة إلى الملاحة ثلاثون ميلا ومن الملاحة إلى لكة عشرة أميال ومما يلي لكة في البرية قصران يسمى أحدهما كيب والثاني قمار ومن لكة إلى مرسى طبرقة خمسون ميلا ومن طبرقة إلى مرسى رأس تينى مجرى ونصف ومن رأس تينى إلى البندرية مجريان ومن البندرية ينعطف البحر مارا جهة المغرب على استواء طرف التعدية مجريان لا عمارة بهما وإنما هناك مما يلي البحر جبال وشعاب لا يقدر أحد على سلوكها لصعوبة مراقيها وخشونة طرقاتها وتعذر منافذها ومن طرف التعدية يأخذ جون درين في الابتداء إلى آخره وهذا الجون الذي تأتي البندرية في أوله إلى أن ينتهي إلى الإسكندرية قطعة روسية ستة مجار وهو

ستمائة ميل وطول هذا الجون على التقوير إلى الإسكندرية أحد عشر مجرى ونصف وهي من الأميال ألف ميل ومائة وخمسون ميلا ومن آخر عمالة طلميثة المتقدم ذكرها يكون أول عمالة هيب ورواحة وهم قبائل من العرب أهل إبل وأغنام وثروة وبلادهم آمنة وادعة وبجبال أوثان حروث كثيرة وأهلها يتصيدون فيها وينبت بها البطم والعرعر والصنوبر كثيرا وفي هذه الجبال زراعات ومعائش ونخل كثير وعسل عجيب وآخر عمل هيب لكة وبعد البندرية على نحو عشرة أميال قصر كبير يسكنه قوم من لخم ويسمى القصر بهم وأهله كلهم عسالة يتخذون النحل ويشتارون عسلها وأكثرهم يستعملون قطع العرعر ثم يستخرجون منه القطران ويسافرون به إلى ديار مصر. وأما الإسكندرية فهي مدينة بناها الإسكندر وبه سميت وهي مدينة على نحر البحر الملح وبها آثار عجيبة ورسوم قائمة تشهد لبانيها بالملك والقدرة وتعرب عن تمكن وبصر وهي حصينة الأسوار نامية الأشجار جليلة المقدار كثيرة العمارة رائجة التجارة شامخة البناء رائعة المغنى شوارعها فساح وعقائد بنيانها صحاح وفرش دورها بالرخام والمرمر وحنايا أبنيتها بالعمد المشمر وأسواقها كثيرة الاتساع ومزارعها واسعة الانتفاع والنيل الغربي منها يدخل تحت أقبية دورها كلها وتتصل دواميس بعضها ببعض وهي في ذاتها كثيرة الضياء متقنة الأشياء وفيها المنارة التي ليس على قرار الأرض مثلها بنيانا ولا أوثق منها عقدا أحجارها من صميم الكدان وقد أفرغ الرصاص في أوصالها فبعضها مرتبط ببعض معقود لا ينفك التئامها والبحر يصدم أحجارها من

الجهة الشمالية وبين هذه المنارة وبين المدينة ميل في البحر وفي البر ثلاثة أميال وارتفاع هذه المنارة ثلثمائة ذراع بالرشاشي وهو ثلاثة أشبار وذلك أن طولها كله مائة قامة منها ست وتسعون قامة إلى القبة التي في أعلاها وطول القبة أربع قامات ومن الأرض إلى الحزام الأوسط سبعون قامة سواء ومن الحزام الأوسط إلى أعلاها ست وعشرون قامة ويصعد إلى أعلاها من درج عريض في وسطها كالعادة في أدراج الصوامع ومنتهى الدرج الأول إلى نصفها ثم ينقبض البناء في نصفها من الأربعة أوجه وفي جوف هذا البناء وتحت أدراجه بيوت مبنية ومن هذا الحزام الأوسط يطلع بناؤها إلى أعلاها مقبوضا عن مقدار البناء الأسفل بمقدار ما يستدير به الإنسان من كل ناحية ويصعد أيضا إلى أعلاها من هذا الحزام في أدراج أقل أبنية من الأدراج السفلى وفيه زراقات أضواء في كل وجه منها يدخل الضوء عليها من خارج إلى داخل بحيث يبصر الصاعد فيها حيث يضع قدميه حين يصعد فيها وهذه المنارة من عجائب بنيان الدنيا علوا ووثاقة والمنفعة فيها أنها علم توقد النار بها في وسطها بالليل والنهار في أوقات سفر المراكب فيرى أهل المراكب تلك النار بالليل والنهار فيعملون عليها وترى من بعد مجرى لأنها تظهر بالليل كالنجم وبالنهار يرى منها دخان وذلك أن مدينة الإسكندرية في قعر الجون متصلة بها أوطئة وصحار متصلة لا جبل بها ولا علامة يستدل بها عليها ولولا تلك النار لضلت أكثر المراكب عن القصد إليها وهذه النار تسمى فانوسا ويقال إن الذي بنى هذه المنارة هو الذي بنى الأهرام التي في حد مدينة الفسطاط من غربي النيل ويقال أيضا إنها من بنيان الإسكندر عند بنيان الإسكندرية والله أعلم بصحيح ذلك وبالإسكندرية المسلتان وهما

حجران على طولهما مربعان وأعلاهما أضيق من أسفلهما وطول الواحدة منهما خمس قيم وعرض قواعدها في كل وجه عشرة أشبار محيط الكل أربعون شبرا وعليها كتابات بالخط السرياني وحكى صاحب كتاب العجائب أنهما منحوتتان من حجر جبل بريم في بلاد مصر وعليها مكتوب أنا يعمر بن شداد بنيت هذه المدينة حين لا هرم فاش ولا موت ذريع ولا شيب ظاهر وإذ الحجارة كالطين وإذ الناس لا يعرفون لهم ربا إلا يعمر فأقمت أسطواناتها وفجرت أنهارها وغرست أشجارها وأردت أن أطول على الملوك الذين كانوا بها بما أجعله فيها من الآثار المعجزة فأرسلت الثبوت بن مرة العادي ومقدام بن الغمر بن أبي رغال الثمودي إلى جبل بريم الأحمر فاقتطعا منه حجرين وحملاهما على أعناقهما فانكسرت ضلع الثبوت فوددت أن أهل مملكتي كانوا فداء له وأقامهما لي الفطن بن جارود المؤتفكي في يوم السعادة وهذه المسلة الواحدة في ركن البلد من الجهة الشرقية والثانية من هذه المسلات أيضا في بعض المدينة وقيل إن المجلس الذي بجنوب الإسكندرية المنسوب إلى سليمان بن داود أن يعمر بن شداد بناه ويقال أيضا إن سليمان بن داود بناه وأسطواناته وعضاداته باقية إلى الآن وصفته أنه مجلس مربع الطول في كل رأس منه ست عشرة سارية وفي الجانبين المتطاولين منه سبع وستون سارية وفي الركن الشمالي منه اسطوانة عظيمة ورأسها عليها وفي أسفلها قاعدة رخام في محيط تربيع وجوهها ثمانون شبرا في عرض كل وجه عشرون شبرا في ارتفاع ثمانين شبرا ودور محيط هذه

السارية أربعون شبرا وطولها من القاعدة إلى رأسها تسع قيم والرأس منقوش مخرم بأحكم صنعة وأتقن وضع ولا أخت لها ولا يعلم أحد من أهل الإسكندرية ولا من أهل مصر ما المراد بوضعها مفردة في مكانها وهي الآن مائلة ميلا كثيرا لكنها ثابتة آمنة من السقوط والإسكندرية من عمالة مصر وقاعدة من قواعدها. وأرض مصر تتصل حدودها من جهة الجنوب ببلاد النوبة ومن جهة الشمال بالبحر الشامي ومن جهة الشام بفحص التيه ومن جهة الشرق ببحر القلزم ومن جهة المغرب بالواحات. وأما طول النيل فمن ساحل بحر الروم حيث ابتداؤه إلى أن يتصل بأرض النوبة من وراء الواحات نحو خمس وعشرين مرحلة ومن حد النوبة مما يلي الجنوب مصاقبا لبلاد النوبة نحو ثماني مراحل ويمتد من هناك إلى أول الحد الذي ذكرناه نحو اثنتي عشرة مرحلة. ومدينة الفسطاط هي مصر سميت بذلك لأن مصرام بن حام بن نوح عليه السلام بناها في الأول وكانت مدينة مصر أولا عين شمس فلما نزل عمرو بن العاصي والمسلمون معه في صدر الإسلام وافتتحها اختط المسلمون حول فسطاطه فعمروا مكان مصر الآن وهو المكان الذي هي الآن فيه ويقال إنما سميت بالفسطاط لأن عمرو بن العاصي لما استفتح مصر وأراد المسير إلى الإسكندرية أمر بالفسطاط أن يحط ويسار به أمامه فنزلت حمامة في أعلاه وباضت بيضتها فأخبر بذلك عمرو فأمر أن يترك الفسطاط على حاله إلى أن تخلص الحمامة فرخيها ففعل وقال والله ما كنا لنسيء لمن ألفنا واطمأن بجانبنا

حتى نفجع هذه الحمامة بكسر بيضتها فترك الفسطاط وأقام بمصر إلى أن تخلص فرخ الحمامة ثم ارتحل وتسمى مدينة مصر باللسان اليوناني ببيلونة وهي الآن مدينة كبيرة على غاية من العمارة والخصب والطيب والحسن فسيحة الطرقات متقنة البناءات قائمة الأسواق نافقة التجارات متصلة العمارات نامية الزراعات لأهلها همم سامية ونفوس نقية عالية وأموال مبسوطة نامية وأمتعة رائقة لا تشتغل نفوسهم بهم ولا تعقد قلوبهم على غم لكثرة أمنهم ورفاهة عيشهم وانبساط العدل والحماية فيهم وطول المدينة ومقدارها ثلاثة فراسخ والنيل يأتيها من أعلى أرضها فيجتازها من ناحية جنوبها وينعطف مع غربيها فينقسم قدامها قسمين يعدى في المدينة من الذراع الواحد إلى الآخر. وفي هذه الجزيرة مساكن كثيرة جليلة ومبان متصلة على ضفة النيل وهذه الجزيرة تسمى دار المقياس وسنصفه بعد هذا بحول الله وهذه الجزيرة يجاز إليها على جسر فيه نحو ثلاثين سفينة ويجاز القسم الثاني وهو أوسع من الأول على جسر آخر وسفنه أكثر من الأول أضعافا مضاعفة وطرف هذا الجسر يتصل بالشط المعروف بالجيزة وهناك مبان حسنة وقصور شاهقة العلو وسوق وعمارة. وأرض مصر سبخة غير خالصة التراب وبنيان دورها كلها وقصورها طبقات بعضها فوق بعض والأعم من ذلك تكون طباقها في العلو خمسة وستة وسبعة وربما سكن في الدار المائة من الناس وأكثر وأخبر الحوقلي في كتابه أنه كان بمصر على عهد تأليفه لكتابه دار تعرف بدار عبد العزيز في الموقف يصب لمن فيها في كل يوم أربعمائة راوية ماء وفيها خمسة مساجد

وحمامان وفرنان ومعظم بنيان مصر بالطوب وأكثر سفل ديارهم غير مسكون ولها مسجدان جامعان للجمعة والخطبة فيهما أحدهما بناه عمرو بن العاصي في وسط أسواق تحيط به من كل جهة وكان هذا الجامع في أوله كنيسة للروم فأمر به عمرو فقلب مسجدا جامعا والمسجد الجامع الثاني هو بأعلى الموقف بناه أبو العباس أحمد بن طولون ولابن طولون أيضا جامع آخر بناه في القرافة وهو مكان يسكنه المتعبدون وجمل من أهل الخير والعفاف وبالجزيرة التي بين ذراعي النيل جامع وكذلك في الضفة الغربية المسماة بالجيزة. ومصر بالجملة عامرة بالناس نافقة بضروب المطاعم والمشارب وحسن الملابس وفي أهلها رفاهة وظرف شامل وحلاوة ولها في جميع جوانبها بساتين وجنات وشجر ونخل وقصب سكر وكل ذلك يسقى بماء النيل ومزارعها ممتدة من أسوان إلى حد الإسكندرية ويقيم الماء في أرضهم بالريف منذ ابتداء الحر إلى الخريف ثم ينضب فيزرع عليه ثم لا يسقى بعد ذلك ما زرع عليه ولا يحتاج إلى سقي البتة وأرض مصر لا تمطر ولا تثلج البتة وليس بأرض مصر مدينة يجري فيها الماء من غير حاجة إلا الفيوم. وأكثر جري النيل إلى جهة الشمال وعرض العمارة عليه من حد أسوان ما بين نصف يوم إلى يوم إلى أن ينتهي إلى الفسطاط تم تعرض العمارة وتتسع فيكون عرضها من الإسكندرية إلى الحوف الذي يتصل بعمارة القلزم نحو ثمانية أيام وليس في أرض مصر مما يحوز ضفتي النيل شئ قفر وإنما هو كله معمور بالبساتين والأشجار والمدن والقرى والناس والأسواق والبيع والشراء وبين طرفي النيل فيما ثبت في الكتب خمسة آلاف وست

مائة وأربعة وثلاثون ميلا وفي كتاب الخزانة أن طوله أربعة آلاف وخمس مائة وخمسة وتسعون ميلا وعرضه في بلاد النوبة والحبشة ثلاثة أميال فما دونها وعرضه ببلد مصر ثلثا ميل وليس يشبه نهرا من الأنهار. وأما الجزيرة التي تقابل مصر وهي التي قدمنا ذكرها حيث المباني والمتنزهات ودار المقياس فإنها جزيرة عرضها بين القسمين من النيل مارة مع المشرق إلى جهة المغرب وطولها بالضد وهو من الجنوب إلى جهة الشمال وطرفها الأعلى حيث المقياس عريض ووسطها أعرض من رأسها والطرف الثاني محدود وطولها من رأس إلى رأس ميلان وعرضها مقدار رمية سهم ودار المقياس هي في الرأس العريض من الجهة الشرقية مما يلي الفسطاط وهي دار كبيرة يحيط بها من داخلها في كل وجه أقبية دائرة على عمد وفي وسط الدار فسقية كبيرة عميقة ينزل إليها بدرج رخام على الدائر وفي وسط الفسقية عمود رخام قائم وفيه رسوم أعداد أذرع وأصابع بينها وعلى رأس العمود بنيان متقن من الحجر وهو ملون مرسم بالذهب واللازورد وأنواع الأصباغ المحكمة والماء يصل إلى هذه الفسقية على قناة عريضة تصل بينها وبين ماء النيل والماء لا يدخل هذه الجابية إلا عند زيادة ماء النيل وزيادة ماء النيل تكون في شهر أغشت والوفاء من مائة ستة عشر ذراعا وهو الذي يروي أرض السلطان باعتدال فإذا بلغ النيل ثمانية عشر ذراعا روى جميع الأرضين التي هناك فإن بلغ عشرين ذراعا فهو ضرر وأقل زيادته تكون اثني عشر ذراعا والذراع أربعة وعشرون اصبعا فما زاد على الثمانية عشر ضر لأنه يقلع الشجر ويهدم وما نقص عن اثني عشر كان بذلك

النقص والجدب وقلة الزراعة. ومما يلي جنوب الفسطاط قرية منف وبناحية شمالها المدينة المسماة عين شمس وهما كالقريتين مما يلي جبل المقطم ويقال إنهما كانتا متنزهين لفرعون لعنه الله فأما منف فهي الآن خراب أكثرها وأما عين شمس فهي الآن معمورة وهي أسفل جبل المقطم وعلى مقربة منها على رأس جبل المقطم مكان يعرف بتنور فرعون وكانت فيه مرآة تدور على لولب فكان إذا خرج من أحد الموضعين أعني منف أو عين شمس أصعد في هذا المكان الآخر من يعدله ليعاين شخصه ولا تفقد هيئته والتمساح لا يضر بشيء مما جاور الفسطاط ويحكى عنه أنه إذا انحدر من أعلى النيل أو صعد من أسفل وأتى قبالة الفسطاط انقلب على ظهره وعام كذلك حتى يجاوز الفسطاط وحماه ويقال إن ذلك بطلسم صنع له وكذلك أيضا عدوة بوصير لا يضر بها ويضر بعدوة الأشمونى وبينهما عرض النيل وهذا عجب عجيب وبعين شمس مما يلي الفسطاط ينبت البلسان وهو النبات الذي يستخرج منه دهن البلسان ولا يعرف بمكان من الأرض إلا هناك. وبأسفل الفسطاط ضيعة سيروا وهي ضيعة جليلة يعمل بها شراب العسل المتخذ بالماء والعسل وهو مشهور في جميع الأرض ويتصل بأرض الفسطاط جبل المقطم وبه جمل من قبور الأنبياء عليهم السلام كيوسف ويعقوب والأسباط. وعلى ستة أميال من مصر الهرمان وهما بناءان في مستو من الأرض ولا يعرف فيما جاورهما جبل يقطع منه حجر يصلح للبناء وطول كل واحد من هذه الأهرام ارتفاعا مع الجو أربعمائة ذراع وعرضه في الدائر كارتفاع

الكل مبني بحجارة الرخام التي ارتفاع كل حجر منها خمسة أشبار وطوله خمسة عشر ذراعا إلى العشرة فزائدا وناقصا على قدر ما توجبه الهندسة وموقع الحجر من جوار لصيقه وكلما ارتفع بناؤه على وجه الأرض ضاق حتى يصير أعلاه نحو مبرك جمل ومن شاء الخروج إليهما من البر جاز إلى الجيزة على الجسر ومر من الجيزة إلى قرية دهشور ثلاثة أميال وهناك سجن يوسف عليه السلام ومنها إلى الهرمين وبين الهرم والهرم نحو من خمسة أميال وبينهما وبين أقرب موضع إلى النيل خمسة أميال وفي بعض حيطانه كتابات قد درس أكثرها وفي داخل كل هرم منهما طريق يسير فيه الناس وبين هذين الهرمين طريق مخترق في الأرض واضح يفضي من أحدهما إلى الآخر ويحكى أنهما علامات على قبور ملوك ويذكر أنهما كانا قبل أن يكونا قبورا أهراء للغلات. ويتصل بمصر في الجانب الغربي منها مدينة الفيوم وبينهما مرحلتان والفيوم مدينة كبيرة ذات بساتين وأشجار وفواكه وغلات ولها جانبان على وادي اللاهون وهو فيما يقال أن يوسف عليه السلام اتخذ له مجريان للماء في وقت الفيض ليدوم لهم الماء فيها وقومهما بالحجارة المنضدة ومدينة الفيوم في ذاتها مدينة طيبة كثيرة الفواكه والغلات وأكثر غلاتها الأرز وهو الأكثر في سائر حبوبها وهواؤها وبيء غير موافق منكر لمن دخلها من الطارئين والغرباء النازلين بها وبها آثار بنيان عظيم ونواحيها مسماة بها ومنسوبة إليها وكانت هذه العمارة المحيطة بها كلها تحت سور يجمع على جميع أعمالها ويحيط بجميع مدنها وبقاعها وما بقي منه الآن شيء إلا ما لا يرى بشيء ونهر اللاهون اخترقه وأجرى الماء فيه يوسف الصديق عليه السلام وذلك لما كبرت

سنه وأراد الملك راحته وانتزاعه عن الخدمة وقد كثرت حاشيته وأهله من ذريته وذرية أبيه وأقطعه أرض الفيوم وكان الفيوم بحيرة تصب إليها المياه وكانت ذات آجام وقصب وكان الملك يكره ذلك منها لأنها كانت قريبة منه فلما وهبها ليوسف عليه السلام نهض إلى ناحية صول واحتفر الخليج المسمى بالمنهى حتى أتى به إلى موضع اللاهون ثم بنى اللاهون وأوثقها بالحصى والكلس واللبن والصدف كالحائط المرتفع وجعل على أعلاه في الوسط بابا وحفر من ورائه خليجا يدخل إلى الفيوم شرقيا وعمل خليجا غربيا متصلا بهذا الخليج يمر به من خارج الفيوم يقال له تنهمت فخرج الماء من الجونة إلى الخليج الشرقي فجرى إلى النيل وخرج ماء الخليج الغربي يصب إلى صحراء تنهمت بالغرب فلم يبق من الماء شيء إلا وخرج وكل ذلك في أيام يسيرة ثم أمر الفعلة فقلموا القصب التي هناك والعصاب وعقد الأدياس والطرفاء وكان ذلك في وقت جري الماء في النيل فدخل في رأس الخليج المسمى بالمنهى فجرى حتى وصل اللاهون فقطعه إلى خليج الفيوم وسار الماء إليها وسقاها وعم جميعها وصارت لجة وكان ذلك في سبعين يوما فلما نظر إليها الملك قال هذا عمل ألف يوم فسميت بذلك الفيوم ثم إن يوسف عليه السلام قال للملك إن عندي من الحكمة أن تعطيني من كل كورة من أرض مصر أهل بيت واحد فأعطاه ذلك فأمر يوسف القوم بأن يبني لكل بيت منهم قرية ففعلوا ذلك وكان عدد هذه البيوتات خمسة وثمانين بيتا وكانت قراهم على عدد ذلك فلما فرغوا من بنيان القرى ضرب لكل قرية من

الماء بقدر ما يصير إليها من الأرض لا يكون لها في ذلك زائد ولا ناقص ثم صير لكل قوم شربا في زمان ما لا ينالهم الماء إلا فيه فهذه صفة الفيوم. ومن خرج من مصر على معظم النيل يريد الصعيد سار من الفسطاط إلى منية السودان وهي منية جليلة تتصل بها عمارات بضروب من الغلات وهى في الضفة الغربية من النيل ومنها إلى مصر نحو من خمسة عشر ميلا. ومنها إلى بياض عشرون ميلا وهي قرى وضياع عامرة وغلات حسنة وبساتين تشتمل على ضروب من الفواكه. ومنها إلى الحمى الصغير عشرون ميلا. ثم إلى الحمى الكبير في الجهة الشرقية عشرة أميال وهي قرية عامرة ولها بساتين وكروم ومزارع قصب. ومنها إلى دير الفيوم في الجهة الشرقية عشرون ميلا. ثم إلى قرية تونس في الجهة الغربية ميلان وهي متنحية عن النيل ومنها إلى دهروط نصف يوم ودهروط في الجهة الغربية من النيل. ومنها إلى مدينة القيس في الجهة الغربية نحو من عشرين ميلا ومدينة القيس مدينة قديمة أزلية وقد تقدم ذكرنا لها فيما سلف من ذكر بلاد مصر في الإقليم الثاني قبل هذا والطريق منها إلى مدينة أسوان على النيل ولا حاجة بنا إلى إعادة ذكر ذلك. وأما أسفل الأرض من مصر فمن أراد المسير إليها سار منحدرا مع النيل إلى المنية خمسة أميال ومنها إلى منية القائد خمسة أميال وهي مدينة كبيرة عامرة ذات مزارع وبساتين وخصب وقصب سكر.

ومنها إلى شبرة خمسة أميال وهي قرية وضياع كالمدينة يعمل فيها شراب العسل المفوه المشهور في جميع الأرض وبها خيمة البشنس. ومنها إلى بيسوس خمسة أميال وهي قرية عامرة حسنة. ومنها إلى قرية الخرقانية خمسة أميال وهي قرية عامرة لها مزارع وضياع وبساتين كثيرة للملك. ومنها إلى قرية سرودس خمسة أميال. ومنها إلى شلقان خمسة أميال وهي قرية كبيرة عامرة. ومنها إلى قرية زفيتة خمسة عشر ميلا وبها تجتمع المراكب التي يصاد بها الحوت بأسرها وهذه القرية على رأس الجزيرة حيث ينقسم النيل خلجانا. وهذه القرية تصاقب مدينة شنطوف التي على رأس الخليج الذي ينزل إلى تنيس ودمياط. وفي أعلى شنطوف ينقسم النيل على قسمين ينزلان إلى أسفل ويتصلان بالبحر ويتفرع من كل واحد من هذين القسمين خليجان يصلان البحر فأما الخليجان الكبيران فإن مبدأهما من شنطوف فيمر الواحد في جهة المشرق حتى يصل تنيس ويتفرع من هذا الخليج ثلاثة خلجان فأحدها يخرج عند أنتوهى من جهة المغرب فيمر بتقويس إلى أن يرجع إلى معظمه عند دمسيس ويتفرع أسفل ذلك منه خليج في جهة الغرب فيمر حتى يصل دمياط وأما الخليج الآخر فإنه يمر من نحو شنطوف في جهة المغرب إلى قرب قيس أنمار فينقسم منه قسم يمر في جهة المغرب فينعطف إلى قرية ببيج ثم ينزل ويتفرع هناك منه خليج يصل إلى الإسكندرية وهذا الخليج يسمى خليج

شابور وفمه وابتداء مخرجه من أسفل ببيج ولا يكون الماء فيه في كل السنة وإنما يكون فيه الماء مدة خروج النيل فإذا رجع ماء النيل جف ماؤه حتى لا ينحدر أحد فيه ويخرج من معظم هذا القسم المتصل برشيد أسفل سنديون وسمونس أسفل فوه وفوق رشيد ذراع من النيل فيمر إلى مستقر بحيرة تتصل بقرب الساحل ثم تمر ممتدة مع الغرب إلى أن يكون بينها وبين الإسكندرية نحو من ستة أميال ومن هناك تتحول الأمتعة من المراكب في البر إلى الإسكندرية وعلى هذه الخلجان كلها مدن كثيرة متحضرة وقرى عامرة متصلة وها نحن لأكثرها ذاكرون وبالله التوفيق. فمن أراد النزول من مصر إلى تنيس وبينهما تسعة أيام ومن تنيس إلى دمياط مجرى ومن دمياط إلى رشيد يومان ومن رشيد إلى الإسكندرية مجرى ومن الإسكندرية إلى مصر ستة أيام ومن مصر إلى قرية زفيتة التي قدمنا ذكرها وقلنا إن بها تجتمع مراكب صيد السمك بأسرها ومبلغ مقدار عددها مائة مركب ونيف خمسون ميلا ويقابلها من الضفة الغربية شنطوف وهي مدينة حسنة. ومن شنطوف إلى شنوان خمسة وعشرون ميلا ينزل منها إلى قرية الشاميين عشرة أميال وهذه القرية يزرع فيها قصب السكر والبصل والقثاء وهذه أكبر غلاتها وأكثرها وهي بذلك مختصة وهي في الضفة الشرقية ويقابلها في الضفة الغربية طنت وهي قرية حسنة كثيرة المزارع والغلات. ومن طنت إلى شنوان وهي مدينة صغيرة خمسة عشر ميلا. ومنها منحدرا إلى قشيرة الأبراج نحو من اثني عشر ميلا وهي قرية عامرة وفيها غلات وعمارات كثيرة.

وتقابلها قرية سيوجة. ومنها منحدرا إلى الصالحية نحو عشرة أميال وهي مدينة متحضرة وفيها عمارات وزراعات وأهلها لصوص لهم أذية فاشية وهم بالشر موسومون. وأسفل الصالحية منية العطف في الغربية وهي قرية كثيرة الخيرات ومنها إلى شيرجة عشرة أميال. ومنها منحدرا إلى مدينة جدوة خمسة عشر ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة لها أسواق عامرة وزراعاتها متصلة وخيراتها كثيرة وفي هذه المدينة مراكب كثيرة معدة لتعدية العساكر مختصة بذلك. ومن جدوة عشرون ميلا إلى منية العطار وهي قرية صغيرة وبها بساتين وجنات وغلات. ويقابلها من الضفة الغربية مدينة أنتوهى وهي مدينة صغيرة وبها بساتين وجنات وزراعات وغلات معلومة ولها سوق في يوم معلوم. ومن منية العطف السابق ذكرها إلى قرية شميرق عشرة أميال بالجهة الغربية ومن قرية شميرق وهي تقابل جدوة وبأسفلها قليلا إلى قرية أنتوهى السابق ذكرها نحو من عشرة أميال. وأسفل أنتوهى ينقسم الذراع من النيل على قسمين فيمر منه القسم الواحد إلى ناحية الغرب والقسم الثاني يمر بالجهة الشرقية فيكون بينهما جزيرة ثم يجتمعان بشبرة ودمسيس ثم يمران غير بعيد فينقسمان قسمين ويمر

القسم الشرقي إلى تنيس ويمر القسم الثاني وهو الغربي إلى ذمياط. ثم نرجع بالقول إلى مدينة أنتوهى حيث ينقسم النيل فمن انحدر على الذراع الشرقي صار من أنتوهى إلى منية العطار وهما متقابلتان فانحدر إلى بنة العسل وهي منية جليلة كثيرة الأشجار والفواكه وتتصل بها عمارات وتقابلها في الضفة الغربية منيتها الكبرى المنسوبة إلى بنة. ومنها إلى قرية أتريب في الشرقية وهي قرية لها سوق عامرة. ومنها إلى قرية جنجر وهي كثيرة الغلات والمزارع. ويقابلها في الجهة الغربية منية الحوفي وهي قرية ومنية كبيرة. ومنها إلى قرية سنيت في الشرقي ويقابلها من الجهة الغربية قرية ورورة وهي قرية كثيرة الخصب عامرة بالناس ولها سوق حسنة. ومنها إلى قرية الخمارية ويقابلها في الغربية منية الحرون. وينحدر منها إلى قرية صحرشت الكبرى في الجهة الشرقية. ومنها إلى صحرشت الصغرى في الشقة الغربية وهي قرية عامرة وبها من غلات السمسم والقنب وأنواع الحبوب كل حسن.

ومنها إلى قرية منية غمر بجهة الشرق وهي قرية لها سوق ومتاجر ودخل وخرج قائم. ويقابلها في الجهة الغربية منية زفته. ومن منية زفتة إلى منية الفيران في الجهة الغربية وهي قرية يزرع بها غلات الكمون والبصل والثوم برسم قصر الملك. ويحاذيها في الشرق قرية قدقوس وهي قرية كبيرة جدا ذات بساتين وزروع ولها سوق نافقة وهي يوم الأربعاء. ومنها ينحدر إلى منية فيماس وهي قرية حسنة كثيرة الخيرات كثيرة الغلات. ويقابلها في الجهة الغربية قرية حانوت وهي قرية ذات مياه جارية وعمارات وهي برسم زراعة الكتان وهو غلتها وعليها يعول أهلها ونبات الكتان يجود فيها. ومنها إلى منية إسنا بالشرقي من الخليج وهي قرية حسنة ولها سوق (في) يوم معلوم. ومنها إلى قرية دمسيس المقدم ذكرها وهي قرية عامرة آهلة ولها سوق وهو يوم السبت وسوقها يباع بها ويشترى من الثياب والأمتعة كل طريفة والتجار يقصدونها لنفاقها. ومن أراد النزول إلى الخليج الغربي من أنتوهى سار من أنتوهى إلى مدينة مليج عشرين ميلا وهي مدينة عامرة ولها أسواق وتجارات ويقابلها في الضفة الشرقية منية عبد الملك وهي قرية عامرة كبيرة كثيرة الخيرات مفيدة الزراعات.

ومن مليج نازلا الى طنطنة في جهة الغرب خمسة عشر ميلا وهي مدينة متحضرة صغيرة لكنها ذات سوق وأرزاق دارة وأحوال صالحة وأهلها في رفاهة وخصب ومن طنطنة إلى مدينة طلطى في الضفة الغربية خمسة عشر ميلا ويقابلها في الجهة الشرقية الجعفرية وهي قرية ذات مزارع وغلات ومن مدينة طلطى إلى قرية بلوس في الضفة الغربية ويقابلها في الضفة الشرقية قرية السنطة وهي قرية جليلة عامرة. ومن قرية بلوس إلى مدينة سنباط في الغربي ومزارعها كتان وفيها سوق عامرة وتجارات وأرباح وأموال ممدودة ونعم ومنها بالمحاذاة في الضفة الشرقية إلى مدينة ونعاصر ومن مدينة سنباط إلى مدينة شبرة التي على فم الخليج المقابل لدمسيس المتقدم ذكرها قبل ذلك. فمن أراد المسير من دمسيس إلى تنيس على النيل نزل في النيل إلى منية بدر نحو ميلين ومنها يخرج خليج شنشا في الجهة الشرقية فيمر إلى مدينة شنشا وهي مدينة حسنة كثيرة الأشجار والمزارع وبها معاصير لقصب السكر وخيرات شاملة وينحدر منها إلى مدينة البوهات في الشرقي أربعة وعشرون ميلا وهي مدينة عامرة ذات أسواق ومنافع جمة وعليها سور قديم مبني بالصخر ومنها إلى سفناس ثمانية عشر ميلا وهي مدينة متحضرة صغيرة ومنها إلى جهة الغرب في البر إلى مدينة طناح التي على خليج تنيس في الضفة الشرقية منه خمسة وعشرون ميلا ثم إلى بحيرة الزار وهي على مقربة من الفرما. وبحيرة الزار متصلة ببحيرة تنيس وبينها وبين البحر الملح ثلاثة أميال وهذه البحيرة التي ذكرناها بحيرة كبيرة واسعة القطر وفيها من الجزائر غير

مدينة تنيس جزيرة حصن الماء وهي مما يلي ناحية الفرما وبقرب منها وإليها وصل الملك بردوين الذي استفتح بلاد الشام بعد الإسلام وغرق بفرسه بقربها ومنها انصرف إلى ما خلفه وبالشرق من تنيس ومع الجنوب قليلا جزيرة تونة وهي في بحيرة تنيس وفي جنوب تنيس وببحيرتها جزيرة نبلية. وفي غربي خليج شنشا الذي ذكرناه آنفا قرى وضياع وشوارع متصلة بضروب من الغلات وجمل من المنافع ومن أحب النزول من دمسيس على معظم الخليج إلى تنيس صار من دمسيس إلى منية بدر التي قدمنا ذكرها قبل ذلك ومنها إلى بناء في الضفة الغربية عشرة أميال وهي قرية حسنة لها بساتين وفدادين غلاتها وافرة. وفوقها ينقسم النيل على فرقتين فتصير بينهما جزيرة صغيرة على غربيها قرية بوصير وهي عامرة وعلى الذراع الثاتي مما يلي المشرق رحل جراح وهي مدينة صغيرة عامرة ولها دخل وخرج ومنافع وغلل وبين رحل جراح وبين فم خليج شنشا أربعون ميلا وكذلك بين بوصير وبنا ومن منية ابن جراح نازلا في النيل إلى سمنود اثنا عشر ميلا وهي في الضفة الشرقية ويقابلها في الجهة الغربية مدينة سمنود وهي مدينة حسنة كثيرة الداخل والخارج عامرة آهلة وبها مرافق واسعار رخيصة ومن مدينة سمنود في البرية في جهة الغرب بالمقابلة إلى مدينة سندفة التي على خليج بلقينة ثمانية أميال ومن مدينة سمنود إلى مدينة الثعبانية ثمانية عشر ميلا وهي مدينة عامرة وبها أسواق وعمارات وتجارات وهي في الغربي من الخليج ومنها إلى منية عساس اثنا عشر ميلا وهي قرية كثيرة البركات جامعة لضروب من الغلات

ومنها نازلا إلى جوجر اثنا عشر ميلا ويقابلها في الضفة الشرقية ويش الحجر وهي مدينة صغيرة بها بساتين وأشجار ومن ويش الحجر إلى مدينة سمنود المقدم ذكرها ستة وثلاثون ميلا ومن ويش الحجر نازلا إلى مدينة طرخا وهي بالضفة الغربية من النيل وبينها وبين جوجر اثنا عشر ميلا. وأسفل طرخا ينقسم هذا الخليج قسمين يصل أحدهما إلى بحيرة تنيس شرقا والثاني يصل غربا إلى مدينة ذمياط فمن شاء أن ينزل إلى تنيس ينزل من طرخا إلى منية شهار في الغربي وهي مدينة صغيرة عامرة بها تجارات وأموال قائمة ويقابلها في الضفة الشرقية محلة دمينة وبينهما خمسة أميال ومنية دمينة أسفل من مدينة شهار ومن محلة دمينة إلى قباب البازيار اثنا عشر ميلا وهي قرية كبيرة ومنها نازلا إلى قباب العريف ستة عشر ميلا ومنها إلى قرية دمو خمسة عشر ميلا ومن دمو إلى مدينة طماخ ميلان في الضفة الشرقية وهي مدينة حسنة كثيرة العامر فيها أسواق ومتاجر قائمة ومنها إلى شمون عشرة أميال وهي قرية عامرة ومنها إلى قرية الأنصار في الضفة الغربية عشرون ميلا ومنها إلى قرية وبيدة عشرون ميلا في الضفة الشرقية ومنها إلى برنبلين عشرون ميلا وهي في الضفة الغربية ثم إلى شنيسة أربعون ميلا ثم غربا إلى بحيرة تنيس خمسة عشر ميلا. وبحيرة تنيس إذا امتد النيل في الصيف عذب ماؤها وإذا جزر في الشتاء إلى أوان الحر غلب ماء البحر عليها فملح ماؤها وفيها مدن مثل الجزائر

تطيف البحيرة بها وهي نبلى وتونة وسمناة وحصن الماء ولا طريق إلى واحدة منها إلا بالسفن وبمدينة تنيس وذمياط يتخذ رفيع الثياب من الدبيقي والشروب والمصبغات من الحلل التنيسية التي ليس في جميع الأرض ما يدانيها في الحسن والقيمة وربما بلغ الثوب من ثيابها إذا كان مذهبا ألف دينار أو نحو ذلك وما لم يكن فيه ذهب المائة والمئتين ونحوها وأصولها من الكتان أما وان كانت شطا ودبقو ودميرة وما قاربها من تلك الجزائر يعمل بها الرفيع من الأجناس فليس ذلك بمقارب للتنيسي والذمياطي وفيما يذكر أن بحيرة تنيس بها كانت الجنتان التي ذكرت في الكتب وكانت لرجلين من ولد أتريب بن مضر وكان أحدهما مؤمنا والآخر كافرا فافتخر الكافر بكثرة ماله وولده فقال له أخوه المؤمن فما أراك شاكرا على ما رزقت فنزع ذلك منه ويقال إنه دعا عليه فغرق الله جميع ما كان للكافر في البحر حتى كأنها لم تكن في ليلة واحدة وهذه البحيرة قليلة العمق يسار في أكثرها بالمعادي وتلتقى فيها السفينتان فتجانب إحداهما الأخرى هذه صاعدة وهذه نازلة بريح واحدة وكلاهما مملوء القلاع بالريح وسيرهما في السرعه سواء. وأما ذمياط فإنها مدينة على ضفة البحر وبينهما مسافة وبذمياط يعمل من غريب الصنع في الثياب الدبيقية وغيرها ما يقارب الثياب التنيسية سواء وذراع النيل ينصب إليها من الذراع النازل إلى مدينة تنيس وخروجه أسفل طرخا التي قدمنا ذكرها. فمن شاء النزول إليها من مصر سار على ما وصفناه من القرى والمدن والعمارات حتى يصل طرخا فيأخذ في الذراع الغربي الواصل إلى ذمياط

فينحدر إلى مدينة دميرة عشرة أميال وهي في غربي الخليج وهي مدينة صغيرة ويعمل بها ثياب حسنة يتجهز بها إلى كثير من البلاد وبها صناع كثيرة وتجار قاصدون وبيع وشراء ومن دميرة نازلا مع الخليج إلى شرنقاش في الضفة الغربية سبعة عشر ميلا وهي مدينة صغيرة عامرة حسنة ذات مزارع وغلات وصناعات ومنها إلى مدينة شرمساح في الضفة الشرقية عشرون ميلا وهي مدينة جليلة لكنها ليست بالكبيرة ولها سوق جامعة لضروب بيع وشراء وأخذ وعطاء ومنها إلى منية العلوق عشرون ميلا وهي قرية متحضرة لها معاصر قصب وغلات قائمة نامية وهي في الضفة الشرقية من الخليج ومنها إلى قرية فارسكور عشرة أميال في الضفة الشرقية من الخليج ومن فارسكور إلى بورة وهي قرية جامعة ذات زراعات وغلات وجنات وبساتين وخيرات خمسة عشر ميلا ومن بورة إلى دمياط ثلاثة عشر ميلا فذلك من طرخا إلى ذمياط مائة ميل وخمسة أميال وكذلك من طرخا إلى منية دمسيس مائة ميل وعشرة أميال ومن دمسيس إلى أنتوهى نحو من تسعين ميلا ومن فم أنتوهى إلى قرية شنطوف مائة ميل ومن شنطوف إلى الفسطاط خمسون ميلا. ونرجع بالقول إلى خليج المحلة وفوهته تخرج من أسفل طنطى فيمر في جهة الغرب نازلا حتى يحاذي شرمساح التي على خليج دمياط ومن فوهته إلى منية غزال في الشرق عشرون ميلا وهي قرية جامعة لمحاسن شتى وضروب غلات مختلفة وتقابلها محلة أبى الهيثم في الضفة الغربية ومنها إلى ترعة بلقينة خمسة عشر ميلا وهي قرية كثيرة البساتين والجنات متصلة

العمارات والغلات ومنها يخرج أيضا خليج آخر يأخذ في الغرب مستقيما إلى صخا وعليه من أوله قرية دار البقر في الغرب وأسفلها في الغرب أيضا قرية المعتمدية ومنها إلى متبول في الغرب وهي قرية عامرة لها سوق في يوم معلوم ومنها إلى صخا وصخا في البرية وبها إقليم متصل ومنها في جهة الجنوب في البرية إلى محلة صرت ومنها إلى منوف العليا وهي قرية صغيرة عامرة ولها إقليم معمور وبها غلات وخير كثير ومن منوف العليا إلى سكاف وهي قرية حسنة شاملة لأهلها محدقة بخيرها متصلة عماراتها ومنها إلى شنطوف. ونرجع بالقول إلى ترعة بلقينة السابق ذكرها فمنها منحدرا إلى المحلة وهي مدينة كبيرة ذات أسواق عامرة وتجارات قائمة وخيرات شاملة وبما يقرب من المحلة على خمسة وأربعين ميلا في البرية مدينة صنهور وإليها تصل ترعة بلقينة ويقابلها في جهة الشرق مدينة سندفة وبينهما نحو ميل ونصف وهي مدينة جليلة جميلة كثيرة الفواكه والنعم وبين سندفة ومدينة سمنود في البرية خمسة عشر ميلا ومدينة سمنود على خليج تنيس ودمياط ومن سندفة إلى مدينة المحلة ومنها إلى محلة الداخل وهي قرية حسنة لها بساتين وجنات في غربي الخليج ومنها إلى دميرة التي ترسم بها الثياب الشروب وهما مدينتان كبيرتان فيهما طرز للخاصة وطرز للعامة ومنها يخرج إلى ذمياط كما قدمنا. وقد ذكرنا من أوصاف الخلجان الشرقية وتشعبها على ما هي عليه ما فيه كفاية وبقي علينا أن نذكر الخليجين الغربيين حسب ما يجب ونأتي بما عليهما من البلاد وكيفية تشعبهما فنقول من ذلك من شاء الانحدار من مصر

إلى الإسكندرية خرج من مصر منحدرا إلى جزيرة أنقاش ونبابة وهما مدينتان بين شطي النيل كانتا برسم تربية الوحوش فيهما في مدة أيام الأمير صاحب مصر عشرة أميال ومنها إلى الأخصاص وهي قرية حسنة لها بساتين وجنات وروضات ومبان ومنتزهات عشرون ميلا ومنها منحدرا في النيل إلى ذروة خمسة أميال ومنها إلى شنطوف عشرون ميلا وشنطوف مدينة صغيرة متحضرة لها مزارع وخصب ومنها في الضفة الغربية إلى قرية تسمى أم دينار وهي قرية حسنة ومن أم دينار إلي أشمن جريش خمسة عشر ميلا وهي مدينة صغيرة في الغرب كثيرة العمارات والبساتين والجنات ومنها إلى مدينة الجريش ثمانية عشر ميلا وهي في الضفة الشرقية وهي مدينة حسنة على إقليم جليل كبير وهي كثيرة التجارات والعمارات والكروم والأشجار ومنها إلى رمال الصنيم وبها آية من آيات الله سبحانه وذلك أنه يؤخذ العظم فيدفن في هذه الرمال سبعة أيام فيعود حجرا صلدا بأذن الله ومن رمال الصنيم إلى أبي يجنس وهي قرية كبيرة عامرة لها سوق وحولها بساتين وغراسات وكذلك منها إلى ترنوط وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وتجار مياسير ومن ترنوط هذه إلى شنطوف خمسون ميلا وبمدينة ترنوط معدن النطرون الجيد ومنه يحمل إلى جميع البلاد ومدينة ترنوط على بحر شابور وذلك أن هذا الذراع من النيل إذا وصل إلى رمال الصنيم انقسم قسمين فيمر القسم الأول إلى ناحية المغرب إلى أن يصل إلى ترنوط ثم إلى بستامة إلى طنوب ومنها إلى شابور وهي مدينة كالقرية الجامعة ومنها إلى محلة السيدة ثم إلى دنشال

ثم إلى قرطسا ثم إلى سوق أبي منى ومنها إلى قرنفيل ثم إلى الكريون ومنها إلى قرية الصير ثم إلى الإسكندرية. وهذا الخليج لا يدخله الماء ولا يسافر فيه إلا عند زيادة النيل لأن فوهته مرتفعة على مجرى النيل فلا يصل إليه الماء إلا في الوقت الذي ذكرناه وذلك أن فوهة هذا الخليج إذا وصل إلى ترنوط انعطف إلى جهة المشرق حتى يجتمع بأخيه عند ببيج وتصير بينهما جزيرة بيار وفم الخليج الشرقي يخرج من نحو رمال الصنيم فيمر في جهة الشمال إلى أن يتصل بصاحبه عند ببيج وعلى فوهته وأسفل منه مزارع وقرى متصلة في ضفة المشرق تتصل بأعلى منوف السفلى. ومنها إلى قرية تتا ومن قرية تتا إلى فيشة إلى البندارية ويقابلهما المنار (و) في الضفة الغربية ببيج وهناك يجتمع الخليجان فيصيران واحدا وفوق ببيج قرية قليب العمال وينزل النيل مع الشمال إلى صاه في الضفة الشرقية ويقابلها من الجهة الشرقية محلة نكلا خمسة عشر ميلا ومن صاه إلى قرية إصطافية في الضفة الشرقية عشرون ميلا وهي قرية حسنة عامرة ومنها إلى محلة العلوي خمسة عشر ميلا وهي قرية كبيرة ذات بساتين وضياع ويقابلها في الضفة الغربية سرنبى وهي قرية عامرة ومن محلة العلوي إلى فوة خمسة عشر ميلا وهي مدينة حسنة كثيرة الفواكه والخصب وبها أسواق وتجارات. وينقسم النيل أمامها قسمين فتكون بينهما جزيرة الراهب وعلى آخرها مدينة سنديون وكانت قبل ذلك مدينة لكنها دثرت وبقى منها معالم وقرى متصلة ومن فوة إلى سنديون في الضفة الشرقية نحو من خمسة عشر ميلا

ويحاذيها في الجهة الغربية قرية سمديسي وبين سمديسي وسرنبى خمسة عشر ميلا. وعلى مقربة من أسفل سمديسى يخرج ذراع من النيل ليس بالكبير فيتصل ببحيرة مارة ما بين غرب وشمال طولها أربعون ميلا في عرض ميلين أو نحوهما وماؤها ليس بعميق حتى تأتي ساحل البحر الملح وتنعطف هذه البحيرة مع الساحل على بغد ستة أميال من رشيد ثم ترجع إلى فم ضيق في أعلى سعتها مقدار عشرة أبواع في طول رمية حجر. ثم تتصل هذه البحيرة ببحيرة أخرى طولها عشرون ميلا وسعتها أقل من سعة الأخرى وماؤها أيضا ليس بعميق فيسار فيها إلى أعلاها ومن هناك إلى الإسكندرية ستة أميال ثم يتحول الناس عن المراكب إلى البر فيسيرون على الدواب إلى الإسكندرية وأما النزول إلى رشيد فعلى معظم الخليج فيسار من سمديسى إلى قرية الحافر عشرون ميلا ويقابلها في الضفة الشرقية قرية نطوبس الرمان ومن الحافر إلى الجديدية خمسة عشر ميلا وهي قرية عامرة. ومن الجديدية إلى رشيد وهي مدينة متحضرة بها سوق وتجار ونفقة ولها مزارع وغلات حنطة وشعير وبها جمل بقول حسنة كثيرة ولها نخل كثير وأنواع من الفواكه الرطبة وبها من الحيتان وضروب السمك من البحر الملح والسمك النيلي كثير وبها يصاد الدليس ويملحونه ويسافرون به إلى كل الجهات وهو من بعض تجاراتهم. وأكثر رساتيق مصر وقراها في الجوف والريف والريف هو ما كان من النيل جنوبا وأكثر أهل هذه القرى قبط نصارى يعقوبية ولهم الكنائس الكثيرة وفيهم قلة شر وهم أهل يسار وأخبر الحوقلي في كتابه أن المرأة

العظيمة من نساء القبط ربما ولدت الاثنين والثلاثة في بطن واحد وبحمل واحد ولا يجدون لذلك علة إلا ماء النيل. ومن رشيد إلى مدينة الإسكندرية ستون ميلا وذلك أنك تسير من رشيد إلى الرمال إلى بوقير ثلاثين ميلا إلى القصرين إلى الإسكندرية ثلاثين ميلا ولأهل الإسكندرية في بحرهم سمكة مخططة لذيذة الطعم تسمى العروس إذا أكلت مشوية أو مطبوخة رأى آكلها في نومه كأنه يؤتى إن لم يتناول عليها شيئا من الشراب أو يكثر من أكل العسل. فأما الطريق من مصر إلى أسوان وأعلى الصعيد فقد ذكرناه وكذلك الطريق من مصر إلى إفريقية قد ذكرناه على مسافة فنريد الآن أن نذكر الطريق من مصر إلى البهنسا ثم إلى مدينة سجلماسة مرحلة مرحلة وهو الطريق الذي أخذه المرابطون في سنة ثلاثين وخمسمائة تخرج من مصر إلى البهنسا سبعة أيام ومن البهنسا إلى جب مناد مرحلة ثم إلى فيدلة مرحلة ثم مرحلة بلا ماء ثم مرحلة بلا ماء ثم إلى عين قيس مرحلة ثم إلى غيات مرحلة إلى جبل أمطلاس مرحلة إلى نسنات مرحلة إلى وادي قسطرة مرحلة إلى جبل سرواي مرحلة إلى صحراء تيديت ثلاث مراحل بلا ماء إلى غدير شناوة وماؤه شروب مرحلة إلى جبل تاتى مرحلة إلى ساملا مرحلة إلى سيرو في الجبل مرحلة إلى صحراء متالاوت وهي ست مراحل لا ماء فيها ثم إلى نقاو مرحلة ثم إلى سلوبان جبل مرحلة ثم إلى جبل وجاد مرحلة ثم

إلى ندرمسة ثم إلى جبل قزول مرحلة ثم إلى جبل أيدمر ثلاث مراحل صحراء بلا ماء إلى سلكايا مرحلتان ثم إلى تساممت مرحلة إلى سجلماسة مرحلة وهذا الطريق قليلا ما يسلكه أحد وإنما يسلكه الملثمون بدليل. وكذلك من مصر إلى بغداد خمسمائة وسبعون فرسخا تكون ألف ميل وسبعمائة ميل وعشرة أميال. والطريق من مصر إلى مدينة يثرب تخرج من مصر إلى الجب إلى البويب ثم إلى منزل ابن صدقة ثم إلى عجرود ثم إلى الدوينة ثم إلى الكرسي ثم إلى الخفر ثم إلى منزل ثم إلى أيلة ثم إلى حقل ثم إلى مدين ثم إلى الأعراء ثم إلى منزل ثم إلى الكلاية ثم إلى شعب ثم إلى البيضاء ثم إلى وادي القرى ثم إلى الرحيبة ثم إلى ذي المروة ثم إلى مر ثم إلى السويداء ثم إلى ذي خشب ثم إلى المدينة يثرب. وطريق آخر على ساحل البحر القلزمي من مصر إلى عين شمس إلى قرية المطرية إلى بركة الجب وهو غدير يفرغ فيه خليج القاهرة إلى جب عجرود ثم إلى جب العجوز إلى القلزم ثم إلى بطن مغيرة وهو مرسى عليه بركة ماء ثم إلى جون فاران ثم إلى مزيد ثم إلى تيران وهو مكان خبيث تعطب فيه المراكب عند الهول وذلك أنه جون على ضفته جبل قائم فالريح إذا هبت عليه تلوت ونزلت إلى البحر فهاجت موجه أتلفت ما لقيت هناك من السفن وإذا هبت الريح الجنوب فلا سبيل إلى سلوكه ومقدار هذا المكان

الصعب نحو من ستة أميال ويقال إن في هذا الموضع غرق فرعون لعنه الله وبالقرب من فاران موضع صعب إذا سلك والريح الصبا مغربا أو الدبور مشرقا ويسمى جبيلات ومن جبيلات إلى جبل الطور إلى الأيلة إلى الحقل إلى مدين إلى الحوراء إلى الجار إلى قديد إلى عسفان إلى بطن مر إلى مكة. والطريق من مصر إلى الفرما من مصر إلى بلبيس مرحلة إلى فاقوس مرحلة وهي مدينة ثم إلى جرجير مرحلة وسنذكر حال الفرما بعد هذا إن شاء الله تعالى. نجز الجزء الرابع من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله تعالى.

الجزء الخامس

الجزء الخامس إن هذا الجزء الخامس من الإقليم الثالث تضمن قطعة من بحر القلزم وفحص التيه وبعض البحر الشامي بما عليهما من المدن والمراسي والحصون العامرة وأرض فلسطين والشام وأسفل أرض الحجاز مع قطعة من غربي البادية وفيها من البلاد المشهورة القلزم وفاران والأيلة ومدين وخيبر ووادي القرى والحجر وتبوك ودوما ومعدن النقرة والعادي والسيالة وراهط ثم الفرما وعسقلان وغزة والرملة وبيت المقدس وطبرية ونابلس ودمشق وبعلبك وحمص ويافا وقيسارية وأرسوف وعكة وصور وبيروت والناعمة وجبيل واطرابلس وانطرطوس وبيسان وجبلة والاذقية والسويدة وأنطاكية ونحن ذاكرون لما في كل واحدة منها من المباني والعجائب والطرق والمصنوعات وما يجلب إليها وما يخرج عنها وما بينها من الأميال والفراسخ وأمكنتها على التقصي بحول الله. فأما بحر القلزم فإنه كما قدمنا ذكره طوله نحو ثلاثين مرحلة وعرضه

أوسع ما يكون قدر ثلاثة مجار ثم لا يزال يضيق حتى يرى من بعض جوانبه الجانب الآخر وأوسع مكان فيه حيث القلزم. وبحر القلزم في ذاته كالنهر وفيه جبال عادية فوق الماء وفيه تروش وقالات ظاهرة ومخفية وطرق السفن فيما بينها معلومة لا يدخل بينها إلا الربانيون وأولو المعرفة بالبحر والتمهر في الرياسة فيه العالمون بطرقاته المجترئون على مجالاته والسير في هذا البحر بالنهار فقط وأما بالليل فلا يسير أحد فيه لصعوبة طرقه وتعاريج مسالكه وكثرة معاطبه. والقلزم كانت مدينتين وهما الآن أكثرهما خراب لتسلط العرب عليهما وأخذهم ما بأيدي أهليهما والتضييق الدائم عليهم حتى قلت عمارتهما وخاف قاصدهما وانقطعت طرق تجاراتهما وفنى ما بأيدي أهليهما وضاقت معايشهم وشرب أهلهما من عين السويس وهي عين ناشعة في وسط الرمل وماؤها ماء زعاق لا يسيغه شارب. وبين القلزم ومصر تسعون ميلا وكذلك من القلزم إلى الفرما في البر مما يلي الشمال سبع مراحل وهو ما بين البحر القلزمي والبحر الشامي من المسافة وما بينهما يسمى فحص التيه وهناك تاهت بنو إسرائيل في زمن موسى عليه السلام. وبالقلزم تنشأ السفن السائرة في هذا البحر وإنشاؤها شيء طريف وذلك أن الكلكل ينبسط على الأرض عريضا ثم لا يزال اللوح يتركب منه على

ما لصق به حتى يتهندم ثم يجوز بحبال الليف والدسر ويوصل بينهما بالجسور الماسكة فإذا كمل ذلك بأسره جلفط بالشحم المتخذ من دواب البحر ودقاق اللبان وقيعان مراكبه عراض دون تعميق في تركيبها لتحمل بذلك كثير الوسق ولا تدرس على كبير عمق. ومن القلزم على الساحل إلى فاران أربعون ميلا ومدينة فاران في قعر جون وهي قرية صغيرة يأوي إليها بعض عرب تلك الناحية. وإزاء فاران موضع متجون من قبل البحر وعلى ضفته جبل من حجر صلد والماء يتردد معه ويستدير وسلوكه عند هيجان الريح به صعب لا يقدر أحد على جوازه إلا بعد جهد وربما تلف السالك فيه إلا ما دفع الله وفيما يذكر أن بهذا البحر غرق فرعون لعنه الله. ومنه إلى جبل الطور وهو على مقربة من البحر ويمتد معه وبينه وبين البحر طريق مسلوك وهو جبل عال يصعد إليه على مدارج وفي أعلاه مسجد وله بئر ماء ناشعة ومنها يشرب من هناك من الصادرين والواردين. ومن الطور إلى المصدف وهو مكان حسن رمل وماؤه صاف ويصاد به اللؤلؤ. ومن هذا المصدف إلى شرم البيت وهو مرسى لا ماء فيه. ومنه إلى شرم البئر وهو مرسى لا ماء فيه.

ومنه إلى رأس أبي محمد وهو مرسى لا ماء فيه وهو رأس عقبة أيلة. وأيلة مدينة صغيرة والعرب يأوون إليها ويتصرفون فيها. ثم إلى العونيد وهو مرسى فيه الماء وتقابله جزيرة النعمان وبينها وبين البر عشرة أميال وجزيرة النعمان معمورة فيها قوم من العرب أشقياء عيشهم من صيد الحوت. ومنها إلى مرسى ظبا فيه ماء. ومنه إلى العطوف ثم إلى الحوراء وهي قرية عامرة وأهلها أشراف وعندهم معدن يقطعون فيه الأبارم ومنها يتجهز بها إلى سائر الأقطار المصاقبة والمتباعدة ويتصل بها في جهة الجنوب وعلى قرب منها جبل رضوى وفيه حجر المسن الذي يحمل إلى جميع أقطار الأرض من بلاد المشرق والمغرب وشرب أهل الحوراء من آبار عذبة وبها إرساء وقصر. ومنه إلى وادي الصفراء وهو مرسى حسن. ومنه إلى القويعة وهو مرسى عامر وماؤه يجلب من بعيد. ومنها إلى الجار ثم إلى الجحفة ثم إلى قديد ثم إلى عسفان ثم إلى جدة وقد سبق لنا ذكر هذه الحصون والمعاقل فيما سبق من ذكر الإقليم الثاني حيث جاء ذكر الجحفة وقديد وعسفان والجار والسقيا ولا حاجة بنا إلى إعادة ذكر ذلك. وعلى ساحل بحر القلزم مدينة مدين وهي أكبر من تبوك وبها البئر

التي استقى منها موسى عليه السلام لسائمة شعيب ويحكى أنها بئر معطلة وقد عمل عليها بيت وماء أهلها من عين تجري إليهم وسميت مدين بالقبيلة التي كان منها شعيب وبها معايش ضيقة وتجارات كاسدة. ومن مدينة مدين إلى أيلة خمس مراحل. ومن أيلة إلى الجار نحو من عشرين مرحلة. ومن مدين إلى تبوك في البرية شرقا ست مراحل. ومدينة تبوك بين الحجر وبين أول الشام وأول الشام منها على أربع مراحل في نحو نصف طريق الشام ولها حصن يطيف بها وشرب أهلها من عين ماء خرارة وبها نخيل كثير ويقال إن أصحاب الأيكة الذين بعث الله إليهم شعيبا كانوا بها وكان شعيب من مدين. والحجر من وادي القرى على مرحلة وهو حصن نظيف الحال بين الجبال وبها كانت ديار ثمود وبها بيوت منقورة في الصخر وأهل الحجر وتلك النواحي يسمونها الأثالب وهي جبال في ذاتها متصلة في العيان حتى إذا توسط المار بها كانت كل قطعة منها قائمة بذاتها يطاف بكل واحدة منها من غير أن يمازج بعضها بعضا أو يختلط بعضها ببعض وبها الآن بئر ثمود ويحيط بالحجر من كل ناحية جبال ورمال لا يكاد أحد يرتقي إلى ذراها إلا بعد جهد ومشقة. ومن الحجر إلى تيماء أربع مراحل ومن تيماء إلى خيبر أربع مراحل. ومدينة خيبر مدينة صغيرة كالحصن منيعة ذات نخيل وزروع وكانت

في صدر الإسلام دارا لبني قريظة والنضير وكان بها السموأل بن عاديا المضروب به المثل في الوفاء. ومنه إلى المدينة أربع مراحل. وبقرب خيبر جبل رضوى وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية ورأسه من ينابيع الماء به كخضرة البقل وفيه مياه كثيرة وأشجار ومنه تحمل أحجار المسن إلى سائر الآفاق. وفيما بينه وبين ديار جهينة وساحل البحر ديار يسكنها قوم من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب وهم يسكنون بيوت الشعر وهم خلق كثير زيهم زي الأعراب ينتجعون المراعي والمياه كانتجاع العرب لا فرق بينهم وبين العرب في خلق ولا خلق وتتصل ديارهم مما يلي المشرق بوادي أرادان وهو من الجحفة على مرحلة وبينها وبين الأبواء التي في طريق الحاج ستة أميال. ومن تيماء إلى دومة الجندل أربع مراحل. ودومة الجندل حصن منيع ومعقل حصين وبه عمارة وتتصل به عين التمر وبرية خساف من بادية السماوة وبرية خساف وهي ما بين الرقة وبالس عن يسار الذاهب. وتيماء حصن عامر وبنية أزلية وهو أعمر من تبوك وبينهما أربع مراحل وبين تيماء وأول الشام ثلاثة أيام وبتيماء مياه ونخيل ومنه تمتار البادية وبه تجارات قلائل ويسكن بين أيلة وتبوك إلى وادي القرى قبائل لخم وجذام

وجهينة وبلي وبلادهم بلاد إبل وألبان وأسمان وهم ينتجعون مراعي هذه الأرضين ولهم كرم وبذل لما في أيديهم وهم يسكنون بيوت الشعر وينتقلون من موضع إلى موضع لا يقيمون بمكان ولهم مصايف ومرابع يدورون عليها وينتقلون إليها مع الدهر وهم مترددون إليها. وأما جبل اللكام فإنا ذكرناه لأنه ليس بمعمور الأرض أطول منه فإنه يبتدئ من بحر القلزم فيمتد إلى نواحي الشام فيسمى هناك جبل لبنان ثم ينتهي إلى حمص فيجاورها ويسمى هناك جبل بهرا وتنوخ ثم يمر إلى أن يجاور اللاذقية وثم يسمى اللكام وينتهي إلى عين زربة والهارونية ثم إلى مرعش إلى أن يصل شمشاط وهي عليه ثم يتصل بأعمال آمد ويسمى هناك جبل السلسلة ثم ينقسم فتمر منه شعبة مع المشرق إلى حصن منصور إلى الباب والأبواب ويتعلق به جبل القبق وتمر الشعبة الثانية منه مع آمد إلى أحواز ميافارقين ويمر مع الجنوب إلى حدود بارما ويسمى هناك جبل الكرد إلى أن ينتهي إلى شهرزور إلى أحواز حلوان إلى الجبال من أحواز الصيمرة إلى جنوب إصبهان ثم يعطف إلى أن يأتي قاشان إلى قم ثم يصل إلى الري ويتصل به هناك جبال الديلم ويمر مع ساحل البحر الخزري إلى أن ينتهي (إلى) بحيرة خوارزم ثم يمر متصلا بجنوب الغزية حتى يتصل بفاراب ثم يمر في شرقي بلاد الشاش (و) ينتهي إلى أقصى بلاد فرغانة فيتصل

هناك بجبال فردحس الخارجة من البحر الصيني المحيط على وخان فيقطع بلاد التبت لا في وسطها بل على غربيها ومشارق بلاد الخرلخية إلى أن يأتي من حدود الإسلام إلى فرغانة. فتمر منه قطعة إلى الجنوب من فرغانة إلى جبال البتم وبها يسمى هناك على جنوب أشروسنة ومياه سمرقند تنبعث منه وتنفذ قطعة منه إلى نسف على جنوب الصغد إلى كش ونسف ونواحي زم على جيحون ثم تصل شعبتان منه فتمر إحداهما شمالا إلى الجوزجان ويمتد على الجوزجان ويأخذ على الطالقان إلى مرو الروذ إلى طوس آخذا على نيسابور فتكون نيسابور في سفحه وهو في شرقيها ويمتدّ سائرا إلى الري فيكون عن يمين القاصد من خراسان إلى العراق وينجر مع معظمه كما قدمناه فيما سلف. وأما حدود فلسطين وهي أول أحواز الشام وحدودها مما يلي المغرب مقدار أربعة أيام وذلك من رفح إلى اللجون وعرضه من يافا إلى ريحا مسيرة يومين وزغر وديار قوم لوط والبحيرة المنتنة وجبال الشراة مضمومة إليها وهي منها في العمل إلى حدود أيلة. وديار قوم لوط والبحيرة المنتنة وزغر إلى بيسان وطبرية تسمى الغور

لأنها بقعة بين جبلين وسائر مياه الشام تنحدر وتجتمع فيكون منها نهر زخار أوله من بحيرة طبرية فيأخذ من طبرية وجميع الأنهار تصب إليه مثل نهر اليرموك والحد وأنهار بيسان وما ينصب من كور مآب وجبال بيت المقدس وجبل قبر إبراهيم عليه السلام وجميع ما ينصب أيضا من نابلس فإنه يجتمع الكل منها حتى يقع في بحيرة زغر وتسمى بحيرة سادوم وغاموراء وهما كانتا مدينتين لقوم لوط فغرقهما الله تعالى فعاد مكانهما بحيرة منتنة وسميت البحيرة الميتة لأن ما فيها شيء له روح لا حوت ولا دابة ولا شيء متكون مثل ما يتكون في سائر المياه الراكدة والمتحركة وماؤها حار كريه الرائحة وفيه سفن صغار يسافر بها في تلك الناحية وتحمل عليها الغلات وصنوف التمر من زغر والدارة إلى ريحا وسائر أعمال الغور وطول هذه البحيرة ستون ميلا وعرضها اثنا عشر ميلا. ومن ريحا إلى زغر يومان. ومن زغر إلى جبال الشراة ومن جبال الشراة إلى آخر الشراة يومان. ومن ريحا إلى بيت المقدس مرحلة. ومن بيت المقدس إلى عمان والبلقاء يومان. [ومن الرملة إلى قيسارية مرحلة كبيرة.]

وريحا المذكورة من أجمل بقاع الغور وعمتا وبيسان وأكثر غلات بلاد الغور النيلج وأهله سمر بل هم إلى السواد أقرب. والجي بلد من بلاد فلسطين صغير ماؤه حار وهواؤه وخيم. وأما مدينة بيسان فصغيرة جدا وبها نخل كثير وينبت بها السامان الذي يعمل منه الحصر السامانية ولا يوجد نباته البتة إلا بها وليس في سائر الشام شيء منه. وفلسطين ماؤها من الأمطار والسيول وأشجارها قليلة وديار فلسطين حسنة البقاع بل أزكى بلاد الشام ومدينتا الشام هما الرملة ثم بيت المقدس. فأما الرملة فهي مدينة حسنة عامرة وبها أسواق وتجارات ودخل وخرج ومنها إلى يافا التي على ساحل البحر الملح نصف يوم. ومن الرملة إلى نابلس يوم. ومن الرملة إلى قيسارية مرحلة كبيرة. ونابلس مدينة السامرية وبها البئر التي حفرها يعقوب عليه السلام وبها جلس السيد المسيح وطلب من المرأة السامرية الماء ليشرب وعليه الآن كنيسة حسنة ويزعم أهل بيت المقدس أن السامرية لا يوجد أحد منهم إلا بهذه المدينة. وبآخر مدن فلسطين مما يلي الجفار وطريق مصر مدينة غزة وبينهما من الأميال ثلاثون ميلا. ومن فلسطين إلى مدينة عسقلان مرحلة كبيرة. وبين عسقلان وغزة نحو من عشرين ميلا وهي الآن عامرة بأيدي الروم ومرسى غزة تيدا.

ومن ميماس إلى عسقلان شرقا عشرون ميلا. والعريش مدينة كانت ذات جامعين مفترقة المباني والغالب على أرضها الرمال ولها ثمار وجمل فواكه وهي على مقربة من البحر. وأيضا فإن الطريق من الرملة إلى يبنى (نصف مرحلة ومنها) إلى يزدود في البر مرحلة ومن يزدود إلى غزة وقد تقدم ذكرها مرحلة. ومن غزة إلى مدينة رفح وهي مدينة صالحة مرحلة ومنها إلى العريش مرحلة ومن العريش إلى الورادة وهي منزل قرب البحر مرحلة. ومن الورادة إلى الفرما وهي مدينة على بحر الشام مجاورة لبحيرة تنيس مرحلة. وأما مدينة عسقلان فهي مدينة حسنة ذات سورين وبها أسواق وليس لها من خارجها بساتين وليس بها شيء من الشجر واستفتحها صاحب القدس بعساكر الروم من الإفرنج وغيرهم في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة وهي الآن بأيديهم وعسقلان معدودة في أرض فلسطين ويقابلها في جهة الجنوب ناحيتان جليلتان وهما جبال وشراة فأما جبال فمدينتها تسمى دراب وشراة أيضا مدينتها تسمى أذرح وهما في غاية الخصب وكثرة أشجار الزيتون واللوز والتين والكروم والرمان وعامة سكانها من قيس. وكذلك بين جنوب منها وشرق قرية مؤتة ومنها إلى عمان تمر فيما بين

شعبي جبل يقال له الموجب وهو واد عظيم عميق القعر ويمر فيما بين هذين الشعبين وليسا بمتباعدين وذلك يمكن أن يكون بمقدار ما يمكن أن يكلم إنسان إنسانا وهما واقفان على ضفتي النهر فيسمع بعضهما بعضا ينزل فيه السالك ستة أميال ويصعد ستة أميال. ومن عسقلان الساحلية المتقدم ذكرها إلى حصن الماحوز الأول على البحر خمسة وعشرون ميلا ويقابله في البرية كوم زنجل وبيت جبريل وهما محلان ينزل بهما ثم إلى الماحوز الثاني خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة يافا وهي فرضة بيت المقدس وبينهما مرحلتان خفيفتان. وبيت المقدس مدينة جليلة قديمة البناء أزلية وكانت تسمى إيلياء وهي على جبل يصعد إليها من كل جانب وهي في ذاتها طويلة وطولها من المغرب إلى المشرق وفي طرفها الغربي باب المحراب وهذا الباب عليه قبة داؤود عليه السلام وفي طرفها الشرقي باب يسمى باب الرحمة وهو مغلق لا يفتح إلا من عيد الزيتون لمثله ولها من جهة الجنوب باب يسمى باب صهيون ومن جهة الشمال باب يسمى باب عمود الغراب وإذا دخل الداخل من باب المحراب وهو الباب الغربي كما قلناه يسير نحو المشرق في زقاق شارع إلى الكنيسة العظمى المعروفة بكنيسة القيامة ويسميها المسلمون قمامة وهي الكنيسة المحجوج إليها من جميع بلاد الروم التي في مشارق الأرض ومغاربها فيدخل من باب في غربها فيجد الداخل نفسه في وسط القبة التي تشتمل

على جميع الكنيسة وهي من عجائب الدنيا والكنيسة أسفل ذلك الباب ولا يمكن أحدا النزول إليها من هذه الجهة ولها باب في جهة الشمال ينزل منه إلى أسفل الكنيسة على ثلاثين درجة ويسمى هذا الباب باب شنت مرية وعند نزول الداخل إلى الكنيسة تلقاه المقبرة المقدسة المعظمة ولها بابان وعليها قبة معقودة قد أتقن بنيانها وحصن تشييدها وأبدع تنميقها وهذان البابان أحدهما يقابل الشمال حيث باب شنت مرية والباب الآخر يقابله من جهة الجنوب ويسمى باب الصلوبية وعلى هذا الباب قنبنار الكنيسة ويقابلها من جهة الشرق كنيسة عظيمة كبيرة جدا يقدس فيها إفرنج الروم ويقربون. وفي شرقي هذه الكنيسة منحرفا بشيء لطيف إلى الجنوب الحبس الذي حبس فيه السيد المسيح ومكان الصلوبية وأما القبة الكبيرة فهي قوراء مفتوحة للسماء وبها دار بها الأنبياء مصورون والسيد المسيح والسيدة مريم والدته ويوحنا المعمدان وعلى المقبرة المقدسة من القناديل المعلقة على المكان خاصة ثلاثة قناديل ذهب وإذا خرجت من هذه الكنيسة العظمى وقصدت شرقا ألفيت البيت المقدس الذي بناه سليمان بن داؤود عليه السلام وكان مسجدا محجوجا إليه في أيام دولة اليهود ثم انتزع من أيديهم وأخرجوا عنه إلى مدة الإسلام فكان معظما في ملك المسلمين وهو المسجد المعظم المسمى بالمسجد الأقصى عندهم وليس في الأرض كلها مسجد على قدره إلا المسجد الجامع الذي بقرطبة من ديار الأندلس وفيما يذكر أن مسقف جامع قرطبة أكبر

من مسقف الجامع الأقصى وصحن المسجد الأقصى هو في تربيع طوله مائتا باع في عرض مائة وثمانين باعا نصفه مما يلي المحراب مسقف بأقباء صخر على عمد كثيرة صفوفا والنصف الثاني صحن لا سقف له وفي وسط الجامع قبة عظيمة تعرف بقبة الصخرة وهذه القبة مرصعة بالفص المذهب والأعمال الحسنة من بناء خلفاء المسلمين وفي وسطها الصخرة المسماة بالواقعة وهو حجر مربع كالدرقة في وسط القبة رأسها الواحد مرتفع عن الأرض مقدار نصف قامة أو أشف من ذلك ورأسها الثاني لاصق بالأرض وطول هذه الصخرة مقارب لعرضها يكون بضعة عشر ذراعا في مثلها وينزل من باطنها وأسفلها إلى سرداب كالبيت المظلم طوله عشرة أذرع في عرض خمسة وارتفاع سمكه يشف على القامة ولا يدخل إلى هذا البيت إلا بمصباح يستضاء به ولهذه القبة أربعة أبواب والباب الغربي منها يقابله مذبح كان بنو إسرائيل يقربون عليه القرابين وبالقرب من الباب الشرقي من أبواب هذه القبة الكنيسة المسماة بقدس القدس وهي لطيفة القدر والقبلي منها يقابله المسقف الذي كان مصلى للمسلمين فلما استفتحها الروم وبقي بأيديهم إلى وقت تأليفنا لهذا الكتاب صيروا هذا المسقف من المسجد بيوتا يسكنها الجيل المعروفون بالداوية ومعناه خدام بيت الله ويقابل الباب الشمالي بستان حسن مغروس بأنواع الأشجار ودائر هذا البستان أعمدة رخام مضفورة بأبدع

ما يكون من الصنعة وفي آخر البستان مجلس برسم الغذاء للقسيسين والمدرجين. وتخرج من هذا المسجد أيضا شرقا فتصل إلى باب الرحمة المغلوق كما قدمنا وبالقرب من هذا الباب باب آخر مفتوح يعرف بباب الأسباط عليه الدخول والخروج وإذا خرجت من باب الأسباط سرت في حدود مقدار رمية سهم فتجد كنيسة كبيرة حسنة جدا على اسم السيدة مريم ويعرف المكان بالجسمانية وهناك قبرها يبصر جبل الزيتون وبينه وبين باب الأسباط نحو ميل. وفي طريق الصعود إلى هذا الجبل كنيسة عظيمة حسنة متقنة البناء تسمى كنيسة باتر نصتر وعلى أعلى الجبل كنيسة أخرى حسنة معظمة وفيها رجال ونساء محبوسون يبتغون بذلك أجر الله سبحانه وفي شرقي هذا الجبل المذكور منحرفا قليلا إلى الجنوب قبر العازر الذي أحياه السيد المسيح وعلى ميلين من جبل الزيتون القرية التي جلب منها الأتان لركوب السيد المسيح عند دخوله إلى أورشليم وهي الآن خراب لا ساكن بها. وعلى قبر العازر يؤخذ طريق وادي الأردن وبين وادي الأردن وبيت المقدس مسافة يوم واحد ومن قبل أن تصل إلى وادي الأردن مدينة ريحا السابق ذكرها وبينها وبين الوادي ثلاثة أميال وعلى الوادي المسمى الأردن كنيسة عظيمة على اسم شنت يوحنا يسكنها رهبان الإغريقيين ووادي الأردن يخرج من بحيرة طبرية ويصب في بحيرة سادوم وغاموراء اللتين كانتا مدينتي قوم

لوط فغرقهما الله بذنوب أهلهما ومما يلي قبلة وادي الأردن برية متصلة. وأما ما يلي بيت المقدس في ناحية الجنوب فإنك إذا خرجت من باب صهيون وسرت مقدار رمية حجر وجدت كنيسة صهيون وهي كنيسة جليلة حصينة وفيها العلية التي أكل فيها السيد المسيح مع التلاميذ وفيها المائدة باقية إلى الآن ولها ميعاد في يوم الخميس ومن باب صهيون تنزل في خندق يعرف بوادي جهنم وفي طرف الخندق كنيسة على اسم بطرس وفي هذا الخندق عين السلوان وهي العين التي أبرأ بها السيد المسيح الضرير الأعمى ولم تكن له قبل ذلك عينان ومن هذه العين المذكورة إلى الجنوب الحقل الذي يدفن فيه الغرباء وهي أرض اشتراها السيد لذلك وبقربها بيوت كثيرة منقورة في الصخر وفيها رجال قد حبسوا أنفسهم فيها عبادة. وأما بيت لحم وهو الموضع الذي ولد فيه المسيح فبينه وبين القدس ستة أميال وفي وسط الطريق قبر راحيل أم يوسف وأم ابن يامين ولدي يعقوب عليهم السلام وهو قبر عليه اثنا عشر حجرا وفوقه قبة معقودة بالصخر وبيت لحم هناك كنيسة حسنة البناء متقنة الوضع فسيحة مزينة إلى أبعد غاية حتى إنه ما أبصر في جميع الكنائس مثلها بناء وهي في وطاء من الأرض ولها باب من جهة المغرب وبها من أعمدة الرخام كل مليحة وفي ركن الهيكل من جهة الشمال المغارة التي ولد بها السيد المسيح وهي تحت الهيكل وداخل المغارة المذود الذي وجد به وإذا خرجت من بيت لحم نظرت في الشرق من كنيسة الملائكة الذين بشروا الرعاة بولادة السيد المسيح.

ومن بيت لحم إلى مسجد إبراهيم في الجنوب نحو من ثمانية عشر ميلا وهي قرية ممدنة وفي مسجدها قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام وكل قبر من قبورهم تجاه قبر امرأة صاحبه وهذه المدينة في وهدة بين جبال كثيفة الأشجار أعني شجر الزيتون والتين والجميز وفواكه كثيرة. وليس بشمال بيت المقدس شيء من البناء ومن مدينة بيت المقدس شمالا إلى مدينة نابلس يومان وكذلك من نابلس إلى الرملة يوم كبير. ومن بيت المقدس إلى عمان والبلقاء يومان وبعض يوم. ومن بيت المقدس إلى طبرية تسعون ميلا وكذلك من طبرية إلى الرملة ثلاث مراحل وطبرية مدينة الأردن الكبرى وهي قصبتها فمنها إلى صور يومان كبيران ومنها إلى عقبة افيق نحو يوم ومنها إلى بيسان بعض يوم ومنها إلى عمتا مدينة الغور إلى آخر عمل الأردن ومنها إلى موضع يعرف بالجميلة يوم. ومن طبرية إلى عكة يومان خفيفان وهي مدينة جليلة على جبل مطل طويلة في ذاتها قليلة العرض وطولها نحو من ميلين وأسفلها من جهة المشرق بحيرة عذبة الماء طولها اثنا عشر ميلا في عرض مثلها وبها مراكب سابحة تحمل فيها الغلات إلى المدينة ولها سور حصين ويعمل بها من الحصر السامانية كل عجيبة وقليلا ما يصنع مثلها في بلد من البلاد المعروفة وفي

هذه المدينة حمامات حامية من غير نار توقد لها فهي حارة في الشتاء والصيف وفيها حمام يعرف بحمام الدماقر وهو كبير عظيم وماؤه في أول خروجه حار تسمط فيه الجداء والدجاج ويسلق فيه البيض وماؤه ملح وبها حمام اللؤلؤ وهو أصغر من حمام الدماقر وماؤه حار عذب وهذا الماء الحار يخترق في الدور المجاورة له وبه يغتسلون ويتصرفون ومن حماماتها حمام المنجدة وماؤه حار عذب وليس فيها حمام توقد له النار إلا الحمام الصغير الذي بها وذلك أنه بناه أحد الملوك الإسلامية في داره ليدخله هو ومن له من أهل وولد وحاشية فلما مات أخرج وجعل للناس عامة فهم يدخلونه وماؤه يسخن بالنار وحده وفي جهة الجنوب منها حمامات كثيرة مثل عين موقعين وعين الشرف وغيرهما تصب إليها عيون مياهها حارة مدى الدهر ويقصد إليها من جميع النواحي أهل البلايا من الناس مثل المقعدين والمفلوجين والمرياحين وأصحاب القروح والجرب فيقيمون بها في الماء ثلاثة أيام فيبرؤون بإذن الله من ذلك. ومدن سواحل فلسطين منها عسقلان وأرسوف ويافا وهذه كلها مدن تتقارب مقاديرها وصفاتها وأحوال أهلها مع أنها لطاف حصينات كثيرة العمارات وبها شجر الزيتون والكروم كثيرة جدا ويافا في ذاتها مدينة ساحلية وهي فرضة لبيت المقدس وبينهما ثلاث مراحل خفاف. وبين يافا والرملة عشرون ميلا.

وقيسارية بلد كبير عظيم له ربض عامر وحصن منيع حسن. وبين يافا وقيسارية ثلاثون ميلا ومن قيسارية إلى نابلس مرحلة وكذلك من قيسارية إلى الرملة مرحلتان خفيفتان ومن قيسارية إلى مدينة حيفا على الساحل يومان. وحيفا تحت طرف الكرمل وهو طرف خارج في البحر وبه مرسى حسن لإرساء الأساطيل وغيرها ومدينة حيفا هي فرضة لطبرية وبينهما ثلاث مراحل خفاف. ومن حيفا إلى مدينة عكة مرحلة في البر وهي من الأميال ثلاثون ميلا وفي البحر رؤوسية ثمانية عشر ميلا ومدينة عكة كبيرة واسعة الأرجاء كثيرة الضياع ولها مرسى حسن مأمون وناسها أخلاط فمن طبرية إلى عكة يومان ومن عكة إلى حصن الزيب اثنا عشر ميلا وهو حصن حسن على ضفة البحر الملح. ومنه إلى النواقير وهي ثلاثة جبال بيض شواهق مطلة على ضفة البحر نحو من ثمانية عشر ميلا ومن وسط النواقير إلى مدينة الإسكندرية خمسة أميال. ومن الإسكندرية إلى مدينة صور خمسة عشر ميلا وهي مدينة حسنة على ضفة البحر وبها للمراكب إرساء وإقلاع وهو بلد حصين قديم والبحر قد أحاط به من ثلاثة أركانه ولهذه المدينة ربض كبير ويعمل بها جيد الزجاج

والفخار وقد يعمل بها من الثياب البيض المحمولة إلى كل الآفاق كل شيء حسن عالي الصفة والصنعة ثمين القيمة وقليلا ما يصنع مثله في سائر البلاد المحيطة بها هواء وماء. ومن صور إلى طبرية يومان كبيران ومنها إلى عدلون وهو حصن منيع على البحر ومنه إلى صرفند عشرون ميلا وهو حصن حسن ومنه إلى صيداء عشرة أميال وبين صور وصرفند يقع نهر ليطقة ومنبعه من الجبال ويقع هناك في البحر ومن مدينة صور في البر إلى طبرية يومان كبيران ومن صور إلى دمشق أربعة أيام. ومدينة دمشق من أجل بلاد الشام وأحسنها مكانا وأعدلها هواء وأطيبها ثرى وأكثرها مياها وأغزرها فواكه وأعمها خصبا وأوفرها مالا وأكثرها جندا وأشمخها بناء ولها جبال ومزارع تعرف بالغوطة وطول الغوطة مرحلتان في عرض مرحلة وبها ضياع كالمدن مثل المزة وداريا وبرزة وحرسة وكوكبا وبلاس وكفرسوسية وبيت الأهواء وبها جامع قريب الشبه بجامع دمشق ومن باب دمشق الغربي وادي البنفسج وطوله اثنا عشر ميلا وعرضه ثلاثة أميال وكله مغروس بأجناس الثمار تشقه خمسة أنهار وغير ذلك ويكون في كل واحدة من هذه الضياع من ألفي رجل إلى ألف وأقل وأكثر والغوطة أيضا هي أشجار وأنهار ومياهها مخترقة تشق البساتين والديارات وبها من أنواع الفواكه ما لا يحيط به تحصيل

ولا يأتي به تمثيل كثرة وخصبا وطيبا ودمشق أنزه بلاد الله من خارج. ومياه الغوطة الجارية بها تخرج من عين الفيجة وهذه العين في أعلى جبل وينصب ماؤها من أعلى هذا الجبل كالنهر العظيم له صوت هائل ودوي عظيم يسمع على بعد ويرى نزول الماء من أعلى الجبل على قرية ابل حتى ينتهي إلى المدينة فتتفرع منه الأنهار المعروفة بها منها نهر يزيد ونهر ثورة ونهر بردى ونهر قناة المزة ونهر باناس ونهر سقط ونهر يشكور ونهر عادية وهذا النهر ليس بمشروب منه لأن عليه مصبات أوساخ المدينة وأوذار غسالاتها وقنوات صغار ويشق هذا النهر وسط المدينة وعليه قنطرة يجتاز عليها الناس وكذلك أيضا سائر الأودية التي ذكرناها تخرج منها سواق تخترق المدينة وتجري إلى دورها وحماماتها وبساتينها وأسواقها. وبها المسجد الجامع الذي ليس على الأرض مثله بناء ولا أحسن منه صفة ولا أتقن منه إحكاما ولا أوثق منه عقدا ولا أغرب منه رسما ولا أبدع منه تلميعا بأنواع الفصفص المذهب والآجر المحكوك والمرمر المصقول وهو في مربعة تعرف بالميزاب فمن جاءه من ناحية باب جيرون صعد إليه في درج رخام كبير واسع نحو من ثلاثين درجة ومن قصده من ناحية باب البريد والقبة الخضراء وقصر اليتيمين وحجر الذهب وباب الفراديس كان مدخله مع الأرض بغير درج وفيه آثار عجيبة فمنه الخوان والقبة

التي فوق المحراب عند المقصورة ويقال إنها من بناء الصابئة وكان مصلاهم بها ثم صار في أيدي اليونانيين فكانوا يعظمون فيه دينهم ثم صار من بعدهم لملوك من عباد الأوثان فكان لهم موضعا لأصنامهم ثم انتقل إلى اليهود فقتل في ذلك الزمان يحيى بن زكرياء فنصب رأسه على باب المسجد المسمى باب جيرون ثم تغلبت عليه النصارى فصار ملكا بأيديهم فحولته بيعة يقيمون بها دينهم ثم استفتحها الإسلام فصار لهم فاتخذوه جامعا فلما كان في أيام الوليد بن عبد الملك من بني أمية عمره فجعل أرضه رخاما ومعاقد رؤوس أساطينه ذهبا ومحرابه مذهبا وسائر حيطانه مرصعة بأشباه الجوهر ودور السقف كله مكتبا كما يدور بترابيع جدران المسجد مذهبا بأحسن صنعة وأبدع تنميق ويقال إنه جعل بأعلى السقف حصر رصاص محكمة التأليف وثيقة الصنعة والماء يصل إليه في قنوات رصاص فمتى احتاج ذلك المسجد إلى الغسل فتح إليه الماء وغسل جميع صحنه بأهون سعي ويقال إن الوليد ابن عبد الملك المقدم ذكره أنفق في إتقان هذا المسجد الجامع خراج الشام كله سنتين. ومدينة دمشق محدثة وإنما كان القديم من وضعها موضعا يسمى الجابية وذلك في أيام الجاهلية وبنيت دمشق عليها ولها أبواب شتى فمنها باب الجابية وعرض الأرض المعمورة أمامه ستة أميال طولا في عرض ثلاثة أميال كل ذلك أشجار وعمارات ويشقها خمسة أنهار ومن أبوابها باب توما وباب السلامة وباب الفراديس ودير مران يقابله والباب الصغير.

ومدينة دمشق جامعة لصنوف من المحاسن وضروب من الصناعات وأنواع من الثياب الحرير كالخز والديباج النفيس الثمين العجيب الصنعة العديم المثال الذي يحمل منها إلى كل بلد ويتجهز منها به إلى كل الآفاق والأمصار المصاقبة لها والمتباعدة منها ومصانعها في كل ذلك عجيبة يضاهي ديباجها بديع ديباج الروم ويقارن ثياب تستر وينافس أعمال إصبهان ويشف على أعمال طرز نيسابور من جليل ثياب الحرير المصمتة وبدائع ثياب تنيس وقد احتوت طرزها على أفانين من أعمال الثياب النفيسة ومحاسن جمة فلا يعادلها جنس ولا يقاومها مثال ولدمشق في داخلها على أوديتها أرحاء كثيرة والحنطة فيها كثيرة جدا وأنواع الفواكه وأما الحلاوات فيها (ف) منها ما لا يوجد بغيرها ولا يوصف كثرة وطيبا وجودة وأهلها في خصب عيش واتصال أمن وصناعاتها نافقة وتجاراتها رابحة وهي من أعز البلاد الشامية وأكملها حسنا. ومنها إلى مدينة بعلبك في جهة الشمال مرحلتان وهي مدينة خصيبة على سفح جبل وعليها سور حصين مبني بالحجارة وسعته عشرون شبرا والماء يشق في وسطها ويدخل كثيرا من ديارها وعلى هذا النهر أرحاء ومطاحن وهي كثيرة الغلات نامية الإصابات وافرة الفواكه والطرف غزيرة الكروم والأشجار خصيبة المآكل والأسعار وفيها من عجيب البناء المذكور آثار يجب ذكرها لشماختها ووثاقة صنعها وذلك أن بها من عجيب البنيان الملعبين وهما

الصغير والكبير فالكبير يحكى أنه بني في أيام سليمان بن داؤود وهو عجيب المنطر فيه حجارة يكون طول الحجر منها عشرة أذرع وأقل وأكثر ومنه شيء مبني على عمد شاهقة يروع منظرها والملعب الصغير قد تهدم أكثره وذهبت محاسنه وبقي منه الآن حائط قائم طوله عشرون ذراعا وارتفاعه على الأرض عشرون ذراعا وليس فيه إلا سبعة أحجار حجر واحد في أسفله وحجران فوقه وأربعة أحجار فوق الحجرين وفي هذه المدينة من البناء كل شيء عجيب. ومن مدينة دمشق إلى بيروت يومان كبيران ومنها إلى مدينة صيداء مثل ذلك ومن دمشق إلى أذرعات وهي البثنية أربع مراحل ومن دمشق إلى نابلس ست مراحل غربا ومن دمشق إلى اطرابلس الساحلية خمس مراحل. فأما مدينة صيداء فهي على ساحل البحر الملح وعليها سور حجارة وهي تنسب إلى امرأة كانت في الجاهلية وهي مدينة كبيرة عامرة الأسواق رخيصة الأسعار محدقة بالبساتين والأشجار غزيرة المياه واسعة الكور لها أربعة أقاليم وهي متصلة بجبل لبنان بإقليم يعرف بإقليم جزين وفيه مجرى وادى الحر وهو مشهور بالخصب كثير الفواكه وإقليم السربة وهو إقليم جليل وإقليم كفر قيلا وإقليم الرامي وهو نهر يشق جبالها ويصب إلى البحر وجميع هذه الأربعة أقاليم تشتمل على نيف وستمائة ضيعة وشرب أهلها من ماء يجري إليها من جبلها في قناة وبهذه المدينة أعني صيداء عينها المعروفة

وذلك أنه ينشأ بها في أيام الربيع سميكات على طول الإصبع سواء منها ذكور ومنها إناث ولها علامات تعرف بها إناثها وذكورها فإذا كان وقت سفادها أخذت صيدا ثم تجفف فإذا احتيج إليها أخذت منها واحدة فتسحق وتستف بالماء فإن الرجل ينعظ إنعاظا قويا ويجامع ما شاء ولا يصيبه عن ذلك عجز ولا فتور وهذه السميكات صغار على هيئة الوزغ لها أيد وأرجل خفية صغار وقد رأيناها غير ما مرة. ومن صيداء إلى الجية وهو حصن على البحر ثمانية أميال ومنه إلى حصن القلمون على البحر خمسة أميال وهذا الحصن على قنطرة والقنطرة على واد وهي عريضة جدا وقد بني الحصن عليها وهو حصن منيع في عطفة جون. ومنه إلى حصن الناعمة وهو كالمدينة الصغيرة سبعة أميال والناعمة مدينة حسنة وأكثر نبات أرضها شجر الخرنوب الذي لا يعرف في معمور الأرض مثله قدرا ولا طيبا ومنها يتجهز به إلى الشام وإلى ديار مصر وإليها ينسب الخرنوب الشامي أما وإن كان الخرنوب في الشام كثيرا طيبا فهو بالناعمة أكثر وأطيب. ومن حصن الناعمة إلى طرف بيروت أربعة وعشرون ميلا ومدينة بيروت أيضا مدينة على ضفة البحر الملح عليها سور حجارة كبيرة واسعة ولها بمقربة منها جبل فيه معدن حديد طيب جيد القطع ويستخرج منه الكثير ويحمل إلى بلاد الشام ولها غيضة أشجار صنوبر مما يلي جنوبها تتصل إلى جبل لبنان وتكسير هذه الغيضة اثنا عشر ميلا في مثلها وشرب أهلها من الآبار.

ومنها إلى دمشق يومان ومن مدينة بيروت إلى حصن المزداسية ثمانية أميال ومنه إلى نهر الكلب ستة أميال وهو على البحر حصن صغير ومنه إلى جونية أربعة أميال وجونية حصن كبير على البحر وأهله نصارى يعاقبة ومنه إلى عطفة سلام وهو جون كبير طوله عشرة أميال ومنه إلى ماحوز جبيل وهو حصن حصين ثم إلى موقع نهر إبراهيم ثلاثة أميال. ومن النهر إلى مدينة جبيل خمسة أميال وهي مدينة حسنة على البحر لها سور من حجر حصين ولها كورة واسعة وأشجار وفواكه وكروم وليس لها ماء جار وإنما يشرب أهلها من مياه الآبار وبها إرساء وحط ومن مدينة جبيل على البحر إلى حصن بثرون عشرة أميال وهو حصن حسن ومنه إلى أنف الحجر على البحر خمسة أميال ومن حصن أنف الحجر إلى مدينة اطرابلس الشام ثمانية أميال. ومدينة اطرابلس الشام مدينة عظيمة عليها سور من حجر منيع ولها رساتيق وأكوار وضياع جليلة وبها من شجر الزيتون والكروم وقصب السكر وأنواع الفواكه وضروب الغلات الشيء الكثير والوارد والصادر إليها كثير والبحر يأخذها من ثلاثة أوجه وهي معقل من معاقل الشام مقصود إليها بالأمتعة وضروب

الأموال وصنوف التجارات وينضاف إليها عدة حصون وقلاع معمورة داخلة في أعمالها مثل أنف الحجر المتقدم ذكرها وحصن القالمون وحصن أبي العدس وأرطوسية ولها من أمهات الضياع المشهورة المذكورة أربعة فمنها الضيعة المعروفة بالشفيقية والزيتونية والراعبية والحدث وأميون وبها من شجر الزيتون وأنواع الفواكه أكثر مما في غيرها ومنها في جهة الجنوب حصن بناه ابن صنجيل الإفرنجي ومنه افتتح اطرابلس وبينهما أربعة أميال وهو حصن منيع جدا وهو بين واديين. ويقابل مدينة اطرابلس أربع جزائر في صف فأولها مما يلي البر جزيرة النرجس وهي صغيرة خالية وإليها جزيرة العمد ثم إليها جزيرة الراهب ثم إليها جزيرة أرذقون. ومن مدينة اطرابلس على الساحل إلى رأس الحصن وهو مدينة صغيرة عامرة آهلة وهي على طرف جون وهذا الجون طوله رؤوسية خمسة عشر ميلا وتقويرا مع الساحل ثلاثون ميلا ويسمى جون عرقة وفي وسط هذا الجون ثلاثة حصون تتقارب بعضها من بعض اسم أحدها مما يلي اطرابلس لوتورس والآخر بابيية وهو على نهر جار يسمى نهر بابيية والحصن الثالث يسمى حصن الحمام وهي تتقارب بعضها من بعض ومنه إلى عرقة وهي مدينة عامرة حسنة في سفح جبل قليل العلو ولها في وسطها حصن على قلعة عالية ولها ربض كبير وهي عامرة بالخلق كثيرة التجارات وأهلها مياسير وشربهم من ماء يأتيهم في قناة مجلوبة من نهرها ونهرها جار ملاصق

لها وبها بساتين كثيرة وفواكه وقصب سكر وبها مطاحن على نهرها المتقدم ذكره وبينها وبين البحر ثلاثة أميال وحصنها كبير وعيش أهلها خصيب رغد وبناؤها بالجص والتراب والخير بها كثير. وأما أرض حمص فإن مدينتها حمص وهي مدينة حسنة في مستو من الأرض وهي عامرة بالناس والمسافرون يقصدونها بالأمتعة والبضائع من كل فن وأسواقها قائمة ومسرات أهلها دائمة وخصبهم رغد ومعايشهم رفيقة وفي نسائها جمال وحسن بشرة وشرب أهلها من ماء يأتيهم في قناة من قرية بقرب جوسية والمدينة منها على مرحلة مما يلي دمشق ونهر الأرنط المسمى المقلوب يجري على بابها بمقدار رمية سهم أو أشف قليلا ولهم عليه قرى متصلة وبساتين وأشجار وأنهار كثيرة ومنها تجلب الفواكه إلى المدينة وكانت في مدة الإسلام من أكثر البلاد كروما فتلف أكثرها وثراها طيب للزراعات واقتناء الغلات وهواؤها أعدل هواء يكون بمدن الشام وهي مطلسمة لا تدخلها حية ولا عقرب ومتى أدخلت على باب المدينة هلكت على الحال وبها على القبة العالية الكبيرة التي في وسطها صنم نحاس على صورة الإنسان الراكب يدور مع الريح حيث دارت وفي حائط القبة حجر عليه صورة عقرب فإذا جاء إنسان ملدوغ أو ملسوع طبع في ذلك الحجر الطين الذي يكون معه ثم يضع الطين على اللسعة فتبرأ للحين وجميع أزقتها وطرقها مفروشة بالحجر الصلد وزراعاتها مباركة كثيرة وزروعها تكتفي باليسير من السقي وبها مسجد جامع كبير من أكبر جوامع مدن الشام.

ومن مدينة حمص إلى حلب خمس مراحل. ومن حمص إلى انطرطوس على البحر مرحلتان والطريق من عرقة إلى انطرطوس على الساحل تخرج من مدينة عرقة إلى الحصن المسمى شنج ثم إلى مدينة انطرطوس وهي في آخر جون كبير وعلى أكثره جبال ممتدة ويقطع هذا الجون رؤوسية خمسة عشر ميلا ومدينة انطرطوس مدينة صغيرة على البحر لها سور حصين وعلى مقربة منها في البحر جزيرة أرواد وهي جزيرة كبيرة فيها كنيسة كبيرة معمورة متقنة البناء شاهقة منيعة ذات أبواب حديد وهي كالمحرس. ومن انطرطوس في جهة الجنوب من البر إلى حصن الخوابي على أعلى الجبل خمسة عشر ميلا وهذا الحصن حصن منيع وأهله حشيشية خوارج في الإسلام لا يعتقدون شيئا من البعث ولا القيامة من بعد الموت لعنوا بمذهبهم. وانطرطوس فرضة حمص ومن حمص إلى دمشق خمس مراحل وكذلك

من اطرابلس الشام إلى دمشق خمس مراحل. والطريق من دمشق إلى مدينة يثرب تخرج من دمشق إلى منزل على نهر صغير ومنه إلى دعة مرحلة ومنه إلى ذات المنازل وهي قرية عامرة ومنها إلى ينوع مرحلة ومنها إلى البثنية مرحلة ومنها إلى دمة مرحلة وهي قرية ومنها إلى مدينة تبوك ثم إلى المحدثة ثم إلى الاقرع ثم إلى الحنيفية ثم إلى الحجر مرحلة وهو حصن منيع بين جبال في ديار ثمود ومنه إلى وادي (-) وهي مدينة صغيرة جدا على نهر صغير ومنه إلى الرحبة ثم إلى ذي المروة ثم إلى المر ثم إلى السويدة ثم إلى ذي خشب ثم إلى المدينة يثرب. والطريق من دمشق إلى الرقة نحو من ثماني عشرة مرحلة. والشام اسم لجملة بلاد وأكوار مثل بلاد فلسطين التي منها أطباق القدس وكورة عمواس وكورة لد وكورة يبنا وكورة يافا وكورة قيسارية وكورة نابلس وكورة سبسطة وكورة عسقلان وكورة غزة وكورة بيت جبرين. وفي جنوب هذه البلاد فحص التيه وهي الأرض التي هام فيها بنو إسرائيل أربعين سنة لم يدخلوا مدينة ولا أووا إلى بيت ولا بدلوا ثوبا ولا ازداد أحد منهم في قدره وطول هذا الفحص الذي هو أول أرض التيه نحو من ستة أيام.

ويلي كورة فلسطين من جهة المشرق كورة الأردن وأكبر بلادها مدينة طبرية ومنها اللجون ومنها كورة السامرية وهي نابلس وبيسان وريحا وزغر وعمتا وحبيس وجدر وابل وسوسية وكورة عكة وكورة ناصرة وكورة صور ويليها من جهة المشرق أرض دمشق ومن كورها الغوطة وأرض بعلبك والبقاع وإقليم لبنان وكورة حولة وكورة اطرابلس وكورة جبيل وكورة بيروت وكورة صيداء وكورة البثنية وكورة حوران وكورة جولان وكورة ظاهرة وكورة البلقاء وكورة جبرين الغور وكفر مآب وكورة عمان وكورة الشراة وبصرى والجابية. ويلي هذه الأرض من جهة المشرق أرض البادية ويليها من ناحية الجنوب أرض السماوة وأرض عاد ويلي أرض دمشق أرض العواصم وأرض قنسرين وسنذكرها أيضا في أمكنتها عند اتصالها بالمصورة الآتية من الإقليم الرابع. ومدينة دمشق قطب ومدار لمدنها فمنها إلى بعلبك مرحلتان ومنها إلى حمص خمسة أيام ومن دمشق إلى طبرية أربع مراحل ومن دمشق إلى اطرابلس على بحر الروم مسيرة خمسة أيام ومن دمشق إلى أقصى الغوطة يوم وهناك تتصل بطرف البادية ومن دمشق إلى بيروت يومان ومن دمشق إلى صيداء يومان ومن دمشق إلى أذرعات وهي البثنية أربعة أيام ومن دمشق إلى الجولان يومان.

والشام أول طوله من ملطية إلى رفح والطريق من ملطية على منبج وبينهما أربع مراحل ومن منبج إلى حلب يومان ومن حلب إلى حمص خمسة أيام ومن حمص إلى دمشق خمسة أيام ومن دمشق إلى طبرية أربعة أيام ومن طبرية إلى الرملة ثلاثة أيام ومن الرملة إلى رفح يومان فذلك خمس وثلاثون مرحلة. نجز الجزء الخامس من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله تعالى.

الجزء السادس

الجزء السّادس إن الذي تضمن هذا الجزء السادس من الإقليم الثالث في غربيه قطعة من أطراف البادية فيها من البلاد مدينة فيد والثعلبية وزبالة والحيرة والقادسية والصمان وطخفة والقرعاء وكاظمة وهناك من بلاد شمال أرض البحرين القطيف والزارة والأحساء والعقير والخرج وبيشة وجزيرة أوال وسائر ما بين بلاد البحرين وعمان صحراء تسكنها العرب وهي قليلة الماء. وفيه انتهى البحر الفارسي وعليه من البلاد عبادان والأبلة ومهروبان وسينيز وجنابا ونجيرم وصحار وسيراف وحصن (ابن) عمارة وهذه كلها من أرض فارس ويتلوها على البحر من بلاد كرمان مثورة وهرمز وبوادي جبال القفص وفي هذا البحر من الجزائر جزيرة خارك وجزيرة لافت وهي تصاقب سيراف وطرف (بني) الصفار وجزيرة أوال. وفيه من بلاد سواد العراق الحيرة والقادسية والكوفة وسورا والقطر ونهر

الملك وكوثاربا وواسط والبطائح وفم الصلح والمذار والمفتح وبيان وسليمانان والأبلة والبصرة وعبادان وجرجراي. وفيه من حدود خوزستان مدينة الباسيان وجبى والدورق وديرا وآسك وأزم وسنبيل وايذج ورام هرمز وسوق الأربعاء وهرمز وهي الأهواز وعسكر مكرم وجندي سابور وتستر وكرخة والسوس وقرقوب والطيب ومتوث وبردون وبصنا وفيه من بلاد إصبهان البندجان والبيضاء وإصبهان وفيه من بلاد فارس أرجان وكازرون والنوبندجان وجور وشيراز وهزار ومايين وكيسا وجم وجهرم ونحن لهذه البلاد ذاكرون ولما فيها واصفون بحول الله ومعونته. فنقول إن مدينة فيد من بلاد البادية وهي في نصف الطريق ما بين بغداد ومكة وأما البادية فإنها دار لفزارة وجهينة ولخم وبلي وقبائل مختلطة من اليمن وربيعة ومضر وأكثرها يمن وبنو أسد والرمل المعروف بالهبير هو الرمل الذي بالشقوق إلى الأجفر عرضا وطوله من وراء جبلي طيء إلى

أن يتصل شرقا بالبحر الفارسي ويمضي من وراء جبلي طيء إلى أن يرد الجفار من أرض مصر. ومن مدن البادية مدينة الثعلبية وبها مجتمع للعرب وبها سوق عامرة ومنها مدينة زبالة وكانت من قبل مدينة فأما الآن فما بقي منها إلا رسم مجير وموضع يأوي إليه المسافرون وليس بمدينة ولا حصن وأما القادسية فهي مدينة على جنب البادية بنتها الأكاسرة من ملوك فارس وهي الآن مدينة صغيرة ذات نخيل ومياه عذبة وأكثر زراعاتها الرطبة ويتخذ منها القت علفا للجمال الصادرة والواردة في طريق الحجاز ومنها يتزودون علوفاتهم ومدينة القادسية غرب مدينة بغداد وهي ثغر من ثغور العراق ومن القادسية إلى الكوفة مرحلتان ومن القادسية إلى مدينة السلام بغداد أحد وستون فرسخا. ومدينة الكوفة على شاطئ نهر الفرات ذات بناء حسن وأسواق عامرة وحصن حصين ولها ضياع ومزارع ونخل كثير وأهلها مياسير وتشبه مبانيها أبنية البصرة في الإتقان والنفاسة ومياهها عذبة وهواؤها صحيح وأهلها من صرح العرب لكنهم الآن متحضرون وعلى ستة أميال من الكوفة قبة عظيمة مرتفعة الأركان من كل جانب لها باب مغلق وهي مستورة من كل ناحية بفاخر الستور وأرضها مفروشة بالحصر السامانية ويذكر أن بها قبر علي بن

أبي طالب وما استدار بالقبة مدفن لآل أبي طالب وهذه القبة بناها أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان في دولة بني العباس وكان قبل في دولة بني أمية مخفيا لو يوبه به. والقادسية والحيرة على خط البادية وحاشيتها مما يلي المغرب ويحيط بهما مما يلي المشرق المياه الجارية والبساتين المتصلة والنخل الكثير التمر العذب المذاق وهذان البلدان ومدينة الكوفة في أقل من مرحلة والحيرة مدينة صغيرة جاهلية البناء طيبة الثرى مفترشة البناء وكانت فيما سلف أكبر من قطرها الآن لكن أكثر أهلها انتقلوا إلى الكوفة وخف أهل القادسية والحيرة لذلك والكوفة والقادسية والحيرة كلها داخلة في أعمال العراق وجباياتها مرتفعة إلى ديوان بغداد وكذلك عمالها والناظرون في جميع أعمالها من قبل عمال بغداد. ومدينتا واسط على جانبي دجلة وبينهما قنطرة كبيرة مصنوعة على جسر سفن يعبر عليها من أراد الاجتياز من إحدى المدينتين إلى الأخرى وفي كل مدينة منهما جامع يختطب فيه والمدينة الغربية تسمى كسكر وهي من بنيان الحجاج بن يوسف الثقفي وبها مزارع ونخيل وبساتين وعمارات متصلة والمدينة الأخرى التي في الضفة الشرقية تسمى واسط العراق وهي أيضا مثل أختها حسنة البناء فسيحة الأرجاء مبانيها سامية وسموكها عالية وبساتينها وأموالها كثيرة وناسها حسان الزي وملابسهم البياض والعمائم الكبار وأهلها

أخلاط من أهل العراق وغيرها وليس بها بطائح وأرضها واسعة وطينتها ممتدة وهواؤها أصح من هواء البصرة وهي من أعمر بلاد العراق وعليها معول ولاة بغداد وبها قوامها ونواحي واسط عمل مفرد عن أعمال العراق وأموالها ترتفع إلى مدينة السلام ومن مدينة السلام عامل واسط أبدا. ومن مدينة واسط إلى بغداد ثماني مراحل وكذلك منها إلى البصرة سبع مراحل وكذلك من واسط أيضا إلى مدينة الكوفة ست مراحل على طريق البطائح ومن الكوفة إلى البصرة نحو اثنتي عشرة مرحلة ومن الكوفة إلى المدينة نحو عشرين مرحلة ومن الكوفة إلى بغداد خمس مراحل ومن الكوفة إلى القادسية مرحلتان ومن القادسية إلى العذيب وهي أول خط البادية ستة أميال ومن واسط تنزل مع دجلة إلى نهر أبان في النهر نصف يوم وفي البر مرحلة ومنها إلى دجلة العوراء ثم إلى نهر معقل ثم تنحدر في فيض البصرة. والبصرة مدينة عظيمة لم تكن في أيام العجم وإنما اختطها المسلمون في أيام عمر ومدنها عتبة بن غزوان وبغربيها البادية وبشرقيها مياه الأنهار منفرشة وهي نيف على مائة ألف نهر يجري في جميعها السماريات ولكل نهر منها اسم ينسب إلى صاحبه الذي احتفره أو إلى الناحية التي يصب فيها وهي في استواء من الأرض لا جبال فيها ولا بحيث يقع البصر منها على جبل وفيما حكى احمد بن (أبي) يعقوب صاحب كتاب المسالك والممالك أن البصرة كان فيها سبعة آلاف مسجد ونيف وأما الآن فأكثرها خلاء وما بقي منها

إلا عمارة ما دار بالمسجد الجامع الذي فيها وحكى بعض التجار المسافرين إليها أنه اشترى التمر بها في عام ستة وثلاثين وخمسمائة خمسمائة رطل بدينار. وبها نهر يعرف بنهر الأبلة طوله اثنا عشر ميلا وهو مسافة ما بين البصرة والأبلة وعن جانبي هذا النهر قصور وبساتين متصلة كأنها بستان واحد ويحويها حائط واحد وينصب إلى هذا النهر عدة أنهار كثيرة مما تقاربه أو تقاومه في الكبر وجميع نخلها في اعتداد قدوده ونضارة فروعه كأنما أفرغ في قالب واحد أو غرس سائره في يوم واحد وجميع أنهار البصرة المحيطة بشرقيها يصب بعضها في بعض ويتشعب بعضها من بعض وأكثرها يدخله المد والجزر من البحر فإذا كان المد دخل الماء من البحر وتراجعت مياه الأنهار فصبت في البساتين والمزارع وسقتها وإذا كان الجزر انحجزت وعادت الأنهار جارية على حسب عادتها ومنها انهار كثيرة محتفرة لا يجري بها ماء وإنما يدخلها ردع المياه الواصلة إليها مع المد والغالب على مياه هذه الأنهار الملوحة. والأبلة مدينة على هذا النهر من إحدى جهاتها بل هو منها في شمالها وجانبها الآخر وهو الشرقي على غربي دجلة وهي صغيرة المقدار حسنة الديار واسعة العمارة متصلة البساتين والضياع عامرة بالناس وأهلها مياسير وعندهم خصب من العيش ورفاهة ودعة ومن أسفل الأبلة المفتح والمذار على ضفة دجلة وهي مدن متقاربة القدر متشابهة العظم عامرة بالأسواق والتجارات

والأبلة أكبر منها قدرا وأكثر خلقا وأغنى أهلا وأوسع عمارة. وفي حدود البصرة وبين عماراتها وقراها آجام كبيرة وبطائح ماء معمورة وتسير عليها السماريات والزوارق بالمدافع لقرب قعرها وارتدام مجاريها بالتراب وربما زادت الأمطار في أوقات الشتاء فحملت دجلة والفرات وصبت في هذه الأنهار سيولها فحفرت منها موضعا وردمت آخر. ومن البصرة إلى عبادان مرحلتان وهي ستة وثلاثون ميلا وعبادان حصن صغير عامر على شط البحر وإليه يصل جميع مياه دجلة وهو رباط ومحرس لطراق هذا البحر وعبادان في الضفة الغربية من دجلة ودجلة هناك تتسع على وجه الأرض كثيرا ومن عبادان إلى الخشبات ستة أميال وهذه الخشبات على متصل بحر فارس بمصب دجلة وهي خشبات مغروزة في قعر البحر وعليها مناصب من ألواح مهندمة ويجلس عليها حراس البحر ومعهم زورق يركبون فيه إلى هذه الخشبات وبه ينزلون إلى الساحل. وهذا البحر الفارسي شطه الأيمن للعرب والأيسر لفارس وعرضه مائتا ميل وعشرة أميال وعمقه من سبعين باعا إلى ثمانين باعا ومن الخشبات إلى (هجر) مدنية البحرين في شط العرب مائتا ميل وعشرة أميال ومن البصرة إلى البحرين على الجادة إحدى عشرة مرحلة وليس في طريق الساحل ماء وهو نحو من ثماني عشرة مرحلة في قبائل العرب مياههم محمولة معهم وهو مسلوك غير أنه مخوف ومن البصرة إلى المدينة نحو من عشرين مرحلة

ويلتقي (الطريق) مع طريق الكوفة بقرب معدن النقرة ومن البحرين إلى المدينة نحو من خمس عشرة مرحلة. والطريق من البصرة إلى البحرين من عبادان إلى () مرحلة لا ماء فيها ولا عامر بها ثم إلى الحدوثة مرحلة ثم إلى عرفجا مرحلة ثم إلى حنيان مرحلة ثم إلى القرى مرحلة ثم إلى مسلحة مرحلة ثم إلى الأحساء مرحلة ثم إلى حمص مرحلة ثم إلى ساحل هجر مرحلة وهذه المراحل كلها مراس ومواضع لا ماء فيها وعامرها قوم من العرب رحالة لا يستقرون في مكان واحد. فأما الأحساء فهي مدينة على البحر الفارسي تقابل أوال وهي بلاد القرامطة وهي مدينة حسنة لكنها صغيرة وبها أسواق تقوم بها في تصرفها. وأما مدينة القطيف فإنها مجاورة للبحر وهي في ذاتها كبيرة وبين القطيف والأحساء مرحلتان ومن القطيف إلى حمص يومان وهي على البحر الفارسي ومن مدينة القطيف إلى بيشة مرحلة كبيرة ويتصل بالقطيف إلى ناحية البصرة بر متصل لا عمارة فيه أي ليس به حصن ولا مدينة وإنما به أخصاص لقوم من العرب يسمون عامر ربيعة. ومدن البحرين منها هجر وحمص والقطيف والأحساء وبيشة والزارة والخط التي تنسب إليها الرماح الخطية وسميت البحرين بجزيرة أوال وذلك أن جزيرة أوال بينها وبين بر فارس مجرى ومنها إلى بر العرب مجرى وهي ستة أميال طولا وستة أميال عرضا ومنها إلى البصرة خمسمائة ميل وأربعون

ميلا لأن أيضا من جزيرة أوال إلى جزيرة خارك مئتان وأربعون ميلا. وجزيرة خارك ثلاثة أميال في ثلاثة أميال وبها زروع وأرز كثير وكروم ونخل وهي جزيرة حسنة كثيرة الأعشاب خصيبة. وجزيرة أوال جزيرة حسنة بها مدينة كبيرة تسمى البحرين وهي عامرة حسنة خصيبة كثيرة الزروع والنخل وفيها عيون ماء كثيرة ومياهها عذبة منها عين تسمى عين بو زيدان ومنها عين مريلغة ومنها عين غذار وكلها في وسط البلد وفي هذه العيون مياه كثيرة نابعة مترعة دفاعة تطحن عليها الأرحاء فالعين المسماة عين غذار فيها عجب لمبصرها وذلك أنها عين كبيرة قدرا مستديرة الفم في عرض ستين شبرا والماء يخرج منها وعمقها يشف على خمسين قامة وقد وزن المهندسون وحذاق العلماء علو فمها فوجدوه مساويا لسطح البحر وعامة أهل البلاد التي في هذه الجهة يزعمون أنها متصلة بالبحر ولا اختلاف بينهم في ذلك وهذا غلط ومحال لا يشك فيه لأن العين ماؤها حلو عذب لذيذ شهي بارد وماء البحر حار زعاق ولو كانت كما زعموا لكان ماؤها ملحا كماء البحر. وفي هذه الجزيرة أمير قائم بنفسه وقد رضيه أهل الساحلين لعدله ومتانة دينه ولا يلي مكانه إذا مات إلا من هو مثله في العدل والقيام بالحق. وفي هذه الجزيرة رؤساء الغواصين في البحر ساكنون بهذه المدينة والتجار يقصدون إليها من جميع الأقطار بالأموال الكثيرة ويقيمون بها الأشهر الكثيرة حتى يكون وقت الغوص فيكترون الغواصين بأسوام أجر معلومة

تتفاضل على قدر تفاضل الغوص والأمانة وزمان الغوص في شهر أغشت وشتنبر فإذا كان أوان ذلك وصفا الماء للغطاس وأكرى كل واحد من التجار صاحبه من الغواصين خرجوا من المدينة في أزيد من مائتي دونج والدونج أكبر من الزورق وفي إنشائه وطاء ويقطعها التجار أقساما في كل دونج منها خمسة أقسام وستة وكل تاجر منهم لا يتعدى قسمه من المركب وكل غواص له صاحب يتعاون به في عمله وأجرته على خدمته أقل من أجرة الغطاس ويسمى هذا المعاون المصفي ويخرج الغواصون من هذه المدينة وهم جملة في وقت خروجهم ومعهم دليل ماهر ولهم مواضع يعرفونها عيانا بوجودهم صدف اللؤلؤ فيها لأن للصدف مراعي تجول فيها وتنتقل إليها وتخرج عنها في وقت آخر إلى أمكنة أخر معلومة بأعيانها فإذا خرج الغواصون عن أوال تقدمهم الدليل والغواصون خلفه في مراكبهم صفوفا لا تتعدى جريه ولا تخرج عن طريقه فكلما مر الدليل بموضع من تلك المواضع التي يصاد بها صدف اللؤلؤ تنحى عن ثيابه وغطس في البحر ونظر فإن وجد ما يرضيه خرج وأمر بحط قلاع دونجه وأرسى وحطت جميع المراكب حوله وأرست وانتدب كل غواص إلى غوصه وهذه المواضع يكون عمق الماء فيها من ثلاث قيم إلى قامتين فدونها وصفة غوصهم أن الغواص يتجرد عن ثيابه ويبقى بسترة تستر عورته لا غير ويضع في أنفه الخلنجل وهو شمع مذاب بدهن الشيرج يسد به أنفه ويأخذ مع نفسه سكينا ومشنة يجمع فيها ما يجده هناك من الصدف ومع كل غواص منهم حجر وزنه من ربع

قنطار إلى ما نحوه مربوط بحبل رقيق وثيق فيدليه في الماء مع جنب الدونج ويمسك الحبل صاحبه بيده إمساكا وثيقا ويتخلى الغواص بنفسه في الماء فيجعل رجليه على الحجر ويمسك الحبل بيديه ثم يرسل صاحبه الحبل من يده دفعة واحدة فينزل الحجر مسرعا حتى يصل قعر البحر والغائص عليه يمسك الحبل بيديه فإذا استقر في قعر البحر نزل إلى قعر البحر وجلس وفتح عينيه في الماء ونظر إلى ما أمامه وجمع ما وجد هناك من الصدف في عجل وكر فإن امتلأت مشنته كان وإلا اندرج إلى ما قاربه والحجر لا يفارقه ولا يترك يده عن إمساك حبله فإن أدركه الغم كثيرا صعد مع الحبل إلى وجه الماء واسترد نفسه حتى يستريح ويرجع إلى غوصه وطلبه فإذا امتلأت مشنته اجتذبها صاحبه من أعلى الدونج وفرغ المشنة مما فيها من الصدف في قسمه من المركب وأعادها في البحر إلى الغواص إن كان الصدف هناك كثيرا وعلى قدر الوجود له يكون طلبه فإذا تم الغواصون في البحر مقدار ساعتين صعدوا ولبسوا ثيابهم وتدثروا وناموا وانتدب المصفي وهو صاحب الغواص فيشق ما معه من الصدف والتاجر ينظر إليه حتى يأتي على آخره فيأخذه التاجر منه ويصره عند نفسه بعدد مكتوب فإذا كان عند العصر انتدبوا إلى طعامهم فصنعوه وتعشوا وناموا ليلتهم إلى الصباح ثم يقومون وينظرون في أغذية يأكلونها إلى أن يحين وقت الغوص فيتجردون ويغوصون هكذا كل يوم وكلما فرغوا من مكان أفنوا صدفه انتقلوا إلى غيره ولا

يزالون بهذه الحال إلى آخر أغشت ثم ينصرفون إلى جزيرة أوال في الجمع الذي خرجوا فيه وما معهم من الجوهر في صررهم وعلى كل صرة منها مكتوب اسم صاحبها وهي مطبوعة بطابع فإذا نزلوا أخذت تلك الصرر من التجار وصارت في قبض الوالي وفي ذمته فإذا كان في يوم البيع اجتمع التجار في موضع البيع فأخذ كل واحد مكانه وأحضرت الصرر ودعي باسم كل واحد من أصحابها وفضت خواتمها واحدة بعد واحدة وصب ما في الصرة من لؤلؤ في غربال موضوع تحته ثلاثة غرابيل وتلك الغرابيل لها أعين بمقادير ينزل منها الدقيق والمتوسط ويمسك كل نوع منها في صحن غربال فلا يبقى على وجه الغربال الأول الأعلى إلا ما غلظ من الجوهر ويبقى على وجه الغربال الثاني اللؤلؤ المتوسط ويستقر على الغربال الثالث اللؤلؤ الدقيق ثم يعزل كل صنف منها وينادى عليه بأسوامه ومستحق أثمانه فإن أحب التاجر سلعته كتبت عليه وإن شاء بيعها من غيره باع وقبض ماله والتاجر إذا اشترى متاعه إنما يكون عليه أن يؤدي اللوازم التي وجبت عليه وينتصف التجار من الغواصين والغواصون من التجار وينفصل كل أحد من كل أحد وينصرف الناس ثم يعودون إلى هناك في العام القابل هكذا أبدا. ولصاحب جزيرة كيش التي ذكرناها في الإقليم الثاني وموضعها في بحر فارس على التجار الذين يعاملون الغواصين شيء معلوم يقبض له في ديوان البيع منهم ويبعث إليه بذلك ضريبة وما وجد من الجوهر الغالي النفيس

أمسكه الوالي وكتبه على نفسه باسم أمير المؤمنين والعدل لا يفارقهم في البيع والشراء حتى لا يضام منهم أحد ولا يشكو ظلما. والجوهر يتكون حبه خلقا في هذا الصدف على ما يصفه أهل بحر فارس من ماء مطر نيسان وإن لم يمطر مطر نيسان لم يجد الغواصون منه شيئا في سنتهم تلك وهذا عندهم شيء مشهور صحيح متفق عليه بينهم. والغوص في بلاد فارس صنعة تتعلم وينفق عليها الأموال في تعليمها وذلك أنهم يتدربون في رد أنفاسهم على آذانهم حتى أن الرجل منهم في أول تعليمه تتزكم أذناه وتتسلط وتسيل منهما المادة ثم يتعالجون من ذلك فيبرؤون منه وأعلاهم أجرة أصبرهم تحت الماء وكل واحد منهم يميز صاحبه ولا يتعدى طوره ولا ينكر فضل من تقدمه وفاقه في المعرفة والصبر. وفي هذا البحر الفارسي جميع مغايص اللؤلؤ وأمكنته ثم إن أمكنته نحو من ثلثمائة مكان مقصودة كلها مشهورة بالغوص وقد ذكرنا منها أكثرها عند ذكر أمكنتها في مواضعها من سواحل البحور والجزائر ومغايص بحر فارس أكثر نفعا وأمكن وجودا للطلب من سائر البحور الهندية واليمنية وقد ذكرنا من ذلك ما فيه بلغة بل كفاية. ولنرجع الآن إلى ما كنا فيه من ذكر البلاد وصفاتها وطرقاتها على الكمال بحول الله فمن ذلك صفة الطريق من البصرة إلى البحرين ثم إلى اليمامة على البادية وهو طريق العرب وقليلا ما يسلكه التجار فمن ذلك أن الخارج عن البصرة يسير إلى منزل في الصحراء فيه عين ماء مرحلة ثم إلى كاظمة مرحلة

ثم إلى منزل في الصحراء ثم إلى منزل ثم إلى منزل ثم إلى القرعاء وهو منزل فيه عرب ومنه إلى طخفة منزل عرب مرحلة ومنه إلى الصمان مرحلة وهو منزل فيه عرب ثم إلى منزل فيه ماء ثم إلى منزل لا ماء فيه ثم إلى منزل فيه ماء ثم إلى اليراني من غربي بلاد البحرين ومنها إلى منزل ثم إلى منزل ثم إلى منزل ثم إلى سلمية ثم إلى السيال ثم إلى حضرمة اليمامة وقد ذكرنا هذه البلاد فيما سلف. وفي شرقي موضع دجلة في بحر عبادان أرض خوزستان ومنها الأهواز ومدينة الأهواز تعرف بهرموز شهر وهي القطر الكبير والمصر المعمور والناحية الحسنة التي ينسب إليها سائر الكور وبها أسواق وتجارات وعمارات متصلة وأرزاق دارة وخيرات جمة وفيها ناس أخلاط من قبائل فارس والعرب المتحضرة بها مياسير لهم أموال كثيرة وبضائع وافرة ومصانع مكسبة وعيش ممكن وخصب رغد. والأهواز هي قاعدة بلاد خوزستان وأرض خوزستان هذه أرض وطيئة حسنة ثرية موضعها فسيح وهواؤها صحيح وهي سهلة الأرجاء كثيرة المياه وبلادها كثيرة عامرة منها الأهواز وعسكر مكرم وتستر وجندي سابور والسوس ورام هرمز والمسرقان وسرق واسمها دورق الفرس وايذج وبيان وجبى وبصنا وسوق سنبيل ومناذر الكبرى ومناذر الصغرى وقرقوب

والطيب وكليوان ونهر تيرى ومتوث وبردون وكرخة وأزم وسوق الأربعاء وحصن مهدي على البحر والباسيان وسليمانان. وبأرض خوزستان مياه جارية وأودية غزيرة وأنهار سائلة وأكبر أنهارها نهر تستر ويسمى دجيل الأهواز وهو نهر عجيب منبعه من جبال من ناحية اللور وعليه الشاذروان الذي أمر بعمله سابور الملك وهو من العجائب المشهورة وذلك أنه بنى أمام تستر من الضفتين بنيانا وثيقا عاليا وأقام في صدر مجرى الماء سدا موثقا بالحجر العظيم والعمد الحجازية حتى ساواه مع ضفتي بنائه وارتدع به الماء حتى صار بإزاء تستر وذلك أن تستر في نشز من الأرض عال والماء مرتدع بين يديها ويجري هذا النهر من وراء عسكر مكرم ويمر بالأهواز حتى ينتهي إلى نهر السدرة إلى حصن مهدي ويقع هناك في البحر ويخرج من نهر تستر نهر يسمى بنهر المسرقان فيمر مغربا حتى ينتهي إلى مدينة عسكر مكرم وعليه هناك جسر كبير نحو من عشرين سفينة وتجري فيه السفن الكبار ويتصل بالأهواز وبين عسكر مكرم والأهواز ثلاثون ميلا في الماء فإذا كان الماء في المد وزيادته في أول الشهر عبر هناك بالمراكب وإن كان الجزر لم يمكن المراكب السير فيه لأن الماء به يجف ولا يبقى منه إلا عدد منقطعة عن اتصال الجري وهذا النهر لا يضيع من مائه شيء وإنما يتصرف كله في سقي الأرضين هناك تسقى به غلات القصب وضروب الحبوب والنخل والبساتين وسائر المزارع المعمورة ويجري في

جنوب خوزستان نهر طاب وهو الحد المميز بين خوزستان وفارس وجميع مياه خوزستان كلها تتألف وتنصب في البحر عند حصن مهروبان وبضفة حصن مهدي وليس بأرض خوزستان بحر إلا ما ينتهي إليها عن زاوية من حد مهروبان إلى قرب سليمانان بحذاء عبادان وهو شيء يسير من بحر فارس وأرض خوزستان كلها سهول وأرضها رمل وليس بها شيء من الجبال إلا ما كان بنواحي تستر وبالجملة إنها كلها سهول وفجاج غير عالية. ومدينة المسرقان مدينة عامرة بأهلها والصادرون عنها والواردون عليها كثير ولهم معايش وأرزاق كثيرة وأكثر شجرهم النخل وفيها الرطب الموصوف المسمى الطن إذا أكله الإنسان وشرب عليه ماء المسرقان وجد عليه رائحة الخمر سواء وعندهم من الحنطة والشعير الشيء الكثير وسائر أنواع الحبوب موجودة بها وأكثر الحبوب عندهم الأرز وهم يطحنونه ويتخذون منه خبزا يأكلونه ويفضلونه على الحنطة وبالمسرقان من غلات القصب الشيء الكثير الذي يفوق ما بسائر الآفاق من ذلك. والسوس مدينة جليلة حاضرة بكل خير جامعة لكل فضل وأهلها أخلاط وهي من بلاد السكر ويصنع بها منه كل شيء كثير ويتجهز به إلى كل الآفاق ويصل فاضله إلى أقصى خراسان وينسب إليها ويصنع بها من الخز العتيق كل جليلة وبها فواكه كثيرة.

ومدينة عسكر مكرم مدينة كبيرة حسنة على نهر المسرقان ولها جسر قدمنا وصفه وهي عامرة بالتجار وأخلاط الناس وبها أسواق وأرزاق وصناعات ولها مزارع متصلة وبها صنف من العقارب على قدر ورقة الأنجذان وصفرتها تسمى الجرارة إذا لسبت أحدا مات لحينه وقل ما يسلم من لسبته وبين عسكر مكرم وتستر مرحلة ومن عسكر مكرم إلى رام هرمز مرحلتان وهي مدينة عامرة جليلة وبها أسواق ومتاجر ويصنع بها من ثياب الإبريسم ما يحمل إلى كثير من المواضع وكذلك من مدينة عسكر مكرم إلى الدورق نحو أربع مراحل ومن الدورق إلى الأهواز أربع مراحل خفاف. والدورق مدينة عامرة بأهلها وبها من أخلاط الناس جمل ومتاجرها كثيرة وتسمى مدينة الرستاق وبغربيها مدينة باسيان على مرحلتين منها. وباسيان مدينة وسطة في الكبر عامرة يشقها نهر فيصير نصفين وهي فرجة حسنة من داخلها وخارجها وبين باسيان وحصن مهدي مرحلتان غربا. ومدينة تستر هي كما قدمنا ذكره مرتفعة عن وجه الأرض والماء يرتفع في الشاذروان إلى بابها وبنهر تستر فيما يقال تابوت دانيال وقال الحوقلي في كتابه إن أبا موسى الأشعري وجد بها القبر المذكور وكان أهل الكتاب يديرونه على مجامعهم ويتبركون به ويستسقون به المطر إذا أجدبوا فأخذه أبو موسى وشق من النهر الذي على باب السوس خلجانا وجعل فيه ثلاث قبور مطوية بالآجر ودفن ذلك التابوت في أحد القبور ثم استوثق منها كلها

وعماها ثم فتح إليها الماء حتى قلب ذلك الثرى الكثير على ظهر تلك القبور والنهر يجري عليها إلى يومنا هذا ويقال إن من نزل إلى قعر النهر وجد القبور هناك ومما يتاخم آسك في جهة حد فارس جبل أذروان وهو بركان نار يقذف بها ليلا ونهارا والدخان لا يطفأ أبدا فيه وهذا الجبل شبيه بجبل النار الذي في جزيرة صقلية ويصنع بتستر الديباج العجيب المنظر المتقن الصنعة وكان قبل هذا يعمل بها كسوة الكعبة فأما الآن فإن الكسوة تعمل بالعراق ومنها تحمل كل سنة ومن العسكر إلى ايذج في جهة المشرق أربع مراحل وهي مدينة عجيبة فرجة الرقعة بسيطة المكان متاخمة للجبل المتصل بأصبهان وبها متاجر وصنائع وأموال متصرفة وأسواق نافقة مما جلب إليها ومن مدينة تستر إلى مدينة جندي سابور مرحلة كبيرة. ومدينة جندي سابور في نشز من الأرض حسنة حصينة منيعة وهي تمير من جاورها بخيرها وبها نخل وزروع كثيرة ومياه ولها عمارات وخصب وفواكه وأسواق جامعة لضروب من البضائع نافقة المتصرفات ومن جندي سابور إلى السوس مرحلة. والسوس مدينة ليست بالكبيرة جدا لكنها متحضرة ولها بساتين وجنات ونخل وقصب كثير يعمل منه السكر الكثير كما قدمنا وصفها. ومنها إلى قرقوب مرحلة وهي المدينة التي ينسب إليها الرقم القرقوبي في جميع الأرض ويعمل بها ديباج معين بالذهب يسمى خرد وقليلا ما يوجد

مثله بآفاق الأرض وهو الديباج القرقوبي وبمدينة قرقوب مثل ما بمدينة السوس من الطرز للسلطان لنسيج الحلل والديباج والخزوز وسائر الثياب النفيسة الغالية الثمن. ويتصل بمدينة قرقوب في جهة الشمال مدينة الطيب على مرحلة وليست بكبيرة وإنما هي حسنة الذات كثيرة الخيرات جامعة لأشتات البركات ويصنع بها تكك تشبه التكك الأرمينية لا يوجد في بلاد الإسلام مثلها بعد تكك أرمينية حسان وبركانات ثمينة محكمة ويصنع بها كثير من الصنائع لا يجارى صناعها فيها ولهم كيس في الأمور وحذق ومنها إلى واسط مرحلتان. ويتصل بها في جهة الشرق مدينة صغيرة تسمى متوث وهي في مستو من الأرض حسنة الجهات كثيرة المتنزهات خيرها عام وشكلها تام وبين متوث والسوس مرحلة ومتوث منها غربا. ويتصل بمدينة السوس في جهة الغرب مدينة برذون وهي صغيرة القدر كثيرة الأهل وبها مزارع وعمارات. ومنها مدينة بصنا أيضا وبين بصنا والسوس مرحلة وكذلك من السوس إلى بردون مرحلة ومدينة بصنا مدينة صغيرة الجرم خلقها كثير وبها طرز للسلطان يعمل بها الستور المنسوبة إليها المشهورة في جميع الآفاق المكتوب على تطريزها مما عمل ببصنا وقد يعمل ببرذون وكليوان وغيرهما من المدن ستور يكتب عليها بصنا ويدلس بها في ستور بصنا.

ومن السوس إلى الأهواز ثلاثة أيام والأهواز وعسكر مكرم في سمت واحد والأهواز من عسكر مكرم جنوبا ورام هرمز منهما كأحد الأثافي شكلا مثلثا متساوي الأضلاع. ومن عسكر مكرم إلى سوق الأربعاء وهو السوق المسمى بسوق الأهواز مرحلة وهي مدينة حسنة ولها سوق مشهورة في يوم معلوم وبها فواكه ونعم كثيرة ومتاجر ودخل وخرج وجباية طائلة. ومن سوق الأهواز إلى دورق في الماء ثمانية وأربعون ميلا وعلى الظهر في البر اثنان وسبعون ميلا. ومن سوق الأربعاء إلى حصن مهدي على البحر الفارسي مرحلة وهو حصن منيع حسن البنية متقن وبه يجتمع مصب مياه هذه البلاد ويتسع هناك حتى يكون عرضه نحو ثلاثة أميال. ومن سوق الأهواز إلى أزم مرحلة وأزم على نهر يقع في نهر تستر وهي متحضرة ولها سوق متحركة وبها بيع وشراء وهي رصيف متوسط لمن جاء من فارس يريد العراق. ويحاذيها من خلف النهر قرية آسك وهى قرية عامرة وعلى طريق من جاء من فارس. ومن مدينة الأهواز إلى نهر تيرى مرحلة ونهر تيرى مدينة صالحة القدر عامرة بالديار والأسواق كثيرة الخيرات والأرزاق بها طرز يتخذ فيها ثياب حسنة ويذكر أنها من أرض فارس وسنذكرها في تخوم فارس بحول الله

ومن مدينة نهر تيرى إلى مدينة بيان مرحلتان. ومدينة بيان على الدجلة من الضفة الشرقية وهي مدينة صغيرة حسنة الداخل والخارج وبها منبر ولأهلها حرص على طلب الآداب والعلوم وفيهم اعتلاء على من ساواهم من أهل البلاد وأخبر أحمد بن يعقوب في كتاب المسالك الذي ألفه أن بنهر تيرى دارا لا تعمر وكل من يسكنها لا يلبث أكثر من يوم ولا يجاوز الليلة إلى الغد ومن مدينة بيان إلى الأبلة مرحلة ومن بيان إلى حصن مهدي مرحلة. ويتصل بالأبلة المفتح والمذار وهما مدينتان على مجاري الدجلة والمفتح مدينة صغيرة المقدار عامرة القطر حسنة البناء متحركة الأسواق وليست من أمهات البلاد والداخل إليها والخارج منها كثير ولها بساتين ومزارع ومتنزهات ومنها إلى مدينة المذار مرحلة خفيفة والمذار مدينة صغيرة تشبه مدينة المفتح في مقدارها وتجانسها في مبانيها وآثارها وبها من الأسواق والمصانع ما بالمفتح وأشف من ذلك وأهلها متنافسون فيما بينهم ولهم اهتمام بالأمور وصيانة لما بين أيديهم من أموالهم وشح بين ولها مزارع كثيرة وعمارات جليلة وغلات رابحة. ومن الباسيان إلى جبى اثنا عشر ميلا وجبى مدينة ورستاق عريض مشتبك العمارة بالنخل وقصب السكر وغيرهما من الفواكه ولأهلها رفاهة وخصب ومنها أبو علي الجبائي إمام المعتزلة ورئيس المتكلمين في عصره. ومن جبى إلى مدينة سليمانان خمسة عشر ميلا وهي مدينة على ضفة

نهر الدجلة حسنة المطلع بهية النواحي مفيدة الزراعات والغلات وبها حوت كثير ولحوم وأرزاق ومنها مع الدجلة إلى مدينة بيان ثمانية عشر ميلا. ومن مدن خوزستان المتاخمة لأرض فارس مدينة اللور وهي مدينة حسنة صغيرة ولها إقليم بذاته خصيب والغالب عليه هواء الجبل وكان من خوزستان فصير إلى أعمال الجبل ولها بادية وإقليم ورستاق والغالب على سكانه الأكراد وبهم كثر خصبه وكثرت غلته ومن اللور إلى مدينة تستر مرحلتان. ومن أكوار الخوزستان المجاورة لأرض فارس كورة سنبيل وهي كورة متاخمة لفارس وكانت أيضا معدودة في أرض فارس فحولت إلى أرض خوزستان وهي عامرة وبها سوائم ونتاج. ومن تلك الأكوار المجاورة لأرض فارس كورة الزط والجائزان وهما كورتان عامرتان متجاورتان كثيرتا الخير متاخمتان للسردن من أرض فارس وحد إصبهان وهواؤها هواء الصرود وهي باردة. ويقع الثلج بها في إبان سقوطه والألبان بها والسمن كثير جدا وبها قوم يتخذون النحل للعسل وهو بها كثير موجود. واسك أيضا قرية كبيرة عامرة ولا منبر بها ولها حدائق نخل كثيرة وزراعات وغلات جمة ومن قرية آسك إلى أرجان مرحلتان خفيفتان ومن آسك أيضا إلى الدورق مرحلتان ومن قرية آسك تحمل الأدياس المنسوبة إلى آسك ويعمل منها الحصر بالعراق وهذا الديس مفضل على كل ديس ينبت

في بلاد أرجان وغيرها وبهذه القرية كانت وقيعة الأزارقة المذكورة في الكتب وذلك أن الأزارقة كان عددهم أربعين رجلا من الشراة امتنعوا في مكان منها فخرج إليهم من الجند ألفا رجل في بعثتين فقتلهم الأزارقة حتى أتوا على آخرهم. وأما مناذر الكبرى ومناذر الصغرى فقريتان عامرتان لا منابر بهما وكورهما عامرة وأرزاقهما دارة ونواحيها متسعة ومياههما كثيرة وبهما من حدائق النخل كثير ومزارعهما كثيرة وافرة النفع. وبقي أن نذكر الأرض وحدودها بعد هذا إن شاء الله تعالى وأرض خوزستان كما قدمنا وصفها حسنة البقع كثيرة الخيرات متصلة العمارات وأهلها يتكلمون بالفارسية والعربية ولسان آخر ليس بعربي ولا بسرياني يستعملونه بينهم وزيهم زي أهل العراق يلبسون القمص والطيالسة والعمائم وعوامهم يلبسون الأزر والمآزر وفي أنفسهم وأطباعهم الشر والتنافس بعضهم على بعض وفي ألوانهم تغيير بصفرة وسمرة وفواكههم كثيرة إلا الجوز فهو عندهم قليل وفيما ذكرناه بلاغ ونريد الآن أن نذكر من طرقها المشهورة المسلوكة ما لا بد من ذكره والعون بالله. فالطريق من أرجان إلى قرية آسك مرحلتان ومن آسك إلى ديرا مرحلة وديرا قرية ثم منها إلى الدورق مرحلة ثم من الدورق إلى خان تنزله السابلة يعرف بالخان ثم إلى مدينة الباسيان مرحلة ومن الباسيان إلى حصن

مهدي مرحلتان وبها منبر ويسلك منها في الماء وهو أيسر من البر ومن حصن مهدي إلى بيان مرحلة على الظهر وبيان على الدجلة فتركب منها إن شئت إلى الأبلة في الماء وإن شئت على الظهر إلى أن تحاذي الأبلة فتركب منها إلى العراق. وطريق آخر على واسط إلى بغداد من أرجان إلى سوق سنبيل مرحلة ثم إلى رام هرمز مرحلتان ثم إلى عسكر مكرم مرحلتان ومن عسكر مكرم إلى تستر مرحلة ومن تستر إلى جندي سابور مرحلة ومن جندي سابور إلى السوس مرحلة ومن السوس إلى قرقوب مرحلة ومن قرقوب إلى مدينة الطيب مرحلة ثم إلى واسط مرحلتان وقد يكون طريق آخر من عسكر مكرم إلى مدينة واسط أقرب من هذا وهو على عبر يسير. الطريق من ايذج إلى مدينة إصبهان من ايذج إلى جواردان اثنا عشر ميلا ثم إلى رستاجرد اثنا عشر ميلا ثم إلى سليدست وهي قرية ثمانية عشر ميلا ثم إلى بوين خمسة عشر ميلا ثم إلى قرية سوجر ثمانية عشر ميلا ثم إلى الرباط ثمانية عشر ميلا ثم إلى خان الأبرار أحد وعشرون ميلا ثم إلى إصبهان ثمانية عشر ميلا. والطريق من سوق الأهواز إلى شيراز من سوق الأهواز إلى أزم ثمانية

عشر ميلا ثم إلى عبدين وهي قرية خمسة عشر ميلا ثم إلى الزط ثمانية عشر ميلا ثم إلى قنطرة على وادي الملح ثمانية عشر ميلا ثم إلى أرجان ثمانية عشر ميلا وهي من أرض فارس ومنها إلى اصفن خمسة عشر ميلا وهي قرية ثم إلى الدرخويذ ثمانية عشر ميلا ثم إلى مدينة النوبندجان أربعة وعشرون ميلا ثم إلى قرية جويم خمسة عشر ميلا ثم إلى شيراز خمسة عشر ميلا وأيضا فإن من مهروبان التي على ساحل بحر فارس إلى حصن (ابن) عمارة وهو طول فارس على البحر أربعمائة ميل وثمانون ميلا ومن حصن (ابن) عمارة إلى سيراف مرحلتان ومن سيراف إلى نجيرم ستة وثلاثون ميلا. وفي هذا الجزء المرسوم من أرض فارس قطعة كبيرة فيها من بلاد فارس سينيز وجنابا ونجيرم وسيراف وحصن (ابن) عمارة وجهرم وجور وفسا ودارابجرد وسابور والزنجان وتارم ورستاق الرستاق والفستجان وخورستان وكازرون وكران وجرمق وإصطخر ورباط السرمقان [[وجور]] واقليد وميبذ ونايين وكثة والروذان وصاهك ويزد وعقدة وسردن وتوج والبيضاء ومايين وسوران وكثير من قلاعها مما سنأتي بأسمائه وسائر صفاته وأوصافه وهيآته بعد هذا بحول الله.

فنقول إن أرض فارس يحيط بها من ناحية الشرق المفازة الكبيرة المتصلة بأرض السند من أعلاها وتتصل بالري من أسفلها ويحيط بها من جهة المغرب بحر فارس ومن جهة الجنوب أرض مكران ومن جهة الشمال أرض خوزستان وكور فارس خمس كور. فمنها كورة أرجان وهي أصغر كور فارس وقاعدتها سابور كما قلناه وبهذه الكورة مدينة منذ والنوبندجان وكازرون ولكن هذه كورة تنسب إلى سابور وهو الذي ابتنى المدينة المسماة بسابور وإليها تنسب الثياب السابورية ومنها سينيز واسلجان والملجان وفرزك وباش. ومنها كورة دارابجرد ومدينتها دارابجرد وفسا وهي أكبر وأعم غير أن الكورة منسوبة إلى دارا الملك وطمستان وكردبان ونيريز والفستجان والابجرد والانديان وجويم وماذوان وخسوا وفرج وتارم. وإصطخر أكبر بلادها ومن كور إصطخر مدينتها البيضاء ونهران وابرج ومايين والبرانجان والميادوان والكاسكان وكرم والهزار وناحية الروذان والأذركان وابرقويه.

ومن الكور أيضا بفارس كورة سابور وهي كورة حسنة ومدنها كثيرة فمنها النوبندجان وبندرهمان ودشت بارين والهنديجان وجنجان وتنبوك والدرخويذ وملتون ودربختجان والخوبذان والكيمارج وماهان والراميجان والديبنجان والشاهجان والشادروذ ومور وخمايجان العليا وخمايجان السفلى. ومن كور فارس أيضا كورة أردشير خرة ومن مدنها شيراز وجور ونابند وميمند والصيمكان والبرجان والكربنجان والخواروستان وكوار وسيراف ونجيرم وسينيز وجه وكير وكبرين وكران وكام فيروز والرويجان. وقاعدة فارس مدينة شيراز وهي دار مملكة فارس وينزلها الولاة والعمال وبها الديوان والمجبى وهي مدينة إسلامية بناها محمد بن القاسم بن أبى عقيل ابن عم الحجاج وتفسير شيراز جوف الأسد وإنما سميت بذلك لأنها مدينة يجلب إليها المير من سائر البلاد ولا يخرج منها ميرة البتة ولما وصل عسكر الإسلام إلى فارس عرس المعسكر بمكانها وأقام به إلى أن استفتحت إصطخر وجميع كردها فتبرك المسلمون بذلك فبنوا شيراز هناك في

موضع المعسكر وهي مدينة جليلة المقدار حسنة النواحي والأقطار طولها نحو من ثلاثة أميال في مثلها وهي متصلة البناء لا سور لها شبيهة بمصر وبها أسواق وعمارة وهي قرارة الجيوش وأولي الحرب والدواوين والجبايات وشرب أهلها من الآبار. ومدينة إصطخر مدينة جليلة كبيرة جميلة كثيرة الأسواق والمتاجر وبناؤها بالطين والحجارة والجص ومدينة إصطخر أقدم مدن فارس وأشهرها اسما وكانت مدارا لملكها وملوكها إلى أن ولي أردشير الملك فنقل ملكه إلى جور وجعلها دارا لملكه ويروى في الأخبار أن سليمان بن داؤود كان يسير من طبرية إليها من غدوة إلى عشية وبها مسجد يعرف بمسجد سليمان وإصطخر على نهر فرواب ولها قنطرة تسمى بقنطرة خراسان وهي قنطرة حسنة وخارج القنطرة أبنية ومساكن بنيت في عهد الإسلام ومن إصطخر إلى شيراز ستة وثلاثون ميلا وهواء إصطخر هواء فاسد وخيم وبإصطخر تفاح عجيب تكون التفاحة منه نصفها حلو صادق الحلاوة ونصفها حامض صادق الحموضة ومن شيراز إلى جور ستون ميلا. ومدينة جور بناها أردشير وكان مكانها فيما يحكى منفع مياه تجتمع به فاحتال لخروج ذلك الماء وبنى مدينة جور بها وهي مدينة جليلة لها سور من طين وخلفه خندق ولها أربعة أبواب ومقدارها نحو إصطخر وسابور ودارابجرد كثيرة البساتين والجنات رحيبة الأبنية والجهات غدقة الفواكه والثمرات نزيهة جدا فرجة من جميع جهاتها الأربع يسير السائر بها بين

قصور عالية ومتنزهات سامية كاملة الحسن طيبة الهواء وكان في وسطها فيما سلف من الزمان بنيان يسمى الطربال بناه أردشير الملك وجعل له من العلو مقدار ما إذا صعد الإنسان إلى أعلاه أشرف على جميع المدينة ورساتيقها وكان له في أعلى هذا البناء بيت نار فهدمت الإسلامية أكثره ولم يبق منه الآن إلا رسم داثر ويعمل بمدينة جور ماء الورد الكثير الخالص البالغ في الطيب والصفاء وعبق الرائحة وقلة التغيير في المدة الكثيرة وإليها ينسب ماء الورد الجوري. ومن مدينة شيراز إلى مدينة دارابجرد مائة وخمسون ميلا ودارابجرد ابتناها دارا الملك ونسبها إلى نفسه وتفسير بجرد بالعربية عمل وهي لفظة فارسية فكأنه قال عمل دارا وهي مدينة كبيرة عامرة آهلة فرجة وبها تجار وأسواق وبيع وشراء وهي مقصد ومجمع للتجار المتصرفين في ديار فارس وعليها سور حصين كسور جور ويدور بسورها خندق تجتمع إليه فضول المياه التى يسقى بها النخل ومسالات مياه عيون جمة وفي هذا الماء حشائش وغدران تمنع من خوضه وبه سمك كثير لا شوك فيه ولا عظم ولا له فقار ولا على جسمه فلوس وهو من ألذ السمك طعما ويصرف فيما يصرف فيه اللحم ولهذه المدينة أربعة أبواب وفي وسطها جبل عال كالقبة ليس يتصل بشيء من الجبال وبنيان أهلها بالحجارة والطين والجص ومن مدينة دارابجرد إلى مدينة فسا أربعة وخمسون ميلا.

ومدينة فسا مدينة مفترشة البناء واسعة الشوارع وأبنيتها أفسح وأشمخ من أبنية شيراز وبنيانهم بالطين وخشبها كثير والغالب عليه خشب الصنوبر والسرو وهي عامرة بالناس والجلة والتجار المياسير وهي تقارب شيراز في كبر مقدارها وكثرة عمارتها وهواؤها أصح من هواء شيراز وعليها حصن حصين وأبواب خشب محددة وحولها في الدائر خندق واسع عميق ولها ربض كبير وأكثر أسواقها في ربضها ذلك وبها من غلات الرطب والبلح والجوز والأترج والسفرجل والقصب الحلو ما يقوت ويكفي ويشف على الحاجة إليه ومن مدينة فسا إلى مدينة شيراز ستون ميلا ولدارابجرد من الرساتيق رستاق كرم ورستاق جهرم ورستاق نيريز ورستاق الفستجان ورستاق الابجرد ورستاق الانديان ورستاق جويم ورستاق فرج ورستاق تارم ورستاق طمستان وهذه الرساتيق بها مدن وقرى كالمدن عامرة آهلة وبها أسواق وتجارات وبقرية من قرى دارابجرد الموميا الذي يحمل إلى الآفاق وهي ملك للسلطان ولا نظير لها وهي في غار في جبل وقد وكل بها حفظة والغار مسدود الباب مطبوع على غلقه بعلامات كثيرة ويفتح في كل سنة مرة فيوجد قد اجتمع في قعره حجر على قدر الرمانة فيطبع عليه بمحضر من ثقات السلطان ويحمل إلى شيراز ويباع هناك وهو الصحيح وما سواه من الموميا فليس بشيء.

ومن فسا إلى كازرون ستة وخمسون ميلا وهي مدينة حسنة لها سور وحصن وأبواب خشب وحديد ولها قلعة داخلها حصينة ولها ربض عامر فيه أسواق ومتاجر وصناعات وبها فواكه عامة وخير كثير ومن كازرون إلى جور ثمانية وأربعون ميلا. والجنجان تتاخم كازرون وهي مدينة عامرة آهلة من كورة سابور وعليها سور منيع وبها تجارات وبيع وشراء. والراميجان ميدينة حسنة من كور سابور ولها سور تراب حصين ولها رستاق خصيب ويسمى بها وينسب إليها. والخوبذان أيضا مدينة صغيرة عامرة بالناس كثيرة الخلق ولها سوق وتجار وصناعات وبيوع وأشرية ولها رستاق كبير وجانب متسع وينضاف إليها عمل المورستان وبها منبر وبشر كثير وفواكه ونعم دارة. ومن كورة سابور مدينة جرة وهي عامرة عليها سور من طين حصين ولها رستاق آهل كثير العمارة وأفضيتها واسعة والدرخويذ وتنبوك رستاقان متقاربان في الكبر عامران ولهما مزارع ومنافع وغلات وكذلك رستاق الكيمارج حسن الموضع واسع الجهات ممتد مستغل لكل فائدة وأما الرامجان والشاهجان وابنوران والشادروذ وخمايجان العليا والسفلى وتيرمردان فهذه

كلها رساتيق وحصون وقرى كالمدن متقاربة الأقدار واسعة الأقطار خيراتها عامة وأموالها وافرة وخلقها كثير وجملتها من كورة سابور المتقدم ذكرها. ويتصل بما ذكرناه من جهة الجنوب مع الغرب من هذا الجزء المرسوم مدن وقلاع ورساتيق من كورة أردشير مثل جور وقد تقدم ذكرها ولها رستاق جليل عامر ونابند ورستاقها ممتد متسع الأرجاء وكذلك الصيمكان وهو حصن منيع وله عمارات ورستاقه منسوب إليه وخورستان مدينة حسنة عامرة بسوق وحصن منيع ولها رستاق كبير عامر له غلات مفيدة وكذلك الفوشجان مدينة صغيرة وأهلها بشر كثير وبها صناعات وتجارات ولها رستاق يسمى باسمها ومن كورة أردشير مدينة كران وهي مدينة صغيرة حصينة ولها رستاق معروف باسمها وبها طين أخضر كالسلق يؤكل لا نظير له. ومن مدنها مدينة سيراف وهي على ساحل البحر الفارسي وهي مدينة كبيرة وبها تجار مياسير وأهلها مولعون بكسب المال واستجلابه على أي وجه أمكن وهم أكثر عباد الله تغربا وتجولا في الآفاق حتى إن الرجل منهم يتجول العام والعشرين ولا يرجع إلى أهله ولا يكترث بمن خلفه وسيراف فرضة فارس ومبانيها بالساج وأبنيتهم طبقات مشتبكة البناء كثيرة الأهل ولأهلها همم في نفقات الأبنية وضروب التحسين والتحصين وفواكههم ومياههم تصل إليهم من جبل مشرف عليهم يسمى جم وهذا الجبل مطل

على البحر وليس به زرع ولا ضرع وهي شديدة الحر جدا ولها منبران أحدهما نجيرم وهي مدينة على البحر وكذلك مدينة الغندجان ورستاقها يسمى دشت بارين وفيه حصن به منبر وسوق. ومدينة صفارة صغيرة على البحر وبها سكان وهم مياسير ولهم رستاق معمور يسمى الرستقان. ومن كورة أردشير توج وهو حصن عامر بأهله منيع وكذلك الجرمق أيضا قصبة حسنة حصينة عامرة آهلة وكذلك كير قصبة معمورة كبيرة ولها رستاق حسن جليل مفيد ومنها أبزر وهو قصبة جامعة وملجأ وبها أسواق وكذلك سميران مدينة صغيرة لها رستاق جليل متسع العمارات كثير العامر وأيضا مدينة كوار متوسطة عليها سور تراب وفيها أسواق وتجار مياسير وهي مقصد لأنواع تجارات ولها رستاق كبير فيه عمارات وخير وافر ومستغلات جمة والرستاق بلسان الفرس معناه الإقليم أي عمل بجهة. وفي البحر جزيرة ابن كاوان وفيها مدينة وجامع آهل وهي من كورة أردشير وبقربها جزيرة أوال وبها أيضا مدينة ولها جامع وفيها أسواق صالحة وكلا هاتين الجزيرتين على مقربة من البر ويتصل بهذه الأكوار كورة أرجان المتقدم ذكرها وفيها مدن كثيرة كبار وصغار يجب ذكرها هاهنا وسنأتي بمسافاتها في الطرقات المتصلة بالبلاد.

فأما أرجان فإنها حد بين فارس وخوزستان وهي مدينة حسنة في غاية الطيب ولها رساتيق وخصب ونخيل وكروم وفواكه عامة مثل الجوز والأترج والخوخ والزيتون الكثير والزيت وماؤها غير طيب ولا شروب وعلى باب أرجان مما يلي خوزستان على نهر طاب قنطرة تنسب إلى الديلمي طبيب الحجاج بن يوسف وهي طاق واحد سعة ما بين عموديها على وجه الأرض ثمانون خطوة وارتفاعها ما يحمل ذلك. ومدينة سابور مدينة بناها سابور الملك وهي تباهي إصطخر في هيآتها وأبنيتها لكن مدينة سابور أكثر بشرا وعمارة وأهلا وأوفر حالا وبها جامع ومنبر. وأما مدينة ريشهر فإنها صغيرة لكنها عامرة ولها جامع ورستاق كبير منسوب إليها وبه عمارات وقرى ومزارع وكذلك. وايج حصن جامع ومعقل مانع وبه منبر وله عمالة وقرى. وجنابة مدينة كبيرة عامرة آهلة ذات أسواق عامرة وطرز يصنع بها ثياب الكتان الفاخرة على ضروب وبها أنواع من التجارات ولها رستاق وعمالة. ومنها مدينة سينيز وهي بقرب البحر وبها منبر وينسب إليها الكتان السينيزي المجمع عليه بالقول العام أنه ليس بجميع أقطار الأرض كتان يعدله ولا يقاومه قوة ولينا ومن شأنه أنه لا يتعلق بالثياب كفعل الكتان في ذاته وحاله في التعليق بالثياب الملامسة له ومن رساتيقها العامرة اسلجان

وبها منبر ومنها الملجان وفرزك وباش كلها حصون ومواطن معمورة تتقارب في أقدارها وتتشابه في عماراتها وفي كل واحدة منها منبر وجماعات ومن أرض فارس بلاد كثيرة بقي علينا ذكرها وسنأتي بها في الجزء الآتي إثر هذا الجزء بحول الله. وفي هذا الجزء الذي نحن في ذكره قطعة من أرض كرمان وفيها من بلادها سوروا وهرمز وجبال القفص نأتي بذكرها بعد ذكرنا لطرقات بلاد فارس ومشهورها إلى ما يليها من قواعد الأمصار المصاقبة لها إن شاء الله. فمن ذلك صفة الطريق من شيراز إلى سيراف ومن شيراز إلى قرية كفرة خمسة عشر ميلا ومن كفرة إلى قرية نخذ خمسة عشر ميلا ومن نخذ إلى مدينة كوار ستة أميال ومدينة كوار تقسم ما بين نخذ والبيمجان لأن من نخذ إلى قرية البيمجان اثني عشر ميلا ومن البيمجان إلى مدينة جور السابق ذكرها ثمانية عشر ميلا ومن جور إلى رستاق دشت شوراب خمسة عشر ميلا ومنها إلى خان (آزاذمرد) وهي قرية في صحراء (قدر) تسعة أميال وهذه الصحراء كلها تنبت نرجسا مضاعفا [[ومن حار إلى خان آزاذمرد وهي قرية]] ثمانية عشر ميلا ومن خان آزاذمرد إلى قرية كيرند ثمانية عشر ميلا ومن كيرند إلى قرية مي ثمانية عشر ميلا ومن مي إلى رأس العقبة

وهناك منزل يسمى اذركان ثمانية عشر ميلا ومن اذركان إلى خان بركانة اثنا عشر ميلا ومن بركانة إلى مدينة سيراف نحو أحد وعشرين ميلا يكون الجميع مائة وثمانين ميلا. والطريق من شيراز إلى جنابة على البحر من شيراز إلى خان الأسد وهو على نهر السكان ثمانية عشر ميلا ومن خان الأسد إلى خان دشت أرزن اثنا عشر ميلا ومن دشت أرزن إلى قرية تيرة اثنا عشر ميلا ومن تيرة إلى مدينة كازرون السابق ذكرها ثمانية عشر ميلا ومن كازرون إلى قرية دريز اثنا عشر ميلا ومنها إلى مدينة توج أربعة وعشرون ميلا ومن توج إلى جنابة ستة وثلاثون ميلا فذلك مائة واثنان وثلاثون ميلا. والطريق من شيراز إلى إصبهان من شيراز إلى مدينة الهزار اثنا عشر ميلا ومنها إلى مايين مدينة أحد وعشرون ميلا ومن مايين إلى مدينة كسنا ثمانية عشر ميلا ومنها إلى كنار وهي قرية اثنا عشر ميلا ومن كنار إلى قرية قصر (ابن) أعين أحد وعشرون ميلا ومنها إلى قرية إصطخران أحد وعشرون ميلا ومنها إلى خان روشن وهي قرية عامرة أحد وعشرون ميلا ومنها إلى قرية كرد أحد وعشرون ميلا ومنها إلى قرية كزة أربعة وعشرون ميلا ومن كزة إلى خان لنجان أحد وعشرون ميلا ومنه إلى إصبهان أحد وعشرون ميلا فذلك من شيراز إلى خان روشن اثنان وسبعون ميلا ومن

خان روشن إلى إصبهان ثلاثة وتسعون ميلا الجملة من ذلك مائتان وخمسة وعشرون ميلا. والطريق من شيراز إلى خوزستان من شيراز إلى جويم وهي مدينة حسنة نبيلة متقنة خمسة عشر ميلا ومن جويم إلى خلار اثنا عشر ميلا وخلار قرية كبيرة ومنها إلى قرية الخرارة خمسة عشر ميلا وهي قرية عامرة قليلة الماء ومن الخرارة إلى قرية الكركان خمسة عشر ميلا ومن الكركان إلى النوبندجان وهي مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وتجارات وقد ذكرناها فيما سلف ثمانية عشر ميلا ومنها إلى قرية الخوبذان اثنا عشر ميلا ومنها إلى قرية زايدة اثنا عشر ميلا ومنها إلى خان حماد وهي قرية عامرة اثنا عشر ميلا ومنها إلى راسين اثنان وعشرون ميلا ومنها إلى أرجان أحد وعشرون ميلا ومنها إلى بيذك وهي قرية تسعة أميال ومنها إلى قرية العقارب وتعرف بهبر اثنا عشر ميلا ومن أرجان أيضا إلى سوق سنبيل ثمانية عشر ميلا والحد قنطرة ثكان من أرجان على غلوة سهم فالجملة من ذلك من شيراز إلى أرجان مائة وثلاثون ميلا. والطريق من شيراز إلى يزد ويزد في جهة الشرق وهي على جانب المفازة في طريق خراسان ونحن نذكر هذا الطريق مجردا على حاله وسنذكر

البلاد التي تأتي هناك على استقصاء في موضعها إن شاء الله فمن ذلك تخرج من شيراز إلى الزرقان ثمانية عشر ميلا والزرقان منازل على واد عذب إلى مدينة إصطخر ثمانية عشر ميلا ومن إصطخر إلى قرية تير اثنا عشر ميلا ومن تير إلى قرية كمهنك أربعة وعشرون ميلا ومن كمهنك إلى قرية بيذ أربعة وعشرون ميلا ومن بيذ إلى مدينة ابرقويه ستة وثلاثون ميلا ومن ابرقويه إلى قرية الأسد تسعة وثلاثون ميلا ومن قرية الأسد وهي قرية ذات حصن منيع (إلى قرية الجوز ستة فراسخ ومن قرية الجوز) إلى قلعة المجوس ثمانية عشر ميلا ومن قلعة المجوس إلى مدينة كثه من حومة يزد خمسة عشر ميلا ومن كثه إلى يزد ثلاثون ميلا وسنذكر هذه البلاد بعد هذا في الجزء الآتي بعون الله. والطريق من شيراز إلى السيرجان والسيرجان مدينة كرمان من شيراز إلى إصطخر ستة وثلاثون ميلا ومن إصطخر إلى زياداباذ وهي قرية من رستاق خفرز أربعة وعشرون ميلا ومن زياداباذ إلى كلودر أربعة عشر ميلا ومن كلودر إلى جوبانان وهي قرية عامرة على بحيرة ثمانية عشر ميلا (ومن الجوبانان إلى قرية عبد الرحمن ستة فراسخ) وهي مدينة تسمى اباذة وسنذكرها ومنها إلى مدينة البوذنجان ثمانية عشر ميلا ومنها إلى صاهك وهي مدينة عامرة أربعة وعشرون ميلا ومن صاهك إلى رباط السرمقان

مفازة أربعة وعشرون ميلا ومنه إلى رباط بشت خم سبعة وعشرون ميلا ومنها إلى السيرجان سبعة وعشرون ميلا ورباط السرمقان المتقدم ذكره من حد فارس وما بعده من حد كرمان فجميع ذلك من حد السرمقان إلى شيراز مائة وثمانون ميلا ومنه إلى مدينة السيرجان أربعة وعشرون ميلا. والطريق من شيراز إلى تارم من جروم كرمان من شيراز إلى خان ميم أحد وعشرون ميلا وخان ميم قرية من رستاق الكهركان ومنه إلى مدينة خورستان أحد وعشرون ميلا ومن خورستان إلى منزل يعرف بالرباط اثنا عشر ميلا ومنه إلى قرية كرم اثنا عشر ميلا ومن كرم إلى مدينة فسا المتقدم ذكرها خمسة عشر ميلا ومن فسا إلى طمستان وهي مدينة اثنا عشر ميلا ومن طمستان إلى ناحية الفستجان وهي مدينة ثمانية عشر ميلا ومنها إلى الدراكان اثنا عشر ميلا ومنها إلى مدينة مريزجان اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة كثيرة التجارات عامرة الأسواق حسنة المباني ومنها إلى سنان اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة ومنها إلى دارابجرد ثلاثة أميال ومنها إلى رم المهدي وهي مدينة حسنة بهية المنظر ذات حصن حصين خمسة عشر ميلا ومنها إلى رستاق الرستاق خمسة عشر ميلا ومنها إلى فرج وهي مدينة جليلة كاملة أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى تارم وهي مدينة اثنان وأربعون ميلا فالجميع من شيراز إلى تارم مائتان وستة وأربعون ميلا.

وبقي أن نذكر شيئا من مسافات بلاد فارس ومن شيراز إلى كوار ثلاثون ميلا وهي قرية حسنة عامرة وبها معدن طين أخضر كالسلق بل هو أشد خضرة منه وهو شهي للأكل ولا يعدله شيء في ذلك ومن شيراز إلى البيضاء أربعة وعشرون ميلا ومن شيراز إلى توج ستة وتسعون ميلا ومن شيراز إلى خرمة اثنان وأربعون ميلا ومن سيراف إلى نجيرم ستة وثلاثون ميلا ومن روذان إلى أنار أربعة وخمسون ميلا ومن أنار إلى الفهرج خمسة وسبعون ميلا ومن الفهرج إلى مدينة كثة ستة وثلاثون ميلا ومن كثة إلى ميبذ (عشرة فراسخ ومن ميبذ) إلى عقدة ثلاثون ميلا ومن عقدة إلى نايين خمسة وسبعون ميلا. ولأرض فارس أربعة رموم وتفسير الرموم محال الأكراد ولكل رم منها قرى ومدن مجتمعة وفيها رئيس من الأكراد التزم درك النوائب الكائنة في ناحيته وحفظ الطرق حتى لا يصيب أحدا في أرضه مكروه. فمنها رم الحسن بن جيلويه ويسمى الرميجان وهو مما يلي إصبهان ويأخذ طرقا من كورة سابور وطرقا من كورة أرجان فحد منه ينتهي إلى البيضاء وحد منه ينتهي إلى إصبهان وكل ما وقع فيه من المدن والقرى فكأنه من عمل إصبهان ويتاخمهم من عمل إصبهان المازنجان الذين هم من بر شهريار وبعده عن شيراز على اثنين وسبعين ميلا. والرم الثاني منها هو رم الديوان المعروف برم الحسين بن صالح ويسمى

السوران وهو من كور سابور وحد منه يلي أردشير خرة والثلاثة حدود الباقية منه تنعطف بها كورة سابور وكل ما كان من المدن والقرى في أصقابه فهو منها وأقرب حده إلى شيراز على أحد وعشرين ميلا. والرم الثالث منها هو رم اللوالجان لأحمد بن الليث وهو من كورة أردشير خرة فحد منه يلي البحر ويلي ثلاثة حدوده أردشير وما وقع في أصقابه من المدن والقرى فهو منها وهو من شيراز على ثمانية وأربعين ميلا (وأما رم الكاريان فإن حدا منه إلى سيف بني الصفار) وحد منه إلى المازنجان وحد منه إلى حدود كرمان وحد منه إلى حدود أردشير فحدودها كلها مجتمعة في أردشير خرة. ويزيد هؤلاء الأكراد الذين هم في هذه الرموم على خمسمائة بيت ويخرج من الحي الواحد ألف فارس وأقل من ذلك وأكثرهم ينتجعون في الشتاء والصيف إلى المراعي وكل واحد من أهل هذه الرموم لا يتحول عنها ولا ينتقل منها بل ينتقل جميعهم فيما لهم من النواحي المختصة بهم لا يدخلون أرض غيرهم وحكى ابن دريد أنهم من العرب من ولد كرد بن مرد بن عمرو بن عامر وللأكراد في بلاد فارس أغنام ورماك وإبل وليس لهم خيل عتاق بل أكثرها هجن وفيها بحومة المازنجان خيل عتاق ولها عندهم أثمان غالية لحسن خلقها وكريم خلقها. وبأرض فارس قلاع منيعة وحصون حصينة في جبال شاهقة الذرى لا يقدر أحد من الملوك على فتح شيء منها عنوة البتة فمنها قلعة داكباياه وهي

جبال ثلاثة كالأثافي القائمة على رأس كل شعبة منها حصن لا يقدر أحد أن يرقى إليه بنفسه إلا أن يرقى به في شيء من البحر وهي مراصد لآل عمارة على البحر تقصد إليها المراكب لأنها ترى من بعد في البحر يستدل بها على فرضات فارس ويذكر أنها من بنيان الجلندى بن كنعان. ومنها قلعة الكاريان وهي على جبل طين وليس لأحد ارتقاء إليها إلا على طريق مثل مدرج النمل حرج. ومنها قلعة اسفندياذ من كورة إصطخر في أعلى جبل شاهق والارتقاء إليها في طريق صعب ثلاثة أميال ولا يقدر أحد على من تحصن فيها وامتنع بنفسه ومياهها من الأمطار وإنما تؤخذ بالقعود عليها ومنع الميرة عنها. ومنها قلعة اشكنوان وهي من رستاق مايين في نهاية من العلو وامتناع من الصعود إليها وفيها عين ماء جارية. ومنها قلعة جوذرز ومكانها بموضع يعرف بالسويقة من كام فيروز وهي قلعة لا يبصرها الناظر إليها إلا عن جهد وطريقها صعب وقلعة الجص بناحية أرجان وسكانها قوم مجوس وتسمى قلعة بندارس وهي قلعة منيعة جدا لا يستطاع التغلب عليها لامتناع الارتقاء إليها وفيها عين ماء جارية وقلعة ابرج مثلها في المنعة وصعوبة الارتقاء وبها عين ماء جارية. وفي بلاد فارس أنهار كثيرة كبار وأودية صغار تمد الأنهار ونريد الآن أن نذكر أكثرها حسب ما تبلغه الطاقة وتمكنه القوة والحمد والقوة لله وجميع أنهار فارس تخرج من الجبال المتاخمة لأرض إصبهان وتصب في البحر

الفارسي ومياهها كلها عذبة طيبة. فمنها نهر مسن وهذا النهر الخارج من نواحي إصبهان إلى نواحي السردن يجتمع بنهر طاب عند قرية تسمى مسن ولا يزال فاضلها عن حاجتهم جاريا إلى باب أرجان تحت قنطرة ثكان وهي قنطرة بين فارس وخوزستان قليلة النظير وهي تضاهي قنطرة قرطبة الأندلس وهي من عجائب البناء وغريبة ويمر هذا النهر حتى يأتي رستاق ريشهر ثم يقع في البحر عند سينيز. ومن أنهار فارس نهر شيرين ومخرجه من جبل دينان الذي من ناحية باز رنج فيسقي رستاق فرزك والجلادجان ثم يمر فيخترق رستاق () ثم يمر فيصب في البحر نحو جنابه. وأما نهر الشاذكان فإنه يخرج من بازرنج وجبالها حتى يدخل تنبوك وهو رستاق ثم يمر بخان حماد ويسقي رستاق زيداباذ ونابند والكهركان ثم يمتد إلى دشت الرستقان ثم يدخل البحر. وأما نهر درخيذ فإنه يخرج من الجويخان (فيقع في بحيرة درخيذ ونهر الخوبذان فيخرج بالخوبذان) فيسقي نواحيها ثم يمر بأبنوران ثم يصب إلى الجلادجان متفرقا ويتساقط في البحر.

ونهر رس يخرج من الخمايجان العليا حتى يصير بالزيزيان فيسقط في نهر سابور فيمضي إلى توج فيمضي مارا ببابها ومنها إلى البحر. ومنها نهر اخشين يخرج من خلاق داذين فإذا بلغ الجنقان وقع في نهر توج. ونهر سكان يخرج من رستاق الرويجان من قرية تدعى شاذفزى فيسقي زرعها ثم ينحدر إلى رستاق سياه فيسقيه ومنها إلى كوار فيسقيها ثم يمر إلى قرية سك وهذا النهر منسوب إلى سك ثم يقع في البحر وليس في أنهار فارس نهر أكثر عمارة وانتفاعا من هذا النهر لأن ماءه يخرج عنه فيسقي الرساتيق والعمارات. وأما نهر جرشيق فإنه يخرج من رستاق ماصرم ونجيرم فيمر برستاق المشجان حتى يخرج تحت قنطرة عادية تعرف بقنطرة سيول حتى يدخل رستاق جرة فيسقيه ثم إلى رستاق داذين ويقع في نهر اخشين. فأما نهر كر فإنه يخرج من كروان من حد الارد وينسب إلى الكروان وهو من شعب بوان المذكور المشهور ويسقي كام فيروز وينحدر فيسقي

قرية رامجرد وكاسكان والطسوج فينتهي إلى بحيرة البختكان. وأما نهر فرواب فإنه يخرج من الجوبرقان ويعرف بفرواب فيخرج على باب إصطخر تحت قنطرة خراسان حتى يسقط في ناحية السكر. ونهر برزة يخرج من ناحية دارجان سياه فيسقي رستاق الخنيفغان وجور حتى يخترق رستاق أردشير خره ثم يقع في البحر. وبأرض فارس من الأودية الصغار كثير أضربنا الآن عن ذكرها خوفا من السآمة والملل وبالله التوفيق. وبأرض فارس بحيرات كثيرة عليها عمارات وقرى مسكونة ومزارع ومستغلات فنذكر منها أكبرها قطرا وأكثرها عمارة وخيرا فمنها بحيرة البختكان التي يقع فيها نهر كر وهي بناحية خفرز وتتصل إلى قرب صاهك كرمان وطولها يكون نحو ستين ميلا وعرضها في أماكن ستة أميال وأكثر من ذلك وهي ملحة الماء وتعقد أطرافها في سمائم الصيف ملحا كثيرا يتصرف به وحواليها رساتيق وقرى وعمارات متصلة ويتصل طرفها بكورة إصطخر. ومن البحيرات الفارسية بحيرة بدشت أرزن من كورة سابور وطولها نحو ثلاثين ميلا وماؤها عذب ويجف أكثرها في سمائم الصيف وحميم القيظ حتى لا يبقى منها إلا الشيء اليسير وربما امتلأت فكان عمقها نحو ست قيم وأقل وأكثر وفيها زوارق كثيرة يصاد فيها السمك العجيب الكثير

العدد الكبير القدر وعامة سموكها تحمل إلى شيراز وتشف كثرتها على ما يحتاج إليه. وبحيرة مور من كورة سابور بموضع يعرف بكازرون وطولها نحو من ثلاثين ميلا وتتصل إلى قرب مورق وماؤها ملح وفيها زوارق وعامة الساكنين بها يتصيدون السمك ويسيرون به إلى تلك الأقطار المدانية المجاورة لها. وأما بحيرة الجنكان فماؤها ملح وطولها ستة وثلاثون ميلا ويرتفع منها ملح كثير وبها مصايد للسمك ومعايش وحولها قرى الكهرجان وهي من أردشير خرة وأولها من شيراز على ستة أميال وآخرها حد الخوزستان. وبحيرة الباسفرية التي عليها دير الباسفرية طولها نحو من أربعة وعشرين ميلا وماؤها ملح وسمكها كثير ومع أطرافها آجام كثيرة فيها قصب وبردي وحلفاء وغير ذلك مما ينتفع به أهل تلك النواحي وهي من إصطخر متاخمة للمزرقان من رستاق هزار وبها من البرك والمناقع كثير ولا حاجة بنا إلى ذكرها. وبجميع أرض فارس وفي كل مكان منها بيوت نيران وهي كثيرة يفضلون بعضها على بعض فمنها بيت الكاريان وهو بيت معظم لناره موقده مذ ألف سنة ونيف ومنها بيت نار بجرة وهي منسوبة إلى دارا بن دارا وهو بيت معظم عند الفرس وبه يقسمون وهي أعظم أيمانهم التي يحلفون

بها وبحقها ومنها بيت بارين وموضعها عند بركة جور ومنها بيت نار عند باب سابور وتعرف بسيوخشين ومنها بيت نار آخر على باب سابور أيضا ومحاذيا لباب ساسان ويسمى بجنبذ كاوسن ومنها بيت نار بكازرون أيضا وهو معظم عندهم ومنها بيت شيراز وهو كبير عند أهله معظم يقسمون به ومنها بيت نار يسمى بهرمزد وعلى مقربة من شيراز بالقرية المعروفة بالسوكان وهو على شرف عال وأهل شيراز يرونه من قطرهم وقرية السوكان في شمال شيراز وعن يسار طريق يزد الآخذ إلى خراسان وبينها وبين شيراز نحو ميل وكان بأرض فارس بيوت نيران كثيرة تعطلت برجوع أكثر الفرس إلى دين الإسلام وبقي أكثر أماكنها إلى الآن بلاقع. وأرض فارس مربعة الطول والعرض وطولها أربعمائة وخمسون ميلا في أربعمائة وخمسين ميلا وأرض فارس مستوية على خط من لدن أرجان إلى النوبنجان إلى كازرون إلى جرة ثم تمتد على الرموم ودار ابجرد إلى فرج وتارم فما كان مما يلى الجنوب فجروم وما كان مما يلى الشمال فصرود. ويقع في جرومها أرجان والنوبنجان ومهروبان وسينيز وجنابة وتوج

ودشت الرستقان وجرة وداذين ومور وكازرون ودشت بارين وجينزير ودشت البوشقان ورم اللوالجان وكير وكبرين وابزر وسميران وخمايجان وكران وسيراف ونجيرم وحصن (ابن) عمارة وما في أضعاف ذلك. ويقع في الصرود إصطخر والبيضاء ومايين وابرج وكام فيروز وكرد وخلار وسروستان والاوسبنجان والارد والرون وصرام وبازرنج والسردن والخرمة والنيريز والماشكانات والايج والاصطهبانات وبرم ورهنان وبوان وطرخيشان والجوبرقان واقليد والسرمق وابرقويه ويزد وجارين ونايين وما في أضعاف ذلك من البلاد وهواء بلاد الصرود صحيح معتدل وهواء الجروم وخيم فاسد وفيما ذكرناه من أخبار فارس كفاية لذوي التفهم والدراية. وبهذا الجزء من بلاد كرمان مدينة هرمز والمنوجان وقرية سوروا على البحر وجبال البلوص وسنذكر أرض كرمان بذاتها وجميع بلادها على التقصي عند ذكرنا ما في الصورة التي تأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى. نجز الجزء السادس من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله.

الجزء السابع

الجزء السّابع إن الذي تضمن هذا الجزء السابع من الإقليم الثالث في حصة من البلاد المعمورة كورة إصطخر ومدنها مثل كثة وميبذ ونايين والفهرج والروذان على أنها كانت فيما يذكر من أعمال كرمان فقلبت في دواوين فارس وامتداد هذه الناحية نحو مائة وثمانين ميلا ومن مدنها ابرقويه واقليد والسرمق والجوبرقان ومشكان والارجمان وبرم ومدينة عبد الرحمن ومهرزنجان وصاهك الكبرى وهراة والأذركان والخيرة وابرج وخرمة والسرداب وكمين وبجة وكرد واللورجان. وفي هذا الجزء أيضا يتصل بجنوب هذه البلاد بلاد كرمان وفيها من المدن المنوجان ورويست وولاشجرد والخبروقان والروذان ورستاق الرستاق

والسيرجان وبردسير وزرند وماهان وخبيص وخناب وجيرفت وهرمز وسوروا وقفيز والريقان وبم والفهرج ونرماشير وسبيج وكل هذه مدن كرمان. ويتصل بكلتا الناحيتين من أرض فارس وأرض كرمان في جهة الشرق المفازة العظيمة التي ليس في معمور الأرض مثلها وفيها جمل قرى وبضفاتها مدن سنأتي بذكرها في موضعها ويتصل بهذه المفازة أكثر أرض سجستان وفيها من المدن المشهورة مدينة زرنج والطاق والقرنين وخواش وسروان وبست والزالقان وبنجواي واسفنجاي وسيوي وبشلنك وبغنين وجزة وفره ودزة ودزق وقلائي وكركوية وهيشوم وباشورد. ويتصل بهذه المدن من جهة الشمال من بلاد خراسان قطعة فيها بعض بلاد خراسان المعمورة المشهورة منها قاين وزوزن وسلومك وينابذ ومالن

والواديقان وسرخس وبوزنجان وبها من بلاد قوهستان باشين وكرين وطبس وخاسكين وبشتاذران وكل هذه البلاد المذكورة نريد أن نذكرها بلدا بلدا وقطرا قطرا على ما هي عليه من الصفات المختلفة والكور المؤتلفة والأقاليم والرساتيق حسب ما جرت به عادتنا فيما سلف قبل هذا بحول الله تعالى وحسن معونته وتوفيقه. فنقول إن كورة إصطخر من أرض فارس أعظم كورها وأكثرها بلادا وأوسعها عمارة وأكثرها جهات وأزكاها غلات ومدينة إصطخر هي كما قدمنا ذكرها أكبر هذه البلاد قطرا وأكثرها عمارة وخلقا ومنها إلى ابرقويه ستة وتسعون ميلا ومدينة ابرقويه مدينة حصينة خصيبة كثيرة العامر مقصودة بالتجارات عليها سور تراب والغالب على أبنيتها لبن الطين وليس بها ماء جار ولا حولها شيء من الشجر ولا عمارة بما استدار بها لكن بها مزارع الحنطة والحبوب وأسعارها رخيصة وبقرب ابرقويه تلال رمال وجبال عظام طولها أكثر من ميلين وبين إصطخر وابرقويه مدينة بجة وهي متوسطة بين إصطخر وابرقويه وهي مدينة صغيرة عامرة ولها رستاق يسمى الأرد كثير العمارة والقرى. ومن ابرقويه إلى كثة مائة وثلاثة وعشرون ميلا وكثة هي مدينة جليلة

عامرة آهلة كثيرة التجارات متصلة العمارات على طرف المفازة لها طيب هواء البرية وصحته وهي من أخصب البلاد وأكثرها أرزاقا ولها رستاق يشتمل على ربض والغالب على أبنيتها لبن الطين ولها مدينة محصنة بحصن وللحصن بابان من حديد يسمى أحدهما باب اندور والباب الثاني باب المسجد وإنما سمي بباب المسجد لقربه من المسجد الجامع وجامعها في الربض ومياهها من القنوات لا نهر لها وماء قنواتها يأتي من ناحية القلعة غربا وبينهما ثمانية عشر ميلا وعلى قرب من هذا الحصن قرية تعرف بدنج وفيها معدن الآنك ومنها يتجهز به إلى سائر الأقطار وهذه القرية نزيهة جدا ولهذه المدينة المقدم ذكرها رساتيق ممتدة عريضة خصيبة وهي ورساتيقها كثيرة الشجر طيبة الثمر وربما كثرت فيجفف أكثرها ويحمل إلى سائر الأقطار والأكثر إلى أرض إصبهان وما جاورها وجبالها كثيرة الشجر والنبات وخارج المدينة ربض يشتمل على أبنية وأسواق قائمة العمارة وأهلها متأدبون طالبون للعلوم. ومن كثة إلى يزد شرقا ثلاثون ميلا ومدينة يزد مدينة متوسطة المقدار رخيصة الأسعار عامرة وانجيرة بينها وبين يزد أربعة وعشرون ميلا وانجيرة موضع فيه قباب وعين ماء عليها أصول شجرتين ومنها تأخذ الطريق إلى خراسان وهي على رأس المفازة. ومن مدينة كثة إلى عقدة ثلاثون ميلا وعقدة مدينة صغيرة عامرة قائمة

الأسواق وأهلها مياسير وكرد تتاخم ابرقويه وهي أكبر من ابرقويه وبنيانها كبناء ابرقويه بلبن الطين وفيها خصب ورخص أسعار. ومن عقدة إلى نايين خمسة وسبعون ميلا ونايين مدينة حسنة ذات سور من طين ولها أسواق ومتاجر وأموال متصرفة ومن نايين إلى إصبهان ثمانية وسبعون ميلا. ومن كثة إلى الفهرج في جهة الجنوب خمسة عشر ميلا والفهرج مدينة صغيرة متحضرة لها سوق عامرة وأهلها أكياس ومن الفهرج إلى أنار وهي مدينة صغيرة لا سور لها خمسة وسبعون ميلا ومن أنار إلى الروذان أربعة وخمسون ميلا وكذلك من قرية أنار إلى المريزجان مرحلة خفيفة وهي متاخمة للمفازة وهي حصينة كثيرة الأهل وبها أجناد وأعمال وجبايات. والروذان مدينة كبيرة كثيرة الخيرات متصلة العمارات لها أسواق ومكاسب وأهلها مياسير ولها رستاق عامر ممتد فيه من المنابر كثير والروذان في ذاتها قريبة من ابرقويه في الشبه وقدر الكبر وحسن المباني. وأما مدينة خرمة فقريبة الشبه من ابرقويه كبرا وعمارة وتصرف تجارات ومنها إلى مدينة شيراز ستة وثلاثون ميلا ولمدينة خرمة رستاق يعرف بالطسوج وكذلك مدينة ميبذ واحدة من كورة كثة وكذلك مدينة نايين والفهرج اللتين

قدمنا ذكرهما فهذه البلاد الأربعة كورة واحدة وليس في جميع النواحي ناحية بها أربعة منابر غير هذه الناحية. ومما يجاور ابرقويه مدينة اقليد والسرمق مدينة حصيبة جليلة رخيصة الأسعار كثيرة الأشجار عامرة القطر كثيرة التجارات قائمة الأسواق ولها رستاق واسع كثير الزراعات خصيب والجوبرقان رستاق كبير ومدينة مشكان وهي مدينة متوسطة المقدار خصيبة أسواقها عامرة وأحوالها حسنة. ومن مدن كورة إصطخر مدينة صاهك وهي مدينة لها سور تراب وهي عامرة وأهلها يتجولون ويسافرون وأموالهم كثيرة وأحوالهم صالحة ومنها إلى شيراز مائة وثمانية وثلاثون ميلا وصاهك على الطريق بين شيراز وكرمان ومن صاهك أيضا إلى السيرجان من كرمان تسعون ميلا وكذلك من شيراز إلى السيرجان على صاهك مائتان وثمانية وعشرون ميلا. وأما مدينة البيضاء فهي مدينة كبيرة لها حصن وربض عامر وهي أكبر مدن كورة إصطخر وإنما سميت البيضاء لأن قلعتها بيضاء يرى بياضها من بعد واسمها بالفارسية نسايك وهي في الكبر تضاهي إصطخر وبناؤها من طين ولها حروث متشعبة وخصب زايد وأكثر ميرة شيراز منها وأهلها مياسير وزيهم زي العراقيين في اللباس والعمائم ومن البيضاء إلى شيراز أربعة وعشرون ميلا.

والأرجمان مدينة ولها رستاق متسع الطنب يسمى المريزجان. وأما إقليم السرداب وحومتها وكمين فلهما منبران وجماعات وعمارات. ومدينة بجة لها رستاق يسمى الأرد وهي مدينة صغيرة ومثلها في القدر مدينة كرد وهي متحضرة ولها منبر ولها رستاق صغير وأما مدينة اللورجان فهي صغيرة حسنة ورستاقها السردن فهذه جملة ما في كورة إصطخر من أرض فارس ويتصل بها بأرض كرمان. وأرض كرمان متوسطة بين أرض فارس وأرض مكران وأعظم مدنها السيرجان والسيرجان ينزلها العمال والولاة وبها الدواوين وعليها سور تراب حصين وأبنيتها بشتى حجر لقلة الخشب بها وبها أسواق كثيرة عامرة بالناس وبها مياسير ذوو أموال كثيرة وأحوال حسنة وشرب أهلها من الآبار وهي أكبر مدينة بكرمان وفي أهلها عفة وخير ظاهر وفي تجارتهم حسن معاملة وانقياد ورجوع إلى الحقائق وفيهم نزاهة عن كثير من أخلاق السوقة والفعلة بسائر البلاد ومنها إلى جيرفت ست مراحل والطريق على باختة. ومدينة جيرفت كبيرة طولها نحو ميلين وهي ممدنة آهلة عامرة ولها غلات وزروع كثيرة وزروعهم على السقي وماؤهم الذي يسقون به ويشربون منه هو من واديها المسمى هري روذ وهو نهر صغير شديد

الجري له وجبة وخرخرة زائدة وجريه على الصخور لا يستطيع أحد أن يجوزه راكبا بل يجوزه الجائز له على رجليه لكثرة أحجاره وملاستها ومقدار مائة ما يدور به خمسون رحى ويقرب من مدينة جيرفت جبل يعرف بالميزان وفيه جنات لها فواكه جمة وفواكه جيرفت وحطبها أكثره يجلب من هذا الجبل إليها ومن موضع يعرف بدرفارد وبجيرفت من الفواكه ما يجلب إليها من الصرود والجروم كالبلح والرطب والجوز والأترج والأعناب والقصب الحلو ولأهلها زي حسن وعيش خصيب وبها متاجر خراسان وسجستان وتجلب إليها الخيرات والبضائع والتجارات وهي مدينة حسنة كاملة من كل شيء وبسائر جروم جيرفت التمر مائة منه بدرهمين ولهم في تمرهم سيرة حسنة وهي أنهم لا يرفعون منه ما تسقطه الريح وأن السابلة يأخذونه دون أربابه. ومن مدن كرمان مدينة بيمند وبينها وبين السيرجان خمسة عشر ميلا وهي مدينة متوسطة متحضرة لها سوق نافقة وفواكه تجلب إليها من بساتينها وجناتها وبها عيون وماء كثير ومن مدن كرمان مدينة باختة وهي صغيرة حسنة صالحة العمارة ولها أسواق وبها صناعات ومنها إلى السيرجان شمالا مائة ميل وميلان ومنها إلى جيرفت جنوبا ستون ميلا وبجنوب باختة مدينة خبر وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى جيرفت اثنان وسبعون ميلا ومنها إلى باختة

ثمانية عشر ميلا وهي مدينة جليلة الزراعات والأشياء إليها تجلب من المدن. ومن المدن التي بين جيرفت والفهرج مدينة هرمز الملك المسماة في هذا الوقت قرية الجوز وهي كانت مدينة هرمز وفيها كانت مملكته إلى أن هلك وانفصل الملك عنها إلى السيرجان فهرمز الآن صغيرة وساكنوها من أهلها وأخلاط من الناس وهي مدينة حسنة الداخل والخارج كثيرة المياه وبها أسواق وتجارات بقدرها وبينها وبين جيرفت غربا مرحلة ومنها إلى مدينة بم مرحلة. ومدينة بم مدينة كبيرة ذات أسواق عامرة وأموال كثيرة ولها نخل وكروم وقرى كثيرة وهي أصح هواء من جيرفت ولها قلعة منيعة حصينة مشهورة بالتحصين مذكورة في جميع بلاد كرمان وفي أهلها تجار مياسير وبها صناعات قائمة وطرز منصوبة لعمل ثياب القطن الحسنة يصنع بها منها المتاع الكثير ويتجهز به إلى سائر الأقطار وكذلك تصنع عندهم الطيالسة الفاخرة المقورة التي يساوي الطيلسان الرفيع منها ثلاثين دينارا فما فوقها وما تحتها ويتجهز بها التجار إلى سائر الأرض من العراقات والشامات وديار مصر وكذلك يصنع بها من العمائم الرفيعة كل شيء بديع وثيابهم حسنة الصنعة ثابتة الأصول تبقى مع الدهر ولا تفنى إلا بعد مدد وأزمان طويلة والملوك يتنافسون في ثيابها وجيد متاعها ويقتنونه ادخارا في خزائنهم. ومن بم إلى جيرفت مرحلتان كبيرتان وهما ستون ميلا ومن بم إلى نرماشير مرحلة ونرماشير مدينة متوسطة على قارعة المفازة وهي مدينة فيها

أسواق وعمارة وتجارات داخلة وخارجة. ومن مدن كرمان مدينة هرمز الساحلية التي على بحر فارس وهي فرضة مدن كرمان وهي في ذاتها مدينة كبيرة كثيرة العمارة كثيرة النخل حارة جدا ويزرع بنواحيها الكمون الكثير والنيلج الذي إليه المنتهى في الطيب المضروب به المثل ويتجهز به منها إلى كل الآفاق وأهل مدينة مغون وأهل مدينة ولا شجرد ليس لهم غلة إلا هو ولهم بغرسه اهتمام لكثرة فائدته وعموم منفعته وجودته عندهم وقد يصنع في هذه البلاد من قصب السكر السكر الكثير والفانيذ والغالب على طعام هؤلاء الساكنين بهذه البلاد الشعير وهو أكثر زراعاتهم وجل حبوبهم وفي هذه البلاد النخل الكثير الطيب التمر ومدينة هرمز على خليج يسمى الجير يخرج من بحر فارس تدخل فيه السفن من البحر إلى المدينة. وأما الفهرج فهي مدينة على رأس المفازة المتصلة بسجستان بها أسواق عامرة ولها سور تراب ومنها إلى سجستان مائتان وعشرة أميال وذلك عرض المفازة بينهما ومن الفهرج إلى نرماشير السابق ذكرها مرحلة وأما ما بقي من سائر بلاد كرمان فأكثرها حواضر صغار المقادير ونحن الآن نذكر ما بقي منها على طرقاتها المشهورة إن شاء الله. فمن ذلك الطريق من السيرجان إلى رستاق الرستاق من حد فارس وذلك أربع مراحل تخرج من السيرجان إلى مدينة كاهون مرحلتين وكاهون بلد

حسن كثير النخل مليح الجهات به سوق نافقة وربح كثير ومن كاهون إلى بلد خشناباذ مرحلة ومن خشناباذ إلى رستاق الرستاق من فارس مرحلة. والطريق من السيرجان إلى الروذان من حدود فارس أربع مراحل تخرج من السيرجان إلى مدينة بيمند اثني عشر ميلا وهي مدينة لها سور تراب وبها مساكن عامرة وأسواق قائمة وصناعات دائمة ومن بيمند إلى مدينة كردكان ستة أميال وهي مدينة خصبة كثيرة الخصب والزراعات ومنها إلى اناس مرحلة كبيرة واناس مدينة متوسطة القدر حسنة الأسواق فسيحة الطرق وبها عمارات ومن اناس إلى مدينة الروذان من حد فارس مرحلة خفيفة. وكذلك الطريق من السيرجان إلى رباط السرمقان من حد فارس مرحلتان كبيرتان وليس بينهما منزل يعول عليه والسرمقان قرية صغيرة ولا منبر بها. والطريق من مدينة السيرجان إلى مدينة البم المتقدم ذكرها تخرج من السيرجان إلى الشامات مرحلة وبينهما رستاق كبير ويعرف بقوهستان وهو رستاق عامر وفيه قرية سلطانية ومن الشامات إلى مدينة بهار مرحلة وهي مدينة صغيرة عامرة ومنها إلى خناب وهي مدينة صغيرة مرحلة خفيفة ومنها إلى مدينة غبيرا مرحلة خفيفة وغبيرا مدينة صغيرة لكنها ذات سوق وتجار وصناع ومعارف ومن غبيرا إلى جوين وهي مدينة ثلاثة أميال وهي في وطاء

من الأرض حسنة الجهات والمقابلات ومن جوين إلى راين مرحلة وراين مدينة متوسطة المقدار تشبه جوين في ذاتها وجميع أحوالها ومعايش أهلها ومنها إلى سروستان مرحلة وسروستان مدينة عامرة حسنة البقع كثيرة المزارع رائعة الجهات كثيرة الخيرات وبها سوق ومنها إلى دارجين مرحلة ودارجين حسنة كاملة بديعة المصانع والمباني ومن دارجين إلى بم المدينة مرحلة فالجملة تسع مراحل. والطريق من سروستان إلى جيرفت وبينهما مرحلتان وكذلك من مدينة السيرجان إلى مدينة جيرفت قصدا على باختة من السيرجان إلى باختة أربع مراحل وقد تقدم ذكر مدينة باختة ومنها إلى خبر مرحلة ومن مدينة خبر السابق ذكرها إلى جبل الفضة مرحلة ومن هذا الجبل إلى درفارد مرحلة ودرفارد عمارة ومكان خصيب ومنه إلى جيرفت مرحلة خفيفة. والطريق من السيرجان إلى مدينة خبيص ست مراحل ترحل من السيرجان إلى قرية كرج مرحلة ومنها إلى مدينة فردين مرحلة وفردين مدينة ذات أسواق وسور تراب ولها قصبة ومنها إلى مدينة ماهان مرحلة وماهان مدينة صغيرة متحضرة لها مزارع وغلات وعيون جارية ومنها إلى ندغ مرحلة وهي قرية عامرة ومنها إلى قرية داروا مرحلة ومن داروا إلى مدينة

خبيص مرحلة ومدينة خبيص على طرف المفازة الكبيرة وهي مدينة عامرة صغيرة من جروم كرمان وماؤها جار وبها نخيل كثير وهي حصينة رخيصة الأسعار. والطريق أيضا من مدينة السيرجان إلى زرند أربع مراحل وذلك أن من السيرجان إلى مدينة بردسير مرحلتان وهي مدينة حسنة عامرة كثيرة الخصب لها سور وخندق وأبواب وبها أسواق كثيرة وصناعات مفتعلة نافقة ومنها إلى جنزروذ مرحلة كبيرة ومدينة جنزروذ مدينة كبيرة عامرة بأسواق وصناع ومنها إلى مدينة زرند مرحلة ومدينة زرند مدينة متوسطة بسور تراب على ضفة المفازة الكبيرة وبها خصب وزراعات وإصابات وفوائد جمة وفيها مدابغ للجلود وبها تصنع البطائن الزرندية المعروفة والتجار يتجهزون بها إلى العراق وربما حملت إلى مصر. والطريق من جيرفت إلى الرستاق بأرض فارس من جيرفت إلى قناة الشاه مرحلة وهي رستاق ومنها إلى مغون مرحلة ومغون مدينة صغيرة فيها أسواق ومنها إلى مدينة ولا شجرد ويقال ولاشكرد بالكاف مرحلة وهي مدينة عامرة صغيرة القدر كثيرة العامر ولها سوق ومنها تفترق طريق إلى هرمز. والطريق من ولاشجرد إلى مدينة اذركان مرحلة وهي مدينة صغيرة

متحضرة ومنها إلى خبروقان ثلاثة أميال وهي مدينة جيدة جامعة صغيرة ذات أسواق ومعايش ومنها إلى كشستان مرحلة خفيفة وهي مدينة متوسطة القدر متحضرة ومن كشستان إلى الرستاق مرحلتان. والطريق من جيرفت إلى هرمز الساحلية تسير من جيرفت إلى قناة الشاه مرحلة إلى مغون مرحلة إلى ولاشجرد المتقدم ذكرها مرحلة ومن ولاشجرد تعدل الطريق إلى جهة المغرب إلى مدينة كومين مرحلة وهي مدينة جيدة متوسطة المقدار حسنة المباني نزيهة فرجة ومنها إلى المنوجان مرحلتان مرحلة إلى نهر زنكان ومرحلة من نهر زنكان إلى المنوجان ومن المنوجان إلى هرمز مرحلتان وهرمز قد تقدم لنا وصفها قبل هذا ولا يحتاج إلى إعادته. والطريق من هرمز إلى فارس من هرمز إلى قرية سوروا على البحر وهي مدينة صغيرة لا سور عليها وليس بها منبر وبها صيادون للسمك على البحر كثيرون ومن سوروا إلى مدينة رويست ثلاث مراحل ومن رويست إلى تارم ثلاث مراحل ورويست مدينة حسنة عامرة ذات نخيل وبساتين. ولسان أهل كرمان الفارسية إلا القفص فإن لهم لسانا آخر. ومما يلي الجبال المتاخمة لمكران وهي الجبال المسماة بجبال البارز محال

القوم الذين يسمون بالأخواش ويقال الخواش وهم بواد هناك أصحاب إبل ومواش ولهم أخصاص ينزلون فيها ولهم نخل كثير ويرتفع بين خواش ونواحيها الفانيذ الذي يحمل إلى سجستان وغير ذلك. ونقود أهل كرمان الدراهم والدنانير. وبأرض كرمان جبال وعرة عالية منها جبال القفص وجبال البارز وجبال معدن الفضة وبين البلاد منها مفاوز متصلة وقفار عامرة وليست عمارة أرض كرمان متصلة مثل اتصال عمارة فارس لأن أرض فارس كلها متصلة غير منفصلة وكرمان بضد ذلك. فأما جبال القفص فهي جبال تتاخم البحر الفارسي وشمالها بلاد نجيرمان وجنوبها البحر الفارسي وبعض مفاوز مكران وغربيها البحر الفارسي مع بعض البلوص وحدود نواحي المنوجان ونواحي هرمز ويقال إنها سبعة جبال ولكل جبل رئيس منهم وهم صنف من الأكراد رحالة ولا دواب لهم وألوانهم سمر نحفاء الأبدان وهم أصحاب مواش ونخل ونحل وبين شمال هذه الجبال ومع المشرق قليلا البلوص وهم قوم يسكنون في سفح الجبل بعينه وهم أولو نجدة وحدة شوكة وعرامة زائدة ومنة قائمة مع قلة أذيتهم وتأمينهم الطرق وهم أصحاب نعم وسوام ولهم بيوت شعر مثل بيوت العرب وأهل جبال القفص يخافون عاديتهم ويسالمونهم عن غلبة. وأما جبال البارز فهي جبال متصلة ولها شعاب وهي بين غرب وشمال

من جيرفت وهي في ذاتها خصيبة مشجرة كثيرة الخصب وهي بلد صرود والثلج يقع فيها دائما وأهلها أهل عفاف لا يؤذون الناس ولا يقولون بشر وبها معادن حديد جيد القطع طيب بالغ الجودة في العمل ويتصل بهذا الجبل جبل به معادن الفضة وهو جبل يمتد على ظهر جيرفت ويتصل بكورة درفارد ودرفارد هذه شعب خصيب كثير الفوائد والقرى العامرة ومنه إلى جبل الفضة مرحلة. وأما المفازة الكبيرة فإنها مفازة متصلة بين بلاد كرمان وفارس والملتان وسجستان وبلاد قوهستان وطرف بلاد خراسان ويتصل أسفلها ببلاد قومس والري وهي مفازة قليلة العمارة متصلة المفاوز كثيرة اللصوص والقطاع وذلك لأنها ليست في إقليم قوم بأعيانهم فيحفظونها وهذه المفازة قد أحاطت بها أمم مختلفة الألسن والهيئات من أعمال خراسان وقومس وعمل سجستان وبعضها من عمل كرمان وفارس وإصبهان وقاشان والري ومع ذلك فإنها مفاوز يصعب سلوكها بالخيل وإنما تقطع منها طرق معلومة بالإبل دون الأحمال والسفار يقطعونها في مشقة وجهد على طرق معروفة ومياه معلومة إن نكب عنها قاصد هلك لكثرة شقائها ولكثرة عواديها وللصوص في هذه المفاوز مآو يعتصمون بها ويلجأون إليها وأمنعها مأوى وأكثرها منعا جبل كركس كوه وجبل سياه كوه وبهما للصوص أموال مدفونة وذخائر مخفية

فأما جبل كركس كوه فإنه جبل ليس بالكبير ولكنه منقطع عن جبال تحيط به المفاوز ويذكر أن دور أسفله نحو من ستة أميال ومع أسفله مياه قليلة وفي وسطه مثل الساحة وهو بجملته وعر المسالك صعب الطرقات وشعابه وحشة من توارى فيها لا يظهر وكذلك جبل سياه كوه مأوى للصوص وليس فيه عمارة وبينهما مقدار يسير. والطرق المعلومة المسلوكة بهذه المفازة هي طرق قليلة نذكرها على التوالي إن شاء الله فالأول منها تمر من الفهرج الذي من أرض كرمان إلى أرض سجستان من الفهرج إلى الأحساء والآبار أربعة وعشرون ميلا ثم إلى جرج منارة أحد وعشرون ميلا ثم إلى رباط معبد أحد وعشرون ميلا ثم إلى اسبيذ سبعة وعشرون ميلا ثم إلى كراغان أربعة وعشرون ميلا ثم إلى بئر القاضي أربعة وعشرون ميلا ثم إلى راسك ثمانية عشر ميلا ثم إلى كاونيشك اثنا عشر ميلا ثم إلى برزذين أربعة وعشرون ميلا ثم إلى جارون خمسة عشر ميلا ثم إلى مدينة سجستان ثمانية عشر ميلا. والطريق الثاني من نرماشير إلى سجستان فمن نرماشير إلى بذجان مرحلة وهو ماء ينزل عليه في أصل جبل ومنه إلى مدراة ماء آخر ينزل عليه مرحلة ومنه إلى دمراه باذ مرحلة ومنه إلى رباط القاضي مرحلة ومنه إلى رباط

الناسي مرحلة ومنه إلى كاونيشك مرحلة وهما رباطان ثم إلى برزذين وهو بئر ماؤها عذب مرحلة ومنه إلى دارك مرحلة ومنه إلى جارون مرحلة ومن جارون إلى سجستان مرحلة وهذه المراحل كلها خفاف. وإن أخذت من نرماشير إلى كروة مرحلة ومنها إلى ندباه مرحلة ثم إلى شروه مرحلة ومنها إلى تمانيح مرحلة ثم إلى سبيج مرحلة وسبيج مدينة صغيرة عامرة في وسط المفازة وهي من عمالة كرمان غير أنها منقطعة عنها وهي عامرة بأهلها ولها زراعات يسيرة ونخل يتقوتون به. ومن مدينة سبيج تأخذ طريقين طريق ذات اليمين إلى سجستان وهي سبع مراحل وطريق ذات اليسار إلى هراة. فمن شاء طريق سجستان سار من سبيج في المفازة إلى ديرن مرحلة وهي عين ماء ناشعة ومنه إلى بئر كردوج مرحلة ومنه إلى رباط نايرح مرحلة وهو خلاء لا عامر به ومنه إلى تارست باذ وهو ماء ينزل عليه مرحلة ومنه إلى باسباد رباط خال مرحلة ومنه إلى سدح مرحلة ثم إلى سجستان. ومن أراد المسير من سبيج إلى هراة سار ذات اليسار إلى منزل خلاء ثم إلى منزل آخر خلاء ثم إلى رباط عزة مرحلة وهذا الرباط ربما كان

معمورا أو غير معمور ومنه إلى جبل مذر مرحلة ومنه إلى قرية سلم مرحلة وهي قرية عامرة كبيرة لها زراعات وحروث ومنها إلى رباط خسك مرحلة ثم إلى نذم مرحلة ثم إلى سمجان مرحلة ثم إلى حوض ناجة مرحلة ثم إلى مدجان مرحلة ثم إلى سردان مرحلة ثم إلى بست مرحلة ثم إلى كردرم مرحلة ثم إلى عطياه مرحلة ثم إلى فره مرحلة وفره من أعمال سجستان وبها تجمع هذه الطريق مع طريق سجستان إلى هراة ومن فره إلى دزة مرحلة ومن دزة إلى كويسان إلى خاشان مرحلة وهي من الاسفزار والاسفزار أول بلاد هراة ومن خاشان إلى قناة سري مرحلة ومن قناة سري إلى الجبل الأسود مرحلة ومن الجبل الأسود إلى جدمان مرحلة ثم إلى هراة مرحلة. وطريق آخر من نرماشير إلى قرية سلم وهو الطريق الجديد تخرج من نرماشير إلى دارستان مرحلة وهي قرية عامرة فيها عيون ماء جارية ونخل كثير وليس وراءها عمارة ومنها إلى رأس الماء مرحلة ورأس الماء عين جارية يجتمع فاضل مائها إلى بركة كبيرة ومنها يقطع في عرض المفازة أربع مراحل إلى قرية سلم وهذه المراحل الأربع كبار كلها مفازة متصلة مخوفة

ومن قرية سلم إلى سجستان عشر مراحل وكذلك منها إلى فره عشر مراحل وفره قرية كبيرة بقرب البحيرة التي يقع فيها نهر الهيذمند وهو نهر سجستان. والطريق من خبيص إلى خراسان وخبيص مدينة صغيرة على شفير المفازة من جروم كرمان ولها ماء جار ونخل كثير وأسعارها رخيصة فمن خبيص إلى مكان يسمى الدروازق مرحلة وهو موضع فيه أبنية مهدمة كثيرة ما مد البصر وبها تلال وعلى أنها كانت مسكونة ليس بها بئر ولا عين ولا نهر ولا علامة لماء ومنها إلى شورروذ مرحلة وشورروذ واد جاف أرضه سبخة وتجري فيه مياه السيول فقط وهذه المفازة مالحة التربة ومنها إلى جبل بارسك مرحلة ومنه إلى مكان يعرف بالحوض وهو موضع يجتمع فيه ماء المطر مرحلة ومنه إلى رأس الماء مرحلتان وهو عين ماء يجتمع في حوض يسقي زراعاتها وهو رباط يكون فيه الواحد والاثنان وقد لا يكونون به ومن رأس الماء إلى كركورة وهي قرية على شفير المفازة وهي من حد قوهستان ومن كركورة إلى خوسب مرحلتان وهو حصن صغير ومن خوسب إلى خور مرحلتان ومن خور إلى قاين يوم وقاين قاعدة مدن قوهستان وهي من أرض خراسان.

وطريق آخر من راور إلى كرين من أرض خراسان وراور مدينة عامرة عليها حصنان ولها ماء جار وبها نخل وبعض زراعة وهي من حدود كرمان فمنها إلى مكان يدعى دركوجوى مرحلة وهو منزل قفر لا بناء فيه وفيه عين ماؤها قليل ومنها إلى شور دوازده مرحلة وهناك رباط قفر قد خرب وفيه نخيل وهو مخوف وقلما يخلو من اللصوص ومنه إلى دير بردان قفر لا بناء فيه مرحلة ومنه إلى رند وهو منزل فيه حوض تجتمع فيه مياه الأمطار مرحلة وليس هناك بناء ومن هذا الحوض إلى رباط نابند ويسكنه مقدار عشرين بيتا وفيه ماء وعليه رحى صغير ولهم زرع ونخل يسقى بماء عين لهم وقبل أن تصل إلى نابند بفرسخين تجد عين ماء وفيه نخيلات وبناء ليس فيه أحد وهو مأوى للصوص وأهل رباط نابند يتعاهدون هذا المكان ويحمونه ويحمون ثمر ذلك النخل الذي هناك ومن نابند إلى اردغه منزل قفر مرحلة ومنه إلى بئر شك مرحلة وفيها ماء طيب ومن بئر شك إلى خوسب مرحلة ولا عامر بها ومنها إلى خور مرحلتان ومن خور أيضا إلى كرين نحو ثلاث مراحل وكرين من بلاد نيسابور من خراسان. وطريق آخر من يزد إلى ترشيز من يزد إلى انجيرة مرحلة وبها عين ماء

وحوض يجتمع فيه ماء المطر وليس بينهما عمارة ومن انجيرة إلى خرانة مرحلة وليس بينهما عمارة وخرانة قرية عامرة تحتوي على أزيد من مائتي رجل وبها زرع وضرع وبساتين وعين جارية من تحت خرانة وعليها حصن منيع وهي على تل تراب مدور مرتفع جنب واد على ضفتيه البساتين والكروم وعندهم خصب على قدم الأيام ومن خرانة إلى تل سياه سبيذ (مرحلة) وليس بينهما عمارة وهو منزل قفر لا عامر به وفيه حوضان يجتمع بهما ماء الأمطار ومن تل سياه سبيذ إلى ساغند مرحلة وليس بينهما عمارة وهو حصن فيه نحو من مائة رجل وبه عين ماء جارية يزرع عليها ولها قنوات مياه وبساتين لكن خرانة السابق ذكرها أعمر من ساغند وأحصن بنية ومن ساغند إلى بشت باذام مرحلة كبيرة وليس بينهما عمارة وبها خان ومنزل ومياها من الآبار ومن بشت باذام إلى رباط محمد مرحلة خفيفة وهو رباط فيه نحو ثلاثين رجلا ولهم زروع وعيون ماء ومنه إلى الريك مرحلة والريك منزل قفر لا ساكن فيه وفيه ميزاب ماء يصب في حوض ماء والريك رمل قدره نحو ستة أميال ومن الريك إلى المهلب مرحلة وهو خان وفيه عين ماء وليس بينهما عمارة ومنه إلى رباط خوران مرحلة ورباط

خوران رباط من جص وحجارة يكون فيه ثلاثة نفر أو أربعة يحفظونه وبه عين ماء وليس له زرع ومن رباط خوران إلى زاداخرة مرحلة وزاداخره بئر ماء وخان ليس فيه ساكن وليس بينهما عمارة ومنه إلى بشتاذران مرحلة ومن بشتاذران إلى بن مرحلة خفيفة وبن قرية عامرة فيها أشف من خمسمائة نفس وفيها ماء جار وزروع ومواش وخصب ومن بن إلى دارونة مرحلة وليس بينهما عمارة ودارونة منزل فيه ماء جار ولا ساكن به ومنه إلى ريكن مرحلة وليس بينهما عمارة وريكن رباط فيه زرع وماء جار وهذا الرباط في أكثر الأوقات قفر ومنه إلى اسنيشت مرحلة ليس فيها عمارة ومن اسنيشت إلى ترشيز مرحلة وترشيز من حومة نيسابور. وطريق آخر ثالث وهي التي من يزد وإصبهان ونايين وهذه الطرق الثلاث كلها تجتمع بكرين وكرين قرية كبيرة وما عليها سور وفيها نحو من ألفي رجل ولها رستاق كبير وبين طبس وكرين تسعة أميال. فمن يزد إلى شور مرحلة وشور بئر على شفير المفازة فيه ماء ملح وليس بها قرية ولا عمارة ومنه إلى قرية بيرة وهي قرية صغيرة بها دون عشرة

الأنفس وهي من حدود كرمان ومنها إلى عين مغول مرحلة ومنها إلى غمر سرخ مرحلة وغمر سرخ عين كبيرة في وهدة طين أحمر وعليه جبل أحمر مرحلتان ومنه إلى جاه بر مرحلة وهو عين ماء لا عمارة عليها ومنه إلى حوض هزار [[جوين]] مرحلة وهو حوض يجتمع فيه ماء المطر ومن حوض هزار [[جرين]] إلى شور وهو عين ماء ملح شروب ولا عامر عليه وبه قباب خالية مرحلة ومنه إلى عين ماء تسمى مغول مرحلة ولا عامر على هذه العين ومنها إلى كرين مرحلتان وعلى اثني عشر ميلا منها بركة عظيمة يجتمع إليها مياه السيول والأمطار وهذه المراحل كلها مخوفة كبار والناس يقطعونها على وجل وحفز وفي المفازة التي بين شور وبيرة على يمين طريق الذاهب من خراسان إلى كرمان على نحو فرسخين منها صور أنواع الفواكه من اللوز والجوز والتفاح والكمثرى والأترج ونحو ذلك وكلها من حجارة. والطريق الثاني منها من نايين إلى كرين من نايين إلى دارمرد مرحلة وهو ماء لا ساكن به ومنه إلى حوملة مرحلة وهو حوض يجتمع فيه ماء المطر ومنه إلى باذان مرحلة وباذان قباب خالية وبئر فيها ماء ومنها إلى دهك مرحلة ودهك رملة فيها تل من تراب أحمر صلب وبئر ماء ومنه إلى بغلكيك مرحلة وهو عين ماء قليل لا عامر به ومنه إلى سندبند مرحلة وسندبند

رباط خال لا عامر به ومنه إلى رشداد مرحلة وهو جبل في أصله رباط فيه بئر ماء وهو خلاء لا عامر به ومنه إلى درنة مرحلة وهي قرية قليل أهلها وموضعها على تل تراب محجوز ومنها إلى نيمكثروذ مرحلة وهو حوض تجتمع فيه مياه الأمطار ومنه إلى كرين مرحلة. والطريق الثالث من إصبهان إلى كرين وهو طريق مخوف قليل العمارة وقليلا ما يسلك لأنه كثير المفاوز متصل الجبال محجر واللصوص يأوون إلى تلك الشعاب الممتنعة السلوك يخرج من إصبهان إلى اندرة وهو جبل في وسط مفازة به بئر ماء مرحلة ومنه إلى ندرسار مرحلة وهو بئر ماء لا عامر عليه ومنه إلى افشوط وهو حوض تجتمع فيه مياه الأمطار مرحلة ومنه إلى زذران مرحلة وهو جبل وفي أصله عين ماء واللصوص يأوون إليه ومنه إلى بدخس باذ مرحلة وهو رباط خال لا ساكن به ومنه إلى خيدجين مرحلة وهي عين ماء لا ساكن به ومنه إلى دمندار وهي عين ماء خرارة ومنه إلى عران باذ مرحلة ومنه إلى كرين مرحلتان. ومن شاء سار من خيدجين إلى مارسان مرحلة وهي شعبة من جبل فيها ماء في قفر ومنه إلى بغيس مرحلة ومنه إلى دمغدين مرحلة وهو رباط قفر

ومنه إلى باذمة مرحلة وهو عين ومنه إلى خاسكين مرحلة ومنه إلى بدرست مرحلة ومنه إلى قبرسة مرحلة ومنه إلى نيسابور ثمانية عشر ميلا. وطريق من إصبهان إلى مدينة الري من إصبهان إلى دالجي مرحلة ودالجي قرية عامرة ومنها إلى رباط عابر مرحلة وهو رباط خال وكان فيه قبل ذلك قوم يحرسون الطريق على الحماية وبه حوض يجتمع إليه ماء عين يأتي إليه من جهة الغرب ومنها إلى رباط أبي علي بن رستم مرحلة ومن رباط أبي علي إلى حصن دزة مرحلة وهو حصن حصين لكنه صغير ومن حصن دزة إلى قاشان وهي مدينة مرحلتان في مفاوز وعشار معطلة ومن مدينة قاشان إلى قرية المجوس مرحلة وأهل هذه القرية مجوس ومنها إلى مدينة قم مرحلة ومدينة قم مدينة حسنة تحيط بها العمارات وأكثر هذه المفازة التي بينها وبين قرية المجوس عامرة بقرى وعمارات ومن مدينة قم إلى قرية كاج مرحلة وقرية كاج خربة وهي قليلة الساكن والمساكن ومياهها من الأمطار ومن كاج إلى دير الجص مرحلة في غير عمارة ودير الجص حصن حصين مبني بالجص والآجر آهل عامر بالناس والأجناد ومن دير الجص إلى مدينة دزة مرحلة وهي مدينة متوسطة القدر

وبها منبر ولها عمارات ومزارع ولها ماء جار في نهير وهذه المرحلة محاذية لجبل كركس كوه وجبل سياه كوه ومن دزة إلى الري مرحلة والري مدينة كبيرة وسيأتي ذكرها في موضعها على التمام بحول الله تعالى. وطريق آخر من إصبهان إلى الري على المفازة بين جبلي كركس كوه وسياه كوه تسير على الطريق الأول إلى دير الجص ثم تعرج على اليمين فتعدل بك الطريق إلى ما بين جبلي كركس كوه وسياه كوه ومن كركس كوه إلى دير الجص اثنا عشر ميلا وبعد ما بين الجبلين سبعة وعشرون ميلا ثم ترجع الطريق على اليسار إلى دزة وبينهما أحد وعشرون ميلا ثم إلى الري فهذه جميع الطرقات التي في هذه المفازة وقد جئنا بها على الكمال والتمام حسب الجهد والطاقة وبالله التوفيق. ولنذكر الآن ما في هذا الجزء من بلاد سجستان فنقول إن مدنها زرنج وكس ونه والطاق والقرنين وخواش وفره وجزة وبست وروذان وسروان وزالقان وبغنين ودرغش وتل وبشلنك وبنجواي وكهك

وغزنة والقصر وسيوي واسفنجاى وجدمان. ومدينتها العظمى تسمى زرنج وهي مدينة كبيرة عامرة الأسواق وأسواقها دائرة بالمسجد الجامع الذي بها ولها أرباض عامرة وفي كل مكان منها أسواق على غاية العمارة ولها سور حصين وخندق دائر بالحصن ولها على أرباضها حصون دائرة وخنادق وفي الخندق المستدير بسور الحصن ماء نابع ينبع من مكانه وتقع فيه جمل من فضول المياه التي في المدينة وللمدينة نفسها خمسة أبواب وللربض ثلاثة عشر بابا وبناؤها بالطين آزاج معقودة لأن الخشب بها يتسوس فلا يقيم ومسجدها الجامع في المدينة دون الربض وفي داخل المدينة نفسها ثلاثة أنهار منها نهر يدخل من الباب المسمى بالباب العتيق والنهر الثاني يدخل على الباب الجديد والنهر الثالث يدخل على باب الطعام وهي كلها صغار وهي مفرقة في دور المدينة وبساتينها وحماماتها وأرض زرنج سبخة رملية في سهل متصل لا يرى بها شيء من الجبال وهي حارة ولا يقع بها الثلج البتة وأكثرها بها الرياح العواصف الدائمة حتى إنهم قد صنعوا أرحاء تطحن بالريح لكثرة رياحهم والرمل في أكثر الأحوال يضر بهم. وهذه الأنهار التي تأتي المدينة وتشق أعراضها هي مستخرجة من نهر هيذمند وهو نهر عظيم يخرج من ظهر الغور حتى يصل حد رخج وبلدي

الداور ثم يجري على بست حتى ينتهي إلى سجستان ثم يقع في بحيرة زرة. وزرة هذه بحيرة يتسع الماء فيها وينتقص بقدر زيادة الماء ونقصانه وعليها قرى ومزارع وطولها يكون نحو من تسعين ميلا من ناحية كرين على طريق قوهستان إلى قنطرة كرمان على طريق فارس وهي عذبة الماء ويصاد فيها سمك كثير وهي عامرة من نواحيها إلا ما كان مما يلي المفازة فأما النهر الذي يخرج من هيذمند فيمر إلى ناحية نيشك فلا يصل منه شيء إلى هذه البحيرة. وسجستان ناحية وفيها زرنج وغيرها وهي حصينة كثيرة الطعام والتمور والأعناب وأهلها مياسير ويقارضون التجار بفواضل أموالهم ويتصل بالجنوب من سجستان ناحية بالس وموضعها بين سجستان وناحية السند ومدينتها سيوي غير أن الوالي يسكن منها موضعا يسمى القصر وبينهما نحو مرحلتين. ورخج اسم الإقليم ومدينتاه بنجواي وكهك وموضع هذا الإقليم هو بين بلدي الداور وبالس والداور اسم إقليم خصيب وهو ثغر للغور وبغنين وخلج وبشلنك وبلد الداور اسم إقليم ومدينته تل وله من المدن أيضا درغش وهما على ضفتي نهر هيذمند غير أن بغنين وخلج وبشلنك ناحية تتاخم الغور. والخلج صنف من الأتراك وصلوا على قديم الزمان إلى تخوم الهند ونواحي

سجستان والغور فنزلوا بها وعمروها واتخذوها أوطانا وهم أصحاب أغنام وأبقار وخيل ونعم كثيرة وهم على زي الأتراك وهيآتهم. ومن المدن المجاورة لزرنج الطاق وهي على مرحلة من زرنج وهي على يمين المار إلى خراسان وهي مدينة صغيرة متحضرة ولها رستاق واسع كثير الخصب وبها أعناب كثيرة وفواكه ونعم يتسع فيها أهل سجستان. ومنها القرنين وهي مدينة متوسطة ولها سور وأسواق وهي كانت في سالف الدهر دار رستم الشديد ودار ملكه وبها أثر مربط فرسه ولها قرى ورساتيق وهي على مرحلة من سجستان على يسار الذاهب إلى بست. ثم مدينة خواش وهي أكبر من القرنين وأشمخ بناء ولها سور تراب وبها سوق نافقة وأمتعة وترف أحوال وهي من القرنين على مرحلة عن يسار الذاهب إلى بست وبينها وبين قارعة الطريق ميل ونصف ولها مزارع وعمارات ونخيل وأشجار وفواكه كثيرة ومياه جارية وقنوات وأهلها مياسير. ومدينة جزة مدينة تتصل عماراتها بعمارة فره عن يمين الذاهب من سجستان إلى خراسان على نحو مرحلة وهي ناحية حسنة قدرها نحو القرنين ولها جمل قرى وعمارات ورساتيق خصيبة وبناؤها بالطين والحجارة وشرب أهلها من مياه تدخل إليها في قنى. ومن جزة إلى سجستان ثلاث مراحل وبين جزة وفره مرحلة وجزة بين فره والقرنين.

ومدينة فره أكبر من القرنين ومن جزة وهي مدينة حسنة وعليها سور تراب وهي في أرض سهلية ومبانيها بالطين ولها رستاق يشتمل على نحو ستين قرية ولها نخيل كثير وفواكه جمة وأعناب وهي على نهرها المعروف بها وهو يسقي أكثر رساتيقها ويصل فضله فيقع في بحيرة زرة وبين زرة وفره مرحلة. ويتصل بمدينة فره مدينة نه وتعرف براجحة وهي صغيرة القدر متحضرة خصيبة كثيرة الفواكه والأعناب وبينها وبين فره مرحلة كبيرة وهي مما يلي المفازة وكذلك مدينة سروان مدينة صغيرة متحضرة شبيهة بالقرنين في قدرها وأبنيتها ولها أرض واسعة ومزارع ورساتيق وعمارات وقرى وفواكه عامة وأعنابها كثيرة وخيرها واسع وهي من بست على مرحلتين واسم المرحلة الأولى فيروزقند والثانية نهر سروان ويتصل بسروان بلاد الداور والرخج. وأما مدينة الزالقان فهي مدينة من بست على مرحلة وهي مدينة متحضرة ذات سور وأسواق ومياه جارية ونخيل وكروم وزروع ومواش وتكون على قدر القرنين كبرا وأكثر أهلها حاكة وتجارها يتجرون بالثياب ويتجهزون بها من هذه المدينة ويمشون بها إلى جميع الأقطار لكثرتها ومبانيها بالآجر والطين. وأما مدينة روذان فإنها صغيرة لكن عليها سورا ومبانيها بالطين وهي أصغر من القرنين وهي بقرب فيروزقند وهي على يمين الذاهب إلى

الرخج وبها فواكه وأعناب ولها مزارع وزروع وغلات وأكثرها المنج ولها مياه جارية تسقي أكثر رساتيقها. وأما مدينة كس فهي صغيرة القدر لها سور وسوق عامرة وصناعات وأهلها متحرفون متجولون وأكثرهم حاكة وبين كس وزرنج تسعون ميلا وهي على شفير المفازة ويعبر إليها نهر الهيذمند ولها زروع وغلات. والطريق من سجستان إلى هراة أول مرحلة منها تسمى كركوية ومن كركوية إلى بشتر اثنا عشر ميلا والعبر على قنطرة يجري فيها فضل مياه هيذمند ومن بشتر إلى قرية جوين مرحلة ثم إلى البست مرحلة ومن البست إلى كنكرة مرحلة ومن كنكرة إلى سرشك مرحلة ومن سرشك إلى قنطرة وادي فره مرحلة ومن قنطرة وادي فره إلى حصن دزة مرحلة وهي على ضفة البحيرة التي يصب فيها نهر هيذمند ومن دزة إلى كويسان مرحلة ومن كويسان إلى خاشان مرحلة وخاشان من الاسفزار والاسفزار من بلاد هراة ومن خاشان إلى قناة سري مرحلة ومن قناة سري إلى الجبل الأسود مرحلة ومن الجبل الأسود إلى جدمان مرحلة ومن جدمان إلى هراة مرحلة. والطريق من سجستان إلى بست أول مرحلة إلى زانبوق ومن زانبوق إلى

شروزن وهي قرية عامرة سلطانية مرحلة ومن شروزن إلى حرورى وهي قرية عامرة سلطانية وبينهما نهر نيشك وعليه قنطرة من آجر ومن حرورى إلى دهك والمنزل في رباط من حد دهك ومن هذا الرباط المفازة فمنزل منها رباط يسمى آب شور مرحلة ومن آب شور إلى كرووين وهو رباط مرحلة ومن رباط كرووين إلى رباط هفشيان مرحلة ومنه إلى رباط عبد الله مرحلة ومن رباط عبد الله إلى مدينة بست مرحلة. والطريق من بست إلى غزنة في جهة الشرق مع الجنوب من بست إلى رباط فيروز مرحلة ومن رباط فيروز إلى رباط ميغون مرحلة ومنه إلى رباط كثير مرحلة ومنه إلى الرخج وهي مدينة تسمى بنجواي مرحلة وبنجواي مدينة من مدن الداور وبالس وعامتها صواف ولها غلات وسوائم وأنعام كثيرة ويرتفع منها منافع جمة وبلاد الداور إقليم خصيب وهو ثغر للغور وبغنين وخلج وبشلنك ومن مدينة بنجواي إلى تكين آباذ مرحلة ومنه إلى الاوق مرحلة وهي قرية ومنها إلى رباط خنكل آباذ مرحلة ثم إلى قرية غرم مرحلة ثم إلى جابشت مرحلة وهو منزل ثم إلى قرية جومة مرحلة ثم إلى خابسان

مرحلة وخابسان أول حد غزنة ثم إلى قرية خسراجى مرحلة ثم إلى رباط هذوا وهي قرية عامرة مرحلة ثم إلى غزنة مرحلة. وغزنة مدينة جليلة عامرة كثيرة الأسواق ذات تجارات وتجار مياسير ومنها يدخل إلى بلاد الهند. وفي هذا الطريق إذا جئت مدينة بنجواي فإن شئت أخذت ذات اليمين إلى مدينة بالس التي هي على شفير المفازة وسرت من مدينة بنجواي إلى رباط الحجرية منزل ثم إلى رباط كنكى منزل ثم إلى رباط بر منزل ثم إلى حصن اسفنجاي مرحلة فذلك من مدينة بنجواي إلى اسفنجاي أربع مراحل. واسفنجاي حصن مانع وله زراعات وماشية وإلى جانبه حصن القصر وهو حصن كبير كثير العمارة وبينهما ثلاثة أميال ومن اسفنجاي إلى مدينة سيوي مرحلتان وهي متاخمة لمفاوز السند وهي مدينة حصينة عامرة ويجلب مما دار بأرضها الحلتيت الذي لا نظير له ويجنى منه الشيء الكثير الذي لا يتحصل لكثرته. وبين مدينة بنجواي وبين كهك في جهة المشرق مقدار ثلاثة أميال ومن مدينة بست إلى مدينة سروان مرحلتان في جهة المشرق وسروان مدينة حسنة

لها سور وأسواق حسان وتجارات وفوائد ومنها في جهة الشمال إلى ضفة نهر هيذمند مرحلة فتعبر هذا الوادي وتدخل مدينة درتل وهي على ضفة النهر وهي مدينة حسنة الصفة حصينة الوضع متقنة الأسواق وفيها تجارات وخيرات شاملة. ومنها إلى مدينة درغش مرحلة والطريق على ضفة النهر ودرغش مدينة حسنة متقنة لها أسوار ومساكن عامرة وتجارات قائمة وهي على نهر هيذمند ودرغش ودرتل من بلاد الداور. ومن درتل إلى بغنين يوم في قبائل بشلنك ومدينة خابين من بلاد بشلنك وهي عامرة كبيرة ولا سور عليها ولها قلعة حصينة. ومن مدينة هراة التي يأتي رسمها وذكرها بعد هذا إلى مدينة بوزنجان ثمانية أيام وبوزنجان من بلاد خراسان وهي مدينة عامرة لها أسواق وحمامات وعمارة متصلة ومنها إلى نيسابور ست مراحل. ونيسابور في أرض سهلة وليس لها ماء جار إلا نهر يخرج إليهم فضله في السنة ولا يدوم ماؤه وهو فضل مياه هراة وزروعهم بعلية وهي مدينة يكون قدرها نصف قدر مدينة مرو. وأما سرخس فطيبة الثرى معتدلة الهواء وليس لها رساتيق ولا قرى كثيرة ولأهل بواديها همة في انتخاب الجمال وتنسيلها وشربهم من مياه

الآبار وأرحاؤهم تديرها الدواب وبناؤها بالطين واللبن ومن مدينة سرخس إلى هراة خمس مراحل بين جنوب وشرق ومن سرخس إلى بوزنجان أربعة أيام. ومن مدينة بوزنجان إلى مدينة ينابذ خمس مراحل ومن بوزنجان إلى مالن مرحلة وهي مدينة صغيرة عامرة ويقال لها مالن كواخرز وليست بمالن هراة ومن مالن إلى خايمند مرحلة وهو قطر كبير عامر ومن خايمند إلى سنكان مرحلة ثم إلى مدينة ينابذ مرحلتان ومدينة ينابذ أكبر في القدر من مدينة خور وهي مدينة صغيرة متحضرة بناؤها بالطين وفيها أسواق قائمة دائمة ولها قرى ومزارع وغلات وماؤهم من ماء يدخل البلد في قنوات. ومن مدينة ينابذ إلى مدينة قاين مرحلتان وهي عامرة آهلة عليها سور تراب وبناؤها من طين ولها قصبة وعليها خندق ولها مسجد جامع ودار الإمارة منها في القصبة وشرب أهلها من ماء جلب إليهم في قنى وبساتينهم قليلة وقراها متفرقة وهي في القدر نحو سرخس وهي قصبة قوهستان ومن حومة قاين وعلى مرحلتين منها في طريق نيسابور يحمل الطين النجاحي الذي يحمل إلى سائر الآفاق للأكل وهو طين أبيض عجيب.

ومن قاين إلى الزوزن ثلاث مراحل والزوزن مدينة عامرة كثيرة التجارات قائمة الأسواق حسنة حصينة. ومن الزوزن طريق إلى هراة وذلك أنك تخرج من الزوزن إلى مدينة خركرد يوم وهي مدينة صغيرة حسنة ومنها إلى مدينة فركرد مرحلتان وفركرد حصن عامر كبير به مسجد وسوق عامرة ومن فركرد إلى بوشنج يومان وبوشنج مدينة متحضرة وبين بوشنج وهراة مرحلة وسنأتي بذكر هذه البلاد على التقصي بعد هذا إن شاء الله تعالى. ومن قاين إلى الطبس ثلاث مراحل والطبس أكبر قطرا من ينابذ وهي أصغر من قاين وهي مدينة جرومية ولها نخيل وعمارات ولها سور تراب وبناؤها بالطين وماؤها من مياه مجلوبة إليهم في قنى ونخيلها وبساتينها أكثر من بساتين قاين ولا قصبة لها ومن الطبس إلى خور مرحلتان كبيرتان وخور مدينة صغيرة على شفير المفازة وتدعى بخوسب وبين خور وخوسب مرحلتان. وكذلك من قاين إلى خور يومان وخور مدينة أصغر من الطبس وبناؤها بالطين وليس لها حصن ولا قصبة وبساتينها قليلة ونخلها قليل وماؤها يدخل

البلد في قنى حجر مسربة إليهم وخوسب مدينة أكبر من خور وبها مسجد ومنبر وأسواق حسان وتجارات دائرة. وكذلك من خوسب إلى مدينة كرين نحو ثلاث مراحل وكرين هذه قرية كبيرة مائجة لا سور لها ولها رستاق كبير وبين كرين وطبس اثنا عشر ميلا. ومن مدن نيسابور مدينة ترشيز وهي مدينة عامرة متحضرة ذات سور حصين وخندق وبساتين وتجارة وبينها وبين نيسابور أربع مراحل وبين ترشيز وينابذ المتقدم ذكرها مرحلتان تخرج من ترشيز إلى كندر مرحلتان ثم إلى ينابذ مرحلة وكندر حصن متحضر لها سوق عامرة ومن الزوزن المتقدم ذكرها إلى سلومك مرحلتان وسلومك عن يسار سنكان ومن سنكان إلى ينابذ مرحلتان. وجملة ما بين قاين ونيسابور عشر مراحل لأن من نيسابور إلى مالن أربع مراحل ومن مالن إلى سنكان مرحلتان ومن سنكان إلى ينابذ مرحلتان ومن ينابذ إلى قاين مرحلتان وكذلك من نيسابور إلى الزوزن عشر مراحل.

ومن نيسابور إلى مالن أربع مراحل ثم إلى سنكان يومان ومن سنكان إلى سلومك يومان ومن سلومك إلى الزوزن يومان. وكذلك من ترشيز إلى خاسكين أربع مراحل وخاسكين مدينة صغيرة بها مسجد ومنبر ولها مزارع وعمارات متصلة ومنها إلى نيسابور ستة وستون ميلا وبين قاين وترشيز خمس مراحل وكذلك من ترشيز إلى ينابذ ثلاث مراحل ومن ترشيز إلى قرية سلم ست مراحل وقرية سلم في المفازة وقد سبق ذكرها وهاهنا انقضى ذكر ما في هذا الجزء السابع والحمد لله على ذلك كثيرا دائما ويتلوه الجزء الثامن من الإقليم الثالث وحسبنا الله وحده.

الجزء الثامن

الجزء الثامن إن الذي تضمن هذا الجزء الثامن من البلاد والأكوار بقية من أرض سجستان إلى ما يليها من بلاد الباميان وبلاد الغور قبلها ثم بلاد بذخشان ثم بلاد وخان وبلاد الختل وبلاد بلخ وبلاد هراة وبلاد مرو وسائر بلاد خراسان إلى ما عدا النهر المسمى بجيحون من بلاد بخارا وسمرقند ثم بلاد اشروسنة ثم بلاد فرغانة والتبت مع ما يليها من بلاد الشاش وفاراب وفي كل أرض من هذه الأرضين التي سطرنا ذكرها عدة بلاد وقلاع معمورة مشهورة ونحن نريد أن نتكلم فيها حسب ما قدمناه في ذكر غيرها من الأرضين الكائنة في الإقليم الأول والثاني بحول الله تعالى. فنقول إن شرق بلاد سجستان يتصل بالغور والإقليم الذي يلي الغور يسمى الداور وهو إقليم واسع كثير الخير خصيب وهو ثغر للغور وبغنين وخلج وبشلنك وخوابين وبغنين بلد حسن خصيب كثير الفواكه ومنه إلى درتل

يوم في قبائل بشلنك ودرتل مدينة على ضفة نهر هيذمند وهي من قواعد بلاد الداور وبها عمارة ومزارع ولا سور لها ومن بلاد الداور أيضا مدينة تل ومدينة درغش وقد سبق ذكرها ويعمر هذه الأرض قبيلة تسمى الخلج وهم صنف من الأتراك وقعوا إلى هذا المكان في قديم الدهر واتصلت عمارتهم إلى شمال الهند وظهر الغور وبعض بلاد سجستان الشرقية وهم أصحاب سوائم وأنعام وحرث وخير شامل وزيهم زي الأتراك في اللباس والهيئة وجميع أفعالهم وفي حروبهم وسلاحهم وهم مهادنون لا يقولون بشر ولا يرونه. ويعبر النهر في درتل ويسار إلى مدينة سروان وبينهما مرحلة ومدينة سروان مدينة صغيرة القدر لكنها عامرة متحضرة ولها قرى ورساتيق وغلات ومنافع جمة وهي أكبر من القرنين وأكثر خيرا وبها فواكه ونعم عامة وأعناب تحمل منها إلى بست وغيرها وبين مدينة بست وسروان مرحلتان تخرج من سروان إلى منزل يسمى فيروزقند ومنه إلى بست وفيروزقند مدينة صغيرة متحضرة ولها سوق على قدرها وهي على يمين الطريق لمن سار

إلى الرخج والرخج اسم إقليم ومدينتها بنجواي وقد سبق ذكر بنجواي في أول بلاد سجستان ويقابل مدينة درتل في الضفة الجنوبية من نهر هيذمند مدينة روذان وهى مدينة صغيرة خصيبة وأما مدينة تل فهي مدينة متاخمة لأرض الغور وهي صغيرة خصيبة. والغور جبال عامرة ذات عيون وبساتين وأنهار وهى خصيبة منيعة كثيرة الزرع والمواشي ولسانهم غير لسان أهل خراسان وليسوا بمسلمين ويطيف بالغور مما يلي هراة والجوزجان بلد فراوة وبلد داؤود بن العباس ورباط كروان وغرجستان وهذه كلها بلاد خصيبة وأهلها مسلمون وأكثر رقيق الغور يقع إلى هراة وسجستان لأن أهل تلك النواحي المجاورين لهم يسرقون أبناءهم ونساءهم ويستخرجونهم إلى بلادهم. ومن شاء أن يدخل من بنجواي إلى غزنة سار إليها عن تسع مراحل شرقا فمن بنجواي إلى تكين آباذ مرحلة ثم إلى رباط الاوق مرحلة ثم إلى رباط خنكل آباذ مرحلة ثم إلى قرية غرم مرحلة ثم إلى خاست مرحلة ثم إلى

قرية جومة مرحلة ثم إلى خابسان مرحلة وهي قرية وهو أول حد غزنة ثم إلى قرية خسراجى مرحلة ثم إلى رباط هذوا وهي قرية عامرة مرحلة ومنها إلى غزنة مرحلة خفيفة. وغزنة مدينة كبيرة حسنة عليها سور تراب وخندق يستدير بها وهي كثيرة العمارة آهلة وبها أسواق دائمة وجبايات قائمة وتجارات وأموال ظاهرة وغزنة فرضة للهند. ويتاخم مدينة غزنة مدينة كابل وبينهما تسع مراحل وكابل مدينة كبيرة في نحو الهند لها أسوار ومنعة ولها في داخلها قصبة حصينة ولها ربض خارج المدينة وملوك الشاهية لا تتم لهم الولاية إلا لمن عقدت له بالملك في كابل وإن كان منها على بعد فلا بد له من المسير إليها حتى تعقد له الشاهية بالملك وكابل ولجرا وسكاوند كلها جروم حارة غير أنها لا نخيل بها ويقع في بعضها الثلوج وهي في حيز الصرود. ومدينة سكاوند مدينة عامرة بأهلها وبها أسواق وتجارات وأموال حاضرة وبينها وبين مدينة كابل سبعة أيام وكذلك من سكاوند إلى مدينة لجرا

سبع مراحل. فالطريق من بلاد الغور إلى هراة تخرج من حدود الغور إلى مدينة جشت مرحلة خفيفة ومنها إلى مدينة اوفة مرحلتان واوفة مدينة حسنة لها سور تراب ومنها إلى ماراباذ مرحلة وهي مدينة جليلة قليلة البساتين صغيرة المقدار أصغر من مالن ولهم زروع ومن ماراباذ إلى استربيان مرحلة خفيفة وهي مدينة صغيرة خصبة وهي فيما بين جبال وهي أصغر من مالن ولها مياه كثيرة وبساتينها قليلة والزروع عندهم كثيرة وفيها جمل كروم على البعل ومن استربيان إلى مدينة خيسار مرحلة وخيسار مدينة كبيرة القطر كثيرة الخير ومنها إلى باشان مرحلة وباشان مدينة صغيرة حسنة بها أسواق وصناعات ومنها إلى هراة يوم. وهراة مدينة عامرة لها ربض وفي مدينتها قصبة ولها أبواب كثيرة كلها خشب مصفحة بالحديد إلا باب سراي فإنه كله حديد والمسجد الجامع في المدينة والأسواق محيطة به والسجن في قبلته وهذا المسجد كبير الفناء حسن البناء به من فقهاء المسلمين وعلمائهم خلق كثير وهي فرضة لخراسان وسجستان وفارس والجبل من هراة على ستة أميال على طريق بلخ ومحتطبهم

من مفازة بينها وبين اسفزار وليس لهذا الجبل محتطب ولا مرعى وإنما يرتفقون منه بالحجارة للأرحاء وفرش قيعان الديار وغير ذلك والبساتين متصلة على طريق سجستان مقدار مرحلة بضفة النهر ووالي هراة كان ينزل قبل هذا بمكان يسمى خراسان آباذ بينه وبين المدينة نحو من تسعة أميال على طريق بوشنج في غربي هراة وأبنيتها من طين وبها قصر ومسجد جامع وطول خراسان أباذ ميل ونصف في مثله. ونهر هراة يخرج من جبال الغور من قرب رباط كروان فإذا خرج عن حد الغور خرجت منه أودية كثيرة يسقى بها ويزرع عليها فمنها نهر يعرف بوخوى يسقي رستاق سنداسنك ونهر آخر يسمى بارست ويسقى به رستاق سوسان ونهر آخر يسمى سكوكان يسقي رستاق شغلة ونهر آخر يسمى كراغ يسقى به رستاق كوكان ونهر آخر يعرف بغوسجان يسقي رستاق كوك ونهر آخر يعرف بنهر كبك يسقي رستاق غوتان وكربكرد ونهر آخر يعرف بسبغر يسقي رستاق سرخس في حد بوشنج ونهر المدينة يسمى انجير.

ويلي مدينة هراة مدينة كروخ وبينهما ثلاثة أيام وهي مدينة متحضرة عليها سور حصين من تراب وبنيان المدينة بالطين وهي في شعب بين جبال كثيرة وبساتينها كثيرة عامرة كثيرة المياه والكروم والأشجار ويرتفع من كروخ الكشمش المجلوب إلى الآفاق وهو الزبيب العجيب المنظر الحسن الطعم الذي يحمل إلى العراق وغيرها لكثرته وطيبه وكذلك أكثر الزبيب العجيب المحمول إلى هذه الجهات يكون من مالن هراة. ومالن هراة مدينة حسنة كثيرة البساتين والجنات والكروم التي لا تعد كثرة وبين مالن وهراة مرحلة وكذلك مدينة باشان مدينة كبيرة كثيرة الأسواق والصنائع وأهلها مياسير ولهم همم في ملابسهم وزيهم وهي قليلة الأشجار والمياه وقدرها أصغر من مالن وأهلها أهل جماعة وبينها وبين هراة مرحلة وكذلك من مدن هراة مدينة اوفة وهي أصغر قدرا من مدينة هراة ولها أسواق عامرة وتجارات كثيرة ولها بساتين وجنات وكروم ومنها إلى خيسار ثلاث مراحل ومما يجاور هراة على طريق سجستان مدن اسفزار وهي أربعة منها كواسان وهي أكبرها وهي مدينة أصغر من كروخ ولها مياه وبساتين كثيرة ومنها مدينة كواران وهي مدينة متحضرة صغيرة وبها متاجر وصناعات ومنها كوشك وهي أيضا مدينة حسنة تشبه كواسان في القدر والمباني ومنها اذرسكن وهي مدينة صغيرة حسنة لها بساتين وزراعات ومياه كثيرة عذبة

وهذه المدن الأربع عامرة متقاربة الأقدار وهي كلها في أقل من مرحلة. وبين اسفزار وهراة ثلاث مراحل ومن هراة إلى قاين من قوهستان ثمانى مراحل ومن هراة إلى مرو الروذ ست مراحل ومن هراة إلى سرخس خمس مراحل. ومن مدن هراة أيضا مدينة بوشنج وهي في القدر نحو نصف هراة وهي وهراة في مستو من الأرض ومن بوشنج إلى الجبل ستة أميال ولها سور وخندق وثلاثة أبواب وبناؤها بالآجر والجص ولهم في مبانيهم همة وهم أصحاب تجارات وأموال صامتة ولها مياه وأشجار كثيرة ولهم بهذا الجبل شجر عرعر كثير يفوق كل خشب جودة وكثرة ومنها يتجهز به إلى سائر الآفاق وشرب أهلها من النهر وهذا النهر الذي يصل إلى سرخس عليه القناطر المعقودة في وسط البلد وهذا النهر الذي يصل إلى سرخس عليه القناطر المعقودة في وسط البلد ومن بوشنج في جهة المغرب خركرد وفركرد وبين بوشنج وفركرد مرحلتان وفركرد مدينة صغيرة متحضرة أصغر من كوسرى وبها مياه وزروع كثيرة ومن فركرد إلى مدينة خركرد يومان ومن خركرد إلى الزوزن يوم وخركرد مدينة صغيرة المقدار آهلة كثيرة الأهل وبها

أسواق وعمارات وماؤها قليل الجري وأهلها أصحاب سوائم. ومن مدينة بوشنج وأنت خارج إلى فركرد مدينة كرة وبينهما اثنا عشر ميلا عن يسار الذاهب إلى نيسابور ومدينة كرة كثيرة المياه كثيرة المساكن لها بساتين وجنات وبين كرة وطريق الجادة نحو ثلاثة أميال وأكبر المدن بعد مدينة بوشنج كوسرى وهي حصينة لها سور حصين ومقدارها نحو الثلث من مدينة بوشنج وبناءها بالطين ولها مياه جارية وبساتين كثيرة وبالشرق من بوشنج باذغيس ومدنها جبل الفضة وكوه وغناباذ وبست وجاذوا وكابرون وكالوون ودهستان ومدينة دهستان كبيرة طولها نحو من ميل ونصف ميل وبناؤها باللبن والطين وهي على ظهر جبل لا بساتين لأهلها ولا كروم ولهم أسراب كثيرة في الأرض ولهم ماء جار في حضيض الجبل قليل الجري وجبل الفضة على طريق سرخس من هراة وأما كوه فهو أكبر من جبل الفضة ويسمى بجبل الفضة لأنه كان في أعلى الجبل معدن عظيم الفائدة فانقطع لبعد غوره ولانقطاع الحطب الذي يسبك به وأما مدينة كوه

فإنها في صحراء وهي صغيرة فيها سوق وعمارة وكذلك غناباذ وبست وجاذوا كلها تتقارب قدودها وأشكال أهلها ومتاجرها وبناؤها ولهم مياه وبساتين وأكثر زروعهم على المطر وكذلك كابرون وكالوون وهما متجاورتان في نحو ثلثة أميال وليس بينهما مياه جارية ولا بساتين عامرة وإنما مياههم من الآبار والأمطار وهم أصحاب زروع وأغنام وأبقار كثيرة. وفي ناحية الشرق وإلى ناحية بلخ رستاق كنج وبه ثلاث مدن منها ببن وكيف وبغشور ومدينة ببن ينزلها سلطان تلك الناحية وهي أكبر من بوشنج وهي عامرة كثيرة التجارات وأهلها مياسير ولهم مياه وبساتين وبناؤها باللبن والطين وكذلك مدينة كيف مدينة حسنة عامرة بالوارد والصادر ولأهلها أحوال صالحة وأموال مدارة في أنواع التجارات وبناؤها بالطين ولها مياه جارية كثيرة وبساتين وغلات وكروم وأما مدينة بغشور فمدينة حسنة عامرة كبيرة يكون مقدارها مثل بوشنج ونحو كيف وبها جنات وبساتين ومتنزهات ولأهلها أحوال صالحة وتجارات رابحة وتربتها صحيحة وهواؤها معتدل وأكثر زروعها على المطر ومياهها من الآبار والمطر. ومن مدينة هراة إلى ببن مرحلة ومن ببن إلي كيف مرحلة ومن كيف إلى بغشور مرحلة.

وتتصل هذه البلاد بغربي بلاد مرو الروذ ولمرو الروذ بلاد كثيرة عامرة ومدينة مرو الروذ أكبرها وهي أكبر من بوشنج وهي على غلوة سهم من النهر. ومرو مدينة قديمة في مستو من الأرض بعيدة عن الجبال أرضها سبخة كثيرة الرمل وأبنيتها من الطين وفيها ثلاثة مساجد للجماعات ولها قصبة في نشز مرتفع وماء المدينة يجلب إليها في قنوات كثيرة وللمدينة أربعة أبواب ولمرو نهر عظيم تتشعب منه أنهار يسقى بها الرساتيق ومبدؤه من شمال جبل الباميان واسم هذا النهر نهر مرغاب ويجري هذا النهر على مرو الروذ وعليه ضياعهم وفي هذه الضياع مبان متقنة ومتنزهات حسنة ومساكن متحصنة ومدينة مرو معتدلة الهواء حسنة الثرى حكى الحوقلي أن البطيخ بها يقدد ويحمل إلى سائر الآفاق ويرفع من مرو الإبريسم والقز الكثير ويتجهز منها بالقطن العجيب الذي ينسب في سائر الأقطار إليها وهو الغاية في اللين ويعمل بها منه ثياب تحمل إلى كل الآفاق ولها منابر مضافة إليها ومعدودة منها مثل كشميهن وهي على مرحلة منها ولها منبر ويجري عليها نهر كبير ولها بساتين وأشجار وأسواق قائمة عامرة وبها فنادق وحمامات ومنها هرمز فرة على مقدار فرسخ من كشميهن عن يسارها وعليها طريق مفازة سيفاية التي تؤدي إلى خوارزم وهي مدينة متوسطة ذات عمارات وأسواق ودخل وخرج ولها منبر ومنها سنج وهي مدينة مثل

هرمز فرة وهي على مرحلة من مرو غربا وبها منبر ولها بساتين وزروع ومن مدنها أيضا جيرنج وهي مدينة صغيرة لها أسواق وتجار مياسير وبها منبر وهي على تسعة أميال من مرو قبل زرق بثلاثة أميال وهي على ضفة النهر وكذلك الدندانقان على مرحلتين من مرو على طريق سرخس وهي مدينة حسنة لها سور وحصن وأسواق وحمامات وفنادق وبها مسجد جامع ومنبر ومن مدنها القرينين وهي مدينة حسنة حصينة خصبة بها سوق ومسجد جامع وخطبة قائمة ولها مياه جارية وبساتين ومنها إلى مرو أربع مراحل ومن مدنها باشان وهي مدينة عامرة حسنة المباني فرجة الأرجاء متقنة الأسواق وبها فنادق وحمامات ومسجد جامع ومنبر يمشى إليه وهي من هرمزفره على ثلاثة أميال ومن مدنها السوسقان وهي مدينة كبيرة عامرة رحبة المساكن فرجة كثيرة النزه لها مياه جارية وبساتين كثيرة وبها مسجد ومنبر ومدينة السوسقان يسرة زرق غير أنها أبعد منها بثلاثة أميال وزرق على نهر مرو وبينها وبين مرو اثنا عشر ميلا بين طريق سرخس وأبيورد. ومن مدن مرو (الروذ) قصر أحنف وهو على مرحلة من مرو (الروذ) في طريق بلخ وهي من الأميال خمسة عشر ميلا وهي مدينة صغيرة بها سوق عامرة وعليها سور تراب ولها مياه جارية وبساتين وفواكه كثيرة ومن مدنها

مدينة دزة وهي على اثني عشر ميلا من قصر أحنف وهي مدينة صغيرة بها فواكه وبساتين وكروم وعمارات ونهر مرو يشقها نصفين وبينهما قنطرة يعبر عليها. والطالقان مدينة كبيرة نحو من مرو الروذ في الكبر ولها مياه جارية وعمارات متصلة وبساتين قليلة وبناؤها بالطين وهي أصح هواء من مرو الروذ ومن مرو الروذ إليها اثنان وسبعون ميلا والطالقان في جبل يتصل بجبال الجوزجان ولها رساتيق في الجبل ويعمل في طرزها اللبود المنسوبة إليها ويتجهز بها منها إلى كل الجهات وليس يصنع في بلد من البلاد مثلها إتقانا وحصافة والطالقان على رصيف الطريق من مرو إلى بلخ ومن الطالقان إلى مدينة الفارياب ستون ميلا. والفارياب مدينة من الجوزجان أصغر من الطالقان قطرا وهي أكثر خلقا وأوفر عمارة وبساتين ومياهها جارية عذبة وفيها طرز وصنائع وتجار مياسير وبناؤها من طين ولها مسجد جامع وليس مع مسجدها منارة وبينها وبين الطالقان في جهة الغرب مرحلتان كبيرتان. ومنها إلى اشبورقان شرقا أربعة وخمسون ميلا واشبورقان من مدن الجوزجان والجوزجان اسم الناحية وليس بمدينة واشبورقان مدينة عامرة بها مياه جارية قليلة وعليها زروع أهلها وبساتينها قليلة وفواكهها عديمة وإنما

تجلب إليها مما جاورها من البلاد ومن اشبورقان إلى بلخ أربعة وخمسون ميلا. ومن مدن الجوزجان أنبار وبينها وبين اشبورقان مرحلة في ناحية بين الغرب والجنوب وهي مدينة كبيرة أكبر قطرا من مرو الروذ ولها مياه وخصب وكروم وبساتين وعمارتها متصلة وبها طرز ومصانع لجمل من الثياب يتجهز بها منها إلى كل الأقطار وبناؤها بالطين وهي مدينة جليلة وبها يقيم السلطان في الشتاء و (مقامه في) الصيف (بالجرزوان) ومن اشبورقان إلى اليهودية طريق مرحلتان وكسر ومن الفارياب إلى اليهودية مرحلة. واليهودية مدينة مقتدرة جامعة ولها سور وأسواق وعمارة وصناعات وبها مسجد جامع ولجامعها منارتان ومن اليهودية إلى مدينة سان مرحلة وهي صغيرة لها مياه وبساتين وجنات وهي من مدن الجبل وكندرم أيضا مدينة جليلة متحضرة كثيرة الكروم والفواكه المختلفة الأجناس وهي في ذاتها جامعة للخيرات وهي من مدن الجبل ومن اشبورقان إلى كندرم أربع مراحل ومن اليهودية إليها مرحلة بين شرق وجنوب ومدينة نريان مدينة عامرة موضعها بين اليهودية والفارياب. وأما الجرزوان فهي مدينة بين جبلين أشبه بلد بمكة وشعابها كشعابها ومزارعها قليلة وبساتينها مثل ذلك وبها مياه جارية وعيون مطردة ومن اشبورقان إليها ثلاث مراحل خفاف ومن اشبورقان إلى اندخذ مرحلتان بين جنوب وشرق.

ويجلب من مدن الجوزجان الجلود المدبوغة التي يتجهز بها إلى سائر بلاد خراسان وبلادها بلاد خصب ودعة وفواكه كثيرة عامة وبها تجارات وتختلف إليها الرفق مارة وقادمة بضروب من التجارات والمجالب. ويتصل بمرو من جهة المغرب بلاد الغرج وهما مدينتان إحداهما تعرف ببشين والأخرى شورمين وهما متقاربتان في الكبر وليس مقام سلطانهما في شيء منهما وإنما يقيم في الجبل المسمى بلكيان وبهما مياه جارية ومزارع ممتدة وغلات وفوائد ويرتفع من بشين أرز كثير يحمل إلى بلخ وسائر الجهات لكثرته وطيبه ويرتفع من شورمين زبيب كثير طيب جيد الطعم قليل النوى يتجهز به إلى كثير من الأقطار لكثرته وطيبه وبين بشين ودزة مرو الروذ مرحلة في المطلع وهي من نهر مرو الروذ على غلوة من شرقيه ودزة بمقربة من النهر ومن بشين إلى شورمين مرحلة مما يلي الجنوب وهي في الجبل المعروف ببلكيان. وفي الشمال من مدينة مرو إلى مدينة أبيورد ست مراحل ومن مرو الروذ إلى مرو الشاهجان ست مراحل فذلك من مرو الشاهجان إلى هراة اثنتا عشرة مرحلة ومن هراة إلى مرو الروذ ست مراحل وكذلك من مرو الروذ إلى بلخ ست مراحل ومن مرو الروذ إلى سرخس خمس مراحل ومن مرو إلى

آمل على شط نهر جيحون ست مراحل خفاف وهي من الأميال مائة وأربعة وعشرون ميلا وآمل بينها وبين النهر المسمى جيحون ثلاثة أميال وآمل هذه مدينة حسنة متوسطة القدر ولها بساتين وعمارة وبها ناس وتجارة ومنافع وجبايات كافية وهي على شفير مفازة. ومن آمل إلى مدينة خوارزم المسماة الجرجانية اثنتا عشرة مرحلة ومن الجرجانية إلى بحيرتها ست مراحل وكذلك من آمل إلى زم طالعا مع النهر أربع مراحل ومن زم إلى الترمذ في النهر خمس مراحل ومن الترمذ مع النهر إلى بذخشان ثلاث عشرة مرحلة وهذا طول خراسان وخوارزم مع جرية النهر وجميع ذلك يكون أربعين مرحلة. وأما مدينة زم فمدينة تقارب آمل في الكبر ولها ماء جار وبساتين وعمارات وزروع وتجارات وصنائع مكتفية بذاتها وهي وآمل يجتمع بها مسافر وخراسان وآمل أكثر معبرا إلى ما وراء النهر ويحيط بهما جميعا مفاوز تتصل من حدود بلخ إلى بحيرة خوارزم والغالب على هذه المفازة الرمال ومن مدينة زم إلى الترمذ وهي في الضفة الشرقية من النهر المسمى بجيحون أربع مراحل في نفس جيحون. وهذا النهر مخرجه من بلاد وخان في حدود بذخشان ويسمى هناك نهر جرياب ثم تجتمع إليه أنهار خمسة كبار في حدود الختل والوخش فيصير منها نهر عظيم لا نظير له في أنهار الأرض كثرة ماء وسعة مجرى وعمق

قعر فأما نهر جرياب فيليه نهر يسمى باخشوا وهو نهر هلبك ويلي هذا النهر نهر ثان ويسمى نهر بلبان ويلي هذا النهر نهر فارغر ثم يليه نهر انديجاراغ ويليه أيضا نهر وخشاب وقد يقع إلى هذا النهر أنهار كثيرة صغار تخرج من جبل البتم وغيره ومنها أنهار الصغانيان وأنهار القواذيان فتجتمع كلها قبل القواذيان وتقع في نهر جيحون ونهر وخشاب يخرج من بلاد الترك حتى يظهر في أرض الوخش ويسير تحت جبل كبير ويغور تحته ويعبر الجبل كالقنطرة ولا يعلم مقدار جريه تحت هذا الجبل ثم يخرج عن الجبل ويجري في حدود بلخ إلى أن يصل الترمذ وهذه القنطرة الحد بين الختل وواشجرد ثم يجري هذا النهر من الترمذ إلى كيلف إلى زم إلى آمل إلى أن ينتهي إلى بحيرة خوارزم وليس ينتفع أحد من الناس بماء هذا النهر من حيث خروجه من منبعه إلى أن يصل زم وآمل فينتفعون به قليلا ثم يمنع خيره إلى أن يصل إلى بلاد الغزية فيسقى به هناك وينتفع بمائه. والترمذ مدينة في نفس جيحون والنهر يضرب سورها ومدينتها على حجز طريق الصغانيان ولها ربض كبير ويحيط بها وربضها سور ودار الإمارة في قصرها ولها أسواق وعمارات وأسواقها في مدينتها وأبنيتها من طين وهي مدينة حسنة عامرة آهلة مفروشة الأزقة والشوارع بالآجر وهي فرضة لتلك النواحي التي على جيحون وشرب أهلها من جيحون ومن نهر كرى الجائي من الصغانيان فيمر تحتها ويقع هناك في نهر جيحون ومن مدنها صرمنجي وهاشم جرد ومن الترمذ إلى بلخ مرحلتان كبيرتان.

ومدينة بلخ في مستو من الأرض وأقرب الجبال إليها على اثني عشر ميلا وهي دار مملكة الأتراك والملك بها لازم وبها العساكر والأجناد والملوك والقواد والعمال والأسواق العامرة والمتاجر المكسبة والأموال الواسعة والأحوال الصالحة وبناؤها بالطين واللبن ولها سبعة أبواب في محيط سورها وسورها من تراب ولها ربض عامر كثير الساكن وبه أسواق وصناعات ومسجد جامعها في المدينة في وسطها والأسواق دائرة به وهي على ضفة نهر متوسط مقدار ما يدير ماؤه عشر أرحاء وهو جار على باب النوبهار ويسقي رساتيقها وقد أحاط بجميع جوانبها الكروم والجنات والبساتين والمباني والمتنزهات وبها مدارس للعلوم ومقامات للطلاب والأرزاق جارية على من شاء شيئا من ذلك وبهذه المدينة أموال وملوك مياسير وتجار وأحوال صالحة ومدينة بلخ يتصل بها من جهة جنوبها بلاد طخارستان وبذخشان وأعمال الباميان ومن جهة غربها ومع شمالها بلاد مرو وبلاد الجوزجان وهي قطب ومدار لما جاورها والطريق منها إلى طخارستان وبذخشان. ومدن طخارستان هي خلم وسمنجان وبغلان وسكلكند وورواليز وآرهن وراون والطايقان وسكيمشت وروا وسراي وخسب اندراب (واندرابة) ومذروكه.

فمن بلخ إلى ورواليز يومان وورواليز أيضا مدينة حسنة ذات أسوار وأسواق ومنافع ولها ربض عامر وبها تجارات ولها قرى وعمارات ومنها إلى مدينة الطايقان مرحلتان ومدينة الطايقان مدينة عامرة آهلة قدرها ربع بلخ ولها سور طين ومبانيها بالطين والجيار وهي في مستو من الأرض ولها نهر كبير وكروم وعمارات ولها أسواق وتجارات نافقة وكثير من الصناعات. ومن شاء أخذ من بلخ إلى خلم يومان وخلم في غربي ورواليز وبينهما يومان وهي مدينة حسنة كثيرة الخيرات مشتملة على بركات ولها مزارع ومياه جارية ومنافع جمة ومن خلم إلى سمنجان يومان وسمنجان في غربي الطايقان وبينهما مرحلتان وهي في ذاتها مدينة حسنة آهلة عامرة بالتجار والناس والجلة ولها سور تراب ومن سمنجان إلى أندرابة خمسة أيام وهي مدينة في سفح جبل ومنها تجمع الفضة التي من جارباية وبنجهير ولمدينة أندرابة نهران أحدهما يسمى أندراب والآخر يسمى نهر كاسان ولها بساتين وحدائق ومتنزهات وأشجار كثيرة وكروم ومن الطايقان أيضا إلى مدينة بذخشان سبع مراحل وكذلك من أندرابة إلى بذخشان شرقا أربع مراحل ومن أندرابة إلى جارباية جنوبا ثلاث مراحل. ومدينة جارباية مدينة صغيرة وهي في أسفل جبل على نهر يأتي إليها من بنجهير فيشق المدينة ولا ينتفع بشيء من ماء النهر فيها وينتهي إلى أن يمر

بفروان ويتصل بأرض الهند فيصب في نهر نهروارة وليس لأهل جارباية شيء من الشجر ولا بساتين إلا قليل مباقل وإنما يسكنونها على استخراج المعادن التي فيها ولا شيء أفضل من معدنها ومعادن بنجهير أيضا مثلها وكلاهما على جبل وعر ومن جارباية إلى بنجهير يوم وبنجهير مدينة صغيرة على جبل وأهلها أشرار أسلاط فساد ولهم نهر يأتي من جبلهم ويصل إلى جارباية كما وصفناه فبل وكلا هاتين المدينتين أهلهما أصحاب طلب ومعرفة باستخراج المعادن وسبكها واستخراجها من أرضها وما لصق بها ومن بنجهير إلى فروان مرحلتان جنوبا ومدينة فروان مدينة صغيرة حسنة الجهات متحضرة الأسواق وبها تجارات وناس مياسير وبناؤها بالطين واللبن وهي على نهر بنجهير الواصل إلى الهند وفروان فرضة لدخول الهند. ومن أندرابة السابق ذكرها إلى بغلان مرحلتان ومن بغلان إلى سمنجان مرحلتان ومن بغلان إلى بلخ ست مراحل ومدينة بغلان مدينة عامرة حسنة متحضرة ذات أنهار وأشجار وعمارات وقرى كثيرة ومتاجر وخيرات واسعة ومن بغلان إلى الباميان ثلاث مراحل غربا ومدينة الباميان تكون على مقدار ثلث بلخ وهي على رأس جبل الباميان وليس بنواحي الباميان مدينة على جبل سواها وتنحدر من جبلها أنهار ومياه كثيرة تتصل بنهر أندراب

ولها سور وقصبة ومسجد جامع وربض كبير لاصق بها ومن مدن الباميان بشغورقند وسكاوند وكابل ولجرا وفروان وغزنة وبشغورقند وسكاوند متقاربتان في الكبر والصفة وبهما عمارات وأسواق وتجارات وخيرات عامة وأما كابل وغزنة والفروان فقد تقدم ذكرها في غير هذا الموضع. والطريق من بلخ إلى الباميان تخرج من بلخ إلى مذر ست مراحل وهي مدينة صغيرة عامرة في مستو من الأرض والجبل يبعد عنها يسيرا ومنها إلى مدينة كه مرحلة وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وعمارة ومنبر ومنها إلى الباميان ثلاث مراحل وكذلك من مدينة بلخ إلى بذخشان ثلاث عشرة مرحلة ومن بلخ إلى الطايقان أربع مراحل ومن الطايقان إلى بذخشان سبع مراحل وذكر الحوقلي في كتابه أن من بلخ إلى اشبورقان ثلاث مراحل ومن اشبورقان إلى الفارياب ثلاث مراحل ومن الفارياب إلى الطالقان ثلاث مراحل ومن الطالقان إلى مرو الروذ ثلاث مراحل وهذه المراحل مراحل صغار وقد ذكرنا فيما تقدم أن لهذه المراحل من الأميال التي بين مرو وبلخ ثلثمائة وثمانية وأربعين ميلا. ولنرجع الآن إلى ذكر مدينة بذخشان فنقول إن مدينة بذخشان مدينة

صغيرة ولها رساتيق كثيرة خصبة ولها كروم وأشجار وعيون جارية وعليها سور تراب حصين وبها أسواق وفنادق وحمامات وتجار وأموال متصرفة وهي على نهر جرياب وفي غربيه ونهر جرياب هو معظم نهر جيحون الأعظم وبجبالها دواب كثيرة ونتاج كثير وبجلب منها الخيل والبغال والرماك المنتخبة وترفع منها الحجارة ذوات الجواهر النفيسة التي تشاكل الياقوت الأحمر والرماني وسائر أنواع الحجارة ويجلب منها اللازورد ويستخرج بها منه الشيء الكثير ويحمل إلى سائر أقطار الأرض فيعمها كثرة ولا شيء يفوقه ويقع إليها المسك من طريق وخان من أرض التبت ومدينة بذخشان هذه تتصل ببلاد القنوج من الهند. وأول كورة على جيحون مما وراء النهر الختل والوخش وهما كورتان غير أنهما مجموعتان في عمل واحد ومكانهما هو بين نهر جرياب ونهر وخشاب وتتصل بالشرق من نهر جرياب بلاد الختل ثم الوخش المقدم ذكرها فمدن الوخش هلاورد ولاوكند ومدن الختل كاربنك وتمليات وهلبك وسكندرة ومنك وانديجاراغ وفارغر ورستاق بيك والختل أكثره جبال إلا ناحية وخش وأكبر مدينة في الختل منك.

ومدينة هلاورد مدينة عامرة حسنة فيها أسواق وتجارات وداخل وخارج وكذلك مدينة لاوكند مثلها في الكبر والأسواق والتجارات وأما مدينة هلبك فهي مدينة حسنة البقعة رائعة الرقعة كثيرة البساتين والمتنزهات وبناؤها بالطين والجيار وبها أسواق كثيرة وقوم مياسير والسلطان ينزل بها وبين هلبك ومدينة منك مرحلتان ومدينة منك وسطة في الكبر ولها سور من حجارة وجص ولها عمارة وأسواق وبشر كثير وهلبك أصغر من منك ومنك تليها في الكبر وخان وكران وبهما أسواق وصناعات وعمارة كثيرة وكذلك من معبر آرهن وهي مدينة صغيرة إلى هلاورد مرحلتان ومن المعبر إلى هلبك مرحلتان وكاربنج أيضا مدينة فوق معبر آرهن على نهر جرياب بنحو ثلاثة أميال ومدينة تمليات هي من قنطرة الحجر على اثني عشر ميلا في طريق منك ومن معبر بذخشان إلى طريق منك مرحلتان ومن رستاق بيك تعبر نهر انديجاراغ ثم تدخلها وبين رستاق بيك وانديجاراغ مرحلة وانديجاراغ مدينة كبيرة حسنة الأسواق والمباني كثيرة الخيرات والمنافع ومن انديجاراغ تعبر نهر فارغر وبينهما يوم ثم تعبر نهر بلبان إلى منك وقد تقدم وصفها ومن الترمذ إلى القواذيان مرحلتان. والقواذيان مدينة أصغر من الترمذ وعليها سور تراب وبها أسواق وتجار مياسير وضياع وفعلة ولها أكوار وقرى عامرة ومنافع وغلات ولها من

المدن نودز وهي مدينة أصغر من القواذيان لكنها متحضرة ذات سوق عامر وتجارات وبضائع وبينهما مرحلة ومن القواذيان إلى الصغانيان ثلاث مراحل. والصغانيان مدينة أكبر من الترمذ ولها ربض وعليه سور حصين ومساكنها وشوارعها فساح وأهلها قليلون والترمذ أكثر بشرا وأعظم أموالا وأكثر تصرفا وتجولا وللصغانيان قهندز حصين حسن ولها مسجد جامع وخطبة وفقهاء وطلاب للعلم ولها رستاق وقرى وعمارات متصلة وبها مياه جارية وأنهار تتصل بجريها مع أنهار القواذيان وتجتمع بقرب القواذيان حتى تصل أسفل الترمذ. والطريق من الترمذ إلى الصغانيان أربع مراحل ومن الترمذ إلى جرمنقان مرحلة وجرمنقان مدينة صغيرة ولها رستاق وقرى متصلة ومبان حسنة ولها سوق ومياه جارية ومن جرمنقان إلى صرمنجي مرحلة وهي مدينة صالحة القدر عامرة بالناس والتجار والأسواق والتجارات والصادر والوارد ولها منافع ومنها إلى دارزنجي مرحلة وهي من الأميال أحد وعشرون ميلا وهي مدينة حسنة كاملة المنافع متقنة الأسواق والشوارع ولها رباطات عامرة ومساكن متقنة ولأهلها أموال وتجارات ومن دارزنجي إلى الصغانيان مرحلتان. ومن الصغانيان إلى واشجرد تخرج من الصغانيان إلى نوندك تسعة أميال ثم إلى همواران أحد وعشرون ميلا وبينهما وادي وخشاب وعرضه هناك يكون ثلاثة أميال وأقل من ذلك وأكثر وهمواران مدينة عامرة في غربي النهر متحضرة كثيرة الأهل غزيرة التجار والصنائع والأموال صالحة الأحوال

ولها عمارة متصلة وبساتين ومتنزهات ومنها إلى ابان كسوان أربعة وعشرون ميلا وهي قرية كبيرة عامرة ثم منها إلى شومان خمسة عشر ميلا ومدينة شومان متوسطة المقدار كثيرة الساكنين والتجار وبها أسواق قائمة وخيرات دائمة وبناؤها بالطين ولها سور منيع ومن مدينة شومان إلى مدينة افديان يوم وهي مدينة صغيرة عامرة ومنها إلى واشجرد يوم خفيف وهي خمسة عشر ميلا ومدينة واشجرد جيدة المقدار كثيرة العمارات واسعة التجارات بها مياسير وجلة ومسافرون وفي نساء أهلها جمال وبها صناعات وأحوال صالحة ويرتفع من شومان وواشجرد زعفران كثير يحمل إلى كثير من الآفاق والبلاد البعيدة وهو أجل غلة بواشجرد ويرتفع من القواذيان الكمون والقطن والفوة التي يصنع بها الخمرة ويجتمع بها منها الشيء الكثير ومنها تحمل إلى بلاد الهند وللسلطان فيها سهم ومن واشجرد إلى الجبل الذي يدخل نهر وخشاب تحته ويخرج في ناحيتها مرحلة خفيفة. فمن أراد بلاد الراشت انحرف مع الشرق قليلا وسار من مدينة واشجرد إلى مدينة دربند مرحلة وهي مدينة صغيرة متحضرة بأسواق وعمارات وناس مياسير ومنها إلى مدينة جاركان مرحلة وهي أيضا مدينة تقارب دربند في الكبر وبها ما فيها من الصناع والفعلة والتجارات سواء ومن مدينة جاركان إلى مدينة القلعة مرحلة وهي مدينة عامرة منيعة في آخر الراشت مما يلي الأتراك على جبل عال وهم من الأتراك متحذرون والراشت أقصى خراسان

من ذلك الوجه وهي مدينة بين جبلين كان منها مدخل للترك إلى القارة فأغلق الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك هناك بابا وجعل عليه من يحرسه ثم تداولت الملوك حراسته إلى الآن. ومما يلي الوخش والختل وخان والشقينة في بلاد الترك وبين وخان والتبت ثمانية عشر يوما وبوخان معادن الفضة التي لا نظير لها في الكثرة والطيب وفي أوديتها ذهب تبر يسيل مع الماء في وقت جري السيول فيجمعونه هناك ويخرجونه إلى البلاد ويقع منها المسك والرقيق والشقينة مدينة من مدائن الأتراك الخرلخية وبينها وبين وخان خمسة أيام وهي تتاخم الوخش. وبجوار مدينة الصغانيان بلاد كثيرة عامرة فمنها مدينة باسند وبينهما مرحلتان وهي مدينة عامرة أقطارها زاهرة وعمارتها متصلة وخيراتها ومرافقها كثيرة ومن الصغانيان إلى بوراب مرحلة بين شرق وجنوب وهي مدينة حسنة كثيرة التجارات والعمارات وأهلها مياسير وبها طرز وصناعات وبين بوراب وباسند مرحلة ومن الصغانيان أيضا إلى ريكدشت ثلاثة أميال وهي مدينة صغيرة ومنها إلى زينور مرحلة شرقا. ومن الترمذ أيضا الطريق إلى بخارا وهي إحدى عشرة مرحلة وذلك أنك تخرج من الترمذ إلى هاشم جرد وهي مدينة صغيرة مرحلة ومنها إلى رباط دارنك ومنها ألى باب الحديد وهي مدينة صغيرة متحضرة ومن باب الحديد

إلى كندك مرحلة وكندك مدينة صغيرة متحضرة شبيهة بباب الحديد في الصنائع والأعمال والمتصرفات ومنها إلى الديذكي مرحلة ومنها إلى سوبخ مرحلة وسوبخ أيضا مدينة حسنة نبيلة المباني والأسواق محتوية على منافع ومن سوبخ إلى نسف مرحلة. ومدينة نسف كبيرة في مستو من الأرض لها سور وربض كبير عامر يحيط به السور ولها أربعة أبواب وفي المدينة قهندز ليس بالحصين ولها بالربض مسجد جامع وأسواقها في الربض مجتمعة متصلة بين دار الإمارة والمسجد الجامع وليس لها كثير قرى ونواح والجبال منها على نحو مرحلتين شرقا مما يلي كش ومنها في الجانب الغربي مفازة متصلة بنهر جيحون لا جبل فيها ولها نهر واحد يجري في وسط المدينة ودار الإمارة عليه ويتصل هذا النهر بها من كش فإذا خرج عن المدينة سقى الزارع منها وليس بنسف ورساتيقها ماء جار إلا هذا النهر وينقطع جريه في السنين المحيلة ولهم مياه نابعة جارية تسقي الكثير من بساتينهم ومباقلهم والغالب على مدينة نسف الخصب والسعة والخفض والدعة وبها يجتمع طريق سمرقند بهذه الطريق ولها منبران سوى المدينة ويسمى أحدهما بزدة والثاني كسبة وهما مدينتان صغيرتان عامرتان فيهما مساجد ومنابر وجماعات ومن مدينة نسف إلى ما يمرغ مرحلة

ومنه إلى ميانكال مرحلة ومنه إلى فراجون مرحلة وهي قرية عامرة ومنها إلى بخارا مرحلة. والطريق أيضا من آمل إلى بخارا تخرج من آمل إلى النهر ثلاثة أميال فتعبر في المراكب إلى مدينة فربر في الضفة الشرقية من النهر وهي مدينة عامرة حسنة المباني ظريفة الشوارع والمسالك ولها زراعات وبساتين وهي في نفسها حصينة ومن فربر إلى مدينة بيكند مرحلة وهو متوسط الطريق إلى بخارا وهي مدينة متوسطة لها عمارات وسوق قائمة ومزارع وغلات ولها سور حصين ومسجد جامع مزخرف بنيانه وقبلته في تزخرفها وحسنها لا يعلم بناء مثلها وهي مدينة منفردة بذاتها ومن بيكند إلى بخارا مرحلة. وبخارا مدينة تشف على المدن كبرا وترهي على المحاسن نظرا فرجة الأرجاء والجهات كثيرة الأشجار والثمرات وهي مدينة في مستو من الأرض وبناؤها خشب مشبك ويحيط بهذا البناء المشبك من القصور والبساتين والمحال والسكك المفترشة والقرى المتصلة ما يكون طوله ستة وثلاثين ميلا في مثلها ويحيط بها كلها سور يجمع هذه القصور والمساكن والمحال التي تعد من القصبة ويسكنها من يكون من أهل القصبة شتاء وصيفا وداخل هذا السور سور آخر يكون عرضه نحو ثلاثة أميال في مثلها وداخل هذا السور مدينة حسنة

متقنة لها سور مجصص ولها قهندز خارج المدينة متصل بها ومقدار هذا القهندز يكون كالمدينة الصغيرة وفيه قلعة ومسكن حسن وقصور يروق الأبصار إطلاعها ويريع الألباب اختراعها وينزلها الولاة من ولد سامان لحسن مصانعها وغرائب اتقانها ووثاقة بنيانها ولمدينة بخارا ربض طويل عريض عامر الديار فسيح المجالات وأكثر أسواقها في هذا الربض وفيها مسجد جامع عديم المثال كثير الاحتفال وموضعه على باب القصبة في المدينة وببخارا من الخلائق ما لا يحصى لهم عدد ولا يحيط بهم خبر وجلة أهلها أملياء أغنياء مياسير أولو أموال طائلة وأحوال صالحة وتجارات واسعة ويشق ربضها نهر الصغد ويخترق أكثر أزقتها وشوارعها وأسواقها وهذا النهر هو فاضل نهر الصغد الجائي إليها من سمرقند ولأهل بخارا عليه طواحين أرحاء عدة وبضفتيه المنازه والبساتين والجنات والحدائق الملتفة الأشجار والمزارع الممتدة ويسقط فاضله في بركة كبيرة في ناحية بيكند وعلى قرب من فربر وتسمى هذه البركة بسامجن وللمدينة سبعة أبواب حديد ولبخارا رساتيق كثيرة وأعمال مشهورة وقرى جليلة وضياع وأكثرها بل كلها تحت الحائط الذي قدمنا ذكره وليس فيما يحيط به هذا الحائط من داخله جبل ولا مفازة ولا أرض غير عامرة وأقرب الجبال إليها جبل وركة وهو حجارة مصفحة ومنه يجلب

إلى بخارا الحجر الكثير تفرش به سطوح الدور والفنادق والشوارع وقد يجلب منه طين الأواني وأحجار الجص وقد يحرق ما صغر من حجره فيتخذ منه الجيار للبنيان والسطوح وفي بخارا بساتين وجنات يأتي منها ألوان الفواكه التي لا يعدلها شيء من الفواكه. ولبخارا عدة مدن في داخل حائطها وفي خارجه فأما المدن التي في داخل الحائط فالطواويس وهي أكبر منبرا في هذه الناحية وبمجكث وزندنة ومغكان وخجادة وهذه كلها من داخل الحائط وأما المدن التي هي خارج الحائط فمنها بيكند وفربر وكرمينية وخديمنكن وخرغانكث ومذيامجكث وأكبر هذه المدن المذكورة الطواويس وهي مدينة عامرة لها سوق في وقت من السنة معلوم ويقصد إليه الناس والتجار من جميع أرض خراسان للبيع والشراء ويجلب إليه كثير من الأمتعة ويحمل منه الثياب المتخذة من القطن إلى سائر أرض العراق لكثرتها وبها صناعات وطرز لاتخاذ هذه الثياب وبها فواكه

مختلفة الأجناس وبساتينها كثيرة ومرافقها موجودة والمياه تخترق طرقها وهي حصينة وفيها قهندز وسور يدور بها ومسجدها الجامع في المدينة ومنها إلى بخارا مرحلة وهي سبعة وعشرون ميلا وبمجكث مدينة أصغر من الطواويس وهي عامرة متحضرة ولها سور تراب وصناعات كثيرة ولها بساتين وجنات وعمارة متصلة وبمجكث في شمال بخارا وبينهما أربعة وعشرون ميلا وزندنة أيضا تشبه مدينة بمجكث في حالها وعمارة قطرها ولها مياه جارية وبساتين وفواكه وهي على شمال المدينة على اثني عشر ميلا وبينها وبين الطريق نحو ميل ونصف ومغكان أيضا كذلك مدينة صغيرة فيها أسواق وتجارات قائمة بذاتها ولها بساتين وعمارتها متصلة وهي على يمين طريق بيكند وتنحرف عن الطريق نحو تسعة أميال وخجادة أيضا مثل هذه المدينة قدرا وكبرا ولها أسواق وعمارات متصلة وهي عن يمين الذاهب من بخارا إلى بيكند على تسعة أميال وبينها وبين الطريق نحو ثلاثة أميال ومن الطواويس إلى كرمينية مرحلة في طريق سمرقند وكرمينية مدينة أكبر من الطواويس وأعمر وأكثر خلقا وأخصب أرضا وأكثر فواكه وألطف هواء ولها مسجد جامع ومنبر ولها قرى كثيرة ومن كرمينية إلى خديمنكن ثلاثة أميال مما يلي بلاد الصغد وبين خديمنكن وطريق سمرقند غلوة سهم على يسار الذاهب إلى سمرقند ومدينة مذيامجكث خلف وادي الصغد أعلى من خديمنكن بمقدار ثلاثة

أميال وهذه البلاد تتقارب أقدارها كبرا ويتوازى عمارها بشرا وفي كل واحدة منها مسجد ومنبر وخطبة قائمة وخرغانكث بحذاء كرمينية وعلى ثلاثة أميال من وراء الوادي. ويتصل ببخارا من شرقيها مع الجنوب أرض الصغد وأولها إذا جزت كرمينية سرت إلى الدبوسية مشرقا مرحلة وهي من الأميال أربعة وعشرون ميلا والدبوسية مدينة حسنة كثيرة البساتين والثمار ولها قرى ومزارع وعمارات حسنة ولها سور تراب وبها مياه جارية ومن الدبوسية إلى أربنجن مرحلة خفيفة وهي من الأميال خمسة عشر ميلا وأربنجن مدينة متوسطة المقدار فيها أسواق وعمارات وتجارات وصنائع وأحوال حسنة ولها مزارع متصلة وبساتين ومنها إلى زرمان ثمانية عشر ميلا ومن زرمان إلى قصر علقمة خمسة عشر ميلا ومنها إلى سمرقند ستة أميال. ومدينة سمرقند مدينة حسنة كبيرة على جنوبي وادي الصغد وقصبة الصغد سمرقند وهي مدينة لها شوارع ومجالات متسعة ومبان وقصور سامية وفنادق وحمامات وخانات وعليها سور تراب منيع يطيف بها خندق وهي كثيرة الخصب والنعم والفواكه ولها أربعة أبواب ويدخل المدينة ماء جلب إليها على جهة الجنوب على باب كش وهو نهر قد بني له قنطرة عالية على الأرض في بعض المواضع إلى أن يدخل المدينة ويشق أسواقها ويعم أكثر قصور المدينة ولهذا النهر حفظة وحراس ونظر بالغ لئلا يصل إليه شيء من الفساد ولها قهندز حسن حصين والمسجد الجامع منها في المدينة أسفل القهندز

وبينهما عرض المحجة الشارعة وفي المدينة ديار كثيرة عامرة وقصور شامخة وقليلا ما يكون منها قصر ولا دار كبيرة إلا ويكون فيها بستان وأشجار ومياه متدفقة والولاة كانت تنزل قبل هذا بسمرقند إلى أن تحولت الولاة إلى بخارا وسمرقند في وقتنا هذا أكثرها خراب وقد صارت عمارتها منتقلة إلى بخارا بسبب الرياسة التي فيها وفيما حكاه أهل الخبر أن مدينة سمرقند ابتدأ بناءها تبع الأكبر واستتم ذلك ذو القرنين وسمرقند مجتمع رقيق ما وراء النهر. ونهر الصغد الذي يصل إلى سمرقند وينفذ منها إلى بخارا أصل منبعه من جبل البتم على ظهر الصغانيان وينزل في أول من أعين تطرد من جبل البتم وتجتمع في منقع يسمى بورغسر ومنه تتشعب أنهار سمرقند كلها ومعظم الوادي يصل سمرقند ومن هذه الأنهار في جهة المشرق عند مفارقة ورغسر نهر برش ثم من أسفله يخرج نهر بارمش ثم نهر بشمين فأما نهر برش فإنه يمر ويمتد على ظهر سمرقند ومنه أنهار المدينة والحائط والقرى التي تتصل بها من مبدئه إلى منتهاه وأما نهر بارمش فإنه يحاذي هذا النهر من جهة الجنوب ومقدار جريه يوم وعليه عمارات متصلة وقرى عامرة من أوله إلى آخره وأما نهر بشمين فإنه يلي نهر بارمش مما يلي الجنوب وعليه (من) القرى والعمارات نحو ما على نهر بارمش وأكبر هذه الأنهار نهر برش ونهر بارمش

لأن السفن تجري فيهما وتتشعب من هذين النهرين أنهار عدة ويتصل بمنقع ورغسر إلى آخره حيث يخرج نهر بارمش رستاق يسمى برستاق الدرغم وطوله يكون ثلاثين ميلا وعرضه في أوسع موضع اثنا عشر ميلا وفي أضيق موضع ثلاثة أميال ويخرج من هذا النهر الوارد إلى سمرقند على مقربة منها وبأعلاها ثلاثة أنهار منها نهر بوزماجن يخرج عن النهر في جهة المشرق فيسقي رساتيق تلك الناحية إلى أن يتصل برستاق ويذار ومنها نهر اشتيخن ولا ينتفع بشيء منه عند خروجه إلى أن يمر له من مبدئه نحو اثني عشر ميلا ثم يتشعب منه خليجان فيسقي مقدار سبعة وعشرين ميلا حتى ينتهي إلى اشتيخن فيسقيها ويعم رساتيقها وهو أعظم هذه الأنهار ويتشعب أسفل هذا النهر نهر كينجكث فيمر هناك بقرى ودساكر فيسقي رستاق كينجكث ورستاق المرزبان وغير ذلك إلى أن ينتهي إلى الكشانية ويجاوزها إلى حدود حائط بخارا ومع ما يخرج من هذه الأنهار من نهر الصغد تصل فضلته بل أكثره إلى سمرقند فيجتاز منه تحت قنطرة جيرد على باب سمرقند الماء الكثير العمق الواسع العرض ويزيد ماؤه عند نزول الثلوج بجبال البتم وأشروسنة. ولمدينة سمرقند عدة رساتيق ومن مدنها المنسوبة إليها الدبوسية واربنجن وكش ونسف واباركث وويذار واشتيخن والكشانية وبنجيكث وخرغانكث وفرنكث وكبوذنجكث.

والطريق من سمرقند على طريق بلخ من مدينة سمرقند إلى مدينة كش مرحلتان وكش مدينة جليلة كثيرة الأهل عامرة بالناس والتجار ولها ربضان وعليها سور ولها مسجد جامع وقهندز غير حصين وطولها نحو من تسعة أميال في مثلها وبناؤها بالطين والخشب ولها فواكه كثيرة يحمل فاضلها إلى سمرقند وبخارا وهي وبيئة وللمدينة الداخلية أربعة أبواب خشب مصفحة بالحديد ولها نهران كبيران أحدهما يعرف بنهر القصارين ويخرج من جبال سيام ويجري في جنوبي المدينة والثاني نهر أسروذ يخرج من رستاق كشك وجريه على شمال المدينة وتمده أنهار صغار فتجتمع فضول هذه المياه كلها حتى تصل إلى نسف ويرتفع من مدينة كش من الملح الذراني المعدني ما يحمل إلى سائر الآفاق ويقع بجبالها الترنجبين كثيرا. ولمدينة كش أيضا مدن كثيرة منها نوقد قريش وسوبخ من رستاق خزار واسكيفغن ونوقد قريش مدينة صغيرة متحضرة ذات سور وعمارة كافية ومنها إلى كش مرحلة خفيفة ومن نوقد قريش إلى سوبخ مرحلة وهي مدينة متحضرة قائمة بما فيها وعليها سور تراب ولها عمارات متصلة ومن سوبخ إلى نسف مرحلة ونوقد قريش (على) يسار الطريق من كش إلى نسف واسكيفغن على ثلاثة أميال من سوبخ وسوبخ أقرب إلى اسكيفغن من

نسف ومن نسف إلى مدينة بزدة ثمانية عشر ميلا وكذلك من نسف إلى كسبة وهي مدينة صغيرة اثنا عشر ميلا وهما من بلاد نسف وقد ذكرنا نسف وما هي في ذاتها قبل هذا بحيث لا يجب لنا إعادة ذلك ومن كش إلى نسف ثلاث مراحل ومن كش إلى الصغانيان ست مراحل وكذلك الذي بين بخارا وسمرقند مائة ميل وأحد عشر ميلا. ومن سمرقند في جهة المشرق إلى اباركث مرحلة وهي أحد وعشرون ميلا واباركث مدينة متاخمة لأشر وسنة صغيرة لا منبر بها ومنها إلى مدينة ويذار مرحلة خفيفة ومدينة ويذار مدينة حسنة جليلة متحضرة متوسطة القدر ويعمل بها الثياب الويذارية المنسوبة إليها وهي قطن حسن الصنعة غريبة المثال تلبس خاما غير مقصورة وليس بخراسان أمير ولا وزير ولا قاض إلا وهو يلبسها ظاهرة على ملابسه في الشتاء وجمالهم بها ظاهر وزينتهم بها فاشية لأنها ثياب يميل لونها إلى صفرة الزعفران لينة اللمس صفاق جدا ترفة ويعمر الثوب منها كثيرا ويستخدم المدة الطويلة ويبلغ ثمن الثوب منها من ثلاثة دنانير إلى عشرين دينارا على قدر جودته أو رداءته وهي ثياب تفوق الثياب في جودتها وصحة عملها وحسن صنعتها ولها رساتيق وأعمال متصلة ويتصل ببعض رساتيقها رستاق المرزبان وبين مدينة ويذار ومدينة سمرقند ستة أميال.

ومن رساتيق سمرقند بنجيكث وبها منبر وهي مدينة عامرة حسنة البقعة ولها رستاق كبير ينسب إليها وهو في نهاية من الخصب وبينها وبين سمرقند سبعة وعشرون ميلا وفيما بين بنجيكث وسمرقند مدينة ورغسر وهي مدينة صغيرة كثيرة المتنزهات غزيرة الفواكه ولها رستاق يخرج إليه خليج من نهر سمرقند فيسقي جميع مزارعه وغلاته وبينه وبين سمرقند اثنا عشر ميلا ويلي بنجيكث جبال الشاوذار وهي فجاج ذات أنهار جارية تسقي ضياعا ومزارع وبقفارها صيود عدة أجناس وبين الشاوذار وورغسر فيما يلي سمرقند رستاق ما يمرغ ورستاق سنجرفغن وهذه كلها رساتيق مشتبكة الأشجار كثيرة القرى عذبة المياه ومن سمرقند أيضا إلى كبوذنجكث ستة أميال وكبوذنجكث مدينة حسنة البقعة كثيرة الخصب طيبة المزارع. ومن سمرقند إلى اشتيخن أحد وعشرون ميلا على شمال سمرقند ومن اشتيخن إلى الكشانية مرحلة ومن الكشانية إلى اربنجن مرحلة واربنجن في شمال نهر الصغد على طريق سمرقند أسفل من بخارا والكشانية أيضا في شمال النهر.

ومدينة اشتيخن مدينة مفردة على غاية النزهة وكثرة البساتين ولها قرى وزروع ومتنزهات وفرج وسعة أرجاء وحسن مبان ولها قهندز حسن وشرب أهلها من مياه الأنهار والعيون المطردة ولها ربض كبير عامر آهل ومنها إلى الكشانية سبعة وعشرون ميلا وهي أيضا من مدن الصغد وهي واشتيخن متقاربتان في الكبر غير أن قصبة الكشانية أكبرهما وأوفرهما جباية وأعمهما خلقا واشتيخن أكثر رساتيق أيضا وأعمر أرضا لأن حد اشتيخن من ظهر جبل ساغرج إلى حد الكشانية وذلك مقداره مرحلتان وكلاهما من شمال وادي الصغد والدبوسية واربنجن فإنهما من جنوب الوادي على جادة طريق خراسان وفي الغرب من مدينة الكشانية مدينة خرغانكث على مرحلة وهي تتاخم حائط بخارا من جهة الشمال وهي مدينة صغيرة طيبة الثرى معتدلة الهواء حسنة البناء كثيرة الفواكه غزيرة العمارة والزروع. ومن مدينة سمرقند إلى مدينة بونجكث مرحلة وهي من بلاد أشروسنة وأشروسنة اسم لأرض كما أن العراق اسم أرض والشام مثله وكذلك الصغد وفرغانة والشاش هذه كلها أسماء أرضين ولكل أرض منها عدة بلاد وليس

بإقليم أشروسنة مدينة اسمها أشروسنة وإنما هي اسم الأرض والذي يطوف بها من إقليم ما وراء النهر فمن شرقيها بعض فرغانة وفامر ومن غربيها حدود خراسان وشمالها بلاد الشاش وبعض فرغانة وجنوبها شومان وواشجرد والراشت وأعظم مدنها بونجكث وهي مدينة كبيرة لها ربض كبير وعليها سور وعلى ربضها أيضا مثل ذلك وبها مسجد جامع وحلقات علم وبناؤها بالطين وسقوفهم خشب ولها قهندز ولها بالمدينة أسواق عامرة وتجارات قائمة ومكاسب دائرة وصنائع منصرفه ولها بساتين وكروم وزروع كثيرة ويجري فيها نهر عليه رحى يطحن بها ولها مدن كثيرة منها خرقانة وأرسيانيكث وهي على حدود فرغانة وعلى سبعة وعشرين ميلا من بونجكث ومن مدنها فغكث وهي على اثني عشر ميلا من المدينة في طريق خجندة وغزق وبين خجندة وغزق ثمانية عشر ميلا وبين غزق وفغكث ستة أميال وديزك ومرسمندة وخرقانة وزامين وكل هذه البلاد مشهورة. فأما مدينة خرقانة فإنها مدينة جليلة صغيرة متحضرة ولها سوق وعمارة

وافرة ومنها إلى سمرقند سبعة وعشرون ميلا وكذلك من خرقانة أيضا إلى زامين سبعة وعشرون ميلا وزامين في طريق فرغانة من سمرقند وهي مدينة عامرة القطر كثيرة البشر حصينة لها سور وخندق وأرزاق كثيرة ومنها غربا إلى اباركث تسعة وثلاثون ميلا ومن اباركث إلى سمرقند اثنا عشر ميلا وهي مرحلة خفيفة ومن خرقانة إلى ديزك خمسة عشر ميلا وديزك مدينة في السهل ولها رستاق ويعرف بفكنان وهي في شمال أشر وسنة وبها يرابط أهل سمرقند ولها برك ماء جار وبساتين وعمارات ومن زامين إلى خجندة مشرقا على طريق خاوس وكركث فمن زامين إلى كركث تسعة وثلاثون ميلا عن يسار الذاهب إلى فرغانة ومن خرقانة إلى أرسيانيكث على حدود فرغانة سبعة وعشرون ميلا وأرسيانيكث مدينة جليلة المقدار صغيرة حسنة البنيان والأسواق والديار ولها بساتين وعمارة وهي من بونجكث على سبعة وعشرين ميلا ومن بونجكث إلى فغكث تسعة أميال وهي مدينة صغيرة لها سوق ولا منبر لها ومن فغكث إلى غزق وهي قرية عامرة تجارية ستة أميال ومن غزق إلى خجندة ثمانية عشر ميلا. ومدينة خجندة متاخمة لفرغانة وهي مدينة حسنة عامرة كثيرة الأهل قائمة الأسواق فيها صنائع وجمل بضائع وأهلها مياسير وهي على غربي نهر الشاش لكنها منفردة في أعمالها وبها مزارع مشتبكة وخيرات وافرة ويلي مدينة بونجكث المتقدم ذكرها مدينة مرسمندة وهي حسنة البقعة جليلة المساكن كثيرة الخيرات وليس لها بساتين ولا كروم والأشجار بها قليلة لكثرة البرد

ولها سوق في رأس كل شهر مرة مشهود يأتي إليه أهل تلك النواحي للبيع والشراء وهي سوق مشهورة وبين مرسمندة ونوجكث يومان وبين مرسمندة وحصن مينك مرحلة كبيرة وخرقانة وزامين وساباط هي كلها على طريق فرغانة إلى الشاش. ويتصل بجنوب هذه البلاد أرض البتم وهي جبال شاهقة منيعة وطرقها متعذرة وفي هذه الجبال حصون منيعة وقرى عامرة وأغنام وأبقار وخيل وفيها معادن الذهب والفضة والزاج والنشاذر وفي جوانب هذا الجبل كوى كثيرة متفرقة يخرج منها بخار يشبه بالنهار الدخان وبالليل كالنار فيكون منه النشاذر الذي لا يعدله نشاذر والبتم ثلاث جهات أول ووسط وطرف ومياه الصغد كلها تجري من الجهة الوسطى من البتم بمكان يعرف بمجى وجريه نحو تسعين ميلا ويجري هذا الماء إلى برغر ثم إلى بونجكث ثم إلى سمرقند وتخرج من مسخا مياه فتقع في برغر وتروي برغر وتختلط بماء سمرقند ونهر الصغانيان ونهر فرغانة في ظهر مسخا من قرب مجى وهو الموضع الذي قلنا إن منه يخرج نهر سمرقند ومينك حصن بشمال جبال البتم حصين منيع فرج البقعة مخضر الجوانب كثير الخيرات وبناحية مينك ومرسمندة تتخذ آلات الحديد التي تعم بلاد خراسان وما جاورها ويتجهز منها إلى أرض فارس والعراق.

ويتلو شرقي هذه البلاد بعض بلاد فرغانة وهي بلاد كثيرة منها نسيا العليا وهي أول كورة إذا دخلت إليها من ناحية خجندة ومن مدنها وانكث وسوخ وخواكند ورشتان ونسيا السفلى أيضا ومن مدنها مرغينان واندكان وزندرامش ونجرنك واشتيقان وهلى وهاتان الكورتان سهول ومروج لا جبال فيها ومنها اسبرة وهي جبلية سهلية ومن مدنها طماخش وبامكاخش وقبا وهي من أنزه بلاد فرغانة وقدرها مثل قدر أخسيكث وهي مدينة عالية الأسوار حسنة الأقطار كثيرة التجار والعمار والمتجولين والسفار كثيرة البركات جامعة لأنواع الخيرات ولها ربض عامر كبير وأسواق هذه المدينة في ربضها ويحيط بالربض والمدينة سور حسن ولها مياه جارية كثيرة وعلى تلك المياه بساتين وجنات وحدائق مؤنقات وأبنية ومتنزهات ولها رستاق كبير عامر فيه قرى كثيرة تتصل بنهر الشاش وذلك مقدار مرحلة ومدينة قبا بناها أنوشروان ووصل إليها من كل بيت قوما وسماها ازهر خانه أي من كل بيت. وخجندة من فرغانة وهي على نهر يأتي من الجنوب وبين قبا وخجندة سبعة وخمسون ميلا ومن باخسان إلى قبا ثلاثون ميلا ومن قبا إلى مدينة سوخ مرحلتان وهي خمسة وأربعون ميلا ومدينة سوخ مدينة متنحية عن الطرق

منفردة بذاتها ولها ستون قرية في رستاق وهي عامرة كثيرة الخيرات ويرتفع منها الزئبق ومن سوخ أيضا إلى رشتان مرحلة ومن رشتان إلى قبا مرحلتان خفيفتان وهي مدينة حسنة ومن قبا إلى اوش مرحلة كبيرة وهي ثلاثون ميلا. ومدينة اوش حسنة البقعة على ضفة نهر يعرف بها ولها ربض كبير عليه سور حصين متصل بسور المدينة ولها قهندز حصين وأسواق جامعة وهي في ذاتها على قدر قبا كبرا ولها ثلاثة أبواب من حديد محصنة ومدينة اوش ملاصقة للجبل المجاور للأتراك التبتية ولأهل المدينة على هذا الجبل مرقب للأتراك يحرس مغانيهم ومن مدينة أوش إلى مدينة اوزكند وهي آخر مدن فرغانة مما يلي دار الأتراك شرقا مرحلة وهي مدينة كبيرة عامرة بالناس وفيها أجناد ولأهلها حزم ومنعة وعزة أنفس ولها قرى كثيرة وليس في عملها مدينة غيرها ويقرب منها كاسان شمالا وهي مدينة حسنة كثيرة الخصب والعمارات وهي خصبة حصينة وكاسان اسم للمدينة واسم الناحية أيضا ولها قرى كثيرة وجملة ما من فربر على نهر جيحون إلى اوزكند أربع وعشرون مرحلة. وتتصل بهذه الكورة في جهة الشمال كورة ميان روذان وهي قرى كثيرة ومدينتها خيلام وسنذكر هذه الكورة فيما يأتي بعد إن شاء الله ومن مدينة

اوزكند إلى العقبة من الجبل الكبير يوم ومن العقبة إلى مدينة اطباش مسيرة يوم ومن اطباش إلى التبت سبع مراحل بين شرق وجنوب واطباش على رأس جبل منيع ممتنع ممن قصده ولأهله عدة واستعداد وحزم وجلادة وفيما ذكرناه من أوصاف بلاد هذا الجزء ما فيه كفاية والحمد لله على ذلك كثيرا. نجز الجزء الثامن من الإقليم الثالث ويتلوه الجزء التاسع إن شاء الله.

الجزء التاسع

الجزء التاسع إن هذا الجزء التاسع من الإقليم الثالث تضمن أرض التبت وبعض أرض التغزغز وبعض أرض الخرلخية. وفي أرض التبت من القواعد المشهورة مدينة التبت والثينخ ووخان والشقينة وبروان وأوج ورمحاخ وذالخوا. ومن بلاد خاقان التغزغز مدينة خاقان وتسمى تنتبغ ومدينة ماشه وجرمق وباخوان. ومن مدن الصين الخارجة كجا ودارخون. ومن بلاد الخرلخية برسخان العليا ونواكت. وبها بحيرات مياه عذبة وأودية جارية ومرابع ومصايف للأتراك ونريد أن نأتي بمواضع بلادها على مسافاتها وحدود أرضها ونتكلم في ذلك بما صح

ذكره في الكتب المصنفة على الأخبار الصحاح من كلام الأتراك الذين سلكوا تلك الأرضين وجاوزوها وأخبروا أيضا عنها. فنقول إن بلاد الصين الخارجة يليها مما يلي البحر الشرقي من بلاد التغزغز ويلي بلاد التغزغز مما يلي بلاد فرغانة بلاد التبت وأرض التبت تجاور الصين وبعض بلاد الهند ويتصل بها من جانب الشمال أرض الخرلخية وفي شرقيها بلاد التغزغز. ومدينتها العظمى المسماة تنتبغ لها اثنا عشر بابا من حديد وأهلها زنادقة ومن الأتراك التغزغزية قوم مجوس يعبدون النار والملك خاقان التغزغز مقيم في مدينة تنتبغ وهي مدينة عظيمة عليها سور منيع وهي على نهر كبير يجري إلى جهة المشرق ومن هذه المدينة إلى برسخان العليا من الأرض المجاورة لفرغانة مسيرة شهرين وتتصل أرض التغزغز إلى البحر الشرقي المظلم. ومن مدينة تنتبغ إلى مدينة باخوان بين غرب وشمال اثنا عشر يوما وهي مدينة من عمالة التغزغز وفيها ملك من أهل خاقان التغزغز له أجناد وحفظة وحصون وعمالة وهي ذات سور حصين وفيها أسواق يصنع بها

من الحديد كل غريبة وكذلك من جميع الصنائع من أنواع العود والفخار وغير ذلك وهذه المدينة على ضفة نهر جار إلى جهة المشرق وحول هذه المدينة مزارع ومرابع للأتراك ومياه ينزلون عليها وينتقلون عنها ومن هذه المدينة تخرج أكثر مصنوعات الحديد إلى أرض التبت وأرض الصين وبجبال هذه المدينة دواب المسك وهي غير برية وقد ذكرنا أحوالها وكيف تكون المسك في أطباعها في ذكر الإقليم الثاني ولا حاجة بنا إلى ذكر ذلك الآن. ومن مدينة باخوان إلى مدينة جرمق أربع مراحل بين قرى ومزارع وعمارة متصلة وهي منها بين جنوب وميل إلى غرب ومدينة جرمق مدينة. صالحة القدر خصيبة لها سوران من تراب وبينهما خندق له عمق كثير وسعة هذا الخندق مقدار سبعين خطوة ولها أربعة أبواب حديد وليس بها سوق إلا ما كان من صناعات الأسلحة لا غير وواليها يسكنها ومعه عدة خيل ورجل وهو يحرس جانبه من الملوك التبتية. ومن باخوان إلى مدينة التبت أربعة عشر يوما. ومن جرمق أيضا إلى مدينة برسخان العليا عشر مراحل. ومدينة التبت مدينة كبيرة وأرضها منسوبة إليها وهي بلاد الأتراك التبتية وأهلها قوم يداخلون أهل فرغانة والبتم وأرض وخان ويسافرون إلى أكثر هذه البلاد ويتجهزون بالحديد والفضة والحجارة الملونة والجلود النمرية والمسك التبتي المنسوب إليها وهي مدينة على نشز عال وفي أسفلها واد يمر

إلى بحيرة بروان جنوبا ولها سور منيع وملكها ينزل فيها وهو ملك معد بالرجال والخيل والتجافيف وبها صناعات كثيرة ويتجهز منها بثياب تصنع فيها غلاظ الأجرام خشنة لدنة يباع الثوب منها بدنانير كثيرة لأنها حرير في قزي ويتجهز منها أيضا بالرقيق والمسك أكثر إلى بلاد فرغانة وإلى بلاد الهند وليس على معمور الأرض أحسن ألوانا ولا أرق بشرا ولا أجمل خلقا ولا أنعم أبدانا من رقيق الترك والترك يسرق بعضهم أبناء بعض ويبيعونهم من التجار وقد يبلغ ثمن الجارية منهم ثلثمائة دينار فما فوقها. وأرض التغزغز هي بين التبت والصين ويجاورها من جهة الشمال الخرخيز. ومن بلاد التبت المدينة المسماة بثينخ وهي متوسطة الكبر في رأس جبل منيع وعليها سور حجارة حصين ولها باب واحد وبها صناعات للترك وأعمال وتجارات كثيرة مع من جاورهم ويسافر إليهم من أرض كابل وأرض وخان وأرض الختل والوخش ومن بلاد الراشت ويجلب منها الحديد المنسوب إلى التبت والمسك ويحكى أن في هذا الجبل المتصل بثينخ ينبت السنبل كثيرا وفي غياضه دواب المسك كثيرا ورعي هذه الدواب غض نبات السنبل وتشرب من ماء الوادي الجاري إلى ثينخ فيكون عن غذائها

هذا المسك وفي هذا الجبل كهف بعيد القعر يسمع في أصله خرير ماء جار ولا يدرك لهذه الهوة من هذا الكهف قعر البتة وصوت الماء وخريره مسموع سماعا فاشيا ولا يعلم حقيقة ما هو إلا الله وحده وينبت بهذا الجبل كثيرا نبات الراوند الصيني وهو به كثير ومنها يتجهز به إلى كثير من الآفاق ويتصل بالمشرق والمغرب ويباع بها وهو معروف ويسمى نهر ثينخ نهر شرماخ. ومن ثينخ في جهة الشرق إلى بحيرة بروان خمس مراحل في قرى وغياض للترك التبتية وبها قلاع وحصون منيعة وبحيرة بروان كبيرة يكون طولها أربعين فرسخا وعرضها اثنان وسبعون ميلا وماؤها حلو وبها سمك كثير ويصيده أهل بروان وأهل أوج وبروان وأوج مدينتان من أرض التبت على ضفة هذه البحيرة وبين أوج وبروان مسافة اثني عشر فرسخا سندية وهي خمسة أميال وبروان وأوج قدرهما في الكبر سواء وهما في تلول على ضفة البحيرة ومنها شرب أهلهما وهما بلدان قائمان بأنفسهما وبهما أسواق وصناعات تكفيهما ولا يحتاجان مع ما فيهما من ذلك إلى ما في غيرهما من صنائع البلاد وتصب في بحيرة بروان أنهار كثيرة كبار في كل جهة منها. وعلى مقربة من مدينة بروان وأوج وفي جنوبهما جبل معطوف على هيئة الدال لا يصل أحد إلى أعلاه إلا عن جهد وطرفاه يتصلان بجبال الهند وفي بحبوحته أرض وطيئة وفيها قصر مبني مربع لا باب له فمن قصده أو مشى نحوه وجد في نفسه فرحا وطربا مثل ما يجده شارب الخمر

ويقال إن من تعلق بهذا القصر وصعد إلى أعلاه لم يزل ضاحكا ثم يرمي بنفسه إلى داخل القصر فلا يرى وأظن أن هذا كلام مصنوع وليس بصحيح لكنه خبر مستفيض شائع في الناس. ومدينة كجا من أرض الصين وخارجة عن الجبال المكتنفة للصين وهي مدينة عامرة ليست بكبيرة وفيها تجارات وعمارات كثيرة. وكذلك من مدينة أوج إلى كجا عشر مراحل بسير الإبل. وبالشرقي من كجا مدينة دارخون وهي مدينة متوسطة القدر من بلاد الصين وهي آخر عمالة الصين في جهة الشمال وتتصل بها عمارات أرض الأتراك التغزغزية. وأما مدينة اطباش فإنها على جبل منيع متحذرة من الأتراك ومنها إلى التبت عشر مراحل وكذلك من اطباش إلى برسخان العليا ستة أيام في أرض الترك. وبرسخان العليا مدينة من بلاد الأتراك حصينة لها سوران منيعان وإليها يلجأ أكثر الأتراك الساكنين هناك فيما يحتاجون إليه من حوائجهم. ومن برسخان إلى نواكت في ثغور أرض الخرلخية نحو عشر مراحل بسير القوافل ولبريد الترك خمس مراحل وسنأتي على أكثر ذلك بعد هذا بحول الله.

وأما مدينة ماشه فمنها إلى خاقان التغزغز خمسة أيام وماشه من بلاد خاقان التغزغز وهي مدينة عامرة وفيها صناعات كثيرة ومن ماشه إلى باخوان ثمانية أيام غربا وهذه جملة ما في هذا الجزء التاسع من هذا الإقليم والحمد لله كثيرا. نجز الجزء التاسع من الإقليم الثالث والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر منه إن شاء الله.

الجزء العاشر

الجزء العاشر إن هذا الجزء العاشر من الإقليم الثالث وهو آخره من جهة المشرق تضمن جزءا من بلاد الصين في جنوبه وهناك للصين أربع مدن إحداها سطرويا والثلاث منها خفيت أسماءها وفي هذا الجزء قطعة وسطى من بلاد التغزغزية وفيها من بلادها ثلاثة وفيها من بلاد خرخيز قطعة كبيرة وأهلها يجاورون البحر ولهم في هذا الجزء أربع مدن عامرة. ونحن نريد أن نكمل أوصافها ونذكر ما هي عليه في حالاتها وهيئاتها ونصف مسافاتها إن شاء الله فنقول إن بلاد التغزغز قد ذكرنا حدها فيما تقدم قبل هذا ويتصل بها في جهة المشرق بلاد خرخيز مما يلي البحر الصيني وحد الصين فوقها في جهة الجنوب ويتصل بهم في جهة الشمال بلاد الكيماكية. وجميع بلاد الأتراك تكون خلف النهر وفي أقصى بلاد فرغانة والشاش والطران وهم أمم لا يحصى لهم عدد لكثرتهم ولهم رؤوس يرجعون إليهم ويقومون بحمايتهم والنظر في مشكلات أمورهم. وهم ظواعن رحالة منتقلون من مكان إلى مكان يطلبون الخصب حيث

عرفوا به وهم أصحاب إبل وأغنام وأبقار كثيرة وبيوتهم شعر مثل بيوت العرب لا يقيمون في مكان بل هم مع الدهر منتقلون متحولون من موضع إلى موضع آخر ولهم حرث وحصاد وزرع وعندهم السمن والزبد والألبان كثيرة وينتجون الخيل كثيرا ويأكلون لحومها ولا يفضلون على طعامها شيئا من اللحوم. وملوكهم أهل عدة وشكة واحتفال ونظر وحزم وعدالة قائمة وسير حسنة ولهم قلوب جافية وطباع غليظة غشيمة. والترك أصناف عدة فمنهم التبتية والتغزغزية والخرخيزية والكيماكية والخرلخية والجقر والبجاناك والتركش واذكش وخفشاخ والخلج والغزية وبلغارية وكلها من خلف النهر إلى جانب البحر الشرقي المظلم. وأهلها متمذهبون بمذاهب شتى وهم يغزون المسلمين والأتراك المسلمون الذين بلغهم الإسلام وأسلموا يغزونهم ويسبونهم وجميع من وراء النهر من المسلمين يبلغهم النفير والإنذار بالعدو لكنهم أهل جلادة ونجدة وعزة وقوة ومنعة لا يهابون الترك بوجه ولا سبب فأما مدينة خاقان الخرلخية فإن فيها مصلحة للمسلمين ومصلحة للأتراك. وجميع مداين الترك الذين ذكرناهم على ما حكاه أبو القاسم عبيد الله بن خرداذبه في كتابه إنها ست عشرة مدينة معمورة وهي بلاد عامرة عليها أسوار ولها حصون مانعة وما منها شيء إلا على جبل حصين منيع ولهم

مزارع الحبوب ويتجهز منها بالجلود النمرية والسنجاب والببر والحديد والمسك والرقيق والحرير. فأما بلاد الصين التي تجاور بلاد التغزغز فإن فيها ملوكا من ملوك الصين لهم أجناد وعدد وأموال طائلة وحزم وجلادة على مكابدة الترك وغزوهم ومنعهم من أذية ديارهم وأهل الصين في هذه الجهة زيهم زي الأتراك من اللباس والركوب وآلات الحروب وعندهم الفيلة الكثيرة يصادرون بها في صدور مواكبهم. والأتراك يهابون سطوتهم ويخافون شوكتهم فيمسكون عن أذية بلادهم ويحملون إلى الصين كثيرا مما عندهم من الصناعات والصوف والسمن والعسل وكثيرا من السلاح والشكة مثل الدروع والجواشن والأتراس والمقامع والثياب والمسك ونحو ذلك مما يحتاجون إليه ويتصرفون فيه وأهل الصين يهادونهم بسبب ذلك ويرفعون عن غزوهم لكنهم غير متغافلين في جانبهم. وأما بلاد خرخيز فبلاد كثيرة الخصب والمسافر ومياههم كثيرة وبها أنهار جارية تجري إليهم من ناحية تخوم الصين وأعظم أنهارهم نهر يسمى منخاز وهو كثير الماء عظيم الجري وجريه على الأحجار وقليلا ما يكون فيه الماء راكدا كالعادة في سائر الأودية. ولهم عليه أرحاء يطحنون بها الأرز والحنطة وسائر الحبوب كذلك يطحنونها ويخبزونها وقد يأكلونها طبيخا دون طحن وهم يتقوتون بذلك. وهذا الوادي ينبت على حافاته شجر العود والقسط الحلو وفيه سمك يسمى الشطرون يفعل في الجماع ما يفعل السقنقور الذي يوجد في نيل مصر

ويذكر أن هذا السمك ليس له شوك كثير ولحمه مفصص ولا رائحة له مثل رائحة السمك والمدينة التي يسكنها ملك خرخيز هي مدينة حصينة لها سور منيع وخندق وفصيل كبير. وبقربها جزيرة الياقوت ولها طريق يتصل بالبر غير أن هذه الجزيرة يحيط بها جبل مستدير صعب الصعود إلى أعلاه لا يقدر على الوصول إلى رأسه إلا بعد جهد ومشقة ولا يقدر أحد على النزول إلى أرض الجزيرة بوجه. ويحكى أن بها حيات قتالة وبأرضها حصى الياقوت كثير وأهل تلك الناحية يتصيدون هذه اليواقيت على أصناف حيل يعرفون صنعها وبين هذه المدينة والبحر المحيط بهذه الجزيرة نحو من ثلاث مراحل ومدن الخرخيزية كلها مجتمعة في موضع واحد من الأرض في نحو من ثلاث مراحل وهي أربع مدن كبار لها أسوار وحصون منيعة. وأهلها أهل عدة وقوة وحمية وأكثر ما يتحذرون من ملك الكيماكية لأنه جابر مطالب محارب لمن جاوره وبلاد الخرخيز أيضا تنتج فيها الخيل والغنم والبقر وخيلهم قصار الرقاب سمان وهم يعلفونها للذبح والأكل وأكثر تصرفهم وانتقالهم على البقر. ونساء الخرخيز يتصرفن في جميع الأشغال كتصرف الرجال وليس للرجال تصرف في أكثر من الحرث والحصاد لا غير والنساء بها يحجمن أطراف ثديهن لئلا تعظم وفيهن حصافة وشدة وجراءة مثل الرجال وهم يحرقون موتاهم ويلقون رمادهم في نهر منخاز ومن بعد منهم عن النهر يحرق ميته ثم يذريه على الأرض مع الريح حتى يذهب.

وأما بلاد التغزغز فمنها مدينة خزخراكث وبينها وبين مدينة خاقان ملكهم يوم خفيف وهي مدينة كثيرة الخيرات وفيها صنائع ويجلب إليها حديد كثير يتجهز به سائر الآفاق من بلاد الترك ومن خزخراكث إلى مدينة نضخو أربع مراحل ومدينة نضخو على بحيرة كبيرة وتسمى بحيرة كوارث. وهذه البحيرة ماؤها حلو وبها طير كثير يبيض ويفرخ على الماء وهو شبيه بالطائر المسمى بالهدهد مبرقش بضروب الألوان وإلى هذه البحيرة ينتجع كثير من الترك لكثرة ربيعها وعشبها. ومن مدينة نضخو إلى مدينة خاقان أربع مراحل خفاف في عمارة متصلة وقوم ظواعن رحالة ينتقلون من موضع إلى موضع ومنها إلى نشران وهي مدينة كبيرة في جهة الشمال ست مراحل وهي مدينة حسنة للتغزغز على نهر كبير خصيب الضفتين ومواشي أهل هذه المدينة تسرح في ناحيتيه وجانبيه وبها تجارات وصناعات ويوجد في هذا النهر أحجار اللازورد ويجمع بها منه جمل كثيرة فيحمل إلى خراسان والعراق وسائر بلاد الشامات وإلى هنا انتهى بنا القول في الإقليم الثالث بتمام هذا الجزء العاشر والحمد لله أولا وأخيرا. [نجز الجزء] العاشر من الإقليم الثالث. والحمد لله [ويتلوه الجزء] الأول من الإقليم الرابع إن شاء الله.

المجلد الثاني

[المجلد الثاني] الإقليم الرابع الجزء الأوّل بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وعلى آله رب يسر برحمتك إن هذا الجزء الأول من الإقليم الرابع مبدؤه من المغرب الأقصى حيث البحر المظلم ومنه يخرج خليج البحر الشامي مارا إلى المشرق وفي هذا الجزء المرسوم بلاد الأندلس المسماة باليونانية اشبانيا وسميت جزيرة الأندلس بجزيرة لأنها شكل مثلث وتضيق من ناحية المشرق حتى تكون بين البحر الشامي والبحر المظلم المحيط بجزيرة الأندلس خمسة أيام ورأسها العريض نحو من سبعة عشر يوما وهذا الرأس هو في أقصى المغرب في نهاية انتهاء المعمور من الأرض محصور في البحر المظلم ولا يعلم أحد ما خلف هذا البحر المظلم ولا وقف بشر منه على خبر صحيح لصعوبة عبوره وظلام أنواره وتعاظم موجه وكثرة أهواله وتسلط دوابه وهيجان رياحه وبه جزائر كثيرة ومنها معمورة ومغمورة وليس أحد من الربانيين يركبه عرضا ولا ملججا وإنما يمر منه بطول الساحل لا يفارقه وأمواج هذا البحر تندفع منغلقة كالجبال لا ينكسر ماؤها وإلا فلو تكسر موجه لما قدر أحد على سلوكه.

والبحر الشامي فيما يحكى أنه كان بركة منحازة مثل ما هو عليه الآن بحر طبرستان لا يتصل ماؤه بشيء من مياه البحور وكان أهل المغرب الأقصى من الأمم السالفة يغيرون على أهل الأندلس فيضرون بهم كل الإضرار وأهل الأندلس أيضا يكابدونهم ويحاربونهم جهد الطاقة إلى أن كان زمان الإسكندر ووصل إلى أهل الأندلس فأعلموه بما هم عليه من التناكر مع أهل السوس فأحضر الفعلة والمهندسين وقصد مكان الزقاق وكان أرضا جافة فأمر المهندسين بوزن الأرض ووزن سطوح ماء البحرين ففعلوا ذلك فوجدوا البحر الكبير يشف علوه على البحر الشامي بشيء يسير فرفعوا البلاد التي على الساحل من بحر الشام ونقلها من أخفض إلى أرفع ثم أمر أن تحفر الأرض التي بين بلاد طنجة وبلاد الأندلس فحفرت حتى وصل الحفر إلى الجبال التي في أسفل الأرض وبنى عليها رصيفا بالحجر والجيار إفراغا وكان طول البناء اثني عشر ميلا وهو الذي كان بين البحرين من المسافة والبعد وبنى رصيفا آخر يقابله مما يلي أرض طنجة وكان بين الرصيفين سعة ستة أميال فقط فلما أكمل الرصيفين حفر للماء من جهة البحر الأعظم فمر ماؤه بسيله وقوته بين الرصيفين ودخل البحر الشامي ففاض ماؤه عليه وهلكت بذلك مدن كثيرة كانت على الشطين معا وغرق أهلها وطغا الماء على الرصيفين نحو احدى عشرة قامة. فأما الرصيف الذي يلي بلاد الأندلس فإنه يظهر في أوقات صفاء البحر

في جهة الموضع المسمى بالصفيحة ظهورا بينا طوله على خط مستقيم والربيع قد ذرعه وقد رأيناه عيانا وجرينا على طوله بطول الزقاق مع هذا البناء وأهل الجزيرتين يسمونه القنطرة ووسط هذا البناء يوافق الموضع الذي فيه حجر الأيل على البحر وأما الرصيف الآخر الذي بناه الإسكندر في جهة بلاد طنجة فإن الماء حمله في صدره واحتفر ما خلفه من الأرض وما استقر ذلك منه حتى وصل إلى الجبال من كلتا الناحيتين. وطول هذا المجاز المسمى بالزقاق اثنا عشر ميلا وعلى طرفه من جهة المشرق المدينة المسماة بالجزيرة الخضراء وعلى طرفه من ناحية المغرب المدينة المسماة بجزيرة طريف ويقابل جزيرة طريف في الضفة الثانية من البحر مرسى القصر المنسوب لمصمودة ويقابل الجزيرة الخضراء في تلك العدوة مدينة سبتة وعرض البحر بين سبتة والجزيرة الخضراء ثمانية عشر ميلا وعرض البحر بين جزيرة طريف وقصر مصمودة اثنا عشر ميلا وهذا البحر في كل يوم وليلة يجزر مرتين ويمتلئ مرتين فعلا دائما ذلك تقدير العزيز الحكيم. فأما ما على ضفة البحر الكبير من المدن الواقعة في هذا الجزء المرسوم فهي طنجة وسبتة ونكور وبادس والمزمة ومليلة وهنين وبنو وزار ووهران ومستغانم.

فاما مدينة سبتة فهي تقابل الجزيرة الخضراء وهي سبعة جبال صغار متصلة بعضها ببعض معمورة طولها من المغرب إلى المشرق نحو ميل ويتصل بها من جهة المغرب وعلى ميلين منها جبل موسى وهذا الجبل منسوب لموسى ابن نصير وهو الذي كان على يديه افتتاح الأندلس في صدر الإسلام وتجاوره جنات وبساتين وأشجار وفواكه كثيرة وقصب سكر وأترج يتجهز به إلى من البلاد لكثرة الفواكه بها ويسمى هذا المكان الذي جمع هذا كله بليونش وبهذا الموضع مياه جارية وعيون مطردة وخصب زائد. ويلي المدينة من جهة المشرق جبل عال يسمى جبل المينة وأعلاه بسيط وعلى أعلاه سور بناه محمد بن أبي عامر عندما جاز إليها من الأندلس وأراد أن ينقل المدينة إلى أعلى هذا الجبل فمات عند فراغه من بنيان أسوارها وعجز أهل سبتة عن الانتقال إلى هذه المدينة المسماة بالمينة فمكثوا في مدينتهم وبقيت المينة خالية وأسوارها قائمة وقد نبت حطب الشعراء فيها وفي وسط المدينة بأعلى الجبل عين ماء لطيفة لكنها لا تجف البتة وهذه الأسوار التي تحيط بمدينة المينة تظهر من عدوة الأندلس لشدة بياضها ومدينة سبتة سميت بهذا الاسم لأنها جزيرة منقطعة والبحر يطيف بها من جميع جهاتها إلا من ناحية المغرب فإن البحر يكاد يلتقي بعضه ببعض هناك ولا يبقى بينهما إلا أقل من رمية سهم واسم البحر الذي يليها شمالا يسمى بحر الزقاق والبحر الآخر الذي يليها في جهة الجنوب يقال له بحر بسول وهو مرسى حسن

يرسى به فيكن من كل ريح. وبمدينة سبتة مصايد للحوت ولا يعدلها بلد في إصابة الحوت وجلبه ويصاد بها من السمك نحو من مائة نوع ويصاد بها السمك المسمى التن الكبير الكثير وصيدهم له يكون زرقا بالرماح وهذه الرماح لها في أسنتها أجنحة بارزة تنشب في الحوت ولا تخرج وفي أطراف عصيها شرائط القنب الطوال ولهم في ذلك دربة وحكمة سبقوا فيها جميع الصيادين لذلك. ويصاد بمدينة سبتة شجر المرجان الذي لا يعدله صنف من صنوف المرجان المستخرج بجميع أقطار البحار وبمدينة سبتة سوق لتفصيله وحكه وصنعه خرزا وثقبه وتنظيمه ومنها يتجهز به إلى سائر البلاد وأكثر ما يحمل إلى غانة وجميع بلاد السودان لأنه في تلك البلاد يستعمل كثيرا. ومن مدينة سبتة إلى قصر مصمودة في الغرب اثنا عشر ميلا وهو حصن كبير على ضفة البحر تنشأ به المراكب والحراريق التي يسافر فيها إلى بلاد الأندلس وهي على رأس المجاز الأقرب إلى ديار الأندلس ومن قصر مصمودة إلى مدينة طنجة غربا عشرون ميلا. ومدينة طنجة قديمة أزلية وأرضها منسوبة إليها وهي على جبل مطل على البحر وسكنى أهلها منه في مسند الجبل إلى ضفة البحر وهي مدينة حسنة لها أسواق وصناع وفعلة وبها إنشاء المراكب وبها إقلاع وحط وهي على أرض متصلة بالبر فيها مزارع وغلات وسكانها برابر ينسبون إلى صنهاجة.

ومن مدينة طنجة ينعطف البحر المحيط الأعظم آخذا في جهة الجنوب إلى أرض تشمس وتشمس كانت مدينة كبيرة ذات سور من حجارة تشرف على نهر سفدد وبينها وبين البحر نحو ميل ولها قرى عامرة بأصناف من البربر وقد أفنتهم الفتنة وأبادتهم الحروب المتوالية عليهم. ومن تشمس إلى قصر عبد الكريم وهو على مقربة من البحر وبينه وبين طنجة يومان وقصر عبد الكريم مدينة صغيرة على ضفة نهر لكس وبها أسواق على قدرها يباع بها ويشترى والأرزاق بها كثيرة والرخاء بها شامل. ومن مدينة طنجة إلى مدينة أزيلا مرحلة خفيفة جدا وهي مدينة صغيرة وما بقي منها الآن إلا نزر يسير وفي أرضها أسواق قريبة وأزيلا هذه ويقال أصيلا عليها سور وهي متعلقة على رأس الخليج المسمى بالزقاق وشرب أهلها من مياه الآبار. وعلى مقربة منها في طريق القصر مصب نهر سفدد وهو نهر كبير عذب تدخله المراكب ومنه يشرب أهل تشمس التي تقدم ذكرها وهذا الوادي أصله من مائين يخرج أحدهما من بلد دنهاجة من جبلي البصرة والماء الثاني من بلد كتامة ثم يلتقيان فيكون منهما نهر كبير وفي هذا النهر يركب أهل البصرة في مراكبهم بأمتعتهم حتى يصلوا البحر فيسيروا فيه حيث شاؤوا. وبين تشمس والبصرة دون المرحلة على الظهر والبصرة كانت مدينة

مقتصدة عليها سور ليس بالحصين ولها قرى وعمارات وغلات وأكثر غلاتها القطن والقمح وسائر الحبوب بها كثيرة وهى عامرة الجهات وهواؤها معتدل وأهلها أعفاء ولهم جمال وحسن أدب. وعلى نحو ثمانية عشر ميلا منها مدينة باباقلام وهي من بناء عبد الله بن إدريس بين جبال وشعار متصلة والمدخل إليها من مكان واحد وبالجملة إنها خصيبة كثيرة المياه والفواكه. وعلى مقربة منها مدينة قرت وهي على سفح جبل منيع لا سور عليها ولها مياه كثيرة وعمارات متصلة وأكثر زراعاتهم القمح والشعير وأصناف الحبوب وكل هذه البلاد منسوبة إلى بلاد طنجة ومحسوبة منها. وفي جنوب البصرة على نهر سبو الآتي من ناحية فاس قرية كبيرة كالمدينة الصغيرة يقال لها ماسنة وكانت قبل هذا مدينة لها سور وأسواق وهي الآن خراب. وعلى مقربة منها مدينة الحجر وكانت مدينة محدثة لآل إدريس وهي على جبل شامخ الذرى حصينة منيعة لا يصل أحد إليها إلا من طريق واحد والطريق صعب المجاز يسلكه الرجل بعد الرجل وهي خصيبة رفهة كثيرة الخيرات وماؤها فيها ولها بساتين وعمارات. ومن مدينة سبتة السابق ذكرها بين جنوب وشرق إلى حصن تطاون مرحلة صغيرة وهو حصن في بسيط الأرض وبينه وبين البحر الشامي خمسة أميال وتسكنه قبيلة من البربر تسمى مجكسة.

ومنه إلى انزلان وهو مرسى فيه عمارة نحو خمسة عشر ميلا وانزلان مرسى عامر وهو أول بلاد غمارة وبلاد غمارة جبال متصلة بعضها ببعض كثيرة الشجر والغياض وطولها نحو من ثلاثة أيام ويتصل بها من ناحية الجنوب جبال الكواكب وهي أيضا جبال عامرة كثيرة الخصب وتمتد في البرية مسير أربعة أيام حتى تنتهي قرب مدينة فاس وكان يسكنها غمارة إلى أن طهر الله منهم الأرض وأفنى جمعهم وخرب ديارهم لكثرة ذنوبهم وضعف إسلامهم وكثرة جرأتهم وإصرارهم على الزناء المباح والمواربة الدائمة وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق وذلك من الله جزاء الظالمين. وبين سبتة وفاس على طريق زجان ثمانية أيام وأيضا إلى مرسى انزلان. وعلى مقربة من انزلان حصن تيقساس على البحر وبينهما نصف يوم وهو حصن معمور في غمارة لاكن أهله بينهم وبين غمارة حرب دائمة. ومن تيقساس إلى قصر تازكا خمسة عشر ميلا وله مرسى ومنه إلى حصن مسطاسة نصف يوم وهو لغمارة ومن مسطاسة إلى حصن كركال خمسة عشر ميلا وهو أيضا لغمارة. ومن حصن كركال إلى مدينة بادس مقدار نصف يوم وبادس مدينة متحضرة فيها أسواق وصناعات قلائل وغمارة يلجؤون إليها في حوائجهم

وهي آخر بلاد غمارة ويتصل بها هناك طرف الجبل وينتهي طرفه الآخر في جهة الجنوب إلى أن يكون بينه وبين مدينة تاودا أربعة أميال وكان بهذا الجبل قوم من أهل مزكلدة أهل جرأة وسفاهة وتجاسر على من جاورهم فأبادهم سيف الفتنة وأراح الله منهم. ومن مدينة بادس إلى مرسى بوذكور عشرون ميلا وكانت مدينة فيما سلف لا كنها خربت ولم يبق لها رسم وتسمى في كتب التواريخ نكور وبين بوذكور ومدينة بادس جبل متصل يعرف بالأجراف ليس فيه مرسى. ومن بوذكور إلى المزمة عشرون ميلا وكانت به قرية عامرة ومرسى توسق المراكب منه ومن المزمة إلى واد بقربها ومنه إلى طرف ثغلال اثنا عشر ميلا وهذا الطرف يدخل في البحر كثيرا ومنه إلى مرسى كرط عشرون ميلا وبشرقي كرط واد يأتي من جهة صاع ومن كرط إلى طرف جون داخل في البحر عشرون ميلا. ومن كرط إلى مدينة مليلة في البحر اثنا عشر ميلا وفي البر عشرون ميلا ومدينة مليلة مدينة حسنة متوسطة ذات سور منيع وحال حسنة على البحر وكان لها قبل هذا عمارات متصلة وزراعات كثيرة ولها بئر فيها عين أزلية كثيرة الماء ومنها شربهم ويحيط بها من قبائل البربر بطون بطوية.

ومن مليلة إلى مصب الوادي الذي يأتي من اقرسيف عشرون ميلا وأمام مصب هذا النهر جزيرة صغيرة ويقابل هذا الموضع من البرية مدينة جراوة. ومن مصب وادي اقرسيف إلى مرسى تافركنيت على البحر وعليه حصن منيع صغير أربعون ميلا. ومن تافر كنيت إلى حصن تابحريت ثمانية أميال وهو حصن حصين حسن عامر آهل وله مرسى مقصود ومن تابحريت إلى هنين على البحر أحد عشر ميلا ومنها إلى تلمسان في البر أربعون ميلا وفيما بينهما مدينة ندرومة وهي مدينة كبيرة عامرة آهلة ذات سور وسوق موضعها في سند ولها مزارع كثيرة ولها واد يجري في شرقيها وعليه بساتين وجنات وعمارة وسقي كثير. وهنين مدينة حسنة صغيرة في نحو البحر وهي عامرة عليها سور متقن وأسواق وبيع وشراء وخارجها زراعات كثيرة وعمارات متصلة وكذلك من هنين إلى تلمسان في البر أيضا أربعون ميلا. ومن هنين على الساحل إلى مرسى الوردانية ستة أميال ومنها إلى جزيرة القشقار ثمانية أميال. ومنها إلى جزيرة ارشقول ويروى ارجكون وكانت فيما سلف حصنا عامرا له مرسى وبادية وسعة في الماشية والأموال السائمة ومرساها في جزيرة فيها مياه ومواجل كثيرة للمراكب وهي جزيرة مسكونة ويصب بحذائها نهر

ملوية ومن مصب الوادي إلى حصن اسلان ستة أميال على البحر ومنه إلى طرف خارج في البحر عشرون ميلا. ويقابل الطرف في البحر جزيرة الغنم وبين جزائر الغنم واسلان اثنا عشر ميلا ومن جزائر الغنم إلى بني وزار سبعة عشر ميلا وبنو وزار حصن منيع حسن في جبل على البحر ومنه إلى الدفالى وهو طرف خارج في البحر اثنا عشر ميلا. ومن طرف الدفالى إلى طرف الحرشا اثنا عشر ميلا ومنه إلى وهران اثنا عشر ميلا وقد ذكرنا وهران وأحوالها فيما صدر من ذكر الإقليم الثالث والله المستعان. ولنرجع الآن إلى ذكر الأندلس ووصف بلادها ونذكر طرقاتها وموضوع جهاتها ومقتضى حالاتها ومبادي أوديتها ومواقعها من البحر ومشهور جبالها وعجائب بقعها ونأتي من ذلك بما يجب بعون الله تعالى. فنقول أما الأندلس في ذاتها فشكل مثلث يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث فجنوبها يحيط به البحر الشامي وغربها يحيط به البحر المظلم وشمالها يحيط به بحر الانقليشين من الروم والأندلس طولها من كنيسة الغراب التي على البحر المظلم إلى الجبل المسمى بهيكل الزهرة ألف ميل ومائة ميل وعرضها من كنيسة شنت ياقوب التي على أنف بحر الانقليشين إلى مدينة المرية التي على بحر الشام ست مائة ميل.

وجزيرة الأندلس مقسومة من وسطها في الطول بجبل طويل يسمى الشارات وفي جنوب هذا الجبل تأتي مدينة طليطلة ومدينة طليطلة مركز لجميع بلاد الأندلس وذلك أن منها إلى مدينة قرطبة بين غرب وجنوب تسع مراحل ومنها إلى لشبونة غربا تسع مراحل ومن طليطلة إلى شنت ياقوب على بحر الانقليشين تسع مراحل ومنها إلى جاقا شرقا تسع مراحل ومنها إلى مدينة بلنسية بين شرق وجنوب تسع مراحل ومنها أيضا إلى مدينة المرية على البحر الشامي تسع مراحل. ومدينة طليطلة كانت في أيام الروم مدينة الملك ومدارا لولاتها وبها وجدت مائدة سليمن بن داؤود عليه السلام مع جملة ذخائر يطول ذكرها وما خلف الجبل المسمى بالشارات في جهة الجنوب يسمى اشبانية وما خلف الجبل في جهة الشمال يسمى قشتالة ومدينة طليطلة في وقتنا هذا يسكنها سلطان الروم القشتاليين. والأندلس المسماة اشبانية أقاليم عدة ورساتيق جملة وفي كل إقليم منها عدة مدن نريد أن نأتي بذكرها مدينة مدينة بحول الله تعالى ولنبدأ الآن منها بإقليم البحيرة وهو إقليم مبدؤه من البحر المظلم ويمر مع البحر الشامي وفيه من البلاد جزيرة طريف والجزيرة الخضراء وجزيرة قادس وحصن اركش وبكة وشريش وطشانة ومدينة ابن السليم وحصون كثيرة كالمدن عامرة سنأتي بها في موضعها.

ويتلوه إقليم شذونة وهو من إقليم البحيرة شمالا وفيه من المدن مدينة اشبيلية ومدينة قرمونة وغلسانة وحصون كثيرة. ويتلوه إقليم الشرف وهو ما بين اشبيلية ولبلة والبحر المظلم وفيه من المعاقل حصن القصر ومدينة لبلة وولبة وجزيرة شلطيش وجبل العيون. ثم يليه إقليم الكنبانية وفيه من المدن قرطبة والزهراء واستجة وبيانة وقبرة واليشانة وبه جملة حصون كبار سنذكرها بعد هذا. ويلي إقليم الكنبانية إقليم اشونة وفيه حصون عامرة كالمدن منها لورة واشونة وهو إقليم صغير. ويليه مع الجنوب إقليم رية وفيه من المدن مدينة مالقة وارشذونة ومربلة وببشتر وحصن وبشكصار وغير هذه من الحصون. ويتلو هذا الإقليم إقليم البشارات وفيه من المدن جيان وجملة حصون وقرى كثيرة تشف على ست مائة قرية يتخذ بها الحرير. ثم إقليم بجانة وفيه من المدن المرية وبرجة وحصون كثيرة منها مرشانة وبرشانة وطوجالة وبالش. ويتلوه في جهة الجنوب إقليم البيرة وفيه من المدن اغرناطة ووادي آش والمنكب وحصون وقرى كثيرة ومنها إقليم فريرة وهو يتصل بإقليم البشارات وفيه مدينة بسطة وحصن طشكر الموصوف بالمنعة وفيه حصون كثيرة وسنأتي بها بعد.

ثم كورة تدمير وفيها من المدن مرسية واوريولة وقرطاجنة ولورقة ومولة وجنجالة ويتصل بكورة كونكة وفيها اوريولة والش ولقنت وكونكة وشقورة ويليه إقليم ارغيرة وفيه من البلاد شاطبة وشقر ودانية وفيه حصون كثيرة. ويليه إقليم مرباطر وفيه من البلاد بلنسية ومرباطر وبريانة وحصون كثيرة ويليه مع الجوف إقليم القواطم وفيه من البلاد الفنت وشنت مارية المنسوبة لابن رزين ويتصل به إقليم الولجة وفيه من البلاد سرتة وفتة وقلعة رباح ويلي هذا الإقليم إقليم البلالطة وفيه حصون كثيرة منها ومن أكبرها بطروش وغافق وحصن ابن هارون وغيرها دونها في الكبر. ويلي هذا الإقليم غربا إقليم الفقر وفيه من البلاد شنت مارية ومارتلة وشلب وحصون كثيرة وقرى ويلي هذا الإقليم إقليم القصر وفيه القصر المنسوب لأبي دانس وفيه يابورة وبطليوس وشريشة وماردة وقنطرة السيف وقورية ويليه إقليم البلاط وفيه مدينة البلاط ومدلين ويلي هذا الإقليم إقليم بلاطة وفيه شنترين ولشبونة وشنترة. ويليه إقليم الشارات وفيه طلبيرة وطليطلة ومجريط والفهمين ووادي الحجارة واقليش ووبذة ويليه أيضا إقليم ارنيط وفيه من البلاد قلعة ايوب وقلعة دروقة ومدينة سرقسطة ووشقة تطيلة ثم يليه إقليم الزيتون وفيه جاقة ولاردة ومكناسة وافراغة. ويليه إقليم البرتات وفيه طرطوشة وطركونة وبرشلونة ويلي هذا الإقليم

غربا إقليم مرمرية وفيه حصون خالية ومما يلي البحر حصن طشكر وكشطالي وكتندة فهذه كلها أقاليم اشبانية المسمى جملتها الأندلس. فأما جزيرة طريف فهي على البحر الشامي في آخر المجاز المسمى بالزقاق ويتصل غربيها ببحر الظلمة وهي مدينة صغيرة عليها سور تراب ويشقها نهر صغير وبها أسواق وفنادق وحمامات وأمامها جزيرتان صغيرتان تسمى إحداهما القنتير وهما على مقربة من البر ومن جزيرة طريف إلى الجزيرة الخضراء ثمانية عشر ميلا تخرج من الجزيرة إلى وادي النساء وهو نهر جار ومنه إلى الجزيرة الخضراء. وهي مدينة متحضرة لها سور حجارة مفرغ بالجيار ولها ثلاثة أبواب ودار صناعة داخل المدينة ويشقها نهر يسمى نهر العسل وهو حلو عذب ومنه شرب أهل المدينة ولهم على هذا النهر بساتين وجنات بكلتي ضفتيه معا وبالجزيرة الخضراء إنشاء وإقلاع وحط وبينها وبين مدينة سبتة مجاز البحر وعرضه هنالك ثمانية عشر ميلا وأمام المدينة جزيرة تعرف بجزيرة أم حكيم وبها أمر عجيب وهو أن فيها بئرا عميقة كثيرة الماء حلوة والجزيرة في ذاتها صغيرة مستوية السطح يكاد البحر يركبها. والجزيرة الخضراء أول مدينة افتتحت من الأندلس في صدر الإسلام وذلك في سنة تسعين من الهجرة وافتتحها موسى بن نصير من قبل المروانيين ومعه طارق بن عبد الله بن ونموا الزناتي ومعه قبائل البربر فكانت هذه الجزيرة أول مدينة افتتحت في ذلك الوقت وبها على باب البحر مسجد يسمى

بمسجد الرايات ويقال إن هناك اجتمعت رايات القوم للرأي وكان وصولهم إليها من جبل طارق وإنما سمي بجبل طارق لأن طارق بن عبد الله بن ونموا الزناتي لما جاز بمن معه من البرابر وتحصنوا بهذا الجبل أحس في نفسه أن العرب لا تثق به فأراد أن يزيح ذلك عنه فأمر بإحراق المراكب التي جاز فيها فتبرأ بذلك عما اتهم به. وبين هذا الجبل والجزيرة الخضراء ستة أميال وهو جبل منقطع عن الجبال مستدير في أسفله من ناحية البحر كهوف وفيها مياه قاطرة جارية وبمقربة منه مرسى يعرف بمرسى الشجرة ومن الجزيرة الخضراء إلى مدينة اشبيلية خمسة أيام وكذلك من الجزيرة الخضراء إلى مدينة مالقة خمس مراحل خفاف وهي مائة ميل وكذلك من الجزيرة الخضراء إلى مدينة اشبيلية طريقان طريق في الماء وطريق في البر. فأما طريق الماء فمن الجزيرة الخضراء إلى الرمال في البحر إلى موقع نهر برباط ثمانية وعشرون ميلا ثم إلى موقع نهر بكة ستة أميال ثم إلى الحلق المسمى شنت بيطر اثنا عشر ميلا ثم إلى القناطر وهي تقابل جزيرة قادس اثنا عشر ميلا وبينهما مجاز سعته ستة أميال ومن القناطر تصعد في النهر إلى رابطة روطة ثمانية أميال ثم إلى المساجد ستة أميال ثم إلى مرسى طربشانة إلى العطوف إلى قبتور إلى قبطال وقبطال وقبتور قريتان في وسط النهر ثم إلى جزيرة ينشتالة ثم إلى الحصن الزاهر إلى مدينة اشبيلية فذلك من اشبيلية إلى البحر ستون ميلا. وأما طريق البر فالطريق من الجزيرة إلى الرتبة ثم إلى نهر برباط إلى قرية

فيسانة وبها المنزل وهي قرية كبيرة ذات سوق عامرة وخلق كثير ومنها إلى مدينة ابن السليم إلى جبل منت ثم إلى قرية عسلوكة وبها المنزل ثم منها إلى المدائن إلى ذيرد الحبالة وبها المنزل ثم إلى اشبيلية مرحلة. ومدينة اشبيلية مدينة كبيرة عامرة ذات أسوار حصينة وأسواق كثيرة وبيع وشراء وأهلها مياسير وجل تجاراتهم بالزيت يتجهز به منها إلى أقصى المشارق والمغارب برا وبحرا وهذا الزيت عندهم يجتمع من الشرف وهذا الشرف هو مسافة أربعين ميلا وهذه الأربعون ميلا كلها تمشي في ظل شجر الزيتون والتين أوله باشبيلية وآخره بمدينة لبلة وكله شجر الزيتون وسعته اثنا عشر ميلا وأكثر وفيه فيما يذكر ثمانية آلاف قرية عامرة آهلة بالحمامات والديار الحسنة وبين الشرف واشبيلية ثلاثة أميال والشرف سمي بذلك لأنه مشرف من ناحية اشبيلية ممتد من الجنوب إلى الشمال وهو تل تراب أحمر وشجر الزيتون مغروسة به من هذا المكان إلى قنطرة لبلة واشبيلية على النهر الكبير وهو نهر قرطبة. ومدينة لبلة مدينة حسنة أزلية متوسطة القدر ولها سور منيع وبشرقيها نهر يأتيها من ناحية الجبل ويجاز عليه في قنطرة إلى مدينة لبلة وبها أسواق وتجارات ومنافع جمة وشرب أهلها من عيون في مرج من ناحية غربيها وبين مدينة لبلة والبحر المحيط ستة أميال وهناك على ذراع من البحر تطل مدينة ولبة وهي مدينة صغيرة متحضرة عليها سور من حجارة وبها أسواق وصناعات

وهي مطلة على جزيرة شلطيش وجزيرة شلطيش يحيط بها البحر من كل ناحية ولها من ناحية الغرب اتصال بأحد طرفيها إلى مقربة من البر وذلك يكون مقدار نصف رمية حجر ومن هنالك يجوزون لاستقاء الماء لشربهم وهي جزيرة طولها نحو من ميل وزائد والمدينة منها في جهة الجنوب وهناك ذراع من البحر يتصل به موقع نهر لبلة ويتسع حتى يكون أزيد من ميل ثم لا يزال الصعود فيه في المراكب إلى أن يضيق ذلك الذراع حتى يكون سعة النهر وحده مقدار نصف رمية حجر ويخرج النهر من أسفل جبل عليه مدينة ولبة ومن هناك تتصل الطريق إلى لبلة. ومدينة شلطيش ليس لها سور ولا حظيرة وإنما هي بنيان يتصل بعضه ببعض ولها سوق وبها صناعة الحديد الذي يعجز عن صنعه أهل البلاد لجفائه وهي صنعة المراسي التي ترسى بها السفن والمراكب الحمالة الجافية وقد تغلب عليها المجوس مرات وأهلها إذا سمعوا بالمجوس يخطرون عليهم فروا عنها وأخلوها ومن مدينة شلطيش إلى جزيرة قادس مائة ميل ومن جزيرة قادس المتقدم ذكرها إلى جزيرة طريف ثلاثة وستون ميلا. ومن جزيرة شلطيش مع البحر مارا في جهة الشمال إلى حصن قسطلة على البحر ثمانية عشر ميلا وبينهما موقع نهر يانة وهو نهر ماردة وبطليوس وعليه حصن مارتلة المشهور بالمنعة والحصانة وحصن قسطلة على نحر البحر وهو عامر آهل وله بساتين وغلات شجر التين كثيرا ومنه إلى قرية طبيرة

على مقربة من البحر أربعة عشر ميلا ومن القرية إلى مدينة شنت مارية الغرب اثنا عشر ميلا. ومدينة شنت مارية على معظم البحر الأعظم والسور منها يصعد ماء البحر فيه إذا كان المد وهي مدينة متوسطة القدر حسنة الترتيب لها مسجد جامع ومنبر وجماعة وبها المراكب واردة وصادرة وهي كثيرة الأعناب والتين ومن مدينة شنت مارية إلى مدينة شلب ثمانية وعشرون ميلا. ومدينة شلب حسنة في بسيط من الأرض وعليها سور حصين ولها غلات وجنات وشرب أهلها من واديها الجاري بجنوبها وعليه أرحاء البلد والبحر منها غربا على ثلاثة أميال ولها مرسى في الوادي وبها الإنشاء والعود بجبالها كثير يحمل منها إلى كل الجهات والمدينة في ذاتها حسنة الهيئة بديعة المباني مرتبة الأسواق وأهلها وسكان قراها عرب من اليمن وغيرها وهم يتكلمون بالكلام العربي الصريح ويقولون بالشعر وهم فصحاء نبلاء خاصتهم وعامتهم وأهل بوادي هذا البلاد في غاية من الكرم لا يجاريهم فيه أحد ومدينة شلب على إقليم الشنشين وهو إقليم به غلات التين الذي يحمل منها إلى أقطار الغرب كلها وهو تين طيب علك لذيذ شهي. ومن مدينة شلب إلى بطليوس ثلاث مراحل وكذلك من شلب إلى حصن مارتلة أربعة أيام ومن مارتلة إلى حصن ولبة مرحلتان خفيفتان ومن مدينة شلب إلى حلق الزاوية عشرون ميلا وهو مرسى وقرية ومنه إلى قرية شقرش على مقربة من البحر ثمانية عشر ميلا ومنه إلى طرف الغرب وهو طرف خارج

في البحر الأعظم اثنا عشر ميلا ومنه إلى كنيسة الغراب سبعة أميال. وهذه الكنيسة من عهد الروم إلى اليوم لم تتغير عن حالها ولها أموال يتصدق بها عليها وكرامات يحملها الروم الواردون عليها وهي في قرطيل خارج في البحر وعلى رأس الكنيسة عشرة أغربة لا يعرف أحد فقدها ولا عهد زوالها وقسيسو الكنيسة يخبرون عن تلك الأغربة بغرائب يتهم المخبر بها ولا سبيل لأحد من المجتازين بها أن يخرج منها حتى يأكل من ضيافة الكنيسة ضريبة لازمة وسيرة دائمة لا ينتقلون عنها ولا يتحولون منها ورثها الخلف عن السلف وهو متعارف دائم والكنيسة في ذاتها كنيسة عامرة بالقسيسين والرهبان وبها أموال مدخرة وأحوال واسعة وأكثر هذه الأموال محبسة عليها في أقطار الغرب وبلاده وينفق منها على الكنيسة وخدامها وجميع من يلوذ بها مع ما يكرم به الأضياف الواردون على الكنيسة المذكورة قلوا أم كثروا. ومن كنيسة الغراب إلى القصر مرحلتان وكذلك من شلب إلى القصر أربع مراحل والقصر مدينة حسنة متوسطة على ضفة النهر المسمى شطوبر وهو نهر كبير تصعد فيه السفن والمراكب السفرية كثيرا وفيما استدار بها من الأرض كلها أشجار الصنوبر وبها الإنشاء الكثير وهي في ذاتها رطبة العيش خصيبة كثيرة الألبان والسمن والعسل واللحوم وبين القصر والبحر عشرون ميلا ومن القصر إلى يبورة مرحلتان. ويبورة مدينة كبيرة عامرة بالناس ولها سور وقصبة ومسجد جامع وبها الخصب الكثير الذي لا يوجد بغيرها من كثرة الحنطة واللحم وسائر البقول

والفواكه وهي أحسن البلاد بقعة وأكثرها فائدا والتجارات إليها داخلة وخارجة ومن مدينة يبورة إلى مدينة بطليوس مرحلتان في شرق. ومدينة بطليوس مدينة جليلة في بسيط الأرض وعليها سور منيع وكان لها ربض كبير أكبر من المدينة في شرقيها فخلا بالفتن وهي على ضفة نهر يانة وهو نهر كبير ويسمى النهر الغؤور لأنه يكون في موضع يحمل السفن ثم يغور تحت الأرض حتى لا يوجد منه قطرة فسمي الغؤور لذلك وينتهي جريه إلى حصن مارتلة ويصب في قريب من جزيرة شلطيش ومن مدينة بطليوس إلى مدينة اشبيلية ستة أيام على طريق حجر ابن أبي خالد إلى جبل العيون إلى اشبيلية ومن مدينة بطليوس إلى مدينة قرطبة على الجادة ستة مراحل ومن بطليوس إلى مدينة ماردة على نهر يانة شرقا ثلاثون ميلا وبينهما حصن على يمين المار إلى ماردة. ومدينة ماردة كانت دار مملكة لماردة بنت هرسوس الملك وبها من البناء آثار ظاهرة تنطق عن ملك وقدرة وتعرب عن نخوة وعزة وتفصح عن عظة وعبرة فمن هذه البناءات إن في غربي المدينة قنطرة كبيرة ذات قسي عالية الذروة كثيرة العدد عريضة المجاز وقد بني على ظهر القسي أقباء تتصل من داخل المدينة إلى آخر القنطرة ولا يرى الماشي بها وفي داخل هذا الداموس قناة ماء تصل المدينة ومشي الدواب والناس على أعلى تلك الدواميس وهي متقنة البناء وثيقة التأليف حسنة الصنعة والمدينة عليها سور حجارة منجورة من أحسن صنعة وأوثق بناء ولها في قصبتها قصور خربة وفيها دار يقال لها دار الطبيخ وذلك أنها في ظهر مجلس القصر وكان الماء يأتي دار الطبيخ في

ساقية هي الآن بها باقية الأثر لا ماء بها فتوضع صحاف الذهب والفضة بأنواع الطعام في تلك الساقية على الماء حتى تخرج بين يدي الملكة فترفع على الموائد ثم إذا فرغ عن أكل ما فيها وضعت في الساقية فتستدير إلى أن تصل إلى يد الطباخ بدار الطبخ فيرفعها بعد غسلها ثم يمر بقية ذلك الماء في سروب القصر ومن أغرب الغريب جلب الماء الذي كان يأتي إلى القصر على عمد مبنية تسمى الأرجالات وهي أعداد كثيرة باقية إلى الآن قائمة على قوام لم تخل بها الأزمان ولا غيرتها الدهور ومنها قصار ومنها طوال بحسب الأماكن التي وجب فيها البناء وأطولها يكون غلوة سهم وهي على خط مستقيم وكان الماء يأتي عليها في قني مصنوعة خربت وفنيت وبقيت تلك الأرجالات قائمة يخيل إلى الناظر إليها أنها من حجر واحد لحكمة اتقانها وتجويد صنعتها وفي وسط هذه المدينة أحناء قوس يدخل عليه الفارس بيده علم قائم عدد أحجاره أحد عشر حجرا فقط في كل عضادة منها ثلاثة أحجار وفي القوس أربعة أحجار حنيات وواحد قفل فكانت الجملة أحد عشر حجرا وفي الجنوب من سور المدينة قصر آخر صغير وفي برج منه كان مكان مرآة كانت الملكة ماردة تنظر إلى وجهها فيه ومحيط دوره عشرون شبرا وكان يدور على حرفه وكان دورانه قائما ومكانه إلى الآن باق ويقال إنما صنعته ماردة لتحاكى به مرآة ذي القرنين التي صنعها في منار الاسكندرية. ومن مدينة ماردة إلى قنطرة السيف يومان وقنطرة السيف من عجائب الأرض وهو حصن منيع على نفس القنطرة وأهلها متحصنون فيه ولا يقدر

لهم أحد على شيء والقنطرة لا يأخذها القتال إلا من بابها فقط ومن مدينة قنطرة السيف إلى مدينة قورية مرحلتان خفيفتان وقورية الآن مدينة في ملك الروم ولها سور منيع وهي في ذاتها أزلية البناء واسعة الفناء من أحصن المعاقل وأحسن المنازل ولها بواد شريفة خصيبة وضياع طيبة عجيبة وأصناف من الفواكه كثيرة وأكثرها الكروم وشجر التين. ومن قورية إلى قلمرية أربعة أيام ومدينة قلمرية مدينة على جبل مستدير وعليها سور حصين ولها ثلاثة أبواب وهي في نهاية من الحصانة وهي على نهر منديق وجريه بغربيها ويتصل جري هذا النهر إلى البحر وعلى مصبه هناك حصن منت ميور ولها على النهر أرحاء وعليه كروم كثيرة وجنات ولها حروث كثيرة متصلة بالغربي منها إلى ناحية البحر ولها أغنام ومواش وأهلها أهل شوكة في الروم. ومن القصر المتقدم ذكره إلى مدينة لشبونة مرحلتان ومدينة لشبونة على شمال النهر المسمى تاجه وهو نهر طليطلة وسعته أمامها ستة أميال ويدخله المد والجزر كثيرا وهي مدينة حسنة ممتدة مع النهر ولها سور وقصبة منيعة وفي وسط المدينة حمات حارة في الشتاء والصيف ولشبونة على نحر البحر المظلم وعلى ضفة النهر من جنوبه قبالة مدينة لشبونة حصن المعدن وسمي بذلك لأنه عند هيجان البحر يقذف هناك بالذهب والتبر فإذا كان زمن الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء وهو من عجائب الأرض وقد رأيناه عيانا.

ومن مدينة لشبونة كان خروج المغررين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه كما تقدم ذكرهم ولهم بمدينة لشبونة بموضع بمقربة الحمة درب منسوب إليهم يعرف بدرب المغررين إلى آخر الأبد وذلك أنهم اجتمعوا ثمانية رجال كلهم أبناء عم فأنشئوا مركبا حمالا وأدخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهر ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية فجروا بها نحوا من أحد عشر يوما فوصلوا إلى بحر غليظ الموج كدر الروائح كثير التروش قليل الضوء فأيقنوا بالتلف فردوا قلاعهم في اليد الأخرى وجروا مع البحر في ناحية الجنوب اثني عشر يوما فخرجوا إلى جزيرة الغنم وفيها من الغنم ما لا يأخذه عد ولا تحصيل وهي سارحة لا راعي لها ولا ناظر إليها فقصدوا الجزيرة فنزلوا بها فوجدوا بها عين ماء جارية وشجرة تين بري عليها فأخذوا من تلك الغنم فذبحوها فوجدوا لحومها مرة لا يقدر أحد على أكلها فأخذوا من جلودها وساروا مع الجنوب اثني عشر يوما إلى أن لاحت لهم جزيرة فنظروا فيها إلى عمارة وحرث فقصدوا إليها ليروا ما فيها فما كان غير بعيد حتى أحيط بهم في زوارق هناك فأخذوا وحملوا في مركبهم إلى مدينة على ضفة البحر فأنزلوا بها فرأوا فيها رجالا شقرا زعرا شعور رؤوسهم سبطة وهم طوال القدود ولنسائهم جمال عجيب فاعتقلوا منها في بيت ثلاثة أيام ثم دخل عليهم في اليوم الرابع رجل يتكلم باللسان العربي فسألهم عن حالهم وفيما جاؤوا وأين بلدهم فأخبروه بكل خبرهم فوعدهم خيرا وأعلمهم أنه ترجمان الملك فلما كان في اليوم الثاني من ذلك اليوم

أحضروا بين يدي الملك فسألهم عما سألهم الترجمان عنه فأخبروا بما أخبروا به الترجمان بالأمس من أنهم اقتحموا البحر ليروا ما به من الأخبار والعجائب ويقفوا على نهايته فلما علم الملك ذلك ضحك وقال للترجمان خبر القوم أن أبي أمر قوما من عبيده بركوب هذا البحر وأنهم جروا في عرضه شهرا إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا من غير حاجة ولا فائدة تجدي ثم أمر الملك الترجمان أن يعد القوم خيرا وأن يحسن ظنهم بالملك ففعل ثم انصرفوا إلى موضع حبسهم إلى أن بدأ جري الريح الغربية فعمر بهم زورق وعصبت أعينهم وجرى بهم في البحر برهة من الدهر قال القوم قدرنا أنه جرى بنا ثلاثة أيام بلياليها حتى جيء بنا إلي البر فأخرجنا وكتفنا إلى خلف وتركنا بالساحل إلى أن تضاحى النهار وطلعت الشمس ونحن في ضنك وسوء حال من شدة الكتاف حتى سمعنا ضوضاء وأصوات ناس فصحنا بجملتنا فأقبل القوم إلينا فوجدونا بتلك الحال السيئة فحلونا من وثاقنا وسألونا فأخبرناهم بخبرنا وكانوا برابر فقال لنا أحدهم أتعلمون كم بينكم وبين بلدكم فقلنا لا فقال إن بينكم وبين بلدكم مسيرة شهرين فقال زعيم القوم وا أسفي فسمي المكان إلى اليوم آسفي وهو المرسى الذي في أقصى المغرب وقد ذكرناه قبل هذا. ومن مدينة لشبونة مع النهر إلى مدينة شنترين شرقا ثمانون ميلا والطريق بينهما لمن شاء في النهر أو في البر وبينهما فحص بلاطة ويخبر أهل لشبونة وأكثر أهل الغرب أن الحنطة تزرع في هذا الفحص فتقيم في الأرض أربعين

يوما فتحصد وأن الكيل الواحد منها يعطي مائة كيل وربما زاد ونقص ومدينة شنترين على جبل عال كثير العلو جدا ولها من جهة القبلة حافة عظيمة ولا سور لها وبأسفلها ربض على طول النهر وشرب أهلها من مياه عيون ومن ماء النهر أيضا ولها بساتين كثيرة وفواكه عامة ومباقل وخير شامل ومن مدينة شنترين إلى مدينة بطليوس أربع مراحل وعلى يمين طريقها مدينة يلبش وهي في سفح جبل ولها سور منيع ورقعة فرجة وبها عمارة وأسواق وديار كثيرة ولنسائها جمال فائق ومنها إلى بطليوس اثنا عشر ميلا ومن ماردة إلى حصن كركوى ثلاث مراحل ومن كركوى إلى مدينة قلعة رباح على ضفة نهر يانة وهذا النهر يأتي من مروج فوقها فيمر بقرية يانة إلى قلعة رباح ثم يصير منها إلى حصن ارندة ومنه إلى ماردة ثم يمر ببطليوس فيصير منها إلى مقربة من شريشة ثم يصير إلى حصن مارتلة فيصب في البحر المظلم ومن قلعة رباح إلى قلعة ارلية يومان وهو حصن منيع ومنه إلى طليطلة مرحلة ومن قلعة رباح في جهة الشمال إلى حصن البلاط مرحلتان ومن حصن البلاط إلى مدينة طلبيرة يومان وكذلك من مدينة قنطرة السيف إلى المخاضة أربعة أيام ومن المخاضة إلى طلبيرة يومان وكذلك من مدينة ماردة إلى حصن مدلين مرحلتان خفيفتان وهو حصن عامر آهل وفيه خيول ورجال لهم سرايا وطرقات في بلاد الروم ومن حصن مدلين إلى ترجالة مرحلتان خفيفتان. ومدينة ترجالة كبيرة كالحصن المنيع ولها أسوار منيعة وبها أسواق عامرة

وخيل ورجل يقطعون أعمارهم في الغارات على بلاد الروم والأغلب عليهم اللصوصية والخدع ومنها إلى حصن قاصرش مرحلتان خفيفتان وهو حصن منيع ومحرس رفيع فيه خيل ورجل يغاورون في بلاد الروم ومن مكناسة إلى مخاضة البلاط يومان ومن البلاط إلى طلبيرة يومان. ومدينة طلبيرة على ضفة نهر تاجه وهي مدينة كبيرة وقلعتها أرفع القلاع حصنا ومدينتها أشرف البلاد حسنا وهو بلد واسع المساحة شريف المنافع وبه أسواق جميلة الترتيب وديار حسنة التركيب ولها على نهر تاجه أرحاء كثيرة ولها عمل واسع المجال وإقليم شريف الحال ومزارعها زاكية وجهاتها حسنة مرضية أزلية العمارة قديمة الآثار وهي من مدينة طليطلة على سبعين ميلا. ومدينة طليطلة من طلبيرة شرقا وهي مدينة عظيمة القطر كثيرة البشر حصينة الذات لها أسوار حسنة ولها قصبة فيها حصانة ومنعة وهي أزلية من بناء العمالقة وقليلا ما رؤي مثلها إتقانا وشماخة بنيان وهي عالية الذرى حسنة البقعة زاهية الرقعة وهي على ضفة النهر الكبير المسمى تاجه ولها قنطرة من عجيب البنيان وهي قوس واحدة والنهر يدخل تحت تلك القوس كله بعنف وشدة جري ومع آخر القنطرة ناعورة ارتفاعها في الجو تسعون ذراعا وهي تصعد الماء إلى أعلى القنطرة والماء يجري على ظهرها فيدخل المدينة ومدينة طليطلة كانت في أيام الروم دار مملكتهم وموضع قصدهم ووجد أهل الإسلام فيها عند افتتاح الأندلس ذخائر تكاد تفوت الوصف كثرة فمنها أنه وجد بها مائة وسبعون تاجا من الذهب مرصعة بالدر وأصناف

الحجارة الثمينة ووجد بها ألف سيف مجوهر ملكي ووجد بها من الدر والياقوت أكيال وأوساق ووجد بها من أنواع آنية الذهب والفضة ما لا يحيط به تحصيل ووجد بها مائدة سليمان بن داؤود وكانت فيما يذكر من زمرذة وهذه المائدة اليوم في مدينة رومة ولمدينة طليطلة بساتين محدقة بها وأنهار مخترقة ودواليب دائرة وجنات يانعة وفواكه. عديمة المثال لا يحيط بها تكييف ولا تحصيل ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة وقلاع منيعة وتكتنفها. وعلى بعد منها في الجهة الشمالية الجبل العظيم المتصل المعروف بالشارات وهو يأخذ من ظهر مدينة سالم إلى أن يأتي قرب مدينة قلمرية في آخر المغرب وفي هذا الجبل من الغنم والبقر الشيء الكثير الذي يتجهز به الجلابون إلى سائر البلاد ولا يوجد شيء من أغنامه وأبقاره مهزولا بل هي في نهاية من السمن ويضرب بها في ذلك المثال في جميع أقطار الأندلس وعلى مقربة من مدينة طليطلة قرية تسمى بمغام وجبالها وترابها الطين المأكول الذي ليس على قرارة الأرض مثله يتجهز به منها إلى أرض مصر وجميع بلاد الشام والعراقات وبلاد الترك وهو نهاية في لذاذة الأكل وفي نظافة غسل الشعر ولطليطلة في جبالها معادن الحديد والنحاس ولها من المنابر في سفح هذا الجبل مجريط وهي مدينة صغيرة وقلعة منيعة معمورة وكان لها في زمن الإسلام مسجد جامع وخطبة قائمة ولها أيضا مدينة الفهمين وكانت مدينة متحضرة

حسنة الأسواق والمباني وبها مسجد جامع ومنبر وهي اليوم كلها مع طليطلة في أيدي الروم وملكها من القشتاليين وينتسب إلى الاذفونش الملك. وفي الشرق من مدينة طليطلة إلى مدينة وادي الحجارة خمسون ميلا وهي مرحلتان ومدينة وادي الحجارة حصينة حسنة كثيرة الأرزاق والخيرات جامعة لأسباب المنافع والغلات وهي مدينة ذات أسوار حصينة ومياه معينة ويجري منها بجهة غربيها نهر صغير لها عليه بساتين وجنات وكروم وزراعات وبها من غلات الزعفران الشيء الكثير يتجهز به منها ويحمل إلى سائر العمالات والجهات وهذا النهر يجري إلى جهة الجنوب فيقع في نهر تاجه الأكبر فيمده ونهر تاجه المذكور يخرج من ناحية الجبال المتصلة بالقلعة والفنت فينزل مارا مع المغرب إلى مدينة طليطلة ثم إلى طلبيرة ثم إلى المخاضة ثم إلى القنطرة ثم إلى قنيطرة محمود ثم إلى مدينة شنترين ثم إلى لشبونة فيصب هناك في البحر. ومن مدينة وادي الحجارة إلى مدينة سالم شرقا خمسون ميلا ومدينة سالم هذه مدينة جليلة في وطاء من الأرض كبيرة القطر والعمارات والبساتين والجنات ومنها إلى مدينة شنت مارية ابن رزين ثلاث مراحل خفاف ومنها إلى الفنت أربع مراحل وبين شنت مارية والفنت مرحلتان وشنت مارية والفنت بلدان جليلان عامران بهما أسواق قائمة وعمارات متصلة دائمة وفواكه عامة وكانا في الإسلام منازل القواطم ومن مدينة سالم إلى مدينة قلعة ايوب خمسون ميلا شرقا وهي مدينة رائقة البقعة حصينة شديدة المنعة بهية

الأقطار كثيرة الأشجار والثمار عيونها مخترقة وينابيعها مغدودقة كثيرة الخصب رخيصة الأسعار وبها يصنع الغضار المذهب ويتجهز به إلى كل الجهات. ومن مدينة قلعة ايوب في جهة الجنوب إلى قلعة دروقة ثمانية عشر ميلا ودروقة مدينة صغيرة متحضرة كثيرة المياه غزيرة البساتين والكروم وكل شيء بها كثير رخيص ومن دروقة إلى مدينة سرقسطة خمسون ميلا وكذلك أيضا من مدينة قلعة ايوب إلى مدينة سرقسطة خمسون ميلا ومدينة سرقسطة قاعدة من قواعد مدن الأندلس كبيرة القطر آهلة ممتدة الأطناب واسعة الشوارع والرحاب حسنة الديار والمساكن متصلة الجنات والبساتين ولها سور مبني من الحجارة حصين وهي على ضفة النهر الكبير المسمى ابره وهو نهر كبير يأتي بعضه من بلاد الروم وبعضه من جهة جبال قلعة ايوب وبعضه من نواحي قلهرة فتجتمع مواد هذه الأنهار كلها فوق مدينة تطيلة ثم تنصب إلى مدينة سرقسطة إلى أن تنتهي إلى حصن جبرة إلى موقع نهر الزيتون ثم إلى طرطوشة فيجتاز بغربيها إلى البحر ومدينة سرقسطة هي المدينة البيضاء وسميت بذلك لكثرة جصها وجيارها ومن خواصها أنها لا تدخلها حية البتة وإن جلبت إليها وأدخلت المدينة ماتت وحيا بلا تأخير ولمدينة سرقسطة جسر عظيم يجاز عليه إلى المدينة ولها أسوار منيعة ومبان رفيعة. ومن مدينة سرقسطة إلى وشقة أربعون ميلا ومن وشقة إلى لاردة سبعون ميلا ومن سرقسطة إلى تطيلة خمسون ميلا ومدينة لاردة مدينة صغيرة متحضرة ولها أسوار منيعة وهي على نهر كبير.

ومن مكناسة إلى طرطوشة مرحلتان وهما خمسون ميلا ومدينة طرطوشة مدينة حصينة على سفح جبل ولها سور حصين وبها أسواق وعمارات وصناع وفعلة وإنشاء المراكب الكبار من خشب جبالها وبجبالها يكون خشب الصنوبر الذي لا يوجد له نظير في الطول والغلظ ومنه تتخذ الصواري والقرى وهذا الخشب الصنوبر الذي بجبال هذه المدينة أحمر صافي البشرة دسم لا يتغير سريعا ولا يفعل فيه السوس ما يفعله في غيره وهو خشب معروف منسوب ومن طرطوشة إلى موقع النهر في البحر اثنا عشر ميلا. ومن مدينة طرطوشة إلى طركونة خمسون ميلا ومدينة طركونة على البحر وهي مدينة اليهود ولها سور رخام وبها أبنية حصينة وأبراج منيعة ويسكنها قوم قلائل من الروم وهي حصينة منيعة ومنها إلى برشلونة في الشرق ستون ميلا. ومن مدينة طركونة غربا إلى موقع نهر ابره أربعون ميلا وهذا الوادي هاهنا يتسع سعة كثيرة ومن موقع النهر إلى رابطة كشطالي غربا على البحر ستة عشر ميلا وهي رابطة حصينة منيعة على نحر البحر الشامي يمسكها قوم أخيار وبالقرب منها قرية كبيرة ويتصل بها عمارات ومزارع ومن رابطة كشطالي غربا إلى قرية يانة قرب البحر ستة أميال ومنها إلى حصن بنشكلة ستة أميال وهو حصن منيع على ضفة البحر وهو عامر آهل وله قرى وعمارات ومياه كثيرة ومن حصن بنشكلة إلى عقبة ابيشة سبعة أميال وهو جبل معترض عال على البحر والطريق عليه ولا بد من السلوك على رأسه وهو صعب جدا ومنه إلى مدينة بريانة غربا خمسة وعشرون ميلا ومدينة بريانة مدينة جليلة عامرة

كثيرة الخصب والأشجار والكروم وهي في مستو من الأرض وبينها وبين البحر نحو من ثلاثة أميال ومن بريانة إلى مرباطر وهي قرى عامرة وأشجار ومستغلات ومياه متدفقة عشرون ميلا وكل هذه الضياع والأشجار على مقربة من البحر ومنها إلى بلنسية اثنا عشر ميلا غربا. ومدينة بلنسية قاعدة من قواعد الأندلس في مستو من الأرض عامرة القطر كثيرة التجار والعمار وبها أسواق وتجارات وحط وإقلاع وبينها وبين البحر ثلاثة أميال مع النهر وهي على نهر جار ينتفع به ويسقي المزارع وعليه بساتين وجنات وعمارات متصلة ومن مدينة بلنسية إلى سرقسطة تسع مراحل على كتندة وبين بلنسية وكتندة ثلاثة أيام ومن كتندة إلى حصن الرياحين مرحلتان وهو حصن حسن كثير الخلق عامر بذاته ومن حصن الرياحين إلى الفنت يومان ومن مدينة بلنسية إلى جزيرة شقر ثمانية عشر ميلا وهي على نهر شقر ومدينة شقر المذكورة حسنة البقاع كثيرة الأشجار والثمار والأنهار وبها ناس وجلة وهي على قارعة الطريق الشارع إلى مرسية ومن جزيرة شقر إلى مدينة شاطبة اثنا عشر ميلا ومدينة شاطبة مدينة حسنة ولها قصاب يضرب بها المثل في الحسن والمنعة ويعمل بها من الكاغذ ما لا يوجد له نظير بمعمور الأرض ويعم المشارق والمغارب ومن شاطبة إلى دانية خمسة وعشرون ميلا وكذلك من شاطبة إلى بلنسية اثنان وثلاثون ميلا وكذلك من بلنسية إلى مدينة دانية على البحر مع الجون خمسة وستون ميلا ومن بلنسية إلى حصن قلييرة خمسة وعشرون ميلا [[ومن قلييرة إلى دانية أربعون ميلا]] وحصن قلييرة قد أحدق البحر به وهو حصن منيع على موقع نهر شقر.

ومنه إلى مدينة دانية أربعون ميلا ومدينة دانية على البحر عامرة حسنة لها ربض عامر وعليها سور حصين وسورها من ناحية المشرق في داخل البحر قد بني بهندسة وحكمة ولها قصبة منيعة جدا وهي على عمارة متصلة وشجرات تين كثيرة وكروم وهي مدينة تسافر إليها السفن وبها ينشأ أكثرها لأنها دار إنشاء السفن ومنها يخرج الأسطول للغزو ومنها تخرج السفن إلى أقصى المشرق وفي الجنوب منها جبل عظيم مستدير يظهر من أعلاه جبال يابسة في البحر ويسمى هذا الجبل جبل قاعون ومن مدينة شاطبة إلى بكيران غربا أربعون ميلا وحصن بكيران حصن منيع عامر كالمدينة وله سوق مشهودة وحوله عمارات متصلة وتصنع به ثياب بيض تباع بالأثمان الغالية ويعمر الثوب منها سنين كثيرة وهي من أبدع الثياب عتاقة ورقة حتى لا يفرق بينها وبين الكاغذ في الرقة والبياض ومن بكيران إلى دانية أربعون ميلا ومن حصن بكيران إلى مدينة الش أربعون ميلا. وهي مدينة في مستو من الأرض ويشقها خليج يأتى إليها من نهرها يدخل المدينة من تحت السور فيتصرفون فيه ويجري في حمامها ويشق أسواقها وطرقاتها وهو نهر ملح سبخي وشرب أهل هذه المدينة من الخوابي يجلب إليها من خارجها ومياهها المشروبة من مياه السماء ومن مدينة الش إلى مدينة اوريولة ثمانية وعشرون ميلا ومدينة اوريولة على ضفة النهر الأبيض والنهر الأبيض هو نهرها ونهر مرسية وسورها من الناحية الغربية على جرية النهر ولها قنطرة

تدخل إليها على مراكب ولها قصبة في نهاية من الامتناع على قنة جبل ولها بساتين وجنات ورياضات دانية وبها من الفواكه ما لا تحصيل له وفيها رخاء شامل وبها أسواق وضياع وبين اوريولة والبحر عشرين ميلا وبين اوريولة ومدينة مرسية اثنا عشر ميلا ومن مدينة اوريولة إلى قرطاجنة خمسة وأربعون ميلا ومن مدينة دانية المتقدم ذكرها على الساحل إلى مدينة لقنت غربا على البحر سبعون ميلا. ولقنت مدينة صغيرة عامرة وبها سوق ومسجد جامع ومنبر ويتجهز منها بالحلفاء إلى جميع بلاد البحر وبها فواكه وبقل كثير وتين وأعناب ولها قصبة منيعة عالية جدا في أعلى جبل يصعد إليه بمشقة وتعب وهي أيضا مع صغرها تنشأ بها المراكب السفرية والحراريق وبالقرب من هذه المدينة وبالغرب منها جزيرة تسمى ابلناصة وهي على ميل من البر وهي مرسى حسن وهي مكمن لمراكب العدو وهي تقابل طرف الناظور ومن طرف الناظور إلى مدينة لقنت عشرة أميال ومن مدينة لقنت في البر إلى مدينة الش مرحلة خفيفة ومن مدينة لقنت إلى حلوق بالش سبعة وخمسون ميلا وبالش مراسي أفواه أودية تدخلها المراكب ومن بالش إلى جزيرة الفيران ميل وبين هذه الجزيرة والبر ميل ونصف ومنها إلى طرف القبطال اثنا عشر ميلا ومنه إلى برتمان الكبير وهو مرسى ثلاثون ميلا ومنه إلى مدينة قرطاجنة اثنا عشر ميلا ومدينة قرطاجنة هي فرضة مدينة مرسية وهي مدينة قديمة أزلية لها ميناء ترسى بها المراكب

الكبار والصغار وهي كثيرة الخصب والرخاء المتتابع ولها إقليم يسمى الفندون وقليلا ما يوجد مثاله في طيب الأرض وجودة نمو الزرع فيه ويحكى أن الزرع فيه يثمر بسقي مطرة واحدة وإليه المنتهى في الجودة. ومن مدينة قرطاجنة مع الساحل إلى شجانة أربعة وعشرون ميلا وهو مرسى حسن وعليه بقربه قرية ومنه إلى حصن آقلة اثنا عشر ميلا وهو حصن صغير على البحر وهو فرضة لورقة وبينهما في البر خمسة وعشرون ميلا ومن حصن آقلة إلى وادي بيرة في قعر الجون اثنان وأربعون ميلا وعلى مصب النهر جبل كبير وعليه حصن بيرة مطل على البحر ومن الوادي إلى جزيرة قربنيرة اثنا عشر ميلا ثم إلى الرصيف ستة أميال ثم إلى الشامة البيضاء ثمانية أميال ثم إلى طرف قابطة ابن أسود ستة أميال ومن طرف القابطة إلى المرية اثنا عشر ميلا ومن مدينة قرطاجنة إلى مرسية في البر أربعون ميلا ومدينة مرسية قاعدة أرض تدمير وهي في مستو من الأرض على النهر الأبيض ولها ربض عامر آهل وعليها وعلى ربضها أسوار حصينة وحظائر متقنة والماء يشق ربضها وهي على ضفة النهر المعروف ويجاز إليها على قنطرة مصنوعة من المراكب ولها أرحاء طاحنة في المراكب مثل طواحن سرقسطة التي هي تركب في مراكب تنتقل من موضع إلى موضع وبها من البساتين والأشجار والعمارات ما لا يؤخذ بتحصيل ولها كروم وبها شجر التين كثير ولها حصون وقلاع وقواعد وأقاليم معدومة المثال ومن مرسية إلى مدينة بلنسية خمس مراحل ومن مرسية إلى المرية على الساحل خمس مراحل ومن

مرسية إلى قرطبة عشر مراحل ومن مرسية إلى حصن شقورة أربع مراحل ومن مرسية إلى جنجالة خمسون ميلا. ومدينة جنجالة مدينة متوسطة القدر حصينة القلعة منيعة الرقعة ولها بساتين وأشجار وعليها حصن حسن ويعمل بها من وطاء الصوف ما ليس يمكن صنعه في غيرها باتفاق الهواء والماء ولنسائها جمال وحصافة ومن جنجالة إلى قونكة يومان وهي مدينة أزلية صغيرة على منقع ماء مصنوع قصدا ولها سور وليس لها ربض ويصنع بها من الأوطية المتخذة من الصوف كل غريبة ومن قونكة إلى قلصة ثلاث مراحل شرقا وقلصة حصن منيع تتصل به أجبل كثيرة بها شجر الصنوبر الكثير ويقطع بها الخشب ويلقى في الماء ويحمل إلى دانية وإلى بلنسية في البحر وذلك أنها تسير في النهر من قلصة إلى جزيرة شقر ومن جزيرة شقر إلى حصن قلييرة وتفرغ هناك على البحر فتملأ منها المراكب وتحمل إلى دانية فتنشأ منها السفن الكبار والمراكب الصغار ويحمل إلى بلنسية منه ما كان عريضا فيصرف في الأبنية والديار ومن قلصة إلى شنت مارية ثلاث مراحل وكذلك من قلصة إلى الفنت أيضا مثل ذلك ومن قونكة إلى وبذى ثلاث مراحل ووبذى واقليش مدينتان متوسطان ولهما أقاليم ومزارع عامرة وبين وبذى واقليش ثمانية عشر ميلا. ومن اقليش إلى شقورة ثلاث مراحل وحصن شقورة كالمدينة عامر بأهله وهو في رأس جبل عظيم متصل منيع الجهة حسن البنية ويخرج من أسفله

نهران أحدهما نهر قرطبة المسمى بالنهر الكبير والثاني هو النهر الأبيض الذي يمر بمرسية وذلك أن النهر الذي يمر بقرطبة يخرج من هذا الجبل من مجتمع مياه كالغدير ظاهر في نفس الجبل ثم يغوص تحت الجبل ويخرج من مكان في أسفل الجبل فيتصل جريه غربا إلى جبل نجدة إلى غادرة إلى قرب مدينة ابدة إلى أسفل مدينة بياسة إلى حصن اندوجر إلى القصير إلى قنطرة اشتشان إلى قرطبة إلى حصن المدور إلى حصن الجرف إلى حصن لورة إلى حصن القليعة إلى حصن قطنيانة إلى الزرادة إلى اشبيلية إلى قبطال إلى قبتور إلى طربشانة إلى المساجد إلى قادس ثم إلى بحر الظلمات وأما النهر الأبيض الذي هو نهر مرسية فإنه يخرج من أصل الجبل ويحكى أن أصلهما واحد أعني نهر قرطبة ونهر مرسية ثم يمر نهر مرسية في عين الجنوب إلى حصن افرد ثم إلى حصن مولة ثم إلى مدينة مرسية ثم إلى اوريولة إلى المدور إلى البحر ومن شقورة إلى مدينة سرتة مرحلتان كبيرتان وهي مدينة متوسطة القدر حسنة البقعة كثيرة الخصب وبمقربة منها حصن فتة ومن حصن فتة إلى طليطلة مرحلتان. ومن أراد من مرسية إلى المرية سار من مرسية إلى قنطرة اشكابة إلى حصن لبرالة إلى حصن الحمة إلى مدينة لورقة وهي مدينة غراء حصينة على ظهر جبل ولها أسواق وربض في أسفل المدينة وعلى الربض سور وفي الربض السوق والرهادنة وسوق العطر وبها معادن تربة صفراء ومعادن مغرة تحمل

إلى كثير من الأقطار ومن حصن لورقة إلى مرسية أربعون ميلا ثم من لورقة إلى آبار الرتبة إلى حصن بيرة مرحلة وهذا الحصن حصن منيع على حافة مطلة على البحر ومن هذا الحصن إلى عقبة شقر وهي عقبة صعبة المرقى لا يقدر أحد على جوازها راكبا وإنما يأخذها الركبان رجالة ومن العقبة إلى الرابطة مرحلة وليس هناك حصن ولا قرية وإنما بها قصر فيه قوم حراس للطريق ومن هذه الرابطة إلى المرية مرحلة خفيفة. ومدينة المرية كانت في أيام الملثم مدينة الإسلام وكان بها من كل الصناعات كل غريبة وذلك أنه كان بها من طرز الحرير ثماني مائة طراز يعمل بها الحلل والديباج والسقلاطون والاصبهاني والجرجاني والستور المكللة والثياب المعينة والخمر والعتابي والمعاجر وصنوف أنواع الحرير وكانت المرية قبل الآن يصنع بها من صنوف آلات النحاس والحديد إلى سائر الصناعات ما لا يحد ولا يكيف وكان بها من فواكه واديها الشيء الكثير الرخيص وهذا الوادي المنسوب إلى بجانة بينه وبين المرية أربعة أميال وحوله جنات وبساتين وأرحاء وجميع نعمها وفواكهها تجلب إلى المرية وكانت المرية إليها تقصد مراكب الطريق من الإسكندرية والشام كله ولم يكن بالأندلس كلها أيسر من أهلها مالا ولا أتجر منهم في جميع أنواع التجارات تصريفا وادخارا والمرية في ذاتها جبلان وبينهما خندق معمور وعلى الجبل الواحد قصبتها المشهورة بالحصانة والجبل الثاني منها فيه ربضها ويسمى جبل لاهم والسور يحيط بالمدينة وبالربض

ولها أبواب عدة ولها من الجانب الغربي ربض كبير عامر يسمى ربض الحوض وهو ربض له سور عامر بالأسواق والديار والفنادق والحمامات والمدينة في ذاتها مدينة كبيرة كثيرة التجارات والمسافرون إليها كثيرون وكان أهلها مياسير ولم يكن في بلاد أهل الأندلس أحضر من أهلها نقدا ولا أوسع منهم أحوالا وعدد فنادقها التي أخذها عد الديوان في التعنيب ألف فندق إلا ثلاثين فندقا وكان بها من الطرز أعداد كثيرة قدمنا ذكرها وموضع المرية من كل جهة استدارت به صخور مكدسة وأحجار صلبة مضرسة لا تراب بها كإنما غربلت أرضها من التراب وقصد موضعها بالحجر والمرية في هذا الوقت الذي ألفنا كتابنا هذا فيه صارت ملكا بأيدي الروم وقد غيروا محاسنها وسبوا أهلها وخربوا ديارها وهدموا مشيد بنيانها ولم يبقوا على شيء منها. وللمرية منابر منها مدينة برجة ودلاية وبين المرية وبرجة مرحلة كبيرة وبين برجة ودلاية نحو من ثمانية أميال وبرجة أكبر من دلاية وبها أسواق وصناعات وحروث ومزارع ومن المرية لمن أراد مالقة طريقان طريق في البر وهو تحليق وهو سبعة أيام والطريق الآخر في البحر وهو مائة وثمانون ميلا وذلك أنك تخرج من المرية إلى قرية البجانس على البحر ستة أميال ومن قرية البجانس يمر الطريق في البر إلى برجة ودلاية ومن قرية البجانس إلى آخر الجون وعليه برج مبني بالحجارة مصنوع لو قيد النار فيه عند ظهور العدو في البحر ستة أميال ومن هذا الطرف إلى مرسى النبيرة اثنان وعشرون

ميلا ومنها إلى قرية عذرة على البحر اثنا عشر ميلا وقرية عذرة مدينة صغيرة لا سور لها وبها الحمام والفندق وبها بشر كثير وبغربيها ينزل نهر كبير منبعه من جبل شلير ويجتمع بمياه برجة وغيرها فيصب عند عذرة في البحر ومن عذرة إلى قرية بليسانة عشرون ميلا وهي قرية آهلة على شاطئ البحر ومنها إلى مرسى الفروح اثنا عشر ميلا وهو مرسى كالحوض صغير ومنه إلى قرية بطرنة ستة أميال وبها معدن التوتيا التي فاقت جميع معادن التوتيا طيبا ومنها إلى قرية شلوبنية اثنا عشر ميلا ومن شلوبنية إلى مدينة المنكب في البحر ثمانية أميال. والمنكب مدينة حسنة متوسطة كثيرة مصايد السمك وبها فواكه جمة وفي وسطها بناء مربع قائم كالصنم أسفله واسع وأعلاه ضيق وبه حفيران من جانبيه متصلان من أسفله إلى أعلاه وبإزائه من الناحية الواحدة في الأرض حوض كبير يأتي إليه الماء من نحو ميل على ظهر قناطر كثيرة معقودة من الحجر الصلد فيصب ماؤها في ذلك الحوض ويذكر أهل المعرفة من أهل المنكب أن ذلك الماء كان يصعد إلى أعلى المنار وينزل من الناحية الأخرى فيجري هناك إلى رحى صغيرة كانت وبقي موضعه الآن على جبل مطل على البحر ولا يدرى المراد بذلك ما كان ومن مدينة المنكب في البر إلى اغرناطة أربعون ميلا ومن المنكب على البحر إلى قرية شاط اثنا عشر ميلا وبقرية شاط زبيب حسن الصفة كبير المقدار أحمر اللون يصحب طعمه

مزازة ويتجهز به إلى كل البلاد الأندلسية وهو منسوب إلى هذه القرية ومن قرية شاط إلى قرية طرش على ضفة البحر اثنا عشر ميلا ومنها إلى قصبة مرية بلش اثنا عشر ميلا وهو حصن على ضفة البحر صغير المقدار ويصب بمقربة منه في جهة المغرب نهر الملاحة وهو نهر يأتي من ناحية الشمال فيمر بالحمة ويتصل بأحواز حصن صالحة فيقع فيه هناك جميع مياه صالحة وتنزل إلى قرية الفشاط وتصب هناك في غربي حصن مرية بلش في البحر ومن مرية بلش إلى قرية الصيرة ولها طرف يدخل في البحر سبعة أميال ومن طرف قرية الصيرة إلى قرية بزليانة سبعة أميال وهي قرية كالمدينة في مستو من الأرض وأرضها رمل وبها الحمام والفنادق وشباك يصاد بها الحوت الكثير ويحمل منها إلى تلك الجهات المجاورة لها. ومن بزليانة إلى مدينة مالقة ثمانية أميال ومدينة مالقة مدينة حسنة عامرة آهلة كثيرة الديار متسعة الأقطار بهية كاملة سنية أسواقها عامرة ومتاجرها دائرة ونعمها كثيرة ولها فيما استدار بها من جميع جهاتها شجر التين المنسوب إلى رية وتينها يحمل إلى بلاد مصر والشام والعراق وربما وصل إلى الهند وهو من أحسن التين طيبا وعذوبة ولمدينة مالقة ربضان كبيران ربض فنتنالة وربض التبانين وشرب أهلها من مياه الآبار وماؤها قريب الغور كثير عذب ولها واد يجري في أيام الشتاء والربيع وليس بدائم الجري وسنذكرها بعد هذا بحول الله.

ولنرجع الآن إلى ذكر مدينة المرية فنقول إن الطريق من مدينة المرية إلى اغرناطة البيرة فمن أراد ذلك خرج من المرية إلى مدينة بجانة ستة أميال ومدينة بجانة كانت المدينة المشهورة قبل المرية فانتقل أهلها إلى المرية فعمرت وخربت بجانة فلم يبق منها الآن إلا آثار بنيانها ومسجد جامعها قائم بذاته وحول بجانة جنات وبساتين ومتنزهات وكروم وأموال كثيرة لأهل المرية وعلى يمين بجانة وعلى ستة أميال منها حصن الحمة والحمة في رأس جبل ويذكر المتجولون في أقطار الأرض أن ما مثل هذه الحمة في المعمور من الأرض ولا أتقن منها بناء ولا أسخن منها ماء والمرضى والمعلون يقصدون إليها من كل الجهات فيلزمون المقام بها إلى أن تستقل عللهم ويشفوا من أمراضهم وكان أهل المرية في أيام الربيع يرحلون إليها مع نسائهم وأولادهم باحتفال في المطاعم والمشارب والتوسع في الإنفاق وربما بلغ المسكن بها في الشهر ثلاثة دنانير مرابطية وأكثر وأقل وجبال هذه الحمة كلها جص يحتفر ويحرق وتنقل جملته إلى مدينة المرية وبه جميع عقد بنيانهم وتجصيصهم وهو بها وعندهم كثير رخيص لكثرته. ومن مدينة بجانة إلى قرية بني عبدوس سته أميال ومنها إلى حصن مندوجر ستة أميال وبه المنزل لمن خرج من المرية وهي مرحلة خفيفة وحصن مندوجر على جبل تراب أحمر والجبل على ضفة نهر والمنزل في القرية منها ويباع بها للمسافرين الخبز والسمك وجميع الفواكه كل شيء منها في إبانه ثم إلى

حمة غششر ثم إلى الحمة المنسوبة إلى وشتن ومنها إلى حصن مرشانة وهو على مجتمع النهرين وهو من أمنع الحصون مكانا وأوثقها بنيانا وأكثرها عمارة ومنها إلى قرية بلذوذ ثم إلى حصن القصير وهو حصن منيع جدا على فم مضيق في الوادي وليس لأحد جواز إلا بأسفل هذا الحصن ومنه إلى خندق فبير ثم إلى الرتبة ثم إلى قرية عبلة وبها المنزل ومن قرية عبلة إلى حصن فنيانة ثم إلى قرية صنصل ثم إلى أول فحص عبلة وطول هذا الفحص اثنا عشر ميلا وليس به عوج ولا أمت وعن شمال المار جبل شلير الثلج في حضيض هذا الجبل حصون كثيرة منها حصن فريرة ينسب إليها الجوز وذلك أن بها من الجوز شيئا ينفرك من غير رض ولا يعدله في طعمه جوز غيرها من البلاد ومن حصون هذا الجبل حصن ذلر وبه من الكمثرى كل عجيبة وذلك أن الكمثرى به يكون منها في وزن الحبة الواحدة رطل أندلسي وأما الأعم منها فكمثراتان في رطل واحد ولها مذاق عجيب. ومن آخر فحص عبلة إلى خندق آش ثم إلى مدينة وادي آش وهي مدينة متوسطة المقدار لها أسوار محدقة ومكاسب مؤنقة ومياه متدفقة ولها نهر صغير دائم الجري ومنها إلى قرية دشمة وبها المنزل ومنها إلى الرتبة ثم إلى قرية افرافريدة ثم إلى قرية ود وهي قرى متصلة ومنها إلى مدينة اغرناطة ثمانية أميال ومدينة وادي آش رصيف يجتمع به طرق كثيرة فمن أراد منها

مدينة بسطة خرج من وادي آش إلى جبل عاصم ثم الى قرية يورا إلى مدينة بسطة وبينهما ثلاثون ميلا ومدينة بسطة مدينة متوسطة المقدار حسنة الموضع عامرة آهلة لها أسوار حصينة وسوق نظيفة وديار حسنة البناء رائقة المغنى وبها تجارات وفعلة لضروب من الصناعات وعلى مقربة منها حصن طشكر الذي فاق جميع حصون الأندلس منعة وعلوا ورفعة وطيب تربة وهواء وليس لأحد موضع يصعد منه إلى هذا الحصن إلا موضعان وبين الموضع والموضع اثنا عشر ميلا على طرق مثل شراك النعل ومدارج النمل وبأعلاه الزرع والحصاد والمياه وإليه الانتهاء في الخصب وجودة الحصانة. وكذلك من وادي آش الى مدينة جيان مرحلتان كبيرتان ومن مدينة بسطة إلى جيان ثلاث مراحل خفاف ومدينة جيان مدينة حسنة كثيرة الخصب رخيصة الأسعار كثيرة اللحوم والعسل ولها زائد على ثلاثة آلاف قرية كلها يربى بها دود الحرير وهي مدينة كثيرة العيون الجارية تحت سورها ولها قصبة من أمنع القصاب وأحصنها يرتقى إليها على طريق مثل مدرج النمل ويتصل بها جبل كور وبمدينة جيان بساتين وجنات ومزارع وغلات القمح والشعير والباقلاء وسائر الحبوب وعلى ميل منها نهر بلون وهو نهر كبير وعليه أرحاء كثيرة جدا وبها مسجد جامع وجلة وعلماء. ومن مدينة جيان إلى مدينة بياسة عشرون ميلا وبياسة تظهر من جيان وجيان تظهر من بياسة وبياسة على كدية تراب مطلة على النهر الكبير المنحدر

إلى قرطبة وهي مدينة ذات أسوار وأسواق ومتاجر وحولها زراعات ومستغلات الزعفران بها كثيرة ومنها إلى مدينة ابدة في جهة الشرق سبعة أميال وهي مدينة صغيرة وعلى مقربة من النهر الكبير ولها مزارع وغلات قمح وشعير كثيرة جدا وفيما بين مدينة جيان وبسطة ووادي آش حصون كثيرة عامرة ممدنة آهلة لها خصب وغلل نافعة كثيرة فمن ذلك أن بشرقي جيان وقبالة بياسة حصنا عظيما يسمى شوذر وإليه ينسب الخلاط الشوذري ومنه في الشرق إلى حصن طوية اثنا عشر ميلا ومنه إلى حصن قيشاطة وهو حصن كالمدينة له أسواق وربض عامر وحمام وفنادق وعليه جبل يقطع به من الخشب الذي تخرط منه القصاع والمخابئ والأطباق وغير ذلك ما يعم بلاد الأندلس وأكثر بلاد المغرب أيضا وهذا الجبل يتصل ببسطة وبين جيان وهذا الحصن مرحلتان ومنه إلى وادي آش مرحلتان ومنه إلى اغرناطة مرحلتان ومن وادي آش المتقدم ذكرها إلى اغرناطة أربعون ميلا. ومدينة اغرناطة محدثة من أيام الثوار بالأندلس وإنما كانت المدينة المقصودة البيرة فخلت وانتقل أهلها منها إلى اغرناطة ومدنها وحصن أسوارها وبنى قصبتها حبوس الصنهاجي ثم خلفه ابنه باديس بن حبوس فكملت في أيامه وعمرت إلى الآن وهي مدينة يشقها نهر يسمى حدروا وعلى جنوبها نهر الثلج المسمى شنيل ومبدؤه من جبل شلير وهو جبل الثلج وذلك أن هذا الجبل طوله يومان وعلوه في غاية الارتفاع والثلج به دائما في الشتاء والصيف

ووادي آش واغرناطة في شمال الجبل ووجه الجبل الجنوبي مطل على البحر يرى من البحر على مجرى ونحوه وفي أسفله من ناحية البحر برجة ودلاية وقد ذكرناهما فيما سبق ومن اغرناطة إلى مدينة المنكب على البحر أربعون ميلا ومن اغرناطة إلى مدينة لوشة مع جرية النهر خمسة وعشرون ميلا ومن المنكب إلى مدينة المرية مائة ميل في البحر ومن المنكب إلى مدينة مالقة ثمانون ميلا. ومدينة مالقة مدينة حسنة حصينة ويعلوها جبل يسمى جبل فاره ولها قصبة منيعة وربضان لا أسوار لهما وبهما فنادق وحمامات وبها من شجر التين ما ليس بأرض وهو التين المنسوب إلى رية ومالقة قاعدة رية ومن مالقة إلى قرطبة في جهة الشمال أربعة أيام ومن مالقة أيضا إلى اغرناطة ثمانون ميلا ومن مالقة إلى الجزيرة الخضراء مائة ميل ومن مالقة إلى اشبيلية خمس مراحل ومن مالقة إلى مربلة في طريق الجزيرة أربعون ميلا ومربلة مدينة صغيرة متحضرة ولها عمارات وأشجار تين كثيرة وفي الشمال منها قلعة ببشتر وهي قلعة في نهاية الامتناع والتحصين والصعود إليها على طريق صعب وأما ما بين مالقة وقرطبة من الحصون العامرة التي هي حواضر في تلك النواحي فمنها مدينة ارشذونة وانتقيرة وبينهما وبين مالقة خمسة وثلاثون ميلا وكانت ارشذونة هذه وانتقيرة مدينتين أخلتهما فتن الثوار بالأندلس بعد دولة ابن أبي عامر القائم بدولة بني أمية ومن ارشذونة إلى حصن اشر عشرون

ميلا وهو حصن حسن حصين كثير العمارة آهل وله سوق مشهودة. ومنه إلى مدينة باغه ثمانية عشر ميلا وباغه مدينة صغيرة القدر لكنها في غاية الحسن لكثرة مياهها والماء يشق بلدها وعليه الأرحاء داخل المدينة ولها من الكروم والأشجار ما لا مزيد عليه وهي في نهاية الخصب والرخاء ويليها في جهة المشرق الحصن المسمى بالقبذاق وبينهما مرحلة خفيفة ومن القبذاق إلى جيان مرحلة خفيفة وحصن القبذاق كبير عامر وهو في سفح جبل ينظر إلى جهة الغرب وبه سوق مشهودة ومنه إلى حصن بيانة مرحلة صغيرة وبيانة حصن كبير في أعلى كدية تراب قد حفت بها أشجار الزيتون الكثيرة ولها مزارع الحنطة والشعير ومن حصن بيانة إلى قبرة مرحلة خفيفة وحصن قبرة كبير كالمدينة حصين المكان وثيق البنيان وهو على متصل أرض وطيئة وعمارات ومزارع ومنه إلى مدينة قرطبة أربعون ميلا. ويتصل به بين جنوب وغرب مدينة اليسانة وهي مدينة اليهود ولها ربض يسكنه المسلمون وبعض اليهود وبه المسجد الجامع وليس على الربض سور والمدينة مدينة متحصنة بسور حصين ويطوف بها من كل ناحية حفير عميق القعر والسروب وفائض مياهها قد ملأ ذلك الحفير واليهود يسكنون بجوف المدينة ولا يداخلهم فيها مسلم البتة وأهلها أغنياء مياسير أكثر غنى من اليهود الذين ببلاد المسلمين ولليهود بها حذر وتحصن ممن قصدهم ومن اليسانة إلى

مدينة قرطبة أربعون ميلا ويلي هذه الحصون حصن بلاي وحصن منترك وهي حصون يسكنها البربر من أيام الأمويين ومن حصن بلاي إلى مدينة قرطبة عشرون ميلا وبالقرب من بلاي حصن شنت ياله وهو حصن على مدرة والماء بعيد ومنه إلى استجة في الغرب خمسة عشر ميلا ومن حصن شنت ياله إلى قرطبة ثلاثة وعشرون ميلا ومدينة استجة على نهر اغرناطة المسمى شنيل وهي مدينة حسنة ولها قنطرة عجيبة البناء من الصخر المنجور وبها أسواق عامرة ومتاجر قائمة ولها بساتين وجنات ملتفة وحدائق زاهية ومن استجة إلى قرطبة خمسة وثلاثون ميلا. ومن استجة في جهة الجنوب إلى حصن اشونة نصف يوم وحصن اشونة حصن ممدن كثير الساكن ومنه إلى بلشانة عشرون ميلا ومدينة بلشانة حصن كبير عامر له حصانة ووثاقة وهو حصن يحيط به شجر الزيتون ومن استجة إلى مدينة قرمونة خمسة وأربعون ميلا وهي مدينة كبيرة يضاهي سورها سور اشبيلية وكانت فيما سلف بأيدي البرابر ولم يزل أهلها ابدا أهل نفاق وهي حصينة وعلى رأس جبل حصين منيع وهي على فحص ممتد جيد الزراعات كثير الإصابة في الحنطة والشعير ومنه في الغرب إلى اشبيلية ثمانية عشر ميلا وقد ذكرنا اشبيلية فيما سبق ومن مدينة قرمونة إلى شريش من كورة شذونة ثلاث مراحل وكذلك من مدينة اشبيلية إلى شريش مرحلتان كبيرتان جدا ومدينة شريش مدينة متوسطة حصينة مسورة الجنبات حسنة الجهات وقد

أطافت بها الكروم الكثيرة وشجر الزيتون والتين والحنطة بها ممكنة وأسعارها موافقة ومن شريش إلى جزيرة قادس اثنا عشر ميلا فمن شريش إلى القناطر ستة أميال ومن القناطر إلى جزيرة قادس ستة أميال. ومن اشبيلية المتقدم ذكرها إلى قرطبة ثلاث مراحل ولها ثلاث طرق طريق الزنبجار وطريق لورة وطريق الوادي فأما طريق الزنبجار فقد ذكرناها وهي من اشبيلية الى مدينة قرمونة مرحلة ومن قرمونة إلى مدينة استجة مرحلة ومن استجة إلى قرطبة مرحلة وأما طريق لورة فمن اشبيلية إلى منزل ابان ثم إلى مرلش ثم إلى حصن القليعة وبه المنزل وعند مسيرك من مرلش إلى القليعة تبصر حصن قطنيانة على الشمال والمنزل القليعة وهو على ضفة النهر الكبير يجاز إليها في المركب ومن حصن القليعة إلى الغيران إلى حصن لورة وهو يبعد عن الطريق نحو رمية سهم وعلى يمين المار حصن كبير عامر على ضفة النهر الكبير ومن لورة إلى قرية صدف ويقابلها على يسار السالك على جبل عال حصن منيع وقلعة متحصنة تسمى شنت فيلة وهي معقل للبربر من قديم الزمان ومن صدف إلى قلعة ملبال وهي على نهر ملبال وهو نهر مدينة فرنجولش ومن هذه القنطرة إلى مدينة فرنجولش اثنا عشر ميلا ومن القنطرة إلى قرية شوشبيل وهي قرية كبيرة على نهر قرطبة المسمى بالنهر الكبير ومنها إلى حصن مراد وبه المنزل ومن حصن مراد إلى الخنادق الى

حصن المدور ثم إلى السواني ثم إلى قرطبة وهي المنزل وبين اشبيلية وقرطبة ثمانون ميلا على الطريق ومن حصن المدور الذي ذكرناه إلى فرنجولش اثنا عشر ميلا وهي مدينة حصينة منيعة كثيرة الكروم والأشجار ولها على مقربة منها معادن الفضة في موضع يعرف بالمرج ومنها إلى حصن قسطنطينة الحديد ستة عشر ميلا وهذا الحصن حصن جليل عامر آهل وبجباله معادن الحديد الطيب المتفق على طيبه وكثرته ومنه يتجهز به إلى جميع أقطار الأندلس وبقرب منه حصن فريش وبه مقطع للرخام الرفيع الجليل الخطير المنسوب اليه والرخام الفريشي أجل الرخام بياضا وأحسنه ديباجا وأشده صلابة ومن هذا الحصن إلى جبل العيون ثلاث مراحل خفاف ومن شاء المسير إلى قرطبة أيضا من اشبيلية ركب المراكب وسار صاعدا في النهر إلى أرحاء الزرادة إلى عطف منزل ابان إلى قطنيانة إلى القليعة إلى لورة إلى حصن الجوف إلى شوشبيل إلى موقع نهر ملبال إلى حصن المدور إلى وادي الرمان إلى أرحاء ناصح إلى قرطبة. ومدينة قرطبة قاعدة بلاد الأندلس وأم مدنها ودار الخلافة الإسلامية وفضائل أهل قرطبة أشهر من أن تذكر ومناقبها أظهر من أن تستر وإليهم الانتهاء في السناء والبهاء بل هم أعلام البلاد وأعيان العباد ذكروا بصحة

المذهب وطيب المكسب وحسن الزي في الملابس والمراكب وعلو الهمة في المجالس والمراتب وجميل التخصيص في المطاعم والمشارب مع جميل الخلائق وحميد الطرائق ولم تخل قرطبة قط من أعلام العلماء وسادات الفضلاء وتجارها مياسير لهم أموال كثيرة وأحوال واسعة ولهم مراكب سنية وهمم علية وهي في ذاتها مدن خمسة يتلو بعضها بعضا بين المدينة والمدينة سور حاجز وفي كل مدينة ما يكفيها من الأسواق والفنادق والحمامات وسائر الصناعات وطولها من غربيها إلى شرقيها ثلاثة أميال وكذلك عرضها من باب القنطرة إلى باب اليهود بشمالها ميل واحد وهي في سفل جبل مطل عليها يسمى جبل العروس ومدينتها الوسطى هي التي فيها باب القنطرة وفيها المسجد الجامع الذي ليس بمساجد المسلمين مثله بنية وتنميقا وطولا وعرضا. وطول هذا الجامع مائة باع مرسلة وعرضه ثمانون باعا ونصفه مسقف ونصفه صحن للهواء وعدد قسي مسقفه تسع عشرة قوسا وفيه من السواري أعني سواري مسقفه بين أعمدته وسواري قبلته صغارا وكبارا مع سواري القبة الكبيرة وما فيها ألف سارية وفيه مائة وثلاث عشرة ثريا للوقيد أكبر واحدة منها تحمل ألف مصباح وأقلها تحمل اثني عشر مصباحا وسقفه كله سماوات خشب مسمرة في جوائز سقفه وجميع خشب هذا المسجد الجامع من عيدان الصنوبر الطرطوشي ارتفاع خد الجائزة منه شبر وافر في عرض شبر إلا ثلاثة أصابع في طول كل جائزة منها سبعة وثلاثون شبرا وبين الجائزة

والجائزة غلظ جائزة والسماوات التي ذكرناها هي كلها مسطحة فيها ضروب الصنع المنشاة من الضروب المسدسة والموربي وهي صنع الفص وصنع الدوائر والمداهن لا يشبه بعضها بعضا بل كل سماء منها مكتف بما فيه من صنائع قد أحكم ترتيبها وأبدع تلوينها بألوان الحمرة الزنجفرية والبياض الاسفيذاجي والزرقة اللازوردية والزرقون الباروقي والخضرة الزنجارية والتكحيل النقسي تروق العيون وتستميل النفوس باتقان ترسيمها ومختلفات ألوانها وتقسيمها وسعة كل بلاط من بلاطات مسقفه ثلاثة وثلاثون شبرا وبين العمود والعمود خمسة عشر شبرا ولكل عمود منها رأس رخام وقاعدة رخام وقد عقد بين العمود والعمود على أعلى الراس قسي غريبة فوقها قسي آخر على عمد من الحجر المنجور متقنة وقد جصص الكل منها بالجص والجيار وزينت عليها بحور مستديرة ناتية بينها ضروب صناعات الفص بالمغرة وتحت كل سماء منها إزار خشب فيه مكتوب آيات القرآن. ولهذا المسجد الجامع قبلة تعجز الواصفين أوصافها وفيها اتقان يبهر العقول تنميقها وكل ذلك من الفصفص المذهب والملون مما بعث به صاحب القسطنطينة العظمى إلى عبد الرحمن المعروف بالناصر لدين الله الأموي وعلى هذا الوجه أعني وجه المحراب سبع قسي قائمة على عمد وطول كل قوس منها أشف من قامة وكل هذه القسي مزججة صنعة القرط قد أعيت الروم والمسلمين بغريب أعمالها ودقيق تكوينها ووضعها وعلى أعلى الكل كتابان مسجونان بين

بحرين من الفص المذهب في أرض الزجاج اللازوردي وكذلك تحت هذه القسي التي ذكرناها كتابان مثل الأولين مسجونان بالفص المذهب في أرض اللازورد من الفص الملون وعلى وجه المحراب أنواع كثيرة من التزيين والنقش وفي عضادتي المحراب أربعة أعمدة اثنان اخضران واثنان زرزوريان لا تقوم بمال وعلى رأس المحراب خصة رخام قطعة واحدة مشوكة محفورة منمقة بأبدع التنميق من الذهب واللازورد وسائر الألوان وعلى المحراب مما استدار به حظيرة خشب بها من أنواع النقش كل غريبة. ومع يمين المحراب المنبر الذي ليس بمعمور الأرض مثله صنعة خشبه أبنوس وبقس وعود المجمر ويحكى في كتب تواريخ بني أمية أنه صنع في نجارته ونقشه سبعة سنين وكان عدد صناعه ستة رجال غير من يخدمهم تصرفا ولكل صانع منهم في اليوم نصف مثقال محمدي وعن شمال المحراب بيت فيه عدد وطسوت ذهب وفضة وحسك وكلها لوقيد الشمع في كل ليلة سبعة وعشرين من رمضان المعظم ومع ذلك ففي هذا المخزن مصحف يرفعه رجلان لثقله فيه أربعة أوراق من مصحف عثمان بن عفان وهو المصحف الذي خطه بيمينه وفيه نقط من دمه وهذا المصحف يخرج في صبيحة كل يوم ويتولى إخراجه رجلان من قومة المسجد وأمامهم رجل ثالث بشمعة وللمصحف غشاء بديع الصنعة منقوش بأغرب ما يكون من النقش وأدقه وأعجبه وله بموضع المصلى كرسي يوضع عليه ويتولى الإمام قراءة نصف

حزب منه ثم يرد إلى موضعه. وعن يمين المحراب والمنبر باب يفضى منه إلى القصر بين حائطي الجامع في ساباط متصل وفي هذا الساباط ثمانية أبواب منها أربعة تنغلق من جهة القصر وأربعة تنغلق من جهة الجامع ولهذا الجامع عشرون بابا مصفحة بصفائع النحاس وكواكب النحاس وفي كل باب منها حلقتان في نهاية من الاتقان وعلى وجه كل باب منها في الحائط ضروب من الفصفص المتخذ من الأجر الأحمر المحكوك أنواع شتى وأجناس مختلفة من الصناعات والترييش وصدور البزاة وفيما استدار بالجامع في أعلاه لتمدد الضوء ودخوله إلى المسقف متكآت رخام طول كل متكأ منها قدر قامة في سعة أربعة أشبار في غلظ أربعة أصابع وكلها صنع مسدسة ومثمنة مخرمة منفوذة لا يشبه بعضها بعضا. وللجامع في الجهة الشمالية الصومعة الغريبة الصنعة الجليلة الأعمال الرائقة الأشكال التي ارتفاعها في الهواء مائة ذراع بالذراع الرشاشي منها ثمانون ذراعا إلى الموضع الذي يقف عليه المؤذن بقدميه ومن هناك إلى أعلاها عشرون ذراعا ويصعد إلى أعلى هذه المنارة بدرجين أحدهما من الجانب الغربي والثاني من الجانب الشرقي إذا افترق الصاعدان أسفل الصومعة لم يجتمعا إلا إذا وصلا الأعلى منها ووجه هذه الصومعة كله مبطن بالكذان اللكي منقوش من وجه الأرض إلى أعلى الصومعة صنع مقسمة تحتوي على أنواع من الصنع والتزويق والكتابة والملون وبالأوجه الاربعة الدائرة من الصومعة صفان من قسي دائرة على عمد الرخام الحسن والذي في الصومعة من العمد بين داخلها

وخارجها ثلاث مائة عمود بين صغير وكبير وفي أعلى الصومعة بيت له أربعة أبواب مغلقة يبيت فيه كل ليلة مؤذنان وللصومعة ستة عشر موذنا يؤذنون فيها بالدولة لكل يوم مؤذنان على توال وفي أعلى الصومعة على القبة التي على البيت ثلاث تفاحات ذهب واثنتان من فضة وأوراق سوسنية تسع الكبيرة من هذه التفاحات ستون رطلا زيتا ويخدم الجامع كله ستون رجلا وعليهم قائم ينظر في أمورهم وهذا الجامع متى سها إمامه لا يسجد لسهوه قبل السلام بل يسجد بعد السلام. ومدينة قرطبة في حين تأليفنا لهذا الكتاب طحنتها رحي الفتنة وغيرها حلول المصائب والأحداث مع اتصال الشدائد على أهلها فلم يبق بها منهم الآن إلا الخلق اليسير ولا بلد أكبر اسما منها في بلاد الأندلس. ولقرطبة القنطرة التي علت القناطر فخرا في بنائها واتقانها وعدد قسيها سبع عشرة قوسا بين القوس والقوس خمسون شبرا وسعة القوس مثل ذلك خمسون شبرا وسعة ظهرها المعبور عليه ثلاثون شبرا ولها ستائر من كل جهة تستر القامة وارتفاع القنطرة من موضع المشي إلى وجه الماء في أيام جفوف الماء وقلته ثلاثون ذراعا وإذا كان السيل بلغ الماء منها إلى نحو حلوقها وتحت القنطرة يعترض الوادي رصيف سد مصنوع من الأحجار القبطية والعمد الخاشنة من الرخام وعلى هذا السد ثلاث بيوت أرحاء في كل بيت منها أربع مطاحن ومحاسن هذه المدينة وشماختها أكثر من أن يحاط بها خبرا. ومن مدينة قرطبة إلى مدينة الزهراء خمسة أميال وهي قائمة الذات بأسوارها ورسوم قصورها وفيها قوم سكان بأهليهم وذراريهم وهم قليلون وهي في

ذاتها مدينة عظيمة مدرجة البنية مدينة فوق مدينة سطح الثلث الأعلى يوازي علي الجزء الأوسط وسطح الثلث الأوسط يوازي علي الثلث الأسفل وكل ثلث منها له سور فكان الجزء الأعلى منها قصورا يقصر الوصف عن صفاتها والجزء الأوسط بساتين وروضات والجزء الثالث فيه الديار والجامع وهي الآن خراب في حال الذهاب. ومن مدينة قرطبة إلى المرية ثمانية أيام ومن قرطبة إلى اشبيلية ثمانون ميلا ومن قرطبة إلى مالقة مائة ميل ومن قرطبة إلى طليطلة تسع مراحل فمن أرادها سار من قرطبة في جهة الشمال إلى عقبة ارلش أحد عشر ميلا ومنها إلى دار البقر ستة أميال ثم إلى بطروش أربعون ميلا وحصن بطروش حسن كثير العمارة شامخ الحصانة لأهله جلادة وحزم على مكافحة أعدائهم ويحيط بجبالهم وسهولهم شجر البلوط الذي فاق طعمه طعم كل بلوط على وجه الأرض وذلك أن أهل هذا الحصن لهم اهتمام بحفظه وخدمته لأنه لهم غلة وغياث في سني الشدة والمجاعة. ومن حصن بطروش إلى حصن غافق سبعة أميال وحصن غافق حصن حصين ومعقل جليل وفي أهله نجدة وعزم وجلادة وحزم وكثيرا ما تسرى إليهم سرايا الروم فيكتفون بهم في إخراجهم عن أرضهم وإنقاذ غنائمهم منهم والروم يعلمون بأسهم وبسالتهم فينافرون أرضهم ويتحامون عنهم ومن قلعة غافق إلى جبل عافور مرحلة ثم إلى دار البقر مرحلة ثم إلى قلعة رباح وهي مدينة حسنة وقد سبق ذكرها وكذلك الطريق من قرطبة إلى بطليوس

من قرطبة إلى دار البقر التي تقدم ذكرها مرحلة ومنها إلى حصن بيندر مرحلة ثم إلى زواغة مرحلة وزواغة حصن عليه سور تراب وهو على كدية تراب ومنه إلى نهر اثنة مرحلة ومنه إلى حصن الحنش مرحلة وحصن الحنش منيع شامخ الذروة مطل العلوة شاهق البنية حامي الأفنية ومنه إلى مدينة ماردة مرحلة لطيفة ثم إلى بطليوس مرحلة خفيفة فذلك من قرطبة إلى بطليوس سبع مراحل. وبشمال مدينة قرطبة إلى حصن ابال مرحلة وهو الحصن الذي به معدن الزيبق ومنه يتجهز بالزيبق والزنجفر إلى جميع أقطار الأرض وذلك أن هذا المعدن يخدمه أزيد من ألف رجل فقوم للنزول فيه وقطع الحجر وقوم لنقل الحطب لحرق المعدن وقوم لعمل أواني سبك الزيبق وتصعيده وقوم لشان الأفران والحرق قال المؤلف وقد رأيت هذا المعدن فأخبرت أن من وجه الأرض إلى أسفله أكثر من مائتي قامة وخمسين ومن قرطبة إلى اغرناطة أربع مراحل وهي مائة ميل وبين اغرناطة وجيان خمسون ميلا وهي مرحلتان. وأما بحر الشام الذي عليه جنوب بلاد الأندلس فمبدؤه من المغرب وآخره حيث انطاكية ومسافة ما بينهما إجراء في البحر ستة وثلاثون مجرى فأما عروضه فمختلفة وذلك أن مدينة مالقة يقابلها من الضفة الأخرى المزمة وبادس وبينهما عرض البحر مجرى يوم بالريح الطيبة المعتدلة وكذلك المرية

يوازيها في الضفة الأخرى هنين وعرض البحر بينهما مجريان وكذلك أيضا مدينة دانية يقابلها من العدوة الأخرى مدينة تنس وبينهما ثلاث مجار وكذلك مدينة برشلونة تقابلها من عدوة الغرب الأوسط بجاية وبينهما أربعة مجار في عرض البحر والمجرى مائة ميل وأما جزيرة يابسة فإنها جزيرة حسنة كثيرة الكروم والأعناب وبها مدينة حسنة صغيرة متحضرة وأقرب الأندلس إليها مدينة دانية وبينهما مجرى وفي شرقي جزيرة يابسة جزيرة ميورقة وبينهما مجرى وبها مدينة كبيرة لها مالك وحارس ذو رجال وعدد وأسلحة وأموال وبالشرق منها أيضا جزيرة منورقة تقابل مدينة برشلونة وبينهما مجرى ومن منورقة إلى جزيرة سردانية أربعة مجار فذلك ما أردنا ذكره والحمد لله. نجز الجزء الأول من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله.

الجزء الثاني

الجزء الثاني إن هذا الجزء الثاني من الإقليم الرابع تضمن قطعة من البحر الشامي وفيه جمل جزائر معمورة ومغمورة ومغفولة ومشهورة وشيء من بلاد الروم البرية مما نأتي بذكره بعد هذا بعون الله. فنقول إن في هذا الجزء من الجزائر الكبار جزيرة سردانية وجزيرة قرشقة وجزيرة صقلية. وفيها من الجزائر الصغار مثل جزيرة البة وبانوسة وجزيرة استرنجلوا وجبل البركان ثم جزيرة البركان وجزيرة ليبر وجزيرة دندمة وجزيرة أم الحمار وجزيرة الطرفانية وجزيرة انكوذة وجزيرة اشتقة وجزيرة اليالية وجزيرة الراهب وجزيرة قوصرة وجزيرة الكتاب وجزيرة نموشة وجزيرة كمونة وجزيرة مالطة (وجزيرة مليطمة) . وأما البلاد الساحلية المتصلة بالبر فمنها برشلونة وجرندة وانبوريش واربونة

وقرقسونة وكل هذه من بلاد غشكونية ومن شرقي هذا الجزء من بلاد قلورية ريو والماصة وتوجش وأتربة وشنت فيمي وها نحن ذاكروها بحول الله تعالى. فنقول إن من جزيرة منورقة إلى ساحل برشلونة مجرى وكذلك منها إلى جزيرة سردانية أربعة مجار شرقا. وجزيرة سردانية كبيرة القطر كثيرة الجبال قليلة المياه وطولها مائتان وثمانون ميلا وعرضها من المغرب إلى المشرق مائة وثمانون ميلا وطولها مار من الجنوب إلى الشمال مع قليل تشريق وفيها ثلاثة بلاد منها القيطنة وهي مما يلي جنوبها وهي مدينة عامرة ممدنة ومنها مدينة قالمرة وهي رأس المجاز إلى جزيرة قرشقة ومدينتها الثالثة تسمى قشيلية وأهل جزيرة سردانية في الأصل روم أفارقة متبر برون ومتوحشون من أجناس الروم وهم أهل نجدة وحزم لا يفارقون السلاح وفي جزيرة سردانية معادن الفضة الجيدة ومنها تخرج الفضة إلى كثير من بلاد الروم وبين جزيرة سردانية وجزيرة قرشقة مجاز طوله عشرون ميلا. وجزيرة قرشقة حولها أركان وهي أجوان شرقيها البحر الذي يسمى بالعجمية طرانه وبها مدينة حسنة متوسطة عامرة وهي منها في الغربي وطولها مائة وخمسون ميلا وعرضها سبعة وعشرون ميلا وجزيرة قرشقة جزيرة خصيبة كثيرة العمارات وأهلها يتجولون في أرض الروم وهم أكثر الروم سفرا. ومن الجزائر التي تجاور أرض الروم جزيرة البة وبينها وبين قرشقة

مجرى ومحيط دورها على ما هي عليه من الشكل مائة ميل وهي من أعمال بيش. ومن البة إلى جزيرة بانوسة من جهة الشمال والمشرق خمسة وعشرون ميلا وجزيرة بانوسة دورها ثلاثون ميلا وهي خالية. ومن بانوسة إلى جزيرة قبريرة ثلاثة عشر ميلا ومن قبريرة إلى وادي بيش أربعة وثلثون ميلا ومن قبريرة إلى جزيرة قبرة شرقا. وقبرة هذه جزيرة معمورة وسكانها قوم من أهل ملف بالمواشي ولها مدينة متوسطة وفي وسط المدينة فوارة ماء وبين هذه الجزيرة ومدينة سرنت من أرض قلورية اثنا عشر ميلا وبهذه الجزيرة مرسى صغير في شرقيها وبينها وبين نابل ثلثون ميلا. وبين هذه الجزيرة وشكلة ستون ميلا وهي جزيرة خصيبة ليست بالكبيرة وهي تقرب من مدينة نابل الساحلية وفي هذه الجزيرة قوم من الروم يسكنونها بنسائهم وذرياتهم في مدينة حسنة تسمى ميور ويقال للجزيرة شكلة ميور وبينها وبين نابل ثلاثون ميلا ومن جزيرة شكلة ميور إلى جزيرة بنت برة خمسون ميلا وفيها مدينة محفورة ودار صناعة للإنشاء مقطوعة في الحجر وميناء محفورة في الحجر أمام هذه الدار والماء يدخل إليها على مجرى محفور في الصخر. ومن بنت برة إلى مدينة غيطة عشرون ميلا وعلى ثلاثين ميلا من بنت برة

بين غرب وجنوب جزيرتان اسم إحداهما مونسة والأخرى بونسة وهما عامرتان. ومن جزيرة قبرة إلى جزيرة استرنجلو بين شرق وجنوب مما يلي صقلية وليس بين ملف وهذه الجزيرة جزيرة أخرى غير قبرة فقط واسترنجلو جزيرة بين الشرق والشمال من جزيرة البركان وهي جزيرة فيها عيون ماء وليس بها مرسى وأقرب بر إلى هذه الجزيرة من براري أرض قلورية بر منتية وبينهما أربعون ميلا وبين استرنجلو وجزيرة البركان ثلاثون ميلا. وأما جزيرة البركان فجزيرة ليست بالكبيرة وفيها جبل كبير تتقد فيه في بعض الأحايين نار عظيمة وقليلا ما تفتر وإذا هاجت هذه النار قذفت بالحجارة موقدة ويسمع لها دوي يرتاع له ودويها يسمع من بعيد كإنما هو رعد قاصف وفي هذه الجزيرة معز برية وبينها وبين أقرب بر من صقلية وهي دندارة خمسة عشر ميلا. ومنها في جهة المغرب مع ميل إلى الشمال جزيرة ليبر وهي جزيرة تعمر في بعض الأحايين وبها حصن وبين هذه الجزيرة وجزيرة البركان أربعة أميال وبها ماء وحطب ومرسى صغير. ومن جزيرة ليبر إلى جزيرة دندمة ثلاثة أميال في الشمال وهي جزيرة صغيرة ولا مرسى بها. ومن جزيرة ليبر إلى جزيرة فيكوذة عشرة أميال في دبور القبلة وهي غير عامرة وليس بها مرسى.

ومن جزيرة فيكوذة إلى أركوذة عشرة أميال وفيكوذة من أركوذة بين الجنوب والشرق شلوقا وهي جزيرة صغيرة مستغاث ومرساها حرج ومن أركوذة إلى جزيرة أشتقة أربعون ميلا. وبها مياه ومستراح للشواني وهي تقابل بلقرين من مدينة بلرم صقلية وبينهما أربعون ميلا. وفي الجنوب من جزيرة أشتقة جزيرة الراهب وفيها من جهة جنوبها وشرقها مراس ترسى بها المراكب وفيها مستراح وفيها آبار ماء وهي فوق اطرابنش وبينهما خمسة عشر ميلا وبالشمال من جزيرة الراهب جزيرة صغيرة تسمى اليابسة وليس بها ماء ولا مرسى. وأقرب بر منها من جزيرة صقلية مدينة طرابنش وبينهما عشرة أميال ومن جزيرة الراهب في جهة الغرب جزيرة مليطمة وهي توازي تونس قرطاجنة ومنها إلى جزيرة الراهب ثلاثون ميلا وليس فيها مرسى وفيها من الحيوان المعز والظباء. وفي شرقي مليطمة جزيرة قوصرة وهي أيضا من جزيرة الراهب بين جنوب وشرق وهي توازي نابل من أرض إفريقية وتوازي بين الشاقة ومازر وبينهما مجرى وكذلك من قوصرة إلى بر إفريقية مجرى. وجزيرة قوصرة صغيرة حصينة فيها آبار وسواحل وأشجار زيتون وفيها معز كثيرة برية متوحشة عن الأنيس ولها من جهة الجنوب مرسى مأمون يكن من رياح كثيرة ومنها في عين الشرق جزيرة غودش وبينهما مائة ميل وفيها مرسى مأمون ومن غودش إلى جزيرة صغيرة تسمى كمونة.

ومنها في شرقيها جزيرة مالطة وهي جزيرة كبيرة وفيها مرسى مأمون يفتح إلى الشرق وفيها مدينة وهي كثيرة المرعى والغنم والثمار والعسل الكثير وبينها وبين أقرب بر من صقلية إلى موضع يقال له أكرنتة ثمانون ميلا وليس بعد مالطة هذه إلى ناحية الشرق والغرب إلا جزيرة إقريطش. وأما جزيرة لنبذوشة فبينها وبين أقرب بر من إفريقية حيث قبودية مجريان وبها مرسى مأمون يكن من كل ريح ويحمل الأساطيل الكثيرة وهذا المرسى منها في اللباج وليس في جزيرة لنبذوشة شيء من الثمار ولا من الحيوان. ومنها في جهة الشمال جزيرة لطيفة تسمى جزيرة الكتاب وبينهما خمسة أميال وهذه الجزيرة لطيفة جدا وهي من لنبذوشة مائلة إلى المغرب يسيرا. ومن جزيرة الكتاب إلى نموشة في الشرق مع الشمال يسيرا ثلاثون ميلا وليس بجزيرة نموشة مرسى ولا شعراء وفيها حرث والإرساء بها يكون مخاطرة. وجزيرة غودش من جزيرة نموشة في الشرق وبينهما مجريان. وقد ذكرنا هذه الجزائر بما يحتاج أن يذكر فيها من غير تطويل والحمد لله كثيرا. وبقي علينا بعد. هذا أن نذكر جزيرة صقلية العليا ونذكر أقطارها تبيانا ونصف بلادها مكانا مكانا ونعد مفاخرها وننشر فضائلها بالوجيز من القول مع استقصاء المعانى بحول الله تعالى. فنقول إن صقلية فريدة الزمان فضلا ومحاسن ووحيدة البلدان طيبا ومساكن وقديما دخل إليها المتجولون من سائر الأقطار والمترددون بين المدن والأمصار وكلهم أجمعوا على تفضيلها وشرف مقدارها وأعجبوا بزاهر حسنها ونطقوا

بفضائل ما بها وما جمعته من مفترق المحاسن وضمته من خيرات سائر المواطن ودول ملوكها أشرف الدول وصولتهم على من ناوأهم أشد الصول فملوكها أعظم الملوك قدرا وأكبرهم خطرا وأرفعهم همة وأشمخهم قدرا ورتبة. ولما كان في سنة أربع مائة وثلاث وخمسين سنة من سني الهجرة افتتح غرر بلادها وقهر بمن معه طغاة ولاتها وأجنادها الملك الأجل والهمام الأفضل المعظم القدر السامي الفخر رجار بن تنقرين خيرة ملوك الإفرنجيين ولم يزل يفرق جموع ولاتها ويقهر طغاة حماتها ويشن عليهم الغارات في الليل والنهار ويرميهم بصنوف من الحتوف والبوار ويعمل فيهم ماضى الشفار وعوامل القنا الخطار إلى أن استولى على جميعها غلبة وقهرا وفتحها قطرا فقطرا وملكها ثغرا فثغرا وذلك في مدة ثلاثين عاما ولما صار أمرها إليه واستقر بها سرير ملكه نشر سيرة العدل في أهلها وأقرهم على أديانهم وشرائعهم وأمنهم في أموالهم وأنفسهم وأهليهم وذراريهم. ثم أقام على ذلك مدة أيام حياته إلى أن وافاه أجله المحتوم وتقضاه يومه المعلوم فتوفي في سنة أربع وتسعين وأربع مائة وهو ببعض بلاد قلورية بقلعة مليطو فدفن بها. ثم ورث الملك بعده ابنه الملك المعظم المسمى باسمه المقتضي أثر سننه رجار الثاني فأقام الدولة وزين المملكة وشرف السلطنة وأعطى الأمور أقساطها من النظر الجلي والفعل المرضي مع نشور العدل وإقامة الأمان والفضل حتى انقادت الملوك إلى طاعته وأعلموا بشعار مشايعته ومتابعته وسلموا مقاليد بلادهم

إليه وتواردوا من كل الجهات عليه رغبة في التفيؤ بأفياء مملكته والسكنى تحت ظلال أمنه ورحمته وملكه لا يزيد على الأيام إلا رفعة وعلوا وشماخة وسموا إلى حين تأليفنا لكتابنا هذا. فأما جزيرة صقلية المتقدم ذكرها فأقدارها خطيرة وأعمالها كبيرة وبلادها كثيرة ومحاسنها جمة ومناقبها ضخمة فإن نحن حاولنا إحصاء فضائلها عددا وذكرنا أحوالها بلدا بلدا عز في ذلك المطلب وضاق فيه المسلك لكنا نورد منه جملا يستدل بها ويحصل على الغرض المقصود فيها فنقول: إن في هذه الجزيرة عند تأريخ هذا الكتاب لسلطانها الملك المعظم رجار مائة بلد وثلاثون بلدا بين مدينة وقلعة غير ما بها من الضياع والمنازل والبقاع ونحن نريد أن نذكر بلدان الجزيرة البحرية منها خاصة ونقتصر عليها ونكتفي بها عما سواها إلى أن نرجع من حيث بدأنا ثم نأخذ بعد ذلك في ذكر ما في حشو الجزيرة من البلاد والحصون والعمل الواسع المسكون مكانا مكانا وموضعا موضعا بحول الله تعالى. فأول ذلك مدينة بلرم وهي المدينة السنية العظمى والمحلة البهية الكبرى والمنبر الأعظم الأعلى على بلاد الدنيا وإليها في المفاخر النهاية القصوى ذات المحاسن الشرائف ودار الملك في الزمن المؤتنف والسالف ومنها كانت الأساطيل والجيوش تغدو للغزو وتروح كما هي الآن عليه من ذلك وهي على ساحل البحر منها في شرقيها والجبال الشواهق العظام محدقة بها وساحلها بهيج مشرق فرج ولها حسن المباني التي سارت الركبان بنشر محاسنها في بناءاتها ودقائق صناعاتها وبدائع مخترعاتها.

وهي على قسمين قصر وربض فالقصر هو القصر القديم المشهور فخره في كل بلد وإقليم وهو في ذاته على ثلاثة أسمطة فالسماط الأوسط يشتمل على قصور منيعة ومنازل شامخة شريفة وكثير من المساجد والفنادق والحمامات وحوانيت التجار الكبار والسماطان الباقيان فيهما أيضا قصور سامية ومبان فاخرة عالية وبهما من الحمامات والفنادق كثير وبها الجامع الأعظم الذي كان في الزمن الأقدم وأعيد في هذه المدة على حالته كما كان في سالف الأزمان وصفته الآن تغرب عن الأذهان لبديع ما فيه من الصنعة والغرائب المفتعلة المنتخبة المخترعة من أصناف التصوير وأجناس التزاويق والكتابات. وأما الربض فمدينة أخرى تحدق بالمدينة من جميع جهاتها وبه المدينة القديمة المسماة بالخالصة التي بها كان سكنى السلطان والخاصة في أيام المسلمين وباب البحر ودار الصناعة التي هي للإنشاء. والمياه بجميع جهات مدينة صقلية مخترقة وعيونها جارية متدفقة وفواكهها كثيرة ومبانيها ومتنزهاتها حسنة تعجز الواصفين وتبهر عقول العارفين وهي بالجملة فتنة للناظرين. والقصر المذكور من أكثر الحصون منعة وأعلاها رفعة لا ينال بقتال ولا يطاق على حال وبأعلاه حصن محدث للملك المعظم رجار مبني بالفصوص الجافية والصخور المنحوتة الضخمة وقد أحكم نسقه وأعليت رققه وأوثقت منائره ومحاريسه واتقنت قصوره ومجالسه وشيدت بنيانا ونمقت بأعجب المغتربات وأودعت بدائع الصفات فشهد لها بالفضل المسافرون وغلا في وصفها المتجولون وقطعوا قطعا ألا مباني أعجب من مباني المدينة ولا مكان أشرف من مغانيها وأن قصورها مشارف القصور وأن ديارها منازه الدور.

والربض المحدق بالقصر القديم المتقدم ذكره هو في ذاته كبير القطر كثير الديار والفنادق والحمامات والحوانيت والأسواق وله سور يحيط به وخندق وفصيل وبه في داخله بساتين كثيرة ومتنزهات عجيبة وسقايات ماء عذبة جارية مجلوبة إليها من الجبال المحدقة ببقعتها وبخارج الربض من الجهة الجنوبية منها نهر عباس وهو نهر جار عليه جمل من الأرحاء الطاحنة ما لا يحتاج معها إلى غيرها. وبالشرق من المدينة وعلى مرحلة منها قلعة ثرمة وهي على أكمة مطلة على البحر وهي قلعة من أجل القلاع وبقعة من أكبر البقاع وعليها سور يطيف بها ولها آثار أولية وأبنية أزلية منها ملعب غريب الصنعة يدل على قدرة بانيه وبها حصن محدث وبها حمتان متقاربتان من أجل الحمات وعليها بنيان قديم الزمان. وبجانبها الغربي محل يعرف بالتربيعة وهو من المنازه البديعة وبه مياه جارية وعليه كثير من الأرحاء ولها بادية ورباع واسعة ويصنع بها من الأطرية ما يتجهز به إلى كل الآفاق من جميع بلاد قلورية وغيرها من بلاد المسلمين وبلاد النصارى ويحمل منها الأوساق الكثيرة. وبها وادي السلة ونهر السلة نهر كبير كثير الماء غزير يصاد به السمك المعروف بالري في زمن الربيع ويصاد بمرساها السمك الكبير المعروف بالتن. ومنها على اثني عشر ميلا حصن بورقاد وهو حصن شاهق به عمارات كثيرة وسوق ومرافق ومياه غزيرة وأرحاء كثيرة وبساتين وجنات وضياع متسعات ومزارع طيبات والبحر منه على ميلين.

ومن حصن بورقاد إلى صخرة الحديد اثنا عشر ميلا وهو منزل صغير وحصن في أعلى الصخرة المذكورة والصخرة داخلة في نحر البحر وعرة الجنبات ولها من جهة البر رملة وطية ورباع طيبة ومزارع زكية. ومن هذه الصخرة إلى جفلودي مرحلة خفيفة وحصن جفلودي على ساحل البحر ممدن به أسواق وحمام ورحى في داخل المدينة على ماء عين يندفق هنالك ومن هذا الماء يشرب أهل الحصن وهو عذب بارد وحصن جفلودي على تروش متصلة بضفة البحر وله مرسى حسن يسافر إليه من كل قطر وهو بلد معمور وبه قلعة مطلة على الحصن في رأس جبل منيع لا يكاد يرتقى إليه لصعوبة مطلعه. ومنه إلى حصن طزعة مرحلة خفيفة وهو حصن أزلي البناء منيع الفناء يتصل به ربع عامر وهو وربضه في ذروة جبل منحاز لا يتوصل إليه إلا على طرق وعرة ومسالك نكرة وتطيف به أرض تربة خصيبة طيبة واسعة البقاع زكية المزارع والانتفاع وهي من البحر على ميلين أو نحوها. ومن طزعة إلى حصن قلعة القوارب اثنا عشر ميلا وقلعة القوارب قلعة عالية قديمة البناء أزلية ولها ربض عامر يحيط بها في الدائر ومزارعها زكية وغلاتها كثيرة ومياهها غزيرة ولها مرسى مقصود يوسق منه وترسى السفن به وبينه وبين الحصن نحو ميل ونصف. ومن قلعة القوارب إلى القارونية اثنا عشر ميلا والقارونية أول إقليم دمنش وهي قلعة قديمة أزلية وبها حصن محدث ولها جنات وأنهار وكروم وأشجار

ومرسى علي البحر وبها شبكة يصاد بها التن الكثير وبين القلعة والبحر نحو ميل. ومنها إلى شنت ماركو عشرة أميال وهي قلعة عظيمة ذات آثار قديمة وعماراتها كثيرة وبها أسواق وحمام وجمل من الفواكه والثمار ولها بادية ومزارع واسعة ومياه ناشعة وجهات واسعة وينبت بها من جميع جهاتها البنفسج الزكي الرائحة العطر الفائحة وبها من الحرير كثير وساحلها حسن وتنشأ بها المراكب من خشب جبالها. ومن ماركو إلى حصن ناصو عشرة أميال وهو حصن مرتفع وبلد متسع ذو عمارة كثيرة وأنهار غزيرة وجنات وأودية عليها مزارع وأرحاء وساحلها بهج وحصنها فرج وبينه وبين البحر ميلان. ومنه إلى بقطش اثنا عشر ميلا وبقطش حصن منيع وبلد متسع ذو مزارع نامية ومنازل طيبة زكية ومياه جارية وجنات كثيرة وبلد جليل وهو مطل على البحر وعلى ميل منه. ومنه إلى لبيري ثلاثة أميال وهو منزل حسن جليل وحصن كبير جليل على ساحل البحر وبه سوق وحمام وسكان ومزارع كرام ومياه جارية عليها مزارع وأرحاء وله مرسى حسن ويصاد به التن كثيرا. ومنه إلى حصن ميلاص اثنا عشر ميلا وهو حصن كبير القطر على جنب طرف طاعن في البحر مليح الهيئة وثيق البنية بلدة رفيعة وقلعة منيعة من أحسن البلاد وأجملها وأسناها أفضلها وأشبه شيء بأكابر الحواضر في العمارات

والتصرف والأسواق وما بها من المواد والأرفاق وهي على ساحل البحر والبحر محدق بجميع جهاتها إلا جهة واحدة بشمالها يدخل منها إليها ويسافر إليها برا وبحرا ويتجهز منها بالكتان الكثير الطيب ولها مزارع طيبة زاكية وبها مياه غزيرة جارية ومصائد لصيد التن الكثير ومن ميلاص إلى مدينة مسينى مرحلة خفيفة. ومدينة مسينى هذه مدينة في ركن من الجزيرة بشرقيها والجبال من الناحية الغربية محدقة بها ساحلها بهج وأرضها طيبة المنابت وبها جنات وبساتين ذات ثمار كثيرة ولها أنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة وهي من أجل البلاد وأكثرها عمارة والسفر منها وإليها قصدا وهي دار الإنشاء وبها الحط والإرساء من جميع بلاد الروم الساحلية وبها تجتمع السفن الكبار والمسافرون والتجار من البلاد الرومية والإسلامية القاصدون إليها من جميع الأقطار وأسواقها رائقة وسلعها نافقة وقاصدها كثير وفي جبلها معدن الحديد الذي يتجهز به منه إلى البلاد المجاورة لها ومرساها العجب العجيب المتحدث به في كل البلاد وذلك أن أكبر ما يكون من السفن العظام يرسى من الشاطئ بحيث يتناول ما فيها من البر بالأيدي وبها المجاز الذي يعبر منه إلى بلد قلورية وبحره صعب المجاز لا سيما إذا خالف الريح الماء وإذا التقت المياه الداخلة والخارجة في وقت واحد فإنه لا يكاد يسلم من نشب بينهما إلا إن يشاء الله تعالى ومسافة الواسع من هذا المجاز عشرة أميال وسعة الضيق منه ثلاثة أميال ومن مدينة مسينى مع الساحل إلى طبرمين مرحلة وطبرمين حصن منيع وبلد شامخ رفيع من عيون الحصون الأزلية وأشراف البلاد الأولية وهو على

جبل مطل على البحر وله مرسى حسن والسفر إليه من كل الجهات ويحمل منه كثير من الغلات وبه منازل وأسواق وهو مجتمع القوافل والرفاق الواصلة إلى مسينى وبها ضياع صالحة ومزارع طيبة زاكية وبها معدن الذهب وبها الجبل المشهور المسمى بالطور الموصوف بالآيات المعروف بالعبادات وبها أنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة وبها جنات قلائل ولها واد عليه قنطرة عجيبة وبناؤها يدل على قوة بانيها وقدرة سلطانه وكذلك بها ملعب من ملاعب الروم القديمة تدل رسومه أيضا على شرف ملك وشماخة قدر وبها معدن الذهب ومنها إلى لياج مرحلة. ولياج بلدة على البحر وهي من البلدان القديمة العمران ذات سوق وبادية ومزارع طيبة زاكية حارة المزاج يحصد بها الزرع قبل غيرها من بلاد الجزيرة ويحمل منها الزفت والقطران والخشب وأشياء كثيرة. وفي الغرب منها الجبل المعروف بجبل النار أيضا. ومن لياج إلى مدينة قطانية ستة أميال وهي البلد الجميل المعروف ببلد الفيل الشامخة القدر العالية الذكر وهي على ساحل البحر وبها الأسواق العامرة والديار الزاهرة والمساجد والجوامع والحمامات والمنازل والخانات وبها مرسى حسن ويسافر إليها من جميع الآفاق ويحمل منها كل البضائع والأوساق وجناتها كثيرة ومياهها من أنهارها وعيونها غزيرة وبها نهر في أمره عجب عجيب وشأن مستطرف غريب وذلك أنه في بعض السنين يفيض فيضا كثيرا فتنصب عليه الأرحاء وتمتلىء منه الأودية وفي بعضها ينضب فلا يوجد فيه ما يشرب وعمارتها واسعة وباديتها ومزارعها طيبة نافعة وأسوارها

منيعة وأقطارها واسعة والفيل الذي اشهرت به هو طلسم من حجر على صورة فيل كان منصوبا على بناء شاهق في سالف الزمان ثم نقل الآن فنصب داخل المدينة بكنيسة الرهبان وبغربي قطانية وادي موسى النهر العظيم وهو يصب ببحرها وبه من السمك كل نهاية في العظم وحسن الذوق ومدينة طبرمين ولياج وقطانية بسفح جبل النار المتقدم ذكره من الناحية الشرقية منه. ومن مدينة قطانية إلى حصن لنتيني مرحلة وهي قلعة حصينة متحضرة الأسواق كالمدينة وهي من البحر على ستة أميال وموضعها على ضفة النهر المنسوب إليها وتصعد فيه المراكب بأوساقها حتى تحط بين يديها من شرقيها وبغربيها أرض واسعة جدا فسيحة الأرجاء ممتدة الفضاء ولها بواديها أنواع من السمك الجليل المعدوم المثيل ما يحمل منه إلى جميع جهاتها وفي لنتيني أسواق عامرة وفنادق وبشر كثير ومنها إلى سرقوسة مرحلة كبيرة. ومدينة سرقوسة من مشاهير المدن وأعيان البلاد تشد إليها المطي من كل حاضر وباد ويقصد إليها قصاد التجار من سائر جميع الأقطار وهي على ساحل البحر وهو محدق بها دائر بجميع جهاتها والدخول إليها والخروج عنها على باب واحد وهو بشمالها وشهرتها تغنى عن التكثير من وصفها إذ هي منبر مشهور ومعقل مذكور وبها مرسيان ليس مثلهما في جميع البلدان أحدهما أكبر من الآخر وهو بجنوبها والآخر أشهر وهو بشمالها وفيها فوارة النبودي تنبع من جرف على حاشية البحر وهي عجيبة الأمر وبها ما بأكبر المدن من الأسواق ذوات السماطات والخانات والديار والحمامات والمباني الرائقة والأفنية الواسعة ولها إقليم كبير طائل وضياع ومنازل وهو خصيب المواضع زكي المزارع وتوسق منه السفن بالطعام وغيره من الأوساق إلى سائر البلاد والآفاق وبهذه

المدينة من الجنات والثمار ما يتجاوز الحد والمقدار ومن سرقوسة إلى نوطس مرحلة. ونوطس من أرفع القلاع حصنا وأشرف المدن حسنا قطرها واسع المساحة شريف المنافع والرجاحة وبه أسواق جميلة الترتيب وديار متقنة التركيب أنهارها جارية بمياه غزيرة وعليها أرحاء كثيرة وهي من البحر على ثمانية أميال ولها عمل واسع المجال وإقليم شريف الحال مزارعها أزكى المزارع ومواضعها أخصب المواضع وهي أزلية العمارة قديمة الآثار ومن نوطس إلى البحر ثمانية أميال. وبينهما رحل قسباري وهو رحل حسن الموضع متسع المزرع. ومن نوطس إلى طرف الجزيرة من هذا الوجه الشرقي مرحلة وهو كله خلا ويسمى هذا الطرف بمرسى البوالص. ومن نوطس على البحر إلى شكلة مرحلة وهي قلعة في أعلى جبل قلعتها أجل القلاع وبقعتها أفضل البقاع وهي من البحر على نحو من ثلاثة أميال وحالها في ذاتها أشرف حال آهلة عامرة وهي بادية حاضرة وبها أسواق تجلب إليها (البضائع) من سائر الأعمال وهي كثيرة الخيرات واسعة الأحوال بها جنات تحمل بكل الثمرات ويسافر إليها في البحر من كل قطر من بلاد قلورية وإفريقية ومالطة وغيرها ورباعها أطيب الرباع ومزارعها أنفس المزارع وباديتها طيبة واسعة وأمورها صالحة وبها أنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة. وبها العين المعروفة بعين الأوقات ومن غريب أمرها أنها تجري في أوقات الصلوات وتجف في غير ذلك. ومن شكلة إلى رغوص ثلاثة عشر ميلا وهي قلعة منيعة وبلدة شريفة

قديمة العمران أزلية المكان محدقة بها الأودية والأنهار كثيرة الأرحاء والمطاحن حسنة الأبنية واسعة الأفنية ولها بادية خصيبة ومزارع زكية رحيبة وبينها وبين البحر سبعة أميال ونهرها المنسوب إليها يجري منها بجهتها الشرقية وبهذا الوادي عند مصبه في البحر مرسى حسن والمراكب تدخله وبه توسق وتفرغ ولها أسواق يتصرف إليها من جميع النواحي والآفاق ومنها إلى بثيرة مرحلتان خفيفتان وهما من الأميال خمسة وأربعون ميلا. وبثيرة قلعة منيعة الحصن رفيعة القدر سنية الذكر أحسن البلاد بادية وحاضرة وأشبه شيء بالمدن الكبيرة العامرة حسنة البنيان مشيدة الأركان ديارها رائقة عجيبة وأسواقها مرتبة رحيبة وبها مساجد للجماعات وحمام وخانات ويدور بها واد من أعظم الأودية محدقة به الجنات من جميع الجهات ولها فواكه طيبة وخيرات كثيرة معجبة وبينها وبين البحر نحو من سبعة أميال ومن بثيرة إلى لنبياذة مرحلة وهي من الأميال خمسة وعشرون ميلا. ولنبياذة حصن في أعلى حجر محدق به البحر والنهر ولا يدخل إليها إلا من باب واحد بشمالها وبها مرسى تسافر المراكب إليه وتحمل الأوساق منه وبها عمارة وسوق ولها عمل واسع وأرضها زكية المزارع ونهرها المنصب ببحرها يسمى الوادي الملح وبه سمك طيب الطعم كثير شحم لذيد المأكل ومن لنبياذة إلى كركنت مرحلة وهي خمسة وعشرون ميلا. وكركنت مدينة متحضرة من أشرف الحواضر عامرة بالوارد والصادر قلعتها حصينة سامية ومدينتها حسنة زاهية قديمة العمران مشهورة في جميع البلدان بل هي من أعظم الحصون منعة وأجل البلاد رقعة يسعى إليها من سائر

الآفاق ويجتمع بها السفن والرفاق ديارها سامية في الديار ومحلاتها تفتن النظار وبها أسواق جامعة لأصناف الصنائع وضروب المتاجر والمبائع وبها حدائق وجنات رائقات وأصناف كثيرة من الثمرات أزلية أولية تدل آثارها على سلطنة علية وتحمل كل ما وصل إليها من عظام السفن ما يتجاوز أوساقها في الأيام القلائل لاتساع ما بها من مواد الطوائل وبها جنات وغلات مشهورات وهي على ثلاثة أميال من البحر ومن كركنت إلى الشاقة مرحلة على البحر وهي خمسة وعشرون ميلا. والشاقة بلدة على ساحل البحر مشرفة فرجة وبها عمارة وأسواق وديار كثيرة وهي في هذا الزمان أم الأقاليم التي تليها والأعمال التي حولها ومرساها أبدا معمور والسفر إليها من إفريقية واطرابلس أبدا كثير وعملها هو عمل قلعة البلوط. وقلعة البلوط حصن منيع ومعقل شامخ عالي الذرى صعب الارتقاء ذو بواد شريفة خصيبة وضياع طيبة عجيبة وأصناف من الثمار غريبة وبها عيون وأودية عليها كثير من الأرحاء وكان بها خلق كثير تنقلوا في هذا الوقت إلى الشاقة ولم يبق بالحصن إلا رجال قلائل وهم يحرسونه عمن يريده ومن هذه القلعة إلى البحر اثنا عشر ميلا ومنه إلى الشاقة تسعة أميال وكذلك من قلعة كركنت إلى قلعة البلوط مرحلة كبيرة ومن الشاقة إلى مازر مرحلتان خفيفتان وبينهما رحل كبير يعرف بالأصنام على البحر. ومازر مدينة فاضلة شامخة كاملة لا شبه لها ولا مثال في شرف المحل والحال إليها الانتهاء في جمال الهيئة والبناء وما اجتمع فيها من المحاسن التي لم تجتمع في غيرها من المواطن وهي ذات أسوار حصينة شاهقة وديار حسنة

فائقة بها أزقة واسعة وشوارع وأسواق عامرة بالتجارات والصنائع وحمامات فاضلات وخانات واسعات وبساتين وجنات طيبات المزدرعات يسافر إليها من جميع الآفاق ويتجهز منها بوافرات الأوساق وإقليمها كثير الاتساع يشتمل على منازل جليلة وضياع وبأصل سورها الوادي المعروف بوادي المجنون توسق منه المراكب وتشتو فيه القوارب ومن مازر إلى مرسى علي ثمانية عشر ميلا. مرسى علي كان مدينة قديمة أزلية من أشرف بلاد صقلية وكانت قد خربت ودثرت فعمرها القومس رجار الأول وسوّر عليها سورا فحصلت ذات عمارة وأسواق وجباية ولها إقليم واسع وعمل شاسع وسفر أهل بلاد إفريقية إليها كثير وشرب أهلها من آبار عذبة في ديارها مع مياه من العيون التي حولها ولها فنادق وحمامات وبساتين ومزارع طيبات ومنها إلى طرابنش مرحلة وهي ثلاثة وعشرون ميلا. وطرابنش مدينة أزلية قديمة المحل على ساحل البحر والبحر يحدق بها من جميع جهاتها وإنما يسلك إليها على قنطرة على باب شرقيها ومرساها بالجانب الجنوبي منها وهو مرسى ساكن غير متحرك يشتى به أكثر السفن في الشتاء آمنة من جميع الأنواء هاد موجه عند هيجان البحار ويصاد به من السمك ما يفوق المقدار ويصاد بها السمك الكبير أيضا المعروف بالتن بشباك كبار ويصاد ببحرها المرجان السني وعلى بابها سباخ الملح البحري ولها إقليم واسع الأجناب ممتد الأطناب أرضها من أكرم الأرضين في الزراعات كثيرة الفوائد والغلات وطرابنش في ذاتها ذات أسواق رحيبة ومعائش خصيبة. وبقربها جزيرة الراهب وجزيرة اليابسة وجزيرة مليطمة ولكل واحدة من

هذه الجزائر مرسى وآبار ومحتطب وطرابنش يسافر إليها ومنها في أيام الشتاء لجودة مرساها واعتدال بحرها وهوائها. ومن طرابنش إلى جبل حامد نحو من عشرة أميال وهو جبل عظيم شامخ الذروة عالي القمة حصين منيع من الارتقاء إليه وفي أعلاه أرض سهلة للزراعة ومياهه كثيرة وله حصن غير محروس ولا منظور إليه ومنه ألى الحمة عشرون ميلا. والحمة قلعة حصينة شامحة مذكورة من أحسن القلاع والبحر بشمالها على ثلاثة أميال أو نحوها ولها مرسى بني عليه حصن يعرف بالمدارج والمراكب مارة به وراجعة إليه ويصاد به التن بالشباك وإنما سميت هذه القلعة بالحمة لأن فيها حمة حامية يخرج ماؤها من جرف قريب منها ويستحم الناس فيها وماؤها معتدل السخونة عذب رطب وبقربها أنهار وأودية عليها أرحاء وبها بساتين وجنات وأبنية ومتنزهات وكثير من الثمرات ولها عمل واسع ورباع طيبة المزارع وهي من طرابنش على مرحلة خفيفة. ومن قلعة الحمة إلى قلعة اوبي عشرة أميال وهو حصن منيع وبلد فسيح له عمل واسع طيب المزارع كثير المنافع وبينه وبين البحر نحو أربعة أميال وله مرسى يسافر إليه ليوسق الطعام الكثير منه وكذلك يوسق منه سائر الحبوب وبه معدن تقطع منه أحجار الأرحاء المائية والفارسية وهذه القلعة من الحمة على عشرة أميال ومن قلعة اوبي إلى برطنيق اثنا عشر ميلا. وبرطنيق بلدة جميلة وطيبة حسنة المنظر بهية وبها رباع زكية يعمل بها القطن الكثير والحناء وغير ذلك من أصناف القطاني وبها مياه غزيرة وعليها

أرحاء كثيرة والحصن المنسوب إليها بمكان يعرف بجبان يطل عليها ولها مرسى يعرف بالركن وفي شمالها على نحو ميلين. ومن برطنيق إلى شنس وهو منزل واسع بأكناف جبل مطل عليه وتليه أرض متسعة طيبة المنابت حسنة المراعي كثيرة الفوكه والبحر منها على شمالها على أربعة أميال أو نحوها. ومن شنس إلى قرينش ثمانية أميال وهي بلدة طيبة جميلة حصينة وبها أصناف من الفواكه كثيرة وبها سوق كبيرة وأكثر ما بالحواضر من الأسواق والحمامات والديار الواسعات ومنها يحمل كثير من اللوز والتين الناشف والخرنوب وتوسق به المراكب والقوارب ويتجهز به إلى كثير من البلاد ومياهها غزيرة متدفقة في كل ناحية حتى أن أكثرها بداخل الجنات وبها حصن محدث على ربوة مطلة على البلد والبحر منها بشمالها على نحو ميل منها ومنها إلى المدينة العظمى المسماة بلرم اثنا عشر ميلا. فهذه خمسة وثلاثون بلدا على البحر خاصة وأما ما سوى ذلك من البلدان البرية فهي كثيرة بين حصون وقلاع ومحال وأصقاع وها نحن لها ذاكرون قلعة قلعة وحصنا حصنا إن شاء الله. وأول ذلك نبدأ بالخروج من المدينة إلى قصرياني في وسط الجزيرة. وذلك أن من المدينة إلى منزل الأمير مع الشرق ستة أميال وهو معقل جليل وحصن حصين وله مياه وأرضون ومزارع كثيرة ومنه إلى الخزان ستة أميال وهو حصن في أعلى جبل من أجمل القلاع وأفضل البقاع وحالها

أشرف حال وله عمارة وأرحال ومنه يخرج النهر المسمى وادي الأمير وأصله من الخزان فينزل مع الخنادق وتجتمع به مياه قجانة وتبقى قجانة شمالا وبين قجانة وجفلة تسعة أميال وتجتمع المياه تحت مرناو ويبقى مرناو على اليمين وبينها وبين قجانة ميل ونصف ويتصل إلى تحت منزل الأمير ويبقى منزل الأمير شمالا وبينها وبين الوادي ميل وبين مرناو ومنزل الأمير ستة أميال ومنه إلى البحر ميل كبير ومن الخزان إلى جفلة نصف مرحلة وهو نحو من عشرة أميال وكذلك من منزل الأمير إلى جفلة مثل ذلك من الأميال وهي مرحلة. وجفلة بلد مليح وإقليم فسيح وعمل كبير وضياع ومنازل مياهها متدفقة وغدرانها مغدودقة ومزارعها واسعة وجهاتها شاسعة ومن الخزان إلى بيقوا خمسة عشر ميلا. وبيقوا حصن عال ومعقل مغلق الإقفال له مياه جارية وحروث زاكية وبينه وبين وادي السلة النازل إلى ثرمة ميل وله مزارع متصلة وخيرات مشتملة وحروث كثيرة ونعم وافرة ومن بيقوا إلى بثرانة تسعة أميال. وبثرانة حصن مانع وقفل رائع ممتنع الهجات له مزارع وغلات وأرض تتصل عمارتها ببيقوا المتقدم ذكرها. ومن الخزان إلى جاطوا نحو من خمسة عشر ميلا وحصن جاطوا عالي المكانة زائد الحصانة وإليه الانتهاء في صحة المزارع وسعة الأرجاء وبه سجن مطبق يودع فيه من سخط الملك عليه وليس بهذا الحصن مياه جارية ولا حوله أنهار متدانية.

ومن جاطوا إلى طرزي تسعة أميال وهو حصن علم ومعقل أزلي القدم وثيق جدا وله مزارع وأرضه تتصل من جهة الشمال بأرض جاطوا وتتصل أرضه من جهة الجنوب بحصن قرليون وبينهما نحو من ثمانية أميال وبين قرليون وقلعة الطريق شمالا تسعة أميال عربية وهي ثلاثة إفرنجية. وقرليون حصن حصين منيع ومعقل مشيد رفيع وله عمارات متصلة ويتصل به نهره المنسوب إليه ومن قرليون إلى راية ثمانية أميال عربية وكذلك بين قرليون وجاطوا خمسة أميال إفرنجية ومن قرليون إلى برزوا شرقا عشرة أميال. وبرزوا حصن حسن البقعة شديد المنعة ذو ربض مسكون ومياه جارية وعيون ومزارع ممتدة الأطناب وخيرات متوفرة الاكتساب ومنه إلى قصر نوبو نحو من اثني عشر ميلا وكذلك من قصر نوبو إلى قرليون عشرون ميلا. وقصر نوبو محل حسن الجهات شامل المنافع والخيرات وله مزارع وغلات ومياه جاريات ومن قصر نوبو غربا إلى راية نحو عشرة أميال وكذلك من برزوا إلى راية عشرة أميال وكذلك من قرليون أيضا إلى راية ثمانية أميال فبرزوا شمالا وقصر بونو شرقا وقرليون غربا وراية جنوبا. وراية هذه رحل شريف ومرتبع حسن منيف ذو مزارع زاكية وأرضين مباركة طيبة. ونهر السلة وهو نهر ثرمة يخرج من أصل هذا الجبل المسمى راية غربا

ومن جبله المكتنف له ويمر جاريا مع الشمال إلى أن يجتاز بمياه برزوا يمينا مع الشرق وبين برزوا والوادي ثلاثة أميال ويتمادى إلى رحل مرغنة وتبقى مرغنة شمالا وبينها وبين الوادي ميل وبين قلعة برزوا ومرغنة أربعة أميال ثم يمر هذا النهر إلى تحت بيقوا وتبقى بيقوا يمينا وبينها وبين الوادي ميل واحد وبين مرغنة وبيقوا ثلاثة أميال. وهناك يلتقي معه وادي ريغنو وأصله من جبل زرارة من مكان يسمى الغدران وينضاف إليه ماء منزل يوسف ويبقى منزل يوسف يمينا ويجتمعان في الوادي الذي تحت بيقوا ثم يتمادى إلى بثرانة فيبقى بثرانة يمينا وبينها وبين الوادي ثلاثة أميال وبين بيقوا وبترانة تسعة أميال ويمر من هناك إلى الأبرجا فتبقى الأبرجا يمينا وبينها وبين الوادي ثلاثة أميال وبين الأبرجا وبثرانة ميلان ومن هناك يمر إلى تحت ققبش وتبقى ققبش يمينا وبينها وبين الوادي ميلان وبين الأبرجا وققبش ميل واحد ثم يتصل جريه إلى ثرمة وتبقى ثرمة يمينا وبين ققبش وثرمة عشرة أميال وهناك يصب في البحر وبين جفلة المتقدم ذكرها وخاصوا ميلان إفرنجية وكذلك بين خاصوا وبيقوا ميلان إفرنجية. وخاصوا رحل كثير الزراعات جامع لأصناف الخيرات والحبوب والغلات. وكذلك من قرليون إلى بطلاري جنوبا أربعة أميال إفرنجية. وبطلاري حصن أزلي قديم البنية حصين المنعة محدقة به الجبال كثير المياه

ومن بطلاري إلى قلعة البلوط السابق ذكرها عشرة أميال ومن هذه القلعة إلى الشاقة أربعة أميال إفرنجية وهي اثنا عشر ميلا. وكذلك من طرزي إلى رحل المرأة ثمانية عشر ميلا عربية وهو رحل عامر كثير المزارع والخصب والألبان والسمن ومن هذا الرحل إلى برطنيق مرحلة خفيفة وهي نحو من ثمانية عشر ميلا ومن هذا الرحل غربا إلى الصنم في طريق مازر تسعة أميال عربية. والصنم رحل كبير يحتوي على بشر كثير وعليه حصن مطل ومعقل سامي المحل أشجاره مصطفة وبساتينه ملتفة ومياهه متدفقة وخيراته محدقة ومن الصنم إلى مازر سبعة أميال إفرنجية وقد تقدم ذكر مازر إذ هي مدينة كبيرة ومن مازر إلى الأصنام وقد ذكرناها قبل ثلاثة أميال إفرنجية. ونرجع إلى قصر نوبو المتقدم ذكره فنقول إنه يخرج منه نهر ابلاطنو وهو غزير فيمر إلى قمراطة ثم يتصل إلى ابلاطنو ثم إلى البحر ومن قصر نوبو إلى قمراطة عشرة أميال ومن قمراطة إلى ابلاطنو ثلاثون ميلا وهي مرحلة. وقمراطة رحل كبير ممتد الجانبات. كثير الزراعات وبه حصن مرتفع الذروة حصين المنعة وله بساتين وجنات وفواكه ونعم. وكذلك حصن ابلاطنو محل شامخ عليه قلعة سامية وذروة نامية وبين ابلاطنو والبحر نحو من ستة أميال أو نحوها. ونرجع فنقول إن من حصن جاطوا المتقدم ذكره إلى قلعة اوبي خمسة أميال إفرنجية وقد ذكرناها ومن قلعة اوبي إلى علقمة ميل ونصف عربي.

وعلقمة منزل رحب وبه مزارع وخصب وبه سوق قائمة وفعلة وصناعات وبين علقمة وميرجا ميل واحد شمالا. وميرجا حصن حصين صغير وله ربض ومساكن وأرض خصبة الأماكن ومنه إلى حصن الحمّة ميل إفرنجي وقد ذكرنا الحمّة فيما تقدم وسلف ومن حصن الحمّة إلى المدارج ميلان إفرنجيان. وحصن المدارج أمنع الحصون بنيانا وأحصنها مكانا وحوله خندق دائر به مقطوع في الجبل والوصول إليه على قنطرة خشب تزال وترد متى أريد ذلك ولها بساتين وكروم وبها فواكه ولها مرسى حرج ومن حصن المدارج إلى قلعة اوبي ثلاثة أميال إفرنجية وقد ذكرناها فيما سلف ومن قلعة اوبي إلى برطنيق ثلاثة أميال إفرنجية وقد تقدم ذكر برطنيق فيما تقدم ومن برطنيق إلى حصن جاطوا ثمانية عشر ميلا وقد ذكرناها قبل هذا. ونرجع الآن فنقول إن من حصن الحمّة إلى قلعة فيمي نحو من ثمانية أميال. وقلعة فيمي حصن أزلي قديم ومعقل غير ذميم له ربض عامر وحروث ومشاجر ومياهه قليلة فيما استدار به ومن حصن فيمي إلى قلعة الصنم اثنا عشر ميلا وقد ذكرناه ومن حصن الصنم إلى رحل القائد عشرة أميال وكذلك من رحل القائد إلى الأصنام التي على البحر عشرة أميال ومن جبل حجر الصنم يخرج نهر طوط ويجتاز بالصنم ويبقي الصنم غربا ويتصل جريه بالبحر فيصب بمقربة من مازر.

ونرجع أيضا فنقول إن من مازر إلى قصر ابن منكود بين شمال وشرق خمسة عشر ميلا ومن قصر ابن منكود الى بلجة أربعة أميال بين شرق وشمال ومن بلجة إلى منزل سندي بين شرق وشمال خمسة عشر ميلا ومن منزل سندي إلى قصر ابن منكود ستة أميال ومن منزل سندي إلى رحل الأرمل تسعة أميال بين شمال وغرب ومن منزل سندي إلى قلعة مورو تسعة أميال ومن قلعة مورو إلى بطلاري ستة أميال شرقا. فأما قصر ابن منكود. فرحل واسع وإقليم متباعد الجهات شاسع قد حفّت به الجنات والمزارع وبه رقة تحوطه. وكذلك بلجة حصن حصين ومعقل شامخ مصون وقد أحدقت الجبال به من جميع جهاته وحصنت رقته بحماته وحوله أشجار ومزارع قلائل. ويقرب منه نهر القارب ومبدأ هذا النهر من شمال قلعة قرليون من جبلها المحيط بشمالها فيمرّ بشرقيها ثم ينعطف غربا فيجتاز بغربي منزل سندي ثم يمر بين الجبال في جهة الجنوب إلى شرقي بلجة ثم يمر في عين الجنوب فيقع في البحر على مقربة من الأصنام ومقدار جرية هذا الوادي من منبعه إلى موقعه في البحر خمسون ميلا ومن موقع هذا النهر إلى نهر سلمون خمسة أميال وهو نهر يأتي من جبل قليل الطول ومن نهر سلمون إلى الشاقة اثنا عشر ميلا وكذلك من الشاقة إلى ابلاطنو سبعة عشر ميلا. وابلاطنو محل شريف ومعقل منيف وله مزارع وغلات وخيرات واسعات

كثير البساتين والأشجار آهل بالقصاد والعمار ووادي ابلاطنو يمر به في جهة شرقيه. ومن ابلاطنو إلى غرذوطة شرقا وهو منزل حفيل ومحل آهل له بساتين وأشجار كثيرة ومزارع معمورة. ومن غرذوطة إلى سطير شمالا والجبال محدقة به من جميع جهاته آهل عامر مقصد لطريق الوارد والصادر وبينهما تسعة أميال ومن منزل سطير إلى حصن قمراطة السابق ذكره قبل هذا ثمانية عشر ميلا شمالا. وكذلك من كركنت إلى المنشار بين شرق وشمال ثمانية عشر ميلا وهو حصن على رأس جبل وعر آهل بأهله عامر وله مزارع كثيرة وخصب زائد ومن حصن المنشار إلى القطاع جنوبا عشرة أميال. والقطاع محل مطل ومكانه على جبل وله غلات وزراعات كثيرة وخصب زائد وجمل من المنافع والفوائد ومن القطاع إلى كركنت اثنا عشر ميلا غربا ومن القطاع إلي ابلاطنو عشرون ميلا شمالا. ومن كركنت إلى ناروا اثنا عشر ميلا وهي منها شرقا وناروا رحل جليل ومنزل حفيل ذو أسواق عامرة وصنائع متحركة وله سوق في يوم مشهود وله مزارع متصلة وعمارات محتفلة ومن ناروا إلى القطاع شمالا عشرة أميال وكذلك من ناروا إلى السابوقة شرقا اثنا عشر ميلا ومن القطاع إليها مثل ذلك في جهة الشرق وكذلك من المنشار أيضا إلى السابوقة أحد

عشر ميلا بين جنوب وشرق. والسابوقة حصن عال عامر آهل كثير الزراعات محتفل الغلات مشتمل البركات متصل العمارات ومن السابوقة إلى قلعة النساء اثنا عشر ميلا في طريق كركنت ومن ناروا إلى قلعة النساء بين شرق وشمال أحد وعشرون ميلا. وقلعة النساء قلعة حسنة البناء مطلة على عمارات متصلة ومنافع جمة وغلات وأشجار وفواكه وفي الشرق منها وعلى مقربة منها يجري النهر الملح. ومن قلعة النساء إلى قصرياني ثمانية عشر ميلا وهي مدينة في أعلى جبل ذات حصن حصين ومعقل متين قطرها واسع وبناؤها شاسع ولها أسواق جميلة الترتيب وديار متقنة التركيب وصنائع وبضائع وصناع ومتاجر وأمتاع ولها عمل واسع المجال وأقاليم واسعة الحال مزارعها زكية وغلاتها مرضية وهواؤها بارد ومرافقها تشفي الصادر والوارد وبالجملة فهي أمنع بلاد الله مكانا وأوثقها بنيانا ولها مع حصانتها في جبلها مزارع ومياه جارية لا تحتاج إلى البسيط وبها رقة رائقة ورقعة شاهقة لا تغلب في حال ولا يمكن فيها القتال. ومن قصرياني شمالا إلى محكان ثمانية عشر ميلا ومن محكان إلى قصر ... خمسة عشر ميلا بين جنوب وشرق ومن محكان إلى سطير غربا خمسة عشر ميلا وكذلك من سطير إلى كركنت ستة وثلاثون ميلا وهي مرحلة كبيرة تسير من سطير إلى غرذوطة المتقدم ذكرها ثم إلى المنشار ثم إلى القطاع ثم

إلى كركنت ومن سطير إلى قصر نوبو شمالا أربعة وعشرون ميلا وقد ذكرنا هذه القلاع والمعاقل فيما صدر من الكتاب. ومن كركنت إلى قرقوذي شرقا مائة ميل وثمانية عشر ميلا ومن قرقوذي إلى ناروا أربعة وعشرون ميلا ومن ناروا إلى كركنت اثنا عشر ميلا وكذلك من ناروا إلى قلعة النساء أحد وعشرون ميلا ومن قلعة النساء إلى قرقوذي جنوبا خمسة عشر ميلا. وقرقوذي بلد حسن في رأس جبل من أمنع قلل الجبال وله أرض طيبة زاكية وزراعات فاخرة نامية. وبين أرضها والوادي الملح قريب وهو في الشرق منها وهذا النهر الملح أصله ومنبعه يخرج من شعراء نزار التي فوق جفلة وبينهما وبين جفلة ميل ونصف وينزل جنوبا أمام جفلة وبينها وبين الوادي ميل ويتصل بالحمة ويتصل من هناك بالرحل المسمى حراقة ويبقى الرحل عن يمين وبينه وبين الوادي رمية حجر وبين هذا الرحل والحمة ستة أميال وفي كل هذا هو حلو ثم يمر حتى يصل إلى أرض محكان ويبقى محكان يمينا ومن قبل هذا يجري الوادي على سباخ فيملح ماؤه ويعود ملحا ثم يتصل بغربي أرض قصرياني ويمر في شرقي قلعة النساء على بعد خمسة أميال إلى أرض الحجر المثقوب وبعدها منه ميلان وهي في شرقيه ثم يمر إلى شرقي قرقوذي كما قدمنا ذكره وبينهما نحو من تسعة أميال ثم ينعطف مارا في عين المغرب فإذا قارب لنبياذة مر جنوبا فيصب في البحر ثم في لنبياذة وبينهما مقدار يسير.

ومن قرقوذي إلى بثيرة جنوبا اثنا عشر ميلا على الجبل وعلى غير الجبل أربعة وعشرون ميلا وقد مر ذكرها ومن بثيرة إلى لنبياذة تسعة عشر ميلا وقد سبق ذكر لنبياذة في ذكر المدن البحرية وبين بثيرة وشلياطة اثنا عشر ميلا شرقا مع الشمال. وشلياطة منزل في مستو من الأرض أنهارها جارية وزراعاتها نامية وخيراتها متدانية وغلاتها كثيرة ويتصل جري نهر العسل بغربي أرضها وبين شلياطة وابلاطسة شمالا عشرة أميال ومنها يخرج نهر العسل المذكور. وابلاطسة معقل حصين ذو أراض ممتدة ومزارع مباركة وله سوق مشهورة وفيها غلات كثيرة وأشجار وفواكه ومنها إلى قرقوذي غربا نحو من خمسة عشر ميلا ومن ابلاطسة أيضا إلى الحجر المثقوب مثل ذلك والحجر المثقوب مثل ذلك والحجر المثقوب حصن حصين ومعقل مكين أطنابه ممتدة وأقاليمه معمورة ومياهه كثيرة. ومن الحجر المثقوب إلى قصرياني نحو من اثني عشر ميلا وكذلك أيضا من الحجر المثقوب إلى شلياطة خمسة وعشرون ميلا وبين الحجر المثقوب وقلعة النساء غربا مع شمال سبعة أميال. وكذلك بين شلياطة وحصن الجنوب ويسمى قلعة الخنزارية عشرة أميال وهو حصن منيف على شرف جبل منيع أرضه صالحة الزراعة شاسعة الذراعة وبها العسل كثير وبين الخنزارية ورغوص خمسة وعشرون ميلا. ورغوص منزل حسن وثيق البنيان سامي العلو حصين منيع على نهر يعرف بها وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلا وبين رغوص المذكورة وشكلة اثنا عشر ميلا شرقا وبين شكلة وموذقة ثمانية أميال ومن رغوص إلى موذقة خمسة

أميال وهي منها شمالا. وموذقة بين جبال منيعة وبها خيرات وفوائد وغلات وبين موذقة وقلعة أبي شامة شمالا ستة عشر ميلا وبين أبي شامة ورغوص خمسة عشر ميلا جنوبا وبين قلعة أبي شامة ولنتيني أربعة وعشرون ميلا. وقلعة أبي شامة معقل يركن إليه ويعوّل عليه والشعراء متصلة به ويتفجر من جباله نهر الاروا ونهر بنتارغة ونهر بنتارغة يصب في مينا سرقوسة ونهر الاروا يصب في البحر مع ركن الجزيرة في جهة الجنوب وبين لنتيني وبزيني خمسة وعشرون ميلا في جهة الغرب مع الجنوب وكذلك من رغوص إلى بزيني عشرون ميلا وبين شلياطة أيضا وبزيني خمسة وعشرون ميلا. وبزيني في سفح جبل ولها مزارع وأرض حسنة وينفجر من جبلها واديان فينصبان ثم يجتمعان على بعد منها ثم يشقان الجبال ويمران في أصل الشعراء إلى البحر ويسمى هذا الوادي وادي اكريلوا وبين بزيني أيضا وأبي شامة خمسة عشر ميلا وبين أبي شامة ونوطس ثلاثون ميلا وبين نوطس والبحر من جهة مالطة عشرون ميلا وكذلك بين نوطس وبنتارغة تسعة عشر ميلا. وبنتارغة قد أحدقت بها جبال سرقوسة ونهرها المسمى بها يخرج من قلعة أبي شامة كما قدمنا ذكره وبين بنتارغة وسرقوسة شرقا تسعة عشر ميلا وبين بنتارغة ولنتيني اثنا عشر ميلا مع تغريب وبين لنتيني وقلعة مينا وغربا

مع جنوب أربعة وعشرون ميلا. وميناو قلعة حسنة بين جبال بزيني دارة الينابيع كثيرة المزارع كثيرة الفواكه والألبان وأرضها طيبة التربة وبين ميناو وبزيني أربعة عشر ميلا جنوبا ومن ميناو إلى قلعة الخنزارية عشرة أميال غربا ومن ميناو إلى قلعة الفار ثلاثة أميال شمالا وبين ميناو ومنزل ملجأ خليل تسعة أميال. ومنزل ملجأ خليل منزل كثير العمارة متصل الزراعة والجبل منها في جهة الجنوب ونهرها يخرج منه ويسمى وادي بوكريط وبين منزل أبي خليل وقلعة الخنزارية تسعة أميال جنوبا وبين منزل خليل وقصرياني أربعة وعشرون ميلا ومن ميناو في جهة الشرق محققا إلى بكير ثمانية عشر ميلا على طريق الجبل. وبكير منزل في مستو من الأرض عامر المحلة جليل الغلة سامي الوصف كثير الفواكه ويتصل بالصنوبر المعروف بالبنيط من جهة الغرب ومن بكير إلى لنتيني شمالا عشرون ميلا ومن بكير إلى أبي شامة جنوبا سبعة أميال وأرضهما مختلطة متصلة. ومن قصرياني إلى ابلاطسة جنوبا عشرون ميلا وابلاطسة حصن بين قلعة الخنزارية وقلعة الحجر المثقوب وبين ابلاطسة والحجر المثقوب أربعة عشر ميلا وكذلك بين ابلاطسة والشلياطة جنوبا اثنا عشر ميلا وبين منزل خليل وباترنو عشرون ميلا وبين أبي شامة وبلنسول ميلان ومن بلنسول إلى قيري اثنان وعشرون ميلا ومن ابلاطسة إلى أيذوني تسعة أميال شمالا.

ويخرج من أيذوني وادي رنبلو فيمر مشرقا ويجتمع مع وادي بوكريط المتقدم ذكره فيمران معا فيجتمعان مع وادي الطين على ثمانية أميال من مجتمع الواديين ويمر الكل حتى يصل قرب البحر فيجتمع مع وادي موسى فتصير هذه الأودية شيئا واحدا فتصب في البحر. وبين أيذوني وقصرياني خمسة عشر ميلا بين غرب وشمال وكذلك من أيذوني إلى ملجأ خليل نحو من عشرة أميال ومن قصرياني مع الشمال إلى طابس عشرة أميال. وطابس حصن جليل ومعقل عال ذو مزارع ومياه وماء وادي الطين يخرج من أرضها ويمر شرقا إلى أن يقع في وادي موسى بمقربة من البحر. وكذلك من طابس إلى جوذقة اثنا عشر ميلا شرقا ومن أيذوني إلى جوذقة أيضا اثنا عشر ميلا شمالا. وجوذقة منزل كبير وبه بشر كثير مزارعه ممتدة وغلاته كثيرة مفيدة ومن جوذقة إلى ملجأ خليل جنوبا ثلاثة عشر ميلا ومن طابس مع الشمال إلى شنت فيلب أحد عشر ميلا ومن شنت فيلب إلى شنتورب خمسة عشر ميلا. وشنتورب محل حسن كثير الفوائد والغلات ممتد الأرجاء والجهات عامرة أرضه شاسع طوله وعرضه وهو من شنت فيلب في عين الشرق. وشنت فيلب موضعها من أحسن المواضع وأشرفها بقعة وأكثرها غلة

ومنفعة وبين شنتورب وأذرنو ثلاثة عشر ميلا شمالا وفوق أذرنو مجتمع نهر طرجينس ونهر جرامي ونهر القيسي وغيرها. وأذرنو منزل حسن كالمدينة الصغيرة في شرف حجري وبه سوق وحمام ورقة حسنة ومياهها كثيرة وهي في ذيل جبل النار من جهة الجنوب. ومن أذرنو على سفح الجبل إلى بطرنو ستة أميال. وبطرنو معقل مانع وحصن كثير المنافع مزارعه كثيرة وبه فواكه وكروم وجنات وهو حصن حسن مطل على أرضين ومنه إلى نسطاسية سبعة أميال بين شرق وجنوب. وبين نسطاسية والبحر اثنا عشر ميلا وبين نسطاسية ولنتيني جنوبا تسعة عشر ميلا وبين نسطاسية ووادي موسى ميلان ونصف. ونهر موسى يجتمع من مياه أربعة أحدها وادي جرامي وهو يخرج من جبال القيسي والأصل الثاني من جبالها أيضا ومن جناتها فامأ وادي جرامي فإنه يمر من الجبلين ميلين ونصفا فيلتقي مع صاحبه فيمران معا إلى أن يوافي جرامي وبين مجتمع الواديين وجرامي نحو من ستة أميال ويتجاوز إلى تحت جرامي حيث المطاحن وتبقى جرامي منهما في الشرق وبين جرامي والوادي المذكور ميل واحد وبين ملتقى العنصرين وحجر سارلو ثمانية أميال فيقع فيه هناك نهر النيقشين وبين النيقشين ونهر جرامي ميل كبير ومن هناك ينزل الوادي بجملته إلى ما بين شنت فيلب وغليانة فتبقى غليانة في شرقي الوادي

بينها وبينه ميل ونصف وتبقى شنت فيلب في الغربي من الوادي بينها وبينه نصف ميل وينزل الوادي المذكور إلى انتر نستيري بين أذرنو وشنتورب وتبقى أذرنو في الشرق من الوادي بينها وبينه ميل وتبقى شنتورب في الغربي منه بينهما ميل ونصف وتجتمع في المكان المذكور مع وادي موسى ومع الوادي النازل من طرجينس ووادي يلية ووادي انبلة. ومن طرجينس إلى ملتقى الأنهار المذكورة ثمانية أميال ومن يلية إلى ملتقى الأنهار أربعة أميال ومن أنبلة إلى المكان أيضا حيث ملتقى الأودية خمسة أميال ويصير جميع الأودية كلها واحدا ثم ينزل إلى الجرطة وتبقى بطرنو وشنت نسطاسية في الشرق وبين بطرنو والوادي نصف ميل ويبقى بين شنت نسطاسية ووادي موسى ميلان ويجتمع نهر موسى ونهر وادي الطين ووادي رنبلو ووادي كريط على مقربة من البحر فيصب في البحر. ولنرجع الآن فنقول إن من بيقوا إلى بثرانة تسعة أميال ومن بثرانة إلى سقلافية خمسة أميال ومن سقلافية إلى قلعة أبي ثور شرقا ستة أميال. وقلعة أبي ثور حصن مانع عامر ذو مزارع صادقة وغلات قائمة. ومنه إلى بولس جنوبا خمسة أميال وهو حصن في ذروة مطلة أجمل محلة وله مزارع وأرضون طيبة ومن بولس إلى بطرلية شرقا ستة أميال. وبطرلية حصن شريف ومعقل منيف مزارعه متصلة الأطناب كثيرة

الخيرات وبه سوق وقلعة كسائر أسواق المدن الكبار ومن بطرلية إلى مقارة ثمانية أميال وهو حصن عامر الديار كثير المزارع كثير المنافع. ومنه إلى حصن اسبرلنكة عشرة أميال جنوبا وهو منزل كبير شامل لكل خير ذو أرض وزروع وعمارات واسعة التذريع ومن اسبرلنكة إلى قمراطة ثلاثة وعشرون ميلا وقد ذكرنا قمراطة فيما صدر من الذكر ومن اسبرلنكة ألى النيقشين شرقا اثنا عشر ميلا. والنيقشين حصن حصين من أحسن الحصون له ربض مسكون وعمارات كثيرة متصلة ومزارع غير مفصلة ومن النيقشين إلى حصن طرجينس اثنا عشر ميلا بين شمال وشرق وأيضا إن طرجينس حصن ممدن وموطن مستوطن ومعقل مشرف على الجهات متصل المزارع والعمارات. ومن طرجينس في جهة الغرب إلى جرامي ثمانية أميال وجرامي منزل ذو رقة مطلة عامر آهل المحلة زراعاته خصيبة ومياهه كثيرة عذبة ومن جرامي إلى قيسي تسعة أميال شمالا. وقيسي حصن كثير العمارة حصين القرارة ذو كروم كثيرة ونعم مشتملة غزيرة ومن قيسي إلى جاراس خمسة عشر ميلا غربا. وجاراس كثير الفواكه عامر المزارع ربضه رحب وعماراته منتشرة وهو بين جبال شاهقة وأطراف متلاحقة وبين جاراس وبطرلية نحو من عشرة أميال ومن جاراس أيضا إلى رقة باسيلي شمالا تسعة أميال وهي رقة حسنة أرزاقها ممكنة وخيراتها شاملة وزراعاتها طيبة نامية.

ومن رقة باسيلي إلى الحمار منزل في رأس جبل عشرة أميال غربا وكذلك من جاراس إلى الحمار ثلاثة عشر ميلا ومن الحمار إلى بولس ستة أميال بين غرب وجنوب. ومن الحمار إلى قلعة الصراط تسعة أميال غربا وهي قلعة على تل منيع ونشر رفيع كثيرة المياه والمزارع عليها جبل مطل منيف وبها كان الحصن أولا وكان في نهاية من الحصانة وغاية من الحماية وبه أغنام وأبقار فهدمه الملك المعظم رجار ونقله إلى المكان الذي به القلعة الآن. ومن قلعة الصراط إلى جفلوذي على البحر ثمانية أميال وبينهما حصن قرطيرش وهو حصن صغير وبه خير كثير ومن قلعة الصراط إلى ثرمة الساحليه خمسة عشر ميلا غربا مع ميل إلى الشمال وكذلك من رقة باسيلي إلى طزعة السابق ذكرها عشرة أميال شمالا. ونرجع بالقول فنقول إن من طرجينس المقدم ذكرها إلى منياج عشرون ميلا وهي تسمى غيران الدقيق وهي قرية عامرة في مستو من الأرض لها سوق وتجار وبها خصب كثير وخير شامل. ومنياج في الركن الشمالي من الجبل المسمى بجبل النار وبينهما نحو من خمسة أميال وهي على نهر يأتي إليها من نحو ثلاثة أميال وعليه أرحاء عامرة ومن منياج إلى أذرنو والطريق مع وادي موسى عشرون ميلا وقد ذكرنا أذرنو فيما مضى ومن منياج شرقا إلى الرنداج عشرة أميال. والرنداج في حضيض الجبل المذكور وهي قرية كالمدينة الصغيرة عامرة

السوق بالتجار والصناع وبها من الخشب كثير ومنها يحمل إلى كثير من الجهات ومن الرنداج إلى قسطون عشرون ميلا وبينهما حصن كالمنزل صغير يسمي المد. وحصن قسطون عالي الرقعة كثير المنعة عامر آهل ذو أسواق وبيع وشراء ومنه إلى قرية مصقلة في الركن البحري من الجبال وهي قرية عامرة بأهلها في ربوة جبل عال والمياه تخترق وسطها ومنها إلى الطبرمين على الساحل ستة أميال وبينهما النهر البارد ومخرجه من جبال شامخة في غربي منياج فيمر مشرقا لا ينثني إلى أن يرد البحر وطول جريته من أوله إلى آخره ثمانون ميلا. ومن الرنداج إلى منت البان عشرون ميلا وهي قلعة بين جبال شامخة صعبة النزول منها والارتقاء إليها وما مثلها مواشي وعسولا وخيرا كثيرا. ومن منت البان إلى منجبة ( ... ومن منجبة) إلى غلاط غربا عشرة أميال وهو معقل منيع بين جبال شامخة وهو آهل عامر وله مزارع ومواش ويزرعون على السقى الكتان الكثير. ومنه إلى كنيسة شنت ماركو سبعة أميال بين غرب وشمال ومن شنت ماركو إلى فيلادنت خمسة أميال ومن فيلادنت إلى القارونية أربعة عشر ميلا. والقارونية حصن على شرف جبل مطل على البحر وبهذا الحصن مصائد للحوت المسمى التن وله كروم وعمارات ومنه إلى قلعة القوارب تسعة أميال وبين القلعة والبحر ميلان ومن قلعة القوارب إلى مرسى طزعة سبعة أميال ومن طزعة إلى جفلوذى اثنا عشر ميلا.

ونرجع فنقول إن من مسينى إلى قلعة رمطة تسعة أميال ومن قلعة ومطة إلى منت دفرت أربعة أميال جنوبا ومن منت دفرت إلى ميلاص خمسة عشر ميلا شمالا ومن منت دفرت إلى ميقش جنوبا خمسة عشر ميلا وميقش موضعها بين مسينى وطبرمين وطريقها طريق صعب. وكذلك من لوغاري إلى بربلس خمسة عشر ميلا بين غرب وشمال ومن منت دفرت إلى بربلس عشرون ميلا غربا. وبربلس قلعة حسنة البناء واسعة الأفناء لأهلها كسب وسعة حال ومن بربلس إلى المد جنوبا خمسة أميال ومن بربلس إلى منت البان اثنا عشر ميلا وكذلك من منت البان إلى المد عشرة أميال. وهاهنا تم ذكر صقلية وليس يدرى على قرار الأرض جزيرة في بحر بأكثر منها بلادا ولا أعمر منها قطرا وبقي لنا أن نصف مراسيها مرسى مرسى وأميالها ومراحلها بحول الله تعالى فنقول: إن من المدينة المسماة بلرم إلى برقة على التقوير خمسة أميال ومن برقة إلى مرسى الطين خمسة أميال ومن مرسى الطين إلى غالة ميلان ومنه إلى الجزيرة أربعة أميال إلى مرسى قرينش ستة أميال ومنه إلى القرطيل الذي تحت جنش ثلاثة أميال ومنه إلى ساقية جنش ثلاثة أميال ومنها إلى القرطيل الذي بينها وبين برطنيق ثلاثة أميال ومنه إلى الشط الذي تحت برطنيق ميل ونصف ومنه إلى وادي قلعة اوبي خمسة أميال ومنه إلى وادي المدارج ربع

ميل ومن المدارج إلى جبل شنت بيطو اثنا عشر ميلا. ومنه إلى طرابنش خمسة وعشرون ميلا ومن طرابنش إلى مرسى علي خمسة وعشرون ميلا ومن مرسى علي إلى الرأس الذي بينه وبين مازر اثنا عشر ميلا ومن مازر إلى رأس البلاط ستة أميال ومن رأس البلاط إلى عيون عباس ستة أميال ومن عيون عباس إلى الأصنام أربعة أميال ومن الأصنام إلى ترسة أبي ثور ستة أميال ومنها إلى وادي القارب ستة أميال ومن وادي القارب إلى أنف النسر ستة أميال. ومن أنف النسر إلى الشاقة ستة أميال ومن الشاقة إلى وادي البو ثمانية أميال ومن وادي البو إلى أنف النهر نهر ابلاطنو تسعة أميال ومن أنف النهر إلى ترسة عباد ستة أميال ومن ترسة عباد إلى الأختين تسعة أميال ومن الأختين إلى كركنت تسعة أميال ومن كركنت إلى وادي الزكوجي ثلاثة أميال ومن وادي الزكوجي إلى حجر ابن الفتى تسعة أميال ومن حجر ابن الفتى إلى بسوارية ثمانية عشر ميلا ومن بسوارية إلى الملاحة ثلاثة أميال ومن الملاحة إلى الانبياذة ثلاثة أميال. ومن الانبياذة إلى الوادي الملح ميل ومن الوادي الملح إلى مرسى الشلوق ثمانية أميال ومنه إلى مرسى بثيرة ثمانية أميال ومنه إلى وادي السواري اثنا عشر ميلا ومن وادي السواري إلى وادي إغريقو اثنا عشر ميلا ومنه إلى جزيرة الحمام اثنا عشر ميلا ومنها إلى كرني سبعة أميال ومنها إلى وادي

رغوص اثنا عشر ميلا ومن وادي رغوص إلى جرف الطفل أربعة أميال ومن جرف الطفل إلى مرسى شكلة أربعة أميال ومنه إلى غدير الشرشور ميلان ومن غدير الشرشور إلى مرسى الدرامن أربعة أميال ومنه إلى مرسى الشجرة ميل. ومن مرسى الشجرة إلى جزيرة الكراث ثلاثة أميال ومنه إلى مرسى البوالص ثلاثة أميال ومنه إلى جزيرة الجرمان ثمانية أميل ومن جزيرة الجرمان إلى كرم الرنبوح ثلاثة أميال ثم إلى قرطيل باشنو ثلاثة أميال ومن قرطيل باشنو إلى دخلة القصاع ستة أميال ومن دخلة القصاع إلى مرسى الحمام ستة أميال ومن مرسى الحمام إلى دخلة ابن دكني ستة أميال ومنه إلى القاطة ستة أميال. ومنه إلى وادي قسباري اثنا عشر ميلا إلى مرسى الحذاق ستة أميال إلى الأنكنة ستة أميال إلى أنف الخنزير ثمانية أميال إلى سرقوسة ستة أميال ثم إلى خنذق الغريق ستة أميال ثم إلى جزيرة مسمار أربعة أميال ثم إلى أكسيفوا أربعة أميال إلى رأس الصليبة ستة أميال إلى وادي زيدون ستة أميال إلى الركن ستة أميال إلى وادي لنتيني ثلاثة أميال إلى وادي موسى ثلاثة أميال إلى قطانية ستة أميال إلى الانكنة ثلاثة أميال إلى جزائر لياج ثلاثة أميال إلى وادي لياج ثلاثة أميال إلى شنت شقلى ستة أميال إلى عين القصب ثلاثة أميال إلى قرطيل مسقلة ثلاثة أميال إلى الوادي البارد تسعة أميال إلى القصوص

ثلاثة أميال إلى الأنباصي خمسة أميال إلى الدرجة (عشرة أميال) إلى شنت بالمي خمسة أميال إلى الأجاصة سته أميال إلى الدرجة الوسطى ستة أميال إلى عين السلطان ميلان إلى الدرجة الصغيرة ميلان إلى حجر أبي خليفة ثلاثة أميال إلى شنت اصطيفن ثلاثة أميال ومن شنت اصطيفن إلى الثلاث كنائس سبعة أميال إلى مسينى ستة أميال. ومن مسينى إلى الفارو اثنا عشر ميلا إلى وادي عبود اثنا عشر ميلا إلى ميلاص اثنا عشر ميلا إلى الرأس ستة أميال ومن الرأس مع تقوير الجون إلى لبيري خمسة وعشرون ميلا إلى رأس دنداري ثلاثة أميال إلى بقطس مع تقوير الجون أربعة أميال إلى رأس خلي ميلان إلى مرسى دالية أربعة أميال إلى جفلوذي الصغرى ثلاثة أميال إلى صعفه إلى علقمارة ستة وعشرون ميلا إلى قارونية اثنا عشر ميلا إلى قلعة القوارب ستة أميال إلى طزعة ستة أميال إلى أنف الكلب أربعة أميال ومع تقوير الجون إلى جلفوذى ثمانية أميال إلى حجر عمّار ميلان إلى الأنف الآخر أربعة أميال إلى الصخرة ستة أميال إلى وادي السواري ثلاثة أميال إلى وادي أبي رقاد ثلاثة أميال إلى ثرمة ستة أميال إلى التربيعة ثلاثة أميال إلى الشبكة ثلاثة أميال إلى قرية الصبر ستة أميال إلى وادي الأمير على التقوير ميلان الى المدينة ستة أميال.

فقد تكلمنا في هذا الجزء بما وجب وجزيرة صقلية مثلثة الشكل فالجهة الشرقية منها من مدينة مسينى إلى جزيرة الأرنب مائتا ميل ومن جزيرة الأرنب إلى اطرابنش أربع مائة ميل وخمسون ميلا وهو الوجه الجنوبي والوجه الثالث من طرابنش إلى الحراش إلى الفارو مائتان وخمسون ميلا وإلى هنا انتهى بنا القول. نجز الجزء الثاني من الإقليم الرابع والحمد لله على ذلك ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله.

الجزء الثالث

الجزء الثالث إن هذا الجزء الثالث من الإقليم الرابع تضمن في حصته قطعة من البحر الشامي وفيه من الجزائر البحرية قرفس ولقاطة وثنو وجفلونية وجزيرة جاجنت وفي هذا الجزء أيضا من البلاد الساحلية والبرية شنت فيمي وأتربية والماصة وتوجش وجراجي ونارطس وقليبلي وقشطرة وأذرنت وابرندس ولج ولبلونة وبذرنت وجمارة وفاسكيو وبندسة وأذرنوبلي وياننة. وقد وجب لنا الآن أن نتكلم في وصف ما ذكرنا بلدا بلدا وقطرا قطرا بحول الله فنقول إن هذا البحر المرسوم في هذا الجزء من الجانب الغربي عرضه ستة مجار كبار وذلك من ريو إلى قابس روسية. وريو هذه مدينة من بلاد قلورية على ضفة المجاز إلى صقلية وبين ريو ومدينة مسينى من جزيرة صقلية سبعة أميال وذلك سعة المجاز بين المدينتين وريو مدينة صغيرة بها فواكه كثيرة وبقول وهي متحضرة ولها أسواق عامرة وحمامات وسورها من حجر وهو على نحر البحر في الضفة الشرقية من المجاز.

ومن مدينة ريو مع الساحل إلى رأس فلامة ستة أميال. ومن ريو إلى برصانة جون كله يسمى جون برصانة وهو على رأس المجاز ومن فلامة إلى بثرة ثلاثة أميال ومنه إلى بنتدقطلة في البر ثلاثة أميال ومن بثرة إلى وادي العسل ستة أميال ومن وادي العسل إلى طابلة وهي قرية ستة أميال. ومن طابلة إلى رأس جفيرة اثنا عشر ميلا ومن رأس جفيرة إلى بطرقوقة وهو واد جار ثلاثة أميال. ومنه إلى برصانة ستة أميال وبرصانة منزل على جبل وله عمالة وأقاليم خصيبة ولأهلها مكاسب غنم وبقر وحروث متصلة وجبايات قائمة. ومن برصانة إلى وادي جراجي اثنا عشر ميلا وعلى هذا الوادي مدينة جراجي وهي مدينة حسنة كبيرة ذات عمارات وزروع وكروم. ومن وادي جراجي إلى وادي الأنة وهو واد يجري من استيلو أربعة وعشرون ميلا ومن الأنة إلى بحلاية وهو واد عليه الأرحاء اثنا عشر ميلا ومنه إلى اسجلاسة وهو واد تدخله المراكب ستة عشر ميلا ومنه إلى وادي

طاجنو اثنا عشر ميلا ومنه إلى وادي سلميرة اثنا عشر ميلا. ومن سلميرة إلى أوسلة ستة أميال وهي جزيرة لطيفة ومنها إلى قرط مارية وهو مرسى كبير فيه إسقالات نابتة في البحر ستة أميال. ومن قرط مارية إلى افلومية السواري وهي من البنيان الأول ستة أميال ومنها إلى مدينة قطرونة وهو مرسي ومدينة أولية قديمة البناء حسنة القطر عامرة آهلة عشرة أميال. ومن قطرونة إلى مرسى وادي شبيرينة اثنا عشر ميلا وهو مرسى يكن من الرياح الثلاث ومنه إلى رأس اليجة أربعة وعشرون ميلا. ومن اليجة إلى الكنيسة التي على رأس أبراقنة اثنا عشر ميلا ومنها إلى رسيانة عشرون ميلا ومن رسيانة إلى الوادي الكبير اثنا عشر ميلا ومن الوادي الكبير إلى شنت روشيت اثنا عشر ميلا ومنها إلى صخرة سكن

اثنا عشر ميلا وهذه الصخرة كانت الحد بين الإفرنجيين والأنكبرذين. ومن الصخرة إلى وادي سكتة ستة أميال وهو نهر تدخله المراكب جيد للإرساء ومن هذا الوادي إلى وادي ابراطنة أربعة وعشرون ميلا وعلى هذا الوادي والجبال المحيطة به ينبت الصنوبر الكثير ويعمل هناك منه القطران والزفت ويحمل إلى كثير من الآفاق. ومن وادي ابراطنة إلى وادي اكرة ستة أميال ومنه إلى نهر الموجن ثمانية عشر ميلا إلى وادي ابراغنة ثلاثة أميال ومنه إلى وادي لاطس خمسة عشر ميلا ومنه إلى وادي لمنة ثلاثة أميال ومنه إلى الوادي المعوج ستة أميال ومنه إلى وادي مطاحن طارنت ثلاثة أميال ومنه إلى طارنت ستة أميال. ومدينة طارنت مدينة كبيرة قديمة أزلية حسنة البناء المباني والديار كثيرة التجار والسفار توسق منها السفن وتقصدها الرفاق وهي ذات متاجر وأموال طائلة وبهذه المدينة مرسى في غربي المدينة فيه بحر حي وفي شرقي هذه المدينة مع شمالها بحيرة تدويرها من القنطرة إلى أن تعود إلى باب المدينة اثنا عشر ميلا وهذه القنطرة بين البحر الحي والبحيرة وطول هذه القنطرة من باب

طارنت مما يلي دبور القبلة إلى البر ثلاث مائة ذراع وعرضها خمسة عشر ذراعا وفي هذه القنطرة منافس تفرغ من البحر إلى البحيرة ومن البحيرة إلى البحر في الليل مرتين وفي النهار مرتين وتفرغ في هذه البحيرة ثلاثة أودية وعمق هذه البحيرة من ثلاثين قامة إلى خمس عشرة قامة إلى عشر قيم وهذه المدينة يحيط بها البحر الحي والبحيرة من كل الجهات خلا الوجه الواحد مما يلي الشمال. ومن مدينة طارنت مشرقا إلى اصطورة وهو واد ترسى فيه المراكب اثنا عشر ميلا ومنه إلى وادي أقلوية ثلاثة أميال ومنه إلى مرسى قيطولقة وفيه عين اثنا عشر ميلا ومنها إلى مرسى مجلود وهو مرسى كبير يكن من كل ريح وحوله أحساء وآبار اثنا عشر ميلا ومنه إلى مرسى نوذرس ويروي نارطس وهو مرسى صغير ثلاثة أميال. وبين نوذرس هذه والبحر أربعة أميال ومنه إلى طراجة وهو مرسى حسن فيه ماء طيب كثير اثنا عشر ميلا ومن الطراجة إلى مدينة قليبلي ستة أميال. ومدينة قليبلي مدينة كبيرة قديمة عامرة وهي في بقعة من الأرض والبحر

يحيط بتلك البقعة كأنها جزيرة ومنها إلى أنبانة وهو مرسى فيه عين ماء عذبة خمسة عشر ميلا ومنه إلى ليغة خمسة عشر ميلا وليغة قرطيل داخل في البحر. وفي هذا المرسى عينا ماء عذب ومنه إلى قاشطرة عشرة أميال وهي مدينة صغيرة على نحر البحر ومنها إلى مدينة روث مرت عادلا في البرية اثنا عشر ميلا ومنها إلى سليت ثلاثة أميال ومنه إلى مدينة لج ستة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة اذرنتو عشرون ميلا. ومدينة اذرنتو مدينة قديمة الآثار كثيرة السكان والعمار فيها أسواق عامرة وتجارات دائرة والبحر قد أحاط بسورها من جميع جهاتها الثلاث وتتصل من جهة الشمال بالبر ولها واد يأتي من الشمال فيجتاز على بابها ويمر مع جون البنادقة إلى مدينة ابرنطس وتروى ابرندس وبينهما أربعون ميلا فيصب بها وأهل ابرندس أنكبرذيون وكانت من عمالة صاحب القسطنطينة. ومدينة اذرنتو هي على رأس المجاز بين بحر الشام وبحر البنادقين من جهة المغرب ومنها في البحر إلى مدينة ادراست سبعون ميلا.

وادراست مدينة كبيرة عامرة كثيرة الخيرات ذات أسواق كثيرة وتجارات وأحوال واسعة وهي على ضفة البحر من المجاز في الجهة الشرقية ومن أدراست إلى مدينة لبلونة وهي على بحر البنادقة مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا مع تقوير الجون. ومن لبلونة إلى جمارة مائة ميل مع دور القرطيل واسم جمارة بالرومية بدنتو ومنها إلى بترنتو أربعون ميلا وبترنتو مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وعمارة. وجمارة مدينة كبيرة عامرة ومن جمارة أيضا مع الساحل إلى مدينة فاسكيو ستون ميلا وفاسكيو مدينة متوسطة ولها من الجانب الشرقي خليج صغير كالذراع تدخله المراكب على فم ضيق. ومن فاسكيو إلى مدينة بندسة ثلاثون ميلا وعلى التخلية عشرون ميلا وبندسة مدينة متوسطة عامرة ذات سور وسوق وبيع وشراء ومنها إلى نبغتو مائة ميل وخمسون ميلا ويلي جمارة في البحر جزيرة ثنو وبينهما ثلاثون ميلا وهي جزيرة حسنة فيها مرسى ومحتطب. ويلي هذه الجزيرة مع الغرب ومحرف جنوب قرفس وهي جزيرة كبيرة

طولها مائة ميل وبها مدينة عامرة خصيبة حصينة على قنة منيعة ولأهلها عدة وامتناع ممن ناواهم. وبين جزيرة قرفس وجزيرة ثنو ثلاثون ميلا وبين قرفس ومدينة اذرنتو السابق ذكرها تسعون ميلا وهو مجرى وكذلك من قرفس إلى لبلونة مجرى. ومن الجزائر التي في هذه الجهة جفلونية وهي من قرفس شرقا ودور جفلونية مائتا ميل وهي عامرة وبها مدينة ومن جفلونية إلى جزيرة جاجنت خمسون ميلا وهي جزيرة عامرة دورها ثمانون ميلا. ومن جفلونية مع الشمال إلى جزيرة لقاطة أربعون ميلا وهي جزيرة مثلثة الشكل في طول كل وجه منها عشرون ميلا وقد أكملنا ذكر هذا الجزء بما فيه والحمد لله على ذلك. نجز الجزء الثالث من الإقليم الرابع والحمد لله يتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله.

الجزء الرابع

الجزء الرّابع إن الذي تضمن هذا الجزء الرابع من الإقليم الرابع قطعة من البحر الشامي فيه أعداد جزائر من جزائر الرمانية وجزيرة بلبونس العظمى. وهي جزيرة يحيط بها البحر ألف ميل وليس لها منفذ إلى البر إلا فم ضيق مقداره ستة أميال وقد كان أحد القياصرة من الروم بنى عليه سورا طوله هذه المسافة وهي ستة أميال وفي هذه الجزيرة ثلاثة عشر مدينة قواعد مشهورة مذكورة ومن القلاع الحصينة عدد كثير وقرى وعمارات. وفي هذا الجزء من البحر جزيرة اقريطش وهي من أكبر الجزائر البحرية في البحر الشامي وفيه من الجزائر الصغار ثمانية وعشرون جريرة بين عامرة وغامرة بل أكثرها عامر وها نحن واصفون لها حالا حالا وفصلا فصلا والعون بالله. فنقول إن من مدينة بندسة إلى مدينة نبغطو مائة وخمسون ميلا وأما على الساحل فمن مدينة فسكيو المتقدم ذكرها إلى الوادي الملح ستة أميال وعلى هذا الوادي مدينة بندسة المتقدم ذكرها وبينها وبين البحر ثلاثة أميال ومن موقع النهر الملح إلى النهر الحلو وهو مرسى كبير عليه عيون عذبة أربعة

وعشرون ميلا. ومن النهر الحلو إلى مرسى الشجر وهو مرسى كبير مكن من الرياح الثلاثة أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى مرسى اللقاطة اثنا عشر ميلا وهو مرسى كبير وفيه مياه عذبة ومنه إلى الميرة وهو برج على فم مرسى ضيق (يسمى فم الصباغين) والمرسى بينهما داخل ثلاثة أميال. وداخل هذا المرسى طويل متسع وعليه قرى ومدن منها نبغطو وهذا الذراع ينتهي إلى فم جزيرة بلبونس ومن طرفه إلى طرف آخر يقابله من الناحية الثانية ومسافة ما بينهما ستة أميال كما وصفناه وهذه ستة الأميال هي فم جزيرة بلبونس التي نأتي بذكرها بعد هذا بحول الله تعالى. ومن الميرة التى سبق ذكرها مساحلا مطيفا بالجزيرة الكبيرة المسماة بلبونس إلى قرطيل جزيرة لقاطة التي رسمناها في الجزء الذي قبل هذا وبينهما ثلاثون ميلا. ومدينة نبغطو على ساحل هذا الذراع من جهة الشمال وهي مدينة في سند جبل ويقابلها من داخل جزيرة بلبونس مدينة قورنت مع الشرق قليلا وبينهما قطع رؤسية خمسة وثلاثون ميلا ومع نبغطو في الساحل في البر الكبير على قرب الذراع مدينة استيبه وبينهما خمسة وسبعون ميلا وتروى استيبس واستيفس أيضا.

ومن استيبس إلى مدينة قورنت من أرض جزيرة بلبونس مع تدوير الجون تسعون ميلا واستيبس بلد مرتفع عن البحر قدر ستة أميال. وأما مدينة قورنت فمدينة كبيرة عامرة وهي على نحر البحر تقارب المضيق بينها وبينه ثلاثون ميلا وجزيرة بلبونس كما قدمنا دورها ألف ميل وهي تتصل بالبر وسعة فم المضيق الذي هو مدخل الجزيرة ستة أميال. وأما البلاد التي في ساحل الجزيرة من داخلها فأولها مدينة قورنت وقد ذكرناها ومن مدينة قورنت إلى براس خمسة وعشرون ميلا ومن براس إلى حطبناس ثمانية عشر ميلا ومنه إلى باصنة وهذا مرسى كبير وقلعة كبيرة أربعون ميلا ومنه إلى مرية وهو قرطيل عليه كنيسة ثلاثة عشر ميلا. ومنها إلى اربة حبلانه وهي مدينة متحضرة على مسقط واد اثنا عشر ميلا ومنها إلى مدينة بند فمالص ستة أميال وهنا رأس استلارة.

ومنها إلى قرنة وهي مدينة صغيرة لها قلعة مطلة على البحر ثمانية عشر ميلا ومنها إلى مرسى ابروذه ستون ميلا وهو مرسى كبير مكن. ومنها إلى مثونية اثنا عشر ميلا ومثونية قلعة كبيرة على البحر ولها ربض عامر ومنها إلى اكرونية وهي أيضا مدينة على البحر أربعون. ميلا. ومن اكرونية إلى مانية عشرون ميلا وهي قرية على البحر عامرة بها سوق عامرة وصنائع قائمة ومنها إلى ميلية أربعة وعشرون ميلا وميلية قلعة كبيرة على البحر وعليها سور منيع وبها تجارات وسوق عامرة. ومنها إلى لكذمونه وهي مدينة ستة وخمسون ميلا ومنها إلى (-) سبعون ميلا. ومنها إلى منياصة عشرون ميلا ومنياصة هذه مدينة حصينة مطلة على جبل بساحل البحر يرى منها في مدة الصفاء جبال جزيرة اقريطش وبينهما مجرى صغير.

ومن منياصة إلى مرسى بتولية ثلاثون ميلا ومنه إلى انت جريص ثلاثون ميلا ومن انت جريص إلى افصميله ستون ميلا ومن افصميله إلى قورنت مائة ميل ومنها إلى الرأس مائة ميل. ومن الرأس إلى الرأس ستة أميال كما وصفناه ودور هذه الجزيرة ألف ميل وبها ثلاثة عشر مدينة عامرة كلها وكلها قواعد ذوات أسواق عامرة دائمة. وأما قلاعها وقراها فكثيرة جدا ولهم مراكب حمالة وليس لهم في البر منفذ إلا هذه الستة الأميال التي تجر فيها المراكب فمن أراد الجواز باختصار إلى القسطنطينة جر مركبه هذه الستة الأميال التي تجر فيها المراكب فمن أراد الجواز دار ألف ميل في البحر وذلك عشرة مجار مائة ميل في كل مجرى ومن جزيرة بلبونس إلى جزيرة اقريطش ثمانون ميلا وجزيرة اقريطش جزيرة عامرة كبيرة كثيرة الخصب وبها مدن عامرة. وهي جزيرة طويلة عريضة طولها من المشرق إلى المغرب من رأس السيف إلى رأسها الآخر المقارن للمشرق ثلاث مائة ميل وخمسون ميلا ومن الوجه

الآخر مثل ذلك ثلاث مائة ميل وخمسون ميلا وعرض رأس السيف مائة ميل والرأس الآخر عرضه مثل ذلك. وكذلك من رأس السيف إلى رأس تينى ثلاثة مجار ويقال هي مجريان ونصف وهذا الخلاف بين القولين إنما يكون بحسب جري المراكب وسلس قطعها وقوة الريح أو ضعفها. وجزيرة اقريطش جزيرة كبيرة كما قلناه وفيها من المدن مدينة الخندق وربض الجبن وبها معدن ذهب وأشجار وفواكه ويعمل بها جيد الجبن الذي يتجهز به إلى جميع النواحي ولا يعدله شيء من نوعه. وفي أجبلها الوعول الكثيرة وطولها من المغرب إلى المشرق اثنا عشر يوما في ستة أيام وبين آخر جزيرة اقريطش في الشرق إلى جزيرة قبرس أربعة مجار. وأيضا إن جزائر الرمانية التي تضمنها هذا الجزء منها جزيرة برنبله وهي جزيرة خالية بينها وبين رأس ملاصة من أرض بلبونس خمسون ميلا وبينها أيضا وبين جزيرة ميلو خمسة وعشرون ميلا. وجزيرة بلبونس منها غربا وجزيرة ميلو منها شرقا ومن جزيرة ميلو إلى جزيرة بوليو شرقا وهي عامرة أربعة أميال ومن بوليو إلى جزيرة بلقنتر شرقا ستة أميال وهي عامرة ومن جزيرة بلقنتر إلى نيو عشرة أميال. ونيو جزيرة عامرة خصبة وبها مرسيان وبالقرب منها في جهة الشرق جزيرة

استبلاية وبينها عشرون ميلا ودور استبلاية اثنا عشر ميلا وهي عامرة آهلة وفيها مكاسب أغنام وأبقار. ومن استبلاية إلى شنت ريني أربعة وعشرون ميلا وهي عامرة ومنها إلى رأس اقريطش الشمالي خمسون ميلا وأيضا من جزيرة بلبونس من رأس اسكليا مارا بين جنوب وشرق إلى جزيرة اشكيلو مائة ميل. وهي جزيرة عامرة وبها مدينة عامرة وهي مدينة حسنة ومن اشكيرو إلى جزيرة ابصره وهي خالية خمسون ميلا شرقا ومن ابصره إلى جزيرة خيو خمسة وتسعون ميلا وهي جزيرة كبيرة كثيرة العمارة وفيها مدينة حسنة ومن جزيرة خيو إلى جزيرة صامو خمسة وثلاثون ميلا وصامو جزيرة كبيرة كثيرة أشجار عامرة بالأغنام والأبقار وبها مدينة حسنة. وبهذه الجزيرة يجمع علك المصطكي كثيرا ويحمل منها إلى سائر الآفاق المتجاورة والمتباعدة وبها لحوم الصيد كثيرة جدا ومن جزيرة صامو إلى جزيرة لارو في جهة الشمال ثلاثون ميلا. وأيضا فإن من رأس جزيرة بلبونس المسمى اسكليا إلى جزيرة اندره شرقا اثنا عشر ميلا وهي جزيرة عامرة آهلة. ومنها بالمقابلة لرأس جزيرة اندره شرقا جزيرة تسمى تينو وهي عامرة وبينها وبين اندره أربعة أميال ومنها إلى جزيرة ميكلا ثلاثة أميال.

وجزيرة ميكلا أكبر قطرا من جزيرة تينو وهي جبل عظيم عريض وطيء الأعلى عامر آهل وبه مدينة حسنة ومنها شرقا إلى جزيرة ذيلو اثنا عشر ميلا. وذيلوا جزيرة مدورة خالية لا عامر بها وبها مرسى ومنها إلى جزيرة نقسية أيضا جنوبا ثلاثون ميلا ونقسية جزيرة عامرة كبيرة وفيها روم يعمرونها بأغنامهم وأبقارهم ومنها إلى جزيرة نمرغو ثلاثون ميلا وهي جزيرة عامرة كبيرة كثيرة البشر وفيها كسب كثير. ومنها شرقا إلى جزيرة لارو أربعة أميال وجزيرة لارو عامرة كبيرة فيها قلعة ومنها إلى جزيرة قالمو أربعة أميال وهي جزيرة عامرة حسنة ولها مرسى حسن. ومنها غربا إلى جزيرة كوي عشرون ميلا وهي جزيرة عامرة وبها إرساء وحط ومنها في الشرق جزيرة نيسلى وهي عامرة حسنة ولها مرسى مكن من جميع الرياح أربعة وعشرون ميلا. وبين جزيرة نيسلى وجزيرة رودس مائة ميل ورودس تقابل في البر جون المقري ومن رودس إلى قبرس ثلاثة مجار وهي ثلاث مائة ميل وسنأتي بعد هذا بذكر قبرس وغيرها بعد هذا إن شاء الله تعالى. نجز الجزء الرابع من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس إن شاء الله.

الجزء الخامس

الجزء الخامس إن هذا الجزء الخامس من الإقليم الرابع تضمن قطعة خامسة من البحر الشامي وفيه من الجزائر جزيرة رودس وجزيرة قبرس وبعض بلاد على الساحل الشمالي من بلاد الروم والمسلمين وفيه حيث انتهى صدر البحر الشامي وعليه من البلاد الشامية انطرسوس واللاذقية وأنطاكية والمصيصة وآذنة وعين زربة وطرسوس وقرقوس وحمرتاش وأنطالية المحرقة وأنطالية المحدثة والباطرة والميرة وجون المقري وحصن استروبلي وفيه من البلاد الشامية البرية فامية وحصن سلمية وقنسرين والقسطل وحلب والرصافة والرقة والرافقة وباجروان والجسر ومنبج ومرعش وسروج وحران والرها والحدث وسميساط وملطية وحصن منصور وزبطرة وجرسون واللين والبذنذور وقوة وطولب وكل هذه البلاد يجب علينا أن نوضح أخبارها ونأتي بصفاتها وطرقاتها حسب ما تقدم لنا من القول فيما صدر بعون الله تعالى. فنقول إن جزيرة قبرس جزيرة كبيرة القطر مقدارها ستة عشر يوما وبها قرى ومزارع وجبال وأشجار وزروع ومواش وبها معادن الزاج

المنسوب إليها ومنها يتجهز به إلى سائر الأقطار المتنائية والمتقاربة وبها من المدن ثلاث منها النميسون وهي بجنوب الجزيرة وهي مدينة حسنة بها الأسواق والعمارات الكثيرة ومنها مدينة لفقسية وهي متوسطة الوضع في الجزيرة ومنها مدينة كرينية وكلتاهما مدينتان حسنتان ذواتا أسواق وقصب وبهما معايش وصنائع وأرزاق واسعة والعسل بهما كثير موجود. ومن جزيرة قبرس إلى مدينة اطرابلس الشام مجريان وكذلك من قبرس إلى جبلة مجرى ونصف وجزيرة قبرس على قدم الأيام رخاؤها شامل وخيرها كامل ومن شمال الجزيرة إلى أقرب بر منها حصن قرقوس ومنه تظهر جبال قبرس وهي أقرب برا إليها وبينهما نحو من سبعين ميلا وبالشرق من هذه الجزيرة صدر البحر الشامي وحيث انتهاؤه في أرض الشام وعليه هناك بلاد تقدم ذكرها. فمنها انطرسوس وهي على ضفة البحر صغيرة القدر بها أسواق عامرة وتجارات دائرة ومنها إلى حصن المرقب وهو على جبل منحاز من كل ناحية وبين حصن المرقب وانطرسوس ثمانية أميال ومن حصن المرقب إلى مدينة بلنياس ثمانية أميال وبين بلنياس والبحر أربعة أميال وبلنياس مدينة صغيرة متحضرة بها من الفواكه والحبوب كل حسن كثير موجود ومن بلنياس إلى مدينة جبلة على البحر عشرة أميال وهي مدينة صغيرة حسنة عامرة كثيرة الخير وهي على واد جار.

ومنها إلى اللاذقية عشرة أميال واللاذقية مدينة عامرة آهلة كثيرة الخصب والخيرات وهي على نحر البحر ولها ميناء حسنة ترسى بها المراكب والقوارب القاصدة إليها ومن اللاذقية إلى حصن الهربادة ثمانية عشر ميلا والهربادة حصن عامر كبير كثير الأهل كثير الخصب فيه صنائع وعمارات ومن حصن الهربادة إلى حصن السويدية خمسة عشر ميلا والسويدية على البحر وهي فرضة أنطاكية وبين أنطاكية والبحر اثنا عشر ميلا وبالسويدية يقع نهر أنطاكية المسمى بالعاصي. وأما أنطاكية فبلدة حسنة الموضع كريمة البقعة ليس بعد دمشق أنزه منها داخلا وخارجا كثيرة المياه منخرقة في أسواقها وطرقها وقصورها وسككها ولها سور دائر بها وبساتينها اثنا عشر ميلا وعليها سور عجيب حصين منيع من حجر يحيط بها وبجبل مشرف عليها وفي داخل السور أرحاء وبساتين وجنات البقول وسائر المرافق وبها أسواق عامرة ومبان زاهرة وصناعات نافقة ومعاملات مرفقة وخير كثير وبركات ظاهرة ويعمل بها من الثياب المصمتة الجياد والعتابي والتستري والأصبهاني وما شاكلها. وهي على نهرها المقلوب المسمى بالأرنط ومخرجه من أرض دمشق مما يلي الطريق طريق البريد فيمر بحمص ثم يتصل بمدينتي حماة وشيزر ويأتي أنطاكية من جنوبها ثم ينعطف مع الجنوب فيمر وهو يجري مع الجنوب فيصب بجنوب السويدية في البحر الرومي.

ومن السويدية إلى جبل رأس الخنزير عشرون ميلا وعلى هذا الجبل دير كبير وهو أول بلاد الأرمن وآخر بلاد الشام ومن هذا الحصن إلى حصن روسوس على نهر وهي تحت رأس الخنزير سواء عشرة أميال ومن حصن روسوس إلى حصن التينات خمسة عشر ميلا وهو حصن منيع على شرف البحر فيه مقطع خشب الصنوبر الذي يحمل إلى سائر الأقطار الشامية ومنه إلى حصن المثقب ثمانية أميال وهو حصن حسن البقعة ومنه إلى جزيرة البصى وهي جزيرة تختلط بالبر عشرة أميال ومنها إلى حصن الملون خمسة عشر ميلا ومنها إلى قرقوس خمسة وعشرون ميلا وقرقوس حصن منيع على البحر ومنه إلى قرقوس ثلاثة عشر ميلا ومن هذا الحصن تظهر مقطعات جزيرة قبرس. ونرجع فنقول إن من مدينة أنطاكية إلى آذنة شمالا ثلاث مراحل ومن أنطاكية أيضا إلى إسكندرونة خمسة وأربعون ميلا وهو حصن على ساحل البحر وبه نخيل وزروع كثيرة وغلات وخصب ومن إسكندرونة إلى بياس مرحلة خفيفة ومن بياس إلى المصيصة مرحلة فذلك من إسكندرونة إلى المصيصة أربعون ميلا واسم المصيصة بالرومية مامسترا والمصيصة مدينتان على ضفتي نهر جيحان وبينهما قنطرة من حجارة واسم المدينة الواحدة المصيصة والاخرى كفربيا ولهما بساتين وزروع متصلة ونهرها جيحان يخرج من بلاد الروم حتى يصل المصيصة ثم رستاق حصن الملون فيقع في بحر الروم وبين المصيصة والبحر اثنا عشر ميلا وبين المصيصة ومدينة عين زربة مرحلة وعين زربة

بلد يشبه بلد الغور له ثمار كثيرة حسنة الجملة وافرة الخيرات. وآذنة مدينة جليلة عامرة ذات أسواق وصناعات وصادر ووارد وهي على نهر سيحان وبغربيه ونهر سيحان في قدره دون نهر جيحان وعليه قنطرة عجيبة البنيان طويلة جدا ومخرج هذا النهر من بلاد الروم ومن آذنة إلى المصيصة مرحلة ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن عين زربة إلى أنطاكية مرحلتان ومن آذنة في جهة الشمال إلى طرسوس مرحلة وطرسوس مدينة كبيرة لها سوران من حجارة وهي كثيرة المتاجر والعمارة والخصب الزائد وبينها وبين حد الروم جبال متشعبة من اللكام كالحاجز بين العملين وبين طرسوس والبحر اثنا عشر ميلا وهناك حصن اولاش وهو فرضتها. ومن اولاش إلى سلوقية يومان ومن سلوقية إلى أنطالية المحرقة أربعة أميال وهي مدينة قليلة العامر وكانت قبل مدينة عامرة آهلة كبيرة فخربت وعمرت أنطالية الجديدة وبين المدينتين يومان وهي على جبل عال ومنها إلى مرسى ميناء المعطى وهو على ميناء حسنة ثمانية عشر ميلا ومنه إلى جزيرتي الشذونيات يوم في البحر وهي ثلاثة وخمسون ميلا وهما جزيرتان بينهما وبين البر عشرة أميال ومن جزائر الشذونيات إلى جون الفيلقة وطوله عشرون ميلا وفي آخره يصب نهر عظيم وعليه حصن ضرسوا ومن آخر جون الفيلقة إلى الميرة ثلاثون

ميلا ومن هناك تدخل المراكب بين جبلين يسميان القيقب وطولهما عشرون ميلا ومنها إلى مدينة الباطرة عشرون ميلا وهي مدينة على البر ومنها إلى جون المقري وهو يقابل جزيرة رودس على التقوير مائتا ميل وقطعة روسية سبعون ميلا ومن آخر جون المقري إلى مدينة استروبلي خمسون ميلا على البحر وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى رقة شنسيون مائة وعشرون ميلا وهي على ذروة جبل عال مطل على البحر ومنها إلى شام خمسون ميلا ومن شام إلى دير شورنت خمسون ميلا وهو دير كبير وفيه عمار قسيسون ورهبان ومنه إلى مرسى بست اثنا عشر ميلا ومنه إلى ماطلى مائة وعشرون ميلا وماطلى حصن حصين في أعلى رأس جبل ترابي وبينه وبين البحر خمسة أميال والجون يعرف به ومن هذا الحصن إلى فم ابذه مائة ميل وهو المضيق ومنه إلى القسطنطينة مجريان. ونرجع فنقول إن مدينة أنطاكية مدينة جليلة كما قدمنا ذكرها والطريق من أنطاكية إلى الرقة على حلب من أنطاكية إلى قنسرين أربعون ميلا وقنسرين مدينة تنسب أعمالها إليها وقنسرين المدينة نفسها وكان عليها سور حصين فهدم في أيام قتل الحسين بن علي عن أمر يزيد بن معاوية وبقي الآن بها آثار من سورها ولها حصن منيع وبها أسواق وفعلة وهي على نهر قويق وقويق هو نهر حلب يصل في جريته إلى قنسرين ثم يغوص في الأجمة ومن قنسرين إلى حلب عشرون ميلا وحلب هي دار الإمارة بقنسرين وهو بلد كثير الخلق على رصيف الطريق إلى العراق وبلاد فارس وخراسانات وعليها

سور حجارة بيض ونهر قويق يجري على بابها وهو نهر صغير ليس بالكثير الماء ويدخل منه إلى البلد في قناة تجري في الشوارع والأسواق والديار ومنه يشرب أهل المدينة وبه يتصرفون ونهر قويق يخرج من قرية تدعى سيناب على ستة أميال من دابق ثم يصير إلى حلب ثمانية عشر ميلا ثم يمر إلى مدينة قنسرين عشرين ميلا ثم يمر إلى مرج الأحمر اثني عشر ميلا ثم يغيض في الأجمة فمن مخرجه إلى مغيضه اثنان وأربعون ميلا ولمدينة حلب في قصبتها عين ماء حسنة. ومن حلب إلى الرقة طريقان أحدهما من حلب إلى الناعورة ثم إلى خساف ثم إلى بالس ثم إلى دوسر ومن الدوسر إلى الرقة والرقة واسطة ديار مضر ومقصد الوارد والصادر ومعقل التجارات وهي مدينة حسنة في شرقي الفرات وبها أسواق ومتاجر وصنائع وأهلها مياسير وهي قاعدة ديار مضر كما قدمناه وتسمى بالرومية بالانيقوس ومن مدنها باجروان وحران والرها وسروج وسميساط ورأس عين وكفرتوثا وتل موزن والزاوى ونصيبين وأذرمة والرصافة. والطريق من الرقة إلى حمص من الرقة إلى الرصافة أربعة وعشرون ميلا والرصافة قصور بناها خلفاء بني أمية وحولها مساكن وقرى عامرة وبها أسواق فيها بيع وشراء وأخذ وإعطاء ومن الرصافة إلى المراغة أربعة وعشرون ميلا والمراغة في طرف البادية وهو حصن عامر والعرب تسرح في أرضه ومن المراغة إلى القسطل ستة وثلاثون ميلا ثم إلى سلمية ثلاثون ميلا وسلمية

على طرف البادية وهو حصن كالمدينة صغير عامر آهل ومن سلمية إلى حمص مرحلة وهي أربعة وعشرون ميلا وقد ذكرنا حمص فيما سبق. ونقول أيضا إن في هذا الجزء المرسوم معظم الفرات وهو النهر المشهور المحسوب في الأنهار الستة الكبار التي هي النيل والدجلة والفرات ومهران السند وجنجس الهند وبغنون الصين وجيحون خراسان ومخرج نهر الفرات من داخل بلاد الروم ومن حومة قزالة من جبال متصلة بقالى قلا ثم يمر في بلاد الروم ويمتد إلى كمخ ثم يسير منها إلى ملطية حتى يكون منها على ميلين ثم يمتد إلى سميساط فيحمل من هناك السفن والأطواف إلى بغداد ثم يمتد من سميساط مارا في جهة الجنوب مائلا مع الشرق إلى ساحل جريان ثم إلى جسر سنجة ثم إلى الرافقة ويجتاز بالرقة وهي منه في الضفة الشرقية ويتصل بالمحمدية من غربها إلى الخانوقة إلى قرقيسيا وهناك مصب نهر الخابور إلى رحبة مالك إلى الدالية إلى عانة إلى هيت إلى الأنبار ومن هناك ينزل إلى نهر عيسى إلى بغداد وبغداد على ضفتي دجلة وباقي نهر الفرات يمتد من الرحبة مع ظهر البادية فيصل منه خليج إلى صرصر وخليج آخر إلى القصر وخليج ثالث إلى سورا وخليج رابع إلى الكوفة وتغوص هذه الخلجان وتتفرق في البطائح. فأما مدينة ملطية فهي مدينة محصنة وكانت فيما سلف كبيرة غير أن

الروم تغلبوا عليها مرات فغيروا محاسنها وسلبوا نعمها ومنها إلى سميساط أحد وخمسون ميلا. ومدينة سميساط على الفرات ولها قلعة حصينة وهي في شرقي اللكام مطلة على الفرات ويحتف بها جبال كثيرة فيها الجوز والكروم وسائر الثمار الشتوية والصيفية مباحة لا مالك لها. وبين سميساط وملطية مدينة صغيرة تسمى حصن منصور وهي حسنة مشهورة ولها رساتيق وقرى وبها خصب كثير وإصابة غلة وبينها وبين سميساط مرحلة وهي من الأميال أحد وعشرون ميلا ومن حصن منصور إلى ملطية ثلاثون ميلا ثم إلى زبطرة خمسة عشر ميلا. ومن منبج إلى ملطية خمسة أيام ومن منبج إلى سميساط يومان وقيل ثلاثة ومدينة منبج كبيرة وبينها وبين الفرات مرحلة كبيرة وعليها سوران وهي من بناء الروم الأول وفيها أسواق عامرة وتجارات دائرة وأموال متصرفة وغلات قائمة وأرزاق واسعة وبقربها مدينة سنجة وهي مدينة صغيرة متحضرة بقربها قنطرة مبنية بالحجر المنجور وثيقة العقد حسنة الصنعة تعرف بقنطرة سنجة وهي من أعجب شيء أبصر من عظام القناطر وذلك أنها أخذت عرض الفرات كله وتسمى هذه القنطرة جسر منبج. ومن منبج إلى مرعش ثلاثة أيام تسير من منبج إلى الحدث يومين ومن الحدث إلى مرعش يوم وكذلك من منبج إلى حلب ثلاث مراحل تسير من منبج إلى قورس مرحلتين ومن قورس إلى حلب يوما وقورس حصن على

جبل متصل بجبل اللكام ومن منبج أيضا إلى ملطية خمس مراحل ومن منبج إلى سميساط ثلاثة أيام وقيل يومان ومن سميساط إلى حصن منصور مرحلة كبيرة ومن حصن منصور إلى الحدث يوم كبير ومن حلب أيضا إلى حمص خمسة أيام وكذلك من حلب إلى المعرة أيضا التي هي من حيز قنسرين يوم كبير وتسمى معرة النعمان وهي في ذاتها كبيرة عامرة كثيرة المباني والأسواق وليس بأرضها ولا في شيء من نواحيها ماء جار ولا عين والغالب على أرضها الرمال وشرب أهلها من ماء السماء وهي كثيرة الخير والشجر من الزيتون والكروم والتين والفستق والجوز ونحو ذلك وأما الحدث ومرعش فمدينتان متقاربتان في الكبر ولهما أسوار حصينة وبهما أسواق ويقصد إليهما بالتجارات والمنافع. ومن أنطاكية السابق ذكرها إلى الإسكندرونة أربعون ميلا وكذلك من أنطاكية إلى حصن بغراس اثنا عشر ميلا في شمالها وبه منبر وبشر كثير وهو على طريق الثغور وكذلك حصن اولاش حصن منيع على ساحل البحر وبين حصن بغراس والإسكندرونة تسعة أميال وهذه الحصون في الساحل تتلو السويدية ثم إلى الإسكندرونة ثم إلى بياس ثم إلى التينات ثم إلى المثقب ثم إلى نهر المصيصة ثم إلى نهر آذنة ثم إلى طرسوس وهذه كلها على توال في الساحل من الإسكندرونة إلى بياس مرحلة خفيفة ومن بياس في البر إلى الهارونية خمسة عشر ميلا ومن الهارونية إلى مرعش من ثغور الجزيرة مرحلة

كبيرة ومن بياس إلى المصيصة مرحلة كبيرة ومن المصيصة إلى عين زربة مرحلة ومن المصيصة إلى آذنة مرحلة ومن آذنة إلى طرسوس مرحلة ومن طرسوس إلى الجوزات مرحلتان وأما الهارونية فحصن صغير على شعب من شعوب اللكام بناه هارون الرشيد وسنذكر مدينة بغداد في الجزء السادس وبقية أرض الجزيرة بعون الله تعالى. نجز الجزء الخامس من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله تعالى.

الجزء السادس

الجزء السّادس إن الذي تحصل في هذا الجزء السادس من الارضين أكثر أرض الجزيرة وبعض أرض أرمينية وبعض أرض آذربيجان وبلاد البهلويين وهي بلاد الجبل والجزيرة ما بين دجلة والفرات ومدن الجزيرة هي الرقة والرافقة والخانوقة وباجروان وعربان وسكير العباس وطابان وتنينير والمحمدية وقرقيسيا والرحبة والدالية وعانة وهيت والرب والانبار وصرصر والقطر وسورا والكوفة وماكسين وسنجار والحضر والموصل وبلد وجزيرة ابن عمر وبرقعيد وأذرمة ونصيبين ورأس العين وماردين والرها وحران وسروج وجريان وجرنيص وطنزى وحيني وآمد ونينوا وفيسابور وقردى وبازبدا ومعلثايا وسوق الأحد والحديثة والسن وبارما وكل هذه (من) بلاد الجزيرة.

وفيه من بلاد العراق الثرثار والدور وسر من رأى والعلث والجويث وعكبرا وبغداد وحبتون والروحاء والنهروان وجرجرايا ودجيل وكل هذه من بلاد العراق وبلاد الجبل الدسكرة وخانقين وقصر شيرين والسيروان والصيمرة وقرماسين والدينور والزوزان والكرج ودنباوند وأما بلاد البهلويين فمنها الري وإصبهان وهمذان ونهاوند ومهر جانقذق وماسبذان وقزوين ومدنية المبارك وبها من بلاد الديلم قزوين وأبهر وزنجان والببر والطيلسان والديلم وآمل وسارية وما مطير وطميسة وفيه من البلاد الأرمينية مرند وبرذعة وجنزة وسلماس وخوي وكل هذه بلاد عامرة وأقطار ممدنة ويجب علينا أن نتكلم عليها كما سبق لنا فيما سلف من الكتاب بعون الله تعالى ونصفها بلدا بلدا وقطرا قطرا. فنقول إن الجزيرة هي ما بين دجلة والفرات وتشتمل على ديار ربيعة ومضر ومخرج الفرات من داخل بلاد الروم على ما قدمنا وصفه وعليه من البلاد أيضا ما قد سبق لنا القول فيه وندكر الآن ما بقي منها فمن ذلك الطريق من بغداد إلى الرقة وهو طريق المغرب من بغداد إلى السيلحين اثنا

عشر ميلا ثم إلى الأنبار أربعة وعشرون ميلا والأنبار مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وبها فعلة ولها فواكه كثيرة وهي على رأس نهر عيسى وذلك أنه قد كان فيما سلف من الزمان قبل الاسلام لا تصل مياه الفرات إلى دجلة بوجه وإنما كان مفيضها في البطائح دون أن يتصل شيء منها بدجلة فلما جاء الإسلام احتفر نهر عيسى حتى وصل به إلى بغداد وهو الآن نهر كبير تجري فيه السفن إلى بغداد. ومن الأنبار إلى الرب أحد وعشرون ميلا وهي مدينة عامرة ذات قرى وبساتين وعمارة ممتدة ومن الرب إلى هيت ستة وثلاثون ميلا وهيت مدينة من غربي الفرات عليها حصن وهي من أعمر المدن وتحاذي تكريت من حد المشرق وتكريت في شمال العراق وهي في غربي دجلة ومن هيت إلى الناووسة أحد وعشرون ميلا والناووسة مدينة صغيرة متحضرة لها بساتين وفواكه كثيرة وخيرات وهي في جزيرة يحيط بها الفرات ومنها إلى ألوسة أحد وعشرون ميلا وألوسة متنحية عن الفرات وعلى بعد منه. ومن ألوسة إلى عانات أحد وعشرون ميلا وعانات مدينة صغيرة في وسط الفرات يطيف بها خليج من الفرات وفيها سوق وأعمال ومن عانات إلى الدالية أحد وعشرون ميلا والدالية مدينة صغيرة على شاطى الفرات الغربي ومن الدالية إلى رحبة مالك بن طوق على الفرات أيضا من شرقيه ثلاثون ميلا ورحبة مالك مدينة خصيبة عامرة عليها سور تراب ولها أسواق

وعمارات وكثير من الثمرات ومنها مع الفرات إلى الخابور مرحلتان والخابور مدينة لطيفة على شاطئ الفرات ولها بساتين وحدائق وكثير فواكه ومنها إلى قرقيسيا مرحلتان وقرقيسيا مدينة بالجانب الشرقي من الفرات ويصب أسفلها نهر الهرماس المسمى بالخابور ولها ثمار كثيرة. ومن قرقيسيا إلى الخانوقة وتروى الخالوقة يومان والخانوقة مدينة صغيرة عامرة آهلة لها سوق معمورة وتجارات على قدر ومن الخانوقة إلى الرقة مرحلتان وقد ذكرنا الرقة ووصفناها ووصفنا حالها في ذاتها مجملة والطريق من بغداد إلى الرقة خمس عشرة مرحلة. وطريق آخر من بغداد إلى الرقة ويؤخذ في عشر مراحل أو نحوها وذلك أنك إذا خرجت من بغداد وجئت الناووسة فارقت الفرات وسرت في شرقيه متيامنا في البرية من الناووسة إلى ألوسة أحد وعشرون ميلا ومن ألوسة إلى العجينة ثمانية عشر ميلا ثم إلى التهنية ستة وثلاثون ميلا في البرية ثم إلى الدراقي ثمانية عشر ميلا ثم إلى الفرضة ثمانية عشر ميلا ثم إلى وادي السباع خمسة عشر ميلا ثم إلى خليج بني جفح خمسة عشر ميلا ثم إلى جبال قرقيسيا أحد وعشرون ميلا ثم إلى نهر سعيد أربعة وعشرون ميلا ثم إلى الجرذان اثنان وأربعون ميلا ثم إلى المبرك ثلاثة وثلاثون ميلا ثم إلى الرقة أربعة وعشرون ميلا فجملة هذا الطريق ثلاثمائة ميل واثنان وسبعون ميلا. ومن بغداد أيضا إلى الرقة طريق آخر على الموصل وهو (أن) تسير من

بغداد إلى الثرثار الجائي من مدينة الحضر التي من أعمال تكريت ومن الثرثار إلى عكبرا خمسة عشر ميلا وعكبرا مدينة صغيرة على شرقي دجلة ومن عكبرا إلى باحمشا تسعة أميال ثم إلى القادسية أحد وعشرون ميلا وبالقادسية يصنع الزجاج العراقي دائما ورسمه للمملكة ومنها إلى سر من رأى تسعة أميال وسر من رأى بناها المعتصم من بني العباس فخربت وبقي الآن منها قصور وضياع وأموال وفيها بعض أسواق لبيع الفاكهة وتجديد الأزودة. ومن سر من رأى إلى الكرخ ستة أميال والكرخ مدينة صغيرة عامرة بشرقي دجلة ثم إلى جبلتا ثمانية عشر ميلا وهي قرية كبيرة ومنها إلى السن خمسة عشر ميلا والسن مدينة ذات سور حصين وبها سوق وبها يصب نهر الزاب الأصغر وبين السن وتكريت أربعون ميلا وكذلك من السن إلى مدينة البوازج اثنا عشر ميلا وهي مدينة على الزاب الأصغر من غربيه وعلى مصب نهر الزاب الأصغر وعلى غلوة منه هي مدينة السن وهي منسوبة إلى عمل الجزيرة وديار مضر. ومن مدينة السن إلى الحديثة ستة وثلاثون ميلا والحديثة مدينة عامرة ولها غلات واسعة وخير وخصب وهي بشرقي دجلة وبها مصب نهر الزاب الأكبر وعلى عشرة أميال جبل بارما وعلى الزاب مما يلي الجبل حبتون وهي مدينة حسنة لطيفة متحصنة وعلى الزاب من نواحي أرمينية مدينة الروحاء

والزابان نهران عظيمان إذا اجتمعا كانا كنصف دجلة وأكبر. ومن مدينة الحديثة إلى بني ظبيان أحد وعشرون ميلا ثم إلى مدينة تكريت أحد وعشرون ميلا وتكريت من مدن الموصل وهي في غربي دجلة وبإزائها في البرية مدينة الحضر وهي مدينة حسنة لطيفة على نهر الثرثار وأهل تكريت الغالب عليهم أنهم نصارى وأبنيتهم بالجص والآجر ومن تكريت يشق نهر دجيل الآخذ من دجلة فيشق ربضها ويمر إلى سواد سر من رأى فيغمره إلى قريب (من) بغداد ومن تكريت يسير السائر إلى مدينة الرقة في البرية على ديار ربيعة تسع مراحل. ومن شاء سار مع دجلة إلى مدينة الموصل مرحلتين خفيفتين والموصل مدينة كبيرة علي غربي دجلة صحيحة التربة معتدلة الهواء وشرب أهلها من ماء دجلة وفيها نهر يقطعها في وسطها وبين مائه ووجه الأرض نحو من ستين ذراعا وبساتينها قليلة وضياعها ومزارعها ممتدة وأبنيتها بالجص والحجارة ولها رساتيق عظيمة وكور كثيرة منها رستاق نينوا وهي مدينة قديمة أزلية بها آثار بينة وهي البلدة التي بعث إليها يونس بن متا كما ذكر في الكتب وهي من شرقي دجلة تجاه الموصل. ويحاذي هذا الرستاق رستاق المرج وهو أيضا كبير فيه مدينة تعرف بسوق الأحد فيها سوق مشهودة تحضرها الأكراد لمواعيد معروفة وهي مدينة حصينة تحاذي الجبل وعلى القرب منها مدينة كفر عزى يسكنها نصارى

ومسلمون ويعرف النصارى الذين بها بالشهارجة وبين كفر عزى وسوق الأحد رستاق الزاب الكبير ورستاق حزة أيضا وهما إقليمان لهما إصابة الحنطة الكثيرة وأما باقراد وبازبدا فهما أيضا رستقان عظيمان متجاوران بشرقي دجلة وفيها صنائع خطيرة ولهما دخل واسع وكذلك أيضا رستاق الخابور فيه مدن كثيرة وأعمال واسعة وهو يجاور رستاق سنجار ويوافي الجبال وأما رستاق معلثايا وفيسابور فهما رستقان خطيران. وفوق الموصل على شاطئ دجلة مدينة بلد وبينهما أحد وعشرون ميلا وبلد هذه من غربي دجلة كالموصل وهي كثيرة الزرع والأموال وليس لها ماء جار غير دجلة فمنه شرب أهلها ومنه يتصرفون ومنها إلى مدينة سنجار سبعة وعشرون ميلا وسنجار من مدينة بلد في البرية غربا وهي في سند جبل بها مياه وضياع وعليها سور من حجر حصين وبها ثمار كثيرة ويقرب منها الحوالي وهو واد من أودية ديار ربيعة يسكنه قوم من العرب لهم أموال ومواش وضياع وكروم وبالقرب من الحوالي مدينة برقعيد وبينهما نحو من ثمانية عشر ميلا وبين بلد وبرقعيد ستة وثلاثون ميلا ومن برقعيد إلى نصيبين سبعة وأربعون ميلا. فمن أراد الطريق من الموصل إلى نصيبين خرج من الموصل إلى بلد أحدا وعشرين ميلا ومنها إلى باعيناثا ثمانية عشر ميلا ثم إلى برقعيد ثمانية

عشر ميلا ثم إلى أذرمة ثمانية عشر ميلا ثم إلى تل فراشة خمسة عشر ميلا ثم إلى نصيبين اثنا عشر ميلا ومدينة برقعيد مدينة حسنة كبيرة كثيرة الخير والخصب ويسكنها قوم من تغلب وكذلك مدينة أذرمة صالحة القدر كثيرة العمارة والخصب جليلة الغلات والمزارع ومدينة كفرتوثا لها زروع وخصب كثير وحالات حسنة ورأس العين مدينة كبيرة وفيها مياه كثيرة نحو من ثلاثمائة عين عليها شباك حديد يحفظ ما يسقط فيها ومن هذه المياه ينشأ معظم نهر الخابور الذي يصب بقرقيسيا في الفرات وعليه لأهل رأس عين مدن كثيرة منها عربان وهي مدينة حسنة ومنها إلى قرقيسيا أربع مراحل وبين عربان والخانوقة مدن حسنة تقرب من ضفة الخابور فمنها مما يلي عربان طابان والجحشية وتنينير والعبيدية وهذه البلاد كلها قد غلبت عليها البادية وهي مدن عليها أسوار لا تصونهم وقد لجؤوا معها إلى الحفائر. ونرجع إلى نصيبين فنقول إن نصيبين مدينة ديار ربيعة وهي مدينة كبيرة في مستو من الأرض ذات سور حصين وأسواق عامرة ومقاصد تجارات وبها فعلة وصناع وطرز لصنع جيد الثياب ولها مياه كثيرة وجل مياهها خارجة من شعب جبل يقرب من شمالها يسمى بالوسا وهو أنزه مكان يعرف بها وتنتشر تلك المياه إلى بساتينها ومزارعها وتدخل إلى كثير من قصورها

ودورها ولها فيما بعد عنها واستدار بها أقاليم وضياع حسنة عظيمة السائمة والكراع دارة الغلات والنتاج وبأرض نصيبين عقارب قتالة. وبالقرب منها جبل ماردين من قرار الأرض إلى ذروته نحو ستة أميال وعليه قلعة بناها حمدان بن الحسن وتسمى هذه القلعة بالبازي الأشهب لا يستطاع فتحها بوجه البتة لحصانتها ومنعة موضعها وفي هذا الجبل المسمى ماردين جوهر الزجاج الجيد ومنه يحمل إلى سائر بلدان الجزيرة وبجبل ماردين حيات قتالة وهي به كثيرة جدا. وكور ديار ربيعة منها نصيبين وأرزن وآمد ورأس عين وميافارقين وماردين وباعربايا وبلد وسنجار وقردى وبازبدا وطور عبدين. فالطريق من نصيبين إلى الرقة من نصيبين إلى دارا خمسة عشر ميلا ودارا مدينة صغيرة حسنة لها غلات ومزارع متصلة ومنها إلى كفرتوثا أحد وعشرون ميلا ثم إلى الخابور خمسة عشر ميلا ثم إلى حصن مسلمة ثمانية عشر ميلا ثم إلى باجروان أحد وعشرون ميلا وباجروان مدينة صغيرة عامرة بها سوق وبيع وشراء ثم إلى الرقة تسعة أميال وحصن مسلمة حصن منيع بناه مسلمة ابن عبد الملك بن مروان وهو على تل بني سيار وشرب أهله من ماء المطر وتل بني سيار مدينة صغيرة عليها سور من حجر وهي على مرحلة من رأس عين.

والطريق من نصيبين إلى آمد من نصيبين إلى دارا خمسة عشر ميلا إلى قصر ابن بارع تسعة وثلاثون ميلا إلى تل نزعة ثمانية عشر ميلا إلى آمد أحد وعشرون ميلا وآمد مدينة حسنة خصيبة على جبل من غربي دجلة مطل عليها نحو مائة قامة وعليها سور من حجارة الأرحاء أسود اللون وهي كثيرة الشجر ولها بداخل سورها مياه جارية ومطاحن على عيون مطردة وأشجار وبساتين. ثم يجاز نهر دجلة إلى ميافارقين مرحلتين وميافارقين من أرض أرمينية وقوم يعدونها من أعمال الجزيرة وهي من شرقي دجلة على مرحلتين منها وهي مدينة كبيرة حسنة خصيبة في حضيض جبل ويعمل بها من التكك كل حسنة تضاهي التكك التي تصنع بسلماس وربما كانت تفوقها في الجودة وتصنع بها المناديل العراض والسبنيات. والطريق من آمد إلى الرقة ذات اليمين من آمد إلى شمشاط سبعة وسبعون ميلا ومن شمشاط إلى تل موزن خمسة عشر ميلا ثم إلى جريان ثمانية عشر ميلا وجريان مدينة صغيرة حسنة ثم إلى بامعدا خمسة عشر ميلا ثم إلى حصن جلاب أحد وعشرون ميلا ثم إلى الرها اثنا عشر ميلا والرها مدينة في بقعة تتصل بحران والرها وسطة من المدن والغالب على أهلها النصارى وبها أكثر من مائتي بيعة ودير ومواضع بها رهبانهم وبها بيعة ليس للنصارى أعظم منها وبها مياه وزروع وكان بها منديل للسيد المسيح فأخذه ملك الروم منهم

وهادنهم مهادنة مؤبدة ومن الرها إلى حران اثنا عشر ميلا وحران مدينة الصابئين ولهم بها تل عليه مصلاهم وهم يعظمونه وينسبونه إلى إبراهيم عليه السلام وهي من غرر البلاد لكنها قليلة الماء والشجر ولها رساتيق وعمارات وموضعها في مستو من الأرض يحيط بها جبل شامخ مسافته يومان ومن حران إلى باجدا اثنا عشر ميلا ثم إلى باجروان أحد وعشرون ميلا ثم إلى الرقة تسعة أميال. والطريق من الموصل إلى آمد من الموصل إلى مدينة بلد أحد وعشرون ميلا إن شئت في البر وإن شئت في دجلة ومن بلد إلى جزيرة ابن عمر تسعة وستون ميلا وجزيرة ابن عمر مدينة صغيرة ذات أشجار وأنهار وسوق وهي فرضة أرمينية وبلاد الأرمن ونواحي ميافارقين وأرزن وتصل المراكب مشحونة منها بالتجارات إلى الموصل وهي متصلة بجبل ثمانين وباسورين وفيسابور وجميعها في الجبل الذي منه جبل الجودي المتصل بآمد من جهة الثغور وجبل ثمانين هو الجودي الذي استقرت عليه سفينة نوح عليه السلام ومن الجزيرة إلى مسقط نهر سربط وهما نهران يأتيان من جبال بارما فيجتمعان بمقربة من دجلة فيصبان معا في دجلة وعلى ضفتيهما مدينة التل ومن مسقط الواديين إلى مسقط نهر بارما وهو نهر كبير يخرج من بلاد أرمينية ويصب في دجلة من شرقيها ومن هذا النهر إلى طنزى وهي مدينة

صغيرة في الضفة الغربية من دجلة ومنها إلى آمد فذلك من آمد إلى جزيرة ابن عمر ثلاث مراحل. والطريق من مدينة بلد إلى الرقة من بلد إلى تل أعفر خمسة عشر ميلا غربا ثم إلى سنجار أحد وعشرون ميلا ثم إلى عين الحيال خمسة عشر ميلا ثم إلى سكير العباس على الخابور أحد وعشرون ميلا ثم إلى النهرين على الخابور خمسة عشر ميلا ثم إلى ماكسين على الخابور ثمانية عشر ميلا ثم إلى قرقيسيا وهي على الفرات والخابور أحد وعشرون ميلا وبين قرقيسيا والرقة أربع مراحل والرقة والرافقة مدينتان كالمتلاصقتين وكل واحدة متباينة عن الأخرى بأذرع كثيرة وفي كل واحدة منهما مسجد جامع ولهما عمارات وقرى ومياه كثيرة. وكذلك من آمد إلى سميساط ثلاث مراحل ومن سميساط إلى نصيبين تسعون ميلا ومن نصيبين إلي رأس العين ثلاث مراحل ومن رأس العين إلى الرقة أربع مراحل ومن رأس العين إلى حران ثلاث مراحل ومن حران إلى الرقة ثلاثة أيام ومن حران إلى جسر منبج يومان ومن الرها إلى سميساط ثلاث مراحل وسروج مدينة ديار مضر كثيرة الفواكه وهي عن شمال طريق حران من جسر منبج وهي من حران على يوم فهذه جملة ما تضمنته الجزيرة من البلاد المذكورة والقواعد المشهورة وبالله التأييد.

وأما العراق فإنه في الطول من حد تكريت إلى حد عبادان على فم بحر فارس وعرضه من القادسية على الكوفة وبغداد إلى حلوان وعرضه أيضا من نواحي واسط الى قرب الطيب وقرقوب ونواحي البصرة إلى جبى. ومسافاته تكون من حد تكريت إلى البحر مما يلي المشرق مقوسا نحو شهر ومن البحر راجعا في حد المغرب مقوسا إلى تكريت مثل ذلك ومن بغداد إلى سر من رأى ثلاث مراحل ومن سر من رأى إلى تكريت مرحلتان ومن بغداد إلى الكوفة خمس مراحل ومن الكوفة إلى القادسية ثلاث مراحل ومن بغداد إلى حلوان ست مراحل وكذلك من بغداد إلى السيروان والصيمرة ست مراحل ومن الكوفة إلى واسط على طريق البطائح ست مراحل ومن البصرة إلى البحر مرحلتان وعرض العراق على سمت بغداد من حلوان إلى القادسية إحدى عشرة مرحلة وعرض العراق من سر من رأى إلى حدود شهرزور من أرض آذربيجان خمس مراحل والعامر منه أقل من مرحلة والعرض بواسط من الكوفة إلى نواحي خوزستان نحو أربع مراحل وبنواحي البصرة من البصرة إلى جبى مرحلة. ولنبدأ من مدنها بذكر بغداد فبغداد مدينة كبيرة ابتناها المنصور في الجانب الغربي من دجلة وجعل جوانبها قطائع اقتطعها لمواليه وأتباعه فلما وليها المهدي

جعل عسكره في الجانب الشرقي فسمي بعسكر المهدي وبنى الناس أقطاعهم فعمرت بهم واتصلت المباني من الكرخ أسفل بغداد إلى الجويث وقصر المهدي متوسط منها يقابل قصر المنصور من الضفة الأخرى الغربية وتتصل عمارة بغداد شرقا إلى كلواذا وكلواذا مدينة بها مسجد جامع وبين المدينتين من بغداد جسران مربوطان بالسفن يجتاز عليهما من أراد الجواز والتصرف من البلدة الغربية إلى البلدة الشرقية وبالضد. والجانب الشرقي بساتينه وأشجاره تسقى بماء النهروان وتامرا وهما نهران عظيمان وماؤهما يرتفع منه الكفاية سقيا وشربا وليس يرتفع به من ماء دجلة شيء إلا القليل الذي لا يكفي ولا يرضي والجانب الغربي يجري إليه نهر عيسى من الفرات كما قدمنا ذكره وعلى فوهته قنطرة دمما ويتشعب منه نهر صغير يسمى الصراة فيصب ماؤه في الجانب الغربي من بغداد فيسقي بساتينهم وضياعهم ويدخل المدينة فينتفع به ويشرب منه ونهر عيسى تجري فيه السفن من الفرات إلى بغداد وليس به سد ولا حاجز وأما نهر الصراة فلا تقدر السفن على ركوبه لكثرة أسداد الأرحاء المتخذة عليه وعلى نهر عيسى مدينة بادوريا ولها ديوان مفرد من أجل الدواوين وتنفجر فيها أنهار كثيرة تشق أسواقها ومحلاتها وعليها المباني والدور والبساتين والضياع. وبين بغداد والكوفة سواد متصل وأعمال غير متميزة تخترق إليها أنهار

من الفرات أولها مما يلي بغداد نهر صرصر وعليه مدينة صرصر تجري فيه السفن وبين مدينة صرصر وبغداد تسعة أميال وهي مدينة عامرة كثيرة التجار والأسواق وبها فواكه وخير وافر ولا سور لها ولها جسر من مراكب يعبر الناس عليه ومن هذا النهر إلى نهر آخر وبينهما ستة أميال وهو نهر كبير ماؤه غزير ويسمى نهر الملك وعليه مدينة حسنة عامرة آهلة كثيرة النخيل والأشجار ولها جسر من مراكب يعبر عليه ومن هذا النهر إلى قصر ابن هبيرة وهي مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وعمارات وهي أعمر البلاد التي في نواحي السواد وأوفرها أموالا وأكثرها نفعا وهي على غلوة من الفرات ومنها إلى بغداد ثلاث مراحل خفاف. ثم تمر من قصر ابن هبيرة إلى مدينة سورا وهي بناحية الفرات وهي في ذاتها مدينة حسنة متوسطة القدر ذات سور وأسواق وبها عمارة كافية ونخيل وأشجار وبساتين وفواكه جمة وزراعات واسعة ومنها ينصب الفرات إلى سائر سواد الكوفة ويقع الفاضل منه في البطائح وكذلك أيضا كربلاء موضعها من غربي الفرات فيما يحاذي قصر ابن هبيرة وبها قبر الحسين بن علي وله مشهد عظيم في أوقات من السنة وسائر المياه تنصب في البطائح فيتكون عنها بطيحات كثيرة ومناقع مياه عليها قرى وأعمال. ومن مدينة بغداد إلى النهروان في الجهة الشرقية اثنا عشر ميلا وهي مدينة صغيرة يشقها نهر النهروان في وسطها ويفضي فضله إلى سواد بغداد

إلى اسكاف بني جنيد وجرجراي وبين جرجراي والنهروان مرحلتان وللنهروان بساتين وجنات وقرى عامرة وغلات نافعة وخيرات وافرة فإذا جزت النهروان إلى الدسكرة إلى حدود حلوان على حد طريق خراسان جفت المياه وقلت الثمرات ومن النهروان إلى بعقوبا على النهر وبينهما أربعة وعشرون ميلا. والطريق من بغداد إلى حلوان من بغداد إلى النهروان اثنا عشر ميلا ومنها إلى دير بارما اثنا عشر ميلا ومن بارما إلى الدسكرة أربعة وعشرون ميلا والدسكرة مدينة صغيرة بها نخيل وزروع وهي عامرة وبخارجها حصن من طين داخله فارغ وهو مزرعة يقال إن الملك كان يقيم به في بعض فصول السنة فسمي بذلك دسكرة الملك ومن الدسكرة إلى جلولاء أحد وعشرون ميلا وجلولاء مدينة صغيرة ومنها إلى خانقين سبعة وعشرون ميلا وخانقين مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى قصر شيرين (ثمانية عشر ميلا) . ومن قصر شيرين يفترق طريقان طريق ذات اليسار إلى شهرزور وطريق آخر يأخذ مشرقا إلى حلوان فمن أراد شهرزور سار من قصر شيرين إلى ديزكران ستة أميال ومن ديزكران إلى شهرزور أربعة وخمسون ميلا ومدينتها «نيم راه» أي نصف الطريق إلى المدائن من بيت نار الشيز ومن أراد مدينة

حلوان سار من قصر شيرين إلى حلوان خمسة عشر ميلا فذلك من بغداد إلى حلوان ست مراحل وهي من الأميال مائة ميل وأربعة عشر ميلا ومدينة حلوان مدينة كبيرة في سفح الجبل المطل على العراق وقدرها نحو نصف قدر الدينور وبينها وبين الجبل ستة أميال ولها نخيل كثير وليس بالعراق بعد البصرة والكوفة وواسط أعمر منها ولا أكبر ولا أخصب وجل ثمارها شجر التين وليس بالعراق مدينة تقرب من الجبل غيرها وربما سقط الثلج بها وأما جبلها فالثلج يسقط به دائما. والطريق من مدينة بغداد إلي البصرة من بغداد إلى المدائن خمسة عشر ميلا والمدائن على غربي دجلة وهي مدينة صغيرة جاهلية كسروية بها آثار هائلة وبقايا من شامخ البناء عظيمة على أن أكثر صخر مبانيها انتقل وينتقل إلى بغداد وهي منها على مرحلة وكانت في القديم مسكن الأكاسرة وبها إيوان كسرى الكبير المضروب به المثل في شماخته ووثاقته وهو مبني من آجر وجص ولم يسبق للأكاسرة بنيان مثله ويعرف إقليمها بأرض بابل وقرية بابل هذه قرية صغيرة وكانت قبل مدينة كبيرة وهي أقدم أبنية العراق في زمن الكنعانيين وسكنوها وتداول ملوكهم عمارتها وبها بقايا بنيان وآثار قائمة تخبر أنها كانت فيما مر من الأزمان مصرا عظيما ويروى في بعض التواريخ أن الضحاك أول من بناها وسكنها التبابعة ودخلها إبراهيم عليه السلام.

وإلى جانبها شرقا مدينة كوثاربا وهي مدينة صغيرة يقال إنه بها طرح إبراهيم عليه السلام في النار وكوثاربا مدينتان إحداهما تعرف بكوثا الطريق والأخرى كوثاربا وبكوثاربا تلال من رماد عالية قد لزق بعضه ببعض ويقال إنه رماد نار النمرود بن كنعان التي طرح فيها إبراهيم عليه السلام وبقرب المدائن على الفرات مدينتا الجامعان وهما صغيرتان على الفرات ولهما رستاق عظيم عامر خصيب. ومن المدائن مع دجلة إلى جرجرايا أربعون ميلا ومدنية جرجرايا مدينة صغيرة ومنها إلى جبل خمسة وعشرون ميلا وجبل أيضا مدينة صغيرة المقدار وبها يصب نهر النهروان ومنها مع دجلة إلى واسط أربعون ميلا ومن واسط إلى نهر أبان إلى الفاروث إلى دير العمال إلى الحوانيت إلى القطر ثم في نهر أبي الأسد ثم في دجلة العوراء ثم في نهر معقل ثم في فيض البصرة إلى البصرة ومن واسط إلى حد الأهواز مائة ميل. وفي الجانب الغربي والشرقي من دجلة من المدن العامرة مدينة واسط ومدينة المذار والمفتح وبيان وسليمانان والابلة وموضعها تحت بيان وسليمانان وقد تقدم لنا ذكر هذه البلاد كلها حسب ما وجب. وبقي لنا الآن أن نذكر بلاد الجبال فنقول إن الجبال تشتمل على مدن مشهورة ومعاقل مذكورة وأعظمها همذان والدينور وإصبهان وقم وبها جمل

بلاد أصغر من هذه مثل قاشان ونهاوند واللور والكرج والبرج وأبهر وزنجان وقزوين وإن كان بعض الناس يرى أنها من بلاد الديلم. ونبدأ من ذلك بذكر همذان فنقول إن همذان مدينة كبيرة القطر كثيرة العامر ولها أسواق وتجارات دائرة وأهلها أهل نبالة وأدب وفضل ومروة وأسعارها مع الأيام مرفقة وبها كثير الأغنام واللحمان السمان والألبان والأجبان. والطريق من همذان إلى حلوان من همذان إلى أسداباذ خمسة وأربعون ميلا وفي كتاب ابن خرداذبه أربعة وعشرون ميلا ومدينة أسداباذ مدينة صالحة كثيرة الأسواق والتجارات ولها رساتيق كثيرة ومزارع متصلة ومن أسداباذ إلى قصر اللصوص أحد وعشرون ميلا وهي مدينة لطيفة حسنة بهية المنظر رصيف لمن ورد وصدر ومن قصر اللصوص إلى ماذران أحد وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة وفيها عمار وصناع ومنها إلى قنطرة النعمان خمسة عشر ميلا وهو واد صغير ومنها إلى قنطرة أبي أيوب اثنا عشر ميلا ومنها إلى بهستون وهو جبل عال عليه قرية تدعى سايسانان وفي هذا الجبل كهف منقور مصور فيه كسرى على فرس ويعرف بشبداز ومن بهستون إلى قرماشين وتروى قرمازين بالزاي أربعة وعشرون ميلا وهي مدينة لطيفة بها أسواق وتجارات وديار حسنة وأموال مصرفة وسائمة وعيون متدفقة ومياه

جارية ومن قرماشين إلى الزبيدية أربعة وعشرون ميلا وهو منزل حسن ومن الزبيدية إلى مرج القلعة سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة ذات سور تراب لطيف لكنها حسنة المنازل والمتنزهات كثيرة المرافق والخيرات ولها مياه جارية وأغنام كثيرة ومن المرج إلى حلوان ثلاثون ميلا وقد سبق ذكر حلوان. والطريق من همذان إلى الدينور من همذان إلى أسداباذ على نص ما قد سبق أربعة وأربعون ميلا ومنها إلى صحنة سبعة وعشرون ميلا ومن صحنة إلى الدينور أربعة وعشرون ميلا والدينور مدينة كثيرة الثمار والزروع خصيبة وأهلها أرق طبعا من أهل همذان وفيها مياه كثيرة وبساتين جمة. والطريق من همذان إلى الري من همذان إلى ساوه تسعون ميلا وساوه مدينة على ظهر طريق العراق صالحة الحال كثيرة الجمالين وأكثر الحجاج إلى مكة يحجون على جمالهم ومن ساوه إلى الري خمسون ميلا. والري مدينة كبيرة وكان طولها في أول الزمان أربعة أميال ونصفا في مثلها ولها سور من تراب وبناؤها بالطين والجيار والجص والآجر ولها أبواب كثيرة وأسواق عامرة وتجارات دائرة ولها حصن وفيه مسجد جامع وأكثر المدينة خراب ولها ربض عامر ومياهها كثيرة وإنما شربهم من الآبار والقنى المجلوبة إليهم ولها واديان أحدهما يشق المدينة ويمر بسوق الروذه واسم هذا الوادي سوريني والوادي الآخر يسمى الجيلاني ويجري على حاشية المدينة وهو نظيف ومنه شربهم.

والطريق من حلوان إلى الري قصدا من المغرب إلى المشرق من حلوان إلى قرية ماذرواستان اثنا عشر ميلا ثم إلى قصر يزيد اثنا عشر ميلا ثم إلى الزبيدية ثمانية عشر ميلا ثم إلى خشكاريش تسعة أميال ثم إلى قصر عمرو اثنا عشر ميلا ثم إلى قرماشين تسعة أميال وماسبندان منها على تسعة أميال يسرة وأنت تريد طريق خراسان ثم إلى الدكان أحد وعشرون ميلا فمن أراد نهاوند وإصبهان أخذ من الدكان على اليمين إلى ماذران المتقدم ذكرها ثم إلى نهاوند وهي إحدى كور الجبل. وكور الجبل همذان والروذراور وبروجرد والكرج وفراونده وقصر اللصوص وصحنة وأسداباذ والمرج وطزر وحومة (سهرورد) وشهرزور وزنجان وأبهر وسمنان وقم وقاشان وروذه وبوسته والكرج والبرج وإصبهان وخان لنجان وبارما ومدينة الصيمرة وماسبذان ومهرجان قذق وماه الكوفة وهي الدينور وماه البصرة وهي نهاوند وهمذان وقم. ومن الدكان إلى قصر اللصوص أحد وعشرون ميلا ثم إلى أسداباذ أحد وعشرون ميلا ثم إلى قرية العسل تسعة أميال ثم إلى وظيفة همذان سبعة فراسخ ثم إلى همذان خمسة عشر ميلا ومن همذان إلى قرية اذرنو خمسة

عشر ميلا ثم إلى زرة اثنا عشر ميلا ثم إلى طزرة اثنا عشر ميلا وهي قرية ثم إلى الأساورة اثنا عشر ميلا والأساورة قرية كبيرة كالمدينة ذات سوق ثم إلى داوداباذ اثنا عشر ميلا ثم إلى قرية سوسنقين تسعة أميال ثم إلى ساوه خمسة عشر ميلا وساوه مدينة وقد سبق ذكرها ومن ساوه إلى مشكويه سبعة وعشرون ميلا ثم إلى الري أحد وعشرون ميلا. والطريق من همذان إلى إصبهان من همذان إلى رامن أحد وعشرون ميلا ورامن مدينة صالحة الحال ومن رامن إلى بروجرد ثلاثة وثلاثون ميلا وبروجرد أيضا مدينة أكبر من رامن وأحسن حالا في جميع الوجوه وفواكهها كثيرة وتحمل منها إلى الكرج وغيرها حتى إلى همذان وإلى الري ومن بروجرد إلى الكرج ثلاثون ميلا والكرج منازل أبي دلف وهي أيضا مدينة كبيرة أكبر من بروجرد وأكثر عمارة منها وأغزر أمواه وأكثر تصرفا في الصناعات والتجارات ومن الكرج إلى البرج ستة وثلاثون ميلا والبرج أيضا مدينة حسنة الحال ومن البرج إلى قرية خونيجان ثلاثون ميلا ومن خونيجان إلى إصبهان تسعون ميلا لا مدينة فيها. والطريق من همذان إلى خوزستان فمن همذان إلى الروذراور سبعة وعشرون ميلا والروذراور إقليم حسن وناحية شريفة ينبت بها الزعفران الذي

ليس على قرار الأرض مثله ومدينته مدينة كرج الروذراور وهي مدينة صغيرة ومن الروذراور إلى نهاوند أحد وعشرون ميلا. ونهاوند مدينة جليلة على جبل ذات سور من طين وبناؤها طين ولها بساتين وجنات وفواكه ومتنزهات ومياهها كثيرة وهي كثيرة التجارات والرساتيق والعمارة. ومن نهاوند إلى لاشتر ثلاثون ميلا ومن لاشتر إلى الشابر خاست إلى اللور تسعون ميلا لا مدينة فيها ولا قرية ومن اللور إلى قنطرة اندامس إلى جندي سابور ستة أيام ومن همذان إلى ساوه تسعون ميلا ومن ساوه إلى قم ستة وثلاثون ميلا تقطع في يومين. وقم مدينة حسنة كبيرة وكذلك قاشان مدينة جليلة وكلاهما ذواتا أسواق وتجارات والغالب على أهل قم التشيع وعلى أهل قاشان الحشوية. والطريق من همذان إلى قزوين من همذان إلى بارسيان ثلاثون ميلا ومن بارسيان إلى أود أربعة وعشرون ميلا ومن أود إلى قزوين يومان وليس بين قزوين وهمذان مدينة وليس لقزوين أيضا قرين في كثير من البلاد وبها أسواق وتجارات وعمارات متصلة وأهلها لهم مروءات وآداب ونفوذ في العلوم. ومن همذان إلى الدينور نيف وستون ميلا ومن الدينور إلى شهرزور أربع مراحل وكذلك من حلوان إلى شهرزور أربع مراحل ومن الدينور إلى

الصيمرة (خمس مراحل ومن الدينور إلى السيروان أربعة مراحل ومن السيروان إلى الصيمرة) يوم ومن اللور إلى الكرج ست مراحل ومن إصبهان إلى قاشان ثلاث مراحل ومن قم إلى قاشان مرحلتان ومن قم إلى ساوه يومان. وإصبهان مدينتان إحداهما تعرف باليهودية والأخرى شهرستان وبينهما مقدار ميلين وفي كل مدينة منهما منبر واليهودية أكبر من شهرستان مرتين وبناؤهما من طين وهما أخصب مدن الجبال وأوسعها وأكثرها أهلا وأموالا وهي فرضة لفارس والجبال وخراسان وخوزستان وهي كثيرة الجمال وجمالاتهم صالحة للحمولات والسفر وبمدينة إصبهان طرز تصنع بها الثياب العتابية والوشي وسائر ثياب الحرير وثياب القطن والتجار يقصدونها لاستخراج ذلك منها ويتجهزون به إلى كل الجهات وبها من الزعفران كل شيء حسن وليس بعد الري أكبر من إصبهان. ومن حلوان إلى السيروان مرحلتان كبيرتان ومن السيروان إلى الصيمرة مرحلتان ومن السيروان إلى اللور مرحلتان وتؤخذ في مرحلة كبيرة وهي في سفح الجبل ومنها إلى مدينة بغداد تسع مراحل. والسيروان والصيمرة مدينتان صغيرتان غير أن الغالب على بنائهما الجص والحجر يشبه بناء الموصل وفيهما فواكه كثيرة كالتمر والجوز وجميع ثمار الصرود وبهما مياه كثيرة تجري في أسواقهما وأكثر ديارهما وهما في نهاية النزه وحسن البقع.

وأما قزوين فهي مدينة حسنة وهي ثغر لبلاد الجبل وبينها وبين الري تسعون ميلا ومنها إلى مستقر ملك الديلم ستة وثلاثون ميلا والطالقان أقرب إلى الديلم منها وليس لقزوين ماء جار إلا مقدار شربهم وماؤهم يجري في قناة إلى الجامع وهو ماء ليس بصادق الحلاوة. وأما مدينتا أبهر وزنجان فصغيرتان حصينتان كثيرتا المياه والأشجار والزروع وزنجان أكبر من أبهر وأهل أبهر أحذق وأنبل طباعا وأهل زنجان تدركهم غفلة وجهل وبين زنجان والدينور تسعون ميلا. وتتصل بأرض البهلويين وهي أرض الجبال كورة طبرستان وطبرستان بلاد كثيرة عامرة كثيرة المياه والثمار والأشجار والغياض بها كثيرة وأبنيتها الخشب والقصب والمطر عندهم في أكثر الأوقات ومن مدن طبرستان آمل وناتل وكلار وميلة ومامطير وسارية وطميسة وأستاراباذ وجرجان ودهستان وآبسكون وشالوس وموقان والطالقان وويمه وخوار وسمنان والدامغان وبسطام ورويان وترنجي وجبال الديلم والمدخل إلى طبرستان من الري على شالوس وشالوس مدينة على نحر البحر الملح وهذا البحر يسمى بحر الخزر ويعرف أيضا ببحر طبرستان وسنذكره في موضعه إذا بلغ بنا القول إليه بحول الله تعالى. والطريق من الري إلى آمل من الري إلى برزيان مرحلة خفيفة ومن

برزيان إلى نامهند مرحلة وهي مدينة كبيرة ومنها إلى أشك مرحلة ومن أشك إلى بلور مرحلة ومن بلور إلى آمل مرحلة. ومن آمل إلى عين ألهم على البحر مرحلة وبقرب هذه العين يصب نهر آمل في البحر. والطريق من الري إلى ناحية الجبال من الري إلى قسطانة مرحلة ومن قسطانة إلى مشكويه مرحلة ومن مشكويه إلى ساوه سبعة وعشرون ميلا. والطريق من الدينور إلى المراغة ثم إلى أردبيل من الدينور إلى الخبارجان سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى تل وان ثمانية عشر ميلا ومنه إلى سيسر أحد وعشرون ميلا ثم إلى أندراب اثنا عشر ميلا وأندراب مدينة ومنها إلى البيلقان خمسة عشر ميلا وهي مدينة طيبة ذات أشجار وبساتين وثمار على أنهار وعلى هذه الأنهار أرحاء طاحنة فمن أخذ مشرقا إلى برذعة سار أربعة وعشرين ميلا ومدينة برذعة كبيرة طولها ثلاثة أميال في عرض دونها وهي نزيهة خصيبة ذات أشجار وأنهار ومياه جارية وهي أم بلاد الران كلها ومن قصد أردبيل سار من البيلقان إلى برزه ثمانية عشر ميلا وبرزه من أرض أرمينية ومن برزه إلى سابرخست وهي قرية أربعة وعشرون ميلا ثم إلى المراغة أحد وعشرون ميلا. والمراغة مدينة حسنة كثيرة الخصب والفواكه نزيهة الأقطار لها بساتين

وجنات وزراعات وغلات وخيرات رساتيقها ممتدة وخيراتها شاملة ويجلب إليها من بعض قراها بطيخ يعرف بالاردهري مستطيل أحمر الداخل أخضر الخارج طعمه يزيد على العسل في حلاوته. ومن المراغة إلى داخرقان ثلاثة وثلاثون ميلا ثم إلى تبريز سبعة وعشرون ميلا ثم إلى مرند ثلاثون ميلا ثم إلى الخان اثنا عشر ميلا ثم إلى خوي ثمانية عشر ميلا ثم إلى كولسره ثلاثون ميلا ثم إلى النير خمسة عشر ميلا ثم إلى أردبيل. ومدينة أردبيل مدينة حسنة كبيرة وهي دار الإمارة وبها الأجناد والمعسكر وتكون أعمالها تسعين ميلا في مثلها وأبنيتها من الطين والآجر وأسعارها أبدا موافقة وتجاراتها نافقة ولها رساتيق كثيرة ويليها في الكبر المراغة وقد قدمنا ذكرها. والطريق أيضا من مدينة أردبيل إلى زنجان من أردبيل إلى قنطرة سبيذروذ مرحلة ومن سبيذروذ إلى سراه يوم ومن سراه إلى توى يوم ومن توى إلى زنجان مرحلتان. وسراه قصر كبير كالمدينة له سوق ومشهد شبيه بالموقف من الحج بل هو أحفل وحكى عنه الحوقلي كثيرا حتى إنه أخرجه عن حد الوصف. وسراه في طريق المراغة لمن جاء من أردبيل ومن شاء سار من أردبيل

إلى الميانج ستين ميلا والميانج مدينة صالحة في ذاتها رفيهة نزيهة مرفقة رخيصة الأسعار كثيرة البساتين والأشجار والمياه الغدقة ومن الميانج إلى الخونج مرحلة وهي أيضا مدينة حسنة ذات بيع وشراء وصناعات وأموال متصرفة وفيها مرصد على ما يخرج من أذربيجان إلى نواحي الري من الرقيق والدواب وضروب التجارات والأغنام والأبقار. ومن الخونج إلى أذربيجان مرحلة كبيرة وكذلك من الميانج إلى زنجان على غير الخونج مرحلتان ومن أردبيل إلى موقان على نحر البحر يومان. والطريق من شهرزور إلى المراغة من شهرزور إلى حدران وهي قرية للأكراد في حضيض الجبل مرحلة في طريق صعب ومن حدران إلى فوق وهو حصن قليل العمارة في ملك الأكراد مرحلة ثم إلى نريز مرحلة ثم إلى المراغة مرحلتان. والطريق من جزيرة ابن عمر إلى بلاد أرمينية من جزيرة ابن عمر إلى التل مرحلة والتل قرية كالمدينة عامرة وهي على نهر سريط ومن التل إلى جبل جوغان على نهر سريط مرحلة وهناك معدن حديد جيد يستخرج منه الكثير ويحتمل إلى كثير من الآفاق ومن جبل جوغان إلى الجبل مرحلة والمنزل في أعلاه وهناك عيون مندفقة ومياه جارية وزراعات للأكراد والثلوج تنزل هناك شتاء وصيفا لا تفتر في حال ومن الجبل ينحدر السالك إلى مذلان

وهي مدينة خراب وكانت كبيرة غير أن الأكراد تغلبت عليها وأتت على أهلها فغيرت نعمهم وفر منها ساكنوها فهي الآن خراب ومن مذلان إلى مرصان مرحلة ثم إلى سلماس من أرمينية مرحلة. وسلماس مدينة على بعد من بحيرة كبوذان وهي بحيرة ملحة الماء ليس فيها دابة ولا سمك وفيها مراكب كثيرة تختلف من أرمية والمراغة وأعمال تبريز وداخرقان وحواليها من جميع جهاتها قرى عامرة ورساتيق متصلة وبين هذه البحيرة والمراغة من شرقيها خمسة عشر ميلا وبينها وبين أرمية من غربيها ستة أميال وبين داخرقان وهذه البحيرة اثنا عشر ميلا وطول هذه البحيرة أربع مراحل بين الشمال والجنوب وعرضها بين المراغة وأرمية نحو ستين ميلا وتكون فيها أمواج عظام في الشتاء تذهب فيها المراكب وفي وسط هذه البحيرة أجبال مسكونة لكنها منيعة يسكنها أصحاب المراكب بعيالاتهم ومياههم رديئة قليلة وقد ذكرنا من أخبار البلاد المضمنة في هذا الجزء ما فيه كفاية والله المستعان. نجز الجزء السادس من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء السابع إن شاء الله تعالى.

الجزء السابع

الجزء السّابع إن هذا الجزء السابع من الإقليم الرابع تضمن بقايا من أرض الجبال وبلاد اذربيجان وبلاد قوهستان المجاورة للمفازة الكبيرة وبعضا من بلاد خراسان ونحن نريد أن نصفها بلدا بلدا على توال ونسق كما قد جرت به عادتنا من قبل في الكلام على البلاد الواقعة في الأقاليم السالفة بحول الله. فنقول إن جبل لاشان المتصل من إصبهان إلى الري فيه من البلاد قم وقاشان والطريق عليهما من أراد المسير من الري إلى إصبهان يخرج من الري إلى مدينة دزه مرحلة ودزه مدينة صغيرة عامرة وبها منبر وجماعة ولها ماء جار في نهير وليس من الري إلى هذه المدينة عمارة إلا مقدار ستة أميال في وسط الطريق ومن دزه إلى دير الجص مرحلة في مفازة لا عامر بها وهو حصن حصين له سور مبني من جص وآجر يسكنه قوم متأهلون وهم حراس للطريق وهو منزل للمجتازين وليس به زرع ولا شجر وشرب أهله من بئر زعاق وأكثر شربهم من مياه الأمطار تجتمع عندهم في حوضين خارجين عن الدير والمفازة تحيط به من كلا الجانبين ومن دير الجص إلى قرية كاج مفازة

وكاج قليلة العمارة وبها المنزل وشرب أهلها من مياه الأمطار في حياض هناك تغير طعم الماء إلى الملوحة ومن قرية كاج إلى مدينة قم مرحلة والطريق بينهما مفازة لا عمارة فيها حتى إلى قرب المدينة وعلى ستة أميال منها وقم مدينة كبيرة عامرة عليها سور تراب حصين ومياههم من الآبار ومياه بساتينهم تستخرج من الأرض بالسواني وعليها زراعاتهم وبها فواكه وأشجار الفستق والبندق وليس يوجد الفستق والبندق فيما جاورها من البلاد لكنه في قم كثير حتى إنه يحمل لكثرته إلى كثير من البلاد والآفاق والغالب على أهلها التشيع ومن مدينة قم إلى قرية المجوس مرحلة وهي طريق عامرة وفي هذه القرية قوم مجوس ومن هذه القرية إلى مدينة قاشان مرحلة ومدينة قاشان صغيرة القطر عامرة بالناس وبها متاجر وصناعات وبناؤها بالطين وسائر هذه البلاد المذكورة صغار. والطريق من الري إلى نيسابور فمن الري إلى مفضلاباذ اثنا عشر ميلا ثم إلى افريدين أربعة وعشرون ميلا وهي قرية عامرة ومن افريدين إلى كهده أحد وعشرون ميلا وكهده منزل حسن وفيه مياه وزراعات ومنه إلى خوار ثمانية عشر ميلا وخوار مدينة صغيرة عامرة وفيها ناس وخواص يرجعون إلى مروءات وآداب ولهم ماء يخرج من ناحية دنباوند ولها ضياع ومزارع ودنباوند جبل عظيم يحكى أن ظله في وقت العصر يطول اثني عشر ميلا وعلى رأسه دخان لا يفتر الدهر كله ثم إلى قصر الملح ثمانية عشر ميلا ومنه إلى رأس الكلب أحد وعشرون ميلا ثم إلى سمنان أربعة وعشرون ميلا

وسمنان مدينة حسنة متوسطة بها أسواق وصناعات وهي أول بلاد قومس ومن بلاد قومس الدامغان وبسطام وبسطام أصغر من سمنان وسمنان أصغر من خوار الري ومن سمنان إلى آخرين سبعة وعشرون ميلا ثم إلى قومس الدامغان أربعة وعشرون ميلا فمن الري إليها مائة ميل وتسعة وثمانون ميلا ثم إلى الحدادة أحد وعشرون ميلا وهي مرحلة ومن الحدادة إلى بذش مرحلة وهي أحد وعشرون ميلا ومن بذش إلى مورجان مرحلة ثم إلى هفدر مرحلة وهي ستة وثلاثون ميلا ثم إلى هشكيد أحد وعشرون ميلا ثم إلى بهمن آباذ ثمانية عشر ميلا ثم إلى النون ثمانية عشر ميلا ثم إلى خسروجرد ثماينة عشر ميلا ثم إلى حسين آباذ اثنا عشر ميلا ثم إلى نهناباذ خمسة عشر ميلا ومن نهناباذ إلى بهشكند ثمانية عشر ميلا ومن بهشكند إلى نيسابور خمسة عشر ميلا وآخرين المتقدم ذكرها في هذه الطريق هي مدينة صغيرة لها عمارة وزراعات وكذلك الحدادة قرية كبيرة عامرة في سند جبل وبذش قلعة حصينة وأما مورجان فقرية كبيرة القطر عامرة فرجة الأرجاء وهفدر مدينة صغيرة ونهناباذ مدينة صغيرة وهي أول عمل نيسابور وأما خسروجرد فمدينة صغيرة ومنها إلى سبزوار غربا ستة أميال وسبزوار مدينة متحضرة حسنة. والطريق من طبرستان إلى جرجان من آمل إلى ميلة وهو حصن كبير بل

مدينة متوسطة المقدار حسنة ستة أميال ومن ميلة إلى ترنجي تسعة أميال وهي قرية ومن ترنجي إلى سارية مرحلة وسارية مدينة متحضرة صغيرة ومن سارية إلى بارست مرحلة ثم إلى اباذان مرحلة ومنها إلى طميسة مرحلة وهي قرية كبيرة كالحصن الآهل ومنها إلى أستاراباذ وهي مدينة متوسطة متحضرة ومنها إلى رباط حفص مرحلة ومن رباط حفص إلى جرجان مرحلة ورباط حفص حصن كبير عامر به سوق عامرة وأهله مياسير ومن شاء قصد من ميلة إلى مامطير إلى درش مرحلة ثم إلى عين رامس مرحلة إلى نجران مرحلة ثم إلى أستاراباذ مرحلة والطريق الأولى أقصد لأن فيها منبرين. والطريق من آمل إلى جبال الديلم فمن شاء خرج من آمل إلى ناتل وهي مدينة صغيرة مرحلة ومنها إلى شالوس مرحلة وشالوس مدينة متحضرة عليها سور حصين وبها سوق عامرة ومنها إلى كلار مرحلة وكلار مدينة حاضرة عامرة ومنها إلى الديلم مرحلة. والديلم متحصنون في جبال لهم منيعة والمكان الذي فيه الملك يسمى الطرم وبه مقام آل حسان ورياسة الديلم فيهم ويقال إن الديلم قبيلة تنتمى إلى ضبة وجبالهم ونواحيهم كثيرة الشجر والغياض وأكثر ذلك في وجه الجبل الذي يقابل البحر وطبرستان وهم أهل زرع وسوائهم وليس عندهم من الدواب ما يستقلون بها ولسانهم منفرد عن الألسن الفارسية والرانية والأرمينية والغالب

عليهم النحافة وقلة الشعر والطيش وقلة الثبات في الأمور ولا يكترثون بشيء ولا يبالون بمصاب إذا دهمهم وكان الديلم كفارا إلى مدة الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب فتوسطتهم العلوية وأسلم أكثرهم. وجبال الديلم ثلاثة أحدها باذوسبان والروينج وقارون وهي جبال منيعة لكل جبل منها رئيس وهي في نهاية من الخصب والرفاهة وأما جبل قارن وشعابه فهي قرى وعمارات وليس به مدينة إلا مدينة شهمار وهي على مرحلة من سارية ومستقر رئيس قارن ببريم وهو موضع تحصنهم وذخائرهم ومقر ملكهم والملك مدار بهم منذ أيام الأكاسرة وأما جبل باذوسبان وشعابه ففيها قوم رئيسهم يسكن قرية ارم وليس بجبال باذوسبان منبر وبين قرية ارم وسارية مرحلة وكذلك جبل روينج فيه رئيس وهو في حصن له عمارات وموضعه بين طبرستان والري والمدخل إلى الري من طبرستان على شالوس وهي على نحر البحر ولها منعة ومن هذه الجبال من حد الديلم إلى أستاراباذ وإلى البحر أكثر من يوم وقد يتصل طرف الجبل بالبحر وبين الجبال التي تقدم ذكرها وبين البحر يومان وأكثر. وتتصل بغربيها مدن ابهر وزنجان والطالقان ويتصل بالري الخوار وشلنبه

وويمه ويقع في قومس سمنان والدامغان وبسطام ويقع في طبرستان آمل وناتل وشالوس وكلار والرويان وميلة وترنجي وعين ألهم ومامطير وسارية وطميسة ويقع في عمل جرجان جرجان وأستاراباذ وآبسكون ودهستان. والغالب على أعمال جرجان الجبال والقلاع وربما بلغت قلاعها سبع مائة قلعة وجرجان وطبرستان مدينتان بين عمل خراسان والري وجرجان أعمالها مصاقبة لطبرستان وهي مدينة كبيرة جدا ليس لها نظير في نواحيها وبناؤها بالطين وأمطارها دائمة وهي مدينتان والنهر يشق بينهما ونهرها كثير الماء وعليه قنطرة معقودة وجرجان اسم المدينة الشرقية من النهر واسم المدينة الغربية بكراباذ وهي أصغر من جرجان ولها ضياع وبساتين وزراعات وعمارات متصلة وبها كثير من الكرم والتمر الكثير والتين والزيتون وسائر الفواكه وفي أهلها مروءة ظاهرة وفيهم علماء وطلاب للأدب ونقودهم ونقود أهل طبرستان الدنانير والدراهم ولجرجان فرضة على البحر تسمى آبسكون وهي مدينة حسنة صالحة ويركب من آبسكون إلى بلاد الخزر وباب الأبواب والجيل والديلم وسنذكر آبسكون مع ذكر البحر فيما يأتي بعد من الإقليم الخامس بعون الله تعالى. والطريق من الري إلى شلنبه وويمه فمن الري إلى جبل دنباوند مرحلة

وجبل دنباوند في نهاية من العلو وكثيرة المنعة وقليل ما يصل أحد إلى أعلاه وتنحدر منه مياه كثيرة وفي جانبه حصن دنباوند وهي قلعة حصينة وحول هذه القلعة قرى منها قرية ديبران ودرمنه ونامل وربقة وسدهار وبوأ ولا يعلم في تلك النواحي جبل أعلى منه ومن دنباوند إلى ويمه وشلنبه مرحلة ومكانهما بين دنباوند والديلم وهما مدينتان صغيرتان أصغر من الخوار وويمه أكبر من شلنبه ولهما زروع ومياه وبساتين وكروم وأعناب ومدينة خوار من هاتين المدينتين في ناحية الجنوب وهي شديدة البرد جدا وهي تجاور المفازة الكبيرة المتصلة بأرض خراسان وأرض سجستان وفارس وكرمان. والطريق من جرجان إلى قومس من جرجان إلى جهينة مرحلة وجهينة قرية حسنة على واد ومن جهينة إلى ذهل ثمانية عشر ميلا ومن ذهل إلى بسطام مرحلة وبسطام مدينة حسنة عليها سور تراب وبها أسواق عامرة وجبايات قائمة ومن بسطام إلى وسطاريا وهو حصن من قومس ومن وسطاريا إلى الدامغان مرحلة والدامغان مدينة أكبر من خوار الري وهي أحضر مدينة بقومس. والطريق أيضا من جرجان إلى نيسابور خراسان من جرجان إلى جرحا مرحلة وهي قرية عامرة ومنها إلى دينارزاري مرحلة وهي مدينة صغيرة

عامرة ومنها إلى املواتلوا وهي قرية حسنة على نهر صغير ومنها إلى اجغ مرحلة وهو منزل كبير آهل وبه حصن وسوق ومن اجغ إلى سنداسب مرحلة وسنداسب مدينة صغيرة عامرة ومنها إلى اسفرايين مرحلة واسفرايين مدينة متوسطة المقدار متحضرة الأهل وبها متاجر وأرزاق ومن اسفرايين وهو آخر عمل نيسابور إلى نيسابور خمس مراحل. ونيسابور مدينة جليلة في مستو من الأرض وأبنيتها من طين وهي قديمة البناء ومقدارها ثلاثة أميال في مثلها ولها ربض كبير عامر دائر بها ومسجد جامعها في ربضها ولها قصبة منيعة ولها أربعة أبواب أحدها باب (رأس) القنطرة والثاني باب سكة معقل والثالث باب القصبة والرابع باب قنطرة درميكين ولها نهر يشربون منه ويسقون رساتيقهم. ولنيسابور حدود واسعة ورساتيق عامرة وفيها مدن كثيرة معروفة مثل البوزجان ومالن وخايمند وسلومك وسنكان وزوزن وكندر وترشيز وخان روان وازاذوار وخسروكرد وبهمن آباذ واسفرايين وخوجان وريوند ونوقان وتروغوذ. ومدينة نيسابور قطب لما حولها من البلاد والأقطار وذلك من نيسابور

إلى آخر حدها مما يلي قومس وهي أسداباذ سبعة منازل ومن نيسابور إلى سرخس ست مراحل ومن سرخس إلى مرو [[الروذ]] خمس مراحل ومن مرو إلى آمل على شط جيحون ست مراحل. فمن أول عمل نيسابور مما يلي قومس إلى وادي جيحون على السمت ثلاث وعشرون مرحلة. ومن نيسابور إلى بوزجان أربع مراحل جنوبا ومن بوزجان إلى بوشنج أربع مراحل ومن بوشنج إلى هراة مرحلة ومن هراة إلى اسفزار ثلاث مراحل ومن اسفزار إلى دزق وهو آخر عمل هراة مرحلتان ومن دزق إلى سجستان سبع مراحل فالجميع من آخر عمل نيسابور إلى سجستان على دزق تسع عشرة مرحلة. ومن نيسابور إلى طوس أربع مراحل بين شرق وشمال وكذلك من طوس إلى نسا ست مراحل ومن نسا إلى فراوه أربع مراحل. وكذلك من نيسابور إلى قاين قصبة قوهستان نحو تسع مراحل بين غرب وجنوب ومن قاين إلى هراة ثماني مراحل. ومن نيسابور إلى بهمناباذ غربا خمس مراحل. وبين نيسابور وخسروجرد مرحلتان ويلي خسروجرد سبزوار وبينهما فرسخان.

ومن نيسابور إلى ترشيز أربع مراحل. ومن نيسابور إلى خان روان مرحلة شمالا ومن خان روان إلى مهرجان مرحلة ومن مهرجان إلى ازاذوار يوم ومن ازاذوار إلى ديواره يوم ومن ديواره إلى مهرجان يومان. وأما مدينة طوس فإنها مدينة كبيرة حسنة المباني كثيرة الأسواق شاملة الأرزاق عامرة الأمكنة رائقة الجهات ولها مدن بها منابر منها الرايكان وطبران وتروغوز والرايكان مدينة صغيرة متحضرة بها سوق عامرة وسلع نافقة وكذلك مدينة خان روان مدينة حاضرة آهلة نافقة الأمتاع حسنة المباني فسيحة المسالك متقنة الأشكال. وأما مهرجان فإنها مدينة عامرة الديار والأسواق كثيرة الخيرات والأرزاق جليلة لها سور تراب وربض عامر وشرب أهلها من ماء يأتي إليها جلبا ومن مهرجان إلى ديواره مرحلتان وديواره مدينة عامرة لها سور وربض وبنياتها بالطين والتراب والجيار وشرب أهلها من الآبار وماؤها عذب. ومدينة نوقان أيضا مدينة من غرر البلاد المذكورة ولها سوق وسور حصين من تراب وبها مياسير وتجار وصناع وفعلة ولها حصن منيع وبها قبر علي بن موسى الرضا وبجبل نوقان معدن الأحجار التي يقطع منها البرام لسائر بلاد خراسان وفي جبلها أيضا معادن الفضة والنحاس والحديد ويوجد

به من أحجار الفيروزج والخماهن والدهنج والبلور وكانت نوقان دار الإمارة بخراسان إلى أيام الطاهرية فانتقل الملك منها إلى نيسابور فخرب أكثرها وتغيرت محاسنها. ومدينة سرخس هي بين نيسابور ومرو وهي في أرض سهلة وقد قدمنا من ذكرها ما فيه كفاية. وكذلك مدينة نسا مدينة خصيبة كثيرة المياه والبساتين وهي في القدر نحو سرخس ومياههم كثيرة تجري في ديارهم وسككهم وهي في غاية النزهة والحسن ولها رساتيق خصيبة والجبال تكنفها من شمالها. وأيضا فإن مدينة فراوه مدينة متحضرة لكنها قليلة التجارات والصنائع بها قدر الكفاية وهي رباط لخراسان في نحر المفازة التي تلي الغزية اثنتا عشرة مرحلة في مفاوز لا أنيس بها ولا تتصل بها عمارة ولا قرية لأهلها وشربهم من ماء عين في جوف البلد وجميع مباقلهم هو على فاضل هذا الماء وليست بكثيرة. ومن مدينة فراوه غربا إلى تستيح أربع مراحل وهي مدينة صغيرة ذات سور حصين وأسواق مقدرة وشرب أهلها من الآبار وهي أيضا على شفير المفازة التي بين جرجان وفراوه ولها رباط وكذلك من مدينة نسا إلى مدينة اسفرايين التي من عمالة نيسابور غربا أربع مراحل وبينهما قرى وعمارات ومن اسفرايين إلى طوس ست مراحل وبينهما مدينة راوينج وبين راوينج

وفراوه أربع مراحل ومن راوينج جنوبا إلى مهرجان مرحلتان ومن مهرجان إلى نيسابور مرحلتان وكذلك من اسفرايين إلى مهرجان خمس مراحل خفاف وأيضا إن من مدينة خان روان إلى مهرجان مرحلة ومن خان روان إلى نيسابور مرحلة وكذلك من ازاذوار إلى ديواره مرحلة وبين ديواره ومهرجان مرحلتان وكل هذه البلاد تتقارب في الصفات وتشترك في الهيئات وتشتبه في مقاديرها ومتصرفات أمورها. والطريق من نيسابور إلى النهر من نيسابور إلى بغنش خمسة عشر ميلا ومن بغنش إلى الحمراء ثمانية عشر ميلا ثم إلى النوقان ثمانية عشر ميلا إلى مرو الشاهجان اثنا عشر فرسخا ثم إلى النكتة وهي قرية أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة سرخس ثمانية عشر ميلا ومن سرخس إلى مرو الروذ مائة ميل وخمسة وثلاثون ميلا بين شرق وشمال ومن سرخس أيضا إلى آمل قصدا ثماني مراحل وسنأتي بذكر ذلك موضحا بعون الله تعالى. نجز الجزء السابع من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الثامن منه إن شاء الله تعالى.

الجزء الثامن

الجزء الثامن إن هذا الجزء الثامن من الإقليم الرابع تضمن جزءا من بلاد خراسان والنهر وما خلفه من بلاد فرغانة واشروسنة وبلاد الشاش وايلاق وبلاد فاراب وبلاد الأغزاز وفي كل واحد من هذه الأكوار جمل بلاد معمورة وقواعد مدن مشهورة. فأما بقية بلاد مرو وهي كشميهن وهرمزفره وباشان فقد ذكرناها فيما مضى من ذكر الإقليم الثالث لكن نقول إن كشميهن من مرو الروذ على مرحلة وهي على رأس المفازة لها منبر ونهر كبير وفواكه وأشجار وسويقة صالحة وفنادق وحمامات وبقربها في جهة الشمال على ثلاثة أميال مدينة هرمزفره وعلى طريق مفازة سيفايه التي على غربي النهر المؤدي إلى الجرجانية من أرض خوارزم وهذه المفازة كبيرة متصلة وليس بها أنيس لكن المياه بها كثيرة. وأما ما جاور النهر فمن أعلاه مدينة زم وأسفله بحيرة خوارزم المشهورة ومدينة زم ومدينة آمل قد ذكرناهما في الإقليم الثالث بأكمل صفاتهما وما

يغني عن إعادة ذلك وآمل بينها وبين النهر ثلاثة أميال ومن آمل إلى مدينة الجرجانية من بلاد خوارزم اثنتا عشرة مرحلة ومن الجرجانية إلى بحيرتها ست مراحل. والطريق من آمل إلى خوارزم من آمل إلى مدينة ويزه مرحلة وهي مدينة صغيرة متحضرة لها سوق وحولها عمارات تتصل بالنهر ومن ويزه إلى مردوس مرحلة ومردوس قرية كبيرة عامرة آهلة ولها مزارع كريمة وخيرات جسيمة تتصل عماراتها إلى ضفة النهر ومن مردوس إلى اسباس مرحلة واسباس حويضرة حسنة لها سور ولا ربض لها وبها سوق وهي على قرب النهر الكبير ومن اسباس إلى سيفايه مرحلتان خفيفتان وهي أول عمالة بلاد خوارزم ومن سيفايه إلى الطاهرية من خوارزم مرحلة والطاهرية مدينة ظاهرة الحسن لها دخل وخرج ومزارع وبركات وفواكهها عامة تقوت أهلها وتفضل عنهم ومن مدينة الطاهرية إلى راشت مرحلتان وراشت على مقربة من النهر وهو حصن عامر آهل به زراعات وبساتين وغلات وفوائد ومن راشت إلى خيوه من الجرجانية مرحلتان وخيوه مدينة عامرة ظاهرة الحسن كاملة الفوائد ولها سور حصين وجهات واسعة ومزارع وفواكه ومنها إلى الجرجانية مرحلة. وهي المدينة الكبرى والقاعدة العظمى من خوارزم وهي مدينتان على ضفتي النهر ويجاز بينهما بالمراكب واسم المدينة الشرقية منهما درغاش والمدينة الغربية تسمى الجرجانية وهي مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وربض وسور

محيط بالربض والمدينة طولها نحو من تسعة أميال في مثلها وهي متجر الغزية ومنها تخرج الرفاق إلى أرض جرجان وكانت تخرج إلى الخزر على مر الأيام وإلى سائر بلاد خراسان. وخوارزم اسم الإقليم وهو منقطع عن أرض خراسان وبعيد عما وراء النهر وتحيط به المفاوز من كل جانب وهي ناحية عريضة وأعمال واسعة ومدن كثيرة فمن مدنها درغاش وتروى درغاز وهزارسب وخيوه وارد خشميثن وسافردز ونزوار وكردران خواش وكردر وقرية قراتكين ومزداخقان وكاث. وأول عمالة خوارزم الطاهرية من غربي النهر والعمارات ممتدة بطول الجانب الغربي من نهر جيحون وليس في شرقيه عمارة وكذلك العمارة أيضا من مدينة الطاهرية إلى هزارسب وليست بكبيرة العرض وتكون العمارة على نهر جيحون مما يقابل مدينة خوارزم مقدار تسعة أميال إلى أن تنتهي قرية كيث ولا زائد عليها وقرية كيث على أسفل جبل وبها مياه مطردة وعيون ناشعة جارية ووراء هذا الجبل المفازة. ومن هزارسب إلى سائر ما على غربي جيحون أنهار منها نهر هزارسب يأخذ من جيحون مما يلي آمل وهو كبير يحمل المراكب وهزارسب على ضفته ثم على ستة أميال من هزارسب إلى نهر يعرف بكردران خواش وهو

أكبر من هزارسب ومدينة خواش عليه وهي مدينة صغيرة متحضرة عامرة ذات مزارع وبساتين وعمارات وبعده نهر خيوه وهو مثل نهر كردران خواش وتجري فيه السفن إلى خيوه وبعده على ميلين نهر مذرى وهو نهر كبير يأخذ من جيحون تجري فيه السفن إلى مذرى ومذرى مدينة حسنة عامرة ذات سور وسوق وبعد نهر مذرى نهر آخر يفضي إلى مدينة الجرجانية ويسمى وذاك والسفن تجري فيه ويصب أسفل مدينة الجرجانية وعلى ستة أميال منها وبعد نهر وذاك يخرج نهر بوه من جبل على شفير المفازة فيقع أسفل على مقربة من درغاش. وعلى ستة وثلاثين ميلا من المدينة وأسفل من خوارزم بحذاء كيث في الجانب الشمالي المدينة المعروفة بمذمينيه وهي من جيحون على اثني عشر ميلا غير أنها من الجرجانية وليس على شط النهر بعد مذمينيه عمارة. وبين كردر وجيحون رستاق مزداخقان ومدينة مزداخقان صغيرة المقدار كثيرة العمار وربما وصل إليها الأغزاز عند الهدنة وبين مدينة مزداخقان وجيحون ستة أميال وهي تحاذي الخرلخية ثم تنقطع منها العمارة إلى أن تصل البحيرة المنسوبة إلى خوارزم وهناك قوم صيادون ليس لهم قرية ولا بناء ويعرف موضع النهر في البحيرة بخليجان وعلى شط هذه البحيرة من مقابل

أرض الغزية قوم رحالون فإذا كان الصلح جاؤوا إلى قرية قراتكين ومن الجانب الآخر إلى الجرجانية ومن موقع النهر إلى الموضع حيث يصب نهر الشاش نحو من عشرة أميال. ودور هذه البحيرة فيما بلغنا نحو ثلاث مائة ميل وماءها ميل وماءها ملح وليس لها مفيض ظاهر وتقع فيها أنهار كثيرة مثل جيحون ونهر الشاش ونهر برك ونهر ايلاق والأنهار السابق ذكرها فلا يعذب ماؤها ولا تزيد فيها على صغرها ويذكر والله أعلم أن قعر هذه البحيرة يتصل من تحت الأرض بحر الخزر وبين البحيرة والبحر نحو ثماني عشرة مرحلة على السمت ويوشك أن يكون هذا حقا. وأهل خوارزم مياسير وأهل مروة ظاهرة وهم أكثر الناس أسفارا وأوسعهم أموالا وترتفع منها ثياب القطن والصوف وسائر الأمتعة الكثيرة تحمل إلى سائر الجهات ولسان أهل خوارزم لسان منفرد بذاته وهم أهل غلظة ونجدة والأغزاز يهابون سطواتهم ويحذرون من مصادرتهم وتقع إليهم من بلاد الغزية والخزر المواشي والدواب والرقيق والأوبار مثل الفنك والسمور والثعالب والأرانب وغير ذلك من أصناف الوبر. وهذه مسافات بلادها مجملة فمن خوارزم أعني قصبتها وهي كاث إلى مدينة خيوه مرحلة ومن خيوه إلى هزارسب مرحلة ومن كاث إلى الجرجانية ثلاث مراحل إحداها من كاث إلى اردخشميثن مرحلة ومنها إلى نوزوار

مرحلة ومنها إلى الجرجانية مرحلة ومن خيوه إلى سافردز خمسة عشر ميلا ومن سافردز إلى المذمينيه تسعة أميال ومن المذمينيه إلى كردر تمشي إلى درخاس مرحلتين ومن درخاس إلى كردر مرحلة ومن كردر إلى مدينة مذمينيه يومان ومذمينيه وقرية قراتكين متقاربتان في القدر وأقربهما إلى جيحون مذمينيه وبين مذمينيه وجيحون اثنا عشر ميلا. وأما ما خلف النهر من بلاد خراسان فمن آمل إلى النهر إلى مدينة فربر وهي مدينة حسنة على مقربة من النهر ومضمومة بجملتها إلى بخارا وذلك أن من فربر إلى بيكند مرحلتان خفيفتان وذلك أن تخرج من فربر إلى حصن أم جعفر ثمانية عشر ميلا ومن حصن أم جعفر إلى بيكند ثمانية عشر ميلا وبيكند مدينة جميلة الأسواق حسنة الشوارع والطرق ومن بيكند إلى بخارا أحد وعشرون ميلا. والطريق من سمرقند إلى زامين ثم إلى فرغانة أو الشاش فمن سمرقند إلى اباركث اثنا عشر ميلا وذلك نصف مرحلة ومنها إلى رباط سعد خمسة عشر ميلا وهي مرحلة ومنها إلى مدينة زامين مرحلة وهي مدينة حاضرة بجميع ما يحتاج إليه من المتاجر والصناعات وبها مفرق الطريقين فطريق لمن

أراد فرغانة والطريق لمن أراد الشاش. فمن أراد المسير إلى فرغانة سار من زامين إلى ساباط مرحلة وساباط مدينة صغيرة متحضرة متحركة الأسواق فيها صنائع ومنها إلى اركند مرحلة وهي مدينة ومن اركند إلى شاوكث مرحلة ومن شاوكث إلى خجندة مرحلة ومن خجندة إلى قرية كند مرحلة ومن كند إلى سوخ مرحلة ومن سوخ إلى باخسان مرحلة وهي ثمانية عشر ميلا وأيضا فإن من خجندة إلى باخسان خمسة عشر ميلا وباخسان وسط بلاد فرغانة فالجملة ما بين سمرقند وباخسان مائة وستون ميلا ومن باخسان إلى مدينة قبا المتقدم ذكرها مرحلة وهي مدينة من أجل البلاد مساكن وأكثرها نعما وأوفرها خيرا وأوسعها مزارع وتقارب مدينة أخسيكث في القدر ولها قصبة وجامع حسن وربض في خارجها عليه سور يحيط به وبساتين كثيرة ومياه جارية عذبة ويقال إن كسرى أنوشروان بناها ونقل إليها من أهل كل بلد بيتا وعمرها بهم وسماها ازهرخانه أي من أهل كل بيت ومن خجندة إلى قبا ثمانية وأربعون ميلا وبين قبا وخجندة مدينة باخسان وبين باخسان وقبا ثلاثون ميلا وبين باخسان وخجندة سبعة وعشرون ميلا ومن قبا إلى اوش عشرة فراسخ وهي مدينة كبيرة وقد ذكرناها ومنها إلى اوزكند وهي آخر بلاد فرغانة مما يلي التبت وقد ذكرنا صفات هذه البلاد في الجزء الثامن من الإقليم الثالث على استقصاء كاف بعون الله تعالى.

ثم نرجع فنقول إن مدينة بونجكث قاعدة اشروسنة ولها مدن منها فغكث وبينهما تسعة أميال وعلى طريق خجندة وهي مدينة صغيرة ذات أسواق ومتاجر وعمارات وزراعات ومدينة غزق صغيرة متحضرة بسوق عامرة وحصن قائم وبينها وبين فغكث ستة أميال ومن غزق إلى خجندة ثمانية عشر ميلا وفغكث وغزق كلاهما من اشروسنة وهما على طريق خجندة من بونجكث وأما خرقانة فإنها من بلاد اشروسنة وهي مدينة رائقة المنظر كبيرة القطر عامرة ومنها إلى زامين سبعة وعشرون ميلا وكذلك من خرقانة إلى ديزك خمسة عشر ميلا شمالا وديزك مدينة عامرة حسنة في وطاء من الأرض ولها رستاق يعرف بفكنان وهي في شمال اشروسنة وبها يرابط أهل سمرقند وبها مياه جارية سائبة وبساتين وعمارات ومن زامين على طريق خاوس إلى كركث تسعة وثلاثون ميلا عن يسار الذاهب إلى فرغانة وبين مدينة اشروسنة وساباط تسعة أميال مما يلي الجنوب والمشرق وبين نوجكث وخرقانة ستة أميال مما يلى الجنوب والمشرق من خرقانة وأما ارسيانيكث فهي على حدود فرغانة وهي من شرقي مدينة اشروسنة على سبعة وعشرين ميلا فهذه جملة بلاد اشروسنة على التفصيل. وأما الشاش وايلاق فمقدار عرضها مسيرة يومين في ثلاثة أيام وليس

فيما وراء النهر إقليم على هيئتها أكثر منابر وقرى عامرة وسعة وبسطا في العمارة وحدها من نهر الشاش وحدها الآخر يتصل بباب الحديد حيث البرية المعروفة بالقلاص المجاورة لاسبيجاب والشاش في أرض مستوية سهلة لا جبل فيها ولا أرض مرتفعة وبساتينها وخضرتها ومتنزهاتها كثيرة وهي من الثغور التي في نحر الترك ولأهلها شوكة ومنعة ومن أخصب بلادها وأمنعها بنكث ودنفغانكث وجينانجكث ونجاكث وفناكث وخرشكث واستبيغوا واردلانكث وخذينكث وكنكراك وكلشجك وغركنده وغناج وجبوزن ووردوك وكبرنه وغدرانك ونوجكث وغزك وابرذكث وبغنكث وبركوش وخاتونكث وجبغوكث وفرنكث وكذلك وتكالك فهذه مدن الشاش. فأما مدينة بنكث فمدينة جليلة المقدار كثيرة الساكن والعمار والتجارات الواسعة والأرزاق الدارة والخيرات الوافرة وعليها سور حصين ولها مياه جارية ومتنزهات عالية ولها ربض خارج المدينة عليه سور وأكثر الأسواق العامرة في الربض وللشاش نهر آخر يقع في نهرها يعرف بنهر برك يخرج بعضه

من بسكام وبعضه من جدغل وأصل منبعهما من بلاد الترك الخرلخية فيقع في نهر الشاش بحذاء نجاكث ويلي بنكث في الكبر خرشكث وهي مدينة عامرة حسنة الصفة كثير النزاهات عامرة الأفنية والدور ويلي خرشكث في الكبر مدينة استوركث وهي مدينة حصينة خصيبة كثيرة المياه والعمارات وباقي مدن الشاش أصغر من هذه وأضيق نفعا وأقل جباية وعمارة. وأما مدن ايلاق فهي مجاورة للشاش من جهة الجنوب وقصبتها تعرف بتونكث ولها من المدن سكاكث وبانجخاش ونوكث وبالايان وتكث واربلخ ونموذلغ وخمرك ونوجكث وكهسيم ودخكث وخرخانكث. فأما تونكث فهي قصبة ايلاق وهي مدينة كبيرة لها ربض عامر وعليها سوران حصينان وفي سورها عدة أبواب وأسواقها عامرة وجباياتها وافرة والمياه نخترق أزقتها وتسقي رساتيقها وتقوم بعمارتها وايلاق قصبتها هي تونكث وهي أقل من نصف بنكث ولها قصبة حصينة والمدينة وأسواقها مع ربضها على ضفة نهر برك والأرض منها تتصل بنواحي اسبيجاب وهي مدينة عامرة ومكانها في مستو من الأرض ولها من البلاد بذخكث وسبانيكث

والطراز واطلخ وشلجي وكدر وستكند وشاوغر وصبران ووسيج. فأما سبانيكث فإنها قصبة كورة كنجدة وأما كدر فإنها قصبة باراب ووسيج أيضا من بلاد باراب وصبران هي مدينة تجتمع بها الغزية للصلح والهدنة والتجارات إذا انعقد الصلح بينهم وباراب اسم الناحية ومقدارها في الطول والعرض أقل من يوم ولها منعة وبأس وهي ناحية. متخية ذات غياض ومزارع. وستكند بها منبر وهي مجتمع للأتراك وهي على ضفة الوادي ويصب نهر برك بمقربة منها وهي في الجانب الغربي من الوادي وبين باراب وكنجدة مزارع ومراع خصيبة وحولها أمم من الأتراك الغزية قد أسلموا منذ عهد قديم وهم مقيمون بهذه الناحية ينتجعون هذه المراعي وكذلك مدينة الطراز فهي متجر للمسلمين وبين الأتراك وبينهم حصون منسوبة إليهم ويليهم من شمالها الترك الخرلخية وبينهم في أكثر الأوقات حروب وغارات وإذا كانت الهدنة كانت بينهم تجارات ومعاملات بالامتعة والسائمة والأوبار وغير ذلك. وأما خجندة فإنها متاخمة لفرغانة وهي في جملتها منفردة في الأعمال وهي في غربي نهر الشاش وطولها أكثر من عرضها ومدينة كند من خجندة على ثلاثة أميال وهي حسنة جليلة وكلها كروم وبساتين وليس في عملها مدينة غير كند وهي بساتين ودور متقربة ومدينة وقصبة وجامعها في المدينة ودار

الإمارة في الميدان بالربض وينحدر النهر إليها وهو نهر الشاش ومخرجه من أنهار تجتمع إليه من بلاد الترك في حدود اوزكند وتنصب إليه أنهار أخر فيجتمع الكل منها ويمر فيمتد إلى اخسيكث ثم يمر على خجندة ثم على بناكث ثم على ستكند ويجري إلى باراب وإذا جاوز حد صبران جرى في برية تكون في حاشية الأتراك الغزية فيمتد إلى القرية الحديثة على ثلاثة أميال منها ثم يقع في بحيرة خوارزم على مرحلتين من الحديثة والقرية الحديثة فيها مسلمون غير أنها دار مملكة الغزية ويقيم بها في الشتاء ملك الغزية وبقربها جند وخوارة فيها مسلمون والسلطان فيها للغزية ومن خوارزم إليها عشر مراحل والقرية هي أيضا من باراب على عشرين مرحلة. وفرغانة اسم الإقليم وهو عريض موضوع على سعة مدنها وقراها وقصبتها اخسيكث واخسيكث مدينة جليلة على شاطئ نهر الشاش على أرض مستوية بينها وبين الجبل ميل ونصف وهي على شمال النهر ولها ربض عامر وأسواقها في مدينتها وربضها وأكثر أسواقها في مدينتها وبها مياه تخترق أزقتها جارية وحياض كثيرة وأمامها إذا عبرت منها نهر الشاش مروج ومراع كثيرة ورمال مقدار مرحلة. ومن اخسيكث إلى قبا ثلاث مراحل وبين اخسيكث واوزكند أربع

مراحل وجملة ما بين نهر جيحون من مدينة فربر إلى اوزكند ثلاث وعشرون مرحلة واوزكند مدينة قد سبق ذكرها وهي متاجر على باب الأتراك ولها بساتين وحدائق وجنات ملتفة ومياه مخترقة. ومن كورة فرغانة نسيا العليا ونسيا السفلى المتصلتان بروذان وكذلك روذان هذه وجدغل واورست. فأما مدن نسيا العليا فهي أول كورة من فرغانة إذا دخلت إليها من ناحية خجندة ومن مدنها وانكث وسوخ وخواكند ورشتان. ونسيا السفلى تتصل بها ومن مدنها مرغينان وزندرامش ونجرنك واستيقان واندكان وهلى. وهاتان الكورتان من فرغانة سهول ومروج وليس في أصقاعها جبال. واسبره مدينة سهلية جبلية ومن مدنها طماخش وبامكاخش. وسوخ مدينة على حدة من الجبال ولها ستون قرية وهي مدينة جليلة على حدة وأوال اسم المدينة ولها قرى وهي كورة على حدة ونقاد (مدينة) جبلية وهي اسم الكورة ومدينتها مسكان وليس لها مدينة غيرها واوش (اسم)

المدينة وقبا اسم المدينة ولها قرى كثيرة وليس في حد قبا مدينة غيرها وفي (حد) اوش مدينة أخرى تسمى مدوا وبينهما ستة أميال واوزكند اسم المدينة ولها قرى وليس في عمالتها مدينة أخرى غيرها وكاسان اسم المدينة واسم الناحية أيضا ولها قرى كثيرة وجدغل اسم الكورة ومدينتها اردلانكث وليس في عملها مدينة غيرها وميان روذان اسم الكورة ولها قرى كثيرة ومدينتها خيلام وكروان اسم المدينة ولها قرى ونجم اسم قرى كثيرة واورست لها قرى كثيرة واستياكند وشلات لهما قرى كثيرة وهما بابان للترك ويفضى إليهما من ميان روذان كما أن اوزكند باب للترك. والطريق من سمرقند إلى الشاش من سمرقند إلى اباركث مرحلة ومن اباركث إلى رباط سعد مرحلة ومن رباط سعد إلى فورنمذ مرحلة ومن فورنمذ إلى زامين مرحلة ومن زامين إلى ساباط مرحلة ثم إلى قطوان دزه مرحلة وإن شئت نزلت خرقانة ومنها إلى ديزاك مرحلة ومنها (إلى) بئر الحسين مرحلة ثم بئر حميد مرحلة ثم إلى وينكرد مرحلة إلى استوركث مرحلة ثم إلى بنكث مرحلة ثم إلى رباط بالقلاص مرحلة ويدعى انفرن ثم إلى غركرد وهي قرية مرحلة ثم إلى اسبيجاب مرحلة ثم إلى بذخكث مرحلة ومن بذخكث

إلى الطراز يومان لا رباط بينهما ولا عمارة هناك ومن أراد طريق بناكث فإنه ينزل من اباركث إلى رباط سعد ومنه إلى زامين إلى خاوس إلى بناكث ثم إلى استوركث والجميع من وادي جيحون إلى الطراز ثلاث وعشرون مرحلة. ومدن الشاش وايلاق واسبيجاب فكلها تنقارب أعمالها وتتداخل أكوارها. وأما اخسيكث فإن منها إلى شكث سبعة وعشرون ميلا وهي أول مدن ميان روذان ومن اخسيكث إلى سلات آخر ميان روذان نحو من خمس مراحل ومن اخسيكث إلى كروان سبعة وعشرون ميلا وتتصل بلاد اخسيكث ببلاد ايلاق كما قدمناه وبين كند ونهر الشاش ثلاثة أميال وكذلك بين وانكث والوادي زيادة على ثلاثة أميال ولقبا رستاق بينه وبين نهر الشاش مرحلة ومن قبا إلى استيقان تسعة أميال ومن استيقان إلى الوادي أحد وعشرون ميلا وكذلك استيقان وكلشجك واردلانكث وبسكث وسامسيرك كلها في مقدار مرحلة في نحوها وأيضا إن المدن التي ما بين بناكث وتونكث ونهر الشاش ونهر ايلاق فإنها غرجند وخاش ودخكث وتكث وكه سيم كلها في مقدار

يومين طولا وفي أقل من يوم عرضا وأما ما بين نهر ايلاق ونهر الشاش من غربي من تونكث فإنها اربلخ ونموذلغ في مقدار خمسة عشر ميلا وجينانجكث على طريق وينكرد إلى بنكث وبينها وبين نهر الشاش ستة أميال ونجاكث على نهر الشاش ويجتمع الواديان عندها أعني نهر برك بنهر الشاش وبينها وبين [[نهر]] بناكث تسعة أميال وخاتونكث على نهر برك بقرب خذينكث على سمتها ومنها إلى خذينكث اثنا عشر ميلا على سمت المشرق وسنذكر بقية بلاد الشاش فيما بعد بحول الله تعالى. نجز الجزء الثامن من الإقليم الرابع والحمد لله يتلوه الجزء التاسع منه إن شاء الله تعالى.

الجزء التاسع

الجزء التاسع إن الذي تضمن هذا الجزء التاسع من الإقليم الرابع قطعة من بلاد خاقان خرلخ والأتراك الخرلخية وهي روذان وبلاد يالان وبلاد برسخان السفلى وأرض الخلجية ومدنها وأنهارها وقلاعها وبعض بلاد الكيماكية ونحن نريد أن نذكر ذلك على نص حقيقة ما هو عليه كما سبق لنا قبل هذا بحول الله تعالى. فنقول إن الطريق من اخسيكث إلى قرنطية من بلاد التغزغز فمن اخسيكث إلى كشوكث مرحلة ثم إلى انشت مرحلة إلى كنشكاث مرحلة ثم إلى بوكند مرحلة ثم إلى كركث مرحلة ثم إلى الجبل مرحلة ومن الجبل إلى حولك ثلاث مراحل ومن قرية حولك إلى مدينة خاقان خرلخ ثلاثة وثلاثون ميلا وهي مدينة خاقان الخرلخية وهي مدينة كثيرة العمارة والحصانة والرجال والعدد ثم إلى اطراقانا وهي مدينة كبيرة من مدن الخرلخية ست مراحل

ومدينة اطراقانا لها حصن حصين وماؤها من عيون ناشعة وفيها رجال أنجاد من تحت ملك الخرلخية ومن مدينة اطراقانا إلى مدينة قرنطية عشر مراحل في مفازة فيها قوم من الترك رحالة ولهم سوائم وجمال وحالات حسنة ومدينة قرنطية أول مدينة من مدن الكيماكية وهي كبيرة طولها تسعة أميال في عرض ثلاثة أميال وهي على بحيرة كبيرة تسمى بحيرة غاغان وطولها فيما يحكى ستة أيام في عرض يوم ونصف وملك قرنطية ذو بأس وجلادة ورجال وعدد كثيرة وخيول ورماة قسي بل كلهم يرمون بالقسي ومنها إلى مدينة ملك الكيماكية أربع وعشرون مرحلة وهذا الطريق كله من الغرب إلى المشرق. ومن مدينة قرنطية إلى باخوان سبعة أيام ومن اطراقانا إلى باخوان ثلاث مراحل جنوبا. وهذه البحيرة المنسوبة إلى غاغان عليها من جهة المغرب مدينة غاغان وبينها وبين قرنطية ست مراحل وغاغان مدينة حسنة كثيرة الخيرات دارة البركات وبها طرز لعمل ثياب الحرير ويتخذ بها من ثياب الوبر كل غريبة وتجار الترك يتجهزون بها منها بالكثير إلى سائر بلاد الأتراك. ومن مدينة غاغان إلى دموريا غربا أربعة أيام ومدينة دموريا مدينة من بلاد الكيماكية عامرة القطر كثيرة البشر ومن دموريا إلى مدينة سراوس بين شمال وشرق مرحلتان في عمارة وقرى للترك الكيماكية وسراوس مدينة

كبيرة لها سور حصين وخيول وفرسان وأنجاد من الترك ومنها إلى غاغان جنوبا ثلاثة أيام. ودموريا وسراوس على نهر شريا وهو نهر كثير الماء لين الجرية والسفن فيه مختلفة صاعدة ونازلة ونهر شريا منبعه من عينين إحداهما عين في أصل جبل اشلوب والثانية من أرض دموريا ثم يجري ماؤهما شرقا إلى مدينة سراوس ثم يمر حتى يصب في بحيرة غاغان في أسفلها من جهة الشمال وذلك أن جرية هذا النهر من أوله إلى مصبه في البحر خمسة وسبعون فرسخا وهي من الأميال مائتا ميل وخمسة وعشرون ميلا. وكذلك من مدينة سراوس إلى مدينة بنجار شرقا والطريق بينهما مفاوز وأرض جدبة والطريق في حضيض جبل غرعز عشرة أيام غير أن هذه الطريق آمنة جدا ومدينة بنجار كبيرة القطر عامرة بأصناف الترك الكيماكية وفيها أجناد وعدد وأموال يتصرف أهلها فيها وفي جبالها معادن فضة ويصاد فيها أنواع من النمور [[والنبر]] والببر واليلغش وعدة من الحيوانات ذات الأوبار والتجار يخرجونها إلى سائر البلاد. ومن أراد السفر أيضا في الماء إلى غاغان أو إلى قرنطية أو إلى سراوس أو إلى دموريا سار من بنجار إلى قرية دهراة وبها المراكب الحمالة وهي على ضفة البحيرة وبينهما يوم ونضف يوم تخرج من بنجار إلى رأس العقبة وبها المنزل ثم تنزل من العقبة إلى قرية دهراة فتركب في المراكب فمن شاء

المسير إلى قرنطية سار في طول البحيرة ست مراحل بالمدافع والمشي فيها مساحلا وإن قطع روسية بالقلاع قطعها في ثلاثة مجار وكذلك إن أراد مدينة غاغان قطع إليها عرضا في يوم وليلة بالريح الطيبة ومن شاء مدينة سراوس أو مدينة دموريا ركب البحر من قرية دهراة إلى مصب نهر سراوس ومر بطول النهر إلى مدينة سراوس أو إلى مدينة دموريا أيهما شاء إن شاء جذفا أو جريا بالقلاع. ومن دموريا إلى مدينة خاقان خرلخ اثنا عشر يوما مفاوز لا عامر بها وهو طريق مخوف وقلما يسلكه أحد إلا في العسكر الكبير وهذه المفازة حجز بين بلاد خرلخ وبلاد الكيماكية. والطريق من الطراز إلى برسخان السفلى تسعة وثلاثون ميلا وهي قرى وعمارات ثم إلى كصراباس ستة أميال وهي جرمية يشتو في مراعيها الترك الخرلخية وبقربها مع الجبل مشتى الخلجية وهم صنف من الأتراك مهادنون ومنها إلى كول شوب اثنا عشر ميلا ثم إلى جبل شوب وهي قرية عامرة للأتراك اثنا عشر ميلا ثم إلى كولان قرية غناء خمسة عشر ميلا ومن قرية كولان إلى قرية برك خمسة عشر ميلا ونهر برك يخرج من جبلها وإليها ينسب فيمر ببلاد ايلاق ويصب في نهر الشاش ومنها إلى اشبره خمسة عشر ميلا ثم

إلى قرية غناء بوركث أربعة وعشرون ميلا ثم إلى قرية جول اثنا عشر ميلا وهي قرية عظيمة ثم إلى سارغ وهي قرية عظيمة أحد وعشرون ميلا ثم إلى مدينة خاقان اثنا عشر ميلا ثم إلى نواكث اثنا عشر ميلا ثم إلى كبال ستة وثلاثون ميلا ثم إلى برسخان العليا نحو عشر مراحل بسير القوافل في مراع خصبة ومياه جارية فأما لبريد الترك فخمسة أيام. والطريق من الطراز إلى بنجار من بلاد الكيماك وهي ستة وثلاثون مرحلة من الطراز إلى كصرا خمسة وأربعون ميلا ثم يتجاوز الجبل ويمر إلى دمرناخ أربع مراحل ودمرناخ مدينة صغيرة على أصل جبل وفيها رجال أنجاد وعدد وأسلحة ومنها في مفاوز وأرض غير عامرة كثيرة الخصب وبها قوم من الخلجية طواعن لهم بيوت شعر يأوون إليها مثل العرب إلى قلعة خيخم عشرون مرحلة شرقا وهي قلعة للأتراك الخلجية وبها ملكهم وله عدة واستعداد وعساكر وأجناد وبلاد خصبة وهذه القلعة منقورة في رأس جبل والماء قد عم ذلك الحفر المستدير بجمل الحصن فصار كالبحيرة المستديرة به وفي هذا الماء حوت كثير وسمك غزير ويصاد به منه الشيء الكثير ومن حصن خيخم إلى قلعة ذهلان شرقا سبع مراحل وقلعة ذهلان أيضا حصن منيع ومعقل رفيع وبه عدة وزجال وهو من عمالة كيماك وهو أول نظره وأسفل هذا الحصن أيضا بركة ماء كبيرة عظيمة عذبة في نفس الجبل ومنها يشرب أهل

الحصن ومن قلعة ذهلان إلى بنجار أربع مراحل في عمارة متصلة ومزارع حنطة وشعير وأرز. ومن قلعة ذهلان إلى خناوش ستة أيام شمالا ومدينة خناوش عامرة للكيماكية وهي على نهر يخرج من الجبلى الذي عليه قلعة ذهلان وهذا النهر أيضا يقع فيه نهر آخر يخرج من جبل لالان. ومن خناوش إلى مدينة لالان ست مراحل غربا ومدينة لالان في أسفل جبل عال وعلى أعلى الجبل صنم عظيم مبني على أعلاه صورة رخام وأهل تلك الناحية يتعبدون إليه ويصدقون عليه ويأتونه من كل فج عميق. والطريق من مدينة دمرناخ إلى مدينة لالان طريقان فالطريق الأعلى من مدينة دمرناخ إلى مدينة شالونيا شرقا أربع مراحل ثم إلى مدينة بغراز ست مراحل شرقا وهي قلعة حصينة ومنه إلى لالان سبع مراحل. ومن مدينة شالونيا إلى جينقو أربع مراحل شمالا ومن جينقو إلى نغران ست مراحل ونغران مدينة حسنة في سفح جبل ولها قلعة حسنة لا تنال إلا بعد جهد ولها عمارات وزراعات متصلة وشرب أهلها من الآبار المنقورة في الصخر ومنها إلى مدينة لالان شرقا ست مراحل. ومدينة لالان مدينة كبيرة القطر كثيرة العمارة وهي في سفح جبل يكتنفها من جنوبها وهذا الجبل يعرف بجبل لالان وعلى مسير يومين من غربيها ينفجر نهر كبير يمر في جهة الغرب فيقع في بحيرة كبيرة كثيرة

الماء والحوت يصاد بها كثيرا. ومن شاء سار من دمرناخ المتقدم ذكرها إلى بنخدخ خمس مراحل شمالا وهي مدينة حسنة ومن بنخدخ إلى جينقو خمس مراحل وجينقو مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى نغران ست مراحل وكذلك من نغران إلى لالان ست مراحل وقد ذكرنا ذلك. نجز الجزء التاسع من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر إن شاء الله تعالى.

الجزء العاشر

الجزء العاشر إن هذا الجزء العاشر من الإقليم الرابع تضمن قطعة من بلاد ما خلف النهر من بلاد الكيماكية فيها عدة من بلادها وأملاكها ولها أنهار كثيرة ومراع وجهات وبتمام هذا الجزء يتم ذكر الإقليم الرابع ثم نذكر الإقليم الخامس على تواليه ونريد أن نذكر ما في هذا الجزء على التقصي مثل ما سبق لنا في سائر الأجزاء السالفة من هذا الكتاب. فنقول إن ملك الكيماكية من أعظم الملوك قدرا وأجلهم خطرا والكيماكية بشر كثير وجمع غزير وهم مجوس يعبدون النار وفيهم زنادقة وسكناهم في غياض وأشجار ملتفة يتبعون الكلأ وبين الطراز وموضع مدينة الملك التي بها ملكه أحد وثمانون يوما في مفاوز بلاد الأتراك الخلجية وبلادهم أوسع البلاد أقطارا وأكثرها خصبا وغمارا. وكيماك في جنوبها التغزغز ومع غربيها وجنوبها الخرلخية مما يلي ناحية التبت وفي غربيها الخلجية وفي شرقيها بحر الظلمة أيضا وفي هذا البحر جزائر عامرة والتجار يسافرون إليها في الماء خوضا على ظهور الدواب ويبيتون في كل ليلة على الشجر ودوابهم مربوطة في الماء إلى أصول تلك الشجر.

ومدائن ملوك الكيماكية ست عشرة مدينة فمنها مدينة أسطور ونجعة وبوراغ وسيسيان ومنان ومستناح ومدينة الملك المسمى خاقانا وبنجار وذهلان وخناوش. والطريق من بنجار إلى مدينة خاقان يخرج من بنجار مارا في عين الشرق إلى مدينة أسطور ست مراحل في مفاوز وأرضين غير عامرة. ومدينة أسطور مدينة عامرة بالأتراك ممتدة الزراعات ومياهها كثيرة وغلاتهم الحنطة والأرز وبها معادن الحديد ويصنع منه الصناع كل مليحة ويصوغون منه كل عجيبة وهي على نهر غماش وأهلها أنجاد لهم عزم وحذر من ذلك أنهم لا يمشون إلا وهم حذرون شاكون في سلاحهم وأهلها بالجملة عن الهواء والماء أشجع الأتراك نفوسا وأنفذهم عزما وأحماهم جانبا وأنجحهم طالبا ولهم عند ملوكهم حظوة وإعزاز ولهم أموال واسعة وأحوال وادعة. ومن مدينة اسطور إلى سيسيان اثنا عشر يوما شرقا في البر وفي النهر أقل من ذلك. ومدينة خاقان الملك مدينة عظيمة لها أسوار محدقة متحصنة وأبواب حديد وللملك بها أجناد كثيرة وعساكر واستعداد وملوك الأتراك تهاب سلطانه وتخاف نقمته وتحذر سطوته وتتوقى غاراته لما علموا له من ذلك وما تقدم فيهم من فعله وهو ملك عظيم ولا يتولى الملك فيهم إلا من هو من أهل الملك مع القدم.

وملك الكيماكية يلبس حلة الذهب وقلنسوة الذهب المكللة ويظهر لأهل مملكته في أربعة أوقات من السنة وله حاجب ووزراء ودولة عادلة مأمونة وأهل دولته يحبونه لإحسانه إليهم ونظره في أمورهم وحمايته لهم من أعدائهم ولهذا الملك قصور ومبان شامخة ومتنزهات رائقة وله مع ذلك همة عالية وكرم طبع. وأهل مدينته لا يقولون بالهموم ولا تجدها قلوبهم ولا يعولون على فائت ولا يكترثون بالمصائب وهم أخصب أهل البلاد أندية وأطيبهم معايش وأكثرهم إنفاقا وأعلاهم همما ولباسهم الحرير الأحمر والأصفر ولا يلبس هذا النوع من الثياب إلا الخاصة والمياه تخترق أزقتهم وأسواقهم وبيعهم وسائر ديارهم وهم يدينون بدين الصابئين ويعبدون الشمس والملائكة. ومن مدينة خاقان الملك إلى مدينة مستناح أربعة أيام في البر شمالا ومع النهر انحدارا أقل من ذلك ومستناح مدينة كانت فيما يذكر دار الملك قبل هذا وانتقلت المملكة عنها إلى المدينة التي هي الآن قاعدة دار الملك ومن هذه المدينة إلى البحر المحيط مسير ستة أيام. وجملة هذه المدن التي ذكرناها وأكملنا أوصافها على نهر غماش وهو نهر كبير يخرج من جبال بنجار فيذهب في ناحية المشرق إلى مدينة أسطور وهي في الجنوب وينحدر إلى أن يأتي مدينة سيسيان وهي منه في الشمال ومنها يتحدر حتى يأتي مدينة الملك وهي منه في الجنوب ومنها ينعطف النهر مارا في جهة الشمال إلى مدينة مستناح وهي منه في الضفة الغربية ومن هذه

المدينة ينحرف إلى جهة الشرق إلى أن ينصب في البحر. وبه سمك كثير وحيتان عظيمة وفيما حكى صاحب كتاب العجائب إن به سمكة صنجة وهي التي يستعمل منها أطباء الهند والصين السم القاتل من ساعة وليس فيما يدرى من السموم شيء أفعل ولا أوحى قتلا منه والسم منها في مرارتها وهو لا يتغير ولا يبطل له فعل أربعين سنة. ويقع في هذا النهر أنهار كثيرة تمده وتفخم جريته وعلى ضفتيه غياض ملتفة وأشجار مصطفة وأكثر أشجاره الكركهار الذي ذكره أبو بكر بن وحشية في كتابه ويحكي أن عروق أصوله شفاء من سم ساعة. ومن مدينة خاقان الملك إلى مدينة بوراغ أربع مراحل بين جنوب وغرب ومن مدينة اسطور إلى مدينة نجعة وهي مدينة صغيرة على جبل منيع وليس لأحد صعود إلى رأس هذا الجبل بوجه ولا بسبب وبه للملك أموال وعدد وذخائر وعليها حراس وحفاظ من ناحية الملك. وجميع ساحل بحر الكيماكية يوجد به التبر عند هيجان البحر وتعاظم أمواجه والأتراك المجاورون لهذا الساحل يقصدون منه مواضع معلومة بأعيانها فيستخرجون بها التبر على ما جرت العادة به من الجمع والغسل بالماء تصويلا ثم يجمعون دقيقه بالزيبق فيسكبونه في أرواث البقر فيجتمع منه الشيء الكثير فيأخذ الملك منهم واجبه ثم يشتري أكثره وما فضل من ذلك تصرفت التجار به في تلك البلاد. وفي هذه البلاد من دواب المسك الشيء الكثير لكن المسك التبتي أفضل

من سائر المسك الهندي والصيني وسائر هذه الأرضين وفيها نقائع مياه تجتمع إليها سيول الأمطار وبها مزارع وخصب زائد وبوادي الأتراك تسرح بها وتنتقل من موضع إلى آخر حسب ما تأتيه الظواعن من العرب وبوادي البربر ولهم اهتمام بنتاج الجمال والخيل والترك كلهم يأكلون لحوم الخيل ويفضلونها على سائر اللحوم المأكولة من لحوم البقر والغنم وأكلهم الأرز واللحوم والسمك وعندهم الخمور قليلة. ولنسائهم جمال وحسن فائق ونساؤهم أجلد من رجالهم وأكثر تصرفا فيما يحتاجون إليه لحدة أنفسهن وعزة أطباعهن وعندهم الدهن من الزيت وإنما يسرجون مصابيحهم بالشحم واللبن والسمن والعسل عندهم كثير والسموك عندهم أيضا كذلك ودراهمهم نحاس ولباسهم التشمير وأطول أيامهم أربع عشر ساعة والأمطار عندهم كثيرة والأنواء متوالية والثلوج في جبالها دائمة شتاء وصيفا وقد جئنا بتمام الكلام في هذا الإقليم حسب الطاقة ومبلغ الجهد والاستطاعة والحمد لله على ذلك كثيرا. نجز الجزء العاشر من الإقليم الرابع والحمد لله ويتلوه الجزء الأول من الإقليم الخامس إن شاء الله.

الإقليم الخامس

الإقليم الخامس

الجزء الأول

الجزء الأوّل إن هذا الجزء الأول من الإقليم الخامس تضمن قطعة من شمال الأندلس فيها بلاد جليقية وبعض قشتالة وبلاد بيطو وبعض بلاد غشكونية من أرض الإفرنج. فأما بلاد برتقال فمنها مدينة قلمرية ومنت ميور ونجاو وسرتان وشلمنقة وسمورة وآبلة. وفيه من بلاد جليقية شقوبية وليون وشورية وبرغش وناجرة ولكروي وقسطيلة وبنت لرينة وبنبلونة وشنت مارية ودبلية وشنت جليانة وشنت بيطر وشنت أردم وشنت شلبطور ذولبيدة وبيونة. وفيه من بلاد هيكل سولى وتطيلة ووشقة وجاقة وقلهرة وفيه من بلاد غشكونية قرقشونة وقمنجة وشنت جوان وبيونة وآش وبرذال. وفيه من بلاد بيطو بذارس وبلفير وشنت جوان ورجالة وأنجيرش.

وفيه من بلاد قاورش أنقلازمة وإبلافية. ونريد أن نتكلم على هذه البلاد التي سميناها وأحاط بها هذا الجزء المرسوم ونصف أحوالها وما هي عليه من الصفات وجميل الهيئات. فأول ذلك البحر الغربي من هذا الجزء الأول هو بحر الظلمات الذي قدمنا ذكره والظلمة لا تفارقه في طرفي النهار البتة ويجاور شنترة ولشبونة. من بلاد إشبانية مدينة قلمرية وهي مدينة صغيرة متحضرة عامرة كثيرة الكروم والفواكه من التفاح والجراسيا والعيون ومكانها في رأس جبل تراب منيع لا يمكن قتالها وهي على نهر يسمى نهر منديق وهو يجري منها في شرقيها وعليه أرحاء طاحنة. وبين قلمرية وشنترين في جهة الجنوب ثلاث مراحل وبين قلمرية والبحر في جهة الغرب اثنا عشر ميلا وهناك يصب نهرها المسمى منديق. وعلى مصب النهر في البحر حصن منيع جدا يسمى منت ميور وهو في نحر البحر ولها زراعات وفوائد. والطريق من قلمرية إلى شنت ياقوب وذلك إن شئته في البحر سرت من حصن منت ميور إلى موقع نهر بوغو سبعين ميلا وهو أول أرض برتقال وهو مجرى إلا شيئا وبرتقال أرض معمورة بالقرى والحصون والعمارات المتصلة وبها خيل ورجال حرابة يغيرون على من جاورهم ولا يستضاء بنارهم. ونهر بوغو نهر كبير تدخله المراكب والشواني وماؤه يدخله المد والجزر

أميالا كثيرة ومنه إلى موقع نهر دويره خمسة عشر ميلا وهذا النهر نهر كبير خرار كثير الماء شديد الجرية عميق القعر وعلى ضفته مدينة سمورة وبين سمورة والبحر ستون ميلا. ومن هذا النهر إلى موقع وادي مينو ستون ميلا وهو نهر كبير عظيم واسع كثير العمق والمد والجزر يدخله كثيرا والمراكب تدخله إرساء وسفرا لما على ضفتيه من القرى والحصون وفي وسط هذا الوادي وعلى ستة أميال من البحر حصن في جزيرة متوسطة النهر وهو في نهاية من الحصانة والمنع لأنه على قنة جبل وعر ليس بكثير العلو ويسمى هذا الحصن أبراقة. ومن نهر مينو إلى موقع نهر طرون ستون ميلا وهو أيضا نهر كبير يدخله المد والجزر أميالا كثيرة وعلى مقربة من البحر في وسطه جزيرة وفيها حصن كبير والنهر يضرب سوريه من كلتي الناحيتين وهو عامر كثير العمارات وله أقاليم وعمارات متصلة. ومنه إلى موقع نهر الاذر ستة أميال وهو نهر صغير لكنه يحمل المراكب الكبيرة إرساء ومن هذا النهر إلى مصب نهر وادي مرار ستة أميال وهو أيضا نهر كبير والمد والجزر يدخله وترسى به كبار المراكب وهو نهر جريه من قريب وعلى موقع هذا النهر في البحر جزيرة صغيرة غير معمورة فيها مرسى وماء وحطب. ومن موقع هذا النهر إلى موقع نهر شنت ياقوب ستة أميال ويسمى هذا النهر نهر أناشت وهو نهر كبير كثير الماء رحب الفناء يدخله المد والجزر

وتطلع فيه المراكب الكبار نحوا من عشرين ميلا وهناك قنطرة عظيمة عدد قسيها خمس قسي كبار جدا وارتفاعها بمقدار ما يدخله المركب الكبير بقلاعه وعلى طرف القنطرة حصن عظيم يسمى أناشت. ومنه إلى كنيسة شنت ياقوب نحو من ستة أميال وهذه الكنيسة مشهورة مقصود نحوها محجوج إليها والروم يأتونها من جميع الأقطار يحجون إليها وليس بعد كنيسة بيت المقدس كنيسة أعظم منها وهي تضاهي كنيسة قمامة في حسن البناء وسعة الفناء وكثرة الأموال والصدقات وفيها من صلبان الذهب والفضة المرصعة بأنواع أحجار الياقوت الملونة والزبرجد وسائر ذلك ما يشف عدده على ثلاث مائة صليب مصوغ بين كبير وصغير وفيها من الإقونات المصوغة من الذهب والفضة نحو مائتي إقونة ويخدمها مائة قسيس غير ما لهم من الأتباع والخدام وهذه الكنيسة مبنية بالحجر والجيار إفراغا وقد أحاطت بها ديار يسكنها القسيسون والرهبان والدياقينون والشمامسة والداوديون وبها أسواق وبيع وشراء ويحيط بها قريبا منها وبعيدا قرى كبار كالمدن فيها البيع والشراء وفيها من الخلق أعداد لا تحصى. ومن كنيسة شنت ياقوب العظمى يخرج من البحر المظلم ذراع يمر من المغرب إلى المشرق وينعطف قليلا إلى جهة الجنوب حتى يصل مدينة بيونة والطريق من شنت ياقوب إلى مدينة بيونة مساحلا تأخذ من شنت ياقوب إلى وادي تامركة وهو نهر كبير ترسى به المراكب ومنه إلى رأس الطرف وهو يخرج في البحر كثيرا ومنه إلى الماء الأحمر وهو نهر كبير وعليه

كنيسة عظيمة وبمقربة من برت طامة وعلى هذا الوادي أقاليم كثيرة وقرى وعمارات ومن شنت ياقوت إليه اثنان وأربعون ميلا. ومن الماء الأحمر إلى أرمدة ستة أميال وهو حصن كبير على مقربة من البحر وله عمارات وقرى متصلة ومنه إلى حصن الفارو وهو حصن كبير جدا وبه أثر كنيسة عظيمة ومن الفارو إلى وادي أرتقيرة وهو نهر يدخله المد والجزر وعليه حصن يسمى منتويه ذبليه ستون ميلا وله زراعات وحراثات متصلة. ومنه إلى وادي قلنبيرة وهو نهر كبير المصب والبحر يدخله وعليه نظر كبير وبقرب منه كنيسة جليانة ستون ميلا ومن وادي قلنبيرة إلى وادي سندرية وهو نهر صغير لكنه عريض الفم والمراكب ترسى فيه وعليه كنيسة شنت بيطر ثلاثون ميلا. ومنه إلى وادي رجينة وعليه كنيسة شنت أردم خمسة وأربعون ميلا وهذا الوادي كبير والبحر يدخل فيه وفيه مرسى حسن وفي وسط هذا الوادي جزائر كثيرة معمورة وعليه أقاليم ومن هذا الوادي إلى وادي شلبطور ذولبيدة خمسون ميلا وهو واد كبير ينتفع بمائه ويزرع عليه وعلى حوافيه وبقرب منه قرى كثيرة وعمارات متصلة ومنه إلى طرف بشكير الذي عليه مدينة بيونة ثلاثون ميلا. وهذه المسافات المقسمة يأخذها المسافرون في ثلاثة عشر يوما وأقل وأكثر وبيونة على أخر طرف هذا الخليج ومن بيونة ينعطف البحر راجعا إلى جهة

المغرب ومن حصن الفارو المتقدم ذكره قبل يبتدئ جبل شيه فيمر مع مجرى البحر إلى أن يصل بيونة فمرة يبعد عن البحر حتى يكون بينهما يوم ومرة يقرب حتى يكون بينه وبين البحر خمسة عشر ميلا ويتمادى متصلا غير منفصل إلى مدينة بيونة. ويتصل هناك بجبل هيكل الزهرة ويكون طوله مسير تسع مراحل والمرحلة ثلاثون ميلا ويمر هيكل الزهرة في آخر جزيرة الأندلس معرضا فيسد ما بين البحر المظلم وهو بحر الإنقليشين إلى بحر الشام ويكون امتداد هذا الجبل من مدينة بيونة إلى أرض برشلونة وهو جبل عظيم ويسمى جبل البرتات وهو حجز ما بين بلاد الأندلس وبلاد الإفرنجيين وطول هذا الجبل من الشمال إلى جهة الجنوب مع يسير تقويس سبعة أيام وهو جبل عال جدا صعب الصعود فيه. وفيه أربعة أبواب فيها مضايق يدخلها الفارس بعد الفارس وهذه الأبواب عراض لها مسافات وهي مخوفة الطرق وأحد هذه الأبواب الباب الذي في ناحية برشلونة ويسمى برت جاقة والباب الثاني الذي يليه يسمى برت أشبرة والباب الثالث منها يسمى برت شيزروا وطوله في عرض الجبل خمسة وثلاثون ميلا والباب الرابع منها يسمى برت بيونة ويتصل بكل برت منها مدن في الجهتين فمما يلي برت شيزروا مدينة بنبلونة والباب المسمى باب جاقة عليه مدينة جاقة وسنذكر ما خلف هذا الجبل وما اتصل به من بلاد الروم بعد

هذا بحول الله. ولنرجع الآن إلى ذكر ما كنا بدأنا به أولا فنقول الطريق من قلمرية إلى شنت ياقوب على البر من قلمرية إلى قرية آبه مرحلة ومن قرية آبه إلى قرية وطيره مرحلة ومنها إلى أول بلاد برتقال مرحلة ويقطع الطريق عرض أرض برتقال في يوم وهناك قرية بونة قار وهي على ضفة نهر دويره وهو نهر سمورة ويعبر هناك في مراكب متخذة للجواز بها ومن القرية إلى نهر مينو إلى حصن أبراقة ستون ميلا وهو مرحلتان ومن حصن أبراقة إلى مدينة طوية مرحلتان وهي مدينة صغيرة حسنة خصيبة ومن طوية إلى شنت ياقوب مرحلة وقد وصفنا شنت ياقوب بما يكفي ويغنى عن تكراره. وكذلك من مدينة قلمرية إلى مدينة شلمنقة ثلاث مراحل بين شرق وشمال ومن شلمنقة إلى سمورة مرحلة ومدينة سمورة مدينة جليلة قاعدة من قواعد الروم ومكانها على شمال نهر دويره وعليها سور حجارة حصين ولها خصب كثير وكروم ولأهلها أموال وتجارات. ومن سمورة إلى مدينة ليون أربعة أيام وهي مائة ميل ومدينة ليون قاعدة مدن قشتالة وهي عامرة وبها رجال محاربون ولهم معاملات وتجارات بالمكاسب والنتاج ولأهلها همة ونفاسة. ومن مدينة ليون إلى مدينة أشترقة مرحلة وهي صغيرة متحضرة ومنها إلى

الجبل المسمى منت راد اثنا عشر ميلا ثم إلى جبل منت فبرير اثنا عشر ميلا ثم إلى شنت ياقوب ثلاثة أيام في قرى وعمارات متصلات وبين ليون والفارو التي على البحر الإنقلشي ثلاثة أيام. وكذلك الطريق من مدينة ليون إلى مدينة بنبلونة شرقا من مدينة ليون إلى مدينة سنفقون مرحلة وهو حصن عامر آهل حسن الجهات عامر المحلات ومنه إلى مدينة قريون يوم وهي مدينة متحضرة متوسطة المقدار كثيرة الخصب والمزارع ومنها إلى مدينة برغش مرحلتان ومدينة برغش مدينة كبيرة يفصلها نهر ولكل جزء منها سور والأغلب على الجزء الواحد منها اليهود وهي حصينة منيعة ذات أسواق وتجار وعدد وأموال وهي رصيف للقاصد والمتجول وهي كثيرة الكروم ولها رساتيق وأقاليم معمورة. ومن مدينة برغش إلى مدينة ناجرة يوم وهي مدينة عامرة ومنها إلى قسطيلة يوم وقسطيلة حصن كبير عامر آهل جيد ولأهله جلادة وحزم ومن حصن قسطيلة إلى حصن بنت لرينة يوم وهو حصن حصين وله كروم كثيرة وأعمال واسعة ومنه إلى مدينة بنبلونة يوم ومن مدينة بنبلونة إلى مدينة بيونة على ساحل البحر يومان والدخول إلى بنبلونة على البرت المنسوب إلى بيونة كما ذكرناه آنفا. ومن مدينة ليون السابق ذكرها إلى مدينة طليطلة سبعة أيام وكذلك من مدينة برغش أيضا إلى مدينة طليطلة سبعة أيام ومن شنت ياقوب إلى طليطلة على الطريق القصد تسع مراحل ومن مدينة شلمنقة إلى مدينة آبلة خمسون

ميلا وهي قرى مجتمعة وأهلها يركبون الخيل وهم أهل نجدة ومنها إلى شقوبية خمسون ميلا شرقا وشقوبية ليست بمدينة ولكنها قرى كثيرة متجاورة متقاربة متداخلة العمارات وفيها بشر كثير وجم غفير وكلهم خيل الملك صاحب طليطلة وهم أصحاب نتاج وسوائم وهم مشهورون بالحروب والصبر عليها أنجاد أجلاد. ومن شقوبية إلى تطيلة مائة ميل بين جنوب وشرق ومن تطيلة إلى سرقسطة خمسون ميلا فذلك جملة هذا الطريق من شلمنقة إلى سرقسطة عشر مراحل وقد ذكرنا سرقسطة وما جاورها من البلاد في موضعها من الإقليم الرابع قبل هذا حسب ما يجب من ذلك وكذلك من تطيلة المتقدم ذكرها إلى مدينة سالم يوم وبعض يوم. ومن سرقسطة إلى وشقة خمسون ميلا ومن وشقة إلى لاردة سبعون ميلا ومن وشقة إلى مكناسة سبعون ميلا وبين لاردة ومكناسة خمسون ميلا فأما مدينة وشقة فإنها مدينة حسنة متحضرة ذات متاجر وأسواق عامرة وصنائع قائمة متصرفة. وأيضا إن مدينة مكناسة صغيرة شبيهة بالحصن وهي من ثغور الأندلس وكذلك مدينة لاردة مدينة متوسطة القدر كثيرة المنافع على نهر الزيتون وهو نهر يأتي من جبل البرتاب فيجتاز بجاقة من شرقيها إلى لاردة ويجتاز أيضا بسورها الشرقي فيصل مكناسة فيصب بها في نهر إبره ومكناسة بين النهرين. ومن لاردة إلى إفراغة وهو حصن ممدن له أسواق وصناعات وأهله أنجاد أجلاد وبينهما خمسون ميلا.

ومن إفراغة إلى مدينة طرطوشة خمسون ميلا ومدينة طرطوشة مدينة حسنة على نهر إبره وبينها وبين البحر الشامي عشرون ميلا ولها قلعة حصينة وينبت بجبالها من خشب الصنوبر ما ليس بمعمور الأرض مثله صفة في حسن ديباجته وعظمه وطوله ويحمل منها إلى أقطار الأرض المتباعدة والمتقاربة ويتخذ منه الأنقاض للملوك والخزائن وتعمل منه الصواري للمراكب السفرية والقرى وأنواع الآلات الحربية مثل الأبراج والنهيسات والسلالم ونحوها. ومن مدينة طرطوشة إلى مدينة طركونة اليهود خمسة وأربعون ميلا وطركونة مدينة على نحر البحر لها سور من رخام أسود وأبيض وقليلا ما يوجد مثله صفة وهذه المدينة في وقتنا هذا معمورة وكانت في قديم الزمان خالية لأنها كانت فيما بين حد المسلمين والروم وهي مدينة حسنة والأحناش بها مؤذية كثيرة ولها مرسى حسن ومياهها موجودة. ومنها إلى برشلونة خمسون ميلا ومدينة برشلونة على نحر البحر ومرساها ترش لا تدخله المراكب إلا عن معرفة وترؤس على ركوب البحر وهي مدينة لها ربض وعليها سور منيع والدخول إليها والخروج عنها إلى الأندلس على باب في الجبل المسمى هيكل الزهرة وبالرومية البرينيو وبرشلونة يسكنها ملك إفرنجة وهي دار ملكهم وله مراكب تسافر وتغزو وللإفرنج شوكة لا ترد وحملة لا تصد ويذكر أنهم من أبناء جفنة وبلاد برشلونة كثيرة الحنطة والحبوب والعسول. ومن برشلونة إلى قرقشونة أربعة أيام شمالا ومدينة قرقشونة مدينة حسنة

في سفح الجبل ولها كروم ومياه كثيرة ومن قرقشونة إلى قمنجة شمالا مع الجبل ثمانون ميلا وقمنجة مدينة حسنة متوسطة لها مكاسب وفوائد ولها سور حجارة وشرب أهلها من مياه عيون جارية ومن قمنجة إلى طلوشة يومان بين شرق وجنوب ومن قرقشونة أيضا إلى طلوشة شرقا ستون ميلا وكذلك من مدينة قمنجة إلى مرلانش ثمانون ميلا. ومن قمنجة إلى شنت جوان مع الجبل ستون ميلا وهي مدينة حسنة في سفح الجبل ولها كنيسة جليلة مقصودة ومن شنت جوان إلى مدينة مرلانش خمسة وستون ميلا ومن مدينة شنت جوان أيضا إلى مدينة بيونة مرحلتان شمالا ومن مدينة شنت جوان التي مع الجبل إلى أوش سبعون ميلا في جهة الشرق ومن مدينة بيونة إلى أوش تسعون ميلا في جهة الشرق ومن مدينة بيونة مع الشمال إلى مدينة برذال سبعون ميلا وكذلك من مدينة آش إلى برذال ثمانون ميلا. وكل هذه البلاد التي ذكرناها هي بلاد غشكونية المجاورة لجبل البرتات ومن مدنها جرندة وقمنجة وطلوشة وقرقشونة وأوش ومرلانش وشنت جوان وبرذال وبين برذال والبحر نحو اثني عشر ميلا ويتصل بإقليم غشكونية إقليم بربنصة وإقليم قاورش وإقليم برغش وإقليم بيطو وجميع هذه الأقاليم متصلة من جهة الشمال بإقليم غشكونية. فأما إقليم برغش فإنه يتصل بغشكونية موازيا لبيونة وفي جنوبه إقليم

قاورش وفي شماله إقليم بيطو وأما إقليم برغش فقواعد بلاده مدينة آش ومدينة برغش ومدينة أنقلازمة ومدينة آجن من بلاد قاورش ونقول إن مدينة برغش مدينة مسورة وأقاليمها منسوبة إليها وهي عامرة كثيرة الخصب ماؤها كثير ومزارعها متصلة وبين مدينة برغش ومدينة آش ستون ميلا وكذلك من مدينة برغش إلى مدينة آجن من إقليم قاورش خمسون ميلا ومن مدينة آجن إلى مدينة قاورش ستون ميلا شمالا. وكذلك من مدينة برغش إلى مدينة أنقلازمة مائة ميل ومنها إلى مدينة برذال من أرض غشكونية مائة ميل ومدينة أنقلازمة مدينة كبيرة عامرة ذات سور حصين ومزارع وخصب ومنها الى مدينة إبلافية من أرض بيطو تسعون ميلا وإبلافية مدينة صغيرة حسنة عامرة وهي على نهر وشرب أهلها منه ومن إبلافية إلى برذال أربعون ميلا وبرذال مدينة كاملة شاملة لضروب النعم كثيرة الفواكه ومن برذال إلى البحر اثنا عشر ميلا وكذلك بين البحر وبين مدينة إبلافية خمسة عشر ميلا. وأيضا فإن من مدينة أنقلازمة إلى مدينة شنت جوان من أرض بيطو مغربا أربعون ميلا ومن إبلافية إلى رجالة يوم ورجالة من أرض بيطو وهي صغيرة وعلى مقربة من البحر ومن رجالة إلى بلفير يوم على البحر ومدينة بلفير على ضفة البحر المظلم وبها يقع نهر أرليانش ومن رجالة أيضا إلى

شنت جوان من أرض بيطو خمسون ميلا وكذلك بين شنت جوان وبلفير مثل ذلك. وأيضا فإن مدينة بتارش إقليمها منسوب إليها وهي تتاخم أرض بيطو وهي مدينة حسنة كبيرة وبلادها منسوبة إليها وهي قاعدة مشهورة في عداد قواعد بلاد الروم مذكورة ومن مدنها أنجيرش وسنصف بعد هذا سائر البلاد التي ذكرناها جملا ونأتي بأوصافها حسب ما يقتضيه التصنيف ويكمل به التأليف إن شاء الله تعالى. نجز الجزء الأول من الإقليم الخامس يتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله تعالى وله الحمد كثيرا.

الجزء الثاني

الجزء الثاني تضمن هذا الجزء الثاني من الإقليم الخامس بلادا من قواعد الروم في أقاليم شتى فمنها قطعة من إقليم قاورش وإقليم بربنصة كله وفيه من البلاد أربونة ومنت بشلير وسنجيلي وبزارش وأفينون وبلنسية وبيانة وليون وفيه من بلاد غشكونية طلوشة وأوش ومرلانش ويجاور هذه إقليم قاورش وفيه من البلاد آجن وقاورش لا غير. ويلي هذا الإقليم في جهة المشرق إقليم بوي وإكلرمنت ويتصل بهذه في ا (لشرق) إقليم برغونية الإفرنجيين وفيه من بلادها بسنيس ونيفارش ومشكون وبجانب هذا الإقليم إقليم برغونية اللمانيين وفيه من القواعد جنبرة ولزنة وأغشت. وفيه أيضا قطعة من إقليم صوابة وفيه من أمهات البلاد إشكنجة وإكريزا وألمة وإلى جانبه إقليم قرنطارة وما يتصل به من سواحل بحر البنادقة وأرض أكيلاية وهناك بيصرة وقصطلو وربنة وقمالقة وكراديس وإسطاجانكو.

وفي هذا الجزء أيضا بلاد كثيرة من ساحل بحر الروم فيها أربونة ومنت بشلير وسنجيلي وإيرش وبنقلة وسفونة وجنوة وبيشة ولكة ولونة وفيه جمل من بلاد دسقانية وما جاورها من أطراف بلاد أنكبردة وما اتصل بها من أرض البنادقة والإفرنجيين وما يتلو ذلك في جهة الغرب من بلاد أنبردية مثل طرون وساوسة وإيبورية وغامنديو ومديلان وبابية ومنتو وفرارة وبلونية وفيه بعض بلاد قلورية وما اتصل بها من ملف وسرنتة وبنبنت وسنتنجلو. وكل هذه البلاد والأقاليم التي ذكرناها يجب علينا أن نرسم حدودها ونصف معالمها وطرقاتها ومجهول جهاتها وجملا من أوصافها ومحاسنها حسب ما سبق لنا من ذلك. فنقول إن مدينة طلوشة التي في إقليم بربنصة هي مدينة حسنة نبيلة لها قرى ومزارع وأقاليم جملة ومن طلوشة إلى مدينة أربونة الساحلية سبعون ميلا ومن طلوشة أيضا إلى قرقشونة مع الجبل الحاجز المسمى جبل البرتات ستون ميلا ومن طلوشة إلى مدينة بزارش شرقا مع شمال ثمانون ميلا ومدينة بزارش مدينة حسنة ذات سور حصين وزراعات كثيرة وقرى وهي من إقليم بربنصة. وكذلك من طلوشة إلى بوي مائتا ميل وثلاثون ميلا وبوي مدينة صالحة المقدار كثيرة الديار عامرة الأقطار كثيرة المزارع والغلات وهي من إقليم

إكلرمنت وهذا الإقليم يحيط به من جهة الشرق إقليم بربنصة ومن جهة الغرب إقليم قاورش ومن جهة الشمال إقليم بري. ومن طلوشة أيضا إلى مرلانش مائة وعشرون ميلا وبينهما مدينة أوش متوسطة ومدينة مرلانش مدينة كبيرة عامرة الجهات كثيرة العمارات متصلة الخيرات وهي من عمالة غشكونية وكذلك من مرلانش إلى مدينة شنت جوان التي في سفح الجبل ثمانون ميلا ومن مرلانش أيضا إلى آجن شرقا مع شمال خمسون ميلا وكذلك من مرلانش إلى آش ثمانون ميلا وكذلك من آش إلى آجن ستون ميلا. ومدينة آجن مدينة صغيرة متحضرة كثيرة الحنطة وافرة الزراعات حسنة الجهات وهي من إقليم قاورش وقاورش مدينة من قواعد بلاد الروم ذات عمارات كثيرة ومياه غزيرة وكروم وفواكه ومنها إلى مدينة آجن المتقدم ذكرها ستون ميلا ومن قاورش إلى برغش ثمانون ميلا وبرغش مدينة كبيرة جدا وقد سبق ذكرها. ومن مدينة بوي المتقدم ذكرها إلى مدينة بيانة التي على نهر رودنو ثمانون ميلا وكذلك من مدينة بوي أيضا إلى مدينة ليون على نهر رودنو سبعون ميلا ومدينة بيانة في شرقي الوادي ومدينة ليون في غربيه وكلاهما مدينة صغيرة لكنهما حواضر ذوات أسواق وبيع وشراء ويتصل بينهما عمارات في جهة الشرق إلى جبل منت جون وقرى ومزارع ومياه ناشغة غزيرة.

ومن بوي إلى إكلرمنت ستون ميلا وإكلرمنت مدينة جليلة عامرة كثيرة الخصب ومن مدينة بيانة إلى ليون ثلاثون ميلا ومن مدينة ليون إلى نيفارص مائة ميل وثلاثون ميلا وكذلك من ليون إلى مدينة بسنيس ثمانون ميلا وكذلك من مدينة إكلرمنت إلى قاورش ستون ميلا ومن إكلرمنت أيضا إلى مدينة نيفارش ثمانون ميلا ومن إكلرمنت أيضا إلى منت لشون شمالا ستون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة فرجة الجهات كاملة الخيرات وهي من إقليم بري. وكذلك من مدينة منت لشون إلى مدينة ليموجش غربا ستون ميلا ومدينة ليموجش قاعدة إقليم أنجو وتنسب أعمالها وقراها إليها وهو إقليم منفرد بذاته جنوبه أرض إكلرمنت وشماله أرض نيفارش وشرقيه بري وغربيه أرض برغش وليموجش مدينة حسنة حصينة ذات خيرات وافرة وقرى عامرة وزراعات طائلة وكروم كثيرة متصلة ومن نيفارش إلى ليموجش ستون ميلا وكذلك من منت لشون إلى برجش بري ثلاثون ميلا في الجنوب ومن منت لشون إلى نيفارص شرقا ثلاثون ميلا. ومدينة برجش قاعدة أرض بري وإقليمها يسمى بري وليس بإقليم بري إلا مدينة برجش ومدينة منت لشون ولبري قرى عامرة وخيرات وافرة وحروث

وكروم وخير وخصب زائد وبرجش من أكبر بلاد الإفرنجيين وإقليم بري منفرد بذاته يحيط به من جنوبه أرض إكلرمنت وبشماله إقليم طرش ومن غربيه أرض بيتارش وبشرقيه أرض برغونية الإفرنجيين ومن مدينة برجش إلى نيفارص ثمانون ميلا. ونيفارص مدينة جليلة نبيلة فيها رجال أنجاد وهي من غرر البلاد ذات قرى عامرة وجبايات وافرة ومنها إلى دجون شرقا ثلاثون ميلا وكذلك من نيفارص أيضا إلى لنكة ستون ميلا ومن نيفارص إلى إطرويش ستون ميلا ومن دجون إلى لنكة سبعون ميلا ومن مشكون إلى ليون تسعون ميلا ومشكون مدينة حسنة عامرة القطر كثيرة الخير متصلة الزراعات والكروم والجنات. ومنها إلى مدينة بسنيس خمسة وأربعون ميلا وبسنيس مدينة متحضرة على طرف الباب القاطع في الجبل المسمى منت جون وهو باب عظيم طوله بين الجبلين ثمانون ميلا وقيل مائة ميل وعلى فم هذا الباب من جهة بلاد أنبردية مدينة إيبورية وهذا الجبل جبل عظيم حاجز بين بلاد بربنصة وبرغونية الإفرنجيين وبرغونية اللمانيين وصوابة وقرنطارة وكل هذه الأقاليم من الجبل في الجهة الغربية وبين ما خلفه من جهة الشرق من بلاد أنبرضية وبلاد جنوة وبيش ورومة وما اتصل بها من بلاد أنكبردة وفيه من الأبواب أربعة أبواب يدخل منها ويخرج عليها إلى بلاد الروم من كلتا الناحيتين وهو جبل عظيم جدا

صعب الارتقاء إلى ذروته عريض الجرم وتخرج منه أودية كثيرة وسنذكرها بعد فراغنا من سائر البلاد التي في غربي الجبل على التوالي إن شاء الله. فنقول إن إقليم برغونية الإفرنجيين يحيط به من جهة جنوبه جبل منت جون ومن شرقيه برغونية اللمانيين ومن غربيه بري وبعض إقليم بربنصة ومن شماله إقليم إفرنسية وفي برغونية الإفرنجيين من قواعد البلاد بسنيس ومشكون ودجون ونيفارش وأشتيون وإطرويش ولنكة. فأما مدينة بسنيس فقد سبق ذكرها ومنها شرقا إلى مدينة مشكون خمسة وأربعون ميلا ومدينة مشكون رحبة الفناء واسعة الأرجاء ولها أسواق محدقة ومعايش مرفقة وأسواقها متحركة ومزارعها وعماراتها مشتبكة ومن مشكون إلى جنبرة أربعون ميلا وجنبرة مدينة على نهر رودنو وفي شرقيه وهي تتاخم بلاد برغونية اللمانيين ولها قرى عامرة وعمارات متكاثرة وكذلك من مشكون إلى مدينة دجون ستون ميلا ومدينة دجون في وسط براح من الأرض حسنة الرقعة مباركة البقعة ذات معايش وأرزاق كثيرة ومن مدينة دجون إلى مدينة لنكة سبعون ميلا. ومدينة لنكة مدينة رفيعة أقطارها واسعة ولها زراعات وكروم ومياه جارية وخيرات طائلة ومن مدينة لنكة إلى مدينة إطرويش ستون ميلا وإطرويش مدينة قائمة الذات فرجة الجهات جامعة لضروب من الخيرات وصنوف من البركات ومن مدينة إطرويش إلى أرليانش من بلاد إفرنسية ستون ميلا ومن

إطرويش أيضا إلى نيفارش المتقدم ذكرها ستون ميلا ومن نيفارش إلى لنكة ستون ميلا وكذلك من لنكة إلى بسنيس ثمانون ميلا ومن نيفارش إلى مدينة دجون خمسة وثلاثون ميلا وكذلك من مدينة مشكون إلى مدينة ليون من أرض بربنصة خمسة وثلاثون ميلا ومن نيفارش أيضا إلى أشتيون أربعون ميلا وكذلك من أشتيون إلى طرويش مثلها ومن أشتيون إلى أرض بري وقاعدتها برجش أربعون ميلا. وأرض برغونية الإفرنجيين أرض كثيرة القرى والمنافع متصلة الكروم والمزارع وأهلها رجال حروب وأرباب همم وقلوب وأهلها صميم الإفرنج وسلاطينها أكبر السلاطين. ويتصل بإقليم برغونية الإفرنجيين برغونية اللمانيين ومن بلادها أغشت وجنبرة ولزنة وبزنشون وبردون وهي من أخصب البلاد أرضا وأوسعها خيرا وأكثرها عامرا وملك اللمانيين يقيم بها ويتردد في بلادها ويحيط بها من جنوبها جبل منت جون ومن شرقيها بلاد اللمانيين ومن غربيها بلاد برغونية الإفرنجيين ومن شمالها إقليم لهرنكة. فأما مدينة أغشت فهي مدينة في سفح الجبل المسمى منت جون وهي مطلة على أرضها بهجة بقعها كثيرة مرافقها ونفعها وبها مياه ناشغة وعمارات متسعة ومنها إلى جنبرة خمسة وأربعون ميلا ومدينة جنبرة مدينة عامرة الديار

واسعة الأقطار متحصنة على ضفة نهر رودنو وبشرقيه ومن مدينة جنبرة إلى مدينة ليون مائة ميل وقد سبق ذكرها ومن جنبرة أيضا إلى مدينة لزنة شرقا خمسة وثلاثون ميلا. ولزنة على بركة عظيمة تجتمع بها مياه نابعة من جبل منت جون فيكون منها وادي رودنو المتقدم ذكره وحولها مزارع منتشرة وكروم عظيمة وأرض منجبة كريمة ومنها إلى بزنشون ستون ميلا شمالا مع تشريق يسير ومن بزنشون إلى مدينة لنكة المتقدم ذكرها من برغونية الإفرنجيين ستون ميلا وسنذكر باقي برغونية اللمانيين فيما يأتي بعد في الإقليم السادس بحول الله تعالى. ويتصل ببرغونية اللمانيين طرف أرض ضيقة من أرض اللمانيين وبها بزلة ومدينة بزلة على غربي نهر رين وهي مدينة حسنة ذات سور تراب كثيرة القرى والمزارع رحبة الأفنية جمة المنافع وسنذكرها مع جملة بلاد اللمانيين بحول الله تعالى. ويتصل بأعلى أرض اللمانيين أرض صوابة ويحيط بجنوبها الجبل ومن شرقيها أرض ببير وبغربيها أرض اللمانيين ومن بلاد صوابة (أ) سكنجة واكريزا وألمة وأوزبرك فأما أسكنجة فإنها مدينة في سفح الجبل ويخرج من جبلها

ومنها مبدأ نهر ذنو وبين مخرج نهر ذنو وأسكنجة اثنا عشر ميلا ومن أسكنجة نازلا مع النهر شرقا وشمالا إلى مدينة ألمة ستون ميلا. وهي مدينة فرجة ذات سور حصين ولها قرى وعمارات وكروم وفواكه وبها خصب كثير وكذلك من مدينة ألمة إلى مدينة بزلة من أرض برغونية مائة ميل وسبعون ميلا ومن مدينة ألمة إلى مدينة أوزبرك ثلاثون ميلا. وأوزبرك مدينة متوسطة المقدار كثيرة العمارات غاصة بأهلها وتجارها مياسير وهم يتجولون في تلك الجهات بضروب من التجارات وهي على ضفة نهر ذنو وسنذكر باقي بلادها فيما يأتي إن شاء الله. ويتلو هذا الإقليم إقليم قرنطارة ومن بلاد قرنطارة إكريزا ويتصل أيضا ببلاد إيكلاية وما على بحر البنادقة من المدن. فأما مدينة إكريزا فمدينة صغيرة في سند الجبل ولها أقاليم معمورة وقرى كثيرة ومياه جارية عذبة وكروم وفواكه وحبوب وحنطة وهي فرجة البقعة. والطريق من مدينة أنقونة إلى طرف الخليج من أنقونة إلى وادي أزموم أحد عشر ميلا وهو واد متوسط ومنه إلى وادي شنغالية خمسة عشر ميلا ومنه إلى واد يسمى ميتيو وهو واد كبير أربعة أميال. ومنه إلى مدينة فانو وهي لملك البنادقة أحد عشر ميلا ومن مدينة فانو

إلى بيسرة ستة أميال وهي على نهر كبير اسمه فولية وهي مدينة حسنة جليلة ذات سور حصين ولها قرى وعمارات وحصون. ومن بيصرة إلى ارينمينس خمسة وعشرون ميلا وهي على نهر كبير يسمى ماركلة وهذا النهر يضيق عند المدينة وكلما صعد كان أوسع وأصله بركة ماء كبيرة في أصل جبل ومن اريمني وتروى اريمنيس إلى مدينة قاصنة وهي مدينة بعيدة عن البحر حسنة الموضع فرجة النواحي كثيرة المزارع والقرى العامرة اثنا عشر ميلا. ومنها إلى مدينة سرفية خمسة عشر ميلا وسرفية مدينة كبيرة عامرة بالأسواق والفعلة والتجار المياسير والأحوال الطائلة وهي بعيدة عن البحر نحو ستة أميال. ومنها إلى مدينة ربنة وهي متوسطة بلاد البنادقة خمسة وعشرون ميلا وهي دار مملكة البنادقيين ولهم مائة مركب وأهلها أهل صرامة وغزو في البحر. ومن ربنة إلى مدينة قمالقة وهي مدينة كبيرة خصيبة على نحر البحر خمسون ميلا ومنها إلى فانرو أربعة وأربعون ميلا وهي دار مملكة البنادقيين

وملكهم يسكنها وهو صاحب أجناد وأسطول وهذه المدينة يحيط بها البحر من كل جهة. ومنها إلى اطربلة ثلاثة وعشرون ميلا واطربلة مدينة كبيرة عامرة جدا ولهم مراكب غزوانية كثيرة ولها قرى ومزارع ونهر صغير ومنه شربهم ومن اطربلة إلى مدينة بونص ثمانية عشر ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة بها بيع وشراء وديوان وجبايات ولهم مراكب كثيرة يسافر فيها. ومنها إلى كرادس ثمانية وثلاثون ميلا وهي مدينة كبيرة بها بشر كثير وجمع غزير ولهم مراكب كثيرة واردة وصادرة. ومن كرادس إلى إصطاجانكو خمسة أميال وهي مدينة متحضرة كبيرة القطر عامرة بالأجناد والعمال والرجال والتجار والصناع وهي حصينة على نهر كبير يأتي إليها من مسافة قريبة لكنه كبير ومنه شربهم وهذه المدينة على آخر طرف جون البنادقة وآخر بلاد البنادقيين وفرضة بلاد إيكلاية وفيها أسطول يغزي. فهذه جملة ما في أسفل هذا الجزء ونبتدئ الآن بذكر البلاد الساحلية التي على ساحل بحر الشام ونصفها بلدا بلدا وقطرا قطرا بعون الله تعالى وقوته. فنقول إن من مدينة أربونة إلى مدينة منت بشلير ثمانية وثلاثون ميلا ومدينة

منت بشلير بعيدة عن البحر على ثمانية عشر ميلا منه وهي عامرة كثيرة العمارة مقصد للوارد والصادر ومنها إلى أرلش على البحر عند موقع نهر رودنو يوم وكذلك أيضا من منت بشلير إلى شنت جيلي يوم وكذلك من شنت جيلي إلى أرلش ستة أميال. وأرلش وشنت جيلي هما على نهر رودنو ومدينة شنت جيلي على اثني عشر ميلا من البحر وهي في الضفة الشرقية من النهر وهي مدينة عامرة الجفن رائقة الحسن كثيرة المياه والأشجار غزيرة الفواكه والثمار ومن شنت جيلي إلى مشيلية على البحر خمسة وعشرون ميلا ومشيلية مدينة صغيرة متحضرة ولها كروم ولها زراعات وهي في سند تراب مطل على البحر ومن مشيلية إلى إيرش أربعون ميلا ومدينة إيرش على قرب من البحر وهي مدينة ذات سور حصين وموضع حسن كثير الشجر بادية الحضر كثيرة الخيرات. ومن إيرش إلى البنقلة خمسة وثلاثون ميلا وهو حصن منيع ومعقل رفيع وهو مطل على مزارع متصلة وخيرات مجملة ومنه إلى مدينة شغونة خمسة وثلاثون ميلا وهي مدينة حسنة رائقة المكان كثيرة الخصب والأشجار ومن شغونة إلى جنوة خمسة وعشرون ميلا. ومدينة جنوة قديمة أزلية البناء حسنة الجهات والأفناء بنيانها شاهق السمو وهي وافرة الثمر كثيرة المزارع والقرى والعمارات وهي على قرب نهر

صغير وأهلها تجار أملئاء مياسير يسافرون برا وبحرا ويقتحمون سهلا ووعرا ولهم أسطول مخيف ولهم معرفة بالحيل الحربية والآلات السلطانية ولهم بين الروم عزة أنفس. ومن مدينة جنوة إلى فنرة سبعون ميلا وحصن فنرة حصن عظيم كبير عامر مشيد ومنه إلى لونة اثنا عشر ميلا وهي مدينة على البحر ولها مزارع وقرى ومنها إلى بيش أربعون ميلا. ومدينة بيش من قواعد بلاد الروم مشهورة الذكر كبيرة القطر عامرة الأسواق والديار بعيدة الأفناء والأقطار كثيرة البساتين والجنات متصلة الزراعات أمورها شامخة وأخبارها هائلة ومعاقلها شاهقة وأرضها خصيبة ومياهها مغدودقة وآثارها عجيبة ولأهلها مراكب وخيل واستعداد لركوب البحر وقصد البلاد وهي على نهر يأتي إليها من جبل بناحية أنكبردة وهو نهر كبير عليه الأرحاء والبساتين. ومن مدينة بيش إلى مرسى الخنزيرية ستون ميلا وعليه حصن منيع ومن المرسى إلى جبت بكة خمسون ميلا ومن حصن جبت بكة إلى موقع وادي مدينة رومة المسمى طنابري خمسون ميلا. ومن أخذ طريق البر من بيش سار من بيش إلى مدينة لونة أربعين ميلا وهي على البحر ومنها في البرية إلى بستركن ثم إلى مدينة سنقليلية إلى جبل أنواط ثم إلى رومة لأن البحر يتجون بين جنوة وبيش ثم ينعطف إلى حصن أرجنتار إلى جبت بكة إلى رومة وبين رومة والبحر اثنا عشر ميلا.

ومدينة رومة ركن من أركان النصارى وذلك أنها كرسي من كراسيهم وبأنطاكية كرسي وبالإسكندرية أيضا كرسي وببيت المقدس كرسي لكنه محدث لم يكن في أيام الحواريين فاتخذ بعدهم لتعظيم بيت المقدس. ومدينة رومة مدينة عظيمة الدور يذكر أن محيطها تسعة أميال ولها سوران من حجر وعرض السور الداخل اثنا عشر ذراعا وسمكه اثنان وسبعون ذراعا وعرض السور الخارج ثمانية أذرع وسمكه اثنان وأربعون ذراعا وفيما بين السورين نهر مغطى ببلاطات نحاس طول البلاطة منها ستة وأربعون ذراعا. وسوقها معترض ما بين الباب الشرقي إلى الباب الغربي وهناك أسطوانات حجر في نهاية من الغلظ طول كل عمود منها ثلاثون ذراعا ومما يلي جانبي العمود الأوسط منها عمودان من نحاس أصفر رومي وقصبة العمود وقاعدته ورأسه مفرغ منه وعليها حوانيت تجار. وفي مقدم هذه الأسطوانات والحوانيت نهر يشقها من المشرق إلى المغرب قاعه كله مفروش بصفائح النحاس لا يستقر به شيء يرسى فيه وبهذا النهر تؤرخ الروم فيقولون من تأريخ عام الصفر والمراكب تدخل مدينة رومة على هذا النهر بأوساقها فتأتي المراكب بما فيها حتى تقف على حوانيت التجار. وفي داخل المدينة كنيسة عظيمة بنيت على اسم بطرس وبولس الحواريين وهما فيها في قبرين وطول هذه الكنيسة ثلاث مائة ذراع وعرضها مائتا ذراع وارتفاع سمكها مائة ذراع وأركانها من نحاس مفرغ وسمكها كذلك مغطى بالنحاس الأصفر وبرومة ألف ومائتا كنيسة وأسواقها وشوارعها مفروشة

بالرخام الأبيض والأزرق وفيها ألف حمام وفيها كنيسة جليلة البناء بنيت على صفة كنيسة بيت المقدس طولا وعرضا وفيها مذبح تقرب عليه القربان طوله عشرة أذرع وظهره كله مرصع بالزمرد الأخضر ويحمل هذا المذبح اثني عشر تمثالا من ذهب إبريز طول التمثال منها ذراعان ونصف وأعينها يواقيت حمر ولهذه الكنيسة أبواب مصفحة بالذهب الإبرير غير ما لها من الأبواب الخارجة المصفحة بصفائح النحاس وأبواب الخشب المنقوش. وفي مدينة رومة قصر الملك المسمى البابة وليس فوق البابة فوق في القدر والملوك دونه ويقيمونه مقام البارئ جل وعز يحكم بالحق ويتحرى المظالم ويرفق بالضعفاء والمساكين وينفي الضيم عن المهتضمين وحكمه نافذ ماض على جميع ملوك الروم ولا يقدر أحد منهم يرد عليه. ومدينة رومة أكبر من أن توصف أو يحاط باوصاف محاسنها كثرة وحسنا. ولمدينة رومة بلاد كثيرة وقواعد مشهورة فمنها أورط ومال مليار ووستو ومنت يأني وقشتال. فالطريق من مدينة رومة إلى مدينة أنكونة التي على البحر البنادقي من رومة إلى أورط يومان وهي مدينة على غربي نهر رومة وهي متوسطة فيها أسواق ولها سور تراب. وبأورط وفوقها يجتمع نهر توذر بنهر رومة فيصير نهر رومة إلى مدينة توذر وهي في غربي نهرها ويقابلها في الضفة الشرقية اماقة وهي مدينة نبيلة.

ومنها مع النهر إلى مدينة ناراوم وهي في الضفة الشرقية من نهر توذر وعلى قرب منها في ضفة النهر الغربية مدينة رات وهي مدينة متحضرة حسنة. ومنها إلى قمرين وهي مدينة حسنة جليلة ومنها إلى أزموم وهي مدينة كثيرة الخيرات عامرة. ومنها إلى أنكونة وهي مدينة كبيرة من قواعد بلاد الروم وبقربها نهر أزموم وهو واد متوسط ومنبعه من قريب مدينة أزموم ومدينة آسيا في غربي هذا النهر وبينها وبين البحر تسعة أميال. والطريق من جنوة إلى بلاد أنبرضية فمن أراد ذلك سار من مدينة جنوة إلى حصن برجة يومين ومن الحصن إلى نهر ناظمة يومان ومن نهر ناظمة إلى مدينة طرونة يومان. ومدينة طرونة مدينة حسنة عامرة وقاعدة متحضرة وفيها تجارات وأهلها مياسير وبها صناع وفعلة ومن مدينة طرونة إلى غامنديوا يومان. ومدينة غامنديوا عامرة كبيرة ذات قرى وزراعات وهي على نهر تسين ولها سور وأسواق نافقة وأهلها أملئاء ولها تجارات ودخل وخرج ومن غامنديوا إلى مدينة بابية يومان وبابية مدينة كبيرة من قواعد بلاد أنبرضية فرجة الديار عامرة الأقطار أسواقها قائمة ومرابحها دائمة وصناعاتها متصرفة ومعايشها مرفقة. وهي على نهر تسين وهناك يجتمع نهر تسين بنهر بادي وهذان النهران مخرجهما من شرقي جبل منت جون فيمران بين مغرب وجنوب إلى أن يصل

نهر تسين على مقربة من ناظمة فيلتوي إلى جانب الشرق مع الشمال فيمر حتى يجتمع مع نهر بادي فيمران معا ويصيران نهرا واحدا ثم ينقسمان قسمين فيمر أحدهما من بابية إلى مدينة منتوا وهي في الضفة الشرقية منه وهي مدينة كبيرة ومنها ينحدر إلى مدينة فرارة وهي في الضفة الغربية ثم ينقسم أسفلها قسمين فينحدر أحدهما إلى خليج البنادقة. والقسم الثاني يخرج من أسفل بابية مغربا ثم ينقسم قسمين فيمر الواحد مشرقا إلى مدينة برونة وهي في غربي النهر ثم يصب في البحر والقسم الثاني يمر غير بعيد إلى مدينة اكرمونة وهي في الغربي من هذا القسم إلى مدينة باذوة ثم يمر حتى يصب في البحر. وبين فرارة وبرونة مرحلة كبيرة وبين باذوة والبحر ثلاثة أميال. فالطريق من جنوة إلى رومة على البر من جنوة إلى لكة يومان وهي مدينة قديمة أزلية عجيبة البناء قائمة الأشكال عامرة الأسواق نافقة المصنوعات. ومن مدينة لكة إلى مدينة افلورنسة سبعون ميلا وهي مدينة عامرة الأسواق على ضفة الجبل وعلى مقربة من نهر بيش ومنها إلى سنقليلية يومان وهي مدينة متحضرة ذات أسواق وصناع وأموال. ومن سنقليلية إلى جبل أنواط خمسة عشر ميلا ومنه إلى رومة خمسة عشر ميلا. والطريق أيضا من مدينة جنوة إلى أنقونة التي على بحر البنادقيين من مدينة

جنوة إلى لونة على البحر أربعون ميلا ومن لونة إلى لكة خمسون ميلا ولكة كما وصفناها مدينة قديمة أزلية عامرة بأسواق وصناعات. ومن لكة إلى مدينة افلورنسة سبعون ميلا ومن شاء سار من لكة إلى بستركم شرقا خمسة وعشرين ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسوار وسوق عامرة وبيع وشراء وموضعها على باب من الجبل تدخل منه إلى أرض أنبرضية. ومن مدينة بستركم إلى افلورنسة خمسون ميلا ومنها إلى سنقليلية ستون ميلا وسنقليلية مدينة كبيرة عامرة في مستو من الأرض ومنها إلى مدينة ستريان سبعون ميلا بين شرق وشمال وهي مدينة كبيرة ومنها إلى منت تين سبعون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة وفي شرقيها مدينة كلوسي ومنها إلى أرتشين خمسون ميلا. وأرتشين مدينة في مستو من الأرض عامرة القطر حصينة خصيبة وعلى أميال منها في غربيها نهر بيش وهو يسقي أكثر أرضها ومن أرتشين إلى مدينة شنت ياني خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة ببنوا أربعون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى مدينة قشطالي خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى آسية على نهر خمسة وعشرون ميلا. وآسية مدينة حسنة ومنها إلى مدينة أزموم خمسة وعشرون ميلا ومن أزموم وهي على النهر منها إلى أنقونة أحد عشر ميلا وأنقونة على البحر البنادقي.

ومن أراد ربنة الساحلية خرج من مدينة بيش أو من مدينة جنوة وسار على الطريق الذي وصفناه الآن إلى مدينة قشطالي ثم يتوغل جبل بردون مع الشمال إلى مدينة سمنجلوا خمسة وعشرين ميلا. ومن سمنجلوا إلى مدينة شنت لو خمسة عشر ميلا وهي مدينة في سفح الجبل ومنها إلى ربنة خمسة وأربعون ميلا. وربنة متوسطة بلاد البنادقيين كما قدمنا وصفها وأيضا فإن من مدينة جنوة الساحلية على الطريق القصد إلى ربنة الساحلية مائتان وثمانون ميلا. وصفة الطريق من رومة مساحلا إلى مدينة ريو التي على مجاز جزيرة صقلية: فمن رومة إلى أسطونة ثلاثون ميلا ومن أسطونة إلى أنجة عشرة أميال وأنجة مرسى مستراح كثير الماء ومنه إلى جبل جرنجوا ويروى جرجير ويقال له قيطنة العرب وهو نهر كبير ثلاثون ميلا ومنه إلى مدينة طرجينة ستة أميال. فمن وادي رومة إلى طرجينة ستة وسبعون ميلا وطرجينة مدينة حسنة خصيبة عامرة آهلة ومرساها حرج لا خير فيه ومن طرجينة إلى مدينة غيطة أربعة وعشرون ميلا. ومدينة غيطة مدينة كبيرة القطر كثيرة الأهل وموضعها قرطيل منقطع عن البر ولها مرسى حسن مأمون مشتى وهو يوجد في البر والبحر وتتحصن فيه العساكر وبه إنشاء المراكب الكبار والصغار. ومن مدينة غيطة إلى غرليان وهو موقع ساسة خمسة عشر ميلا وهو

نهر جار كبير تدخله المراكب وعلى الوادي هناك برجان ومنه إلى حلق وادي جلاج اثنا عشر ميلا وهو على إبلاية مكشوف ولا يحمل المراكب الكبيرة ومنه إلى موقع نهر قبوة ستة أميال وهو إبلاية أيضا لا ستر فيه. ومن وادي قبوة إلى بطرية اثنا عشر ميلا وهي قرية ومرسى لا يستر ومنها إلى مدينة كومة ستة أميال وكومة مدينة صغيرة تبعد عن البحر يسيرا ومنه إلى مرسى مسينة اثنا عشر ميلا وهو مرسى مأمون قليل الماء وتتحصن فيه العساكر والرجال أعني عساكر البر والبحر. ومن مسينة إلى قشتلي وهو حصن عامر كالمدينة الصغيرة وهو في طرف جون ثمانية أميال ومن قشتلي مارا إلى مدينة نابل الكتان اثنا عشر ميلا. ونابل الكتان مدينة حسنة أزلية عامرة ذات أسواق نافقة السلع وافرة البضائع والأمتعة ومنها إلى مرسى اسطابة ثلاثون ميلا وهو جيد الإرساء وفيه الماء الكثير وهو حلق واد جار عذب على آخر جون ومن قصد منه ملف سار في البر ماشيا إلى ملف خمسة عشر ميلا. وبين اسطابة ونابل جبل النار وهو موضع لا يتوصل إلى بركانه لأنه دائم الدهر يرمى بالنار والصخر ومن أراد الساحل سار من اسطابة مساحلا إلى مدينة سرنت ثلاثين ميلا. ومدينة سرنت في قرطيل خارج في البحر وهي مدينة عامرة حسنة الديار كثيرة الخيرات والأشجار عليها خندق وعر لا ترسى به المراكب تشتية بل تجر فيه وبها إنشاء للمراكب.

ومن مدينة سرنت إلى رأس منتيرة اثنا عشر ميلا ومنها إلى بسطانة خمسة عشر ميلا وهو مرسى صغير ومنه إلى مدينة ملف الساحلية ثمانية عشر ميلا وهي مدينة عامرة يرسى بها متحصنة من جهة البر سهلة من جهة البحر إذا حوربت أخذت وهي قديمة أزلية ذات سور جيد وأهلها بشر كثير مياسير. ومن مدينة ملف إلى موقع وادي باذروا عشرة أميال وهو مستراح للأساطيل حسن وعلى أعلى هذا الوادي مستراح يسمى باذروا وبه يسمى الوادي وهو موضع حصين لا يتوصل إليه إلا من بابين وفيه الماء والحطب ومن هذا الوادي إلى سلرنو ميلان. ومدينة سلرنو مدينة جليلة ذات أسواق عامرة ومرافق عامة وحنطة وحبوب ومنه إلى وادي سيلسة وهو مرسى ضيق ستة أميال ومنه إلى وادي اسيلو اثنا عشر ميلا وهو واد كثير الماء تدخله المراكب وفي ضفتيه شعار وسباخ لا يتوصل إليه ترسى بداخله المراكب والأساطيل في أمن ومنه إلى جون غروبلي إلى جزيرة بغوضة بقرب البر عشرون ميلا ولا مرسى بها. ومن جزيرة بغوضة إلى جون الواديين عشرون ميلا ومنه إلى قشتال دمار عشرة أميال ومن قشتال دمار إلى مولبة ثلاثة عشر ميلا ويأتيها وادي شنت سيمري فيصب بها ومنه إلى بلي قشطرو أربعة وعشرون ميلا وهو حصن كبير عامر وإلى جانبه مع الشمال نهر ومنه إلى اطربس المعروف بمرسى رأس بلي قشطرو ستة أميال.

ومن هذا الرأس إلى قسطر كلي ثلاثة عشر ميلا ومن قسطر كلي إلى دسقالية اثنا عشر ميلا ودسقالية حصن كبير ومنه إلى رأس جرلة تسعة أميال ورأس جرلة أيضا نهر تدخله المراكب المخفة. ومن رأس جرلة إلى المنتية ثمانية وثلاثون ميلا والمنتية مدينة حسنة متحضرة في جون أولبة ومن مدينة المنتية إلى شنت فيمي أربعة عشر ميلا إلى موقع نهر قزليت إلى وادي مخاطة ميلان. ومن وادي مخاطة إلى أنجيطلوا وهو حصن كبير معمور ثلاثة عشر ميلا ومن أنجيطلو إلى بيبوني اثنا عشر ميلا ومنه إلى اتربية اثنا عشر ميلا ومن اتربية إلى باتقانو ويروى قامو بالميم ستة أميال. فذلك من مدينة منتية إلى رأس باتقانو خمسة وستون ميلا. ومن رأس باتقانو إلى ريو ستون ميلا ومن رأس باتقانو إلى باتقانو ستة أميال ومن الرأس إلى اتربية ستة أميال وهي مدينة حسنة مشهورة من قواعد بلاد الروم ومن اتربية إلى نقوطرة اثنا عشر ميلا ومن الفارو إلى ريو اثنا عشر ميلا. وسنذكر هذه البلاد وما جاورها من بلاد البرية في المصورة الثالثة. وبقي لنا أن نذكر بلادا تحصلت في هذا الجزء مما يلي مدينة سلرنو فمنها مدينة بنبنت وأبلينه فمن مدينة سلرنو إلى مدينة أبلينه أربعة وعشرون ميلا في جهة الشمال ومن مدينة بنبنت إلى سلرنو ستون ميلا ومن أبلينه إلى

جيبطيرة عشرون ميلا ومن جيبطيرة إلى سلرنو ثلاثون ميلا. ومدينة بنبنت مدينة قديمة أزلية عامرة وأبلينة مدينة صغيرة كالحصن ومن بنبنت في جهة الغرب إلى مدينة سرح ثمانية عشر ميلا ومن منت سرح إلى أرجنت اثنان وثلاثون ميلا. وأرجنت مدينة حسنة ذات عمارة وحالة صالحة ومن أرجنت إلى قبوة ثلاثون ميلا وقبوة على نهر كبير يأتي إليها من جبال في ناحية بنبنت ومن مدينة قبوة إلى أجرسة ثمانية أميال ومن أجرسة إلى نابل اثنا عشر ميلا وقد أكملنا ما تضمنه هذا الجزء والحمد لله. نجز الجزء الثاني من الإقليم الخامس ويتلوه الثالث منه إن شاء الله.

الجزء الثالث

الجزء الثالث إن الذي تضمنه هذا الجزء الثالث من الإقليم الخامس قطعة فيها بلاد قلورية وبلاد أنكبردة وأكثر خليج البنادقيين وما عليه من البلاد المشهورة. فمن هذه البلاد في الضفة الشرقية مدينة ريغنو ومدينة بولة ودرونة وآسيا ومصقلة وأرنس وصنطو ونولنص وجاذرة وصبناجي ورغوص واسبالطو وترغورون وقاترة وأنتبرية ودلجينة ودراست وبترلة وياننا وفاميو وكيرة. ومن البلاد التي على الضفة الغربية من خليج البنادقيين ابرندس واسلمونة ومنوبلي وقنبرصان وملفنت وبشالية واطرانة وبرلت وقاني وسيبنت ويقال باستية وروذانة ولاشنة ويقال لازنة وقنب مارين وكل هذه من بلاد أنكبردة على الساحل الغربي من الخليج.

ومن بلاد البحر أيضا ترملس وترانة وموقة وأنكونة وفيه من بلاد البحر الشامي طاجنة وقطرونة ورشانة وروسيت وطارنت. وفيه من بلاد قلورية قطنسان ومرطران وبجنال وقطروبلي وبنبنت وملف البرية وقنص وبنوصة وشنت غاثي وكلرمنت وسينس وبسنيان وسيمري واسترنجلي وترغارقو وجرسنة وكل هذه البلاد بلاد قلورية. ومن بلاد أنكبردية متيرة وغرنيلية وموطلى وقروى ماتلى وماطلى وتروى ماتي وغرابينة وقنوصة وأطرونة وعزقلة وتروى عسقلة بالسين وشنت لورين وشنت بجوش وجبطاط وشنت صبير وشنت أنجلي ولشنة وقنب مارين وترملس. ونحن نذكرها الآن بلدا بلدا ونأتي بأوصافها وطرقاتها كما سبق منا في سائر الأقاليم السالفة بحول الله تعالى فنقول أولا صفة الطريق [[من مدينة ريو باستدارة على ساحل بحر الشام ثم]] على ساحل بحر البنادقيين إلى مدينة أنكونة. فمن أذرنت إلى قرطيل شوذة اثنا عشر ميلا ومنه إلى شنت جوان مرتوبلى اثنا عشر ميلا وهي قرية ممدنة حسنة ومنها إلى قرطيل كنكا ستة أميال.

ومن كنكا إلى قرطيل شنت جنار اثنا عشر ميلا ومنها إلى قرطيل ناورة اثنا عشر ميلا ومنه إلى مدينة ابرندس أربعة أميال فيكون من أذرنت إلى ابرندس بتقوير الأجوان ثمانية وخمسون ميلا ويكون على التخلية ثمانية وأربعون ميلا. وابرندس مدينة جليلة يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث شبيهة بالقسطنطينة العظمى وهي في ذاتها حسنة البناء فسيحة الفناء كثيرة النعم خصيبة كثيرة المرافق ومن ابرندس إلى غوشيت اثنا عشر ميلا وغوشيت ثلاث جزائر لطاف بينها وبين البر نصف ميل. ومن غوشيت إلى مرسى شنت نقولة بترول اثنا عشر ميلا وهو مرسى لطيف مستراح وبه الماء ومنه إلى مدينة منوبلي أربعة وعشرون ميلا ومنوبلي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى حصن بلنيان ستة أميال وبقربها بلد يسمى قنبرصان ويبعد عن البحر تسعة أميال. ومن بلنيان إلى شنت بيطو وهو مرسى ميلان ومنه إلى مدينة باري اثنان وعشرون ميلا ومدينة باري مدينة كبيرة عامرة في قعر جون وهي قاعدة بلاد الأنكبردين وبها إنشاء مراكب وهي من قواعد بلاد الروم المشهورة. ومن مدينة باري إلى برج اجيلوا ويروى اشيلوا ويقابله في البر مدينة بطنت وبينها وبين البحر ستة أميال ومنه إلى جبناس ستة أميال ثم إلى ملبنت

أربعة أميال ويروى ملفنت بالفاء ويقابلها في البر روبة وروبة مدينة متوسطة حسنة وبينها وبين البحر ستة أميال ومن ملفنت إلى بشتالية ويقابلها في البر قورات وبينها وبين البحر تسعة أميال. وقورات مدينة حسنة متحضرة نبيلة فرجة كثيرة الفواكه خصيبة المعايش ومن قورات إلى طرانة على الساحل ثمانية أميال وكذلك من بشتالية المذكورة إلى اطرانة أيضا ستة أميال. واطرانة مدينة متوسطة لها سور وبها سوق مشهودة ومنها إلى برلت ستة أميال على الساحل ويقابل مدينة برلت في البرية مدينة تسمى أندرة وهي مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى البحر تسعة أميال. ومن برلت على الساحل إلى وادي لوذرة ستة أميال وعلى هذا الوادي دير كبير يسمى دير شنت مارية ومنه إلى مدينة قاني وهي مرتفعة عن البحر أربعة أميال ومدينة قاني مدينة صغيرة متحضرة كثيرة التجارات والأموال وأهلها مياسير. ومن شنت مارية إلى شنت نقولة ببترة اثنا عشر ميلا وهي على البحر في قرطيل ويقابلها مدينة صلبي على ستة أميال من البحر ومن شنت نقولة إلى وادي ريغلو ويروى نيقلو اثنا عشر ميلا واسم الوادي نفسه نهر قنالار. ومن نهر نيقلو إلى نهر كاطة أحد عشر ميلا ومنه إلى مدينة سيبنت ميلان وسيبنت على قرب من البحر ومنها إلى ماتناطة اثنا عشر ميلا وهي على قرب

من البحر ومنها إلى شنت أنجلو وهي مرتفعة عن البحر ثمانية أميال. وأيضا فإن من ماتناطة إلى مرسى شنت فليجي اثنا عشر ميلا وهي قرية وكنيسة عظيمة ومنها إلى بستية في قعر الجون في قرطيل يدخل في البحر اثنا عشر ميلا وبين البلد ورأس القرطيل مقدار رمية قوس الرجل وعرض القرطيل في الرأس قدر نصف ميل وعرض وسط القرطيل أربعة أميال. ومن بستية إلى بسكيش اثنا عشر ميلا ومن بسكيش إلى روذنة ثمانية أميال ومن روذنة إلى قينان اثنا عشر ميلا ومن قينان إلى دابية أحد عشر ميلا ومن دابية إلى لشنة ثمانية أميال ومن البحر إلى اقربيل أربعة أميال ولشنة أيضا على قرب من البحر ويروى لازنة. ومن لاشنة إلى قنب مارين اثنا عشر ميلا ومن قنب مارين إلى ترملة عشرون ميلا ويروى ترملس ومن لازنة إلى ترملس إبلاية بتدوير ومن ترملة إلى مصب نهر بشكار تسعة وخمسون ميلا جنوبا وكذلك من وادي بشكار إلى وادي طرنت ويروى ترنت ستة وثلاثون ميلا ووادي طرنت نهر كبير وعليه على بعد من البحر مدينة ترنت. وهي مدينة كبيرة كثيرة الخصب والخيرات ومن مصب نهر ترنت إلى مدينة قامة على البحر ثمانية وخمسون ميلا وقامة مدينة كبيرة القطر كثيرة الجنات والكروم ومنها إلى مدينة أنكونة ستة أميال.

وأنكونة مدينة قديمة أزلية مشهورة من قواعد بلاد الروم الساكنين على بحر البنادقيين وقد ذكرناها فيما سبق قبل. ومن مدينة أنقونة إلى قنب مارين خلاء وبرار وفيه اثنا عشرة مرحلة وهي من الأميال ثلاث مائة ميل وفي هذا الخلاء من الأرض قوم يأوون إلى غياض ومواضع يتصيدون فيها ويطلبون العسول في تلك البراري ومن أنقونة إلى طرف الخليج وقد ذكرناه في الجزء السابق لهذا الجزء. ومنه ينعطف الخليج في جهة الشرق وهنا أرض إيكلاية ومن بلاد ايكلاية البرية برونة وتروى برانة وبوبلة وطامطرس ومدينة برونة مدينة كبيرة وبينها وبين مدينة طامطرس مرحلة خقيفة وأيضا فإن من مدينة طامطرس إلى مدينة بوبلة تسعة أميال وهي مدينة كبيرة عامرة ومنها إلى انملة وتروى انجلة وأهلها من الإفرنج ثلاثة أميال ومن انملة إلى قنديلة الإفرنجيين ثلاثة أميال ومنها إلى برونة وتروى برانة ميلان وقد سبق ذكرها. وهذه كلها بلاد إيكلاية البرية فأما بلادها الساحلية فمنها دستريس وبينها

وبين طامطرس وهي مدينة ايكلاية ثلاثة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة موغاو وتروى أوماغو تسعة أميال وكذلك أيضا من مدينة برانة البرية إلى مدينة أوماغو ثمانية عشر ميلا وأهلها إفرنجيون وهي على الساحل ومنها إلى مدينة جبطنوبة وهي البلد الجديد للإفرنجيين وهما مدينتان إحداهما في وطاء والأخرى على جبل مطل على البحر ثمانية أميال. ومن جبطنوبة إلى برنجوا وتروى برنزوا اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة كثيرة العمارة ولها أسطول ومراكب كثيرة ومنها إلى ريغنو وهي للإفرنجيين خمسة عشر ميلا وريغنو مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة ومنها إلى مدينة بولة اثنا عشر ميلا وهي مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة والأسطول بها أبدا معد ومنها إلى موذولينة ستة عشر ميلا وهي مدينة عامرة ومنها إلى البونة أربعون ميلا ومنها إلى فلامونة ستة أميال وكلتا هاتين المدينتين عامرتان وأقطارهما متجاورة وأخبارهما متشابهة. ومن فلامونة إلى الاورنة أربعة أميال ومدينة الاورنة كثيرة عامرة وبها أحوال صالحة ومراكب مهيأة وإنشاء دائم وهي آخر بلاد إيكلاية الساحلية ويجاور هذه البلاد من جهة المشرق جبال متصلة وبرار منقطعة عن العمارة ويتلو هذه المدن التي ذكرناها من بلاد ايكلاية بلاد جرواسية التي تسمى دلماسية وهي على البحر وأول بلاد جرواسية مدينة تسمي بقري ومنها إلى

الاورنة المتقدم ذكرها عشرة أميال وهي مدينة حسنة متحضرة ومنها إلى مدينة لوبارة ستة عشر ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة في سند جبل. ومن لوبارة إلى مدينة سينة ثلاثون ميلا وهي مدينة حسنة كثيرة العمارة وأهلها صقالبة ولهم مراكب كثيرة ومنها إلى قسطيلصقة خمسة عشر ميلا وأهلها صقالبة وهي مدينة صغيرة ومراكبها قليلة ومنها إلى مدينة مصقلة عشرون ميلا وهي لدلمطيين ومنها إلى أرنص خمسة عشر ميلا وهي مدينة متوسطة لدلمطيين ولها مراكب عدة ومنها إلى مدينة صاطو ثلاثون ميلا. وصاطو لدلمطيين أيضا ولهم مراكب تغزو وكذلك من صاطو إلى مدينة نونة وتروى نينص عشرون ميلا ونونة مدينة كبيرة حسنة جليلة حصينة الموضع ومنها إلى جاذرة وهي مدينة كبيرة القطر متصلة العمارات والكروم فرجة وهي على ضفة البحر وأهلها دلمطيون والبحر يضرب سورها. ومن جاذرة إلى دغواطة ثلاثون ميلا وهي مدينة أهلها دلمطيون وصقالبة وهي من قواعد الروم وأهلها أنجاد ومنها إلى سبناجي عشرون ميلا ومدينة سبناجي مدينة حسنة كثيرة العمارات ومنها يتجهز وإليها يقصد بالتجارات برا وبحرا. ومنها إلى مدينة واوغوري خمسون ميلا ومدينة واوغوري وتروى لوغارو

مدينة جليلة من أحسن القواعد وأحصنها وأهلها ذلمطيون وهم أهل سفر وتجول ولهم مراكب غزو. ومنها إلى مدينة طرغورس وتروى ترغوري ستة أميال وأهلها دلمطيون وهم أهل إنشاء وغزو وإسفار. ومن مدينة ترغوري إلى مدينة اسبالطو اثنا عشر ميلا وأهل اسبالطو دلمطيون وهي مدينة عامرة كبيرة القطر كثيرة العمارة والتجارة وكلها مفروشة الأزقة بالبلاط ولهم مراكب غزو. ومن اسبالطو إلى مدينة شثغنو خمسة وعشرون ميلا وأهلها صقالب ولهم أعمال واسعة وعمارات متصلة وهم أهل مراكب كثيرة. ومنها إلى رغوص وتروى رغوصة ثلاثون ميلا وأهلها دلمطيون ولهم مراكب غزوانية وهم أنجاد جلاد وهي آخر بلاد جرواسية. ومن رغوصة إلى مدينة قاطروا وتروى قاذروا عشرون ميلا وهي مدينة حسنة عامرة آهلة وأهلها دلمطيون وهم أهل غزو وسفر ولهم عدة مراكب. ومنها إلى أنتابروا وهم صقالب ثلاثون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة وقاعدة مشهورة ومنها إلى ذلوجية وأهلها لاذقيون سبعون ميلا وهي مدينة من قواعد إسقلونية. ومنها إلى مدينة دراست للإفرنجيين ثمانون ميلا وهي أقرب البر إلى مدينة أذرنت حيث المجاز وبينهما سبعون ميلا مجازا.

ومن ادراست هذه طالعا مع الحائط إلى مدينة جمارة مائتا ميل وخمسة وعشرون ميلا واسم جمارة في القديم برنتو فهذا جميع الخليج البنادقي بما عليه من البلاد والمعاقل وفيما جئنا به كفاية لذوي البحث والعناية والشكر لله على ذلك. وأما ما في هذا البحر من الجزائر فنريد أن نذكرها على التوالي حتى نأتي بالغرض الذي قصدناه كما وصفناه وذلك أن في هذا البحر البنادقي جزيرة أوسر وهي قريبة من البر بينهما ثمانية أميال من الرأس الواحد وباقيها داخل في البحر وهي في جون استرية وطولها عشرون ميلا وعرضها اثنا عشر ميلا وهي عامرة. ومنها إلى الجزيرة المسماة جرسة خمسة أميال وبينها وبين البر ستة أميال وهي كبيرة كثيرة العامر وطولها أكثر من عرضها ويكون طولها على التقريب ستون ميلا وعرضها خمسة وعشرون ميلا وفيها قومس وأسقف. ومنها إلى جزيرة أربا ستة أميال وهي قدام جبال جرواسية وبينها وبين البر اثنا عشر ميلا وطولها بالتقريب ثلاثون ميلا وعرضها ثمانية عشر ميلا وفيها قومس وأسقف. ومنها إلى جزيرة باغا أربعة أميال وهي قدام نونة وبينها وبين البر أربعة أميال وطولها بالتقريب عشرون ميلا وعرضها عشرة أميال. فهذه الجزائر المذكورة جملتها عامرة وهي من إقليم جرواسية وأما جزائر البنادقة فهي ست ثلاث في صف وثلاث في صف يتلوها وجملتها معمورة

وهي متوسطة بلاد البنادقيين وبها عرفت البلاد والبحر. وفي المجاز المتقدم ذكره جزيرة غير معمورة وهي إلى لبلونة أقرب وكذلك على ابرندس ثلاث جزائر تسمى غوشيت وهي تقرب من البر وهي صغار جدا وليست بمسكونة فهذه جملة ما في هذا البحر من الجزائر المعمورة والخالية. ولنرجع الآن إلى ذكر البلاد البرية وهيآتها وطرقها ومسافاتها وأحوال سكانها ومواضع جدرانها بلدا بلدا وقطرا قطرا. فنقول الطريق من طارنت المتقدم ذكرها إلى نابل من طارنت إلى متيرة ستون ميلا ومن متيرة إلى اغربينة ستون ميلا ومن اغربينة إلى قنوصة مائة وعشرون ميلا ومن قنوصة إلى أندرة ثمانية عشرة ميلا ثم إلى اطرانة ثمانية عشر ميلا ثم إلى بابرة خمسة عشر ميلا إلى فراجنطو ستة وعشرون ميلا ثم إلى جبيطيرة ثمانية عشر ميلا ومنها إلى نابل على البحر ثلاثون ميلا. وكل هذه المدن المذكورة والمعاقل المشهورة معاقل لا تنال متقاربة الأحوال وحواضر مقصودة بأصناف التجارات معمورة خصبها زائد وأمنها راكد وأكثرها لا بل كلها من بلاد قلورية وبلاد بولية. وبولية وقلورية أسماء الأرضين والأقاليم وتحتوي على بلاد كثيرة وأولها

ريو وهي مدينة على مجاز صقلية صغيرة متحضرة فيها أسواق وعمارات ومجتمع لوراد وقصاد. ومنها إلى توجس مرحلة ومن توجس إلى جراجي مرحلة ومن جراجي إلى الماص وهي مدينة صغيرة بها سوق وفواكه ستة وسبعون ميلا ومن الماص إلى قشتال ثلاثون ميلا وهي مدينة صغيرة. ومن قشتال إلى قطروني على التخلية في البحر ثلاثة عشر ميلا وعلى التقوير ثمانية عشر ميلا ومن قطروني لمن قطع عرض البحر مجرى وثلاثون ميلا وقد ذكرنا صفات هذه البلاد فيما تقدم. وأيضا فإن من مدينة جراجي إلى اسطيلو أربعة وعشرون ميلا ومدينة اسطيلو صغيرة معمورة كثيرة النعم ومنها إلى قطنصار اثنا عشر ميلا وهي قلعة حسنة ومنها مع الغرب إلى شنت فيمة اثنا عشر ميلا على البحر وشنت فيمة قد سبق ذكرها فيما مضى وكل هذه البلاد من أرض قلورية. ومن قطرونة الساحلية إلى طاجنة على البحر ثلاثة أميال إفرنجية وهي تسعة أميال. ومن قطروني أيضا إلى جنقو قسطروا ثلاثة أميال إفرنجية وكذلك من طاجنة أيضا إلى جنقو قسطروا ومن جنقو قسطروا إلى سيمري خمسة عشر ميلا وبين سيمري والبحر ثلاثة أميال وهذه البلاد كلها صغار متحضرة بها

أسواق وبيع وشراء وهي مما تتقارب صفاتها وأحوالها وكذلك من سيمري إلى قطنصار خمسة عشر ميلا وأيضا من سيمري إلى طبرنة ثمانية عشر ميلا وكذلك من سيمري إلى اسطرنجلي أحد وعشرون ميلا. ومن اسطرنجلي إلى قطروني أربعة وعشرون ميلا وبين اسطرنجلى والبحر ستة أميال وأيضا فإن من اسطرنجلي إلى ابرياتقو أحد عشر ميلا ومن ابرياتقو إلى باتربول سبعة وعشرون ميلا. ومن باتربول إلى إبسخرو ثلاثة وثلاثون ميلا وبين إبسخرو ورسيانو الساحلية خمسة عشر ميلا ومن رسيانو إلى شنت موروا خمسة أميال وبين شنت موروا والبحر ستة أميال ومن شنت موروا إلى أرمنت ثلاثة أميال ومن أرمنت إلى شنت أركنجل ستة أميال. وأيضا فإن من شنت موروا إلى بسنيان تسعة أميال ومن بسنيان إلى أكراك اثنا عشر ميلا ومن أكراك إلى شنت أركنجل اثنا عشر ميلا ومن شنت أركنجل إلى رقة فيلب ستة أميال ومن شنت أركنجل إلى قلبراط اثنا عشر ميلا ومن أركنجل على اليمين إلى سنيس اثنا عشر ميلا ومن أركنجل إلى غنانو ذات اليسار اثنا عشر ميلا. ووادي أكري يشق بينهما ومن أركنجل إلى قشتال ستة أميال وهو حصن حصين ومن قشتال مشتال إلى قابلي ميلان ومن أركنجل إلى بنس ادرات في جهة الغرب ستة أميال ومن بنس ادرات إلى قشتال لورنت ستة أميال ومنه

إلى مدينة شنت مرتين ثلاثة أميال. ومن شنت مرتين إلى منت مور ستة أميال ومن منت مور إلى بجنال ستة أميال ومن بجنال إلى مرسقة القديمة ستة أميال ومن مرسقة القديمة إلى صبونارة اثنا عشر ميلا ومنها إلى سرقونة ثلاثة أميال ومن سنيس أيضا إلى ترسة اثنا عشر ميلا. ومن ترسة إلى شنت أركنجل اثنا عشر ميلا ومن شنت أركنجل إلى حصن أكلون ستة أميال ومن أكلون إلى صنغرة اثنا عشر ميلا ومن صنغرة إلى طارنت ثمانية وأربعون ميلا. ونرجع فنقول إن من سنيس إلى ترسة اثنا عشر ميلا ومن ترسة إلى أكلون ستة أميال ومن أكلون إلى حصن أركنجل ثمانية عشر ميلا وقد قدمنا ذلك. ومن شنت أركنجل إلى قربون ثمانية عشر ميلا ومن قربون إلى حصن قلبراط أربعة وعشرون ميلا وحصن قلبراط يحاذي قربون أيضا من خلف الجبل ويحاذي أيضا قربون من خلف الجبل مدينة قلبرية وبينهما ستة أميال وكذلك يحاذيها بلد اسمه قسطرنوب بينه وبين قلبرية ثلاثة أميال. ومن قسطرنوب إلى مدينة بتبران ثلاثة أميال وبين بتبران وسنيس ستة أميال وهذه البلاد الأربع من وراء الجبل ومن شنت أركنجل إلى رقة فيلب ستة أميال.

ونرجع فنقول إن من مدينة طارنت في الجنوب إلى مدينة قليبلي على البحر ستون ميلا ومن قليبلي إلى أذرنت في المشرق ثلاثة مائة ميل وثلاثون ميلا ومن اذرنت إلى لج وهي مدينة في البر اثنان وسبعون ميلا ومن مدينة لج إلى ابرندس المتقدم ذكرها على بحر البنادقيين اثنان وسبعون ميلا. ومن طارنت أيضا إلى بنة انكي ثمانية عشر ميلا ومن بنة إلى فركة ثمانية عشر ميلا ومن فركة إلى قشتال نوبة أربعة وعشرون ميلا ومن حصن بنة انكي إلى حصن جبيطة لبرال أربعة وعشرون ميلا ومن جبيطة لبرال إلى حصن منت افرند على التأريب خمسة عشر ميلا. ومن حصن منت افرند إلى صنالة أربعة وعشرون ميلا ومن حصن صنالة إلى مدينة صنغرة سبعة وعشرون ميلا وكذلك من حصن جبيطة لبرال إلى صنالة أربعة وعشرون ميلا. ونقول إن من حصن بنة انكي إلى لامة أحد وعشرون ميلا ومن حصن لامة إلى قرجرة سبعة وعشرون ميلا ومنها إلى مدينة صنغرة خمسة عشر ميلا وكذلك من حصن لامة أيضا إلى حصن جبيطة لبرال خمسة عشر ميلا ومن حصن لامة إلى مدينة طارنت ستة أميال ومن طارنت إلى حصن باجنرة ثمانية عشر ميلا. ومن باجنرة إلى حصن فركة اثنا عشر ميلا ومن فركة إلى قرجرة اثنا

عشر ميلا ومن حصن قرجرة إلى مدينة صنغرة اثنا عشر ميلا ومن حصن باجنرة أيضا إلى بليان وهو حصن حسن ثمانية عشر ميلا ومن حصن بليان إلى حصن بالسقورة خمسة عشر ميلا ومن باستو إلى مدينة صنغرة اثنا عشر ميلا وأيضا فإن من بالسقورة إلى حصن باشلة ثمانية عشر ميلا غربا. وأيضا فإن من حصن باستو وهي الرقة المتقدم ذكرها إلى قشتال نوبة ستة أميال ومنها إلى بشكة سارلة ثمانية أميال إفرنجية وهي قرية ممدنة وذلك أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى حصن شنت دناط أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى رقة رالبنو ثمانية عشر ميلا. ومن رالبنو إلى جروا وهو حصن حصين خمسة عشر ميلا وأيضا فإن من حصن رالبنو إلى مدينة صنغرة ثمانية عشر ميلا ومن حصن قاسطروا أيضا إلى حصن براي أربعة وعشرون ميلا ومن براي إلى صنغرة ثمانية عشر ميلا وأيضا فإن من شنت دناط إلى رقة شنج ثمانية عشر ميلا ومن رقة شنج إلى ألفدينة ثلاثة أميال. ومن ألفدينة أيضا إلى مدينة صنغرة اثنا عشر ميلا ومن رقة ديبلوا إلى ألفدينة ثمانية عشر ميلا ومن جروا إلى أتينة اثنا عشر ميلا ومنه إلى صنغرة ثمانية عشر ميلا. ونرجع فنقول إن من صنغرة إلى حصن أكلون ستة وثلاثون ميلا ومن أكلون إلى مكشتر يناطة على اليمين تسعة أميال وفي الشمال باترة أندنت

خمسة عشر ميلا ومن حصن بلانة وأنت مار إلى صنغرة قرجرة في الشمال وبعض تأريب وفي اليمين حصن بجنبرو وبينهما ثمانية عشر ميلا ومن بلانة إلى صنغرة ستة وثلاثون ميلا. ومن حصن جروا السابق ذكره إلى الفلفال أربعة وعشرون ميلا ومنها إلى شنت دناط ثمانية عشر ميلا ومنه إلى أسقنو أربعة وعشرون ميلا ومنه إلى بالسقورة أحد وعشرون ميلا ومن بالسقورة إلى منت دجون ثمانية عشر ميلا ومن منت دجون إلى لامة أربعة وعشرون ميلا ومن لامة إلى مدينة طارنت ستة أميال. وأيضا فإن من لامة إلى بنة انكي ثمانية عشر ميلا ومن حصن بنة انكي إلى أرقلان أربعة وعشرون ميلا ومن ارقلان إلى حصن قارنقل أربعة وعشرون ميلا وأيضا فإن من أرقلان إلي حصن منت بال ثمانية عشر ميلا ومن حصن منت بال إلى لامة على التأريب أربعة وعشرون ميلا. وأيضا فإن من الفلفال إلى حصن منت دمروا ثمانية وعشرون ميلا ومن باطرة إلى قشطة جرزد خمسة عشر ميلا ثم إلى منت دمروا خمسة عشر ميلا ومن قلقاس إلى حصن قستلنس ثمانية عشر ميلا ومن قستلنس إلى قشطة جرزد تسعة أميال.

وأيضا فإن من حصن قارنقل إلى قشطلون ومن قشطلون إلى مكشتر يناطة أربعة وعشرون ميلا ومن مكشتر يناطة إلى صنغرة أربعة وعشرون ميلا وكذلك أيضا فإن من منت فرند إلى حصن قشطلون ثمانية عشر ميلا ومن قشطلون إلى فلفال أربعة وعشرون ميلا. ومدينة فلفال هي عند أصل جبل قرسلون فمن فلفال إلى بلد لشيوش اثنا عشر ميلا وهي عند أصل جبل أولاد برال ومنها إلى حصن جروا السابق ذكره خمسة عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومن منت مللو إلى حصن أنقلون ثمانية عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومن غردية إلى حصن قرنقلة ثمانية عشر ميلا وهو في آخر الجبل المذكور. ومن حصن قرنقلة إلى حصن جبيطة لبرال ثلاثة وثلاثون ميلا وهو حصن آهل ممدن في خندق بين جبل برال وجبل مايال وبين جبيطة لبرال وبنة انكي وهو حصن أربعة وعشرون ميلا وبين بنة انكي وحصن لامة وقد تقدم ذكره خمسة عشر ميلا ومن حصن لامة إلى طارنت ستة أميال. ونرجع فنقول إن من حصن جبيطة لبرال إلى حصن برات ثمانية عشر ميلا ومن حصن برات إلى حصن براتور ثمانية عشر ميلا وهو حصن حسن في أصل جبل مايال المذكور ومن براتور إلى حصن بالانة ستة وثلاثون ميلا

وهو أيضا في أصل جبل مايال المذكور ومنه إلى رقة قورالي أربعة وعشرون ميلا وهي في رجل الجبل المذكور ومن هذه الرقة إلى مدينة نوبلو أحد وعشرون ميلا ثم إلى حصن فارة خمسة عشر ميلا وهي في رجل الجبل المذكور. ومن فارة على التأريب إلى حصن طن اثنا عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومنه إلى فارة بشكارة تسعة أميال ومن فارة إلى أترانة الساحلية وتروى أطرانة بالطاء ثمانية عشر ميلا. ونرجع فنقول إن من قرشتلون إلى حصن أنقلون السابق ذكره خمسة عشر ميلا ومن أنقلون إلى رقة بتسي ثمانية عشر ميلا ومنها إلى جبيطة لبرال ثلاثة وثلاثون ميلا. وحصن جبيطة هو أول عمل بلاد الرومانيين ومن جبيطة لبرال إلى حصن طن أربعة وعشرون ميلا وطن هو في أصل الجبل المذكور ومنه إلى حصن نوبلو اثنا عشر ميلا وهو في أصل الجبل المذكور ومنه إلى أنكزمة أربعة وعشرون ميلا ومنه إن أطرانة وهي أترانة الساحلية ستة وثلاثون ميلا على ما فسرناه قبل. وأيضا فإن من قرشتلون إلى فلفاسق خمسة أيام وكذلك من قنب مارين إلى غاردية ارط اثنا عشر ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى قرشتلون أربعة وعشرون ميلا.

ومن بالملة أيضا إلى فلفاسق ثمانية عشر ميلا ومن حصن فلفاسق إلى حصن أرقلان اثنا عشر ميلا وكذلك من حصن بنة دبونسي إلى حصن جنس ثمانية عشر ميلا ومن حصن جنس إلى بالملة خمسة عشر ميلا ومن حصن جنس إلى قارنقل اثنا عشر ميلا ومن حصن قارنقل إلى بنة تاتلي ويروى توتلي خمسة عشر ميلا. وأيضا فإن من صنغرة إلى بليان أربعة أميال ومن أرقلان إلى حصن بنة توتلي تسعة أميال وأيضا فإن من حصن أرقلان إلى منت بال ثمانية عشر ميلا ومن منت بال إلى حصن لامة على التأريب ستة أميال ومن لامة إلى طارنت ستة أميال. وأيضا فإن من مدينة أطرونة إلى حصن لنتشك ستة أميال ومن حصن لنتشك إلى بنة توتلي خمسة عشر ميلا ومن بنة توتلي إلى رقة منت بلان اثنا عشر ميلا ومن لنتشك أيضا إلى فونصة تسعة أميال ومن فونصة إلى بنة انكي خمسة عشر ميلا. ومن بنة انكي إلى طارنت سبعة وعشرون ميلا ومن بنة انكي إلى طن تسعة أميال وأيضا فإن من حصن لنتشك إلى بنة توتلي خمسة عشر ميلا ومن حصن بنة توتلي إلى رقة منت بلان اثنا عشر ميلا وأيضا فإن من أرطونة السابق ذكرها إلى فونصة أربعة وعشرون ميلا وأيضا فمن فونصة إلى بنة انكي خمسة عشر ميلا.

ومن أرطونه إلى ربينة تسعة أميال ومن ربينة إلى فونصة تسعة أميال ومن رتينة إلى رقة منت بلان اثنا عشر ميلا ومن منت بلان إلى توتلي تسعة أميال ومن مدينة أترانة التي على البحر إلى بكلان اثنا عشر ميلا ومن بكلان إلى ربينة اثنا عشر ميلا. ومن بكلان إلى تات اثنا عشر ميلا ومن أترانة إلى تات خمسة عشر ميلا وهي بعيدة عن الوادي بستة أميال ومن تات إلى أنكزمة اثنا عشر ميلا ومن أنكزمة إلى بكلان تسعة أميال وأيضا فإن من أنكزمة إلى أترانة على البحر ستة وثلاثون ميلا. ثم نرجع فنقول إن من مدينة طارنت إلى متيرة مائة ميل وثمانون ميلا شمالا مع تغريب وهي مدينة حسنة كبيرة القطر كثيرة العمارة ومنها إلى باري شرقا مائة وثمانون ميلا ومن مدينة متيرة إلى مدينة اغربينة ستون ميلا بين شمال وتغريب وهي مدينة متحضرة صغيرة القطر خصيبة حسنة ومن اغربينة إلى فنوصة مائة وثمانون ميلا. وفنوصة مدينة مشهورة من بلاد الأنكبردين ومنها إلى باري خمسة وستون ميلا شرقا ومن فنوصة إلى أندرة أربعة وخمسون ميلا شرقا ومن أندرة إلى أطرانة الساحلية السابق ذكرها خمسة وأربعون ميلا شرقا ومن مدينة فنوصة أيضا إلى منت فنجوس سبعون ميلا. ومن منت فنجوس إلى ألت جوان ستة أميال ومن ألت جوان إلى متيرة

اثنا عشر ميلا ومنت فنجوس مدينة حسنة كثيرة الكروم والأشجار خصيبة ومن مدينة منت فنجوس إلى أغرطلو ثمانية عشر ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى ألت جوان ستة أميال ومنها إلى اتريغارقو وتروى اتريكركو ثمانية عشر ميلا. ومن ألت جوان إلى فنجوس ستة أميال ومن اتريغارقو إلى اسلان سبعة وعشرون ميلا ومن اسلان إلى أنكلون أربعة وعشرون ميلا ومن مدينة فنجوس إلى اتريغارقو ثلاثة وستون ميلا غربا ومن اتريغارقو إلى مدينة جرسنة اثنان وسبعون ميلا ومن مدينة جرسنة إلى مدينة لبوتراي ثمانية عشر ميلا. ومن جرسنة إلى بتانسة ستون ميلا وهي مدينة جليلة المقدار كبيرة القطر عامرة بالناس كثيرة الكروم والعمارات ومن بتانسة إلى منت قلوي مائة وخمسون ميلا غربا. وأيضا فإن من بتانسة إلى مدينة ملف البرية أربعة وخمسون ميلا غربا ومن ملف البرية إلى قنس مائة ميل وثمانية أميال ومن قنس إلى قنبانية ستون ميلا ومن قنبانية إلى ابلة سبعة وعشرون ميلا غربا ومنها إلى مدينة سلرنو اثنان وسبعون ميلا. وأيضا فإن من مدينة قنبانية وهو حصن كبير معمور إلى حصن بلقس اثنان

وسبعون ميلا ومن حصن بلقس إلى حصن ديانة اثنان وسبعون ميلا ومن ديانة إلى قبواح اثنان وسبعون ميلا ومن قبواح إلى سلرنو ستة وثلثون ميلا. ونرجع فنقول الطريق من مدينة ملف البرية إلى مدينة لشنة التي على ساحل بحر البنادقيين من مدينة ملف البرية إلى رقة شنت غاثي غربا مع شمال أربعة وخمسون ميلا ومن رقة شنت غاثي إلى حصن أصقلة ستة وثلاثون ميلا ويروى عزقلة وعسقلة أيضا. ومن أصقلة إلى أطرونة أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى شنت لورنس أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى فوج سبعة وعشرون ميلا ومنه إلى قشتال نوب ثلاثة وستون ميلا ومن قشتال نوب إلى شنت اكلركو ستة وثلاثون ميلا ومنه إلى شنت صبير أربعة وخمسون ميلا ومن شنت صبير إلى مدينة لشنة ثلاثة وستون ميلا. ومدينة لشنة بقرب البحر البنادقي والطريق من أطرونة إلى سلرنو على مدينة بنبنت من مدينة أطرونة إلى أرنانة وهي مدينة ستة عشر ميلا ومن أرنانة إلى أبيج ثمانية عشر ميلا وهي مدينة ومنها إلى مدينة بنبنت سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة كبيرة ومنها إلى أبلينه اثنان وسبعون ميلا. ثم منها إلى سلرنو اثنان وسبعون ميلا وأيضا من بنبنت إلى جنقالة سبعة وعشرون ميلا ومنها إلى نابل ستة وثلاثون ميلا ومن بنبنت أيضا إلى منت

سرح أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى أبرولة أربعة وخمسون ميلا ومنها إلى أرجنت اثنان وأربعون ميلا ومن أرجنت إلى جنقالة أحد وعشرون ميلا ومنها إلى بالمة اثنا عشر ميلا ومن بالمة إلى سرنة ستة وثلاثون ميلا ومنها إلى سلرنو اثنان وسبعون ميلا. والطريق من أطرونة إلى أنقونة من أطرونة إلى نهر لوقدو خمسة وسبعون ميلا ومنه إلى حصن انزقة عشرون ميلا ومنه إلى نهر بشكار تسعون ميلا ومنه إلى بطلان تسعون ميلا ومنه إلى ترانية تسعة وستون ميلا ومنها إلى مدينة اقاما مائة ميل وأربعة وسبعون ميلا ومنها إلى مدينة أنكونة ثمانية عشر ميلا. وقد ذكرنا من بلاد هذا الجزء ومسالكها ما فيه كفاية ولنذكر الآن أنهارها الكبار الجارية في هذه البلاد حسب الطاقة وبلوغ الجهد وأول ما نبتدئ منها بذكر نهر سنيس. فنقول إن نهر سنيس يخرج من جبال قربون ويجري بين قلورية وقسطر نوب ثم يمر قدام سنيس فلا يمر غير بعيد حتى يجتمع هو ووادي سكنة فيجوز قدام فياض فيمر إلى أمام شنت بارد كميرة ومن هنالك إلى البحر. وأما نهر سكنة فإنه يخرج من جبل سرين فيجري إلى أن يجتمع بوادي سنيس فيمران إلى فياض ثم إلى شنت بارد كميرة ثم إلى البحر وجبل سرين هو قدام بجنال وبين أكلرمنت وبين بجنال وبين هذا الجبل المذكور وأكلرمنت

اثنا عشر ميلا وبين الجبل أيضا وبجنال خمسة عشر ميلا. وأما وادي أكري أيضا فإنه يخرج من جبل سرين من غربيه فيمر إلى سرقون ويجتاز على شنت مرتين فيمتد إلى حصن أليان ويمر بعد بأكلون إلى حصن بلقوري ومن هناك إلى البحر. وأما نهر بتنسية المسمى برنتال فإنه يخرج من جبل بقرب بتنسة فيمر بجانب مدينة تسمى اتريغارقو ملاصقا لها ثم ينزل إلى بلد يسمى اكرت فيمر بشرقيها ثم ينزل إلى بلد يسمى مليون فيمر بشرقيها وبينه وبين البلد نحو أربعة أميال ونصف ميل ثم ينزل على كنيسة شنت توذر ثم يمر على بلد يسمى ترتغرير على يمينها محاذيا لها ثم ينزل في البحر. وأما نهر ابرادنو ويروى ابراطنو فهو نهر يجري على حدته لا يختلط بوادي برنتال لأنه يخرج في الأول واديان صغيران بين بلدتين إحداهما تسمى لقبارة والثانية تسمى بتنسية فيمران بجريهما إلى رقة فنجلان فيجتمعان هناك فيسميان عند ذلك بوادي ابرادنو ويمر كذلك بين العمارات إلى البحر وعلى حوافي هذا النهر شجر الصنوبر كثيرا تقطع وترسل في النهر إلى البحر وقد يستخرج منه الزفت والقطران ويتجهز بها إلى سائر البلاد. وأما نهر فرطول فإنه يخرج من جبل قترشال وينزل إلى ريبة وتبقى ريبة على اليمين وبينهما ثلاثة أميال ثم يجوز فيمر على قشتال مان ويبقى البلد على اليمين

وبينهما رمية حجر ويجتاز بطفارة ويبقى البلد على الشمال وبينه وبين البلد ثلاثة أميال ثم يجتاز على مدينة جرسنة وتبقى جرسنة يمينا منه وبينهما ثلاثة أميال ثم يمر إلى ماقلة وبينهما وبينه ميل فيجوز على شنت جوان ميور وبينهما ثلاثة أميال ثم يجوز على يمين لورنت وبينهما نحو ثلاثة أميال ثم يجوز على يمين أذرغونالة مماسا لسورها فيمر على يمين جبطات وبينهما وبينه نحو رمية سهم ثم يجتاز على يمين ربالد وبينهما رمية حجر ومنهما إلى البحر فيصب بمقربة من لازنة وتروى لاشنة كما قدمنا ذكر ذلك قبل هذا وتبقى لازنة في جهة الشرق وبين مصب هذا النهر ومدينة لازنة ثلاثة أميال. وعند مصب هذا النهر وفي غربيه مدينة صغيرة تسمى قنب مارين وبين هذه المدينة والنهر ثمانية عشر ميلا وبين البلاد والبحر تسعة أميال. وأما نهر نيطو فإنه ينزل من الصيلا عن يمين جرنتية فيستقبل المشرق ويخرج نهر آخر عن يسار البلاد المذكور فيلتقيان بمكان يعرف بالملاحة وبينهما وبين جرنتية المذكورة تسعة أميال وتسمى جرنسية ثم يتمادى الوادي حتى يجوز تحت شنت سميرى وبينه وبين هذا البلد ميل ونصف ثم يتمادى الوادي المذكور حتى يجوز بين قطروني واسترنجلي فيفرغ في البحر. وأما وادي أكري فليس يجري بين شنت أركنجل وبين ترسة وإنما يجري محاذيا لهما وبين الوادي وبين ترسة ميل ونصف وبين الوادي أيضا وأركنجل قريب جدا وبين ترسة ومنت ميور اثنا عشر ميلا.

والوادي المذكور يجري ملاصقا لها وخروج نهر أكري من جبل مرسقو وبينهما ثمانية عشر ميلا ومنها يصل إلى ترسة ومدينة أركنجل كما قدمنا ذكرها. وأما وادي شابطو فإنه يخرج بين حجرين من جبل قدام سرين عن الشمال وبينهما نحو ميل ونصف ثم يتمادى جريه فيجوز عن يمين حصن منت ابوو ثم يجتاز على شنت برباط وبينهما وبين الوادي ميل ونصف ثم يجتاز من تحت افرنتيو عن الشمال وبينهما ميل ونصف ميل ثم يجوز من تحت جبل ابراطنة فيمر على يمين حصن طوفو ويروى طف وبينهما رمية سهم فيمر من تحت رقة بلتة ثم يسير من تحت حصن جبرون وبينهما ميل ونصف ويبقى حصن منت فسق وحوزها عن يمين الوادي. والوادي المذكور يجوز بين إقليم منت فسق وجبرون فينتهي إلى ربض بنبنت عن يمين الوادي. وأما وادي قلور فعنصره من الجبل المسمى منتال ويجوز على طرش وبينهما وبين الوادي جبال وخنادق ويجوز على رحل قنطانة وبينها وبين الوادي ميل ونصف ثم يجوز من تحت منت فسق عن الشمال وبينهما وبينه ستة أميال. وهذا الوادي يجوز بين حصن اقترندة وفسق وتبقى حصن منت فسق عن اليمين وبينهما وبين الوادي مقدار ميل ونصف ثم يجتاز عن يمين أبج وبينها وبين الوادي مقدار رمية ججر ويجوز أيضا من تحت بذولة وتبقى بذولة عن يمين الوادي وبين الوادي والجبل ميل ونصف وبين الجبل وبذولة أيضا نصف

ميل ويجوز من تحت قنطرة بالنتين وبين هذه القنطرة وبين بنبنت ثلاثة أميال ثم تجتمع مع نهر شابطو في شنت فيلس. وأما وادي لاينة وخروجه فإنه ينزل من قدام مركوري إلى البلد الذي قدام دسقالية إلى البحر وأما وادي الربل فإنه يخرج من تل إلى قشطرقفلو ومراثيا ومن هناك ينزل إلى البحر وبين الدسقالية والوادي المذكور ستة أميال وبين الوادي ومراثيا ميل واحد. وأما وادي بلقسطروا فإنه ينزل من قدام شنت صيتري إلى بلقسطروا ومن هناك إلى البحر وأما وادي مولبة فإنه ينزل من جبل قستلنس إلى قدام قمراطة ثم ينزل إلى قدام مولبة إلى البحر. وأما وادي أبروقة فإنه ينزل من منت فرت ومن هناك إلى قدام قربلة ثم إلى قدام ترجل ومن هناك إلى أبروقة إلى البحر. وأما وادي أديانة فأول خروجه من منت صان ثم ينزل بقرب بذولة فيجوز ما بين أديانة وبين الصالة ثم يخرج إلى أبلة ويجوز قدام أولات وبقرب منت طري فيجتمع بالسيلو. وأما وادي قزلو ويروى بالهاء قزله فإنه ينزل من دير أكران فيجور على قزله ويفرغ في وادي بلقسطروا وأما وادي اكلريوزة فينزل أيضا من الجبال إلى قدام رفران ثم إلى اكلريوزة ثم إلى قمراطة فيفرغ في البحر.

نجز الجزء الثالث من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله.

الجزء الرابع

الجزء الرّابع إن هذا الجزء الرابع من الإقليم الخامس تضمن بلاد رغوسة وبلاد إسقلونية وبلاد رمانية وخليج القسطنطينة وما عليه من البلاد المشهورة وبعض ما خلف الخليج المذكور من العمارات والبلاد ويجب أن نتكلم عليها كلاما مجملا ومفسرا قدر الطاقة وحسب المعرفة بحول الله تعالى. فنقول إن بلاد البنادقة والصقالبة وما اكتنف بحر البنادقيين من البلاد يحوطها ويكتنفها من جهة شرقيها جبل ممتد من قرب أذرنوبلي عن ثلاثين ميلا منها ويسمى لسو وفوقه بلد لسو فيمر شمالا حتى ينتهي إلى قستورية فتنفصل منه هناك شعبة بمقابلة دراس فيها الطريق إلى دراس وغيرها ويسمى هناك جبل التمورة ويخرج منه هناك ثلاثة أودية تجري إلى ناحية لبلونة ودراس فتفرغ في البحر واسم النهر الذي يخرج إلى لبلونة بييوصة والنهر الثاني منه يسمى دابلي والنهر الثالث منه يسمى إسترينة ثم يمتد بقية الجبل المذكور من طريق دراس إلى أن يصل بالقرب من جاذرة على قدر أربعين ميلا وأما طرفه الذي يقرب من أذرنوبلي وتقرب منه مدينة ياننة فإنه تنفصل

منه شعبة تمتد إلى ناحية جون بحر بلبونس حتى تنتهي إلى قرب إستيفس عن ثمانين ميلا منها ونبقتو في سفح هذه الشعبة المذكورة على البحر. وأيضا فإن جبل لسو المذكور بينه وبين مدينة دراس خمسة عشر ميلا وبين مدينة لسو ومدينة دلجينة المذكورة التي على بحر البنادقة ثلاثون ميلا وبين دلجينة المذكورة والجبل المذكور اثنا عشر ميلا. ويمتد الجبل إلى أن يوازي أنتبرة ومدينة أنتبرة بينهما وبين البحر ثلاثة أميال وهي مدينة حسنة في ذيل الجبل ويمتد الجبل إلى أن يصل إلى مدينة قاطرة وبينهما ثلاثة أميال وهي في ذيل شعبة منه ويمتد أيضا إلى أن يصل إلى مدينة رغوسة وهي في ذيل الجبل. ويقابل مدينة قاطرة المتقدم ذكرها خلف الجبل مدينة قاميو وبينهما خمسة عشر ميلا ومدينة قاميو تتصل بها شعبة من الجبل وتستدير حولها كالكاف وهي مدينة عامرة لا يتوصل إليها إلا من جهة واحدة. ويمتد الجبل إلى مدينة إستغنو فيتصل بها من هذا الجبل شعبة كبيرة عالية وإستغنو في سفحها ثم يمر متصلا إلى مدينة أسبالطو وبين أسبالطو والجبل ستة أميال وخلف الجبل مدينتان إحداهما نجاو والثانية كيترة وبين أسبالطو ونجاو اثنا عشر ميلا وبين نجاو وكيترة يوم وكلتاهما يحيط بهما جبال وعرة والطرق إليهما صعبة ثم يمتد الجبل حتى يصل إلى قرب مدينة ترغوري ثم إلى مدينة سبناجي وهي على شعبة جبل متصل بالجبل المذكور ثم يمر إلى أن

يحاذي جاذرة على يوم منها وجاذرة في وطاء من الأرض ويتصل بمقربة من نونة وعلى اثني عشر ميلا منها ونونة على البحر فيمر إلى سينة وهي في ذيل الجبل ثم يستقيم إلى أن يصل لوبارا ولوبارا فوق جبل لطيف يتصل بالجبل الكبير ويمر على قدام إلى أن يقارب أرض إيكلاية وهذا الجبل لهذه المدن المذكورة حائط مانع لأنه جبل صعب المرتقى شامخ العلو. وأيضا فإن بين بحر البنادقة والخليج القسطنطيني أعداد بلاد وجمل مدن وقواعد مشهورة ونبدأ الآن بذكرها على النسق والتوالي بعون الله فنقول الطريق من دراس إلى أخرسوبلي تخرج من دراس التي على البحر البنادقي في طريق البرية إلى جهة القسطنطينة وذلك على بترلة وبينهما يومان ومدينة بترلة بلد فوق جبل بينه وبين أخريذة أربعة أيام. وأخريذة مدينة جليلة كثيرة العمارة واسعة التجارة وموضعها فوق جبل لطيف وبقربها بحيرة كبيرة يصاد فيها السمك بالقوارب وهذه البحيرة منها في جهة الجنوب ودور البحيرة ثلاثة أيام وبعض البلد على البحيرة. وبين أخريذة المذكورة ومدينة بولغو يومان ومدينة بولغو حسنة فوق جبل كبير وبينها وبين أسقوفية يوم بين شرق وشمال وأسقوفية بلد كبير متصل العمارات وافر الكروم والغلات ومنه إلى مدينة قورطس يوم بين شرق وشمال وبينهما نهر فرداري وهو نهر كبير وقورطس مدينة عامرة

الديار كثيرة العمار متصلة الغراسات والكروم ومنها إلى مدينة أسترنيسة يوم شرقا وموضعها فوق جبل وعمارتها وافرة وكرومها وبساتينها كثيرة. ومن مدينة أسترنيسة إلى مدينة زاغورية يوم بين شرق وشمال وزاغورية مدينة كبيرة مشهورة من أقدم بلاد الروم تأسيسا ولها عمارات وقرى ومزارع وتطرد منها ومن جهة شمالها أنهار أربعة تمر شمالا حتى تصل إلى نهر فرداري ومن مدينة زاغورية إلى مدينة سرس يوم ومدينة سرس مدينة حسنة على جبل صغير وهي حسنة الجهات كثيرة العمارات وافرة الخيرات ومنها إلى مدينة زخنة يوم شرقا وهي مدينة حسنة وافرة القطر كثيرة العامر ولها كروم وأشجار وعمارات وزراعات ومنها إلى مدينة أخرسوبلي يوم ومدينة أخرسوبلي مدينة كبيرة على نحر الخليج القسطنطيني. وأيضا فالطريق من مدينة دراس إلى مدينة صلونيك على ساحل الخليج من مدينة دراس التي تقدم ذكرها إلى بترلة يومان وقد سبق ذكرها ومن بترلة إلى مدينة أخريذة أربعة أيام حسب ما تقدم ومن أخريذة إلى بوتلي يومان شرقا وبوتلي مدينة حسنة جليلة لطيفة ومن بوتلي إلى أخرلين نصف يوم ومكانها فوق جبل لطيف وجهاتها عامرة وأعدادها متكاثرة وأرضها متصلة الزراعات كثيرة الكروم وبين أخرلين وبين أستروبو يوم ونصف

وهو بلد تدور به بحيرة كبيرة دورها يوم ونصف يصاد فيها السمك كثيرا وبين أستروبو المذكورة وبين بوذيانة على الطريق المشهور يوم وبوذيانة بلد فوق جبل بينه وبين صلونيك بقرب الخليج القسطنطيني يومان. والطريق من مدينة دراس إلى مدينة بلغردون التي على نهر دنو من مدينة دراس إلى بترلة يومان ثم إلى أخريذة أربعة أيام ثم إلى مدينة بولغو يومان ثم إلى مدينة أسقوفية يوم وقد تقدم لنا أوصاف هذه البلاد فيما سلف من الذكر ومن أسقوفية أيضا إلى مدينة قورطس يوم ومن قورطس تترك طريق أخرسوبلي على اليمين وتنزل مع الشمال إلى مدينة فورمزدس يومان وهي مدينة عامرة على ذروة جبل ولها كروم وعمارات متصلة ومنها إلى مالسووة يوم ونصف وهي على سفح جبل مطل كثيرة الأشجار بعيدة الأقطار بهية البساتين كثيرة الزراعات ومنها إلى مدينة جرمانية ثلاثة أيام وهي مدينة جليلة في وطاء من الأرض كثيرة الكروم والغراسات شاملة لكثير من الخيرات ومن جرمانية أيضا إلى مدينة إستوبوني يوم وإستوبوني بلد بينه وبين أترالسة يوم وأترالسة مدينة في وطاء من الأرض عامرة الأقطار كثيرة العمار متصلة العمارات والأشجار ومنها إلى مدينة أتروبي يوم وهو بلد فوق جبل يجري منه نهر إلى مورافا وبين البلد المذكور وبين نيسو يوم ونيسو بلد يجري

بالقرب منه نهر يسمى مورافا وهو نهر يخرج من جبال سربية وبين نيسو المذكور ومدينة ربنة يوم ومدينة ربنة بينها وبين أفرنيسفا يوم ونصف ومدينة أفرنيسفا مدينة عامرة فوق جبل مطل على نهر دنو ومن أفرنيسفا إلى بلغردون على نهر دنو ثلاثة أيام. والطريق أيضا من مدينة لبلونة التي على ساحل بحر البنادقة إلى مدينة أرميرون التي على ساحل بحر القسطنطينة فذلك تخرج من مدينة لبلونة إلى مدينة أذرنوبلي في البر يومين وأذرنوبلي بلد بينه وبين مدينة ياننة إذا رغت عن الطريق يوم ومدينة ياننة فوق جبل وهي عامرة كثيرة المياه والأشجار ومنها إلى قستورية يومان لأن من أذرنوبلي إلى قستورية يوم ونصف وهي مدينة حسنة عامرة كثيرة الأموال والقرى والعمارات وموضعها على جبل تدور به بحيرة كبيرة يصاد فيها السمك بالقوارب ومنها إلى طاروفينقة ثلاثة أيام وهي مدينة في وطاء لها كروم كثيرة وبها مزارع وغلات وحبوب وفواكه ومنها إلى لارسة مائة وعشرون ميلا ولارسة مدينة كبيرة كثيرة شجر التين والكروم والحبوب ومنها إلى مدينة أرميرون يومان كبيران وأرميرون على البحر القسطنطيني وسنذكرها عند ذكر البلاد الساحلية بعون الله. والطريق من شنت جرجي الساحلية إلى البلاد البرية من مدينة شنت جرجي

إلى مدينة روسيو يومان وروسيو مدينة في ذيل جبل عال ويوازيها على الساحل مدينة قانوس وبينهما يوم ومن مدينة روسيو إلى مدينة كمسيلة شمالا اثنا عشر ميلا ويقابل مدينة كمسيلة على الساحل مدينة روذستو وبينهما اثنا عشر ميلا ويشق بالقرب من كمسيلة نهر يسمى مارسو وهو نهر كبير يعدى بالقوارب ومن روسيو أيضا إلى مدينة أبرس يوم وأبرس مدينة عامرة برية كثيرة العمارة والكروم ومنها إلى مدينة نيقلو يوم ومن نيقلو إلى سرولة يوم بعد تعدية نهر ومدينة سرولة في البرية في وطاء من الأرض أسفل جبل بينها وبين بانذس الساحلية بالمقابلة خمسون ميلا ومن مدينة سرولة إلى مدينة أركاذيوبلي يوم ونصف وهي أربعون ميلا ومن أركاذيوبلي إلى أذرنوبلي خمسون ميلا وبينهما يعبر نهر أخيلون وأذرنوبلي مدينة عامرة حسنة في برية كثيرة الزراعات ومن أذرنوبلي إلى مدينة ثميانس ستون ميلا وبينهما يعبر نهر أخيلون أيضا ومن ثميانس إلى مدينة فاروي يوم وفاروي مدينة في سفح جبل مطل عليها ومن مدينة فاروي شرقا إلى مدينة القسطنطينة مائة ميل وستون ميلا. ومن مدينة فاروي إلى ليغلغو غربا يوم وليغلغو مدينة كبيرة عامرة في أعلى جبل [[بينه وبين مدينة فاروي (-) المذكورة إلى مدينة قسطنطينة في البرية بين غرب وجنوب أربعون ميلا]] وبين فاروي والجبل الذي يليها من جهة الشمال عشرون ميلا.

ومدينة قسطنطينة مدينة كبيرة آهلة لها زراعات وكثير عمارات ومنها إلى مدينة فيلبوبلس أربعون ميلا وبينهما نهر يعبر ومن فيلبوبلس إلى مدينة أذرنوبلي المتقدم ذكرها شرقا خمسون ميلا وأذرنوبلي مدينة برية بينها وبين أركاذيوبلي خمسون ميلا وقد ذكرنا أذرنوبلي وأركاذيوبلي فيما سبق لنا. وكذلك بين أركاذيوبلي وسرولة أربعون ميلا وقد ذكرنا سرولة أيضا ونهر أخيلون يجتاز على مقربة من هاتين المدينتين. ومن سرولة إلى زاغورية مائة ميل وستون ميلا وزاغورية مدينة في سفح جبل مطل عليها وبين هذه المدينة المسماة زاغورية ومدينة صلونيك الساحلية مائة ميل وأربعون ميلا وجبل زاغورية بها وبين زاغورية ولارسة السابق ذكرها مائتان وعشرون ميلا. ومن لارسة إلى تعدية جزيرة أغربس ثمانون ميلا ونهر ليقستومي المذكور يجري بقربها وبين لارسة وطاروفينقة مائة وعشرون ميلا وبين لارسة وبلد على البحر يسمى خارست ثلاثون ميلا. وكذلك طاروفينقة مدينة في البر بقرب نهر ليقستومي ومصبه بين البلد البحري المسمى خارست وبين أثينية التي على البحر بقرب مضيق جزيرة بلبونس ويمر بين لارسة وأثينية وبين مصب هذا النهر وبين مصب نهر فرداري المتقدم ذكره خمسون ميلا.

وأما جبل المقدونية فهو الجبل الممتد منها من جهة الجنوب إلى الشمال وبينه وبين القسطنطينة مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا وبينه وبين مدينة فاروي أربعون ميلا وبينه وبين الجبل الذي بقربها ثلاثون ميلا وهذا الجبل المذكور امتدت منه شعبة من جهة المغرب إلى جهة المشرق وتصلبت عليه شعبة أخرى متصلة به ممتدة من جهة الشمال كثيرا ومع الجنوب قليلا وبين هذا الجبل وبين فاروي عشرون ميلا وكل هذه الجبال تسمى جبال المقدونية ويشق بين هذين الجبلين نهر أخيلون وهو نهر كبير مشهور يأتي من جهة الشمال فيبقى بينه وبين القسطنطينة مائة ميل وعشرة أميال وبين هذا النهر أيضا ومدينة فيلبس اثنا عشر ميلا وهذه البلاد المذكورة تقع منه في جهة المغرب ثم يلتوى على أذرنوبلي مغربا بقرب سورها ويجتاز بقرب سرولة مجاورا لسورها ويمتد بقرب سور أركاذيوبلي فيمر مرا مستقيما حتى يفرغ بحذاء أخرسوبلي الساحلية ويسمى هناك وادي مرمارى. والطريق من مدينة دراس إلى القسطنطينة مساحلا فمن مدينة دراس إلى مدينة لبلونة مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا ومدينة لبلونة على الساحل وعلى طرف الجون. ومن فم مضيق الجزيرة إلى بندسة ستة وأربعون ميلا وبندسة على البحر

مدينة متحضرة الأسواق عامرة وبينها وبين مدينة أثينية خمسون ميلا وأثينية مدينة عامرة آهلة ذات بساتين ومزارع وبينها وبين مدينة خارست على البحر ستون ميلا وخارست هذه مدينة كثيرة البشر متصلة المزارع والشجر ومنها إلى فم جزيرة أغربس إلى مدينة أرميرون ثمانية وأربعون ميلا. وجزيرة أغربس جزيرة كبيرة محيط دورها مائتا ميل وفيها مدينتان مدينة مما يلي خارست تسمى أغيس وبالشرق من هذه الجزيرة حيث الرأس المسمى أسكلفاو مدينة قاسي منت وهذه الجزيرة حسنة الهواء طيبة الثرى كثيرة الخصب والزراعات وبلادها عامرة كثيرة الفواكه والثمار. ومدينة أرميرون على رأس خليج في البحر وهي كبيرة القطر عامرة بالناس والتجار وبها يحل التجار من الروم بأمتعتهم. ومن مدينة أرميرون إلى مدينة دمترياذة ثلاثون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ومنها إلى أفلاطمونة مائة ميل وعشرة أميال وبين دمترياذة وأفلاطمونة يصب نهر ليقستومي وأفلاطمونة مدينة عامرة ذات ديار سرية ومساكن شاهقة بهية وخيرات كثيرة وبها إرساء وحط. ومنها إلى مدينة كترس مائة ميل وعشرون ميلا وكترس مدينة كبيرة عامرة ذات أسواق وحصانة وخصب. ومنها إلى مدينة صلونيك قطعا على التخلية عشرون ميلا لأن البحر يخرج

منه هنا خليج صغير وعلى طرفه مدينة صلونيك وهي مدينة حسنة جليلة كثيرة العمارة برا وبحرا. ومنها إلى رنذينة خمسة وعشرون ميلا وهي أيضا مدينة كبيرة ذات سور وأسواق معمورة ومنها إلى مدينة أخرسوبلي على البحر خمسة وعشرون ميلا وهي أيضا مدينة جليلة نبيلة الأسواق كثيرة التجارات موفورة العمارات وبقرب سور أخرسوبلي واد يسمى مرمارى ومن أخرسوبلي إلى أخرستوبلس خمسة وعشرون ميلا. ويقابل أخرستوبلس جبل في سنده بلد يسمى فيلبس وهو من أخرستوبلس قريب وهو في ذاته بلد متحضر كثير الصنائع والمتاجر حسن المداخل والمخارج كثير الكروم والغراسات وهو في سفح جبل وبينه وبين البحر ثمانية أميال ويقرب منه نهر صغير وهو ما بين فيلبس وأخر ستوبلس وفي فيلبس هذه ولد الإسكندر ويسمى هذا النهر مفروبطامي وبينه وبين أخرستوبلس اثنا عشر ميلا. ومن فيلبس إلى مدينة كلة خمسة وعشرون ميلا وكلة مدينة حسنة حصينة في نحر البحر ومنها إلى مدينة شنت جرجي خمسة وعشرون ميلا ومدينة شنت جرجي مدينة عظيمة حفيلة الأسواق واسعة الشوارع حسنة الديار كثيرة الناس والتجار وأهلها مياسير. ومنها إلى مدينة قليبلي مائة ميل وقليبلي بلد جميل وقطر حفيل ومنه إلى مدينة بانذس خمسة وستون ميلا وهي مدينة كثيرة الديار ذات أسواق

وشوارع فساح ومغان نبيلة ويقابلها في البرية مدينة روسيو وبينهما ثلاثون ميلا وقد ذكرناها قبل هذا. ومن مدينة بانذس إلى مدينة روذستو عشرون ميلا وروذستو مدينة حسنة الديار شاسعة الأقطار متصلة العمارات موضعها فرج وكرومها كثيرة ومن روذستو إلى أرقلية وتروى هرقلية وتروى أركليس خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة كثيرة العمارة وافرة التجارة وبها الأسطول والأجناد. ومنها إلى مدينة سلمبرية خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حصينة وقاعدة مشهورة ومنها إلى مدينة ناثورة عشرون ميلا وهي مدينة كبيرة رحبة الأقطار حسنة الديار متصلة الكروم والزراعات والأشجار ومن مدينة ناثورة إلى مدينة ريو عشرون ميلا وهو بلد وافر العمارات كثير الأسواق والتجارات أحواله حسنة ومرافقه ممكنة ومنه إلى القسطنطينة خمسة وعشرون ميلا. ومدينة القسطنطينة مدينة مثلثة الشكل جانبان منها في البحر والجانب الثالث منها مما يلي البر وفيه باب الذهب والمدينة طولها تسعة أميال وعليها سور حصين ارتفاعه أحد وعشرون ذراعا ويحيط به فصيل دائر ارتفاع سمكه مما يلي البر عشرة أذرع وارتفاع سمك الفصيل مما يلي البحر أيضا عشرة أذرع فبينها وبين البحر فرجة نحو خمسين ذراعا بالذراع الرشاشي ولها من الأبواب نحو مائة باب وأكبرها باب الذهب وهو باب مصمت من الحديد المموه بالذهب وليس يدرى مثلها في الكبر قطرا إلا قطر رومة وبها القصر الشائع

ذكره شماخة بناء واتساع قطر وحسن ترتيب وفيه الإيبوذرون الذي يتوصل منه إلى القصر وهو من عجائب الدنيا المفتعلة وذلك أنه ملعب وزقاق يمشى منه بين سطرين من صور مفرغة من النحاس البديع الصناعات منها على صور الآدميين وصور الخيل والسباع إلى سوى ذلك مما يقر له الصانعون بالعجز وهي أشكال أكبر من الأشكال المخلوقة وبالقصر ربما دار به ضروب عجائب من المصنوعات. ودون الخليج من جهة بلاد الأرمن أحد عشر عملا أحدها عمل الأفلاجونية وفيه خمسة حصون مما يلي بحر الشام. وعمل الأفطيماطي وتفسيره الأذن والعين وفيه حصون ثلاثة ومدينة نقموذية وهي الآن خراب والبحر منها على ثمانية أميال. وعمل الأبسيق وفيه مدينة نيقية وعشرة حصون ونيقية مدينة كبيرة ولها بحيرة عذبة طولها اثنا عشر ميلا. وعمل الأفسين وفيه أربعة حصون ومدينة أفسين في رستاق الأواسي ويقال إن أفسين هي مدينة أصحاب الكهف وأما أصحاب الكهف فهم في كهف برستاق بين عمورية ونيقية وهذا الكهف هو في جبل علوه أقل من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض كالمدارج ينفذ إلى الموضع الذي فيه أصحاب الكهف وفي أعلى الجبل كهف شبيه بالبئر ينزل فيها إلى باب السرب ويمشى فيه مقدار ثلاثة مائة خطوة ثم يفضى منه إلى ضوء وهناك رواق على أساطين منقورة وفيه عدة أبيات منها بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليه باب

حجارة منقور وفيه الموتى وهم أصحاب الرقيم وعددهم سبعة وهم نيام على جنوبهم وعددهم سبعة فانية جسومهم وهي مطلية بالصبر والمر والكافور وعند أرجلهم كلب راقد في استدارة رأسه عند ذنبه ولم يبق منه إلا القحف وأكثر أعظمه باقية حتى لا يخفى منه شيء. ووهم أهل الأندلس في أصحاب الرقيم حين زعموا أن أصحاب الكهف هم الشهداء الذين هم في مدينة لوشة قال المؤلف رأيت القوم في هذا الكهف عام عشرة وخمس مائة فنزلنا إليهم على فم بئر عميقة نحوا من قامة وزائد ثم مشينا فيه في سرب فيه ظلمة خطوات قلائل ثم اتسع الغار فألفينا هناك الموتى وهم رقود على جنوبهم وعددهم سبعة وعند أرجلهم كلب ملتو وقد ذهب لحمه وجلده وبقيت عظامه في فقاراته كما هي في الحياة ولا يعلم أحد في أي زمن دخلوا هذا الكهف أو أدخلوا إليه وأول رجل يلفى منهم له خلق عظيم وله رأس كبير وأهل الأندلس يقولون إن هولاء القوم الذين في هذا الكهف موتى هم أصحاب الكهف والصحيح إن أصحاب الكهف هم الذين قدمنا ذكرهم. ومن جملة الأعمال التي قدمنا ذكرها آنفا عمل الناطلوس وفيه عدة حصون منها العلمين ومرج الشحم وبرغوث والمسكنين وفيه مدينة عمورية وهي مدينة حسنة وعدد بروجها أربعون برجا. وعمل خرسيون وهو مما يلي درب ملطية وفيه من المدن خرشنة وأربعون حصنا.

ومنها عمل البقلار وفيه مدينة أنقرة وصمله وقصارية وستة عشر حصنا. وعمل الأرمنياق وفيه من المدن قونية وخرلاصة وستة عشر حصنا. وعمل خلدية وحده أرمينية وفيه ستة حصون. وعمل سلوقية من ناحية بحر الشام ويتولاها عامل الدروب وفيه من المدن سلفكية وهي سلوقية وعشرة حصون. وعمل القباذق وحده جبال طرسوس وأذنة والمصيصة وفيه من الحصون قرة وأنطيغو والأجوف وذو الكلاع وأربعة عشر حصنا صغارا وسنذكر هذه البلاد في موضعها إذا وصلنا إليها بحول الله. وخلف الخليج الذي يصل القسطنطينة من بحر الشام وعرض المجاز عند القسطنطينة أربعة أميال وهذا الخليج له فوهتان إحداهما تتصل بحر الشام في جهة الجنوب عند مدينة أبذس وسعته هناك تكون غلوة سهم وعليه هناك برجان وحراس وطول هذا القسم من الخليج مائتان وخمسون ميلا والفوهة الثانية من هذا الخليج الذي هو من القسطنطينة تتصل ببحر بنطس وطوله ستون ميلا فذلك طول الخليج من بحر بنطس إلى مصبه في بحر الشام ثلاث مائة ميل وعشرون ميلا وعند خروجه من بحر بنطس عليه مدينة مسناة وعرض فوهته هناك ستة أميال. فأما مدينة أبذس فهي على فم المضيق من البحر الشامي وأسفلها مما يلي المشرق على البحر مدينة أزة وتروى أزلة وبينهما ثلاثة أيام وهي مدينة صغيرة متحضرة فيها صناع وفعلة ومنها إلى مدينة دمالة أربعة أيام ومنها إلى

مدينة العبرا مائة ميل والعبرا بمقربة من مدينة نيقية وبينهما ثلاثة أميال والعبرا بشرقيها وهي حصن عامر كبير حصين ومن العبرا إلى مجاز الخليج أربعة وعشرون ميلا ومن مدينة نيقية يحمل البقل إلى مدينة القسطنطينة وبينهما ثلاثون ميلا وبين نيقية والبحر ثلاثة أميال. ومدينة نيقية مدينة أزلية قديمة لا يعرف بانيها وهي على بحيرة عذبة الماء طويلة عريضة يكون طولها اثني عشر ميلا في عرض سبعة أميال وفي البحيرة ثلاثة أجبل ومن المدينة إلى البحيرة باب صغير فإذا دهمهم خوف أو فاجأهم أمر أخرجوا الذراري من الحصن إلى الروارق ثم ساروا في الزوارق إلى تلك الجبال معتصمين بها وهي مدينة جليلة كبيرة. ومن مدينة نيقية إلى مدينة نقموذية أربعة أيام وهي مدينة قديمة أزلية مشهورة وكانت في القدم دار مملكة الروم قبل أن تبنى مدينة القسطنطينة فلما بنيت مدينة القسطنطينة انتقل الملك إليها عن نقموذية وبين نقموذية والقسطنطينة مائة وستون ميلا. ومن نيقية إلى مدينة ذملية أربعة مراحل وذملية مدينة صغيرة متحضرة قائمة بجميع منافعها ومرافقها ومنها إلى مدينة أزلة وهي مدينة صغيرة على ضفة البحر أربعة أيام ومن أزلة إلى مدينة أبذس ثلاثة أيام. ومدينة أبذس على ساحل البحر وحيث يضيق الخليج إلى أن تكون سعته غلوة سهم وهي في الساحل الشرقي من الخليج.

ومن مدينة أبذس شرقا إلى حصن أترميتو ثلاثة أيام وبقربها واد يسمى فومار وهو حصن حصين ومعقل أمين. ومن مدينة أبذس على الساحل إلى مدينة بفخيا مرحلتان خفيفتان وهي مدينة في سفح جبل بينها وبينه وبين فم أبذس أربعون ميلا ويشق بين سطالية وباطرة نهر كبير يسمى فنيقة يأتي من جبل في ناحية بفخيا المذكورة من ثلاثة عناصر. ومن مدينة بفخيا إلى مدينة أفسين وهي مدينة أصحاب الكهف ثلاثة أيام شرقا وهي مدينة أكثرها خلاء في سفح جبل ومنها إلى حصن أمطلين يومان جنوبا وحصن أمطلين ويروى ماطلي حصن عالي الذروة حصين الغلوة أهله أنجاد. ومن حصن أمطلين إلى حصن جونديو غربا مما يلي البحر أربعون ميلا ومنه إلى جبل زرمي الكبير المتصل بالبحر الشامي مرحلة وفي هذا الجبل معادن حديد وفيه صيد كثير ووعول وفيه من أنواع الحشائش العطرية شيء كثير. ومن أمطلين إلى حصن سوزنت أربع مراحل وقد قدمنا ذكره فيما سبق قبل هذا في الإقليم الرابع. ومن مدينة نيقية المذكورة في هذا الجزء إلى مدينة قيذرس وتروى كيذرس مفازة سبعة أيام ومن مدينة كيذرس إلى مدينة عمورية يوم خفيف ومدينة

كيذرس مدينة صغيرة متحضرة حصينة في سفج جبل مطل عليها. وفي بحيرة نيقية حوت صغير طوله فتر لونه مائل إلى الخضرة دقيق الشوك إذا طبخ بالفوذنج وأكله صاحب الحمى برئ منها من ساعته وبتلك البحيرة سرطانات صغار إذا طبخت مع النخالة واعتصرت وشربت عصارتها نفعت من السعال المزمن من مرة واحدة ويوجد بها وعلى ضفتها أحجار خاوية خفاف صغار إذا علق الحجر منها على فخذ المرأة التي تريد الولادة أسرعت ولادتها بلا تأخير وقد جرب ذلك فصح وهذا الحجر يعرف بنيقية وبالحجر النيقي وقد ذكرته الحكماء في كتبها وشرحت خواصه. كمل الجزء الرابع من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الخامس منه إن شاء الله.

الجزء الخامس

الجزء الخامس إن الذي تضمنه هذا الجزء الخامس من الإقليم الخامس فيه بلاد ناطلوس وتفسيره المشرق وفيه مدينة عمورية وحصن العلمين ومرج الشحم وحصن برغوث والمسكنين وفيه بلاد البقلار وفيه مدينة أنقرة وصلمه وتخاط وخرلاصة وعمل الأرمنياق وفيه قونية ولاذقية وذرقيو وفلومي وبلوطن وجملة حصون وعمل القباذق وحده طرسوس إلى اللين وفيه بلاد كثيرة وقد ذكرنا أكثرها في الإقليم الرابع وعمل الأبسيق وفيه مدينة نيقية وبلاد كثيرة وجمل حصون مثل اليهودي وغروبلي والأغراذ ومدينة لباذية ونريد أن نتكلم الآن في صفاتها وأصقاعها ومواضعها ونحد ما بين البلد والبلد من الأميال والمراحل كما جرت به عادتنا فيما سلف وتقدم لنا شرحه في الأجزاء الأول من الكتاب. فنقول إن من مدينة نيقية إلى عمورية ثمانية أيام تخرج من نيقية إلى نهر مسترة مرحلة ثم إلى أبروسية وهي قرية عامرة مرحلة إلى مدينة لباذية مرحلة وهي مدينة عظيمة مختلفة العمارة كثيرة الأسواق وهي على نهر كبير

والمراكب الكبار تصعد فيه من الخليج وتصل إلى لباذية ولها كروم كثيرة وبساتين وعمارات متصلة ومن مدينة لباذية إلى قرية مسيسة مرحلة إلى قستورة مرحلة إلى نهر مادرى مرحلة إلى كيذرس مرحلة ومدينة كيذرس مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وعمائر ومنها إلى مدينة عمورية مرحلة. وطريق آخر من مدينة عمورية إلى الخليج تخرج من عمورية إلى قرية الحوات خمسة عشر ميلا إلى ضفة نهر عمورية الغربية ميلان ثم إلى الفخ اثنا عشر ميلا ثم إلى قلامي الغابة خمسة عشر ميلا إلى حصن اليهود اثنا عشر ميلا إلى سندابيري ثمانية عشر ميلا إلى مرج حمر الملك بدرولية ثلاثون ميلا ثم إلى حصن غروبلي خمسة أميال ثم إلى كتائس الملك ثلاثة أميال ثم إلى الملون خمسة وعشرون ميلا ثم إلى الأغراذ خمسة عشر ميلا ثم إلى ملاجنة خمسة عشر ميلا إلى إصطبل الملك خمسة أميال إلى حصن العبرا ثلاثون ميلا ثم إلى الخليج أربعة وعشرون ميلا. ومدينة عمورية مدينة كبيرة مشهورة في بلاد الروم وبلاد المسلمين لأنها أزلية القدم مشهورة في البلاد غير أن الفتوحات تتوالى عليها من جيوش المسلمين والروم ولها سور حصين وهي على نهر كبير ونهرها يمر جنوبا إلى أن يصب في نهر الفرات ويسمى نهر قباقب ومدينة عمورية رصيف إلى سائر البلاد المجاورة لها والمتباعدة عنها ومن ذلك صفة الطريق إلى مدينة طرسوس الساحلية من عمورية إلى وادي الحور اثنا عشر ميلا ثم إلى أندوسيانة اثنا عشر ميلا وهو حصن حصين ومنه إلى الملجيس عشرون ميلا

ومنه إلى ربض قونية خمسة عشر ميلا ومنه إلى نهر الأحسا ثمانية عشر ميلا ثم إلى عيون برغوث ستة عشر ميلا ومن عيون برغوث إلى حصن المسكنين اثنا عشر ميلا ثم إلى رأس الغابة ستة عشر ميلا ثم إلى مدينة اللين خمسة عشر ميلا ومن مدينة اللين إلى البهسني ثلاثة أيام ومنه إلى وادي الطرفاء عشرون ميلا ومن وادي الطرفاء إلى المعسكر اثنا عشر ميلا ومن المعسكر إلى الدرب عشرة أميال وهو الدرب الذي ذكره امرؤ القيس في شعره وهو جبل حاجز بين بلاد أنطالية وبلاد خرسيون منتصبا من المغرب إلى المشرق وفيه أبواب عليها حصون وحراس ترتقب الداخل والخارج ومن الدرب إلى البذنذون وهو حصن اثنا عشر ميلا ومنه إلى حردقوب وهو حصن اثنا عشر ميلا ومنه إلى الجوزات سبعة أميال ومنه إلى الزهرة اثنا عشر ميلا ومنها إلى العليق اثنا عشر ميلا ومن العليق إلى طرسوس اثنا عشر ميلا. وصفة طريق آخر من طرسوس إلى أبذوس على فم خليج القسطنطينة من طرسوس إلى العليق اثنا عشر ميلا إلى الزهرة اثنا عشر ميلا ثم إلى الجوزات وهو حصن اثنا عشر ميلا ثم إلى الحردقوب سبعة أميال ثم إلى البذنذون اثنا عشر ميلا ثم إلى الكروم يسرة اثنا عشر ميلا ثم إلى البرية تسعة عشر ميلا ثم إلى الكنائس عشرون ميلا إلى طولب عشرون ميلا إلى رندة خمسة عشر ميلا إلى بلقسة خمسة عشر ميلا إلى مرج الأسقف تسعة أميال ثم إلى فلوغري وهو حصن اثنا عشر ميلا إلى قرية الأصنام عشرون ميلا ثم إلى وادي الريح سبعة عشر ميلا

ثم إلى بلوطن خمسة عشر ميلا ثم إلى الصنيمة أربع وعشرون ميلا ثم إلى عاموا تسعة عشر ميلا ثم إلى موذونوس عشرون ميلا ثم إلى مخاضة ثمانية عشر ميلا إلى قرية الجوز ستة عشر ميلا إلى الغطاسين اثنان وعشرون ميلا إلى قرية البطريق عشرون ميلا ثم إلى مرج ناقولية خمسة عشر ميلا ثم إلى دنوش عشرون ميلا ثم إلى حصن بلومين تسعة أميال ثم إلى حصن قوطية اثنا عشر ميلا ثم إلى الرنذاق ميلان ثم إلى أبذوس على فم المضيق ثلاثة عشر ميلا. والطريق من كمخ إلى عمورية ثم إلى القسطنطينة مائة وستة وثمانون بريدا والبريد ثلاثة أميال وكذلك من كمخ إلى أنقرة وهي مدينة خراب إلى حصن أمطلين إلى أبذوس مائة وثمانية وعشرون بريدا. ومن أراد المسير من كمخ إلى الخليج خرج من كمخ إلى باذلو مرحلة ثم إلى مدينة صادخة يومان ومن صادخة إلى نشمو وهو نهر عليه (جسر) مرحلة ومنه إلى مدينة خرشنة مرحلة ومنها إلى قشترطة وهي مدينة صغيرة متحضرة ثلاث مراحل والطريق في مروج وخصب عام ومنها إلى قرطيسة ثلاثة أيام ثم إلى نهر اللين مرحلتان ثم إلى بحيرة بوسرندة مرحلتان ثم إلى بلوطن نصف نهار ثم إلى عمورية نصف نهار ومن عمورية إلى الخليج مائة وخمسة وتسعون ميلا. والطريق من عمورية إلى أنطالية التي على ساحل البحر الشامي من عمورية

إلى بلوطن نصف نهار ومن بلوطن إلى بحيرة بوسرندة نصف نهار وهي بحيرة كبيرة فيها سمك كثير مختلفة الصفات ومن البحيرة إلى مدينة فلومي يوم وهي مدينة صغيرة متحضرة ومن فلومي إلى مدينة لا ذقية يومان ومن مدينة اللاذقية إلى مدينة قونية يوم وقونية مدينة حسنة وبها مفترق الطرق فمن شاء أنطالية البحرية خرج في جهة الجنوب إلى أمروني مرحلة ثم إلى نهر قوشة مرحلة إلى خذوشطة مرحلة إلى فج عمروس ثلاث مراحل إلى كوثرة مرحلة إلى أنطالية مرحلة. والطريق من قونية إلى ملدني ثلاث مراحل وأيضا من قونية إلى مدينة خرلاصة شرقا أربعة أيام ومن خرلاصة إلى مدينة صمله يومان ومن صمله إلى قصارية ثلاثة أيام شرقا ومن قصارية إلى مدينة صيندو ثلاثة أيام ومن مدينة صيندو إلى مدينة أبلسطة ثلاثة أيام ومنها إلى مدينة ملدني ثلاثة أيام ومدينة ملدني مدينة متوسطة على نهر يجري إلى جهة الشمال ويصب في بحر بنطس وهي رصيف يجتمع بها القوافل وتفترق طرقها. فالطريق من ملدني إلى مدينة كمخ من ملدني إلى مدينة تخاط أربعة أيام ومن تخاط إلى مدينة أماسية يومان ومن أماسية إلى مدينة كمخ ستة أيام وبين كمخ وأرتكان وهي على شاطئ الفرات نصف يوم وكمخ كما وصفنا

مدينة حصينة حسنة المطلع نافقة المتاجر والصنع. والطريق من قونية إلى أنطاكية فمن شاء ذلك سار من مدينة قونية إلى أنقرة وتروى أنكرى خمس مراحل وهي مدينة حسنة زهية عجيبة بهية كثيرة الفرح وسيعة النهج ومنها إلى مدينة لارندة أربعة أيام ومن لارندة إلى مدينة سنطي خمسة أيام ومن مدينة سنطي إلى مدينة منقري ستة أيام إلى مدينة خندكة خمسة أيام إلى حصن منصور ثلاثة أيام ومنه إلى مدينة أنطاكية سبعة أيام. ومن أخذ من قونية شرقا سار من قونية إلى أنقرى خمسة أيام وهي مدينة حسنة وكانت في زمن الفتنة خاوية ومن أنقرى إلى مدينة أماسية يوم ومن أماسية إلى مدينة غنغرة خمسة أيام ومنها إلى مدينة قسطامني يوم ومن مدينة قسطامني إلى مدينة قونية خمس مراحل ومن قونية أيضا إلى مدينة عمورية خمسة أيام. والطريق من نيقية إلى أنطالية المحدثة من نيقية إلى مدينة أبروسية يومان وأبروسية قرية جليلة متحضرة ذات أسواق وعمارة ومنها إلى مدينة لباذية يوم ولباذية مدينة كبيرة حصينة وهي على نهر كبير تصعد المراكب فيه وتنزل ومنه إلى مدينة بارية أربعة أيام إلى نهر جلمطسة يومان إلى حصن الزهرق وهو خراب في أسفل جبل على شعبة منه ثم إلى أنطالية خمسة أيام. والطريق من مدينة ملدني إلى مدينة تفليس من أرمينية من مدينة ملدني إلى مدينة خرطبرت وهي مدينة صغيرة متحضرة يومان ومنها إلى حصن

جمشقا يومان إلى مازقيط يومان إلى مدينة بالوا وهي مدينة صغيرة يومان ومن بالوا إلى حصن جنجكو ثلاثة أيام ثم إلى حصن أموش وهو على الجبل الكبير ثلاثة أيام ومن حصن أموش إلى تفليس ثلاثة أيام وتفليس مدينة كبيرة جليلة في ديار أرمينية. وطريق آخر من مدينة ملدني إلى أنطاكية من ملدني إلى بهسني أربعة أيام إلى حصن كيسوم يومان ومن حصن كيسوم إلى حصن منصور أربعة أيام ومن حصن منصور إلى حصن الحدث يوم بل هي مدينة في جميع حالاتها ومنها إلى الهارونية مرحلة ومن الهارونية إلى الكنيسة السوداء يوم خفيف ثم إلى طرسوس مرحلة ثم إلى أذنة مرحلة إلى اللمصيصة مرحلة إلى أنطاكية يومان. والطريق أيضا من ملدني إلى المصيصة من ملدني إلى حصن مراش ثلاثة أيام إلى أماسية يومان إلى مدينة كمخ خمسة أيام ومن مدينة كمخ إلى مدينة خزومي إلى تل حمدون خمسة أيام إلى مدينة ناضية خمسة أيام إلى المصيصة ثلاثة أيام. والطريق من خرلاصة إلى أنطاكية من خرلاصة إلى حصن إيرنة ثلاثة أيام إلى جبل نموش يومان إلى حصن نيطنو يومان إلى الكنيسة السوداء يومان إلى طرسوس يوم إلى مدينة أذنة مرحلة إلى المصيصة مرحلة. والطريق من ملدني إلى ميافارقين وميافارقين مدينة من مدن أرمينية الصغرى فمن ملدني إلى حصن ياني في جبل نموش مرحلتان ومنه إلى حصن شهيد مرحلة ومن حصن شهيد إلى حصن الرمانة وهي قرية كبيرة وعليها حصن حصين ثلاثون

ميلا ومن حصن الرمانة إلى وادي البقر وبه ضيعة عامرة ثمانية عشر ميلا ومن وادي البقر إلى مدينة عرقا ثمانية عشر ميلا وعرقا مدينة صغيرة محضرة كثيرة الخير والخصب ومن مدينة عرقا إلى نهر قباقب وهو النهر الجائي من جبال بضحام وهو مادة الفرات ومن النهر إلى قرية الحمام اثنا عشر ميلا ويوازي هذه القرية في جهة الجنوب حصن ملطية وبينهما اثنا عشر ميلا ومن هذه القرية إلى تل بطريق اثنا عشر ميلا ومنها إلى تل أرسناس اثنا عشر ميلا وأرسناس على نهر كبير يمد الفرات ويأتي من الجبال ويصب أسفل شمشاط ومن تل أرسناس إلى حصن زياد الكبير تسعة أميال ومن حصن زياد إلى مدينة هيات اثنا عشر ميلا ومن مدينة هيات إلى ضيعة القس خمسة عشر ميلا ومن ضيعة القس إلى مدينة الأرديس اثنا عشر ميلا وهي مدينة حسنة متوسطة القدر كثيرة البساتين والأشجار ومنها إلى حصن ذي القرنين وهو حصن منيع ثمانية عشر ميلا ومنه إلى حصن الهتاج ثمانية عشر ميلا وهو حصن حسن ومنه إلى ميافارقين ثمانية عشر ميلا ومدينة ميافارقين مدينة حسنة حصينة وسنذكرها إذا وصلنا إلى موضع ذكرها بحول الله وقوته. والطريق من آمد إلى مدينة قامرون التي على نهر صبابة شمالا من آمد إلى حصن ندارم مرحلة ومنه إلى نهر شيط مرحلة ثم إلى أرجونة مرحلة وهو حصن خراب ومنه إلى مدينة الأرديس السابق ذكرها ثم إلى غيغني وهي قرية عامرة كبيرة مرحلة ومن غيغني إلى شيتة مرحلة إلى قرية دامية مرحلة إلى

مدينة أموش السابق ذكرها مرحلة ومنها إلى بيطة مرحلة إلى قلشانة مرحلة إلى غتانت وهي قرية حسنة مرحلة ثم إلى حصن مطغوري مرحلة ومنه إلى حصن شيذى مرحلة ثم إلى غشتة مرحلة إلى قماية مرحلة إلى تبانستو مرحلة إلى مدينة قامرون مرحلة وقامرون مدينة على نهر كبير يسمى صبابة وهذا النهر تصعد فيه المراكب الحربية وغيرها من أنواع المراكب وهو نهر كثير الماء معتدل الجرية عريض السعة وفيه كثير من أنواع السمك ويصب في بحر بنطس بين مدينة أطرابزندة ومدينة أشكيسية وجميع هذه البلاد التي ذكرناها الآن تتقارب مقاديرها وتتشابه عماراتها وبنيانها وليست كبلاد المسلمين في حسن الاتقان وجودة الترتيب. والطريق من مدينة لباذية إلى مدينة قامرون في جهة الشرق من مدينة لباذية شرقا إلى حصن اليهود ثلاث مراحل ومن حصن اليهود إلى نيطة مرحلة إلى كردجة وهي قرية مرحلة إلى قرية جون مرحلة إلى مدينة نجة مرحلة وهي مدينة حصينة منيعة ومنها إلى قرية ذروتة مرحلة إلى قرية بينش مرحلة إلى خشطش مرحلة إلى قرية قبنلبش مرحلة إلى مدينة ذونية وهي مدينة حسنة خصيبة عامرة على نهر روى الكبير وبين مدينة ذونية ومبدأ هذا النهر مرحلة ويخرج من جبل في غربيها من عينين فيلتمان ويصيران جسدا واحدا فمن أراد النزول إلى قامرون في النهر سار من مدينة ذونية في المركب إلى مدينة ناموني يوما ونصفا ومن ناموني إلى مدينة قامرون يومان ونصف ومن أراد

المسير في البر سار من ذونية إلى قامرون بين جبال وشعار وأوهدة صعبة اثني عشر يوما والعمارات بها قليلة. والطريق من ناموني بين شرق وجنوب إلى تفليس تسير من مدينة ناموني إلى مدينة بندابو ثلاث مراحل جنوبا في كلأ وعشب ومياه وأرض وطيئة وبها وحوش كثيرة وصيد كثير ومدينة بندابو على نهر صبابة وفي شماله فيعبر النهر إلى حصن ماقري مرحلتان وحصن ماقري فوق جبل عال لا يمكن الصعود إليه إلا من جهة واحدة وطريقه صعب والماء ينبع من وسطه فيكون منه واد يجري عليه أرحاء ومن حصن ماقري إلى حصن مطغوري مرحلتان والطريق بين دهاس ونقوع مياه صعبة وجبال حرش ومن حصن مطغوري إلى مدينة تفليس ثلاث مراحل وسنذكر صفة تفليس في موضع يجيء فيه ذكرها بحول الله تعالى. والطريق من عمورية إلى تفليس شرقا على مرج فلن تخرج من عمورية إلى مدينة قباقب على النهر مرحلتين ومن قباقب إلى ششوي خمس مراحل والطريق في عشب وكلأ وخصب ومرابع حسنة وصيود ممكنة ومياه ناشعة وأرض لا جبل بها ومدينة ششوي مدينة عامرة حسنة ومنها إلى مدينة أفرانتة ثلاث مراحل والماء يتزود به في هذه المراحل الثلاث من مرحلة إلى مرحلة ومن مدينة أفرانتة إلى مدينة بذلان ثلاث مراحل وبذلان حسنة الرفعة حصينة المنعة موضعها في أنف خارج من الجبل والصعود إليها صعب ومنها إلى تفليس طريقان فمن أخذ ذات اليمين سار مشرقا إلى حصن فهد أربع مراحل في

طريق وعر وصخور وصعود وهبوط ومن حصن فهد إلى حصن أموش أربع مراحل ومن حصن أموش إلى مدينة تفليس ثلاث مراحل ومن أخذ من بذلان ذات اليسار سار إلى مدينة فلوجة مرحلتين وفلوجة مدينة صغيرة كالبادية ومن فلوجة إلى مدينة بندابو المتقدم ذكرها أربع مراحل محققا ومن شاء سار من مدينة فلوجة إلى حصن ماقري ست مراحل ومن حصن ماقري إلى حصن مطغوري مرحلتان ثم إلى تفليس ثلاث مراحل. والطريق من مدينة ذونية المتقدم ذكرها إلى مدينة ملدني في جهة الجنوب تخرج من مدينة ذونية إلى جبل أقورنت جنوبا مرحلتين فتصعده وتصير إلى مدينة ششوي جنوبا مرحلتين كبيرتين وششوي في شرق مرج فلن ومن مدينة ششوي إلى مدينة قسطامني جنوبا أربع مراحل وقد سبق ذكر قسطامني ومن قسطامني جنوبا إلى خرطبرت يومان وهي مدينة صغيرة حسنة ومن خرطبرت إلى ملدني يومان جنوبا ومن شاء سار من مدينة ششوي ذات اليمين إلى مدينة صيندو أربع مراحل وهي مدينة صغيرة على جنوب مرج فلن ثم يعبر نهر قباقب إلى مدينة أبلاسطة ثلاث أيام جنوبا ومن مدينة أبلاسطة إلى مدينة ملدني جنوبا ثلاث مراحل وفي شمال مرج فلن فيما يحكيه الأرمينيون بركة ماء كبيرة يظهر ماؤها عاما ويكون فيها من السمك الشيء الكثير وترف عليها الطيور في جميع جوانبها ثم تجف فتقيم جافة سبعة أعوام لا يكون للماء فيها

أثر فإذا كان العام الثامن عادت بإذن الله تعالى فتمتلئ بالماء ويكثر سمكها فيعم أكثر تلك الجهات وموضع هذه البركة متوسط بين مدينة نجة ومدينة ششوي وعلى شمالها وعلى مرحلة ونصف مرحلة منها جبل غرغوي وفي هذا الجبل المسمى بغرغوي كهف منه على عشرين باعا فيه بئر بعيدة القعر إذا رمي فيها بحجر سمع أسفل البئر دوي كدوي الرعد القاصف ثم يسكن فإن رمي فيها أحجار سمع لكل حجر منها صيحة ودوي كما قدمنا وصفه وفي هذا الجبل معدن حديد مسموم إن صنعت منه سكين أو شيء من الأسلحة وجرح به حيوان هلك وحيا وعلى شمال مدينة نجة وعلى مرحلتين منها مدينة ابرثوري وهي صغيرة جدا لكنها خصيبة ولها سوق يوم مشهود وقد أكملنا القول في هذا الجزء حسب الطاقة والله المحمود على معونته ومنه نستمد التسديد والتوفيق إنه ولي الطول وله القوة والحول. نجز الجزء الخامس من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله.

الجزء السادس

الجزء السّادس إن الذي تضمنه هذا الجزء السادس من الإقليم الخامس أكثر مدن أرمينية وبعض بلاد آذربيجان وجملة بلاد أران وجبل القبق والذي فيه من بلاد أرمينية ميافارقين وباجنيس ومنازجرد وبدليس وخلاط وأرجيش ووسطان والزوزان ونشوى وقالي قلا ودبيل وسراج وبركري وخوي وسلماس وأرمية وفيه من بلاد أران برذعة والبيلقان وبرديج والشماخية وشروان واللايجان والشابران وقبلة وشكي وجنزة وشمكور وتفليس وأهر وورزقان وفيه من بلاد آذربيجان كورسره وأردبيل والبذ وبرزند وورثان وموقان وكل هذه البلاد قواعد مشهورة وبلاد مذكورة ويجب علينا أن نتكلم عليها حسب ما سبق لنا من الكلام في أوصاف غيرها من الكور والبلاد. ونبدأ من ذلك بذكر مدينة برذعة لأنها أم بلاد أران وعين ما جاورها

من الأمصار وهي مدينة كبيرة جدا تكون نحو ثلاثة أميال طولا في دونها عرضا وهي من أنزه البلاد بقعة وأوفرها نعمة وبها خصب زائد ولها كروم وبساتين وأشجار وثمار عامة ومنها على ثلاثة أميال موضع يسمى الأندراب وهو مسير يوم في مثله وجميعه بساتين مشتبكة وعمارات متصلة وفواكه دائمة وجبايات كثيرة ومتاجر عظيمة وبها من البندق والشاه بلوط ما يربي على ما بالشام من ذلك كثرة وكبرا وطيب مطعم وبها الروقال وهو نوع من الغبيراء ليس يوجد في أقطار الأرض مثله ولا رؤي مثل صفته وهو إذا أدرك حلو وقبل أن يدرك فيه مزازة ومدينة برذعة من نهر الكر على نحو تسعة أميال ولمدينة برذعة باب يعرف بباب الأكراد على ظاهره سوق تسمى سوق الكركي مقدارها ثلاثة أميال وهي سوق عظيمة يجتمع إليها الناس في كل يوم أحد ويقصدون إليها من كل جهة ويبادرون إليها من كل ناحية ويباع بها من الأمتعة وصنوف المصنوعات الشيء الكثير. والطريق من مدينة برذعة إلى باب الأبواب بين شمال وشرق من مدينة برذعة إلى مدينة برديج أربعة وخمسون ميلا ومن برديج إلى مدينة الشماخية اثنان وأربعون ميلا ومن الشماخية إلى مدينة شروان ثلاثة أيام ومن شروان إلى مدينة اللايجان يومان ومن اللايجان إلى مدينة جسر سمور ستة وثلاثون ميلا ومن جسر سمور إلى الباب ستون ميلا الجملة ثلاث مائة ميل. ومدينة باب الأبواب مدينة عظيمة على بحر الخزر وفي وسطها مرسى

للسفن وعلى فم هذا المرسى الخارج إليها بنا آن كالسدين من جانبيه وهناك سلسلة تمنع الداخل والخارج إلا بأمر صاحب البحر وهذان السدان من الصخر المحكم أفرغ بينه الرصاص وهي مدينة كبيرة بساتينها يسيرة وفواكهها قليلة وأكثر ذلك يجلب إليها من غيرها وعليها سور حجارة وآجر وطين وهو في نهاية من المنعة وهي فرضة بحر الخزر والسرير وسائر بلاد طبرستان وجرجان وتصنع بها ثياب الكتان كثيرا وأهلها يلبسونها دون أهل بلاد أران وبلاد أرمينية وآذربيجان. وأما مدينة برديج والشماخية وشروان واللايجان وجسر سمور فكلها بلاد تتقارب في أقطارها وتتشابه في عمارها ولأهلها أسواق عامرة وصناعات متكاثرة وأشجارهم ناضرة كثيرة وفواكههم عامة رخيصة جدا وساكنها رائح ومسافرها رابح. والطريق من برذعة إلى أردبيل بين جنوب وشرق من مدينة برذعة إلى مويان أحد وعشرون ميلا وهي مدينة طيبة ذات مياه جارية وأشجار ملتفة وبساتين وفواكه وبنا آت ومنازه ولهم أنهار مجاورة عليها طواحينهم وكذلك منها إلى مدينة ورثان أحد وعشرون ميلا وهي مدينة أكبر من البيلقان وأفسح قطرا وأكثر عمارة وبشرا وأسواقا ومتاجر ولها سور وربض ومن ورثان إلى البيلقان ستة وثلاثون ميلا ومنها إلى مدينة بلخاب أحد وعشرون ميلا وهي قرية آهلة وبها رباطات وفنادق والسابلة تنزلها ومن بلخاب إلى مدينة برزند

أحد وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات بساتين وأرحية وعمارات ومن مدينة برزند إلى أردبيل خمسة وأربعون ميلا الجملة مائة وخمسة وستون ميلا والطريق في قرى عامرة وأشجار وبساتين ذات اليمين وذات الشمال وأردبيل قاعدة مدن آذربيجان. والطريق من برذعة إلى تفليس تخرج من برذعة إلى جنزة وهي مدينة حسنة لها سور وربض عامر وكروم وشجر ومزارع وغلات سبعة وعشرون ميلا ومن جنزة إلى مدينة شمكور ثلاثون ميلا وهي مدينة تشبه جنزة في جميع أحوالها وكرماتها وبساتينها وثمارها ومن شمكور إلى مدينة خنان ثلاثة وستون ميلا وهي ذات أسواق وسور حصين وربض معمور ومن مدينة خنان إلى مدينة القلعة ثلاثون ميلا وهذه القلعة تنسب إلى ابن كندمان وهي صغيرة متحصنة ومن القلعة إلى مدينة تفليس ستة وثلاثون ميلا الجميع مائة ميل وستة وثمانون ميلا. والطريق من مدينة برذعة إلى دبيل من برذعة إلى مدينة قلقاطوس سبعة وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة عامرة ذات سور وسوق عامرة ومنها إلى مدينة متزيس تسعة وثلاثون ميلا وهي مدينة متحضرة صغيرة القدر ومنها إلى كيلكوين وهي قرية عامرة كبيرة كالمدينة ومنها إلى سيسجان ثمانية وأربعون ميلا وسيسجان مدينة طيبة الهواء حسنة الثرى فرجة الأقطار كثيرة الفواكه والأشجار ومنها إلى دبيل ثمانية وأربعون ميلا الجميع من ذلك مائة واثنان وستون ميلا.

والطريق من برزند المتقدم ذكرها في طريق أردبيل من برذعة إلى دبيل من برزند إلى مدينة ميمذ ثلاث مراحل وهي مدينة صغيرة عامرة ومنها إلى مدينة أهر ثلاث مراحل ومنها إلى مدينة ورزقان أربع مراحل وهي مدينة عامرة حسنة البقعة فرجة الرفعة لها سور حصين وسوق عامرة ومنها إلى مدينة دبيل مرحلتان الجملة ثلاث مائة ميل ومدينة دبيل أكبر قطرا من مدينة أردبيل وهي أجل بلدة بأرض أرمينية الداخلة وهي قصبتها وبها دار الإمارة دون بلاد جميع أرمينية كما أن دار الإمارة بأران مدينة برذعة ودار الإمارة بأرض آذربيجان في أردبيل وعلى مدينة دبيل سور يحيط بها عالي السمك ثقيف وتصنع بها المراعز وبسط الصوف والوسائد والتكك والمقاعد وغير ذلك من أصناف المصنوعات من الصوف الأرميني وبها البزيون كثيرا وهو أجل كل بزيون يتخذ ببلاد الروم ومصنوعاتهم معدومة المثيل في جميع الأرض. وأرمينية أرمينيتان إحداهما أرمينية الداخلة والثانية أرمينية الخارجة فالداخلة منها دبيل ونشوى وقالي قلا وأهر وورزقاق وما والاها والخارجة منها هي مثل بركري وخلاط وأرجيش ووسطان والزوزان وما بين ذلك من القلاع والنواحي والأعمال. ومدينة قالي قالا مدينة مداخلة لبلاد الروم وهي ثغر لأهل آذربيجان وأرمينية وهي مدينة حسنة جليلة عامرة وقد تغلبت الروم عليها وعلى ما

جاورها مرات واستنقذها المسلمون من أيديهم وهي الآن عامرة بأيدي المسلمين وبين مدينة قالي قلا وميافارقين ثلاث مراحل وبين مدينة قالي قلا وتفليس أربع مراحل. ومدينة تفليس على نهر الكر ولها سوران من طين وهي في غاية من الرفه والخصب وأهلها أهل مروءات وبها حمامات مثل حمامات طبرية مياهها حامية من غير أن يوقد عليها بنار وأسعارها رخيصة والعسل بها كثير والسمن أيضا رخيص جدا كثير وكذلك بين تفليس ومدينة أطرابزندة ثمانية أيام وبين مدينة قالي قلا وتفليس أربع مراحل وبين قالي قلا وأطرابزندة اثنتا عشرة مرحلة وأطرابزندة مدينة كبيرة على نحر بحر بنطس ومنها يسافر إلى جميع بلاد الروم وسنستقصي وصفها وأحوالها بعد إن شاء الله. وأما ميافارقين فإنها بين حدود الجزيرة وحدود أرمينية وبعض الناس يرى أنها من أرمينية وآخرون يعدونها من بلاد الجزيرة وهي من شرقي دجلة على مرحلتين منها فلذلك تجعل في بلاد أرمينية وأيضا فإن مدينة ميافارقين وقالي قلا وأرزن وسراوج ومنازجرد وبدليس ونشوى وبركري بالجملة بلاد تتقارب في الأقطار وتتساوى في العمار وليس بينها كثير تفاوت وهي بجملتها خصبة عامرة كثيرة الخير ويصيبها في بعض الأحايين تغيير مثل ما يصيب سائر البلاد وفي هذه البلاد وفي أصقاعها الشيء الكثير من التجارات والمجالب وأنواع من الابتغاآت والمطالب من الدواب والأغنام والثياب المجلوبة إلى جميع النواحي والأقطار وغيرها كالتكك الأرمينية التي تصنع بمدينة سلماس وتعمل بمرند

وتبريز ودبيل وقد يصنع بها مقاعد وأنخاخ أرمينية عديمة المثال وكذلك السبنيات والمقارم والمناديل المعمولة بميافارقين لا نظير لها ولا يعدلها في مثلها صنعة. والطريق من أردبيل إلى المراغة من أردبيل إلى كورسره ستة وثلاثون ميلا وهو قصر عظيم وحصن منيع وله إقليم ورستاق جليل جسيم وفيه أسواق في أوقات من السنة وقد قدمنا من ذكرها ما يغنى عن إعادة ذلك وبين هذا القصر ومدينة أردبيل المدينة المسماة سراه وهي على أحد وعشرين ميلا من أردبيل ومدينة سراه مدينة طيبة الهواء كثيرة الخير والبساتين والمياه والمزارع والفواكه والطواحين ولها أسواق حسنة وفنادق نظيفة ومن كورسره إلى مدينة المراغة أربعة وثمانون ميلا بين أكوار لطاف وقرى عامرة وأشجار وزراعات متصلة غير منفصلة. والطريق من أردبيل إلى آمد من أرض الجزيرة وأعمال الثغور فمن أردبيل إلى المراغة نحو مائة ميل وعشرين ميلا ومن المراغة إلى شابرخاست أربعة وعشرون ميلا ثم إلى برزة أربعة وعشرون ميلا إلى مرند اثنا عشر ميلا ومن شاء سار في البحيرة من المراغة إلى أرمية اثنين وسبعين ميلا ومن أرمية إلى مدينة سلماس خمسة وأربعون ميلا وهي مرحلتان ومن مدينة سلماس إلى مدينة خوي سبعة وعشرون ميلا ومن مدينة خوي إلى بركري تسعون ميلا ومنها أيضا إلى مدينة أرجيش خمسة وأربعون ميلا وهي مرحلتان ومن أرجيش إلى

مدينة خلاط ثلاثة أيام وهي خمسة وسبعون ميلا ومن خلاط إلى مدينة بدليس خمسة وسبعون ميلا ومن بدليس إلى أرزن سبعة وعشرون ميلا ومن أرزن إلى ميافارقين أربعة أيام وهي مائة ميل واثنا عشر ميلا ومن ميافارقين إلى آمد من أرض الجزيرة مرحلتان. وفي جنوب خلاط وأرجيش بحيرة ملحة آخذة من المشرق إلى المغرب يكون طولها سبعة وخمسين ميلا في سعة سبعة وعشرين ميلا ويستخرج من هذه البحيرة سمك صغار يعرف بالطريخ يحمل بعد أن يملح إلى الجزيرة والموصل والرقة والعراق وحران وفي أطراف هذه البحيرة البورق المحمول إلى العراق وغيره للخبازين وبالقرب منها مقاطع وحفائر يستخرج منها الزرنيخ الأحمر والأصفر ومنه يتجهز به إلى جميع أقطار الأرض وأيضا فإن بحيرة كبوذان المتقدم ذكرها في أرض أرمينية فإنه يحمل من حوافيها تراب تتخذ منه البواذق فتحمل إلى العراق والشام ومصر فتشترى بها بالأثمان النفيسة وتوجد فيها الأرباح الكثيرة. ومن ميافارقين إلى الأرديس خمسون ميلا ومدينة الأرديس تتاخم ثغور بلاد الروم وبينها وبين حصن زياد شجرة لا يعرف أحد ما هي ولا ما اسمها ولها حمل شبيه باللوز يؤكل بقشره وهو أحلى من الشهد.

والطريق أيضا من المراغة إلى دبيل على أرمية وخوي من المراغة إلى خوي مائة ميل وتسعة وخمسون ميلا ومن خوي إلى نشوى خمسة أيام ومن نشوى إلى دبيل أربع مراحل الجميع من ذلك ثلاث مائة ميل وخمسة أميال وهذه الطريق أيضا من شاء سار من المراغة إلى جنزة ثمانية عشر ميلا ثم إلى موسى آباذ خمسة عشر ميلا ثم إلى برزة خمسة عشر ميلا ثم إلى أرمية اثنان وأربعون ميلا وهذه الطريق هي في شمال الطريق المذكور أولا. وكذلك يقال أيضا إن كور أران وجرزان والسيسجان كانت في مملكة الخزر وكانت كورة دبيل والنشوى وسراج وخلاط وأرجيش وباجنيس في مملكة الروم فافتتحتها الفرس إلى أن وصلت فتوحها شروان التي فيها صخرة موسى والتي يقال إن فيها عين الحيوان مستورة فبنى الملك قباذ مدينة البيلقان وبنى مدينة برذعة ومدينة قبلة وسد اللبن وبنى الملك أنوشروان مدينة الشابران مما يلي بحر الخزر ومدينة كركرة ومدينة الباب والأبواب وسور قصورا كثيرة على أبواب الجبل المسمى جبل القبق وهي نيف وثلاث مائة وستون قصرا وبنى خارج باب الأبواب مما يلي أرض الخزر بلنجر وسمندر والبيضاء وبنى بأرض جرزان مدينة صغدبيل ومدينة فيروز قباذ.

ومن أرمينية القصوى أيضا خوي وصنارية وألباق وكسال واللايجان وقلعة الجردمان وخيزان وشكي ومدينة الباب. فأما الأبواب فهي أفواه شعاب في جبل القبق فيها حصون منها باب صول وباب اللان وباب الشابران وباب لاذقة وباب بارقة وباب سمسخي وباب صاحب السرير وباب فيلان شاه وباب كارونان وباب طبر سرانشاه وباب ليران شاه وباب لبان شاه. وجبل القبق جبل عظيم موصوف بالشماخة والعلو زعم أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي أن فيه ثلاث مائة قرية لكل قرية منها لسان مفرد يتكلم به أهلها قال الحوقلي في كتابه كنت أنكر هذا واستبشعه حتى اجتزت ببعض قرى هذا الجبل فوحدت لأهل كل قرية منها لسانا يتكلمون به ليس من ألسن الأذرية ولا الفارسية. ويتصل بجبل القبق مما يلي أرض الخزر جبل سياه كوه وهو يمتد فيمر خلف بلاد الخزر مارا في بلاد الغزية راجعا إلى المشرق من وراء بحيرة خوارزم ويتصل إلى أرض فرغانة إلى أن يلحق بجبال الصين. والزوزان أيضا ناحية وقلاع الغالب عليها الجبال وهي تتصل من جهة الحارث والحويرث بجبال أهر وورزقان ويتصل بتفليس في الشمال. وفي جميع بلاد أران من حد باب الأبواب إلى تفليس ينبت في أرضها

الفوة ويجمع منها الشيء الكثير وتدخل في بحر الخزر إلى جرجان ويقصد بها إلى بلاد الهند على الظهر وهي فوة تفوق كل نوع منها على الأرض. وبأرض أرمينية النهران المذكوران أعني نهر الرس ونهر الكر وممرهما من المغرب إلى المشرق فأما نهر الكر فنهر كبير تجري فيه السفن وهو يخرج من ناحية الجبل فيمر بتفليس ثم يمتد على حدود جنزة وشمكور ويجتمع مع نهر الرس ويصب في بحر الخزر وكذلك نهر الرس كبير جدا يخرج من نواحي أرمينية الداخلة من قالي قلا فيمر بأران فيصب فيه نهر أران فيمر في شمالها إلى أن يأتي ورثان ثم يجتمع بنهر الكر وبينهما مدينة البيلقان ويصبان إذ ذاك في بحر الخزر. نجز الجزء السادس من الإقليم الخامس ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله.

الجزء السابع

الجزء السّابع إن الذي تضمنه هذا الجزء السابع من الإقليم الخامس هو معظم البحر الطبرستاني المسمى ببحر الخزر وما حوله من أقطار الخزر والغزية ونريد أن نتكلم عليه بما قل ووجب ليكمل تمامنا على ما بدأنا به بحول الله تعالى. فنقول إن بحر طبرستان بحر منقطع غير متصل بشيء من البحار طوله من المغرب إلى المشرق مع تحريف يسير إلى الشمال ثمان مائة ميل وعرضه ست مائة ميل وفيه أربع جزائر وحكى الحوقلي في كتابه أن هذا البحر أيضا منفصل غير متصل بشيء من البحار التي على وجه الأرض على سبيل المادة والاختلاط الممد للبحور إلا ما يدخل إليه من نهر الروس المعروف باثل فإن هذا النهر يخرج من أرض الترك ويمر جاريا من جهة المشرق إلى إن يصل بلغار فينقسم قسمين فيمر القسم الأول إلى بحر الباب والأبواب الذي قد ذكرناه فيما تقدم ويمر القسم الثاني منه مغربا حتى يصل بحر بنطس الخارج من أرض القسطنطينة المتصل بالبحر المحيط من جهة الزقاق حتى لو أن رجلا طاف بهذا البحر حتى يرجع إلى مكانه الذي ابتدأ منه لا يمنعه مانع ولا

يقطعه قاطع إلا ما وصفناه من نهر اثل أو غيره من الأنهار الواقعة فيه وهو بحر ملح لا مد له ولا جزر وهو مظلم القعر بخلاف بحر القلزم وغيره لأن تراب قعره طين حمئي وحكى صاحب كتاب العجائب أن هذا البحر متصل ببحر بنطس من تحت الأرض وبينهما نحو من ست مائة ميل بر متصل ولا يرتفع من هذا البحر شيء سوى السموك ويركب فيه التجار بأمتعتهم من أرض المسلمين إلى أرض الخزر وهو فيما بين الران والجيل وطبرستان وجرجان وقد يسافر فيه أهل اثل إلى جرجان وغيرها من البلاد الساحلية ثم يرجعون إلى اثل ويركبون في مراكب خفاف في نهر اثل ويصعدون فيه إلى أن يتصلوا بالبلغارية ثم ينحدرون في الشعبة المنصبة حتى يصلوا بحر بنطس. وفي هذا البحر أربع جزائر غير معمورة لكن منها جزيرتان فيهما مياه وأشجار لكنهما غير مسكونتين فالواحدة منهما تسمى سياه كوه وتقابل آبسكون وهي غير مسكونة وهي الكبيرة وبها عيون وأشجار وغياض ودواب ووحش وتليها جزيرة حذو الكر وهي جزيرة كبيرة فيها غياض وأشجار ومياه ترتفع منها الفوة ويخرج إليها من نواحي مدينة برذعة منتجعة الفوة وطالبوها وتحمل إليها الدواب من نواحي هذه البلاد القريبة إليها فتسرح فيها للسمن وليس فيما يليها أو يقرب منها جزيرة ومع الشمال من هذه الجزيرة جزيرة سهيلان وهي جزيرة كبيرة رملية لا نبات بها ولا خصب ويأوي

إليها طير كثير أسود على لون الغراب إلا أنه أصفى من الغراب ولا يوجد هذا الصنف من الطير إلا في هذه الجزيرة فقط. وليس من الضفة الشرقية من هذا البحر مدينة ولا قرية إلا دهستان وهي من آبسكون على مائة ميل وخمسين ميلا وهي مدينة كالقرية فيها قوم قلة وفي مائهم غور وهي في دخلة من البحر تستر فيها السفن في هيجان البحر ويقصد إليها قوم كثير فيقيمون بها للصيد وبها سمك كثير جدا ذو ألوان وصفات مختلفة طيبة الطعم حسنة. وبالشرقي من هذا البحر بلدان صغيران كالقرى على الساحل يسمى أحدهما جوثوه والآخر تيتيرى وهما على نحر البحر ويكنفهما من ظهورهما في ناحية المشرق الجبل الكبير المتصل بالبحر وهو جبل صعب المسالك فلا يتوصل إلى هذين البلدين إلا بعد جهد ومشقة وأهلهما يصيدون السمك ويدخرونه ومنه يأكلون وجبلهم المتصل بهم تنبت به الحلفاء الكثيرة فهم يجمعونها ويسافرون بها إلى نواحي جرجان وغيرها من البلاد فيبيعونها هناك ومنها يتقوتون ويكتسبون. وأما جزيرة سياه كوه فإنها في هذا الوقت معمورة بقوم من الأتراك وقع بينهم وبين قومهم شنآن فانقطعوا عنهم واتخذوها دارا ومأوى وفيها مراع ومياه كثيرة كما قدمناه. ومن آبسكون عن شمالها إلى الخزر عمارة متصلة إلا شيء يسير في ناحية

باب الأبواب والخزر وذلك أنك إذا سرت من آبسكون على حدود جرجان وطبرستان والديلم والجيل تدخل في حدود الران إذا جزت موقان إلى ناحية باب الأبواب على مسيرة يومين وبعض من بلاد شروان شاه ومن باب الأبواب إلى مدينة سمندر أربعة أيام عمارة وكذلك من مدينة سمندر إلى مدينة اثل سبعة أيام. واثل مدينة الخزر وقصبتها وهما مدينتان عامرتان من ضفتي النهر المسمى بها والملك يسكن المدينة التي في الضفة الغربية من النهر والتجار والسوقة وعامة الناس يسكنون المدينة التي في الضفة الشرقية وطول مدينتي اثل نحو ثلاثة أميال ويحيط بهما سور منيع وأكثر أبنيتها خركاهات لبود وهي قباب يتخذها الأتراك من ذلك وجلتهم يبنون بالتراب والطين وقصر ملكها مبني بالآجر ولا يتعدى أحد هناك على أن يبني بالآجر خوفا من الملك والخزر نصارى ومسلمون وفيهم عبادة أوثان ولا يعير أحد على أحد شيئا من أمر دينه وزراعات اثل على ما جاور النهر من الأرضين فإذا زرعوا وحان أوان حصاده خرجوا إليه بأجمعهم كان قريبا أو بعيدا فحصدوه ثم ينقلونه بالعجل إلى ضفة النهر ثم يحتملونه بالمراكب في النهر وأكثر طعامهم الأرز والسمك. ونهر اثل جانبه الشرقي من ناحية بسجرت فيجري ما بين البجناكية وبلغارية وهو الحد بينهما وجريته غربا حتى يصل ظهر بلغار فيعود راجعا إلى ما يلي المشرق حتى يجوز على الروس ثم على بلغار ثم على برطاس ثم على الخزر

حتى يقع في بحر الخزر ويقال إنه يتشعب منه نيف وسبعون نهرا ويبقى عمود النهر يجري إلى بحر الخزر ويقال إن هذه المياه المفترقة إذ هي مجتمعة في أعلى النهر تزيد على مياه جيحون ونهر بلخ كبرا وغزر مياه وسعة على وجه الأرض ويصل من هذا النهر شعبة تمر في جهة الغرب حتى تصب في بحر بنطس وقد قدمنا ذكرها. وأما مدينة سمندر فإنها كانت فيما سلف مدينة كبيرة عامرة وهي من بناء أنوشروان وكان بها من الأشجار والكروم ما لا يحصى عددها فأتت قبيلة الروس عليها فأهلكتها فغيرت حالاتها. ومن مدينة سمندر إلى آخر عمالتها ثلاثون ميلا ومن آخر حدودها إلى أول حدود أعمال صاحب السرير أحد وخمسون ميلا وصاحب السرير وأهل مدينته نصارى وسميت المدينة بالسرير لأن ملكا من ملوك الفرس اتخذ بها لنفسه سرير ذهب يقصر الوصف عنه صنع في سنين فهلك وتغلبت الروم على ملكه فأبقوا السرير على حاله وملوكهم يسمون به. والذي من آبسكون إلى بحر الخزر نحو تسع مائة ميل وهو طول البحر ومن آبسكون إلى دهستان ست مراحل ومن اثل إلى سمندر ثمانية أيام ومن سمندر إلى باب الأبواب أربعة أيام ومن اثل إلى أول حدود برطاس عشرون يوما ويقطع هذا البحر إذا طابت الريح عرضا من طبرستان إلى باب الأبواب في سبعة أيام ويقطع طوله بالريح الطيبة في تسعة أيام ورياح هذا البحر

طواريس طويلة إذا بدأت الريح دامت نحو الثلاثين ثم تتحول إلى ريح غيرها فتدوم أيضا نحو ذلك وهذا كله تدبير الحكيم العليم. نجز الجزء السابع من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء الثامن منه إن شاء الله.

الجزء الثامن

الجزء الثامن إن الذي تضمنه هذا الجزء الثامن من الإقليم الخامس قطعة من بلاد الغزية فيها من بلاد الأغزاز أدرماه وتوجة وبادغة وجاجان ومرقاشان ودرقو ودزندة وغربيان وغرغون وأنهار وجبال ونريد أن نأتي بذكر هيئاتها وطرقها وأخبارها حسب ما سبق لنا فيما سلف من الاخبار عن سائر الأجزاء السابقة وبالله الإرشاد. فنقول إن بحيرة خوارزم حكى الحاكون عنها وأخبر به الناقلون عن المسافرين إليها من ملوك الأغزاز أن محيطها في الدائر ثلاث مائة ميل وماؤها ملح وليس لها مفيض ظاهر ويقع فيها نهر جيحون ونهر الشاش ونهر برك ونهر روذا ونهر مارغا وأنهار صغار كثيرة فلا يعذب ماؤها ولا يزيد ولا ينقص وبين البحيرة وبين موقع نهر الشاش في نهر جيحون عشرة أميال ونهر جيحون ربما جمد في الشتاء بقرب هذه البحيرة حتى تجوزه الأبقار والأغنام والرجال وهذه البحيرة بينها وبين بحر طبرستان نحو من عشرين مرحلة وعلى

شطها جبل يسمى نفراغن يجمد فيه الماء ثلجا ويبقى سائر أيام الصيف وفي هذه البحيرة حوت يظهر في الغب يكون على صورة الإنسان يطير فوق الماء فيراه الصائدون للسمك ويتكلم بكلام مقفول ثلاث كلمات أو أربعا ثم يغوص في الماء ومتى ظهر هذا الحوت على هذه الصفة دل على موت ملك من ملوك الأغزاز الجلة. وبلاد الأغزاز بلاد كثيرة متصلة في جهتي الشمال والشرق ولهم جبال منيعة ولهم عليها حصون حصينة يتحصن بها ملوكهم ويختزنون بها أقواتهم وبها رجال من جهات الملوك يحرسون تلك الأرض والأغزاز صنف من الناس يشبهون البربر في ائتلافهم وسكناهم البراري وحيث المراعي الخصيبة ولهم بيوت من الشعر يأوون إليها ويسكنون بها. وفي الشرق من هذه البحيرة أرض حندغة وهم قبيل من الأغزاز رحالة ظواعن وبلدهم بلد خصب ومراع كثيرة ومياه منخرقة وبرد زائد ومدينتهم التي يأوون إليها ويلجؤون إليها بحوائجهم تسمى حيام وهى قلعة منيعة على رأس جبل صعب المرتقى وهي في نهاية من المنعة والحصانة وهذا الحبل على ضفة نهر كبير يأتي من داخل بلاد الغزية من ناحية المشرق من جبل يسمى أصغرون ويسمى هذا النهر نهر روذا وهو نهر كبير يعبر بالقوارب ويسافر فيه من البحيرة إلى مدينة حيام ثم إلى مدينة جاجان وبين حيام وجاجان سبعة أيام ومدينة حيام بشماله وجاجان في جنوب النهر وهما مدينتان

صغيرتان في نهاية من الحصانة وحالهما في ذاتهما صنف واحد. ويقع أسفل مدينة حيام من جهة الشمال نهر عظيم يأتي من ناحية الشمال من الجبل الكبير الحاجز بين بلاد الغزية وبلاد البشجرتية ويسمى جبل مرغار وهو جبل عظيم عال لا يرتقي أحد إلى قنته للثلج الذي به والجمد المتوالي عليه ويسمى هذا النهر بنهر مارغا ويوجد فيه إذا حمل التبر الكثير ويستخرج من قعره حجر اللازورد ويحمل منه الكثير إلى بلاد خراسان وفي غياض هذا النهر الحيوان المسمى الببر وهو حيوان له جلدة حسنة منسوبة في جيد الوبر ويساوي من القيمة الثمن الكثير ويصاد منه الحيوان الكثير ويخرج إلى جميع بلاد الروم والأرمن وفي غياض هذا النهر توجد ثعالب صفر ألوانها على لون الذهب وهي قليلة وملوك أهل تلك الناحية يلبسونها في ثيابهم ولا يتركون أحدا يخرج منها بشيء استحسانا منهم لها وتنافسا فيها حتى لا يوجد منها شيء عند أحد من الملوك إلا عندهم. وعلى ضفة هذا النهر جبل عالي القمة يتفجر منه أزيد من ألف ينبوع ماء تصل بأسرها إلى نهر مارغا وعلى أعلاه مدينتان كالحصنين اسم الواحدة منها نوجة واسم الثانية بادغة وبينهما مسير يوم وفيما بينهما يخرج نهر كبير يمر إلى جهة المغرب فيقع هناك في منقع كبير دوره نحو من خمسين ميلا لكنه لا يستر ماؤه وماؤه حلو وحوله خصب كثير ومزارع والترك يصيفون حوله ويربعون عليه وبين هذه النقعة وبحيرة خوارزم ست مراحل وهي منها

شمالا وفي شمال هذا المنقع يتصل طرف من جبل مرغار السابق ذكره وبينهما خمس مراحل وفي هذه المراحل مسارح للأتراك. وعلى أذيال الجبل المذكور مدينتان اسم إحداهما درندة والثانية تسمى درقو ودرندة غرب درقو وبينهما مسافة ثلاثة أيام وهما مدينتان صغيرتان فيهما أسواق وصناعات ومتاجر كاسدة وهما في نهاية من المنعة والتحصين والثلج عندهم أبد الدهور وأهل هذه البلاد يحصدون زروعهم غضة ويجففونها بالدخان وفي الظلال كل ذلك لشدة البرد عندهم وتوالي الأمطار عليهم وقلة الجفوف عندهم ويوجد في هذا الجبل وفي مجاري مياهه أحجار البلخش والفيروزج وسائر أنواع الحجارة. وبين مدينة درقو شرقا ومنبع نهر مارغا أربع مراحل ومن مدينة درقو إلى مدينة جاجان السابق ذكرها عشر مراحل. وأما نهر روذا الخارج من جبل أصغرون المذكور قبل هذا فإنه جبل عظيم معترض من جهة الجنوب إلى الشمال بتشريق وهو جبل عظيم جدا والثلج لا يفارق ذروته شتاء ولا صيفا وهو جبل في أذياله الشعارى المتصلة وفيها الصيد الكثير الموجود وينبع مع طرفه الشمالي نحو من عشرين عينا فتمر غربا إلى بحيرة غرغون وهي بحيرة كبيرة جدا يكون محيط دورها أربع مائة ميل وماؤها حلو وفيها سمك كثير ومنه أكثر قوت القوم وينفجر من جبال مرغار نحو من خمسين عينا وتقع بجملتها في هذه البحيرة وعليها مرابع

وخصب كثير للجنغاكشين وهم صنف من الأتراك الأغزاز لا يفارقون حمل السلاح ولهم حذر زائد وصولة على من جاورهم من أصناف الأتراك. وعلى هذه البحيرة من جهة الجنوب جبل من الصخر الصلد لا ينبت شيئا من النبات وعليه حصن كبير يسمى غرغون وبهذا الحصن عرفت البحيرة ونسبت إليه. ومن غرغون إلى مدينة جاجان بين غرب وجنوب ست مراحل وفي الجنوب من مدينة جاجان مع قليل تشريق مدينة ذهلان وبينهما نحو من ثماني مراحل في مفاوز غير عامرة. وذهلان مدينة كالحصن فيه رئيس له عدة وإعداد وهو في بعض الأيام يغزو أرض الطراز التي من بلاد الشاش. وبين ذهلان ونوجكث من أرض الشاش أربعة أيام وهم في أكثر الأوقات متهادنون غير متفاتنين والدخول من ذهلان إلى مدينة نوجكث وسائر بلاد الشاش ممتنع لكثرة الدساس والجبال المتصلة والطرق الوعرة. ومن ذهلان في جهة المغرب إلى مدينة حيام اثنتا عشرة مرحلة ومن حيام إلى مدينة الغزية القديمة أربع مراحل بين جنوب وغرب ومن مدينة حيام إلى مدينة ناجية ثماني مراحل وبين روذان وذهلان أربع مراحل. وكذلك من مدينة ذهلان إلى مدينة غربيان خمس مراحل بين شرق وشمال

وعلى ثلاثة أميال من مدينة غربيان معادن فضة لها إصداق جم وربحها كثير ويذكر أن رطل ترابها يعطي ربعة فضة غير مخلصة ويستخرج من هذه المعادن الشيء الكثير وتجار الشاش يتجهزون إليهم بالأموال الطائلة فيشترون منها الجمل الكثيرة بالأموال الكثيرة ويخرجونها بضائع إلى كل الجهات. وبلاد الأغزاز بلاد خصب وأهلها مياسير ولهم نفوس عائثة وأكباد غلاظ مع الجهل والقساوة والزناء فيهم مشاع لا يرون به بأسا ولا يرجعون عن شيء منه. نجز الجزء الثامن من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء التاسع منه إن شاء الله.

الجزء التاسع

الجزء التاسع قد تحصل في هذا الجزء التاسع من الإقليم الخامس شمال بلاد الكيماكية وجملة بلاد أذكش ومدنهم وقلاعهم وأنهارهم وها نحن لها واصفون على عادتنا فيما سلف من الكتاب حسب الطاقة وبالله العون. فنقول إن بلاد الأذكش غربيها بلاد الأغزاز وأجناسها وشرقيها يجاور الجبل المحيط ببلاد ياجوج وماجوج وهذه البلاد التي هي مجال الأذكش وبها معاقلهم ومواطنهم هي أرض خصبة كثيرة الخيرات والمواشي وبها من السمن والعسل ما لا يوجد مثله في كثير من سائر الأقطار المجاورة لهم والمتباعدة عنهم وذلك أن الأغنام بها والأبقار لا يعبأ بها لكثرتها وليس للحومها عندهم قيمة وأن الرجل منهم ليذبح الشاة والشاتين فيأخذ جلودها ولا يجد لمن يعطى لحومها وجل أكلهم من اللحوم لحوم الخيل فإنها أجل لحم عندهم. وفي جنوب هذه الأرض بحيرة تسمى بحيرة تهامة وهي بحيرة يكون محيط دورها مائتين وخمسين ميلا وماؤها أخضر شديد الخضرة إلا أن نشره ذكي

وطعمه عذب جدا ويوجد فيه سمك عريض مرقش بكل لون تذكر الأتراك أنه أجل علاج يستعمل للباه وأنه أقوى من السقنقور وهو عندهم مشهور والصيادون يعرفونه في هذه البحيرة وذلك أن الصائد منهم إذا أرسل شبكته وأخذ هذا السمك وجد ذكره قائما ولا يزال بتلك الحال ما دامت السمكة في شبكته وفي يده فإذا أرسلها عن يده سكن ما يجده من الإنعاظ. وفي وسط هذه البحيرة أرض كالجزيرة وطيئة ثرية جيدة التربة كثيرة العشب في كل الأحايين والترك يجوزون مواشيهم إلى هذه الجزيرة فيقيمون بها أيام الربيع كله وفي وسط هذه الجزيرة التي في وسط هذه البحيرة بئر محفورة لا يوجد لها قعر وليس بها شيء من الماء البتة ويقال إن بهذه الجزيرة نباتا تقوم أوراقه مثل أوراق السعد شارعة القوام مخضرة اللون ولها في أصولها حبوب صغار حلوة طيبة الطعم وهي عندهم من أنجع شيء في علاج العين وفي علاج الذين لا يقدرون على الجماع. ويسقط إلى هذه البحيرة أربعة أنهار كبار وأحدها نهر تهامة وهو نهر كثير الماء قليل الانحدار عميق القعر وبين منبع هذا النهر والبحيرة مسير ستة أيام وخروجه من ثلاث عيون دفاعة وبين هذه الأعين الثلاث نحو من مسير يومين فتمر العين الواحدة منها في غرب المدينة وتمر العين الثانية في شرقي المدينة ثم تجتمعان معا تحت المدينة فتصيران نهرا واحدا كبيرا فتصبان في البحيرة المتقدم ذكرها وهذا النهر يقصده أهل بلاد أذكش بأولادهم يطهرونهم فيه قبل بلوغ الحلم فلا يسقمون ولا تجرب أجسامهم ولا يوجد في بلادهم أجذم البتة وأمر هذا الوادي عندهم صحيح التجربة في ذلك جدا ويقال إن

ماءه إذا سقي منه العليل من أية علة كانت سبعة أيام فإنه يبرأ وقد صح ذلك عندهم بتجربتهم إياه ويقال إن ماءه إذا غسل الإنسان به رأسه لم يتصدع تلك السنة وهذا عندهم مشهور وقد تكلموا في أمر هذا النهر وأكثروا القول في أمره حتى أنهم قالوا فيه أشياء يجب السكوت عنها. ويقع في هذه البحيرة المذكورة نهر آخر صغير يأتي من جبل جنف وهو نهر شديد الجرية وقعره صخر كثير الملاسة وليس في شيء منه حيوان لا سمك ولا ضفادع ولا أحناش ولا غير ذلك من حيوانات الماء وماؤه عذب صادق البرد ويقال إن مرقونس الحكيم وصل إلى هذا النهر فطلسمه وعقده حتى لا يتكون فيه حيوان وهذا قول يسمع على الإطلاق. ويأتي إلى هذه البحيرة نهر ثالث منبعه من ظهر جبل أصغرون فيمر في جريته مشرقا إلى أن يصل مدينة رشاقة فيجتاز بجنوب سورها مماسا له ثم يمر مشرقا إلى أن يصل مدينة بغنون فيجتاز بشمالها ومن هذه المدينة ينعطف إلى جهة الجنوب فيمر إلى طرف جبال راس ويستقيم جرية حتى يسقط في نهر جنف ثم يصب في البحيرة. ويصب فيها نهر يأتيها من الجنوب وهذا هو النهر الرابع. وفي شمال هذه البحيرة جبل تراب أحمر كله مثقب من جميع جهاته فإذا جن الليل خرجت من جميع هذه الكوى جرذان سود تسرح بطول الليل ثم ترجع سحرا فلا تزال تفعل ذلك في كل ليلة دائما وعلى رأس هذا الجبل مدينة تسمى شندران وأهلها يتصيدون هذه الجرذان بحيل عندهم فيذبحونها

ويأكلون لحومها ويلبسون جلودها ويصنعون منها فراء لا يعدلها شيء في جمالها ودفئها. وفي شرقي هذه البحيرة وعلى أربعة أيام منها جبل خردا وهو جبل عال مرتفع في الجو وليس لهذا الجبل موضع يرتقى منه إليه وإنما هو من كل جهة كالحائط أملس لا يمكن الصعود عليه وقد حفر في أسفل هذا الجبل باب كبير ونقب منه متصل في جوف الجبل فيه طريق مدرج ذو تعاريج صاعد إلى أعلى الجبل حيث المدينة وهذه المدينة في نهاية من الحصانة والثقافة بحيث لا يتوصل إليها ما دام فيها رجل واحد فقط وفي وسط هذه المدينة عين نابعة ماؤها عذب كثير يشرب منه ويتصرف به ومغيض ما فاض منه مما يلي السور في حفر لا يعلم أين يصل مستقره ولا يوجد لذلك الماء أثر. ومن قلعة خردا إلى مدينة شندران في جهة الغرب ست مراحل وكذلك من قلعة خردا إلى مدينة تهامة في جهة الجنوب أربع مراحل ومن مدينة خردا إلى الجبل المسمى قوفايا سبعة أيام. وهو الجبل الذي يحيط ببلاد ياجوج وماجوج وهو جبل قائم الجنبات لا يصعد إلى شيء منه البتة وإن صعد لم يتوصل إلى قنته لكثرة الثلج المنعقد به وإنه لا يتحلل منه أبدا وإن أعلى هذا الجبل عليه شبه الضباب أبدا الدهر كله لا ينجلي عنه ولا يزول منه وخلف هذا الجبل من بلاد ياجوج وماجوج مدن كثيرة وفي هذا الجبل أفاع وحيات عظام تأوي إلى مهاو كائنة فيه

وجميعها مؤذ يمنع أذاها من الترقي والصعود إلى أعلى الجبل ولو رام أحد الصعود إلى أعلاه ما أمكنه ذلك في يومين بل يمكن في أكثر من ذلك وربما تعلق بهذا الجبل النادر من الناس فيرقى ليرى ما في أعلاه وما خلفه فلا يرجع ولا يمكن رجوعه إما لعدوان الحيوان عليه أو لقبض الأمم التي خلف الجبل على من طرأ عليهم من سائر الأمم وربما رجع بالخبر الشاذ منهم فيخبر أنه رأى بالليل في تلك الأرض التي خلف الجبل نيرانا كثيرة وأما بالنهار فلا يرى شيئا إلا ضبابا وسرابا مختلطا متصلا. وهذا الصنف من الترك المسمى أذكش يقال إنهم عراض الوجوه كبار الرءوس شعورهم كثيرة وأعينهم براقة وكلامهم كلام منفرد بذاته وعبادتهم النيران وسائر الأنوار. وبالشمال من أرضهم جبل كبير يسمى جبل فرغان وهو آخذ في الطول من المغرب إلى المشرق نحو ثماني عشرة مرحلة وفي وسط هذا الجبل موضع عال كالقبة مستدير وفي وسطها بركة ماء لا يعرف أحد عمقها فلا يسقط فيها شيء إلا ابتلعته فلا يرى ولا يقدر أحد من الناس على العوم فيها ولا شيء من سائر الحيوان وكذلك إن وضع العود فيها ابتلعته وهذا عجب عجيب وفي أسفل هذا الجبل مما يلي الجنوب ويقابل أسفل تلك البركة مغارة يسمع فيها دوي كثير هائل يعلو صوته مرة ويقل في وقت آخر ولا يعلم ما سبب ذلك الصوت وإن تقدم إلى فم هذه المغارة المذكورة حيوان من إنسان أو بهيمة من قبالته فلا يرى ويذكر أنه تخرج من تلك المغارة ريح تجتذب

المتعرض لذلك وهذا أمر عظيم وخبر هذه المغارة مشهور في تلك الأرض يتحدث به في سائر أرض الترك وقد تداولت الكتب أخبار ذلك لاشتهاره عند مؤلفيها وقد حكى صاحب كتاب العجائب عن هذه المغارة أشياء يحسن السكوت عنها لبشاعتها وقلة قبول العقول لها والله أعلم بذلك وحقيقته فهو الخلاق العليم. نجز الجزء التاسع من الإقليم الخامس والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر منه إن شاء الله.

الجزء العاشر

الجزء العاشر إن في هذا الجزء العاشر من الإقليم الخامس بلاد ياجوج العليا وهي بلاد كثيرة عامرة وهم عدد كثير وجمع غزير وأمم لا يحصون كثرة وبلادهم بلاد خصب ومياه جارية وسهول ومسول تربة ومواش كثيرة وهم من ولد سام بن نوح وهم المفسدون في الأرض وخلقهم خلق صغار جدا وهم فيما يحكى إن طول الرجل منهم أعني من آل ياجوج مثل طول (-) أحدنا ونساءهم مثل ذلك ولا يعرف ما ديانتهم ولا أي شيء معتقدهم. وأما آل ماجوج فأرضهم أسفل هذه الأرض وهم كلهم قصار جدا في نهاية القصر حتى إن طول الرجل منهم لا يتجاوز ثلاثة أشبار ونساءهم مثل ذلك وأوجههم مستديرة في غاية الاستدارة وعليهم شبه الزغب كثير جدا وآذانهم كبار مستديرة مسترخية حتى أن أذن الرجل منهم إذا هي تعلقت تلحق طرف منكبه وكلامهم شبيه بالصفير والشرة عليهم بادية وهم خفاف الوثوب وفيهم زناء فاحش وبلادهم بلاد ثلج وشتاء عام والبرد عندهم لازم في كل الأحايين ويقال إن ياجوج وماجوج أخوان أمهما واحدة وأبوهما واحد والغالب على ألوانهم البياض والحمرة ونكاحاتهم كثيرة ونتاجهم فاش.

وكانوا قبل أن يصل إليهم الإسكندر ويبني السد عليهم في باب جبلهم الذي كانوا يدخلون منه ويخرجون عليه يغيرون على من جاورهم ويتحاشدون على من قصدهم وكانت لهم شنات وغارات مذكورة حتى أنهم أخلوا كثيرا من البلاد والمدن المجاورة لهم من غربي الجبل وحيث سد ذي القرنين المبني عليهم وأكثر تلك البلاد خاوية على عروشها لا قاطن بها ولا ساكن يعول عليها لكثرة حياتها وغور مياهها ووحشة أرضها. وسنذكر هذه الأرض وما جاورها من بلاد تركش وهي قبيلة من الأتراك بل هم الأتراك على الحقيقة وذلك أن في الأخبار المنقولة أن ياجوج وماجوج لما طغوا وغلبوا وأكثروا الفساد في الأرض وشكي أمرهم إلى الإسكندر فلما قصد أرضهم اختبر أمرهم فوجد منهم أمما عم خيرهم وكثر نسكهم وقل ضررهم وذلك أنهم هاجروا إلى الإسكندر قبل أن يلحق أرضهم واعترفوا بين يديه أنهم براء من إخوانهم ياجوج وماجوج وشهد كثير من القبائل لهم بذلك وأنهم لم يزالوا أبد الدهر يطلبون السلامة والسلم حريصين على ذلك. فتركهم الإسكندر خارج السد وأقطعهم تلك الأرض فسمتهم العرب تركا لأنهم ممن ترك الإسكندر من آل ياجوج وماجوج وأسكنهم خارج السد فقروا في تلك الأرضين فكثر نسلهم واتصل خيرهم فجميع الترك أعني الخرلخية والتبتية والخرخيزية والتغزغزية والكيماكية والمخامانية والأذكش والتركش والخفشاخ والخلج والغز والبلغارية هؤلاء كلهم أمم تركهم الإسكندر خلف الردم.

فانتشروا في الأرض وعمروها وكثرت أنسالهم وفشت أحوالهم واتصلت خيراتهم وعمت بركاتهم وأكثرهم مجوس وعباد نيران والغالب على طباعهم الجفاء وغلظ النفوس وقلة الانقياد للغلبة وهم بالجملة طائعون لأولي الأمر منهم وفيهم صرامة لازمة وقيام وحمية في طلب الثأر وجبايات الأقطار والحمد لله على ما حكيناه مما ورد علينا وصححه الخبر لدينا والحول والقوة لله تعالى. نجز الجزء العاشر من الإقليم الخامس بتمام الإقليم ويتلوه الجزء الأول من الإقليم السادس إن شاء الله.

الإقليم السادس

الإقليم السّادس

الجزء الأول

الجزء الأوّل إن هذا الجزء الأول من الإقليم السادس تضمن في حصته أرض برطانية بأسرها وبعض أرض صايص وبلاد بيطو والذي وقع فيه من أسماء البلاد البرطانية منها نانطس ورينش وشنت مجيال ودول ودنام وشنت مهلو وشنت مثاو ولنيونش (؟) وكرنتين وكنبلرين وفينش وردون وباتس وفيه من بلاد بيطو مدينة صايس وشنت جوان وبلفير ونريد أن نتكلم في أوصافها بما أمكن من ذلك ونأتي بصفاتها وهيئاتها حسب ما سبق لنا فيما سلف من الكتاب بعون الله تعالى. فنقول إن بلفير مدينة متحضرة على البحر الملح ذات سور وأسواق ممكنة وفيها مصايد للحوت ومعايش وأقوات كافية وهي في قعر الجون ومراكبها تسافر إلى شنت ياقوب وغيرها وإلى سائر البلاد المجاورة لها ومن بلفير إلى مدينة شنت جوان سبعون ميلا شرقا وكذلك من شنت جوان إلى أنقلازمة أربعون ميلا وشنت جوان وأنقلازمة هما من أرض بيطو.

ومن بتارش إلى مدينة قشتال أربعون ميلا وكذلك من قشتال إلى طرش سبعون ميلا وترش أرض صغيرة غربيها أنجيرش وشمالها أرض صايص وجنوبها أرض بري وقشتال مدينة صغيرة جدا وفيها أسواق عامرة وتجارات قليلة وهي بلد حرث وزرع وماشية. ومن مدينة بلفير على البحر إلى مدينة نانطس سبعون ميلا ونانطس مدينة على نحر البحر في قعر جون خارج من البحر وهي أول بلاد برطانية ونانطس مدينة كبيرة عامرة آهلة ذات حروث وأسفار ومراكب وداخل وخارج وهي مدينة حصينة رائقة ومنها يتجون البحر إلى جهة الشمال. ومن نانطس إلى مدينة شنت مجيال التي هي آخر بلاد برطانية مائة ميل وعشرة أميال في البر ومن مدينة نانطس إلى مدينة شنت مجيال في البحر ثماني مائة ميل وثلاثون ميلا وذلك أن البحر يتجون هناك كثيرا ويتقعر وينضم من أعلى أرض برطانية حتى يعود البر كالكيس فمه ضيق ووسطه واسع. فمن أخذ من نانطس إلى مدينة شنت مجيال على البر سار إلى مدينة رينش ثمانين ميلا ورينش مدينة كبيرة أقطارها عامرة وخيراتها وافرة ولها سور حصين وبها أسواق نافقة وصناعات دائمة قائمة. ومن مدينة رينش في البر إلى شنت مجيال أربعون ميلا وشنت مجيال مدينة متحضرة على البحر الملح وهي حسنة القطر وافرة العمارة كثيرة

الخيرات متصلة الحراثات. ومن أراد السفر في البحر سار من مدينة نانطس إلى مدينة باتس خمسين ميلا مع تقعير الجون وباتس مدينة جليلة عامرة بها إنشاء وإقلاع وحط وبها أسواق كثيرة وبيع وشراء. ومن مدينة باتس إلى ردون وهي على طرف الجون ستون ميلا وردون مدينة متحضرة صغيرة القطر خصبة رفيهة المعايش حسنة المباني عامرة بالناس. ومنها إلى مدينة فينش وتروى بينش وهي على طرف داخل في البحر خمسون ميلا وموضعها مطل على البحر وهي في ذاتها حسنة بهية كثيرة العامر وبها إنشاء وسفر. ومنها إلى مدينة كنبلرين وهي في وسط جون مائة ميل وعشرون ميلا ومدينة كنبلرين مدينة صغيرة عامرة لها أسواق وبيع وشراء وصناعات كثيرة. ومن مدينة كنبلرين إلى مدينة شنت كرنتين خمسون ميلا وهي على طرف داخل في البحر وهي كثيرة العامر جامعة للصادر والوارد وبها معايش ومتصرفات وبيع وشراء. ومنها إلى مدينة لنيونش (؟) مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حسنة متحضرة ذات ديار حسنة وأرزاق ممكنة ومعايش كثيرة وخير عام. ومنها إلى مدينة شنت مثاو مائة وخمسون ميلا وهي مدينة متوسطة في

قرطيل خارج في البحر وهناك يتصل بقعر أرض برطانية وبها إرساء وإقلاع وحط وأهلها مياسير وتجاراتها كثيرة. ومن مدينة شنت مثاو إلى مدينة شنت مهلو على البحر مائة ميل وهي مدينة كثيرة الخيرات وافرة العمارات بها تجار مياسير وصناعات قائمة نافقة ولها زراعات وعمارات متصلة. ومنها إلى مدينة دنام خمسون ميلا ودنام مدينة متحضرة لها سور حجارة وبها أسواق وعمارات وافرة وإرساء وإقلاع وسفر دائم إلى جميع الجهات. ومن دنام إلى مدينة دول خمسون ميلا وهي مدينة جليلة في وسط جون وبها أسواق عامرة وأحوال صالحة ومتاجر نافقة وخيرات دائرة وحبوب كثيرة وشربهم من الآبار ولهم عيون مياه وكروم وغراسات. ومن مدينة دول إلى مدينة شنت مجيال خمسون ميلا ومدينة شنت مجيال مشهورة متحضرة متوسطة المقدار لها كروم وأشجار وبها كنيسة مقصودة ولها أموال وأحباس كثيرة. ومن مدينة شنت مجيال في البر جنوبا إلى مدينة صايس تسعون ميلا وهي من أرض إفرنسية وهي مدينة كبيرة عامرة خصبة رفيهة كثيرة الخيرات شاملة لأنواع البركات عامرة الجهات كثيرة الشجر والغراسات ولها كروم متصلة وهي من قواعد مدن إفرنسية. ومن مدينة صايس إلى مدينة مانس ثلاثون ميلا وسنذكرها فيما بعد

وكذلك من مدينة صايس إلى مدينة جارطرش ثمانون ميلا بين شرق وجنوب ومن مدينة صايس إلى رينش المتقدم ذكرها في أرض برطانية شمالا سبعون ميلا وكذلك من رينش إلى مدينة بينش التي على البحر السابق ذكرها غربا تسعون ميلا. وهذه البلاد التي ذكرناها بلاد تتقارب صفاتها وتتشابه حالاتها وتتصل عماراتها وجهاتها وتشتبك أقاليمها وغلاتها وتتفاضل موجوباتها وخيراتها والجهالات على أهلها غالبة وغلظ الطبع فيهم موجود ظاهر وهي بالجملة بلاد خصب ورفاهية وقلة مبالاة بالأمور ويكنفهم من جهة المغرب البحر المظلم وتأتيهم منه أنواء وأمطار متصلة وضبابات عامة ولسيما البلاد التي تلي الساحل منه. وهذا البحر بحر غليظ المياه كدر اللون هائل الموج عميق القعر متصل الظلمات صعب المركب عاصف الرياح لا يعرف انتهاؤه في جهة المغرب وبه جزائر كثيرة غير عامرة وقليل ما يسلك هذا البحر إلا نادرا والقوم الذين يسلكونه لهم به معرفة وجسر على ركوبه وأيضا فإنهم يسيرون فيه مساحلة لا يفارقون البر منه وأيام سفرهم فيه أيام قلائل وهي مدة شهر اسطريون (؟) وشهر أوسو وأكثر ما يركبه القوم المسمون بالإنكليسيين وأهل جزيرة إنكرطارة وهي جزيرة كبيرة عامرة بها مدن كثيرة وعمارات وحروث وأنهار جارية وسنأتي بذكرها ونستقصي صفاتها في موضعها بحول الله تعالى.

وهذا البحر (و) هو على ما وصفناه من هوله وغلظه به سمك كثير سمين ومصايده في أماكن معلومة منه وبه كثير من الدواب العظام الخلق البحرية ما يربي على الوصف حتى إن أهل تلك الجزائر الداخلة يتخذون من أعظمها وفقر ظهورها خشبا لبيوتهم وينحتون منها دبابيس وأسنان رماح وخناجر ويصرفون خرز هذه الدواب فيتخذونها منابر للصعود والقعود ويتصرفون في أعظم هذه الدواب كما يتصرف أهل سائر البلاد في الخشب وهنا انتهى بنا القول في هذا الجزء والحمد لله على ذلك كثيرا حمدا مباركا دائما. نجز الجزء الأول من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الثاني منه إن شاء الله.

الجزء الثاني

الجزء الثاني إن الذي تضمن هذا الجزء الثاني من الإقليم السادس هو بلاد إفرنسية وبلاد نرمندية وبلاد إفلاندرش وبلاد هينو وبلاد لهرنكة وبلاد بري وبعض بلاد برغونية الإفرنجيين وبعض بلاد برغونية اللمانيين وبلاد اللمانية وبلاد بافير وبعض بلاد قرنطارة وبلاد لوبانية وبلاد إفريزية وبعض بلاد شصونية وفيه بعض بلاد جزيرة إنكلتارة ونحن نتكلم فيها بما صح عندنا ونأتي بكل ذلك نسقا كما سبق لنا القول فيما سلف وانقضى وكل ذلك بمعونة الله وتأييده. فنقول إن مدينة أنجيرش من إقليم طرونية هي مدينة حسنة كبيرة فيها بشر كثير ولها عمل كبير وكروم وحروث وأهلها مياسير ومنها إلى مدينة صايص ستون ميلا وكذلك أيضا من أنجيرش إلى مدينة بيتارش ستون ميلا ومن أنجيرش إلى شنت ميجال التي على البحر ثمانون ميلا ومن صايص إلى شنت ميجال سبعون ميلا. وفي الشرق من مدينة أنجيرش إقليم أنجو وهو إقليم صغير وبه جملة قرى

عامرة ومزارع كثيرة متصلة وبه من المدن مدينة طرش وتروى بالتاء ترش وهي مدينة حسنة عامرة ذات كروم كثيرة وزراعات متصلة وغلات وجبايات وافرة ومن مدينة ترش إلى بيتارش غربا مائة ميل ومن قشتال أيضا إلى طرش سبعون ميلا ومن طرش إلى أليانش ستون ميلا وهي من إقليم إفرنسية وتروى أرليانش وأليانش مدينة عامرة متحضرة ذات أسواق عامرة وصناعات دائمة ومزارع وغلات. ومن مدن إفرنسية مدينة جالوش وهي من أليانش شرقا وبينهما ستون ميلا ومن أليانش إلى أشتيون التي من إقليم برغونية الإفرنجيين ستون ميلا وهي من أليانش جنوبا ومن أليانش إلى جارترش سبعون ميلا ومن أرليانش إلى بنطيز مائة ميل ومن جارطرش إلى بنطيز ثمانون ميلا وجارترش من أليانش شمالا وهي مدينة جليلة حصينة خصيبة كثيرة الخيرات غزيرة الحروثات مياهها جارية وحروثها متصلة وأسواقها عامرة وهي من إقليم إفرنسية أيضا. ومن مدن إفرنسية أيضا مدينة مالص وتروى بالزاي ومن جارترش إليها شرقا ستون ميلا ومالص مدينة مشتملة على خيرات محتوية على بركات مياهها كثيرة وكرومها غزيرة ومزارعها متصلة وهي في نهاية من الخصب وهي وسطة أرض إفرنسية وأيضا فإنه من مدينة مالص إلى مدينة برناي

شمالا ستون ميلا وهي من بلاد إفرنسية وهي مدينة صغيرة متحضرة خيراتها وافرة وأقطارها عامرة وأشجارها ملتفة وزراعاتها متصلة وخصبها كثير وكذلك من برناي إلى جارطرش السابق ذكرها غربا سبعون ميلا ومن جارطرش إلى أليانش ستون ميلا. وبالشرق من مدينة جالوش مدينة رانوش وبينهما ثمانون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة على نهر كثيرة الكروم والأشجار والزراعات والحبوب والمواشي وهي من قواعد البلاد تتاخم من شرقيها أرض هينو وأرض هينو صغيرة وأيضا فإن من مدينة جارطرش المذكورة قبل هذا إلى مدينة صايص ثمانون ميلا وهي من أرض إفرنسية ويتصل بها من جهة المغرب المانش وهي من أرض طرونية وبينهما ثلاثون ميلا. ويلي أرض إفرنسية في جهة الجنوب من أرض برغونية الإفرنجيين وبلادها مدينة مشكون ونيفارش ودجون ولنكة وإطرويش وأشتيون فأما مشكون فقد ذكرناها فيما سلف من الإقليم الخامس ومنها شمالا إلى مدينة نيفارش سبعون ميلا ونيفارش مدينة جليلة مشهورة الذكر كبيرة القطر كثيرة العامر مقصد للوارد والصادر ومن نيفارش إلى ليون من أرض بربنصة بين الجنوب والغرب مائة وثلاثون ميلا ومن بسنيس التي على طرف الجبل إلى مدينة ليون ثمانون ميلا ومن مشكون إلى دجون وهي مدينة صغيرة متحضرة ستون

ميلا ومن دجون شمالا إلى مدينة لنكة سبعون ميلا ومدينة لنكة مدينة نبيلة عامرها كثير وتجائرها عامة ومصالحها ومرافقها ممكنة. ومن مشكون أيضا إلى جنبرة شرقا خمسون ميلا ومن لنكة أيضا إلى بزنشون من أرض برغونية اللمانيين ستون ميلا ومن نيفارش أيضا شرقا إلى دجون خمسة وثلاثون ميلا ودجون مدينة صغيرة متحضرة ومن دجون إلى مشكون ستون ميلا ومن مدينة لنكة إلى مدينة أشتيون غربا ثمانون ميلا ومن مدينة لنكة إلى مدينة إطرويش ستون ميلا وإطرويش قاعدة من قواعد بلاد الروم رخيصة الأسعار كثيرة الكروم والأشجار عامرها كثير وقطرها كبير ومن إطرويش في جهة الغرب إلى مدينة أشتيون ثلاثون ميلا وأشتيون مدينة جليلة ذات أسوار وحصانة زائدة وخيراتها عامة ومن مدينة إطرويش إلى أرليانش التي تقدم ذكرها من بلاد إفرنسية ستون ميلا. ويلي أرض إفرنسية في جهة الشمال إلى ساحل البحر أرض نرمندية وبها من قواعد البلاد بياوش وإبراوش وبنطيز ورطوماغش وديابة وقام وقسطنس وبها قرى كثيرة وعمارات متصلة. فاما مدينة بياوش فهي مدينة جليلة حسنة عامرة كثيرة الخصب والخير ومنها في الشرق إلى مدينة إبراوش خمسة عشر ميلا وإبراوش مدينة حسنة

حصينة خصيبة وافرة الخيرات عامرة الجهات ومنها إلى رطوماغش ثلاثون ميلا ورطوماغش على النهر في شرقيه وهي مدينة كبيرة مشهورة ومنها إلى ديابة على البحر عشرون ميلا وبين رطوماغش ولزاو (ش) أربعون ميلا وبها يصب نهر رطوماغش في البحر ولزاو (ش) على البحر ومن لزاو (ش) إلى مدينة هنفلات على البحر يوم في جهة الشرق وهو خمسة وعشرون ميلا ومنها شرقا إلى مدينة ديابة أربعون ميلا ومدينة ديابة مدينة عامرة على البحر وبها إرساء وإقلاع وإنشاء مراكب للسفر ومن مدينة هنفلات في جهة المغرب إلى مدينة طوقة على البحر ثلاثون ميلا. ومن طوقة إلى وادي أشترهام غربا ستون ميلا ووادي أشترهام نهر تدخله المراكب ومنبعه يجري من نحو أربعين ميلا ويجتاز على شرقي بياوش ويصب في البحر وبين بياوش والبحر اثنا عشر ميلا ومن بياوش إلى مدينة قسطنس أربعون ميلا ومن بياوش إلى شنت ميجال غربا ستون ميلا ومن إبراوش في جهة الشرق إلى مدينة رطوماغش خمسة وأربعون ميلا وأيضا فإن من مدينة بياوش إلى مدينة مالص من أرض إفرنسية ستون ميلا ومن قسطانس أيضا في البر إلى أبرنجش ثلاثون ميلا ومن أبرنجش إلى شنت ميجال عشرة أميال شمالا ومن أبرنجش جنوبا إلى مدينة صايص من أرض طرونية أربعون

ميلا ومن أبرنجش أيضا إلى مدينة المانش ثلاثون ميلا والمانش من أرض طرونية ومن إبراوش أيضا إلى مدينة جارطرش من أرض إفرنسية خمسون ميلا وكذلك من صايص إلى أنجيرش المتقدم ذكرها سبعون ميلا. وكذلك من مدينة المالز وهي مالص أيضا إلى مدينة إبراوش خمسة وسبعون ميلا وعلى يمين السالك من مدينة إبراوش إلى المالص مدينة برناي ومدينة برناي ومدينة مالص معا من مدن إفرنسية وقد ذكرناهما فيما سلف من الذكر ومن رطوماغش المتقدم ذكرها أيضا إلى مدينة بنطيز ثلاثون ميلا وهي آخر أعمال نرمندية في جهة الجنوب وهي مدينة على النهر آهلة عامرة حسنة الديار كبيرة الأقطار وافرة العمار. وتتاخم أرض برغونية الأفرنجيين في جهة الشرق أرض برغونية اللمانيين ومن مدنها ومشهور قواعدها أغشت وجنبرة ولزنة وبشنسون وبزلة وإشبيرة وبردون. فأما مدينة أغشت فقد سبق ذكرها وهي متاخمة لجبل منت جون ومنها إلى مشكون السابق ذكرها خمسون ميلا ومن أغشت ألى مدينة جنبرة وهي مدينة على نهر رودنو وقد سبق ذكرها خمسون ميلا ومن جنبرة إلى مدينة لزنة شرقا ثلاثون ميلا ولزنة مدينة متحضرة وافرة الخيرات جامعة لأنواع

التجارات قاصدها كثير وعامرها حفيل ومنها في جهة الشمال إلى مدينة بزنشون خمسون ميلا وبزنشون مدينة متوسطة المقدار حسنة المباني والديار مياهها كثيرة وأقاليمها معمورة وبها صناعات قائمة وأسواق مربحة دائمة ومنها إلى مدينة بردون شمالا ستون ميلا وبردون مدينة كثيرة العمارة لها صنائع دائمة وتجارات ولها كروم كثيرة وأشجار مثمرة وحروث جمة. ومن بزنشون إلى مدينة بزلة شرقا خمسون ميلا وبزلة يزعم قوم أنها من أرض اللمانيين وقوم يقولون إنها من أرض برغونية وهي قصر كبير وبلد عامر كثير ومن بزنشون إلى مدينة ماص ثمانون ميلا ومن بزلة إلى بردون سبعون ميلا بين شمال وغرب ومن بزلة إلى إشبيرة خمسون ميلا ومدينة إشبيرة على نهر رين وهي كبيرة عامرة وكذلك بزلة على غربي هذا النهر أيضا وبين إشبيرة وبردون غربا أربعون ميلا وبرغونية اللمانيين ولاتها وعمالها تحت طاعة اللماني وهو جابيها وحاميها. ويلي برغونية اللمانيين في جهة الشمال أرض لهرنكة وهي أرض صغيرة لكنها عامرة بالقرى والحروث المتصلة والمواشي والخيرات ومن مدنها ماص ولياج وقمراي. فأما مدينة ماص فإنها مدينة حسنة كبيرة منخرقة سكانها أهلوها وفيها صناعات وآلات يتصرفون فيها وبين مدينة ماصة ومدينة بردون ثلاثون ميلا

ومن مدينة ماص أيضا إلى لياجة مائة ميل ومدينة لياجة مدينة حسنة في جزيرة من النهر والنهر قد أحاط بها من كل ناحية وبها أسواق وصناعات كافية ومن مدينة لياجة بين شمال وغرب إلى مدينة قمراي سبعون ميلا ومدينة قمراي على غربي نهر أرين وهي كبيرة القطر فسيحة العمارة ومن مدينة لياجة إلى مدينة رايص في جهة الغرب مائة ميل ومن مدينة رايص شمالا إلى مدينة ميوش وتروى بالزاي ميوز وبالصاد ميوص معا ستون ميلا. وتتصل بأرض لهرنكة أرض إفلاندريش وهي تتصل بالبحر من جهة شمالها ومن مدنها بوبش وإبريز وبنطيز وجيجيرش والرايز ووادي شنت وولرين وروة وبرت إطريز. فأما مدينة رايش فمدينة جليلة عامرة بالناس والتجار والصناع والفعلة ولها أقاليم وأعمال كثيرة متصلة وهي في غربي مدينة لياجة ومن رايص إلى ميوص شمالا ستون ميلا ومن ميوص إلى مدينة بوبش ستون ميلا وبوبش مدينة من مدن الروم القديمة المذكورة وقاعدة من قواعدها المشهورة وهي كثيرة الكروم والبساتين والعمارات والمياه ومنها إلى إبريز سبعون ميلا وإبريز مدينة متوسطة المقدار كثيرة الكروم والأشجار وهي في جزيرة من نهر صينو والنهر يطيف بها من كل جهة وهي كاملة الحسن منيعة الحصن ومن

إبريز إلى مالص جنوبا أربعون ميلا ومن مدينة إبريز وتروى بالشين إبريش إلى مدينة بوبش في جهة الغرب مائلا إلى الجنوب تسعون ميلا ومن مدينة إبريش إلى مدينة بنطيز على النهر ثلاثون ميلا أو نحوها. وبنطيز مدينة صغيرة لكنها متحضرة بتجارات متحركة وصناعات مفتعلة وغلات متصلة وهي على شرقي نهر صينو المتقدم ذكره ومن بنطيز إلى بوبش شرقا خمسون ميلا ومن مدينة بنطيز مع النهر إلى مدينة جيجيرش خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حسنة صغيرة كاملة المعاني ومن جيجيرش إلى الرايز شرقا ثمانون ميلا ومن جيجيرش إلى مدينة رطوماغش غربا ثلاثون ميلا ورطوماغش من بلاد نرمندية والرايز مدينة كبيرة عامرة الديار منفسحة الأقطار. ومنها إلى مدينة وادي شنت ثمانون ميلا وهي مدينة صغيرة جدا على ضفة البحر ومن هذه المدينة تركب المراكب الداخلة إلى جزيرة إنقلطارة وبينها وبين الساحل مجاز طوله خمسة وعشرون ميلا وهي الجزيرة العظمى التي في بحر الظلمات وسنذكرها ونذكر جميع بلادها وعماراتها عند ذكر الإقليم السابع بحول الله تعالى ومن بوبش إلى قمراي وهي مدينة في أرض إفلاندرش من جهة المشرق ستون ميلا. ونرجع فنقول ومن شاء سار من وادي شنت إلى وادي روة ستين ميلا

على البحر ومن وادي روة إلى حصن ولرين على البحر ثلاثون ميلا غربا ومن ولرين إلى برت إطريز وهي مدينة على البحر غربا خمسة وعشرون ميلا ومن برت إطريز إلى مدينة ديابة المتقدم ذكرها في بلاد نرمندية خمسة وعشرون ميلا وجملة ما ذكرناه من هذه البلاد هي في طاعة ملك إفرنسية. ويلي أرض إفلاندرش في جهة المشرق أرض لبان وهي مما يلي الساحل ومن مدنها طرناي وقنط وقمراي وإبرجس وشنت مير وهي أرض خصيبة مباركة وبها قرى وعمارات ترجع منافعها إلى هذه البلاد المذكورة ويتصل بهذه الأرض من جهة شرقيها أرض إفريزية وتتصل من جهة جنوبها بأرض لهرنكة. وأعظم قواعد مدنها المذكورة مدينة قنط وهي مدينة جليلة على غربي نهر أرين وهي كثيرة الديار وافرة العمارة فرجة الأمكنة ذات كروم وأشجار وغلات قائمة ومن هذه المدينة إلى البحر في جهة الشمال خمسة وثلاثون ميلا ومن قنط إلى مدينة صقلة ثمانون ميلا في جهة الشرق ومدينة صقلة وتروى شكلة أيضا من بلاد إفريزية وسنذكرها بعد هذا بحول الله تعالى ومن مدينة قنط إلى مدينة طرناي بين غرب وجنوب ثلاثون ميلا وهي مدينة متحضرة حسنة وعليها أقاليم وقرى وعمارات ومن مدينة طرناي إلى مدينة أتريغوس في جهة الشرق أربعون ميلا وهي مدينة أسفل لياجة على النهر وفوق مدينة

قنط وهي على ضفة نهر أرين ومن قنط إلى أتريغوس المذكورة خمسون ميلا جنوبا ومن مدينة أتريغوس إلى أستريك وهي مدينة من مدن اللمانية في جهة الشرق والشمال مائة ميل ومن أتريغوس إلى مدينة قمراي أربعون ميلا ومن مدينة قمراي إلى مدينة أستريك أيصا مائة ميل وخمسة وعشرون ميلا بين شرق وشمال ومن مدينة قمراي أيضا إلى مدينة لؤونس غربا ستون ميلا ولؤونس تقدم ذكرها في أرض إفلاندرش. ومن مدينة قنط إلى مدينة إبرجس غربا خمسة عشر ميلا وهي مدينة متوسطة متحضرة كثيرة المرافق رخيصة الأسعار متصلة الكروم والحروث والخيرات ومن إبرجس إلى صنقلة على البحر شمالا ثلاثون ميلا وصنقلة قرية عامرة على ضفة نهر في قعر جون يعرف بجون صنقلة ومن وادي صنقلة إلى وادي شنت المتقدم ذكره غربا ستون ميلا ومن وادي شنت في البر جنوبا إلى مدينة الرائز ثلاثون ميلا ومن الرائز إلى إبرجس مائة وستون ميلا وإبرجس من الرائز شرقا ومن إبرجس إلى شنت مير وهي مدينة صغيرة خمسة وعشرون ميلا ومن مدينة شنت مير إلى مدينة طرناي السابق ذكرها خمسة عشر ميلا. ويلي أرض لبان في جهة الجنوب أرض اللمانيين ويحيط بها من جهة المغرب

أرض لهرنكة وأرض برغونية اللمانيين ويليها في جنوبها أرض صوابة وأرض بابير ويليهما من جهة المشرق أرض شصونية وبعض بلاد إفريزية ومن مشهور بلادها بزلة وإشبيرة وفرميزة وميانصة وإبرنكبرده وقاسلة وقلونية وأستريك وهربرد وبنسة. فأما مدينة بزلة فقد ذكوناها وقلنا إنها من برغونية اللمانيين ويقال أيضا إنها من بلاد اللمانيين وهي قطر كبير حسن ومنها إلى مدينة إشبيرة ستون ميلا وإشبيرة على نهر رين وبغربيه ومن مدينة بزلة إلى مدينة ألمة مائة ميل وستون ميلا شرقا وألمة من بلاد صوابة وسنذكرها في موضعها بحول الله ومن ألمة إلى أوزبرك من إقليم صوابة ثلاثون ميلا ومن إشبيرة إلى مدينة فرميزة ثلاثون ميلا ومدينة فرميزة مدينة حسنة على ضفة النهر المسمى رين جليلة الديار فسيحة الأقطار كثيرة العمارات قائمة الجبايات. ومن قواعد بلاد اللمانية مدينة ميانصة وهي مدينة جليلة عامرة كثيرة الزراعات وافرة الغلات ومنها إلى مدينة فرميزة ثلاثون ميلا جنوبا وبها يقع نهر مورين في نهر رين. ومن مدينة ميانصة إلى مدينة قلونية ستون ميلا بين شمال وشرق ومدينة

قلونية مدينة على غربي نهر رين كبيرة القطر عامرة الجوانب متصلة الزراعات قائمة الغلات. ومن مدينة قلونية إلى مدينة أستريك مائة ميل شمالا وأستريك على نهر رين وفي الضفة الغربية منه وهي مدينة حسنة ظاهرة العمارة وافرة التجارة حسنة الأبنية واسعة الأفنية كثيرة الكروم والشجر والمواشي والخيل والعدة وفي أهلها عزة أنفس وجلادة وحزم وأستريك متاخمة لأرض إفريزية. ومن مدينة ميانصة إلى قاصلة سبعون ميلا شرقا وقاصلة متوسطة أرض اللمانية ومن مدينة قلونية إلى قاصلة سبعون ميلا وكذلك من مدينة ميانصة إلى برنقبرذة أربعون ميلا شرقا ومن قلونية إلى برنقبرذة جنوبا ستون ميلا وكذلك من مدينة برنقبرذة إلى مدينة قاصلة ثلاثون ميلا شرقا. ومن مدينة قاصلة إلى مدينة هربرد سبعون ميلا شرقا ومدينة هربرد مدينة تتاخم أرض شصونية وهي مدينة عظيمة عامرها كثير ومالها غزير وزراعاتها متصلة غير منفصلة. وكذلك من مدينة هربرد إلى مدينة بنصة جنوبا مغربا ستون ميلا ومن هربرد إلى مدينة قاصلة سبعون ميلا ومن مدينة قاصلة إلى مدينة بنصة خمسة وأربعون

ميلا وكذلك من مدينة فرميزة المتقدم ذكرها إلى مدينة بنصة سبعون ميلا شرقا ومدينة بنصة مدينة كبيرة عامرة خصيبة حصينة كثيرة الزرع والضرع وأهلها أنجاد في الحروب ولهم عدة واستعداد وهي دار مملكة اللمانيين. وأرض شصونية وأرض بلونية وأرض بوانية وأرض قلنطارية وأرض أكلاية وأرض إبرنصية وإقليم دسقانة وأرض إفريزية وأرض بابير وأرض صوابة وأرض لهرنكة ولوبانية وأرض بربان وأرض هينو وأرض برغونية اللمانيين جميعها تحت طاعة ملك اللمانية وهي خمسة عشر أرضا وأيضا فإن أرض إفلندريش وأرض إفرنسية وأرض برغونية الإفرنجيين وأرض نرمندية وأرض برطانية وأرض ماينة وأرض أنجو وأرض طرونية وأرض بري وأرض البرنية وأرض بيطو وغشكونية وبربنصة كل هذه الثلاث عشرة أرضا هي تحت طاعة ملك الإفرنج وبلاد الإفرنج أخصب من بلاد اللمانيين وأنفع غلات وأحسن حالات وأغزر ثمارات. فأما أرض قرنطارة فهي أرض صغيرة ومن بلادها المشهورة وقواعدها المذكورة إكريزا فأما مدينة إكريزا فهي تتاخم جبل منت جون وهي خلف نهر دروة وهي مدينة متوسطة متحضرة لها أسواق وفيها تجارات وبها خيرات وكروم ولها أغنام ومواش كثيرة وأرزاق وغلات ومنها في جهة الشمال إلى مدينة ألمة خمسون ميلا وألمة مدينة كبيرة متحضرة لها أسواق وفيها

تجارات وبها خيرات وافرة. ومن مدينة إكريزا إلى مدينة أسكنجة خمسة وثلاثون ميلا بين شمال وغرب ومدينة أسكنجة مدينة كبيرة تتاخم طرف جبل منت جون ويخرج نهر دنو بمقربة منها وعلى اثني عشر ميلا وذلك ما بين أسكنجة والجبل ومدينة أسكنجة على ضفة النهر من الناحية الشرقية وهي حسنة البقعة فسيحة الرقعة عامرة الديار نزهة البساتين كثيرة العيون والأنهار وهي من أرض قرنطارة وتجاور أرض صوابة. فأما أرض صوابة فمن مدنها ألمة وأوزبرك وبزلة وإشبيرة وهي أرض صغيرة الطول والعرض لكنها أرض عامرة كثيرة الخصب ومن أسكنجة إلى مدينة بزلة المتقدم ذكرها مائة ميل وبزلة يقال إنها من بلاد اللمانية كما بيناه قبل هذا ومن مدينة ألمة إلى مدينة أوزبرك ثلاثون ميلا وهي مدينة عامرة القطر كثيرة الخيرات متصلة الزراعات وهي على نهر دنو ومنها إلى مدينة بتزوة وتروى بتصوة بالصاد ثمانون ميلا ومدينة بتصوة مدينة كبيرة كثيرة العمارات فرجة الديارات ذات أسواق وصناعات ومياه جاريات وغلات دائمة وتجارات قائمة ومن مدينة بتصوة إلى مدينة بنصة التي من بلاد اللمانية مائة ميل وقد ذكرنا بنصة فيما صدر من الكلام وكذلك من مدينة

أوزبرك إلى مدينة بنصة أيضا مائة ميل ومن مدينة أوزبرك إلى مدينة إفرنقبرذ على نهر موين التي من أرض اللمانية سبعون ميلا وقد قدمنا ذكرها. وكذلك من أوزبرك إلى مدينة رنج برك ستون ميلا ورنج برك مدينة من مدن أرض بابير وتروى بافير كثيرة الدور عامرة القطر متصلة الغراسات والكروم وموضع هذه المدينة بجنوب نهر دنو وأرض بابير أرض كبيرة لها قرى وعمارات وقلاع كثيرة ومن مشهور بلادها رنج برك ويقال رينش برك ومدينة بتصوة ومدينة أنززقرطة وغرمايشة وهذه الأرض يحيط بها من شرقيها أرض بوامية وبغربها صوابة وبجنوبها قرنطارة وبشمالها اللمانية وهي أرض جليلة كثيرة الخيرات مشهورة البركات ومن مدينة رنج برك إلى مدينة بتصوة سبعون ميلا شرقا ومن بتصوة إلى أنززقرطة ستون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة كثيرة الدخل والخرج متصلة العمارة كثيرة المياه والأنهار والبساتين والكروم والأشجار ومن مدينة غرمايشة إلى مدينة بنصة بين شمال وغرب سبعون ميلا ومدينة بنصة من أرض اللمانية وقد تقدم ذكرها فيما مضى من الذكر. ومن مدينة غرمايشة إلى ويانة شرقا ستون ميلا وهي من أرض بوامية وتروى بوابية بالباء وأرض بوابية هذه أرض طويلة عريضة عماراتها متصلة

وبلادها كثيرة وخيراتها واسعة فمن مدنها وقواعد بلادها جيك لبوكة وشبرونة وويانة وماصو وتروى باصو وماشلة واقراقطة ومدينة أستركونة وهذه البلاد كلها من عمالة اللماني وتحت طاعته وهو القائم بجبايتها وحمايتها والأمر في ملوكها بما شاء من شائع أوامره يولي ويعزل ويفعل ما يختار من غير مضاد لأمره ولا معاند لحكمه. وأشهر مدن بوامية مدينة أستركونة وهي قاعدة بلاد بوامية وأعظمها قطرا وأوسعها عمارة وأكثرها بشرا وأعمها خيرا وهي دار المملكة ومدار الرياسة لملوك بامية ومن مدينة أستركونة وتروى أسترغونة بالغين إلى مدينة جيك لبوكة غربا مع شمال ثمانون ميلا ومدينة جيك لبوكة مدينة حسنة قائما بجميع منافعها وبها أسواق للتجارات وأقاليم متصلة العمارات ومياهها وفواكهها عامة وخصبها دائم وكرومها وأشجارها كثيرة ومن مدينة جيك لبوكة إلى مدينة شبرونة ستون ميلا شرقا وكذلك من مدينة شبرونة إلى مدينة أستركونة جنوبا ثمانون ميلا ومدينة شبرونة مدينة جليلة كبيرة كثيرة المياه والمزارع عامرة الأسواق والشوارع ديارها عالية ومتنزهاتها سامية وهي في مستو من الأرض خصيبة وبينها وبين النهر عشرون ميلا ومن مدينة شبرونة إلى مدينة ويانة جنوبا أربعون ميلا وكذلك من ويانة إلى مدينة غرميشة السابق ذكرها أربعون ميلا غربا ومن ويانة إلى مدينة أستركونة خمسون ميلا جنوبا وويانة

في شرقي نهر دنو وأستركونة في شرقي النهر ومن أستركونة شرقا إلى باصو أربعون ميلا وباصو مدينة كبيرة سنذكرها في موضعها ومن باصو إلى شبرونة ثمانون ميلا بين شرق وجنوب ومن شبرونة إلى أستركونة ثمانون ميلا. ومن أسترغونة إلى مدينة بلغرابة ثلاثون ميلا في جهة الجنوب ومدينة بلغرابة من مدن أرض قرنطارة وأرض قرنطارة مجاورة لأرض أنكلاية من جهة المغرب ويحيط بها من جهة جنوبها بلاد البنادقة ومن جهة الشرق أرض أنكرية ومن جهة الشمال أرض بوامية المتقدم ذكرها وأرض قرنطارة هي بين نهر دنو ووادي ذروة ومن بلادها وقواعد مدنها بزوارة وبوزانة ونيطرم وبلغرابة وسيق لاو وبوزة وكل هذه بلاد تجاور بلاد البنادقة وربما كانت بينهم حروب شديدة لا ينفكون عنها ومن البلاد التي تجاور البنادقة من أرض قرنطارة مدينة بيلو وهي على نهر ذروة في الضفة الجنوبية ومدينة بوزة وهما مدينتان متقاربتان في القدر والكبر وكثرة العمارة ولهما حروث وزروع وغلات وبين بيلو وبوزة خمسة أيام في جهة الشرق وكذلك من بوزة إلى مدينة سيق لاو ثلاثة أيام ومدينة سيق لاو على ضفة النهر في الجانب الجنوبي وهي مدينة كبيرة حسنة ذات عمارة وأسواق وخير شامل وبجبالها معادن الحديد الجيد المعدوم المثال الذي لا يبلغ جودته حديد غيره في القطع

والرطوبة ومن مدينة بوزة إلى مدينة شبرونة شمالا ثلاثة أيام وكذلك من مدينة بوزة إلى مدينة جيك لبوكة ثلاثة أيام شمالا مع غرب وكذلك من جيك لبوكة إلى شبرونة ستون ميلا وكذلك من مدينة شبرونة إلى مدينة أستركونة ثمانون ميلا. ويلي أرض اللمانية من جهة شمالها أرض إفريزية ومن جهة المغرب أرض لوبان ومن جهة المشرق أرض شصونية ومن شمالها البحر المظلم ومن مدن أرض إفريزية سيكلة وشوزاص وأكروننجة وبرنة وهي بلاد تتقارب مقاديرها وتتساوى عماراتها وهي بلاد حسنة. فأما مدينة صيكلة فإنها مدينة كبيرة في وطاء من الأرض حسنة الجهات متصلة العمارات كبيرة الأسواق والتجارات وهي متوسطة أرض إفريزية ومنها إلى مدينة أستريك غربا ثمانون ميلا وكذلك من مدينة سيكلة إلى مدينة شوزاص ثمانون ميلا ومدينة شوزاص مدينة كبيرة عامرة أسواقها حسنة وديارها عامرة وكرومها وأشجارها كثيرة وأيضا فإن من مدينة سيكلة إلى أكرننجة سبعون ميلا ومن أقرننجة إلى برنة على البحر سبعة أميال ومدينة برنة على البحر وهي مدينة عامرة كثيرة الديار والكروم والحروث ومن مدينة برنة إلى موقع نهر رين في جهة الغرب ثمانون ميلا وبين هذا الذراع

والذراع الثاني ثمانون ميلا غربا ومن مدينة أكروننجة إلى مدينة قلونية مائة ميلا ومن مدينة برنة في جهة المشرق إلى مدينة وزرة مائة ميل ووزرة من أرض شصونية وسنذكر أرض شصونية في موضعها بعد هذا بحول الله تعالى ومن مدينة شوزاص الى مدينة ذولبرلة ستون ميلا جنوبا وذولبرلة مدينة حسنة في سفح جبل وبها مياه جارية ومزارع وغلات ومن مدينة ذولبرلة إلى مدينة سيكلة سبعون ميلا وسنذكر بلاد شصونية بعد هذا الجزء بعون الله تعالى. ونقول أيضا إن جزيرة إنقلطارة التي في البحر الكبير المظلم يجتاز إليها ويدخل من جون صنقلة المتقدم ذكره وهي جزيرة كبيرة جدا بها بلاد عامرة وحصون وقلاع وقرى ومزارع وأودية وأنهار وجبال ووهاد وأرض غير مسكونة. وقد أحاط هذا الجزء الذي نحن فيه وتكلمنا عليه ووصفنا أراضيه وقواعد البلاد منه بجزء من هذا الجزيرة المسماة إنقلطارة وما على ساحلها من قواعد بلادها المسكونة في الجانب الجنوبي منها وهي مدينة سهستار وغرهم وهنتونة وشرهام وهستينكش ودبرس وجرنموده ونرغيق وأغريمس ولوندرس وغركة فرت وعونسترة وبلاد أخر غير هذه مما لم تقع مواضعها في هذا

الجزء وسنذكر الكل من هذه الجزيرة بمدنها وجميع أرضها وجبالها وأنهارها في موضعها من الإقليم السابع حيث يأتي موضع الجزيرة إن شاء الله تعالى وبه التسديد والتوفيق. نجز الجزء الثاني من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله.

الجزء الثالث

الجزء الثالث إن الذي تضمن هذا الجزء الثالث من الإقليم السادس بقية من أرض بؤامية وإقليم أنكرية وإقليم بلونية وإقليم شصونية وإقليم رمانية. فأما إقليم بؤامية ففيه من البلاد المشهورة باصو وأقراه وأبية وبطش. وفيه من بلاد قرنطارة سيق لاوش وبذوارة وبلغراتة وأستركونة وشبرونة وغرماسية وتيتلوس ونيطرم وإفرنك بيلة وأرينية. وفيه من بلاد أنكرية هنقبر وشنت وبقصين وجرنغراتة وقاون وار وبلغردون وأفرنيسفا وتنيسبر ووالبة. وفيه من بلاد شصونية هربرد ووذنبركة ونيون برك وهالة ومشلة. وفيه من بلاد بلونية زامتق وإقراقو وجنازنة وبرتيصلابة ورمسلي.

وها نحن أو اصفون خبارها مثل ما سبق لنا قبل بحول الله فنقول إن مدينة بلاح من أرض قرنطارة على نهر دروة وهي مدينة حسنة كثيرة الأقاليم والأقطار غزيرة المياه والأنهار وقد تقدم لنا ذكرها بما هي عليه قبل هذا. ومنها إلى مدينة بلغراتة في جهة الشمال سبعون ميلا ومدينة بلغراتة على بعد من النهر المذكور وهي في ذاتها حسنة جليلة عامرة ذات سور حصين وأسواق عامرة وصناعات قائمة وتجارات متصرفة ومرافق كثيرة ومزارعها طيبة كثيرة الحبوب والقطاني. ومن مدينة بلغراتة إلى مدينة بوزانة على نهر دنو خمسة وثلاثون ميلا وهي مدينة متوسطة عامرة متحضرة بها أشياء ممكنة ومرافق قائمة وعمارات متصلة. ومن مدينة بوزانة إلى مدينة بذوارة ستون ميلا وبذوارة على نهر دنو وبين بوزانة وبذوارة يقع نهر دروة في نهر دنو وبوزانة آخر بلاد قرنطارة. وكذلك أيضا من مدينة بلغراتة إلى مدينة أستركونة ثلاثون ميلا ومن مدينة بذوارة المتقدم ذكرها إلى مدينة نيطرم في جهة الشمال سبعون ميلا. وكذلك أيضا من مدينة بوصانة إلى نيطرم سبعون ميلا في جهة الشرق مع الشمال وذلك أن نهر دنو يمر من مدينة بوصانة في جهة الجنوب ثم يستقيم جريه شرقا إلى مدينة بذوارة فيجتاز بشمالها ونيطرم مدينة عامرة

متحضرة كبيرة القطر في مستو من الأرض ولها مياه جارية ومزارع نامية وأحوال سامية وخيرات كاملة ولها كروم وعمارات. ومن مدينة نيطرم إلى مدينة أقرة في جهة الشمال أربعون ميلا ومدينة أقرة من أرض بؤامية. ويخرج من أرض بؤامية نهران يمران في جهة المغرب ويسيران بتأريب إلى الجنوب فيصبان في نهر دنو بمقربة من بوزانة ويخرج هذان النهران من جبل يسمى ببلواك وهو جبل حاجز بين بلاد بؤامية وبلاد بلونية فيمر النهران مفترقين ثم يجتمعان فيسيران واحدا ثم يصب في نهر دنو كما وصفنا. وعلى هذين النهرين مدينتا أقرة وبطش وبطش مدينة صغيرة لكنها عامرة ولها أقاليم ورساتيق كثيرة. ومن أقرة إلى مدينة بطش أربعون ميلا بين شرق وشمال ومن أقرة في جهة الشرق إلى مدينة أرينية ثمانون ميلا وهي مدينة صغيرة عامرة. ومن أرينية إلى مدينة بقصين على نهر دنو في جهة الجنوب ستون ميلا وبقصين مدينة مشهورة وفي عديد القواعد القديمة مذكورة وبها أسواق ومتاجر وصناع وعلماء إغريقيون ولهم مزارع وجهات عامرة وسعرها أبدا محطوط لكثرة الحنطة عندهم. وأيضا فإن من مدينة بقصين إلى مدينة قاون ستون ميلا في جهة الشرق

ومدينة قاون مدينة كبيرة عامرة على نهر دنو وبها أسواق وصناعات وكذلك من مدينة أقرة المتقدم ذكرها إلى مدينة قاون مائة ميل وستون ميلا. وأيضا فإن من مدينة أقرة إلى مدينة باصو المذكورة في جهة المغرب مع جنوب ثمانون ميلا ومدينة باصو من أرض بؤامية. ومن باصو إلى مدينة مشسلة وتروى مشلة مائة ميل وخمسون ميلا وهي مدينة حسنة كثيرة المزارع والثمرات واسعة الأقاليم والجهات متصلة العمارات ذات أسوار حصينة وأسواق عامرة. وأيضا فإن من مدينة سيق لاوش السابق ذكرها في جهة المشرق إلى مدينة إفرنك بيلة ثمانون ميلا وإفرنك بيلة مدينة كبيرة حسنة برية شرب أهلها من العيون والآبار وبها خيرات كثيرة ونعم شاملة وافرة والغالب على أهلها البداوة. ومن مدينة إفرنك بيلة بين شرق وشمال إلى مدينة أبرندس خمسون ميلا وأبرندس مدينة متحضرة لها أسواق وعمارات كثيرة وهي في أسفل جبل وموضعها في وطاء من الأرض ومنها إلى مدينة قاون التي على نهر دنو سبعون ميلا. وكذلك من مدينة أبرندس إلى مدينة بقصين مثل ذلك سبعون ميلا ومدينة بقصين من مدينة قاون في ناحية الغرب وقاون وبقصين مدينتان جليلتان عامرتان كثيرتا الداخل والخارج وهما حاضرتا بلاد أنكرية وأكثرها عمارة وأوفرها أموالا وضياعا.

ثم نرجع أيضا فنقول إن من مدينة بذوارة السابق ذكرها إلى مدينة تيتلوس على النهر في جهة المشرق خمسة وسبعون ميلا ومن مدينة تيتلوس إلى مدينة بقصين خمسة وسبعون ميلا ومدينة تيتلوس في الضفة الشمالية من النهر وهي عامرة كثيرة الخلق وأهلها أهل أموال جسام ونعم وأنعام. وأهل هذه الناحية كلها أعني أهل بلاد أنكرية أهل حرث وكسب وقدرة على العمارة ولها أقاليم وقرى عامرة وهي تتاخم أرض إسقلونية. وأكثر بلاد إسقلونية في وقتنا هذا تغلبت البنادقة عليها وملكت أمرها وكان أكثرها قبل هذا في طاعة ملك أنكرية فاغتصب فيها. وأيضا فإنا نقول إن من مدينة تيتلوس في جهة الجنوب إلى مدينة إفرنك بيلة (-) ميلا ومن إفرنك بيلة إلى مدينة قاون مائة ميل ومن مدينة إفرنك بيلة أيضا في جهة الغرب مع الجنوب إلى مدينة أقولية من أرض إسقلونية سبعون ميلا ويقال إن أقولية تتاخم أرض إسقلونية. وكذلك من أقولية إلى مدينة سيق لاوش أيضا سبعون ميلا وأقولية من أرض إسقلونية ذات أقاليم واسعة وخيرات مجتمعة وهي في حضيص جبل متحصنة من غارات البنادقة. ومن أقولية إلى مدينة بلاح تسعون ميلا ومن مدينة بلاح إلى مدينة بلغراتة

ستون ميلا وكذلك من مدينة بلاح إلى إفريزاك خمسون ميلا غربا ومن إفريزاك إلى مدينة رنج برك التي من أرض بابير مائة ميل وإفريزاك وبلاح وأقولية تتاخم أرض قرنطارة. ومن مدينة إفرنك بيلة إلى أبرندس خمسون ميلا ومن أبرندس إلى مدينة بانية التي على نهر لينة خمسة وسبعون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة متحصنة على النهر ونهرها يصب بين مدينة قاون ومدينة بلغردون. ومن مدينة بانية أيضا إلى مدينة أبلانة تسعون ميلا وهي مدينة عامرة ومن أبلانة إلى مدينة ربنة مائة ميل وعشرون ميلا وربنة مدينة كبيرة عامرة. ومن أبلانة أيضا في جهة الجنوب إلى مدينة غانل أربعة أيام وهي مدينة تغلبت البنادقة على أرضها فأخربتها وهي على نهر كبير يمر منها حتى يجتاز على مدينة نيسو وبينهما في البر أربعة أيام وفي النهر يومان. ومن نيسو إلى مدينة ربنة خمسون ميلا ومن مدينة بانية إلى مدينة بلغردون في جهة الشمال خمس مراحل ومن مدينة بانية إلى مدينة قاون مائة ميل. وكذلك من قاون إلى مدينة بلغردون سبعون ميلا وهي في البر مرحلتان كبيرتان جدا وفي النهر أقل من ذلك ومدينة بلغردون مدينة عامرة بها بشر كثير وكتائس معظمة.

ومنها إلى مدينة أفرنيسفا خمسة وسبعون ميلا وفي النهر يومان وأفرنيسفا مدينة عامرة كبيرة. وأيضا فإن من مدينة بلغردون إلى مدينة ربنة مائة وخمسون ميلا في البرية ومن ربنة إلى مدينة أفرنيسفا مرحلتان كبيرتان ويقال إنها مائة ميل وهي مدينة في مستو من الأرض عامرة القطر كثيرة الداخل والخارج رخيصة الأسعار دائمة الغلات مياهها جارية وأقاليمها (واسعة) وتجاراتها دائمة وخيراتها مشتملة وهي من مدن مقذونية. ومنها إلى مدينة نيسو خمسون ميلا ونيسو من مدن مقذونية أيضا وسنصف باقي أرض مقذونية فيما يأتي بعد هذا بحول الله وقوته فنقول: إن الطريق من مدينة قاون إلى أرض أنكرية يؤخذ مع الشمال وأكثر بلاد أنكرية إنما هي على نهر شنت ونهر تيسيا وهذان النهران يخرجان معا من جبل كركو وهو الحاجز بين بلاد أنكرية وبلونية وأرض المجوس فيجريان معا إلى ناحية المغرب ثم يجتمعان على مسير ثمانية أيام من منابعهما ويصيران نهرا واحدا ثم يمر إلى جهة الجنوب مقدار ثمانية أيام فيصب في نهر دنو ما بين مدينة بقصين ومدينة قاون. ومن مدينة قاون إلى شنت أربعة أيام وهي في غربي النهر وهي مدينة عامرة حسنة متحضرة.

ومنها مع النهر إلى مدينة جرنغراتة ثلاث مراحل وهي مدينة كبيرة عامرة بها أسواق وخيرات شاملة. ومنها أيضا مع النهر إلى مدينة تنيسبر أربع مراحل وهي مائة وعشرون ميلا وتنيسبر مدينة حسنة كثيرة الخيرات على جنوب نهر تيسيا. ومن أراد سار من مدينة جرنغراتة إلى مدينة والبة خمس مراحل يخرج من المدينة إلى مصب نهر تيسيا مرحلة كبيرة ويصعد مع نهر شنت أربع مراحل إلى مدينة والبة وهي مدينة قائمة الذات عامرة على نهر شنت من شماله. ومن مدينة والبة إلى مدينة تنيسبر في جهة الجنوب أربع مراحل كبار في عمارات ومزارع وخصب وهذه المراحل بين النهرين معا. ومن مدينة والبة إلى مدينة هنقبر في ناحية الغرب خمس مراحل ومدينة هنقبر كبيره عامرة تتاخم أرض بلونية. وأرض بلونية بلاد العلماء وطلاب العلم بها كثير من الروم القاصدين إليها من سائر الآفاق وبلادها عامرة كثيرة البشر. ومن مدنها مدينة إقراقو وهي مدينة حسنة كثيرة الديار والعمار والأسواق

والكروم والجنات ومنها غربا مع جنوب إلى مدينة مشلة مائة وثلاثون ميلا ومدينة مشلة مدينة حسنة متحضرة ومنها أيضا إلى مدينة بطس خمسة أيام جنوبا. ومن مدينة إقراقو إلى مدينة جنازنة مائة ميل وهي من إقراقو شرقا وهي مدينة عامرة حسنة ومن مدينة جنازنة إلى مدينة رتصلابة ستون ميلا ومن مدينة رتصلابة إلى رمسلي من أرض سدمارة مائة ميل. ومن مدينة إقراقو أيضا إلى مدينة هالة في جهة الغرب مائة ميل وهي من أرض شصونية وهالة مدينة كبيرة جامعة عامرة. وكذلك من مدينة إقراقو إلى نيون برك مائة ميل ونيون برك من أرض شصونية أيضا وبين هالة ونيون برك أربعون ميلا ومن نيون برك إلى مدينة وزنبركة غربا ستون ميلا وهي مدينة جليلة. ومن مدينة نيون برك في جهة الجنوب إلى مدينة قزلارة مائة ميل وهي أربع مراحل ومن مدينة قزلارة في جهة الغرب إلى مدينة هربرد من أرض اللمانية ستون ميلا ومن مدينة قزلارة إلى مدينة مشلة في جهة الشرق مائة ميل

ومن هالة أيضا إلى مدينة مشلة ثمانون ميلا. ومن نيون برك إلى مدينة وزرة على النهر خمسة وعشرون ميلا ومن وزرة إلى بحر الظلمات خسمة وعشرون ميلا وهنا انقضى القول في هذا الجزء والحمد لله كثيرا. نجز الجزء الثالث من الإقليم السادس ويتلوه الجزء الرابع منه إن شاء الله.

الجزء الرابع

الجزء الرّابع إن الذي تضمن هذا الجزء الرابع من الإقليم السادس إقليم رمانية وأرض مقذونية وبعض بلاد الروسية القصوى. فأما أرض مقذونية ففيها من بلادها نيسو وأتروبي ونوقسترو وبيدني وبنوي ولفيسة وأفرنيسفا وأغريزينوس ومسيونس. وفيه من بلاد رمانية فاروي وليغلغو وأقرنوس وإستينوس ودنبلي وفرامنياك وألماس وكرنبي وميغالي ثرمة وغولوي وبسترنس وأفلي وألكسيوبلي وديسينة وطمطانة وبرنس وأخيلو وأيمن وبرفنتو ومليسية وبرسكلافسة وميغالي برسكلافة وأغرميني وفربسيوس وماذينوس وقليمالايا وبوليا بسيمسقوس وبيزوي والقسطنطينة وإدرستر وأيلوغيس وأيميديا وأغاتوبلس وباسليكو وسزوبلي وأخيلو.

وكل هذه البلاد قواعد مذكورة ومدن مشهورة ويجب علينا أن نصف أحوالها وحدود طرقاتها كما سبق لنا في سائر الأقاليم المتقدمة ومن الله نستمد المعونة ونقول: إن من بلاد مقذونية نيسو وهو بلد جليل وقطر نبيل كثير اللحم والسمك والعسل واللبن وأسعارها أبدا رخيصة وهي كثيرة الفواكه على ضفة نهر مورافا الخارج من جبال سربية ولها على النهر قنطرة كبيرة حسنة يجاز عليها دخولا وخروجا. ومن مدينة نيسو إلى مدينة أتروبي شرقا أربعون ميلا وأتروبي على نهر صغير يأتي من جبال سربية فيمر بمدينة أتروبي من جهة شرقيها ويمر إلى أن يصب في نهر مورافا فيسيران واحدا ثم يمر هذا النهر إلى أن يصب في نهر دنو على مقربة من بلد أفرنيسفا وعلى هذا النهر أرحاء طاحنة وجنات وكروم. ومن مدينة أتروبي إلى مدينة أتراليسة السالف ذكرها في الإقليم الخامس أربعون ميلا وأتراليسة كما قدمنا ذكرها في الإقليم الخامس مدينة جليلة. ومن أتراليسة إلى مدينة إستوبوني يوم وهي في ذاتها مدينة جليلة. ومن مدينة إستوبوني إلى مدينة أقرنوس ست مراحل وأقرنوس مدينة جليلة على ظهر جبل مرتفع.

ومن أقرنوس إلى فاروي أربعون ميلا وفاروي مدينة على نهر أخيلو ومنها في جهة الشرق إلى مدينة سلوني خمسون ميلا وهي مدينة في وطاء من الأرض ومنها إلى مدينة روذستو ستون ميلا وروذستو مدينة حسنة ومنها في الشرق مدينة القسطنطينة العظمى على اثني عشر ميلا. ومن مدينة سلوني أيضا إلى مدينة ليغلغو غربا خمسون ميلا ومدينة ليغلغو كبيرة القطر عامرة النواحي وهي على جبل مطل على نهر أخيلو وهو النهر الذي قدمنا ذكره فيما سبق ويتصل هذا النهر من ليغلغو إلى مدينة فاروي وبينهما خمسة وثلاثون ميلا جنوبا ويتصل من مدينة فاروي إلى مدينة فيلبوبلس ثم إلى أدرنوبلي ثم إلى سرولة إلى أركاديوبلي إلى أن يصب في الخليج الذي عليه فم أبذس بمقربة من أخرسوبلي الساحلية ويسمى هناك وادي مرماري ونرجع فنقول: إن من مدينة نيسو إلى مدينة ربنة خمسون ميلا وربنة منها شمالا محققا ومن مدينة ربنة إلى مدينة أفرنيسفا ستون ميلا وأفرنيسفا على نهر دنو الكبير. ومن مدينة أتروبي أيضا إلى مدينة بنوي في جهة الشرق مع قليل تأريب إلى الشمال تسعون ميلا وهي مدينة عامرة صغيرة القطر على ظهر جبل عال. ومن بنوي أيضا إلى مدينة لفيسة ست مراحل وهي من بنوي بين شرق

وشمال ويوازيها في جهة الجنوب مدينة أقرنوس وبينهما أربع مراحل ومدينة لفيسة على ظهر جبل. ومن مدينة لفيسة في جهة الشمال مع الشرق إلى مدينة مسيونس خمس مراحل وهي مدينة كبيرة عامرة قديمة التأسيس. ومن مدينة لفيسة أيضا إلى مدينة بيدني خمس مراحل وهي مدينة كبيرة وهي من لفيسة بين غرب وشمال على نهر دنو المذكور. وكذلك أيضا من مدينة فاروي المتقدم ذكرها إلى مدينة بوليا بسمسقوس أربع مراحل والطريق بينهما في مزارع متصلة وعمارات غير منفصلة وقرى كبار وكروم وفواكه كثيرة وأغنام وأبقار ونعم وافرة. ومن مدينة بوليا بسمسقوس إلى مدينة بيزوي سبعون ميلا وهي ثلاث مراحل في أوطية وأرض طيبة وبيزوي مدينة كبيرة عامرة كثيرة الأسواق وأهلها أهل صناعات ولها مزارع وأقاليم متصلة وعمالات جمة. ومن مدينة بيزوي إلى مدينة أيلوغيس في جهة الشرق خمسون ميلا وأيلوغيس مدينة على جبل بينها وبين الخليج البنطسي اثنا عشر ميلا. وكذلك أيضا من مدينة بيزوي إلى مدينة قاليمالايا خمسة وخمسون ميلا ومن مدينة بيزوي أيضا إلى مدينة فاروي المتقدم ذكرها في جهة الغرب تسعون ميلا وبينهما مسارح وخصب وربيع دائم ومياه عذبة جارية وأفرجة ممكنة.

ومن مدينة بيزوي إلى مدينة القسطنطينة ثلاثون ميلا وقد وصفنا القسطنطينة قبل هذا بما أمكننا وصفه بحول الله تعالى. وصفة الطريق من مدينة القسطنطينة على الساحل إلى مصب نهر دنو حيث مدينة مريس فمن شاء ذلك خرج من القسطنطينة إلى مدينة أيلوغيس خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة على جبل مرتفع على البحر اثنا عشر ميلا والملك يتنزه بها في كل سنة مرة ويقيم فيها لصيد الحمر الوحشية أياما كثيرة. ومن أيلوغيس إلى مدينة أيميديا خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة حسنة عامرة بقرب البحر ومنها إلى مدينة أغاثوبلس خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى باسليكو على ساحل البحر خمسة وعشرون ميلا ومن باسليكو إلى مدينة سزوبلي على البحر خمسة وعشرون ميلا. وكذلك منها إلى مدينة أخيلو خمسة وعشرون ميلا وبينهما جون من البحر عرضه اثنا عشر ميلا وطول هذا الجون عشرون ميلا. ومن أخيلو إلى مدينة أيمن على البحر خمسة وعشرون ميلا ومن أيمن إلى برنس خمسون ميلا وبرنس على قرب البحر كما قدمناه ومن برنس إلى مدينة أرموقسترو خمسة وعشرون ميلا ونرجع الآن فنقول: إن من مدينة أفرنيسفا نازلا مع نهر دنو إلى مدينة نوقستر ويومين ونصف

يوم ونوقستر وهذه بضفة نهر دنو يأتيها من جهة الجنوب ويقرب منها مصب نهر مورافا وهي مدينة حسنة رخيصة الأسعار عامرة الديار كثيرة الكروم والأشجار. ومنها منحدرا مع النهر إلى مدينة بيدني وهو بلد بقرب النهر المذكور يوم ونصف كبير وكذلك من مدينة بيدني إلى مدينة سبست قسترو شرقا يوم ونصف وهي مدينة حسنة متحضرة عامرة على النهر. ومنها إلى مدينة دريسترة شرقا يوم ونصف وهي مدينة فسيحة الآفاق عامرة الأسواق كثيرة الأرزاق جليلة المباني كاملة المغاني. ومن دريسترة في البرية إلى مدينة برسكلافسة أربعة أيام شرقا وهي مدينة على نهر قريب الخوض. ومن برسكلافسة إلى مدينة دسينة شرقا أربعة أيام ومدينة دسينة مدينة متحضرة واسعة الأقاليم كثيرة الزراعات والعمارة حبوبها ممكنة وأسعارها رخيصة. ومنها إلى مدينة أرموقسترو جنوبا يومان ومدينة أرموقسترو مدينة أزلية عالية الأبنية رحيبة الأقنية جليلة المقدار رخيصة الأسعار وهي في سفح جبل لطيف مطل على البحر ومن أرموقسترو إلى مدينة برنس التي قدمنا ذكرها على البحر يوم. والطريق من مدينة برنس إلى القسطنطينة على البر من برنس إلى مدينة

بترني في البر غربا ثلاثون ميلا وهي مدينة متحضرة متوسطة القدر حسنة. ومنها إلى مدينة برفنتو في جهة الغرب ثلاثون ميلا وهي يوم وهذه المدينة في سفح جبل لطيف وبين بترني وبرفنتو نهر يجري من بر سكلافة ويمر جنوبا حتى يصب في البحر. ومن مدينة برفنتو إلى مدينة ميغالي برسكلافة يوم وهي مدينة عامرة متوسطة القدر ويجري بقربها نهر متوسط. ومن ميغالي برسكلافة إلى مدينة فربسيوس يوم وفربسيوس مدينة قديمة البناء مشهورة في البلاد عامرة كثيرة الخيرات. ومنها إلى مدينة أغرميني غربا نصف يوم وهي مدينة متخضرة قديمة أيضا وكانت خرابا فبناها هرقل الثاني وعمرها واستمرت عمارتها إلى الآن ولها حروث وزراعات. ومن أغرميني إلى إستينوس غربا يوم وإستينوس مدينة حسنة عامرة كثيرة الديار جليلة المقدار. ومن إستينوس إلى مدينة بوليا بسيسقوس جنوبا ثلاثة أيام وهي مدينة بقرب جبل ويخرج منه نهر يمر بالمدينة وينتهي حتى يجتمع بنهر مسيونس ويصبان في نهر دنو ما بين سبست قاسترو ودرسترة. ومن مدينة بوليا بسيسقوس في جهة الشرق إلى مدينة قاليمالايا يوم

ومدينة قاليمالايا مدينة عامرة كبيرة كثيرة الزرع ولحوم الصيد وبها يتصيد صاحب القسطنطينة وهي فوق جبل عال كثير الصيد وفيه شعراء متصلة. ومن مدينة قاليمالايا إلى مدينة ماذينوس اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة حسنة في جهة الشرق وكذلك من مدينة قاليمالايا أيضا إلى مدينة بيزوي خمسون ميلا في الجهة الجنوبية ومن بيزوي إلى القسطنطينة ثمانية وعشرون ميلا ومن مدينة ماذينوس إلى مدينة مليسية سنة أميال شرقا ومن مدينة مليسية إلى البحر حيث مدينة أيمن جنوبا ستة أميال ومدينة أيمن على ساحل بحر بنطس ونرجع فنقول: إن مدينة سبست قسترو منها إلى مدينة أغريزينوس سبعون ميلا وهي أيضا يومان. ومن مدينة أغريزينوس في جهة الشرق إلى مدينة مسيونس أربعون ميلا وهو يوم ومسيونس مدينة عامرة وفيها مصلحة للروسية وهي متحضرة لها أسواق عامرة وخيرات وافرة وموضعها فوق جبل بينه وبين دنبلي يوم ومدينة دنبلي مدينة صغيرة عامرة في وطاء من الأرض ولها كروم وعمارة صالحة. ومن دنبلي إلى مدينة فرامنياك شرقا نصف يوم وهو بلد في وطاء من الأرض بقرب جبل صغير كثير الأشجار والغراسات متصل الزروع والعمارات.

ومن فرامنياك إلى مدينة ألماس شرقا نصف يوم وهي مدينة صغيرة متحضرة كثيرة الفواكه والنعم متسعة العمارات واسعة الأقاليم. ومنها إلى مدينة كرنبي نصف يوم وهو بلد في قرب جبل ومنه إلى مدينة بسترنس شرقا نصف يوم وهي مدينة حسنة كثيرة المياه عامرة الأفنية صالحة المقدار. ومنها إلى مدينة روسو قسترو شرقا نصف يوم وهي مدينة صالحة القدر عامرة الكور كثيرة النعم رخيصة الأسعار وموضعها في مستو من الأرض. ومن روسو قسترو إلى مدينة ميغالي ثرمة نصف يوم وميغالي ثرمة مدينة صغيرة حسنة الديار واسعة الأقطار كثيرة الغراسات والبقول ولها أسوار وأسواق وبها نعم وأرزاق. ومنها إلى مدينة أيتوقسترو في جهة الشرق نصف يوم وهي مدينة حسنة البقعة حصينة المنعة بها أسواق ومتاجر وهي محلة للوارد والصادر وبها كروم وغلات. ومنها إلى مدينة غولوي شرقا نصف يوم وهو بلد حسن وقطر متحضر والمسافرون يقصدونه ويجلبون إليه البضائع والتجارات به مستديرة دائمة. ومن مدينة غولوي إلى مدينة باسقة نصف يوم وهي مدينة صغيرة حارة الأسواق عامرة آهلة.

ومنها إلى مدينة أفلي نصف يوم ومدينة أفلي في بسيط أرض حسنة مباركة البقعة فرجة الأمكنة متصلة العمارات كثيرة الأقاليم والجهات وبها مياه جارية ولها من جهة شمالها جبال عالية ونهر دنو يجري خلفها وبهذه المدينة صناعات وحذق وتمهر لأربابها ويصنع بها من الحديد كل غريبة. ومن مدينة أفلي إلى مدينة إستليفنوس يوم ومدينة إستليفنوس مدينة كبيرة وكانت قبل هذا أعظم مما هي عليه الآن وأرضها حسنة البقعة وسنذكر الطريق منها إلى ما يليها من البلاد بعد هذا إن شاء الله. ونرجع فنقول بالقول الوجيز إن أرض شصونية يحيط بها من غربيها أرض إفريسية وهي إفريزية أيضا بالزاى ومن شرقيها أرض إزوادة ومن جنوبها أرض شصونية وهي إقليم متصل العمارة كثير القرى بلاده عامرة وخيراته متكاثرة متصلة ومن مدنه مدينة قزلارة ومشلة وهالة ونيون برك ووزرة وهي على بحر الظلمات. فأما مدينة قزلارة فمدينة كبيرة عامرة كثيرة الدخل والخرج وأهلها أنجاد شداد يمنعون جانبهم ويحمون أرضهم ويهابهم من جاورهم لاجتماع كلمة أهلها وعقد شكيمتهم وفيها خيرات مجتمعة وحبوب وتجارات ومنها إلى مدينة هربرد التي من أرض اللمانية في جهة الغرب أربعون ميلا. ومن مدينة قزلارة إلى هالة خمسون ميلا شرقا وهالة مدينة متوسطة مياهها كثيرة وأرضها عامرة وبها أسواق وعمارات وخصب ومعايش

كثيرة ومنها في جهة الشمال إلى نيون برك ثلاثون ميلا. وكذلك من مدينة قزلارة إلى مدينة نيون برك ثمانون ميلا وهي قاعدة كبيرة مشهورة وبلدة مذكورة ذات أسواق عامرة وتجارات دائرة وخيرات وافرة وفوائد متكاثرة ومياه وخصب ومواش وأنعام ومن نيون برك إلى البحر أربعون ميلا وهناك مسقط نهر وزرة في البحر المظلم. ومن مدينة قزلارة إلى مدينة مشلة سبعون ميلا ومن مدينة هالة إلى مدينة مشلة ستون ميلا. ومن مدينة نيون برك إلى مدينة وزرة على غربي النهر خمسة وعشرون ميلا ومن مدينة وزرة إلى البحر خمسة عشر ميلا ومن مدينة وزرة إلى نرتة المذكورة في جهة الغرب مائة ميل على البحر وكذلك من مدينة نيون برك إلى مدينة صوزاس وقد تقدم ذكرها غربا ستون ميلا. ومن مدينة هالة أيضا إلى مدينة وزنبركة السابق ذكرها سبعون ميلا وأيضا فإن من مدينة هالة إلى مدينة إقراقو وهي من أرض بلونية مائة ميل وأيضا فإن من مدينة قزلارة إلى مدينة ويانة مائة وخمسة وعشرون ميلا. وأما أرض بلونية التي هي بلاد العلم والعلماء من الروم فأرض حسنة كثيرة الأنهار متصلة الأقاليم والأمصار عامرة القرى والديار ولها كروم

وزيتون وأشجار كثيرة بأنواع الفواكه ومن مدنها إقراقو وجنازنة ورتصلابة وسرادية ونغرادة وشتنو. وكل هذه البلاد قواعد مشهورة وأمصار موطدة جمعت بين خيرات البلاد المفترقة وحسبت مع ذلك بأن فيها علماء متفننون في العلوم والديانات الرومية ولصناعها حذق ومعرفة بصنائعها. وأما مدينة إقراقو ومدينة جنازنة وسائر بلادها المذكورة فمدن مشتركة العمارات متصلة الخيرات تتقارب مقاديرها وتتساوى صفاتها ومباينها وكذلك تتقارب أيضا في كثير من مصنوعاتها ويحيط بها من جميع جهاتها جبال متصلات حاجزة بينها وبين بلاد شصونية وبلاد بوامية وبلاد الروسية. ومسافات بلاد بلونية من إقراقو إلى مدينة مشلة مائة وثلاثون ميلا ومن إقراقو إلى جنازنة ثمانون ميلا ومن جنازنة إلى رتصلابة ستون ميلا ومن رتصلابة إلى رمسلي مائة ميل ومن رمسلي إلى زاقة اثنتا عشرة مرحلة ومن زاقة إلى تروبي مائة وثمانون ميلا ومن تروبي إلى غليسية مائتا ميل وتروبي وغليسية من بلاد الروسية. ومن أنهار بلونية نهر شنت ونهر تيسية وهما يخرجان من جبل حاجز بين بلاد بلونية وبلاد الروسية معرضا بين الشمال والجنوب فيخرج منه هذان

النهران فيمران غربا ويحتمعان على أيام فيصيران نهرا واحدا فيمر إلى أن يصب في نهر دنو من غربي مدينة قاون. وأما أرض الروسية فهي أرض كبيرة وبلاد قليلة وعمارات منقطعة وبين البلد والبلد مسافات متباعدة وأقطار منفردة ولهم مع جنسهم ومن قاربهم من بلادهم حروب ومهارشة دائمة ومن مدنها الواقعة في هذا الجزء رمسلي وزاقة وتروبية وغليسية. فأما مدينة رمسلي فهي على نهر دنست وفي شماله وهذا النهر يمر شرقا إلى أن يصل مدينة زاقة وبينهما اثنتا عشرة مرحلة ومن مدينة زاقة وهي على النهر المذكور إلى مدينة تروبي تسع مراحل ومن تروبي إلى غليسية مائتا ميل وسنذكر بلاد الروسية على استقصاء وتوال بعد هذا في الجزء التالي لهذا الجزء بحول الله وقوته. نجز الجزء الرابع من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله.

الجزء الخامس

الجزء الخامس إن الذي تضمن هذا الجزء الخامس من الإقليم السادس قطعة من البحر البنطسي بل أكثره وما على ساحليه معا من البلاد الممدنة والمعاقل المشهورة والمراسي الممكنة والجزائر العامرة والغامرة وتضمن أيضا قطعة من أرض برجان ومثلها من أرض الروسية وكثيرا من أرض القمانية وبلادها وطرف بلاد مقذونية ونحن نريد تبيان ذلك كله بإيضاح من القول وإيجاز معنى فنقول: إن هذا البحر البنطسي هو بحر خليجي كبير طوله من المغرب إلى المشرق ثلاثة عشر مجرى وأما عرضه فمختلف وأعرض موضع يكون فيه ستة مجار. وعلى ضفة هذا البحر الجنوبية مما يلي المغرب بلاد هرقلية ثم بلاد القلات وبلاد البنطيم وبلاد الخزرية وبلاد القمانية والروسية وأرض برجان. ومبدؤه من جنب القسطنطينة من الخليج الواصل إليها من البحر الشامي المتصل بالبحر المظلم وذلك أن فوهته عند مدينة القسطنطينة تكون سعته ستة أميال وطوله من القسطنطينة ألى أول اتصاله بالخليج البنطسي ستون ميلا

وعند أول خروجه من بحر بنطس عليه مدينة تسمى مسناة. ويخرج هنالك منه جون في جهة المشرق وينعطف انعطاف النون وعليه هناك مدينة نقموذية ومدينة خلجدونية ويتصل فم الخليج المذكور وطوله كما قلنا ستون ميلا إلى بحر بنطس. والطريق من مدينة القسطنطينة مساحلا إلى مدينة أطرابزندة الساحلية المجاورة لأرض أرمينية من القسطنطينة إلى مدينة مسناة التي على فوهة الخليج ومن هناك يسير مشرقا مع الضفة الجنوبية إلى جزيرة دفنيسية مائة ميل وهي جزيرة صغيرة غير عامرة وبينها وبين البر ميل واحد. ومن هذه الجزيرة إلى موقع نهر زغرة وهو نهر يأتي من بلاد القلات كبير يحمل المراكب الكبار وفوهته عند مصبه في البحر عريضة جدا. ومن مصب هذه النهر إلى مدينة هرقلية ستون ميلا فذلك من مدينة مسناة في البر إلى هرقلية ثمانية أيام والساحل كله أجوان وتروش وجبال حرش. ومن هرقلية إلى مصب نهر برتانو خمسة وثمانون ميلا ومنه إلى سامسطرو خمسة عشر ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة والبداوة عليها أغلب ولها سور حصين وهي مطلة على الساحل ويقابلها في جهة الجنوب مدينة برثوني التي على نهر برثانو ويسمى هذا النهر برثانو وبين المدينتين خمسون ميلا.

ومن مدينة سامسطرو إلى مدينة شيكثري مائة وخمسون ميلا وهي مدينة صغيرة على ضفة البحر الملح في سند جبل. ومنها إلى مدينة سنوبلي مائة ميل وهي على البحر مدينة صغيرة متحضرة ومنها في البر إلى مدينة تاموني جنوبا أربع مراحل وأيضا فمن مدينة سنوبلي إلى مصب نهر آلي مائة ميل وهو نهر كبير تدخله المراكب. ومنه إلى مدينة الأنيو مائة وخمسون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة وإليها تنسب الناحية وتعرف أرضها بأرض اللان وهم قبيل من الروم نسطورية وهذه المدينة بها مراكب وشواني غزوانية وإنشاء قائم. ومنها إلى مدينة فاتيسة أربعون ميلا وهي على ضفة البحر الملح ومنها إلى مدينة بونة على الساحل خمسون ميلا وهي مدينة متوسطة القدر جامعة الوفر كثيرة العامر ولها إقليم كبير وعمارات متصلة. ومنها مع الساحل إلى مدينة خرسندة خمسون ميلا وخرسندة مدينة حسنة كبيرة عامرة جامعة بها أسواق وتجارات وسفار. ومنها إلى مدينة أطرابزوني مائة ميل وثلاثون ميلا واسمها أيضا في الدفاتر أطرابزندة وهي على ضفة البحر الملح مدينة حسنة وكانت في أيام الخلائف وبعدها متجرا للروم والإسلام ومقصدا وأهلها تجار مياسير ومسافة ما بينها وبين القسطنطينة تسعة مجار ونصف مجرى.

وكذلك منها إلى موقع نهر دنو قطع البحر بتأريب تسعة مجار ومن أطرابزندة قطع البحر رؤسية خمسة مجار ومن أطرابزندة إلى تفليس من أرض أرمينية مسير ثمانية أيام. ومن شاء أيضا سار من مدينة أطرابزندة إلى القسطنطينة على البر فمن أراد ذلك سار من أطرابزندة إلى خرسندة يومين ومنها إلى كندية خمسة أيام وهي مدينة صغيرة ومنها إلى مدينة آنية ثلاثة أيام وهي مدينة صغيرة جدا ومنها إلى مدينة سنوبلي يومان ثم إلى سامسطرو الساحلية خمسة أيام ثم إلى أركلاوس وهي هرقلية ثلاث مراحل ثم إلى القسطنطينة ثمانية أيام. وكذلك أيضا الطريق من القسطنطينة إلى مدينة مطرخا من الضفة الشمالية تخرج أيضا من مدينة القسطنطينة إلى أيلوغيس خمسة وعشرين ميلا ومن أيلوغيس إلى مدينة أيميديا خمسة وعشرون ميلا ومن أيميديا إلى أغاثوبلس خمسة وعشرون ميلا ومن أغاثوبلس إلى مدينة باسليكو خمسة وعشرون ميلا ومن باسليكو إلى مدينة سزوبلي خمسة وعشرون ميلا ومن سزوبلي إلى أخيلو خمسة وعشرون ميلا وبينهما جون عرضه ثلاثة عشر ميلا وطوله في البر عشرون ميلا. ومن مدينة أخيلو إلى أيمن خمسة وعشرون ميلا ومن أيمن إلى مدينة برنس خمسون ميلا وبرنس بلد بينه وبين أرموقسترو خمسة وعشرون ميلا ومن

أرموقسترو إلى نهر دنو ثلاثة أميال ومن النهر إلى أقلية مجرى ومنها إلى مصب نهر دنست مجرى. ومن نهر دنست إلى قولة خمسون ميلا ثم إلى مولسة خمسون ميلا ومولسة على مصب نهر دنابرس ومن المصب إلى ألسكي ميل ثم إلى كرسونة مجرى إلا شيئا وذلك ثمانون ميلا. ومن كرسونة إلى جاليطة ثلاثون ميلا وهي من بلاد القمانين ومن جاليطة إلى مدينة غرزوبي اثنا عشر ميلا وهي مدينة عامرة على ضفة البحر ومنها إلى مدينة برتانيطي عشرة أميال وهي مدينة صغيرة متحضرة وبها إنشاء. ومنها إلى مدينة لباضة ثمانية أميال وهي مدينة حسنة ومنها إلى شالوسطة عشرة أميال وهي مدينة حسنة كبيرة على البحر ومنها إلى مدينة سلطاطية على البحر عشرون ميلا ومن مدينة سلطاطية إلى بوتر عشرون ميلا ومن بوتر إلى موقع نهر روسية عشرون ميلا. ومن موقع نهر روسية إلى مطرخا عشرون ميلا ومدينة مطرخا مدينة أزلية قديمة العهد لا يعرف بانيها ولها كروم ومزارع وملوكها أولو بأس شديد ومنعة وحزم وعزم يهابون لجرأتهم وتسلطهم على من جاورهم وهي مدينة كبيرة كثيرة البشر عامرة الأقطار وبها أسواق واجتماعات مواعد يأتونها من أقاصي البلاد المتجاورة والأقطار المصاقبة.

ونهر الروسية المذكور تقع فيه ستة أنهار كبار ينابيعها من جبل قوقايا وهو الجبل الكبير المار من بحر الظلمات على آخر المعمور من عرض الأرض ويتصل هذا الجبل إلى أن يأتي بلاد ياجوج وماجوج في أقصى المشرق ويجوزهم مارا في جهة الجنوب إلى أن يصل البحر المظلم الأسود المعروف بالزفتي وهو جبل كبير جدا لا يستطيع أحد يصعد إليه لشدة البرد وكثرة الثلج ودوامه بأعلاه وعلى هذه الأودية قوم يعرفون بالسبارينة ولهم ست مدن متحصنة بين مجاري هذه الأودية التي قلنا إنها تنحدر من جبل قوقايا ولا يقدر أحد على التغلب عليهم ومن عادتهم وسيرتهم أنهم لا يفارقون السلاح طرفة عين وهم من الحذر والحزم في غاية وسنذكر هذه البلاد على استقصاء صفاتها في موضعها من الإقليم السابع بحول الله وعونه. وفي هذا البحر الذي تضمنه هذا الجزء الخامس من الجزائر المعمورة جزيرة أنديسيرة وهي جزيرة عامرة كثيرة الأغنام والدواب وطولها من المغرب إلى المشرق وتقابل من الساحل مدينة شيوشة وبينهما في البحر نصف مجرى. ومن هذه الجزيرة في جهة الشرق إلى جزيرة سرنبة مجريان ويقابلها من البلاد الساحلية كرسونة وبينهما في البحر نصف مجرى ومن جزيرة سرنبة إلى مدينة مطرخا الساحلية مجرى وبعض مجرى وهي جزيرة كثيرة الخصب والكروم وفيها أرحال ومواش كثيرة.

ومن جزيرة سرنبة أيضا في جهة الجنوب جزيرة غردية وبينهما أربعون ميلا قطعا في البحر ومن جزيرة غردية إلى مدينة أطرابزندة الساحلية ثلاثة مجار وهذه الجزيرة جزيرة كبيرة عامرة. ومنها في جهة الشرق إلى جزيرة أزلة عشرون ميلا وهي جزيرة عامرة متوسطة بين أطرابزندة ومدينة مطرخا وعليها المجاز لمن قطع البحر مارا أو راجعا. ولنرجع الآن إلى ذكر مدن برجان فنقول إن من مدينة ركنوى البرية السابق ذكرها قبل هذا في الجزء الرابع إلى مدينة بسترنس يوم ومن مدينة بسترنس إلى مدينة روسوقسترو خمسة عشر ميلا ومنها إلى مدينة ميغالي ثرمة خمسة عشر ميلا وقد ذكرناهما ومن مدينة ميغالي ثرمة إلى مدينة أيتوقسترو نصف يوم ومنها إلى مدينة غولوي نصف يوم ومن غولوي إلى مدينة باسقة نصف يوم ومن مدينة باسقة إلى مدينة أقلي نصف يوم ومن مدينة أقلي إلى إستليفنوس يوم وهو بلد بينه وبين الكسيوبلي يوم شرقا وبين مدينة الكسيوبلي وأغاثوبلي شرقا يوم وكذلك من مدينة أغاثوبلي إلى مدينة ثرمسية يوم ومن ثرمسية إلى دسينة يوم شرقا وبين مدينة دسينة والبحر أربعون ميلا ودسينة

يقرب من شرقيها نهر دنو وهذه البلاد كلها تتقارب في أقدارها وعمارتها وتصرف أخبارها وقد ذكرنا أكثر هذه البلاد فيما صدر من القول. وأما بلاد الروسية ففي هذا الجزء من بلادها لوبشة وزاقة وسكلاهي وغليسية وسنوبلي وتروبي وأرمن وبراسانسة ولوجغة وساسكة وأوسية وكاو وبرزولة وبرزلاو وقنو والسكي ومولسة فأما مدينة تروبي فموضعها على نهر دنابرس وهي مدينة حسنة ومنها إلى مدينة سنوبلي ستة أيام وهي مدينة كبيرة عامرة على نهر دنابرس في جهة الغرب وكذلك من مدينة تروبي إلى مدينة كاو على نهر دنابرس نازلا مع النهر ستة أيام ومنها إلى مدينة برزولة في شمال الوادي خمسون ميلا ومنها إلى أوسية في البر يومان وهي مدينة صغيرة متحضرة ومن مدينة أوسية إلى مدينة براسانسة يومان وهي مدينة عامرة حسنة برية ومنها إلى مدينة لوجغة يومان في جهة الشمال ومن مدينة لوجغة إلى مدينة أرمن ثلاث مراحل خفاف في جهة الغرب وكذلك من مدينة أرمن في جهة الشرق إلى مدينة براسانسة أربع مراحل ومن براسانسة إلى مدينة مولسة على مصب نهر دنابرس خمس مراحل والسكي مدينة على

مصب نهر دنابرس من الجهة الشرقية ومن مدينة السكي إلى مدينة قنو ثلاث مراحل ومن مدينة برزولة المتقدم ذكرها نازلا مع النهر إلى مدينة برزلاو يوم ومن مدينة برزلاو نازلا مع النهر إلى قنو السابق ذكرها يوم ونصف ومن مدينة كاو إلى مدينة ناي من أرض قمانية ست مراحل وسنذكر ما في بلاد قمانية بعد هذا إن شاء الله عز وجل. نجز الجزء الخامس من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منة إن شاء الله.

الجزء السادس

الجزء السّادس إن الذي تضمنه هذا الجزء السادس من البحر البنطسي فهو طرف البحر بما عليه من البلاد وتضمن أيضا قطعة من أرض القمانية وبلاد الروسية الخارجة وبعض بلاد البلغارية وبعض بلاد بسجرت وبلاد اللان وأرض الخزر وبلادها وأنهارها ونحن نصرف ذكرها ونأتي بأوصافها حسب ما قدمناه ونحوا مما وصفناه ومن الله نستمد المعونة فنقول: إن البحر البنطسي عليه من هذه البلاد بلد أطرابزندة المتقدم ذكرها إذ هي قاعدة من قواعد الروم المعروفة بالقدم المتداولة لأملاك الأمم ومنها على ضفة البحر في جهة الشرق إلى موقع نهر روشيو خمسة وسبعون ميلا وهذا النهر نهر كبير يخرج من ظهر جبل القبق فيمر شمالا فيشق أرض اللانية ولا مدينة مشهورة عليه بل بضفتيه قرى عامرة ومزارع متكاثرة ثم يمر هذا النهر في جهة المغرب إلى أن يصب في هذا الموضع وتسافر فيه مراكب صغار يتصرف بها في نقل ما خف من الأمتعة والأطعمة المحتملة من مكان إلى مكان.

ومن موقع هذا النهر إلى مدينة اشكشية مائة وخمسون ميلا وهي مدينة حسنة من بلاد اللانية وثغر من ثغورها. ومن مدينة اشكشية إلى مدينة اشكالة من أرض اللانية عشرون ميلا وبين مدينة اشكالة والبحر نحو ستة أميال وهي صغيرة متحضرة شاملة لأهلها قائمة بمعايشها. ومنها مع الساحل إلى مدينة استبرية عشرون ميلا وهي على نحر البحر مدينة متحضرة عامرة أسوقها فسيحة طرقاتها متقنة بناتها وأكثر أهلها تجار وأموالهم واسعة. ومن مدينة استبرية إلى مدينة اللانية أربعة وعشرون ميلا وبهذه المدينة سميت أممها اللانيين وهي مدينة قديمة البناء لا يعرف بانيها. ومن مدينة اللانية إلى مدينة خزرية التي ينسب إليها الخزر خمستة وأربعون ميلا وهي مدينة كبيرة عامرة فسيحة كثيرة المياه وهي على نهر. ومن مدينة الخزرية إلى مدينة كيرة خمسة وعشرون ميلا ومنها إلى قمانية التي ينسب إليها القمانيون وتسمى هذه المدينة قمانية السود خمسة وعشرون ميلا وبين القمانية وكيرة جبل كبير صعب المجاز طويل السمت وسميت هذه المدينة بقمانية السود لأن بها نهرا يتصل بأرضها ثم يغوص تحت بعض شعاب هذا الجبل ثم يخرج في البحر وماؤه أسود كالدخان وهذا مشهور غير منكور.

ومن مدينة القمانية السود إلى مدينة مطلوقة وتسمى قمانية البيض خمسون ميلا وقمانية البيض مدينة كبيرة عامرة. ومنها إلى مدينة ماتريقا وتروى مطرخا مجرى مائة ميل ومدينة مطرخا مدينة كبيرة عامرة كثيرة الأقاليم واسعة الأرض ممدنة القرى متصلة الزراعات وهي على نهر كبير يسمى سقيو وهو شعبة يصل إليها من نهر اثل المار معظمه إلى مدينة اثل التي على بحر طبرستان. ومن مدينة مطرخا إلى مدينة روشية سبعة وعشرون ميلا وبين أهل مطرخا وأهل روشية حرب لاقحة أبدا ومدينة الروشية على نهر كبير يصل إليها من جبل قوقايا ومن مدينة الروشية إلى مدينة بوتر عشرون ميلا وقد ذكرنا الروشية وبوتر قبل هذا فيما سبق ونقول أيضا: إن من بلاد قمانية المنسوبة إلى القمانيين مدينة فيرة ومدينة ناروس ومدينة نوشى ومدينة قينيو فأما مدينة نوشى فهي في شمال قمانية البيض بينهما خمسون ميلا وهي مدينة متحضرة متوسطة القدر ولها زروع وغلات وهي على نهر يسقي أكثر مزارعها. ومن مدينة نوشى إلى مدينة قينيو بين شمال وشرق مائة ميل وهي أربع مراحل ومدينة قينيو مدينة كبيرة في حضيض جبل عال وهي كبيرة القطر كثيرة العمارة.

وكذلك من مدينة نوشى أيضا إلى مدينة ناروس مائة ميل بين شمال وغرب وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وبيع وشراء. ومن مدينة ناروس في جهة الشرق إلى مدينة صلاو مائة ميل وخمسة وثلاثون ميلا ومن مدينة ناروس إلى مدينة فيرة غربا خمسون ميلا ومن فيرة إلى مدينة نابى غربا خمسة وعشرون ميلا. ومن مدينة صلاو إلى مدينة كويابة من أرض بلغار ثماني مراحل وكويابة مدينة الترك المسمين روسا. والروس ثلاثة أصناف أحدها قبيل منهم يسمى براوس وملكهم يسكن مدينة كويابة وقبيل آخر منهم يسمى الصلاوية ويسكن ملكهم مدينة صلاوة وهي مدينة في رأس جبل وقبيل ثالث يسمى الأرثانية وملكهم منهم مقيم بمدينة أرثا. ومدينة أرثا مدينة حسنة على جبل حصين وموضعها بين صلاوة وكويابة ومن كويابة إلى أرثا أربع مراحل ومن أرثا إلى صلاوة أربعة أيام ويبلغ تجار المسلمين من أرمينية إلى كويابة. وأما أرثا يكحي الشيخ الحوقلي أنه لا يدخلها أحد من الغرباء لأنهم يقتلون كل غريب يصل إليهم البتة ولا يتجرأ أحد أن يدخل أرضهم وتخرج

من عندهم جلود الأنمار السود والثعالب السود والرصاص ويخرجها من عندهم تجار كويابة. والروس يحرقون مواتهم ولا يتدافنون وبعض الروس يحلقون لحاهم وبعضهم يفتلها مثل أعراف الدواب ويضفرها ولباسهم القراطق الصغار ولباس الخزر والبلغارية والبجناك القراطق التامة من الحرير والقطن والكتان والصوف. وبلغار أمم وبشر كثير وتتصل عمارتهم إلى قرب من عمارة الروم. ولسان الروس غير لسان الخزر وبرطاس. والبلغار اسم المدينة وفيهم نصارى ومسلمون وبها مسجد جامع للمسلمين وبقربها مدينة سوار وأبنيتها خشب يأوي إليها أهلها في الشتاء وفي الصيف يأوون إلى الخركاهات. والنهار عند الروس والبلغارية يبلغ قصره في الشتاء أن يكون ثلاث ساعات ونصفا قال الحوقلي وقد شاهدت ذلك عندهم في الشتاء وكان النهار بمقدار ما صليت الأربع صلوات كل صلاة في عقب الأخرى مع ركعات قلائل بين الأذان والإقامة. والخزر بلاد كثيرة بين البحرين معا والخزر مسلمون ونصارى وفيهم عباد الأوثان ولهم بلاد ومدن منها سمندر وهي خارج الباب والأبواب وبلنجر والبيضاء وخمليج وكل هذه البلاد بناها أنوشروان كسرى وهي إلى الآن عامرة قائمة الذات.

فمن باب الأبواب إلى سمندر أربعة أيام وبين الباب والأبواب ومملكة السرير ثمانية أيام ومن اثل إلى سمندر ثمانية أيام. ومن اثل إلى أول حد من برطاس عشرون يوما وبرطاس أرض من أولها إلى آخرها نحو خمسة عشر يوما. ومن برطاس إلى بجناك عشرة أيام ومن اثل إلى بجناك مسيرة شهر. ومن اثل إلى بلغار على طريق المفازة نحو شهر وفي الماء شهرين وهي صعود والحدور في النهر نحو عشرين يوما. ومن بلغار إلى أول حدود الروس عشر مراحل ومن بلغار إلى كويابة نحو من عشرين مرحلة ومن بجناك إلى بسجرت الداخلة عشرة أيام ومن بسجرت الداخلة إلى بلغار خمسة وعشرون يوما. والخزر اسم للإقليم وقصبته اثل واثل اسم النهر الذي يجري إليها من الروس وبلغار ويغيض في بحر الخزر ومنبع هذا النهر من جهة المشرق من ناحية البلاد الخراب فيمر على الأرض المنتنة مغربا حتى يجوز على ظهر بلغار ويعود راجعا إلى ما يلي المشرق حتى يجوز على الروس ثم على بلغار ثم على برطاس حتى يقع في أرض الخزر فيصب في البحر ويقال إنه يتشعب

منه نيف وسبعون نهرا ويبقى عمود النهر يجري إلى الخزر. وأيضا إن برطاس أمم متاخمون للخزر وليس بينهم وبين الخزر أمة أخرى وهم أصحاب بيوت خشب وخركاهات لبود أيضا ولهم مدينتا برطاس وسوار ولبرطاس لسان يتكلمون به غير لسان الخزر وكذلك لسان الروسية. والروسية صنفان فصنف منهم وهم هولاء الذين تكلمنا عليهم في هذا الموضع وصنف منهم آخر يجاورون بلاد أنكرية ومقذونية وهم الآن في حين تأليفنا لهذا الكتاب قد تغلبوا على برطاس وبلغار والخزر وقد استخرجوا البلاد من أيديهم ولم يبق لغيرهم من الأمم إلا الاسم في الأرض فقط. وفي أرض الخزر جبل باترة وهو جبل معترض من الشمال إلى الجنوب وفيه معادن فضة ومعادن رصاص جيد ويستخرج منه الكثير فيتجهز به إلى جميع الجهات والنواحي. وأيضا فإننا نقول إن في بحر بنطس الواقع رسمه في هذا الجزء جزيرتين إحداهما انبلة والثانية نونشكة وهما عامرتان ويقابل جزيرة انبلة من مدن الساحل مطرخا وبينهما مجريان وبين جزيرة انبلة وجزيرة نونشكة ويقابل جزيرة نونشكة من بلاد الساحل قمانية البيض وبينهما مقدار ثلث مجرى في البحر. وبجزيرة نونشكة يصاد الحوت المسمى شهريا وهو نوع من السقنقور يصاد عند هيجان البحر في مرسى بغربي الجزيرة يفعل مثل ما يفعله السقنقور

في الباه بل هو أفضل منه وذلك أن الصائد إذا أرسى شبكته في البحر وتعلق بها هذا السمك المعروف أنعظ إنعاظا شديدا خارجا من العادة فيعلم به الصائد من قبل أن يراه وهو قليل الوجود ومقدار هذا الحوت يكون جرمه من ذراع إلى شبر خاصة ولا زائد عليه يملح بعد التشريح بالملح والزنجيل ويلف في أوراق الأترج ويهدى إلى الملوك الساكنين بتلك الأرضين فيجيزون عليه ومقدار ما يمسك منه الآخذ تحت لسانه وزن قيراط لا غير وهذا صحيح معلوم حكاه جملة من المخبرين الذين سلكوا هذا البحر وعلموا عوائده وعجائبه. وجملة البحر المسمى بنطس يتصل من جنوبه ببلاد لازقة إلى أن يتصل بقسطنطينة وطوله ألف ميل وثلاث مائة ميل وعرضه ثلاث مائة ميل وأعرض موضع فيه يكون أربع مائة ميل وبشماله يصب نهر دنابرس ويأتي من ظهر بحيرة طرمى وهي بحيرة كبيرة طولها من المشرق إلى المغرب ثلاث مائة ميل وعرضها مائة ميل وسنذكرها ونرسمها على ما هي عليه في موضعها بحول الله وقوته أعني من الإقليم السابع. نجز الجزء السادس من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله.

الجزء السابع

الجزء السّابع إن الذي تضمنه هذا الجزء السابع من الإقليم السادس قطعة من البحر الخزري ومتصل بلاد بسجرت الداخلة وبسجرت الخارجة مع ما يليها في جهة الشمال من بلاد اسقوتية ونريد أن نذكرها على هيئتها ومواضع سموتها حسب ما سبق لنا من القول في سائر الأقاليم والله المعين فنقول إن أكثر هذه الأرضين التي سميناها صحار متصلة وقفار غير عامرة وبلادها قلائل متباعدة ومنافعها قليلة والسلوك فيها صعب لاختلاف أممها وتعذر طرقها. فأما بلاد بسجرت الداخلة فقد قدمنا ذكرها ورسمنا حدودها في الإقليم الخامس وأما بلاد بسجرب الخارجة فمنها قاروقيا ونمجان وغرخان وهذه البلاد عامرة بأهلها مكتفية بذاتها وفيها من التجارات والصناعات حسب ما يكفيهم وبعضهم يداخل أرض بعض ويقتضون حوائجهم من البلاد المتجاورة وهي بلاد خصيبة كثيرة العشب والسوائم. وبسجرت قبيلتان يسكنان في آخر بلاد الغز على ظهر بلغار ومبلغهم في

العدد نحو ألفي رجل يمتنعون في مشاجر لا يقدر أحد ممن جاورهم عليهم وهم في طاعة بلغار ولهم حزم وشدة وأهل بسجرت آخرهم متاخم لبجناك وبسجرت وبجناك أتراك يتاخمون الروم وبينهم مهادنة في أكثر الأوقات وربما أغار بعضهم على بعض فتجري بينهم حروب ومن بلغار إلى أول حد الروس عشر مراحل. ويتصل بأرض بسجرت البلاد المنتنة وسنذكرها باستقصاء بعد هذا في الجزء الثامن بحول الله وقوته وكذلك أيضا يجاور أرض بسجرت الخارجة من جهة المشرق بعض البلاد المنتنة. ومن بسجرت الخارجة أيضا إلى مدينة نمجان في جهة المشرق ثماني مراحل ومدينة نمجان مدينة صغيرة متحضرة يملكها رجل من الأتراك والولاية في ولده وولد ولده لا يتحول عنهم لحسن سيرهم ورفقهم بعامتهم وهذه المدينة على ضفة نهر يسمى سوقان وبالمشرق من هذه المدينة جبل ارجيقا فيه معادن نحاس يخدمها أزيد من ألف رجل ويستخرج منه الكثير ويتجهز به إلى أرض خوارزم وإلى سائر بلاد الشاش وإلى ما جاورهم من بلاد الأغزاز ومن هذه المدينة أيضا تخرج جلود الثعالب وجلود الحيوان المسمى الببر في النهر إلى بحر الخزر فيبيعونها في بحر الخزر والديلم بالأثمان العالية ويصنع بهذه المدينة من الفخار والبرام ما تحسن صفته ويطول مكثه ويوجد بسواحل هذا النهر أصناف

من الحجارة الملونة الثمينة ويوجد به أيضا كثير من الحجر اللازورد وفي هذا النهر من ضروب السمك وأنواع الحيتان ما يجل عن الوصف ويتجاوز حد الذكر حتى أن أهل مدينة نمجان يصيدونه بأيسر حيلة وأخف مؤونة فيأخذون منه الشيء الكثير فيتأدمون به وينعشون منه ويملحون أكثره ويجلبونه في مراكهم إلى أن يأتوا البحر الخزري فيقطعوا فيه مساحلة إلى مدينة اثل وغيرها فيبيعونه هناك ويتصرفون به. ومن مدينة نمجان إلى مدينة غرخان ثماني مراحل وهي مدينة من أرض اسقوتيا الترك وهي كبيرة عامرة بأهلها على شمال نهر اثل الواصل إلى بحر طبرستان وهي مدينة لها رساتيق وعمارات متصلة وربما وصل إليها التجار والمسافرون في النهر المذكور وبها يسكن ملك اسقوتيا الترك وهو ملك له رجال وعدد وأسلحة وحصون كثيرة والعمارات عنه متباعدة وفي هذا البلد من الصناعات والمصنوعات ما يشف على الاحتياج ويصنع بها من السروج والأسلحة ما لا يصنع ببلدة من بلاد الأتراك مثلها جودة واتقانا. ومن مدينة غرخان إلى مدينة قاروقيا في النهر انحدارا ثمانية أيام وفي البرية ست عشرة مرحلة غربا وقاروقيا مدينة حسنة مبانيها من خشب وخركاهات لبود وأهل بلغار يغزونهم في كل حين وبينهم ست عشرة مرحلة وحروبهم أبدا مع الدهر قائمة. ومن مدينة قاروقيا في جهة الشمال إلى بسجرت الخارجة عشر مراحل

بين جبال وعرة وطرق صعبة السلوك ضيقة المسالك وبين قاروقيا وبسجرت الداخلة اثنتا عشرة مرحلة بين جبال وعرة ومسالك صعبة وبلاد بسجرت بلاد كثيرة متباعد بعضها من بعض وبين وسط بسجرت الداخلة ووسط بسجرت الخارجة إحدى عشرة مرحلة وزي أهل بسجرت وزي الترك البلغارية واحد ولباسهم القراطق الكبار وفيما ذكرناه من ذلك كفاية. نجز الجزء السابع من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الثامن إن شاء الله.

الجزء الثامن

الجزء الثامن تضمن هذا الجزء الثامن من الإقليم السادس الأرض المنتنة وأرض سمريقي وهي أرض الترك الخرلخ وأرض سيسيان والبلاد الخراب التي أتت على فسادها ياجوج وماجوج وهي بلاد وحشة متباعدة الأقطار بعيدة الأسفار قليلا ما يدخل إليها التجار والمتجولون وإنما يتصرف فيها أهلها لوحشة أرضها وكثرة رباها وتوالي الأمطار فيها فأما أرض سمريقي فبلادها مرصان وغوران ودادمي وسقراه وخيماخيث ونجرغ وارصاه وخرمان ودنبهة ولخمان وأرض سيسيان بلاد أكثرها صحار وليس بها من البلاد كثير ومن مشهور بلادها سقماقية وطغورا وتتصل بها البلاد الخراب وليس منها الآن شيء معمور إلا مدينة رقوان ويجب علينا أن نصف طرقات هذه البلاد ومتصرفاتها وبعض أحوالها وصفاتها بحول الله فنقول:

إن أرض سمريقي بلاد تكنفتها من جنوبها جبال متراقية وشواهق شامخة يصعب الصعود إليها ولا تسلك إلا على طرق قليلة وهي وحشة صعبة وكذلك يحيط بها من جهة الشرق أيضا جبال وأما غوران ومرصان وسقراه ودادمي فإن هذه الأربع بلاد يحيط بها جبل مستدير عليها مثل استدارة النون ولا يدخل إليها إلا على فم ضيق يمنعه القليل من الرجال وعلى هذا الفم عقد من الجبل إلى الجبل جسور من الصخر متصلة والمرتبة على أعلى هذه الجسور ويشق على هذا الفم الذي يدخل منه إلى البلد نهر كبير يأتي من داخل الجبل ويخرج على فم هذا المضيق ويتصل جريه إلى بركة عظيمة خارج الجبل وعلى هذه البركة قوم ظواعن يربعون عليها وينتقلون عنها حسبما يفعله الظواعن في كل أرض من الترك ويخرج من هذه البركة نهر يأخذ في جهة الجنوب فيصب في نهر درندة. ومدينة غوران مدينة صغيرة وبها يسكن ملك هذا الصنف من الأتراك المسماة الخرلخ وله جنود وقواد وعمال وذلك أن لهذا الملك حزما واجتهادا وجلادة واحتراسا ممن جاوره وأنس إليه وبلاده مثقفة محصنة ومن مدينة غوران إلى مدينة دندرة أربع مراحل على جبال شاهقة وطرق صعبة. ومن مدينة غوران إلى مدينة مرصان ثلاث مراحل في جهة الشرق ومدينة مرصان على أعلى جبل صعب الارتقاء وهي مدينة حصينة حسنة لها أسواق وصناعات وبها عيون مياه جارية في أعلى الجبل.

ومن مدينة مرصان إلى مدينة سقراه أربع مراحل شرقا وهي مدينة في سفح الجبل المحيط بهذه المدن المذكورة وقطرها كبير وماؤها غزير وبها أسواق على قدرها وصناعات وفعال. وكذلك من مدينة مرصان أيضا إلى مدينة دادمي أربع مراحل وكذلك من مدينة دادمي إلى مدينة سقراه أربع مراحل ومدينة دادمي في سند الجبل المذكور وهي متحضرة صغيرة القدر كثيرة العامر ويزرع بها كتان كثير يعم أكثر تلك البلاد وهي على منبع نهر دائم الجري ولهم أرحاء وغلات وبساتين وجنات ومن مدينة دادمي إلى مدينة غوران انحدارا في النهر ثلاث مراحل وفي البر ست مراحل. وبين مدينة دادمي ومدينة شهذروج في جهة الشمال خمسة أيام والطريق على الجبال وعرة وطرق متعذرة فمن أراد ذلك خرج من مدينة دادمي فيقطع الجبل صعودا ونزولا مرحلة ومنها إلى جانب نهر شوران مرحلة ومن النهر إلى منزل الصحراء ومنه إلى بركة شهذروج ومدينة شهذروج في وسط جزبرة شهذروج وهي جزيرة كبيرة يحيط بها نقعة ماء أكثرها أقاصير وهي مدينة جليلة عامرة وبها أسواق وصناعات قائمة وغلات دائمة ومتصرفات جمة ومدينة شهذروج أيضا منيعة وهي على شفير الأرض المنتنة من جهة شرقها ونهرها أيضا منبعه من جبل اسقاسقا وهو جبل معترض

من الشمال إلى ناحية الجنوب مشرقا قليلا. ويخرج من هذا الجبل خمسة أنهار أحدها نهر شهذروج ونهر آخر أسفل هذا النهر وعلى بعد يومين منه يخرج نهر كبير ويتفرع بعد خروجه وجريه يوما فرعين فيصبان في نهر شوران في جهة الجنوب وهذه الأنهار في شرقي الأرض المنتنة وأما الأنهار الثلاثة الباقية فإنها ينابيع نهر اثل تخرج من هذا الجبل المسمى اسقاسقا فيمر الكل منها في جهة الغرب وبعد جريها أياما يجتمع جميعها ويصير جسدا واحدا ثم يمر إلى أن يصل أرض بلغار فيعود راجعا إلى ما يلي المشرق حتى يجوز على قرب أرض الروسية وينقسم هناك فيمر القسم الواحد منه إلى مدينة مطرخا فيصب في البحر بينها وبين مدينة الروسية وأما القسم الثاني منه فإنه ينزل من أرض بلغار ويلتوي في جهة الجنوب والشرق حتى يصل أرض الخزر فيصب في اثل في بحر الخزر. وأما الأرض المنتنة فهي أرض ممتدة حرشاء الأطناب سوداء طولها عشرة أيام جرداء من النبات لا يوجد في شيء من ترابها ولا في جبالها نبات البتة وهي بالجملة وحشة الأكناف بعيدة الأطراف ماؤها غائر ودليلها حائر وسالكها كرب وروائحها منتنة كريهة وليس بها مأوى لعامر ولا مسلك لقاصد يأنس إليه الخاطر وفي آخر هذه الأرض مما يلي شمالها مدينة سقماقية وهي مدينة كبيرة عامرة لا ملك لها ولا رئيس بها وإنما يتولى أحكامها

ويتصرف في أمورها شيوخها ورؤوسها وهي مدينة في رأس جبل منيع ومعقل رفيع ولأهلها مزارع ومرافق في حضيض جبلها ويسمى جبلها طغورا وعلى ست مراحل من مدينة سقماقية مدينة طغورا وبهذه المدينة سمي الجبل جبل طغورا وهي مدينة متوسطة المقدار بها عمارة وافرة وأحوال نامية وهتان المدينتان هما في شرقي الأرض المنتنة وفي غربي أرض سيسيان. ومدائن أرض سيسيان كلها خراب من قبل أيام الإسكندر وبنيانه السد وما عمر من بلادها شيء إلا مدينة رقوان كما قد ذكرناه ومدينة رقوان متوسطة البلاد الخربة من أرض سيسيان وطول هذه الأرض إلى متصل الخراب بها سبعة وعشرون يوما وسنذكر الأرض المنتنة والأرض الخراب بعد هذا إن شاء الله عز وجل. ثم نرجع إلى ذكر ما بقي من أرض سمريقي فنقول إن صفة الطريق من مدينة دادمي المتقدم ذكرها إلى مدينة لخمان في أقصى الشرق من دادمي إلى العقبة صعودا ونزولا عنها مرحلة ومن أسفل الجبل يمر من شاء في النهر صاعدا إلى مدينة خيماخيث خمسة أيام وكذلك في البر. وخيماخيث مدينتان على نهر شوران والمدينة الجنوبية منها مدينة كثيرة الزراعات والأشجار وعندهم خشب كثير يجلب إليها من جبال نجرغ ومن

هذه المدينة يخرج إلى كثير من البلاد وهي مدينة عامرة وبها صناعات كثيرة وتدبغ بها جلود النمور والشنزاب وأما المدينة الشمالية من خيماخيث فهي بين وادي شوران ويصب بأسفلها نهر حيثان وهي مدينة كبيرة جدا ولها أرحاء ودواليب ومصايد للحوت ونهر حيثان منبعه من جبل طغورا. ومن مدينة خيماخيث مع النهر في جهة الشرق وتأريب مع الجنوب إلى مدينة ارصاه أربع مراحل وهي مدينة عامرة كثيرة الديار فسيحة الأقطار كثيرة المياه غزيرة الأنهار ولها كروم ومزارع وهي على ضفة نهر يخرج من جبل رشنان وهو جبل عظيم والثلج لا يفارق أعلاه أبد الدهر في شتاء وصيف ويخرج منه نهران هما ينبوعا نهر شوران المتقدم ذكره قبل هذا. وعلى حضيض هذا الجبل من جهة الجنوب مدينة نجرغ وهي مدينة كبيرة عامرة فيها بشر كثير وهي من بلاد سمريقي وفيها أجناد ورجال وأولو نجدة وحدة وبين نجرغ ومدينة ارصاه مرحلتان ونصف وبينهما عرض الجبل ومدينة ارصاه في شماله على منبع النهر ونجرغ على جنوب هذا الجبل. ومن شاء سار من مدينة ارصاه مع شرق وجنوب إلى مدينة خرمان وهي على نهر ينسب إليها وهو نهر عظيم يخرج من جبل مرغار وهو الجبل العظيم

الذي طوله أزيد من ثماني مائة ميل وقد رسمناه قبل هذا وخلف هذا الجبل من جهة الجنوب قبيل من الترك الغزية يسمون خنغاكث ظواعن وربما طرقوا بلاد سمريقي في أيام قلائل وأرهجوها وانصرفوا إلى بلادهم وجبل مرغار حاجز بين أرض خنغاكث وأرض سمريقي وهذا النهر الذي عليه مدينة خرمان نهر كبير يخرج من جبل مرغار ويجري في جهة الشمال إلى بحيرة عظيمة مستقرها بين جبال غامرة وبلاد قفرة وهذا النهر قعره كله أحجار كبار ملس لا يقدر أحد على جوازه راكبا وإنما يجاز في أعمق مواضعه في المراكب وماؤه صادق البرد أبدا ويقال إنه متى عجن بمائه العجين أغناه عن الخمير. ومن أراد السفر من مدينة ارصاه إلى مدينة دنبهة سار سبعة أيام في عين الشرق في سهول وأوطية وربائع وخصب زائد ومدينة دنبهة مدينة حسنة على ضفة نهر لخمان وفي غربيه ولخمان مدينة يخرج هذا النهر من أسفل جبلها فينسب إليها هذا النهر ومدينة دنبهة مدينة عامرة كثيرة الساكن بها أسواق وأهلها دهاقن ولهم أغنام وسوائم كثيرة وهذا النهر يصل إلى البركة التي يصب فيها نهر خرمان التقدم ذكره قبل هذا وهذا النهر كثير الماء ساكن الجري والمراكب تسافر فيه من دنبهة إلى البركة ثم إلى مدينة خرمان صعودا في النهر. ومن مدن سمريقي الخرلخ مدينة لخمان وهي مدينة كبيرة على جبل

شونيا وهذا الجبل حاجز بين بلاد سمريقي وبلاد سيسيان التي بها البلاد الخراب التي كان تولى إخرابها ياجوج وماجوج أيام كان السد مفتوحا فلما كان أيام الإسكندر ردع ياجوج وماجوج من تلك البلاد وبنى الردم وبقيت خرابا وأخبر خورين برخان مند التركي في حين تأليفنا لهذا الكتاب أن تلك البلاد كلها في هذا الوقت عامرة وأن أرض سيسيان كلها عامرة. فأما مدينة لخمان فهي مدينة حسنة جليلة عامرة وفيها صنائع ومعايش وبين أهلها وبين الأغزاز حرب لاقحة وقد يتهادون في بعض الأوقات ويصلحون ذات بينهم ويصطلحون وقد لا يتفقون على صلح البتة وهم أهل شدة واعتزاز على من جاورهم ويحيط بأرض سمريقي في جهة الشرق أرض التركش المجاورة للسد وسنذكرها بعد هذا بعون الله. نجز الجزء الثامن من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزه التاسع منه إن شاء الله.

الجزء التاسع

الجزء التاسع إن الذي تضمنه هذا الجزء التاسع من الإقليم السادس قطعة من أرض خفشاخ وأرض التركش وسد ياجوج وماجوج فأما بلاد التركش فهي بلاد تتاخم الردم وهي بلاد باردة كثيرة الثلوج والأمطار وكذلك أرض خفشاخ مثلها. وأما ردم ياجوج وماجوج فشيء قد نطقت الكتب به وتوالى الأخبار عنه ومن ذلك ما حكاه سّلام الترجمان أخبر عنه بذلك عبيد الله بن خرداذبه في كتابه وكذلك أخبر به أيضا أبو نصر الجيهاني فقالا إن الواثق بالله لما رأى في المنام كان السد الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين ياجوج وماجوج مفتوحا أحضر سلاما الترجمان وقال له اذهب وانظر إلى هذا السد وجئني بخبره وحاله وما هو عليه ثم أمر له بأصحاب يسيرون معه عددهم خمسون رجلا ووصله عند ذلك بخمسة ألاف دينار وأعطاه ديته عشرة ألاف درهم وأمر أيضا أن يعطى [[ل]] كل واحد من أصحابه خمسين ألف درهم ورزق سنة وأمر لهم بمائة بغل تحمل الماء والزاد. قال سلام الترجمان فشخصنا من سر من رأى بكتاب الواثق إلى إسحاق بن

إسماعيل صاحب أرمينية بالنظر في تنفيذنا من هناك فوجدناه بتفليس فلما اجتمعنا به كتب لنا كتابا إلى ملك السرير وأنفذنا إليه فلما وردنا عليه أشخصنا إلى ملك اللان وأصحبنا إليه مكاتبة فلما وصلنا إليه أشخصنا أيضا إلى صاحب فيلان شاه فلما وردنا عليه أقمنا عنده أياما فاختار لنا خمسة أدلاء يدلون على الطريق التي نحن صائرون إليها. فسرنا من عنده سبعة وعشرين يوما في تخوم بلاد بسجرت إلى أن وصلنا إلى أرض سوداء طويلة ممتدة كريهة الرائحة فشققناها في عشرة أيام وكنا قد تزودنا لقطعها بأشياء نشتمها خوفا من أذى روائحها الكريهة ثم انفصلنا عنها فسرنا مدة شهر في بلاد خراب قد درست أبنيتها ولم يبق منها إلا رسوم يستدل بها عليها فسألنا من معنا عن تلك المدن فأخبرونا أنها المدن التي كان ياجوج وماجوج يغزونها ويخربونها ثم سرنا إلى حصون بالغرب من الجبل الذي في شعبه السد وذلك في ستة أيام وفي تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية والفارسية وهناك مدينة يدعى ملكها خاقان أذكش وأهلها مسلمون لهم مساجد ومكاتب فسألونا من أين أقبلنا فأخبرناهم أننا رسل أمير المؤمنين الواثق فعجبوا منا ومن قولنا أمير المؤمنين ثم سألونا عن أمير المؤمنين أشيخ هو أم شاب فقلنا شاب فعجبوا أيضا ثم قالوا وأين يكون فقلنا هو بالعراق في مدينة تسمى سر من رأى فعجبوا من ذلك وقالوا ما سمعنا بهذا قط فسألناهم نحن عن إسلامهم من أين وصلهم والقرآن من علمه لهم فقالوا إنه

وصل إلينا منذ أعوام كثيرة رجل راكب على دابة طويلة العنق طويلة اليدين والرجلين لها في موضع صلبها حدبة فعلمنا أنهم يصفون الجمل قالوا فنزل بنا وكلمنا بكلام فهمناه ثم علمنا شرائع الإسلام وتوابعها فقبلناها وعلمنا أيضا القرآن ومعانيه فتعلمناه وحفظناه عنه. قال سلام ثم خرجنا بعد هذا إلى السد لنبصره فسرنا عن المدينة نحوا من فرسخين فوصلنا السد فإذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا وله في وسط هذا القباء باب حديد طوله خمسون ذراعا قد اكتنفه عضادتان عرض كل عضادة منهما خمسة وعشرون ذراعا فالظاهر من تحتهما عشرة أذرع خارج الباب وكله مبنى بلبن الحديد مغيب في النحاس وارتفاع العضادتين خمسون ذراعا وعلى أعلى العضادتين دروند حديد طوله مائة وعشرون ذراعا والدروند العتبة العليا وقد ركب منها على كل واحدة من العضادتين مقدار عشرة أذرع ومن فوق الدروند بنيان متصل بلبن الحديد المغيب في النحاس إلى رأس الجبل وارتفاعه مدى البصر وفوق ذلك شرف حديد في طرف كل شرفة قرنان مثنيا الأطراف بعضهما إلى بعض. وللباب مصراعان معلقان عرض كل مصراع خمسون ذراعا في ثخن خمسة أذرع وقائمتاهما في دوارة على قدر الدروند وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ ذراع في الاستدارة وارتفاع القفل من الأرض خمسة وعشرون ذراعا وفوق القفل بخمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل وعلى الغلق مفتاح طوله ذراع ونصف ذراع وله اثنتا عشرة دندانجة كل دندانجة

منها كأغلظ ما يكون من دساتج الهواوين معلق كل واحد منها أيضا في سلسلة طولها ثمانية أذرع في استدارة أربعة أشبار والحلقة التي فيها السلسلة على قدر حلقة المنجنيق وعتبة الباب السفلى عشرة أذرع بسط مائة ذراع سوى ما تحت العضادتين والظاهر منها خمسة أذرع وكلها مكتالة بالذراع السوداوي. ورئيس تلك الحصون يركب في كل جمعة في عشرة فوارس مع كل فارس إرزبة حديد في كل إرزبة خمسة أمناء فيضرب القفل بتلك الإرزبات في كل يوم ثلاث مرات ليسمع من خلف الباب فيعلمون أن هناك حفظة ويعلم هؤلاء أن ياجوج وماجوج لم يحدثوا في الباب حدثا وإذا ضرب أصحاب الإرزبات القفل وضعوا آذانهم مستمعين لما وراء الباب فيسمعون لمن داخل الباب دويا يدل على أن خلفه بشرا. وبالقرب من هذا الموضع حصن كبير يكون عشرة فراسخ في عشرة وتكسيره ثلاث مائة ميل ومع هذا الباب حصنان يكون كل واحد منهما مائتي ذراع في مائتي ذراع وبين هذين الحصنين عين ماء عذبة وفي أحد الحصنين آلة البناء التي بني بها السد من القدور الحديد ومغارف الحديد وهذه القدور فوق ديكدانات على كل ديكدان أربع قدور مثل قدور الصابون وهناك أيضا بقايا من اللبن الحديد التي بني بها السد وقد التصق بعضها ببعض من الصدا وطول اللبنة ذراع ونيف في ذراع ونيف في ارتفاع شبر.

قال سلام الترجمان وقد سألنا من خاطبناه من أهل ذلك المكان هل رأوا أحدا من ياجوج وماجوج قط فأخبرونا أنهم رأوا منهم عدة فوق شرف الردم فهبت عليهم ريح عاصفة فرمت منهم ثلاثة إلى ناحيتهم وكان مقدار الرجل منهم شبرين ونصف شبر. قال سلام الترجمان فكتبت هذه الصفات كلها وأخذتها معي ثم انصرفنا مع أدلاء من أهل تلك الحصون فأخذوا بنا على ناحية خراسان فسرنا من تلك الحصون إلى مدينة لخمان إلى مدينة غريان إلى مدينة برساخان إلى الطراز إلى سمرقند فوصلنا إلى عبد الله بن طاهر فأقمنا عنده أياما فوصلني بمائة ألف درهم ووصل كل رجل معي بخمسة ألاف درهم وأجرى أيضا للفارس من أصحابي خمسة دراهم وللراجل ثلاثة دراهم في كل يوم ثم سرنا إلى الري ثم رجعنا إلى سر من رأى بعد خروجنا عنها وإقامتنا في السفر ثمانية وعشرين شهرا فهذا جميع ما حدث به سلام الترجمان من الأخبار عن السد والأرضين التي قطعها إليه والأمم التي اجتمع بها في طريقه وما وقع بينه وبين من لقيه منها من الخطاب وبتمام هذا الخبر تم الجزء التاسع من الإقليم السادس والحمد لله على ذلك حمدا دائما وله الشكر واصبا. نجز الجزء التاسع من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء العاشر منه إن شاء الله.

الجزء العاشر

الجزء العاشر إن الذي تضمنه هذا الجزء العاشر من الإقليم السادس قطعة من بلاد ياجوج وماجوج وما لنا شيء نتكلم به في هذا الجزء إلا ما وصفه بطلميوس في كتاب الجغرافيا فإنه ذكر هاتين المدينتين ولم يسمهما وإنما ألحقهما بالطول والعرض فقط فجئنا بهما على هيئة ما ذكرهما وأثبتهما في كتابه ووصفهما وبتمام هذا الجزء العاشر انقضى الإقليم السادس والحمد لله على ذلك كثيرا حمدا مباركا جزيلا وحسبنا الله ونعم الوكيل. نجز الجزء العاشر من الإقليم السادس والحمد لله ويتلوه الجزء الأول من الإقليم السابع إن شاء الله.

الإقليم السابع

الإقليم السّابع

الجزء الأول

الجزء الأوّل إن هذا الجزء الأول من الإقليم السابع كله بحر مظلم وجزائره بأسرها مغمورة غير معمورة.

الجزء الثاني

الجزء الثاني إن في هذا الجزء الثاني من الإقليم السابع مضمنا قطعة من البحر المظلم فيها جزيرة إنقلطارة وهي جزيرة كبيرة تشبه رأس النعامة وبها مدائن عامرة وجبال شاهقة وأودية جارية وأرض سهلة وفيها خصب زائد ولأهلها جلادة وعزم وحزم والشتاء بها دائم وأقرب بر إليها وادي شنت من أرض إفلاندرش وبين هذه الجزيرة والبر الكبير مجاز سعته اثنا عشر ميلا. فمن مدنها التي في أقصى المغرب من هذه الجزيرة وعلى طرف من أضيق مكان فيها مدينة سهستار وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلا وهي مدينة حسنة عامرة على نهر كبير يأتيها من جهة الشمال فيصب في البحر بشرقيها. ومن هذه المدينة إلى مدينة غرهم على الساحل ستون ميلا. وكذلك من مدينة سهستار إلى الطرف الغربي من الجزيرة ثلاث مائة ميل وثمانون ميلا. ومنها أيضا إلى مرسى درته موده ثمانون ميلا ثم إلى طرف الجزيرة المسمى قرنوالية ثلاث مائة ميل وهذا الطرف الرقيق منها شبيه بمنقار طائر.

ومن مدينة سهستار أيضا إلى مدينة سلابرس في البر من جهة الشمال ستون ميلا وهي مدينة جليلة على شرقي النهر الذي يصب في مدينة سهستار. ومن مدينة غرهم أيضا إلى طرف هنتونة وهو قرطيل يدخل في البحر خمسة وعشرون ميلا وعلى طرفه من ناحية المشرق مدينة هنتونة وهي مدينة عامرة ويصب بها من ناحية شرقيها نهر عونسترة. وعونسترة مدينة برية وبين هنتونة وعونسترة ثمانون ميلا ومن عونسترة إلى سلابرس أربعون ميلا في جهة الغرب ونهر عونسترة يخرج من جبل معترض في وسط الجزيرة. ومن هنتونة إلى مدينة شرهام ستون ميلا وهي على نحر البحر وهي مدينة جليلة متحضرة فيها إنشاء وعمارة. ومنها مع الساحل إلى مدينة هستينكش خمسون ميلا وهي مدينة مقدرة الكبر كثيرة البشر عامرة جليلة ذات أسواق وفعلة وتجار مياسير. ومنها مع الساحل شرقا إلى مدينة دبرس سبعون ميلا وهي أيضا مدينة كبيرة وهي على رأس المجاز الذي يجاز منه إلى البر المتصل بالأرض الكبيرة. ومن مدينة دبرس إلى مدينة لوندرس في البر أربعون ميلا وهي على نهر كبير يصب في البحر بين مدينة دبرس وبين مدينة جرنموده.

ومدينة جرنموده مدينة حسنة على ضفة البحر. فمن مدينة دبرس إلى موقع نهر لوندرس في البحر عشرون ميلا ومن موقع هذا النهر إلى مدينة جرنموده المذكورة أربعون ميلا فذلك من مدينة دبرس إلى جرنموده على البحر ستون ميلا. ونهر لوندرس اسمه رطانزة وهذا النهر كثير الجري كثير الماء وجريه من وسط الجزيرة فيصل إلى مدينة غركة فرت على مقدار خمسين ميلا ويجتاز بجنوب مدينة غركة فرت فيمر منها إلى مدينة لوندرس المذكورة أربعين ميلا ثم يمر من لوندرس فيصب في البحر كما ذكرناه. ومن مدينة جرنموده إلى مدينة نرغيق تسعون ميلا ومدينة نرغيق مرتفعة عن البحر مقدار عشرة أميال. ومن مدينة نرغيق إلى مدينة أغريمس على البحر ثمانون ميلا فذلك من مدينة جرنموده إلى أغريمس على البحر مائة ميل وخمسون ميلا ومن مدينة جرنموده المذكورة ينعطف البحر آخذا في جهة الشمال على استدارة ومن مدينة أغريمس المذكورة إلى مدينة أفرويك ثمانون ميلا وهي على بعد من البحر المظلم وعلى طرف جزيرة سقوسية المتصلة بجزيرة إنقلطارة وهي جزيرة ذات طول آخذة في شمال الجزيرة الكبيرة وليس بها عمارة ولا مدينة

ولا قرية وطولها مائة وخمسون ميلا. ومن مدينة أفرويك إلى موقع نهر بشكه مائة وأربعون ميلا وبشكه حصن على هذا النهر مرتفع عن البحر اثنا عشر ميلا. ومن مدينة أغريمس المذكورة قبل إلى مدينة نقولس في البر مائة ميل والنهر يشق وسطها وينصب منها إلى مدينة أغريمس فيصب بجنوبها في البحر كما ذكرناه. ومن نقولس البرية إلى مدينة أفرويك أيضا تسعون ميلا ثم إلى مدينة دونالمه ثمانون ميلا شمالا على بعد من البحر. ومن طرف جزيرة سقوسية الخالية إلى طرف جزيرة إرلاندة مجريان في جهة الغرب. وجزيرة إرلاندة كبيرة جدا بين طرفها الأعلى وبرطانية ثلاثة مجار ونصف وحكى صاحب كتاب العجائب أن بها ثلاث مدائن وبها قوم يسكنونها وكانت المراكب تجتاز بها وتحط عليها وتشتري منها العنبر والحجارة الملونة فوقعت بين أهلها شرور وطلب بعضهم أن يملك عليهم وحاربهم

بأهله فحاربوه فوقعت العداوة لذلك بينهم فتفانوا وانتقل بعضهم إلى عدوة البحر من الأرض الكبيرة فخربت مدائنهم ولم يبق أحد منهم. ومن طرف جزيرة إنقلطرة إلى جزيرة دنس مجرى. ومن طرف إسقوسية في جهة الشمال إلى جزيرة رسلاندة ثلثا مجرى وبين طرف جزيرة رسلاندة وطرف جزيرة إرلاندة الكبيرة مجرى وكذلك من طرف جزيرة رسلاندة في جهة الشرق إلى جزيرة نرباغة اثنا عشر ميلا وطول جزيرة رسلاندة أربع مائة ميل وعرضها مائة وخمسون ميلا وسنذكر هذه الجزائر فيما بعد بعون الله تعالى وحسن توفيقه. نجز الجزء الثاني من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الثالث منه إن شاء الله.

الجزء الثالث

الجزء الثالث إن في هذا الجزء الثالث من الإقليم السابع ساحل أرض بلونية وأرض زوادة وبلاد فيمارك وجزيرة دار مرشة وجزيرة نرفاغة ونحن نذكر هذه السواحل والجزائر حسب ما سبق لنا قبل هذا بحول الله تعالى. فمن ذلك أن مدينة وزرة على نهرها وبينها وبين البحر خمسة عشر ميلا وكذلك من مدينة وزرة إلى مدينة نيوبرك خمسة وعشرون ميلا ومن وزرة إلى موقع نهر ألبة مائة ميل ومن نهر ألبة إلى فم الجزيرة المسماة دار مرشة ستون ميلا. وجزيرة دار مرشة في ذاتها مستديرة الشكل رملة وفيها من المدن أربع قواعد وقرى كثيرة ومراس مستورة معمورة فأول ذلك من فم الجزيرة إلى مدينة السيلة على يسار الداخل خمسة وعشرون ميلا وهي مدينة صغيرة متحضرة بها أسواق قائمة وعمارات دائمة وهي على ساحل البحر ومنها مع الساحل إلى مرسى طرذيرة خمسون ميلا وهو مرسى مكن من كل ريح

وعليه عمارة ومن هذا المرسى إلى مرسى خور مائة ميل وهو مرسى مكن من كل ريح وعليه آبار ماء حلوة ومن هذا المرسى إلى مرسى وندلسقاذة مائتا ميل وهو مرسى عامر ومن هذا المرسى يدخل إلى جزيرة نرفاغة وبينهما مجاز طوله نصف مجرى ومن هذا المرسى إلى مدينة هرش هنت مائتا ميل وهي مدينة حسنة صغيرة ومنها إلى حصن لندوينة ثمانون ميلا ومن هذا الحصن إلى مدينة سيسبولي مائة ميل ومنها إلى فم الجزيرة اثنا عشر ميلا فدور محيط هذه الجزيرة سبع مائة ميل وخمسون ميلا. ومن فم هذه الجزيرة مع الساحل إلى مدينة جرتة مائة ميل وهي مدينة صغيرة متحضرة ذات أسواق وعمارات ومنها إلى مدينة لند شوذن مائتا ميل وهي مدينة كبيرة عامرة ومن هذه المدينة إلى موقع نهر قطلو وعليه هناك مدينة تسمى سقطون مائة وتسعون ميلا وهي مدينة حسنة ومنها إلى مدينة قلمار مائتا ميل وسنذكر انتهاء هذا الساحل على استقصاء بعون الله وتوفيقه. ولنرجع الآن فنقول إن من مدينة جرتة الساحلية إلى مدينة زراده شرقا مائة ميل ومدينة زوادة جامعة كبيرة وبها عرفت أرضها وهي أرض قليلة العمارة كثيرة البرد والجمد وبين زوادة ومدينة ألبة مائة ميل وهي منها

في جهة الشرق ومنها في جهة الشرق أيضا إلى مدينة فيمية مائة ميل وبين فيمية والبحر مائة ميل ويقابلها في جهة الشمال على بحر الظلمات مدينة لند شوذن. ومن مدينة لند شوذن إلى موقع نهر قطلو ويروى قطرلو وعليه مدينة سقطون مائة ميل وتسعون ميلا ومن موقع نهر قطرلو أيضا إلى مدينة قلمار مائتا ميل وسنأتي على ما يليه من السواحل بعد هذا وسمي نهر قطرلو بمدينة هي عليه وهو نهر عظيم يمر من جهة المغرب مشرقا ثم يصب في البحر المظلم وبين مصب الذراع الواحد والذراع الثاني من هذا النهر ثلاث مائة ميل. وأما جزيرة نرفاغة الكبيرة فأكثرها خلاء وهي أرض كبيرة لها طرفان أحدهما يتصل من جهة المغرب بجزيرة دار مرشة ويقابل مرساها المسمى وندلسقاذة وبينهما مجاز صغير نحو من نصف مجرى والطرف الآخر يتصل بالساحل الكبير من أرض فيمارك وفي هذه الجزيرة ثلاث مدن عامرة فمدينتان منها مما يلي أرض فيمارك ومدينة ثالثة مما يلي جزيرة دار مرشة وكلها مدن تتقارب صفاتها والداخل إليها قليل ومعايشها ضيقة بكثرة الأمطار والأنواء الدائمة وهم يزرعون ويحصدون زروعهم خضرا ثم يجففونها في بيوت يوقدون فيها النار لقلة شعاع الشمس عندهم وفي هذه الجزيرة من

الشجر الكبير الجرم الذي لا يوجد في غيرها من الأمكنة كثير ويقال إن في هذه الجزيرة قوما مستوحشين يسكنون البراري رؤوسهم لاصقة بأكتافهم لا أعناق لهم البتة وهم يأوون إلى الشجر فيتخذون في أجوافها بيوتا ويسكنون فيها وأكلهم ثمر البلوط والشاهبلوط وفي هذه الجزيرة الحيوان الذي يقال له الببر وبها منه كثير جدا لا كنه أصغر من ببر فم الروسية وقد ذكرنا ذلك فيما قبل. نجر الجزء الثالث من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الرابع إن شاء الله تعالى.

الجزء الرابع

الجزء الرّابع إن في هذا الجزء الرابع من الإقليم السابع أكثر بلاد الروسية وبلاد فنمارك وأرض طبست وأرض أستلاندة وأرض المجوس وهذه الأرضون أكثرها خلاء وبرار وقرى عامرة وثلوج دائمة وبلادها قليلة. فأما أرض فنمارك فأرض كثيرة القرى والعمارات والأغنام وليس بها بلاد عمارة إلا مدينة أبورة ومدينة قلمار وهما مدينتان كبيرتان لكن البداوة عليها بادية والشقوة على أهلهما غالبة وبهما من الأقوات المقدرة أقل مما يكفيهم والأمطار عليهما قائمة دائبة. ومن مدينة قلمار غربا إلى مدينة سقطون مائتا ميل. وملك فنمارك له بلاد وعمارات في جزيرة نرباغة السابق ذكرها. ومن مدينة قلمار إلى موقع الذراع الثاني من نهر قطولو ثمانون ميلا. ومن نهر قطولو إلى مدينة رغولدة مائة ميل ورغولدة مدينة كبيرة عامرة على نهر البحر وهي مدينة تنسب إلى أرض طبست.

وهذه الأرض كثيرة القرى والعمارات غير أن بلادها قلائل وهذه الأرض أشد بردا من أرض فنمارك والجمد والمطر لا يكاد يفارقهم طرفة عين. ومن مدينة انهو إلى مدينة رغولدة مائتا ميل وانهو مدينة حسنة جليلة عامرة وهي من بلاد أستلاندة. ومن مدن أستلاندة مدينة قلوري وهي مدينة صغيرة كالحصن الكبير وأهلها فلاحون وإصاباتهم قليلة غير أن أغنامهم كثيرة. ومن مدينة انهو إليها جنوبا مع الشرق ست مراحل. وكذلك أيضا من مدينة انهو لمن سلك طريق الساحل إلى موقع نهر برنو خمسون ميلا. ومنه إلى حصن فلموس على بعد من الساحل مائة ميل وهو حصن خراب في زمن الشتاء وأهله يفرون عنه إلى كهوف بعيدة عن البحر فيأوون إليها ويوقدون فيها النيران مدة أيام الشتاء وزمن البرد ولا يفترون عن وقود النيران فإذا كان زمن الصيف وانجلى القتام عن الساحل وارتفعت الأمطار عادوا إلى حصنهم. ومن هذا الحصن إلى مدينة مدسونة ثلاث مائة ميل ومدينة مدسونة مدينة كبيرة جامعة عامرة كثيرة البشر وأهلها مجوس يعبدون النيران. ومنها إلى مدينة صونو من أرض المجوس على الساحل سبعون ميلا.

ومن بلاد المجوس المتباعدة عن البحر مدينة قابي وبينها وبين البحر ست مراحل. ومن مدينة قابي أيضا إلى مدينة قلوري أربعة أيام. ومن مدينة قلوري في جهة الغربي إلى مدينة جنتيار سبعة أيام وهي مدينة كبيرة عامرة في أعلى جبل لا يمكن الصعود إليه وأهلها متحصنون فيها من طراق الروسية وليست هذه المدينة في طاعة أحد من الملوك. وفي بلاد الروسية مدينة مرتوري وهي مدينة على مخرج نهر دنست. ومن مدينة مرتوري إلى مدينة رمسلي أربعة أيام في جهة الجنوب وتسمى رمسلي بلسان الرومية طويه ورمسلي ومرتوري من بلاد الروسية وبلاد الروسية بلاد كثيرة في الطول والعرض. وفي البحر المظلم جزائر كثيرة غير عامرة وبها من الجزائر العامرة جزيرتان تسميان جزيرتي أمزنيوس المجوس والجزيرة الغربية منها يعمرها الرجال فقط وليس بها امرأة والجزيرة الثانية فيها النساء ولا رجل معهن وهم في كل عام يقطعون مجازا بينهم في زوارق لهم وذلك في زمن الربيع فيقصد كل رجل منهم امرأته فيواقعها ويبقى معها أياما نحوا من شهر ثم يرتحل الرجال إلى جزيرتهم فيقيمون بها إلى العام المقبل إلى ذلك الوقت فيقصدون الجزيرة التي فيها نساؤهم فيفعلون معهن كما فعلوا في العام الماضي

من أن الرجل يواقع زوجته ويقيم عندها شهرا كاملا ثم يعود إلى الجزيرة التي كان بها وكذلك يفعل جميعهم وهذه عادة معلومة عندهم وسيرة قائمة بينهم. والدخول إليهم أقرب ما يكون من مدينة انهو وبينهم ثلاثة مجار وقد يدخل إليهم من مدينة قلمار ومن مدينة رغولدة وهذه الجزائر لا يكاد يصيبها أحد من الداخلين إليها لكثرة غمام هذا البحر وشدة ظلمة وعدم الضياء به. نجز الجزء الرابع من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء الخامس منه إن شاء الله تعالى.

الجزء الخامس

الجزء الخامس إن هذا الجزء الخامس من الإقليم السابع فيه شمال أرض الروسية وشمال أرض القمانية فأما بلاد الروسية التي يحيط بها هذا الجزء ففيه بلاد قليلة بين جبال محيطة بها ولم يصل إلينا أحد بصحة أسمائها وتخرج من هذه الجبال أعين كثيرة فتقع كلها في بحيرة طرمي وهي بحيرة كبيرة جدا وفي وسطها جبل عال فيه وعول مشهورة وفيه الحيوان المسمى الببر وأكثر هذه البحيرة من جهة المشرق في بلاد قمانية ومن قبالة ظهرها يخرج نهر دنابرس من مروج وشعزاء ويسمى هناك بلتس وعليه من البلاد سنوبلي ومدينة مونيشقة وهما بلدان عامران من بلاد القمانية. فأما البحر المظلم الغربي فيقف آخره مع شمال الروسية ويلوي في جهة الشمال ثم ينعطف إلى جهة الغرب وينعطف هناك إذ هو مكان لا يسلك فتبارك الله أحسن الخالقين. نجز الجزء الخامس من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء السادس منه إن شاء الله تعالى.

الجزء السادس

الجزء السّادس إن هذا الجزء السادس تضمن بلاد القمانية الداخلة وبعض بلاد بلغارية. وفي بلاد القمانية الداخلة مدينة طرويا ومدينة اقليبه وهما مدينتان عامرتان تتقارب حالاتهما وتتوازى صفاتهما. وبين طرويا ومدينة صلاو في جهة الجنوب مائة ميل مفاوز قليلة العمارة. ومن طرويا إلى مدينة اقليبه ثمانية أيام وهي آخر عمالة القمانيين في وقتنا هذا. وفي شمال بلاد القمانية بحيرة غنون وهي أبد الدهر وجه مائها جامد لا ينحل إلا في أيام قلائل في زمن الصيف. ويصب إلى هذه البحيرة ثمانية أنهار أحدها نهر شروى وهو نهر لا يقدر أحد على جوازه في غير أيام الصيف لأنه يقرض الأطراف بشدة برده. وفي هذه البحيرة يتولد السمك الذي يتخذ منه الغراء الكثير وفي غياضها الحيوان المسمى الببر.

وأما بلاد بلغار فهي مدينة ثابون وهي مدينة حصينة في رأس جبل وبها عمارة وخصب كثير وبشمال هذه البلاد جبل قوقايا وليس خلفه عمارة ولا حيوان لشدة البرد والله أعلم بخفي الأمور وهو على كل شيء قدير. نجز الجزء السادس من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء السابع منه إن شاء الله.

الجزء السابع

الجزء السّابع تضمن هذا الجزء السابع من الإقليم السابع بقية بلاد بسجرت وشمال أرض المنتنة وأكثر بلاد بجناك ومن مدن بسجرت الداخلة ماسترة وقاسترة وهما مدينتان صغيرتان وقليلا ما يدخل إليهم التجار ولا يصل أحد إليهم لأنهم يقتلون من وطئ أرضهم وبلادهم من غيرهم وهاتان المدينتان على نهر يمد نهر اثل. وأما بلاد بجناك فقليلة ولم يتصل بنا أن لهم مدينة أكثر من مدينة ياقاموني وهم أمم كثيرة أتراك يحاربون الروسية وما جاورهم من بلاد الروم وهم ممتنعون في الجبال والمشاجر لا يقدر عليهم فيها وأهل بجناك مثل الروسية في ذاتهم يحرقون موتاهم وبعضهم يحلقون لحاهم وبعضهم يضفرونها ولباسهم القراطق الصغار ولسانهم غير لسان الروسية وغير لسان البسجرتية فسبحان خالق الخلق وباسط الرزق لا إله إلا هو العلي الكبير. نجز الجزء السابع من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الثامن إن شاء الله.

الجزء الثامن

الجزء الثامن تضمن هذا الجزء الثامن من الأرضين بلادا قفراء وبها الأرض المحفورة وهي من عجائب الدنيا وذلك أنه حكى الجيهاني في كتابه أن هذه الأرض مروا بها بعد خروجهم من الأرض المنتنة فرأوها ومشوا مع طولها يوما وهي بقعة من الأرض لا يقدر أحد على النزول إليها من جميع جوانبها لبعد قعرتها وصعوبة جنباتها وهي معمورة وعلموا ذلك بأن رأوا الدخان منها في النهار في مواضع كثيرة ورأوا النيران بالليل كهيئة النجوم تتقد مرة وتخفى أخرى وأغرب ما فيها أن بها نهرا يظهر فيها خيالا يشق أرضها من الجنوب إلى الشمال وعليه العمارة ولا يقدر أحد ينزل إليها البتة ولا يصعد منها إذ ذلك ممتنع جدا فسبحان الذي أنشأهم فيها وقدر أقواتهم بها فهو الخلاق العليم لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. نجز الجزء الثامن من الإقليم السابع والحمد لله ويتلوه الجزء التاسع إن شاء الله تعالى.

الجزء التاسع

الجزء التاسع تضمن هذا الجزء التاسع قطعة من أرض ياجوج وماجوج الداخلة وقطعة من البحر الزفتي وهو آخر البحر الشرقي وهو أيضا مظلم وحكى صاحب كتاب العجائب أن في داخل بلاد ياجوج وماجوج نهرا يسمى المشهر لا يعرف له قعر فإذا تقاتلوا وأسر بعضهم بعضا طرحوا الأسارى في ذلك الوادي فيرون عند ذلك طيورا عظاما تخرج إلى من يطرح منهم من كهوف في جنبتي الوادي فتختطفهم قبل أن يصلوا إلى آخره فترتفع بهم إلى تلك الكهوف فتأكل جسومهم ويقال إن في أسفل هذا الوادي نارا تتأجج مع الأزمان والله أعلم بحقيقة هذا كله لا اله سواه. هذا آخر الجزء التاسع من الإقليم السابع والحمد لله وحده.

الجزء العاشر

الجزء العاشر إن هذا الجزء العاشر من الإقليم السابع كله مظلم لا عمارة فيه البتة ولا يعلم ما خلفه فهذا جميع ما اتصل إلينا من أوصاف الأرضين من معمور وغير معمور فتبارك الله رب العالمين وهو على كل شيء قدير والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل. وهنا انقضى الكتاب المعروف بنزهة المشتاق في اختراق الآفاق والحمد لله رب العالمين.

الفهارس

الفهارس

الفهرس الجغرافي

الفهرس الجغرافي - ا- آبار خبت 297 آبار العباس 297 آبسكون 678، 688، 832، 833، 834، 835 آب شور 459 آبلة 725، 732 آبه 731 آجن 736، 738، 740 آخرين 685 آذربيجان 12، 654، 666، 681، 683، 820، 822، 823، 824 آذنة 643، 646، 647، 652، 653 نهر آذنة 652 معبر آرهن 483، 488 آزقى (أزكى) 19، 106، 224، 225 آزاذمرد 413 آسفي 220، 240، 549 آسك 380، 396، 398، 400، 401 آسيا [خليج البنادقيين] 761 آش (أوش) 725، 735، 736، 740 آش 725، 735، 736، 740 وادي آش، انظر وادي خندق آش 567 آقلة 559 نهر آلي 907 آمد 353، 654، 662، 663، 664، 665، 815، 826، 827 آمل [طبرستان] 655، 678، 679، 685، 686، 688 آمل [خراسان] 481، 482، 493، 691، 694، 695، 696، 697، 700 مرسى آنفا 240 آنية 908 أباذان 686 أباذة 416، انظر قرية عبد الرحمن اباركث 499، 501، 505، 700، 708، 709 بلاد الإباضية 147 حصن ابال 581 ابان 573، 574 نهر أبان 383، 671 ابان كسوان 490

ابة 292 أبج 787 الابجرد 404، 408 ابدذي 73 ابدة 561، 569 أبذس (أبذوس) 804، 805، 806، 810، 811 فم أبذس 894 نهر ابرادنو (ابراطنو) 785 خان الأبرار 402 جبل ابراطنة 787 وادي ابراطنة (ابراغنة) 630 وادي ابراغنة 630 حصن أبراقة 727، 731 رأس أبراقنة 629 إبراوش 864، 865، 866 سوق إبراهيم 251 نهر إبراهيم 372 ابرثوري 819 ابرج 404، 420، 426، 427 الأبرجا 606 إبرجس 870، 871 ابرذكث 703 أبرس 796 وادي أبروقة 788 ابرقويه 404، 416، 426، 427، 429، 431، 432 أبرنجش 865، 866 ابرندس (أبرنطس) [انكبردة] 627، 632، 761، 763، 771، 775 أبرندس [بوامية] 885، 887 أرض ابرنصية 874 نهر ابره 554، 555، 733، 734 مرسى ابروذه 638 أبروسية 808، 813 وادي أبروقة 788 جزيرة ابرون 151 أبرولة 784 ابرياتقو 773 إبريز (إبريش) 868، 869 ابزر [كوار] 118 ابزر [فارس] 411، 426 إبسخرو 773 الأبسيق 802، 808 ابصره 641 ابل 367، 377 ابلاطسة 613، 615 حصن ابلاطنو 607، 609، 610 نهر (وادي) ابلاطنو 607، 610، 623 إبلافية 726، 736 أبلانة 887 ابلة 782، 788 الأبلة 9، 10، 379، 380، 384، 385، 399، 402، 671

بحر الأبلة 9 نهر الأبلة 384 أبلسطة (أبلاسطة) 812، 818 جزيرة ابلناصة 558 أبلينه 759، 760، 783 ابنوران 409، 421 أبهر 655، 672، 674، 678، 687 الأبواء 142، 352 جبال الأبواب، انظر الأبواب أبورة 953 أبيج 783 جبل أبيشة 555 مخلاف أبين 54، 55 أبيورد 477، 480 أبية 882 أترالسة (أتراليسة) 794، 893 أترانة الساحلية (أطرانة) 779، 781 أتربية (أتربة) 584، 627، 759 حصن أترميتو 806 أتروبي 794، 892، 893، 894 أتري 166، 169، 171 أتريب 333 اتريغارقو (أتريكاركو) 782، 785 اتريغوس 870، 871 أتفو 32 اتكجان 260 أتينة 776 اثافت 147 اثل 832، 834، 835، 916، 919، 924 نهر اثل 12، 831، 832، 834، 916، 919، 924، 929، 960 نهر اثنة 581 أثيتية 799 سوق الاثنين 263 الأجاصة 625 أجدابية 310، 311 الأجدد 143 جبل الأجراف 533 أجرسة 760 اجغ 690 الأجفر 380 حصن الأجوف 804 جبل أجياد 139 برج اجيلوا (اشيلوا) 763 جبل أحد 143 سوق الأحد [المغرب] 262 سوق الأحد [الجزيرة] 654، 659، 660 احرى 295 الأحساء 379، 386 الأحساء والآبار 443 نهر الأحسا 810 الأحقاف 56

وادي احناس 297 قصر احنف 477، 478 الأختين 623 أخرستوبلس 800 أخرسوبلي 792، 793، 794، 798، 800، 894 اخرلين 793 أخريذة 792، 793، 794 أخسيكث 507، 701، 706، 709، 711 نهر اخشين 422 أخميم 125، 126، 128 جزيرة الأخوين الساحرين 219 أخيلو 892، 896، 908 نهر أخيلو 894 نهر أخيلون 796، 797، 798 جبل ادارو 301 ادراست (دراست) 632، 633، 761، 769، 770 إدرستر 892 أدرماه 837 رأس الأدوية 306 أديانة 788 وادي أديانة 788 أذان القاحة 143 نهر الاذر 727 أذرح 357 أذرعات 370، 377 اذرسكن 472 الأذركان (اذركان) 404، 414، 427، 439 أذرمة 649، 654، 661 أذرنتو (اذرنت) 11، 627، 632، 634، 762، 763، 769، 775 أذرنو 617، 618، 620، 674 أذرنوبلي 627، 790، 795، 796، 797، 798، 894 أذرغونالة 786 جبل أذروان 396 الأذكش 843، 844 أذنة 804، 814 وادي أرادان 352 أران، انظر الران نهر أران 830 أربا 770 اربس 267 الاربس 276، 291، 292، 293، 295 سوق الأربعاء 380، 393، 398 الأربعة بروج 313، 315 اربلخ 704، 710 أربنجن 497، 499، 502، 503

أربونة 11، 583، 738، 739، 748 أربة حبلانه 637 أرتشين 755 وادي أرتقيرة 729 أرتكان 812 أرثا 917 أرجان 380، 400، 401، 402، 403، 404، 411، 412، 415، 418، 420، 421، 425 جزيرة أرجكون (أرشقول) 534 الارجمان 427، 433 أرجنت 760، 784 أرجونة 815 أرجيش 820، 824، 826، 827، 828 جبل أرجيقا 923 الارد 422، 426، 429، 433 أردبيل 679، 680، 681، 820، 822، 823، 824، 826 اردخشميثن 697، 699 أردشير خرة 405، 410، 411، 419، 423، 424 اردغه 447 اردلانكث 703، 708، 709 الأردن 363، 377 وادي الأردن 361، 362 الأرديس 815، 827 جزيرة أرذقون 373 مرسى ارزاو 271 ارزلان 196 أرزن 662، 664، 825، 827 أرسوف 347، 364 تل أرسناس 815 أرسيانيكث 504، 505، 702 ارشذونة 537، 570 جزيرة ارشقول (ارجكون) 534 ارصاه 926، 931، 932 أرض الحيات 34 أرطوسية 373 أرطونة 780، 781 ارغيرة 538 أرفو (رافو) 262 أرقلان 777، 780 أرقلية (هرقلية) (أركليس) 801 أركاذيوبلي 697، 797، 798، 894 حصن اركش 536 أركلاوس (هرقلية) 908 أركليس (أرقلية) (هرقلية) 801 أركنجل (شنت أركنجل) 787 اركند 701 أركوذة 587 جزيرة إرلاندة 221، 947، 948 أرلش 749

عقبة ارلش 580 أرليانش (أليانش) 743، 862، 864 نهر أرليانش 736 قلعة ارلية 550 ارم 687 أرمابيل 166، 173 أرمدة 729 رحل الأرمل 609 الأرمن 646، 664، 802، 839، 912 أرمنت [مصر] 129، 130 أرمنت [قلورية] 773 الأرمنياق 804، 808 أرمينية 397، 654، 655، 658، 663، 664، 681، 682، 804، 813، 814، 820، 822، 824، 825، 827، 830، 906، 908، 917، 935 أرمينية الداخلة 824، 830 أرمينية الخارجة 824 أرمينية القصوى 829 أرموقسترو 698، 897، 908، 909 أرمبرون 795، 799 أرمية 682، 820، 826، 828 أرنانة 783 جزيرة الأرنب 626 حصن ارندة 550 أرنس (ارنص) 761، 768 نهر الأرنط 374، 645 ارنيط 538 نهر الاروا 614 أرواد 375 الاورنة 767، 768 اريمني (اريمنيس) (ارينمينس) 747 أرين 868، 870، 871 أرينية 882، 884 خان آزادمرد 413 ازاذوار 690، 692، 694 جوم الأزقاق 299 ازكو 296 أزكى 19 انظر آزقى أزة (أزلة) 804، 805 جزيرة أزلة 911 أزم 380، 393، 398، 402 أزموم 753، 755 ازهرخانة (قبا) 507، 701 إزوادة 901 أزيلا (أصيلا) 530 الأساورة 675 أساول 166، 180، 185، 188 اسباس 696 أسبالطو 761، 769، 791 اسبرلنكة 619

اسبرة 507، 707 اسبيجاب 703، 704، 708، 709 اسبيذ 443 استاراباذ 678، 686، 687، 688 استبرية 915 جزيرة استبلاية 641 استبيغوا 703 استجة 537، 572، 573 استربيان 470 أسترغونة (أستركونة) 877، 878 أستركونة (أسترغونة) 877، 878، 879، 882، 883 استرنجلوا (استرنجلو) 583، 586 استرنجلي (اسطرنجلي) 762، 773، 786 أسترنيسة 793 استروبلي 12، 643، 648 أستروبو 793، 794 أستريك 871، 872، 873، 879 إسترينة 790 استرية 770 إستغنو 791 رأس استلارة 637 أستلاندة 953، 954 إستليفنوس 901، 911 إستوبوني 893 مرسى استورة 274، 275 استوركث 704، 708، 709 استيقان 707، 709 استياكند 708 استيبس (استيبه، استيفس) 636، 637 استيلو 628 إستينوس 892، 898 وادي اسجلاسة 628 اسطابة 757 إسطاجانكو (إصطاجانكو) 738، 748 إستوبوني 794 إستبفس 791 خان الأسد 414 قرية الأسد 416 نهر أبي الأسد 671 أسداباذ 672، 673، 674، 691 نهر أسروذ 500 أسطور 719، 720، 721 أسطوانة 756 اسطيلو 772 اسفرايين 690، 693، 694 الاسفزار 445، 458، 471، 472، 473، 691 حصن اسفنجاي 428، 454، 460 اسفندياذ 420 جبل اسقاسقا 928، 929 مرج الأسقف 810

إسقلونية 11، 769، 790، 886 أسقنو 777 اسقوتية (اسقوتيا) 922، 924 جزيرة اسقوسية (سقوسية) 946، 947، 948 أسقوفيية 792، 794 إسقيرا 199، 206، 207 إسقيريا 199، 205، 206 إسكاف بني جنيد 669 أسكلفاو 799 رأس اسكليا 641 أسكنجة انظر أشكنجة إسكندرونة 646، 652 الإسكندرية [أنكبردة] 751 الإسكندرية [مصر] 11، 33، 124، 311، 316، 317، 318، 319، 320، 321، 322، 324، 330، 331، 341، 342، 343، 344، 546، 562 الإسكندرية [الشام] 365 منارة الاسكندرية 319، 320 اسكيفغن 500 اسلجان 404، 412 اسلان 782 حصن اسلان 535 اسلمونة 761 حصن دار إسماعيل 294 نهراسمير 239 أسنا (إسنا) 126، 129 منية إسنا 334 أسناند 186، 193 اسنخوا 210، 211، 212 اسنيشت 449 أسوان 32، 36، 39، 40، 44، 123، 127، 130، 131، 132، 324، 329، 344 وادي اسيلو 758 أسيوط 128، 129 اشبانية (اشبانيا) 525، 536، 539، 726 اشبرة 714 برت أشبرة 730 اشبورقان 478، 479، 486 اشبونة 220، 240 إشبيرة 866، 867، 872، 875 اشبيلية 239، 537، 540، 541، 545، 561، 570، 572، 573، 574، 580 أشترقة 731 وادي أشترهام 865 قنطرة اشتشان 561 جزيرة اشتقة (إستقة) 583، 587 اشتيخن 499، 502، 503 نهر اشتيخن 499 اشتيقان 507 إشتيون 743، 744، 862، 863، 864

حصن اشر 570 أشروسنة 354، 466، 499، 501، 503، 504، 505، 695، 702 إشقيرا (اسقرا) 199، 206، 207 أشك 679 قنطرة اشكابة 561 اشكالة (أشكالة) 12، 915 اشكتسية 915 إشكنجة (اسكنجة) 738، 745، 746، 875 قلعة اشكنوان 420 أشكيسية 816 جزيرة اشكيلو (اشكيلو) 641 جبل اشلوب 713 اشلونة 288 أشمن جريش 341 الأشموني 124، 125، 326 اشونة 537، 572 أشير 222 اشيرزيري 254، 256 إصبهان 353، 369، 380، 396، 400، 402، 414، 415، 418، 420، 421، 430، 431، 442، 449، 451، 452، 453، 655، 671، 674، 675، 677، 683 إصطاجانكو 738، 748 إصطافية 342 إصطبل الملك 809 إصطخر 403، 404، 405، 406، 412، 416، 420، 423، 424، 426، 427، 429، 432، 433 اصطخران 414 الاصطهبانات 426 وادي اصطورة 631 جبل أصغرون 838، 840 اصفن 403 أصقفة 166، 172، 174، 175 أصقلة (عزقلة، عسقلة) 783 الأصنام [إلى صرت] 298، 314 الأصنام [إلى مازر] 600، 607، 608، 609، 623 الأصنام [إلى طرسوس] 810 أصيلا (أزيلا) 530 اطباش 509، 515 أطرابزندة (اطرابزوني) 12، 816، 825، 906، 907، 908، 911، 914 اطرابلس 276، 297، 298، 299، 307، 308، 600 اطرابلس الشام 347، 370، 372، 373، 377، 644 اطرابنش (طرابنش) 587 أطراسا 186، 194 أطراغا 199، 208

أطراغن 199، 207، 208 اطراقانا 712 اطرانة [بولية] 761، 771، 781 أطرانة [قرب بشكارة] 779 اطربس 758 اطربلة 748 أطرونة 762، 780، 783، 784 إطرويش 742، 743، 744، 863، 864 برت إطريز 868، 870 اطلخ 705 بطن أعداء 143 قرية اعبر 256 الأعراء 345 تل أعفر 665 الأعمشية 146 قصر ابن أعين 414 أغاتوبلس (اغاثوبلس) (أغاثوبلي) 892، 896، 908، 911 حصن الأغراذ 808، 809 أغرطلو 782 جزيرة أغربس 797، 799 اغربينة 771، 781 اغرنوا 221 أرض الأغزاز 12 اغشت 738، 744، 866 اغرميني 892، 898 اغرناطة 537، 564، 566، 567، 569، 570، 572، 581 اغريزينوس 892، 899 وادي إغريقو 623 أغمات ايلان 235، 236، 248، 249 اغمات وريكة 105، 226، 229، 231، 232، 233، 235 نهر أغمان 232 اغنا 73 أغيس 799 أغريمس 880، 946، 947 افديان 490 حصن إفراغة 538، 733، 734 افرافريدة 567 طرف افران 300، 301 أفرانتة 817 حصن افرد 561 افرنتيو 787 أرض (بلاد) الإفرنج (الإنرنجيين) 725، 730، 739، 742، 874 أرض (إقليم) إفرنسية 743، 858، 861، 862، 863، 864، 865، 866، 874 إفرنقبرذ 876 إفرنك بيلة 882، 885، 886، 887 أفرنيسفا 795، 882، 888، 892، 893، 894، 896 أفرويك 946، 947

افريدين 684 إفريزاك 887 إفريزية (إفريسية) 861، 870، 872، 873، 874، 879، 901 قصر الإفريقي 295 إفريقية (إفريقيا) 11، 223، 277، 283، 344، 587، 598، 600، 601 عمل الأفسين 802، 806 افشوط 451 افصميله 639 عمل الأفطيماطي 802 افكان 250 عمل الأفلاجونية 802 أفلاطمونة 799 إفلاندرش 861، 868، 869، 870، 871، 874، 944 وادي افنان 159، 161 افلورنسة 754، 755 افلومية السواري 629 أفلي (أقلي) 892، 901، 911 عقبة افيق 363 اقاما 784 حصن اقترندة 787 اقربيل 765 اقرسيف 222 إقليد 403، 426، 427، 432 أفينون 738 اقراقطة 877 إقراقو 882، 889، 890، 902، 903 أقراه 882 اقرسيف 534 الأقرع 376 أقرنوس 892، 893، 894، 895 أقرننجة (أكروننجة) (أكرننجة) 879، 880 اقريطش 588، 635، 638، 639، 640، 641 رأس اقريطش الشمالي 641 أقرة 884، 885 وادي أقلوية 631 أقلي (أفلي) 892، 901، 911 أقلية 909 اقليبة 958 حصن اقليبية 276، 301، 303 اقليش 538، 560 اقنت 43، 45، 50 بحيرة أقنى 131 جبل أقورنت 818 أقولية 886، 887 الأكحل 145 باب الأكراد 821 أكراك 773 دير أكران 788

اكرت 785 اكرمونة 754 أكرنتة 588 أكرننجة 879 أكروننجة 879، 880 اكرونية 638 وادي اكرة 630 وادي (نهر) أكري 773، 785، 786، 787 إكريزا 738، 745، 746، 874، 875 وادي اكريلوا 614 اكسيس 238 أكسيفوا 624 أكلاية 874، انظر اكيلاية إكلرمنت (إكلرمنت) 738، 740، 741، 742، 784 اكلريوزة 788 وادي اكلريوزة 788 حصن أكلون 774، 776، 785 أكيلاية (أكلاية) (أنكلاية) (إيكلاية) إيكلاية،874،792،738 Vid. 878 ألباق 829 ألبة 950 نهر ألبة 949 جزيرة البة 583، 584، 585 البست 458 وادي البو 623 البونة 767 ألبيرة 566 إقليم البيرة 537 ألت جوان 781، 782 ألسكي 909 الش 538، 557، 558 الفدينة 776 ألكسيوبلي 892 ألماس 892، 900 ألمة 738، 745، 746، 872، 874، 875 ألهان 53 عين ألهم 12، 679، 688 ألوسة 656، 657 أليانش (أرليانش) 862، 863 أليان 785 رأس اليجة 629 أماسية 812، 813، 814 اماقة 752 مرسى امتكوا 272 حصن أم جعفر 700 جزيرة أم حكيم 539 جزيرة أم الحمار 583 أم دينار 341 أم ربيع 236 وادي أم ربيع 237

امرود 305 أمروني 812 جبل الامرى 198 جزيرتا أمزنيوس المجوس 995 جبل أمطلاس 344 حصن أمطلين (ماطلي) 806، 811 املواتلوا 690 أموش 814، 816، 818 منزل الأمير 603، 604 وادي الأمير 604، 625 أميون 373 أنار 418، 431 اناس 437 نهر أناشت 727 حصن أناشت 728 الأنبار [الجزيرة] 650، 654، 656 أنبار [الجوزجان] 479 الأنباصي 625 أنبانة 632 جزيرة انبلة 920 أنبرضية (أنبردية) 739، 742، 753، 755 وادي انبلة 618 انبوريش 583 جزيرة انبونة 69، 70 أنتابروا 769 أنتبرية 761 أنتبرة 791 أنت جريص 639 انتر نستيري 618 انتقيرة 570 أنتوهي 330، 332، 333، 334، 339 انتيجان 305، 306 أنجة 756 انجلة (انملة) 766 أنجو 741، 861، 874 نهر انجير 471 أنجيرش 725، 737، 856، 861، 866 انجيرة 430، 447، 448 أنجيطلوا 759 انجيمي 27، 29 جزيرة الانجية 61 قنطرة اندامس 676 اندخذ 479 أندراب 679 الأندراب 821 نهر اندراب 484، 485 اندرابة 483، 484، 485 أندرة 764، 771، 781 جبل اندرة 451 جزيرة اندره 641 اندكان 507، 707 إقليم (بلاد) الأندلس 11، 17، 31،

93، 119، 220، 235، 239، 240، 252، 281، 289، 359، 525، 526، 528، 529، 535، 536، 539، 551، 552، 554، 556، 562، 563، 565، 568، 569، 570، 574، 579، 581، 582، 725، 730، 733، 734، 803 مدينة الأندلس، انظر فاس حصن اندوجر 561 باب اندور 430 أندوسيانة 809 الانديان 404، 408 انديجاراغ 487، 488 نهر انديجاراغ 482 جزيرة أنديسيرة 910 أنززقرطة 876 حصن انزقة 784 مرسى انزلان 532 انشت 711 أنصنا 124، 125 أنطاكية 11، 347، 581، 643، 645، 646، 647، 648، 652، 751، 813، 814 أنطالية 810، 811، 812، 813 أنطالية المحدثة (الجديدة) 643، 647 أنطالية المحرقة 643، 647 انطرسوس 643، 644 انطرطوس 375 أنطيغو 804 الأنف الآخر 625 أنف الحجر 372، 373 أنف الخنزير 624 رباط انفرن 708 أنف الكلب 625 أنف النسر 623 أنف النهر 623 جزيرة أنقاش 341 قرية انقال (دار المرابطين) 237، 238 أنقرة (أنكرى) (أنقرى) 804، 808، 811، 813 أنقلازمة 726، 736، 855 أنقلون 778، 779 بحر الإنقليشين (البحر الإنقلشي) 535، 536، 730، 732 جزيرة أنقوجة 61، 63 انقونة (انكونة) 11، انظر أنكونة أنكبردة (أنكبردية) 4، 739، 742، 750، 761، 762 بلاد الأنكبردين 763، 781 جزيرة إنقلطارة (إنقلتارة) (إنكلتارة) (إنكرطارة) 859، 861، 869، 944، 946، 948

أنكرى (أنقرة) 813 أنكرية 878، 882، 885، 886، 888، 920 أنكزمة 779، 781 انكلاس 117، 118 أنكلاية 878، انظر أكيلاية أنكلون 782 الأنكنة [سرقوسة] 624 الأنكنة [قطانية] 624 جزيرة انكوذة 583 أنكونة (أنقونة) 11، 746، 752، 753، 754، 755، 762، 765، 766، 784 انملة (انجلة) 766 انهو 954، 956 جبل أمواط 754 وادي الأنة 628 الأنيو 907 أهر 820، 824، 829 اهرقلية، انظر هرقلية أهريت 121، 133 اهناس 130 بيت الأهواء 366 الأهواز 380، 392، 393، 395، 398، 671 سوق الأهواز 398، 402 الأواسي 802 أوال [فرغانة] 707 جزيرة أوال 379، 386، 387، 388، 390، 411 جزيرة أوبكين 167، 180، 181 قلعة أوبي 602، 607، 608، 622 طرف أوثان 229 جبال أوثان 319 أوج 510، 514، 515 أوجلة 124، 298، 310، 311، 312 أود 676 أودغشت 20، 107، 108، 180، 186، 197 رأس الأودية 306 حبل أوراس 264، 277 أورست 707، 708 أورشليم 361 أورط 752 أوريسين 199 جزيرة أوريسين 199، 202 اوريولة 538، 557، 558، 561 أوزبرك 745، 746، 872، 875، 876 أوزكند 508، 509، 701، 706، 707، 708 الاوسبنجان 426

اوسحنت 296 جزيرة أوسر 770 جزيرة أوسلة 629 أوسية 912 أوش [فرغانة] 508، 701، 707، 708 أوش (آش) [عشكونية] 725، 735، 736، 738، 740 نهر أوش 508 أوطاس 160 اوطليط 315 اوفة 470، 472 الاوق 459، 468 عين الأوقات 598 أولات 788 أولاد برال 778 حصن أولاش 647، 652 جون أولبة 759 نهر اولكس 246 اوليل 17، 18، 19، 108 أوماغو (موغاو) 767 جبل أوندرن 188 اويرار 315 جزيرة الأيام 88 إيبورية 739، 742 أيتوقسترو 900، 911 ايج 412، 426 ايجليز 233 أيدمر 345 ايذج 380، 392، 396، 402 أيذوني 615، 616 إيرنة 814 إيرش 739، 749 إيطالية 4 ايغيسل 237 جبل ايكجان 269 إيكلاية 11، 746، 748، 766، 767، انظر أكيلاية إيل 179 حجر الأيل 527 ايلاق 695، 702، 704، 709، 714 نهر ايلاق 699، 709، 710 أيلة 10، 345، 346، 347، 350، 351، 352، 354 أيلوغيس 892، 895، 896، 908 إيلياء (بيت المقدس) 358 أيمن 892، 896، 899، 908 أيميديا 892، 896، 908 وادي ايناون 247 إيوان كسرى 670 قلعة أيوب 538، 553، 554 قنطرة أبي أيوب 672

- ب- بئر ثمود 351 بئر الحسين 708 بئر حميد 708 بئر زمزم 140 بئر زناتة 297 بئر شك 447 بئر الصفاء 297 بئر القاضي 443 بئر كردوج 444 بئر ابن المرتفع 144، 145 بئر يعقوب 356 الباب [المغرب] 262 الباب الجديد 354 الباب الصغير 368 الباب العتيق 454 جبال الباب [المغرب] 262 باب الأبواب (الباب والأبواب) 353، 688، 821، 828، 829، 831، 834، 835، 918، 919 بحر الباب والأبواب 831 مدينة الباب والأبواب 828 باب الأسباط [المسجد الأقصى] 361 باب أقلام 531 باب الأكراد 821 باب اندور 430 حصن باب بارقة 829 باب البحر 591 باب البريد 367 الباب الجديد 454 باب جيرون 367، 368 باب الحديد [الشاش] 703 باب الحديد [خراسان] 491، 492 باب دمشق الغربي 366 باب الذهب [القسطنيطينة] 801 باب الرحمة 358، 361 باب زناتة 247 باب ساسان 425 باب سكة معقل 690 باب سلامة 368 باب سمسخي 829 باب السوس 395 باب الشابران 829 الباب الشمالي [بيت المقدس] 360 باب شنت مرية [كنيسة بيت المقدس] 359 باب صاحب السرير 829 باب الصلوبية 359 باب صهيون 358، 362 باب صول 829 باب طبرسرانشاه 829 باب الطعام 454 باب عمود الغراب 358 باب الفراديس 367، 368

باب فيلان شاه 829 باب القصبة [بخارا] 494 باب القصبة [نيسابور] 690 باب قنطرة درميكين 690 باب القنطرة [قرطبة] 575 باب القنطرة [القسنطينة] 265 باب رأس القنطرة 690 باب كش 497 باب ليران شاه 829 باب المحراب 358 باب المسجد [كثة] 430 باب المندب 9، 10، 44 باب ميلة 265 باب اليهود 575 بابرة 771 بابلوت 250 بابير 745، 872، 874، 876، 887 بابية 739، 753، 754 حصن بابيية 373 نهر بابيية 373 أرض قرية بابل 670 باتربول 773 كنيسة باتر نصتر 361 جبل باترة 920 باترنو 615 باترة أندنت 776 باتس 855، 857 رأس باتقانو (باتقامو) 759 باجدا 664 نهر بحردة؟؟؟ با؟؟؟، 649، 654، 662،؟؟؟ باحتة 433، 434، 438 باخسان 701 باجنرة 775، 776 باجنيس 820، 828 باجة (باجه) [الصين] 84، 210، 212، 213 باجة [المغرب] 251 باجة [تونس] 276، 290، 291، 292 باحمشا 658 باخسان 507 نهر باخشوا 482 باخوان 510، 511، 512، 516، 712 بادس 264، 279، 527، 532، 533، 581 بادغة 837، 839 بادوريا 667 نهر بادي 753، 754 باذان 450 باذغيس 474 باذلو 811 باذمة 452 باذوة 754 باذورا 758

وادي باذورا 758 جبل باذوسبان 687 باراب 705، 706 جبل بارز 440، 441 بارست 686 نهر بارست 471 جبل بارسك 446 بارسيان 676 قصر ابن بارع 663 بارما 353، 654، 674 جبل بارما 658، 664، 669، 674 دير بارما 669 نهر بارما 664 نهر بارمش 498، 499 باري 11، 763، 781 بارية 813 بازبدا 654، 660، 662 بازرنج 421، 426 البازي الأشهب 662 باسباد 444 باستو 776 بحيرة الباسفرية 424 دير الباسفرية 424 الباسيان 380، 393، 395، 399، 401 باستية 761 باسقة 900، 911 باسليكو 892، 896، 908 باسند 491 جبل باسورين 664 باش 404، 413 باشان 470، 472، 477، 695 باشرود 428 باشلة 776 قرطيل باشنو 624 باشو 293، 302 باشين 429 باصنة 637 باصو (ماصو) 877، 878، 882، 885 باطرة 777، 806 الباطرة 643، 648 باعربايا 662 باعيناثا 660 جزيرة باغا 770 باغة 571 باغاي (باغاية) 222، 260، 263، 266، 276، 277، 295 فافير (بابير) (ببير) 745، 861، 876 الباق 829 باقردا 660 باقطى 43، 45، 47 مرسى باكروا 308 حصن بالانة 778

بالايان 704 بالس 352، 455، 460، 649 بالسقورة 776، 777 بالش 537، 558 بالمة 784 بالملة 780 قنطرة بالنتين 788 بالوا 814 جبل بالوسا 661 بالين 166 بامعدا 663 بامكاخش 507، 707 الباميان 466، 476، 483، 485، 486 جبل الباميان 485 باميرمان (المنصورة) 169 نهر باناس 367 بانجخاش 704 بانذس 796، 800، 801 البانس 60، 61 بانوسة 583، 585 بانيه (بانية) 166، 169، 170، 181، 887 الببر 655 بيشتر 537، 570 ببن 475 ببنوا 755 ببيج 342 ببيلونة 323 بتارش (بيتارش) 737، 856 بتانسة (بتنسية) 782، 785 بتبران 774 بترلة 761، 792، 793، 794 بترنتو 633 بترني 898 بتزة (بتصوة) 875، 876 بتنسية (بتسنة) (بتانسة) 782، 785 جبل البتم 354، 482، 498، 499، 506، 512 بتهنة 60 مرسى بتولية 639 بثرا 166 بثرانة 604، 606، 618 بثرون 150، 158 حصن بثرون 372 بثرة 628 البثنية 376، 377 بثيرة 599، 613، 623 قرية البجانس 563 بجانة 537، 562، 566 بجاية (بجاية الناصرية) 222، 259، 260، 261، 262، 263، 265، 267، 268، 269، 270، 274، 275، 293، 582

وادي بجاية 263 بجة كرمان 427، 429، 433 أرض (بلاد) البجة 10، 40، 44، 46، 47، 134، 135 بجناك 919، 960 البجناكية 834 بجنال 762، 774، 784، 785 بجنبرو 777 البحر أطلنطقيس 93، انظر البحر المحيط بحر بلبونس 791 بحر بنطس (نيطس) ، البحر البنطسي (النيطسي) 12، 804، 812، 816، 825، 831، 832، 835، 899، 905، 906، 914، 920، 921 البحر الخزري، انظر بحر الخزر البحر الحلو 23، 25، 27 البحر الحي 630، 631 البحر الزفتي (البحر المظلم الأسود) 85، 87، 910، 962 البحر الشامي، انظر بحر الشام البحر الشرقي المظلم 511، 518 البحر العماني 51، 65 البحر القسطنطيني، انظر بحر القسطنطينة البحر المظلم، انظر البحر الغربي البحر المظلم (بحر الظلمات) (بحر الظلمة) 17، 105، 217، 224، 240، 525، 535، 536، 537، 547، 550، 728، 730، 736، 859، 879، 880، 902، 905، 943، 944، 946، 951، 955، 957، 962 البحر الملح 44، 49، 55، 67، 133، 134، 144، 155، 199، 203، 239، 246، 251، 252، 297، 314، 319، 335، 343، 356، 370، 371، 855، 856، 907 البحر اليماني، انظر بحر اليمن باب البحر [بلرم] 591 البحرين 10، 54، 65، 149، 159، 162، 163، 379، 385، 386، 387، 391، 392 البحرين [الجفار] 121، 123 وادي بحلاية 628 إقليم البحيرة 536، 537 البحيرة الملحة 827 البحيرة المنتنة (البحيرة الميتة) 354، 355 بخارا 466، 491، 493، 494، 495، 496، 497، 498، 500، 501، 502، 700 حائط بخارا 494، 495، 499، 503 بحيرة البختكان 423 بختة 47 بدار 54

منية بدر 356، 555 بدخس باذ 451 بدرست 452 بحيرة بدشت ارزن 423 بدليس 825، 827 بدنتو (برنتو) 633، انظر جمارة البذ 820 بذارس 725 بذجان 445 معبر بذخشان 466، 481، 483، 484، 486، 487، 488 بذخكث 704، 708 بذرنت 627 بذش 685 بذلان 817، 818 البذنذور 643 البذنذون 810 البذور 81 بذوارة 882، 883، 886 بذولة [وادي أديانة] 788 بذولة [بنبنت] 787 بذونة 48، 49، 58 رباط بر 460 برات 778 براتور 778 براس 637 براسانسة 912 جبل برال 778 جبل بران 129 البرانجان 404 برانة (برونة) 766 برانة البرية 767 براي 776 جزيرة بنت برة 585 بربا 121 برباط 49 نهر برباط 540 بربان 874 أرض (بلاد) البربر (البرابر) 10، 24، 221، 222 وادي البربر 722 بربرة 43، 45، 47، 48، 58 بربلس 622 بربنصة 735، 738، 739، 740، 742، 743، 744، 863، 874 برت اطريز 868، 870 برت بيونة 730، 732 برت شيزروا 730 برت (باب) جاقة 730 إقليم البرتات 538 جبل البرتات 11، 730، 733، 735، 739 نهر برتانو (برثانو) 906 برتانيطي 909 برتقال 725، 726، 731

برتمان الكبير 558 برتيصلابة 882 نهر برثانو (برتانو) 906 برثوني 906 البرج 672، 674، 875 برج اجيلوا (اشيلوا) 763 البرجان [أردشيرخرة] 405 بلاد برجان 12، 905، 911 برجش بري 741، 742، 744 برجة [بجانة] 537، 563، 564، 570 حصن برجة 753 برخة 68 دير بردان 447 بردسير 428، 439 قرية البردوان 296 بردون [برغونية اللمانين] 744، 866، 867 بردون [خوزستان] 380، 393، 397 جبل بردون 756 برديج 820، 821، 822 نهر بردى 367 برذال 725، 735، 736 برذعة 655، 679، 820، 821، 822، 823، 824، 828، 832 برزذين 443، 444 برزلاو 912، 913 برزند 820، 822، 823، 824 برزوا 605، 606 برزولة 912، 913 برزيان 678، 679 برزة [دمشق] 366 برزة [أرمينية] 679، 826، 828 نهر برزة 423 برسخان (برساخان) 510، 511، 512، 515، 711، 714، 715، 938 برسكلافسة 892، 897، 898 نهر برش 498 برشانة 537 برشك 222، 257، 272 برشلونة 538، 555، 582، 583، 584، 730، 734 برصانة 628 جون برصانة 628 برطاس 834، 835، 919، 920 برطانية 93، 855، 856، 858، 859، 874، 947 برطينق 602، 603، 607، 608، 622 برغر 506 برغش 725، 732، 735، 736، 740، 741 حصن برغوث 803، 808 عيون برغوث 810 أرض برغونية 867 إقليم (بلاد) برغونية الإفرجيين 738،

742، 743، 744، 745، 861، 862، 863، 866، 874 إقليم (بلاد) برغونية اللمنيين 738، 742، 743، 744، 745، 746، 861، 864، 866، 867، 872، 874 برفنتو 892، 898 برقانة 248 برقعيد 654، 660، 661 برقة 11، 222، 310، 311، 312، 315، 317 برقة [اليمامة] 150، 160، 161 برقة [بلرم] 622 قرية برك 714 نهر برك 699، 703، 704، 705، 710، 714، 837 جبل البركان 583 جزيرة البركان 583، 586 خان بركانة 414 بركري 820، 824، 825، 826 بركوش 703 بركة الجب 345 برلت 761، 764 برم 426، 427 برمة 48 نهر برنتال 785 برناي 862، 863، 866 جزيرة برنبله 640 برنبلين 337 برنتو (بدنتو) 770، انظر جمارة برنزوا (برنجوا) 767 برنس 892، 896، 897، 908 برنشلي 73 برنقبرذة 873 نهر برنو 954 أرض برنيق 311، 313، 315 البرنية 874 برنة 879، 880 بروان 510، 513، 514 بحيرة بروان 513، 514 بروج (بروص) 186، 187، 190، 191 بروجرد 674، 675 بروص 187 بروة 58 برونة [على ساحل نهر بادي] 754 برونة (برانة) [ايكلاية] 766 إقليم (أرض) بري 740، 741، 742، 743، 744، 856، 861، 874 بريانة 538، 555، 556 البرية 810 البريد 645 باب البريد [مسجد دمشق] 367 بريسى 17، 19، 20 بريم 687 جبل بريم الأحمر 124، 321 جبل البرينيو (هيكل الزهرة) 734

انظر البرتات بزارش 738، 739 بزدة 492، 501 بزليانة 565 بزلة 745، 746، 866، 867، 872، 875 بزنشون 744، 745، 864، 867 بزوارة 878 بزيني 614، 615 بركة بسامجن 494 مرسى بست 648 بست [سجستان] 428، 445، 453، 455، 456، 457، 458، 459، 460، 467 بست [هراة] 474، 475 بستام 678، 685، 688، 689 بستامة 341 بستان ابن عامر 160 بستركم 755 بسترنس 892، 900، 911 بستية 765 بسجرت 834، 914، 923، 925، 935، 960 بسجرت الخارجة 922، 923، 924، 925 بسجرت الداخلة 919، 922، 923، 925، 960 بلاد البسجرتية (البشجرتية) 839 بسطانة 758 بسطة 537، 568، 569 بسكام 704 بسكث 709 بسكرة 260، 264، 270، 279 بسكيش 765 بسنيان 762، 773 بسمد 166، 170، 171، 178 بسنيس 738، 741، 742، 743، 744، 863 بسوارية 623 بحر بسول 528 إقليم البشارات 537 بشالية (بشتالية) 761، 764 بشتاذران 429، 449 بشت باذام 448 رباط بشت خم 417 قلعة (حصن) بشر 260، 267، 270 بشتر 458 بشرونة 133، انظر شرونة بشغورقند 486 نهر (وادي) بشكار 765، 784 بشكصار 537 بشكة سارلة 776 حصن بشكه 947 نهر بشكه 947 طرف بشكير 729

بشلنك 428، 453، 455، 459، 461، 466، 467 خيمة البشنس 330 بشنسون 866 بشهيار 210، 213 نهر بشمين 498 بشين 480 البصرة [المغرب] 530، 531 البصرة [العراق] 65، 160، 161، 162، 163، 380، 381، 383، 384، 385، 386، 391، 666، 670، 671 فيض البصرة 671 بصرى 377 بصنا 380، 392، 397 جزيرة البصى 646 جبال بضحام 815 بطا 43، 45، 47 البطائح 380، 383، 656، 666، 668 طرف البطال 273 كنيسة بطرس [وادي الجهنم] 362 بطرقوقة 628 بطرلية 618، 619 بظرنو 617، 618 بطرنة 564 حصن بطروش 538، 580 قرية البطريق 757، 811 تل بطريق 815 بطش (بطس) 882، 884، 890 بطلاري 606، 607، 609 بطلان 784 بطليوس 538، 542، 543، 545، 550، 580، 581 بطن أعداء 143 بطن ذات كشد 143 بطن مر 141، 142، 346 بطن مرجح 142 بطن مغيرة 345 بطن نخل 163 بطن نعمان 144 بطنت 763 بعقوبا 669 بعلبك 347، 369، 377 أرض بغامة 27، 28، 113 بلاد البغبوغ 97 بغداد 140، 163، 169، 345، 380، 381، 382، 383، 402، 650، 653، 655، 656، 657، 658، 659، 666، 667، 668، 669، 670، 677 بغراز 716 حصن بغراس 652 بغشور 475 بغلان 483، 485

بغلكيك 450 بغنش 694 بغنكث 703 بغنون 845 نهر بغنون 650 بغنين 428، 453، 455، 459، 461، 466 جزيرة بغوضة 758 بغيس 451 بفخيا 806 دار البقر [الأندلس] 580 دار البقر [مصر] 340 البقاع 377 وادي البقر 815 بقري 767 بقصين 882، 884، 885، 886، 888 بقطس (بقطش) 594، 625 بلاد (عمل) البقلار 804، 808 باب البقيع 143 بقيع الغرقد 143 بكة 536 جبت بكة 756 نهر بكة 540 حصن بكر 262 بكراباذ 688 بكلان 781 بكير 615 بكيران 557 بلاح 883، 886، 887 البلاد الإسلامية 595 البلاد الرومية 595 البلاد الشامية 643 بلاس 366 البلاط 538، 550، 551 إقليم البلاط 538 رأس البلاط 623 إقليم (فحص) بلاطة 538، 549 بلاق 30، 32، 38، 39، 41، 42، 43 إقليم البلالطة 538 بلاق 30، 32، 38، 39، 41، 42، 43 إقليم البلالطة 538 بلانة 777 حصن بلاي 572 نهر بلبان 482، 488 جزيرة بلبق 74، 77 جزيرة بلبونس 11، 635، 636، 637، 639، 640، 641، 791، 797 بلبيس 436 نهر بلتس 957، انظر دنابرس بلجة 609 بلخ 466، 470، 475، 477، 478، 479، 480، 481، 482، 483، 484، 485، 486، 500 نهر بلخ 835

بلخاب 822 بلد 654، 660، 662، 664، 665 بلد الفيل 596، انظر قطانية قرية بلذوذ 567 بلرم 587، 590، 603، 622 بلزمة 222، 260، 270 بلشانة 572 بلغار 918، 919، 924 أرض البلغارية (البلغار) 831، 834، 914، 917، 922، 923، 924، 929، 958، 959 بلغرابة (بلغراتة) 878، 882، 883، 886 بلغردون 794، 795، 882، 887، 888 بلفير 725، 736، 737، 855، 856 البلقاء 355، 563، 377 بلقرين 587 بلقس 782، 783 وادي بلقسطروا 788 بلقسة 810 جزيرة بلقنتر 640 حصن بلقوري 785 ترعة بلقينة 339، 340 خليج بلقينة 336 جبل بلكيان 480 بلنجر 828، 918 بلنسول 615 بلنسية [الأندلس] 536، 538، 556، 559، 560 بلنسيا [بربنصة] 738 بلنياس 644 حصن بلنيان 763 جبل بلواك 884 بلور 679 بلوس 335 البلوص 441 جبل البلوص 426 قلعة البلوط 600، 607 بلوطن 808، 811، 812 حصن بلومين 811 نهر بلون 568 أرض بلونية 739، 874، 882، 884، 888، 889، 902، 903، 949 بلي 121 حصن بليان 776، 780 بليسانة 564 بليق (بليخ) 186، 190 بلي قشطرو 758 مرسى رأس بلي قشطرو (اطربس) 758 البلين 172 البلينا 126 بليونش 528 بمجكث 495، 496

بم (البم) 428، 435، 437، 438 بنا 336 أرض (بلاد) البنادقة (البنادقيين) 739، 746، 747، 748، 756، 771، 878، 886، 887، 790 بحر البنادقة (بحر البنادقيين) (البحر البنادقي) 632، 633، 738، 746، 752، 754، 762، 766، 770، 775، 783، 791، 792، 795 جزائر البنادقة 770 جون البنادقة 632، 748 خليج البنادقة (البنادقيين) 11، 17، 754، 761، 770 ساحل البنادقة 11 مملكة البنادقيين 747 بناكث 706، 709 بنبلونة 725، 732 بنبنت 739، 759، 760، 762، 783، 787، 788 جبل بنبوان 106 بنتارغة 614 نهر بنتارغة 614 جزيرة بنت برة 585 بنتدقطلة 628 حصن بنت لرينة 725، 732 بنة انكي 775، 777، 778، 780 بنة توتلي (تاتلي) 780، 781 بنة دبونسي 780 بنة العسل 333 بنجار 713، 715، 716، 719 جبال بنجار 720 بنجهير 484، 485 بنجواي 428، 453، 455، 459، 460، 468 بنجيكث 499، 502 بنخدخ 717 بند 166، 172، 174، 175 بندابو 817، 818 قلعة بندارس 420 قصر البنداري 307 البندجان 380 بندر همان 405 البندرية 318، 319، 342 بندسة 627، 633، 635، 798 بند فمالص 637 بنزرت 276، 288، 289، 300 بنس ادرات 773 بنسة، انظر بنصة حصن بنشكلة 555 بنصة (بنسة) 872، 873، 874، 875، 876 بحر بنطس، انظر البحر البنطسي بنطيز 862، 864، 866، 868، 869 بلاد البنطيم 905

وادي البنفسج 366 قصر بنقة 305 بنقلة 739، 749 بنكث 703، 704، 708، 710 بن 449 بنهنة 80 بنوصة 762 بنوي 892، 894 البنيط 615 به 172 بهار 437 جبل بهرا 353 جبل بهستون 672 البهسني 810 بهشكند 685 بلاد البهلويين 654، 655، 678 بهمن آباذ (بهمناباذ) 685، 690، 691 البهنسا 130، 344 بهنك (بهنك الهند) 207، 208 بهيشة 161 بوا 689 البوازج 658 مرسى البوالص 598، 624 بوان 422، 426 أرض بؤامية (بوامية) (بوانية) (بوابية) 874، 876، 877، 878، 882، 884، 903 بوبش 868، 869 بوبلة 766 بوتر 909، 916 بوتلي 793 مرسى بزوكور (نكور) 533 البوذنجان 416 بوذيانة 794 بورا 199، 206 بوراب 491 بوراغ 719، 721 حصن بورقاد 592، 593 بورة 339 بوزانة 878، 883، 884 البوزجان (بوزجان) 690، 691 نهر بوزماجن 499 بوزنجان 429، 461، 642 عين بوزيدان 387 بوزة 878، 879 بوسته 674 بحيرة بوسرندة 811، 812 بوسمت 315 بوشنج 463، 471، 473، 474، 475، 476، 691 جزيرة بوصا 90 بوصانة 883 بوصير 124، 326، 336

نهر بوغو 726 بوقير 344 وادي بوكريط (كريط) 615، 616، 618 بوكند 711 بولة 761، 766، 767 بولس 618، 620 بولغو 792، 794 بولية 771 بوليا بسيمسقوس (بسمسقوس) (بسيسقوس) 892، 895، 898 جزيرة بوليو 640 بونجكث 503، 504، 505، 702 جزيرة بونسة 586 بونص 748 بونة [بحر بنطس] 907 بونة [المغرب] 269، 275، 276، 291، 292، 299 بونة قار 731 نهر بوه 698 البوهات 335 بوي 738، 739، 740، 741 البويت 345 بوين 402 بيات 146 جزيرة بيار 342 بياس 646، 652، 653 بياسة 561، 568، 569 بياض 121، 133، 329 بيان 380، 392، 399، 400، 402، 671 بيانة [بربنصة] 738، 740، 741 حصن بيانة [الاندلس] 537، 571 بياوش 864، 865 بيبوني 759 بيتارش (بتارش) 737، 742، 856، 861، 862 بيت الأهواء 366 بيت بارين 425 بيت جبريل 358 بيت جبرين 376 بيت القصير (قصير البيت) 304، 306 بيت لحم 362، 363 بيت المقدس 347، 355، 356، 358، 359، 361، 362، 363، 364، 751 كنيست بيت المقدس 728 بيت نار الشيز 669 بيدني 892، 895، 897 بيذ 416 بيذك 415 بيرمان 150 قرية بيرة 449، 450 وادي بيرة 559 حصن بيرة 562، 569

بيروت 347، 370، 371، 372، 377 طرف بيروت 371 بيزوي 892، 895، 896، 899 بيسان 347، 354، 355، 356، 363، 377 بيسرة (بيصرة) 738، 747 بيسوس 330 بيش (بيشة) 585، 739، 742، 750، 756 نهر (وادي) بيش 585، 754، 755 بيش [نهامة] 145 بيشة [مكة] 145، 150، 152 بيشة [بحرين] 379، 386 بيشة [دسقانية] 739 بيشة حاران 148 بيشة يقطان 146، 148 بيصرة، انظر بيسرة البيضاء [الخزر] 828، 918 البيضاء [فارس] 380، 403، 404، 418، 426 البيضاء [جزيرة العرب] 345 البيضاء [المغرب] 240 أرض (بلاد) بيطو 725، 735، 736، 737، 855، 874 بيطة 816 بيقو 604، 606، 618 بيك 487 بيكند 493، 494، 495، 496، 700 البيلقان [أران] 679، 820، 822، 828، 830 بيلقان [المغرب] 276، 278 بيلو 878 البيمجان 413 بيمند 434، 437 حصن بيندر 581 بينش (فينش) [برطانية] 855، 857، 859 قرية بينش [إلى قامرون] 816 جزيرة البيمان 77، 78 بيوت نيران 424، 425 بيونة 725، 728، 729، 730، 732، 735 نهر بييوصة 790 - ت- حصن تابحريت 534 تابرندا 247 تات 781 جبل تاتي 344 تاجوة 27، 30، 199 أرض (بلاد) التاجوين 30، 32، 115، 119، 121 تاجه 205 نهر تاجة 547، 551، 553

تادرفت 262 تادرة 255 تادلة 221، 240، 241، 242، 243، 249 تارست باد 444 قصر تاركا 532 تارم 403، 404، 408، 417، 425، 440 تارو 249 تارودنت (تارودنت السوس) 221، 227، 228، 229، 241 تازكاغت 221، 223 حصن تازكا 263 تافرتنيت 534 حصن تافلكايت 263 تافنات 297 جبل تاقربست 255 تاقررت (مكناسة) 244، 245 حصن تاكلات 262 تاكنست 317 تالة 268 تامامت 221، انظر تانمالت تامدفوس 258، 259، 273 تامدفيت 297 تامديت 292 جبل تامديت 249 نهر تامرا 667 وادي تامركة 728 تامزكيدة 254 تامسيت 296 تاموني 907 جبل تانسف 127 نهر تانسيفت 235 تانمالت 230 تانه 186، 191 تانيت 252 تاهرت 222، 251، 253، 255، 256، 257، 294 مدينة بني تاودا 248، 249، 533 تاورت 262 تاورغا 298 تاورة 244، 245 تباستو 816 تبالة 146، 150، 151، 152 بلاد التبت 204، 354، 466، 487، 509، 510، 511، 512، 513، 515، 701، 718 بلاد التبر 23، 24 تبريز 680، 682، 826 تبسة 260 تبوك 347، 350، 351، 352، 376 تتا 342 تته 186، 194 تثرو 119

تخاط 808، 812 تدلس 222، 259، 273 كورة تدمير 538، 559 ترانة (ترانية) 762، 784 تربة 145 تربيعة 592، 625 ترتغرير 785 ترجالة 550 ترجل 788 ترسة 774، 786 ترسة أبي ثور 623 قصر ترسة داود 300 ترسة عباد 623 ترش 856، 862، انظر طرش ترشيز 447، 449، 464، 465، 690، 692 ترشيش 285، انظر تونس ترعة بلقينة 339، 340 ترغارقو 762 ترغورون 761 ترغوري (طرغورس) 769، 791 ترفة 131 أرض (بلاد) الترك (الأتراك) 482، 491، 510، 511، 517، 521، 552، 706، 712، 831، 924 أرض (بلاد) الترك الخرلخية (الخرلخ) 510، 511، 704، 926 أرض (بلاد) تركش (التركش) 850، 933، 934 الترمذ 481، 482، 488، 489، 491 ترملس (ترملة) (ترملس إبلاية) 762، 765 ترنت 765 وادي ترنت 765 ترنجي 678، 686، 688 ترنوط 341، 342 تروبي (تروبية) 903، 904، 912 تروغوذ 690 تروغوز 692 تريم 56، 154 تزمنت 125 تساممت 345 تساوة 112 تستر 380، 392، 393، 394، 395، 396، 400، 402 نهر تستر 393، 395، 398 تستيح 693 نهر تسين 753، 754 تشمس 530 تطن وقرى 222، 242 تطوان 531 تطيلة 538، 554، 725، 733 طرف التعدية 318 حصن التعكر 54

أرض (بلاد) التغزغز 510، 511، 513، 517، 519! 521، 711، 718 تفليس 813، 814، 817، 818، 820، 823، 825، 829، 830، 908، 935 تقربت 250 تقيوس 276، 277 تكالك 703 تكث 704، 709 تكرور 17، 18، 19، 20، 106، 225 تكريت 656، 658، 659، 666 تكوش 275 تكين باذ 459، 468 تل 453، 455، 468 التل 681 تل أرسناس 815 تل أعفر 665 تل بطريق 815 تل حمدون 814 تل بني سيار 662 تل فراشة 661 تل موزن 649، 663 تل نزعة 663 تل وان 679 تلمسان 222، 246، 248، 249، 250، 252، 255، 256، 534 تمالتة 247 تمانيح 444 بلاد التمر (بلاد الجريد) 61 عين التمر 352 قرية تمسنان 250 تملمة 27، 29، 118 تمليات 487، 488 جبل التمورة 790 تنبوك 405، 409، 421 تنجس (تينجس) ، انظر تيجس تنتبغ (مدينة الملك خاقان) 510، 511 تندلي 250 تنس 222، 250، 251، 252، 253، 257، 272، 582 جبل تنوخ 353 تنور فرعون 326 جزيرة تنومة 82، 83 قصر تنيذة 305 تنيس 330، 331، 333، 335، 336، 337، 338، 369 بحيرة تنيس 335، 336، 337، 338، 357 خليج تنيس 340 تنيسبر 882، 889 تنينير 654، 661 تهامة 10، 55، 138، 145، 147، 148، 160 بحيرة تهامة 843

نهر تهامة 844، 846 التهنية 657 توج 403، 411، 414، 418، 422، 425 توجش (توجوس) 584، 627، 772 توذر 752 نهر توذر 752، 753 توزر 277، 278 طرف قصر توسيهان 302 توضح 161 قصر توكرة 313، 315 باب توما 368 جزيرة تونة 336، 338 تونس [المغرب] 276، 284، 285، 286، 288، 289، 290، 293، 294، 300، 301، 302 تونس قرطاجنة 587 وادي تونس 300، 301 قرية تونس [مصر] 329 تونكث 704، 709، 710 تونين 236 توى 680 تويوين (تيويوين) 221، 228 تيتلوس 882، 886 تيتيرى 833 تيجس (تنجس) (تينجس) 222، 292، 293 صحراء تيديت 344 قرية تير 416 التير 157، 172، 173، 179 تيران 345 تيرة 414 تيرقى 22، 25، 112 تيرمردان 409 مجابة تيسر 18، انظر نيسر نهر تيسيا (تيسية) 888، 889، 903 تيفاش 222، 260، 267، 295 حصن تيفاف 294 حصن تيقساس 532 تيقطين 236 تينجة 288 بحيرة تينجة 288 تيماء 145، 351، 352 حصن التينات 646، 652 جزيرة تينو 641، 642 رأس تيني 640 أرض (فحص) التيه 11، 322، 347، 348، 376 بحيرة تيهمت 131 تيويوين (تويوين) 221، 228 جبل تيوى 250 - ث- ثابون 959 جزيرة ثارة 167، 182

حصن الثجة 152 الثرثار 655، 658 نهر الثرثار 659 ثرمسية 911 قلعة ثرمة 592، 604، 605، 606، 620، 625 ملعب ثرمة 265 الثعبانية 336 ثعلبية 379، 381 طرف ثغلال 533 قنطرة ثكان 415، 421 الثلاث كنائس 625 جبل الثلج (شلير) 569 نهر الثلج (نهر شنيل) 569 جبل ثمانين (جبل الجودي) 664 بثر ثمود 351 ديار ثمود 376 ثميانس 796 جزيرة ثنو 627، 633، 634 الثنية 160 ثنية الأعيار 143 ثنية المرأة 142 ترسة أبي ثور 623 قلعة أبي ثور 618 ثونية 318 ثينخ (الثينخ) 510، 513، 514 - ج- جابشت 459 جزيرة جابة 81، 82، 95 الجابية [دمشق] 368 الجابية [لبنان] 377 باب الجابية [دمشق] 368 جاجان 837، 838، 840، 841 جزيرة جاجنت 627، 634 جاذرة 761، 768، 790، 792 جاذوا 474، 475 الجار 132، 137، 144، 346، 350، 351 جارباية 484، 485 جارطرش (جارترش) 859، 862، 863، 866 جاركان 490 جارون 443، 444 جارين 426 حصن جاطو 604، 605، 607، 608 جاقة (جاقا) 536، 538، 725، 730، 733 برت (باب) جاقة 730 جبل جالوت البربري 121 جزيرة جالوس 78، 80 جالوش 862، 863 جاليطة 909 جامع قرطبة 359، 360

الجامعان 671 الجامور الصغير 301 الجامور الكبير 301 جاه بر 450 الجائزان 400 الجب 345 جب مناد 344 ناحية جبال [الشام] 357 أرض (بلاد) الجبال [فارس] 671، 677، 678، 679، 683 جبان 603 جبت بكة 750 جبرون 787 حصن جبرة 554 بيت جبريل 358 بيت جبرين 376 جبرين الغور 377 جبطاط (جبطات) 762، 786 جبطنوبة 767 جبغوكث 703 جبل [العراق] 671 الجبل [خاقان] 711 الجبل الأسود 445، 458 جبل الفضة 474 بلاد الجبل 654، 655، 659، 670، 674، 678، 681 جبلاطيء 380، 381 جبلتا 658 جبلة [بحر الشام] 347، 644 ربض الجبن 640 جبناس 763 جبوزن 703 جبى 380، 392، 399، 666 حصن جبيطة لبرال 775، 778، 779 جبيطيرة 771 جبيل 347، 372، 377 جبيلات 346 الجحشية 661 الجحفة 132، 137، 142، 350، 352 جدة 53، 132، 134، 135، 137، 138، 144، 148، 350 جدر 377 جدغل 704، 707، 708 جدمان 445، 454، 458 جدوة 332 الجديدية 343 جديلة 160 جراجي 627، 628، 772 وادي جراجي 628 رحل (منية) جراح 336 جراس 619، 620 جرامي 617، 619 نهر (وادي) جرامي 617 جراوة 534

جراوة ابن قيس 247، 248 جرباتن 183، 186، 192، 198 جزيرة جربة 305، 306 جرتة 950 جرج منارة 443 بلاد جرجان 12، 678، 685، 686، 688، 689، 693، 697، 822، 830، 832، 833، 834 بحر جرجان 12 الجرجانية 481، 695، 696، 698، 699، 700 جرجرايا (جرجراي) 380، 655، 669، 671 جبل جرجرة 260 جرجير [مصر] 346 جبل جرجير (جرنجو) (قيطنة العرب) 756 قصر جرجيس 306، 307 جرحا 689 قصر جردان 300 قلعة الجردمان 829 الجرذان 657 جرزان 828 الجرزوان 479 جزيرة جرسة 770 جرسنة 762، 782، 786 جرسون 643 جرسيون 803 جرش 145، 146، 148، 150، 151، 152 نهر جرشيق 422 الجرطة 618 حصن الجرف 561، 574 قصر (طرف) الجرف 305، 306 جرف الطفل 624 رأس جرلة 759 جزيرة الجرمان 624 جرمانية 794 جرمق [خاقان] 510، 512 جرمق (الجرمق) [فارس] 403، 411 جرمنقان 489 جرمة 108، 112 جرمة الصغرى 112 جرنتية (جرنسية) 786 جبل جرنجوا (جرجير) (قيطنة العرب) 756 جرندة 583، 735 جرنسية (جرنتية) 786 جرنغراتة 882، 889 جرنموده 880، 945، 946 جرنيص 654 جروا 776، 777، 778 جرواسية 11، 767، 769 جبال جرواسية 770

بلاد الجروم 425، 426، 434، 469 جرة 409، 422، 424، 425، 426 نهر جرياب 481، 482، 487، 488 جريان 654، 663 ساحل جريان 650 الجريش 341 طرف جرية (جربة) 272، 274 الجزائر (جزائر بني مزغنا) 222، 258، 273 جزة 428، 453، 456، 457 أرض (بلاد) الجزيرة 653، 654، 658، 663، 664، 665، 825، 826، 827 الجزيرة 302، انظر باشو الجزيرة [بلرم] 622 الجزيرة البيضاء 313 الجزيرة (الجزائر) الخضراء 10، 527، 528، 536، 539، 540، 570. إقليم جزين 370 الجسر 643 جسطة 68، 79 الجسمانية 361 دير الجص 452، 453، 683 قصر ابن الجعد 303 الجفار 121، 123، 356، 381 جزيرة بني جفح 657 حصن أم جعفر 700 جفلة 604، 606، 612 جفلوذي 593، 620، 621، 625 جفلوذي الصغرى 625 جزيرة جفلونية 627، 634 رأس جفيرة 628 حصن جلاب 663 وادي جلاج 757 الجلادجان 421 جبل جلاوة 269 جلبة 644 جلفار (جلفاره) 150، 158، 162 قصر جلة 300 جلولاء 669 جلولة 295 بلاد جليقية 725 جم 380 بئر الجمالين 297 نهر جلمطسة 813 جمارة (بدنتو) (برنتو) 627، 633، 770 حصن جمشقا 814 جمونس 278 الجميلة 363 جنابا (جنابه) (جنابة) 379، 403، 412، 414، 421، 425 جناد الصغير 317 طرف بني جناد 273 جبل الجنادل 39

جنازته 882، 890، 903 جناول 180، 186، 187، 188 جنبذ كاوسان [بيت نار] 425 جنبرة 738، 743، 744، 745، 864، 866 جنبيتة 42، 43، 44 جنتيار 955 جنجالة 538، 560 جنجان 405، 409 جنجر 333 نهر جنجس الهند 194، 650 حصن جنجكو 814 الجند 152 الجندور 166، 169، 177، 180 جندي سابور 380، 392، 396، 402، 676 جنزروذ 439 جنزة 655، 820، 823، 828، 830 حصن جنس 780 جنش 622 جنطمة 67، 68 جبل جنف 845 نهر جنف 845 جنقالة 783، 784 الجنقان 422 جنقو قسطروا 772 بحيرة الجنكان 424 حصن الجنوب 613، 615، انظر قلعة الخنزارية جنوة 739، 742، 749، 750، 753، 754، 755، 756 إسكاف بني جنيد 669 جه 405 جهرم 380، 403، 408 قصر جهم 300 وادي جهنم 362 الجهنيين 294 ديار جهينة [جزيرة العرب] 352 جهينة [مصر] 121 جهينة [جرجان] 689 جواردان 402 جوبانان (الجوبانان) 416 الجوبرقان 423، 426، 427، 432 جوثوه 833 طرف جوج 272 جوجر 337 جبل جوجيس 112 جبل الجودي (جبل ثمانين) 664 قلعة جوذرز 420 جوذقة 616 جور 380، 403، 405، 406، 407، 409، 410، 413، 423 بركة جور 425 قرية الجوز (هرمز الملك) [فارس] 416، 435

قرية الجوز [بست] 811 حصن جوزات (الجوزات) 294، 653، 810 ناحية (بلاد) الجوزجان 354، 468، 478، 479، 480، 483 جبال الجوزجان 478 جوسية 374 جبل جوغان 681 الجوف 343 جول 715 جولان 377 جومة 459، 469 قرية جون 816 حصن جونديو 806 حصن جونية 372 جوة 45، 47، 48 الجويث 655، 667 الجويخان 421 جويم 403، 404، 408، 415 جوين 437، 438، 458 الجي 356 جيان 537، 568، 569، 581 حصن الجية 371 جيبطيرة 760 جيجل 222، 267، 268، 269، 274 جيجيرش 868، 869 نهر جيحان 647 نهر (وادي) جيحون 354، 466، 481، 482، 487، 492، 508، 650، 691، 697، 698، 699، 700، 707، 709، 835، 837 الجير 436 قنطرة جيرد 499 جيرفت 428، 433، 434، 435، 438، 439، 440، 442 جيرنج 477 باب جيرون 367، 368 الجيزة 323، 324، 327 جيك لبوكة 877، 879 الجيل 150، انظر الخيل الجيل 688، 832، 834 جيلان 53 وادي الجيلاني 673 جينانجكث 703، 710 جينزيز 426 جينقو 716، 717 - ح- حائط بخارا 494، 495، 499، 503 حار 413 حاران القرين 148 الحارث 829 حاسك 49، 56، 57، 66 الحافر 343 جبل حامد 602 حامرى 73

حانوت 334 حبتون 655، 658 أرض (بلاد) الحبشة 10، 30، 32، 38، 40، 42، 43، 44، 45، 46، 47، 49، 50، 52، 53، 58، 63، 98، 135، 325 وادي الحبشة 43 قصر حبلة 304 وادي الحجارة 538، 553 الحجاز 10، 52، 133، 139، 145، 146، 159، 223، 347، 381 حجر [اليمامة] 54، 150، 160 الحجر [وادي القرى] 347، 351، 376 مدينة الحجر [المغرب] 531 دار الحجر (قصر علي بن يوسف بن تاشفين) 233، 234 حجر ابن أبي خالد 545 حجر ابن الفتى 623 الحجر المثقوب 612، 613، 615 رباط الحجرية 460 الحدادة 685 حصن الحدث 373، 643، 651، 652، 814 حدران 681 نهر حدروا 569 الحدوثة 386 الحديثة 654، 658، 659 جبل الحديد 240 باب الحديد [الشاش] باب الحديد [خراسان] مرسى الحذاق 624 جزيرة حذو الكر 832 الحذيقة 160 وادي الحر 370 رحل حراقة 612 حران 643، 649، 654، 663، 664، 665، 827 حردقوب 810 مخلاف الحردة 52 حرسة 366 حرسون 253 طرف الحرشا 535 حرقرة 315 الحرم [جامع مكة] 139، 140 حرورى 459 منية الحرون 333 رستاق حزة 660 قصر حسان بن النعمان الغساني 298 قصور حسان 314 الحسبة 147 حسداء 146 جزيرة حسران 218 حسك 186، 196 قصر بني حسن 308

حسين آباذ 685 بئر الحسين 708 جون الحشيش 49، 52، 57 الحصن الزاهر 540 حصن الحديد 262 رأس الحصن 373 حصن الجنوب (قلعة الخنزارية) 613، 615 حصن ذي القرنين 815 جزيرة حصن الماء 336، 338 حصن مهدي 393، 394، 395، 398، 399، 402 الحضر 654، 658، 659 الحضرمة (حضرمة اليمامة) 150، 159، 160، 161، 392 حضرموت 50، 55، 56، 150، 154 حطبناس 637 رباط حفص 686 حقل (الحقل) 345، 346 جزيرة أم حكيم 539 حلب 375، 378، 643، 648، 649، 651، 652 حلق الزاوية 543 حلوان 666، 669، 670، 672، 673، 674، 676، 677 أحواز حلوان 353 حلي 137، 138، 148 جب حليمة 317 حوانيت أبي حليمة 318 حماة 645 بلاد بني حماد 252 خان حماد 415، 421 قلعة بني حماد 254، 260 الحمار 620 جزيرة أم الحمار 583 جزائر الحمام 272 حصن الحمام 373 قرية الحمام 815 مرسى الحمام 624 حمام الدماقر 364 حمام اللؤلؤ 364 حمام المنجدة 364 الحمامات 293 طرف الحمامات 302 الحمة [إفريقية] 276، 277 الحمة [صقلية] 602، 608، 612 حصن الحمة [جوار بجانة] 565، 566 حصن الحمة [جوار لورقة] 561 حمة غششر 567 حمة وشتن 567 تل حمدون 814 الحمراء 694 رأس الحمراء 275 حمرتاش 643

مرج حمر الملك بدرولية 809 حمص [البحرين] 386 حمص [الشام] 347، 353، 374، 375، 377، 378، 645، 649، 650 الحمى الصغير 329 الحمى الكبير 329 بئر حميد 708 الحمية 145 جب حميرة 134 أرض حندغة 838 حصن الحنش 581 الحنفية 376 حنيان 386 حنية الروم 318 قرية الحوات 809 وادي الحوالي 660 الحوانيت 671 حوانيت أبي حليمة 318 الحور 166، 172 وادي الحور 809 الحوراء 346، 350 حوران 377 الحوريث 829 الحوض 446 الحوف 324، 343 منية الحوفي 333 حولك 711 حولة 377 حومة قزالة 650 حوملة 450 حي عمرو بن عوف 143 أرض الحيات 34 بحر الحيات 87 عين الحيال 665 حيام 838، 839، 841 نهر حيثان 931 حيران 55 الحيرة 379، 382 حيفا 365 حينى 654 - خ- خابسان 459، 460، 469 رستاق الخابور 660، 662 نهر الخابور 650، 657، 661، 665 خابيرون 180، 185 خابين 461 خاتونكث 703 خارست 797، 799 جزيرة خارك 379، 387 خاست 468 خاسكين 429، 452، 465 خاش 709

خاشان 445، 458 خاصوا 606 جبل خاقوني 48 بلاد خاقان التغزغز 510، 516، 519 مدينة خاقان (تنتبغ) 510 مدينة (بلاد) خاقان خرلخ (الخرلخية) 518، 521، 711، 714، 715، 719، 720، 721 حجر ابن أبي خالد 545 جزائر الخالدات 17، 103 الخالصة 591 الخالوقة (الخانوقة) 657 الخان [أرجان] 401 الخان [المراغة] 680 خان آزاذمرد 413 خانفو (خانفوا) 84، 85، 89، 97، 213 خانقين 655، 669 خانكو 85، 97، 213 الخانوقة (الخالوقة) 650، 654، 657، 661 خاوس 505، 702، 709 خايمند 462، 690 خبر 434، 438 الخبارجان 679 الخبروقان 427، 440 خبير 145 خبيص 428، 438، 439، 446 بلاد الختل 466، 481، 482، 487، 491، 513 خجادة 495، 496 خجندة 504، 505، 507، 701، 702، 705، 706، 707 خديمنكن 495، 496 خذوشطة 812 خذينكث 703، 710 الخرار 142 الخرارة 415 خراسان 178، 196، 354، 394، 415، 423، 425، 428، 430، 434، 442، 446، 447، 450، 456، 461، 466، 468، 470، 480، 481، 490، 495، 501، 503، 504، 506، 521، 650، 669، 674، 677، 683، 688، 689، 692، 693، 695، 697، 700، 839، 938 قنطرة خراسان 406، 423 خراسان آباذ 471 خراسانات 648 خرانة 448 خربة القوم 318 خرتان 49، 52، 56، 63 الخرج 379

خرخانكث 704 الخرخير (خرخير) 513، 517، 519، 520 خردا 846 فحص خراز 238 مرسى الخرز 276، 290، 291، 299 رباط خسك 445 خرسندة 907، 908 بلاد خرسيون 810 خرشكث 703، 704 خرشنة 803، 811 خرطبرت 813، 818 خرغانكث 495، 497، 499، 503 خرقانة 504، 505، 506، 702، 708 الخرقانية 330 خركرد 463، 473 خرلاصة 804، 808، 812، 814 أرض (بلاد) خرلخ (الخرلخية) 354، 510، 511، 515، 714، 718 خرمان 926، 931، 932 نهر خرمان 932 خرمة 418، 426، 427، 431 الخروج 174 رستاق خزار 500 الخزان 603، 604 خزخراكث 521 أرض (بلاد) الخزر (الخزرية) 12، 510، 511، 688، 697، 714، 828، 829، 832، 833، 834، 905، 914، 918، 919، 920، 929 مدينة خزرية (الخزرية) 915 خزومي 814 برية خساف 352، 649 خسب اندراب 483 خسراجي 460، 469 خسروجرد 685، 691 خسوا 404 الخشبات 385 خشت 470 خشطش 816 خشكاريش 674 الخضراء 253 الجزيرة الخضراء 10، 527، 528، 536، 539، 540، 570 الخط 386 خط الاستواء 8، 9، 32، 33، 37، 42، 37 قصر بني خطاب 306، 307 الخفر 345 رستاق خفرز 416، 423 أرض خفشاخ 934 خلار 415، 426 خلاط 820، 824، 827، 828

خلجان دجلة 650 الخلجان الستة 9 خلج 455، 459، 466 خلجدونية 906 أرض الخلجية 711، 718 عمل خلدية 804 قرية بني خلف 267 جون خلفات 56 خلم 483، 484 رأس خلي 625 الخليج الأخضر 9 الخليج البنادقي 11، 770، انظر البنادقة الخليج البنطسي 895، 905، 906 الخليج القسطنطيني 11، 12، انظر القسطنطينة خليجان 698 حجر أبي خليفة 625 قلعة أبي خليفة 300 منزل (ملجأ) خليل (منزل أبي خليل) 616، 615 قرية الخمارية 333 خمايجان السفلى 405، 409، 426 خمايجان العليا 405، 409، 423، 426 نهر خمدان 205، 206، 208، 210، 213 خمرك 704 خمليح 918 سوق الخميس 262 خناب 428، 437 الخنادق 573 خنان 823 خناوش 716 الخندق [اقريطش] 640 خندق آش 567 خندق فبير 567 خندكة 813 قلعة الخنزارية (حصن الجنوب) 613، 615 جبل رأس الخنزير 646 مرسى الخنزيرية 750 أرض خنغاكث 932 رباط خنكل آباذ 459، 468 رستاق الخنيفغان 423 حصن الخوابي 375 خوار (الخوار) 678، 684، 687، 689 خوار الري 685، 689 خوارزم 476، 481، 482، 695، 696، 697، 698، 699، 706، 923 بحيرة خوارزم 353، 481، 482، 695، 698، 706، 829، 837، 839 الخواروستان 405 خواش [جوار كابل] 186، 196

خواش [خوارزم] 698 خواش [سجستان] 428، 453، 456 خواكند 507، 707 الخوبذان 405، 409، 415، 421 نهر الخوبذان 421 خوجان 690 خور 446، 447، 462، 463، 464 مرسى خور 950 رباط خوران 448، 449 خورستان 403، 410، 417 أرض خوزستان 380، 392، 393، 394، 400، 401، 404، 412، 415، 421، 424، 666، 675، 677 مفازة خوسب 446، 447، 463، 464 خوكخليا 179 خولان ذي سحيم 148 الخونج 681 خونيجان 675 خوي 680، 820، 826، 828، 829 قصر الخياط 302 خيبر 347، 351، 352 حصن خيخم 715 خيدجين 451 جزيرة خير [البحر الفارسي] 151 خير [كابل] 196 الخيرة 427 خيزان 829 خيسار 470، 472 خيغون 199، 203، 205 الخيل (الجيل) 150، 162 خيلام 508، 708 خيماخيث 926، 930، 931 خيمة الشمس 330 جزيرة خيو 641 خيوان 146، 147، 151 خيوه 696، 697، 698، 699، 700 نهر خيوه 698 - د- دابق 649 نهر دابلي 790 دابية 765 داحس 54، 55 داخرقان 680، 682 محلة الداخل 340 دادمي 926، 927، 928، 930 داذين 422، 426 دار الدواب 294 دارا 662، 663 دارادبجرد 403، 404، 406، 407، 408، 417، 425 دارجان سياه 423 دارجين 438

دارخون 510، 515 دارزنجي 489 قرية دارست 256 دارستان 445 دار الصناعة [بلرم] 591 قصر الدرق 297 دارك 444 بحر دارلاوي 79، 87، 92 دارمرد 450 جزيرة دارمرشة 949، 951 دارمرين 222 رباط دارنك 491 داروا 438 دارونة 449 داريا 366 داكباياه 419 الدالجي 452 الدالية 650، 654، 656 مرسى دالية 625 الدامغان 678، 685، 688، 689 دامية 815 قصر أبي دانس 538 دانية 538، 556، 557، 560، 582 مدينة داود 115 بلد داؤود بن العباس 468 قصر ترسة داود 300 داود باد 675 الداور 455، 457، 459، 461، 466، 467 داي 221، 240، 242، 243 دبرس 880، 945، 946 دبقو 338 الدبوسية 497، 499، 503 جزائر الدبيحات 69، 70، 71 دبيل 820، 823، 824، 826، 828 دبيلة 725 مرسى الدجاج 259، 273 نهر دجلة (الدجلة) 382، 383، 384، 385، 392، 399، 400، 402، 650، 654، 655، 656، 658، 659، 660، 663، 664، 665، 666، 667، 670، 671، 825 دجلة العوراء 383، 671 دجون 742، 743، 744، 863، 864 دجيل 655، 659 نهر دجيل الأهواز 393 دخكث 704، 709 دخلة ابن دكني 624 دخلة القصاع 624 دده 186، 194، 195 ددوا 80 دراب 357 دراس 790، 791، 792، 793، 794، 798

دراست (ادرست) 761، 769، 770 الدراقي 657 الدراكان 417 مرسى الدرامن 624 الدرب 810 درب المغررين [لسبونة] 548 دربختجان 405 دربند 490 درتل 461، 466، 467، 468 مرسى درته موده 944 الدرجة 625 الدرجة الصغيرة 625 الدرجة الوسطى 625 درخاس 700 الدرخويذ 403، 405، 409 بحيرة درخيذ 421 نهر درخيذ 421 الدردور 151، 164، 167 درش 686 درعة 105، 221، 226، 227، 249 درغاش (درغاز) 696، 697، 698 درغش 453، 455، 461، 467 رستاق الدرغم 499 درفارد 434، 438، 442 درقو 837، 840 درك يامونه 180 دركوجوى 447 درمنه 689 باب قنطرة درميكين 690 جبل (جبال) درن 229، 231، 232، 241، 250، 264 درندة 837، 840، 927 نهر درندة 927 درنة 451 الدروازق 446 نهر دروة (ذروة) 874، 878، 883 قلعة دروقة 538، 554 درولية 809 درونة 761، 765 دريز 414 دريسترة (درسترة) 897، 898 جون درين 318 دزق 428، 691 دزك 166، 172، 174، 175 دزة [الري] 452، 453، 683 حصن دزة [سجستان] 428، 445، 458 دزة [مرو الروذ] 478، 480 دستريس 766 دسقالية (الدسقالية) 759، 788 إقليم (بلاد) دسقانية (دسقانة) 739، 874 الدسكرة (دسكرة الملك) 655، 669 دسينة 897، 911

خان دشت أرزن 414 دشت بارين 405، 411، 426 دشت اليوشقان 426 دشت الرستقان 421، 426 دشت شوارب 413 دشمة 567 دعة 376 دغرغة 80 دغواطة 768 دغوطة 79 طرف الدفالي 535 جزيرة دفنيسية 906 الدكان 674 دكمة 296 دلاص 131 دلاية 563، 570 دلجينة 761، 791 دلماسية 11، 767 دما 156، 162 دمالة 804 دماميل 128، 129 دمترياذة 799 الدمدم 116 جبل دمر 299 دمراه باذ 443 دمرناخ 715، 716، 717 دمسيس 330، 332، 334، 335، 336، 339 دمشق 149، 347، 366، 367، 368، 369، 370، 372، 374، 375، 376، 377، 378، 645 باب دمشق الغربي 366 دمغين 451 دمقلة 27، انظر دنقلة دمندار 451 إقليم دمنش 593 دمو 337 دموريا 712، 713، 714 دميرة 338، 339، 340 محلة (منية) دمينة 337 دمة 376 دمياط، انظر ذمياط نهر دنابرس 12، 909، 912، 913، 921، 957 دنام 855، 858 جبل دنباوند 655، 684، 688، 689 حصن دنباوند 655، 689 دنبلي 892، 899 دنبهة 926، 932 دنج 430 دندارة 586 رأس دنداري 625 الدندانقان 477 دندرة 126 جزيرة دندمة [صقلية] 583، 586

دندمة [سفالة] 67، 68 جزيرة دنس 948 دنست 904، 909، 955 دنشال 341 دنفغانكث 703 دنقلة (مقلة) 27، 32، 37، 38 دنهاجة 530 نهر دنو 12، 794، 795، 875، 876، 878، 883، 884، 885، 888، 893، 894، 895، 896، 897، 898، 901، 904، 908، 909، 912 دنوش 811 دهراة 713 دهروط 124، 329 الدهس الصغير 273 الدهس الكبير 273 دهستان 474، 678، 688، 835، 843 قرية دهشور 327 دهك 450، 459 دهمان 162 دو 17، 19 دار الدواب 294 الدور 655 دور مدين 267 دورق الفرس (سرق) 392 الدورق (مدينة الرستاق) 380، 395، 398، 400، 401 دوسر (الدوسر) 649 دول 855، 858 دولقه 186، 187 دوما 347 دومة الجندل 145، 147، 352 دونالمه 947 نهر دويره 727، 731 الدوينة 345 ديابة 864، 865، 870 ديار ثمود 376 ديانة 783 ديبران 689 الديبل 166، 167، 168، 169، 170، 172، 173، 181 جزيرة الديبل 167، 181 الديبنجان 405 الديذكي 492 دير بارما 669 دير الجص 452، 453، 683 دير الفيوم 329 ديرا 380، 401 ديرن 444 ديزكران 669 ديزك 504، 505، 702، 708 ديسينة 892

الديلم 12، 655، 672، 678، 686، 687، 688، 689، 834، 923 بحر الديلم 12 جبال الديلم 353، 678، 686، 687 مدينة الديلم 655 قنطرة الديلمي 412 الديماس 303 أم دينار 341 دينارزاري 689 جبل دينان 421 الدينور 655، 670، 671، 673، 676، 677، 678، 679 ديواره 692، 694 - ذ- ذات الحمام 318 ذات عرق 160 ذات المنازل 376 ذات اليمين 163 ذالخوا 510 ذرقيو 808 ذروجة 816 ذروة 341 ذريد الجبال 541 نهر ذروة (دروة) 874، 878، 883 قصر بني ذكومين 306 حصن ذلر 567 ذلوجية 769 ذمار 53، 54، 152 ذملية 805 ذمياط 330، 331، 333، 338 خليج ذمياط 339، 340 نهر ذنو 746 باب الذهب 690 جبل الذهب 34 حجر الذهب 376 ذهل 689 مدينة ذهلان [الشاش] 841 قلعة ذهلان [الكيماك] 715، 716 ذو جبلة 54 ذو خشب 144، 345، 376 ذو سخيم 147 ذو شمر 143 ذو الكلاع 804 ذو لبرلة 880 ذو المروة 345، 376 ذونية 816، 817، 818 حصن ذي القرنين 815 جزيرة ذيلو 642 - ر- الرأس 625 رأس الأودية 306 رأس اسكيا 641

مرسى رأس بلي قشطرو 758 رأس الرخيمة 301 رأس الرملة 305 رأس العقية 713 رأس عين (رأس العين) 649، 654، 661، 662، 665 رأس الغابة 810 باب رأس القنطرة 690 الرابطة 562 رابطة روطة 540 رات 753 راجحة (نه) 457 جبال راس 845 راسك [سجستان] 443 راسك [مكران] 166، 172، 174، 175 راسين 415 بلاد الراشت 490، 504، 513 حصن راشت 696 الراعبية 373 الرافقة 169، 643، 650، 654، 665 رافو (ارفو) 262 جزيرة راقا 220 رام هرمز 380، 392، 395، 398، 402 رئما 143 رامجرد 423 رامن 675 رامة 150، 160 جزيرة الرامي 75، 76، 77 إقليم الرامي 370 نهر الرامي 370 الراميجان 405، 409 عين رامس 686 الران (أران) 679، 820، 822، 824، 828، 829، 830، 832، 834 جزيرة (جزائر) الرانج 61، 62، 63، 67، 99 مدينة الرانج 157 رانوش 863 جزيرة الراهب [صقلية] 583، 587، 601 جزيرة الراهب [الشام] 373 جزيرة الراهب [مصر] 342 راهط 145، 347 الراهون 173 راور 447 راون 483 جبل راية 605 الرايز (الرائز) 868، 869، 871 رايش 868 رايش 868 الرايكان 692 راين 438

الرب 654، 656 عين رباح 292 قلعة رباح 538، 550، 580 الرباط [كرمان] 417 الرباط [خوزستان] 402 رباط أبي علي بن رستم 452 رباط القاضي 443 ربالد 786 ربيبة 781 الربض [بلرم] 591 ربض التبانين [مالقة] 565 ربض الحوض [المرية] 563 ربض فنتنالة [مالقة] 565 وادي الربل 788 ربنة 795، 887، 888، 894 ربنة (ربنة الساحلية) [بحر البنادقة] 738، 747، 756 أم ربيع 236 وادي أم ربيع 237 ديار ربيعة 655، 659، 660، 662 الرتبة 540، 567 آبار الرتبة 562 رتصلابة 890، 903 رجالة 725، 736 وادي رجينة 729 الرحبة [من مخالف المدينة] 145، 376 الرحبة (رحبة مالك بن طوق) 650، 654، 656 رحل الأرمل 609 رحل جراح (منية ابن جراح) 336 جبال الرحمن 274 باب الرحمة 358، 361 الرحيبة 345 رخج 454، 455، 457، 458، 459، 468، انظر بنجواي ردون 855، 857 الرديني 32 نهر الرس 830 نهر رس 422 رستاجرد 402 رستاق الرستاق (الدورق) 395، 403، 417، 427، 436، 437، 439، 440 الرستقان 411 جزيرة رسلاندة 948 رسيانة (رسيانو الساحلية) 629، 773 سوق الروذة 673 روسيت 762 رشاقة 845 رشانة 762 رشتان 507، 508، 707 جبل (رباط) رشداد 451 جبل رشنان 931 رشيد 37، 331، 343، 344 الرصافة 643، 649 الرصيف 559

جبل رضوى 350، 352 نهر رطانزة (نهر لوندرس) 946 رطوماغش 864، 865، 866، 869 رغوسة 790، 791 رغوص (رغوصة) 761، 769 قلعة رغوص 598، 613، 614 وادي رغوص 624 رغوغا 276، 298 رغولدة 953، 954، 956 رفح 354، 357، 378 رفران 788 وادي أبي رقاد 625 رقادة القيروان 281، 284 الرقة 352، 376، 643، 648، 649، 650، 654، 655، 657، 659، 662، 663، 665، 827 رقة باسيلي 619، 620 رقة بتسي 779 رقة بلتة 787 رقة ديبلوا 776 رقة (حصن) رالبنو 776 رقة شنت غاثى 762، 783 رقة شنج 776 رقة شنسيون 648 رقة فنجلان 785 رقة قليب 773، 774 رقة قورالي 779 رقة منت بلان 780، 781 رقبة 689 رقوان 926، 930 الرقيبة 160 الركن [مرسى برطنيق] 603 الركن [على الساحل من سرقوسة إلى قطانية] 624 ركنوى 911 رم أحمد بن الليث (رم اللواجان باردشير) 419 رم الحسن بن جيلويه (رم الديوان) 418 رم الديوان (رم الحسين بن صالح) 418 رم الكاريان 419، 420 رم المهدي 417 جون رمادة 318 الرمال 344 رمال الصنيم 341، 342 وادي الرمان 574 حصن الرمانة 814، 815 إقليم رمانية 882، 892 بلاد رمانية 790 جزائر الرمانية 635، 640 رمحاخ 510 رمسلي 882، 890، 903، 904، 955 قلعة رمطة 622 وادي الرمل 11 الرملة [فضاء بين المهدية وزويلة] 283 الرملة [الشام] 347، 355، 356، 357، 363، 364، 365، 378

رأس (طرف) الرملة 303، 304 الرميجان 418 وادي رنبلو 616، 618 رنج برك 876، 887 رند 447 الرنداج 620، 621 رندة 810 الرنذاق 811 رنذينة 800 الرها 643، 649، 654، 663، 665 وادي رهت 262 رهنان 426 كنيسة الرهبان 597 جبل الرهون 73 روا 483 روة 868 وادي روة 869، 870 رواليز 483 خان روان 690، 692، 694 روبة 764 روث مرت 632 الروحاء 655، 658 جزيرة رودس 642، 643، 648 نهر رودنو 740، 743، 745، 749، 866 نهر روذا 837، 838، 840 روذان 707، 711، 841 الروذان 403، 404، 418، 427، 431، 437، 453، 457، 468 روذانة 761 الروذراور 674، 675، 676 روذستو 796، 801، 894 روذه 674 الرور 166، 170، 171 حصن روسوس 646 روسو قسترو 900، 911 أرض (بلاد) الروسية 12، 899، 903، 904، 905، 912، 914، 919، 929، 951، 953، 955، 957، 960 بلاد الروسية الخارجة 914 بلاد الروسية القصوى 892 مدينة الروسية 929 نهر روسية 909، 910 روسيو 796، 801 خان روشن 414، 415 الروشية (روشية) 916 نهر روشيو 914 بحر الروم (البحر الرومي) 322، 377، 645، 646، 739 بلاد الروم (مملكة) 11، 281، 358، 550، 551، 554، 583، 584، 595، 643، 647، 650، 655، 730، 737، 740، 742، 750، 753، 763، 766، 793، 809، 824، 825، 827، 828، 839، 864، 960

قصور الروم 305 مرسى الروم 275 بلاد الرومانيين 779 رومة 552، 742، 750، 751، 752، 754، 756 قطر رومة 801 نهر (وادي) رومة 752، 756 بلاد رومية (البلاد الرومية) 5، 11 الرون 426 رويان (الرويان) 678، 688 الرويثة 142، 145 الرويجان 405، 422 رويست 427، 440 روينج 693، 694 جبل الروينج 687 الري 353، 354، 404، 442، 452، 453، 556، 655، 673، 674، 675، 677، 678، 679، 681، 683، 684، 685، 687، 688، 938 حصن الرياحين 556 ريبة 785 وادي الريح 810 ريحا 354، 355، 356، 360، 361، 377 قصر الريحانة 304 قصر ريدان 152 ريدة 147 ريشهر 412، 421 وادي ريغلو (نيقلو) 764 يغنو 761، 767 وادي ريغنو 606 ريغة 254 الريف 317، 324، 343 الريقان 428 الريك 448 ريكدشت 491 ريكن 449 نهر رين 745، 867، 872، 873، 879 رينش 855، 856، 859 رينش برك (رنج برك) 876 ريو [قلورية] 584، 627، 628، 758، 759، 762، 772 ريو [القسطنطينة] 801 ريوند 690 رية 565، 570 إقليم رية 537 - ز- بلاد الزاب 20، 263، 277 رستاق الزاب 660 نهر الزاب الأصغر 658 نهر الزاب الأكبر 658 الزابان (النهران) 658، 659 الزابح 184 خان (بثر) زاداخرة 449

بحيرة الزار 335 قصو الزارات 306 الزارة 379، 386 زاغورية 793، 797 جبل زاغورية 797 زاقة 903، 904، 912 زالغ 10، 41، 43، 44، 45، 50 الزالقان 428، 453، 457 زالة 120، 310، 312 زامتق 882 زامين 504، 505، 506، 700، 701، 702، 708، 709 زانبوق 458 الحصن الزاهر 540 الزاوي 649 حلق الزاوية 543 زايدة 415 زبالة 379، 381 زبطرة 643، 651 مرسى زبيد 52، 53، 148 الزبيدية 673، 674 زجان 532 قصر زجونة 305 نهر زخار 355 زخنة 793 جون زديف 314 جبل زذران 451 الزرادة 561، 574 جبل زرارة 606 عين زربة 353، 643، 646، 647، 653 زرق 477 الزرقان 416 زرمان 497 جبل زرمي 806 زرنج 428، 453، 454، 455، 456، 458 زرند 428، 439 زرة 675 بحيرة زرة 455، 457 زرود 276، 278 الزط 400، 403 زغاوة 27، 29، 30، 105، 109، 110، 111، 112 بلاد الزغاويين 30، 38 زغر 354، 355، 377 بحيرة زغر 355 نهر زغرة 906 جبل زغوان 294 جون زفون 273 منية زفتة 334 زفيتة 330، 331 بحر الزقاق 10، 246، 290، 526، 527، 528، 530، 539، 831 وادي الزكوجي 623 زم 354، 481، 482، 695 زماخر 127

بئر زمزم 140 بئر زناتة 297 باب زناتة 247 الزنبجار 573 بلاد الزنج (الزنوج) 49، 51، 58، 59، 60، 62، 68 ساحل الزنج (الزنوج) 61، 62، 63، 91 الزنجان (زنجان) 403، 672، 674، 678، 680، 681، 687 زندرامش 507، 707 زندنة 495، 496 سوق بني زندوي 267 نهر زنكان 440 الزهراء 537، 579 الزهرة 810 حصن الزهرق 813 أرض (مدينة) زوادة 949، 950 حصن زواغة 581 زوزن (الزوزان) 428، 463، 464، 465، 473، 655، 690، 820، 824، 829 زويلة [إفريقية] 282، 283 زويلة [الهند] 180، 186، 197 زويلة ابن الخطاب 115، 120، 310، 312 بلاد بني زياد 244، 245، انظر مكناسة حصن زياد 815، 827 عين زياد 292 قصر زياد 304 زيادآباذ 416، 421 حصن الزيت 365 جبل الزيتون 361 إقليم الزيتون 538 نهر الزيتون 554، 733 مرسى الزيتونة 274 الزيتونية 373 وادي زيدون 624 جزيرة زيزوا 306، 307 زينور 491 الزيزيان 422 - س- ساباط 506، 701، 702، 708 سابرخست 679 نهر سابور 422 سابور 403، 404، 405، 406، 409، 412، 418، 419، 423، 424 باب سابور 425 السابوقة 610، 611 الساج 95 بحيرة سادوم 355، 361 سادوم 355، 361 سارخا 210

سارغ 715 حجر سارلو 617 سارية 655، 678، 686، 687، 688 ساسة 756 باب ساسان 425 ساسكة 912 جبل ساغرج 503 ساغند 448 سافردز 697، 700 السال 161 جزيرة السامري 136 السامرية 356، 377 سامسطرو 906، 907، 908 سامسيرك 709 ساملا 344 قصر سامية 308 سان 479 ساوسة 739 ساوه 673، 675، 676، 677، 679 جزيرة ساوة 217 سايسانان 672 سبا 56 سبابه 145 سباخ الكلاب 307 سباخ الملح البحري بطرابنش 601 جزيرة السبارة 210 وادي السباع 657 سبانيكث 704، 705 سبتة 246، 290، 527، 528، 529، 531، 532، 539 سبخة [من مكة إلى صنعاء] 146 مرسى السبخة [من جلغار إلى بحرين] 162 السبرين 151 سبزوار 685، 691 سبست قسترو 897، 898، 899 سبسطة 376 نهر سبغر 471 سبناجي 768، 791 نهر سبو 247، 531 وادي سبو 249 جزيرة سبومة 88 سبيبة 294 سبيج 428، 444 سبيذروذ 680 سبيطلة 283 ستريان 755 ستكند 705، 706 سجستان 180، 197، 428، 434، 436، 441، 442، 443، 444، 445، 446، 453، 455، 456، 458، 466، 467، 468، 470، 471، 472، 689، 691 مدينة سجستان 443

سجلماسة 18، 19، 20، 105، 114، 122، 221، 224، 225، 226، 227، 243، 249، 250، 344، 345 نهر سجلماسة 227 سجن بوسف 327 جزيرة (جزائر) السحاب 70، 90 جبل سحاو 267 السد [بناه ذو القرنين] 850، 930، 933، 934، 935، 936، 937، 948 سد اللبن 828 سد ابور 186، 191 سدح 444 نهر السدرة 393 أرض سدمارة 890 سدهار 689 سدوسان 166، 168، 169 سدوم راح 146 سر من رأى 655، 658، 659، 666، 934، 935، 938 سراج 820، 828 سرادية 903 سراوس 712، 713، 714 نهر سراوس 714 سراه 680، 826 السراة 145 سراي 483 إقليم السربة 370 قصر سربة 307 نهر سربط 664 جبال سربية 795، 893 قصر سربيون 313 سرت 120 سرتان 725 سرتة 538، 561 سرخس 429، 461، 462، 471، 473، 474، 477، 480، 691، 693، 694 السرداب 427، 433 سردان 445 جزيرة سردانية 582، 583، 584 السردن 400، 403، 421، 426، 433 سرس 793 سرشك 458 سرعمان 150، 158 سرفية 747 سرق (دورق الفرس) 392 سرقسطة (المدينة البيضاء) 538، 554، 556، 559، 733 سرقوسة 597، 598، 614، 624 سرقون (سرقونة) 785 سرقونة (سرقون) 774

السرمق 426، 427، 432 رباط السرمقان 403، 416، 417، 437 سرنت (سرنتة) 585، 739، 757، 758 جزيرة سرنبة 910، 911 سرنبى 342، 343 جزيرة سرنديب 71، 72، 73، 74، 75، 77، 78، 99، 191، 192، 193، 198 أغباب سرنديب 74 سرنة 784 سرواج 825 سروان 428، 453، 457، 460، 467 نهر سروان 457 جبل سرواي 344 سروج 643، 649، 654، 665 سرودس 330 سروستان 426، 438 سرولة 796، 797، 798، 894 السرير (مدينة صاحب السرير) 835 مملكة السرير 919 نهر سريط 681 جبل سرين 784، 785، 787 السرين 132، 137، 138، 145 سزوبلي 892، 896، 908 سطاريا 689 سطالية 806 سطرويا 517 سطفورة 288 سطيت 256 سطير 610، 611، 612 سطيف 260، 269، 270 سعال 150، 157 جزيرة السعالي 217 رباط سعد 700، 708، 709 قصر سعد 301 سعلا 211، 210 نهر سعيد 657 بلاد سغولة 11 سغوة 110، 111 سفاقس 276، 279، 280، 281، 299، 304 سفالة (سفالة التبر) 60، 67، 68، 96، 79، 80 مخلاف سفتان 54 نهر سفدد 530 السفراء 160 سفل يحسب 150، 153 سفناس 335 سفونة 739 السفيه 145 حصن السقائف 262 سقراه 926، 927، 928

نهر سقط 367 جزيرة سقطرى 49، 50، 51، 64 سقطون 950، 951، 953 سقلافية 618 سقماقية 926، 930 جزيرة سقوسية 946، 947 إسقوسية 948 السقيا 142، 350 نهر سقيو 916 السقية 132، 137، 138 سك 422 سكاف 340 سكاكث 704 نهر السكان 414، 422 سكاوند 469، 486 وادي سكتة 630 سكلاهي 912 سكلكند 483 سكنان 462 سكندرة 487 وادي سكنة 784 نهر سكوكان 471 السكي 912، 913 سكير العباس 654، 665 سكيمشت 483 سكة الحمام 318 سلا 221، 236، 238، 239، 242، 244، 246 سلابرس 945 عطفة سلام 372 سلاهط 81، 82 نهر (وادي) السلة 592، 604، 605 سلرنو 758، 759، 760، 782، 783، 784 جبل السلسلة 353 سلطاطية 909 عين السلطان 625 سلطانية 437 سلكايا 345 سلفكية 804 قصر سلقطة 303 قرية سلم 445، 446، 465 سلماس 655، 663، 682، 820، 825، 826 سلمبرية 801 نهر سلمون 609 وادي سلميرة 629 سلمية 150، 160، 161 حصن سلمية 643، 649، 650 عين سلوان 362 جبل سلوبان 344 سلوق 315 سلوقية 647، 804 سلومك 428، 464، 465، 690 سلوني 894

سليت 632 سليدست 402 سليمانان 380، 393، 394، 399، 671 سلى 17، 18، 19، 20، 106، 225 سليمة 392 بادية السماوة 352، 377 سمجان 445 سمديسي 343 سمرقند 354، 466، 492، 494، 496، 497، 498، 499، 500، 501، 502، 503، 505، 506، 700، 701، 702، 708، 938 أرض (بلاد) سمريقي 926، 927، 930، 931، 932، 933 باب سمسخي 829 سمسطا 131 سمغارة 22، 25 سمقندة 22، 25، 27 سمنان 674، 678، 684، 685، 688 سمناة 338 سمنة 30 سمنجان 483، 485، 684 سمنجلوا 756 جزيرة (مدينة) سمندر 186، 187، 192، 193 سمندر 828، 834، 835، 918، 919 سمنود 336، 337، 340 جسر سمور 821، 822 سمورة 725، 727، 731 سمونس 331 سميران 411، 426 سميساط 643، 649، 650، 651، 652، 665 سمية 119 السن 654، 658 وادي سنات 244 جزيرة سناسا 199، 203 سنان 417 قصر سنان 307 سنباط 335 سبيل (سوق سبيل) 380، 392، 400، 402، 415 سنترية 119، 121، 123، 124، 317 سنتنجلو 739 سنج 476 سنجار 654، 660، 662، 665 جسر سنجة 650 قنطرة سنجة (جسر منيج) 651 رستاق سنجرفغن 502 سنجيلي 738، 739 بحر السند 9 السند 9، 54، 98، 167، 169، 170، 175، 176، 179، 180،

181، 187، 190، 191، 196، 404، 455، 650 سند ابيري 809 سند اسب 690 سند اسنك 471 سندان 166، 182، 183، 190 جزيرة سندان 167، 180 سند بند 450 وادي سندرية 729 سندفة 336، 340 السندور 166، 170، 178، 180، 197 سندورا 73 سندونا 73 منزل سندي 609 سنديون 331، 342 سنطي 813 سنفقون 732 سنقليلية 754، 755 سنكان 464، 465، 690 سنوبلي 907، 908، 912، 957 سنيت 333 سنيس 762، 773، 774 نهر سنيس 784 سنى 250 وادي سهر 266 سهرورد 674 سهستار 880، 944، 945 جزيرة سهيلان 832 السواد 668 سوار 918، 920 وادي سواري 623، 625 جزيرة سواكن 10 السواني 574 سوبارة 166، 180، 181، 182، 183 سوبخ 492، 500 سوبة 32 سوجر 402 سوخ 507، 508، 701، 707 أرض (بلاد) السودان 17، 18، 20، 23، 24، 27، 28، 30، 32، 33، 38، 39، 107، 108، 110، 123، 124، 225، 232، 296، 312، 313، 529 منية السودان 321 سورا 379، 426، 650، 654، 668 سورة 166، 179 سوران (السوران) 403، 419 سوروا 413، 428، 440 وادي سوريني 673 حصن سوزنت 806 السوس 380، 392، 394، 395، 396، 397، 398، 402 السوس الأقصى 221، 227، 228، 229، 241، 526

رستاق سوسان 471 السوسقان 477 سوسنقين 675 سوسية 377 سوسة 276، 302، 303 سوسة الصين 210، 211 السوق القديمة 245 سوق إبراهيم 251 سوق الاثنين 263 سوق الأحد [الجزيرة] 654، 659، 660 سوق الأحد [المغرب] 262 سوق الأربعاء 380، 393، 398 سوق الأهواز 398، 402 سوق بني زندوي 267 سوق الخميس 262 سوق الروذه 673 سوق الكركي [رذعة] 821 سوق كزناية 254 سوق أبي منى 342 سوق يوسف 267 نهر سوقان 923 السوكان 425 السويداء 345 حصن السويدية 645، 646، 652 السويدة (السويداء) 345، 347، 376 عين السويس 348 السويقة (سويقة ابن مثكود) 308، 309، 312 سويقة من كام فيروز 420 تل بني سيار 662 السيارة 145 السيال 392 سيالة 142، 145 السيالة 347 جبال سيام 500 رستاق سياه 422 تل سياه سبيذ 448 جبل سياه كوه 442، 443، 453، 829 جزيرة سياه كوه 832، 833 سيبنت (باستية) 761، 764 نهر سيحان 647 محلة السيدة 341 كنيسة السيدة مريم 361 سيراف 164، 379، 403، 405، 410، 413، 414، 418، 426 السيرجان 416، 417، 428، 432، 433، 434، 435، 436، 437، 438، 439 سيرو 344 السيروان 655، 666، 677 سيسبولي 950 سيسجان (السيسجان) 823، 828 سيسر 679

سيسيان 719، 720، 926، 930، 933 رأس السيف 639، 640 قنطرة السيف 538، 546، 547، 550 مفازة (مدينة) سيفاية 476، 695، 696 سيق لاوش (سيق لاو) 878، 882، 885، 886 سيكلة 879، 880 جزيرة السيلا 92 السيلحين 655 وادي سيلسة 758 السيلو 788 السيلة 949 سيمري 762، 772، 773 سيمور (صيمور) 166، 180، 182، 183 سيناب 649 سينيز 379، 403، 404، 405، 412، 421، 425 سينة 768، 792 سيوجة 332 سيوخشين (بيت نار) 425 قنطرة سيول 422 سيوي 428، 454، 455، 460 - ش- الشابران 820، 828 باب الشابران 829 شابرخاست 826 الشابرخاست 676 وادي شابطو 787، 788 شابور 341 بحر شابور 341 خليج شابور 331 الشادروذ 405، 409 شاذفزى 422 نهر الشاذكان 421 إقليم الشارات 538 جبل الشارات 536، 537، 552 شارخيا 213 بلاد الشاش 353، 466، 503، 504، 505، 506، 507، 517، 695، 700، 701، 702، 703، 704، 708، 709، 710، 841، 842، 923 نهر الشاش 505، 507، 699، 703، 704، 705، 706، 709، 710، 714، 837 جزيرة الشاصلند 220 شاط 564، 565 شاطبة 538، 556، 557 الشاقة 587، 600، 607، 609، 623 شاكر 55 وادي شال 267 شالوسطة 909

شالوش 678، 686، 687، 688 شالونيا 716 شالة 238، 239 أرض (بلاد) الشام 11، 142، 322، 336، 347، 351، 352، 353، 354، 355، 356، 366، 368، 371، 374، 376، 378، 503، 552، 562، 565، 644، 646، 648، 821، 827 بحر الشام (البحر الشامي) 10، 11، 12، 33، 34، 123، 169، 322، 348، 357، 525، 526، 531، 535، 536، 539، 555، 581، 583، 627، 632، 635، 643، 644، 730، 734، 748، 762، 802، 804، 811، 905 بلاد الشامات 437، 521 قلعة أبي شامة 614، 615 جزيرة شامل 85 قرية الشاميين 331 الأقطار الشامية 646 شامة 27، 110، 113 الشامة البيضاء 559 الشهجان 405، 409 جبال الشاوذار 502 شاوغر 705 شاوكث 701 شبام 56، 150، 154 جبل شبام 154 شبرونة 877، 878، 879، 882 مرسى (وادي) شبرينة 629 شبرة 330، 332، 335 الشبكة 625 شتنو 903 شثغنو 769 شجانة 559 مرسى الشجر [بلبونس] 636 الشجرة [المدينة] 142 مرسى الشجرة [الأندلس] 540 مرسى الشجرة [صقلية] 624 أرض (بلاد) الشحر 10، 50، 52، 150، 154، 155 شذخو 210، 213 حصن شذور 569 جزائر (جزيرتي) الشذونيات 647 شذونة 537، 572 جبال الشراة 354، 355، 357، 377 جزيرة شربوة 61 الشرخة 148 شرشال 258، 272، 273 الشرشور 624 إقليم الشرف 537، 541 عين الشرف 364 جبل شرم 158

شرم البئر 349 شرم البيت 349 نهر شرماخ (نهر ثينج) 514 شرمساح 339 شرمة 55، 56، 66 شرنقاش 339 شرهام 880، 945 شرواشاه 834 شروان 820، 821، 822، 828 شروزن 459 شروس 279 شروسان 166، 171 شرونة 121، 133 شروه 444 نهر شروى 958 نهر شريا 713 شريش 536، 572، 573 شريشة 538، 540 قصر شريكس 308 ششوي 817، 818، 819 بلاد شصونية 861، 872، 873، 874، 879، 880، 882، 890، 901، 903 الشط 157 شط العرب 385 شطا 338 نهر شطوبر 544 شعب 345 شعب الصفا 243، 250 الشعراء 262 مرسى الشعراء 269 شعراء نزار 612 شغلة 471 شغونة 749 الشفيقية 373 قصر شقانس 303 شقر 538، 556، 560، 562 شقرس 543 شقوبية 725، 733 شقورة 538، 560، 561 الشقينة 491، 510 شكلة (صقلة) [إفريزية] 870 قلعة (مرسى) شكلة [صقلية] 598، 613، 624 شكلة ميور (جزيرة شكلة) 585 شلات 708 نهر شقر 556 شكي 820، 829 شلب 538، 543، 544 وادي شلبطور ذولبيدة 729 شلجي 705 جزيرة شلطيش 537، 542، 545 نهر شلف (وادي شلف) 251، 253، 272

شلقان 330 شلمنقة 725، 731، 732، 733 شلوبنية 564 شلنبه 687، 688، 689 مرسى الشلوق 623 شلياطة (الشلياطة) 613، 614، 615 جبل شلير (جبل الثلج) 564، 567، 569 قصر شماخ 307 الشماخية 820، 821، 822 قصر شماس 318 عين شمس 322، 326، 345 شمشاط 353، 663، 815 شمكور 820، 823، 830 شمون 337 قرية شميرق 332 غدير شناوة 344 شنت 882، 888 نهر شنت 888، 889، 903، 944 مدينة وادي شنت 868، 869، 871، 944 شنت أردم 725، 729 شنت أركنجل 773، 774، 786، 787 شنت اصطيفن 625 شنت أكلركو 783 شنت أنجل 11 شنت انجلو 765 شنت انجلي 762 شنت بارد كميرة 784 شنت بالمي 625 شنت بجوش 762 شنت برباط 787 حلق شنت بيطر 540 كنيسة شنت بيطر 725، 729 مرسى شنت بيطو 763 جبل شنت بيطو 623 شنت جرجي 795، 800 كنيسة شنت تودر 785 شنت جليانة 725 قرطيل شنت جنار 763 شنت جوان [بيطو] 725، 736، 737، 740، 855 شنت جوان [بلاد هيكل سولي] 725، 735 شنت جوان مرتوبلي 762 شنت جوان ميور 786 شنت جيلي 749 شنت دناط 776، 777 شنت روشيت 629 شنت ريني 641 شنت سميري 786 وادي شنت سيمري 758 شنت شقلى 624 شنت شلبطور ذو لبيدة 725

شنت صبير 762، 783 شنت صيتري 788 شنت غاثي 762، 783 مرسى شنت فليجي 765 شنت فيلب 616، 617، 618 شنت فيلس 788 شنت فيمي (فيمة) 584، 627، 759، 772 حصن شنت فيلة 573 شنت كرنتين 857 شنت لو 756 شنت لورنس 783 شنت مارة (ابن رزين) 538، 543، 553، 560 شنت مارية [جليقية] 725 شنت مارية الغرب 543 داير شنت مارية 764 شنت مثاو 855، 857، 858 شنت مجيال 855، 856، 858، 861، 865 شنت مرتين 774، 785 باب شنت مرية [كنيسة بيت المقدس] 359 شنت مهلو 855، 858 شنت موروا 773 شنت مير 870، 871 شنت نسطاسية 618 شنت نقولة بيترة 764 شنت نقولة بترول 763 كنيسة شنت ياقوب 535، 536، 726، 728، 729، 731، 732، 855 نهر شنت ياقوب 727 شنت ياله 572 شنت ياني 755 كنيسة شنت يوحنا 361 شنترين 538، 549، 550، 553، 726 شنترة 538، 726 شنتورب 616، 617، 618 حصن شنج 375 شندران 845، 846 شنس 603 خليج شنشا 335، 336 إقليم الشنشين 543 شنطوف 330، 331، 339، 340، 341 وادي شنغالية 746 شنوان 331 شنسية 337 نهر شنيل (الثلج) 569، 572 منية شهار 337 شهذروج 928 جزيرة شهذروج 928

بركة شهذروج 928 شهرزور 353، 666، 669، 674، 676، 681 شهرستان 677 شهريار 418 شهمار 687 شهيد 814 جبل شوب 714 قرطيل شوذة 762 دير شورنت 648 بثر شور 449، 450 نهر (وادي) شوران 928، 929، 930، 931 شور دوازدة 447 شورروذ 446 شورمين 480 شورية 725 شوزاص 879، 880 شوشبيل 573 شومان 490، 504 جبل شونيا 933 شيتة 815 مرج الشيخ 317 حصن شيذي 816 شيراز 380، 402، 403، 405، 406، 407، 408، 413، 414، 415، 416، 417، 418، 419، 424، 425، 431، 432 شيرجة 332 قصر شيرين 655، 669، 670 نهر شيرين 421 الشيز (بيت نار) 669 شيزر 645 برت شيزروا 730 نهر شيط 815 شبكثري 907 جبل شيه 730 شيوشة 910 - ص- صادخة 811 صاطو 768 صاع 533 وادي صاع 247 الصالة 788 قصر صالح 307 حصن صالحة 565 الصالحية 332 جزيرة صامو 641 صاه 342 صاهك 403، 416، 423، 427، 432 صايس (صايص) 855، 856، 858، 859، 861، 863، 865، 866 نهر صبابة 815، 816، 817

قرية الصبر 625 صبران 705، 706 صبرة 256، 284، 297 صبناجي 761 صبونارة 774 صحار 150، 156، 157، 159، 162، 379 صحرشت الصغرى 333 صحرشت الكبرى 333 صحنة 673، 674 صخا 340 جبل الصخرتين 248 الصخرة 625 صخرة الحديد 593 صخرة سكن 629، 630 صخرة موسى [شروان] 828 الصخرة الواقعة [المسجد الأقصى] 360 صدا 160 صداء 56 صدرات 250 صدف 573 منزل ابن صدقة 345 قلعة الصراط 620 صرام 426 صرامة 747 نهر الصراة 667 صربة 160 صرت 298، 310، 312، 313، 314 محلة صرت 340 صرصر 650، 654، 668 جسر صرصر 668 نهر صرصر 668 صرفند 366 صرمنجي 482، 489 قصر صرواح 153 بلاد الصرود 425، 426، 434، 469، 677 صعدة 55، 146، 147، 148 بلاد الصعيد 10، 46، 121، 123، 329 الصغانيان 482، 489، 491، 498، 501، 506 أرض (بلاد) (مدن) الصغد 354، 496، 497، 503 نهر (وادي) الصغد 494، 496، 497، 498، 499، 502، 503، 506 صغدبيل 828 بئر الصفاء 297 طرف بني الصفار 379 صفارة [فارس] 411 صفارة [مصر] 121 رحل الصفاصف 250 عين الصفاصف 251 صفر 145

وادي الصفراء 350 صفروى (صفروي) 222، 243، 249 الصفيحة 526 بلاد الصقالبة 790 جزيرة صقلية 4، 265، 290، 396، 583، 586، 587، 588، 590، 591، 601، 622، 626، 627، 756 صقلية العليا 588 مجاز صقلية 11، 627، 756، 772 صقلة (شكلة) 870 صلاو (صلاوة) 917، 958 جون صلب الحمار 307 صلبي 764 صلمه (صمله) 804، 808، 812 باب الصلوبية [كنيسة بيت المقدس] 359 صلونيك 793، 794، 797، 799، 800 رأس الصليبة 624 صلمه، انظر صمله الصمان 161، 379، 392 أحواز الصميرة 353 صنارية 829 دار الصناعة [بلرم] 591 صنالة 775 جزيرة صنجى 92 بحر صنخى (البحر الصيني) 87 جزيرة صندى فولات 84، 89 صنصل 567 صنطو 761 صنعاء 53، 54، 55، 56، 145، 146، 147، 148، 152 صنغرة 774، 775، 776، 777، 778، 780 الصنف 203 بحر الصنف (البحر الصنفي) 79، 85، 87، 88، 92 جزيرة صنف 83، 84، 85، 87، 88، 89، 91 صنقلة 871 جون صنقلة 871، 880 وادي صنقلة 871 صنكان (ضنكان) 132، 138، 145 الصنم 607، 608 جبل حجر الصنم 608 عيون صنهاجة 242 صنهور 340 الصنوبر [البنيط ببكير] 615 الصنيمة 811 كنيسة صهيون 362 باب صول 829 أرض (إقليم) صوابة 738، 742، 745، 872، 874، 875، 876

صور [الأردن] 347، 363، 365، 366، 377 صور [عمان] 150، 155، 156 صوزاس 902 صول 125، 130، 133، 328 صونو 954 قصر صونين 300 قصر صياد 307 صيداء 366، 370، 371، 377 الصير 342 الصيرة 565 صيكلة 879 الصيلا 786 الصيمرة 655، 666، 674، 677 أحواز الصيمرة 353 الصيمكان 405، 410 صيمور 187 الصين 9، 54، 62، 71، 74، 77، 84، 85، 87، 88، 89، 90، 95، 97، 98، 137، 156، 164، 167، 184، 187، 196، 199، 202، 203، 204، 205، 206، 207، 208، 209، 210، 211، 212، 213، 214، 510، 511، 512، 513، 515، 517، 519، 650، 721 بحر الصين (البحر الصيني) 9، 10، 87، 92، 93، 94، 95، 354، 517 بحر الصنف 87، انظر بحر صنخى جبال الصين 829 جزائر الصين 71 ساحل الصين 91 صيندو 812، 818 صيونة 68 نهر صينو 868، 869 صينية الصين 210، 211 - ض- ضاحك 161 حصن ضرسوا 647 ضنجى 186، 192 ضنكان (صنكان) 132، 138، 145 وادي ضنكان 148 - ط- الطائف 132، 141، 144، 145 نهر طاب 394، 412، 421 طابان 654، 661 طابس 616 طابلة 628 وادي طاجنو 629 طاجنة 762، 772

الطاحونة 318 جبل طارة 540 طارنت [بولية] 630، 631، 762، 771، 775، 781 بحيرة طارنت 630، 631 طارنت [جبل ميال] 774، 775، 777، 778، 780 طاروفينقة 795، 797 الطاق 428، 453، 456 الطالقان 354، 478، 486 الطالقان [طبارستان] 678، 687 قرية طامجنة 295 طامطرس 766، 767 برت طامة 729 الطاهرية 696، 697 الطايقان 483، 484، 486 طبران 692 طبرستان 12، 678، 685، 686، 687، 688، 822، 831، 832، 834، 835، 924 بحر طبرستان (البحر الطبرستاني) 526، 678، 831، 837، 916 بحر الخزر باب طبرسرانشاه 829 طبرقة 289، 290، 299، 318 حصن طبرمين 595، 621، 622 طبرنة 773 طبرية 347، 354، 355، 363، 365، 366، 377، 378، 406 بحيرة طبرية 35، 355، 361 حمامات طبرية 825 طبس (الطبس) 429، 449، 463، 464 قطر الطبس 463 طبست 953 طبنة 222، 260، 261، 263، 264، 277 طبيرة 542 طحا 125 طخارستان 195، 483 طخفة 379، 392 طرابزنذة 12 طرابلس 223، 229 جبال طرابلس 229 طرابنش (اطرابنش) 587، 601، 602، 623، 626 طراجة 631 الطراز 705، 709، 714، 715، 718، 841، 938 الطران 517 بحر طرانة 584 طرانة (اطرانة) 764 الطربال (بنيان بجور) 407 مرسى طربشانة 540، 561 نهر طرجينش 617، 618، 619، 620

طرجينة 756 طرخا 337، 338، 339 طرخيشان 426 مرسى طرذيرة 949 حصن طرزي 605، 607 طرسوس 643، 647، 652، 653، 808، 809، 810، 814 جبال طرسوس 804 طرش [أنكبردة] 787 إقليم (أرض) طرش (ترش) [بلاد الإفرنجين] 742، 856 مدينة طرش (ترش) 862 قرية طرش [الأندلس] 565 طرطوشة 538، 554، 555، 734 طرغورس (ترغوري) 679 الطرف [جزيرة العرب] 163 الطرف [جون الأرقاق] 299 رأس الطرف [إفريقية] 300 رأس الطرف [جليقية] 728 طرف افران 300، 301 طرف أوثان 229 طرف التعدية 318 طرف ثغلاد 533 طرف بني جناد 273 طرف مرسى البوالص 598 طرف بني الصفار 379 طرف بني عبد الله 273 طرف قابطة بن أسود 559 طرف القبطال 558 طرف القبلة 301 طرف الناظور 558 وادي الطرفاء 810 جزيرة الطرفانية 583 مرسى طرفاوي 318 طركونة 538، 555، 734 طرم 686 عين الطرميذ 277 طرمى 33 بحيرة طرمى 921، 957 وادي طرنت (ترنت) 765 طرناي 870، 871 طرون [أبردية] 739 نهر طرون 727 أرض (إقليم] طرونية 861، 863، 865، 866، 874 طرونة 753 طروية 958 طريغيوقن 199، 203، 207، 208 جزيرة طريف 10، 527، 536، 542 طرز 674، 675 حصن طزعة 593، 620، 625 مرسى طزعة 621 الطسوج 423، 431 طشانة 536 حصن طشكر 537، 539، 568

باب الطعام 454 طغورا 926، 930 جبل طغورا 930، 931 حصن طف (طوفو) 787 طفارة 786 جرف الطفل 624 طقجة 160، 162 طلطى 335 طلبيرة 119، 538، 550، 551، 553 طلميثة 313، 315، 316، 319 طلوشة 735، 738، 739، 740 طليطلة 536، 538، 550، 551، 552، 553، 561، 580، 732، 733 نهر طليطلة 547، انظر تاجة طماخ 337 طماخش 507، 707 الطماطة 263 طمستان 404، 408، 417 طمطانة 892 طميسة 655، 678، 686، 688 حصن طن 779، 780 وادي طنابري 750 طناخ 335 طنت 331 طنجة 526، 527، 529، 530، 531 طنزى 654، 664 جبل طنطنة 113، 115، 116 طنطنة [مصر] 335 طنطى 339 طنوب 341 الطواويس 495، 496 طوجالة 537 طوخا 199، 206، 207 جبل طور [صقلية] 596 جبل الطور [بحر قلزم] 346، 349 طور عبدين 662 طوس 354، 691، 692، 693 نهر طوط 608 طوغما 210، 211 حصن طوفو (طف) 787 طوقة 865 طولب 643، 810 الطويران 166، 174، 175، 178، 179، 180 نهر (وادي) الطويران 175، 180 حصن طوية [الأندلس] 569 طوية [برتقال] 731 طوية (رمسلي) [الروسية] 955 طيء 380 الطيب 380، 393، 397، 402، 666 نهر الطيب (نهر مسلي) 193 جزائر الطير 239 الطيلسان 655

جبل طيلمون 127، 128 وادي الطين 616، 618 مرسى الطين [بلرم] 622 جزيرة الطيور 220 - ظ- ظاهرة 377 مرسى ظبا 350 ظفار 150، 152، 153 بحر الظلمة (بحر الظلمات) 17، 87، 93، 103، 290، 539، 548، 561، 718، 726، 869، 891، 901، 910، 951 انظر البحر المظلم - ع- رباط عابر 452 أرض عاد 377 العادي 347 نهر عادية 367 عاشورا 85 جبل عاصم 568 نهر العاصي (نهر أنطاكية) 645 جبل عافور 580 جزائر العافية 268 قصر العالية 303 بستان ابن عامر 160 العامرية 161 عاموا 811 عانات (عانة) 656 عانة 650، 654 ترسة عباد 623 عبادان 10 قصر العبادى 314 نهر عباس 592 عيون عباس 623 جب عبد الله 317 طرف بني عبد الله 273 قرية بني عبدوس 566 عبد الرحمن (اباذة) 416، 427 دار عبد العزيز 323 رباط عبد الله 459 قصر عبد الكريم 246، 530 منية عبد الملك 334 عبدان 379، 380، 385، 386، 392، 394، 666 عبدين 403 عبرا 161 العبرا 805، 809 عبلة 567 وادي عبود 625 العبيدية 661 عتما 363 عجرد 60

جب عجرود 345 عجرود 345 جب العجوز 345 العجينة 657 حصن أبي العدس 373 عدلون 366 عدن 52، 54، 55، 56، 66، 94، 155، 157، 159 عذرة 564 عذيب 144 العذيب 383 العراق 28، 74، 169، 174، 354، 381، 382، 383، 396، 398، 400، 401، 402، 439، 472، 495، 503، 506، 521، 565، 648، 655، 656، 666، 670، 673، 827، 935 العراقات 552 عران باذ 451 عربان 654، 661 جزيرة عربة 148 جبل العرج 143 العرض [وادي أفنان] 160، 161 عرفات 144 عرفجا 386 عرقا 815 عرقة 373، 375 جون عرقة [الشام] 373 عرقة [اليمن] 146 العرم 153 جبل العروس (جبل قرطبة) 575 العريش 357 بحر عزرة 164 رباط عزة 444 عزلقة (عسقلة) (أصقلة) 762، 783 منية عساس 336 عسفان 141، 142، 346، 350 عسقلان 347، 356، 357، 358، 364، 376 عسقلة (عزقلة) (أصقلة) 762، 783 عسكر مكرم 380، 392، 393، 395، 396، 398، 402 عسكر المهدي 667 قرية العسل [همذان] 674 قصر العسل 315 نهر العسل [الجزيرة الخضراء] 539 نهر العسل [صقلية] 613 وادي العسل [قلورية] 628 منية العطار 336 منية العطف 332 عطفة سلام 372 عسلوكة 541 قصر العطش 312، 314 مدينة بني عطوش 245

عطفة سلام 372 العطوف [الأندلس] 540 العطوف [بحر القلزم] 350 عطياه 445 قصر عطية 263 العفر 150، 157 قصر عفسلات 307 قرية العقارب (هبر) 415 العقبة 317 رأس العقبة [فارس] 413 رأس العقبة [خاقان] 713 عقبة السلم 318 عقدة 403، 418، 430، 431 العقير 379 العقيق 143، 144، 145 عك 145 عكاشة 249 عكاظ (سوق عكاظ) 145، 150، 152 عكة 347، 363، 365، 377 عكبرا 655، 658 العلاقي 46، 121 جبل العلاقي 40 وادي العلاقي 46، 47 العلث 655 جبل علساني 122 حصن علق 152 علقمارة 625 علقمة [صقلية] 607، 608 قصر علقمة [جوار سمرقند] 497 حصن العلمين 803، 808 علو يحصب 150، 152 علوة 32، 38 منية العلوق 339 محلة العلوي 342 مرسى علي 601، 623 رباط أبي علي بن رستم 452 عليب 147 العليق 810 حجر عمار 625 حصن ابن عمارة 379، 403، 426 مرسى عمارة 318 جزيرة ابن عمر 654، 664، 665، 681 دير العمال 671 عمان [البحر الفارسي] 10، 52، 56، 61، 65، 75، 92، 94، 155، 156، 157، 158، 159، 162، 173، 379 عمان [الأردن] 355، 357، 363، 377 بحر عمان 92 عمتا 377 جزيرة العمد 373 جزيرة ابن عمر 654، 664، 665، 681

قصر عمرو 674 عمواس 376 باب عمود الغراب 358 نهر عمورية 809 عمورية 802، 803، 806، 808، 809، 811، 813، 817 قصر العنين 315 أرض العواصم 377 جب العوسج 318 عونسترة 880، 945 نهر عونسترة 945 العونيد 350 جبل عوير 10، 151، 164، 167 عيذاب 10، 47، 132، 134، 135 قصر أم عيسى 117 نهر عيسى 650، 656، 667 قصر ابن عيشون 305 رأس عين (رأس العين) 649، 654، 661، 662، 665 عين الهم 12، 679، 688 عين الأوقات 598 عين بوزيدان 387 عين التمر 352 عين الحيال 665 عين الحيوان 828 عين رامس 686 عين رباح 292 عين زربة 353، 643، 646، 647، 653 عين زياد 292 عين السلطان 625 عين سلوان 362 عين السويس 348 عين الشرف 364 عين شمس 322، 326، 345 عين الصفاصف 251 عين غذار 387 عين الفيجة 367 عين القصب 624 عين قيس 344 عين مريلغة 387 عين مغول 450 عين موقعين 364 العينا 143 جبل العيون 537، 545، 574 عيون برغوث 810 عيون عباس 623 عيون صنهاجة 242 - غ- رأس الغابة 810 غادرة 561 غاردية ارط 779

غاريان 938 غاغان 712، 713، 714 بحيرة غاغان 712، 713 حصن غافق 538، 580 غالة 622 غامنديو (غامنديوا) 739، 753 بحيرة غاموراء 355، 361 غامورة 355، 361 غانة 17، 18، 19، 22، 23، 24، 25، 26، 27، 29، 105، 107، 108، 122، 184، 185، 225، 296، 529 غانل 887 غايات 249 غب الحشيش 156 غب القمر 56 غبيرا 437 غتانت 816 غدامس 113 الغدران 606 غدرانك 703 الغدير 222، 261 عين غدار 387 غراب 145 كنيسة الغراب 335، 444 غرابينة 762 الغرب الأقصى 221، 222، 229، 231 الغرب الأوسط 222، 252، 260 طرف الغرب 543 غربيان (غريان) 837، 841، 842، 938 غربيل 22، 25، 26 بلاد الغرج 480 غرجستان 468 غرجند 709 غرخان 922، 924 غردية 778 جزيرة غردية 911 منزل غرذوطة 610، 611 غرزوبي 909 جبل غرعز 713 قصر غرغرة 307 جبل غرغة 112 بحيرة غرغور 840 غرغون 837، 841 جبل غرغوي 819 الغرف 53 بقيع الغرقد 143 غركة فرت 880، 946 غركرد 708 غركنده 703 نهر غرليان 756 غرم 459، 468 غرماسية 882 غرمايشة 876

غرميشة 877 غرنيلية 762 غرهم 880، 944، 945 جون غروبلي 758 حصن غروبلي [ناطلوس] 808، 809 خندق الغريق 624 منية غزال 339 أرض (بلاد) الغز (الأغزاز) (الغزية) 353، 482، 695، 699، 829، 837، 838، 839، 842، 843، 922، 923 مدينة الغزية القديمة 841 غزق 504، 505، 702 غزك 703 غزنة 454، 459، 460، 468، 469، 486 غزوان 145 غزة 251، 347، 356، 357، 376 قصر بني غسان 308 الغسيلة 163 غشتة 816 حمة غششر 567 أرض (بلاد) غشكونية 584، 725، 735، 736، 738، 740، 874 الغطاسين 811 غفسيق 236 غلاط 621 مخلاف غلافقة 52، 148 غلسانة 537 غليانة 617 غليسية 903، 904، 912 جبل غمارة 249 بلاد غمارة 532، 533 نهر غماش 719، 720 غمر سرخ 450 قصر غمدان 53 غناء 714 غناء بوركث 715 غناباذ 474، 475 غتاج 707 غنانو 773 غشم 145 الغندجان 411 غنغرة 813 بئر الغنم 315 جزيرة الغنم 220، 535، 548 بحيرة غنون 958 غوتان 471 جزيرة غودش 587، 588 الغور [ديار قوم لوط] 354، 355، 356، 363 الغور 454، 455، 456، 459، 466، 467، 468، 470، 471، 647

جبال الغور 471 جزيرة الغور 218 غوران 926، 927، 928 نهر غوسجان 471 غوشيت 763، 771 الغوطة 366، 367، 377 غولوي 892، 900، 911 غيات 344 غيارة 22، 26 الغيران 573 غيران الدقيق (منياج) 620 مرسى الغيط 240، 241 غيطة 585، 756 غيغني 815 - ف- فاتيسة 907 فاراب 353، 466، 695 فاران 10، 346، 347، 349 جون فران 345 أرض (بلاد) فارس 9، 51، 74، 92، 94، 165، 173، 174، 178، 379، 380، 381، 385، 386، 391، 392، 394، 396، 398، 400، 403، 404، 405، 406، 407، 410، 412، 413، 417، 418، 419، 420، 421، 422، 423، 424، 425، 426، 427، 428، 429، 433، 436، 437، 439، 440، 441، 442، 455، 470، 506، 648، 677، 689 بحر فارس (البحر الفارسي) 9، 92، 151، 156، 164، 167، 173، 379، 381، 385، 386، 390، 391، 394، 398، 403، 404، 410، 421، 436، 441، 666 فارسكور 339 فارغار 482، 487، 488 نهر فارغر 482، 487، 488 حصن فارة 779 فارة بشكارة 779 جبل فاره 570 حصن الفارو 729، 730، 732 الفاروث 671 الفارو 625، 626 الفاروخ 315 فاروي 796، 798، 892، 894، 895 الفارياب 478، 479، 486 فاس 221، 242، 243، 244، 246، 247، 248، 249، 531، 532 نهر فاس 247 فاسكيو (فسكيو) 627، 633، 635 فاقوس 346 فامر 504

فاميو 761 فامية 643 فامر 504 فانرو 747 فانو 746 خندق فبير 567 فتات 250 حصن فتة 538، 561 حجر ابن الفتى 623 فج الزرزور 268، 274 فج عمروس 812 فحص فارة 267 الفخ 809 فدك 145 نهر الفرات 28، 381، 385، 649، 650، 651، 654، 655، 656، 657، 661، 665، 667، 668، 671، 809، 812، 815 قلوع الفراتين (القلوع) 272 فراجنطو 771 فراجون 493 باب الفراديس 367، 368 فرارة 739، 754 تل فراشة 661 فرامنياك 892، 899، 900 فراوة 468، 691، 693، 694 فراونده 674 فربر 493، 494، 495، 508، 700، 707 فربسيوس 892، 898 فرج 404، 408، 417، 425 فرج بيت الذهب (الملتان) 176، 177 جبل فرحان 251 نهر فرداري 792، 793، 797 جبال فردحس 354 فردين 438 فرزك 404، 413، 421 فرسقوري 73 الفرضة 657 نهر فرطول 785 الفرع 145 جبل فرغان 847 أرض (بلاد) فرغانة 353، 354، 466، 503، 504، 505، 506، 507، 508، 511، 512، 513، 517، 695، 700، 701، 702، 705، 706، 707، 829 نهر فرغانة 506 حصن فركرد 463، 473، 474 فركة 775 الفرما 335، 336، 346، 347، 348، 357 فرميزة 872، 874

فرنجولش 573، 574 فرنكث 499، 703 فره 428، 445، 446، 453، 456، 457، نهر وادي فره 458 نهر فرواب 406، 423 فروان 485، 486 حوض فروح [الجزائر] 271، 272 مرسى الفروح [الأندلس] 564 إقليم فريرة 537 حصن فريرة 567 حصن فريش 574 أرض فزان 109، 112، 115 فسا 403، 404، 407، 408، 409، 417 الفستجان 403، 404، 408، 417 الفسطاط 320، 322، 323، 324، 325، 326، 329، 339 فسق، انظر منت فسق فسكيو 635، انظر فاسكيو الفشاط 565 مرسى فضالة 237، 239، 240 جبل الفضة [باذغيس] 474 جبل الفضة [إلى جيرفت] 438 فغكث 504، 505، 702 فكنان 505، 702 رأس فلامة 628 فلامونة 767 نهر (وادي) الفلح 157، 158 فلسطين 11، 222، 347، 354، 356، 357، 364، 376، 377 فلفاسق 779، 780 الفلفال (فلفال) 777، 778 فلفهرة 166، 172، 174، 175 حصن فلموس 954 مرج فلن 817، 818 فلوجة 818 فلوغري 810 فلومي 808، 812 فم ابذه 648 فم الصباغين [الميرة] 636 فم الصلح 380 فم الوادي 285 فم وادي تونس 301 فناكث 703 فنبر 750 الفنت 538، 553، 556، 560 فنجوس، انظر منت فنجوس فندرينه (فندرينة) 183، 186، 191، 192 إقليم الفندون 559 فنمارك 953، 954 فنوصة 781 حصن فنيانة 567

حصن فهد 817، 818 الفهرج 175، 418، 427، 428، 431، 435، 436، 443 الفهمين 538، 552 الفوارة 297 فوج 783 فورمزدس 794 فورنمذ 708 الفوشجان 410 فوق 681 نهر فولية 747 وادي فومار 806 فونصة 780، 781 فوة (فوه) 37، 331، 342 فياض 784 عين الفيجة 367 فيد 379، 380 فيدلة 344 منية الفيران 34 جزيرة الفيران 558 فيربوز (فيربوس) 166، 172، 173، 174، 180 فيرة 916، 917 رباط فيروز 459 فيروز قباذ 828 فيرزقند 457، 467 جبل فيسابور 664 رستاق فيسابور 654، 660 فيسانة 541 فيشة 342 فيض البصرة 671 جزيرة فيكوذة 586، 587 مدينة الفيل، انظر قطانية فيلادنت 621 باب فيلان شاه 829 فيلبس 798، 800 فيلبوبلس 797، 894 جون الفيلقة 647 فيمارك 949، 951 منية فيماس 334 حصن فيمي 608 فيمية 951 فينش (بينش) 855، 857 الفيوم 125، 131، 317، 324، 327، 328، 329 خلجان الفيوم 125 دير الفيوم 329 - ق- رحل القائد 608 منية القائد 329 قابس 276، 279، 280، 297، 305، 627

وادي قابس 279 طرف قابطة ابن أسود 559 طرف قانان 308، 313 طرف القبطال 558 طرف القبلة 301 قابطوا 211 قابلي 773 قابي 955 قاترة 761 قادس 17، 536، 540، 542، 561، 573 صنم قادس 17 القادسية 379، 381، 382، 383، 658، 666 قاذروا (قاطروا) 769 نهر (وادي) القارب 609، 623 جبل قارن 687 حصن قارنقل 777، 778، 780 قاروقيا 922، 924، 925 القارونية 593، 621، 625 جبل قازول 345 قصر قاساس 304 قاسترة 960 قاسطروا 776 قاسلة 872 منت قاسي 799 قاشا 210، 213 قاشان 353، 442، 452، 672، 674، 676، 677، 683، 684 قاشطرة 632 حصن قاصرش 511 قاصرة (مذكورة) 278 قاصلة 873 قاصنة 747 بئر القاضي 443 رباط القاضي 443 قاطروا (قاذروا) 769 قاطرة 791 القاطة 624 جبل قاعون 557 قافز 313، 315 قاقلا 199، 207، 208 قالري 166، 168، 169، 171 القالمة 260، 267 قالمرة 584 جزيرة قالمو 642 حصن القالمون (القلمون) 371، 373 قالي قلا 820، 824، 825، 830 جبال قالي قلا 650 قاليرون 166 قاليمالايا 892، 895، 898، 899 رأس قاليوشا 307، 308 قام 865 مدينة قامرون 815، 816، 817

بلاد القامرون 157 جبال قامرون 193 قامة 765 قاميو 791 قانوس 796 قاني 761، 764 خليج القاهرة 345 إقليم (بلاد) قاورش 726، 735، 736، 738، 740، 741 قاون (قاون وار) 882، 884، 885، 886، 887، 888، 904 قاون وار 882 قاين 428، 446، 462، 463، 464، 465، 473، 691 قبا (ازهر خانة) 507، 508، 701، 706، 708، 709 قباء 143، 160 قباب البازيار 337 قباب العريف 337 حصن القبادق 804، 808 قباقب 817 نهر قباقب (مادة الفرات) 809، 815، 818 قبتور 540، 561 حصن القبذاق 571 جبل قبر إبراهيم 355، 363 قبر إسحاق 363 قبر الحسين بن علي [كربلاء] 668 قبر يعقوب 363 قبر راحل أم يوسف 362 قبر العازر 361 قبر علي بن أبي طالب 381 قبر علي بن موسى الرضا 692 قبر هود 56 جزيرة قبرة 585، 586 حصن قبرة 537، 571 قبرس 640، 642، 643، 644، 646 جبلا قبرس 644 قبرسة 452 جزيرة قبريرة 585 قبطال 540، 561 جبل القبق 353، 820، 828، 829، 914 قبنلبش 816 القبة الخضراء [دمشق] 367 قبة الصخرة [بيت المقدس] 360 قبة العباس [الكعبة] 140 قبة اليهودية [الكعبة] 140 قبواح 783 قبوذية (قبودية) 303، 304، 588 قبور بني تراكش 262 قبوة 760 نهر (وادي) قبوة 757 جبل قترشال 785

قجانة 604 القدس (قدس) 360، 357، 376 كنيسة قدس (القدس) [بيت المقدس] 360 قدقوس 334 قديد 132، 141، 142، 346، 350 قديرا 166، 179 قراتكين 697، 699، 700 القرافة 324 بلاد القرامطة 386 قصر قربة 302 القربدي 304 قصر قربص 300 قربلة 788 جزيرة قربنيرة 559 قربون 774 جبال قربون 784 قرت 531 حصن قرة 804 قرجرة 775، 776، 777 قردى 654، 662 جبل قرسلون 778 قرشتلون 779 جزيرة قرشقة 583، 584 قرط ماريا 629 قرطاجنة [الأندلس] 548، 558، 559 قرطاجنة [إفريقيا] 258، 286، 287، 288، 300 قرطبة 359، 536، 537، 545، 560، 561، 569، 570، 571، 572، 573، 574، 575، 579، 580، 581 قنطرة قرطبة 421 مسجد (جامع) قرطبة 575، 576، 577، 578، 579 نهر قرطبة (النهر الكبير) 541 قرطسا 342 قرطيسة 811 حصن قرطيرش 620 القرعاء 379، 392 جزيرة قرفس 627، 633، 634 القرفة 161 قرقسونة 584، انظر قرقشونة قرقشونة (قرقسونة) 584، 725، 734، 735، 739 جزيرة قرقنة 304 قرقوب 380، 392، 396، 397، 402، 466 قرقوذي 612، 613 حصن قرقوس 643، 644، 646 قرقونة 48، 49 قرقيسيا 650، 654، 657، 661، 665 جبال قرقيسيا 657 قرليون 605، 606، 609 نهر قرليون 605

قرماشين (قرمازين) (قرماسين) 655، 672، 673، 674 قرمونة 537، 572، 573 قرن المنازل 144، 145 قرنابول 199، 207 قرنة 638 أرض (إقليم) (بلاد) قرنطارة 738، 742، 746، 861، 874، 875، 876، 878، 882، 883، 887 قرنطية 711، 712، 713، 714 قرنفيل 342 قرنقلة 778 قرنوالية 944 قرنوة 48، 49 القرنين [ساحل صرت] 314 القرنين [سجستان] 428، 453، 456، 457، 467 جزيرة القرود 63، 64 القرويين 242 القريتين 150، 160، 163 قرينش 603، 622 القرينين 477 قريون 732 القرية الحديثة 706 قرية بني خلف 267 قرية الجور (هرمز الملك) 435 قرية سلم 445، 446، 465 قرية العلويين 248، 250 القرى [من البصرة إلى البحرين] 386 قرى عربية 145 وادي القرى 145، 345، 347، 351، 352 حومة قزالة 650 قزدار 166، 175، 179 طرف قزل 304 قصر قزل 304 قزلارة 890، 901، 902 قزله 788 وادي قزله (قزلو) 788 نهر قزليت 759 قزوين 655، 672، 676، 678 رحل قسباري 598 وادي قسباري 624 قستانة 679 حصن قستلنس 777 جبل قستلنس 788 قستورة 809 قستورية 790، 795 قسطامني 813، 818 قسطركلي 759 قسطرنوب 774، 784 وادي قسطرة 344 القسطل 643، 649 حصن قسطلة 542 قسطلون 621

قسطنس (قسطانس) 864، 865 القسطنطينة العظمى 763، انظر القسطنطينة القسطنطينة 12، 576، 632، 639، 648، 763، 792، 796، 797، 798، 801، 804، 805، 811، 831، 892، 894، 896، 897، 899، 905، 906، 907، 908 خليج القسطنطينة (الخليج القسطنطيني) 11، 12، 790، 792، 793، 794، 802، 804، 805، 809، 810، 811 حصن قسطنطينة الحديد [قرطبة] 574 قسطيلة 725، 732 قسطيلية 276، 277، 299 القسنطينة (قسنطينة الهواء) 222، 265، 266، 267، 269، 270، 277، 293 قشتال [طرش] 856، 862 قشتال [قلورية] 772 قشتال [من بلاد رومة] 752 قشتال دمار 758 قشتال لورنت 773 قشتال مان 785 قشتال مشتال 773 قشتال نوب 783 قشتال نوبة 775، 776 قشتالة 536، 725، 731 قشترطة 811 قشتلي 757 قشطالي 755، 756 قشطرقفلو 788 قشطرة 627 قشطلون 778 قشطة جرزد 777 جزيرة القشقار 534 قشمير 186، 192، 193، 208 قشمير الخارجة 193، 194 قشمير الداخلة 193 قشمير السفلى 186 قشمير العليا 186 قصر القشيب 153 قشيرة الأبراج 331 قشيلية 584 قصارية 804، 812 نهر القصارين 500 دخلة القصاع 624 وادي القصب 274 القصبة 117 قصبة بخارا 493، 494 باب القصبة [بخارا] 494 باب القصبة [نيسابور] 690 القصر [قصر أبي موسى] 245 القصر [بلرم] 591، 592 مرسى القصر (قصر مصمودة) 527

القصر [سجستان] 454، 455، 460 القصر [الفرات] 650 القصر (أبو دانس) 538، 544، 547 إقليم القصر [أندلس] 538 حصن القصر [إقليم الشرف] 537 إقليم قصران 174 قصر تنيذة 305 طرف قصر توسيان 302 قصر توكرة 313، 315 قصر ريدان 152 قصر سليمان بن داود 153 قصر قفط 302 قصر قمار 318 قصر قناطة 304 قصر قند 166، 172، 174، 175 قصر مصمودة 527، 529 قصر المهدي 667 قصر نوبو 605، 607، 612 قصر ياني 603، 611، 612، 613، 615، 616 القصرين [إفريقيا] 260، 267 القصرين [مصر] 344 قصطلو 738 قصور حسان 314 قصور الروم 305 قصور الزارات 306 القصوص 624 القصير 561، 567 قصير البيت (بيت القصير) 306 القطاع 610، 611 قطانية (بلد الفيل) 596، 597، 624 القطر 379، 654، 671 بحر قطر 162، 163 جزيرة القطربة 64 نهر قطرلو (قطلو) (قطولو) 951، 953 قطروبلي 762 قطرونة (قطروني) 629، 762، 772، 773، 786 نهر قطلو (قطرلو وقطولوا) 950، 951 قطنصار (قطنسان) 762، 772، 773 حصن قطنيانة 561، 573، 574 قطون ذره 708 قطيغورا 199، 203 جبل قطيغورا 203 القطيف 379، 386 جبل قعيقعان 139 جبال قفص 379، 413، 441 قفصة 276، 277، 278، 279، 280، 283، 296 قفط 128 قفيز 428 ققبش 606 مرسى القل 267، 269، 270، 274 قلائي 428

القلات 905، 906 القلاص 703، 708 قلامي الغابة 809 قلبة 820، 828 حصن قلبراط 773، 774 قلبرية 774 قلجة 160 قلجون 43، 45 بحر القلزم (البحر القلزمي) 9، 41، 44، 49، 50، 132، 133، 134، 135، 137، 138، 148، 322، 324، 345، 347، 348، 349، 350، 353، 832 خليج القلزم 10 قلشانة 816 قلصة 560 القلعة [جوار الفنت] 553 القلعة (قلعة بني حماد) 222، 254، 255، 261، 262، 263، 265 مدينة القلعة [من برذعة إلى تفليس] 823 مدينة القلعة [آخر الراشت] 590 القلعة لابن توالة (قلعة المهدي) 247، انظر قلعة المهدي حصن قلعة القوارب 593، 621، 625 قلقاس 777 قلقاطوس 823 قلماذى 73 قلمار 950، 951، 953، 956 جبل قلمرى 124 قلمرية 547، 552، 725، 726، 731 حصن القلمون (القالمون) 371، 373 وادي قلنبيرة 729 أرض قلنطارية 874 قلهات 150، 155، 156 جزيرة قلهان 219 قلهرة 554، 725 وادي قلور 787 قلوري 954، 955 أرض (بلاد) قلورية 4، 11، 584، 585، 586، 589، 592، 595، 598، 627، 739، 761، 762، 771، 772، 784 قلوع الفراتين (القلوع) 272 قلونية 872، 873، 880 قليب العمال 342 قليبلي [جوار فيلبس] 800 قليبلي [بوليا] 627، 631، 775 حصن القليعة 561، 573، 574 حصن قلييرة 556، 560 قم 353، 452، 671، 674، 676، 677، 683، 684 جزيرة قمار 74، 83، 164 قمالقة 738، 747 كنيسة قمامة (كنيسة القيامة) 358، 728

قمانس 315 أرض (بلاد) القمانية (القمانيين) 905، 909، 913، 914، 916، 957، 958 قمانية البيض (مطلوقة) 916، 920 قمانية الداخلة 958 قمانية السود 915، 916 قماية 816 جبل القمر 32، 33، 34، 56 جزيرة القمر 69، 71، 79 قمراطة [قلورية] 788 حصن قمراطة [صقلية] 607، 610، 619 قمراي 867، 868، 869، 870، 871 قمرين 753 قمنجة 725، 735 قمنوري 105 أرض قمنورية 105، 106 قمودة 276 قمولة 129 قناة سري 445، 458 قناة الشاه 439، 440 نهر قناة المزة 367 القناطر 540، 573 وادي قنالار 764 قنب مارين 761، 762، 765، 766، 779، 786 قنبانية 782 قنبرصان 761، 763 جزيرة قنبلا 49 قنبلي 166، 173 جزيرة القنتير 539 قندلية 766 قندابيل (إيل) 179 القندهار 186، 195، 197 قنس (قنص) 782 قنسرين 377، 643، 648، 649، 652 قنص (قنس) 762 قنط 870، 871 رحل قنطانة 787 القنطرة [جوار الزقاق] 527 القنطرة [إلى شنترين] 553 باب رأس القنطرة 690 قنطرة ثكان 415، 421 قنطرة بالنتين 788 قنطرة سنجة 651 قنو 912، 913 بلاد القنوج 186، 193، 194، 487 قنوصة 762، 771 قنونا 148 قنيطرة محمود 553 نهر فنيقة 806

القواذيان 488، 489، 490 أنهار القواذيان 482 إقليم القواطم 538 قوة 643 قورات 764 قورس 651 قورطس 792، 794 قورنت 636، 637، 639 قورية [الأندلس] 538، 547 جزيرة قورية [الأندلس] 538، 547 جزيرة قورية [إفريقيا] 303 نهر قوشة 812 قوص 128، 134 جزيرة قوصرة 583، 587 حصن قوطية 811 جبل قوفايا 840 جبل قوقايا 910، 916، 959 قوقدم (آزقى) 225 قولة 909 قومس 442، 685، 688، 689، 691 قونكة 560 قونية 804، 808، 810، 812، 813 قوهستان 429، 437، 442، 446، 455، 462، 473، 683، 691 القويعة 350 نهر قويق (نهر حلب) 648، 649 كنيسة القيامة (كنيسة قمامة) 358، 728 قيذرس (كيذرس) 806 القيروان 278، 281، 283، 284، 287، 292، 294، 295، 310 قيري 615 القيس 124، 329 قيس أنمار 300 قيسارية 347، 355، 356، 365، 376 القيسي 617، 619 نهر القيسي 617 حصن قيشاطة 569 القيطنة [سردانية] 584 حصن القيطنة [إفريقيا] 294 قيطنة العرب (جبل جرنجوا) (جرجير) 756 مرسى قيطولقة 631 القيقب 648 قينان 765 قينة 147 قينو 916 - ك- كابرون 474، 475 كابل 186، 194، 195، 196، 197، 469، 486، 513 كاث 697، 699 كاج 452، 683، 684 كاربنج (كاربنك) 487، 488

كارموت 186، 192، 193 باب كارونان 829 قلعة الكاريان 420، 424 كازرون 380، 403، 404، 409، 414، 424، 425، 426 كاسان 508، 708 نهر كاسان 484 الكاسكان (كاسكان) 404، 423 كاشغرا 199، 203، 206 نهر كاطة 764 كاظمة 162، 379، 391 كالون 474، 475 جزيرة ابن كاوان 151، 164، 411 كام فيروز 405، 422، 426 كانم 27، 29 كاو 912، 913 كاونيشك 443، 444 كبال 715 كبرنه 703 كبرين 405، 426 نهر كبك 471 بحيرة كبوذان 682، 827 كبوذنجكث 499، 502 جزيرة الكتاب 583، 588 قصر الكتاب 308 كترس 799 كتندة 539، 556 كتنه 145، 146 كثة 403، 416، 418، 427، 429، 430، 431 رباط كثير 459 كجا 510، 515 كدر 705 كذاك 703 الكر 423 نهر الكر 422، 423، 821، 825، 830 كراديس (كرادس) 738، 748 جزيرة الكراث 624 نهر كراغ 471 كراغان 443 كران 403، 405، 410، 426، 488 كرانطة (كرناطة) 222، 247 كرة 474 كربكرد 471 كربلاء 668 الكربنجان 405 كرج (الكرج) 438، 655، 672، 674، 675، 677 كرج الروذراور 676 الكرخ 658، 667 كرخة 380، 393 كرد 414، 426، 427، 431، 433 جبل الكرد 352، 353، انظر جبل اللكام

كردبان 404 كردجة 816 كردر 697، 698، 700 كردران خواش 697 نهر كردران خواش 697، 698 كردرم 445 كردكان 437 بثر كردوج 444 كرسونة 909، 910 الكرسي 345 مرسى كرط 533 حصن كركال 532 الكركان 415 كركث 505، 702، 711 كركرة 828 جبل كركس كوه 442، 443، 453 كركنت 599، 600، 610، 611، 612، 623 جبل كركو 888 كركورة 446 حصن كركوي 550 كركوية 428، 458 سوق الكركي 821 كرم 404، 408، 417 كرم الرنبوح 624 أرض (بلاد) (ساحل) كرمان 9، 151، 157، 165، 174، 175، 379، 413، 416، 417، 419، 426، 427، 428، 432، 433، 434، 435، 436، 439، 440، 441، 442، 443، 444، 446، 447، 450، 455، 689 قنطرة كرمان 455 كرمطة 247 طرف الكرمل 365 جزيرة كرموه 63 كرمينية 495، 496، 497 كرناطة (كرانطة) 222، 247 سوق كرناية 254 كرنبي 892، 900 كرنتين 855 كرني 623 رباط كروان 468، 471 الكروان 422 كروان [الشاش] 422، 708، 709 كروة 444 كروخ 472 الكروم 810 كرووين 459 كرى 144، 145 نهر كرى 482 وادي كريط 618، انظر وادي بوكريط كرين 429، 447، 449، 450، 451، 455، 464

طرف رأس كرين 305 كرينية 644 كريون 342 كزة 414 كزناية (سوق كزناية) 253، 254 كس 453، 458 كسال 829 كسبة 492، 501 كسكر 382 كسكهار 167 كسنا 414 جبل كسوير 10 جبل كسير 151، 164، 167 الكسيوبلي 911 كش 354، 492، 499، 500، 501 الكشانية 499، 502، 503 كشد 166 كشدان 179 بطن ذات كشد 143 كشستان 440 كشطالي 539، 555 رستاق كشك 500 كشميهن 476، 695 كشوكث 711 كصرا 715 كصراباس 714 الكعبة 139، 140 كفرتوثا 649، 661، 662 كفرسوسية 366 كفرعزى 659، 660 إقليم كفرقيلا 370 كفر مآب 377 بلاد الكفرة 58 قرية كفرة 413 كلار 678، 686، 688 الكلاية 345 رأس الكلب 684 نهر الكلب 372 كلة 800 جزيرة كلة 78، 80 حصن كلديس 267 كلرمنت 762 كلشجك 703، 709 كلكسار 186، 192، 198 كلكيان 186، 192 نهر كلهى الصيني 206، 207، 208، 209 كلوذا 667 كلوان 173 كلودر 416 كلوسي 755 كليف 482 كليوان 393، 397

كمخ 650، 811، 812، 814 كمسيلة 796 كمهنك 416 جزيرة كمونة 583، 587 كمين 427 الكنائس 810 الثلاث كنائس 625 رأس الكنائس 318 كنائس الحرير 318 كنائس الملك 809 كنار 414 إقليم الكنبانية 537 كنباية 166، 170، 180، 181، 183 كنبلرين 855، 857 كنبلى 73 كنج 475 كنجدة 705 كنجة 186، 192 كند 701، 709 قصر كند 166، 174 كندر 464، 690 كندرم 479 كندك 492 كندية 908 كنشكاث 711 نهر كنك 214 قرطيل كنكا 762، 763 كنكراك 703 كنكرة 458 رباط كنكى 460 الكنيسة (طرف الجبل) ، (رأس الجبل) 300 الكنيسة السوداء [أرمينية] 814 كنيسة باتر نصتر 361 كنيسة بطرس 362 كنيسة بيت المقدس 752 كنيسة رومة 751، 752 كنيسة سنت مركو 594، 621 كنيسة القمامة 358، 728 كه 483، 486 كه سيم 709 كهده 684 الكهرجان 424 الكهركان 417، 421 كهسيم 704 كهك 453، 455، 460 كوار [فارس] 405، 411، 413، 418، 422 بلاد كوار [المغرب] 29، 30، 40، 115، 116، 117، 118، 119، 120، 124 كواران 472 بحيرة كوارث 521 كواسان 471، 472 كوثاربا 380، 671

كوثا الطريق 671، انظر كوثاربا كوثرة 812 جبل كور 568 كورسره 820، 826 كوسرى 473، 474 كوشك 472 كوشه [السند] 166، 179 كوشة الواغلة 31، 32، 37 قصر كوطين 307 كوغة 17، 27، 28، 185، 296 الكوفة 163، 379، 381، 382، 383، 386، 650، 654، 666، 667، 668، 670 رستاق كوك 471 رستاق كوكان 471 جبل (جبال) الكواكب 230، 532 كوكبا 366 أرض (مدينة) كوكو 27، 28، 29، 40، 110، 116 نهر كوكو 28، 116 كول شوب 714 كولان 714 كولسره 680 جزيرة كولم ملى 167، 180 جزيرة كولي 181 كوم زنجل 358 كومين 440 كومة 757 كونكة 538 كوه 474 جزيرة كوي 642 كويابة 917، 918، 919 كويسان 445، 458 قصر كيب 318 كيترة 791 كيث 697، 698 كيذرس (قيذرس) 806، 807، 809 كير 405، 411، 426 كيركايان 174 كيرند 413 كيرة [خليج البنادقيين] 761 كيرة [الخزرية] ، 915 كيز 166، 172، 173، 179 كيزكانان 166، 175، 179 كيسا 380 حصن كيسوم 814 كيش 61، 151، 156، 157، 164، 173، 181، 390 كيف 475 كيلكوين 823 الكيمارج 405، 409 بلاد الكيماك 715 بلاد الكيماكية 517، 520، 711، 712، 714، 718، 719، 843 بحر الكيمكاية 721

رستاق كينجكث 499 نهر كينجكث 499 الكيوه 92 كيه 166، 175 - ل- وادي لادس 308 باب لاذقة 829 اللاذقية 347، 353، 643، 645، 808، 812 لاردة 538، 554، 733 لارسة 795، 797 لارندة 813 جزيرة لارو 641، 642 لازقة 921 لازنة (لاشنة) 761، 765، 786 لاسية 90 جبل لاشان 683 لاشتر 676 لاشنة (لازنة) 761، 765، 786 وادي لاطس 630 جزيرة لافت 379 جزيرة لاقة 221 لالان 716 جبل لالان 716، 717 لامة 775، 777، 778، 780 أرض (بلاد) اللانية (لانية) 12، 907، 914، 915، 935 باب اللان 829 جبل لاهم 562 اللاهون 131 نهر (وادي) اللاهون 327، 328 لاوكند 487، 488 اللايجان 820، 821، 822، 829 وادي لاينة 788 لباذية 808، 809، 813، 816 لباضة 909 أرض لبان 870، 871 باب لبان شاه 829 لبدة 276، 308 حصن لبرالة 561 لبلونة 627، 633، 634، 790، 795، 798 جزيرة لبلونة 771 لبلة 537، 541، 542 نهر لبلة 542 إقليم لبنان 377 جبل لبنان 353، 370، 371 قصر لبنة 301 لبوتراي 782 منزل لبيري 594، 625 لج 627، 632، 775 لجرا 469، 486

نهر لخمان 932 اللجون 354، 377 اللجة العظمى 191 قصر لخم 319 لخمان 926، 930، 932، 933، 938 بيت لحم 362، 363 لد 376 حصن بنت لرينة 725، 732 لزاوش 865 لزنة 738، 744، 745، 866 لسعا 55 لسو 790، 791 جبل لسو 790، 791 لشبونة 536، 538، 547، 549، 553، 726 لشنة 762، 783 قصر اللصوص 672، 674 لشيوش 779 لغوس 103، 104 لفقسية 644 لفيسة 892، 894، 895 لقاطة (اللقاطة) 627، 634، 636 لقبارة 785 لقنت 538، 558 لك 313، 318، 319 جبل (جبال) اللكام 353، 651، 652، 653 لكة الساحلية 123 لكة [دسقانية] 739، 754، 755 لكذمونة 638 لكروي 725 نهر لكس 53 أرض (بلاد) اللمانية (اللمانيين) 744، 745، 867، 871، 872، 873، 874، 875، 876، 879، 901 بلاد لمتون 19، 40، 104، 105، 106 قصر لمطة [إفريقيا] 303 لمطة [شرق الملتان] 180، 186، 197 بلاد لمطة [المغرب] 225 أرض (بلاد) لملم 19، 22، 26 بلاد لمتونة الصحراء 19، 104، 105، 106 وادي لمنة 630 جزيرة لنبذوشة 588 حصن لنبياذة 599، 612، 613، 623 حصن لنتشك 780 حصن لنتيني 597، 614، 615، 617 وادي لنتيني 624 خان لنجان 414، 674 جزيرة لنجبالوس (لنكبالوس) 77، 78، 80 لند شوذن 950، 951 حصن لندونية 950 جزيرة لنكبالوس (لنجبالوس) 77، 78، 80

لنكة 742، 743، 744، 745، 863، 864 لنيونش 855، 857 لهاور 180، 194، 195 إقليم (بلاد) لهرنكة 744، 861، 867، 868، 870، 872، 874 لؤونس 871 رم اللوالجان 419، 426 لوبارا 768، 792 أرض لوبان 879 أرض لوبانية 861، 874 لوبشة 912 أرض لوبية 11 حصن لوتورس 373 لوجغة 912 لوحقة 279 وادي لوذرة 764 جبال اللور 393، 400، 672، 674، 677 اللورجان 427، 433 لورقة 538، 559، 561، 562 لورنت 786 لورة 537، 561، 573، 574 قصر اللوزة 304 جبل لوس 56 لوشة 570، 803 ديار قوم لوط 354، 361، 362 لوغارو (واوغوري) 768 لوغاري 622 نهر لوقدو 784 لوقين 84، 199، 202، 207 لولوا (اللولوا) 186، 192 لوندرس 880، 945، 946 جبل لونيا 111، 116، 122 لونة 739، 750، 755 لياج [صقلية] 596 جزائر لياج 624 وادي لياج 624 لياج (لياجة) [برغونية اللمانيين] 867، 868، 870 جزيرة ليبر 583، 586 باب ليران شاه 829 نهر ليطقة 366 ليغلغو 796، 892، 894 ليغة 632 نهر ليقستومي 797، 799، ليما 145 ليموجش 741 اللين 643، 808، 810 نهر اللين 811 ليون [قشتالة] 725، 731، 732 ليون [بربنصة] 738، 740، 741، 742، 744، 745، 683

- م- ما جاور النهر 695 ما خلف النهر 718 ما وراء النهر 481، 487، 498، 504، 518، 697، 703 جزيرة حصن الماء 336، 380 رأس الماء 445، 446 نهر الماء الأحمر 728، 729 مآب 355 جزيرة مابط 82 ماتريقا (مطرخا) (مطرخا) 916 ماتلى (ماطلى) (موطلى) 762 ماتناطة 764، 765 ماتي (موطلى) 762 بلاد ماجوج 87، 843، 846، 849، 910، 926، 933، 934، 935، 937، 938، 939، 962 الماحوز الأول 358 الماحوز الثاني 358 ماحوز جبيل 372 ماخولون 73 نهر مادري 809 ماديار 186، 194 ماذران 672، 674 ماذرواستان 674 ماذوان 404 ماذينوس 892، 899 مأرب 56، 150، 153 مارمليار 752 مارا 719 ماراباذ 470 مارتلة 538، 542، 543، 545، 550 ماردة 538، 542، 545، 546، 550، 581 ماردين 654، 662 جبل ماردين 662 مارسان 451 نهر مارسو 796 نهر مارغا 837، 839، 840 نهر ماركلة 747 كنيسة شنت ماركو 594، 621 بحيرة مارة 343 مازر 587، 600، 601، 607، 608، 609، 623 مازقيط 814 المازنجان 418، 419 مازونة 271 مازيغن 240 ماسبذان 655، 674 ماست 240، 241 ماسترة 960 ماسكان 174 ماسكين 654

ماسنة 531 ماسورجان 166، 179، 180 ماسويا 180 الماشكاتات 426 ماشلة 877 ماشة 510، 516 ماص (ماصة) 867، 868 ماصرم 422 ماصو (باصو) 877 ماصة (ماص) 867 الماص (الماصة) 584، 627، 772 ماطلى (ماتلى) (موطلى) 762 حصن ماطلى [أبدة] 648 حصن ماطلي (أمطلين) [قرب أفسين] 806 حصن ماقري 817، 818 ماقلة 786 مالسووة 794 ماكسين 665 المالز (مالص) (المالص) 866 مالص (المالز) (المالص) 862، 865، 866، 869 جزيرة مالطة 583، 588، 598، 614 مالقة 537، 540، 563، 565، 570، 580، 581 مالن [نيسابور] 690 مالن [خراسان] 428 مالن كواخرز 462، 464 مالن هراة 470، 472 مالون 166 مالوه 186، 194 ماما 256 مامطير 655، 678، 686، 688 مامهل 166، 170، 180، 181 قصر بني مأمون 305 مانان 27، 29 جبل مانان 106 مانس (المانش) 858، 863، 866 مانية 638 ماه البصرة (نهاوند) 674 ماه الكوفة (الدينور) 674 ماورغة 254 المايد 88، 89، 92 جبل مايال 778، 779 مايمرغ 492، 502 مايين 380، 403، 404، 414، 420، 426 أرض ماينة 874 المبرك 657 صحراء متالاوت 344 متبول 340 متزيس 823 متوث 380، 394، 397 متوسة 268، 274 متيرة 762، 771، 781 حصن المثقب 646، 652 مثورة 379 مثونية 638 المجازة 161 مجانة 276، 293، 295 قرية ابن مجبر 256 المجتنى 298 طرف المجريان 313 مجريط 538، 552 مرسى مجلود 631 وادي المجنون 601 ماهان [سابور] 405 ماخان [كرمان] 428، 438 مدلجة مجاح 142 قصر مجدونس 304 أرض (بلاد) المجوس 888، 953، 954، 955 قرية المجوس 452، 684 قصر المجوس 305 قلعة المجوس 416 مجى 506 رأس المحجمة 156 المحدثة 376 المحمدية 650، 654 باب المجراب 654 محكان 611، 612 المحلة 340 خليج المحلة 339 رأس أبي محمد 350 رباط محمد 448 محياك 166، 179 مخاضة 811 المخاضة (مخاضة البلاط) 550، 551، 553 وادي مخاطة 759 رأس المخبز 307 مخرجة 649 وادي مخيل 317 المد 621، 622 المدائن [الأندلس] 541 المدائن [العراق] 669، 670، 671 المدارج 602، 608، 622، 623 مداسة 22، 25 مدجان 445 جبل المدخير 53 مدسونة 954 جون المدفون 302 مدلين 538، 550 مدوا 708 حصن المدور 561، 574 مديلان 739 مدين 10، 145، 345، 346، 347، 350، 351

المدينة 132، 141، 142، 143، 144، 145، 163، 345، 352، 383، 385، 386 المدينة البيضاء (سرقنسطة) 538، 554 مدينة البحرين [جزيرة أوال] 385، 386، 387 مدينة خاقان الخرلخية 518، 521 مدينة الخندق [اقريطش] 640 مدينة داود 115 مدينة بني درعة 249 مدينة الرستاق 395، انظر الدورق مدينة سالم 552، 553، 733 مدينة السحرة (أنصنا) 124 مدينة السلام (بغداد) 381، 383 مدينة صاحب السرير 835 مدينة ابن السليم 536، 541 مدينة صقلية (بلرم) 591، انظر بلرم مدينة الغزية القديمة 841 مدينة القلزم 10، انظر القلزم مدينة المبارك 655 مدينة نهر تيري 393، 398، 399 المذار 380، 384، 399، 671 مذر 483، 486 جبل مذر 445 مذرى 698 نهر مذرى 698 مذكورة (قاصرة) 278 مذلان 681، 682 مذمينيه 698، 700 مذيامجكث 495، 496 مر (المر) 345، 376 بطن مر 141، 142، 346 رحل المرأة 607 قصر المرابطين 302 دار المرابطين (انقال) 237 المراب 161 مراثيا 788 حصن مراد 573 نهر وادي مرار 727 حصن مراش 814 المراغة [مصر] 125 حصن المراغة [الشام] 649 المراغة [آذربيجان] 679، 680، 681، 682، 826، 828 مراقية 11 مراكش 233، 234، 235، 236 مران 160 دير مران [دمشق] 368 مراوز 247 مرباط (مربط) 56، 75 مرباطر 538، 556 المربعة 140 مربلة 53، 570 مرتان 49، 52، 56، 63

بئر ابن المرتقع 144، 145 مرتوري 955 المرج [الأندلس] 574 المرج [من كور الجبل] 674 رستاق المرج [الموصل] 659 مرج فلن 817، 818 مرج القلعة 673 بطن مرجح 142 مردوس 696 رستاق المرزبان 499، 501 قصر أبي مرزوق 301 مرسقة القديمة 774 جبل مرسقو 787 مرسمندة 504، 505، 506 قصر مرسى الوادي 300 مرسية 538، 556، 557، 558، 559، 560، 561، 562 حصن مرشانة 537، 567 مرصان [أرمينية] 682 مرصان [أرض الخرلخ] 926، 927، 928 قصر المرصد 302 مرطران 762 مرعش 353، 643، 651، 652 نهر مرغاب 476 جبل مرغار 839، 840، 931، 932 مرغنة 606 نهر مرغيت 250 مرغينان 507، 707 مرقاشان 837 مرقايا 73 حصن المرقب 644 مركطة 32، 41، 42، 43، 44، 48 مركوري 788 مرسى (قصر) مركيا 307 مرلانش 735، 738، 740 مرلش 573 مرماجنة 267، 292، 293، 294، 295 وادي مرمارى (وادي مرمارى) 798، 800، 894 إقليم مرمرية 539 مرناو 604 مرند 655، 680، 825، 826 مرندة 120 بلاد (مدينة) مرو (مرو الروذ) 354، 461، 466، 473، 476، 477، 478، 479، 480، 483، 486، 691، 693، 694، 695 مرو الشاهجان 480، 694 نهر مرو (نهر مرو الروذ) 447، 478، 480 مرونه 73 المرية 252، 535، 536، 537،

559، 561، 562، 563، 566، 570، 580، 581 مرية بلش 565 قرطيل مرية 637 مريزجان 417، 431، 433 مريس 896 عين مريلغة 387 دار مرين 222 مرينة 315 المزارع 268 مزغيطن 268، 274 مزداخقان 697، 698 حصن المزداسية 372 المزرقان 424 المزمة 527، 533، 581 المزة 366 مزيد 345 المساجد 540، 561 نهر مسترة 808 جزيرة المستشكين 218 مستغانم 271، 527 مستناح 719، 720 مستنج 175 مستيح 310، 312 مسخا 506 جزيرة المسخا 187 مسجد إبراهيم 363 المسجد الأقصى (الجامع الأقصى) 359، 360 مسجد بهلول 268 مسجد الرايات 540 مسجد سليمان 406 المسرقان 392، 394 نهر المسرقان 393، 395 حصن مسطاسة 532 مسفهان 103، 104 مسقط (مسقط سيف بن الصفاق) 150، 156، 157، 162، 164 قرطيل مسقلة 624 مسكان 707 مسكيانة 276، 295 مسلحة 386 حصن مسلمة 662 جزيرة المسمار 624 قرية مسن 421 نهر مسن 421 مسوام 166 جبال مسكن 151 حصن المسكنين 803، 808، 810 نهر مسلى (نهر الطيب) 193 مسناة 804، 906 وادي مسون 247 مسوفة 225 مسيسة 809

المسيلة 222، 252، 254، 255، 256، 261، 263، 264، 292، 295، 296 مسينة 757 مسينى 595، 596، 622، 625، 626، 627 جبل مسيون 259 مسيونس 892، 895، 898، 899 طرف مشانة 271 المشجان 422 مشسلة (مشلة) 885 مشكان 427، 432 مشكون 738، 742، 743، 744، 863، 864، 866 مشكى (مشكي) 172، 174 مشكويه 675، 679 مشلة 822، 890، 891، 901، 902، 903 نهر المشهر 962 مشيلية 749 بلاد المصامدة 236 المصدف 349 مصر 31، 32، 33، 34، 36، 37، 38، 39، 40، 46، 47، 53، 72، 177، 121، 122، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 226، 310، 311، 317، 319، 321، 322، 323، 324، 325، 326، 327، 329، 331، 340، 341، 343، 344، 345، 346، 348، 356، 371، 381، 406، 435، 439، 565، 827 مصقلة [صقلية] 621 مصقلة [دلماسية] 761، 768 قصر مصمودة 527، 529 المصيصة 169، 643، 646، 647، 653، 804، 814 نهر المصيصة 652 ديار مضر 649، 655، 658، 665 المضيف 262 وادي مطاحن طارنت 630 مطرخا (ماتريقا) (مطرخة) 12، 908، 909، 910، 911، 916، 920، 929 المطرية 345 مطغوري 816، 817، 818 مطلوقة (قمانية البيض) 916، 920 رباط معبد 443 المعتمدية 340 حصن المعدن 547 معدن النقرة 150، 163، 347، 386 المعرة (معرة النعمان) 652 المعسكر [المغرب] 251 المعسكر [الدرب] 810 نهر معقل 383، 671

رستاق معلثايا 654، 660 المعلقة 286 المعمورة 246 مغار الرقيم 317 المغارة 268 مغام 552 قصر مغداش 313 المغرب 94، 114، 135، 222، 223، 224، 226، 230، 241، 244، 246، 248، 250، 264، 290، 350، 569 المغرب الأقصى 11، 18، 22، 23، 24، 29، 40، 103، 104، 110، 113، 117، 205، 234، 260، 525، 526 المغرب الأوسط 11 مغكان 495، 496 مغون 436، 439، 440 بطن مغيرة 345 مغيضه 649 مغيلة 222، 244 المفازة الكبيرة 442 المفتح 380، 384، 399، 671 نهر مفروبطامي 800 مفضلاباذ 684 مرسى المفقود 163 مقارة 619 جبل مقدة 298 بيت المقدس 347، 355، 356، 358، 359، 361، 362، 363، 364، 751 مقذونية 12، 888، 892، 893، 905، 920 جبل المقدونية 798 المقراة 161 مقرة 222، 263 جون المقري 642، 643، 648 أرض (بلاد) مقزارة السودان 17، 19، 24، 105 جبل المقطم 132، 326 دار المقياس 323، 325 مكة 108، 132، 138، 139، 140، 141، 142، 143، 144، 145، 146، 147، 148، 149، 151، 159، 160، 163، 346، 380، 479، 673 مكران 9، 170، 172، 173، 174، 178، 179، 180، 404، 433، 440، 441 مكشتريناطة 776، 778 مرسى مكن 950 مكناسة (تاقررت) (بنو زياد) 221، 244، 245، 246، 253 مكناسة [الأندلس] 538، 551، 555، 733

مكول 238 ملاجنة 809 الملاحة [صقلية] 623 الملاحة [قلورية] 786 الملاحة [مصر] 318 نهر الملاحة 565 رأس ملاصة 640 ملاي 71، 85، 91 قلعة ملبال 573، 574 نهر ملبال 573 ملبنت (ملفنت) 763 الملتان (فرج بيت الذهب) 166، 170، 172، 175، 176، 177، 178، 197، 442 ملتون 405 بلاد الملثمين 205 الملجان 404، 413 الملجيس 809 الجبل الملح 174 قصر الملح 684 وادي الملح 403 بحيرة ملحة 827 ملدني 812، 813، 814، 818 ملطية 378، 643، 650، 651، 652 حصن ملطية 815 درب ملطية 803 ملعب للروم [طبرمين] 596 الملعبان [بعلبك] 369 ملف 585، 586، 639، 757، 758، 762، 782، 783 ملفنت (ملبنت) 761، 763، 764 جون الملك 10 نهر الملك 379، 668 ملكان 147 ملل [لملم] 19، 22، 26 ملل [من مكة إلى المدينة] 142 ملندة [ (ملند) 51، 59، 60 دار ملول 222، 263، 264 الملون 809 حصن الملون 646 نهر (وادي) ملوية 247، 535 جزيرة ملي 182، 186، 190 قصر مليان 303 مليانة 222، 253، 257 مليج 334، 335 مليسية 892، 899 جزيرة مليطمة 583، 587، 601 قلعة مليطو 589 مليلة 222، 247، 523، 527، 533، 534 مليون 785 جب مناد 344 مناذر الصغرى 392، 401 مناذر الكبرى 392، 401

قصر المنار 302 منارة الإسكندرية 319، 320 منازجرد 820، 825 منازل أبي دلف (الكرج) 675 منان 719 منبج 378، 643، 651، 652 جسر منبج (قنطرة سنجة) 651، 665 منبسة 51، 59، 60 جبل منت 541 منت ابوو 787 حصن منت افرند (منت فرند) 775، 778 منت البان 621، 622 حصن منت بال 777، 780 منت بشلير 738، 739، 748، 749 منت تين 755 جبل منت جون 740، 742، 743، 744، 745، 753، 866، 874، 875 ملجأ خليل 615، 616 منت دجون 777 منت دفرت 622 منت دمروا 777 جبل منت راد 732 منت سرح 760، 784 منت صان 788 منت طري 788 منت فبرير 732 منت فرت 788 منت فرند 778، انظر منت افرند حصن منت فسق 787 منت فنجوس 781، 782 منت قلوي 782 منت لشون 741 منت مللو 778 منت مور 774 حصن منت ميور 547، 725، 726 منت يأني 752 الأرض (البلاد) المنتنة 923، 926، 928، 929، 930، 960، 961 نهر منخاز 519، 520 منوبلي 761، 763 جبل منتال 787 حصن منترك 572 منتو (منتوا) 739، 754 حصن منتويه ذبليه 729 منتية (المنتية) 586، 759 رأس منتيرة 758 منجابري 166، 170، 172 منجبة 621 منح 150، 158 جبل منحاز 644 مند 404 جزيرة المند 167، 180، 181 المندب 50 باب المندب 9، 10، 44

جبل المندب 50 حصن مندوجر 566 نهر منديق 547، 726 منساوة 125 قصور المنستير 282، 301، 303 المنشار [إفريقية] 300 حصن المنشار [صقلية] 610، 611 المنصف 298 حصن منصور 353، 643، 651، 652، 813، 814 قصر المنصور [بغداد] 667 المنصورة 168، 169، 171، 173، 175، 178، 179، 180، 181 المنصورية [السند] 166، 170 حصن المنصورية [المغرب] 268، 274 منف 236 منفوجة 161 منقري 813 منقع ورغسر 498، 499 منقونة 43، 45 منك 487، 488 المنكب 537، 564، 570 قصر ابن منكود 609 منهوشة 314، 315 منهه 166 المنهى 328 خليج المنهى 125 المنوجان 426، 427، 440، 441 جزيرة منورقة 582، 584 منوف السفلى 342 منوف العليا 340 منياج (غيران الدقيق) 620، 621 سوق أبي منى 342 منياصة 638، 639 المنية 329 منية إسنا 334 منية ابن جراح (رحل جراح) 336 منية بدر 335، 336 منية الحرون 333 منية الحوفي 333 منية ابن الخصيب 124 منية دمينة 337 منية زفتة 334 منية السودان 321 منية شهار 337 منية عبد الملك 334 منية عساس 336 منية الطعار 332، 333 منية العطف 332 منية العلوق 339 منية غزال 339 منية غمر 334 منية الفيران 334 منية فيماس 334

منية القائد 329 منيبار 186، 191 المهجرة 146 المهجم 55 حصن مهدي 393، 394، 395، 398، 399، 402 قصر المهدي [بغداد] 667 قلعة مهدي بن توالة 221، 243، 247 المهدية 276، 281، 282، 283، 303، 304 المهراج 79 نهر مهران (نهر مهران السند) 167، 168، 170، 171، 177، 178، 650 مهرجان 692، 694 مهرزنجان 427 مهرجانقذق 655، 674 مهروبان 379، 394، 403، 425 المهلب 448 خليج المهنى 125، 127، 130، 328 مؤتة 357 جبل الموجب 358 نهر الموجن 630 جزيرة الموجه 87، 89، 90 موذقة 613، 614 موذولينة 767 موذونوس 811 مور 405، 426 بحيرة مور 424 مورافا 794 نهر مورافه 795، 893، 897 مورجان 685 جبل مورس 44 المورستان 409 مورة 17 مورق 424 قلعة مورو 609 موريدس 186، 195 جبل موريسقس 50 نهر مورين 872 تل موزن 649، 663 قصر أبي موسى (القصر) 245 وادي موسى 597، 616، 617، 618، 620، 624 جبل موسى 528 موسى آباد 828 الموصل 654، 657، 659، 660، 664، 677، 827 موطلى (ماتلى) (ماطلى) 762 موغاو (أوماغو) 767 موقان 678، 681، 820، 834 عين الموقعين 364 الموقف 323، 324 مولبة 758 وادي مولبة 788 مولة 538، 561 مولسة 909، 912

جزيرة مونسة 586 مونيشقة 957 نهر موين 876 مي 413 الميادوان 404 ميافارقين 662، 663، 664، 814، 815، 820، 825، 826، 827 أحواز ميافارقين 353 ميان روذان 508، 708 الميانج 681 ميانصة 872، 873 ميانكال 493 ميبذ 403، 418، 427، 431 وادي ميتيو 746 جب الميدان 317 ميدره 186 ميرجا 608 برج الميرة 636، 643، 647 الميزاب [مسجد دمشق] 367 جبل الميزان 434 ميغالي [برسكلافسة] 892، 898 ميغالي [ثرمة] 892، 900، 911 رباط ميغون 459 ميقش 622 جزيرة ميكلا 641، 642 حصن ميلاص 594، 622، 625 ميلة [المغرب] 222، 265، 274 ميلة [طبرستان] 678، 685، 686، 688 باب ميلة 265 جزيرة ميلو 640 قصر مينزت 301 قلعة ميلية 638 خان ميم 417 ميماس 357 ميمذ 824 ميمند 405 مرسى ميناء المعطى 647 قلعة ميناو 614، 615 المينة 528 جبل المينة 528 حصن مينك 506 وادي مينو 727، 731 ميور 585 جزيرة ميورقة 582 ميوز (ميوش وميوص) 868 - ن- نابل (الساحلية) 585، 757، 760، 771، 783 قصر نابل [إفريقية] 293، 302، 587 نابلس 347، 355، 356، 363، 365، 370، 376، 377 رباط نابند 405، 410، 421، 447

نابى 917 ناتل 678، 686، 688 ناثورة 801 حوض ناجة 445 ناجرة 725، 732 ناجية 841 بيت نار الشيز 669 جبل النار [نابل] 757 جبل النار [صقلية] 396، 596، 617، 620 ناراوم 753 نارطس (نوذرس) 627، 631 رحل ناروا 610، 611، 612 ناروس 916، 917 رباط الناسي 443، 444 أرحاء ناصح 574 ناصرة 377 حصن ناصو 594 ناضية 814 بلاد (عمل) ناطلوس (الناطلوس) 803، 808 ناظمة 754 نهر ناظمة 753 حصن الناظور 262 طرف الناظور 558 حصن الناعمة 347، 371 الناعورة 649 مرج ناقولية 811 نامل 689 نامهند 679 ناموني 816، 817 نانطس 855، 856، 857 قرطيل ناورة 763 الناووسة 656، 657 ناي 913 رباط نايرح 444 نايين 403، 418، 426، 427، 431، 449، 450 جزيرة نبابة 341 نبرنته 111، 112 نبغتو (نبغطو) (نبقتو) 633، 635، 637، 791 نبلى 338 فوارة النبودي 597 مرسى النبيرة 563 نبيلة 336 النجا 48 النجاشية 125 النجاغة 32، 42، 43، 44 نجاكث 703، 704، 710 نجاو [بلاد رغوسة] 791 نجاو [برتقال] 725 نجة 816، 819 نجد 145، 158

جبل نجدة 561 نجران [جزيرة العرب] 145، 146، 148، 150، 151، 152 نجران [إلى استاراباذ] 686 نجرغ 926، 930، 931 نجرنك 507، 707 نجعة 719، 721 النجم [مكة] 146 قرى نجم [فرغانة] 708 نجه 186 نجيرم 379، 403، 405، 411، 418، 422، 426 نجيرمان 441 نخذ 413 بطن نخل 163 مرسى قصر النخلة 301 قصر النخيل 302 حصن ندارم 815 قصر الندامة 317 نداي 255 ندباه 444 بئر ندرسار 451 ندرمسة 345 ندرومة 534 ندغ 438 نذم 445 جزيرة نرباغة 948، 953 نرتة 902 جزيرة النرجس 373 نرغيق 880، 946 جزيرة نرفاغة 949، 950، 951 نرماشير 428، 435، 436، 443، 444، 445 بلاد نرمندية 861، 864، 866، 869، 870، 874 نريان 479 شعراء ترار 612 تل نزعة 663 نزوار 697 نزوه 158 نسا 691، 693 قلعة النساء 611، 612، 613 وادي النساء 539 نسايك (البيضاء) 432 نسطاسية (شنت نساطسية) 617، 618 نسف 354، 492، 499، 500، 501 نسنات 344 نسيا السفلى 507، 707 نسيا العليا 507، 707 نشران 521 نهر نشمو 811 نشوى 820، 824، 825، 828 نصيبين 649، 654، 660، 661، 662، 663، 665

نضخو 521 نطوبس الرمان 343 بطن نعمان 144 جزيرة النعمان 136، 350 قنطرة النعمان 672 نغرادة 903 نغران 716، 717 نغيرا 105، 106 جبل نفراغن 838 نفزاوة 278، 279، 283 نفطة 276، 278، 279 جبل (جبال) نفوسة 222، 229، 278، 279، 299 نفيس 229 نقاد 707 نقاو 344 نقاوس 222، 264، 278 معدن النقرة 150، 163، 347، 386 جزيرة نقسية 642 نقموذية 802، 805، 906 نقوطرة 759 نقولس 947 النكتة 694 محلة نكلا 342 نكور 527، 533 نمجان 922، 923، 924 جزيرة نمرغو 642 جزيرة النمنج 210، 214 نموذلغ 704، 710 جبل نموش 814 جزيرة نموشة 582، 588 النميسون 644 نه (راجحة) 453، 457 نهاوند 655، 672، 674، 676 النهر 694، 695، 696، 697، 700، 718 النهر الأبيض 557، 559، 561 النهر البارد (الوادي البارد) 621 النهر الحلو [بلبونس] 635، 636 النهر الغؤور (نهر يانة] 545 النهر الكبير [ذونية] 816 النهر الكبير (قرطبة) 541، 561، 568، 569، 573 النهر الملح [صقلية] 611، 612 النهر الملح [بلبونس] 635 نهران 404 نهر النيقشين 617 نهروارة 180، 186، 187، 188، 189، 194، 195 نهر نهروارة 485 النهروان 655، 668، 669 نهر الهروان 667، 668، 671 النهرين [بلاد الجزيرة] 665 قرية النهرين [المغرب] 296

نهناباذ 685 نوابة (نوابية) 27، 30، 31، 37 النواقير 365 نواكت 510، 515، 715 نوبلو 779 النوبندجان 380، 403، 404، 405، 415، 425 أرض (بلاد) النوبة 29، 30، 31، 32، 33، 34، 37، 38، 39، 40، 42، 46، 47، 121، 122، 184، 322، 325 معدن النوبة 46 قصر نوبة [إفريقية] 301 قصر نوبو 605، 607، 612 نوجة 837، 839 نوجكث 506، 702، 703، 704، 841 نوذر 489 مرسى نوذرس (نارطس) 631 نوزوار 699 نوشى 916، 917 نوطس 598، 614 نوقان (النوقان) 690، 692، 693، 694 جبل نوقان 692 نوقد قريش 500 نوقسترو 892، 896، 897 نوكث 704 النول الأقصى 105، 223 نول لمطة 221، 224، 225 نولنص 761 النون 685 نونة (نينص) 768، 770، 792 نوندك 489 جزيرة نونشكة 920 نياست 186، 194 نيبرى 73 النير 680 النيرون 166، 168، 169 نيريز 404، 408، 426، 681 نيسابور 354، 369، 447، 449، 452، 461، 462، 464، 465، 474، 685، 689، 690، 691، 692، 693، 694 نيسان 161 نيسر (تيسر) 18، 105، 107، 109 جزيرة نيسلى 642 نيسو 794، 795، 887، 888، 892، 893، 894 نيشك 455 نهر نيشك 459 نيطرم 878، 882، 883 بحر نيطس 12، انظر البحر البنطسي نيطة 816

حصن نيطو 814 نهر نيطو 786 نيفارش (نيفارص) 738، 741، 742، 743، 744، 863، 864 النيقشين 617، 619 نيقلو 796 وادي نيقلو (ريغلو) 764 نيقية 802، 805، 806، 808، 813 بحيرة نيقية 806 النيل [الحبشة] 98 النيل [بلاد السودان] 17، 18، 19، 20، 22، 23، 24، 25، 26، 28، 29، 30، 33، 116، 225 النيل [بلاد النوبة ومصر] 32، 33، 34، 36، 37، 38، 39، 40، 42، 43، 99، 121، 124، 125، 127، 128، 129، 130، 131، 223، 317، 319، 320، 322، 323، 324، 325، 326، 328، 329، 330، 332، 333، 335، 336، 337، 338، 341، 342، 343، 344، 519، 650 نيم راه 669 حوض نيمكثروذ 451 نينص (نونة) 768 نينوا 654، 659 جزيرة نيو 640 نيون برك (نيوبرك) 882، 890، 891، 901، 902، 949 - هـ- الهارونية 353، 652، 653، 814 قصر هاشم 308 هاشم جرذ 482، 491 حصن ابن هارون 538 هالة 882، 890، 891، 901، 902 هان 256 الهاوية 48 هبر (قرية العقارب) 415 رمل الهبير 380 قصر ابن هبيرة 668 حصن الهتاج 815 هجر 150، 163، 385، 386 رباط هذوا 460، 469 هراة 427، 444، 445، 458، 461، 462، 463، 466، 468، 470، 471، 472، 473، 474، 475، 480، 691 نهر هراة 471 حصن الهربادة 645 هربرد 872، 873، 882، 890، 901 هرش هنت 950

هرقلية (أرقلية) (أركليس) 12، 276، 801، 905، 906، 908 بحر هركند 65، 71، 72، 92، 99 نهر الهرماس (الخابور) 657 هرمز 379، 380، 413، 416، 426، 428، 435، 436، 439، 440، 441 رام هرمز 380، 392، 395، 398، 402 هرمز الساحلية 436، 440 هرمز فرة 476، 477، 695 هرمز الملك (قرية الجوز) 435، انظر هرمز هزمزد (بيت نار) 425 هرموزشهر (الأهواز) 392 قصر الهرى 306 وادي هري روذ 433 هزار (الهزار) 380، 404، 414، 424 حوض هزار جوين 450 هزارسب 697، 698، 699 نهر هزارسب 697 هزلج 81، 82 هستينكش 880، 945 هشكيد 685 هفدر 685 رباط هفشيان 459 هلاورد 487، 488 هلبك 487، 488 نهر هلبك 482 هلى 507، 707 همذان 655، 671، 672، 673، 674، 675 هموارن 489 هنتونة 880، 945 الهند 8، 9، 51، 54، 62، 65، 67، 68، 72، 73، 74، 75، 76، 81، 84، 85، 88، 89، 90، 91، 95، 96، 98، 137، 157، 167، 169، 170، 176، 177، 178، 180، 181، 182، 183، 184، 185، 189، 190، 191، 193، 194، 195، 197، 199، 200، 201، 202، 207، 208، 212، 455، 460، 467، 469، 485، 487، 490، 511، 513، 514، 565، 650، 721، 830 بحر الهند (البحر الهندي) 9، 10، 51، 58، 79، 93، 94، 164، 182، 186 جبال الهند 514 الهنديجان 405 هنفلات 865 هنقبر 882، 889 هنين 527، 534، 582 جون هور 273

هيات 815 هيت 66، 650، 654، 656 محلة أبي الهيثم 339 نهر الهيذمند 446، 454، 455، 458، 461، 467، 468 هيشوم 428 جبل هيكل الزهرة (البرينيو) 535، 730، 734 بلاد هيكل سولى 725 جبل هيكل الصور 34 هينو 861، 863، 874 - والواح 123 الواحات 40، 125، 322 بلاد الواحات الداخلة 32، 122، 123 أرض (بلاد) الواحات الخارجة 119، 121، 122 الوادي البارد 624، انظر النهر البارد الوادي الكبير [قلورية] 629 الوادي الكبير (المغرب) 262 الوادي المعوج 630 الوادي الملح [بلبونس] 635 الوادي الملح [لنبياذه] 599، 612، 623 الوادي الملح [المغرب] 262 مدينة وادي آش 537، 567، 568، 569، 570 مدينة وادي شنت 868، 869، 871، 944 وادي القرى 145، 345، 347، 351، 352 قصر مرس الوادي 300 الواديقان 429 جون الواديين 758 حصن وارفو (ورافو) 262 وارقلان 108، 111، 117، 279، 296 وادي وارو 252 قرية بني وازلفن 253 واسط 380، 382، 383، 397، 402، 666، 670، 671 جبل واسلات 294 واشجرد 482، 489، 490، 504 واضح 150 الواق واق 9، 80، 87، 91، 92 والبة 882، 889 تل وان 679 جبل وانشريس 253 وانكث 507، 707، 709 واوغوري (لوغارو) 768 وبذة (وبذى) 538، 560 وبرة 161 وبيدة 337 جبل وجاد 344

مرسى (طرف) بني وجاس 300 وجدة 222 وجرة 150، 160 وحلان 204 الوحيدة 145 وخان 466، 481، 487، 488، 491، 501، 512، 513 الوخش 481، 487، 491، 513 نهر (وادي) وخشاب 482، 487، 489، 490 نهر وخوى 471 ود 567 أرض (بلاد) ودان 115، 120، 298، 299، 312 وادي القرى 145، 345، 347، 351، 352 نهر وذاك 698 وذنبركة 882 الورادة 357 ورثان 820، 822، 830 ورداسا 222، 298 مرسى الوردانية 534 وردوك 703 ورزقان 820، 824، 829 ورغسر 502 منقع ورغسر 498، 499 ورقلان 20، 24، 29 جبل وركة 494 ورواليز 483، 484 ورورة 333 بنو وزار 527، 535 وزرة 880، 891، 901، 949 نهر وزرة 902 وزنبركة 890، 902 وستو 752 وسطان 820، 824 وسيج 705 حمة وشتن 567 وشقة 538، 554، 725، 733 وطيره 731 وظيفة همذان 674 مرسى وقور 272، 286 ولاشجرد (ولاشكرد) 427، 436، 439، 440 ولبة 537، 541، 542، 543 إقليم الولجة 538 حصن ولرين 868، 870 قصر بني ولول 307 مرسى وند السقاذة 950، 951 وندان 166 ونعاصر 335 أرض (بلاد) (عمالة) ونقارة (ونقارة التبر) 17، 19، 23، 24، 25، 27، 105، 112، 296

وهران 222، 252، 257، 270، 527، 535 ويانة 877، 902 رستاق (مدينة) ويذار 499، 501 جبل ويره 62 ويزه 696 ويش الحجر 337 ويمه 678، 688، 689 وينكرد 708، 710 - ي- جزيرة يابسة [غربي ميورقة] 557، 582 جزيرة اليابسة [صقلية] 587، 601 يابورة 538، 544، 545 بلاد ياجوج وماجوج 87، 843، 846، 849، 910، 926، 933، 934، 935، 937، 938، 939، 962 يافا 347، 354، 356، 358، 364، 365، 376 ياقاموني 960 جزيرة الياقوت 520 بلاد يالان 711 جزيرة اليالية 583 ياننة (ياننا) 627، 761، 790، 795 نهريانة (النهر الغؤور) 542، 554، 555 حصن ياني [أرمينية] 814 قصر ياني [صقلية] 603، 611، 612، 613، 615، 616 يبنا 376 يبنى 357 يبورة 544، 545 قصر اليتيمين [مسجد دمشق] 367 يثرب (المدينة يثرب) 141، 143، 345 376، انظر المدينة رأس اليجة 629 قرية أبي يجنس 341 اليحاميم 132 يحصب 152، انظر الظفار حصن سفل يحصب 150، 153 علو يحصب 150 جبل يدوغ 291 اليراني 392 نهر اليرموك 355 يزد 403، 415، 416، 425، 426، 430، 447، 449 يزدود 357 قصر يزيد 674 اليسانة (اليشانة) (مدينة اليهود) 537، 571 نهر يشكور 367 مدلجة يعفر 143 يلبش 550 يلل 251 جبل يلملم 147 وادي يلية 618

اليمامة 10، 148، 159، 160، 161، 162، 391 بلاد (ديار) اليمن 9، 10، 43، 44، 49، 53، 55، 56، 63، 64، 65، 66، 72، 75، 94، 99، 138، 140، 146، 148، 152، 156، 157، 380، 534 بحر اليمن (البحر اليماني) 9، 48، 53، 55، 99 ساحل اليمن 49، 50، 52 شط اليمن 164 ينابذ 428، 462، 463، 464، 465 جزيرة ينشتالة 540 ينوع 376 مدينة اليهود (اليسانة) 571 باب اليهود [قرطبة] 575 حصن اليهود (اليهودي) 808، 809، 816 اليهودية [صرت] 314 اليهودية [إحدى مدينتي إصبهان] 677 اليهودية [الجوزجان] 479 يورا 568 سوق يوسف 267 منزل يوسف 606

الفهرس التاريخي- ا- آدم 73، 140 آزقار (آزقارة) 112، 113، 116 إباضية (الإباضية) 147، 164، 296 إبراهيم 664، 670، 671 إبراهيم بن المهدي 66 بنو إبراهيم 225 الأتراك، انظر الترك أتريب بن مضر 338 أحمد بن أبي يعقوب 383، 399 أحمد بن عمر (المعروف بدقم الإوز) 220 أحمد بن الليث 419 أحمد بن يعقوب (اليعقوبي) الأخواش (الخواش) 441 آل إدريس 531 إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 254 الأذفونش 553 الأذكش 518، 843، 847، 850، 935 الأرثانية 917 أردشير 406، 407 أرسطوطاليس 51، 93 أرسيوس الأنطاكي 6 أرشميدس 93 ارعن 229 الأرمينيون 818 اريلوشن 243 الأزارقة 401 إسحاق بن إسماعيل 934، 935 إسحاق بن الحسن المنجم 6 بنو أسد 380 بنو إسرائيل 348، 360، 376 أسعد أبو كرب الحميري 104 الإسكندر 51، 103، 218، 219، 319، 320، 526، 527، 800، 850، 930، 933 أسقف جرسة وأربا 770 الإسلام 178، 302، 322، 336، 352، 354، 359، 368، 374، 405، 406، 425، 518، 528، 539، 551، 552، 553، 562، 656، 907، 936 إسماعيل بن ابراهيم 140

أشمون بن مصرايم 129 أصحاب الرقيم (أصحاب الكهف) 802، 803 أصحاب الكهف (أصحاب الرقيم) 802، 803، 806 الأغالب 284 أفارقة (الأفارقة) 297، 584 الإفرنج (إفرنج، إفرنجة، الإفرنجيون) 133، 357، 359، 589، 630، 734، 744، 766، 767، 769 الأقاليم السبعة 13 الأقلودي، انظر بطليموس الأكاسرة 185، 670، 687 الأكاسرة من ملوك فارس 381 الأكراد 400، 418، 419، 441، 659، 681، 682 اكنفيس 229 إمام الرومية 4 امرؤ القيس 810 املو 242 بنو أمية (الأمويون) 368، 382، 570، 572، 577، 649 انتوزكيت 229 انتى نتات 229 انسطيط 229 الأنكبرذيون 630، 632 انكطوطاون 229 الإنكليسيون 859 أنو شروان 507، 828، 835، 918 اوربة 222، 253 اومانوا 257 بنو اويقمران 236 آيات القرآن [مسجد قرطبة] 576 ايزكروا 253 الأيكة 351 إيل 179 ايلان 236 إيوان كسرى 670 - ب- باب الذهب 801 البابة 752 باديس بن حبوس 569 البجاة 30 البجاناك 518، 918، 923 البجة 10، 40، 46، 47، 134، 135 البد 81، 82 عباد بدود 181 البدهة 178، 179 البراهمة 73، 96 براوس 917 البربر (البرابر) 24، 25، 27، 110، 112، 113، 116، 122، 123، 131، 178، 200، 221، 222، 223، 224، 227، 228، 229، 232، 236، 238، 240، 241، 242،

246، 249، 250، 253، 254، 256، 257، 258، 265، 267، 272، 273، 277، 294، 296، 298، 299، 305، 308، 311، 313، 315، 529، 531، 533، 539، 540، 549، 572، 573، 722، 838 بردوين 336 برطاس 918، 920 برغواطة 236 بسجرت 922، 923 بشلنك 461، 467 بطرس (الحواري) 751 بطلميوس الأقلودي 6، 7، 17، 43، 103، 221، 939 بطوية 533 بغامة 25، 27، 28، 113 البغبوغ 84، 97، 184، 206، 211، 212، 213 البغدادي، انظر الحوقلي بنو أبي بلال 253 أبو بكر بن وحشية 721 البلغار (البلغاريا) (البلغارية) 518، 850، 918، 923، 925 بلقيس 56، 153 الملك بلهار (بلهرا) 95، 183، 184، 188، 190 البلوص 441 بلي 134، 353، 380 البليون 40، 47 البنادقة 11، 746، 886، 887 بنو بربوس 245 بنو برزال 254 بنو بسيل 245 بنو بهلول 246 بؤلس (الحواري) 751 البوميون 63 - ت- التاجوين 30، 32 التاجوين المجوس 115، 119، 121 تازكاي العرجاء 223 بنو تاشفين 225 تامسنا 236 بنو تاورة 244 التبابعة 670 التبت 184 التبتية 508، 510، 511، 512، 514، 515، 517، 850 تبع 104 تبع الأكبر 498 تبع ذو المراثد 104 تجين 257 الترك (الأتراك) 72، 181، 208،

213، 455، 456، 467، 481، 482، 483، 490، 491، 510، 511، 512، 513، 705، 707، 722، 833، 834، 840، 844، 848، 923، 926، 960 الأتراك المسلمون 517، 518 تركش (التركش) 518، 580 التغزغزية 511، 512، 515، 518، 519، 521، 703، 705، 708، 712، 713، 715، 719، 839، 848، 850، 927 بنو تسكدلت 243 بنو تسلت 236 تشيع أهل قم 676، 684 الترك التغزغزية، انظر التغزغزية بنو تغلب 661 تكلمان 243 قبيلة تمالتة 225 تمطلاس 257 تميني 257 بنو تمية 225 التيم 121 - ث- الثبوت بن مرة العادي 321 ثقيف 144 ثمود 351 - ج- ملك جابة 81، 95، 184 الجاحظ 75 جالوت بن ضريس بن جانا 121، 222، 257 جانا بن ضريس 222، 257 أبو علي الجبائي 399 جدالة 225 جذام 352 جرجيس (ملك الروم) 283 ملك جرز 95، 184 كتاب الجغرافية 43 كتاب الجغرافية (لبطليموس) 939 بنو جرية 134 الجقر 518 الجلندي بن كنعان 420 جلهت (الملك) 208 الجلهكتية 208 جلوت البربري 222 بنو جناد 273 الجنغاكشين 841 جهينة 134، 141، 352، 353، 380 الجيهاني (أبو نصر سعيد) 5، 76، 934، 961

- ح- حبابه الهندي 80 الحبشة 30، 32، 38، 40، 46، 98 حبوس الصنهاجي 569 الحجاج بن يوسف 151، 177، 382، 405، 412 حرسون 253 آل حسان 686 حسان بن المنذر 43 الحسن بن جيلوية 418 الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب 687 أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي 829، انظر المسعودي الحسن بن علي بن أبي طالب 352، 648 الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس بن المنصور بن بلقين بن زيري الصنهاجي 282 الحسين بن صالح 418 الحسين بن علي 668 أبو الحسن المصحفي 31 الحشوية من المالكية 228 الحشوية من الشيعة 676 بنو أبي حكيم 253 آل حماد 291 بنو حماد 252، 260، 261، 269 حماد بن بلقين 261 حمدان بن الحسن 662 حمير 223 حندغة 838 حوا 139 الحوقلي (أبو القاسم محمد الحوقلي البغدادي) 5، 40، 177، 226، 323، 343، 395، 476، 486، 680، 829، 831، 832، 917، 918 كتاب الحيوان 75 - خ- الملك خاقان 719، 721 خاقان أذكش 935 خاقان التغزغز 184، 510، 511 الخاقانية 213 خاناخ بن خاقان الكيماكي 5 ابن خرداذبه أبو القاسم (عبيد عبد الله) (عبيد الله) 5، 99، 183، 184، 518، 672، 934 خرلخ (الخرلج) (الخرلخية) 184، 193، 207، 491، 510، 511، 518، 698، 704، 705، 711، 712، 714، 718، 850، 926، 927، 932

خرخيز (الخرخيز) (الخرخيزية) 513، 518، 519، 520، 850 كتاب الخزانة 34، 325 الخزر (الخزرية) 12، 184، 828، 831، 832، 834، 915، 918، 920 الخزلجية 213 خفاشخ (الخفشاخ) 518، 850 الخرلخية، انظر خرلخ الخزر المسلمون 834 الخزر النصارى 834 الخلج (الخلجية) 455، 467، 518، 714، 715، 850 بنو خلف 267 بنو أبي خليفة 253 بنو أبي خليل 253 الخليفة صاحب بغداد 140 خنغاكث 932 الخواش (الأخواش) 441 خورين برخان مند التركي 933 خولان 152 - د- دارا (الملك) 404، 407 دارا بن دارا 424 دانيال 395 داود (داؤود) 222، 257، 358 الداوية 360 دباب 298 ابن دريد 419 دقم الإوز (أحمد بن عمر) 220 دكال (دكالة) 236، 240، 241 الدلمطيون 768، 769 بنو دمر 245 دمهرة 69 ملك دمى (دهمى) 95، 184 بنو دنداح 254 دنهاجة 246، 530 دنيال 113 الملك دهمى (دمى) 95، 184 دهية الساحرة 127 دولة المتلثم 232 الديلم 686، 687 دين الصابئين 720 - ر- راحيل أم يوسف 362 بنو راشد 257 الربيع 527 ربيعة 258، 273، 380 الملك رجار (رجار الثاني) 4، 257، 267، 268، 281، 282، 291، 297، 304، 305، 589، 590، 591، 620

رجار بن تنقرين (رجار الأول) 589، 601 رجراجة 236، 240 الردم 933، 934، 938، انظر السد ابن رزين 538 رستم الشديد 456 أصحاب الرقيم 802، 803 الركية 96 رهانة 299 رهبان 468 رهونة (برابر) 236 رواحة 315، 316، 319 الروس (الروسية) 12، 831، 834، 835، 899، 918، 919، 920، 960 روسا (الترك) 917 الروم 40، 128، 184، 221، 265، 283، 293، 302، 305، 314، 324، 356، 357، 359، 360، 369، 535، 536، 544، 547، 550، 551، 553، 554، 555، 563، 576، 580، 584، 585، 595، 596، 635، 642، 643، 647، 650، 651، 663، 728، 730، 731، 734، 738، 750، 752، 768، 799، 805، 809، 824، 828، 835، 868، 889، 902، 907، 914، 918، 923 الروم الأفارقة 283 الروم نسطورية [اللان] 907 رومية 4، 11 إمام الرومية 4 ملك الرومية 185 رياح 297 - ز- زبوجة 222 زرقاء اليمامة 159، انظر اليمامة الملكة الزغاوييون (زغاوة السودان) 30، 38، 109، 110، 111 زناتي 223 زناتة 222، 223، 236، 237، 243، 256، 257، 313 زنبد 84، 89 الزنج (الزنوج) 30، 49، 59، 60، 61، 68، 80، 91، 94، 98، 184 ملك الزنج 60 بنو زندوي 267 زقارة 236، 257 بنو زواوة 246، 253 زودة 236، 240 بنو زياد 244، 286 زير 256 بنو زيرجي 222 - س- الملك سابور 393، 412

ساطوطس 93 الساكرية 96 سام بن نوح 849 السامان 494 بنو سامري 243 السامري صاحب العجل 136 سبأ 153 السبارينة 910 السد 850، 930، 933، 934، 935، 936، 937، 938 بنو سعد 145 بنو سعيد 245 سغوة 111 سفينة نوح 664 بنو سمجون 222، 243 بنو سلالحون 246 سلام الترجمان 934، 936، 938 سليمان بن داؤود 56، 153، 321، 359، 370، 406، 536، 552 السموأل بن عاديا 352 سنجاسة 257 السندالية 96 السودان 32، 33، 37، 38، 39، 185 سيف بني صفار 419 - ش- شاه شاه (ملك الأغزاز) 185 كهف شبداز (كسرى على فرس) 672 شرام 219 شرهام 219 شعيب 351 الشهارجة النصارى 660 الشودرية 96 بني شيراز 405 شيعة 128 - ص- الصابئة (الصابئون) 368، 664، 720 صاحب البحر 822 ملك صاحب السرير 829، 835 صاحب القدس 357 صاحب القسطنطينة 899 صاحب كتاب الأخبار عن ملوك الأبصار 212 صاحب كتاب العجائب 50، 99، 104، 112، 193، 204، 213، 214، 220، 321، 721، 832، 848، 947، 962 صالح بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب 23 بنو صبغاوة 245 صدراتة 110، 222، 236، 254 صفارة 134 صقالبة (صقالب) 768، 769 الصلاوية 917

ابن صنجيل الافرنجي 373 صنهاج بن لمط بن زعزاع 223 صنهاجة 222، 223، 225، 242، 529 الصينيون 89، 90 - ض- الضحاك 670 ضريس (جلوت) 257 ضريسة 222 - ط- طارق بن عبد الله بن ونموا الزناتي 539، 540 ملك الطافن 95، 184 أبو طالب 382 الطاهرية 693 ابن طولون (أبو العباس أحمد بن طولون) 324 طي 142 كتاب الطيب 66 - ع- ملك عابة (غابة) 95، 184 عامر ربيعة 386 ابن أبي عامر 570 عباد بدود 181 عباد الملائكة 720 عباد نيران 851 عباد الأوثان 918 عباد الأوثان 918 عبادة الشمس 720 بنو العباس 382، 658 عبد الله بن إدريس 531 عبد الله بن خطاب الهوري 115 بنو عبد ربه 222 عبد الرحمن الأموي (الناصر لدين الله) 576 بنو عبد الله 243 عبد الله بن طاهر 938 عبيد الله بن يوسف المهندس 233، 234، 281 عبد الملك بن مروان 151 عتبة بن غزوان 383 عثمان بن عفان 575 بنو عجلان 243 العذري (أحمد بن عمر) العرب 52، 53، 56، 61، 64، 67، 120، 122، 123، 131، 134، 141، 142، 144، 147، 161، 223، 262، 263، 264، 265، 267، 269، 270، 276، 277، 278، 283، 284، 285، 286، 290، 291، 292، 293، 294، 297، 298، 299، 308، 309، 310، 313، 319، 348، 349،

350، 352، 379، 381، 385، 386، 391، 392، 419، 441، 518، 540، 543، 649، 660، 715، 722، 850 العرب الحميرية 153 علماء إغريقيون 884 العلوية 687 أبو علي الجبائي 399 بنو علي 245 علي بن أبي طالب 381 علي بن الأندلسي 254 علي بن موسى الرضا 692 علي بن يوسف بن تاشفين 220، 233، 234، 235 العمالقة 551 عمارة 532 عمرو بن العاص 322، 324 عوف 298 عمر بن الخطاب 143، 159، 383 - غ- ملك غابة (عابة) 95، 184 صاحب غانة 185 الغانيون 19، 30 الغز (الاغزاز) (الغزية) 12، 185، 353، 482، 518، 695، 697، 698، 699، 705، 706، 829، 831، 837، 838، 839، 841، 850، 932، 933 ملوك الأغزاز 837، 838 غسان 147 غمارة 532، 533 غمرة 257 غياتة 246 - ف- الفرس 184، 185، 424، 425، 828، 835 فرعون 124، 326، 346، 349 فزارة 313، 380 الفسية 96 أبو الفضل 233 الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك 491 الفطن بن جارود المؤتفكي 321 ملك الفنجب 88 بنو فندلاوة 246 فيلان شاه 935 - ق- أبو القاسم عبيد الله، انظر ابن خرذاذبه قالمة 222 ملك قامرون 88، 90، 95، 184 قباذ (الملك) 828

القبط 40، 121، 129، 131 قداما 34 قدامة البصري 6 القرآن 935، 936 القردي (موسى بن قاسم) ذو القرنين 103، 104، 217، 498، 546، 850، 934 قريظة 352 قزولة 236 قسيسون 648 قسيم الدولة الغاري 143 القشتاليون 536، 553 القمانيون 909، 915، 916، 958 القنجت 88 ملك القنوج 193، 195 القواطم 538، 553 قور 51 قوم لوط 354، 355، 361، 362 قومس جرسة واربا 770 قيس 357 - ك- كاسل 37 الكانمييون 30، 38 كتاب أحمد بن عمر العذري 5 كتاب أحمد بن يعقوب 5 كتاب الأخبار عن ملوك الأبصار 212 كتاب أرسيوس الأنطاكي 6 كتاب إسحاق بن الحسن المنجم 6 كتاب بطليموس الأقلودي 6 كتاب خاناخ بن خاقان الكيماكي 5 كتاب العجائب (لحسان بن المنذر) 43 كتاب العجائب (للمسعودي) 5، 50، 99، 104، 112، 193، 204، 213، 214، 220، 321، 721، 832، 848، 947، 962 كتاب أبي القاسم عبيد الله بن خرداذبه 5 كتاب أبي القاسم محمد الحوقلي البغدادي 5 كتاب قدامة البحري 6 كتاب المسالك والممالك 383، 399 كتاب موسى بن قاسم القردي 5 كتاب أبي نصر سعيد الجيهاني 5 كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق 7، 963 كتامة 222، 253، 269، 270، 296 كرد بن مرد بن عمرو بن عامر 419 الكسترية 96 كسرى أنوشروان 672، 701 الكمكم 95 ابن كندمان 823 الكنعانيون 670 أصحاب الكهف 802، 803، 806 كهف شبداز 672

ملك كوغة 185 الكيماكي (خاناخ بن خاقان) الكيماكية 518، 712، 713، 716، 718، 720، 850 الكيماكية الزنادقة 718 - ل- اللانيون 915 لاذقيون 769 لخم 319، 352، 380 اللسان الأرماني 686 اللسان الراني 686 اللسان العربي 686 اللسان الفارسي 686 اللسان اللطيني الإفريقي 278 لسان برطاس 920 لسان البسجرتية 960 لسان الخزر 920 لسان الروسية 920، 960 ملك اللمانية (اللمانيين) 874 اللمانيون 744، 874 لمتونة 19، 40، 104، 105، 106، 223، 224، 225، 234 لمتونة الصحراء 19 لمط بن زعزاع 223 لمطة 222، 223، 224، 225، 236، 249 اللملمية 24 لواتة 131، 222 لوى بن نفاجاو 257 - م- آل ماجوج 849 ماجوج (ياجوج ومأجوج) 849، 850 المالكية 228 مائدة سليمان 552 ماردة بنت هرسوس 545، 546 بنو ماروى 243 المالكية 228 ماني 257 المتلثم 232، انظر الملثم ابن مثكود 309 المثنى 223 مجاصة 246 مجكسة 531 المجوس (الأتراك التغزغزية) 511، 851 المجوس [أرجان] 420 المجوس [جزائر السحاب] 70 المجوس [جزائر الواق واق] 91 مجوس [جزيرة شلطيش] 542 مجوس [قرية المجوس] 684 المجوس [كيماك] 718، 851 مجوس [مدسونة] 954 بنو محمد 225

محمد بن أبي عامر 528 محمد بن تومرت المصمودي 230 محمد بن القاسم بن أبي عقيل 405 محمد بن يوسف 177 المخامانية 850 مداسة 222 مدلج 145 مديونة 222 المرابطون 344 مرداس 297 مرقونس الحكيم 845 المروانيون 539 بنو مرين 256 مزاتة 222، 254، 296، 313 بنو مزغنا 222، 258، 273 مزكلدة 533 مسجد (جامع) قرطبة 575، 576، 577، 578، 579 المسعودي (أبو الحسن علي بن الحسين) 5، 91، 829 السيدة مريم 359، 631 مسلمة بن عبد الملك بن مروان 662 المسلمون 185، 220، 383، 571، 576، 643، 660، 706، 734، 809، 825، 832، 834، 917، 918 المسور بن المثنى بن كلاع بن أيمن بن سعيد بن حمير 223 مسوفة 225 المسيح 270، 356، 359، 361، 362 المصامدة (المصاميد) ، انظر مصمودة مصاميد وريكة 236 المصحفي، انظر أبو الحسن مصرام بن حام بن نوح 322 مصمودة (المصامدة) (مصاميد) (بنو مصمود) 222، 228، 229، 230، 231، 232، 234، 241، 245، 247، 248، 249، 257 مصاميد وريكة 236 المصمودي 248 المصمودي محمد بن تومرت 230 مضر 145، 380 مطغرة 253 مطماطة 222، 236، 253 المعتزلة 399 المعتصم (من بني العباس) 658 مغراوة 257 المغررون 220، 548 بنو مغيلة 222، 245 المقتدر من بني العباس 140 مقدام بن الغمر بن أبي رغال الثمودي 321 مقدر 222 مقزارة (المقازرة) (المقزاريون) 17، 19، 24، 30، 105

مقزارة السودان 17 مكناس البربري 244 بنو مكناس (قبائل مكناسة) 245، 253 عبادة الملائكة 720 الملثج 232، 244، 248، 562 الملثمون 345 ملك البغبوع 184، 208، 211، 212، 213 ملك بلهار (بلهارا) 183، 184، 188، 190 ملك القنوج 193، 194 ملك اسقوتيا الترك 924 ملك إفرنجة (الافرنج) (إفرسية) 133، 220، 734، 870، 874 ملك أنكرية 886 ملك إيطالية 4 ملك بربرة 58 ملك الجرز 85، 95، 184 ملك خاقان 184، 510، 511، 719، 935 ملك الروم (الرومية) 185، 663 ملك السرير 935 ملك غانة 185 ملك طليطلة 733 ملك فنمارك 953 ملك قرنطية 712 ملك قلورية 11 ملك كوغة 185 ملك الكيماكية 712، 718، 720 ملك اللان 935 ملك اللمانية 874، 877 ملك النوبة 37، 38 ملوك مطرخا 909 بنو مليلت 253 منان 257 ابن منبه اليماني 299 المند 170 بنو منداسة 242 المنصور من بني العباس 169، 666 بنو منصور 225 بنو منهوس 222 المهدي 666 المهدي عبيد الله 281 قبائل مهرة 154، 155 المهرج 89 موسى 136 أبو موسى الأشعري 395 موسى النبي 124، 351 موسى بن جعفر 228 موسى بن قاسم القردي 5 موسى بن نصير 528، 539 بنو موسى 243، 245

- ن- الناصر لدين الله (عبد الرحمن الأموي) 576 النجوم 121 كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق 7 نرار 253 النصارى [رها] 663 نصارى [تكريت وكفر عزى] 659 النصارى [سمندر] 835، 918 النصارى اليعاقبة 40، 47، 372 النصرانية (دين النصرانية) 40 أبو نصر الجيهاني 934 النضير 352 نفزاوة 222، 257 نفزة 222 نفيس 236 النمرود بن كنعان 671 النوبة 32، 33، 34، 37، 38، 39، 40، 98 النوبيون 39 نوح 664 - هـ- هارون الرشيد 66، 653 الهاشمي صاحب مكة 135، 138، 139، 141 هذيل 145 هرمس 8 هرمس الأكبر 126 هرسوس الملك 545 هرقل 898 الهرم (الأهرام) 320، 326 هزرجة 236 هسكورة 236 هطيطة 222 بنو هلال 121، 145 الهنديون (الهندية) 67، 82، 98 هوار 223 هوارة 222، 232، 253، 254، 294، 308 هيب 316، 319 أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان 382 - والواثق بالله 934، 953 وارترين 253 ورتيد 256 ورتطغير 256 بنو واتمشوس 253 بنو واربة 245 بنو وارتجالن 253 بنو وارقلان 222 بنو وازلفن 252، 253 بنو واسنو 229

ورداسا 222 ورشفان 257 ورفجوم 222 ورماكسين 257 ورهون (رهونة) 222، 236 بنو ورياغل 245 بنو وزار 527، 535 وزولات 253 وشان 225 الوليد بن عبد الملك 368 وليطة 222 بنو وليم 242 وهيبة 296، 306 - ى- ياجوج (وماجوج) 849، 850 ابن يامين ولد يعقوب 362 بنو يجفش 237 يحيى بن زكرياء 368 يحيى بن العزيز 262، 265 بنو يدفر 236، 240 يزيد بن معاوية 648 بنو يزكون 242 بنو يسدران 222 يصلاتن 253 يصلاسن 222 اليعاقبة (النصارى اليعاقبة) 40، 47، 372 يعقوب (النبي) 326، 362 اليعقوبي (أحمد بن يعقوب) اليعقوبية 47 يعمر بن شداد 321 يلومان 257 اليمامة الملكة 159، 160 ابن يامين 362 يمن 380 يهود 19، 105، 136، 196، 235 395، 368، 555، 571، 732، 734 يوحنا المعمدان 359 يوسف (النبي) (الصديق) 326، 327، 328 بنو يوسف 246 يوسف بن تاشفين 233، 234 يوسف ولد يعقوب 362 اليونانيون 51، 368 يونس بن متا 659

فهرس الأشياء- ا- الآجر 232 آسلوا 224 آنزيز 228 معدن الآنك [كرمان] 430 الأبرميس 34، 35 الإبريسم 395، 476 إبل 22، 111، 113، 115، 116، 117، 199، 154، 155، 170، 174، 175، 178، 179، 223، 224، 225، 237، 299، 319، 353، 419، 441، 442، 518 لحوم الإبل المقددة 22 الأبنوس 20، 54، 92، 137 أبواب حديد [مدينة خاقان] 719 الأترج 227، 230، 277، 408، 412، 434، 450، 528 الأثالب 351 الأثل 20 الإجاص 129، 230 الأحناش 49، 58، 110، 111، 204، 734 أدياس آسك 400 الأديم 55 الأرانب 20، 699 الأرجلات [ماردة] 546 معدن أحجار الأرحاء [قلعة اوبي] 602 معدن الأحجار [جبل نوقان] 692 الأردية 174 أرز 25، 33، 62، 73، 82، 83، 84، 85، 89، 92، 181، 189، 191، 192، 194، 195، 197، 206، 208، 228، 327، 387، 394، 519، 716، 719، 722، 834 أرقان 230 إزار (أزر) 24، 25، 30، 38، 44، 63، 82، 117، 401، 480 الأسد 20، 200، 237 الإسفنج 231 الإسقنقور 207، انظر السقنقوا الاسكرنج 83 الاشبلينيات 289 أصبع 8 الأصبهاني (من حرير المرية) 562 الأطرية (تصنع بالأطرية) 592

أغرسطس 115 أفاوية 183 الأفاوية الهندية 53 الإفسنتين 259 الأقتاب 225 اقزيم (الحرذون) 226 الأكسية 24، 25، 28، 227، 237، 246 الأكسية (الأكسية السفسارية) 225 أكسية الصوف 125، 130، 224، 228، 232 أم حبين 58 أم عبيد 35 انجقة 112 أنخاخ أرمينية 826 انشام 237 الانكليس 35 أنياب الفيلة 54 الانيسون 304 الإهليلجات 54 الإهليج الكابلي 195 الأوبار [بلاد الغزية والخزر] 699 الإيبوذرون [القسطنطينة] 802 إيوان كسرى 670 - ب- باب الذهب [القسطنطينة] 801 البابة 94، 99 الباذوق 20 بارشول 213 باع 10 الباقلاء [جيان] 568 الباقلي 189 الببر [بنجار] 713 الببر [نهر مرغا] 839 الببر [جزيرة دارمرشة] 952 الببر [بحيرة طرمي] 957 الببر [بحيرة غنون] 958 البراذين 256 البرام 692 البرانس 225 البرباريس 259 بردة 24 بردي 424 البردي 72 بركات أنطاكية (المصمتة) (العتابي) (التستري) (الأصبهاني) 645 بركان نابل 757 بركانات 397 البركي 84 البرني 226 البزيون 824 البسباسة 54 البسة 48 بسط الصوف [أرمينية] 824 البصل 253، 331، 334

البطائن الزرندية 439 البطيخ (يقدد بمرو) 20، 476 البطيخ الأردهري 680 البعاري 91 بغراج 219 بغال (البغال) 294، 487 البقر (الأبقار) 39، 65، 68، 83، 99، 111، 112، 122، 157، 173، 179، 187، 189، 195، 218، 225، 237، 240، 243، 247، 252، 254، 256، 258، 259، 283، 291، 294، 340، 456، 506، 620، 628، 641، 642، 681، 722 البقق 119 البقل 805 البقم 76، 78، 137، 192، 198 البل 72 البلح 408، 434 البلخش 840 البلسان 326 البلطي 35 البهار 177 البلور 73، 74، 693 البلوط [بطروش] 580 الشاه بلوط [أندراب أران] 821 البلوط [دارمرشة] 952 البندق [قم] 684 البندق [أندراب أران] 821 البنفسج [شنت ماركو] 594 البني 35 البهت 104 البهنسية 130 البهمن 95 البورق 827 البوري 36، 118، 289 بوقير 127 بيوت من الشعر [ (للبلوص) (للأغزعز) ] 441، 838 بيت (بيوت) النار (نيران) 424، 425، 669 - ت- التانبول 71 التبر [تكرور] [سفالة] 18، 23، 24، 25، 46، 68، 69 التبر 79، 80، 112، 296 التبر [حصن المعدن] 547 التبر [ساحل بحر الكيماكية] 721 التبر [نهر مر] 839 تبر (ذهب) [وخان] 491 معادن تربة الصفراء [لورقة] 561 الترنجيين 500 التشمير (لباس الأتراك) 722 التفاح 227

التكك الأرمينية 397، 663، 824، 825 تمر (تمور) 20، 30، 37، 124، 141، 157، 159، 161، 226، 263، 264، 276، 277، 278، 279، 280، 298، 312، 313، 382، 677، 688 التمساح 34، 36، 125، 326 التن [سبتة] 529 التن [القارونية] 594، 621 التن [ميلاص] 595 التن [طرابنش] 601 التن [المدارج] 602 التنبابة 71 تنين 218، 219، 260 التوت 298، 312 معدن التوتيا [بطرنة] 564 التين 155، 220، 227، 230، 251، 258، 259، 279، 297، 298، 312، 357، 363، 430، 541، 543، 547، 557، 559، 565، 570، 573، 652، 670، 688، 795 التين الناشف 603 - ث- الثعابين الرانجية 99 الثعالب 699، 839، 918، 923 الثعبان (الثعابين) 111، 122 الثوم 334 الثياب الطوخية من الحرير 206 الثياب القاقلية [قاقلا] 207 الثياب السابورية 404 ثياب تنيس 369 ثياب الحرير 70، 712، 720 الثياب العتابية [إصبهان] 677 ثياب القطن [إصبهان] 677 ثياب الكتان الجنابية 412 ثياب الكتان [باب الأبواب] 822 الثياب الويذارية 501 ثياب الوشي [إصبهان] 677 ثياب الوبر [قرنطية] 712 - ج- الجاموس (الجواميس) 34، 74، 75، 76، 83، 99 جبايات 138 جبغوية 184 الجبن 640 الجراد 228، 235 الجرارة 395 الجرذان 845 الجري 36 الجزع 154 جسر من مراكب [نهر صرصر ونهر الملك] 668

جسران مربوطان بالسفن [بغداد] 667 جسور من الصخر في أرض سمريقي 927 الجص 495، 673 الجص بالحمة 566 معادن الجص [قرية متوسة] 268 الجلود 60، 151، 311، 480، 512، 519، 918، 919، 923، 931 جلود الأنمار (النمور) 918، 931 جمل (جمال، أجمال) 18، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 39، 47، 86، 90، 96، 107، 108، 115، 123، 125، 126، 127، 141، 147، 174، 178، 181، 197، 211، 225، 227، 229، 232، 237، 243، 246، 255، 259، 276، 278، 283، 313، 324، 326، 327، 336، 343، 677، 722 لحوم الجمال المقددة 30 الجمست 154 الجميز 363 الجواميس 83، 99 الجوجة 289 الجوز 227، 230، 264، 269، 408، 412، 434، 450، 567، 651، 652، 677 الجوزبوا 54، 89، 91 جوف الأسد 405 مغائص الجوهر 61 جوهر الزجاج 662 الجيار 484، 495، 673 - ح- الحجارة الملونة [التبت] 512 حجر المسن 350، 352 الحجر النيقي (للمرأة التي تريد الولادة) 807 معادن الأحجار 692 الحديد البينماني 67 الحديد السرندبي 67 الحديد السندي 67 الحديد الفرند 54 الحديد الهندي 68 آلات الحديد [المرية] 562 أبواب الحديد [مدينة خاقان] 719 مصنوعات الحديد عند الأتراك 512 مصنوعات الحديد [أفلي] 901 معادن الحديد [بلاد الزنج] 59 معادن الحديد [سفالة] 67 معادن الحديد [المغرب] 116 معادن الحديد [جبال كابل] 196 معادن الحديد [جزيرة أوريسين] 202 معادن الحديد [بجاية] 260 معادن الحديد [بونة] 291 معادن الحديد [الشام] 371

معادن الحديد [جبال البارز] 442 معادن الحديد [بلاد الراشت] 513 معادن الحديد [مدائن الترك] 519 معادن الحديد [طليطلة] 552 معادن الحديد [قسطنطينة الحديد] 574 معادن الحديد [مسيني] 595 معادن الحديد [جبل جوغان] 681 معادن الحديد [جبل نوقان] 692 معادن الحديد [مدينة خاقان] 719 معادن الحديد [جبل زرمي] 806 معادن الحديد [جبل غرغوي] 819 معادن الحديد [جبل مدينة سيق لاو] 878 الحرابة 141 الحرذون (اقزيم] 226 الحرير 70، 72، 206، 207، 369، 513، 519، 537، 562، 594، 677، 712، 720 الحرير الجرجاني 562 الحرير الحلل 562 الحرير السقلاطون 562 الحرير الصيني 71، 84 الحرير العراقي 71، 140 الحرير القاقلي 207 ثياب الحرير 70 الحشائش العطرية 806 ثياب الحشيش 72 الحشيشية 375 الحصر السامانية 356، 363، 381 الحضض 259 الحلبوة 35 حلة الذهب 720 الحلتيت 460 حلفاء 424، 833 الحلل 562 حمامات تفليس 825 حمامات طبرية 825 الحمص 189 حمر (حمير) 123، 218 الحمر الوحشية 896 الحناء 82، 226، 227، 228، 253، 277، 278، 602 الحنطة 39، 129، 192، 194، 195، 197، 206، 224، 227، 229، 231، 237، 240، 241، 242، 243، 249، 252، 255، 256، 258، 260، 261، 263، 265، 266، 277، 278، 284، 292، 295، 296، 311، 343، 369، 394، 429، 519، 549، 571، 572، 573، 660، 716، 719، 734، 740، 746، 758، 884 حوت (حيان) 20، 21، 22، 25، 26، 30، 34، 35، 37، 39، 56، 59، 65، 80، 86، 106، 118، 120، 807، 855

الحيات 35، 76، 107، 112، 116، 123، 221، 662، 846 - خ- خرد (الديباج بالذهب) 396 الخرز 18، 20 الخرفان 39 الخطارة 112 خركاهات لبود 834، 918، 920، 924 الخرنوب 230، 371، 603 الخز (الخزوز) 396، 397 الخس 128 الخلاف 20 الخلنجل 388 الخماهن 693 الخنجر 136 الخنزير 34 الخوخ [ارجان] 412 الخولنجان 54 الخيزران 78، 80، 137، 182، 195 الخيل 256، 456، 487، 506، 843 الخيل للأتراك 518، 520، 722 - د- دابة (دواب) المسك 88، 204، 721 دابة الزبادة 73، 88 الدار صيني 54 الدار فلفل 54 دار إنشاء المراكب 595 الدبيقي 338 الدخض 43 الدراهم الطالرية 85 الدراهم الطاطرية 169 دراهم كرمان 441 الدرق اللمطية 224 درهم (دراهم) 6، 688 الدقسين 164 الدلاع 129 الدليس 343 الدلينس 37 الدنانير المرابطية 31، 688 الدهنج 693 صنع الدوائر 576 دود الحرير [جيان] 568 الدونج 388 الديباج (الديباجة) 70، 72، 369، 396، 397، 562 الديباج القرقوني (خرد) 396، 397 - ذ- الذئاب 59 الذبل 52، 54، 70، 136 الذراع الرشاشي 265، 578 الذراع السودادي 937

الذرة 18، 21، 25، 26، 30، 37، 39، 43، 45، 48، 61، 79، 111، 112، 312 الذهب: معدن (معادن) الذهب [بلاد النوبة] 341 الذهب [جبل العلاقي] 40 الذهب [الحبشة] 44 الذهب [ملاي] 91 الذهب [جبل المقطم] 132 الذهب [وخان] 491 الذهب [البتم] 506 الذهب [طبرمين] 596 الذهب [اقريطش] 640 باب الذهب [القسطنطينة] 801 حلة الذهب [للملكة دمهرة] 69 حلة الذهب [لملك الكلماكية] 720 سوار ذهب (اللكنكو) 71 قلنسوة الذهب لملك الكيماكية 720 الذيلعان 52 - ر- الراوند 202، 514 الراي 34، 37 عبادة الرجيم 60 الرخام الفريشي 574 الردم 933، 934، 938، انظر السد الرزاوند 259 الرشاشي 320 الرصاص 54، 80، 918 معادن الرصاص [جزيرة لنكبالوس] 80 معادن الرصاص [جبل باترة] 920 الرطب 408، 434 رطل (أرطال) 6، 35 رطل زيت 579 الرعادة 36 الرقم القرقوبي 396 الرقيق [بلاد الترك] [بلاد الغزية والخزر] 491، 699 الرم (الرموم) 418 رماة قاسي 712 الرماح الخطية 386 رماك 294، 419، 487 الرند 71 الرهادنة [لورقة] 561 الروقال 821 الرومان 129، 155، 156، 357 الرمان الإمليسي 227، 230 الري 592 ريح الخب 94 - ز- معادن الزاج [البتم] 506 معادن الزاج [قبرس] 643 الزئبق (سوخ) 46، 508، انظر الزيبق

الزباد (الزبادة) 73، 88، 204 زبول 163 الزبيب 144، 147، 224، 229، 230، 480، 564 الزجاج العراقي [القادسية] 658 النظم من الزجاج [بلاد السودان] 20 الزرائف 20، 24، 38، 99 الزرنيخ الأحمر والأصفر 827 الزعفران 53، 123، 196، 211، 292، 293، 490، 553، 569، 675، 677 الزفت 260، 596، 630، 785 معدن الزمرد [أسوان] 40 الزمرد [جزيرة الرانج] 99 معدن الزنجفر 581 الزوارق بالمدافع 385 زي الأتراك 467 زي العراقيين 432 الزيبق [سفالة] 68، 69 معادن الزيبق [قرطبة] 581 الزيبق [الكيماكية] 721 الزيتون (الزيت) 230، 279، 280، 281، 283، 293، 297، 308، 357، 363، 364، 372، 373، 412، 541، 571، 572، 587، 652، 688، 903 - س- 2 لساج 410 السامان 356 السباسة 89 السباع 36، 59 السبح 65، 66 سباخ الملح [طرابنش] 601 السبنيات 663، 826 السد [قرطبة] 579 السد [الصين] 850، 930، 933، 934، 935، 936، 937، 938 السدان [باب الأبواب] 822 السدرة 236، 237 سرطانات 807 السرو 408 السروج 54، 224 السعد 844 سفاقس (مآزر) 228 السفرجل 129، 156، 227، 230، 252، 253، 258، 408 السقنقور (الإسقنقور) (السقنقور) (سقنقورا) 34، 36، 99، 519، 844، 290 السقولوفندوريون 259 السكر الطبرزد 227 السكر السليماني 227 السلاحف البرية 236

السلاخف البحرية 48، 52، 65، 70، 79، 80، 136، 236 السماريات 383، 385 السمسم 333 السمور 699 السموس 35 السنبادج 74 السنبل 82، 91، 204، 513 السوار 71، انظر ذهب سوان (سانية) (السواني) 253، 311، 314، 684 السيف الملكي 552 - ش- الشابل 37 الشاذروان 393، 395 الشال 35 الشاهبلوط 821، 952 معدن الشب 29، 117، 118 الشب الكوّاري 116، 117 الشبوط 37 الشبوقة 183 الشركي (القصب الهندي) 191 الشروب 338، 340 الشطرنج 75 الشطرون 519 بيوت من الشعر 441، 838 الشعير 37، 43، 45، 112، 227، 240، 241، 247، 252، 258، 260، 263، 266، 277، 279، 284، 290، 291، 292، 295، 296، 309، 311، 343، 394، 436، 531، 568، 571، 572، 716 الشكي 84 الشلبة 289 الشمشار 20 الشنزاب 931 الشهدانج 192، 253 شهريا 920 الشهكير 202 شوان (شواني) غزوانية 72، 286، 907 الشيح 107 - ص- الصاص 83 الصبر الصقطري 49، 50، 51، 56، الصبر الحضرمي 56 الصبعان 20 الصدف 45، 58، 79، 80 الصفصاف 80 صنبل 82 صنجة 721 الصنوبر 371، 408، 544، 555، 560، 630، 646، 734

الصنوبر الطرطوسي 575، 785 الصندل 99 صنم البد 188 صنم البطيحة 33 صنم قادس 17 صنم لالان 716 صنم الملتان 176، 177 الصوف الأرمني 824 - ض- الضفادع 49، 58 - ط- الطافن 184 الطباشير 191 طراز (طرز) [نيسابور] 369 طراز [بصنا] 397 طراز [نهر تيري] 398 طراز [بم] 435 طراز [نصبين] 661 طراز [المرية] 562 طراز [إصبهان] 677 طرز [غاغان] 712 طرز [الفارياب] 478 طرز [خراسان] 495 الطرفا 20، 237 الطريخ 827 شجرة طلحة الملك 146 الطلنط 289 الطن 394 الطنفلو 289 الطوب 251، 259 الطيالسة 401، 435 الطين 20، 408، 471، 475، 483 الطين [كران] 410 معدن الطين [قرية كوار] 418 الطين المأكول [مغام] 552 الطين النجاحي 462، 484، 485، 495 - ظ- الظباء 137، 587 - ع- العدس 43، 189 العربد 158 عرض 6 شجر عرعر 473 العروس 344 العسل 135، 224، 252، 256، 258، 268، 272، 285، 291، 311، 316، 319، 326، 330، 400، 441، 588، 613، 644، 722، 734، 767، 825، 843، 893

شراب العسل 330 عصفر 34، 123، 285 العطر 182، 183 العفر 35 العقارب 34، 85، 662 العقيق (أحجار) 154 علك المصطكي [جزيرة صامو] 641 علم الخط 113 علم النجوم 9 علم الهيئة 7 العليق 237 العمائم 246، 303، 401، 432، 435 العنب (الأعناب) 129، 144، 147، 155، 227، 230، 434، 455، 456، 457، 467، العنب العذاري 227 العنب المستطيل 230 العنبا 85 العنبر 52، 66، 77، 137، 221 العنقريس 65 العود 28، 29، 54، 73، 88، 89، 99، 137، 192، 193، 195، 221، 512، 519، 543، 577 العود الصنفي 83، 88 العود القمري 83 العود الهندي 83، 95 عين الحيوان [صخرة موسى بشروان] 828 ثمر العيون 230 - غ- الغبيراء 821 الغرا (الغراء) 99، 958 الغزلان 20، 38 الغضار 54، 211 الغضار الصيني 84، 97 الغضار المذهب [قلعة أيوب] 554 الغنم (الأغنام) 20، 26، 29، 38، 45، 46، 122، 173، 175، 179، 195، 220، 225، 242، 243، 247، 252، 254، 256، 258، 259، 283، 294، 315، 319، 588، 620، 628، 641، 642، 673، 681، 722، 824، 837، 843، 874، 895، 910 الغيدة 95، 99 - ف- الفالج 178 فانوسا [منارة الإسكندرية] 320 الفانيذ 131، 174، 436، 441 الفرخ (اسم اللوطيس بمصر) 35 فرس الماء 36

فرسخ 8 الفرسخ السندي 514 الفستق [معرة] [قم] 652، 684 صنع الفص 576، 577 الفصفص 578 الفضة معدن (معادن الفضة) [أسوان] 40 الفضة [مركة] 44 الفضة [المغرب] 112 الفضة [جبل قطيعورا] 203 الفضة [جبال البارز] 441، 442 الفضة [جارباية وبنجهير] 484 الفضة [وخان] 491 الفضة [جبال البتم] 506 الفضة [المرج] 574 الفضة [سردانية] 584 الفضة [جبل نوقان] 692 الفضة [جبال الكيماكية] 713 الفضة [مدينة غربيان] 842 الفضة [جبل باترة] 920 الفلفل 54، 84، 182، 183، 190، 192 الفنجب (الملك) 184 الفنك 699 فوارة ماء [جزيرة قبرة] 585 الفوة 490، 830، 832 الفوط (الفوطة) 24، 63، 80، 83، 84، 89، 117، 118، 174 الفوليون الحراني 255 الفيران 58 الفيروزج 693، 840 الفيل (الأفيل الفيلة) 20، 24، 38، 54، 75، 78، 84، 85، 89، 91، 95، 99، 188، 191، 194، 199، 200، 201، 202، 212 فيلة الأخوار 91، 95 - ق- القاجوج 289 القاروض 289 القافو 36 القاقلة 54، 89، 91، 191، 192 قامرون 184 القبالة (القبالات) 235، 236، 237 قبط نصارى يعقوبية 343، 344 القثاء 331 القداور (منقدرات الصوف) 225 قداوير الصوف 18، 25، 28 قدو النحاس 51 القراد 158 قرازى الصوف 18 لباس القراطق 169، 174، 188 القراطق (لباس الروس) (الصغار والتامة) 918 القراطق (لباس في بسجرت) (قراطق كبار) 925

القراطق (لباس بجناك) 960 القرس 136 القرطاس 72 القرع 20 القرنفل 54، 72، 82، 89، 91، 99 القرود (القردة) (صيد القرود) 63، 64، 92، 159 القرود (القردة) ذوات الأذناب 99 القز 476 القسط الحلو 519 القسطون 259 قصب السكر (القصب السكري) 61، 70، 71، 73، 78، 82، 83، 84، 85، 92، 123، 124، 125، 126، 131، 168، 174، 227، 230، 324، 329، 331، 335، 339، 372، 374، 393، 394، 396، 399، 408، 424، 434، 436، 528 القصب الشركي 20 القطاني 237، 315، 602، 883 القطران 260، 316، 319، 596، 630، 785 القطن [برقة] 226، 237، 241، 254، 263، 278، 285، 311، 316، 531 قطن مرو [القواديان] [برطنيق] 476، 490، 602 القلا 289 قلنسوة 81، 720 القمح 247، 254، 283، 290، 291، 292، 296 القمص 174، 401 القنا 188، 191، 195، 197 القنا الهندية 181، 182 القنادير 117 القنافذ 20 القنب 285، 333 قنطار 35 قنطرة اناشت 728 قنطرة طبرمين 596 قنطرة قرطبة 579 قنطرة نيسو 893 القنطوريون الكبير 259 القنوج 192، 193، 194 قهندز [الصغانيان] 489 قهندز [نسف] 492 قهندز [بخارا] 494 قهندز [طواويس] 496 قهندز [سمرقند] 497 قهندز [كش] 500 قهندز [اشتيخن] 503 قهندز [نونجكث] 504 قهندز [اوش] 508 القياصرة 184 قيراط 230

- ك- الكافور 54، 61، 77، 80، 81، 83، 88، 89، 99، 137 الكبابة 54، 89 الكتان [المغرب] 263، 291 الكتان [مصر] 316، 334، 335، 338 الكتان الجنابي 412 الكتان السينيزي 412 الكتان [ميلاص] 595 الكتان [غيلاط] 621 الكتان [دادمي] 928 الكحلاء 289 الكذان 287، 319 الكذان اللكي 578 الكرازي 18، 28، 117، 222 الكركدن 75، 91، 99 الكركهار 721 الكروم 157، 253، 258، 279، 280، 306، 329، 341، 357، 364، 369، 372، 387، 412، 448، 457، 470، 472، 474، 475، 478، 479، 483، 484، 487، 504، 547، 553، 554، 556، 557، 559، 566، 571، 573، 574، 582، 593، 608، 617، 621، 628، 651، 652، 660، 688، 689، 705، 726، 731، 732، 735، 740، 741، 742، 743، 744، 745، 746، 749، 765، 768، 782، 792، 793، 794، 795، 796، 800، 801، 809، 810، 821، 823، 835، 858، 861، 862، 863، 864، 867، 868، 870، 871، 873، 874، 876، 877، 879، 884، 890، 893، 895، 897، 899، 900، 902، 909، 910، 931 الكروياء 226، 227، 277، 285، 294 الكسوة 140 كسوة الكعبة [تستر] 396 الكشمش 472 كلاب الماء (البحر) 36، 59، 92، 136 الكلس [جبل المقطم] 132 الكمأة 108 الكمثرى 230، 450، 567 الكمون 226، 227، 237، 253، 277، 278، 294، 304، 334، 436، 490 الكنج 71 الكيمخت 54 - ل- اللاج 289 معدن اللازورد 122

اللازورد 487، 521 اللازورد [بلاد الغزية] 839 اللازورد [نهر سوقان] 924 اللاش 34 اللؤلؤ [جزيرة الرامي] 77 اللؤلؤ [بحر القلزم] 136، 349 اللؤلؤ [صور وقلهات] 155 اللؤلؤ [جزيرة أوال] 388 مغائص اللؤلؤ [سوبارة] 182 مغائص اللؤلؤ [البحر الفارسي] 390، 391 مغائص اللؤلؤ [جزيرة القطربة] 65 مغائص اللؤلؤ [جزيرة سرنديب] 73 مغائص اللؤلؤ [عمان] 156 مغائص اللؤلؤ [جلفار] 162 اللبن [الألبان] 135، 225، 400، 839 لبن الطين 429، 430، 431، 462، 474، 475، 483، 485 اللبود (طرز اللبود) [الطالقان] 478 اللبيس 35 اللجم 224 اللجم الدلاصية 131 اللحوم المقددة 30، 110 اللحوم المقددة المطحونة 224 اللشك 36، 65 لعاب الشيخ 20 اللفت 128 اللوبيا 43، 189 اللكنكو (سوار ذهب) 71 لوح الترسيم 6 اللوز 230، 357، 450، 603 اللوطيس 35 الليمونة 168 - م- المآزر 30، 38، 401 مآزر صوف (سفاقس) 228، 232 مآزر الصوف 118 ماء الورد الجوري 407 الماش 189 المثقال 68، 130 محراب جامع قرطبة 576، 577، 578 المحل 289 مدابغ للجلود 146 مدابغ للجلود [قابس] 279 المراعز [دبيل أرمينية] 824 معدن المرجان 290 المرجان [سبتة] 259 المرجان [طرابنش] 601 المرجان السني 601 المزر 37 المسك 54، 73، 137، 487، 491، 512، 513، 514، 519، 721، 722

المسوح 111 المشتهى 230 المشعيات 72، 157 المشمش 227، 230 المصبغات 338 المصفي (صاحب غواص اللؤلؤ) 388 المضارب 130 المعز 18، 22، 29، 39، 40، 155، 240، 587 معادن مغرة [جبل المقطم] 132 معادن مغرة [لورقة] 561 المقارم 826 المقاطع السلطانية 130 مقاييس 6 المقل 72، 84، 85، 141، 206 المقندرات 117 المقنقا 59 المكس 135 المكممة 174 الملح الذراني المعدني [كش] 500 معدن الملح [اوليل] 108 منا 177 المناديل المصفحة بالذهب 174 المناديل العراض [ميافارقين] 663، 826 منبر 123، 128، 409، 476، 492، 577، 578 المنج 458 منديل السيد المسيح 663 منطقة البروج 8 المنقدرات 225 منقدرات القطن 44 الموز 62، 77، 82، 83، 85، 129، 155، 156، 191 الموز السكري 62 الموز العماني 62 الموز الفيلي 62 الموز القند 62 الموز المورياني 62 الموميا 408 الميزرة 202 - ن- النارجيل (نارجيل) (النراجيل) 54، 70، 71، 73، 75، 77، 82، 83، 84، 88، 89، 92، 164، 182، 188، 191، 192، 195 النارنج 82 النبر 713 النبق (ثمر السدرة) 236 النجيل 115 النحاس [بلاد السودان] 18، 20، 68 النحاس [جامع قرطبة] 578 دراهم النحاس 722 معدن النحاس [داي] 241

معادن النحاس [طليطلة] 5، 52 معادن النحاس [جبل نوقان] 592 معادن النحاس [جبل ارجيقا] 923 آلات النحاس [المرية] 562 النحاس الأحمر 232 النحل 258، 319، 400، 441 نخل (نخيل) 117، 120، 125، 126، 151، 152، 154، 155، 157، 159، 161، 163، 168، 172، 174، 182، 244، 258، 277، 278، 280، 282، 295، 297، 302، 306، 307، 308، 312، 313، 319، 324، 343، 381، 387، 646، 668 النرد 75 النسانس 99 معادن النشاذر [جبل البتم] 506 معدن النطرون [ترنوط] 341 النطيق 66 نعم (النعام) 238، 277، 456 النفط 66 نقود أهل كرمان 441 نقود أهل طبرستان 688 النليج 122، 196، 227، 356، 436 النمر (الأنمار) (النمور) 59، 60، 311، 713، 918 نمل 112 النوق السمرقندية 178 النيناريات 35 - هـ- الهبيدة 95 الهرنوة 54، 91 الهنسي 66 - والوالي 65 الودع 70، 71 الورس 53 الورل 58 الوزق 155 الوسائد 824 وطاء الصوف [جنجالة] 560 الوعول [اقريطش] 640 - ي- الياقوت الأحمر 487 الياقوت الرماني 487 اليحاميم 132 يردن تيزاواو (نوع من الحنطة) 226 اليلغش 713 اليهار 136

فهرست المحتوى الصفحة المقدمة هـ كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق 1 مقدمة المؤلف 3 الإقليم الأول 15 الجزء الأول 17 الجزء الثاني 22 الجزء الثالث 27 الجزء الرابع 32 الجزء الخامس 42 الجزء السادس 48 الجزء السابع 58 الجزء الثامن 67 الجزء التاسع 79 الجزء العاشر 87 الإقليم الثاني 101 الجزء الأول 103 الجزء الثاني 109 2 لصحفة الجزء الثالث 115 الجزء الرابع 121 الجزء الخامس 132 الجزء السادس 150 الجزء السابع 166 الجزء الثامن 186 الجزء التاسع 199 الجزء العاشر 210 الإقليم الثالث 215 الجزء الأول 217 الجزء الثاني 276 الجزء الثالث 310 الجزء الرابع 317 الجزء الخامس 347 الجزء السادس 379 الجزء السابع 427 الجزء الثامن 466 الجزء التاسع 510

الجزء العاشر 517 الإقليم الرابع 523 الجزء الأول 525 الجزء الثاني 583 الجزء الثالث 627 الجزء الرابع 635 الجزء الخامس 643 الجزء السادس 654 الجزء السابع 683 الجزء الثامن 695 الجزء التاسع 711 الجزء العاشر 718 الإقليم الخامس 723 الجزء الأول 725 الجزء الثاني 738 الجزء الثالث 761 الجزء الرابع 790 الجزء الخامس 808 الجزء السادس 820 الجزء السابع 831 الجزء الثامن 837 الجزء التاسع 843 الجزء العاشر 849 الإقليم السادس 853 الجزء الأول 855 الجزء الثاني 861 الجزء الثالث 882 الجزء الرابع 892 الجزء الخامس 905 الجزء السادس 914 الجزء السابع 922 الجزء الثامن 926 الجزء التاسع 934 الجزء العاشر 939 الإقليم السابع 941 الجزء الأول 943 الجزء الثاني 944 الجزء الثالث 949 الجزء الرابع 953 الجزء الخامس 957 الجزء السادس 958 الجزء السابع 960 الجزء الثامن 961 الجزء التاسع 962 الجزء العاشر 963 الفهارس 965 الفهرس الجغرافي 967 الفهرس التاريخي 1097

§1/1